الحبل المتین في وجوب البراءة عن اعداء الدين المجلد 1

هوية الكتاب

اَلحَبل المَتین

في وجوب البراءة عن علب اعداء الدين

الجزء الأول

احمدرضا المرتضوي

الطبعة الأولى

جميع الحقوق محفوظة للناشر

1440 ه- 2018م

نشر المودة

محرر الرقمي: محمد منصوري

ص: 1

اشارة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ص: 2

اَلحَبل المَتین

في وجوب البراءة عن علب اعداء الدين

الجزء الأول

احمدرضا المرتضوي

ص: 3

ص: 4

الطبعة الأولى

جميع الحقوق محفوظة للناشر

1440 ه- 2018م

نشر المودة

ص: 5

ص: 6

الفهرس

التمهيد الأول

وظيفة العلماء / 25

التمهيد الثاني

أهمیة اللعن والبراءة / 33

اللعن والبراءة في الآيات ... 35

دور البراءة في العقائد ... 41

أوثق عرى الإيمان ... 42

البراءة في عالم التكوين ... 43

لا يقبل الله إيمان عبد إلّا بالبراءة ... 52

فضل اللعن في الخلوات ... 52

اللعن مكتوب على باب الجنة ... 53

ص: 7

البراءة من أعداء الله واجبة ... 53

طوبى للمتبرئ عن أعداء الله ... 54

البراءة من شرائط الأخوة ... 55

عناية الإمام المهدي (عليه السلام) بالمتبرئ ... 56

البراءة من شرائط الدين والإيمان ... 57

وظيفة اللعن بعد كل صلاة الفريضة ... 63

اللعن أفضل من الصلوات ... 65

لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظالمين ... 65

من أحب أن ينظر الى الله فليتبرأ من عدو الله ... 68

لا يجتمع حبّنا وحبّ عدوّنا في قلبٍ واحدٍ ... 68

مكتوب على العرش؛ ملعون من أنكر حق عليّ ... 69

التحذير ... 70

ذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما جرى عليهم من المصائب و لعن على ظالميهم ... 71

ثواب اللعن ... 74

من أعمال العيد البراءة ... 74

دعاء الصادق (عليه السلام) في حق من لعن ظالمي فاطمة (عليها السلام) ... 75

البراءة من شرائط الشفاعة ... 76

البراءة واللعن في الأدعية والزيارات ... 77

عبادة الملائكة البراءة من عدوّ علي (عليه السلام) ... 123

اللعن على أعداء الله سبب لغفران الذنوب ... 124

ما بعث نبي إلّا بالبراءة من أعدائنا ... 125

ص: 8

طعم الإيمان ... 126

لا يجوز أحد على الصراط إلّا ببراءة من أعداء علي (عليه السلام) ... 126

إستعيذوا بالله من محبّة أعدائنا ... 127

لا تُقبل الولاية إلّا بالبرائة ... 127

عقاب من زعم أنّ قاتل الإمام مؤمن ... 130

المهدي (عليه السلام) يدعو الناس إلى البرائة حين ظهوره ... 130

البراءة سبب قبول الصلاة ... 130

رجل من أهل الجنة ... 131

البراءة علامة للولاية ... 132

أشد فتنة من من الدجال ... 133

لا تصل خلف من لا يبرأ من عدوّ الأمير (عليه السلام) ... 133

النوادر ... 134

الفصل الأول

في الأول / 141

الأول في الآيات ... 143

في أنّ علياً (عليه السلام) أراه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد إرتحاله ... 151

في جهله وعجزه ... 158

أشهد أنك لصديق ... 177

خالف حكم الله في نساء النبي (صلى الله عليه وآله) ... 178

إغتصاب حق الصديقة الشهيدة (عليها السلام) ... 178

من لا يصلح لحمل صحيفة كيف يصلح للإمامة ... 181

يناشده أمیرالمؤمنين (عليه السلام) في الخلافة ... 182

ص: 9

رسالته إلى أسامة بن يزيد ... 188

إن كان الأمر بالسنّ أنا أسنّ منه ... 189

إنه تأسف على ثلاث ... 190

منع الخمس عن أهله ... 191

أمر بقتل الصحابي مالك بن نويرة ... 191

أشهد أنّ أبي في النّار ... 193

هو سوء من أهل سوء ... 193

شعر الأمير (عليه السلام) في الأول ... 193

أوّل عداوة بدت منه ... 194

أول من بايعه ابليس ... 194

ردّ الناس عن الإسلام القهقرى ... 196

الصحيفة الملعونة ... 196

بمنزلة العجل ... 196

إعترف بإغتصاب حق الأمير (عليه السلام) ... 197

ماذا قال عند موته ... 197

من بدعه منعُ فدك ... 199

أكفرت بالّذي خلقك من تراب ... 203

هو من أهل النار ... 203

هو في النار لا غفر الله له ... 203

أنت تظلم وصيّي ... 204

أراد قتل الأمير (عليه السلام) ... 204

في ذکر صحبة في الغار... 207

ص: 10

الصحابة الذين أنكروا عليه في الخلافة ... 208

النوادر ... 218

الفصل الثاني

في الثاني / 219

الثاني في الآيات ... 221

في مولده و مقتله و صفته و فضل يوم التاسع من ربيع الأول ... 229

فائدة في تعيين يوم قتله ... 234

نسبه ... 240

في شغله ... 243

بمنزلة السامري ... 243

فرعون هذه الأمة ... 244

حتبر؛ إنكاره الولاية وعذابه في النار ... 245

يا حسين من أنكر حق أبيك فعليه لعنة الله ... 246

إعتراضاته ... 247

منعه عن قول حي على خير العمل في الأذان ... 250

حال بین رسول الله صلى الله عليه وآله و بین وصيته و رماه بالهجر ... 251

ماذا أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكتب حين رموه بالهجر ... 252

حسد عليّاً (عليه السلام) ... 253

في جهله ... 255

شرار خلق الله ... 284

كان يهيج الناس على أمير المؤمنين (عليه السلام) ... 285

شجاعته و وفاؤه ... 285

ص: 11

غلظته و خشونته ... 288

في عنصريته ... 289

إحتجاج سلمان على الثاني في رسالته وفيه منافع كثيرة ... 290

إغتصابه الحق ... 291

إنّه من أصحاب الصحيفة ... 292

إحراقه بيت النّبوّة و ضربه بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ... 293

رسالته إلى معاوية بن أبي سفيان ... 299

رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته ... 308

سخطت عليه سيدة النساء (عليها السلام) ... 308

إنّه مرعوب لمعاجز أمير المؤمنين (عليه السلام) ... 309

.

إهانته علياً (عليه السلام) ... 317

إعترف بخطاياه عند موته بغير توبة منه ... 320

ما السرّبينه وبين اليهود ؟ ... 324

إعترف بفضل أمير المؤمنين (عليه السلام) ... 324

هو الشيطان الأكبر ... 328

جسارته على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ... 329

آذى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ... 330

سيرته مع قنفذ ... 330

بعض بدعه في كلام الأمير (عليه السلام) ... 331

معجزة الأمير عليه السلام في حمله معه إلى مدينة أهلها كانوا يلعنون الظالمين ... 339

بايع محمد بن أبي بكر علياً (عليه السلام) على البراءة من الثاني ... 340

كان يؤذى النبي (صلى الله عليه وآله) في نساءه ... 341

ص: 12

أنت سيف الله ! ... 341

في نهيه عن المتعتين ... 341

من بدعه تغيير مقام إبراهيم (عليه السلام) ... 343

بدعته في الجزية ... 344

من بدعه حكمه بجواز المسح على الخفّين وكان يفتي النّاس برأيه ... 344

من بدعه تغيير التكبير على الجنازة ... 344

من بدعه تغيير حكم حدّ شارب الخمر ... 345

یا غلیظ یا جاهل ... 345

إن لم تكن متمسكاً بعلي (عليه السلام) فلا غفر الله لك ... 345

نكثه البيعة ... 346

أمر النّبي (صلى الله عليه وآله) بسدّ بابه ... 346

الشيطان الأكبر في البرزخ ... 348

قصة زواجه من أم كلثوم ... 350

صدّ الناس عن القرآن الذي جمعه الأمير (عليه السلام) ... 354

لا يحل عقد الولاية إلا كافر ... 355

يعرفون الولاية يوم الغدير و ينكرونها يوم السقيفة ... 356

ما فهم معني الكلالة ابداً ... 356

هو و حفظ القرآن ... 357

عدم إيمانه بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) ... 357

كان رأه الأمير (عليه السلام) كاذباً آثماً غادراً ... 358

الفرق بين سياسته وسياسة أمير المؤمنين (عليه السلام) ... 358

في إنقياد الجنّ له ! ... 359

ص: 13

يا فلان ما أجرأك ... 360

معجزة الأمير (عليه السلام) وعدم وفاء الثاني ... 362

في خروج جيفته وإحراق جسده بالنارو دخول قاتله الجنة على الرغم منه ... 364

في غلظته ودياثته وإرادته ضرب الحسین (علیه السلام) ... 368

ما كان بينه و بين هند زوجة أبي سفيان ؟! ... 369

رحمة الله على بلال ولعنة الله على من يبكي على رمع ... 370

هو في التابوت ... 370

إنّه ظلم الحجر و المدر ... 371

كفاك يا عدوي ... 371

حكمة قبول الأمير (عليه السلام) دخوله في شورى عمر ... 371

النوادر ... 371

الفصل الثالث

في الثالث / 379

الثالث في الآيات ... 381

حرّف الكتاب ... 386

عاقبة من زعم انه قتل مظلوماً ... 387

أدبه وخلقه ... 387

آوى عدو رسول الله (صلى الله عليه وآله) و قتل بنته فأصبح ملعوناً ... 388

هو في النار ... 390

ظلمه للمقداد ... 390

يا عبد يا لكع ... 390

من بدعه ... 391

ص: 14

والله ما ساء علياً (عليه السلام) قتله ... 395

إن الله قتله وعلي (عليه السلام) معه ... 395

عاقبته في المزبلة ... 395

في جهله ... 396

يعسوب الكافرين ... 397

لا يجتمع حبّ الأمير و حبّ الثالث في قلب واحد ... 397

علموا أولادكم بغض الثالث ... 397

أوّل قطرة سقطت على الأرض من دم المنافقين ... 397

جيفة على الصراط ... 397

هو الذي فتح أبواب الضلالة ... 398

القائم عليه السلام يبعث قوماً يلعونه ... 398

فقد بايعوا والله مجمع الرذائل ... 398

في ظلمه وضربه وإهانته علياً أمير المؤمنين (عليه السلام) ... 399

علة قتل الثالث ... 400

فساده بالأموال وسيرته مع الرعية ... 400

الوزغ من شيعته ... 401

نفى أباذر إلى الربذة ... 402

ما أستفدنا الشيخ المفيد في الباب ... 403

الصحابة يشهدون بكفره ... 408

كذبه على الرسول (صلى الله عليه وآله) ... 408

أميرنا المظلوم ... 410

هكذا فعل برعيته ... 411

ص: 15

قد أقلتک اسلامک ... 412

في ما جرى بينه و بين عايشة ... 412

كلام الأمير (عليه السلام) في الثالث ... 416

النوادر... 417

الفصل الرابع

في الثلاثة /423

الثلاثة في الآيات ... 425

ثلاثة لا ينظر الله إليهم ... 500

ثلاثة لا يصعد عملهم إلى السماء ... 501

في ما ورد في كفرهم ... 501

عقيدة أهل البيت (عليهم السلام) وذريتهم الطيبة في هولاء الظلمة ... 504

ص: 16

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد الله رب العالمين أحمده تعالى غاية حمده وأشكره منتهی رضاه و أستعین به في جميع ما قدره وقضاه وأفوض أمري إليه إنه بصير بالعباد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء، لا يفنى ولا يبيد ولا يكون الا ما يريد ، لا تبلغه الأوهام و لا تدركه الأفهام و لا يشبه الأنام حي لا يموت قيوم لا ينام ، وأشهد أنّ محمداً صلى الله عليه وآله عبده و رسوله و صفیه و خلیله و صفوته وحبيبه بلغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد في الله حق جهاده ، وتركنا على المحجة البيضاء لا يرغب عنها إلّا السفهاء . وأشهد أن أهل بيته هم سفن النجاة من ركبها نجى و من تركها غرق بهم يسلك إلى الرضوان و على من جحد ولايتهم غضب الرحمن صلوات الله وسلامه عليهم من أولهم علي بن أبي طالب ولي الأولياء إلى آخرهم بقية الله الأعظم خاتم الأوصياء الذين ولايتهم ولاية الله وطاعتهم طاعة الله و معصيتهم معصية الله ومحبهم محب الله ومبغضهم مبغض الله بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ. فصلوات الله عليهم عدد علم الله وعلى أعدائهم و مبغضيهم وغاصبي حقوقهم و الشاكين في فضائلهم والمائلين إلى أعدائهم غضب الله . ندين الله بولايتهم وبغض أعدائهم فثبتنا الله على موالاتهم ومحبتهم وبغض أعدائهم أجمعين.

ص: 17

أما بعد إنّ من خصائص المجتمع الإسلامي أنه مجتمع يقوم على عقيدة الولاء والبراء ، الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، و البراء من أعدائهم يعني كل من حاد الله ورسوله واتبع غير سبيل المؤمنين .

وهاتان الخصلتان لهذا المجتمع هما من أهم الروابط التي تجعل من ذلك المجتمع مجتمعا مترابطاً متماسكاً، تسوده روابط المحبة والنصرة، وتحفظه من التحلل والذوبان في الهويات والمجتمعات الأخرى ، بل تجعل منه وحدة واحدة تسعى لتحقيق رسالة الإسلام في الأرض ، التي تقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودعوة الناس إلى الحق وإلى صراط مستقيم . قال تعالى: ﴿لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دونِ المؤمنينَ ومَن يَفعَل ذلكَ فَلَيسَ مِن الله في شيءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنهُم تُقاة ويُحذِّرُكُمُ اللَّهُ نفسَه وإلى الله المصير﴾(1)

وهذا غير مختص بالإنسان فحسب، بل يكون لكل شيء نوع من الجذب والدفع فمثلا الذهب لابد له من جذب ما يفيده ودفع ما يوسخه حتى يجلب النظر ويكون عند الناس عزيزا ونفيسا أما اذا يدفع المرغوبات ويجلب المبغوضات لا يكون إلا كحجر من الأحجار . هذا جار بالنسبة إلى جميع الأشياء فنحن نسمّي هذه الحالات في الإنسان بالولاية والبراءة ، فالولاية هي جذب الجمال والبرائة هي دفع العيوب والمضار ولا يوجد شيء إلا و له نوع من المعرفة بالولاية والبراءة وإليه أشارت روايات عديدة . فمن زعم أنه ولائي بدون البراءة فلا يكون ولائيا، فكل موال لا محالة براء لأنه لا يكون باطن الولاية إلّا البراءة .

فأقول في بيان المعرفة : ان هنالك فرق بين العلم والمعرفة فالعلم محله الذهن و المخ و لكن محل المعرفة القلب والعقل فلذا قد يزول العلم بزوال الصحة والحفظ والتركيز بخلاف المعرفة فإنّ المعرفة لا تفارق الإنسان حتى الموت وبالتالي أن العلم مقابيله الجهل و لكن المعرفة مقابيله الجحود والإنكار كما يقول سبحانه وتعالى : ﴿يعرفون نعمة الله ثمّ ينكرونها﴾(2) وقوله تعالى : ﴿و

ص: 18


1- آل عمران: 28.
2- النحل: 83.

جحدوا بآيات الله واستيقنتها أنفسهم﴾(1) وقوله تعالى : ﴿أَم لَم يَعرِفُوا رَسُولَهُم فَهُم لَهُ مُنكِرُونَ﴾(2) وقال الإمام الهادي عليه السلام في زيارة الجامعة : «من جحدكم كافر» و ما قال: من جهلكم كافر .

فلا يخفى عليك أن للمعرفة درجات ؛ فالدرجة الأولى للمعرفة التي تسمى بالجلالية هي التي جعلها الله في كل موجود جبرا وهذا المقصود من كلمة الجلالية .

الإمام الهادي عليه السلام يقول في الزيارة الجامعة: '... حتى لا يبقى ملك مقرب ولا ني مُرسل و لا صِدِيقٌ ولا شهِيدٌ ولا عالِمٌ ولا جاهل ولا دي ولا فاضِلٌ ولا مُؤْمِنٌ صَالِحٌ ولا فاجِرٌ طالح ولا جبار عنيد ولا شيطان مريد و لا خلق فيما بين ذلِك شهيدٌ إِلّا عرفهم جلالة أمرِكُم...'

و الدرجة الثانية تسمّى بالجمالية ومعناها أن تعرفهم بأنهم حجج الله تعالى وأولياؤه و السبب المتصل بين الأرض والسماء . ونتيجة هذه المعرفة أنك تسأل الله تعالى بجاههم ومقامهم.

والثالثة بالنورانية وهذه حقيقتا بداية المعرفة ولا نهايتها فكل من عنده هذه الدرجة مهيمن بالدرجات الماضية لا بالعكس و لا أقول في معناه إلا ما قال الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام لسلمان وأبي ذر في حديث النورانية.

«سأل أبوذر الغفاري رضى الله عنه سلمان الفارسي: يا أبا عبد الله ، ما معرفة أمير المؤمنين صلوات الله عليه بالنورانية ؟ قال:

یا جندب فامض بنا حتى نسأله عن ذلك. قال: فأتيناه فلم نجده، قال: فانتظرناه حتى أتى، فقال صلّى الله عليه: ما جاء بكما ؟ قالا جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية. قال صلّى الله عليه: مرحبا بكما و أهلا من وليّين معتمدين لدينه، لستما بمقصرين، لعمري إن ذلك واجب على كلّ مؤمن ومؤمنة .

ثم قال صلّى الله عليه: يا سلمان و یا جندب.

قالا: لبيك يا أمير المؤمنين.

ص: 19


1- النمل: 14.
2- المؤمنون: 69.

قال صلى الله عليه : إنّه لا يستكمل المؤمن الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية، فإذا عرفني بهذه الصفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان و شرح صدره للإسلام، وصار عارفا مستبصرا، و من قصر عن معرفة ذلك فهوشاكٌ مرتاب.

یا سلمان و یا جندب، قالا: لبيك يا أمير المؤمنين.

قال: معرفتي بالنورانية معرفة الله عزّ و جلّ، ومعرفة الله عزّ و جلّ معرفتي بالنورانية، وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى: ﴿وَ ما أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَ ذلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ﴾(1) يقول: ما أمروا إلّا بنبوّة محمد صلى الله عليه وآله وهو الدين الحنيفي المحمدي السمح قوله: وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة، وإقامة ولايتي صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرّب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان؛ فالملك إذا لم يكن مقربا لم يحتمله والنبي إذا لم يكن مرسلا لم يحتمله والمؤمن إذا لم يكن ممتحنا لم يحتمله.

قلت: يا أمير المؤمنين ، أخبرني من المؤمن الممتحن وما نهايته وما حده حتى أعرفه ؟

قال صلّى الله عليه: يا أبا عبد الله .

قلت: لبيك يا أخا رسول الله .

قال: المؤمن الممتحن هو الذي لا يرد من أمرنا إليه شيء إلّا شرح الله صدره لقبوله ولم يشك ولم يرتد.

إعلم يا أبا ذر، أنا عبد الله عزّ و جلّ وخلّفني على عباده فلا تجعلونا أربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنّكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته فإنّ الله عزّ و جلّ قد أعطانا أكثر و أعظم مما يصفه واصفكم أو يخطر على قلب أحدكم ، فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون ...»(2)

فيستخلص مما ذكرناه أن المعرفة النورانية أن نعرف الأئمة عليهم السلام بأنهم لا فرق بينهم وبين الله تعالى إلّا أنهم عباده وخلقه يعني أنّ لهم ربّ و ولي وليس على الله ربّ و وليّ. ورد

ص: 20


1- البينة 5 .
2- الكتاب العتيق : 68 وبحار الأنوار 26 : 1.

عن الحجة عليه السلام في زيارة الرجبية : لا فرق بينك وبينها إِلَّا أَنهم عِبادك وخلقك(1) فإن وصلت بهذه الدرجة لن تكلّف نفسك بأن تقول : اللهم بحق محمد وآل محمد أسئلك كذا وكذا بل تقول: يا محمد و يا علي .... أسئلكما كذا وكذا كما تقول في دعا الفرج بدون الإنتباه بهذا الموضوع : يا محمد و يا علي ياعلي و يا محمد إكفياني فإنكما كافيان وانصراني فإنكما ناصران يا مولانا يا صاحب الزمان الغوث الغوث الغوث أدركني أدركني أدركني ...(2) فقد سميت هذه الدرجة بدرجة النورانية وكما قلت هي بداية المعرفة الحقيقية لا نهايتها.

فنسئلهم أن يدخلونا في زمرة العارفين بهم وبحقهم وفي جملة المرحومين بشفاعتهم . فإذا عرفت هذه الدرجات فلابد أن تعرف أن للولاية والمحبة حقيقة وما هي إلا البراءة كما قال الإمام الصادق عليه السلام لرجل إدعى الولاية : «بخ بخ يا شيخ! إن كان لقولك حقيقة. قلتُ : جُعلت فداك، إنّ له حقيقة. قال ما تقول فيهما (فلان و فلان)؟ ... »(3)

والبراءة هي محض الإسلام فقال سيدنا أبوالحسن الرضا عليه السلام في إحصاء محض الإسلام : محض الإسلام ... بغض أعداء الله والبراءة منهم و من أمتهم(4)

والبراءة هي آية للشيعة كما بيّن أبو عبد الله عليه السلام إذ قيل له: إن فلانا يواليكم إلا أنه يضعف عن البراءة من عدوّكم فقال عليه السلام : هيهات كذب من ادعى محبتنا ولم يتبرأ من عدوّنا»(5)

والبراءة هي كمال الدين كما صرح به الرضا علیه السلام فقال : كمال الدين ولايتنا و البراءة من عدونا »(6)

ص: 21


1- مصباح المتهجد 2 : 803.
2- رواه ابن المشهدي في المزار والطبري في دلائل الإمامة وإبن طاووس في جمال الأسبوع و الشهيد الأول في المزار والكفعمي في بلد الأمين.
3- بحار الأنوار 383:30.
4- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 124.
5- السرائر 3 : 630.
6- بحار الأنوار 27 : 58.

و البراءة هي أصل من أصول الدين كما قال أبو جعفر عليه السلام لزياد الأحلام "إذا إشتكى إليه من الذنوب وذكر حبّه لأهل البيت عليهم السلام" : « يا زياد هل الدين إلّا الحب والبغض»(1)

و قد وردت أقوال الأعلام رضوان الله تعالى عليهم صحيحة صريحة بأن جميع الأصول الإعتقادية لا تتمّ إلّا بالتولي والتبري ، وفي هذا الصدد يقول الشيخ الصدوق قدس الله روحه: «ولايتم الإقرار بالله وبرسوله وبالأئمة إلا بالبراءة من أعدائهم»(2)

وكيف لا تكون من أصول الدين والقران الكريم في آياته المباركة جعل البراءة جزءاً من أجزاء الإيمان، وبكل وضوح بين أن الإيمان الذي لا يترافق مع البراءة إيمان ناقص بل إيمان لا يعتد به :

﴿تَرَى كَثِيرًا مِنهُم يَتَوَلَّونَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَت لَهُم أَنفُسُهُم أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِم وَفِي العَذَابِ هُم خَالِدُونَ وَلَو كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِ مَا اتَّخَذُوهُم أُولِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنهُم فَاسِقُونَ ﴾(3)

ألا ترى أنه تعالى علّق إيمانهم بعدم إتخاذهم الذين كفروا أولياء وإشترط عليهم البراءة من أعداء الدين.

وعن الفضيل بن يسار قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحب والبغض أمن الإيمان هو فقال: وهل الإيمان إلّا الحبّ والبغض»(4)

ومع هذا قد اشتبه على كثير من مدعي التشيع في زماننا هذا، أهمية الموضوع بحيث أنكرها بعض من الناس وأشكلها آخرون أو لا يهمه هذا الموضوع الذي يعد من الدين بل من أصول الدين و ربما منشأ هذا الإشتباه الجهل أو الجحد، فلذا بدأت بالتحقيق في هذا الباب وفحصت أكثر من مائة وتسعين كتابا من مصادرنا بحيث قرأت البحار والبرهان

ص: 22


1- تفسير فرات الكوفي : 430.
2- الإعتقادات 106.
3- المائدة 80 و 81.
4- الكافي 2 : 125.

بمجلداتهما الكثيرة مرّتين وقرأت إثبات الهداة ومدينة معاجز الأئمة والكتب الأربعة والأمالي للصدوق والمفيد والطوسي والمرتضى وكامل الزيارات والإختصاص والشهاب الثاقب وكتب الأدعية كالمصباح وإقبال الأعمال و....وكتب التفسير كالصافي ونور الثقلين و... حتى صرفت أكثر من عشر سنين من عمري فيه فهذا الكتاب نتيجة السهر و المطالعة في أكثر من عشر سنين في بطون الكتب.

لقد صرفت عمري و أبليت شبابي في هذا الموضوع و ألفت هذا الكتاب و أنا أعرف أن الدنيا وزخرفها اليوم في رده وإنكاره كما أن كثيرا أصبحوا محاميا عن هؤلاء الظلمة في كلامهم وتأليفاتهم فرفضت دنياهم لكي أكون رافضيا حقيقيا ، راجيا ما عند الله من الثواب ، ومع هذا أهدي ثوابه "إن كان له ثواب" عني وعن والدي وعائلتي و أخوي الشهيدين إلى مقام الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء عليها السلام و أرجوها أن تأخذ بيدي و يد ذريتي في الدنيا والآخرة إن شاء الله تعالى. أسأل الله تعالى أن يجعلنا سببا لهداية خلقه ولا يضل أحدا بسببنا آمين رب العالمين.

اللهم إنا نشكوا إليك فقد نبينا وغيبة ولينا وكثرة عدونا وقلة عددنا و تظاهر الزمان علينا وأسلك اللهم أن ترينا في آل محمد عليهم السلام ما يأملون و في عدوهم ما يحذرون إله الحق آمين .

التاسع من شهر ربيع الأول 1440 هجرية

عبد آل محمد عليهم السلام

عبدالزهراء المرتضوي

ص: 23

ص: 24

التمهيد الأول

وظيفة العلماء

ص: 25

ص: 26

1- عن أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام أنه قال قال جعفر بن محمّد عليه السلام علماء شِيعَتِنا مُرابطون فِي التَّعْرِ الَّذِي يلي إبليس وعفاريته يمنعونهم عن الخروج على ضُعفاء شيعتنا و عن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعتُهُ النَّواصِبُ ألا فمن انتصب لِذلِك مِن شيعتنا كان أفضل تمن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرّة لأنه يدفعُ عن أديانِ مُحِبّينا وذلِك يدفعُ عن أبدانهم.(1)

2 - قال رسول الله صلى الله عليه واله إذا رأيتُم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم و أكثرُوا من سبّهم والقولِ فِيهِم والوقيعة وباهتوهم كيلا يطمعُوا في الفسادِ فِي الإسلامِ ويحذرهُمُ النَّاسُ ولا يتعلّمُوا مِن بِدعهم يكتب الله لكُم بِذلِك الحسنات ويرفع لكُم بِهِ الدّرجاتِ فِي الآخِرة .(2)

3 - عن الحسن بن علي الخزاز قال سمعتُ الرّضا عليه السلام يقُولُ إِنَّ مِمن يتَّخِذُ مودتنا أهل البيت لمن هو أشدُّ فتنةً {لعنةً} على شيعتِنا مِن الدّجّالِ فقُلتُ لهُ يا ابن رسُولِ اللهِ بِماذا قال بِمُوالاةِ أعدائنا و مُعاداة أوليائنا إنّه إِذا كان كذلك اختلط الحقُ بِالباطِلِ و اشتبه الأمرُ فلم يُعرف مُؤمِنٌ مِن مُنافِقٍ.(3)

ص: 27


1- تفسير الإمام عليه السلام : 343 ح 221 ، الإحتجاج 2 :385 ، الصراط المستقيم 3 :55 و بحارالأنوار 2 :5 ح8.
2- الكافي 4 : 123 ح 2828 ، بحار الأنوار 71 :202 ح 41 ووسائل الشيعة 16 : 267 ح 21531.
3- صفات الشيعة : 8 ح 14 و بحار الأنوار 72 : 391 ح 11.

4 - قال علي بن أبي طالب عليه السلام من قوّى مسكيناً فِي دِينِهِ ضعيفاً في معرفتِهِ على ناصِبٍ مُخالِفٍ فأفحمه لقنه الله يوم يُدلى في قبره أن يقُول الله ربّي و محمد نبتي و علي ولتي و الكعبةُ قبلتي و القرآنُ بهجتي وعُدّتي والمؤمنون إخواني والمؤمناتُ أخواتي فيقولُ الله أدليت بالحجة فوجبت لك أعالي درجاتِ الجنّة فعِند ذلك يتحوّل عليه قبره أنزه رياض الجنّة.(1)

5 - قال الإمام الحسن بن علي عليهما السلام يأتي عُلماءُ شيعتنا القوامُون لِضُعَفَاءِ مُحِبّينا و أهلِ ولايتنا يوم القيامةِ والأنوار تسطعُ مِن تيجانِهِم على رأسِ كُلّ واحِدٍ مِنهُم تاج قد انبتت تلك الأنوار في عرصات القيامة ودورها مسيرة ثلاثمائة ألفِ سنةٍ فشُعاعُ تيجانِهِم ينبتُ فِيها كُلّها فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه و من ظلمة الجهل وحيرة التيهِ أخرجُوهُ إلّا تعلّق بِشُعبةٍ مِن أنوارِهِم فرفعتهُم فِي العُلُو حتَّى يُحاذِي بِهم ربض غُرفِ الجِنانِ ثُمَّ يُنزِهُم على منازلهم المعدّةِ لهُم فِي جِوارِ استادِيهِم ومُعلِّمِيهِم وبِحضرة أيَّتِهِمُ الَّذِين كانوا إليهم يدعون ولا يبق ناصِبُ مِن النَّواصِبِ يُصِيبُهُ مِن شُعاعِ تِلك التيجان إلّا عميت عيناه وصمّت أذُناه و خرِس لِسانُهُ ويحولُ عليه أشدُّ مِن هَبِ النِّيرانِ فيحمِلُهُم حتّى يدفعهم إلى الزبانية فيدعوهم إلى سواء الجحِيمِ وقال قال موسى بن جعفر عليهما السلام من أعان يُحِبّاً لنا على عدوّ لنا فقواه وشجعه حتى يخرج الحق الدال على فضلنا بِأحسنِ صُورةٍ ويخرج الباطِلُ الَّذِي يَرُومُ بِهِ أعداؤنا في دفع حقنا في أقبح صورة حتى ينتبه الغافلون ويستبصر المتعلّمون ويزداد في بصائِرِهِمُ العالمون بعثه الله يوم القيامةِ في أعلى منازِلِ الجِنانِ ويَقُولُ يا عبدِي الكاسِرُ لأعدائي النَّاصِرُ لأوليائي المصرح بتفضيل محمد خير أنبيائي وبتشرِيفِ علي أفضل أوليائي و تُناوِي من ناواهما وتُسمّي بأسمائهما وأسماء خُلفائِهِما وتُلقَّبُ بِألقابهم فيقُولُ ذلِك ويُبلغ الله ذلِك جميع أهلِ العرصات فلا يبق كافِرُ ولا جبّار و لاشيطان الاصلى على هذا الكاسِرِ لأعداء محمد ولعن الَّذِين كانُوا يُناصِبُونَهُ فِي الدّنيا مِن النَّواصِبِ لِلمحمّد و علي عليهما السلام و قال علي بن موسى الرضا عليهما السلام أفضلُ ما يُقدِّمُهُ العالِم

ص: 28


1- تفسير الإمام عليه السلام : 346 الإحتجاج 1 : 18 ، بحار الأنوار 6 : 228 ح 31 و البرهان في تفسير القرآن 1 : 266 ح.

مِن مُحِبّينا وموالينا أمامه ليوم فقرِه وفاقتِهِ وَذُلِهِ ومسكنتِهِ أَن يُغِيثَ فِي الدنيا مسكيناً مِن مُحِبّينا مِن يدِ ناصِبٍ عدُةٍ لِله و لِرَسُولِهِ يَقُومُ مِن قبرِه والملائِكَةُ صُفُوفٌ مِن شَفِيرِ قبره إلى موضع محلّهِ مِن جِنانِ اللهِ فيحمِلُونه على أجنحتهم يقولون مرحباً طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار و يا أيُّها المتعصّب للأئِمَّةِ الأخيار الخبر.(1)

6 - قال الإمام العسكري عليه السلام : إن عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذِبِ الصُّراحِ، وبأكل الحرام والرشا، وبتغيير الأحكام عن واجِبِها بِالشّفاعاتِ والعنايات والصانعات، وعرفُوهُم بِالتّعصُّبِ الشَّدِيدِ الَّذِي يُفارِقُون بِهِ أديانهم، وأنهم إذا تعصبوا أزالُوا حُقوق من تعصّبوا عليه، و أعطوا ما لا يستحقُهُ من تعصّبوا له من أموال غيرهم، وظلمُوهُم مِن أجلهم، وعرفُوهُم بِأنّهم يُقارِفُون المحرمات، واضطروا بمعارفِ قُلُوبِهِم إلى أن مَن فعل ما يفعلونه فهو فَاسِقٌ، لا يجوز أن يُصدّق على الله تعالى ولا على الوسائط بين الخلقِ وبين الله ، فلذلك ذمّهُم لِما قلدوا من قد عرفوا و من قد علِمُوا أَنَّهُ لا يجوز قبول خبره ، ولا تصدِيقُهُ في حِكايته، ولا العملُ بِما يُؤدِّيهِ إِليهم عمّن لم يُشاهِدوه ، و وجب عليهِمُ النَّظرُ بِأَنفُسِهِم في أمرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إذ كانت دلائِلُهُ أوضح من أن تخفى، وأشهر من أن لا تظهر لهم. وكذلك عوام أُمَّتِنا، إذا عرفُوا مِن فُقهائهم الفسق الظاهر، و العصبيّة الشّدِيدة، والتكالب على حُطامِ الدُّنيا وحرامِها، وإهلاك من يتعصبون عليه، وإن كان لإصلاح أمره مُستحِقاً، و بالترفرفِ بِالبِرِّ و الإحسانِ على من تعصّبوا له، وإن كان للإذلال والإهانة مُستحِقاً، فمَن قلّد مِن عوامنا مِثل هؤلاءِ الفقهاء فهُم مِثلُ اليهودِ الَّذِينَ دَمَهُمُ اللهُ تعالى بِالتَّقْلِيدِ لفسقة فقهائهم .

فأمّا من كان من الفقهاء صائِناً لنفسه، حافِظاً لِدِينِهِ، مُخالِفاً هواه ، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يُقلِدُوهُ، وذلِك لا يَكُونُ إِلَّا فِي بعض فقهاء الشّيعة لا جميعهم، فإنّه من ركب من القبائح و الفواحِشِ مراكب فسقةِ فُقهاء العامة فلا تقبلُوا مِنهُم عنا شيئاً ، ولا كرامة لهم، وإنما كثر التخليط فيما يتحمّلُ عنا أهل البيتِ لِذلِك ، لأن الفسقة يتحمّلُون عنا فيُحرِّفُونَهُ بِأَسْرِهِ

ص: 29


1- تفسير الإمام عليه السلام : 345 ، الإحتجاج 1 : 18 و بحار الأنوار 7 :225 .

لِجهلِهِم ، ويضعُون الأشياء على غير وجهها لِقِلّة معرفتهم، وآخرين يتعمّدون الكذب علينا لِيجُرُّوا مِن عرضِ الدُّنيا ما هو زادُهُم إلى نار جهنم. ومِنهُم قومٌ نُصَابٌ لا يقدِرُون على القدح فينا، يتعلّمُون بعض عُلُومِنا الصحيحة فيتوجّهون بِهِ عِند شيعتِنا، وينتقِصُون بنا عِند نصابِنا ، ثُمَّ يُضِيفُونَ إِلَيهِ أضعافه و أضعاف أضعافِهِ مِن الأكاذيب علينا التي نحنُ بِراءٌ مِنها، فيتقبله المسلمون المستسلمون من شيعتنا على أنّهُ مِن عُلُومنا فضلُّوا وأضلُّوا، وهم أضرُّ على ضعفاء شيعتِنا مِن جيش يزيد عليهِ اللعنة والعذاب على الحسين بن علي عليه السلام و أصحابه، فإنهم يسلبونهم الأرواح والأموال، و للمسلُوبِين عند الله أفضل الأحوالِ لَمَّا لَقهُم مِن أعدائهم.

و هؤلاء عُلماء السوء النَّاصِبُون المشتهون بأنهم لنا مُوالون ، ولأعدائِنا مُعادُون، يُدخِلُون الشّكّ والشُّبهة على ضُعفاءِ شِيعَتِنا، فيُضِلُّونهم ويمنعُونهم عن قصد الحق المصيب، لا جرم أن من علم اللهُ مِن قلبِهِ مِن هؤلاء العوامِ أَنَّهُ لا يُرِيدُ إلّاصِيانة دِينِهِ و تعظِيمِهِ ولِيَّهُ، لم يتركه في يد هذا الملبس الكافِرِ، ولكنّهُ يُقيّضُ لَهُ مُؤمن أيقفُ بِهِ على الصّوابِ، ثُمَّ يُوفِّقُهُ اللهُ لِلقَبُولِ مِنْهُ ، فيجمعُ لَهُ بذلك خير الدُّنيا والآخرة، ويجمعُ على من أضلهُ لعن الدُّنيا وعذاب الآخرة

ثم قال عليه السلام قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله شيرارُ عُلماء أُمتنا المضِلُّون عنا القاطِعون لِلطَّرُقِ إِلينا المسمون أضدادنا بِأسمائنا الملقبون أندادنا بِألقابِنا يُصلُّون عليهم وهُم لِلْعنِ مُستَحِقُون ويلعنوننا و نحنُ بِكراماتِ اللهِ معْمُورون وبصلواتِ اللهِ وصلواتِ ملائِكَتِهِ المقربين علينا عن صلواتهم علينا مُستغنُون ثُمَّ قال قيل لأمير المؤمنين عليه السلام من خير خلق الله بعد أئمة الهدى ومصابيح الدجى أيَّةِ قال العلماء إذا صلحُوا قِيل ومن شر خلقِ اللهِ بعد إبليس و فرعون و نمرود و بعد المتسمّين بأسمائِكُم وبعد المتلقبين بألقابِكُم والآخِذِين لأمكنتِكُم والمتأمرين في ممالِكِكُم قال العُلماء إذا فسدُوا هُمُ المظهِرُون لِلأباطيل الكاتِمُون لِلحقائقِ وفيهم قال الله عزّوجل ﴿أولئك يلعنُهُمُ اللهُ ويلعنُهُمُ اللّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا﴾(1) الآية(2).

ص: 30


1- البقرة: 159 و 160.
2- تفسير الإمام عليه السلام : 300 ، الإحتجاج 2 : 264 ، نوادر الأخبار : 30 ، بحار الأنوار 2 : 89 والبرهان في تفسير القرآن 1 : 257.

7 - عن حبّة العُربي قال سمعتُ عليّاً عليه السلام يقُولُ نحنُ النُّجباءُ وأفراطنا أفراط الأنبياءِ حِزبنا حِرْبُ اللهِ والفِئةُ الباغِيةُ حِزب الشّيطانِ من ساوى بيننا وبين عدوّنا فليس منا .(1)

8 - عن مُعاوِية بنِ عمّارٍ قال: قُلتُ لأبي عبد الله عليه السلام رجُلٌ راوِيةٌ لِحَدِيثِكُم يَبُثُّ ذلِكَ فِي النَّاسِ و يُشدّدُهُ فِي قُلُوبِهِم وقُلُوبِ شِيعَتِكُم ولعلّ عابداً مِن شِيعتِكُم ليست له هذِهِ الرّوايةُ أَيُّهما أفضل قال الرّاوِيةُ لِحَدِيثِنا يشُدُّ بِهِ قُلُوب شِيعَتِنا أَفضلُ مِن ألفِ عابِدٍ.(2)

9 - عنِ الشّيخ المفيد عن أحمد بنِ محمدِ بنِ الحسنِ بنِ الوليد عن أبيه محمد بن الحسنِ عن سعدِ بنِ عبدِ اللهِ عن محمدِ بنِ عبدِ اللهِ عن محمدِ بنِ عبدِ الجبار عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام : أنه قال لأبي هاشم الجعفري يا أبا هاشم سيأتي زمانٌ على النَّاسِ وُجُوهُهُم ضاحِكَةٌ مُستبشِرَةٌ وقُلُوبُهُم مُظلِمةٌ مُنكدرةٌ السُّنَّةُ فِيهِم بِدعةٌ والبدعةُ فِيهِم سُنَةٌ المؤمِنُ بينهم محقر و الفاسِقُ بينهم مُوقَرٌ أُمراؤُهُم جاهِلُون جائِرُون وعُلماؤُهُم فِي أبوابِ الظُّلمةِ سَائِرُون أَعْنِياؤُهُم يسرقون زاد الفقراء وأصاغِرُهُم يتقدّمُون على الكبراء وكُلُّ جاهِلٍ عِندهُم خَبِيرٌ وكُلُّ مُحِيلٍ عِندهُم فقير لا يُميزون بين المخلص و المرتابِ لا يعرِفُون الضَّأْنِ مِن الذِّئابِ عُلَماؤُهُم شِرَارُ خَلقِ اللَّهِ على وجهِ الأَرضِ لِأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوُّفِ وايمُ اللهِ إِنَّهُم مِن أَهلِ العُدُولِ والتَّحرُّفِ يُبالِغُون فِي حُبّ مُخالِفِينا ويُضِلُّون شِيعَتنا و مُوالِينا إن نالوا منصباً لم يشبعُوا عَنِ الرّشاءِ وإِن خُذِلُوا عبدُوا الله على الرِّياءِ أَلا إِنَّهُم قُطَاعُ طَرِيقِ المؤمِنِين و الدُّعاةُ إِلى نِحلة الملحدين فمن أدركهم فليحذرهم و ليصُن دِينَهُ وإيمانَهُ ثُمَّ قال يا أبا هاشم هذا ما حدثني أبي عن آبائِهِ جعفرِ بنِ مُحمّدٍ عليهم السلام وهُو مِن أسرارنا فاكتمه إلا عن أهله(3)

10 - عن الصَّادِقِينَ عليهم السلام أَنَّهم قالُوا إِذا ظَهَرتِ البِدَعُ فَعَلى العالِم أَن يُظْهِرَ عِلمَهُ فَإِن لَم يَفعَل سلب نور الإيمان(4).

ص: 31


1- الغارات 2 : 912 و بحار الأنوار 39 :341 ح11.
2- الكافي 1 : 33 ح 9 و وسائل الشيعة 20 : 77 ح 33246.
3- إثبات الهداة 4 : 205 ، حديقة الشيعة 2 : 785 ، الهدايا لشيعة أئمة الهدى 1 : 100 و مستدرك الوسائل 11 : 382 ح 13308.
4- عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 113 ، علل الشرایع 1 : 236 و الغيبة للطوسي : 64.

ص: 32

التمهيد الثاني: أهميتة اللعرب البراءة

اشارة

ص: 33

ص: 34

اللعن و البراءة في الآيات

1. البقرة : 88

﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلفٌ بَل لَعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِم فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ﴾

2 . البقرة: 89

﴿وَلَا جَاءهُم كِتَابٌ من عِندِ اللهِ مُصَدق لما مَعَهُم وَكَانُوا مِن قَبلُ يَستَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَما جَاءهُم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعَنَةُ اللَّهِ عَلَى الكَافِرِينَ﴾

3 . البقرة : 15

﴿إن الذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِن بَعدِ مَا بَيْنَاهُ لِلناسِ فِي الكِتَابِ التلميع ومطلعا رملة اليه جهنجما لقيفة أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾

4. البقرة : 161

﴿إِن الذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُم كفارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِم لَعَنَةُ اللهِ وَالملآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾

5 . آل عمران : 61

﴿فَمَن حَاجِكَ فِيهِ مِن بَعدِ مَا جَاءكَ مِنَ العِلمِ فَقُل تَعَالُوا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءكُم وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءكُم وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُم ثُم نَبَتَهِلْ فَنَجْعَل لَعَنَةَ اللَّهِ عَلَى الكَاذِبِينَ﴾

ص: 35

6 . آل عمران : 87

﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُم أَن عَلَيْهِم لَعَنَةَ اللهِ وَالمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾

7 . النساء : 46

﴿منَ الذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعنَا وَعَصَينَا وَاسمَع غَيرَ مُسمَعٍ وَرَاعِنَا لَيَا بِأَلْسِنَتِهِم وَطَعناً في الدينِ وَلَو أَنهُم قَالُوا سَمِعنَا وَأَطَعْنَا وَاسمَع وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيراً لهُم وَأَقوَمَ وَلَكِن لعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِم فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً﴾

8. النساء : 47

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَلنَا مُصَدقاً لما مَعَكُم من قَبْلِ أَن نطمِسَ وُجُوهَا فَنَرُدهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَو نَلَعَنَهُم كَمَا لَعَنا أَصْحَابَ السبتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً﴾

9 . النساء : 52

﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً﴾

10 . النساء : 93

﴿وَمَن يَقتُل مُؤمِناً مَتَعَمداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَد لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾

11 . النساء : 118

﴿لعَنَهُ اللَّهُ وَقال لأتخِذَن مِن عِبَادِكَ نَصِيباً مفرُوضاً﴾

12 . المائدة : 13

﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِيثَاقَهُم لَعناهُم وَجَعَلنَا قُلُوبَهُم قَاسِيَةٌ يُحَرِفُونَ الكَلِمَ عَن مَوَاضِعِهِ وَنَسُواحَظاً مما ذُكرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ منهُم إِلا قَلِيلاً منهُمُ فَاعْفُ عَنهُم وَاصْفَح إِن اللَّهَ يُحِب المحسِنِينَ﴾

13 . المائدة : 60

﴿قُل هَل أُنَبتُكُم بِشَر من ذَلِكَ مَثُوبَةٌ عِندَ اللَّهِ مَن لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنهُمُ القِرَدَةَ وَالخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَر مكاناً وَأَضَل عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾

ص: 36

14 . المائدة : 64

﴿وَقالتِ اليَهُودُ يَدُ اللهِ مَعْلُولَةٌ غُلت أيدِيهِم وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَل يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَن كَثِيراً منهُم ما أُنزِلَ إِلَيكَ مِن ربكَ طُغياناً وَكُفراً وَأَلْقَينَا بَينَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَعْضَاء إِلَى يَومٍ القِيامَةِ كُلِمَا أَوقَدُوا نَاراً للحَرب أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسعَونَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ المُفْسِدِينَ﴾

15 . المائدة : 78

﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وكَانُوا يَعتَدُونَ﴾

16. الأعراف : 44

﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الجِنَّةِ أَصْحَابَ النارِ أَن قَد وَجَدنَا مَا وَعَدَنَا رَبَنَا حَقاً فَهَل وَجَدتُّم مَا وَعَدَ رَبِّكُم حَقاً قَالُوا نَعَم فَأَدْنَ مُؤَذنٌ بَينَهُم أَن لَعَنَةُ اللَّهِ عَلَى الظالمينَ﴾

17 . التوبة : 68

﴿وَعَدَ الله المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالكُفارَ نَارَ جَهَنمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسبُهُم وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُم عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾

18. هود : 18

﴿وَمَن أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أُولَئِكَ يُعرَضُونَ عَلَى رَبِهِم وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَوْلاء الذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبهِم أَلَا لَعَنَةُ اللَّهِ عَلَى الظالمينَ﴾

19 . هود : 60

﴿وَأُتَّبِعُوا فِي هَذِهِ الدنيا لَعَنَةً وَيَومَ القِيامَةِ أَلا إِن عَادِاً كَفَرُوا رَبهُم أَلَا بُعداً لعَادٍ قَومِ هُودٍ﴾

20 . هود : 99

﴿وَأُتِّبِعُوا فِي هَذِهِ لَعَنَةٌ وَيَومَ القِيامَةِ بِئْسَ الرفدُ المرفُودُ من له ملاا مُهمَا نَ بِنَا طلباء﴾

21 . الرعد : 25

﴿وَالذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللعنَةُ وَلَهُم سُوءُ الدار﴾

ص: 37

22. الحجر : 35

﴿وَإِنْ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَومِ الدِّينِ﴾

23. النور : 7

﴿وَالخَامِسَةُ أَن لَعنَتَ اللهِ عَلَيهِ إِن كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ﴾

25 . النور : 23

﴿إن الذِينَ يَرْمُونَ المحصَنَاتِ الغَافِلاتِ المؤمِنَاتِ لُعِنُوا في الدنيا وَالآخِرَةِ وَلَهُم عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾

26 . القصص : 42

﴿وَأَتْبَعْنَاهُم فِي هَذِهِ الدنيا لَعَنَةً وَيَومَ القِيامَةِ هُم مِنَ المقبُوحِينَ﴾

27. الأحزاب : 57

﴿إِن الذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدنيا وَالآخِرَةِ وَأَعَد لَهُم عَذَاباً مهِيناً﴾

28. الأحزاب : 64

﴿إِن اللَّهَ لَعَنَ الكَافِرِينَ وَأَعَد لَهُم سَعِيراً﴾

29. الأحزاب : 68

﴿رَبَنَا آتِهِم ضِعفَينِ مِنَ العَذَابِ وَالعَنْهُم لَعْناً كَبِيراً﴾

30 . ص : 78

﴿وَإِن عَلَيْكَ لَعَنَتِي إِلَى يَومِ الدِّينِ﴾

31. غافر: 52

﴿يَومَ لا يَنفَعُ الظالمينَ مَعذِرَتُهُم وَلَهُمُ اللعَنَةُ وَلَهُم سُوءُ الدارِ﴾

32. محمد : 23

أُولَئِكَ الذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمهُم وَأَعْمَى أَبْصَارَهُم﴾

33 . الفتح : 6

﴿وَيُعَذِّبَ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالمشرِكِينَ وَالمشرِكَاتِ الظانينَ بِاللهِ ظَنِّ السّوءِ عَلَيْهِم دَائِرَةُ السوءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِم وَلَعَنَهُم وَأَعَدٌ لَهُم جَهَنَّمَ وَسَاءَت مَصِيرًا﴾

ص: 38

34 . يونس: 41

﴿وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِي عَمَلِي وَلَكُم عَمَلُكُم أَنتُم بَرِيتُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾

35 . الشعراء: 216

﴿فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾

36. الأنعام: 78

﴿فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾

37 . هود: 54

﴿إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾

38 . الأنعام: 19

﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَيْنَكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ﴾

39 . هود: 35

﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ﴾

40 . التوبة : 3

﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجَ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾

41 . التوبة : 114

﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهُ حَلِيمٌ﴾

42. البقرة : 166

﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتَّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ﴾

ص: 39

43. البقرة: 167

﴿وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾

44. القصص: 63

﴿قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ﴾

45. الممتحنة: 4

﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾

46. الزخرف : 26

﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾

47 . المائدة 80 و 81

﴿تَرَى كَثِيرًا مِنهُم يَتَوَلَّونَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَت لَهُم أَنفُسُهُم أَن سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِم وَفِي العَذَابِ هُم خَالِدُونَ وَلَو كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِ مَا اتَّخَذُوهُم أُولِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنهُم فَاسِقُونَ﴾

48 . المجادلة 22

﴿ولَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَن حَادٌ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَو كَانُوا آبَاءَهُم أَو أَبْنَاءَهُم أَو إِخْوَانَهُم أَو عَشِيرَتَهُم أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِنهُ وَيُدخِلُهُم جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنهُم وَرَضُوا عَنهُ أُولَئِكَ حِرْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ المفلِحُونَ﴾

ص: 40

49. البقرة 256

﴿لا إكرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيِّنَ الرِّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَن يَكفُر بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُروَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾

50 . النساء 60

﴿أَلَم تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَرْعُمُونَ أَنَّهُم آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَد أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُم ضَلَالًا بَعِيدًا﴾

دور البراءة في العقائد

قال الصدوق رضوان الله عليه : إعتقادنا في الظالمين أنهم ملعُونُون والبراءة منهم واجبةٌ قال الله عزّ و جل ﴿و من أظلمُ مِمَّنِ افترى على اللهِ كَذِباً أُولئِكَ يُعرضُون على رَبِّهِم و يقُولُ الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربِّهِم ألا لعنة الله على الظالمين الَّذِينَ يَصُدُّون عن سَبِيلِ الله ويبغونها عوجاً وهُم بِالآخرة هُم كافرون﴾ و قال ابنُ عبّاس في تفسير هذِهِ الآيَةِ إِنّ سبيل الله عزّ و جلّ في هذا الموضع هو علي بن أبي طالب عليه السلام والأئِمَّةُ فِي كِتابِ اللهِ عزّ و جلّ إمامانِ إمامُ هُدًى وإمامُ ضلالةٍ قال الله جل ثناؤُهُ وجعلنا مِنهُم أَئِمَّةً يهدون بأمرنا لَمّا صبروا و قال الله عزّ و جلّ فِي أَئِمَّةِ الضَّلالة وجعلناهُم أَئِمَّةً يدعُون إِلى النَّارِ ويوم القيامةِ لا يُنصرون وأتبعناهُم في هذِهِ الدُّنيا لعنةً ويوم القيامةِ هُم مِن المقبوحِين ولَمّا نزلت هذِهِ الآيةُ واتَّقُوا فِتنةً لا تُصِيبنَّ الّذِين ظلموا مِنكُم خاصّةً قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله من ظلم عليّاً مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نُبُوّتي و نُبُوَّة الأنبياءِ مِن قبلي و تولّى ظالِماً فهو ظالم قال الله عزّ و جل يا أيُّها الذين آمنوا لا تتَّخِذُوا آباءكُم وإخوانكم أولياء إن استحبُّوا الكُفر على الإيمان ومن يتولّهُم مِنكم فأولئك هم الظَّالِمون وقال الله عزّ و جل يا " أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تتولّوا قوماً غضب الله عليهم وقال عزّ و جل لا تجد قوماً يُؤمنُون بِاللهِ و اليومِ الآخِرِ يُوادُّون من حاد الله ورسوله و لو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم و قال عز و جل و لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكُمُ النّارُ والظُّلَمُ هُو وضعُ الشَّيء فِي غِيرِ موضعه فمن ادعى الإمامة وليس بإمام

ص: 41

فهو الظَّالِم الملعُونُ و من وضع الإمامة في غيرِ أهلها فهو ظالم ملعون(1) ... إلى أن قال:

... وأمّا فاطِمةُ صلواتُ اللهِ عليها فاعتِقادُنا أنّها سيّدةُ نِساء العالمين من الأولين و الآخرين و أنّ الله عزّ و جلّ يغضب لغضبها و يرضى لرضاها وأنها خرجت من الدنيا ساخطةً على ظالمها و غاصبها و مانعِي إرثها وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله فاطمة بضعةٌ مِنِّي آذاها فقد آذاني و من غاظها فقد غاظني و من سرّها فقد سرني و قال صلى الله عليه وآله فاطِمةُ بضعةٌ مِنِّي وهِي رُوحِي الَّتِي بين جنبي يشوؤني ما ساءها ويسرني ما سرها وإعتقادنا فِي البراءة أنها واجبة من الأوثان الأربعة والإناث الأربع و مِن جَمِيعِ أشياعِهِم وأتباعهم وأَنْهُم شر خلقِ الله عزّ و جلّ ولا يتم الإقرارُ بِاللهِ وبِرَسُولِهِ و بِالأئمة عليهم السلام إلا بالبراءة من أعدائهم . واعتقادنا في البراءةِ أنها واجبة من الأوثان الأربعة والإناث الأربع ومن جميع أشياعِهِم وأتباعِهِم وأَنْهُم شر خلق الله عزّ و جلّ ولا يتم الإقرارُ بِاللهِ وبِرَسُولِهِ و بِالأَئِمَّةِ عليهم السلام إلا بالبراءةِ مِن أعدائهم.(2)

أوثق عرى الإيمان

1- عن جميل بنِ درّاج عن عُمر بنِ مُدرِك أبي علي الطائي قال قال أبو عبد الله عليه السلام أيُّ عُرى الإيمانِ أوثق فقالُوا الله ورسوله أعلم فقال قُولُوا فقالوا يا ابن رسُولِ اللهِ الصَّلاةُ فقال إِنَّ لِلصَّلاةِ فضلا و لكن ليس بِالصّلاةِ قالُوا الزَّكاةُ قال إنّ لِلزَّكاة فضلا و ليس بالزكاة فقالُوا صوم شهر رمضان فقال إن لرمضان فضلا و ليس برمضان قالُوا فالحج والعُمرة قال إِن للحج والعُمرة فضلا وليس بالحج والعُمرة قالُوا فالجهاد في سبيل الله قال إنّ للجهاد في سبيل الله فضلا وليس بِالجِهادِ قالُوا فاللهُ ورَسُولُهُ و ابنُ رَسُولِهِ أعلمُ فقال قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله إنّ وثق عُرى الإيمانِ الحُبُّ فِي اللهِ و البُعْضُ فِي اللهِ توالي ولي الله وتعادِي عدو الله(3)

ص: 42


1- الإعتقادات الإمامية :102 و بحار الأنوار 27 : 60 ح 21.
2- الإعتقادات الإمامية : 105 و بحار الأنوار 62:27 ح21.
3- المحاسن 1 : 165 و بحار الأنوار 27 : 56.

2 - عن عمرِو بنِ مُدرِكِ الطائي عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لأصحابِهِ أيُّ عُرى الإيمانِ أوثق فقالُوا الله ورسوله أعلمُ وقال بعضُهُمُ الصّلاة وقال بعضُهُمُ الزَّكاةُ وقال بعضُهُمُ الصّومُ وقال بعضُهُمُ الحج والعُمرة وقال بعضُهُمُ الجهاد فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لِكُلّ ما قُلتُم فضل وليس بِهِ و لكِن أوثق عُرى الإيمانِ الحُبُّ فِي اللَّهِ وَالبُعْضُ فِي اللهِ و توالي أولياء الله والتبري مِن أعداء الله عزّوجل(1)

3 - قال النبي صلى الله عليه وآله لأبي ذرّأيُّ عُرى الإيمانِ أوثق قال الله ورسوله أعلم فقال الموالاة في اللهِ و المعاداةُ فِي اللهِ والبُعْضُ في الله(2).

4 - عن البراء بن عازب قال كُنتُ مع رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم فقال أتدرون أيُّ عُرى الإيمانِ أوثقُ قُلنا الصّلاةُ قال إن الصلاة لحسنة و ما هِي بِها قُلنا الزكاةُ فقال الحسنة و ما هي بها فذكرنا شرائع الإسلام فقال صلى الله عليه وله أوثق عرى الإيمان أن تُحِبّ الرّجُل فِي اللَّهِ وتُبغِضَ فِي اللَّهِ(3)

5 - عن الصادق عليه السلام أنه قال: مَن لَم يُحبّ عَلى الدِّين ولم يُبغض عَلَى الدِّين فلا دِينَ لَه.(4)

البراءة في عالم التكوين

1- قال علي عليه السلام : نقيقُ الدِّيكِ (اذْكُرُوا الله يا غافِلِين) وصهيل الفرس اللهم انصر عبادك المؤمنين على عِبادِك الكافِرِين ونهيقُ الحِمارِ أن يلعن العشّارِين و ينهق في عينِ الشَّيطانِ ونقيقُ الضّفدع سبحان ربّي المعبودِ المسبح في مُججِ البحار و أنيقُ القُبّرة اللهم العن مُبغضي آل محمد.(5)

2 - عمار بن ياسرو جابر الأنصارِي كُنتُ مع أمير المؤمنين في البرية فرأيتُه قد عدل عن الطَّرِيقِ فتبعتُهُ فرأيتُهُ ينظُرُ إِلى السَّماءِ ثُمَّ يتبسّم ضاحِكاً فقال أحسنت أيُّها الطير إذ صفّرت

ص: 43


1- المحاسن 264:1 ، الكافي 2 : 125 ، معاني الأخبار : 398 ، مشكاة الأنوار : 121 ورياض السالكين 1 : 468.
2- تحف العقول : 55 و بحار الأنوار 74 : 159.
3- الإختصاص : 365.
4- رياض السالكين 1 : 468.
5- مناقب آل أبي طالب 2 : 55.

بِفضلِهِ فقُلتُ له مولاي أين الطير فقال في الهواءِ تُحِبُّ أن تراه و تسمع كلامه فقُلتُ نعم يا مولاي فنظر إلى السماء ودعا بدعاء خفي فإِذا الطير يهوي إلى الأرض فسقط على يد أميرالمؤمنين فمسح يده على ظهره فقال انطق بِإِذنِ اللهِ وأنا علي بن أبي طالب فأنطق الله الطير بلسان عربي مُبِين فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فردّ عليه وقال لهُ مِن أين مطعمك ومشربك في هذه الفلاةِ القفراء التي لا نبات فيها ولا ماء فقال يا مولاي إذا جُعتُ ذكرتُ ولايتكم أهل البيت فأشبع وإذا عطشتُ فأَتبرأُ مِن أعدائِكُم فأروى فقال بُورك فيك بورك فيك وطارت.(1)

3- عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال: إِنّ من وراء أرضِكُم هذِهِ أرضاً بيضاء ضوؤُها منها فيها خلق يعبدون الله لا يُشركون بِهِ شيئاً يتبرَّءُون مِن فُلانٍ وفُلانٍ(2).

4 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّ من وراء عين شمسكُم هذه أربعين عين شمس فيها خلق كثيرو إن من وراء قمركم أربعين قمراً فيها خلق كثير لا يدرون أن الله خلق آدم أم لم يخلقهُ أُلهِموا إلهاماً لعنة فُلانٍ وفُلانٍ .(3)

5 - عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنّ الله خلق جبلا يُحِيطاً بِالدُّنيا من زبرجد خضر و إِنّما خُضرةُ السَّماءِ مِن خُضرة ذلك الجبل وخلق خلقاً ولم يفرض عليهم شيئاً مما افترض على خلقه من صلاة وزكاة و كُلُّهم يلعن رجُلينِ مِن هذِهِ الأمة وسماهما.(4)

6 - عن عُبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ الدّهقانِ عن أبي الحسن عليه السلام قال سمعتُهُ يَقُولُ إِنّ الله خلق هذا النّطاق زبرجدةً خضراء فمِن خُضرتِها اخضرتِ السّماءُ قال قُلتُ وما النطاق قال الحِجابُ وله وراء ذلك سبعون ألف عالم أكثر من عدد الإنس والجن وكُلُّهم يلعنُ فلاناً وفُلاناً.(5)

ص: 44


1- مناقب آل أبي طالب 2 :134 و بحار الأنوار 41 :241.
2- بصائر الدرجات :490 ح 2 وبحار الأنوار 30 : 196 ح 59.
3- بصائر الدرجات :490 3 ، الوافي 48126 و بحار الأنوار 30 : 196 ح 60 و 54: 329 ح 12.
4- بصائر الدرجات : 492 ح 6 و بحار الأنوار 27 : 47 ح10.
5- بصائر الدرجات : 492 : 7 ، بحار الأنوار 30 : 195 ح 62 والبرهان في تفسير القرآن 1 : 108 ح 276.

7 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال: اتَّخِذُوا الحمام الراعِبية في بُيُوتِكُم فإنّها تلعن قتلة الحسين عليه السلام.(1)

ان شا الليله ليه المال متعه الاكل فيه الله السالمية زلة بالغة لتنمية - عن داود بن فرقد قال: كُنتُ جالساً في بيت أبي عبد الله عليه السلام فنظرتُ إلى الحمامِ الرَّاعِي يُقرقرُ طويلا فنظر إلي أبو عبدِ اللهِ عليه السلام فقال يا داوُدُ أتدري ما يقُولُ هذا الطيرُ قُلتُ لا واللهِ جُعِلتُ فداك قال تدعُو على قتلة الحسين بن علي عليه السلام فاتخِذُوهُ في منازلكُم.(2)

9 - عن فُلفلة عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إنّ لله عزّ وجلّ جبلا يُحِيطاً بِالدُّنيا من زبرجدة خضراء، و إِنّما خُضرةُ السَّماءِ مِن خُضرة ذلك الجبل، و خلق خلقه لم يفترض عليهم شيئاً مما افترض على خلقِهِ مِن صلاة وزكاة، وكُلُّهُم يلعنُ رجُلينِ مِن هذه الأمة وسماهما .(3)

10 - عن أبي الزبير، قال: سألتُ جابر بن عبد الله رضي الله عنه: هل كان لعلي صلوات الله عليه آیات؟ فقال: إي والله كانت له سيرة حضرتها الجماعة و الجماعات، لا يُنكرها إلا معاند، ولا يكتمُها إلّا كافر. منها: أنا سرنا معه في مسير، فقال لنا: امضُوا لأن نصلي تحت هذه السدرة ركعتين فمضينا، ونزل تحت السدرة، فجعل يركع ويسجد، فنظرنا إلى السّدرة و هي تركع إذا ركع، وتسجدُ إذا سجد، و تقوم إذا قام ، فلما رأينا ذلك عجبنا، و وقفنا حتى فرغ من صلاته، ثُم دعا فقال: اللهم صل على محمّد وآل محمّد فنطقت أغصان الشجرة تقول : آمين آمين . ثم قال: اللهم صل على شيعة محمّد وآل محمّد فقالت أوراقها وأغصانها و قضبانُها: آمين آمين.

ثم قال: اللهم العن مبغضي محمّد وآل محمّد و مبغضى شيعة محمّد وآل محمد فقالت الأوراق و القضبان والأغصانُ والسّدرة: آمين آمين. وفي الحديث طويل.(4)

11 - قال ابنُ عبّاس شهدنا مجلس أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فإذا نحنُ بِعِدة من العجم فسلّمُوا عليه فقالُوا جِئناك لنسألك عن سِتِ خِصالٍ فإن أنت أخبرتنا آمنا و صدقنا وإلّاكذبنا و جحدنا فقال علي عليه السلام سلُوا مُتفقهين ولا تسألُوا مُتعنّتين قالُوا أخبرنا ما يقُولُ

ص: 45


1- الكافي 6 : 547 ح 13 كامل الزيارات : 98 ح 1 ، مدينة معاجز الأئمة 180:4ح 1203 وبحار الأنوار 62 :14 ح 7.
2- كامل الزيارات : 98 ، الكافي 6 : 547 ح 102 ، مدينة معاجز الأئمة 4 : 180 ح 1204 و وسائل الشيعة 3 : 519 ح 15425.
3- بصائر الدرجات :492 ح 6 ، البرهان في تفسير القرآن 5 : 126ح 10024 و بحار الأنوار 57 : 120 ح 9.
4- الثاقب في المناقب : 245 ح 210 ومدينة معاجز الأئمة 1 : 397 ح 261.

الفرسُ في صهيلِهِ و الحِمارُ فِي نهيقِهِ والدُّرَاجُ فِي صِياحِهِ والقُنبُرةُ في صفِيرِها والدِّيكُ فِي نَعِيقِهِ والضَّفْدِعُ فِي نقِيقِهِ فقال علي عليه السلام إذا التقى الجمعان و مشى الرِّجالُ إِلى الرِّجالِ بِالسُّيوفِ يرفعُ الفرسُ رأسه فيقُولُ سُبحان الملِكِ القُدُّوسِ ويقولُ الحِمارُ في نهيقِهِ اللهم العن العشّارِين و يقُولُ الدِّيكُ فِي نَعِيقِهِ بِالأسحار اذكُرُوا الله يا غافلين ويقُولُ الصِّفدِعُ فِي نقِيقِهِ سُبحان المعبودِ في لحج البحار ويقول الدُّرّاجُ فِي صِياحِهِ ﴿الرّحمنُ على العرش استوى﴾(1) و تقُولُ القُنبُرةُ فِي صَفِيرِها اللهم العن مُبْغِضِي آل محمد قال فقالُوا آمنا و صدقنا وما على وجه الأرض من هُو أعلمُ مِنكَ فقال عليه السلام ألا أُفِيدُكُم قالوا بلى يا أمير المؤمنين فقال إنّ لِلفرس فِي كُلّ يوم ثلاث دعواتٍ مُستجاباتٍ يَقُولُ فِي أَوّل نهاره اللّهُمّ وسّع على سيّدِي الرّزق ويقول في وسط النهارِ اللّهُمّ اجعلني أحبّ إلى سيّدِي مِن أهلِهِ و مالِهِ ويَقُولُ فِي آخِرِ نهارِهِ اللَّهُمَّ ارزق سيّدِي على ظهري الشهادة(2).

12 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إنّ الله خلق هذا النّطاق من زبرجدة خضراء، فقيل: وما النطاق؟ قال: الحجاب والله خلف ذلك سبعون ألف عالم أكثر من عدد الجن والإنس والكُلُّ يُدينون بحبنا أهل البيت ويلعنون فلاناً وفلاناً.(3)

13 - عن الصادق عليه السلام أنه قال: أنّ لله مدينتين إحداهما بِالمغرب والأخرى بِالمشرِقِ يُقالُ لهما جابلقا و جابرسا طُولُ كُلّ مدينةٍ مِنهُما اثنا عشر ألف فرسخ في كُلِّ فرسخ بابٌ يدخلون في كُلّ يوم مِن كُلِّ بابٍ سبعون ألفاً و يخرُجُ مِنها مِثلُ ذلِك ولا يعُودُون إلى يوم القيامة لا يعلمون أنّ الله خلق آدم و لا إبليس ولا شمس ولا قمرهم والله أطوعُ لنا مِنكُم يأْتُونَا بِالفاكهة في غيرِ أوانها مُوكِّلينِ بِلعنة فرعون و هامان و قارون.(4)

14 - عن سلمان الفارسي رضي الله رضي الله عنه قال: كنتُ يوماً جالساً عِند مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بأرض قفراء فرأى دراجاً فكلمه عليه السلام فقال له:

ص: 46


1- طه: 5.
2- الإختصاص : 136 وبحار الأنوار 61 : 35 ح 12.
3- مشارق أنوار اليقين : 64.
4- مشارق أنوار اليقين : 65: وبحار الأنوار 54 : 326 ح 25.

مُذ كنت أنت في هذه البريّة، ومن أين مطعمك ومشربك؟ فقال: يا أمير المؤمنين من أربعمائة سنة أنا في هذه البريّة، ومطعمي و مشربي إذا جعتُ فأُصلّي عليكم فأشبع، وإذا عطشتُ فأدعُو على ظالميكُم فأروى.

قلتُ: يا أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليك هذا شيء عجيب ما أُعطِي منطق الطير إلا سلیمان بن داود علیه السلام ! قال: يا سلمان أنا أعطيتُ سُليمان ذلك، يا سلمان أتريد أن أُريك شيئاً أعجب من هذا؟ قلتُ: بلى يا أمير المؤمنين و يا خليفة رسول ربّ العالمين.

قال: فرفع رأسه إلى الهواء وقال : يا طاووس اهبط ، فهبط ، ثم قال: يا صقر اهبط ، فهبط ثم قال: يا باز اهبط ، فهبط ، ثم قال: يا غُراب إهبط ، فهبط ثم قال:

يا سلمان إذبحهم وانتف ريشهم و قطعهم إربا إرباً واخلط لحومهم، ففعلتُ كما أمرني مولاي و تحيّرت في أمره، ثم التفت إليّ وقال : ما تقولُ ؟ فقلت: يا مولاي أطيار تطير في الهواء لم أعرف لهم ذنباً أمرتني بذبحها قال: يا سلمان أتريد أن أحييها الساعة ؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين. فنظر إليها شزراً و قال طيري بقدرة الله، فطارت الطيور جميعاً بإذن الله تعالى.

قال: فتعجبتُ من ذلك ، وقلتُ: يا مولاي هذا أمر عظيم. قال: يا سلمان لاتعجب من أمر الله فإنّه قادر على ما يشاء، فعّال لما يريد، يا سلمان إيّاك أن تحول بوهمك شيئاً، أنا عبد الله خليفته أمري أمره ونهي نهيه، و قدرتي قدرته وقوتي قوته.(1)

15- عن الحسن العسكري، عن النسب الطاهر إلى الحسين عليه السلام قال: كنتُ مع أبي عليّ بنِ أبي طالب عليه السلام يوماً على الصفا وإذا هو بدراج (يدرج) على وجه الأرض في الصفا، فوقف مولاي بإزائه، فقال: السلام عليك أيها الدراج، فقال: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين، فقال له علي عليه السلام أيتها الدراج ما تصنعُ في هذا المكان؟ فقال: يا أمير المؤمنين أنا في هذا المكان منذُ أربعمائة سنة أُسبح الله تعالى وأحمده وأهلله و أكتره و أعبده حق عبادته.

فقال عليه السلام : إنّ هذا الصفا ني لا مطعم فيه ولا مشرب، فمن أين مطعمك و مشربك؟ فقال له: يا مولاي وحق من بعث ابن عمك بالحق نبياً، وجعلك وصيّاً، إنّي كلّما جعتُ دعوتُ الله

ص: 47


1- مدينة معاجز الأئمة 1 : 257 ح 164.

لشيعتك ومحبّيك فأشبع، وإذا عطشت دعوتُ الله على مُبغضك و مبغض أهل بيتك فأروى .(1)

(ثم أنشد شعرا):

أیها السائل عمّا *** دونه النجم العلي

إنّما استخبرت عنه *** واضح الا مر العلي

خیر خلق الله من *** بعد النبیّن علي

و به فاز الموالي *** عن ربّه الهادي النبي

لم یحد عنه *** وعن أبنائه إلا الشقي

16- عن الحسن عليه السلام أن علياً عليه السلام كان يوماً بأرض قفر فرأى دراجاً فقال يا دُراجُ مُنذُ كم أنت في هذه البرّيّةِ و مِن أين مطعمُك ومشربُك فقال يا أمير المؤمنين أنا في هذِهِ البَرِّيَّةِ مُنذُ مِائَةِ سنةٍ إذا جُعتُ أُصلّي عليكم فأشبع وإذا عطشتُ أدعُو على ظالميكُم فأروى .(2)

17- قال علي بن الحسين عليهما السلام: عِباد الله اجعلوا حجّتكُم مقبولةً مبرُورةً وإِيَّاكُم أن تجعلوها مردودة عليكم أقبح الرّة و أن تُصدوا عن جنّةِ الله يوم القيامةِ أقبح الصّدِ أَلا وإن ما محلُّها محل القبولِ ما يقرِنُ بِها مِن مُوالاة محمّد وعلي والهما الطيبين وإنّ ما يُسفّلُها ويرذُها ما يقرِنُ بِها مِنِ اتخاذ الأندادِ مِن دُونِ أَيْمَةِ الحَقِّ ووُلاةِ الصّدقِ علي بن أبي طالب عليه السلام والمنتجبين ممن يختاره من ذُرِّيَّتِهِ و ذَوِيهِ ثُمّ قال قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله طوبى لِلمُوالين عليّاً عليه السلام إيماناً بمحمد و تصديقاً لمقالِهِ كيف يُذكِّرُهُمُ اللهُ بِأشرفِ الذِكرِ مِن فوق عرشِهِ وكيف يُصلّي عليهم ملائكةُ العرشِ و الكرسي و الحجب و السّماواتِ والأرض والهواء وما بين ذلك وما تحتها إلى القرى وكيف يُصلّي عليهم أملاك الغُيُومِ والأمطار وأملاك البراري والبحار و شمس السّماءِ و

ص: 48


1- مدينة معاجز الأئمة 1 : 286 ح 181 و بحار الأنوار 41 : 235 ح 6.
2- الخرائج والجرائح 2 : 560 ح 18 و بحار الأنوار 62 :43 ح 3.

قمرها و نُجُومُها و حصباء الأرضِ ورِمالها وسائِرُ ما يدِبُّ مِن الحيواناتِ فيُسْرِفُ الله تعالى بصلاة كُلِّ واحِدٍ مِنها لديه محالهم و يُعظِمُ عِنده جلالهُم حتى يرِدُوا عليه يوم القيامةِ وقد شُهِرُوا بِكراماتِ اللهِ على رُءُوس الأشهادِ و جُعِلُوا مِن رُفقاء محمد و علي عليه السلام صفي ربّ العالمين والويل للمُعانِدِين علياً كُفراً بِمحمد و تكذيباً بِمقاله وكيف يلعنُهُمُ اللهُ بِأخسّ اللعن من فوق عرشِه وكيف يلعنهم حملة العرش و الكرسي والحُجُبِ والسّماواتِ والأرض والهوى وما بين ذلك وما تحتها إلى القرى وكيف يلعنهم أملاك الغُيُومِ والأمطار وأملاك البراري والبحار و شمسُ السّماءِ وقمرها و نُجُومُها و حصباءُ الأَرضِ ورمالها وسائِرُ ما يدبُّ مِن الحيواناتِ فيُسفّلُ اللهُ بِلعنِ كُلِّ َواحِدٍ مِنهُم لديه محالهم ويُقبِّحُ عِندَهُ أحوالهم حتى يردوا عليه يوم القيامةِ وقد شُهِرُوا بِلعن الله ومقتِهِ على رُءُوسِ الأَشهَادِ وجُعِلُوا مِن رُفقاء إبليس و نمرود و فرعون أعداءِ ربّ العِبادِ وإِن مِن عظيم ما يُتقرَبُ بِهِ خِيارُ أَمْلاكِ الحُجُبِ و السّماواتِ الصلاة على مُحِبّينا أهل البيت واللعن لشانئينا.(1)

18- قال رسول الله صلى الله عليه اله الا أسري بي إلى السّماءِ وصِرتُ أنا و جبرئيل إلى السماء السابعة قال جبرئيل يا محمد هذا موضِعِي ثُمَّ نُخ بِي فِي النُّورِ زخّةً فإذا أنا بملك من ملائِكَةِ الله تعالى في صورة علي عليه السلام اسمه على ساجِدٌ تحت العرش يقُولُ اللّهُمّ اغفِر لِعلي و ذُرِّيَّتِهِ ومُحبّيه وأشياعِهِ وأَتْباعِهِ والعن مُبْغِضِيهِ وأعادِيهُ وحُسّادهُ إِنَّكَ على كُلِّ شيء قَدِيرٌ.(2)

19 - عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إنّ لله بلدةً خلف المغرب يُقال لها: جابلقا، وفي جابلقا سبعون ألف أُمَّةٍ ليس مِنها أُمَّةٌ إِلَّا مِثل هذِهِ الأمة، فما عصوا الله طرفة عين، فما يعملون عملا ولا يقولون قولا إلّا الدُّعاء على الأولين والبراءة منهما، والولاية لأهل بيتِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله.(3)

20 - عن عجلان أبي صالح قال: دخل رجُلٌ على أبي عبد الله عليه السلام فقال لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ هَذِهِ قُبَةُ

ص: 49


1- تفسير الإمام عليه السلام 1 : 617 وبحار الأنوار 65 : 37 ح 79.
2- بحار الأنوار 39 : 97.
3- بصائر الدرجات 490:1 ح 1 ، الوافي 481:26 و بحار الأنوار 30 : 195 ح 58.

آدم عليه السلام قال نعم والله قِبابٌ كثيرة ألا إن خلف مغربكُم هذا تسعة وثلاثون مغرباً أرضاً بيضاء مملوّةً خلقاً يستضيتُون بِنُوره لم يعصُوا الله عزّو جلّ طرفة عين ما يدرون خُلق آدم أم لم يُخلق يبرءون مِن فُلانٍ و فُلانٍ.(1)

21 - عن جابر بن يزيد الجعفي عن الباقر عليه السلام قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام جالساً مع جماعة إذ أقبلت ظبيةٌ من الصحراء حتى وقفت قدامه و حمحمت و ضربت بيديها الأرض، فقال بعضُهم يا ابن رسول الله ! ما شأن هذه الظبية قد أتتك مستأنسة. قال: قال: تذكر أن أبناً ليزيد طلب من أبيه خشفاً ، فأمر بعض الصيادين أن يصيد له خشفاً، فصاد بالأمس خشف هذه الظبية، ولم تكن قد أرضعته، وإنّها تسألُ أن نحمله إليها لترضعه، وتردّه عليه.

فأرسل زين العابدين عليه السلام إلى الصيّاد فأحضره، وقال له: إنّ هذه الظبية تزعم أنك أخذت خشفاً لها، وأنك لم تسقه لبناً مُنذُ أخذته، وقد سألتني أن تتصدق به عليها. فقال يابن رسول الله لستُ أستجرئ على هذا. قال: إنّي أسألك أن تأتي به إليها لترضعه، وتردّه إليك، ففعل الصيّاد. فلَمّا رأته حمحمت و دُمُوعها تجري. فقال زين العابدين عليه السلام للصيّاد: بحقي عليك إلا وهبته لها، فوهبه لها، فانطلقت مع الخشف وهي تقول: أشهد أنك من أهل بيت الرحمة وأن بني أمية من أهل اللعنة.(2)

22 - عن حمادٍ عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنهُ سُئِل الملائِكَةُ أكثر أم بنو آدم فقال والَّذِي نفسِي بِيَدِهِ لملائكةُ اللهِ فِي السّماواتِ أكثرُ مِن عددِ التُّرابِ فِي الأرضِ و ما فِي السّماءِ موضِعُ قدم إِلَّا وَفِيهِ ملك يُسبّحُهُ ويُقدِّسُهُ ولا فِي الأَرْضِ شجرة ولا مدر الّا وفيها ملكٌ مُوكّلٌ بِها يَأْتِي الله كُلّ يوم بِعملها و الله أعلم بها وما مِنهُم أحدٌ إِلَّا ويتقرّبُ كُلّ يوم إلى اللهِ بولايتنا أهل البيت ويستغفِرُ لِمُحِبّينا و يلعن أعداءنا ويسأل الله عزّ و جلّ أن يُرسل عليهم العذاب إرسالا و قولُهُ الَّذِين يحمِلُون العرش يعني رسول الله صلى الله عليه وآله و الأوصياء من بعدِهِ يحمِلُون عِلم الله و من حوله يعني الملائكة يُسبّحُون بحمدِ ربّهم... ويستغفِرُون لِلَّذِين آمَنُوا يعني شيعة آلِ محمّد ربّنا وسعت كُلّ شيء رحمةً و عِلماً فاغفِر لِلَّذِين تابوا من ولاية فُلانٍ وفُلانٍ وبني أُميّة واتَّبَعُوا

ص: 50


1- الكافي 8 : 231 ح 301 ، بحار الأنوار 30 : 195 ح 63 و بصائر الدرجات 1: 493 ح 10.
2- مدينة معاجز الأئمة 4 : 385 ح 1382.

سبيلك أي ولاية ولي الله وقهم عذاب الجحيم إلى قوله الحكيم يعني من تولّى عليّاً عليه السلام فذلك صلاحُهُم وقِهِمُ السَّيِّئاتِ ومن تقِ السيِّئاتِ يومئِذٍ فقد رحمته يعني يوم القيامة وذلك هو الفوز العظيمُ لِمَن نجَاهُ اللَّهُ مِن هؤلاء يعني ولاية فُلانٍ و فُلانٍ.(1)

23 - عن عجلان أبي صالح، قال: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن قُبة آدم، فقُلتُ : هَذِهِ قُبَةُ آدم ؟ . فقال : نعم ، ولله قِبابٌ كثِيرةٌ، أما إن خلف مغربكم هذِهِ تِسعةً وثلاثين مغرِباً أرضاً بيضاء ومملوّةً خلقاً يستضيتُون بِنُورِها لم يعصُوا الله طرفة عين، لا يدرون أخلق الله آدم أم لم يخلقه، يتبرَّءُون مِن .. فُلانٍ وفُلانٍ ، قيل له : كيف هذا يتبرّعُون مِن .. فُلانٍ وفُلانٍ وهم لا يدرون أخلق الله آدم أم لم يخلقه ؟ . فقال للسائل عنه : أتعرف إبليس ؟ . قال : لا ، إلا بالخبر. قال : فأُمرت باللعنة والبراءة منه؟ . قال : نعم . قال : فكذلك أُمِر هؤلاء(2).

24 - عنِ ابنِ عبّاس أنه قال: معاشِر النّاسِ اعلموا أنّ الله تبارك وتعالى خلق خلقاً ليس هُم مِن ذُرِّيَّةِ آدم يلعنون مُبغِضِي أمير المؤمنين عليه السلام فقيل له و من هذا الخلق قال القنابِرُ تَقُولُ فِي السّحرِ اللَّهُم العن مُبغِضِي علي عليه السلام اللّهُمّ أبغض من أبغضه و أحِبّ من أحبّهُ(3).

25 - عن عبدِ الصّمدِ عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعتُهُ يَقُولُ إِنَّ مِن وراء هذه أربعين عين شمس ما بين شمس إلى شمس أربعون عاماً فيها خلق كثير ما يعلمون أنّ الله خلق آدم أو لم يخلقهُ وإِنَّ مِن وراء قمركم هذا أربعين قمراً ما بين قمر إلى قمر مسيرة أربعين يوماً فيها خلق كثِيرٌ ما يعلمون أنّ الله خلق آدم أو لم يخلقه قد أُلهِموا كما أُهِمتِ النّحلُ لعنة الأولِ والثَّانِي فِي كُلِّ وقتٍ مِن الأوقاتِ وقد وكل بهم ملائكة متى ما لم يلعنوهُما عُذِّبوا(4).

26 - قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: إن الله خلق خلقاً لا هُم مِن الجِنِّ ولا مِن الإِنسِ يلعنُون مُبغِض

ص: 51


1- تفسیر القمی 2 : 255 ، بصائر الدرجات 1 : 68 ح 9 ، بحار الأنوار 65 : 78 ح 139 والبرهان في تفسير القرآن 4 : 747 ح9320.
2- بصائر الدرجات 1 : 493 ح 8 و بحار الأنوار 30 : 198 ح 64.
3- علل الشرائع 1 : 143 ح 8 و بحار الأنوار 27 : 262 ح4.
4- بصائر الدرجات 1: 493 ح 9 و بحار الأنوار 27 : 27 : 45 ح 6.

علي عليه السلام قيل يا رسول الله منهم قال القنابِرُ يُنادون في السّحرِ على رءوس الأشجارِ أَلا لعنة الله على مُبغِضِ عليّ بنِ أَبِي طَالِبٍ(1).

27- عن أبان بن تغلب قال: كنتُ عِند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليهِ رجُلٌ مِن أهل اليمن فقال له يا أخا أهل اليمنِ عِندَكُم عُلماء قال نعم قال فما بلغ مِن عِلمِ عالمكم قال يسير في ليلةٍ مسيرة شهرين يزجُرُ الطير و يقفُو الأثر فقال أبو عبد الله عليه السلام عالِم المدينةِ أعلمُ مِن عالمكُم قال فما بلغ مِن عِلمِ عالم المدينة قال يسير في ساعةٍ مِن النّهارِ مسِيرة الشّمس سنةٌ حتى يقطع اثني عشر ألف عالما [ عالم] مثل عالمكم هذا ما يعلمون أن الله خلق آدم ولا إبليس قال فيعرِفُونكم قال نعم ما افترض عليهم إلا ولايتنا و البراءة من عدوّنا(2).

لا يقبل الله إيمان عبد إلّا بالبراءة

1- عنِ الصّادِقِ جعفر بن محمّد عليهما السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله تعالى جعل لأخي علي بن أبي طالب عليه السلام فضائل لا تُحصى كثرةً فمن قرأ فضيلةٌ مِن فَضائِلِهِ مُقِرّاً بِها غفر اللهُ لَهُ ما تقدّم من ذنبه وما تأخّرو من كتب فضيلةٌ مِن فضائِلِهِ لم تزل الملائكة يستغفرون له ما بقي لتلك الكتابة رسم و من استمع إلى فضيلة من فضائله غفر الله لهُ الذُنُوب التي اكتسبها بِالسّمع ومن نظر إلى كتابة من فضائِلِهِ غفر الله له الذُنُوب التي اكتسبها بالنظرِثُم قال النظر إلى علي بن أبي طالب علیه السلام عِبادةٌ ولا يقبلُ الله إيمان عبد إلّا بولايته والبراءةِ مِن أعدائه.(3)

فضل اللعن في الخلوات

1- قال جعفر بن محمّد الصّادِقُ عليه السلام في حديث .... فقال له رجُلٌ : يا ابن رسُولِ اللَّهِ إِنِّي عاجز يبدني عن نُصرتكُم ولستُ أملِكُ إلّا البراءة من أعدائِكُم واللعن عليهم، فكيف حالي؟ فقال الصادِقُ عليه السلام : حدثني أبي عن أبيه عن جده عن رسُولِ اللهِ صلواتُ اللهِ

ص: 52


1- بحار الأنوار 39 : 251 ح 17.
2- الخرائج والجرائح 2 : 781 ح 105 ، الإختصاص : 319 ، بحار الأنوار 25 : 369 ح 14 و البرهان في تفسير القرآن 3 :682 6759.
3- إثبات الهداة 3 : 262 ح 254 وبحار الأنوار 26 : 229 ح 10.

عليهم أنه قال : من ضعف عن نُصرتنا أهل البيت فلعن في خلواته أعداءنا بلغ الله صوته جميع الأملاكِ مِن القرى إلى العرش، فكُلّما لعن هذا الرّجُلُ أعداء نا لعناً ساعدوه ولعنوا من يلعنُهُ ثُمَّ ثنوا، فقالُوا : اللّهُمّ صلّ على عبدك هذا الذي قد بذل ما في وسعه ولو قدر على أكثر منه لفعل، فإذا الرِّداءُ مِن قِبل الله عزّوجلّ : قد أجبتُ دُعاءكم وسمعتُ نِداءكم، وصلّيتُ على رُوحِهِ في الأرواح، و جعلتُهُ عِندِي مِن المصطفين الأخيار.(1)

اللعن مكتوب على باب الجنة

1- عن موسى بن جعفر، عن ابيه، عن جده عن الحسين بن علي عليهم السلام قال : قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أُدخلت الجنة فرأيتُ على بابها مكتوباً بالذهبِ لا إله إلا الله محمّدٌ حَبِيبُ اللهِ عَلِيٌّ ولِيُّ اللهِ فاطِمةُ أمةُ اللهِ الحسن والحسينُ صفوةُ اللهِ على مُبْغِضِيهِم لعنةُ اللهِ.(2)

2 - عن إبن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لَمَّا عُرج بي إلى السماء رأيتُ على باب الجنة مكتوباً لا إله الا الله محمد رسول الله علي حبيب الله الحسن والحسين صفوة الله فاطمة أمةُ الله على باغِضِيهم لعنةُ اللهِ.(3)

البراءة من أعداء الله واجبة

1- قال الصادق عليه السلام : ... حُبُّ أَولِياءِ اللهِ واجب والولاية لهم واجبة و البراءة من أعدائهم واجبة و من الذين ظلموا آل محمّد صلّى الله عليهم وهتكوا حِجابهُ وأخذُوا مِن فاطمة عليها السلام فدك و منعُوها ميراثها و غصبوها و زوجها حُقُوقهما وهموا بإحراق بيتها وأسَسُوا الظلم وغيّروا سُنّة رسُولِ الله صلى الله عليه وآله و البراءةُ مِن الناكثين والقاسطين والمارقين واجبة والبراءة من الأنصابِ و

ص: 53


1- تفسير الإمام عليه السلام : 47 ح 21 و بحار الأنوار 30 : 5.
2- كنز الفوائد : 63 ، إثبات الهداة 3 : 376 - 126 ، مائة منقبة : 87 م 54 ، بحار الأنوار 8 : 191 ح 167 و مدينة معاجز الأئمة 2 : 354 ح 597.
3- الصراط المستقيم 1 : 248 ، مدينة معاجز الأئمة 30:4 ح 1064 و بحار الأنوار 303:43.

الأزلام أيْمَةِ الضَّلالِ وقادة الجورِ كُلِهِم أوهم و آخِرِهِم واجِبةٌ والبراءة من أشقى الأولين والآخِرِين شقيق عاقر ناقة ثمود قاتل أميرالمؤمنين عليه السلام واجبةٌ و البراءةُ مِن جميع قتلة أهل البيت عليهم السلام واجبة.(1)

2- قال الرضا عليه السلام في بيان محض الإيمان ... و حُبُّ أولياء الله عزّ و جلّ واجِب وكذلك بعْضُ أعداءِ اللهِ والبراءةُ مِنهُم و مِن أيتهم ... و البراءةُ مِن الذين ظلموا آل محمّد عليهم السلام و هموا بإخراجهم وسنُّوا ظلمهُم و غيّرُوا سُنّة نبيهم صلى الله عليه وآله و البراءة من الناكثين والقاسطين و المارقين الَّذِين هتكُوا حِجاب رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و نكثوا بيعة إمامهم و أخرجوا المرأة وحاربوا أمير المؤمنين عليه السلام وقتلُوا الشّيعة رحمة الله عليهم واجبةٌ و البراءة ممن نفي الأخيار و شردهم و آوى الظرداء اللعناء وجعل الأموال دولةً بين الأغنياء واستعمل السُّفهاء مثل مُعاوية وعمرِو بنِ العاص لعيني رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و البراءة من أشياعِهِمُ الَّذِين حاربوا أميرالمؤمنين عليه السلام و قتلوا الأنصار والمهاجرين وأهل الفضل والصلاح من السابقين و البراءة من أهل الإستئثار و مِن أبِي مُوسى الأشعرِيّ وأهلِ ولايَتِهِ الَّذِين ضل سعيهم في الحياةِ الدُّنيا وهُم يحسبون أنهم يُحسِنُون صُنعاً أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ ربّهم بولاية أميرالمؤمنين و لِقائِهِ عليه السلام كفرُوا بِأن لقُوا الله بِغيرِ إِمامتِهِ فحيطت أعمالهم فلا نُقِيمُ لهم يوم القيامةِ وزناً فهُم كِلابُ أهلِ النَّارِ و البراءة من الأنصابِ والأزلام أئِمَّةِ الضَّلالِ وقادة الجورِ كُلِهِم أَولِهِم وآخِرِهم والبراءةُ مِن أشباه عاقِرِي الناقة أشقياء الأولين و الآخِرِين وممن يتولّاهُم ...(2)

طوبى للمتبرئ عن أعداء الله

1 - عن يُونُس بنِ عبدِ الرّحمنِ قال: دخلتُ على موسى بن جعفر عليهما السلام فقُلتُ لهُ يا ابن رسُولِ اللهِ أنت القائم بالحقِّ فقال أنا القائم بالحقِّ و لكن القائم الَّذِي يُطهِّرُ الأرض مِن أعداء الله عزّوجلّ و يملؤها عدلا كما ملئت جوراً وظلماً هو الخامِسُ مِن وُلدِي له غيبة يطول أمدها خوفاً على نفسِهِ يرتد فيها أقوام و يثبُتُ فِيها آخرون ثُمّ قال عليه السلام طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في

ص: 54


1- الخصال : 607 ، بحار الأنوار 10 : 226 و 27 : 52 ح 3.
2- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 124 و بحار الأنوار 10 : 356.

غيبة قائمنا الثابتين على موالاتنا والبراءةِ مِن أعدائنا أُولئِكَ مِنّا و نحنُ مِنهم قد رضوا بِنا أَئِمَّةً ورضينا بهم شِيعةً فطوبى لهُم ثُمّ طُوبى لهم وهم والله معنا في درجاتنا يوم القيامة.(1)

2 - عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي و هو يأتمُّ بِهِ في غيبته قبل قيامه ويتولّى أولياءه ويُعادِي أعداءه ذاك مِن رُفقائي و ذوي مودّتي وأكرم أُمَّتِي عليّ يوم القيامة.(2)

3 - قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهُو مُقتدٍ بِهِ قبل قِيامِهِ يَأْتُم بِهِ وَبِأَئِمَّةِ الهدى مِن قبلِهِ ويبرأُ إِلى اللهِ مِن عَدُوِّهِم أُولئِكَ رُفقائي وأكرمُ أُمَّتِي عليّ.(3)

البراءة من شرائط الأخوة

1- قال الإمام العسكري عليه السلام : فقِيل لِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فمن يستحق الزكاة قال: المستضعفون من شيعةِ محمّدٍ وآلِهِ الَّذِين لم تقو بصائِرُهُم . فأما من قويت بصيرتُهُ، وحسنت بالولاية لأوليائِهِ و البراءة من أعدائه معرفته، فذاك أخوكم في الدين، أمس بِكُم رحماً مِن الآباء والأمهات المخالفين.(4)

أعتق الإمام الصادق عليه السلام غلامه بشرط البراءة

1- عَن مُحَمَّدِ بنِ سِنَانٍ عَن غُلَامٍ أَعتَقَهُ أَبو عبدِ اللهِ عليه السلام: هَذَا مَا أَعتَقَ جَعْفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ أَعتَقَ غُلَامَهُ السِّندِيَّ فُلَاناً عَلَى أَنَّهُ يَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبدُهُ وَ رَسُولُهُ وَ أَنَّ البَعَثَ حَقٌّ وَ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَ أَنَّ النَّارَحَقٌّ وَ عَلَى أَنَّهُ يُوَالِي أَولِيَاءَ اللَّهِ وَيَتَبَرَّأُ مِن

ص: 55


1- كمال الدين وتمام النعمة 2 : 361 ح 5 ، إعلام الورى 2 : 240 ، إثبات الهداة 5 : 92 ح 167 و بحار الأنوار 51 : 151 ح 6.
2- الغيبة للطوسي: 456 كمال الدين وتمام النعمة 1: 286 ح 2 ، إثبات الهداة 755 ح 103 و بحار الأنوار 51: 72 ح 14.
3- كمال الدين وتمام النعمة 1 : 286 3 ، بحار الأنوار 51 :72 ح 15.
4- تفسير الإمام عليه السلام : 79 ح 40 والمحجة البيضاء 93:2.

أَعدَاءِ اللَّهِ وَيُحِلُّ حَلَالَ اللَّهِ وَيُحَرِّمُ حَرَامَ اللَّهِ وَ يُؤْمِنُ بِرُسُلِ اللَّهِ وَيُقِرُّ بِمَا جَاءَ مِن عِندِ اللَّهِ أَعتَقَهُ لِوَجهِ اللهِ لَا يُرِيدُ بِهِ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً وَ لَيسَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ سَبِيلٌ إِلَّا بِخَيْرٍ شَهِدَ فُلَانٌ .(1)

2 - عَن إِبْرَاهِيمَ بنِ أَبِي البِلَادِ قَالَ: قَرَأْتُ عِتَقَ أَبِي عبدِ اللهِ عليه السلام فَإِذَا هُوَ شَرِحُهُ هَذَا مَا أَعتَقَ جَعفَرُ بنُ مُحَمَّدٍ أَعتَقَ فُلاناً غُلَامَهُ لِوَجهِ اللهِ لَا يُرِيدُ بِهِ جَزاءً وَ لا شُكُوراً عَلَى أَن يُقِيمَ الصَّلَاةَ وَ يُوْتِيَ الزَّكَاةَ وَ يَحُجَّ البَيتَ وَيَصُومَ شَهِرَ رَمَضَانَ وَيَتَوَلَّى أَولِيَاءَ اللَّهِ وَيَتَبَرَّأَ مِن أَعدَاءِ اللَّهِ شَهِدَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ ثَلَاثَةٌ .(2)

عناية الإمام المهدي عليه السلام بالمتبرئ

1- حكى العلامة المجلسي رحمه الله في البحار عن كتاب (السلطان المفرج عن أهل الإيمان) تأليف العالم الكامل السيد علي بن عبد الحميد النيلي النجفي انه قال عند ذكر من رأى القائم عليه السلام : فمن ذلك ما اشتهر و ذاع وملأ البقاع وشهد بِالعِيانِ أبناء الزمانِ وهُو قِصَّةُ أبو [أبي] راجح الحمّامِيّ بِالحِلةِ وقد حكى ذلك جماعةٌ من الأعيانِ الأَمائِلِ وأهلِ الصِّدقِ الأفاضل مِنهُمُ الشّيخُ الزّاهِدُ العابِدُ المحقِّق شمسُ الدِّينِ مُحمّدُ بنُ قارُون سلّمه الله تعالى قال كان الحاكِمُ بِالحِلةِ شخصاً يُدعى مرجان الصغير فرُفِع إليه أن أبا راجح هذا يسب الصحابة فأحضره وأمر بِضربه فضُرب ضرباً شديداً مُهلِكاً على جَمِيعِ بدنِهِ حَتَّى إِنَّهُ ضُرِب على وجهِهِ فسقطت ثناياه و أخرج لِسانه فجعل فِيهِ مِسلَّةً مِن الحديد و خرق أنفه و وضع فِيهِ شركةً مِن الشعرو شدّ فيها حبلا وسلّمه إلى جماعةٍ مِن أصحابِهِ وأمرهم أن يَدُورُوا بِهِ أزقة الحِلَّةِ والضَّرْبُ يَأْخُذُ مِن جَمِيعِ جوانِبِهِ حتى سقط إلى الأرضِ وعاين الهلاك فأُخبر الحاكِمُ بِذلِك فأمر بقتله فقال الحاضِرُونَ إِنَّهُ شيخٌ كَبِيرٌ وقد حصل له ما يكفِيهِ وهُو ميتُ لِما بِهِ فاترُكَهُ وهُو يموتُ حتف أنفِهِ ولا تتقلّد بِدمِهِ وبالغُوا فِي ذلك حتى أمر بتخليته وقد انتفخ وجهُهُ ولِسانُهُ فنقلهُ أهلُهُ في الموتِ ولم يشك أحدٌ أَنَّهُ يَمُوتُ مِن ليلتِهِ فَلَمّا كان مِن الغدِ غدا عليهِ النَّاسُ فإذا هو قائمٌ يُصلّي على أتم حاله وقد عادت ثناياه التي سقطت كما كانت و اندملت جِراحاتُهُ ولم يبق لها أثر و الشَّجَةُ قد

ص: 56


1- 1. الكافي 6: 181
2- 2. الكافي 6: 182

زالت من وجهه فعجب النَّاسُ من حالِهِ وساءلُوهُ عن أمرِه فقال إنّي لَمَّا عاينتُ الموت ولم يبق لِي لِسانٌ أسأل الله تعالى بِهِ فكنتُ أسأله بقلبي واستغثتُ إلى سيدي ومولاي صاحِبِ الزمانِ عليه السلام فَلَمّا جنّ علي الليلُ فإِذا بِالدّارِ قد امتلأت نُوراً وإذا بمولاي صاحِبِ الزمانِ قد أمريده الشريفة على وجهي وقال لي اخرُج وكُدّ على عيالك فقد عافاك الله تعالى فأصبحتُ كما ترون وحكى الشّيخُ شمسُ الدِّينِ محمّد بن قارون المذكور قال و أُقسِمُ بِاللهِ تعالى أن هذا أبو راجح كان ضعيفاً جداً ضعيف التركيب أصفر اللون شين الوجهِ مُقرّض اللّحيةِ وكُنتُ دائِماً أدخُلُ الحمام الَّذِي هُو فِيهِ وكُنتُ دائِماً أراه على هذه الحالة وهذا الشكلِ فَلَمّا أصبحتُ كُنتُ ممن دخل عليهِ فرأيتُهُ وقد اشتدّت قُوتُه وانتصبت قامته وطالت لحيتُهُ واحمر وجهه وعاد كأنهُ ابنُ عِشرِين سنةً ولم يزل على ذلك حتى أدركته الوفاة و لما شاع هذا الخبر و ذاع طلبه الحاكم وأحضره عِنده وقد كان رآهُ بِالأمس على تلك الحالة وهو الآن على ضِدّها كما وصفناه ولم ير بجراحاتِهِ أثراً و ثناياه قد عادت فداخل الحاكم في ذلك رُعب عظيم و كان يجلس في مقام الإمام عليه السلام في الحِلةِ ويُعطِي ظهره القبلة الشريفة فصار بعد ذلك يجلس و يستقبلها و عاد يتلطفُ بِأهلِ الحِلَّةِ ويتجاوز عن مُسِينِهِم ويُحسِنُ إِلى مُحسِنِهِم ولم ينفعه ذلِك بل لم يلبث في ذلك إلا قليلا حتى مات(1).

البراءة من شرائط الدين والإيمان

1- عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال ذات يوم: ألا أُخبِركم بما لا يقبلُ اللهُ عزّ و جلّ مِن العِبادِ عملا إِلَّا بِهِ فقُلتُ بلى فقال شهادة أن لا إله إلّا الله وأن محمداً عبده ورسوله و الإقرارُبما أمر الله والولاية لنا و البراءة من أعدائنا يعني الأئمة خاصةً والتسليم لهم والورع والإجتهاد و الطمأنينةُ والإنتظار للقائم عليه السلام ثُم قال إن لنا دولةً يجيء اللهُ بِها إِذا شاء ثُمَّ قال من سره أن يكون من أصحابِ القائم فلينتظرو ليعمل بالورع و محاسن الأخلاقِ وهو مُنتظِر فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه فجدُّوا و انتظروا هنيئاً لكُم أيتها العصابة المرحومة(2).

ص: 57


1- بحار الأنوار 52 :70 ح 55.
2- الغيبة للنعماني: 200 ح 16 ، إثبات الهداة 5 : 159 ح 487 و بحار الأنوار 52 : 140 ح 50.

2 - عن عبدِ الرّحمنِ بنِ كَثِيرِ قال: حججت مع أبي عبد الله عليه السلام فإنّي معه في بعض الطريقِ إِذ صعد على جبل فنظر إلى النّاس فقال ما أكثر الضّجيج فقال له داودُ بنُ كَثِيرِ الرقي يابن رسولِ اللهِ هل يستجِيبُ الله دعاء الجمع الذي أرى فقال ويحك يا أبا سليمان ﴿إِنَّ الله لا يغفِرُ أَن يُشرك به﴾(1) إن الجاحد لولاية علي عليه السلام كعابِدِ وثن فقُلتُ لهُ جُعِلتُ فِداك هل تعرِفُون مُحِبيكُم مِن مُبغِضِيكم فقال ويحك يا أبا سُليمان إنّهُ ليس مِن عبدٍ يُولدُ إلّا كُتِب بين عينيهِ مُؤْمِنٌ أَو كَافِرُو إنّ الرّجُل ليدخُلُ إِلينا يَتولّانا ويَتبرأُ من عدونا فيرى مكتوباً بين عينيهِ مُؤْمِنٌ قال الله عزّ و جل ﴿إن في ذلك لآياتٍ لِلمُتوسّمِين﴾(2) فنحنُ نعرفُ عدُوّنا مِن وَلِيّنا(3).

3 - عن أبي عبد الله عليه السلام أنه دخل عليه بعضُ أصحابِهِ فقال لهُ جُعِلتُ فِدَاكَ إِنِّي وَاللَّهِ أُحِبُّكَ و أُحِبُّ من يُحِبُّك يا سيدي ما أكثر شيعتكُم فقال له أُذكرهم فقال كثِيرٌ فقال تُحصِيهِم فقال هُم أكثر من ذلك فقال أبو عبدِ اللهِ عليه السلام أما لو كمُلتِ العِدّةُ الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الَّذِي تُرِيدون ولكن شيعتنا من لا يعدو صوتُهُ سمعه ولا شحناؤُهُ بدنه ولا يمدحُ بِنا مُعلناً ولا يُخاصِمُ بِنا قالِياً ولا يُجالِسُ لنا عائِباً ولا يُحدِث لنا ثالِباً ولا يُحِبُّ لنا مُبغِضاً ولا يُبغِضُ لنا مُحِبّاً فقُلتُ فكيف أصنعُ بِهذِهِ الشّيعة المختلفةِ الَّذِين يَقُولُون إنهم يتشيّعُون فقال فِيهِمُ التَّمْيِيزُو فِيهِمُ التمحِيصُ وفِيهِمُ التَّبْدِيلُ يأتي عليهِم سِنُون تُفنِيهِم وسيف يقتُلُهُم واختِلافُ يُبدِّدُهُم إِنّا شيعتنا من لا يهر هرِير الكلب ولا يطمع طمع الغُرابِ ولايسألُ النّاس بِكَفِّهِ وإن مات جُوعاً قُلتُ جُعِلتُ فداك فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة فقال اطلبهم في أطرافِ الأَرْضِ أُولئِكَ الخفيضُ عيشهم المنتقِلةُ دارُهم الذين إن شهِدُوا لم يُعرفُوا و إن غابوا لم يفتقدوا و إن مرِضُوا لم يُعادوا و إن خطبوا لم يُزوّجُوا و إن ماتوا لم يُشهدُوا أُولئِكَ الَّذِين في أموالهم يتواسون و في قبورهم يتزاورون ولا تختلفُ أهواؤهم و إن اختلفت بهم البلدان.(4)

ص: 58


1- النساء : 48.
2- الحجر : 75.
3- الإختصاص : 303.
4- الغيبة للنعماني : 203 ح 4 ، مشكاة الأنوار : 125 و بحار الأنوار 65 : 164 ح 16.

4- عن موسى بن جعفر عن أبيه عليهم السلام قال: دعا رسُولُ الله صلى الله عليه وآله أباذرو سلمان و المقداد فقال لهم تعرِفُون شرائع الإسلام وشروطه قالوا نعرِفُ ما عرفنا الله ورسوله فقال هِي و اللهِ أَكثرُ مِن أَن تُحصى أشهدوني على أنفسِكُم وكفى بالله شهيداً وملائكته عليكم شهودٌ بِشهادة أن لا إله إلّا اللهُ مُخلِصاً لا شريك لهُ فِي سُلطانِهِ ولا نظير لهُ فِي مُلكِهِ وأنّي رسولُ اللهِ بعثني بالحق وأن القرآن إمام من الله وحكم عدل وأنّ القبلة قبلتي شطر المسجِدِ الحرامِ لكم قبلةٌ وأن علي بن أبي طالب عليه السلام وصِيُّ محمّد و أمير المؤمِنِين ومولاهم و أنّ حقهُ مِن الله مفروض واجب وطاعته طاعة الله و رسُولِهِ والأَئِمَّةِ مِن وُلدِهِ وأن مودّة أهل بيتي مفروضةٌ واجِبةٌ على كُلِّ مُؤْمِن و مُؤمِنَةٍ مع إقامةِ الصلاة لوقتها وإخراج الزكاةِ مِن حِلّها ووضعها في أهلها وإخراج الخُمُسِ مِن كُلّ ما يملكُهُ أحدٌ مِن النّاسِ حتى يرفعه إلى ولي المؤمنين و أمِيرِهِم وبعده إلى وُلدِهِ فمن عجز و لم يقدر إلا على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضُّعفاءِ مِن أهلِ بيتِي مِن وُلدِ الأَيْمَةِ فإِن لم يقدِر فَلِشِيعَتِهِم مِمن لا يَأْكُلُ بهِمُ النَّاسُ ولا يُرِيدُ بِهم إلا الله و ما وجب عليهم من حق والعدل في الرّعيّة والقسم بالسوية و القولِ بِالحَقِّ و أن يحكُم بِالكِتابِ على ما عمل عليهِ أمير المؤمنين عليه السلام و بالفرائض على كِتابِ الله وأحكامِهِ وإطعام الطعامِ على حُبّهِ و حجّ البيت و الجهاد في سبيل الله وصوم شهر رمضان و غُسل الجنابة والوضوء الكامل على اليدين والوجه و الذراعين إلى المرافق والمسح على الرأس و القدمينِ إِلى الكعبينِ لا على خُفِّ ولا على خمارِ ولا على عِمامة والحُبّ لا هل بيتِي فِي اللهِ وحُبّ شِيعَتِهِم هُم والبُغضِ لأعدائِهِم وبُغض من والاهم والعداوةِ فِي اللهِ وله والإيمان بالقدر خيره وشره و حلوه و مُره و على أن يُحلّلوا حلال القرآنِ ويُحرِّمُوا حرامه و يعملُوا بِالأحكام و يردُّوا المتشابه إلى أهله فمن عمي عليهِ مِن عِلمِهِ شيءٌ لم يكُن علِمهُ مِنّي ولا سمعه فعليه بعلي بن أبي طالب عليه السلام فإنّه قد علم كما قد علمتُهُ ظاهرة وباطنه و مُحكمهُ ومُتشابهه وهُويُقاتِلُ على تأويله كما قاتلتُ على تنزِيلِهِ و مُوالاةِ أَولِياءِ اللهِ محمّد و ذُرِّيَّتِه الأئِمَّةِ خاصةً ويتوالى من والاهم و شايعهم والبراءة و العداوة لمن عاداهُم وشاقهم كعداوةِ الشَّيطانِ الرّجِيمِ والبراءةِ مِمن شايعهم وتابعهُم والإستقامة على طريقة الإمام واعلموا أني لا أُقدّمُ على علي أحداً فمن تقدمه فهو ظالم والبيعةُ بعدِي لغيره ضلالة وفلتةٌ وذِلَّةٌ الأولِ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الثَّالِثِ وويلٌ لِلرّابِعِ ثُمَّ الوِيلُ لَهُ وويلٌ له ولأَبِيهِ مَع ويلٍ لمن كان قبله وويل لهما و لأصحابهما لا غَفَر الله

ص: 59

لهما فهذِهِ شُرُوطُ الإِسلام وما بقي أكثر قالوا سمعنا وأطعنا وقبلنا وصدّقنا ونقُولُ مِثل ذلك ونشهد لك على أنفُسِنا بالرضا بِهِ أبداً حتى نقدم عليك آمنا بِسِرهم و علانيتهم ورضينا بهم أمةً و هُداةً وموالي قال و أنا معكم شهِيدٌ ثُمّ قال نعم و تشهدون أن الجنّة حقٌّ وهِي مُحرّمةٌ على الخلائِقِ حتى أدخُلها قالوا نعم قال وتشهدون أن النار حق وهِي مُحرّمةٌ على الكافِرِين حتى يدخلها أعداءُ أهل بيتي والنّاصِبون لهم حرباً و عداوةً ولا عِنهم و مُبغِضُهُم وقاتِلُهُم كمن لعنني أو أبغضني أو قاتلني وهُم فِي النَّارِ قالُوا شهدنا و على ذلك أقررنا قال و تشهدون أن عليّاً صاحِبُ حوضي والدّائِدُ عنه وهو قسِيمُ النّارِ يقولُ ذلِك لك فاقبضه ذمِيماً و هذا لي فلا تقربنّهُ فينجُو سليماً قالوا شهدنا على ذلِك ونُؤْمِنُ بِهِ قال وأنا على ذلك شهيد.(1)

5- عن أبي جعفر عليه السلام قال: عشرة من لقي الله بهنّ دخل الجنّة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسُولُ اللهِ والإقرارُ بِما جاء بِهِ مِن عِندِ الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان و حِج البيتِ والولايةُ لأولياء الله والبراءةُ مِن أعداءِ اللهِ واجتِنابُ كُلّ مُسكِر.(2)

6 - عن أبي الجارُودِ قال: قُلتُ لأبي جعفر عليه السلام: إِنِّي امرو ضرير البصرِ كبِيرُ السّنِ والشُّقَّةُ فيما بيني وبينكم بعيدة وأنا أُرِيدُ أمراً أدينُ الله بِهِ وأحتج بِهِ وأتمسَكُ بِهِ وَأُبَلِّغُهُ مَن خَلْفتُ قال فأعجب بقولي و و استوى جالساً فقال كيف قُلت يا أبا الجارودِ رُدّ عليّ قال فرددت عليه فقال نعم يا أبا الجارُودِ شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمداً عبده ورسولُهُ وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان و حِج البيت وولاية ولينا و عداوة عدوّنا والتسليم لأمرنا و انتظار قائمنا و الورع والإجتهاد(3).

7 - عن إسماعيل الجعفي قال: سألتُ أبا جعفر علیه السلام عنِ الدِّينِ الَّذِي لا يسعُ العِباد جهلُهُ فقال الدين واسع و لكن الخوارج ضيقُوا على أنفُسِهِم مِن جهلِهِم قُلتُ جُعِلتُ فِداك فَأُحدِثك بديني الَّذِي أنا عليه فقال بلى فقُلتُ أشهدُ أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله و

ص: 60


1- بحار الأنوار 22 : 315 ح 1.
2- المحاسن 1 : 13 ح 38 ، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال : 14 و بشارة المصطفى : 413 ح13.
3- بحار الأنوار 66 : 13ح 14 ومستدرك الوسائل 1 : 72 ح 10.

الإقرار بما جاء مِن عِندِ اللهِ وأتولّاكم و أبرأُ مِن عدوّكُم و من ركب رقابكُم وتأمر عليكُم و ظلمكُم حقكم فقال ما جهلت شيئاً هُو واللهِ الَّذِي نحنُ عليهِ قُلتُ فهل سلم أحدٌ لا يعرِفُ هذا الأمر فقال لا ، إلّا المستضعفين قُلتُ من هم قال نِساؤكم وأولادكم ثم قال أرأيت أُمّ أيمن فإِنِّي أشهدُ أنّها مِن أهلِ الجنَّةِ و ما كانت تعرف ما أنتم عليه.(1)

8 - عن محمدِ بنِ فُلانِ الرّافِعي {الواقفِي} قال: كان لي ابن عمّ يُقالُ لَهُ الحسن بنُ عبدِ اللهِ كان زاهِداً و كان مِن أعبدِ أهل زمانِهِ وكان يَتَّقِيهِ السُّلطانُ لِجِدِهِ فِي الدِّينِ وَاجِتِهادِهِ وَرُبَّما استَقبَلَ السلطانَ بِكلامِ صَعِبٍ يَعِظُهُ وَيَأْمُرُهُ بِالمعرُوفِ وينهاه عن المنكرو كان السلطانُ يحتمِلُهُ لِصلاحِهِ و لم تزل هذه حالته حتى كان يوم من الأيامِ إِذ دخل عليهِ أبو الحسن موسى عليه السلام وهو في المسجِدِ فرآه فأومأ إليه فأتاه فقال له يا أبا علي ما أحبّ إليَّ ما أنت فيه وأسرني إلا أنه ليست لك معرِفةٌ فاطلب المعرفة قال جُعِلتُ فداك و ما المعرفة قال اذهب فتفقه واطلب الحديث قال عمن قال عن فقهاء أهل المدينةِ ثُمَّ اعرض علي الحديث قال فذهب فكتب ثُمّ جاءه فقرأهُ عليهِ فأسقطهُ كُلَّهُ ثُمَّ قال له اذهب فاعرِفِ المعرفة و كان الرّجُلُ معنيّاً بِدِينِهِ فلم يزل يترصد أبا الحسن عليه السلام حتى خرج إلى ضيعةٍ له فلقيهُ فِي الطَّرِيقِ فقال لهُ جُعِلتُ فِداك إِنِّي أحتج عليك بين يدي الله فدلّني على المعرفة قال فأخبره بأمير المؤمنين عليه السلام و ما كان بعد رسول الله صلى الله عليه وآله و أخبرهُ بِأَمرِ الرّجُلينِ أبي بكر وعُمر فقبل مِنهُ ثُمّ قال له فمن كان بعد أمير المؤمِنين عليه السلام قال الحسن عليه السلام ثُمّ الحسين عليه السلام حتى انتهى إلى نفسِهِ ثُمَّ سكت قال فقال لهُ جُعِلتُ فِداك فمن هو اليوم قال إن أخبرتك تقبل قال بلى جُعِلتُ فِداك قال أنا هو قال فشيء أستدِلُّ بِهِ قال اذهب إلى تلك الشجرة و أشار بيده إلى أُمّ غيلان فقُل لها يقُولُ لكِ مُوسى بن جعفر أقبلي قال فأتيتُها فرأيتُها والله تخدُّ الأرض خدّاً حتى وقفت بين يديه ثم أشار إليها فرجعت قال فأقربِهِ ثُم لزم الصمت والعبادة فكان لا يراه أحد يتكلّمُ بعد ذلك.(2)

ص: 61


1- الكافي 2 : 405 ح 6 والبرهان في تفسير القرآن 2 : 156 ح 2674.
2- الكافي 1 : 352 ح 8 ، الإرشاد 2 : 223 ، إعلام الورى 2 : 18 ، بصائر الدرجات : 254 ح 6 ، وسائل الشيعة 20 : 86 ح 33278 وبحار الأنوار 52:48 ح 48.

9- عن أبان بن تغلب قال سمِعتُ أبا عبدِ اللهِ عليه السلام يقُولُ قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله من أراد أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخُل جنّة عدنٍ الَّتِي غرسها الله ربّي بِيدِهِ فليتول علي بن أبي طالب و ليتولّ ولِيّه وليُعادِ عدُوهُ وليُسلّم لِلأوصياء مِن بعدِهِ فإنّهُم عِترتي مِن الحَمِي ودمي أعطاهمُ اللهُ فهمي وعلمي إلى الله أشكو أمر أُمَّتِي المنكرين لفضلِهِم القاطِعِين فِيهِم صِلتي وايمُ اللهِ ليقتُلُن ابني لا أنا لهُمُ اللهُ شفاعتي.(1)

10- عن هشام بن عجلان قال قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام : أَسألُك عَن شيءٍ لا أسأل عنه أحداً بعدك ، أسألك عن الإيمان الذي لا يسعُ النّاس جهله، فقال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسُولُ الله والإقرار بما جاء مِن عِندِ اللهِ وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم شهر رمضان والولاية لنا والبراءة من عدوّنا وتكون مع الصديقين(2).

11 - عن أبي الجارود قال: قُلتُ لأبي جعفر عليه السلام يا ابن رسول الله هل تعرف مودتي لكُم و انقطاعِي إِليكُم و مُوالاتي إياكُم قال فقال نعم قال فقُلتُ فإِنِّي أسألُك مسألةً تُجِيبُنِي فِيها فَإِنِّي مكفوف البصر قليل المشي. لا أستطيعُ زِيارتكُم كُلّ حِينٍ قال هات حاجتك قُلتُ أخبرني بدينك الَّذِي تَدِينُ الله عزّو جلّ بِهِ أنت و أهل بيتك لأدين الله عزّ و جلّ بِهِ قال إِن كُنت أقصرت الخطبة فقد أعظمت المسألة والله لأعطينك دِينِي و دِين آبائي الَّذِي نَدِينُ الله عزّو جلّ بِهِ شهادة أن لا إله إلَّا الله وأن محمّداً رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله و الإقرار بما جاء مِن عِندِ الله والولاية لولينا و البراءة من عدُوّنا و التسليم لأمرنا و انتظار قائمنا و الإجتهاد و الورع(3).

12 - عنِ الرّضا عليه السلام أنّه قال: كمالُ الدِّينِ ولايتنا و البراءةُ مِن عدُوّنا ثُمّ قال الصفواني واعلم أنه لا يتم الولاية ولا تخلص المحبّة ولا تثبتُ المودة لآلِ محمد إلّا بالبراءةِ مِن عدوّهم قريباً كان أو بعِيداً فلا تأخُذك بِهِ رأفةٌ فإنّ الله عزّ و جلّ يقُولُ ﴿لا تجِدُ قوماً يُؤْمِنُون بِاللَّهِ واليَومِ الْآخِرِيُوادُّون من حاد الله ورسوله ولو كانُوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم﴾(4) الآية .(5)

ص: 62


1- الكافي 1 : 209 ح 5 ، بصائر الدرجات : 49 5 و بحار الأنوار 23 : 138 ح83.
2- تفسير العياشي 2 : 117 ح 157 و بحار الأنوار 66 : 5 ح 6
3- الكافي 2 : 21 ح 10 ، إرشاد القلوب 2 : 5 و بحار الأنوار 66 : 14 ح 15.
4- المجادلة : 22.
5- السرائر 3 : 640 و بحار الأنوار 27 : 57 ح 19.

13- قال أبو جعفر عليه السلام يا أبا حمزة إِنّما يعبُدُ الله من عرف الله و أمّا من لا يعرِفُ الله كأنّما يعبُدُ غيره هكذا ضالاً قُلتُ أصلحك الله و ما معرفةُ اللهِ قال يُصدِّقُ الله ويُصدِّقُ محمّداً رسول الله صلى الله عليه واله في موالاة على والإنتمامِ بِهِ وبأية الهدى من بعده و البراءة إلى الله من عدوهم و كذلِك عِرفانُ اللهِ قالَ قُلتُ أصلحك الله أي شيء إذا عملتُهُ أنا استكملت حقيقة الإيمان قال تُوالي أولياء الله وتُعادِي أعداء الله وتكُونُ مع الصّادِقِين كما أمرك الله قال قُلتُ و من أَولِياءُ اللهِ فقال أولياء الله محمّد رسُولُ الله وعلي والحسن والحسين و علي بن الحسينِ ثُمَّ انتهى الأمرُ إِلينا ثُمَّ ابنِي جعفر و أوماً إلى جعفر و هو جالس فمن والى هؤلاء فقد والى أولياء الله وكان مع الصّادِقِين كما أمره اللهُ قُلتُ و من أعداء الله أصلحك الله قال الأوثانُ الأربعةُ قال قُلتُ من هم قال أبو الفصِيلِ ورُمعُ و نعثل ومُعاوِيةُ و من دان دِينهم فمن عادى هؤلاء فقد عادى أعداء الله.(1)

وظيفة اللعن بعد كل صلاة الفريضة

1- محمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الحسين بن نوير و أبي سلمة السّراجِ قالا سمعنا أبا عبد الله عليه السلام و هو يلعنُ فِي دُبُرِكُلّ مكتوبةٍ أربعةً مِن الرّجالِ وأربعاً مِن النِّساءِ فُلانٌ وفُلانٌ وفُلانٌ ومُعاوِيةُ و يُسمّيهم وفلانة وفلانة وهنداً و أُمّ الحكم أُخت مُعاوية.(2)

أقول: هند هذه بنت عتبة و زوجة أبي سفيان وأم معاوية شهدت أحدا كافرة و مثلت بحمزة سيد الشهداء عليه السلام وأهدر رسول الله صلى الله عليه وآله دمها ولكن عفا وصفح عنها وأم الحكم هذه بنت أبي سفيان وأخت معاوية إرتدت عن الإسلام أو بقت على الكفر حينما هاجر زوجه عياض إلى المدينة و لا أعلم سببا آخر للعن الإمام عليه السلام إياها ولكن ربما حدث منها شيئا عند وصولها بمعاوية في الشام والله أعلم . وهذا الحديث الذي رواه كثير من المحدثين كالكليني و

ص: 63


1- بحار الأنوار 27 : 57 ح 16 ، تفسير العياشي 2 : 116 ح 155 والبرهان في تفسير القرآن 2 : 864 ح 13 2 4793.
2- الكافي 3 : 342 : 342 ح 10 ، تهذيب الأحكام 2 : 321 ح 1313 ، بحار الأنوار 22 : 128 ح 101 و وسائل الشيعة 27 : 462 ح 8449.

الصدوق والطوسي و الحر العاملي و المجلسي أعلى الله مقامهم، في غاية الصحة كما إعترف بها المجلسي في ملاذ الأخيار(1).

2 - عن أبي جعفر عليه السلام قال : إذا انحرفت عن صلاة مكتوبةٍ فلا تنحرف إلا بانصراف لعن بني أمية.(2)

3 - عن محمد بن أبي كثير الكوفي، قال: كُنتُ لا أختم صلاتي ولا أستفتحها إلَّا بِلعنهما، فرأيتُ فِي منامي طائِراً معه تور من الجوهرِ فِيهِ شيءٌ أحمرُ شِبه الخلُوقِ، فنزل إلى البيتِ المَحِيطِ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله، ثم أخرج شخصينِ مِن الضّرِيح فخلقهما بذلك الخلُوقِ فِي عوارِضِهما، ثُمَّ ردّهُما إِلى الضّرِيح و عاد مُرتفعاً، فسألتُ من حولي من هذا الطائر؟ و ما هذا الخلُوقُ؟. فقال: هذا ملك يجيءُ فِي كُلّ ليلةِ جُمُعَةٍ يُخلّقُهُما ، فأزعجني ما رأيتُ فأصبحتُ لا تطيب نفسي بلعنهما، فدخلت على الصَّادِقِ عليه السلام ، فلَمّا رآني ضحِك وقال: رأيت الطائر؟ فقُلتُ: نعم يا سيدي. فقال: اقرأ: ﴿إنما النّجوى مِن الشَّيطانِ ليحزن الَّذِينَ آمَنُوا وليس بِصَارِهِم شيئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ﴾(3) فإذا رأيت شيئاً تكره فاقرأها ، والله ما هو ملك مُوكّل بهما لإكرامهما ، بل هو ملك مُوَكِّلٌ بِمشارِقِ الأَرْضِ ومغاربها، إذا قُتِل قتيل ظُلماً أخذ مِن دمِهِ فطوقهُما بِهِ في رقابهما ، لأنهما سببُ كُلِّ ظُلمٍ مُذ كانا .(4)

أقول : من هذا الحديث ونظائره يتبين دأب الشيعة في القرون الماضية الذي تغير في هذا الزمان إنهم في الصدر الأول كانوا ملتزمين بأوامر أئمتهم عليهم السلام و من تلك الأوامر و السنن اللعن على أعداء الدين في كلّ صلاة وقبلها وبعدها ويجب علينا الرجوع إليهم حتى يصدق علينا إسم الشيعة وفقنا الله تعالى وجميع الإخوة على تحصيل مرضاته.

ص: 64


1- ملاذ الأخيار 484:4.
2- وسائل الشيعة 27 : 462 ح 8450 ، تهذيب الأحكام 2 : 321 ح 1312 و بحار الأنوار 83 : 58 ح 64.
3- المجادلة : 10.
4- مناقب آل أبي طالب 4 : 237 ، إثبات الهداة 4 : 207 ، بحار الأنوار 30 : 236 ح 104 ومدينة معاجز الأئمة 6 : 116.

اللعن أفضل من الصلوات

روى صاحب مجمع النورين من خط محمد بن الحسن الحر العاملي صاحب الوسائل أنَّ أَمير المؤمنين عليه السلام كانَ يَطوفُ بالكعبة فَرأى رجلاً متعلقاً بأستار الكعبة وهوَ يصلّي على محمد وآله ويسلّم عَليه ومرّبه ثانياً ولم يسلّم عَليه فَقال يا أمير المؤمنين لِم لَم تُسلّم عَلَيَّ هَذه المرة فَقَالَ خِفْتُ أَن أَشغَلَكَ عَن اللَّعن وهُو أفضل مِن السَّلام ورةِ السَّلام ومِن الصَّلوةِ على محمد وآل محمد(1)

لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الظالمين

1- قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ملعون ملعون من أكمه [كمه] أعمى عن ولاية أهل بيتي ملعون ملعون من عبد الدينار و الدرهم ملعون ملعون من نكح بهيمة.(2)

2 - عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عليهما السلام قال قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ستةٌ لعنهم الله وكُل نبي مُجَابِ الزَّائِدُ فِي كِتابِ اللهِ والمكذِّبُ بِقدرِ اللهِ والنَّارِكُ لِسُنّتي والمستحِلُّ من عترتي ما حرم الله والمتسلّط بالجبروت لِيُذل من أعزّهُ اللهُ ويُعِزّ من أَذلَّهُ اللهُ والمستأثِرُ بِني المسلمين المستحِلُّ له(3).

3 - عن حسين بن علي عن أبيه علي عليه السلام قال: دخلتُ على رسول الله صل الله علي واله في بيت أُمّ سلمة وقد نزلت هذِهِ الآيَةُ إِنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِب عنكُمُ الرّجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً فقال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله يا علي هذِهِ الآية نزلت فيك وفي سبطي والأئمةِ مِن وُلدِكَ فقُلتُ يا رسُول اللَّهِ وكم الأئمة بعدك قال أنت يا عليُّ ثُمَّ ابناك الحسن والحسين وبعد الحسين علي ابنه وبعد علي محمد ابنه و بعد محمد جعفر ابنه و بعد جعفرٍ مُوسى ابنه و بعد مُوسى علي ابنه وبعد علي محمد ابنُه و بعد محمد علي ابنه و بعد علي الحسن ابنُهُ والحُجّةُ مِن وُلدِ الحسن هكذا

ص: 65


1- مجمع النورين : 208.
2- الخصال 1 : 129 ح 132 و وسائل الشيعة 13 : 350 ح 25800.
3- کتاب سليم : 486 ، الخصال 1 : 338 ح 41 و بحار الأنوار 5: 88.

وجدتُ أساميهم مكتوبةً على ساق العرش فسألت الله تعالى عن ذلك فقال يا محمد ، هُمُ الأَئِمَّةُ بعدك مُطهَّرُون معصومون وأعداؤُهُم ملعونون .(1)

4- عن علي بن أبي طالب عليه السلام أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال له: أنا و أنت أبوا هذه الأمة، و لعن الله من عقنا قُل: آمين ! قُلتُ: آمين قال: أنا و أنت موليا هذه الأمة فلعن الله من أبق مِنّا، قُل: آمین ! قُلتُ آمين قال: أنا و أنت راعيا هذه الأمة فلعن الله من ضل عنا، قُل: آمين! فقلتُ: آمين .(2)

5 - قال رسول الله صلى الله عليه وله إنِّي لعنت سبعة لعنهم الله وكُلُّ نَي مُجَابٍ قبلي فقِيل و مَن هُم يا رسُول الله فقال الرّائِدُ فِي كِتابِ اللهِ والمكذِّبُ بِقدرِ الله و المخالِفُ لِسُنّتي والمستحِلَّ مِن عِترتي ما حرم الله والمتسلّط بالجبرِيّةِ لِيُعِزّ من أذلّ اللهُ ويُذِلّ من أعز الله والمستأثر على المسلمين بِفيهم مُستحِلاله والمحرّم ما أحل الله عزّ وجل .(3)

6- قال الصادق عليه السلام قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله - ملعُونٌ ملعُونٌ من يظلِمُ بعدِي فاطمة ابنتي و يعْصِبُها حقها ويقتُلُها .(4)

7 - عن أبي هريرة قال: كُنتُ عِند النبي صلى الله عليه وآله إذ أقبل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله تدري من هذا قُلتُ هذا علي بن أبي طالب عليه السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله هذا البحرُ الرّاخِرُ هذا الشَّمسُ الطَّالِعةُ أسخى مِن الفُراتِ كفّاً وأوسعُ مِن الدُّنيا قلباً فمن أبغضه فعليه لعنة الله.(5)

8 - قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله معاشر النّاسِ أحِبُّوا عليّاً فإنّ لحمه لحمي و دمه دمي لعن الله أقواماً مِن أُمَّتِي ضيعُوا فِيهِ عهدِي و نسُوا فِيهِ وصِيَّتِي ما لهُم عِند اللهِ مِن خلاقٍ.(6)

ص: 66


1- كفاية الأثر : 155 ح 96.
2- معاني الأخبار 1 : 18 ، الروضة لشاذان : 133 وإثبات الهداة 3 : 40 ح 153.
3- الخصال : 349 ، بحار الأنوار 5 : 88 ح 5 و 72 : 339 ح 17.
4- كنز الفوائد : 63 و بحار الأنوار 73 : 355.
5- مائة منقبة : 32 ، كنز الفوائد : 63 و بحار الأنوار 310:39.
6- بحار الأنوار 39 : 265 ح 40.

9- عن أنس بن مالك قال: كنتُ عِند علي بن أبي طالب عليه السلام فِي الشَّهْرِ الَّذِي أُصِيب فِيهِ وهُو شهر رمضان فدعا ابنه الحسن عليه السلام ثُم قال يا أبا محمد اعل المنبر فاحمد الله كثيراً و أثن عليه و اذكُر جدك رسُول اللهِ بِأحسنِ الذِكرِو قُل لعن الله ولداً عق أبويه لعن الله ولداً عق أبويه لعن الله ولداً عق أبويه لعن الله عبداً أبق عن موالِيهِ لعن الله غنماً ضلّت عنِ الرّاعِي و انزِل فَلَمّا فرغ مِن خُطبتِهِ و نزل اجتمع النّاسُ إِليه فقالوا يا ابن أمِيرِ المؤمِنِين و ابن بِنتِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله نبئنا فقال الجواب على أمير المؤمنين عليه السلام فقال أمير المؤمنين عليه السلام إِنِّي كُنتُ مع النّبي في صلاة صلاها فضرب بِيدِهِ اليُمنى إلى يدي اليمنى فاجتذبها فضمها إلى صدره ضمّاً شديداً ثم قال يا عليُّ فقُلتُ لبيك يا رسول الله قال أنا و أنت أبوا هذِهِ الأمّةِ فلعن الله من عقنا قُل آمين قُلتُ آمين قال أنا و أنت موليا هذه الأمة فلعن الله من أبق عنّا قُل آمين قُلتُ آمِين ثُمّ قال أنا وأنت راعيا هذِهِ الأمة فلعن الله من ضلّ عنّا قُل آمين قُلتُ آمين قال أمير المؤمنين عليه السلام و سمِعتُ قائِلين يقُولانِ مَعِي آمِين فقُلتُ یا رسُول الله من القائِلانِ معي آمين قال جبرئيل وميكائيل عليه السلام .(1)

10 - قال أمير المؤمنين عليه السلام : أمرني رسُولُ الله صلى الله عليه وآله أن أخرج فأنادِي فِي النَّاسِ ألا من ظلم أجيراً أجره فعليه لعنةُ اللهِ ألا من توالى غير مواليه فعليه لعنة الله ألا و من سبّ أبويه فعليه لعنةُ اللهِ قال علي بن أبي طالب عليه السلام فخرجتُ فناديتُ في النَّاسِ كما أمرني النّبِيُّ صلى الله عليه وآله فقال لي عمر بن الخطابِ هل لِما ناديت بِهِ مِن تفسير فقُلتُ الله ورسوله أعلمُ قال فقام عمرُ و جماعةٌ مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فدخلوا عليه فقال عمر يا رسُول الله هل لما نادى على من تفسير قال نعم أمرتُه أن يُنادِي ألا من ظلم أجيراً أجره فعليه لعنة الله و الله يقُولُ ﴿قُل لا أسئلُكُم عليه أجراً إلّا المودّة في القُربى﴾(2) فمن ظلمنا فعليه لعنة الله و أمرتُهُ أن يُنادِي من توالى غير مواليه فعليه لعنة الله و اللهُ يَقُولُ ﴿النَّبِيُّ أولى بالمؤمنين من أنفُسِهِم﴾(3) و من كُنت مولاه فعلي مولاه فمن توالى غير علي فعليه لعنة الله وأمرتُهُ أن يُنادِي من سبّ أبويه فعليه لعنةُ اللهِ و

ص: 67


1- معاني الأخبار 1 : 118 ، بحار الأنوار 36 : 5 ح 4 و عوالم العلوم أميرالمؤمنين عليه السلام 15 :183 ح5.
2- الشورى : 23.
3- الأحزاب : 6.

أنا أُشْهِدُ الله وأُشْهِدُكُم أَنِّي وعلِيّاً أبوا المؤمنين فمن سَبَّ أحدَنا فعليهِ لعنةُ اللهِ فَلَمّا خرجُوا قال عمريا أصحاب محمد ما أكّد النّبيُّ لعلي في الولاية في غدِيرِ خُمّ ولا في غيره أشدّ من تأكيده في يومنا هذا قال حبّابُ بنُ الأُرتِ كَانَ هَذَا الحَدِيثُ قَبلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله تِسْعَةَ عَشَرَيَوماً.(1)

11 - أبو خالِدٍ الواسِطِيُّ وهُو آخِذٌ بِشعره قال حدثني زيدُ بنُ علي وهُوَ آخِذٌ بِشعَرِهِ قال حدثنِي عَلِيُّ بنُ الحسين و هو آخِذُ بِشعره قال حدثني الحسين بن علي وهُوَ آخِذٌ بِشعَرِهِ قال حدثني عليُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ و هُوَ آخِذٌ بِشعره قال حدثنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله و هو آخِذٌ بِشعره فقال: يا علي من آذى شعرةً منك فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله و من آذى الله فعليه لعنه الله.(2)

12 قال النبي صلى الله عليه وآله حرمتِ النار على من آمن بي و أحبّ عليّاً و تولاه و لعن الله من مارى عليّاً و ناواه علي مني كجلدة ما بين العين والحاجِبِ .(3)

من أحبّ أن ينظر الى الله فليتبرأ من عدو الله

1- قال أبو جعفر عليه السلام من سره أن لا يكون بينه وبين اللهِ حِجابٌ حَتَّى ينظر إلى اللهِ وينظر اللهُ إِلَيهِ فليتوال آل محمّد ويتبرأ من عدوّهِم و يأتمّ بالإمامِ مِنهُم فإنّهُ إذا كان كذلك نظر الله إليه ونظر إلى الله .(4)

لا يجتمع حبّنا وحبّ عدوّنا في قلب واحد

1 - عن أبي الجارُودِ عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ﴿ما جعل اللهُ لِرَجُلٍ مِن قلبينِ في جوفه﴾(5) قال علي بن أبي طالب عليه السلام : لا يجتمعُ حُبُّنا وحُبُّ عَدُوّنا في جوفِ إِنسانٍ إِنَّ الله لم يجعل الرجُلٍ مِن قلبينِ فِي جوفِهِ فيُحِبُّ هذا ويُبغِضُ هذا فأمّا يُحِبُّنا فيُخلِصُ الحُبّ لنا كما

ص: 68


1- بحار الأنوار 22 : 489 - 35 والبرهان فی تفسیر القرآن 2 : 78 ح2373.
2- تأويل الآيات : 455 ودلائل الإمامة : 135 ح 44.
3- بحار الأنوار 39 : 247 ح 5.
4- بحار الأنوار 23 : 81 ح 17.
5- الأحزاب : 4.

يُخلص الذهَبُ بِالنّارِ لا كدر فِيهِ فمن أراد أن يعلم حُبّنا فليمتحن قلبهُ فإِن شارَكَهُ فِي حُبّنا حُبُّ عدُوّنا فليس منا ولسنا مِنهُ والله عدُوهُم و جبرئيل وميكائيل واللهُ عَدُوٌّ لِلكافِرِين(1).(2)

2 - قِيلَ لِلصّادِقِ عليه السلام إن فلاناً يُوالِيكُم إِلَّا أَنَّهُ يضعُفُ عن البراءة من عدوّكم فقال هيهات كذب من ادعى محبّتنا ولم يتبرأ من عدوّنا.(3)

3 - قال علي عليه السلام لا يجتمعُ حُبُّنا و حُبُّ عدُوّنا في جوفِ إِنسانٍ إِنَّ الله عزّ و جلّ يَقُولُ ﴿ما جعل اللهُ لِرجُلٍ مِن قلبينِ في جوفه﴾(4).(5)

4 - إنّ رجُلا قدم على أمير المؤمنين عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين إِنِّي أُحِبُّكَ وأُحِبُّ فُلاناً وسمى بعض أعدائه فقال عليه السلام أما الآن فأنت أعورُ فإِما أن تعمى و إمّا أن تُبصِرُ.(6)

مكتوب على العرش؛ ملعون من أنكر حق عليّ

1- قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لما خلق آدم و نفخ فِيهِ مِن رُوحِهِ عطس آدم فقال الحمد لله فأوحى الله تعالى إليه حمدتني عبدِي وعزتي وجلالي لولا عبدانِ أُرِيدُ أن أخلُقَهُما في دارِ الدُّنيا ما خلقتك قال إلهي فيكونان مِنّي قال نعم يا آدم إرفع رأسك انظر فرفع رأسه فإذا مكتوب على العرش لا إله إلّا الله محمد نبي الرحمة وعليٌّ مُقِيمُ الحجّةِ من عرف حق علي زكى و طاب ومن أنكر حقه لعن و خاب أقسمتُ بِعِزّتي أن أُدخل الجنة من أطاعه و إن عصاني وأقسمتُ بِعِزَّتِي أن أُدخل النار من عصاه و إن أطاعني(7).

ص: 69


1- البقرة : 98.
2- تفسير القمي 2 : 171 ، البرهان في تفسير القرآن 4 : 409 ح 8517 وبحار الأنوار 24 : 317 ح 23.
3- السرائر 3 : 640 و بحار الأنوار 27 : 57 ح 18.
4- الأحزاب : 4.
5- بحار الأنوار 24 : 318 ح 24.
6- السرائر 3 : 640 ، الصراط المستقيم 3 : 74 و بحار الأنوار 27 : 57 ح 17.
7- بحار الأنوار 27 : 10 ح 22 ، الجواهر السنية : 292 ، مائة منقبة : 83 وإرشاد القلوب 11:2.

التحذير

1 - عن أبي الحسن الرّضا عليه السلام قال: شيعتنا المسلّمُون لأمرنا الآخِذُون بقولنا المخالفون لأعدائنا فمن لم يكن كذلك فليس منا .(1)

2 - عنِ ابنِ فضّال قال سمِعتُ الرّضا عليه السلام يقُولُ من واصل لنا قاطعاً أو قطع لنا واصلا أو مدح لنا عائباً أو أكرم لنا مُخالِفاً فليس منا ولسنا منه.(2)

3 - عنِ ابنِ فضّالِ عنِ الرّضا عليه السلام أنه قال: من والى أعداء الله فقد عادى أولياء الله و من عادى أولياء الله فقد عادى الله تبارك و تعالى وحقٌّ على الله عزّ و جلّ أن يُدخِلَهُ فِي نار جهنم.(3)

4- قال الصّادِقِ عليه السلام : من أشبع عدواً لنا فقد قتل ولياً لنا.(4)

5 - قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام: من جالس لنا عائباً أو مدح لنا قالياً أو واصل لنا قاطعاً أو قطع لنا واصلا أو والى لنا عدوّاً أو عادى لنا وليّاً فقد كفر بالذي أنزل السبع المثاني و القرآن العظيم(5).

6 - قال أبو جعفر عليه السلام : من لم يعرف سوء ما أتى إلينا من ظلمنا وذهاب حقنا و ما ركبنا بِهِ فهو شريك من أتى إلينا فيما ولينا به.(6)

7 - قال الصادِقُ عليه السلام من شكّ فِي كُفر أعدائنا والظالمين لنا فهو كافِرُ.(7)

ص: 70


1- صفات الشيعة :3 ح 2 وبحار الأنوار 65 : 167ح 24.
2- صفات الشيعة : 7 ح 10 ، وسائل الشيعة 264:8 ح 21523 و بحار الأنوار 72 : 391 ح 11.
3- صفات الشيعة : 7 ح 11 ، بحار الأنوار 72 : 391 ح 11 و وسائل الشيعة 8 :180 ح 21291.
4- صفات الشيعة : 9 ح 17 ، بحار الأنوار 72 : 391 ح 11 و وسائل الشيعة 17 : 274 ح30530.
5- الأمالي للصدوق : 111 ح 87 ، الصراط المستقيم 3 : 74 و بحار الأنوار 52:27 ح 4
6- ثواب الأعمال وعقاب الأعمال : 208 و بحار الأنوار 27 :55 ح 11.
7- الإعتقادات : 103 ، وسائل الشيعة 21 : 345 ح 34923 وبحار الأنوار 8: 366.

ذکر رسول الله صلى الله عليه وآله ما جرى عليهم من المصائب و لعن على ظالميهم

1- عن ابن عبّاس قال: إِنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله كان جالساً ذات يوم إذا أقبل الحسن عليه السلام فلما رآه بكى ثُمَّ قال إلي إلي يا بني فما زال يُدنِيهِ حتى أجلسه على فَخِذِهِ اليُمنى ثُمّ أقبل الحسين عليه السلام فلَمّا رآه بكى ثُمَّ قال إلي إلي يا بني فما زال يُدنِيهِ حتى أجلسه على فَخِذِهِ اليُسرى ثُم أقبلت فاطمة عليها السلام فلما رآها بكى ثُمّ قال إلي إلي يا بُنيّةِ فأجلسها بين يديهِ ثُم أقبل أمير المؤمنين عليه السلام فَلَمّا رآه بكى ثُمَّ قال إِليَّ إِليّ يا أخي فما زال يُدنِيهِ حتى أجلسه إلى جنبه الأيمن فقال له أصحابه يا رسُول الله صلى الله عليه وآله ما ترى واحِداً من هؤلاء إلّا بكيت أو ما فيهم من تُسرُّ بِرُؤيَتِهِ فقال عليه السلام والَّذِي بعثنِي بِالنُّبوة واصطفاني على جميع البرِيَّةِ إِنِّي وإياهم لأكرمُ الخلقِ على الله عزّو جلّ وما على وجهِ الأرضِ نسمة أحبُّ إليَّ مِنهُم أما عليُّ بن أبي طالب عليه السلام فإِنَّهُ أَخِي وشقيقي وصاحِبُ الأمرِ بعدِي وصاحِبُ لِوائِي فِي الدّنيا والآخِرة وصاحِبُ حوضي و شفاعتي و هو مولى كُلِ مُسلِمٍ وإِمامُ كُلّ مؤمن و قائِدُ كُل تي و هو وصتي وخليفتي على أهلي و أُمتي في حياتي وبعد موتي مُحِبّهُ مُحِتي و مُبغِضُهُ مُبْغِضِي. وبولايته صارت أمتي مرحومةً و بعداوتِهِ صارت المخالفة لهُ مِنها ملعونةً وإِنِّي بكيتُ حِين أقبل لانّي ذكرتُ غدر الأمةِ بِهِ بعدِي حَتَّى إِنَّهُ ليُزالُ عن مقعدي وقد جعلهُ اللهُ لهُ بعدِي ثُم لا يزالُ الأَمرُبِهِ حَتَّى يُضرب على قرنهِ ضربةً تُخضبُ مِنها لِحِيتُه فِي أَفضلِ الشُّهُورِ ﴿شهرُ رمضان الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القرآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وبَيِّنَاتٍ مِن الهدى والفُرقانِ﴾(1) وأَما ابنتي فاطِمةُ فَإِنّها سيّدة نساء العالمين من الأولين والآخِرِين وهي بضعةٌ مِنِّي وهِي نُورُ عَينِي و هي ثمرةُ فُؤادِي و هِي رُوحِي الَّتِي بين جنبي و هي الحوراء الإنسِيّةُ متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جل جلاله زهر نُورُها لِلملائِكَةِ السَّماءِ كما يزهرُ نُورُ الكواكِبِ لأهلِ الأرضِ و يقُولُ اللهُ عزّ وجلّ لِمَلائِكَتِهِ يا ملائِكَتِي انظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة إمائي قائمةً بين يدي ترتعِدُ فرائِصُها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على

ص: 71


1- البقرة : 185.

عِبادتِي أَشْهِدُكُم أني قد آمنتُ شيعتها مِن النّارِ وأنّي لَمَّا رأيتُها ذكرتُ ما يُصنعُ بِها بعدِي كأنِّي بها وقد دخل الذُّلُّ بيتها وانتهكت حُرمتها وغُصِبت حقها ومُنعت إرثها وكُسرت جنبتُها و أسقطت جنينها وهي تُنادِي يا محمداه فلا تُجاب وتستغيتُ فلا تُغاتُ فلا تزال بعدِي محزونةٌ مكروبة باكيةً تتذكر انقطع الوحي عن بيتها مرّةً وتتذكرُ فِراقي أُخرى وتستوحش إذا جنّها الليلُ لِفَقدِ صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدتُ بِالقرآنِ ثُمَّ ترى نفسها ذليلةً بعد أن كانت في أيامٍ أبيها عزيزة فعند ذلك يُؤنِسُها الله تعالى ذكرُهُ بِالملائكة فنادتها بما نادت بِهِ مريم بنت عمران فتقُولُ يا فاطِمةُ إِنّ الله اصطفاكِ و طهركِ واصطفاكِ على نساء العالمين يا فاطِمةُ اقنُتِي لِرَبِّكِ واسجُدِي واركعي مع الرّاكِعِين ثم يبتدئ بها الوجعُ فتمرضُ فيبعث الله عزّ و جلّ إليها مريم بنت عمران تُمرَضُها وتُؤنسها فِي عِلَّتِها فتَقُولُ عِند ذلِك يا ربّ إِنِّي سيمتُ الحياة وتبرّمتُ بِأهلِ الدُّنيا فألحقني بِأَبِي فيُلحِقُها الله عزّ و جلّ بِي فتكُونُ أوّل من يلحقني مِن أهل بيتي فتقدم علي محزونةً مكروبةً مغمومةً مغصوبةً مقتولةً فأقولُ عِند ذلِك اللهم العن من ظلمها وعاقب من غصبها وذلّل من أذلّها وخلّد في نارك من ضرب جنبيها حتى ألقت ولدها فتقُولُ الملائكةُ عِند ذلك آمين وأمّا الحسن عليه السلام فإِنَّهُ ابني و ولدي و مِنِّي وقُرَّةُ عيني وضياءُ قلبي و ثمرةُ فُؤادِي و هو سيد شبابِ أَهلِ الجنَّةِ و حُجَّةُ اللهِ على الأمة أمرُهُ أمرِي وقوله قولي من تبعهُ فإِنَّهُ مِنِّي ومن عصاه فليس مِنِّي وإِنِّي لَمَّا نظرتُ إليه تذكّرتُ ما يجري عليهِ مِن الذُّلّ بعدِي فلا يزالُ الأمرُ بِهِ حَتَّى يُقتل بِالسّمَ ظُلماً و عُدواناً فعند ذلك تبكي الملائكةُ والسّبعُ الشّداد لموته ويبكِيهِ كُلُّ شيء حتى الطير في جو السّماءِ و الحيتانُ فِي جوفِ الماءِ فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العُيُونُ و من حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزنُ القُلُوبُ و من زاره في بقيعِهِ ثبتت قدمُهُ على الصّراطِ يوم تزِلُّ فِيهِ الأقدامُ و أمّا الحسينُ علیه السلام فإِنَّهُ مِنِّي وهُو ابني وولدي و خير الخلق بعد أخِيهِ وهُو إمام المسلمين و مولى المؤمنين و خليفةُ ربّ العالمين وغياتُ المستغيثين وكهف المستجِيرِين و حُجّةُ اللهِ على خلقِهِ أجمعين وهُو سيّد شباب أهلِ الجنَّةِ وباب نجاة الأمة أمره أمري و طاعته طاعتي من تبِعهُ فإِنَّهُ مِنِّي و من عصاهُ فليس مِنِّي و إِنِّي لَمَّا رأيتُهُ تذكّرتُ ما يُصنعُ بِهِ بعدِي

ص: 72

كأَنِّي بِهِ و قدِ استجار بِحرمِي وقُربِي فلا يُجارُ فأضُمُّهُ في منامي إلى صدري وآمُرُهُ بِالرّحلة عن دارِ هِجرتي و أُبشّرُهُ بِالشَّهادة فيرتحِلُ عنها إلى أرضِ مقتله و موضع مصرعِهِ أرض كرب و بلاء و قتل وفناء تنصُرُهُ عِصابَةٌ مِن المسلمين أُولئِكَ من سادة شهداء أُمّتي يوم القيامةِ كأنّي أنظُرُ إِليه وقد رُمِي بِسهم فخر عن فرسِهِ صريعاً ثُمَّ يُذبحُ كما يذبح الكبش مظلوماً ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى من حوله و ارتفعت أصواتهم بالصّحِيحِ ثم قام صلى الله عليه واله و هو يقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أشكو إليك ما يلق أهلُ بيتي بعدي ثم دخل منزله.(1)

2 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنه قال: قال جدي رسُولُ الله صلى الله عليه وآله: ملعون ملعون من يظلِمُ بعدي فاطمة ابنتي ويغصبها حقها ويقتُلُها ، ثُمّ قال: يا فاطِمةُ ! أبشِرِي فلكِ عِند الله مقام محمود تشفعين فيهِ لِمُحِبّيك وشِيعَتِكِ فتُشفّعِين يا فاطِمةُ ! لو أن كُل نبي بعثهُ اللهُ وكُلّ ملكٍ قَرَبَهُ شَفَعُوا فِي كُلِّ مُبغِض لكِ غاصِبٍ لكِ ما أخرجه اللهُ مِن النّارِ أَبداً.(2)

3 - عن زيد بن علي، عن أبيه، أنّ الحسين بن علي عليهما السلام أتى عُمر بن الخطاب - وهو على المنبر يوم الجمعة - فقال له: إنزل عن منبرِ أبِي فبكى عمرُ، ثُمّ قال: صدقت يا بني، منبر أبيك لا منبر أبي ! فقال علي عليه السلام : ما هو الله عن رأيي. فقال: صدقت! والله ما اتهمتك يا أبا الحسن، ثُم نزل عن المنبر فأخذه فأجلسه إلى جانبه على المنبر فخطب الناس وهو جالس على المنبرِ معهُ ، ثُمّ قال: أيُّها النَّاسُ ! سمعتُ نبيّكُم صلى الله عليه وآله يَقُولُ: احفظونِي فِي عِترتي وذُرِّيَّتِي، فمن حفظني فِيهِم حفظه الله، ألا لعنة الله على من آذاني فيهم. ثلاثاً.(3)

ص: 73


1- الفضائل لشاذان بن جبرئيل : 8 ، إرشاد القلوب 2 : 144 ، الأمالي للصدوق : 174 ح 178 و بشارة المصطفى : 306 و بحار الأنوار 28 : 37 ح1.
2- كنز الفوائد : 63 وبحار الأنوار 29 : 346.
3- الأمالي للطوسي : 703 ح 1504 ، كامل البهائي : 242 وبحار الأنوار 30 : 51 ح 2.

ثواب اللعن

1- عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنه قال : ﴿من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها﴾(1) قال: من ذكرهما فلعنهما كُلّ غداةٍ كتب الله له سبعين حسنةً، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجاتٍ .(2)

2- روى العلامة الميرزا ابوالفضل الطهراني بسنده عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام زين العابدين سيد الساجدين عليه السلام أنه قال:

مَن لَعَن الجبت والطاغوتَ لعنةً واحدةً ، كتب الله له سبعين ألف ألف حسنةً و محى عنه سبعين ألف ألف سيئةً و رَفع له سبعين ألف ألف درجةً و مَن أَمسى يلعنُهُما لعنةً واحدةً ، كُتِب له مِثلُ ذلك . قال : فمضى مولانا علي بن الحسين عليهما السلام فدخلت على مولانا أبي جعفر محمد الباقر عليه السلام فقلتُ : يا مولاي : حديث سمعتُه مِن أبيك ، فقال: هاتِ يا ثمالي فأعدتُ عليه الحديث . فقال: نعم يا ثمالي أتحبّ أن أزيدك فقلتُ : بلي يا مولاي فقال : من لعنهما لعنةً واحدةً في كل غداة ، لم يُكتب عليه ذنب في ذلك اليوم حتى يمسي ، ومَن أمسى و لعنهما لم يُكتب له ذنبٌ في ليله حتى يُصبح قال: فمضى أبو جعفر، فدخلتُ على مولانا الصادق علیه السلام ، فقلتُ حديث سمعته من أبيك و جدك : فقال : هاتِ يا أبا حمزة فأعدت عليه الحديث فقال: حقاً يا أبا حمزة ، ثُم قال عليه السلام : ويرفع له ألف ألف درجة ، ثم قال : إن الله واسع كريم .(3)

من أعمال العيد البراءة

1 - أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال: قُلتُ جُعِلتُ فِداك لِلمُسلِمِين عِيدٌ غير العيدين قال نعم يا حسن أعظمُهُما وأشرفُهُما قُلتُ وأيُّ يوم هو قال يوم نُصب أمير المؤمنين عليه السلام علماً لِلنَّاسِ قُلتُ جُعِلتُ فِداك وما ينبغي لنا أن نصنع فِيهِ قال تصُومُهُ يا حسنُ و تُكثِر الصلاة على محمّد و آلِهِ

ص: 74


1- الأنعام :160.
2- تفسیر العیاشی 1 : 387 ح 140 ، بحار الأنوار 30 : 222 ح 91 و البرهان في تفسير القرآن 2 : 506 ح 3761.
3- شفاء الصدور : 551.

و تبرأُ إِلى اللهِ مِمن ظلمهُم فإنّ الأنبياء صلوات الله عليهم كانت تأمر الأوصياء اليوم الَّذِي كان يُقامُ فِيهِ الوصِيُّ أن يُتخذ عِيداً قال قُلتُ فما لمن صامه قال صِيامُ سِتّين شهراً.(1)

دعاء الصادق عليه السلام في حق من لعن ظالمي فاطمة عليها السلام

1- عن بشار المكاري قال: دخلتُ على أبي عبدِ الله عليه السلام بالكوفة و قد قدّم له طبق رُطب طبرزد وهو يأكُلُ فقال يا بشار ادنُ فكُل فقُلتُ هناك الله وجعلني فداك قد أخذتني الغيرةُ مِن شيء رأيتُهُ في طريقي أوجع قلبي وبلغ مِنّي فقال لي بِحقِّي لما دنوت فأكلت قال فدنوت فأكلتُ فقال لي حديثك قُلتُ رأيتُ جلوازاً يضرِبُ رأس امرأة ويسوقها إلى الحبس وهي تُنادِي بأعلا صوتها المستغاتُ بِاللهِ ورَسُولِهِ ولا يُغِيتُها أحدٌ قال ولِم فعل بها ذلك قال سمِعتُ النّاس يَقُولُونَ إِنّها عثرت فقالت لعن الله ظالميكِ يا فاطِمةُ فارتكب منها ما ارتكب قال فقطع الأكل ولم يزل يبكي حتى ابتل مِندِيلُهُ ولِحيتُهُ وصدرُهُ بِالدُّمُوعِ ثُمَّ قال يا بشّارُقُم بِنا إلى مسجِدِ السّهلةِ فندعُو الله عزّو جل و نسأله خلاص هذِهِ المرأة قال ووجّه بعض الشّيعة إلى بابِ السُّلطانِ وتقدّم إليه بأن لا يبرح إلى أن يأتيه رسُولُهُ فإن حدث بالمرأة صار إلينا حيث كُنا قال فصرنا إلى مسجِدِ السهلة وصلّى كُلُّ واحِدٍ مِنا ركعتينِ ثُمَّ رفع الصَّادِقُ عليه السلام يده إلى السّماءِ وقال أنت الله إِلى آخِرِ الدُّعاءِ قال فخر ساجداً لا أسمعُ مِنهُ إلَّا النّفس ثم رفع رأسه فقال ثم فقد أُطلِقتِ المرأةُ قال فخرجنا جميعاً فبينما نحنُ فِي بعض الطَّرِيقِ إِذ لحِق بِنا الرّجُلُ الَّذِي وجّهناه إلى بابِ السُّلطان فقال له عليه السلام ما الخبر قال قد أُطلق عنها قال كيف كان إخراجها قائلا أدري ولكنّني كُنتُ واقفاً على بابِ السُّلطانِ إِذ خرج حاجِبُ فدعاها و قال لها ما الّذي تكلمتِ قالت عشرتُ فقُلتُ لعن الله ظالميكِ يا فاطِمةُ فَفُعِل بِي ما فُعِل قال فأخرج مائتي درهم و قال خُذِي هذِهِ و اجعلي الأمير فِي حِلّ فأبت أن تأخُذها فَلَمّا رأى ذلك منها دخل و أعلم صاحِبهُ بِذلِك ثُم خرج فقال انصرِ فِي إِلى بيتِكِ فذهبت إلى منزلها فقال أبو عبدِ الله عليه السلام أبت أن تأخُذ المائتي درهم قال نعم وهِي واللهِ مُحتاجةٌ إليها قال فأخرج مِن جيبِهِ صُرّةٌ فِيها سبعةُ دنانير و قال

ص: 75


1- الكافي 4 : 148 ح 1 ، بحار الأنوار 37 : 171 ح 53 و وسائل الشيعة 2 : 440 ح13795.

اذهب أنت بِهذِهِ إلى منزلها فأقرئها مني السلام وادفع إليها هذهِ الدنانير قال فذهبنا جميعاً فأقرأناها مِنهُ السّلام فقالت بِاللهِ أقرأني جعفر بن محمّد السّلام فقُلتُ لها رحمك الله والله إنّ جعفر بن محمّد أقرأكِ السّلام فشقت جيبها ووقعت مغشيةً عليها قال فصبرنا حتى أفاقت وقالت أعدها عليّ فأعدناها عليها حتى فعلت ذلك ثلاثاً ثُمَّ قُلنا لها خُذِي هذا ما أرسل بِهِ إِليكِ وأبشِرِي بِذلِكِ فأخذتهُ مِنّا وقالت سلُوهُ أن يستوهب أمتهُ مِن الله فما أعرِفُ أحداً تُوسّل بِهِ إِلى اللهِ أكثر مِنهُ ومِنْ آبائِهِ و أجدادِهِ عليهم السلام قال فرجعنا إلى أبي عبد الله عليه السلام فجعلنا تُحدّتُهُ بِما كان منها فجعل يبكي ويدعُولها ثُمَّ قُلتُ ليت شِعري متى أرى فرج آل محمد عليهم السلام قال يا بشّارُ إِذا تُوُفِّي ولِيُّ اللهِ وهُو الرابعُ مِن وُلدِي فِي أَشدّ البقاع بين شرارِ العِبادِ فعند ذلك يصل إِلى وُلدِ بِنِي فُلانٍ مُصِيبَةٌ سواءً فإذا رأيت ذلك التقت حلق البطان ولا مرة لأمر الله .(1)

البراءة من شرائط الشفاعة

1 - عن درست ابن أبي منصور الواسطي عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: ذُكِر بين يديه زرارة بنُ أعين فقال واللهِ إِنِّي سأستوهِبُهُ مِن ربّي يوم القيامةِ فيهبُهُ لِي ويحك إن زرارة بن أعين أبغض عدُوّنا في الله و أحبّ ولينا في الله .(2)

2- عن أبي الورد قال سمِعتُ أبا جعفر عليه السلام يقُولُ إذا كان يوم القيامةِ جمع الله الناس في صعِيدٍ واحِدٍ مِن الأولين و الآخِرِين عُراةً حُفاةً فيُوقفُون على طرِيقِ المحشرِ حتى يعرقوا عرقاً شديداً و تشتدّ أنفاسُهُم فيمكثون كذلك ما شاء الله وذلك قوله تعالى ﴿فلا تسمعُ إلَّا همساً﴾(3) قال ثُمَّ يُنادِي مُنادٍ من تلقاء العرش أين النّبيُّ الأميُّ قال فيقُولُ النّاسُ قد أسمعت كُلا فسمّ بِاسمِهِ قال فيُنادِي أين نبي الرحمة محمدُ بنُ عبدِ الله قال فيقومُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فيتقدّم

ص: 76


1- المزار للشهيد الأول : 254 ، المزار لإبن المشهدي : 137 ، بحار الأنوار 47 : 378 و مستدرك الوسائل 3 : 418 ح 3908.
2- كمال الدين وتمام النعمة : 76 ، روضة المتقين 14 : 126 و بحار الأنوار 47 : 339 ح 20.
3- طه : 108.

أمام النَّاسِ كُلّهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أُبلة وصنعاء فيقِفُ عليهِ ثُمَّ يُنادِي بِصاحِبِكُم فِيقُومُ أمام النَّاسِ فيقِفُ معهُ ثُمَّ يُؤذِّنُ لِلنَّاسِ فيمُرُّون قال أبو جعفر عليه السلام فبين وارد يومئِذٍ و بين مصرُوفٍ فإذا رأى رسُولُ الله صلى الله عليه واله من يُصرفُ عنهُ مِن مُحبّينا أهل البيت بكى و قال يا ربّ شِيعَةُ علي يا ربّ شِيعَةُ علي قال فيبعث الله عليه ملكاً فيقولُ لهُ ما يُبكيك يا محمد قال فيقولُ وكيف لا أبكي لا ناسٍ من شيعة أخي علي بن أبي طالب أراهم قد صُرِفوا تلقاء أصحابِ النَّارِ و مُنِعُوا مِن وُرُودِ حوضِي قال فيقُولُ الله عزّ و جلّ له يا محمّد قد وهبتهم لك وصفحتُ لك عن ذُنوبهم وألحقتُهُم بِك وبمن كانُوا يتولّون مِن ذُرِّيَّتِك وجعلتُهُم في زمرتك وأوردتهم حوضك و قبلت شفاعتك فيهم وأكرمتك بذلك ثم قال أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام فكم من باك يومئِذٍ وباكِيةٍ يُنادون يا محمداه إذا رأوا ذلك قال فلا يبق أحد يومئِذٍ كان يتوالانا ويُحِبُّنا ويتبرَأُ مِن عَدُوّنا ويُبعْضُهُم إِلَّا كان في حزبنا و معنا و ورد حوضنا(1).

البراءة واللعن في الأدعية والزيارات

أقول : إن أدعيتنا و زياراتنا مملوءة من اللعن على مخالفي أمير المؤمنين و الأئمة عليهم السلام و مترعة بالبراءة و الإستنكار من ظالمي حقوق آل الله عليهم السلام و من أشياعهم وأتباعهم بحيث لا يكاد يوجد حديث في هذا الباب إلا وقد ذكر فيه اللعن والبراءة و أنا أذكر شطراً منها مستعينا بالله تعالى و راجيا منكم الدقة في هذه الفقرات فإنّ فيها درر من المعرفة و الكمال.

1- يقول إبن طاووس في آداب الزيارة : رُوّينا أنّهُ إِذا ركب في السفينة فليُكبّر الله جل جلالُهُ مِائَة تكبيرة ويُصلّي على محمد و آلِ محمّد صلوات الله عليه وعليهم مائة مرة ويلعن ظالمي آل محمد عليهم السلام مائة مرّة ويقول بسم الله وبالله والصلاة على رسُولِ اللهِ وعلى الصّادِقِين.(2)

2- دعاء الإمام محمد الجواد عليه السلام في قنوته : اللهم أنت الأولُ بِلا أَوْلِيَةٍ معدودة والآخِرُ بِلا آخِرِيَةٍ محدودةٍ أنشأتنا لا لِعِلَّةٍ اقتساراً و اخترعتنا لا لِحاجةٍ اقتداراً وابتدعتنا بحكمتك اختياراً و

ص: 77


1- الأمالي للمفيد : 290 ، بحار الأنوار 65 : 98 ح 3 و البرهان في تفسير القرآن 3 : 778.
2- الأمان : 115 و بحار الأنوار 73 : 255 ح 50.

بلوتنا بأمرك و نهيك اختباراً وأيدتنا بالآلات ومنحتنا بالأدوات وكفلتنا الطاقة و جشمتنا الطاعة فأمرت تخييراً و نهيت تحذيراً و خوّلت كثيراً وسألت يسيراً فعُصي أمرك فحلمت و جهل قدرك فتكرمت فأنت ربُّ العِزَّةِ والبهاء والعظمة والكبرياء والإحسانِ والنّعماء والمن والآلاء والمنح و العطاء والإنجاز والوفاء لا تُحيط القلوبُ لك بِكُنه ولا تُدرِكُ الأوهام لك صفةً ولا يُشبهك شيءٌ مِن خلقك ولا يُمَّلُ بِك شيءٌ من صنعتِك تباركت أن تُحسّ أو تُمسّ أو تُدركك الحواس الخمس وأنّى يُدرِكُ مخلوق خالقه و تعاليت يا إلهي عمّا يقُولُ الظالمون عُلُوّاً كبيراً اللَّهُمَّ أَدِل لأَولِيائِكَ مِن أعدائِكِ الظالمين الباغين الناكثين القاسِطِين المارقين الذين أضلُّوا عِبادك وحرّفُوا كِتابك وبدلُوا أحكامك وجحدوا حقك وجلسوا مجالس أوليائِكَ جُرأةً مِنهُم عليك وظُلماً مِنهُم لِأَهلِ بيتِ نبيّك عليهم سلامك وصلواتك ورحمتك وبركاتك فضلُّوا وأضلُّوا خلقك وهتكُوا حِجاب سِرّك عن عِبادِك واتَّخَذُوا اللّهُمّ مالك دولا و عِبادك خولا وتركوا اللهم عالم أرضك في بكماء عمياء ظلماء مُدهِمَةً فأعيُنُهُم مفتوحةٌ وقُلُوبُهُم عمِيّةٌ ولم تبق لهُمُ اللّهُم عليك مِن حُجّةٍ لقد حذرت اللّهُم عذابك وبينت نكالك و وعدت المطيعين إحسانك وقدّمت إليهم بِالنُّذُرِ فآمنت طائِفَةٌ وأيّدت اللّهُمّ الَّذِين آمَنُوا على عدوّك و عدو أوليائك فأصبحوا ظاهِرِين وإلى الحق داعين وللإمام المنتظر القائم بالقِسطِ تابعين وجدّدِ اللهُم على أعدائك و أعدائهم نارك وعذابك الَّذِي لا تدفعُهُ عنِ القوم الظالمين اللّهُمّ صلّ على محمّد و آلِ محمّد و قوّضعف المخلِصين لك بالمحبة المشايعين لنا بالموالاة المتّبِعِين لنا بالتصدِيقِ والعمل المؤازرين لنا بالمواساة فينا المحيين ذكرنا عِند اجتماعهم و شدّدِ اللهُم رُكنهم وسدّد لهمُ اللهُم دِينهُمُ الَّذِي ارتضيتهُ لهُم وأتمم عليهم نِعمتك وخلصهم و استخلصهم وسُدّ اللّهُم فقرهُم والمم اللّهُمّ شعث فاقتِهم واغفِرِ اللَّهُمَّ ذُنُوبُهُم وخطاياهم ولا تُزغ قُلُوبُهم بعد إذ هديتهم ولا تُخلِهِم أي ربّ بِمعصِيتِهِم واحفظ لهم ما منحتهم بِهِ مِن الظهارة بولاية أوليائك والبراءة من أعدائِكَ إِنَّكَ سَمِيعٌ مُجيب وصلى الله على محمد وآله الطاهرين أجمعين(1).

3 - يُستحبُّ أن يدعو الإنسانُ بعد الفراغ من صلاته - اللّهُمّ صلّ على محمد المصطفى خاتم

ص: 78


1- مهج الدعوات :59 وبحار الأنوار 82 :225.

النبيين اللهم صل على على أمير المؤمنين و عاد من عاداه والعن من ظلمه واقتل من قتل الحسن و الحسين والعن من شرِك في دمِهما وصلّ على فاطمة بنتِ رسُولِ الله صلى الله عليه وآله و العن من آذى نبيّك فيها وصلّ على رُقيّة وزينب والعن من آذى نبيّك فيهما وصل على إبراهيم والقاسم ابني نبيّك وصل على الأئمة من أهل بيتِ نبيّك أيْمَةِ الهدى وأعلامِ الدِّينِ أيْمة المؤمنين وصل على ذُرِّيَّةِ نبيّك صلّى اللهُ عليهِ وعليهم وعليهم السلام ورحمة الله وبركاته .(1)

4 - في أدعية الصباح : اللَّهُم إِنِّي أصبحتُ أستغفرُك في هذا الصباح وفي هذا اليوم لأهل رحمتك و أبرأُ إليك من أهل لعنتك اللهُم إِنِّي أصبحتُ أبرأُ إليك في هذا اليوم وفي هذا الصباح يمن نحن بين ظهرانيهم من المشركين و ما كانوا يعبُدُون إِنَّهُم كانُوا قوم سوءٍ فاسِقِين اللهم اجعل ما أنزلت من السّماءِ إلى الأرض بركةً على أوليائك وعذاباً على أعدائك اللهم وال من والاك و عاد من عاداك اللّهُمّ اختِم لِي بِالأمن والإيمانِ كُلّما طلعت شمس أو غربت اللّهُمّ اغفِرلِي ولوالدي وارحمهما كما ربّياني صغيراً اللّهُمّ اغفِر لِلمُؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأمواتِ إِنَّكَ تعلمُ مُتقلّبهم ومثواهم اللهم احفظ إمام المسلمين بحفظ الإيمان و انصره نصراً عزيزاً و افتح له فتحاً يسيراً و اجعل لإمامِ لدنك سُلطاناً نصِيراً اللّهُمّ العنِ الفِرق المخالفة على رسولك و المتعدّية لحدودك و العن أشياعهم وأتباعهم وأسألُك الزيادة من فضلك والإقتداء بما جاء مِن عِندِك و التسليم لأمرك والمحافظة على ما أمرت بِهِ لا أبغِي بِهِ بدلا ولا أشترِي بِهِ ثمناً قليلا .(2)

5 - عن إسماعيل بن بزيع عنِ الرّضا عليه السلام و بكير بن صالح عن سليمان بن جعفرٍ الجعفرِيّ عنِ الرّضا عليه السلام قالا دخلنا عليه وهو ساجد في سجدةِ الشُّكرِ فأطال فِي سُجُودِهِ ثُمَّ رفع رأسه فقُلنا له أطلت السُّجُود فقال من دعا في سجدةِ الشُّكرِ بِهذا الدُّعاءِ كان كالرامي مع رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يوم بدر قالا قُلنا فنكتُبُهُ قال اكتبا إذا أنت سجدت سجدة الشُّكرِ فَقُلِ اللَّهُم العن اللذين بدلا دِينك وغيّرا نعمتك واتهما رسولك صلى الله عليه وآله و خالفا ملتك وصدا عن سبيلك و كفرا آلاءك وردّا عليك كلامك و استهزءا بِرسُولِك و قتلا ابن نبيّك و حرفا كتابك

ص: 79


1- بحار الأنوار 83 : 42 ح 50.
2- مصباح المتهجد : 213 ، الكافي 2 : 530 و بحار الأنوار 83 :150ح 34.

وجحدا آياتك و سخرا بآياتك و استكبرا عن عبادتك وقتلا أولياءك وجلسا في مجلس لم يكن لهما بحق و حملا الناس على أكتافِ آلِ محمّد عليهِمُ الصّلواتُ والسلام اللهم العنهما لعناً يتلو بعضُهم بعضاً و احشُرهُما وأتباعهما إلى جهنّم زُرقاً اللهم إنا نتقرّبُ عليك [إليك] باللعنة عليهما والبراءة منهما في الدنيا والآخرة اللهم العن قتلة أمير المؤمِنِين وقتلة الحسين بن علي ابنِ بِنتِ رَسُولِكَ اللَّهُمْ زِدْهُما عذاباً فوق العذاب و هواناً فوق هوان و دلا فوق ذُلّ و خزياً فوق خزي اللهُم دُعَهُما فِي النَّارِ دعاً و أركسهما في أليم عذابك ركساً اللهم احشُرهُما وأتباعهما إلى جهنّم زُمراً اللهم فرق جمعهم وشيت أمرهم وخالف بين كلمتهم وبدّد جماعتهم والعن أئمتهم واقتل قادتهم وسادتهم وكبراءهم و العن رؤساءهُم واكسر رايتهم وألقِ البأس بينهم ولا تُبقِ مِنهُم دياراً اللهم العن أبا جهل والوليد لعناً يتلو بعضُه بعضاً ويتبع بعضُه بعضاً اللهم العنهما لعنا يلعنُهُما بِهِ كُلُّ ملكٍ مُقرَبٍ وَكُلُّ ني مُرسل وكُلُّ مؤمن امتحنت قلبه للإيمانِ اللهم العنهما لعناً يتعوّذُ مِنهُ أهلُ النَّارِ و من عذابِهِما اللهم العنهما لعناً لا يخطرُ لأحدٍ بِبالِ اللّهُمّ العنهُما فِي مُستسِرِ سِرّك و ظاهِرِ علانيتك وعذبهما عذاباً في التقدير و فوق التقدير و شارك معهما ابنتيهما وأشياعهما و مُحِبّيهما و من شايعهما إِنَّكَ سمِيعُ الدُّعاء. عنِ الرّضا عليه السلام من دعا بهذا الدُّعاء في سجدة الشكر كان كالرامي مع النّي صلى الله عليه وآله يوم بدر و أُحُدٍ وحُنينٍ ألف ألفِ سهم ثُم ذكر هذا الدُّعاء.(1)

6 - قال أبو عبدِ اللهِ عليه السلام : من قال هذا القول إذا أصبح فمات في ذلك اليوم دخل الجنّة فإن قال إذا أمسى فمات من ليلتِهِ دخل الجنّة اللّهُمّ إنّي أُشْهِدُك و أشهد ملائكتك المقربين وحملة العرش المصطفين أنك أنت الله لا إله إلّا أنت الرّحمن الرّحِيمُ و أن محمداً عبدك ورسولك وفُلانٌ وفُلانٌ حتى ينتهي إليه أمتي و أوليائي على ذلك أحيا وعليه أمُوتُ و عليهِ أُبعث يوم القيامةِ وأبرأُ مِن فُلانٍ و فُلانٍ وفُلانٍ فإن مات في يومه أو ليلته دخل الجنة .(2)

7 - من أدعية صلاة الليل : اللّهُمّ صلِ على محمّد و آلِ محمّد وصلّ على ملائكتك المقربين و

ص: 80


1- مهج الدعوات : 257 ، المصباح للكفعمى : 553 ، بحار الأنوار 83 : 223 ح 44 و مستدرك الوسائل 5 : 139 ح 5516 و 5517.
2- الکافی 2 : 522 ح 3 ، مستدرك الوسائل 5 : 384 ح 6153 ، المحاسن 44:1 ح 43 و بحار الأنوار 83 : 258.

أُولي العزم من المرسلين و الأنبياء المنتجبين والأئمة التراشدين مِن أَوْلِهِم وَ آخِرِهِم اللهم عذَّب كفرة أهلِ الكِتابِ وجميع الشركين و من ضارعهُم مِن المنافقين فإنهم يتقلبون فِي نِعمتِك ويجعلون الحمد لغيرك فتعاليت عمّا يَقُولُون وعمّا يصِفُون عُلُوّاً كبيراً اللّهُمّ العنِ الرُّؤساء والقادة والأتباع مِن الأولين والآخِرِين الذين صدوا عن سبيلك اللّهُمّ أنزل بهم بأسك ونقمتك فإنّهم كذبوا على رسُولِك وبدِّلُوا نِعمتك وأفسدوا عبادك وحرّفُوا كِتابك و غيرُوا سُنّة نبيك اللهم العنهم وأتباعهم و أولياءهُم وأعوانهم ومُحِبّيهم واحشُرهُم وأتباعهم إلى جهنّم زرقا .(1)

8 - عن الصادق عليه السلام أنه قال : يُستحبّ أن تصلّي على النبي صلى الله عليه وآله بعد العصر يوم الجمعه بهذه الصلاة... اللّهُمّ عجّل فرج آلِ محمّد و أهلك أعداءهُم مِن الجِنِّ والإنس... اللهم العن الَّذِين بدلُوا دِينك وكِتابك و غيرُوا سُنّة نبيّك عليه سلامك و أزالُوا الحق عن موضِعِهِ ألفي ألفِ لعنة مختلفةٍ غيرِ مُؤتِلِفةٍ والعنهُم ألفي ألفِ لعنةٍ مُؤتِلِفةٍ غيرِ مُختلِفةٍ والعن أشياعهم وأتباعهم ومن رضي بِفِعالهم مِن الأولين والآخرين .(2)

9 - عن عبدِ اللهِ بنِ هِلَالٍ قال: قُلتُ لأبي عبد الله عليه السلام إنّ حالنا قد تغيرت قال فادع في صلاتك الفريضة قُلتُ أيجوز في الفريضة فأُسمي حاجتي لِلدِّينِ والدُّنيا قال نعم فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قد قنت و دعا على قوم بأسمائهم وأسماء آبائهم وعشائرهم و فعله علي عليه السلام من بعدِهِ.(3)

10 - عن إسحاق بن الفضل الهاشمي قال : كان مِن دُعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام اللهُم إِنِّي أَعُوذُ بِك أن أُعادِي لك وَلِيّاً أو أُوالِي لك عدُوّاً أو أُرضي لك سخطاً أبداً اللهم من صليت عليهِ فصلاتُنا عليه و من لعنته فلعنتُنا عليهِ اللهُم من كان في موتِهِ فرح لنا ولجميع المسلمين فأرحنا مِنهُ وأبدل لنا من هو خير لنا مِنهُ حتَّى تُرِينا مِن عِلم الإجابة ما نتعرّفه في أدياننا و معايشنا يا أرحم الراحمين .(4)

ص: 81


1- المصباح : 52 و بحار الأنوار 84 : 274.
2- المصباح المتهجد : 392 و بحار الأنوار 87 : 81 ح 3.
3- السرائر 3 : 605 ، بحار الأنوار 82 : 202 ح 16 و وسائل الشيعه 6 : 284 ح7979.
4- بحار الأنوار 92 : 355 ح 10.

11 - من زيارة الزهراء سلام الله عليها السلام عليكِ يا فاطمة بنت رسُولِ اللهِ ورحمة الله وبركاتُهُ صلّى اللهُ عليكِ وعلى رُوحِكِ و بدنِكِ أشهدُ أنّكِ مضيتِ على بيّنةٍ مِن ربّكِ وأن من سركِ فقد سررسُول الله و من جفاكِ فقد جفا رسُول الله و من آذاكِ فقد آذى رسُول الله و من وصلكِ فقد وصل رسُول الله و من قطعك فقد قطع رسُول الله لأنكِ بضعةٌ مِنهُ ورُوحُهُ الَّتي بين جنبيه كما قال صلى الله عليه واله أُشْهِدُ الله ورسله وملائكته أنّي راض عمن رضِيتِ عنه ساخط على من سخطتِ عليهِ مُتبرِّى ممن تبرّأتِ مِنهُ مُوالٍ لِمن واليتِ مُعادٍ لِمن عاديتِ مُبغِضُ لِمن أبغضتِ يُحِبُّ لِمن أحببت وكفى بِاللهِ شهيداً و حسيباً وجازياً و مُثيباً ثم تُصلّي على النبي صلى الله عليم والهو الأئمة عليه السلام .(1)

12- من زيارة الزهرا سلام الله عليها السلام على البتُولةِ الشَّهِيدةِ ابنة نبي الرحمة وزوجة الوصي الحجّة و والدة السادة الأئمة السلام عليكِ يا فاطمة الزهراء ابنة النّبي المصطفى السلام عليك و على أبيكِ السلام عليك وعلى بعلِكِ وبنيكِ السلام عليكِ أيّتُها الممتحنة السلام عليكِ أيّتُها المظلومةُ الصّابِرةُ لعن الله من منعكِ حقكِ ودفعكِ عن إرتكِ و لعن الله من ظلمكِ وأعنتكِ وغصصكِ بِرِيقِكِ وأدخل الذُّلّ بيتكِ و لعن الله من رضي بِذلِكِ وشايع فيه واختاره و أعان عليه وألحقهم بدرك الجحِيمِ إِنِّي أتقرب إلى الله سبحانه بولايتكُم أهل البيت وبالبراءةِ مِن أعدائِكُم مِن الجِنِّ و الإنس وصلى الله على محمّد و آلِهِ الظَّاهِرِين .(2)

13 - في زيارة فاطمة عليها السلام... السلام عليك يا بنت رسُولِ اللهِ السلام عليك يا بنت ِنبِيّ ال- السلام عليك يا بنت حبيب الله السلام عليك يا بنت خليلِ اللهِ السلام عليك يا بنت أمِينِ اللهِ السلام عليك يا بنت خير خلق الله السلام عليكِ أيّتُها المغصوبةُ المظلومة السلام عليك أيتها المحدّثةُ العليمةُ أُشهِدُ الله ورسوله وملائكته أنّي راض عمن رضيت عنه ساخط على من سخطتِ عليهِ مُتبرِّيٌّ مِمن تبرّأتِ مِنهُ مُوالٍ لِمن واليتِ مُعادٍ لِمن عاديتِ مُبغِضُ لِمن أبغضتِ مُحِبُّ لمن أحببت وكفى بالله شهيداً و حسيباً وجازياً و مُثِيبا .(3)

ص: 82


1- بحار الأنوار 97 :195 ح 12.
2- بحار الأنوار 97 : 198 .
3- المصباح للكفعمي :475.

14 - فى زيارة الزهراء عليها السلام المروية عن أبي عبد الله عليه السلام ... السلام عليك يا فاطمة بنت رسُولِ الله ورحمة الله وبركاته صلّى اللهُ عليكِ وعلى رُوحِكِ و بدنِكِ أشهدُ أنكِ قد مضيت على بيّنةٍ من ربّكِ وأنّ من سرّكِ فقد سرّرسُول الله صلى الله عليه وآله و من جفاكِ فقد جفا رسُول الله و من قطعكِ فقد قطع رسول الله لأنكِ بضعةٌ مِنهُ و رُوحُهُ الَّتِي بين جنبيهِ أُشْهِدُ الله ورسوله و ملائكتهُ أَنِّي راض عمن رضِيتِ عنه ساخط على من سخطتِ عليهِ مُتبرِّئُ مِمن تبرّأتِ مِنهُ مُوالٍ لِمن واليتِ مُعَادٍ لِمن عاديتِ مُبغِضُ لِمن أبغضتِ يُحِبُّ لِمن أحببت وكفى بالله شهيداً و حسيباً وجازياً و مُثِيبا ....(1)

15 - في زيارة أخرى لها ... السلام عليك يا رسول الله صلّى الله عليك السلام على ابنتك الصِّدِّيقة الظاهرة السلام عليكِ يا فاطِمةُ يا سيّدة نساء العالمين السلام عليكِ أيتها البتولُ الشَّهِيدةُ لعن الله مانِعَكِ إرتكِ ورافعكِ عن حقِكِ و الرّاد عليكِ قولكِ لعن الله أشياعهم وأتباعهم وألحقهم بدرك الجحيم صلّى اللهُ عليكِ و على أبِيكِ وبعلِكِ ووُلدِكِ الأَئِمَّةِ الرّاشِدِين و عليهم السلام ورحمةُ اللهِ و بركاته .(2)

16 - في زيارة الأمير عليه السلام المروية عن أبي الحسن الثالث عليه السلام : إذا أردت أن تُودّع قبر أمير المؤمنين فقُلِ السلام عليك ورحمة الله وبركاتُه أستودِعُك الله وأسترعيك وأقرأُ عليك السلام آمنّا بِاللهِ و بِالرُّسُلِ و بِما جاءت بِهِ و دعت إليه ودلّت عليهِ فاكتبنا مع الشَّاهِدِين اللهم لا تجعلهُ آخِر العهدِ مِن زيارتي إِيَّاهُ فإِن توفّيتني قبل ذلك فإنّي أشهد مع الشّاهِدِين في مماتي على ما شهدتُ عليهِ في حياتي أشهدُ أنّكُمُ الأئمة وتُسمّيهم واحِداً بعد واحِدٍ و أشهد أن من قتلهم وحاربهم مشركون و من ردّ عِلمهم وردّ عليهم في أسفلِ دركِ مِن الجحيم و أشهد أن من حاربهم لنا أعداء و نحنُ مِنهُم بُراءُ وأنهُم حِزبُ الشَّيطان وعلى من قتلهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ومن شرِكَ فِيهِم و من سره قتلُهُم اللَّهُم إِنِّي أسألُك بعد الصلاة والتسليم أن تُصلّي على محمد وآل محمد وتُسمّيهم ولا تجعلهُ آخِر العهدِ مِن زيارتِهِ فإن جعلته فاحشرني مع هؤلاء المسمّين الأئمّة اللهم و ذلّل قُلُوبنا لهم بالطاعة والمناصحة والمحبّة وحُسنِ الموازرة و التسليم.(3)

ص: 83


1- البلد الأمين : 278 ، مصباح المتهجد 2 : 712 ، تهذيب الأحكام 6 :10 والمزار (للشهيد الأول) : 23.
2- البلد الأمين : 278 ، المزار للمفيد : 179 وبحار الأنوار 97 : 197.
3- البلد الأمين : 295 ، المزار للمفيد : 86 ، مصباح المتهجد : 746 ، المزار الكبير لإبن المشهدي : 193 ، الفقيه 2 : 591 و بحار الأنوار 97 : 266 9 : 266 ح 8.

17 - من الزيارة الغديرية المروية عن الإمام العسكرى عليه السلام ....... فلعن الله من قتلك و من ظلمك وتعدّى عليك وخذلك وحاد عنك وباينك اللهم العن قتلة أنبيائك وأوليائك و أوصياء أنبيائِكَ بِجَمِيعِ لعناتِك وأصلهم حزنارك وأليم عذابك والعن الجوابيت والطواغيت و الفراعنة واللات والعُزّى و الجبت والأوثان والأزلام والأضداد و كُلَّ نِدٍ يُدعى مِن دُونِ اللَّهِ وكُلّ مُلحِدٍ مُفتر على الله عزّ و جلّ اللّهُمّ أدخل على كُلّ من أذى رسُولك وقتل أنصاره و أنصار أمير المؤمنين و على قاتله وقاتل الحسن والحسين وقتلة أوليائك اللعن المضاعف السرمد الذي لا انقضاء له ولافناء وعذبهم عذاباً سرمداً مضاعفاً في أسفلِ دركِ مِن الجحيم اللهم العنهم في مُستسِرسِرِك و ظاهِرِ علانيتك لعناً وبيلا و أخرهم خِزياً طويلا ولا يُفتِّرُعنهُم وهُم فِيهِ مُبْلِسُون اللهم اجعل لِي لِسان صدقٍ فِي أولِيائِك و حبّب إلى مشاهِدهُم حتى تُلحقني بهم و تجعلني بهم تابعاً و ولِيّاً في الدنيا و الآخرة ...(1)

18 - من زيارة أمير المؤمنين عليه السلام .... لعن الله من خالفك ولعن الله من ظلمك ولعن الله افترى عليك و غضبك و لعن الله من قتلك و لعن الله من تابع على قتلك و لعن الله من بلغه ذلك فرضِي بِهِ أنا إلى اللهِ مِنهُم براءٌ لعن اللهُ أُمَّةٌ خالفتك و أُمّةً جحدت ولايتك أُمّةً تظاهرت عليك و أُمَّةً قتلتك وأُمّةً حادت عنك وأُمّةٌ خذلتك الحمدُ لله الذي جعل النار مثواهم و ﴿بئس الورد المورُودُ﴾(2) اللّهُمّ العن قتلة أنبيائك و أوصياء أنبيائِكَ بِجميع لعناتِك وأصلهم حزنارك اللهم العن الجوابيت والطواغيت و الفراعنة واللات والعُزّى وكُلّ نِدٍ يُدعى مِن دُونِك وكُلّ مُلحِدٍ مُفترٍ اللهم العنهم وأشياعهم وأتباعهم وأولياءهم وأعوانهم ويُحِبّيهم لعناً كبيراً لا انقطاع له ولا نفاد ولا منتهى ولا أجل اللهُم إِنِّي أبرأُ إليك من جميع أعدائك وأسألك أن تُصلّي على محمّد وآل محمّد و أن تجعل لي لسان صدقٍ في أوليائك و تُحبّب إلي مشاهِدهُم حتى تُلحقني بهم وتجعلني لهم تبعاً في الدنيا والآخرة يا أرحم الرّاحِمِين ...(3)

ص: 84


1- فرحة الغري : 109 ، المزار (للشهيد الأول : 88 و بحار الأنوار 97 : 299.
2- هود : 98.
3- بحار الأنوار 97 : 319.

19 - من زيارة أمير المؤمنين عليه السلام .... اللهم العن قتلة أمير المؤمِنِين و الآمرين بذلك والراضين بِهِ و المجوّزين له و الفرحين بِهِ لعناً كثيراً و عذبهم عذاباً ألِيماً لم تُعذِّب بِهِ أحداً مِن العالمين اللهم العن جوابيت هذِهِ الأمة و فراعِنتها الرُّؤساء منهم والأتباع من الأولين والآخِرِين واحشُ قُبُورهُم و أجوافهم ناراً وأصلِهِم مِن جهنّم أشدّها ناراً و احشرهم إلى جهنّم زرقاً ...(1)

20 - من زيارة أمير المؤمنين عليه السلام المروية عن الإمام الصادق عليه السلام .... لعن الله من قتلك و لعن الله من شايع على قتلك و لعن الله من خالفك لعن الله من ظلمك حقك لعن الله من عصاك لعن الله من غصبك حقك لعن الله من بلغه ذلِك فرضِي بِهِ أَنَا إِلَى اللَّهِ مِنْهُم بِرِيءٌ لعن اللهُ أُمَّةٌ خالفتك و أُمّةً جحدت ولايتك و أُمّةً حادت عنك و أُمّةً قتلتك الحمدُ لِلَّهِ الَّذِي جعل النار مثواهم و ﴿بئس الورد المورُودُ﴾(2) اللهم العن قتلة أنبيائك و أوصياء أنبيائك بجميع لعناتك وأصلهم حرّ نارِك اللهم العن الجوابيت والطواغيت وكُلّ نِدٍ يُدعى مِن دُونِ اللهِ وكُلِّ مُلحِدٍ مُفترِ اللهم العنهم و أشياعهم وأتباعهم وأولياءهُم وأعوانهم ويُحِبّيهم لعناً كثيراً اللهم العن قتلة أمير المؤمنين اللّهُم العن قتلة الحسن والحسين اللهم عذبهم عذاباً لا تُعذِّبُهُ أحداً من العالمين وضاعف عليهم عذابك بما شاقوا ولاة أمرك وعذبهم عذاباً لم تُحِلّهُ بِأحدٍ من خلقك اللهمّ أدخل على قتلة رسُولِك و أولادِ رسولك و على قتلة أمير المؤمنين وقتلة أنصاره وقتلة الحسن والحسين وأنصارهما و من نصب لآل محمّد و شيعتهم حرباً مِن النّاسِ أجمعين عذاباً مضاعفاً في أسفل الدركِ مِن الجحيم لا يُخفِّفُ عنهُم مِن عذابِها وهُم فِيهِ مُبلِسُون ملعُونُون ناكِسُوا رُوسِهِم عِند ربّهم قد عاينوا الندامة و الخزي الطويل بقتلهم عترة أنبيائك ورُسُلِك و أتباعهُم مِن عِبادِكَ الصَّالِحِين اللهم العنهم في مُستسِرِّ السّر و ظاهِرِ العلانية في سمائك وأرضك اللهم اجعل لي لسان صدقٍ في أوليائك و حبّب إلى مشاهِدهُم حتى تُلحقني بهم وتجعلني لهم تبعاً في الدّنيا والآخرة يا أرحم الرّاحِمين .(3)

ص: 85


1- بحار الأنوار 97 : 326.
2- هود : 98.
3- كامل الزيارات : 43 ، المزار لابن المشهدي : 233 ، البلد الأمين : 293 ، المزار للمفيد : 80 ، المصباح : 477 وبحار الأنوار 97 : 339.

