مثالب النواصب ( ابن شهر آشوب ) المجلد 8

هوية الكتاب

المؤلَّف : مثالب النواصب / ج 8

المؤلِّف : محمّدبن عليّ بن شهر آشوب المازندراني (488 - 588 ه_)

المحقّق : الشيخ عبدالمهدي الاثناعشري

الإصدار : دار الرضا - النجف الأشرف

الطبعة : الأولى - 1445 ه_ / 2024 م

عدد الأجزاء : 12 مجلّداً

يمنع شرعاً و قانوناً نشر الموسوعة أو تكثيرها أو تصويرها بدون إذن محققها وبإجازة كتبية

لتحصيل الموسوعة، يرجى الاتصال عبر :

البريد الإلكتروني : almasaleb@gmail.com

محرّر الرقمي: محمّد رادمرد

ص: 1

اشارة

للمحدّث المتتّبع والفقيه المحقّق

رشيد الدين أبي جعفر محمّدبن عليّ ابن شهر آشوب المزاندراني(طاب ثراه)

(488 – 588ه_)

الجُزء الثَّامن

صحّحه وأخرج نصوصه وعلّق عليه

الشيخ عبد المهدي الاثنا عشري

ص: 2

قال عزّ من قائل:

بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

«وَمَنْ أَظْلَمُ ممّن افْتَرَى عَلَى اللّه كَذِباً أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَّبُوا عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللّه عَلَى الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّه وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ * أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِن دُونِ اللّه مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ * أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ»

سورة هود (11) : 18 - 22

ص: 3

روى عن الإمام علي بن محمّد الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ):

«.. لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم (عليه الصلاة والسلام) من العلماء الداعين إليه، والدالّين عليه، والذابين [ عنه و ] عن دينه بحجج اللّه، والمنقذين لضعفاء عباد اللّه من شباك ابليس ومردته، ومن فخاخ النواصب [الذين يمسكون قلوب ضعفاء الشيعة، كما يمسك السفينة سكانها ].. لما بقي أحد إلّا ارتدّ عن دين اللّه، ولكنّهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها، أُولئك الأفضلون عند اللّه عزّ وجلّ».

الاحتجاج للطبرسي (رَحمهُ اللّه) 9/1 - 10، و 260/2، وعنه في بحار الأنوار 6/2 حديث 12، وجاء في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 344 حديث 225

ص: 4

ابتهال

اللّهم إنّي أسألك بحقك العظيم، أن تصلي على محمّد وآله الطاهرين، صلاة تامة دائمة، وأن تدخل على محمّد وآل محمّد، ومحبّيهم وأوليائهم، حيث كانوا في سهل أو جبل، أو بر أو بحر، من بركة دعائي ما تقرّ به عيونهم...اللّهم وضاعف لعنتك وبأسك ونكالك وعذابك على اللَّذَيْنِ كفرا نعمتك، وخوّفا رسولك، واتهما نبيك وبايناه، وحلّا عقده في وصيّه، ونبذا عهده في خليفته من بعده، وادعيا مقامه، وغيّرا، أحكامه، وبدلا سنّته، وقلّبا دينه، وصغرا قدر حججك، وبدءا بظلمهم، وطرّقا طريق الغدر عليهم، والخلاف عن أمرهم، والقتل لهم، وإرهاج الحروب عليهم، ومنعا خليفتك من سد الثلم، وتقويم العوج، وتثقيف الأود، وإمضاء الأحكام، وإظهار دين الإسلام، وإقامة حدود القرآن..

اللّهم العنهما وابنتيهما، وكلّ من مال ميلهم، وحذا حذوهم، وسلك طريقتهم، وتصدّر ببدعتهم، لعناً لا يخطر على بال، ويستعيذ منه أهل النار العن اللّهم من دان بقولهم، واتبع أمرهم، ودعا إلى ولايتهم، وشكّ في كفرهم، من الأولين والآخرين..

مستدرك وسائل الشيعة 60/5 - 62 (باب 17) حديث 5366 عن مهج الدعوات : 333 باختلاف يسير

ص: 5

ابن حماد : [ من بحر مخلع البسيط ]

يَلُومُني فِي هَوَاكَ قَومٌ***لَم يَعْنِهِمْ فِيكَ مَا عَنَانِي

يَدعُونَنى فِيكَ رَافِضيّاً***لَا كَذَّبَ اللّه مَنْ دَعَانِي

نَعَمِ رَفَضتُ الأُلى تَولَّوا***عنكَ إِلَى جِبْتِهِمْ فُلَانِ

أهون بِمَنْ لَامَ فِيكَ عِندِي***أو سَبَّني فِيكَ أو لَحَانِي

حسبِي إِذَا مَا رَضِيتَ عَنِّى***وَلَم تَغِبْ قَطُّ عَن عِيَاني

ص: 6

نماذج من نسختي الكتاب - المبدأ والمنتهى -

الصورة

7-8.jpg^

خاتمة الجزء السابع وبداية هذا الجزء من نسخة ألف

ص: 7

الصورة

8-8.jpg^

نموذج من تغيير خط الكتاب في هذا الجزء من نسخة ألف

ص: 8

الصورة

9-8.jpg^

خاتمة الجزء السابع وبداية هذا الجزء من نسخة ب

ص: 9

الصورة

10-8.jpg^

نموذج ممّا جاء في هذا الجزء من نسخة ب

ص: 10

مسرد المجلد الثامن

آية.. رواية.. ابتهال.. شعر...3

نماذج من نسختي الكتاب - المبدأ والمنتهى -...7

مسرد هذا المجلد...11

القسم الثالث في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين تتمة باب الناكثين (37 - 13)

الفصل العاشر: جامع فيهم...13

باب القاسطين (39 - 306)

الفصل الأول : في ابن هند...39

الفصل الثاني : في بدع الجراضم...79

الفصل الثالث : فصل آخر فيه...131

الفصل الرابع : في عمرو بن العاص بن وائل السهمي...181

الفصل الخامس: في أبي موسى عبد اللّه بن قيس الأشعرى الأشعري...225

الفصل السادس : في جماعة منهم...271

ص: 11

باب المارقين (322 - 307)

فصل في المارقين...307

تتمة القسم الثالث [الخاذلين وجماعة جاهروا بعداوة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، والأمراء ]

باب الخاذلين (323 - 428)

الفصل الأول : نذكر جماعة [ نقضوا ] بيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...323

الفصل الثاني : فصل آخر...359

باب جماعة جاهروا بعداوة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) (429 - 511)

الفصل الأول : في قوم ماتوا قبل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...429

الفصل الثاني : في أبي سفيان...479

المحتوى الفهرست التفصيلي...513

***

ص: 12

[ القسم الثالث ]

في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين ]

[باب ]

[في الناكثين ]

[ فصل 10 ]

[جامع في الناكثين ]

ص: 13

ص: 14

القسم الثالث في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين تتمة باب الناكثين

فصل العاشر: جامع فيهم

فصل: جامع فيهم (1)

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)؛ في قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللّه وَرَسُولَهُ..) (2) «نزلت الآية في على (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3)».

ص: 15


1- أقول : سلف بهذا العنوان (جامع في الناكثين) في أوّل هذا الباب، وقلنا : حبّذا أن يدمج كلا الفصلين.
2- سورة المائدة (5) : 56.
3- استفاض نقل نزول هذه الآية الكريمة في حق مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والروايات ذلك لا تحصى عدداً وطرقاً، ولا يسعنا حصرها فعلاً، خصوصاً بعد ذكر جملة من مناقبه الا، وكون طاعته طاعة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وزجره من زجره، ونهيه نهيه، ومعصيته معصيته، وحزبه حزبه، مثل ما جاء في بشارة المصطفى : 66 - 67 [ الطبعة الحيدرية، وفي الطبعة المحققة : 97 حديث 33]، وعنه في بحار الأنوار 53/40 - 54.. وغيره. راجع : أمالي الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) : 186 حديث 193 (المجلس السادس والعشرون) حديث 4 [ وفي الطبعة المترجمة : 124 ]، وبشارة المصطفى : 266، وتأويل الآيات 158/1، والمناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 209/2 [3/3]، وتفسير فرات الكوفي : : 129 حديث 148، وتفسير المقاتل 307/2، وأسباب النزول للواحدي : 133 - 134.. وغيرها. أقول : نقل العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 212/24 (باب 56) حديث 6 عن الاحتجاج : 130 [ الطبعة الأولى ]، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حديث المدعي للتناقض، قال : «الهداية هي الولاية ؛ كما قال اللّه عزّ وجلّ : ﴿وَمَن يَتَوَلَّ اللّه وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللّه هُمُ الغَالِبُونَ﴾، والذين آمنوا في هذا الموضع هم المؤتمنون على الخلائق والأوصياء في عصر بعد عصر». أقول : بل إنّ الهداية هي في الولاية لا غير، ولا يكون حزب اللّه بدون ولي اللّه. بل ليس كلّ من أقرّ - أيضاً - من أهل القبلة بالشهادتين كان مؤمناً، إنّ المنافقين كانوا يشهدون أن لا إله إلا اللّه، وأنّ محمّد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ويدفعون عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما عهد به من دین اللّه وعزائمه وبراهين نبوّته إلى وصيّه، ويضمرون من الكراهة لذلك والنقض لما أبرمه منه عند إمكان الأمر لهم فيما قد بينه اللّه لنبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بقوله : (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ..) [راجع : الاحتجاج 369/1] فهو سبحانه جعلهم أولياءه، وجعل ولايتهم ولايته، وحزبهم حزبه، ومن هنا كان بعد هذه الآية الشريفة آية التصدّق بالخاتم وقوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّه وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [سورة المائدة (5) : 55] تأكيداً لعنصري الولاية والبراءة، فاغتنم.

وسأل عبد اللّه بن عطاء المكي، الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)(1) عن قوله تعالى: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ

ص: 16


1- رواه العياشي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره 239/2 حدیث 1 و 2 مع اختلاف في ذيله، وعنه في بحار الأنوار 188/7 حديث 48، وفي ذيله : إلّا مسلم.. ثمّ يود سائر الخلق إنّهم كانوا مسلمين.. وقال : وبهذا الإسناد...عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «فثمّ يودّ الخلق إنّهم كانوا مسلمين»، ولاحظ : بحار الأنوار 264/68 - 267 (باب 24) حديث 23. وروي في بحار الأنوار 218/9 - 219 (باب 1) حديث 100 عن تفسير القمّي : 348 - 349 [ الطبعة الحجرية، وفي طبعة الحروفية : 372 - 373، وفي المحققة 1078/3] (سورة التغابن) حديث 5. ولاحظ : بحار الأنوار 301/73 حدیث 7، وتفسير البرهان 400/5 حديث 5.

الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ (1)، قال : «ينادي [منادٍ ] يوم القيامة يسمع الخلائق : أنّه لا يدخل الجنة إلا مسلم، فيومئذ : ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾ يعني لولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)(2)».

ص: 17


1- سورة الحجر (15) : 2.
2- قال العلّامة المجلسي في بحار الأنوار 236/68 - 237 (باب 24): ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مِسْلِمِينَ﴾ [سورة الحجر (15) : 2] أي إذا عاينوا في القيامة حالهم وحال المسلمين، قالوا : يا ليتنا كنّا مسلمين وفي تفسير العياشي 239/2 حدیث 1 (سورة الحجر) عن الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و تفسير علي بن إبراهيم القمّي 372/1 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحققة 532/2 حديث 1]، وعنه في بحار الأنوار 218/9 حدیث 100، و 236/68 (باب 24) عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إذا كان يوم القيامة نادى مناد من عند اللّه : لا يدخل الجنة إلا مسلم.. فيومئذٍ ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مِسْلِمِينَ)». وقال الطبرسي (رَحمهُ اللّه) في مجمع البيان 328/6، مرفوعاً عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء اللّه من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين : ألم تكونوا مسلمين ؟ ! قالوا : بلى، قالوا : فما أغنى عنكم إسلامكم وقد صرتم معنا في النار ؟ قالوا : كانت لنا ذنوب فأخذنا بها.. فسمع اللّه - عزّ اسمه - ما قالوا، فأمر من كان في النار من أهل الإسلام فأخرجوا منها، فحينئذٍ يقول الكفار : يا ليتنا كنّا مسلمين». وراجع : الباب 98 من أبواب الكفر ولوازمه وأنواعه وأصناف الشرك.. في بحار الأنوار 75/72-103.

قيل لزين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ)(1) : إنّ جدّك كان يقول : «إخواننا بغوا علينا» (2)،

ص: 18


1- كما أورده الطبرسي (رَحمهُ اللّه) في الاحتجاج 310/2 [ في طبعة مشهد 312/2]، في احتجاجات الإمام السجاد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعنه في بحار الأنوار 343/32 - 344 (الباب التاسع) ذیل حدیث 327، وقد رواه المصنف (رَحمهُ اللّه) في متشابه القرآن 78/2. وراجع : تفسير البرهان 325/2، والصافي 897/1.. وغيرهما.
2- روى الحميري (رَحمهُ اللّه) في قرب الإسناد : 45 حديث 297 و 302، [ وفي المحققة : 94 حديث 318]، وعنه في بحار الأنوار (324/32 (باب 8) حديث 298 [ الحروفية، وفي الحجرية 426/8] بالإسناد...قال : إنّ عليّاً لم يكن ينسب أحداً من أهل حربه إلى الشرك، ولا إلى النفاق، ولكنّه كان يقول : «هم أخواننا بغوا علينا». ومن هنا قال شارح المقاصد [305/2] : المخالفون لعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بغاة ؛ لخروجهم على الإمام الحقّ لشبهة هى تركه القصاص من قتلة عثمان. ولقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعمّار : «تقتلك الفئة الباغية»، وقد قتل يوم صفّين على يد أهل الشام، ولقول علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إخواننا بغوا علينا»، وليسوا كفّاراً ولا فسقة ولا ظلمة ؛ لما لهم من التأويل - وإن كان باطلاً - فغاية الأمر أنّهم أخطاؤا في الاجتهاد، وذلك لا يوجب التفسيق. فضلاً عن التكفير.. وفيه ما لا يخفى ؛ إذ هو صحيح في الجملة لا بالجملة، وعلى بعض المصطلحات لا مطلقاً، بل قد يكون فوق الكفر والفسق بمعنى، فتدبّر.

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أما تقرأ كتاب اللّه : ﴿وَإِلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً..) (1) فهم مثلهم، أنجى اللّه [ عزّوجل ] هوداً والذين آمنوا معه، وأهلك عاداً بالريح العقيم».

وأما قوله : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا..) (2) فاسم الإيمان عليهم كقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللّه..) (3) من الذين أظهروا الإيمان بألسنتهم وما آمنوا بقلوبهم.

ص: 19


1- سورة الأعراف (7) : 65، وسورة هود (11): 50.
2- سورة الحجرات (49): 9.
3- سورة النساء (4) : 136.

ومن الناكثين

* عبد اللّه بن الزبير :

كان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : «ما زال الزبير رجل منا أهل البيت حتّى نبت(1) ابنه المشوم» - يعني عبد اللّه - (2).

ص: 20


1- كذا ؛ ولعلّها : شبّ، وإن كانت لا تقرأ كذلك.
2- روى الشيخ الصدوق في الخصال : 157 (باب الثلاثة) ذيل حديث 199، وعنه في بحار الأنوار (108/32 باب 8) حدیث 80، قال : سمعت شيخنا محمّد بن الحسن (رضیَ اللّهُ عنهُ) يروى إنّ الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «ما زال الزبير منّا أهل البيت حتّى أدرك فرخه فنهاه عن رأيه». وقريب منه رواه السيّد الرضي (رَحمهُ اللّه) في المختار من نهج البلاغة (453) من الباب الثالث. ورواه أيضاً البلاذري في أنساب الأشراف : 255 حديث 319 في ترجمة مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). وحكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 347/28 (الباب الرابع) ذیل حدیث 60، عن ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 3/2 - 5 [11/6] قال:.. واجتمعت بنو هاشم إلى بيت علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعهم الزبير وكان يعد نفسه رجلاً من بني هاشم - كان علي [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] يقول: «ما زال الزبير منّا أهل البيت حتّى نشأ بنوه فصر فوه عنّا»... وجاء الحديث بألفاظ مختلفة وله مصادر وطرق جمّة، وصرّح به في نهج البلاغة : 555 برقم 452، وعنه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 102/20 برقم 461. ولاحظ : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 21/1، 167/2، 79/4، 11/6، 104/20، والصوارم المهرقة : 97...وغيرها. وفيها بدلاً من «حتّى نشأ ابنه..» : «حتّى شب ابنه..» أو : «حتّى نشأ بنوه..» أو : «حتّى أدركه فرخه..»، وفي ذيله : «فنهاه عن رأيه.. فأفسده.. فصرفوه عنّا». لاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرّف به الأشرار 289/3 – 290.

وقال ابن الزبير للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أقم بمكة.. يريد بذلك أن ينفي عن نفسه التهمة.

فقال له الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنّ أبي حدثني أنّ كبشاً يحلّ حرمتها ويُقتل بها (1).. وما أُريد أن أكون ذلك الكبش» (2).

فكان ابن الزبير هذا.. وانتهك حرم اللّه بسببه، فهو الذي أحلّ (3) في الحرم (4).

وحذف من الخطبة الصلاة على محمّد و آله.. بغضاً لأهل البيت ! ! (5).

ص: 21


1- أي: مكة المكرمة.
2- وقد أورده مع مصادره في شرح إحقاق الحقّ 674/33 - 675، وقريب منه فيه : 616. لاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرّف به الأشرار 156/3 - 157، ومن هنا كان يقال له : كبش من قريش.
3- في نسختي الأصل : الحدف، ولعلّها : ألحد في الحرم.
4- ومن هنا قيل له : المحلّ، وراجع : الكتاب الرائع الأسرار فيما كُني وعُرف به الأشرار 247/3 – 248.
5- راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 61/4، و 127/20، ومروج الذهب للمسعودي 88/3، ومقاتل الطالبيين للإصفهاني : 315.. وغيرها.