21 - من زيارة أمير المؤمنين عليه السلام : ... شقي من عدل عن قصدك يا أمير المؤمنين وهوى من اعتصم بغيرك يا أمير المؤمنين و زاغ من آمن بسواك وجحد من خالفك وهلك من عاداك وكفرمن أنكرك وأشرَك مَن أَبغضَك وضَلَّ من فارقك ومرقَ من ناكتك وظلم من صَدَّ عنك و أجرم من نَصَب لك و فسق من دفع حقك ونافَق من قعد عن نُصرتك وخاب من أنكر بيعتك وخزي من تخلف عن فُلكِك و خسِر خُسراناً مُبِيناً أُشهِدُك أيُّها النّبأُ العظيم والعليُّ الحَكِيمُ أَنِّي مُوفٍ بِعهدِك مُقر ميثاقك مُطِيعٌ لأمرِك مُصدِّقٌ لِقولِك مُكذِّبٌ لِمَن خالفك يُحِبُّ لأوليائِكَ مُبغِضُ لأعدائك حرب لمن حاربت سلم لمن سالمت مُحقِّقُ لِما حققتَ مُبطِلٌ لِما أبطلتَ مُؤْمِن بِما أسررت مُوقِنٌ بِا أعلنت منتظر لما وعدت متوقع لما قلت حامِدٌ لِرتي عزّ و جلّ على ما أوزعني من معرفتِك شاكرله على ما طوقنِي مِنِ احتمال فضلك بأبي أنت وأُمِّي يا أمير المؤمنين.(1)

22 - من زيارة أميرالمؤمنين عليه السلام .... اللهم العن قتلة أنبيائك وأوصياء أنبيائك بجميع لعناتك وأصلهم حرّنارك والعن من غصب وليّك حقه وأنكر عهده وجحده بعد اليقين و الإقرار بالولاية له يوم أكملت لهُ الدِّين اللهم العن قتلة أمير المؤمنين و من ظلمه وأشياعهم وأنصارهم اللهم العن ظالمي الحسين و قاتليه والمتابعين عدوّه و ناصِرِيهِ و الرّاضِين بقتلِهِ و خاذِلِيهِ لعناً وبيلا اللّهُم العن أوّل ظالم ظلم آل محمد و مانعِيهِم حُقُوقهُم اللهُم خُصّ أوّل ظالم و غاصِب لآلِ محمد بِاللَّعِنِ وكُلِّ مُستنّ بِما سنّ إلى يوم القيامةِ اللّهُمّ صلّ على محمّد وآل محمد خاتم النبيين وعلى سيّدِ الوصِيِّين و آلِهِ الطَّاهِرِين واجعلنا بِهم مُتمسّكين وبولايتهم مِن الفائزين الآمِنِينَ الَّذِين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون(2).(3)

23 - من زيارة أمير المؤمنين عليه السلام:... لعن الله من قتلك و لعن الله من خالفك و لعن الله من افترى عليك و لعن الله من ظلمك وغصبك حقك و لعن الله من بلغه ذلك فرضِي بِهِ أنا إلى اللهِ منهم براء لعن اللهُ أُمَّةً خالفتك وجحدت ولايتك وتظاهرت عليك وقتلتك وحادت عنك خذلتك الحمدُ لِله الّذِي جعل النار مثواهم وبئس الورد المورُودُ.(4)

ص: 86


1- بحار الأنوار 97 : 351.
2- البقرة :62.
3- بحار الأنوار 97 : 368.
4- بحار الأنوار 97 : 379.

24 - من زيارة الإمام الحسين عليه السلام : عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ... لعن اللهُ أُمّةٌ قتلتك و لعن الله أُمّةً ظلمتك و لعن الله أُمَّةٌ خذلتك و لعن الله أُمَّةً خدعتك اللهُم إِنِّي أُشْهِدُكَ بِالولايةِ لِمن واليت و والتهُ رُسُلُك و أشهدُ بِالبراءةِ ممن برئت مِنهُ و برئت مِنهُ رُسُلُكَ اللَّهُم العَنِ الَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُلك وهدموا كعبتك وحرّفُوا كتابك وسفكوا دماء أهل بيت نبيّك و أفسدُوا فِي بِلادِك واستذلُّوا عِبادك اللّهُم ضاعف لهُمُ العذاب فيما جرى مِن سُبُلِك وبرك و بحرِك اللهم العنهم في مُستسر السّرائِرِ في سمائك و أرضِك ... اللهم اجعلني في وفدِك إلى خيرِ بقاعك وخيرخلقك اللهم العنِ الجبت والطاغوت ...(1)

أقول: أيها القارئ العزيز سأذكر حديث زيارة سيد المظلومين أبي عبد الله الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء لكثرة وجود مضامين اللعن والبراءة فيه بالإسم و الوصف، رغماً عن أنف مخالفيه من العامة و من المنتحلين لهذا الأمر المستأكلين بالولاية و المستنكرين للبراءة الذين يتمنون إندراس هذه الزيارة ويرتقبون لحذف فقرات اللعن منها الفرصة بتّر الله أعمارهم وشتت أمورهم و قلّل أمثالهم آمين رب العالمين.

25 - روى محمد بن إسماعيل بن بزيع عن صالح بن عُقبة عن أبيه عن أبي جعفرٍ عليه السلام قال: من زار الحسين بن علي عليهما السلام في يوم عاشوراء من المحرّم حتى يظلّ عِنده باكِياً لتي الله عزّ وجلّ يوم يلقاه بثوابِ ألفي حِجّةٍ و ألفي عُمرة و ألفي غزوة ثوابُ كُلِّ غزوة و حِجّةٍ وعُمرة كثواب من حج و اعتمر و غزا مع رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ومع الأئِمَّةِ الرّاشِدِين - إلى أن قال: إذا أنت صلّيت الركعتين بعد أن تُومِئ إِليهِ بِالسلام فقُل بعد الإيماء إليهِ مِن بعد التكبير هذا القول فإِنّك إذا قُلت ذلك فقد دعوت بما يدعُوبِهِ زُوّارُهُ مِن الملائِكَةِ وكتب الله لك مائة ألفِ أَلْفِ درجةٍ و كُنت كمن استشهد مع الحسين عليه السلام حتَّى تُشاركهم في درجاتِهم ولا تُعرفُ إِلَّا فِي الشُّهداءِ الَّذِين استشهدوا معه وكتب لك ثواب زيارة كُل نبي وكُلّ رسُولٍ وزيارة كُل من زار الحسين عليه السلام مُنذُ يوم قتل عليه السلام و على أهل بيته .

ص: 87


1- الوافي 14 : 1501 ، كامل الزيارات : 197 باب 97 و بحار الأنوار 98 : 150.

الزيارة:

اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ ... فَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً أَنِسَتْ أُساسَ الظُّلْمِ وَالجَوْرِ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَأَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبِكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ اللهُ فِيها، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً قَتَلَتْكُمْ، وَلَعَنَ اللهُ الْمُمَهِّدِينَ لَهُمْ بِالتَّمْكِينِ مِنْ قِتالِكُمْ، بَرِئْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَمِنْ أَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ وَأَوْلِيائِهِمْ. يا أَبا عَبْدِ اللهِ إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، وَلَعَنَ اللهُ آلَ زِيادٍ وَآلَ مَرْوانَ، وَلَعَنَ اللهُ بَنِي أُمَيَّةَ قاطِبَةً، وَلَعَنَ اللهُ ابْنَ مَرْجانَةَ، وَلَعَنَ اللهُ عُمَرَ بْنَ سَعْدٍ، وَلَعَنَ اللهُ شِمْراً، وَلَعَنَ اللهُ أُمَّةً أَسْرَجَتْ وَأَلْجَمَتْ وَتَنَقَّبَتْ لِقِتالِكَ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ... يا أَبا عَبْدِ اللهِ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلى اللهِ وَإِلى رَسُولِهِ وَإِلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَإِلى فاطِمَةَ وَإِلى الْحَسَنِ وَإِلَيْكَ بِمُوالاتِكَ وَبِالْبَراءَةِ مِمَّنْ أَسَّسَ أُساسَ ذلِكَ وَبَنى عَلَيْهِ بُنْيانَهُ وَجَرى فِي ظُلْمِهِ وَجَوْرِهِ عَلَيْكُمْ وَعَلى أَشْياعِكُمْ، بَرِئْتُ إِلى اللهِ وَإِلَيْكُمْ مِنْهُمْ وَأَتَقَرَّبُ إِلى اللهِ ثُمَّ إِلَيْكُمْ بِمُوالاتِكُمْ وَمُوالاةِ وَلِيِّكُمْ وَبِالْبَراءَةِ مِنْ أَعْدائِكُمْ وَالنَّاصِبِينَ لَكُمُ الْحَرْبَ وَبِالْبَراءَةِ مِنْ أَشْياعِهِمْ وَأَتْباعِهِمْ، إِنِّي سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ وَوَلِيٌّ لِمَنْ والاكُمْ وَعَدُوٌّ لِمَنْ عاداكُمْ، فَأَسْأَلُ اللهَ الَّذِي أَكْرَمَنِي بِمَعْرِفَتِكُمْ وَمَعْرِفَةِ أَوْلِيائِكُمْ وَرَزَقَنِي الْبَراءَةَ مِنْ أَعْدائِكُمْ أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَكُمْ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ... اَللّهُمَّ إِنَّ هذا يَوْمٌ تَبَرَّكَتْ بِهِ بَنُو أُمَيَّةَ وَابْنُ آكِلَةِ الأَكْبادِ اللَّعِينُ ابْنُ اللَّعِينِ عَلى لِسانِكَ وَلِسانِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ وَمَوْقِفٍ وَقَفَ فِيهِ نَبِيُّكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، اَللّهُمَّ الْعَنْ أَبا سُفْيانَ وَمُعاوِيَةَ وَيَزِيدَ بْنَ مُعاوِيَةَ عَلَيْهِمْ مِنْكَ اللَّعْنَةُ أَبَدَ الآبِدِينَ، وَهذا يَوْمٌ فَرِحَتْ بِهِ آلُ زِيادٍ وَآلُ مَرْوانَ بِقَتْلِهِمُ الْحُسَيْنَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ، اَللّهُمَّ فَضاعِفْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَ وَالْعَذابَ، اَللّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ فِي هذا الْيَوْمِ وَفِي مَوْقِفِي هذا وَأَيَّامِ حَياتِي بِالْبَراءَةِ مِنْهُمْ وَاللَّعْنَةِ عَلَيْهِمْ وَبِالْمُوالاةِ لِنَبِيِّكَ وَآلِ نَبِيِّكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمُ السَّلامُ، ثُمَّ يَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ: اَللّهُمَّ الْعَنْ أَوَّلَ ظالِمٍ ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآخِرَ تابِعٍ لَهُ عَلى ذلِكَ، اَللّهُمَّ الْعَنِ الْعِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الْحُسَيْنَ وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلى قَتْلِهِ، اَللّهُمَّ الْعَنْهُمْ جَمِيعاً، يَقُولُ ذلِكَ مِائَةَ مَرَّةٍ، ثُمَّ يَقُولُ: اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أَبا عَبْدِ اللهِ وَعَلَى الأَرْواحِ الَّتِي حَلَّتْ بِفِنائِكَ، عَلَيْكَ مِنِّي سَلامُ اللهِ أَبَداً ما بَقِيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ، وَلا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنِّي لِزِيارَتِكَ، اَلسَّلامُ عَلَى الْحُسَيْنِ وَعَلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَعَلى أَصْحابِ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ ذلِكَ مِائَةَ مَرَّةٍ، ثُمَّ يَقُولُ: اَللّهُمَّ خُصَّ أَنْتَ أَوَّلَ ظالِمٍ بِاللَّعْنِ مِنِّي وَابْدَأْ بِهِ أَوَّلاً ثُمَّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَالرَّابِعَ، اَللّهُمَّ الْعَنْ يَزِيدَ خامِساً وَالْعَنْ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيادٍ وَابْنَ مَرْجانَةَ وَعُمَرَ بْنَ سَعْدٍ وَشِمْراً وَآلَ أَبي سُفْيانَ وَآلَ زِيادٍ وَآلَ مَرْوانَ إِلى يَوْمِ

ص: 88

الْقِيامَةِ، ثُمَّ تَسْجُدُ وَتَقُولُ: اَللّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ حَمْدَ الشَّاكِرِينَ عَلى مُصابِهِمْ، اَلْحَمْدُ لِلّهِ عَلى عَظِيمِ رَزِيَّتِي، اَللّهُمَّ ارْزُقْنِي شَفاعَةَ الْحُسَيْنِ يَوْمَ الْوُرُودِ، وَثَبِّتْ لِي قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ وَأَصْحابِ الْحُسَيْنِ الَّذِينَ بَذَلُوا مُهَجَهُمْ دُونَ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ.

قال عَلقَمَةُ قال أَبو جَعفَر عليه السلام إِنِ اسْتَطَعتَ أَن تَزُورَهُ فِي كُلِّ يَومٍ بِهِذِهِ الزِيارَةِ مِن دَارِكَ فَافْعَل وَلَكَ ثَوَابُ جَمِيعِ ذَلِكَ.(1)

26 - من زيارة الإمام الحسين عليه السلام المروية عن أبي عبد الله عليه السلام .... فَلَعَنَ اللهُ مَن قَتَلَكُم وَلَعَنَ اللَّهُ مَن أَمَرَبِهِ وَ لَعَنَ اللهُ مَن بَلَغَهُ ذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ أَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ انتَهَكُوا حُرمَتَكَ وَ سَفَكُوا دَمَكَ مَلعُونُونَ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الأُمِّي ثُمَّ تَقُولُ اللَّهُمَّ العَنِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ وَخَالَفُوا مِلَّتَكَ وَ رَعْبُوا عَن أَمرِكَ وَاتَّهَمُوا رَسُولَكَ وَصَدُّوا عَن سَبِيلِكَ اللَّهُمَّ احشُ قُبُورَهُم نَاراً وَ أَجوافَهُم نَاراً وَاحْشُرُهُم وَ أَتبَاعَهُم إِلَى جَهَنَّمَ زُرقا اللَّهُمَّ العَنهُم لَعْناً يَلْعَنُهُم بِهِ كُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ وَكُلُّ نَجِي مُرْسَلِ وَكُلُّ عَبدٍ مُؤمن امتَحَنتَ قَلبَهُ لِلإِيمانِ اللَّهُمَّ العَنهُم فِي مُستَسَرِ السِّرِّ وَ ظَاهِرِ العَلانِيَةِ اللَّهُمَّ العَن جَوَابِيتَ هَذِهِ الأمّة وَالعَن طَوَاغِيتَهَا وَالعَن فَرَاعِنَتَهَا وَالعَن قَتَلَةَ أَمِيرِ المُؤمِنينَ وَالعَن قَتَلَةَ الحسينِ وَعَذِّبْهُم عَذَاباً لا تُعَذِّبُ بِهِ أَحَداً مِنَ العالمينَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَن تَنصُرُهُ وَتَنتَصِرُ بِهِ وَتَنُّ عَليهِ بِنَصْرِكَ لِدِينِكَ فِي الدّنيا والآخرة.(2)

27 - ذكر ابنُ المشهدي أَنَّ الصَّادِقَ عليه السلام زَارَ رَأْسَ الحسين عليه السلام عِندَ رَأْسِ أَمِيرِ المؤمنينَ عليه السلام وَصَلَّى عِندَهُ أَربَعَ رَكَعَاتٍ وَهِيَ هَذِهِ السلام عَليكَ يا ابنَ رَسُولِ اللَّهِ السلام عَليكَ يا ابنَ المؤمنينَ السلام عَليكَ يا ابنَ الصِّدِّيقَةِ الطَّاهِرَةِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ العَالمينَ السلام عَليكَ يا مَولايَ يا أَبَا عَبدِ اللَّهِ وَ رَحمةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ أَشْهَدُ أَنَّكَ قَد أَقَتَ الصلاة وَآتَيتَ الزَّكَاةَ وَ أَمَرْتَ بِالمعرُوفِ وَ نَهَيتَ عَنِ المُنكَرِ وَ تَلَوتَ الكِتَابَ حَقَّ تِلاوَتِهِ وَ جَاهَدتَ فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَ صَبَرتَ عَلَى الْأَذَى فِي جَنبِهِ مُحتَسِباً حَتَّى أَتَاكَ اليَقِينُ وَأَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ خَالَفُوكَ وَحَارَبُوكَ وَ أَنَّ الَّذِينَ خَذَلُوكَ وَالَّذِينَ قَتَلُوكَ مَلعُونُونَ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ وَقَد خَابَ مَنِ افْتَرى لَعَنَ اللهُ الظَّالِمِينَ لَكُم مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَ ضَاعَفَ عَليهِمُ العَذَابَ الأَلِيمَ أَتَيتُكَ يا مَولايَ يا ابنَ

ص: 89


1- مصباح المتهجد 2 : 772 ، البلد الأمين : 271 ، كامل الزيارات : 175 (مع إختلاف قليل) ، المزار للشهيد الأول : 178 ، المصباح للكفعمى : 482 وبحار الأنوار 98: 294.
2- كامل الزيارات : 202 ، الكافي 4 : 573 و بحار الأنوار 98 : 158.

رَسُولِ اللهِ زَائِراً عَارِفاً بِحَقِّكَ مُوالِياً لأَولِيائِكَ مُعَادِياً لأعدائِكَ مُستَبْصِراً بِالهُدى الَّذِي أَنتَ عَليهِ عَارِفاً بِضَلالَةِ مَن خَالَفَكَ فَاشْفَعْ لِي عِندَ رَبِّكَ.(1)

28 - في زيارة الحسين عليه السلام ... أَشْهَدُ أَنَّ قَاتِلَكَ فِي النَّارِ أَدِينُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ بِالبَرَاءَةِ مِمَن قَتَلَكَ وَ مِمَن قَاتَلَكَ وَ شَايَعَ عَلَى قَبْلِكَ وَمِمَن جَمَعَ عَليكَ وَمَمَن سَمِعَ صَوتَكَ فَلَم يُغِيكَ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَكَ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً.(2)

29 - من زيارة سيد الشهداء عليه السلام روى البرقي عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ قَالَ: دَخَلَ حَنَانُ بنُ سَدِيرٍ عَلَى أَبِي عَبدِ اللهِ عليه السلام وَ عِندَهُ جَمَاعَةٌ مِن أَصْحَابِهِ فَقَالَ يا حَنَانَ بنَ سَدِيرٍ تَزُورُ أَبَا عَبدِ اللَّهِ عليه السلام في كُلِّ شَهرٍ مَرَّةً قال لا قال فَفِي كُلِّ شَهرَينِ قال لا قال فَفِي كُلِّ سَنَةٍ قال لا قال مَا أَجْفَاكُم بِسَيّدِكُم قال يابنَ رَسُولِ اللهِ قِلَّةُ الزَّادِ وَبُعدُ المَسَافَةِ قال أَلا أَدُلُّكُم عَلَى زِيارَةٍ مَقبولَةٍ وَ إِن بَعْدَ النَّائِي قَالَ فَكَيْفَ أَزُورُهُ يَابنَ رَسُولِ اللهِ قال اعْتَسِل يومَ الجُمُعَةِ أَو أَيَّ يَومٍ شِئتَ وَالبَس أَطْهَرَثِيابِكَ وَاصْعَد إِلَى أَعلَى مَوضِع فِي دَارِكَ أَوِ الصَّحراء فَاستَقبِلِ القِبلَةَ بِوَجِهِكَ بَعدَ مَا تُبَيِّنُ أَنَّ القَبْرَهُنالِكَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ﴿فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله﴾(3) ثُمَّ قُل السلام عَليكَ يا مَولايَ وَ ابْنَ مَولايَ وَسَيِّدِي وَ ابنَ سَيِّدِي السلام عَليكَ يا مَولايَ يا قَتِيلَ بنَ القَتِيلِ الشَّهِيدَ بنَ الشَّهِيدِ السلام عَليكَ وَ رَحمةُ اللهِ وَ بَرَكَاتُهُ أَنا زَائِرُكَ يابنَ رَسُولِ اللَّهِ بِقَلبِي وَلِسَانِي وَ جَوارِحِي وَ إِن لَم أَزُرِكَ بِنفسِي وَ المشاهَدَةِ فَعَليكَ السلام يا وارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ وَ وَارِثَ نُوحٍ نَبِيّ اللَّهِ وَوَارِثَ إِبْراهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ وَوَارِثَ مُوسَى كَلِيمِ اللَّهِ وَ وَارِثَ عِيسَى رُوحِ اللَّهِ وَ كَلِمَتِهِ وَوَارِثَ محمد حَبِيبِ اللَّهِ وَ نَبِيِّهِ وَ رَسُولِهِ وَ وَارِثَ عَلِيَّ أَمِيرِ المُؤمِنينَ وَصِيَّ رَسُولِ اللَّهِ وَ خَلِيفَتِهِ وَ وَارِثَ الحَسَن بنِ عَلِي وَصِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ لَعَنَ اللَّهُ قَاتِلَكَ وَجَدَّدَ عَلَيهِمُ العذابَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَفِي كُلِّ سَاعَةٍ أنا يا سَيِّدِي مُتَقَرِّبْ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّوَ إِلَى جَدِّكَ رَسُولِ اللَّهِ وَإِلَى أَبِيكَ أَمِيرِ المؤمنينَ وَ إِلَى أَخِيكَ الحسَن وَ إِلَيكَ يا مَولايَ فَعَليكَ سَلَامُ اللَّهِ وَ رَحمَتُهُ بِزِيارَتِي لَكَ بِقَلِي وَلِسَانِي وَ جَمِيعِ جَوَارِحِي فَكُن يا سَيِّدِي شَفِيعِي لِقَبولِ ذَلِكَ مِنِّي وَ أَنَا بِالبَرَاءَةِ مِن أَعدَائِكَ وَ اللَّعْنَةِ لَهُم وَعَليهِم أَتَقَرَّبُ

ص: 90


1- المزار الكبير لإبن المشهدي : 172 و بحار الأنوار 97 : 293.
2- البلد الأمين :281 وبحار الأنوار 101 : 166.
3- البقرة : 115.

إِلَى اللَّهِ وَ إِلَيكُم أَجْمَعِينَ فَعليكَ صَلَواتُ اللَّهِ وَرِضوانُهُ وَ رَحمَتُهُ ثُمَّ تَتَحَوَّلُ عَلَى يَسَارِكَ قَلِيلاً وَ تُحَوِّلُ وَجْهَكَ إِلَى قَبْرِ عَلِيِّ بنِ الحسين عليهما السلام وَهُوَ عِندَ رِجلِ أَبِيهِ وَتُسَلِّمُ عَليهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ ادْعُ اللهَ بِمَا أَحْبَبْتَ مِن أَمرِدِينِكَ وَدُنْياكَ ثُمَّ تُصَلِّي أَربَعَ رَكَعَاتٍ فَإِنَّ صلاة الزِيارَة ثَمانِيَةٌ أَو سِتَّة أَو أَربَعَةٌ أَو رَكعتانِ وَأَفضَلُهَا ثَمَانٌ تَستَقبِلُ القِبْلَةَ نَخَوَ قَبْرِ أَبِي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام وَ تَقُولُ أنا مُوَدِّعُكَ يا مَولايَ وَابْنَ مَولايَ وَسَيّدِي وَ ابْنَ سَيّدِي وَ مُوَدِّعُكَ يَا سَيِّدِي وَابْنَ سَيِّدِي يا عَلِيَّ بن الحسينِ وَ مُوَدِّعُكُم يا سَادَتِي يا مَعشَرَ الشُّهَداءِ فَعَلَيكُم سَلامُ اللهِ وَ رَحمَتُهُ وَرِضوانُهُ .(1)

30 - من زيارة الإمام الحسين عليه السلام : عن أبي حمزة قال قال الصادق عليه السلام : ... لُعِنَت أُمَّةٌ خَالَفَتكُم وَأُمَّةٌ جَحَدَت ولايتكم وَ أُمَّةٌ تَظاهَرَت عَلَيكُم وَأُمَّةٌ شَهِدَت وَلَم تُستَشهَد الحمد لله الَّذِي جَعَلَ النَّارَ مَثواهُم وَبِئْسَ الوِردُ المورُودُ وَ بِئسَ الرِّفْدُ المرفُودُ وَ تَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَليكَ يا أَبَا عَبْدِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليكَ يا أَبَا عَبدِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَليكَ يا أَبَا عَبدِ اللَّهِ وَعَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ لَعَنَ اللهُ قَاتِلِيكَ وَلَعَنَ اللَّهُ سَالِبِيكَ وَ لَعَنَ اللهُ خَاذِلِيكَ وَلَعَنَ اللهُ مَن شَايَعَ عَلَى قَتِلِكَ وَمَن أَمَرَ بِذَلِكَ وَ شَارَكَ فِي دَمِكَ وَ لَعَنَ اللهُ مَن بَلَغَهُ ذَلِكَ فَرَضِيَ بِهِ أَو سَلَّمَ إِلَيهِ أَنا أَبِرأُ إِلَى اللَّهِ مِن وَلَايَتِهِم وَ أَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَآلَ رَسُولِهِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ اسْتَهَكُوا حَرَمَكَ وَ سَفَكُوا دَمَكَ مَلعونونَ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ اللَّهُمَّ العَنِ الَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُلَكَ وَ سَفَكُوا دِمَاءَ أَهْلِ بَيتِ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَلَيهِم اللَّهُمَّ العَن قَتَلَةَ أَمِيرالمؤمنينَ وَضَاعِفَ عَلَيهِمُ العَذابَ الأَلِيمَ اللَّهُمَّ العَن قَتَلَةَ الحَسِينِ بنِ عَلِقٍ وَقَتَلَةَ أَنصَارِ الحسين بن علي عليهما السلام وَ أَصلِهِم حَرَّنَارِكَ وَأَذِقهُم بَأسَكَ وَضَاعِفَ عَلَيهِم عَذَابَكَ وَالعَنهُم لَعناً وَبِيلا اللَّهُمَّ أَحلِل بِهِم نَقِمَتَكَ وَأَتِهِم مِن حَيثُ لا يَحْتَسِبُونَ وَخُذْهُم مِن حَيثُ لَا يَشْعُرُونَ وَ عَذبهم عذاباً نُكراً وَ العَن أعداءَ نَبِيِّكَ وَ أَعداء آلِ نَبِيِّكَ لَعناً وَبِيلا اللَّهُمَّ العَنِ الجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ وَ الفَراعِنَةَ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ... أَسأَلُ اللهَ الَّذِي حَمَلَنِي إِلَيكُم حَتَّى أَرَانِي مَصَارِعَكُم أَن يُرِيَنِيكُم عَلَى الحَوضِ رِوَاءٌ مَروِبِينَ وَيُرِيَنِي أَعداءَكُم فِي أَسْفَلِ دَركِ مِنَ الجَحِيمِ فَإِنَّهُم قَتَلُوكُم ظلماً وأَرَادُوا إمانَةَ الحَقِّ وَ سَلَبُوكُم لابنِ سُمَيَّةَ وَ ابن آكِلَةِ الأكبادِ فَأَسْأَلُ اللهَ أَن يُرِيَنِيهِم ظِماءٌ مُطْمَئِينَ مُسَلسَلِينَ مُغَلَّلِينَ يُسَاقُونَ إِلَى الجَحِيمِ.(2)

ص: 91


1- كامل الزيارات : 289 و بحار الأنوار 98 : 367 .
2- كامل الزيارات : 243 و بحار الأنوار 98 :181.

31 - من زيارة الإمام الحسين عليه السلام:... لَعَنَ اللهُ أُمَّةٌ ظَلَمَتكَ وَأُمَّةٌ قَاتَلَتكَ وَأُمَّةٌ قَتَلَتكَ وَأُمَّةٌ أَعانَت عَليكَ وَأُمَّةٌ خَذَلَتكَ وَأُمَّةٌ دَعَتِكَ فَلَم تُحِبكَ وَأُمَّةٌ بَلَغَهَا ذَلِكَ فَرَضِيَت بِهِ وَأَحقَهُمُ اللَّهُ بِدَركِ الجحِيمِ اللَّهُمَّ العَنِ الَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُلَكَ وَهَدَمُوا كَعَبَتَكَ وَاسْتَحَلُوا حَرَمَكَ وَأَلْحَدُوا فِي البَيتِ الحرامِ وَحَرَّفُوا كِتَابَكَ وَ سَفَكُوا دِمَاءَ أَهْلِ بَيتِ نَبِيِّكَ وَ أَظْهَرُوا الفَسَادَ فِي أَرْضِكَ وَاسْتَذَلُّوا عِبَادَكَ المؤمنينَ اللَّهُمَّ ضَاعِفَ عَليهِمُ العَذابَ الأَلِيم(1).

32 - من زيارة الإمام الحسين عليه السلام .... السلام عَليكَ يا ابنَ النَّبِإِ العَظِيمِ السلام عَليكَ يا ابنَ الصِّرَاطِ المستَقِيمٍ أَشهَدُ أَنَّكَ حُجَّةُ اللهِ فِي أَرضِهِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ الَّذِينَ خَالَفُوكَ وَ أَنَّ الَّذِينَ قَتَلُوكَ وَ الَّذِينَ خَذَلُوكَ وَ أَنَّ الَّذِينَ جَحَدُوا حَقَّكَ وَ مَنَعُوكَ إِرْتَكَ مَلعُونُونَ عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الْأُمِّي ﴿وَقَدَ خَابَ مَنِ افْتَرى﴾(2) لَعَنَ اللهُ الظَّالمينَ مِنكُم مِنَ الأوَّلِينَ والآخِرينَ وَضَاعَفَ لَهُمُ العَذَابَ الأَلِيمَ عَذاباً لا يُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ العَالمينَ ... السلام عَليكَ يا أَوَّلَ مَظلُومِ انتُهِكَ دَمُهُ وَ ضُيِّعَت فِيهِ حُرمَةُ الإسلامِ فَلَعَنَ اللهُ أُمَّةٌ أَسَّسَت أَسَاسَ الظُّلِمِ وَالجَورِ عَلَيكُم أَهْلَ البَيتِ أَشْهَدُ أَنِّي سِلْمٌ لِمَن سَالَتَ وَ حَربٌ لِمَن حَارَبتَ مُبطِلٌ لِمَا أَبَطَلتَ مُحَقِّقَ لِمَا حَقَّقَتَ فَاسْفَع لِي عِندَ رَبِّي وَ رَبِّكَ فِي خَلاصِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ وَ قَضَاءِ حَوَائِحِي فِي الدّنيا والآخرة صَلَواتُ اللهِ عَليكَ ورحمةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.(3)

33- و في نفس تلك الزيارة ... لَعَنَ اللهُ مَن رَمَاكَ لَعَنَ اللهُ مَن طَعَنَكَ لَعَنَ اللَّهُ مَنِ اجْتَزَ رَأْسَكَ لَعَنَ اللَّهُ مَن حَمَلَ رَأْسَكَ لَعَنَ اللَّهُ مَن نَكَتَ بِقَضِيبِهِ بَينَ ثَنَاياكَ لَعَنَ اللَّهُ مَن أَبِكَى نِسَاءَكَ لَعَنَ اللَّهُ من أَيتَمَ أَولادَكَ لَعَنَ اللَّهُ مَن أَعَانَ عَليكَ لَعَنَ اللَّهُ مَن سَارَ إِلَيكَ لَعَنَ اللَّهُ مَن مَنَعَكَ مِن مَاءِ الفُراتِ لَعَنَ اللهُ مَن غَشَّكَ وَخَلاكَ لَعَنَ اللهُ مَن سَمِعَ صَوتَكَ فَلَم يُجِبكَ لَعَنَ اللهُ ابْنَ آكِلَةِ الأَكبَادِ وَ لَعَنَ اللهُ ابْنَهُ وَ أَعوانَهُ وَ أَتبَاعَهُ وَ أَنصَارَهُ وَابنَ سُمَيَّةَ وَلَعَنَ اللهُ جَمِيعَ قَاتِلِيكَ وَقَاتِلِي أَبِيكَ وَ مَن أَعَانَ عَلَى قَتلِكُم وَحَشَا اللهُ أَجوافَهُم وَبُطُونَهُم وَقُبُورَهُم نَاراً وَ عَذَّبَهُم عَذَاباً أَلِيما ...(4)

ص: 92


1- تهذيب الأحكام 6 : 58 ، المزار لإبن المشهدي : 375 و بحار الأنوار 98 : 209.
2- طه : 61.
3- بحار الأنوار 98 : 237.
4- كامل الزيارات : 237 و بحار الأنوار 101 : 184.

34 - من زيارة الإمام الحسين عليه السلام ... السلام عليكَ أَيُّهَا الإمام الكريمُ وَابنَ الرَّسُولِ الكريم أَتيتُكَ بِزِيارَةِ العَبدِ لِولاهُ الرَّاجِي فَضْلَهُ وَجَدَوَاهُ الأَمِلِ قَضَاءَ الْحَقِّ الَّذِي أَظْهَرَهُ اللَّهُ لَكَ وَكَيفَ أَقْضِي. حَقَّكَ مَعَ عَجْزِي وَ صِغَرِجَدِي وَ جَلالَةِ أَمْرِكَ وَ عَظِيمٍ قَدرِكَ وَهَل هِيَ إِلَّا المَحافَظَةُ عَلَى ذِكرِكَ وَالصلاة عَليكَ مَعَ أَبِيكَ وَجَدِّكَ وَ المَتابَعَةُ لَكَ وَ البَرَاءَةُ مِن أَعدَائِكَ وَالْمُنحَرِفِينَ عَنكَ فَلَعَنَ اللَّهُ مَن خَالَفَكَ فِي سِرِهِ وَ جَهرِهِ وَ مَن أَجِلَبَ عَليكَ بِخَيلِهِ وَ رَجِلِهِ وَ مَن كَثَرَ أَعدَاءَكَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَ مَن سَرَّهُ مَا سَاءَكَ وَ مَن أَرضاهُ مَا أَسخَطَكَ وَ مَن جَرَّدَ سَيفَهُ لِحَربِكَ وَ مَن شَهَرَ نَفْسَهُ فِي مُعَاداتِكَ وَ مَن قَامَ فِي المَحَافِلِ بِذَمِّكَ وَ مَن خَطَبَ فِي المَجَالِسِ بِلَومِكَ سِرّاً وَ جَهِراً اللَّهُمَّ جَدِّد عَليهِمُ اللَّعْنَةَ كَمَا جَدَّدتَ الصلاة عَليهِ اللَّهُمَّ لا تَدَع لَهُم دِعامَةً إِلَّا قَصَمتَهَا وَلا كَلِمَةٌ مُجتَمِعَةً إِلَّا فَرَّقْتَهَا اللَّهُمَّ أَرسل عَليهِم مِنَ الحَقِّ يَداً حَاصِدَةً تَصْرَعُ قَائِمَهُم وَ تَهشِمُ سُوقَهُم وَ تَجَدَعُ مَعاطِسَهُم .(1)

35 - من زيارة الإمام الحسين عليه السلام : ... آمَنتُ بِاللهِ وَبِمَا أُنزِلَ عَلَيْكُم وَ أَتَوَلَّى آخِرَكُم بِمَا تَوَلَّيتُ بِهِ أَوَّلَكُم وَكَفَرْتُ بِالجِبتِ وَالطَّاغُوتِ وَاللاتِ وَالعُزَّى اللَّذَينِ بَدَّلَا نِعْمَتَكَ وَخَالَفَا كِتَابَكَ وَ انَّهُمَا نَبِيَّكَ وَصَدَّا عَن سَبِيلِكَ اللَّهُمَّ احشُ قُبُورهُما نَاراً وَ أَجوافَهُما نَاراً وَالعَنهُما لعناً يَلعَتُهُما به كُلُّ نَي مُرسَلٍ وَكُلُّ مَلَكٍ مُقَرَّبِ أَو عَبْدٍ امْتَحَنَ اللهُ قَلَبَهُ لِلإِيمان ... أَشْهَدُ أَنَّكَ حَيٌّ عِندَ اللَّهِ تُرْزَقُ وَ أنا أَتَوَلَّى وَلِيَّكَ وَ أَبَرَأُ إِلَى اللهِ مِن عَدُوّكَ وَأَشْهَدُ أَنَّ مَنِ اتَّبَعَكَ عَلَى الحَقِّ وَالهُدى وَأَنَّ مَن قَاتَلَكَ وَ أَنكَرَ حَقَّكَ عَلَى الضَّلَالَةِ وَ أَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنهُم وَ أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ بِذَلِكَ وَأَطْلُبُ بِذَلِكَ وَجَدَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخرة ثُمَّ تَضَعُ خَدَّكَ عَلَى القَبْرِ ثُمَّ تَقُولُ اللَّهُمَّ رَبَّ الحسينِ اشفِ صَدرَ الحسينِ اطلب بِدَمِ الحسينِ انتَقِم لِلحُسَينِ اللَّهُمَّ وَ مَن أَعَانَ عَلَى قَتِلِهِ أَو رَضِيَ بِقَتِلِهِ فَالْعَنْهُ إِلَهَ الْحَقِّ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.(2)

36 - من زيارة سيدالشهداء عليه السلام المروية عن الصادق عليه السلام ... اللَّهُمَّ العَنِ الجِبْتَ وَ الطَّاغُوتَ وَالعَن أَشياءَهُم وَ أَتِّباعَهُم ...(3)

ص: 93


1- مصباح الزائر : 243 وبحار الأنوار 98 : 247.
2- بحار الأنوار 98: 254.
3- كامل الزيارات : 195 و بحار الأنوار 101 : 148.

37 - من زيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشورا عن عَبدِ اللهِ بنِ سِنَانٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى مَولايَ أَبِي عَبدِ اللهِ جَعَفَرِ بنِ محمّد عليهما السلام يومَ عَاشُوراءَ وَهُوَ مُتَغَيِّرُ اللَّونِ وَ دُمُوعُهُ تَنحَدِرُ عَلَى خَذَيهِ كَاللُّؤْلُوْ فَقُلتُ لَهُ يا سَيّدِي مِمَّا بُكَاؤُكَ لا أَبَكَى اللهُ عَينَيكَ فَقَالَ لِي أَمَا عَلِمتَ أَنَّ فِي مِثلِ هَذَا اليَومِ أُصِيبَ الحسين عليه السلام فَقُلتُ بَلَى يَا سَيِّدِي وَإِنَّمَا أَتَيْتُكَ مُقتَبِساً مِنكَ فِيهِ عِلماً وَمُستَفِيداً مِنكَ لِتُفِيدَنِي فِيهِ قال سَل عَمَّا بَدَا لَكَ وَ عَمَّا شِئتَ قُلتُ مَا تَقُولُ يَا سَيِّدِي فِي صَومِهِ قال صُمهُ مِن غَيرِ تَبِيتٍ وَ أَفَطِرُهُ مِن غَيْرِ تَسْمِيتٍ وَلا تَجَعَلَهُ يَومَا كَامِلا وَ لَكِن أَفَطِر بَعدَ العَصرِ بِساعَةٍ وَلَو بِشَربَةٍ مِن ماءٍ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ الوَقتِ مِن ذَلِكَ اليَومِ تَجَلَّتِ الهَيجاءُ عَن آلِ الرَّسُولِ عَليهِ وَعَليهِمُ السلام وَانكَشَفَ الملحَمَةُ عَنهُم وَ فِي الْأَرْضِ مِنْهُم ثَلاثونَ صَرِيعا يَعِزُّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله صَرَعُهُم قال ثُمَّ بَكَى بُكاءً شَدِيداً حَتَّى احْضَلَّت لِحِيَتُهُ بِالدُّمُوعِ وَ قال أَتَدري أَيَّ يَومٍ كَانَ ذَلِكَ اليَومُ قُلتُ أَنتَ أَعلَمُ بِهِ مِنّى يا مولاي قال إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ خَلَقَ النُّورَيومَ الجمعةِ فِي أَوَّلِ يَومٍ مِن شَهرِ رَمَضَانَ وَ خَلَقَ الظُّلَمَةَ فِي يَومِ الأَربعاء يومَ عَاشوراءَ وَ جَعَلَ لِكُلِّ مِنْهُمَا شَرِيعَةً وَمِنْهَاجاً يا عَبدَ اللهِ بنَ سِنَانٍ أَفضَلُ مَا تَأْتِي بِهِ هَذَا اليومَ أَن تَعْمِدَ إِلَى ثِيابِ طَاهِرَةٍ فَتَلبَسَهَا وَ تُحِلَّ أَزْرَارَكَ وَتَكشِفَ عَن ذِرَاعَيكَ وَ عَن سَاقَيكَ ثُمَّ تَخْرُجَ إِلَى أَرْضِ مُقفِرَةٍ حَيثُ لا يَراكَ أَحَدٌ أَو فِي دَارِكَ حِينَ يَرَتَفِعُ النَّهارُ وَ تُصَلِّي أَربَعَ رَكَعَاتٍ تُسَلِّمُ بَينَ كُلِّ رَكَعَتَينِ تَقرَأُ فِي الرَّكَعَةِ الأُولَى سُورَةَ الحَمدِ وَ قُل يا أَيُّهَا الكافِرُونَ وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ الحَمدِ وَقُل هُوَ اللهُ أَحَدٌ وَفِي الثَّالِثَةِ سُورَةَ الحَمدِ وَ سُورَةَ الأحزابِ وَ فِي الرَّابِعَةِ الحَمدَ وَالمَنافِقِينَ ثُمَّ تُسَلِّمُ وَ تُحوّلُ وَجَهَكَ نَحوَقَبرِ أَبِي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام وَتُسَمِّلُ بَينَ يَدَيكَ مَصَرَعَهُ وَتُفَرِخُ ذِهَنَكَ وَ جَمِيعَ بَدَنِكَ وَ تَجمَعُ لَهُ عَقلَكَ ثُمَّ تَلعَنْ قَاتِلَهُ أَلْفَ مَرَّةٍ يُكتَبُ لَكَ بِكُلّ لَعَنَةٍ أَلفُ حَسَنَةٍ وَيُحَى عَنكَ أَلفُ سَيِّئَةٍ وَيُرفَعُ لَكَ أَلفُ دَرَجَةٍ فِي الجَنَّةِ ثُمَّ تَسعَى مِنَ الموضع الَّذِي صَلَّيتَ فِيهِ سَبعَ مَرَّاتٍ وَأَنتَ تَقُولُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِن سَعيِكَ «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِليهِ راجِعُونَ رِضًا بِقَضاءِ اللَّهِ وَتَسلِيماً لأمرِهِ» سَبعَ مَرَّاتٍ وَ أَنتَ فِي كُلِّ ذَلِكَ عَليكَ الكَابَةُ وَالْحَزَنُ ثَاكِلاً حَزِيناً مُتَأَشِفَا فَإِذَا فَرَعْتَ مِن ذَلِكَ وَقَفَتَ فِي مَوضِعِكَ الَّذِي صَلَّيتَ فِيهِ وَقُلتَ سَبْعِينَ مَرَّةً اللَّهُمَّ عَذِبِ الَّذِينَ حَارَبُوا رُسُلَكَ وَشَاقُوكَ وَ عَبَدُوا غَيرَكَ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَكَ وَالعَنِ القَادَةَ وَالأتباعَ وَ مَن كَانَ مِنهُم وَ مَن رَضِيَ بِفِعْلِهِم لَعْناً كَثِيراً ثُمَّ تَقُولُ اللَّهُمَّ فَرْجِ عَن أَهلِ محمّد صَلَّى اللهُ عَليهِ وَعَليهِم أَجْمَعِينَ وَاستَنقِذهُم مِن أَيدِي

ص: 94

المُنَافِقِينَ وَالكُفَّارِ وَالجَاحِدِينَ وَامِنُن عَليهِم وَافْتَح هُم فَتحاً يَسِيراً وَ اجْعَل هَم مِن لَدُنكَ عَلَى عَدُوّكَ وَ عَدُوِّهِم سُلطاناً نَصِيراً ثُمَّ اقنُت بَعدَ الدُّعاءِ وَقُل فِي قُنُوتِكَ اللَّهُمَّ إِنَّ الْأُمَّةِ خَالَفَتِ الأيْتَةَ وَكَفَرُوا بِالكَلِمَةِ وَ أَقَامُوا عَلَى الضَّلالَةِ وَالكُفْرِ وَ الرَّدَى وَالجِهَالَةِ وَالعَمَى وَهَجَرُوا الكِتَابَ الَّذِي أَمَرتَ بِمَعرِفَتِهِ وَالوَصِيَّ الَّذِي أَمَرتَ بِطَاعَتِهِ فَأَمَاتُوا الْحَقَّ وَعَدَلُوا عَنِ القِسطِ وَ أَضَلُّوا الأمّة عَنِ الحَقِّ وَخَالَفُوا السُّنَّةَ وَبَدَّلُوا الكِتابَ وَ مَلَكُوا الأَحْزَابَ وَكَفَرُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُم وَتَمَسَّكُوا بِالباطِلِ وَضَيَّعُوا الحَقِّ وَأَضَلُّوا خَلَقَكَ وَقَتَلُوا أَولادَ نَبِيِّكَ صلى الله عله وَآلِهِ وَ خِيَرَةً عِبادِكَ وَ أَصفِيائِكَ وَ حَمَلَةِ عَرْشِكَ وَخَزَنَةِ سِرِكَ وَ مَن جَعَلَتَهُمُ الحُكَّامَ فِي سَمَاوَاتِكَ وَ أَرْضِكَ اللَّهُمَّ فَزَلْزِل أَقدامَهُم وَ أَحْرِب دِيارَهُم وَاكْفُف سِلاحَهُم وَأَيْدِيَهُم وَأَلْقِ الْإِخْتِلافَ فِيمَا بَينَهُم وَ أُوهِن كَيْدَهُم وَاصْرِبهُم بِسَيفِكَ الصَّارِمِ وَ حَجَرِكَ الدَّامِعْ وَ طُمَّهُم بِالبَلاءِ طَمّا وَارمهِم بِالبَلاءِ رَمياً وَ عَذِّبْهُم عَذَاباً شَدِيداً نُكراً وارمِهِم بِالغلاء وَخُذهُم بِالسِّنِينَ الَّذِي أَخَذْتَ بِهَا أَعداءَكَ وَ أَهلِكهُم بِمَا أَهلَكتَهُم بِهِ اللَّهُمَّ وَخُذهُم أَخذَ القرَى وَهِيَ ظالمةٌ إِنَّ أَخَذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ اللَّهُمَّ إِنَّ سُبُلَكَ ضَائِعَةٌ وَأَحكَامَكَ مُعَظَلَةٌ وَأَهلَ نَبِيِّكَ فِي الْأَرْضِ هَائِمَةٌ كَالوَحْشِ السَّائِةِ اللَّهُمَّ أَعلِ الحَقَّ وَاستَنقِذِ الخَلقَ وَامِنُن عَلَينا بِالنَّجَاةِ وَاهْدِنَا لِلإِيمَانِ وَ عَجِّل فَرَجَنَا بِالقَائِمِ عليه السلام وَ اجعَلهُ لَنا رِدء أوَ اجعَلنا لَهُ رِفدا اللَّهُمَّ وَ أَهلِك مَن جَعَلَ قَتلَ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ عِيداً وَاسْتَهَلَّ فَرَحاً وَ سُرُوراً وَ خُذ آخِرهُم بِمَا أَخَذتَ بِهِ أَوَهَهُم اللَّهُمَّ أَصْعِفِ البَلاءَ وَالعَذَابَ وَالتَّنْكِيلَ عَلَى الظَّالمينَ مِنَ الأُولِينَ والآخِرِينَ وَ عَلَى ظَالمي آلِ بَيتِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وآله نَكَالا وَلَعَنَةً وَأَهلِك شِيعَتَهُم وَقادَتهُم وَ جَمَاعَتَهُم اللَّهُمَّ ارحَمِ العِترةَ الضَّائِعَةَ المقتُولَةَ النَّلِيلَةَ مِنَ الشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ المبارَكَةِ اللَّهُمَّ أَعلِ كَلمَتَهُم وَأَفْلِج حُجَّتَهُم وَثَبِّت قُلُوبَهُم وَقُلُوبَ شِيعَتِهِم عَلَى مُوالاتِهِم وَ انصُرْهُم وَ أَعِنهُم وَصَبْرهُم عَلَى الأذى فِي جَنبِكَ وَاجعَل لَهُم أَياماً مَشهُورَةٌ وَأَياماً مَعلُومَةٌ كَمَا ضَمِنتَ لأُولِياتِكَ فِي كِتابِكَ المنزَلِ فَإِنَّكَ قُلتَ: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَستَحْلِفَنَّهُم في الأرضِ كَمَا اسْتَخلَفَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكَّنَنَّ لَهُم دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَ لَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعْدِ خَوفِهِم أَمنا﴾(1) اللَّهُمَّ أَعلِ كَلِمَتَهُم يا لا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ يَا لَا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ يا لَا إِلَهَ إِلَّا

ص: 95


1- النور : 55.

أَنتَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يا حَيُّ يَا قَيُّومُ فَإِنِّي عَبدُكَ الخَائِفُ مِنكَ وَالرَّاجِعُ إِلَيكَ وَالسَّائِلُ لَدَيكَ وَ المتَوَكَّلُ عَليكَ وَاللاجِي بِفِنَائِكَ فَتَقَبَل دُعَائِي وَاسْمَع نَجَوايَ وَ اجْعَلْنِي مِمَن رَضِيتَ عَمَلَهُ وَ هَدَيْتَهُ وَقَبِلتَ نُسُكَهُ وَانتَجَيْتَهُ بِرَحمتِكَ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الوَهَّابُ أَسْأَلُكَ يَا اللَّهُ بِلا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ أَلَّا تُفَرِّقَ بَيني وَبَينَ محمد وَآلِ محمّد الأَئِمَّةِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيهِم أَجْمَعِينَ وَاجْعَلْنِي مِن شِيعَةِ محمد وَآلِ محمّد وَ تَذكرُهُم وَاحِداً وَاحِداً بِأَسمائِهِم إِلَى القائم عليه السلام وَ أَدْخِلْنِي فِيمَا أَدْخَلَتَهُم فِيهِ وَأَخرِجنِي مِمَّا أَخرَجتَهُم مِنهُ ثُمَّ عَفْر خَدَّيكَ عَلَى الأَرْضِ وَقُل يَا مَن يَحْكُمُ بِمَا يَشَاءُ وَيَعْمَلُ مَا يُرِيدُ أَنتَ حَكَمَتَ فِي أَهْلِ بَيتِ محمّد مَا حَكَمْتَ فَلَكَ الحَمدُ مَحَمُوداً مَشكوراً وَ عَجِل فَرَجَهُم وَ فَرَجَنَا بِهِم فَإِنَّكَ ضَمِنتَ إعزازهُم بَعدَ الذِلَّةِ وَتَكثِيرهُم بَعدَ القِلَّةِ وَإِظْهَارَهُم بَعدَ الخُمُولِ يا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ أَسأَلكَ يا إلهي وَسَيّدِي بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ أَن تُبلِغَنِي أَمَلِي وَتَشكُرَ قَلِيلَ عَمَلِي وَ ن تَزِيدَنِي فِي أَيامِي وَتُبلِغَنِي ذَلِكَ المُشهَدَ وَ تَجْعَلَنِي مِنَ الَّذِينَ دُعِيَ فَأَجَابَ إِلَى طَاعَتِهِم وَ مُوالاتِهِم وَ أَرِنِي ذَلِكَ قَرِيباً سَرِيعاً إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ وَ ارْفَعِ رَأْسَكَ إِلَى السَّمَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَفضَلُ مِن حَبَّةٍ وَعُمَرَة وَاعلَم أَنَّ اللهَ عَزَّوَجَلَّ يُعطِي مَن صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةِ فِي ذَلِكَ اليَومِ وَ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ عَشرَ خِصَالٍ مِنهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُوَقِّيهِ مِن مِيئَةِ السَّوءِ وَلَا يُعاوِنُ عَليهِ عَدُوّاً إِلى أَن يَمَوتَ وَيُوَقِّيهِ مِنَ المكارِهِ وَالفَقرِ وَ يُؤْمِنُهُ اللهُ مِنَ الجُنونِ وَالْجُدَامِ وَيُؤْمِنُ وُلِدَهُ مِن ذَلِكَ إلَى أَربع أَعقاب ولا يَجعَلُ لِلشَّيطانِ وَلا لأولياتِهِ عَليهِ سَبِيلا قال قُلْتُ الحَمدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ بِمَعرِفَتِكُم وَ مَعرِفَةِ حَقِكُم وَ أَداءِ ما افتَرَضَ لَكُم بِرَحمَتِهِ وَ مِنْهُ وَهُوَ حَسِي وَنِعمَ الوَكِيلُ.(1)

38 - زِيارَةٌ جَامِعَةٌ لِلبَعِيدِ مَروِيَّةٌ عَنِ الصَّادِقِ عليه السلام يَنبَغِي زِيارتهم عليهم السلام بِها فِي كُلِّ يَومٍ لا سِيِّمَا يَومِ عَرَفَةَ السلام عَليكَ يا رَسُولَ اللهِ السلام عَليكَ يا نَبِيَّ اللَّهِ السلام عَلَيْكَ يَا خِيَرَةَ اللَّهِ مِن خَلقِهِ وَ أَمِينَهُ عَلَى وَحيِهِ السلام عَليكَ يا مَولاي يا أَمِيرَ المُؤمِنينَ السلام عَليكَ يا مَولاي أَنتَ حُجَّةُ اللهِ عَلَى خَلْقِهِ وَبَابُ عِلمِهِ وَوَصِيُّ نَبِيِّهِ وَالخَلِيفَةُ مِن بَعدِهِ فِي أُمَّتِهِ لَعَنَ اللهُ أُمَّةٌ غَصَبَتكَ حَقَّكَ وَقَعَدَت مَقعَدَكَ أنا بَرِيءٌ مِنهُم وَ مِن شِيعَتِهِم إِليكَ السلام عَليكِ يَا فَاطِمَةُ البَتُولُ السلام عَليكِ يا زَينَ نِساءِ العالمينَ السلام عَليكِ يا بِنتَ رَسُولِ رَبِّ العالمينَ صَلَّى اللهُ عَليكِ و

ص: 96


1- مصباح المتهجد : 783 ، الإقبال بالأعمال 3 : 65 و بحار الأنوار 98 : 303.

عليه السلام عَليكِ يا أُمَّ الحسن والحسينِ لَعَنَ اللهُ أُمَّةٌ غَصَبَتكِ حَقَّكِ وَمَنَعَتكِ مَا جَعَلَ اللهُ لَكِ أَنا بَرِيءٌ إِلَيكِ مِنهُم وَ مِن شِيعَتِهِم السلام عَليكَ يا مَولايَ يا أَبَا محمّد الحَسَنَ الزَّكِيَ السلام عَليكَ يا مَولاي لَعَنَ اللهُ أُمَّةً قَتَلَتكَ وَبَايَعَت فِي أَمرِكَ وَ شَايَعَت أَنا بَرِيءٌ إِليكَ مِنهُم وَ مِن شِيعَتِهِم السلام عليكَ يا مَولايَ يا أَبَا عَبدِ الله الحسينَ بنَ عَلِيِّ صَلَواتُ اللهِ عَليكَ وَعَلَى أَبِيكَ وَ جَدِكَ محمد صلى الله عليه واله لَعَنَ اللهُ أُمَّةً اسْتَحَلَّت دَمَكَ وَ لَعَنَ اللَّهُ أُمَّةٌ قَتَلَتكَ وَاسْتَبَاحَت حَرِيمَكَ وَلَعَنَ أَشياعَهُم وَلَعَنَ اللهُ المَهْدِينَ بِالتَّمْكِينِ مِن قِتَالِكُم أَنا بَرِيءٌ إِلَى اللَّهِ وَإِليكَ مِنهُم السلام عَليكَ يا مولاي يا أَبَا محمّد عَلِيَّ بن الحسين السلام عَليكَ يا مَولاي يا أَبَا جَعْفَرٍ محمَّدَ بْنَ على السلام عَليكَ يا مَولاي يا أَبَا عَبدِ اللهِ جَعفَرَ بنَ محمد السلام عَليكَ يا مولاي يا أَبَا الحَسَن مُوسَى بْنَ جَعْفَرِ السلام عَليكَ يا مَولاي يا أَبَا الحسَن عَلِيَّ بنَ مُوسَى السلام عَليكَ يا مَولايَ يَا أَبَا جَعفَرٍ محمَّدَ بنَ عَلِيّ السلام عَليكَ يا مَولايَ يا أَبَا الحسَن عَلِيَّ بنَ محمد السلام عَليكَ يا مَولايَ يَا أَبا محمد الحسَنَ بنَ عَلِيِّ السلام عَليكَ يا مَولاي يا حُجَّةَ مِنَ الحَسَن صَاحِبَ الزَّمَانِ صَلَّى اللَّهُ عَليكَ وَ عَلى عِترتِكَ الطَّاهِرَة الطَّيِّبَةِ يا مَوالِيَّ كُونُوا شُفَعانِي فِي حَطِ وِزرِي وَ خَطَايَايَ آمَنتُ بِاللَّهِ وَبِمَا أَنزَلَ إِلَيْكُم وَ أَتَوالَى آخِرَكُم بما أَتَوالَى أَوَّلَكُم وَبَرِيْتُ مِنَ الجِيتِ وَالطَّاغُوتِ وَاللاتِ وَ العُزَّى يا مَوالِيَّ أنا سِلْمٌ لِمَن سَأَلَكُم وَ حَربٌ لِن حارَبَكُم وَ عَدُوٌّ لِمَن عَادَاكُم وَ وَلِيٌّ لِمَن والا كُم إِلَى يَومَ القِيامَةِ وَ لَعَنَ اللهُ ظَالميكُم وَ غَاصِبيكُم وَلَعَنَ اللهُ أَشياعَهُم وَأَتبَاعَهُم وَأَهل مذهبهم وأبرأ إلى اللهِ وَ إلَيكُم مِنهُم.(1)

39 - قال الرضا عليه السلام في زيارة أبيه موسى عليه السلام: ... السلام عَلَى أَولِياءِ اللَّهِ وَ أَصْفِيائِهِ السلام عَلَى أُمَناءِ اللهِ وَ أَحِبَّائِهِ السلام عَلَى أَنصَارِ اللهِ وَ خُلَفَائِهِ السَّلام عَلَى عَحَالِ مَعرِفَةِ اللَّهِ السلام عَلَى مَساكِنِ ذِكرِ اللهِ السلام عَلَى مَظَاهِرِ أَمرِ اللهِ وَ نَهْيِهِ السلام عَلَى الدُّعَاةِ إِلَى اللَّهِ السلام عَلَى المُستَقِرِينَ فِي مَرْضاةِ اللهِ السلام عَلَى المَمَحْصِينَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ السلام عَلَى الْأَدِلاءِ عَلَى اللهِ السلام عَلَى الَّذِينَ مَن وَالاهُم فَقَد وَإِلَى اللهَ وَ مَن عَادَاهُم فَقَد عَادَى اللَّهَ وَ مَن عَرَفَهُم فَقَد عَرفَ اللَّهَ وَ مَن جَهِلَهُم فَقَد جَهِلَ اللَّهَ وَ مَنِ اعْتَصَمَ بِهِم فَقَدِ اعْتَصَمَ بِاللَّهِ وَمَن تَخَلَّى مِنهُم فَقَد تَخَلَّى مِنَ اللهِ أُشْهِدُ

ص: 97


1- الإقبال بالأعمال 2 : 135 و بحار الأنوار 98 : 374.

اللهَ أَنِّي سِلم من سالمكُم وَ حَربٌ لِمَن حَارَبَكُم مُؤمِن بِسِرِكُم وَ عَلانِيَتِكُم مُفَوّضٌ فِي ذَلِكَ كُلِهِ إِلَيكُم لَعَنَ اللهُ عَدُوَ آلِ محمّد مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَ أَبَرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنهُم وَصَلَّى اللهُ عَلَى محمّد وَآلِهِ وَهَذَا يُجزِي فِي الزِيارَاتِ [المشاهِدِ] كُلِّهَا وَتُكَثِرُ مِنَ الصلاة عَلَى محمّد وَآلِهِ وَتُسَمِّي وَاحِداً وَاحِداً بِأَسْمَائِهِم وَتَبَرَأُ إِلَى اللَّهِ مِن أَعَادِيهِم وَتَخَيَّرُ لِنَفْسِكَ مِنَ الدُّعَاءِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤمِناتِ.(1)

40 - من زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام .... السلام عَليكَ يا أَبا الحسَن وَ رَحمة اللهِ وَبَرَكاتُهُ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ لَعَنَ اللهُ أُمَّةٌ قَتَلَتِكَ لَعَنَ اللهُ أُمَّةٌ ظَلَمَتكَ لَعَنَ اللهُ أُمَّةٌ أَتَسَت أَسَاسَ الظُّلِمِ وَالجَورِوَ البِدعَةِ عَليكم أَهلَ البَيتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِليكَ بِحُتِهِم وَ وَلايَتِهِم أَتَوَلَّى آخِرَهُم بِمَا تَوَلَّيتُ بِهِ أَوَهُم وَ أَبْرَأُ مِن كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُم اللَّهُمَّ العَنِ الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ وَاتَّهَمُوا نَبِيَّكَ وَجَحَدُوا آيَاتِكَ وَ سَخِرُوا بِإمَامِكَ وَ حَمَلُوا النَّاسَ عَلَى أَكتافِ آلِ محمّد اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَقَرَّبُ إِليكَ بِاللَّعْنَةِ عَلَيهِم وَ البَراءَةِ مِنْهُم فِي الدّنيا وَالآخرةِ يا رَحمَانُ ثُمَّ تَحَوَّلَ عِندَ رِجلَيْهِ وَتَقُولُ صَلَّى اللهُ عَليكَ يا أَبَا الحَسَن صَلَّى اللهُ عَليكَ وَ عَلَى رُوحِكَ وَبَدَنِكَ صَبَرتَ عَلَى الأذَى وَأَنتَ الصَّادِقُ المُصَدَّقُ قَتَلَ اللَّهُ مَن قَتَلَكَ بِالأَيْدِي وَالأَلسُنِ ثُمَّ ابْتَهِل فِي اللَّعْنَةِ عَلَى قَاتِلِ أَمِيرِ المؤمِنينَ وَ عَلَى قَتَلَةِ الحَسَن وَ الحسينِ وَعَلَى جَمِيعِ قَتَلَةِ أَهْلِ بَيتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اله عليه وآله.(2)

41 - من زيارة الإمامين العسكريين عليهما السلام.... اللَّهُمَّ وَإِنَّ إِبْلِيسَ المُتَمَرِدَ اللَّعِينَ قَدِ استَنظُرَكَ لإِعْواءِ خَلْقِكَ فَأَنظَرْتَهُ وَاسْتَمَهَلَكَ لإضلالِ عَبِيدِكَ فَأَمَهَلَتَهُ بِسَابِقِ عِلْمِكَ فِيهِ وَقَد عَشَّشَ وَ كَثُرَت جُنُودُهُ وَ ارْدَحَمَت جُيوشُهُ وَانتَشَرَت دُعاتُهُ فِي أَقطارِ الأَرْضِ فَأَضَلُّوا عِبَادَكَ وَأَفَسَدُوا دِينَكَ وَحَرَّفُوا الكَلِمَ عَن مَواضِعِهِ وَ جَعَلُوا عِبادَكَ شِيَعاً مُتَفَرِّقِينَ وَ أَحْرَاباً مُتَمَدِينَ وَقَد وَعَدتَ نُقُوضَ بُنيانِهِ وَتَزِيقَ شَأْنِهِ فَأَهْلِكَ أَولادَهُ وَجُيُوشَهُ وَطَهِّرِ بِلادَكَ مِنِ اخْتِرَاعَاتِهِ وَاخْتِلَافاتِهِ وَ أَرح عِبَادَكَ مِن مَذاهِبِهِ وَ قِياساتِهِ وَ اجْعَل دائِرَةَ السَّوءِ عَليهِم وَابْسُطُ عَدلَكَ وَأَظْهِرِ دِينَكَ وَ

ص: 98


1- الكافي 4 : 578 ، كامل الزيارات : 301 ، روضة المتقين 5 : 449 ، بحار الأنوار 99 : 126 و وسائل الشيعة 6 : 549 ح19797.
2- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 2 : 270 ، تهذيب الأحكام 6 : 89 ، المزار لابن المشهدي : 546 ، كامل الزيارات : 313 ، المزار (للشهيد الاول) : 198 و بحار الأنوار 99 : 47.

قَوِّ أولياءَكَ وَ أُوهِن أعداءَكَ وَ أُورث ديار إبليس وديارَ أُولِيائِهِ أَولِياءَكَ وَخَلِدهُم فِي الجَحِيمِ وَ أَذِقهُم مِنَ العذابِ الأَلِيمِ وَاجْعَل لَعَائِنَكَ المستَودَعَةَ فِي مَناحِسِ الخِلقَةِ وَ مَشاوِيهِ الفِطرَة دَائِرَةً عَليهِم وَ مُوَكَّلَةً بِهم وَجارِيَةً فِيهِم كُلَّ مَساءٍ وَصَباحٍ وَ غُدُوِّ وَ رَواحٍ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيا حَسَنَةٌ وَ فِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا بِرَحمَتِكَ عَذَابَ النَّارِ يا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ.(1)

42 - من زيارة الإمامين العسكريين عليهما السلام المروية عن الأئمة عليهم السلام:... اللَّهُمَّ ارزقنِي حُبَّهُما وَتَوَفَّنِي عَلَى مِلَّتِهِما اللَّهُمَّ العَن ظَالمي آلِ محمّد حَقَّهُم وَانتَقِم مِنهُم اللَّهُمَّ العَنِ الأَولِينَ مِنهُم وَالآخِرِينَ وَضاعِفَ عَليهِمُ العذابَ وَأَبلغ بِهِم وَبِأَشياعِهِم وَيُحِبّيهِم وَ مُتَّبِعِيهِم أَسْفَلَ دَركِ مِنَ الجَحِيمِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شيء قَدِيرٌ اللَّهُمَّ عَجِل فَرَجَ وَلِيِّكَ وَابْنِ وَلِيِّكَ وَاجْعَل فَرَجَنَا مَعَ فَرَجهم يا أرحمَ الرَّاحِمِينَ.

43 - من زيارة الإمام الحجة عليه السلام .... واقتل بِهِ الجَبَابِرَة وَالكَفَرَةَ وَاقْصِم بِهِ رُءُوسَ الضَّلالَةِ وَ ذَلّل بِهِ الجَبَّارِينَ وَالكَافِرِينَ وَ أَبِربِهِ المنافِقِينَ وَالنَّاكِثِينَ وَ جَمِيعَ المُخَالِفِينَ وَالملحِدِينَ فِي مَشارِقِ الْأَرْضِ وَ مَغاربها وَبَرِّها وَسَهلِها وَ جَبَلِها حَتَّى لا تَدَعَ مِنْهُم دَياراً وَلا تُبقِي لَهُم آثاراً طَهِّر مِنهُم بِلادَكَ وَ اشفِ مِنهُم صُدُورَ عِبادِكَ وَ جَدّد بِهِ مَا امْتَحَى مِن دِينِكَ وَ أَصْلِحٍ بِهِ مَا بُدِّلَ مِن حُكمِكَ وَ غُيِّرَمِن سُنَّتِكَ حَتَّى يَعُودَ دِينُكَ بِهِ وَ عَلَى يَدَيهِ غَضّاً جَدِيداً صَحِيحاً لا عِوَجَ فِيهِ وَلَا بِدعَةَ مَعَهُ حَتَّى تُطْفَ بِعَدلِهِ نِيرانَ الكَافِرِينَ فَإِنَّهُ عَبدُكَ الَّذِي اسْتَخلَصْتَهُ لِنَفْسِكَ وَارتَضَيتَهُ لِنَصْرِدِينِكَ وَاصْطَفَيتَهُ بِعِلمِكَ وَعَصَمَتَهُ مِنَ الذُّنوبِ وَبَرَأَتُهُ مِنَ العُيوبِ وَ أَطْلَعَتَهُ عَلَى الغُيوبِ وَ أَنعَمتَ عَليهِ وَطَهَّرَتَهُ مِنَ الرِّجسِ وَ نَقَيتَهُ مِنَ الدَّنَسِ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلِيهِ وَ عَلَى آبَائِهِ الأَئِمَّةِ الظَّاهِرِينَ وَعَلَى شِيعَتِهِ المنتَجَبِينَ وَبَلّغهُم مِن أَيامِهِم مَا يَأْمُلُونَ وَاجْعَل ذَلِكَ مِنَّا خَالِصاً مِن كُلِّ شَكٍّ وَشُبَهَةٍ وَرِياءِ وَ سُمعَةٍ حَتَّى لا نُرِيدَ بِهِ غَيْرَكَ وَلَا نَطْلُبَ بِهِ إِلَّا وَجْهَكَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِليكَ فَقَدَ نَبِيِّنَا وَغَيبَةَ إِمَامِنَا وَشِدَّةَ الزَّمَانِ عَلَينا وَوُقُوعَ الفِتَنِ بِنَا وَتَظَاهُرَ الأعداءِ وَ كَثرَةَ عَدُوّنَا وَقِلَةَ عَدَدِنَا اللَّهُمَّ فَافِرِج ذَلِكَ عَنَّا بِفَتح مِنكَ تُعَجِلُهُ وَنَصْرِ مِنكَ تُعِزُّهُ وَ إِمَامٍ عَدلٍ تظهره إله الحق آمِينَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ أَن تَأْذَنَ لِوَلِيّكَ فِي إِظهارِ عَدلِكَ فِي عِبَادِكَ وَ

ص: 99


1- مصباح الزائر : 413 و بحار الأنوار 99 : 69.

قَتل أَعدَائِكَ فِي بِلادِكَ حَتَّى لا تَدَعَ لِلجَورِ يا رَبِّ دِعَامَةً إِلَّا قَصَمتَهَا وَلَا بَقِيَّةً إِلَّا أَفْنَيتَهَا وَلَا قُوَّةً إِلَّا أَوهَنتَها وَلا رُكناً إلّاهَدَمتَهُ وَلا حَداً إِلَّا فَلَلتَهُ وَلا سِلاحاً إِلَّا أَذلَلَتَهُ وَلَا رَايَةً إِلَّا نَكَستَهُ وَلَا شُجاعاً إلَّا قَتَلتَهُ وَلا جَيشاً إِلَّا خَذَلَتَهُ وَ ارمهِم يا رَبِّ بِحَجَرِكَ الدَّامِعِ وَاصْرِبهُم بِسَيفِكَ القاطِعِ وَبَأْسِكَ الذي لا تَرُدُّ عَنِ القَومِ المجرمينَ وَ عَذَّب أعداءَكَ وَ أَعداءَ وَلِيِّكَ وَ أَعْداءَ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيهِ وَآلِهِ بِيَدِ وَلِيِّكَ وَ أَيدِي عِبَادِكَ المُؤمِنِينَ اللَّهُمَّ اكْفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ فِي أَرْضِكَ هَولَ عَدُوِهِ وَ كَيدَ مَن أَرادَهُ وَ امْكُربِمَن مَكَرَ بِهِ وَاجْعَل دَائِرَةَ السَّوءِ عَلَى من أَرادَ بِهِ سُوءاً وَ اقطع عَنهُ مَادَّتَهُم وَ أَرعِب لَهُ قُلُوبَهُم وَزَلْزِل أَقدامَهُم وَخُذهُم جَهِرَةً وَبَعْتَةٌ وَشَدِّد عَلَيهِم عَذَابَكَ وَ أَخْزِهِم فِي عِبَادِكَ وَالعَنهُم فِي بِلادِكَ وَ أَسكِنهُم أَسْفَلَ نَارِكَ وَأَحِط بِهِم أَشَدَّ عَذَابِكَ وَأَصْلِهِم نَاراً وَاحِشُ قُبُورَ مَوتاهُم نَاراً وَ أَصْلِهِم حَرَّنَارِكَ فَإِنَّهُم أَضاعُوا الصلاة وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ وَأَضَلُّوا عِبادَكَ وَ أَحْرَبُوا بِلادَكَ.(1)

44 - من زيارة الإمام الحجة عليه السلام المعروفة بالندبة:... سلام على آل يس ... واملأ قلي نُورَ اليَقِينِ وَ صَدرِي نُورَ الإِيمَانِ وَفِكري نُورَ الثَّبَاتِ وَ عَرْمِي نُورَ التَّوفِيقِ وَذَكَائِي نُورَ العِلمِ وَقُوَّتِي نُورَ العَمَلِ وَلِسَانِي نُورَ الصِدقِ وَدِينِي نُورَ البصائِرِ مِن عِندِكَ وَبَصَرِي نُورَ الضّياءِ وَ سَمِعِي نُورَ وَعِي الحِكمَةِ وَ مَوَدَّتِي نُورَ الموالاة لِلمحمّد وَآلِهِ عليهم السلام و نفسِي {لقني} نُورَقُوَّةِ البَرَاءَةِ مِن أَعداءِ محمّد وَ أَعداءِ آلِ محمّد حَتَّى أَلْقَاكَ وَقَد وَفَيتُ بِعَهْدِكَ وَمِيثَاقِكَ فَلَتَسَعِنِي رَحمَتُكَ يا وَلِيُّ يا حَمِيدُ ...(2)

45 - من زيارة الإمام الحجة عليه السلام : السلام على الحق الجديد ... اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد وَأَهلِ بَيتِهِ وَصَلِّ عَلَى وَلِيّ الحسَن وَوَصِيّهِ وَوارثه القائم بِأَمرِكَ وَالغَائِبِ فِي خَلْقِكَ وَالمُنتَظِرِ لِإِدْنِكَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَليهِ وَقَرِب بُعدَهُ وَ أَنجِ وَعِدَهُ وَ أَوفِ عَهْدَهُ وَاكِشِفَ عَن بَأْسِهِ حِجَابَ الغَيبَةِ وَ أَظهر بِظُهورِه صَحائِفَ المحنَةِ وَقَدِم أَمَامَهُ الرُّعبَ وَثَبِّت بِهِ القَلبَ وَأَقِمِ بِهِ الْحَرْبَ وَأَيَّدَهُ بِجندٍ مِنَ الملائِكَةِ مُسَوّمِينَ وَسَلَّطَهُ عَلَى أَعدَاءِ دِينِكَ أَجمعِينَ وَ أَهْمَهُ أَن لا يَدَعَ مِنْهُم ركناً إِلَّا هَدَّهُ وَلا هاماً إلا قدَّهُ وَلا كَيداً إِلَّا رَدَّهُ وَلا فَاسِقاً إِلَّا حَدَّهُ وَلا فِرعَونَ إِلَّا أَهْلَكَهُ وَلا سِراً إِلَّا

ص: 100


1- مصباح المتهجد : 414 ، جمال الأسبوع : 525 و بحار الأنوار 99 : 90.
2- مصباح الزائر : 434 ، المزار الكبير لإبن المشهدي : 573 و بحار الأنوار 99 : 95.

هَتَكَهُ وَلا عَلَماً إِلَّا نَكَسَهُ وَلا سُلطاناً إِلَّا كَبَسَهُ وَلا رُمحاً إِلَّا قَصَفَهُ وَلَا مِطْرَداً إِلَّا خَرَقَهُ وَلَا جُنداً إِلَّا فَرَّقَهُ وَلا مِنبَراً إِلَّا أَحرَقَهُ وَلا سَيفاً إِلَّاكَسَرَهُ وَلا صَنَمَا إِلَّا رَضَهُ وَلا دَماً إِلَّا أَرَاقَهُ وَلا جَوراً إِلَّا أَبَادَهُ وَلا حِصناً إِلَّا هَدَمَهُ وَلا بَاباً إِلَّا رَدَمَهُ وَلا قصراً إِلَّا أَخَرَبَهُ وَلا مَسكَناً إِلَّا فَتَشَهُ وَلا سَهلا إلَّا أَوظَنَهُ وَلا جَبَلا إِلَّا صَعِدَهُ وَلا كَنزاً إِلَّا أَخْرَجَهُ بِرَحمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين(1).

46- من زيارة الإمام الحجة عليه السلام ... السلام عَلَى وَلِيّ اللَّهِ وَابْنِ أَولِيائِهِ السلام عَلَى الدَّخَرِ لِكَرامَةِ أَولِياءِ اللهِ وَبَوَارِ أَعدَائِهِ السلام عَلَى النُّورِ الَّذِي أَرَادَ أَهْلُ الكُفْرِ إِطفاءَهُ فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يم نُورَهُ بِكُرِهِهِم وَ أَيَّدَهُ بِالحَياةِ حَتَّى يُظْهِرَ عَلَى يَدِهِ الْحَقِّ بِرَعْمِهِم أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكَ صَغِيراً وَأَكْمَلَ لَكَ عُلُومَهُ كَبِيراً وَ أَنَّكَ حَيٌّ لا تَمُوتُ حَتَّى تُبطِلَ الجِبْتَ وَالطَّاغُوتَ(2).

47 - من زيارة الجامعة المروية عن الإمام الهادي عليه السلام : ... أُشهدُ اللهَ وَ أُشْهِدُكم أَنِّي مُؤمن بِكُم وَ بِمَا آمَنتُم بِهِ كَافِرٌ بِعَدُوكُم وَ بِمَا كَفَرْتُم بِهِ مُستَبْصِرٌ بِشَأْنِكُم وَبِضَلالَةِ مَن خَالَفَكُم مُوالٍ لَكُم وَلأُولِيائِكُم مُبغِضُ لأعدائِكُم وَ مُعَادٍ هُم سِلمٌ لِمَن سَالمكُم وَ حَربٌ لِمَن حَارَبَكُم مُحَقِّقُ لِما حَقَّقَمُ مُبطِلٌ لِمَا أَبطَلَمُ ... بَرِيْتُ إِلَى اللهِ عَزَّوَجَلَّ مِن أَعدائِكُم وَ مِنَ الجِيتِ وَالطَّاغُوتِ وَ الشَّيَاطِينِ وَحِزبِهِمُ الظَّالمينَ لَكُم وَالجاحِدِينَ لِحَقِّكُم وَالمارقينَ مِن ولايَتِكُم وَالغَاصِبِينَ لإرتكُم وَالشَّاكِينَ فِيكُم وَ المنحرفينَ عَنكُم وَ مِن كُلّ وَلِيجَةٍ دُونَكُم وَكُلِّ مُطاعَ سِواكُم وَ مِنَ الأَعْتَةِ الَّذِينَ يَدعُونَ إِلَى النَّارِ ... كَافِرٌ بِعَدُوكُم وَ بِمَا كَفَرْتُم بِهِ مُسْتَبْصِرٌ بِشَأْنِكُم وَبِضَلالَةِ مَن خَالَفَكُم مُوالٍ لَكُم يُحِبُّ لأَولِيائِكُم وَ مُعَادٍ لأعدائِكُم لاعِنٌ هَهُم مُتَبَرِّيٌّ مِنهُم مُبغِضُ لَهُم سِلْمٌ لِمَن سَالمكُم حَربٌ لِمَن حَارَبَكُم ... وَبَرِيْتُ إِلَى اللهِ مِن أَعدَائِكُم البتِ وَالطَّاغُوتِ وَالْأَبَالِسَةِ وَ الشَّيَاطِينِ وَ مِن حِزبِهِم وَأَتْباعِهِم وَ مُحبّيهِم وَذَويهِم وَالرَّاضِينَ بِهِم وَبِفِعْلِهِم الصَّادِينَ عَنكُم الظَّالمينَ لَكُم الجاحِدِينَ حَقَّكُم المفارقِينَ لَكُم الغاصِبِينَ إِتَكُم وَالشَّاقِينَ فِيكُم وَالمَنحَرِفِينَ عَنكُم وَ مِن كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَكُم ... وَ أَشْهَدُ أَنَّ الذِينَ كَمَا شَرَعَ وَالْكِتَابَ كَمَا تَلاوَ الحَلالَ كما أَحَلَّ وَ الحَرامَ كما حَرَّمَ وَالفَصْلَ كما قَضَى وَالحَقِّ مَا قالَ وَالرُّشْدَ مَا أَمَرَوَ أَنَّ الَّذِينَ

ص: 101


1- مصباح الزائر : 443 و بحار الأنوار 99 : 102.
2- المزار الكبير لإبن المشهدي : 657 وبحار الأنوار 99 : 103.

كَذَّبُوهُ وَ خَالَفُوا عَليهِ وَ جَحَدُوا حَقَّهُ وَ أَنكَروا فَضْلَهُ وَاتَّهَموهُ وَ ظَلَموا وَصِيَّهُ وَحَلُّوا عَقَدَهُ وَنَكَثُوا بَيعَتَهُ وَ اعتدوا عَليهِ وَغَصَبُوهُ خلافتَهُ وَ نَبَذُوا أَمَرَهُ وَ أَسَسُوا الجَرَ وَ العُوانَ عَلَى أَهْلِ النَّبِيِّ صلى الله عيه وآله وَ قَتَلُوهُم وَ تَوَلَّوا غَيرَهُم ذَائِقُو العَذَابِ فِي أَسفَلِ دَركِ مِن نَارِ جَهَنَّمَ لا يُخَفَّفُ عَنهُم مِن عَذابِها وَهُم فِيهِ مُبْلِسُونَ مَلعُونُونَ متبعون [ مُتعَبُونَ ] نَاكِسُورُءُوسِهِم يُعايِنُونَ النَّدَامَةَ وَ الخِرْيَ الطَّوِيلَ مَعَ الأَذَلِّينَ الأشرارِ قَد كُبُّوا عَلَى وُجُوهِهِم فِي النَّارِ ... فَعَكُم مَعَكُم إِن شَاءَ اللَّهُ لَا مَعَ غَيرَكُم آمَنتُ بِكُم وَتَوَالَيتُ آخِرَكُم بِمَا تَوالَيتُ بِهِ أَوَّلَكُم وَبَرِيْتُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ مِن أَعدائِكُم وَ مِنَ الجِبتِ وَالطَّاغُوتِ وَ أَولِيائِهِم وَالشَّيَاطِينِ وَ حِزبهم وَالظَّالِمِينَ لَكُم وَالجَاحِدِينَ لِحَقِّكُم وَالمارقِينَ مِن دِينِكُم وَولايتِكُم وَالغَاصِبِينَ لإرتكُم وَالشَّاكِينَ فِيكُمُ المَنحَرِفِينَ عَنكُم وَ مِن كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَكُم وَكُلّ مُطاعِ سِواكُم وَ مِنَ الْأَعْتَةِ الَّذِينَ يَدعُونَ إِلَى النَّارِ فَثَبَّتَنِي اللَّهُ أَبَداً مَا حَبِيتُ عَلَى مُوالاتِكُم وَ مَحَبَّتِكُم وَ دِينَكُم ...(1)

48 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال : تقول إذا أتيت قبر الحسين بن علي عليهما السلام ويجزئك عند قبر كل إمام عليه السلام : ... اللَّهُمَّ العَنِ اللَّذَينِ بَدَّلَا نِعْمَتَكَ وَخَالَفَا كِتَابَكَ وَجَحَدَا آيَاتِكَ وَاتَّهَمَا رَسُولَكَ أُحشُ قَبرهُمَا وَ أَجوافَهُمَا نَاراً وَ أَعِدَّ لَهُمَا عَذَاباً أَلِيماً وَاحْشُرُها وَأَشْيَاعَهُمَا إِلَى جَهَةً زُرقاً أُحشُرُهُمَا وَأَشياعَهُمَا وَ أَتْبَاعَهُمَا يومَ القِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِم عُمياً وَبُكماً وَ صُمَّا مَأْواهُم جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَت زِدْناهُم سَعِيراً ... وَ أَبَرَأُ مِن كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَكُم وَكَفَرْتُ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَ اللاتِ وَالعُزَّى(2).

49 - في الزيارة المروية عن الأئمة عليهم السلام ... بل يَتَقَرَّبُ أَهلُ السَّمَاءِ بِحُتِكُم وَبِالبَرَاءَةِ مِن أَعدائِكُم وَتَواتُرِ البُكاءِ عَلَى مُصَابِكُم وَالإِستغفارِ لِشِيعَتِكُم وَيُحِتِيكُم فَأَنا أُشْهِدُ اللهَ خَالِقِي وَ أُشْهِدُ مَلائِكَتَهُ وَ أَنْبِيَاءَهُ وَ أُشْهِدكُم يا مَوالِي أَنِّي مُؤمن بولايتكُم مُعتَقِدٌ لإمامتِكُم مُقِرٌّ بِخِلافتِكُم عَارِفٌ بِمَنزِلَتِكُم مُوقِنٌ بِعِصمَتِكُم خَاضِعٌ لِولايتِكُم مُتَقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ بِحُبِّكُم وَبِالبَرَاءَةِ مِن أَعدائِكُم عَالِمٌ بِأَنَّ اللهَ قَد طَهَّرَكُم مِنَ الفَواحِشِ مَا ظَهَرَمِنها وَمَا بَطَنَ وَمِن كُلِّ رِيبَةٍ وَ

ص: 102


1- البلد الأمين : 301 وبحار الأنوار 99 : 130 الى 153.
2- كامل الزيارات : 332 و بحار الأنوار 99 : 162.

نَجَاسَةٍ وَدَنِيَّةٍ وَ رَجاسَةٍ وَ مَنَحَكُم رَايَةَ الحَقِّ الَّتِي مَن تَقَدَّمَهَا ضَلَّ وَ مَن تَأَخَّرَعَنهَا زَلٌ .(1)

50 - في الزيارة المروية عن الأئمة عليهم السلام.... يا سَادَتِي يا آلَ رَسُولِ اللَّهِ إِنِّي بِكُم أَتَقَرَّبُ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلا بِالخِلافِ عَلَى الَّذِينَ غَدَرُوا بِكُم وَنَكَتُوا بَيعتَكُم وَجَحَدُوا ولايتَكُم وَأَنكَرُوا مَنزِلَتَكُم وَخَلَعُوا رِيقَةً طَاعَتِكُم وَ هَجَرُوا أَسباب مَوَدَّتِكُم وَتَقَرَّبُوا إِلَى فَراعِنَتِهِم بِالبَرَاءَةِ مِنكُم وَ الأعراضِ عَنكُم وَمَنَعُوكُم مِن إِقَامَةِ الحدودِ وَ استئصال الجحُودِ وَشَعبِ الصَّدِعِ وَلَمَّ الشَّعَثِ وَ سَدِ الخَلَلِ وَتَنقِيفِ الإودِ وَ إِمضاء الأحكامِ وَ تَهذيب الإسلامِ وَ قَعِ الْآثَامِ وَ أَرَهَجُوا عَلَيكُم نَقعَ الحرُوبِ وَالْفِتَنِ وَأَنحَوا عَلَيْكُم سُيُوفَ الأحقاد وَهَتَكُوا مِنكُمُ السُّتُورَوَ ابْتَاعُوا بِخُمُسِكُمُ الْحُمُورَ وَصَرَفُوا صَدَقَاتِ المَسَاكِينِ إِلَى المضحِكِينَ وَ السَّاخِرِينَ وَذَلِكَ بِما طَرَقَت هُمُ الفَسَقَةُ الغُواةُ وَ الحَسَدَةُ البُغاةُ أَهلُ النَّكثِ وَالغَدْرِ وَ الخِلافِ وَالمكرِ وَ القُلُوبِ المنتِئَةِ مِن قَذَرِ الشِّرْكِ وَالأجسادِ المشحَنَةِ مِن دَرَنِ الكُفْرِ أَضَبُّوا عَلَى النِّفَاقِ وَ أَكَبُوا عَلَى عَلائِقِ الشَّقَاقِ فَلَمَّا مضى المصطَفَى صلواتُ اللهِ عليهِ وَآلِهِ احْتَطَفُوا الغِرَّةَ وَانتَهَرُوا الفُرصَةَ وَانتَهَكُوا الحُرمَةَ وَ غَادَرُوهُ عَلَى فِرَاشِ الْوَفَاةِ وَ أَسرَعُوا لِنَقض البَيعَةِ وَ مُخالَفَةِ المواثيق المؤكَّدَةِ وَخِيانَةِ الأمانَةِ المعرُوضَةِ عَلَى الجِبالِ الرَّاسِيَةِ وَ أَبَت أَن تَحْمِلَهَا وَحَمَلَهَا الإنسانُ الظُّلُومُ الجَهولُ ذُو الشَّقاقِ وَالعِزَّةِ بِالآثام المولةِ وَالْأَنْفَةِ عَنِ الإنقِيادِ لِحَمِيدِ العَاقِبَةِ فَحُشِرَ سَفِلَةُ الأعرابِ وَبَقايا الأحزابِ إِلى دارِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَ مَهبِطِ الوحي والملائِكَةِ وَ مُستَقَرِّسُلطانِ الولايَةِ وَ مَعدِنِ الوَصِيَّةِ وَالخِلافَةِ وَالْإِمَامَةِ حَتَّى نَقَضُوا عَهِدَ المصطفى فِي أَخِيهِ عَلَمِ الهُدَى وَالمُبَيِّنِ طَرِيقَ النَّجَاةِ مِن طُرُقِ الرَّدَى وَ جَرَحُوا كَبِدَ خَيرِ الوَرَى فِي ظُلمِ ابْنَتِهِ وَاصْطِهادِ حَبِيبَتِهِ وَاهْتِضامٍ عَزيزته بَصْعَةِ لَحَمِهِ وَفِلدَةِ كَبِدِهِ وَخَذَلُوا بَعلَهَا وَ صَغَرُوا قَدرَهُ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُ وَ قَطَعُوا رَحِمَهُ وَ أَنكَرُوا أُخُوَّتَهُ وَ هَجَرُوا مَوَدَّتَهُ وَنَقَضُوا طَاعَتَهُ وَ جَحَدُوا ولايَتَهُ وَ أَطْمَعُوا العَبِيدَ فِي خِلافَتِهِ وَقَادُوهُ إِلَى بَيعَتِهِم مُصْلِتَةٌ سُيُوفَهَا مُقذِعَةٌ أَسِنَّتَهَا وَ هُو سَاخِطُ القَلبِ هائِجُ الغَضَبِ شَدِيدُ الصَّبرِ كاظِمُ الغَيظِ يَدعُونَهُ إِلَى بَيعَتِهِمُ الَّتِي عَمَّ شُومُها الإسلامَ وَ زَرَعَت فِي قُلُوبِ أَهلِها الآثامَ وَ عَقَت سَلمانَها وَطَرَدَت مِقدادَها وَنَفَت جُندَبَهَا وَ فَتَقَت بَطَنَ

ص: 103


1- مصباح الزائر : 462 ، بحار الأنوار 99 : 164 و المزار الكبير لإبن المشهدي :294.

عَمَّارِها وَ حَرَّفَتِ القرآنَ وَ بَدَّلَتِ الأحكامَ وَ غَيَّرتِ المَقامَ وَ أَبَاحَتِ الْخُمُسَ لِلطَّلَقَاءِ وَ سَلَّطت أَولادَ اللُّعَناءِ عَلَى الفُروحِ وَخَلَطَتِ الحَلالَ بِالحَرَامِ وَاسْتَخَفَّت بِالإِيانِ وَالإِسْلامِ وَ هَدَمَتِ الكَعْبَةَ وَ أَغارَت عَلَى دَارِ الهِجرَة يومَ الحَرَّةِ وَ أَبَرَزَت بَنَاتِ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ لِلنَّكَالِ وَالسُّورَةِ وَ أَلْبَسَتهُنَّ ثَوبَ العَارِ وَ الفَضِيحَةِ وَ رَخَّصَت لِأهلِ الشُّهَةِ فِي قَتلِ أَهلِ بَيتِ الصَّفْوَةِ وَ إِبَادَةِ نَسلِهِ وَ استیصالِ شَافَتِهِ وَ سَبِي حَرَمِهِ وَ قَتلِ أَنصارِهِ وَ كَسرِ مِنبَرِهِ وَقَلْبِ مَفَخَرِهِ وَ إِحْفَاءِ دِينِهِ وَ قَطعِ ذِكرِهِ يا مَوالِيَّ فَلو عايَنَكُمُ المصطفى وَسِهامُ الأمة معرقة [مُغرَقَةٌ فِي أَكبَادِكُم وَ رِمَاحُهُم مُسْرَعَةٌ فِي تُحُورِكُم وَسُيُوفُها مُولَعَةٌ فِي دِمائِكُم يَشفِي أَبناءُ العَواهِرِ غَلِيلَ الفِسْقِ مِن وَرَعِكُم وَ غَيظ الكُفْرِ مِن إِيمَانِكُم وَأَنتُم بَينَ صَرِيحٍ فِي المحرابِ قَد فَلَقَ السَّيفُ هَامَتَهُ وَ شَهِيدٍ فَوقَ الجَنازَةِ قَد شُكَّت أَكفانُهُ بِالسّهامِ وَ قَتِيلِ بِالعَرَاءِ قَد رُفِعَ فَوقَ القَناةِ رَأْسُهُ وَ مُكَبَّلٍ فِي السجنِ قَد رُضَّت بِالحَدِيدِ أَعضاؤُهُ وَ مَسمُوم قَد قُطِعَت بِجُرَعِ السَّمِّ أَمَعَاؤُهُ وَ شَملُكُم عَبادِيدُ تُفنِيهِمُ العَبِيدُ وَ أَبناءُ العَبِيدِ فَهَلِ المَحَنُ يا سادَتِي إِلَّا الَّتِي لَزِمَتكُم وَالمصائبُ إِلَّا الَّتِي عَمَّتكُم وَ الفَجائِعُ إِلَّا الَّتِي خَصَّتكُم وَالقَوارعُ إلَّا الَّتِي طَرَقَتكُم صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيكُم وَ عَلَى أَرواحِكُم وَ أَجْسادِكُم وَ رَحمةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ ثُمَّ قَبل القبروَقُل بِأَبِي وَأُمِّي يا آلَ المصطف إِنَّا لَا تَملِكُ إِلَّا أَن نَطُوفَ حَولَ مَشاهِدِكُم وَنُعَزِيَ فِيها أَرواحَكُم عَلَى هَذِهِ المصائبِ العَظِيمَةِ الحَالَّةِ بِفِنائِكُم وَ الرَّزَايا الجلِيلَةِ النَّازِلَةِ بِسَاحَتِكُمُ الَّتِي أَثْبَتَتْ فِي قُلُوبِ شِيعَتِكُمُ القُرُوحَ وَ أَورَتَت أَكبَادَهُمُ الجروح وَ زَرَعَت فِي صُدُورِهِمُ الغُصَصَ فَنَحْنُ نُشْهِدُ اللهَ أنا قد شاركنا أَولِياءَكُم وَأَنصَارَكُمُ المُتَقَدِّمِينَ فِي إِراقَةِ دِمَاءِ النَّاكِثِينَ وَالقَاسِطِينَ وَالْمارِقِينَ وَقَتَلَةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ سَيِّدِ شَبابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يومَ كربلاء بِالنِّياتِ وَالقُلوبِ وَالتَّأَسُّفِ عَلى فَوتِ تِلكَ المواقِفِ الَّتِي حَضَرُوا لِنُصرَتكُم وَعَلَيكُم منا السلام ورحمة الله وبركاته(1).

51 - عن أَبِي الحسَن الثَّالِثِ صلوات الله عليهِ فِي زِيارَةِ صَاحِبِ الأمر عليه السلام ... وَ أَعْسَى بَرَكَاتِكَ وَ أَعَمَّها وَ أَزْكَى تَحِياتِكَ اللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى وَلِيِّكَ وَدَيَانِ دِينِكَ وَالقَائِمِ بِالقِسطِ مِن بَعدِ نَبِيِّكَ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرِ المؤمنينَ وَ إِمَامِ المُتَّقِينَ وَسَيِّدِ الوَصِيِّينَ وَيَعسُوبِ الدِّينِ وَ قَائِدِ الغُرِ

ص: 104


1- المزار الكبير لإبن المشهدى : 295 ، مصباح الزائر : 463 و بحار الأنوار 99 : 165.

المحَجَّلِينَ وَقِبلَةِ العارِفِينَ وَعَلَمِ المُهتَدِينَ وَ عُروَتِكَ الوُثقَ وَحَبلِكَ المَتِينِ وَخَلِيفَةِ رَسُولِكَ عَلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ وَوَصِيِّهِ فِي الدّنيا وَالدِّينِ الصِّدِّيقِ الأكبَرِ فِي الأَنامِ وَ الفاروقِ الأَزْهَرِ بَينَ الحَلالِ وَالحرامِ نَاصِرِ الإسلامِ وَ مُكَسِرِ الأصنامِ مُعِزّ الدِّينِ وَ حامِيهِ وَواقِي الرَّسُولِ وَ كَافِيهِ المخصوص بِمُؤاخاتِهِ يومَ الإخاءِ وَ مَن هُوَ مِنهُ بِنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى خَامِسِ أَصحابِ الكِسَاءِ وَبَعلِ سَيِّدَةِ النِّساءِ المؤثِرِ بِالقُوتِ بَعدَ ضُرِ الطَّوَى وَالمشكورِ سَعيُهُ فِي هَل أَتَى مِصباحِ الهُدى وَ مَأْوَى التُّقَ وَمَحَلِ الحِجَى وَطُودِ النُّهَى الدَّاعِي إِلَى المَحَجَّةِ العُظمَى وَالظَّاعِنِ إِلَى الغَايَةِ القُصَوَى وَ السَّامِي إِلَى المجدِ وَالعُلَى وَالعالم بِالتَّأْوِيلِ وَالذِّكرى الَّذِي أَخدَمَتَهُ خَواصَ مَلائِكَتِكَ بِالطَّاسِ وَالمَندِيلِ حَتَّى تَوَضَّأَ وَ رَدَدتَ عَليهِ الشَّمسَ بَعدَ دُنُو غُرُوبِهَا حَتَّى أَدَّى فِي أَوَّلِ الوَقتِ لَكَ فَرضاً وَ أَطْعَمتَهُ مِن طَعامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حِينَ مَنَحَ المقدادَ قَرْضاً وَبَاهَيتَ بِهِ خَواصّ مَلَائِكَتِكَ إِذ شَرى نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ لِتَرْضَى وَجَعَلتَ ولايته إِحدَى فَرَائِضِكَ فَالشَّيُّ مَن أَقَرَّ بِبَعْضٍ وَ أَنكَرَ بَعضاً عُنصُرِ الأبرارِ وَ مَعْدِنِ الفَخَارِ وَ قَسِيمِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ صَاحِبِ الْأَعْرَافِ وَ أَبِي الْأَيْتَةِ الأشرافِ المظلُومِ المغتَصَبِ وَ الصَّابِرِ المحتَسِبِ وَ الموتُورِ فِي نَفْسِهِ وَ عِتْرَتِهِ المَقصُودِ فِي رَهْطِهِ وَ أَعِزَّتِهِ صَلاةٌ لا انقِطَعَ لِزِيدِهَا وَلا اتِّضَاعَ لِشِيدِهَا اللَّهُمَّ أَلبِسهُ حُلَلَ الأنعامِ وَتَوَجهُ تَاجَ الإكرام وَارفَعَهُ إِلَى أَعلَى مَرَتَبَةٍ وَ مَقَامٍ حَتَّى يَلْحَقَ نَبِيَّكَ عَلَيهِ وَ عَلَى آلِهِ السلامِ وَاحِكُم لَهُ اللَّهُمَّ عَلَى ظالميهِ إِنَّكَ العَدلُ فِيمَا تَقضِيهِ اللَّهُمَّ وَصَلَّ عَلَى الظَّاهِرَةِ البَولِ الزَّهراءِ ابْنَةِ الرَّسُولِ أُمِّ الأَئِمَّةِ الهادِينَ سَيِّدَةِ نِسَاءِ العالمينَ وَارِثَة خَيْرِ الأَنبِياءِ وَ قَرِينَةِ خَيرِ الأَوصِياءِ القَادِمَةِ عَليكَ مُتَالمَةٌ مِن مُصابِها بِأَبِيها مُتَظَلَمَةٌ مِمَّا حَلَّ بِها مِن غَاصِبيها ساخِطَةٌ عَلَى أُمَّةٍ لَم تَرعَ حَقَّكَ فِي نُصرَتِها بِدَلِيلِ دَفنِهَا لَيلا فِي حُفْرَتِها المغتَصَبَةِ حَقُها وَالمُغَصَّصَةِ بِرِيقها صلاةٌ لا غايَةَ لأَمَدِها وَلَا نِهَايَةً لِدَدِها وَلا انقِضَاءَ لِعَدَدِها اللَّهُمَّ فَتَكَفَّل لَهَا عَن مَكارِهِ دَارِ الفَناءِ فِي دَارِ البَقَاءِ بِأَنفَسِ الاعواضِ وَ أَيْلها من عانَدَها نِهايَةَ الأَمالِ وَغايَةَ الأَعْراضِ حَتَّى لا يَبقَ لَهَا وَلِيٌّ سَاخِط لِسَخَطِها إِلَّا وَهُوَ رَاضِ إِنَّكَ أَعَزُّ مَن أَجارَ المظلومِينَ وَ أَعدَلُ قَاضِ اللَّهُمَّ أَلحقها في الإكرام بِبَعْلِها وَأَبِيها وَخُذ لَهَا الحَقِّ مِن ظالميها اللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَى الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ وَالقَادَةِ الهَادِينَ اللَّهُمَّ العَن أَعداءَهُم مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ أَجْمَعِينَ وَضاعِفَ عَليهِمُ العَذَابَ الأَليم...(1)

ص: 105


1- المزار الكبير لإبن المشهدي : 558 و بحار الأنوار 99 : 178 الى 185.

52- في دعاء يدعى به عقيب زيارة الأئمة عليهم السلام:... و أن لا تَحُوَمِن قَلِي مَوَدَّتَهُم وَ مَحَبَّتَهُم وَبُعْضَ أَعدائهم وَ مُرافَقَةً أَولِياتِهم وَ بِرَّهُم...(1)

53 - في الصلوات المروية عن الإمام العسكري عليه السلام ... اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ المُؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ أَخِي نَبِيِّكَ وَوَصِيْهِ وَوَلَتِهِ وَ صَفِيهِ وَ وَزِيرِهِ وَ مُستَودَعِ عِلمِهِ وَ مَوضِعِ سِرِّهِ وَ بَابِ حِكمَتِهِ وَالنَّاطِقِ بِحُجَّتِهِ وَالدَّاعِي إِلَى شَرِيعَتِهِ وَخَلِيفَتِهِ فِي أُمَّتِهِ وَ مُفَرْجِ الكَرْبِ عَن وَجهِهِ قاصِمِ الكَفَرَة وَ مُرغِمِ الفَجَرَةِ الَّذِي جَعَلَتَهُ مِن نَبِيِّكَ بِمَنزِلَةِ هَارُونَ مِن مُوسَى اللَّهُمَّ وَالِ مَن والاه وَ عَادِ مَن عاداهُ وَانصُرْ مَن نَصَرَهُ وَاحْذُل مَن خَذَلَهُ وَالعَن مَن نَصَبَ لَهُ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَ صَلِّ عَليهِ أَفضَلَ مَا صَلَّيْتَ عَلَى أَحَدٍ مِن أَوصِياءِ أَنْبِيائِكَ يَا رَبَّ العالمينَ...(2)

54 - في زيارة الحسنين عليهما السلام في يوم الإثنين... أنا يا مَولايَ مَولَّى لَكَ وَلَآلِ بَيتِكَ سِلْمٌ لِمَن سالمكُم وَحَربٌ لِمَن حارَبَكُم مُؤمِن بِسِرَكُم وَ جَهرِكُم وَ ظاهِرِكُم وَبَاطِنِكُمْ لَعَنَ اللَّهُ أَعْداءَكُم مِنَ الأولِينَ والآخِرِينَ وَأَنا أَبرأُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُم.(3)

55- في زيارة أئمة البقيع عليهم السلام في يوم الثلاثاء ... إِنِّي أَتَوَالَى آخِرَهُم كَمَا تَوالَيتُ أَوَّهُم وَأَبْرَأُ مِن كُلِّ وَلِيجَةٍ دُونَهُم وَ أَكْفُرُ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَاللاتِ وَالعُزَّى.(4)

56- في زيارة الأئمة عليهم السلام في يوم الأربعاء ... فَلَعَنَ اللهُ أَعداءَكُم مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ أَجْمَعِينَ وَ أنا أَبرَأُ إلى اللهِ وَإِلَيكُم مِنهُم.(5)

57- من زيارة سلمان عليه السلام ... السلام عَليكَ يا وَلِيَّ أَمِيرِ المؤمِنِينَ السلام عَليكَ يا مُودَعَ أَسرارِ السَّادَةِ الميامِينِ السلام عَليكَ يا بَقِيَّةَ اللهِ مِنَ البَرَرَةِ الماضِينَ السلام عَليكَ يا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَرَحمةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَشْهَدُ أَنَّكَ أَطعتَ اللهَ كَمَا أَمَرَكَ وَاتَّبَعتَ الرَّسُولَ كَمَا نَدَبَكَ وَتَوَلَّيتَ خَلِيفَتَهُ كَمَا

ص: 106


1- مصباح الزائر : 468 و بحار الأنوار 99 : 169.
2- البلد الأمين : 303 و بحار الأنوار 94 : 74.
3- بحار الأنوار 99 : 214.
4- بحار الأنوار 99 : 214.
5- بحار الأنوار 99 : 215.

أَلْزَمَكَ وَ دَعوتَ إِلَى الاهْتِمَامِ بِذُرِّيَّتِهِ كما وَقَفَكَ وَ عَلِمتَ الحَقِّ يَقِيناً وَاعْتَمَدتَهُ كما أَمَرَكَ وَ أَشْهَدُ أَنَّكَ بَابُ وَصِي المصطَفَى وَطَرِيقُ حُجَّةِ اللَّهِ المرتضى. وَ أَمِينُ اللَّهِ فِيما استُودِعتَ مِن عُلُوم الأصفياءِ أَشْهَدُ أَنَّكَ مِن أَهْلِ بَيتِ النَّبِيِّ النُّجِباءِ المختارِينَ لِنُصرة الوَصِيِّ أَشْهَدُ أَنَّكَ صَاحِبُ العاشِرَةِ وَالبَراهِينِ وَالدَّلائِل القاهِرَة وَأَقَمتَ الصلاة وآتيتَ الزَّكَاةَ وَ أَمَرَتَ بِالمَعْرُوفِ وَنَهَيتَ عَنِ المنكرِوَ أَدَّيتَ الأَمَانَةَ وَنَصَحتَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَ صَبَرَتَ عَلَى الْأَذَى فِي جَنبِهِ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ لَعَنَ اللهُ مَن جَحَدَكَ حَقَّكَ وَ حَظٍّ مِن قَدرِكَ لَعَنَ اللهُ مَن آذَاكَ فِي مَوالِيكَ لَعَنَ اللَّهُ مَن أَعْنَتَكَ فِي أَهلِ نَبِيِّكَ لَعَنَ اللهُ مَن لَامَكَ فِي ساداتِكَ لَعَنَ اللهُ عَدُوَ آلِ محمّد مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ مِنَ الأَولِينَ و الآخِرِينَ وَضَاعَفَ عَليهِمُ العَذابَ الأليمَ صَلَّى اللهُ عَليكَ يا أَبا عَبدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيكَ يا صاحِبَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله وعَليكَ يا مَولَى أَمِيرِ المؤمنينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رُوحِكَ الطَّيِّبَةِ وَ جَسَدِكَ الطَّاهِرِ وَ أَلْحَقَننَا بِمَنْهِ وَ رَأْفَتِهِ إِذَا تَوَفَّانَا بِكَ وَ بِحَلِ السَّادَةِ المَيامِينِ وَجَمَعَنا مَعَهُم بِجِوارِهِم فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ صَلَّى اللهُ عَليكَ يا أبا عَبدِ اللهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى إِخوانِكَ الشَّيعَةِ البَرَرَةِ مِنَ السَّلَفِ الميامِينِ وَ أَدخَلَ الرَّوحَ وَالرِّضوانَ عَلَى الخَلَفِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَحَقَنَا وَإِيَّاهُم بِمَن تولاه مِنَ العِترةِ الطَّاهِرِينَ وَ عَليكَ وَ عَليهِمُ السلام وَ رَحمةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.(1)

58 - وأيضاً من زيارة سلمان رضي الله عنه وأرضاه : ... السلام عَليكَ يا أَبَا عَبدِ اللَّهِ سَلمان ... فَأَسأَلُ اللهَ الَّذِي خَصَّكَ بِصِدقِ الدِّينِ وَ مُتابَعَةِ الخيرِينَ الفَاضِلِينَ أَن يُحْيِيَنِي حَياتَكَ وَأَن يُمِيتَنِي مَمَاتَكَ وَيَحشُرَنِي مَحَشَرَكَ عَلَى إِنكارِ مَا أَنكَرتَ وَ مُنابَذَةِ مَن نَابَدَتَ وَالرَّةِ عَلَى مَن خالَفتَ أَلَا لَعنةُ اللهِ عَلَى الظَّالمينَ مِنَ الأُولِينَ والآخِرِينَ فَكُن لِي يَا أَبَا عَبدِ اللَّهِ شَاهِداً بِهَذِهِ الدَّعوَةِ وَالزِيارَةِ عِندَ إِمَامِي وَ إِمَامِكَ صلى الله عليه وآله وَ جَمَعَ اللهُ بَينِي وَبَيْنَكَ وَبَينَهُم فِي مُستَقَةٍ مِن رَحمَتِهِ وَ جَعَلَنَا وَ إِيَّاهُم وَ جَمِيعَ المؤمنينَ وَ المؤمِناتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ بِنِهِ وَجُودِهِ.(2)

59 - وأيضاً من زيارة سلمان : ... فَأَسأَلُ اللهَ الَّذِي خَصَّكَ بِصِدقِ الدِّينِ وَمُتَابَعَةِ الْخَيْرِينَ

ص: 107


1- بحار الأنوار 99 : 287.
2- بحار الأنوار 99 : 290.

الفاضِلِينَ أَن يُحيِيَنِي حَياتَكَ وَيُميتَنِي مَمَاتَكَ عَلَى إِنكارِ مَا أَنكَرْتَ وَالرَّةِ عَلَى مَن خَالَفتَ أَلا لعنة الله على الظالمين من الأولين والآخرين.(1)

60 - روى أعلامنا و علماءنا منهم سليم بن قيس و سید بن طاووس و الكفعمي والعلامة الشيخ حسن الحلي و الفيض الكاشاني و المجلسي (رضوان الله عليهم أجمعين) جميعاً عن سيدنا سيد الكونين أبي الحسنين أميرالمؤمنين عليه السلام أنه كان يقنت بهذا الدعاء:

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد وَآلِ محمّد وَالعَن صَنَمَي قُرَيْشٍ وَجِبْتَيهَا وَطَاغُوتَيها وَإِنكَيهَا وَابْنَتَيهِمَا اللَّذَينِ خالَفا أَمْرَكَ وَ أَنكَرا وَحَيَكَ وَ جَحَدا إِنعَامَكَ وَ عَصَيا رَسُولَكَ وَ قَلَبَا دِينَكَ وَحَرَّفَا كِتَابَكَ وَأَحَبَّا أَعداءَكَ وَجَحَدَا أَلَاءَكَ وَعَطلا أحكامَكَ وَ أَبطَلَا فَرَائِضَكَ وَ أَحَدا فِي آيَاتِكَ وَ عَادَيا أَولِياءَكَ وَوَالَيَا أَعدَاءَكَ وَخَرَّبَا بِلادَكَ وَ أَفَسَدا عِبادَكَ اللَّهُمَّ العَنهُما وَ أَتبَاعَهُما وَ أَولِياءَهُما وَ أَشياعَهُما وَمُحِبيهما فَقَد أَحْرَبَا بَيتَ النُّبُوَّةِ وَرَدَما بَابَهُ وَنَقَضا سَقَفَهُ وَأَلْحَقا سَمَاءَهُ بِأَرْضِهِ وَ عالِيَهُ بِسافِلِهِ وَ ظاهِرَهُ بِباطِنِه وَاستَأصَلا أَهْلَهُ وَ أَبَادَا أَنصَارَهُ وَقَتَلَا أَطْفَالَهُ وَأَخَلَيَا مِنبَرَهُ مِن وَصِيِّهِ وَ وَارِثِ عِلمِهِ وَ جَحَدا إِمَامَتَهُ وَ أَشْرَكَا بِرَتِهِما فَعَظُمَ ذَنبُهُما وَخَلَّدَهُما فِي سَفَرَوَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ لا تُبقِي وَلا تَذَرُ اللَّهُمَّ العَنهُم بِعَدَدِ كُلِّ مُنكَرٍ أَتَوهُ وَ حَقٍ أَحْفَوهُ وَ مِنبَرِ عَلَوهُ وَ مُؤْمِن أَرجَوهُ وَ مُنافِقٍ وَلَّوهُ وَ وَلِيّ آذَوهُ وَ طَرِيدٍ آوَوهُ وَ صادِقٍ طَرَدوهُ وَ كَافِرِ نَصَرُوهُ وَ إِمَامٍ فَهَرُوهُ وَ فَرضِ غَيَّرُوهُ وَ أَتْرٍ أَنكَروهُ وَ شَرَاتَرُوهُ وَ دَمٍ أَراقَوهُ وَ خَيْرِ بَدَّلُوهُ وَ كُفَرِ نَصَبُوهُ وَ إِرثٍ غَصَبُوهُ وَفَيْءٍ اقْتَطَعُوهُ وَ شحتٍ أَكَلُوهُ وَ خُمْسٍ اسْتَحَلُّوهُ وَبَاطِلٍ أَتَسُوهُ وَجَورٍ بَسَطُوهُ وَنِفَاقٍ أَسَرُوهُ وَ غَدِرٍ أَصْمَرُوهُ وَ ظل نَشَروهُ وَ وَعِدٍ أَخلَفُوهُ وَ أَمَانٍ خانُوهُ وَ عَهدِ نَقَضُوهُ وَ حَلالٍ حَرِّمُوهُ وَ حَرَام أَحَلُوهُ وَبَطنِ فَتَقُوهُ وَ جَنِين أَسقَطُوهُ وَضِلع دَقُوهُ وَصَلّ مَزَّقُوهُ وَ شَملِ بَدَّدُوهُ وَ عَزِيزِ أَذَلُوهُ وَ ذَلِيلٍ أَعَزُوهُ وَ حَقٍ مَنْعُوهُ وَ كَذِبٍ دَلَّسُوهُ وَحُكمٍ قَلَّبُوهُ اللَّهُمَّ العَنهُم بِكُلِّ آيَةٍ حَرَّفُوهَا وَ فَرِيضَةٍ تَرَكُوهَا وَسُنَّةٍ

ص: 108


1- بحار الأنوار 99 : 290.

غَيَّرُوها وَ رُسُوم مَنَعُوها وَ أَحكامٍ عَظَلُوهَا وَبَيعَةٍ نَكَسُوهَا وَدَعوَى أَبَطَلُوهَا وَبَيِّنَةٍ أَنكَرُوهَا وَحِيلَةٍ أَحدَثُوها وَ خِيانَةٍ أَورَدُوهَا وَ عَقَبَةٍ ارتَقَوها وَ دِبَابٍ دَحْرَجُوهَا وَ أَزْيافٍ لَزِمُوهَا وَ شَهَادَاتٍ كَتَمُوهَا وَوَصِيَّةٍ ضَيَّعُوها اللَّهُمَّ العَنهُما فِي مَكنونِ السِّرِّوَ ظَاهِرِ العَلانِيَةِ لَعْناً كَثِيراً أَبَداً دَائِماً دَائِباً سَرمَداً لا انقِطَعَ لأَمَدِهِ وَلَا نَفادَ لِعَدَدِهِ لَعْناً يَعْدُو أَوَّلُهُ وَلا يَرُوحُ آخِرُهُ لَهُم وَلأعوانهم وَأَنصَارِهِم وَ مُحِبيهم وَمَوالِيهِم وَ المسلِمِينَ لَهُم وَالمائِلِينَ إِليهِم وَالنَّاهِضِينَ بِاحْتِجَاجِهِم وَالمُقتَدِينَ بِكَلامِهِم وَالمُصَدِّقِينَ بِأَحْكامِهِم ثُمَّ قُل أَربَعَ مَرَاتِ اللَّهُمَّ عَذِّبْهُم عَذَاباً يَستَغِيتُ مِنهُ أَهلُ النَّارِ آمِينَ رَبَّ العالمين.(1)

61 - قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام في دعاء عقيب كل فريضةٍ ... حَسيَ اللهُ لِدِينِي وَ حَسيَ اللهُ لِدُنْيايَ وَ حَسيَ اللهُ لَآخِرَتِي وَحَسيَ اللهُ لِما أَهَنِي وَحَسيَ اللَّهُ لِمَن بَغَى عَلَيَّ وَ حَسيَ اللهُ عِندَ الموتِ وَ حَسيَ اللهُ عِندَ المسأَلَةِ فِي القَبرِوَ حَسيَ اللَّهُ عِندَ الميزانِ وَ حَسِيَ اللَّهُ عِندَ الصِّراطِ وَحَسيَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَليهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظِيمِ ثُمَّ قُل رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبِّاً وَ بالإسلامِ دِيناً وبمحمد صلى الله عليه واله نَبِيّاً وَ بِعَلي إِمَاماً وَ بِالحسن والحسينِ وَعَلَى وَ محمد وَجَعْفَرٍوَ مُوسَى وَ عَلَيَّ وَ محمد وَ عَلِيَّ وَ الحَسَن وَ محمّد الخَلَفِ الصَّالِحِ عَليهِمُ السلامِ أَيْتَةً وَ سَادَةٌ وَقَادَةٌ يهِم أَتَوَلَّى وَ مِن أَعدَائِهِم أَتَبَراً.(2)

62 - دعاء يوم الغدير الأغر عيد الله الأكبر: عن الشَّيخ المفيدِ محمَّدِ بنِ النُّعْمَانِ فِيمَا رَواهُ عَن عُمَارَةَ بنِ جُوَينٍ أَبِي هَارُونَ العَبدِي أَيضاً قال: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي عَبدِ اللَّهِ عليه السلامِ فِي اليَومِ الثَّامِنَ عَشَرَ مِن ذِي الحِجَّةِ فَوَجَدتُهُ صَائِماً فَقَالَ إِنَّ هَذَا اليومَ يَومٌ عَظَمَ اللَّهُ حُرَمَتَهُ عَلَى المُؤمِنِينَ إِذْ أَكمَلَ اللَّهُ هَهُم فِيهِ الدِّينَ وَ تَتَمَ عَلَيهِمُ النِّعْمَةَ وَجَدَّدَ هُم مَا أَخَذَ عَلَيهِم مِنَ المِيثَاقِ وَالْعَهْدِ فِي الْخَلْقِ الأولِ إِذ أَنسَاهُمُ اللهُ ذَلِكَ الموقِفَ وَوَفَّقَهُم لِلقبولِ مِنْهُ وَلَمْ يَجْعَلَهُم مِن أَهلِ الإِنكَارِ الَّذِينَ

ص: 109


1- کتاب سليم : 483 ، علم اليقين 2 : 1399 ، المصباح للكفعمي : 552 ، طرف من الأنباء والمناقب : 425 ، المحتضر : 61 و بحار الأنوار 85 : 260 ح 5.
2- البلد الأمين : 13 و بحار الأنوار 86 : 48.

جَحَدُوا فَقُلتُ لَهُ جُعِلتُ فِدَاكَ فَما صَوابُ صَوم هَذَا اليَومِ فَقَالَ إِنَّهُ يَومُ عِيدٍ وَفَرَحٍ وَ سُرُورٍ وَ صوم شُكراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَإِنَّ صَومَهُ يَعدِلُ سِتِّينَ شَهِراً مِنَ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَمَن صَلَّى فِيهِ رَكَعَتَينِ أَيَّ وَقتٍ شَاءَ وَ أَفَضَلُ ذَلِكَ قُربُ الزَّوَالِ وَهِيَ السَّاعَةُ الَّتِي أُقِيمَ فِيهَا أَمِيرُ المؤمِنينَ عليه السلام بِغَدِيرِخُمٌ عَلَماً لِلنَّاسِ وَذَلِكَ أَنَّهُم كَانُوا قَرُبُوا مِنَ المنزِلِ فِي ذَلِكَ الوَقتِ فَمَن صَلَّى رَكَعَتَينِ ثُمَّ سَجَدَ وَشَكَرَ اللهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِائَةَ مَرَّةٍ وَ دَعَا بِهذا الدُّعَاءِ بَعدَ رَفِعِ رَأْسِهِ مِنَ السُّجُودِ الدُّعَاءُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الحَمدَ وَحدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ وَ أَنَّكَ واحِدٌ أَحَدٌ صَمَدٌ لَم تَلِد وَ لَمْ تُولَد وَ لَمْ يَكُن لَكَ كُفُواً أَحَدٌ وَ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَ رَسُولُكَ صَلَوَاتُكَ عَليهِ وَآلِهِ يَا مَن هُوَ كُلَّ يَومٍ فِي شَأْنٍ كَمَا كانَ مِن شَأنكَ أَن تَفَضَّلتَ عَلَيَّ بِأَن جَعَلتَنِي مِن أهل إِجابَتِكَ وَأَهل دِينِكَ وَأَهل دَعوَتِكَ وَ وَفَّقْتَنِي لِذَلِكَ فِي مُبْتَدَ إِ خَلْقٍ تَفَضُّلاً مِنكَ وَكَرَماً وَجُوداً ثُمَّ أَردَفتَ الفَضْلَ فَضلا وَ الجُودَ جُوداً وَ الكَرَمَ كَرَماً رَأْفَةٌ مِنكَ وَ رَحمَةً إِلَى أَن جَدَّدتَ ذَلِكَ العَهِدَ لِي تَجَدِيداً بَعدَ تَجَدِيدِكَ خَلْقٍ وَكُنتُ نَسياً مَنسِيّاً نَاسِياً سَاهِياً غَافِلا فَأَتَمتَ نِعْمَتَكَ بِأَن ذَكَرَتَنِي ذَلِكَ وَ مَنَنتَ بِهِ عَلَيَّ وَهَدَيتَنِي لَهُ فَليَكُن مِن شَأْنِكَ يَا إِلهِي وَسَيّدِي وَ مَولايَ أَن تُتِمَّ لِي ذلِكَ وَلَا تَسلُبَنِيهِ حَتَّى تَتَوَفَّانِي عَلَى ذَلِكَ وَأَنتَ عَنِّي راض فَإِنَّكَ أَحَقُّ المنعِمِينَ أَن ثُمَّ نِعْمَتَكَ عَلَى اللَّهُمَّ سَمِعنَا وَأَطَعْنَا وَأَجَبَنَا دَاعِيَكَ بِنِكَ فَلَكَ الحَمدُ غُفرانَكَ رَبَّنا وَ إِليكَ المَصِيرُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِرَسُولِهِ محمّد وَ صَدَّقْنَا وَ أَجَبَنَا دَاعِيَ اللَّهِ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فِي مُوالاةِ مَولانَا وَ مَولَى المُؤمِنِين أَمِيرِ المؤمِنينَ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عَبدِ اللَّهِ وَ أَخِي رَسُولِهِ وَالصِّدِّيقِ الْأَكْبَرِ وَ الحُجَّةِ عَلَى بَرِيَّتِهِ المُؤَيَّدِ بِهِ نَبِيُّهُ وَ دِينُهُ الحَقُّ المبِينُ عَلَمَا لِدِينِ اللَّهِ وَخَازِنَا لِعِلمِهِ وَ عَيْبَةِ غَيْبِ اللَّهِ وَمَوضِعِ سِرِ اللَّهِ وَ أَمِينِ اللَّهِ عَلَى خَلقِهِ وَشَاهِدِهِ فِي بَرِيَّتِهِ اللَّهُمَ ﴿إِنَّنا سَمِعنا مُنادِياً يُنادِي لِلإِيمَانِ أَن آمِنُوا بِرَبِّكُم فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الأبرارِ رَبَّنا وَآتِنَا مَا وَعَدتَنا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُحْزِنا يومَ القِيامَةِ إِنَّكَ لَا تُخلِفُ الميعادَ﴾(1) فَإِنَّا يا رَبَّنَا بِنّكَ وَلُطْفِكَ أَجَبَنَا دَاعِيَكَ وَاتَّبَعنَا الرَّسُولَ وَصَدَّقناهُ وَ صَدَّقنا مَولى المؤمنينَ وَ كَفَرَنَا بِالجِبتِ وَالطَّاغُوتِ فَوَلَّنا مَا تَوَلَّينا وَاحْشُرْنا مَعَ أَعْتَتِنا فَإِنَّا بِهِم مُؤمِنونَ مُوقِنُونَ وَهُم مُسَلِّمُونَ آمَنَّا بِسِرِّهِم وَعَلَانِيَتِهِم وَشَاهِدِهِم وَ

ص: 110


1- آل عمران : 193 و 194.

غَائِبِهِم وَحَتِهِم وَمَيِّتِهِم وَرَضِينَا بِهِم أَيْتَةً وَقَادَةٌ وَسَادَةً وَحَسبُنَا بِهِم بَيْنَنَا وَبَينَ اللَّهِ دُونَ خَلِقِهِ لَا نَبتَغِي بِهِم بَدَلاً وَلا نَتَّخِذُ مِن دُونِهِم وَلِيجَةٌ وَبَرِيْتُ إِلَى اللهِ مِن كُلِّ مَن نَصَبَ هَم حَرباً مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ مِنَ الأَولِينَ وَالآخِرِينَ وَ كَفَرْنَا بِالحِبتِ وَالطَّاغُوتِ وَالأَوثَانِ الأَرْبَعَةِ وَأَشْيَاعِهِم وَ أَتْباعِهِم وَكُلِّ مَن والاهُم مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ مِن أَوَّلِ الدَّهْرِ إِلَى آخِرِهِ اللَّهُمَّ إِنَّا نُشْهِدُكَ أَنا نَدِينُ بِمَا دَانَ بِهِ محمَّد وَآل محمّد صَلَّى الله عليه وعليهم وَقَولُنَا مَا قَالُوا وَدِينُنَا مَا دَانُوا بِهِ مَا قَالُوا بِهِ قُلْنَا وَ مَا دَانُوا بِهِ دِنَّا وَ مَا أَنكَرُوا أَنكَرَنَا وَ مَن وَالُوا وَالَينا وَ مَن عَادَوا عَادَينَا وَ مَن لَعَنُوا لَعَنَّا وَ مَن تَبَرَّءُوا مِنهُ تَبَرَّأنا مِنهُ وَ مَن تَرَحَمُوا عَليهِ تَرَمَّنَا عَلَيْهِ آمَنَّا وَ سَلَمَنَا وَرَضِينَا وَاتَّبَعْنَا مَوَالِيَنا صَلَواتُ اللهِ عَليهِم اللَّهُمَّ فَتَتِم لَنَا ذَلِكَ وَلا تَسلُبناهُ وَ اجْعَلَهُ مُستَقَرّاً ثَابِتاً عِندَنَا وَلَا تَجَعَلَهُ مُستَعاراً وَ أَحيِنَا مَا أَحيَيْتَنَا عَليهِ وَأَمِتَنَا إِذا أَمَثْنَا عَليهِ آل محمد أَيْتُنَا فَبِهِم نَأْتُمْ وَإِيَّاهُم نُوَالِي وَ عَدُوَّهُم عَدُوَّ اللَّهِ نُعادِي فَاجْعَلْنَا مَعَهُم فِي الدُّنيا والآخرة وَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَإِنَّا بِذَلِكَ رَاضُونَ يَا أَرحَمَ الرَّاحِمِينَ ثُمَّ تَسجُدُ وَ تَحمَدُ اللهَ مِائَةَ مَرَّةٍ وَتَشكُرُ الله عَزَّوَجَلَّ مِائَةَ مَرَّةٍ وَأَنتَ سَاجِدٌ فَإِنَّهُ مَن فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ كَمَن حَضَرَ ذَلِكَ اليومَ وَبَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله عَلَى ذَلِكَ وَكَانَت دَرَجَتُهُ مَعَ دَرَجَةِ الصَّادِقِينَ الَّذِينَ صَدَقُوا اللهَ وَرَسُولَهُ فِي مُوالاةِ مَولاهُم ذَلِكَ اليومَ وَ كَانَ كَمَن شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه آله وَ أَمِيرِ المؤمنين عليه السلام وَ مَعَ الحسن والحسين عليه السلام وَ كَمَن يَكُونُ تَحتَ رَايَةِ القَائِمِ عليه السلام وَ فِي فُسطاطِهِ مِنَ النُّجَبَاءِ وَ الثَّقَبَاءِ.(1)

63 - من قنوت الإمامِ محمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُوسَى عليهم السلام ... اللَّهُمَّ أَدِل لأَولِيائِكَ مِن أَعدائِكِ الظَّالمينَ الباغِينَ النَّاكِثِينَ القاسِطِينَ المارِقِينَ الَّذِينَ أَضَلُّوا عِبَادَكَ وَحَرَّفُوا كِتَابَكَ وَبَدَّلُوا أَحكامَكَ وَجَحَدُوا حَقَّكَ وَ جَلَسُوا مَجَالِسَ أَولِيائِكَ جُرأَةٌ مِنهُم عَليكَ وَظُلماً مِنهُم لِأَهْلِ بَيتِ نَبِيِّكَ عَليهِم سَلامُكَ وَصَلَواتُكَ وَرَحمَتُكَ وَبَرَكَاتُكَ فَضَلُّوا وَ أَضَلُّوا خَلَقَكَ وَهَتَكُوا حِجَابَ سِرِكَ عَن عِبَادِكَ وَاتَّخَذُوا اللَّهُمَّ مَالَكَ دُوَلا وَ عِبَادَكَ خَوَلا وَ تَرَكُوا اللَّهُمَّ عَالَم أَرْضِكَ فِي بَكَمَاءَ عَمِياءَ ظَلماءَ مُدهَمَّةٌ فَأَعِيْنُهُم مَفتُوحَةٌ وَقُلُوبُهُم عَمِيَّةٌ وَ لَم تَبقَ هُمُ اللَّهُمَّ عَليكَ مِن حُجَّةٍ لَقَد حَذَرتَ اللَّهُمَّ عَذَابَكَ وَبَيَّنتَ نَكَالَكَ وَوَعَدتَ المطيعِينَ إِحسانَكَ وَقَدَّمْتَ إِليهِم بِالنُّذُرِ

ص: 111


1- الإقبال بالأعمال 2 : 276 ، المزار الكبير لإبن المشهدي : 321 و بحار الأنوار 95 : 298.

فَآمَنَت طَائِفَةٌ وَأَيَّدتَ اللَّهُمَّ الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوّكَ وَعَدُو أَولِيائِكَ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ وَإِلَى الحَقِّ دَاعِينَ وَلِلإِمَامِ المنتَظَرِ القَائِمِ بِالقِسطِ تَابِعِينَ وَجَدِدِ اللَّهُمَّ عَلَى أَعدَائِكَ وَ أَعدَائِهِم نَارَكَ وَ عَذَابَكَ الذي لا تَدفَعُهُ عَنِ القَومِ الظَّالِمينَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمد وَآلِ محمد وَقَوَضَعَفَ المخلِصِينَ لَكَ بِالمَحَبَّةِ المشابِعِينَ لَنَا بِالموالاة المتَّبِعِينَ لَنَا بِالتَّصَدِيقِ وَالعَمَلِ المَوَازِرِينَ لَنا بالمواساة فينا المحيين ذكرنا عِندَ اجتِماعِهِم وَ شَدِدِ اللَّهُمَّ رُكَنَهُم وَسَدّد لَهُمُ اللَّهُمَّ دِينَهُمُ الَّذِي ارتَضَيتَهُ لَهُم وَ أَتِم عَليهِم نِعْمَتَكَ وَخَلّصهُم وَاستَخلِصهُم وَسُدَّ اللَّهُمَّ فَقرَهُم وَالمِ اللَّهُمَّ شَعَتَ فَاقَتِهِم وَاعْفِرِ اللَّهُمَّ ذُنُوبَهُم وَخَطاياهُم وَلا تُزع قُلُوبُهُم بَعدَ إِذْ هَدَيْتَهُم وَلَا تُخَلِهِم أَي رَبِّ بِمَعصِيَتِهِم وَاحفَظْ لَهُم مَا مَنَحتَهُم بِهِ مِنَ الظَّهارَةِ بِوَلايَةِ أَولِيائِكَ وَالبَرَاءَةِ مِن أَعدائِكَ إنَّكَ سَمِيعٌ مُحِيبٌ وَصَلَّى اللهُ عَلَى محمّد وَآلِهِ الظَّاهِرِينَ أَجْمَعِينَ.(1)

64 - الدعاء الذي يُقرأُ بعد كل صلاة عَن أَبِي يَحيَى المدائِنِي عَنْ أَبِي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام أَنَّهُ قالَ: مِن حَقِنا عَلَى أَولِيائِنا وَ أَشياعِنا أن لا يَنصَرِفَ الرَّجُلُ مِنهُم مِن صَلَاتِهِ حَتَّى يَدعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ وَهُوَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ بِحَقِّكَ العَظِيمِ العَظِيمِ أَن تُصَلِّيَ عَلَى مَحمَّد وَآلِهِ الظَّاهِرِينَ وَ أَن تُصَلِّيَ عَليهِم صلاة تَامَّةٌ دَائِمَةً وَ أَن تُدْخِلَ عَلَى محمّد وَآلِ محمّد وَ مُحتِيهِم وَ أَولِيائِهِم حَيثُ كانوا وَ أين كانوا فِي سَهْلٍ أَو جَبَلٍ أَو بَةٍ أَو بَحْرٍ مِن بَرَكَةِ دُعانِي مَا تُقِرُّبِهِ عُيُونَهُم احْفَظْ يَا مَولايَ الغائِبِينَ مِنهُم وَاردُدهُم إِلَى أهالِيهِم سالمينَ وَنَفْسٍ عَنِ المهمُومِينَ وَفَرْجِ عَنِ المكرُوبِينَ وَاكسُ العارِينَ وَأَشبع الجائِعِينَ وَ أَروِ الظَّامِئِينَ وَاقضِ دَينَ الغارِمِينَ وَ زَوْجِ العازبينَ وَاشفِ مَرْضَى المسلِمِينَ وَ أَدخِل عَلَى الأمواتِ مَا تَقَرُّبِهِ عُيونُهُم وَانصُرِ المظلومِينَ مِن أَولِياءِ آلِ محمّد محمّد عليهم السلام وَأَطْفِ نَائِرِةَ المخالِفِينَ اللَّهُمَّ وَضاعِفَ لَعَنَتَكَ وَبَأسَكَ وَ نَكَالَكَ وَعَذَابَكَ عَلَى اللَّذَينِ كَفَرا نِعْمَتَكَ وَ خَوَّنا رَسُولَكَ وَاتَّهَما نَبِيَّكَ وَبَايَناهُ وَ حَلَا عَقَدَهُ فِي وَصِيّهِ وَنَبَذَا عَهْدَهُ فِي خَلِيفَتِهِ مِن بَعدِهِ وَادَّعَيا مَقَامَهُ وَغَيَّرا أَحكامَهُ وَبَدَّلاسُنَتَهُ وَقَلَّبَا دِينَهُ وَصَغَرَا قَدرَحُجَجِكَ وَبَدَعا بِظلمِهِم وَ طَرَقَا طَرِيقَ الغَدْرِ عَليهِم وَالخَلافِ عَن أَمرِهِم وَالقَتْلِ لَهُم وَإِرهاجِ الحُروبِ عَلَيهِم وَ مَنعِ خَلِيفَتِكَ مِن سَدِّ التَّلِمِ وَ تَقوِيمِ العِوَجِ وَتَنقِيفِ الإِوْدِ وَإِمضاء الأحكامِ وَ إِظهارِ دِينِ الإسلامِ وَإِقَامَةِ حُدُودِ القرآنِ اللَّهُمَّ العَنهما وَابْنَتَيهِما وَكُلَّ مَن مَالَ مَيْلَهُم وَحَذَا حَدْوَهُم وَسَلَكَ طَرِيقَتَهُم وَتَصَدَّرَ بِبِدعَتِهِم

ص: 112


1- مهج الدعوات : 66 و بحار الأنوار 82 : 225.

لَعْناً لا يَخطُرُ عَلَى بَالٍ وَيَستَعِيذُ مِنهُ أَهلُ النَّارِ العَنِ اللَّهُمَّ مَن دَانَ بِقَولِهِم وَاتَّبَعَ أَمَرَهُم وَ دَعَا إِلَى ولايتِهِم وَ شَكٍّ فِي كُفْرِهِم مِنَ الْأُولِينَ وَالْآخِرِينَ ثُمَّ ادْعُ بِمَا شِيْتَ(1).

65 - قال أَبو جَعْفَرٍ أَحمدُ بنُ إِبْراهِيمَ القُرَشِيُّ قال أَخبَرَنِي بَعضُ أَصحابنا قال: كَانَ المعلى بن خُنَيسٍ رَحِمَهُ اللهُ إِذا كَانَ يَومُ العِيدِ خَرَجَ إِلَى الصَّحراء شَعِثاً مُعْبَراً فِي زِيَ مَلهُوفٍ فَإِذَا صَعِدَ الخطيب المنبَرَمَدَّ يَدَهُ نَحوَ السَّمَاءِ ثُمَّ قال اللَّهُمَّ هَذَا مَقامُ خُلَفَائِكَ وَأَصْفِيائِكَ وَمَواضِعُ أُمَنائِكَ الَّذِينَ خَصَصْتَهُم ابتَزُوها وَأَنتَ المقَدِّرُ لِلأشياء لا يُغَالَبُ قَضَاؤُكَ وَلَا يُجاوَزُ المحتُومُ مِن تَدبِيرِكَ كَيفَ شِئتَ وَ أَنَّى شِئتَ عِلمُكَ فِي إِرادتِكَ كَعِلمِكَ فِي خَلْقِكَ حَتَّى عَادَ صَفْوَتُكَ وَ خُلَفَاؤُكَ مَعْلُوبِينَ مَقهُورِينَ مُبْتَزِّينَ يَرَونَ حُكمَكَ مُبَدَّلاً وَ كِتَابَكَ مَنبُوذا وَفَرَائِضَكَ مُحَرَّفَةٌ عَن جِهَاتِ شَرائِعِكَ وَسُنَنَ نَبِيِّكَ صَلَواتُكَ عَليهِ وَآلِهِ مَترُوكَةٌ اللَّهُمَّ العَن أَعدَاءَهُم مِنَ الأَوَّلِينَ والْآخِرِينَ وَالغَادِينَ وَالرَّائِحِينَ وَالْماضِينَ وَالغَابِرِينَ اللَّهُمَّ وَالعَن جَبَابِرَةَ زَمَانِنَا وَأَشْيَاعَهُم وَ أَتباعَهُم وَأَحزائِهُم وَأَعوانَهُم إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ.(2)

66 - قال ابن طاووس دعاء وجدناه بخط الرّضي الموسوي رضوان الله عليه نذكره بلفظه و تنظر المراد منه:

بسم الله الرحمن الرحيم وجدتُ في كتاب القاضي علي بن محمد الفزاري أيده الله قال قرأتُ على أبي جعفر الزاهد أحمد بن محمد بن عيسى - العلوي وذكر انه لبعض الأئمة يقنُتُ به كتبتُهُ بنيشابور من نُسخة أبي الحسن أحمد بن محمد بن كسرى بن يسار بن قيراط البلخي ويُعرفُ بدعاء السامري {الساراي}

بِسمِ اللهِ ما شاءَ اللهُ تَوَجّهاً بِالدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ بِسمِ اللهِ مَا شَاءَ اللَّهُ تَقرُّباً بِالتَّصْرُّعَ إِلَى اللَّهِ بِسمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللهُ تَوَسُّلا بِالتَّطلُّبِ إِلَى الله بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ تَعَبداً لِلَّهِ بِسمِ اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ تَلَظُّفاً لِلَّهِ بِسمِ اللهِ مَا شَاءَ اللهُ تَذَلُّلا لله بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ تَخَشُعاً لِله بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ اسْتِكَانَةٌ لِله بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ استِعانَةً بِاللهِ بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ استِغاثَةً بِاللهِ بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ لا حَولَ

ص: 113


1- مهج الدعوات :333، طرف من الأنباء والمناقب : 497 ، بحار الأنوار 83 : 59 ح 67 و مستدرك الوسائل 5 : 60 ح 5366.
2- بحار الأنوار 47 : 363 ح 78.

وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ كَانَ بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ أَستَغفِرُ اللهَ المستَعَانَ بسم الله مَا شَاءَ اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الحَلِيمُ الكَرِيمُ بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ العَلِيُّ العَظِيمُ بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الأَرْضِينَ السَّبِعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَمَا بَينَهُنَّ وَمَا عَلَيهِنَّ وَهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظِيمِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ هُوَ رَبُّ العَرشِ الكَرِيم بسم اللَّهِ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْأَوَّلُ قَبلَ كُلّ شيء بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ الآخَرُ بَعدَ كُلّ شيء بسم اللهِ مَا شَاءَ اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ سُبحَانَ اللهِ رَبَّنَا رَبّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى المُرسَلِينَ وَالحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمينَ يا الله يا لَطِيفُ يا اللهُ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَأَنتَ السَّمِيعُ البَصِيرُ صَلِّ عَلَى مَحَمّد وَ عَلَى أَئِمَّةِ المؤمنينَ مِن آلِهِ كُلِهِم وَ عَجِل فَرَجَهُم وَ ضَاعِفَ أَنواعَ العَذَابِ عَلَى أَعْدَائِهِم وَثَبِّت شِيعَتَهُم عَلَى طَاعَتِكَ وَطَاعَتِهِم وَعَلَى دِينِكَ وَمِنْهَاجِهِم وَلا تَنزع مِنهُم سَيِّدِي شَيئاً مِن صَالِحٍ مَا أعطيتَهُم بِرَحمَتِكَ يا اللهُ يا رَحمَانُ یا رَحِيمُ یا مُقَلِّبَ القُلوبِ وَالأَبْصَارِ لا تُزِغِ قُلُوبَهُم بَعدَ إِذ هَدَيتَهُم وَهَب هَم مِن لَدُنكَ رَحمَةً إِنَّكَ أَنتَ الوَهَّابُ يا اللهُ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ أَسْأَلُكَ أَن تَجْعَلَ الصلاة كُلَّهَا عَلَى مَن صَلَّيتَ عَليهم وَ أَن تَجْعَلَ اللَّعَائِنَ كُلَّهَا عَلَى مَن لَعَنتَهُم وَأَن تَبدَأَ بِاللَّذَينِ ظَلَمَا آلَ رَسُولِكَ وَ غَصَبَا حُقُوقَ أهل بَيتِ نَبِيِّكَ وَ شَرَّعًا غَيْرَ دِينِكَ اللَّهُمَّ فَضَاعِفَ عَليهِمَا عَذابَكَ وَغَصْائِبَكَ وَلَعَناتِكَ وَ مَخازِيَكَ بِعَدَدِ ما فِي عِلمِكَ وَ بِحَسَبِ استحقاقِهما مِن عَدلِكَ وَأَضعافِ أَضعافِ أَضعافِهِ بِمبلغ قدرتكَ عَاجِلا غَيرَ أَجِلٍ بِجَمِيعِ سُلطائِكَ ثُمَّ بِسَائِرِ الظَّلَمَةِ مِن خَلقِكَ بِأهل بَيتِ نَبِيِّكَ بِحَقِّ محمد وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الزَّاهِرِينَ صَلَوَاتُكَ عَليهِم أَجْمَعِينَ بِحَسَبِ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَفِي كُلِّ أَوانٍ وَلِكُلِّ شَأْنٍ وَبِكُلِّ لِسَانٍ وَعَلَى كُلِّ مَكَانٍ وَمَعَ كُلِّ بَيانٍ وَكَذَا كُلُّ إِنسَانِ أَبَداً دَائِماً وَاصِلا مَا دَامَتِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ يَا ذَا الفَضلِ وَالثَّنَاءِ وَالطَّولِ لَكَ الحَمدُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبحَانَكَ يا اللَّهُ وَبِحَمْدِكَ تَرَحَمتَ عَلَى خَلْقِكَ فَهَدَيتَهُم إِلَى دُعائِكَ فَقَولُكَ الحَقُّ فِي كِتَابِكَ ﴿وَإِذا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعَوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ﴾(1) فَلَبَّيكَ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعدَيكَ وَالْخَيرُ فِي يَدَيكَ وَالمَهْدِيُّ مَن هَدَيتَ عُبَيدُكَ داعِيكَ مُنتَصِبٌ بَينَ يَدَيكَ وَرِقُكَ وَ رَاجِيكَ مُنتَهى عَن مَعَاصِيكَ وَسَأَلَكَ مِن فَضْلِكَ يُصَلِّي لَكَ وَحدَكَ لا شَرِيكَ لَكَ بِكَ وَلَكَ وَمِنكَ وَإِليكَ لَا مَنجَى وَلَا مُلتَجَأَ مِنكَ إِلَّا إِلَيكَ تَبَارَكتَ وَتَعَالَيتَ سُبحَانَكَ رَبَّنَا وَحَنَانَيكَ سُبحَانَكَ وَتَعَالَيتَ سُبحَانَكَ رَبَّنَا وَ رَبَّ البَيتِ

ص: 114


1- البقرة : 186.

الحرامِ سُبحَانَكَ رَبَّنَا وَ الرَّعْبَةُ إِليكَ سُبحانَكَ رَبَّنَا وَ رَبَّ الوَرى تَرَى وَلاتُرى وَ أَنتَ بِالمُنظَرِ الأعلَى وَإِليكَ الرُّجْعَى وَ إِليكَ المماتُ وَالمحيا وَ لَكَ الآخرة والأولَى وَلَكَ القُدرَةُ وَالحَجَّةُ وَالأمرُ وَالنَّهْي وَأَنتَ الغَفَّارُ لِمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى فَآمَنَّا بِكَ يَا سَيِّدِي وَسَأَلْناكَ وَ اهْتَدَينا لَكَ بِمَن هَدَيتَنا بِهِم مِن بَرِيَّتِكَ المختارِ مِنَ المُتَّقِينَ محمّد وَ أَهْلَ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الخَيْرِينَ الفاضِلِينَ الزَّاهِدِينَ المرضِيِّينَ صَلَواتُكَ عَليهِم أَجْمَعِينَ اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَيهِم بِجَمِيعِ صَلَواتِكَ وَ عَجِّل فَرَجَهُم بِعِزِ جَلالِكَ وَ أَدخِلْنَا بِهِم فِيمَن هَدَيتَ وَعَافِنَا بِهِم فِيمَن عَافَيْتَ وَ تَوَلَّنَا بِهِم فِيمَن تَوَلَّيتَ وَارزُقنا بِهِم فِيمَن رَزَقَتَ وَبَارِك لَنَا بِهِم فِيمَا أَعْطَيتَ وَقِنَا بِهِم جَمِيعَ شُرُورِ مَا قَدَّرتَ وَقَضَيْتَ فَإِنَّكَ تَقضي ولا يُقضَى عَليكَ وَتَذِلُّ وَلا يَذِلُّ مَن وَالَيتَ وَتُجِيرُ وَلا يُجارُ عَليكَ وَالمَصِيرُ وَ المعادُ إِليكَ آمَنَّا بِكَ يا سَيِّدِي وَتَوَكَّلْنَا عَليكَ وَسَمِعنَا لَكَ يَا سَيِّدِي وَفَوَّصْنَا إِليكَ اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِن أَن نَذِلَّ وَ نَخَزَى وَنَعُوذُ بِكَ مِن دَرَكِ الشَّقَاءِ وَ مِن شَمَاتَةِ الأَعداءِ وَ مِن سُوءِ القَضاءِ وَ مِن تَتَابُعِ الفَناءِ وَالبَلاءِ وَ مِنَ الوَبَاءِ وَ مِن جَهِدِ البَلَاءِ وَ حِرمَانِ الدُّعَاءِ وَ مِن سُوء المنظَرِ فِي أَنفُسِ أهل بَيتِ نَبِيِّكَ محمد صَلَوَاتُكَ عَليهِم وَفِي أَديانِهِم فِي جَمِيعِ مَا تَفَضَّلتَ وَ تَتَفَضَّلُ بِهِ عَليهِم مَا عَاشُوا وَ عِندَ وَفَاتِهِم وَ بَعدَ وَفَاتِهِم وَنَعُوذُ بِكَ يَا سَيِّدِي مِنَ الخِزيِ فِي الحَياةِ الدّنيا وَ مِنَ المَرَةِ إِلَى النَّارِ هَذَا مَقَامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النَّارِ أَعُوذُ بِكَ يَا سَيِّدِي مِنَ النَّارِ هَذَا مَقَامُ الهارِبِ إِليكَ مِنَ النَّارِ أَهرُبُ إليكَ إِلَى مِنَ النَّارِ هَذَا مَقامُ المستجيربكَ مِنَ النَّارِ أَسْتَجِيرُ بكَ يا سَيّدِي وَإِلهِي مِنَ النَّارِ هَذَا مَقَامُ التَّائِبِ الرَّاغِبِ إِليكَ فِي فَكَاكِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ هَذَا مَقامُ التَّائِبِ إِلَيْكَ الضَّارِعِ إِليكَ الطَّائِبِ إِليكَ فِي عِنقِ رَقَبَتِي مِنَ النَّارِ هَذَا مَقَامُ مَن بَاءَ بِخَطِيئَتِهِ وَ تابَ وَأَنَابَ إِلَى رَبِّهِ وَتَوَجَّهَ بِوَجْهِهِ إِلَى الَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ عَالم الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ عَلَى مِلَّةِ إِبراهِيمَ وَ مِنهاجِهِ وَ عَلَى دِينِ محمد صلى اله عليه وآله وَ شَرِيعَتِهِ وَ عَلَى وَلايَةِ عَلَى وَ إِمَامَتِهِ وَ عَلَى نَهجِ الأوصياءِ وَالأَولِياءِ المختارِينَ مِن ذُرِّيَّتِهما المخصُوصِينَ بِالإِمَامَةِ وَالطَّهَارَةِ وَالوِصَايَةِ وَالحِكمَةِ وَالتَّسْمِيَةِ بِالسّبطين الحسن والحسين عليه السلام سَيِّدَي شَبَابِ أَهل الجَنَّةِ أَجْمَعِينَ وَ بِعَلي بن الحسينِ سَيّدِ العابِدِينَ وَ بِمحمدِ بنِ عَلِي بَاقِرِ عِلمِ الدِّينِ وَبِجَعَفَرِ بْنِ محمّد الصَّادِقِ عَن رَبِّ العالمينَ وَ بِمُوسَى بْنِ جَعْفَرِ العَبدِ الصَّالِحِ وَبِعَلِيِّ بنِ مُوسَى الرَّضَا مِنَ المَرَضِيِّينَ وَ بِحَمْدِ بنِ عَلى التَّقِي مِنَ المُتَّقِينَ وَ بِعَلِيِّ بنِ محمّد الطَّاهِرِ مِنَ المُطَهَّرِينَ وَ بِالحَسَن بنِ عَلى الهَادِي مِنَ المهدِيِّينَ وَبِابْنِ الحَسَن المبَارَكِ مِنَ المبارَكِينَ وَ عَلَى سُنَنِهِم وَ سُبُلِهِم وَحُدُودِهِم وَ

ص: 115

نَحوِهِم وَ أَمِّهِم وَ أَمرِهِم وَ تَقواهُم وَسُنَّتِهِم وَسِيرَتِهِم وَ قَلِيلِهِم وَ كَثِيرِهِم حَيّاً وَ مَيْتاً وشكرا لدينا شكر الدنيا ] عَلَى ذَلِكَ داماً فَيا اللهُ يَا نُورَكُلِ نُورٍ يا صَادِقَ النُّورِيا مَن صِفَتُهُ نُورٌيا مُدَهِرَ الدُّهُورِ يا مُدَبِّرَ الأمُورِ يا مُجرِيَ البُحُورِ يَا بَاعِثَ مَن فِي القُبُورِ يا مُجْرِيَ الفُلكِ لِنوحٍ يَا مُلَيِّنَ الْحَدِيدِ لِدَاوُدَ يَا مُوْتِيَ سُلَيمانَ مُلكاً عَظِيماً يا كَاشِفَ الضُّرِ عَن أَيُّوبَ يا جَاعِلَ النَّارِ بَرَداً وَ سَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ يَا فَادِيَ ابنِهِ بِالذِبحِ العَظِيمِ يا مُفَرّجَ هَمَ يَعقُوبَ يا مُنَفِّسَ غَمّ يُوسُفَ يَا مُكَلِّمَ مُوسَى تَكلِيماً يَا مُؤَتِدَ عِيسَى بِالرُّوحِ تَأييداً يا فَاتِحُ لِمحمد فتحاً مُبِيناً وَيا نَاصِرَهُ نَصِراً عَزِيزاً يَا جَاعِلَ لِلخَلْقِ لِسَانَ صدق عَلِيّاً يَا مُذهِبَ عَن أهل بَيتِ محمّد الرّجسَ وَ مُطَهِّرَهُم تَطْهِيرًا أَسأَلُكَ أَن تَجْعَلَ فَواضِلَ صَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ وَ رَاكِياتِكَ وَ مَعْفِرَتَكَ وَ نَوامِيَكَ وَرِضوانَكَ وَ رَأْفَتَكَ وَ رَمَتَكَ وَمَحَبَّتَكَ وَ تَحِيَّتَكَ وَصَلَوَاتِكَ عَلَى جَمِيعِ أهلِ طَاعَتِكَ مِن خَلْقِكَ عَلَى محمّد وَ عَليهِم وَعَلَى جَمِيعِ أَجْسادِهِم وَ أَرواحِهِم وَ عَلَى كُلِّ مَن أَحبَبتَ الصلاة عَليهِ مِن جَمِيعِ خَلْقِكَ بِعَدَدِ مَا فِي عِلْمِكَ وَ آمَنتُ يا اللهُ بِكَ وَبِهِم وَبِجَمِيعِ مَن أَمَرتَ بِالإِيمَانِ بِهِ مِن جَمِيعِ خَلْقِكَ وَآمَنتُ يَا اللَّهُ بِكَ وَ بِجَمِيعِ أسرارِ آلِ محمد وَ عَلانِيتِهِم وَ ظَاهِرِهِم وَبَاطِنِهِم وَ مَعروفِهِم حَيّاً وَ مَيْنَا أَشْهَدُ أَنَّهُم فِي عِلمِ اللهِ وَ طَاعَتِهِ كَمحمّد صلواتُ اللهِ عليهِ وَ عَليهِم أَجْمَعِينَ بِعَدَدِ مَا فِي عِلمِ اللَّهِ فِي كُلِّ زمانٍ وَفِي كُلِّ حِينٍ وَ أَوَانٍ وَفِي كُلِّ شَأْنٍ وَ بِكُلِ لِسَانٍ وَ عَلَى كُلِّ مَكَانٍ أَبَداً دَائِاً وَاصِلا مَا دَامَتِ الدّنيا وَ الآخرة بِكَ وَبِجَمِيعِ رَحمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ يا الله يا مُتَعَالِيَ المَكانِ يا رَفِيعَ البُنيانِ يا عَظِيمَ الشَّأْنِ يا عَزِيزَ السُّلطانِ يا ذا النُّورِ وَالبُرهانِ يا ذا القدرَة وَالبُنيانِ يا هَادِيَ لِلإِيمانِ يا مَخَوفَ الأحكامِ يا تخشِيَّ الانتِقَامِ يا ذا الملكِ وَالمُعَارِجِ يا ذَا العَدْلِ وَالرَّغَائِبِ أَسْأَلُكَ أَن تُصَلِّيَ عَلَى محمّد وَآلِ محمّدِ عَليهِ وَ عَلَيهِمُ السلام المتَّقِينَ الزَّاهِدِينَ بِجَمِيعِ صَلَواتِكَ وَ أَن تُعَجِلَ فَرَجَهُم بِعِزِ جَلالِكَ وَ أَن تُضَاعِفَ أَنواع العذابِ وَاللَّعائِنِ بِعَدَدِ مَا فِي عِلْمِكَ عَلَى مُبْغِضِيهِم وَ مُعانِدِيهِم وَغَاصِبِيهِم وَ مُنَاوِيهِم وَالتَّارِكِينَ أَمَرَهُم وَ الرَّاذِينَ عَلَيهِم وَالجَاحِدِينَ لَهُم وَ الصَّادِينَ عَنهُم وَالبَاغِينَ سِواهُم وَالغَاصِبِينَ حُقُوقَهُم وَ الجَاحِدِينَ فَضْلَهُم وَالنَّاكِثِينَ عَهْدَهُم وَ المَتَلاشِينَ ذِكرَهُم وَ المستَأكِلِينَ بِرَسمِهِم وَ الواطِئِينَ لِسَمتِهِم وَالنَّاشِئِينَ خلافهُم وَالنَّاصِبِينَ عَدَاوَتَهُم وَالمانِعِينَ لَهُم وَ النَّاكِثِينَ لأتباعِهِم اللَّهُمَّ فَأَبِحٍ حَرِينَهُم وَأَلقِ الرُّعبَ فِي قُلُوبِهِم وَ خَالِف بَينَ كَلِمَتِهِم وَأَنزِل عَليهِم رِجزَكَ وَعَذَابَكَ وَغَضَائِبَكَ وَ مَخَازِيَكَ وَ دَمَارَكَ وَ دَبَارَكَ وَ سَفالَكَ وَنَكَالَكَ وَسَخَطَكَ وَسَطُواتِكَ وَ بَأسَكَ وَبَوارَكَ وَ نَكَالاتِكَ وَ وَبِالَكَ وَبَلاءَكَ وَ

ص: 116

هَلاكَكَ وَ هَوانَكَ وَشَقاءَكَ وَ شَدائِدَكَ وَ نَوازِ لَكَ وَ نَقِماتِكَ وَمَعَارَكَ وَ مَضارَّكَ وَخِرْيَكَ وَ خِدْلَانَكَ وَ مَكرَكَ وَمَتالِفَكَ وَقَوامِعَكَ وَ عَورَاتِكَ وَ أَوراطَكَ وَ أَوتَارَكَ وَعِقَابَكَ بِبَلَغِ مَا أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ وَ بِعَدَدِ ا دِ أَضعافِ أَضعافِ أَضعافِ استحقاقِهِم مِن عَدلِكَ مِن كُلِّ زَمَانٍ وَفِي كُلِّ أَوَانٍ وَبِكُلِّ شَأْنٍ وَ بِكُلِّ مَكَانٍ وَ بِكُلِ لِسَانٍ وَمَعَ كُلِّ بَيانٍ أَبَداً دَائِماً وَاصِلَا مَا دَامَتِ الدُّنيا وَالآخِرَةِ بِكَ وَ بِجَمِيعِ قُدرتكَ يا أَقدَرَ القادِرِينَ يا رَبَّ الأَرْبابِ يا مُعتِقَ الرِّقَابِ يَا كَرِيمُ یا وَهَّابُ يَا رَحِيمُ يَا تَوَّابُ أَنتَ تَدعُونِي حَتَّى أَكِلَّهُ وَأَنا عَبْدُكَ وَقَد عَظُمَت ذُنُوبِي عِندَكَ وَخِفْتُ أَلَا أَسْتَحِقَّ إِجَابَتَكَ وَ عَفوَكَ وَ رَحمَتَكَ أَجَلَّ وَ أَعظَمَ مِن ذُنُوبِي حَتَّى لا أَقنُطَ مِن رَحمَتِكَ وَلَا أَيأَسَ مِن حُسنِ إِجَابَتِكَ فَلتَسَعِنِي رَحمَتُكَ وَليَنَنِي حُسنُ إِجَابَتِكَ بِرَأْفَتِكَ وَ أَكْرِمِنِي سَابِغَ عَطَائِكَ وَسَعَةً فَضلِكَ وَ الرِّضَا بِأَقدارِكَ بِغَيْرِ فَقرِ وَ فَاقَةٍ وَتَبْلُغُنِي سُوْلِي وَ نَجَاحَ طَلِبَتِي وَ عَن حُسنِ إِجَابَتِكَ إِلحَاحِي وَعَن جُمُلَةِ اعترافِي وَ استغفارِي أَستَغفِرُكَ إِلهِي وَسَيّدِي لِجَمِيعِ مَا كَرِهْتَهُ مِنِّي بِجَمِيعِ الإستغفاراتِ لَكَ وَ تُبتُ إِليكَ مِن جَمِيعِ مَا كَرِهتَهُ مِنِّي بِأَفضَلِ التَّوَبَاتِ لَدَيكَ مُصَلِّياً عَلَى محمّد وَأهل بَيتِهِ الطَّيِّبِينَ الظَّاهِرِينَ بِجَمِيعِ صَلَواتِكَ وَلاعِناً أعداءَكَ وَأَعْدَاءَهُم قَبلَ كُلِّ شيء ومَعَ كُلِّ شيء و عِندَ كُلّ شَيء وَلِكُلّ شيءٍ وَفِي كُلِّ شَيء وَبَعدَ كُلّ شيءٍ وَمَعَ كُلِّ شَيء وَلِكُلِّ شَيء وَفِي كُلِّ شيء عَلَى أَفضَلِ مَحَبَّتِكَ وَ مَرْضَاتِكَ حَيّاً وَ مَيِّتاً حَتَّى تَرضَى وَ تَمَحُوَنِي مِنَ الأَسْقِياءِ المحرُومِينَ إِجَابَتَكَ وَتَكتُبَنِي مِنَ السُّعَداءِ المستَحِقِينَ إِجَابَتَكَ فَإِنَّكَ سَيِّدِي تَمَحُومَا تَشَاءُ وَتُنبِتُ وَعِندَكَ أمُّ الكِتَابِ ﴿رَبَّنَا آمَنَّا بِما أَنزَلتَ وَاتَّبَعنَا الرَّسُولَ فَاكتُبنا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾(1) وَاتَّبَعنَا الرَّسُولَ وَوَالَينا الوَلِيَّ وَ وَتَأَثَمَنَا الأَيْتَةَ فَاكْتُبنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَ أَدخِلْنَا بِهِم فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَانصُرْنَا بِهِم عَلَى القَومِ الكَافِرِينَ وَبِجَمِيعِ رَحمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ثُمَّ قُل سَبْعِينَ مَرَّةً أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لِجَمِيع ذُنُوبِي وَ أَسْأَلُهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْنَا بِرَحمَتِهِ ثُمَّ ارَكَعَ وَكُن مِنَ السَّاجِدِينَ وَ اعبُد رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ.(2)

67- من تعقيبات الصلاة ... ثُمَّ تَدعُو بِدُعاءِ الفَراغِ مِنَ الصلاةِ وَالتَّعَقِيبِ فَتَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى أَمِيرِ المؤمنينَ وَعَادِ مَن عَادَاهُ وَ وَالِ مَن وَالاهُ وَالعَن مَن ظَلَمَهُ وَوَثَبَ عَلَيهِ وَاقْتُل مَن قَتَلَ الحَسَنَ وَ الحسينَ وَالعَن مَن شَرِكَ فِي دِمَائِهِما وَصَلِّ عَلَى فَاطِمَةَ بِنتِ رَسُولِكَ وَالعَن مَن أَذَى نَبِيَّكَ فِيها وَصَلَّ عَلَى رُقَيَّةَ وَ زَينَبَ وَالعَن مَن أَذَى نَبِيَّكَ فِيهِمَا وَصَلَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ القَاسِمِ ابنَي نَبِيِّكَ وَصَلَّ عَلَى الْأَيْتَةِ مِن أهل بَيتِ نَبِيِّكَ أَيْتَةِ الهُدَى وَأَعْلَامِ الدِّينِ أَيْتَةِ المُؤْمِنِينَ وَصَلَّ عَلَى ذُرِّيَّةِ نَبِيِّكَ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَ عَليهِمُ السلام وَ رَحمةُ اللهِ وَبَرَكَاتُه ...(3)

68 - من أعمال يوم الجمعة :... فَإِذا صَلَّيتَ الفَجْرَيومَ الجُمُعَةِ فَابْتَدِى بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ ثُمَّ بالصلاة على محمد وَآلِهِ وَهِيَ هَذِهِ اللَّهُمَّ أَنتَ رَبِّي وَ رَبُّ كُلِّ شَيء وَخالِقِ وَخالِقُ كُلّ شيء

ص: 117


1- آل عمران : 53.
2- مهج الدعوات : 325 ، الفقيه 2 : 607 خ 3211 و بحار الأنوار 82 : 268 ح 6.
3- البلد الأمين : 21 ، مصباح المتهجد 1 : 79 و بحار الأنوار 98 :110.

آمَنتُ بِكَ وَبِمَلائِكَتِكَ وَكُتُبِكَ وَ رُسُلِكَ وَبِالسَّاعَةِ وَالبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَبِلِقَائِكَ وَالحِسابِ وَ وَعْدِكَ وَوَعِيدِكَ وَبِالمغفِرَةِ وَالعَذَابِ وَ قَدَرِكَ وَقَضَائِكَ وَ رَضِيتُ بِكَ رَبِّاً وَبِالإِسْلَامِ دِيناً وَ بمحمد صلى الله عليه وآله نَبِيّاً وَ بِالقرآن كِتَاباً وَ حُكماً وَ بِالكَعْبَةِ قِبلَةٌ وَبِحُجَجِكَ عَلَى خَلْقِكَ حُجَجاً وَ أَيْتَةً وَبِالمؤمنينَ إِخْوَاناً وَ كَفَرْتُ بِالجِبتِ وَالطَّاغُوتِ وَ بِاللاتِ وَالعُزَّى وَبِجَمِيعِ مَا يُعْبَدُ دُونَكَ وَ ﴿استَمْسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾(1)...(2)

69 - الدعاء الذي لا يسمح تركه في كل صباح ومساء عَنْ أَبِي عَبدِ اللَّهِ عليه السلام قال: مَهمَا تركتَ مِن شيء فَلا تَترُك أَن تَقُولَ فِي كُلّ صَبَاحٍ وَمَسَاءِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَصبَحتُ أَستَغفِرُكَ فِي هَذَا الصَّبَاحِ وَفِي هَذَا اليَومِ لأهلِ رَحمَتِكَ وَ أَبْرَأُ إِليكَ مِن أهل لَعَنَتِكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَصبَحتُ أَبْرَأُ إِليكَ فِي هَذَا اليَومِ وَفِي هَذَا الصَّبَاحَ مَن نَحنُ بَين ظهرانيهم من المشرِكِينَ وَمِمَّا كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴿إِنَّهُم كَانُوا قَومَ سَوءٍ فَاسِقِينَ﴾(3) اللَّهُمَّ اجْعَل مَا أَنزَلتَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ فِي هَذَا الصَّبَاحِ وَفِي هَذَا اليَومِ بَرَكَةٌ عَلَى أَولِيائِكَ وَعِقَابَاً عَلَى أَعدَائِكَ اللَّهُمَّ وَالِ مَن وَالَاكَ وَ عَادِ مَن عَادَاكَ اللَّهُمَّ اختم لِي بِالأمنِ وَالإِيمانِ كُلَّمَا طَلَعَت شَمسُ أَو غَرَبَت اللَّهُمَ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَارحَمهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً اللَّهُمَّ اغفِر لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِنَاتِ وَ المسلِمِينَ وَ المسلِمَاتِ الأحياءِ مِنْهُم وَالأمْوَاتِ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ مُنقَلَبَهُم وَمَنْوَاهُم اللَّهُمَّ احفَظ إِمَامَ المسلِمِينَ بِحِفظِ الأَيْمَانِ وَانصُرُهُ نَصراً عَزِيزاً وَافْتَح لَهُ فَتحاً يَسِيراً وَ اجْعَل لَهُ وَ لَنَا مِن لَدُنكَ سُلطاناً نَصِيراً اللَّهُمَّ العَن فلاناً وَ فلاناً وَ الفِرَقَ المختَلِفَةَ عَلَى رَسُولِكَ وَوُلاةِ الأمرِ بَعدَ رَسُولِكَ وَالأَئِمَّةِ مِن بَعدِهِ وَشِيعَتِهِم وَأَسْأَلُكَ الزِيادَةَ مِن فَضلِكَ وَ الأقرارَ بِمَا جَاءَ مِن عِندِكَ وَ التَّسْلِيمَ لأمرِكَ وَالمَحَافَظَةَ عَلَى مَا أَمَرْتَ بِهِ لَا أَبْتَغِي بِهِ بَدَلا وَلا أَسْتَرِي بِهِ ثَمَناً قَلِيلا اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَن هَدَيتَ وَقِنِي شَرَّمَا قَضَيتَ إِنَّكَ تَقضِي وَلَا يُقضَى عَليكَ وَلا يَذِلُّ مَن وَالَيتَ تَبَارَكتَ وَتَعَالَيتَ سُبحَانَكَ رَبَّ البَيتِ تَقَبَل مِنِّي دُعَائِي وَ مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِليكَ مِن خَيرِ فَضَاعِفَهُ لِي أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً كَثِيرَةٌ وَآتِنَا مِن لَدُنكَ رَحمَةٌ

ص: 118


1- البقرة : 256.
2- بحار الأنوار 86 : 333.
3- الأنبياء : 74.

وَأَجراً عَظِيماً رَبِّ مَا أَحسَنَ مَا ابْتَلَيتَنِي وَأَعظَمَ مَا أَعطيتَنِي وَأَطْوَلَ مَا عَافَيْتَنِي وَأَكثَرَمًا سَتَرتَ عَلَيَّ فَلَكَ الحَمدُ يا إِلهِي كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً عَليهِ مِلءَ السَّمَاوَاتِ وَ مِلءَ الْأَرْضِ وَ مِلءَ مَا شَاءَ رَبِّي كَمَا يُحِبُّ وَيَرْضَى وَ كَمَا يَنبَغِي لِوَجهِ رَبِّي ذِي الجَلالِ وَ الإكرام.(1)

70 - من أدعية قنوت صلاة الليل... اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى محمّد وَآلِ محمّد وَصَلِّ عَلَى مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ وَ أُولِي العَزمِ مِن المرسَلِينَ وَالأَنْبِياءِ المنتَجَبِينَ وَالْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ أَوَلِهِم وَ آخِرِهِم اللَّهُمَّ عَذَّب كَفَرَةَ أهل الكِتَابِ وَجَمِيعَ المشركينَ وَ مَن ضَارَعَهُم مِنَ المَنافِقِينَ فَإِنَّهُم يَتَقَلَّبُونَ فِي نِعمَتِكَ وَيَجْعَلُونَ الحَمدَ لِغَيرِكَ فَتَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُونَ وَعَمَّا يَصِفُونَ عُلُوّاً كَبِيراً اللَّهُمَّ العَنِ الرُّؤَسَاءَ وَالقادَةَ وَالأتباعَ مِنَ الأُولِينَ والآخِرِينَ الَّذِينَ صَدُّوا عَن سَبِيلِكَ اللَّهُمَّ أُنزِلَ بِهِم بَأْسَكَ وَنَقِمَتَكَ فَإِنَّهُم كَذَبُوا عَلَى رَسُولِكَ وَ بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ وَ أَفَسَدُوا عِبادَكَ وَحَرَّفُوا كِتابَكَ وَ غَيَّرُوا سُنَّةَ نَبِيِّكَ اللَّهُمَّ العَنهُم وَأَتباعَهُم وَأَوليائهم وأعوانَهُم وَيُحِبّيهم واحشُرهُم وَأَتباعَهُم إِلى جَهَنَّمَ زُرقاً اللَّهُمَّ صَلَّ عَلَى محمّد عَبدِكَ وَ رَسُولِكَ بِأَفضَلِ صَلَواتِكَ وَ عَلَى أَيْتَةِ الهُدَى الرَّاشِدِينَ المهديين .(2)

71 - قال الرّضا عليه السلام وَهَذَا مِمَّا نُداوِمُ بِه نحنُ مَعاشِرَ أهل البيت عليهم السلام (وأنا أذكره بتمامه لوجود مضامين عالية فيه منها اللعن والدعاء على الظلمة والمنافقين) :

لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله ربّ السّماواتِ السبع وربّ الأرضين السبع و ما فِيهِنّ وما بينهنّ وربّ العرش العظيم يا اللهُ الَّذِي ليس كمثلِهِ شيءٌ صلّ على محمّد و آلِ محمّد اللّهُمّ أنت الملك الحق المبينُ لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك عملتُ سُوءاً و ظلمتُ نفسي فاغفِر لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لا يغفِرُ الذُّنُوب إلا أنت اللَّهُمَّ إِياك أعبُدُ ولك أُصلِّي و بك آمنتُ ولك أسلمتُ وبك اعتصمت و عليك توكلتُ وبك استعنت ولك أسجُدُ وأركع و أخضعُ وأخشع ومنك أخافُ وأرجو و إليك أرغبُ و مِنك أخافُ وأحذرو منك ألتمس و أطلب وبك اهتديتُ و أنت الرّجاءُ وأنت المرجي وأنت المرتجى اللهم اهدني فيمن هديت و عافني فيمن عافيت وتولّني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقِني شرّ ما قضيت إنّك

ص: 119


1- الكافي 2 : 529 ح 23 و بحار الأنوار 30 : 395.
2- مصباح المتهجد 1 : 154 وبحار الأنوار 84 : 274.

تقضي ولا يُقضى عليك لا منجى ولا ملجأ ولا مفر ولا مهرب منك إلّا إليك سبحانك وحنانيك تباركت وتعاليت عمّا يقُولُ الظالمون عُلُوّاً كبيراً اللّهُم إِنِّي أسألُك مِن كُلّ ما سألكَ بِهِ مُحمدٌ و آله وأعُوذُ بِكَ مِن كُلّ ما استعاذ بِهِ مُحمّد وآلهُ اللهُم إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن أن نذل و نخزى وأَعُوذُ بك من شر فسقة العرب والعجم وشرّفسقة الجن والإنس ومِن شَرِكُلِّ ذِي شرو شرِكُل دابَّةٍ أنت آخِذُ بِناصِيتِها إِنَّك على صِرَاطٍ مُستقيم وأعُوذُ بِكَ مِن همزاتِ الشَّياطين وأعُوذُ بِكَ ربّ أن يحضُرُونِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن السّامة والهامة والعينِ اللامة ومِن شَرِّطوارِقِ اللَّيلِ والنَّهارِ إلّا طارقاً يطرُقُ بِخير يا الله اللهم اصرِف عنِّي البلاء والآفاتِ والعاهات والأسقام والأوجاع و الآلام والأمراض وأعُوذُ بِك من الفقر والفاقةِ والضَّنكِ والضّيق والحرمان وسوء القضاء و شماتة الأعداء والحاسِدِ و أعُوذُ بِكَ مِن كُلِّ شيطان رجيم و جبّارٍ عنِيدٍ وسُلطان جائر اللهم من كان أمسى وأصبح وله ثقةٌ أو رجاءً غيرُك فأنت ثقتي وسُؤلي و رجائي يا خير من سُئِل و يا أكرم من استُكرم و يا أرحم من استُرحِم ارحم ضعفي و ذُلّي بين يديك وتضرعي إليك و وحشتي من النَّاسِ و ذُلّ مقامِي بِبابِكَ اللّهُمّ انظُر إلي بعينِ الرّحمةِ نظرةً تكُونُ خِيرةً استأهلنا [أستأهلُها] وإلّا تفضّل علينا يا أكرم الأكرمين و يا أجود الأجودين و يا خير الغافرين و يا أرحم الراحمين ويا أحكم الحاكمين و يا أسرع الحاسبين يا أهل التقوى والمغفرة يا معدن الجُودِ والكرم يا الله صلّ على محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفتِك وسفيرِك وخيرتك من بريتك وصفوتك من خلقك وزكيك وتقيك ونقيّك ونجيّك ونجيبك وولي عهدك ومعدن سرك وكهف غيبك الطَّاهِرِ الطَّيِّبِ المباركِ الزِّكِي الصَّادِقِ الوف العادِلِ البار المطهّر المقدس النيّر المضيء السراج اللامع والنُّورِ السّاطِعِ والحُجّةِ البالِغةِ نُورِك الأنور و حبلك الأطول و عروتِك الأوثق وبابك الأدنى و وجهك الأكرم وسفيرك الأوقفِ و جنبك الأوجب و طاعتك الألزم وحجابك الأقرب اللّهُمّ صلّ عليه و على آلِهِ مِن آل طه ويس واخصص وليك و وصي نبيك و أخا رسولك و وزيره و وليّ عهدِهِ إِمام المتقين و خاتم الوصيّين لخاتم النّبِيِّين محمّد صلى الله عليه وآله و ابنته البتول و على سيّدي شباب أهل الجنّةِ مِن الأولين والآخِرِين و على الأئِمَّةِ الرّاشِدِين المهديين السالفين الماضين و على النُّقباءِ الأتقياء البررة الأئِمَّةِ الفاضلين الباقين وعلى بقيتك في أرضك القائم بالحقِّ في اليوم الموعودِ و على الفاضلين المهديّين الأمناء الخزنة و على خواص

ص: 120

ملائكتك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل و عزرائيل و الصافّين والحافّين والكروبيين والمسيحين وجميع ملائكتك في سماواتك و أرضك أكتعِين وصل على أبينا آدم و أُمنا حواء وما بينهما مِنَ النبيين والمرسلين واخصص مُحمّداً بِأفضل الصلاة والتسليم اللهُم إِنِّي أبرأُ إِليكَ مِن أعدائهم و مُعانِدِيهِم وظالميهم اللهم وال من والاهم وعاد من عاداهُم وانصر من نصرهم واخذُل من خذل عبادك المصطفين الأخيار الأتقياء البررة اللهم احشرني مع من أتولّى و أبعدني يمن أتبرأ و أنت تعلم ما في ضمِيرِ قلي مِن حُبِّ أَولِيائِكَ وبُغض أعدائك وكفى بِك عليماً اللهم اغفرلي و لوالدي وارحمهما كما ربياني صغيراً اللّهُمّ اجزهما عنِّي بِأفضل الجزاء وكافهما عنِّي بِأفضل المكافاةِ اللّهُمّ بدّل سيّئاتِهِم حسنات و ارفع لهم بالحسناتِ الدرجاتِ اللَّهُم إِذا صرنا إلى ما صاروا إليه فأمر ملك الموتِ أن يكون بنا رءُ وفاً رحيماً اللهم اغفرلي ولِجَمِيعِ إِخواننا المؤمنين و المؤمنات والمسلمين والمسلِماتِ الأحياء منهم والأمواتِ وتابع بيننا وبينهم بالخيراتِ إِنَّك مُجيب الدعوات و وليُّ الحسناتِ يا أرحم الراحمين اللهم لا تُخرِجنِي مِن هَذِهِ الدُّنيا إِلَّا بِذَنبٍ مغفُورٍ و سعي مشكُورٍ و عملٍ مُتقبّل وتجارة لن تبور اللهم أعتقنِي مِن النَّارِ واجعلني مِن طلقائِك وعُتقائِكَ مِن النّارِ اللَّهُمَّ اغفِرلِي ما مضى مِن ذُنُوبِي واعصِمِنِي فِيمَا بَقِي مِن عُمُرِي اللهُم كُن لِي َولِيّاً وحافِظاً و ناصِراً و مُعِيناً واجعلني في حِرزك وحفظك وحمايتك وكنفك و درعِك الحصِينِ وفِي كِلاءتِك عزّ جارك و جل ثناؤك ولا إله غيرك و لا معبود سواك اللهم من أرادني بِسُوءٍ فأردهُ اللهُم رُدّ كيده في نحره اللّهُمّ بيّر عُمُره وبدّد شمله وفرّق جمعه واستأصل شأفته و اقطع دابره و قيّر رزقه وأيلِهِ بِجهدِ البلاء واشغله بنفسِهِ و ابتلهِ بِعِيالِهِ ووُلدِهِ و اصرف عني شره و أطبق عنّي فمه و خُذ مِنهُ أمنهُ مِثل من أخذ من أهل القرى وهي ظالمة و اجعلني مِنهُ على حذر بحفظك و حِياطتِك وادفع عنّي شرّه وكيده ومكره واكفنيه واكفني ما أهمني مِن أمرِدُنياي وآخرتي اللهُم لا تُسلّط علي من لا يرحمني اللهم أصلِحني وأصلِح شأني و أصلح فساد قلبي اللهم اشرح لي صدري و نور قلبي ويسر لي أمري و لا تشمت بي الأعداء ولا الحاسد اللهُم أغْنِنِي بِغِناك ولا تحوجني إلى أحدٍ سواك تفضّل علي عن فضل من سواك يا قريب يا مُجيب يا الله لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عمِلتُ سُوءاً وظلمتُ نفسي فاغفِرلِي ذُنُوبِي إِنَّه لا يغفِرُ الذُّنُوب إلا أنت اللهم أظهر الحق وأهله واجعلني من أقُولُ بِهِ و

ص: 121

أنتظِرُهُ اللَّهُم قوم قائم محمّد و أظهر دعوتهُ بِرِضاً مِن آلِ محمّد اللّهُمّ أظهر رايته وقوعزمه و عجل خُرُوجه و انصر جُيُوشهُ واعضُد أنصاره وأبلغ طلبته وأنجح أمله وأصلح شأنه و قرب أوانهُ فإِنَّكَ تُبدِى و تُعِيدُ وأنت الغفُورُ الودُودُ اللّهُمّ املأ الدنيا قسطاً وعدلا كما ملئت جوراً وظُلماً اللهم انصر جُيُوس المؤمنين و سراياهم و مُرابِطِيهم حيث كانوا وأين كانُوا مِن مشارِقِ الأرض ومغاربها و انصُرهُم نصراً عزيزاً وافتح لهم فتحاً يسيراً و اجعل لنا ولهم مِن لدنك سُلطاناً نصِيراً اللهم اجعلنا من أتباعه والمستشهدين بين يديهِ اللّهُمّ العن الظلمة والظالمين الَّذِين بدِّلُوا دِينك و حرّفُوا كِتابك وغيرُوا سُنّة نبيّك ودرسوا الآثار وظلموا على أهل بيتِ نبيّك وقاتلوا وتعدّوا عليهم و غصبُوا حقهم و نفوهُم عن بلدانهم وأزعجُوهُم عن أوطانهم من الطاغين والتابعين و القاسِطِين والمارقين والنّاكِثِين وأهل النُّورِ والكذب الكفرة الفجرة اللهم العن أتباعهم و جُيُوشهم وأصحابهم وأعوانهم ويُحِبّيهم وشيعتهم واحشُرهُم إِلى جهنّم زُرقا اللهم عذب كفرة أهل الكتاب وجميع المشركين و من ضارعهُم مِن المنافِقِين فإنّهم يتقلبون فِي نِعِمِك ويجحدون آياتِك ويُكذِّبُون رُسُلك ويتعدّون حُدُودك ويدعُون معك إلهاً لا إله إلا أنت سبحانك و تعاليت عمّا يقُولُ الظالمون عُلُوّاً كبيراً اللّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِك مِن الشّيِّ والشّركِ والشّقاقِ و النِّفاقِ والرِّياءِ ودركِ الشّقاء و سُوء القضاء و شماتة الأعداء وسوء المنقلبِ اللّهُمّ تقبل مني كما تقبلت من الصّالِحِين وألحقني بهم يا أرحم الراحمين اللهمّ افسح في أجلي وأوسع فِي رِزقي و متعني بطول البقاء و دوامِ العِزّو تمامِ النّعمة ورِزقٍ واسع وأغنني بحلالك عن حرامك واصرف عني السوء والفحشاء والمنكر اللهم افعل بي ما أنت أهله ولا تفعل بي ما أنا أهله لا تأخُذني بعدلِك جُد عليّ بعفوك ورحمتك و رأفتك ورِضوانك اللهم عفوك لا تردنا خائبين ولا تقطع رجائي ولا تجعلني مِن القانطين ولا محرُومِين ولا مُجرمين و لا آيسين ولا ضالين ولا مُضِلّين ولا مطرودين ولا مغضُوبِين آمنا العقاب و اطمئِنّ بنا دارك دار السلام اللهُم إِنِّي أتوسل إليك بمحمد و آلِهِ الطيبين وأتشفّعُ إِليك بهم و أتقرب إليك بهم و أتوجّه إليك بهم اللهم اجعلني بهم وجيهاً اللهم اغفر لي بهم وتجاوز عن سيئاتي بهم وارحمني بهم واشفعني بهم اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُك حُسن العاقبة وتمام النعمة في الدنيا والآخرة إنّك على كُلّ شيء قدير اللهم اغفر لنا وارحمنا و تُب علينا وعافنا وغنّمنا ورفعنا و سيّدنا و اهدِنا وأرشدنا و عافنا و

ص: 122

كُن لنا ولاتكن علينا و اكفنا ما أهمنا مِن أمرِدُنيانا و آخرتنا ولا تُضلّنا ولا تهلكنا ولا تضعنا و اهدِنا إلى سواء الصراط و آتنا ما سألنا وما لم نسألك وزدنا مِن فضلك إنك أنت المنّانُ يا اللهُ ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنيا حسنةً و في الآخرة حسنة وقنا عذاب النّارِ﴾(1) أستغفِرُ الله ربّي وأتُوبُ إِليه اغفر وارحم و تجاوز عما تعلمُ فإِنَّك أنت الأعزُّ الأكرم.(2)

72 - من أعمال يوم الخميس والجمعة: اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمد و عجل فرجهم و أهلك عدوّهُم مِن الجن والإنس مِن الأولين والآخِرِين ...(3)

عبادة الملائكة البراءة من عدوّ عليّ (عليه السلام)

1 - عَن سُلَيمِ بنِ قَيْسٍ قال قُلتُ لأَبِي ذَرٍ حَدِثَنِي رَحِمَكَ اللَّهُ بِأَعْجَبِ مَا سَمِعتَهُ مِن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وله يَقُولُ فِي عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام قال سَمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وَلَه يَقُولُ إِنَّ حَولَ العَرشِ لَيَسعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ لَيْسَ هُم تَسْبِيحٌ وَلا عِبَادَةٌ إِلَّا الطَّاعَةُ لِعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ وَ البَرَاءَةُ مِن أَعدائِهِ وَالإستغفارُ لِشِيعَتِهِ.(4)

2 - في الزيارة المروية عن الأئمة عليهم السلام : ... بَل يَتَقَرَّبُ أهل السَّمَاءِ بِحُبِّكُم وَبِالبَرَاءَةِ مِن أَعدائِكُم وَتَوَاتُرِ البُكَاءِ عَلَى مُصَابِكُم وَالإِستغفارِ لِشِيعَتِكُم وَيُحِبّيكُم فَأَنا أُشْهِدُ اللهَ خَالِق و أُشْهِدُ مَلائِكَتَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَ أُشْهِدكُم يا مَوَالِيَّ أَنِّي مُؤمن بولايتِكُم مُعتَقِدٌ لإمامَتِكُم مُقِرٌّ بخلافتِكُم عَارِفُ بِمَنزَلَتِكُم مُوقِنٌ بِعِصمَتِكُم خَاضِعٌ لِولايَتِكُم مُتَقَرِّبْ إِلَى اللَّهِ بِحُتِكُم وَبِالبَرَاءَةِ مِن أَعدَائِكُم عَالِم بِأَنَّ اللهَ قَد طَهَّرَكُم مِنَ الفَواحِشِ مَا ظَهَرَمِنها وَمَا بَطَنَ وَمِن كُلِّ رِيبَةٍ وَ نَجَاسَةٍ وَ دَنِيَّةٍ وَ رَجَاسَةٍ وَ مَنَحَكُم رَايَةَ الحَقِّ الَّتِي مَن تَقَدَّمَهَا ضَلَّ وَ مَن تَأَخَّرَعَنهَا زَلَّ.(5)

ص: 123


1- البقرة : 201.
2- فقه الرضا عليه السلام : 402 - 116 وبحار الأنوار 84 : 211 ح 27.
3- مصباح المتهجد 1 : 257 وبحار الأنوار 86 : 289.
4- كتاب سليم :381.
5- المزار الكبير لابن المشهدي : 294 ، مصباح الزائر : 462 و بحار الأنوار 99 : 164.

3- في زيارة أمير المؤمنين عليه السلام ... أشهد أن دعوتك حق و كلّ داعٍ منصوب دونك باطل مدحُوضُ أنت أوّل مظلوم و أوّلُ معْصُوبِ حقه فصبرت و احتسبت لعن الله من ظلمك و اعتدى عليك وصدّ عنك لعناً كثيراً يلعنهم بِهِ كُلُّ ملكٍ مُقرَبٍ وكُلُّ ني مُرسلٍ وكُلُّ عبدٍ مُؤمن مُمتحن ... ثم تقُولُ وأنت مُستلم القبر اللّهُمّ ربّ الأرباب صريخ الأخيارِ إِنِّي عُدْتُ بِك فافكك رقبتي مِن النّارِ تَقُولُ ذلِك ثلاث مراتٍ ثُمَّ تجلِسُ عِند رأسِهِ فتختارُ مِن الدُّعاءِ لِنفسِك و تقُولُ آمنتُ بِاللهِ وبِما أُنزِل عليكم و أتولى آخِرَكُم بِما تولّيتُ بِهِ أولكم و كفرتُ بِالحِبتِ و الطَّاغُوتِ واللاتِ والعُزّى اللذين بدلا نِعمتك وخالفا كِتابك واتهما نبيك وصدا عن سبِيلِك اللهم احش قبورهما ناراً و أجوافهما ناراً والعنهما لعنا يلعنُهُما بِهِ كُلُّ نَبِيَّ مُرسلٍ وكُلُّ ملك مُقرّب أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان(1).

4- عن أبي عبد الله عليه السلام في زيارة الحسين عليه السلام ... لعن الله من قتلكُم و لعن الله من أمربهِ و لعن الله من بلغه ذلِك مِنهُم فرضِي بِهِ أشهدُ أنّ الذين انتهكُوا حُرمتكُم و سفكُوا دمكُم ملعُونُون على لسانِ النّبي الأمي صلى اله عليه وآله ثم تقُولُ اللهُم العَنِ الَّذِين بدِّلُوا نِعمتك وخالفوا مِلتك ورغبوا عن أمرك واتهموا رسُولك وصدوا عن سبيلك اللهم احشُ قُبُورهُم ناراً و أجوافهم ناراً واحشرهم وأشياعهم إلى جهنّم زرقاً اللهم العنهم لعناً يلعنهم بِهِ كُل ملك مقرب وكُلُّ نبي مُرسل وكُلُّ عبدٍ مُؤمن امتحنت قلبهُ لِلإِيمانِ اللهم العنهم في مُستسِر السرو فِي ظَاهِرِ العلانية اللهم العن جوابيت هذه الأمة والعن طواغيتها والعن فراعنتها و العن قتلة أمير المؤمنين و العن قتلة الحسين وعذبهم عذاباً لا تُعذِّبُ بِهِ أحداً من العالمين...(2)

ص: 124


1- الكافي 570:4 ، ملاذ الأخيار 9 : 74 وبحار الأنوار 97 : 294.
2- الكافي 4 : 573 ، كامل الزيارات : 202 و بحار الأنوار 101 : 158.

اللعن على أعداء الله سبب لغفران الذنوب

1- قال الإمام العسكري عليه السلام ، قال أمير المؤمنين عليه السلام: يومُ الدِّينِ هُويومُ الحِسابِ سَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه واله يقول ألا أُخبركم بأكيس الكيسين وأحمق الحمق قالوا بلى يا رسول الله قال أكيس الكيسين من حاسب نفسه و عمِل لِما بعد الموتِ و إنّ أحمق الحمق من اتبع نفسه هواها وتمنّى على الله تعالى الأماني فقال الرّجُلُ يا أمير المؤمنين وكيف يُحاسِبُ الرّجُلُ نفسه فقال إذا أصبح ثُمّ أمسى رجع إلى نفسِهِ فقال يا نفسُ إنّ هذا يوم مضى عليكِ لا يعُودُ إِليكِ أبداً والله تعالى يسألُكِ عنه فما الَّذِي أفنيتِهِ و ما الَّذِي عَمِلتِ فِيهِ أذكرت الله أحمدتِهِ أقضيتِ حق أخ مؤمن أنفستِ عنه كربه أحفظتِهِ بِظهر الغيب في أهلِهِ و ولدِهِ أحفظتِهِ بعد الموتِ فِي مُخلَّفِيهِ أ كففت عن غيبة أخ مُؤمِنٍ بِفضلِ جَاهِكِ وأأعنتِ مُسلِماً ما الَّذِي صنعتِ فِيهِ فيذكُرُ ما كان مِنهُ فإن ذكر أنه جرى مِنهُ خيرٌ حمد الله تعالى وشكره على توفيقه وإن ذكر معصيةً أو تقصيراً استغفر الله تعالى و عزم على تركِ مُعاودتِهِ و محاذلِك عن نفسِهِ بِتجديد الصلاة على محمد و آلِهِ الطيبين وعرض بيعة أمير المؤمنين عليه السلام على نفسه وقبوله لها و إعادة لعن أعدائِهِ وشانئِيهِ و دافِعِيهِ عن حُقُوقِهِ فإذا فعل ذلِك قال الله عزّ و جلّ لستُ أُناقِشُك في شيء مِن الذُّنُوبِ مع مُوالاتِك أوليائي و مُعاداتِك أعدائي .(1)

ما بعث نبي إلّا بالبراءة من أعدائنا

1- قال أبو جعفر عليه السلام : ما بعث الله نبياً قط إلّا بولايتنا والبراءة من أعدائنا، وذلك قولُ اللهِ عزّوجل في كتابه: ﴿ولقد بعثنا في كُلّ أُمَّةٍ رسُولا أنِ اعْبُدُوا الله واجتنِبُوا الطَّاغُوت فمِنهُم من هدى اللهُ ومِنهُم من حقت عليهِ الضَّلالة﴾ بتكذيبهم آل محمد صلوات الله عليهم، ثُمَّ قال: ﴿فسِيرُوا في الأرضِ فانظُرُوا كيف كان عاقبة المكذِبِين﴾(2).(3)

ص: 125


1- تفسير الإمام عليه السلام : 38 ، كتاب العتيق : 176 ح 49 وتأويل الآيات :27.
2- النحل : 36.
3- تفسير العياشي 2 : 25 ح 258 والبرهان في تفسير القرآن 3 : 419 ح 6018.

طعم الإيمان

1- عن الحسن بن علي بن محمدِ بنِ مُوسى بن جعفر بن محمدِ بنِ علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن آبائِهِ عليهم السلام قال: قال رسُولُ الله صلى اله عليه وآله لبعض أصحابه ذات يوم يا عبد الله أحِبّ في اللهِ وأبغض في الله و والِ فِي اللهِ و عادِ فِي اللهِ فَإِنَّه لا تُنالُ وَلايةُ اللَّهِ إِلَّا بذلك ولا يجد رجُلٌ طعم الإيمان وإن كثرت صلاتُهُ وصِيامُهُ حتى يكون كذلك وقد صارت مُؤاخاة النّاسِ يومكم هذا أكثرها في الدنيا عليها يتواددون [يتوادُّون] وعليها يتباغضون و ذلِكَ لا يُغني عنهُم مِن الله شيئاً فقال له وكيف لي أن أعلم أنّي قد واليتُ و عاديتُ فِي اللهِ عزّو جل و من ولي الله تعالى حتى أُوالِيه و من عدُوهُ حتَّى أَعادِيهُ فأشار لهُ رسُولُ اللهِ صلى اله عليه وآله إلى عليه السلام فقال أترى هذا فقال بلى قال وليُّ هذا وليُّ الله فوالِهِ وعَدُوُّ هذا عدو اللهِ فَعادِهِ ثُمَّ قال وال ولي هذا ولو أنهُ قاتِلُ أبيك وولدك وعادِ عدو هذا ولو أنه أبوك وولدك.(1)

لا يجوز أحد على الصراط إلّا ببراءة من أعداء علي عليه السلام

1- قال جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ قال لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله شرحت لك ما سألتني و وجب عليك الحفظ لها فإِنَّ لِعلي عند الله من المنزلة الجليلة والعطايا الجزيلة ما لم يُعط أحدٌ مِن الملائكة المقربين و لا الأنبياءِ المرسلين وحُبُّهُ واحِبٌ على كُلّ مُسلِمٍ فإنّهُ قسِيمُ الجنّة والنار ولا يجوز أحد على الصّراطِ إلا ببراءة من أعداء علي عليه السلام.(2)

ص: 126


1- علل الشرائع 1 : 140 ح 1 ، صفات الشيعة : 45 ح 65 ، تفسير الإمام عليه السلام : 18 ، معاني الأخبار: 113 و بحار الأنوار 27 : 54 ح 8.
2- الفضائل لشاذان : 59 و بحار الأنوار 35 : 106.

إستعيذوا بالله من محبّة أعدائنا

1- قال الإمام العسكري عليه السلام قوله عزّ و جل ﴿و مثلُ الّذين كفرُوا كمثلِ الَّذِي يَنعِقُ بِما لا يسمعُ إِلَّا دُعاءً ونِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُميّ فهم لا يعقِلُون﴾(1) قال الإمام قال الله عزّوجل ومثل الذين كفروا في عبادتِهِم لِلأصنامِ واتخاذِهِمُ الأنداد مِن دُونِ محمد و علي عليه السلام كمثلِ الَّذِي ينعِقُ بِما لا يسمعُ يُصوّتُ بِما لا يسمعُ إلَّا دُعاءً ونِداءً لا يفهم ما يُرادُ مِنهُ فيُغيث المستغيث و يعين من استعانهُ صُمٌّ بُكمٌ عُمي عنِ الهُدى فِي اتِّباعِهِمُ الأنداد مِن دُونِ اللهِ والأضداد لأولياء اللهِ الَّذِين سموهُم بِأسماءِ خِيارِ خلائِقِ اللهِ ولَقبُوهُم بِألقاب أفاضِلِ الأَئِمَّةِ الَّذِين نصبهُمُ اللهُ لإقامةِ دِينِ اللهِ فهم لا يعقِلُون أمر الله عزّ و جلّ قال علي بن الحسين عليهما السلام هذا فِي عُبّادِ الأصنامِ وفي النُّصابِ لأهل بيتِ محمد نبي الله صلى اله عليه وآله وعُتاة مردتِهم سوف يُصيّرونهم إلى الهاوِيةِ ثُمَّ قال رسُولُ اللهِ صلى الله علي وآله نعُوذُ بِالله مِن الشَّيطانِ الرَّحِيمِ فَإِنّ من تعوّذ بِاللهِ مِنْهُ أَعادَهُ الله و نعوذُ مِن همزاته ونفخاتِهِ و نفئاتِهِ أتدرون ما هي أمَّا همزاتُهُ فمَا يُلقِيهِ فِي قُلُوبِكُم مِن بغضنا أهل البيت قالوا يا رسول الله وكيف تُبغِضُكُم بعد ما عرفنا محلّكُم مِن الله ومنزلتكُم قال صلى الله عليه واله بأن تُبغضوا أولياءنا و تُحِبُّوا أعداءنا فاستعِيذُوا بالله من محبة أعدائنا و عداوة أوليائنا فتعاذُوا مِن بُغضنا و عداوتِنا فإنّه من أحبّ أعداءنا فقد عادانا و نحنُ مِنهُ بِراءٌ و الله عزّ و جلّ مِنه بريءٌ.(2)

لا تُقبل الولاية إلّا بالبرائة

1- عن جعفرِ بنِ محمّد عن آبائِهِ عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال لي رسُولُ الله صلى الله عليه وآله يا علي أنت أمير المؤمنين و إمام المتقين يا علي أنت سيّد الوصيين و وارِثُ عِلم النَّبِيِّين وخيرُ الصِّدِّيقين و أفضلُ السّابِقِين يا علي أنت زوج سيّدةِ نِساء العالمين وخليفة خير المرسلين يا علي أنت مولى المؤمنين والحُجّةُ بعدِي على النّاسِ أجمعين استوجب الجنة من تولّاك و

ص: 127


1- البقرة : 171.
2- تفسير الإمام عليه السلام : 583 و بحار الأنوار 27 : 59 ح 20.

استوجب دُخُول النّارِ من عاداك يا عليُّ والذي بعثني بِالنُّبُوَّةِ واصطفاني على جميع البرية لو أن عبداً عبد الله ألف عامٍ ما قبل ذلِك مِنهُ إلّا بولايتك وولاية الأئمةِ مِن وُلدِك وإِنَّ ولايتك لا تُقبلُ إِلَّا بالبراءة من أعدائك وأعداء الأممةِ مِن وُلدِك بذلك أخبرني جبرئيل عليه السلام فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر.(1)

2 - قال الإمام العسكري عليه السلام قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله من أدى الزكاة إلى مُستحِقها وقضى الصلاة على حُدُودِها ولم يُلحق بهما من الموبقات ما يُبطِلُهُما جاء يوم القيامةِ يغبِطُهُ كُلُّ من في تلك العرصات حتى يرفعه نسيم الجنّة إلى أعلى غُرفها و علاليها بحضرة من كان يُواليه من محمد و آله الطيبين و من بخل بزكاتِهِ وأدى صلاته فصلاته محبوسة دوين السماء إلى أن يجيء حِينُ زَكاتِهِ فإن أدّاها جُعِلت كأحسن الأفراس مطِيّةً لِصلاتِهِ فحملتها إلى ساق العرش فيَقُولُ الله عزّ و جلّ سِر إِلى الجِنانِ فاركُض فيها إلى يوم القِيامَةِ فما انتهى إليهِ رَكضُكَ فَهُوكُلُّهُ بِسائِرِ ما تمسُّهُ لِباعِثِك فيركُضُ فِيها على أنّ كُلّ ركضةٍ مسيرة سنة في قدر لمحة بصره من يومِهِ إلى يوم القيامةِ حتّى ينتهي بِهِ يوم القيامةِ إلى حيث ما شاء الله تعالى فيكُونُ ذلِكَ كُلُّهُ لَهُ و مِثْلُهُ عن يمينِهِ وَشِمَالِهِ وأمامه وخلفه وفوقه و تحتِهِ فإن بخِل بِزَكاتِهِ ولم يُؤدِّها أُمِر بالصلاة فردّت إليهِ و لُفّت كما يُلف التّوبُ الخلقُ ثُم يُضرب بها وجههُهُ ويُقالُ لَهُ يا عبد اللهِ ما تصنعُ بهذا دون هذا قال فقال له أصحاب رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ما أسوأ حال هذا والله قال رسُولُ اللهِ صلى الله عيه واله أو لا أُنبِّئُكُم بأسوأ حالا من هذا قالوا بلى يا رسول الله قال رجُلٌ حضر الجهاد في سبِيلِ اللَّهِ فَقُتِل مُقبِلا غير مدبر و الحُورُ العِينُ يطلعن إليهِ وخُزَانُ الجِنانِ يتطلعُون وُرُود رُوحِهِ عليهم وأملاك الأرضِ يتطلعون نُزُول حُورِ العِينِ إِليه والملائكة وخُزَانِ الجِنانِ فلا يأْتُونه فتقُولُ ملائِكَةُ الأَرضِ حوالي ذلِك المقتُولِ ما بالُ الحُورِ العِينِ لا ينزلن إِليهِ و ما بالُ خُزَانِ الجنان لا يردون عليه فينادون من فوق السّماءِ السَّابِعَةِ يا أيّتُها الملائِكَةُ انظُرُوا إِلى آفاقِ السّماءِ و دوينها فينظرون فإذا توحِيدُ هذا العبدِ وإِيمانُهُ بِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و صلاته و زكاته وصدقته وأعمالُ بِرِه كُلُّها محبوسات دوين السّماءِ قد طبقت آفاقُ السَّماءِ كُلُّها كالقافِلة العظيمة قد ملأت ما بين

ص: 128


1- مأة منقبة : 28 ، إثبات الهداة 2 : 235 ح 817 و بحار الأنوار 27 : 63 ح 22.

أقصى المشارِقِ والمغارِبِ و مهاتِ الشّمالِ والجنُوبِ تُنادِي أملاكُ تِلك الأثقال الحامِلُون لها الوارِدُون بها ما بالنا لا تُفتح لنا أبواب السّماءِ لِندخُل إليها بأعمال هذا الشَّهِيدِ فيامُ اللهُ بِفتح أبوابِ السّماءِ فتُفتحُ ثُمَّ يُنادِي يا هؤلاء الملائِكَةُ أدْخِلُوها إن قدرتُم فلا تُقِلُّهُم أجنحتهم ولايقدرون على الإرتفاع بِتِلك الأعمال فيقُولُون يا ربنا لا نقدِرُ على الإرتفاع بهذهِ الأعمالِ فيُنادِيهِم مُنادِي ربّنا عزّو جلّ يا أَيُّها الملائِكَةُ لستُم عُمّال هذِهِ الأثقال الصاعدين بها إن حملتها الصّاعِدِين بها مطاياها التي ترفعها إلى دوينِ العرشِ ثُمَّ تُقرها في درجات الجنان فيقُولُ الملائكة يا ربنا ما مطاياها فيقُولُ الله تعالى وما الذي حملتُم مِن عِندِهِ فيقولون توحيده لك وإيمانه بنبيك فيقُولُ اللهُ تعالى فطاياها مُوالاة علي أخِي نبي و مُوالاةُ الأَئِمَّةِ الظَّاهِرِين فإن أتت فهي الحامِلةُ الرّافِعةُ الواضِعةُ لها فِي الجِنانِ فينظُرُون فإذا الرّجُلُ مع ما لهُ مِن هَذِهِ الأَشياء ليس له موالاة علي والطيبين من آلِهِ و مُعاداة أعدائهم فيقُولُ الله تبارك وتعالى لِلأملاكِ الذين كانوا حامليها اعتزِلُوها و الحِقُوا بِمراكزكُم من ملكوتي لياتيها من هو أحق بحملها و وضعها في موضع استحقاقها فتلحق تلك الأملاك بمراكزها المجعولة لها ثُمَّ يُنادِي مُنادِي ربّنا عزّ وجل يا أيّتُها الزبانِيةُ تناوليها وحطيها إلى سواء الجحِيمِ لأن صاحبها لم يجعل لها مطايا من موالاة علي عليه السلام والطيبين مِن آلِهِ قال فتُنادِي تِلك الأملاك ويُقلِّبُ اللهُ تِلك الأثقال أوزاراً و بلايا على باعِثِها لما فارقها عن مطاياها مِن مُوالاة أمير المؤمنين عليه السلام و نادت تلك الملائكةُ إلى مخالفته لعلي عليه السلام و مُوالاته لأعدائِهِ فيُسلّطها الله عزّ و جلّ و هِي فِي صُورةِ الأسود على تلك الأعمال وهي كالغربانِ والقِرقِسِ فيخرُجُ مِن أفواه تلك الأسود نيران تُحرِقُها ولا يبق لهُ عمل إلا أحبط ويبق عليهِ مُوالاته لأعداء علي عليه السلام و جحدة ولايته فيقر ذلك في سواء الجحيم فإذا هو قد حبطت أعماله و عظمت أوزاره و أثقالُهُ فهذا أسوأ حالاً مِن مَانِعِ الزَّكَاةِ الَّذِي يحفظ الصلاة.(1)

ص: 129


1- تفسير الإمام عليه السلام : 86 ، بحار الأنوار 27 : 187 46 والبرهان في تفسير القرآن 4 : 121 ح 7769.

عقاب من زعم أنّ قاتل الإمام مؤمن

1- عن ابنِ نُباتة قال سمِعتُ أمير المؤمنين عليه السلام على منبرِ الكُوفَةِ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ أنا أنفُ الهدى وعيناه أيُّها النَّاسُ لا تستوحِشُوا فِي طَرِيقِ الهُدى لِقِلَّةِ من يسلُكُهُ إِنَّ النَّاسِ اجتمعُوا على مائدة قليلٍ شِبعُها كَثِيرِجُوعُها والله المستعانُ وإِنما مجمع [يجمعُ] الناس الرضا والغضب أيُّها النَّاسُ إِنما عقر ناقة صالح واحِدٌ فأصابهم بعذابِهِ بالرّضا وآيةُ ذلِك قوله عزّوجل ﴿فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر فكيف كان عذابي ونُذُرِ﴾(1) وقال ﴿فعقرُوها فدمدم عليهم ربُّهُم بذنبهم فسوّاها ولا يخافُ عُقباها﴾(2) ألا و من سُئِل عن قاتلي فزعم أَنَّهُ مُؤمن فقد قتلني أَيُّها النّاسُ من سلك الطريق ورد الماء ومن حاد عنه وقع في التِّيهِ ثُم نزل.(3)

المهدي عليه السلام يدعو الناس إلى البرائة حين ظهوره

1 - عن أبي جعفر عليه السلام قال يُبايِعُ القائم بمكّة على كِتابِ اللهِ و سُنّةِ رَسُولِهِ ويستعمل على مكّة ثُم يسير نحو المدينة فيبلُغُهُ أن عامِلهُ قُتِل فيرجِعُ إِليهم فيقتُلُ المقاتلة ولا يزيد على ذلك ثُمَّ ينطلق فيدعُو الناس بين المسجِدينِ إِلى كِتابِ اللهِ وسُنّةِ رَسُولِهِ والولاية لعلي بن أبي طالب و البراءة من عدوّه حتى يبلغ البيداء فيخرُجُ إِليه جيشُ السُّفياني فيخسِفُ اللهُ بِهِم .(4)

البراءة سبب قبول الصلاة

1- عن أبي حازم قال: قال رجُلٌ لِزين العابدين عليه السلام تعرفُ الصلاة فحملتُ عليه فقال عليه السلام مهلاً يا أبا حازم فإنّ العُلماء هُمُ الحُلماء الرحماءُ ثُم واجه السائل فقال نعم أعرِفُها فسأله عن أفعالها و تُرُوكِها و فرائِضِها و نوافلها حتى بلغ قولهُ ما افتتاحها قال التكبير قال ما بُرهانها قال القراءة قال ما خُشُوعُها قال النظرُ إِلى موضعِ السُّجُودِ قال ما تحريمها قال التكبير قال ما

ص: 130


1- القمر : 29 و 30.
2- الشمس : 14 و 15.
3- الغيبة للنعماني : 28 ، بحار الأنوار 2 : 266 و البرهان في تفسير القرآن 5 : 220 ح10273.
4- إثبات الهداة 5 : 212 - 773 و بحار الأنوار 52 : 308.

تحليلها قال التسليم قال ما جوهرها قال التسبيحُ قال ما شعارها قال التعقيب قال ما تمامها قال الصلاة على محمّد و آلِ محمّد قال ما سبب قبولها قال ولايتنا والبراءة من أعدائنا فقال ما تركت لأحدٍ حُجّةً ثُمّ نهض يقُولُ الله أعلم حيثُ يجعلُ رِسالته و توارى.(1)

رجل من أهل الجنة

1- عن الحكم بن عتيبة قال: بينا أنا مع أبي جعفر عليه السلام والبيتُ غاص بِأهله إذ أقبل شيخ يتوكا على عنزة له حتى وقف على باب البيت فقال السلام عليك يا ابن رسُولِ اللهِ ورحمةُ اللهِ و بركاتُهُ ثُم سكت فقال أبو جعفر عليه السلام وعليك السلام ورحمة الله وبركاتُهُ ثُمَّ أَقبل الشّيخُ بِوجهِهِ على أهل البيت وقال السلام عليكم ثم سكت حتى أجابه القومُ جميعاً و ردُّوا عليه السلام ثُم أقبل بوجهه على أبي جعفر عليه السلام ثُمّ قال يا ابن رسُولِ اللهِ أدنِنِي مِنك جعلني الله فداك فواللهِ إِنِّي لأحبّكم وأُحِبُّ من يُحِبُّكم ووالله ما أُحِبُّكُم وأُحِبُّ من يُحِبُّكُم لِطمعِ فِي دُنيا واللهِ إِنِّي لأبغض عدوّكُم وأبرأُ مِنهُ ووالله ما أُبَغِضُهُ وأبرأُ مِنهُ لِوتر كان بيني وبينه واللهِ إِنِّي لَأَحِلُّ حلالكم و أُحرّم حرامكُم و أنتظرُ أمركُم فهل ترجُولي جعلني الله فداك فقال أبو جعفر عليه السلام إلي إلي حتى أقعده إلى جنبهِ ثُم قال أيُّها الشيخ إن أبي علي بن الحسين عليهما السلام أتاهُ رجُلٌ فسأله عن مِثلِ الَّذِي سألتني عنه فقال له أبي عليه السلام إن تمت ترد على رسول الله صلى الله عليه وآله و على علي ولوقد بلغت نفسك هاهنا وأهوى بِيدِهِ إلى حلقهِ وإِن تعش ترى ما يُقر اللهُ بِهِ عينك و تكون معنا في السّنامِ الأعلى الحسن والحسين و علي بن الحسين و يثلج قلبك و يبرُدُ فُؤادك و تقرعينك وتُستقبلُ بِالرّوحِ والريحان مع الكِرامِ الكاتبين فقال الشيخ كيف قُلت يا أبا جعفرٍ فأعاد عليه الكلام فقال الشيخ الله أكبر يا أبا جعفر إن أنا مِتُّ أَرِدُ على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و على علي والحسن والحسين و علي بن

ص: 131


1- مناقب آل أبي طالب 3 : 274 ، مستدرك الوسائل 4 : 112 ح 4263 و بحار الأنوار 81 : 244 ح 35.

الحسين عليهم السلام و تقرُّ عيني ويثلج قلبي و يبرُدُ فُؤادِي و أُستقبلُ بِالروح والريحان مع الكرام الكاتبين لوقد بلغت نفسي إلى هاهنا و إن أعش أرى ما يُقر اللهُ بِهِ عيني فأكُونُ معكم في السّنامِ الأعلى ثم أقبل الشيخ ينتحِبُ ينشِجُ ها ها ها حتّى لصق بالأرض و أقبل أهل البيت ينتحبون وينشِجُون لما يرون مِن حال الشيخ وأقبل أبو جعفرٍ عليه السلام يمسح بإصبعِهِ الدُّمُوعِ مِن حمالِيقِ عينيه وينفُضُها ثُمَّ رفع الشيخ رأسه فقال لأبي جعفر علیه السلام یا ابن رسُولِ اللهِ ناولني يدك جعلني الله فداك فناوله يده فقبلها ووضعها على عينيه و خدِهِ ثُمَّ حسر حسر عن بطنه و صدرِهِ ثُمّ قام فقال السلام عليكم وأقبل أبو جعفر عليه السلام ينظر في قفاه وهُو مُدبِرْتُم أقبل بوجهِهِ على القوم فقال من أحبّ أن ينظر إلى رجُلٍ مِن أهل الجنّة فلينظر إلى هذا فقال الحكمُ بنُ عُتيبة لم أر مأتماً قط يُشبِهُ ذلِك المجلس.(1)

البراءة علامة للولاية

1- عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قوله عزّوجل ﴿ما جعل اللهُ لِرجُلٍ مِن قلبين في جوفه﴾(2) قال قال علي بن أبي طالب عليه السلام ليس عبد من عبيدِ اللهِ من امتحن قلبُهُ لِلإِيمانِ إِلَّا وهو يجِدُ مودّتنا على قلبِهِ فهو يودنا و ما من عبدٍ مِن عبيدِ اللهِ مِمن سخط اللهُ عليهِ إِلَّا وهو يجِدُ بُغضنا على قلبهِ فهو يُبغِضُنا فأصبحنا نفرحُ بِحُبّ المحِبّ و نعرِفُ بُغض المبغض وأصبح يُحِبُّنا ينتظر رحمة الله جل وعزّ فكأنّ أبواب الرّحمةِ قد فُتِحت لهُ وأصبح مُبغِضُنا على شفا جُرْفٍ مِن النَّارِ فكأن ذلك الشفا قد انهار بِهِ في نار جهنم فهنيئاً لأهل الرحمة رحمتهم وتعساً لأهلِ النَّارِ مثواهُم إِنَّ الله عزّ و جلّ يقُولُ فلبئس مثوى المتكبّرين و إِنَّهُ ليس عبد من عبيدِ اللهِ يُقصِّرُ فِي حُبّنا لخير جعلهُ اللهُ عِندهُ إِذ لا يستوي من يُحِبُّنا و من يُبغِضُنا ولا يجتمعان في قلبِ رجُلٍ أبداً إِنّ الله لم يجعل لرجُلٍ مِن قلبينِ

ص: 132


1- الكافي 8 : 76 ح 30 ، بحار الأنوار 46 : 361 ح3 ، وسائل الشيعة 4 : 70 ح 15668، الوافي 5 : 800 و مرآة العقول 25 : 176.
2- الأحزاب : 4.

فِي جَوفِهِ يُحِبُّ بِهذا و يُبغِضُ بِهذا أمّا يُحِبُّنا فيُخلِصُ الحبّ لنا كما يخلص الذهبُ بِالنّارِ لا كدر فِيهِ و مُبغِضُنا على تلك المنزلة نحنُ النُّجباء و أفراطنا أفراط الأنبياء وأنا وصِيُّ الأوصياء و الفئة الباغيةُ مِن حِزبِ الشّيطانِ والشّيطانُ مِنهم فمن أراد أن يعلم حُبّنا فليمتحن قلبه فإن شارك في حُبّنا عدوّنا فليس مِنّا ولسنا مِنهُ والله عدُوهُ و جبرئيل وميكائيل والله عدو للكافرين.(1)

2 - قيل لِلصّادِق عليه السلام إنّ فُلاناً يُوالِيكُم إلّا أنه يضعُفُ عن البراءة من عدوّكم قال هيهات كذب من ادعى محبتنا و لم يتبرأ من عدوّنا.(2)

أشد فتنة من الدجال

1- عن الحسن بن علي الخزاز قال سمعتُ الرّضا عليه السلام يقُولُ إِنَّ مِمن يتَّخِذُ مودّتنا أهل البيت لمن هُو أشدُّ فتنةً {لعنةً} على شِيعَتِنا مِن الدّجّالِ فقُلتُ لهُ يابن رسُولِ اللهِ بِما ذا قال بِمُوالاةِ أعدائنا و معاداة أوليائنا إنه إذا كان كذلك اختلط الحق بالباطل و اشتبه الأمرُ فلم يُعرف مُؤْمِنٌ مِن مُنافِقٍ.(3)

لا تصل خلف من لا يبرأ من عدوّ الأمير عليه السلام

1 - عَن إسماعيل الجعفي قال: قلتُ لأبي جعفر عليه السلام: رجلٌ يُحبُّ أمير المؤمنين عليه السلام ولا يَبرأُ من عدوّه ويقول: هو أحبّ إليَّ ممَّن خالفه فقال : هذا يخلط وهو عدو لا تُصل خلفه و لا كرامة إلا أن تثقيه.(4)

ص: 133


1- بحار الأنوار 24 : 317 ح 23.
2- السرائر 3 : 640 و بحار الأنوار 27 : 58 ح 18.
3- صفات الشيعة : 8 ح 14 ، بحار الأنوار 72 : 391 ح 11 و وسائل الشيعة 16 : 179 ح 21289.
4- تهذيب الأحكام 3 : 28.

النوادر

1- قال أبو جعفر الثاني عليه السلام : قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من تألّم أن يلعن من لعنه الله فعليه لعنة الله .(1)

2 - قال الصادق عليه السلام ملعُون ملعُونٌ مُبغِضُ علي بن أبي طالب عليه السلام فإنّه ما أبغضه حتى أبغض رسول الله صلى الله عليه وآله و من أبغض رسول الله صلى الله عليه وآله لعنه الله في الدنيا والآخرة.(2)

3- شمسُ الدِّينِ محمدُ بنُ قارُون قال كان من أصحابِ السّلاطين المعمرُ بنُ شمس يُسمّى مذور يضمن القرية المعروفة بِبُرس و وقف العلويين وكان له نائِبٌ يُقالُ لَهُ ابنُ الخَطِيبِ وغُلامٌ يتولّى نفقاتِهِ يُدعى عُثمان وكان ابن الخطيبِ مِن أهل الصلاح والإيمانِ بِالصِّدِ مِن عثمان و كانا دائماً يتجادلانِ فاتفق أنهما حضرا في مقام إبراهيم الخليل عليه السلام بمحضر جماعة من الرعيّة و العوامِ فقال ابنُ الخَطِيبِ لعثمان يا عثمانُ الآن اتضح الحقُّ واستبان أنا أكتُبُ على يدي من أتولاه وهم علي والحسن والحسين واكتب أنت من تتولاه أبوبكر و عمر و عثمانُ ثُمَّ تُشدُّ يدي و يدك فأيُّهما احترقت يدُهُ بِالنّارِ كان على الباطِلِ و من سلمت يده كان على الحق فنكل عُثمان وأبى أن يفعل فأخذ الحاضرون من الرعيّة والعوام بِالعِياطِ عليه هذا وكانت أُمُّ عُثمان مُشرِفةً عليهم تسمعُ كلامهم فلَمّا رأت ذلك لعنتِ الحضُور الذين كانُوا يُعطون على ولدها عُثمان وشتمتهم وتهدّدت و بالغت في ذلك فعمِيت في الحال فلما أحست بذلك نادت إلى رفائقها فصعدن إليها فإذا هي صحيحة العينين لكن لا ترى شيئاً فقادوها و أنزلوها و مضوا بها إلى الحِلةِ وشاع خبرها بين أصحابها و قرائها و ترائبها فأحضروا لها الأطباء مِن بغداد والحِلةِ فلم يقدِرُوا لها على شيء فقال لها نِسوةٌ مُؤمناتٌ كُنّ أخدانها إِنَّ الَّذِي أعماكِ هُو القائم عليه السلام فإن تشيّعتي و توليتي وتبرأتِي ضمِنًا لكِ العافية على الله تعالى وبِدُونِ هذا لا

ص: 134


1- رجال الكشي : 529 و بحار الأنوار 25 : 319.
2- كنز الفوائد : 63 وبحار الأنوار 354:73.

يُمكنكِ الخلاص فأذعنت لِذلِك و رضيت بِهِ فَلَمّا كانت ليلة الجمعة حملنها حتى أدخلنها القبة الشريفة في مقامِ صاحِبِ الزمانِ عليه السلام وبتن بِأجمعِهِنّ في بابِ القُبّةِ فَلَمَّا كان رُبُعُ اللَّيلِ فَإِذَا هِي قد خرجت عليهن وقد ذهب العمى عنها وهي تُقعِدُهُنّ واحِدةً بعد واحدةٍ وتصِفُ ثِيابهن و حليهن فسُرِرن بِذلِك وحدن الله تعالى على حُسن العافِيةِ وقُلن لها كيف كان ذلك فقالت لا جعلتنني في القُبّة و خرجتُنّ عنِّي أحسستُ بِيدٍ قد وُضعت على يدي و قائِلٌ يَقُولُ اخرُجِي قد عافاك الله تعالى فانكشف العمى عنِّي ورأيتُ القُبّة قد امتلأت نُوراً ورأيتُ الرّجُل فقُلتُ لهُ من أنت يا سيدي فقال محمدُ بنُ الحسن ثُمّ غاب عني فقمن و خرجن إلى بُيُوتِهِنَّ وتشيّع ولدها عُثمان وحسن اعتقاده و اعتقادُ أُمِّهِ المذكورة واشتهرتِ القِصَّةُ بين أُولئِكَ الأقوام و من سمع هذا الكلام و اعتقد وُجُود الإمام عليه السلام وكان ذلك في سنة أربع وأربعين وسبعمائة.(1)

4- قال الإمام العسكري عليه السلام و آتى المال على حُبّهِ أعطى في الله المستحقين من المؤمنين على حُبّهِ لِلمال وشدّة حاجتِهِ إِليه ذوي القُربى أعطى قرابة النّبِيِّ الفُقراء هديّةً و بِراً لا صدقةً فإِنّ الله عزّ و جلّ قد أجلّهم عنِ الصّدقة و آتى قرابة نفسِهِ صدقةً وبِراً على أي سبيل أراد و اليتامى و آتى اليتامى مِن بني هاشِمِ الفُقراء برّاً لا صدقةً وآتى يتامى غيرهم صلة وصدقةً والمساكين من مساكِينِ النّاسِ وابن السّبِيلِ المجتاز لا نفقة معه والسائلين والذين يتكفّفُون ويسألون الصدقات وفي الرقاب المكاتبِين يُعِينُهم لِيُؤدُّوا فيُعتقُوا قال فإن لم يكن له مالٌ يحتمل المواساة فليُجدِّدِ الإقرار بتوحِيدِ اللهِ و نُبُوَّةِ محمّد رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و ليجهر بتفضيلنا على سائرال النّبِيِّين وتفضيل محمّد على سائر النّبِيِّين و مُوالاة أوليائنا و مُعاداة أعدائنا.(2)

5- عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق بشيراً ونذيراً ما إستقر الكرسي و العرش، ولا دار الفلك، ولا قامت السماوات والأرضُ إلا بأن كتب الله عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله ، على أمير المؤمنين.

ص: 135


1- بحار الأنوار 52 : 71.
2- تفسير الإمام عليه السلام : 594 و بحار الأنوار 93 : 69 ح 42.

ثم قال: وإن الله تعالى لما عرج بي إلى السماء و اختصني بلطيف ندائه قال: يا محمد!

قلتُ: لبيك ربّي وسعديك .

فقال: أنا المحمود، و أنت محمّد، شققتُ إسمك من إسمي، وفضّلتُك على جميع بريتي، فانصب أخاك عليا علماً لعبادي، يهديهم إلى ديني.

يا محمد إنّي قد جعلتُ المؤمنين أخص عبادي ، وجعلتُ عليّاً الأمير عليهم فمن تأمر عليه لعنته، و من خالفه عذبتُه ، و من أطاعه قربتُه.

يا محمد إني قد جعلتُ عليا إمام المسلمين، فمن تقدم عليه أخزيتُه، و من عصاه إستجفيته، فإنّي جعلتُ عليا سيّد الوصيين، وقائد الغر المحجلين و حجتي على خلقي أجمعين.(1)

6 - عن ابن عباس، أنه قال: لعلي عليه السلام في كتاب الله أسماء لا يعرفُها النَّاسُ، قوله: ﴿فَأَذَن مُؤذِّنٌ بينهم فهو المؤذن بينهم﴾(2) يقول: ألا لعنة الله على الذين كذبوا بولايتي و استخفوا بحقي».(3)

7 - عن عبدِ الرّحمنِ بنِ أبي ليلى قال قال أبي دفع النبيُّ صلى الله عليه واله الترابية يوم خيبر إلى عليّ بنِ أبي طالب عليه السلام ففتح الله عليهِ وأوقفه يوم غدِيرِخُمّ فأعلم الناس أنه مولى كُلِّ مُؤمن و مُؤمنةٍ وقال له أنت مِنِّي وأنا منك وقال لهُ تُقاتِلُ على التَّأْوِيل كما قاتلتُ على التنزيل وقال لهُ أَنتَ مِنِّي بِمنزِلِةِ هَارُون مِن مُوسى وقال له أنا سلمٌ لِمن سالمت و حرب لمن حاربت وقال له أنت العُروةُ الوُثق وقال له أنت تُبيّن لهم ما اشتبه عليهم بعدِي وقال لَهُ أَنتَ إِمَامُ كُلِّ مُؤْمِن و مؤمنة ووليُّ كُلّ مُؤمن ومؤمنة بعدِي وقال له أنت الّذِي أَنزل اللهُ فِيهِ ﴿وأذانٌ مِنَ اللهِ و رسُولِهِ إلى النّاسِ يوم الحج الأكبر﴾(4)، وقال له أنت الآخِذُ بِسُنّتي والذَّابُ عن مِلّتِي وقال له أنا أوّلُ من تنشقُ الأرضُ عنه و أنت معي وقال له أنا عِند الحوض وأنت معي وقال له أنا أوّلُ من يدخُلُ الجنّة وأنت بعدي تدخُلُها والحسن والحسين و

ص: 136


1- تأويل الآيات : 192 ومدينة معاجز الأئمة 2 : 401 ح 625.
2- الأعراف :44.
3- البرهان في تفسير القرآن 2 : 546 ح 3892 و بحار الأنوار 24 : 330 ح51.
4- التوبة : 3.

فاطمة عليهم السلام وقال لهُ إِنَّ الله أوحى إلي بأن أقوم بفضلك فقُمتُ بِه فِي النّاسِ وبلّغتُهم ما أمرني اللهُ بِتبَلِيغِهِ وقال لهُ اتَّقِ الضَّعَائِن الَّتِي لك فِي صُدُورِ من لا يُظهِرُها إلا بعد موتي ﴿أُولئِكَ يلعنُهُمُ اللَّهُ ويلعنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾(1) ثُم بكى النّبيُّ صلى الله عليه وآله فقيل مِمَّ بُكاؤُكَ يا رسول الله قال أخبرني جبرئيل عليه السلام أنهم يظْلِمُونه و يمنعُونهُ حقَّهُ ويُقاتِلُونه ويقتُلُون ولده ويظلِمُونهم بعده وأخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربه عزّو جل أنّ ذلِك يزُولُ إذا قام قائمهُم و علت كلمتهم وأجمعت الأمة على محبّتِهم وكان الشّانِيُّ لهم قليلا و الكاره لهم ذليلا وكثر المادِحُ لهم وذلِك حِين تغير البلاد وتضعفِ العِبادِ والأَياسِ مِن الفرج و عِند ذلك يظهر القائم فيهم قال النّبِيُّ صلى الله عليه وآله إسمه كاسمي وإسم أبيه كإسم ابني و هُو مِن وُلدِ ابنتِي يُظهِرُ اللهُ الحق بهم ويُخمِدُ الباطل بأسيافهم ويتَّبِعُهُمُ النَّاسُ بين راغِبِ إليهم وخائِفِ لهُم قال وسكن البُكاءُ عن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فقال معاشر المؤمنين أبشِرُوا بالفرح فإِنّ وعد الله لا يُخلف وقضاءهُ لا يُردُّ وهُو الحكيمُ الخَبِيرُ فإِنَّ فتح اللهِ قَرِيبُ اللَّهُمْ إِنَّهُم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً اللهم اكلاهم واحفظهم وارعهُم وكُن لهم و انصُرهُم وأعِنهُم وأَعِزّهُم ولا تُذِهُم واخلفني فِيهِم إِنَّكَ على كُلِّ شيء قَدِيرٌ.(2)

8- عن جابر بنِ عبدِ اللهِ قال: استبشرتِ الملائِكَةُ يوم بدر و حنين يكشف علي عليه السلام الأحزاب عن وجه رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فمن لم يستبشر بِرُؤيةِ عليّ عليه السلام فعليه لعنةُ اللهِ .(3)

9 - عن الحسن بن الجهم قال : قال المأمونُ لِلرّضا عليه السلام بلغني أن قوماً يغلون فيكم و يتجاوزون فِيكُمُ الحدّ فقال الرّضا عليه السلام حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمدِ بنِ علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب علیه السلام قال قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله لا ترفعوني فوق حتي فإنّ الله تبارك وتعالى اتخذني عبداً قبل أن يتَّخِذني نبيّاً قال الله تبارك وتعالى ﴿ما كان لبشر أن يُؤْتِيهُ اللهُ الكِتاب والحُكم و

ص: 137


1- البقرة :159.
2- بحار الأنوار 28 : 45 ح 8.
3- الأمالي للصدوق : 243 ح 12.

النُّبُوَّة ثُمّ يقُول لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِن دُونِ اللهِ ولكِن كُونُوا رَبَّانِيِّين بِمَا كُنتُم تُعلِّمُون الكتاب و بِما كُنتُم تدرُسُون ولا يأمركم أن تتَّخِذُوا الملائكة والنّبِيِّين أرباباً أ يأْمُرُكُم بِالكُفْرِ بعد إذ أنتُم مُسلِمُون﴾(1) وقال علي عليه السلام يهلك في اثنانِ ولا ذنب لِي يُحِبُّ مُفرِط و مُبغِضُ مُفرِط و إنا لنبرأ إلى الله عزّ و جلّ من يغلُوفِينا فيرفعُنا فوق حدّنا كبراءة عيسى ابن مريم عليه السلام من النّصارى قال الله عزّوجل ﴿وإذ قال الله يا عِيسى ابن مريم أ أنت قُلت لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وأُمِّي إِلهينِ مِن دُونِ اللهِ قال سُبحانك ما يكُونُ لِي أن أقول ما ليس لِي بِحَقِّ إِن كُنتُ قُلتُهُ فقد علمته تعلمُ ما في نفسِي ولا أعلمُ ما في نفسِك إِنّك أنت علامُ الْغُيُوبِ ما قُلتُ لهُم إِلَّا ما أمرتني بِهِ أَنِ اعْبُدُوا الله ربِّي و ربِّكُم و كُنتُ عليهم شهيداً ما دُمتُ فِيهِم فَلَمّا توفّيتني كنت أنت الرقيب عليهم و أنت على كل شيء شهيد﴾(2) وقال عزّوجل ﴿لن يستنكف المسيحُ أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون﴾(3) وقال عزّوجل ﴿ما المسيح ابن مريم إِلَّا رَسُولٌ قد خلت مِن قبلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقةٌ كانا يأكلان الطعام﴾(4) و معناه أنهما كانا يتغوّطان فمن ادعى لِلأَنبِياءِ رُبُوبِيّةً أو ادّعى لِلأَئِمَّةِ رُبُوبيّةً أو نُبُوَّةً أو لغير الأئِمَّةِ إمامةً فنحنُ بُرَآءُ مِنهُ فِي الدّنيا والآخرة .(5)

10- عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّو جل ﴿ألم نجعل له عينين و لساناً وشفتين﴾(6) قال العينانِ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله و اللّسانُ أمير المؤمنين عليه السلام والشّفتان الحسن والحسين عليهما السلام ﴿و هديناه النجدين﴾(7) إلى ولايتهم جميعاً و إلى البراءة من أعدائهم جميعاً.(8)

ص: 138


1- آل عمران : 79 و 80.
2- المائدة : 116 و 117.
3- النساء 172.
4- المائدة : 75.
5- بحار الأنوار 25 :271.
6- البلد : 8 و 9.
7- البلد :10.
8- بحار الأنوار 24 : 280 ح 1 وتأويل الآيات :772.

11- عن داود بن كثير قال : قُلتُ لأبي عبد الله عليه السلام أنتُم الصلاة في كِتابِ الله عزّوجلّ وأَنتُم الزكاة و أنتُمُ الحج فقال يا داوُد نحنُ الصلاة في كِتابِ اللهِ عزّوجل و نحن الزكاة ونحنُ الصّيام و نحنُ الحج ونحن الشهر الحرام و نحنُ البلد الحرام و نحنُ كعبةُ اللهِ ونحنُ قِبلَةُ اللهِ ونحنُ وجَهُ اللَّهِ قال الله تعالى ﴿فأينما تُولُّوا فثم وجه الله﴾(1) ونحن الآيات ونحنُ البَيِّنَاتُ وعدونا فِي كِتابِ اللهِ عزّوجل الفحشاء والمنكر والبغي و الخمر والميسر و الأنصاب والأزلام والأصنام والأوثان و الجبتُ والطَّاغُوتُ والميتة والدم ولحم الخنزير يا داوُدُ إنّ الله خلقنا فأكرم خلقنا وفضلنا و جعلنا أُمناءه وحفظته و خُزانه على ما في السّماواتِ وما في الأرض وجعل لنا أضداداً و أعداء فستانا في كتابه وكنّى عن أسمائنا بِأحسن الأسماء و أحبّها إليهِ وسمّى أضدادنا وأعداءنا في كتابه وكنّى عن أسمائهم وضرب لهُمُ الأمثال في كِتابِهِ في أبغض الأسماء إليه وإلى عِبادِهِ المتقين.(2)

12- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: نحنُ أصلُ كُلّ خيرٍو مِن فُرُوعِنا كُلُّ بِرٍو مِن البِرِّ التَّوحِيدُ و الصلاة والصّيام وكظم الغيظ والعفو عنِ المسيء ورحمةُ الفقير و تعاهد الجار والإقرار بالفضل لإهلِهِ و عدونا أصلُ كُلّ شرو مِن فُروعِهم كُلُّ قبيح وفاحِشَةٍ فِينهُمُ الكَذِبُ والنِّمِيمَةُ والبُحْلُ والقطيعة وأكل الربا وأكل مال اليتيم بِغيرِ حقه وتعدّي الحدُودِ الَّتِي أمر الله عزّ و جلّ و رُكُوبُ الفواحش ما ظهر منها وما بطن من الزنا والسرقة وكُلُّ ما وافق ذلك من القبيح و كذب من قال إِنَّهُ معنا وهُو مُتعلّق بِفرع غيرنا.(3)

13 - نقل ابن أبي الحديد عن مقدم الحنابلة إسماعيل بن علي الحنبلي قال: دخل عليه واحد من الحنابلة فجعل الشيخ يسأله عن حاله وعن قصده حتى قال: يا شيخ لو شاهدت الزيارة يوم الغدير و ما يجري عند قبر على عليه السلام من الأقوال والفضائح وسب الصحابة جهاراً بأصوات مرتفعة من غير مراقبة ولا خيفة ؟ فقال إسماعيل وأي ذنب لهم والله ما أجرأهم على

ص: 139


1- البقرة : 115.
2- مناقب آل أبي طالب 3 : 63 ، بحار الأنوار 24 : 303 ح 14 وتأويل الآيات : 19.
3- الكافي 8 : 242 ح 336 ، بحار الأنوار 24 : 303 ح 15 وتأويل الآيات : 22.

ذلك و لا فتح الباب إلّا صاحب ذلك القبر. فقال: علي ؟ فقال: يا سيدي هو الذي علمهم؟ قال ؟ نعم هو ذلك. قال: يا سيدي فإن كان محقاً فما لنا نتولى فلاناً وفلاناً. وإن كان مبطلا فا لنا نتولناه، ينبغي أن نتبرأ منه أو منهما، فقام إسماعيل مسرعاً فلبس نعلاه وقال: لعن الله إسماعيل الفاعل ابن الفاعلة إن كان يعرف جواب هذه المسألة ودخل حرمه انتهى.

قال بعض أصحابنا بعد نقل ذلك عن ابن أبي الحديد ولقد أنصف الشارح حيث لم ينكر هذه المقالة ولم يتعرض لجوابها مع تصلبه في حماية أشياخه فتأمل.(1)

ص: 140


1- كشكول البحراني :578.

الفصل الأول: في الأول

اشارة

ص: 141

ص: 142

هذا ما يخص بذكر المتخلف الأول وأول ظالم ظلم محمدا وآل محمد عليهم السلام و أسس أساس الظلم عليهم وحمل الناس على أكتافهم عليهم السلام. أشد الله عليه ما أوعده و هدّده بأضعاف مضاعفة ، وسيأتيك ما يناسبه في الفصل الرابع.

الأول في الآيات

1- عن إبن عباس، في قوله تعالى: ﴿فمن يعلمُ أنّما أُنزل إليك مِن ربّك الحق﴾، قال: علي عليه السلام ﴿كمن هو أعمى﴾(1) قال: الأول.(2)

2 - عن بُريدة الأسلمي أن النبي صلى الله عليه واله قال لبعض أصحابه سلّمُوا على علي بإمرة المؤمنين فقال رجُلٌ مِن القوم لا والله لا تجتمِعُ النُّبُوَةُ والخِلافةُ في أهل بيت أبداً فأنزل الله تعالى أم ابرموا ، أمراً فإنا مبرمون. ويُؤيّدُهُ ما رُوي عن عبدِ اللهِ بنِ عباس أنه قال: إن رسول الله صلى الله علي واله

ص: 143


1- الرعد : 19.
2- مناقب آل أبي طالب 2 : 259 والبرهان في تفسير القرآن 3 : 244 ح 5518.

أخذ عليهم الميثاق لأمير المؤمنين عليه السلام مرتين الأولى حين قال أتدرون من ولِيُّكُم مِن بعدِي قالُوا الله ورسوله أعلمُ قال صالِحُ المؤمنين وأشار بيدِهِ إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام و قال هذا ولِيُّكُم مِن بعدِي والثانية يوم غدِيرِخُمّ يقُولُ من كُنتُ مولاه فعلي مولاه و كانوا قد أسروا في أنفُسِهِم وتعاقدوا أن لا يرجع إلى آلِ محمّد هذا الأمرُ ولا يُعطُوهُمُ الخمس فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وآله على أمرهم وأنزل عليه أم ابرموا أمراً فإنا مبرمون(1).(2)

3 - عن أبي بصير، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: ﴿إنا عرضنا الأمانة على السّماواتِ والأرض والجِبالِ فأبين أن يحملنها وأشفقن﴾ منها وحملها الإنسانُ إِنَّهُ كان ظلُوماً جهولا﴾، قال : الأمانة الولاية، والإنسانُ : هو أبو الشرور المنافق(3).

4 - عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى ﴿إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض و الجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن﴾ قال الولاية أبين أن يحملنها كُفراً بها ﴿وحملها الإنسانُ﴾(4) و الإنسانُ الَّذِي حملها أبو فُلانٍ(5).

5 - عن أبي عبد الله عليه السلام، في قوله عزّوجل : ﴿إنّ الإنسان لِرته لكنُودٌ﴾(6)، قال: كنود بولاية أمير المؤمنين عليه السلام(7).

6 - عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله تعالى: ﴿و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتُكُم﴾ إلى ﴿ثُمّ ولّيتُم مُديرين﴾(8)، فقال : أبو فلان.(9)

ص: 144


1- الزخرف :79.
2- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 600 : 600 ح 1.
3- بصائر الدرجات 1 : 76 ح 3 ، البرهان في تفسير القرآن 4 : 500 ح 8734 و بحار الأنوار 23 : 279 ح 20.
4- الأحزاب : 72.
5- بصائر الدرجات 1 : 76 ، البرهان في تفسير القرآن 501:4 وبحار الأنوار 23 : 281 ح 24.
6- العاديات : 6.
7- البرهان في تفسير القرآن 5 : 737ح 11844 وتأويل الآيات : 813.
8- التوبة: 25.
9- البرهان في تفسير القرآن 2 : 753ح 4483 و بحار الأنوار 30 : 230 ح 94.

7 - عن جابر الجعفي قال: كُنتُ ليلةٌ مِن بعض الليالي عِند أبي جعفر عليه السلام فقرأتُ هذهِ الآية ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِي لِلصلاة من يومِ الجُمُعَةِ فاسعوا إلى ذِكرِ الله﴾(1) قال فقال يا جابِرُ كيف قرأت قال قُلتُ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِي لِلصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله قال هذا تحريف يا جابِرُ قال قُلتُ كيف أقرأُ جعلني الله فداك قال فقال يا أَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا إِذا نُودِي لِلصلاة من يوم الجمعة فامضُوا إلى ذِكرِ الله هكذا نزلت يا جابر لو كان سعياً لكان عدواً مما كرههُ رسُولُ الله صلى الله عليه وآله لقد كان يكره أن يعدو الرّجُلُ إِلى الصلاة يا جابِرُلِم سمي يوم الجمعة يوم الجمعة قال قُلتُ تُخبِرُني جعلني الله فداك قال أفلا أُخبِرُكَ بِتَأْوِيلِهِ الأَعظم قال قُلتُ بلى جعلني الله فداك فقال يا جابِرُ سمى الله الجمعة جمعةً لأَن الله عزّ و جلّ جمع فِي ذلِك اليوم الأولين والآخرين وجميع ما خلق الله مِن الجن والإنس وكُلّ شيء خلق ربُّنا و السّماواتِ والأرضين والبحار و الجنة والنار وكُلّ شيء خلق الله في الميثاق فأخذ الميثاق منهم له بالربوبية ولمحمد صلى اله عليه واله بالنُّبوة ولعلي عليه السلام بالولاية وفي ذلك اليوم قال الله لِلسّماواتِ و الأرض ﴿ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين﴾(2) فسمّى الله ذلك اليوم الجمعة لجمعِهِ فِيهِ الأولين والآخرين ثُمّ قال عزّوجل يا أيُّها الذين آمَنُوا إِذا نُودِي للصلاة من يومِ الجمعةِ مِن يومكم هذا الّذي جمعكُم فِيهِ والصلاة أمير المؤمِنِين يعني بالصلاة الولاية وهي الولاية الكبرى ففي ذلك اليوم أتتِ الرُّسُلُ والأنبياء والملائِكَةُ وكُلُّ شيء خلق الله والتّقلانِ الجِنُّ والإنس و السماوات والأرضُون والمؤمنُون بِالتَّلبِيةِ لله عزّ و جلّ فامضُوا إلى ذِكرِ اللَّهِ و ذِكرُ اللهِ أَمِيرُ المؤمنين و ذرُوا البيع يعني الأول ذلِكم يعني بيعة أمير المؤمِنِين و ولايته خيرٌ لكُم مِن بيعةِ الأولِ وولايته إِن كُنتُم تعلمون فإِذا قُضِيتِ الصلاة يعني بيعة أمير المؤمنين عليه السلام فانتشروا في الأرض يعني بالأرض الأوصياء أمر الله بطاعتهم وولايتهم كما أمر بطاعةِ الرَّسُولِ وطاعة أمير المؤمِنِين كنّى اللهُ فِي ذلِك عن أسمائهم فسمّاهُم بِالأرضِ وابتغوا فضل الله قال جابر و ابتغوا من فضل الله قال عليه السلام تحريف هكذا أنزلت و ابتغوا فضل الله على الأوصياء و اذْكُرُوا الله كثيراً لعلّكُم

ص: 145


1- الجمعة : 9.
2- فصلت : 11.

تُفْلِحُون ثُم خاطب الله عزّ و جلّ في ذلك الموقف محمّداً فقال يا محمّد إِذا رأوا الشُّكَاكُ والجاحِدُون تجارةً يعني الأول أو لهوا يعني الثاني انصرفوا إليها قال قُلتُ انفضُّوا إليها قال تحريف هكذا نزلت و تركوك مع علي قائماً قُل يا محمّد ما عِند الله من ولاية علي والأوصياء خيرٌ مِن اللهو و مِن التِّجارة يعني بيعة الأولِ والثَّانِي لِلَّذِين اتقوا قال قُلتُ ليس فيها لِلَّذِين اتقوا قال فقال بلى هكذا نزلت وأنتُم هُمُ الَّذِين اتقوا ﴿و اللهُ خيرُ الرّازِقِين﴾(1).(2)

8- عن مُوسى بن جعفر عليهما السلام في قوله تعالى ﴿والتِّينِ والزِّيْتُونِ﴾ قال الحسن والحسين ﴿وطور سينين﴾ قال علي بن أبي طالب ﴿و هذا البلد الأمين﴾ قال محمد صلى الله عليه وآله ﴿لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم﴾ قال الأول ﴿ثم رددناه أسفل سافلين﴾ بِبُعْضِهِ أَمِير المؤمنين ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾ علي بن أبي طالب ﴿فما يُكذِّبُكَ بعدُ بِالدِّين﴾(3) يا محمد ولاية علي بن أبي طالب.(4)

9- عن أبي أبي عبد الله عليه السلام في قوله ﴿قد أفلح من زكاها﴾ قال أمير المؤمنين عليه السلام زَكَّاهُ رَبُّهُ ﴿و قد خاب من دسّاها﴾(5) قال هو الأول والثاني في بيعتهما إياه حيثُ مسحا على كفِّهِ.(6)

10 - عن حمزة بن حمران ، قال: قُلتُ لأبي عبد الله عليه السلام في احتجاج الناس علينا في الغار، فقال عليه السلام : حسبك بذلك عاراً أو قال: شرّاً إِنّ الله لم يذكر رسول الله صلى الله عليه وآله مع المؤمنين إلّا أنزل الله السكينة عليهم جميعاً، وإنّه أنزل السكينة على رَسُولِهِ و أخرجه منها و خصّ رسُول الله صلى الله عليه وآله دونه .(7)

ص: 146


1- الجمعة : 9 الي 11.
2- الإختصاص : 128 و بحار الأنوار 86 : 277ح 24.
3- التين : 7 الى 1.
4- مناقب آل أبي طالب 3 : 163 وبحار الأنوار 43 : 291ح 54 و 284:57.
5- الشمس : 10 و 9.
6- بحار الأنوار 36 : 175 ح 165 ، تأويل الآيات : 806 ، تفسير نورالثقلين 5 : 586 ح 9 وتفسير القمي 2 : 424.
7- السرائر 3 : 633 و بحار الأنوار 30 : 231ح 95.

11 - عن عمار الساباطي، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزوجل: ﴿وإذا مش الإنسان ضُرِّ دعا ربَّهُ مُنِيباً إليه﴾ قال: نزلت في أبي الفصيل، إِنَّهُ كان رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله عنده ساحِراً، فكان إذا مسه الضُّرُّيعنِي السُّقم دعا ربّهُ مُنِيباً إِليهِ يعني تائباً إِليهِ مِن قولِهِ فِي رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله ما يقُولُ ﴿ثُمَّ إِذا خوَلهُ نِعمةً مِنهُ﴾ يعني العافية نسي ما كان يدعوا إليه يعني نسي التوبة إلى الله عزّ و جلّ مِما كان يقُولُ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إِنَّهُ سَاحِرٌ، ولذلك قال الله عزّو جلّ: ﴿قُل تمتّع بكفرك قليلا إنّك من أصحابِ النّارِ﴾ يعني إمرتُك على النّاسِ بِغيرِ حقٍ مِن عزّ و جلّ و مِن رَسُولِهِ صلى الله عليه وآله. قال : ثُم قال أبو عبد الله عليه السلام : ثُمَّ عطف القول مِن الله عزّو جل في علي عليه السلام يُخبِرُ بِحالِهِ و فضلِهِ عِند الله تبارك وتعالى، فقال: ﴿أمن هُو قانِتٌ آناء الليلِ ساجداً و قائِماً يحذرُ الآخرة ويرجوا رحمة ربِّهِ قُل هل يستوي الذين يعلمُون﴾ أَن مُحمّداً رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله ﴿و الذين لا يعلمون﴾ أن مُحمّداً رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله ، و [بل يقُولُون] إِنَّهُ سَاحِرٌ كذَّابٌ ﴿إِنَّما يتذكرُ أُولُوا الألباب﴾(1) قال : ثُمَّ قال أبو عبدِ اللهِ عليه السلام : هذا تَأْوِيلُهُ يا عمار!(2)

12 - عن علي بن إبراهيم قال في قوله تعالى : ﴿قُل تمتّع بكفرك قليلا إِنَّكَ مِن أصحاب النار﴾(3) نزلت في أبي فلان.(4)

13 - عنِ ابنِ عبّاس في قوله عزّوجل ﴿أم نجعلُ الَّذِين آمنوا و عمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾ علي وحمزة و عُبيدة ﴿كالمفسِدِين في الأرضِ﴾ عُتبةُ وشيبة والوليد ﴿أم نجعل المتقين﴾ علي وأصحابه ﴿كالفُجَارِ﴾(5) فُلانٌ وأصحابُهُ .(6)

14 - عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ: ﴿والعادِياتِ

ص: 147


1- الزمر : 8 و 9.
2- الکافی 8 : 204 ح 246 ، عوالم العلوم أميرالمؤمنين عليه السلام 15 : 205 ح1 و بحار الأنوار 30 : 268ح 136.
3- الزمر : 7778.
4- تفسير القمي 2 : 246 و بحار الأنوار 30 : 155 ح 11.
5- ص :28.
6- تأويل الآيات : 493 ، بحار الأنوار 24 : 7 ح 20 و البرهان في تفسير القرآن 4 : 652 ح 9088.

ضبحاً﴾، قال : ركضُ الخيل في قتالها ﴿فالموريات قدحاً﴾، قال: تور يوقد النار من حوافرها ﴿فالمغيراتِ صُبحاً﴾، قال : أغار علي عليه السلام عليهم صباحاً ﴿فأثرن به نقعا﴾ ، قال : أثر بهم على عليه السلام و أصحابه الجراحات حتى استنقعوا في دمائهم ﴿فوسطن به جمعاً﴾، قال: توسط عليّ علیه السلام وأصحابه ديارهم ﴿إنّ الإنسان لِرَبِّهِ لكنُودٌ﴾ ، قال : إن فلانا لربّه لكنود ﴿وإِنَّهُ على ذلك لشهيد﴾(1)، قال : إنّ الله شهيد عليهم ﴿وإِنَّهُ لِحُبّ الخير لشديد﴾، قال : ذاك أمير المؤمنين عليه السلام.(2)

15- عن أبي عبدِ أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنه قال : والله ما كنى اللهُ في كِتابِهِ حتّى قال ﴿يا ويلتى ليتني لم أتخذ فُلاناً خليلا﴾(3) وإنّما هِي فِي مُصحفِ علي عليه السلام يا ويلتى ليتني لم أتَّخِذِ الثّاني خليلا وسيظهرُ يوماً .(4)

16 - عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ﴿يوم يعضُّ الظَّالم على يديه يقُولُ يا ليتنِي اتَّخذتُ مع الرّسُولِ سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتَّخِذ فُلاناً خليلا﴾(5)؛ قال يَقُولُ الأول للثاني .(6)

17 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قوله تعالى ﴿والفجر﴾ هو القائم والليالي العشر الأئمة عليهم السلام من الحسن إلى الحسن ﴿و الشفع﴾ أمير المؤمنين و فاطمة عليها السلام ﴿و الوتر﴾ هو الله وحده لا شريك له ﴿و الليل إذا يسر﴾(7) هي دولةُ حَبتر فهي تسري إلى قيام القائم عليه السلام .(8)

18- علي بن إبراهيم قال: ﴿والتِّينِ والزّيْتُونِ وطُورِ سِينِين و هذا البلد الأمين﴾ قال التِّينُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله و الزّيتُونُ أمير المؤمنين عليه السلام وطور سينين الحسن والحسين عليهما السلام و

ص: 148


1- العاديات : 1 الى :8.
2- البرهان في تفسير القرآن 5 : 737ح 11843.
3- الفرقان : 28.
4- تأويل الآيات : 371 ، بحار الأنوار 24 : 3118 و البرهان في تفسير القرآن 4 : 124 ح 778.
5- الفرقان : 27 و28.
6- تأويل الآيات : 371 ، بحار الأنوار 24 : 19 ح 32 و البرهان في تفسير القرآن 4: 124 ح 7779.
7- الفجر : 1 الى 4.
8- بحار الأنوار 24 : 78ح 19 وتأويل الآيات :766.

هذا البلد الأمين الأئمة عليهم السلام ﴿لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم قال نزلت في الأولِ ﴿ثُم رددناه أسفل سافلين إِلَّا الَّذِين آمنوا و عمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ قال ذاك أمير المؤمنين عليه السلام ﴿فلهم أجرٌ غيرُ ممنون﴾ أي لا يُمن عليهِم بِهِ ثُم قال لنبيه صلى اله عليه وآله ﴿فما يُكَذِّبُكَ بعدُ بِالدِّينِ﴾ قال أَمِيرُ المؤمنين عليه السلام ﴿أليس الله بأحكم الحاكمين﴾.(1)

19 - عن محمّدِ بنِ الفُضيل قال: قُلتُ لأبي الحسن الرضا عليه السلام أخبرني عن قول الله عزّ و جل ﴿و التِّينِ والزِّيْتُونِ﴾ إلى آخِرِ السُّورة فقال التين والزيتون الحسن والحسين عليهما السلام قُلتُ ﴿و طورِ سِينِين ﴾ قال ليس هُو طُور سينين و لكنّهُ طُور سيناء قال فقُلتُ وطُور سيناء فقال نعم هو أمير المؤمنين عليه السلام قُلتُ ﴿وهذا البلد الأمِينِ﴾ قال هو رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أَمِن النَّاسُ بِهِ إِذا أطاعُوهُ قُلتُ ﴿لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم﴾ قال ذاك أبو فصِيلٍ حِين أخذ اللهُ مِيثَاقَهُ لهُ بِالرُّبوبيّة و لمحمد صلى الله عليه وآله بِالنُّبُوَّةِ ولأوصيائِهِ بِالولاية فأقرو قال نعم ألا ترى أنه قال ﴿ثُم رددناه أسفل سافلين﴾ يعني الدرك الأسفل حين نكص و فعل بِآلِ محمد ما فعل قال قُلتُ ﴿إلّا الذين آمنوا و عمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ قال والله هو أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته ﴿فلهم أجرٌ غيرُ ممنون﴾ قال قُلتُ ﴿فما يُكَذِّبُك بعدُ بِالدِّينِ﴾ قال مهلا مهلا لا تقل هكذا هذا هو الكُفر بالله لا والله ما كذب رسُولُ الله صلى اله عليه وآله بالله طرفة عين قال قُلتُ فكيف هي قال فمن يُكذِّبك بعد بِالدِّينِ والدِّينُ أمير المؤمنين عليه السلام ﴿أليس الله بأحكم الحاكمين﴾.(2)

20 - عن أبي جعفر عليه السلام قال: ﴿ضرب الله مثلا رجُلا فِيهِ شُركاءُ مُتشاكِسُون و رجُلاً سلماً لرجُل هل يستويان مثلا﴾(3) قال أمَّا الَّذِي فِيهِ شُرَكَاءُ مُتشاكِسُون فُلانٌ الأولُ يُجمعُ المتفرّقُون ولايته وهم في ذلك يلعن بعضُهم بعضاً ويبرأُ بعضُهُم مِن بعض فَأَمَّا رَجُلٌ سلمٌ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ الأول حقاً وشيعته.(4)

ص: 149


1- تفسير القمي 2 : 429 ، بحار الأنوار 24 :105ح 12 والبرهان في تفسير القرآن 5 : 694 ح 11746.
2- بحار الأنوار 24 : 105 15, تأويل الآيات : 788 و البرهان في تفسير القرآن 5 : 693 ح 11740.
3- الزمر : 29.
4- الكافي 8 : 224 ح 283 ، بحار الأنوار 24 :160ح 9 وتأويل الآيات : 505.

21 - عن إسماعيل الجريري قال: قُلتُ لأبي عبدِ اللهِ قولُ اللهِ ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالعدل والإحسانِ و إيتاء ذي القُربى وينهى عن الفحشاء والمنكر و البغي﴾(1) قال إقرأ كما أقولُ لك يا إِسماعِيلُ ﴿إنّ الله يأْمُرُ بِالعدل والإحسانِ وإِيتَاءِ ذِي القُربى﴾ حقه وينهى قُلتُ جُعِلتُ فِداك إنا لا نقرأُ هكذا في قراءة زيد قال و لكنا نقرؤُها وهكذا في قراءة علي عليه السلام قُلتُ فما يعني بالعدل قال شهادةُ أن لا إله إلَّا اللهُ قُلتُ وإحسان قال شهادة أن مُحمّداً رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله قُلتُ فما يعنِي بِإِيتَاءِ ذِي القُربى حقه قال أداء إمام إلى إمام بعد إمام ﴿وينهى عن الفحشاء والمنكر﴾(2) قال ولاية فُلانٍ.(3)

22 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما أُخرج بعلي عليه السلام ملتباً وقف عند قبر النبي صلى ال عليه واله قال ﴿يا ابن أُمّ إنّ القوم استضعفُونِي و كادوا يقتُلُونني﴾(4) قال فخرجت يد من قبر رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يعرفون أنها يده وصوت يعرفون أنه صوتُهُ نحو أبي فلان يا هذا ﴿أ كفرت بِالَّذِي خلقك مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطفةٍ ثُمّ سوّاك رجُلا﴾(5).(6)

23 - عن عبد الله بن محمد الحجّالِ قال: كُنتُ عِند أبي الحسن الثاني عليه السلام و معي الحسن بن الجهم فقال له الحسن إنّهم يحتجون علينا بقول الله تبارك وتعالى ﴿ثاني اثنينِ إِذْ هُما في الغار﴾(7) قال وما هُم في ذلك فوالله لقد قال الله ﴿فأنزل الله سكينته على رَسُولِهِ﴾ و ما ذكره فيها بخير قال قُلتُ لهُ أنا جُعِلتُ فِداك وهكذا تقرء ونها قال هكذا قرأتها.(8)

ص: 150


1- النحل : 90.
2- النحل :90.
3- بحار الأنوار 24 :189ح 8.
4- الأعراف :150.
5- الكهف : 37.
6- إثبات الهداة 3 : 468 ح 108 ، بصائر الدرجات : 295 ح 5 ، البرهان في تفسير القرآن 3 :633 ح6670. بحار الأنوار 28 : 220 ح 10 و مدينة معاجز الأئمة 3 :12 ح690.
7- لتوبه : 40.
8- التوبه : 40.

24 - قال زرارة قال أبو جعفر عليه السلام ﴿فأنزل الله سكينته على رسوله﴾ ألا ترى أن السكينة إنّما نزلت على رسُولِهِ ﴿و جعل كلمة الَّذِين كفرُوا السُّفلى﴾(1) فقال هو الكلامُ الَّذِي يتكلّمُ بِهِ عتيق(2).

في أن علياً عليه السلام أراه رسول الله صلى الله عليه وآله بعد إرتحاله

1- عن ابن عبّاس أنه قال: بينما أمير المؤمنين عليه السلام يدورُ فِي سكك المدينةِ إذ استقبله أبو بكر، فأخذ علي عليه السلام بيدِهِ ثُمَّ قال: يا أبا بكرا اتَّقِ الله الذي خلقك مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ ثُمَّ سواك رجُلا و اذكر معادك يا ابن أبي قحافة واذكر ما قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وقد علمتم ما تقدّم بِهِ إِليكُم فِي غدِيرِخُمّ فإن رددت إلى الأمر دعوت الله أن يغفر لك ما فعلته، وإن لم تفعل فما يكُونُ جوابك لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله . فقال له: أرني رسُول الله في المنام، يردّني عمّا أنا فِيهِ، فإِنِّي أُطِيعُهُ. فقال أمير المؤمنين عليه السلام كيف ذلك و أنا أُرِيكه في اليقظة؟

ثُم أخذ على عليه السلام بيدِهِ حَتَّى أتى بِهِ مسجِد قبا، فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله جالساً في محرابه و عليهِ أكفاتُه وهو يقُولُ: يا أبا بكر ألم أقل لك ذلك مرة بعد مرة وتارة بعد تارة إن علي بن أبي طالب عليه السلام خليفتي و وصي، وطاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي وطاعته طاعة الله و معصيته معصية الله ؟!

قال: فخرج أبوبكر و هو فزع مرعوب، وقد عزم أن يردّ الأمر إلى أمير المؤمنين عليه السلام إذ استقبله رجُلٌ مِن أصحابِهِ فأخبره بما رأى فقال: هذا سحر مِن سِحرِ بني هاشم، دم على ما أنت عليه و احفظ مكانك. و لم يزل بِهِ حتّى صدّه عن المراد.(3)

ص: 151


1- تفسير العياشي 2 : 89 ح 58 و بحار الأنوار 80:19 33.
2- تفسير العياشي 2 : 89 ، بحار الأنوار 19 :80 - 33 و البرهان في تفسير القرآن 2 : 784 ح4555.
3- الكتاب العتيق : 146 والبرهان في تفسير القرآن 3 : 635 ح 6677.

2 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال: دخل أبوبكر على علي عليه السلام فقال له إنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله لم يُحدِث إلينا في أمرك حدثاً بعد يوم الولاية وأنا أشهد أنك مولاي مُقِزلك بذلك وقد سلمتُ عليك على عهدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله بإمرة المؤمنين و أخبرنا رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أَنك وصِيُّهُ و وارِتُهُ و خليفتُهُ فِي أهلهِ ونِسائِهِ ولم يحل بينك وبين ذلك وصار ميراثُ رسُولِ اللهِ صلى الله علیه وآله إليك و أمرُ نِسائِهِ ولم يُخبرنا بأنك خليفتُهُ مِن بعدِهِ ولا جرم لنا في ذلك فيما بيننا وبينك ولا ذنب بيننا وبين الله عزّ و جلّ فقال له علي عليه السلام إن أريتُك رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يُخبرك بأنّي أولى بالمجلس الَّذِي أنت فِيهِ وأنك إن لم تنح عنه كفرت فما تَقُولُ فقال إن رأيتُ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله حتَّى يُخبرني ببعض هذا اكتفيتُ بِهِ قال فوافِنِي إذا صليت المغرب قال فرجع بعد المغرب فأخذ بيدِهِ وأخرجه إلى مسجِدِ قُبا فإذا رسُولُ الله صلى الله عليه واله جالس في القبلة فقال يا عتيق وثبت على علي وجلست مجلس النُّبُوَّةِ وقد تقدمت إليك في ذلك فانزع هذا السربال الذي تسربلته فخله لعلي وإلا فوعِدُك النّارُ قال ثُمَّ أخذ بيده فأخرجه فقام النّبِيُّ صلى اله عليه واله عنهما وانطلق أمير المؤمنين عليه السلام إلى سلمان فقال له يا سلمان أما علمت أنه كان من الأمرِ كذا و كذا فقال سلمان ليشهرنّ بك و ليُبدِينَهُ إِلى صاحِبِهِ و ليُخبرنّهُ بِالخبر فضحِك أمِيرُ المؤمنين وقال أما إن يُخبر صاحِبه فسيفعلُ ثُمَّ لا والله لا يذكرائِهِ أبداً إلى يوم القيامةِ هُما أنظرُ لأنفُسِهِما من ذلك فلقي أبو بكرٍ عُمر فقال إنّ عليّاً أتى كذا وكذا وصنع كذا و كذا و قال لرسُولِ الله كذا وكذا فقال له عمر ويلك ما أقل عقلك فوالله ما أنت فِيهِ السّاعة إلّا مِن بعض ابن أبي كبشة قد نسيت سحر بني هاشم و مِن أين يرجِعُ مُحمّد ولا يرجعُ من مات إِنّ ما أنت فِيهِ أعظمُ مِن سِحرِ بني هاشم فتقلّد هذا السّربال و مُرفِيهِ.(1)

3- عن الصادق عليه السلام أنه قال : أن أبا بكر لقي أمير المؤمنين عليه السلام في سكة [من سكك] بني النّجار، فسلم عليه، وصافحه، وقال له: يا أبا الحسن، أ في نفسك شيء من إستخلاف الناس إياي، وما كان من يوم السقيفة، وكراهيتك للبيعة ؟ والله ما كان ذلك من إرادتي، إلا أنّ المسلمين أجمعوا على أمر لم يكن لي أن أخالفهم فيه، لأن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا تجتمعُ أُمّتي على ضلالة.

ص: 152


1- الإختصاص : 272 ، بصائر الدرجات : 278 ح 14 ، البرهان في تفسير القرآن 3 :634 ح6673 وبحار الأنوار 29 : 26 ح 11 و 12.

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا أبا بكر، أمته الذين أطاعُوه من بعده وفي عهده، وأخذوا بهداه، وأوفوا بما عاهدوا الله عليه، ولم يبدلوا، ولم يغيّروا.

قال له أبوبكر: والله ، يا علي، لو شهد عندي الساعة من أثق به أنك أحق بهذا الأمر لسلّمتُهُ إليك، رضي من رضي، وسخط من سخط .

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا أبا بكر، فهل تعلم أحداً أوثق من رسُولِ الله صلى الله عليه وآله؟ وقد أخذ بيعتي عليك في أربعة مواطن، وعلى جماعة معك، فيهم عُمر، وعُثمان في يوم الدار، وفي بيعة الرضوان تحت الشجرة، ويوم جُلُوسِهِ في بيت أمّ سلمة، وفي يوم الغدير بعد رجوعه من حجة الوداع ، فقُلتُم بأجمعكم سمعنا وأطعنا الله ولرسوله. فقال لكم: الله ورسوله عليكم من الشاهدين. فقلتُم بأجمعكم: الله ورسوله علينا من الشاهدين.

فقال لكُم: فليشهد بعضُكم على بعض، وليبلغ شاهدكم غائبكم و من سمع منكم من لم يسمع. فقلتم: نعم يا رسول الله . وقُمتُم بأجمعكم تهنئون رسول الله صلى الله عليه وآله و تهنئوني بكرامة الله لنا. فدنا عمر، وضرب على كتفي و قال بحضرتكم: بخ بخ يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي، ومولى المؤمنين.

فقال له أبوبكر: لقد ذكرتني أمراً يا أبا الحسن لو يكون رسول الله صلى الله عليه وآله شاهداً فأسمعه منه. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله ورسوله عليك من الشاهدين يا أبا بكرإن رأيت رسول الله صلى الله الله عليه وآله حياً يقول لك إنك ظالم لي في أخذ حقي الذي جعله الله و رسوله لي، دونك و دون المسلمين، أن تسلم هذا الأمرلي وتخلع نفسك منه .

فقال أبوبكر: يا أبا الحسن، و هذا يكون أن أرى رسول الله صلى الله عليه وآله حياً بعد موته، فيقولُ لي ذلك ؟! فقال له أمير المؤمنين عليه السلام نعم يا أبابكر. قال: فأرني إن كان ذلك حقاً. فقال له أميرُ المؤمنين عليه السلام:

الله ورسوله عليك من الشَّاهِدِين أنك تفي بما قلت ؟ قال أبوبكر: نعم. فضرب أمير المؤمنين عليه السلام على يده، وقال: تسعى معي نحو مسجد قبا. فلما وردا تقدّم أمير المؤمنين عليه السلام، فدخل المسجد وأبوبكر من ورائه ، فإِذا هُو بِرسُولِ الله صلى الله عليه وآله جالس في قبلة المسجدِ. فلمّا رآه أبوبكرسقط

ص: 153

لوجهه كالمغشي عليه، فناداه رسولُ الله صلى الله عليه وآله: إرفع رأسك أيها الضليل المفتون. فرفع أبوبكر رأسه، وقال: لبيك يا رسول الله أحياةٌ بعد الموت؟ فقال: ويلك يا أبا بكر، إنّ الّذي أحياها لمحيي الموتى، إنّه على كلّ شيءٍ قدير قال فسكت أبوبكر، وشخصت عيناه نحو رسُولِ الله صلى الله عليه وآله، فقال: ويلك يا أبابكر أنسيت ما عاهدت الله ورسوله عليه في المواطن الأربعة لعليّ؟ فقال: ما نسيتُها يا رسول الله ، فقال له : ما بالك اليوم تناشد عليّاً فيها، ويذكرك ، فتقول:

نسيتُ؟! وقص عليه رسول الله صلى الله عليه وآله ما جرى بينه وبين علي بن أبي طالب عليه السلام إلى آخره، فما نقص منه كلمةً ولا زاد فيه كلمةً ، فقال أبوبكر: يا رسول الله ، فهل لي من توبة، وهل يعفو الله عنّي إذا سلمت هذا الأمر إلى أمير المؤمنين ؟ قال : نعم يا أبابكرو أنا الضامن لك على الله إن وفيت».

قال: وغاب رسول الله صلى الله عليه وآله عنهما، فتشبث أبو بكر بعلي عليه السلام، وقال: الله الله في يا علي صر معي إلى منبرِ رسول الله صلى الله عليه وآله حتى أعلو المنبر، وأقص على الناس ما شاهدت و رأيتُ مِن أمر رسولِ الله صلى الله عليه وآله، وما قال لي و ما قلت له، وما أمرني به، وأخلع نفسي من هذا الأمر، وأُسلمه إليك.

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: أنا معك إن تركك شيطانك.

فقال أبوبكر: إن لم يتركني تركته و عصيته.

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إذن تطيعه ولا تعصيه، وإنما رأيت ما رأيت لتأكيد الحجة عليك. وأخذ بيده و خرجا من مسجد قبا يريدان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، وأبوبكر يخفق بعضه بعضاً، ويتلوّن ألواناً، والناس ينظرون إليه، ولا يدرون ما الذي كان حتى لقيه عمر بن الخطاب فقال له يا خليفة رسول الله ، ما شأنك، وما الذي دهاك ؟

فقال أبوبكر: خلّ عني يا عُمر فوالله لا سمعتُ لك قولا.

فقال له عُمر: وأين تُريدُ يا خليفة رسول الله ؟

فقال له أبوبكر: أُريدُ المسجد و المنبر.

فقال: ليس هذا وقت صلاة ومنبر.

ص: 154

فقال أبوبكر: خلّ عنّي فلا حاجة لي في كلامك.

فقال عُمر: يا خليفة رسولِ الله أفلا تدخُلُ منزلك قبل المسجد فتُسبغ الوضوء؟ قال: بلى. ثم التفت أبوبكر إلى عليّ عليه السلام وقال له: يا أبا الحسن تجلس إلى جانب المنبر حتى أخرج إليك. فتبسّم أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال: يا أبا بكر قد قلتُ إِنّ شيطانك لا يدعُك أو يُرديك.

ومضى أمير المؤمنين عليه السلام فجلس بجانب المنبر، ودخل أبوبكر منزله، وعُمر معه، فقال له:

يا خليفة رسول الله ، لم لا تُنبئني أمرك، وتُحدّثني بما دهاك به علي بن أبي طالب؟ فقال أبوبكر: ويحك يا عُمر يرجع رسول الله صلى الله عليه وآله بعد موتِهِ حيّاً ويُخاطبني في ظلمي لعلي، وردّ حقه عليه و خلع نفسي من هذا الأمر، فقال له عُمر: قص علي قصتك من أوّلها إلى آخرها.

فقال له أبوبكر: ويحك يا عُمر، والله لقد قال لي على أنك لا تدعني أخرج من هذه المظلمة، و أنك شيطاني، فدعني منك . فلم يزل يرقبه إلى أن حدثه بحديثه من أوله إلى آخره. فقال له: بالله يا أبابكر أنسيت شعرك في أوّل شهر رمضان ، الذي فرض الله علينا صيامه، حيثُ جاءك حذيفة بن اليمان، وسهل بن حنيف، ونعمان الأزدي، وخزيمة بن ثابت، في يوم جمعة إلى دارك ليتقاضوك ديناً عليك، فلما انتهوا إلى بابِ الدّار سمعوا لك صلصلة في الدار، فوقفوا بالباب، ولم يستأذنوا عليك، فسمِعُوا أُم بكر زوجك تناشدك، وتقول لك: قد عمل حر الشمس بين كتفيك، قُم إلى داخل البيت، وابتعد عن الباب، لئلا يسمعك أحدٌ مِن أصحاب محمد فيهدروا دمك، فقد علمتُ أنّ محمداً قد أهدر دم من أفطر يوماً من شهر رمضان، من غير سفر، و لا مرض، خلافاً على الله وعلى رسوله محمد، فقلت لها: هات لا أم لكِ فضل طعامي من الليل، و أترعي الكأس من الخمر. وحذيفة ومن معه بالباب يسمعون محاورتكما، فجاءت بصحفةٍ فيها طعام من الليل، وقعب مملوء خمراً فأكلت من الصحفة، وشربت من الخمر، في ضحى النّهار، وقلت لزوجتك هذه الأبيات:

ص: 155

ذريني أصطبح يا أم بكر *** فإن الموت نقب عن هشام

ونقب عن أخيك وكان صعبا *** من الاقام شريب المدام

يقول لنا ابن كبشة سوف نحيا *** وكيف حياة أشلاء وهام!

ولكن باطل ما قال هذا *** وإفك من زخاريف الكلام

ألا هل مبلغ الرحمن عني *** بأني تارك شهر الصيام !

و تارك كل ما أوحى إلينا *** محمد من أساطير الكلام

فقل لله يمنعي شرابي *** وقل الله يمنعني طعامي

ولكن الحكيم رأى حميرا *** فألجمها فتاهت في اللجام

فلما سمعك حذيفة ومن معه تهجُو محمّداً هجموا عليك في دارك ، فوجدوك و قعب الخمر في يدك، وأنت تُكرعها، فقالوا: ما لك يا عدوّ الله خالفت الله ورسوله. وحملوك كهيئتك إلى مجمع النّاس، بباب رسول الله و قصوا عليه قصتك ، وأعادوا شعرك فدنوت منك وساورتك، وقلتُ لك في الضّجيج: قُل إِنِّي شربتُ الخمر ليلا، فثملتُ ، فزال عقلي، فأتيتُ ما أتيتُه نهاراً، ولا أعلم بذلك، فعسى أن يُدرأ عنك الحد، وخرج محمّد فنظر إليك فقال: إستيقظوه. فقلتُ: رأيناه وهو ثمل يا رسول الله ، لا يعقل فقال: ويحكم الخمرُيُزيل العقل، تعلمون هذا من أنفسكم، وأنتم تشربونها؟ فقُلنا: نعم يا رسول الله وقد قال فيها امرؤ القيس شعراً:

شربت الإثم حتى زال عقلي *** كذاك الخمر يفعل بالعقول

ثم قال محمد: انظروه إلى إفاقته من سكرته . فأمهلوك حتى أريتهم أنك قد صحوت، فسألك محمد فأخبرته بما أوعزته إليك من شربك لها بالليل، فما بالك اليوم تُصدِّقُ بمحمّد و بما جاء به و هو عندنا ساحر كذَّابٌ ؟! فقال: ويحك يا أبا حفص، لا شكّ عندي فيما قصصته عليّ، فاخرج إلى علي بن أبي طالب، فاصرفه عن المنبر.

قال: فخرج عُمر و علي عليه السلام جالس بجانب المنبر فقال : ما بالك يا علي قد تصديت لها، دون

ص: 156

والله ما تروم مِن عُلوّ هذا المنبر خرط القتاد . فتبسّم أمير المؤمنين عليه السلام حتى بدت نواجذه ثم قال: ويلك منها يا عُمر إذا أفضت إليك، والويل للأمة من بلائك. فقال عُمر: هذهِ بُشراي يا بن أبي طالب، صدقت ظنّي، وحق قولك. وانصرف أمير المؤمنين عليه السلام إلى منزله.(1)

4- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن أمير المؤمنين عليه السلام لقي أبا بكر، فقال له : أما أمرك رسول الله صلى الله عليه وآله أن تُطيعني؟ فقال: لا ولو أمرني لفعلتُ، قال: فانطلق بنا إلى مسجدِ قبا، فانطلقا إلى مسجد قبا فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله يُصلي فلما انصرف قال له علي عليه السلام : يا رسول الله إني قلتُ لأبي بكر: أمرك الله و رسوله أن تطيعني فقال : لا ، فقال : قد أمرتك فأطعه قال: فخرج فلقي عُمر و هو ذعر، فقال له: ما لك؟ فقال: قال لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله كذا فقال: تباً لأمّةٍ ولوك أمرهم، أما تعرف سحر بني هاشم؟.(2)

5- عن الأصبغ بن نباتة قال سألتُ الحسين عليه السلام فقُلتُ سيّدِي أسألُك عن شيء أنا بِهِ مُوقِنٌ و إِنَّهُ مِن سِر الله وأنت المسرور إليه ذلك السر فقال يا أصبح أتُرِيدُ أن ترى مخاطبة رسُولِ اللهِ لأبي دُونِ يوم مسجِدِ قُبا قال هذا الَّذِي أردتُ قال قُم فإذا أنا وهو بالكوفة فنظرتُ فإذا المسجِدُ مِن قبل أن يرتد إلي بصري فتبسم في وجهي ثم قال يا أصبعُ إِنّ سُليمان بن داؤد أُعطي الرب غُدُوها شهر و رواحُها شهر و أنا قد أُعطِيتُ أكثر ما أُعطي سليمانُ فقُلتُ صدقت و الله يا ابن رسُولِ اللهِ فقال نحنُ الَّذِينَ عِندنا عِلمُ الكِتابِ وبيان ما فِيهِ وليس عِند أحدٍ مِن خلقِهِ ما عِندنا لأنا أهلُ سِرّ الله فتبسم في وجهي ثُمَّ قال نحنُ آلُ اللهِ و ورثةُ رسوله فقُلتُ الحمد لله على ذلك قال لي ادخُل فدخلتُ فإذا أنا بِرسُولِ اللهِ صلى اله عليه وآله مُحتبِيٌّ في المحرابِ بِرِدائِهِ فنظرتُ فإذا أنا بأمير المؤمنين عليه السلام قابِضُ على تلابيب الأعسرِ فرأيتُ رسول الله يعضُّ على الأَنامِلِ وهُو يقُولُ بِئس الخلف خلفتني أنت وأصحابك عليكم لعنة الله و لعنتي الخبر.(3)

ص: 157


1- إرشاد القلوب 2 : 96 ، البرهان في تفسير القرآن 2 : 356 ح 3285 و بحار الأنوار 29 : 35 ح 18.
2- إثبات الهداة 3 : 469 ح 112.
3- مناقب آل أبي طالب 52:4 ، تفسير نور الثقلين 4 : 318 ، بحار الأنوار 44 : 184ح11 ومدينة معاجز الأئمة 3 : 501 ح 6.

6 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لتي أبا بكر فاحتج عليهِ ثُمّ قال له أما ترضى بِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله بيني وبينك قال وكيف لِي بِهِ فأخذ بِيدِهِ وأتى مسجد قبا فإِذن رسُولُ الله صلى الله عليه واله فيه فقضى على أبي بكر فرجع أبوبكر مذعوراً فلقي عُمر فأخبره فقال تباً لك أما علمت سحر بني هاشم.(1)

7- عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال: إِنّ أمير المؤمنين عليه السلام لقي أبا بكر فقال له ما أمرك رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أن تُطيعني فقال لا ولو أمرني لفعلتُ قال فانطلق بنا إلى مسجِدِ قُباء فانطلق معه فإذا رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله يُصلّي فلما انصرف قال علي يا رسُول اللَّهِ إِنِّي قُلتُ لأبي بكر ما أمرك رسُولُ اللهِ أن تُطِيعني فقال لا فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بلى قد أمرتك فأطعه قال فخرج فلقي عُمر و هو ذعر فقال له ما لك فقال قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله كذا وكذا قال تباً لأمتك تترك أمرهم ما تعرِفُ سِحر بني هاشم.(2)

في جهله و عجزه

1- رُوي أنه لما قعد أبوبكر بالأمر بعث خالد بن الوليد إلى بني حنيفة لياخُذ زكاة أموالهم فقالُوا لِخالِدٍ إِنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله كان يبعثُ كُلّ سنة من يأخُذُ صدقاتِ الأموالِ مِن الأغنِياءِ مِن جُملتِنا ويُفرِّقُها في فقرائنا فافعل أنت كذلك.

فانصرف خالِدٌ إلى المدينة وقال لأبي بكر إنّهم منعُوا مِن الزكاة فأعطاه عسكراً فرجع خالد و أتى بني حنيفة وقتل رئيسهم وأخذ زوجته ووطئها في الحال وسبى نسوانهم ورجع بهن إلى المدينة وكان ذلك الرئيس صديقاً لِعُمر في الجاهِلِيّةِ فقال عمر لأبي بكر اقتل خالِداً بِهِ بعد أن تجلده الحد بما فعل بامرأتِهِ.

فقال له أبوبكر إن خالِداً ناصرنا تغافل و أدخل السبايا في المسجِدِ وفِيهِنّ خولة فجاءت إلى قبر الرسول صلى الله عليه وآله و التجأت بِهِ و بكت وقالت يا رسول الله نشكو إليك أفعال هؤلاءِ القوم سبونا من غير ذنب ونحنُ مُسلِمُون ثُمَّ قالت أيُّها النّاسُ لِم سَبيتُمُونا و نحن نشهد أن لا إله إلا

ص: 158


1- بصائر الدرجات : 294 ، إثبات الهداة 3 : 466 ح 101 ، بحار الأنوار 6 : 81247 و مدينة معاجز الأئمة 3 : 10 ح 10.
2- بحار الأنوار 6 :41 ح 231.

الله وأن محمداً رسُولُ الله صلى اله عليه وآله فقال أبوبكر منعتُم الزكاة قالت ليس الأمر على ما زعمت إنّما كان كذا وكذا وهبِ الرّجال منعُوكمُ الزَّكاة بزعمِكُم فما بال النِّسوان المسلمات شبين و اختار كُلُّ رجُلٍ مِنهُم واحِدةً مِن السبايا وجاء خالد و طلحة ورميا بثوبين إلى خولة وأراد كُلُّ واحِدٍ مِنهُما أن يأخُذها من الشي قالت لا يكُونُ هذا أبداً ولا يملكني إلا من يُخبِرُنِي بِالكلامِ الَّذِي قُلتُه ساعة وُلِدتُ قال أبوبكرهي قد فزعت من القوم وكانت لم تر مثل ذلك قبله وتتكلّمُ بِما لا تحصيل له فقالت واللهِ إِنِّي صادِقةٌ إِذ جاء علي بن أبي طالِبٍ عليه السلام فوقف ونظر إليهم وإليها وقال عليه السلام اصبِرُوا حتى أسألها عن حالها ثم ناداها فقال يا خولة اسمعي الكلام فلما أصغت قال لها إن أُمَّكِ لما كانت بِكِ حاملا وضربها الطلق و اشتدّ بها الأمرُ نادتِ اللّهُمَّ سلّمني مِن هذا المولودِ فسبقت تِلك الدعوةُ بِالنّجاة فلما وضعتكِ ناديت من تحتها لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى اله عليه واله يا أُماه عما قليل سيملِكُني سيّد يكُونُ لِي مِنهُ ولدٌ فكتبت أُمُّكِ ذلِكِ الكلام في لوح نحاس فدفنته في الموضع الذي سقطت فِيهِ فلما كان في الليلة التي قبضت أُمُّكِ فيها وصت إِليكِ بِذلِكِ اللّوحِ فَلَمَّا كان وقتُ سبيكِ لم يكن لكِ هِمَةٌ إلَّا أخذ ذلِكِ اللّوحِ فأخذتيه وشددتيه على عضُدِكِ الأيمن هاتي اللوح فأنا صاحِبُ ذلِكِ اللّوح وأنا أمير المؤمنين و أنا أبوذلِكِ الغُلامِ الميمُونِ واسْمُهُ مُحمّد قال فرأيناها وقد استقبلت القبلة ثُمَّ قالتِ اللّهُم أنت المنّانُ المتفضّل أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت بها علي و لم تُعطِها لأحدٍ إلّا وأتممتها عليهِ اللَّهُمَّ بِصاحِبِ هَذِهِ التُّربَةِ و النّاطِقِ المني بما هو كائن إلّا أتممت فضلك عليّ ثُمَّ أخرجتِ اللوح ودفعته إليهم فأخذهُ أبوبكر و قرأه عُثمان فإنَّه كان أجود القومِ قراءةً فبكت طائِفةٌ وحزنت أُخرى فإنَّهُ ما زاد ما في اللوح على كلام علي عليه السلام حرفاً و لا نقص فقالوا صدق الله وصدق رسُولُهُ أنا مدينةُ العلم وعلي بابها.

فقال أبوبكرٍ خُذها يا أبا الحسن بارك الله لك فيها فبعثها علي عليه السلام إلى بيتِ أسماء بنتِ عُميس و هي يومئذ كانت زوجة أبي بكر.

فلَمّا دخل أخوها أمهرها أمير المؤمنين و تزوّج بها و علقت بمحمّد و ولدته.(1)

ص: 159


1- الخرائج و الجرائح 21 ح563:2 وبحار الأنوار 41 : 302 ح 35.

2 - عن سلمان الفارسي قال: إِنّ امرأةً مِن الأنصارِ يُقال لها أُمُّ فروة تحُضُّ على نكث بيعةِ أبي بكروتحُثُ على بيعة علي عليه السلام .

فبلغ أبا بكر ذلك فأحضرها و استتابها فأبت عليه فقال يا عدوة اللهِ أتحضّين على فُرقة جماعة اجتمع عليها المسلمون فما قولُكِ في إمامتي.

قالت ما أنت بإمام قال فمن أنا قالت أمير قومك اختارك قومك و ولوك فإذا كرهوك عزلوك فالإمام المخصوصُ مِن الله و رسُولِهِ يعلمُ ما في الظَّاهِرِ و الباطن وما يحدث في المشرق والمغرب من الخير و الشر و إذا قام في شمس أو قمر فلا فيء له ولا تجوز الإمامةُ لِعَابِدِ وثن ولا لمن كفر تُم أسلم فمن أيهما أنت يا بن أبي قحافة. قال أنا من الأئمة الذين اختارهُمُ اللَّهُ لِعِبادِهِ فقالت كذبت على الله ولو كُنت مَنِ اختارك الله لذكرك في كتابه كما ذكر غيرك فقال عزّوجل ﴿وجعلنا منهم أئِمَةً يهدُون بِأَمرِنا ما صبروا و كانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون﴾(1) ويلك إن كُنت إماماً حقاً فما اسمُ السّماءِ الدنيا الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسّادِسة والسابعة فبقي أبوبكر لا يُحِيرُ جواباً ثُمّ قال اسمها عِند اللهِ الَّذِي خلقها.

قالت لو جاز لِلنِّساءِ أَن يُعلّمن الرجال لعلمتك.

فقال يا عدوة الله لتذكُرِنّ اسم سماءٍ سماءٍ وإلا قتلتُكِ.

قالت أبالقتل تُهدِّدُني والله ما أُبالي أن يجري قتلي على يدي مثلك ولكِنِّي أُخبِرُك أمّا السَّماءُ الدنيا الأولى فأيلُولُ والثانية زبنول والثالثة سحقوم والرابعة ذيلول والخامسة ماين و السادسة ماحيز و السابعةُ أيوث فبقي أبوبكر و من معهُ مُتحيِّرين و قالُوا لها ما تقولين في علي قالت و ما عسى أن أقول في إمامِ الأئمة و وصي الأوصياء من أشرق بِنُورِه الأرض والسماءُ و من لا يتمُّ التَّوحِيدُ إِلَّا بِحقيقة معرفتِهِ ولكنّك ممن نكث واستبدل وبعت دينك بدنياك. قال أبوبكر اقتُلُوها فقد ارتدت فقُتِلت.

وكان علي عليه السلام في ضيعة لهُ بِوادِي القُرى فلما قدم وبلغه قتل أُمّ فروة فخرج إلى قبرها وإذا عند قبرها أربعة طيور بيض مناقيرُها حُمر في مِنقارِ كُلّ واحِدٍ حَبَّةُ رُمّان كأحمر ما يكُونُ وهي

ص: 160


1- السجدة : 24.

تدخُلُ في فُرجةٍ في القبر فلما نظر الطيور إلى علي عليه السلام رفرفن و قرقرن فأجابها بكلام يُشبه كلامها وقال أفعلُ إِن شاء الله.

و وقف على قبرها و مد يده إلى السّماءِ وقال يا مُحيِي النُّفُوسِ بعد الموتِ و يا مُنشِئ العِظامِ الدارسات أحي لنا أُمّ فروة واجعلها عبرة لمن عصاك فإذا بهاتف يقُولُ امض لأمرك يا أمير المؤمِنِين وخرجت أُمُّ فروة مُتلحفةً بريطةٍ خضراء من السُّندُس و قالت يا مولاي أراد ابن أبي قُحافة أن يُطفئ نُورك فأبى اللهُ لِنُورِك إلّا ضِياءً وبلغ أبا بكر و عُمُر ذلك فبقيا متعجبين فقال لهما سلمان لو أقسم أبو الحسن على الله أن يُحيِي الأولين والآخِرِين لأحياهم وردّها أمير المؤمنين عليه السلام إلى زوجها و ولدت غُلامين له وعاشت بعد علي ستة أشهر.(1)

3- عنِ الرّضا عن آبائِهِ عليهم السلام أنّ غُلاماً يهودياً قدِم على أبي بكر في خلافته فقال السلام عليك يا أبا بكر فوجئ عُنْقُهُ وقيل لهُ لِم لم تُسلّم عليه بالخلافة ثم قال له أبوبكر ما حاجتك قال مات أبي يهودياً وخلّف كُنُوزاً و أموالا فإن أنت أظهرتها و أخرجتها إلي أسلمتُ على يديك و كنتُ مولاك وجعلتُ لك ثلث ذلِك المالِ وثُلُثاً لِلمُهاجِرِين والأنصارِ وثُلُثاً لِي فقال أبوبكريا خبِيثُ وهل يعلم الغيب إلا الله ونهض أبوبكرٍ ثُم انتهى اليهودِيُّ إِلى عُمر فسلم عليهِ وقال إِنِّي أتيتُ أبا بكر أسأله عن مسألة فأوجعتُ ضرباً و أنا أسألك عن المسألة وحكى قصته قال وهل يعلم الغيب إلا الله ثم خرج اليهودي إلى علي عليه السلام و هو في المسجدِ فسلّم عليه وقال يا أمير المؤمنين وقد سمعه أبوبكر و عمر فوكزُوه و قالوا يا خبيثُ هلا سلمت على الأول كما سلمت على علي و الخليفة أبوبكر فقال اليهودي والله ما سميته بهذا الإسم حتى وجدتُ ذلِك فِي كُتُبِ آبائي و أجدادي في التوراة فقال أمير المؤمنين عليه السلام و ما حاجتك قال مات أبي يهودياً وخلّف كُنوزاً كثيرةً و أموالا فلم يُطلعني عليها فإن أخرجتها لي أسلمتُ على يديك فقال أمير المؤمنين به السلام و تني بِما تقُولُ قال نعم وأشهِدُ الله وملائكته وجميع من يحضُرُني قال نعم فدعا برق أبيض فكتب عليهِ كِتاباً ثُمّ قال تُحسِنُ أن تكتب قال نعم قال خُذ معك ألواحاً وصر إلى بِلادِ اليمن وسل عن وادِي برهوت بحضرموت فإذا صرت بطرف الوادِي عِند غُرُوبِ

ص: 161


1- الخرائج و الجرائح 2 : 548 ح 9 و بحار الأنوار 41 : 199 ح 13.

الشَّمس فاقعُد هناك فإنّهُ سياتيك غرابيب سود مناقِيرُها وهي تنعِبُ فإذا هي نعبت فاهتف باسم أبيك وقُل يا فلانُ أنا رسُولُ وصِي محمد صلى الله عليه واله فكلّمني فإِنَّهُ سيُجِيبُك أبوك فلا تفتر عن سُؤالِهِ عَنِ الكُنُوزِ الّتِي خلّفها فكُلُّ ما أجابك بِهِ في ذلك الوقتِ وتلك الساعة فاكتُبه في ألواحِك فإذا انصرفت إلى بِلادِك بِلادِ خيبر فتتبع ما في ألواحِك واعمل بما فيها فمضى اليهودِيُّ حتى انتهى إلى بِلادِ اليمن وقعد هناك كما أمره فإذا هُو بِالغرابِيبِ السُّودِ قد أقبلت تنعِبُ فهتف اليهودِيُّ فأجابه أبوه وقال ويلك ما جاء بك في هذا الوقتِ إلى هذا الموطن و هُو مِن مواطن أهل النّارِ قال جِئتُك أسألك عن كُنُوزِك أين خلفتها قال في جدار كذا في موضع كذا في حيطان كذا فكتب الغُلامُ ذلِك ثُمّ قال ويلك اتَّبِع دين محمد صلى الله عليه وآله و انصرفتِ الغرابيب ورجع اليهودي إلى بِلادِ خيبرو خرج بغلمانه و فعلتِهِ وإِبِل و جواليق وتتبع ما في ألواحِهِ فأخرج كنزاً من أواني الفِضَّةِ وكنزاً من أواني الذهبِ ثُم أوقر عيراً وجاء حتى دخل على علي عليه السلام فقال يا أمير المؤمنين أشهدُ أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمداً رسُولُ الله و أنك وصِيُّ محمّد وأخُوهُ و أَمِيرُ المؤمنين حقاً كما سُمّيت وهذِهِ عِيرُ دراهِمُ و دنانير فاصرفها حيثُ أمرك الله ورسوله واجتمع النَّاسُ فقالُوا لِعلي كيف علمت هذا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه آله و إِن شئتُ أخبرتُكُم بِما هُو أصعب من هذا قالُوا فافعل قال كُنتُ ذات يوم تحت سقيفة مع رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و إِنِّي لأحصِي سِتّاً وستين وطأةٌ كُلّ ملائِكَةٌ أعرِفُهُم بِلُغاتِهِم وصِفاتِهم وأسمائهم و وطنِهِم.(1)

4 - عنِ المفضّل بن عُمر عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أن أعرابيًّا خرج من قومه حاجاً مُحرِماً فورد على أُدحِيّ نعامٍ فِيهِ بيض فأخذَهُ و اشتواهُ و أَكَلَ مِنهُ وذكر أن الصيد حرام فورد المدينة فقال أين الخليفة بعد رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فقد جنيتُ عظيماً فأُرسل إلى أبي بكر فورد عليهِ و عِنده ملأ مِن قُريش فيهم عمر بن الخطابِ وعُثمان بن عفان وطلحة والزبيرو سعد وسعِيدٌ وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد و المغيرة بن شعبة فسلم الأعرابِيُّ ثُمَّ قال: يا خليفة رسُولِ اللهِ أفتني، فقال له أبوبكر: قُل يا أعرابي، فقال: إِنِّي خرجتُ مِن قومي حاجاً مُحرما فأتيتُ على أدحِي فِيهِ بيضُ نعام فأخذتُهُ و اشتويتُه فإذن لي من الحج

ص: 162


1- الخرائج و الجرائح 1 : 192 ح 29 و بحار الأنوار 41 : 196 ح 9 196:41.

ما عليّ فِيهِ حلال وما عليّ فِيهِ حرامٌ مِن الصّيدِ فأقبل أبوبكر على من حوله وقال: أنتُم حواري رسُولِ اللهِ فقال الزُّبيرُ مِن دُونِ النّاسِ أنت خليفةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وأنت أحقُّ بِإِجابتِهِ فقال له أبوبكر: يا زُبير علي بن أبي طالب في صدرك قال وكيف وأُمِّي صفيّةُ ابنه عبد المطلبِ عمّةُ رَسُولِ اللهِ، فقال الأعرابي ما في القوم إلا من يجهد وقال له الأعرابي : ما أصنع قال له الزبير لم يبق في المدينة من نسألُهُ بعد من حضر هذا المجلس إلّا صاحِبُ الحَقِّ الذي هو أولى بهذا المجلسِ مِنهُم ، قال الأعرابِيُّ فتُرشِدُنِي إِليهِ ، قال الزبيرُ: إِنّ إخبارِي يَسُومُونَهُ قومٌ ويحط آخرُون قال الأعرابي قد ذهب الحقُّ وصِرتُم تُكرهون ، قال عمر: إلى كم تُطِيلُ الخِطاب يا ابن العوامِ قُومُوا بنا و الأعرابي إلى علي فلا نسمع جواب هذه المسألة إلّا مِنهُ فقَامُوا بِأجمعهم والأعرابِيُّ معهم حتى صاروا إلى أمير المؤمنين فاستخرجُوهُ مِن بيتِهِ و قالُوا لِلأعرابي اقصص قصتك على أبي الحسن علي قال الأعرابي فلم أرشد تُموني إلى غير خليفة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فقالوا: ويحك يا أعرابي خليفة رسُولِ اللهِ أبوبكر و هذا وصِيُّهُ في أهل بيتِهِ وخليفته و قاضي دينِهِ و مُنجِزُ عِدَاتِهِ و وارِثُ عِلمِهِ قال الأعرابي:

ويحكُم يا أصحاب محمّد و الّذِي أشرتُم إِليهِ بِالخِلافةِ ما فِيهِ مِن هَذِهِ الخِصال خصلةٌ واحدةٌ، قالُوا: ويحك يا أعرابي اسأل عن مسألتِك ودع عنك ما ليس من شأنك، قال الأعرابي يا أبا الحسن، يا خليفة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إنّي خرجتُ مِن قومي حاجاً مُحرِماً؛ قال له أمير المؤمنين: تُرِيدُ الحج، فوردت على أُدحِي فِيهِ بيضُ نعام فأخذته واشتويته وأكلته، فقال الأعرابي: من سبقني بالخبر إليك، فقال أمير المؤمنين عمن تحدّثُ بِهِ فِي المجلس مجلس أبي بكر خليفة رسُولِ اللهِ فكيف لا يسبِقُ الخبر إليه قال له أمير المؤمنين فأفتِهِ يا أبا حفص قال له أبوحفص لو حضرت و علمتُ الفتوى ما حملنا إليك فقال أمير المؤمنين أجل يا أعرابي عليك بالصبي الذي بين يدي مُعلّمِهِ و مُؤدِّبِهِ صاحِبِ الرّوايةِ فإِنَّهُ ابني الحسن فاسألهُ فإِنَّهُ يُفتِيك قال الأَعرابِيُّ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إليهِ راجِعُون مات دِينُ محمّد صلى الله عليه وآله بعد موته فحمد و تنازع أصحاب محمد وأزبد قال أمير المؤمنين حاش الله يا أعرابي لم يئت أبداً قال الأعرابي أفين الحقِّ أن أسأل خليفة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و حواريه وأصحابه ولا يُفتُونِي ويُحِيلُونِي عليك وتُحِيلُنِي وتأمُرُني أن أسأل الصبي الَّذِي بين يدي مُعلِّمِهِ لا يفصل بين الخير و الشَّرِ فقال: أمير المؤمنين عليه السلام يا أعرابي لا

ص: 163

تقل ما ليس لك بِهِ علم و اسألِ الصّيّ فإِنَّهُ يُفتِيك فقام الأعرابي إلى الحسن عليه السلام و قلمُهُ فِي يَدِهِ يخُطُّ فِي الصَّحِيفة و مُؤدِّبُهُ يقولُ أحسنت أحسن الله إليك يا حسن قال الأعرابي يا مُؤدِّبُ يُحسِنُ لِلصّبِيَّ مِن إحسانِهِ و ما أسمعُك تقُولُ له شيئاً حتى كأَنْهُ بِمُوْدِبِك قال فضحِك القومُ مِن الأعرابي وصاحوا به ويحك يا أعرابي أوجز قال الأعرابي قد نبّأتك يا حسن أنّي خرجتُ مِن قومي حاجاً محرماً فوردتُ على أُدحِي فِيهِ بيضُ نعام فاشتويته وأكلتُه عامك عامداً هذا ناسياً قال الحسن زدت في القول يا أعرابي قولك عامداً لم يكن هذا عبثاً قال الأعرابي ما كُنتُ ناسياً فقال له الحسن وهو يحط في صحيفتِهِ يا أعرابِيُّ خُذ بِعددِ البيض نُوقاً فاحمل أي فأعل عليها فُيُقاً يعني ذكر النُّوقِ ، فإذا أنتجت من قابِل فاجعلها هدياً بالغ الكعبة كفّارةً لفعلك، قال الأعرابي:

فديتك يا حسنُ إِنَّ مِن الإِبِلِ لما يُزلقن.

قال الحسن عليه السلام يا أعرابي و إنّ في البيض لما يمرقن قال الأعرابي أنت صبِيٌّ مُحِقِّ وفِي عِلمِ اللهِ معروف ولو جاز أن يكون ما أقُولُ لقُلتُ إِنّك خليفةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله قال الحسن عليه السلام ما ترى قوماً اختاروه فإذا أبغضُوه عزلُوهُ فكبّر القومُ و عجِبُوا لِما سمعوا مِن الحسن فقال أمِيرُ المؤمِنِين عليه السلام الحمدُ لِلَّهِ الَّذِي جعل في ابني هذا كما جعله في داود وسليمان اذ يقول الله عزّو جلّ من قائل: ﴿ففهمناها سليمان﴾(1)(2).

5- عن يحيى بن عبد الله بن الحسن العبد الصالح، قال: كنتُ عند رسول الله صلى الله عليه وآله و قد قدم عليه رجلٌ مِن الشّام، فقال: يا رسول الله نحنُ أربعة آلاف و أربعةُ مِن العُلماء ممن قرأ التوراة والزبور و الإنجيل، وما مِنّا إلّا من يُقرِّبِأن ياتي آخر الزمان مبعوث، وإنا إجتمعنا و إتفقنا على أن الأنبياء أخبرت الأوصياء، والأوصياء أخبرت التّابعين، والتابعين أخبرتنا، ونحنُ تُختِرُ أتباعنا بأنه ياتي نبي آخر الزمان عليه دين، وبقضاء ذلك الدين تُثبت عِندنا نُبوّته، وذلك أنه يُخرجُ الله على يدهِ أو على من يليه في الأمر بعده من جبال المدينة سبع نُوقٍ، سُود الحدق، حمر الوبر، أحسن من ناقة صالح عليه السلام يتبع كل ناقة فصيلها، كلُّ ناقةٍ لسبط مِنّا تُحي لحياة

ص: 164


1- آل عمران : 33.
2- الهداية الكبرى : 187 ، مدينة معاجز الأئمة 3 : 396 ح 106 و مستدرك السائل 9 : 266 ح 10871.

السبط، وتموتُ لمماته، وقد إختار العلماء من بينهم أنا وقد بعثوني إليك.

فقال له رسولُ الله صلى الله عليه وآله: أتعرف الجبل ؟

فقال: نعم.

فقال: إذهب معي تنبئني عنه ، و خرج رسولُ الله صلى الله عليه وآله هو و أصحابه ومعهم ذلك العالم إلى ظاهر المدينة، وأومئ بيده إلى جبلٍ من الجبال، وقال للرّجل: هذا هو الجبل ؟

فقال: نعم، فصف رسول الله صلى الله عليه وآله قدميه وصلّى ركعتين، وبسط كفيه للدّعاء، ولم نسمع صوته ، وإذا نحن نسمع أصوات النُّوقِ مِن الجبل.

فقال الرجلُ: مهلا يا رسول الله لا تُخرج النُّوق ولكن أُخرج ناقتي ، فما قبضي قبضهم، ولا إيماني إيمانهم، بل أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك محمّد رسول الله نبي آخر الزمان، يا رسول الله إنّي عائد إليهم و يُخبرهم بما رأيتُ وبإسلامي، و آتي بهم بعد أن يروا ناقتي.

فقال له النبي صلى الله عليه وآله: إفعل ما بدا لك، فرجع إلى أصحابه وأخبرهم بما عاين، ففرحوا و رحلوا معه طالبين لرسولِ اللهِ ، وقد قبض ، فقالوا: و من ولي الأمرِ مِن بعدِهِ ؟

فقالوا: أبوبكر، فأتوا إليه، فقالوا: أو كنت حاضراً على ما يقول صاحبنا؟

فقال: نعم.

قالوا: فاذهب معنا وسلّم إلينا النُّوق إن كنت وصيه، فإنّه لا يكون نبي إلا و له وصي، فأطرق رأسه وأطرق المسلمون ، وضحوا بالبكاء والنحيب.

فقال المسلمون: يا أبابكر، إن لم تُخرجن النُّوق ليذهبن والله الإسلام.

فنهض أبوبكر و قال: يا معاشر العلماء، والله ما أنا وصيّه، ولا وارث عِلمه، وإنما أنا رجل رضي بي الناس، فجلستُ هذا المجلس، وإنّما أدلُّكم على وصيه وابن عمّه وأخيه وصنوه عليّ.

قالوا: فاذهب بنا إليه وإنّه سيبلغ المقصود على يده، فأقبل أبوبكر و أصحابه تتبعه إلى باب أميرِ المؤمنين عليه السلام فقرعُوا عليه الباب.

فخرج علي عليه السلام فأخبروه بذلك، فلما رآهم قد أكثروا البكاء والنحيب والحزن والخوف و خشوا أن تعود الأحبار و لم يسلموا، فتقدم عليه السلام فتبعه الصحابة والأحبار، حتى أتى الجبل، ثمّ أنه صف

ص: 165

قدميه عليه السلام موضعاً صفهما رسولُ الله صلى الله عليه وآله ، وصلّى مثل صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله، ودعا بين شفتيه بشيء لم نفهمه.

قال صاحب الحديث: وحقِّ من بعث محمدا بالحقِّ بشيراً ونذيراً لقد سمعتُ أصوات النوق من الجبل مثل ما سمعناها في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله .

فقال علي عليه السلام للأحبار: تقبضون دين أخي نبي الله صلى الله عليه وآله ودين الأنبياء من قبله؟

قالوا: نعم، فأومئ بيده الشريفة إلى نحو الجبل وقال: أخرجن بإذن الله تعالى، وإذن رسوله، و إذن وصيّ رسوله، فخرجت بِإِذنِ الله تعالى، وكلُّ ناقة يتبعها فصيلها، فيقولُ أمير المؤمنين علیہ السلام لِلأحبار خُذ ناقتك يا فلانُ ، وأنت مِن السّبط الفُلاني، وهذه ناقتك كذلك حتى خرجت النُّوقُ عن آخرها، فأذعنت الأحبار تقولُ : لا إله إلا الله محمد رسول الله، وإنك وصيه المذكور عندنا في التوراة والإنجيل.

ثم قالت الأحبار لأبي بكر: ما حملك على التقدم على الوصي إلا ضِعْنٌ مِنك، خابت أُمَّةٌ فيها هذا الوصصِيّ وهِي غير طائعة له ما آمنت أمةٌ بنبيها حيث عصت وصيه.

ثم قالت العلماء بأجمعهم : يا معاشر الصحابة، لا صلاة بعد النبي صلى الله عليه وآله إلا خلف الوصي، و إنا على ذلك بأجمعنا إلى أن نلقى ربّنا وأقاموا عِند أمير المؤمنين عليه السلام وإن أكثرهم إستشهد في وقعة الجمل، والباقين قتلوا في حرب صفّين، فهذا كان سبب إمتناع العلماء عن الصلاة خلف أبي بكرو غيره، و لم يُفارقوه على أمر أبداً، وهؤلاء الألف والأربعة نفرو صاحب الحديث معهم و هو يحيى بن عبد الله صحابي وأمرهم واضح أشهرُ من فلق الصبح، وصار عدّة القوم الذين لم يُصلّوا خلف أبي بكرٍ خمسة آلاف و مائة و خمسين رجلا.(1)

6 - روتِ العامة والخاصة أنّ رجُلا رُفع إلى أبي بكر و قد شرب الخمر فأراد أن يُقيم عليه الحدّ فقال إنّي شربتُها ولا علم لي بتحريمها لأنّي نشأت بين قوم يستحلُّونها ولم أعلم بتحريمها حتى الآن فأرتج على أبي بكر الحكمُ عليه ولم يعلم وجه القضاءِ فِيهِ فأشار عليه بعضُ من حضر أن يستخير أمير المؤمنين عليه السلام عنِ الحكم في ذلِك فأرسل إليه من سأله عنه فقال أمير المؤمنين علیه السلام مُرثِقتينِ

ص: 166


1- مدينة معاجز الأئمة 232:2 - 523.

مِن رِجالِ المسلمين يطوفانِ بِهِ على مجالس المهاجرين والأنصارِ ويُناشِدانِهم هل فيهم أحدٌ تلا عليه آية التحريم أو أخبرهُ بِذلِك عن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فإن شهد بذلك رجُلانِ مِنهُم فأقِمِ الحدّ عليهِ وإِن لم يشهد أحدٌ بِذلِك فاستتبه وخل سبيله ففعل ذلك أبوبكر فلم يشهد أحد من المهاجرين والأنصار أنه تلا عليه آية التحريم ولا أخبره عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه واله بذلك فاستتابه أبوبكر و خلى سبيله وسلّم لعلي في القضاءِ بِهِ.(1)

7 - عن عبدِ اللهِ بنِ عباس قال: قدِم يهوديان أخوانِ مِن رُؤساء اليهود إلى المدينة فقالا يا قومُ إن نبياً حُدّثنا عنه أنه قد ظهربتهامة نبي يُسفّهُ أحلام اليهود ويطعُنُ فِي دِينِهِم و نحن نخافُ أن يُزيلنا عما كان عليهِ آبَاؤُنا فأَيُّكُم هذا النّبيُّ فإِن يكُنِ الَّذِي بِشَرِبِهِ دَاوُدُ آمَنَّا بِهِ وَاتَّبعناهُ وإِن لم يكُن يُورِدُ الكلام على ائتِلافِهِ ويَقُولُ الشّعر و يقهرنا بِلِسانِهِ جاهدناهُ بِأَنفُسِنا وأموالنا فأَيُّكُم هذا النّبيُّ فقال المهاجرون والأنصار إنّ نبينا محمداً صلى الله عليه وآله قد قُبض فقالا الحمد لله فأيُّكُم وصيه فما بعث الله عزّ و جلّ نبياً إلى قومٍ إِلَّا و لهُ وصِيٌّ يُؤدّي عنهُ مِن بعدِهِ ويحكي عنه ما أمره ربُّه فأومأ المهاجرون والأنصار إلى أبي بكر فقالوا هذا وصِيُّه فقالا لأبي بكر إنا نُلقي عليك من المسائل ما يُلق على الأوصياء ونسألك عمّا تُسألُ الأوصياء عنه فقال لهما أبوبكر ألقيا ما شئتُما أخبركما بجوابِهِ إن شاء الله تعالى فقال أحدُهُما ما أنا وأنت عند الله عزّوجل وما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة وما قبر سار بصاحِبِهِ و مِن أين تطلُعُ الشَّمسُ وفي أين تغرب و أين طلعتِ الشَّمسُ ثُمّ لم تطلع فيه بعد ذلك وأين تكُونُ الجنَّةُ وأين تكُونُ النّارُو ربُّك يحمِلُ أو يُحملُ وأين يكُونُ وجه ربّك و ما اثنان شاهدان واثنان غائبان واثنانِ متباغضانِ و ما الواحِدُ وما الإثنان و ما الثلاثة وما الأربعة وما الخمسة وما الستة وما السبعةُ و ما الثمانية وما التّسعةُ و ما العشرة وما الأحد عشر و ما الإثنا عشر و ما العشرون و ما الثلاثون وما الأربعون و ما الخمسون وما السّتُون و ما السبعون و ما الثمانون و ما التسعون وما المائة قال فبقي أبوبكر لا يردُّ جواباً وتخوفنا أن يرتد القومُ عن الإسلام فأتيتُ منزِل علي بنِ أبي طالب عليه السلام فقُلتُ لهُ يا عليُّ إِنَّ رُؤساء اليهود قد قدموا المدينة وألقوا على أبي بكرٍ مسائل

ص: 167


1- الإرشاد 1: 199 و بحار الأنوار 76 : 159 ح 13.

فبقي أبوبكر لا يردُّ جواباً فتبسم علي عليه السلام ضاحِكاً ثُمَّ قال هو اليومُ الَّذِي وعدنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله بِهِ فأقبل يمشي أمامي وما أخطأت مِشيتُهُ مِن مِشيةِ رسُولِ اللهِ صلى اله عليه وآله شيئاً حتى قعد في الموضع الذي كان يقعُدُ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى اله عليه واله ثم التفت إلى اليهوديين فقال عليه السلام يا يهوديانِ ادنُوا مِنّي وألقيا علي ما ألقيتُماهُ على الشيخ فقال اليهوديان و من أنت فقال لهما أنا علي بن أبي طالِبِ بنِ عبدِ المطلبِ أخو النّبي صلى الله عليه واله و زوج ابنته فاطمة وأبو الحسن والحسين ووصِيُّهُ في حالاتِهِ كُلّها وصاحِبُ كُلّ منقبةٍ وعِزّو موضِعُ سِرِّ النّبي صلى الله عليه وآله فقال لهُ أحدُ اليهوديين ما أنا وأنت عِند الله قال عليه السلام أنا مؤمن مُنذُ عرفتُ نفسي وأنت كافِرٌ مُنذُ عرفت نفسك فما أدري ما يُحدِث الله فيك يا يهودِيُّ ... إلى عن قال له يا شاب صِف لي محمداً كأني أنظر إليه حتى أُومِن بِهِ السّاعة فبكى أمير المؤمنين عليه السلام ثُم قال يا يهودي هيجت أحزاني كان حبيبي رسُولُ الله صلى الله عليه واله صلت الجبين مقرون الحاجبين أدعج العينين سهل الخدّينِ أقنى الأنف دقيق المسربة كث اللحيةِ برّاق الثّنايا كأنّ عُنُقَهُ إِبْرِيقُ فِضَّةٍ كان لهُ شعيراتٌ مِن لبّتِهِ إِلى سُرَتِهِ ملفوفةٌ كأنها قضيب كافُورٍ لم يكُن في بدنِهِ شُعيرات غيرُها لم يكُن بالطوِيلِ الذَّاهِبِ ولا بِالقَصِيرِ النّزرِ كان إذا مشى مع النّاسِ غمرهُم نُورُه و كان إذا مشى. كأنه ينقلعُ مِن صخرٍ أو ينحدِرُ مِن صببٍ كان مُدوّر الكعبين لطيف القدمين دقيق الخصر عمامته السّحابُ وسيفُهُ ذُو الفقار و بغلتُهُ دُلدُل و حِمارُهُ اليعفُورُو ناقته العضباء وفرسُهُ لِزاز و قضيبه الممشُوقُ كان عليه الصلاة والسلام أشفق النّاسِ على النّاسِ وأرأف النّاسِ بِالنّاسِ كان بين كتفيه خاتم النُّبُوَّةِ مكتوب على الخاتم سطران أمّا أوّلُ سطر فلا إِله إِلَّا اللهُ وأَمَّا الثَّانِي فَيُحمّدٌ رسُولُ الله صلى الله عليه وآله هذهِ صِفتُهُ يا يَهُودِيُّ فقال اليهوديانِ نشهدُ أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسُولُ الله صلى الله عليه وآله و أنك وصِيُّ محمّد حقاً فأسلما و حسن إسلامهما و لزما أمير المؤمنين عليه السلام فكانا معه حتى كان من أمر الجمل ما كان فخرجا معه إلى البصرة فقُتِل أحدُهُما فِي وقعة الجمل ويقي الآخر حتى خرج معه إلى صِفِّين فقُتِل بِصِفّين.(1)

8 - عن جعفر بن محمّد عن أبيه عليهم السلام قال: كان لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله صديقان يهوديان قد

ص: 168


1- إثبات الهداة ج 3 ح 82 :329 و بحار الأنوار 10 : 1ح 1.

آمنا بِمُوسى رَسُولِ اللهِ عليه السلام وأتيا مُحمّداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسمعا منه وقد كانا قرءا التوراة و صُحف إبراهيم عليه السلام و علما عِلم الكُتُبِ الأولى فلَمّا قبض الله تبارك وتعالى رسوله أقبلا يسألان عن صاحِبِ الأمر بعده وقالا إنه لم يئت ني قط إِلَّا وَلَهُ خَلِيفَةٌ يَقُومُ بِالْأَمْرِ فِي أُمَّتِهِ مِن بعدِهِ قريب القرابة إليهِ مِن أهلِ بيتِهِ عظِيمُ الخطرِجلِيلُ الشّأنِ فقال أحدُهُما لِصاحِبِهِ هل تعرِفُ صاحب الأمر من بعدِ هذا النّبي قال الآخرُ لا أعلمُهُ إلّا بِالصّفةِ الَّتِي أَجِدُها في التّوراةِ هُو الأصلعُ المصفّرُ فإِنّه كان أقرب القومِ مِن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فلما دخلا المدينة وسألا عن الخليفة أُرشدا إلى أبي بكر فلما نظرا إليه قالا ليس هذا صاحِبنا ثُمَّ قالا له ما قرابتُكَ مِن رَّسُولِ اللهِ قال إِنِّي رَجُلٌ مِن عشِيرَتِهِ و هُو زوج ابنتي عائشة قالا هل غير هذا قال لا قالاليست هذه بقرابة فأخبرنا أين ربُّك قال فوق سبع سماواتٍ قال هل غير هذا قال لا قالا دُلّنا على من هُو أعلمُ مِنك فإنّك أنت لست بِالرّجُلِ الَّذِي نجد في التوراة أنهُ وصِيُّ هذا النّي وخليفته قال فتغيظ من قولهما و هم بهما ثُم أرشدهما إلى عُمر و ذلِك أَنه عرف مِن عُمر أنهما إِنِ استقبلاه بشيء بطش بهما فلما أتياه قالا ما قرابتك من هذا النّي قال أنا من عشيرته و هو زوج ابنتي حفصة قالا هل غير هذا قالا ليست هذه بقرابة وليست هذِهِ الصَّفة الّتي نجدها في التّوراةِ ثُمَّ قالا له فأين ربُّك قال فوق سبع سماوات قالا هل غير هذا قال لا قالا دُلّنا على من هو أعلمُ مِنك فأرشدهما إلى علي عليه السلام فلما جاءاه فنظرا إليه قال أحدُهُما لِصاحِبِهِ إِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذِي صِفتُهُ فِي التَّوراةِ إِنَّهُ وصي هذا النّي وخليفته وزوج ابنته وأبو السبطين والقائم بالحقِّ مِن بعدِهِ ثُمَّ قالا لعلي عليه السلام أيُّها الرّجُلُ ما قرابتك مِن رسُولِ اللهِ قال هو أخِي و أنا وارِثه و وصِيُّهُ وأول من آمن بِهِ و أنا زوج ابنته قالا هذِهِ القرابة الفاخرة والمنزلة القريبة وهذهِ الصّفةُ التي نجدها في التوراة فأين ربُّك عزّ و جلّ قال لهما علي عليه السلام إن شئتُما أنبأتُكُما بِالَّذِي كان على عهدِ نَبِيِّكُما مُوسى عليه السلام وإن شئتُما أنبأتُكُما بِالَّذِي كان على عهدِ نبينا محمد صلى اله عليه وآله قالا أنبئنا بالّذي كان على عهدِ نبيّنا موسى عليه السلام قال علي عليه السلام أقبل أربعة أملاك ملكٌ مِن المشرِقِ وملكٌ مِن المغرِبِ و ملكٌ مِن السّماءِ و ملكُ مِن الأرض فقال صاحِبُ المشرِقِ لِصاحِبِ المغربِ مِن أين أقبلت قال أقبلتُ مِن عِندِ ربّي وقال صاحِبُ المغرِبِ لِصاحِبِ المشرِقِ مِن أين أقبلت

ص: 169

قال أقبلتُ مِن عِندِ ربّي و قال النَّازِلُ مِن السّماءِ لِلخارج مِن الأرضِ مِن أين أقبلت قال أقبلتُ مِن عِندِ ربّي و قال الخارج مِن الأرضِ لِلنّازِلِ مِن السّماءِ مِن أين أقبلت قال أقبلتُ مِن عِندِ ربّي فهذا ما كان على عهدِ نَبِيِّكُما مُوسى عليه السلام وأما ما كان على عهد نبينا صلى الله عليه وآله فذلك قولُهُ فِي مُحكمِ كِتابِهِ ﴿ما يكُونُ مِن نجوى ثلاثة إِلَّا هُو رابِعُهُم ولا خمسةٍ إِلَّا هُوسادِسُهُم وَلَا أدنى من ذلك ولا أكثر إلّا هُو معهم أين ما كانُوا﴾(1) الآية . قال اليهوديان فما منع صاحِبيك أن يكُونا جعلاك في موضعِك الَّذِي أنت أهله فوالّذِي أنزل التّوراة على موسى عليه السلام إنك لأنت الخليفة حقاً نجد صفتك في كُتُبنا ونقرؤُهُ في كنائسنا و إنك لأنت أحق بهذا الأمر و أولى بِهِ يُمن قد غلبك عليه فقال علي عليه السلام قدما وأخرا وحِسابُهُما على الله عزّ و جلّ يُوقفانِ ويُسألان.(2)

9 - عن أبي أيوب المؤيِّبِ عن أبيه و كان مُؤدّباً لبعض وُلدِ جعفر بن محمد عليهما السلام قال : لَمّا تُوفي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله دخل المدينة رجُلٌ مِن وُلد داود على دِينِ اليهودية فرأى السكك خاليةً فقال لبعض أهل المدينةِ ما حالُكُم فقيل لهُ تُوُفِّي رسُولُ اللهِ صلى اله عليه وآله فقال الدّاوُدِيُّ أما إِنَّهُ تُوُفِّي اليوم الَّذِي هُو فِي كِتابِنا ثُمَّ قال فأين النّاسُ فقيل له في المسجد فأتى المسجد فإذا أبوبكر و عمرُو عُثمان وعبدُ الرّحمنِ بنُ عوفٍ وأبو عُبيدة بن الجراح والناس قد غص المسجِدُ بهم فقال أوسِعُوا حتى أدخُل وأرشِدُونِي إِلى الذِي خلفه نبيُّكُم فأرشدوه إلى أبي بكر فقال له إِنَّنِي مِن وُلدِ داؤد على دِينِ اليهوديّةِ وقد جِئتُ لأسأل عن أربعة أحرف فإِن خُبّرتُ بها أسلمتُ فقالُوا له انتظر قليلا وأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من بعض أبواب المسجدِ فقالُوا له عليك بالفتى فقام إليهِ فَلَمّا دنا مِنهُ قال له أنت عليُّ بن أبي طالب فقال له على عليه السلام أنت فلانُ بن داؤد قال نعم فأخذ على يدِهِ وجاء بِهِ إلى أبي بكر فقال لهُ اليَهُودِيُّ إِنِّي سألتُ هؤلاء عن أربعة أحرفٍ فأرشدوني إليك لأسألك قال اسأل قال ما أوّلُ حرفٍ كلّم الله تعالى بِهِ نَبِيِّكُم لَا أُسرِي بِهِ ورجع مِن عِندِ رَبِّهِ وخيّرني عن الملكِ الَّذِي زحم نبيكُم ولم يُسلّم عليهِ وخيّرني عنِ الأربعةِ الّذين كشف عنهم مالِكٌ طبقاً مِن النّارِ وكلّمُوا نبيّكُم و

ص: 170


1- المجادلة : 7.
2- التوحيد للصدوق : 180 ح 15 ، إثبات الهداة 3 : 83 ح 329 و بحار الأنوار 10 : 1ح 1.

خبرني عن منبر نبيكُم أيُّ موضعِ هِي مِن الجنّة قال علي عليه السلام أول ما كلّم اللهُ بِهِ نبينا صلى الله عليه وآله قولُ اللهِ تعالى ﴿آمن الرّسُولُ بِما أُنزل إليهِ مِن رَّبِّهِ﴾ قال ليس هذا أردتُ قال فقولُ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ﴿و المؤمنون كل آمن بالله﴾(1) قال ليس هذا أردتُ قال اترك الأمر مستوراً قال لتُخبرني أو لست أنت هو قال أمّا إذ أبيت فإنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله لما رجع مِن عِندِ رَبِّهِ و الحُجُبُ تُرفع له قبل أن يصير إلى موضع جبرئيل عليه السلام ناداه ملك يا أحمد قال لبيك قال إنّ الله تعالى يقرأ عليك السّلام و يقُولُ لك اقرأ على السيّدِ الولي مِنا السّلام فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله من السيّد الوليُّ ؟ فقال الملك علي بن أبي طالب عليه السلام قال اليهودِيُّ صدقت واللهِ إِنِّي لأجِدُ ذلك في كتاب أبي فقال علي عليه السلام و أما الملك الَّذِي زحم رسول الله صلى الله عليه وآله فملك الموتِ جاء مِن عِندِ جبّارٍ مِن أهل الدنيا قد تكلّم بِكلامٍ عظيم فغضب الله فزحم رسول الله صلى الله عليه وآله و لم يعرفه فقال جبرئيل عليه السلام يا ملك الموتِ هذا رسُولُ اللهِ أحمد حبيب الله صلى الله عليه وآله فرجع إليه فلصق بِهِ واعتذر و قال يا رسُول الله إنّي أتيتُ ملكاً جباراً قد تكلم بكلام عظيم فغضبتُ لله ولم أعرفك فعذره و أما الأربعةُ الّذين كشف عنهم مالك طبقاً مِن النّارِ فإنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله مريمالك ولم يضحك قط فقال جبرئيل عليه السلام يا مالك هذا نبي الرحمة فتبسم في وجهه فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله مره يكشف طبقاً من النّارِ فكشف طبقاً فإذا قابِيلُ ونُمرود و فرعون وهامان فقالوا يا محمد اسأل ربك أن يردّنا إلى دار الدنيا حتى نعمل صالحاً فغضب جبرئيل وقال بِرِيشةٍ مِن رِيش جناحِهِ فردّ عليهم طبق النّارِ وأَمَّا مِنبر رسُولِ اللهِ فَإِنّ مسكن رسُولِ الله صلى الله عليه وآله جنّةُ عدنٍ هِي جنّةٌ خلقها الله تعالى بِيدِهِ و معه فيها اثنا عشر وصيّاً و فوقهُ قُبّةٌ يُقالُ لها الرّضوانُ و فوق الرّضوانِ منزِلٌ يُقالُ لها الوسيلة وليس في الجنّة منزِلٌ يُشبِهُهُ هو منبر رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله قال اليهودِيُّ صدقت واللهِ إِنَّهُ لفِي كِتابِ أبي داود يتوارثونه واحِدٌ بعد واحِدٍ حتى صار إليّ وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسُولُ اللَّهِ وَ أَنَّهُ الَّذِي بِشَرِبِهِ موسى عليه السلام و أشهد أنك عالِم هذِهِ الأمة و وصِيُّ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله قال فعلمه أمِيرُ المؤمنين شرائع الدِّينِ.(2)

ص: 171


1- البقرة : 285.
2- الغيبة للنعماني : 99 و بحار الأنوار 23:10 ح13.

10 - عن أنس بن مالك قال: دخل يهودي في خلافة أبي بكرو قال أُريد خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله فجاءُوا بِهِ إلى أبي بكر فقال له اليهودِيُّ أنت خليفةُ رسُولِ اللهِ صلى اله عليه وآله فقال نعم أ ما تنظرني في مقامِهِ و مِحرابِهِ فقال له إن كُنت كما تقول يا أبا بكر أُرِيدُ أن أسألك عن أشياء قال اسأل عما بدا لك وما تُرِيدُ فقال اليهودِيُّ أخبرني عمّا ليس الله وعما ليس عند الله وعمالا يعلمُهُ الله فقال عِند ذلك أبوبكر هذِهِ مسائِلُ الزّنادِقةِ يا يَهُودِيُّ فعِند ذلك هم المسلِمُون بِقتلِهِ و كان فيمن حضر ابنُ عبّاس رضي الله عنه فزعق بِالنّاسِ وقال يا أبا بكر أمهل في قتلِهِ قال له أ ما سمعت ما قد تكلّم بِهِ فقال ابنُ عبّاس فإن كان جوابُهُ عِندكُم وإلّا فأخرِجُوهُ حيث شاء مِن الأرضِ قال فأخرجُوهُ وهُو يقُولُ لعن الله قوماً جلسوا في غير مراتبِهم يُرِيدُون قتل النفس التي قد حرّم اللهُ بِغيرِ عِلمٍ قال فخرج وهو يقُولُ أَيُّها النّاسُ ذهب الإسلامُ حَتَّى لا يُجِيبُون أين رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله و أين خليفة رسُولِ اللهِ قال فتبعه ابنُ عبّاس وقال له اذهب إِلى عيبةِ عِلمِ النُّبُوَّةِ إلى منزل علي بن أبي طالب عليه السلام قال فعند ذلك أقبل أبوبكر و المسلمون في طلب اليهودي فلحِقُوه في بعض الطريق فأخذُوهُ و جَاءُوا بِهِ إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فاستأذنُوا عليهِ ثُم دخلوا عليه وقدِ ازدحم النّاسُ قوم يبكون و قوم يضحكون قال فقال أبوبكرٍ يا أبا الحسن إنّ هذا اليهودي سألني عن مسألةٍ مِن مسائِلِ الزّنادِقة فقال الإمام عليه السلام ما تقُولُ يا يهُودِيُّ فقال اليهودِيُّ أسألُ وتفعلُ بِي مِثل ما فعل بي هؤلاء قال و أيُّ شيء أرادوا يفعلون بك قال أرادوا أن يذهبُوا بِدمي فقال الإمام عليه السلام دع هذا واسأل عما شِئت فقال سُؤالي لا يعلمُهُ الانيُّ أو وصي ني قال اسأل عما بدا لك فقال اليهودي أجبني عمّا ليس لله و عمّا ليس عند الله وعمّا لا يعلمُهُ اللهُ فقال له على عليه السلام على شرط يا أخا اليهود قال وما الشرط قال تقُولُ ب قولا عدلا مُخلِصاً لا إله إلّا اللهُ مُحمّدٌ رَسُولُ اللهِ فقال نعم يا مولاي فقال عليه السلام يا أخا اليهود أما قولُك ما ليس لله فليس لله صاحِبة ولا ولد قال صدقت يا مولاي و أما قولك ما ليس عند الله فليس عند الله الظلم قال صدقت يا مولاي وأمّا قولُك ما ليس يعلمُهُ اللهُ فإِنّ لا يعلمُ أنّ له شريكاً ولا وزيراً و هُو على كُلّ شيء قدير فعِند ذلك قال مُدّ يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً صلى الله عليه وآله رسُولُ الله وأنك خليفتُهُ حقاً و وصِيُّهُ و وارِثُ عِلمِهِ فجزاك الله عن الإسلام

ص: 172

خيراً قال فضجّ النَّاسُ عِند ذلك فقال أبوبكريا كاشف الكرباتِ يا علي أنت فارج الهم قال فعند ذلك خرج أبوبكر ورقي المنبر و قال أقِيلُونِي أَقِيلُونِي أَقِيلُونِي لستُ بِخيرِكُم و علي فيكم قال فخرج إليه عمر و قال أمسك يا أبا بكر عن هذا الكلام فقد ارتضيناك لأنفُسِنا ثُمَّ أنزله عن المنبر فأُخبر بذلك أمير المؤمنين عليه السلام .(1)

11 - رُوِي أَنْهُ وفدٌ وُفد مِن بِلادِ الرُّومِ إلى المدينة على عهدِ أبي بكرو فيهم راهِبٌ مِن رُهبانِ النصارى فأتى مسجد رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و معه بختِي مُوقر ذهباً وفِضَةً وكان أبوبكرٍ حاضراً و عِنده جماعة من المهاجرين والأنصارِ فدخل عليهم وحياهم ورحب بهم و تصفّح وُجُوهَهُم ثُم قال أَيُّكُم خليفة رسول الله صلى اله عليه واله نبيكم و أمِينِ دِينِكُم فأُومِئ إلى أبي بكر فأقبل عليهِ بِوجهِهِ ثُمّ قال أيُّها الشَّيخُ ما اسمك قال اسمي عتيق قال ثُمّ ما ذا قال صِدِّيق قال ثُمّ ما ذا قال ما أعرِفُ لِنفسي اسماً غيره قال لست بصاحبي فقال له وما حاجتك قال أنا مِن بِلادِ الرُّومِ جِئتُ مِنها بِبُختِي مُوقراً ذهباً و فِضَةً لأسأل أمين هذه الأمة عن مسألة إن أجابني عنها أسلمتُ وبما أمرني أطعتُ وهذا المال بينكم فرّقتُ وإن عجز عنها رجعت إلى الوراء بما معِي ولم أُسلم فقال له أبوبكرسل عما بدا لك فقال الرّاهِبُ والله لا أفتح الكلام ما لم تُؤْمِنِي من سطوتك وسطوة أصحابك فقال أبوبكر أنت آمن وليس عليك بأس قُل ما شئت فقال الرّاهِبُ أخبرني عن شيء ليس الله ولا مِن عِندِ اللهِ ولا يعلمُهُ اللهُ فارتعش أبوبكر و لم يُحِر جواباً فلما كان بعد هنيئةٍ قال لبعض أصحابِهِ ائتني بأبي حفص فجاء بِهِ فجلس عندهُ ثُمَّ قال أَيُّها الراهب اسأله فأقبل الرّاهِبُ بِوجهِهِ إِلى عُمر و قال لهُ مِثل ما قال لأبي بكر فلم يُحِر جواباً ثُمّ أُتِي بِعُثمان فجرى بين الرّاهِبِ وبين عُثمان ما جرى بينه وبين أبي بكر و عمر فلم يُحِر جواباً فقال الراهب أشياخ كرام ذوو رتاج لإسلامٍ ثُم نهض ليخرج فقال أبوبكريا عدو الله لولا العهد لخضبتُ الأرض بدمك فقام سلمان الفارسي رضي الله عنه وأتى علي بن أبي طالب عليه السلام وهو جالس في صحنِ داره مع الحسن والحسين عليهما السلام وقص عليهِ القصة فقام علي عليه السلام فخرج ومعه الحسن والحسين عليهما السلام حتى أتى المسجد فلَمّا رأى القومُ عليّاً عليه السلام كبروا الله و

ص: 173


1- إرشاد القلوب 2 : 174 ، إثبات الهداة 2 : 323 و بحار الأنوار 10 : 26 ح 14.

حمدوا الله وقامُوا إِليهِ بِأجمعِهم فدخل علي عليه السلام و جلس فقال أبوبكر أيُّها الراهب سائِله فإِنَّهُ صاحِبُك وبغيتُك فأقبل الرّاهِبُ بوجهِهِ إلى علي عليه السلام ثم قال يا فتى ما اسمك فقال اسمي عند اليهود إليا وعند النّصارى إيليا و عِند والدي علي و عِند أُمِّي حيدرةُ فقال ما محلك مِن نبِيِّكُم قال أخي وصهري و ابنُ عمّي قال الرّاهِبُ أنت صاحبي وربّ عيسى أخبرني عن شيء ليس لله ولا مِن عِندِ اللهِ ولا يعلمُهُ الله قال علي عليه السلام على الخبير سقطت أما قولُك ما ليس لله فإنّ الله تعالى أحد ليس له صاحِبة ولا ولد و أما قولك و لا مِن عِندِ اللهِ فليس مِن عِندِ اللهِ ظلم لا حدٍ وأَما قولك لا يعلمُهُ الله لا يعلمُ له شريكاً في الملكِ فقام الرَّاهِبُ وقطع زُنّاره وأخذ رأسه وقبل ما بين عينيه وقال أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمداً رسُولُ اللهِ وأشهد أنك الخليفةُ و أمِينُ هذِهِ الأمّة ومعدِنُ الدِّينِ والحكمة و منبعُ عينِ الحُجّةِ لقد قرأتُ اسمك في التوراة إليا و في الإنجيل إيليا و في القرآن عليّاً و فِي الكُتُبِ السالفة حيدرة و وجدتك بعد النّي صلى الله عليه وآله وصيّاً وللإمارة ولِيّاً و أنت أحق بهذا المجلس من غيرك فأخبرني ما شأنك وشأنُ القومِ فأجابهُ بِشيء فقام الرَّاهِبُ و سلّم المال إليهِ بِأجمعِهِ فما برح علي عليه السلام من مكانه حتى فرقه في مساكِينِ أهل المدينة ومحاوِيجهم وانصرف الرّاهِبُ إلى قومِهِ مُسلِماً.(1)

12 - عن سلمان الفارسي رحمةُ اللهِ عليهِ قال: لما قبض النبي صلى الله عليه واله و تقلد أبوبكر الأمر قدم المدينة جماعةٌ مِن النّصارى يتقدّمُهُم جائليقٌ هُم له سمت و معرِفةٌ بِالكَلامِ و وُجُوهِهِ و حفظ التوراة و الأنجيل و ما فيهما فقصدوا أبا بكر فقال له الجائليقُ إِنَّا وجدنا في الإنجيل رسُولاً يخرُجُ بعد عيسى وقد بلغنا خُرُوجُ محمّدِ بنِ عبدِ اللهِ يُذكرُ أَنَّهُ ذلِك الرَّسُولُ ففزعنا إلى ملكنا فجمع وُجُوه قومنا و أنفذنا في التماس الحقِّ فيما اتصل بنا وقد فاتنا نبيُّكُم مُحمّد وفيما قرأناهُ مِن كتبنا أن الأنبياء لا يخرجُون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم يخلُفُونَهُم فِي أُمِهِم يُقتبس مِنهُمُ الضّياءُ فيما أشكل فأنت أيُّها الأميرُ وصِيُّهُ لِنسألك عمّا نحتاج إليه فقال عمر هذا خليفةُ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فجثا الجائليقُ لِرُكبتيه وقال لهُ خُبّرنا أيُّها الخليفة عن فضلكم علينا في الدِّينِ فإِنَّا جِئنا نسأل عن ذلِك فقال أبوبكر نحنُ مُؤمِنُون و أنتُم كُفَّارٌ و المؤمِنُ خيرٌ مِن الكافِرِو

ص: 174


1- الإحتجاج 1 :95 و بحار الأنوار 10 : 52 ح 1.

الإيمان خيرٌ مِن الكُفْرِ فقال الجائليقُ هذِهِ دعوى يحتاجُ إلى حُجّةٍ فخرِنِي أَنتَ مُؤْمِنُ عِندَ اللهِ أم عِند نفسِك فقال أبوبكرأنا مُؤمِنْ عِند نفسِي ولا عِلم لِي بِما عِند الله فقال الجائليقُ فهل أنا كافر عِندك على مِثلِ ما أنت مُؤمن أم أنا كافِرٌ عِند الله فقال أنت عِندِي كافِرُ ولا عِلم لِي بِحالِك عِند الله فقال الجائليقُ فما أراك إلّا شاكاً في نفسك وفي و لست على يقين من دينك فخبرني أ لك عند الله منزلةٌ في الجنّةِ بِما أنت عليهِ مِن الدِّينِ تعرِفُها فقال لي منزِلةٌ في الجنَّةِ أعرِفُها بالوعدِ ولا أعلم هل أصِلُ إِليها أم لا فقال له فترجُولِي منزلةً مِن الجنّة قال أجل أرجو ذلِك فقال الجائليق فما أراك إلا راجياً لي و خائفاً على نفسك فما فضلك علي في العِلمِ ثُمَّ قال له أخبرني هل احتويت على جميعِ عِلم النّبي المبعُوثِ إليك قال لا ولكِنِّي أعلمُ مِنهُ ما قُضي لي علمه قال فكيف صرت خليفةٌ لِلنّي وأنت لا تُحِيطُ عِلماً بِما يحتاجُ إِليهِ أُمْتُهُ مِن عِلمِهِ و كيف قدمك قومك على ذلك فقال له عمرُ كُفّ أَيُّها النّصراني عن هذا التعب وإلّا أبحنا دمك فقال الجائليقُ ما هذا عدل على من جاء مُسترشداً طالباً قال سلمان رحمةُ اللهِ عليهِ فكأنّما أُلبِسنا جلباب المذلّة فنهضت حتى أتيتُ عليّاً عبد السلام فأخبرته الخبر فأقبل بأبي وأُمِّي حتى جلس والنصراني يقُولُ دُلُّونِي على من أسألُهُ عمّا أحتاجُ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام سل يا نصراني فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا تسألني عما مضى ولا ما يَكُونُ إِلَّا أَخبرتُكَ بِهِ عن الهدى محمد صلى الله عليه وآله فقال النصراني أسألك عمّا سألتُ عنه هذا الشيخ خبّرني أمُؤمن أنت عِند الله أم عِند نفسك فقال أمير المؤمنين عليه السلام أنا مُؤْمِنٌ عِندَ اللهِ كما أَنَا مُؤْمِن فِي عقيدتي فقال الجائليقُ الله أكبرُ هذا كلامُ وثِيقٍ بِدِينِهِ مُتحقِّقٍ فِيهِ بِصِحْةِ يقينِهِ فخبرني الآن عن منزلتك في الجنّة ما هي فقال عليه السلام منزلتي مع النّبي الأمي في الفردوس الأعلى لا أرتابُ بِذلِك ولا أشك في الوعدِ بِهِ مِن ربّي قال النصراني فيما ذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها فقال أمير المؤمنين عليه السلام بِالكِتابِ المنزلِ وصِدقِ النّبِيِّ المرسل قال فيما علمت صدق نبيّك قال بالآياتِ الباهِراتِ والمعجزاتِ البيِّناتِ قال الجائليقُ هذا طرِيقُ الحُجّةِ لِمن أراد الإحتجاج خبّرني عن الله تعالى أين هو اليوم فقال عليه السلام يا نصراني إنّ الله تعالى يجلّ عن الأين ويتعالى عن المكان كان فيما لم يزل ولا مكان وهو اليوم على ذلك لم يتغير من حال إلى حالٍ فقال أجل أحسنت أيُّها العالم وأجزت في الجوابِ فخرني عنِ اللهِ تعالى أمدركٌ بِالحواسّ عِندك فيسألك المسترشدُ في طلبه استعمال الحواس أم كيف طرِيقُ المعرفةِ بِهِ إِن لم يَكُنِ الأَمرُ كذلك فقال أَمِيرُ المؤمنين عليه السلام تعالى الملِكُ الجبّارُ أن يُوصف بمقدارٍ أو

ص: 175

تُدركه الحواش أو يُقاس بالنّاسِ و الطَّرِيقُ إِلى معرِفَةِ صنائِعِهِ الباهِرة لِلعُقولِ الدّالّة ذوي الإعتبار بما هُو مِنها مشهود و معقول قال الجائليقُ صدقت هذا واللهِ هُو الحقُ الَّذِي قد ضل عنهُ التَّائِهُون في الجهالات فخبّرني الآن عمّا قاله نبيُّكُم في المسيح وأنهُ مخلوق مِن أين أثبت له الخلق ونفى عنه الإلهية وأوجب فيه النقص وقد عرفت ما يعتقد فيه كثير من المتدينين فقال أمير المؤمنين عليه السلام أثبت له الخلق بالتقدِيرِ الَّذِي لزمه والتصوير و التغيُّرِ مِن حالٍ إِلى حالٍ وزيادةِ الَّتِي لم ينفكّ مِنها والنُّقصانِ ولم أَنفِ عنهُ النُّبوّة ولا أخرجتُهُ مِن العِصمةِ والكمال والتأييد وقد جاءنا عنِ اللهِ تعالى بِأَنَّهُ مِثلُ آدم ﴿خلقه مِن تُرَابٍ ثُمّ قال لَهُ كُن فيكُونُ﴾(1) فقال له الجائليقُ هذا مالا يُطعنُ فِيهِ الآن غير أنّ الحجاج مما يشترك فيهِ الحُجَّةُ على الخلق والمحجُوج مِنهُم فيم نبت أيُّها العالم مِن الرّعيّةِ النّاقِصةِ عِندِي قال بِما أخبرتُكَ بِهِ مِن عِلمِي بِما كان وما يكُونُ قال الجائليقُ فهلم شيئاً مِن ذكر ذلك أتحقق بِهِ دعواك فقال أمير المؤمنين عليه السلام خرجت أيُّها النصرانيُّ مِن مُستقرِك مُستفِراً لمن قصدت بِسُؤالك لهُ مُضمِراً خلاف ما أظهرت من الطلب و الإسترشادِ فأُرِيت في منامك مقامي وحدّثت فِيهِ بِكلامي وحُذِّرت فِيهِ مِن خِلافِي وأُمرت فِيهِ بِاتِّباعي قال صدقت و الله الذي بعث المسيح و ما اطلع على ما أخبرتني بِهِ إلّا الله تعالى وأنا أشهد أن لا إله إلّا اللهُ وأَن محمداً رسُولُ الله صلى الله عليه وآله و أنك وصِيُّ رسُولِ اللهِ وأحقُّ النّاسِ بِمقامِهِ وأسلم الَّذِينَ كَانُوا معه كإسلامه و قالُوا نرجع إلى صاحِبِنا فنُخبِرُهُ بِما وجدنا عليه هذا الأمر و ندعُوهُ إلى الحق فقال له عمر الحمد لله الذي هداك أيُّها الرّجُلُ إِلى الحَقِّ وهدى من معك إليه غير أنه يجب أن تعلم أنّ عِلم النُّبُوَّةِ فِي أهل بيتِ صاحِبِها والأمرُ بعده لمن خاطبت أولا برضا الأمة واصطلاحِها عليه و تُخبر صاحِبك بذلك وتدعُوهُ إلى طاعةِ الخليفة فقال عرفتُ ما قُلت أيُّها الرَّجُلُ وأنا على يقين من أمري فيما أسررتُ وأعلنتُ وانصرف النّاسُ وتقدّم عمرُ أن لا يُذكر ذلك المقام بعد وتوعد على من ذكرهُ بِالعِقابِ وقال أم والله لولا أنني أخافُ أن يقُول النّاسُ قتل مُسلِماً لقتلتُ هذا الشيخ ومن معه فإنّني أظُنُّ أنهم شياطين أرادوا الإفساد على هذه الأمة وإيقاع الفُرقة بينها فقال أمير المؤمنين صلواتُ اللهِ عليهِ يا سلمان أترى كيف يظهرُ اللهُ الحُجّة لأوليائِهِ وما يَزِيدُ بِذلِك قومنا عنّا إِلَّا نُفُوراً.(2)

ص: 176


1- آل عمران : 59.
2- الأمالي للطوسي : 218 ح 382 ، التحصين : 637 ح 26 ، مدينة معاجز الأئمة 2 : 226 ح 522 وبحار الأنوار 10 : 54 ح 2.

أشهد أنك لصديق

1- عن أبي جعفر عليه السلام قال لما كان رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله في الغار ومعه أبو الفصيل قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله إِنِّي لأنظر الآن إلى جعفر و أصحابِهِ السّاعة تعُومُ بينهم سفينتهم في البحرِو إِنِّي لأنظُرُ إِلى رهطٍ مِن الأنصارِ في مجالسهم مخبتين {مُحتبين} بأفنيتهم فقال له أبوالفصِيلِ أتراهم يا رسُول الله صلى الله عليه وآله الساعة قال نعم قال فأرنيهم قال فمسح رسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله على عينيهِ ثُمّ قال انظر فنظر فرآهم فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أرأيتهم قال نعم وأسرّ في نفسِهِ أَنَّهُ ساحِرٌ.(1)

2 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقُولُ إِنّ رسُول اللَّهِ صلى اله عليه وآله أقبل يقُولُ لأبي بكر في الغار اسكن فإنّ الله معنا وقد أخذتهُ الرّعدة وهو لا يسكُنُ فَلَمّا رأى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله حاله قال له تُرِيدُ أن أُريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدثون فأُرِيك جعفراً و أصحابه في البحرِيغُوصُون قال نعم فمسح رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بيده على وجهه فنظر إلى الأنصار يتحدّثون ونظر إلى جعفر عليه السلام و أصحابِهِ في البحرِيغُوصُون فأضمرتلك الساعة أنه ساحِرٌ.(2)

3- عن خالد بن نجيح قال: قُلتُ لأبي عبد الله عليه السلام جُعِلتُ فِداك سمى رَسُولُ اللهِ أبا بكرٍ الصِّدِّيق قال نعم قال فكيف قال حين كان معه في الغارِ قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله إِنِّي لأرى سفينة جعفر بن أبي طالب تضطرِب في البحرِ ضالة قال يا رسول الله و إنك لتراها قال نعم قال فتقدِرُ أن تُرِينِيها قال ادنُ مِنّي قال فدنا مِنهُ فسح على عينيهِ ثُمّ قال انظر فنظر أبوبكر فرأى السفينة وهي تضطرِبُ في البحرِثُم نظر إلى قُصُورِ أهل المدينة فقال في نفسِهِ الآن صدقتُ أنك ساحِرٌ فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله الصِّدِّيقُ أنت.(3)

ص: 177


1- بصائر الدرجات : 422 ح 13 ، إثبات الهداة 1 : 336 ح 260 وبحار الأنوار 19 : 71 ح 22.
2- الكافي : 262 ح 377 ، الإختصاص : 19 ، البرهان في تفسير القرآن 2 : 777 ح 4543 و بحار الأنوار 19 : 88 ح40.
3- بصائر الدرجات : 422 ، المحتضر : 56 و بحار الأنوار 18 : 109 ح 10.

خالف حكم الله في نساء النبي صلى الله عليه وآله

1- عن أبي جعفر عليه السلام قال: ما حرم الله شيئاً إلا وقد عُصِي فِيهِ لأَنهم تزوّجُوا أَزواج رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله من بعدِهِ فخيرهن أبو بكر بين الحِجابِ ولا يتزوّجن أو يتزوجن فاخترن التزويج فتزوجن قال زُرارةُ ولو سألتُ بعضهم أرأيت لو أن أباك تزوج امرأة و لم يدخُل بها حتى مات أ تحل لك إذن لقال لا وهم قد استحلُّوا أن يتزوجوا أُمهاتهم إن كانُوا مُؤمنين فإن أزواج رسُولِ اللهِ صلى اله عليه واله مثلُ أُمهاتهم.(1)

إغتصاب حق الصدّيقة الشهيدة عليها السلام

1- عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال: لَا قُبض رسُولُ الله صلى الله عليه وآله و جلس أبوبكر مجلسه بعث إلى وكيل فاطمة صلى الله عليه وآله فأخرجه من فدك فأتته فاطمة عليها السلام فقالت يا أبا بكر ادعيت أنك خليفة أبي وجلست مجلسه وأنك بعثت إلى وكيلي فأخرجتهُ مِن فدك وقد تعلمُ أنّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله صدّق بها علي وأن لي بِذلِك شُهُوداً فقال لها إن النبي صلى الله عليه وآله لا يُورث فرجعت إلى علي عليه السلام فأخبرته فقال إرجِعِي إِليه وقُولي له زعمت أن النبي صلى الله عليه وآله لا يُورث و ورث سليمان داود و ورث يحيى زكريا وكيف لا أرتُ أنا أبي فقال عمرُ أنتِ مُعلّمةٌ قالت وإِن كُنتُ مُعلّمةً فإِنّما علّمني ابنُ عمّي وبعلي فقال أبوبكر فإنّ عائشة تشهد و عمر أنهما سمعا رسُول الله صلى اله عليه وآله و هو يقُولُ إِنّ النّبي لا يُورث فقالت هذا أول شهادةِ زُورٍ شهدا بها في الإسلامِ ثُمَّ قالت فإنّ فدك إنّما هي صدق بها علي رسُولُ الله صلى الله عليه وآله ولِي بِذلِك بينةٌ فقال لها هلمّي ببينتك قال فجاءت بأم أيمن وعلي عليه السلام فقال أبوبكريا أُم أيمن إنكِ سمعتِ مِن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يقُولُ في فاطمة فقالا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يَقُولُ إِنّ فاطِمة سيّدةُ نِساءِ أهل الجنّةِ ثُمّ قالت أُمُّ أيمن فمن كانت سيدة نساء أهل الجنّة تدعي ما ليس لها وأنا امرأةٌ مِن أهل الجنّة ما كُنتُ لأشهد إلا بما سمعتُ مِن رسول الله صلى الله عليه واله فقال عمر دعينا يا أُم أيمن من هذِهِ القصص بِأيّ شيء تشهدانِ فقالت كُنتُ جالسةً في بيتِ فاطمة عليها السلام و السلام و رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله

ص: 178


1- السرائر 3 : 550 ، بحار الأنوار 22 : 199ح 17 و مرآة العقول 20 : 176.

جالس حتى نزل عليهِ جبرئيل فقال يا محمّد قُم فإنّ الله تبارك وتعالى أمرني أن أخُط لك فدكاً بِجناحي فقام رسُولُ الله صلى الله عليه وآله مع جبرئيل عليه السلام فما لبثت أن رجع فقالت فاطِمةُ عليها السلام يا أبت أين ذهبت فقال خط جبرئيل عليه السلام لي فدكاً بجناحه وحد لي حُدُودها فقالت يا أبتِ إِنِّي أخافُ العيلة والحاجة مِن بعدِك فصدق بها علي فقال هي صدقةٌ عليكِ فقبضتُها قالت نعم فقال رسول الله صلى اله عليه واله يا أُم أيمن اشهدي ويا علي اشهد فقال عمر أنتِ امرأة ولا تُجِيزُ شهادة امرأة وحدها و أما علي فيجُرُّ إِلى نفسِهِ قال فقامت مُغضبةً و قالت اللّهُمّ إنّهما ظلما ابنة محمد نبيّك حقها فاشدد وطأتك عليهما ثم خرجت و حملها علي على أتانٍ عليهِ كِساءٌ له خمل فدار بها أربعين صباحاً في بُيُوتِ المهاجرين والأنصار والحسن و الحسين عليهما السلام معها وهي تقول يا معشر المهاجرين والأنصارِ انصُرُوا الله فإِنِّي ابنةُ نَبِيِّكُم و قد با يعتُم رسول الله صلى الله عليه وآله يوم بايعتُمُوهُ أن تمنعُوهُ وذُرِّيَّتَهُ مِما تَمَنعُون مِنْهُ أَنفُسَكُم و ذرارِيكُم ففُوا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله بيعتِكُم قال فما أعانها أحد ولا أجابها ولا نصرها قال فانتهت إلى مُعاذ بن جبلٍ فقالت يا مُعاذ بن جبلٍ إِنِّي قد جِئتُك مُستنصرةً وقد بايعت رسُول الله صلى الله عليه وآله على أن تنصُره و ذُرِّيَّته وتمنعهُ تِما تمنعُ مِنه نفسك وذُريّتك و إن أبا بكرقد غصبني علي فدك وأخرج وكيلي منها قال فعِي غيري قالت لا ما أجابني أحدٌ قال فأين أبلغ أنا مِن نُصرتك قال فخرجتُ مِن عِندِهِ ودخل ابنُهُ فقال ما جاء بابنة محمد إليك قال جاءت تطلب نصرتي على أبي بكر فإنّه أخذ منها فدكاً قال فما أجبتها بِهِ قال قُلتُ وما يبلُغُ مِن نصرتي أنا وحدي قال فأبيت أن تنصرها قال نعم قال فأي شيء قالت لك قال قالت لي والله لأنازعنّك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله قال فقال أنا والله لأنازعنك الفصيح من رأسي حتى أرد على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إذ لم تُجب ابنة محمد صلى الله عليه وآله قال و خرجت فاطمةُ عليها السلام مِن عِندِهِ وهِي تَقُولُ واللهِ لا أُكلّمُك كلمةً حتى اجتمع أنا وأنت عند رسُولِ الله صلى الله عليه وآله ثم انصرفت فقال علي عليه السلام لها انتي أبا بكر وحده فإِنَّهُ أرقُ مِن الآخرو قُولي له ادعيت مجلس أبي وأنك خليفتُهُ وجلست مجلسه ولو كانت فدك لك ثُمَّ استوهبتُها منك لوجب ردُّها على فلَمّا أنته وقالت له ذلك قال صدقتِ قال فدعا بكتاب فكتبه لها بِردِ فدك فقال فخرجت والكِتابُ معها فلقيها عمر فقال يا بنت محمّد ما هذا الكِتابُ الَّذِي معك فقالت كِتابٌ كتب لي أبوبكربرة فدك فقال هلمّيهِ إِليّ فأبت أن تدفعه إليه فرفسها برجله

ص: 179

و كانت حاملةً بابن اسمه المحسنُ فأسقطت المحسن من بطنها ثُمَّ لطمها فكأَنِّي أَنْظُرُ إِلى قُرطٍ فِي أُذُنِها حِين نُقِفت ثُم أخذ الكتاب فخرقه فضت ومكثت خمسة وسبعين يوماً مريضةً مما ضربها عمرُثُم قُبِضت فلمّا حضرته الوفاة دعت عليّاً صلى الله عليه وآله فقالت إما تضمن وإلّا أوصيتُ إِلى ابنِ الزُّبير فقال علي عليه السلام أنا أضمن وصيّتكِ يا بنت محمد قالت سألتك بحق رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إذا أنا مِتُ ألّا يشهداني و لا يُصلّيا علي قال فلكِ ذلِكِ فَلَمّا قُبِضَت عليه السلام دفنها ليلاً في بيتها وأصبح أهل المدينةِ يُرِيدُون حُضُور جنازتها وأبوبكر و عمر كذلك فخرج إليهما علي عليه السلام فقالاله ما فعلت بابنة محمد أخذت في جهازها يا أبا الحسن فقال علي عليه السلام قد والله دفنتها قالا فما حملك على أن دفنتها و لم تُعلمنا بموتِها قال هي أمرتني فقال عمرو الله لقد هممت بنبشها و الصلاة عليها فقال علي عليه السلام أما والله ما دام قلبي بين جوانِحِي و ذُو الفقار في يدِي إِنّك لا تصل إلى نبشها فأنت أعلم فقال أبوبكر اذهب فإِنَّهُ أحقُّ بها مِنا وانصرف النّاسُ.(1)

2 - عن أحدهما عليهما السلام قال: إنّ فاطِمة صلواتُ اللهِ عليها انطلقت إلى أبي بكر فطلبت ميراثها من نبي الله صلى الله عليه وآله فقال: إِنّ نبي الله لا يُورّتُ . فقالت: أكفرت بالله وكذبت بكتابه؟ قال اللهُ: ﴿يُوصِيكُمُ اللهُ في أولادِكُم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حظ الأنثيين﴾(2).(3)

3 - عن أحدهما عليهما السلام قال: قد فرض الله الخمس نصيباً لآلِ محمّد عليهم السلام فأبى أبوفلان أن يُعطيهم نصيبهم حسداً و عداوةً، وقد قال الله: ﴿و من لم يحكُم بِما أنزل اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسقون﴾(4).(5)

4 - عن أبي هاشم قال: لَمّا أُخرج بعلي عليه السلام خرجت فاطمة عليها السلام واضعةً قميص رسُولِ الله صلى الله عليه وآله على رأسها آخذةً بيدي ابنيها فقالت: ما لي و لك يا أبا بكرتُرِيدُ أن تؤتم[ توتم] ابني وتُرملني من زوجي والله لولا أن يكون سيئة لنشرتُ شعري و لصرختُ إلى ربّي فقال

ص: 180


1- الإختصاص: 183 و بحار الأنوار 29 : 189 ح 39.
2- النساء : 11.
3- تفسير العياشي 1 : 225 ح 49 ، وسائل الشيعة 19 : 96 ح 32566 وبحار الأنوار 29 : 119ح12.
4- المائدة : 47.
5- تفسير العياشي 1 : 325 ح 130 ، مستدرك الوسائل 7 : 277 ، بحار الأنوار 29 : 385 والبرهان في 325 تفسير القرآن 2 : 311 - 3144.

رجُلٌ مِن القومِ ما تُرِيدُ إلى هذا ثم أخذت بِيدِهِ فانطلقت به. وبالإسنادِ عن أبان عن علي بن عبد العزيز عن عبد الحميد الطائي عن أبي جعفر عليه السلام قال: والله لو نشرت شعرها ماتوا ظراً.(1)

5 - عن عُروة بن الزبير قال لَمّا بايع النّاسُ أبا بكر خرجت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله فوقفت على بابها وقالت ما رأيتُ كاليوم قط حضرُوا أسوأ محضر تركوا نبيهم صلى الله عليه واله جنازة بين أظهرنا واستبدوا بالأمرِ دوننا.(2)

من لا يصلح لحمل صحيفة كيف يصلح للإمامة

1- عن أبي رافع قال: لَمّا بعث رسُولُ الله صلى اله عليه واله براءة مع أبي بكر أنزل الله عليه تترك من ناجيته غير مرة وتبعث من لم أُناجِهِ فأرسل رسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله فأخذ براءة منه ودفعها إلى علي عليه السلام فقال له على أوصني يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له إنّ الله يُوصِيك و يناجيك قال فناجاه يوم براءة قبل صلاة الأولى إلى صلاة العصر.(3)

2 - عن محمد بن صدقة عن أمير المؤمنين عليه السلام قال ... قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله عليٌّ مِنِّي و أنا مِن علي ولا يُؤدِّي عَنِّي إلّا علي وقد وجه أبا بكر ببراءة إلى مكة فنزل جبرئيل عليه السلام فقال يا محمد قال لبيك قال إن الله يامُرُك أن تُؤدّيها أنت أو رجُلٌ عنك فوجهني في استرداد أبي بكرٍ فرددته فوجد في نفسه و قال يا رسول الله أنزل في القرآن قال لا ولكن لا يُؤدِّي إِلَّا أَنا أو علي يا سلمان و يا جُندب قالا لبيك يا أخا رسُولِ اللهِ قال عليه السلام من لا يصلُحُ لِحمل صحيفة يُؤدِّيها عن رسول الله صلى الله عليه وآله كيف يصلُحُ لِلإمامة(4).

ص: 181


1- الکافی 8 : 237 320 و بحار الأنوار 28 : 252 ح35.
2- الأمالي للمفيد : 95م 5.
3- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 216 ح 1.
4- بحار الأنوار 3:26 والكتاب العتيق : 67 ح11.

يناشده أميرالمؤمنين عليه السلام في الخلافة

1- عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: لما كان من أمر أبي بكر وبيعةِ النَّاسِ له، وفعلهم بعلي بن أبي طالب عليه السلام ما كان، لم يزل أبوبكر يظهر له الإنبساط ويرى مِنهُ انقباضاً ، فكبُر ذلِك على أبي بكر، فأحب لقاءه و استخراج ما عنده، والمعذرة إليه مما اجتمع النّاسُ عليه، وتقليدهم إياه أمر الأمة وقلّة رغبته في ذلك و نُهدِهِ فِيه. أتاه في وقتِ غفلةٍ وطلب مِنهُ الخلوة، وقال له: والله يا أبا الحسن ما كان هذا الأمرُ مُواطَاةً مِنِّي، ولا رغبةً فيما وقعت فيه، ولاحرصاً عليه، ولا ثقةً بنفسي فيما تحتاجُ إِليه الأمة، ولا قُوَّةً لِي بمال ولا كثرة العشيرة، ولا استئثار بِهِ دُون غيرِي، فما لك تُضمِرُ علي ما لم أستحِقَّهُ مِنك ، و تُظهِرُ لِي الكراهة فيما صِرتُ إليهِ ، و تنظُرُ إِليَّ بِعينِ السّآمةِ مِنّي ؟! قال: فقال له عليه السلام : فما حملك عليه إذ لم ترغب فيه، ولا حرصت عليه، ولا وثقت بنفسِك فِي القِيامِ بِهِ وبِما يحتاجُ مِنك فِيهِ ؟! فقال أبوبكر: حديث سمعتُهُ مِن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله: إِنَّ الله لا يجمعُ أمّتي على ضلال، و لما رأيتُ اجتماعهم اتبعث حديث النبي صلى الله عليه واله و أحلتُ أن يكون اجتِماعُهُم على خِلافِ الهدى، فأعطيتُهم قود الإجابة، ولو علمتُ أنّ أحداً يتخلّف لإمتنعتُ ! قال: فقال علي عليه السلام : أما ما ذكرت من حديث النبي صل الله عيه واله: أن الله لا يجمعُ أُمَّتِي على ضلالٍ، أفكُنتُ مِن الأمة أو لم أكن ؟! قال: بلى. قال: وكذلك العصابة الممتنعة عليك من سلمان و عمار وأبي ذرو المقدادِ و ابن عبادة ومن معه مِن الأنصار؟

قال: كُلُّ من الأمة.

فقال علي عليه السلام : فكيف تحتج بحديث النبي صلى الله عليه وآله و أمثال هؤلاء قد تخلفوا عنك، و ليس للأمّة فيهم طعن، ولا في صُحبةِ الرَّسُولِ ونصيحتِهِ مِنهم تقصير؟! قال: ما علمتُ يتخلفهم إلا من بعد إبرام الأمر، وخفتُ إن دفعت عني الأمر أن يتفاقم إلى أن يرجع الناسُ مُرتدين عنِ الدِّينِ، وكان مُمارستُكُم إلى أن أجبتُم أهون مؤنة على الدِّينِ وأبقى لهُ مِن ضربِ النّاس بعضهم ببعض فيرجِعُوا كُفَّاراً، وعلمتُ أنك لست بدوني في الإبقاء عليهم وعلى أديانهم ! .

ص: 182

قال علي عليه السلام : أجل ، ولكن أخبرني عن الذي يستحق هذا الأمر، بما يستحقه ؟ فقال أبوبكر: بِالنّصيحة، والوفاء، ودفع المداهنة، والمحاباة، وحُسنِ السّيرة، وإظهار العدل، و العِلمِ بِالكِتابِ والسُّنّة وفصل الخطابِ، مع الزهدِ فِي الدُّنيا وَقِلَّةِ الرّغبة فيها، وإنصافِ المظلومِ من الظالم للقريب والبعيد .. ثُم سكت.

فقال علي عليه السلام : والسابقة والقرابة ؟! فقال أبوبكر: والسابقة و القرابة. قال: فقال علي عليه السلام : أنشدك بالله يا أبا بكراً في نفسك تجد هذه الخصال، أو في ؟! قال أبوبكر: بل فيك يا أبا الحسن.

قال: أنشدك بالله أنا المجِيبُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و سلّم قبل ذكران المسلمين، أم أنت ؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله أنا الأذانُ لأهل الموسم ولجميع الأمة بشرة براءة أم أنت ؟!

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنا وقيتُ رسُول الله بنفسي يوم الغارِ، أم أنت ؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله ألي الولاية من الله مع ولاية رسوله في آية زكاة الخاتم ، أم لك ؟

قال: بل لك.

قال: فأنشدك بِاللهِ أنا المولى لك ولِكُلِّ مُسلِمٍ بِحدِيثِ النبي صلى الله عليه واله يوم الغدير، أم أنت؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ ألي الوزارةُ مِن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و المثلُ مِن هارون و موسى، أم لك؟

قال: بل لك.

قال: فأنشدك بِاللهِ أبي برز رسُولُ الله صلى الله عليه وآله وبأهل بيتي وولدي في مُباهلة المشركين من النصارى، أم بك وبأهلك ووُلدِك ؟

قال: بِكُم.

قال: فأنشدك بالله ألي ولأهلي ووُلدِي آية التطهير مِن الرّجس، أم لك ولأهل بيتك ؟

ص: 183

قال: بل لك ولأهل بيتك.

قال: فأنشدك بِاللهِ أنا صاحِبُ دعوة رسُولِ الله صلى اله عليه وآله وأهلي ووُلدِي يوم الكِساء: اللّهُمّ هؤلاء أهلي إليك لا إلى النّارِ، أم أنت؟

قال: بل أنت وأهلك وولدك.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنا صاحِبُ الآية ﴿يُوفُون بِالنّذرِ ويخافُون يوماً كان شَرُّهُ مُستطِيرا﴾(1)، أم أنت ؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنت الفتى الَّذِي نُودِي مِن السّماءِ : لا سيف إِلَّا ذُوالفقار ولا فتى إلا علي، أم أنا؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بِاللهِ أنت الذي رُدّت لهُ الشَّمسُ لِوقتِ صلاته فصلاها ثُم توارت، أم أنا ؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُ بِاللهِ أنت الَّذِي حباك رسُولُ الله صلى الله عليه وآله برايته يوم خيبر ففتح الله له، أم أنا؟

قال: بل أنت الحب لقال مدينة القالب است

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنت الَّذِي نفست عن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله كربته و عن المسلمين بقتل عمرو بن عبد ود، أو أنا ؟

قال : بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنت الذي ائتمنك رسُولُ الله صلى الله عليه وآله على رسالته إلى الجن فأجابت ، أم أنا ؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنت الذي طهرك رسُولُ الله صلى الله عليه وآله من السفاح من آدم إلى أبيك بقولِهِ صل الله عليه وآله: أنا و أنت من نكاح لا من سفاح، من آدم إلى عبد المطلب، أم أنا؟

ص: 184


1- الإنسان : 7.

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنا الَّذِي اختارني رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله و زوّجني ابنته فاطمة عليها السلام وقال: الله زوجك ، أم أنت؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنا والِد الحسن والحسين ريحانتيه اللذين قال فيهما: هذان سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خيرٌ منهما، أم أنت؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله أخُوك المزيّنُ بِجناحين في الجنّة يطيربهما مع الملائكة، أم أخي ؟

قال: بل أخوك.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنا ضمِنتُ دین رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و ناديتُ في المواسم بإنجاز موعِدِهِ، أم أنت ؟! قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنا الَّذِي دعاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لِطيرِ عِندهُ يُرِيدُ أكله، فقال: اللَّهُمَّ ابْتِنِي بأحب خلقك إليك بعدي، أم أنت؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنا الَّذِي بشرني رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين على تأويل القرآن ، أم أنت ؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله أنا الَّذِي شهدتُ آخر كلامِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ووُلّيتُ غُسله و ودفنه، أم أنت ؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنا الَّذِي دلّ عليهِ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بِعِلم القضاء بقوله: علي أقضاكُم ،

أم أنت ؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك الله أنا الَّذِي أمر لِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله أصحابه بالسلام علي بالإمرة في حياته، أم أنت ؟

ص: 185

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنت الَّذِي سبقت لهُ القرابةُ مِن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و سلّم، أم أنا؟.

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنت الَّذِي حباك الله عزّ و جلّ بِدِينارٍ عِند حاجته، وباعك جبرئيل عليه السلام ، وأضفت مُحمّداً صلى الله عليه وآله، وأضفت وُلده أم أنا؟

قال: فبكى أبوبكر! [و] قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنت الَّذِي حملك رسُولُ الله صلى الله عليه وآله على كتفه في طرح صنم الكعبة و كسره حتى لوشاء أن ينال أُفق السماء لنالها، أم أنا؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنت الَّذِي قال له رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: أنت صاحب لوائي في الدنيا و الآخرة، أم أنا ؟

القافية قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله أنت الَّذِي أُمر رسول الله صل اله عليه واله فتح بابه في مسجده حين أُمر بسدّ جميعِ بابه [أبواب أصحابه وأهل بيتِهِ] وأحلّ له فيه ما أحله الله له، أم أنا؟

قال: بل أنت.

قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنت الَّذِي قدم بين يدي نجواهُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله صدقةً فناجاه، أم أنا إذ عاتب الله عزّو جلّ قوماً فقال: ﴿أ أشفقتُم أن تُقدِّمُوا بين يدي نجواكم صدقات﴾(1) الآية ؟

قال: بل أنت. قال: فأنشُدُك بِاللهِ أنت الَّذِي قال فِيهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لفاطمة: زوجُكِ أوّلُ النَّاسِ إيماناً و أرجحُهُم إسلاماً. في كلام له، أم أنا؟ .

قال: بل أنت.

قال: فأنشدك بالله أنت الذي قال له رسُولُ الله صلى اله عليه واله الحق مع علي وعلي مع الحق، لا يفترقانِ حتى يردا علي الحوض، أم أنا؟

ص: 186


1- المجادلة : 13.

قال: بل أنت.

قال: .. فلم يزل عليه السلام يعدُّ عليه مناقبه التي جعل الله عزّ و جل له دونه و دون غيره.

و يقول له أبوبكر بل أنت.

قال: فبهذا و شبهه يُستحقُ القِيامُ بِأُمُورِ أُمَّةِ محمد صلى الله عليه وآله.

فقال له على عليه السلام : فما الَّذِي غرّك عنِ اللهِ و عن رسُولِهِ و عن دِينِهِ وأنت خلوتِما يحتاجُ إِلَيهِ أهل دينه ؟

قال: فبكى أبوبكر و قال: صدقت يا أبا الحسن أنظرني يومي هذا فأُديرما أنا فيه وما سمِعتُ منك.

قال: فقال له علي عليه السلام : لك ذلك يا أبابكر.

فرجع مِن عِندِهِ و خلا بنفسِهِ يومه و لم يأذن لأحدٍ إلى اللّيل، وعمر يتردّدُ فِي النَّاسِ لَما بلغهُ مِن خلوته بعلي عليه السلام .

فبات في ليلته، فرأى رسول الله صلى الله عليه وآله في منامِهِ مُمثلاً لهُ في مجلسه، فقام إليه أبوبكر لِيُسلّم عليه، فولّى وجهه ، فصار مُقابِل وجهِهِ ، فسلّم عليه فولّى عنه وجهه.

فقال أبوبكر: يا رسول الله ! هل أمرت بأمر فلم أفعل ؟

فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: أَرُدُّ السّلام عليك وقد عاديت الله و رسوله و عاديت من والاه الله و رسُولُهُ ! رُدّ الحق إلى أهله.

قال: فقُلتُ: من أهلُهُ ؟

قال: من عاتبك عليه، وهو علي.

قال: فقد رددتُ عليهِ يا رسول اللهِ بِأَمرِك.

قال: فأصبح وبكى، وقال لعلي عليه السلام : ابسط يدك، فبايعه وسلم إليه الأمر.

وقال له: أخرج إلى مسجِد رسُولِ اللهِ صلى اله عليه واله، فأُخبِرُ النَّاس بِما رأيتُ في ليلتي وما جرى بيني و بينك، فأُخرجُ نفسِي مِن هذا الأمر و أُسلّم عليك بالإمرة؟

قال: فقال علي عليه السلام : نعم.

ص: 187

فخرج مِن عِندِهِ مُتغيّراً لونُهُ عالِياً نفسه، فصادفه عمرُو هُو في طلبِهِ.

فقال: ما حالك يا خليفة رسُولِ اللهِ ..؟

فأخبره بما كان منه و ما رأى و ما جرى بينه وبين علي عليه السلام .

فقال عمرُ: أَنشُدُكَ بِاللهِ يا خليفة رسُولِ اللهِ أن تغترّ بِسِحرِ بني هاشم ! فليس هذا بِأَوّلِ سِحرِمِنهُم..

فما زال بِهِ حتى ردّه عن رأيه و صرفه عن عزمِهِ ، و رغبهُ فِيما هُو فِيهِ، وأمره بِالشّباتِ [عليه] و القيام به.

قال: فأتى علي عليه السلام المسجد للميعاد، فلم يرفيه منهم أحداً، فأحس بالشّرمِنهم، فقعد إلى قبرِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ، فمرّبِهِ عمر فقال : يا عليُّ دُون ما ترُومُ خرط القتاد، فعلم بالأمر و قام و رجع إلى بيته(1).

رسالته إلى أسامة بن يزيد

1 - عن الباقر عليه السلام: أن عُمر بن الخطاب قال لأبي بكر: اكتب إلى أسامة يقدم عليك، فإنّ في قُدُومِهِ قطعُ الشُّنعة عنا. فكتب أبوبكر إليهِ: مِن أبي بكر خليفة رسُولِ اللهِ إلى أُسامة بن زيد، أما بعد: فانظر إذا أتاك كتابي فأقبل إلي أنت و من معك، فإنّ المسلمين قد اجتمعوا [علي] و ولوني أمرهم، فلا تتخلّفن فتعصي ويأتيك مني ما تكره، والسّلام. قال: فكتب إليهِ أُسامة جواب كِتابِهِ: مِن أُسامة بن زيد عامل رسُول الله صل الله عليه واله على غزوة الشام، أما بعد، فقد أتاني [مِنك] كِتابٌ ينقُضُ أوّلُهُ آخِره ذكرت في أوّلِهِ أنك خليفةُ رسُولِ اللهِ ، وذكرت فِي آخِرِهِ أَنّ المسلمين اجتمعوا عليك فولوك أُمورهم ورضُوا بِك واعلم أنّي ومن معي من جماعة المسلمين و المهاجرين، فلا و الله ما رضينا بك ولا وليناك أمرنا، وانظر أن تدفع الحق إلى أهله، وتُخلّيهم و إياه، فإنّهم أحقُّ بِهِ مِنك. فقد علمت ما كان من قولِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام يوم

ص: 188


1- الخصال 1 : 548 ح3 ، المحتضر :65 ، الإحتجاج 1 : 115 ، مدينة معاجر الائمة 3 :23 ح 694 ، إثبات الهداة 3 : 78 ح 319 ، بحار الأنوار 29 : 3 ح 1 ، البرهان في تفسير القرآن 5 :320 ح 10576 و حلية الابرار 2 : 305.

غدِيرِ خُم، فما طال العهد فتنسى انظر بمركزك، ولا تُخلّف فتعصي الله ورسوله و تعصي [من] استخلفه رسُولُ الله صلى الله عليه وآله عليك و على صاحبك ، ولم يعزلني حتى قبض رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله، وأنك وصاحبك رجعتُما و عصيتُما، فأقمتُما في المدينة بغير إذني. قال: فهم أبوبكر أن يخلعها مِن عُنُقِهِ، قال: فقال له عمر: لا تفعل قيص قصك الله لا تخلعه فتندم، ولكن ألح على أُسامة بالكُتُبِ ، ومُرفُلاناً وفُلاناً وفُلاناً يكتبون إلى أُسامة أن لا يُفرّق جماعة المسلمين، و أن يُدخل يده فيما صنعُوا. قال: فكتب إليه أبوبكر، وكتب إليهِ أُناس من المنافقين: أن ارض بما اجتمعنا عليه، وإياك أن تُشمِل المسلمين فتنةً مِن قِبلك، فإِنّهُم حَدِيثو عهدٍ بِالكُفْرِ فَلَمّا وردتِ الكُتُبُ على أسامة انصرف بمن معه حتى دخل المدينة، فلما رأى اجتماع الناس على أبي بكر انطلق إلى علي بن أبي طالب فقال: ما هذا؟ فقال له علي: هذا ما ترى ! قال له أُسامة: فهل بايعته ؟ فقال: نعم. فقال له أُسامة: طائعاً أو كارها؟ قال : لا ، بل كارها قال : فانطلق أُسامة فدخل على أبي بكر، فقال: السلام عليك يا خليفة المسلمين. قال: فرة أبوبكر وقال: السلام عليك أيها الأمير.(1)

إن كان الأمر بالسن أنا أسنّ منه

1- رُوي أن أبا قحافة كان بالظائِفِ لَمّا قُبض رسولُ اللهِ صلى الله عليه واله وبويع لأبي بكر، فكتب إلى أبيه كتاباً عنوانه: من خليفة رسُولِ اللهِ إلى أبي قحافة، أما بعد، فإنّ الناس قد تراضوا بي، فأنا اليوم خليفة الله ، فلوقدمت علينا لكان أحسن بك . فلما قرأ أبو قحافة الكتاب قال للرسول: ما منعهم من علي ؟ قال الرسول: هو حدث السّيّ، وقد أكثر القتل في قريش وغيرها، وأبوبكر أسنُ مِنه . قال أبو قحافة: إن كان الأمر في ذلِك بِالسِّنِ فأنا أحقُ مِن أبي بكرٍ، لقد ظلموا عليّاً حقه ، و لقد بايع لهُ النّبيُّ وأمرنا ببيعتِهِ ثُمَّ كتب إليهِ: مِن أبِي قُحافة إلى أبي بكر أما بعد، فقد أتاني كتابك ، فوجدته كتاب أحمق ينقض بعضه بعضاً، مرّةً تَقُولُ: خليفه الله ، ومرّةً تقول: خليفة رسُولِ اللهِ ، ومرة تراضى بي النّاسُ، وهو أمر ملتبس، فلا تدخلن في أمر يصعُبُ عليك

ص: 189


1- الإحتجاج 1 : 87 ، اليقين : 310 وبحار الأنوار 29 : 91ح 1.

الخرُوجُ مِنهُ غداً، ويكُونُ عُقباك منه إلى الندامة، وملامة النفس اللوامة، لدى الحساب يوم القيامةِ، فإنّ للأمور مداخل ومخارج، وأنت تعرِفُ من هو أولى مِنك بها، فراقِبِ الله كأنك تراه، ولا تدعن صاحبها، فإن تركها اليوم أخف عليك وأسلم لك.(1)

إنّه تأسف على ثلاث

1- عن عبدِ الرّحمنِ بنِ حُميدِ بنِ عبدِ الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: قال أبوبكر في مرضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ: أما إِنِّي لا أسى من الدنيا إلا على ثلاث فعلتُها، و وددتُ أنّي تركتها، وثلاث تركتُها وددتُ أنّي فعلتُها، وثلاث وددتُ أنّي كُنتُ سألتُ عنهنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله ، أما الَّتِي وددتُ أنّي تركتُها، فوددت أني لم أكُن كشفت بيت فاطمة وإن كان عُلّق على الحرب، و وددتُ أني لم أكُن حرّقتُ الفُجاءة و أنّي قتلته سريحاً أو أطلقته نجيحاً، و وددتُ أنّي يوم سقيفة بني ساعدة كُنتُ قذفتُ الأمر فِي عُنُقِ أحدِ الرّجُلِينِ عُمر أو أبي عبيدة فكان أميراً و كُنتُ وزِيراً. و أمّا التي تركتُها: فوددت أني يوم أتيتُ بالأشعث أسير كُنتُ ضربتُ عُنُقَهُ، فَإِنَّهُ يُخيل إلى أنه لم يرصاحب شر إلّا أعانه، و وددتُ أنّي حين سيرتُ خالِداً إلى أهل الرِّدّةِ كُنتُ قدِمتُ إِلى قُربِهِ فإن ظفر المسلمون ظفروا وإِن هُزِمُوا كُنتُ بِصددِ لِقاء أو مدد، و وددتُ أنّي كُنتُ إِذ وجهتُ خالداً إلى الشّامِ قذفتُ المشرق بعمر بن الخطاب، فكنتُ بسطت يدي يميني وشمالي في سبيل الله . و أما الَّتِي وددتُ أنّي كُنتُ سألتُ عنهنّ رسول الله صلى الله عليه وآله: فوددتُ أنِّي كُنتُ سألتُهُ فِيمن هذا الأمرُ فلم نُنازعه أهله، و وددتُ أنّي كُنتُ سألته هل لِلأنصار في هذا الأمرِنصِيبٌ ، و وددتُ أنّي كُنتُ سألته عن ميراث الأخ والعم، فإنّ في نفسِي مِنها حاجة .(2)

ص: 190


1- الإحتجاج 1 : 87 و بحار الأنوار 29 : 95 ح 3.
2- الخصال 1 : 171 ، الإيضاح لإبن شاذان : 159 وبحار الأنوار 30 : 122 ح 2.

منع الخمس عن أهله

1- عن أحدِهِما عليهما السلام، قال: قد فرض الله في الخُمُسِ نصِيباً لآل محمد صلى الله عليه وآله فأبى أبوبكر أن يُعطِيهم نصيبهم حسداً و عداوةً، وقد قال الله: ﴿و من لم يحكم بما أنزل اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقُون﴾(1)، و كان أبوبكر أوّل من منع آل محمّد عليهم السلام حقهم وظلمهم، وحمل الناس على رقابهم، ولما قبض أبوبكر استخلف عُمر على غيرِ شُورى مِن المسلمين ولا رِضى مِنْ آلِ محمد، فعاش عمر بذلك لم يُعطِ آل محمّد عليهم السلام حقهُم وصنع ما صنع أبو بكرٍ.(2)

أمر بقتل الصحابي مالك بن نويرة

1- البراء بن عازب قال: بينا رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله جالساً في أصحابِهِ إِذ أتاه وفد من بني تميم، منهم مالك بن نويرة ، فقال : يا رسول الله صلى الله علیه وآله علمني الإيمان ؟ . فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنِّي رَسُولُ اللهِ ، وتُصلّي الخمس، وتصُومُ شهر رمضان ، وتُؤدّي الزكاة، وتحج البيت، وتُوالي وصي هذا من بعدي وأشار إلى علي عليه السلام بيده ولا تسفك دماً، ولا تسرِقُ، ولا تخون، ولا تأكل مال اليتيم، ولا تشرب الخمر، و تُونِي بِشرائِعِي، وتُحل حلالي و تُحرم حرامي، وتُعطي الحق من نفسك للضعيف والقوي و الكبير و الصغير.. حتّى عدّ عليه شرائع الإسلام. فقال: يا رسُول الله صلى الله عليه وآله ! أعد علي فإِنِّي رجُلٌ ،نساء، فأعادها عليه فعقدها بِيدِهِ، وقام وهو يجُرُّ إِزاره وهو يقُولُ: تعلمتُ الإيمان وربّ الكعبة، فلما بعد عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال صلى الله عليه وآله: من أحبّ أن ينظر إلى رجُلٍ مِن أهل الجنّة فلينظر إلى هذا الرّجُلِ. فقال أبوبكر و عمر: إلى من تُشِيريا رسول الله صلى الله عليه وآله ؟!. فأطرق إلى الأرض فاتخذا في السير فلحقاه، فقالا له : البشارة من الله ورسوله بالجنّة، فقال: أحسن الله تعالى بِشارتكُما إن كُنتُما ممن يشهد بما شهدتُ بِهِ، فقد علمتُما ما علمني النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله ، و إن لم تكونا كذلك فلا أحسن الله بِشارتكما. فقال أبوبكر: لا تقل ذلك فأنا أبو عائشة زوجة النبي صلى الله عليه واله ، قال : قلتُ:

ص: 191


1- المائدة : 47.
2- تفسير العياشي 1 : 225 ح 49 ، وسائل الشيعة 19 : 96 ح 32566 و بحار الأنوار 30 : 222 ح 90.

ذلك فما حاجتكما؟ . قالا : إِنَّكَ مِن أصحابِ الجنّةِ فاستغفر لنا. فقال: لا غفر الله لكُما أَنتُما ندِيمانِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله صاحِب الشفاعة وتسألا ني أستغفِرُ لَكُما ؟ ! فرجعا والكآبة لا يُحةٌ في وجهيهما ، فلما رآهما رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله تبسم، و قال: في الحقِّ مغضبةٌ ؟ !فلَمّا تُوُفِّي رسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله و رجع بنو تميم إلى المدينةِ ومعهم مالِكُ بن نويرة، فخرج لينظر من قام مقام رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، فدخل يوم الجمعة وأبوبكر على المنبرِ يخطب الناس فنظر إليه وقالُوا: أخوتيم؟. قالُوا: نعم. قال: ما فعل وصِيُّ رسول الله صلى الله عليه وآله الذي أمرني بموالاته ؟. قالُوا: يا أعرابِيُّ ! الأمر يحدثُ بعد الأمر الآخر. قال: تالله ما حدث شيء و إِنَّكُم لختم الله ورسوله، ثم تقدّم إلى أبي بكر و قال له: من أرقاك هذا المنبر و وصِيُّ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله جالس ؟!. فقال أبوبكر: أخرِجُوا الأعرابي البوّال على عقبيه من مسجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله علیه وآله !

فقام إليهِ قُنفُذُ بنُ عُمير و خالد بن الوليد فلم يزالا يكذان [یلکزان] عُنُقه حتى أخرجاه، فركب راحلته وأنشأ يقُولُ شِعراً:

أطعنا رسول الله ما كان بيننا *** فيا قوم ما شأني وشأن أبي بكرٍ

إذا مات بكر قام عمرو أمامه *** فتلك وبيت الله قاصمة الظهر

يُذبُ ويغشاه العِشارُ كأنّما *** يُجاهد جماً أو يقوم على قبر

فلوطاف فينا من قريش عصابة *** أقمنا ولوكان القيام على جمرٍ

قال: فلما استتم الأمرُ لأبي بكروجّه خالد بن الوليد وقال له: قد علمت ما قال على رءوس الأشهاد، لستُ آمن أن يفتق علينا فتقاً لا يلتام، فاقتُله، فحين أتاه خالد ركب جواده و كان فارساً يُعدُّ بِألف فارس، فخاف خالِدٌ مِنهُ فآمنه وأعطاه المواثيق ثُم غدر بِهِ بعد أن ألقى سلاحه فقتله، و عرس بامرأته في ليلتِهِ وجعل رأسه في قدرٍ فِيها لحم جزُورٍ لِوليمةِ عُرسِهِ لإمرأتِهِ يَنزُو عليها نزو الحِمارِ .. والحديث طوِيلٌ.(1)

ص: 192


1- بحار الأنوار 30 : 343 ح 163.

أشهد أن أبي في النار

1- عن حمزة بن محمد الطيار قال: ذكرنا مُحمّد بن أبي بكر عند أبي عبد الله عليه السلام فقال أبو عبد الله عليه السلام رحمه الله وصلّى عليه قال لأمير المؤمِنين عليه السلام يوماً من الأيام ابسط يدك أبايعك فقال أو ما فعلت قال بلى فبسط يده فقال أشهد أنك إمامٌ مُفترضٌ طاعتك و أن أبي في النَّارِ فقال أبو عبد الله عليه السلام كان النّجابةُ مِن قِبل أُمِّهِ أسماء بِنتِ عُميس رحمةُ اللهِ عليها لا مِن قبل أبيه.(1)

2 - عن أبي جعفر عليه السلام أنّ مُحمّد بن أبي بكر بايع عليّاً عليه السلام على البراءة من أبيه.(2)

هو سوء من أهل سوء

1 - عن شُعيب عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال سمعتُهُ يَقُولُ ما مِن أهل بيتٍ إِلَّا و مِنهُم نجيب مِن أَنفُسِهِم وأنجبُ النُّجباءِ مِن أهل بيتِ سوء محمد بن أبي بكر.(3)

شعر الأمير عليه السلام في الأول

جاء علي عليه السلام و أبوبكر في المسجدِ فقال عليه السلام :

تعلم أبا بكر ولاتك جاهلا *** بأن علياً خير حاف وناعِل

و أنّ رسُول الله أوصى بحقه *** وأكد فيه قوله بالفضائل

ولا تبخسنّه حقه وارددِ الورى *** إليه فإنّ الله أصدق قائل(4)

ص: 193


1- الإختصاص : 69 ، رجال الكشي : 64 ح 113 و بحار الأنوار 33 : 584 : 64 ح 113 و بحار الأنوار 33 : 584 ح 727.
2- رجال الكشي : 64 ح 114 و بحار الأنوار 33: 585 ح729.
3- کتاب سليم : 441 ، رجال الكشي : 64 ح 116 ، الإحتجاج : 183 و بحار الأنوار 33 :585 ح 732.
4- بحار الأنوار 34 : 433ح 76.

أوّل عداوة بدت منه

1 - فقال سعيد بن المسيبِ لِعلي بن الحسين عليهما السلام جُعِلتُ فِداك كان أبوبكر مع رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله حين أقبل إلى المدينة فأين فارقه فقال إن أبا بكر لما قدم رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله إلى قبا فنزل بهم ينتظِرُ قُدُوم علي عليه السلام فقال له أبوبكر انهض بنا إلى المدينة فإنّ القوم قد فرحوا بِقُدومك وهم يستريثون إقبالك إليهم فانطلق بنا ولا تقم هاهنا تنتظرُ عليّاً فما أَظُنُّهُ يقدمُ عليك إلى شهر فقال له رسُولُ الله صلى الله عليه وآله كلاما أسرعه ولستُ أريم حتى يقدم ابنُ عمّي و أخِي فِي اللهِ عزّوجلّ وأحبُّ أهل بيتِي إِليّ فقد وقانِي بِنفسِهِ من المشركين قال فغضب عند ذلك أبوبكر و اشمأز و داخله من ذلك حسد لعلي عليه السلام و كان ذلك أول عداوة بدت منه لرسول الله صلى اله عليه واله في علي عليه السلام و أول خلاف على رسُول الله صلى اله عليه واله فانطلق حتى دخل المدينة و تخلف رسُولُ الله صلى الله عليه وآله بقبا ينتظر عليّاً عليه السلام .(1)

أول من بايعه ابليس

1- عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعتُ سلمان الفارسي رضي الله عنهُ يَقُولُ:

لَا قُبِض رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وصنع النّاسُ ما صنعوا وخاصم أبوبكر و عمر وأبو عبيدة بن الجراح الأنصار فخصمُوهُم بِحُجّة علي عليه السلام قالُوا: يا معشر الأنصارِ قُريش أحقُّ بِالأمْرِ مِنكُم لأن رسول الله صلى الله عليه وآله من قريش والمهاجرين منهم إنّ الله تعالي بدأ بهم في كِتابِه وفضّ لهم وقد قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله الأَئِمَّةُ مِن قُريش.

قال سلمان رضي الله عنه فأتيتُ عليّاً عليه السلام وهُو يُغسّل رسُول الله صلى الله عليه وآله فأخبرتُهُ بِما صنع النّاسُ وقُلتُ إِنّ أبابكر الساعة علي منبرِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله والله ما يرضي أن يُبايِعُوهُ بِيدٍ واحِدَةٍ إِنّهم ليُبايِعُونَهُ بِيديه جميعاً بِيَمِينِهِ وشمالِهِ.

فقال لي يا سلمان ! هل تدري من أوّلُ من بايعه علي مِنبرِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله قُلتُ لا أُدرِي إلّا

ص: 194


1- الكافي 340:8 ح 536 ، الطرائف : 411 ، المحتضر : 58 ، مختصر بصائر الدرجات :130 ، البرهان في تفسير القرآن 3 : 566 و بحار الأنوار 19 : 116.

أنّي رأيتُ فِي ظُلَّةِ بنِي ساعِدة حين خصمتِ الأنصارُ وكان أوّل من بايعه بشير بن سعدٍ وأبو عُبيدة بن الجراح ثُمَّ عمرُ ثُمَّ سالم.

قال لستُ أسألك عن هذا ولكن تدري أوّل من بايعه حِين صعِد علي منبرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه و آله ؟

قُلتُ لا ولكنّي رأيتُ شيخاً كبيراً مُتوكّئاً علي عصاه بين عينيه سجادةٌ شدِيدُ التشمير صعد إليهِ أوّل من صعِد وهو يبكي ويقُولُ: الحمد لله الذي لم يُمتني من الدنيا حتي رأيتُك في هذا المكانِ ابسط يدك فبسط يده فبايعهُ ثُم نزل فخرج مِن المسجِدِ.

فقال علي عليه السلام هل تدري من هو؟ قُلتُ لا ولقد ساءتني مقالتُهُ كأَنه شامِتٌ بِموتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله .

فقال: ذاك إبليس لعنه الله.

أخبرني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أنّ إبليس ورؤساء أصحابِهِ شهِدُوا نصب رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إياي للناس بغدير خم بأمر الله عز وجل فأخبرهم أني أولي بهم مِن أَنفُسِهِم وأمرهم أن يُبلغ الشاهِدُ الغائب.