وفي الأغاني (1) : أنّه حبس ابن الزبير محمّد بن الحنفية في سجن عارم.. وفيه يقول كثير (2) (شعر) : [ من الطويل ]

تُخَبِّرُ مَن لاقَيْتَ أَنَّكَ عابد***بل العابِدُ القَوَّامُ في سجن (3) عارم (4) سِجْنِ

ص: 22


1- الأغاني 16/9 [ طبعة دار الكتب ].. انظر : فتح الباري 55/5، الأعيان 436/9، التمهيد لابن عبد البر 92/10، شرح النهج لابن أبي الحديد 124/20 و 146.
2- كثير عزة ؛ هو : أبو صخر كثير بن عبدالرحمن بن الأسود الخزاعي الحجازي القحطاني الأزدي يعرف ب_: ابن أبي جمعة، من شعراء الإسلام ومشاهيرهم في الغزل، أقام في مصر وتنقل في البلاد الإسلامية، عاصر الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وصحبه وإن كان مدح بني مروان وعاشرهم. له ديوان شعر، وهو القائل : لعن اللّه من يَسُبُّ علياً***[ وبنيه من سوقة وإمامِ ] توفي بالمدينة المنورة سنة 105، وقيل : سنة 107 ه_.. انظر عنه : مشاهير شعراء الشيعة 383/3 - 386، الشعر والشعراء: 121 - 124، مروج الذهب 87/3، شذرات الذهب 131/1 - 132، معجم الشعراء للمرزباني : 216 و 217، تاریخ ابن خلدون 790/1، مرآة الجنان 220/1 - 224، العقد الفريد 211/1، سير أعلام النبلاء 152/5، العبر 101/1.. وغيرها.
3- في نسخة (ألف) مصحفاً : الجن.
4- البيت في الأغاني : [ من الطويل ] تخبّر من لا قيت أنك عائذ***بل العائذ المظلوم في سجن عارم

ثمّ إنّه جمعه وسائر من بحضرته من بني هاشم، فجعلهم في بيت وملأه حطبا (1) وأضرم فيه النار، فبلغ الخبر أبا عبد اللّه [ الجدلي ] فوافى في الحال، وأطفأ النار واستنقذهم، وخرج ابن الحنفية من جواره(2).

الناشي (3): [ من الكامل ]

إِنِّي لَأَعْجَبُ مِن ضَلَالِ مَعاشِرٍ (4)***غَضَبُوا إمامَهُمُ الإمام الأصيدا

فَنَفَى (5) الرَّدَى وَبَنَى الهَدَىٰ وَهَدَى الوَرى***وَأَبَادَ مَنْ نَصَرَ الضَّلالَ وأَلْحَدا

ص: 23


1- في نسختي الأصل : حباً - بدون نقط -.
2- قال الزمخشري في ربيع الأبرار 316/2: قال عبد اللّه بن الزبير لامرأة عبد اللّه بن حازم : أخرجي المال الذي وضعتيه تحت إستك، فقالت : ما ظننت أحداً يلي شيئاً من أُمور المسلمين يتكلّم بهذا..! فقال بعض الحاضرين : أما ترون الخلع الخفي الذي أشارت إليه. وفي ربيع الأبرار 662/1 قال: اجتاز عمر بن الخطّاب بصبيان يلعبون، فهربوا إلّا عبد اللّه بن الزبير، فقال له عمر : لم لا تفرّ مع أصحابك ؟ قال : لم يكن لي جرم فأفرّ منك، ولا كان الطريق ضيقاً فأوسع عليك، وقريب منه في عيون الأخبار لابن قتيبة 197/2.
3- وقد سلف الحديث عن هذه القصيدة، وعن شاعرها وشعره في المقدمة، فراجع.
4- في نسختي الأصل : زوال.
5- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، ولعلها تقرأ: ينفي، أو يبغي، وما هنا استظهار منّا.

فَكأَنَّما (1) الهَادِي بِطُولِ (2) جهادِهِ***لِعَدُوِّهِ وَطَّا المكان وألحدا

ص: 24


1- كذا ؛ والظاهر : فكأنّه.
2- في نسختي الأصل : بظلم، وما هنا استظهار.

ومنهم (1):

الوليد بن عقبة بن أبي معيط المخزومي :

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): (إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالمَوْتَى..) (2) «نزلت في علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)؛ لأنّه أوّل من سمع، والميّت (3) الوليد بن عقبة، وإن اللّه تعالى سمّاه فاسقاً في آيتين (4)».

قرأت في الأغاني(5)..

ص: 25


1- أي من الناكثين.
2- سورة الأنعام (6) : 36.
3- في نسختي الأصل : البيت، والصحيح ما أثبتناه، كما في المناقب وبحار الأنوار.
4- وهو قوله عزّ وجلّ : ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ﴾ [سورة السجدة (32) : 18]، وقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَةٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [سورة الحجرات (49): 6]. رواه المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 9/2 - 10 [ طبعة قم]، وعنه في بحار الأنوار 234/38 (باب 65)، ولاحظ الآيات التي أوردها في الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 56/3 - 62.
5- الأغاني 153/5 بتصرف [ طبعة دار الكتب العلمية، وفي طبعة الأعلمي 101/5]. أقول : من هنا جاء بألفاظ متقاربة في مناقب المصنف (رَحمهُ اللّه) 241/1 - 242 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة قم 9/2]، وعنه في بحار الأنوار 234/38 - 235 (الباب 65) ذيل حديث 35، وفيه : وقد روى صاحب الأغاني وصاحب تاج التراجم عن ابن جبير وابن عباس وقتادة.

.. وتاج التراجم (1)، والزهرة (2) : أنّه روى عن ابن جبير [ و ] ابن عباس(3)، وقتادة، والباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله : (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ

ص: 26


1- في نسختي الأصل : البراجم، والكلمة مشوشة وغير منقوطة، ولعلّها تقرأ: تاج البراحم، و في بحار الأنوار عن المناقب : تاج التراجم، وهو الصواب.
2- الزهرة ؛ ولم ترد هذه الكلمة في المناقب وبحار الأنوار، ولعلّها : الزهري.
3- أسند الكراجكي (رَحمهُ اللّه) في كنز الفوائد : 228، وعنه في بحار الأنوار 382/23 - 383 (باب 21) حدیث 77، ومنه نقلناه مسنداً عن ابن عباس أنّه قال : إن الوليد بن عقبة بن أبي معيط قال لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أنا أبسط منك لساناً، وأحدّ منك سناناً، وأملأ منك حشواً للكتيبة !! فقال له علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أسكت يا فاسق !» فأنزل اللّه جلّ اسمه : ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ﴾ [سورة السجدة (32) : 18]، ومثله الحديث الذي بعده في بحار الأنوار 383/23 حدیث 78 عنه. وروى قريباً منه الشيخ علي بن إبراهيم القمّي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره : 513 [الطبعة الحجرية، وفي الحروفية 170/2، وفي المحققة 804/3 حديث 23] - وعنه في البحار 337/35 (باب 13) حديث 2 - في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «وذلك [ فذلك ] إنّ علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) والوليد بن عقبة بن أبي معيط تشاجرا، فقال الفاسق الوليد بن عقبة : أنا - واللّه ! - أبسط منك لساناً، وأحدٌ منك سناناً، وأمثل منك حشواً في الكتيبة ! قال : علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «اسكت، فإنّما أنت فاسق»، فأنزل اللّه : ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ * أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ المَأْوَىٰ نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فهو علي بن أبي طالب». وراجع : البرهان 397/4 حدیث 2، ونور الثقلين 455/5 حديث 43.. وغيرهما. ومثله جاء في تفسير فرات الكوفي (عَلَيهِ السَّلَامُ): 120 [ وفي المحققة : 327 - 329 حديث 443 - 447، وفيه جملة روايات ] وعنه في بحار الأنوار 349/35 (باب 13) حديث 31، وفيه : عن ابن عباس.. وقال: ﴿كَمَن كَانَ فَاسِقاً) یعنی منافقاً : الوليد بن عقبة، (لَا يَسْتَوُونَ﴾ عند اللّه فى الطاعة والثواب يوم القيامة.

كانَ فاسِقاً..) الآيات (1)، وذلك أنّ الوليد قال لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنا أحد منك سناناً، وأسلط لساناً، وأمْلَأُ منك حشواً للكتيبة (2).

فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «ليس كما قلت يا فاسق.. فلمّا نزلت الآيات (3).. [ فأنشأ حسّان ](4) : [من الخفيف ]

ص: 27


1- سورة السجدة (32) : 18 - 20.
2- الكلمة مشوّشة غير منقوطة، ولذا يحتمل فيها لفظ آخر لمعنى مغاير وما هنا من الأغاني، وفي المناقب - وعنه في بحار الأنوار - : أنا أحد منك سناناً، وابسط لساناً، وأملأ حشوا لكتيبة.
3- جاء النصّ في الأغاني هكذا : قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] : أنا أحد منك سناناً، وأبسط منك لساناً، وأملأ للكتيبة طعاناً، فقال له علي رضي اللّه تعالى عنه [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] : «اسكت فإنّما أنت فاسق، فنزل القرآن : (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ﴾. وجاء بعده في المناقب : وفي روايات كثيرة : «اسكت ! فإنما أنت فاسق».. فنزلت الآيات ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً)، علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (كَمَن كَانَ فَاسِقاً) الوليد (لَا يَسْتَوُونَ﴾ ﴿أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أُنزلت في عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا﴾ أُنزلت في الوليد.
4- هناك كلمة مشوشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ : أربعتان، وما أثبتناه في المعكوفين من المصادر، سيّما المناقب للمصنّف (رَحمهُ اللّه).

أنْزَلَ اللّه والكِتابُ عَزِيزٌ***في عَلِيٌّ وفي الوَلِيدِ قُرانا (1)

فَتَبَوَّا (2) الوَلِيدُ مِنْ ذاك فِسْقاً (3)***وَعَلِيُّ مُبَوَّأٌ (4) إيمانا

لَيْسَ مَنْ كَانَ مُؤْمِناً عَرَفَ اللَّ_***_هَ كَمَنْ كانَ فاسِقاً خَوَّانا

سوف يُجْزَى الوَلِيدُ (5) [ خِزْياً ] وَناراً***وَعَلِيُّ لا شَكَ يُجْزَى جِنَانَا

وروى ابن عباس و مجاهد......(6) قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ با فَاسِقٌ بِنَبَاً..) (7) الآية، وذلك أن النبيّ (عليه وآله السلام) أنفذ الوليد

ص: 28


1- الكلمة مشوّشة وغير منقوطة في نسختي الأصل، وقد تقرأ : فلنا، أو : قبلنا، ويحتمل فيها : مثلبا، كما في نسخة (ألف) - بدون التنقيط - وغير ذلك.
2- كذا في المناقب، وقد تقرأ في نسختي الأصل : نبوء، حيث إنّ الكلمة غير معجمة.
3- كذا في المناقب، وإلا فإنّ الكلمة غير منقوطة ومشوشة في نسختي في نسختي الأصل، وقد تقرأ : فيقا، ويحتمل فيها معنى آخر، ولا يستقيم لفظها.
4- الكلمة في نسختي الأصل : مُبَّوا، أو ما قاربها، وفي المناقب وبحار الأنوار عنه : وعلي مبوء إيماناً ؛ وهذا فقط اختلاف في كيفية الكتابة وإلا فاللفظ واحد، والظاهر أنّ الصحيح في كتابتها : مبوَّاً.
5- في نسختي الأصل : سوف يخزى الوليد وناراً، وهي مشوشة وما هنا من المناقب.
6- هنا بياض في نسختي الأصل.
7- سورة الحجرات (49) : 6. قال الشيخ الطبرسي - نوّر اللّه مضجعه - في مجمع البيان 132/9، وعنه العلّامة - المجلسي - طيب اللّه رمسه - في بحار الأنوار 53/22 (باب 37) قال : نزلت في الوليد ابن عقبة بن أبي معيط بعثه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )..

إلى بني المصطلق (1) للجباية......(2) استقبلوه، فخاف منهم ؛ لحرب كانت بينهم في الجاهلية، فرجع إلى النبيّ [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )]، فقال : إنّهم قد ارتدوا، ومنعوني وكادوا يقتلونني.. فأنفذ (عليه وآله السلام) خالداً.........(3) فانصرف إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بإسلامهم وطاعتهم (4).

ص: 29


1- في نسختي الأصل : بني المعطل، وأثبتنا ما استظهرناه، وقيل : بني وليعة.
2- بياض في نسختي الأصل.
3- هنا سقط بمقدار ثلاث كلمات وكذا ما قبله من الفراغات.
4- كما جاء فى مصادر العامة ؛ كالطبقات الكبرى لابن سعد 161/2، وتفسير القرآن للصنعاني 231/3، وأحكام القرآن للجصاص 529/3، والإصابة 481/6.. وغيرها. أقول : جاء في تفسير فرات الكوفي : 165 [ وفي الطبعة المحققة 426 - 427 حديث 563] وعنه في بحار الأنوار 85/22 - 86 (باب 37) حديث 36، روى عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري (رضیَ اللّهُ عنهُ)، قال : بعث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني وليعة، قال : وكانت بينه وبينهم شحناء في الجاهلية، قال : فلما بلغ إلى بني وليعة، استقبلوه لينظروا ما في نفسه، قال : فخشي القوم فرجع إلى النبيّ [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] فقال : يا رسول اللّه ! إنّ بني وليعة أرادوا قتلي ومنعوا لي [منعوني] الصدقة.. فلما بلغ بني وليعة الذي قال لهم الوليد بن عقبة عند رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] لقوا [ في المصدر : أتوا ] رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ]، فقالوا : یا رسول اللّه ! لقد كذب الوليد ولكن كان بيننا وبينه شحناء في الجاهلية، فخشينا أن يعاقبنا بالذي بيننا وبينه. قال : فقال النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] : لتنتهنّ - يا بني وليعة ! - أو لأبعثن إليكم [لكم ] رجلاً عندي كنفسي، يقتل [ فقتل ] مقاتليكم، ويسبي [سبي ] ذراريكم، وهو هذا حيث ترون..» ثمّ ضرب بيده على كتف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأنزل اللّه في الوليد هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأَ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [ سورة الحجرات (49): 6]. وقريب منه في كشف الغمة : 45 - 46 [ الطبعة الاولى، وفي الطبعة المترجمة 157/1]، وعنه في بحار الأنوار 13/38 (باب 56) ذيل حديث 17 : بعثه إلى بني وليعة وكان بينهم شحناء في الجاهلية. روى الطبرسي (رَحمهُ اللّه) في مجمع البيان 132/9 [ وفي طبعة 220/9] ذيل آية التبيّن : أنّها جاءت في خبر الفاسق في حق مارية القبطية أم إبراهيم، وقاله علي بن إبراهيم القمّي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره 639 - 640 [ الطبعة الحجرية، وفي الطبعة الحروفية 318/2 - 319، وفي الطبعة المحققة 996/3 - 997]. أقول : روى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 81/44(باب 20) حديث 1 نقلاً عن الاحتجاج 412/1 جاء فيه : «وأما أنت يا وليد بن عقبة ! فواللّه ما ألومك أن تبغض عليّاً ؛ وقد جلدك في الخمر ثمانين جلدة، وقتل أباك صبراً بيده يوم بدر، أم كيف تسبّه وقد سمّاه اللّه : مؤمناً في عشر آيات من القرآن وسمّاك فاسقاً، وهو قوله عزّ وجلّ : (أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ﴾ [سورة السجدة (32): 18]، وقوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [سورة الحجرات (49) : 6]، وما أنت وذكر قريش ؟! وإنما أنت ابن عليج [علج ] من أهل صفورية، يقال له [ اسمه ] : ذكوان». ولاحظ ما ذكره ابن الجوزي في التذكرة : 118.. وغيره.

وروي : أنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما (1) فتح مكة جعل أهلها يأتونه بصبيانهم فيدعو

ص: 30


1- في نسختي الأصل : بلا، والظاهر : بعد، بدلاً من بلا؛ إذ لا معنى لها، أو : لما، كما في بعض المصادر، وأثبتناه منها.

بالبركة ويمسح يده على رؤوسهم، فجيء به فلم يمسّه، قال الوليد : لم يمسني ! من أجل الخلوق.

وعن أبي مريم (1)، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أن امرأة [الوليد بن عقبة ] جاءت إلى النبيّ تشتكي [الوليد ] (2)، فقالت : إنّه يضربها. فقال لها : «ارجعي (3) [إليه ] وقولي [ له : ] إنّ رسول اللّه قد أجارني»، [ فانطلقت ] فمكثت ساعة.

ثم رجعت فقالت : ما أقلع عني..

فقطع النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هدبة من ثوبه (4)، وقال : «[ اذهبي ] (5) بها [إليه ]، وقولي [له : ] إنّ رسول اللّه قد أجارني»، فانطلقت فمكثت ساعة، ثمّ رجعت، فقالت : یا رسول اللّه ! ما زادني إلا ضرباً، فرفع [رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] يده، ثمّ قال : «اللّهم [ عليك ] الوليد..» مرتين أو ثلاثاً..

ص: 31


1- مسند أحمد بن حنبل 151/1، مسند أبي يعلي الموصلي 253/1 و 289، تاریخ مدينة دمشق 233/63 - 234، ورواه ابن أبي الحديد في شرح النهج 239/17 - 240، عن الأغاني 183/4. وراجع : السقيفة وفدك للجوهري : 128، وشرح إحقاق الحقّ 110/30.. وغيرهما عن عدة مصادر.
2- هنا بياض في نسختي الأصل، وأثبتنا ما بين المعكوفين من المصادر.
3- في نسختي الأصل : ارجعنّ، ولها وجه.
4- في نسختي الأصل : هدية من توبة.
5- في نسختي الأصل هنا فراغ بمقدار كلمة، وفي المصادر : اذهبي.

وقد كان عمر (1) ولاه صدقات بني تغلب فبلغ عنه بيت (2): [من الطويل ]

إذا ما شَدَدْتُ الرأسَ مِنِّي [بِمِشْوَدٍ***فَغَيَّكِ عَنِّى تَغْلِبَ ابْنَةَ وائل ] (3)

فعزله.

ص: 32


1- كذا ؛ إلّا أنّ في شرح النهج 236/17 قال : وقد كان عثمان ولى الوليد صدقات بني تغلب، فبلغه عنه شعر فيه خلاعة فعزله، وفيه 20/3 :.. وولاه عمر صدقة تغلب.. فأما عمر فإنّه لما بلغه قوله : [ من الطويل ] إذا ما شَدَدْتُ الرأسَ مِنِّي بِمِشْوَذ***فويلكِ مني تغلب ابنة وائل عَزَلَهُ. وانظر : الشافي 254/4 - 255. وفي تهذيب الكمال للمزي 54/31 : وولاه عمر بن الخطّاب صدقات بني تغلب، وفي سير أعلام النبلاء 414/3 : وقد بعثه عمر على صدقات بني تغلب. وانظر : تهذيب التهذيب 126/11، المعارف لابن قتيبة : 319، البداية والنهاية لابن كثير 234/8.
2- الكلمة مشوّشة وغير منقوطة في نسختي الأصل، ويحتمل فيها غير ما أثبتناه.
3- هذه الزيادة أضيف منّا، وقد جاء في لسان العرب 652/1، و 497/3، والصحاح 195/1، 566/2 : (غلب) و (شوذ)، حيث الذي جاء في نسختي الأصل هو : إذا ما اشددت الرأي عنّي.. راجع : غريب الحديث لابن قتيبة 92/2، وغريب الحديث لأبي عبيد 238/1، وتهذيب اللغة 274/11، وأنساب الأشراف 344/9، والفائق 266/2.. وغيرها.

في رواية ابن عقدة : وجلده أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الخمر، وأسر (1) أباه يوم بدر وقتله صبراً (2)، وكان يقول : يا محمّد ! إنا خاصة من قريش، فقال (عليه وآله السلام) : «علج من أهل صفورية (3)»، كان يقول : فمن للصبية بعدي ؟

قال : «النار».. فلذلك يسمّى بنو معيط : صبية النار (4).

ص: 33


1- في نسختي الأصل : أيسر.
2- في نسختي الأصل : ضرباً.
3- في نسختي الأصل : صنوريا. ذكر العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 259/19 - 260 (باب غزوة بدر)...فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «يا عليّ ! علَيَّ بالنضر وعقبة»، وكان النضر رجلاً جميلاً عليه شعر، فجاء عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأخذ بشعره فجره إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال النضر : يا محمّد أسألك بالرحم بيني وبينك إلّا أجريتني كرجل من قريش، إن قتلتهم قتلتني وإن فاديتهم فاديتني، وإن أطلقتهم أطلقتني.. فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «لا رحم بيني وبينك، قطع اللّه الرحم بالإسلام، قدّمه - يا علي ! فاضرب عنقه». فقال عقبة : يا محمّد ! ألم تقل : لا تصبر قريش !.. أي لا يقتلون صبراً.. قال : «وأنت من قريش ؟ ! إنما أنت علج من أهل صفورية، لأنت في الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعى له ليس منها.. قدّمه - يا عليّ ! - فاضرب عنقه» فقدمه وضرب عنقه..
4- وهي إشارة إلى الكلمة التي قالها النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعقبة بن أبي معيط حين قتله صبراً يوم بدر - فقال كالمستعطف (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - : من للصبية يا محمّد ؟ قال : «النار». وجاءت في أكثر من مصدر منها : النزاع والتخاصم للمقريزي : 23، والأغاني 183/4 [86/5 و 88 وعليه جملة مصادر ]. وفصلها ابن أبي الحديد في شرح النهج 230/17 - 245، وعنه في بحار الأنوار 159/31 (الطعن الأول). لاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 414/2 - 415.

وكان أبو الوليد خماراً مشهوراً (1) بالأبنة، وكان جار النبيّ (عليه وآله السلام) بمكة، وأشدّهم عليه في الأذى، ووضع ثوبه في عنق النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ليخنقه (2)، وكان الوليد أخا عثمان لأُمّه أَروى بنت عامر بن كريز، وكان عقبة تزوج بأروى [ قبل ] عفّان (3)..!

و أمّ أبي معيط : آمنة، وكانت هذه آمنة تحت أمية بن عبد شمس، فولدت أبا العبّاس، فلمّا مات أُميّة تزوجها بعده [أبو ] عمرو (4)، فولدت أبا معيط.

ابن شوذب، والأصمعي، والشعبي، وأبو عبيدة، والكلبي : أنّه صلّى الوليد بأهل الكوفة الغداة وهو سكران ؛ وغنّى في الأولى : [ من مجزوء الرّمل ]

ص: 34


1- في نسختي الأصل : حمار مشهورة، والصحيح ما أثبتناه.
2- كما جاء في كتاب البخاري 240/4، و 34/6، الوافي بالوفيات 59/20، البداية والنهاية 60/3، السيرة النبوية لابن كثير 470/1، سنن البيهقي 7/9، الدر المنثور 350/5.. وغيرها.
3- في نسختي الأصل : بأروى به عفاتي !! ولا معنى لها، وما أُثبت استظهار منّا.
4- في نسختي الأصل : عمر، والظاهر ما أثبت، وهو : أبو عمرو ؛ والد أبي معيط، واسمه : ذكوان، وهو ابن أمية، فهو قد تزوج امرأة أبيه. راجع : الاستيعاب 1552/4، ومجمع الزوائد 5/10 - 6، وفتح الباري 45/7، والمعجم الكبير 149/22.. وغيرها.

عَلِقَ القَلْبُ الرَّبابا***بَعْد ما شابَتْ وَشابا (1)

وتقياً (2) في الثانية، وزاد ثالثة، وقال : أزيدكم ؟ !.. ونام في آخرها (3).

وفي صفوة التاريخ، عن القاضي الجرجاني : أنّه قرأ بهم : [من الرَّمَل ]

يا بَنِي الصَّيْدَاءِ رُدُّوا فَرَسِي***إِنَّمَا يُفْعَلُ هَذا بِالذَّلِيلُ

هِيَ مُهْرِي وَأَنا عَلَّمْتُها***دَلَجَ اللَّيْلِ وإِيطاءَ القَتِيلُ

أَضَعُ الفِرْقَ عَلَى مِيسَمِها***فَتُسَكِّينِي إِلَى وَقْتِ الرَّحِيلْ (4)

ثم التفت إليهم، فقال : حسبكم أو أزيدكم (5) ؟ !

ص: 35


1- لاحظ : الأغاني 86/5 - 88، وعليه جملة مصادر. وقد فصل الكلام في الحادثة ونقلها عن عدة مصادر العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غدیره 120/8 – 125.
2- في نسختي الأصل : ويقيما.
3- راجع : أمالي الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه): 175 - 176 حديث 296 [ طبعة البعثة، وفي الحيدرية 179/1 - 180]، وعنه في بحار الأنوار 520/31 (خاتمة) حديث 19، ونثر الدر 335/6.. وغيرها.
4- الشعر لزيد الخيل أو لعمرو بن معدي كرب.
5- صرّح أبو الفرج الإصفهاني في كتابه الأغاني 51/1 بقوله :.. وولّى عثمان الوليد بن عقبة في خلافته الكوفة، فشرب الخمر وصلّى بالناس وهو سكران فزاد في الصلاة، وشهد عليه بذلك عند عثمان. أقول : الحديث عن الوليد بن عقبة ومخازيه ذو شجون أجمل بعضها إشارة في حصيلة الكتاب الرائع الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 293/4 - 295 مع بعض مصادر.

فقال [ الحطيئة ] (1) : [ من الوافر ]

تكَلَّمَ في الصَّلاةِ وزادَ فِيها***مُجاهَرَةً وعَالَنَ بِالنِّفاقِ

أزيدُكُمُ عَلَى أَنْ تَحْمَدُونِى***فَمَالَكُمُ وَمَالِيَ مِنْ خَلاقٍ ؟!

فَبُوساً (2) لِلْوَلِيدِ وَما أَتاهُ***إلى يوم التَّعَابُنِ والتَّلاقِي

وله (3) : [من الكامل ]

نَادَى وَقَدْ تَمَّتْ صَلاتُهُمُ :***أَ أَزِيدُكُمُ ؟ ! سُكْراً وَما يَدْرِي (4)

وَأَبَوا أَبا لَهَبٍ (5) وَلَوْ فَعَلُوا***وَصَلُّوا صَلَا تَهُمُ إِلَى العَشْرِ

ص: 36


1- الظاهر أنّ هذا الشعر والذي بعده للحطيئة ؛ جرول بن أوس بن مالك العبسي.
2- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، قد تقرأ : فيوماً، والمثبت هو المتعيّن.
3- هذا البيت - أيضاً - من قصيدة للحطيئة جاء مطلعها : [ من الكامل ] شهد الحطيئة يوم يلقى ربّه***أن الوليد أحقَّ بالعذر
4- في نسخة (ألف): ندري.
5- كذا ؛ والظاهر أبا وهب، صحف عمداً ليشير إلى أنّه يشابه أبا لهب في أعماله.

نزل مخنث في نهر ليغتسل، فرموه (1) رجال من بني معيط، فقال : لا ترموني ؛ فلست ينبي(2) معيط

***

ص: 37


1- في نسخة (ب): فزمره.
2- كما جاء في ربيع الأبرار 65/2 [ وفي طبعة 107/1]، ولا يصحّ ما جاء في نسختي الأصل: ببني. ولعلّ المتن : فلست بنبيّ [ با بني ] معيط..

ص: 38

[ القسم الثالث ]

[في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين ]

[باب ]

[ في القاسطين ]

[ فصل 1]

[في ابن هند ]

ص: 39

ص: 40

باب القاسطين

فصل الأول: في ابن هند

فصل الأول: في ابن هند (1)

جابر (2) ؛ عن الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وهو يقاتل ابن هند -: «يا معشر المسلمين ! (.. قَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ [لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ ]) (3).. هم هؤلاء وربّ الكعبة الحرام» (4).

ص: 41


1- رمز لمعاوية عليه اللعنة والهاوية.. وقد قرّره المصنّف طاب ثراه في مقدمة كتابه هذا ومدخله في الباب الخامس منه، وقد جاءت هذه الكنية كثيراً فيما لا يحصى من الروايات والأخبار، وكذا أقوال العلماء والشعراء، لاحظ بعضها في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 136/1 - 138.
2- كما في تفسير فرات الكوفي : 57 [ الطبعة الأولى، وفي المحققة : 163 حديث 204] ذيل آية (12) من سورة التوبة، وعنه في بحار الأنوار 322/32 حديث 294.
3- سورة التوبة(9): 12.
4- كذا في المناقب المصنّف (رَحمهُ اللّه) 348/2 [ طبعة النجف، حرب صفين ] وعنه في بحار الأنوار 568/32 حديث 472. وقد جاء في تفسير قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «هؤلاء القوم هم وربّ الكعبة» ؛ يعني أهل صفّين والبصرة والخوارج. أقول : روى الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في أماليه 85/1 [الطبعة الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 87 حديث 133 ]، وعنه في بحار الأنوار 386/32 حديث 359 بإسناده عن جبلة بن سحيم، عن أبيه، قال : لما بويع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بلغه أن معاوية قد توقف عن إظهار البيعة له، وقال : إن أقرني على الشام وأعمالي التي ولانيها عثمان بايعته... فجاء المغيرة إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال له : يا أمير المؤمنين ! إنّ معاوية من قد عرفت، وقد ولاه الشام من قد كان قبلك.. فوله أنت ؛ كما تتسق عرى الأمور، ثمّ اعز له إن بدا لك.. فقال [له] أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «أتضمّن لي عمري - يا مغيرة ! - فيما بين توليته إلى خلعه ؟ !». قال : لا. قال : «لا يسألني اللّه عزّ وجلّ عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبداً (وَمَا كُنتُ مُتَخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً﴾ [سورة الكهف ((18): 51]، لكن أبعث إليه وأدعوه إلى ما في يدي من الحق، فإن أجاب فرجل من المسلمين، له ما لهم وعليه ما عليهم، وإن أبى حاكمته إلى اللّه...». فولّى المغيرة وهو يقول : فحاكمه إذاً.. فأنشأ يقول : [ من الطويل ] نَصحتُ عَليّاً فِي ابنِ حرب نصيحةً***فَرَدَّ فَمَا مِنّي له الدهر ثانية وَلَم يَقبَلْ النُّصْحَ الَّذِي جِئتُه بِه***وكَانَتْ لَه تِلكَ النَصِيحَةِ كَافِيَهْ وقالوا له : ما أخلص النصح كلّه***قلت له : إنّ النصيحة غالية قال السيوطي في الكنز المدفون : 236 فائدة : أوّل من يقف بين يدي اللّه تعالى للخصومة علي ومعاوية. ثم إنّ العلّامة (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 271/21 (باب 31) أول الباب قال :.. ف_ ﴿قَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ..) أي رؤسا الكفر والضلالة، وخصهم ؛ لأنّهم يضلّون أتباعهم، قال الحسن : أراد به جماعة الكفّار، وكلّ كافر إمام لنفسه في الكفر ولغيره في الدعاء إليه. وقال ابن عباس وقتادة : أراد به رؤساء قريش مثل الحارث بن هشام، وأبي سفيان بن حرب، وعكرمة بن أبي جهل.. وسائر رؤساء قريش الذين نقضوا العهد، وكان حذيفة يقول : لم يأت أهل هذه الآية بعد. وقال مجاهد : هم أهل فارس والروم. وقرأ عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذه الآية يوم البصرة، ثمّ قال: «أما واللّه لقد عهد إليّ رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] وقال : «يا عليّ لتقاتلن الفئة الناكثة، والفئة الباغية، والفئة المارقة».. إنّهم لا أيمان لهم».

ص: 42

روی ابن مسعود(1)، عن النبيّ ؛ وعامر الشعبي، عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «أئمّة الكفر في الإسلام خمسة : نعثل، وذو الإصبع (2)،

ص: 43


1- كما في الشافي للسيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 321/4، وفيه : طلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري.
2- قرّر شيخنا المازندراني (رَحمهُ اللّه) في ديباجة كتابه هذا هذه التكنية لطلحة بن عبيد اللّه.. وحيث فصّل الكلام فيها في الأسرار 213/2 - 214، فلا نعيد.

وابن الكاهلية (1)، وابن هند (2)، وعمرو بن العاص».

قال بعض المفسّرين (3) في قوله : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ) (4) : إنّهم أهل صفّين، وذلك أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال للأعراب الذين تخلّفوا عنه بالحُدَيْبِيَّة وعزموا على خيبر : ﴿قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذلِكُمْ قَالَ اللّه مِنْ قَبْلُ) (5).

ص: 44


1- في نسختي الأصل : الكاهلة، والصحيح ابن الكاهلية، وهي : أُمّ خويلد بن أسد بن عبد العزى، واسمها زهرة بنت عمرو.. وله فيها كلام، قال عنها حفيدها عبد اللّه بن الزبير : إنّها شرّ أُمهاتي ! كما حكاه ابن أبي الحديد في شرحه 149/20. لاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 116/1.
2- لقد فصل صاحب الأسرار فيما يرجع إلى ما ورد في هذه اللفظة (ابن هند)، من الأخبار وكلمات المعصومين الأطهار (عَلَيهِم السَّلَامُ). ولاحظ ما فصّه في الأسرار 20/1 - 23) عن (أئمة الكفر)، وذكر موارد إطلاقها. وجاءت هذه الرواية عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما في كتاب المناقب والمثالب الا اللّه للقاضي النعمان : 201، وعن طريق الشعبي عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). انظر : المصنّف لعبد الرزاق 350/11 حديث 20726، والعلل لابن حنبل 127/2، والتاريخ الكبير للبخاري 316/7 وغيرها.
3- نقل هذا القول الطبرسي (رَحمهُ اللّه) في مجمع البيان 1939، وانظر : تفسير التبيان 324/9 - 327.. وغيره.
4- سورة الفتح (48): 16.
5- سورة الفتح (48): 15.

أبو جعفر وأبو عبد اللّه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قوله: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ) : «فلان(1)»، (وَمَنْ : قَبْلَهُ﴾ : «نعثل (2)»، ﴿وَالمُؤْتَفِكاتُ﴾ [ «أهل البصرة» ](3) [«بالخاطِئَةِ» (4) : «شايعة» (5).

ص: 45


1- في التأويل : يعني الثالث. أقول : روى ذلك شرف الدين النجفي له في تأويل الآيات الظاهرة 714/2 [ وفي الطبعة الثانية 694/2] حديث 1 (سورة الحاقة)، وعنه في تفسير البرهان 375/4 [ الطبعة الثالثة ] مسنداً عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وجاء فرعون - يعني الثالث - ومن قبله - الأَوَلَيْنِ - والمؤتفكات - أهل البصرة - بالخاطئة»، وعنه في بحار الأنوار 227/32 (الباب الرابع) حدیث 177، قال : فالمراد بمجيء الأولين والثالث بعائشة إنّهم أسسوا لها بما فعلوا من الجور على أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) أساساً به تيسر لها الخروج والاعتداء على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولولا ما فعلوا لم تكن تجتري على ما فعلت، ثمّ قال : والمراد ب_: المؤتفكات : أهل المؤتفكات، والجمع باعتبار البقاع والقرى والمحلات.
2- كذا ؛ والصحيح كما في التأويل : يعني الأولين.
3- جاء في تفسير القمّي : 699 [ الطبعة الحجرية، وفي الطبعة الحروفية 384/2، وفي المحققة 1096/3 ] ذيل الآية الشريفة قال : «المؤتفكات : البصرة، والخاطئة : فلانة»، وعنه في بحار الأنوار 227/32 باب 4 حديث 117، وكذا في تفسير البرهان 469/5 حدیث 1، ونور الثقلين 461/7 ضمن حديث 8.
4- سورة الحاقة (69): 9.
5- رمز لعائشة بنت أبي بكر، لاحظ الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 33/2. وفي التأويل : ﴿وَالمُؤْتَفِكاتُ) أهل البصرة «بالخاطِئَةِ» الحميراء، وفي تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) 384/2 في ذيل الآية (9) من سورة الحاقة : ﴿وَالمُؤْتَفِكاتُ بِالخَاطِئَةِ المؤتفكات : البصرة، والخاطئة : فلانة.

أبان بن تغلب ؛ عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الجَحِيمِ﴾ (1) قال : «ابن هند».

كثير النوا ؛ قال : سألت الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله : (ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذراعاً فَاسْلُكُوهُ) (2) [ قال : ] «ابن هند» (3).

ص: 46


1- سورة الدخان (44): 47.
2- سورة الحاقة (69) : 32.
3- ويؤيّده ما رواه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 170/33 (الباب الثامن عشر) حديث 444 - 445 عن كنز جامع الفوائد، وكذا في تأويل الآيات الظاهرة 719/2 - 720 حديث 13 - 15 عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن مسكان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : «نزلت سورة الحاقة في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفي معاوية عليه من اللّه جزاء ما عمله». انظر : الكافي 243/4 - 244 حديث 1، وعنه في البحار 170/33 حديث 448. ويؤيّده ما رواه محمّد بن عباس عن الحسن بن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن رجل، عن الحلبي، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنّه قال : «قوله عزّوجل : ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بيمينه..) إلى آخر الآيات، فهو أمير المؤمنين، ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ﴾ فالشامي لعنه اللّه»، كما في تأويل الآيات الظاهرة 694/2، وعنه في بحار الأنوار 17033 (باب 17) حدیث 445. وروي عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن معاوية صاحب السلسلة، وهو فرعون هذه الأمّة. وقد جاء لقب صاحب السلسلة مكرراً في أخبارنا وعلى لسان موالينا كما خاطبه بذلك سيد الموحدين صلوات اللّه عليه، وجاء في كتاب سليم 772/2 [الطبعة المحققة ]، وقد ذكر موارده وبعض روایاته صاحب کتاب الأسرار فيما كُنّي وعُرّف به الأشرار 394/2 - 395، فراجع.

عباد بن صهيب ؛ عن جعفر، عن أبيه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قوله: ﴿فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً) (1) «الذين أقرّوا بولايتنا [ ﴿فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً﴾ ]، ﴿وَأَمَّا القَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبَاً) (2): ابن هند وأصحابه، ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً) (3) والطريقة : الولاية لعلي، (لِنَفْتِنَهُمْ فيه) (4) قتل الحسين لها.. إلى قوله : (أَبَداً)» (5).