فأقبل إلي إبليس أبالستُهُ ومردةُ أصحابِهِ فقالُوا إِنَّ هَذِهِ أُمَّةٌ مرحومةٌ ومعصومةٌ وما لك ولا لنا علیهم سبيل قد أُعلِمُوا إمامهم ومفزعهم بعد نبتهم فانطلق إبليس لعنه الله كئيباً حزيناً.

و أخبرني رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أنه لو قبض أنّ النّاس يُبايِعُون أبا بكر في ظُلة بني ساعدة بعد ما يختصمون ثُمَّ ياتون المسجد فيكُونُ أوّل من يُبايِعُهُ علي مِنبرِي إِبليس لعنه اللهُ فِي صُورةِ رجُلٍ شيخ مُسْمِّرِيقُولُ كذا وكذا ثُم يخرجُ فيجمعُ شياطينه وأبالِستهُ فينخُرُويكسعُ ويَقُولُ كلا زعمتُم أن ليس لي عليهم سبيل فكيف رأيتُم ما صنعتُ بِهم حتي تركوا أمر الله عزّ وجلّ وطاعته وما أمرهُم بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وذلك قوله تعالى: ﴿ولقد صدق عليهِم إِبْلِيسُ ظَنّهُ فَاتَّبَعُوهُ إلّا فريقاً مِن المؤمنين﴾(1).(2)

ص: 195


1- سبأ : 20.
2- الكافي 8 : 343 ح 541 ، إثبات الهداة 1 : 265 ح 65 و 1 : 354 ح 316 ، الوافي 2 : 185 18 ح 645 و مدينة معاجز الأئمة 2 :241 ح 527.

ردّ الناس عن الإسلام القهقرى

1- عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال: أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً كئيباً حزيناً، فقال له علي عليه السلام : ما لي أراك كئيباً حزيناً ؟ فقال: وكيف لا يكون كذلك وقد رأيتُ في ليلتي هذه أنّ بني تيم وبني عدي وبني أمية يصعدون منبري هذا يردّون الناس عن الإسلام القهقرى فقلتُ: يا ربّ في حياتي أو بعد موتي ؟ فقال : بعد موتك.(1)

2 - عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، قالوا: سألناه عن قوله: ﴿و ما جعلنا الرُّؤيا الَّتِي أريناك﴾. قال : إنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله رأى أنّ رجالا على المنابر، يردُّون النَّاسِ ضُلالا : زُريقٌ و زفر(2).

الصحيفة الملعونة

1- عن سلمان عن علي عليه السلام أنه قال لأبي بكو من بايعه في السقيفة: شد ما وفيتم بصحيفتِكُم الملعونةِ الّتي تعاقدتم عليها في الكعبة، إن قُتِل محمّد أو مات أن تزوُوا هذا الأمر عنا أهل البيت، فقال لهم أبوبكر: و ما علمك بذلك يا عليُّ ؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام : يا زبير ويا سلمان و يا مقداد أُذكركم الله والإسلام أسمعتُم رسول الله صلى الله عليه وآله يقول ذلك لي: إن فلاناً و فلاناً حتى عد هؤلاء الخمسة قد كتبوا بينهم كتاباً وتعاقدوا على ما صنعوا؛ فقالوا: اللهم نعم قد سمعناه يقُول ذلك لك ، فقلتُ له: بِأبي أنت وأمي يا رسول الله فما تأمرني أن أفعل إذا كان ذلك ؟ فقال لك: إن وجدت أعواناً فجاهدهم وإن لم تجد أعواناً فبايعهم واصبرو احقن دمك.(3)

بمنزلة العجل

1- قال سليم ... ثُمّ أقبل علي سلمان فقال إنّ النّاس كُلّهُم ارتدوا بعد رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله غير أربعةٍ إِنَّ النّاس صارُوا بعد رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون و من تبعه و منزِلَةِ العِجل و من تبعه فعليُّ فِي سُنّةِ هارون و عتيق في سُنّةِ العِجلِ والثاني فِي سُنّةِ السّامِرِي وسَمِعتُ

ص: 196


1- الكافي 8 : 345 ح 543 ، إثبات الهداة 1 : 265 65 وبحار الأنوار 58 : 168 ح 22.
2- تفسير العياشي 2 : 95 ح 297 و البرهان في تفسير القرآن 3 :542 ح 6413.
3- الإحتجاج 1: 110 وإثبات الهداة 1 : 355 ح 317.

رسول الله صلى الله عليه وآله يقُولُ لتجِيءُ قومٌ مِن أصحابي من أهلِ العِليةِ والمكانةِ مِنِّي لِيمُرُّوا على الصِّراطِ فإذا رأيتهم و رأوني و عرفتهم و عرفوني اختُلِجُوا دُونِي فأقُولُ يا ربّ أصحابِي أصحابي فيُقالُ لا تدري ما أحدثوا بعدك إنّهم ارتدوا على أدبارهم حيث فارقتهم فأقُولُ بُعداً و سُحقاً و سمِعتُ رسُول الله صلى اله عليه واله يقُولُ لتركبنّ أُمَّتِي سُنّة بني إسرائيل حذو النَّعْلِ بِالنّعل و حذو القذة بالقذة شبراً بشبر و ذراعاً بذراع وباعاً يباع إِذِ التَّوراة والقُرآنُ كتبه يد واحِدَةٌ فِي رق بقلمٍ واحِدٍ و جرتِ الأَمثالُ والسُّننُ سواء(1).

إعترف بإغتصاب حق الأمير عليه السلام

1- عن أبي رافع قال: كنتُ قاعداً عند أبي بكر بعد ما بايعه الناسُ بِأيام فطلع علي والعبّاس يختصمان في ميراث النبي صلى الله عليه وآله إلى أن قال: فقال أبوبكر للعباس: هل تعلم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بني عبد المطلب وأولادهم و أنت فيهم فقال: إِنّ الله لم يبعث نبيا إِلَّا جعل له من أهله أخاً و وزيراً و وارثاً و وصياً وخليفةً في أهلِهِ ، فمن يقوم منكم يبايعني على أن يكون أخي و وزيري و وارثي ووصتي وخليفتي في أهلي، فلم يقم أحد وقام علي من بينكم فبايعه على ما شرطه، ألم تعلم هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال العبّاس: نعم والحجة في هذا عليك دوني وإلّا فما أقعدك مجلسك هذا ولم تقدّمته و تأمرت عليه ؟ فأطرق أبوبكرو تشاغل بشيءٍ آخر. و في البحار فقال أبوبكر: أغدراً يا بني عبد المطلب.(2)

ماذا قال عند موته

1- قال عند إحتضاره: ليتني كنتُ تبنةً في لبنةٍ، ليت أمّي لم تلدني وقال عند موته : وددتُ أنّي لم أكشف بیت فاطمة ولوكان أُغلق على حرب.(3)

ص: 197


1- کتاب سلیم : 162 ، الإحتجاج 1 : 113 ، إثبات الهداة 1 : 355 ح 318 و بحار الأنوار 28 : 282.
2- إثبات الهداة 3 : 184 822 وبحار الأنوار 38 : 3 ح 1.
3- الصراط المستقيم 2 : 299 ، إثبات الهداة 3 : 369 ح 103 و 3 : 386.

2 - قال أبوبكر عند موته : ليتني كنتُ تركتُ بيت فاطمة لم أكشفه، وليتني في ظلّة بني ساعدة كنتُ ضربتُ على يد أحدِ الرّجلين: أبي عُبيدة، أو عُمر ، فكان هو الأمير، وكنتُ أنا الوزير.(1)

3- قال سليم:.... فلقيتُ محمّد بن أبي بكر فقلتُ: هل شهد موت أبيك غير أخيك عبد الرحمن وعائشة وعمر ؟ قال : لا . قلتُ: وهل سمعوا منه ما سمعت ؟ قال : سمعوا منه طرفاً فبكوا وقالُوا: يهجر. فأما كلّ ما سمعتُ أنا فلا أبوبكر يُشاهِدُ رسول الله وعلياً عليهما السلام عند الموت. قلتُ: والذي سمعوا منه ما هو ؟ قال : دعا بالويل والتُّبور، فقال له عُمر: يا خليفة رسول الله ، ما لك تدعو بالويل والثبور ؟ قال : هذا رسولُ الله وعلي معه يبشرني بالنار ومعه الصحيفة التي تعاهدنا عليها في الكعبة وهو يقولُ : لعمري لقد وفيت بها فظاهرت على ولي الله أنت وأصحابك، فأبشر بالنار في أسفل السافلين . فلما سمعها عمر خرج وهو يقولُ: إِنَّه ليهجر. قال: لا والله ما أهجُرُ، أين تذهب ؟ قال عمر: أنت ثاني إثنين إذ هُما في الغار. قال: الآن أيضاً ؟ أو لم أحدثك: أن محمدا ولم يقُل رسول الله قال لي وأنا معه في الغار: إنّي أرى سفينة جعفر وأصحابه تعومُ في البحر، فقلتُ: أرنيها. فمسح وجهي فنظرتُ إليها فاستيقنت عند ذلك أنه ساحر فذكرتُ لك ذلك بالمدينة فاجتمع رأيي و رأيك على أنه ساحر ؟ فقال عمر: يا هؤلاء إن أباكُم يهجر فاخبوه واكتموا ما تسمعون منه لا يُشمتُ بكم أهل هذا البيت. ثم خرج وخرج أخي وخرجت عائشة ليتوضّأوا لِلصّلاة، فأسمعني من قوله ما لم يسمعوا. فقلتُ له لَما خلوتُ به: يا أبه، قُل: لا إله إلا الله . قال: لا أقولُها أبداً ولا أقدر عليها حتى أرد النّار فأدخُلُ التابوت. فلما ذكر التابوت ظننتُ أنّه يهجر. فقلتُ له: أيّ تابوتِ ؟ فقال : تابوتُ مِن نارٍ مُقفل بقفل من نار، فيه إثنا عشر رجلا ، أنا وصاحبي هذا. قلتُ: عُمر ؟ قال: نعم، فمن أعني ؟ وعشرة في جتٍ في جهنّم عليه صخرة إذا أراد الله أن يُسعر جهنّم رفع الصخرة . قلتُ: تهذي ؟ قال: لا والله ما أهذي. لعن الله ابن صُهاك. هو الذي صدني عن الذكر بعد إذ جاءني فبئس القرين ، لعنه الله ، إلصق خدّي بالأرض، فألصقت خدّه بالأرضِ فما زال يدعُو بالويل والتُبور حتى غمضته. ثم دخل علي عمرُ وقد غمضته، فقال: هل قال بعدي شيئا ؟ فعرفتُه ما قال فقال عمر: يرحم الله خليفة رسول الله ، أكتمه فإنّ هذا

ص: 198


1- نهج الحق وكشف الصدق :265.

هذيان، وأنتم أهل بيتٍ معروف لكم في مرضكم الهذيان فقالت عائشة: صدقت وقالوا لي جميعاً: لا يسمعن أحدٌ منكُم مِن هذا شيئاً فيشمتُ به إبن أبي طالب وأهل بيته.(1)

من بدعه منع فدك

1- عن زينب بنت علي بن أبي طالب عليها السلام قالت لما اجتمع رأي أبي بكر على منعِ فاطمة عليها السلام فدك و العوالي وأيستُ مِن إجابته لها عدلت إلى قبر أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله فألقت نفسها عليه وشكت إليه ما فعله القومُ بها وبكت حتى بلت تُربته عليها السلام بدموعها وندبتهُ ثُمَّ قالت في آخِرِ نديتها:

قد كان بعدك أنباء وهنبثه *** لوكنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** و اختل قومك فاشهدهم فقد نكبوا

قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا *** فغبت عنا فكل الخير محتجب

فكنت بدرا و نورا يستضاء به *** عليك ينزل من ذي العزة الكتب

تجهمتنا رجال و استخف بنا *** بعد النبي وكل الخير مغتصب

سيعلم المتولي ظلم حامتنا *** يوم القيامة أنّى سوف ينقلب

فقد لقينا الذي لم يلقه أحد *** من البرية لا عجم ولا عرب

فسوف نبكيك ما عشنا وما بقيت *** لنا العيون بتهمال له سكب(2)

2- رسالة لأمير المؤمنين عليه السلام إلى أبي بكر لما بلغه عنه كلام بعد منع الزهراء عليها السلام فدك: شقُوا مُتلاطِماتِ أمواج الفتنِ بِحيازيم سُفُنِ النّجاة و حطوا تيجان أهل الفخر بجميع أهل الغدر و استضاءُوا بِنُورِ الأنوار و اقتسموا مواريث الطاهرات الأبرار و احتقبُوا ثِقل الأوزار بغصبهم نحلة النّبي المختارِ فكأنّي بِكُم تتردّدون في العمى كما يتردّد البعير في الطاحونة أما والله لو أُذِن لِي بِما

ص: 199


1- کتاب سلیم : 347 ، إرشاد القلوب 2 : 284 ، مدينة معاجز الأئمة 2 : 91 و بحار الأنوار، 3 : 129.
2- الأمالي للمفيد :40 ح 8 وبحار الأنوار 29 : 239.

ليس لكُم بِهِ عِلم لحصدتُ رُءُ وسكُم عن أجسادِكُم كحبّ الحصيد بقواضب من حديد و لقلعتُ مِن جماجِمِ شُجعانِكُم ما أقرحُ بِهِ آماقكُم و أُوحِشُ بِهِ مَحالَكُم فَإِنِّي مُذ عرفتُ مُردِي العساكر و مفني الجحافل و مُبِيد خضرائِكُم و مُحمد ضوضائِكُم و جار الدوارين إذ أنتُم في بُيُوتِكُم مُعتكِفُون وإنّي لصاحِبُكُم بِالأمس لعمر أبي وأُمِّي لن تُحِبُّوا أن يكون فينا الخلافة و النُّبُوةُ وأَنتُم تذكُرُون أحقاد بدرٍ وثاراتِ أُحُدٍ أما والله لو قُلتُ ما سبق من اللهِ فِيكُم لتداخلت أضلاعُكُم في أجوافِكُم كتداخُلِ أسنانِ دوّارةِ الرّحى فإن نطقتُ يَقُولُون حسداً و إن سكتُ فيُقالُ ابنُ أبي طالب جزع من الموتِ هيهات هيهات الساعة يُقالُ لِي هذا وأنا المميتُ المائِتُ و خوّاضُ المنايا في جوف ليل حالِك حامِلُ السّيفينِ الثّقِيلينِ والرمحينِ الطويلين ومُنكِّسُ الرايات في غطامِطِ الغمرات و مُفرِّجُ الكُرُباتِ عن وجه خير البريات إيهنُوا فو الله لإبن أبي طالب آنسُ بِالموتِ مِن الطفلِ إلى محالِبِ أُمِّهِ هبلتكُمُ الهوابِلُ لَوبُحتُ بِما أَنزَلَ اللَّهُ سُبحانهُ فِي كِتابِهِ فِيكُم لاضطربتُم اضطراب الارشية في الطوي البعيدة ولخرجتُم مِن بُيُوتِكُم هاربين و على وُجُوهِكُم هائمين و لكنّي أُهوِنُ وجدِي حتى ألقى ربّي بِيد جذاء صفراء مِن لذاتِكُم خِلو مِن طحناتِكُم فما مثلُ دُنياكُم عِندِي إِلّاكمثل غيم علا فاستعلى ثُم استغلظ فاستوى ثم تمزق فانجلى رويداً فعن قليل ينجلي لكُمُ القسطل و تجنُون ثمر فِعلِكُم مُرّاً و تحصُدُون غرس أيدِيكُم ذعافاً مُقراً وسماً قاتلا وكفى بِاللهِ حكيماً و بِرسُولِ اللهِ خصيماً وبِالقِيامةِ موقفاً فلا أبعد الله فيها سواكُم ولا أتعس فيها غيركُم والسلام على من اتبع الهدى.

فلَمّا أن قرأ أبوبكر الكتاب رعب من ذلك رعباً شديداً و قال يا سبحان الله ما أجرأه عليّ وأنكله عن غيري. معاشر المهاجرين والأنصار تعلمون أني شاورتكم في ضياع فدك بعد رسول صلى الله عليه وآله فقلتم إن الأنبياء لا يورثون وإن هذه أموال يجب أن تضاف إلى مال الفيء و تصرف في ثمن الكراع والسلاح وأبواب الجهاد و مصالح الثغور فأمضينا رأيكم ولم يمضه من يدعيه وهو ذا يبرق وعيدا و يرعد تهديدا إيلاء بحق محمد صلى الله عليه وآله أن يمضحها دما ذعافا و الله لقد استقلت منها فلم أقل واستعزلتها عن نفسي فلم أعزل كل ذلك كراهية مني لإبن أبي طالب و هربا من نزاعه ما لي ولإبن أبي طالب أهل نازعه أحد فلج عليه.

ص: 200

فقال له عمر أبيت أن تقول إلا هكذا فأنت ابن من لم يكن مقداما في الحروب ولا سخيا في الجدوب سبحان الله ما أهلع فؤادك و أصغر نفسك قد صفيت لك سجالا لتشربها فأبيت إلا أن تظمأ كظمائك وأنخت لك رقاب العرب وثبت لك الاشارة والتدبير و لولا ذلك لكان ابن أبي طالب قد صير عظامك رميما فأحمد الله على ما قد وهب لك مني و أشكره على ذلك فإنه من رقي منبر رسول الله صلى الله عليه وآله كان حقيقا عليه أن يحدث الله شكرا و هذا علي بن أبي طالب الصخرة الصماء التي لا ينفجر ماؤها إلا بعد كسرها و الحية الرقشاء التي لا تجيب إلا بالرقى و الشجرة المرة التي لو طليت بالعسل لم تنبت إلا مرا قتل سادات قريش فأبادهم وألزم خرهم العار ففضحهم فطب عن نفسك نفسا ولا تغرنك صواعقه ولا يهولنك رواعده و بوارقه فإني أسد بابه قبل أن يسد بابك.

فقال له أبوبكر ناشدتك الله يا عمر لما أن تركتني من أغاليطك وتربيدك فوالله لوهم ابن أبي طالب بقتلي وقتلك لقتلنا بشماله دون يمينه وما ينجينا منه إلا إحدى ثلاث خصال أحدها أنه وحيد ولا ناصرله والثانية أنه ينتهج فينا وصية رسول الله صلى الله عليه وآله والثالثة أنه ما من هذه القبائل أحد إلا وهو يتخضمه كتخضم الثنية الابل أوان الربيع فتعلم لولا ذلك رجع الأمر إليه وإن كنا له كارهين أما إن هذه الدنيا أهون إليه من لقاء أحدنا للموت أنسيت له يوم أحد وقد فررنا بأجمعنا وصعدنا الجبل وقد أحاطت به ملوك القوم و صناديدهم موقنين بقتله لا يجد محيصا للخروج من أوساطهم فلما أن سدد عليه القوم رماحهم نكس نفسه عن دابته حتى جاوزه طعان القوم ثم قام قائما في ركابيه وقد طرق عن سرجه و هو يقول يا الله يا الله يا جبرئیل یا جبرئيل يا محمد يا محمد النجاة النجاة ثم عمد إلى رئيس القوم فضربه ضربة على أم رأسه فبقي على فك واحد و لسان ثم عمد إلى صاحب الراية العظمى فضربه ضربة على جمجمته ففلقها و مرالسيف يهوي في جسده فبراه و دابته بنصفين و لما أن نظر القوم إلى ذلك انجفلوا من بين يديه فجعل يمسحهم بسيفه مسحا حتى تركهم جراثيم جمودا على تلعة من الأرض يتمرغون في حسرات المنايا يتجرعون كئوس الموت قد اختطف أرواحهم بسيفه و نحن نتوقع منه نه أكثر من ذلك ولم نكن نضبط من أنفسنا من مخافته حتى ابتدأت منك إليه التفاته وكان منه إليك ما تعلم و لولا أنه نزلت آية من كتاب الله

ص: 201

لكنا من الهالكين وهو قوله تعالى ﴿ولقد عفا عنكم﴾(1). فاترك هذا الرجل ما تركك ولا يغرنك قول خالد أنه يقتله فإنه لا يجسر على ذلك ولو رام لكان أول مقتول بيده فإنه من ولد عبد مناف إذا هاجوا هيبوا وإذا غضبوا أدموا ولا سيما علي بن أبي طالب عليه السلام نابها الأكبر و سنامها الأطول وهامتها الأعظم والسلام على من اتبع الهدى.(2)

3- عن هشام بن محمد عن أبيه قال: قالت فاطمة لأبي بكر: إنّ أم أيمن تشهد لي ان رسول الله صلى الله عليه وآله، أعطاني فدك ، فقال لها يا ابنة رسول الله، والله ما خلق الله خلقا أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وآله أبيك ، و لوددت أن السماء وقعت على الأرض يوما مات أبوك، والله لأن تفتقر عائشة أحب إلي من أن تفتقري، أتراني أعطي الأحمر و الأبيض حقه وأظلمك حقك، و أنت بنت رسول الله صلى الله عليه وآله أن هذا المال لم يكن للنبي صلى الله عليه وآله وإنما كان مالا من أموال المسلمين يحمل النبي به الرجال وينفقه في سبيل الله، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وليته كما كان يليه قالت والله لا كلمتك أبدا، قال: والله لأهجرتك أبدا، قالت: والله لأدعون الله عليك، قال: والله لأدعون الله لك ، فلما حضرتها الوفاة أوصت ألا يصلي عليها، فدفنت ليلا.(3)

4- عن عائشة ، أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وآله و هما حينئذ يطلبان أرضه بفدك، وسهمه بخيبر، فقال لهما أبوبكر: أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا نورث ما تركناه صدقة ، أنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وآله من المال و اني والله لا أغير أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يصنعه إلّا صنعته قال: فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت .(4)

ص: 202


1- آل عمران : 125.
2- الإحتجاج 1 : 95 و بحار الأنوار 29 : 142 ح 30.
3- السقيفة وفدك : 101 و إثبات الهداة 3 : 385.
4- السقيفة وفدك : 106.

أکفرت بالذي خلقك من تراب

1- عن أبي عبد الله علي السلام قال: لما أخرج بعلي عليه السلام ملتباً وقف عند قبر النبي صلى اله عليه واله قال عليها السلام ﴿يا ابن أُمّ إنّ القوم استضعفوني و كادوا يقتُلُوني﴾(1) قال فخرجت يد من قبرِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يعرِفُون أنها يده وصوت يعرِفُون أنه صوته نحو أبي بكريا هذا عليها السلام ﴿أ كفرت بِالَّذِي خلقك مِن تُرابٍ ثُمّ مِن نُطْفَةٍ ثُمّ سوّاك رجُلا﴾.(2)

هو من أهل النار

1- عن صعصعة بن صوحان قال أُمطرت المدينة مطراً شديداً ثم صحت فخرج النبي صلى الله عليه وآله إلى صحرائها ومعه أبوبكر فلما خرجا وإِذا بِعلي مُقبِل فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله قال مرحباً بالحبيب القريب ثم تلاهذِهِ الآية ﴿و يهدي إلى صراط العزيز الحميد﴾ أنت يا عليُّ منهم ثم رفع رأسه إلى السماء و أومأ بيدِهِ إلى الهواء و إذا برمانة تهوي إليه من السماء أشد بياضاً من الثلج وأحلى من العسل وأطيب رائحةً مِن المسكِ فأخذها رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله و مصها حتى روي ثم ناولها لعلي عليه السلام ومصها حتى روي ثم التفت إلى أبي بكرو قال يا أبا بكر لولا أن طعام أهل الجنة لا ياكله إلّا نبي أو وصي ني لأطعمناك فإن طعام الجنّة لا ياكله أهل النار.(3)

هو في النار لا غفر الله له

1- عن سوادة أبي يعلى عن بعض رِجالِهِ قال : قال أمير المؤمنين للحارِثِ الأعور و هُو عِنده : هل ترى ما أرى فقال كيف أرى ما ترى وقال نُورُ الله لك وأعطاك ما لم يُعطِ أحداً قال هذا فلان الأول على تُرعَةٍ مِن تُرع النّارِ يقُولُ يا أبا الحسن إستغفِرلِي لا غفر الله له قال

ص: 203


1- الأعراف :150.
2- بصائر الدرجات : 295 ح 5 ، إثبات الهداة 3 : 468ح 108 ، البرهان في تفسير القرآن 3 :633 ح6670، مدينة معاجز الأئمة 3 : 12 ح 690 وبحار الأنوار 28 : 220 ح 10.
3- الفضائل لشاذان : 167 ومدينة معاجز الأئمة 339:1 ح 218.

فكث هنيئةً ثُم قال يا حارث هل ترى ما أرى فقال وكيف أرى ما ترى وقد نُور الله لك وأعطاك ما لم يُعطِ أحداً قال هذا فلانُ الثاني على تُرعَةٍ مِن تُرِعِ النّارِ يَقُولُ يا أبا الحسنِ إستغفِرلِي لا غفر الله له.(1)

أنت تظلم وصيّي

1- قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام : دخل أبوبكر و جمعه، ثُم ارتق المنبردون مقامِ رسُولِ الله صلى الله عليه وآله بدرجةٍ ، ثُم حمد الله وأثنى عليه، وذكر النبي صلى الله عليه وآله ، فقال في الجماعةِ رجُلٌ: كيف يُصلّي عليه وقد خالف أمره الذي جاء من الله تعالى ! ثُم بدأ أبوبكر بنفسه، فساعة ما ذكر نفسه انتقض عليهِ عقِبُهُ الَّذِي لدغه فيه الحريش، فقصر قامته، وأسبل ثوبه على عقبه، وأوجز في كلامه، ونزل عن المنبر، وأسرع إلى منزله يستقيم حاله، فتبعه أبوذرٍ مُسرِعاً، فلما دخل أبوبكر منزله هجم عليه، ودخل خلفه، ثُمّ قال له: يا أبابكر، بالله عليك هل انتقض عليك عقِبُكَ الَّذِي ضربك فِيهِ الحَرِيشُ في الغارِ، وقال لك رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: ويلك ، لا تحزن. فقلت: أخافُ الموت؟ فقال: لا تموتُ، إِنما ينتقِضُ عليك ساعةً تنقُضُ عهدِي وتظلِمُ وصي ؟ فقال له أبوبكر : من أين لك ذلك، وما كُنت معنا في الغارِ؟ فقال: إنّ أمير المؤمنين علي عليه السلام قال : إذهب فانظر إلى أبي بكرٍ، فَإِنَّهُ يَبْلُغُ إِلى داره فينتقِضُ عليهِ عقِبُهُ الَّذِي لدغهُ فِيهِ الحريش. فأتيتُك كما أخبرني المظلومُ الصَّادِقُ ، ثم دخل عمرُ هناك النفع منبق و خرج أبوذر مُسرعاً .(2)

أراد قتل الأمير عليه السلام

1- روى الراوندي أن علياً عليه السلام لما امتنع من البيعة على أبي بكر أمر خالد بن الوليد أن يقتل عليّاً إذا ما سلّم من صلاة الفجر بالنّاس فأتى خالد وجلس إلى جنب علي عليه السلام ومعه السيف.

ص: 204


1- بصائر الدرجات : 421 ح 11 ، طرف من الأنباء والمناقب :280 ، مدينة معاجز الأئمة 2 : 202ح 507 و بحار الأنوار 40 : 185 ح 68.
2- مدينة معاجز الأئمة 240:2 ح 526 والبرهان في تفسير القرآن 2 : 781.

فكان أبوبكريتفكر في صلاتِهِ في عاقِبةِ ذلِك فخطر بباله أنّ علِيّاً إن قتله خالِدٌ ثارت الفتنة و إِن بني هاشم يقتلونني.

فلما فرغ من التشهدِ التفت إلى خالِدٍ قبل أن يُسلّم وقال لا تفعل ما أمرتُكَ بِهِ.

ثم قال السلام عليكم فقال علي عليه السلام لِخالِدٍ أكُنت تُرِيدُ أن تفعل ذلك قال نعم .

فمد يده إلى عُنُقِهِ وخنقه بإصبعين كادت عيناه تسقُطانِ مِن رأْسِهِ و ناشده بِاللهِ أن يتركه و شفع إليهِ النَّاسُ فِي تخليتِهِ فخلاه.

فكان خالِدٌ يرصُدُ الفُرصة و الفجأة لعلّه يقتُلُ عليّاً غِرّةً.

وقد بعث أبوبكر ذات يوم عسكراً مع خالد إلى موضع.

فلَمّا خرجُوا مِن المدينة وكان على خالِدٍ السّلاحُ التّامُ وحواليهِ شُجعان قد أُمروا أن يفعلوا كُلّما يامُرُهُم خالِدٌ وأنه رأى عليّاً يجيءُ مِن ضيعةٍ لهُ مُنفرداً بِلا سلاح فقال خالِدٌ في نفسِهِ الآن وقت ذلك.

فلَمّا دنا من علي عليه السلام و كان في يدِ خالِدٍ عمُودُ حدِيدٍ رفعه ليضربه على رأس علي فوتب عليه السلام إِليهِ فانتزعهُ مِن ِيدِهِ وجعلهُ فِي عُنُقِهِ كالقلادة وفتله.

فرجع خالِدٌ إلى أبي بكر و احتال القومُ في كسره فلم يتهيا لهم شيء فاستحضروا جماعةً مِن الحدادين فقالُوا هذا لا يُمكن انتِزاعُهُ إِلَّا بِالنَّارِ وإِنّ ذلك يُؤدّي إلى هلاكه. و لَما علم القومُ بِكيفية الحال قال بعضُهم إنّ علِيّاً هُو الّذِي يُخلِصُهُ مِن ذلِك كما جعلهُ فِي رقبته وقد ألان الله له الحديد كما ألانهُ لِداود.

فشفع أبوبكر إلى علي فأخذ العمود و فك بعضه من بعض بإصبعين.(1)

2- عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ، قال : لما أبطأ على عن البيعة على الأول، أمر الأول خالد بن الوليد فقال: إذا سلّم على من صلاة الفجر فاقتله، فسلّم الأول في نفسِهِ ، ثُمّ ندم فنادی یا خالد لا تفعلنّ ما أمرتك به، وخالد إلى جنب علي فقال : له عليه السلام أو

ص: 205


1- الخرائج و الجرائح 2 : 757 75 ، بحار الأنوار 29 : 159 ح 36 ومدينة معاجز الأئمة 3 : 149 ح 806.

كنت فاعلا ؟ ، قال : نعم، قال: أنت أضيقُ حلقةِ إستٍ من ذلك، ثم أهوى علي بيده إلى حلق خالد، فجعل يرغُورُغاء البكر. قال : فاجتمع عليه النّاس، فلم يقدروا على أن يخلصوه، فقال الأول : لو اجتمع عليه أهلُ منى لم يخلصوه، ولكن سلوه بحرمة صاحب القبر و المنبر فناشدوه بذلك فتركه .(1)

3 - عن عمرو بن نصر، قال: سمعتُ خالد بن الوليد القسري يغتاب عليّاً ويقولُ: والله لو كان في أبي تُراب خير ما أمر أبوبكر الصديق بقتله.(2)

4- قال سليم قال ابنُ عبّاس: إنهم تأمرُوا وتذاكرُوا فقالُوا: لا يستقيم لنا أمر مادام هذا الرجلُ حياً فقال أبوبكر: من لنا بقتله ؟ فقال عمر : خالد بن الوليد فأرسلا إليه فقالا : يا خالد ما رأيك في أمر نحملك عليه ؟ قال: إحملاني على ما شئتُما، فوالله إن حملتماني على قتل ابن أبي طالب لفعلتُ. فقالا : والله ما نُريد غيره. قال: فإنّي له فقال أبوبكر: إذا قُمنا في الصلاة صلاة الفجر فقُم إلى جانبه و معك السيف. فإذا سلّمتُ فأضرب عنقه . قال: نعم. فافترقوا على ذلك . ثم إنّ أبابكر تفكر فيما أمر به من قتل علي عليه السلام وعرف أنه إن فعل ذلك وقعت حرب شديدة وبلاءً طويل، فندم على ما أمره به. فلم ينم ليلته تلك حتى أصبح ثم أتى المسجد وقد أُقيمت الصلاة. فتقدم فصلّى بِالنَّاسِ مُفكّرا لا يدري ما يقولُ . وأقبل خالد بن الوليد متقلّداً بالسيف حتى قام إلى جانب علي عليه السلام ، وقد فطن علي عليه السلام ببعض ذلك . فلما فرغ أبوبكر من تشهده صاح قبل أن يُسلّم : يا خالد لا تفعل ما أمرتك، فإن فعلت قتلتُك ثم سلم عن يمينه وشماله.

فوثب علي عليه السلام فأخذ بتلابيب خالد و انتزع السيف من يده، ثمّ صرعه و جلس على صدره وأخذ سيفه ليقتله، واجتمع عليه أهلُ المسجد ليخلصوا خالداً فما قدروا عليه. فقال العبّاس: حلفوه بحق القبرِ لما كففت فحلّفوه بالقبر فتركه، وقام فانطلق إلى منزله. وجاء الزبيرو العباس وأبو ذر والمقداد وبنو هاشم واخترطوا السُّيوف وقالوا: والله لا تنتهون حتّى يتكلّم ويفعل واختلف الناس و ماجوا واضطربوا. وخرجت نسوة بني هاشم فصرخن وقلن: يا أعداء الله ، ما

ص: 206


1- المسترشد في الإمامة :455.
2- المسترشد في الإمامة :456.

أسرع ما أبديتُم العداوة لرسولِ اللهِ وأهل بيته لطالما أردتُم هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله، فلم تقدروا عليه، فقتلتم إبنته بالأمس، ثم أنتُم تُريدون اليوم أن تقتلوا أخاه وابن عمّه ووصيه وأبا ولده ؟ كذبتم وربّ الكعبة. ما كنتُم تصلون إلى قتله. حتّى تخوف النّاسُ أن تقع فتنةً عظيمةً.(1)

في ذكر صحبته في الغار

1- روى أبوبصير عن أبي عبد الله عليه السلام في خَبر خُروج رسول الله صلى الله عليه واله هارباً من قريش فَأتبعه عتيق ويُريدُ أَن يغمر ( يغمز) به إلى قُريش فَأَعْلَمَه الله تعالى بذلكَ وأَمَره أَن يَأخَذَه مَعه وإِلَّا دَلَّ عَليه فَوقَفَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله حتَّى دَنا منه فَأَخذَ يَدَه و قالَ لَه : تَعال ! فمازلت الليلة لي موذياً. فقال: يا رسول الله ! إنّما أردتُ أشيعك وأعلمُ علمَكَ ولا حاجةً لي أن أكونَ معكَ بَل أُحبُّ أَن أكونَ بمكَّةَ أَرْبُّ عنكَ. فقالَ: إن الله تعالَى أَمرَني أَن أَخُذَكَ مَعِي ثُمَّ قبضَ عَلَيه وكَانَ مِن أَسْدِ النَّاسِ قبضةً. فانطَلَقَ معه وهُو كاره. فلما انتهى إلى الغَار أقبَلَ أبوبكر يضطرب مخافةً على نَفسِه أَن يُقتل ! فقالَ النَّبِيُّ لما عرف ذلك عنه: ويلك ! لا تحزن إِنَّ اللهَ مَعَنا. ثمَّ أَراهُ البحرو السفينة وما يهزّفيه وقال: إن جاؤُوا مِن ههنا ركبنا مِن هُنا، فكفَرَ الأول وقال: هذا ساحِرٌ مُبين و ما هو الا ساحرُ كَذَّابٌ . قال إسحاق بن عَمَّانٍ: لَم تُنزَل الا ويلكَ ! لا تَحْزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا. وعَن إِبن عباس قال : كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله يمشي إلى الغَار و الأول معه فتارةً يمشي عن يمينه و تارةٌ عَن يَساره و تارةٌ عَن أَمامِه و تارةٌ عَن وَرائه كانَ يُريدُ بالنَّبي صلى الله عليه واله مكراً.(2)

أقول: قال ناصبي إنّ كلب أهل الكهف يحشر معهم فكيف أبوبكر! فأجبت إن الكلب حرسهم و لم ينبح عليهم . و قوله تعالى { وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد معناه الثبوت و الإستقامة ولم يثبت عن أبي بكر إلا الجزع والهلع و الحزن .

ص: 207


1- کتاب سليم :394 و بحار الأنوار 28 : 305.
2- مثالب النواصب 3: 138

الصحابة الذين أنكروا عليه في الخلافة

1- عن زيد بن وهب قال: كان الذين أنكروا على أبي بكرٍ جلوسه في الخلافة وتقدمه على علي بن أبي طالب عليه السلام اثني عشر رجُلا مِن المهاجرين والأنصار وكان من المهاجرين خالِدُ بنُ سعيد بن العاص والمقداد بن الأسود و أبي بن كعب و عمار بن ياسر و ابوذر الغفاري و سلمان الفارسي و عبد الله بن مسعُودٍ وبُريدةُ الأسلمي و كان مِن الأَنصارِ خُزيمةُ بنُ ثَابِتٍ ذُو الشهادتين وسهل بنُ حُنيفٍ وأبو أيوب الأنصارِيُّ وأبو الهيثم بن التيهان و غيرهُم فَلَمّا صعد المنبر تشاوروا بينهم في أمره فقال بعضُهُم هلا نأتِيهِ فَنُنَزِّلَهُ عن مِنبرِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و قال آخرون إن فعلتُم ذلِك أعنتُم على أنفُسِكُم وقال الله عزّوجل ﴿ولا تُلْقُوا بأيدِيكُم إلى التهلكة﴾(1) ولكن امضوا بنا إلى علي بن أبي طالب عليه السلام نستشيره و نستطلع أمره فأتوا عليّاً عليه السلام فقالوا يا أمير المؤمنين ضيّعت نفسك وتركت حقاً أنت أولى به وقد أردنا أن نأتي الرجُل فنُنزِلهُ عن مِنبرِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فإن الحق حقك وأنت أولى بالأمرِ مِنهُ فكرهنا أن نُنزِلَهُ مِن دُونِ مُشاورتك فقال لهم علي عليه السلام لو فعلتُم ذلِك ما كُنتُم إِلَّا حرباً لهم ولا كُنتُم إلا كالكحل في العين أو كالملح في الرّادِ وقد اتفقت عليه الأمة التاركةُ لقول نبيّها والكاذِبةُ على ربّها ولقد شاورتُ في ذلك أهل بيتي فأبوا إِلَّا السُّكُوتِ لِما تعلمون من وغرِ صُدُورِ القومِ و بُغضِهِم لِله عزّ و جلّ ولأهلِ بيتِ نبيه عليهم السلام و إِنَّهُم يُطَالِبُون بثاراتِ الجاهِلِيَّةِ والله لو فعلتُم ذلِك لشهرُوا سُيُوفهُم مُستعِدِين للحرب والقِتالِ كما فعلوا ذلك حتى قهرُونِي وغلبوني على نفسِي و لبّبُوني و قالُوا لِي بايع وإلا قتلناك فلم أجد حِيلةً إلّا أن أدفع القوم عن نفسي وذاك أنّي ذكرتُ قول رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يا علي إن القوم نقضُوا أمرك واستبدوا بها دونك وعصوني فيك فعليك بالصبر حتى ينزِل الأمر ألا وإِنهم سيغدِرُون بِك لا محالة فلا تجعل لهم سبيلا إلى إذلالِك وسفك دمك فإنّ الأمة ستغدِرُبك بعدِي كذلك أخبرني جبرئيل عليه السلام عن ربّي تبارك وتعالى ولكن ائتوا الرّجُل فأخبرُوهُ بِما سمِعتُم مِن نبيّكُم ولا تجعلُوهُ فِي الشُّبهة مِن أمرِه لِيكُون ذلك أعظم لِلحُجّةِ عليهِ وأزيد و أبلغ فِي عُقُوبَتِهِ إذا أتى ربّه وقد عصى نبيه وخالف أمره قال فانطلقوا حتى حقُوا مِنبرِ رسُولِ الله صلى الله عليه وآله يوم جمعة فقالُوا لِلمُهاجِرِين إنّ الله عزّ و جلّ بدأ بِكُم في القرآن فقال ﴿لقد تاب الله على النّبِيِّ و

ص: 208


1- البقرة : 192.

المهاجرين والأنصار﴾(1) فيكم بدأ و كان أوّل من بدأ وقام خالِدُ بنُ سعيد بن العاص بإدلالِهِ ببني أُمية فقال يا أبابكراتق الله فقد علمت ما تقدّم لعلي عليه السلام من رسُولِ الله صلى الله عليه وآله ألا تعلم أن رسول الله صلى اله عليه وآله قال لنا ونحنُ مُحتوشُوه في يوم بني قريظة وقد أقبل على رِجالٍ مِنّا ذوي قدر فقال يا معشر المهاجرين والأنصارِ أُوصِيكُم بوصيّة فاحفظوها و إِنِّي مُؤد إليكم أمراً فاقبلُوهُ ألا إنّ علياً أميركُم مِن بعدي وخليفتي فيكم أوصاني بذلك ربّي وإنكم إن لم تحفظوا وصيّتي فِيهِ وتُؤوُوهُ و تنصُرُوهُ اختلفتُم في أحكامِكُم واضطرب عليكُم أمرُدِينِكُم وولي عليكُمُ الأَمر شِرارَكُم ألا و إِنَّ أهل بيتي هُمُ الوارثون أمري القائِلُون بِأمرِ أُمَّتِي اللّهُم فمن حفِظ فِيهِم وصيّتي فاحشره في زمرتي واجعل لهُ مِن مُرافقتي نصيباً يُدرِكُ بِهِ فوز الآخرةِ اللّهُم ومن أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الجنّة التي عرضُها السماوات والأرضُ فقال له عمر بن الخطابِ اسكت يا خالد فلست من أهل المشورة ولا يمن يُرضى بقولِهِ فقال خالِدٌ بل اسكت أنت يا ابن الخطاب فوالله إنك لتعلم أنك تنطِقُ بِغيرِ لِسانِك وتعتصِمُ بِغيرِ أركانك واللهِ إِنّ قُريشاً لتعلم أني أعلاها حسباً وأقواها أدباً و أجملها ذكراً و أقلّها غِنًى مِن اللهِ ورسولِهِ وإنّك ألأمها حسباً وأقلها عدداً و أخملُها ذكراً وأقلها مِن الله عزّو جلّ و مِن رَسُولِهِ و إِنّك لجبانٌ عِند الحربِ بخِيلٌ في الجدبِ لئِيمُ العُنصُرِ ما لك في قُريش مفخر قال فأسكته خالِدٌ فجلس ثُمّ قام أبوذر رحمةُ اللهِ عليهِ فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه أما بعد يا معشر المهاجرين والأنصارِ لقد علمتُم و علم خِيارُكُم أنّ رسُول الله صلى اله عليه واله قال الأمر لعلي عليه السلام بعدي ثم للحسن والحسين عليهما السلام ثم في أهل بيتي من ولد الحسين فاطرحتُم قول نبيّكُم و تناسيتُم ما أوعز إليكم و اتبعتُمُ الدّنيا وتركتُم نعيم الآخرةِ الباقِيةِ الَّتِي لا تُهدمُ بُنياتها ولايزُولُ نعِيمُها ولا يحزنُ أهلها ولا يموتُ سُكّانها وكذلك الأمم التي كفرت بعد أنبيائها بُدّلت و غُيّرت فحاذيتُمُوها حذو القُذَّةِ بِالقُذَّةِ والنَّعْلِ بِالنَّعل فعما قليل تذُوقُون وبال أمرِكُم ﴿و ما الله بظلام للعبيد﴾(2) ثم قال ثُمَّ قام سلمان الفارسي رحمه الله فقال يا أبابكر إلى من تستند أمرك إذا نزل بك القضاء و إلى من تفزع إذا سئلت عمّا لا تعلم وفي القومِ من هو أعلمُ مِنك وأكثر في الخير أعلاماً ومناقب مِنك و أقربُ مِن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله قرابةً وقدمةً

ص: 209


1- التوبة : 117.
2- فصلت :46.

في حياتِهِ قد أوعز إليكُم فتركتُم قوله و تناسيتُم وصيّته فعما قليل يصفوا لكُم الأمرُحِين تزُورُوا القُبُور وقد أثقلت ظهرك مِن الأوزار لو حملت إلى قبرك لقدمت على ما قدمت فلو راجعت إلى الحقِّ وأنصفت أهله لكان ذلك نجاة لك يوم تحتاج إلى عملك و تفردُ فِي حُفرتك بذنوبك عمّا أنت له فاعِلٌ وقد سمِعت كما سمعنا و رأيت كما رأينا فلم يُروّعك ذلك عمّا أنت له فاعِل فالله الله في نفسك فقد أعذر من أنذر ثُم قام المقداد بن الأسودِ رحمةُ اللهِ عليهِ فقال يا أبا بكر اربع على نفسك وقس شبرك بفترك والزم بيتك وابكِ على خطيئتك فإنّ ذلِك أسلم لك في حياتك و مماتك ورُدّ هذا الأمر إلى حيث جعله الله عزّو جل ورسوله ولا تركن إلى الدنيا ولا يغرنك من قد ترى من أوغادِها فعما قليل تضمحِلُّ عنك دنياك ثم تصير إلى ربّك فيجزيك بعملك وقد علمت أن هذا الأمر لعلي عليه السلام وهو صاحِبُهُ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله و قد نصحتك إن قبلت نُصحِي ثُمَّ قام بُريدةُ الأَسْلَمِيُّ فقال يا أبابكر نسيت أم تناسيت أم خادعتك نفسك أما تذكر إذ أمرنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فسلمنا على علي بإمرة المؤمنين و نبينا صلى الله عليه وآله بين ظهرنا فاتَّقِ الله ربّك و أدرك نفسك قبل أن لا تُدركها وأنقذها من هلكتها ودع هذا الأمرو وكّلهُ إِلى مِن هُو أَحقُّ بِهِ مِنكَ ولا تُمادِ في غيّك وارجع وأنت تستطِيعُ الرُّجُوع فقد نصحتك نُصحِي وبذلتُ لك ما عِندِي فإن قبلت وفقت و رشدت ثُمَّ قام عبد الله بن مسعودٍ فقال يا معشر قريش قد علمتُم و علم خِيارُكُم أن أهل بيتِ نبيّكُم صلى الله عليه وآله أقرب إلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله مِنكُم وإِن كُنتُم إِنّما تدعُون هذا الأمر بقرابة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وتَقُولُون إنّ السابقة لنا فأهل نبيكُم أقرب إلى رسُولِ اللهِ مِنكُم وأقدمُ سابقةً مِنكُم وعلي بن أبي طالب عليه السلام صاحب هذا الأمر بعد نبيّكُم فأعطوه ما جعله الله له ولا ترتدوا على أعقابِكُم فتنقلِبُوا خاسِرِينَ ثُمَّ قام عمّارُ بنُ ياسر فقال يا أبا بكر لا تجعل لنفسك حقاً جعله الله عزّ و جلّ لِغيرِك ولاتكُن أوّل من عصى رسول الله صلى الله عليه وآله و خالفه في أهل بيتِهِ واردُدِ الحق إلى أهلهِ تخِفُّ ظهرك و وتقِلُّ وِزْرُك و تلقى رسول الله صلى الله عليه واله و هو عنك راض ثُمّ تصيرُ إِلى الرَّحمنِ فيُحاسِبُك بعملك ويسألك عما فعلت ثُم قام خُزيمةُ بنُ ثَابِتٍ ذُو الشهادتين فقال يا أبا بكراً لست تعلمُ أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قبل شهادتي وحدي ولم يُرِد معِي غيري قال نعم قال فأشهدُ بِاللهِ أَنِّي سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقُولُ أهل بيتي يفرقون بين الحق والباطِلِ وهُمُ الأئمةُ الَّذِين يُقتدى بهم ثم قام أبو الهيثم بن التيهان فقال يا أبا بكر أنا أشهد على النبي صلى الله عليه واله أنه أقام علياً فقالت الأنصارُ ما أقامهُ إلّا لِلخلافة وقال بعضُهم ما أقامه إلا

ص: 210

ليعلم النَّاسُ أَنَّهُ ولِيُّ من كان رسولُ الله صلى اله عليه وآله مولاه فقال عليه السلام إنّ أهل بيتي نُجُومُ أَهلِ الأَرْضِ فَقَدِّمُوهُم ولا تقدّموهم ثُمّ قام سهلُ بنُ حُنيفٍ فقال أشهدُ أنّي سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله قال على المنبرِ إمامُكُم مِن بعدِي علي بن أبي طالب عليه السلام و هو أنصحُ النَّاسِ لأُمَّتِي ثُمَّ قام أبو أيوب الأنصارِيُّ فقال اتَّقُوا الله في أهل بيت نبيّكُم ورُدُّوا هذا الأمر إليهم فقد سمعتُم كما سمعنا في مقام بعد مقامٍ من نبي الله صلى اله عيه واله أنهم أولى بِهِ مِنكُم ثُمَّ جلس ثُمَّ قام زيد بن وهب فتكلّم وقام جماعة من بعدِهِ فتكلّمُوا بنحو هذا فأخبر الثّقة من أصحابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله أن أبابكر جلس في بيته ثلاثة أيام فلما كان اليومُ الثَّالِثُ أتاه عمر بن الخطاب و طلحة والزبير و عُثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح مع كُلّ واحِدٍ مِنهم عشرةُ رِجالٍ مِن عشائرهم شاهِرِين السُّيوف فأخرجُوهُ مِن منزله وعلا المنبر و قال قائِلٌ مِنهُم والله لئن عاد مِنكُم أحدٌ فتكلّم مِثلِ الَّذِي تكلّم بِهِ لنملأنّ أسيافنا مِنهُ فجلسوا في منازلهم ولم يتكلم أحد بعد ذلك.(1)

2- عن أبان بن تغلب قال : قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق جعلت فداك هل كان أحد في أصحاب رسول الله أنكر على أبي بكر فعله و جلوسه مجلس رسول الله ؟ فقال: نعم كان الذي أنكر على أبي بكر اثني عشر رجلا من المهاجرين : خالد بن سعيد بن العاص وكان من بني أمية ، وسلمان الفارسي ، وأبوذر الغفاري ، والمقداد بن الأسود ، وعمّار بن ياسر، وبريدة الأسلمي و من الأنصار أبوالهيثم بن التيهان ، وسهل وعُثمان ابنا حنيف ، وخزيمة بن ثابت ذوالشهادتين ، و أبي بن كعب ، وأبو أيوب الأنصاري.

قال : فلما صعد أبوبكر المنبر تشاوروا بينهم فقال بعضُهم لبعض : والله لنأتينه ولننزلنه عن منبر رسول الله ، و قال الآخرون منهم : والله ليّن فعلتُم ذلك إذا لاعنتُم على أنفسكم ، وقد قال الله عزّوجل ﴿ولا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُم إلى التهلكة﴾(2) فانطلقوا بنا إلى أمير المؤمنين عليه السلام لنستشيره و نستطلع رأيه ، فأنطلق القومُ إلى أمير المؤمنين بأجمعهم فقالوا يا أمير المؤمنين تركت حقاً أنت أحق به وأولى منه ، لأنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقولُ: علي مع الحق والحق مع

ص: 211


1- الخصال 461:2 ح 1 ، اليقين : 336 ، الدر النظيم : 443 و بحار الأنوار 28 : 208 ح 7.
2- البقرة : 195.

على يميل مع الحقِّ كيف مال و لقد هممنا أن نصير إليه فننزله عن منبر رسول الله صلى الله عليه وآله فجئناك نستشيرك ونستطلع رأيك فيما تأمرنا ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : وأيم الله لو فعلتم ذلك لما كنتُم لهم إلا حربا ، و لكنكم كالملح في الزاد ، و كالكحل في العين ، وأيم الله لو فعلتم ذلك لأتيتموني شاهرين أسيافكم مُستعدين للحرب والقتال إذا لاتوني فقالوا لي بايع ، وإلا قتلناك ، فلابد من أن أدفع القوم عن نفسي، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله أوعز إلي قبل وفاته؛ قال لي : يا أبا الحسن إنّ الأمة ستغدرُ بك بعدي ، وتنقض فيك عهدي ، وإنّك منّي بمنزلة هارون من موسى ، وإنّ الأمة من بعدي بمنزلة هارون ومن اتبعه والسامري ومن اتبعه ، فقلتُ يا رسول الله فما تعهد إلى إذا كان ذلك ؟ فقال : إن وجدت أعواناً فبادر إليهم وجاهدوهم إن لم تجد أعواناً كف يدك واحقن دمك حتى تلحق بي مظلوماً.

ولَما تُوفي رسول الله صلى الله عليه وآله إشتغلتُ بغُسله وتكفينه والفراغ من شأنه ثم آليتُ يميناً أن لا أرتدي إلا للصلاة حتى أجمع القرآن ففعلتُ ، ثم أخذتُ بيدِ فاطمة وابني الحسن والحسين فدرت على أهل بدر و أهل السابقة فناشدتهم حتي ودعوتهم إلى نصرتي فما أجابني منهم إلا أربعةُ رهط منهم سلمان وعمار والمقداد وأبوذر و لقد راودت في ذلك تقييد بينتي ، فاتقوا الله على الشكوت لما علمتم من وغرِ صدور القوم و بُغضهم الله ولرسوله ولأهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله ، فانطلقوا بأجمعكم إلى الرجل فعرفوه ما سمعتم من قول رسولكم صلى الله عليه وآله ليكون ذلك أوكد للحجّة ، وأبلغ للعُذر و أبعد لهم من رسول الله صلى الله عليه وآله إذا وردوا عليه.

فسار القوم حتى أحدقوا بمنبرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وكان يوم الجمعة ، فلما صعد . أبوبكر المنبر قال المهاجرون للأنصارِ تقدّموا فتكلموا ، وقال الأنصار للمهاجرين بل تُكلّموا أنتم ! إلى أن قال:

فأوّلُ من تكلّم به خالد بن سعيد بن العاص ثم باقى المهاجرين ثم من بعدهم الأنصار ، وروي أنهم كانوا غيباً عن وفاتِ رسولِ الله فقدموا وقد تولّى أبوبكر وهُم يومئذ أعلام مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فقام خالد بن سعيد بن العاص وقال :

إتق الله يا أبابكر فقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال و نحنُ مُحتوشوه يوم قريظة حين فتح الله له وقد قتل على يومئذٍ عِدَةً مِن صناديد رجالهم ، وأولى البأس والنجدة منهم : يا معاشر

ص: 212

المهاجرين والأنصار إِنِّي مُوضِيكم بوصيّةٍ فاحفظوها و مُودّعكم أمراً فاحفظوه ، ألا إن علي بن أبي طالب عليه السلام أميركُم بعدي ، وخليفتي فيكم ، بذلك أوصاني ربّي ألا و إنّكم إن لم تحفظوا فيه وصيّتي وتوازروه وتنصروه ، إختلفتُم في أحكامكم ، وإضطرب عليكم أمرُدينِكُم ، وولّيكم شراركُم ألا إنّ أهل بيتى هُمُ الوارثون لأمري، والعالمون بأمر أمتي من بعدي اللهم من أطاعهم من أمتى وحفظ فيهم وصيّتي فاحشُرهُم في زمرتي ، واجعل لهم نصيباً من مرافقتي ، يُدركون به نور الآخرة ، اللهم و من أساء خلافتي في أهل بيتي فاحرمه الجنّة التي عرضُها كعرض السماء و الأرض فقال له عمرُ بنُ الخطاب : أسكت يا خالد فلست من أهل المشورة و لا ممن يُقتدى برأيه ، فقال خالد : أُسكت يا ابن الخطابِ فإنك تنطقُ عن لِسانِ غيرك وأيم الله لقد علمت قريش أنك مِن ألامها حسباً وأدناها منصباً وأختها قدرا و أخملِها ذكراً وأفلهم غناءً عن الله ورسولِهِ وإنّك لجبانٌ في الحروب بخيلٌ بِالمالِ لئيمُ العُنصر، مالك في قريش من فخر، ولا في الحروب من ذكر، وإنّك في هذا الأمر بمنزلة الشّيطانِ ﴿إذ قال للإنسانِ اكفُر فلَمّا كفر قال إِنِّي برِيءٌ مِنك إِنِّي أخافُ الله ربّ العالمين فكان عاقبتهما أنّهُما في النّارِ خالِدِينِ فيها وذلك جزاء الظالمين﴾(1) فأبلس عمرُ ، وجلس خالد بن سعيد.

ثم قام سلمان الفارسي وقال : کردید و نکردید و ندانید چه کرديد. أي: فعلتُم و لم تفعلوا و ما علمتُم ما فعلتُم وقد كان امتنع من البيعة قبل ذلك حتى وجئ عنقه ، فقال : يا أبابكر إلى من تسند أمرك ، إذا نزل بك ما لا تعرفه وإلى من تفزع إذا سُئلت عمّا لا تعلمه وما عُذرك في تقدم من هو أعلم منك و أقرب إلى رسولِ الله صلى الله عليه وآله و أعلمُ بتأويل كتاب الله عزّوجل وسنّة نبيه و من قدمه النبي صلى الله عليه وآله في حياتِهِ ، وأوصاكُم بِه عِند وفاته ، فنبذتُم قوله ، و تناسيتُم وصيّته وأخلفتُم الوعد و نقضتُم العهد وحللتم العقد الذي كان عقده عليكم من النفوذ تحت راية أُسامة بن زيد حذراً من مثل ما أتيتموه وتنبيهاً للأمة على عظيم ما إجترحتُمُوهُ مِن مخالفة أمره ، فعن قليل يصفُو لك الأمر وقد أثقلك الوزرُ ونُقلت إلى قبرك وحملت معك ما اكتسبت يداك ، فلو راجعت الحق مِن قُرب وتلافيت نفسك ، وتبت إلى الله من عظيم ما اجترمت كان ذلك أقرب إلى

ص: 213


1- الحشر : 16 و 17.

نجاتك يوم تفرد في حُفرتك ويسلمك ذوو نُصرتك ، فقد سمعت كما سمعنا، ورأيت كما رأينا ، فلم يُردعُك ذلك عمّا أنت مُتشبّت به مِن هذا الأمر الذي لا عُذر لك في : تقلده ولا حظ للدين والمسلمين في قيامك به ، فالله الله في نفسك ، فقد أعذر من أنذر ، ولا تكن كمن أدبر و استكبر.

ثم قام أبوذر فقال : يا معاشر قريش أصبتُم قباحة وتركتُم قرابة والله لترتدنّ جماعة من العرب و لتشكنّ في هذا الدين ، ولو جعلتم الأمر في أهل بيتِ نبيّكم ما إختلف عليكم سيفان ، والله لقد صارت لمن غلب ولتطمحنّ إليها عين من ليس من أهلها ، وليسفكن في طلبها دماء كثيرة ، فكان كما قال أبوذر.

ثم قال لقد علمتم وعلم خياركم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال : الأمر بعدي لعلي ثم لإبني الحسنِ والحسين ، ثمّ للظاهرين من ذرّيّتي ، فأطرحتُم قول نبيّكم وتناسيتُم ما عهد به إليكم ، فأطعتم الدنيا الفانية ، وبعتُم الآخرة الباقية التي لا يهرم شبابها ، ولا يزول نعيمها ، ولا يحزن أهلها ، و لا تموتُ سكّانها ، بالحقير التافه الفاني الزائل ، وكذلك الأمم من قبلكم كفرت بعد أنبيائها ، ونكصت على أعقابها ، وغيّرت وبدلت واختلفت فساويتُمُوهم حذو النّعلِ بِالنّعل والقدّةِ بالقذة ، وعما قليل تذوقون وبال أمركم ، وتجزون بما قدّمت أيديكم ، ﴿وما اللهُ بِظلام للعبيد﴾(1) ثم قام المقداد بن الأسود و قال : إرجع يا أبا بكر عن ظلمك وتُب إلى ربّك و ألزم بيتك ، وإبكِ على خطيئتك ، وسلّم الأمر لصاحبِهِ الّذي هُو أولى بهِ منك ، فقد علمت ما عقده رسولُ الله صلى الله عليه وآله في عُنقك من بيعته ، وألزمك من النفوذ تحت راية أسامة بن زيد و هو مولاه ، ونبه على بطلان وجوب هذا الأمر لك ولمن عضدك عليه بضمّه لكما إلى علم النفاق ومعدن الشنآن والشقاق عمرو بن العاص الذي أنزل الله تعالى فيه على نبيه صلى الله عليه وآله ﴿إن شانئك هو الأبتر﴾(2) فلا إختلاف بين أهلِ العِلم أنها نزلت في عمرو . و هو كما أميراً عليكما وعلى سائر المنافقين في الوقت الذي أنفذه رسول الله صلى الله عليه وآله في غزاة ذات السلاسل وأن عمرا قلّدكما حرس عسكره فمن الحرس إلى الخلافة ؟ إنّقِ الله و بادِر الإستقالة قبل فوتها ، فان ذلك

ص: 214


1- آل عمران :182.
2- الكوثر : 3.

إسم لك في حياتك وبعد وفاتك ، ولا تركن إلى دنياك ، ولا تُغرّرك قريش و غيرها ، فعن قليل تضمحِلُ عنك دنياك ، ثم تصير إلى ربّك فيجزيك بعملك وقد علمت وتيقنت أن علي بن أبي طالب عليه السلام صاحب هذا الأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فسلّمه إليه بما جعله الله له ، فإنه أتم لسترك وأخفُ لِوزرك فقد والله نصحتُ لك إن قبلت نصحي ، وإلى الله ترجع الأمور.

ثم قام بُريدةُ الأسلمى فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون ، ماذا لقي الحق من الباطل يا أبا بكر أنسيت أم تناسيت أم خدعتك نفسك أم سوّلت لك الأباطيل أو لم تذكر ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وآله من تسمية علي عليه السلام بإمرة المؤمنين ، والنّبيُّ بين أظهرنا ، وقوله في عدة أوقات : هذا أميرُ المؤمنين ، وقاتِلُ القاسطين ، فإتق الله وتدارك نفسك قبل أن لا تدركها ، وأنقذها مما يُهلكها ، و أردد الأمر إلى من هو أحقُ به منك ، ولا تتماد في إغتصابه ، وراجع وأنت تستطيع أن تراجع ، فقد محضتك النصح ، ودللتك على طريق النّجاة ، فلا تكونن ظهيراً للمجرمين.

الاول ثم قام عمّار بن ياسر فقال : يا معاشر قريش يا معاشر المسلمين إن كنتُم علمتُم وإلا فاعلموا أنّ أهل بيت نبيّكم أولى به و أحق بارثه ، وأقوم بأمور الدين وآمن على المؤمنين ، وأحفظ لملته ، و أنصح لأمته ، فمروا صاحبكم فليرد الحق إلى أهله قبل أن يضطرب حبلكم ، ويضعف أمركم ، ويظفر عدوكم ، ويظهر شتاتكم وتعظم الفتنةُ بكم ، وتختلفون فيما بينكم ، ويطمع فيكم عدوكم ، فقد علمتم أنّ بني هاشم أولى بهذا الأمر منكم ، وعلي من بينهم وليكم بعهد الله ، و برسوله ، و فرق ظاهر قد عرفتُمُوه في حالٍ بعد حالٍ عند سد النبي صلى الله عليه وآله أبوابكم التي كانت إلى المسجد فسدها كلّها غير بابه وإيثاره إياه بكريمته فاطمة دون سائر من خطبها إليه منكم ، وقوله صلى الله عليه وآله : أنا مدينة العلم وعلى بابها ، فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها ، وأنتم جميعاً مُصطرخون فيما أشكل عليكم من أمور دينكم إليه ، وهُو مُستغن عن كل أحدٍ منكم ، إلى ماله من السوابق التي ليست لأفضلكم عند نفسه ، فما بالكم تحيدون عنه ، وتُغيّرون على حقه ، وتُؤثرون الحياة الدُّنيا على الآخرة ، بئس للظالمين بدلا أعطوه ما جعله الله له ولا تتولّوا عنه مدبرين ولا ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين.

ثم قام أبي بن كعب فقال : يا أبا بكر لا تجحد حقاً جعله الله لغيرك ولا تكن أول من عصى رسول الله صلى الله عليه آله في وصيّه وصفيه، وصدف عن أمره ، أردد الحق إلى أهله تسلم ، ولا تتماد في غيّك فتندم ، و بادِر الإنابة يخف وزرك ولا تخصص بهذا الأمر الذي لم يجعله الله لك نفسك ،

ص: 215

فتلقى وبال عملك ، فعن قليلٍ تُفارقُ ما أنت فيه ، وتصير إلى ربّك ، فيسئلك عمّا جنیت و ما ربُّك بظلام للعبيد.

ثم قام خزيمة بن ثابت فقال : أيّها الناس ألستُم تعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قبل شهادتي وحدي ، و لم يرد معى غيري ؟ قالوا بلى قال : فأشهدُ أنّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقولُ : أهلُ بيتي يفرّقون بين الحق والباطل وهُم الأئمةُ الّذين يُقتدى بهم ، وقد قلت ما علمتُ ، وما على الرسول إلا البلاغ المبين.

ثم قام أبو الهيثم بن التيهان فقال : وأنا أشهد على نبينا صلى الله عليه وآله أنه أقام عليّاً عليه السلام يعني في يوم غديرخم ، فقالت الأنصارُ ما أقامه إلا للخلافة ، وقال بعضُهم ما أقامه إلا ليعلم النَّاسُ أنه مولى من كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله مولاه ، وأكثروا الخوض في ذلك ، فبعثنا رجالا منا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فسألوه عن ذلك ، فقال : قولوا لهم : علي عليه السلام ولي المؤمنين بعدي ، و أنصح الناس لأمتي ، وقد شهدت بما حضرني فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إن يوم الفصل كان ميقاتاً.

ثم قام سهل بن حنيف فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي محمد وآله ثم قال : يا معاشر قريش إشهدوا على أنّي أشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد رأيتُه في هذا المكان يعنى الروضة و هو آخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يقول : أيها الناس هذا على إمامكم من بعدي و وصيتي في حياتي و بعد وفاتي ، وقاضي ديني ، ومنجز وعدي ، وأوّل من يُصافحني على حوضى ، فطوبى لمن تبعه ونصره ، والويل لمن تخلف عنه وخذله.

وقام معه أخوه عثمان بن حنيف فقال : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وآله يقولُ : أَهلُ بيتي نجومُ الأرض فلا تتقدّموهم ، وقدّموهم فهم الولاة بعدي فقام إليه رجلٌ فقال : يا رسول الله وأيُّ أهل بيتك ؟ فقال صلى الله عليه وآله علي و الظاهرون من ولده ، وقد بيّن صلى الله عليه وآله فلا تكن يا أبا بكر أول کافربه ﴿ولا تخُونُوا الله و الرّسُول و تخُونُوا أما ناتِكُم وأنتم تعلمون﴾(1) ثم قام أبو أيوب الأنصاري فقال: إتقوا الله عباد الله في أهل بيتِ نبيّكم و ردُّوا إليهم حقهم الذي جعله الله لهم ،

ص: 216


1- الأنفال : 27.

فقد سمعتم مثل ما سمع إخواننا في مقام بعد مقامٍ لنبينا صلى الله عليه واله ، و مجلس بعد مجلس يقولُ أهل بيتي أمتكم بعدي ، ويُؤمى إلى علي عليه السلام ويقول هذا أمير البررة ، وقاتل الكفرة ، مخذول من خذله ، منصور من نصره ، فتوبوا إلى الله من ظلمكم إنّ الله تواب رحيم ، ولا تتولوا عنه مدبرين ، ولا تتولّوا عنه معرضين.

قال الصادق عليه السلام : فأفحم أبوبكر على المنبر حتى لم يُحرّ جواباً ثم قال : وليتكم ولستُ بخيركم أقيلوني أقيلوني. فقال عمر بن الخطاب : إنزل عنها يا لكع إذا كنت لا تقوم بحجج قريش لم أقمت نفسك هذا المقام؟ والله لقد هممتُ أن أخلعك وأجعلها في سالم مولى أبي حذيفة ، قال : فنزل ثم أخذ بيده و انطلق إلى منزله وبقوا ثلاثة أيام لا يدخلون مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله فلما كان في اليوم الرابع جاءهم خالد بن الوليد و معه ألف رجل ، وقال لهم : ما جلوسكم فقد طمع فيها والله بنو هاشم ، وجاءهم سالم مولى أبي حذيفة و معه ألف رجل ، و جاءهم معاذ بن جبل و معه ألف رجل فما زال يجتمع رجل رجل حتى إجتمع أربعة آلاف فخرجوا شاهرين أسيافهم يقدِمُهُم عُمرُ بنُ الخطاب حتى وقفُوا بِمسجد النبي صلى الله عليه وآله فقال عمر: والله يا صحابة علي لئن ذهب الرّجلُ منكم يتكلّم بالّذي تكلّم به بالأمس لنأخذن الذي فيه عيناه.

فقام إليه خالد بن سعيد بن العاص وقال : يا ابن صهاك الحبشية أبأسيافكم تُهدّدونا ، أم يجمعكم تفزعُوننا ؟ والله إنّ أسيافنا أحدٌ مِن أسيافكم ، وإنا لأكثر منكم ، وإن كنا قليلين لأنّ حجّة الله فينا ، والله لولا أنّي أعلم أن طاعة إمامي أولى بي لشهرت سيفي ، ولجاهدتكم في الله إلى أن أبلى عُذري ، فقال له أمير المؤمنين إجلس يا خالد ، فقد عرف الله مقامك ، وشكر لك سعيك فجلس.

وقام إليه سلمان الفارسي وقال : الله أكبر الله أكبر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وإلّا صمتا يقولُ : بينا أخي و ابن عمّي جالس في مسجدي مع نفر من أصحابه إذ تكبشه جماعةٌ من كلاب أهل النار ، يُريدون قتله وقتل من معه ، ولستُ أشكُ ألا وإنّكم هُم ، فهم به عُمر بن الخطاب فوثب إليه أمير المؤمنين عليه السلام وأخذ بمجامع ثوبه ثم جلد به الأرض ، ثم قال يا ابن صهاك الحبشية ، لولا كتابٌ من الله سبق وعهد من رسول الله صلى الله عليه وآله تقدّم لأريتُك أَيُّنا أضعف ناصراً و أقل عدداً ثم التفت إلى أصحابه فقال إنصرفوا رحمكم الله ، فوالله لا دخلتُ

ص: 217

المسجد إلاكما دخل أخواى موسى وهارون إذ قال له أصحابه ﴿فاذهب أنت وربُّك فقاتِلا إِنَّا هاهنا قاعِدُون﴾(1)، والله لا أدخل إلا لزيارة رسول الله صلى الله عليه وآله أو لقضية أقضيها ، فإنّه لا يجوز لحجةٍ أقامه رسول الله صلى الله عليه وآله أن يترك الناس في حيرة.(2)

النوادر

1 - عن زرارة قال سمِعتُ أبا عبدِ اللهِ عليه السلام يقُولُ أدرك سلمانُ العِلم الأول والعِلم الآخر وهو بحر لا يُنزِحُ وهُو مِنَّا أهل البيتِ بلغ مِن عِلمِهِ أنْهُ مرّبِرجُلٍ فِي رهط فقال له يا عبد اللهِ تُب إلى الله عزّو جلّ مِن الّذِي عَمِلت بِهِ في بطن بيتك البارحة قال ثُم مضى فقال له القومُ لقد رماك سلمان بأمر فهما رفعته عن نفسك قال إِنَّهُ أخبرني بأمر ما اطلع عليه إلا الله وأنا.

و في خبر آخر مثله وزاد في آخره أن الرجل كان أبا بكر بن أبي قحافة.(3)

2 - عن حبشي بنِ جُنادة قال كُنتُ جالساً عِند أبي بكر فأتاهُ رجُلٌ فقال يا خليفة رسُولِ اللهِ إن رسول الله صلى الله علي وآله وعدني أن يحتُولِي ثلاث حثياتٍ من تمر فقال أبوبكرادعُوا لي عليّاً فجاء علي عليه السلام فقال أبوبكريا أبا الحسن إنّ هذا يذكر أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله وعده أن يحثو له ثلاث حثياتٍ مِن تمر فاحتها له فحتى لهُ ثلاث حثياتٍ مِن تمر فقال أبوبكر عُدُّوها فوجدوا في كُلّ حثيةٍ سِتّين تمرةً فقال أبوبكر صدق رسُولُ الله صلى الله عليه وآله سمعتُه ليلة الهجرة ونحن خارجون من مكة إلى المدينة يقُولُ يا أبابكركي وكف علي في العدل سواء ، فعند ذلك قال له الرجل:

أشهد أنك خليفةُ الله تعالى، وخليفة رسوله حقاً، وأنهم ليسوا بأهل لما جلسوا فيه. فعند ذلك كثر القيل والقالُ (هنالك)، فخرج عمر فسكتهم.(4)

ص: 218


1- المائدة : 24.
2- الإحتجاج 1 : 97 ، الصراط المستقيم 2 : 79 و بحار الأنوار 28 : 189-203 ح2.
3- رجال الكشي : 52 ح 25 و بحار الأنوار 22 : 373 ح 11.
4- الأمالي للمفيد :293ح 3 ومدينة معاجز الأئمة ج 3 : 36 ح701.

الْفَصَل الثانی: فى الثاني

اشارة

ص: 219

ص: 220

هذا ما يخص بذكر المتخلّف الثاني الذي ظلم حق محمد وآل محمد عليهم السلام و كُني بالطاغوت والشيطان الأكبر أرانا الله ما أوعده من العذاب و الخزي و الإحراق بيد وليه الأعظم عليه السلام وسيأتيك ما يناسب هذا الباب في الفصل الرابع في ذكر الثلاثة.

الثاني في الآيات

1- عن معرُوفِ بنِ خربوذ قال: قال لي أبو جعفر عليه السلام يا ابن خربوذ أتدري ما تأْوِيلُ هَذِهِ الآيَةِ ﴿فيومئِذٍ لا يُعذِّبُ عذابه أحدٌ ولا يُوثِقُ وثاقهُ أحدٌ﴾(1) قُلتُ لا قال ذاك الثاني لا يُعذِّبُ الله يوم القيامة عذابه أحداً.(2)

ص: 221


1- الفجر : 26 و 25.
2- تأويل الآيات : 768 ، بحار الأنوار 30 : 331 ح 155 و البرهان في تفسير القرآن 5 : 656 ح 11609.

2- عن علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿فيومئِذٍ لا يُعذِّبُ عذابه أحدٌ ولا يُوثِقُ وثاقه أحدٌ﴾(1) قال: هو الثاني.(2)

3 - عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : ﴿والشَّمس و ضُحاها﴾ الشمس أمير المؤمنين وضُحاها قِيامُ القائم لأن الله سبحانه قال ﴿وأن يُحشر النّاسُ ضُحًى﴾(3) ﴿و القمر إذا تلاها﴾ الحسن و

الحسين ﴿و النَّهارِ إِذا جلاها﴾ هُو قِيامُ القائم ﴿والليل إذا يغشاها﴾ حبتر و دولته قد غشا عليه الحق وأمّا قولُهُ ﴿والسّماءِ وما بناها﴾ قال هو محمّد صلى الله عليه وآله هو السّماءُ الَّذِي يَسمُو إِليهِ الخلقُ فِي العِلمِ وقولُهُ ﴿والأرض وما طحاها﴾ قال الأرضُ الشّيعة ﴿ونفس وما سواها﴾ قال هو المؤمن المستُورُو هُو على الحق وقولُه ﴿فألهمها فُجُورها وتقواها﴾ قال عرفه الحق من الباطل فذلك قوله ﴿ونفس وما سواها قد أفلح من زكاها﴾، قال قد أفلحت نفس زكاها الله وقد خاب من دساها الله . الحديث .(4)

4- قال العالم عليه السلام في قوله تعالى : ﴿و قال الَّذِين كفرُوا ربّنا أرنا الذين أضلانا مِن الجِنِّ و الإنس﴾ من الجن ، إبليس الذي أشار على قتل رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله في دار الندوة، وأضلّ الناس بالمعاصي، وجاء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر فبايعه، و مِن الإِنسِ، فُلانٌ ﴿نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين﴾.(5)و(6)

5- عن عامر بن واثلة في احتجاج أمير المؤمنين عليه السلام يوم الشورى قال: نشدتُكُم بِالله هل فِيكُم أحدٌ قال لهُ رسُولُ اللهِ احفظ الباب فإنّ زُوّاراً مِن الملائكة تزُورُونني فلا تأذن لأحدٍ فجاء عمر فرددتُهُ ثلاث مراتٍ وأخبرتُهُ أَنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله مُحتجِبٌ وعِندَهُ زُوّار من الملائكة و

ص: 222


1- الفجر : 25 و 26.
2- تفسير القمي 2 : 421 و بحار الأنوار 30 : 171 ح 25.
3- طه : 59.
4- تأويل الآيات : 776 والبرهان 672:5 : 11664.
5- فصلت : 29.
6- تفسير القمي 2 : 286 وبحار الأنوار 30 : 155 ح 13.

عدتهم كذا وكذا ثُم أذنتُ لهُ فدخل فقال يا رسُول اللهِ إِنِّي جِئتُ غير مرة كُلّ ذلِك يَرُدُّني علي و يقُولُ إِنّ رسُول اللَّهِ مُحتجِبٌ وعِندهُ زُوّار من الملائكة وعدتهم كذا وكذا فكيف علم بِالعِدّة أ عاينهم فقال له يا علي قد صدق كيف علمت بِعِدّتِهم فقُلتُ اختلفتِ التَّحِياتُ فسمِعتُ الأصوات فأحصيتُ العدد قال صدقت فإنّ فيك شبهاً مِن أخِي عِيسى فخرج عمرُو هُو يَقُولُ ضربه لإبن مريم مثلاً فأنزل الله عز و جل ﴿و لَما ضُرب ابن مريم مثلا إذا قومُك منه يصِدُّون﴾(1) قال يضحون ﴿و قالُوا أ آلِهتُنا خيرٌأم هُو ما ضربُوهُ لك إلّا جدلا بل هم قومٌ حَصِمُون إِن هو إلّا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا مِنكُم ملائكة في الأرضِ يخلُفُون﴾(2) غيري قالُوا اللهم لا.(3)

6 - سأل رجُلٌ أمير المؤمنين عليه السلام: ما معنى هذه الحمير في تفسير قوله تعالى: ﴿إن أنكر الأصوات لصوت الحمير﴾(4)؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الله أكرمُ مِن أن يخلق شيئاً ثُمَّ يُنكِره، إِنّما هُو زُريقٌ وصاحِبُهُ فِي تابوت من نار، في صُورةِ حِمارين، إذا شهقا فِي النَّارِ انزعج أهل النَّارِ مِن شِدّةِ صُراخهما .(5)

7 - قال أبو جعفر عليه السلام يقُولُ ﴿يا ليتني اتَّخذتُ مع الرّسُولِ عليّاً ولياً يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلاناً خليلا﴾ يعني الثاني لقد أضلّني عنِ الذِكر بعد إذ جاءني يعني الولاية وكان الشَّيطانُ وهو الثَّانِي للإنسان خذُولا(6).(7)

ص: 223


1- الزخرف : 57.
2- الزخرف : 60 - 58.
3- بحار الأنوار 35 : 317 ح 11.
4- لقمان : 19.
5- مشارق أنوار اليقين : 125 ، البرهان في تفسير القرآن 4 : 375 ح 8426 و بحار الأنوار 3 : 277.
6- الفرقان : 29-28.
7- تفسير القمي 2 : 113 ، البرهان في تفسير القرآن 4 : 131 ح 7784 ، بحار الأنوار 30 : 149 ح 5 و تفسير نور الثقلين 12:4.

8- قال علي بن إبراهيم : قد يُسمّى الإنسانُ ربّاً ، كقوله : ﴿اذكرني عِند ربك﴾(1) وكلُّ مالكِ شيء يسمّى ربه ، فقوله: ﴿وكان الكافِرُ على ربِّهِ ظهيراً﴾، فقال : الكافر: الثاني كان على أمير المؤمنين ظهيراً.(2)

9 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قوله ﴿ذرني و من خلقت وحيداً﴾ قال الوحيد ولد الزنا وهُو زُفر ﴿وجعلتُ له مالا ممدوداً﴾ قال أجلا إِلى مُدّةٍ ﴿وبنين شُهُوداً﴾، قال أصحابُهُ الَّذِين شهدوا أنّ رسُول اللهِ لا يُورث ﴿و مهدتُ له تمهيداً﴾ ملكه الذي ملكه مهدهُ لهُ ﴿ثُمّ يطمعُ أن أزيد كلا إِنَّهُ كان لآياتنا عنيداً﴾ قال لولاية أمير المؤمنين عليه السلام جاحِداً عائِداً لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فيها ﴿سأُرهقه صعُوداً إِنَّهُ فكر و قدر﴾ فكر فيما أُمِربِهِ مِن الولاية وقدر إن مضى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أن لا يُسلّم لأمير المؤمنين عليه السلام البيعة الّتي بايعه على عهدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ﴿فقُتِل كيف قدّرثُمَّ قُتِل كيف قدر﴾ قال عذابِ بعد عذابِ يُعذِّبَهُ القائم عليه السلام ثُمَّ نظر إلى النبي صلى الله عليه آله و أمير المؤمنين عليه السلام ف ﴿عبس وبسر﴾ ما أُمريهِ ﴿ثُمّ أدبر و استكبر فقال إن هذا إِلَّا سِحرٌ يُؤثر﴾، قال: زُفْرُ إِنّ النبي صلى الله عليه وآله سحر النّاس بعلي عليه السلام ﴿إن هذا إلا قولُ البشر﴾ أي ليس هو وحياً مِن الله عزّوجل ﴿سأُصليه سقر﴾(3) إلى آخِرِ الآيَةِ فِيهِ نزلت.(4)

10 - قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى ﴿والتين والزيتونِ وطُورِ سِينِين و هذا البلد الأمين﴾ : التِّينُ رسُولُ الله صلى الله عليه وآله والزّيتُونُ أمير المؤمنين عليه السلام و طُورُ سِينِين الحسن والحسين عليهما السلام و البلد الأمِينُ الأمةُ عليهم السلام ﴿لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم﴾ قال : نزلت في زُريقٍ ﴿ثُمَّ رددناه أسفل سافِلِين إِلَّا الَّذِين آمَنُوا َوعَمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾ قال : ذلِك أمير المؤمنين عليه السلام ﴿فلهم أجرٌ غيرُ ممنونِ﴾ أي لا يُمن عليهم بِهِ ثُمّ قال لنبيه صلى الله عليه وآله ﴿فما يُكَذِّبُكَ بعدُ بِالدِّينِ﴾

ص: 224


1- يوسف :42.
2- تفسير القمي ج 2 : 115 و بحار الأنوار 36 : 169 155.
3- المدثر: 26-11.
4- تفسير القمي 2 : 395 والبرهان في تفسير القرآن 5 : 526 ح 11204 و بحار الأنوار 30 : 168.

قال: ذلك أمير المؤمنين عليه السلام قال بأمير المؤمنين ﴿أليس الله بأحكم الحاكمين﴾(1).(2)

11- قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم﴾: نزلت في الثّاني، لأنه مرّبِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وهُو جَالِسٌ عِند رجُلٍ مِن اليهودِ يكتب خبر رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ، فأنزل الله جل وعن ﴿ألم تر إلى الَّذِين تولوا قوماً غضب الله عليهم ما هُم مِنكُم ولا مِنهُم﴾، فجاء الثَّانِي إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ، فقال له رسُولُ اللهِ : رأيتُك تكتُبُ عنِ اليهود وقد نهى الله عن ذلك ؟ . فقال : يا رسُول الله ، كتبتُ عنه ما في التّوراة من صفتِك، وأقبل يقرأُ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو غضبان، فقال له رجُلٌ مِن الأنصار: ويلك ، أما ترى غضب رسُولِ اللهِ عليك؟ فقال: أعُوذُ بِاللَّهِ مِن غضبِ اللهِ وغضبِ رسُولِه ، إِنِّي إِنّما كتبتُ ذلِك لِما وجدتُ فِيهِ مِن خبرك ؟ فقال لهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله يا فُلانُ، لو أن موسى بن عمران فِيهِم قائماً ثُم أتيته رغبةً عمّا جِئْتُ بِهِ لَكُنت كافراً بِما جِئْتُ بِهِ .(3)

12- علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿مناع للخير﴾، قال : المناع الثاني، والخير ولاية أمير المؤمنين علیه السلام، و حقوقُ آل رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولما كتب الأول كتاب فدك بردها على فاطمة عليها السلام، منعه الثاني، فهو: ﴿مُعتَدٍ مُرِيبٍ الذي جعل مع الله إلهاً آخر﴾، قال: هو ما قالوا نحن كافرون بمن جعل لكم الإمامة والخمس.

قال: وأما قوله: ﴿قال قرينُهُ﴾ أي شيطانُه ، وهو الثاني ﴿ربنا ما أطغيتُهُ﴾ يعني الأول ﴿ولكن كان في ضلال بعيد﴾ فيقول الله لهما ﴿لا تختصمُوا لدي وقد قدّمتُ إِليكُم بِالوعِيدِ ما يُبدِّلُ القولُ لدي﴾ أي ما فعلتم لا يُبدّل حسناتٍ ما وعدته لا أُخلفه. قوله تعالى: ﴿و ما أنا بظلام 13- عن أبي عبد الله عليه السلام ، في قوله تعالى: إن الذين ارتدوا على أدبارهم﴾:

ص: 225


1- التين: 1 الی 8.
2- تفسير القمي 2 : 429 و بحار الأنوار 24 : 105 ح 12 و البرهان في تفسير القرآن 694:5 ح 11746.
3- تفسير القمي 2 : 357 ، البرهان في تفسير القرآن ج 5 : 326 ح 10584 و بحار الأنوار 9 : 242 ح 143.

عن الإيمان بتركهم ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ﴿الشَّيطانُ سوّل لهم وأملى لهم﴾، يعني الثّاني . قولُهُ تعالى: ﴿ذلِكَ بِأنّهم قالُوا لِلَّذِين كرِهُوا ما نزل اللهُ﴾ ، وهو ما افترض على خلقِهِ مِن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام ﴿ستطِيعُكُم في بعض الأمر﴾ قال: دعوا بني أُمية إلى ميثاقهم أن لا يصيروا الأمر لنا بعد النّبي صلى الله عليه وآله ، ولا يُعطونا مِن الخُمُسِ شيئاً، وقالُوا: إن أعطيناهُمُ الخمس استغنوا بِهِ، فقالُوا: ﴿سنُطِيعُكُم في بعض الأمر﴾، أي لا تُعطُوهُم مِن الخمس شيئاً، فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وآله ﴿أم أبرمُوا أمراً فإنّا مُبرِمُون أم يحسبون أنا لا نسمعُ سِرّهُم و نجواهم بلى و رُسُلُنا لديهم يكتبون﴾(1)و(2)

14 - عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قلتُ له : قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لذكرٌ لك ولقومك وسوف تُسئلون﴾(3)؟ فقال : الذِكر: القُرآن ، و نحن قومه ، و نحن المسؤولون . ﴿ولا يصُدِّنَكُمُ الشَّيطانُ﴾(4) يعني الثاني عن أمير المؤمنين عليه السلام ﴿إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾.(5)و(6)

15 - عن أبي كديبة الأزدي قال: قام رجُلٌ إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عن قول الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقدِّمُوا بين يدي الله و رسُولِهِ﴾(7) فيمن نزلت ؟ . فقال : ما تُرِيدُ؟ أتُرِيدُ أن تُغري بي الناس؟. قال: لا يا أمير المؤمنين، ولكن أُحِبُّ أن أعلم. قال: إجلس فجلس فقال: اكتب عامراً اكتب معمراً اكتُب عُمر اكتب عماراً اكتُب معتمراً .. في أحد الخمسة نزلت . قال سُفيانُ: قُلتُ لِفُضيل: أتراه عُمر؟ قال: فمن هو غيرُه .(8)

ص: 226


1- الزخرف : 79 و 80.
2- تفسير القمي 2 : 308 ، البرهان في تفسير القرآن ج 5 : 68 ح 9860 و بحار الأنوار 30 : 162.
3- الزخرف: 44و43.
4- الزخرف : 62.
5- الزخرف : 62.
6- تفسير القمي ج 2 : 287 ، بحار الأنوار 30 : 157 ح 15 والبرهان في تفسير القرآن ج4 : 880 ح 9662.
7- الحجرات: 1.
8- بحار الأنوار 379:30.

16- عن أبي جعفر عليه السلام ، أنه قال: ﴿يوم يعضُّ الظَّالِم على يديهِ يَقُولُ يا لَيتِنِي اتَّخذتُ مع الرّسُولِ سبيلا يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا﴾(1) قال: يقُولُ الأولُ لِلثّاني .(2)

17 - عنِ الحسينِ بنِ مُختار، عنهم عليهم السلام في قوله تعالى: ﴿ولا تُطِع كُلَّ حَلافٍ مهين﴾(3)؟ الثاني. ﴿همَازِ مشّاءٍ بِنمِيمٍ منّاع للخيرِ مُعتدٍ َأثِيمٍ عُتُلّ بعد ذلك زنيم﴾(4)، قال : العُتُلُ: الكافِرُ العظيمُ الكُفْرِ، والزّنيم: ولد الزنا.(5)

18- عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : ﴿ما أشهدتُهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفُسِهِم وما كُنتُ مُتَّخِذ المضلين عضُدا﴾(6)؟. قال: إِنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال : اللهم أعز الدين بِعُمر بنِ الخطاب أو بأبي جهل بن هشام ، فأنزل الله ﴿و ما كُنتُ مُتَّخِذ المضلين عضُداً﴾(7) يعنيهما.(8)

19- عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام ، قال : قُلتُ لهُ: جُعِلتُ فداك، قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله: أعز الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بِعُمر بن الخطاب. فقال: يا محمد ! قد والله قال ذلك، وكان علي أشدّ مِن ضرب العُنُقِ، ثُمّ أقبل عليّ فقال: هل تدري ما أنزل الله يا محمدُ ؟!. قُلتُ: أنت أعلمُ جُعِلتُ فداك. قال: إنّ رسُول الله صلى الله عليه واله كان في دار الأرقم فقال: اللهم أعز الإسلام بأبي جهل بنِ هشام أو بِعُمر بن الخطاب، فأنزل الله: ﴿ما أشهدتُهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفُسِهِم و ما كُنتُ مُتَّخِذ المضلين عضُد﴾(9) أن يعنيهما.(10)

ص: 227


1- الفرقان: 27 - 28.
2- بحار الأنوار 30 : 245 ح112.
3- القلم: 10.
4- القلم: 11 - 13.
5- بحار الأنوار 30 :258 ح120.
6- الكهف: 51.
7- الكهف: 51.
8- بحار الأنوار 234:30 ح 100 و البرهان في تفسير القرآن ج 3 : 643 ح6702.
9- الكهف: 51.
10- بحار الأنوار 234:30 ح 101 و البرهان في تفسير القرآن ج 3 :643 ح6703.

20 - عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول الله ﴿إنما النجوى من الشَّيطانِ﴾(1) قال الثاني قوله ﴿ما يكُونُ مِن نجوى ثلاثة إِلَّا هُو رابِعُهُم﴾(2) قالَ فُلانٌ وفُلانٌ وأَبُو فُلانٍ أَمِينُهُم حِين اجتمعوا و دخلوا الكعبة فكتبوا بينهم كتاباً إن مات مُحمدٌ أن لا يرجع الأمرُ فيهم أبداً.(3)

21 - عن محمّدِ بنِ مُسلِمٍ قال: سألتُ أبا جعفر عليه السلام عن قول الله ﴿و اللَّيلِ إِذا يغشى﴾(4) قال الليل في هذا الموضع الثاني غش أمير المؤمنين عليه السلام في دولتِهِ التي جرت لهُ عليهِ و أُمِر أَمِيرُ المؤمنين عليه السلام أن يصبر في دولتهم حتى تنقضي قال ﴿و النهار إذا تجلى﴾(5) قال النهارُهُو القائِمُ مِنّا أهل البيت عليهم السلام إذا قام غلب دولة الباطِلِ و القرآنُ ضرب فِيهِ الأمثال للناس وخاطب نبيه صلى الله عليه وآله به ونحن نعلمه فليس يعلمه غيرنا.(6)

22 - علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿حتّى إذا رأوا ما يُوعدُون﴾(7) قال: القائم وأمير المؤمنين عليه السلام في الرّجعة ﴿فسيعلمون من أضعف ناصِراً وأقل عدداً﴾(8) قال هو قول أمير المؤمنين لزفرو الله يا ابن صُهاك لولا عهدٌ مِن رسُولِ اللهِ وكِتابٌ مِن الله سبق لعلمت أيُّنا أضعف ناصِراً وأقل عدداً قال فلَمّا أخبرهُم رَسُولُ اللهِ ما يَكُونُ مِن الرّجعة قالُوا متى يكُونُ هذا قال الله قُل يا محمّد ﴿إن أدري أ قريب ما توعدون أم يجعل له ربّي أمداً﴾(9) وقوله ﴿عالم الغيبِ فَلا يُظْهِرُ على غيبِهِ أحداً إِلَّا

ص: 228


1- المجادلة: 10.
2- المجادلة: 7.
3- بحار الأنوار 17 : 729.
4- الليل: 1.
5- الليل: 2.
6- بحار الأنوار 51 :49ح20.
7- الجن: 24.
8- الجن: 24.
9- الجن: 25.

من ارتضى مِن رسُولٍ فإِنَّهُ يسلُكُ مِن بين يديهِ و مِن خلفِهِ رصداً﴾(1) قال يُخبِرُ اللهُ رسُوله الَّذِي يرتضيهِ بِما كان قبلهُ مِن الأخبار و ما يكُونُ بعدهُ مِن أخبار القائم عليه السلام والرجعة و القيامة.(2)

23 - عن علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿ويُهلك الحرث والنسل﴾(3) أنه قال الحرتُ في هذا الموضعِ الدِّينُ والنسلُ النَّاسُ ونزلت فِي الثَّانِي ويُقالُ فِي مُعاوِية.(4)

24 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قوله تعالى ﴿فأنذرتُكُم ناراً تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الَّذِي كذب وتولى﴾(5) قال في جهنّم وادٍ فِيهِ نازلا يصلاها إلّا الأشق فلانُ الَّذِي كَذَّب رسول الله صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام وتولّى عن ولايتهِ ثُمَّ قال النيران بعضُها دون بعض فما كان من نارِ هذا الوادي فلِلنُّصابِ.(6)

في مولده و مقتله و صفته و فضل يوم التاسع من ربيع الأول

يقول المؤرخون أمّه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم . ولد عمر بعد الفيل بثلاث عشرة سنة، وقال عمر : ولدت قبل الفجار الأعظم بأربع سنين . قيل : أسلم ظاهرا بعد أربعين رجلا و أحد عشر امرأة.

ص: 229


1- الجن: 26-27.
2- بحار الأنوار 53 : 58 ح41.
3- البقرة: 205.
4- بحار الأنوار 9 : 189 ح 21.
5- الليل: 16 و 15.
6- بحار الأنوار 8 :313 ح 87.

بويع له بالخلافة لما مات أبو بكر باستخلافه له سنة ثلاث عشرة.

كان آدم شديد الأدمة طوالا كث اللحية أصلع أعسر أيسر و قيل: كان طويلا جسيما، أصلع شديد الصلع أبيض شديد حمرة العينين في عارضيه خفة و قيل: كان رجلا آدم ضخما كأنه من رجال سدوس مدة ولايته عشر سنين وستة أشهر و أيام.

قال ابن عبد ربه في كتاب الإستيعاب كانت مدة خلافته عشر سنين وستة أشهر ...، و قتل يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين.

و قال الواقدي و غيره: لثلاث بقين من ذي الحجة طعنه أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة ، قال : و من أحسن شيء يروى في مقتل عمر و أصحه ما حدثنا خلف بن قاسم، عن سهل بإسناد ذكره عن عمرو بن ميمون .. و ساق الخبر مثل ما مر إلى قوله: أكره أن أتحملها حيا وميتا ثم روى الخبر الثاني عن الواقدي بإسناده عن عبد الله بن الزبير، ثم قال: و اختلف في شأن أبي لؤلؤة، فقال بعضهم: كان مجوسيا، وقال بعضهم: كان نصرانيا ... و جاء بسكين له طرفان، فلما جرح عمر جرح معه ثلاثة عشر رجلا في المسجد، ثم أخذ فلما أخذ قتل نفسه.(1)

أقول : هذا تماما ذكره المجلسى عليه الرحمة من العامة من صفة القاتل والمقتول ويوم قتله وسنبحث عن الموضوع إن شاء الله تعالى.

1- عن محمد بن العلاء الهمداني الواسطي ويحيى بن محمد بن جريح البغدادي ، قالا : تنازعنا في ابن الخطاب فاشتبه علينا أمره، فقصدنا جميعاً أحمد بن إسحاق القُمّي صاحب أبي الحسن العسكري عليه السلام بمدينة قم، و قرعنا عليه الباب ، فخرجت إلينا صبِيَّةُ عِراقيّة من داره، فسألناها عنه، فقالت: هو مشغُولٌ بِعِيدِهِ فَإِنَّهُ يومُ عِيدٍ. فَقُلنا: سبحان الله ! الأعياد أعياد الشّيعة أربعة: الأضحى والفطرو يوم الغدير و يومُ الجُمُعَةِ قالت: فإنّ أحمد بن إسحاق يروي عن سيّدِهِ أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليهما السلام أنّ هذا اليوم هو يومُ عِيدٍ، وهو أفضل الأعيادِ عِند أهل البيت عليهم السلام وعند مواليهم . قلنا: فاستأذني لنا بِالدُّخُولِ عليهِ ، وعرّفِيهِ بِمكاننا، فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا، فخرج

ص: 230


1- بحار الأنوار 31 : 120.

علينا و هو مُتزِرُ بِمِئزرٍ لَهُ مُحتبِي بِكِسائِهِ يمسح وجهه، فأنكرنا ذلك عليه، فقال: لا عليكما، فإنّي كُنتُ اغتسلتُ لِلعِيدِ قُلنا: أو هذا يومُ عِيدٍ ؟ . قال: نعم، وكان يومُ التاسع من شهر ربيع الأول قالا جميعاً فأدخلنا داره و أجلسنا على سرير له، و وقال: إِنِّي قصدت مولانا أبا الحسن العسكري عليه السلام مع جماعة إخوتي كما قصدتُماني بِسُرمن رأى، فاستأذنا بِالدُّخُولِ عليهِ فأذن لنا، فدخلنا عليه صلوات الله عليهِ فِي مِثلِ هذا اليوم وهو يوم التاسع من شهر ربيع الأول وسيدنا عليه السلام قد أوعز إلى كُلّ واحدٍ من خدمه أن يلبس ما يُمكِنُهُ مِن القِيابِ الجُدد، وكان بين يديهِ مِجمرةٌ يُحرِقُ العُود بِنفسِهِ، قُلنا: بِآبائنا أنت وأُمهاتنا يا ابن رسُولِ اللهِ ! هل تجدد لأهل البيت في هذا اليوم فرح ؟! فقال: وأيُّ يوم أعظمُ حُرمةً عِند أهل البيتِ مِن هذا اليوم؟!. ولقد حدّثني أبي عليه السلام أن حذيفة بن اليمان دخل في مِثلِ هذا اليوم وهو التَّاسِعُ مِن شهر ربيع الأول على جدّي رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ، قال حذيفة: رأيتُ سيّدِي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين عليهم السلام يأكُلُون مع رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و هو يتبسّم في وُجُوهِهِم عليهِمُ السلام ويقُولُ لِولديه الحسن والحسين عليهما السلام: كُلا هنيئاً لكُما بِبركة هذا اليوم، فإِنَّهُ اليومُ الَّذِي يُهْلِكُ اللهُ فِيهِ عدُوهُ وعَدُوّ جدِكُما، ويستجِيبُ فِيهِ دُعاء أُمَّكُما كُلا فإنَّهُ اليومُ الَّذِي يقبلُ اللهُ فِيهِ أعمال شِيعَتِكُما وتُحتِيكُما كُلا ! فَإِنَّهُ اليوم الَّذِي يُصدِّقُ فِيهِ قولُ اللهِ : ﴿فتِلك بُيُوتُهُم خاوِيةٌ بِما ظَلَمُوا﴾(1) كُلا ! فَإِنَّهُ اليومُ الَّذِي يَتَكَسْرُفِيهِ شوكةُ مُبغِضِ جدّكُما. كُلا ! فإِنَّهُ يومٌ يُفقَدُ فِيهِ فِرعونُ أهل بيتي وظالمهم وغاصِبُ حقِّهِم كُلا ! فإنّه اليوم الذي يقدمُ اللهُ فِيهِ إلى ما عمِلُوا مِن عمل ﴿فيجعلُه هباءً منثوراً﴾(2) قال حذيفة: فقُلتُ: يا رسول الله ! وفي أُمَّتِك وأصحابك من ينتهك هذِهِ الحُرمة؟. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه و الد: نعم يا حذيفة ! جِبتُ مِن المنافقين يترأس عليهم ويستعمِلُ فِي أُمَّتِي الرياء، ويدعُوهُم إِلى نفسه، ويحمل على عاتِقِهِ دِرّة الخزي، ويصُدُّ الناس عن سَبِيلِ اللَّهِ ، ويُحرِّفُ كِتابه، ويُغيِّرُ سُنّتي ، ويشتمل على إرث ولدي، وينصب نفسه علماً، ويتطاول على إمامة من بعدي، و يستحِلُ أموال اللهِ مِن غيرِ

ص: 231


1- النمل: 52.
2- الفرقان : 23.

حِلّها، ويُنفِقُها في غير طاعتِهِ، ويُكذِّبُنِي ويُكَذِّبُ أَخِي ووزيرِي، و يُنحي ابنتي عن حقها، وتدعُو الله عليهِ ويستجِيبُ اللهُ دُعاءها في مثل هذا اليوم. قال حذيفة: قُلتُ: يا رسول الله ! لم لا تدعُورتك عليهِ لِيُهلكه في حياتك ؟!. قال: يا حذيفةُ إلا أُحِبُّ أن أجترئ على قضاء اللهِ لِما قد سبق فِي عِلمِهِ لكِنِّي سألت الله أن يجعل اليوم الَّذِي يَقبِضُهُ فِيهِ فضيلةً على سائر الأيامِ لِيكُون ذلِك سُنَةٌ يستَنُّ بِها أحِبّائي و شِيعَةُ أَهلِ بيتي و يُحِبُّوهُم، فأوحى إلي جلّ ذِكرُهُ، فقال لي: يا محمد ! كان في سابِقِ عِلمِي أن تمسك وأهل بيتك يحن الدنيا و بلاؤُها، وظلم المنافقين والغاصبين مِن عِبادِي من نصحتهم وخانوك، ومحضتهم وغشوك، و صافيتهم وكاشحُوك ، وأرضيتهم وكذَّبُوك ، وانتجيتهم وأسلموك، فإنّي بحولي وقوتي و سلطاني لأفتحن على رُوحِ من يغصب بعدك عليّاً حقهُ ألف باب من البيران من سفال الفيلُوقِ ، ولأصلينّهُ وأصحابه قعراً يُشرِفُ عليهِ إبليس فيلعنُهُ، ولأجعلن ذلك المنافق عِبرةً في القيامةِ لِفراعنة الأنبياء و أعداءِ الدِّينِ في المحشرِ، ولأحشُرتهم وأولياءهُم وجميع الظلمة و المنافقين إلى نار جهنم زُرقاً كالحين أذِلَّةً خزايا نادِمِين، ولأخلدتهم فيها أبد الآبدين، يا محمد! لن يُوافِقك وصِيُّك في منزلتِك إلّابِما يمسُّهُ مِن البلوى مِن فِرعونِهِ و عَاصِبِهِ الَّذِي يجترِئُ علي و يُبدِّلُ كلامي، ويُشرِكُ بي ويصُدُّ النّاس عن سبيلي، وينصِبُ مِن نفْسِهِ عِجلاً لأُمِّتِك، ويكفُرُ بي في عرشي، إنّي قد أمرتُ ملائكتي في سبع سماواتِي لِشِيعتِكُم ومُحِبّيكُم أن يتعيّدُوا في هذا اليوم الذي أقبِضُه إِليّ، وأمرتهم أن ينصِبُوا كُرسي كرامتي حِذاء البيت المعمُورِ ويُثنوا علي و يستغفِرُوا لِشِيعَتِكُم و مُحِبّيكُم مِن وُلدِ آدم، و أمرتُ الكِرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلقِ كلهم ثلاثة أيامٍ من ذلك اليوم ولا أكتُبُ عليهم شيئاً من خطاياهم كرامة لك و لوصيك يا محمد! إنّي قد جعلتُ ذلك اليوم عيداً لك ولأهل بيتك ولمن تبعهم من المؤمنين وشيعتهم، و آليتُ على نفسِي بِعِزتي وجلالي وعُلُوّي في مكاني لأحبُون من تعيد في ذلك اليوم محتسباً ثواب الخافقين، ولأشفّعنّه في أقربائِهِ و ذوِي رحمه ، و لأزيدن في ماله إن وشع على نفسه و عيالِهِ فِيهِ، ولأعتقنَّ مِن النَّارِ فِي كُلِّ حولٍ في مثل ذلك اليوم ألفاً من مواليكُم وشيعتكم، و لأجعلن سعيهم مشكوراً، و ذنبهم مغفُوراً، وأعمالهم مقبولةً. قال حذيفة: ثُمَّ قام رسُولُ اللهِ لى الله عليه واله فدخل إلى بيت أم سلمة، ورجعتُ عنه و أنا غير شالةٍ في أمر الشيخ، حتى ترأس بعد وفاة

ص: 232

النبي صلى الله عليه واله و أتيح الشَّرُّو عاد الكفر، وارتد عن الدين، وتشمّر للملك، وحرف القرآن، وأحرق بيت الوحي، وأبدع السُّنن، وغير الملة، وبدل السُّنّة، وردّ شهادة أمير المؤمنين عليه السلام ، وكذَّب فاطمة بنت رسُولِ الله صلى الله عليه وآله ، و اغتصب فدكاً، وأرضى المجوس واليهود والنصارى، وأسخن قرّة عين المصطفى ولم يُرضِها، وغيّر الشنن كُلّها، ودبّر على قتل أمير المؤمنين عليه السلام ، وأظهر الجور، وحرّم ما أحل الله، وأحلّ ما حرم الله ، وألق إلى النّاسِ أن يتَّخِذُوا مِن جُلُودِ الإِبِلِ دنانير، و لطم وجه الزَّكِيّة، وصعد منبر رسولِ اللهِ غصباً وظلماً، وافترى على أمير المؤمنين عليه السلام و عانده وسفّه رأيه. قال حذيفة:

فاستجاب الله دعاء مولاتي عليها السلام على ذلك المنافق، وأجرى قتله على يد قاتِله رحمةُ اللهِ عليه، فدخلت على أمير المؤمنين عليه السلام لأهنئه بقتل المنافِقِ و رُجُوعِهِ إِلى دار الإنتقام . قال أَمِيرُ المؤمنين عليه السلام : يا حذيفةُ ! أتذكُرُ اليوم الّذِي دخلت فِيهِ على سيّدِي رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و أنا وسبطاه نأكل معه، فدلّك على فضل ذلِك اليوم الَّذِي دخلت عليهِ فِيهِ ؟ . قُلتُ: بلى يا أخا رسُولِ الله صلى الله عليه وآله. قال: هو و الله هذا اليومُ الَّذِي أقر اللهُ بِهِ عين آلِ الرَّسُولِ وَ إِنِّي لأعرِفُ لهذا اليوم اثنين وسبعين اسماً، قال حذيفة: قُلتُ: يا أمير المؤمنين ! أُحِبُّ أن تُسمعني أسماء هذا اليوم، و كان يوم التاسع من شهر ربيع الأول فقال أمير المؤمنين عليه السلام : هذا يوم الإستراحة، ويوم تنفيس الكربة، ويوم الغدير الثاني، ويوم تحطيط الأوزار و يوم الخيرة، ويوم رفع القلم، ويومُ الهدو، ويومُ العافِيةِ ، ويومُ البركة ، ويومُ الشّاراتِ، ويومُ عِيدِ اللهِ الأكبر، ويوم يُستجَابُ فِيهِ الدُّعاءُ، ويومُ الموقف الأعظم، ويومُ التّوافِي، ويومُ الشّرطِ ، ويوم نزع السواد، و يوم ندامة الظالم، ويوم انكسار الشوكة، ويوم نفي الهموم، ويومُ القُنُوعِ، و يوم عرض القُدرة، ويومُ التصفح، ويومُ فرحِ الشّيعة، ويومُ التّوبة، ويومُ الإنابة، ويوم الزكاةِ العُظمى، ويومُ الفِطرِ الثّاني، ويوم سيل النغاب ، ويوم تجرُّع الريق، ويومُ الرّضا، ويوم عيد أهل البيت، ويوم ظفِرت بِهِ بنُو إسرائيل، ويوم يقبلُ الله أعمال الشّيعة، ويوم تقديم الصدقة ، و يومُ الزيارة، ويومُ قتل المنافق، ويوم الوقت المعلوم، ويومُ سُرُورِ أهل البيت، ويومُ الشَّاهِدِ ويومُ المشهود، ويوم يعضُّ الظالم على يديه، ويوم القهر على العدو، ويوم هدمِ الضَّلالة، ويومُ التّنبِيهِ ، ويومُ التصريدِ ، ويومُ الشّهادة ، ويومُ التّجاوز عن المؤمنين ، ويومُ الزّهرة، ويومُ العُذُوبة، ويومُ

ص: 233

المستطابِ بِهِ ، ويومُ ذهابِ سُلطانِ المنافِقِ، ويومُ التّسدِيدِ، ويوم يستريحُ فِيهِ المؤمن ، ويوم المباهلة، ويوم المفاخرة، ويومُ قبولِ الأعمال، ويومُ التبجيل، ويوم إذاعة السر، ويوم نصر المظلُومِ، ويوم الزيارة، ويومُ التَّودُّدِ، ويومُ التَّحبُّبِ ، ويومُ الوُصُولِ، ويومُ التَّرْكِيةِ ويوم كشفِ البدع، ويومُ الزُّهد في الكبائر، ويومُ التَّزاوُرِ، ويوم الموعظة، ويومُ العِبادة، ويومُ الإِستسلام قال حذيفة: فقُمتُ مِن عِندِهِ يعني أمير المؤمنين عليه السلام وقُلتُ في نفسي: لولم أُدرِكَ مِن أفعالِ الخير و ما أرجُوبِهِ النّواب إلّا فضل هذا اليوم لكان مناي. قال محمّد بن العلاء الهمداني، ويحيى بنُ محمدِ بنِ جريح فقام كُلُّ واحِدٍ مِنا وقبل رأس أحمد بن إسحاق بن سعيد القُمّي، وقُلنا: الحمد لله الَّذِي قيضك لنا حتى شرفتنا بفضل هذا اليوم، ورجعنا عنه، وتعيدنا في ذلك اليوم. قال السيد إبن طاووس : نقلته من خط محمد بن علي بن محمد بن طيّ رحمه الله ، و ووجدنا فيما تصفّحنا من الكتب عدّة روايات موافقة لها فاعتمدنا عليها فينبغي تعظيم هذا اليوم المشار إليه وإظهار السرور فيه.(1)

فائدة في تعيين يوم

أقول : يقول العلامة المجلسي رحمه الله :

ما ذكر أن مقتله كان في ذي الحجّة هو المشهور بين فقهائنا الإمامية، و قال إبراهيم بن علي الكفعمي رحمه الله في الجنّة الواقية في سياق أعمال شهر ربيع الأول: إنّه روى صاحب مسارّ الشّيعة أنّه من أنفق في اليوم التاسع منه شيئا غفر له، ويُستحب فيه إطعام الإخوان و تطييبهم والتوسعة في النفقة ، ولبس الجديد و الشكر والعبادة، و هو يوم نفي الهموم، و روي أنه ليس فيه صوم ، و جمهور الشيعة يزعمون أن فيه قتل عمر بن الخطاب .. و ليس بصحيح .

قال محمد بن إدريس في سرائره: من زعم أن عمر قتل فيه فقد أخطأ بإجماع أهل التواريخ و الشير و كذلك قال المفيد رحمه الله في كتاب التواريخ و إنما قتل يوم الإثنين لأربع بقين من

ص: 234


1- المحتضر : 45 ، بحار الأنوار 120:31 و زاد المعاد : 253 . ما وجدت نسخة من كتاب زوائد الفوائد فلذا اعتمدت على نقل الحلي والمجلسي رحمة الله عليهما.

ذي الحجّة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة نص على ذلك صاحب الغرّة و صاحب المعجم و صاحب الطبقات و صاحب كتاب مسارّ الشيعة و ابن طاووس، بل الإجماع حاصل من الشيعة و أهل السنة على ذلك . انتهى .

و المشهور بين الشيعة في الأمصار و الأقطار في زماننا هذا هو أنه اليوم التاسع من ربيع الأول، و هو أحد الأعياد و مستندهم في الأصل ما رواه خلف السيد النبيل علي بن طاوس رحمة الله عليهما في كتاب زوائد الفوائد و الشيخ حسن بن سليمان في كتاب المحتضر، و اللفظ هنا للأخير، وسيأتي بلفظ السيّد قدّس سرّه في كتاب الدعاء قال الشيخ حسن: نقلتُهُ من خطِ الشَّيخِ الفقيه عليّ بنِ مُظاهِرِ الواسِطِي، بإسنادٍ مُتصل عن محمّدِ بن العلاء الهمداني الواسطي و يحيى بن محمّدِ بنِ جريح البغدادي قالا : تنازعنا في ابن الخطاب فاشتبه علينا أمرُهُ، فقصدنا جميعاً أحمد بن إسحاق القُمّي صاحب أبي الحسن العسكري عليه السلام بمدينة قُمْ، قال السيّد: نقلته من خط محمد بن علي بن محمد بن طيّ رحمه الله ، و وجدنا فيما تصفّحنا من الكتب عدّة روايات موافقة لها فاعتمدنا عليها، فينبغي تعظيم هذا اليوم المشار إليه وإظهار السرور فيه . انتهى ملخّص كلامه نور الله ضريحه . و يظهر منه ورود رواية أخرى عن الصادق عليه السلام بهذا المضمون رواها الصدوق رحمه الله ، ويظهر من كلام خلفه الجليل ورود عدة روايات دالة على كون قتله في ذلك اليوم، فاستبعاد ابن إدريس و غيره رحمة الله عليهم ليس في محلّه، إذ اعتبار تلك الروايات مع الشهرة بين أكثر الشيعة سلفا و خلفا لا يقصر عمّا ذكره المؤرّخون من المخالفين، ويحتمل أن يكونوا غيّروا هذا اليوم ليشتبه الأمر على الشيعة فلا يتخذوه يوم عيد و سرور

فإن قيل : كيف اشتبه هذا الأمر العظيم بين الفريقين مع كثرة الدواعي على ضبطه و نقله. قلنا: نقلب الكلام عليكم ، مع أنّ هذا الأمر ليس بأعظم من وفاة الرسول صلى الله عليه وآله، مع أنه وقع الخلاف فيه بين الفريقين، بل بين كلّ منهما مع شدّة تلك المصيبة العظمى، و ما استتبعته من الدواهي الأخرى، مع أنّهم اختلفوا في يوم القتل كما عرفت و إن اتفقوا في كونه في ذي الحجة و من نظر في اختلاف الشيعة و أهل الخلاف في أكثر الأمور التي توفّرت الدواعي على

ص: 235

نقلها مع كثرة حاجة الناس إليها كالأذان و الوضوء والصلاة و الحج و تأمل فيها لا يستبعد أمثال ذلك، والله تعالى أعلم بحقائق الأمور ...(1)

إنتهى كلام العلامة رضوان الله تعالى عليه ، و الرواية التي أشار اليها هي التي نقلتها بتمامها آنفا.

و قال السيد علي بن طاووس قدس الله روحه في كتاب الإقبال بعد ذكر اليوم التاسع من ربيع الأول:

إعلم أنّ هذا اليوم وجدنا فيه رواية عظيمة الشأن، ووجدنا جماعة من العجم و الإخوان يعظمون السرور فيه، و يذكرون أنه يوم هلاك بعض من كان يهوّن بالله جل جلاله و رسوله صلوات الله عليه و يعاديه، ولم أجد فيما تصفّحت من الكتب إلى الآن موافقة أعتمد عليها للرواية التي رويناها عن ابن بابويه تغمده الله بالرضوان ، فإن أراد أحد تعظيمه مطلقاً لسر يكون في مطاويه غير الوجه الذي ظهر فيه احتياطاً للرواية، فكذا عادة ذوي الرعاية.

و إنما قد ذكرت في كتاب التعريف للمولد الشريف عن الشيخ الثقة محمد بن جرير بن رستم الطبري الإمامي في كتاب دلائل الإمامة أنّ وفاة مولانا الحسن العسكري صلوات الله عليه كانت لثمان ليال خلون من شهر ربيع الأول.

و كذلك ذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الحجّة، وكذلك قال محمد بن هارون التلعكبري، وكذلك ذكر حسين بن حمدان بن الخطيب وكذلك ذكر الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد، وكذلك قال المفيد أيضا في كتاب مولد النبي والأوصياء، وكذلك ذكر أبو جعفر الطوسي في كتاب تهذيب الأحكام، وكذلك قال حسين بن خزيمة، وكذلك قال نصر بن علي الجهضمي في كتاب المواليد وكذلك الخشاب في كتاب المواليد أيضا، وكذلك قال ابن شهرآشوب في المناقب.

فإذا كانت وفاة مولانا الحسن العسكري عليه السلام كما ذكر هؤلاء لثمان خلون من ربيع الأوّل، فيكون ابتداء ولاية المهدي عليه السلام على الأمة يوم تاسع ربيع الأوّل، فلعل تعظيم هذا اليوم و هو يوم تاسع ربيع الأوّل لهذا الوقت المفضّل و العناية لمولى المعظم المكمّل.

ص: 236


1- بحار الأنوار 31 :120 – 132.

و إن كان يمكن أن يكون تأويل ما رواه أبو جعفر ابن بابويه، في أن قتل من ذكر كان يوم تاسع ربيع الأوّل، لعلّ معناه أن السبب الذي اقتضى عزم القاتل على قتل من قتل كان ذلك السبب يوم تاسع ربيع الأوّل، فيكون اليوم الذي فيه سبب القتل أصل القتل.

و يمكن أن يسمّى مجازا بالقتل، ويمكن أن تأوّل بتأويل آخر، و هو أن يكون توجه القاتل من بلده إلى البلد الذي وقع القتل فيه يوم تاسع ربيع الأول، أو يوم وصول القاتل إلى المدينة الّتي وقع فيها القتل كان يوم تاسع ربيع الأول.

و أما تأويل من تأوّل أنّ الخبر بالقتل وصل إلى بلد أبي جعفر ابن بابويه يوم تاسع ربيع الأوّل، فلأنّه لا يصح، لأنّ الحديث الذي رواه ابن بابويه عن الصادق عليه السلام ضمن أن القتل كان في يوم تاسع ربيع الأوّل فكيف يصح تأويل أنّه يوم بلغ الخبر إليهم ؟(1) انتهى كلام السيد رفع الله درجته.

أقول: إن من أسباب حصول الإطمئنان على شيء ، شياعه بين الناس سيما بين المؤمنين و قد شاع تعظيم يوم التاسع من ربيع الأول بعنوان يوم قتل الثاني بين المتدينين في جميع الأقطار و الأزمان كما أشار إليه السيد رحمه الله ويتضح من قوله أن هذا اليوم منذ ألف عام كان عند المؤمنين يوم الفرح و العيد لقتل الثاني وأن المؤمنين قد أحيوا ذلك بفرحهم جيلا بعد جيل و أعقب بعد ذلك قرون من الزمن إلى أن وصل الى زماننا هذا و أرجوك أن تتعمق في عبارتي" منذ ألف عام ويؤيده قول الشيخ الكفعمي رحمه الله تعالى في المصباح :

و في تاسعه ... و يستحب فيه إطعام الإخوان وتطيبهم والتوسعة في النفقة ولبس الجديد والشكر والعيادة وهو يوم نفي الهموم و روي أنه ليس فيه صوم و جمهور الشيعة يزعمون أن فيه قتل عمر بن الخطاب ...(2) إنتهى.

أنظر إلى كلمة " جمهور الشيعة " و أوضح من ذلك قول الشيخ حسن الحلي رحمه الله في المحتضر حيث يقول : " فلا شبهة في كون اليوم التاسع من ربيع الأول يوم شريف عظيم الفضل

ص: 237


1- الإقبال بالأعمال 3 : 113.
2- المصباح للكفعمي : 510.

لفتوى العلماء الأعلام برجحان التعيد فيه والإنفاق على المؤمنين والتوسعة على العيال والتطيب ولبس الجديد من الثياب والشكر والعبادة(1)

ألا ترى أنه يشير إلى فتوى العلماء بالتعيد في هذا اليوم.

واعلم أن الفقيه التحرير الشيخ محمد حسن النجفي نور الله مضجعه أفتى في جواهره باستحباب الغسل في اليوم التاسع مستظهرا برواية أحمد بن إسحاق الماضية آنفا و هذه عبارته في إعداد الأغسال المستحبة :

"... و أما الغسل للتاسع من ربيع الأول فقد حكي أنه من فعل أحمد بن إسحاق القمي معللا له بأنه يوم عيد ، لما روي مما اتفق فيه من الأمر العظيم الذي يسر المؤمنين ويكيد المنافقين، لكن قال في المصابيح : إن المشهور بين علمائنا وعلماء الجمهور أن ذلك واقع في السادس والعشرين من ذي الحجة ، وقيل في السابع والعشرين منه ، قلت : لكن المعروف الآن بين الشيعة إنما هو يوم تاسع ربيع ، وقد عثرت على خبر مسندا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في فضل هذا اليوم وشرفه وبركته وأنه يوم سرور لهم عليهم السلام ما يحير فيه الذهن ، وهو طويل ، وفيه تصريح باتفاق ذلك الأمر فيه ، فلعلنا نقول باستحباب الغسل فيه بناء على استحبابه لمثل هذه الأزمنة ، وسيما مع كونه عيدا لنا وأئمتنا عليهم السلام .(2) انتهى كلامه أعلى الله مقامه.

فلا حيلة لنا بهذه الأقوال المعتمدة والشهرة المنقولة المشهودة إلّا أن نقتدي بالسلف الصالح و لا نبتدع في الدين بالنقص والزيادة. وأضيف أنه قد دلّت على قتل الثاني في هذا اليوم روايات من الشيعة منها رواية أحمد بن إسحاق و منها خبر النبوي الذي أشار إليه الشيخ النجفي (ربما يتحدان ) وصرح بأنه مسندا ومنها رواية الصادق عليه السلام التي رواها الصدوق رحمه الله مضافا إلى ما ذكره السيد إبن طاووس في زوائد الفوائد من وجود روايات عديدة موافقة لرواية أحمد بن إسحاق ومع هذا لا توجد رواية شيعية و لو واحدة الدالة على قتله في ذي الحجة أو غيرها إلّا ما صرّحت بأنه في ربيع الأول، هذا بتمامه قد يستظهر إلى تلك الشهرة التي أشرت إليها.

ص: 238


1- المحتضر : 46.
2- جواهر الکلام ج 5 : 43.

نعم قد اختلف في يوم قتله كما اختلف في أكثر أيامنا الخاصة كما أشار إليه العلامة المجلسي رحمه الله وهذا ليس بعجيب بل العجب كل العجب من قول السيد رضي الدين ابن طاووس رحمه الله حيث يعيد هذا اليوم لبداية ولاية الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه وهذا عجيب لأن إبتداء ولايته لا يكون إلا في اليوم الثامن وهو نفس يوم إستشهاد أبيه عليه السلام و لا يقبل قول القائل أنه قد قتل الإمام العسكري عليه السلام في اليوم الثامن وبعد مضي يوم أصبح الإمام الحجة وليا و إماما ! وهذا يعني في كم ساعة كانت الأرض خالية عن الحجة و هو مردود بالأدلة العقلية والشرعية مضافا بما أنه لم يحصل القطع بإستشهاد الإمام العسكري عليه السلام في الثامن من ربيع الأول فإن العلماء إختلفوا في وقته ونقلوا أقوالا ففي مسار الشيعة ذكر المفيد اليوم الرابع من ربيع الأول(1) و إختار اليوم الثامن من ربيع الأول في كتاب الأرشاد(2) وفي المصباح للكفعمي ذكر أنه توفي أول ربيع الأول(3) وهذا قول الشيخ الطوسي في كتاب مصباح المتهجد(4) و يوجد هنالك أقوال أخر أصرف النظر عن نقلها.

و على أي حال إذا يصح هذا العيد فينبغي للشيعة أن يعيد يوم الحادي عشر من المحرم لإبتداء ولاية الإمام السجاد عليه السلام ويوم الثاني والعشرين من شهر رمضان المبارك لإبتداء ولاية الحسن السبط عليه السلام و لا يخفى فساد هذا القول وقبحه على كل ذي لب متيقظ لأن هذه التهنئة لا تختص بالإمام المهدي عليه السلام بل ينبغي التعيّد عند إستخلاف كل إمام بعد مضي الذي قبله و لم يذكر أحد من علماءنا الأعلام القول بالتعيد في الثاني والعشرين من شهر رمضان لإستخلاف الإمام الحسن عليه السلام وفي الثامن من صفر لإستخلاف الإمام الحسين عليه السلام وفى الحادي عشر من المحرم لإستخلاف الإمام زين العابدين عليه السلام الى غيرهم و لم ترد رواية بذلك و لا أفتى به عالم من الشيعة و لا وصل إلينا أن أحدا من أولاد الأئمة وأحفادهم إتخذ يوما من تلك الأيام عيدا

ص: 239


1- مسار الشيعة : 49.
2- الإرشاد ج 2 : 313.
3- المصباح للكفعمي : 510.
4- مصباح المتهجد 2 : 791.

و هم في الولاية والفضيلة شرع سواء. نعم ربما أول من ابتدع هذا القول السيد إبن طاووس في إقباله و هذا عجيب من سماحته مع إحتياطه و ورعه أقال الله عثرته وعثرتنا .

فتلخص مما ذكرناه؛ أننا نعظم هذا اليوم ونتخذه عيدا ناويا ما ذكره المجلسي و الشيخ النجفي صاحب الجواهر وكثير من العلماء ، مقتديا بالسلف الصالح حتى لا ننقطع عنهم ولا نبتدع شيئا جديدا في الدين من عند أنفسنا ولا نعمل فيه إلّا ما يرضى الله و رسوله و لا نفعل فيه المعاصي و لا نقول إلّا اللعن على أعداء الرسول و خلفه المعصوم رغما عن أنف العدو العنود جمع الله بينهم و بين محاميهم و المائلين إليهم في نار السموم.

نسبه

1- عن أبي جعفر عليه السلام: أنّ صفية بنت عبد المطلب مات ابن لها فأقبلت فقال لها عمرُ غطّي قُرطكِ فإنّ قرابتكِ مِن رَّسُولِ اللهِ لا ينفعُكِ شيئاً فقالت له هل رأيت لِي قُرطاً يا ابن اللخناءِ ثُمَّ دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته بذلك وبكت فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله فنادی الصلاة جامعة فاجتمع الناس فقال ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع لوقت المقام المحمود لشفعتُ في حار وحكم لا يسألني اليوم أحد من أبواهُ إِلَّا أَخبرتُهُ فقام إليهِ رَجُلٌ فقال من أبي يا رسول الله فقال أبوك غيرُ الَّذِي تُدعى لهُ أبوك فُلانُ بنُ فُلانٍ فقام آخر فقال من أبِي يا رسول الله قال أبوك الَّذِي تُدعى لهُ ثُمّ قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ما بالُ الَّذِي يزعُمُ أَن قرابتي لا تنفعُ لا يسألني عن أبِيهِ فقام إليهِ عمرُ فقال أعُوذُ بِاللهِ يا رسُول اللَّهِ مِن غضبِ اللهِ وغَضَبِ رسُولِهِ اعفُ عنِّي عفا الله عنك فأنزل الله ﴿يا أَيُّهَا الَّذِين آمنوا لا تسئلُوا عن أشياء إِن تُبد لكُم تسُؤكُم ﴾ إِلى قولِهِ ﴿ثُمَّ أصبحُوا بِها كافِرِين﴾(1).(2)

2 - عنِ الصّادِقِ عليه السلام أنه قال: كانت صُهاكُ جاريةٌ لعبد المطلبِ، وكانت ذات عجز، وكانت ترعى الإبل، وكانت من الحبشة، وكانت تميل إلى النكاح، فنظر إليها نُفيل جد فُلانٍ فهواها و

ص: 240


1- المائدة 102 - 101.
2- بحار الأنوار 3 : 219 ح 9 و البرهان ج 2 : 370 ح3341.

عشقها من مرعى الإبل فوقع عليها، فحملت منه بالخطابِ، فَلَمّا أدرك البُلُوغ نظر إِلى أُمِّهِ صهاك فأعجبه عجزها فوثب عليها فحملت مِنهُ بِحنتمة، فلما ولدتها خافت من أهلها فجعلتها فِي صُوفٍ وألقتها بين أحشام مكّة ، فوجدها هشام بن المغيرة بن الوليد، فحملها إلى منزله وربّاها وسماها ب : الحنتمة، وكانت مشيمة العرب من ربي يتِيماً يَتَّخِذُه ولداً، فلمّا بلغت حنتمه نظر إليها الخطاب فمال إليها وخطبها من هشام، فتزوجها فأولد منها فُلان، و كان الخطاب أباه وجده وخاله، وكانت حنتمةً أُمّهُ وأُخته وعمته. وينسب إلى الصادق عليه السلام في هذا المعنى شعر:

من جده خاله ووالده *** وأَمَّهُ أَختُهُ وعمّتُهُ

أجدر أن يبغض الوصي وأن *** يُنكِريوم الغدير بيعته(1)

3 - عن سماعة قال: تعرّض رجلٌ مِن وُلد عمر بن الخطاب بجارية رجل عقيلي، فقالت له: إنّ هذا العُمرِي قد آذاني . فقال لها عِدِيه وأدخليهِ الدّهليز، فأدخلته، فشدّ عليه فقتله وألقاه في الطَّرِيقِ ، فاجتمع البكرِيُّون والعُمرِيُّون والعُثمانِيُّون ، وقالُوا: مَا لِصاحِبِنا كُفو؟ لن نقتُل بِهِ إِلَّا جعفر بن محمد، و ما قتل صاحبنا غيره، وكان أبو عبدِ اللهِ عليه السلام قد مضى نحوقُبا، فلقيتُهُ بِما اجتمع القومُ عليهِ . فقال : دعهم . قال : فلَمّا جاء ورأوه وثبوا عليه، وقالُوا: ما قتل صاحبنا أحدٌ غيرك ، وما نقتُلُ بِهِ أحداً غيرك ، فقال : لِتُكلّمني مِنكُم جماعةٌ ، فاعتزل قومٌ مِنهُم، ، فأخذ بأيديهم فأدخلهم المسجد، فخرجُوا و هم يقولُون شيخُنا أبو عبدِ اللهِ جعفر بن محمّدٍ معاذ الله أن يكون مثله يفعل هذا ولا يا مُرُ بِه انصرفُوا. قال: فضيتُ معه، فقُلتُ: جُعِلتُ فِداك ! ما كان أقرب رِضاهُم مِن سخطِهِم. قال: نعم دعوتهم فقُلتُ: أمسِكُوا وإلّا أخرجتُ الصحيفة. فقُلتُ: و ما هذه الصحيفة جعلني الله فداك ؟!. فقال: أُمُّ الخطاب كانت أمةً للزبير بن عبد المطلب، فسطربها نُفيل فأحبلها، فطلبه الزبير، فخرج هارباً إلى الطائِفِ ، فخرج الزبير خلفه فبصرت بِهِ ثقيف ، فقالُوا: يا أبا عبدِ اللهِ ! ما تعمل هاهنا ؟ .

ص: 241


1- بحار الأنوار 31 :100.

قال: جاريتي سطربها نُفيلكم ، فهرب مِنهُ إِلى الشّامِ ، فخرج الرُّبيرُ فِي تِجَارَةٍ لَهُ إِلى الشَّامِ، فدخل على ملِكِ الدُّومةِ ، فقال له: يا أبا عبدِ اللهِ! لِي إِليك حاجةٌ؟ قال: وما حاجتك أيُّها الملك ؟ فقال: رجُلٌ مِن أهلك قد أخذت ولده فأُحِبُّ أن تردّه عليهِ. قال: ليظهر لي حتى أعرفه. فلما أن كان مِن الغدِ دخل إلى الملِكِ فَلَمّا رآه الملك ضحِك ، فقال : ما يُضحِكُك أَيُّها الملكُ ؟. قال: ما أظُنُّ هذا الرجُل ولدته عربيّةٌ ، لَا رآك قد دخلت لم يملِكِ استه أن جعل يضرط . فقال : أيُّها الملكُ ! إذا صِرتُ إلى مكة قضيتُ حاجتك، فلما قدم الزُّبير تحمل عليهِ بِبُطُونِ قُريش كُلّها أن يدفع إليه ابنه فأبى، ثمّ تحمّل عليه بعبد المطلب، فقال: ما بيني وبينه عمل، أما علمتم ما فعل فِي ابنِي فُلانٍ، ولكِنِ امضُوا أَنتُم إليه، فقصدُوهُ وكلّمُوهُ، فقال لهُمُ الرُّبيرُ: إِنَّ الشَّيطان لهُ دولة و إن ابن هذا ابنُ الشَّيطان، ولستُ آمنُ أن يترأس علينا، ولكن أدْخِلُوهُ مِن بابِ المسجِدِ علي على أن أحمي له حدِيدةً وأخْط في وجهِهِ خُطوطاً، وأكتُب عليه وعلى ابنه أن لا يتصدّر في مجلس، ولا يتأمر على أولادنا، ولا يُضرب معنا بسهم. قال: ففعلوا و خط وجهه بالحديد، و كتب عليه الكتاب، وذلك الكِتابُ عِندنا. فقُلتُ لهم إذا مسكتم وإلّا أخرجتُ الكِتاب ففِيهِ فضيحتُكُم، فأمسكُوا. وتُوُفِّي مولّى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله لم يُخلف وارثاً، وخاصم فِيهِ وُلد العبّاسِ أبا عبدِ اللهِ عليه السلام ، وكان هِشَامُ بنُ عبدِ المَلِكِ قد حجّ في تلك السنة، فجلس لهم، فقال داود بن علي: الولاء لنا. وقال أبو عبد الله عليه السلام: بل الولاء لي فقال داود بن علي: إنّ أباك قاتل معاوية. فقال: إن كان أبي قاتل مُعاوية فقد كان خط أبيك فيه الأوفر، ثم فر بجناحيه. وقال: والله ! لأطوقتك غداً طوق الحمامة ، فقال له داوُدُ بنُ علي: كلامك هذا أهونُ عليّ من بعرة في وادِ الأزرق، فقال: أما إنّهُ وادٍ ليس لك ولا لأبيك فِيهِ حَقٌّ، قال: فقال هشام: إذا كان غداً جلستُ لكم، فلمّا أن كان من الغد خرج أبو عبد الله عليه السلام و معهُ كِتابٌ في كرباسةٍ، وجلس لهم هشام، فوضع أبو عبدِ الله عليه السلام الكتاب بين يديه، فلما قرأه قال: ادعُوا إلي جندل الخزاعِيّ وعُكاشة الضُّميري و كانا شيخين قد أدركا الجاهلية ، فرمى الكتاب إليهما، فقال: تعرفان هذه الخطوط ؟. قالا : نعم، هذا خط العاصِ بنِ أُميّة، وهذا خط فُلانٍ و فُلانٍ لِفُلانٍ مِن قُريش، وهذا خط حربِ بنِ أُميّة، فقال هشام: يا أبا عبدِ اللهِ ! أرى خطوط أجدادِي عِندكم ؟ . فقال : نعم. قال: قد قضيتُ بِالولاء لك . قال: فخرج وهو يقُولُ:

ص: 242

إن عادتِ العقرب عُدنا لها *** وكانت النعل لها حاضرة

قال: قلتُ: ما هذا الكتابُ جُعِلتُ فِداك ؟ قال : فإِنّ نيثلة كانت أمةً لأم الزبير و لأبي طالب و عبد الله فأخذها عبد المطلب فأولدها فُلاناً، فقال له الزبير: هذِهِ الجارية ورثناها مِن أُمِّنا و ابنك هذا عبد لنا، فتحمّل عليه ببطونِ قُريش. قال: فقال: قد أجبتك على خلّة على أن لا يتصدّر ابنك هذا في مجلس، ولا يُضرب معنا بسهم، فكتب عليه كتاباً و أشهد عليه، فهو هذا الكتاب.(1)

4 - ذكر أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي و هو من رجالهم في كتاب المثالب ما هذا لفظه: في عدد جملة من ولدوا من سفاح قال: كانت صهاك أمةً حبشية لهاشم بن عبدِ مناف، فوقع عليها نفیل بن هاشم، ثم وقع عليها عبد العزى بن رياح فحملت بنفيل جدِ عُمر بن الخطاب.(2)

في شغله

1- عنِ ابنِ عبدِ رَبِّهِ فِي كِتابِ العِقدِ، أنّ عُمر كان حطاباً في الجاهلية كأبيه الخطاب.(3) و روي : أن عمر بن الخطاب كان قبل الإسلام نخاش الحمير.(4)

بمنزلة السامري

1- قال سليم ... ثُمّ أقبل علي سلمان فقال إنّ النّاس كُلّهُم ارتدوا بعد رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله غير أربعةٍ إِنَّ النّاس صارُوا بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون و من تبعه و منزلة العجل و من تبعه فعليٌّ فِي سُنّةِ هارون و عتيق فِي سُنّةِ العِجلِ وعُمرُ فِي سُنّةِ السّامِرِي وسَمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقُولُ لتجِيءُ قومٌ مِن أصحابي من أهلِ العِلية والمكانةِ مِنِّي لِيمُرُّوا على الصّراطِ فإذا رأيتُهم ورأوني و عرفتُهم و عرفوني اختُلِجُوا دُونِي فأقُولُ يا ربّ أصحابي أصحابي فيُقالُ لا

ص: 243


1- الكافي ج 18 : 258 372 و بحار الأنوار 31 : 102.
2- إثبات الهداة 364:3 ح80.
3- بحار الأنوار 31 : 108.
4- إثبات الهداة 3 : 364 ح 79.

تدري ما أحدثوا بعدك إنّهم ارتدوا على أدبارهم حيث فارقتهم فأقُولُ بُعداً و سُحقاً و سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقُولُ لتركبن أُمَّتِي سُنّة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل وحذو القذة بالقذة شبراً بشبر و ذراعاً بذراع و باعاً يباع إذ التوراة والقُرآنُ كتبه يد واحدةٌ في رقّ بِقلم واحِدٍ و جرتِ الأمثالُ والسُّننُ سواء(1)

فرعون هذه الأمة

1 - عن سُليم قال إِنِّي كُنتُ عِند عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ فِي بيتِهِ و عِنده رهط من الشّيعة فذكرُوا رسول الله صلى الله عليه وآله و موته فبكى ابنُ عباس و قال قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله يوم الإثنين و هو اليومُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ و حوله أهل بيته وثلاثون رجُلاً مِن أصحابِهِ ايتُونِي بِكتفٍ أكتب لكم فِيهِ كِتاباً لن تضلوا بعدِي ولن تختلفوا بعدي فمنعهم فرعون هذِهِ الأُمَّةِ فقال إِنَّ رَسُولُ اللهِ يَهجُرُ فغضب رسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله و قال إني أراكُم تُخالِفوني وأنا حي فكيف بعد موتي فترك الكتف قال سليم ثم أقبل علي ابن عبّاس فقال يا سليم لولا ما قال ذلك الرّجُلُ لكتب لنا كتاباً لا يضِلُّ أحد ولا يختلف فقال رجُلٌ مِن القومِ ومن ذلك الرّجُلُ فقال ليس إلى ذلك سبيل فخلوتُ بابن عبّاس بعد ما قام القومُ فقال هو عمرُ فقُلتُ صدقت قد سمعتُ عليّاً عليه السلام وسلمان وأبا ذرو المقداد يقُولُون إنَّهُ عمر فقال يا سليم اكتُم إلا من تثقُ بِهِم مِن إِخوانِكَ فَإِنْ قُلُوب هذِهِ الأمة أُشربت حُبّ هذين الرجلين كما أُشربت قلوب بني إسرائيل حبّ العجل و السّامِرِي.(2)

2- عن فضيل الرّسانِ ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : مثلُ فُلانٍ وشِيعَتِهِ مثلُ فِرعون وشِيعَتِهِ، و مثلُ عليّ وشِيعَتِهِ مثلُ مُوسى و شِيعَتِه.(3)

3- عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال: من أراد أن يسأل عن أمرنا و عن أمر القوم فإنّا وأشياعنا يوم خلق الله [ السّماواتِ والأرض على سُنّةِ مُوسى وأشياعِهِ و إِنّ عدوّنا وأشياعه يوم خلق الله السّماواتِ والأرض على سُنّةِ فِرعون و أشياعِهِ فليقرأ هؤلاء الآيَاتِ مِن أوّلِ السُّورة إِلى قولِهِ

ص: 244


1- کتاب سلیم : 162 ، الإحتجاج 1 : 113 ، إثبات الهداة 1 : 355 ح 318 و بحار الأنوار 28 : 282.
2- کتاب سليم :324.
3- بحار الأنوار 20 : 283.

يحذرون و إِنِّي أُقسِمُ بِاللهِ [ فأقسم ]الذي فلق الحبة وبرأ النسمة الذي وأنزل الكتاب على محمد صلى الله عليه وآله على موسى صدقاً وعدلا ليعطفنّ عليكم هؤلاء عطف الضّرُوس على ولدها.(1)

4 - قال سيّد العابِدِين علي بن الحسين عليهما السلام والذي بعث مُحمّداً بالحقِّ بشيراً ونذيراً إنّ الأبرار مِنّا أهل البيت وشيعتهُم بِمنزِلِةِ مُوسى و شِيعَتِهِ وإِن عدونا و أشياعهم بمنزلة فرعون و أشياعه.(2)

حتبر؛ إنكاره الولاية وعذابه في النار

1- قال أبو عبد الله عليه السلام ﴿صعُوداً﴾(3) جبل فِي النَّارِ مِن نُحاس يعمل عليه حبتر ليُصعِده كارهاً فإذا ضرب بيديه على الجبل ذابتا حتّى يلحق بالركبتين فإذا رفعهما عادتا فلا يزال هكذا ما شاء الله .(4)

2 - قال أبو عبد الله عليه السلام : لَمَّا نزلت هذه الآية في الولاية، أمر رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بالدوحاتِ في غدِيرِ خُمّ فقُمِمن، ثُمَّ نُودِي الصلاة جامعةً، ثُمّ قال : أيُّها النَّاسُ، من كنت مولاه فعلي مولاه أ لستُ أولى بِكُم مِن أنفسكم ؟ قالُوا: بلى قال من كنت مولاه فعلي مولاه ربّ وال من والاه، وعادِ من عاداه. ثم أمر الناس يبايعون عليّاً، فبايعه لا يجى أحدٌ إِلّا بايعه ، لا يتكلّمُ مِنهُم أَحدٌ. ثُمَّ جاء زُفْرُ و حبتر، فقال له: يا زُفرُ، بايع عليّاً بالولاية. فقال: من الله ، أو مِن رسُولِهِ ؟ فقال : مِن الله و من رسُولِهِ ؟ ثُمَّ جاء حبتر فقال: بايع عليّاً بالولاية. فقال: مِن اللهِ أَو مِن رَسُولِهِ ؟ فقال: مِن الله و من رسُولِهِ ثُمَّ ثنى عِطفهُ مُلتفتاً فقال لِزُفر: لشدّ ما يرفعُ بِصْبُعِ ابنِ عمّه .(5)

أقول : حبتر بفتح الحاء و التاء وسكون الباء من أسماء الثعالب و بمعنى القصير أيضا وبه يسمى الرجل(6) والظاهر أنه كناية عن الثاني.

ص: 245


1- تفسیر فرات الكوفي :314 ح 420.
2- تأويل الآيات : 407 و بحار الأنوار 24 : 167.
3- المدثر: 17.
4- تأويل الآيات : 709 ، بحار الأنوار 31 : 590 ح 15 و البرهان في تفسير القرآن 5 : 528 ح 11209.
5- قرب الأسناد : 57 ح 186.
6- مجمع البحرين 3 : 257 ، لسان العرب 4 : 162 والعين 3 : 336.

يا حسين من أنكر حق أبيك فعليه لعنة الله

1 - رُوِي أنّ عمر بن الخطابِ كان يخطبُ النّاس على منبرِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فذكر في خُطبتِهِ أَنْهُ أولى بِالمؤمنين مِن أَنفُسِهِم فقال له الحسين عليه السلام من ناحية المسجدِ: إنزِل أيُّها الكذَّابُ عن مِنبرِ أبي رسُولِ الله صلى الله عليه وآله ، لا منبر أبيك. فقال له عمر: فينبر أبيك لعمري يا حسين إلا منبر أبي، من علمك هذا؟ أبوك علي بن أبي طالب؟. فقال له الحسينُ: إِن أُطِع أبي فيما أمرني فلعمرِي إِنَّهُ لهادٍ وأنا مُهتدٍ بِهِ ، و لهُ فِي رِقابِ النّاسِ البيعةُ على عهدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله نزل بها جبرئيل عليه السلام مِن عِندِ اللهِ تعالى لا يُنكِرُها أحدٌ إِلَّا جَاحِدٌ بِالكِتابِ، قد عرفها النَّاسُ بِقُلُوبِهم وأنكرُوها بألسنتهم وويلٌ لِلمُنكِرِين حقنا أهل البيت عليهم السلام ما ذا يلقاهُم بِهِ مُحمّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله من إدامة الغضب وشدّة العذابِ ؟!. فقال عمر: يا حسين ! من أنكر حق أبيك فعليه لعنة الله ! أمرنا النّاسُ فتأمرنا ، ولو أمروا أباك لأطعنا. فقال له الحسين عليه السلام : يا ابن الخطاب ! فأيُّ النّاسِ أمرك على نفسه قبل أن تُؤمر أبا بكر على نفسك لِيُؤمرك على النّاسِ بِلاحُجّةٍ مِن نبي ولا رِضَى مِن آلِ محمّد ؟! فرِضاكُم كان لمحمد عليهِ وآلِهِ السلام رِضًى، أو رِضى أهلهِ كان له سخطاً ؟ ! أما والله لو أن لِلّسانِ مقالاً يطولُ تصدِيقُهُ ، وفِعلاً يُعِينُهُ المؤمنون لما تخطيت رقاب آلِ محمّد صلى الله عليه وآله ، ترقى منبرهم وصرت الحاكم عليهم بِكِتاب نزل فيهم، لا تعرِفُ مُعجمه ، ولا تدري تأويله إلّا سماع الأذانِ ، المخطِئُ والمصيبُ عِندك سواء، فجزاك الله جزاك، وسألك عمّا أحدثت سؤالا حفيّاً. قال: فنزل عمرُ مُغضباً و مشى معه أُناسٌ مِن أصحابِهِ حتى أتى باب أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فاستأذن عليه فأذن له، فدخل فقال يا أبا الحسن ما لقِيتُ مِن ابنك الحسين ؟! يُجهرنا بصوتٍ في مسجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ويُحرّض عليّ الطغام وأهل المدينة ؟! فقال له الحسن عليه السلام : مِثلُ الحسين ابنِ النبي صلى الله عليه وآله يستحِثُ بمن لا حُكم له، أو يقُولُ بِالطغامِ على أهلِ دِينِهِ، أما والله ما نلت ما تلت إلّا بالطغام، فلعن الله من حرّض الطغام!. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : مهلا يا أبا محمّد! فإنّك لن تكون قريب الغضب، ولا لئيم الحسب، ولا فيك عُرُوقٌ مِن السُّودان، اسمع كلامي، ولا تعجل بالكلام. فقال له عمر: يا أبا الحسن! إنهما لِيَهُمَانِ فِي أَنفُسِهِما بِمالا يُرى بغير الخلافة. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : هُما أقرب نسباً بِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله مِن أبِيهما أما فأرضهما يا ابن الخطابِ بِحقهما يرض عنك من

ص: 246

بعد هما. قال: و ما رضاهما يا أبا الحسن ؟ قال: رضاهما الرجعةُ عن الخطيئة، والتَّقِيَّةُ عن المعصية بِالتّوبة. فقال له عمرُ: أدب يا أبا الحسن ابنك أن لا يتعاطى السّلاطين الذينهُمُ الحُكماءُ فِي الأَرْضِ. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : أنا أُؤَدِّبُ أهل المعاصي على معاصيهم، ومن أخافُ عليهِ الزَّلّة والهلكة، فأما من ولده رسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله لا يحلُّ أدبُهُ، فَإِنَّهُ ينتقل إلى أدب خير لهُ مِنه، أما فأرضهما يا ابن الخطاب. قال: فخرج عمر فاستقبلهُ عُثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف، فقال له عبد الرحمن: يا أبا حفص ! ما صنعت و قد طالت بِكُما الحجّةُ ؟ . فقال له عمر: وهل حُجّةٌ مع ابن أبي طالب و شبليهِ ؟!. فقال له عُثمانُ : يا ابن الخطابِ هُم بنو عبدِ منافٍ الأسمنون والنّاسُ عِجاف. فقال له عمرُ: ما أعُدُّ ما صرت إليه فخراً فخرت بِهِ، أبِحُمقك؟. فقبض عُثمان على مجامع ثِيابِهِ ثُمَّ جذبه و ردّه ، ثُمّ قال: يا ابن الخطاب ! كأنك تُنكِرُ ما أَقُولُ . فدخل بينهما عبد الرحمن بن عوف و فرّق بينهما، وافترق القوم(1)

إعتراضاته

1- قال أمير المؤمنين عليه السلام في مثالب عمر هو صاحِبُ عبدِ اللَّهِ بنِ أُبي بن سلولٍ حِين تقدّم رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لِيُصلّي عليهِ أخذ بثوبِهِ مِن ورائِهِ وقال لقد نهاك الله أن تُصلّي عليه و لا يحل لك أن تُصلّي عليه فقال لهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله إِنّما صلّيتُ عليهِ كرامةً لإبنِهِ و إِنِّي لأرجو أن يُسلِم بِهِ سبعون رجُلا مِن بني أبِيهِ وأهل بيتِهِ و ما يُدريك ما قُلتُ إِنما دعوتُ الله عليهِ.(2)

2- قال عليُّ بنُ إبراهيم في قوله تعالى: ﴿إستغفرلهم أو لا تستغفرلهم إن تستغفر لهم سبعين مرّةً فلن يغفر الله لهم﴾(3). إنّها نزلت لما رجع رسُولُ الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة و مرض عبد اللهِ بنُ و كان ابنه عبد الله بن عبدِ اللهِ مُؤمن أفجاء إلى النّبي صلى الله عليه واله و أبوه يجود بنفسه فقال: يا رسول الله ! بِأبي أنت وأُمِّي إنك إن لم تأتِ أبي كان ذلك عاراً علينا، فدخل عليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله و المنافقون عنده فقال إبنه عبدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ : يا رسول الله ! إستغفر له، فاستغفر له، فقال عمرُ:

ص: 247


1- الإحتجاج 2 : 292 ، الأمالي للطوسي : 889 و بحار الأنوار 30 : 47 ح1.
2- بحار الأنوار 78 : 376 ح 26.
3- التوبة : 80.

ألم ينهك الله يا رسول الله أن تُصلّي عليهم أو تستغفر لهم ؟! فأعرض عنه رسُولُ الله صلى الله عليه وآله ، وأعاد عليه. فقال له: ويلك ! إِنِّي خُيّرتُ فاخترتُ، إِنَّ الله يَقُولُ: ﴿إستغفرلهم أو لا تستغفرلهم إن تستغفر لهم سبعين مرّةً فلن يغفر الله لهم﴾(1) فلما مات عبدُ اللهِ جَاء إِبْنُه إِلى رسول الله صلى الله عليه واله ، فقال : بأبي أنت وأُمِّي يا رسول الله ! إن رأيت أن تحضر جنازته، فحضره رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله و قام على قبره، فقال له عمر: يا رسول الله ! ألم ينهك الله أن تُصلّي على أحدٍ منهم مات أبداً؟! وأن تقوم على قبره ؟ . فقال لهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: ويلك! وهل تدري ما قُلتُ إِنّا قُلتُ: اللهم احش قبره ناراً، و جوفه ناراً، وأصله النار، فبدا من رسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله ما لم يكُن يُحِبُّ .(2)

3 - عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام عن جابر بن عبد الله ، قال : كنتُ عند النبي صلى الله عليه وآله أنا من جانب وعلي أمير المؤمنين صلوات الله عليهِ مِن جانِبِ إِذ أقبل عمر بن الخطاب و معه رجُلٌ قد تلبّب به، فقال: ما باله؟ قال: حكى عنك يا رسول الله صلى الله عليه وآله أنك قلت: من قال لا إله إلا الله محمّد رسُولُ الله دخل الجنّة، وهذا إذا سمعتهُ النَّاسُ فرّطوا في الأعمال، أ فأنت قُلت ذلِك يا رسُول الله صلى الله عليه وآله ؟ . قال : نعم، إذا تمسك بمحبة هذا و ولايته.(3)

4 - روي من عدة طرق: أنّ الطلاق كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى عهد أبي بكر و سنتين من عهد عمر الثلاث واحدة، وأن عمر جعل الثلاث ثلاثاً وحكم بذلك.(4)

5- عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّ رسُول الله صلى الله عليه واله لما خلا بعلي عليه السلام يوم أتاه عمر بن الخطاب فقال أتُناجِيهِ دُوننا و تخلُوبِهِ دُوننا فقال يا عمرُ ما أنا انتجيتُهُ بلِ اللهُ انتجاه قال فأعرض عمرُو هُو يقُولُ هذا كما قلت لنا قبل الحديبية لتدخُلُنَّ المسجد الحرام إن شاء الله آمنين فلم ندخله وصُدِدنا عنه فناداه النّبِيُّ صلى الله عليه آله لم أقل لكُم إِنَّكُم تدخُلُونَهُ فِي ذلك العام ثم.(5)

ص: 248


1- التوبة : 80.
2- بحار الأنوار 30 : 148ح 3 و البرهان في تفسير القرآن 2 :822 ح4651.
3- بشارة المصطفى : 212 ح 38 ، الأمالي للطوسي : 282 و بحار الأنوار 30 : 177 ح37.
4- إثبات الهداة 3 : 364 ح 78.
5- بحار الأنوار 21 : 163ح 7.

6- قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه واله دخلت العُمرة في الحج إلى يوم القيامة وشبك إحدى أصابع يديه على الأخرى ثم قال عليه السلام لو استقبلتُ مِن أمري ما استدبرته ما شقتُ الهدي ثُمَّ أمر مُنادِيه أن يُنادِي من لم يشق مِنكُم هدياً فليُحِلّ وليجعلها عُمرةً و من ساق مِنكُم هدياً فليقم على إحرامه فأطاع في ذلك بعض الناس وخالف بعض وجرت خُطوب بينهم فيه وقال منهم قائلون إن رسول الله صلى الله عليه وآله أشعث أغبر نلبس التّياب ونُقرّب النِّساء وندهن وقال بعضُهم أما تستحيون تخرجون رءوسكم تقطر من الغُسل ورسولُ الله صلى الله عليه وآله على إحرامه فأنكر رسول الله صلى الله عليه وآله على من خالف في ذلك وقال لولا أنّي سُقتُ الهدي لأحللت و جعلتُها عُمرةً فمن لم يشق هدياً فليُحِلّ فرجع قوم و أقام آخرُون على الخلاف وكان فيمن أقام على الخلاف عمر بن الخطاب فاستدعاه رسُولُ الله صلى الله عليه وآله و قال ما لي أراك يا عمرُ مُحرِماً أ شقت هدياً قال لم أشق قال فلم لا تُحِلُّ وقد أمرتُ من لم يشق بِالإحلال فقال واللهِ يا رسُول اللَّهِ لا أحللتُ وأنت مُحرِم فقال له النبيُّ صلى اله عليه وآله إِنَّكَ لن تُؤمِن بِها حتى تموت فلذلك أقام على إنكارِ مُتعةِ الحج حتى رقي المنبر في إمارتِهِ فنهى عنه نهياً مُجدّداً و توعد عليها بِالعِقابِ .(1)

7 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما مات عبد الله بن أبي بن سلول حضر النّبيُّ صلى الله عليه وآله جنازته فقال عمرُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره فسكت فقال يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره فقال له ويلك وما يُدرِيك ما قُلتُ إِنِّي قُلتُ اللهم احش جوفه ناراً و املأ قبره ناراً وأصلِهِ ناراً قال أبو عبد الله عليه السلام فأبدى مِن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ما كان يكره .(2)

8- عن عُمر أنّ رجُلا أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال ما عِندِي شيء ولكن ابتع علي فإذا جاءنا شيء قضيناه قال عمر فقُلتُ يا رسول الله ما كلّفك الله ما لا تقدِرُ عليه قال فكره النّبيُّ صلى الله عليه وآله فقال الرّجُلُ أَنفِق ولا تخف مِن ذِي العرش إقلالا قال فتبسم النّبيُّ صلى الله عليه وآله و عُرِف السُّرُورُ في وجهه.(3)

ص: 249


1- بحار الأنوار 21 : 385.
2- الكافي 3 : 188 ح 1 و بحار الأنوار 22 :125 ح97.
3- بحار الأنوار 16 : 232.

9 - عن النبي صلى الله عليه واله أنه وقف على قليب بدر فقال لِلمُشرِكِينَ الَّذِينَ قُتِلُوا يومَئِذٍ وقد أُلقُوا في القليب لقد كُنتُم جيران سوءٍ لِرَسُولِ اللهِ صلى اله عليه وآله أخرجتُمُوهُ مِن منزِلِهِ وطردتموهُ ثُمَّ اجتمعتُم عليه فحاربتُموه فقد وجدتُ ما وعدني ربي حقاً فقال له عمر يا رسول الله ما خطابك لهامٍ قد صديت فقال له مه يا ابن الخطاب فوالله ما أنت بأسمع منهم وما بينهم وبين أن تأخُذهُمُ الملائكة بمقامع الحديد إلّا أن أُعرِض بوجهي هكذا عنهم.(1)

10 - عن عائشة، قالت: كان عمر بن الخطاب يقولُ لرسول الله صلى الله عليه وآله أحجب نساءك فلم يفعل.(2)

11- قال شيخنا الفيد أعلى الله مقامه إنّ الأمة مُجمعةٌ لا خلاف بينها على أن عمر بن الخطاب قال: ما شككتُ منذُ يوم أسلمتُ إلا يوم قاضى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله أهل مكة، فإنّي جئت إليه فقلتُ له: يا رسول الله ألست بنبي ؟ فقال : بلى، فقلتُ: ألسنا بالمؤمنين ؟ قال: بلى، فقلتُ: فعلى ما تُعطي هذه الدنية من نفسك ؟ فقال: إنّها ليست بدنيّة ولكنّها خير لك. فقلتُ له: أليس قد وعدتنا أن ندخُل مكة ؟ قال : بلى. قلتُ: فما بالنا لا ندخلها ؟ قال: أوعدتك أن تدخلها العام ؟ قلتُ : لا ، قال . فسندخلها إن شاء الله تعالى.(3)

منعه عن قول حيّ على خير العمل في الأذان

1- قال عمر: ثلاث كن على عهد رسول الله أنا مُحرّمهن ، ومُعاقب عليهن: متعةُ الحج ومتعةُ النِّساءِ وحيّ على خير العمل في الأذانِ.(4)

2- روى الطبري الشيعي أنّ عمر صعد المنبر، وقال: أيها الناس، ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله أنا أنهى عنهن وأحرمهن وأعاقب عليهنّ منها: المتعتان، متعة النساء ومتعة الحج، فإنّه متى لم يتمتع الناس بالعمرة إلى الحج إعتمر الناس في كل وقت،

ص: 250


1- بحار الأنوار 6 : 254.
2- إثبات الهداة 3 : 349 ح 14.
3- الفصول المختارة : 27 و بحار الأنوار 10 : 413.
4- الصراط المستقيم 3 : 277.

قدرت عليكم الحيرة وقامت أسواقكم في كل وقت مع ما في ذلك من تحصين الإحرام وتعظيمه، فإنّي أستفظع أن يروح الحاج إلى منى شعثاً غُبراً قد لوحتهم السّماء، وغيرت ألوانهم الشمس، وروح المتمتعون لم يُصبهم من ذلك شئ !.

وأما متعة النساء، فإنّي متى أبحثها للنّاس لم يزل الرّجل يرى في حرمه مثل هذا الطفل وجاء بطفل من ولادة متعة، فصعد به المنبر و الثالثة حيّ على خير العمل، فإنّ الناس إذا سمعوها في الأذان ، إتكلوا عليها وعطلوا الحج وسائر الأعمال.(1)

3 - عن مالِكِ أنه بلغه المؤذِّنُ جاء عُمر يُؤذِنُهُ لِصلاة الصُّبحِ فوجده نائماً، فقال: الصلاة خير من النومِ، فأمره عمر أن يجعلهما في الصُّبحِ .(2)

حال بین رسول الله صلی الله علیه وآله و بین وصیته و رماه بالهجر

1- عن سُليم قال: إِنّي لعِند عبدِ اللهِ بنِ عبّاس في بيتِهِ و عِندهُ رهط من الشيعة فذكروا رسول الله صلى الله عليه وآله و موته فبكى ابنُ عباس و قال قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله يوم الإثنين وهو اليوم الَّذِي قُبِضَ فِيهِ وحوله أهل بيته وثلاثون رجُلا مِن أصحابِه ايتوني بِكتِفٍ أكتُب لكُم كِتاباً لا تضلوا بعدي ولا تختلفوا بعدي فقال رجل منهم إنّ رسُول اللَّهِ يهجُرُ فغضب رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله و قال إنّي لأراكُم تختلفُون وأنا حي فكيف بعد موتي فترك الكتف قال سليم ثُم أقبل علي ابنُ عبّاس فقال يا سليم لولا ما قال ذلِك الرَّجُلُ لكتب لنا كِتاباً لا يضلُّ أحدٌ ولا يختلف فقال رجُلٌ مِن القومِ و من ذلك الرّجُلُ فقال ليس إلى ذلك سبيل فخلوت بابنِ عباس بعد ما قام القوم فقال هو عمر فقلتُ قد صدقت قد سمعتُ عليّاً عليه السلام و سلمان وأبا ذرو المقداد يقولُونَ إِنَّهُ عمر قال يا سليم اكتُم إلا من تثقُ بِهِ مِن إخوانك فإِن قُلُوب هذِهِ الأمة أُشربت حُبّ هذينِ الرّجُلين كما أُشرِبت قلوبُ بني إسرائيل حبّ العجل والسامري.(3)

ص: 251


1- المسترشد : 516.
2- بحار الأنوار 31 : 43.
3- بحار الأنوار 22 : 497 ح44.

2 - عن عبدِ اللهِ بن عبّاس قال: لَمّا حضرتِ النبي صلى الله عليه وآله الوفاة و في البيتِ رِجالٌ فيهم عمر بن الخطاب فقال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله هلموا أكتب لكُم كِتاباً لن تضلوا بعده أبداً فقال لا تأْتُوهُ بِشيء فإنّه قد غلبه الوجعُ وعِندَكُمُ القرآن حسبنا كِتابُ اللهِ فاختلف أهل البيت و اختصمُوا فِينهم من يقُولُ قبُوا يكتب لكُم رسُولُ اللهِ ومِنهُم من يقُولُ ما قال عمر فلَمّا كثر اللغظ والإختلاف قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله قُومُوا عنِّي قال عبيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُتبة و كان ابن عباس رحمهُ اللهُ يَقُولُ الرزيةُ كُلُّ الرّزيَةِ ما حال بين رسول الله صلى الله عليه واله وبين أن يكتب لنا ذلك الكتاب من إختِلافِهم ولغطهم.(1)

ماذا أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكتب حين رموه بالهجر

1- عن سليم بن قيس، قال: سمعتُ سلمان يقُولُ سمِعتُ عليّاً عليه السلام بعد ما قال ذلك الرّجُلُ ما قال و غضب رسُولُ الله صلى الله عليه وآله ودفع الكتف: ألا نسألُ رسول اللهِ عَنِ الَّذِي كان أراد أن يكتب في الكتف مما لو كتبه لم يضلّ أحدٌ ولم يختلف اثنان فسكت حتى إذا قام من في البيت وبقي علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام وذهبنا نقُومُ أنا وصاحِبِي أبوذرٍ والمقداد، قال لنا علي عليه السلام : اجلسوا.

فأراد أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله و نحن نسمعُ، فابتدأهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فقال: يا أخي، أما سمعت ما قال عدو اللهِ أتاني جبرئيل قبل فأخبرني أنه سامِرِيُّ هذِهِ الأمة وأن صاحِبه عجلها، وأن الله قد قضى الفرقة والإختلاف على أُمّتي من بعدي، فأمرني أن أكتب ذلك الكتاب الذي أردتُ أن أكتبه في الكتف لك، و أشهد هؤلاء الثلاثة عليه، ادعُ لِي بِصحيفةٍ فأتى بها.

فأملى عليه أسماء الأئِمَّةِ الهُداةِ مِن بعدِهِ رجلا رجلا و علي عليه السلام يخطهُ بِيدِهِ. وقال صلى الله عليه وآله: إنّي أشهدُكُم أن أخي و وزيري و وارثي وخليفتي في أمتي علي بن أبي طالب، ثم الحسن ثم الحسينُ ثُمَّ مِن بعدِهِم تِسعةٌ مِن وُلدِ الحسينِ.

ثم لم أحفظ منهم غير رجلين علي و محمد، ثم اشتبه الآخرون مِن أسماء الأئمة عليهم السّلام، غير أني سمعتُ صِفة المهدي وعدله وعمله و أنّ الله يملأ بِهِ الأرض عدلاً كما ملئت ظلما وجوراً.

ص: 252


1- الأمالي للمفيد : 36 ح 3 و بحار الأنوار 22 : 474 ح22.

ثم قال النبي صلى الله عليه وآله: إِنِّي أردتُ أن أكتب هذا ثُمَّ أخرُج بِهِ إِلى المسجِدِ ثُمَّ أدعُو العامة فأقرأه عليهم وأشهدهم عليه. فأبى الله وقضى ما أراد.

ثم قال سليم فلقيت أبا ذرو المقداد في إمارة عُثمان فحدّثاني. ثُم لقيتُ عليّاً عليه السلام بالكوفة و الحسن والحسين عليهما السلام فحدّثانِي بِهِ سِرّاً ما زادُوا ولا نقصُوا كأنّما ينطقون بلسان واحد.(1)

حسد عليّاً عليه السلام

1- عن أبي بصير، قال: بينا رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ذات يوم جالساً إذ أقبل أمير المؤمنين عليه السلام فقال له رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله : إن فيك شبهاً مِن عيسى بن مريم، ولولا أن تقول فيك طوائف مِن أُمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقُلتُ فيك قولاً لا تَسُرُّ ملا مِن النَّاسِ إِلَّا أَخَذُوا التُّراب من تحت قدميك يلتمِسُون بذلك البركة ، قال : فغضب الأعرابِيانِ و المغيرة بن شعبة و عِدَةٌ مِن قُريش معهم، فقالُوا: ما رضي أن يضرب لابنِ عمّهِ مثلا إلا عيسى بن مريم ! فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله ﴿و لَما ضُرِب ابنُ مريم مثلا إذا قومُكَ مِنهُ يصِدُّون و قالُوا أ آلِهتُنا خيرٌام هو ما ضربوه لك إلّا جدلا بل هُم قومٌ حَصِمُون إِن هو إلّا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل و لونشاءُ لجعلنا منكم﴾ يعني من بني هاشم ﴿ملائِكة في الأرضِ يخلفُون﴾(2).

قال: فغضب الحارث بن عمرو الفهرِيُّ، فقال: اللهم إن كان هذا هو الحقُ مِن عِندِكَ أَنْ بَنِي هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل، فأمطر علينا حِجارةً مِن السّماءِ أَوِ ابْتِنا بِعذابٍ أَلِيمٍ، فأنزل الله عليه مقالة الحارِثِ ، ونزلت هذه الآية: ﴿وما كان اللهُ لِيُعَذِّبهم وأنت فيهم وما كان الله مُعذِّبهُم وهُم يستغفِرُون﴾.(3)

ثم قال: يا بن عمرو إما ثبت و إما رحلت ؟ فقال : يا محمد ، بل تجعلُ لِسائِرِ قُريش شيئاً ما في يدك ، فقد ذهبت بنُوهاشِمٍ بِمكرمةِ العرب والعجم ؟ فقال لهُ النّبيُّ صلى الله عليه وآله: ليس ذلك إلي، ذلك إلى الله تبارك وتعالى.

ص: 253


1- کتاب سلیم : 398.
2- الزخرف : 56 و 95.
3- الأنفال : 31 الى 33.

فقال يا محمد، قلبي ما يُتابعني على التوبة، ولكن أرحل عنك ، فدعا براحلته فركبها، فلما صار بظهر المدينة أتته جندلةٌ، فرضت هامته، ثم أتى الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: ﴿سائل بعذاب واقع للكافرين﴾ بولاية علي ﴿ليس له دافِعٌ مِن اللهِ ذِي المعارج﴾(1).

قال: قُلتُ: جُعِلتُ فداك، إنا لا نقرؤُها هكذا، فقال : هكذا أنزل الله بها جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله، وهكذا واللهِ مُثبت في مُصحف فاطمة عليها السلام، فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لمن حوله مِن المنافقين: إنطلِقُوا إلى صاحِبِكُم، فقد أتاه ما استفتح بِهِ، قال الله عزّوجلّ: ﴿وأستفتحوا و خاب كُلُّ جبار عنيد﴾(2).(3)

أقول: الظاهر أن أبابصير نقله عن المعصوم عليه السلام باعتبار قوله "قلت: جعلت فداك...

و هذا مسلم عند أصحابنا كما صرح به المولى صالح المازندراني في كتاب شرح الكافي(4).

2- عن أنس بن مالك قال قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله إِنَّ في الجنّة شجرةً يُقالُ لها طوبى ما في الجنّةِ دار ولا قصر ولا حجر ولا بيتٌ إِلّا وَفِيهِ غُصنٌ مِن تِلك الشجرة و إن أصلها في داري ثم أتى عليهِ ما شاء الله ثم حدثهم في يوم آخر أن في الجنةِ شجرةً يُقال لها طوبى ما في الجنة قصر ولا دار ولا بيتُ إِلّا وَفِيهِ مِن ذلِك الشَّجرِ غُصنٌ وإِن أصلها في دار علي فقام عمر فقال يا رسول الله أو ليس حدثتنا عن هذِهِ وقُلت أصلُها في داري ثم حدثت و تقُولُ أصلها في دار علي فرفع النَّبِيُّ صلى اله علي واله رأسه فقال أو ما علمت أن داري و دار علي واحد و حجرتي و حجرة علي واحد و قصري وقصر علي واحد وبيتي وبيت علي واحد و درجتي و درجة على واحد وستري وستر علي واحد فقال عمر يا رسُول الله إذا أراد أحدكم أن يأتي أهله كيف يصنع فقال النبي صلى الله عليه واله إذا أراد أحدنا أن يأتي أهله ضرب الله بيني وبينه حِجاباً مِن نُورٍ فإذا فرغنا من تلك الحاجة رفع الله عنا ذلك الحجاب فعرف عمر حق علي عليه السلام فلم يحشد أحداً من أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ما حسده .(5)

ص: 254


1- المعارج : 1الی 3.
2- إبراهيم : 15.
3- الكافي 8 : 57 ح 18 ، البرهان في تفسير القرآن 5 : 483 ح 11061 و مدينة معاجز الأئمة 2 : 265ح544.
4- شرح الكافي 11 : 346.
5- بحار الأنوار 8 : 148ح 80.

في جهله

1- عن جابر، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: جاء إلى عُمر بن الخطابِ غُلامٌ يافع، فقال لهُ إِن أُمِّي جحدت حقي من ميراث أبي، وأنكرتني و قالت: لست بولدي. فأحضرها، و قال لها: لم جحدتِ حق ولدِكِ ، هذا الغُلامِ و أنكرتِهِ ؟ قالت: إِنَّهُ كَاذِبٌ فِي زعمِهِ، ولِي شُهُودٌ بأنني بكر عاتق ما عرفتُ بعلاً و كانت قد أرشت سبع نسوة، كُلّ واحدةٍ عشرة دنانير ليشهدن لها بأنها بكرو لم تتزوّج ولا عرفت بعلاً .

قال عمر: أين شُهُودُكِ، فأحضرتهنّ بين يديه، فقال: ما تشهدن؟ قُلن: نشهد أنها بكرًا ولم يمسها بعل ولا ذكر قال الغُلامُ : بيني وبينها علامة أذكُرُها لها، عسى أن تعرف ذلِكِ.

قالت له: قُل ما بدا لك.فقال الغُلامُ : قد كان والِدِي شيخ سعدِ بنِ مَالِكٍ يُقالُ لَهُ: ابنُ الحَارِثِ المزني. ووُلِدتُ في عام شدِيدِ المحل ، وبقيت عامين كاملين أرضعُ مِن شاةٍ ثُمَّ إِنِّي كَبِرتُ، و سافر والدي في تجارة مع جماعةٍ، فعادوا ولم يعد والدي معهم، فسألتهم عنه فقالُوا: إِنَّهُ درج فلَمّا عرفت والدتي الخبر، أنكرتني و أبعدتني وقد أضرتني الحاجةُ.

فقال عمر: هذا مُشكل، ولا يحلُّهُ إِلَّا نبي أو وصِيُّ نيّ، قُومُوا بِنا إلى أبي الحسن، فمضى الغلامُ، و هُو يقُولُ : أين منزِلُ كاشِفِ الكُرُوبِ عِند علامِ الغُيُوبِ ؟ أين خليفة هذِهِ الأمة حقاً؟ فجاءُوا بِهِ إلى منزل علي عليه السلام فقال:

أين كاشِفُ الكُرُباتِ، و مُجلي المشكلات عن هذه الأمة ؟

فقال علي عليه السلام : ما بك يا غُلامُ ؟

فقال: يا علي، أمّي جحدت حقي، وأنكرتني ميراث أبي، وأنكرت أني لم أكن ولدها.

فقال الإمام عليه السلام : أين قنبر؟ فأجابه بالتلبية: لبيك لبيك.

قال: امض و أحضر المرأة أُمّ الغُلامِ في مسجِدِ رسول الله صل الله عليه وآله.

فمضى قنبر و أحضرها بين يدي الإمام عليه السلام فقال لها: ويلك لم جحدتِ ولدِكِ ؟

فقالت: يا أمير المؤمنين، إنّي بِكر، ليس لي ولد ولم يمسسني بشر.

فقال لها : لا تُطِيلن الكلام، فأنا ابن عمّ بدر التمامِ أنا مصباحُ الظلامِ.

ص: 255

أخبريني بِقِصَّتِكِ ؟ قالت يا مولاي أحضر قابلةً لتنظُرني أنا بكر عاتِقٌ أم لا ؟

فأحضر قابلة أهل المدينة، فلما خلت بها أعطتها سواراً كان في عضُدِها، وقالت لها: اشهدي بأني بكر.

فلَمّا خرجت القابِلةُ مِن عِندِها، قالت: يا أمير المؤمنين، إنّها بِكر.

فقال لها: كذبتِ قُم يا قنبرُ الحق العجوز و خُذ مِنها السوار.

قال قنبر: فأخرجتُ السّوار مِن كتفها، فعندها ضجّ الخلائق.

فقال عليه السلام : اسكُتُوا فأنا عيبةُ عِلمِ النُّبوّة، ثمّ أحضر الجارية وقال لها: يا جارية ، أنا عِزُ الدِّينِ، أنا زين الدين، وأنا قاضِي الدِّينِ، أنا أبو الحسن والحسين عليهما السلام فإِنِّي أُرِيدُ أن أُزوجكِ من هذا الغُلام المدعي عليكِ فتقبلينهُ مِنِّي زوجاً.

قالتِ المرأةُ : يا مولاي، أتُبطل شريعة محمد صلى الله عليه وآله ؟

قال لها: بما ذا ؟ قالت: تُزوّجُنِي بِولدِي كيف يكُونُ ذلِك.

فقال الإمامُ: الله أكبر جاء الحق وزهق الباطِلُ إنّ الباطل كان زهوقاً وما كان هذا منكِ قبل هذه الفضيحة؟ قالت: يا مولاي خشِيتُ على الميراث. ثُمّ قال لها: تُوبِي إِلى اللهِ واستغفِرِيهِ ثُمَّ إنّه أصلح بينهما، وألحق الولد بوالدته وبارثِ أَبِيهِ.(1)

2 - كان رجُلٌ مِن أهل بيت المقدس، ورد إلى مدينة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وهُو حسن القِيابِ مليحُ الصُّورة، فزار حُجرة النبي صلى الله عليه وآله وقد قصد المسجد، ولم يزل مُلازماً له، مشتغلا بالعبادة صائم النهار، وقائم الليل، وذلك في زمن خلافة عمر بن الخطاب. حتى كان أعبد الخلق والخلق تتمنى أن تكون مثله وكان عمر يأتي إليه، ويسألُهُ أَن يُكلِّفَهُ حاجةً.

فيَقُولُ لهُ المقدِسِيُّ: الحاجةُ إلى الله تعالى، ولم يزل على ذلِك حتى عزم الناس على الحج. فجاء المقدِسِيُّ إِلى عُمر، وقال: يا أبا حفص، قد عزمت على الحج، وعِندِي أمانةٌ أُحِبُّ أَن تستودعها مني إلى حِينِ عودِي مِن الحج. قال عمر:

هات الوديعة فأحضر الشاب حقاً مِن عاج، عليهِ قُفَ مِن حَدِيدٍ، مَختُومٌ بِخَاتِمِ السَّابِ فتسلّمهُ

ص: 256


1- مدينة معاجز الأئمة 2 : 452 ح 677 ، الروضة لشاذان : 47 ، الصراط المستقيم 2 : 17 و بحار الأنوار 40 : 268 ح 38.

منه، وخرج الشاب مع الوفد، و خرج عمرُ إِلى مُقدّمِ الوفد. وقال: أوصيك بهذا الغلام، وجعل عمرُ يُودِّعُ الشّابّ.

وقال للمُقدّم على الوفد: استوص بهذا المقدسي ، وعليك به خيراً. و كان في الوفد امرأة من الأنصار فما زالت تُلاحظ المقدِسِيّ و تنزِلُ بِهِ حيثُ نزل فلَمّا كان في بعض الأيامِ دنت مِنهُ فقالت: يا شاب، إِنِّي لأرِقُ لهذا الجسمِ النّاعِمِ المترف كيف يُلبس الصُّوف؟ قال لها:

يا هذِهِ جِسمٌ يَأكُلُهُ الدُّودُ و مَصِيرُهُ إِلى التُّرابِ، هذا له كثِيرٌ. قالت له:

إِنِّي أغار على هذا الوجه المضيء تُشعِتُهُ الشَّمس. فقال لها:

يا هذِهِ اتقي الله فقد أشغلتيني عن عبادةِ اللهِ . فقالت له:

لي إليك حاجةٌ، فإن قضيتها فلا كلام، وإن لم تقضها فلا أنا بتاركتك حتى تقضيها لي. فقال: و ما حاجتك؟ قالت:

حاجتي أن تُواقِعني فزجرها وخوفها الله تعالى، فلم يردعها بذلك. فقالت:

واللهِ لَئِن لم تفعل ما آمُرُكَ بِهِ، لأرمينك في داهِيةٍ مِن دواهِي النِّساءِ ومكرِهِنَّ، فلا تنجُومِنها. فلم يلتفت إليها، ولم يعبأ بكلامها.

فلما كان في بعض الليالي، وقد سهر من كثرة عِبادة ربّهِ، ثُمَّ رقد فِي آخِرِ اللَّيلِ وغلب عليهِ النّوم، فأتته و تحت رأسِهِ مزادةٌ فيها زاده، فانتزعتها من تحتِ رأسِهِ، وطرحت فيها كيساً فِيهِ خمسمائة دينار، ثم أعادت المزادة تحت رأسه.

فلَمّا نزل الوفد، قامت الملعُونه، وقالت أنا بالله و بالوفد، أنا امرأةٌ مِسكينةٌ ، وقد سُرقت نفقتي ومالي، و أنا مُستجِيرةٌ بِاللهِ وبِكُم. فجلس مُقدّمُ الوفد، وأمر رجلين من المهاجرين أن يُفتِّشا الوفد.

ففتشا الوفد فلم يجدا شيئاً في الوفد، ولم يبق أحد إلا وفُتِّش رحله ، فأخبرُوا مُقدّم الوفدِ بذلك ، فقالت: يا قوم، ما يضُركُم لو فتشتم رحل هذا الشات فله أُسوة بالمهاجرين، وما يُدرِيكُم أنّ ظاهِرهُ ملِيحٌ و باطِنُه قبيح، ولم تزل المرأة على ذلك، حتى حملتهم على تفتيش رحله، فقصده جماعةٌ مِن بين الوفد، وهو قائمٌ يُصلّي، فَلَمّا رآهم أقبل عليهم وقال: ما بالكم و ما حاجتكُم ؟ فقالوا له:

هذِهِ المرأة الأنصارِيّةُ ذكرت أنها قد سُرِق لها نفقة كانت معها، وقد فتشنا رحال القوم بأسرها،

ص: 257

ولم يبق مِنهُم غيرك نحن لا نتقدّم إلى رحلك إلا بإذنك لما سبق إلينا مِن وَصِيَّةِ عُمر فِيما يعُودُ إليك. فقال:

یا قومُ ما يَضُرُّني ذلِك ففتِّشُوا ما أحببتُم، وهُو واثقٌ مِن نفسِهِ فَلَمّا نُفِض المزادُ الَّتِي فِيها زاده فوقع منها الهميان. فصاحتِ الملعُونةُ: الله أكبر، هذا والله كيسي و مالي، فيه كذا و كذا دينار، و فِيهِ عِقدٌ مِن لُؤْلُؤُوزَنُهُ كذا وكذا.

فاختبروه فوجدوه كما قالت الملعونة.

فمالُوا عليه بالضرب الوجيع و الشتم، وهو لا يردُّ جواباً، فسلسلُوهُ و قادُوهُ راجِلا إلى مكة.

فقال لهم: يا وفد الله ، بحق هذا البيت ما تصدّقتُم علي وتركتُمُونِي أقضي. الحج، و أُشْهِدُ الله تعالى ورسوله بأنّي إذا قضيتُ عُدتُ إليكُم ، وتركتُ يدِي فِي أيدِيكُم، فأوقع الله الرحمة في قُلُوبِهِم فأحلفُوهُ. فلما قضى مناسك الحج، و ما وجب عليه من الفرائض عاد إلى القومِ وقال لهم:

ها أنا قد عُدتُ ( إليكُم) فتركوه، ورجع الوفد طالباً مدينة الرسول فأعوزت تلك المرأة الملعونة الرّاد في بعض الطَّرِيقِ ، فوجدت راعِياً فسألته الزاد، فقال لها: عِندِي ما تُرِيدِين، غير أني لا أبيعُهُ فإن رأيتِ أن تُمكّنينِي مِن نفسِكِ، ففعلت ما طلب وأخذت منه زاداً.

فلما انحرفت عنه اعترض لها إبليس وقال لها: يا فُلانةُ، أنتِ حامل؟ فقالت: ممن؟

قال: من الراعي. فصاحت وا فضيحتاه، فقال لها: لا تخافي مع رُجُوعِكِ إِلى الوفد، قُولِي لهم:

إِنِّي سمِعتُ قِراءة المقدِسِي، فقرُبتُ مِنهُ فلَمّا غلب علي النوم ، دنا مِنِّي فواقعني، ولم أتمكن من الدفاع عن نفسِي بعد وقد حملتُ و أنا امرأةٌ مِن الأنصار، وخلني جماعةٌ مِن أهل اليمن.

ففعلتِ الملعونة ما أشار إليها بِهِ إِبليس لعنه الله ، فلم يشُكُوا فِي قولها لَمَّا عاينُوا مِن قبل أخذ المال من رحله، فعكفوا على الشّاب المقدسي، وقالوا: يا هذا، ما كفاك السرقة حتى فسقت بها، وأوجعُوهُ ضرباً وشتماً وسبّاً، وأعادوه إلى السّلسِلةِ وهو لا يرُدُّ جواباً، فَلَمّا قرُبُوا مِن المدينةِ خرج عمرُو معه جماعةٌ مِن المهاجرين والأنصار للقاء الوفد.

فلَمّا قرب الوفدُ مِنْهُ، لم يكُن لَهُ هِمّةٌ إِلَّا السُّؤال عنِ المقدِسِي فقال:

يا أبا حفص، ما أغفلك عنِ المقدِسِيّ ! فقد فقد سرق و فسق و قصوا عليه القصّة، فأمر بإحضاره بين يديه وهو مسلسل.

ص: 258

فقال: يا ويلك يا مقدِسِيُّ، تُبطِنُ فِيك بخلاف ما يظهر، فضحك الله تعالى.

والله لأنكُلنّ بِك أشدّ النّكالِ، وهو لا يردُّ جواباً. واجتمع الخلق، وازدحم النّاسُ لِينظُرُوا ما يُفعل به.

وإذا بِنُورِ قد سطع فتأمّلُوهُ ، فإذا هو عيبةُ عِلمِ النُّبُوَّةِ علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقال: ما هذا الرّهجُ في مسجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ؟

فقالوا: يا أمير المؤمنين، إنّ الشّاب المقدِسِيّ قد سرق و فسق.

فقال علي عليه السلام : والله ما سرق، ولا فسق، ولا حجّ أحدٌ غيرُه.

فلما سمع عمرُ كلامه قام قائماً على قدميه وأجلسه موضعه، فنظر إلى الشاب المقدسي وهو مُسلسل مُطرِقٌ إِلى الأَرْضِ، والمرأةٌ قاعِدَةٌ.

فقال لها أمير المؤمنين عليه السلام : أنا مجلي المشكِلاتِ وكاشِفُ الكُرُباتِ.

ويلكِ قُصِي عليّ قِصّتكِ، فأنا باب عيبةِ العِلمِ فقالت:

يا أمير المؤمنين ، إنّ هذا الشّابّ قد سرق مالي، وقد شاهده الوفد في مزادته، و ما كفاه حتى كُنتُ ليلةً مِن اللّيالِي قَرِيبةً مِنهُ فاستغرقنِي بِقِراءتِهِ، فدنا مِنّي ووثب إلي و واقعني و ما ملكتُ من المدافعة عن نفسي خوفاً من الفضيحة، وقد حملتُ مِنهُ.

فقال علي عليه السلام : كذبتِ يا ملعونه فيما ادّعيتِيهِ.

يا أبا حفص، إن هذا الشاب محبوب، ليس معه إحليل، وإحليله في حق من عاج.

ثم قال: يا مقدسي أين الحق ؟

فعند ذلك رفع طرفه فقال: يا مولاي من علم بِذلِك يعلمُ أين هو الحق، فالتفت على عليه السلام إلى عُمر، وقال: يا أباحفص، قُم فهات وديعة الشّات.

فأرسل عمرُ فأُحضر الحُقُ بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام ففتحوه فإذا فِيهِ خِرقةٌ مِن حريرة فيها إحليله، فعند ذلك قال الإمامُ : قُم يا مقدِسِيُّ ،فقام ، فقال : جرّدُوهُ مِن أَثوابِهِ لِتُحقق من اتهمتهُ بِالفِسق فجردُوهُ مِن أثوابِهِ ، فإذا هو محبوب ، فعِند ذلك ضجّ العالم، فقال لهم: اسكُتُوا و اسمعوا مِنِّي حُكومة أخبرني بِها رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله

ثُم قال: ويلكِ يا ملعونه، اجتریتِ على الله تعالى ويلكِ أما أتيتِ إِليهِ، وقُلتِ لهُ:

ص: 259

كيت وكيت، فلم يُجِبكِ فِي ذلِكِ فقُلتِ: والله لأرمِينَ فِي حِيلةٍ مِن حِيلِ النِّساءِ ، لا تنجُومِنها؟ فقالت: بلى يا أمير المؤمنين ، كان كذلك، ثُمّ قال عليه السلام : ثُمَّ إِنَّكِ استنومتيه حتى نام و تركتِ الكيس في مزادته، قالت: نعم يا أمير المؤمنين ، فقال عليه السلام : اشهدوا عليها. ثُمّ قال: حملكِ هذا مِن الرّاعِي الّذِي طلبتِ مِنهُ الرّاد، فقال لكِ: لا أبيع الزاد، وهو كذا وكذا، فقالت: صدقت يا أمير المؤمنين ، فضجّ النَّاسُ ، فسكتهم علي عليه السلام وقال لها لَمّا فارقتِ الرّاعِي وقف لكِ شيخ صفته كذا وكذا، فناداك وقال لكِ يا فُلانةُ، أنتِ حامِلٌ مِن الرّاعِي، فصرختِ وقلت: وا سوأتاه، فقال: لا بأس عليكِ قُولِي للوفد:

إنّ المقدسي اشتهى مِنّي وواقعني وقد حملتُ مِنهُ ، فيُصدِّقُوكِ لِما ظهر هُم مِن سرِقتِهِ .

فقالت: نعم، فقال الإمام أتعرفين ذلك الشيخ ؟ فقالت: لا.

فقال: ذلِكِ إبليس لعنه الله، فتعجّب النَّاسُ مِن ذلِك.

فعند ذلك قام عمرُ، وهو يقُولُ : لولا علي لهلك عمرُ ثُم انصرف النَّاسُ وقد تعجّبُوا مِن حُكومة علي عليه السلام.(1)

3 - عن أبِي الطُّفيل قال: شهِدتُ جنازة أبي بكر يوم مات و شهِدتُ عُمر حِين بويع وعلي عليه السلام جالِسٌ ناحِيةً إذ أقبل عليهِ غُلامٌ يَهُودِيٌّ عليهِ ثِيابٌ حِسانُ و هُو مِن وُلدِ هارون حتى قام على رأسِ عُمر فقال يا أمير المؤمنين أنت أعلمُ هذه الأمة بكتابهم وأمرنبتهم قال فطأطأ عمر رأسه فقال إياك أعني و أعاد عليه القول فقال له عمر ما شأنك فقال إِنِّي جِئتُكَ مُرتاداً لنفسِي شاكاً في دِينِي فقال دونك هذا الشّابّ قال ومن هذا الشاب قال هذا عليُّ بن أبي طالِبٍ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله و هو أبو الحسن والحسين ابني رسُولِ الله وهذا زوج فاطمة ابنة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله فأقبل اليهودي على علي عليه السلام فقال أكذلِك أنت قال نعم فقال اليهودِيُّ إِنِّي أُرِيدُ أن أسألك عن ثلاث وثلاث و واحِدَةٍ قال فتبسّم علي عليه السلام ثم قال يا هاروني ما منعك أن تقُول سبعاً قال أسألك عن ثلاث فإن علمتهنّ سألتُك عمّا بعد هُن وإن لم تعلمهُنَّ علِمتُ أَنَّهُ ليس لك علم فقال علي عليه السلام فإنّي أسألُك بِالإلهِ الَّذِي تعبُدُهُ إِن أنا أجبتُكَ فِي كُلّ ما تُرِيدُ

ص: 260


1- الروضة لشاذان : 49 ، مدينة معاجز الأئمة ج 2 :454 - 678 وبحار الأنوار 270:40 ح 39.

لتدعنّ دِينك ولتدخُلنّ فِي دِينِي فقال ما جِئتُ إِلّالِذلِك قال فسل قال فأخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الأرضِ أيُّ قطرةٍ هي وأول عينٍ فاضت على وجهِ الأَرْضِ أَيُّ عينٍ هِي وأوّلُ شيء اهتز على وجه الأرضِ أيُّ شيء هو فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام فقال أخبرني عن الثلاث الأخرى أخبرني عن محمّدٍ كم بعدهُ مِن إمام عدل و في أي جنّةٍ يَكُونُ و منِ السّاكِنُ معهُ فِي جنَّتِهِ فقال يا هارُونِيُّ إِنَّ لِمحمد صلى الله عليه وآله من الخلفاء اثني عشر إماماً عدلا لا يضُرُّهُم خِذلان من خذلهم ولا يستوحشون بخلاف من خالفهم وإنّهُم أرسبُ فِي الدِّينِ مِن الجبال الرواسي في الأرضِ و مسكن محمد صلى الله عليه وآله في جنة عدن معهُ أُولئِك الإثنا عشر الأئمة العدل فقال صدقت والله الذي لا إله إلّا هُو إِنِّي لأجِدُها فِي كِتابِ أبي هارون كتبهُ بِيدِهِ و أملاه عمّي مُوسى عليه السلام قال فأخبرني عنِ الواحِدة فأخبرني عن وصيّ محمّدٍ كم يعيشُ مِن بعدِهِ و هل يموتُ أو يُقتل قال يا هارُونِيُّ يعيش بعده ثلاثين سنةً لا يزيد يوماً و لا ينقُصُ يوماً ثُمَّ يُضرب ضربةً هاهنا يعني قرنه فتُخضبُ هذِهِ مِن هذا قال فصاح الهارُونِيُّ وقطع كُستيجه وهو يقُولُ أشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله و أنك وصِيُّهُ ينبغي أن تفوق ولا تفاق وأن تعظم ولا تُستضعف قال ثُم مضى بِهِ عليه السلام إلى منزله فعلمه معالم الدِّينِ.(1)

4 - عن أبي جعفر عليه السلام قال لما قدِمُوا بِبنتِ یزدجرد بِنتِ شهريار آخِرِ مُلُوكِ الفُرس و خاتِهِم على عُمرو أدخِلتِ المدينة استشرفت لها عذارى المدينة وأشرق المجلس بضوء وجهها ورأت عُمر فقالت افیروزان فغضب عمر فقال شتمتني هذِهِ العِلجة وهم بها فقال له علي عليه السلام ليس لك إنكارُ ما لا تعلمه فأمر أن يُنادى عليها فقال أمير المؤمنين عليه السلام لا يجوزُ بيعُ بناتِ الملُوكِ وإِن كانُوا كافرين و لكن اعرض عليها أن تختار رجُلا مِن المسلمين حتى تزوّج مِنهُ ويُحسبُ صداقها عليهِ مِن عطائِهِ مِن بيتِ المالِ يَقُومُ مقام الثّمن فقال عمر أفعل وعرض عليها أن تختار فجاءت فوضعت يدها على منكب الحسين عليه السلام فقال عليه السلام لها: چه نامی داری ای كنيزك أي أيش اسمكِ يا صبية قالت: جهانشاه بارخذاه فقال علیه السلام شهربانویه قالت خواهرم شهربانويه أي تلك أُختي قال عليه السلام راست گفتى أي صدقتِ ثُم التفت إلى الحسين عليه السلام فقال له احتفظ بها و أحسن إليها فستلِدُ لك خير أهل الأرضِ فِي زمانِهِ بعد ك وهِي أُمُّ الأَوصِياءِ الذُرِّيَّةِ الطَّيِّبةِ

ص: 261


1- الكافي 444:1 ، كمال الدين وتمام النعمة ج 1 : 299 ح 6 و بحار الأنوار 103:30 ح 7 و 36 :220 ح 20.

فولدت علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام ويروى أنها ماتت في نفاسها به و إنما اختارتِ الحسين عليه السلام لأنها رأت فاطمة بنت محمد عليها السلام في النوم وأسلمت قبل أن يأخُذها عسكر المسلمين ولها قصة عجيبة وهي أنها قالت رأيتُ فِي النّومِ قبل وُرُودِ عسكرِ المسلمين علينا كأن محمداً رسُول الله صلى الله عليه وآله دخل دارنا وقعد ومعه الحسين عليه السلام و خطبني له وزوجنِي أَبِي مِنهُ فلَمّا أصبحتُ كان ذلِك يُؤثِرُ في قلبي و ما كان لي خاطب غير هذا فلَمّا كان في الليلةِ الثَّانِيةِ رأيتُ فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله و قد أتتني وعرضت عليّ الإسلام وأسلمتُ ثُمّ قالت إنّ الغلبة تكُونُ لِلمُسلِمِين و إِنَّكِ تصلين عن قريب إلى ابني الحسين عليهما السلام سالمةً لا يُصِيبُكِ بِسُوءٍ أحدٌ قالت وكان من الحال أن أُخرجتُ إلى المدينة.(1)

5- عن الصادق عليه السلام قال : كان لفاطمة عليها السلام جاريةٌ يُقالُ لها فضةٌ ، فصارت من بعدها لعلي عليه السلام ، فزوجها من أبي ثعلبة الحبشي ، فأولدها إبناً ، ثم مات عنها أبوثعلبة. وتزوجها من بعده أبومليك الغطفاني ، ثمّ تُوفّي إبنُها مِن أبي ثعلبة فامتنعت من أبي مليك أن يقربها ، فاشتكاها إلى عُمر وذلك في أيامه ، فقال لها عُمر ما يشتكي منك أبومليك يا فضة ، فقالت : أنت تحكم في ذلك وما يخفى عليك ، قال عُمر: ما أجدلك رخصةً ، قالت يا أبا حفص ذهب بك المذاهب ، إنّ ابني من غيره مات فأردتُ أن أستبرئ نفسي بحيضة ، فإذا أنا حضتُ علمتُ أنّ ابني مات ولا أخ له وإن كنتُ حاملاً كان الولد في بطني أخُوه ، فقال عمر: شعرةٌ مِن آل أبي طالب أفقه من عدي.(2)

6 - روى أنه أُتي عمر بأسير في عهدِهِ فعرض عليه الإسلام فأبى فأمر بقتله قال لا تقتلوني وأنا عطشان فجاءوا بقدح ملأن ماءً فقال لي الأمانُ إلى أن أشرب قال عمر نعم فأراق الماء على الأرضِ فنشفته قال عمر اقتُلُوهُ فإِنَّهُ احتال . فقال علي بن أبي طالب عليه السلام لا يجوز لك قتله و قد آمنته قال ما أفعلُ بِهِ قال اجعلهُ لِرَجُلٍ مِن المسلِمِين بِقِيمةِ عدل قال ومن يرغبُ فِيهِ قال أنا قال هولك فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام القدح بكفّه فدعا فإذا ذلك الماء اجتمع في القدح

ص: 262


1- الخرائج و الجرائح ج 2 : 750ح 67.
2- مناقب آل أبي طالب ج 2 : 183 و بحار الأنوار 40 : 277 ح 7.