ص: 47


1- سورة الجن (72): 14.
2- سورة الجن (72) : 15.
3- سورة الجن (72) : 16.
4- سورة الجن (72) : 17.
5- سورة الجن (72) : 23. وروى المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 443/3 - وعنه رواه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار (101/24 (باب 37) حديث 4 - عن عبد العظيم الحسني، بإسناده إلى جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذيل الآية الشريفة يقول : «لأشربنا قلوبهم الإيمان، والطريقة هي ولاية علي بن أبي طالب والأوصياء (عَلَيهِم السَّلَامُ)». ومثله في أُصول الكافي 419/1، وفيه : عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وروى في بحار الأنوار 24/25 (باب 1) حديث 40، وفيه : الطريقة حبّ عليّ صلوات اللّه عليه، والماء الغدق : الماء الفرات، وهو ولاية آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ). انظر : تفسير القمّي 389/2 حديث 3 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحققة 1107/3 - 1108]، وعنه في بحار الأنوار 244/9 ذيل حديث 146، و 281/67، وكذا في تفسير البرهان 510/5 حديث 8، وفي تفسير الفرات : 511 حديث 667. أقول : عقد العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 25/24 - 30 (باب 25) من كتاب الإمامة باباً بعنوان : (باب آخر في أنّ الاستقامة إنّما هي الولاية)، وأورد فيه جملة روايات غالبها عن كتاب كنز الفوائد، وقد جاء بمضمون هذا الحديث وكون الفتنة : إنّما هؤلاء يفتنهم فيه، يعني المنافقين، أو فتنتهم في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأنهم كفروا بما أنزل في ولايته. وفي أصول الكافي 220/1 (باب إنّ الطريق التي حثّ على الاستقامة عليها ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)) حدیث 1 و 2. ولاحظ : تفسیر فرات الكوفي : 512 حديث 668، وتأويل الآيات الظاهرة 703/2 (سورة الجن)، و 747/3 (سورة المطففين). و راجع : مجمع البیان 12/9 - 13، و 371/10 - 372.. وغيره.

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لما قال النبيّ (عليه وآله السلام) يوم غدير خم - بين ألف وثلاثمائة رجل - : «من كنت مولاه فعلي مولاه».

قام ابن هند و تمطّى (1) وخرج مغضباً، واضعاً يمينه على عبد اللّه بن قيس

ص: 48


1- أي تبختر وتكبر افتخاراً بذلك.. من المط، لأنّ المتبختر يمد خطاه، فيكون أصله يتمطط.

الأشعري، ويساره على المغيرة بن شعبة، [ هو ] يقول : واللّه لا تُصدّق (1) محمّداً على مقالته، ولا نقرّ عليّاً بولايته ! فنزلت : ﴿فَلا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى..) (2) الآيات، فَهم به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يردّه فيقتله. فقال له جبرئيل : ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ (3)؛ فسكت عنه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )(4)».

ص: 49


1- في نسختي الأصل : يصدق، وما هنا جاء في التفسير بطبعاته.
2- سورة القيامة (75) : 31 – 35.
3- سورة القيامة (75) : 16.
4- وجاء بنصه في مناقب آل أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) 536/1 - 537 [ الطبعة الأولى، وفي طبعة النجف 239/2]، وعنه في بحار الأنوار 161/37 ضمن حديث 40، وكذا قريب منه مضموناً في تفسير فرات الكوفي : 195 - 196 [ الطبعة المحققة : 516 - 517 حديث 675 وما هنا مجمل ما هناك ] وعنه في بحار الأنوار 193/37 - 194 حدیث 77، رواه عن حذيفة. أقول : ما هنا جاء قريب ممّا ورد في تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) 397/2 [ الطبعة الحروفية، وفي المحققة 1119/3]. ورواه عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 163/33 حديث 428، وكذا المحدّث البحراني (رَحمهُ اللّه) تفسير البرهان 540/5406/4 حدیث 1]. والشيخ الحويزي (رَحمهُ اللّه) في نور الثقلين 58/8 حديث 16، وصفحة : 61 ذیل حدیث 27، ورواه الحافظ الحسكاني في شواهد التنزيل 295/2 [ الطبعة الأولى 390/2 حدیث 1040 ]. أقول : ما جاء في تفسير علي بن إبراهيم 1119/3 - 1120 [ الطبعة المحققة ] هو في سبب نزول الآية الشريفة، قال : فإنّه كان سبب نزولها أنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دعا إلى بيعة على [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] يوم غدير خم. فلمّا بلغ الناس وأخبرهم في علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] ما أراد اللّه أن يخبر [هم به ] رجعوا الناس، فاتكأ معاوية على المغيرة بن شعبة وأبي موسى الأشعري، ثمّ أقبل يتمطّى نحو أهله ويقول : واللّه ما نقرّ لعلي بالولاية [خ. ل : بالخلافة ]، ولا نصدق محمّداً مقالته فيه [ أبداً]، فأنزل اللّه جل ذكره: ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى * ثمّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى * أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَى﴾ [سورة القيامة (75) : 31 - 34] وعيداً [عيد ] للفاسق [الفاسق ] فصعد رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] المنبر وهو يريد البراءة منه فأنزل اللّه : ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [سورة القيامة (75) : 16] فسكت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولم يسمّه..

قوله تعالى : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا..) (1): يعنى : ملكهم الذي وَلُوهُ دون عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و هم : الأوّل، والثاني، والثالث، والرابع الذي قام بولاية نعثل.

محمود الزمخشري في ربيع الأبرار (2)، وأبو الحسن المدائني في المثالب : أنّه كان يعزى إلى أربعة ؛ إلى أبي عمرو ابن مسافر، وإلى عمارة بن الوليد، وإلى العبّاس بن عبد المطلب، وإلى الصباح - مغن أسودَ كان لعمارة -.

وقالوا : كان أبو سفيان دميماً قصيراً، وكان الصباح عسيفاً (3) شاباً وسيماً.

ص: 50


1- سورة آل عمران (3) : 196.
2- ربيع الأبرار 551/3 [ وفي طبعة 447/4، وفي طبعة الأعلمي 275/4 - 276] باختلاف يسير.. وغيره. وراجع شرح نهج البلاغة 336/1، والغدير 170/10، وإحقاق الحقّ : 64..
3- الكلمة في نسختي الأصل بدون نقط، ويحتمل قراءتها : عنيفاً، أو بشكل آخر. والعسيف هو الأجير المستهان به، كما في لسان العرب 246/9، وقيل : هو المملوك المستهان به وفي مجمع البحرين 100/5 : العسيف الأجير ؛ لأنّه يعسف الطرقات. متردداً في الاشتغال.

فدعته هند إلى نفسها [ فغشيها ].

وقال : [ إنّ ] عتبة [ بن أبي سفيان ] من الصباح (1) - أيضاً - وإنّها (2) كرهت أن تضعه في منزلها، فخرجت إلى أجياد (3) فوضعت..

وفي ذلك يقول حسّان (4): [ من الكامل ]

إنَّ الصَّبِيَّ بجانب البطحاء (5) [في التُرب[ مُلقَى غَيْرَ ذِي مَهْدِ (6)

جاءَتْ بِهِ بَيْضاءُ إِنْسِيَةٌ***مِنْ عَبْدِ شَمْسِ حُرَّةُ (7) الخَدِّ

ص: 51


1- في نسختي الأصل : وقال عتبة بن الصباح.. ! كذا ؛ وما هنا من المصدر.
2- في نسختي الأصل : وإنما..
3- أجياد : جيل بمكة، أو مكان، وقد تكرر ذكره في الأخبار، وقيل : هو موضع بأسفل مكة معروف من شعابها، وقيل غير ذلك. لاحظ : لسان العرب 139/3.. وغيره.
4- دیوان حسان بن ثابت : 87.
5- كذا ؛ وفي الديوان : لمن.
6- في المصدر : سهد.
7- في المصدر : صلتة.. وهو الذي جاء في أكثر المصادر، وإن كان يصح ما ذكر هنا.

الحسين بن شداد، عن شريك (1)، عن ليث، عن طاوس، عن عبد اللّه ابن عمر (2) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت على غير ملتي ] (3)».. إذ طلع (4) ابن هند (5).

عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن عبد اللّه بن بن عمرو بن العاص، قال : أتيت النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - وهو في حائط لبعض الأنصار - قال : «يطلع عليكم رجل من أهل النار»، قال عبد اللّه : وكنت خلّفت أبي عمرو يلبس ثيابه

ص: 52


1- رواه في بحار الأنوار عن شريك وفيه : أتيت النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فسمعته يقول.
2- في أنساب الأشراف : عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص.
3- في نسختي الأصل : غيره، والمثبت عن أنساب الأشراف، وفي بحار الأنوار وصفين : «.. على غير سنتي..» فشق ذلك عليّ وتركت أبي يلبس ثيابه ويجيئ.. فطلع معاوية وكأنه خلط مع الحديث الآتي. أقول : جاء الحديث بألفاظ مختلفة منها قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «يطلع من هذا الفج رجل من أُمّتي يحشر على غير ملّتي» فطلع معاوية. راجع : أنساب الأشراف 126/5 - 127. ولاحظ : تاريخ الطبري 357/11 [ وفي طبعة : 186/8]، وكذا جاء في مناقب الكوفي (رَحمهُ اللّه) 311/2، وشرح الأخبار 147/2 حديث 451.. وغيرهما. وقد ذكر له عدة طرق وجملة ألفاظ ومصادر في الغدير 141/10.
4- كذا ؛ ولعلّه : أو فطلع.. كما في صفين.
5- لاحظ : كتاب صفين : 215 [ طبعة مصر، وفي طبعة : 219 - 220]، وعنه في بحار الأنوار 189/33 - 190 (باب 18) حديث 471، وكذا راجع كتاب صفين : 247.

ويلحق بي، فخِلْتُ ذلك..(1) فاطلع معاوية مثل ذلك.. فأطلع معاوية (2)، وعَمْراً أيضاً من أهل النار.. رواه شريك أيضاً (3).

حدث بعضهم، قال (4) : حضرتُ عند معاوية يوماً - وقد أذن المؤذن : اللّه أكبر - فقال معاوية مثل ذلك، فلمّا قال المؤذن : أشهد أن لا إله إلا اللّه، قال معاوية مثل ذلك، فلمّا قال : أشهد أن محمّداً رسول اللّه.. أطرق معاوية، ثمّ قال : يا بن عبد اللّه ! ما كان أكبر همتك ! قرنت اسمك باسم ربّك ؟ !

وقال عمرو بن العاص له يوماً : رأيت البارحة في المنام كأنَّ (5) القيامة قد قامت، ووضع الميزان، وأحضر الناس للحساب، ونظرت إليك واقفاً

ص: 53


1- كذا ؛ ولعلّها : فخفت، أو فخشيت.
2- الكلام فيه تكرار واضح.
3- وبألفاظ مقاربة في أنساب الأشراف 126/5 [ وفي طبعة دارالفكر 134/5]. وروى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 189/33 - 190 (الباب الثامن عشر) ذيل حديث 474 بإسناده...عن شريك، عن ليث، عن طاوس، عن عبد اللّه بن عمر، قال : أتيت النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فسمعته يقول : «يطلع عليكم من هذا الفج رجل يموت حين يموت وهو على غير سنتي..» فشق ذلك عليّ وتركت أبي يلبس ثيابه ويجيء، فطلع معاوية..
4- في نسختي الأصل: قالت، والصحيح ما أثبتناه، وقد أورده أحمد بن أبي طاهر في كتاب أخبار الملوك.
5- في نسختي الأصل : كانت، وهي محرفة عن المثبت.

وقد ألجمك العَرَق، فقال معاوية : هل رأيت من الدنانير شيئاً ؟!(1)

وروى الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد اللّه بن عمر : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «تابوت فلان في النار، فوق تابوت [ فرعون ]، ولولا أنّ فرعون قال : (أنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى) (2) لكان فوقه..» رواه أبو هريرة أيضاً (3).

ص: 54


1- وقد جاء هذا الخبر في كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة 318/1 هكذا : المدائني قال : قال عمرو بن العاص لمعاوية : إني رأيت البارحة في المنام كأن القيامة قد قامت ووضعت الموازين، وأحضر الناس للحساب، فنظرت إليك وأنت واقف وقد ألجمك العرق، وبين يديك صحف كأمثال الجبال، فقال معاوية : فهل رأيت شيئاً من دنانير مصر..! راجع : تاریخ دمشق 199/59، والبداية والنهاية 147/8. وجاء في عيون الأخبار - أيضاً - 163/1 قال عمرو بن العاص لمعاوية : لقد أعياني أن أعلم أجبان أنت أم شجاع ؟ فقال : [ من الطويل ] شُجَاعُ إِذا ما أَمْكَنَتْنِي فرصةً***وإِلَّا تَكُنْ لى فُرصَةٌ فَجَبَانُ ! انظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 101/10، وعنه في بحار الأنوار 202/33 - 203 حدیث 490، وراجع : كتاب صفين : 216 [ طبعة مصر ].
2- سورة النازعات (79) : 24.
3- ورواه نصر بن مزاحم في صفين : 219، وعنه في بحار الأنوار 189/33 (باب 18) ذيل حديث 454، قال : وعن محمّد بن فضيل، عن أبي حمزة الثمالي، عن سالم بن أبي الجعد، عن عبد اللّه بن عمر، قال : إن تابوت معاوية في النار فوق تابوت فرعون، وذلك بأن فرعون قال : أنا ربكم الأعلى.. وجاء قبله فيه : 218، وعنه في بحار الأنوار 188/33 (باب 18)، عن يحيى بن يعلى، عن عبد الجبار بن عباس، عن عمار الدهني، عن أبي المثنى، عن عبد اللّه بن عمر، قال : ما بين تابوت معاوية وتابوت فرعون إلّا درجة، وما انخفضت تلك الدرجة إلا لأنّه قال : أنا ربكم الأعلى.. ومثله قبله 187/33 (الباب الثامن عشر) حديث 474، عن يحيى بن يعلى. ولاحظ : شرح النهج 31/4 [ طبعة مصر ].

ومنه الحديث الشهير عن ثوبان من قوله : «فلان في تابوت من نار، ينادي ألف عام : يا حنان يا منان ! فقال له : «الآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ..) (1)» الآية (2).

عبد الرزاق، عن وهيب بن عبد الرحمن، عن أبي الطفيل، قال : دخل أبو ذرّ على معاوية، فقال معاوية (3) (شعر) :

ص: 55


1- سورة يونس (10) : 91.
2- ورواه ابن أبي الحديد في شرح النهج 176/15، وعنه بحار الأنوار 210/33 (الباب الثامن عشر) ذيل حديث 492، الغدير 142/10، تاريخ الطبري 186/8 [ وفي طبعة مصر 58/10 - 59].
3- المعروف والذي ورد في المصادر التي بأيدينا أنّ عثمان لعنه اللّه هو قائل ذلك لا معاوية، وإن كان الكفر ملة واحدة. فلاحظ شرح النهج 258/8، وعنه بحار الأنوار 416/22 (باب 12) ذیل حدیث 30، و 275/31 (الطعن العشرون)، الغدير 305/8.

[ من الرجز (1) ]

لَا أَنْعَمَ اللّه بِعَمْرو (2) عَيْنا***تَحِيَّةَ(3) السُّخْطِ إِذا التَقَيْنَا (4)

قال أبو ذر : ما أدري ما هذا ؟ ولكن سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «فلان ابن أبى فلان فرعون هذه الأُمّة (5) يموت على غير الملة (6).

أبو نضرة(7)، عن الخدري : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «إن هذا سيطالب يوماً

ص: 56


1- ويمكن أن يكون البيت من مشطور السريع المكشوف العروض، كما قد سلف أن نبّهنا على ذلك.
2- في نسختي الأصل : نعمروا ! وفي بعض المصادر : بيقين.
3- في نسختي الأصل : تحوّط.
4- أثبتنا البيت الصحيح حسب المصادر، وفي المخطوطة تشويش في البيت.
5- قد أطلق هذا اللقب على هذا الزنديق كراراً في رواياتنا وأخبارنا، وذكر جملة منها صاحب الأسرار 83/3- جزاه اللّه خيراً - بل جاء في الملاحم والفتن لابن طاوس (رَحمهُ اللّه) : 111 (باب 19) عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : «معاوية فرعون هذه الأُمة، وعمرو بن العاص هامانها».
6- حكى أبو الصلاح الحلبي (رَحمهُ اللّه) في تقريب المعارف : 266 عن الثقفي، عن إبراهيم التميمي، عن أبيه، عن أبي ذر قال : قلت لمعاوية : أما أنا فأشهد أني سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : إن أحدنا فرعون هذه الأمة.. فقال معاوية : أما أنا فلا! وعنه في بحار الأنوار 274/31 (تذييل وتتميم).
7- راجع : أنساب الأشراف 136/5 [ طبعة دار الفكر ]، وشرح الأخبار 147/2 حديث 450، والملاحم والفتن : 230 حديث 334.. وغيرها. وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج 108/4 - مسنداً - عن أنس بن مالك، قال : سمعت من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «سيظهر على الناس رجل من أمتي ؛ عظيم السرم، واسع البلعوم، يأكل ولا يشبع، يحمل وزر الثقلين، يطلب الإمارة يوماً ؛ فإذا أدركتموه فابقروا بطنه». قال : وكان في يد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قضيب قد وضع طرفه في بطن معاوية.

الإمارة ؛ فإذا رأيتموه يفعل ذلك.. فا بقروا بطنه»، وأشار إليه، فاخترط رجل - ممّن سمع ذلك من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )- سيفه.. فحيل بينه [ وبينه ].

وقالوا : استعمله عثمان.

عمر بن عبد اللّه بن الحسن : قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «إذا رأيتم فلاناً يخطب على منبري فاقتلوه»، قال الحسن : فلم يفعلوا.. فأذلّهم اللّه (1).

ص: 57


1- جاء هذا بنصه في مناقب الكوفي : 305. أقول : روى نصر بن مزاحم في كتابه صفّين : 216 [ طبعة مصر ]، وعنه في بحار الأنوار 202/33 - 203 حديث 491، وكذا في صفحة : 185 حديث 458 - 474، وكذا عن شرح النهج عن الحكم بن ظهير، عن إسماعيل، عن الحسن.. قال : وحدثنا الحكم - أيضاً - عن عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد اللّه ابن مسعود، قالا: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «إذا رأيتم معاوية بن أبي سفيان يخطب على منبري فاضربوا عنقه». قال الحسن : فواللّه ما فعلوا ولا أفلحوا.. لاحظ : الغدير 142/10 حيث ذكر ألفاظ الحديث وعدة مصادر له. وعن عمر بن ثابت، عن إسماعيل، عن الحسن، قال : قال : رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقتلوه..».

ودخل ابن أرقم عليه - وعمرو معه (1) على السرير - فرمى بنفسه بينهما، فقالا في ذلك.. فقال : إنّ رسول اللّه غزا غزوة وأنتما معه، فرآكما مجتمعين، فنظر إليكما نظراً شديداً، ثمّ رآكما [في ال_] يوم الثاني والثالث، فقال : «إذا رأيتم فلاناً وفلاناً مجتمعين ففرّقوا بينهما، فإنّهما لا يجتمعان على خير» (2).

ولمّا ورد نعي عثمان على الجراضم (3) اجتمع هو وعمرو ؛ يتشاوران(4) [في ] خلع عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال أحدهما : كيف نصنع بعبادة بن الصامت، وهو لا يتابعنا على أمرنا ؟! فقال الآخر : نشغله.. فبعثا إليه فأقبل وجلس بينهما، وقال : واللّه - يا معاوية - ما جهلت بما قال رسول اللّه : «إنّ المرء أحق بصدر مجلسه»

ص: 58


1- في نسختي الأصل : منه.
2- لاحظ : وقعة صفين : 218 - 219، وعنه في بحار الأنوار 188/33 ذیل حدیث 458، وكذا جاء في شرح الأخبار 537/2، والغدير 127/2. وكذا راجع : الغدير 148/10.
3- في نسختي الأصل : الحراضم، والصحيح ما أثبتناه. والجراضم : هو الأكول الواسع البطن، رمز لمعاوية، كما أقره وقرّره المصنف (رَحمهُ اللّه) في مدخل كتابه هذا، وفصله في الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 100/2، وقد يرد بغير إعجام.
4- في نسختي الأصل : فتشاوران، والظاهر ما أُثبت

ولكنّي سمعته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )- وقد رآكما مجتمعين - [ يقول ]: «إذا رأيتموهما مجتمعين ففرّقوا بينهما ؛ فإنّهما لا يجتمعان على خير».

فقال معاوية : إنما بعثنا إليك أنّ (1) عثمان قتل وههنا مال(2) مجتمع فاقبضه، ثمّ اخرج في مواخير من مواخير المسلمين، قال : هلم، فقَبَضَهُ (3).. وأَخْرَجَ (4) لنفسه، وخلوا بأمرهما (5).

عمرو بن الحمق (6) ؛ قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «أتريد أن أريك عمود النار ؟» فأشار إليه.. ثمّ قال : «أتحبّ أن أريك عمود الجنّة ؟» فأشار إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

أبو حرب ابن أبي الأسود (7)، عن رجل من أهل الشام، [ عن أبيه قال : ]

ص: 59


1- كذا؛ والظاهر : لأنّ.
2- في نسختي الأصل : قال.
3- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، ويحتمل غير ما أثبت.
4- قد تقرأ في نسخة (ألف) : ضرع، والنقاط مشوشة في نسختي الأصل.
5- وقريب منه في العقد الفريد 114/3 [ وفي طبعة دار الكتب العلمية 93/5، وفي طبعة دار إحياء التراث 321/4]. راجع : الفتوح لابن أعثم 514/2، ومجمع الزوائد 248/7، والمعجم الكبير 289/7، وجواهر المطالب 47/2 - 48.. وغيرها.
6- كما جاء في شرح إحقاق الحقّ 254/22.
7- كما جاء في الخصال للصدوق (رَحمهُ اللّه): 319 حديث 104 بسنده ونصه [ وفي الطبعة الأولى 155/1]، وعنه في بحار الأنوار 233/11 حدیث 13، و 645/31 (باب 32) حديث 645 و 173، و 167/33 (باب 17) حدیث 437، كما رواه نصر بن مزاحم في کتابه صفین : 217، وفيه : شر خلق اللّه..

سمعت النبيّ (عليه وآله السلام)، يقول : «مِنْ شرّ خلق اللّه خمسة : إبليس، وابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون ذو الأوتاد، ورجل من بني إسرائيل ردّهم عن دينهم، ورجل من هذه الأمة يُبَايَعُ على كفر عند باب لد» (1) [ قال : ثمّ قال : إِنِّي ]لمّا رأيته [ أي رأيت معاوية ] يُبايع (2) عند باب لد، ذكرت قول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلحقت بعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكنت معه.

وروي : أنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعث رجلاً إليه يدعوه، فأتاه الرجل فدعاه، فقال : أعطني آية بأن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يدعوني، فرجع (3) إليه فأخبره، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )«فارجع إليه وقُل له : بآية أنك من أهل النار»..

وقد ثبت أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعنه في سبعة مواضع (4).

ص: 60


1- وأورده في تفسير نور الثقلين 572/5، حديث 7 عن الخصال. وراجع بحار الأنوار 233/11 حدیث 13، والأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 340/2 عن عدة مصادر.. وغيرهما
2- في نسختي الأصل : بايع ؛ والظاهر : بويع، وفي الخصال : يبايع.
3- في نسختي الأصل : فأرجع.
4- جاء في الخصال من باب لعن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أبا سفيان في سبعة مواطن 397/2 (باب السبعة) حديث 105، وجاء في الاحتجاج 274/1، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 299/6..

النضر بن شميل، عن عوف الأعرابي، عن أبي يزيد المزني، قال : أشرف النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم أحد على الأحزاب، فقال : «لعن اللّه الرؤساء والأتباع (1)؛ فأما الأتباع ؛ فإنّ اللّه يتوب على من تاب (2) منهم، وأما الرؤوس (3)؛ فليس فيهم نجيب ولا منتجب ولا ناج»(4).

روى البراء بن عازب (5) : قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اللّهم عليك الأقيعس (6)»..

ص: 61


1- في شرح الأخبار : اللّهم العن القادة منهم والأتباع...
2- في شرح الأخبار : من يشاء.
3- في شرح الأخبار : واما القادة والرؤوس.
4- جاء هذا الحديث بألفاظ مقاربة في شرح الأخبار للقاضي النعمان 165/2 حديث 502، وكذا في كتابه الآخر المناقب والمثالب : 233.
5- الرواية التي وردت في معاني الأخبار 327/2 [ طبعة النجف، وفي طبعة طهران : 345 - 346] عن البراء بن عازب هي أنّه قال : أقبل أبو سفيان ومعاوية يتبعه، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «اللّهم العن التابع والمتبوع، اللّهم عليك بالأقيعس»، قال ابن البراء لأبيه : من الأُقيعس ؟ قال : معاوية. ومثله في كتاب صفين : 218، [ وفي طبعة مصر : 244]، والمناقب والمثالب للقاضي نعمان : 180، وعن صفّين في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 760/1 [79/4]، والغدير 252/3، ومثله فيه 139/10.. وغيرها. لاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 321/1.
6- الكلمة في نسختي الأصل مشوشة وبدون نقط. أقول : قد عقد الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في كتابه معاني الأخبار 327/2 باباً في معنى الأقيعس، وأنه تصغير الأقعس، وهو الملتوي العنق.. فراجع.

يعني ابن هند.

ورووا أن النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، قال ]: «لعن اللّه السائق والقائد والراكب» (1).

ابن عبّاس: أرسلني رسول اللّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )ه، أدعوه، فقال : قُل له : يأكل، فأتيته - فأخبرته ثلاث مرات - فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «اللّهم لا تشبع بطنه» (2).

ولقد رأيته وأنّ الثوب ليعقد في عنقه ثمّ يجثو ؛ يأكل كما يأكل البعير، فواللّه

ص: 62


1- كما جاء في كتاب صفين : 247 [ طبعة مصر ] وفيه : وخرج من فج، فنظر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى أبي سفيان وهو راكب، ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق، فلما نظر إليهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «اللّهم العن القائد والسائق والراكب..» وقريب منه - وبتقديم وتأخير - في تاريخ الطبري 357/11 [ وفي طبعة 185/1]. وقد جاء بألفاظ متعدّدة وتقديم وتأخير، وله طرق كثيرة، ومنها ما جاء في بحار الأنوار 190/33 (الباب السابع عشر)، عن أكثر من مصدر، وتعرّض لكل مفردة منه مفصلاً في الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار. وإليه أشار الإمام السبط سلام اللّه عليه مخاطباً به معاوية بقوله : «أنشدك اللّه يا معاوية ! أتذكر يوم جاء أبوك على جمل أحمر وأنت تسوقه وأخوك عتبة هذا يقوده، فرأكم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال..». ولاحظ في الغدير 139/10 - 140.
2- كما جاء في كتاب مسلم 2010/4 حديث 2604. وراجع : الاستيعاب 1421/3، وتاريخ مدينة دمشق 151/41 - 152، وسير أعلام النبلاء 123/36، و 388/5.. وغيرها، بل جاء في كثير من مصادر الفريقين.

ما شبع من شيء حتّى مات.

وفي رواية الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): «ما له ؟! لعنه اللّه، لا أشبع اللّه بطنه» (1).

وفي تاريخ البلاذري (2)، في خبر ابن عباس : أنّه كان معاوية يقول : لقد لحقتني دعوة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

الجاحظ في كتاب الأكلة (3)؛ أنّه دعا بالطعام يوماً، وقد أُصلح له

ص: 63


1- جاء هذا الحديث بألفاظ متعدّدة وبطرق متكبّرة، وفيه : وبقي لا يشبع ويقول : واللّه ما أترك الطعام شبعاً ولكن إعياء. راجع : بحار الأنوار 209/33 (باب 17)، رواه فيه 195/33 (باب 17) حديث 477 عن كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي من إفراد مسلم، ولاحظ : کتاب صفين 220 [ طبعة مصر ]. وقد ذكر الرواية المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 140/1 [ الطبعة الأولى، وفي طبعة قم 162/1]، وعنه في بحار الأنوار 248/22 (باب 5) ذيل حديث 1، وقعة صفين : 220، الصراط المستقيم 47/3. كما وقد رواه في الاستيعاب (المطبوع في هامش الإصابة) 401/3، وقد جاء في الإصابة 434/3، باسناده عن ابن عباس.
2- أنساب الأشراف 532/1، فتوح البلدان : 459 [ وفي طبعة 582/3]، ثمّ قال : وكان يأكل في اليوم سبع أكلات وأكثر وأقلّ. جاء الحديث في كتاب مسلم 2010/4، مسند أبي داود الطيالسي: 359، شرح النهج 176/15، تاريخ الطبري 186/8.. وغيرها كثير. ولاحظ : الغدير 88/11.
3- كتاب الأكلة، ولا نعلم بطبعه ولا نسخة له، بل لم يرد حتّى فيما طبع للجاحظ من كشاف آثار للدكتور علي أبو ملحم من منشورات دار ومكتبة الهلال ذيل رسائله. وقد ذكر كتاب الأكلة منسوباً للمدائني ابن النديم في الفهرست : 116، وكذا في إيضاح المكنون 271/2، ونص عليه الذهبي في تاريخ الإسلام 291/16.. وغيره.

عجل مشويّ، فأكل معه دستاً من الخبز السميد (1) وأربع فراني، وجدياً (2) حاراً وجدياً (3) بارداً.. سوى الألوان، ووضع بين يديه مائة رطل من الباقلي (4) الرطب فأتى عليه.. (5)

وفي كتاب ربيع الأبرار (6) : أنّه كان يأكل حتّى يتسطح (7)، ثمّ يقول : یا غلام ! ارفع ؛ فواللّه ما شبعت ولكن مللت ! ! (8)

وكان يأكل في اليوم سبع أكلات أخراهن بعد العصر، [ و ] عظماهنّ فيها

ص: 64


1- في بعض المصادر السميذ.
2- في نسختي الأصل : حدناً، وما أثبتناه من المصادر.
3- في نسختي الأصل : حدناً، وما أثبتناه من المصادر.
4- في بعض المصادر : الباقلاء.
5- جاء نص هذا الكلام في نثر الدر 179/2، التذكرة الحمدونية 97/9، الفخري في الآداب السلطانية : 114.
6- ربيع الأبرار 682/2، وجاء في أوّله : كان معاوية من أنّهم الناس.
7- كذا في المصدر، وفي نسختي الأصل : ينسطح.
8- وراجع : كتاب محاضرات الأدباء 731/1، والتذكرة الحمدونية 97/9، ونهاية الأرب 314/3.. وغيرها.

ثريد [ة] عظيمة في جفنة، على وجهها عشرة أمنان من البصل (1).

ولقب : الجراضم (2) ؛ في أكله في سبع أمعاء (3).

ص: 65


1- إلى هنا كلام ربيع الأبرار. وروى الزمخشري في ربيع الأبرار 702/2 - 703 عن المدائني ؛ أنّه قال : كانت العرب لا تعرف الألوان، إنّما طعامهم اللحم يطبخ بماء وملح، حتّى كان زمن معاوية فاتخذ الألوان فيها.. و ما شبع - مع كثرة ألوانه - حتّى مات لدعاء رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )]. قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 398/18: قال أبو الحسن المدائني في كتاب الأكلة كان (أي معاوية) يأكل في اليوم أربع أكلات أُخراهن عظماهن، ثمّ يتعشى بعدها بشريدة عليها بصل كثير ودهن كثير قد شغلها، وكان أكله فاحشاً..
2- تقرأ في النسخ : الخراضم ؛ وفي المصادر الجراضم، وهو الذي أقره المصنف طاب رمسه لهذا الخبيث في مدخل كتابنا، وتكرر في خلال الكتاب وهو الاكول الواسع البطن.. كما ذكر ما له من معانٍ في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 100/2. وقد قرر المصنف (رَحمهُ اللّه) في مدخل كتابه هذا أنّ (الخراصم) رمز للزبير خاصة، كما في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 175/2.
3- كما قاله غير واحد، منهم : الزمخشري في ربيع الأبرار 365/2، وهو القائل لجلسائه مرة كما في 774/2 - : وددت لو أنّ الدنيا في يدي بيضة بتمرشت [كذا] وأحسوها كما هي. وقال أيضاً - في ربيعه 738/2- : كان سليمان بن عبد الملك ثعباني الالتهام، لقماني الالتقام ؛ على أن جميع المروانية كانوا أمثالاً في الأكل، إمامهم فيه الآكل في سبعة أمعاء معاوية

شاعر (1): [من الرجز ]

وَصاحِب [لي ] بَطْتُهُ كَالهاوية***كَأَنَّ في أَمْعَانِهِ مُعَاوِيَةً

عبد اللّه بن عصمة ؛ أنّه أهدى إلى عائشة هدية، فقال الرسول : بعث بها أمير المؤمنين. فقالت : ليس بأمير المؤمنين من قهر الناس بسيفه

وسئل الحسن عن العاقل، قال : من اتقى اللّه تعالى وتمسّك بطاعته.

فقال رجل : ففلان ؟ قال : تلك الشيطنة، تلك الفرعنة، ثمّ قال : ذلك ممنوع بالعقل (2).

وقال رجل عند سفيان الثوري : إنّه كان عاقلاً.. ! فقال : العقل لزوم الحق ولزوم الصدق (3).

ص: 66


1- البيت منسوب إلى أبي حامد الضرير القزويني، كما في يتيمة الدهر 465/2. وراجع مجمع الأمثال 871، والتدوين في أخبار قزوين 85/2.. وغيرهما.
2- في نزهة الناظر وتنبيه الخاطر للحلواني : 84: ولهذا قال الحسن البصري - وقد سئل عن العاقل - فقال : العاقل من اتقى اللّه وتمسك بطاعته. فقال له رجل: فمعاوية ؟ قال : تلك الشيطنة، تلك الفرعنة. ثمّ قال : ذلك شبيه بالعقل. لكن جاء ما يقرب من هذا عن أئمتنا (عَلَيهِم السَّلَامُ) : انظر : الكافي الشريف 11/1 حديث 3، معاني الأخبار : 239 (باب معنى العقل).. وغيرهما.
3- راجع : نزهة الناظر وتنبيه الخاطر : 84.

وفي كتاب البيان والتبيين (1)، عن الجاحظ ؛ أنّه قيل لشريك ابن عبد اللّه : كان معاوية حليماً ؟ قال : لو كان حليماً ما سفه (2) الحق، و [لا ] قاتل عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

وعن هشام بن عمار، عن عبد العزيز [بن ] السائب، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمر (4)، قال : كنت جالساً عند النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال : «الآن يطلع علينا من هذا الفجّ

ص: 67


1- البيان والتبيين 172/3.
2- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، وتقرأ في نسخة (ب) : يمنعه.. وفي المصدر : ما سفه، وفي ميزان الاعتدال 274/2 قال : ليس بحليم من سفه الحقّ وقاتل علياً. قال السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) في أماليه 217/1: وسمع أماليه 217/1: وسمع الأحنف رجلاً يقول : ما أحلم معاوية ! فقال : لو كان حليماً ما سفه الحق.
3- وأما عن حلم بني أمية : فقد قال الزمخشري في ربيع الأبرار 422/3 : ولما بلغ الحسنبن عليّ رضي اللّه عنه [ صلوات اللّه عليه وآله ] قول معاوية : إذا لم يكن الهاشمي جواداً، والأموي حليماً، والعوامي شجاعاً، والمخزومي تياهاً.. لم يشبهوا آباءهم. قال : «إنه واللّه ما أراد بها النصيحة، ولكن أراد أن يفني بنو هاشم ما بأيديهم فيحتاجون إليه، وأن تحلم بنو أمية فيحبّهم الناس، وأن يشجّع بنو العوام فيقتلوا، وأن يتيه بنو مخزوم فيمقتوا». راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 354/19، والبداية والنهاية لابن كثير 139/8، و تاریخ دمشق 139/59، وميزان الاعتدال 274/2، ووفيات الأعيان 465/2.. وغيرها.
4- كذا ؛ والظاهر أنّه (عمرو) ؛ فإنّ الطرق كلها عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص لا عبد اللّه ابن عمر بن الخطّاب.

رجل ليس من أهل الجنة»، فطلع معاوية، فقلت : هو هذا ؟

قال : «نعم، هو هذا».

وبغير الإسناد جماعة يرفعونه إلى عبد اللّه بن عمرو بن العاص، فقال : كنت عند النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال : «الآن يطلع علينا من هذا الفجّ رجل يموت على غير ملتي» (1).. فطلع معاوية.

وحدّث خلف بن هشام البزار، عن أبي عوانة عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، قال (2) : قال رسول اللّه : «معاوية في تابوت مُقْفَل عليه في جهنّم» (3).

ص: 68


1- قد سلف الحديث عن هذا الحديث مع مصادره.
2- لا توجد : (قال) الأولى في نسخة (ألف).
3- رواه بهذا السند وبنصه البلاذري في أنساب الأشراف 128/5 [ وفي طبعة دار الفكر 136/5 ]، ومثله في تقوية الإيمان : 144.. وغيره. وروی سليم بن قيس الهلالي (رَحمهُ اللّه) في كتابه : 161 [ وفي طبعة : 90 - 91 ]، وعنه في بحار الأنوار 279/28 - 280 (الباب الرابع) ذيل حديث 45، وكذا الطبرسي (رَحمهُ اللّه) في احتجاجه 112/1، وعنه في بحار الأنوار 405/30 - 406 (باب 20 في ذكر أهل التابوت في النار) حديث، قال سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي، قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في يوم بيعة أبي بكر : «لست بقائل غير شيء واحد، أذكركم باللّه أيها الأربعة - يعنيني والزبير وأبا ذر والمقداد - أسمعتم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «إن تابوتاً من نار فيه اثنا عشر رجلاً ؛ ستة من الأولين وستة من الآخرين، في جبّ في قعر جهنم تابوت مقفل، على ذلك الجبّ صخرة، إذا أراد اللّه أن يسعر جهنم كشف تلك الصخرة عن ذلك الجب، فاستعاذت جهنم من وهج ذلك الجب»، فسألناه عنهم وأنتم شهود، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «أما الأوّلون ؛ فابن آدم الذي قتل أخاه، وفرعون الفراعنة، والذي حاج إبراهيم في ربّه، ورجلان من بني إسرائيل بدلا كتابهما وغيّرا سنتهما، أما أحدهما فهود اليهود، والآخر نصر النصارى، وإبليس سادسهم، والدجّال في الآخرين، وهؤلاء الخمسة أصحاب الصحيفة الذين تعاهدوا وتعاقدوا على عداوتك يا أخي والتظاهر عليك بعدي هذا.. وهذا حتّى عددهم وسمّاهم». فقال سلمان : فقلنا : صدقت، نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

وعن جماعة يرفعونه إلى أبي سعيد الخدري ؛ أنّ رجلاً من الأنصار أراد قتل معاوية، فقلنا له : لا تسلّ سيفاً في عهد عمر حتّى نكتب (1) إليه.