فأسلم لِذلِك فأعتقه أمير المؤمنين عليه السلام فلزم المسجد والتعبد. (وكان إسمه الهرمزان) فلما قتل أبو لُؤْلُوْة عُمرظنّ عُبيدُ اللهِ بنُ عُمر أنّ الهرمزان قتل أباه فدخل المسجد وقتله فعرَفُوا عُمر حاله فقال أخطأ قتلني أبو لُؤلؤة الهرمزان مولى علي بن أبي طالِبٍ ولا يُوصِي إِلَّا بِقتلِ عُبِيدِ اللَّهِ فتُوفّي عمرُو قام عُثمان فلم يقتل عُبيد الله وقال علي عليه السلام إِن مَكِّننِي اللهُ مِنْهُ لَأَقْتُلَهُ فَلَمَّا قُتِل عُثمان هرب عُبيدُ اللهِ إِلى مُعاوِية و ظفِربِهِ بِصِفّين فقتله وهُو مُتقلّدٌ بِسيفين.(1)

7 - روى أنه استودع رجُلانِ امرأةً وديعةً و قالا لها لا تدفعيها إلى واحِدٍ مِنا حتى نجتمع عِندك ثُمَّ انطلقا فغابا فجاء أحدُهُما إِليها فقال أعطيني وديعتي فإنّ صاحبي قد مات فأبت حتى كثر اختِلافُهُ فأعطتهُ ثُمَّ جاء صاحِبُهُ فقال هاتي وديعتي فقالتِ المرأةُ أخذها صاحِبك وذكر أنك قد مت فارتفعا إلى عُمر فقال لها عمرُ ما أراك إلّاقد ضمِنتِ فقالتِ المرأةُ اجعل عليّاً بيني وبينه فقال علي هذِهِ الوديعةُ عِندِي وقد أمر تُماها أن لا تدفعها إلى واحِدٍ مِنكُما حتى تجتمعانِ عِندها فائتِنِي بِصاحِبِك فلم يُضمِنها وقال إنّما أرادا أن يذهبا بِمال المرأة.(2)

8- عن الحسن أنه استدعى امرأةً كان يتحدّثُ عِندها الرّجالُ فَلَمّا جاءها رُسُلُهُ ارتاعت و خرجت معهم فأملصت فوقع إلى الأرضِ ولدها يستهلُّ ثُم مات فبلغ عُمر ذلك فسأل الصحابة عن ذلك فقالُوا بِأجمعهم نراك مُؤدِّياً ولم ترد إلا خيراً و لا شيء عليك في ذلك فقال أقسمتُ عليك يا أبا الحسن لتقُولنّ ما عندك فقال عليه السلام إن كان القومُ قاربوك فقد غشّوك و إن كانُوا ارتنوا فقد قصرُوا الدّية على عاقلتك لأن القتل الخطأ للصي يتعلق بك فقال أنت والله نصحتني والله لا تبرح حتى تُجري الدية على بني عدي ففعل ذلك أمير المؤمنين عليه السلام(3)

9 - رووا أن امرأتين تنازعتا على عهدِهِ فِي طِفل ادّعتهُ كُلُّ واحِدَةٍ مِنهُما ولداً لها بِغَيرِ بيِّنةٍ فغُمَ عليه و فزع فِيهِ إلى أمير المؤمنين فاستدعى المرأتين ووعظهما وخوفهما فأقامتا على التنازع فقال عليه السلام ائتُونِي بِمنشار فقالتا ما تصنعُ بِهِ قال أقُدُّهُ بِنِصفينِ لِكُلِّ واحِدَةٍ مِنكُما

ص: 263


1- الخرائج و الجرائح 1 : 212 ح 54.
2- مناقب آل أبي طالب 2 :370.
3- مناقب آل أبي طالب 2 : 366 وبحار الأنوار 101 : 394.

نِصفُهُ فسكتت إحداهما وقالت الأخرى الله الله يا أبا الحسن إن كان لا بد من ذلك فقد سمحت لهُ بِها فقال الله أكبر هذا ابنكِ دُونها ولو كان ابنها لرقّت عليهِ وأشفقت فاعترفت الأخرى بأنّ الولد لها دونها وهذا حُكمُ سُليمان في صغره .(1)

10- عن تميم بنِ حِزام الأسدِي أنه دفع إِلى عُمر منازعة جاريتين تنازعتا في ابن وبنت فقال أين أبو الحسن مُفرّجُ الكُربِ فدُعِي لَهُ بِهِ فقص عليهِ القِصَّة فدعا بقارُورتين فوزنهما ثُمَّ أمركُل واحدةٍ فحلبت في قارورة و وزن القارورتين فرجحت إحداهما على الأخرى فقال الإبنُ لِلَّتِي لبنها أرجح و البنتُ لِلّتِي لبنُها أخفُ فقال عمرُ مِن أين قُلت ذلك يا أبا الحسن فقال لأن الله جعل للذكر مثل حظ الأنثيين وقد جعلت الأطباء ذلِك أساساً في الإستدلال على الذكر و الأنثى. وصبّتِ امرأةٌ بياض البيض على فراش ضرتها وقالت قد بات عِندها رجُلٌ وفتش ثيابها فأصاب ذلِك البياض وقص على عُمرفهم أن يُعاقِبها فقال أمير المؤمنين التُونِي بِماءٍ حارقد أُغلي غلياناً شديداً فلَمّا أُتِي بِهِ أمرهم فصبُّوا على الموضع فانشوى ذلك البياضُ فرمى به إليها وقال إنّهُ مِن كيدِكُن إن كيدكن عظيم أمسك عليك زوجك فإنها حيلة تلك التي قذفتها فضربها الحد.(2)

11- عن أبي جعفر عليه السلام قال : جمع عمر بن الخطاب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فقال ما تقولون في الرّجُلِ يأتي أهله فيُخالِطُها فلا يُنزِلُ فقالت الأنصار الماء من الماء وقال المهاجرون إذا التقى الختانانِ فقد وجب عليهِ الغُسل فقال عمرُما تقُولُ يا أبا الحسن فقال عليه السلام أتُوجِبُون عليهِ الرجم والحدّ ولا تُوجِبُون عليه صاعاً مِن ماءٍ إذا التقى الختانانِ وجب عليهِ الغُسل.(3)

12 - روى أَنْهُ وُلِد في زمانِهِ مُولّدانِ مُلتصقانِ أحدُهُما حي والآخرُميت فقال عمرُ يُفصل بينهما بِحدِيدٍ فأمر أمير المؤمنين أن يُدفن الميتُ ويُرضع الحيُّ ففعل ذلِك فتميّز الحيُّ مِن الميِّتِ بعد أيام. وهم عمر أن يأخُذ حُلي الكعبة فقال عليه السلام إن القرآن أنزل على النبي صلى الله عليه وآله و

ص: 264


1- مناقب آل أبي طالب 2 : 367 ، الإرشاد 1 :205 وبحار الأنوار 252:40.
2- مناقب آل أبي طالب 2 : 367 و بحار الأنوار 234:40.
3- مناقب آل أبي طالب 2 : 368 وبحار الأنوار 234:40.

الأموال أربعة أموال المسلمين فقسموها بين الورثة في الفرائض والفيء فقسمه على مُستحِقِّهِ و الخمسُ فوضعه الله حيث وضعه والصدقات فجعلها الله حيث جعلها وكان حُلِيُّ الكعبة يومئذ فتركه على حاله و لم يتركه نسياناً ولم يخف عليه مكانُهُ فأقره حيثُ أقرهُ اللهُ وَرَسُولُهُ فقال عمر لولاك لافتضحنا وترك الحُلي بمكانه.(1)

13 - عن أبي جُبير قال : لما انهزم إسفيذ هميار قال عمرُ ما هُم بِيهود ولا نصارى ولا لهم كتاب و كانُوا مجوساً فقال علي بن أبي طالب عليه السلام بلى كان لهم كِتابٌ ولَكِنَّهُ رُفع وذلك أن ملكاً لهم سكر فوقع على ابنتِهِ أو قال على أُختِهِ فَلَمّا أفاق قال كيف الخُرُوجُ مِنها قيل تجمعُ أهل مملكتك فتُخبِرُهُم أنك ترى ذلك حلالا وتأمرهم أن يُحِلُّوهُ فجمعهم وأخبرهم أن يُتابِعُوهُ فأبوا أن يُتابِعُوهُ فخدّ لهم خُدُوداً في الأرضِ وأوقد فيها النار وعرضهم عليها فمن أبى قبول ذلك قذفه في النَّارِ و من أجاب خلّى سبيله.(2)

14 - روى جابِرُ بنُ يزيد و عمرُ بنُ أوس وابن مسعودٍ واللفظ لهُ أنّ عُمر قال لا أدري ما أصنعُ بِالمجُوسِ أين عبد الله بن عبّاس قالُوا ها هو ذا فجاء فقال ما سمعت عليّاً يقُولُ في المجوس فإن كُنت لم تسمعه فاسأله عن ذلك فمضى ابنُ عبّاس إلى علي فسأله عن ذلك فقال أفمن يهدي إلى الحق أحقُّ أن يُتبع أمن لا يهدّي إلا أن يُهدى فالكم كيف تحكمون ثم أفتاه. و أتي إليه بامرأة تزوج بها شيخ فلمّا أن واقعها مات على بطنها فجاءت بولد فأذاعُوا بنُوه أنها فجرت فأمر برجمها فرآها أمير المؤمنين عليه السلام فقال هل تعلمون أي يوم تزوّجها وفي أي يوم واقعها وكيف كان جماعُهُ لها قالُوا لا قال رُدُّوا المرأة فلَمّا أن كان من الغدِ بعث إليها فجاءت و معها ولدها ثم دعا أمير المؤمنين بِصِبيانٍ أتراب فقال لهُمُ العبُوا حتى إذا أنْهاهُمُ اللعِبُ صاح بهم أمِيرُ المؤمنين فقام الصبيانُ وقام الغلامُ فاتكأ على راحتيه فدعا بِهِ أمير المؤمنين و ورته مِن أبِيهِ و جلد إخوته المفتريين حداً حداً و قال عرفتُ ضعف الشيخ باتكاء الغلام على راحتيه حين أراد القيام.(3)

ص: 265


1- مناقب آل أبي طالب 2 : 368 وبحار الأنوار 234:40.
2- مناقب آل أبي طالب 2 : 368.
3- مناقب آل أبي طالب 2 : 368 وبحار الأنوار 235:40.

15 - روي أنّ امرأةً شهد عليها الشُّهُودُ أنهم وجدوها في بعض مياه العرب مع رجل يطوها ليس يبعل لها فأمر عمر برجمها فقالت اللّهُمّ أنت تعلم أني بريئة فغضب عمرُ و قال و تجرحي الشُّهُود أيضاً فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يسألوها فقالت كان لأهلي إِبِلٌ فخرجتُ فِي إِبِلِ أهلي و حملتُ معي ماءً ولم يكُن في إبلي لبن و خرج معي خليط وكان في ايله لبن فند مائي فاستسقيتُهُ فأبى أن يسقيني حتى أُمكّنهُ مِن نفسِي فأبيتُ فَلَمَّا كادت نفسي تخرُجُ أمكنتُهُ مِن نفسي فقال أمير المؤمنين عليه السلام الله أكبر ﴿فمن اضطر في مخمصةٍ غير متجانفٍ لإثم فلا إثم علیه﴾(1).(2)

16- عن عبادة بنِ الصّامِتِ قال: قدم قوم مِن الشّامِ حُجّاجاً فأصابُوا أُدحِى نعامةٍ فِيهِ خَمسُ بيضاتٍ وهُم مُحرِمُون فشووهُنّ وأكلُوهُنَّ ثُمَّ قالُوا ما أرانا إلا وقد أخطأنا وأصبنا الصيد ونحنُ مُحرِمون فأتوا المدينة و قصُّوا على عُمر القصّة فقال انظُرُوا إِلى قومٍ مِن أصحابِ رسُولِ اللهِ فاسألُوهُم عن ذلِك ليحكُمُوا فِيهِ فسألوا جماعةً مِن الصحابة فاختلفوا في الحكم في ذلك فقال عمر إذا اختلفتم فها هنا رجُلٌ كُنَّا أُمِرنا إذا اختلفنا في شيء فيحكُمُ فِيهِ فأرسل إلى امرأةٍ يُقالُ لها عطِيّة فاستعار منها أتاناً فركبها وانطلق بالقومِ معه حتى أتى عليّاً وهُو بِينبع فخرج إليهِ علي فتلقاهُ ثُمّ قال له هلا أرسلت إلينا فنأتيك فقال عمرُ الحُكمُ يُؤتى في بيتِهِ فقص عليهِ القومُ فقال علِيُّ لِعُمر مُرهُم فليعمدوا إلى خمس قلائِص مِن الإِبِلِ فليُطرقوها للفحل فإذا نتجت أهدوا ما نتج منها جزاءً عمّا أصابوا فقال عمريا أبا الحسنِ إنّ النّاقة قد تُجهضُ فقال علي وكذلك البيضةُ قد تمرقُ فقال عمرُ فلهذا أُمرنا أن نسألك.

و رُوِي مِن اختلافهم في امرأة المفقود فذكرُوا أن علياً حكم بأنّها لا تتزوج حتى يجيء نعي موتِهِ و قال هي امرأة ابتليت فلتصبرو قال عمر تتربّصُ أربع سنين ثُمَّ يُطْلِقُها ولِيُّ زوجها ثُمَّ تتربّصُ أربعة أشهر و عشراً ثم رجع إلى قول علي عليه السلام

و كان الهيثم في جيش فلمّا جاءت امرأته بعد قُدُومِهِ بِسِتَّةِ أشهر يولد فأنكر ذلك مِنها وجاء بِهِ عُمر و قص عليه فأمر برجمها فأدركها علي من قبل أن تُرجم ثُمَّ قال لعمر اربع على نفسك أنها صدقت إنّ الله تعالى يقُولُ وحمله وفصاله ثلاثون شهراً و قال ﴿و الوالِداتُ يُرضعن أولادهُنَّ

ص: 266


1- المائدة : 3.
2- مناقب آل أبي طالب 2 : 369 و بحار الأنوار 76 :50 ح36.

حولين كاملين﴾(1) فالحمل والرضاعُ ثلاثون شهراً فقال عمر لولا علي لهلك عمرو خلى سبيلها و ألحق الولد بالرجل.(2)

17 - روى شريك وغيره أنّ عُمر أراد بيع أهلِ السّوادِ فقال له علي عليه السلام إِنَّ هذا مالٌ أصبتُم و لن تُصِيبُوا مِثله و إن بعتهم فبقي من يدخُلُ في الإسلام لا شيء له قال فما أصنعُ قال دعهم شوكةً لِلمُسلِمِين فتركهُمُ على أنهم عبيدٌ ثُمّ قال علي عليه السلام فمن أسلم مِنهُم فنصيبي مِنهُ حُرٌّ.(3)

18 - عنِ الرّضا عليه السلام في خبرٍ أَنَّهُ أقرّرجُلٌ بِقتلِ ابنِ رجُلٍ مِن الأنصارِ فدفعه عمرُ إِليهِ لِيقتُلهُ بِهِ فضربه ضربتين بالسيف حتَّى ظَنّ أنّهُ هلك فحُمِل إِلى منزِلِهِ و بِهِ رمق فبرأ الجُرحُ بعد سِتَّةِ أَشْهُرٍ فلقيه الأب وجرّهُ إِلى عُمر فدفعه إليه عمرُ فاستغاث الرّجُلُ إِلى أَمِيرِ المؤمنين فقال لِعُمر ما هذا الَّذِي حكمت بِهِ على هذا الرّجُلِ فقال ﴿النفس بِالنّفس﴾(4) قال ألم يقتله مرّةً قال قد قتلتُه ثُمَّ عاش قال فيقتل مرتين فبهت ثُمَّ قال ﴿فاقض ما أنت قاض﴾(5) فخرج عليه السلام فقال للأب ألم تقتُله مرّةً قال بلى فيبطل دم ابني قال لا ولكنّ الحكم أن تدفع إليه فيقتصُّ مِنك مثل ما صنعت بِهِ ثُمّ تقتله بدم ابنك قال هو و الله الموتُ ولا بُدّ مِنهُ قال لابد أن يأخُذ بِحَقِّهِ قال فإِنِّي قد صفحتُ عن دم ابني ويصفحُ لِي عنِ القِصاص فكتب بينهما كتاباً بالبراءة فرفع عمريده إلى السّماءِ وقال الحمدُ لِله أنتُم أهل بيتِ الرّحمةِ يا أبا الحسن ثم قال لولا علي لهلك عمرُ.(6)

19 - روى أن غُلاماً طلب مال أبِيهِ مِن عُمر و ذكر أن والده تُوفّي بالكوفة والولد طفل بالمدينة فصاح عليهِ عمرُ و طرده فخرج يتظلّمُ مِنهُ فلقيه علي عليه السلام و قال ائْتُونِي بِهِ إِلى الجامع حتى أكشف أمره فجيء بِهِ فسأله عن حالِهِ فأخبره بخبره فقال علي لأحكُمنّ فِيكُم بِحُكومة

ص: 267


1- البقرة : 233.
2- مناقب آل أبي طالب 2 :364.
3- مناقب آل أبي طالب 2 :365.
4- المائدة : 45.
5- طه :72.
6- مناقب آل أبي طالب 2 : 365 ، بحار الأنوار 233:40 و مستدرك الوسائل 254:18.

حكم الله بها من فوق سبع سماءٍ وإِنه لا يحكُمُ بِها إِلَّا من ارتضاهُ لِعِلمِهِ ثُمَّ استدعى بعض أصحابه و قال هاتِ مجرفةٌ ثُمَّ قال سِيرُوا بِنا إلى قبرِ والدِ الصّي فساروا فقال احفِرُوا هذا القبر و انيشوه واستخرِجُوا لِي ضلعاً مِن أضلاعه فدفعه إلى الغلام فقال لهُ شُمهُ فَلَمّا شَمهُ انبعث الدّمُ مِن مِنخريه فقال عليه السلام إِنَّهُ ولدُهُ فقال عمر بانبِعاتِ الدّمِ تُسلّمُ إِليه المال فقال إِنَّهُ أحقُ بِالمالِ مِنك و من سائر الخلق أجمعين ثم أمر الحاضرين بِسْمِ الضّلع فشموه فلم ينبعِثِ الدَّمُ مِن واحِدٍ مِنهُم فأمر أن أعيد إليه ثانيةً وقال شمه فلمّا شمه انبعث الدم انبعاثاً كثيراً فقال عليه السلام إِنَّهُ أَبُوهُ فسلّم إِليه المال ثُمَّ قال والله ما كذبتُ ولا كُذِبتُ.

و أُتِي إِليهِ بِرجُلٍ وامرأةٍ فقال الرجُلُ لها يا زانية فقالت أنت أزنى مِنِّي فأمر بأن يُجلدا فقال علي عليه السلام لا تعجلوا على المرأةِ حدّانِ وليس على الرّجُلِ شيءٌ مِنها حد لِفِريتها وحد لإقرارها على نفسها لأنها قذفتهُ إلّا أنّها تُضرب ولا تُضرب بها الغاية .(1)

20 - روى أنهُ أُتي عمرُ بابن أسود انتفى مِنهُ أبوه فأراد عمرُ أن يُعزّره فقال علي عليه السلام لِلرَّجُلِ هل جامعت أُمّه في حيضها قال نعم قال فلذلك سوده الله فقال عمر لولا علي لهلك عمرو في رواية الكلي قال أمير المؤمنين فانطلقا فإِنَّهُ ابنكُما وإِنما غلب الدّمُ النُّطفة الخبر.(2)

21 - عن أنس قال: كُنتُ مع عُمر يمنى إذ أقبل أعرابي ومعه ظهر فقال لي عمر سله هل يبيعُ الظهر فقُمتُ إليهِ فسألتُهُ قال نعم فقام إليه فاشترى مِنهُ أربعة عشر بعيراً ثُم قال يا أنس ألحق هذا الظهر فقال الأعرابي جيّدها من أحلاسِها وأقتابها فقال عمرُ إِنما اشتريتُها بِأحلاسِها وأقتابها فاستحكما عليّاً فقال عليه السلام كُنتُ اشترطتُ عليهِ أقتابها وأحلاسها فقال عمر لا قال فجردها له فإنّما لك الإبل فقال عمريا أنس جيّدها وادفع أقتابها و أحلاسها إلى الأعرابي وألحقها بالظهر ففعلت.(3)

22 - عن طلحة بنِ عبدِ اللهِ قال: أتي عمرُ بِمال فقسمه بين المسلمين ففضلت منه فضلةٌ فاستشار فيها من حضره مِن الصحابة فقالُوا خُذها لِنفسك فإنّك إن قسمتها لم يُصِب كُلّ رَجُلٍ مِنها إِلَّا

ص: 268


1- مناقب آل أبي طالب 2 :359.
2- مناقب آل أبي طالب 2 :363.
3- مناقب آل أبي طالب 2 :363.

ما يلتفتُ إليه فقال علي عليه السلام اقسمها أصابهم من ذلك ما أصابهم فالقليلُ فِي ذلِك والكثِيرُ سواء ثم التفت إلى علي فقال ويد لك مع أيادٍ لم أجزك بها.(1)

23 - قال أبو عثمان النهدي جاء رجُلٌ إِلى عُمر فقال إِنِّي طلّقتُ امرأتي في الشرك تطليقةً وفي الإسلام تطليقتين فما ترى فسكت عمر فقال لهُ الرّجُلُ ما تقول قال كما أنت حتى يجيء علي بن أبي طالب فجاء علي فقال قُص عليهِ قِصّتك فقص عليه القصة فقال علي عليه السلام هدم الإسلام ما كان قبله هي. عِندك على واحدةٍ.(2)

24 - عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام، قال: قدم أُسقف نجران على عمر بنِ الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين، إن أرضنا أرضُ باردة شديدة المؤونة لا تحتمل الجيش، وأنا ضامِنٌ لِخراج أرضي أحمله إليك فِي كُلّ عامٍ كملا ، فكان يقدم هو بالمالِ بنفسه ومعه أعوان لهُ حتى يُوفّيه بيت المال، ويكتب له عمر البراءة قال: فقدم الأسقف ذات عام، وكان شيخاً جميلا ، فدعاه عمرُ إِلى اللهِ و إِلى دِينِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، وأنشأ، يذكر فضل الإسلام، وما يصيرُ إليه المسلمون مِن النّعِيم والكرامة، فقال له الأسقف: يا عُمر أَنتُم تقرءون فِي كِتابِكُم أَنَّ لِلَّهِ جَنَّةٌ عرضُها كعرض السماء والأرض، فأين تكُونُ النّارُ؟ قال: فسکت عمر، و نكس رأسه، فقال أمير المؤمنين عليه السلام وكان حاضراً أحب هذا النصراني . فقال له عمر: بل أجبه أنت. فقال عليه السلام له: يا أسقف نجران أنا أُجِيبُك إذا جاء النهار أين يكون الليلُ، وإذا جاء الليل أين يكُونُ النّهارُ؟ فقال الأسقف: ما كنتُ أرى أن أحداً يُجِيبُنِي عن هذِهِ المسألة. ثُمّ قال: من هذا الفتى، يا عُمر ؟ قال عُمر: هذا عليُّ بن أبي طالب، ختن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و ابنُ عَمِّهِ و أوّلُ مُؤمِنٍ معه، هذا أبو الحسن والحسين.

قال الأسقف: أخبرني يا عمرُ عن بُقعةٍ في الأرضِ طلعت فيها الشمس ساعةً، ولم تطلع فيها قبلها ولا بعدها؟ قال عُمر سل الفتى فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا أجيبك، هو البحرُحيتُ انفلق لبني إسرائيل، فوقعتِ الشمسُ فِيهِ، ولم تقع فيه قبله ولا بعده، قال الأسقف: صدقت يا فتى.

ثُمّ قال الأسقف: أخبرني يا عمر عن شيء في أيدي أهل الدنيا شبية بثمار أهل الجنة ؟ فقال: سل الفتى.

فقال عليه السلام: أنا أُجِيبُك : هو القرآنُ يجتمعُ أهل الدنيا عليه، فياخذون منه حاجتهم ، ولا

ص: 269


1- مناقب آل أبي طالب 2 : 363 وبحار الأنوار 40 :230.
2- مناقب آل أبي طالب 2 : 364.

ينقُصُ مِنه شيء، وكذلِك ثِمار الجنّة. قال الأسقف: صدقت يا فتى ثم قال الأسقف يا عمر أخبرني هل للسّماواتِ مِن أبواب ؟ فقال عمر: سل الفتى، فقال عليه السلام: نعم يا أُسقف، لها أبواب. فقال: يا فتى هل لتلك الأبواب من أقفال ؟ فقال عليه السلام : نعم يا أُسقف، أقفالها الشرك بالله . قال الأسقف: صدقت يا فتى. فما مفتاح تلك الأقفال ؟ فقال عليه السلام: شهادة أن لا إله إلّا الله ، لا يحجُبُها شيءٌ دُون العرش، فقال: صدقت يا فتى.

ثُم قال الأسقف : يا عمرُ، أخبرني عن أوّلِ دمِ وقع على وجه الأرض، أي دم كان فقال:سل الفتى.

فقال عليه السلام: أنا أُجِيبُك يا أُسقف نجران، أما نحن فلانقُولُ كما تقولون أَنَّهُ دَمُ ابنِ آدم الَّذِي قتله أخوه؛ وليس هو كما قُلتُم، و لكن أوّل دمِ وقع على وجه الأرض مشيمة حواء حين ولدت قابيل بن آدم.قال الأسقف: صدقت يا فتى. ثُمّ قال الأسقف بقيت مسألةٌ واحدةٌ، أخبرني أنت يا عمر أين الله تعالى ؟ قال : فغضب عمر، فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أنا أُجِيبُك وسل عما شِئت ، كُنَّا عِند رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ذات يوم، إذا أتاه ملك فسلّم، فقال لهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: من أين أُرسلت ؟ قال : مِن سبع سماواتٍ مِن عِندِ رَبِّي. ثُمَّ أَتاه ملك آخرُ، فسلّم، فقال لهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لله عليه وآله من أين أُرسلت ؟ قال: من سبع أرضين مِن عِندِ ربّي. ثُم أتاه ملك آخرُ، فسلّم، فقال له رسُولُ الله صلى الله عليه وآله من أين أُرسلت ؟ قال : مِن مشرِق الشَّمسِ مِن عِندِ ربّي. ثُمّ أتى ملك آخر، فقال له رسُولُ الله صلى الله عليه وآله: من أين أُرسلت؟ فقال: من مغرِبِ الشَّمسِ مِن عِندِ ربّي . فالله ها هنا وها هنا في السّماءِ إِلهُ وفِي الأَرْضِ إِلهُ ، وهو الحكيم العليم .(1)

25 - في رواية أنس : فلَمّا سمع الأسقف قوله قال لهُ مُدّ يدك فإِنِّي أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسُولُ اللهِ وأَنَّكَ خليفةُ اللهِ فِي أَرضِهِ و وصِيُّ رسُولِهِ وأنّ هذا الجالس الغليظ الكفل المحبنطِئ ليس هُولِه ذا المكانِ بِأَهلِ وإِنّما أنت أهله فتبسم الإمام عليه السلام .(2)

26- عن أبي جعفر و أبي عبدِ الله عليهما السلام قالا : حج عمرُ أوّل سنةٍ حجّ وهو خليفةٌ ، فحجّ تلك السنة المهاجرون والأنصار و كان علي عليه السلام قد حجّ في تلك السنة بالحسن والحسين عليهما السلام وبعبدِ اللهِ

ص: 270


1- البرهان في تفسير القرآن 5 : 296 ح 10520 وبحار الأنوار 30 : 117.
2- بحار الأنوار 10 : 58 ح3.

بن جعفر قال : فلما أحرم عبد الله ليس إزاراً و رِداءً مُمشقين مصبوغينِ بِطِينِ المشقِثُم أتى فنظر إليه عمرُ، وهويلي وعليه الإزار و الرّداءُ ، وهو يسير إلى جنب علي عليه السلام، فقال عمرُ مِن خلفهم : ما هذه البدعةُ الّتي في الحرم ، فالتفت إليه علي عليه السلام فقال له: يا عمرُ لا ينبغي لأحدٍ أن يُعلّمنا السُّنّة ، فقال عمر: صدقت يا أبا الحسن لا والله ، ما علِمتُ أَنَّكُم هُم قال: فكانت تلك واحدةً في سفرتهم تلك ، فلما دخلوا مكة طافوا بالبيت فاستلم عمر الحجر، فقال: أما واللهِ ، إِنِّي لأعلم أنك حجر لا تضُرُّو لا تنفعُ ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وآله استلمك ما استلمتُك ، فقال له علي عليه السلام : يا أبا حفص لا تفعل فإِنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله لم يستلم إلا لأمرقد علمه، و لو قرأت القرآن فعلمت من تأويله ما علم غيرك لعلمت أنهُ يضُرُّو ينفعُ له عينان و شفتانِ ولِسانٌ ذلِق ، يشهد لمن وافاه بالموافاة.

قال: فقال له عمر: فأوجدني ذلِك فِي كِتابِ اللهِ يا أبا الحسن . فقال عليٌّ (صلواتُ اللهِ عليهِ): قولُهُ تبارك وتعالى:

﴿و إذ أخذ ربُّكَ مِن بني آدم مِن ظُهُورهم ذُرِّيّتهم وأشهدهم على أنفُسِهِم ألستُ بِرَبِّكُم قالوا بلى شهدنا﴾(1) فَلَمّا أقرُّوا بِالطاعةِ بِأَنْهُ الرّبُّ وأنهُمُ العِبادُ أخذ عليهم الميثاق بالحج إلى بيته الحرام، ثُمَّ خلق الله رقّاً أَرقٌ مِن الماء، وقال للقلم: أكتب موافاة خلقي ببيتي الحرام فكتب القلمُ موافاة بني آدم في الرّقِّ، ثُمَّ قِيل للحجر: افتح فاك قال: ففتحه، فألقمه الرّق، ثم قال للحجر: احفظ و اشهد لِعِبادِي بالموافاة. فهبط الحجرُ مُطِيعاً الله.

يا عمرُ أو ليس إذا استلمت الحجر، قلت: أمانتي أدّيتُها ، وميثاقي تعاهدتُه لتشهد لي بِالموافاة ؟ فقال عمر:

اللّهُمّ نعم . فقال له علي عليه السلام: من ذلِك.(2)

27- روی أن أبا بكر حضّ الناس على الجهاد فتثاقلوا، فقال عمر: ﴿لو كان عرضاً قريباً﴾(3)

ص: 271


1- الأعراف : 172.
2- تفسير العياشي 2 : 38 ، بحار الأنوار 96 :227 ، البرهان في تفسير القرآن 2 :612 ح 4068 و وسائل الشيعة 483:4 ح 16844.
3- التوبة :42.

الآية ، فقال له خالد بن سعيد بن العاص: يا ابن أم عمر، ألنا تضرب أمثال المنافقين؟ والله لقد أسلمتُ وإنّ لبني عدي صنماً إذا جاعوا أكلوه، وإذا شبعوا إستأنفوه .(1)

28 - عن مسرُوقٍ أُتِي عمرُ بِامرأةٍ أُنكِحت فِي عِدّتِها ففرّق بينهما و جعل صداقها في بيتِ المالِ وقال لا أُجِيزُ مهراً رُدّ نِكاحُهُ وقال لا يجتمعان أبداً فبلغ عليّاً عليه السلام فقال وإن كانُوا جهلوا السُّنّة لها المهرُبما استُحِلّ من فرجها ويُفرّقُ بينهما فإذا انقضت عِدَّتُها فهو خاطِبٌ مِن الخطاب فخطب عمرُ النَّاس فقال رُدُّوا الجهالاتِ إِلى السُّنّةِ ورجع عمر إلى قول علي .(2)

29 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أيضاً قال أبو صبرة جاء رجلانِ إِلى عُمر فقالا له ما ترى في طلاقِ الأمة فقام إلى حلقةٍ فِيها رجُلٌ أصلحُ فسأله فقال اثنتانِ فالتفت إليهما فقال اثنتان فقال له أحدُهُما جِئناك وأنت أمير المؤمنين فسألناك عن طلاقِ الأمةِ فجئت إلى رجُلٍ فسألته فوالله ما كلمك فقال له عمرُ ويلك أتدري من هذا هذا علي بن أبي طالب سمِعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله يقُولُ لو أنّ السّماواتِ والأرض وُضعت في كِفّةٍ ووُضِع إِيمانُ على فِي كِفَةٍ لرجح إيمان علي.

و رواه مصقلةُ بنُ عبدِ اللهِ العبدِي

إنّا روينا في الحديثِ خبراً *** يعرِفُه سائر من کان روی

أن ابن خطاب أتاهُ رجُلٌ *** فقال كم عدة تطليق الا ماء

فقال يا حيدر كم تطليقةً *** لِلأمة اذكره فومى المرتضى

بعيه به فنى الوجه إلى *** سائِلِهِ قال اثنتان و انثنى

قال له تعرف هذا قال لا *** قال له هذا علي ذُو العُلى(3)

30 - عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال: جاء رجلٌ إِلى عُمر فقال إن امرأته نازعته فقالت له يا سفله فقال لها إن كان سفِلةً فهي طالِقٌ فقال إِن كُنت ممن يتَّبِعُ القُصّاص ويمشي في غير حاجةٍ

ص: 272


1- إثبات الهداة 3 : 348 ح 9.
2- بحار الأنوار 101 :3ح 8.
3- مناقب آل أبي طالب 2 :270 ، الأمالي للطوسي : 238 ح422 ، بحار الأنوار 101 : ح 9 و مستدرك الوسائل 239:15.

ويأتي أبواب السلاطين فقد بانت مِنك فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ليس كما قال فأتى عُمر فقال له عمرابتِهِ فاسمع ما يُفتِيك بِهِ فأتاه فقال له أمِيرُ المؤمنين عليه السلام إِن كُنت ممن لا يُبالي بما قال ولا ما قيل لك فأنت سفلةٌ وإلّا فلا شيء عليك.(1)

31- قال علي بن ابراهيم و الزنا على وُجُوهِ والحد فيها على وُجُوهِ فِين ذلِك أَنَّهُ أحضر عمرُ بنُ الخطاب خمسة نفرِ أُخِذُوا فِي الزّنا فأمر أن يُقام على كُلّ واحِدٍ مِنْهُمُ الحد وكان أمير المؤمنين جالساً عِند عُمر فقال يا عمر ليس هذا حكمهم قال فأقم أنت عليهم الحكم فقدّم واحِداً منهم فضرب عنقه وقدّم الثاني فرجمه و قدّم الثَّالِث فضربه الحدّ وقدّم الرابع فضربه نصف الحدّ و قدم الخامس فعزّرهُ وأطلق السّادِس فتعجب عمرُو تحيّر النّاسُ فقال عمريا أبا الحسن خمسة نفر في قضيّةٍ واحدةٍ أقمت عليهم خمس عُقوبات ليس مِنها حُكم يُشبِهُ الآخر فقال نعم أمّا الأول فكان ذمّيّاً زنى بِمُسلِمةٍ فخرج عن ذِمَتِهِ فالحُكمُ فِيهِ السّيفُ وأمّا الثَّانِي فرجُلٌ مُحصنٌ زنى رجمناه وأمّا الثَّالِثُ فغيرُ مُحصن فحددناه و أما الرابع فعبد زنى ضربناه نصف الحد وأما الخامس فمجنون مغلُوبٌ في عقلِهِ عزّرناه.(2)

32- أُتي عمرُ بِحامِل قد زنت فأمر برجمها فقال له أمير المؤمنين عليه السلام هَب أن لك سبيلا عليها أيُّ سبيل لك على ما في بطنها والله تعالى يقُولُ ﴿ولا تزر وازرة وزر أُخرى﴾(3) فقال عمر لا عِشتُ لِمُعضلة لا يكُونُ لها أبو الحسن ثُمّ قال فما أصنعُ بها قال اصطبر عليها حتى تلد فإذا وَلَدَت ووَجدتَ لِولدِها من يكفُلُهُ فأقم عليها الحدّ فسُرِّي ذلِك عن عُمر و عوّل في الحكمِ بِهِ على أمير المؤمنين.(4)

33 - عن بعض أصحابنا قال: أتت امرأة إلى عُمر فقالت يا أمير المؤمنين إِنِّي فجرتُ فأجرفي حد الله فأمر برجمها وكان على أمير المؤمنين عليه السلام حاضراً فقال له سلها كيف فجرتِ قالت كنتُ

ص: 273


1- تهذيب الأحكام 6 295 ح 821 ، السرائر 3 570 و بحار الأنوار 72 :300ح 12.
2- تفسير القمي 2 : 96 و بحار الأنوار 76 :34 ح5.
3- الأنعام 164.
4- الإرشاد 1 :204 بحار الأنوار 76 :49 ح35.

في فلاة من الأرضِ أصابني عطش شدِيدٌ فرفعت لي خيمةٌ فأتيتُها فأصبتُ فيها رجُلا أعرابياً فسألته الماء فأبى عليّ أن يسقيني إلا أن أُمكّنه من نفسي فولّيتُ مِنهُ هاربةً فاشتد بي العطش حتَّى غارت عيناي وذهب لِسانِي فَلَمّا بلغ ذلِك مِنِّي أتيتُهُ فسقاني ووقع عليَّ فقال له علي عليه السلام هذِهِ التي قال الله ﴿فمن اضطر غير باغ ولا عاد﴾(1) و هذِهِ غيرُباغِيةٍ ولا عادِيةٍ إِليهِ فخل سبيلها فقالَ عمرُ لولا عليُّ لهلك عمرُ.(2)

34 - عن الرّضا عليه السلام قضى أمير المؤمنين عليه السلام في امرأةٍ مُحصنةٍ فجربها غُلامٌ صغِيرٌ فأَمر عمر أن تُرجم فقال عليه السلام لا يجب الرجمُ إِنّما يجب الحد لأن الَّذِي فجربها ليس بمدرك وأمر عمرُ بِرجُلٍ يمني مُحصن فجَرَ بِالمدينةِ أن يُرجم فقال أمير المؤمنين عليه السلام لا يجب عليه الرّجمُ لأنه غائِب عن أهلِهِ وأهلُهُ في بلدٍ آخر إنّما يجب عليهِ الحدُّ فقال عمرُ لا أبقانِي اللهُ لِمعضلة لم يكن لها أبو الحسن.(3)

35 - قال الأصبغ بن نباتة : أنّ عُمر حكم على خمسةِ نفرِفِي زِنَا بِالرّجمِ فخطأه أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك وقدم واحِداً فضرب عُنقه و قدّم الثاني فرجمه و قدّم الثالث فضربه الحد وقدم الرابع فضربه نِصف الحدّ خمسين جلدةً وقدَّم الخامس فعزّره فقال عمرُ كيف ذلك فقال عليه السلام أمان الأول فكان ذمّيّاً زنى بِمُسلِمةٍ فخرج عن ذِمّتِهِ وأمّا الثاني فرجُلٌ مُحصن زنى فرجمناه وأمّا الثالث فغيرُ مُحصن فضربناه الحد و أما الرابع فعبد زنى فضربناه نصف الحد وأما الخامس فغلُوبٌ على عقلِهِ مجنُونٌ فعزرناه فقال عمرُ لا عِشتُ فِي أُمَّةٍ لست فيها يا أبا الحسن. ورُوِي أنه أُتِي بِحامِلٍ قد زنت فأمر برجمها فقال له أمير المؤمنين عليه السلام هب لك سبيل عليها فهل لك سبيل على ما في بطنها والله تعالى يقُولُ ولا تزر وازرة وزر أُخرى قال فما أصنعُ بها قال احتط عليها حتى تلد فإذا ولدت و وُجِد لِوُلدِها من يكفُلُهُ فأقِمِ الحدّ عليها فلما ولدت ماتت فقال عمر لولا علي لهلك عمرُ.(4)

ص: 274


1- البقرة 137.
2- بحار الأنوار 76 :51 ح40.
3- مناقب آل أبي طالب 2 :360.
4- مناقب آل أبي طالب 2 :361 وبحار الأنوار 76 :52 ح43.

36 - أبو القاسِمِ الكُوفِيُّ والقاضي النعمانيُّ فِي كِتابيهما قالا رفع إلى عُمر أن عبداً قتل مولاه فأمر بقتلِهِ فدعاه علي عليه السلام فقال له أقتلت مولاك قال نعم قال فلم قتلته قال غلبني على نفسي و أتاني في ذاتي فقال عليه السلام لأولياء المقتُولِ أدفنتُم ولِيَّكُم قالوا نعم قال ومتى دفنتُمُوهُ قالُوا الساعة قال لِعُمر احبس هذا الغلام فلا تُحدث فيه حدثاً حتى تمر ثلاثة أيامٍ ثُمَّ قُل لأَولِياءِ المقتُولِ إذا مضت ثلاثة أيامٍ فاحضُرُونا فلَمّا مضت ثلاثة أيام حضرُوا فأخذ علي عليه السلام بيدِ عُمر و خرجوا ثم وقف على قبرِ الرّجُلِ المقتول فقال لأوليائِهِ هذا قبر صاحِبِكُم قالوا نعم قال عليه السلام احضُرُوا فحضروا حتى انتهوا إلى اللّحدِ فقال أخرِجُوا ميّتكُم فنظرُوا إِلى أكفانِهِ فِي اللّحدِ و لم يجدوه فأخبروه بِذلِك فقال علي عليه السلام الله أكبر الله أكبر و الله ما كذبتُ ولا كُذِبتُ سِمِعتُ رسول الله صلى اله عليه واله يقول من يعمل مِن أُمَّتِي عمل قوم لُوطٍ ثُمَّ يَمُوتُ على ذلِكَ فَهُو مُؤجَلٌ إِلى أن يُوضع في الحدِهِ فإذا وُضِع فِيهِ لم يمكث أكثر من ثلاث حتى تقذفه الأرضُ إِلى جُملة قوم لُوطٍ المهلكين فيُحشر معهم.(1)

37 - عن أبي ظبيان قال: أتي عمرُ بامرأة مجنونة قد فجرت فأمر عُمر برجمها فمروا بها على علي علیہ السلام فقال ما هذهِ فقال مجنونةٌ قد فجرت فأمر بها عمر أن تُرجم فقال لا تعجلوا فأتى عُمر فقال أما علمت أن القلم رُفع عن ثلاثة عنِ الصَّبِيَّ حتّى يحتلم وعن المجنُونِ حتَّى يُفيق وعنِ النائم حتى يستيقظ(2).

38 - عن أحمد عن السياري رفعه قال: ذكرتُ اللحمان بين يدي عُمر فقال عمر إن أطيب الأحمانِ لحم الدجاج فقال أمير المؤمنين عليه السلام كلا إن ذلك خنازير الطير و إن أطيب اللحمانِ لحم فرخ نهض أو كاد ينهض.(3)

39 - جاء من طريق العامة والخاصة أنّ قدامة بن مظعون شرب الخمر فأراد عمر أن يحدّه فقال لهُ قُدامة لا يجب على الحد لأن الله تعالى يقُولُ ﴿ليس على الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾(4) جُناح

ص: 275


1- مناقب آل أبي طالب 2 : 364 وبحار الأنوار 76 : 71 ح24.
2- بحار الأنوار 76 : 87 ح2.
3- بحار الأنوار 62 : 6 ح12.
4- المائدة : 93.

فيما طعِمُوا إذا ما اتقوا و آمنوا و عمِلُوا الصَّالِحاتِ فدراً عمر عنه الحد فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السلام فمشى إلى عُمر فقال لهُ لِم تركت إقامة الحدّ على قُدامة فِي شُرب الخمر فقال إِنَّهُ تلا علي الآية وتلاها عمر فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ليس قدامةُ مِن أهل هذه الآية ولا من سلك سبيله في ارتكاب ما حَرَّم اللهُ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لا يستحِلُّون حراماً فاردد قدامة واستتبه مما قال فإن تاب فأقم عليه الحد و إن لم يتب فاقتله فقد خرج عن الملة فاستيقظ عمرُ لِذلِك وعرّف قُدامة الخبر فأظهر التوبة والاقلاع فأدرأ عمر عنه القتل ولم يدرِ كيف يحده فقال لأمير المؤمنين عليه السلام أشر علي في حدّهِ فقال حده ثمانون إنّ شارب الخمر إذا شربها سَكِرَو إِذا سَكِرَ هَذَى وإذا هَذَى افتَرى فجلده عمر ثمانين وصار إلى قوله عليه السلام في ذلك.(1)

40 - روى أنّ قدامة بن مظعون شرب الخمر في أيامٍ عُمر بن الخطاب فأراد أن يُقيم عليه الحدّ فقال ﴿ليس على الَّذِين آمنوا و عمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناح﴾(2) الآية فأراد عمر أن يدرأ عنه الحد فقال علي عليه السلام أدِيرُوهُ على الصحابة فإن لم يسمع أحداً منهم قرأ عليه آية التحريم فادر وا عنه الحد و إن كان قد سمع فاستتيبُوهُ و أقِيمُوا عليهِ الحدّ فإن لم يتب وجب عليه القتل.(3)

41 - رُوي أن عُمر بن الخطاب قال على المنبر: ألا لا تُغالُوا فِي مُهُورِ نِسَائِكُم، فقامتِ امرأَةٌ فقالت: يا ابن الخطابِ ! الله يُعطينا و أنت تمنعنا، وتلت قوله تعالى: ﴿وآتيتُم إحداهُنَّ قِنطارا﴾(4). الآية، فقال عمر: كُلُّ النَّاسِ أفقهُ مِنك يا عمر! ، و رجع عن كراهة المغالاة.(5)

42 - روي أنه أُتي عمر في ولايته بامرأة حاملة فسألها عمر فاعترفت بالفُجُورِ، فأمربها عمر أن ترجم، فلقيها علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقال : ما بال هذهِ ؟ . فقالُوا: أَمرَبِها عمر أن تُرجم، فردّها علي عليه السلام ، فقال : أمرت بها أن تُرجم ؟!. فقال: نعم اعترفت عِندِي بِالفُجور. فقال: هذا

ص: 276


1- الإرشاد 1 : 108 ، وسائل الشيعة 21 : 220 ح 34602 وبحار الأنوار 76 : 159ح 14.
2- المائدة : 93.
3- مناقب آل أبي طالب 2 : 366 وبحار الأنوار 62 : 118.
4- النساء :20.
5- بحار الأنوار 30 659: واثبات الهداة 3 : 356 ح83.

سلطانك عليها، فما سلطانك على ما في بطنها ؟ . ثُمّ قال له علي عليه السلام : فلعلك انتهرتها أو أخفتها. فقال: قد كان ذاك. قال: أو ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقُولُ : لا حدّ على مُعترِفٍ بعد بلاء، إنّهُ من قيّدت أو حبست أو تهدّدت فلا إقرار له فخلّى عمر سبيلها. ثُمّ قال: عجزتِ النِّساء أن يلدن مثل علي بن أبي طالب عليه السلام ، لولا علي لهلك عمرُ.(1)

43 - روي أنه مر عمرُ بِشاتٍ مِن الأنصارِ وهُو ظمآن فاستسقاه فماص له عسلا ، فردّه و لم يشرب، وقال: إِنِّي سمعتُ الله سُبحانهُ يقُولُ: ﴿أذهبتُم طيباتِكُم في حياتِكُمُ الدُّنيا واستمتعتُم بها﴾(2). وقال الفتى: إنّها والله ليست لك ، اقرأ يا أمير المؤمنين ما قبلها:.. ﴿ويوم يُعرضُ الَّذِين كفرُوا على النّارِ أذهبتُم طيِّباتِكُم في حياتِكُمُ الدُّنيا﴾(3) فنحنُ مِنهُم ؟ فشرب، وقال: كُلُّ النّاسِ أفقهُ مِن عُمر.(4)

44 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام ، قال: إنّ رجُلا أتى بامرأتِهِ إِلى عُمر، فقال: إنّ امرأتي هذه سوداء و أنا أسودُ وإِنها ولدت غُلاماً أبيض . فقال لمن بحضرته ما ترون ؟ قالُوا: نرى أن ترجمها فإِنها سوداء و زوجها أسودُ وولدها أبيضُ . قال: فجاء أمير المؤمنين عليه السلام وقد وُجه بها لترجم، فقال: ما حالكما؟ . فحدّثاه. فقال للأسود: أتتهم امرأتك ؟! فقال : لا . قال: فأتيتها وهي طامت؟ قالت: نعم سله، قد حرّجتُ عليهِ وأبيتُ . قال : فانطلقا فإنّهُ ابنُكُما ، وإِما غلب الدّم النُّطْفَةُ فابيض، ولوقد تحرك اسود. فلمّا أيفع اسود.(5)

45 - روى البرسي: إِنّ رجُلا حضر مجلس أبي بكر فادّعى أنه لا يخاف الله، ولا يرجُو الجنّة، ولا يخشى النار، ولا يركع و لا يسجُدُ، ويأكل الميتة والدم، ويشهد بما لا يرى، ويُحِبُّ الفتنة، و يكره الحق، ويُصدِّقُ اليهود والنصارى، وأن عنده ما ليس عند الله، وله ما ليس الله، وأنّي أحمد

ص: 277


1- بحار الأنوار 30 : 679.
2- الأحقاف :20.
3- الأحقاف :20.
4- بحار الأنوار 30 : 696.
5- بحار الأنوار 30 : 108ح 9.

النبي ، وأتي علي وأنا ربُّكُم، فقال له عمر ازددت كُفراً على كفرك ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : هون عليك يا عمر! فإنّ هذا رجُلٌ مِن أولِياءِ اللهِ لا يرجو الجنّة ولكن يرجو الله، ولا يخافُ النّار و لكن يخافُ ربّهُ، ولا يخافُ الله مِن ظلم ولكن يخافُ عدله، لأنه حكم عدل، و لا يركع ولا يسجُدُ في صلاة الجنازة، ويأكُلُ الجراد والسمك، ويُحِبُّ الأهل والولد، ويشهد بالجنّة والنّارِ ولم يرهما، ويكره الموت وهو الحق ، ويُصدِّقُ اليهود والنصارى في تكذيب بعضهما بعضاً، وله ما ليس الله ، لأن له ولداً و ليس الله ولد، وعِندَهُ ما ليس عِندَ اللهِ، فَإِنَّهُ يظلم نفسه وليس عند الله ظلم، وقوله أنا أحمد النّبي صلى الله عليه واله أي أنا أحمده على تبليغ الرسالة عن ربه، وقوله: أنا علي .. يعني علي في قولي، وقوله: أنا رَبُّكُم .. أي ربُّ كُمّ بمعنى لِي كُم أرفعُها وأضعُها، ففرح عمر، وقام وقبل رأس أمير المؤمنين، وقال: لا بقيتُ بعدك يا أبا الحسن .(1)

46 - عنِ المقتبس بنِ عبدِ الرّحمنِ ، عن أبيه، عن جدِهِ، قال: كان رجُلٌ مِن أصحابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله مع عُمر بن الخطاب فأرسله في جيش فغاب سِتّة أَشْهُرٍ ثُم قدم، وكان مع أهلهِ سِتّة أشهر فعلقت منه فجاءت بولد لستة أشهر فأنكره ، فجاء بها إلى عُمر فقال: يا أمير المؤمنين ! كنتُ في البعث الَّذِي وجهتني فيه، وتعلمُ أنّي قدِمتُ سِتّة أشهر، وكُنتُ مع أهلي وقد جاءت بِغُلامٍ وهُوذا، وتزعُمُ أَنَّهُ مِنِّي ؟ . فقال لها عمرُ: ماذا تقولين أيتها المرأةُ ؟ . فقالت: والله ما غشِينِي رجُلٌ غيره، و ما فجرتُ ، وإِنَّهُ لإبنه ، وكان اسمُ الرّجُلِ : الهيثم. فقال لها عمرُ: أحق ما يقُولُ زوجكِ؟. قالت : قد صدق يا أمير المؤمنين ! فأمر بها عمر أن تُرجم، فحفر لها حفيرةً ثُمّ أدخلها فيه، فبلغ ذلك عليّاً عليه السلام ، فجاء مُسرِعاً حتى أدركها وأخذ بيديها فسلّها من الحفيرة. ثُمّ قال لِعُمر: اربع على نفسك إنها قد صدقت، إنّ الله عزّ و جلّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿حملُهُ وفصاله ثلاثون شهراً﴾(2)، وقال في الرضاع: ﴿و الوالِداتُ يُرضعن أولادهن حولين كاملين﴾(3)، فالحمل والرضاع ثلاثون شهراً، وهذا الحسين وُلِد لستة أشهر. فعندها قال عمر: لولا علي لهلك عمر.(4)

ص: 278


1- مشارق أنوار اليقين :123 و بحار الأنوار 30 : 109ح10.
2- الأحقاف : 15.
3- البقرة : 232.
4- بحار الأنوار 30 :110 ح11.

47 - عن رقية بن مصقلة بن عبدِ اللهِ بنِ جُويّة العبدِيّ، عن أبيه، عن جده، قال: أتى عُمر بن الخطاب رجُلانِ يسألان عن طلاقِ الأمة، فالتفت إلى خلفِهِ فنظر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقال: يا أصلع ما ترى في طلاقِ الأمةِ ؟ . فقال بإصبعيه .. هكذا، وأشار بالسبابة والتي تليها، فالتفت إليهما عمرو قال : ثنتان. فقال : سُبحان الله ! جئناك وأنت أمير المؤمنين فسألناك فجِئت إلى رجُلٍ سألته، والله ما كلّمك . فقال عمر: تدريان من هذا؟ . قالا : لا . قال: هذا علي بن أبي طالب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقُولُ : لو أن السماوات السبع والأرضين السبع وُضِعتا فِي كِفَّةٍ ووُضِع إِيمانُ على فِي كِفَّةٍ لرجح إيمان علي عليه السلام.(1)

48- عن الباقر عليه السلام قال: ولّى عمر رجُلا كُورةً مِن الشّامِ فافتتحها وإذا أهلها أسلموا فبنى لهم مسجداً فسقط ثُم بنى فسقط ثُمَّ بناه فسقط فكتب إلى عُمر بذلك فلما قرأ الكتاب سأل أصحاب محمد صلى الله عليه وآله هل عندكم في هذا عِلم قالُوا لا فبعث إلى علي بن أبي طالب عليه السلام فأقرأه الكتاب فقال هذا ني كذبه قومه فقتلوه و دفنُوهُ فِي هذا المسجدِ وهُو مُتشحِط في دمِهِ فاكتُب إلى صاحبك فلينبُشهُ فإِنَّهُ سيجِدُهُ طَرِياً لِيُصلّ عليه وليدفنه في موضع كذا ثُمَّ لِيبنِ مسجداً فإنه سيقوم ففعل ذلك ثم بنى المسجد فثبت.(2)

49 - عن عطاء عن طاووس قال: أتى قومٌ مِن اليهودِ عُمر بن الخطاب وهو يومئِذٍ وال على النّاسِ فقالوا له أنت والي هذا الأمر بعد نبيّكم وقد أتيناك نسألك عن أشياء إن أنت أخبرتنا بها آمنا و صدقنا واتبعناك فقال عمر سلوا عما بدا لكُم قالُوا أخبرنا عن أقفال السماوات السبع و مفاتيحها و أخبرنا عن قبرسار بصاحِبِهِ وأخبرنا عمن أنذر قومه ليس من الجن ولا من الإنس و أخبرنا عن موضع طلعت فِيهِ الشَّمس ولم تعد إليه و أخبرنا عن خمسة لم يُخلقُوا فِي الأرحام و عن واحِدٍ واثنين وثلاثة وأربعة وخمسة وستة وسبعةٍ وعن ثمانية وتسعة وعشرة وحادِي عشر وثاني عشر قال فأطرق عمرُ ساعةً ثُمّ فتح عينيهِ ثُمّ قال سألتُم عُمر بن الخطاب عما ليس لهُ بِهِ عِلْمٌ ولَكِنِ ابنُ عَمّ رسُولِ اللهِ يُخبركم بما سألتُمُونِي عنه فأرسل إليهِ فدعاهُ فَلَمّا أتاهُ قال له

ص: 279


1- بحار الأنوار 30 :111 12 والأمالي للطوسي : 238 ح 422.
2- بحار الأنوار 14 :440ح 3.

يا أبا الحسن إنّ معشر اليهودِ سألوني عن أشياء لم أجِبهُم فيها بشيء وقد ضمِنُوا لِي إِن أخبرتهم أن يُؤْمِنُوا بِالنّبي صلى الله عليه واله فقال لهم علي عليه السلام يا معشر اليهود اعرِضُوا علي مسائلكُم فقالوا له مثل ما قالُوا لِعُمر فقال لهم علي عليه السلام أتريدون أن تسألوا عن شيء سوى هذا قالُوا لا يا أبا شبر و شبير فقال لهم علي عليه السلام أما أقفالُ السَّماواتِ فالشرك بِاللهِ و مفاتيحها قولُ لا إله إلا الله وأمّا القبرُ الَّذِي سار بصاحِبِهِ فالحُوتُ سار بِيُونُس في بطنِهِ البحار السبعة و أمَّا الَّذِي أنذر قومه ليس مِن الجِنِّ ولا مِن الإنس فتلك نملةُ سُليمان بن داود عليهما السلام و أمّا الموضعُ الَّذِي طلعت فِيهِ الشَّمسُ فلم تعد إليه فذاك البحرُ الَّذِي أنجى الله عزّوجل فِيهِ مُوسى عليه السلام و غرّق فِيهِ فرعون وأصحابه و أما الخمسةُ الَّذِين لم يُخلقُوا فِي الأَرْحَامِ فَآدم و حوّاء و عصا موسى و ناقه صالح و كبش إبراهيم عليه السلام و أما الواحِدُ فالله الواحِدُ لا شريك له و أما الإثنان فآدم و حوّاء وأمّا الثلاثة فجبرئيل وميكائيل وإسرافيل وأمّا الأربعةُ فالتوراة. الإنجيل والزِّبُورُو الفُرقانُ وأمّا الخمس فخمس صلوات مفروضات على النّبي صلى الله عليه وآله و وأمّا السته فقولُ الله عزّوجل ﴿ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في سِتَّةِ أيامٍ﴾(1) وأمّا السبعةُ فقولُ اللهِ عزّوجل ﴿و بنينا فوقكم سبعاً شداداً﴾(2) وأمّا الثّمانِيةُ فقولُ اللهِ عزّوجل و ﴿يحمل عرش ربك فوقهم يومئِذٍ ثمانية﴾(3) و أمّا التّسعةُ فالآيات المنزلاتُ على موسى بن عمران عليهما السلام وأمّا العشرةُ فقولُ اللهِ عزّوجل و ﴿واعدنا مُوسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر﴾(4) وأمّا الحادي عشر فقولُ يُوسُف لإبِيهِ عليهما السلام ﴿إنِّي رأيتُ أحد عشر كوكباً﴾(5) وأما الإثنا عشر فقولُ اللهِ عزّ و جلّ لِمُوسى عليه السلام ﴿اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً﴾(6) قال فأقبل اليهود يقُولُون نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسُولُ اللهِ و

ص: 280


1- ق : 38.
2- النبأ : 62.
3- الحاقة : 17.
4- الأعراف : 142.
5- يوسف: 4.
6- البقرة : 60.

أنك ابن عم رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ثم أقبلوا على عُمر فقالوا نشهد أن هذا أخُو رسُولِ اللهِ و أَنَّهُ أَحقُّ بِهذا المقامِ مِنك و أسلم من كان معهم وحسن إسلامهم.(1)

50 - عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال: ما هلك أبوبكر و استخلف عُمر رجع عمر إلى المسجدِ فقعد فدخل عليهِ رجُلٌ فقال يا أمير المؤمنين إِنِّي رجُلٌ مِن اليهود و أنا علامتهم وقد أردتُ أن أسألك عن مسائل إن أجبتني فيها أسلمتُ قال ما هي قال ثلاث وثلاث و واحدةٌ فإن شئت سألتك و إن كان في القوم أحد أعلم منك أرشدني إليه قال عليك بذلك الشاب يعني علي بن أبي طالب عليه السلام فأتى عليّاً عليه السلام فسأله فقال له لم قُلت ثلاثاً وثلاثاً و واحِدةً ألا قلت سبعاً قال إِنِّي إِذاً لجاهِلٌ إن لم تُجبنِي فِي الثَّلاثِ اكتفيتُ قال فإن أجبتك تُسلِمُ قال نعم قال سل قال أسألك عن أوّل حجر وضع على وجه الأرضِ وأوّلِ عين نبعت وأول شجرة نبتت قال يا يهُودِيُّ أَنتُم تَقُولُون إنّ أوّل حجر وضع على وجه الأرضِ الحجرُ الَّذِي فِي البيتِ المقدِسِ و كذبتُم هُو الحجرُ الَّذِي نزل بِهِ آدم عليه السلام من الجنّة قال صدقت واللهِ إِنَّهُ لَبِخِطِ هَارُون وإملاء مُوسى قال و أنتُم تَقُولُون إنّ أوّل عين نبعت على وجه الأرضِ العينُ الَّتِي بِبيت المقدِس وكذبتُم هِي عينُ الحياةِ الَّتِي غسل فِيها يُوسُعُ بنُ نُونٍ السمكة وهي العينُ الَّتِي شرِب مِنها الخضِرُو ليس يشربُ منها أحد إلا حي قال صدقت واللهِ إِنَّهُ لبخطِ هارون و إملاء مُوسى قال وأَنتُم تَقُولُون إِنْ أَوّل شجرة نبتت على وجه الأرضِ الزّيتُونُ و كذبتُم هِي العجوةُ الّتي نزل بها آدم عليه السلام من الجنّة معه قال صدقت واللهِ إِنَّهُ لبِخطِ هارون و إملاء مُوسى عليه السلام قال والثلاث الأخرى كم هذِهِ الأمة مِن إِمَامٍ هُدًى لا يضُرُّهم من خذلهم قال اثنا عشر إماماً قال صدقت واللهِ إِنَّهُ لبخطِ هارون و إملاء موسى قال فأين يسكُنُ نبِيُّكُم مِن الجنّةِ قال في أعلاها درجةً و أشرفها مكاناً في جنات عدن قال صدقت واللهِ إِنَّهُ لبِخطِ هارون وإملاء مُوسى ثُمَّ قال فن ينزِلُ معهُ فِي مَنزِلِهِ قال اثنا عشر إماماً قال صدقت واللهِ إِنَّهُ لبخط هارون وإملاء موسى عليه السلام ثم قال السابعة فأسلم كم يعيشُ وصِيُّهُ بعده قال ثلاثين سنةً قال ثُمّ مه يموتُ أو يُقتل قال يُقتلُ يُضرب على قرنه و وتُخضبُ لِحيتُهُ قال صدقت واللهِ إِنَّهُ لبخط هارون وإملاء موسى عليه السلام .(2)

ص: 281


1- بحار الأنوار 10 : 7 ح 3.
2- بحار الأنوار 10: 9 ح 4.

51 - لَمّا جلس عمرُ في الخلافة جرى بين رجُلٍ مِن أصحابِهِ يُقالُ لَهُ الحارِثُ بنُ سِنانِ الْأَرْدِيُّ و بين رجُلٍ مِن الأنصارِ كلامٌ ومُنازعةٌ فلم ينتصف له عمرُ فلحق الحارِثُ بنُ سِنانٍ بِقيصر وارتد عن الإسلام و نسي القرآن كُلَّهُ إلّا قول الله عزّ و جل ﴿و من يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل مِنهُ وهُو في الآخرةِ مِن الخاسرين﴾(1) فسمع قيصر هذا الكلام قال سأكتُبُ إلى ملِكِ العرب بمسائل فإن أخبرني بتفسيرها أطلقتُ من عِندِي مِن الأسارى و إن لم يُخبرني بتفسِيرِ مسائلي عمدتُ إلى الأسارى فعرضتُ عليهِمُ النّصرانية فمن قبل مِنهُمُ استعبدته ومن لم يقبل قتلته وكتب إلى عُمر بن الخطابِ بِمسائل أحدها سؤاله تفسير الفاتحة وعن الماء الذي ليس من الأرضِ ولا مِن السّماءِ وعمّا يتنفّسُ ولا رُوح فِيهِ وعن عصا موسى عليه السلام ممّ كانت وما اسمها و ما طولها وعن جارية بكر لأخوين في الدنيا وفي الآخرةِ لِواحِدٍ فَلَمّا وردت هذه المسائل على عُمر لم يعرف تفسيرها ففزع في ذلك إلى علي عليه السلام فكتب إلى قيصر من علي بن أبي طالب صهر محمد صلى الله عليه وآله و وارثِ عِلمِهِ و أقرب الخلقِ إِليه و وزيره و من حقت له الولاية و أُمِر الخلقُ مِن أعدائِهِ بِالبراءة قرة عين رسول الله صلى الله عليه واله و زوج ابنته وأبو ولده إلى قيصر ملِكِ الرُّومِ أما بعد فإِنِّي أحمد الله الذي لا إله إلا هو عالم الخفياتِ و مُنزِلُ البركاتِ من يهدِي فلا مُضِلَّ له و من يُضْلِلِ الله فلا هادي له ورد كِتابُك و أقرأنيه عمر بن الخطابِ فأما سؤالك عنِ اسمِ اللهِ تعالى فإِنَّهُ اسمٌ فِيهِ شِفاءٌ مِن كُلّ داءٍ وعون على كُلِّ دواء و أما الرحمن فهو عون لِكُلِّ من آمن بِهِ وهُو اسم لم يُسمّ بِهِ غيرُ الرّحمنِ تبارك وتعالى و أما الرحيم فرحم من عصى و تاب وآمن وعمل صالحاً وأمّا قولُه الحمد لله ربّ العالمين فذلك ثناء منا على ربنا تبارك و تعالى أنعم علينا و أمّا قولُهُ مَالِكِ يوم الدِّينِ فَإِنَّهُ يملكُ نواصي الخلق يوم القيامةِ وكُلُّ من كان في الدنيا شاكاً أو جباراً أدخله النار ولا يمتنِعُ مِن عذابِ اللهِ شَاةٌ ولاجبَارٌ وكُلُّ من كان في الدنيا طائِعاً مُدِيماً مُحافِظاً إياه أدخله الجنّة بِرحمتِهِ وأما قولُهُ إِياك نعبُدُ فَإِنَّا نعبُدُ الله ولا تُشْرِكُ بِهِ شيئاً و أما قولُه وإياك نستعِينُ فإنّا نستعِينُ بِاللهِ عزّ و جلّ على الشّيطانِ الرّجِيمِ لا يُضِلَّنا كما أضلكُم وأمّا قولُهُ اهدِنا الصراط المستقيم فذلك الطريق الواضح من عمل في الدنيا عملا

ص: 282


1- آل عمران : 85.

صالِحاً فإنّه يسلك على الصّراطِ إِلى الجنّةِ و أمّا قولُهُ صِراط الذين أنعمت عليهم فتلك النِّعمةُ التي أنعمها الله عزّ و جلّ على من كان قبلنا مِن النّبِيِّين والصِّدِّيقين فنسألُ الله ربّنا أَن يُنعِم علينا كما أنعم عليهم و أما قوله غير المغضُوبِ عليهم فأُولئِكَ اليَهُودُ بدَلُوا نِعمت اللهِ كُفراً فغضب عليهم فجعل مِنهُمُ القردة والخنازير فنسأل الله تعالى أن لا يغضب علينا كما غضب عليهم و أما قولُه ولا الضالين فأنت و أمثالك يا عابد الصّلِيبِ الخَبِيثِ ضللتُم مِن بعدِ عِيسى ابن مريم عليها السلام فنسأل الله ربّنا أن لا يُضِلَّنا كما ضللتم وأمّا سُؤالك عنِ الماءِ الَّذِي ليس مِن الأرضِ ولا مِن السّماءِ فذلِكَ الّذي بعثتهُ بِلقِيسُ إلى سليمان بن داود عليهما السلام وهو عرقُ الخيل إذا جرت في الحُرُوبِ و أمّا سُؤالك عمّا يتنفّس ولا رُوح له فذلك الصُّبحُ إذا تنفّس وأمّا سؤالك عن عصا موسى عليه السلام مما كانت وما طوها و ما اسمها و ما هي فإنّها كانت يُقالُ لها البرنيّة الرائدة و كان إذا كان فيها الرُّوحُ زادت وإذا خرجت منها الرُّوحُ نقصت و كان من عوسج و كانت عشرة أذرع وكانت من الجنّة أنزلها جبرئيل عليه السلام و أما سؤالك عن جارِيةٍ تكُونُ فِي الدّنيا لأخوين وفي الآخرة لِواحِدٍ فتلك النّخلةُ في الدنيا هِي لِمُؤمِن مِثلي ولِكافِرِ مِثْلُك ونحنُ مِن وُلدِ آدم عليه السلام وفي الآخرةِ لِلمُسلِمِ دُون الكافِرِ المشرِكِ وهِي فِي الجنّةِ ليست فِي النَّارِ و ذلك قوله عزّو جل ﴿فيهما فاكهة و نخل ورُمَانٌ﴾(1) ثُمَّ طوى الكتاب و أنفذه فَلَمّا قرأه قيصرُ عمد إلى الأسارى فأطلقهم وأسلم ودعا أهل مملكتِهِ إلى الإسلام والإيمان بمحمد صلى الله عليه وآله فاجتمعت عليه النصارى و هوا بقتله فجاء بهم فقال يا قومِ إِنِّي أردتُ أن أُجرِبكُم وإنّما أظهرتُ مِنهُ ما أظهرتُ لِلنّظر كيف تكونون فقد حمدتُ الآن أمركُم عِند الإختبارِ فاسكُنُوا و اطمئِنُّوا فقالوا كذلِك الظَّنُّ بِك وكتم قيصر إسلامه حتى مات وهو يقُولُ لِخواص أصحابِهِ و من يثقُ بِهِ إِنْ عِيسى عبد الله ورسولُهُ وكَلِمَتُهُ ألقاها إلى مريم و رُوحٌ مِنهُ ومُحمّد صلى الله عليه وآله ني بعد عيسى و إنّ عيسى بشر أصحابه بمحمد صلى الله عليه وآله و يقُولُ من أدركهُ مِنكُم فليُقرِئهُ مِنِي السّلام فإِنَّهُ أَخِي و عبد الله ورسوله ومات قيصر على القولِ مُسلِماً فَلَمّا مات وتولّى بعده

ص: 283


1- الرحمن :68.

هرقل أخبرُوهُ بِذلِك قال اكتُمُوا هذا و أنكِرُوهُ ولا تُقِرُّوا فإِنَّهُ إن ظهر طمع ملك العرب وفي ذلك فسادنا وهلاكنا فمن كان من خواص قيصر و خدمِهِ وأهلِهِ على هذا الرأي كتمُوهُ و هرقل أظهر النّصرانية وقوّى أمره والحمد لله وحده وصلى الله على محمد و آلِهِ(1).

52 - عن ابن عبّاس قال: لما كان في عهدِ خلافةِ عُمر أتاه قومٌ مِن أحبار اليهود فسألُوهُ عن أقفال السّماواتِ ما هي و عن مفاتيح السّماواتِ ما هي و عن قبرسار بصاحِبِهِ ما هو و عمن أنذر قومه ليس من الجن ولا من الإنس وعن خمسة أشياء مشت على وجه الأرض لن يُخلقُوا فِي الأرحام وما يقُولُ الدُّرَاجُ فِي صِياحِهِ و ما يقولُ الدّيك والفرسُ والحِمارُو الضّفدِعُ والقُنْبُرُ فنكس عمر رأسه وقال يا أبا الحسن ما أرى جوابهم إلّا عِندك فقال لهم علي عليه السلام إِنَّ لِي عليكم شريطةً إذا أنا أخبرتُكُم بِما في التوراة دخلتُم فِي دِينِنا قالُوا نعم فقال عليه السلام الحديث.(2)

53 - روي أنّ عمر أمر على المنبر أن لا يُزاد في مُهور النِّساءِ على عدد ذكره، فذكرته امرأة من جانب المسجدِ، بقول الله عزّ و جل: ﴿وإن ... أتيتُم إحداهنّ قنطاراً فلا تأخُذُوا مِنهُ شيئا﴾(3)، فقال: كلّ أعلمُ مِن عُمر حتى النِّساء.(4)

شرار خلق الله

1- عن ابن بشير قال: قُلتُ لأبي جعفر عليه السلام : إِنّ النّاس يزعُمُون أَنَّ رسُول الله صلى الله عليه وآله قال : اللهم أعِزّ الإسلام بأبي جهل أو بِرمع. فقال أبو جعفر: والله ما قال هذا رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله قط ، إنّما أعز الله الدّين بمحمد صلى الله عليه وآله، ما كان الله لِيُعِز الدين بِشِرارِ خلقِهِ.(5)

ص: 284


1- بحار الأنوار 10 :60 ح 4.
2- بحار الأنوار 14 : 411 ح1.
3- النساء :20.
4- إثبات الهداة 3 : 365 ح83.
5- بحار الأنوار 382:30.

كان يهيج الناس على أمير المؤمنين عليه السلام

1- عن صالح بن كيسان قال: مرعثمان بن عفان بِسعِيدِ بن العاص فقال إنطلق بنا إلى أمِيرِ المؤمنين عُمر بن الخطابِ نتحدّثُ عِنده فانطلقا قال فأمّا عُثمانُ فصار إلى مجلسِهِ الَّذِي يشتهيه و أما أنا فيلتُ إلى ناحية القوم فنظر إلي عمر و قال ما لي أراك كأن في نفسك علي شيئاً أتظُنُّ أنّي قتلتُ أباك والله لوددتُ أنّي كُنتُ قاتِلهُ ولو قتلتُهُ لم أعتذر من قتل كافرو لكِنِّي مررتُ بِهِ في يوم بدر فرأيتُه يبحث للقتال كما يبحث التّور بقرنه وإذا شدقاه قد أزبدا كالوزغ فلَمّا رأيتُ ذلِك هِبتُهُ و رُعْتُ عنه فقال إلى أين يا ابن الخطاب وصمد له على فتناوله فوالله ما رمتُ مكاني حتى قتله قال وكان علي عليه السلام حاضراً في المجلس فقال اللهم غفراً ذهب الشرك بما فيه ومحا الإسلام ما تقدّم فما لك تُهيّجُ النّاس علي فكفّ عمر فقال سعِيدٌ أَما إِنَّهُ ما كان يسرني أن يكون قاتِلُ أبي غير ابنِ عَمِهِ علي بن أبي طالِبٍ.(1)

شجاعته و وفاؤه

1- قال السيد ابن طاووس: روى الطبري في تاريخه في حوادِثِ سنة ست من هجرة النبي صلى الله عليه وآله لما أراد النبيُّ صلى الله عليه وآله القصد لمكة ومنعه أهلها أن عُمر بن الخطاب كان قد أمره النبيُّ صلى الله عليه وآله أن يمضي إلى مكة فلم يفعل واعتذر فقال الطبري ما هذا لفظه ثُم دعا عُمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة فيُبلّغ عنه أشراف قريش ما حاله فقال يا رسُول اللَّهِ إِنِّي أخافُ قُريشاً على نفسِي .(2)

2- عن أبي وائلة شقيق بن سلمة قال: كُنتُ أُمَاشِي عُمر بن الخطابِ إِذ سَمِعتُ مِنهُ هَمهمةٌ فقُلتُ له مه يا عمر فقال ويحك أما ترى الهزبر القثم بن القيم والضّارِب بِالبُهم الشَّدِيد على من طغا وبغى بالسيفين والراية فالتفتُ فإذا هُو علي بن أبي طالب فقُلتُ لهُ يا عمرُ هُو عَلِيُّ بن أبي طالب فقال ادنُ مِنِّي أُحدِّثك عن شجاعته وبطالته بايعنا النبي صلى اله عليه واله يوم أُحُدٍ على أن لا

ص: 285


1- الإرشاد 1 : 75 و بحار الأنوار 19 : 280.
2- الإقبال بالأعمال 2 : 38 و عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام ج 15: 241.

نفرو من فرمِنًا فهو ضال ومن قُتِل مِنا فهو شهيد والنبي صلى الله عليه واله زعيمه إذ حمل علينا مائة صندِيدٍ تحت كُلّ صِندِيدٍ مِائَةُ رجُلٍ أو يزيدون فأزعجونا عن طاحونتنا فرأيتُ عليّاً كالليث يتقي الذر إذ قد حمل كفّاً من حصى فرمى بِهِ فِي وُجُوهِنا ثُمَّ قال شاهتِ الوُجُوهُ وقطت وبقت و لُطت إلى أين تفرُّون إلى النّارِ فلم نرجع ثُمّ كرّ علينا الثانية وبِيدِهِ صفيحة يقطرُ مِنها الموتُ فقال بايعتُم ثُمّ نكستُم فوالله لأنتُم أولى بالقتل من أقتُلُ فنظرتُ إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدانِ ناراً أو كالقدحين المملوين دماً فما ظننتُ إِلَّا ويأتي علينا كُلّنا فبادرتُ أنا إليهِ مِن بين أصحابي فقُلتُ يا أبا الحسن الله الله فإنّ العرب تفرُّو تكُرُو إِنَّ الكرّة تنفي الفرة فكأنه استحيا فولّى بِوجهِهِ عنِّي فما زِلتُ أُسكِنُ روعة فُؤادِي فوالله ما خرج ذلِك الرُّعبُ مِن قلبي حتى الساعة.(1)

3 - عن محمد بن ثابِتٍ وأبي المغراء العجلي قالا حدثنا الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزّوجل ﴿و العادِياتِ ضبحاً﴾(2) قال وجه رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله عُمر بن الخطاب في سرية فرجع منهزماً يُجيّنُ أصحابه ويُجتِنُونَهُ أَصحابُهُ فَلَمَّا انتهى إلى النّبِيِّ صلى الله عليه وآله قال لعلي أنت صاحِبُ القومِ فتهيا أنت ومن تُرِيدُ مِن فُرسانِ المهاجرين والأنصار و سر الليل ولا يُفارقك العين قال فانتهى علي إلى ما أمرهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فسار إليهم فلَمّا كان عند وجهِ الصُّبحِ أغار عليهم فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وآله و العادِياتِ ضبحاً إلى آخرها .(3)

4- عَن أَبِي عبدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: لَمَّا أَنهَزَمَ النَّاسُ يَومَ أُحُدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله انصَرَفَ إِلَيهِم بِوَجهِهِ وَهُوَ يَقُولُ أَنَا مُحَمَّدٌ أَنَا رَسُول اللهِ لَم أُقتَل وَ لَم أَمْت فَالتَفَتَ إِلَيهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَقَالَا الآن يَسخَرُ بِنَا أَيضاً وَ قَد هُزِمَنَا وَ بَقَ مَعَهُ عَلِيٌّ عليه السلام وَ سِمَاكُ مِنْ خَرَشَةَ أَبُودُجَانَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه واله فَقَالَ يَا أَبَا دُجَانَةَ انصَرِف وَ أَنتَ فِي حِلٍ مِن بَيعَتِكَ فَأَمَّا عَلِيٌّ فَأَنَا هُوَ وَهُوَ أَنَا فَتَحَوَّلَ وَ جَلَسَ بَينَ يَدَيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله وَ بَكَى وَقَالَ لَا وَاللَّهِ وَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ قَالَ

ص: 286


1- بحار الأنوار 20 : 52 ومدينة معاجز الأئمة 2 :81 ح 414.
2- العاديات : 1.
3- بحار الأنوار 21 : 75 ح3.

لا وَاللهِ لَا جَعَلْتُ نَفْسِي فِي حِلَّ مِن بَيعَتِي إِنِّي بَايَعْتُكَ فَإِلَى مَن أَنصَرِفُ يَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى زَوجَةٍ تَمُوتُ أَو وَلَدٍ يَمُوتُ أَو دَارٍ تَخَرَبُ وَ مَالٍ يَفْنَى وَ أَجَلٍ قَدِ اقتَرَبَ فَرَقَّ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله فَلَم يَزَل يُقَاتِلُ حَتَّى أَتْخَنَتهُ الجِرَاحَةُ (1) وَ هُوَ فِي وَجهِ وَ عَلِيٌّ عليه السلام فِي وَجهِ فَلَمَّا أُسقِطَ احْتَمَلَهُ عَلِيٌّ عليه السلام فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه واله فَوَضَعَهُ عِندَهُ فَقَالَ يَا رَسُولِ اللَّهِ أَوَفَيتُ بِبَيعَتِي قَالَ نَعَمِ وَ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله علي واله خَيْراً وَ كَانَ النَّاسُ يَحمِلُونَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه واله المسيمَنَةَ علیہ فَيَكشِفُهُم عَلِيٌّ عليه السلام فَإِذَا كَشَفَهُم أَقبَلَتِ المَيْسَرَةُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه واله فَقَلَم يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى تَقَطَّعَ سَيفُهُ بِثَلَاثِ قِطَعِ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وال فَطَرَحَهُ بَينَ يَدَيهِ وَ قَالَ هَذَا سَيفِي قَد تَقَطَّعَ فَيَومَئِذٍ أَعطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه واله ذَا الفَقَارِ وَ لَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه واله اخْتِلَاجَ (2) سَاقَيهِ مِن كَثرَةِ ذَا القِتَالِ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ هُوَ يَبكِي وَ قَالَ يَا رَبِّ وَعَدتَنِي أَن تُظْهِرَ دِينَكَ وَ إِن شِئتَ لَم يُعيِكَ فَأَقْبَلَ عَلِيٌّ عليه السلام إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عيه واله فَقَالَ يَا رَسُولُ اللَّهِ أَسَمَعُ دَوِيَا شَدِيداً وَ أَسْمَعُ أَقدِم حَيْزُومُ (3) وَ مَا أَهُمُ أَضْرِبُ أَحَداً إِلَّا سَقَط مَيْتاً قَبْلَ أَن أَصْرِبَهُ فَقَالَ هَذَا جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَ إِسْرَافِيلُ فِي المَلَائِكَةِ ثُمَّ جَاءَ جَبْرَئِيلُ عليه السلام فَوَقَفَ إِلَى جَنبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليهِ وَآلِہ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ هَذِهِ هِيَ المُوَاسَاةُ فَقَالَ إِنَّ عَلِيّاً مِنِّي وَ أَنَا مِنْهُ فَقَالَ جَبْرَئِيلُ وَ أَنَا مِنكُمَا ثُمَّ انْهَزَمَ النَّاسُ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله لِعَلي عليه السلام يَا عَلِيُّ امضِ بِسَيفِكَ حَتَّى تُعَارِضَهُم فَإِن رَأَيْتَهُم قَد رَكِبُوا القِلَاصَ،(4) وَ جَنَبُوا الخَيْلَ فَإِنَّهُم يُرِيدُونَ مَكَّةَ وَ إِن رَأَيْتَهُم قَد رَكِبُوا الْخَيْلَ وَ هُم يَحِنُبُونَ القِلَاصَ فَإِنَّهُم يُرِيدُونَ المَدِينَةَ فَأَتَاهُم عَلِيٌّ عليه السلام فَكَانُوا عَلَى القِلَاصِ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِعَلي عليه السلام يَا عَلِيُّ مَا تُرِيدُ هُوَ ذَا نَحْنُ ذَاهِبُونَ إِلَى مَكَّةَ فَانصَرِف إِلَى صَاحِبِكَ فَأَتْبَعَهُم جَبرَئيلُ عليه السلام فَكُلَّمَا سَمِعُوا وَقعَ حَافِرِ فَرَسِهِ جَدُّوا فِي السَّيرِ وَ كَانَ يَتْلُوهُم فَإِذَا ارتَحَلُوا قَالُوا هُوَذَا عَسكَرُ مُحَمَّدٍ قَد أَقْبَلَ فَدَخَلَ أَبُو سُفْيَانَ مَكَّةَ فَأَحْبَرَهُمُ الخَبَرَوَ جَاءَ الرُّعَاةُ وَالحَطَابُونَ فَدَخَلُوا

ص: 287


1- اثخنته الجراحة: أوهنته وأثرت فيه.
2- خلج كعلم: اشتکی عظامه من مشى أو تعب.
3- حيزوم اسم فرس جبرئيل عليه السلام
4- القلائص جمع قلوص و هي الناقة الشابة

مَكَّةَ فَقَالُوا رَأَيْنَا عَسكَرَ مُحَمَّدٍ كُلَّمَا رَحَلَ أَبُو سُفْيَانَ نَزَلُوا يَقدُمُهُم فَارِسٌ عَلَى فَرَسٍ أَسْقَرَ يَطلُبُ آثَارَهُم فَأَقْبَلَ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى أَبِي سُفْيَانَ يُوَتِخُونَهُ وَ رَحَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وَ الرَّايَةُ مَعَ عَلِي عليه السلام وَهُوَبَينَ يَدَيهِ فَلَمَّا أَن أَسْرَفَ بِالرَّايَةِ مِنَ العَقَبَةِ وَ رَآهُ النَّاسُ نَادَى عَلِيٌّ عَليه السلامِ أَيُّهَا النَّاسُ هَذَا مُحَمَّدٌ لَم يَئت وَ لَم يُقتَل فَقَالَ صَاحِبُ الكَلَامِ الَّذِي قَالَ الآنَ يَسخَرُ بِنَا وَ قَد هُزِمَنَا هَذَا عَلِيٌّ وَ الرَّايَةُ بِيَدِهِ حَتَّى هَجَمَ عَلَيهِمُ النَّبِيُّ صلى الله علي وآله وَنِسَاءُ الأَنصَارِ فِي أَفْنِيَتِهِم عَلَى أَبَوَابٍ دُورِهِم وَ خَرَجَ الرِّجَالُ إِلَيهِ يَلُوذُونَ بِهِ وَ يَتُوبُونَ إِلَيْهِ وَالنِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنصَارِ قَد خَدَشَنَ الوُجُوهَ وَ نَشَرِنَ الشُّعُورَوَ جَزَرْنَ النَّوَاصِيَ وَ خَرَقنَ الجُيُوبَ وَ حَزَمِنَ البُطُونَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله فَلَمَّا رَأَيْنَهُ قَالَ هُنَّ خَيْراً وَ أَمَرَهُنَّ أَن يَستَتِرنَ وَ يَدخُلنَ مَنَازِهُنَّ وَقَالَ إِنَّ اللهَ عَرُوحِل وَعَدَنِي أَن يُظْهِرَ دِينَهُ عَلَى الأَديَانِ كُلِّهَا وَأَنزَلَ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله { وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِن ماتَ أَو قُتِلَ انقَلَبْتُم عَلى أَعقابِكُم وَ مَن يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيئاً الآيَةِ

غلظته و خشونته

1- عن الحسن أنه استدعى امرأة كان يتحدّثُ عِندها الرّجالُ فَلَمّا جاءها رُسُلُهُ ارتاعت و خرجت معهم فأملصت فوقع إلى الأرض ولدها يستهِلُ ثُمَّ مات فبلغ عُمر ذلك فسأل الصحابة عن ذلك فقالُوا بِأجمعهم نراك مُؤدِّياً و لم ترد إلا خيراً ولا شيء عليك في ذلك فقال أقسمتُ عليك يا أبا الحسن لتقُولنّ ما عِندك فقال عليه السلام إن كان القوم قاربوك فقد غشّوك و إن كانوا ارتئوا فقد قصّرُوا الدّيةُ على عاقلتِك لأن القتل الخطأ لِلصّي يتعلق بك فقال أنت والله نصحتني والله لا تبرح حتى تُجري الدية على بني عدي ففعل ذلك أمير المؤمنين علیه السلام .(1)

2 عنِ ابنِ عبّاس قال: كان رسُولُ الله صلى الله عليه وآله جالساً مع حفصة فتشاجر بينهما فقال هل لكِ أن أجعل بيني وبينكِ رجُلا قالت نعم فأرسل إلى عُمر فلمّا أن دخل عليهما قال لها تكلمي قالت يا رسول الله تكلم ولا تقل إلا حقاً فرفع عمريده فوجاً وجهها ثم رفع يده فوجأ وجهها فقال له النبي صلى الله عليه وآله كف فقال عمريا عدوة اللهِ النَّبِيُّ لا يَقُولُ إِلَّا حقاً والَّذِي بعثهُ بِالحَقِّ لولا

ص: 288


1- مناقب آل أبي طالب 2 : 366.

مجلسه ما رفعت يدي حتى تموتي فقام النّبيُّ صلى الله عليه وآله فصعد إلى غرفة فمكث فيها شهراً لا يقرب شيئاً مِن نِسائِهِ يتغدى ويتعشى فيها فأنزل الله تعالى هَذِهِ الْآيَاتِ ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ﴾(1).(2)

في عنصريته

1- عن أبي جعفر عليه السلام قال: كان سلمان جالساً مع نفر من قُريش في المسجِدِ، فأقبلُوا ينتسِبُون ويرفعون في أنسابهم، حتى بلغوا سلمان، فقال له عمر بن الخطاب: أخبرني من أنت ، و من أبوك، و ما أصلك ؟ فقال : أنا سلمانُ بنُ عبدِ اللهِ كُنتُ ضالا فهداني الله عزّوجلّ بِمحمد صلى الله عليه وآله، وكُنتُ عائلا فأغناني اللهُ بِمحمد صلى الله عليه وآله وكُنتُ مملوكاً فأعتقنِي اللهُ بِمحمد صلى الله عليه وآله، هذا نسبي وهذا حسبي قال: فخرج النّبيُّ صلى الله عليه وآله وسلمان رضي الله عنهُ يُكلّمُهُم ، فقال له سلمان : يا رسول الله ، ما لقيتُ مِن هؤلاء جلستُ معهم فأخذُوا ينتسبون ويرفعُون في أنسابهم، حتى إذا بلغوا إلي قال عمر بن الخطاب: من أنت وما أصلك و ما حسبك ؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله فما قُلت له يا سلمان ؟ قال : قُلتُ لَهُ: أنا سلمانُ بنُ عبدِ اللهِ كُنتُ ضالاً فهداني الله عزّ ذِكرُهُ بِمحمد صلى الله عليه و آله، وكُنتُ عائِلا فأغناني اللهُ بِمحمد صلى الله عليه وآله، وكُنتُ مملوكاً فأعتقني الله عزّذِكرُهُ بِمحمد صلى الله عليه وآله، هذا نسبي وهذا حسبِي، فقال النّبِيُّ صلى الله عليه وآله: يا معشر قريش إنّ حسب الرّجُلِ دِينُهُ ومُروءتهُ خُلَقَهُ ، وأصله عقله قال الله عزّوجلّ: إنا خلقناكم من ذكر و أُنثى و جعلناكم شُعُوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ثُمّ قال النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله: يا سلمان ليس لأحدٍ من هؤلاء عليك فضل إلّا بتقوى الله عزّوجلّ وإن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل.(3)

2 - انّ سلمان الفارسي رضي الله عنه دخل مجلس رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ذات يوم فعظموه و قدموه وصدّرُوهُ إِجلالاً لحقِّهِ وإعظاماً لشيبته واختِصاصِهِ بِالمصطفى وآله فدخل عمر فنظر

ص: 289


1- الأحزاب : 28.
2- بحار الأنوار 22 : 173.
3- الأمالي للطوسي : 147 ح 241 ، الكافي 8 : 118 ، البرهان في تفسير القرآن 5 : 113ح 9988 و بحار الأنوار 381:22.

إليه فقال من هذا العجمِيُّ المتصدّر فيما بين العربِ فصعِد رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله المنبر فخطب فقال إن الناس من آدم إلى يومنا هذا مِثلُ أسنان المشط لا فضل للعربي على العجمي ولا للأحمر على الأسود إلّا بالتقوى سلمان بحرِّلا يُنزفُ وكنز لا ينفد سلمانُ مِنا أهل البيتِ سلسل يمنح الحكمة ويُؤتي البرهان.(1)

3- عن حزيمة بن ربيعة يرفعه قال: خطب سلمان إلى عُمر فردّهُ ثُمَّ ندم فعاد إليه فقال إنّما أردتُ أن أعلم ذهبت حميّة الجاهلية من قلبك أم هي كما هي.(2)

إحتجاج سلمان على الثاني في رسالته و فيه منافع كثيرة

احتجاج سلمان الفارسي رضوانُ اللهِ عليهِ على عُمر بن الخطاب في جوابِ كِتاب كتبه إليهِ كان حين هُو عامِلُهُ على المدائِنِ بعد حذيفة بن اليمان بسم الله الرّحمنِ الرَّحِيمِ مِن سلمان مولى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إلى عُمر بن الخطاب أما بعد فإنّهُ قد أتاني مِنكَ كِتابٌ يا عمرُ تُؤْنَبُنِي فِيهِ و تُعيرني وتذكُرُفِيهِ أنك بعثتني أميراً على أهل المدائن وأمرتني أن أقص أثر حذيفة وأستقصي أيام أعمالِهِ وسِيرِهِ ثُمّ أُعلمك قبيحها وحسنها وقد نهاني الله عن ذلِك يا عمرُ فِي مُحكمِ كِتَابِهِ حيث قال ﴿يا أيُّها الَّذِين آمَنُوا اجتنبوا كثيراً مِن الظَّنِّ إِنّ بعض الظَّنِّ إِثْمٌ ولا تجسسوا ولا يغتب بعضُكُم بعضاً أ يُحِبُّ أحدكم أن يأكل لحم أخِيهِ ميتاً فكرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا الله﴾(3) وما كُنتُ لأعصي الله في أثر حذيفة وأُطِيعك و أما ما ذكرت أنّي أقبلتُ على سفّ الخوص وأكل الشَّعِيرِفا هُما مِما يُعيرُ بِهِ مُؤمِنٌ ويُؤنّبُ عليه وايم الله يا عمر لأكلُ الشَّعِيرِ وسفُ الخوص والإستغناءُ بِهِ عن ربع المطعم و المشرب و عن غصب مؤمن وادّعاء ما ليس لي بِحق أفضل وأحبُّ إِلى اللهِ عزّ و جلّ وأقرب للتقوى ولقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أصاب الشعير أكله و فرح به ولم يسخط وأما ما ذكرت من عطائي فإنّي قدّمتُهُ لِيومِ فاقتي و حاجتي وربّ العزّة يا عمر ما أبالي

ص: 290


1- الإختصاص :341 ، الغارات 823:2 و بحار الأنوار 22 : 348 ح 64.
2- رجال الكشي : 15 ح 35 و بحار الأنوار 22 : 350 ح71.
3- الحجرات : 12.

إذا جاز طعامي لهواتي و ساغ لي في حلقي ألباب البُرّومُخّ المعزكان أو خُشارة الشعير و أمّا قولُك إِنِّي أضعفتُ سُلطان الله وأوهنتُهُ وأذللت نفسي وامتهنتها حتى جهل أهل المدائِنِ إمارتي فاتخذوني جسراً يمشون فوقي ويحملون على ثقل حمولتهم وزعمت أنّ ذلِكَ مِمَّا يُوهِنُ سُلطان الله ويُذِلُّهُ فاعلم أن التذلُّل في طاعة الله أحبُّ إليَّ مِن التعزز في معصية الله وقد علمت أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله يتألفُ النّاس ويتقرّبُ مِنهُم ويتقربون مِنْهُ فِي نُبُوتِهِ وسُلطانِهِ حتى كان بعضُهُم فِي الدُّنْوَوِ مِنهُم وقد كان يأكُلُ الجشب ويلبس الخشن و كان النّاسُ عِنده قُرشِيُّهم وعربتهم وأبيضُهُم وأسودُهُم سواء في الدِّينِ فأشهدُ أَنِّي سَمِعتُهُ يَقُولُ من ولي سبعةً من المسلمين بعدِي ثُمّ لم يعدِل فِيهِم لي الله وهو عليه غضبان فليتني يا عمر أسلمُ مِن إمارة المدائن مع ما ذكرت أنّي ذلّلتُ نفسي وامتهنتها فكيف يا عمرُ حال من ولي الأمة بعد رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و إِنِّي سمعتُ الله يقُولُ تِلك الدار الآخرة نجعلُها لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُون عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ ولا فساداً والعاقبةُ لِلمُتَّقِين(1) اعلم أني لم أتوجّه أسُوسُهُم وأُقِيمُ حُدُودَ اللَّهِ فِيهِم إِلَّا بِإِرشادِ دلِيلٍ عالم فنهجتُ فِيهِم بِنهجِهِ و سِرتُ فِيهِم بِسِيرتِهِ واعلم أنّ الله تبارك وتعالى لو أراد بهذه الأمة خيراً و أراد بهم رشداً لولّى عليهم أفضلهم وأعلمهم ولو كانت هذه الأمة من الله خائفين و لقول نبيها مُتَّبِعِين وبالحقِّ عالمين ما سموك أمير المؤمنين فاقض ما أنت قاض فإنّما تقضي. هذهِ الحياة الدنيا ولا تغتر بطولِ عفو الله و تمدِيدِهِ لك مِن تعجِيلِ عُقُوبَتِهِ واعلم أنه ستُدرِكُك عواقِبُ ظُلمِك في دنياك و أُخراك وسوف تُسأل عما قدمت وأخرت.(2)

إغتصابه الحق

1 - عن معاوية بن ثعلبة الليثي قال: ألا أُحدِتُك بحديث لم يختلط قُلتُ بلى قال مرض أبوذر فأوصى إلى علي عليه السلام فقال بعضُ من يعوده لو أوصيت إلى أمير المؤمنين عُمركان أجمل لوصيتك من علي قال والله لقد أوصيتُ إلى أمير المؤمنين حق أمير المؤمنين واللهِ إِنَّهُ للرّبِيعُ الَّذِي يُسكنُ إِليه و لوقد فارقكُم لقد أنكرتُمُ النّاس وأنكرتُمُ الأرض قال قُلتُ يا أبا ذر إنا لنعلمُ

ص: 291


1- القصص : 83.
2- الإحتجاج 130:1 و بحار الأنوار 22 : 360 ح4.

أن أحبّهُم إِلى َرسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله أحبُّهم إليك قال أجل قُلنا فأيهم أحبُّ إليك قال هذا الشّيخُ المظلُومُ المضطهد حقه يعني علي بن أبي طالب.(1)

إنّه من أصحاب الصحيفة

1 - عنِ المفضّلِ بنِ عُمر قال: سألت أبا عبدِ اللهِ عليه السلام عن معنى قول أمير المؤمنين عليه السلام لما نظر إِلى الثَّانِي وهُو مُسجِّى بِثوبِهِ ما أحدٌ أحبّ إلي أن ألقى الله بصحيفتِهِ مِن هذا المسجى فقال عنى بها صحيفتهُ الَّتِي كُتبت في الكعبة.(2)

أقول : روى الشيخ المفيد في الفصول المختارة : قال : سئل هشام بن الحكم - رحمه الله - عما ترويه العامة من قول أمير المؤمنين عليه السلام لَمّا قبض عمر و قد دخل عليه و هو مسجى لوددت أن ألقى الله سبحانه بصحيفة هذا المسجّى و في حديث آخر لهم: إنّي لأرجو أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجّى فقال هشام هذا حديث غير ثابت ولا معروف الإسناد و إنّما حصل من جهة القصاص و أصحاب الطرقات ، و لو ثبت لكان المعنى فيه معروفا و ذلك عمر واطأ أبابكر و المغيرة (بن شعبة) و سالما مولى أبي حذيفة و أبا عبيدة على كتب صحيفة بينهم يتعاقدون فيها، على أنّه إذا مات رسول الله صلى الله عليه وآله لم يورثوا أحدا من أهل بيته و لم يولّوهم مقامه من بعده، و كانت الصحيفة لعمر إذا كان عماد القوم فالصحيفة التي ودّ أمير المؤمنين عليه السلام و رجا أن يلقى الله عزّ و جلّ بها هي هذه الصحيفة ليخاصمه بها و يحتج عليه بمتضمنها والدليل على ذلك ما روته العامة عن ابي بن كعب أنّه كان يقول في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بعد أن افضي الأمر لأبي بكر بصوت (عال) يسمعه أهل المسجد : ألا هلك أهل العقدة والله ما آس عليهم إنما أسى على من يضلّون الناس، فقيل له: يا صاحب رسول الله من هؤلاء أهل العقدة و ما عقدتهم ؟

فقال: قوم تعاقدوا بينهم إن مات رسول الله صلى الله عليه وآله لم يورثوا أحدا من أهل بيته و لم يولّوهم مقامه ، أما والله لئن عشت إلى يوم الجمعة لأقومن فيهم مقاما أبين به للناس أمرهم.

قال : فما أتت عليه الجمعة .(3)

ص: 292


1- بحار الأنوار 432:22 ح43.
2- بحار الأنوار 28 : 117 ح5.
3- الفصول المختارة : 90 ، طرف من الأنباء والمناقب : 567 ومدينة معاجز الأئمة 469:1 ح 309.

إحراقه بيت النّبوّة و ضربه بنت رسول الله صلى الله علیه وآله

1- قال زيد بن أسلم، أنا كنتُ ممن حمل الحطب مع عمر إلى بابِ فاطمة حين إمتنع عليّ وأصحابه عن البيعة أن يُبايعوا، فقال عمر لفاطمة : أخرجي من في البيت وإلا أحرقته ومن فيه ، قال : و في البيت علي والحسن، والحسين، وجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فقالت فاطمة : تُحرق على ولدي؟ قال: إي والله ، أو ليخرجن، أو ليبايعن.(1)

2 - قال الصادق عليه السلام في ذكر قصة سقيفة و ما جرى عليها سلام الله عليها من المصيبة .... و تقصُّ عليه قصة أبي بكر و إنفاذه خالد بن الوليد وقنفذاً وعمر بن الخطاب وجمعه الناس لإخراج أمير المؤمنين عليه السلام من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة وإشتغال أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفات رسول الله صلى الله عليه وآله بضمّ أزواجه و قبره وتعزيتهم وجمع القرآن وقضاء دينه ، وإنجاز عداته ، وهي ثمانون ألف درهم ، باع فيها تليده وطارفه وقضاها عن رسول الله صلى الله عليه وآله .

و قول عمر: أخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلا قتلناك ، وقول فضة جارية فاطمة : إن أمير المؤمنين عليه السلام مشغول والحقُّ له إن أنصفتُم من أنفسكم وأنصفتموه ، وجمعهم الجزل والحطب على الباب لإحراق بيتِ أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم و فضة ، وإضرامهم النّار على الباب ، وخروج فاطمة إليهم وخطابها لهم من وراء الباب.

وقولها : ويحك يا عمر ما هذه الجُرأة على الله و على رسوله ؟ تُريدُ أن تقطع نسله من الدُّنيا وتفنيه وتُطفئ نور الله ؟ والله متم نوره ، و انتهاره لها.

وقوله : كنّي يا فاطمة فليس محمّد حاضراً و لا الملائكة آتية بالأمر والنهي والزجر من عند الله ، وما علي إلا كأحد المسلمين فاختاري إن شئتِ خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعاً.

فقالت وهي باكيةُ : اللهم إليك نشكو فقد نبيّك ورسولك وصفيك ، وإرتداد أمته علينا ، و منعهم إيانا حقنا الّذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل.

فقال لها عمر: دعي عنكِ يا فاطمة حمقات النِّساء ، فلم يكن الله ليجمع لكم النُّبوة والخلافة ، وأخذت النار في خشب الباب.

ص: 293


1- إثبات الهداة ج 3 : 359 ح51 ، تجريد الإعتقاد ، 250 ، الطرائف : 239 وبحار الأنوار 339:28.

وإدخال قنفذ يده لعنه الله يروم فتح البابِ ، و ضرب عُمرلها بِالسُّوط على عضدها ، حتى صار كالدملج الأسود ، وركل الباب برجله ، حتى أصاب بطنها وهي حاملة بالمحسن ، لستة أشهر وإسقاطها إياه.

و هجوم عمر وقنفذ وخالد بن الوليد و صفقة خدّها حتى بدا قرطاها تحت خمارها ، وهي تجهر بالبكاء ، وتقولُ : وا أبتاه ، وا رسول الله ، إبنتك فاطمة تُكذب وتُضرب ، ويُقتل جنين في بطنها.

و خروج أمير المؤمنين عليه السلام من داخل الدار مُحمر العين حاسراً ، حتى ألق ملاءته عليها وضمها إلى صدره وقوله لها : يا بنت رسول الله قد علمت أن أباكِ بعثه الله رحمةً للعالمين ، فالله الله أن تكشفي خمارك ، وترفعي ناصيتكِ ، فوالله يا فاطمةُ لين فعلت ذلك لا أبقى الله على الأرضِ من يشهد أن محمدا رسول الله ولا موسى ولا عيسى ولا إبراهيم ولا نوح ولا آدم ، ولا دابة تمشي على الأرض ولا طائراً في السماء إلا أهلكه الله.

ثم قال : يا ابن الخطاب لك الويل من يومك هذا وما بعده وما يليه أُخرج قبل أن أشهر سيفي فأفني غابر الأمة.

فخرج عمر وخالد بن الوليد وقنفذ وعبد الرحمن بن أبي بكر فصاروا من خارج الدار ، وصاح أميرُ المؤمنين بفضّة يا فضّة مولاتك فاقبلي مِنها ما تقبله النساء فقد جاءها المخاض من الرفسة و رة الباب ، فأسقطت محسناً فقال أمير المؤمنين عليه السلام : فإنّه لاحق بجده رسول صلى الله عليه وآله فيشكو إليه.(1)

3- روي أنها تُوفّيت عليها السلام بعد غُسلها وتكفينها وحنوطها لأنها طاهرة لا دنس فيها، وإنّه لم يحضرها إلا أمير المؤمنين عليه السلام ، والحسن والحسين، وزينب، وأم كلثوم، وفضة جاريتها، وأسماء بنت عميس، وإن أمير المؤمنين عليه السلام أخرجها ومعه الحسن والحسين في الليل وصلوا عليها، ولم يعلم بها أحد ولا حضروا وفاتها، ولا صلّى عليها أحدٌ من سائر الناس غيرهم، لأنها عليها السلام أوصت بذلك وقالت: لا تُصلّي عليّ أُمّةٌ نقضت عهد الله وعهد أبي رسول الله صلى الله عليه واله في أمير المؤمنين علي، وظلموني حقي، وأخذوا إرثي، وحرقوا صحيفتي التي كتبها إليّ أبي يملكِ فدك ، وكذبوا شهودي ، وهم والله جبرئيل وميكائيل وأمير المؤمنين و أم أيمن.

ص: 294


1- بحار الأنوار 53 : 18.

وطِفتُ عليهم في بيوتهم وأمير المؤمنين يحملني ومعي الحسن والحسين ليلا و نهاراً ، آتي منازلهم اذكرهم الله بالله وبرسوله ألا تظلمونا و لا تغصبونا حقنا الّذي جعله الله لنا، فيجيبونا ليلاو يقعدون عن نُصرتنا نهاراً. ثم يُنفذون إلى دارنا قنفذاً ومعه عُمرو خالد بن الوليد ليخرجوا ابن عمّي عليّاً إلى سقيفة بني ساعدة لبيعتهم الخاسرة، فلا يخرج إليهم مُتشاغلا بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله و بأزواجه وبتأليف القُرآن، وقضى ثمانين ألف درهم وصاه بقضائها عنه عداتاً وديناً،

فجعلوا الحطب الجزل على بابنا وأتوا بالنار ليحرقونا .

فأخذتُ بعضادةِ البابِ وناشدتهم بالله وبأبي عليه وآله السلام أن يكفوا عنّا وينصرفوا ، فأخذ عمر السوط من يد قنفذ مولى أبي بكر فضرب به عضدي فالتوى السوط على عضدي حتى صار كالدملج، وركل الباب برجله فردّه عليّ وأنا حامل فسقطت لوجهي والنار تستعر، وسفع وجهي بيده حتى إنتشر قُرطي مِن أُذني، فجاء في المخاض فأسقطت مُحسناً قتيلا بغير جُرم ، فهذه أمة تُصلّي عليّ وقد تبرأ الله ورسوله مِنهم و تبرأتُ مِنهم.(1)

4 - عن مفضّل بن عمر أنه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام : يا ابن رسولِ اللهِ إِنّ يومكُم في القِصاصِ لَأعظمُ مِن يومِ مِحنتِكُم . فقال عليه السلام : ولا كيومِ مِحنتِنا بكربلا و إن كان يوم (كيوم) السقيفة وإحراق البابِ على أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وفضّة و قَتلِ مُحسنٍ بِالرّفسةِ لأعظمُ و أَمَرُّ لِأَنَّهُ أَصلُ يوم العذاب (الفِراش).(2)

5- قال سليم : ... فقال عمر لأبي بكر: ما يمنعك أن تبعث إليه فيبايع ، فإنه لم يبق أحد إلا وقد بایع غيره وغير هؤلاء الأربعة ، وكان أبوبكر أرق الرجلين وأرفقهما وأدهاهما وأبعدهما غورا ، و الآخر أفظهما وأغلظهما وأجفاهما فقال له أبوبكر من نُرسل إليه ؟ فقال عُمر تُرسل إليه قُنفذاً فهو رجل فظ غليظ جاف من الطلقاء ، أحد بني عدي بن كعب فأرسله وأرسل معه أعوناً ، وانطلق فاستأذن على علي عليه السلام فأبي أن يأذن لهم فرجع أصحاب قنفذ إلى أبي بكر وعمر و هما جالسان في المسجد والنّاس حولهما ، فقالوا : لم يُؤذن لنا.

ص: 295


1- الهداية الكبرى : 179 ، إرشاد القلوب 2 : 361 و بحار الأنوار 30 : 379.
2- الهداية الكبرى : 417.

فقال عمر: إذهبوا فإن أذن لكم وإلّا فادخُلوا بغير إذن فانطلقوا فاستأذنوا فقالت فاطمة عليها السلام أحرج عليكم أن تدخلوا علي بيتي بغير إذن ، فرجعوا وثبت قنفذ الملعون ، فقالوا : إن فاطمة قالت كذا وكذا ، فتحرجنا أن ندخل بيتها بغير إذن.

فغضب عُمر و قال مالنا وللنساء ثم أمر أناساً حوله بتحصيل الحطب وحملوا الحطب وحمل معهم عمر فجعلوه حول منزل علي عليه السلام وفيه علي وفاطمة وإبناهما ؛ ثم نادى عمر حتى أسمع عليّاً وفاطمة : والله لتخرجن يا علي ولتبايعين خليفة رسول الله وإلّا أضرمت عليك النار، فقامت فاطمة عليها السلام فقالت : يا عمر مالنا ولك ؟ فقال إفتحي الباب وإلّا أحرقنا عليكم بيتكم ، فقالت : يا عمر أما تتقي الله تدخل علي بيتي؟ فأبى أن ينصرف ودعا عمر بالنار فأضرمها في الباب ثم دفعه فدخل.

فاستقبلته فاطمة عليها السلام وصاحت یا أبتاه يا رسول الله ! فرفع عمر السيف وهو في غمده فوجاً به جنبها ، فصرخت یا أبتاه ، فرفع السوط فضرب به ذارعها فنادت يا رسول الله لبئس ما خلفك أبوبكر وعمر، فوثب علي عليه السلام فأخذ بتلابيه فصرعه و وجأ أنفه ورقبته ، و هم بقتله فذكر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وما أوصاه به ، فقال : والذي كرّم محمداً صلى الله عليه وآله بالنُّبوّة يا إبن صهاك لولا كتاب من الله سبق ، وعهد عهد إلي رسولُ الله صلى الله عليه وآله لعلمت أنك لا تدخُلُ بيتي.

فأرسل عمر يستغيث فأقبل النّاسُ حتى دخلوا الدّار ، وثار علي عليه السلام إلى سيفه فرجع قنفذ إلى أبي بكر وهو يتخوّف أن يخرج علي عليه السلام بسيفه ، لما قد عرف من بأسه وشدّته ، فقال أبوبكر لقنفذ إرجع فإن خرج فاقتحم عليه بيته ، فإن إمتنع فأضرم عليهم بيتهم النار فانطلق قنفذ الملعون فاقتحم هو و أصحابه بغير إذن ، وثار علي عليه السلام إلى سيفه فسبقوه إليه وكاثروه ، فتناول بعض سيوفهم فكاثروه ، فألقوا في عُنقه حبلا و حالت بينهم وبينه فاطمة عند باب البيت فضربها قنفذ الملعون بالسوط ، فماتت حين ماتت وإن في عضدها مِثلُ الدّملج مِن ضربته لعنه الله ولعن من بعث به ثم انطلقوا بعلي عليه السلام حتى انتهى به إلى أبي بكر، وعمرُ قائم بالسيف على رأسه ، وخالد بن الوليد وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل والمغيرة بن شعبة وأسيد بن حضير و بشير بن سعد وساير الناس حول أبي بكر عليهم السلاح.

ص: 296

قال سليم : قلت لسلمان : أدخلوا على فاطمة بغير إذن ؟ قال إي والله ، وما عليها خمار فنادت يا أبتاه يا رسول الله فلبئس ما خلفك أبوبكر وعمرُ ، وعيناك لم تتفقاً في قبرك ، تُنادي بأعلى صوتها ، فلقد رأيت أبا بكرو من حوله يبكون ما فيهم الاباك غير عمرو خالد بن الوليد و المغيرة بن شعبة وعمر يقولُ : إنا لسنا من النِّساء ورأيهنّ في شئ ، قال : فانتهوا بعلي عليه السلام إلى أبي بكرو هو يقولُ : أما والله لو وقع سيفي في يدي لعلمتم أنكم لم تصلوا إلى هذا أبداً ، أما والله ما ألوم نفسي في جهادكم ، ولو كنتُ أستمسك من أربعين رجلا الفرقت جماعتكم ، ولكن لعن الله أقواماً بايعوني ثم خذلوني.

و لَمنا أن بصربه أبوبكر صاح : خلوا سبيله ، فقال علي عليه السلام : يا أبا بكر ما أسرع ما توتبتم على رسول الله صلى الله عليه وآله بأي حق و بأي منزلةٍ دعوت النّاس إلى بيعتك ؟ ألم تُبايعني بالأمس بأمرِ الله وأمر رسول الله ؟

وقد كان قُنفذ لعنه الله ضرب فاطمة عليها السلام بالسوط حين حالت بينه وبين زوجها وأرسل إليه عُمر إن حالت بينك وبينه فاطمة فاضربها فألجأها قنفذ إلى عضادة بيتها ودفعها فكسر ضلعاً من جنبها فألقت جنيناً من بطنها فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت (صلى الله عليها) من ذلك شهيدة.(1)

6 - روى مقاتل بن عطية: إن أبا بكر بعد ما أخذ البيعة لنفسه من الناس بالإرهاب والسيف و التهديد والقوّة، أرسل عمر و قنفذاً وخالد بن الوليد و أبا عبيدة الجراح و جماعةً أخرى من المنافقين إلى دار علي وفاطمة عليهما السلام و جمع عُمر الحطب على باب بيتِ فاطمة عليها السلام ذلك البابُ الذي طالما وقف عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة و ما كان يدخله إلّا بعد الإستئذان وأحرق الباب بالنّار؛ ولما جاءت فاطمة عليها السلام خلف الباب لتردّ عمر و حزبه عصر عمرُ فاطمة عليها السلام بين الحائط و الباب عصراً شديدةً قاسيةً حتى أسقطت جنينها، ونبت المسمار في صدرها ، وصاحت فاطمة عليها السلام يا أبتاه يا رسول الله ! أنظر ما ذا لقينا بعدك من إبن الخطاب وإبن أبي قحافة.

فالتفت عمر إلى من حوله وقال : إضربوا فاطمة، فانهالت السّياط على حبيبة رسول الله صلى الله عليه وآله و

ص: 297


1- کتاب سليم : 149 ، الإحتجاج 1 : 109 و بحار الأنوار 270:28.

بضعته حتى أدموا جسمها، وبقيت آثارُ هذه العصرة القاسية و الصدمة المريرة تنحز في جسم فاطمة عليها السلام فأصبحت مريضةً عليلةً حزينةً، حتّى فارقت الحياة بعد أبيها بأيام ؛ ففاطمة عليها السلام شهيدة بيت النبوة، وفاطمة عليها السلام قتلت بسبب عُمر بن الخطاب.(1)

7- عن عبدِ اللهِ بنِ عبدِ الرّحمنِ قال : ثُمَّ إِن عُمر احتزم أخرُج يا عليُّ بِالمدينةِ ويُنادِي أن أبا بكرٍ قد بويع له فهلموا إلى البيعة فينثالُ النّاسُ فيُبايعون فعرف أن جماعةً فِي بُيوتٍ مُستَتِرُون فكان يقصِدُهُم في جمع فيكبِسُهُم ويُحضِرُهم في المسجِدِ فيُبايِعُون حتَّى إذا مضت أيام أقبل في جمع كثير إلى منزل علي بن أبي طالب عليه السلام فطالبه بالخروج فأبى فدعا عمر بحطب ونارو قال والَّذِي نفسُ عُمر بِيدِهِ ليخرُجنّ أو لأحرقنَّهُ على ما فِيهِ فقيل لهُ إِنَّ فِيهِ فاطِمة بنت رسُولِ الله صلى الله عليه وآله ووُلد رسُولِ اللهِ و آثار رسُولِ اللهِ فأنكر النّاسُ ذلِك مِن قولهِ فَلَمّا عرف إنكارهم قال ما بالكم أتروني فعلتُ ذلِك إِنّما أردتُ التهويل فراسلهم على أن ليس إِلى خُرُوحِي حِيلةٌ لأنّي فِي جمعِ كِتابِ اللهِ الَّذِي قد نبذتموه وألهتكُمُ الدّنيا عنه وقد حلفتُ أن لا أخرج من بيتي و لا أضع رِدائي على عاتقي حتى أجمع القرآن قال و خرجت فاطِمةُ بِنتُ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إِليهم فوقفت على البابِ ثُمّ قالت لا عهد لي بقوم أسوأ محضراً مِنكُم تركتُم رسول اللهِ جِنازة بين أيدينا و قطعتُم أمركُم فيما بينكم فلم تُؤمرونا و لم تروا لنا حقنا كأنكم لم تعلموا ما قال يوم غديرخم و الله لقد عقد له يومئِذٍ الولاء ليقطع مِنكُم بِذلِك مِنها الرجاء ولكنّكُم قطعتُم الأسباب بينكُم و بين نبيّكُم والله حسيب بيننا وبينكُم فِي الدُّنيا والآخرة.(2)

رسالته إلى معاوية بن أبي سفيان

1- عن جابر الجعفي، عن سعيد بن المسيب، قال: لَا قُتِل الحسين بن علي صلوات الله عليهما و ورد نعيه إلى المدينة، وورد الأخبارُ بِجز رأْسِهِ و حملِهِ إِلى يزيد بن مُعاوية، وقتل ثمانية عشر من أهل بيته، وثلاث وخمسين رجلا من شيعته، وقتل علي ابنه بين يديهِ وهُو طِفلٌ بِنُشَابِةٍ وسي ذراريه أُقيمت المآتم عند أزواج النبي صلى الله عليه واله في منزلِ أُمّ سلمة رضي الله عنها، وفي دور المهاجرين

ص: 298


1- كتاب مؤامرة علماء بغداد: 133.
2- بحار الأنوار 28 : 204ح 3.

و الأنصار، قال: فخرج عبد الله بن عُمر بن الخطابِ صارخاً من داره لاطِماً وجهه شاقاً جيبه يقُولُ: يا معشر بني هاشم و قُريش والمهاجرين والأنصار! يُستحلُّ هذا مِن رسُولِ اللهِ صلى اله عليه وآله في أهلِهِ وذُرِّيَّتِهِ وأنتُم أحياءٌ تُرزقون ؟ الا قرار دون يزيد و خرج من المدينة تحت ليله، لا يرد مدينة إلا صرخ فيها واستنفر أهلها على يزيد و أخبارُهُ يُكتبُ بِها إِلى يزيد، فلم يمر لا مِن النّاسِ إِلّالعنه وسمع كلامه، وقالوا هذا عبد الله بن عُمر ابن خليفة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وهُو يُنكِرُ فِعل يزيد بِأهل بيتِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و يستنفِرُ النّاس على يزيد، وإنّ من لم يُجِبهُ لا دين له ولا إسلام، واضطرب الشّامُ بِمن فيه، وورد دمشق وأتى باب اللّعِينِ يزيد في خلقٍ مِن النَّاسِ يتلونه، فدخل آذِنُ يزيد إليهِ فأخبرهُ بِوُرودِهِ ويَدُهُ على أُمّ رأْسِهِ والنَّاسُ يُهرعون إليهِ قدامه و وراءه، فقال يزيد : فورةٌ من فوراتِ أبي محمد و عن قليل يُفيقُ مِنها، فأذن له وحده فدخل صارخاً يقولُ : لا أدخُلُ يا أمير المؤمنين ! وقد فعلت بِأهل بيت محمد صلى الله عليه وآله ما لو تمكنتِ التُركُ والرُّومُ ما استحلُّوا ما استحللت ، ولا فعلوا ما فعلت، قم عن هذا البساط حتّى يختار المسلِمُون من هُو أحقُّ بِهِ مِنك ، فرحب بِهِ يَزِيدُ و تطاول له وضمّهُ إِليهِ وقال له: يا أبا محمد اسكن من فورتك، واعقل، وانظر بعينك واسمع بِأُذُنِك، ما تقُولُ فِي أَبِيك عُمر بنِ الخطابِ أكان هادِياً مهدِيّاً خليفة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و ناصِره و مُصاهِرهُ بِأختِك حفصة، و الَّذِي قال: لا يُعبدُ اللهُ سِرّاً؟! . فقال عبد الله : هو كما وصفت، فأيّ شيء تَقُولُ فِيهِ ؟ . قال : أبوك قلّد أبي أمر الشّامِ أم أبي قلد أباك خلافة رسول الله صلى اله عليه وآله ؟ . فقال : أبي قلد أباك الشام.قال: يا أبا محمّد! أفترضى بِهِ وبِعهدِهِ إلى أبي أو ما ترضاه؟ قال: بل أرضى. قال: أفترضى بأبيك ؟ . قال: نعم، فضرب يزِيدُ بِيدِهِ على يد عبدِ اللهِ بنِ عمرو قال له: قم يا أبا محمد حتى تقرأ، فقام معه حتّى ورد خزانةٌ مِن خزائِنِهِ، فدخلها ودعا بِصُندوق ففتحه و استخرج منه تابوتاً مُقفّلا مختوماً فاستخرج مِنهُ طوماراً لطيفاً فِي خِرقةٍ حرير سوداء، فأخذ الطُّومار بيدِه ونشره ، ثُمَّ قال: يا أبا محمّد! هذا خط أبيك ؟ . قال : إي والله .. فأخذهُ مِن يدِهِ فقبله، فقال له: اقرأ، فقرأه ابن عُمر، فإذا فيه: بسم الله الرّحمنِ الرَّحِيمِ إِنَّ الَّذِي أكرهنا بالسيف على الإقرار به فأقررنا، و الصُّدُورُ وغرةٌ ، والأنفُسُ واجِفةٌ ، والنِّيات والبصائر شائِكةٌ مِمّا كانت عليه من جحدنا ما دعانا إليهِ و

ص: 299

أطعناهُ فِيهِ رفعاً لِسُيُوفِهِ عنا، وتكاثرِه بِالحي علينا من اليمن، وتعاضد من سمع بِهِ يمن ترك دينه و ما كان عليهِ آبَاؤُهُ فِي قُريش، فيهبل أقسِمُ والأصنام والأوثان واللاتِ والعُزَّى ما جحدها عمرُمُذ عبدها ولا عبد لِلكعبة ربّاً ولا صدّق لمحمد صلى الله عليه وآله قولا، ولا ألق السّلام إِلَّا لِلحِيلةِ عليهِ وإيقاع البطش بِهِ ، فإنّهُ قد أتانا بِسِحر عظيم، وزاد في سحره على سِحرِ بني إسرائيل مع موسی و هارون و داود و سلیمان و ابنِ أُمِّهِ عِيسى، ولقد أتانا بِكُلّ ما أَتُوا بِهِ مِن السّحرو زاد عليهم ما لو أنهم شهدُوهُ لأقرُّوا له بأنّه سيّد السحرة، فخُذ يا ابن أبي سفيان سُنّة قومك واتباع ملتِك و الوفاء بما كان عليه سلفك مِن جحدِ هذِهِ البَنِيَّةِ الَّتِي يَقُولُونَ إِنّ لها ربّاً أمرهم بإتيانها والسعي حولها وجعلها لهم قبلةً فأقرُّوا بِالصلاة والحج الذي جعلوه ركناً، و زعمُوا أَنَّهُ لِله اختلقُوا، فكان من أعان مُحمّداً مِنهُم هذا الفارِسِيُّ الظُّمماني : رُوزبِهُ، وقَالُوا إِنَّهُ أوحِي إِليهِ: إِنّ أوّل بيتٍ وُضِع لِلنَّاسِ ِللّذِي بِبكة مُباركاً و هُدى للعالمين، وقولُ هُم: قد نرى تقلب وجهك في السّماءِ فلنُولّينك قبلةً ترضاها فول وجهك شطر المسجِدِ الحرامِ وحيثُ ما كُنتُم فولُّوا وُجُوهَكُم شطره، وجعلوا صلاتهم للحجارة، فما الذي أنكره علينا لولاسِحرُه مِن عِبادتِنا للأصنام والأوثان واللاتِ والعُزّى و هِي مِن الحِجارة والخشبِ والنُّحاس والفِضَّةِ والذهب، لا و اللات والعزى ما وجدنا سبباً لِلخُرُوجِ عمّا عِندنا و إن سحرُوا و موهوا، فانظر بعين مُبصِرة، واسمع بِأُذُنٍ واعِيةٍ، وتأمل بقلبك وعقلك ما هم فيه ، واشكر اللات والعزى و استخلاف السّيّدِ الرَّشِيدِ عتِيقِ بنِ عبدِ العُزّى على أُمَّةِ محمّد و تحكمه في أموالهم و دِمائِهم و شريعتهم وأنفُسِهِم وحلالِهِم و حرامِهِم، و جباياتِ الحُقوقِ الَّتِي زعموا أنهم يحبونها لربهم لِيُقِيمُوا بِها أنصارهم وأعوانهم، فعاش شدِيداً رشيداً يخضع جهراً ويشتدُّ سِراً، ولا يجدُ حِيلةً غير مُعاشرة القوم، و لقد وثبتُ وثبةً على شهابِ بنِي هَاشِمٍ النَّاقِبِ، و قرنها الزاهر، وعليها النّاصِرِ، وعِدّتِها وعُددِها المسمّى بحيدرة المصاهر المحمّد على المرأة التي جعلوها سيدة نساء العالمين يُسمونها: فاطمة، حتى أتيتُ دار علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين وابنتيهما ب و أُمّ كلثوم، والأمة المدعُوةِ بِفِضّة، ومعي خالد بن وليد و قنفذ مولى أبي بكو من سحب من خواصنا، فقرعتُ الباب عليهم قرعاً شديداً، فأجابتني الأمةُ، فقُلتُ لها: قُولِي لِعلي:

ص: 300

دع الأباطيل ولا تلج نفسك إلى طمع الخلافة، فليس الأمرلك، الأمرُ من اختاره المسلمون و اجتمعوا عليه، وربّ اللّاتِ والعُزَّى لو كان الأمرُو الرأي لأبي بكر لفشل عنِ الوُصُولِ إِلى ما وصل إليه من خلافة ابن أبي كبشة، لكنّي أبديتُ لها ،صفحتي، وأظهرتُ لها بصري، وقُلتُ للحيين نزار و قحطان بعد أن قُلتُ لهُم ليس الخلافةُ إلّا فِي قُريش، فأطِيعُوهُم ما أطاعُوا الله، و إنّما قُلتُ ذلِك لِما سبق مِنِ ابن أبي طالب مِن وُثوبِهِ و استيثاره بِالدّماء التي سفكها في غزواتِ محمّد و قضاء ديونه، وهي ثمانون ألف درهم و إنجاز عِداتِهِ، وجمع القرآن، فقضاها على تليدِهِ و طارفه، و قول المهاجرين والأنصارِ لَا قُلتُ إِنّ الإمامة في قُريش قالُوا: هو الأصلعُ البطينُ أمِيرُ المؤمنين علي بن أبي طالِبِ الَّذِي أخذ رسُولُ الله صلى الله عليه وآله البيعة له على أهل مِلّتِه، وسلمنا له بإمرة المؤمنين في أربعة مواطن، فإن كُنتُم نسِيتُمُوها معشر قريش فما نسيناها وليست البيعةُ ولا الإمامة والخلافة والوصيّة إلّا حقاً مفروضاً ، و أمراً صحيحاً، لا تبرعاً ولا ادعاءً فكذَّبناهُم، وأقمتُ أربعين رجُلا شهِدُوا على محمّد أنّ الإمامة بالإختيار. فعند ذلك قال الأنصار: نحنُ أحقُ مِن قُريش، لأنا آوينا ونصرنا وهاجر النّاسُ إلينا، فإذا كان دفعُ من كان الأمرله فليس هذا الأمر لكُم دوننا، وقال قوم: مِنّا أمِيرُو مِنكُم أمِيرٌ. قُلنا لهم : قد شَهِدُوا أربعون رجُلا أن الأئمة مِن قُريش، فقبل قوم وأنكر آخرون وتنازعُوا، فقُلتُ والجمعُ يسمعُون : ألا أكبرنا سِنّاً و أكثرنا ليناً. قالُوا: فمن تقُولُ ؟ . قُلتُ: أبوبكر الذي قدّمهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله في الصّلاة، و جلس معه في العريش يوم بدرٍ يُشاوِرُه و يأخُذُ برأيه ، وكان صاحبه في الغار، و زوج ابنته عائشة التي سماها: أمّ المؤمنين، فأقبل بنُوهاشِمٍ يتميّزُون غيظاً، وعاضدهُمُ الزُّبيرُوسيفُهُ مشهور و قال : لا يُبايِعُ إِلّا علي أو لا أملك رقبة قائمة سيفي هذا ، فقُلتُ: يا زُبير! صرختك سكن من بني هاشم، أُمُّك صفيّةُ بِنتُ عبد المطلب، فقال: ذلك واللهِ الشَّرفُ الباذخ والفخر الفاخِرُ، يا ابن حنتمة و يا ابن صهاك ! اسكت لا أُمّ لك ، فقال قولا فوثب أربعون رجلا من حضر سقيفة بني ساعدة على الرُّبيرِ، فوالله ما قدرنا على أخذ سيفِهِ مِن يدِهِ حتى وسدناه الأرض، ولم نرله علينا ناصِراً، فوثبتُ إلى أبي بكر فصافحته و عاقدتُه البيعة وتلاني عُثمان بن عفان وسائِرُ من حضر غير الزبير، وقلنا له: بايع أو نقتلك ، ثُمّ كففت عنه الناس، فقُلتُ لَهُ: أَمهِلُوهُ، فما

ص: 301

غضب إلا نخوةً لبني هاشم، وأخذتُ أبا بكر بيدِهِ فأقتُهُ وهو يرتعِدُ قد اختلط عقلُهُ، فأزعجتُهُ إِلى مِنبرِ محمد إزعاجاً، فقال لي: يا أبا حفص ! أخافُ وثبة علي. فقُلتُ لَهُ: إِنّ عليَّاً عنك مشغول، و أعانني على ذلك أبو عبيدة بن الجراح كان يشدُّهُ بِيدِهِ إِلى المنبر و أنا أُزْعِجُهُ مِن وَرَائِهِ كالتّيسِ إلى شِفار الجاذِرِ، مُتهوّناً، فقام عليه مدهوشاً، فقُلتُ له: اخطب ! فأُغلق عليه وتثبت فدهش، و تلجلج و غمض ، فعضضت على كنّي غيظاً، وقُلتُ لهُ قُل ما سنح لك، فلم يأتِ خيراً ولا معروفاً، فأردتُ أن أُحِطه عن المنبر و أقوم مقامه ، فكرهتُ تكذيب النّاسِ لِي بِما قُلتُ فِيهِ، و قد سألني الجمهورُ مِنهم: كيف قُلت من فضلِهِ ما قلت؟ ما الَّذِي سمعتهُ مِن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله في أبي بكر؟ فقُلتُ لهم : قد قُلتُ : سمعتُ مِن فضله على لسان رسول الله ما لو وددت أني شعرة في صدره ولي حكايةٌ، فقُلتُ : قُل وإلّا فانزل، فتبينها والله في وجهي وعلم أنه لو نزل لرقيتُ، وقُلتُ ما لا يهتدي إلى قولِهِ، فقال بِصوتٍ ضَعِيفٍ عليلٍ: ولِيتُكُم ولستُ بخيركُم وعلي فِيكُم، واعلموا أن لي شيطاناً يعتريني و ما أراد بِهِ سِواي فإذا زلتُ فقومُونِي لا أقع في شعورِكُم وأبشارِكُم ، وأستغفر الله لي ولكم ، ونزل فأخذتُ بِيدِهِ وأعينُ النَّاسِ تَرمُقُهُ و غمزتُ يده غمزاً، ثُم أجلستُهُ وقدّمتُ النّاس إلى بيعتِهِ و صُحبتِهِ لارهِبهُ، وكُلّ من يُنكِرُ بيعتهُ ويَقُولُ: ما فعل علي بن أبي طالب؟ فأقُولُ: خلعها مِن عُنُقِهِ وجعلها طاعة المسلمِين قِلّة خلاف عليهم في اختيارِهِم ، فصار جليس بيتِهِ، فبايعوا وهُم ،كارِهُون ، فَلَمّا فشت بيعتُهُ علِمنا أن عليّاً يحمِلُ فاطمة والحسن والحسين إلى دور المهاجرين والأنصارِ يُذكِّرُهُم بيعته علينا في أربعة مواطن، ويستنفِرُهُم فيعِدُونهُ النُّصرة ليلاً و يقعُدُون عنه نهاراً، فأتيتُ داره مستيشِراً لإخراجه منها، فقالت الأمةُ فِضَّةُ وقد قُلتُ لها قُولِي لِعلي: يخرج إلى بيعة أبي بكر فقد اجتمع عليه المسلمون فقالت إنّ أمير المؤمنين عليه السلام مشغُولٌ ، فقُلتُ: خلّي عنكِ هذا وقولي له يخرُج وإلا دخلنا عليه وأخرجناه كرهاً، فخرجت فاطمة فوقفت من وراء الباب، فقالت: أيُّها الصالون المكذِّبُون ! ما ذا تَقُولُون ؟ و أي شيء تُرِيدُون ؟ . فقُلتُ: يا فاطِمةُ!. فقالت فاطمة: ما تشاءُ يا عمرُ؟!. فقُلتُ : ما بالُ ابنِ عمّكِ قد أوردكِ لِلجوابِ وجلس من وراء الحجاب؟ . فقالت لي: طغيانك يا شي أخرجني و ألزمك الحجّة، وكُلّ ضال غوي. فقُلتُ: دعي عنكِ الأباطيل و

ص: 302

أساطير النِّساءِ وقُولِي لِعلي يخرج. فقالت: لا حُبّ ولا كرامة أبحزبِ الشَّيطانِ تُخوِّفُني يا عمرُ؟! و كان حزب الشيطانِ ضعيفاً. فقُلتُ: إن لم يخرُج جِئتُ بِالحطب الجزل وأضرمتها ناراً على أهل هذا البيت وأُحرِقُ من فِيهِ، أو يُقاد علي إلى البيعة، وأخذتُ سوط تُنفذ فضربتُ وقُلتُ لخالد بن الوليد: أنت ورجالُنا هلموا في جمع الحطب، فقُلتُ: إِنِّي مُصْرِمُها. فقالت: يا عدو اللهِ وعدو رسُولِهِ و عدوّ أمير المؤمنين، فضربت فاطمة يديها من البابِ تمنعُنِي مِن فتحِهِ فرمتُهُ فتصعب علي فضربت كفيها بالسوط فالمها، فسمعتُ لها زفيراً و بُكاء، فكدتُ أن ألين و أنقلب عن الباب فذكرتُ أحقاد على ووُلُوعهُ فِي دِماء صناديد العرب، وكيد محمد وسحره، فركلتُ الباب وقد ألصقت أحشاءها بالبابِ تترُسُهُ، وسمعتُها وقد صرخت صرخةً حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها، وقالت: يا أبتاه يا رسول الله ! هكذا كان يُفعل بحبيبتك وابنتك، آهِ يَا فِضَّةُ ! إِليكِ فخُذِينِي فقد والله قُتِل ما في أحشائي من حمل، وسمِعتُها تمخضُ وهِي مُستندةٌ إلى الجدار، فدفعت الباب ودخلت فأقبلت إليّ بوجه أغشى - بصري، فصفقت صفقةً على خديها من ظاهر الخمارِ فانقطع قُرطها وتناثرت إلى الأرض، وخرج علي، فلما أحسستُ بِهِ أسرعت إلى خارج الدّارِ وقُلتُ لِخالِدٍ وقُنفذ ومن معهما: نجوتُ مِن أمر عظيم. وفي رواية أُخرى: قد جنيتُ جنايةً عظِيمةً لا آمن على نفسي. وهذا علي قد برز من البيت وما لي و لكُم جميعاً بِهِ طاقةٌ. فخرج عليّ وقد ضربت يديها إلى ناصيتها لتكشف عنها وتستغيث بِاللهِ العظيم ما نزل بها ، فأسبل عليّ عليها مُلاءتها وقال لها: يا بنت رسُولِ اللهِ! إِنَّ الله بعث أباكِ رحمةً لِلعالمين، وايمُ اللهِ لَئِن كشفت عن ناصِيَتِكِ سائِلةً إلى ربّكِ لِيُهلك هذا الخلق لأجابكِ حتى لا يُبقي على الأرضِ مِنهُم بشراً، لانكِ وأباكِ أعظمُ عِندَ اللَّهِ مِن نُوحٍ الَّذِي غرق مِن أَجلِهِ بالطوفان جميع من على وجه الأرضِ و تحت السّماءِ إلّا من كان في السفينة، وأهلك قوم هُودٍ بتكذيبهم له، وأهلك عاداً بريح صرصر، وأنتِ وأبوك أعظمُ قدراً مِن هُودٍ، و عذب ثمود و هِي اثنا عشر ألفاً بعقر الناقة و الفصيل، فكُوني يا سيّدة النِّساءِ رحمةً على هذا الخلقِ المنكوس ولا تكوني عذاباً، واشتدّ بها المخاض ودخلت البيت فأسقطت سقطاً سماه على: مُحسناً، وجمعتُ جمعاً كثيراً، لا مُكاثرة لعلي ولكن ليشدّ بهم قلبي و جِئتُ وهُو مُحاصر فاستخرجتُهُ مِن دارِهِ

ص: 303

مُكرهاً مغصوباً وشقتُهُ إلى البيعة سوقاً، وإنّي لأعلمُ عِلماً يقيناً لا شكّ فِيهِ لو اجتهدتُ أنا و جميع من على الأرض جميعاً على قهره ما قهرناه، ولكن لهناتٍ كانت في نفسِهِ أعلمُها ولا أقولُها، فلما انتهيتُ إلى سقيفة بني ساعدة قام أبوبكرو من بحضرته يستهزء ون بعلي، فقال علي: يا عمرًا أتُحِبُّ أن أُعجّل لك ما أخْرَتُهُ سواءً عنك ؟ فقُلتُ: لا، يا أمير المؤمنين! فسمعني والله خالِدُ بن الوليد، فأسرع إلى أبي بكرٍ، فقال له أبوبكر: ما لي و لِعُمر.. ثلاثاً، والنَّاسُ يسمعُون ، ولَمَّا دخل السقيفة صبا أبوبكر إليه، فقُلتُ له: قد بايعت يا أبا الحسن! فانصرف، فأشهدُ ما بايعه ولا مد يده إليه، وكرهتُ أن أُطالبه بالبيعة فيُعجل لي ما أخره عنِّي، وود أبوبكر أنه لم ير عليّاً في ذلك المكان جزعاً وخوفاً مِنهُ، ورجع عليَّ مِن السقيفة وسألنا عنه، فقالُوا: مضى إلى قبرِ محمد فجلس إليه، فقُمتُ أنا و أبوبكر إليه، وجئنا نسعى و أبوبكرِيقُولُ: ويلك يا عمر! ما الَّذِي صنعت بفاطمة ، هذا والله الخسران المبين، فقُلتُ: إنّ أعظم ما عليك أنه ما بايعنا ولا أثق أن تتثاقل المسلمون عنه . فقال : فما تصنعُ ؟. فقُلتُ : تُظهِرُ أنه قد بايعك عند قبر محمد، ، فأتيناه و قد جعل القبر قبلةً، مُسنداً كفّهُ على تُربتِهِ وحوله سلمان وأبوذر و المقداد و عمّار و حذيفةُ بنُ اليمان، فجلسنا بإزائِهِ وأوعزتُ إلى أبي بكر أن يضع يده على مثل ما وضع علي يده ويُقرّبها مِن يدِهِ، ففعل ذلك وأخذتُ بِيدِ أبي بكر لأمسحها على يدِهِ، وأقول قد بايع، فقبض علي يده فقُمتُ أنا وأبوبكر مُولّياً، وأنا أقُولُ: جزى الله عليّاً خيراً فإنّهُ لم يمنعك البيعة لما حضرت قبر رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ، فوثب مِن دُونِ الجماعةِ أبوذرٍ جُندب بن جنادة الغِفارِيُّ وهُو يصِيحُ و يقُولُ: والله يا عدو الله ما بايع علي عتيقاً، ولم يزل كُلّما لقينا قوماً وأقبلنا على قوم تُخبرهم ببيعتِه وأبوذريُكذِبُنا، والله ما بايعنا في خلافة أبي بكر ولا في خلافتِي ولا يُبايِعُ لمن بعدِي ولا بايع من أصحابه اثنا عشر رجلا لا لأبي بكر ولا لي، فمن فعل يا مُعاوِيةُ فِعلي واستشار أحقاده السالفة غيري ؟! . وأمّا أنت وأبوك أبو سفيان وأخُوك عُتبةُ فأعرِفُ ما كان مِنكُم في تكذِيبِ محمد صلى الله عليه واله و كيده، وإدارة الدوائر بمكة وطلبته في جبل حرى لقتله، وتألفِ الأحزاب و جمعِهِم عليه ، وركوب أبيك الجمل وقد قاد الأحزاب، وقول محمد: لعن الله الراكب والقائد و السائق، وكان أبوك الراكب وأخوك عُتبةُ القائِد و أنت السائق، و

ص: 304

لم أنس أُمّك هنداً وقد بذلت لوحشي. ما بذلت حتى تكمن لحمزة الذي دعوه أسد الرحمن في أرضه وطعنه بالحربة، ففلق فؤاده وشق عنه وأخذ كيده فحمله إلى أُمّك، فزعم مُحمدٌ بِسِحرِهِ أَنَّهُ لَمَّا أَدخلته فاها لتأكله صار جُلمُوداً فلفظتهُ مِن فيها، فسمّاها محمد وأصحابه: آكلة الأكباد، وقولها في شعرها لإعتداء محمد و مُقاتليه:

نحن بنات طارق *** نمشي على النمّارق

كالدُّر في الخانق **** والمسكِ في المفارق

إِن يُقبِلُوا نعانق *** أو يُدبِرُوا نُفارق فراق غير وامق

و نِسوتُها فِي القِيابِ الصُّفر المرئيّةِ مُبدِيَاتٍ وُجُوهَهُنَّ و معاصِمهُنَّ ورُءُوسَهُنَّ يحرصن على قِتالِ ، إنّكُم لم تُسلّمُوا طوعاً و إنما أسلمتُم كرهاً يوم فتح مكة فجعلكُم طلقاء، وجعل أخِي زيداً و عقيلا أخا علي بن أبي طالب والعبّاس عمّهم مثلهم، وكان من أبيك في نفسه، فقال: والله يا ابن أبي كبشة ! لأملأتها عليك خيلا و رجلا وأحولُ بينك وبين هذه الأعداء. فقال محمد: و يُؤذِنُ لِلنَّاسِ أَنْهُ علِم ما فِي نفسِهِ أو يكفي الله شرك يا أبا سفيان ! وهُويُرِي النّاس أن لا يعلوها أحد غيري، وعلي و من يليهِ مِن أهل بيتِهِ فبطل سِحرُه وخاب سعيه، وعلاها أبوبكر و علوتُها بعده وأرجو أن تكُونُوا معاشربنِي أُميّة عيدان أطنابها ، فمن ذلك قد وليتك وقلدتك إباحة ملكها وعرفتك فيها وخالفت قولهُ فِيكُم، وما أُبالِي مِن تأليف شِعرِه ونثرِهِ، أَنه قال: يُوحى إِليَّ مُنزَلُ مِن ربّي في قوله: و الشجرة الملعونة في القرآن فزعم أنها أنتم يا بني أُميّة، فبين عداوته حيثُ ملك كما لم يزل هاشم و بنوه أعداء بني عبدِ شمس، وأنا مع تذكيري إياك يا مُعاوِيةُ! و شرحي لك ما قد شرحته ناصِحٌ لك ومُشفِقٌ عليك مِن ضِيقِ عطنك وحرج صدرك، وقلّة حلمك، أن تُعجل فيما وصيتك بِهِ ومكنتك مِنهُ مِن شريعة محمد صلى الله عليه آله و أُمِّتِهِ أَن تُبدِي لهم مطالبته بطعن أو شماتةً بِموتٍ أو ردّاً عليه فيما أتى بِهِ، أو استصغاراً لما أتى بِهِ فتكون من الهالكين، فتخفض ما رفعت و تهدم ما بنيت، واحذر كل الحذر حيث دخلت على محمّد مسجده و منبره و صدّق مُحمّداً فِي كُلّ ما أتى بِهِ وأورده ظاهراً، وأظهر التحرز والواقعة في رعيّتك، وأوسعهم حِلماً، وأعِمِّهُم بِروائح العطايا، وعليك بإقامة الحدود فيهم وتضعيف

ص: 305

الجناية منهم لسبب محمّد مِن مالِك ورزقك ولا تُرِهم أنك تدعُ الله حقاً ولا تنقُضُ فرضاً ولا تُغيّر لمحمّد سُنّةً فتُفسد علنا الأمة، بل خُذهُم مِن مأمنهم، واقتلهُم بِأَيْدِيهِم، وأبدهُم بِسُيُوفِهِم و تطاولهم ولا تُناجِزهُم ، ولن لهم ولا تبخس عليهم، وافسح لهم في مجلسك ، وشرفهم في مقعدك، وتوصل إلى قتلهم بِرئيسهم و أظهر البشر و البشاشة بل اكظم غيظك واعفُ عنهم يُحِبُّوك ويُطِيعُوك، فما آمن علينا وعليك ثورة علي وشبليه الحسن والحسين، فإن أمكنك في عِدّةٍ مِن الأمة فبادر ولا تقنع بِصِغارِ الأمور، واقصد بعظِيمِها و احفظ وصيّتي إليك وعهدي و أخفِهِ ولا تُبدِهِ، وامتثل أمري و نهي وانهض بطاعتي، وإياك والخلاف عليّ، واسلك طريق أسلافِكِ، واطلب بشارك ، و اقتص آثارهم، فقد أخرجتُ إليك بِسِري وجهري، وشفعتُ هذا بقولي:

مُعاوِي إِن القوم جت أمورهم *** بدعوة من عم البرية بالوتري

صبوتُ إلى دين لم فأرابني *** فأبعد بِدِين قد قصمتُ بِهِ ظهري

و إن أنس لا أنس الوليد و شيبة *** و عتبة والعاص السريع لدى بدر

و تحت شغاف القلب لدغ لفقدهم *** أبو حكم أعني الضئيل من الفقري

أولئِك فاطلب يا مُعاوِي ثارهم *** بنصلِ سُيُوفِ الهند والاسل الشمري

وصل برجال الشّامِ في معشرهم *** هم الاسد والباقون في أكم الوعري

توسل إلى التخليط في الملة التي *** أتانا بِهِ الماضي المسموه بالسحري

و طالب بأحقاد مضت لك مظهراً *** لِعِلّةِ دِين عمّ كُل بني النض

فلست تنالُ النّار إلّابِدينِهِم *** فتقتُلُ بِسيف القوم جيد بني عمري

لهذا لقد ولّيتُك الشام راجياً *** وأنت جدير أن تول إلى صخري

قال: فَلَمّا قرأ عبدُ اللهِ بنُ عُمر هذا العهد، قام إلى يزيد فقبل رأسه، وقال: الحمد لله يا أمير المؤمنين ! على قتلك الشّارِيّ ابن الشّارِي، والله ما أخرج أبي إلي بما أخرج إلى أبيك، والله لا رآني أحدٌ مِن رهط محمّد بِحيثُ يُحِبُّ ويرضى، فأحسن جائزته و بره، وردّه مكرّماً.

فخرج عبد الله بن عُمر مِن عِندِهِ ضاحِكاً، فقال له النّاسُ: ما قال لك؟. قال: قولا صادِقاً لودِدتُ

ص: 306

أنّي كُنتُ مُشارِكَهُ فِيهِ، وسار راجعاً إلى المدينة، وكان جوابه لمن يلقاه هذا الجواب. و يُروى أنه أخرج يزيدُ لعنه الله إلى عبدِ اللهِ بنِ عُمر كِتاباً فِيهِ عهدُ عُثمان بن عفان فِيهِ أغلظ من هذا وأدهى وأعظمُ مِن العهدِ الَّذِي كتبه عمرُ لمعاوية، فلما قرأ عبد الله العهد الآخر قام فقبل رأس يزيد لعنهما الله ، وقال: الحمد لله على قتلِك الشّارِيّ ابن الشّارِي، واعلم أن والدي عُمر أخرج إلي من سره يمثل هذا الَّذِي أخرجه إلى أبيك مُعاوية، ولا أرى أحداً من رهط محمد و أهلهِ وشِيعَتِهِ بعد يومي هذا إلّا غير منطو لهم على خير أبداً. فقال يزيدُ: أفيه شرحُ الخفا يا ابن عُمر ؟ .

والحمد لله وحده وصلى الله على محمد و آلِهِ، قال ابن عباس: أظهروا الإيمان وأسروا الكفر، فلَمّا وجدوا عليه أعواناً أظهرُوهُ.(1)

2- روی ابن طاووس و المجلسييان عن البلاذُرِيُّ أنه قال: لَا قُتِل الحسين عليه السلام كتب عبد اللهِ بنُ عُمر إِلى يزيد بن مُعاوِيَة أمّا بعد فقد عظمتِ الرّزِيَّةُ وجلّتِ المصيبة وحدث في الإسلام حدث عظيم ولا يوم كيوم الحسين فكتب إليهِ يَزِيدُ أمّا بعدُ يا أحمقُ فَإِنَّنَا جِئنا إلى بُيُوتٍ مُنجدةٍ وفُرُ مُمهدة ووسائِد مُنضّدةٍ فقاتلنا عنها فإن يكُنِ الحق لنا فعن حقنا قاتلنا وإن كان الحق لغيرنا فأبوك أوّلُ من سنّ هذا وابتزو استأثر بالحقِّ على أهلِهِ.(2)

رأى رسول الله صلى الله عليه وآله بعد وفاته

1- عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما استخلف أبوبكر أقبل عمر على علي عليه السلام فقال أما علمت أن أبا بكرقدِ استخلف قال علي عليه السلام فمن جعله كذلك قال المسلمون رضُوا بِذلك فقال علي عليه السلام والله لأسرع ما خالفوا رسُول الله صلى الله عليه وآله و نقضُوا عهده ولقد سموه بغير اسمه والله ما استخلفهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فقال عمرُ كذبت فعل الله بك وفعل فقال علي عليه السلام إن شئت أن أُريك بُرهاناً على ذلك فعلتُ فقال له عمر ما تزالُ تكذب على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله في حياتِهِ و بعد موته فقال علي عليه السلام انطلق بنا لِنعلم أيُّنا الكذاب على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله في

ص: 307


1- بحار الأنوار 30 : 287 ح 151.
2- طرف من الأنباء والمناقب : 500 ، الطرائف 1 : 247 ، روضة المتقين 2 :241 وبحار الأنوار 45 : 328.

حياته وبعد موته فانطلق معه حتى أتى إلى القبر فإذا كفّ فيها مكتُوبٌ أكفرت يا عمرُ بِالَّذِي خلقك مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ ثُمَّ سوّاك رجُلا فقال له علي عليه السلام أرضيت والله لقد جحدت الله في حياته وبعد وفاته.(1)

سخطت عليه سيدةُ النّساء عليها السلام

1- عن أبي جعفر و أبي عبدِ الله عليه السلام قالا : إِنّ فاطِمة عليها السلام لما كان من أمرهم ما كان أخذت بتلابيب عُمر فجذبته إليها ثُمّ قالت أما والله يا ابن الخطابِ لولا أنّي أكره أن يُصِيب البلاء من لا ذنب له لعلمت سأقسِمُ على اللهِ ثُمَّ أَجِدُهُ سرِيع الإجابةِ .(2)

2 - قالت فاطمة عليها السلام لهما: أنشدكما الله هل سمعتما النبي يقولُ : رضا فاطمة من رضاي وسخطها من سخطي ؟ من أرضاها فقد أرضاني ، ومن أسخطها فقد أسخطني ؟ قالا : نعم . قالت: أشهد الله وملائكته أنكما قد أسخطتُماني. فبكى أبوبكر وهي تقول: والله لأدعون عليك في كل صلاة.(3)

إنّه مرعوب لمعاجز أمير المؤمنين عليه السلام

1- عنِ الصّادِقِ عليه السلام أنّ أمير المؤمنين عليه السلام بلغه عن عُمر بن الخطاب شيء فأرسل إليهِ سلمان وقال قُل له قد بلغني عنك كيت وكيت وكرهتُ أن أعتب عليك في وجهك فينبغي أن لا تذكر في إلّا الحق فقد أغضيتُ على القذى حتى يبلغ الكِتابُ أجله فنهض سلمانُ وبلّغه ذلك وعاتبه و ذكر مناقب أمير المؤمنين عليه السلام و ذكر فضائله و براهينه فقال عمرُ عِندِي الكثير من فضائل علي عليه السلام و لستُ بمنكر فضله إلا أنه يتنفّسُ الصُّعداء ويُظهِرُ البغضاء فقال سلمان حدّثني بشيء مِما رأيتهُ مِنهُ فقال عمر نعم يا أبا عبد الله خلوتُ بِهِ ذات يوم في شيء مِن أمرِ الخُمُسِ فقطع حديثي وقام مِن عِندِي وقال مكانك حتى أعود إليك فقد عرضت لي حاجة فما كان

ص: 308


1- بصائر الدرجات 1 : 275 ح 6 ، بحار الأنوار 220:28 ح 11 ، مدينة معاجز الأئمة 2 :280 ح 548 و البرهان في تفسير القرآن 3 : 633 ح 6671.
2- الكافي 1 : 460 ح5 و بحار الأنوار 250:28 ح30.
3- الصراط المستقيم 2 : 293 و مرآة العقول 322:5.

بأسرع من أن رجع عليّ ثانيةً و على ثيابِهِ و عِمَامَتِهِ غُبارٌ كَثِيرٌ فقُلتُ لهُ ما شأنك فقال أقبل نفر من الملائكة وفيهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله يُرِيدون مدينةً بِالمشرِقِ يُقالُ لها صيحون فخرجتُ لأسلّم عليه و هذِهِ الغبرة ركبتني مِن سُرعة المشي قال عمر فضحِكتُ مُتعجباً حتى استلقيتُ على قفاي وقُلتُ لهُ النّبيُّ صلى الله عليه واله قد مات وبلي وتزعُمُ أنك لقيته الساعة و سلمت عليه فهذا مِن العجائِبِ مِمّا لا يكُونُ فغضب علي عليه السلام ونظر إلي وقال أتُكذِّبُنِي يا ابن الخطابِ فقُلتُ لا تغضب و عُد إلى ما كُنَّا فِيهِ فإنّ هذا مما لا يكُونُ أبداً قال فإن أنت رأيته حتى لا تُنكر منه شيئاً استغفرت الله مِمّا قُلت وأضمرت وأحدثت توبةً مِمّا أنت عليه وتركت لي حقاً فقُلتُ نعم فقال قُم فقُمتُ معه فخرجنا إلى طرف المدينةِ وقال غمض عينيك فغمّضتهما فمسحهما بِيدِهِ ثلاث مرّاتٍ ثُمَّ قال لي افتحهما ففتحتُهما فنظرتُ فإذا أنا بِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و معهُ رجُلٌ مِن الملائِكَةِ لم أُنكِر مِنه شيئاً فبقيتُ واللهِ مُتحيّراً أَنظُرُ إِليهِ فَلَمّا أطلتُ النظر قال لي هل رأيته فقُلتُ نعم قال غمّض عينيك فغمضتهما ثُم قال افتحهما ففتحتهما فإذا لا عين ولا أثر فقلت له هل رأيت من علي عليه السلام غير ذلك قال نعم لا أكثم عنك خُصُوصاً أنه استقبلني يوماً و أخذ بيدي و مضى بي إلى الجبانة وكُنّا نتحدّثُ فِي الطَّرِيقِ و كان بِيدِهِ قوش فلَمّا صِرنا في الجبانة رمى بقوسِهِ مِن يَدِهِ فصار ثُعباناً عظيماً مِثل تُعبانِ مُوسى عليه السلام فتح فاه وأقبل نحوي ليبتلعني فلما رأيتُ ذلك طار قلبي من الخوف وتنحيتُ وضحكتُ في وجه علي عليه السلام وقُلتُ لهُ الأمان يا علي بن أبي طالب اذكر ما كان بيني وبينك من الجميل فلما سمع هذا القول استفرغ ضاحكاً و قال لطفت في الكلام فإنا أهل بيت نشكُرُ القليل فضرب بِيدِهِ إِلَى الشُّعبانِ و أخذهُ بِيدِهِ وإِذا هُو قوسُهُ الَّذِي كان بِيدِهِ ثُمَّ قال عمر يا سلمانُ إِنِّي كتمتُ ذلك عن كُلّ أحدٍ و أخبرتك بِهِ يا أبا عبد الله فإنهم أهل بيت يتوارثون هذِهِ الأعجوبة كابراً عن كابرو لقد كان إبراهيم يأتي يمثل ذلك وكان أبو طالِبٍ وعبد الله يأتيان بمثل ذلك في الجاهلية وأنا لا أُنكِرُ فضل على عليه السلام و سابقته و نجدته وكثرة عِلمِهِ فارجع إليه واعتذر عنّي إليه وأثن عنِّي عليه بالجميل.(1)

2- قال سلمان رضي الله عنه: كان بين رجل من شيعة علي عليه السلام و بين رجل آخر من شيعة غيره إختلاف ، فاختصما إلى ذلك الغير، فمال مع شيعته على شيعة علي، فشكا إلى أمير

ص: 309


1- نوادر المعجزات : 140 ، الفضائل لشاذان 62 ، بحار الأنوار 42:42 ومدينة معاجز الائمة 1 : 464 ح 306.

المؤمنين علیه السلام صاحبه، فذهب علیه السلام وقال: ألم أنهك أن يكون بينك وبين شيعتي عمل. قال سلمان: قال لي ذلك الغير: يا سلمان ، فلما سمعتُ ذلك منه خفتُ من هيبته وشجاعته، وفي يده قوش عربية فما شبهته إلا بموسى بن عمران علیه السلام و قوسه بعصاه، و فتح فاه ليبتلعني حتى قلت له: يا علي بحقِّ أخيك رسول الله صلى الله عليه وآله إلّا عفوت عني، فرده.(1)

3 - قال الصّادِقُ عليه السلام : إن أمير المؤمنين صلوات الله عليه بلغه عن بعض شيء، فأرسل إليه سلمان الفارسيّ فقال: إِنَّهُ بلغني عنك كيت وكيت وكرهتُ أن أفضحك، وجعلتُ كفّارة ذلك فك رقبتك مِن المالِ الَّذِي جُل إِليكَ مِن خُراسان الّذِي خُنت فِيهِ الله والمؤمنين. قال سلمانُ: فَلَمّا قُلتُ ذلك له تغيّر وجهه وارتعدت فرائصُهُ وأُسقط في يديه، ثم قال بلسان كليل: يا أبا عبدِ الله ! أما الكلام فلعمري قد جرى بيني و بين أهلي وولدي و ما كانُوا بِالَّذِي يُفشُون علي، فين أين علم ابن أبي طالب؟ و أما المالُ الَّذِي ورد علي فوالله ما علم بِهِ إِلَّا الرَّسُولُ الَّذِي أتى بِهِ، و إنّا هُو هدِيَّةٌ، فمن أين علم ؟ يا أبا عبد الله: والله ثم والله .. ثلاثاً إن ابن أبي طالب ساحِرٌ عليم قال سلمان: قُلتُ: بِئس ما قلت يا عبد الله ؟ . فقال : ويحك ! اقبل مِنّي ما أَقُولُهُ فوالله ما علم أحدٌ بهذا الكلام ولا أحدٌ عرف خبر هذا المال غيري ، فمن أين علم؟ وما علم هُو إِلَّا مِن السحر، وقد ظهر لي مِن سِحرِه غير هذا ؟ . قال سلمان: فتجاهلتُ عليه، فقُلتُ: بِاللهِ ظهر لك مِنهُ غيرُ هذا؟ . قال : إي والله يا أبا عبدِ اللهِ ؟ . قُلتُ: فأخبرني ببعضه. قال: إذا و الله أصدقك و لا أُحرِّفُ قليلا و لا كثيراً ما رأيتُهُ مِنْهُ، لأنّي أُحِبُّ أن أطلعك على سحرِصاحبك حتى تجتنبه و تُفارقه، فوالله ما في شرقها وغربها أحدٌ أسحر مِنهُ ، ثُمّ احمرت عيناه وقام وقعد، وقال: يا أبا عبدِ اللهِ ! إِنِّي لمشفق عليك و يُحِبُّ لك، على أنك قد اعتزلتنا و لزمت ابن أبي طالب، فلوملت إلينا وكُنت في جماعتِنا لآثرناك وشاركناك في هذه الأموال، فاحذر ابن أبي طالب ولا يغرنك ما ترى من سحره ! فقلت: فأخبرني ببعضه. قال: نعم، خلوت ذات يوم أنا وابن أبي طالب عليه السلام في شيء مِن أمرِ الخُمُسِ، فقطع حديثي وقال لي مكانك حتى أعود إليك، فقد عرضت لي حاجة، فخرج، فما كان بأسرع أن انصرف و على عِمامتِهِ وثِيَابِهِ غُبارٌ كَثِيرَةٌ ، فقُلتُ: ما شأنك يا

ص: 310


1- مدينة معاجز الائمة 1 : 478 ح 13.

أمير المؤمنين ؟ . قال: أقبلتُ على عساكر من الملائكة وفيهم رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله و سلّم يُرِيدُون بِالمشرِقِ مدينةً يُقال لها: صحُورُ، فخرجتُ لأسلم عليه، فهذه الغبرة من ذلك، فضحِكتُ تعجباً مِن قولِهِ، و قُلتُ: يا أبا الحسن رجُلٌ قد بلي في قبره و أنت تزعُمُ أَنَّكَ لَقِيتَهُ الساعة وسلمت عليه، هذا ما لا يكُونُ أبداً. فغضب من قولي، ثُمَّ نظر إلي فقال: أتُكذِّبُنِي؟!. قُلتُ: لا تغضب فإنّ هذا مالا يكُونُ . قال : فإن عرضتُه عليك حتى لا تُنكر مِنه شيئاً تُحدِثُ لِله توبةً مِمّا أنت عليهِ ؟ . قُلتُ: لعمر الله . فاعرضه عليّ، فقال: قُم ، فخرجتُ معه إلى طرف المدينة، فقال لي: يا شالتُ غمّض عينيك، فغمّضتُها فمسحهما ثُم قال: يا غافِلُ افتحهما، ففتحتهما فإذا أنا والله يا أبا عبدِ اللهِ بِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله مع الملائِكَةِ لم أُنكِرمِنه شيئاً، فبقِيتُ واللَّهِ مُتعجِباً أَنظُرُ فِي وجهِهِ، فَلَمّا أطلتُ النّظر إليه فعضّ الأنامِل بِالأَسنانِ وقال لي: يا فلانُ بنُ فُلانٍ! ﴿أ كفرت بِالَّذِي خلقك مِن تُرابٍ ثُمَّ مِن نُطْفَةٍ ثُمَّ سوّاك رجُلا﴾(1) ، قال : فسقطت مغشياً على الأرض، فلمّا أفقتُ قال لي: هل رأيته وسمعت كلامه ؟ . قُلتُ: نعم. قال: انظر إلى النّبي صلى الله عليه وآله ، فنظرتُ فإذا لا عين ولا أثر ولا خبر مِن الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله ولا من تلك الخيول. فقال لي: يا مِسكِينُ فأحدث توبةً من ساعتِك هذهِ. فاستقر عِندِي فِي ذلِك اليوم أنه أسحر أهل الأرض، وبالله لقد خِفتُهُ فِي ذلِك اليوم وهالني أمرُه ، و لولا أني وقفتُ يا سلمان على أنك تُفارِقُهُ ما أخبرتك ، ك، فاكتم هذا وكُن معنا لتكون مِنا و إلينا حتى أُوليك المدائن و فارس، فصر إليهما و لا تُخبر ابن أبي طالب عليه السلام بشيء مما جرى بيننا، فإنّي لا آمنه أن يفعل لي من كيده شيئاً. قال: فضحِكتُ وقُلتُ: إِنّك لتخافُهُ ؟ . قال : إي والله خوفاً لا أخاف شيئاً مثله . قال سلمان: فنشطتُ مُتجاهلا بما حدثني وقلتُ: يا عبد الله ! أخبرني عن غيره فو الله إنك أخبرتني عن أُعجوبةٍ ؟ قال: إذا أُخبِرك بأعجب من هذا ما عاينته أنا بعيني. قُلتُ: فأخبرني. قال: نعم، إِنَّهُ أتاني يوماً مُغضباً و فِي يَدِهِ قوسُهُ فقال لي: يا فُلانُ ! عليك بِشِيعَتِك الطغاة ولا تتعرّض لشيعي، فإنّي خليقٌ أن أنكل بك. فغضبتُ أنا أيضاً ولم أكن وقفتُ على سحره قبل ذلك، فقُلتُ: يا ابن أبي طالب ! مه ، ما هذا الغضب والسلطنة ؟. أتعرفني حق المعرفة؟. قال: نعم، فو

ص: 311


1- الكهف : 37.

الله لأعرفنّ قدرك ، ثُمَّ رمى بِقوسِهِ الأرض، وقال: خُذِيهِ، فصارت ثُعباناً عَظِيماً مِثل تُعبانِ مُوسى بنِ عِمران ففغر فاه فأقبل نحوي ليبلعني، فلما رأيتُ ذلِك طار روحِي فرقاً وخوفاً و صحت و قُلتُ: الله ! الله ! الأمان الأمان يا أمير المؤمنين ، اذكر ما كان في خلافة الأولِ مِنِّي حِين وثب إليك، و بعد فاذكر ما كان مِنّي إلى خالِدِ بنِ الوليدِ الفاسِقِ بنِ الفاسِقِ حِين أمره الخليفة بقتلك، وبالله ما شاورني في ذلك فكان مِنّي ما كان حتى شكاني ووقع بيننا العداوة، واذكريا أمير المؤمنين ما كان مِنِّي فِي مقامِي حِين قُلتُ: إِنّ بيعة أبي بكر كانت فلتةً فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه، فارتاب النّاسُ وصاحوا وقالوا: طعن على صاحِبِهِ، قد عرفت هذا كُلّهُ ، وبِاللهِ إِنَّ شِيعتك يُؤذونني و يُشنّعُون عليّ، ولولا مكانك يا أمير المؤمنين لكُنتُ نكلتُ بهم، وأنت تعلم أني لم أتعرّض لهم من أجلك وكرامتك، فاكفف عنِّي هذا الشُّعبان فإنّهُ يبلغني. فلما سمع هذا المقال مِنِّي قال : أيُّها المسكين لطفت في الكلام، وإنا أهل بيت نشكُرُ القليل، ثُمّ ضرب بِيدِهِ إِلى الشُّعبانِ وقال: ما تقُولُ ؟ . قُلتُ: الأمان الأمان ! قد علمت أني لم أقل إلّا حقاً، فإذا قوسه في يده وليس هناك تعبان ولا شيء، فلم أزل أحذرُهُ وأخافُهُ إِلى يومي هذا. قال سلمان: فضحِكتُ وقُلتُ: والله ما سمِعتُ مِثل هذِهِ الأعجوباتِ . قال: يا أبا عبدِ اللهِ ! هذا ما رأيتُهُ أنا بعيني هاتين، ولولا أنّي قد رفعت الحشمة فيما بيني وبينك ما كُنتُ بِالَّذِي أُخبرك بهذا. قال سلمان: فتجاهلت عليه، فقُلتُ: هل رأيت مِنهُ سِحراً غير ما أخبرتني بِهِ؟. قال: نعم، لو حدثتك لبقيت منه متحيراً، ولا تقل يا أبا عبدِ اللهِ إِنّ هذا السحر هو الذي أظهره لا والله ولكن هُو وِراثة يرثونها. قُلتُ: كيف؟. قال: أخبرني أبي أنه رأى مِن أبِيهِ أبي طالب و مِن عبد الله سحراً لم يُسمع مثله، وذكر أبي أن أباه نُفيلا أخبره أنه رأى من عبد المطلب سحراً لم يُسمع بمثلِهِ. قال سلمان: فقُلتُ: حدّثني بما أخبرك به أبوك ؟ . قال: نعم، أخبرني أبي أنه خرج مع أبي طالب عليه السلام في سفر يُرِيدُون الشام مع تُجارِ قُريش تخرجُ مِن السّنةِ إِلى السنة مرّةً واحِدةً فيجمعُون أموالا كثيرة، ولم يكن في العربِ أعجرُ مِن قُريش، فلمّا كانُوا ببعض الطرق إذا قوم من الأعراب قطاع شاكون في السلاح لا يُرى منهم إلا الحدق، فلمّا ظهرُوا لنا هالنا أمرُهُم وفزعنا ووقع الصّياحُ في القافِلة، واشتغل كُلُّ إنسانٍ بِنفسِهِ يُرِيدُ أن ينجو بنفسه فقط، ودهمنا أمر جليل، واجتمعنا و عزمنا

ص: 312

على الهرب، فمررنا بأبي طالب و هو جالس، فقُلنا: يا أبا طالب ما لك ؟ ألا ترى ما قد دهمنا فانج بنفسك معنا؟ فقال: إلى أين نهرُبُ في هذِهِ البراري؟ قلنا: فما الحِيلةُ؟. قال: الحيلة أن ندخل هذِهِ الجزيرة فنُقِيم فيها ونجمع أمتعتنا و دواتنا وأموالنا فيها. قال: فبقينا متعجبين، وقُلنا: لعلّهُ جُنّ و فزع يما نزل بِهِ، فقُلنا: ويحك ! ولنا هنا جزيرة ؟ ! قال: نعم. قلنا: أين هي؟. قال: انظروا أمامكُم. قال: فنظرنا إذا والله جزيرة عظيمة لم ير النّاسُ أعظم منها ولا أحصن منها، فارتحلنا وحملنا أمتعتنا، فلما قربنا منها إذا بيننا وبينها وادٍ عظيم من ماءٍ لا يُمكنُ أحداً أن يسلكه، فقال: ويحكم ! ألا ترون هذا الطريق اليابس الّذِي في وسطِهِ قُلنا : لا . قال: فانظُرُوا أمامكم و عن يمينكم، فنظرنا فإذا والله طريقٌ يابس سهل المسلكِ ففرحنا، وقُلنا: لقد من الله علينا بأبي طالب، فسلك وسلكنا خلفه حتى دخلنا الجزيرة فحططنا، فقام أبو طالب فخط خطاً على جميع القافِلة، ثُمّ قال: يا قومُ أبشِرُوا فإنّ القوم لن يصِلُوا إليكم و لا أحدٌ مِنهُم بِسُوءٍ . قال : و أقبلت الأعراب يتراكضُون خلفنا، فلما انتهوا إلى الوادِي إذا بحر عظيم قد حال بينهم وبيننا فبقوا متعجبين، فنظر بعضُهم إلى بعض، وقالوا: يا قوم هل رأيتُم قط هاهنا جزيرة أو بحراً؟. قالُوا: لا . فَلَمّا كثر تعجبهم قال شيخُ مِنهم قد مرت عليهِ التجارِبُ: يا قومُ ! أنا أطلِعُكُم على بيان هذا الأمر الساعة. قالُوا: هاتِ يا شيخُ فإنّك أقدمُنا وأكبرُنا سناً و أكثرنا تجاربا [ تجارب]. قال: نادوا القوم، فنادوهم، فقالُوا: ما تُرِيدُون ؟ . قال الشيخ: قولوا لهم: أ فِيكُم أحدٌ مِن وُلدِ عبدِ المطلبِ ؟ فنادوهُم ، فقالُوا: نعم، فينا أبو طالب بن عبد المطلبِ . قال الشيخ: يا قوم، قالُوا: لبيك. قال: لا يُمكننا أن نصل إليهم بسوء أصلا، فانصرِفُوا ولا تشتغلُوا بهم ، فوالله ما في أيدِيكُم منهم قليلٌ ولا كثير، فقالُوا: قد خرفت أيُّها الشيخ أ تنصرِفُ عنهم وتترك هذه الأموال الكثيرة والأمتعة النفيسة معهم ؟! ، لا والله ولكن تُحاصرهم أو يخرجون إلينا فنسلُبُهم. قال الشّيخُ: ﴿قد نصحتُ لكُم ولكن لا تُحِبُّون النّاصِحِين﴾(1)، فاتركوا نُصحكم وذروا. قالوا: اسکت یا جاهل ! فحطوا رواحِ لهم لِيُحاصِروهم فلما حظوا أبصر بعضُهُم بِالطَّرِيقِ اليابس، فصاح يا قوم! هاهنا طريق يابس ، فأبصر القومُ كُلُّهُمُ الطريق اليابس ، وفرحوا و قالوا:

ص: 313


1- الأعراف :79.

نستريح ساعةً و نعلف دوابنا ثم نرتحِلُ إِليهم فإنهم لا يُمكنهم أن يتخلّصوا، ففعلوا، فَلَمّا أرادوا الإرتحال تقدّمت طائِفةٌ مِنهُم إِلى الطَّرِيقِ اليابِسِ فَلَمّا توسطوا غرِقُوا وبقي الآخرون ينظُرُون إليهم فأمسكوا وندِمُوا فاجتمعوا إلى الشيخ، وقالوا: ويحك يا شيخُ ! ألا أخبرتنا أمر هذا الطريقِ فإِنَّهُ قد أُغرِق فِيهِ خلق كثير. قال الشّيخُ: قد أخبرتُكُم ونصحتُ لكُم فخالفتُموني وعصيتُم أمرِي حتى هلك مِنكُم من هلك. قالوا له: ومن أين علمت ذاك يا شيخ؟. قال: ويحكم! إِنَّا خرجنا مرّةً قبل هذا نُريد الغارة على تجارة قُريش، فوقعنا على القافلة فإذا فيها من الأموال و الأمتعة ما لا يُحصى كثرةً ، فقُلنا قد جاء الغِنى آخر الأبد، فلَمّا أحسوا بنا ولم يكُن بيننا وبينهم إلا قدرُ مِيل قام رجُلٌ مِن وُلدِ عبد المطلبِ يُقالُ لَهُ: عبد الله ، فقال : يا أهل القافلة ! ما ترون ؟. قالُوا: ما ترى، قد دهِمنا هذا الخيل الكثير، فسلُوهُم أن يأخُذُوا مِنَا أَموالنا ويُخلُّوا سِربنا فَإِنَّا إِن نجونا بأنفُسنا فقد فزنا. فقال عبد الله : قوموا وارتحلوا فلا بأس عليكم. فقلنا: ويحك ! وقد قرب القوم و إن ارتحلنا وضعُوا علينا السُّيوف. فقال : ويحكُم ! إن لنا رباً يمنعنا منهم، وهُوربُّ البيتِ الحرام والركن والمقام ، و ما استجرنا بِهِ قط إلّا أجارنا ، فقُومُوا و بادِرُوا. قال: فقام القوم و ارتحلوا، فجعلوا يسيرون سيراً رويداً، ونحنُ نتَّبِعُهُم بِالرّكض الحثيث والسير الشديد فلا نلحق هم، وكثر تعجبنا من ذلك، ونظر بعضُنا إلى بعض وقُلنا: يا قوم! هل رأيتُم أعجب من هذا؟! إنهم يسيرون سيراً رويداً و نحن نتراكضُ فلا يمكننا أن نلحقهم، فما زال ذلك دأبنا ودأبهم ثلاثة أيام ولياليها ، كُلّ يوم يخطون فيقُومُ عبد الله فيخُطُ خطاً حول القافِلة ويقُولُ لأصحابِهِ : لا تخرجُوا مِن الخط فإنّهم لا يصِلُّون إليكُم فننتهي إلى الخط فلا يمكننا أن نتجاوزه، فلمّا كان بعد ثلاثة أيامٍ كُل يوم يسيرون سيراً رويداً و نحن نتراكضُ أشرفنا على هلاكِ أنفُسِنا و عطبت دوابنا و بقينا لا حركة بنا ولا نهوض، فقلنا: يا قومُ ! هذا والله العطب والهلاك، فما ترون ؟ . قالُوا: الرأي الإنصرافُ عنهم ، فإِنهم قوم سحرة. فقال بعضُهم لبعض: إن كانُوا سحرةً فالرأي أن نغيب عن أبصارِهِم ونُوهمهم أنا قد انصرفنا عنهم، فإذا ارتحلوا كررنا عليهم كرة و هجمنا عليهم في مضيق . قالُوا: نعم الرأي هذا، فانصرفنا عنهم وأوهمناهم أنا قد يسنا، فلما كان من الغدِ ارتحلوا و مضوا فتركناهم حتى استبطنوا وادِياً فقمنا فأسرجنا وركبنا حتى لحقناهُم ،

ص: 314

فلَمّا أحسُّوا بنا فزِعُوا إلى عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ، وقالُوا: قد لحِقُونا. فقال: لا بأس عليكم، امضُوا رويداً. قال: فجعلوا يسيرون سيراً رويداً، ونحن نتراكضُ ونقتل أنفسنا و دواتنا حتى أشرفنا على الموتِ مع دواتِنا، فلمّا كان في آخِرِ النَّهارِ قال عبد الله لإصحابِهِ : حُطُوا رواحِلكُم، وقام فخط خطاً و قال : لا تخرجوا من الخط فإنّهم لن يصلوا إليكُم بِمكروه، فانتهينا إلى الخط فوالله ما أمكننا أن نتجاوزه، فقال بعضُنا لبعض: والله ما بقي إلّا الهلاك أو الإنصراف عنهم على أن لا نعود إليهم. قال: فانصرفنا عنهم فقد عطبت دوابنا و هلكت، وكانت سفرةً مشُومةً علينا، فَلَمّا سَمِعُوا ذلِك من الشيخ قالُوا: ألا أخبرتنا بهذا الحديث فكنا ننصرِفُ عنهم ولم يغرق منا من غرق ؟ قال الشيخ قد أخبرتكم ونصحتُ لكُم، وقُلتُ لكُمُ : انصرِفُوا عنهم فليس لكُمُ الوصول إليهم، و فيهم رجلٌ مِن وُلد عبد المطلب، وقلكم إنّي قد خرفت و ذهب عقلي، فلما سمع أبي هذا الكلام من الشيخ وهو يُحدِّثُ أصحابه على رأس الخطة نظر إلى أبي طالب فقال: ويحك ! أما تسمعُ ما يقُولُ الشّيخُ ؟ قال : بلى يا خطاب أنا والله في ذلك اليوم مع عبدِ اللهِ فِي القافِلة وأنا غُلامٌ صغير، وكان هذا الشّيخُ على قعود له، وكان شائكاً لا يُرى مِنهُ إِلَّا حدقتُهُ، وكانت لهُ جُمَّةٌ قد أرخاها عن يمينه وشماله. فقال الشيخ: صدق واللهِ كُنتُ يومئِذٍ على قعود علي ذُؤابتانِ قد أرسلتُهما عن يميني وشمالي . قال الخطاب فانصرِفُوا عنّا. فقال أبو طالب: ارتحلوا. فارتحلنا، فإذا لا جزيرة ولا بحرو لا ماء ، وإذا نحن على الجادّةِ والطَّرِيقِ الَّذِي لم نزل نسلُكُهُ فسِرنا و تخلصنا بِسِحرِ أبي طالب حتى وردنا الشّام فرحين مستبشرين، وحلف الخطاب أنه مربعد بذلك الموضع بعينه أكثر من عشرين مرة إلى الشّامِ فلم ير جزيرة ولا بحراً ولا ماء، وحلفت قريش على ذلك، فهل هذا يا سلمان ﴿إلا سحر مستمر﴾(1)؟ قال سلمان: قُلتُ: والله ما أدري ما أقُولُ لك إلّا أنّك تُورِدُ عليّ عجائب من أمر بني هاشم. قال: نعم، يا أبا عبدِ اللهِ ! هُم أَهلُ بيتٍ يتوارثون السحر كابراً عن كابر! قال سلمان: فقُلتُ وأنا أُرِيدُ أن أقطع الحديث: ما أرى أن هذا سحر. قال: سُبحان الله ! يا أبا عبد الله ! ترى كذب الخطاب وأصحابه، أتراك ما حدثتك بِهِ مِما عاينته أنا بعيني كذب كذباً] ؟ قال سلمان: فضحِكتُ، فقُلتُ: ويلك ! إنّك لم تكذب ولا كذب

ص: 315


1- القمر : 2.

الخطاب وأصحابه، وهذا كُلُّهُ صِدق وحقٌّ . فقال : والله لا تُفلح أبداً، وكيف تُفلِحُ وقد سحرك ابن أبي طالب؟ قُلتُ: فاترك هذا .. ما تقُولُ في الرقبة و المال الذي وافاك من خُراسان ؟ قال: ويحك ! يُمكنني أن أعصي هذا السّاحِر في شيء يأمرني بِهِ ؟ نعم أَفُكُها على رغم مِنّي وأوجه بالمال إليه.قال سلمان: فانصرفتُ مِن عِندِهِ، فَلَمّا بصُرِبِي أمير المؤمنين عليه السلام قال: يا سلمان ! طال حديثكما. قُلتُ: يا أمير المؤمنين حدّثني بالعجائب من أمر الخطاب وأبي طالب. قال: نعم يا سلمان قد علمتُ ذلك وسمعت جميع ما جرى بينكما، وما قال لك أيضاً إِنَّكَ لا تُفلِحُ . قال سلمانُ : والله الذي لا إله إلا هو ما حضر الكلام غيري و غيره، فأخبرني مولاي أمير المؤمنين عليه السلام بجميع ما جرى بيني وبينه. ثم قال: يا سلمان ! عُد إِلَيهِ فَخُذْ مِنْهُ المال وأحضر فقراء المهاجرين والأنصارِ في مسجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه آله و فرقه إليهم.(1)

4- عن سلمان: أنّ عليّاً عليه السلام بلغه عن عُمر ذِكرُ شِيعَتِهِ ، فاستقبله في بعض طرقات بساتين المدينة، وفي يد علي عليه السلام قوش عربية . فقال : يا عمر، بلغني عنك ذكرك لشيعتي. فقال: إربع على ظلعك. فقال عليه السلام : إنّك لها هنا، ثم رمى بِالقوسِ على الأَرضِ فإذا هِي تُعبان كالبعِيرِفاغِرُفاه وقد أقبل نحو عُمر ليبتلعه. فصاح عمرُ: الله الله يا أبا الحسن، لا عُدتُ بعدها في شيء، وجعل يتضرّع إليه، فضرب يدهُ إِلى التَّعبانِ، فعادت القوش كما كانت، فرعمر إلى بيتِهِ مرعوباً. قال سلمان: فلَمّا كان في اللّيلِ دعاني علي عليه السلام فقال : صِر إلى عُمر، فإِنَّهُ حمل إِليهِ مالٌ مِن ناحية المشرِقِ ولم يعلم بِهِ أحدٌ ، وقد عزم أن يحتبِسه، فقُل له: يقُولُ لك علي: أخرج إليك مالٌ مِن ناحية المشرقِ، ففرقه على من جُعِل لهم، ولا تحبسه فأفضحك. قال سلمان: فأديتُ إليه الرسالة. فقال: حيرني أمر صاحبك ، من أين علم به ؟ فقُلتُ: وهل يخفى عليهِ مِثلُ هذا ؟ فقال لسلمان: إقبل مِنِّي أَقُولُ لك، ما عليُّ إِلَّا ساحِرٌ، و إِنِّي لمشفق عليك منه ، والصواب أن تُفارقه وتصير في جملتِنا. قُلتُ: بِئس ما قلت، لكن علِيّاً ورِث مِن أسرارِ النُّبُوَّةِ ما قد رأيت مِنهُ وما هُو أكبرُ مِنهُ. قال: ارجع إليه فقُل له: السمع و

ص: 316


1- بحار الأنوار 30 : 246 ح 114.

الطاعة لأمرك . فرجعتُ إلى علي عليه السلام ، فقال عليه السلام : أُحدّثك بما جرى بينكما؟ فقُلتُ: أنت أعلمُ بِهِ مِنّي. فتكلّم بِكُلّ ما جرى بيننا ، ثُم قال : إِن رُعب التعبانِ فِي قلبه إلى أن يموت.(1)

5- عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَمْشِي فَالْتَفَتَ إِلَى وَرَائِهِ وَ عَدَا فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: وَيْحَكَ أَمَا تَرَى الْهِرَبْرَبْنَ الْهِزَبْرِ الْقُمَّمَ بْنَ الْقُيَّمِ الْفَلَّاقَ لِلْبُهم (2) الضَّارِبَ عَلَى هَامَةِ مَنْ طَغَى وَ ظَلَمَ ذَا السَّيْفَيْنِ وَرَايَ فَقُلْتُ هَذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ إِنَّكَ تُحَقِّرُهُ بَايَعْنَا رسول الله صلى الله عليه وآله يَوْمَ أُحُدٍ أَنَّ مَنْ فَرَّمِنَّا فَهُوَ ضَالٌ وَ مَنْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ وَ رَسُولُ اللَّهُ يَضْمَنُ لَهُ الْجَنَّةَ فَلَمَّا الْتَقَ الْجُمْعَانِ هَزَمُونَا وَ هَذَا كَانَ يُحَارِبُهُمْ وَحِيداً حَتَّى انْسَدَّ نَفَسُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَ جَبْرَئِيلَ ثُمَّ قَالَ عَاهَدْتُمُوهُ وَ خَالَفْتُمُوهُ وَ رَمَى بِقَبْضَةِ رَمْلٍ وَ قَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ فَوَاللَّهِ مَا كَانَ مِنَّا إِلَّا وَ أَصَابَتْ عَيْنَهُ رَمْلَةٌ فَرَجَعْنَا نَمْسَحُ وُجُوهَنَا قَائِلِينَ اللَّهَ اللَّهَ يَا أَبَا الْحَسَنِ أَقِلْنَا أَقَالَكَ اللهُ فَالْكَرُّ وَ الْفَرُّ عَادَةُ الْعَرَبِ فَاصْفَحْ وَ قَلَّ مَا أَرَاهُ وَحِيداً إِلَّا خِفْتُ مِنْهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ وَكَانَ أَمِيرُ المؤمنين عليه السلام يَتَوَزَعُ عَنْ ذَلِكَ وَ إِنَّهُ لَمْ يَتَّبِعْ مُنْهَزِما وَتَأَخَّرَ عَمَّنِ اسْتَغَاثَ وَ لَمْ يَكُنْ يُجَهِرُ عَلَى جَرِيحٍ (3)

ص: 317


1- الخرائج و الجرائح 1 : 232 ح 77 ، بحار الأنوار 29 :31 ح 15 ، اثبات الهداة 3 :489 ح 194 ومدينة معاجز الأئمة 3 : 209 ح834.
2- القثم؛ كصرد: المجموع للخير. المعطاء. والبهم جمع البهمة: الشجاع.
3- تفسير القمي 1: 114

إهانته علياً عليه السلام

1- عن أبي العباس المكي قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقُولُ إِن عُمر لقي أمير المؤمنين علیه السلام فقال أنت الذي تقرأُ هذه الآية ﴿بِأَتِكُمُ المفتون﴾(1) تعرُّضاً بي وبصاحِي قال أفلا أُخبرك بِآية نزلت في بني أُميّة ﴿فهل عسيتم إن تولّيتُم أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقطِعُوا أرحامكم﴾(2) فقال كذبت بنُو أُميّة أوصل للرّحِمِ مِنك ولكنك أبيت إلا عداوةً لبني تيم و عدِي وبني أُميّة.(3)

2- عنِ ابنِ مخرمة الكندي قال إِن عُمر بن الخطاب خرج ذات يوم فإذا هُو بِمجلس فِيهِ عليُّ بنُ أَبِي طالب علیه السلام و عثمان و عبد الرحمن وطلحة والزبير فقال عمر كُلُّكُم يُحدِّثُ نفسه بالإمارة بعدِي فقال الزُّبيرُ كُلُّنا يُحدّث نفسه بالإمارة بعدك ويراها له أهلا فما الَّذِي أنكرت فقال عمراً فلا أُحدّثكُم بِما عِندِي فِيكُم فسكتوا فقال عمر ألا أُحدِّثُكُم عنكُم فسكتوا فقال لهُ الزُّبير حدثنا و إن سكتنا فقال أما أنت يا زُبير فؤمن الرّضا كافِرُ الغضب تكُونُ يوماً شيطاناً ويوماً إنساناً أفرأيت اليوم الذي تكونُ فِيهِ شيطاناً من يكُونُ الخليفة يومئِذٍ و أما أنت يا طلحة فوالله لقد توفي رسولُ الله صلى الله علي وآله و إِنَّهُ عليك لعاتب وأما أنت يا عليُّ فإِنَّكَ صاحِبُ بِطالَةٍ ومِزاح وأما أنت يا عبد الرحمن فواللهِ إِنَّكَ لِما جاءك مِن خير أهل وإِن مِنكُم لرجلا لو قُسِم إِيمانه بين جُندِ مِن الأجنادِ لوسِعهُم وهُو عُثمانُ.(4)

3- عنِ ابنِ عباس أنه قال: دخلتُ يوماً على عُمر، فقال لي: يا ابن عباس ! لقد أجهد هذا الرّجُلُ نفسهُ فِي العِبادة حتَّى نَحلَتهُ رِياءً. قُلتُ : من هو؟ . قال عمرُ: الأجلحُ يعني عليّاً عليه السلام . قُلتُ: و ما يَقصِدُ بِالرِّياءِ يا أمير المؤمنين ؟ قال : يُرشّح نفسه بين النّاسِ لِلخلافة. قُلتُ: وما يصنعُ بالترشيح ؟! قد رشحه لها رسُولُ الله صلى الله عليه وآله فصُرفت عنه. قال: إنه كان شاباً حدثاً

ص: 318


1- القلم : 6.
2- محمد :22.
3- الكافي 8 : 239 ح 325 ، تأويل الآيات : 687 وبحار الأنوار 533:31.
4- الأمالي للمفيد : 62 ح 8.

فاستصغرت العرب سنّه ، وقد كمل الآن، ألم تعلم أنّ الله لم يبعث نبياً إلا بعد الأربعين ؟!. قُلتُ: يا أمير المؤمنين ! أما أهلُ الحِجى والنُّهى فإنّهم ما زالوا يعدُّونه كامِلا مُنذُ رفع الله منار الإسلام، و لكنّهم يعدونه محرُوماً محدوداً. فقال: أما إِنَّهُ سيليها بعد هِياطٍ و مِياطٍ ، ثُمَّ تَزِلُّ فِيها قدمُهُ، ولا يقضي فيها إربه ، ولتكوننّ شاهِداً ذلِك يا عبد الله ، ثم يتبيِّنُ الصُّبحُ لِذِي عينين، ويعلمُ العرب صحة رأي المهاجرين الأولين الذين صرفوكها عنه بادِئ بدء، فليتني أراكُم بعدِي يا عبد الله إنّ الحرص محرّمةٌ ، وإنّ الدّنيا كظِلّك كُلّما هممت به ازداد عنك بعداً. وروى أيضاً عن ابنِ عباس أنه قال: خرجتُ مع عُمر إلى الشام فانفرد يوماً يسير على بعيره فاتبعثه، فقال لي: يا ابن عبّاس! أشكو إليك ابن عمّك، سألته أن يخرج معي فلم يفعل، ولا أزالُ أراهُ واحِداً، فيما تظُنُّ موجدته ؟ قُلتُ: يا أمير المؤمنين ! إنّك لتعلم . قال: أظنّه لا يزالُ كثِيباً لفوت الخلافة.

قُلتُ : هُو ذاك ، إِنَّهُ يزعُمُ أنّ رسُول الله صلى الله عليه واله أراد الأمر له .فقال: يا ابن عباس ! و أراد رسُولُ الله صلى الله عليه وآله فكان ما ذا إذا لم يُرِدِ الله تعالى ذلِك ! إنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أمر [ أمراً] و أراد الله غيره ، نفذ مُرادُ اللهِ ولم ينفذ مُراد رسُولِ اللهِ ، أو كُلّما أراد رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله كان ؟! إِنَّهُ أراد إسلام عمّهِ ولم يُرِدِهُ اللهُ فلم يُسلم !.(1)

4- عن إبن عباس قال: قال عمر: لا أدري ما أصنع بأمة محمد صلى الله عليه وآله وذلك قبل أن يُطعن فقلتُ: ولم تهتم وأنت تجد من تستخلفه عليهم ، قال : أصاحِبكم يعني عليا قلتُ: نعم واللهِ هُو لها أهل في قرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله وصهره ، و سابقته، وبلائه ، فقال عمر: إن فيه بطالة {البطالة وفكاهة.(2)

أقول: سبحان الله من قول هذا الرجل الجاهل المغرور ينسب من شهد الله تعالى بعصمته و طهارته وعده نفس نبيّه ، تارة إلى الرياء، وتارة الى البطالة والفكاهة و قد أنزل الله فيه "إنما

ص: 319


1- بحار الأنوار 637:29ح 53.
2- الشافي في الإمامة 202:4 و بحار الأنوار 31 : 61.

يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً . وهو الذي أقرّ على نفسه بالجهل و الرياء كما يقول : أخرجتُ مِن مالى صدقة يتصدق بها عنِّي و أنا راكع أربعاً و عشرين مرّةً على أن ينزل في ما نزل في عليّ فما نزل.(1)

نعم ربّما قاس إمامه بنفسه الغليظة الشديدة فعبّر عن رأفته و رحمته بالفكاهة و كان يريده مثله من ذوي الخشونة لأن كل واحد يستحسن طبع نفسه، ولا يستحسن طبع من يباينه كما أشار إليه ابن أبي الحديد الشافعي في شرح نهج البلاغة في المجلد الثاني عشر، و إلى الله المشتكى.

إعترف بخطاياه عند موته بغير توبة منه

1- قال أبو الصلاح قدس الله روحهُ فِي تقريب المعارِفِ: لا طعن عمر جمع بني عبد المطلب و قال: يا بني عبد المطلبِ ! أراضُون أنتُم عنِّي ؟ فقال رجُلٌ مِن أصحابه ومن ذا الذي يسخط عليك ؟ .. فأعاد الكلام ثلاث مراتٍ، فأجابه رجُلٌ مِثلِ جوابِهِ، فانتهره عمر و قال: نحنُ أعلمُ بِما أشعرنا قُلُوبنا، إنَّا والله أشعرنا قُلُوبنا ما .. نسأل الله أن يكفينا شره، وإن بيعة أبي بكر كانت فلتةً نسأل الله أن يكفينا شرها. وقال لابنه عبدِ اللهِ وهُو مُسنِدُهُ إلى صدره: ويحك ! ضع رأسي بالأرض، فأخذته الغشية، قال: فوجدتُ من ذلك ، فقال : ويحك ! ضع رأسي بالأرض، فأخذته الغشية، قال: فوجدتُ من ذلك ، فقال : ويحك ! ضع رأسي بالأرضِ، فوضعتُ رأسهُ بِالأرْضِ فعفّر بِالتُّرابِ، ثُمَّ قال: ويلٌ لِعُمر! و ويلٌ لأمِّهِ ! إن لم يغفِرِ الله له . وقال أيضاً حين حضره الموتُ: أَتُوبُ إلى اللهِ مِن ثلاث: مِن اغتصابي هذا الأمر أنا وأبوبكرٍ مِن دُونِ النّاس، ومن استخلافي عليهم، و من تفضيلي المسلمين بعضهم على بعض. وقال أيضاً: أتوبُ إِلى اللهِ مِن ثلاث: مِن ردّي رقيق اليمن، و مِن رُجُوعِي عن جيش أُسامة بعد أن أمره رسُولُ اللهِ صلى اله عليه وآله علينا، ومِن تعاقدنا على أهل البيت إن قبض رسُولُ اللهِ أن لا نُولّي مِنهُم أحداً. و رووا عن عبد الله بن شداد بنِ الهادِ، قال: كُنتُ عِند عُمر و هو يموتُ فجعل يجزعُ ، فقُلتُ: يا أمير المؤمنين ! أبشر بروح الله و کرامتِهِ،

ص: 320


1- تأويل الآيات : 158.

فجعلتُ كُلّما رأيتُ جزعهُ قُلتُ هذا، فنظر إلي فقال: ويحك ! فكيف بالممالاة على أهل بيتِ محمّد صلّى اللهُ عليهِ [و آلِهِ] . و روي لما حضرت عُمر بن الخطاب الوفاة قال لبنيه و من حوله: لو أنّ لِي مِلء الأرض من صفراء أو بيضاء لأفتديتُ بِهِ مِن أهوالِ ما أرى .(1)

2 - عن يحيى بنِ عبدِ اللهِ بنِ الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: قال عمر حين حضره الموتُ: أتُوبُ إِلى اللهِ مِن ثلاث: اغتصابي هذا الأمر أنا و أبوبكر مِن دُونِ النَّاسِ، و استخلافي عليهم وتفضيلي المسلمين بعضهم على بعض.(2)

3- عن جابر بن عبد الله ، قال: شهدتُ عُمر عِند موته يقولُ: أَتُوبُ إِلى اللهِ مِن ثلاث: مِن ردّي رقيق اليمن، ومِن رُجُوعي عن جيش أُسامة بعد أن أمره رسولُ الله صلى الله عليمواله علينا، ومن تعاقدنا على أهل هذا البيتِ إن قبض اللهُ رسُولهُ لا نُونِي مِنهُم أحداً.(3)

4- عن عثمان بن عفان، قال: كُنتُ آخر النّاسِ عهداً بِعُمر بن الخطابِ، دخلتُ عليهِ ورأسُهُ فِي حجرِ ابنِهِ عبدِ اللهِ وهُو يُولولُ ، فقال له : ضع خدِي بِالأَرضِ، فأبي عبد الله ، فقال له: ضع خدِي بِالأرضِ لا أُمّ لك، فوضع خدّه على الأرض، فجعل يقولُ: ويلُ أُمِّي ! ويلُ أُمِّي! إِن لم تغفرلي .. فلم يزل يقولها حتى خرجت نفسه.(4)

5- عن ابنِ عُمر، قال: لَا تَقُل أبي أرسلني إلى علي عليه السلام فدعوتُه ، فأتاه، فقال: يا أبا الحسن! إِنِّي كُنتُ ممن شعب عليك، وأنا كُنتُ أولهم، وأنا صاحِبُك، فأُحِبُّ أن تجعلني فِي حِلّ. فقال: نعم، على أن تُدخل عليك رجُلين فتُشهِدهُما على ذلِك. قال: فحوّل وجهه إلى الحائط، فمكث طويلا ثُم قال: يا أبا الحسن! ما تَقُولُ ؟ قال : هو ما أقُولُ لك. قال: فحوّل وجهه .. فمكث طويلا ثم قام فخرج. قال: قُلتُ: يا أبتِ ! قد أنصفك، ما عليك لو أشهدت لهُ رجُلين ! قال: يا بني إِنما أَراد أَن لا يستغفر لي رجلانِ مِن بعدِي.(5)

ص: 321


1- تقريب المعارف : 267 وبحار الأنوار 30 : 121ح 1.
2- بحار الأنوار 30 : 124ح3.
3- بحار الأنوار 30 :124ح 4.
4- الأمالي للمفيد : 50 م 6 ح 10 و بحار الأنوار 30 : 126ح 6.
5- طرف من الأنباء والمناقب 282 وبحار الأنوار 30 :142ح10.

6- عن عبد الله بنِ عباس قال: قال عبد الله بن عمر: ولما دنت وفاة أبي كان يغمى عليه تارةً و يفيق أخرى، فلما أفاق قال: يا بني أدركني بعلي إبن أبي طالب قبل الموت، فقلتُ: وما تصنع بعلي بن أبي طالب، وقد جعلتها شورى ، و أشركت عنده غيره؟ قال: يا بني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إنّ في النار تابوتاً يُحشر فيه إثنا عشر رجلا من أصحابي، ثُم إلتفت إلى أبي بكر، وقال: إحذر أن تكون أولهم ، ثم إلتفت إلى معاذ بن جبل وقال: إياك يا معاذ أن تكون الثاني، ثم إلتفت إليّ ثُمّ قال: يا عُمر إيّاك أن تكون الثالث، وقد أُغمي عليه فأفاق ثم قال: عليّ بإبني، ورأيتُ التابوت و ليس فيه إلّا أبوبكر و معاذ بن جبل وأنا الثالث لا أشك فيه.

قال عبد الله: فمضيتُ إلى علي بن أبي طالب وقلتُ : يا ابن عم رسول الله إن أبي يدعوك لأمر قد أحزنه، فقام علي عليه السلام معه، فلما دخل عليه قال له: يا ابن عم رسول الله ألا تعفو عني و تُحلّلني عنك، و عن زوجتك فاطمة، وأُسلّم إليك الخلافة ؟ فقال له علي: نعم غير أنك تجمع المهاجرين والأنصار و أعط الحق الذي خرجت عليه من ملكه، وما كان بينك وبين صاحبك من معاهدتنا و أقرلنا بحقنا وأعفو عنك، وأحلّلك و أضمن لك عن إبنة عمي فاطمة . قال عبد الله : فلَمّا سمع ذلك أبي حول وجهه إلى الحائط، وقال: النّاريا أمير المؤمنين ولا العار، فقام علي صلوات الله عليه و خرج من عنده، فقال له إبنه: لقد أنصفك الرّجلُ يا أبتِ فقال له: يا بني إنّه أراد أن ينشر أبا بكر من قبره، ويضرم له ولأبيك النار وتُصبح قريش موالين لعلي بن أبي طالب والله لا كان ذلك أبداً.

قال: ثُمّ إنّ عليّاً قال لعبد الله بن عمر: ناشدتك بالله يا عبد الله بن عمر ما قال لك حين خرجتُ من عنده ؟ قال : أمّا إذا ناشدتني الله و ما قال لي بعدك فإنه قال: إن أصلع قريش يحملهم على المحجة البيضاء، وأقامهم على كتابِ ربّهم وسُنّة نبيهم . قال: يا ابن عُمر فا قلت له عند ذلك؟ قال: قلتُ له: فما يمنعك أن تستخلفه؟ قال: وما رد عليك ؟ قال: ردّ عليّ: أُكتمه. قال علي عليه السلام : فإنّ رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني به في حياته، ثم أخبرني في ليلة وفاته، فأنشدتك الله يا ابن عُمر إن أنا أخبرتُك به لتصدّقني قال : إذا سألت قال: إنّه قال لك حين قلت له: فما يمنعك أن تستخلفه؟ قال: يمنعني الصحيفة التي كتبناها بيننا والعهد في الكعبة

ص: 322

فسكت ابنُ عُمر، فقال له على: سألتُك بحقِّقِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله لما سكت عني. قال سليم: فلقد رأيتُ ابن عُمر في ذلك المجلس وقد خنقته العبرة وعيناه تسيلان دُمُوعاً.(1)

7- عن عبد الله بن عباس قال أنه لَمّا طعن عمرُ بنُ الخطاب كان يتألّم فقال له إبن عباس: و لا كل ذلك، فقال له: أما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الأرضِ ذهباً لأفتديتُ به من عذاب الله قبل أن أراه قال: وقد روي نحو هذا عنه في أحاديث كثيرة.(2)

8- روي أنّ عمر لما إحتضر قال : يا ليتني كنتُ كبشاً لقومي قسموني ما بدا لهم، ثم جاءهم أحبُّ قومهم إليهم فذبحوني فجعلوا نِصفي شواء و نصفي قديداً فأكلوني، فأكون عذرةً ولا أكون بشراً.(3)

9 - قال عمر لإبن عباس عند إحتضاره: لو أنّ لي ملء الأرض ذهباً و مثله معه لأفتديتُ به من هول المطلع(4)

10- عن عاصم، قال: حدثني أبانُ بنُ عُثمان ، قال : آخِرُ كَلِمَةٍ قالها عمر حتى قضى: ويلُ أُمِّي إِن لم يغفرلي ربّي! ويلُ أُمِّي إِن لم يغفر لي ربّي!.(5)

11- عن يحيى بن جعدة، قال: قال عمرُ حِين حضره الموتُ: لو أن لي الدنيا وما فيها لأفتديتُ بها مِن النَّارِ.(6)

12- روی صاحب مجمع النورين أنه لما ضرب أبو لؤلؤة عمر بن الخطاب وشق بطنه جاء محمّد بن أبي بكر إلى أمير المؤمنين وهو خارج المدينة وقال له البشارة و أخبره بالقضية

ص: 323


1- كتاب سليم 205: ومدينة معاجز الأئمة 2 : 95 ح420.
2- إثبات الهداة 3 : 366 ح 88.
3- إثبات الهداة 3 : 369 ح107.
4- إثبات الهداة 3 :370 ح 108.
5- بحار الأنوار 30 :143ح 14.
6- بحار الأنوار 143:30ح 15.

وقال يا سيدي إن لي عليك حقاً أسألك أن تُعيده إنّي أخافُ أن يجعلها شورى فقام علي ودخل بيته و أمر بإخراج من حضر عنده فقال له يا عُمر ما ترى قال رأيتُ تابوتاً فيه أبوبكر و معاذ بن جبل و أنا الثالث لا شك إلّا أن تعفو عني وتُحلّلني عنك وعن إبن عمك وعن زوجتك و أسلم إليك الخلافة قال نعم غير أنك تُقر بذلك عند المهاجرين والأنصار و أعطي الحق الذي خرجت عليه من ملكه فعفوتُك حق إبن عمّي وإبنة عمّي فاطمة وأنا لك ضامِنٌ بالجنّة وتكون معي في قصر واحدٍ فحوّل وجهه إلى الحائط وقال لا إلى ذلك سبيل وقال أقربه بيني وبينك حتّى أجعلك في حِلّ أعرض عنه وقال النار ولا العار ولا كان ذلك أبداً فقام أمير المؤمنين وقال إذهب إلى التابوت و خرج من عنده . الحديث(1)

تذنيب: عن مُغِيرة الضّبّي قال: مرناش بالحسن بن علي عليه السلام و هُم يُرِيدُون عِيادة الوليدِ بنِ عُقبة، و هُو فِي عِلَّةٍ شديدةٍ، فأتاه الحسن عليه السلام معهم عائداً، فقال للحسن عليه السلام : أَتُوبُ إِلى اللهِ مِمّا كان بيني و بين جميعِ النّاسِ، إلا ما كان بيني و بين أبيك يقُولُ: أي لا أتوبُ مِنهُ.(2)

ما السر بينه و بين اليهود ؟

1- عن أبي عبيد القاسم بن سلام رفعه إلى النّبي صلى الله عليه وآله قال: أتى عمر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: إنا نسمع أحاديث من يهود تُعجِبُنا، فترى أن نكتب بعضها؟. فقال: أمتهوّكون أنتُم كما تهوكت اليهود والنصارى ؟! لقد جئتُكم بها بيضاء نقيّةً ولو كان مُوسى حيّاً ما وسعهُ إِلَّا اتباعي.

2- وفي حديث آخر: إِنّ عُمر أتاه بصحيفةٍ أخذها من بعض أهل الكتاب فغضب فقال : أ متهوّكون فيها يا ابن الخطاب ؟!(3)

ص: 324


1- مجمع النورين : 236.
2- بحار الأنوار 323:34.
3- بحار الأنوار 30 : 178ح 39.

إعترف بفضل أمير المؤمنين عليه السلام

1- عن ابنِ عبّاس قال: إِنّي لأماشِي عُمر بن الخطابِ فِي سِكَةٍ مِن سِكِكِ المدينةِ إِذ قال لي يا ابن عبّاس ما أظنُّ صاحِبك إلّا مظلُوماً قُلتُ في نفسي والله لا يسبِقُني بها فقُلتُ يا عمرُ فاردُد ظلامته فانتزع يده من يدي ومضى وهُو يُهمهِمُ ساعةً ثُم وقف فلحقته فقال يا ابن عبّاس ما أظنُّهم منعهُم مِنهُ إلّا استصغروه فقُلتُ في نفسِي هذِهِ والله شرمِن الأولى فقُلتُ و الله ما استصغره الله حين أمره أن يأخُذ سورة براءة من صاحبك قال فأعرض عنِّي.(1)

2 - عِكرِمةً عنِ ابنِ عبّاس أن عُمر بن الخطاب قال له يا أبا الحسن إنَّك لتعجل في الحكم و الفصل للشيء إذا سُئِلت عنه قال فأبرز على كفّهُ وقال له كم هذا فقال عمر خمسة فقال عجلت أبا حفص قال لم يخف علي فقال علي وأنا أسرع فيما لا يخفى علي واستعجم عليه شيءٌ و نازع عبد الرحمن و كتب إليه أن يتجسّم بالحضُورِ فكتب إليهما العِلمُ يُؤتى ولا يأتي فقال عمرُهُناك شيخٌ مِن بني هاشِمٍ وأثارةٌ مِن عِلمٍ يُؤتى إليه ولا يأتي فصار إليه فوجده مُتكئاً على مسحاةٍ فسأله عما أراد فأعطاه الجواب فقال عمر لقد عدل عنك قومك و إنك لأحقُ بِهِ فقال عليه السلام ﴿إن يوم الفصل كان ميقاتاً﴾(2).(3)

3- عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله ، قال : خرج عمر بن الخطاب إلى الشّامِ وأخرج معه العباس بن عبد المطلب، قال: فجعل النّاسُ يتلقون ويقولون: السلام عليك يا أمير المؤمنين !، و كان العبّاسُ رجُلا جميلا فيقُولُ: هذا صاحبكم ، فلَمّا كثُر عليه التفت إلى عُمر، فقال: ترى أنا و الله أحقُّ بِهذا الأمرِمِنك ، فقال عمر: اسكت أولى و الله بهذا الأمرِ مِنِّي ومِنك رجُلٌ خَلَّفْتُهُ أنا و أنت بالمدينة، علي بن أبي طالب عليه السلام !!!.(4)

ص: 325


1- بحار الأنوار 40 :125ح 14.
2- النبأ: 17.
3- مناقب آل أبي طالب 2 : 31 و بحار الأنوار 40 : 147.
4- اليقين : 206 و بحار الأنوار 30 : 213 ح 71.

4 - قد رُوي أن عُمر قال لأصحابِ الشُّورى: رُوحُوا إلي ، فلما نظر إليهم قال: قد جاءني كُلُّ واحِدٍ مِنهُم يهز عقيرته يرجو أن يكون خليفةً، أما أنت يا طلحة أفلست القائل: إن قُبض النّبِيُّ صلى الله عليه وآله أنكِحُ أزواجه من بعدِهِ ؟! فما جعل الله محمداً بأحق بِبناتِ أعمامنا، فأنزل الله تعالى فيك: ﴿و ما كان لكُم أن تُؤذُوا رسُول الله ولا أن تنكِحُوا أزواجه من بعدِهِ أبداً﴾(1)، وأمّا أنت يا زُبير! فوالله ما لان قلبك يوماً ولاليلةً ، و ما زلت جلفاً جافياً، وأما أنت يا عُثمانُ فواللهِ لروثةٌ خير منك ، و أما أنت يا عبد الرحمن فإنّك رجُلٌ عاجِزْ تُحِبُ قومك جميعاً و أما أنت يا سعد فصاحِبُ عصبيّةٍ وفتنةٍ وأما أنت يا علي فوالله لووُزِن إيمانك بِإيمانِ أهلِ الأَرضِ لرجحهم فقام علي عليه السلام مولّياً يخرجُ ، فقال عمر: واللهِ إِنِّي لأعلمُ مكان الرّجُلِ لو ولّيتُمُوهُ أَمرَكُم لحملكُم على المحجة البيضاء قالُوا: من هو؟ قال: هذا المولّي مِن بينِكُم. قالوا: فما يمنعك من ذلك؟ قال: ليس إلى ذلك سبيل.(2)

5- عن ابن عباس قال: كنتُ أسير مع عمر بن الخطاب في ليلةٍ وعمر على بغل و أنا على فرس فقرأ آيةً فيها ذكرُ علي بن أبي طالب عليه السلام ، فقال: أم والله يا بني عبد المطلب لقد كان صاحبكم أولى بهذا الأمر مني ومن أبي بكر. فقلتُ في نفسي: لا أقالني الله إن أقلتُك. فقلتُ: أنت تقول ذلك يا أمير المؤمنين، وأنت وصاحبك الّذان وثبتُما وإنتزعتُما منّا الأمر، دون الناس ؟ فقال: إليكم يا بني عبد المطلب، أما إنّكم أصحاب عمر بن الخطاب - وتأخّرتُ وتقدّم هنيئةً فقال: سِرلا سرت، فقال: أعد على كلامك . فقلتُ: إنّما ذكرتُ شيئاً فرددت جوابه، ولوسكت سكتنا. فقال والله إنا ما فعلنا ما فعلنا عداوة، ولكن إستصغرناه وخشينا أن لا تجتمع عليه العرب وقريش لما قد وترها. فأردتُ أن أقول: كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله يبعثه في الكتيبة فينطح كبشها فلم يستصغره فتستصغره أنت وصاحبك ، فقال : لا جرم فكيف ترى، والله ما نقطع أمراً دونه ولا نعمل شيئاً حتى نستأذنه.(3)

ص: 326


1- الأحزاب : 53.
2- بحار الأنوار 31 : 62.
3- اليقين :205 وبحار الأنوار 30 :212 :212 ح 70.

6- قال الحكم بن مروان أنّ عُمر بن الخطابِ نزلت قضيّةٌ فِي زمان خلافتِه فقام لها وقعد و أُرتج لها و نظر من حوله فقال معاشر الناس والمهاجرين والأنصارِ ما تقولُون في هذا الأمرِ فقالُوا أنت أمير المؤمنين و خليفةُ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و الأمرُ بيدِك فغضب من ذلك وقال ﴿يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وقُولُوا قولا سديداً﴾(1) ثُمّ قال والله لنعلمن من صاحِبُها ومن هو أعلمُ بها فقالوا يا أمير المؤمنين كأنك أردت ابن أبي طالب قال أنّى نعدِلُ عنه وهل لقحت حُرّةٌ يمثله قالُوا نأت [ نأتي] بِهِ يا أمير المؤمنين قال هيهات هناك شيخٌ مِن هاشم و نسب مِن رسُولِ الله صلى الله عليه وآله و لا يأتي فقُومُوا بِنا إليه قال فقام عمرُو من معه وهو يقُولُ ﴿أ يحسبُ الإِنسانُ أن يُترك سُدى ألم يكُ نُطفةٌ مِن مِنِيّ يُمنى ثُمَّ كان علقةً فخلق فسوى﴾(2) و دُمُوعُهُ تجرِي على خدّيهِ قال فأخمش القومُ لِبُكائِهِ ثُمَّ سكت فسكتوا وسأله عمر عن مسألتِهِ فأصدر لها جواباً فقال أم والله يا أبا الحسن لقد أرادك الله للحقِّ و لكن أبي قومك فقال له أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يا أبا حفص عليك من هنا و مِن هنا ﴿إن يوم الفصل كان ميقاتا﴾(3) قال فضرب عمر بإحدى يديه على الأخرى وخرج مُربد اللّونِ كأَنما ينظرُ في سواد.(4)

7- عن حارثة بن زيد قال: شهدتُ إِلى عُمر بن الخطابِ حجّتهُ فِي خلافتِهِ فَسَمِعتُهُ يَقُولُ اللّهُمّ قد تعلمُ جِيئتي لبيتك وكُنتُ مُطلعاً مِن سترك فلَمّا رآني أمسك فحفظتُ الكلام فَلَمّا انقضى الحج و انصرف إلى المدينة تعمّدتُ إلى الخلوة فرأيتُهُ على راحلته وحده فقُلتُ له يا أمير المؤمنين بِالَّذِي هُو إِليك أقربُ مِن حبل الوريد إلّا أخبرتني عمّا أُرِيدُ أن أسألك عنه فقال اسأل عمّا شِئت فقُلتُ له سمِعتُك يوم كذا وكذا فكأنّي ألقمتُه حجراً فقُلتُ لهُ لا تغضب فوالَّذِي أنقذني من الجهالة وأدخلني في هداية الإسلام ما أردتُ بِسُؤالي إلا وجه الله عزوجل قال فعِند ذلك ضحك وقال يا حارثةُ دخلتُ على رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و قد اشتد وجعه فأحببتُ

ص: 327


1- الأحزاب : 70.
2- القيامة : 38.
3- النبأ : 17.
4- بحار الأنوار 40 : 122 ح12.

الخلوة معه وكان عنده علي بن أبي طالب عليه السلام و الفضل بن العباس فجلست حتى نهض ابن العبّاس وبقيتُ أنا وعلي عليه السلام فبيّنتُ الرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ما أردتُ فالتفت إليّ وقال يا عمرُ جِئت لتسألني إلى من يصِيرُ هذا الأمرُ مِن بعدِي فقُلتُ صدقت یا رسول الله فقال يا عمرُ هذا وصي وخليفتي من بعدي فقُلتُ صدقت يا رسُول الله فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله هذا خازِنُ سِرّي فمن أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ومن عصاني فقد عصى الله و من تقدم عليه فقد كذب بِنُبوَتِي ثُمَّ أدناه فقبل بين عينيهِ ثُمَّ أخذه فضمه إلى صدرِهِ ثُمَّ قال وليك الله ناصرك الله والى الله من والاك و عادى من عاداك و أنت وصتي وخليفتي في أُمتي و علابكاؤه و انهملت عيناهُ بِالدُّمُوعِ حتى سالت على خديه وخد علي بن أبي طالب عليه السلام على خدّهِ فوالذي من علي بِالإسلام لقد تمنيتُ تلك الساعة أن أكون مكان علي ثم التفت إلي و قال يا عمر إذا نكث النّاكِتُون و قسط القاسِطُون ومرقَ المارِقُون قام هذا مقامي حتى يفتح الله عليهِ بِخيرو هو خير الفاتحين قال حارثة فتعاظمني ذلِك وقُلتُ ويحكَ يا عمر فكيف تقدّمتُمُوهُ وقد سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله فقال يا حارثة بأمر كان فقُلتُ لَهُ مِن اللهِ أم مِن رسوله صلى الله عليه واله أم من علي عليه السلام فقال لا بل الملك عقيم والحق لعلي بن أبي طالب علیه السلام.(1)

هو الشيطان الأكبر

1- عن سليم، قال: سمعتُ سلمان الفارسي يقُولُ: إذا كان يوم القيامةِ يُؤتى بإبليس مزموماً بزمام من نار، ويؤتى بزفر مزموماً بزمامين من نار، فينطلقُ إِليهِ إِبليس فيصرخُ ويَقُولُ: ثكلتك أمك، من أنت؟ أنا الذي فتنتُ الأولين والآخرين و أنا مزموم بزمام واحد و أنت مزموم بزمامين. فيقُولُ: أنا الَّذِي أمرتُ فأُطِعتُ وأمر الله فعُصِي.(2)

2 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام ، أنهُ: إذا كان يوم القيامةِ يُؤتى بإبليس في سبعين غُلا وسبعين كبلا ، فينظر الأولُ إِلى زُفر فِي عِشرِين و مِائَةِ كبلٍ وعِشرِين و مِائَةِ غُلّ، فينظُرُ إِبِلِيسُ فيقُولُ:

ص: 328


1- الفضائل لشاذان : 123 ، الروضة لشاذان : 99 ح 87 ، المسترشد : 294 و بحار الأنوار، 4 : 121 ح11.
2- کتاب سليم 2 :600 ، بحار الأنوار 30 : 241 ح 109.

من هذا الَّذِي أضعفه الله العذاب وأنا أغويتُ هذا الخلق جميعاً. فيُقالُ: هذا زُفْرُ. فَيَقُولُ: بِما جُدِر لَهُ هذا العذاب ؟!. فيُقالُ: بِبغيِهِ على علي عليه السلام . فيقُولُ لَهُ إِبليس: ويلٌ لك أو تُبُورٌ لك!، أما علمت أن الله أمرني بِالسُّجُودِ لآدم فعصيته وسألته أن يجعل لي سلطاناً على محمّد وأهل بيتِهِ وشِيعتِهِ فلم يُجِبنِي إِلى ذلك، وقال: ﴿إنّ عِبادِي ليس لك عليهِم سُلطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبعكَ مِن الغاوين﴾(1) و ما عرفتهم حين استثناهُم إذ قُلتُ: ﴿ولا تجِدُ أكثرهم شاكرين﴾(2) فمنيت بِهِ نفسك غُرُوراً، فيُوقف بين يدي الخلائق فيقالُ لَهُ: ما الذي كان منك إلى علي و إلى الخلقِ الذين اتبعوك على الخلاف؟!. فيقُولُ الشَّيطانُ و هُو زُفر لإبليس: أنت أمرتني بذلك. فيقُولُ لهُ إبليس : فلم عصيت ربّك و أطعتني ؟ . فيرُدُّ زُفر عليه ما قال الله: ﴿إِنَّ الله وعدكُم وعد الحق و وعدتُكُم فأخلفتُكُم و ما كان لي عليكم مِن سُلطانٍ﴾(3) إلى آخِرِ الآية(4)

3 - عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: ﴿وقال الشَّيطانُ مَا قُضِي الأمرُ﴾، قال: هو الثاني، وليس في القرآن شيء (و قال الشّيطانُ) إِلّا وهو الثّاني.(5)

4 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: يؤتى يوم القيامةِ بإبليس مع مُضِلَّ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي زِمامينِ غِلَظُهُما مِثلُ جبلٍ أُحُدٍ فيُسحبانِ على وُجُوهِهِما فينسدُّ بِهما بابٌ مِن أبوابِ النَّار(6)

جسارته على رسول الله صلى الله عليه وآله

1- عنِ ابنِ عباس، قال: دخلتُ على عُمر بن الخطاب في أوّلِ خلافتِهِ وقد أُلقي له صاعٌ مِن تمرٍ على حصفة فدعاني للأكل، فأكلتُ تمرةً واحِدةً، وأقبل يأكُلُ حتى أتى عليهِ، ثُمَّ شرِب مِن جرٍ كان عنده واستلقى على مرفقة له، وطفق يحمد الله يُكرّر ذلك ، ثُمّ قال: من أين جئت يا

ص: 329


1- الحجر :42.
2- الأعراف : 17.
3- إبراهيم : 22.
4- تفسير العياشي 2 : 223 ، بحار الأنوار 30 : 232 99 ، البرهان في تفسير القرآن 3 :296 ح 5709.
5- تفسير العياشي 2 : 223 ح 8 ، بحار الأنوار 30 : 232 ح 98 و البرهان في تفسير القرآن 3 :295 ح 578.
6- ثواب الأعمال وعقاب الأعمال :281 و بحار الأنوار 30 :188 ح 47.

عبد اللهِ ؟ . قُلتُ: مِن المسجِدِ . قال: كيف خلّفت بني عمّك ؟ . فظننتُهُ يعني عبد الله بن جعفر، فقُلتُ: خلّفتُهُ يلعب مع أترابِهِ. قال: لم أعن ذا، وإنّما عنيتُ عظيمكُم أهل البيت ؟. قُلتُ: خلّفتُهُ يمتحُ بالغرب على نخلاتٍ له وهو يقرأُ القرآن. فقال: يا عبد الله ! عليك دِماءُ البُدنِ إِن كتمتنيها، أبقي في نفسِهِ شيءٌ مِن أمر الخلافة ؟ . قُلتُ: نعم. قال: أيزعُمُ أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله جعلها له ؟

قُلتُ: نعم، وأزيدك، سألتُ أبي عمّا يدعيه، فقال: صدق، قال عمر: لقد كان عن رسول الله صلى الله عليه واله في أمره ذر من قول لا يُثبِتُ حُجّةً ولا يقطعُ عُذراً، وقد كان يزيغُ في أمره وقتاً ما، و لقد أراد في مرضِهِ أن يُصرّح بِاسمِهِ فمنعتُ مِن ذلِك إشفاقاً وحفظةً على الإسلام، لا وربّ هذِهِ البنيّةِ لا تجتمع عليهِ قُريش أبداً، ولو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها، فعلم رسُولُ الله صلى الله عليه وآله أني علمتُ ما في نفسه فأمسك، وأبى اللهُ إِلَّا إِمضاء ما حُتِم.(1)

آذی رسول الله صلى الله عليه وآله

1- عن عُمر بن الخطاب قال : كُنتُ أجفُو عَلِيّاً فلقِينِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فقال إِنَّكَ آذيتني يا عمر فقُلتُ أعوذُ بِاللهِ مِن أذى رسُولِهِ قال إنّك قد آذيت عليّاً و من آذى عليّاً فقد آذاني(2)

2 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام ، قال: أخر رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ليلةً من الليالي العشاء الآخرة ما شاء الله، فجاء عمر فدق الباب فقال: يا رسُول الله صلى الله عليه وآله نام النِّساء، نام الصبيان، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال: ليس لكُم أن تُؤذُوني ولا تأمروني، إنما عليكم أن تسمعُوا و تُطِيعُوا.(3)

سيرته مع قنفذ

1- قال سليم: فأغرم عمرُ بنُ الخطابِ تِلك السنة جميع عُمّالِهِ أنصاف أموالهم لشعر أبي المختار و لم يُغرِم قُنفذ العدوِيّ شيئاً وقد كان مِن عُمّالِهِ وردّ عليهِ ما أَخذ مِنهُ وهُو عِشرون ألف درهم و لم يأخُذ مِنهُ عُشره ولا نِصف عُشره، وكان مِن عُمَالِهِ الَّذِينَ أُعْرِمُوا أبو هريرة على البحرينِ

ص: 330


1- كشف اليقين : 471 وبحار الأنوار 30 : 243.
2- مناقب آل أبي طالب 210:3 وبحار الأنوار 39 : 331.
3- بحار الأنوار 30 :265 ح130.

فأحصى ماله فبلغ أربعةً و عِشرين ألفاً، فأغرمه اثني عشر ألفاً. فقال أبان: قال سليم: فلقِيتُ علِيّاً صلواتُ اللهِ عليهِ وآلِهِ فسألتُهُ عمّا صنع عمرُ ؟ فقال : هل تدري لم كفَّ عن قُنفذ ولم يُعْرِمهُ شيئاً ؟! . قُلتُ : لا . قال : لأنّهُ هُو الّذِي ضرب فاطمة صلوات الله عليها بالسوط حين جاءت لتحول بيني وبينهم فماتت صلوات الله عليها، وإنّ أثر السوط لفي عضُدِها مِثلُ الدُّملُج. قال أبان: قال سليم: انتهيتُ إلى حلقةٍ في مسجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ليس فيها إلا هاشمي غير سلمان وأبي ذرّو المقداد و محمد بن أبي بكر و عُمر بن أبي سلمة وقيس بن سعد بن عبادة، فقال العباس لعلي عليه السلام : ما ترى عُمر منعهُ مِن أن يُغرّم قُنفُذاً كما غرّم جميع عُمَالِهِ ؟ . فنظر علي عليه السلام إلى من حوله ، ثُمّ اغرورقت عيناه ، ثُمّ قال: شكر له ضربةً ضربها فاطمة عليها السلام بالسوط فماتت وفي عضُدِها أثره كأنهُ الدُّملُجُ . ثم قال عليه السلام : العجب مِما أُشرِبت قُلوبُ هذِهِ الأمّة مِن حُبّ هذا الرّجُلِ وصاحِبِهِ مِن قبلِهِ والتسليم لهُ فِي كُلِّ شيء أحدثهُ . لَئِن كان عُمّالُهُ خونةً وكان هذا المالُ فِي أيدِيهِم خِيانةً ما كان حلّ له تركه ؟!، و كان له أن يأخُذهُ كُلَّهُ، فَإِنَّهُ فِيءٌ لِلمُسلِمِين، فا بالُهُ يَأخُذُ نِصفه ويتركُ نِصفهُ. ولئن كانُوا غير خونة فما حلّ له أن يأخُذ أموالهم ولا شيئاً مِنها قليلا و لا كثيراً و إنّما أخذ أنصافها. ولو كانت في أيديهم خيانةٌ ثُم لم يُقِرُّوا بها ولم تقم عليهم البيّنةُ ما حلّ له أن يأخُذ مِنهُم قليلا ولا كثيراً، وأعجب من ذلك إعادته إياهم إلى أعمالهم لئِن كانوا خونةً ما حلّ له أن يستعملهم، ولئن كانُوا غير خونةٍ ما حلّت له أموالهم.(1)

بعض بدعه في كلام الأمير عليه السلام

1- قال علي عليه السلام : العجب لقوم يرون سُنّة نبيهم تتبدّل وتتغير شيئاً شيئاً وبابا باباً ثم يرضون ولا ينكرون، بل يغضبون له ويعتبون على من عاب عليه و أنكره، ثم يجيء قوم بعدنا فيتَّبِعُون بدعته وجوره وأحداثه ويتَّخِذُون أحداثهُ سُنّةً ودِيناً يتقربون بِهما إِلى اللهِ فِي مِثلِ تحويله مقام إبراهيم من الموضعِ الَّذِي وضعهُ فِيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله إلى الموضع الذي كان فِيهِ فِي الجَاهِلِيّةِ الَّذِي حوّلهُ مِنهُ رسُولُ الله صلى الله عليه وآله ، و في تغييره صاع رسول الله صلى الله عليه وآله و

ص: 331


1- کتاب سلیم :222.

مُدَّهُ وفِيهما فرِيضةٌ و سُنّةٌ فما كان زيادتُهُ إِلَّا سُوءً لأن المساكين في كفارة اليمين والظهار بهما يُعطون و ما يجب في الزّرع وقد قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: اللَّهُمَّ بَارِك لنا فِي مُدِّنا وصاعِنا لا يحولون بينه وبين ذلِك لكنّهم رضُوا وقبِلُوا ما صنع وقبضه وصاحِبِهِ فدك وهي في يدي فاطمة عليها السلام مقبوضةٌ ، قد أكلت غلتها على عهدِ النّبي صلى الله عليه واله فسألها البينة على ما في يدها ولم يُصدقها ولا صدق أُمّ أيمن، وهو يعلم يقيناً كَما نعلم أنها في يدها ولم يحل له أن يسألها البيّنة على ما في يدها و لا أن يتهمها ثُمَّ استحسن النّاسُ ذلِك و حِمدُوهُ وَ قالُوا: إِنّما حمله على ذلك الورع والفضلُ ثُمَّ حسّن قُبح فعلهما أن عدلا عنها فقالا بِالظَّنِ: إِنّ فاطِمة لن تقُول إلا حقاً و إن عليّاً لم يشهد إلا بحق، ولو كانت مع أُمّ أيمن امرأةٌ أُخرى أمضينا لها، فخطبا بذلك عِند الجُهّال، وما لهما و من أمرهما أن يكونا حاكمين فيُعطِيانِ أو يمنعانِ ولَكِنّ الأمة ابتُلُوا بهما فأدخلا نفسهما فيما لا حق لهما فيه ولا علم لهما فيه وقد قالت فاطمة عليها السلام حين أراد انتزاعها منها وهي في يدها: أليست في يدي وفيها وكيلي، وقد أكلتُ غلتها و رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله حي ؟! قالا : بلى. قالت: فلم تسألاني البيّنة على ما في يدي؟. قالا : لأنها في لِلمُسلمين، فإن قامت بينةٌ وإلا لم غُضِها. فقالت لهما والنّاسُ حولهما يسمعُون : أفتُرِيدانِ أن تردّا ما صنع رسُولُ الله صلى الله عليه وآله و سلّم و تحكما فينا خاصّةً بِما لم تحكما في سائر المسلمين ؟! أيُّها النّاسُ : اسمعوا ما ركباها. قُلتُ: أرأيتُما إنِ ادّعيتُ ما في أيدي المسلمين من أموالهم تسألُونِي البيّنة أم تسألونهم؟. قالا : لا بل نسألُك. قُلتُ : فإنِ ادّعى جمِيعُ المسلمين ما في يدي تسألونهم البيّنة أم تسألُونِي ؟ فغضب عمرُو قال: إنّ هذا فيءٌ لِلمُسلِمِين وأرضُهُم وهِي فِي يدي فاطمة عليها السلام تأكُلُ غلّتها، فإن أقامت بيّنةً على ما ادعت أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله وهبها لها من بينِ المسلمين وهي فيتُهم وحقُهُم نظرنا في ذلك فقال: أنشُدُكُم بِاللهِ أما سمعتُم رسول اللهِ صلى الله عليه وآله يقُولُ: إِنّ ابنتي سيّدةُ نِساءِ أهل الجنّةِ؟. قالُوا: اللهم نعم ، قد سمعناها من رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآل . قالت : أفسيّدةُ نِساء أهل الجنّة تدّعي الباطل وتأخُذُ ما ليس لها ؟! أرأيتُم لوأن أربعةً شهدُوا عليّ بِفاحِشَةٍ أو رجلانِ بِسرِقةٍ أكُنتُم مُصدِّقِين عليّ؟! فأما أبوبكر فسكت وأمّا عمر فقال : ونُوقِعُ عليكِ الحدّ . فقالت: كذبت و لومت إلّا أن تُقرأنك لست على دين

ص: 332

محمد صلى الله عليه وآله ، إِنَّ الَّذِي يُجِيزُ على سيّدةِ نِساءِ أهل الجنّة شهادةً أو يُقِيمُ عليها حداً لملعُونٌ كافِرُبما أنزل الله على محمّد صلى الله عليه وآله، إنّ من أذهب الله عنهم الرجس أهل البيت وطهرهم تطهيراً لا يجُوزُ عليهم شهادة لأنهم معصُومُون مِن كُلِّ سُوءٍ مُطهَّرُون مِن كُلّ فاحِشَةٍ، حدثني عن أهل هذه الآية لو أن قوماً شهِدُوا عليهم أو على أحدٍ مِنهُم بِشِرك أو كُفر أو فاحِشَةٍ كان المسلِمُون يتبرّعُون مِنهُم ويُحدُّونهم؟ قال: نعم وما هُم وسائِرُ النّاسِ فِي ذلك إلا سواء. قالت: كذبت و كفرت لأن الله عصمهم وأنزل عِصمتهم وتطهيرهم وأذهب عنهم الرجس فمن صدق عليهم يُكذِّبُ الله ورسوله . فقال أبوبكر: أقسمتُ عليك يا عمر لما سكت فَلَمّا أن كان الليلُ أرسل إلى خالِدِ بنِ الوليدِ فقال إِنَّا نُرِيدُ أن نُسِر إليك أمراً و نحملك عليه. فقال: احلاني على ما شئتُما فإِنِّي طوعُ أيدِيكُما. فقالا لهُ: إِنّه لا ينفعنا ما نحنُ فِيهِ مِن الملك والسلطانِ مادام علي حيّاً أما سمعت ما قال لنا وما استقبلنا بِهِ، ونحن لا نأمنُهُ أن يدعُو في السرفيستجيب له قوم فيُناهِضنا فإِنَّهُ أشجع العربِ وقد ارتكبنا منهم ما رأيت و غلبناه على مُلكِ ابنِ عَمِّهِ ولا حق لنا فيه و انتزعنا فدك من امرأتِهِ فإذا صلّيتُ بِالنّاسِ الغداة، فقُم إلى جانبه وليكن سيفك معك، فإذا صلّيتُ وسلمت فاضرِب عُنقه . فقال صلّى خالِدُ بنُ الوَلِيدِ بِجنبي متقلد السّيفِ، فقام أبوبكر في الصلاة فجعل يُؤامِرُ نفسه وندِم وأُسقِط في يده حتى كادت الشمس أن تطلع ثُم قال: قبل أن يُسلّم لا تفعل يا خالِدُ ما أمرتك، ثُمّ سلّم فقُلتُ لخالد: ما ذاك؟ قال: قد كان أمرني إذا سلّم أضرِبُ عُنُقك . قُلتُ: أو كُنت فاعِلا ؟! قال: إي ورتي إذا لفعلتُ . قال سليم: ثُمّ أقبل عليه السلام على العبّاس و من حولهُ ثُمّ قال: ألا تعجبون مِن حبسه و حبس صاحِبِهِ عنا سهم ذِي القُربى الَّذِي فرضه الله لنا في القرآن وقد علم الله أنهم سيظلِمُونًا وينتزِعُونَهُ مِنَّا فقال: ﴿إن كُنتُم آمنتُم بِاللهِ و ما أنزلنا على عبدِنا يوم الفُرقان يوم التقى الجمعان﴾(1)؟! والعجب لهدمه منزِل أخي جعفر و الحاقِهِ في المسجِدِ، ولم يُعطِ ِبنِيهِ مِن ثمنِهِ قلِيلا ولا كثيراً، ثُم لم يعب ذلك عليهِ النَّاسُ ولم يُغيّرُوهُ، فكأنما أخذ منزِل رجُلٍ مِن الدِّيلم وفي روايةٍ أُخرى: دار رجُلٍ مِن تُركِ كابل . و العجبُ لِجهلِهِ و جهل الأمة أنه كتب إلى جميع عُمَالِهِ: أن الجنب إذا لم يجد الماء

ص: 333


1- الأنفال : 41.

فليس له أن يُصلّي وليس له أن يتيمم بِالصّعِيدِ حتَّى يجد الماء، وإن لم يجده حتى يلق الله وفي رواية أخرى: وإن لم يجده سنةً ثُم قبل النّاسُ مِنهُ ورضُوا بِهِ ، وقد علم و علم النّاسُ أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله قد أمر عماراً و أمر أبا ذر أن يتيمما من الجنابة ويُصلّيا وشهدا بِهِ عِندَهُ وغيرهما فلم يقبل ذلك و لم يرفع بِهِ رأساً. و العجبُ لِما قد خلط قضايا مُختلِفةً في الجدّ بِغيرِ عِلمٍ تعشفاً و جهلا ، وادعائهما ما لم يعلما جُرأةً على الله وقلة ورع ، ادعيا أن رسول الله صلى الله عليه واله مات ولم . يقض في الجدّ شيئاً منه ، ولم يدع أحداً يعلم ما للجد من الميراث ، ثُمَّ تابعُوهُما على ذلك و صدقوهما. وعِتقِهِ أُمّهاتِ الأولاد فأخذ النّاسُ بِقولِهِ وتركُوا أمر الله وأمر رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله. و ما صنع بنصرِ بنِ حجاج وبجعد بن سليم و بابن وتره [ وبرة]. و أعجب من ذلك أن أبا كيف العبدِي أتاه، فقال: إِنِّي طلقتُ امرأتي وأنا غائِب فوصل إليها الطلاقُ ثُمَّ راجعتُها وهي في عِدّتِها، وكتبتُ إليها فلم يصِلِ الكِتابُ إليها حتى تزوّجت ، فكتب له: إن كان هذا الَّذِي تزوجها دخل بها فهي امرأتُهُ وإن كان لم يدخُل بها فهي امرأتك وكتب له ذلك وأنا شاهِدٌ ولم يُشاوِرني و لم يسألني، يرى استغناءهُ بِعِلمِهِ عنِّي، فأردتُ أن أنهاهُ ثُمَّ قُلتُ: ما أُبَالِي أن يفضحه اللهُ ثُم لم تعبهُ النَّاسُ بل استحسنُوهُ واتَّخَذُوهُ سُنّةٌ وقبِلُوهُ عنه، ورأوه صواباً، وذلك قضاء ولا يقضي بِهِ مجنون. ثم تركه من الأذانِ (حيّ على خير العمل) فاتَّخَذُوهُ سُنّةٌ وتابعُوه على ذلك. و قضيّته في المفقود أنّ أجل امرأتِهِ أربعُ سِنِين ثُمّ تتزوج فإن جاء زوجها خُيربين امرأتِه و بين الصداق فاستحسنه النَّاسُ واتَّخَذُوهُ سُنّةً وقبلُوهُ عنهُ جهلا وقلة عِلمٍ بِكِتابِ اللهِ عزّوجلّ و سنة نبيه صلى الله عليه وآله. و إخراجه من المدينة كُلّ أعمى، وإرساله إلى عُمّاله بالبصرة بحبل خمسةِ أشبارٍ، و قولِهِ من أخذتُمُوهُ مِن الأعاجِمِ فبلغ طول هذا الحبل فاضرِبُوا عُنقه !. و رده سبايا تُستر، وهُنّ حبالى و إرسالِهِ بِحبلٍ مِن صبيان سرقُوا بِالبصرة، وقوله من بلغ طول هذا الحبل فاقطعُوهُ. وأعجبُ مِن ذلِك أنّ كذاباً رُجم بِكِذابةٍ فقبلها وقبلها الجهالُ فزعموا أن الملك ينطِقُ على لِسانِهِ ويُلقِنُهُ. و إعتاقه سبايا أهل اليمن. وتخلفه وصاحِبِهِ عن جيش أُسامة بن زيدٍ مع تسليمهما عليه بالأمرة. ثُمّ أعجبُ مِن ذلِك أَنه قد علم و علِمهُ النَّاسُ أَنَّهُ الَّذِي صدّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله عن الكتِفِ الَّذِي دعا بِهِ ثُمّ لم يضُرَهُ ذلِك عِندهُم ولم ينقصه. وأَنَّهُ صاحِبُ

ص: 334

صَفِيّة حين قال لها ما قال، فغضب رسُولُ الله صلى الله عليه وآله حتى قال ما قال. وأنهُ الَّذِي مررتُ بِهِ يوماً فقال: ما مثل محمّد في أهل بيته إلّا كنخلةٍ نبتت في كُناسةٍ! فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فغضب و خرج فأتى المنبر، وفزعتِ الأنصار فجاءت شائكةً فِي السّلاحِ لِما رأت مِن غضب رسُولِ الله صلى الله عليه وآله ، فقال عليه السلام : ما بال أقوام يُعيروني بقرابتي و قد سَمِعُوا مِنِّي ما قُلتُ فِي فضلِهِم وتفضيلِ اللهِ إِياهم، وما خصّهُم بِهِ مِن إذهابِ الرِّجس عنهم وتطهيرِ اللَّهِ إِيَّاهُم وقد سمِعتُم ما قُلتُ في أفضل أهلِ بيتي و خيرهِم مِمّا خصّهُ اللهُ بِهِ وأكرمه و فضله على من سبقه إلى الإسلام وتدينِهِ فِيهِ و قرابتِهِ مِنّي و أنَّهُ مِنِّي بِمنزِلَةِ هَارُون مِن مُوسى ثُمَّ تَزعَمُون أَن مثلي فِي أَهلِ بيتي كمثلِ نخلةٍ فِي كُناسةٍ ، أَلا إِنَّ الله خلق خلقه ففرّقهُ فِرقتين فجعلني في خير الفرقتين، ثُمّ فرّق الفرقة ثلاث فرقٍ شُعُوباً و قبائل وبُيُوتاً، فجعلني في خيرها شعباً وخيرها قبيلةً ثُمَّ جع لهم بُيُوتاً، فجعلني في خيرها بيتاً، فذلك قولُهُ: ﴿إِنّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِب عنكُمُ الرِّجس أهل البيت و يُطهركم تطهيرا﴾(1) فحصلت في أهل بيتي و عترتي و أنا وأخي علي بن أبي طالب عليه السلام ، ألا و إن الله نظر إلى أهل الأرضِ نظرةً فاختارني منهم ، ثُمّ نظر نظرة فاختار علياً أخي و وزيري و وارِثِي ووصتي وخليفتي في أمّتي و ولي كُلِّ مُؤمن بعدِي، فبعثني رسولا ونبياً ودليلا و أوحى إلي أن أتخذ عليّاً أخاً وولياً و وصيّاً وخليفةٌ في أُمتي بعدِي، ألا وإِنَّهُ ولِيُّ كُلِّ مُؤْمِن بعدِي، من والاه والاه الله و من عاداه عاداه الله ، و من أحبّهُ أحبّهُ اللهُ، و من أبغضه أبغضهُ اللهُ، لَا يُحِبُّهُ إِلَّا مُؤمن ، ولا يُبغِضُهُ إِلَّا كَافِرٌ، هُو ربُّ الأَرْضِ بعدِي وسكنُها وفي نُسخةٍ : هُوزِرُّ الأَرضِ بعدِي و سكنُها وهُو كلمةُ التّقوى ، وعُروةُ اللهِ الوُثق أتُرِيدُون أن تُطفِئُوا نُور اللهِ بِأَفواهِكُم ﴿واللهُ مُتِمُّ نُورِه و لو كره المشركون﴾(2)؟! وفي روايةٍ أُخرى: ﴿و لو كره الكافِرُون﴾(3) ويُرِيدُ أعداءُ اللَّهِ أن يُطفئُوا نُورٍ أَخِي ﴿و يأبى الله إلّا أن يُتِمَ نُورهُ﴾(4) يا أَيُّها النّاسُ لِيُبلغ مقالتي شاهِدُهُكم غائبكُم ، اللهم

ص: 335


1- الأحزاب : 33.
2- التوبة : 33.
3- التوبة : 32.
4- التوبة :32.

اشهد عليهم أيُّها النَّاسُ إِنّ الله نظر نظرةً ثالثةً فاختار منهم بعدِي اثنا عشر وصيّاً من أهل بيتي، وهُم خِيارُ أُمَّتِي مِنهم أحد عشر إماماً بعد أخي، واحِداً بعد واحد، كُلّما هلك واحِدٌ قام واحِدٌ بِهِ ، مثلهم كمثلِ النُّجُومِ فِي السّماءِ كُلّما غاب نجم طلع نجم ، لأنهم أَيْمَةٌ هداةٌ مُهتدون ، لا يضُرُّهُم كيدُ من كادهُم ولا خِذلان من خذهُم، بل يضُرُّ اللهُ بِذلِك من كادهُمُ وخذلهم، فهُم حُجّةُ اللهِ في أرضِهِ و شُهداؤُهُ على خلقِهِ، من أطاعهم أطاع الله ومن عصاهم عصى الله ، هم مع القرآن والقرآن معهم لا يُفارقونه ولا يُفارِقُهُم حتى يردوا علي حوضِي، أوّل الأئِمَّةِ على خيرُهُم ، ثُمَّ ابني الحسن ثُم ابني الحسين عليهما السلام ثُمَّ تسعةٌ مِن وُلد الحسين، و أُمُّهُمُ ابنتي فاطِمةُ صلواتُ الله عليهم. ثُمّ مِن بعدِهِم جعفرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ ابْنُ عَمِّي وأَخُوأَخِي، و عمّي حمزة بن عبد المطلب. أنا خير المرسلين و النّبِيِّين، وفاطمة ابنتي سيّدةُ نِساءِ أهل الجنّة، و علي وبنوه الأوصياء خير الوصتين، وأهل بيتي خيرُ أهلِ بُيُوتاتِ النَّبِيِّين، وابناي سيدي [سيدا] شباب أهل الجنّةِ . أيُّها النَّاسُ إِنّ شفاعتي تنالُ عُلُوجكُم، أفتعجز عنها أهل بيتي، ما أحد ولده جدّي عبد المطلب يلق الله مُوحِداً لا يُشْرِكُ بِهِ شيئاً إِلَّا أُدخِلُهُ الجنّة، ولوكان فِيهِ مِن الذُّنُوبِ عدد الحصى وزبد البحر. أيُّها النّاسُ! عظموا أهل بيتي في حياتي و من بعدي و أكرِمُوهُم و فضّلوهم، فإنّه لا يحِلُّ لأحد أن يقوم من مجلسه لأحدٍ إلا لأهل بيتي و في نُسخةٍ أُخرى: أيُّها النَّاسُ! عظمُوا أهل بيتي في حياتي و بعد موتي، إنّي لوقد أخذتُ بِحلقة بابِ الجنةِ ثم تجلى لي ربّي فسجدتُ و أذن لي بِالشّفاعةِ لم أوثر على أهل بيتي أحداً. أيُّها النَّاسُ! انشبُونِي من أنا؟ . فقام رجُلٌ مِن الأنصار، فقال وفي رواية أخرى: فقامت الأنصار، فقالت: نعُوذُ بِاللهِ مِن غضبِ اللهِ و مِن غضبِ رَسُولِهِ ، أخبرنا يا رسول الله منِ الَّذِي آذاك في أهل بيتك حتى نضرب عُنقه ؟ وفي رواية أخرى حتى نقتله ونُبِير عترته. فقال: انسُبُوني! أنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلب بن هاشم .. حتى انتسب إلى نِزارٍ، ثُم مضى في نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم خليل الله . ثم قال: إنّي وأهل بيتي لطينة من تحت العرش، إلى آدم نكاح غيرُ سِفاحِ لم يُخالِطنا نِكَاحُ الجاهِلِيَّةِ، فاسألوني، فوالله لا يسألني رجُلٌ عن أبِيهِ وعن أمِّهِ و عن نسبِهِ إِلَّا أَخبرتُهُ بِهِ. فقام رجُلٌ، فقال: من أبي؟. فقال: أبوك فُلانٌ الَّذِي تُدعى إليه، فحمد الله وأثنى عليهِ، ثُمّ قال: واللهِ لو نسبتني إلى غيره لرضيتُ وسلمتُ.

ص: 336

ثُمّ قام رجُلٌ آخر، فقال: من أبي؟. فقال: أبوك فُلانٌ لِغيرِ أبِيهِ الَّذِي يُدعى إليهِ فارتد عن الإسلام، ثُمّ قام رجُلٌ آخرُ، فقال: أ مِن أهل الجنة أنا أم من أهل النّارِ؟ . فقال : مِن أهل الجنّة، ثم قام رجُلٌ آخرُ، فقال: أ مِن أهل الجنة أنا أم من أهل النار؟. فقال: مِن أهل النَّارِ ثُمَّ قال رسولُ الله صلى الله عليه واله و هو مُغضب : ما يمنعُ الَّذِي عيّر أهل بيتي وأخِي و وزيري و وصتي وخليفتي في أُمتي و ولي كُلِّ مُؤمن بعدِي أَن يقوم فيسألني من أَبُوهُ، وأين هُو فِي الجنّة أم في النّارِ؟ . فقام عمر بن الخطاب، فقال: أعُوذُ بِاللهِ مِن سخط الله وسخطِ رَسُولِهِ، أُعفُ عنا يا رسُول الله عفا الله عنك، أقلنا أقالك الله، استرنا سترك الله، اصفح عنا صلّى الله عليك .. فاستحى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وكف. وهو صاحِبُ العبّاسِ الَّذِي بعثه رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ساعياً فرجع وقال: إن العبّاس قد منع صدقة مالِهِ، فغضب رسُولُ الله صلى الله عليه وآله، وقال: الحمد لله الّذِي عافانا أهل البيتِ مِن شرّ ما يُلطِخُونَا بِهِ، إِنّ العبّاس لم يمنع صدقة ماله و لكنّك عجلت عليه، وقد عجّل زكاة سنين ثم أتاني بعد يطلُبُ أن أمشي معه إلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ليرضى عنه، ففعلتُ. وهو صاحِبُ عبد الله بن أبي سلول حين تقدّم رسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله ليُصلّي عليه فأخذ بثوبِهِ مِن ورائه، وقال: لقد نهاك الله أن تُصلّي عليهِ ولا يحِلُّ لك أن تُصلّي عليه، فقال له رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله : إنما صلّيتُ عليهِ كرامةً لإبنه، وإِنِّي لا رجُو أن يُسلّم بِهِ سبعون رجُلاً مِن بني أبِيهِ وأهل بيتِهِ، وما يُدريك ما قُلتُ، إِنما دعوتُ الله عليهِ وهُو صاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يوم الحديبية حين كُتب القضيّةُ إِذ قال: أنُعطِي الدِّنِيَّة فِي دِينِنا .. ثُمَّ جعل يطوفُ في عسكرِ رسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ يُحرّضهُم ويَقُولُ: أَنُعطِي الدّنِيَّة في ديننا؟! فقال رسول الله صلى الله علي واله: أفرجوا عنِّي ، أتُرِيدُون أن أغدِر بِذِمتي ؟! وفي روايةٍ أُخرى: أخرِجُوه عنِّي ، أتُرِيدُ أن أخفِر ذِمتي و لا أفي لهم بما كتبتُ لهم، خُذ يا سهيل ابنك جندلا ، فأخذه فشده وثاقاً في الحديد، ثم جعل الله عاقبة رسُولِ الله صلى الله عليه وآله إلى الخير و الرشد و الهدى والعِزّة والفضل. وهو صاحِبُ يومِ غدِيرِخُمٌ إِذ قال هو و صاحِبُهُ حِين نصبنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه واله لولايتي، فقال: ما يألو أن تُرفع خسيستُه ، وقال الآخرُ: ما يألُورفعاً بِضبع ابنِ عمّه، و قال لِصاحِبِهِ وأنا منصُوبٌ: إِنّ هذه هي الكرامة ، فقطب صاحِبُهُ فِي وجهِهِ، وقال: لا والله، ما أسمعُ ولا أُطِيعُ أبداً، ثم اتكأ عليهِ ثُم تمطى وانصرفا، فأنزل اللهُ فِيهِ: ﴿فلا

ص: 337

صدق ولا صلّى و لكن كذب وتولّى ثُم ذهب إلى أهله يتمطى أولى لك فأولى﴾(1) وعِيداً مِن اللهُ لَهُ. وهُوَ الَّذِي دخل عليّ مع رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يعودني في رهط من أصحابِهِ حِين غمزه صاحِبُه، فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وآه إنك قد كُنت عهدت إلينا في علي عهداً و إنّي لأراه لما بِهِ ، فإن هلك فإلى من؟ . فقال رسولُ الله صلى الله عليه وآله: اجلس ... فأعادها ثلاث مرّاتٍ، فأقبل عليهما رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ، فقال : إنّه لا يموتُ في مرضِهِ هذا، ولا يموتُ حتى تملياه غيظاً وتُوسعاه غدراً و ظلماً، ثم تجداه صابراً قواماً، ولا يموتُ حتى يلق مِنكُما هناتٍ وهناتٍ، ولا يموتُ إلّا شهيداً مقتولا . وأعظمُ مِن ذلِكَ كُلِّهِ أَنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله جمع ثمانين رجلا ، أربعين من العرب و أربعين من العجم و هما فيهم فسلموا علي بإمرة المؤمنين، ثُم قال: أُشْهِدكُم أن علياً أخِي و وزيري و وارثي و خليفتي في أُمَّتِي ووصتي و ولِيُّ كُلِّ مُؤمن مِن بعدِي، فاسمعوا له وأطِيعُوا، و فيهم أبوبكر و عمرُو عُثمان وطلحة والزبيرو سعد و ابنُ عوفٍ وأبو عُبيدة وسالِمٌ ومُعَاذُ بْنُ جبل ورهط من الأنصارِ، ثُم قال: إِنِّي أُشْهِدُ الله عليكُم. ثم أقبل على القوم، فقال: سبحان الله ! ما أشربت قُلوبُ هذه الأمة من بليّتها وفتنتها من عجلها وسامريها، إنهم أقروا وادعوا أن رسُول الله صلى الله عليه وآله قال : لا يجمعُ الله لنا أهل البيتِ النُّبُوّة والخلافة، وقد قال لأولئك الثمانين رجُلا : سلّمُوا على علي بإمرة المؤمنين، و أشهدكم على ما أشهدهم عليهِ أنهم أقرُّوا أَنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وآله لم يستخلف أحداً، وأنهم أقرُّوا بِالشُّورى، ثم أقرُّوا أنهم لم يُشاوِروا و أن بيعته كانت فلتةً، وأي ذنب أعظمُ مِن الفلتة، ثُمّ استخلف أبوبكر عُمرو لم يقتدِ بِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فيدعهم بغير استخلاف، طعناً مِنه على رسول الله صلى الله عليه واله و رغبةً عن رأيه ، ثُم صنع عمرُ شيئاً ثالثاً لم يدعهم على ما ادّعى أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلف، ولم يستخلف كما استخلف أبوبكر، وجاء بشيء ثالث جعلها شورى بين سِتّة نفر، وأخرج منها جميع العرب، ثُمَّ حظني بذلك عند العامة فجعلهم مع ما أُشرِبت قُلُوبُهُم مِن الفِتنةِ والضَّلالَةِ أقراني، ثُم بايع ابنُ عوفٍ عُثمان فبايعُوهُ ، وقد سَمِعُوا مِن رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله في عُثمان ما سَمِعُوا مِن لَعِنِهِ إِيَّاهُ في غير موطن، فعثمان على ما كان عليه خير منهما، ولقد قال مُنذُ أيام قولا رققت له و

ص: 338


1- القيامة : 30 الى 34.

أعجبتني مقالته، بينما أنا قاعِدٌ عِنده في بيتِهِ إذ أتته عائشه و حفصة تطلُبانِ ميراثهما مِن ضياع أموال رسُول الله صلى الله عليه وآله التي في يديه، فقال: ولا كرامة، لكن أُجِيزُ شهادتكُما على أنفُسِكُما ، فإِنَّكُما شهِدتُما عِند أبويكُما أَنكُما سمِعتُما من رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يَقُولُ: إِنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه واله لا يُورث ما ترك فهو صدقةٌ ، ثم لقنتُما أعرابيّاً جلفا يبُولُ على عقبيه يتطهَرُ بِبولهِ مالك بن الحرث بن الحدثان فشهد معكما لا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ولا من الأنصار أحد شهد بذلك غير أعرابي، أما والله ما أشك في أنه قد كذب على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وكذبتُما عليه معه، فانصرفتا مِن عِندِهِ تبكيان و تشتُمانِهِ، فقال: ارجعا، ثُمّ قال: أ شهدتُما بذلِك عِند أبي بكر؟!. قالت : نعم. قال: فإن شهدتُما بِحَقِّ فلا حق لكُما ، وإِن كُنتُما شهِدتُما بِباطِل فعليكُما وعلى من أجاز شهادتكُما على أهل هذا البيت لعنة الله والملائكة و النَّاسِ أجمعين قال: ثُمّ نظر إلي فتبسّم وقال: يا أبا الحسن شفيتُكَ مِنهُما؟ . قُلتُ: نعم واللهِ و أبلغت، وقُلت حقاً، فلا يُرغمُ اللهُ إِلَّا بِأنفيهما ، فرققتُ لعثمان و علمتُ أنه أراد بِذلِك رِضاي، و أنه أقربُ مِنهُما رُحماً و إن كأن لا عُذر له ولا حُجّة بتأمرِهِ علينا وادّعائِهِ حقنا.(1)

معجزة الأمير عليه السلام في حمله معه إلى مدينة أهلها كانوا يلعنون الظالمين

1- عن جابر بنِ عبدِ الله الأنصاري ، قال : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يخرُجُ فِي كُلِ جُمُعَةٍ إِلى ظَاهِرِ المدينة ولا يُعلِمُ أحداً أين يمضي، قال: فبقي على ذلك بُرهةً مِن الزّمانِ، فَلَمّا كان في بعض الليالي، قال عمر بن الخطاب: لا بُدّ مِن أن أخرج وأبصر أين يمضي علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال: فقعد له عند باب المدينة حتى خرج ومضى على عادتِهِ ، فتبعه عمرُو كان كُلّما وضع علي عليه السلام قدمه في موضع وضع عمر رجله مكانها فا كان إلا قليلا حتى وصل إلى بلدة عظيمةٍ ذاتِ نخل و شجرو مياه غزيرة، ثمّ إنّ أمير المؤمنين عليه السلام دخل إلى حديقة بها ماء جارٍ فتوضأ و وقف بين النّخلِ يُصلّي إلى أن مضى مِن اللّيلِ أكثرُهُ، وأمّا عمرُ فإِنَّهُ نام فَلَمّا قضى أمير المؤمنين عليه السلام وطره من الصلاة عاد و رجع إلى المدينة حتى وقف خلف رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و صلّى معه الفجر، فانتبه عمرُ فلم يجد أمير المؤمنين عليه السلام في موضِعِهِ، فَلَمّا أصبح رأى موضعاً لا يعرِفُهُ وقوماً لا يعرِفُهُم ولا

ص: 339


1- کتاب سلیم 2 : 673 وبحار الأنوار 302:30.

يعرِفُونه، فوقف على رجُلٍ مِن هُم، فقال له الرّجُلُ: من أين أنت؟ ومن أين أتيت ؟ فقال عمرُ: مِن يثرب مدينةِ رسُولِ اللهِ صلى اله عليه وآله . فقال الرّجُلُ: يا شيخ ! تأمّل أمرك وأبصر ما تقُولُ ؟ . فقال : هذا الَّذِي أَقُولُهُ لك. قال الرّجُلُ: متى خرجت من المدينة ؟ . قال البارحة . قال له: اسكت، لا يسمعُ النّاسُ مِنك هذا فتقتل أو يقُولُون هذا مجنُونٌ. فقال: الَّذِي أقُولُ حقٌّ . فقال له الرّجُلُ: حدّثني كيف حالك ومجيتك إلى هاهنا ؟! فقال عمر: كان علي بن أبي طالب فِي كُلّ ليلةِ جُمعةٍ يخرُجُ مِن المدينة ولا نعلم أين يمضي، فلمّا كان في هذه الليلة تبعتُه وقُلتُ أُرِيدُ أن أبصر أين يمضي، فوصلنا إلى هاهنا، فوقف يُصلّي ونمتُ ولا أدري ما صنع ؟ فقال لهُ الرّجُلُ : ادخُل هذِهِ المدينة وأبصِرِ النّاس واقطع أيامك إلى ليلة الجمعة فما لك من يحمِلُك إلى موضع الَّذِي جِئت مِنهُ إِلَّا الرّجُلُ الَّذِي جاء بك، فبيننا وبين المدينة أزيد من مسيرة سنتين، فإذا رأينا من يرى المدينة ورأى رسول الله صلى الله عليه وآله نتبركُ بِهِ و نزُورُهُ، وفي الأحيانِ نرى من أتى بك فنقُولُ أنت قد جئت في بعض ليلةٍ من المدينة، فدخل عمر إلى المدينة فرأى النّاس كُلهم يلعنُون ظالمي أهل بيتِ محمّد صلى الله عليه وآله و يسموهم [يُسمونهم] بأسمائهم واحِداً واحداً، وكُلُّ صاحِبِ صِناعةٍ يقُولُ كذلك وهو على صِناعتِهِ، فَلَمّا سمِع عمرُ ذلك ضاقت عليهِ الأرضُ بما رحبت وطالت عليهِ الأيامُ حتى جاء ليلة الجمعة، فمضى إلى ذلك المكانِ فوصل أمير المؤمنين عليه السلام إليه عادتهُ ، فكان عمر يترقبُهُ حتّى مضى مُعظمُ اللَّيلِ و فرغ من صلاتِهِ و هم بِالرُّجُوعِ فتبعه عمر حتى وصلا الفجر المدينة، فدخل أمير المؤمنين عليه السلام المسجد وصلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وصلّى عمر أيضاً، ثُم التفت النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله إلى عُمر، فقال: يا عمرُ! أين كُنت أسبوعاً لا نراك عندنا ؟! فقال عمر: يا رسول الله صلى الله عليه وآله ! كان من شأني .. كذا وكذا، وقص عليهِ ما جرى له، فقال النّبِيُّ صلى الله عليه وآله: لا تنس ما شاهدت بنظرك ، فلَمّا سأله من سأله عن ذلك، فقال: نفذ في سِحرُبني هاشم.(1)

ص: 340


1- بحار الأنوار 30 : 333ح 157.

بايع محمد بن أبي بكر علياً عليه السلام على البراءة من الثاني

1- عن أبي جعفر عليه السلام قال: بايع محمدُ بنُ أبي بكر على البراءةِ مِن الثاني.(1)

كان يؤذى النبي صلى الله عليه وآله في نساءه

1- عن عائشة، قالت: كانت أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله يخرجن ليلا إلى ليل قبل المصانع، فخرجت سودة بنت زمعة فرآها عمرُو هُو في المجلس، فقال: عرفتُكِ يا سوده! فنزل آيةُ الحِجاب عقيب ذلك.(2)

أنت سيف الله !

1- عن بعض أصحابنا عن أهل البيت عليهم السّلام أنّ عُمر استقبل في خلافته خالد بن الوليد يوماً في بعض حيطان المدينةِ ، فقال له: يا خالِدُ ! أنت الذي قتل مالكاً؟. فقال: يا أمير المؤمنين ! إن كُنتُ قتلتُ مالك بن نويرة هناتٍ كانت بيني وبينه فقد قتلتُ لكُم سعد بن عُبادة هناتٍ كانت بينكم وبينه، فأعجب عُمرقولُهُ وضمّهُ إلى صدره، وقال له: أنت سيف الله وسيف رسُولِهِ صلى الله عليه وآله ! .(3)

في نهيه عن المتعتين

1 - عن زرارة قال: جاء عبد الله بن عُمير اللييُّ إلى أبي جعفر عليه السلام فقال له ما تقُولُ فِي مُتعةِ النِّساءِ فقال أحلّها الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وآله فهي حلال إلى يوم القيامة فقال يا أبا جعفر مثلك يقُول هذا وقد حرمها عمرو نهى عنها فقال وإِن كان فعل قال إِنِّي أُعِيذُك بِاللهِ مِن ذلِك أن تُحِلّ شيئاً حرمه عمر قال فقال له فأنت على قول صاحبك و أنا على قول

ص: 341


1- رجال الكشي 1 : 282 ح 115 و بحار الأنوار 33 : 585ح 731.
2- بحار الأنوار 30 :342 ح162.
3- بحار الأنوار 494:30.

رسُولِ الله صلى اله عليه وآله فهلم أُلاعِنك أن القول ما قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله و أن الباطل ما قال صاحِبك قال فأقبل عبد الله بن عُمير فقال يسُرُّك أنّ نِساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمّك يفعلن قال فأعرض عنه أبو جعفر عليه السلام حِين ذكر نِساءه و بناتِ عَمِهِ.(1)

2- عن عبدِ اللهِ بنِ سُليمان قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقُولُ كان علي عليه السلام يقُولُ لولا ما سبقنِي بِهِ بنِي الخطابِ ما زنى إِلّا شي.(2)

3- عن بِشرِ بنِ حمزة عن رجُلٍ مِن قُريش قال : بَعثَت إلى ابنة عمةٍ لي لها مال كثير قد عرفت كثرة من يخطُبُنِي مِن الرّجالِ ولم أزوّجهم نفسي وما بعثتُ إليك رغبةً فِي الرِّجالِ غير أنه بلغني أنّ المتعة أحلّها اللهُ فِي كِتَابِهِ وسنّها رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله في سُنّتِهِ فحرمها عمر فأحببتُ أن أُطيع الله ورسوله و أعصي عُمر فتزوجني مُتعةً فقُلتُ لها حتى أدخل على أبي جعفر عليه السلام فأستشيره فدخلتُ عليهِ فاستشرتُه فقال إفعل .(3)

4 - عن أبي نضرة أنه قال: كُنتُ عِند جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ فأتاه آتٍ، فقال: إن ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين، فقال جابر: فعلناهما مع رسُولِ الله صلى الله عليه وآله ، ثُم نهانا عمر عنهما فلم نعد لهما.(4)

5- روي أنّ رجُلا مِن أهل الشّامِ سأل ابن عُمر عن مُتعةِ النِّساءِ؟. فقال: هي حلال. فقال: إنّ أباك قد نهى عنها. فقال ابنُ عُمر: أ رأيت إن كان أبي نهى عنها، وضعها رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله، أنترك السنة ونتبع قول أبي؟!؟(5)

6- عن ابن عبّاس: ما كانتِ المتعة إلا رحمة رحم الله بها أُمة محمد صلى الله عليمواله لولا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا الاشفاً.(6)

ص: 342


1- الكافي 5 : 449ح 4.
2- الكافي 5 :448 ح2.
3- بحار الأنوار 100 : 307 ح 23.
4- بحار الأنوار 30 : 598.
5- نهج الحق وكشف الصدق : 283 وبحار الأنوار 30 :600.
6- بحار الأنوار 30 : 601.

7- قال علي بن أبي طالب عليه السلام : لولا أن عُمر نهي عن المتعة ما زنى إلا شي.(1)

8- قال علي بن أبي طالب عليه السلام : لولا أن عُمر نهى عن المتعة ما زنى إلّا شفاً.(2)

9- يروى شيخنا الحر العاملي عن إبن ابي الحديد و هو من علمائهم قال عمر: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم أنا محرِّمُهما ، ومُعاقِبٌ عَليهما؛ متعةُ النِّساء ومتعة الحج. أقول : قال ابن أبي الحديد وهو من علمائهم : و هذا الكلام و إن كان ظاهره منكرا فله عندنا مخرج و تأويل و قد ذكره أصحابنا الفقهاء في كتبهم !(3)

و قال الشيخ الحر العاملي رحمه الله بعد نقل كلامه : من تأمل علم أنه لا وجه للتأويل و لا موجب له.(4)

10 - روى العلامة البحراني أنه قال يحيى بن أكثم لشيخ بالبصرة: بمن اقتديت في جواز المتعة ؟ قال بعمر بن الخطاب. فقال: كيف هذا وعمر كان أشد الناس فيها؟ قال: لأن الخبر الصحيح قد أتى أنه صعد المنبر فقال: إن الله ورسوله أحل لكم متعتين وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما، فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه.

قال السيد الجليل المحدث نعمة الله الجزائري بعد نقل ذلك في كتابه زهر الربيع المشهور بين الناس وذكر صاحب كتاب إحقاق الحق أن السبب في تحريمه متعة النساء أنه أضاف أمير المؤمنين عليه السلام ليلة وأنامه معه في داره فلما أصبح قال له: يا علي ألست قد قلت من كان في البلد فلا ينبغي له أن يبات عزباً ؟ فقال عليه السلام إسأل أختك؛ وكان عليه السلام قد تمتع بها في تلك الليلة.(5)

ص: 343


1- بحار الأنوار 30 : 601.
2- بحار الأنوار 600:30.
3- شرح نهج البلاغة 1 : 182.
4- إثبات الهداة 3 : 378 ح135.
5- كشكول البحراني :740.

من بدعه تغییر مقام إبراهيم عليه السلام

1- عن زرارة، قال: قُلتُ لأبي جعفر عليه السلام : أدركت الحسين صلوات الله عليه؟ قال: نعم، أذكُرُو أنا معهُ في المسجد الحرام وقد دخل فِيهِ السّيلُ والنَّاسُ يَقُومُون على المقامِ يخرجُ الخارج يقُولُ: قد ذهب بِهِ ، و يخرُجُ مِنهُ الخارج فيقُولُ : هو مكانه ، قال فقال لي: يا فُلانُ ما صنع هؤلاء ؟ . فقُلتُ له: أصلحك الله ! يخافون أن يكون السيل قد ذهب بالمقامِ. فقال: نادِ: إنّ الله قد جعله علماً لم يكُن ليذهب بِهِ فاستقِرُّوا، وكان موضِعُ المقامِ الَّذِي وضعه إبراهيم عليه السلام عند جدارِ البيت، فلم يزل هناك حتى حوّله أهلُ الجاهِلِيَّةِ إِلى المكانِ الَّذِي هُو فِيهِ اليوم، فلما فتح النّبيُّ صلى الله عليه وآله مكة ردّه إلى الموضع الذي وضعه إبراهيم عليه السلام ، فلم يزل هُناك إلى أن ولي عمر بن الخطاب، فسأل النّاس من مِنكُم يعرِفُ المكان الذي كان فِيهِ المقامُ؟. فقال رجُلٌ: أنا، قد كُنتُ أخذتُ مقداره بنسع فهو عِندِي، فقال: تأتيني به، فأتاهُ بِهِ فقاسهُ ثُمَّ ردّه إلى ذلك المكان.(1)

بدعته في الجزية

1- عنِ الصَّادِقِ عليه السلام أنهُ قالَ: إِنّ بني تغلب مِن نصارى العرب أنفُوا واستنكفُوا مِن قبولِ الجزية وسألُوا عُمر أن يُعفيهم عنِ الجزية ويُؤدُّوا الزكاة مُضاعفاً، فخشي أن يلحقُوا بِالرُّومِ، فصالحهم على أن صرف ذلك عن رءوسهم وضاعف عليهم الصدقة فرضُوا بذلك.(2)

من بدعه حكمه بجواز المسح على الخفين و كان يفتي النّاس برأيه

1- عن رقبة بن مصقلة، قال: دخلتُ على أبي جعفر عليه السلام ، فسألته عن أشياء، فقال: إِنِّي أراك يمن يُفتي في مسجِدِ العِراقِ ؟ . فقُلتُ : نعم . قال: فقال لي: من أنت ؟. فقُلتُ : ابن عمّ لصعصعة. فقال: مرحباً بك يا ابن عمّ صعصعة. فقُلتُ له: ما تَقُولُ في المسح على الخفين؟. فقال: كان عمر يراه ثلاثاً لِلمُسافِرِو يوماً وليلةً لِلمُقِيم، وكان أبي لا يراه في سفرو لا حضر،

ص: 344


1- بحار الأنوار 31 : 33.
2- بحار الأنوار 31 : 34.

فلَمّا خرجتُ مِن عِندِهِ فقُمتُ على عتبة الباب، فقال لي: أقبل يا ابن عمّ صعصعة، فأقبلتُ عليه، فقال: إن القوم كانوا يقولون برأيهم فيُخطِئُون و يُصِيبُون، وكان أبي لا يَقُولُ بِرأْيِهِ.(1)

من بدعه تغيير التكبير على الجنازة

1 - عن أبي وائل، قال: جَمَعَ عمر بن الخطابِ النّاس فاستشارهُم في التكبير على الجنازة، فقالوا: كبّر النبيُّ صلى الله عليه واله سبعاً و خمساً و أربعاً، فجمعهم عمر على أربع تكبيرات.(2)

من بدعه تغيير حكم حدّ شارب الخمر

1- رووا أن عُمر غير حكم حدّ شُرب الخمرِ عمّا كان في زمن النّبي صلى الله عليه وآله.(3)

یا غلیظ یا جاهل

1- عن الصّادِقُ عن أبيه عن جده عليهم السلام قال: قال يوماً الثّانِي لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إنك لا تزالُ تقُولُ لِعلي أنت مِنّي بمنزلة هارون مِن مُوسى فقد ذكر الله هارون في أُمّ القرآن ولم يذكر عليّاً فقال يا غليظ يا جاهِلُ أما سمعت الله سُبحانهُ يَقُولُ هذا صراط على مُستقيم.(4)

إن لم تكن متمسكاً بعلي عليه السلام فلا غفر الله

1- قال علي بن الحسين عليهما السلام كان رسولُ الله صلى الله عليه واله ذات يوم جالساً في المسجد و أصحابه حوله فقال لهم يطلُعُ عليكم رجُلٌ مِن أهلِ الجنَّةِ يسأل عما يعنيه قال فطلع علينا رجُلٌ شبِيهُ بِرجال مصر فتقدّم وسلّم على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و جلس و قال يا رسول اللهِ إِنِّي سمِعتُ الله يقُولُ ﴿واعتَصِمُوا بِحبل الله جميعاً ولا تفرّقُوا﴾(5) فما هذا الحبلُ الَّذِي أمرنا الله تعالى

ص: 345


1- بحار الأنوار 31 : 36.
2- بحار الأنوار 31 : 38.
3- إثبات الهداة 3 : 366 ح 86.
4- مناقب آل أبي طالب 3 : 107 و بحار الأنوار 35 : 58.
5- آل عمران : 103.

بالإعتصام به وأن لا نتفرق عنه قال فأطرق النّبيُّ صلى الله عليه واله ساعةً ثُم رفع رأسه وأشار إلى علي بن أبي طالب عليه السلام و قال هذا حبلُ اللهِ الَّذِي من تمسك بِهِ عُصِم فِي دُنياهُ ولم يضِلَّ فِي آخِرَتِهِ قال فوثب الرّجُلُ إلى علي بن أبي طالب عليه السلام و احتضنه من وراء ظهره وهو يقُولُ اعتصمتُ بِحبلِ اللهِ و حبلِ رسُولِهِ ثُمَّ قال فولّى و خرج فقام رجُلٌ مِن النَّاسِ فقال يا رسُول اللَّهِ ألحِقُهُ وأسألُهُ أن يستغفِرلِي فقال رسُولُ اللهِ صلى اله عليه وآله إذاً تجده مرفقاً قال فلحقهُ الرّجلُ وهُو عمر و سأله أن يستغفر له فقال هل فهمت ما قال لي رسُولُ اللهِ و ما قُلتُ لهُ قال الرّجُلُ نعم فقال لهُ إِن كُنت مُتمسّكاً بِذلِك الحبل فغفر الله لك وإلّا فلا غفر الله لك وتركه.(1)

نكثه البيعة

1- عن بُريدة بنِ حُصيب الا سلمي قال: كنتُ عِند رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فدخل علينا أبوبكرٍ فقال له رسُولُ الله صلى الله عليه واله قم يا أبابكر فسلم على علي بإمرة المؤمنين فقال أبوبكراً من الله أم من رسوله فقال صلى الله عليه وآله من الله و مِن رَسُولِهِ ثُمَّ جاء عمرُ فقال لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله سلّم على علي بإمرة المؤمنين فقال عمرُ مِن الله أو مِن رسُولِهِ فقال صلى الله عليه آله من الله و مِن رَسُولِهِ ثُمَّ جاء سلمان كرم الله وجهه فسلّم فقال له رسُولُ الله صلى الله عليه واله سلم على علي بإمرة المؤمنين فسلّم ثُمّ جاء عمّارُ فسلّم ثُم جلس فقال له رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله قم يا عمّارُ فسلم على أمِيرِ المؤمنين فقام فسلّم ثُم دنا فجلس فأقبل رسُولُ الله صلى الله عليه وآله بوجهه فقال إنّي قد أخذتُ ميثاقكُم على ذلك كما أخذ الله ميثاق بني آدم فقال لهم ﴿الستُ بِرَبِّكُم قالوا بلى﴾(2) و سأَلْتُمُونِي أنتم أ مِن اللهِ أو مِن رَسُولِهِ فقُلتُ بلى أما واللهِ لَئِن نقضتُمُوهُ لتكفُرُنّ فخرجُوا مِن عندِ رسول الله ورجُلٌ مِن القومِ يضرِبُ بإحدى يديه على الأخرى ثُمَّ قال كلا ورب الكعبة فقُلتُ من ذلك الرّجُلُ قال لا تتحمله و جابِرٌ مِن خلفي يعْمِرُني أن سلهُ فالححتُ عليه فقال الأعرابي يعني عمر بن الخطاب.(3)

ص: 346


1- بحار الأنوار 36 : 15ح 3 و عوالم العلوم أميرالمؤمنين عليه السلام 15 : 128 ح 3.
2- الأعراف : 172.
3- اليقين : 316 ، إثبات الهداة 3 : 216 وبحار الأنوار 37 : 323 ح58.

أمر النبي صلى الله عليه وآله بسدّ بابه

1- عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إِنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله لما بنى مسجده بالمدينة وأشرع بابه و أشرع المهاجرون والأنصار أبوابهم أراد الله عزّ و جلّ إبانة محمّد و آلِهِ الأفضلين بالفضيلة فنزل جبرئيل عليه السلام عن الله بأن سُدُّوا الأبواب عن مسجدِ رسول الله صلى الله عليه وآله قبل أن ينزِلَ بِكُمُ العذاب فأوّلُ من بعث إليهِ رَسُولُ اللهِ صلى اله عليه وآله يَأْمُرُهُ بِسدِّ الأبواب العباس بن عبد المطلب فقال سمعاً وطاعة الله ولرسولِهِ و كان الرَّسُولُ مُعاذ بن جبلٍ ثُمّ مر العبّاسُ بِفاطمة عليها السلام فرآها قاعِدةً على بابها وقد أقعدت الحسن والحسين عليهما السلام فقال لها ما بالُكِ قاعدة انظروا إليها كأنّها لبؤة بين يديها جِراؤُها تظُنُّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله يُخرجُ عَمَهُ ويُدخِلُ ابن عَمِّهِ فر بهم رسُولُ الله صلى اله عليه وآله فقال لها ما بالكِ قاعِدةً فقالت أنتظر أمر رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله سدّ الأبواب فقال صلى الله عليه وآله إنّ الله تعالى أمرهم بسد الأبواب واستثنى منهم رسُوله و أنتُم نفس رسُولِ اللهِ ثُمَّ إِن عُمر بن الخطاب جاء فقال إنّي أحِبُّ النظر إليك يا رسول الله إذا مررتُ إلى مصلاك فأذن لِي فِي خوخةٍ أنظر إليك منها فقال قد أبى الله ذلك فقال فيقدار ما أضعُ عليهِ وجهي قال قد أبى الله ذلك قال فيقدار ما أضعُ عليهِ عيني فقال قد أبى الله ذلك ولو قلت قدر طرف إبرة لم آذن لك والذي نفسي بيده ما أنا أخرجتُكُم ولا أدخلتُهم ولكنّ الله أدخلهم و أخرجكُم ثُمَّ قال لا ينبغي لأحدٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليوم الآخِريبِيتُ في هذا المسجِدِ جُنُباً إِلَّا مُحمّد و علي وفاطمة والحسن والحسين والمنتجبون مِن الهِمُ الطَّيِّبُون مِن أولادِهِم قال عليه السلام فأما المؤمنون فرضُوا وأسلموا و أمّا المنافِقُون فاغتاظوا لِذلِك وأنفُوا و مشى بعضُهم إلى بعض يقولون فيما بينهم ألا ترون مُحمّداً لا يزال يخُصُّ بالفضل ابن عَمِهِ لِيُخرجنا مِنها صُفراً واللهِ لين أنفذنا له في حياتِهِ لنتأبين عليه بعد وفاته وجعل عبد اللهِ بنُ أُبِي يُصغِي إِلى مقالتِهِم فيغضبُ تارةً ويسكُنُ أُخرى فيقُولُ هُم إِن مُحمّداً صلى الله عليه واله اللّهُ فَإِيَّاكُم ومُكاشفتهُ فَإِنَّ كاشف المتألّه انقلب خاسِئاً حسِيراً و تنغص عليه عيشه و إنّ الفطن اللبيب من تجرع على الغُصّةِ لِينتهز الفرصة فبيناهُم كذلك إذ طلع عليهم رجُلٌ مِن المؤمنين يُقالُ لَهُ زيد بن أرقم فقال لهم يا أعداء الله أ بِاللهِ تُكَذِّبُون وعلى رَسُولِهِ تطعُنون والله ودينه تكيدون لأخبِرنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله بِكُم فقال عبد الله بن أبي والجماعةُ والله لئن أخبرتهُ بِنا لنُكَذِّبتك ولنحلفنّ لهُ فإِنَّهُ إِذًا يُصدِّقُنا ثُمَّ والله لنُقِيمن من يشهد عليك عِندهُ بِما يُوجِبُ قتلك أو قطعك

ص: 347

أو حدّك قال فأتى زيد رسول الله صلى اللهعليه واله فأسر إليه ما كان من عبددِ اللهِ بنِ أَبي وأصحابِهِ فأنزل الله تعالى و لا تُطِعِ الكافِرِين المجاهدين لك يا محمّد فِيما تدعُوهُم إِليهِ من الإيمان بالله والموالاة لك و لأوليائك والمعاداة لأعدائك والمنافِقِين الذين يُطِيعونك في الظَّاهِرِ و يُخالِفُونك في الباطِنِ ﴿و دع أذاهم﴾(1) و ما يكُونُ مِنهُم مِن القول السيّئ فيك وفي ذويك وتوكل على الله في تمام أمرك و إقامةِ حُجّتِك فإِنّ المؤمن هو الظَّاهِرُو إِن غُلِب فِي الدّنيا لأن العاقبة له لأن غرض المؤمنين في كدحِهِم فِي الدُّنيا إِنّما هو الوصول إلى نعيم الأبدِ في الجنّةِ وذلك حاصل لك ولآلك وأصحابك و شيعتهم ثُمَّ إِنّ رسُول الله صلى اله عليه وآله لم يلتفت إلى ما بلغه عنهم وأمر الرجُل زيداً فقال له إن أردت ألا يُصِيبك شرُّهُم ولا ينالك مكرُوهُهُم فقُل إذا أصبحت أعُوذُ بِاللهِ مِن الشَّيطانِ الرّجِيمِ فإِنّ الله يُعِيذُك مِن شرِهِم فإنّهُم شياطِينُ ﴿يُوحِي بعضُهُم إِلى بعض زُخرُف القولِ غُرُوراً﴾(2)، فإذا أردت أن يُؤمِنك بعد ذلِك مِن الغرقِ والحرقِ والسّرقِ فقُل إذا أصبحت بسم الله ما شاء الله لا يصرِفُ السُّوء إلَّا اللهُ بِسمِ الله ما شاء الله لا يسوقُ الخير إلا الله بسم الله ما شاء الله ما يكُونُ مِن نِعمة فمن الله بسم الله ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم بسم الله ما شاء الله صلى الله على محمّد و آلِهِ الطَّيِّبين فإنّ من قالها ثلاثاً إذا أصبح أمِن مِن الحرق والغرقِ والشرق حتى يُمسي و من قالها ثلاثاً إذا أمسى أمن من الحرق والغرق والشرق حتى يُصبح وإنّ الخضرو إلياس عليه السلام يلتقيانِ فِي كُلّ موسم فإذا تفرّقا تفرّقا عن هذه الكلمات و إنّ ذلك شعار شيعتي و بِهِ يمتاز أعدائي من أولياني يوم خروج قائمهم صلواتُ اللهِ عليهِ.(3)

الشيطان الأكبر في البرزخ

1- روى الأصبغ بن نباتة قال: كنتُ يوماً مع مولانا أمير المؤمنين عليه السلام إذ دخل عليه نفر من أصحابِهِ مِنهُم أَبُو مُوسى الأشعرِيٌّ و عبد الله بن مسعود وأنس بن مالك وأبو هريرة والمغيرةُ بنُ شعبة وحذيفة بن اليمان وغيرُهُم فقالوا يا أمير المؤمنين أرنا شيئاً مِن مُعجزاتِكَ الَّتِي خصك

ص: 348


1- الأحزاب : 48.
2- الأنعام : 112.
3- بحار الأنوار 39 :22 ح 9.

اللهُ بها فقال عليه السلام ما أنتُم ذلك وما سُؤالكم عمّا لا ترضون بِهِ والله تعالى يقُولُ وعِزّتي وجلالي و ارتفاع مكاني إنّي لا أَعذِّبُ أحداً من خلقي إلّا بِحُجّةٍ وبُرهان و علم وبيان لأن رحمتي سبقت غضي وكتبتُ الرّحمة عليّ فأنا الرّاحِمُ الرّحِيمُ و أنا الودُودُ العليُّ وأنا المنّانُ العظيم وأنا العزيز الكريم فإذا أرسلت رسُولا أعطيتُهُ بُرهاناً و أنزلتُ عليهِ كِتاباً فمن آمن بي وبِرَسُولِي فأُولئِكَ هُمُ المفلحون الفائزون و من كفربي وبرسولي فأُولئِكَ هُمُ الخَاسِرُونَ الَّذِين استحقوا عذابِي فَقالُوا يَا أمير المؤمنين نحنُ آمنا بِاللهِ وبِرَسُولِهِ و توكلنا عليه فقال علي عليه السلام اللهم اشهد على ما يَقُولُون وأنا العليم الخبير بما يفعلون ثُمّ قال عليه السلام قُومُوا على اسم الله وبركاته قال فقُمنا معه حتى أتى بالجبانة ولم يكُن في ذلك الموضع ماءً قال فنظرنا فإذا روضةٌ خضراء ذاتُ ماءٍ وإذا في الروضة غُدران و فِي الغُدرانِ حيتان فقُلنا والله إنّها لدلالة الإمامة فأرنا غيرها يا أمير المؤمنين وإلّا قد أدركنا بعض ما أردنا فقال عليه السلام حسبي الله ونعم الوكيل ثُمَّ أشار بيدِهِ الله ونعم الوكيل ثُمّ أشار بيدِهِ العُليا نحو الجبانة فإذا قُصورٌ كَثِيرةٌ مُكلّلةٌ بِالدُّرو الياقوت والجواهر و أبوابها من الزبرجدِ الأخضرِ و إِذا فِي القُصُورِ حُورُو غِلمان وأنها رُو أشجار و طيور و نبات كثيرة فبقينا مُتحيّرين متعجبين وإذا وصائِفُ و جوارٍ و ولدان و غلمان كاللؤلؤ المكنون فقالوا يا أمير المؤمنين لقد اشتد شوقنا إليك وإلى شيعتك و أوليائك فأومأ إليهم بِالسُّكوتِ ثُمَّ ركض الأرض برجله فانفلقتِ الأرضُ عن عنبر من ياقوت أحمر فارتق إليه فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على نبيه صلى الله عليه وآله ثُمَّ قَالَ عَقِضُوا أَعيُنكُم فغمّضنا أعيننا فسمعنا حفيف أجنحة الملائِكَةِ بِالتسبيح والتهليل والتحميد والتعظيم والتقديس ثم قاموا بين يديه قالُوا مُرنا بأمرك يا أمير المؤمنين و خليفة ربّ العالمين صلوات الله عليك فقال عليه السلام يا ملائكة ربّي ايتُونِي الساعة بإبليس الأبالسة وفرعون الفراعنة قال فوالله ما كان بأسرع من طرفة عين حتى أحضرُوهُ عِنده فقال عليه السلام ارفعوا أعيُنكُم قال فرفعنا أعيننا ونحنُ لا نستطيع أن تنظر إليهِ مِن شُعاع نُورِ الملائِكَةِ فقُلنا يا أمير المؤمنين الله الله في أبصارنا فما ننظر شيئاً البتة وسمعنا صلصلة السلاسل و اصطكاك الأغلال وهبّت رِيحٌ عظيمةٌ فقالت الملائِكَةُ يا خليفة اللهِ زِدِ الملعون لعنةً وضاعف عليهِ العذاب فقلنا يا أمير المؤمنين الله الله في أبصارنا و مسامعنا فوالله ما نقدِرُ على احتمالِ هذا السّر و القدر قال فلَمّا جروه بين يديهِ قام و قال وا ويلاه مِن ظُلمِ آلِ محمد واويلاه من اجتِرائي عليهم ثُمّ قال يا

ص: 349

سيدي ارحمني فإنّي لا أحتمل هذا العذاب فقال عليه السلام لا رحمك الله ولا غفر لك أيُّها الرّجسُ النّجسُ الخبيث المخبِتُ الشَّيطانُ ثم التفت إلينا وقال عليه السلام أنتم تعرفون هذا باسمه وجسمه قلنا نعم يا أمير المؤمنين فقال عليه السلام سلُوهُ حتَّى يُخبِركُم من هو فقالُوا من أنت فقال أنا إبليس الأبالسة وفرعونُ هذِهِ الأمة أنا الَّذِي جحدتُ سيّدِي ومولاي أمير المؤمنين و خليفة ربّ العالمين وأنكرتُ آيَاتِهِ ومُعجزاته ثُمَّ قال أمير المؤمنين عليه السلام يا قومِ غمِضُوا أعيُنكُم فغمضنا أعيننا فتكلّم عليه السلام بكلام أخفى فإذا نحنُ في الموضعِ الَّذِي كُنّا فِيهِ لا قُصُور و لا ماء ولا غُدران ولا أشجار قال الأصبغ بن نباتة رضي الله عنه والَّذِي أكرمني بِما رأيتُ مِن تِلك الدلائل و المعجزاتِ ما تفرّق القومُ حتى ارتابُوا وشكوا وقال بعضُهُم سِحرُو كِهانةٌ وإفك فقال أمير المؤمنين عليه السلام إنّ بني إسرائيل لم يُعاقبوا ولم يُمسخُوا إلّا بعد ما سألُوا الآيَاتِ والدلالاتِ فقد حلّت عُقُوبَةُ اللهِ بِهم والآن حلّت لعنةُ اللهِ فِيكُم و عُقُوبَتُهُ عليكم قال الأصبغ بن نباتة رضي الله عنهُ إِنِّي أيقنتُ أنّ العُقُوبة حلّت بتكذِيبِهِمُ الدلالات والمعجزات.(1)

قصة زواجه من أم كلثوم

1- عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال : لَمَّا خطب إليه قال له أمير المؤمنين إنها صبية قال فلقي العباس فقال له ما لي أبي بأش قال وما ذاك قال خطبتُ إلى ابن أخيك فردّني أما والله لأعورنّ زمزم و لا أدعُ لكُم مكرمةً إلّا هدمتها ولأقيمنّ عليه شاهدين بأنّه سرق ولأقطعن يمينه فأتاه العبّاسُ فأخبره وسأله أن يجعل الأمر إليه فجعله إليه.(2)

2- عن عُمر بن أُذينة قال: قيل لأبي عبد الله عليه السلام إنّ الناس يحتجون علينا ويَقُولُونَ إِن أمير المؤمنين عليه السلام زوج فلاناً ابنتهُ أُمّ كلثوم وكان متكئاً فجلس وقال أيقُولُون ذلك إن قوماً يزعُمُون ذلِك لا يهتدون إلى سواءِ السّبِيلِ سُبحان الله ما كان يقدِرُ أمير المؤمنين عليه السلام أن يحول بينه وبينها فيُنقذها كذبُوا ولم يكُن ما قالُوا إِن فلاناً خطب إلى علي عليه السلام بنتهُ أُمّ كُلثوم فأبى علي عليه السلام فقال للعبّاس واللهِ لئِن لم تُزوّجني لأنتزعن منك السقاية وزمزم فأتى

ص: 350


1- الكتاب العتيق : 95 ، بحار الأنوار 42 : 53 وإثبات اهداة 3 :560 ح504.
2- الكافي 5 : 346 ح 2 ح2.

العباس عليّاً فكلّمه فأبى عليهِ فالح العبّاسُ فلما رأى أمير المؤمنين عليه السلام مشقة كلامِ الرّجُلِ على العبّاس وأنه سيفعلُ بِالسّقاية ما قال أرسل أمير المؤمنين عليه السلام إلى جِنِّيّةٍ مِن أهل نجران يهوديّةٍ يُقال لها سحِيفةُ بِنتُ جُريرية فأمرها فتمثلت في مِثالِ أُمّ كُلثوم وحُجِبتِ الأبصارُ عن أُمّ كلثوم وبعث بها إلى الرّجُلِ فلم تزل عنده حتى إِنَّهُ استراب بها يوماً فقال ما في الأرضِ أهل بيت أسحرُ مِن بني هاشِمٍ ثُمّ أراد أن يُظهِر ذلِك لِلنَّاسِ فقُتِل وحوتِ الميراث و انصرفت إلى نجران وأظهر أمير المؤمنين عليه السلام أُمّ كلثوم.(1)

3- عن أبي عبد الله عليه السلام في تزويج أُمّ كُلثوم فقال إِنّ ذلِك فرجٌ غُصِبناهُ.(2)

أقول : إن في تزويج أم كلثوم من عمر أقوال كثيرة من الأعلام و قد ألفوا كتبا فيه ومن علمائنا الذين بحثوا حول الموضوع الشيخ المفيد رحمه الله تعالى فقال في جواب المسائل السروية:

«أن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين عليه السلام ابنته من عمر غير ثابت و طريقه من الزبير بن بكار و لم يكن موثوقا به في النقل و كان متهما فيما يذكره و كان يبغض أمير المؤمنين عليه السلام و غير مأمون فيما يدعيه على بني هاشم.

و إنما نشر الحديث إثبات أبي محمد الحسن بن يحيى صاحب النسب ذلك في كتابه فظن كثير من الناس أنه حق لرواية رجل علوي له و هو إنما رواه عن الزبير بن بكار. الحديث بنفسه مختلف فتارة يروي أن أمير المؤمنين عليه السلام تولى العقد له على ابنته.

و تارة يروي أن العباس تولى ذلك عنه .

ما فعله الا في الدار لاله نقدا وتارة يروي أنه لم يقع العقد إلا بعد وعيد من عمر و تهديد لبني هاشم.

و تارة يروي أنه كان عن اختيار وإيثار.

ثم إن بعض الرواة يذكر أن عمر أولدها ولدا أسماه زيدا وبعضهم يقول إنه قتل قبل دخوله بها.

وبعضهم يقول إن لزيد بن عمر عقبا.

ص: 351


1- الخرائج و الجرائح 2 : 825 - 39 ، بحار الأنوار 42 : 88 ح 16 ومدينة المعاجز الأئمة 3 :202 ح 828.
2- الكافي 5 : 346 ح 1 و بحار الأنوار 42 : 106 ح 34.

و منهم من يقول إنه قتل و لا عقب له.

و منهم من يقول إنه و أمه قتلا.

و منهم من يقول إن أمه بقيت بعده.

و منهم من يقول إن عمر أمهر أم كلثوم أربعين ألف درهم.

و منهم من يقول مهرها أربعة آلاف درهم.

و منهم من يقول كان مهرها خمسمائة درهم.

و بدو هذا الإختلاف فيه يبطل الحديث ولا يكون له تأثير على حال

ثم إنه لو صح لكان له وجهان لا ينافيان مذهب الشيعة في ضلال المتقدمين على أمير المؤمنين عليه السلام أحدهما أن النكاح إنما هو على ظاهر الإسلام الذي هو الشهادتان والصلاة إلى الكعبة و الإقرار بجملة الشريعة.

و إن كان الأفضل مناكحة من يعتقد الإيمان و ترك مناكحة من ضم إلى ظاهر الإسلام ضلالا لا يخرجه عن الإسلام إلا أن الضرورة متى قادت إلى مناكحة الضال مع إظهاره كلمة الإسلام زالت الكراهة من ذلك و ساغ ما لم يكن بمستحب مع الإختيار.

و أمير المؤمنين عليه السلام كان محتاجا إلى التأليف و حقن الدماء و رأى أنه إن بلغ مبلغ عمر عما رغب فيه من مناكحته ابنته أثر ذلك الفساد في الدين والدنيا و أنه إن أجاب إليه أعقب صلاحا في الأمرين فأجابه إلى ملتمسه لما ذكرناه.

و الوجه الآخر أن مناكحة الضال كجحد الإمامة و ادعائها لمن لا يستحقها حرام إلا أن يخاف الإنسان على دينه و دمه فيجوز له ذلك كما يجوز له إظهار كلمة الكفر المضادة لكلمة الإيمان و كما يحل له أكل الميتة والدم ولحم الخنزير عند الضرورات و إن كان ذلك محرما مع الإختيار. و أمير المؤمنين عليه السلام كان مضطرا إلى مناكحة الرجل لأنه يهدده ويواعده فلم يأمنه أمير المؤمنين عليه السلام على نفسه و شيعته فأجابه إلى ذلك ضرورة كما قلنا إن الضرورة تشرع إظهار كلمة الكفر قال الله تعالى إِلَّا مَن أُكرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنُّ بِالإِيمان(1)» إنتهى کلامه

ص: 352


1- المسائل السروية : 86.

يقول المجلسي رضوان الله عليه بعد نقل كلام الشيخ المفيد:

«هذه الأخبار لا ينافي ما مر من قصة الجنية لأنها قصة مخفية أطلعوا عليها خواصهم و لم يكن يتم به الإحتجاج على المخالفين بل ربما كانوا يحترزون عن إظهار أمثال تلك الأمور لأ كثر الشيعة أيضا لئلا تقبله عقولهم و لئلا يغلو فيهم فالمعنى غصبناه ظاهرا و بزعم الناس إن صحت تلك القصة. وقال السيد المرتضى رضي الله عنه في كتاب الشافي فأما الحنفية فلم تكن سبية على الحقيقة و لم يستبحها عليه السلام بالسبي لأنها بالإسلام قد صارت حرة مالكة أمرها فأخرجها من يد من استرقها ثم عقد عليها النكاح و في أصحابنا من يذهب إلى أن الظالمين متى غلبوا على الدار و قهروا و لم يتمكن المؤمن من الخروج من أحكامهم جاز له أن يطأ سبيهم ويجري أحكامهم مع الغلبة والقهر مجرى أحكام المحقين فيما يرجع إلى المحكوم عليه و إن كان فيما يرجع إلى الحاكم معاقبا آثما و أما تزويجه بنته فلم يكن ذلك عن اختيار ثم ذكر رحمه الله الأخبار السابقة الدالة على الإضطرار ثم قال على أنه لو لم يجر ما ذكرناه لم يمتنع أن يجوزه عليه السلام لأنه كان على ظاهر الإسلام و التمسك بشرائعه و إظهار الإسلام وهذا حكم يرجع إلى الشرع فيه وليس مما يخاطره العقول و قد كان يجوز في العقول أن يبيحنا الله تعالى مناكحة المرتدين على اختلاف ردتهم و كان يجوز أيضا أن يبيحنا أن ننكح اليهود والنصارى كما أباحنا عند أكثر المسلمين أن ننكح فيهم و هذا إذا كان في العقول سائغا فالمرجع في تحليله و تحريمه إلى الشريعة و فعل أمير المؤمنين عليه السلام حجة عندنا في الشرع فلنا أن نجعل ما فعله أصلاً في جواز مناكحة من ذكروه و ليس لهم أن يلزموا على ذلك مناكحة اليهود والنصارى و عباد الأوثان لأنهم إن سألوا عن جوازه في العقل فهو جائز و إن سألوا عنه في الشرع فالا جماع يحظره ويمنع منه انتهى كلامه رفع الله مقامه .

أقول بعد إنكار عمر النص الجلي و ظهور نصبه و عداوته لأهل البيت عليهم السلام يشكل القول بجواز مناكحته من غير ضرورة و لا تقية إلا أن يقال بجواز مناكحة كل مرتد عن الإسلام ولم يقل به أحد من أصحابنا و لعل الفاضلين إنما ذكرا ذلك استظهارا على الخصم و كذا إنكار المفيد رحمه الله أصل الواقعة إنما هو لبيان أنه لم يثبت ذلك من طرقهم وإلا فبعد ورود ما مر من الأخبار إنكار ذلك عجيب(1).» إنتهى كلامه رحمه الله

ص: 353


1- بحار الأنوار 42 : 106 ح 34.

أقول: هذا ما استفدنا من الشيخ المفيد و العلامة المجلسي و مما إستفاده من الفاضلين وجود أصل روائي و تاريخي من الأمور المبهمة التي إختلفت الروايات فيه بحد يشكل لنا الجمع بينها . فلذا إختلف العلماء فيه ، فهُم بين منكر ومثبت والثاني بين أنها جنية وإنسية .... مضافا بما أن بعضهم صرّحوا بأن أم كلثوم هذه ليست من بنات فاطمة عليها السلام بل أنها من غيرها من زوجات الأمير عليه السلام والله أعلم بحقائق الأمور.

صد الناس عن القرآن الذى جمعه الأمير عليه السلام

1- عن سلمان رضي الله عنه أنّ أمير المؤمنين صلوات الله عليهِ لَما رأى غدر الصحابة وقلّة وفائهم لزم بيته وأقبل على القرآن يُؤلّفه ويجمعُهُ فلم يخرُج مِن بيتِهِ حَتَّى جمعه وكان فِي الصُّحُفِ و الشّظاظ والأسيارِ والرّقاعِ فَلَمّا جمعهُ كُلّه وكتبهُ بِيدِهِ تنزيله وتأويله والنَّاسِخ مِنهُ و المنسُوخ بعث إليهِ أبوبكر أن اخرج فبايع فبعث إليهِ أنّي مشغول فقد آليتُ على نفسي بيميناً ألا أرتدي برداء إلا للصلاة حتى أُؤلّف القرآن وأجمعه فسكتوا عنه أياماً فجمعه في ثوب واحِدٍ و ختمهُ ثُم خرج إلى النّاسِ وهُم مُجتَمِعُون مع أبي بكرٍ في مسجِدِ رسول الله صلى الله عليه وآله فنادى علي بأعلى صوتِهِ أَيُّها النّاسُ إِنِّي لم أزل مُنذُ قُبِض رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله مشغولاً بِغُسلِهِ ثُمَّ بالقرآن حتى جمعتُهُ كُلّهُ في هذا التّوبِ الواحِدِ فلم يُنزِلِ الله على نبيه صلى الله عليه وآله آيةً من القرآن إلا وقد جمعتها وليست مِنهُ آيةٌ إلا وقد أقرأنيها رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله و علّمني تأويلها ثُمَّ قال علي عليه السلام لا تقولُوا غداً ﴿إنا كنا عن هذا غافلين﴾(1) ثُمّ قال لهم علي عليه السلام لا تقُولُوا يوم القيامةِ إِنِّي لم أدعُكُم إلى نُصرتي ولم أُذكِّركُم حقي ولم أدعُكُم إِلى كِتابِ اللهِ مِن فَاتِحَتِهِ إلى خاتِمَتِهِ فقال له عمرُ ما أغنانا بما معنا من القرآن عمّا تدعونا إليهِ ثُم دخل علي عليه السلام بيته.(2)

ص: 354


1- الأعراف : 172.
2- بحار الأنوار 89 :40 ح1.

لا يحل عقد الولاية إلا كافر

1 - عن الصادق عليه السلام في خبر قال رجُلٌ مِن بني عدِي اجتمعت إلى قريش فأتينا الني صلى الله عليه واله فقالوا يا رسول الله إنا تركنا عبادة الأوثان واتبعناك فأشركنا في ولاية علي فنكون شركاء فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فقال يا محمد لئن أشركت ليحبطن عملك(1) الآية قال الرّجُلُ فضاق صدري فخرجتُ هارباً لما أصابني من الجهد فإذا أنا بفارس قد تلقاني على فرس أشقر عليهِ عِمامةٌ صفراء يفُوحُ مِنهُ رائِحَةُ المسكِ فقال يا رجُلُ لقد عقد مُحمّدٌ عُقدةً لا يحلُها إلا كافِرٌ أو مُنافق قال فأتيتُ النّبي صلى الله عليه واله فأخبرته فقال هل عرفت الفارس ذاك جبرئيل عرض عليكم عقد ولاية إن حللتم العقد أو شككتُم كُنتُ خصمكُم يوم القيامة .(2)

2 - عن الصادق عليه السلام أنه قال: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من هذه الخطبة رؤى في النّاس رجل جميل بهي طيب الريح، فقال: تالله ما رأيتُ محمّداً كاليوم قط، ما أشدّ ما يُؤكّد لا بنِ عمّه ! وإنه عقد عقداً لا يحلّه إلا كافر بالله العظيم وبرسوله، ويل طويل لمن حلّ عقده. قال: فإلتفت إليه عمر حين سمع كلامه فأعجبته هيئته، ثم إلتفت إلى النبي صلى الله عليه وآله، وقال: أما سمعت ما قال هذا الرّجلُ ؟! قال كذا وكذا. فقال صلى الله عليه وآله: يا عُمر، أتدري من ذلك الرجل؟ قال : لا . قال : ذلك الروح الأمين جبرئيل، فإياك أن تحلّه، فإنّك إن فعلت فالله ورسوله و ملائكته والمؤمنون منك براء».(3)

3 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال لما نزلت الولاية لعلي عليه السلام قام رجل من الناس فقال: قد عقد هذا الرسول لهذا الرّجل عُقدةً لا يحلّها إلا كافر قال: فجاءه الثاني فقال: يا عبد الله من أنت ؟ فسكت فرجع الثاني إلى رسولِ الله صلى الله عليه وآله فقال: إنّي رأيتُ رجلا يقول كذا وكذا فقال : يا فلان ذلك جبرئيل فإياك أن تكون ممن يحل العقدة فتكفر.(4)

ص: 355


1- الزمر : 65.
2- مناقب آل أبي طالب 3 : 38.
3- البرهان في تفسير القرآن 2 :240 ح 2913 و مدينة معاجز الأئمة 302:1 ح189.
4- إثبات الهداة 3 : 117ح 469 ومدينة معاجز الأئمة 1 : 302 ح 188.

4 - عن صفوان الجمال قال سمعت أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لما نزلت الولاية لعلي عليه السلام قام رجلٌ مِن جانبِ النّاس فقال : لقد عقد هذا الرَّسُولُ هذا الرّجُل عُقدةٌ لا يحلُّها بعدهُ إِلَّا كَافِرُ، فجاءه الثّاني فقال له: يا عبد الله، من أنت؟ فسكت. فرجع الثاني إلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله ، إِنِّي رأيتُ رجُلا فِي جَانِبِ النّاسِ وهُو يقُولُ: لقد عقد هذا الرَّسُولُ لهذا الرّجُلِ عُقدةً لا يحلُّها إلا كافر. فقال: يا فلان ، ذلك جبرئيل، فإياك أن تكون ممن يحل العقدة فنكص.(1)

يعرفون الولاية يوم الغدير و ينكرونها يوم السقيفة

1- عن زرارة عن الصادق عليه السلام في حديث طويل: أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوم الغدير: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وجاء أصحاب النبي صلى الله عليه وآله و هناوه بالولاية، وأول من قال له عُمر: أصبحت مولاي و مولى كل مؤمن ومؤمنة قال: فسُئِل الصادق عليه السلام عن قوله تعالى: ﴿يعرِفُون نِعمت اللهِ ثُمَّ يُنكِرُونها﴾(2) قال: يعرفونها يوم الغدير و يُنكرونها يوم السقيفة.(3)

ما فهم معني الكلالة ابداً

1- في قوله تعالى: ﴿يستفتونك قُلِ اللهُ يُفتِيكُم في الكلالة﴾(4)، عن إبن سيرين أن عُمر سأل حذيفة عن الكلالةِ، ثمّ قال عُمر: اللهم من كنت بيّنتها له فإنّها لم تُبيّن لي، ومن فهمها، فإنّي لم أفهمها.(5)

ص: 356


1- قرب الإسناد :61 ، بحار الأنوار 593:31 ح 24 ، وسائل الشيعة 21 : 346: ح 34928 و مدينة معاجز الأئمة 1 :302 ح 188.
2- النحل : 83.
3- إثبات الهداة 3 :171ح 736 وبحار الأنوار 37 : 166.
4- النساء : 176.
5- إثبات الهداة 3 : 348 ح 4.

أقول : روى السيوطي والهندي و كثير من علمائهم أنه كان عمر لم يفهم(1) و رووا في ما يتعلق بحضور قلبه في الصلاة أنه : " اعتراه نسيان في الصلاة فجعل رجل خلفه يلقنه فإذا أومأ إليه أن يسجد أو يقوم فعل(2) و رووا أن رجلا أتى عمر فقال: اني أجنبت فلم أجد ماء. فقال: لا تصل . فقال عمار: أما تذكر يا أمير المؤمنين! اذ انا و انت في سرية فاجنبنا فلم نجد ماء. فاما انت لم تصل وأما انا فتمعكت في التراب وصليت فقال النبي صلى الله عليه وآله : انما يكفيك أن تضرب بيديك الارض ثمّ تنفخ ثمّ تمسح بهما وجهك وكفيك» فقال عمر: اتق الله يا عمار! قال: إن شئت لم أحدث به(3)

هذا كله من مصادرهم و لا أريد أن أستخرج كل ما في كتبهم الذي يتعلق بالثلاثة و لأفعلن إن أبقاني الله ومنه التوفيق. وعلى أي حال فانظروا يا أولي الألباب إلى فهمه و الحة فقهه و توجهه في العبادة فلعن الله أمة ولّت هذا الرجل على مقاديرها و أجلست أعلمها وأفقهها في قعر بيته، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما ولّت أمة قط أمرها رجلاً وفيهم أعلم نه إلّا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتى يرجعوا الى ما تركوا(4)

هو و حفظ القرآن

1- روى المؤرخون أنّ عُمر حفظ سورة البقرة في إثنتي عشرة سنة، وقيل: في تسع عشرة سنة، و من روى الرواية الأولى، قال: إنّه لما حفظها نحر جزوراً.(5)

ص: 357


1- الدر المنثور 2 : 753 وكنز العمال 11 : 78 ح 30688.
2- الطبقات الكبري 3 : 217.
3- صحیح مسلم ؛ كتاب الطهارة : 193 112 و صحيح بخاري؛ كتاب التيمم : 84 باب 4 ح 338.
4- بحار الأنوار 22:44.
5- إثبات الهداة 3 : 349 ح11.

عدم إيمانه بقول رسول الله صلى الله عليه وآله

1- روي في قوله تعالى: ﴿لا تتَّخِذُوا عدوي وعدوكم أولياء﴾(1) حديثاً طويلا حاصله أن المشركين كتبوا كتاباً إلى مكة مع إمرأة، وأن النبي صلى الله عليه وآله أرسل عليا وعمر، وطلحة والزبير في آخرين ليأخُذُوا الكتاب مِنها بِأمر الله ، فتوجهوا إليها فوجدوها و طلبوا الكتاب فأنكرته، فهم عمرُو من معه بالرجوع، فقال علي عليه السلام والله ما كذبتُ ولا كُذِبتُ، وسلّ سيفه، وقال: أخرجي الكتاب، وإلا والله لأضربنّ عُنقك فلَمّا رأت الجدّ أخرجته من ذوابتها.(2)

كان رآه الأمير عليه السلام كاذباً آثماً غادراً

1- روی علماؤُهُم كالبخاري والمسلم حيث ذكروا إرتفاع عليّ و العباس إلى عُمر فقال عُمر للعباس و على ما هذا لفظه: فلَمّا تُوفّي رسولُ الله صل الله عليه وآله قال أبوبكرأنا وليُّ رسولِ الله فجِئتُما تطلب أنت ميراثك من إبن أخيك، ويطلُبُ هذا ميراث إمرأته من أبيها، فقال أبوبكر: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : نحن معاشر الأنبياء لا نُورتُ، ما تركناه صدقة، فرأيتُماه كاذباً آثماً غادراً، خائناً، والله إنه الصادق بار، راشد ، تابع للحقِّ !! ثم تُوفّي أبوبكر، فقلتُ أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وآله و وليُّ أبي بكر، فرأيتُماني كاذباً آثماً، غادراً، خائناً والله يعلم أنّي لصادق بار تابع للحقِّ !!! (الحديث).(3)

الفرق بين سياسته وسياسة أمير المؤمنين عليه السلام

1- روى شيخُنا الحر العاملي عن إبن أبي الحديد و هو من علمائهم : أن قوما زعموا أن عُمر كان أحسن سياسةً من علي عليه السلام وإن كان علي أعلم منه، ثم قال في الردّ عليهم: إن عمر مجتهداً (مجتهد) يعمل بالقياس والإستحسان والمصالح المرسلة، ويرى تخصيص عمومات

ص: 358


1- الممتحنة: 1.
2- إثبات الهداة 3 : 350 ح 19.
3- صحیح مسلم؛ كتاب الجهاد والسيرح 3308 ، إثبات الهداة 3 : 56360 و بحار الأنوار 361:29.

النّص بِالآراء والإستنباط من أمور تقتضي خلاف ما يقتضيه عُموم النص، ويكيد خصمه و يأمر أمراءه بالكيدِ والحيلة كلُّ ذلك بقوّة إجتهاده !!! ولم يكن أمير المؤمنين يرى ذلك وكان يقف مع النُّصوص، والظواهر، ولا يتعداها إلى الإجتهاد والأقيسة، ولا يضع ولا يرفع إلّا بالكتاب والنص.(1)

في إنقياد الجنّ له!

1- عن الأصبغ بن نباتة عن عبدِ اللهِ بنِ عباس قال: كان رجلٌ على عهدِ عُمر بن الخطاب، لهُ ابل بناحية اذربايجان ، قد استصعبت عليه جملةً فمنعت جانبها، فشكا إليه ما قد ناله وأنه كان معاشه منها، فقال له: اذهب فاستغتِ الله عزّ و جلّ ، فقال الرجل: ما أزال أدعوا و أبتهل إِليهِ فكلما قربتُ مِنها حملت عليّ. قال: فكتب لهُ رُقعةً فِيها: مِن عُمر أمير المؤمنين إلى مردة الجن و الشَّيَاطِينِ أن تُذلّلوا هذه المواشي له. قال: فأخذ الرّجلُ الرقعة ومضى، فاغتممتُ لِذلِك غمّاً شدِيداً، فلقيتُ أمير المؤمنين عليّاً عليه السلام فأخبرتُهُ مِما كان، فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ليعودن بالخيبة، فهدأ ما بي، وطالت علي سنتي، وجعلتُ أرقُبُ كُلّ من جاء مِن أهل الجبال، فإذا أنا بِالرّجُلِ قد وافى وفي جبهتِهِ شجّةٌ تكاد اليد تدخُلُ فِيهَا، فَلَمّا رأيتُهُ بادرتُ إِلَيهِ، فقُلتُ له: ما وراءك ؟ فقال: إنّي صِرتُ إلى الموضع، و رميتُ بِالرُّقعة، فحمل علي عداد منها، فهالني أمرها، فلم تكن لي قُوّةٌ بِها، فجلستُ فرمحني أحدُها في وجهي، فقُلتُ: اللهم اكفِنِيها، فكلُّها يشُدُّ عليّ ويُريد قتلي، فانصرفت عنِّي، فسقطت فجاء أخ لي فحملني، ولستُ أعقِلُ، فلم أزل أتعالج حتى صلحتُ ، و هذا الأثر في وجهي، فجِئتُ لأعلمه يعني عمر. فقُلتُ لَهُ: صِر إليهِ فأعلمه.

فلما صار إليه، وعنده نفر، فأخبره بما كان فزبره ، وقال له : كذبت لم تذهب بكتابي. قال: فحلف الرّجُلُ بِاللهِ الَّذِي لا إله إلا هو، وحق صاحِبِ هذا القبر، لقد فعل ما أمره بِهِ مِن حمل الكِتابِ، و أعلمه أنه قد نالهُ مِنها ما يرى، قال: فزبره و أخرجه عنه.

فمضيتُ معه إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فتبسّم ثُمّ قال: ألم أقل لك، ثم أقبل على الرجل، فقال له:

ص: 359


1- شرح نهج البلاغة 214:10 وإثبات الهداة 3: 385 3 ح 161.

إذا انصرفت فصر إلى الموضع الَّذِي هِي فِيهِ، وقُلِ اللَّهُم إِنِّي أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، وأهل بيتِهِ الّذين اخترتهم على عِلمٍ على العالمين، اللهم فذلّل لِي صُعُوبتها وحُزانتها ، واكفني شرّها، فإنّك الكافي المعافي الغالِبُ القاهِرُ

فانصرف الرّجلُ راجعاً، فلما كان مِن قابِل قدم الرّجُلُ ومعهُ جُملةٌ قد حملها مِن أثمانها إلى أمِيرِ المؤمنين عليه السلام فصار إليه وأنا معه ، فقال له: تُخبرني أو أُخبرك ؟ فقال الرجل: بل تُخبرني، يا أمير المؤمنين ، قال :كأنك صرت إليها، فجاءتك ولاذت بك خاضعةً ذليلةً، فأخذت بنواصيها واحداً بعد آخر فقال: صدقت يا أمير المؤمنين ، كأنك كنت معي فهذا كان، فتفضل بقبول ما جِئتُك به فقال: امض راشداً، بارك الله لك فِيهِ فبلغ الخبرُ عُمر فغمه ذلك حتى تبيّن الغم في وجهه ، فانصرف الرّجلُ وكان يحج كُلّ سنةٍ ولقد أنى الله ماله.

قال: وقال أمير المؤمنين عليه السلام كُلُّ من استصعب عليه شيءٌ من مال أو أهل أو ولد أو أمر فرعون من الفراعنة فليبتهل بهذا الدُّعاءِ فإنّه يُكفى مما يخافُ إِن شاء الله تعالى ».(1)

يا فلان ما أجرأك

1- عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن أبي عبدِ اللهِ الصّادِقِ عليه السلام قال: جلس رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله في رحبة مسجدِهِ بِالمدينة وطائفةٌ مِن المهاجرين والأنصار حوله وأمير المؤمنين عن يمينه و عمر عن شماله إذ طلعت غمامة ولها زجل بِالتسبيح وهفيف قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه و آله: قد شاهدتُهُ مِن عِندِ اللهِ ثُمَّ مدّ يده إلى الغمامة فنزلت و دنت من يدِهِ فبدا منها جام يلمعُ حتى غُشِيت أبصارُ من في المسجِدِ مِن لمعاتِهِ و شُعاعِ نُورِهِ، و فاح في المسجد روائح حتى زالت عُقُولُنَا بِطِيبها ومشمّها والجامُ يُسبّحُ الله ويُقدِّسُهُ ويُمجِدُهُ بِلسان عربي مُبِينٍ حتى نزل في بطن راحةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله اليمين وهو يقُولُ: السلام عليك يا حبيب الله وصفيه ونبيه ورسوله المختار على العالمين والمفضّل على خلق الله أجمعين من الأولين والآخرين، وعلى وصيك خير الوصتين و أخيك خير المؤاخِين وخليفتك خير المستخلفين وإمام المتقين وأمِيرِ المؤمنين و نُورِ

ص: 360


1- مدينة معاجز الأئمة 1 : 306 ح 192 ، البرهان في تفسير القرآن 5 : 17 ح 9713 وإثبات الهداة 3 : 490 ح 199.

المستضيئين وسراج المهتدين و على زوجته فاطمة ابنتك خيرنساء العالمين الزهراء في الزّاهِرِين والبتُولِ فِي المتبتلين، والأئمة الرّاشِدِين وعلى سبطيك ونوريك و ريحانتيك وقرة عينيك أبناء علي الحسن و الحسين ، و رسُولُ الله وسائر من كان حاضراً يسمعُون ما يقولُ الجامُ ويغضُون مِن أبصارِهِم مِن تلألؤ نُورِهِ صلى الله عليه وآله وهُو يُكثِرُ مِن حمدِ الله وشكره حتى قال الجامُ وهُو فِي كفِّهِ: يا رسول الله أنا تحِيَّةُ اللهِ إِليك و إلى أخيك علي وابنتِك فاطمة والحسن والحسين فردّني يا رسول اللهِ في كفِّ عليّ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله خُذْهُ يا أبا الحسن تحيّةً مِن عِندِ اللهِ فمد يده اليمنى فصار في بطن راحتيه فقبله واشتمه فقال مرحباً بِكرامةِ اللهِ لِرَسُولِهِ وأهل بيتِهِ وأكثر من حمدِ اللهِ والثناء عليه والجامُ يُسبّحُ الله عزّوجلّ و يُهلله ويُكبّره ويقول: يا رسول الله ما بقي مِن طِيبٍ فِي الجنّةِ إِلَّا وأنا أطيبُ مِنْهُ، فاردُدْنِي إِلى فاطمة والحسن والحسين كما أمرني الله عزّ و جلّ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: قُم يا أبا الحسن بِهِ فاردُده إلى كفِّ قُرة عيني فاطمة وكفّ حبيبي الحسن والحسين، فقام أمير المؤمنين عليه السلام يحمِلُ الجام و نُورُهُ يَزِيدُ على نُورِ الشَّمس والقمر و رائحتُه قد ذهلتِ العُقُول طيباً حتى دخل على فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام مِن الله ورحمته وبركاته) و ردّه في أيديهم فتحيوا بِهِ و قبلُوهُ وأكثرُوا مِن حمدِ اللهِ وشُكرِهِ والثَّناءِ عليهِ، ثُمَّ ردّهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، فَلَمّا الفعال صار في كفِّهِ قام عمر على قدميه فقال: یا رسول الله ، تستأثِرُ بِكُلِّ ما نالك مِن عِندِ اللَّهِ مِن تَحِيَّةٍ وهدِيّة، أنت وعلي وفاطمة والحسن والحسين ؟ فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: يا عمرُ ما أجرأك على الله ؟ أما سمعت الجام حتى تسألني أن أُعطيك ما ليس لك ؟ فقال له: يا رسول اللهِ أتأذنُ بأخذه واشتمامِهِ و تقبيله ؟ فقال له رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: ما أشدّ جأشك، قم، إن نلته فما مُحمّد رسولُ اللهِ حقاً ولا جاء بِحَقِّ مِن عِندِ اللهِ فد عمريده نحو الجامِ فلم يصل إليه وارتفع الجام نحو الغمام، وهو يقُولُ: يا رسُولُ هكذا يفعل المزورُ بِالزَائِر؟

قال: قُم يا أبا الحسن على قدميك، وامدد يدك إلى الغمام وخُذ الجام وقُل ما أمرك اللهُ بِهِ أَن تُؤدّيه إلينا ثانيةً، فقام أمير المؤمنين عليه السلام فمد يده إلى الغمام فتلقاه الجام فأخذه فقال له: القف رسُولُ الله صلى الله عليه وآله يقولُ لك: ما ذا أمرك الله أن تقول له ؟ فأتاه الجامُ وقال : نعم يا رسُول الله

ص: 361

أمرني أن أقول لكُم أن قد أوقفني على نفسِ كُلّ مُؤمِنٍ و مُؤمنةٍ مِن شِيعَتِكُم وأمرني بِحُضُورِ وفاته فلا يستوحِشُ مِن الموتِ ولا ييأس من النظر إليكم و أن أنزل على صدره و أن أكسوه من روائح طيبي فتقبض روحه وهو لا يشعُر.

فقال عمر لأبي بكر: يا ليت الجام مضى بالحديث الأول ولم يذكر شيعتهم.(1)

معجزة الأمير عليه السلام وعدم وفاء الثاني

1- عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : كنا بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام في مسجدِ رسول الله صلى الله عليه وآله إذ دخل عُمر بن الخطاب، فلمّا جلس قال للجماعة: إن لنا سراً فخفّفُوا رحمكم الله ، فتهيزت وجوهنا وقلنا له: ما هكذا كان يفعل بنا رسولُ الله صلى الله عليه وآله ولقد كان يأتمننا على سره، فما بالك أنت لا وليت أمور المسلمين تسترت بنقاب رسول الله صلى الله عليه وآله ؟! فقال للناس أسرار لا يمكن إعلانها بين الناس، فقُمنا مُغضبين وخلا بأمير المؤمنين عليه السلام مليّاً، ثُمّ قاما من مجلسهما حتى رقيا منبر رسولِ الله جميعاً . فقُلنا: الله أكبر أتُرى إبن حنتمة رجع عن طغيانه و غيّه ورقى المنبر مع أمير المؤمنين عليه السلام ليخلع نفسه ويُثبته له فرأينا أمير المؤمنين عليه السلام و قد مسح بيده على وجهه، ورأينا عُمر يرتعد ويقول: لا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم، ثُمّ صاح ملء صوته: يا سارية الجبل الجبل، ثم لم يلبث (إلى) أن قبل صدر أمير المؤمنين ونزلا وهو ضاحِكٌ، وأمير المؤمنين عليه السلام يقول له: يا عُمر إفعل ما زعمت أنك فاعله وإن كان لاعهد لك ولاوفاء، فقال له: إمهلني يا أبا الحسن حتى أنظر ما يرد من خبر سارية وهل ما رأيتُه صحيحاً أم لا ؟ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ويحك إذا صح و وردت أخباره عليك بتصديق ما عاينت و رأيت وإنهم قد سمعوا صوتك و لجئوا إلى الجبل كما رأيت هل أنت مسلّم ما ضمنت ؟ قال: لا يا أبا الحسن ولكنّي أضيف هذا إلى ما رأيتُ منك و من رسول الله صلى الله عليه وآله والله يفعل ما يشاء ويختار.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا عُمرإنّ الّذي تقول أنت وحزبك الظالمون إنه سِحرُو كهانةٌ إنه ليس منهما، فقال له عُمر: يا أبا الحسن ذلك قول من مضى والأمر فينا في هذا الوقت ونحنُ أولى بتصديقكم في أعمالكم و ما نراه إلا من عجائبكم إلا إن الملك عقيم.

ص: 362


1- الهداية الكبرى : 163 ، إرشاد القلوب 2 :134 و مدينة معاجز الأئمة 1 : 155ح92.

فخرج أمير المؤمنين عليه السلام فلقيناه، فقلنا له: يا أمير المؤمنين ما هذه الآية العظيمة وهذا الخطاب الذي قد سمعناه ؟ فقال أمير المؤمنين: هل علمتم أوله ؟ فقلنا: ما علمناه يا أمير المؤمنين، ولا نعلمه إلا منك.

فقال: إن هذا إبن الخطاب قال لي: إنّه حزين القلب، باكي العين على جُيُوشه التي في فتح الجبل في نواحي نهاوند، فإنّه يُحبّ أن يعلم صحة أخبارهم وكيف هم مع ما دفعوا إليه من كثرة جيوش الجبل، وإنّ عمرو بن معد يكرب قتل و دفن بنهاوند وقد ضعف جيشه وإنحل بقتل عمرو، فقلتُ له: ويحك يا عُمر تزعم أنك الخليفة في الأرضِ والقائم مقام رسول الله صلى الله عليه وآله و أنت لا تعلم ما وراء أذنك، وتحت قدمك، والإمام يرى الأرض ومن فيها ولا يخفى عليه مِن أعمالهم شيء، فقال: يا أبا الحسن فأنت بهذه الصورة فأيُّ شيءٍ خبر سارية الساعة و أين هو و من معه وكيف صُورتهم ؟

فقلتُ له: يا بن الخطاب إن قلتُ لك لم تُصدّقني، ولكنّي أُريك جيشك وأصحابك وسارية و قد كمن لهم جيوش الجبل في وادٍ قفر بعيد الأقطار، كثير الأشجار، فإن سار جيشك إليهم يسيراً أحاطوا به فقُتِل أوّلُ جيشك وآخرُه ، فقال لي: يا أبا الحسن فما لهم من ملجأ منهم ولا مخرج من ذلك الوادي، فقلتُ: بلى، لو لحقوا إلى الجبل الذي إلى الوادي لسلموا و ملكوا جيش الجبل فقلق وأخذ بيدي وقال: الله الله يا أبا الحسن في جيوش المسلمين إما أن تُرينهم كما ذكرت أو تُحذرهم إن قدرت و لك ما تشاء، ولو خلع نفسي من {الخلافة} هذا الأمر و أرده إليك. فأخذتُ عليه عهد الله وميثاقه إن رقيتُ به المنبر و كشفت له عن بصره وأريتُه جيشه في الوادي، وإنّه يُصيحُ عليهم فيسمعون منه ويلجئُون إلى الجبل فيسلمون ويظفرون، أن يخلع نفسه من الخلافة ويُسلّم حقي إليّ، فقلتُ له: قم يا شقي فوالله لا وفيت بهذا العهد والميثاق كما لم تف الله ولرسوله ولي بما أخذناه عليك من العهد والميثاق والبيعة في جميع المواطن. فقال لي: بلى والله ، فقلتُ له: ستعلم أنك من الكاذبين، ورقوت المنبر و دعوت بدعوات و سألت الله أن يُريه ما قلتُ له، ومسحتُ بيدي على عينيه، وقلتُ له وكُشف عنه غطاؤه و نظر إلى سارية وسائر الجيش وجيش الجبل وما بقي إلا الهزيمة لجيشه وقلتُ: صح يا عُمران شئت، قال: وأُسمع ؟ قلت له:

ص: 363

وتُسمع وتنادي بصوتك إليهم، فصاح الصيحة التي سمعتموها يا سارية الجبل الجبل، فسمعوا صوته و لجئوا إلى الجبل، فسلموا و ظفروا و نزل ضاحكاً كما رأيتُمُوه وخاطبته وخاطبني بما قد سمعتم.

قال جابر فآمنا و صدقنا وشك آخرون إلى أن ورد البريد بحكاية ما حكاه أمير المؤمنين عليه السلام.(1)

خروج جيفته و إحراق جسده بالنّارو دخول قاتله الجنة على الرغم منه

1- عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال رأيتُ أمير المؤمنين عليه السلام وهو في بعض أزقة المدينة يمشي وحده، فسلّمتُ عليه، واتبعته حتى انتهى إلى دار الثاني، وهو يومئذ خليفة فاستأذن فأذن له، فدخل ودخلتُ معه، فسلّم على الثاني، وجلس، فحين استقرت به الأرضُ ، قال له : من علمك الجهالة يا مغرور، أما والله لو قبلت قول رسول الله صلى الله عليه وآله و أطعت ما أمرك به، لما سميت نفسك أمير المؤمنين ، ولكأنّي بك قد طلبت الإقالة كما طلبها صاحبك ولا إقالة. قال صاحبي طلب منك الإقالة ؟ قال : والله ، إنك لتعلم أن صاحبك قد طلب مني الإقالة، ولم أقله، وكذلك تطلبها أنت أما والله لو كنت بصيراً، أو كنت بما أمرك به رسول الله صلى الله عليه وآله خبيراً، أو كنت في دينك تاجراً نحريراً لركبت العقر، ولفرشت القصب، ولما أحببت أن تتمثل لك الرّجالُ قياماً، ولما ظلمت عترة النبي صلى الله عليه وآله بقبيح الفعل، غير أني أراك في الدُّنيا قتيلا بجراحة من عبد أمّ معمر، تحكم عليه بالجور فيقتلك توفيقاً يدخل به والله الجنان على الرغم منك.

والله لو كنت من رسول الله صلى الله عليه وآله سامعاً ومطيعاً لما وضعت سيفك على عاتقك، ولما خطبت على المنبر، و لكأنّي بك وقد دعيت فأجبت ، ونُودي بإسمك فأحجمت، وإن لك بعد القتل لهتك ستر، وصلباً و لصاحبك الذي إختارك، وقمت مقامه من بعده.

فقال له عُمر: يا أبا الحسن، أما تستحي لنفسك من هذا التهكن ؟ فقال له أمير المؤمنين علیه السلام: والله ما قلتُ لك إلّا ما سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وآله، وما نطقت إلّا بما علمتُ.

ص: 364


1- مدينة معاجز الأئمة 2 : 14ح360.

قال : فمتى هذا، يا أمير المؤمنين؟

قال: إذا خرجت جيفتكما عن رسول الله صلى الله عليه وآله من قبر يكما الّذين لم ترقدا فيهما نهاراً و لا ليلا لئلا يشك أحد فيكما إذ نبشتُما و لودفنتما بين المسلمين لشك شالكٌ، وإرتاب مرتاب، وصُلبتها على أغصان دوحاتِ شجرة يابسة فتورّق تلك الدوحات بكما، وتفرّع و تخضر فيكون علامةً لمن أحبكما ورضي بفعالكما، ليميز الله الخبيث من الطيب، ولكأنّي أنظر إليكما والنّاس يسألون ربهم العافية مما قد بليتما به.

قال: فمن يفعل ذلك يا أبا الحسن؟

قال: عصابة قد فرقت بين السُّيوف وأغمادها، وارتضاهم الله لنصرة دينه، فما تأخذهُم في الله لومة لائم، ولكأنّي أنظر إليكما وقد أُخرجتُما من قبريكما غضين طريين حتى تُصلبا على الدوحات، فيكون ذلك فتنةً لمن أحبّكما.

ثم يُؤتى بالنار التي أُضرمت لإبراهيم عليه السلام و يحيى و جرجيس و دانيال و كل نبي وصديق و مؤمن، ثم يؤمر بالنار وهي النّارُ التي أضر متُموها على باب داري لتُحرقوني وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وابني الحسن والحسين، وابنتي زينب و أم كلثوم حتى تُحرقا بها، و يُرسل الله عليكم ريحاً مرّةً فتنسفكما في اليم نسفاً، بعد أن ياخذ السيف منكما ما أخذ، و يصير مصيركما جميعاً إلى النّار، وتُخرجان إلى البيداء إلى موضع الخسف الذي قال الله عزّو جل: ﴿ولو ترى إذ فزِعُوا فلا فوت و أُخِذُوا مِن مكان قريب﴾(1) يعني من تحت أقدامهم.

قال: يا أبا الحسن، يفرّق بيننا و بين رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

قال: نعم.

قال: يا أبا الحسن، إنك سمعت هذا وإنه حق؟

قال: فحلف أمير المؤمنين عليه السلام أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وآله فبكى عُمرو قال: إنّي أعوذُ بالله مما تقول، فهل لك علامة ؟

ص: 365


1- سبأ: 51.

قال: نعم، قتل فظيع وموت رضيع ، و طاعون شنيع، ولا يبق من الناس في ذلك الزمان إلّا ثلهم، ويُنادي منادٍ من السماء بإسم رجلٍ مِن وُلدي، وتُكثر الآيات حتى يتمنى الأحياء الموت مما يرون من الأهوالِ، فمن هلك إستراح، و من كان له خير عِند الله نجا، ثُمّ يظهر رجلٌ من ولدي فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جوراً وظلماً ، يأتيه الله ببقايا قوم موسى، ويُحيى له أصحاب الكهف، ويؤيّده الله بالملائكة والجن وشيعتنا المخلصين، وينزل من السماء قطرها، وتخرج الأرضُ نباتها.

فقال له عُمر: يا أبا الحسن، أما إنّي أعلم إنّك لا تحلف إلا على حق، فوالله لا تذوق أنت ولا أحدٌ مِن وُلدك حلو الخلافة أبداً. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: ثمّ إنّكُم لا تزدادون لي و لؤلدي إلا عداوة. قال : فلَمّا حضرت عمر الوفاة أرسل إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال له: يا أمير المؤمنين، يا أبا الحسن، إعلم أن أصحابي هؤلاء حللوني مما وليتُ مِن أُمورهم ، فإن رأيت أن تُحللني. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أرأيتك إن حلّلتك أنا فهل لك في تحليل من مضى من رسول الله صلى الله عليه وآله وإبنته ، ثم ولّى وهو يقول: ﴿و أسرُّوا الندامة لما رأوا العذاب﴾(1).(2)

2 - محمد بن سنان قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقولُ لعُمر: يا عمر يا مغرورُ إِنِّي أراك في الدُّنيا قتيلا بجراحة من عبد أمّ معمّر تحكم عليه جوراً فيقتلك توقيعاً يدخل بذلك الجنة على رغم منك، وإن لك ولصاحبك الذي قمت مقامه صلباً وهتكاً تُخرجان عن رسول الله صلى الله عليه وآله فتصلبان على أغصانِ دوحةٍ يابسة فتورّق، فيفتتن بذلك من والاك ، فقال عمر: ومن يفعل ذلك يا أبا الحسن؟ فقال: قوم [قد] فرقوا بين السُّيوف وأغمادها، ثم يؤتى بالنار التي أُضرمت لإبراهيم عليه السلام وياتي جرجيس و دانيال وكل نبي وصديق، ثُم تأتي ريح فتنسفكما في اليم نسفاً(3).

ص: 366


1- يونس : 54.
2- دلائل الإمامة : 479 ح 472 ، الهداية الكبرى : 162 ، إرشاد القلوب 2 : 129 ، مشارق انوار الیقین : 125 و مدينة معاجز الأئمة 243:2 ح 528.
3- مدينة معاجز الأئمة 2 : 44ح390.

3- في رواية المفضّل أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام : يا سيّدي ثم يسير المهدي إلى أين؟ قال عليه السلام : إلى مدينة جدّي رسولِ الله صلى الله عليه وآله ، فإذا وردها كان له فيها مقام عجيب يظهر فيه سرور المؤمنين وخزي الكافرين.

قال المفضّل : يا سيدي ما هو ذاك ؟ قال : يرد إلى قبر جده صلى الله عليه وآله فيقول : يا معاشر الخلائق ، هذا قبر جدي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فيقولون : نعم يا مهدي آل محمد فيقولُ : ومن معه في القبر؟ فيقولون : صاحباه وضجيعاه أبوبكر وعُمر ، فيقولُ وهُو أعلم بهما والخلائق كلّهم جميعاً يسمعون : من أبوبكر وعُمر؟ وكيف دُفنا من بين الخلق مع جدّي رسول الله صلى الله عليه وآله ، وعسى المدفون غيرهما.

فيقولُ النّاسُ : يا مهدي آلِ محمّد صلى الله عليه وآله ما ههنا غيرهما إنهما دفنا معه لأنهما خليفتا رسول الله صلى الله عليه وآله و أبوا زوجتيه ، فيقولُ لِلخلق بعد ثلاث : أخرجوهما من قبريهما ، فيُخرجان غضّين طريين لم يتغيّر خلقهما ، ولم يشحب لونهما.

يقولُ : هل فيكُم من يعرفُهما ؟ فيقولون : نعرفهما بالصّفة وليس ضجيعا جدّك غيرهما ، فيقولُ : هل فيكم أحد يقول غير هذا أو يشك فيهما ؟ فيقولون : لا فيؤخر إخراجهما ثلاثة أيام ، ثم ينتشر الخبر في النّاس ويحضر المهدي ويكشف الجدران عن القرين ، ويقول للثقباء : إبحثوا عنهما وإنبشوهما . فيبحثون بأيديهم حتى يصلون إليهما. فيُخرجان غضّين طريين كصورتهما فيكشف عنهما أكفانهما ويامر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها ، فتحي الشجرة وتورّق ويطول فرعُها فيقولُ المرتابون مِن أهل ولايتهما : هذا والله الشرف حقاً ، ولقد فزنا بمحبّتهما و ولايتهما ، ويُخبر من أخفى نفسه تمن في نفسه مقياس حبّةٍ من محبّتهما و ولايتهما ، فيحضرونهما ويرونهما و يفتنون بهما وينادي منادي المهدي عليه السلام : كلُّ من أحب صاحبي رسول الله صلى الله عليه وآله وضجيعيه ، فلينفرد جانباً ، فتتجزء الخلقُ جُزئين أحدهما موال والآخر متبرى منهما.

فيعرضُ المهدي عليه السلام على أوليائهما البراءة منهما فيقولون : يا مهدي آلِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله نحن لم نتبرأ منهما ، ولسنا نعلم أنّ لهما عند الله وعندك هذه المنزلة ، وهذا الذي بدا لنا من فضلهما ، أنتبرأُ الساعة منهما وقد رأينا منهما ما رأينا في هذا الوقت من نضارتهما

ص: 367

وغضاضتهما ، وحياة الشجرة بهما ؟ بل والله نتبرأُ منك وتمن آمن بك و من لا يُؤمنُ بِهما ، ومن صلبهما ، وأخرجهما ، وفعل بهما ما فعل فيأمر المهدي عليه السلام ريحاً سوداء فتهب عليهم فتجعلهم كأعجاز نخل خاوية.

... ثم يأمُرُ بهما فيقتصُّ مِنهما في ذلك الوقت بمظالم من حضر، ثُمّ يصلبهما على الشجرة ويأمرُ ناراً تخرج من الأرض فتحرقهما والشجرة ثم يأمر ريحاً فتنسفهما في اليم نسفاً.(1)

في غلظته و دياثته وإرادته ضرب الحسين عليه السلام

1- عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهما السلام قال: خرج الحسن والحسين عليهما السلام حتى أتيا نخل العجوة للخلاء فهربا إلى مكانٍ وولّى كلُّ واحدٍ منهما بظهره إلى صاحبه فرمى الله بينهما بجدار يستر أحدهما عن الآخر. فلما قضيا حاجتهما ذهب الجدار و إرتفع من موضعه و صار في الموضع عين ماء وإجانتان فتوضئا وقضيا ما أرادا ثم إنطلقا فصارا في بعض الطريق عرض لهما رجلٌ فظّ غليظ فقال لهما ما خفتما عدوّكما من أين جئتُما ؟ فقالا : إننا جئنا من الخلاء فهم بهما فسمعوا صوتاً يقولُ : يا شيطان أتريد أن تُناوئ إبني محمد صلى الله عليه وآله وقد علمت بالأمس ما فعلت وناويت امهما وأحدثت في دين الله وسلكت في غير الطريق. واغلظ له الحسين عليه السلام أيضاً فهوى بيده ليضرب وجه الحسين عليه السلام فأيبسها اللهُ مِن عندِ مِنكبهِ فاهوى باليُسرى ففعل الله بها مثل ذلك. فقال: سألتكما بحق أبيكما وجدكما لما دعوتُما الله أن يطلقني. فقال الحسين عليه السلام : اللهم أطلقه واجعل له في هذا عبرةً واجعل ذلك عليه حجّة فاطلق الله يديه فانطلق قُدامهما حتى أتى عليّاً عليه السلام و أقبل عليه بالخصومة فقال: أين دسستهما وكان هذا بعد يوم السقيفة بقليل. فقال علي عليه السلام: ما خرجا الا للخلاء وجذب رجلٌ مِنهم عليّاً عليه السلام حتى شق رداءه. فقال الحسين للرّجل: لا أخرجك الله مِن الدُّنيا حتى تبتلى بالدياثة في أهلك وولدك وقد كان الرجل يقُودُ ابنته إلى رجلٍ مِن العِراق. فلما خرجا إلى منزلهما قال الحسين للحسن عليهما السلام : سمعتُ جدي يقولُ: إنّما مثلكما مثل يونس إذ أخرجه الله من بطن الحوت وألقاه بظهر الأرض

ص: 368


1- بحار الأنوار ج 12:53.

فأنبت عليه شجرةً من يقطين وأخرج له عيناً من تحتها فكان يأكلُ [من] اليقطين ويشرب من ماء العين وسمعتُ جدّي يقولُ: أمّا العين فلكم و أما اليقطين فأنتُم عنه أغنياء وقد قال الله تعالى في يونس: ﴿و أرسلناه إِلى مِائَةِ ألفٍ أو يزيدون فآمِنُوا فمتعناهُم إِلى حِينٍ﴾(1) و لسنا نحتاج إلى اليقطين ولكن علم الله حاجتنا إلى العين فأخرجها لنا وسنرسل إلى اكثر من ذلك فيكفرون ويتمتعون إلى حِين. فقال الحسن عليه السلام : قد سمعتُ ذلك.(2)

ما كان بينه وبين هند زوجة أبي سفيان؟!

1- رُوي أنه صلى الله عليه وآله بايع النساء على الصفا، وكان عُمر أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفاً من أن يعرفها رسولُ الله صلى الله عليه وآله، فقال: أُبايعكن على أن لا تُشركن بالله شيئاً. فقالت هند : إنّك لتأخذُ علينا أمراً ما رأيناك أخذته على الرجال ! وذلك أنه بايع الرجال يومئذ على الإسلام والجهاد فقط ، فقال النبي صلى الله عليه وآله: ولا تسرقن. فقالت هند: إن أبا سفيان رجلٌ مُمسك، وإنّي أصبتُ من ماله هنات، فلا أدري أيحلُّ لي أم لا؟ فقال أبوسفيان: ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غبر فهولك حلال. فضحك رسولُ الله صلى الله عليه وآله وعرفها، فقال لها: وإنكِ لهند إبنة عتبة ؟ فقالت: نعم، فاعفُ عمّا سلف يا نبي الله ، عفا الله عنك. فقال: ولا تزنين فقالت هند أو تزني الحرة؟ فتبسم عُمرُ بنُ الخطاب لِما جرى بينه وبينها في الجاهليّة، فقال صلى الله عليه وآله: ولا تقتلن أولادكن. فقالت هند: ربّيناهم صغاراً وقتلتموهم كباراً، فأنتُم و هم أعلم ، وكان إبنها حنظلة بن أبي سفيان قتله علي بن أبي طالب عليه السلام يوم بدر، فضحك عُمر حتى إستلق على قفاه، وتبسم النبي صلى الله عليه وآله وقال: ولا تأتين ببهتان تفترينه قالت هند والله إنّ البهتان قبيح، وما تأمرنا إلا بالرُّشد و مكارم الأخلاق، ولما قال: ولا تعصينني في معروف قالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا و في أنفسنا أن نعصيك في شيء.(3)

ص: 369


1- الصافات : 147 و 148.
2- الخرائج و الجرائح 2 : 845 ح 61 ، مدينة معاجز الأئمة 3 : 386 ح 101 و بحار الأنوار 273:43 ح 40.
3- البرهان في تفسير القرآن 5 : 358 ح 10672.

رحمة الله على بلال ولعنة الله على من يبكي على رمع

1 - كان بِلالُ مُؤذِّن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فَلَمّا قُبض رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لزم بيته ولم يُؤذِّن لأحدٍ من الخلفاءِ وقال فِيهِ أبو عبدِ الله جعفر بن محمّد عليهما السلام رحم اللهُ بِلالا فإِنَّهُ كان يُحِبُّنا أهل البيت لعن الله صُهيباً فإنّه كان يُعادِينا وفي خبر آخر كان يبكي على رمع.(1)

هو في التابوت

1- قال أميرالمؤمنين عليه السلام يوماً للحسن عليه السلام : يا أبا محمد ما ترى عند ربّي تابوتاً من نارٍ يقولُ يا على إستغفر لي، لا غفر الله له.(2)

2- في حديث طويل روى إبن عبّاس عن عبد الله بن عمر أنه قال: قال أبي : يا بني، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن في النار تابوتاً يُحشر فيه إثنا عشر رجلا من أصحابي، ثُمّ إلتفت إلى أبي بكر، وقال: إحذر أن تكون أولهم ، ثم إلتفت إلى معاذ بن جبل وقال: إياك يا معاذ أن تكون الثاني، ثم إلتفت إلي ثُمّ قال: يا عُمر إيّاك أن تكون الثالث، وقد أُغمي عليه فأفاق ثم قال: علي بابني، ورأيتُ التابوت و ليس فيه إلا أبوبكر و معاذ بن جبل و أنا الثالث لا أشكُ فيه...(3)

إنّه ظلم الحجر و المدر

1- قال عليّ عليه السلام اللّهُمّ اجزِ عُمر لقد ظلم الحجر و المدر.(4)

كفاك يا عدوي

1- عن جابر بن عبدِ اللهِ أنّ النبي هيأ أصحابه عِنده إذ قال وأشار بيده إلى علي ﴿هذا صِراطٌ مُستقِيمٌ فَاتَّبِعُوهُ﴾(5) الآية فقال النّبيُّ كفاك يا عَدَوِيُّ.(6)

ص: 370


1- الإختصاص : 71 و رجال الكشي :190 ح 79.
2- مشارق أنوار اليقين : 125.
3- كتاب سليم : 205 ومدينة معاجز الأئمة 2 : 95 ح420.
4- الجمل : 171 وإثبات الهداة 381:3.
5- الأنعام :153.
6- مناقب آل أبي طالب 1 : 559 ، عوالم العلوم أميرالمرمنين عليه السلام 15 : 19ح 2 و بحار الأنوار 35 :365 ح6.

حكمة قبول الأمير عليه السلام دخوله في شورى عمر

1- قال العبّاسُ لِعَلِيَّ بن أبي طالب عليه السلام ( في قصة شورى عمر للخلافة ): ذهب الأمرُ مِنا لأن عبد الرحمن كانت بينه وبين عُثمان مُصاهرةٌ و أُمُورٌ تُوجِبُ أَنَّهُ لا يختارُ عليه أحداً . فقال علي عليه السلام للعباس : أنا أعلمُ ذلِك ولكن أدخُلُ معهُم فِي الشُّورى لأن عُمرقدِ استصلحني الآن لِلأُمَّةِ وكان مِن قبلُ يَقُولُ إِنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله قال: النُّبُوةُ والإِمامة لا يجتمعان في بيتٍ واحِدٍ وإِنِّي لأدخُلُ معهم في ذلِك ليظهر أنهُ كذَّب نفسهُ لِما رأى (روى) أولاً.(1)

أقول : فمعنى قوله عليه السلام أنه دخل في الشورى تكذيبا لقول عمر « إن الخلافة و النبوة لا يجتمعان في بيت واحد»

النوادر

1- عن جابر الأنصاري قال: جاء العبّاسُ إِلى علي عليه السلام يُطالبُهُ بِمِيراتِ النّبي صلى الله عليه وآله فقال له ما كان لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله شيءٌ يُورتُ إلّا بغلتُهُ دُلدُلٌ وسيفُهُ ذُو الفقارِ ودِرعُهُ وعِمامَتُهُ السّحابُ وأنا أرباً بك أن تُطالب بما ليس لك فقال لا بُدّ مِن ذلِك و أنا أحقُّ عمُّهُ و وارتُهُ دُون النَّاسِ كُلّهم فنهض أمير المؤمنين عليه السلام ومعه النّاسُ حتى دخل المسجد ثم أمر بإحضار الدرع والعمامة والسيف والبغلة فأُحضر فقال للعبّاس يا عمّ إن أطقت النُّهوض بشيء منها فجمِيعُه لك فإنّ ميراث الأنبياء لأوصيائِهِم دون العالم ولأولادِهِم فإِن لم تُطِقِ النُّهوض فلاحق لك فِيهِ قال نعم فألبسه أمير المؤمنين عليه السلام الدرع بيدِهِ وألق عليه العمامة والسيف ثُم قال انهض بِالسّيفِ والعمامة يا عمّ فلم يُطِقِ النُّهوض فأخذ السيف منه وقال له انهض بالعمامة فإنّها آيةٌ من نبينا صلى الله عليه وآله فأراد النُّهوض فلم يقدر على ذلك وبقي متحيراً ثُم قال له يا عمّ وهَذِهِ البغلةُ بِالبابِ لِي خاصّةً ولِوُلدِي فإن أطقت ركوبها فاركبها فخرج و معه

ص: 371


1- الطرائف : 484.

عدوِيٌّ فقال له يا عمّ رسُولِ اللهِ خدعك علي فيما كُنت فيه فلا تخدع نفسك في البغلة إذا وضعت رجلك في الرِّكَابِ فاذكر الله وسمّ و اقرأ إِنّ الله يُمسِكُ السّماواتِ والأرض أن تزولا(1) قال فلَمّا نظرتِ البغلةُ إِليهِ مُقبلامع العبّاس نفرت و صاحت صياحاً ما سمعناه منها قط فوقع العبّاسُ مغشياً عليه واجتمع النّاسُ وأمر بإمساكها فلم يُقدر عليها ثُمَّ إِنّ عليّاً عليه السلام دعا البغلة باسم ما سمعناه فجاءت خاضعةً ذلِيلةً فوضع رِجلهُ فِي الركاب و وثب عليها فاستوى عليها راكباً فاستدعا أن يركب الحسن والحسين عليهما السلام فأمرهما بذلِكَ ثُمَّ ليس علي الدرع و العمامة والسيف وركبها وسار عليها إلى منزله وهو يقُول ﴿هذا من فضلِ رَبِّي ليبلوني أ أشكرُ﴾(2) أنا وهما أم تكفُرُ أنت يا فُلانُ.(3)

2 - عن علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال: إنّ فاطمة عليها السلام صِدِّيقة شهيدة و إِنّ بناتِ الأنبياء لا يطمئن.(4)

3- عن عمار بن ياسر قال: بينا أنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله إذ قال رسول الله صلى الله عليه وآله إِنَّ الشّيعة الخاصة الخالصة مِنّا أهل البيتِ فقال عمرُيا رسُول الله عرّفناهُم حتى نعرفهم فقال رسول الله صل الله علي واله ما قُلتُ لكُم إلا و أنا أُرِيدُ أن أُخبِركُم ثُمَّ قال رسولُ اللهِ صلى الله علي واله أنا الدليل على الله عزّوجلّ وعلي نصرُ الدِّينِ و منارُهُ أهل البيتِ وَهُمُ المصابِيحُ الَّذِين يُستضاءُ فقال عمر يا رسول الله فمن لم يكُن قلبُهُ مُوافِقاً هذا فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ما وُضِع رم القلبُ فِي ذلِك الموضِعِ إِلَّا لِيُوافِق أو لِيُخالِف فمن كان قلبُهُ مُوافِقاً لنا أهل البيت كان ناجِياً و من كان قلبه مُخالِفاً لنا أهل البيت كان هالكاً.(5)

ص: 372


1- الفاطر:41.
2- النمل :40.
3- بحار الأنوار 42 : 32 ح10.
4- الكافي 1: 458 ح 2.
5- الكافي 8 :333ح 518.

4 - روي أن امرأةً تركت طفلاً ابن ستة أشهر على سطح، فمشى الطفل يحبوحتى خرج من السطح على الميزاب و جلس على رأس الميزابِ ، فجاءت امه على السطح، فما قدرت عليه، فجاء أبوه من تحت الميزاب، فما قدر عليه، فجاءوا بدرج سُلّم ووضعوه على الجدار، فما قدروا على الطفل لأجل طول الميزابِ، وبعده من السطح، والأم تصيح وأهل الصبي كلهم يبكون، وكان في أيام عُمر بن الخطاب، فجاءوا إليه، فحضر مع القوم، فتحيّروا فيه، وقالوا: ما هذا إلا عليُّ بنُ أبي طالب عليه السلام ، فحضر علي عليه السلام ، فضجّت أمُّ الصّبي في وجهه، فنظر أمير المؤمنين عليه السلام إلى الصبي، فتكلّم الصبي بكلام لم يعرفه أحد.

فقال عليه السلام أحضرُوا هاهنا طفلاً مثله، فأحضروه، فنظر بعضُهم إلى بعض وتكلّم الطفلان بكلام الأطفال ، فخرج الطفل من الميزاب إلى السطح فوقع فرحاً بالمدينة لم ير مثلها، ثم سألوا أمير المؤمنين عليه السلام عن كلامهما فقال : أمّا خطاب الطفل الأولِ فإنّه سلّم علي بإمرة المؤمنين، فرددتُ عليه السلام ، و ما أردتُ أخاطبه لأنه لم يبلغ حدّ الخطابِ والتكليف، فأمرتُ بإحضار طفل مثله، حتى قال له بلسان الأطفال: يا أخي إرجع إلى السطح ولا تُحرق قلب أمك وأبيك و عشيرتك بموتك. فقال: دعني يا أخي قبل أن أبلغ فيستولي علي الشيطان. فقال: إرجع إلى السطح فعسى أن تبلغ ويجيء من صلبك ولدٌ يُحبّ الله ورسوله ويوالي هذا الرجل، فرجع إلى السطح بكرامة الله تعالى على يد أمير المؤمنين عليه السلام.(1)

5 - عن شهر بن حوشب قال: لما دوّن عمرُ بنُ الخطاب الدواوين بدأ بالحسن وبالحسين عليهما السلام فلا حجرهُما مِن المال فقال ابنُ عُمَر تُقدِمُهُما عليّ ولِي صُحبة وهجرة دونهما فقال عمرُ اسكت لا أُمّ لك أبوهما خيرٌ من أبيك و أُمُّهُما خيرٌ مِن أُمِّكَ.(2)

6 - عن النبي صلى الله عليه وآله إذا كان يوم القيامةِ يأتيني جبرئيل و معهُ لِواء الحمدِ وهُو سَبعُون شُقّةً الشُّقَّةُ مِنهُ أوسعُ مِن الشَّمس و القمرو أنا على كرسي من كراسي الرضوان فوق منبر من منابر

ص: 373


1- مدينة معاجز الأئمة 414:1ح 274.
2- مناقب آل أبي طالب 3 : 71.

القُدُسِ فَآخُذُهُ وأدفعُهُ إِلى علي بن أبي طالب فوثب عمر فقال يا رسول الله وكيف يُطِيقُ عَلِيٌّ حمل اللواء فقال صلى الله عليه وآله إذا كان يومُ القِيامةِ يُعطِي الله تعالى عليّاً مِن القُوَّةِ مِثل قوة جبرئيل و مِن النُّورِ مِثل نُورِ آدم و مِن الحِلمِ مِثل حِلمِ رِضوان و مِن الجمالِ مِثل جمالِ يُوسُف الخبر.(1)

7- علي بن أسباط يرفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلام قال: دخل أمير المؤمنين الحمام فسمع صوت الحسن عليه السلام و الحسين عليه السلام قد علا فقال لهما ما لكُما فِداكُما أبي وأُمِّي فقالا اتبعك هذا الفاجِرُ فظننا أنهُ يُرِيدُ أن يضُرك قال دعاه والله ما أُطلق إلّا لَهُ.(2)

8- عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه واله قال: دخل عليها عبد الرحمن بن عوف فقال يا أُمه قد خفتُ أن تهلكني كثرة مالي أنا أكثرُ قُريش مالاً قالت يا بني فأنفق فإِنِّي سَمِعتُ رسول اللهِ صلى الله عليه واله يقُولُ مِن أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه قال فخرج عبد الرحمنِ فلقي عُمر بن الخطاب فأخبره بِالّذي قالت أُمُّ سلمة فجاء يشتد حتى دخل عليها فقال يا أُمّه أنا منهم فقالت لا أعلم ولن أبرِئ بعدك أحداً.(3)

9 - عن عُمر بن الخطاب أنه قال: أعطي لعلي بن أبي طالب عليه السلام خمس خصال فلو كان لي واحِدَةٌ مِنها لكان أحبّ لِي مِن الدّنيا والآخرة قالُوا و ما هي يا عمر قال تزوُّجُهُ بِفاطِمة عليها السلام وفتحُ بابِهِ إِلى المسجِدِ حِين شدّت أبوابنا وانقضاضُ الكواكِبِ فِي حُجرتِهِ و قولُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله له يوم خيبر لأعطين الراية غداً رجُلا يُحِبُّ الله ورسوله ويُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ كرّاراً غير فرار يفتحُ الله تعالى على يديه وقوله صلى الله عليه وآله له أنت مِنِّي بِمِنزِلِةِ هَارُون مِن مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لا ني بعدي والله لقد كُنتُ أرجو أن يكون لى ذلِك.(4)

ص: 374


1- مناقب آل أبي طالب 3 : 228.
2- بصائر الدرجات 1 : 480 ح 1.
3- الأمالي للمفيد : 38 ح 5.
4- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 263:15 ح 5.

10- نقل البحراني عليه الرحمة عن كتاب سير الصحابة (من مصادر العامة) أنه قال: كان فتح نهاوند في زمان عمر بن الخطاب على يد سعد بن أبي وقاص إلى حلوان في ممره إلى نهاوند، و قد كان وقت العصر، فأمر مؤذنه بطلة فأذن . فلمّا قال المؤذن الله أكبر، سمع من الجبل صوتا يقول : كبّرت كبيرا فلمّا قال أشهد أن لا إله إلا الله ، قيل من الجبل: نعم، كلمة مقولة يعرفها أهل الأرض والسماء فلَمّا قال: أشهد أن محمدا رسول الله ، قال الهاتف النبي الأمي حتى بلغ آخر الأذان.

فقال المؤذن يا هذا قد سمعنا صوتك ، فأرنا شخصك ، فانفلق الجبل، وبرز منه هامة كالمرجل أو قال : كالمرجلة وهو الأصح بلمة بيضاء و مفرق أبيض ، فقال له بطلة: من تكون يرحمك الله ؟ فقال: أنا رغيب بن ثوثمدة. قال بطلة: من أصحاب من أنت؟ قال: أنا من أصحاب المسيح عیسی بن مريم عليه السلام. قال: فما سبب مكثك في هذا المكان؟ فقال: وصلت معه في سياحته إلى هاهنا، وكنت قد أحسنت خدمتي له، وكنت حافظا للأشياء. فقال لي في هذا الموضع: أ تطلب مني شيئا أسأل الله تعالى فيه لك؟ قلت: نعم. قال: وما هو؟ قلت: سمعت منك تقول عن جبرئيل، عن الله عزّ و جلّ إنّه سيرفعك إلى السماء، ويبعث النبي الذي بشرت به أمتك، فإذا كان آخر الزمان تنزل من السماء ومعك ملائكة على خيل بلق بأيديهم حراب وترقى على باب الحرم ثم يجتمع إليك الناس من شرقها وغربها في صيحة واحدة عسكر المؤمنين.

قال: صدقت قال ليس قلت: و ما تنقل قدما إلا معك من ذرّيّة نبي آخر الزمان رجل تسير معه، ويقتل الدعي الكذاب، وتملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و ظلما.

قلت له: فأسألك أن تسأل الله تعالى أن يجعلني حيّا إلى حين نزولك، قال:

يا فسأل الله تعالى ثم أخذ بيدي وقال لي : أسكن هذا الجبل فإنّ الله يخفيك عن أعين الخلق، حتى تصل إليك سرية من أمة محمد صلى الله عليه وآله ينزلن عندك، وتسمع مناديها بالأذان وتجيبه، فقلت: يا نبي الله ، وهل تعرف من هو المؤذن؟

فقال: وكلّهم أعرفهم وإنّ أمرهم أعجب الأمور يا رغيب. قلت: لبّيك.

ص: 375

فقال: اسمه بطلة ثم أخبرني بجميع ما يجري لأمته ومن يقتل من أصحابه وبغض أمته لوصيه وأهل بيته.

ثم قال رغيب: يا بطلة ما صنع محمد؟ قلت: مات. قال: و من ولي الأمر بعده؟ قلت: أبوبكر. قال: قل لأبي بكر.

قلت: مات أيضا.

قال: و من ولي مكانه من بعده؟ قال: قلت: عمر.

قال: قل لعمر: فعلتم مع الوصي ما لم يفعله أحد من الأمم السالفة من قبلكم سترون ما يكون خالفتموه في الملك ، وافتقرتم إليه في العلم تبالأمة فعلت مع وصيّتها هذا.

یا عمر اعمله وسدد و قارب الكل ميسر لما خلق له.

يا عمر إذا ظهرت له خصال عدّة فالعجل العجل اقتربت الساعة.

فقال بطلة و ما هذه الخصال ؟

قال: إذا خالفت الأمة وصيّ نبيّها و زخرفت المساجد و زوقت المصاحف وحكمت العبيد على مواليها، وصار الربا صحرا، وظهرت الفواحش، وأكلت الأم من فرج بنتها، وجارت السلاطين، وغارت المياه وقتلت أولاد الزنا أولاد الأنبياء، وانقطعت الطريق.

قال بطلة: فعددتها فإذا هي أحد عشر خصلة أولها ظهرت يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله و هي آخر كلمة سمعتها منه، ثم دخل و انطبق الجبل.

قال بطلة: الوحا الوحا، ثم كتب سعد إلى عمر بن الخطاب بذلك، فلما وصل الكتاب إلى عمر ارتق المنبر و قرأ من الكتاب طرفا ، وبكى بكاء شديدا، وبكى المسلمون لما سمعوا.

ثم قال عمر: صدق والله بطلة، وصدق والله سعد، وصدق والله رغيب، وصدق والله عيسى. عليه السلام ، وقد أخبرني بهذا رسول الله صلى الله عليه وآله ، فنهض إليه من الجماعة رجل وقال: يا عمر الحق إلهك بتوبة، وردّ الحق إلى أهله، فقد أخبرت أنّه أخبرك نبيّك، ثم كتب عمر إلى سعد و بطلة يناديهما في ذلك الوقت، ويسألهما عن خصال عدة عدّها في الكتاب.

قال بطلة فبقينا ثمانية عشر ليلة ما سمعنا له صوتا ولا رأينا له شخصا أبدا، ورحلنا طالبين

ص: 376

نهاوند. قال صاحب الحديث: أخبرنا به الشيخ الإمام ضياء الدين أبو النجيب عبد القادر الشهرزوري عن مشايخه و نسخه بيده والمعيد بن عتبة أبوسفيان مقلد الدمشقي بين يديه على الكرسي و مقابله على كرسي آخر الشيخ أبو محمد و نحن حضور نكتبه و نقابل به و صاحب الحديث ضياء الدين الشافعي من أولاد أبي بكر ذكره في مصنفه المعروف بدلائل النبوّة ، وحكى صاحب الحديث أن عمر ما قرأ الكتاب على الناس، و نزل بطلب منزله، تبعه عبد الله بن العباس، فقال له عمر يا عبد الله ، أتظن أن صاحبك لمظلوم؟

فقال له عبد الله : نعم والله يا عمر فاردد ظلامته كما رددت فدكا و العوالي، وكما رددت سبي بني حنيفة.

قال: فنظر عمر إليه وأخذ يده من يد عبد الله بن العباس وأسرع عمر في مشيه، و تقاصر عبد الله في مشيه، وسأل بعض الناس عبد بعض الناس عبد الله بن العبّاس عن بن العبّاس عن امتناع صاحب المسيح عن الظهور. فقال : لا شكّ أنّ الله تعالى مانعه من الظهور حتى يظهر أمر المسائل التي كانت في كتاب عمر.(1)

ص: 377


1- مدينة معاجز الأئمة 2 : 235 ح 524.

ص: 378

الفصل الثالث: في الثالث

اشارة

ص: 379

ص: 380

هذا الباب يخص بذكر المتخلف الثالث الملقب بفرعون الأمة الذي حرّف أحكام الله وسلط بني أمية على الناس وسيأتيك ما يناسبه في الفصل الرابع

الثالث في الآيات

1 - نقل ابن طاووس عن السدي أنه قال: لما تُوفّى أبو سلمة وخنيس بن حذيفة وتزوّج رسولُ الله صلى الله عليه وآله إمراتيهما أمّ سلمة وحفص ، قال طلحة وعثمان: أينكح محمد نساء نا إذا متنا، و لا ننكح نساءه إذا مات ؟ والله لو قد مات لأجلنا على نسائه بالسهام، قال: كان طلحة يُريد عائشة، وعُثمان يريد أم سلمة فأنزل الله: ﴿و ما كان لكُم أَن تُؤذُوا رَسُول اللَّهِ ولا أن تنكِحُوا أزواجه من بعدِهِ أبداً﴾(1) ﴿أنزل إنّ الذين يُؤذُون الله ورسوله لعنهُمُ اللهُ فِي الدُّنيا و الآخرة وأعد لهم عذاباً مُهِيناً﴾(2)و(3)

ص: 381


1- الأحزاب : 53.
2- الأحزاب : 57.
3- الطرائف : 493 ، إثبات الهداة 3 : 351 ح 22 و البرهان في تفسير القرآن 486:4 ح 8689.

2- روى السدي عند قوله تعالى: ﴿يا أيُّهَا الَّذِين آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليهود والنصارى أولياء بعضُهُم أولياء بعض و من يتولهُم مِنكُم فإنّهُ مِنهُم﴾(1) قال : لما أصيب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلّم بأحد قال عثمان : لألحقن بالشام فإن لي بها صديقا من اليهود، ولآخذن منه أمانا، وقال طلحة بن عبيد الله : لأخرجن إلى الشام فإن لي به صديقا من النصارى ، قال السدي أراد أحدهما أن يتهود والآخر أن يتنصر!.(2)

3 - عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ﴿يا أيُّها الذين آمنوا لا تُبطِلُوا صدقاتِكُم بِالمن والأذى﴾(3) لمحمد وآل محمد عليهم السلام هذا تأويل قال أنزلت في عثمان.(4)

4- عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنه قال: كان رسولُ الله صلى اله عليه وآله و علي وعمار يعملون مسجداً فمر عثمانُ في بِزَةٍ لَهُ يخطرُ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام ارجُزبِهِ! فقال عمار:

لايستوي من يعمُرُ المساجدا *** يظل فيها راكعاً وساجداً

ومن تراه عانداً معانداً *** عنِ الغُبارِ لا يزال حائِداً

قال فأتى النبي صلى الله عليه وآله فقال ما أسلمنا لِتُشتم أعراضنا و أنفُسُنا! فقال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أ فتُحِبُّ أن تُقال فنزلت آيتان: ﴿يمنون عليك أن أسلموا﴾ الآية، ثم قال النَّبِيُّ صلى الله عيه واله لعلي عليه السلام اكتب هذا في صاحِبك، ثُمّ قال النّبِيُّ صلى اله عليه وآله اكتب هذه الآية: ﴿إِنّما المؤمنون الَّذِينَ

آمَنُوا بِالله و رسوله﴾.(5)

5 - قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى ﴿عبس وتولّى أن جاءه الا عمى﴾ إلى قوله تعالى ﴿فأنت عنه تلهى﴾: نزلت في عُثمان و ابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم مؤذناً لرسول الله صلى الله عليه و آله، وكان أعمى، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أصحابه، وعثمان عنده، فقدمه

ص: 382


1- المائدة : 51.
2- إثبات الهداة 3 : 351 ح21.
3- البقرة : 264.
4- تفسير العياشي 1 : 147ح 483.
5- رجال الكشي :30 ح 59.

رسول الله صلى الله عليه وآله على عثمان، فعبّس عثمان وجهه وتولّى عنه، فأنزل الله : ﴿عبس و تولّى﴾ يعني عثمان ﴿أن جاءه الا عمى و ما يُدريك لعلّه يزكّى﴾ أي يكون طاهراً زكيّاً ﴿أو يذْكَرُ﴾ قال : يذكّره رسولُ الله صلى الله عليه وآله فتنفعه الذكرى.

ثم خاطب عثمان، فقال: أما ﴿من استغنى فأنت له تصدّى﴾، قال : أنت إذا جاءك غني تتصدى له و ترفعه: ﴿و ما عليك ألا يزكّى﴾ أي لا تبالي زكيّاً كان أو غير زكي، إذا كان غنياً ﴿و أما من جاءك يسعى﴾ يعني ابن أم مكتوم ﴿و هو يخشى فأنت عنه تلهى﴾(1) أي تلهو و لا تلتفت إليه.(2)

6 - عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر علیه السلام قال: وقوله ﴿حتّى إذا فتحنا عليهم باباً ذا عذابٍ شديد﴾(3) هو علي بن أبي طالب صلوات الله عليه إذا رجع في الدُّنيا. ثم قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام : في قول الله عزّوجلّ: ﴿رُبما يودُّ الَّذِين كفروا لو كانُوا مُسلِمِين﴾(4) قال: هُو أنا إِذا خرجت أنا و شيعتي، وخرج عُثمان بن عفان وشيعته ونقتل بني أمية، فعندها يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين.(5)

7 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، قال : كنتُ عِند رسول الله صلى الله عليه وآله في حفر الخندق وقد حفر النّاس، وحفر علي عليه السلام ، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: بأبي من يحفر، و جبرئيل يكنس التراب من بين يديه، ويُعينه ميكائيل، ولم يكن يُعين أحداً قبله من الخلق.

ثم قال النبي صلى الله عليه وآله لعثمان بن عفان: إحفر، فغضب عثمان وقال:

لا يرضى محمّد أن أسلمنا على يده حتى يأمرنا بالكيّ، فأنزل الله تعالى على نبيه ﴿يمُنُّون عليك أن أسلمُوا قُل لا تمُنُّوا عليّ إسلامكم بل الله يمُنُّ عليكم أن هداكم للإيمانِ إِن كُنتُم صادقين﴾(6).(7)

ص: 383


1- عبس : 1 الى 10.
2- تفسير القمي 2 : 404 ، البرهان في تفسير القرآن 582:5.
3- المؤمنون : 77.
4- الحجر : 2.
5- مدينة معاجز الأئمة 3 : 97 ح 758.
6- الحجرات : 17.
7- مدينة معاجز الأئمة 1 : 467 ح 307.

8 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قوله تعالى ﴿و ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون﴾... الآية . فقال : هذا مثل ضربهُ اللهُ لِرقيّة بِنتِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله التي تزوجها فعلان بن عفّان. قال: وقوله : و نجني من فرعون و عملِهِ. يعني مِن الثَّالِثِ و عملِهِ. وقوله: ﴿ونجنِي مِن القومِ الظالمين﴾. يعني بني أُميّة.(1)

9 - عن جابر قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن هذه الآية فقال ﴿والَّذِين كفرُوا﴾ بِنُوأُميّة ﴿أعمالهم كسراب بقيعةٍ يحسبه الظمآن ماء﴾ والظمآنُ نعثل فينطلِقُ بهم فيقُولُ أُورِدكمُ الماء ﴿حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عِنده فوفّاهُ حِسابه واللهُ سَرِيعُ الحِسابِ﴾(2).(3)

10 - عن يُونُس رفعه قال: قُلتُ لهُ زوّج رسُولُ الله صلى اله عليه وآله ابنته فلاناً قال نعم قُلتُ فكيف زوّجه الأخرى قال قد فعل فأنزل الله ﴿ولا يحسبن الذين كفرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُم خيرٌ لأنفُسِهِم﴾(4) إلى ﴿عذابٌ مُهِينٌ﴾.(5)

11 - عن علي بن ابراهيم في قوله تعالى: ﴿و يقُولُون آمنَا بِاللهِ و بِالرّسُولِ وأطعنا﴾(6) إلى قوله وما أُولئِك بالمؤمنين قال: حدثني أبي عنِ ابنِ أبِي عُمير عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين صلوات الله عليه و عثمان و ذلك أنه كان بينهما منازعةٌ في حديقةٍ فقال أمير المؤمنين صلواتُ اللهِ عليهِ ترضى بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فقال عبد الرحمن بن عوف لعثمان لا تُحاكِمه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فإنه يحكُمُ له عليك ولكن حاكمه إلى ابن شيبة اليهودي فقال عثمان لأمير المؤمنين عليه السلام لا أرضى إلّا بابن شيبة اليهودي فقال ابن شيبة لعثمان تأتمنون مُحمّداً على وحي السماءِ وتتهمونه في الأحكامِ فأنزل الله على رَسُولِهِ ﴿وإِذا دُعُوا إِلى

ص: 384


1- تأويل الآيات : 676 ح 8 و بحار الأنوار 30 : 257 ح 119.
2- النور : 39.
3- بحار الأنوار 23 324 ح 41 والبرهان في تفسير القرآن 4 : 78 ح7760.
4- آل عمران : 178.
5- تفسير العياشي 1: 207 ، البرهان في تفسير القرآن 714:1 وبحار الأنوار 22 : 160 ح 21.
6- النور : 47.

اللهِ و رَسُولِهِ ليحكم بينهم إلى قوله ﴿بل أُولئِكَ هُمُ الظالمون﴾ ثُم ذكر أمير المؤمنين صلوات الله عليه فقال ﴿إنما كان قول المؤمنين إذا دُعُوا إِلى اللهِ و رَسُولِهِ ليحكم بينهم أن يقُولُوا سمعنا ما المعا وأطعنا﴾(1) إلى قوله ﴿فأُولئِكَ هُمُ الفائِزُون﴾.(2)

12 - عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى ﴿أيحسب أن لن يقدر عليه أحدٌ﴾ يعني نعثل في قتلِهِ ابنة النبي صلى الله عيه وآله ﴿يقول أهلك مالا لبداً﴾ يعني الذي جهزيه النبي صلى الله علي واله في جيش العُسرة ﴿أ يحسب أن لم يره أحدٌ﴾ قال في فسادٍ كان في نفسِهِ ﴿ألم نجعل له عينين﴾ رسول الله صلى الله عليه وآله ﴿و لسانا﴾ يعني أمير المؤمنين عليه السلام ﴿وشفتين﴾ يعني الحسن والحسين ﴿وهديناه النجدين﴾ إلى ولايتهما ﴿فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة﴾ يقُولُ ما أعلمك وكُلُّ شيء في القرآن ما أدراك فهو ما أعلمك ﴿يتيماً ذا مقربة﴾ يعني رسول الله صلى الله عليه وآله و المقربة قُرباه ﴿أو مسكيناً ذا متربة﴾ يعني أمير المؤمنين عليه السلام مُترِبٌ بِالعِلم.(3)

13- قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿وليست التوبةُ لِلذين يعملون السيِّئاتِ حتّى إذا حضر أحدهُمُ الموتُ قال إِنِّي تُبتُ الآن﴾(4) فإِنَّهُ حدّثني أبي عن ابن فضال عن علي بن عُقبة عن أبي عبد الله علیه السلام قال: نزلت في زعلان تاب حيث لم تنفعه التّوبة ولم تُقبل مِنهُ.(5)

ص: 385


1- النور : 48 - 52.
2- تفسير القمي 2 : 107 ، تأويل الآيات : 366 ، البرهان 4 : 86 وبحار الأنوار 9 : 227 ح 114.
3- البرهان في تفسير القرآن 662:5 وبحار الأنوار 9 : 251 ح 157.
4- النساء : 18.
5- تفسير القمي 133:1 و بحار الأنوار 30 : 176 ح 35.

حرف الكتاب

1 - ميسرة قال سمِعتُ الرّضا عليه السلام يقُولُ والله لا يُرى في النّارِ مِنكُم اثنان أبداً و الله ولا واحِدٌ قال قُلتُ له أصلحك الله أين هذا في كِتابِ اللهِ قال في سُورةِ الرّحمنِ وهُو قوله تعالى ﴿فيومئِذٍ لا يُسأل عن ذنبِهِ مِنكُم إِنس ولا جان﴾ قال قُلتُ ليس فيها مِنكُم قال بلى واللهِ إِنَّهُ لَثبتُ فِيها و إن أول من غير ذلك لإبن أروى وذلِك لكُم خاصةً ولولم يكُن فِيها مِنكُم لسقط عِقابُ اللهِ عن الخلق.(1)

أقول : المقصود من إبن أروى هو الثالث كما صرّح العلامة المجلسي في البحار وأشار اليه السيد عبد الحسين شرف الدين في تأويل الآيات أعلى الله مقامهما وعلى أي حال ظاهر هذا الحديث ونظائره مع شهرته في كتبنا مطرود من جانب جلّ أصحابنا إلا أن يكون المقصود منه التحريف في المعنى والمقصود والله أعلم بالصواب.

2- قال جعفر بن محمد عليهما السلام: خرج عبد الله بن عمرو بن العاص مِن عِندِ عُثمان فلقي أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال له: يا عليُّ ! بتنا الليلة في أمرِ نرجو أن يُثبّت اللَّهُ هَذِهِ الأمة، فقال أَمِيرُ المؤمنين عليه السلام : لن يخف علي ما بيتُم فِيهِ، حرفم و غيّرتُم و بدلتُم تِسعمائة حرفٍ ، ثلاثمائة حرفتُم، وثلاثمائة غيّرتُم ، وثلاثمائة بدّلتُم: ﴿فويلٌ لِلَّذِين يكتُبُون الكِتاب بِأَيْدِيهِم ثُمّ يَقُولُون هذا مِن عِندِ الله﴾(2).. إلى آخِرِ الآيَةِ.(3)

عاقبة من زعم انه قتل مظلوماً

1- عن الشُّمالي قال قال أبو جعفر عليه السلام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقُولُ من أراد أن يُقاتِل شيعة الدّجّالِ فليُقاتِلِ الباكي على دمِ عثمان والباكي على أهل النهروانِ إِنّ من لقي الله مؤمناً بأن عُثمان قُتِل مظلُوماً لقي الله عزّ و جلّ ساخطاً عليه ولا يُدرِكُ الدّجّال فقال رجُلٌ يا أمير المؤمنين فإن مات قبل ذلك قال فيُبعتُ مِن قبرِهِ حَتَّى يُؤْمِن بِهِ و إِن رغم أن أنفُه.(4)

ص: 386


1- تفسير الفرات : 462 ، تأويل الآيات : 617 وبحار الأنوار 8 :353 :353 ح 3.
2- البقرة : 79.
3- بحار الأنوار 30 : 178 ح 38 ومدينة معاجز الأئمة 3 : 217 ح 838.
4- بحار الأنوار 90:53 ح 92.

أدبه و خلقه

1- علي بن إبراهيم في قوله تعالى ﴿يمنون عليك أن أسلموا﴾(1) قال نزلت في عشكن يوم الخندق و ذلِك أَنه مربعمّار بن ياسر و هو يحفر الخندق وقد ارتفع الغُبارُ مِن الحفر فوضع عثكن كُمّه على أنفه ومرفقال عمّار

لا يستوي من يبتني المساجدا *** يظل فيها راكعاً وساجدا

كمن يمر بالغبار حايداً *** يُعرِضُ عنه جاحِداً مُعانِداً

فالتفت إليه عثكن فقال يا ابن السوداء إياي تعني ثُم أتى رسول الله صلى الله عليه واله فقال له لم ندخل معك لِتُسبّ أعراضُنا فقال لهُ رسُولُ الله صلى الله عليه وآله قد أقلتُك إسلامك فاذهب فأنزل الله عزّو جل ﴿يمتون عليك أن أسلموا قُل لا تمُنُّوا عليّ إسلامكُم بلِ اللهُ َيمُنُّ عليكم أن هداكُم لِلإِيمانِ إن كُنتُم صادِقِين﴾ أي ليس هُم صادِقِين ﴿إنّ الله يعلم غيب السّماواتِ والأَرضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بما تعملون﴾.(2)

آوی عدو رسول الله صلى الله علیه وآله و قتل بنته فأصبح ملعوناً

1 - يزيد بن خليفة الحارثي قال: سأل عيسى بنُ عبدِ اللهِ أبا عبد الله عليه السلام و أنا حاضر فقال تخرجُ النِّساء إلى الجنازة وكان متكئاً فاستوى جالساً ثُم قال عليه السلام إِنَّ الفاسق عليهِ لعنةُ اللهِ آوى عمّه المغيرة بن أبي العاص وكان من نذر {ندر} رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله دمه فقال لإبنة رسُولِ الله صل الله عيه وله لا تُخبري أباكِ بمكانه كأنهُ لا يُوقِنُ أن الوحي يأتي محمداً فقالت ما كُنتُ لأكتُم رسُول الله صلى الله عليه وآله عدُوهُ فجعله بين مشجبٍ لهُ والحفهُ بِقطيفة فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله الوحيُ فأخبرهُ بِمكانِهِ فبعث إليه عليّاً عليه السلام وقال اشتمل على سيفك وأتِ بيت ابنة عمّك فإن ظفرت بالمغيرة فاقتله فأتى البيت فجال فِيهِ فلم يظفربِهِ فرجع إلى

ص: 387


1- الحجرات : 17 و 18.
2- تفسير القمي 2 : 322 و بحار الأنوار 20 : 243 ح 7.

رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فأخبره فقال يا رسُول اللهِ لم أره فقال إنّ الوحي قد أتاني فأخبرني أنه في المشجبِ ودخل عثمانُ بعد خُرُوحِ علي عليه السلام فأخذ بيدِ عمّه فأتى بِهِ النّبي صلى الله عليه وآله فلما رآه أكب ولم يلتفت إليه و كان نبي الله حنيناً كريماً فقال يا رسول الله هذا عمّي هذا المغيرة بن أبي العاص وقد و الّذِي بعثك بالحق آمنته قال أبو عبدِ اللهِ وكذب والذي بعثهُ بِالحق نبياً ما آمنه فأعادها ثلاثاً و أعادها أبو عبد الله عليه السلام ثلاثاً إِنِّي آمنتُهُ إِلَّا أَنَّهُ يأْتِيهِ عن يمينِهِ ثُمَّ يَأْتِيهِ عن يساره فلَمّا كان فِي الرابعةِ رفع رأسهُ إِليه فقال قد جعلتُ لك ثلاثاً فإن قدرت عليه بعد ثلاثة قتلتُهُ فَلَمّا أدبر قال رسُولُ اللهِ اللهم العن المغيرة بن أبي العاص والعن من يُؤويه والعن من يحمِلُهُ والعن من يُطْعِمُه والعن من يسقيه والعن من يُجهَرُهُ والعن من يُعطِيهِ سِقاء أو حذاءً أو رشاء أو وعاءً و هُو يَعُدُّهُنَّ بِيَمِينِهِ وانطلق بِهِ عُثمانُ فآواه وأطعمه و سقاه و حمله و جهزه حتى فعل جميع ما لعن عليه النبي صلى اله عليه واله من يفعلُهُ بِهِ ثُمَّ أخرجه في اليوم الرابع يسوقه فلم يخرُج مِن أبيات المدينة حتى أعطب الله راحلته و نقب حِذاه و دمیت قدماه فاستعان بيدِهِ وركبته وأثقله جهازه حتى وجربِهِ فأتى سُمُرةً فاستظل بها لو أتاها بعضُكُم ما أبهره فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله الوحي فأخبره بذلك فدعا عليّاً عليه السلام فقال خُذ سيفك فانطلق أنت وعمار و ثالت لهم فإِنّ لقة ملهاريد منك المغيرة بن أبي العاص تحت شجرة كذا وكذا فأتاه علي عليه السلام فقتله فضرب عُثمان بنت رسُولِ الله صلى الله عليه واله وقال أنتِ أخبرتِ أباكِ بِمكانِهِ فبعثت إلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله تشكُوما لقيت فأرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وآله اقني حياءك فما أقبح بالمرأةِ ذاتِ حسبِ ودِينِ فِي كُلّ یوم تشكُو زوجها فأرسلت إليه مرّاتٍ كُلّ ذلِك يَقُولُ لها ذلك فلمّا كان في الرابعة دعا عليّاً عليه السلام وقال خُذ سيفك واشتمل عليهِ ثُمّ انتِ بِنت ابنِ عمّك فخُذ بيدها فإن حال بينك وبينها فاحطِمهُ بِالسّيفِ وأقبل رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله كالوالِهِ مِن منزله إلى دارِ عُثمان فأخرج علي علیه السلام ابنة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فلما نظرت إليه رفعت صوتها بِالبُكاءِ واستعبر رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وبكى ثُمّ أدخلها منزله وكشفت عن ظهرها فلما أن رأى ما يظهرها قال ثلاث مراتٍ ما له قتلكِ قتله الله وكان ذلك يوم الأحد وبات عُثمان متلحفاً بِجاريتها فمكثت الإثنين والثلاثاء وماتت في اليوم الرابع فلما حضر أن يخرج بها أمر رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام فخرجت ونساء المؤمنين

ص: 388

معها و خرج عُثمانُ يُشيع جنازتها فلما نظر إليهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله قال من أطاف البارحة بِأهْلِهِ أو بِفتاتِهِ فلا يتبعن جنازتها قال ذلك ثلاثاً فلم ينصرف فلمّا كان في الرابعة قال لينصرفن أو لأسمينَ بِاسمِهِ فأقبل عُثمانُ مُتوكِّياً على مولّى لهُ مُمسكاً ببطنِهِ فقال يا رسُول الله إنّي أشتكي بطني فإن رأيت أن تأذن لي أن أنصرف قال انصرف و خرجت فاطِمةُ عليها السلام ونساء المؤمنين والمهاجرين فصلين على الجنازة.(1)

2 - عن أبي بصير قال: قُلتُ لأبي عبد الله عليه السلام أيُفلِتُ مِن ضغطة القبر أحد قال فقال نعُوذُ بِاللهِ ما أقل من يُفلِتُ مِن ضغطةِ القبرِ إِنّ رُقيّة لَا قتلها عُثمانُ وقف رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله على قبرها فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه وقال لِلنّاسِ إِنِّي ذكرتُ هذِهِ و ما لقيت فرققتُ لها و استوهبتُها مِن ضمّةِ القبرِ قال فقال اللهم هب لي رُقيّة مِن ضمّةِ القبرِ فوهبها الله له قال وإِنّ رسول الله صلى الله عليه وآله خرج في جنازة سعد وقد شيعه سبعون ألف ملك فرفع رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله رأسه إلى السّماءِ ثُم قال مِثلُ سعدٍ يُضمُّ قال قُلتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنَّا تُحدِّثُ أَنَّهُ كَان يستخف بالبول فقال معاذ الله إنما كان من زعارةٍ في خُلُقِهِ على أهله قال فقالت أُمُّ سعد هنيئاً لك يا سعد قال فقال لها رسُولُ الله صلى الله عليه وآله يا أم سعدٍ لا تحتمي على الله.(2)

هو في النار

1 - رُوي عن أبي ذرّ أنه قال: كُنتُ وعُثمان نمشي ورسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله مُتَّكِيٌّ في المسجِدِ فجلسنا إليهِ ثُمَّ قام عُثمان وأبوذرجالسٌ فقال صلى الله عليه وآله لهُ بِأَيِّ شيء كُنت تُناجِي عُثمان قال كُنتُ أقرأُ سُورةً من القرآن قال أما إنّه يُبغِضُك وتُبغِضُهُ والظالم مِنكُما فِي النَّارِ قُلتُ إِنَّا لِلَّهِ و إنا إليه راجِعُون الظالم مني ومِنهُ في النار فأيُّنا الظالم فقال يا أبا ذرقل الحق وإن وجدتهُ مُراً تلقني على العهد.(3)

ص: 389


1- الخرائج و الجرائح 1 : 94 ح 156 ، بحار الأنوار 22 : 160 ح 22 وإثبات الهداة 1 : 247 ح20.
2- الكافي 3 : 236 ح 6 و بحار الأنوار 22 : 163 : 163 ح 23.
3- الخرائج و الجرائح 2 : 490 ح 1 و بحار الأنوار 22 : 434 ح 47.

ظلمه للمقداد

1- عن أبي جعفر عليه السلام قال: إِنَّ عُثمان قال للمقداد أما والله لتنتهين أو لأردنّك إلى ربّك الأولِ قال فلمّا حضرت المقداد الوفاة قال لعمّار أبلغ عُثمان عنِّي أني قد رُدِدتُ إلى ربّي الأول.(1)

يا عبد يا لكع

1 - صالح الحذاء ، قال : لما أمر النبيُّ صل الله علي واله بناء المسجدِ قسم عليهم المواضع، وضمّ إلى كُلِّ رجُلٍ رجُلا، فضمّ عماراً إلى علي عليه السلام، قال: فبيناهُم في علاج البناء إذ خرج عثمان عن داره و ارتفع الغُبار فتمنع بثوبِهِ وأعرض بوجهه، قال: فقال علي عليه السلام لعمار: إذا قُلتُ شيئاً فردّ عليّ، قال: فقال علي عليه السلام :

لا يستوي من يعمُرُ المساجدا *** يظلُّ فيها راكعاً وساجداً

کمن ترى عن الطريق حائِداً و عائِداً

قال: فأجابه عمار كما قال، فغضب عُثمان من ذلك فلم يستطع أن يقُول لعلي شيئاً، فقال لعمار و مضى، فقال علي عليه السلام لعمار: رضيت بما قال ؟ . ألا تأتي النبي صلى الله عليه وآله فتخبره؟. قال: فأتاه فأخبره، فقال: يا نبي الله صلى الله عليه واله! إِنَّ عُثمان قال لي: يا لكعُ!.

فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: من يعلم ذلك؟. قال: علي. قال:

فدعاه وسأله، فقال له كما قال عمّار، فقال لعلي عليه السلام : اذهب فقُل له حيث ما كان: يا عبد يا لكعُ أنت القائِلُ لِعمار يا عبد ! يا لكعُ ، فذهب علي عليه السلام فقال له ذلك فانصرف.(2)

ص: 390


1- بحار الأنوار 22 : 438 ح 3.
2- رجال الكشي 30 ح 60 و بحار الأنوار 30 : 238 ح 106.

من بدعه

1- معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقُولُ في الفطرة جرتِ السُّنةُ بِصاعٍ مِن تمر أو صاع من زبيب أو صاع من شعِيرِ فَلَمّا كان في زمن عُثمان كثرتِ الحنطة وقومهُ النَّاسُ فقال نِصف صاع مِن بُربِصاعٍ مِن شَعِيرٍ.(1)

2 - أبي جعفر عليه السلام ، قال : حجّ النَّبِيُّ صلى الله عليه واله فأقام بمنى ثلاثاً يُصلي ركعتين، ثم صنع ذلك أبوبكر، ثُمّ صنع ذلِك عمر، ثُمَّ صنع ذلِك عثمانُ سِتّ سِنِين ثُم أكملها عثمان أربعاً، فصلّى الظهر أربعاً ثم تمارض ليشدّ بِذلِك بدعته، فقال للمُؤدِّنِ: اذهب إلى علي عليه السلام فليقُل لهُ فليصل بِالنّاسِ العصر، فأتى المؤذِّنُ عليّاً عليه السلام ، فقال له: إِنّ أمير المؤمنين يأمُرُك أن تُصلّي بالناس العصر، فقال : لا ، إذن لا أُصلّي إلا ركعتين كما صلّى رسول الله صلى الله عليه واله، فذهب المؤذِّنُ فأخبر عثمان بما قال علي عليه السلام ، فقال : اذهب إليهِ وقُل لَهُ: إِنّك لست مِن هذا في شيء، اذهب فصل كما تُؤمرُ. قال علي: لا والله لا أفعل .. فخرج عُثمان فصلى بهم أربعاً، فَلَمّا كان في خلافة معاوية واجتمع النّاسُ عليهِ وقُتِل أمير المؤمنين عليه السلام حج مُعاوِيةُ فصلّى بِالنَّاسِ مِنّى ركعتين الظهر ثُم سلّم، فنظرت بنو أُميّة بعضُهم إلى بعض وثقيف ومن كان من شِيعةِ عُثمان ثُمَّ قالُوا: قد قضى على صاحبكُم و خالف و أشمت بِهِ عدُوهُ ، فقاموا فدخلوا عليهِ، فقالُوا: أتدري ما صنعت ؟ ما زدت على أن قضيت على صاحِبنا، وأشمتْ بِهِ عدُوهُ، و رغبت عن صنيعه وسُنّتِه، فقال: ويلكُم ! أما تعلمون أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله صلّى في هذا المكانِ ركعتين وأبوبكر و عمر، وصلّى صاحِبُكُم سِتّ سِنِين كذلِك فتأمُرُونِي أن أدع سُنّة رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وما صنع أبوبكر و عمرُو عُثمانُ قبل أن يُحدِث فقالُوا: لا والله ما نرضى عنك إلّا بذلك!. قال: فأقبلوا فإنّي مُتَّبِعُكُم وراجع إلى سُنّةِ صاحِبكُم، فصلى العصر أربعاً فلم تزل الخلفاء والأمراء على ذلك إلى اليوم.(2)

ص: 391


1- بحار الأنوار 93 : 106 ح 7.
2- بحار الأنوار 31 : 467 ح 5.