قال : إني سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) [ يقول ]: «إذا رأيتم معاوية يخطب على الأعواد (2) فاقتلوه»(3).

ص: 69


1- في أنساب الأشراف : تكتب.
2- في نسختي الأصل : الأعراد، وما أُثبت من المصدر.
3- جاء باختلاف يسير في أنساب الأشراف 128/5 - 129 [ طبعة دارالفكر 136/5]. وفي بعض الأخبار : على منبري، كما جاء في كنوز الدقائق للمناوي : 10، وأخرجه ابن عدي، عن أبي سعيد العقيلي، عن طريق الحسن وسفيان بن محمّد، من طريق جابر.. وغير ذلك. وجاء الحديث بألفاظ متعدّدة. منها : «معاوية على منبري..»، و : «معاوية يخطب على منبري فاقتلوه»، و : «معاوية يخطب على منبري فاضربوا عنقه»، و : «معاوية يخطب على الأعواد». وفي لفظ أبي سعيد : فلم نفعل، ولم نفلح. وفي لفظ الحسن : فما فعلوا ولا أفلحوا.. كما في كتاب صفّين : 243 و 248 [ طبعة مصر ]. وراجع : تاريخ الطبري 357/11، و تاریخ بغداد 181/12، وشرح النهج 348/1، اللئالي المصنوعة 424/1 - 425، وتهذيب التهذيب 428/2 و 110/5.. وغيرها. وأورده بألفاظه وناقش رجال اسناده العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 142/10. وهذا الحديث معاضد بما ذكره المناوي في كنوز الدقائق : 145 من قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «من قاتل عليّاً على الخلافة فاقتلوه كائناً من كان». وما جاء عنهم عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )من قوله : «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما». وعنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من قوله : «فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا الآخر». ثم قالوا: ونحن سمعناه، ولكن لا نفعل حتّى نكتب إلى عمر، فكتبوا إليه فلم يأتهم جواب حتّى مات !! وأورد له عدة أسانيد في الغدير 143/10 - 146، وناقش اسناده. وراجع : تهذيب التهذيب 324/7، وميزان الإعتدال 128/2. وغيرهما.

[عبد ] الوارث بن سعيد، [ عن سعيد ] بن جمهان (1)، عن سفينة مولى

ص: 70


1- الاسم مشوش مخلوط مصحف في نسختي الأصل، وأثبتنا الاسم الصحيح. المصادر الرجالية، وأكملنا السند. أقول : روى البلاذري في أنساب الأشراف القسم الرابع، الجزء الأول [ تحقيق إحسان عباس ]: 129، حدثنا خلف، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة مولى أم سلمة.. وذكر الخبر بألفاظه.

أُمّ سلمة : أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان جالساً، فمرّ أبو سفيان على بعير ومعه معاوية وأخ له، أحدهما يقود البعير [ والآخر ] يسوقه (1).

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «لعن اللّه الحامل والمحمول والقائد والسائق»(2).

وَصَفه رجل عند الشعبي بالحلم، فقال : ويحك ! هل غمد (3) سيفه وفي قلبه على أحد شيء ؟ ! (4)

وقال الأحنف (5) : لو كان حليماً.. ما حمل أبناء العبيد على حرمه، ولما أنكح (6) [إلا ] الأكفاء (7).

ص: 71


1- في نسختي الأصل تقرأ : يسومه.
2- وقد سلف بعض طرق الحديث، أو كذا بعض ألفاظه، منها في بحار الأنوار 190/33 و 208 (باب 17) حدیث 472، وكذا 77/44 (باب 20) عن الاحتجاج 274/1.. والمشهور في الحديث : «اللّهم العن الراكب والقائد والسائق».
3- في الأمالي : أغمد.
4- كما رواه السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) في أماليه 217/1، ونسب الكلام إلى ابن عباس، كما في التذكرة الحمدونية 126/2.
5- في نسختي الأصل : الأخنف.
6- جاءت نسخة بدل : ولا أنكح، على نسخة (ب).
7- المشهور أنّ العبارة من شريك بن عبد اللّه، كما جاء في البيان والتبيين 172/3، والتذكرة الحمدونية 126/2.. وغيرهما.

عن إبراهيم النخعي أنّه [ قال : ما ].. (1) حلم معاوية إلّا معدن السفه، طلب ما ليس له (2).

وقال يوماً لجاريته : غنّيني (3) ! فاليوم قرّت عيني، فاليوم قرّت عيني، قالت : وفيم ذلك ؟ !

قال : يقولون : قتل عليّ ! فقالت : واللّه لا غنيت من بعده أبداً.. فأمر فضربت بالسياط. فقالت : أغني إذاً، فأنشأت تقول : [ من الوافر ]

أَلا أَبْلِغْ مُعاوِيَةَ بن حَرْبٍ***فَلا قَرَّتْ عُيُونُ الشَّامِتِينا

أفي شَهْرِ الصِّيام (4) فَجَعْتُمُونَا***بِخَيْرِ النَّاسِ طُرّاً أَجْمَعِينا ؟ !

قال : فضرب رأسها بعمود فنثر دماغها.. فأين كان يومئذ حلمه ؟ ! (5).

ص: 72


1- بياض في نسختي الأصل، ولعلّ العبارة كانت هكذا : أنّه سئل عن حلم معاوية، فقال : ليس إلّا معدن السفاهة.. إلى آخره.
2- وروي عن شريك حين ذكر معاوية عنده بالحلم : هل كان معاوية إلا معدن السفه،كما في الغدير 79/11 عن عدة مصادر، والظاهر ما أثبتناه.
3- في نسختي الأصل : غنني، وهو سهو. والظاهر ما أثبتناه.
4- في نسختي الأصل : محرم، وهو غلط، وجاء على نسخة (ب) نسخة بدل : الصيام، وفي بعض المصادر : أفي الشهر الحرام.
5- وقريب منه جاء في الغدير :79/11 : وقال شريك حين ذكر معاوية عنده بالحلم : هل كان معاوية إلا معدن السفه ؟ واللّه لقد أتاه قتل أمير المؤمنين، وكان متكئاً فاستوى جالساً، ثمّ قال : يا جارية غنيني، فاليوم قرت عيني،، فأنشأت تقول : ألا أبلغ.. فرفع معاوية عموداً كان بين يديه فضرب رأسها ونثر دماغها، أين كان حلمه ذلك اليوم ؟ ! وهناك هامش هنا، فلاحظه.

وسمع الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)رجلاً يصفه ؛ ويقول : كان يسكته الحلم، وينطقه العلم.

قال (1) (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «بل كان يسكته الحصر (2)، وينطقه البطر» (3).

وسأل رجلٌ شريك القاضي عن فضائله...فقال : إن أباه قاتل النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ]، وهو قائل الوصيّ، وأُمّه أكلت كبد حمزة عم النبيّ [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )]، وابنه قتل سبط

ص: 73


1- في نسخة (ألف) : فقال.
2- الحصر - بالتحريك - الغي. يقال : حصر.. أي عيّ فلم يقدر على الكلام، كما في العين 113/3. ولاحظ : مجمع البحرين 271/3، ويأتي بمعنى نجل.
3- غالب في المصادر بالعكس، قال : «ينطقه البطر ويسكته الحصر»، كما في كشف الغمة 106/2، وكنز الفوائد 23/2.. وغيرهما. قيل : البطر هو الطغيان عند النعمة، كما عن الزجاج، وجاء في مجمع البحرين 69/4، وقريب منه في لسان العرب 69/4.. وغيره. قال في مجمع البحرين 226/3 : وقد تكرر في الحديث ذكر البطر، وهو - كما قيل - سوء احتمال الغنى، والطغيان عند النعمة، ويقال : هو التجبّر وشدة النشاط. ويقال : بطر الحق.. أي يطغى عند الحق.. أي يتكبر فلا يقيله، قاله في لسان العرب 69/4. انظر: بحار الأنوار 58/78 (باب 21) حدیث 9، وصفحة : 160 (باب 21) حديث 22، عن أعلام الدين : 299، نزهة الناظر للحلواني : 91، كشف الغمة 318/2.

النبي [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )].. [ وهو ابن زنا ] (1) فهل تريد (2) منقبةً أُخرى ؟!!(3)

وقيل لهشام بن الحكم : أشهد معاوية بدراً ؟

قال : نعم، من ذلك الجانب ! (4)

قال : حج معاوية، فأتي بسارق فأمر بقطعه ! فقالت أُمّ السارق : هو واحدي وكاسبي (5)، فقال : ويحكِ ! قد أوجب اللّه عليه الحدّ (6) ! قالت : اجعله مع قتلى صفين.. فخلى سبيله (7).

ص: 74


1- الزيادة من الطرائف.
2- في نسخة (ألف) : نزيد، وفي الطرائف للسيّد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه): فهل تريد منقبة بعد ذلك.
3- انظر : الطرائف للسيّد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه) 503/2.
4- وقد جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 86/15 في خبر : سأل رجل الأعمش - وكان قد ناظرها حباله - : هل معاوية من أهل بدر أم لا ؟ فقال له : أصلحك اللّه ! هل شهد معاوية بدراً ؟ ! فقال : نعم ؛ من ذلك الجانب. لاحظ : شرح إحقاق الحقّ 535/17، ونسبه لأبي الأسود، وتذكرة الخواص: 104 [ طبعة بيروت ]، ونسبه لجده.
5- في نسختي الأصل : كاسدي، وهي محرّفة عن المثبت.
6- في نسختي الأصل : بالحدّ.
7- فكان أوّل حد ترك في الإسلام. لاحظ : الأحكام السلطانية : 219، البداية والنهاية 149/8، وأيضاً : الغدير 23/10 – 214.

وقيل لعبد اللّه بن محبر (1): أتصلي خلف قارون(2) ؟ فقال : واللّه ما أبالي صلّيت خلفه أو صليت خلف يهودية حائض.. فإنّما أصلّي تقيّة، ثمّ أعيد الصلاة..(3)

وقال أبو الحسن الخياط (4): ما قطعني إلا غلام ؛ قال لي : ما تقول فيه ؟ قلت : إنّي أقف فيه، قال : فما تقول في ابنه [ يزيد ] ؟ قلت : ألعنه. قال : فما تقول فيمن كان يحبّه ؟ قلت : ألعنه، قال : أفترى أن الجراضم (5) كان لا يحب ابنه ؟!

قيل لأبله : ما تقول فيه ؟ قال : أقول : رحمه اللّه. قال : فما تقول في ابنه ؟ قال : أقول : لعنه اللّه ولعن أبويه (6) !

قال رجل : قيمة فرعون (7) دانقين..! فأخذه زياد بذلك، فقال : أنا مقوّم أمين

ص: 75


1- في الطرائف : عبد اللّه بن يحيى.
2- رمز لمعاوية بن أبي سفيان عليه اللعنة والهاوية، وهو غريب حيث أن المصنف (رَحمهُ اللّه) في ديباجة كتابه هذا لم يذكره، بل قد أقر لعثمان رمز : قرمان، نعم وجدناه في حديث كشف اليقين : 104 (باب 124) - وعنه في بحار الأنوار 204/30 - 205 (باب 20) ذیل حدیث 67، كما جاء في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 123/3.
3- انظر : الطرائف 503/2.
4- كما أورده الزمخشري في ربيع الأبرار 680/1 - 681 بقوله : قال الخياط المتكلم.. مع اختلاف يسير.
5- في نسختي الأصل : الحراصم، رمز لمعاوية عليه الهاوية، وقد يأتي معجماً : الجراضم.
6- وجاء بألفاظ مقاربة في ربيع الأبرار 232/2 [ وفي طبعة بغداد 680/1 - 681]، في واقعة أُخرى من أُخرى بتفصيل أكثر والمعنى مقارب.
7- رمز لمعاوية عليه اللعنة، وإن كان قد أُطلق على غالب الطواغيت ممّن لا يعبدون اللّه كما أعلم على ذلك صاحب الأسرار في كتابه 77/3 - 80، إلّا أنّ هذا قد قرّره المصنّف طاب رمسه في مقدّمة كتابنا حيث عدّه في الباب الخامس منه - المختص بمعاوية - وقد يقال له : فرعون الأُمة، أو : فرعون هذه الأُمة، فراجع.

على شيء، إن غلطتُ (1) فقوموه أنتم بما شئتم..

عن ابن شكل (2) قال : رأيته في النّوم ؛ فقلت له : أنت فلان ؟ قال : لا، بل [ أنا من ] الحياريئ لا مسلمين ولا نصارى.

أبو العبّاس : [ من السريع ]

اللّه قَدْ خَوَّلَني نِعْمَةً***وَهْيَ اخْتِياري رايَةَ الشّيعة

لازال آلُ المُصْطَفى في رَوى (3)***وآلُ حَرْبٍ ألها (4) قِيعَة (5)

ص: 76


1- في نسختي الأصل غاطت.
2- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، ولعلّه تقرأ : سنين ابن شكل.. ولم نجد بهذا الاء أحداً، وأثبتنا ما رأيناه أنسب وأحسن. والحكاية، كما جاءت في التدوين لأخبار قزوين 193/2 للشتير بن شكل العبسي، وجاء فيه : قال : رأيت معاوية في المنام، فقلت له : أنت معاوية ؟ فقال : أنا الحيارى ؛ تركت أهلي حيارى ؛ لا مسلمين ولا نصاری.
3- يقال : الماء الرّوى : الماء الكثير، كما في لسان العرب 346/014. والريّ – بالكسر - من روي من الماء يروي رياء، والجمع في المذكر والمؤنث رواء، قاله الطريحي في مجمع البحرين 197/1.
4- الآل : السراب.
5- في نسختي الأصل : رقيعة. وهي إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظُّمْآنُ) [سورة النور (24): 39].

فَهيَ نَصَارَى لَا نَصِيرَ لَها***إلا أُناسٌ مِنْ بَنِي البيعة

ودائِعُ الرَّمْلِ وَمِنْ جِسْمِها***قَدْ أَشْبَحَ اللّه أَسارِيعَة (1)

***

ص: 77


1- الأساريع : واحدها أُشرُوع أو يسروع، وهي دودة بيضاء حمراء الرأس تكون في الرمل.

ص: 78

[ القسم الثالث ]

[في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين ]

[باب]

في القاسطين ]

[ فصل 2 ]

[ في بدع الجراضم ]

ص: 79

ص: 80

فصل الثاني: في بدع الجراضم

فصل : في بدع الجراضم (1)

ذكرته (2) عند الحسن، فقال : حمار نهاق فساق، أوّل من ورّث الأدعياء (3)، وقال النبيّ (عليه و آله السلام) : «الولد للفراش وعلى العاهر الحجر» (4).

ص: 81


1- في نسختي الأصل : الجواضم، والصحيح ما أثبتناه. وهو رمز لمعاوية عليه الهاوية، كما سلف. أقول : ما قرره المصنف (رَحمهُ اللّه) في مدخل كتابه هذا هو : الجراضم - تارة بالإعجام وأُخرى بعدمه، وبالراء لا الواو -. قال الفراهيدي في كتاب العين 200/6 : الجراضم : الأكول، الواسع البطن، ومثله : الجرضم، وهو الأكول جداً، وقريب منه في لسان العرب 97/12.. وغيره. ولعلّه لقب به لما عرف عنه من أنّه كان أكولاً ؛ يأكل في سبعة أمعاء، كما نص عليه الزمخشري في ربيع الأبرار 365/2.. وغيره. راجع عنهما: الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 100/2 في (الجراضم)، وأيضاً في 133/2 في (الحراضم).
2- في نسختي الأصل : ذكر له، والظاهر ما أثبتناه، ولعلّ الكلام أبتر وفيه سقط، فتدبّر.
3- في نسختي الأصل : الإدعاء.
4- جاء الحديث بألفاظ مختلفة، وطرق متعدّدة من الخاصة والعامة، نذكر منها نزراً يسيراً : الخصال 213/1 - 214، ومن لا يحضره الفقيه 450/3 - 451 حدیث 4557، والاستبصار 368/3 حديث 1316 وحديث 1317، وتهذيب الأحكام 168/8 حديث 587.. وغيرها. ولاحظ : كتاب البخاري 5/3، وصفحة : 39، وكتاب مسلم 171/4، ومسند أحمد ابن حنبل 59/1.. وغيره منه، وسنن الدارمي 152/2 (باب الولد للفراش).. وغيره، ولعلّه يعدّ من الأحاديث المستفيضة إن لم يكن من المتواتر. وهو : أوّل من اتخذ المقصورة في المسجد ؛ وذلك أنّه أبصر يوماً على منبره كلباً [ مثله ]. وهو أوّل من استخلف ولي العهد في حال صحته، وهو أوّل من عهد إلى ابنه. وهو أوّل من اتخذ ديوان الخاتم، وهو أوّل من عقد المضيرة، وكان أبو هريرة يقول : مضيرة معاوية أطيب، والصلاة خلف علي أفضل ؛ فسمّي ب_: شيخ المضيرة. لاحظ : المعارف لابن قتيبة : 241، والأعلاق النفيسة لابن رستة : 192..

وفي حلية الأولياء (1) : قال ابن حرملة : ما سمعت سعيد بن المسيب سابّ(2) أحداً من الأئمة قط، إلا أنى سمعته يقول : قاتل اللّه فلاناً، كان أوّل من ردّ قضاء رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )].

عليه واله

وقال النبيّ (عليه و آله السلام) : «الولد للفراش وعلى العاهر (3) الحجر» (4).

ص: 82


1- حلية الأولياء 167/2 باختلاف أشرنا له.
2- في المصدر : سب.
3- في الحلية : وللعاهر.
4- قال أبو منصور الثعالبي (المتوفى سنة 426 ه_) في كتابه لطائف المعارف : 15 - 16، وفيه : أوّل من غير قضية من قضايا رسول اللّه عليه الصلاة والسلام؛ معاوية، فإنّه الحقّ زياد بن عبيد الثقفي بأبي سفيان، وغير قضية رسول اللّه عليه الصلاة والسلام في قوله : «الولد للفراش وللعاهر الحجر».

واختصم إليه في غلام ادّعي، فقال : ايتوني غداً به (1) لأقضي بينكما.. فلمّا أتوه أخرج حجراً، فدفعه إلى المدعي - يعني بذلك : «وعلى العاهر الحجر» -.

فقال الرجل : أنشدك باللّه هل قضيت بقضائك في زياد ؟ !

فقال معاوية : قضاء رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] أولى بأن يتبع من قضائي !

قال : أفخرجت عن حكم رسول اللّه إذا لم تحكم بحكمه ؟ !

وفي صفوة التاريخ (2) : أنّه لمّا استلحق معاوية نسب زياد بأبيه - أبي سفيان - قال له عبد اللّه بن عامر : إنّ قريشاً يحلفون أنّ أبا سفيان لم يَنْزُ (3) [على] بهيمته.. ! فحجبه أياماً، [ ثمّ ] رضي عنه بشفاعة يزيد.

محمّد بن جعفر بن الزبير ؛ أنّه أعان في بناء بيعة بدمشق بمائتي ألف درهم، وقالوا : أنّ النبيّ (عليه و آله السلام) [قال : لا ] تحدثوا كنيسة في الإسلام،

ص: 83


1- في نسختي الأصل : عذابه.
2- صفوة التاريخ للقاضي أبي الحسن الجرجاني، علي بن عبد العزيز بن حسنبن عليّ بن إسماعيل (المتوفى سنة 392 ه_)، فقيه شافعي، ومتكلم معتزلي، له جملة مصنفات، منها : تفسير القرآن، وتهذيب التاريخ ؛ ولعله اسم آخر لهذا الكتاب.
3- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، أُثبت ما استظهر منها، وقد تقرأ في نسختي الأصل : نز أو بز.

ولا تجدّد [ وا ] ما ذهب منها.. ! ! (1)

محمّد بن الحسن، عن مسروق : أنّه بعث الأصنام إلى الروم.. ! (2)

وفي تفسير الثعلبي (3) ؛ روى إسماعيل بن عبيد، [ عن ] عبيد (4) بن رفاعة..

ومسند الشافعي (5) : روى جابر : أن معاوية قدم إلى المصلى، فصلّى بالناس صلاة يجهر فيها، وأنّه قرأ أُمّ القرآن ولم يقرأ : ﴿بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، فلما قضى صلاته، ناداه المهاجرون من كلّ ناحية : أسرقت أم نسيت ؟! أين : (بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحيم) [ حين ] استفتحت (6) القرآن ؟ ! فعاد لهم معاوية فقرأ : بسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (7).

ص: 84


1- في فتاوي السبكي 372/2 عن عمر قال : قال رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] : لا تحدثوا كنيسة في الإسلام ولا تجدّدوا ما ذهب منها.
2- وقد جاء بسند صحيح في تهذيب الآثار للطبري (مسند علي بن أبي طالب) 382/4، وأنساب الأشراف للبلاذري 137/5.
3- تفسير الثعلبي 104/1.
4- الذي جاء في كتاب الأُم هو : إسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه.
5- مسند الشافعي : 36 - 37. لاحظ : كتاب الأم للشافعي 130/1 [ وفي طبعة 93/1]، من طريق أنس بن مالك، قال : صلّى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة.. إلى آخره. ولاحظ الحديث الذي بعده 94/1 من طريق عبيد بن رفاعة.
6- الزيادة من تفسير الثعلبي.
7- راجع : المستدرك على الصحيحين للحاكم 233/1، وسنن البيهقي 49/2، والمصنّف للصنعاني 92/2.. وغيرها. ولاحظ : الغدير 201/10 - 202.

وفي تفسيره (1) مثل هذا، إلا أنّه قال : فعاد لهم، فصلى بهم صلاة أُخرى، فقرأها في السورة التي بعدها (2).

وفي مسند الشافعي (3) : عبد اللّه بن رفاعة (4)، أن معاوية قدم المدينة فصلّى بهم، ولم يقرأ : (بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ ولم يكبّر إذا خفض وإذا رفع.. فناداه المهاجرون والأنصار : أَسَرَقْتَ الصلاة ؟ (5) أين : ﴿بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ؟! وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت ؟! فصلّى بهم صلاة أُخرى.. !

وفي مسائل الخلاف (6)، عن أبي جعفر : أنّه قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أوّل من خطب وهو جالس الجراضم (7)، استأذن الناس في ذلك من وجع كان بركبتيه».

ص: 85


1- تفسير الشافعي 190/1.
2- جاء الحديث في تفسير الثعلبي 105/1.
3- مسند الشافعي : 37، ولاحظ : كتاب الأُم 130/1 [ وفي طبعة 93/1].
4- في كتاب الأُم : عبيد بن رفاعة، وكذا في المسند.
5- في كتاب الأم : أن يا معاوية سرقت صلاتك !
6- الخلاف للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) 615/1، وفيه : روى معاوية بن وهب، قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ).. وجاء في تهذيب الأحكام 20/3 حديث 74.
7- في المصدر : معاوية، ولاحظ : اللقب - بالإهمال والإعجام - في الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 100/2.

روى الشافعي نحوه في مسنده (1)

وفي روض الجنان (2): أنّه سئل ابن مسعود : أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خطب الجمعة قائماً أو جالساً ؟ فقال : ألم تقرأ (3) : (وَتَرَكُوكَ قَائِماً..) (4) ؟!

وروى في أوائل الأشياء (5) : أنّه أوّل من ركب بين الصفا والمروة، وأوّل من استعمل أهل الذمة (6)، وأوّل من أظهر شرب النبيذ والغناء في الموطن (7)، وأوّل من أكل الطين وأباحه في الإسلام.. معاوية.

سُئل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن صدقة الفطرة، فقال : «صاعاً من طعام»،

ص: 86


1- مسند الشافعي : 66 [ وفي ترتيب السندي 144/1]، وقد جاء في كتابه الأُم 22/1 - 230 [ وفي طبعة 94/1]. ولاحظ : كتاب المعرفة والتاريخ 479/2.
2- روض الجنان 321/5، فراجع.
3- في نسختي الأصل : لم تقرأ.
4- سورة الجمعة (62): 11. انظر: المبسوط للسرخسي 26/2.
5- لم نعثر على هذا الكتاب بكلا اسميه - في الذريعة وكشف الظنون.. وغيرهما، ولعلّ الاسم مصحف أو الكتاب مفقود. وحكاها السيّد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه) في الطرائف 503/2، عن كتاب أوائل الاشتباه.
6- هذا المقطع لم ينقله السيّد بن طاوس له في الطرائف
7- قالوا : الموطن : المشهد من مشاهد الحرب، كما في الصحاح 2215/6، أو : المواطن من الحرب مشاهدها، كما في تاج العروس 577/18.. وغيرهما.

قيل : أو نصف صاع [قال] (عَلَيهِ السَّلَامُ): (بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيْمَانِ) (1) يعني به معاوية : لأنّه قال : إنّى لأرى مُدين من بُرّ الشام يعدل صاعاً من تمر (2).

وفي العقد (3) : إنّ معاوية غنّت له جارية بعود.. فحرّك معاوية رجله، ثمّ قال : كلّ كريم طروب !!

وكان (4) على المنبر يأخذ البيعة ليزيد (5)، فأخرجت عائشة رأسها من الحجرة (6)، وقالت : صَهِ صَهِ ! ثمّ قالت : أَسْتَدْعَى الشَّيوخ لبنيهم البيعة ؟!

ص: 87


1- سورة الحجرات (49) : 11.
2- ولاحظ : بحار الأنوار 5/66 (باب 2، ذبائح الكفار من أهل الكتاب)، وفي ذيله جملة مصادر. انظر : الخلاف للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) 149/2 - 150، وفقه القرآن للقطب الراوندي (رَحمهُ اللّه) 261/1 - 262.. وغيرهما. وكذا راجع عند العامة : سنن الدارمي 392/1، والتمهيد لابن عبد البر 131/4، والمغني لابن قدامة 656/2.. وغيرها.
3- العقد الفريد 19/6، وهو نقل بالمعنى في قصة مفصلة مع عبد اللّه بن جعفر، لو صحت. وجاء كذلك في : الكامل للمبرد 392/1 - 394، وربيع الأبرار 572/2، وكذا في كتب التاريخ، كما في تاريخ الطبري 249/4، والكامل لابن الأثير 13/4.. وغيرهما.
4- هذا المقطع نقله السيّد (رَحمهُ اللّه) في الطرائف 503/2، عن الكتاب السالف : أوائل الأشياء، وابن طاوس سماه ب_: أوائل الاشتباه.
5- أقول : إنّ عنوان : المصالت، ما هو إلّا أحد الأسماء العشرة لهذا الكتاب ممّا وجدناه له.
6- في نسخة (ألف) : حجرة، وفي الطرائف : حجرتها.

فقال [ معاوية ] : لا. فقالت (1) : فيمن تقتدي أنت (2).. ؟! فخجل [معاوية ! ] ونزل عن (3) المنبر.. وهيّأ لها حفرة نورة، فوقعت فيها وماتت (4).

وفي رواية(5) : أنّه تهدّد الناس لأخذ بيعة يزيد، فقالت عائشة : جريان أمرك عن سكوتي...لا أجيب (6) على ما تقول، فقال معاوية : أفعل ذلك يا أُمّ المؤمنين ! وأنتِ أهل أن يسمع منكِ وتطاعي في كلّ ما تريدين..

! ثمّ قال لمروان : لا طاقة لي بكلام هذه العُجَيّزة (7) فدبر في أمرها..

ص: 88


1- في نسخة (ألف) : يقال، وهو سهو.
2- في الطرائف : فبمن اقتديت ؟
3- في نسختي الأصل : على، وفي الطرائف : من.
4- في الطرائف : وحفر حفيرة لعائشة واحتال لها وألقاها فيها فماتت.
5- أجمل البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 45/3 - 46 نقل هذه الرواية، عن المصنّف (رَحمهُ اللّه) في كتابه هذا (المصالت)، قال : وروي أنّه كان يهدّد الناس لأخذ البيعة ليزيد، فبلغه عنها كلام، فدخلت بعد عماها عليه راكبة حماراً، فبال وراث على بساطه.. فقال : لا طاقة لي بكلام هذه الفاجرة !! ثمّ دبّر لها الحافر. أقول : وقد اختصر الشيخ البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط ما جاء هناك كعادته.. ويندر الإشارة إلى مصدره مع أنّ الصراط المستقيم في الواقع ما هو إلا مختصر لما هنا غالباً. ولا يخفى أنّ عنوان (المصالت) ما هو إلّا أحد الأسماء العشرة التي وجدناها لهذا الكتاب في المجاميع الحديثية، ولعلّه تكنية عنه، راجع مدخل كتابنا.
6- في نسختي الأصل : أجب.
7- التصغير هنا للتحقير، وهو أبلغ من قول (العجوزة).

فرتب الحفرة، فوقعت فيها وقت المغرب، في آخر ذي الحجة سنة ثمان وخمسين، ويقال : إنّها هُويَتْ (1) من خصاصة (2).

وكان عبد اللّه بن الزبير يعرّض ب_ [ ذلك ](3) إلى ابن صخر.

الشاعر : [ من الوافر ]

لَقَدْ ذَهَبَ الحِمَارُ بِأَمْ عَمْرو***فَلا رَجَعَتْ وَلا رَجَعَ الحِمارُ (4)

ص: 89


1- كذا؛ وهي كالمثبت، أو : هَوَتْ، أَو : أُهْوِيَتْ.
2- الخصاصة : الخلل، والثقب الصغير قال ابن منظور في لسان العرب 25/7 :.. خصاص المنخل والباب، والبرقع.. وغيره : خلله، واحدته : خصاصة، وكذلك كلّ خلل وخرق يكون في السحاب...إلى أن قال : والخصاصة، والخصاصاء، والخصاص : الفقر، وسوء الحال، والخلة، والحاجة.
3- كذا، وفي الصراط المستقيم 46/3: يعرض به، والصحيح ما أثبتناه.
4- لقد حكى هذه الواقعة السيّد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه) في الطرائف 503/2، عن الكتاب المزبور [ أوائل الاشتباه ] قال : وفي رواية أخرى : إنّ عائشة ذهبت إلى منزل معاوية - وهي راكبة على حمار، فجاءت بحمارها على بساط معاوية وعلى سريرها [كذا ]؛ فبالت الحمار وراثت على بساطها [كذا ] وما راعت حرمة معاوية ! [بل راعتها ! ] فشكا معاوية إلى مروان، وقال له : لا طاقة لي إلى تحمّل بلاء هذه العجوزة.. فتولّى مروان - بإذن معاوية - أمر عائشة ودبّر لها حفر البئر، فوقعت فيه في آخر ذي الحجة سنة ثمان وخمسين، قال الشاعر.. إلى آخره.

عوانة ؛ إنّه سمع : إن مات فرعون فالخلافة لعبد الرحمن (1) بن خالد بن الوليد - وكان على خراج (2) حمص - فكتب إلى (3) ابن أثال (4) دهقان مصر - وكان نصرانياً -: أن اكفنى عبد الرحمن.. فبعث وجعل يقول (5): [من مشطور الرجز ] (6)

أَنَا ابْنُ سَيفِ اللّه فَاعْرِفُونِي***لَمْ يَبْقَ إِلَّا حَسَبِي وَدِينِي

وَصارِمٌ أَصل(7) بِهِ يَمِيني

فحبسه فرعون وأُغْرِمَ ديتين ؛ دية بعث بها إلى ابن أثال، ودية جعلها في بيت المال (8).

ص: 90


1- في نسختي الأصل : عبد اللّه، وما أُثبت جاء في حاشية نسخة (ب)، وهو الصحيح.
2- في نسختي الأصل : خوارج، والصحيح ما أثبت من المصادر.
3- في نسختي الأصل : فكذبوا لي.. وما هنا جاء على حاشية نسخة (ب)، وهو الصحيح.
4- في نسخة (ألف) : أثار.
5- قال في تاريخ مدينة دمشق 163/16 تتمة الحادثة : ودش ابن أثال بعض أولئك المماليك فسقاه شربة، فمات عبد الرحمن بحمص، فاستعمل معاوية ابن أثال على خراج حمص.. فاعترض له خالد فضربه بالسيف فقتله.. وقال حين ضربه : أنا ابن سيف.. الرجز.
6- يمكن أن يكون من مشطور السريع المكشوف العروض.
7- كذا ؛ وفي تاريخ الطبري : صالَ بِهِ، وفي تاريخ دمشق : أصابه.
8- انظر الواقعة في : أنساب الأشراف 109/5، وكذا 209/10 - 210، و تاريخ دمشق 163/16 - 164، وتاريخ الطبري 171/4 - 172 [ وفي طبعة مصر 227/5 - 228]، وتاريخ اليعقوبي 223/2.. وغيرها.

ولما صالح الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) استفتوا أهل البصرة عن عائشة، فقالت : أهل القصاص قتل أخى وحرّقه (1).

وقد ثبت (2) أنّ معاوية أنفذ إلى جعدة بنت الأشعث بمال حتّى سمت الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (3).

ص: 91


1- الجملة مشوشة ومتداخلة، فلاحظ.
2- قاله غير واحد ؛ ولاحظ مثلاً : اعتقادات الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) : 109 - 110، وعنه في بحار الأنوار 214/27 - 215 (باب 9) حدیث 17، وسيأتي ذلك مفصلاً في عنوان : جعدة في هذا الكتاب، ولاحظ أيضاً ما جاء في بحار الأنوار 232/51 (باب 14) ذيل حدیث 1 عن كمال الدين، وله عدة مصادر.
3- ذكر الزمخشري في ربيع الأبرار 208/4 - 209 ما نصه : جعل معاوية لجعدة بنت الأشعث امرأة الحسن [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] مائة ألف حتّى سمته، ومكث شهرين، وإنه ليرفع من تحته كذا طستاً من دم، وكان يقول: «سقيت السمّ مراراً، ما أصابني فيها ما أصابني في هذه المرّة، لقد لفظت كبدي، فجعلت أقلبها بعود كان في يدي». ثم قال : وقد رثته جعدة بأبيات منها : [ من السريع ] يا جعد بكيه ولا تسأمي***بكاءَ حق ليس بالباطل ! إنَّكِ لن تُرْخي على مثلِهِ***سِترَكِ من حافٍ ولا ناعل وقد جاء البيت التالي في رواية أخرى : [ من السريع ] لن تُسبِلي الستر على مثله***في النَّاسِ من حافٍ ومن ناعلِ أقول : تنسب هذه الأبيات إلى النجاشي ولغيره، فلاحظ. ثم قال : وخلّف عليها رجل من قريش فأولدها غلاماً، فكان الصبيان يقولون له : يابن مسمّمة الأزواج ! راجع : الأسرار 283/3 - 284 نقلاً عن عدة مصادر، ومن هنا قالوا لهم : بنو مسممة الأزواج، أو مستة الأزواج.

الحسين بن أبي العلاء ؛ سُئل أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله : ﴿سَوَاءَ العَاكِفُ فِيهِ والبادِ﴾ (1) فقال : «كانت (2) مكّة ليس على شيء منها باب، وكان أوّل من علق على بابه المصراعين معاوية، وليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئاً من الدور ومنازلها» (3).

ص: 92


1- سورة الحج (22): 25.
2- في نسختي الأصل : كلّ كل !! والصحيح ما أُثبت من التهذيب.
3- رواه الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في التهذيب 420/5 (باب 26) حديث 104 بنصه. كما وقد روى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 170/33 - 171 (باب 17) حديث 448، عن الكافي بإسناده...عن الحسين بن أبي العلاء، قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إنّ معاوية أوّل من علّق على بابه مصراعين بمكة، فمنع حاج بيت اللّه ما قال اللّه عزّ وجلّ : ﴿سَوَاءً العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ﴾ [سورة الحج (22) : 25]، وكان الناس إذا قدموا مكة نزل البادي على الحاضر حتّى يقضي حجّه». راجع : فروع الكافي 243/4 - 244 حديث 1، وعنه في أكثر من مصدر ؛ كتفسير البرهان 83/3 [ الطبعة الثانية ].. وغيره. وروى - أيضاً - العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 164/33 (باب 17) حديث 430، عن التهذيب، قال : ابن طريف، عن ابن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي : أن رسول اللّه نهى أهل مكة أن يواجر وا دورهم وأن يغلقوا عليها أبوابا، وقال : ﴿سَوَاءَ العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ)» [ سورة الحجّ (22) : 25] قال : «وفعل ذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى كان في زمن معاوية..». أقول : لم يرد هذا الحديث في التهذيب، كما قاله العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه)، بل جاء في قرب الإسناد : 108 - 109 حدیث 372.

الحسينبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): «بعث قارون (1) إلى مروان أن اقلع منبر رسول اللّه، وابعث به (2) إليّ.. فلمّا بطشوا به أظلمت عليهم الأرض (3)، حتّى لم ينظر أحد (4) صاحبه، فكتب بذلك.. فأمره بذلك ثانياً ! فلما بطشوا به رُجَّتْ (5) بهم الأرض، حتّى ظنوا أنّها ستأخذهم (6).. فكتب إليه مروان : إني واللّه لا أعاوده.. فإن شئت (7) نزعه فابعث بمن ينزعه (8)».