3- عن عُروة بن الزبير أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله صلّى الصلاة بمنى ركعتين، وأن أبا بكر صلاها بمنى ركعتين و أن عُمر بن الخطاب صلاها مِنِّى ركعتين وأنّ عثمان صلاها ركعتين شطر إمارتِهِ ثُمَّ أتمتها بعد.(1)

4 - أبي عبدِ اللهِ عليه السلام ، قال: الخطبةُ في العِيدين بعد الصّلاةِ، وإنّما أحدث الخطبة قبل الصلاة ، : عثمانُ . وعن أحدِهِما عليهما السلام في صلاة العيدين قال الصلاة قبل الخطبتين ... وكان أوّلُ من أحدثها بعد الخطبة عثمانُ لَما أحدث إحداثه، كان إذا فرغ من الصلاة قام النّاسُ ليرجعوا فلَمّا رأى ذلِك قدّم الخطبتين واحتبس النّاس لِلصّلاةِ.(2)

5 - روي أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله نفى الحكم بن العاص عمّ عُثمان عن المدينة، وطرده عن جواره فلم يزل طريداً من المدينة ومعه ابنه مروان أيام رسُولِ اللهِ صلى الله عليه واله و أيام أبي بكر و أيام عُمر يُسمّى طريد رسُولِ الله صلى الله عليه وآله ، حتى استولى عُثمانُ فردّه إلى المدينة و آواه، وجعل ابنه مروان كاتبه و صاحب تدبيره في داره،.(3)

6 - يقول شيخنا الجليل الحسن بن أبي الحسن الديلمي في مقام إحصاء بدع الثلاثة :

وأما صاحبهما الثالث فقد استبد أيضاً بأخذ الأموال ظلماً على ما تقدم به لشرح في صاحبيه، واختص بها مع أهل بيته من بني أمية دون المسلمين، فهل يستحلّ هذا أو يستجيزه مسلم، ثمّ انه ابتدع أشياء أخر:

فمنها أنه منع المراعي من الجبال والأودية وحماها حتى أخذ عليها مالاً باعها به من المسلمين ومنها: أنه جمع ما كان عند المسلمِين مِن صُحُفِ القرآن و طبخها بالماء على النار وغسلها و رمى بها إلا ما كان عند ابن مسعود ، فإِنَّهُ امتنع من الدفع إليه، فأتى إليه فضربه حتى كسرله ضلعينِ وحُمِل مِن موضِعِهِ ذلِك فبقي عليلا حتى مات وهذه بدعة عظيمة، لأن تلك الصحف

ص: 392


1- بحار الأنوار 31 : 233.
2- وسائل الشيعة 5 : 110 و بحار الأنوار 31 :241.
3- تأويل الآيات : 588 ه ح 9 ، بحار الأنوار 370:30 ، مدينة معاجز الأئمة 1 : 467 ح 307 و البرهان في تفسير القرآن 5 : 122 ح 10017.

إن كان فيها زيادة عمّا في أيدي الناس، وقصد لذهابه ومنع الناس منه، فقد حق عليه قوله تعالى: ﴿ فتُؤمِنُون بِبعض الكتاب وتكفُرُون بِبعض فما جزاء من يفعلُ ذلِكَ مِنكُم إِلَّا خِزيِّ في الحياة الدنيا ويوم القيامةِ يُردُّون إلى أشدّ العذابِ و ما اللهُ بِغَافِلٍ عمّا تعملُون﴾.(1)

ومنها: أنّ عمّار بن ياسرقام يوماً في مسجدِ رسول الله صلى الله عليه واله و عثمان يخطب على المنبر فوبّخ عُثمان بشيء من أفعاله، فنزل عُثمانُ فركلهُ بِرِجلِه و ألقاه على قفاه، وجعل يدوس في بطنِهِ ويَأمُرُ أعوانهُ بِذلِك حتى غُشِي على عمّار، وهو يفتري على عمار ويشتمه ، وقد رووا جميعاً أن النبي صلى الله عليه واله قال الحق مع عمار يدور معه حيثما دار.، وقال صلى الله عليه وآله: إذا افترق النَّاسُ يميناً وشمالا فانظروا الفرقة التي فيها عمار فاتَّبِعُوهُ، فإنّهُ يَدُورُ الحقُّ معه حيثما دار.

فلا يخلو حال ضربه لعمّار من أمرين: أحدهما أنه يزعم أن ما قال عمّارُو ما فعله باطل، وفيه تكذيب لقول النبي صلى الله عليه واله حيثُ يقُولُ: الحق مع عمار، فثبت أن يكون ما قاله عمار حقاً كرهه عثمان فضربه عليه.

ومنها: ما فعل بأبي ذرّحِين نفاه عن المدينة إلى الربذة، مع إجماع الأمة في الرواية

أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : ما أقلتِ الغبراء ولا أظلّتِ الخضراء على ذِي لهجة أصدق من أبي ذر، ورووا أنه قال: إن الله عزّ و جلّ أوحى إلى أنه يُحِبُّ أربعةً مِن أصحابي وأمرني بِحُتِهم، فقيل: منهم يا رسُول الله صلى الله عليه وآله ؟ قال : علي سيّدُهُم وسلمان والمقداد وأبوذر.

ومنها: أنّ عُبيد الله بن عمر بن الخطابِ لَمَّا ضرب أبو لؤلؤة عُمر الضربة التي مات فيها سمع ابنُ عُمر قوماً يقولون: قتل العِلجُ أمير المؤمنين ، فقدّر أنهم يعنون الهرمزان رئيس فارس و كان قد أسلم على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ثم أعتقهُ مِن قِسمتِهِ مِن الفيء، فبادر إليهِ عُبيدُ اللهِ بنُ عُمر فقتله قبل أن يموتُ أَبُوهُ، فقيل لِعُمر: إِنّ عُبيد الله بن عُمر قد قتل الهرمزان فقال: أخطأ ، فإنّ الَّذِي ضربني أبو لؤلؤة، وما كان للهرمزان في أمري صنع، وإِن عِشتُ احتجت أن أُقِيده بِهِ، فإِن علي بن أبي طالِبٍ لا يقبلُ مِنا الدية، وهو مولاه، فمات عمرو استولى عثمان على

ص: 393


1- البقرة :85.

النّاسِ بعده، فقال علي عليه السلام لِعُثمان: إِنّ عُبيد الله بن عُمر قتل مولاي الهرمزان بغير حق، وأنا ولِيُّهُ والطالِبُ بِدَمِهِ، سلّمهُ إِليّ لأقِيدهُ بِهِ ؟ فقال عُثمانُ بِالأَمسِ قُتِل عمرُو أنا أقتُلُ ابنهُ أُورِدُ على آلِ عُمر ما لأقوام لهُم بِهِ ، فامتنع من تسليمه إلى علي عليه السلام شفقةً مِنهُ بزعمِهِ على آلِ عُمر، فلما رجع الأمر إلى علي عليه السلام هرب مِنهُ عُبيدُ اللَّهِ بنُ عُمر إِلى الشَّامِ فصار مع معاوية، وحضر يوم صِفّين مع مُعاوِية مُحارِباً لأمير المؤمنين فقُتِل في معركة الحرب ووُجد متقلّد السيفين يومئذ.

ومنها: أنه عمد إلى صلاة الفجر فنقلها من أوّلِ وقتِها حِين طلوع الفجر فجعلها بعد الأسفار و ظُهُورِ ضِياءِ النّهار، واتَّبعه أكثرُ النّاسِ إِلى يومنا هذا ، وزعم أنهُ إِنّما فعل ذلك إشفاقاً مِنهُ على نفسِهِ فِي خُروجِهِ إِلى المسجِدِ خوفاً أن يُقتل في غلس الفجرِ كما قُتِل عمر، وذلك أن عُمرقد جعل لنفسه سرباً تحت الأرضِ مِن بيتِهِ إِلى المسجِدِ، فقعد أبو لُؤْلُوَّة فِي السّربِ فضربهُ بِخنجرِ فِي بطنِهِ، فَلَمّا وُلّي عُثمانُ أخّر صلاة الفجر إلى الأسفار فعقل وقت فريضة الله و حمل الناس على صلاتها في غير وقتِها، لأنّ الله سبحانه قال: ﴿أقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشَّمس إلى غسقِ اللَّيلِ﴾ يعني ظلمته ، ثم قال: ﴿و قُرآن الفجرإنّ قُرآن الفجر كان مشهوداً﴾(1)، والفجرُهُو أوّلُ ما يبدو من المشرق في الظلمة، وعنده تجب الصّلاةُ، فإذا علا في الأفق وانبسط الضّياء وزالت الظلمة صار صبحا، وزال عن أن يكون فجرا، ودرج على هذه البدعة أولياؤه، ثم تختص بنو أمية بعده أحاديث أنّ النبي صلى الله عليه وآله غلس بالفجر و أسفربها، وقال للناس: أسفروا بها أعظم لأجركم(2).

والله ما ساء علياً عليه السلام قتله

1- عن أبي جلدة، أنه سمع عليّاً عليه السلام يقُولُ وهو يخطب فذكر عُثمان: وقال: والله الذي لا إله إلا هو ما قتلتُهُ ولا مالأتُ على قتله ولا ساءني.(3)

ص: 394


1- الإسراء : 78.
2- إرشاد القلوب 2 : 388 و بحار الأنوار 30 : 371 الى 374.
3- الجمل : 201 و بحار الأنوار 31 : 164.

إن الله قتله و علي عليه السلام معه

1- عن عبيدة السلماني، قال: سمعتُ عليّاً عليه السلام يقُولُ: من كان سائلي عن دمِ عُثمان فإن الله قتله وأنا معه .(1)

عاقبته في المزبلة

1 - نقل سيدنا ابن طاووس وشيخنا المجلسي أعلى الله مقامهما عن ابن عبد البر (وهو من علمائهم) من كتاب الإستيعاب، أنه قال: لما قُتِل عثمانُ أُلقي على المزبلة ثلاثة أيام، فَلَمّا كان في الليلِ أتاه اثنا عشر رجُلا فِيهِم حُويطِبُ بنُ عبدِ العُزّى وحكِيمُ بنُ حِزامٍ وعبد اللهِ بنُ الزبير و محمّد بن حاطب و مروان بن الحكم فلما ساروا إلى المقبرة ليدفنوه ناداهم قوم من بني مازِنٍ: والله لئِن دفنتُموه هاهنا لنُخبِرنّ النّاس غداً، فاحتملوه و كان على باب وأن رأسه على الباب ليقولُ طق طق حتى سارُوا بِهِ إِلى حُسّ كوكب فاحتفرُوا له، وكانت عائِشَةُ بِنتُ عُثمان معها مصباحٌ فِي حُقِّ، فلما أخرجُوهُ لِيدفِنُوهُ صاحت، فقال لها ابنُ الرُّبيرِ: واللهِ لَئِن لم تسكتي لأضرِبنَ الَّذِي فِيهِ عيناكِ. قال: فسكتت، فدفن.(2)

2 - وقد روى ذلك ابن الأثيرِ فِي الكامل والأعثمُ الكُوفِيُّ فِي الفُتُوحِ مُطابِقاً لِما حكاه ابنُ أَبِي الحديد، وزاد الأعثم كلّهم من علمائهم : إنّهم دفنوه بعد ما ذهب الكلاب بإحدى رجليهِ، وقال صلّى عليهِ حكِيمُ بنُ حِزام أو جُبِيرُ بنُ مُطْعِمٍ.(3)

في جهله

1 - رُوي أن مكاتبةً زنت على عهدِ عُثمان وقد عتق منها ثلاثة أرباع فسأل عثمان أمير المؤمنين عليه السلام فقال تُجلدُ مِنها بِحساب الحُرِّيَّةِ وتُجلدُ مِنها بِحِسابِ الرَّقِ وسُئِل زيدُ بنُ ثابِتٍ فقال تُجلدُ بِحِسابِ الرِّقِ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام كيف تُجلدُ بِحِسابِ الرّق وقد عتق منها

ص: 395


1- الجمل :202 وبحار الأنوار 31 :165.
2- سعد السعود :170 بحار الأنوار 31 : 166.
3- بحار الأنوار 31 : 168.

ثلاثة أرباعها وهلا جلدتها بِحِسابِ الحُرّيّةِ فإنّها فيها أكثر فقال زيد لو كان ذلك كذلك لوجب توريثها بِحِسابِ الحُريّةِ فقال له أمير المؤمنين عليه السلام أجل ذلك واجبٌ فأُفحِم زيد وخالف عُثمان أمير المؤمنين عليه السلام وصار إلى قولِ زيدٍ ولم يُصغِ إلى ما قال بعد ظهورِ الحجّة عليه.(1)

2 - روى أنّ امرأة دخلت على زوجها فولدت لستة أشهرٍ فرُفع ذلك إلى عُثمان فأمر برجمها، فدخل عليه علي عليه السلام ، فقال : إنّ الله عزّو جلّ يقولُ: وحملهُ وفِصالُهُ ثَلاثُون شهراً﴾(2)، و قال تعالى: ﴿و فِصالُهُ في عامين﴾(3) فلم يصل رسُولُهُ إِليهم إلا بعد الفراغ من رجمها، فقتل المرأة لِجهلِهِ بِحُكمِ اللهِ عزّو جلّ وقد قال الله عزّ و جلّ: . و من لم يحكم بما أنزل الله فأُولئِكَ هُم الكافِرُون﴾(4).(5)

يعسوب الكافرين

1- عن أبي سعيد التيمي قال: سمعتُ عليّاً عليه السلام يقُولُ : أنا يعسُوبُ المؤمنين و فعلان يعسُوبُ الكافرين.

و عن أبي الطفيل: وفعلانُ يعسُوبُ المنافقين.(6)

لا يجتمع حبّ الأمير و حبّ الثالث في قلب واحد

1- عن علي عليه السلام أنه قال: لا يجتمعُ حُبّي وحُبُّ عُثمان في قلبِ رجُلٍ إِلَّا اقتلع أحدُهُما صاحبه.(7)

ص: 396


1- بحار الأنوار 76 : 50 ح 37.
2- الأحقاف : 15.
3- لقمان : 14.
4- المائدة : 44.
5- بحار الأنوار 31 : 246.
6- تقريب المعارف : 293 و بحارالانوار 31 : 307.
7- تقريب المعارف :294 وبحار الأنوار 31 : 307.

علموا أولادكم بغض الثالث

1- الحسن بن إبراهيم، عن آبائه، قال: كان الحسن بن علي عليهما السلام يقُولُ: معشر الشيعة ! علّمُوا أولادكم بغض الثالث، فإنّه من كان في قلبه حُبِّ لعثمان فأدرك الدّجال آمن بِهِ، فإن لم يُدركه لمجال سلطة آمن به في قبره.(1)

أوّل قطرة سقطت على الأرض من دم المنافقين

1 - عن الحسين بن علي عليهما السلام، قال: إنا وبني أُميّة تعادينا في الله فنحنُ وهُم كذلك إلى يومٍ القيامةِ، فجاء جبرئيل عليه السلام برايةِ الحقِّ فركزها بين أظهرنا وجاء إبليس براية الباطل فركزها بين أظهرهم ، و إنّ أوّل قطرة سقطت على وجه الأرضِ مِن دم المنافقين دم فعلان بن عفان.(2)

جيفة على الصراط

1- عن الحسين عليه السلام : أن فعلان جِيفةُ على الصِّراطِ من أقام عليها أقام على أهل النار، ومن جاوزه جاوز إلى الجنّة.(3)

2 - قال النبي صلى الله عليه وآله: أن فعلان جيفةٌ على الصّراطِ يعطف عليه من أحبّهُ ويُجاوِزُهُ عدُوهُ.(4)

هو الذي فتح أبواب الضّلالة

1- عن محمّدِ بنِ بِشرٍ، قال: سمِعتُ محمّد بن الحنفيّة يلعن فعلان ويقولُ: كانت أبواب الضّلالة مُغلقةً حتى فتحها فعلان .(5)

ص: 397


1- تقريب المعارف : 294 وبحار الأنوار 31 : 308.
2- تقريب المعارف : 295 و بحار الأنوار 31 : 308.
3- تقريب المعارف :295 و بحار الأنوار 31 : 308.
4- المسترشد : 165 ، طرف من الأنباء والمناقب : 279 و تقريب المعارف : 295 و بحار الأنوار 31 : 308.
5- تقريب المعارف : 295 وبحار الأنوار 308:31.

القائم عليه السلام يبعث قوماً يلعونه

1- عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، أنه قال: لا تكون حرب سالمةً حتى يبعث قائمنا ثلاثة أراكيب في الأرضِ ركبٌ يُعتِقُون مماليك أهلِ الدِّمَةِ، وركب يردون المظالم، وركب يلعنون الثالث في جزيرة العرب .(1)

فقد بايعوا والله مجمع الرذائل

1- حبِيبِ بنِ أَبِي ثابِتٍ، قال: لما حضر القومُ الدّار لِلشُّورى جاء المقداد بن الأسود الكندي رحمه الله، فقال: أدخِلُونِي معكم، فإنّ الله عِندِي نُصحاً ولِي بِكُم خيراً، فأبوا، فقال: أدخِلُوا رأسي و اسمعُوا مِنِّي، فأبوا عليه ذلك، فقال: أما إذا أبيتُم فلا تُبايِعُوا رجُلا لم يشهد بدراً، ولم يبايع بيعة الرضوان، وانهزم يوم أحد، ويوم التقى الجمعان ، فقال عثمانُ: أم والله لئن وُلّيتُها لأردّنكَ إِلى ربك الأولِ ، فلما نزل بالمقدادِ الموتُ قال : أخبروا عثمان أنّي قد رُددتُ إِلى رَبِّي الأَولِ وَالْآخِرِ، فَلَمّا بلغ عثمان موته جاء حتى أتى قبره، فقال: رحمك الله إن كُنت وإِن كُنت .. يُثني عليه خيراً. فقال له الزبير:

لأعرفنّك بعد الموت تندبني *** حياتي ما زودت زودتني زادي

فقال: يا زُبير! تقُولُ هذا؟ أتراني أُحِبُّ أن يموت مِثلُ هذا من أصحاب محمد صلى اللهعليه وآله و هو علي ساخط ؟!.(2)

في ظلمه و ضربه و إهانته علياً أميرالمؤمنين عليه السلام

1- عن تغلبة بن حكيم قال: بينا أنا جالس عند عثمان و عِنده أُناسٌ مِن أصحاب محمد صلى الله عليه وآله من أهل بدر و غيرهم، فجاء أبوذريتوكأ على عصاه، فقال: السلام عليكم، فقال: اتَّقِ الله يا عثمانُ إِنّك تصنعُ كذا وكذا وتصنع كذا وكذا ، وذكر مساويه، فسكت عُثمان، حتى إذا انصرف قال: من يعذِرُني من هذا الذي لا يدعُ مساءةً إلا ذكرها، فسكت القومُ فلم يُجِيبُوه،

ص: 398


1- تقريب المعارف : 295 و بحار الأنوار 31 : 309.
2- الكافي 8 : 331 ح513 وبحار الأنوار 31 :360 ح 16.

فأرسل إلى علي عليه السلام ، فجاء فقام في مقامِ أبي ذرٍ، فقال: يا أبا الحسن ما ترى أباذرلا يدع لي مساءةً إلّا ذكرها، فقال: يا عثمانُ إِنِّي أنهاك عن أبي ذرّ، يا عثمان أنهاك عن أبي ذرٍ، ثلاث مرّاتٍ، اتركه كما قال الله تعالى لِمُؤمن آل فرعون: ﴿إن يك كاذِباً فعليهِ كَذِبُهُ وإِن يكُ صادِقاً يُصِبكُم بعضُ الَّذِي ُيعِدُكُم إِنَّ الله لا يهدِي من هُو مُسرِفْ كَذَّابٌ﴾(1) ، قال لهُ عثمانُ : بِفيك التُّرابُ ، قال له علي عليه السلام ، بل بِفِيك التُّرابُ ثُم انصرف.(2)

2- عن علي عليه السلام ، قال : أرسل إلى عثمان في الهاجرة فتقنّعتُ بِثوبي و أتيتُهُ، فدخلتُ وهُو على سريره وفي يده قضيب وبين يديه مال دثِرٌ صُبرتانِ مِن َورِقٍ وذهب فقال: دونك خُذ من هذا حتى تملأ بطنك فقد أحرقتني. فقُلتُ: وصلتك رحِم ! إن كان هذا المال ورثته أو أعطاكهُ مُعطٍ أو اكتسبته من تجارة كُنتُ أحد رجلين: إمّا أخُذُ و أشكُرُ أو أوفّرُ و أجهدُ ، وإِن كان مِن مالِ اللهِ و فِيهِ حقُّ المسلمين واليتيم و ابنِ السَّبِيلِ، فوالله ما لك أن تُعطينيه ولا لي أن آخذه. فقال: أبيت والله إلّا ما أبيت . ثم قام إليّ بالقضيب فضربني والله ما أردُّ يده حتى قضى حاجته، فتقنّعتُ بثوبي و رجعت إلى منزلي وقُلتُ: الله بيني وبينك إن كُنتُ أمرتك بمعروف و نهيتك عن منكر.(3)

علة قتل الثالث

1 - أبي جعفر عليه السلام ، قال : إن فلاناً وفلاناً غصبانا حقنا وقسماه بينهم فرضُوا بِذلك عنهما و إن عُثمان لما منعهم واستأثر عليهم غضِبُوا لأنفُسِهِم.(4)

فساده بالأموال وسيرته مع الرعية

ص: 399


1- غافر: 28.
2- تقريب المعارف :263.
3- بحار الأنوار 31 : 452.
4- بحار الأنوار 31 : 480 ح 4.

1 - أبي يحيى مولى مُعاذِ بنِ عُفرة الأنصارِيّ، قال: إِنّ عُثمان بن عفان بعث إلى الأرقم بنِ عبدِ الله وكان خازن بيت مال المسلِمِين، فقال له: أسلفني مائة ألف ألف درهم. فقال له الأرقم: أكتُبُ عليك بها صكّاً لِلمُسلِمِين .

قال: وما أنت و ذاك ؟ لا أُمّ لك! إنّما أنت خازن لنا. قال: فلما سمع الأرقمُ ذلك خرج مُبادِراً إلى النّاسِ، فقال: أيُّها النّاسُ ! عليكُم بِمالِكُم فإنّي ظننتُ أنّي خازِنُكُم ولم أعلم أنِّي خازِنُ عثمان بن عفان حتى اليوم، ومضى فدخل بيته، فبلغ ذلك عثمان ، فخرج إلى الناس حتى دخل المسجد ثم رقي المنبر، وقال: أيُّها النَّاسُ! إنّ أبابكر كان يُؤثِرُ بني تيم على النّاسِ، وإِن عُمر كان يُؤثِرُ بني عدي على كُلِّ النَّاسِ، وإِنِّي أُوثِرُو الله بني أُميّة على من سواهم، ولوكُنتُ جالساً بِبابِ الجنّةِ ثُمَّ استطعتُ أن أُدخِل بني أُميّة جميعاً الجنّة لفعلتُ، وإن هذا المال لنا، فإن احتجنا إليه أخذناه و إن رغم أنفُ أقوام!.

فقال عمّار بن ياسر رحمه الله : معاشر المسلمين ! اشهدُوا أَنّ ذلِكَ مُرغمَ لِي.

فقال عثمانُ وأنت هاهنا ثم نزل من المنبر يتوطَوْهُ بِرِجليهِ حَتَّى غُشِي على عمّارٍ واحتُمِل وهو لا يعقِلُ إلى بيتِ أُمّ سلمة، فأعظم النّاسُ ذلِك، ويقي عمّارٌ مُغمى عليهِ لم يُصلِّ يومئذ الظهر والعصر و المغرب، فلما أفاق قال : الحمد لله ، فقدِيماً أُوذِيتُ فِي اللَّهِ ، وأنا أحتسِبُ ما أصابني في جنب الله بيني وبين عثمان العدل الكريم يوم القيامة.

قال: وبلغ عثمان أن عماراً عِند أُمّ سلمة، فأرسل إليها، فقال: مما هذه الجماعةُ في بيتكِ مع هذا الفاجِرِ، أخرجهم [أخرجيهم مِن عِندِكِ . فقالت: والله ما عندنا مع عمار إلا بنتاه، فاجتنبنا يا عثمان واجعل سطوتك حيثُ شِئت، وهذا صاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يَجُودُ بِنفسِهِ مِن فعالك ، قال : فندم عثمان على ما صنع فبعث إلى طلحة والزبيريسألهما أن يأتيا عماراً فيسألاه أن يستغفر له، فأتياه فأبى عليهما، فرجعا إليه فأخبراه ، فقال عثمانُ : مِن حُكمِ اللهِ يا بني أُمية يا فراش النار و ذباب الطمع، شنعتُم عليّ، وآليتم على أصحاب رسول الله صلى اله عليه وآله، إن عماراً رحمه الله صلح من مرضِهِ فخرج إلى مسجِدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فبينما هو كذلك

ص: 400

إذ دخل ناعي أبي ذرّ على عثمان من الربذة فقال: إن أباذرمات بالربذة وحيداً ودفنه قوم سفر، فاسترجع عثمان و قال رحمه الله. فقال عمار: رحم الله أبا ذرّمِن كُلِّ أَنفُسِنا. فقال لهُ عثمان: وإنك لهناك بعد ما برأت أتراني ندمتُ على تسييري إياه؟!. قال له عمار: لا والله، ما أظن ذاك. قال: وأنت أيضاً فالحق بالمكان الذي كان فيه أبوذر فلا تبرحه ما حيينا.

قال عمار: أفعل فوالله لمجاورة السباع أحبُّ إليَّ مِن مُجاورتك . قال: فتهيا عمار للخروج و جاءت بنو مخزوم إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فسألوه أن يقوم معهم إلى عُثمان ليستنزله عن تسيير عمّار، فقام معهم فسأله فيهم و رفق بِهِ حَتَّى أجابه إلى ذلك.(1)

الوزغ من شيعته

1- عن عبد الله بن طلحة قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عنِ الوزغ فقال رجسٌ وهُو مسخّ كُلُّهُ فإذا قتلته فاغتسل وقال إن أبي كان قاعِداً في الحجرو معهُ رَجُلٌ يُحدِّثهُ فَإِذَا هُو بِوزغ يُولوِلُ بلسانه فقال أبي للرجل أتدري ما يقُولُ هذا الوزغ فقال لا عِلم لِي بِما يَقُولُ قَالَ فَإِنَّهُ يَقُولُ واللَّهِ لئِن ذكرتُم عثمان بشتيمة لأستمن عليّاً حتى يقوم من هاهنا قال وقال أبي ليس يموتُ من بني أُميّة ميّتُ إلَّا مُسِخ وزغاً قال وقال إن عبد الملك بن مروان لما نزل بِهِ الموتُ مُسِخ وزغاً فذهب من بين يدي من كان عنده وكان عِندَهُ وُلدُهُ فلَمّا أن فقدوه عظم ذلك عليهم فلم يدرُوا كيف يصنعون ثُمَّ اجتمع أمرُهُم على أن يأخُذُوا جذعاً فيصنعُوهُ كهيئة الرّجُلِ قال ففعلوا ذلك و ألبسوا الجذع درع حدِيدٍ ثُم ألقوه في الأكفانِ فلم يطلع عليهِ أحدٌ مِن النَّاسِ إِلَّا أَنا ووُلدُهُ.(2)

ص: 401


1- بحار الأنوار 31 : 481 ح 6.
2- بحار الأنوار 58 : 53 ح 41.

نفى أباذر إلى الربذة

1 - أبوجعفر الخثعمي قال: قال لا سيّر عثمان أبا ذر إلى الربذة شيّعه أمير المؤمنين وعقيل و الحسن والحسين عليهما السلام و عمّار بن ياسر رضي الله عنه فلما كان عند الوداع قال أمير المؤمنين عليه السلام يا أبا ذر إنّكَ إِنّما غضبت الله عزّ و جلّ فارجُ من غضبت لهُ إِنَّ القوم خافُوك على دنياهم و خفتهم على دِينِك فأرحلُوك عنِ الفِناءِ وامتحنوك بِالبلاء ووالله لو كانتِ السّماوات والأرضُ على عبد رتقاً ثم اتق الله عز و جل جعل لهُ مِنها مخرجاً فلا يُؤنسك إِلَّا الحق ولا يُوحِشك إِلَّا الباطِلُ ثُمَّ تكلّم عقيل فقال يا أبا ذر أنت تعلم أنا تُحِبُّك ونحن نعلم أنك تُحِبُّنا وأنت قد حفظت فينا ما ضيّع النّاسُ إِلَّا القليل فثوابك على الله عزّوجل ولذلك أخرجك المخرِجُون و سيرك المسيرون فثوابك على الله عزّ و جلّ فاتَّقِ الله واعلم أن استعفاءك البلاء من الجزع و استبطاءك العافية من الياس فدع اليأس والجزع وقُل حسبي الله ونعم الوكيل ثُمَّ تكلّم الحسن عليه السلام فقال يا عمّاه إنّ القوم قد أتوا إليك ما قد ترى و إنّ الله عزّ و جلّ بالمنظر الا على فدع عنك ذكر الدنيا بِذِكرِ فِراقِها و شِدّةِ ما يرد عليك لرخاء ما بعدها واصبر حتى تلقى نبيّك صلى الله عليه وآله و هو عنك راض إن شاء الله ثُم تكلّم الحسين عليه السلام فقال يا عماه إن الله تبارك و تعالى قادِرُ أن يُغيّر ما ترى وهُو كُل يوم في شأن إنّ القوم منعُوك دنياهم ومنعتهم دينك فما أغناك عمّا منعُوك وما أحوجهم إلى ما منعتهم فعليك بِالصّبرِ فإنّ الخير في الصبر و الصبر من الكرم ودع الجزع فإنّ الجزع لا يُغنيك ثم تكلّم عمار رضي الله عنه فقال يا أبا ذر أوحش الله من أوحشك وأخاف من أخافك إِنَّهُ والله ما منع الناس أن يقُولُوا الحقِّ إِلَّا الرَّكُونُ إِلى الدنيا والحبُّ لها ألا إنّما الطاعةُ مع الجماعةِ والملكُ لِمن غلب عليهِ و إِنّ هؤلاء القوم دعوا الناس إلى دنياهم فأجابوهم إليها و وهبوا لهم دينهم فخسِرُوا الدّنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبينُ ثُمَّ تكلّم أبو ذر رضي الله عنه فقال عليكُمُ السلام ورحمة الله وبركاتُهُ بِأَبِي وأُمِّي هَذِهِ الوُجُوهُ فَإِنِّي إِذا رأيتُكُم ذكرتُ رسول الله صلى الله عليه واله بِكُم وما لِي بِالمدينة شجن لأسكُن غيركُم وَ إِنَّهُ ثقُل على عثمان جوارِي بِالمدينة كما ثقُل على مُعاوِية بِالشّامِ فآلى أن يُسيّرني إلى بلدة فطلبتُ إليهِ أن يكون ذلك إلى

ص: 402

الكوفة فزعم أنه يخافُ أن أُفسد على أخِيهِ النَّاسِ بِالكوفة وآلى بِاللهِ ليُسيّرني إلى بلدة لا أرى فيها أنيساً ولا أسمع بها حبيساً وإني والله ما أُرِيدُ إِلَّا الله عزو جل صاحباً وما لي مع الله وحشةٌ ﴿حسبي الله لا إله إلّا هُو عليه توكلت وهو ربُّ العرش العظيم﴾(1) وصلى الله على سيّدِنا محمّد و آلِهِ الطَّيِّبين.(2)

ما أستفدنا من الشيخ المفيد في الباب

قال الشيخ المفيد رحمة الله عليه في بيان بدعه:

«ألا ترى إلى ما جاءت به الأخبارُ مِن إنكاره عليه السلام إدراء الحد عن عُبيدِ اللهِ بنِ عُمر بن الخطاب وقد استحق القود بقتله الهرمزان و من قتله معه مِن أهل العهدِ بِغيرِ حق في مقتضى شريعة الإسلامِ ولَمَّا طالبه بالقودِ مِنهُ تعلّل عُثمانُ تارةً بِأنّ أباه قُتِل ولا يرى قتله اليوم لما تحزن المسلِمُون بِذلِك وتتواتر عليهم الهموم والغموم ولِما يخافُ مِن الإضطرابِ بِهِ والفسادِ فردّ عليه أمير المؤمنين عليه السلام هذا الرأي وأعلمه أنّ حُدُود الله لا تسقط ولا يجوز تضييعُها مِثل هذا الإعتلال فعدل عثمان إلى التعلُّلِ بِالرأي في إسقاط الحد عن ابن عُمر خلافاً على رأي أمِيرِ المؤمنين عليه السلام فِيهِ و مُضادّةً لِما ادّعاهُ عليهِ وأشار بِهِ عليهِ فِي حُكمِ اللَّهِ و قال الهُرمُزَانُ رَجُلٌ غرِيبٌ لا ولي له و أنا ولِيُّ من لا ولي له وقد رأيتُ العفو عن قاتله

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام : ليس للإمام أن يعفو عن حد يتعلّق بِالمخلوقين إلَّا أن يعفُو الأولياء عنه وليس لك أن تعفو عنِ ابنِ عُمر و لكن إن أردت أن تدرأ الحد عنه فأدِ الدِّية إلى المسلِمِين الَّذِين هُم أَولِياءُ الهُرمُزانِ واقسمها مع ما في بيتِ المالِ على مُستحِقِيهِ فَلَمّا رأى أَمِيرُ المؤمنين عليه السلام دفاع عثمان عنِ الحةِ الواجِبِ فِي حُكمِ اللهِ وتعلَّلِهِ فِي ذلِك قال له: أمّا أنت فيُطالب بدمِ الهرمزان يوم يعرِضُ الله الخلق لِلحِسابِ و أما أنا فإِنِّنِي أُقسِمُ بِاللَّهِ لَئِن وقعت عينِي على عُبِيدِ اللهِ بنِ عُمر لَآخُذنٌ حق اللهِ مِنْهُ وإِن رغم أنفُ من رغم.

ص: 403


1- التوبة : 129.
2- الكافي 8 : 206 ح 251.

فاستدعى عثمانُ عُبيد الله ليلا و أمره بالهرب من أمير المؤمنين عليه السلام فخرج من المدينة ليلاو قد أصحبه عثمانُ كِتاباً أقطعهُ فِيهِ الكوفة فهي تُسمّى كُويفة ابن عُمر فلم يزل بها حتى ولي أمير المؤمنين عليه السلام فكان عُبيدُ اللهِ فِي جُملة المباينين له و اجتهد في حربه مع جُندِ الشّامِ فقتله الله يبغيه ولقاه أعماله وكفى المسلمين شرّه.

و لَما ورد أهل الكوفة يتظلّمُون مِن الوَلِيدِ بنِ عُقبة بنِ أَبِي مُعيطٍ و شهِدُوا عليهِ بِشُرب الخمرو شكره وصلاتِهِ فِيها بِالنَّاسِ الفجر و هو سكران وأنه قاء بالخمر في المحراب و نام في موضِعِهِ حتى حمل مِنهُ و جعل بِموضع القرآن شعراً مشهوراً فاغتاظ عثمانُ مِن الشُّهود و تغيّر عليهم و أمر يضر بهم فصاروا إلى أمير المؤمنين عليه السلام يشكُون إِليه أمرهم و ما حل بهم من عثمان فقام علي عليه السلام حتى دخل عليهِ فَلَمّا رآه عثمان قال ما لك يا ابن أبي طالب أحدث أمر قال نعم حدث أمر عظيم قال عثمان وما ذاك قال عُظِلتِ الحُدُودُ وضُرِبتِ الشُّهُودُ فقال عثمانُ فما ترى قال أرى أن تعزل أخاك عنِ الكُوفة وتستدعِيهُ وتُقيم عليه الحد قال أنظُرُ في هذا.

ولما كان مِن إنكار أبي ذرّ رحمه الله أحداث عثمان ما كان ودخل عليه بعض الأيام و عِنده قوم يمدحونهُ بِالأباطيل فأخذ بِيدِهِ كفَّاً مِن التُّرابِ فضرب بِهِ وُجُوهَهُم فقال له عثمان ويلك ما هذا تضرِبُ وُجُوه المسلمِين بِالتُّرابِ قال إنّي لم أفعل إلّا ما أمربِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه واله إعلم أنّي سمِعتُ رسول الله صلى اله عليه وآله يقُولُ إذا رأيتُمُ المداحين فاحثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّراب.

وقد رأيتُ هؤلاءِ يتقربون بِالأباطيل إليك ويمدحونك بما ليس فيك فقال له عثمان كذبت فبينا هُو يُكَذِّبُهُ ويغلظ لَهُ فِي القول وأبوذرّ يُخاصِمُهُ إذ دخل أمير المؤمنين عليه السلام فقال له عثمانُ يا علي أما ترى هذا الكذاب كيف يكذِبُ على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فقال له علي أنزِلَهُ يا عثمانُ فيما قال منزلة مُؤمن آلِ فِرعون قال الله عزّاسُهُ ﴿إن يك كاذباً فعليهِ كَذِبُهُ وإِن يك صادِقاً يُصِبكُم بعضُ الَّذِي يعِدُكُم﴾(1) فغضب عثمان و قال اسكت بِفيك التُّرابُ فجثا عليه السلام على ركبتيهِ ثُم قال له بل بِفِيك التُرابُ سيكونُ .

ص: 404


1- غافر: 28.

ولما حضر الوليد لإقامة الحدّ عليهِ أخذ عثمانُ السّوط فألقاه إلى من حضره من الصحابة و قال وهُو مُغضَبٌ من شاء مِنكُم فليقُمِ الحد على أخي فأحجم القومُ عن ذلك فنهض أمِيرُ المؤمنين عليه السلام وبيدِهِ السوط إلى الوليدِ فلما رآه الوليد يقصد نحوه ليضربه نهض مِن موضِعِهِ لينصرف فبادر إليهِ عليه السلام فقبضه فشتمه الوليد فسبّهُ أمير المؤمنين عليه السلام بما كان أهله و تعتعه حتى أثبت إقامة الحدّ عليه فاستشاط عثمانُ مِن ذلِك وقال له ليس لك أن تُتعتعه يا عليُّ ولا لك أن تسبّه فقال له عليه السلام بل لي أن أقهره على الصبر على الحد وما سببته إلّا لِما سبّنِي بِباطِل فقُلتُ فِيهِ حقاً ثم ضربه بالسوط و كان له رأسان أربعين جلدة في الحِسابِ بثمانين فحقدها عليهِ عُثمانُ .

و لَمَّا ردّ عثمانُ طَرِيد رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله الحكم بن أبي العاص وكان قد نفاه عن المدينة إلى الطائفِ وذلك أنه كان يُؤذِي النّبي صلى الله عليه واله حتى بلغ مِن أذاهُ أَنَّهُ كان يتسلّق على حائِطِ بيتِهِ لِيراه مع أزواجِهِ فبصُربِهِ صلى الله عليه وآله و هُو مُتطلّع عليهِ فَلَمّا وقعت عيناه في عينيه كلح في وجه النبي صلى الله عليه واله ثم نزل و كان النبي صلى الله عليه وآله إذا مشى مشى خلفه الحكمُ ثُمَّ تخلع في مشيته يحكيه صلى الله عليه وآله وكانت من رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله التفاتة إليه فقال له كُن كما أنت فلا يقدِرُ على المشي بعدها إلّا مُختلِعاً.

وكان يقفُ نُصب عينيه فإذا تكلّم رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بشيء من الوحي أو شرع لأُمَّتِهِ مِن الدِّينِ شيئاً أو وعظهم و أنذرهم أو وعدهم أو رغبهم أو علمهم شيئاً من الحكم لوّى الحكم شدقيهِ فِي وجهِهِ يحكِيهِ ويعِيبُ بِهِ فَلَمّا طال ذلِك مِنهُ على رسول الله صلى الله عليه وآله وقد كان يُداري قومهُ مِن قبلُ بِالصّبرِ عليه نفاه إلى الطائِفِ وأباح دمه متى وُجد بالمدينة ومضى رسُولُ الله صلى الله عليه واله و الحكم مطرُودٌ فَلَمّا وُلّي أبوبكر جاءه عثمان فسأله في ردّهِ فامتنع عليه و قال له قد مضى رَسُولُ اللهِ صلى اله عليه وآله و لم ياذن له في الرد فإِنِّي لا أرُدُّهُ فَلَمّا مات أبوبكرو وُلّي عمرُ الأمر جاءهُ عُثمانُ لِيسألهُ فِي ردّهِ فقال قد كُنت سألت رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك فلم يُحبك وسألت أبا بكر فلم يُحبك ولستُ أنا أُجِيبُك إلى ما سألت فأمسك يا عُثمانُ فإِنِّي لا أُخالِفُ صاحِي فَلَمَّا وُلّي عُثمانُ الأمر استدعاهُ مِن الطَّائِفِ إلى المدينة وآواه و حباه وأعطاه و

ص: 405

أقطعه المربد بمدينة الرسول صلى الله عليه وآله فعظم ذلك على المسلمين و قالُوا آوى طريد رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و حباه وأعطاه وصاروا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسأَلُوهُ أَن يُكلِّمهُ فِي إِخراجِهِ عَنِ المدينة وردّهِ إلى حيثُ نفاهُ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله.

فجاءه أمير المؤمنين عليه السلام فقال قد علمت يا عُثمانُ أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله قد نفى هذا الرّجُل عن المدينة و مات ولم يردّه وأن صاحبيك سلكا سبيله في تبعِيدِهِ وابتغاء سُنّتِهِ فِي ذلك فقد عظم على المسلمين ما صنعت في ردّهِ وإيوائِهِ فأخرجه عن المدينةِ واسلُك فِي ذلِك سُنّة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فقال يا علي قد علمت مكان هذا الرّجُلِ مِنِّي وأنهُ عَمِّي وقد كان النّبيُّ صلى الله عليه وله أخرجه ليلا عنه لبلاغِهِ ما لم يصح عليه وقد مضى النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله ليسبيلِهِ ورأى أبوبكر و عمر ما رأياه و أنا أرى أن أصل رجمي وأقضي حق عمّي وليس هو شر أهل الأرضِ وفي النّاسِ من هُو شرُّ مِنهُ فقال عليه السلام والله لئن أبقيته يا عُثمانُ ليقُولنَ النَّاسُ فِيك شرّاً مِن هذا وشراً من هذا.

ولما كان من عثمان من تفريقِ ما في بيت المال على أوليائه وأقربائه وإخراج خمس مالِ إفريقيّة إلى مروان بن الحكم وتسويغهِ إِيَّاهُ وحِبائِهِ زيد بن ثابِتٍ بِمِائَةِ أَلْفِ درهم مِن بيتِ المالِ و إقطاعه من أقطع من أرض المسلمين وإجازته الشعراء بكثير من مال المسلمين أعظم المسلِمُون ذلِك وفزِعُوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام فدخل عليه و وعظه و ذكر له ما عليه المسلِمُون مِن إِنكارِهِ بِما عمِلهُ فسكت عثمانُ ولم يُجِبهُ بِحرفٍ فلما طال على أمير المؤمنين عليه السلام سُكُوتُهُ قال لهُ بِماذا أرجِعُ إلى المسلمين عنك ألك عُذر فيما فعلت قال انصرف يا ابن أبي طالب فسأخرُجُ إِلى المسجِدِ وتسمعُ مِنِّي جواب ما سألت عنه.

ثُم خرج عثمان بعد وقت حتى صعد المنبر و اجتمع المسلمون لسماع كلامه فقال معاشر المسلمين قد بلغني خوضُكُم فِي بِرّي أهل بيتي وصلتي لهُم وحِباي لمن حبوتُ مِن أهل بيتي و أوليائي وذوي قرابتي إنّ رسُول الله صلى اله عليه وآله كان من بني هاشم فحبا أهله ووصلهم وجعل لهُمُ الخُمس نصيباً و وفّره عليهم و نحلهم صفو الأموال و أغناهم عنِ السُّؤالِ وإِن أبا بكر حبا أهله وخصّهُم بِما شاء من المالِ وإِن عُمر حبا بني عدي و أصفاهُم وخصّهُم بِالإكرامِ والإعظامِ

ص: 406

وأعطاهُم ما شاء من المال وإنّ بني أُميّة وعبد شمس أهلي وخاصتي وأنا أخُصُّهُم بِمَا شِئتُ من المال أما والله لو قدرت على مفاتيح الجنّة لسلمتها إلى بني أُميّة على رغم أنف من رغم.

فقام عمّار بن ياسر فأخذ بطرفِ أَنفِهِ وقال واللهِ إِنْ أنني أوّلُ أنفٍ يرغمُ بِذلِك وتفرّق المسلِمُون على سخطٍ مِن مقالتِهِ وجاء خُزَانُ بيتِ المالِ فألقوا المفاتيح بين يديه وقالوا لا حاجة لنا فيها و أنت تصنعُ في أموالِ اللهِ ما تصنعُ. الخاصه ما مثل المالية رواه أبو حذيفة القُرشِيُّ قال حدثني إسحاق بن محمد قال حدثني الحسن بن عبدِ اللهِ عن عُبيد الله بنِ عباس عن عكرمة عن عبدِ اللهِ بنِ عباس قال كان بين عثمان بن عفان وبين علي بنِ أبي طالب عليه السلام كلام على عهدِ عُمر بن الخطابِ فقال له عثمانُ فِيمَا يَقُولُ فما ذني واللهِ لا تُحِبُّكُم قُريش أبداً بعد سبعين رجُلا قتلتُمُوهُم مِنهُم يوم بدرٍ كأَنّهُم شُنُوفُ الذَّهَبِ.

وروى المدائني عن علي بن صالح قال ذكر ابنُ دأب قال: لما عاب الناسُ على عثمان ما عابوا كلّمُوا عليّاً فِيهِ فدخل عليه وقال إنّ النّاس ورائي قد كلّمُونِي فِيك والله ما أدري ما أَقُولُ لك ما أعرف شيئاً تُنكِرُهُ ولا أدلك على شيء تجهلُهُ إنّك لتعلم ما نعلم ما سبقناك إلى شيء فنُخبرك لتعلم ما نعلم ما سبقناك إلى شيء فنُخبرك عنه ولا خلونا بأمر فنُعلّمك وقد رأيت تحافة ولا كما رأينا و سمعت كما سمعنا و صحبت رسول الله صلى الله عليه وآله كما صحبنا و ما ابن أبي قحافة ابن الخطاب بأولى بشيء من عمل الخيرِ مِنك و أنت أقرب إلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و قد نلت مِن صهره ما لم ينالا فالله الله في نفسك فإنّك والله ما تُبصرُ مِن عمَّى ولا تُعلَّمُ مِن جهلٍ وإِنَّ الطريق لواضحةٌ بيّنةٌ و إنّ أعلام الدِّينِ لقائِةٌ تعلمُ يا عثمانُ أنّ أفضل عِبادِ اللهِ عِندَ اللهِ إِمَامٌ عادِلٌ هدى و هُدِي بِهِ أحيا سُنّةً معلومةً وأمات بدعةً مجهولةً و إِنَّ السُّنن لنيّرة لها أعلام وإنّ البدع لظاهرة لها أعلام وإنّ شرّ النّاسِ عِند اللهِ إِمَامٌ جائِرضل وضُلّ بِهِ وأمات سُنّةٌ معلُومةً و أحيا بدعةً متروكةً و إِنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقُولُ: يُؤتى يوم القيامةِ بِالإمام الجائر و ليس معه نصير و لا عاذِرُ فيلق في جهنّم فيدور فيها كما تدور الرحى ثُمّ يرتطم في غمرة جهنم و إنِّي أُحذِّرُك أن تكون إمام هذِهِ الأمة الَّذِي يُقتل فإِنَّهُ كان يُقالُ يُقتلُ فِي هَذِهِ الأمة إِمَامٌ فيُفتحُ عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة ويلتبس عليها أمرها و تنشبُ الفِتَنُ فيها فلا يُبصِرُون

ص: 407

الحقِّ لِعُلُوّ الباطِلِ يموجُون فيها موجاً و يمرجون فيها مرجاً فلا تكن مروان سيّقةً يسوقك حيثُ شاء بعد جلالِ السِّنِّ وتقصي العُمُرِ.

فقال له عُثمانُ كلّمِ النّاس في أن يُوجِلُونِي حَتَّى أخرُج إِليهِم مِن مظالمهم فقال عليه السلام ما كان في المدينة فلا أجل فيه وما غاب فأجلُهُ وُصُولُ أمرِك إليهم فقال له عثمانُ والله قد علمتُ ما تقُولُ أما والله لو كُنت بمكاني ما عنّفتك ولا تلبتك ولا عبتُ عليك ولا جِئتُ منكراً ولا عملتُ سُوءً إن وصلت رحماً أو سددت خلةً.»(1)

أقول: هذا مما إستفدنا من شيخنا المفيد نوّر الله مضجعه من كتابه المسمى بالجمل الذي أعتقد أن قراءته لازم على جميع الشيعة وفقهم الله على مرضاته.

الصحابة يشهدون بكفره

1- قال عمّار على منبر الكوفة: ثلاثة يشهدون على الثالث أنه كافرو أنا الرابع، وأنا أسمي الأربعة ثم قرأ هؤلاء الآيات في المائدة ﴿و من لم يحكم بما أنزل الله فأُولئِكَ هُمُ الكافرون والظالمون و الفاسقون﴾(2).(3)

في كذبه على الرسول صلى الله عليه وآله

1- عن عبد القيس: لما كان يوم الجمل خرج علي بن أبي طالب عليه السلام حتى وقف بين الصفين و قد أحاطت بالهودج بنُو ضبة فنادى: أين طلحة والزبير، فبرز له الزبير، فخرجا حتى التقيا بين الصفين، فقال: يا زبير ما الذي حملك على هذا؟

فقال: الطلب بدمِ عُثمان.

ص: 408


1- الجمل : 175 الى 188.
2- المائدة : 47.
3- تفسير العياشي : 323 ح 123 ، نهج الحق وكشف الصدق : 297 ، الشافي في الإمامة 4 : 291 ، :323 تقريب المعارف : 273 ، بحار الأنوار 31 : 280 والبرهان في تفسير القرآن 2 :307.

قال: قاتل الله أولانا بدم عُثمان، أما تذكر يوماً كنا في بني بياضة فاستقبلنا رسولُ الله صلى الله عليه و اله متكئاً عليك فضحكتُ إليك وضحكت إليّ، فقلت:

يا رسول الله ، إن عليّاً لا يترك زهوه ، فقال : ما به زهو و لكنك لتقاتله يوماً و أنت له ظالم ؟

قال: نعم، ولكن كيف أرجعُ الآن إنّه لهو العار.

قال: إرجع بالعار قبل أن يجتمع عليك العارُو النار .

قال : كيف أدخل النار وقد شهد لي رسولُ الله صلى الله عليه وآله بالجنّة ؟

فقال: متى؟

قال: سمعتُ سعيد بن زيد يُحدّث عثمان بن عفان في خلافته أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقولُ: عشرة في الجنة.

قال: فمن العشرة ؟

قال: أبوبكر و عمر و عثمان بن عفان وأنا وطلحة حتى عد تسعة.

قال: فمن العاشر؟

قال: أنت.

قال: أما أنت فقد شهدت لي بالجنّة وأما أنا فلك و لأصحابك من الجاحدين، ولقد حدثني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله قال: إنّ سبعةً ممن ذكرتهم في تابوت من نار في أسفل درك من الجحيم، على ذلك التابوت صخرة إذا أراد الله عز وجل عذاب أهل الجحيم رفعت تلك الصخرة. قال: فرجع الزبير و هو يقول:

نادى عليّ بأمر لست أجهله *** قد كان عمر أبيك الحق مذحين

فقلت حسبك من لومي أبا حسن *** فبعض ما قلته اليوم يكفيني

اخترت عارا على نار مؤجّجة *** أنّى يقوم لها خلق من الطين

فاليوم أرجع من غي إلى رشد *** و من مغالطة البغضان إلى اللين(1)

ص: 409


1- مدينة معاجز الأئمة 2 : 388 ح 619.

أميرنا المظلوم

1- جندب بن عبدِ اللهِ، قال: دخلتُ على أمير المؤمنين عليه السلام وقد بويع لعثمان بن عفان، فوجدتُهُ مُطرِقاً كئِيباً، فقُلتُ له: ما أصابك جُعِلتُ فِداك مِن قومك فقال: صبر جميل. فقُلتُ: سُبحان اللهِ! إِنَّكَ لصبُورٌ.

قال: فأصنعُ ماذا؟ قُلتُ: تقومُ فِي النَّاسِ وتدعُوهُم إلى نفسك وتُخبرهم أنك أولى بِالنّبي صلى الله عليه وآله وبالفضل والسابقة، وتسأهُمُ النّصر على هؤلاء المتظاهرين عليك، فإن أجابك عشرة من مائة شدّدت بالعشر على المائة، فإن دانُوا لك كان ذلِك ما أحببت وإن أبوا قاتِلهُمُ فإن ظهرت عليهم فهو سُلطانُ اللهِ الَّذِي آتَاهُ نبيه صلى الله عليه وآله وكُنت أولى بِهِ مِنهُم، وإِن قُتِلت في طلبِهِ قُتِلت إن شاء الله شهيداً، وكُنت أولى بِالعُذرِ عِند الله ، لأنك أحقُّ عِيرَاتِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله.

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أتراه يا جُندب كان يُبايِعُني عشرةٌ مِن مِائَةٍ فقُلتُ: أرجُو ذلِك.

فقال: لكنّي لا أرجو ولا مِن كُلّ مِائَةٍ اثنانِ ، وسأخبِرُك مِن أين ذلِكَ، إِنما يَنظُرُ النَّاسُ إِلى قريش، وإن قريشاً تَقُولُ: إن آل محمّد يرون لهم فضلا على سائر قريش، وأنهم أولياء هذا الأمر دون غيرهم مِن قُريش، وأنهم إن ولوه لم يخرج منهم هذا السُّلطان إلى أحد أبداً، ومتى كان في غيرهم تداولوه بينهم، ولا والله لا يدفعُ إلينا هذا السلطان قريش أبداً طائعين.

قال: فقُلتُ: أفلا أرجِعُ وأُخبِرُ النّاس مقالتك هذه، وأدعُوهُم إلى نصرك فقال:

يا جندب ليس ذا زمان ذلك.

قال جندب: فرجعت بعد ذلك إلى العِراقِ، فكنتُ كُلّما ذكرتُ من فضل أمير المؤمنين علي بنِ أبي طالب عليه السلام شيئاً زبروني و نهرُوني حتى رُفع ذلِك مِن قولي إلى الوليد بن عُقبة، فبعث إلى فحبسني حتى كُلّم في فخلى سبيلي.(1)

ص: 410


1- الأمالي للطوسي : 233 ح 415.

هكذا فعل برعيته

1 - صعصعة بن صوحان العبدِي رحمه الله، قال: دخلتُ على عثمان بن عفان في نفر من المصريين، فقال عُثمانُ : قدّمُوا رجُلا مِنكُم يُكلِّمُنِي ، فقدّمُونِي فقال عثمان: هذا، وكأنه استحدثني. فقُلتُ لهُ: إِنّ العِلم لو كان بِالسِّنِ لم يكُن لِي ولا لك فِيهِ سهم ولَكِنَّهُ بِالتَّعلُّم.

فقال عثمانُ هاتِ. فقُلتُ: ﴿بسم الله الرّحمنِ الرَّحِيمِ الَّذِين إن مكَنَّاهُم فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصلاة وآتوا الزكاة و أمرُوا بِالمعرُوفِ ونهوا عن المنكر و لله عاقبة الأمور﴾(1) فقال عثمانُ : فينا نزلت هذِهِ الآيَةُ فقُلتُ لَهُ: فمر بالمعروف، وانه عن المنكر.

فقال عُثمان: دع هذا وهاتِ ما معك. فقُلتُ له: ﴿بسم الله الرّحمنِ الرَّحِيمِ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِم بِغيرِ حَقٍ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ﴾(2) إلى آخِرِ الآية . فقال عثمان : وهذه أيضاً نزلت فينا. فقُلتُ لَهُ: فأعطنا بما أخذت مِن اللهِ.

فقال عثمان: يا أيُّها النَّاسُ، عليكم بالسمع والطاعة، فإنّ يد الله على الجماعة، وإنّ الشيطان مع الفخّ، فلا تستمِعُوا إلى قولِ هذا، وإنّ هذا لا يدري من الله ولا أين الله.

الله ولا أين الله. فقُلتُ لهُ: أما قولك: عليكم بالسمع والطاعة، فإنّك تُرِيدُ مِنا أن نقُولُ غداً: ﴿رَبَّنا إِنَّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلُّونا السبيلا﴾(3)، وأما قولك: أنا لا أدري من اللهُ، فَإِنَّ الله رَبُّنا ورب آبائنا الأولين، وأما قولُك إِنِّي لا أدري أين الله، فإنّ الله (تعالى) بالمرصاد. قال: فغضب و أمر بصرفنا و غلق الأبواب دوننا.(4)

ص: 411


1- الحج : 41.
2- الحج :40.
3- الأحزاب : 67.
4- الأمالي للطوسي : 236 ح 418.

قد أقلتک اسلامک

1- علي بن إبراهيم: قوله تعالى: ﴿يمُنُّون عليك أن أسلموا﴾ نزلت في عثمان يوم الخندق، وذلك أنَّهُ مربعمّار بن ياسر و هو يحفِرُ الخندق ، وقد ارتفع الغُبارُ مِن الحفر، فوضع عثمانُ كُمّه على أنفِهِ و مر ، فقال عمار:

لا يستوي من يعمر المساجدا *** يظل فيها راكعا و ساجدا

كمن يمر بالغبار حائدا *** يعرض عنه جاهدا معاندا

فالتفت إليه عثمان، فقال: يا بن السوداء، إِيَّاي تعني؟ ثُم أتى رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال له: لم ندخُل معك لِتُسبّ أعراضُنا، فقال له رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله : قد أقلتُك إسلامك فاذهب. فأنزل الله تعالى ﴿يمُنُّون عليك أن أسلموا قُل لا تمُنُّوا عليّ إسلامكُم بلِ اللهُ يمُنُّ عليكم أن هداكم للإيمان إن كُنتُم صادِقِين﴾. أي لستُم صادقين. ﴿إنّ الله يعلم غيب السّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بصير بما تعملون﴾(1).(2)

2 - نقل شيخنا الحرّ العاملي أعلى الله مقامه من كتاب الكشف والبيان (من كتبهم) عند سورة النجم ، عند قوله تعالى: ﴿أفرأيت الذي تولّى وأعطى قليلاً وأكدى﴾(3) الآيات قال أنها نزلت في عثمان ورواه ابنُ عبّاس والكلبي، والمسيب بن شريك، وذكر الحديث إلى أن قال:

فأنزل الله: أفرأيت الذي تولّى، يعني به يوم أحد حين ترك. قال: ومن غير طريق التعلبي أنّ عثمان رجع بعد ثلاث.(4)

ص: 412


1- الحجرات : 17 - 18.
2- تفسير القمي 322:2 والبرهان في تفسير القرآن 5 : 122ح 10018.
3- النجم : 33 و 34.
4- إثبات الهداة 3 :352 ح 26.

في ما جرى بينه و بين عايشة

1 - عن موسى التعلبِي، عن عمّه، قال: دخلتُ مسجِد المدينة فإِذا النَّاسُ مُجتَمِعُون، وإذا كف مُرتفعة وصاحِبُ الكفّ يقولُ : يا أيُّها النَّاسُ العهد حديث هاتان نعلا رسُولِ اللَّهِ وقِيصُهُ إِنَّ فِيكُم فرعون أو مثله، فإذا هي عائشة تعني عثمان، وهو يقولُ: اسكُتِي إِنّما هذِهِ امرأَةٌ رأيها رأي المرأة.(1)

2 - عن الحسن بن سعيد، قال: رفعت عائشة ورقاتٍ مِن ورق المصحفِ بين عُودين من وراء حجابها و عثمان على المنبر، فقالت يا عثمانُ ! أقم ما في كِتابِ اللهِ إِن تُصاحِب تُصاحِب غادِراً، و إن تُفارق تُفارق عن قلى. فقال عثمان : أما والله لتنتهين أو لأدخِلن عليك حمران الرّجالِ و سودانها!!.

قالت عائشة: أما والله إن فعلت لقد لعنك رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ثم ما استغفر لك حتى مات.(2)

3- عن عبدِ الرّحمن بن أبي ليلى قال: أخرجت عائشة قميص رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ، فقال لها عثمانُ: لَئِن لم تسكتي لأملأنها عليكِ حُبشاناً .

قالت: يا غادِرُ يا فاجِرُ! أخربت أمانتك ومزقت كِتاب الله . ثُمّ قالت: والله ما ائتمنهُ رجُلٌ قط إلّا خانه ، ولا صحبه رجلٌ قط إلّا فارقه عن قلى.(3)

4 - نظرت عائشة إلى عثمان ، فقالت: ﴿يقدم قومه يوم القيامة فأوردهُمُ النار و بئس الورد المورود﴾(4).(5)

5 - عن عكرمة : أن عثمان صعد المنبر فاطلعت عائشة ومعها قميص رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ثُمّ قالت يا عثمانُ أشهدُ أنّك برِيءٌ مِن صاحِب هذا القميص . فقال عثمانُ: ﴿ضرب الله مثلا للذین کفروا(6)...﴾الآیة.(7)

ص: 413


1- بحار الأنوار 31 : 296.
2- بحار الأنوار 31 : 296.
3- بحار الأنوار 31 : 296.
4- هود : 98.
5- بحار الأنوار 31 : 296.
6- التحريم : 10.
7- بحار الأنوار 31 : 297.

6 - عن أبي عامر مولى ثابِتٍ، قال: كُنتُ في المسجِدِ فرعثمان فنادته عائشة : يا غادِرُيا فاجِرُ! أخربت أمانتك وضيّعت رعِيّتك، ولولا الصلوات الخمس لمشى إليك رِجالٌ حتى يذبحوك ذبح الشّاةِ، فقال لها عثمان: ﴿امرأت نُوحٍ وامرأت لُوطٍ﴾(1) ... الآية .(2)

7- روي أنّ عُثمان صعِد ، فنادت عائشة و رفعتِ القميص ، فقالت: لقد خالفت صاحب هذا. فقال عثمانُ : إِنّ هذِهِ الزّعراء عدوّةُ اللهِ، ضرب الله مثلها ومثل صاحبتها حفصة في الكتاب ﴿امرأت نُوحٍ وامرأت لُوطٍ﴾(3) ... الآية.

فقالت له: يا نعثل يا عدو الله ! إنّما سماك رَسُولُ اللهِ بِاسمِ نعثل اليهودي الَّذِي بِاليمن .. ولاعنته ولاعنها.(4)

8 - عن القاسمِ بنِ مُصعب العبدي، قال: قام عثمان ذات يوم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: نِسوة يكبن في الأفاق لتنكُتُ بيعتي ويُهراق دمي، والله لو شئتُ أن أملأ عليهن حُجُراتِهِنّ رجالا سوداً وبيضاً لفعلتُ ألستُ ختن رسُولِ اللهِ على ابنتيه ؟. ألستُ جهزتُ جيش العُسرة ؟ ، ألم أكُ رسول رسُولِ اللهِ إِلى أهل مكة ؟ قال : إذ تكلّمتِ امرأةٌ من وراء الحجاب، قال: فجعل تبدو لنا خمارها أحياناً، فقالت: صدقت ، لقد كُنت ختن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله على ابنتيه، فكان منك فيهما ما قد علمت و جهزت جيش العسرة وقد قال الله تعالى: ﴿فسيُنفِقُونَها ثُمّ تكُونُ عليهِم حسرةً﴾(5) و كُنت رسُول رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إلى أهل مكة غيّبك عن بيعةِ الرّضوانِ لأنك لم تكن لها أهلا ، قال فانتهرها عثمان ، فقالت: أما أنا فأشهد أن رسُول الله صلى اله عليه وآله قال: إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِرعون، وإِنَّكَ فِرعونُ هَذِهِ الأمة.(6)

ص: 414


1- التحريم : 10.
2- بحار الأنوار 31 : 297.
3- التحريم :10.
4- بحار الأنوار 31 : 297.
5- الأنفال : 36.
6- بحار الأنوار 31 : 297.

9 - عن حكيم بن عبد الله قال دخلت يوما بالمدينة المسجد فإذا كف مرتفعة وصاحب الكف يقول أيها الناس العهد قريب هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وآله و قميصه كأني أرى ذلك القميص يلوح و أن فيكم فرعون هذه الأمة فإذا هي عائشة وعثمان يقول لها اسكتي ثم يقول للناس إنها امرأة وعقلها عقل النساء فلا تصغوا إلى قولها. وروى الحسن بن سعد قال رفعت عائشة ورقة من المصحف بين عودتين من وراء حجلتها و عثمان قائم ثم قالت يا عثمان أقم ما في هذا الكتاب فقال لتنتهن عما أنت عليه أو لأدخلن عليك جمر النار فقالت له عائشة أما و الله لئن فعلت ذلك بنساء النبي صلى الله عليه وآله ليلعنك الله ورسوله وهذا قميص رسول الله لم يتغيرو قد غيرت سنته یا نعثل و روى ليت بن أبي سليم عن ثابت بن عجلان الأنصاري عن ابن أبي عامر مولى الأنصار قال كنت في المسجد فمر عثمان فنادته عائشة يا غدر يا فجر أخفرت أمانتك وضيعت رعيتك ولولا الصلوات الخمس لمشى إليك الرجال حتى يذبحوك ذبح الشاة فقال عثمان ﴿ضرب الله مثلا لِلَّذِين كفرُوا امرأت نُوحٍ و امرأت لُوطٍ كانتا تحت عبدينِ مِن عِبادِنا صالحين فخانتاهما فلم يُغنيا عنهُما مِن الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الدّاخِلِين﴾.(1)

10- روى محمد بن إسحاق والمدائني و أبو حذيفة قال لما عرفت عائشة أن الرجل مقتول تجهزت إلى مكة فجاءها مروان بن الحكم وسعيد بن العاص فقالا لها إنا لنظن أن الرجل مقتول و أنت قادرة على الدفع عنه فإن تقيمي يدفع الله بك عنه قالت ما أنا بقاعدة وقد قدمت ركابي و غررت غرائري و أوجبت الحج على نفسي فخرج من عندها مروان بن الحكم وهو يقول

وحرق قيس على البلاد *** حتى إذا اضطرمت أجذما

فسمعته عائشة فقالت أيها المتمثل هلم قد سمعت ما تقول أتراني في شك من صاحبك والله لوددت أنه في غرارة من غرائري حتى إذا مررت بالبحر قذفته فيه فقال مروان قد و الله تبنيت قد والله تبنيت قال وسارت عائشة فاستقبلها ابن عباس بمنزل يقال له الصلعاء وابن عباس يريد المدينة فقالت له يا ابن عباس إنك قد أوتيت عقلا و بيانا فإياك أن ترد الناس عن قتل

ص: 415


1- التحريم :10.

هذا الطاغية.(1)

کلام الأمير عليه السلام في الثالث

1- عن جندب بنِ عبدِ اللهِ الأزدي قال سمعتُ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقُولُ لأصحابِهِ و قد استنفرهم أياماً إلى الجهادِ فلم ينفِرُوا أَيُّها النَّاسُ إِنِّي قد استنفرتُكُم فلم تنفِرُوا و نصحتُ لكُم فلم تقبلُوا فأنتُم شُهُودٌ كأغيابِ [كغُيابٍ ] وصُمَّ ذَوُو أسماع أتلو عليكُمُ الحِكمة و أعِظُكُم بِالموعظة الحسنة وأحُتُكُم على جِهادِ عدُوكُمُ الباغين فهما آتي على آخِرِ منطقي حتى أراكُم متفرقين أيادي سبا فإذا أنا كففت عنكُم عُدتُم إلى مجالِسِكُم حلقاً عِزِين تضربون الأمثال و تتناشدون الأشعار وتسألون عن الأخبار قد نسيتُمُ الإستعداد للحرب وشغلتُم قُلُوبِكُم بالأباطيل تربت أيدِيكُم اغزوا القوم من قبل أن يغرُوكُم فوالله ما غُزِي قومٌ قط فِي عُمْرِ دِيارِهِم إِلَّا ذلُّوا وايم الله ما أراكُم تفعلون حتى يفعلوا و لوددتُ أنّي لقِيتُهُم على نيّتي وبصيرتي فاسترحتُ مِن مُقاساتِكُم فما أنتُم إلاكإِبِل جمةٍ ضلّت راعِيها فكُلّما ضُمّت مِن جَانِبِ انتشرت مِن جَانِبِ آخروالله لكأنّي بِكُم لو حمس الوغى وأحمّ البأس قد انفرجتم عن علي بن أبي طالب انفراج الرأس و انفراج المرأةِ عن قُبُلِها فقام إليهِ الأشعث بن قيس الكندِيُّ فقال له يا أمير المؤمنين فهلا فعلت كما فعل ابن عفّان فقال عليه السلام له يا عُرف النّارِ ويلك إِنّ فعل ابن عفّان لمخزاةٌ على من لا دين له ولا حجّة معه فكيف وأنا على بينة من ربي والحق في يدي واللهِ إِنَّ امرأَ يُمكنُ عدُوهُ من نفسِهِ يخذعُ لحمه ويهشِمُ عظمه ويفرِي جِلده ويسفك دمه لضعيف ما ضُمّت عليهِ جوانح صدره أنت فكُن كذلك إن أحببت فأما أنا فدون أن أُعطِي ذلك ضربٌ بِالمشرف يطِيرُ منه فراش الهام وتطيحُ مِنهُ الأكف والمعاصِمُ ويفعل الله بعد ما يشاء فقام أبو أيوب الأنصارِيُّ خالِدُ بنُ زيدٍ صاحِبُ منزِلِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فقال أيُّها النَّاسُ إِنّ أمير المؤمنين قد أسمع من كانت لهُ أُذُنٌ واعِيةٌ و قلب حفيظ إن الله قد أكرمكُم بِكرامةٍ لم تقبلُوها حق قبولها إِنَّهُ

ص: 416


1- الجمل : 147.

ترك بين أظهرِكُم ابن عمّ نبيّكُم وسيّد المسلِمِين مِن بعدِهِ يُفْقِهُكُم فِي الدِّينِ ويدعُوكُم إِلى جِهادِ المحلّين فكأنكُم صُمّ لا تسمعُون أو على قُلُوبِكُم غُلُفٌ مطبوع عليها فأنتُم لا تعقِلُون أ فلا تستحيُون عِباد اللهِ أليس إنّما عهدُكُم بِالجُورِ والعُدوانِ أمس قد شمل البلاء وشاع في البِلادِ فذُو حق محرُوم و ملطوم وجهُهُ و موطوء بطنُهُ ومُلقٌ بِالعراء تسفى عليهِ الأَعاصِيرُ لا يكُنهُ مِن الحر و القروصهرِ الشّمسِ والصِّحَ إِلَّا الأثوابُ الهامدة وبُيُوتُ الشّعرِ البالِيةُ حَتَّى جَاءَكُمُ اللهُ بأمير المؤمنين عليه السلام فصدع بالحق ونشر العدل و عمل بما في الكتاب يا قومِ ﴿فاشكروا نعمة الله عليكُم ولا تولّوا مُدبرين ولا تكُونُوا كالذين قالُوا سمعنا وهم لا يسمعون﴾(1) اشحذُوا السُّيوف واستعِدُّوا لِجهادِ عدُوكُم فإذا دُعِيتُم فأجِيبُوا وإذا أُمِرْتُم فاسمعوا وأطِيعُوا و ما قُلتُم فليكن و ما أمرتم فكُونُوا بِذلِك مِن الصَّادِقِين.(2)

رجل من أهل النار

1- عَن ابنِ مَسعود قالَ: قال رسولُ اللّه صلى الله عليه وآله: يدخلُ عليكُم رجلٌ مِن أهلِ النَّارِ فَدَخلَ عثمان .(3)

ص: 417


1- الأنفال : 21.
2- الأمالي للمفيد : 145 ح 6 وبحار الأنوار 34 : 156 ح968.
3- الصراط المستقیم 239:2

النوادر

1- عن يُونُس و أبي سلمة السرّاج والمفضّل بن عُمر قالُوا سمعنا أبا عبدِ اللهِ عليه السلام يقُولُ لَمَّا مضى الحسين بن علي عليهما السلام بكى عليهِ جَمِيعُ ما خلق الله إلّا ثلاثة أشياء البصرة ودمشق و آل عثمان.(1)

2 - الحسينِ بنِ ثُوير قال: كُنتُ أنا ويُونُسُ بن ظبيان والمفضّل بن عُمر و أبو سلمة السّراجُ جُلُوساً عِند أبي عبدِ الله عليه السلام فكان المتكلّمُ يُونُس وكان أكبرنا سنّاً و ذكر حديثاً طويلا يقُولُ ثُمَّ قال أبو عبد الله عليه السلام إنّ أبا عبدِ الله عليه السلام لما مضى بكت عليه السّماوات السبع والأرضُون السبع وما فِيهِنّ و ما بينهنّ وما ينقلِبُ فِي الجنّةِ والنّارِ مِن خلقِ ربنا و ما يُرى و مالا يُرى و بكى على أبي عبد الله إلا ثلاثة أشياء لم تبكِ عليهِ قُلتُ جُعِلتُ فِداك ما هذِهِ الثلاثة أشياء قال لم تبكِ عليه البصرةُ ولا دِمشقُ ولا آل عثمان بن عفان و ذكر الحديث.(2)

3- عن شرقي بنِ القُطامي عن أبيه، قال: خاصم عمرو بن عثمان بن عفان أُسامة بن زيد إلى مُعاوية بن أبي سفيان مقدمه المدينة، في حائِطٍ مِن حِيطَانِ المدينة، فارتفع الكلام بينهما حتى تلاحيا، فقال عمرو: تُلاحِيني وأنت مولاي فقال أسامةُ: والله ما أنا بمولاك ولا يسُرُّنِي أَنِّي فِي نسبك، مولاي رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله. فقال: ألا تسمعُون بِما يستقبلني بِهِ هذا العبدُ ثُم التفت إليه عمرو فقال له: يا ابن السوداء، ما أطغاك ! فقال: أنت أطغى مِنِّي والأم، تُعتِرُنِي بِأُمِّي، و والله خيرٌ مِن أُمِّك وهِي أُمُّ أيمن مولاةُ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، بشرها رسُولُ الله صلى الله عليه و آله في غير موطن بالجنّة، وأبي خيرٌ من أبيك، زيد بن حارثة صاحِبُ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله، و حِبُّهُ ومولاه، قُتِل شهيداً بمؤتة على طاعةِ اللهِ و طاعةِ رَسُولِهِ وقُبِض رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله و أنا أمير على أبيك ، وعلى من هو خير من أبيك، على أبي بكر و عمر و أبي عبيدة و سرواتِ المهاجرين والأنصارِ، فأنّى تُفاخِرُني يا ابن عثمان فقال عمرو: يا قوم أما تسمعون بما يجبهني به هذا العبد

ص: 418


1- كامل الزيارات :80 ح 4 و بحار الأنوار 206:45 ح 10.
2- كامل الزيارات : 80 ح 5 و بحار الأنوار 45 : 206 ح 11.

فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جنب عمرو بن عثمان، فقام الحسن بن علي عليه السلام فجلس إلى جنبِ أُسامة فقام عُتبة بن أبي سفيان فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبد الله بن عبّاس فجلس إلى جنب أسامة ، فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو فقام عبد الله بن جعفر فجلس إلى جنب أُسامة.

فلَمّا رَآهُم مُعاوِيةُ قد صاروا فريقين من بني هاشم وبني أُميّة، خشي أن يعظم البلاء، فقال: إِنّ عِندِي مِن هذا الحائِطِ لعِلماً. قالُوا: فقُل بِعِلمِك فقد رضينا.

فقال مُعاوِيةُ: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعله لأسامة بن زيد، قم يا أُسامة فاقبض حائِطك هنيئاً مريئاً، فقام أُسامه والهاشميين وجزوا مُعاوِيَة خيراً.

فأقبل عمرُو بنُ عُثمان على مُعاوية ، فقال : لا جزاك الله عنِ الرّحِم خيراً، ما زدت على أن كذبت قولنا، و فسخت حُجّتنا ، وشمت بِنا عدونا.

فقال مُعاوِيةُ: ويحك يا عمرُو! إِنِّي لَمَّا رأيتُ هؤلاء الفتية من بني هاشم قد اعتزلوا، ذكرتُ أعينهم تزور إليّ مِن تحتِ المغافِرِ بصِفّين فكاد يختلط علي عقلي، وما يُؤمِنُني يا ابن عثمان منهم وقد أحلُّوا بأبيك ما أحلُّوا، ونازعُونِي مُهجة نفسي حتى نجوتُ منهم بعد نبا عظيم و خطب جسیم ، فانصرف فنحنُ مُخلّفُون لك خيراً من حائطك إن شاء الله (تعالى).(1)

4- مُعاوية بن ثعلبة قال: دخلنا على أبي ذرٍ رضي الله عنه نعُودُهُ في مرضِهِ الَّذِي مات فِيهِ فقُلنا أوص يا أبا ذر قال قد أوصيتُ قُلنا إلى من قال إلى أمير المؤمنين قال قُلنا عُثمان قال لا ولكن إلى أمِيرِ المؤمنين حقاً أمير المؤمنين واللهِ إِنَّهُ لربّيُّ الأَرْضِ وَ إِنَّهُ لربّانِيُّ هذِهِ الأمة ولوقد فقد تُموه لأنكرتم الأرض ومن عليها.(2)

5- عن هبيرة ابن مريم، قال: كُنَّا جُلُوساً عِند علي عليه السلام ، فدعا ابنه عثمان ، فقال له: يا عُثمانُ ! ثُمَّ قال: إِنِّي لم أسمه باسم عثمان الشيخ الكافر، إنّما سميتُهُ بِاسمِ عُثمان بن مظعون.(3)

ص: 419


1- الأمالي للطوسي : 212 ح 370 و بحار الأنوار 108:44.
2- بحار الأنوار 433:22 ح 44.
3- تقريب المعارف :294 و بحار الأنوار 31 : 307.

6- سئل الصادق عليه السلام : العِلَّةُ فِي الصّيحةِ مِن السّماءِ كيف يعلمُها أهل الدنيا والصيحةُ هِي بِلِسانِ واحِدٍ ولُغَاتُ النّاسِ تختلفُ فقال إنّ فِي كُلّ بلدٍ ملائِكَةٌ مُوكَّلُون فيُنادِي فِي كُلِّ بلدٍ ملك بلسانهم وكذلك لإبليس شياطِينُ مُوكَّلُون بِكُلِّ بلدةٍ يُنَادُون فِيهِم بِلِسانِهِم ولُغَاتِهِم أَلا إِنّ الأمر لِعُثمان بن عفان.(1)

7- محمد بن راشد عن أبيه قال: جاء رجُلٌ إلى أبي عبدِ اللهِ عليه السلام فقال يا ابن رسُولِ اللهِ حَكِيمُ بن عبّاس الكلبيُّ يُنشِدُ النّاس بالكوفة هِجاءكُم فقال هل علقت مِنهُ بِشيءٍ قال بلى فأنشده

صلبنا لكم زيداً على جذع نخلة *** ولم نر مهديّاً على الجذع يُصلب

و قستُم بِعُثمان عليّاً سفاهة ***وعُثمان خيرمن علي وأطيب

فرفع أبو عبدِ اللهِ عليه السلام يديه إلى السّماءِ وهُما ينتفِضانِ رِعدةً فقال اللهم إن كان كاذباً فسلّط عليه كلبك قال فخرج حكيمٌ مِن الكوفة فأدلج فلقيه الأسد فأكله فجاءُوا بِالبشير أبا عبدِ اللهِ عليه السلام وهو في مسجِدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله بذلك فخر لله ساجداً وقال ﴿الحمدُ لِله الَّذِي صدقنا وعده﴾(2).(3)

8- عن أبي يحيى مولى مُعاذ بن عفراء الأنصارِيّ قال: إِنّ عثمان بن عفان بعث إلى الأرقم بنِ عبدِ اللهِ وكان خازن بيتِ مالِ المسلمين فقال له أسلفني مائة ألفِ [ألفِ ] دِرهم فقال له الأرقم أكتُبُ عليك بها صكاً لِلمُسلِمِين قال وما أنت وذاك لا أُمّ لك إِما أَنتَ حَازِنٌ لنا قال فلَمّا سمِع الأرقم ذلِك خرج مُبادِراً إِلى النَّاسِ فقال أيُّها النَّاسُ عليكُم بِمالِكُم فَإِنِّي ظننتُ أنّي خازِنُكُم ولم أعلم أنّي خازِنُ عُثمان بن عفان حتى اليوم ومضى فدخل بيته فبلغ ذلك عثمان فخرج إلى النَّاسِ حتى دخل المسجد ثم رقي المنبر و قال أيُّها النَّاسُ إِنّ أبا بكر كان يُؤثر بني تيم على النّاسِ و إِن عُمر كان يُؤثِرُ بِنِي عدِي على كُلِّ النَّاسِ و إِنِّي أُوثِرُ واللهِ بنِي أُميّة على من سِواهُم و

ص: 420


1- بحار الأنوار 56 : 193 ح 55.
2- الزمر : 74.
3- بحار الأنوار 62 : 72 ح 3.

لوكُنتُ جالساً بِبابِ الجنّةِ ثُمَّ استطعتُ أن أُدخِل بني أُميّة جميعاً الجنّة لفعلتُ وإنّ هذا المال لنا فإنِ احتجنا إليه أخذناه و إن رغم أنف أقوامٍ فقال عمار بن ياسر رحمه الله معاشر المسلمين اشهدوا أن ذلِكَ مُرغِمٌ لِي فقال عثمان وأنت هاهنا ثُم نزل من المنبر فجعل يتوطاه برجله حتى غُشي على عمار و احتُمِل وهو لا يعقِلُ إلى بيتِ أُم سلمة فأعظم النَّاسُ ذلِك وبقي عمّارٌ مُغمى عليهِ لم يُصلّ يومئِذٍ الظهر و العصر و المغرب فلما أفاق قال الحمد لله فقديماً أُوذِيتُ فِي اللهِ وأنا أحتسِبُ ما أصابني في جنب الله بيني وبين عثمان العدلُ الكريم يوم القيامة قال وبلغ عُثمان أن عماراً عِند أُمّ سلمة فأرسل إليها فقال ما هذه الجماعةُ في بيتكِ مع هذا الفاجر أخرجيهم من عِندِكِ فقالت والله ما عِندنا مع عمار إلابنتاه فاجتنبنا يا عثمان واجعل سطوتك حيثُ شِئت و هذا صاحِبُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يَجُودُ بِنفسِهِ مِن فِعالِك بِهِ قال فندم عُثمان على ما صنع فبعث إلى طلحة والزبير فسألهما أن يأتيا عماراً فيسألاه أن يستغفر له فأتياه فأبى عليهما فرجعا إليه فأخبراه فقال عُثمانُ مِن حُكم الله يا بني أُميّة يا فِراش النَّارِ و ذُباب الطمع شنّعتُم علي و ألبتُم على أصحابِ رسُولِ اللهِ صلى اللهعليه واله ثم إِن عماراً رحمه الله صلح من مرضه فخرج إلى مسجد رسُولِ الله صلى اله عليه واله فبينما هو كذلك إذ دخل ناعي أبي ذرّ على عُثمان من الربذة فقال إنّ أبا ذرّمات بالربذة وحيداً و دفنه قوم سفر فاسترجع عُثمان و قال رحمه الله فقال عمار رحم اللهُ أبا ذرّمِن كُلِّ أنفُسِنا فقال له عثمان وإنّك لهناك بعد يا عاض أي أبيه أتراني ندمت على تسييري إياه فقال لهُ عمّارُلا والله ما أظُنُّ ذاك قال وأنت أيضاً فالحق بِالمكانِ الَّذِي كان فِيهِ أبو ذر فلا تبرحه ما حيينا قال عمار أفعل والله لمجاورةُ السّباع أحبُّ إليَّ مِن مُجاورتك قال فتهيا عمار للخُرُوج و جاءت بنو مخزوم إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فسألوه أن يقوم معهم إلى عثمان يستنزِلُهُ عن تسيير عمّارٍ فقام فسألهُ فِيهِم و رفق بِهِ حَتَّى أجابه إلى ذلك.(1)

9 - عنِ الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الشّمالي قال قُلتُ لأبي عبدِ اللهِ عليه السلام إِنّ أبا

ص: 421


1- الأمالي للمفيد : 69 ح 5.

جعفرٍ عليه السلام كان يقُولُ خُرُوجُ السُّفيانِي مِن المحتُومِ والنِّداءُ مِن المحتُومِ و طُلُوعُ الشَّمسِ مِن المغرِبِ من المحتوم وأشياء كان يقُولُها مِن المحتُومِ فقال أبو عبدِ اللهِ عليه السلام واختِلافُ بَنِي فُلانٍ مِن المحتُومِ وقتلُ النّفسِ الزَّكِيَّةِ مِن المحتُومِ وخُرُوجُ القائم مِن المحتُومِ قُلتُ وكيف يكُونُ النِّداء قال يُنادِي مُنادٍ مِن السَّماءِ أوّل النَّهارِ يسمعُهُ كُلُّ قومِ بِالسِنتِهِم أَلَا إِنَّ الحَقِّ فِي علي وشِيعَتِهِ ثُمَّ يُنادِي إِبْلِيسُ فِي آخِرِ النَّهارِ مِن الأَرضِ ألا إِنّ الحق في عُثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون(1)

ص: 422


1- الغيبة للطوسي : 454.

الفصل الرابع: في الثلاثة

اشارة

ص: 423

ص: 424

و أنت تقرأ في هذا الباب في أحوال اللصوص الثلاثة النصوص التي ذكرتهم سوية ، مزيداً بما قرأته في الأبواب المتقدمة.

الثلاثة في الآيات

1- عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث يخاطب فيه معاوية - قال له: «لعمري يا معاوية لو ترحمت عليك و على طلحة والزبير ما كان ترحمي عليكم وإستغفاري لكم إلّا لعنة عليكم و عذاباً، وما أنت وطلحة والزبير بأحقر جرماً، ولا أصغر ذنباً، ولا أهون بدعاً وضلالةً ممن إستوثقا لك ولصاحبك الّذي تطلب بدمه، وهما وطئا لكما ظلمنا أهل البيت وحملاكما على رقابنا. فإنّ الله عزّ و جلّ يقُول: ﴿ألم تر إلى الذين أُوتُوا نصيباً مِن الكِتابِ يُؤْمِنُون بِالجِبتِ و الطَّاغُوتِ ويَقُولُون لِلّذِين كفرُوا هؤلاء أهدى مِن الّذين آمَنُوا سَبِيلًا أُولئِكَ الَّذِين لعنهُمُ اللهُ ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً أم لهم نصِيبٌ مِن الملكِ فإذاً لا يُؤتُون النّاس نقيراً أم يحسُدُون النَّاس على ما آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فضلِهِ فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهُم مُلكاً عظيماً فمِنهُم من آمن بِهِ و مِنهُم من صد عنه وكفى بجهنّم سعِيراً﴾(1) إلى آخر الآيات، فنحنُ الناس، و نحن المحسودون، وقوله : وآتيناهُم مُلكاً عظيماً فالملكُ العظيم أن يجعل فيهم أئمة من أطاعهم أطاع الله ، و من عصاهم عصى

ص: 425


1- النساء: 51 إلى 55.

الله فلم قد أقروا بذلك في آل إبراهيم و ينكرونه في آل محمد صلى الله عليه وآله ؟! يا مُعاوية، إنْ تكفربها أنت وصُويحبك ، ومن قبلك من الطغاة من أهل اليمن و الشّام، و من أعراب ربيعة و مضرو جفاة الأمة، فقد وكّل الله بها قوماً ليسوا بها بكافرين».(1)

2- عن الحسين بن المنذِرِ، قال: سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن قوله: ﴿أ فإن مات أو قُتِل انقلبتُم على أعقابكم﴾(2) القتل أو الموتُ ؟ قال : يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا.(3)

3- عن عمّارِ بنِ سُويدٍ قال سمِعتُ أبا عبدِ اللهِ عليه السلام يقُولُ في هذه الآية ﴿فلعلك تارك بعض ما يُوحى إليك وضائِقٌ بِهِ صدرك أن يقولوا لولا أُنزِل عليه كنز أو جاء معه ملك﴾ فقال إنّ رسُول اللهِ صلى الله عليه واله لما نزل قديد قال لعلي عليه السلام يا عليُّ إِنِّي سألتُ ربّي أن يُوالي بيني وبينك ففعل و سألتُ ربّي أن يُواخي بيني وبينك ففعل وسألتُ ربّي أن يجعلك وصتي ففعل فقال رجُلانِ من قريش والله لصاع من تمر في شنّ بال أحبُّ إلينا مما سأل مُحمّدٌ رَبَّهُ فهلا سأل ربه ملكاً يعضُدُهُ على عدوّه أو كنزاً يستغني بِهِ عن فاقتِهِ والله ما دعاه إلى حق ولا باطِلٍ إِلَّا أَجابهُ إِليه فأنزل الله سبحانه وتعالى ﴿فلعلك تارك بعض ما يُوحى إليك وضائِقٌ بِهِ صدرك﴾(4) إلى آخِرِ الآية.(5)

4 - عن صفوان الجمالِ قال قال أبو عبدِ اللهِ لَمَّا نزلت هذه الآيةُ بالولاية أمر رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بالدوحاتِ دوحاتِ غدِيرِخُمّ فقُمّمن ثُمَّ نُودِي الصلاة جامِعةً ثُم قال أيُّها النَّاسُ ألستُ أولى بِالمؤمِنِين مِن أَنفُسِهِم قالوا بلى قال فمن كُنتُ مولاه فعلي مولاه ربّ وال من والاه و عاد من عاداه ثم أمر الناس ببيعتِهِ وبايعه النّاسُ لا يجيء أحدٌ إِلّا بايعه لا يتكلّم حتى جاء أبوبكر فقال يا أبا بكر بايع عليّاً بالولاية فقال مِن اللهِ أو مِن رَسُولِهِ فقال مِن اللهِ و مِن رَسُولِهِ ثُمَّ جَاء عُمرُ فقال بايع عليّاً بالولاية فقال من الله أو مِن رَسُولِهِ فقال مِن اللهِ ومِن رَسُولِهِ ثُمَّ ثنى عِطفيهِ فالتفت فقال لأبي بكر

ص: 426


1- البرهان في تفسير القرآن 2 : 98 ح 2450.
2- آل عمران: 144.
3- البرهان في تفسير القرآن 1 : 700 ح 1942.
4- هود :12.
5- الكافي : 378 ح 572 ، تفسير العياشي 11:2 ح 141 و البرهان في تفسير القرآن 3 : 86 ح 5034.

لشدّ ما يرفعُ بِضبعي ابن عمّهِ ثُمَّ خرج هارباً من العسكر فما لبث أن أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول اللهِ إِنِّي خرجتُ مِن العسكر لحاجة فرأيتُ رَجُلًا عليهِ ثِيابٌ لم أر أحسن مِنهُ والرّجُلُ مِن أحسنِ النَّاسِ وجهاً و أطيبهم ريحاً فقال لقد عقد رسُولُ الله صلى اله عليه وآله ليعلي عقداً لا يحلُّهُ إِلّا كافر فقال يا عُمرُ أتدري من ذاك قال لا قال ذاك جبرئيل فاحذر أن تكون أوّل من تحلُّهُ فتكفُرثُم قال أبو عبد الله عليه السلام لقد حضر الغدير اثنا عشر ألف رجُلٍ يشهدون لعلي بن أبي طالب عليه السلام فما قدر على أخذ حقه وإنّ أحدكم يكُونُ لَهُ المالُ ولَهُ شَاهِدَانِ فَيَاخُذُ

حقه .(1)

5- عن جابر الجعفي قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن تفسير هذه الآية في باطِنِ القُرآنِ ﴿وَآمِنُوا بما أنزلتُ مُصدّقاً لما معكم ولا تكونُوا أوّل كافِرِيهِ﴾ يعني فُلاناً وصاحِبه ومن تبعهم ودان بدينهم قال الله يعنيهم ﴿ولا تكُونُوا أوّل كافِرِيهِ﴾(2) يعني عليّاً عليه السلام.(3)

6- عن أبي حمزة الثُّمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن هَذِهِ الْآيَةِ ﴿وَالَّذِين يدعُون مِن دُونِ اللَّهِ لا يخلُقُون شيئاً و هُم يُخلقُون أموات غيرُ أحياء وما يشعُرُون أيان يُبعثُون﴾ قال الَّذِين يدعُون مِن دُونِ اللَّهِ الأول والثاني والثَّالِثُ كَذَّبُوا رسول الله صلى الله عليه وآله بقولِهِ والوا عليّاً واتَّبِعُوهُ فعادوا عليّاً و لم يُوالُوهُ ودعوا النّاس إلى ولاية أنفسهم فذلك قولُ اللَّهِ وَالَّذِين يدعُون مِن دُونِ الله قال وأما قوله لا يخلقون شيئاً فإنَّهُ يعني لا يعبدون شيئاً وهُم يُخلقون فإِنَّهُ يعني وهُم يُعبدون وأما قوله أموات غير أحياء يعني كُفَّارٌ غيرُ مُؤمِنِين و أما قولُه وما يشعُرُون أيان يُبعثون فإِنَّهُ يعني إنهم لا يُؤْمِنُون أنهم يُشرِكُون إلهكم إله واحِدٌ فإنَّه كما قال الله وأما قوله فالَّذِين لا يُؤْمِنُون بِالآخِرَةِ فَإِنَّهُ يعني لا يُؤْمِنُون بِالرّجعة أنها حقى وأما قوله قُلُوبُهُم مُنكِرةً فإنَّهُ يعني قُلُوبُهُم كافرةٌ وأما قولُهُ وهُم مُستكبِرُون فإِنَّهُ يعني عن ولاية علي عليه السلام مستكبرون

ص: 427


1- تفسير العياشي 1 : 329 ح 143 ، قرب الإسناد : 57 ، بحار الأنوار 37 : 138 ح 30 و البرهان في تفسير القرآن 2 : 327 ح 3191.
2- البقرة : 41.
3- تفسير العياشي 42:1 ح 31 ، عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 627 ح 17 و البرهان في تفسير القرآن ج1 : 202.

قال اللهُ لِمن فعل ذلِك وعِيداً مِنهُ ﴿لا جرم أنّ الله يعلمُ ما يُسِرُّون و ما يُعلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ المستكبرين﴾(1) عن ولاية علي عليه السلام.(2)

7- عن أبي جعفر عليه السلام في قولِ اللهِ ﴿وإذا تُتلى عليهم آياتنا بتناتٍ قال الَّذِين لا يرجُون لِقاءنا انتِ بِقُرآنٍ غيرِ هذا أو بدِّلهُ قُل ما يكُونُ لِي أن أُبَدِّلَهُ مِن تلقاء نفسِي إِن أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِليَّ ﴾(3) قال لوبُدِّل مكان علي أبوبكر أو عُمر اتبعناه.(4)

8- عن عمرو بن شمر قال قال أبو عبدِ اللهِ عليه السلام أمر رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أبا بكرو عُمرو عليّاً سلام أن يمضُوا إلى الكهف والرقيم فيُسبغ أبوبكر الوُضُوء ويصُفّ قدميهِ ويُصلّي ركعتين و يُنادِي ثلاثاً فإن أجابُوهُ وإِلّا فليقُل مِثل ذلِك عُمرُ فإِن أجابُوهُ وإِلَّا فليقُل مِثل ذلك علي عليه السلام فمضوا و فعلوا ما أمرهُم بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فلم يُجِيبُوا أبا بكر ولا عُمر فقام علي عليه السلام و فعل ذلك فأجابوه وقالوا لبيك لبيك ثلاثاً فقال لهُم لِم لم تُجِيبُوا صوت الأولِ والثَّانِي وأجبتُمُ الثالث فقالُوا إِنَّا أُمرنا أن لا تُجيب إلّا نبياً أو وصيّاً ثم انصرفوا إلى النبي صلى اله عليه وآله فسألهم ما فعلوا فأخبروه فأخرج رسُولُ الله صلى الله عليه وآله صحيفةً حمراء فقال لهُمُ اكتُبُوا شهادتكُم بِخُطوطِكُم فِيها بِما رأيتُم و سمِعتُم فأنزل الله عزّوجل ﴿ستُكتب شهادتهم ويُسئلون﴾(5) يوم القيامة.(6)

9- عن أبي جعفر عليه السلام قال: تلا هذه الآية ﴿فَلَمّا رأوهُ زُلفةً سيئت وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآية ثُمَّ قال أتدري ما رأوا؟ رأوا و الله عليّاً مع رسول الله صلى الله عليه وآله و قربه منه ﴿وقيل هذا الَّذِي

ص: 428


1- النحل : 20 الى 23.
2- تفسير العياشي 2 : 256 ، عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 546 ح 1 ، بحار الأنوار 31 : 607 والبرهان في تفسير القرآن 411:3 ح 5998.
3- يونس : 15.
4- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 557 ح 2 ، بحار الأنوار 36 : 148 و البرهان في تفسير القرآن 20:3.
5- الزخرف 19.
6- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 599 ح 2 و بحار الأنوار 319:24 ومدينة معاجز الأئمة 1 :182.

كُنتُم بِهِ تَدْعُون﴾(1) أي يتسمون بِأمِيرِ المؤمِنِين يا فُضيلُ لم يتسم بهذا أحدٌ غيرُ أَمِيرِ المؤمِنِين عليه السلام إلا مفترِ كذَّابٌ إلى يوم النّاس هذا.(2)

10- عن المغيرة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقُولُ ﴿فَلَمّا رأوهُ زُلفةً سِيئت وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ لَمَّا رأوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام عِند الحوض مع رسُولِ اللهِ صلى اله عليه وآله ﴿زُلفةً سيئت وُجُوهُ الَّذِين كفرُوا وقيل هذا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدْعُون﴾(3) بِاسمِهِ تسمّيتُم أمير المؤمِنِين أَنفُسِكُم.(4)

11- عن الباقر و الصادق عليهما السلام في قوله ﴿فلما رأوهُ زُلفة﴾ نزلت في علي وذلك لما رأوا عليّاً في القِيامة ﴿اسودّت وُجُوهُ الَّذِين كفرُوا﴾(5) و لما رأوا منزلته ومكانه مِن الله أكلُوا أكُفّهُم على ما فرّطوا في ولاية علي عليه السلام.(6)

12 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال: إذا دفع الله لواء الحمدِ إلى محمّد صلى الله عليه وآله تحته كُلُّ ملك مُقرب وكُلُّ نبي مرسل حتى يدفعه إلى علي عليه السلام ﴿سيئت وُجُوهُ الَّذِين كفروا وقيل هذا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدْعُون﴾(7) أي بِاسمِهِ تُسمُّون أمير المؤمِنِين.(8)

13 - زُرارةُ عن أبي جعفر عليه السلام في قولهِ ﴿فَلَمّا رأوهُ زُلفةً سيئت وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الآيَةُ هَذِهِ نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام و أصحابِهِ الَّذِين عملوا ما عملوا يرون أمير المؤمنين في أغبط

ص: 429


1- الملک : 27.
2- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 456 ح 3 و بحار الأنوار 36 : 68 ح 14.
3- الملک : 27.
4- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 456 ح 4.
5- الملک : 27.
6- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15: 456 ح 5 ، 5 البرهان في تفسير القرآن 5 :446 ح 10927 و بحار الأنوار 36 :165 ح 148.
7- الملک : 27.
8- تفسير الفرات الكوفي :494 و عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 458 ح 8.

الأماكِنِ لهُم فيسُوءُ وُجُوهُهُم ويُقالُ لهُم ﴿هذا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدْعُونَ﴾(1) الَّذِي انتحلتُم اسمه وفِي رواية عنهم عليهم السلام ﴿هذا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُون﴾(2) يعني أمير المؤمِنِين.(3)

14 - عنِ الرّضا عن آبائِهِ عليهم السلام في قوله تعالى ﴿فأما من ثقُلت موازِينُهُ فَهُو فِي عِيشة راضية﴾ قال نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام ﴿و أما من خفت موازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيةٌ﴾(4) قال نزلت في الثلاثة .(5)

15- عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: إذا كان يوم القيامةِ أُخرجت أريكتانِ مِن الجنّة فبسطتا على شفير جهنّم ثُم يجيء علي عليه السلام حتى يقعد عليهما فإذا قعد ضحك وإذا ضحك انقلبت جهنّم فصار عاليها سافلها ثُمَّ يُخرجانِ فيُوقفانِ بين يديهِ فيقولان يا أمير المؤمِنِين يا وصي رسُولِ اللهِ ألا ترحمنا ألا تشفع لنا عند ربك قال فيضحك مِنهُما ثُمَّ يَقُومُ فيدخُلُ الأريكتانِ ويُعادانِ إلى موضِعِهما فذلك قوله عزّوجل ﴿فاليوم الَّذِينَ آمَنُوا مِن الكُفَّارِ يضحكون على الأرائِكِ ينظُرُون هل ثُوّب الكُفَّارُ ما كانُوا يفعلون﴾(6).(7)

16- عن أبي الحسنِ الثَّالِثِ عن آبائِهِ عنِ الحُسين بن علي عليهم السلام قال قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله إن أبا بكر مني لبمنزلة السمع وإِن عُمر مِنّي لبمنزلة البصرو إِن عُثمان مِنِّي لبمنزلة الفُؤادِ فَلَمّا كان من الغدِ دخلتُ إليهِ و عِنده أمير المؤمنين عليه السلام و أبوبكر و عُمرُو عُثمان فقُلتُ لهُ يا أبتِ سمِعتُك تقُولُ في أصحابك هؤلاء قولا فما هو فقال صلى الله عليه وآله نعم ثُمّ أشار

ص: 430


1- الملک : 27.
2- المطففين : 17.
3- الكافي 425:1 ، مناقب آل أبي طالب 3 : 237 ، تأويل الآيات 681 ، بحار الأنوار 39 : 227 و البرهان في تفسير القرآن 445:5.
4- القارعة : 6 الى 9.
5- البرهان في تفسير القرآن 5 : 741 ، بحار الأنوار 36 : 67 و عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 :461 ح1.
6- المطففين : 34 الى 36.
7- تأويل الآيات : 756 ، عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 463:15 ح 5 و البرهان في تفسير القرآن 5 :611 ح11479.

إليهم فقال هُمُ السمع والبصر و الفؤاد و سيُسألون عن وصتي هذا وأشار إلى علي عليه السلام ثم قال إنّ الله عزّ و جلّ يقُولُ ﴿إنّ السمع والبصر و الفُؤاد كلُّ أُولئِك كان عنهُ مسولا﴾(1) ثُمَّ قال و عِزَّةِ رَبِّي إن جميع أُمّتي الموقفُون يوم القيامة و مسئولون عن ولايته وذلك قولُ اللهِ عزّوجل ﴿وقِفُوهُم إِنَّهُم مسؤلُون﴾(2)و(3)

17 - عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما أخذ رسُولُ الله صلى اله عليه وآله بيد علي عليه السلام يوم الغدير صرخ إبليس فِي جُنُودِهِ صرخةٌ فلم يبق منهم أحدٌ في برولا بحر إلا أتاه فقالوا يا سيّدهُم ومولاهم ما ذا دهاك فما سمعنا لك صرخةً أوحش من صرختِك هذهِ فقال لهم فعل هذا النّبِيُّ فِعلا إن تم لم يُعص الله أبداً فقالوا يا سيّدهُم أنت كُنت لآدم فلَمّا قال المنافِقُونَ إِنَّهُ ينطِقُ عَنِ الهوى وقال أحدُهُما لِصاحِبِهِ أما ترى عينيهِ تدورانِ في رأسِهِ كأَنهُ مجنُونٌ يعنون رسول الله صلى الله عليه وآله صرخ إبليس صرخة بطرب فجمع أولياءه فقال أما علِمتُم أنّي كُنتُ لآدم مِن قبلُ قالُوا نعم قال آدمُ نقض العهد ولم يكفر بالرّت و هؤُلاءِ نقضُوا العهد وكفرُوا بِالرَّسُولِ فَلَمّا قُبِض رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه آله و أقام النَّاسُ غير علي لبس إبليش تاج الملك و نصب منبراً و قعد في الوثبة و جمع خيله ورجلهُ ثُمّ قال لهم اطربوا لا يُطاعُ الله حتى يقوم الإمامُ وتلا أبو جعفر عليه السلام ﴿ولقد صدق عليهِم إِبليس ظنّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فرِيقاً من المؤمنين﴾(4) قال أبو جعفر عليه السلام كان تأويل هذِهِ الآيَةِ لَا قُبض رسُولُ اللهِ صلى اله عليه وآله و الظَّنُّ مِن إِبليس حين قالُوا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إِنَّهُ يَنطِقُ عَنِ الهوى فظنّ بهم إبليس ظنّاً فصدقوا ظنّه .(5)

ص: 431


1- الإسراء : 36.
2- الصافات : 24.
3- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 :280 ، بحار الأنوار 31 : 618 ، البرهان في تفسير القرآن 3 :533 و عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 474:15 ح 6.
4- سبأ : 20.
5- الكافي 8 :344 ح 542 ، البرهان في تفسير القرآن 4 : 518 ، عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 :511 ح 52 و بحار الأنوار 28 : 256 ح 40.

18- عن الباقر عليه السلام قال : لما كثر قولُ المنافِقِين وحُسّادُ أَمِيرِ المؤمِنِين عليه السلام فيما يُظهِرُهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله من فضل علي عليه السلام وينُصُّ عليهِ ويأمُرُ بِطَاعَتِهِ ويَأخُذُ البيعة له على كبرائهم و من لا يُؤْمِنُ غدره و يأمُرُهُم بِالتّسليم عليهِ بِإمرة المؤمِنِين و يقُولُ لهُم إِنَّهُ وصِتي و خليفتي و قاضي ديني و مُنجِزُ عِدَتِي والحجّةُ لِله على خلقِهِ مِن بعدي من أطاعه سعد و من خالفه ضلّ وشقي قال المنافقون لقد ضلّ مُحمدٌ في ابنِ عمّهِ علي وغوى وجُنّ والله ما أفتنه فِيهِ وحبّبهُ إِليهِ إِلَّا قتلُ الشُّجعانِ و الأقرانِ والفُرسانِ يوم بدر و غيرها من قريش و سائر العرب واليهودِ وإِن كُلّ ما يأتينا بِهِ ويُظهِرُ في على من هواهُ وكُلُّ ذلك يبلغ رسول الله صلى اله عليه وآله حتى اجتمعت التسعة المفسدون في الأرض في دار الأقرع بن حابس التميمي وكان يسكُنُها فِي ذلك الوقتِ صُهيب الرُّومِيُّ وهُمُ التِّسعةُ الَّذِين إذا عُدّ أمِيرُ المؤمِنِين معهم كان عِدَّتُهم عشرةً و هُم أبوبكر و عُمرُو عُثمان و طلحة والزبيرو سعد وسعِيدٌ وعبد الرحمن بن عوف الزُّهْرِيُّ وأبو عبيدة بن الجراح فقالوا لقد أكثر مُحمّدٌ في حق علي حتى لو أمكنه أن يقُول لنا اعبُدُوهُ لقال فقال سعد بن أبي وقاص ليت مُحمّداً أتانا فِيهِ بِآيَةٍ مِن السّماءِ كما آتَاهُ اللهُ فِي نفسِهِ مِن الآيَاتِ مِثل انشقاق القمرِو غيرِهِ فباتُوا تِلك ليلتهم فنزل نجم مِن السّماءِ حتى صار في ذروة بجدار أمير المؤمِنِين عليه السلام مُتعلّقاً يُضيء في سائر المدينة حتى دخل ضياؤُهُ فِي البُيُوتِ وفِي الآبارِ وفِي المغارات وفي المواضع المظلمةِ مِن بُيُوتِ النّاسِ فَذُعِر أهل المدينةِ ذُعراً شديداً و خرجُوا وهم لا يعلمون ذلِك النّجم على دارِ من نزل ولا أين هُو مُتعلّق ولكن يرونه على بعض منازِلِ رسُولِ الله صلى الله عليه وآله فَلَمّا سمع رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ضجيج النّاسِ خرج إلى المسجِدِ ونادى في النّاسِ ما الَّذِي أرعبكُم وأخافكُم هذا النّجمُ على دار علي بن أبي طالب فقالوا نعم يا رسول الله قال أ فلا تقُولُون لِلمُنافِقِيكُمُ التَّسعةِ الَّذِين اجتمعُوا في أمسِكُم في دارٍ صُهيبِ الرُّومِي فقالُوا فِي وفي علي أخي ما قالوه وقال قائِلٌ مِنهُم ليت محمداً أتانا فِيهِ بِآيَةٍ مِن السّماءِ كما أتانا بآيةٍ في نفسِهِ مِن شق القمر و غيره فأنزل الله عزّ و جلّ هذا النّجم مُتعلّقاً على مشربة أمير المؤمنين عليه السلام و بقي إلى أن غاب كُلُّ نجم في السّماءِ وصلّى رَسُولُ اللهِ صلى اللهعليه وآله صلاة الفجرِ مُغلّساً وأقبل النّاسُ يَقُولُون ما بقي نجم في السّماءِ وهذا

ص: 432

النّجمُ مُعلّق فقال لهم رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله هذا جبرئيل قد أنزل على هذا النّجمِ قُرآناً تسمعُونهُ ثُم قرأ ﴿و النجم إذا هوى ما ضل صاحِبُكُم و ما غوى و ما ينطِقُ عَنِ الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمهُ شَدِيدُ القُوى ﴾(1) ثُمَّ ارتفع النّجمُ وهُم ينظُرُون إِليهِ والشَّمسُ قد بزغت و غاب النّجمُ فِي السّماءِ فقال بعضُ المنافقين لو شاء الله لأمر هذه الشمس فنادت باسم علي وقالت هذا ربُّكُم فاعبُدُوهُ فهبط جبرئيل فخبر النّي بِما قالُوا و كان ذلك في ليلة الخميس وصبيحتِهِ فأقبل بوجهه الكريم على النّاسِ وقال استدعُوا لِي عليّاً مِن منزِلِهِ فقال له يا أبا الحسنِ إِن قوماً مِن مُنافِقِي أُمَّتِي ما قنِعُوا بِآيَةِ النَّجمِ حتى قالُوا لو شاء مُحمّد لأمر الشمس أن تُنادِي بِاسمِ علي و يقُول هذا رَبُّكُم فَاعْبُدُوهُ فَإِنَّكَ يا علِيُّ في غدٍ بعد صلاة الفجرِ تخرُجُ معِي إلى بقيع الغرقد فقف نحو مطلع الشمس فإذا بزغت الشمس فادع بدعواتٍ أنا أُلقِنُك إياها وقُل لِلشَّمس السّلامُ عليكِ يا خلق الله الجديد واسمع ما تقُولُ لك و ما تردُّ عليك وانصرف إلي بِهِ فسمع النّاسُ ما قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسمع التسعةُ المفسدون في الأرضِ فقال بعضُهُم لا تزالون تُغرُون محمّداً بِأَن يُظهر في ابنِ عَمِّهِ علي كُلّ آيةٍ وليس مِثلُ ما قال محمد في هذا اليوم فقال اثنان منهم وأقسما بالله جهد أيمانهما وهُما أبوبكر و عُمرُ إِنهما ليحضرانِ البقيع حتى ينظرا ويسمعا ما يَكُونُ مِن عَلِيِّ والشَّمسِ فَلَمَّا صلّى رسُولُ الله صلى الله عليه وآله الفجر و أمير المؤمِنِين معه في الصّلاةِ أقبل عليه وقال قم يا أبا الحسنِ إلى ما أمرك اللهُ بِهِ ورَسُولُهُ فأتِ البقيع حتى تقُول لِلشَّمس ما قُلتُ لك وأسر إليهِ سِرّاً كان فِيهِ الدّعواتُ الَّتِي علّمه إياها فخرج أمير المؤمِنِين عليه السلام يسعى إلى البقيع حتى بزعتِ الشمسُ فهمهم بِذلِك الدُّعاءِ همهمةً لم يعرِفُوها و قالُوا هذِهِ الهمهمه ما علّمهُ مُحمدٌ مِن سِحرِهِ و قال لِلشَّمسِ السّلامُ عليكِ يا خلق الله الجديد فأنطقها اللهُ بِلِسان عربي مبين وقالت السّلامُ عليك يا أخا رسُولِ اللهِ و َوصِيّهُ أشهد أنك الأول والآخِرُ و الظاهِرُ والبَاطِنُ وأَنَّكَ عبدُ اللَّهِ وَأَخُو رسُولِهِ حقاً فارتعدُوا واختلطت عُقُوهُم وانكفئُوا إِلى َرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله مُسودةٌ وُجُوهُهُم تفِيضُ أنْفُسُهُم فقالوا يا رسُول الله ما

ص: 433


1- النجم : 1 إلى 5.

هذا العجب العجيب لم نسمع من الأولين ولا من المرسلين ولا في الأُمم الغابرة القديمةِ كُنت تقول لنا إن عليّاً ليس ببشرو هو ربُّكُم فاعبُدُوهُ فقال لهم رسُولُ اللهِ بِمحضر من النَّاسِ فِي مسجِدِهِ تَقُولُون ما قالتِ الشمسُ وتشهدون بما سمِعتُم قالُوا يحضُرُ علي فيقُولُ فنسمع ونشهد بما قال لِلشَّمس وما قالت له الشمسُ فقال لهم رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لا بل تقُولُون فقالُوا قال علي لِلشَّمس السّلامُ عليكِ يا خلق الله الجديد بعد أن همهم همهمةً تزلزلت منها البقيعُ فأجابتهُ الشَّمسُ وقالت وعليك السّلامُ يا أخا رسُولِ اللهِ ووَصِيَّهُ أشهدُ أنك الأول والآخِرُ والظَّاهِرُ و الباطِنُ(1) وأنك عبدُ اللهِ وأخُو رسُولِ اللهِ حقاً فقال لهم رسُولُ الله صلى اله عليه وآله الحمد لله الَّذِي خصنا بما تجهلون وأعطانا ما لا تعلمون ثُمَّ قال قد تعلمون أنّي واخيتُ عليّاً دونكُم و أشهدتُكُم أنهُ وصِتي فما ذا أنكرتُم عساكُم تَقُولُون ما قالت لهُ الشَّمسُ إنك الأول والآخِرُو الظَّاهِرُ و الباطِنُ قالُوا نعم يا رسُول اللهِ لأنك أخبرتنا بأن الله هو الأول و الآخِرُ والظَّاهِرُ و الباطِنُ فِي كِتابِهِ المنزلِ عليك فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ويحكم وأنّى لَكُم بِعِلم ما قالت لهُ الشَّمسُ أما قولها إنك الأول فصدقت إِنَّهُ أوّلُ من آمن بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ من دعوتُهُ إلى الإيمانِ مِن الرِّجالِ و خديجةُ مِن النِّساءِ وأما قولها الآخِرُ فإِنَّهُ آخِرُ الأَوصِياءِ وأنا خاتمُ الْأَنبِياءِ و خاتم الرُّسُلِ و أما قوها الظَّاهِرُ فإِنَّهُ ظهر على كُلّ ما أعطاني اللهُ مِن عِلمِهِ فما علِمهُ مَعِي غيرُهُ ولا يعلمُهُ بعدِي سِواه و من ارتضاهُ لِسِرِّهِ مِن وُلدِهِ وأما قولُها الباطِنُ فهو و الله الباطِنُ على الأولين والآخِرِين وسائِرِ الكُتُبِ المنزلة على النّبِيِّين و المرسلين و ما زادني الله تعالى من علم ما لم يعلموه وفضل ما لم يُعطوه فما ذا تُنكِرُون فقالُوا بِأجمعِهِم نحن نستغفِرُ الله يا رسُول الله لو علمنا ما تعلم لسقط الإقرار بالفضل لك ولعلي فاستغفر الله لنا فأنزل الله سبحانه ﴿سواءٌ عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إنّ الله لا يهدِي القوم الفاسِقِين﴾(2).(3)

ص: 434


1- الحديد : 3.
2- المنافقون : 6.
3- الهداية الكبرى : 116 ، عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 266 ح 8 ، بحار الأنوار 35 : 276 ح 5 و مدينة معاجز الأئمة 3 : 161 ح 814.

19 - عن أبي بصير قال: بينا رسولُ الله صلى الله عليه وآله ذات يوم جالساً إذ أقبل أمير المؤمنين عليه السلام فقال لهُ رسُولُ اللهِ صلى اله عليه وآله إِنّ فيك شبهاً مِن عِيسى بن مريم لولا أن تقُول فيك طوائِفُ مِن أُمتي ما قالتِ النّصارى في عيسى ابن مريم لقُلتُ فيك قولا لا تمرُّ بِلا مِن النَّاسِ إِلَّا أَخَذُوا التُّراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة قال فغضب الأعرابيان و المغيرة بن شعبة و عِدَةٌ مِن قُريش معهم فقالُوا ما رضي أن يضرب لابنِ عمّهِ مثلًا إِلَّا عِيسى ابن مريم فأنزل الله على نبيه فقال ﴿و لمَا ضُرِب ابنُ مريم مثلا إذا قومُك مِنهُ ُيصِدُّون وقالُوا أ الهتُنا خيرٌام هوما ضربوه لك إِلَّا جدلًا بل هم قومٌ خَصِمُون إِن هُو إِلّا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا مِنكُم﴾ يعني من بني هاشم ﴿ملائِكة في الأرضِ يخلُفُون﴾(1) قال فغضب الحارِثُ بنُ عمرو الفِهرِيُّ فقال اللهُم إِن كان هذا هو الحقِّ مِن عِندِك أنّ بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل فأمطر علينا حِجارةً مِن السّماءِ أو ائتِنا بعذابٍ أَلِيمٍ فأنزل الله عليه مقالة الحارِثِ و نزلت هذِهِ الآيَةُ ﴿وما كان اللهُ لِيُعَذِّبهم وأنت فيهم وما كان اللهُ مُعذِّبَهُم وهُم يستغفِرُونَ﴾(2) ثُمَّ قال يا أبا عمرو إما ثبت و إما رحلت فقال يا محمد بل تجعلُ لِسائِرِ قُريش شيئاً مما في يديك فقد ذهبت بنُوهاشِمٍ بِمكرمةِ العرب والعجم فقال له النّبيُّ صلى الله عليه وآله ليس ذلك إلي ذلك إلى الله تبارك و تعالى فقال يا محمد قلبي ما يُتابِعُني على التوبة و لكن أرحل عنك فدعا براحلته فركبها فلَمّا سار بظهر المدينة أتته جندلةٌ فرضت هامتهُ ثُم أتى الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال ﴿سأل سائل بعذاب واقع للكافرين﴾ بولاية علي ﴿ليس له دافِعٌ مِن اللهِ ذِي المعارج﴾(3) قال قُلتُ جُعِلتُ فِداك إنا لا نقرؤُها هكذا فقال هكذا نزل بها جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله و هكذا هوو اللهِ مُثبتٌ فِي مُصحفِ فاطِمة عليها السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله لمن حوله من المنافقين انطلِقُوا إلى صاحبكُم فقد أتاه ما استفتح بِهِ قال الله عزّوجل ﴿واستفتحوا وخاب كُلُّ جبّارٍ عنيد﴾(4)و(5)

ص: 435


1- الزخرف : 57 إلى 60.
2- الأنفال : 32 إلى 33.
3- المعارج : 1 إلى 3.
4- ابراهيم : 15.
5- الكافي 8 : 57 ح 18 ، عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 171 ح 21 ، البرهان في تفسير القرآن 2 :680 ، مدينة معاجز الأئمة 2 : 265: و مرآة العقول 25 : 125 ح 18 ، الوافي 3 : 932 ، تفسير نور 25 125 الثقلين 2 : 531 وتفسير الصافي 404:4.

20 - قال بعضُ الثّقاتِ اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله في عام فتح مكة فقال رسولُ اللهِ لى الله علي وله أن من شأن الأنبياء إذا استقام أمرهم أن يَدُلُّوا على وحِيَ مِن بَعدِهِم يَقُومُ بِأَمْرِهِم فقال إنّ الله تعالى قد وعدني أن يُبيّن لي هذه الليلة وصيّاً مِن بعدِي والخليفة الّذِي يَقُومُ بِأَمرِي بِآيَةٍ تنزِلُ مِن السّماءِ فَلَمّا فرغ النّاسُ مِن صلاةِ العِشاء الآخِرَةِ مِن تِلك الليلة ودخلوا البيوت وكانت ليلة ظلام لا قمر فإذا نجم قد نزل من السماء بدوي عظيم وشعاع هائل حتى وقف على ذروة حجرة علي بن أبي طالب عليه السلام و صارتِ الحُجرة كالنهار أضاءتِ الدُّورُ بِشُعاعِهِ ففزع النّاسُ وجاءوا يُهرعُون إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و يقُولُون إن الآية التي وعدتنا بها قد نزلت و هو نجم و قد نزل على ذروة دار علي بن أبي طالب فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله فهو الخليفةُ من بعدي والقائم من بعدي والوصِيُّ مِن بعدِي والوليُّ بِأمرِ اللهِ تعالى فأطِيعُوهُ ولا تُخَالِفُوهُ فخرجُوا مِن عِندِهِ فقال الأولُ لِلثّاني ما يَقُولُ فِي ابنِ عَمِّهِ إِلَّا بِالهوى وقد ركبته الغواية فيه حتى لويُرِيدُ أن يجعله نبياً مِن بعدِهِ لفعل فأنزل الله تعالى ﴿و النّجم إذا هوى ما ضل صاحِبُكُم وما غوى وما ينطق عن الهوى إِن هُو إِلّا وحيٌ يُوحى علّمهُ شَدِيدُ القُوى﴾.(1)

وقال في ذلك العوني شعراً

من صاحِبُ الدار التي انقض بها *** نجم من الأفق فأنكرتُم لها(2)

21 - عن أبي عُبيدة الحذاء قال: سألتُ أبا جعفر علیه السلام عن الاستطاعة وقول النّاسِ فقال وتلا هذه الآية ﴿ولا يزالون مُختلِفِين إلّا من رحم ربُّك و لِذلِك خلقهم﴾ يا أبا عُبيدة النَّاسُ مُختلِفُون في إصابةِ القولِ وكُلُّهُم هالِكٌ قال قُلتُ قولُهُ ﴿إلا من رحم ربُّكَ﴾ قال هُم شِيعتنا ولِرحمتِهِ خلقهم وهو قولُهُ ﴿ولذلك خلقهم﴾ يقولُ لِطاعةِ الإمامِ الرّحمةُ الَّتِي يَقُولُ ﴿و رحمتِي وسعت كُلّ شيءٍ﴾ يَقُولُ عِلمُ الإِمَامِ ووسع عِلمُهُ الَّذِي هُو مِن عِلمِهِ كُلّ شيءٍ هُم شِيعَتُنا ثُمَّ قال ﴿فسأكتُبُها لِلَّذِين يتَّقُون﴾ يعني ولاية غير الإمام وطاعتهُ ثُمّ قال ﴿يجِدُونه مكتوباً عِندهُم في التّوراة والإنجيل﴾ يعني النّبي صلى الله عليه وآله و الوصي والقائم ﴿يأْمُرُهُم بِالمعرُوفِ﴾ إذا قام ﴿و

ص: 436


1- النجم : 1 الى 5.
2- بحار الأنوار 274:35 و عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 272:15 ح 12.

ينهاهم عن المنكر﴾ والمنكر من أنكر فضل الإمام وجحده ﴿و يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ﴾ أخذ العِلمِ مِن أَهلِهِ ﴿ويُحرِّمُ عليهِمُ الخبائث﴾ والخبائث قول من خالف ﴿ويضع عنهم إصرهُم﴾ و هي الذُّنُوبُ الَّتِي كانُوا فيها قبل معرفتِهم فضل الإمام ﴿و الأغلال التي كانت عليهم﴾ والأغلال ما كانُوا يَقُولُون ما لم يَكُونُوا أُمِرُوا بِهِ مِن تركِ فضل الإمام فلما عرفوا فضل الإمام وضع عنهم إصرهم والإصر الذنب وهي الآصارُثُم نسبهم فقال ﴿فالذين آمَنُوا بِهِ﴾ يعني بِالإِمامِ ﴿و عزّرُوهُ و نصرُوهُ واتَّبَعُوا النُّور الَّذِي أُنزِل معهُ أُولئِكَ هُمُ المفلِحُون﴾ يعني الذين اجتنبوا الجبت و الطاغوت أن يعبُدُوها و الحبتُ والطَّاغُوتُ فُلانٌ وفُلانٌ وفُلانٌ والعِبادةُ طاعةُ النّاسِ لهم قال ﴿أنيبُوا إِلى رَبِّكُم وأَسْلِمُوا لَهُ﴾ ثُمَّ جزاهُم فقال ﴿لهُمُ البُشرى في الحياةِ الدُّنيا و في الآخِرة﴾ والإمامُ يُبشِّرُهُم بِقِيامِ القائم و بِظُهُورِهِ و بقتل أعدائهم وبالنّجاةِ فِي الآخِرَةِ والوُرُودِ على محمدٍ صلى الله على محمّدٍ وآلِهِ الصّادِقِين على الحوض.(1)

22 - عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: بينما رسُولُ اللهِ جَالِسٌ فِي أَصحابِهِ إِذْ قالَ إِنَّهُ يَدخُلُ الساعة شبيه عيسى ابن مريم فخرج بعضُ من كان جالساً مع رسُولِ اللهِ فيكون هو الدّاخِل فدخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال الرّجُلُ لِبعض أصحابِهِ أما رضي محمد أن فضّل عليّاً علينا حتى يُشبّههُ بِعِيسى ابن مريم واللهِ لأَهتُنا الّتي كُنّا نعبُدُها فِي الجَاهِلِيَّةِ أَفضلُ مِنهُ فأنزل الله في ذلك المجلس ﴿و لما ضرب ابنُ مريم مثلا إذا قومُكَ مِنهُ يضحون فحرّفُوها يصِدُّون و قالُوا أ الهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلّا جدلا بل هم قومٌ خصمُون﴾ إن على ﴿إلّا عبد أنعمنا عليه و جعلناه مثلًا لبني إسرائيل﴾(2) فحي اسمه وكُشِط عن هذا الموضع ثم ذكر الله خطر أمير المؤمنين عليه السلام فقال ﴿وإِنَّهُ لعلمٌ لِلسّاعةِ فلا تمترُنّ بِها واتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُستقِيمٌ﴾(3) أمير المؤمنين عليه السلام.(4)

ص: 437


1- الكافي 1 : 429 ح 83 ، بحار الانوار 24 :353 ح 73 والبرهان في تفسير القرآن 2 : 593 ح 4007.
2- الزخرف : 57 و 59.
3- الزخرف : 61.
4- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15: 161 ح 1 والبرهان 4: 877 ح9651.

23 - عن أبي صالح عن ابن عباس قال: بينما النبي صلى الله عليه واله في نفر من أصحابه إذ قال الآن يدخُلُ عليكُم نظِيرُ عِيسى ابن مريم في أمتي فدخل أبوبكر فقالوا هو هذا فقال لا فدخل عُمرُ فقالُوا هو هذا فقال لا فدخل علي عليه السلام فقالُوا هُو هذا فقال نعم فقال قوم لعِبادةُ اللّاتِ و العزى خيرٌ من هذا فأنزل الله تعالى ﴿و لَمَا ضُرِب ابنُ مريم مثلًا إذا قومُكَ مِنهُ يَصِدُّون و قالُوا أ الهتنا خير﴾(1) الآية.(2)

24 - عن الباقر عليه السلام قال في قوله ﴿و الذين كفروا﴾ بولاية علي بن أبي طالب ﴿أولياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ﴾(3) نزلت في أعدائه ومن تبعهم أخرجُوا النّاس مِن النُّورِ والنُّورُولايةُ علي عليه السلام فصاروا إلى الظلمة ولاية أعدائه وقد نزل فيهم ﴿فالّذين آمَنُوا بِهِ و عَزّرُوهُ و نصرُوهُ وَاتَّبِعُوا النُّور الَّذِي أُنزِل معه﴾(4) وقولُهُ تعالى: ﴿يُرِيدُون أن يُطْفِوا نُور اللهِ بِأَفواهِهِم ويأبى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ و لو كره الكافِرُون﴾.(5)و(6)

25 - عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزّو جل: يُرِيدُون لِيُطْفِؤُا نُور اللهِ بِأَفواهِهِم قال : يُريدون ليطفئوا ولاية أمير المؤمنين بأفواههم قلتُ: ﴿واللهُ مُتِمُّ نُورِهِ﴾(7)؟ قال : والله متم الإمامة كقوله: ﴿الَّذين آمنوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أنزلنا﴾(8) والنُّورُهُو الإمامُ قلتُ : هُو الَّذِي أرسل رسوله بالهدى ودِينِ الحَقِّ قال: ﴿هو الّذي

ص: 438


1- الزخرف : 57 - 58.
2- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 162 ح 3 والبرهان في تفسير القرآن 4 : 877 ح 9652.
3- البقرة : 257.
4- الأعراف : 157.
5- التوبة : 32.
6- مناقب آل أبي طالب 3 :81 ، البرهان في تفسير القرآن 525:1 ، بحار الأنوار 35 :396 ح 6 و عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 73:15 ح3.
7- الصف: 8.
8- التغابن : 8.

أرسل رسوله بالولاية لوصيه و الولاية هي دين الحقِّ﴾ إلى أن قال: ﴿ولو كره الكافِرُون﴾(1) بولاية علي قلتُ: هذا تنزيل ؟ قال: نعم أما هذا الحرفُ فتنزيل، وأما غيره فتأويل، إلى أن قال: إن الله سمى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيّه منافقين، وجعل من جحد وصيّته وإمامته كمن جحد محمدا و أنزل بذلك قُرآناً فقال: يا محمد ﴿إذا جاءك المنافِقُون﴾ بولاية وصيّك إلى قوله ﴿والله يشهد إن المنافقين﴾ بولاية علي ﴿لكاذِبُون اتَّخذُوا أيمانهم جُنَّةً فصدوا عن سبيل الله﴾ و السبيل هو الوصي ﴿إنهم ساء ما كانُوا يعملون﴾ ذلِك بأنهم آمنوا برسالتك و كفروا بولاية وصيّك إلى أن قال: ﴿وإذا قيل لهم تعالوا يستغفِر لكُم رسُولُ الله﴾ قال : إذا قيل لهم إرجعوا إلى ولاية علي يستغفر لكم الني ﴿لوا رؤسهم و رأيتهم يصدون﴾ عن ولاية على ﴿وهم مُستَكبِرُون﴾(2) إلى أن قال: قلتُ: ﴿أ فمن يمشي مُكِبًا على وجهه أهدى أمن يمشي سوِيًّا على صِراطِ مستقيم﴾(3) و الصّراط أمير المؤمنين عليه السلام(4).

26- عن عبد الرحمن قال: سألتُ الصّادِق عليه السلام عن قوله ﴿أم نجعلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ قال أمير المؤمِنِين وأصحابه ﴿كالمفسدين في الأرض﴾ حبترو زُريق وأصحابهما ﴿أم نجعل المتقين﴾ أمير المؤمنين وأصحابه ﴿كالفُجّار﴾ حبتر و دلام وأصحابهما ﴿كتاب أنزلناه إليك مُبارك ليدبروا آياته﴾ هُم أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام ﴿وليتذكر أُولُوا الألباب﴾ فهُم أُولُو الألباب(5) قال وكان أمير المؤمنين عليه السلام يفتخر بها ويقُولُ ما أُعطِي أحد قبلي ولا بعدِي مِثل ما أُعطِيتُ.(6)

ص: 439


1- التوبة : 32 و 33.
2- المنافقون : 1 الى 5.
3- الملک : 22.
4- إثبات الهداة 3 : 13 ح 47.
5- ص : 28 - 29.
6- تفسير القمي 2 : 234 ، عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 41 ح 4 ، البرهان في تفسير القرآن 4 : 651 ح 9087 و بحار الأنوار 336:35.

27- عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام عن أبيه عليه السلام في قول الله عزّوجل ﴿فالّذِينَ آمَنُوا و عمِلُوا الصَّالِحاتِ لهم مغفرةٌ ورِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ قال أُولئِك آل محمّد عليهم السلام والذين سعوا في قطعِ مودة آلِ محمدٍ مُعاجِزين ﴿أولئك أصحاب الجحيم﴾(1) قال هي الأربعة نفريعني التيمي و العدوي والأُمويين.(2)

28 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قولهِ: ﴿وإِن تُبدوا ما في أنفُسِكُم أو تُخفُوهُ يُحاسِبكُم بِهِ فيغفِرُ لمن يشاءُ ويُعذِّبُ من يشاءُ﴾(3) قال: حقيق على الله أن لا يُدخِل الجنة من كان في قلبِهِ مثقال حبّةٍ مِن خردلٍ مِن حُبّهما.(4)

29 - عن جابر، قال: قُلتُ لمحمّدِ بنِ علي عليهما السلام قوله تعالى فِي كِتَابِهِ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كفرُوا﴾(5) قال : هما والثَّالِثُ والرابع وعبد الرحمن وطلحة و كانُوا سبعة عشر رجلًا.

قال: لا وجه النبي صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب عليه السلام و علیه السلام و عمار بن ياسر رحمه الله إلى أهل مكة ، قالُوا: بعث هذا الصّبِيَّ ولو بعث غيره يا حذيفة إلى أهل مكة، وفي مكة صنادِيدُها، و كانُوا يُسمون عليّاً: الصّبِيَّ، لأنه كان اسمُهُ فِي كِتابِ اللهِ الصَّبِيَّ، لِقولِ اللهِ: ﴿و من أحسنُ قولًا ممن دعا إلى اللهِ وعمل صالحاً﴾ و هو صيٌّ ﴿وقال إِنَّنِي مِن المسلمين﴾(6)، واللهِ الكُفرُبنا أولى مِما نحنُ فِيهِ ، فسارُوا فقالُوا هُما وخوّفُوهُما بِأهل مكة فعرضُوا لهما و غلظوا عليهما الأمر، فقال علي صلوات الله عليه: حسبنا الله ونعم الوكيل ، ومضى ، فلما دخلا مكة أخبر الله نبيه صلى الله عليه وآله بقولهم لعلي عليه السلام و بقول علي لهم ، فأنزل الله بِأسمائهم في كتابه، وذلك قول الله ﴿ألم تر إلى الَّذِين قال لهُمُ النّاسُ إِنّ النّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل﴾.. إلى قوله: ﴿و اللهُ ذُو فضل عظيم﴾(7)، و إنما نزلت «ألم تر إلى..»

ص: 440


1- الحج : 50 - 51.
2- تأويل الآيات : 171 ح 105 ، بحار الأنوار 23 : 381 ح 73 و البرهان في تفسير القرآن 3 : 345.
3- البقرة : 284.
4- تفسير العياشي 1: 156 ح 528 ، بحار الأنوار 30 : 215 ح 76 و البرهان في تفسير القرآن1 : 572 ح157.
5- النساء : 137.
6- فصلت: 33.
7- آل عمران : 173 - 174.

فلان و فلانٍ لقوا عليّاً وعماراً فقالا: إِنّ أبا سفيان وعبد الله بن عامر و أهل مكة قد جمعوا لكُم فاخشوهم فقالُوا: حسبنا الله ونعم الوكيل وهُما اللذانِ قال الله:

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا﴾(1)... إلى آخِرِ الآيَةِ فهذا أوّلُ كُفْرِهِم.

والكُفر الثاني قول النبي عليه واله السلام: يطلع عليكُم مِن هذا الشعب رجُلٌ فيطلع عليكم بوجهه، فمثلُهُ عِند الله كمثل عيسى لم يبق منهم أحدٌ إِلَّا تمنّى أن يكون بعض أهله، فإذا بعلي عليه السلام قد خرج و طلع بوجهه، قال: هو هذا، فخرجُوا غِضاباً و قالُوا: ما يقي إِلّا أن يجعله نبياً، واللهِ الرُّجُوعُ إلى آلِهتِنا خير مما نسمعُ مِنهُ فِي ابنِ عمّهِ ! وليصُدُّنا على إن دام هذا، فأنزل الله: ﴿و لَا ضُرِب ابنُ مريم مثلًا إذا قومُكَ مِنهُ يصِدُّون﴾(2)... إلى آخِرِ الآيَةِ ، فهذا الكُفْرُ الثَّانِي.

و زيادةُ الكُفْرِحِين قال الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُم خير البرية﴾(3)، و قال النبي صلى الله عليه وآله: يا عليُّ ! أصبحت وأمسيت خير البرية، فقال له النَّاسُ: هو خير من آدم و نُوحٍ و مِن إبراهيم و مِن الأنبياء .. فأنزل الله: ﴿إنّ الله اصطفى آدم و نُوحاً و آل إبراهيم﴾ ... إلى ﴿سميع عليم﴾(4) قالُوا: فهو خيرٌ مِنك يا محمد .. قال الله: ﴿قُل يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إليكم جميعاً﴾(5) ولكنّهُ خَيْرٌ مِنكُم و ذُرِّيَّتُهُ خيرٌ مِن ذُرِّيّتكُم، ومن اتبعه خير من اتبعكُم، فقامُوا غِضاباً، وقالوا زيادةُ : الرُّجُوعِ إِلى الكُفْرِ أهون علينا مِمَّا يَقُولُ فِي ابْنِ عَمِّهِ! وذلك قولُ اللَّهِ : ﴿ثُم ازدادُوا كُفراً﴾.(6)و(7)

ص: 441


1- النساء : 137.
2- الزخرف : 57.
3- البينة : 7.
4- آل عمران : 33 - 34.
5- الأعراف : 158.
6- آل عمران : 90.
7- تفسير العياشي 1 : 279 ح 286 ، بحار الأنوار 30 : 217 ح 81 ، تفسير نور الثقلين 4 : 549 و البرهان في تفسیر القرآن 2 : 187 ح2793.

30 - عن محمدِ بنِ منصُورٍ قال: سألتُ عبداً صالحاً عليه السلام عن قول الله عزّو جلّ ﴿إنّما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها وما بطن﴾(1) قال فقال إنّ القُرآن له ظاهر و باطن فجمِيعُ ما حرم اللهُ فِي القُرآنِ فهو حرامٌ على ظاهِرِهِ كما هُو في الظَّاهِرِ و الباطِنُ مِن ذلِك أَيَّةُ الجورِ وجميعُ ما أحل الله تعالى في الكِتابِ فهو حلالٌ وهُو الظَّاهِرُ و الباطِنُ مِن ذلِكَ أَيْمَةُ الحَقِّ.(2)

31 - قال أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى ﴿هذانِ خصمانِ اختصمُوا في ربهم فالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بِولاية علي بن أبي طالب ﴿قطعت لهم ثياب من نار﴾.(3)،(4)

32 - في كتاب ما نزل في أعداءِ آلِ محمدٍ فِي قوله ﴿ويوم يعض الظالم على يديهِ﴾(5) رجُلٌ مِن بنِي عدِيّ ويُعذِّبُهُ على فيعضُّ على يديه ويقُولُ العاضُ وهُو رجُلٌ مِن بِنِي تيمٍ ﴿يا ليتَنِي كُنتُ تُراباً﴾(6) أي شيعياً.(7)

33 - قال الباقِرُ عليه السلام في قوله ﴿ويوم القيامةِ ترى الذين كذبوا على اللهِ وُجُوهُهُم مُسودة﴾(8) يعني إنكارهم ولاية أمير المؤمنين عليه السلام و عنه في قوله ﴿كذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أعمالهم حسراتٍ عليهم﴾ إذا عاينوا عند الموت ما أعد لهم من العذاب الأليم وهُم أصحابُ الصَّحِيفَةِ الَّذِين كتبوا على مُخالفة علي ﴿و ما هُم بِخارِجين من النار﴾.(9) و في قولِهِ تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تتَّخِذُوا بِطانةً﴾(10) وأعلمهُم بِما فِي قُلُوبِهِم وهُم أصحابُ الصّحِيفة.(11)

ص: 442


1- الأعراف : 33.
2- الكافي 1 : 374 ح 10 ، الغيبة للنعماني : 131 ح 11 ، بحار الأنوار 24 :190 و البرهان في تفسير القرآن 2 :539 ح 3868.
3- الحج : 19.
4- مناقب آل أبي طالب 3 : 238 و بحار الأنوار 39 :250.
5- الفرقان : 47.
6- النبأ : 40.
7- مناقب آل أبي طالب 3 :110.
8- الزمر : 60.
9- البقرة : 167.
10- آل عمران : 118.
11- مناقب آل أبي طالب 3 : 212 و بحار الأنوار 31 : 636.

34 - عنِ الرّضا عليه السلام في قوله تعالى ﴿ونادى أصحابُ الجنّة أصحاب النَّارِ﴾ الآية قال المؤذِّنُ أَمِيرُ المؤمنين . وعن ابنِ عباس أن لعلي آيةً في كِتابِ اللهِ لا يعرِفُهَا النَّاسُ قَولُهُ ﴿فَأَذَن مُؤذِّنٌ بينهم﴾(1) يَقُولُ ألا لعنةُ اللهِ على الَّذِين كذبُوا بِولايتي و استخفُوا بِحي.(2)

35- قال أبو جعفر عليه السلام ﴿و نادى أصحاب الجنّة﴾(3) الآية قال المؤذِّنُ أمير المؤمِنِين عليه السلام في خُطبةِ الإفتخار و أنا أذانُ اللهِ فِي الدُّنيا و مُؤذِّنُهُ فِي الآخِرَةِ يعني قوله تعالى ﴿و أذانٌ مِن اللهِ و رسُوله﴾(4). في حديث براءة وقوله ﴿فأذن مُؤذَنٌ﴾(5) وإِنَّهُ لَمَّا صار فِي الدُّنيا مُنادِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله على أعدائه صار مُنادِي اللهِ فِي الآخِرَةِ على أعدائِهِ.(6)

36 - عن الرضا عليه السلام قال : إنّ النبي صلى الله عليه وآله قرأ ﴿إن السمع والبصر و الفُؤاد كُلُّ أُولئِكَ كان عنه مسؤلا﴾(7) فسُئِل عن ذلك فأشار إلى الثلاثةِ فقال هُمُ السمع والبصر و الفُؤاد و سيسألون عن وصتي هذا وأشار إلى علي بن أبي طالب ثُمَّ قال و عِزَّةِ رَبِّي إِن جميع أُمَّتِي لموقُوفُون يوم القيامة ومسئُولُون عن ولايته وذلك قول الله تعالى ﴿و قِفُوهُم إِنَّهُم مسؤلُون﴾.(8)و(9)

37 - محمد بن عيسى قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الحميد في سنة ثمانٍ وتسعين ومائة في مسجد الحرام، قال: دخلتُ على أبي عبد الله عليه السلام فأخرج إلي مصحفاً. قال: فتصفّحتُه فوقع بصري على موضع مِنهُ فإذا فِيهِ مكتُوبٌ : هذِهِ جهنّمُ الَّتِي كُنتُما بِها تُكَذِّبَانِ فاصليا فيها لا تموتان فيها ولا تحييان. يعني الأولين .(10)

ص: 443


1- الأعراف : 44.
2- مناقب آل أبي طالب 3 : 236 والبرهان في تفسير القرآن 2 :546.
3- الأعراف : 44./
4- التوبة : 3.
5- الأعراف : 44.
6- مناقب آل أبي طالب 3 : 236 وبحار الأنوار 227:39.
7- الإسراء : 36.
8- الصافات : 24.
9- مناقب آل أبي طالب 2 : 152 وبحار الأنوار 24 :271.
10- قرب الإسناد :15 ، البرهان في تفسير القرآن 241:5 و بحار الأنوار 30 :175.

38 - عن الباقر و الصّادِق عليهما السلام في قوله ﴿و الشَّمس و ضُحاها﴾ قال هو رسولُ اللهِ ﴿والقمر إذا تلاها﴾ علي بن أبي طالب ﴿و النهار إذا جلاها﴾ الحسن والحسين وآل محمّدٍ قال ﴿والليلِ إِذا يغشاها﴾ عتيق وابن صهاك وبنو أُمية و من تولاهما(1)

39 - عن موسى بن جعفر عليه السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث الغدير و هو طويل يقول فيه : ألستُ أولى بكُم مِن أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: ألا فمن كنت مولاه و أولى به، فهذا علي مولاه وأولى به، اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ثم قال قم يا أبابكر فبايع عليا بإمرة المؤمنين ، فقام فبايع ثمّ قال مثل ذلك لعمر، فقام فبايع ثم قال مثل ذلك لتمام تسعة، ثمّ لرؤساء المهاجرين والأنصار، فبايعوا كلُّهم إلى أن قال: فأخبر الله محمداً عنهم فقال: يا محمد و من الناس من يقُولُ آمَنَّا بِاللهِ الذي أمرك بنصب على إماماً و سائقاً لأُمتك ومديرا ﴿و ما هُم بِمُؤْمِنِين﴾(2) بذلك.(3)

40 - عن زيد بن الجهم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: لما سلموا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين قال صلى الله عليه وآله لأول : قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين فقال: أمن الله ورسوله يا رسول الله ؟ قال: نعم من الله ومن رسوله ثم قال لصاحبه: قم فسلم على علي بإمرة المؤمنين فقال: من اللهِ و مِن رسُوله ؟ فقال : نعم مِن الله و مِن رسُوله، ثم ذكر أنّه قال مثل ذلك للمقداد و أبي ذرّو سلمان إلى أن قال: حتّى إذا خرجا و هما يقولان : والله لا نسلم له ما قال أبداً ، فأنزل الله: ﴿ولا تنقُضُوا الأيمان بعد توكيدها﴾ إلى أن قال: ﴿ولا تَتَّخِذُوا أيمانكم دخلًا بينكم فتزل قدمٌ بعد ثبوتها﴾(4) بعد ما سلمتم على علي بإمرة المؤمنين «الحديث».(5)

ص: 444


1- مناقب آل أبي طالب 283:1 و بحار الأنوار 24 : 74 ح 8.
2- البقرة : 8.
3- إثبات الهداة 3 : 157 ح 658.
4- النحل : 91 - 94.
5- إثبات الهداة 144:3 ح 103.

41 - قال علي بن إبراهيم في قوله ﴿يوم تُقلّبُ وُجُوهُهُم في النار﴾ فإنّها كناية عن الذين غصبوا آل محمّد حقهم ﴿يقُولُون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرَّسُولا﴾ يعني في أمير المؤمنين عليه السلام ﴿و قالُوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا - فأضلُّونا السبيلا﴾ وهما رجلان والسادة والكبراء هما أول من بدأ بظلمهم و غصبهم وقوله فأضلُّونا السبيلا أي طريق الجنّة، والسبيل أمير المؤمنين عليه السلام ﴿ثم يقولُون ربّنا آتِهِم ضعفينِ مِن العذاب والعنهم لعناً كبيراً﴾.(1)و(2)

42 - قال علي بن إبراهيم في قوله ﴿وقِفُوهُم إِنَّهُم مسؤلُون﴾ قال عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام و قوله ﴿بل هُمُ اليوم مُستسلِمُون﴾ يعني للعذابِ ثم حكى الله عزّ و جل عنهم قولهم ﴿وأقبل بعضُهم على بعض يتساءلون قالُوا إِنَّكُم كُنتُم تأتوننا عن اليمين﴾ يعني فلاناً وفلاناً ﴿قالوا بل لم تكُونُوا مُؤمِنِين﴾ وقوله ﴿فحق علينا قولُ ربّنا إِنَّا لذائِقُون﴾ قال العذاب ﴿فأغويناكم إنّا كنا غاوِين﴾ وقوله ﴿فإنّهم يومئِذٍ في العذابِ مُشترِكُون﴾ إلى قوله ﴿يستكبرون﴾ فإنه محكم و قوله ﴿و يقُولُون أ إِنَّا لتارِكُوا آلِهتِنا لِشاعِرِ مجنُونِ﴾ يعني رسول الله صلى الله عليه وآله فردّ الله عليهم ﴿بل جاء بالحقِّ وصدّق المرسلين﴾(3) الذين كانوا قبله.(4)

43 - قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى ﴿وإنّ لِلطَّاغِين لشرمآبِ جهنّم يصلونها فبئس المهاد هذا فليذُوقُوهُ حَمِيمٌ وغسّاق﴾ قال الغساق وادٍ في جهنم فيه ثلاثمائة وثلاثون قصراً في كل قصر ثلاثمائة بيت في كل بيت أربعون زاوية في كلّ زاوية شُجاعٌ في كلّ شُجاع ثلاثمائة وثلاثون عقرباً في جمجمة كلّ عقرب ثلاثمائة وثلاثون قلة من سمّ لو أن عقربا منها نضحت سمها على أهلِ جهنّم لوسعتهم بسمّها هذا ﴿وإِنَّ لِلطَّاغِين لشرّ مآب﴾ و هم زريق و حبترو بنو أمية ثم ذكر من كان من بعدهم ممن غصب آل محمّد حقهم فقال: ﴿وآخرُ مِن شكله أزواج هذا فوجٌ مُقتحِمٌ معكم﴾ وهم بنو السباع ويقولون بنو أمية لا مرحباً بهم إنهم صالُوا النّارِ فيقولون بنو فلان

ص: 445


1- الأحزاب : 66 إلى 68.
2- تفسير القمي 2 : 197 و البرهان في تفسير القرآن 497:4 ح 8725.
3- الصافات : 24 الي 37.
4- تفسير القمي 222:2.

بل أنتُم لا مرحباً بكم أنتُم قدّمتُمُوهُ لنا﴾ و بدأتم بظلمٍ آلِ محمد ﴿فبئس القرار﴾ ثم يقول بنو أمية ﴿ربنا من قدم لنا هذا فزده عذاباً ضعفاً في النار﴾ يعنون الأولين ثم يقولُ أعداءُ آلِ محمّد في النار ﴿ما لنا لا نرى رجالًا كُنّا نعُدُّهُم من الأشرار﴾ في الدنيا وهم شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ﴿أتخذناهُم سِخرِيًّا أم زاغت عنهُمُ الأبصارُ﴾ ثم قال: ﴿إنّ ذلِك لحقِّ تخاصُمُ أهلِ النَّارِ﴾(1) فيما بينهم وذلك قولُ الصّادِقِ عليه السلام واللهِ إِنَّكُم لفي الجنّةِ تُحبرُون وفِي النَّارِ تُطلبُون.(2)

44 - عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال قُلتُ لَهُ قولُهُ: ﴿وَإِنَّهُ لذكرلك و لقومك وسوف تُسئلون﴾(3) فقال الذِكرُ القُرآنُ ونحنُ قومُهُ ونحنُ المسئُولُون ﴿ولا يصُدّنّكُمُ الشَّيطانُ﴾ يعني فلاناً لا يصدّنك عن أمير المؤمنين ﴿إنَّهُ لكُم عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾(4).(5)

45 - قال سُليمانُ بنُ خالِدِ سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: ﴿إنّما النّجوى مِن الشَّيطانِ﴾ قال فُلانٌ قولُهُ ﴿ما يكُونُ مِن نجوى ثلاثة إِلَّا هُو رابِعُهُم﴾(6) فُلانٌ وفُلانٌ وابنُ فُلانٍ أَمِينُهُم حِين اجتمعوا فدخلوا الكعبة فكتبوا بينهم كِتاباً إن مات مُحمدٌ أن لا يرجع الأمرُ فِيهِم أبداً.(7)

46 - قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿فلا تُطِعِ المكذِّبين﴾ قال في علي عليه السلام ﴿ودُّوا لو تُدهِنُ فيُدهِنُون﴾ أي أحبُّوا أن تغُشّ فِي علي فيغُشُون معك ولا تُطِعْ كُلّ حَلافٍ مهين قال الحلّافُ فُلانٌ حلف لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله أَنه لا ينكُتُ عهداً ﴿همّازٍ مَشَاء بِنمِيمٍ﴾ قال كان ينم على رسول الله صلى الله عليه وآله و يتم بين أصحابِهِ قوله ﴿مناع للخير مُعتد أثِيمٍ﴾ قال : الخير أمِيرُ المؤمنين عليه السلام ، مُعتدٍ أي اعتُدِي عليه وقولُهُ ﴿عُتُلٍ بعد ذلك زنيم﴾ قال :

ص: 446


1- ص : 55 الى 64.
2- تفسير القمي 2 : 242 ، بحار الأنوار 314:8 و 65 : 13 ح 14 و 30 : 153 ح 10 و البرهان في تفسير القرآن 4 : 679 ح 9126.
3- الزخرف : 44.
4- تفسير القمي 2: 286 وبحار الأنوار 30 : 157..
5- الزخرف : 62.
6- المجادلة : 10 و 7.
7- تفسير القمي 2 : 356 ، بحار الأنوار 29:17 والبرهان في تفسير القرآن 5 :314 ح 8.

العُتُلُّ عظِيمُ الكُفْرِ و الرّنِيمُ الدّعِيُّ وقال الشّاعِرُ:

زنیم تداعاه الرّجالُ تداعياً *** كما زيد في عرض الأديم الأكارعُ.

قوله : إذا تُتلى عليه آياتنا قال: كنى عن فُلانٍ قال ﴿أساطِيرُ الأولين﴾ أي أكاذيب الأولين ﴿سنسِمُهُ على الخرطوم﴾(1) قال في الرّجعة إذا رجع أمير المؤمنين عليه السلام و رجع أعداؤُهُ فيسِمُهُم ميسم معه كما تُوسمُ البهائم على الخرطوم و الأنف و الشفتين.(2)

47 - عن جعفر بن محمّدٍ عليهما السلام في قوله ﴿كلّا إِنْ كِتاب الفُجّارِ لفِي سِجِّينٍ﴾ قال هو فلانٌ و فلان ﴿وما أدراك ما سِجِينُ﴾ إِلى قولِهِ ﴿الَّذِين يُكَذِّبُون بِيومِ الدِّينِ﴾ زُريقٌ وحَبترٌ ﴿وما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعتدٍ أَثِيمٍ إِذا تُتلى عليهِ آياتُنا قال أساطِيرُ الأولِين﴾ وهُما زُريقٌ وحَبترُكانا يُكذِّبان رسول الله صلى الله علي واله إلى قوله ﴿إنّهُم لصالُوا الجحِيمِ﴾ هُما ثُمَّ يُقالُ ﴿هذا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُون﴾ يعني هُما و من تبعهما ﴿كلّا إِنَّ كِتاب الأبرار لفِي عِليِّين و ما أدراك ما عِليُّون﴾(3) إلى قوله ﴿عيناً يشربُ بها المقربون﴾ و هم رسُولُ الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين و فاطمه و الحسن والحسين والأئمّة عليهم السلام ﴿إنّ الذين أجرمُوا﴾ نُريقٌ و حبترو من تبعهما ﴿كانُوا مِن الَّذِين آمَنُوا يضحكون وإذا مرُّوا بِهِم يتغامزون﴾(4) بِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إلى آخر السورة فيهما.(5)

48 - عن ابن أبي حمزة عن أبي بصير في قوله ﴿فما لهُ مِن قُوّة ولا ناصر﴾ قال ما لهُ قُوةٌ يقوى بها على خالقه ولا ناصِرُ مِن الله ينصُرُهُ إِن أراد بِهِ سُوءاً قُلتُ: ﴿إِنَّهُم يكيدون كيداً﴾ قال: كادوا رسول الله صلى الله عليه وآله و كادوا عليّاً عليه السلام وكادوا فاطمة عليها السلام فقال الله: يا محمد

ص: 447


1- القلم : 8 الى 16.
2- تفسير القمي 2 :380 ، بحار الأنوار 3: 165 البرهان في تفسير القرآن 458:5.
3- المطففين : 7 الی 19.
4- المطففين : 28 الى 30.
5- تفسير القمي 2 :410 ، بحار الأنوار 24 :5 ح 16 والبرهان في تفسير القرآن 5 :605 ح 11460.

﴿إنَّهُم يكيدون كيداً و أكيد كيداً فمهَلِ الكافِرِين﴾ يا محمد ﴿أمهلهم رويداً﴾(1) لوقتِ بعث القائم علیہ السلام فينتقِمُ لِي مِن الجبارين والطواغيتِ مِن قُريش وبني أُميّة وسائِرِ النَّاسِ.(2)

49 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال سألته عن قولِ اللهِ ﴿ألم تر إلى الَّذِين بدِّلُوا نِعمت اللَّهِ كُفراً﴾(3) قال نزلت في الأفجرينِ مِن قُريش و مِن بني أُميّة وبني المغيرة فأما بنُو المغيرة فقطع اللهُ دابِرهُم يوم بدر و أما بنُو أُميّة فتِعُوا إِلى حِينٍ ثُمّ قال ونحنُ واللهِ نِعمةُ اللهِ الَّتِي أنعم بها على عباده وبنا يفُوزُ من فاز ثُم قال لهم تمتعُوا فإِنّ مصيركُم إِلى النَّارِ.(4)

50 - عن أبي عبيدة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله: ﴿و من أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى على اللَّهِ كذِباً أُولئِكَ يُعرضون على ربهم﴾ إلى قوله ﴿و يبغونها عوجاً﴾(5) فقال: هُم أَربعةُ مُلوك مِن قُريش يتبع بعضُهم بعضاً.(6)

51 - عن أبي جعفر عليه السلام قال ﴿و أنّ هذا صِراطِي مُستقِيماً فاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُل فتفرق بِكُم عن سبيله﴾(7) قال: أتدري ما يعني بِ صِراطِي مُستقِيماً قلتُ: لا قال: ولاية علي والأوصياء، قال: وتدري ما يعني فاتَّبِعُوهُ قال : قلتُ : لا. قال: يعني علي بن أبي طالب عليه السلام قال: وتدري ما يعني «ولا تتَّبِعُوا السُّبُل فتفرق بِكُم عن سبِيلِهِ» قلتُ: لا، قال: ولاية فلان و فلانٍ واللهِ ، قال: وتدري ما يعني «فتفرق بِكُم عن سبيلِهِ» قلتُ: لا. قال: يعني سبيل علي عليه السلام(8)

52 - قال أبان بن تغلب عنه عليه السلام : لَمَّا نصب رسولُ اللهِ عليا يوم غديرخم فقال: من كنتُ مولاه فعلي

ص: 448


1- الطارق : 10 و 15 و 17.
2- تفسير القمي 2 : 416 ، تأويل الآيات : 249 والبرهان في تفسير القرآن 632:5.
3- إبراهيم: 28.
4- تفسير القمي 1: 371 و البرهان في تفسير القرآن 3 : 307.
5- هود : 18 و 19.
6- تفسير العياشي 2 : 143 ح 14 والتفسير الصافي 2 : 439.
7- الأنعام : 153.
8- تفسير العياشي 1 : 383 ح 125 ، البرهان في تفسير القرآن 4 : 749 ، إثبات الهداة 2 : 209 ح 707 و بحار 383:1 الأنوار 371:35 ح 14.

مولاه فهم رجُلان مِن قُريش رءوسهما و قالا : واللهِ لا نُسلّم له ما قال أبداً فأُخبر النَّبِيُّ عليه وآله السلام فسألهما عما قالا فكذبا وحلفا بالله ما قالا شيئاً، فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله ﴿يحلِفُون بِاللهِ ما قالُوا﴾(1) الآية قال أبو عبد الله عليه السلام لقد تولّيا و ما تابا.(2)

53 - عن جابر قال سألتُ أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: ﴿و مِن النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أنداداً يُحِبُّونهم كحُبّ الله قال : فقال هُم أولياء فلان وفلان و فلانٍ إتخذوهم أئمة مِن دونِ الإمام الذي جعل الله للناس إماماً فلذلك قال الله تبارك وتعالى ﴿ولويرى الَّذِين ظلموا إذ يرون العذاب أنّ القُوّة لله جميعاً و أنّ الله شَدِيدُ العذابِ إِذ تبرأ الَّذِينَ اتَّبِعُوا﴾ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا إِلى قوله ﴿و ما هُم بِخارِجين من النار(3)﴾ قال : ثُمّ قال أبو جعفر علیه السلام واللهِ يا جابرُهُم أَعْتَةُ الظُّلم و أشياعهم.(4)

54 - عن أبي جعفر عليه السلام في قولِ اللهِ ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسر ولا يُرِيدُ بِكُمُ العُسر﴾(5) قال اليُسر علي عليه السلام ، وفلان وفلان العُسر، فمن كان مِن وُلد آدم لم يدخُل في ولاية فلان وفلان..(6)

55- عن أبي عبد الله عليه السلام، في قوله : ﴿ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيطان﴾(7). قال: «هي ولاية الثاني والأول».(8)

ص: 449


1- التوبة : 74.
2- تفسير العياشي 2 : 100 ح 191 ، البرهان في تفسير القرآن 2 : 818 ح 4237 ، بحار الأنوار 637:31 و إثبات الهداة 3 :144 ح 600.
3- البقرة : 165 الى 167.
4- تفسير العياشي 1 : 72 ح 142 ، الكافي 1 : 374 ح 11 ، الإختصاص : 349 ، بحار الأنوار 8 : 36 ح 41 و 23 : 359 ح 16 و مستدرك الوسائل 18 : 176ح 22430.
5- البقرة : 185.
6- تفسير العياشي : 82 ح 191 ، مناقب آل أبي طالب 3 : 103 ، بحار الأنوار 36 : 99 ح 41 والبرهان في تفسير القرآن 1 : 393 ح 868.
7- البقرة : 208.
8- تفسير العياشي 1 : 102 ح 299 و البرهان في تفسير القرآن 1 : 447 ح 109.

56 - عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقولُ: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادخُلُوا فِي السّلمِ كافَّةً ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيطانِ﴾(1) قال: أتدري ما السّلم قال: قلتُ أنت أعلم، قال: ولاية علي والأئمة الأوصياء من بعده، قال: وخُطُواتُ الشّيطان والله ولاية فلانٍ وفُلانٍ.(2)

57 - عن أبي محمّدٍ عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزّوجلّ ﴿والشَّمس و ضُحاها﴾ قال الشَّمسُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله بِهِ أوضح الله عزّ و جلّ لِلنَّاسِ دِينهم قال قُلتُ ﴿القمر إذا تلاها﴾ قال ذاك أمير المؤمنين عليه السلام تلا رسول الله صلى الله عليه وآله و نفتهُ بِالعِلمِ نفثاً قال قُلتُ ﴿والليل إذا يغشاها﴾ قال ذاك أئمة الجورِ الَّذِين استبدوا بالأمرِدُون آلِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وآله و جلسوا مجلساً كان آل الرّسُولِ أولى بِهِ مِنهُم فغشُوا دِين اللهِ بِالظُّلم والجورِ فحكى اللهُ فِعلهُم فقال ﴿والليل إذا يغشاها﴾ قال قُلتُ ﴿والنّهار إذا جلاها﴾ قال ذلك الإمامُ مِن ذُرِّيَّةِ فاطمة عليها السلام يُسأَلُ عن دِينِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فيُجلّيهِ لمن سأله فحكى الله عزّ و جلّ قوله فقال ﴿و النهار إذا جلاها﴾.(3)و(4)

58 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنه قال : ﴿والشَّمس و ضُحاها﴾ الشمس أمير المؤمنين عليه السلام و ضُحاها قِيامُ القائم عليه السلام ﴿و القمر إذا تلاها﴾ الحسن والحسين عليهما السلام ﴿والنَّهارِ إِذا جلاها﴾ هو قيام القائم عليه السلام ﴿و الليل إذا يغشاها﴾ حبتر و دلام غشيا عليه الحق وأما قوله ﴿و السّماءِ وما بناها﴾ قال هُو مُحمّد صلى الله عليه وآله هو السّماءُ الَّذِي يسمو إليهِ الخلقُ فِي العِلمِ وقولُهُ ﴿و الأرضِ وما طحاها﴾ قال الأرضُ الشّيعة ﴿ونفس وما سواها﴾ قال هو المؤمِنُ المستُورُو هُو على الحق وقولُه ﴿فألهمها فُجُورها وتقواها﴾ قال معرفةُ الحقِّ مِن الباطل ﴿قد أفلح من زكاها﴾ قال قد أفلحت نفس زكّاها الله عزّوجل ﴿وقد خاب من دساها اللهُ﴾ وقولُهُ ﴿كَذِّبت ثَمُودُ بطغواها﴾ قال

ص: 450


1- البقرة : 208.
2- تفسير العياشي 1 : 102 ح 294 وبحار الأنوار 24: 159 ح1.
3- الشمس : 1 الى 4.
4- الكافي 8 : 50 ح 12 ، الغيبة للنعماني : 114 ، البرهان في تفسير القرآن 670:5 ح 11659 ، مناقب آل أبي طالب 283:1 و بحار الأنوار 24 :70.

ثمود رهط من الشَّيعة فإنّ الله سبحان يقُولُ ﴿وأَمَّا ثَمُودُ فهديناهُم فاستحبُّوا العمى على الهدى فأخذتهُم صاعقة العذابِ الهُونِ﴾(1) فهو السّيفُ إذا قام القائم عليه السلام وقوله تعالى ﴿فقال لهم رسُولُ اللهِ﴾ هو النبيُّ صلى اله عليه وآله ﴿ناقة الله وسُقياها﴾ قال النّاقةُ الإِمامُ الَّذِي فهمهُم عنِ اللهِ وسُقياها أي عِندهُ مُستق العِلمِ ﴿وفكذِّبُوهُ فعقرُوها فدمدم عليهِم رَبُّهُم بِذنبِهِم فسوّاها﴾ قال في الرّجعة ﴿ولا يخافُ عُقباها﴾(2) قال لا يخافُ مِن مِثلها إذا رجع.(3)

59 - عن الحسين بن المختار قال: قُلتُ لأبي عبد الله عليه السلام جُعِلتُ فداك ﴿ويوم القيامة ترى الَّذِين كذبُوا على الله﴾(4) قال كُلُّ من زعم أنه إمام وليس بإمام قُلتُ وإِن كان فاطِمِيّاً علوِيّاً قال و إن كان فاطميّاً علوِيّاً.(5)

60 - عن سورة بنِ كُليب عن أبي جعفر عليه السلام قال: قُلتُ له قولُ اللهِ عزّوجلّ ﴿ويوم القيامةِ ترى الَّذِين كذبوا على اللهِ وُجُوهُهُم مُسودَةٌ﴾(6) قال من قال إِنِّي إمام وليس بإمام قال قُلتُ و إن كان علويّاً قال وإن كان علوِيّاً قُلتُ وإن كان مِن وُلدِ علي ابن أبي طالب عليه السلام قال و إن كان.(7)

61 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال :قال لَما نزلت هذه الآية ﴿يوم ندعُوا كُلّ أُناسٍ بإمامهم﴾(8) قال المسلمون يا رسُول الله ألست إمام النّاسِ كُلّهم أجمعين قال فقال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أنا رسُولُ اللهِ إِلى النّاسِ أجمعين ولكن سيكُونُ مِن بعدِي أَيَّةٌ على النَّاسِ مِن اللهِ مِن أَهلِ بيتِي يَقُومُون فِي النَّاسِ فيُكَذِّبُون ويظلِمُهُم أَيَّةُ الكُفْرِ والضَّلالِ وأشياعُهُم فمن والاهم واتَّبعهم وصدّقهُم فهُو

ص: 451


1- فصلت : 17.
2- الشمس : 1 الى 15.
3- بحار الأنوار 24 : 72 ح 6 والبرهان في تفسير القرآن ج 5 : 672 ح11664.
4- الزمر : 60.
5- الكافي 372:1 ح 3.
6- الزمر : 60.
7- الكافي 1 : 372 ح 1 و البرهان في تفسير القرآن 3 :451 ح 6143.
8- الإسراء : 71.

مِنِّي ومعي وسيلقاني ألا و من ظلمهم وكذبهم فليس مِنِّي ولا معي و أنا منه بريءّ.(1)

62 - عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: نزل جبرئيل عليه السلام بِهذِهِ الآية هكذا ﴿وقال الظالمون﴾ آل محمّد حقهُم ﴿إِن تَتَّبِعُون إِلَّا َرجُلًا مسحوراً﴾ وقرأ أبو جعفر علیه السلام ﴿لكِنِ اللَّهُ يَشْهدُ بِما أنزل إليك﴾ في علي ﴿أنزله بِعِلمِهِ والملائكة يشهدون و كفى بالله شهيداً﴾ وقرأ أبو جعفر عليه السلام هذِهِ الآية وقال هكذا نزل به جبرئیل علیه السلام على محمّد صلواتُ اللَّهِ عليهِ وَآلِهِ ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا و ظلموا آل محمّد حقهُم لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهدِيهُم طريقاً إلّا طريق جهنّم خالِدِين فيها وكان ذلك على الله يسيراً﴾(2) وقال أبو جعفر عليه السلام نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا ﴿و قال الظالمون﴾ آل محمّدٍ حقهُم ﴿غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا﴾ آل محمّدِ ﴿رِجزاً مِن السّماءِ بِما كانُوا يفسُقُون﴾(3) و قال أبو جعفر عليه السلام نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا ﴿فإنّ لِلظَّالِمِين﴾ آل محمّدٍ حقهم ﴿عذاباً دُون ذلك ولكن أكثر النّاس لا يعلمون﴾(4) يعني عذاباً في الرّجعة وقال أبو جعفر عليه السلام نزل جبرئيل على محمّدٍ صلى الله عليه وآله ﴿فأبى أكثرُ النَّاسِ﴾ بولايةِ علي ﴿إِلَّا كُفُوراً﴾(5) : وقرأ رجُلٌ على أبي جعفر عليه السلام ﴿كل نفس ذائقة الموتِ﴾(6) فقال أبو جعفرٍ عليه السلام و منشورةٌ هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمّدٍ صلواتُ اللهِ عليهما إِنَّهُ ليس مِن أحدٍ من هذِهِ الأُمَّةِ إِلَّا سينشُرُ فأما المؤمِنُون فينشُرُون إِلى قُرَةِ أَعْيُنِهِم وَأَمَّا الفُجَارُ فيحِشُرُون إِلى خزي الله وأليم عذابه و قال نزلت هذه الآية هكذا ﴿و نُنَزِّلُ مِن القُرآنِ ما هُو شِفاءٌ ورحمة لِلْمُؤْمِنِين ولا َيزِيدُ الظَّالِمِينَ﴾(7) آل محمّد حقهم وقال ونزل جبرئيلُ بِهذِهِ الآية هكذا ﴿وقُلِ

ص: 452


1- الكافي 1 : 215 ح 1 وتأويل الآيات : 276.
2- آل عمران : 185.
3- النساء: 166 إلى 169.
4- البقرة : 59.
5- الطور: 47.
6- الفرقان : 50.
7- الإسراء : 82.

الحق من ربِّكُم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفرإنّا أعتدنا لِلظَّالِمِين﴾ آل محمّد حقهم ﴿ناراً أحاط بهم سُرادِقُها﴾.(1)(2)

63 - عن فيض بن المختار قال قال أبو عبد الله عليه السلام كيف تقرأُ ﴿وعلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِفُوا﴾(3) قال لو كانُوا خُلِفُوا لكانوا في حال طاعةٍ ولكنّهُم خالفُوا فعلان وصاحِباهُ أما واللهِ ما سَمِعُوا صوت حافر و لا قعقعة حجرٍ إلا قالُوا أُتينا فسلط الله عليهم الخوف حتى أصبحوا.(4)

64 - عن الباقر عليه السلام في حديث طويل أنه سأله هل يتكلّمُ القُرآنُ فتبسم ثُمَّ قال رحم الله الضُّعفاء مِن شِيعَتِنا إِنّهم أهل تسليم ثم قال نعم يا سعدُ والصَّلاةُ تتكلّمُ ولها صورةٌ وخلق تأمُرُو تنهى قال فتغير لِذلِك لوني وقُلتُ هذا شيء لا أستطيع أن أتكلّم بِهِ فِي النَّاسِ فقال عليه السلام وهلِ النَّاسُ إِلّا شيعتنا فمن لم يعرِفِ الصّلاة فقد أنكر حقنا ثُمَّ قال يا سعد أسمعك كلام القُرآنِ قال سعد فقُلتُ بلى صلّى الله عليك فقال ﴿إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكرو لذِكرُ اللهِ أكبرُ﴾(5) فالنهي كلام والفحشاء والمنكرُ رجُلٌ ونحنُ ذِكرُ اللهِ و نحنُ أكبرُ.(6)

65 - عن حماد عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنّهُ سُئِل الملائكةُ أكثر أم بنُوآدم فقال والَّذِي نفسي بِيدِهِ لملائكةُ اللهِ فِي السّماواتِ أكثرُ مِن عددِ التُّرابِ فِي الأرضِ و ما فِي السّماءِ موضِعُ قدمِ إِلَّا و فِيهِ ملك يُسبّحُهُ ويُقدِّسُهُ ولا فِي الأَرْضِ شجرة ولا مدرّ إِلّا وَفِيها ملكٌ مُوَكِّلٌ بِها يَأْتِي اللَّهُ كُلَّ يوم بعملها والله أعلمُ بها وما مِنهُم أحدٌ إِلَّا ويتقرّبُ كُلّ يومٍ إِلى اللهِ بولايتنا أهل البيت و يستغفِرُ لِمُحِبّينا ويلعن أعداءنا ويسألُ الله عزّ و جلّ أن يُرسل عليهم العذاب إرسالا و قولُهُ ﴿الَّذِين يحمِلُون العرش﴾ يعني رسول الله صلى الله عليه وآله والأوصياء مِن بعدِهِ يحمِلُون عِلم الله ﴿و

ص: 453


1- بحار الأنوار 89 : 64.
2- الكهف : 29.
3- التوبة : 118.
4- الكافي 8 : 377 ح 568 و بحار الأنوار 89 :58 ح 40.
5- العنكبوت : 45.
6- بحار الأنوار 79 : 198.

من حوله يعني الملائكة يُسبِّحُون بِحمدِ ربِّهم و يستغفِرُون لِلَّذِين آمَنُوا﴾ يعني شيعة آلِ محمدٍ ﴿وربنا وسعت كل شيء رحمةً و عِلماً فاغفِر لِلَّذِين تابوا﴾ من ولايةِ فُلانٍ وفُلانٍ وبني أُميّة ﴿و اتَّبَعُوا سبيلك﴾ أي ولاية ولي الله ﴿وقهم عذاب الجحيم﴾ إلى قوله الحكيم يعني من تولّى عليّاً عليه السلام فذلك صلاحُهُم ﴿وقِهِمُ السيّئاتِ و من تقِ السَّيِّئاتِ يومئِذٍ فقد رحمته﴾ يعني يوم القيامة ﴿وذلك هو الفوز العظيم﴾(1) لمن نجاهُ اللهُ مِن هؤلاء يعني ولاية فُلانٍ و فُلانٍ.(2)

66 - قال الصّادِقُ عليه السلام .... أما ترى الله يقُولُ ﴿ما كان لكُم أن تُنبِتُوا شجرها﴾(3) يَقُولُ ليس لكُم أن تنصِبُوا إماماً مِن قِبل أنفُسِكُم تُسمُّونهُ مُحِقاً بهوى أنفُسِكُم وإرادتِكُم ثُمَّ قال الصَّادِقُ عليه السلام ثلاثةٌ لا يُكلّمُهُمُ الله ولا ينظر إليهم يوم القيامةِ ولا يُزَكِّيهِم ولهم عذابٌ أَلِيمٌ من أنبت شجرةً لم يُنبِتهُ اللهُ يعني من نصب إماماً لم ينصبه الله أو جحد من نصبه الله و من زعم أنّ لهذين سهماً في الإسلام وقد قال الله ﴿وربُّك يخلق ما يشاء ويختارُ ما كان لهُمُ الخِيرةُ﴾.(4)و(5)

67 - عن أبي جعفر عليه السلام قال : لَمَّا نزلت هذه الآية ﴿بل يُرِيدُ الإِنسانُ ليفجر أمامه﴾ دخل أبوبكر على النبي صلى الله عليه وآله فقال له سلّم على علي بإمرة المؤمنين فقال مِن اللهِ و مِن رَسُولِهِ قال مِن اللهِ و مِن رَسُولِهِ ثُم دخل عُمرُ قال سلّم على علي بإمرة المؤمِنين فقال من الله و مِن رسُوله فقال مِنَ اللهِ و مِن رَسُولِهِ فقال ثُمَّ نزلت ﴿يُنبوا الإنسانُ يومئِذٍ بما قدم وأخر﴾(6) مما لم يفعلهُ لِما أُمِربِهِ من السّلام على على بإمرة المؤمِنِين.(7)

ص: 454


1- غافر: 7 - 9.
2- المحتضر : 116 ، البرهان في تفسير القرآن 747:4 و بحار الأنوار 65 : 78 ح 139.
3- النمل : 60.
4- القصص : 68.
5- بحار الأنوار 65 : 276.
6- القيامة : 5 و 13.
7- اليقين : 407.

68 - عن داود الرقي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عزو جل ﴿الشمس وا بحسبان﴾ قال يا داود سألت عن أمرٍ فاكتفِ بما يرد عليك أن الشمس والقمرآيتان من آياتِ الله يجرِيانِ بِأَمرِهِ ثُمَّ إِنَّ الله ضرب ذلك مثلا لمن وثب علينا وهتك حرمتنا وظلمنا حقنا فقال هُما بِحُسبانٍ قال هُما فِي عذابي قال قُلتُ ﴿والنّجمُ والشَّجرُ يسجُدانِ﴾ قال النّجمُ رَسُولُ اللهِ و الشجرُ أَمِيرُ المؤمِنين والأئِمَّةُ عليهم السلام لم يعصوا الله طرفة عين قال قُلتُ ﴿و السماء رفعها و وضع الميزان﴾ قال السّماءُ رسُولُ الله صلى الله عليه وآله قبضه الله ثم رفعه إليه ووضع الميزان و الميزانُ أمِيرُ المؤمنين عليه السلام و نصبه لهم من بعدِهِ قُلتُ ﴿ألا تطغوا في الميزان﴾ قال لا تطغوا في الإمامِ بِالعِصيانِ والخِلافِ قُلتُ ﴿وأَقِيمُوا الوزن بِالقِسطِ و لا تُخسِرُوا الميزان﴾(1) قال أطِيعُوا الإمام بالعدل ولا تبخشوه مِن حقِّهِ.(2)

69 - عن أبي الحسنِ الرّضا عليه السلام في قوله: ﴿الرحمن علّم القُرآن﴾ قال عليه السلام الله علم محمّداً القُرآن، قُلتُ ﴿خلق الإنسان﴾ قال ذلِك أمير المؤمنين عليه السلام قُلتُ ﴿علمه البيان﴾ قال علمه تبيان كُلّ شيءٍ يحتاجُ النّاسُ إِليهِ، قُلْتُ ﴿الشَّمس والقمرُ بِحُسبانٍ﴾ قَالَ هُما يُعذِّبَانِ، قُلتُ الشمس والقمرُ يُعذِّبانِ قال سألت عن شيءٍ فأتقنه، إن الشمس والقمرآيتان من آيات الله يجرِيانِ بِأَمرِه مُطِيعان لهُ، ضوؤُهُما مِن نُورِ عرشِهِ و حرُّهُما مِن جهنم فإذا كانت القيامة عاد إلى العرشِ نُورُهُما وعاد إلى النّارِ حرُّهُما فلا يكون شمس ولا قمر، وإِما عناهما لعنهما الله أو ليس قد روى النَّاسُ أَنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله قال: إنّ الشمس و القمر نُورانِ في النَّارِ قُلتُ بلى قال أما سمعت قول الناس فلان وفلانٌ شمسا هذِهِ الأُمَّةِ ونُورُها فهُما فِي النَّارِ واللَّهِ ما عنى غيرهما.

قُلتُ: ﴿والنّجمُ والشَّجرُ يسجُدانِ﴾(3) قال النّجمُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وقد سماه الله في غير موضع فقال: ﴿و النجم إذا هوى﴾(4) وقال: ﴿وعلامات وبالنّجم هم يهتدون﴾(5) فالعلامات

ص: 455


1- الرحمن : 5 الى 9.
2- تأويل الآيات :613 ، البرهان في تفسير القرآن 5 : 231 ح10299 وبحارالأنوار 24 :309.
3- الرحمن : 1 الى 6.
4- النجم : 1.
5- النحل : 16.

الأوصِياءُ والنّجمُ رَسُولُ اللهِ ، قُلتُ يسجُدانِ قال يعبُدانِ

قوله: ﴿و السماء رفعها و وضع الميزان﴾ قال السّماءُ رسُولُ الله صلى الله عليه وآله رفعه اللهُ إِليه والميزانُ أمير المؤمنين عليه السلام نصبهُ لِخلقِهِ، قُلتُ: ﴿ألا تطغوا في الميزان﴾ قال:

لا تعصوا الإمام قُلتُ ﴿و أقِيمُوا الوزن بِالقِسطِ﴾ قال أقِيمُوا الإمام بالعدلِ قُلتُ:

﴿ولا تُخسِرُوا الميزان﴾ قال : لا تبخسوا الإمام حقه ولا تظلموه و قوله ﴿و الأرض وضعها للأنام﴾ قال للناس فيها ﴿فاكهة والنخلُ ذات الأكمام﴾ قال يكبر ثمر النخل في القمع ثُمَّ يطلُعُ مِنهُ وقوله ﴿و الحبُّ ذُو العصفِ والريحان﴾ قال الحبُّ الحنطة والشعير و الحبوب و العصفُ التِّينُ والريحانُ ما يُؤكلُ مِنهُ وقولُهُ ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾(1) قال: في الظَّاهِرِ مخاطبةُ الجِنِّ والإِنسِ وفي الباطِنِ فُلانٌ وفُلان.(2)

70 - عن أبي الحسنِ الرّضا عليه السلام في قوله عزّو جل ﴿ألم نُهلِكِ الأولين﴾ قال يعني الأول والثاني ﴿ثُم تُتَّبِعُهُمُ الْآخِرِين﴾ قال الثَّالث والرابع والخامس ﴿كذلك نفعلُ بِالمجرمين من بني أُمية.

و قوله ﴿ويلٌ يومئِذٍ لِلمُكَذِّبين﴾(3) بأمير المؤمنين والأئمة عليه السلام(4).

71- حدثنا محمد بن علي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله: ﴿قد أفلح من زكاها﴾ قال: أمير المؤمنين عليه السلام زكاه ربُّه. ﴿و قد خاب من دساها﴾(5) قال : هو الأول والثاني في بيعتهما إياه حيث مسحا على كفّه.(6)

ص: 456


1- الرحمن : 6 الى 13.
2- تفسير القمي 2 :343 ، البرهان في تفسير القرآن 229:5 ح 10296 ، بحار الأنوار 24 : 67 ح 1 و عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 :605 ح4.
3- المرسلات: 16 الى 19.
4- تأويل الآيات :729 ، بحار الأنوار 30 262 و 7 : 120 ح 58 و البرهان في تفسير القرآن 5 : 559.
5- الشمس : 9 و 10.
6- تفسیر کنز الدقائق و بحر الغرائب 14 : 297 و بحار الأنوار 36 : 175ح 165 و عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 615:15 ح1.

72 - قال أبو الحسن علي بن موسى بن جعفر عن أبيه عن جده عليهم السلام في قوله عزّوجل ﴿فأما من ثقلت موازِينُهُ فهو في عيشة راضية﴾ قال نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام ﴿و أما من خفت موازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيةٌ﴾(1) قال نزلت في يعني الثلاثة.(2)

73 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنه قال : إذا لاذ النّاسُ مِن العطش قيل لهم ﴿انطلِقُوا إلى ما كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ﴾ يعني أمير المؤمِنِين فيقُولُ لهُم ﴿انطلِقُوا إِلى ظِلَّ ذِي ثلاثِ شُعبٍ﴾(3) قال يعني الثلاثة فُلانٌ وفُلانٌ وفُلانٌ.(4)

74 - عن حُمران قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقرأ ﴿وجاء فرعون و من قبله والمؤتفكاتُ بالخاطئة﴾(5) قال و جاء فرعون يعني الثالث ومن قبله الأولين والمؤتفكات أهل البصرة بالخاطئة الحميراء.(6)

75- عن مُيسّرٍ عن بعض آلِ محمّدٍ عليهم السلام في قوله ﴿و لقد خلقنا الإنسان ونعلمُ ما تُوسوِسُ بِهِ نفسُهُ﴾ قال هو الأول ﴿وقال في قوله تعالى قال قرِينُهُ ربّنا ما أطغيتُه ولكن كان في ضلالٍ بعِيدٍ﴾ قال هُو زُفرُو هذه الآيات إلى قوله ﴿يوم نقول لجهنّم هل امتلأت وتقول هل من مزيدٍ﴾(7) فيهما وفي أتباعهما وكانوا أحق بها وأهلها.(8)

76 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قول الله عزّوجل ﴿إنّ الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبيّن لهُمُ الهُدى﴾ فلانٌ وفُلانٌ وفُلانٌ ارتدوا عنِ الإيمان في تركِ ولاية أمير المؤمِنِين عليه السلام قال قُلتُ قوله

ص: 457


1- القارعة : 6 الى 9.
2- تأويل الآيات :814.
3- المرسلات : 29 و 30.
4- تأويل الآيات :730 و بحار الأنوار 30 :262 ح127.
5- الحاقة : 9.
6- طرف من الأنباء والمناقب :498 ، بحار الأنوار 30 :260 البرهان في تفسير القرآن 5 :469 و تأويل الآيات : 689.
7- ق : 16 - 27 - 30.
8- تأويل الآيات :589 ، البرهان في تفسير القرآن 5 :132 ح 10040 و بحار الأنوار 30 : 255.

﴿ذلِك بِأنَّهُم قالُوا لِلَّذِين كرِهُوا ما نزّل الله ستطِيعُكُم في بعض الأمر﴾ قال نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قولُ الله عزّ و جلّ الَّذِي نزل بِهِ جبرئيل على محمد صلى الله عليه وآله وذلك لَما دعوا بنِي أُميّة إلى ميثاقهم الَّذِي عقدُوهُ أَلا يُصيّرُوا الأمر فينا بعد النبي صلى الله عليه وآله و لا يُعطونا مِن الخُمُسِ شيئاً وقالوا إن أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شيءٍ ولم يُبالُوا أَن لا يَكُون الأمرُ فِيهِم فقال لبني أمية ﴿ستُطِيعُكُم في بعض الأمر﴾(1) الذي دعوتُونَا إِليهِ وهُو الخُمُسُ ولا نُعطيهم شيئاً وقولُه كرِهُوا ما نزل الله فالّذِي نزّل الله عزّ و جلّ ما افترض على خلقِهِ مِن ولاية أمِيرِ المؤمِنِين وكان معهم أبو عُبيدة وكان كاتبهم فأنزل الله عزو جل ﴿أم أبرمُوا أمراً فَإِنَّا مُبرِمُون أم يحسبون أنا لا نسمعُ سِرّهُم ونجواهم بلى و رُسُلُنا لديهم يكتُبُون﴾.(2)و(3)

77 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِين ارتدوا على أدبارهم عن الإيمان﴾ بتركهم ولاية أمير المؤمنين عليه السلام : ﴿الشَّيطانُ سوّل لهم﴾ يعني الثاني. وقولُهُ: ذلِكَ ﴿بِأَنَّهُم قَالُوا لِلَّذِينَ كرِهُوا ما نزّل الله﴾ هو ما افترض الله على خلقِهِ مِن ولاية أمير المؤمِنين عليه السلام . ﴿وستُطِيعُكُم في بعض الأمر﴾ قال: دعُوا بني أُميّة إلى ميثاقهم أن لا يُصيّروا لنا الأمر بعد النبي صلى الله عليمواله و لا يُعطونا مِن الخُمُسِ شيئاً، وقالوا: إن أعطيناهُمُ الخمس استغنوا بِهِ، فقالُوا: سنُطِيعُكُم فِي بعض الأمرِ لا تُعطُوهُم مِن الخُمُسِ شيئاً، فأنزل الله على نبيه: ﴿أم أبرمُوا أَمراً فَإِنَّا مُبرِمُون أم يحسبُون أنا لا نسمعُ سِرِّهُم ونجواهم بلى و رُسُلُنا لديهم يكتبون﴾(4).(5)

78 - قال علي بن إبراهيم في قوله : ﴿إنّ الذين ارتدوا على أدبارهم من بعدِ ما تبين لهُمُ الهُدى﴾ نزلت فِي الَّذِين نقضُوا عهد اللهِ فِي أمير المؤمِنين عليه السلام ﴿الشَّيطانُ سوّل لهم﴾.. أي هين لهم، و هو

ص: 458


1- محمد : 25 و 26.
2- الزخرف : 79 و 80.
3- تفسير القمي 2 : 308 ، تأويل الآيات : 572 ، الكافي 1 :420 ح 43 ، بحار الأنوار 23 : 375ح 58 و اثبات الهداة 2 : ح 1.
4- الزخرف : 79 و80.
5- البرهان في تفسير القرآن 5 : 68 وبحار الأنوار 30 :162 ح22.

فُلانٌ، وأملى لهم .. أي بسط لهم أن لا يكون مما قال مُحمّدٌ شيئاً ذلِكَ ﴿بِأَنَّهُم قَالُوا لِلَّذِينَ كرِهُوا ما نزّل اللهُ﴾ يعني في أمير المؤمنين عليه السلام : ﴿سنُطِيعُكُم في بعض الأمر﴾ يعني في الخُمُسِ أن لا يرُدُّوهُ في بني هاشم: ﴿و الله يعلمُ إسرارهُم﴾ قال الله: ﴿فكيف إذا توفتهُمُ الملائكة يضرِبُون وُجُوهَهُم وأدبارهم﴾ بنكثِهِم وبغيهم وإمساكِهِمُ الأمر بعد أن أُبرم عليهم إبراماً، يقُولُ: إذا ماتُوا ساقتهُمُ الملائِكَةُ إِلى النَّارِ فيضرِبُونهُم مِن خلفِهِم و مِن قُدّامِهِم ﴿ذلِك بِأَنَّهُمُ اتَّبِعُوا ما أسخط الله﴾ يعني مُوالاة فُلانٍ و فُلانٍ وظالمي أمير المؤمنين عليه السلام ﴿فأحبط أعمالهم﴾ يعني الَّذِي عَمِلُوها من الخيرِ: ﴿إِنَّ الَّذِين كفرُوا وصدوا عن سبِيلِ اللهِ﴾، قال: عن أمير المؤمنين عليه السلام : ﴿و شاقُوا الرَّسُول﴾(1).. أي قطعُوهُ في أهل بيته بعد أخذه الميثاق عليهم له.(2)

79 - عن محمّدِ بنِ الفُضيل عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال: سألته عن قول الله عزّوجل ﴿ذلك بأنّهُم كرِهُوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم﴾ وقوله تعالى ﴿ذلِك بِأَنَّهُم قالُوا لِلَّذِين كرِهُوا ما نزل الله ستطِيعُكُم في بعض الأمرِ و الله يعلمُ إسرارهُم﴾ قال إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله لما أخذ الميثاق لأمير المؤمنين قال أتدرون من ولِيُّكُم مِن بعدِي قالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعلمُ فقال إِنَّ الله يقُولُ ﴿وإن تظاهرا عليه فإِنَّ الله هو مولاه و جبريل وصالِحُ المؤمِنِين﴾ يعني علِيّاً هُو ولِيُّكُم مِن بعدِي هذِهِ الأُولى وأمّا المرةُ الثَّانِيةُ لَا أشهدهُم يوم غدِيرِخُم وقد كانُوا يَقُولُون لَئِن قبض اللهُ محمداً لا نُرجِعُ هذا الأمر في آلِ محمّدٍ ولا نُعطِيهِم مِن الخُمُسِ شيئاً فأطلع الله نبيه على ذلك و أنزل عليه ﴿أم يحسبون أنا لا نسمعُ سِرّهُم و نجواهم بلى ورُسُلُنا لديهم يكتبون﴾ وقال أيضاً فيهم ﴿فهل عسيتُم إِن تولّيتُم أن تُفسِدُوا في الأرضِ وتُقطِعُوا أرحامكُم أُولئِكَ الَّذِين لعنهُمُ اللَّهُ فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قُلُوبِ أقفالُها إِنَّ الَّذِين ارتدوا على أدبارِهِم مِن بعدِ ما تبيّن لهُمُ الهدى والهُدى﴾ سبيل المؤمِنِين ﴿الشَّيطانُ سوّل لهم وأملى لهم﴾ قال و قرأ أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية هكذا ﴿فهل عسيتم إن تولّيتُم﴾ وسُلّطم وملكتُم ﴿أن تُفْسِدُوا في الأرضِ و تُقطِعُوا أرحامكم﴾ نزلت في بني عيّنا بني عبّاس وبني أُميّة وفِيهِم يَقُولُ الله ﴿أولئِكَ

ص: 459


1- محمد : 25 الى 32.
2- تفسير القمي 308:2 ، بحار الأنوار 30 : 162 ح 22 والبرهان في تفسير القرآن 5 : 69 ح 9862.

الَّذِين لعنهُمُ الله فأصمّهُم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القُرآن فيقضوا ما عليهم من الحق أم على قُلُوبٍ أقفالها﴾.(1)

80 - عن صالح بن سهل الهمداني قال قال أبو عبد الله عليه السلام قوله تعالى ﴿أو كظُلُماتِ﴾ الأول وصاحِبُهُ ﴿يغشاه موج﴾ الثَّالِثُ ﴿مِن فوقه موجٌ مِن فوقهِ سحابٌ ظُلُماتٌ بعضُها فوق بعض﴾ قال مُعاوِيةُ وفتن بني أُميّة ﴿إذا أخرج يده﴾ أي المؤمِنُ ﴿لم يكد يراها و من لم يجعل اللهُ لهُ نُوراً﴾ أي إماماً مِن وُلد فاطمة عليها السلام ﴿فما لهُ مِن نُورٍ﴾(2) إمام يوم القيامة يسعى بين يديه.(3)

81- عن حريز عن الحكيم بن حُمران قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله عز و جل ﴿أو كظُلُماتٍ في بحرِلُجي يغشاه﴾ موج قال فلان وفلان ﴿يغشاه موج من فوقه موج﴾ قال أصحاب الجمل وصفّين والنهروان ﴿مِن فَوقِهِ سحابٌ ظُلُماتٌ بعضُها فوق بعض﴾ قال بنو أُميّة ﴿إذا أخرج يده﴾ يعني أمير المؤمنين عليه السلام في ظُلُماتِهم ﴿لم يكد يراها﴾ أي إذا نطق بالحكمة بينهم لم يقبلها منهم أحدٌ إِلَّا من أقر بولايتهِ ثُمَّ بِإمامته ﴿و من لم يجعل اللهُ لهُ نُوراً فما لهُ مِن نُور﴾(4) أي من لم يجعل الله له إماماً فِي الدُّنيا فما لهُ فِي الآخِرَةِ مِن نُورٍ إِمَامٍ يُرشِدُهُ ويُتَّبِعُهُ إلى الجنة.(5)

82 - عن العالم عليه السلام أنه قال: نحنُ أُولُو النُّهى أخبر الله نبيهُ بِما يَكُونُ بعدهُ مِن ادّعاءِ القومِ الخلافة فأخبر رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أمير المؤمنين عليه السلام بذلك وانتهى إلينا ذلك من أمِيرِ المؤمِنِين فنحنُ أُولُو النُّهى انتهى عِلمُ ذلِكَ كُلُّهُ إِلينا.(6)

ص: 460


1- تأويل الآيات :570.
2- النور : 40.
3- الكافي 1 : 195 ح 5 ، تأويل الآيات : 361 ، البرهان في تفسير القرآن 4 : 79 ح 7663 و تفسیر نور الثقلين 3 : 611 ح 196.
4- النور 40 :.
5- تأويل الآيات : 361 وبحار الأنوار 23 :325.
6- تأويل الآيات :308.

83- عنِ الإمامِ أبي الحسنِ مُوسى بن جعفر عليهما السلام قال: كُنتُ عِند أبي يوماً في المسجِدِ إِذ أتاهُ رجُلٌ فوقف أمامه و قال يا ابن رسُولِ اللهِ أعيت عليّ آيَةٌ فِي كِتابِ اللهِ عزّ و جلّ سألتُ عنها جابر بن يزيد فأرشدني إليك فقال وما هي قال قوله عز و جل ﴿الذين إِن مَكَّنَاهُم فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصلاة وآتوا الزكاة و أمرُوا بِالمعروف و نهوا عن المنكر ولله عاقبةُ الأُمورِ﴾ فقال أبي نعم فينا نزلت و ذاك لأن فُلاناً و فُلاناً وطائفةٌ معهم وسماهم اجتمعوا إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسُول الله إلى من يصِيرُ هذا الأمر بعدك فواللهِ لَئِن صار إلى رجُلٍ مِن أَهلِ بيتِكَ إِنَّا لنخافُهُم على أنفُسِنا ولو صار إلى غيرِهِم لعل غيرهم أقرب وأرحمُ بنا مِنهُم فغضب رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله من ذلِك غضباً شديداً ثُمّ قال أما والله لو آمنتُم بِاللهِ وبِرَسُولِهِ ما أبغضتُمُوهُم لِأَنَّ بُغضهُم بُغضي و بغضي هو الكُفرُ بِاللهِ ثُمّ نعيتُم إلى نفسي فو الله ليّن مكّنهم اللهُ فِي الْأَرْضِ لِيُقِيمُونَ الصَّلاة لوقتها و ليؤتون الزكاة لمحلّها و ليامُرُنّ بِالمعرُوفِ ولينهُنَّ عَنِ المنكرِ إِنّما يُرغِمُ اللَّهُ أُذُوف رِجالٍ يُبغِضُونِي ويُبغِضُون أهل بيتي و ذُرِّيَّتِي فأنزل الله عزّوجل ﴿الَّذِينَ إِن مِكْنَاهُم فِي الْأَرْضِ أقامُوا الصَّلاة وآتوا الزكاة و أمرُوا بِالمعروف و نهوا عن المنكر و لله عاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ فلم يقبل القومُ ذلك فأنزل الله سُبحانهُ ﴿وإِن يُكَذِّبُوك فقد كذبت قبلهم قومُ نُوحٍ وعادٌ وثَمُودُ و قومُ إبراهيم و قومُ لُوطٍ وأصحاب مدين و كُذِّب مُوسى فأمليتُ لِلكافِرِين ثُمَّ أخذتُهُم فكيف كان نكير﴾.(1)و(2)

84 - عن علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿إِنَّ الَّذِين يُؤذُون الله و رسوله لعنهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنيا و الآخرة و أعد لهم عذاباً مُهِيناً﴾(3) قال نزلت فيمن غصب أمير المؤمِنِين حقه وأخذ حق فاطمة و آذاها وقد قال النبيُّ صلى الله عليه واله من آذاها في حياتي كمن آذاها بعد موتي و من آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي و من آذاها فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله وهُو قولُ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونِ الله ورسوله الآية.(4)

ص: 461


1- الحج : 41 و 42 و 44.
2- تأويل الآيات : 338 ، بحار الأنوار 24 :165 ح 8 و البرهان في تفسير القرآن 3 :892.
3- الأحزاب : 57.
4- تفسير القمي 2 : 196 و بحار الأنوار 25:43 ح 23.

85 - عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى ﴿ألم تر إلى الَّذِينَ أُوتُوا نصيباً مِن الكِتابِ يُؤْمِنُون بِالجِبتِ والطَّاغُوتِ﴾ فلان وفلان ﴿و يقُولُون لِلَّذِين كفرُوا هَؤُلَاءِ أَهدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سبِيلًا﴾ يَقُولُون لأئِمَّةِ الضَّلالِ والدُّعاةِ إِلى النَّارِ هؤُلاءِ أهدى مِن آلِ محمدٍ وأوليائهم سبيلا ﴿أُولئِكَ الَّذِين لعنهُمُ الله و من يلعن الله فلن تجد له نصيراً أم لهم نصيبٌ مِن الملكِ﴾ يعني الإمام و الخلافة ﴿فإذاً لا يُؤتون النّاس نقيرا﴾(1) عنِ النَّاسِ الَّذِين عنى الله.(2)

86 - علي بن إبراهيم قال في قوله تعالى : ﴿إنك ميت وإنّهُم ميِّتُون ثُمَّ إِنَّكُم يوم القِيامَةِ عِند ربِّكُم تختصمون﴾(3): يعني أمير المؤمنين عليه السلام و من غصبه حقه ثُم ذكر أيضاً أعداء آل محمد و من كذب على الله وعلى رسوله وإدّعى ما لم يكن له فقال ﴿فمن أظلمُ مِمَّن كذب على الله و كذب بِالصِدقِ إِذ جاءه﴾(4) يعني لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله من الحق وولاية أمير المؤمنين عليه السلام.(5)

87 - عن محمّدِ بنِ منصُورٍ :قال سألته عن قول الله تعالى ﴿وإذا فعلُوا فَاحِشَةً قالُوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قُل إنّ الله لا يأمُرُ بالفحشاء أتقُولُون على اللهِ ما لا تعلمون﴾(6) فقال أرأيت أحد يزعُمُ أنّ الله أمر بالزّناءِ وشرب الخمر أو بِشيءٍ مِن هذه المحارم فقُلتُ لا فقال ما هذِهِ الفاحِشةُ الَّتِي يَدْعُون أنّ الله أمريها فقُلتُ الله أعلمُ و ولِيُّهُ قال فإنّ هذِهِ فِي أئمة الجورِ ادّعوا أن الله أمرهُم بِالايتِمامِ بِقومٍ لم يأمر الله بالايتمامِ بهم فرد الله ذلِك عليهم و أخبرنا أنهم قد قالُوا عليهِ الكذب فسمّى الله مِنهُم فاحِشةً.(7)

88 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام إذا رأى أبو فُلانٍ وفُلانٍ منزِل علي يوم القيامة إذا دفع الله لواء الحمدِ

ص: 462


1- النساء : 51 إلى 53.
2- بصائر الدرجات 1 : 34 ح 3 وبحار الأنوار 30 : 187 ح 46.
3- الزمر 30 و 31.
4- الزمر : 32.
5- عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 102 ح4.
6- الأعراف : 28.
7- تفسير العياشي 2 : 12 ، الغيبة للنعماني : 131 ، بصائر الدرجات 34:1 ح 4 وتأويل الآيات : 188.

إلى رسول الله صل الله علي واله تحته كُلُّ ملكٍ مُقرَبٍ وكُلُّ نبي مرسل حتى يدفعُهُ إلى علي ﴿سيئت وُجُوهُ الَّذِين كفرُوا وقيل هذا اليومُ الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدْعُون﴾(1) أي بِاسمِهِ تُسمُّون أمير المؤمنين.(2)

89 - قال سليم بن قيس سأل رجُلٌ علي بن أبي طالب عليه السلام فقال له وأنا أسمع أخبرني بأفضل منقبةٍ لك قال ما أنزل الله في كِتَابِهِ قال وما أنزل فيك قال ﴿أ فمن كان على بينة من ربِّهِ ويتلُوهُ شَاهِدٌ مِنهُ﴾(3) قال أنا الشّاهِدُ مِن رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و قولُهُ ﴿و يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لست مُرسلًا قُل كفى بالله شهيداً بيني و بينكم و من عِندهُ عِلمُ الكتاب﴾(4) إياي عنى بمن عنده علمُ الكِتابِ فلم يدع شيئاً أنزلهُ اللهُ فِيهِ إِلَّا ذكرهُ مِثل قولِهِ ﴿ِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ و الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِين يُقِيمُونَ الصَّلاة ويُؤتُون الزّكاة وهُم راكِعُون﴾(5) وقولِهِ ﴿وَأَطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرسول و أُولِي الأمرِ مِنكُم﴾(6) وغير ذلك قال قُلتُ فأخبرني بأفضل منقبة لك من رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فقال نصبه إياي يوم غدِيرِخُمّ فقام لِي بِالولايةِ بأمر الله عزّ و جلّ وقولُهُ أنتَ مِنِّي بمنزِلَةِ هَارُون مِن مُوسى إِلّا أنّه لا نبي بعدي وسافرتُ مع رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ليس له خادِمُ غيري وكان له لحاف ليس لهُ لِحاف غيرُه و معهُ عائشة وكان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله ينام بيني وبين عائشة ليس علينا ثلاثتِنا لحاف غيره فإذا قام إلى صلاة الليلِ يَحُطُّ بِيدِهِ اللحاف مِن وسطه بيني وبين عائشة حتى يمس اللحاف الفرش الذي تحتنا فأخذتني الحُمّى ليلةً فأسهرتني فسهر رسُولُ الله صلى الله عليه وآله لسهري فبات ليلةٌ بيني وبين مُصلّاهُ يُصلِّي ما قُدِر لَهُ ثُمَّ يَأْتِينِي و يسألني وينظر إلي فلم يزل ذلِك دأبه حتى أصبح فلما صلّى بِأصحابِهِ الغداة قال اللّهُمّ اشفِ عليّاً وعافِهِ فَإِنَّهُ أسهرني الليلة مِمّا بِهِ ثُمّ قال رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بمسمع من

ص: 463


1- الملک : 27.
2- مناقب آل أبي طالب 3 : 28 ، اليقين :182 و بحار الأنوار 39 :215.
3- هود : 17.
4- الرعد : 43.
5- المائدة : 55.
6- النساء : 59.

أصحابه أبشريا على قُلتُ بشرك اللهُ بِخير يا رسول الله وجعلني فداك قال إنّي لم أسأل الله الليلة شيئاً إِلَّا أعطانيه ولم أسألهُ لِنفسِي شيئاً إِلّا سألتُ لك مثلهُ وإِنِّي دعوتُ الله أن يُواخِي بيني وبينك ففعل وسألته أن يجعلك ولِي كُلِّ مُؤمِنٍ و مُؤمِنةٍ ففعل فقال رجُلانِ أحدُهُما لِصاحِبِهِ أرأيت ما سأل فوالله لصاعٌ مِن تمر خير ما سأل ولو كان سأل ربه أن يُنزِل عليه ملكاً يُعِينُهُ على عدوّه أو يُنزِل عليه كنزاً ينفعُهُ وأصحابه فإنّ بهم حاجةً كان خيراً ما سأل وما دعا عليّاً قط إلى خيرٍ إلا استجيب له.(1)

90 - عن زيد بن الجهم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعتُهُ وهُو يَقُولُ لَمَّا سلّمُوا على على بِإِمْرَةِ المؤمِنين قال رسُولُ الله صلى اله عليه واله لأبي بكرقم فسلّم على علي بإمرة المؤمِنِين فقال مِن اللهِ ومِن رسُولِهِ قال نعم مِن الله و مِن رَسُولِهِ ثُمَّ قال لِعُمرقُم فسلم على علي بإمرة المؤمنين قال من الله و من رسُولِهِ قال نعم مِن اللهِ و مِن رَسُولِهِ ثُمَّ قال يا مِقدادُ قُم فسلم على علي بإمرة المؤمنين فلم يقل شيئاً ثم قام فسلّم ثم قال قم يا سلمان فسلّم على علي بإمرة المؤمِنِين فقام فسلّم ثم قال قم يا أبا ذر فسلم على علي بإمرة المؤمنين فلم يقل شيئاً ثم قام فسلّم ثُمَّ قال ثم يا حذيفة فقام ولم يقُل شيئاً وسلّم ثُم قال قُم يا ابن مسعود فقام فسلّم ثُمّ قال قُم يا عمّارُ فقام عمّار و سلّم ثُمَّ قال قُم يا بُريدةُ الأسلمِيُّ فقام فسلّم حتى إذا خرجا و هما يقُولانِ لا نُسلّمُ له ما قال أبداً فأنزل الله عزّ وجل ﴿ولا تنقُضُوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتُمُ الله عليكم كفِيلًا إِنَّ الله يعلمُ ما تفعلون﴾.(2)و(3)

91 - عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ﴿و ما جعلنا الرُّؤيا التي أريناك ...﴾ ، قال : أرى رِجالًا من بني تيم و عدي على المنابر يردون الناس عنِ الصّراطِ القهقرى. قُلتُ: ﴿والشجرة الملعونة في القُرآن﴾. قال: هُم بِنُو أُميّة، يقُولُ اللهُ: ﴿وتُخوّفهم فما يزِيدُهُم إِلَّا طغياناً كبيراً﴾(4).(5)

ص: 464


1- كتاب سليم : 422 و الإحتجاج 1 : 159 وبحار الأنوار 40 : 1 ح 2.
2- النحل : 91.
3- بحار الأنوار 311:37 ح 46.
4- الإسراء : 60.
5- تفسير العياشي 2 : 298 و بحار الأنوار 31 : 527 ح 31.

92 - عن علي بن إبراهيم في قوله تعالى: ﴿و من يعص الله ورسوله﴾ في ولاية علي صلواتُ اللهِ عليهِ ﴿فَإِنَّ له نار جهنم خالدين فيها أبداً﴾ قال النبيُّ صلى اللهعليه واله يا علي أنت قسيمُ النَّارِ تَقُولُ هذا لي و هذا لك قالوا فمتى يكُونُ متى ما تعِدُنا يا محمّد مِن أمر علي والنار فأنزل الله تعالى ﴿حتى إذا رأوا ما يُوعدُون ﴾ يعني الموت والقيامة ﴿فسيعلمون﴾ يعني فُلاناً و فُلاناً و فُلاناً و مُعاوِية و عمرو بن العاص وأصحاب الضّغائِنِ مِن قُريش ﴿من أضعف ناصِراً و أقل عدداً﴾(1).(2)

93 - قال علي بن إبراهيم عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قوله تعالى ﴿ولا يصُدِّنّكُمُ الشَّيطانُ إِنَّهُ لكُم عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾(3) قال يعني الثّاني عن أمير المؤمنين عليه السلام.(4)

94 - عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام في قوله {إنّما أنا بشرٌ مِثْلُكُم } يعني فِي الخَلقِ أَنَّهُ مِثْلُهُم مخلوق { يُوحى إلي أنّما إِلَهُكُم إلة واحِدٌ فمن كان يرجُوا لِقاء ربه فليعمل عملا صالحاً ولا يُشرك بعبادة ربه أحداً } (5) قال لا يتَّخِذ مع ولاية آلِ مُحمدٍ ولاية غيرهم. ولايتهم العمل الصّالِحُ فمن أشرك بعبادة ربه فقد أشرك بولايتنا وكفربها وجحد أمير المؤمنين عليه السلام حقه و ولايته. قُلتُ قولُهُ { الَّذِين كانت أعيُنُهُم في غِطاءٍ عن ذِكرِي } قال يعني بالذكر ولاية علي عليه السلام و هو قولُهُ ذِكرِي قُلتُ قولُهُ ( لا يستطِيعُون سمعاً } قال كانوا لا يستطِيعُون إِذا ذُكِر على عِندهُم أن يسمعُوا ذكرهُ لِشِدّةِ بُغض له و عداوةٍ مِنهُم له ولأهلِ بيتِهِ قُلتُ قولُهُ {أَفَحَسِب الَّذِينَ كفرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبادِي مِن دُونِي أولياء إنا أعتدنا جهنّم لِلكافِرِين نُزُلًا }(6) قال يعنيهما و أشياعهما الَّذِينَ اتَّخذُوهُما مِن دُونِ اللهِ أولياء وكانوا يرون أنّهُم بِحُتِهِم إِيَّاهُما أَنَّهُما يُنجِيانِهِم

ص: 465


1- الجن : 23 و 24.
2- تفسير القمي 2 : 389 ، تفسیر فرات الكوفي : 511 و بحار الأنوار 33 : 162 ح 425 و 90:36.
3- الزخرف : 62.
4- بحار الأنوار 35 : 369.
5- الكهف: 110.
6- الكهف: 101 و 102 .

من عذابِ اللهِ و كانُوا بِحُتِهما كافِرِين قُلتُ قولُهُ إِنَّا أعتدنا جهنّم للكافِرِين نُزُلًا } أي منزلًا فهي لهما و لِأشياعِهِما عيدةً عِند اللهِ قُلتُ قولُهُ نُزُلًا قال مأوى و منزِلا (1)

95 - عن جعفر بن محمّدٍ عن أبيه عن آبائِهِ عليهم السلام قال: إذا كان يوم القيامة نادى مُنادٍ من بطنانِ العرش يا محمد يا عليُّ ﴿القِيا في جهنّم كُلّ كفّارٍ عنيد﴾(2) فهما الملقِيانِ فِي النَّارِ.(3)

96 - عن عبدِ اللهِ النّجاشِي قال سمعت أبا عبدِ اللهِ عليه السلام يقولُ: ﴿أُولئِكَ الَّذِين يعلمُ اللَّهُ ما في قُلُوبِهِم فأعرض عنهم وعظهم وقُل لهم في أنفُسِهِم قولا بليغاً﴾(4) يعني واللهِ فُلاناً وفُلاناً ﴿و ما أرسلنا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطاع بِإِذنِ الله﴾ إلى قولِهِ ﴿تواباً رحيماً﴾ يعني واللهِ النّبي وعلياً بما صنعُوا أي لو جاءوك بها يا علي فاستغفروا الله بما صنعُوا ﴿و استغفر لهُمُ الرَّسُولُ لوجدُوا الله توّاباً رحِيماً فلا و ربِّكَ لا يُؤْمِنُون حتَّى يُحكمُوك فيما شجر بينهم﴾(5) ثُمَّ قال أبو عبدِ اللهِ عليه السلام هو و اللهِ عليُّ بِعِينِهِ ﴿ثُمَ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِم حرجاً مِمّا قضيت﴾ على لسانك يا رسُول الله يعنِي بِهِ ولاية علي عليه السلام ﴿ويُسلّموا تسليما﴾ لعلي بن أبي طالب عليه السلام(6)

97 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن هذه الآية ﴿وَالَّذِين يدعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يخلُقُون شيئاً وهُم يُخلقون أموات غير أحياء وما يشعُرُون أيان يُبعثُونَ﴾(7) قالَ الَّذِين يدعُون مِن دُونِ اللَّهِ الأول والثاني والثَّالِثُ كَذَّبُوا رسُول الله صلى الله عليه وآله بقولِهِ والُوا عليّاً واتَّبِعُوهُ فعادوا عليّاً ولم يُوالُوهُ ودعوا الناس إلى ولاية أنفُسِهِم فذلك قولُ اللهِ ﴿والَّذِين يدعُون مِن دُونِ اللَّهِ﴾ قال و

ص: 466


1- تفسير القمي 2 : 47 ، البرهان في تفسير القرآن 3 : 685 و بحار الأنوار 24: 377
2- ق : 24.
3- بحار الأنوار 36 : 74 ح 27.
4- النساء : 63.
5- النساء : 64 و 65.
6- الكافي : 335 ح 526 ، تفسير العياشي 1 : 255 ح 182 ، البرهان في تفسير القرآن 2 :130 ح2523 ، بحار الأنوار 36 : 98 ح 37 و عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 559 ح 2.
7- النحل : 20 و 21.

أما قولُهُ ﴿لا يخلُقُون شيئاً﴾ فإِنَّهُ يعني لا يعبُدُون شيئاً ﴿وهُم يُخلقون﴾ فَإِنَّهُ يعني وهُم يُعبدون و أما قولُهُ ﴿أموات غيرُ أحياء﴾ يعني كُفَّارٌ غيرُ مُؤمِنِين و أما قولُهُ ﴿وَ ما يَشْعُرُون أيان يُبعثُون﴾ فإِنَّهُ يعني إِنّهم لا يُؤْمِنُون أَنهُم يُشرِكُون ﴿إلهكم إله واحِدٌ﴾ فَإِنَّهُ كما قال اللهُ وأمّا قولُهُ ﴿فَالَّذِين لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرة فإِنَّهُ﴾ يعني لا يُؤْمِنُون بِالرّجعة أنها حق وأمّا قولُهُ ﴿قُلُوبُهُم مُنكِرة﴾ فَإِنَّهُ يعني قُلُوبُهُم كافِرَةٌ وأما قولُهُ ﴿وهُم مُستَكبِرُون﴾ فَإِنَّهُ يعني عن ولاية علي عليه السلام مُستكبِرُون قال الله لمن فعل ذلك وعِيداً مِنهُ ﴿لا جرم أنّ الله يعلمُ مَا يُسِرُّون وما يُعلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ المستكبرين﴾(1) عن ولاية علي عليه السلام.(2)

98 - عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله ﴿إن الله يامُرُ بِالعدل والإحسان وإيتاء ذِي القُربى﴾ قال العدل شهادة أن لا إله إلّا الله والإحسانُ ولاية أمِيرِ المؤمِنين عليه السلام ﴿وينهى عن الفحشاء و المنكر﴾(3) الفحشاءُ الأول والمنكر الثاني والبغي الثَّالِثُ.(4)

99 - عن أبي ذر قال: لما نزلت هذِهِ الآيَةُ ( يوم تبيضُّ وُجُوهٌ و تسودُّ وُجُوهٌ } قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله يره عليّ أُمتي يوم القيامة على خمس راياتٍ فرايةٌ مع عِجل هذِهِ الأُمَّةِ فأسألهم ما فعلتُم بِالتّقلينِ مِن بعدِي فيقُولُون أما الأكبر فحرفناه ونبذناه وراء ظهورنا و الأصغر فعاديناه و أبغضناه وظلمناه فأقُولُ رِدُوا إِلى النّارِ ظِماء مُظمئِين مُسودَةً وُجُوهُكُم ثُمَّ تَرِدُ علي رايةٌ مع فرعونِ هذِهِ الأُمَّةِ فأقُولُ ما فعلتُم بِالتّقلينِ مِن بعدِي ِفيقُولُون أما الأكبر فحرفناه و مرقناه و خالفناه وأما الأصغر فعاديناه وقاتلنا فأقُولُ رِدُوا إلى النّارِ ظِماءٌ مُظمِئِين مُسودَةٌ وُجُوهُكُم ثُمَّ ترِدُ علي رايةٌ مع سامِرِي هذِهِ الأُمَّةِ فأقُولُ لهم ما فعلتُم بِالتّقلينِ مِن بعدِي فِيقُولُنَ أمّا الأكبرُ فعصيناه و تركناه و أما الأصغر فخذلناه وضيّعناهُ فأَقُولُ رِدُوا إِلى النَّارِ ظِماء مُظمِئِين مُسودةً

ص: 467


1- النحل : 22 و 23.
2- بحار الأنوار 36 : 103 ح 46.
3- النحل : 90.
4- تفسير القمي 1 : 388 ، بحار الأنوار 36 :180 ح 173 و 24 :190 ح 13 ، عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 548 ح 1 و البرهان في تفسير القرآن 449:3.

وُجُوهُكُم ثُمَّ تَرِدُ علي رايةُ ذِي التَّديّةِ مع أوّلِ الخوارج و آخِرِهِم فأسأهم ما فعلتُم بِالتّقلينِ مِن بعدِي فيقُولُون أما الأكبر فمرّقناه وبرئنا مِنهُ وأمّا الأصغر فقاتلناه وقتلناه فأقُولُ رِدُوا إِلى النَّارِ ظماء مُظمئِين مُسودَةٌ وُجُوهُكُم ثُمَّ ترِدُ عليّ رايةٌ مع إمام المتقين وسيد الوصيين و قائِدِ الغُرِ المحجلين ووصي رسُول ربّ العالمين فأقُولُ لهم ما ذا فعلتُم بِالتّقلينِ مِن بعدي فيقولون أما الأكبر فاتبعناه وأطعناه وأما الأصغر فأحببناه و والينا و وازرنا و نصرنا حتى أُهريقت فيهم دِماؤُنا فأقُولُ رِدُوا الجنّة رواءً مروتين مُبيضٌةً وُجُوهُكُم ثُم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله { يوم تبيضُ وُجُوهٌ و تسودُّ وُجُوهٌ } إلى قولِهِ ( ففي رحمتِ اللَّهِ هُم فِيهَا خَالِدُون } . (1).(2)

100 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام قال : لما أمر الله نبيّه أن ينصب أمير المؤمنين عليه السلام لِلنَّاسِ في قوله ﴿يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بلّغ ما أُنزِل إليك مِن رَبِّكَ﴾(3) فِي علي بِغدِيرِ خُم فقال من كُنتُ مولاه فعلي مولاه فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر و حثوا التُّراب على رُءُوسِهم فقال لهم إبليس ما لكُم فقالوا إن هذا الرجل قد عقد اليوم عُقدةٌ لا يحلُّها شيء إلى يوم القِيامَةِ فقال لهُم إِبْلِيسُ كَلَّا إِنَّ الَّذِين حوله قد وعدُونِي فِيهِ عِدةً لن يُخلِفُونِي فأنزل الله على رَسُولِهِ ﴿ولقد صدق عليهم إبليس ظنه﴾(4) الآية.(5)

101 - عن زيد الشّحّام قال: دخل قتادة بن دعامة على أبي جعفر عليه السلام، وسأله عن قوله عزّو جل: ﴿ولقد صدق عليهم إبليس ظنّه فاتَّبِعُوهُ إِلَّا فرِيقاً مِن المؤمِنِين﴾(6)، قال: «لما أمر الله نبيه أن ينصب أمير المؤمنين عليه السلام للناس، وهو قوله: ﴿يا أيُّها الرَّسُولُ بلّغ ما أُنزِلَ إِليكَ مِن رَبِّكَ﴾ في علي ﴿وإن لم

ص: 468


1- آل عمران: 106 و 107
2- تفسير القمي 1: 109 إثبات الهداة 3: 145 ح 608 ، بحار الأنوار 346 : 37 ح 3 و البرهان في تفسير القرآن 1:675 ح1881
3- المائدة : 67.
4- سبأ : 20.
5- تفسير القمي 2 :201: ، مشارق أنوار اليقين : 126، بحار الأنوار 37 : 119 ح 9 و 30 : 276 ح 148 و 36 : 66 و البرهان في تفسير القرآن 4 : 375 ح 8426.
6- سأ : 20.

تفعل فما بلغت رسالته﴾(1) أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام يوم غدير خُمّ، وقال: من من كنت مولاه فعلي مولاه، حثتِ الأبالسةُ التُّراب على رؤوسها، فقال لهم إبليس الأكبر: ما لكم ؟ قالُوا: قد عقد هذا الرّجلُ اليوم عُقدةً لا يحلّها إنسي. إلى يوم القيامة. فقال لهم إبليس كلا، إن الذين حوله قد وعدوني فيه عدة، ولن يُخلفوني فيها. فأنزل الله سبحانه هذه الآية: ﴿ ولقد صدق عليهم إبليس ظنّهُ فَاتَّبِعُوهُ إِلَّا فرِيقاً مِن المؤمِنِين﴾(2) يعني شيعة أمير المؤمنين علیه السلام».(3)

102 - عن جعفر بن محمّدٍ الخُزاعِي عن أبيه سمِعتُ أبا عبدِ اللهِ عليه السلام يقُولُ لَمَّا قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله ما قال في غدِيرِخُمّ وصاروا بالأخبية مر المقداد بجماعةٍ مِنهُم وهُم يَقُولُون واللهِ إِن كُنا أصحاب كسرى و قيصر لكنا في الخز و الوشي و الديباج والنساجات وإنا معه في الأخشنين نأكُلُ الخشن ونلبس الخشن حتى إذا دنا موتُهُ وفنيت أيامه و حضر أجله أراد أن ليها عليّاً مِن بعدِهِ أما والله ليعلمن قال فمضى المقداد وأخبر النبي صلى الله عليه وآله به فقال الصلاة جامعةً قال فقالُوا قد رمانا المقداد فنقُومُ نحلِفُ عليهِ قال فجاءوا حتى جثوا بين يديهِ فقالُوا بِآبائنا و أُمهاتنا يا رسُول الله لا والذي بعثك بالحق والَّذِي أكرمك بِالنُّبُوَّةِ ما قُلنا ما بلغك لا والذي اصطفاك على البشر قال فقال النّبيُّ صلى الله عليه وآله بسم الله الرّحمنِ الرَّحِيمِ ﴿يحلِفُون بِاللهِ ما قالُوا ولقد قالُوا كلمة الكفر و كفرُوا بعد إسلامهم و وهموا بِك﴾ يا محمد ليلة العقبة ﴿و ما نقمُوا إِلَّا أَن أغناهُمُ اللهُ و رَسُولُهُ مِن فَضلِهِ﴾(4) كان أحدُهُم يبيعُ الرُّءُوس وآخرُ يبيعُ الكُراع وينقُلُ القرامِل فأغناهُمُ اللهُ بِرَسُولِهِ ثُمَّ جعلوا حدهُم وحديدهم عليهِ قال أبانُ بنُ تغلب عنه عليه السلام لما نصب رسُولُ الله صلى الله عليه وآله عليّاً عليه السلام يوم غدِيرِ خُةٍ فقال من كُنتُ مولاه فعلي مولاه ضمّ رجُلانِ مِن قُريش رُءُوسها و قالا واللهِ لَا نُسلّمُ لَهُ ما قال أبداً فأُخبِر النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله فسألهم عما قالا فكذبا وحلفا بالله ما قالا شيئاً فنزل جبرئيل على

ص: 469


1- المائدة : 67.
2- سبأ : 20.
3- تأويل الآيات :464 والبرهان في تفسير القرآن 519:4 ح 8779.
4- التوبة : 74.

رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله ﴿يحلِفُون بِاللهِ ما قالوا﴾ الآية قال أبو عبد الله عليه السلام لقد تولّيا و ما تابا.(1)

103 - عن عُمر بن زائدة ، قال : كُنَّا عِند حبيب بن أبي ثابِتٍ، قال بعضُ القومِ: أَبُو زُريقٍ أفضلُ مِن علي، فغضب حبيبٌ ثُمّ قام قائماً، فقال: واللهِ الَّذِي لا إِله إِلَّا هُو لَفِيهِمَا: ﴿الظَّائِينَ بِاللَّهِ ظَنّ السوء عليهم دائرة السوء و غضب الله عليهم ولعنهم﴾(2).. الآية .(3)

104 - شرف الدين النجفي قال : قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى: ﴿علمت نفس ما قدمت و أخرت﴾(4): نزلت في الثاني، يعني ما قدّمت من ولاية أبي فلانٍ و من ولاية نفسه و ما أخرت من ولاة الأمر من بعدِهِ.. إلى قوله: ﴿بل تُكذِّبُون بِالدِّينِ﴾(5)، قال : الولاية.(6)

أقول: ما وجدت الرواية في تفسير علي بن إبراهيم مع أن السيد شرف الدين رواها من نفس المصدر و ربما كانت موجودة في النسخة التي كانت عند السيد والله أعلم.

105 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام ، في قول الله تبارك و تعالى ﴿ربنا أرنا الذين أضلّانا مِن الجِنِّ و الإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين﴾(7) قال : هُما ، ثُم قال: وكان فلان شيطاناً.(8)

106 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قول الله تبارك وتعالى: ﴿ربنا أرنا الذين أضلانا مِن الجِنِ و الإِنسِ نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين﴾(9) قال: يا سورةُ! هما واللهِ هُما .. ثلاثاً، والله يا سورةُ : إِنَّا مُخزّانُ عِلمِ اللهِ فِي السّماءِ و إِنَّا مُخْزَانُ عِلمِ اللهِ فِي الأَرْضِ.(10)

ص: 470


1- تفسير العیاشی 2: 100 و البرهان فی تفسیر القرآن 2 : 818 ح 4639 و بحار الأنوار 37 : 154 ح 38.
2- الفتح 6.
3- بحار الأنوار 30 : 390.
4- الإنفطار : 5.
5- الإنفطار : 9.
6- تأويل الآيات : 746 ، بحار الأنوار 30 : 331 ح 154 و البرهان في تفسير القرآن 5 :602.
7- فصلت : 29.
8- الكافي 334:8 ح 523 ، بحار الأنوار 30 :270 ح 139 ، و البرهان في تفسير القرآن 786:4.
9- فصلت : 29.
10- الكافي 8 :334 ح 524 ، بحار الأنوار 140270:30 و البرهان في تفسير القرآن 786:4 ح 9425.

107 - سُئِل الصّادِقُ عليه السلام عن قوله تعالى ﴿و قال الَّذِين كفروا ربنا أرنا الَّذِينِ أضلانا مِن الجِنِّ و الإنس﴾(1) قال هما هما .(2)

108 - عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى ﴿أرنا الذين أضلانا مِن الجِنِّ وَالإِنسِ﴾ هُم الأول والثاني.(3)

109- عن الحسين الجمال، قال: حملتُ أبا عبدِ الله عليه السلام من المدينة إلى مكة، فلما بلغ غدير خُم نظر إلي وقال: هذا موضعُ قدمِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله حين أخذ بيد علي عليه السلام ، وقال: من كُنتُ مولاه فعلي مولاه، و كان عن يمين الفسطاط أربعة نفرِ مِن قُريشٍ سَماهُم لِي، فَلَمَّا نظرُوا إليه وقد رفع يده حتى بان بياضُ إِبطيهِ، قال: انظُرُوا إِلى عينيه قد انقلبتا كأنهما عينا مجنُونٍ، فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال: اقرأ: ﴿وإن يكادُ الّذين كفروا﴾(4).. الآية، والذكرُ: علي بن أبي طالب عليه السلام . فقُلتُ: الحمد لله الذي أسمعني هذا منك. فقال: لولا أنك جمالي لما حدثتك بهذا، لأنك لا تُصدّق إذا رويت عنِّي.(5)

110 - عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ﴿إذ يُبيِّتُون ما لا يرضى من القول﴾(6) قال: فلانٌ وفُلانٌ و فلان وأبو عبيدة بن الجراح.(7)

111 - عن سليمان الجعفري قال سمعت أبا الحسن عليه السلام يقُولُ في قول الله تبارك وتعالى ﴿إذ يُبيِّتُون ما لا يرضى مِن القولِ﴾ قال يعني فُلاناً و فُلاناً وأبا عُبيدة بن الجراح.(8)

112 - عن أبي عبدِ اللهِ فِي قوله: ﴿يا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبطِلُوا صدقاتكم بالمن والأذى﴾... إلى

ص: 471


1- فصلت : 29.
2- بحار الأنوار 11 : 243 ح 35.
3- الصراط المستقيم 3 : 39.
4- القلم : 51.
5- روضة المتقين 93:2 ، تأويل الآيات : 688 و بحار الأنوار 30 :259 ح 122.
6- النساء : 108.
7- بحار الأنوار 30 : 216 ح 80 و البرهان في تفسير القرآن 2 :171 ح 2730.
8- الكافي ج 8 : 334 ح 525 ، بحار الأنوار 30 : 271 ح 141 ، تفسير الصافي 1 : 399 ، البرهان في 171 ح 2729 و تفسير العياشي 275:1 ح 268.

قوله: ﴿لا يقدِرُون على شيءٍ مِمّا كسبوا﴾(1) قال صفوانُ : أي حجرو الَّذِين يُنفِقُون أموالهم رِئاء النّاسِ(2)؟ . قال : فُلانٌ وفُلانٌ وفُلانٌ ومُعاوِيةُ وأشياعُهُم.(3)

113 - قرأ أبو عبدِ اللهِ عليه السلام : ﴿هذِهِ جهنّمُ الَّتِي كُنتُما بِها تُكَذِّبان﴾، تصليانها لا تموتان فيها ولا تحييان، يعني الأولين. وقوله: ﴿يطوفون بينها و بين حميم آن﴾(4) قال: هما أَنِينٌ فِي شِدّةِ حرّها.(5)

114 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قوله: ﴿ذرني و من خلقت وحيداً﴾، قال : الوحيد: ولد الزنا، وهو زفر، ﴿و جعلتُ له مالا ممدوداً﴾ قال : أجلًا إلى مُدّةٍ ﴿و بنين شُهُوداً﴾ قال: أصحابُهُ الَّذِين شهِدُوا أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله لا يُورث ﴿و مهَدتُ لهُ تمهيداً مُلكهُ الَّذِي ملك مهْدتُ لهُ ﴿ثُمّ يطمعُ أن أزيد كلّا إِنَّهُ كان لآياتنا عنياً﴾ قال: لولاية أمير المؤمنين عليه السلام جاحِداً، عائِداً لِرَسُولِ اللهِ صلى الله علي وله فيها ﴿سأُرهقه صعُوداً إِنَّهُ فكر و قدر﴾ فكّر فيما أُمِربِهِ مِن الولاية، وقدّر إن مضى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أَن لا يُسلّم لِأمير المؤمنين عليه السلام البيعة الّتي بايعه بها على عهدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله ﴿فقُتِل كيف قدّرثُمّ قُتِل كيف قدر﴾ قال : عذاب بعد عذابِ يُعذِّبُهُ القائِمُ علیه السلام ، ثُم نظر إلى النبي صلى الله علي وآله و أمير المؤمنين صلوات الله عليه ف ﴿عبس وبسر﴾ ما أُمِربه ﴿ثم أدبر و استكبر فقال إن هذا إِلَّا سِحرٌ يُؤثر﴾ قال زُفَرُ: إِنَّ النَّبِيِّ سحر الناس لعلي، ﴿إن هذا إِلَّا قَولُ البَشَرِ﴾ أي ليس هو وحيّ مِن الله عزّوجل ﴿سأُصليه سقر﴾(6) .... إلى آخر الآية نزلت فيه.(7)

115 - قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿ليحمِلُوا أوزارهم كاملة يوم القيامةِ و مِن أوزارِ الَّذِين يُضِلُّونهُم بِغَيرِ عِلمٍ﴾(8) قال: يعني يحمِلُون آثامهم يعني الَّذِين غصبوا أمير المؤمِنِين عليه السلام و آثام

ص: 472


1- البقرة : 264.
2- النساء : 38.
3- تفسير العياشي 1 : 148 ح 484 و بحار الأنوار 214:30 ح 75 6 .
4- الرحمن : 44.
5- بحار الأنوار 30 : 175 ح 33.
6- المدثر : 11 الى 26.
7- تفسير القمي 2 : 395 و بحار الأنوار 30 : 168.
8- النحل : 25.

كل من اقتدى بهم، وهو قولُ الصّادِقِ صلوات الله عليه والله ما أُهريقت يحجمةٌ مِن دم، ولا قُرِعت عصا بعصاً، ولا غُصب فرج حرام، ولا أُخِذ مال من غيرِ حِلِّهِ، إِلَّا وَ وِزِرُدْلِكَ فِي أَعناقهما مِن غير أن ينقص من أوزار العالمين شيء.(1)

116 - قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿ويوم يعض الظالم على يديهِ﴾. قال: الأول ﴿يقُولُ يا ليتني اتَّخذتُ مع الرّسُولِ سبيلا﴾. وقال أبو جعفر عليه السلام : يقُولُ ﴿يا ليتني اتَّخذتُ مع الرَّسُولِ﴾ عليّاً ولياً، ﴿يا ويلتى ليتني لم أتَّخِذ فُلاناً خليلا﴾ يعني الثّاني: ﴿لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني﴾ يعني الولاية ﴿وكان الشَّيطانُ﴾ و هو الثَّانِي ﴿لِلإِنسانِ خِذُولا﴾.(2)و(3)

117 - عن الأصبغ بن نباتة ، أنه سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن قول الله: ﴿أن اشكرلي و لوالديك إلي المصير﴾، فقال: الوالِدانِ اللذانِ أوجب الله لهما الشُّكرهُما اللذان ولدا العِلم، وورنا الحكم، و أمرا [أمر النّاس بطاعتهما. ثُمّ قال: «إلي المصير»، فمصير العِبادِ إِلى اللهِ، والدليل على ذلك الوالِدانِ ، ثُمّ عطف القول على ابن حنتمة وصاحِبِهِ ، فقال في الخاص: ﴿وإن جاهداك على أن تُشرك بي﴾. يقُولُ في الوصيّة وتعدل عمن أمرتُ بِطاعَتِهِ فلا تُطِعهما ولا تسمع قولهما، ثم عطف القول على الوالدين وقال: ﴿وصاحبهما في الدُّنيا معرُوفاً﴾ يَقُولُ: عَرِفِ الناس فضلهما وادع إلى سبيلهما، وذلك قوله: ﴿واتبع سيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم﴾(4) فقال: إلى اللهِ ثُم إلينا، فاتَّقُوا الله ولا تعصوا الوالدين، فإن رضاهما رضا الله ، و سخطهما سخط الله.(5)

118- قال عليُّ بنُ إبراهيم في قوله: ﴿يوم تُقلّبُ وُجُوهُهُم في النّارِ﴾ فَإِنَّهَا كِنايةٌ عَنِ الَّذِين غصبُوا آل محمّد حقهم: ﴿يقُولُون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا﴾ يعني في أمير المؤمنين عليه السلام : ﴿و قالُوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلُّونا السبيلا﴾. وهُما رجُلانِ، والسادة و : الكبراء هُما أوّل

ص: 473


1- طرف من الأنباء والمناقب : 477 ، البرهان في تفسير القرآن 412:3 ح 6002 و بحار الأنوار 30 : 149 ح4.
2- الفرقان 27 الی 29.
3- تفسير القمي 113:2 ، بحار الأنوار 30 : 149 ح 5 و البرهان في تفسير القرآن 131:4 ح 7783 و 7784.
4- لقمان : 14 و 15.
5- بحار الأنوار 30 :150 ح 6.

من بدأ بِظُلمِهِم وغصبهم . قوله: فأضلُّونا السبيلا. أي طريق الجنّة، والسبيل: أمير المؤمنين عليه السلام . ثُمَّ يَقُولُون ﴿ربنا آتِهِم ضعفين من العذابِ والعنهم لعناً كبيراً﴾.(1)و(2)

119 - عن هاشِمِ بنِ عمّارٍ يرفعُهُ فِي قوله ﴿أفمن زُيّن لهُ سُوءُ عملِهِ فرآه حسناً فإِنّ الله يُضِلُّ من يشاءُ ويهدي من يشاءُ فلا تذهب نفسك عليهم حسراتٍ إنّ الله عليمٌ بِما يصنعون﴾(3) قال : نزلت في زريق و حبتر.(4)

120 - علي بن إبراهيم في قوله تعالى ﴿و أقبل بعضُهم على بعض يتساءلُون قالُوا إِنَّكُم كُنتُم تأتوننا عن اليمين﴾ يعني فُلاناً و فُلاناً، ﴿قالُوا بل لم تكُونُوا مُؤْمِنِين﴾.(5)و(6)

121 - علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿إذا ذُكر الله وحده اشمأزت قُلُوبُ الَّذِين لا يُؤْمِنُون بالآخرة﴾(7) نزلت في فلان و فلان.(8)

122- عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام ﴿و من يُرد فِيهِ بِإلحادٍ بِظُلم﴾(9) قال عليه السلام نزلت فيهم حيث دخلوا الكعبة فتعاهدوا وتعاقدوا على كُفْرِهِم وجُحُودِهِم بِما نُزِل في أمير المؤمنين عليه السلام فألحدوا في البيتِ بِظُلمِهِمُ الرَّسُول و ولِيّه ﴿فبُعداً للقومِ الظَّالِمين﴾(10)و(11)

ص: 474


1- الأحزاب : 66 الى 68.
2- تفسير القمي 2 :190 ، بحار الأنوار 30 : 152: ح 7 و البرهان في تفسير القرآن 496:4.
3- فاطر : 8.
4- بحار الأنوار 30 : 153 ح 8 و البرهان في تفسير القرآن 4 : 538 ح 8824.
5- الصافات : 27 الی 29.
6- تفسير القمي ج 2 : 222 و بحار الأنوار 30 : 153 ح 9.
7- الزمر : 45.
8- تفسير القمي 2 : 250 و بحار الأنوار 30 : 155 ح 12.
9- الحج : 25.
10- المومنون : 41.
11- بحار الأنوار 23 : 376 ح 59 و البرهان في تفسير القرآن 3 : 869 ح 7273 وإثبات الهداة ج3 :8 ح 20.

123- علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿الذين يحمِلُون العرش﴾ قال: يعني رسول الله صلى الله عليه وآله والأوصياء مِن بعدِه يحمِلُون عِلم الله ﴿و من حوله﴾ يعني الملائكة ﴿يُسبِّحُون بحمدِ ربِّهم و يُؤْمِنُون بِه و يستغفِرُون لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ يعني شيعة آلِ محمّد ربّنا ﴿وسعت كُلّ شيءٍ رحمةً و عِلماً فاغفِرلِلَّذِين تابوا﴾ من ولاية فُلانٍ وفُلانٍ وبني أُميّة ﴿واتَّبَعُوا سبيلك﴾ أي ولاية ولي الله ﴿و قهم عذاب الجحِيمِ ربّنا وأدخلهم جنّاتِ عدنٍ الَّتِي وعدتهم و من صلح من آبائهم وأزواجهم و ذُرِّيَاتِهِم إِنك أنت العزِيزُ الحَكِيمُ﴾ يعني من تولّى عليّاً عليه السلام فذلك صلاحُهُم ﴿وقِهِمُ السيِّئاتِ ومن تقِ السَّيِّئاتِ يومئِذٍ فقد رحمته﴾ يعني يوم القيامة ﴿وذلك هو الفوز العظيم﴾ لمن نجاه الله من ولاية فلان و فلانٍ ثُمّ قال ﴿إن الذين كفرُوا﴾ يعني بنِي أُميّة ﴿يُنادون لمقتُ اللَّهِ أكبرُ من مقتِكُم أنفُسكم إذ تُدعون إلى الإيمان﴾ يعني إلى ولاية علي عليه السلام ﴿فتكفُرُون﴾.(1)و(2)

124 - عن جابر بن يزيد قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عن قول الله عزّوجل ﴿الَّذِين يحمِلُون العرش و من حوله﴾ قال يعني الملائكة ﴿يُسبِّحُون بحمدِ ربِّهِم﴾... ﴿ويستغفِرُون لِلَّذِينَ آمَنُوا﴾ يعني شيعة محمّدٍ وآلِ محمّد ربّنا ﴿وسعت كُلّ شيءٍ رحمةً و عِلماً فاغفِر لِلَّذِينَ تَابُوا﴾ مِن ولاية الطواغيت الثلاثةِ ومن بني أُميّة ﴿واتَّبَعُوا سبيلك﴾ يعني ولاية علي عبد السلام و هو التسبيل وقوله تعالى ﴿وقِهِمُ السَّيِّئاتِ﴾ يعني الثلاثة ﴿و من تقِ السَّيِّئاتِ يومئِذٍ فقد رحمته﴾ وقوله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِين كفروا﴾ يعني بني أُميّة ﴿يُنادون لمقتُ اللهِ أكبرُ مِن مقتِكُم أَنفُسِكُم إِذ تُدعون إلى الإيمان﴾ يعني إلى ولاية علي عليه السلام و هي الإيمان ﴿فتكفُرُون﴾.(3)و(4)

125 - قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى ﴿يوم ندعُوا كُل أُناسٍ بِإِمامهم﴾(5) قال ذلك يوم القيامةِ يُنادِي مُنَادٍ لِيقُم أبوبكر و شِيعَتُهُ وعُمرُو شِيعتُهُ وعُثمانُ وشِيعتُهُ وعلي وشيعته.(6)

ص: 475


1- غافر : 7 الى 10.
2- تفسير القمي 2 : 255 و بحار الأنوار 24 : 89 ح 5.
3- غافر: 7 و 9 و 10.
4- تفسير القمي 2 255: ، بحار الأنوار 24 : 208 ح 1 ، تأويل الآيات : 518 و البرهان في تفسير القرآن 4 : 749 ح 9326.
5- الإسراء : 17.
6- تفسير القمي 23:2 وبحار الأنوار 24 : 265 ح 26.

126 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قولهِ ﴿فَلَمّا رأوهُ زُلفةً سيئت وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيل هذا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدْعُونَ﴾ قال هذِهِ نزلت في أمِيرِ المؤمِنِين وأصحابِهِ وَالَّذِين عمِلُوا ما عمِلُوا يرون أمير المؤمنين عليه السلام في أغبط الأماكن لهم فيُسيءُ وُجُوهَهُم ويُقالُ لهُم ﴿هذا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدْعُون﴾(1) الَّذِي انتحلتُم اسمه.(2)

127 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قول الله عزّوجل ﴿ما يكُونُ مِن نجوى ثلاثَةٍ إِلَّا هُو رابِعُهُم ولا خمسة إِلَّا هُو سادِسُهُم ولا أدنى مِن ذلك ولا أكثر إلّا هُو معهم أين ما كانُوا ثُمَّ يُنبِّئُهُم بِما عَمِلُوا يوم القيامةِ إِنَّ الله بِكُلِّ شيءٍ عَلِيمٌ﴾(3) قال نزلت هذِهِ الآيَةُ فِي فُلانٍ وفُلانٍ وأَبِي عُبيدة بنِ الجراح و عبد الرحمن بن عوف و سالم مولى أبي حذيفة والمغيرة بن شعبة حيث كتبوا الكِتاب بينهم وتعاهدوا وتوافقوا لئِن مضى مُحمّدٌ لا يَكُونُ الخِلافةُ في بني هاشِمٍ ولا النُّبُوةُ أبداً فأنزل الله عزّ و جلّ فِيهِم هذِهِ الآية قال قُلتُ قوله عزّو جل ﴿أم أبرمُوا أَمراً فَإِنَّا مُبرِمُون أم يحسبُونَ أَنَّا لا نسمعُ سِرّهُم و نجواهم بلى و رُسُلُنا لديهم يكتبون﴾(4) قال وهاتان الآيتان نزلتا فيهم ذلك اليوم قال أبو عبدِ اللهِ عليه السلام لعلك ترى أنه كان يومٌ يُشبِهُ يوم كتبِ الكِتابِ إِلا يوم قتل الحسين عليه السلام و هكذا كان في سابِقِ عِلمِ الله عزّوجل الَّذِي أعلمهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أَن إذا كتب الكِتابُ قُتِل الحسين عليه السلام وخرج الملك من بني هاشم فقد كان ذلِكَ كُلُّهُ قُلتُ ﴿وإن طائِفتانِ مِن المؤمِنِين اقتتلوا فأصلِحُوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأُخرى فقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حتّى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلِحُوا بينهما بالعدل﴾(5) قال الفِئَتانِ إِنما جاء تأْوِيلُ هَذِهِ الآية يوم البصرة وهُم أهل هذِهِ الآيَةِ وهُمُ الَّذِين بغوا على أمير المؤمنين عليه السلام فكان الواجب عليهِ قِتالهم وقتلهم حتى يفِيتُوا إلى أمر الله ولو لم يفيتُوا لكان الواجِبُ عليه فيما أنزل الله أن لا يرفع السيف عنهم حتى يفيئُوا و

ص: 476


1- الملک : 27.
2- بحار الأنوار 24 : 268 ح 36 وإثبات الهداة 3 : 11 ح 37.
3- المجادلة : 7.
4- الزخرف : 79 و 80.
5- الحجرات : 9.

يرجِعُوا عن رأيهم لأنهم بايعوا طائعين غير كارِهِين وهِي الفِئةُ الباغيةُ كما قال الله عزّوجلّ فكان الواجِبُ على أمير المؤمِنِين عليه السلام أن يعدل فيهم حيثُ كان ظفر بهم كما عدل رسُولُ اللهِ صلى اله عليه وآله في أهل مكة إنّما من عليهم وعفا وكذلك صنع أمير المؤمنين عليه السلام بأهل البصرة حيث ظفربهم مثل ما صنع النبيُّ صلى الله عليه واله بأهل مكة حذو النّعلِ بِالنّعل قال قُلتُ قوله عزّو جل ﴿و المؤتفكة أهوى﴾(1) قال هم أهل البصرة هي المؤتفكةُ قُلتُ ﴿والمؤتفِكاتِ أنتهُم رُسُلُهُم بِالبيِّنات﴾(2) قال أُولئِكَ قومُ لُوطٍ انتفكت عليهم(3).

128- عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قولهِ ﴿إنّما أنا بشرٌ مِثْلُكُم﴾ يعني في الخلقِ أَنَّهُ مِثْلُهُم مخلوق ﴿يُوحى إليّ أنّما إِلهُكُم إِلهُ َواحِدٌ فمن كان يرجُوا لِقاء ربِّهِ فليعمل عملا صالحاً ولا يُشرك بِعِبادة ربه أحداً﴾(4) قال لا يتَّخِذ مع ولايةِ آلِ محمّدٍ غيرهم ولايتهم العمل الصّالِحُ فمن أشرك بعبادة ربّهِ فقد أشرك بولايتنا وكفربها وجحد أمير المؤمنين عليه السلام حقه و ولايتهُ قُلتُ قولُهُ ﴿الَّذِين كانت أعيُنُهُم في غطاء عن ذكري﴾ قال يعني بِالذِكرِ ولاية علي عليه السلام وهو قولُهُ ذِكرِي قُلتُ قولُهُ ﴿لا يستطِيعُون سمعاً﴾ قال كانوا لا يستطِيعُون إِذا ذُكِر عليَّ عِندهُم أن يسمعُوا ذكرهُ لِشِدّةِ بُغض لهُ و عداوةٍ مِنهُم له ولأهل بيتِهِ قُلتُ قولُهُ ﴿أ فحسب الَّذِين كفروا أن يتَّخِذُوا عِبادِي مِن دُونِي أولياء إنا أعتدنا جهنّم للكافِرِين نُزُلًا﴾(5) قال يعنِيهِما وأشياعهما الَّذِين اتَّخذُوهُما مِن دُونِ اللهِ أولياء وكانوا يرون أنهم بِحُتِهِم إِيَّاهُما أَنْهُما يُنجِيانِهِم مِن عذابِ اللهِ و كانُوا بِحُتِهما كافِرِين قُلتُ قوله ﴿إنا أعتدنا جهنّم للكافِرِين نُزُلًا﴾ أي منزِلا فهي لهما و لِأشياعِهِما عتيدةً عِند اللهِ قُلتُ قولُهُ نُزُلًا قال مأوى و منزِلاً.(6)

129- عن جابر الجعفي قال أبو جعفر عليه السلام لم سميت يوم الجمعة يوم الجمعة قال قُلتُ تُخْبِرُنِي جعلني الله فداك قال أفلا أُخبِرُك بتأويله الأعظم قال قُلتُ بلى جعلني الله فداك فقال يا جابِرُ سمى الله الجمعة جمعةً لأن الله عزّو جلّ جمع في ذلك اليوم الأولين والآخرين وجميع ما خلق الله من الجن والإنس وكُلّ شيءٍ خلق ربُّنا و السّماواتِ والأرضين والبحار والجنّة والناروكُلّ شيء خلق الله في الميثاق فأخذ الميثاق مِنهُم لَهُ بِالرُّبُوبِيِّةِ ولِمحمد صلى الله عليه واله بالنُّبُوَّةِ ولِعلي عليه السلام

ص: 477


1- النجم : 53.
2- التوبة 70.
3- الكافي :180 ، تأويل الآيات : 646 و بحار الأنوار 24 : 365 ح 92.
4- الكهف : 110.
5- الكهف : 101 و 102.
6- بحار الأنوار 24 : 377 ح 104.

بالولاية وفي ذلك اليوم قال الله لِلسّماواتِ والأرض ﴿ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين﴾(1) فسمّى الله ذلك اليوم الجمعة لِجَمعِهِ فِيهِ الأولين والآخِرِين ثُمَّ قال عزّوجل يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِي لِلصّلاةِ مِن يومِ الجمعةِ مِن يومِكُم هذا الَّذِي جمعكُم فِيهِ والصَّلاةُ أَمِيرُ المؤمنين عليه السلام يعني بِالصّلاة الولاية وهي الولايةُ الكُبرى ففي ذلك اليومِ أُتتِ الرُّسُلُ والأنبياءُ والملائكة وكُلُّ شيءٍ خلق الله والتّقلانِ الجن والإنس والسماوات والأرضُون والمؤمِنُون بِالتّلبِيةِ لله عزّ و جلّ فامضُوا إِلى ذِكرِ اللهِ وذِكرُ اللهِ أمير المؤمِنِين و ذرُوا البيع يعني الأول ذلِكُم يعني بيعة أمير المؤمنين عليه السلام و ولايته خير لكُم مِن بيعةِ الأُولِ وولايَتِهِ إِن كُنتُم تعلمون فإِذا قُضِيتِ الصَّلاةُ يعني بيعة أمير المؤمنين عليه السلام فانتشروا في الأرض يعني بالأرض الأوصياء أمر اللهُ بِطاعَتِهم وولايتهم كما أمر بطاعةِ الرّسُولِ وطاعة أمير المؤمنين كنّى الله في ذلك عن أسمائهم فسمّاهُم بِالأرضِ و ابتغوا فضل الله قال جابر و ابتغوا من فضل الله قال تحريف هكذا نزلت و ابتغوا فضل الله على الأوصياء واذكُرُوا الله كثيراً لعلّكُم تُفْلِحُونَ ثُمَّ خاطب الله عزّوجل في ذلك الموقف محمّداً صلى الله عليه وآله فقال يا محمد إذا رأوا الشُّكَاكُ والجاحِدُون تجارةً يعني الأول أو لهواً يعني الثاني انصرفُوا إليها قال قُلتُ انفضُّوا إليها قال تحريف هكذا نزلت و تركوك مع علي قائِماً قُل يا محمد ما عِند الله من ولاية علي والأوصياء خير من اللهو و مِن التِّجارة يعني بيعة الأولِ والثَّانِي لِلَّذِين اتقوا قال قُلتُ ليس فيها لِلَّذِين اتقوا قال فقال بلى هكذا نزلت وأنتُم هُمُ الذين اتقوا ﴿و اللهُ خيرُ الرّازِقِين﴾.(2)و(3)

130 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قوله تعالى ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ لِم تُحرِّمُ ما أحل الله لك﴾(4) الآية قال اطلعت عائشة وحفصة على النبي صلى الله عيه وآله و هو مع مارية فقال النَّبِيُّ والله ما أقربُها فأمره

ص: 478


1- فصلت : 11.
2- الجمعة : 9 الي 11.
3- الإختصاص : 129 ، غاية المرام 4 : 242 ، بحار الأنوار 24 : 399 ح 126 و البرهان في تفسير القرآن 5 :379 ح10783.
4- التحريم : 1.

الله أن يُكفِّر عن يمينه. وقال علي بن إبراهيم كان سبب نُزُولِها أَنّ رسُول اللَّهِ كَان في بعض بُيُوتِ نِسائِهِ وكانت مارِيةُ القِبطِيّةُ تكُونُ معهُ تخدمُهُ وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسُولُ الله صلى الله عليه وآله مارية فعلمت حفصة بذلك فغضبت و أقبلت على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فقالت يا رسُول الله هذا في يومي و في داري و على فراشي فاستحيا رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله منها فقال كُنّي فقد حرمت مارية على نفسي ولا أطوها بعد هذا أبداً و أنا أُفضي إليكِ سِراً فإن أنتِ أخبرتِ بِهِ فعليكِ لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فقالت نعم ما هو فقال إِن أبا بكريلي الخلافة بعدِي ثُم بعده أبوك فقالت من أخبرك بهذا قال الله أخبرني فأخبرت حفصة عائشة في يومها بذلك وأخبرت عائشة أبا بكر فجاء أبوبكر إلى عُمر فقال له إنّ عائشة أخبرتني عن حفصة بشيءٍ ولا أثق بقولها فاسأل أنت حفصة فجاء عُمرُ إِلى حفصة فقال لها ما هذا الَّذِي أخبرت عنكِ عائشة فأنكرت ذلك وقالت له ما قُلتُ لها مِن ذلك شيئاً فقال لها عُمرُ إن كان هذا حقاً فأخبرينا حتى نتقدم فيه فقالت نعم قد قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله ذلِك فاجتمعُوا أربعةً على أن يسمُّوا رسُول الله صلى اله عليه وآله فنزل جبرئيل على رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله بِهذِهِ السُّورة.(1)

131 - عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّوجل ﴿وإذ أسر النّبِيُّ إِلى بعض أزواجه حديثاً﴾(2) قال أسرّ إليهما أمر القبطِيّةِ وأسر إليهما أن فلان وفلان بليان أمر الأُمة من بعده ظالمين فاجرين غادرين.

132 - علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿طسم تلك آياتُ الكِتابِ المبِينِ﴾(3) ثُم خاطب نبيّه صلى الله عليه وآله فقال ﴿نتلُوا عليك﴾(4) يا محمّد ﴿مِن نبا موسى و فرعون بِالحَقِّ لِقومٍ يُؤْمِنُونَ إِنَّ

ص: 479


1- تفسير القمي 2 : 375 ، بحار الأنوار 22 : 239 ح 4 ، البرهان في تفسير القرآن 5 : 419 ح 10860 ، التفسير الصافي 194:5 وتفسير نور الثقلين 368:5.
2- التحريم : 3.
3- الشعراء : 1 و2.
4- القصص : 3.

فِرعون علا في الأرض و جعل أهلها شيعاً يستضعِفُ طَائِفةً﴾(1) إلى قولهِ ﴿يُذبَحُ أبناءهم ويستحيي نِسَاءهُم إِنَّهُ كان مِن المفسِدِين﴾(2) أخبر الله نبيه بما نال مُوسى وأصحابه من فرعون من القتل و الظلمِ لِيكُون تعزِيةً لَهُ فِيمَا يُصِيبُهُ فِي أَهْلِ أُمَّتِهِ ثُمَّ بِشَرهُ بعد تعزِيتِهِ أَنَّهُ يَتفضّلُ عليهم بعد ذلك ويجعلهُم خُلفاء في الأرضِ وأيْتةً على أُمَّتِهِ ويردُّهُم إلى الدُّنيا مع أعدائهم حتى ينتصِفُوا مِنهُم فقال ﴿ونُرِيدُ أن نمنّ على الذين استُضعِفُوا فِي الْأَرْضِ ونجعلهُم أَئِمَّةً و نجعلهم الوارِثِين و نُمكّن لهم في الأرض و نُرِي فرعون وهامان و جُنُودَهُما﴾(3) وهُمُ الَّذِين غصبُوا آل محمّدٍ حقهُم وقولُهُ مِنهُم(4) أي مِن آلِ محمّدٍ ﴿ما كانوا يحذرون﴾(5) أي من القتل و العذاب ولو كانت هذه الآية نزلت في مُوسى و فرعون لقال ونُرِى فرعون وهامان و جُنُودُهُما مِنهُ ما كانُوا يحذرون أي مِن مُوسى ولم يقُل مِنهُم فَلَمّا تقدّم قولُهُ ﴿و نُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ استُضعِفُوا في الأرض ونجعلهم أئِمَةً﴾(6) علمنا أن المخاطبة لِلنّبي صلى اله عليه وآله و ما وعد الله رسوله فإِنّما يَكُونُ بعده والأئِمَّةُ يَكُونُون مِن وُلدِهِ وإِنما ضرب الله هذا المثل لهم في مُوسى و بني إسرائيل و في أعدائهم بفرعون و جُنُودِهِ فقال إِن فرعون قتل بني إسرائيل وظلم فأظفر الله موسى بِفرعون وأصحابه حتى أهلكهم الله وكذلِك أهل بيتِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله أصابهم مِن أعدائهم القتل والغصبُ ثُمَّ يردُّهُمُ الله ويرد أعداءهم إلى الدُّنيا حتى يقتُلُوهُم و قد ضرب أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله في أعدائه مثلا مثل ما ضربه الله لهم في أعدائهم بفرعون وهامان فقال أيُّها النَّاسُ إنّ أوّل من بغى على الله عزّوجل على وجه الأرضِ عناقُ بِنتُ آدم عليه السلام خلق الله لها عِشرين إصبعاً في كُل إصبع منها ظُفُرانِ طويلان كالمنجلينِ العظيمين وكان مجلسها في الأرض موضع جريب فلمّا بغت بعث الله لها أسداً كالفيل و ذئباً كالبعير و نسراً كالحمار وكان ذلك في الخلقِ الأولِ

ص: 480


1- القصص : 3 و 4.
2- القصص :4.
3- القصص : 5 و 6.
4- القصص : 6.
5- القصص : 6.
6- القصص : 5.

فسلّطهم عليها فقتلوها ألا وقد قتل الله فرعون وهامان وخسف بقارُون وإنّما هذا مثل لأعدائِهِ الَّذِين غصبوا حقه فأهلكهُمُ اللهُ ثُمّ قال علي صلوات الله عليه على أثر هذا المثلِ الَّذِي ضربه و قد كان لي حق حازه دوني من لم يكن له ولم أكن أشركه فيه ولا توبة لهُ إِلَّا بِكِتَابٍ مُنزلٍ أو بِرسُولٍ مُرسل وأنّى لَهُ بِالرّسالة بعد محمد صلى الله عليه وآله و لا نبي بعد محمد فأَنّى يَتُوبُ وهُم فِي برزخ القيامة غرته الأماني وغرّهُ بِاللهِ الغرُورُ قد أشفى على جُرُفٍ هارٍ فانهار في نار جهنم ﴿و اللهُ لا يهدي القوم الظالمين﴾(1) وكذلك مثل القائم عليه السلام في غيبتِهِ و هر بِهِ و استتاره مثلُ مُوسى عليه السلام خائِفٌ مُستتِرُ إلى أن يأذن اللهُ فِي خُرُوجِهِ وطلبِ حقِهِ وقتل أعدائِهِ في قولهِ ﴿أَذِن لِلَّذِين يُقاتلُون بِأنّهُم ظُلِمُوا وإنّ الله على نصرِهِم لقدِيرُ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِم بِغِيرِ حق﴾(2) وقد ضرب بالحسين بن علي صلوات الله عليهما مثلا في بني إسرائيل بإدالتهم من أعدائهم حيث قال علي بن الحسين عليه السلام لمنهال بن عمرو أصبحنا في قومنا مثل بني إسرائيل في آل فرعون يُذبحون أبناءنا ويستحيُون نِساءنا.(3)

133- عن علي بن إبراهيم في قوله تعالى : ﴿ألم تر إلى الذين يُزكُون أَنفُسَهُم بِلِ اللَّهُ يُزكّي من يشاء﴾(4) قال هُمُ الَّذِين سموا أنفُسهُم بِالصِّدِّيقِ والفاروقِ وذِي النُّورين. قوله ﴿ولا يُظلمون فتِيلًا﴾(5) قال القشرةُ الّتي تكُونُ على النّواةِ ثُمَّ كنّى عنهم فقال ﴿انظر كيف يفترُون على الله الكذب﴾(6) وهُم هؤلاء الثلاثةُ وقولُهُ ﴿ألم تر إلى الَّذِين أُوتُوا نصيباً مِن الكِتابِ يُؤْمِنُون بِالجِبت والطاغوتِ ويَقُولُون لِلَّذِين كفرُوا هؤلاء أهدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا﴾(7) قال نزلت في اليهودِ حِين سألهُم مُشرِكُو العربِ فقالُوا أدِينُنا أفضل أم دِينُ محمد قالوا بلى دِينُكُم

ص: 481


1- التوبة : 109.
2- الحج : 39 و 40.
3- تفسير القمي 133:2 و بحار الأنوار 53 : 54 ح 32.
4- نساء : 49.
5- نساء : 49.
6- نساء :50.
7- نساء : 51.

أفضل وقد رُوِي فِيهِ أيضاً أنها نزلت في الّذين غصبُوا آل محمّد حقهم و حسدُوا منزلتهم فقال اللهُ ﴿أُولئِكَ الَّذِين لعنهُمُ الله و من يلعن الله فلن تجد له نصيراً أم لهم نصيبٌ مِن الملكِ فإذاً لا يُؤتون النّاس نقيراً﴾(1) يعني النُّقطة التي في ظهر النّواةِ ثُمَّ قال ﴿أم يحسدون الناس﴾(2) يعني بِالنَّاسِ هُنا أمير المؤمِنِين والأئمة عليهم السلام ﴿على ما آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضلِهِ فقد آتينا آل إِبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهُم مُلكاً عظيماً﴾(3) وهي الخلافة بعد النُّبُوَّةِ وهُمُ الأَمةُ عليهم السلام.(4)

134 - عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قُلتُ له دخلت الكبائر في الاستثناء قال نعم ، وقوله ﴿ألم تر إلى الَّذِين يُزكُون أَنفُسهُم ِبلِ اللَّهُ يُزكّي مَن يَشَاءُ﴾ قَالَ هُمُ الذين سموا أنفسهم بالصِّدِّيق والفارُوقِ وذِي النُّورين، وقوله: ﴿ولا يُظلمون فتِيلًا﴾ قال: القشرة التي على النّواة، ثم كنى عنهم فقال: ﴿انظر كيف يفترون على اللَّهِ الكَذِب﴾ وهُمُ الذين غصبوا آل محمّد حقهم.(5)

135 - قال الإمام العسكري عليه السلام في قوله تعالى ﴿الله يستهزِئُ بِهم﴾(6) و أما استهزاؤُهُ بِهم في الآخرة فهو أن الله عزّ و جلّ إذا أقر المنافقين المعاندين لعلي عليه السلام في دار اللعنة والهوان و عذبهم بتلك الألوان العجيبة من العذابِ وأقر المؤمِنِين الذين كانتِ المنافِقُون يستهزِءُون بهم في الدنيا في الجنان بحضرة محمّدٍ صفي الملكِ الدّيانِ أطلعهم على هؤلاء المستهزءين بهم في الدُّنيا حتى يروا ما هُم فِيهِ مِن عجائِبِ اللّعائِنِ وبدائِعِ النَّقِمَاتِ فِيكُونُ لذّتُهُم وسُرُورُهُم بشماتتهم بهم كما كان لذتهُم وسُرُورُهُم بِنعِيمِهِم فِي جِنانِ رَبِّهِم فالمؤمِنُون يعرِفُونَ أُولئِكَ الكافِرِين بأسمائهم وصِفاتِهم وهُم على أصنافٍ مِنهُم من هو بين أنياب أفاعِيها تمضغه و منهم من هو بين مخالِيبِ

ص: 482


1- نساء : 52 - 53.
2- نساء : 54.
3- نساء : 54.
4- تفسير القمي 1 : 140 و بحار الأنوار 9 : 93.
5- تفسير القمي 1 : 140.
6- البقرة : 15.

سِباعِها تعبتُ بِهِ و تفترِسُهُ ومِنهُم من هو تحت سِياطِ زبانِيتِها و أعمدتها و مرزباتِها يقعُ مِن أيديهم عليهِ تُشدّدُ فِي عذابِهِ وتُعظِمُ خِزيه ونكالهُ ومِنهُم من هو في بِحارِحِيمِها يغرقُ ويُسحبُ فيها ومنهم من هُو فِي غِسلينها وعشاقها تزجُرُه زبانِيتُها و منهم من هو في سائر أصنافِ عذابها والكافرون والمنافِقُون ينظرون فيرون هؤلاء المؤمِنِين الذين كانُوا بِهِم فِي الدُّنيا يسخرون لما كانُوا مِن مُوالاةِ محمّد و علي وآلهما صلوات الله عليهم يعتقدون فيرونهم مِنهُم من هو على فُرُشِها يتقلّبُ ومِنهُم من هو على فواكهها يرتعُ ومنهم من هو على غُرُفاتِها أو في بساتينها وتنزُّهاتِها يتبحبح والحُورُ العِينُ والوُصفاء والولدان والجواري و الغلمان قائمون بحضرتهم وطائفون بالخدمة حواليهم وملائِكَةُ اللهِ عزّ و جلّ يَأْتُونَهُم مِن عِند رتهم بالحباء والكرامات و عجائِبِ التحف والهدايا والمبرات يقولون ﴿سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار﴾(1) فيقُولُ هؤلاء المؤمِنُون المشرِفُون على هؤلاء الكافِرِين المنافقين يا أبا فلانٍ و يا فلانُ حتَّى يُنادونهُم بِأسمائهم ما بالُكُم في مواقِفِ خِزيِكُم مَاكِتُون هَلُمُّوا إلينا نفتح لكُم أبواب الجِنانِ لِتتخلّصوا من عذابِكُم وتلحقُوا بِنا في نعيمها فيقُولُون يا ويلنا أنّى لنا هذا يقُولُ المؤمِنُون انظُرُوا إِلى هذِهِ الأبوابِ فينظُرُون إلى أبوابِ الجِنانِ مُفتحةً يُخيّلُ إِلَيهِم أَنها إِلى جهنّم الَّتِي فِيها يُعذِّبُون ويُقدِّرُون أنهم مُمكَّنُون أن يتخلّصوا إليها فياخُذُون فِي السّباحةِ فِي بِحارِ حمِيمِها و عدواً بين أيدي زبانيتها وهم يلحقونهم ويضرِبُونهُم بِأعمدتهم و مرزباتِهم وسِياطِهِم فلا يزالون هكذا يسيرون هناك وهذه الأصناف من العذابِ تمسُّهُم حتى إذا قدرُوا أنهم قد بلغوا تلك الأبواب وجدوها مردُومةً عنهم وتُدهدِهُهُمُ الزبانِيةُ بِأعمدتها فتنكُسُهُم إِلى سواء الجحِيمِ و يستلقي أُولئِك المؤمِنُون على فُرُشِهِم في مجالِسِهِم يضحكون مِنهُم مُستهزءين بهم فذلك قولُ الله عزّوجل ﴿اللهُ يستهزِئُ بِهِم﴾(2) وقوله عزّوجل ﴿فاليوم الَّذِينَ آمَنُوا مِن الكُفَّارِ يضحكون على الأرائِكِ ينظُرُون﴾.(3)و(4)

ص: 483


1- الرعد : 24.
2- البقرة : 15.
3- المطففين : 34 و 35.
4- تفسير الإمام عليه السلام : 118 و بحار الأنوار 8 : 298 ح52.

136 - علي بن إبراهيم قال في قوله تعالى ﴿و يوم القيامةِ ترى الذين كذبوا على اللَّهِ وُجُوهُهُم مُسودَةٌ﴾(1) فإِنَّهُ حدّثني أبي عنِ ابنِ أبِي عُمير عن أبي المعزى عن أبي عبد الله عليه السلام قال: منِ ادعى أنه إمام وليس بإمام قُلتُ وإن كان علويّاً فاطِمِيّاً قال وإن كان علويّاً فاطِمِيّاً.(2)

137 - عن علي بن إبراهيم في قوله تعالى: ﴿حتّى إذا ما جاؤُها شهد عليهم سمعُهم وأبصارُهُم و جُلُودُهُم بِما كانُوا يعملون﴾(3) قال: فإنّها نزلت في قوم يعرِضُ عليهم أعمالهم فيُنكرونها فيقُولُون ما عملنا منها شيئاً فيشهد عليهِمُ الملائكة الذين كتبوا عليهم أعمالهم فقال الصّادِقُ عليه السلام فيقُولُون لله يا ربّ هؤلاء ملائِكتك يشهدون لك ثُمَّ يحلِفُون بِاللهِ ما فعلُوا مِن ذلك شيئاً وهو قول الله ﴿يوم يبعثُهُمُ الله جميعاً فيحلِفُون له كما يحلِفُونَ لكُم﴾(4) وهُمُ الَّذِين غصبوا أمير المؤمِنِين فعِند ذلك يختِمُ الله على ألسنتهم وينطِقُ جوارِحُهُم فيشهد السمعُ بِما سمع ما حرم الله ويشهد البصر بما نظريه إلى ما حرم الله وتشهد اليدان بما أخذتا وتشهد الرجلان بما سعتا مما حرم الله وتشهد الفرج بما ارتكبت تما حرم الله ثُمَّ أَنطق اللهُ أَلسنتهم فيقُولُون هُم ﴿لِجُلُودِهِم لِم شَهِدتُّم علينا﴾(5) فيقُولُون ﴿أنطقنا اللهُ الَّذِي أنطق كُلّ شيءٍ وهو خلقكُم أوّل مرّةٍ وإليهِ تُرجعُون و ما كُنتُم تستترون﴾(6) أي من الله ﴿أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصارُكُم ولا جُلُودُكُم﴾(7) والجُلُودُ الفُرُوجُ ﴿ولكن ظننتُم أنّ الله لا يعلمُ كثِيراً مِمّا تعملون﴾(8)و(9)

ص: 484


1- الزمر: 60.
2- تفسير القمي 2 : 251 ، الإعتقادات للمفيد : 113 و بحار الأنوار 7 : 176 ح 10.
3- فصلت : 20.
4- المجادلة : 18.
5- فصلت : 21.
6- فصلت : 21 و 22.
7- فصلت : 22.
8- فصلت : 22.
9- تفسير القمي 2 : 264 وبحار الأنوار 7 : 312 ح 4.

138 - عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام، في قول الله عزّ و جلّ: ﴿فمن أسلم فأُولئِكَ تحروا رشداً﴾: أي الذين أقروا بولايتنا فأُولئِك تحروا رشداً ﴿و أما القاسطون فكانُوا لِجهنم حطبا﴾ معاوية وأصحابه ﴿وأن لو استقاموا على الطريقةِ لأسقيناهم ماءً غدقا﴾ فالطريقة: الولايةُ لِعلي عليه السلام لِنفتنهم فيه قتل الحسين عليه السلام ﴿و من يُعرِض عن ذِكرِ ربِّهِ يسلكه عذاباً صعداً و أن المساجد لله فلا تدعُوا مع الله أحداً﴾ أي الأحد مع آلِ محمد، فلا تتخذوا من غيرهم إماماً. ﴿وأنَّهُ مَا قام عبد الله يدعُوهُ ﴾ يعني رسول الله صلى الله عليه وآله يدعوهم إلى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام كادوا قريش ﴿يكُونُون عليه لبداً﴾، أي يتعادون عليه، قال: ﴿قُل إِنّما أدعُوا ربي﴾، قال: إنما أدعُو أمررتي ﴿لا أملك لكم﴾ إن تولّيتُم عن ولاية علي ﴿ضرًّا ولا رشداً. قُل إِنِّي لن يُجِيرنِي مِن اللهِ أحدٌ﴾ إِن كتمت ما أمرت به ﴿ولن أجد مِن دُونِهِ مُلتحداً﴾ يعني مأوى إِلَّا بلاغاً مِن اللهِ أُبلغكم ما أمرني الله به من ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ﴿ومن يعص الله و رسُوله﴾ في ولاية علي عليه السلام ﴿فإنّ له نار جهنّم خالِدِين فيها أبداً﴾. قال النبي صلى الله عليه وآله: بيا علي، أنت قسيم النار، تقول: هذا لي وهذا لك قالوا: فمتى يكون ما تعدنا به من أمر علي والنار؟ فأنزل اللهُ ﴿حتَّى إذا رأوا ما يُوعدون﴾ يعني الموت والقيامة فسيعلمون يعني فلاناً وفلاناً وفلاناً و معاوية وعمرو بن العاص وأصحاب الضغائن من قريش ﴿من أضعف ناصِراً و أقلُ عددا﴾ً. قالوا: فمتى يكون ذلك ؟ قال الله لمحمد صلى الله عليه وآله: ﴿قُل إن أدري أقرِيبٌ ما تُوعَدُون أم يجعلُ لهُ ربّي أمداً﴾، قال : أجلا ﴿عالم الغيب فلا يُظهِرُ على غيبِهِ أحداً إِلَّا من ارتضى مِن رسُولٍ﴾ يعني عليا المرتضى مِن الرسول صلى الله عليه وآله وهو منه ، قال الله: ﴿فَإِنَّهُ يَسلُكُ مِن بين يديهِ ومِن خلفِهِ رصداً﴾ قال : في قلبه العلم ، ومن خلفه الرّصد يعلمه علمه، ويزقه العلم زقا، ويعلمه الله إلهاماً، والرصد: التعليم من النبي صلى الله عليه وآله ليعلم النبي صلى الله عليه وآله أن قد أبلغُوا رِسالاتِ ربّهم و وأحاط عليّ عليه السلام بما لدى الرسول مِن العِلم ﴿و أحصى كل شيء عدداً﴾(1) ما كان أو يكون منذ يوم خلق الله آدم إلى أن تقوم الساعةُ من فتنة أو زلزلةٍ أو خسف أو قذف، أو أمةٍ هلكت فيما مضى أو تهلك فيما بقي، و

ص: 485


1- الجن : 14 الى 28.

كم من إمام جائر أو عادل يعرفه باسمه ونسبه، و من يموت موتا أو يقتل قتلاً، وكم من إمام مخذول لا يضره خذلان من خذله، وكم من إمام منصور لا ينفعُه نصر من نصره.(1)

139 - عن عليّ بن إبراهيم في قوله: ﴿إذا تُتلى عليهِ آياتُنا﴾ قال: كنى عن الثاني، ﴿قال أساطِيرُ الأولين﴾ أي أكاذيب الأولين، قوله: ﴿سنسِمُهُ على الخرطوم﴾(2) قال: في الرجعة إذا رجع أميرُ المؤمنين عليه السلام ورجع أعداؤُه ، فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم على الخراطيم: الأنف و الشفتين.(3)

140 - عن جابر قال: قال أبو جعفر علیه السلام: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما من مؤمن إلا وقد خلص وُدّي إلى قلبه و ما خلص وُدّي إلى قلب أحد إلا وقد خلص وُدُّ على إلى قلبه ، كذب يا عليُّ من زعم أنه يُحبُّني ويُبغضُك، قال: فقال رجُلان من المنافقين: لقد فتن رسولُ الله صلى الله عليه وآله بهذا الغُلام؛ فأنزل الله تبارك وتعالى ﴿فستُبْصِرُو يُبصِرُون بِأتِكُمُ المفتُونُ ... ودُّوا لو تُدهِنُ فَيُدهِنُون ولا تُطِع كُلّ حلّافٍ مهِينٍ﴾(4) قال: نزلت فيهما إلى آخر الآية».(5)

141 - علي بن إبراهيم في قوله تعالى: ﴿فستُبصِرُو يُبصِرُون بِأيّكُمُ المفتُونُ﴾(6). بأيكم تُفتنون، قال: هكذا نزلت في بني أمية بأتِكُمُ أي حبترو زُفرو علي.(7)

ص: 486


1- البرهان في تفسير القرآن 5 :510 ح 11139.
2- القلم : 15 - 16 ..
3- تفسير القمي 2 : 381 و البرهان في تفسير القرآن 5 : 459 ح 10976.
4- القلم : 5 إلى 10.
5- المحاسن ج 1 : 151 والبرهان في تفسير القرآن ج 5 : 485 ح 10973.
6- القلم 5 - 6.
7- البرهان في تفسير القرآن 5 : 457 ح 10969.

142 - عن حماد بن عُثمان ، عن أبي عبد الله عليه السلام - في حديث طويل - يذكر فيه أبا بكرو عُمر و حالهما يوم القيامة -: «ويريان عليّاً عليه السلام، فيُقالُ لهما: ﴿فَلَمّا رأوهُ زُلفةً سِيئت وُجُوهُ الَّذِين كفرُوا و قيل هذا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدْعُون﴾(1) يعني بإمرة المؤمنين».(2)

143 - عن أبي سعيد الخدري قال: كانت أمارة المنافقين بغض علي بن أبي طالب عليه السلام، فبينا رسولُ الله صلى الله عليه وآله في المسجد ذات يوم في نفر من المهاجرين والأنصار، وكنتُ فيهم، إذا أقبل علي عليه السلام فتخطى القوم حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وآله وكان هناك مجلسه الذي يُعرفُ فيه، فسار رجل رجلاً، وكانا يُرميان بالنّفاق، فعرف رسول الله صلى الله عليه وآله ما أرادا، فغضب غضباً شديداً حتى التمع وجهه، ثم قال: والذي نفسي بيده، لا يدخل عبد الجنّة حتى يُحبّني، وكذب من زعم أنه يُحبُّني ويُبغضُ هذا». وأخذ بكف علي عليه السلام، فأنزل الله عزّو جلّ هذه الآية في شأنهما يا أيُّها الذين آمنوا إذا تناجيتُم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرَّسُولِ﴾(3) إلى آخِرِ الآية.(4)

144- عن بُريدِ بنِ مُعاوِية قال: كُنتُ عِند أبي جعفر عليه السلام فسألته عن قولِ اللهِ {أَطِيعُوا الله و أطِيعُوا الرَّسُول و أُولِي الأمْرِ مِنكُم } قال فكان جوابه أن قال ( ألم تر إلى الَّذِينَ أُوتُوا نصيباً مِن الكِتابِ يُؤْمِنُون بِالجِبتِ والطَّاغُوتِ } فلانٍ وفلانٍ ويَقُولُون لِلّذِينَ كَفَرُوا هؤلاء أهدى مِن الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا } َيقُولُ الأَيَّةُ الضّالّةُ والدُّعاةُ إلى النّارِ هؤلاء أهدى مِن آلِ محمّد عليهم السلام و أوليائهم سبِيلًا ( أُولئِكَ الَّذِين لعنهُمُ الله و من يلعن الله فلن تجد له نصيراً أم لهم نصيبٌ مِن الملك } يعني الإمامة والخلافة فإذاً لا يُؤتُون النّاس نقيراً } نحنُ النَّاسُ الَّذِين عنى اللهُ والنّقِيرُ النُّقطةُ الّتي رأيت في وسط النّواةِ أم يحسُدُون النّاس على ما آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } فنحنُ المحسودون على ما آتانا الله من الإمامة دون خلق الله جميعاً { فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب و الحكمة وآتيناهُم مُلكاً عظيماً } يقولُ فجعلنا مِنهُمُ الرُّسُل والأنبياء والأئمة فكيف يُقِرُّون

ص: 487


1- الملک : 27.
2- البرهان في تفسير القرآن 5 : 445 ح 10926.
3- المجادلة : 9.
4- الأمالي للطوسي : 605 ح 1252 ، البرهان في تفسير القرآن 5 : 315 ح 10561 وبحار الأنوار 39 :270.

بذلِكَ فِي آلِ إِبراهيم ويُنكِرُونَهُ فِي آلِ محمدٍ { فمنهم من آمن بِهِ و مِنهُم من صد عنه و كفى يجهنّم سعِيراً } إلى قوله { ونُدْخِلُهُم ظِلَّا ظلِيلًا ) قال قُلتُ قولُهُ فِي آلِ إِبراهيم و آتيناهُم مُلكاً عظيماً ما الملك العظيم قال أن جعل مِنهُم أَيَّةً من أطاعهم أطاع الله و من عصاهم عصى الله فهو الملك العظيم قال ثُمّ قال إن الله يأمُرُكُم أَن تُؤدُّوا الأمانات إلى أهلها } إلى {سميعاً بصيراً ) قال إيانا عنى أن يُؤدّي الأولُ مِنّا إلى الإمامِ الَّذِي بعده الكتب والعِلم والسلاح { وإذا حكمتم بين النَّاسِ أن تحكُمُوا بِالعدلِ } الّذِي فِي أيدِيكُم ثُمَّ قال لِلنَّاسِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا ) فجمع المؤمِنين إلى يوم القيامة (أطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرَّسُول و أُولِي الأَمرِ مِنكُم } إيانا عنى خاصةً فإن خفتُم تنازعاً في الأمر فارجِعُوا إِلى الله و إلى الرسول و أولي الأمرِ مِنكُم هكذا نزلت و كيف يأمُرُهُم بِطاعَةِ أُولي الأمرِو يُرخّصُ هُم في مُنازِعَتِهِم إِنّما قِيلَ ذلِكَ لِلمَأْمُورِين الَّذِين قِيل هُم أَطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرَّسُول و أُولِي الأمرِ مِنكُم } (1)و(2)

145 - عن أبي العباس المكي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن عُمر لقي عليّاً عليه السلام، فقال له: أنت الذي تقرأُ هذه الآية: ﴿باتِكُمُ المفتُونُ﴾(3) وتُعرِضُ بي وبصاحبي؟ فقال:

أفلا أُخبرك بآية، نزلت في بني أمية ؟ ﴿فهل عسيتم إن تولّيتُم أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وتُقطِعُوا أرحامكم﴾(4) ، فقال : كذبت ، بنو أميّةٍ أوصل للرحم منكم ولكنّك أبيت إلا عداوة لبني تيم و بني عدي و بني أمية».(5)

أقول: إن في هذه الرواية التي رواها الأصحاب من المحدث و المفسر في كتبهم التفسيرية والروائية وإعتمدوا عليها ؛ نكات مهمة منها : عدم إستنكار الأمير بتعرضه لهما بقراءة الآية الشريفة وأنه عليه السلام لا يستميح منه ومنها الآية التي قرأها وقال إنها نزلت في بني أمية و

ص: 488


1- النساء 51 إلى 59
2- تفسير العياشي 1: 246 ح153 و بحار الأنوار 289 : 23 ح 17
3- القلم : 6.
4- محمد : 22.
5- الكافي 8 : 239 ح 325 ، تفسير القمي 2 : 308 ، طرف من الأنباء والمناقب : 229 ، تأويل الآيات 687 ، تفسير نور الثقلين 393:5 ، بحار الأنوار 30 : 161 والبرهان في تفسير القرآن 5 : 66 ح 9854.

منها: إعتراف المتخلف الثاني بأن الإمام روحي له الفداء أبى إلّا عداوة لهما و لبني أمية و كان دأبه عداوتهم وهذه الأمور كالنور على الطور و أتعجب من قوم أنكروا هذه العداوة مع أن الثاني فهمها مع قلة فهمه.

146 - عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قوله عزّ و جلّ: ﴿ويوم القيامة ترى الَّذِين كذبوا على اللَّهِ وُجُوهُهُم مُسودة أليس في جهنّم مثوى لِلمُتكبّرين﴾(1)، قال: «من زعم أنه إمام وليس بإمام».(2)

147 - في قوله تعالى: ﴿إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير﴾(3): سأل رجُلٌ أمير المؤمنين عليه السلام ما معنى هذه الحمير؟ . فقال أمير المؤمنين عليه السلام : الله أكرمُ مِن أن يخلق شيئاً ثُمَّ يُنكِرهُ، إِنّما هُو زريق وصاحِبُهُ فِي تابوتِ مِن نار في صُورةِ حِمارين، إذا شهقا في النَّارِ انزعج أهلُ النَّارِ مِن شِدّةِ صراخهما.(4)

148 - عن عبدِ العظيم بنِ عبدِ الله الحسني، قال: حدثني سيدي علي بن محمد بن علي الرّضا، عن أبيه، عن آبائه، عن الحسين بن علي عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن أبابكرٍ مني لبمنزلة السمع، وإنّ عمر مني لبمنزلة البصر، وإنّ عثمان منّي لبمنزلة الفُؤاد. قال: فَلَمّا كان من الغد دخلت عليه وعنده أمير المؤمنين عليه السلام وأبوبكر و عمر و عثمان فقُلتُ له: يا أبتِ، سمعتُك تقول في أصحابك هؤلاء قولاً فما هو؟ فقال صلى الله عليه وآله: نعم، ثم أشار إليهم، فقال: هم السمع والبصر و الفؤاد وسيسألون عن ولاية وصتي هذا، وأشار إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، ثم قال: إن الله عزّوجل يقولُ: ﴿إنّ السمع والبصر و الفُؤاد كُلُّ أُولئِكَ كان عنهُ مسؤلا﴾(5)، ثم

ص: 489


1- الزمر : 60.
2- الغيبة للنعماني : 113 ، الإعتقادات : 113 ، بحار الأنوار 25 : 113 و البرهان في تفسير القرآن 722:4 ح 9266.
3- لقمان : 19.
4- مشارق أنوار اليقين : 126 ، البرهان في تفسير القرآن 4 : 375 ح 8426 وبحار الأنوار 30 : 276 ح 148 و 36: 66.
5- الإسراء : 36.

قال صلى الله عليه وآله وعزّة ربّي إن جميع أمتي لموقوفون يوم القيامة، ومسئولون عن ولايته وذلك قول الله عزّوجلّ: ﴿وقِفُوهُم إِنَّهُم مسؤلُون(1)﴾.(2)

149 - عن الباقر و الصادق عليهما السلام: «أنّ هذه الآياتِ ﴿يا ويلتى ليتني لم أتَّخِذ فلانا خليلاً لقد أضلنى عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشَّيطانُ لِلإنسانِ خذُولاً﴾(3) نزلت في رجلين من مشايخ قُريش، أسلما بألسنتهما وكانا ينافقان النبي عليه السلام، وآخى بينهما يوم الإخاء، فصدّ أحدهما صاحبه عن الهدى، فهلكا جميعاً، فحكى الله تعالى حكايتهما في الآخرة، وقولهما عند ما يُنزل عليهما من العذاب، فيحزن ويتأسف على ما قدّم، ويتندّم حيثُ لم ينفعه الندم».(4)

150 - عن الحسين بن بشار قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قول الله ( ومن الناس من يُعجِبُك قوله في الحياة الدنيا } قال فلان وفلان ( ويُهلك الحرث والنسل ) (5) هُمُ الذُريَّةُ والحرث الزرعُ .(6)

151- عن أبي عبد الله عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله أصابه خصاصة فجاء إلى رجل من الأنصارِ فقال له هل عِندك مِن طعام فقال نعم يا رسُول الله وذبح له عناقاً وشواهُ فَلَمّا أدناه مِنهُ تمنّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله أن يكون معه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فجاء أبو فلان وفلان ثُمّ جاء علي عليه السلام بعدهما فأنزل الله في ذلك ﴿و ما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي﴾ ولا تُحدّث ﴿إلا إذا تمنّى ألقى الشَّيطانُ في أُمنيّتِهِ﴾ يعني أبا فلان وفلان فينسخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيطانُ﴾ يعني لما جاء علي عليه السلام بعدهما ﴿ثُمَّ يُحكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ﴾ يعنِي يَنصُرُ اللَّهُ أمير المؤمنين عليه السلام ثُم قال ﴿ليجعل ما يُلقي الشَّيطانُ فِتنةً﴾ يعني فُلاناً وفُلاناً ﴿لِلَّذِين في

ص: 490


1- الصافات : 24.
2- عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 280 ، بحار الأنوار 31 :618 ، تفسير نور الثقلين 3 :165 والبرهان في تفسير القرآن 4 : 593 ح 8968.
3- الفرقان 28 و 29.
4- البرهان في تفسير القرآن 4 : 132 ح 7786.
5- البقرة: 204 و 205
6- بحار الأنوار 189 : 9 ح 22 و 221:30 ح 88

قُلُوبِهِم مرضٌ والقاسِيةِ قُلُوبُهُم﴾ يعني إلى الإمام المستقيم ثُمَّ قال ﴿ولا يزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مرية منه﴾ أي في شكّ مِن أمِيرِ المؤمِنِين ﴿حتّى تأتيهُمُ الساعةُ بغتةً أو يأتيهم عذابُ یوم عقیم﴾ قال العقيمُ الَّذِي لا مِثل لهُ في الأيامٍ ثُمّ قال ﴿الملك يومئِذٍ لِله يحكُمُ بَينَهُم فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ في جنّاتِ النّعِيمِ والّذين كفرُوا و كذَّبُوا بِآيَاتِنا﴾ قال ولم يُؤْمِنُوا بِولاية أمير المؤمِنِين والأئمة عليهم السلام ﴿فأُولئِكَ لَهُم عذابٌ مُهِينٌ﴾.(1)

152- عن أحمد بن عيسى قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام في قوله عزو جل: ﴿يعرِفُون نِعمت اللهِ ثُمَّ يُنكِرُونها﴾. قال : لما نزلت ﴿إنّما ولِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِين يُقِيمُونَ الصّلاة ويُؤْتُونَ الزّكاة وهُم راكِعُون﴾(2) إجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد المدينة فقال بعضُهم لبعض: ما تقُولُون في هذه الآية؟ فقال بعضهم: إن كفرنا بهذه الآية نكفر بسائرها، وإن آمنا فهذا ذُلُّ حين يتسلّط علينا ابن أبي طالب فقالوا: قد علمنا أن محمداً صلى الله عليه وآله صادق فيما يقولُ ولكن نتولاه ولا نُطيعُ عليّاً فيما أمرنا فنزلت هذه الآية: ﴿يعرفون نعمت الله ثُم يُنكرونها﴾ يعني ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ﴿و أكثرُهُمُ الكافِرُون﴾(3) بالولاية.(4)

153 - عن إسماعيل الحريري قال: قلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: قولُ اللهِ: ﴿إِنّ الله يَأْمُرُ بِالعدل و الإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ﴾؟(5) ... قلتُ: فما يعني بالعدل ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله . قلتُ : والإحسان ؟ قال : شهادة أن محمداً رسولُ الله صلى الله عليه وآله. قلتُ: فما يعني بإيتاءِ ذِي القُربى حقه؟ قال: أداء إمام إلى إمام بعد إمام» وينهى عنِ الفحشاء والمنكر قال: ولاية فلان و فلان.(6)

ص: 491


1- تفسير القمي 2 : 85 و بحار الأنوار 17 : 86 ح 14 وتأويل الآيات : 343 ، بحار الأنوار 86:18 والبرهان في تفسير القرآن 3 : 897.
2- المائدة : 55.
3- النحل : 83.
4- البرهان في تفسير القرآن 3 : 442 ح 6107.
5- النحل :90.
6- تفسير العياشي 2 : 267 ح 60 ، البرهان في تفسير القرآن 3 : 448 ح 6134 وبحار الأنوار 24 : 189.

154 - عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن هذه الآية في قول الله: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تتخِذُوا آباءكم وإخوانكم أولياء﴾ إلى قوله: الفاسِقِين: فأما لا تَتَّخِذُوا آباءكُم و إخوانكم أولياء إنِ استحبُّوا الكفر على الإيمانِ فإنّ الكفر في الباطن في هذه الآية ولاية الأول والثاني، وهو كفر. وقوله : على الإيمان فالإيمان ولاية علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: ﴿و من يتولّهم مِنكُم فأُولئِكَ هُمُ الظَّالمون(1)﴾.(2)

155- علي بن إبراهيم قال: نزلت في الذين تحالفوا في الكعبة ألا يردوا هذا الأمر في بني هاشم، و هي كلمةُ الكفر، ثمّ قعدوا لِرسولِ الله صلى الله عليه وآله في العقبة وهموا بقتله، وهو قوله تعالى: ﴿و هموا بما لم ینالوا﴾(3).(4)

156- عن عمّار بن سويد، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقولُ: ﴿من كان يُرِيدُ الحياة الدنيا و زينتها﴾ يعني فلاناً وفلاناً نُوفٌ إِليهِم أعمالهم فيها(5)﴾.(6)

157- عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام قال: إن رحم آل محمد صلى الله عليه وآله معلقة بالعرش تقولُ: اللهم صل من وصلني واقطع من قطعني، وهي تجري في كل رحم، و نزلت هذه الآية في آلِ مُحمّد، وما عاهدهم عليه ، وما أخذ عليهم من الميثاق في الدّرّمِن ولاية أمير المؤمنين والأئمة عليهم السلام بعده، وهو قوله: ﴿الَّذِين يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ ولا ينقُضُون الميثاق﴾ الآية ، ثم ذكر أعدائهم، فقال: والذين ينقُضُون عهد اللهِ مِن بعدِ مِيثَاقِهِ يعني في أمير المؤمنين عليه السلام، وهو الّذي أخذ الله عليهم في الذرّ، وأخذ عليهم رسولُ الله صلى الله عليه وآله بغديرخم ثمّ قال : ﴿أُولئِكَ لَهُمُ اللّعنةُ ولهُم سُوءُ الدّارِ(7)﴾.(8)

ص: 492


1- التوبة : 23.
2- تفسير العياشي 2 : 84 ، بحار الأنوار 230:30 ، تفسير نور الثقلين 2 :195 و البرهان في تفسير القرآن 2 :750 ح 4475.
3- التوبة : 74.
4- البرهان في تفسير القرآن 2 :819 ح 4639.
5- هود : 15.
6- تفسير العياشي 142:2 ، بحار الأنوار 100:36 و البرهان في تفسير القرآن 3 :90 ح 5040.
7- الرعد : 20 - 25.
8- تفسير القمي 363:1 ، تأويل الآيات 239: والبرهان في تفسير القرآن 3 : 246 - 5529.

158- عن أبي جعفر عليه السلام ﴿و من أظلمُ مِمَّنِ افترى على اللهِ كَذِباً أو قال أُوحِي إِليَّ ولم يُوح إليهِ شيءٌ و من قال سأُنزِلُ مِثل ما أنزل الله﴾(1) ، قال : من ادعى الإمامة دون الإمام عليه السلام.(2)

159 - علي بن إبراهيم قال في قوله تعالى: ﴿يفترون على الله الكذب﴾ هم الذين غاصبوا آل محمد حقهم {هُمُ الّذين سموا أنفسهم بالصديق ، والفارُوقِ ، وذِي النُّورين وهم هؤلاء الثلاثة.}(3)

160 - عن عبد الله بن النجاشي، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله عزّوجلّ: ﴿أُولئِكَ الَّذِين يعلمُ اللهُ ما فِي قُلُوبِهِم فأعرض عنهم وعِظهُم وقُل لهم في أَنفُسِهِم قولًا بليغاً﴾(4): «يعني والله فلاناً وفلاناً».(5)

161- عن الباقر عليه السلام: «أنها نزلت في ثلاثة لما قام النبي صلى الله عليه وآله بالولاية لأمير المؤمنين علیه السلام أظهروا الإيمان والرّضا بذلك ، فلَمّا خلوا بأعداء أمير المؤمنين عليه السلام ﴿قالُوا إِنَّا معكم إِنما نحنُ مُستهزون﴾.(6)و(7)

162- عن علي بن جعفر، قال: سمعت أبا الحسن عليه السلام يقولُ: «لَما رأى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله تيماً و عديّاً و بني أمية يركبون منبره أفظعه، فأنزل الله تبارك وتعالى قُرآناً يتأتى به: ﴿وإذ قُلنا للملائكة اسجُدُوا لآدم فسجدوا إِلَّا إِبليس أبى﴾(8).

ص: 493


1- الأنعام : 93.
2- البرهان في تفسير القرآن 2 : 453 ح 3572.
3- تفسير القمي 140:1 والبرهان في تفسير القرآن 2 : 91 ح 2422.
4- النساء : 63.
5- الكافي 8 :335 ، تفسير العياشي 1 : 255 ، تأويل الآيات : 139، بحار الأنوار 31 : 606 ، البرهان في تفسير القرآن 2 : 118 ح 2516 و تفسير نور الثقلين 510:1.
6- البقرة : 14.
7- البرهان 145:1 ح 337.
8- البقرة :34.

ثم أوحى إليه: يا محمد، إنّي أمرتُ فلم أطع، فلا تجزع أنت إذا أمرت فلم تُطع في وصيّك».(1)

163 - عن صفوان الجمال ، قال : كنا بمكّة فجرى الحديث في قولِ اللهِ: ﴿وإِذِ ابتلى إبراهيم رَبُّهُ بِكلمات فأتمهن﴾(2) قال: أتمتهن بمحمّد و على و الأئمةِ مِن ولد علي صلى الله عليهم في قول الله: ﴿ذُرِّيَّةً بعضُها مِن بعض والله سميع عليم﴾(3)، ثم قال: ﴿إنّي جاعِلُك لِلنَّاسِ إماماً قال ومن ذُرِّيّتي قال لا ينال عهدِي الظَّالِمِين﴾ قال: يا ربّ، ويكونُ مِن ذرّيّتي ظالم ؟ قال: نعم، فلان و فلان وفلان و من اتبعهم. قال: يا ربّ، فاجعل لمحمّد و على ما وعدتني فيهما، وعجل نصرك لهما، وإليه أشار بقوله: ﴿و من يرغبُ عن مِلَّةِ إبراهيم إِلّا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدُّنيا وإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لمن الصّالِحِين﴾ فالملة : الإمامة . فلما أسكن ذريته بمكة، قال: ﴿رب اجعل هذا بلداً آمِناً وارزق أهله مِن الثَّمَراتِ من آمن مِنهُم بِاللهِ واليوم الآخر﴾، فاستثنى من آمن خوفاً أن يقول له: لا، كما قال له في الدعوة الأولى: قال ومِن ذُرِّيَّتِي قال لا ينالُ عهدِي الظالمين.

فلَمّا قال الله: ﴿و من كفر فأُمتِّعُهُ قلِيلًا ثُمّ أضطرُّهُ إلى عذاب النّار و بئس المصير﴾(4) قال: يا ربّ، و من الذي متعتهم ؟ قال : الذين كفروا بآياتي فلان وفلان وفلانٌ.(5)

164 - عن ابنِ كدينة الأودي قال: قام رجُلٌ إلى أمير المؤمنين عليه السلام فسأله عن قول الله عزّوجل ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقدِّمُوا بين يدي اللهِ و رَسُولِهِ﴾(6) فيمن نزلت قال في رجلينِ مِن قُريش.(7)

ص: 494


1- الكافي 1 : 426 ح 73 ، الجواهر السنية : 214 ، طرف من الأنباء والمناقب : 228 ، مرآة العقول 5 :90 ، البرهان في تفسير القرآن 1 : 169 ح 382 ، إثبات الهداة 3 : 11ح 39 و بحار الأنوار 24 :225.
2- البقرة : 124.
3- آل عمران : 34.
4- البقرة : 124 - 126 - 130.
5- تفسير العياشي 57:1 ، البرهان في تفسير القرآن 1 :323 ح 608 وبحار الأنوار 25 :201 ح 14.
6- الحجرات : 1.
7- الإختصاص : 128 ، بحار الأنوار 30 : 276 ح 147 والبرهان في تفسير القرآن 5 :100.

165 - عن الباقر عليه السلام في قوله تعالى ﴿إنهم عن الصراطِ لناكبون﴾ قال عليه السلام الأول والثاني و الثالث عن الولاية معرضون.(1)

166- قال أبو عبد الله عليه السلام صعُوداً جبلٌ فِي النَّارِ مِن نُحاس يعمل عليه حبتر ليُصعِده كارهاً فإذا ضرب بيديه على الجبل ذابتا حتّى يلحق بالركبتين فإذا رفعهما عادتا فلا يزال هكذا ما شاء الله.(2)

167- عن زيد بن الجهم عن أبي عبدِ اللهِ قال: سمعتُهُ يَقُولُ لَمَّا سلّمُوا على علي عليه السلام بإمرة المؤمنين قال رسولُ الله صلى الله عليه واله الأولِ قُم فسلّم على علي بإمرة المؤمنين فقال أمن الله أو من رسُولِ اللهِ فقال نعم مِن الله و مِن رَسُولِهِ ثُمَّ قال لِصاحِبِهِ قُم فسلم على علي بإمرة المؤمنين فقال من الله أو من رسُولِهِ قال نعم مِن الله و مِن رَسُولِهِ ثُمَّ قال يا مِقدادُ قُم فسلم على علي بإمرة المؤمنين قال فلم يقُل ما قال صاحِباهُ ثُمّ قال قم يا با ذر فسلم على علي بإمرة المؤمنين فقام و سلّم ثُمَّ قال قُم يا سلمان وسلّم على علي بإمرة المؤمنين فقام وسلم قال حتى إذا خرجا و هما يقُولان لا واللهِ لا نُسلّمُ له ما قال أبداً فأنزل الله تبارك وتعالى على نبيه ﴿ولا تنقُضُوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتُمُ الله عليكم كفيلا﴾ بقولكم أ مِن اللهِ أَو مِن رَسُولِهِ ﴿إِنّ الله يعلمُ ما تفعلون ولا تكُونُوا كالّتِي نقضت غزلها مِن بعدِ قُوّةٍ أنكاثاً تَتَّخِذُون أيمانكم دخلًا

ص: 495


1- الصراط المستقيم 1 : 285 وتأويل الآيات : 352.
2- تأويل الآيات : 709 ، حلية الأبرار 5 : 408 ، بحار الأنوار 24 325: والبرهان في تفسير القرآن 528:5.

بينكم﴾(1) أن تكون أئمة هي أزكى مِن أتِكُم قال قُلتُ جُعِلتُ فِداكَ إِنما نقرؤُها أن تَكُون أُمِّةٌ هِي أربى مِن أُمَّةٍ فقال ويحك يا زيد و ما أربى أن تكون أيَّةٌ هي أزكى مِن أَيْتِكُم ﴿إِنَّما يبلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ﴾ يعني عليّاً ﴿وليُبيِّننّ لكُم يوم القيامةِ ما كُنتُم فِيهِ تختلِفُون ولو شاء الله لجعلكُم أُمَّةً واحِدةً و لكِن يُضِلُّ من يشاء ويهدي من يشاء و لتُسئلُنَّ عمّا كُنتُم تعملُون ولا تَتَّخِذُوا أيمانكم دخلًا بينكُم فتزل قدمٌ بعد ثبوتها﴾(2) بعد ما سلمتُم على علي بإمرة المؤمنين ﴿وتذُوقُوا السُّوء بما صددتُم عن سبيل الله﴾ يعني عليّاً ﴿ولكم عذابٌ عظِيم﴾ ثُمَّ قال لي لا أخذ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله بيد علي فأظهر ولايته قالا جميعاً والله ليس هذا من تلقاء الله ولا هذا إلّا شيءٌ أراد أن يُشرِف بِهِ ابن عمّهِ فأنزل اللهُ عليهِ ﴿ولو تقول علينا بعض الأقاوِيلِ لأخذنا مِنهُ بِاليَمِينِ ثُمَّ لقطعنا منه الوتين فما مِنكُم مِن أحدٍ عنه حاجزين وإنّهُ لتذكرة لِلمُتَّقِين وإِنَّا لنعلمُ أنّ مِنكُم مُكَذِّبِين﴾(3) يعني فُلاناً و فُلاناً و إِنَّهُ لحسرة على الكافِرِين يعني عليّاً ﴿وإِنَّهُ لحق اليقين﴾ يعني عليّاً ﴿فسبح باسم ربِّك العظيم﴾.(4)،(5)

168 - أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنه قال: والله ما كنى اللهُ في كِتَابِهِ حتّى قال ﴿یا ويلتى ليتني لم أَتَّخِذ فُلاناً خلِيلًا﴾ وإنّما هِي فِي مُصحفِ علي عليه السلام يا ويلتى ليتني لم أتخذ الثاني خلِيلًا و سيظهر يوماً.(6)

169- عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: ﴿يوم يعضُّ الظَّالم على يديهِ يَقُولُ يا ليتنِي اتَّخذتُ مع الرّسُولِ سبِيلًا يا ويلتى ليتني لم أتَّخِذ فُلاناً خليلا﴾ قال يَقُولُ الأولُ لِلثّاني.(7)

170 - عن صالح بن سهل الهمداني قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقُولُ فِي قولِ اللَّهِ ﴿اللَّهُ نُورُ السّماواتِ والأرضِ مثلُ نُورِهِ كمشكاة المشكاة﴾ فاطمة عليها السلام ﴿فيها مصباح﴾ الحسن المصباحُ الحُسينُ ﴿في زُجاجةِ الزُّجاجةُ كأنها كوكبٌ دُرِّيّ﴾ كأن فاطمة كوكبٌ دُرِّيٌّ بين نِساءِ أَهلِ الدُّنيا ونِساءِ أَهلِ الجنَّةِ ﴿يُوقد من شجرةٍ مُباركة﴾ يُوقدُ مِن إبراهيم ﴿ولا شرقية ولا غربية﴾ لا يهوديّةٍ ولا نصرانيّة ﴿يكادُ زيتُها يُضِيءُ﴾ يكادُ العِلمُ ينفجرُ مِنها ﴿ولو لم تمسسه نارٌ نُورٌ على نُورٍ﴾ إِمَامٌ مِنها بعد إمام ﴿يهدي اللهُ لِنُورِهِ من يشاءُ﴾ يَهْدِي اللَّهُ لِلأَئِمَّةِ

ص: 496


1- النحل: 92.
2- النحل: 93 و 94.
3- الحاقة : 44 إلى 49.
4- الحاقة: 51 و 52.
5- تفسير العياشي 2 : 268 ح 64 ، بحار الأنوار 36 : 148ح 126 و عوالم العلوم أمير المؤمنين عليه السلام 15 : 587 ح3.
6- تأويل الآيات : 371 ، بحار الأنوار 24 : 19 ح31 و البرهان في تفسير القرآن 124:4 ح 7778.
7- تأويل الآيات : 371 ، بحار الأنوار 24 : 19 ح 32 و البرهان في تفسير القرآن 124:4 ح7779.

من يشاءُ ﴿ويضرِبُ اللهُ الأمثال لِلنَّاسِ واللَّهُ بِكُلِّ شيءٍ عَلِيمٌ﴾ ﴿أو كظُلُماتِ﴾ فلان وفلان ﴿في بحرٍ لجي يغشاه موج﴾ يعني نعثل ﴿من فوقه موج﴾ طلحة والزبير ﴿ظُلُماتٌ بعضُها فوق بعض﴾ مُعاوِيةُ وفتنُ بِنِي أُميّة إذا أخرج المؤمِنُ يده في ظلمة فتنتهم لم يكد يراها و ﴿من لم يجعل الله لهُ نُور﴾ فما لَهُ مِن نُورٍ فما له من إمام يوم القيامةِ يمشي بِنُورِهِ و قال في قولِهِ ﴿نُورُهُم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم﴾ قال أَئِمَّةُ المؤمِنِين يوم القيامةِ نُورُهُم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم حتى ينزِلُوا منازلهم في الجنة.(1)

171- عن ابن أبي عُمير رفعه في قوله ﴿غير المغضوب عليهم و غير الضالين﴾ وهكذا نزلت . قال: المغضوب عليهم فلان وفلان وفلان والنصّاب ، والضّالين الشكاك الذين لا يعرفون الإمام.(2)

172- عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله ﴿حبب إليكُمُ الإيمان و زيّنهُ فِي قُلُوبِكُم﴾ يعني أمِير المؤمِنِين ﴿وكره إليكُمُ الكفر و الفُسُوق والعصيان﴾ فلان وفلان وفلان(3)

173- قال أبو جعفر عليه السلام كلُّ ما في الرحمن ﴿فبأي آلاء ربكما تُكَذِّبَانِ﴾ فهي في أبي فلانٍ و فلان(4)

174 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قول الله عزّوجلّ ﴿والذين آمنوا ولم يلبِسُوا إِيمانهُم بِظُلمٍ﴾(5) قال بما جاء بِهِ مُحمد صلى الله عليه وآله من الولاية ولم يخلطوها بولاية فلان وفلان فهو الملبس بالظلم.(6)

175 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قوله تعالى ﴿هو الَّذِي أنزل عليك الكتاب مِنهُ آيَاتٌ مُحكمات هُنَّ أُمُّ الكِتابِ﴾ قال أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة ﴿وأُخرُ مُتشابِهَاتٌ﴾ قال فلان وفلانٌ ﴿فأَمَّا الَّذِينَ فِي

ص: 497


1- تفسير القمي 2 : 106 ، تأويل الآيات : 361 ، بحار الأنوار 23 : 304 ح 1 ، التفسير الصافي 3 :438 وتفسير نور الثقلين 3 :612.
2- تفسير العياشي 1: 24 ح 28 و البرهان في تفسير القرآن 1 : 117 ح 303.
3- تفسير القمي 2 : 319 ، اثبات الهداة 11:23 ح 38 ، عوالم العلوم 15 : 28 ح29 وبحار الأنوار 30 :171 ح 28.
4- الصراط المستقيم 3 : 40.
5- الأنعام : 82.
6- الكافي 1 : 413 ح 3 ، تفسير العياشي 1 : 336 ، بحار الأنوار 23 : 371 ح 49 ، البرهان في تفسير القرآن 444:2 ح 3538 ، تأويل الآيات :170 وإثبات الهداة 2 : 16 ح 31.

قُلُوبِهِم زِيغٌ﴾ أصحابُهم وأهل ولايتهم ﴿فيتّبِعُون ما تشابه مِنهُ ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله وما يعلم تأوِيلَهُ إِلَّا اللهُ والرّاسِخُون في العِلمِ﴾(1) أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة عليهم السلام.(2)

176 - عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في قوله تعالى ﴿لتركبُنّ طبقاً عن طبق﴾(3) قال يا زرارة أو لم تركب هذه الأمة بعد نبيها طبقاً عن طبق في أمر فلان وفلان وفلان.(4)

177- قال أمير المؤمنين عليه السلام: أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن؛ أنا، (و) أول من يدخل النار من مظلمتي ؛ عتيق بن أبي قحافة و إبن الخطاب في زمامين من النار وقرأ { أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس (5)} .(6)

178 - عَن أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام في قوله { والناشطات نشطا} (7)" قال: العُروقُ الَّتي في صدر فُلان وفلان . (8)

179- قال أبوعبدالله عليه السلام في قوله: {وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللعنَةُ وَلَهُم سُوءُ الدارِ} (9)قال: فلان وفلان . (10)

180 - عن يونس بن ظبيان، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام، في قوله عزوجل: { و يوم القيامة ترى

ص: 498


1- آل عمران : 7.
2- الكافي 1 : 414 ح 14 ، تفسير العياشي 1 : 162 ح 2 ، مناقب آل أبي طالب 4 : 421 ، بحار الأنوار 23 : 208 ح 12 و البرهان في تفسير القرآن 1 : 598 ح 1604.
3- الإنشقاق : 19.
4- الكافي 1 : 415 ح 17 ، البرهان في تفسير القرآن 5: 618 ح 11497 و بحار الأنوار 31 : 609.
5- فصلت: 29
6- مثالب النواصب 2: 102
7- النازعات: 2
8- مثالب النواصب 2: 105
9- الرعد: 25
10- مثالب النواصب 2: 106

الَّذِين كذبوا على اللهِ وُجُوهُهُم مُسودة أليس في جهنّم مثوى لِلمُتكترين } (1)، قال: من زعم أنه إمام وليس بإمام . (2)

181 - عَن الباقر محمّد بن علي عليهما السلام أنّه نَزل قوله { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ } (3)فِي الأَوَّلِ والثَّانِي وَ مَن اتَّبَعَهم بِطَلَبِ الملك وتركوا وَصيَّةَ النَّبي في على عليهما وألهما السلام. (4)

182- قال أبوجعفر عليه السلام في قوله تعالى : { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى } (5)قال : الأول والثاني وأتباعهما (6)

183- عن أبي جعفر عليه السلام في قوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ }(7) الآية نزلت في الأول والثاني .(8)

184 - عن الباقِرَينِ عليها السلام في قوله : { كُلُ خَتَارٍ كَفُورٍ} (9)وَالخَتَارُ الفَرَّار يعني الأول والثاني لما فَرَا يَومٍ خَيبر و غَيره .(10)

185- قال أبو جعفر عليه السلام في قوله : { فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ

ص: 499


1- الزمر: 60
2- الغيبة للنعماني: 113، الإعتقادات: 113، بحار الأنوار 25 : 113 و البرهان في تفسير القرآن 4: 722 ح 9266
3- آل عمران: 14
4- مثالب النواصب 2: 140
5- الرعد: 19
6- مثالب النواصب 3: 4
7- سورة محمد صلى الله عليه وآله: 23
8- مثالب النواصب 3 : 17
9- لقمان: 32
10- مثالب النواصب 3: 34

سَمِيعٌ عَلِيمٌ }(1) نزَلَت فِي عَتيق و ابن صُهَاكَ وَ مَن تَتَابَعَ فِي ظُلم علي عليه السلام . (2)

ثلاثة لا ينظر الله إليهم

1- عن علي بن الحسين عليهما السلام قال ثلاثةٌ ﴿لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يوم القيامة﴾(3) ولا ينظُرُ إِليهم... ﴿ولا يُزكّيهِم ولهم عذابٌ أَلِيمٌ﴾(4): من جحد إماماً من الله ، أو ادعى إماماً من غير الله أو زعم أنّ لفُلانٍ و فلانٍ في الإسلام نصيباً.(5)

2 - عن عبدِ اللهِ بن أبي يعفُورٍ قال سمعت أبا عبدِ اللهِ عليه السلام يقُولُ ثلاثةٌ لا ينظُرُ اللَّهُ إِليهم يوم القيامةِ ولا يُزَكِّيهِم ولهم عذابٌ أَلِيمٌ منِ ادّعى إمامةً مِن الله ليست له و من جحد إماماً من الله ومن قال إِنَّ لِفُلانٍ وفُلانٍ فِي الإِسلامِ نَصِيباً.(6)

3 - عن أبي عبد الله عليه السلام يقُولُ ثلاثةٌ لا يُكلّمُهُمُ الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم من ادعى من الله إمامة ليست له ومن جحد إماماً من الله ومن زعم أن لهما في الإسلام نصيباً.(7)

أقول : في مرجع ضمير "هما" وجهان . الوجه الأول؛ أنه يتعلق بالجبت والطاغوت أعني المتخلف الأول و الثاني و الوجه الآخر ؛ أنه يتعلق بالطائفتين المذكرورتين في صدر الرواية فمعناه يكون : من زعم أن لمنكر الإمامة من الله أو لمدعيها بغير الحق نصيب في الإسلام . ولا يخفى أن الأول هو الأقرب لوجود القرينة في الروايات المذكورة قبلها .

ص: 500


1- البقرة : 181
2- مثالب النواصب 3 : 67
3- البقرة : 174.
4- آل عمران : 77.
5- تفسير العياشي 1 : 178 ح 65 ، بحار الأنوار 31 :605 و البرهان في تفسير القرآن 1 :644 ح 1754.
6- الكافي 1 : 374 ح 12 ، تفسير العياشي 1 : 178 ح 10 ، تقريب المعارف : 249 ، الخصال 1 : 106 ح 69 ، وسائل الشيعة 28 : 349 ح 34936 ، مستدرك الوسائل 18 : 175 ح 22437 ، بحار الأنوار 8 :363 ح40 و البرهان في تفسير القرآن 1 : 644 ح 64 ح 1754.
7- الغيبة للنعماني : 112 ، الوافي 2 : 180 ، تأويل الآيات :120 ، وسائل الشيعة 21 : 349 ح 34936 ، تقريب المعارف : 249 ، طرف من الأنباء والمناقب : 281 و مستدرك الوسائل 18 : 178 ح 22439.

ثلاثة لا يصعد عملهم إلى السماء

1 - عن سلام بن سعيد المخزومي، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: ثلاثة لا يصعد عملهم إلى السّماءِ ولا يُقبل منهم عمل: من مات ولنا أهل البيتِ في قلبِهِ بُغض، و من تولّى عدوّنا، و من تولى فلاناً و فلاناً.(1)

في ما ورد في كفرهم

1- قال عبد الله بن كثير عنِ الصّادِقِ عليه السلام في خبر: هُما و الله أوّلُ من ظلمنا حقنا وحملا الناس على رقابنا و جلسا مجلساً نحن أولى به مِنهُما فلا غفر الله لهما ذلك الذنب كافِرانِ و من يتولّهما كافِر يعني عدوّينِ له وكان معنا في المجلسِ رجُلٌ مِن أَهلِ خُراسان يُكنّى بِأَبِي عبدِ اللَّهِ فتغيّر لون الخراساني لما أن ذكرهُما فقال لهُ الصَّادِقُ عليه السلام لعلك ورعت عن بعض ما قلنا قال قد كان ذلك يا سيدي قال فهلا كان هذا الورعُ ليلة نهر بلخ حيث أعطاك فلان بن فلانٍ جاريته لتبيعها فلما عبرت النهر فجرت بها في أصل شجرة كذا وكذا قال قد كان ذلك ولقد أتى على هذا الحدِيثِ أربعون سنةً ولقد تُبتُ إِلى اللهِ مِنهُ قال يتُوبُ عليك إن شاء الله.(2)

2 - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من ادّعى الإمامة وليس من أهلها فهو كافر.(3)

3 - عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام أنه قال: وقد سألهُ رجُلٌ عن القائم عليه السلام يُسلّم عليه بإمرة المؤمِنِين قال لا ذاك اسمٌ سَمّى اللَّهُ بِه أمير المؤمنين عليه السلام و لم يتسمّ بِهِ أحدٌ قبله ولا يتسمّى بِهِ بعدهُ إِلَّا

كافِرُ قال قُلتُ فكيف يُسلّم على القائم عليه السلام قال تقُولُ السّلامُ عليك يا بقيّة اللهِ ثُم قرأ ﴿بقِيتُ اللهِ خيرٌ لكُم إِن كُنتُم مُؤْمِنِين﴾.(4)و(5)

ص: 501


1- تقريب المعارف : 248 وبحار الأنوار 383:30.
2- مناقب آل أبي طالب 4 : 245.
3- الكافي 1 : 372 ح 2 ، ثواب الأعمال و عقاب الأعمال : 206 و بحار الأنوار 25 : 112 ح 7.
4- هود : 86.
5- تفسير فرات الكوفي 1 : 193 ، تأويل الآيات : 191 وبحار الأنوار 24 : 212.

4 - قال رجُلٌ لجعفرِ بنِ محمّدٍ عليهما السلام لنُسلّمُ على القائم بإمرة المؤمنين قال لا ذلك اسم سَماهُ اللهُ أَمِير المؤمِنِين لا يُسمّى بِهِ أحدٌ قبله ولا بعده إلّا كافِرُ قال فكيف نُسلّمُ عليهِ قال تقُولُ السّلام عليك يا بقيّة الله قال ثُم قرأ جعفر عليه السلام ﴿بقيت الله خيرٌ لكُم إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ﴾.(1)و(2)

5- عن أبي حمزة الثُّمالي عن عليّ بنِ الحُسين عليهما السلام قال: قُلتُ لَهُ أسألُكَ جُعِلتُ فِداك عن ثلاث خصالٍ أنني عنّي فيه التقيّة قال فقال ذلك لك قُلتُ أسألك عن فُلانٍ وفُلانٍ قال فعليهما لعنة الله بلعناتِهِ كُلّها ماتا واللهِ و هُما كافِرانِ مُشركانِ بِاللهِ العَظِيمِ ثُمَّ قُلْتُ الأَمةُ يُحيون الموتى ويُبرِءون الأكمه والأبرص ويمشون على الماء قال ما أعطى الله نبياً شيئاً قط إِلَّا وقد أعطاه محمداً صلى الله عليه آله و أعطاه ما لم يكُن عندهُم قُلتُ وكُلُّ ما كان عِند رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله فقد أعطاه أمير المؤمِنين عليه السلام قال نعم ثُمّ الحسن والحسين عليهما السلام ثُمَّ مِن بعد كُل إمام إماماً إلى يوم القيامةِ مع الزيادةِ الَّتِي تحدثُ فِي كُلِّ سنةٍ وفِي كُلِّ شهرِثُم قال إِي واللهِ في كل ساعة.(3)

6- عن أبي ذر رحمه الله قال قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله من نازع عليّاً في الخلافة بعدي فهو كافِرُو قد حارب الله و رسوله و من شكّ فِي علي فهو كافِرٌ.(4)

7- عن عبد الله بن طاووس عن أبِيهِ عَنِ ابنِ عباس قال: كُنَّا جُلُوساً مع النّبي صلى الله عليه وآله إذ دخل علي بن أبي طالب عليه السلام فقال السّلامُ عليك يا رسول الله قال وعليك السّلامُ يا أمير المؤمِنِين ورحمة الله وبركاته فقال علي عليه السلام و أنت حيّ يا رسُول الله قال نعم وأنا حي يا علي مررت بنا أمس يومنا و أنا و جبرئيل في حديث ولم تُسلّم فقال جبرئيل عليه السلام ما بال أمير المؤمِنين مرّبنا ولم يُسلّم أمّا و الله لوسلّم لسُرِرنا و رددنا عليه فقال علي عليه السلام يا رسول الله رأيتُك ودِحية

ص: 502


1- هود : 86.
2- بحار الأنوار 52 : 373 ح 165 وإثبات الهداة 5 :60 ح42.
3- بصائر الدرجات 1 : 269 ح 2 ، الخرائج و الجرائح 2 : 583 ح 1 ، مدينة معاجز الأئمة 3 :514 ، بحار الأنوار 18 : 7 ح 7 و 30 : 381 وينابيع المعاجز: 171.
4- بحار الأنوار 38 : 135 ح 92.

استخليتُما في حديث فكرهتُ أن أقطع عليكُما فقال له النبيُّ صلى الله عليه وآله إِنَّهُ لم يكُن دحية و إنما كان جبرئيل عليه السلام فقُلتُ يا جبرئيل كيف سميته أمير المؤمنين فقال كان الله أوحى إلي في غزوة بدر أن اهبط على محمّدٍ فأمره أن يأمر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن يجول بين الصّفّينِ فسمّاهُ بِأَمِيرِ المؤمِنِين فِي السّماءِ فأنت يا عليُّ أمير المؤمِنِين في السماء فأنت يا عليُّ أمير المؤمنين في الأرضِ لا يتقدّمُك بعدِي إِلَّا كافِرُ ولا يتخلّفُ عنك بعدِي إِلَّا كَافِرُو إِنَّ أهل السّماواتِ يُسمونك أمير المؤمنين.(1)

8- عن أبي حمزة الثمالي عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال: قُلتُ له: أسألك عن فلانٍ و فلانٍ ؟. قال: فعليهما لعنة الله بلعناتِهِ كُلّها، ماتا واللهِ كَافِرَينِ مُشرِكَينِ بِاللهِ العَظِيمِ.(2)

9 - قال أبو جعفر عليه السلام من ادعى مقامنا يعني الإمامة فهو كافر أو قال مُشرِكٌ .(3)

10- عن علي بن الحسين عليهما السلام، قال: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم؛ من جحد إماماً من الله أو ادّعى إماماً من غير الله ، أو زعم أن لفلان و فلانٍ في الإسلام نصيباً.(4)

11 - عن عبدِ اللهِ بنِ أَبِي يعفُورٍ قال سمعت أبا عبدِ الله عليه السلام يقُولُ ثلاثة لا ينظُرُ اللَّهُ إِليهم يوم القيامة ولا يُزكّيهم ولهم عذابٌ أَلِيمٌ من ادعى إمامةً مِن الله ليست له و من جحد إماماً من الله ومن قال إنّ لِفُلانٍ وفُلانٍ فِي الإِسلامِ نصِيباً.(5)

12- عن عبدِ الرّحمنِ بنِ كَثِيرٍ عن أبي عبدِ اللهِ عليه السلام في قول الله عزّ و جل ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ

ص: 503


1- التحصين : 569 ، اليقين : 241 ، تأويل الآيات : 191 و بحار الأنوار 37 : 307 30 ح 39.
2- بحار الأنوار 30 : 145 ح1.
3- بحار الأنوار 25 : 114 ح 16.
4- الكافي 1: 374 ح 12 ، تقريب المعارف : 249 ، الخصال 1 : 106 ح 69 ، البرهان في تفسير القرآن 644:1 ح 1754 ، بحار الأنوار 8 :363 ح40 ، مستدرک الوسائل 18 : 175 ح 22437 و وسائل الشيعة 28 : 349 : ح 34936.
5- مستدرك الوسائل 18 : 175 ح 22437.

كفرُوا ثُمَّ آمِنُوا ثُمّ كفرُوا ثُمَّ ازدادوا كفراً﴾(1) ﴿لن تُقبل توبتهم﴾(2) قال نزلت في فلان وفلان و فلانٍ آمَنُوا بِالنّبي صلى الله عليه واله في أول الأمر و كفرُوا حيثُ عُرضت عليهِمُ الولايةُ حِين قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله من كنت مولاه فهذا علي مولاه ثُمَّ آمَنُوا بِالبيعة لأمير المؤمِنِين عليه السلام ثُمَّ كَفَرُوا حيثُ مضى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فلم يقرُّوا بِالبيعة ثم ازدادوا كفراً بِأخذهم من بايعه بالبيعةِ لهم فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء.(3)

13 - عن أبي علي الخراساني عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام قال: كُنتُ معه في بعض خلواتِهِ فقُلتُ إِنَّ لِي عليك حقاً ألا تُخبِرُني عن هذينِ الرّجُلين عن فلان و فلان فقال كافِرانِ كافِرُ من أحبّهما.(4)

ص: 504


1- النساء : 137.
2- آل عمران : 90.
3- الكافي 1 : 420 ح 42 ، بحار الأنوار 23 : 375 ح 57 و 30 : 219: ح 83 ، تأويل الآيات : 148 ، إثبات الهداة 3 : 8 ح 18 و البرهان في تفسير القرآن 2 : 188 ح 2796.
4- مستدرك الوسائل 18 : 178 ح 22438.

عقيدة أهل البيت عليهم السلام وذريتهم الطيبة في هولاء الظلمة

1- قال علي عليه السلام في أوّلِ خُطبة خطبها بعد قتل عُثمان وبيعةِ النَّاسِ لَهُ: قد مضت أُمُورٌ كُنتُم فيها غير محمُودِي الرّأي أما إنّي لو أشاءُ أَقُولُ لقلتُ ﴿ولكن عفا الله عما سلف﴾(1) سبق الرّجُلانِ وقام الثَّالِثُ كالغُرَابِ هِمَتُهُ بطنُهُ و فرجُهُ يا ويله لو قُصّ جناحُهُ وقُطِع رأسه لكان خيراً لهُ «حتى انتهى إلى قوله» و قد أهلك الله فرعون وهامان و قارون.(2)

2 - قال أمير المؤمنين عليه السلام في خُطبتِهِ المشهورة ... أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإِنَّهُ ليعلمُ أنّ محلّي مِنها محلُّ القُطبِ مِن الرّحى ينحدِرُ عنِّي السّيلُ ولا يرقى إلي الطير فصبرتُ وفِي العين قدّى وفي الحلق شجاً أرى ثرائي نهباً حتى إذا حضر أجله جعلها في صاحِبِهِ عُمر فيا عجبا بينا هو يستقيلُها في حياتِهِ إذ عقدها لآخر بعد وفاته في كلامِهِ المشهورِ حتَّى انتهى إلى الشُّورى « ثم ذكر عُمر وقال»: فجعلها شورى في سِتَّةٍ زعم أنّي أحدُهُم فيا اللهِ ولِلشُّورى متى اختلج الريب في مع الأولين حتى صِرتُ أُقرنُ بِهذِهِ النَّظائِرِ «ثُمّ مد في كلامه حتى انتهى إلى بيعةِ عُثمان فذكر عبد الرحمن في اختياره لِعُثمان عليه فقال : و نهض واحِدٌ لضغنِهِ و مال آخرُ لصهره.(3)

3 - عن قدامة بن سعد الثقفي، قال: سألت أبا جعفر علیه السلام عنهما فقال: أدركتُ أهل بيتي وهُم يعيبونهما.(4)

4- عن عبدالرحمن بن أبي عبدِ اللهِ قال: قُلتُ لأبي عبدِ اللهِ عليه السلام إِنَّ الله عزّ و جلّ من علينا بأن عرفنا توحيده ثُمّ من علينا بأن أقررنا بمحمد صلى اله عليه وآله بالرسالةِ ثُمّ اختصنا بِحُبّكُم أهل البيت نتولّاكُم ونتبرأُ من عدوّكُم وإنّما نُرِيدُ بِذلِك خلاص أنفُسنا من النار قال و رققت فبكيتُ فقال أبو عبدِ اللهِ عليه السلام سلني فوالله لا تسألني عن شيءٍ إِلّا أخبرتُكَ بِهِ قال فقال له عبد الملك بن

ص: 505


1- المائدة : 95.
2- الجمل : 172 ، تقريب المعارف : 239 و بحار الأنوار 32 :15.
3- الجمل : 171 و نهج البلاغة خطبة 3.
4- تقريب المعارف : 246 وبحار الأنوار 382:30.

أعين ما سمِعتُهُ قالها لمخلُوقٍ قبلك قال قُلتُ خبرني عنِ الرّجُلين قال ظلمانا حقنا فِي كِتابِ اللهِ عزّوجلّ ومنعا فاطمة عليها السلام ميراثها من أبيها وجرى ظُلمُهُما إلى اليوم قال وأشار إلى خلفه ونبذا كِتاب الله وراء ظُهُورِهما.(1)

5 - عنِ الحارِثِ بنِ المغيرة النّصرِيّ قال: دخلتُ على أبي جعفر عليه السلام فجلستُ عِنده فإذا نجيّةُ قد استأذن عليه فأذن له فدخل فجثا على ركبتيهِ ثُمَّ قال جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أُرِيدُ أن أسألك عن مسألة والله ما أُرِيدُ بِها إِلَّا فكاك رقبتي مِن النّارِ فكأنه رق له فاستوى جالساً فقال له يا نجيّةُ سلني فلا تسألني اليوم عن شيءٍ إِلّا أخبرتُكَ بِهِ قال جُعِلتُ فِداك ما تقُولُ فِي فلان و فلانٍ قال يا نجِيَّةُ إِنّ لنا الخُمس فِي كِتابِ الله ولنا الأنفال و لنا صفو الأموال وهما واللهِ أوّل من ظلمنا حقنا في كِتابِ اللهِ وأول من حمل الناس على رقابنا و دِماؤُنا في أعناقهما إلى يوم القيامةِ بِظُلمنا أهل البيت و إنّ النّاس ليتقلبون في حرام إلى يوم القيامةِ بِظُلمنا أهل البيتِ فقال نجِيَّةُ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إليه راجِعُون(2) ثلاث مراتٍ هلكنا وربّ الكعبة قال فرفع فخِذه عن الوسادة فاستقبل القبلة فدعا بِدُعاء لم أفهم مِنه شيئاً إِلّا أنا سمعناهُ فِي آخِرِ دُعائِهِ وهُو يقُولُ اللَّهُمْ إِنَّا قد أحللنا ذلِك لشيعتنا قال ثُم أقبل إلينا بوجهه وقال يا نجيه ما على فطرة إبراهيم عليه السلام غيرنا و غير شيعتنا.(3)

أقول : يقول المحقق الثاني العلامة الكركي رحمة الله عليه في كتاب الخراجيات بعد نقل هذه الرواية : وهذان الحديثان ونحوهما من الأحاديث الكثيرة مما لا خلاف في مضمونها بين الأصحاب بلا شك ولا مرية، فلا حاجة إلى البحث عن أسنادهما والفحص عن رجالهما، فإن آحاد الأخبار بين محققي الأصحاب والمحصلين منهم إنما يكفي حجة إذا انضم إليها من المتابعات والشواهد وقرائن الأحوال ما يدل على صدقها، فما ظنك بإجماع الفرقة!(4)

ص: 506


1- الكافي 8 : 102 ح 74 ، طرف من الأنباء والمناقب : 478 و بحار الأنوار 265:30.
2- البقرة : 156.
3- تهذيب الأحكام 4 : 145 ح 27 و وسائل الشيعة 549:30 ح 12688.
4- الخراجيات : 59.

6 - عن الحارث الأعور، قال: دخلتُ على علي عليه السلام في بعض الليل، فقال لي: ما جاء بك في هذِهِ السّاعةِ ؟ . قُلتُ : حُبُّك يا أمير المؤمِنين . قال : الله ..؟. قُلتُ: الله . قال: ألا أُحدِّثُكَ بِأَشدّ النّاسِ عداوةً لنا وأشدّهِم عداوةً لمن أحبّنا ؟ . قُلتُ: بلى يا أمير المؤمنين، أما والله لقد ظننتُ ظنّاً. قال: هاتِ ظنّك. قُلتُ: فلان وفلانٌ . قال : ادنُ مِنِّي يا أعورُ، فدنوتُ مِنهُ، فقال: ابرأ منهما .. برى الله منهما. وفي روايةٍ أُخرى: إِنِّي لأتوهم توهماً فأكره أن أرمِي بِهِ بريئاً، فلان وفلانٌ. فقال: إي والّذِي فلق الحبة وبرأ النسمة إنهما لهما ظلماني حقي و نقصانِي رِيقي و حسداني و آذياني، وإِنَّهُ ليُوذِي أهل النّارِ ضجِيجُهُما و رفعُ أصواتهما وتعيير رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله إياهما.(1)

7- عن أميرالمؤمنين صلوات الله عليه فقال: ما لنا ولِقُريش ! و ما تُنكِرُ مِنًا قُريش غيرأنا أهلُ بيتٍ شيّد الله فوق بنيانِهِم بُنياننا، وأعلى فوق رُءُوسِهِم رُءُوسنا، واختارنا الله عليهم، فنقموا على الله أن اختارنا عليهم ، وسخطوا ما رضي الله، وأحبوا ما كره الله ، فلما اختارنا الله عليهم شركناهُم في حريمنا ، وعرّفناهُمُ الكِتاب والنُّبُوّة وعلمناهُمُ الفرض والدِّين، وحفظناهُمُ الصُّحُف والزُّبُر، وديناهُمُ الدِّين والإسلام، فوثبوا علينا، وجحدوا فضلنا، ومنعونا حقنا، و ألتُونا أسباب أعمالِنا وأعلامنا اللّهُم فإنّي أستعدِيك على قُريش فخُذ لِي بِحَقِّ مِنها، ولا تدع مظلمتي لديها، وطالبهم يا ربّ بحي ، فإنّك الحكم العدل، فإِن قُريشاً صغرت عظِيم أمري واستحلّتِ المحارم مِنّي، واستخفّت بِعِرضي و عشيرتي ، و قهرتني على ميراثي من ابنِ عمّي وأغروا بي أعدائي، ووتروا بيني وبين العرب والعجم ، وسلبوني ما مهدتُ لنفسي من لدن صباي بِجُهدِي وكدّي ، و منعُونِي ما خلّفه أخي و جسمي وشقيقي، وقالوا: إنك لحريص متهم ! أليس بنا اهتدوا مِن متاهِ الكُفْرِ، ومِن عمى الضَّلالة وعِيّ الظلماء، أليس أنقذتهُم مِن الفتنة الصّمّاء، والمحنة العمياء ؟ ويلهم ! ألم أُخلّصهُم مِن نِيرانِ الطَّعَاةِ، وكرَةِ العُتاةِ، وَسُيُوفِ البغاة، ووطأة الأسد، و مُقارعة الطماطمة، ومُماحكةِ القماقِيةِ، الَّذِين كانُوا عُجم العرب، وغُنم الحُروبِ ، وقُطب الإقدام، وجبال القِتالِ، وسهام الخطوب، وسلّ السُّيُوفِ،

ص: 507


1- تقريب المعارف : 242 و بحار الأنوار 379:30.

أليس بي كان يقطعُ الدروع الدّلاص، وتصطلِمُ الرِّجال الحراص، وبي كان يفري جماجم البهم، وهام الأبطال، إذا فزعت تيم إلى الفرار، وعدِيٌّ إلى الإنتكاص ؟! أما وإنّي لو أسلمتُ قُريشاً للمنايا و الحُتُوفِ ، وتركتها فحصدتها سُيُوفُ الغوانم، ووطأتها خُيُولُ الأعاجم، وكراتُ الأعادِي، و حملات الأعالي ، وطحنتهم سنابك الصافنات و حوافِرُ الصَّاهِلاتِ، في مواقِفِ الأزلِ و الهزلِ فِي ظِلالِ الأعِنّة وبريق الأسِنّة ، ما بقُوا لهضمي، ولا عاشوا لِظلمِي، ولما قالُوا: إِنَّكَ لحَرِيصٌ متهم ! اليوم نتواقفُ على حُدُودِ الحق والباطل ، ﴿اللهم افتح بيننا وبين قومنا بالحق﴾(1) ، فإنّي مهدتُ مِهاد نُبُوَّةِ محمّدٍ صلى الله عليه وآله ، و رفعتُ أعلام دينك، وأعلنتُ منار رسولك ، فوثبوا علي و غالبوني ونالوني و واتروني ..

فقام إليهِ أبو حازِمِ الأنصارِيُّ فقال : يا أمير المؤمِنِين ! أبوبكر و عُمرُ ظلماك ؟ أحقك أخذا؟ وعلى الباطِلِ مضيا؟ أعلى حقٍ كانا؟ أعلى صواب أقاما ؟ أم ميراثك غصبا ؟ أفهمنا لنعلم باطلهم من حقك ؟ أو نعلم حقهُما مِن حقك ؟

أبزاك أمرك ؟ أم غصباك إمامتك ؟ أم غالباك فيها عزّاً ؟ أم سبقاك إليها عِجلًا فجرت الفتنة ولم تستطع منها استقلالا ؟! فإنّ المهاجرين والأنصار يظنّانِ أنهما كانا على حق وعلى الحُجّةِ الواضحة مضيا.

فقال صلوات الله عليه: يا أخا اليمن ! لا يحقِّ أخذا، ولا على إصابة أقاما، ولا على دين مضيا، ولا على فتنةٍ خشيا، يرحمك الله، اليوم نتواقف على حُدُودِ الحقِّ والباطِلِ ! أتعلمون يا إخواني أنّ بنِي يعقوب على حق ومحجّةٍ كانُوا حِين باعُوا أخاهُم ، وعقُوا أباهم، وخانُوا خالقهم، وظلمُوا أنفسهم ؟!

فقالوا: لا.

فقال: رحمكُمُ الله ، أ يعلمُ إخوانك هؤلاء أن ابن آدم قاتل الأخ كان على حق ومحجّة وإصابة و أمره من رضى الله ؟.

فقالوا: لا.

فقال: أو ليس كُلُّ فعل بِصاحِبِهِ ما فعل لِحسدِهِ إِياه وعُدوانِهِ وبغضائِهِ لهُ ؟.

ص: 508


1- الأعراف : 89.

فقالوا: نعم.

قال: وكذلك فعلابي ما فعلا حسداً، ثُمَّ إِنَّهُ لم يتب على وُلدِ يعقوب إِلّا بعد استغفار و توبةٍ، و إقلاع و إنابة، وإقرار، ولو أن قريشاً تابت إلي واعتذرت من فعلها لأستغفرتُ الله لها.

ثُمَّ قال: إِنّما أُنطِقُ لَكُمُ العجماء ذات البيان، وأُفصِحُ الخرساء ذات البرهان، لأنّي فتحتُ الإسلام، ونصرت الدين، وعززت الرسول، وثبت أركان الإسلام، وبينت أعلامه، وعليتُ مناره، وأعلنتُ أسراره، وأظهرت آثاره و حاله، وصفّيتُ الدّولة، ووطنتُ للماشي والراكب، ثمّ قدتُها صافيةً، على أنِّي بِها مُستَأثِراً.

ثُم قال بعد كلام: ثُمّ سبقنِي إِليهِ التّيمِيُّ والعدوي كسُبَاقِ الفرس احتيالًا واغتيالا، و خُدعةً و غلبة.

ثم قال بعد كلام: اليوم أنطق الخرساء ذات البرهان، و أُفصِحُ العجماء ذات البيانِ ، فَإِنَّهُ شارطني رسولُ الله صل الله عليه وله في كُلّ موطنٍ مِن مواطِنِ الحُرُوبِ، وصافقني على أن أُحارِب لِله و أُحامِي الله ، وأنصُر رسول الله صلى الله علي وآله جهدي و طاقتي وكدحي، وكدّي، وأحامي عن حريم الإسلام، وأرفع عن إطنابِ الدِّينِ، و أُعِزّ الإسلام وأهله، على أن ما فتحت وبينتُ عليه دعوة الرسول صلى الله عليه وآله و قرأتُ فِيهِ المصاحف، وعبد فِيهِ الرّحمنُ ، وفُهِم بِهِ القُرآنُ، فَلِي إِمَامَتُهُ و حله وعقده، وإصداره و إيراده، ولفاطمة فدك ويما خلفهُ رَسُولُ اللهِ صلى اله عليه واله النصف، فسبقاني إلى جميع نهاية الميدان يوم الرهان، وما شككتُ فِي الحَقِّ مُنذُ رأيتُهُ، هلك قوم أُرجِفُوا عنِّي أَنَّهُ لم يُوجِس مُوسى في نفسِهِ خِيفَةً ارتياباً ولا شكّاً فيما أَتَاهُ مِن عِندِ اللهِ ، ولم أَشكُك فيما أتاني من حق الله ، ولا ارتبتُ في إمامي و خلافةِ ابنِ عمّي و وصِيَّةِ الرَّسُولِ، وَإِنّما أشفق أخُو مُوسى مِن غلبةِ الجُهَالِ، و دُولِ الضَّلال، وغلبةِ الباطِلِ على الحقِّ، و لما أنزل الله عزّوجلّ: ﴿و آتِ ذَا القُربى حقه﴾(1) دعا رسُولُ الله صلى الله عليه وآله فاطمة فنحلها فدك وأقامني للنّاسِ علماً و إماماً، و عقد لي و عهد إلي فأنزل الله عزّو جلّ:

ص: 509


1- الإسراء : 26.

﴿أطِيعُوا الله وأطِيعُوا الرَّسُول و أُولِي الأمر منكم﴾(1) فقاتلتُ حق القتال، وصبرت حق الصبر، على أنه أعزّتيماً وعدِيّاً على دِينِ أتت بِهِ تيم و عَدِيٌّ ، أم على دين أتى به ابنُ عمّي و صنوي و جسمِي، على أن أنصُرتيماً وعدِيّاً أم أنصر ابن عمّي و حتي ودِينِي وإمامتي؟ وإنّما قُمتُ تِلك المقاماتِ، واحتملت تلك الشّدائِد، وتعرّضتُ لِلحُتُوفِ على أن يُصِيبنِي مِن الآخِرَةِ مُوفّراً، و إني صاحِبُ محمّدٍ و خليفتُهُ ، وإمامُ أُمَّتِهِ بعده، وصاحِبُ رابتِهِ فِي الدُّنيا والآخِرة.

اليوم أكشِفُ السريرة عن حقي، وأُجلي القذى عن ظلامتي، حتى يظهر لأهلِ اللُّبِ والمعرفة أنّي مُذلّل مُضطهد مظلُومٌ معْصُوبٌ مقهُورٌ محقُورٌ ، و أنهُمُ ابتزُوا حقي، واستأثرُوا بمِيراني !.

اليوم نتواقفُ على حُدودِ الحقِّ والباطِلِ من استودع خائِناً فقد غش نفسه، من استرعى ذئباً فقد ظلم، من ولي غشوماً فقد اضطهد هذا موقف صدقٍ، و مقام أنطِقُ فِيهِ بِحَقِّي، وأكشِفُ السترو الغُمّة عن ظلامتي ! يا معشر المجاهدين المهاجرين والأنصار! أين كانت سبقه تيم و عدي إلى سقيفة بني ساعدة خوفُ الفِتنة ؟! ألا كانت يوم الأبواء إذ تكانفت [تكاثفت] الصُّفُوفُ، وتكاثرتِ الحُتُوفُ، وتقارعتِ السُّيُوفُ ؟ أم هلا خشيا فتنة الإسلام يوم ابنِ عبدِ وُد و قد نفخ بِسيفِهِ ، و شمخ بِأنفه، وطمح بِطرفِهِ ؟! ولم لم يُشفِقا على الدِّينِ وأهلِهِ يوم بواط إذا اسود لونُ الأُفُقِ ، واعوج عظمُ العُنُقِ، وانحلّ سيل الغرقِ ؟ ولم يُشفِقا يوم رضوى إِذِ السّهامُ تطير، والمنايا تسير، والأسد تزارُ؟

و هلا با درا يوم العُشيرة إذا الأسنان تصطلُّ، والآذان تستكُ، والدُّرُوعُ تُهتك ؟

و هلا كانت مُبادرتهما يوم بدر، إذ الأرواحُ فِي الصُّعداء ترتقي، والجياد بالصناديد ترتدي، و الأرضُ مِن دِمَاءِ الأبطالِ ترتوي ؟ ولِم لم يُشفِقا على الدِّينِ يوم بدر الثانية، والرعابيب ترعب، والأوداج تشخُبُ ، والصُّدُورُ تُخضب ؟ أم هلا بادرا يوم ذاتِ اللُّيُوثِ ، وقد أُبيح المتولب التولبُ]، واصطلم الشوقبُ ، و ادلهم الكوكب ؟! ولم لا كانت شفقتهما على الإسلام يوم الكدِرِ، والعُيُونُ تدمعُ، والمنيّة تلمعُ، والصفائح تنزعُ ..

ص: 510


1- النساء : 59.

ثم عدد وقائع النبي صلى الله عليه واله كلها على هذا النسق، و قرعهما بأنهما في هذِهِ المواقِفِ كُلّها كانا مع النظارة والخوالف و القاعِدِين ، فكيف بادرا الفتنة بزعمِهِما يوم السقيفة وقد توطأ الإسلام بسيفه، واستقر قراره، و زال حِذاره.

ثم قال بعد ذلك كله: ما هذه الدهماء و الدهياء التي وردت علينا من قريش ؟! أنا صاحِبُ هذِهِ المشاهِدِ و أبو هذِهِ المواقف، وابنُ هذِهِ الأفعالِ يا معشر المهاجرين والأنصار! إِنِّي على بصيرة مِن أمري، وعلى ثقةٍ مِن دِينِي، اليوم أنطقتُ الخرساء البيان، وفهمت العجماء الفصاحة، و أتيتُ العمياء بِالبُرهان، ﴿هذا يومُ ينفعُ الصَّادِقِين صِدقُهُم﴾(1) قد توافقنا على حُدُودِ الحق و الباطِلِ، وأخرجتُكُم مِن الشُّبهة إلى الحقِّ، و مِن الشّاةِ إِلى اليقين، فتبرءُ وا رحمكُمُ اللَّهُ يُمن نكث البيعتين، وغلب الهوى بِهِ فضل و أبعِدُوا رحمكُمُ اللهُ ممن أخفى الغدر وطلب الحق من غير أهلِهِ فتاه ، والعنُوا رحمكُمُ اللهُ من انهزم الهزيمتينِ إِذ يَقُولُ اللَّهُ: ﴿إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زحفاً فلا تُولُوهُمُ الأدبار و من يُولّهم يومئِذٍ دُبُرهُ إِلَّا مُتحرّفاً لِقِتال أو مُتحيّزاً إلى فِئَةٍ فقد باء بغضبٍ مِن الله﴾(2)، وقال: ﴿و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتُكُم فلم تُغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأَرضُ بِما رحبت ثُمّ ولّيتُم مُدبِرِين﴾(3). واعْضِبُوا رحمكُمُ الله على من غضب الله عليهم، وتبرّءُوا رحمكُمُ اللهُ مِمَن يَقُولُ فِيهِ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله: يرتفع يوم القيامةِ رِيحٌ سوداء تختطِفُ مِن دُونِي قوماً من أصحابي من عُظماء المهاجِرِين، فأقُولُ: أصيحابي. فيُقالُ: يا محمد! إِنَّكَ لا تدري ما أحدثوا بعدك . وتبره وا رحمكُمُ اللهُ مِن النّفسِ الضَّالِ مِن قبل أن يأتي: ﴿يوم لا بيع فيه ولا خِلال﴾(4) فيقُولُوا: ﴿ربنا أرنا الذين أضلانا مِن الجِنِّ والإِنسِ نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين﴾(5) و من قبل أن يقُولُوا: ﴿يا حسرتى على ما فرطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وإِن كُنتُ لمن

ص: 511


1- المائدة : 119.
2- الأنفال : 15 و 16.
3- التوبة : 25.
4- إبراهيم : 31.
5- فصلت : 29.

الساخِرِين﴾(1) أو يقُولُوا: ﴿وما أضلَّنَا إِلَّا المجرِمُون﴾(2) أو يقُولُوا: ﴿ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراء نا فأضلُّونا التسبيلا﴾(3)، إن قريشاً طلبت السعادة فشقيت، وطلبت النّجاة فهلكت، وطلبتِ الهداية فضلت إن قريشاً قد أضلت أهل دهرها و من يأتي من بعدها من القُرُونِ، إن الله تبارك اسمه وضع إمامتِي فِي قُرآنِهِ فقال: ﴿والذين يبيتُون لِرَبِّهِم سُجَّداً وقِياماً والَّذِين يَقُولُون ربنا هب لنا من أزواجنا و ذُرِّياتِنا قُرّة أعين واجعلنا للمتقين إماماً﴾(4)، وقال: ﴿وَالَّذِينَ إِن مكَّنَاهُم في الأرضِ أقامُوا الصَّلاة وآتوا الزكاة و أمرُوا بِالمعروف و نهوا عن المنكر و لِلَّه عاقِبَةُ الأُمور﴾(5).

و هذِهِ خُطبة طويلة. وقد قال صلوات الله عليهِ في بعض مقاماتِهِ كلاماً لولم يقُل غيره لكف قولُهُ صلوات الله عليه: أنا وليُّ هذا الأمرِدُون قُريش، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: الولاء لمن أعتق، فجاء رسُولُ الله صلى الله عليه وآله بِعِتقِ الرِّقابِ مِن النّارِ، ويعتقها من السيف، وهذان لما اجتمعا كانا أفضل مِن عِتقِ الرِّقابِ مِن الرِّقِ ، فما كان لِقُريش على العربِ بِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله كان لبني هاشم على قريش، و ما كان لبني هاشِمٍ على قُريش بِرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله كان لي على بني هاشم، لقول رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يوم غدِيرِ خُمّ: «من كُنتُ مولاه فعليٌّ مولاه».(6)

8- عن حنانِ بنِ سدير عن أبيه قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عنهما فقال يا أبا الفضل ما تسألني عنهما فوالله ما مات مِنا ميّت قط إِلّا ساخطاً عليهما وما مِنّا اليوم إِلَّا ساخطاً عليهما يُوصِي بذلك الكبِيرُ مِنّا الصغير إنهما ظلمانا حقنا ومنعانا فيئنا وكانا أوّل من ركب أعناقنا و بثقا علينا بثقاً في الإسلام لا يُسكرُ أبداً حتى يقوم قائمنا أو يتكلّم مُتكلّمُنا ثُمَّ قال أما والله لو

ص: 512


1- الزمر: 56.
2- الشعراء : 99.
3- الأحزاب : 67.
4- الفرقان : 64 و 74.
5- الحج : 41.
6- مناقب آل أبي طالب 2 : 46 ، العدد القوية : 189 ، الصراط المستقيم 42:2 ، علم اليقين 2 :884 و بحار الأنوار 29 : 558 ح 10.

قد قام قائمنا أو تكلّم متكلّمنا لأبدى مِن أُمُورِهما ما كان يُكتم و لكتم مِن أُمُورِهِما ما كان يُظهرُو اللَّهِ ما أُتيست من بليّة ولا قضيّة تجري علينا أهل البيتِ إِلَّا هُما أسسا أوّلها فعليهما لعنةُ اللهِ و الملائكة والناس أجمعين.(1)

9 - عن الربيع بن المنذر عن أبيه قال سمعتُ الحسن بن علي عليهما السلام يقُولُ إِنَّ أبا فلان و فلان عمدا إلى هذا الأمر وهو لنا كُلُّهُ فأخذاه دوننا وجعلالنا فيه سهماً كسهم الجدة أما والله لتُهمّنهُما أَنفُسُهُما يوم يطلُبُ النّاسُ فِيهِ شفاعتنا.(2)

10 - عن المنذِرِ الثّوري، قال: سمعتُ الحسين بن علي عليهما السلام يقُولُ: إِنَّ أبا بكر و عُمر عمدا إلى الأمر وهو لنا كُلُّهُ فجعلالنا فِيهِ سهماً كسهم الجدّة، أما واللهِ لِيهُمُّ بِهِمَا أَنْفُسُهُما يوم يطلُبُ النّاسُ فِيهِ شفاعتنا.(3)

11- عن محمد بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي قال: أخبرني ابن أخي الأرقط ، قال: قُلتُ لِجعفرِ بنِ محمّد عليهما السلام يا عمّاهُ إِنِّي أتخوّفُ عليّ وعليك الفوت أو الموت ولم يُفرش لي أمر هذين الرّجُلين ، فقال لي جعفر عليه السلام : ابرأ مِنهُما برأ اللهُ ورَسُولُهُ مِنهُما.(4)

12- عن عبدِ اللهِ بنِ سِنانٍ ، عن جعفر بن محمّدٍ عليهما السلام قال قال لي: أبو فلان وفلان صنما قريش اللذان يعبدونهما.(5)

13- عن اسماعيل بن يسار، عن غير واحد عن جعفر بن محمّدٍ عليهما السلام قال: كان إذا ذكر رمع زناه، وإذا ذكر أبا جعفر أبا الدوانيق زنّاه، ولا يُزنّي غيرهما.(6)

ص: 513


1- الكافي 8 : 245 ح 340 ، طرف من الأنباء والمناقب : 478 ، مرآة العقول 26 : 213 ح240 ، تأويل الآيات : 124 والوافي 2 : 3 ح 666.
2- الأمالي للمفيد : 48 ح 8 و بحار الأنوار 30 : 236.
3- تقريب المعارف : 243 و بحار الأنوار 380:30.
4- تقريب المعارف : 248 ، طرف من الأنباء والمناقب : 229 و بحار الأنوار 30 : 384.
5- تقريب المعارف : 248 وبحار الأنوار 384:30.
6- تقريب المعارف : 248 و بحار الأنوار 384:30.

14 - عن إسحاق بن عمار الصيرفي عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال قُلتُ جُعِلتُ فِداك حدّثني فيهما بحديث فقد سمعتُ عن أبيك فيهما أحاديث عدة قال فقال لِي يا إِسحاقُ الأولُ بِمنزِلِةِ العِجلِ والثَّانِي بِمنزلةِ السّامِرِي قال قُلتُ جُعِلتُ فِداك زدنِي فِيهما قال هما و الله نصرا و هودا و مجسا فلا غفر الله لهما قال قُلتُ جُعِلتُ فِداك زدنِي فِيهما قال ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يُزَكِّيهِم وهُم عذابٌ أَلِيمٌ قال قُلتُ جُعِلتُ فِداك فمن هم قال رجُلٌ ادّعى إماماً من غير الله وآخرُ طغى فِي إِمَامٍ مِن الله وآخرُ زعم أن لهما في الإسلامِ نصِيباً قال قُلتُ جُعِلتُ فِداك زدني فيهما قال ما أبالي يا أبا إسحاق محوتُ المحكم من كِتابِ اللهِ أو جحدث مُحمّداً النُّبوّة أو زعمت أن ليس في السّماءِ إِلهُ أو تقدّمتُ على علي بن أبي طالب عليه السلام قال قُلتُ جُعِلتُ فِداك زدني قال فقال يا إِسحاقُ إِنَّ فِي النَّارِ لوادِياً يُقالُ له يُحِيطُ لو طلع مِنهُ شرارة لأحرق من على وجه الأرضِ و إنّ أهل النّارِ يتعوّذون مِن حرّذلك الوادي و نتنه و قذره و ما أعد اللهُ فِيهِ لِأَهْلِهِ و إِنَّ فِي ذلِك الوادِي لجبلا يتعوّذُون أهلُ ذلِك الوادِي من حرذلك الجبل ونتنه و قذره و ما أعد اللهُ فِيهِ لِأَهْلِهِ وإِنَّ فِي ذلِك الجبل لشعباً يتعوّذُ جميعُ أهل ذلِك الجبل مِن حرّ ذلك الشعبِ مِن نتنِهِ وقذره وما أعد اللهُ فِيهِ لِأهْلِهِ وإِنَّ فِي ذلِك الشَّعب لقليباً يتعوّذُ أَهلُ ذلِك الشّعبِ مِن حرّذلِك القَلِيبِ ونتنِهِ و قذره وما أعد اللهُ فِيهِ لِأَهْلِهِ و إِنَّ فِي ذلِك القَلِيبِ لحيّةً يتعوّذُ جميعُ أهل ذلِك القليبِ مِن خُبثِ تِلك الحيّة ونتنها و قدرها و ما أعد الله عزّ و جلّ في أنيابها مِن السّمّ لأهلها و إنّ في جوفِ تِلك الحيّةِ لسبع صناديق فيها خمسةٌ مِن الأُمم السالفة و اثنانِ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ قال قُلتُ جُعِلتُ فِداك ومن الخمسة و من الإثنانُ قال أما الخمسة فقابِيلُ الذي قتل هابيل و نمرود الذي حاج إبراهيم في ربّهِ ... قال أنا أُحيِي و أُمِيتُ و فرعونُ الَّذِي قال أنا ربُّكُمُ الأعلى ويهودا الَّذِي هوّد اليهود وبولس الَّذِي نصر النصارى و مِن هَذِهِ الأُمَّةِ أعرابيانِ.(1)

15- عن علي بن سويد قال: كتبتُ إلى أبي الحسن موسى عليه السلام وهو في الحبس كِتاباً أسأله عن حاله و عن مسائل كثيرة فاحتبس الجواب عليّ أشهراً ثُمَّ أَجابَنِي بِجوابٍ هذِهِ نُسختُهُ بِسمِ الله

ص: 514


1- ثواب الأعمال وعقاب الأعمال : 215 ، المحتضر : 68 وبحار الأنوار 23 : 84 ح 25 و 303:24 - 15.

الرحمن الرحيم الحمد لله العلي العظيمِ الَّذِي بِعظمتِهِ و نُورِه أبصر قُلُوب المؤمِنِين وبعظمتِهِ و نُوره عاداه الجاهِلُون وبعظمتِهِ و نُورِه ابتغى من فِي السّماواتِ و من فِي الأرضِ إِليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المتضادّة فصيبٌ ومُخطِيٌّ وضالٌ ومُهتدٍ وسَمِيعٌ وأَصمُّ وبَصِيرُ و أعمى حيران فالحمد لله الذي عرف و وصف دينهُ مُحمّد صلى الله عليه وآله أمّا بعدُ فَإِنَّكَ امْرُو أَنزلك اللهُ مِن آلِ محمّدٍ بِمنزِلةٍ خاصّةٍ و حفظ مودّة ما استرعاك مِن دِينِهِ و ما ألهمك مِن رُشدِك وبصرك مِن أمرِ دينك بتفضيلك إياهم وبِردِك الأُمور إليهم كتبت تسألني عن أُمُورِ كُنتُ مِنها فِي تَقِيَّةٍ ومِن كتمانها في سعةٍ فلما انقضى سُلطان الجبابرة وجاء سُلطانُ ذِي السُّلطانِ العَظِيمِ بِفِراقِ الدُّنيا المذمومة إلى أهلها العُتاةِ على خالِقِهِم رأيتُ أن أُفسّرلك ما سألتني عنه مخافة أن يدخُل الحيرة على ضعفاء شيعتِنا مِن قبل جهالتهم فاتَّقِ الله عزّذِكرُهُ وخُصّ لِذلِك الأمر أهله واحذر أن تكون سبب بليّة على الأوصياء أو حارِشاً عليهم بإفشاء ما استودعتك وإظهار ما استكتمتك ولن تفعل إن شاء الله إن أول ما أُنهي إليك أنِّي أنعى إليك نفسي في ليالي هذه غير جازع ولا نادِمِ ولا شال فيما هو كائنٌ مِما قد قضى الله عزّ و جلّ وحتم فاستمسك بعُروة الدِّينِ آلِ محمدٍ و العُروة الوثق الوصي بعد الوصي والمسالمة لهم والرضا بما قالوا ولا تلتمس دين من ليس من شيعتك ولا تُحِبّنّ دينهم فإنّهُمُ الخَائِنُون الّذِين خانُوا الله ورسوله و خانوا أماناتهم وتدري ما خانُوا أماناتهم انتُمِنُوا على كِتابِ اللهِ فحرفُوهُ وبَدَّلُوهُ ودُلُّوا على وُلاةِ الأَمرِ مِنهُم ﴿فانصرفوا عنهم فأذاقهُمُ اللهُ لِباس الجُوع و الخوفِ بِما كانُوا يصنعون﴾(1) وسألت عن رجلين اغتصبا رجُلًا مالا كان يُنفِقُهُ على الفقراء والمساكين و أبناءِ السّبِيلِ وفي سبيلِ اللهِ فَلَمّا اغتصباه ذلِك لم يرضيا حيث غصباه حتى حملاه إياه كُرها فوق رقبته إلى منازلهما فلمّا أحزاه تولّيا إنفاقه أ يبلغانِ بِذلِكَ كُفراً فلعمرِي لقد نافقا قبل ذلك و ردّا على الله عزّ و جلّ كلامه و هزنَا بِرَسُولِهِ صلى الله عليه وآله وهُما الكافِرانِ عليهما لعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين و الله ما دخل قلب أحدٍ مِنهُما شيءٌ مِن الإيمانِ مُنذُ خُرُوجِهِما مِن حالتيهما و ما ازدادا إِلَّا شكاً كانا خدّاعَينِ

ص: 515


1- النحل : 112.

مُرْتابَينِ مُنافِقَينِ حتَّى توفّتهما ملائكة العذابِ إِلى محل الخزي في دار المقامِ وسألت عمّن حضر ذلك الرّجُل وهو يُغصب مالهُ ويُوضع على رقبتِهِ مِنهُم عارِفٌ ومُنكِرْ فَأُولئِكَ أَهلُ الرِّدّةِ الأُولى مِن هذِهِ الأُمّة فعليهم لعنة الله والملائكة والنّاسِ أجمعين وسألت عن مبلغ علمنا وهو على ثلاثةِ وُجُوهِ ماض و غابر و حادث فأما الماضي ففسر و أما الغابِرُ فمزبُور و أما الحادِتُ فقذف في القُلُوبِ ونقرّ في الأسماع وهو أفضلُ عِلمنا ولا نبي بعد نبينا محمد صلى الله عليه آله و سألت عن أُمّهاتِ أولادِهِم وعن نِكَاحِهِم وعن طلاقهم فأمّا أُمَّهَاتُ أولادِهِم فَهُنَّ عواهِرُ إلى يوم القيامةِ نكاح بغير ولي وطلاق في غيرِ عِدة و أما من دخل في دعوتِنا فقد هدم إيمانُهُ ضلاله ويقينُهُ شكه وسألت عنِ الزَّكَاةِ فِيهِم فما كان مِن الزَّكَاةِ فأنتُم أحقُّ بِهِ لأَنا قد حللنا ذلك لكُم من كان مِنكُم وأين كان وسألت عنِ الضُّعفاءِ فالضّعِيفُ من لم يُرفع إِليهِ حُجّةٌ ولم يعرِفِ الاختلاف فإذا عرف الاختلاف فليس بضعيف وسألت عنِ الشَّهاداتِ هُم فأقِمِ الشَّهادة لله عزّوجلّ و لو على نفسك والوالدين والأقربين فيما بينك وبينهم فإن خفت على أخيك ضيماً فلا وادعُ إلى شرائط الله عزّ ذِكرُهُ بِمعرفتِنا من رجوت إجابته ولا تحصن بِحِصن رياء و والِ آل محمد ولا تقُل لِما بلغك عنا ونُسِب إلينا هذا باطِلٌ وإِن كُنت تعرِفُ مِنّا خِلافَهُ فَإِنَّكَ لا تدرِي لِما قُلْناهُ و على أي وجه وصفناه آمن بما أُخبِرُك و لا تُفش ما استكتمناك من خبرك إن من واجب حقِ أخيك أن لا تكتمهُ شيئاً تنفعُهُ بِهِ لِأمرِدُنياه و آخِرَتِهِ ولا تحقد عليه و إن أساء وأجب دعوته إذا دعاك ولا تُخلّ بينه وبين عدوّهِ مِن النّاسِ و إن كان أقرب إليهِ مِنكَ وعُده في مرضِهِ ليس مِن أخلاق المؤمِنِين الغِضُّ ولا الأذى ولا الخيانة ولا الكبر ولا الخنا ولا الفُحش ولا الأمرُ بِهِ فإذا رأيت المشوّه الأعرابي في جحفلٍ جرّارٍ فانتظر فرجك و لشيعتك المؤمِنِين و إذا انكسفتِ الشمسُ فارفع بصرك إلى السماء وانظر ما فعل الله عزّ و جلّ بِالمجرمين فقد فسرتُ لك جُملا مُجملا و صلى الله على محمّدٍ وآلِهِ الأخيار.(1)

أقول: ألا ترى أن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام كيف يتبرأ عن الجبت والطاغوت و يشتكي

ص: 516


1- الكافي 8 : 124 ح 95 ، مرآة العقول 25 : 295 ح 95 و بحار الأنوار 48 :242 ح51.

منهم بقلب مجروح مع مجروح مع أنه عليه السلام في التقية و لئلا يخفى على الشيعة هذا الأمر المهم يبين كفرهم وفسادهم. فهذه البراءة وصلت إلينا هكذا بهذه المشقات والمصائب فعلينا أن نوصلها إلى الأولاد والأحفاد حتى نلقى الله تعالى وهو عنا راض فيغشينا رحمته إن شاء الله.

16- عن أرطاة بنِ حبيب الأسدي قال: سمعتُ الحسن بن علي بن الحسين الشهيد عليه السلام بفخّ يقُولُ: هُما والله أقامانا هذا المقام وزعما أنّ رسُول الله صلى الله عليه وآله لا يُورّتُ.(1)

17- عنِ الحسن بن محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الحسن بن علي عليهما السلام قال: ما رفعت امرأةٌ مِنا طرفها إلى السماء فقطرت منها قطرةٌ إِلَّا كان في أعناقهما.(2)

18- عن قليب بن حمّادٍ قال: سألتُ الحسن بن إبراهيم بنِ عبدِ اللهِ بن زيد بن الحسن، والحسين بن زيد بن علي عليه السلام ، وعِدةً مِن أهل البيت عن رجُلٍ مِن أصحابِنا لا يُخالِفُنَا فِي شَيْءٍ إِلَّا أنه إذا انتهى إلى أبي بكر و عُمر أوقفهما و شك في أمرهما، فكُلُّهُم قالُوا: من أوقفهما شكّاً في أمرِهِما فهو ضالٌ كَافِرٌ.(3)

19 - زكريا بن آدم قال: إنّي كنتُ عند الرضا عليه السلام إذ جيء بأبي جعفر عليه السلام و سنّه أقل من أربع (سنين)، فضرب بيده إلى الأرضِ و رفع رأسه إلى السماء فأطال الفكر.

فقال له الرّضا عليه السلام : بنفسي أنت لم طال فكرك ؟.

فقال: فيما صُنع بأمي فاطمة أما والله لأخرجنهما ثُم لأحرقنهما ثم لأذريتهما ثم لأنسفتهما في اليم نسفاً.

فاستدناه وقبل بين عينيه ثم قال: بأبي أنت وأمي أنت لها يعني الإمامة.(4)

ص: 517


1- تقريب المعارف : 253 و بحار الأنوار 30 : 388.
2- تقريب المعارف : 254 و بحار الأنوار 388:30.
3- تقريب المعارف 254: وبحار الأنوار 388:30.
4- إثبات الوصية : 218 ، دلائل الإمامة : 400 ح 358 ، نوادر المعجزات :360 ، مدينة معاجز الأئمة 7 : 324 ح 2363 وبحار الأنوار 50 : 59 ح 34.

20 - قال أمير المؤمنين عليه السلام : اللهم إني أستعديك على قريش، فخُذلي بحقي منها ولا تدع ظلامتي لهم، فإنّها صغرت قدري و استحلت المحارم مني سبقني إليها التيمي والعدوي إحتيالاً وإغتيالاً، أين كان سبقهما إذ تكاثفت الصفوف وتكاثرت الحتوف.(1)

21 - عن عبد الله بن العلاء قال: قُلتُ لزيدِ بنِ علي عليه السلام ما تقُولُ فِي الشَّيخِينِ قال العنُهُما قُلتُ فأنت صاحِبُ الأمرِقال لا ولكنّي مِن العِترةِ قُلتُ فإلى من تأمُرُنا قال عليك بِصاحِبِ الشّعرِو أشار إلى الصّادِقِ جعفر بن محمّد عليه السلام(2)

22 - عن محمّدِ بنِ الفُراتِ، قال: حدّثتني فاطمة الحنفيّة، عن فاطمة ابنة الحسين أنها كانت تُبغِضُ فُلاناً وفُلاناً وتسبهما.(3)

23 - عن عُمر بن ثابِتٍ، قال: حدّثني عبد الله بن محمّدِ بنِ عقيل بن أبي طالب، قال: إن أبا بكرو عُمر عدلا فِي النّاسِ و ظلمانا ، فلم تغضب النّاسُ لنا، وإنّ عُثمان ظلمنا وظلم الناس فغضبتِ النَّاسُ لِأَنفُسِهِم فالُوا إِليهِ فقتلُوهُ.(4)

24 - عن ابن مسعود قال: سمِعتُ مُوسى بن عبدِ اللهِ يَقُولُ: هُما أوّلُ من ظلمنا حقنا و ميراثنا من رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله و غصبانا فغصب النّاس.(5)

25 - عن يحيى بنِ مُساوِرٍ، قال: سألتُ يحيى بن عبدِ اللهِ بنِ الحسن عن فلان وفلان؟. فقال لي: ابرأ منهما.(6)

26- عن عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ عُمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، قال: شهدتُ أبي محمد بن عُمر و مُحمّد بن عُمر بن الحسن وهو الذي كان مع الحُسين بكربلاء، وكانت الشيعةُ تُنزِلُهُ

ص: 518


1- إثبات الهداة 3 : 402 ح 255.
2- كفاية الأثر : 311: وبحار الأنوار 46 : 201 ح 75.
3- بحار الأنوار 30 : 389.
4- بحار الأنوار 389:30.
5- تقريب المعارف : 252 و بحار الأنوار 30 : 389.
6- بحار الأنوار 30 : 389.

بمنزلة أبي جعفر عليه السلام يعرِفُون حقه وفضله، قال: فكلّمهُ في أبي [زريق]، فقال محمدُ بنُ عُمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب لأبي: اسكت ! فإنّك عاجِنِّ، واللهِ إِنَّهُما لشركاءُ فِي دَمِ الحُسينِ عليه السلام.(1)

27 - و في رواية أُخرى عنه، أنه قال: والله لقد أخرجهما رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله من مسجِدِهِ وهُما يتطهران و أُدخِلا و هما جيفةٌ في بيته.(2)

28 - عن أبي حذيفة - من أهل اليمن وكان فاضلا زاهداً ، قال: سمعت عبد الله بن الحسنِ بنِ علي بن الحسين عليه السلام و هو يطوف بالبيت، فقال: وربّ هذا البيت، وربّ هذا الركن وربّ هذا الحجر ما قطرت منا قطرة دم و لا قطرت مِن دِماء المسلمين قطرةٌ إِلَّا وهو في أعناقهما.(3)

29 - عن إسحاق بن أحمر قال: سألتُ مُحمّد بن الحسن بن علي بن الحسين عليها السلام قُلتُ: أُصلّي خلف من يتوالى فُلاناً و فُلاناً ؟. قال: لا، ولا كرامة.(4)

30 - عن أبي الجارود قال: سُئِل محمدُ بنُ عُمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن فُلانٍ و فُلانٍ ؟، فقال: قُتِلتُم مُنذُ ستين سنةً في أن ذكرتُم عُثمان، فوالله لو ذكرتُم فُلاناً وفُلاناً لكانت دِماؤُكُم أحلّ عِندهُم مِن دِمَاءِ السّنانِيرِ.(5)

31 - أُتي بزيدِ بنِ علي الثقفي إلى عبدِ اللهِ بنِ الحسنِ - وهُو بِمكة، فقال: أنشدك الله ! أتعلمُ أنهم منعُوا فاطمة عليها السلام بنت رسُولِ اللهِ صلى الله علیه وآله ميراثها؟ قال: نعم.

قال : فأَنشُدُك الله ! أتعلم أن فاطمة ماتت وهي لا تُكلّمُهُما وأوصت أن لا يُصلّيا عليها؟.

قال: نعم.

ص: 519


1- بحار الأنوار 389:30.
2- تقريب المعارف : 252: و بحار الأنوار 30 : 388.
3- تقريب المعارف : 253 و بحار الأنوار 388:30.
4- تقريب المعارف 253 و بحار الأنوار 30 : 388.
5- تقريب المعارف : 254: و بحار الأنوار 388:30.

قال : فأَنشُدُك الله ! أتعلم أنهم بايعوا قبل أن يُدفن رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله واغتنمُوا شُغُلهُم؟.

قال: نعم.

قال: وأسألك الله ! أتعلم أن علياً عليه السلام لم يُبايع لهما حتى أُكره ؟.

قال: نعم.

قال: فأُشْهِدُك أنّي مِنهُما بريءٌ وأنا على رأي علي وفاطمة عليهما السلام.

قال مُوسى: فأقبلتُ عليهِ، فقال أبي: أي بُني ! والله لقد أتيا أمراً عظيماً.(1)

32 - عنِ العبّاس بن الوليد الأغدارِي ، قال : سُئِل زيد بن علي عن فلان وفلان، فلم يُحِب فيهما، فلما أصابته الرمية فنزع الرُّمح مِن وجهِهِ استقبل الدّم بِيدِهِ حتى صار كأنه كبد، فقال: أين السائل عن فلان و فلانٍ ؟ هما والله شُركاء في هذا الدّم، ثم رمى به وراء ظهره.(2)

33 - عن نافع الثقفي - وكان قد أدرك زيد بن علي، قال: فسألهُ رجُلٌ عن فُلانٍ وفُلانٍ فسكت فلم يُحبه، فلمّا رُمي قال: أين السّائِلُ عن فُلانٍ وفُلانٍ ؟ هما أوقفاني هذا الموقف.(3)

34 - عن يعقوب بن عدي ، قال : سُئِل يحيى بن زيد عنهما و نحنُ بِخُراسان وقد التق الصّفانِ، فقال: هما أقامانا هذا المقام، والله لقد كانا لئِيماً جدهما، ولقد هما بأمير المؤمنين عليه السلام أن يقتلاه.(4)

35 - عن معمر بن خيثم قال: بعثني زيد بن علي داعيةً ، فقُلتُ: جُعِلتُ فداك، ما أجابتنا إليهِ الشّيعةُ، فإنّها لا تُجِيبُنا إلى ولاية فلانٍ وفُلانٍ . قال لي: ويحك ! أحدٌ أَعلَمُ بِمظْلِمَتِهِ مِنّا، واللهِ لئِن قُلت إنّهما جارا في الحكم لتُكذِّبن، ولئِن قلت إنهما استأثرا بالفيء لتُكذِّبن، ولكنّهما أوّلُ من ظلمنا حقنا و حمل النّاس على رقابنا، واللهِ إِنِّي لأبغِضُ أبناءهُما مِن بُغضِي آبَاءهُما ولكن لو

ص: 520


1- تقريب المعارف : 254 و بحار الأنوار 388:30.
2- تقريب المعارف : 254: وبحار الأنوار 30 : 388.
3- تقريب المعارف : 254 و بحار الأنوار 30 : 388.
4- تقريب المعارف :250 و بحار الأنوار 30 : 386.

دعوتُ النّاس إلى ما تقُولُون لرمونا بقوس واحِدٍ .(1)

36 - عن أبي جعفر عليه السلام في قوله عزّ و جلّ: ﴿وإذ أسرّ النّبِيُّ إِلى بعض أزواجِهِ حديثاً﴾.(2)، قال: أسر إليهما أمر القبطية، وأسر إليهما أنهما يليان أمر الأُمَّةِ مِن بعدِهِ ظالمينِ فاجِرَينِ غادِرَينِ. (3)

37 - عن ورد بن زيد - أخي الكميت، قال: سألنا مُحمّد بن علي عليهما السلام عنهما؟. فقال: من كان يعلم أن الله حكم عدل برئ مِنهُما ، و ما مِن مِحجمة دم يُهراقُ إِلَّا وهي في رقابهما .(4)

38 - عن الباقر عليه السلام ، وسُئِل عنهما فقال : هُما أوّلُ من ظلمنا، وقبض حقنا، وتوتب على رقابنا، وفتح علينا باباً لا يسُدُّه شيءٌ إلى يوم القيامةِ، فلا غفر الله لهما ظلمهما إيانا.(5)

39 - و عن حجر البجلي ، قال : شككتُ في أمر الرجلين، فأتيتُ المدينة، فسمعت أبا جعفر عليه السلام يقُولُ: إِنّهما أوّلُ من ظلمنا وذهب بحقنا وحمل الناس على رقابنا.(6)

40 - وعن أبي الجارود، قال: سُئل أبو جعفر عليه السلام عنهما وأنا جالس ؟ فقال: هما أوّلُ من ظلمنا حقنا، وحملا الناس على رقابنا، وأخذا من فاطمة عليها السلام عطيّة رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله فدك بنواضحها. فقام مُيسّر، فقال: الله ورسُولُهُ مِنهُما بريئان. فقال أبو جعفر عليه السلام :

لذِي الحِلم قبل اليوم ما تقرع العصا *** وما عُلم الإنسانُ إِلَّا ليعلما(7)

ص: 521


1- تقريب المعارف :250 و بحار الأنوار 30 : 385.
2- التحريم : 3.
3- بحار الأنوار 30 : 383.
4- بحار الأنوار 30 : 383.
5- بحار الأنوار 30 : 383.
6- تقريب المعارف : 247 و بحار الأنوار 30 : 383.
7- تقريب المعارف : 247 و بحار الأنوار 30 : 383.

41 - قال: ورووا عن سورة بنِ كُليب قال: سألتُ أبا جعفر علیه السلام عنهما. قال: هما أوّل من ظلمنا حقنا و حمل الناس على رقابنا، فأعدتُ عليه، فأعاد علي ثلاثاً، فأعدتُ عليه الرابعة فقال:

لذي الحِلم قبل اليوم ما تقرع العصا *** وما علم الإنسانُ إِلَّا ليعلما(1)

42 - وعن كثِيرِ النّوّاء، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: سألته عنهما فقال: هما أوّلُ من انتزى على حقنا وحملا الناس على أعناقنا وأكنافنا، وأدخلا الذُّلّ بُيُوتنا.(2)

43- عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : والله لو وجد عليهما أعواناً لجاهدهما.(3)

44 - و عن بشير، قال: سألتُ أبا جعفر عليه السلام عنهما فلم يُجبني، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فلم يُجِبنِي، فَلَمَّا كان في الثَّالِثَةِ قُلتُ: جُعِلتُ فِداك أخبرني عنهما ؟ فقال : ما قطرت قطرة من دمائنا ولا مِن دِماءِ أحدٍ مِن المسلِمِين إِلَّا وهي في أعناقهما إلى يوم القيامةِ.(4)

46- عن الحسين عليه السلام عليه السلام - وسأله رجُلٌ عن أبي بكرو عُمر، فقال:

والله لقد ضيّعانا، وذهبا بحقنا، وجلسا مجلساً كُنَّا أحق بِهِ مِنهما، و وطئا على أعناقنا، وحملا الناس على رقابنا.(5)

47- قال: و رووا عن أبي الجارُودِ زياد بن المنذِرِ، قال: سُئِل علي بن الحسين عليهما السلام عن أبي بكر و عُمر؟. فقال: أضغنا بِآبائنا، واضطجعا بسبيلنا، وحملا الناس على رقابنا.(6)

ص: 522


1- تقريب المعارف : 247 و بحار الأنوار 30 : 383.
2- تقريب المعارف : 247 و بحار الأنوار 30 : 383.
3- تقريب المعارف : 247 و بحار الأنوار 383:30.
4- تقريب المعارف : 247: و بحار الأنوار 30 : 383.
5- تقريب المعارف : 247 و بحار الأنوار 30 : 383.
6- تقريب المعارف : 247: وبحار الأنوار 383:30.

48 - عن أبي إسحاق أنه قال: صحبتُ علي بن الحسين عليهما السلام بين مكة والمدينة، فسألته عن أبي بكرو عُمر ما تقولُ فيهما؟ قال: ما عسى أن أقول فيهما.(1)

49 - و عن أبي علي الخُراساني، عن مولى لعلي بن الحسين عليهما السلام، قال: كُنتُ معه عليه السلام في بعض خلواته، فقُلتُ: إِنَّ لِي عليك حقاً ألا تُخبِرُني عن هذين الرجلين فقال: كافران، كافر من أحبّهما.(2)

50- روي أنّ الصّادِق عليه السلام سُئِل عنهما، فقال: كانا إمامين قاسِطين عادِلين، كانا على الحق و ماتا عليه، فرحمة الله عليهما يوم القيامةِ، فلما خلا المجلس، قال له بعض أصحابِهِ: كيف قُلت يا ابن رسُولِ اللهِ ؟!.

فقال: نعم، أما قولي كانا إمامين فهو مأخُوذُ مِن قولِهِ تعالى: ﴿و جعلناهُم أَئِمَّةً يدعُون إِلى النَّارِ﴾(3)، و أما قولي قاسطين، فهو من قوله تعالى: ﴿و أما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا﴾(4)، وأما قولي عادِلين ، فهو مأخوذ من قوله تعالى: ﴿الَّذِين كفرُوا بِرَبِّهِم يعدلون﴾(5)، وأما قولي كانا على الحقِّ، فالحق علي عليه السلام ، وقولي ماتا عليه المراد أنه لم يتوبا عن تظاهرهما عليه، بل ماتا على ظلمهما إياه، وأما قولي: فرحمة الله عليهما يوم القيامة، فالمراد به أن رسول الله صلى الله عليه وآله ينتصف لهُ مِنهُما ، آخِذاً مِن قوله تعالى: ﴿و ما أرسلناك إلّا رحمة للعالمين﴾.(6)و(7)

51 - عنِ الكميت بن زيد الأسدي، قال: دخلتُ على أبي جعفر عليه السلام ، فقال: والله يا كميتُ ! لو كان عندنا مالٌ لأعطيناك مِنهُ، ولكن لك ما قال رسُولُ الله صلى الله عليه وآله لحسّان بن ثابت: لن

ص: 523


1- تقريب المعارف : 247: وبحار الأنوار 30 : 383.
2- بحار الأنوار 381:30.
3- القصص :41.
4- الجن : 15.
5- . الأنعام:1.
6- الأنبياء : 107.
7- بحار الأنوار 30 : 286 ح 150.

يزال معك رُوحُ القُدُسِ ما ذببت عنا، قال: قُلتُ: خبّرني عنِ الرّجُلين ؟ . قال: فأخذ الوسادة فكسرها في صدره ثم قال: والله يا كُميتُ ! ما أُهرِيق يحجمةٌ مِن دم ولا أُخِذ مالٌ مِن غَيرِحِلِهِ، ولا قلب حجر عن حجر إلا ذاك في أعناقهما.(1)

52- عنِ الوردِ بنِ زيدٍ، قال: قلتُ لأبي جعفر عليه السلام : جعلني الله فداك قدم الكميتُ. فقال: أدخله. فسأله الكميتُ عن الشّيخين ؟ ، فقال له أبو جعفر عليه السلام : ما أهريق دم ولا حُكم بِحُكم غيرِ موافق لِحُكمِ اللهِ وحُكمِ رسولِهِ صلى الله عليه واله و حكم علي عليه السلام إلا وهو في أعناقهما. فقال الكميتُ: الله أكبر الله أكبر حسبِي حسبِي.(2)

53 - قال المفضل: قال مولاي جعفر عليه السلام : كُلُّ ظلامةٍ حدثت في الإسلام أو تحدثُ، وكُلُّ دمٍ مسفوك حرام، و منكر مشهور و أمر غير محمود فوزرُهُ في أعناقهما وأعناق من شايعهما أو تابعهما ورضي بولايتهما إلى يوم القيامة.(3)

54 - قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن فلاناً وفلاناً وفلاناً غصبونا حقنا، واشتروا به الإماء وتزوجوا به النِّساء، ألا وإنا قد جعلنا شيعتنا من ذلك في حلّ لتطيب مواليدهم.(4)

55- عن أبي جميلة، عن بعض أصحابه، عن أحدهما عليهما السلام، قال: قد فرض الله في الخمس نصيباً لآلِ محمّد صلوات الله عليهم، فأبى أبو فُلان أن يُعطيهم نصيبهم حسداً و عداوةً، وقد قال الله: و من لم يحكم بما أنزل الله فأُولئِكَ هُمُ الفاسِقُون(5). وكان أبو فلان أوّل من منع

ص: 524


1- الكافي 8 : 120 ح 75 ، طرف من الأنباء والمناقب : 478 ، البرهان في تفسير القرآن 3 :412 ، الوافي 2 : 201 و بحار الأنوار 30 : 266 ح 132.
2- رجال الكشي :205 ح 361 ، طرف من الأنباء والمناقب : 478 و بحار الأنوار 30 : 240 ح 107.
3- بحار الأنوار 194:29 ح 40.
4- تأويل الآيات :512 ، البرهان في تفسير القرآن 4 : 735 ح 9297 ، بحار الأنوار 93 : 186 و مستدرك الوسائل 303:7 ح 8271.
5- المائدة : 47.

آل محمّدٍ علیهم السلام حقهم، وظلمهم، وحمل النّاس على رقابهم ، و لَا قُبض أبو فلان إستخلف فلانٌ على غیرشُورى من المسلمين، ولا رضاً مِن آلِ محمّد عليهم السلام فعاش فلان بذلك، لم يُعط آل محمد حقهم، وصنع ما صنع أبو فُلان.(1)

56 - عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام، عن ابن عباس، وعن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السّلام، قال: ذُكِرتِ الخلافةُ عِند أمير المؤمِنِين علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال:

" والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإِنَّهُ ليعلمُ أنّ محلّي مِنها محلُّ القُطبِ مِن الرّحى، ينحدِرُ عني السيل، ولا يرقى إلي الطير، ولكني سدلتُ دُونها ثوباً، وطويتُ عنها كشحاً، وقد طفقنا عنها بُرهةً بين أن أصول بِيدٍ جذاء أو أصبر على طخيةٍ عمياء يُرضعُ فِيها الصَّغِيرُ ويدِبُّ فِيها الكبير.

فرأيتُ الصبر على هاتا أحجى، فصبرتُ وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، بين أن أرى تُراث محمد صلى الله عليه وآله نهباً. إلى أن حضرته الوفاة فأدلى بها إلى عُمر، فيا عجبا! بينا هو يستقيلُها في حياته، إذ عهد بها و عقدها لآخر بعد وفاته ! لشدّ ما شاطرا ضرعيها، ثم تمثل:

شتان ما يومي على كورها *** ويوم حيان خي جابر

فعقدها واللهِ فِي ناحِيةٍ خشناء، يخشُنُ مشها ويغلظ كلمُها ، ويكثرُ العِثارُ والاعتذار فيها، صاحِبُها مِنها كراكِبِ الصعبة، إن أشنق لها ،خرم و إن أسلس لها عسفت بِهِ ، فني النّاسِ لَعُمرُ اللهِ بِخِباطٍ وشماس وتلون و اعتراس، إلى أن مضى لسبيله، فجعلها شورى بين ستة زعم أنّي أحدُهُم، فيا للشُّورى والله ! متى اعترض الريبُ في مع الأولين فأنا الآن أُقرنُ إلى هذِهِ النظائر! و لكنّي أسففتُ مع القوم حيث أسفوا، وطرتُ مع القوم حيث طارُوا، صبراً لطول المحنة و انقضاء المدة، فمال رجُلٌ لِضِعْنِهِ وأصغى آخرُ إِلى صِهِرِه مع هن وهن، إلى أن قام الثالث نافِجاً حضنيه بين نثِيلِهِ و مُعتلفِهِ مِنها، وأسرع معهُ بنُوأَبِيهِ فِي مالِ اللَّهِ يخضِمُونه خضم الإِبِلِ نبتة

ص: 525


1- تفسير العياشي 1 : 225 130 ، البرهان في تفسير القرآن 2 :311 ح 3144 وبحار الأنوار 222:30.

الربيع، حتى انتكثت به بطانته، وأجهز عليه عمله.

فما راعني مِن النَّاسِ إِلَّا وهُم رُسُلٌ كعُرفِ الضّبع، يسألوني أن أُبايِعهم وأبي ذلك، وانشالوا علي حتى لقد وطئ الحسنانِ وشق عطافي ، فلما نهضتُ بها وبالأمر فيها نكثت طائفةٌ، ومرقت طائِفةٌ ، وقسط آخرُون، كأنهم لم يسمعُوا الله يقُولُ: ﴿تِلك الدّارُ الآخِرَةُ نجعلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُون عُلُوا في الأرض ولا فساداً والعاقبةُ لِلمُتَّقِين﴾(1)، بلى والله لقد سمعوها، ولكن راقتهم دنياهم و أعجبهم زبرجها .

أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لولا حُضُورُ النَّاصِر، و لُزُومُ الحَجَّةِ وما أخذ اللهُ مِن أَولِياءِ الأمر من أن لا يُقارُّوا على عِظَةِ ظالم وسعبِ مظلُومٍ ، لألقيتُ حبلها على غاربها، ولسقيتُ آخرها بِكأس أوّلها، ولألِفُوا دُنياهُم أزهد عِندِي مِن عفطة عنرٍ.

فناوله رجُلُ مِن أهلِ السّوادِ كِتاباً فانقطع كلامه ، فما أسفتُ على شيءٍ كأسني على ما فات من كلامِهِ، فلما فرغ مِن قِراءتِهِ قُلتُ له: يا أمير المؤمنين، لو اطردت مقالتك من حيثُ أفضيت إليهِ منها. فقال: هيهات يا ابن عبّاس، تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت ..(2)

57 - عن أبي جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إِنَّ لِله تعالى قضيباً من ياقوتة حمراء خلقهُ بِقُدرتِهِ ثُمَّ دلّاهُ إِلى الأَرْضِ ثُمَّ آلى على نفسه أن لا ينال القضيب مِنها إِلَّا من تولّى مُحمّداً و آل محمّدٍ ثُمَّ قال ما ينتظِرُولِيُّنا إلّا أن يتبوأ مقعده من الجنّة وما ينتظر عدُونا إلّا أن يتبوأ مقعده مِن النَّارِ ثُمَّ أوماً إلى أمير المؤمِنين علي بن أبي طالب عليه السلام و قال أولياء هذا أولِياءُ اللهِ وأعداء هذا أعداء الله فضلا مِن الله على لِسانِ النّبي صلى الله عليه وآله و قال خاب من افتری.(3)

58 - عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : إِن فُلاناً و فُلاناً غصبانا حقنا و قسماه بينهم، فرضُوا بِذلِك

ص: 526


1- القصص : 83.
2- الأمالي للطوسي : 372: ح 803 ، نهج البلاغة الخطبة 3 ، الإرشاد 1 : 287 ، الجمل :170 و بحار الأنوار 497:29 ح1.
3- بحار الأنوار 65 : 58 ح 107.

عنهما، وإنّ عُثمان لَمَّا منعهم واستأثر عليهم غضبوا لأنفسهم.(1)

59 - عن أبي الجارود، قال: كُنتُ أنا و كثِيرُ النّواءُ عِند أبي جعفر علیه السلام ، فقال كثير: يا أبا جعفر! رحمك الله، هذا أبو الجارود يبرأُ من فلان وفلان. فقُلتُ لأبي جعفرعليه السلام : كذب واللهِ الَّذِي لا إله إلا هو ما سمع ذلك مِنّي قط، وعنده عبد الله بن علي أخو أبي جعفر عليه السلام ، فقال : هلم إلي، أقبل إلي يا كثِيرُ، كانا والله أوّل من ظلمنا حقنا وأضغنا بآبائنا، وحملا الناس على رقابنا، فلا غفر الله لهما، ولا غفر لك معهما يا كثِيرُ.(2)

60 - و عن القاسم بن مسلم، قال: كُنتُ مع علي بن الحسين عليهما السلام بينبع يدِي فِي يَدِهِ، فقُلتُ: ما تقُولُ فِي هذين الرجلين ؟ أتبرأُ مِن عدوهما ؟ فغضب و رمى بِيدِهِ مِن يدي، ثُمّ قال عليه السلام :

ويحك ! يا قاسمُ هُما أوّلُ من أضغنا بآبائنا، واضطجعا بسبيلنا، وحملا الناس على رقابنا، و جلسا مجلساً كُنا أحق بهِ مِنهما.(3)

ص: 527


1- بحار الأنوار 480:31 ح 4.
2- تقريب المعارف : 246 وبحار الأنوار 30 : 382.
3- تقريب المعارف : 244 وبحار الأنوار 30 :380.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.