ص: 93


1- رمز أقره المصنف (رَحمهُ اللّه) في مدخل كتابه هذا لمعاوية عليه الهاوية، وانظر : الأسرار 123/3.
2- في نسختي الأصل : به، وهي محرّفة عن المثبت.
3- في نسختي الأصل : والأرض.. ولعلّ هنا سقطاً، والجملة هي : السماء والأرض.
4- في نسخة (ألف) : حد - بدون همزة -.
5- كذا ؛ أو : رجفت، وفي نسختي الأصل : رحبت.
6- في نسختي الأصل : أنّه سيأخذهم.
7- في نسختي الأصل : شانك.
8- أقول : روى الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في الكافي الشريف 554/4 حديث 2 مسنداً عن معاوية بن وهب، قال : سمعت أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : «لما كان سنة إحدى وأربعين ؛ أراد معاوية الحج، فأرسل نجاراً وأرسل بالآلة وكتب إلى صاحب المدينة أن يقلع منبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ويجعلوه على قدر منبره بالشام، فلمّا نهضوا ليقلعوه انكسفت الشمس وزلزلت الأرض، فكفّوا وكتبوا بذلك إلى معاوية، فكتب عليهم يعزم عليهم لما فعلوه ففعلوا ذلك.. ! فمنبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المدخل الذي رأيت..». قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في مرآة العقول 266/18 : لعلّ المدخل تحت المنبر. راجع : فتح الباري 331/2، وشرح سنن النسائي للسيوطي 59/2، وإمتاع الأسماع 108/10 - 109.. وغيرها.

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)؛ «لما قدم معاوية المدينة حاجّاً انكسفت الشمس ؛ فلما استوى على منبر رسول اللّه زلزلت الأرض».

ابن جبير وابن عباس (1) ؛ إنّه غزا نحو الروم، فقصد أصحاب الكهف، فقال : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم، فقيل له : قد منع من هو خير منك، قوله : (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ..) (2) الآية، فقال : لا أنتهي حتّى أعلم علمهم.. فبعث رجالاً.. فلما دخلوا الكهف أرسل اللّه عليهم ريحاً فأخرجتهم(3)، وفي مكتوب : فأحرقتهم(4)، ويقال (5) : بل قصده، فلما بلغ قرب الغار رمته الملائكة بالأحجار، فانصرف بالخسار(6).

ص: 94


1- في المجمع : سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
2- سورة الكهف (18) 18.
3- في المجمع : أخرجتهم.
4- أثبتنا ما استظهرناه، وفي نسخة (ألف) : فأخرقتهم، ووجدنا ما استظهرنا في الكشاف.
5- لم يرد هذا في بحار الأنوار.
6- راجع : مجمع البيان 322/6 [ وفي طبعة 456/4]، وعنه في بحار الأنوار 409/14 (باب 27) مدخل الباب.. وكذا في تعليق التعليق لابن حجر 244/4، والكشاف 476/2، وتفسير الثعلبي 161/6.. وغيرها.

وفي تجارب الأمم (1)، عن ابن مسكويه : إنّه كان فيمن أسره معاوية رجل من أودٍ (2)، يقال له : عمرو بن أوس [قاتَلَ مَعَ علي ]، فهم بقتل الجميع.

فقال له [ عمرو بن أوس ]: إنّك خالي فلا تقتلني.. قال : كيف ؟

قال : إن أخبرتك فهو أمانى عندك ؟ قال : نعم.

قال : ألست تعلم أنّ أُم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبيّ (عليه وآله السلام) أُمّ المؤمنين ؛ لقوله : (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) (3) ؟! قال : بلى.

قال : فإنّي ابنها، وأنت أخوها، فأنت خالي.

قال معاوية : [ ما له ] اللّه أبوه، ما كان في هؤلاء أحد يفطن ل_ [هذا ] (4) غيره..

فكان بعد ذلك يكتب : خال المؤمنين (5).

ص: 95


1- تجارب الأُمم 362/1 - 363 باختلاف واختصار، كما وقد جاء في كتاب صفين : 518، وتاريخ الطبري 40/4.. وغيرهما.
2- في نسختي الأصل : أرد، وهي محرفة عن المثبت عن المصادر.
3- سورة الأحزاب (33) : 6، ولا يوجد : لقوله.. إلى هنا في المصدر.
4- في المصدر : لها.
5- في تجارب الأمم : ثمّ قال للأوديين : استغني عن شفاعتكم، فخلوا سبيله، وتمّت لمعاوية وخوطب : خال المؤمنين.. وقد تكرّرت هذه اللفظة في مصادر العامة ونقلها الخاصة عنهم ؛ لأنّه أخو رملة بنت أبي سفيان، وقيل : ميمونة بنت أبي سفيان، وهو غلط ؛ لأنّها بنت الحارث، وكنيتها : أُم حبيبة، وكانت تحت عبيد اللّه بن جحش الأسدي، فهاجر بها إلى الحبشة وتنصر بها ومات هناك، فتزوجها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و بعده. وجاء في كتب التاريخ عند العامة مكرراً ؛ كما في تاريخ الإسلام 304/2، والبداية والنهاية 163/4، والسيرة لابن كثير 273/3.. وغيرها. وكذا راجع : الإفصاح للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 227، والطرائف للسيّد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه): 503، ومثله في الغدير 111/10، وصفحة : 270، و 80/11.. وغيرها عن جملة مصادر، وقد نقل ذلك الشريف المرتضى (رَحمهُ اللّه) في رسائله 65/4. وأيضاً راجع : إعلام الورى : 141 [ وفي الطبعة المحققة 277/1].

وحكى الغزالي في المستصفى(1)، عن الشافعي (2)، أنّه قال : (أُمَّهَاتُهُمْ﴾ في معنى، دون معنى.

ثم قال (3) : تزوّج الزبير أسماء بنت أبي بكر ولم يقل : هي خالة المؤمنين.

وروی مسروق، عن عائشة، أنّ امرأة قالت لها : يا أُمّه ! فقالت : لست لكِ بأُمّ، إنما أنا أُم رجالكم (4)..! فعلى هذا لا يجوز أن يقال لإخوانهن وأخواتهن :

ص: 96


1- المستصفى، وقد استقصيته من أوله إلى آخره أكثر من مرّة، ثمّ راجعت الطبعة الجديدة المفهرسة له، ولم أجد العبارة، وقد سلفت.
2- صرّح الشافعي بهذا في كتابه الأُمّ 151/5، وفي كتابه أحكام القرآن 168/1. ولاحظ : المجموع للنووي 145/16، وسنن البيهقي 70/7 وغيرهما.
3- نقل الشيخ الطبرسي (رَحمهُ اللّه) في مجمع البيان 122/8 عن الشافعي ذلك، وكذا نص عليه، البغوي في تفسيره 507/3، والقرطبي في تفسيره 126/14. لاحظ : إمتاع الأسماع 264/10 - 265.. وغيره.
4- راجع : الطبقات الكبرى 67/8، والحاوي الكبير 19/9، وسنن البيهقي 70/7، ومجمع البيان 122/8، وتفسير الثعلبي 9/8، وتفسير البغوي 507/3.. وغيرها.

أخوال المؤمنين وخالات المؤمنين.

وقال أبو محمّد النوبختي : لو كان معاوية خال المؤمنين لكان يزيد ابن خالهم، ولكان محمّد بن أبي بكر وعبد اللّه بن عمر بن عمر أيضاً خالهم، ولكان أبو بكر وعمر جدّي المؤمنين ؛ بل يجب أن يكون حيّ بن أخطب اليهودي وأبو سفيان بن حرب جديهم !

وقال بعضهم : لو صح (1) أنّه خال المؤمنين لحرم عليه نكاح المسلمات، ونكاح كلّ ولد له (2) حرام.

البشنوي (3) : [ من الكامل ]

إِقْبَلْ نَصِيحَةَ نَاصِحِ لَكَ وَابْرَ (4) من***دِينِ الدَّلامِ (5) وَفُرْ بِلَعْنِ الخَالِ(6)

ص: 97


1- في نسختي الأصل أوضح والظاهر ما أُثبت.
2- في نسختي الأصل هنا كلمة زائدة : ولد، ولعلّه : وكل نكاح ولد له فهو ولد حرام، أو : يكون كلّ ولد له.
3- لقد سلف الحديث عن الشاعر في المقدمة، وعن لامياته هذه، فراجع.
4- وابر مخففة : وابرأ.
5- رمز لأبي بكر. والدلام - كسحاب - السواد أو الأسود، ويطلق على الثاني، وفيه أشهر. لاحظ تفصيل ذلك في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 199/2 – 200.
6- لأنّه كان يدعو نفسه : خال المؤمنين قالها هنا على نحو التهكّم.

اللَّاعِنِ السَّيْطَيْن بَعْدَ أَبيهما***كُفْوِ البَتُول وكاشف الأهوال

الصاحب (1) : [من الخفيف ]

ناصِبٌ قال لي : مُعاوِيَةٌ خا***لُكَ خَيْرُ الْأَعْمَامِ وَالْأَخْوالِ

فَهُوَ خالَ لِلمُؤْمِنِينَ (2) جَمِيعاً***قُلْتُ : خالِي : لَكِنْ مِنَ الخَيْرِ خالِي

وله (3) :

ص: 98


1- ديوان الصاحب بن عباد : 264 برقم 170، وجاء أيضاً في يتيمة الدهر للثعالبي 247/3، وأورده العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 56/4.
2- في نسخة (ألف) : المؤمنين.
3- لم ترد هذه الأبيات في الديوان المطبوع للصاحب بن عباد (رَحمهُ اللّه)، إلا أنّ الذي جاء فيه : 245 - 255 برقم 135، ممّا هو على وزانه، هو : [من الرمل ] يا أمير المؤمنين المرتضى***إنّ قلبي عندكم قد وقفا كلما جدّدت مدحي فيكُمُ***قال ذو النصب : نسيت السلفا من كمولاي عليٍّ زاهد***طلق الدنيا ثلاثاً ووفى؟! من دعي للطير إذ يأكله؟!***ولنا في بعض هذا مكتفى من وصي المصطفى عندكم ؟!***ووصي المصطفى من يُصطفى سورة التوبة من وُلِّيها***بينوا الحقّ ومن ذا صرفا ؟ ! وقد وردت هذه الأبيات في : كفاية الطالب : 81، ومجالس المؤمنين 449/2، وروضات الجنات : 107 [ الطبعة الحجرية ]، والكنى والألقاب 301/1، والمناقب للمصنّف (رَحمهُ اللّه) 308/1، وصفحة : 327، كما جاء في هامش الديوان.

[من الرَّمل ]

لَعَنَ اللّه ابْنَ هِنْدٍ مُلْحِفا***لَقَطَتْهُ (1) مِن قُرَيشِ مُقْرِفا (2)

لَعَناتٍ تَتَوالَى (3) نَحْوَهُ***وَتُوافِيهِ عَلَيْهِ عُكَّفا

جَعَلُوهُ خالَهُمْ مِنْ جَهْلِهِم***وَأَرَوْنَا فِي هَواهُ كَلَفا

خَلْخَلَ اللّه عِظامَ الخَالِ مَعْ***كلّ مَنْ يَهواهُ رِجْساً (4) نَطِفا

لَعَنَ اللّه ابْنَ هِنْدِ سَلَفَا***لَعَنَ اللّه يَزِيداً خَلَفا

أبو عيينة المهلّبي (5): [ من مجزوء الكامل ]

يَا خَالُ : ضَلَّ (6) المَجْدُ (7) عَن_***_ك فَمَا تَقُومُ (8) عَلَى صِراطة

ص: 99


1- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، لذا أثبتنا ما استظهرناه.
2- في نسخة (ألف) : مفرقا، وفي نسخة (ب) : مفرفا، لعله : مغرفا.
3- في نسختي الأصل : سول، ولعلّه : رسول، وما هنا استظهار منّا.
4- في نسختي الأصل : رحباً.
5- كذا ؛ وفي نسختي الأصل مشوشة تقرأ : المهلمي. هذا ؛ وقد عدّه المصنف (رَحمهُ اللّه) في معالم العلماء : 151 من شعراء أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، المقتصدين ومن أصحاب الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ).. وغيرهم، وحكاه في الأعيان 392/2 عنه. أقول : لم نجد المعنون في الطبقات، والغدير، والمناقب.. وغيرها.
6- في الأغاني : صد.
7- تقرأ في نسختي الأصل : المسجد، وما هنا استظهار منّا.
8- في الأغاني : فلن تجوز.

فإذا تَطَأَطَأَتِ (1) الرُّؤو***سُ فَغَطِّ رَأْسَكَ ثمّ طَاطِة (2)

وكان يكتب عن نفسه : كاتب الوحي !

وقد صح في التاريخ : أنّه إنّما أظهر الإسلام سنة الفتح - وهي سنة ثمانٍ من الهجرة في شهر رمضان - وكانت وفاة النبيّ (عليه و آله السلام) و (3) الثاني في صفر سنة إحدى عشر [ة ]، فكان إسلامه قبل وفاة النبيّ (عليه وآله السلام) بسنتين وخمسة أشهر أو ستة أشهر، فتشفّع بالعبّاس إلى النبى (عليه وآله السلام) أن يجعله من جملة الكتاب، ففي سنتين وشهر (4) استحق هذا النعت دون أربعة عشر (5) نفساً ممّن كانوا يكتبون له !! والنبي (عليه

ص: 100


1- في الأغاني : تطاولت.
2- طاطه : مخففة (طَأطئه). أقول : جاء البيتان ضمن قصيدة لشاعره في كتاب الأغاني 288/20 – 289 [ وفي طبعة دار الفكر 123/20 - 124]، ولدعبل مع المهلبي حكاية فيها، فراجعها. وجاء البيت الثاني فحسب منسوباً لأبي عيينة المهلبي في نهاية الأرب 84/3.
3- كذا ؛ والظاهر : في، بدلاً من الواو، فيكون في الثاني من صفر.. إلى آخره، ولعلّها : السلام والثناء في صفر.. إلى آخره.
4- كذا ولعلّه : وأشهر.
5- أقول : عمدة كتاب الوحي - كما سطّرهم لنا التاريخ - هم : زيد بن ثابت، وابن مسعود، وعبد اللّه بن سعد بن أبي سرح، بن أبي سرح.. وغيرهم. لاحظ : بحار الأنوار 35/92 - 39 (باب 3، کتاب الوحى وما يتعلق بأحوالهم). وراجع : سنن البيهقي 126/10، وفتح الباري 19/9، والمعجم الكبير 108/5..

وآله السلام) كتبته (1) معروفون، فكم يصل إليه من الكتابة ؟ أو كيف يثق به الرسول - مع قرب عهده في إظهار إسلامه وعناده المتقدم - على الوحي ؟ ! وكان ابن أبي سرح كتب أيضاً، وهو الخائن في الكتابة، فلا فخر فيها إلا لمؤمن (2).

ص: 101


1- كذا؛ ولعلّه يريد : كتابه.
2- يقول الجاحظ كما حكاه الراغب الإصفهاني في محاضرات الأدباء 98/1 :.. ثمّ استكتب [ أي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] معاوية، فكان أول من غدر بإمامه، وحاول نقض عرى الإسلام في أيّامه.. ! راجع : كتاب التعجب : 105 - 107، والطرائف : 502، والصراط المستقيم 46/3، ومعاني الأخبار : 347.. وغيرها. أقول : قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 36/98 - 37، ما نصه : قال الصدوق رضوان اللّه عليه : إنَّ النَّاس شبه عليهم أمر معاوية بأن يقولوا : كان كاتب الوحي، وليس ذاك بموجب له فضيلةً، وذلك أنَّه قرن في ذلك إلى عبد اللّه بن سعد ابن أبي سرح - فكانا يكتبان له الوحي - وهو الذي قال : ﴿سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللّه..) [سورة الأنعام (6) : 93 ] فكان النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يملي عليه : واللّه غفور رحيم، فيكتب : واللّه عزيز حكيم، ويملي عليه : اللّه عزيز حكيم، فيكتب: واللّه عليم حكيم، فيقول له النَّبِيُّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : هو واحد. فقال عبد اللّه بن سعد : إنَّ محمّداً لا يدري ما يقول ! إنَّه يقول وأنا أقول غير ما يقول، فيقول لي : هو واحد هو واحد. إن جاز هذا ؛ فإني سأنزل مثل ما أنزل اللّه، فأنزل اللّه فيه : ﴿وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللّه..). فهرب وهجا النَّبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). فقال النَّبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «من وجد عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح ولو كان متعلِّقاً النبيّ ا. اللّه بأستار الكعبة فليقتله»، وإنما كان النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول له فيما يغيّره : هو واحد هو واحد ؛ لأنّه لا ينكتب ما يريده عبد اللّه إنَّما كان ينكتب ما كان يمليه (عَلَيهِ السَّلَامُ). فقال : هو واحد غيَّرت أم لم تغيّر لم ينكتب ما تكتبه ؛ بل ينكتب ما أمليه عن الوحي جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يصلحه وفي ذلك دلالةٌ للنَّبيِّ. ووجه الحكمة في استكتاب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الوحي معاوية وعبد اللّه بن سعد - وهما عدوَّان - هو أنَّ المشركين قالوا : إنَّ محمّداً يقول : هذا القرآن من تلقاء نفسه سه، ويأتي في كلّ حادثةٍ بآيةٍ يزعم أنَّها أنزلت عليه، وسبيل من يضع الكلام في حوادث يحدث في الأوقات أن يغيّر الألفاظ إذا استعيد ذلك الكلام، ولا يأتي به في ثاني الأمر وبعد مرور الأوقات عليه إلَّا مغيّراً عن حالة الأولى لفظاً ومعنىً، أو لفظاً دون معنى، فاستعان في كتب ما ينزل عليه في الحوادث الواقعة بعدوّين له في دينه.. عدلين عند أعدائه ؛ ليعلم الكفَّار والمشركون أنَّ كلامه في ثاني الأمر كلامه في الأوَّل غير مغيَّر ولا مزال عن جهته، فيكون أبلغ للحجة عليهم، ولو استعان في ذلك بوليين مثل سلمان وأبي ذرّ.. وأشباههما لكان الأمر عند أعدائه غير واقع هذا الموقع، وكانت يتخيَّل فيه التواطي والتطابق، فهذا وجه الحكمة في استكتابهما واضح مبين.. والحمد للّه.

وروي أنّه أمره بكتابة الوحي فأنزل قوله : ﴿..........) (1).

ص: 102


1- هنا بياض في نسختي الأصل، والظاهر أنّها الآية 79 من سورة البقرة : ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثمّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللّه لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ ممّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ ممّا يَكْسِبُونَ﴾. انظر : بحار الأنوار 112/90 عن الاحتجاج، وفيه : «ولم يُكَنِّ عن أسماء الأنبياء تجبراً وتغرزاً، بل تعريفاً لأهل الاستبصار أنّ الكناية عن أسماء ذوي الجرائر العظيمة من المنافقين في القرآن ليست من فعله تعالى، وإنّها من فعل المغيّرين والمبدلين الذين جعلوا القرآن عضين، وأعتاضوا الدنيا من الآخرة».

ولما دخل المدينة (1)، قال : أين زيد بن ثابت ؟

قالوا : عليل أصابه سلس البول. قال : عليّ به.. فلمّا أُتي [ به ] قال : ما منعك من تلقّيّ ؟ قال : علتي. قال : لا، ولكن غرّك (2) ما قيل : زید بن ثابت کاتب الوحي. قال : بلى، حيث لم يأمنك اللّه ورسوله.. فأُفحم.

وإنّه وضع اللعائن لعلي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما تقدم ذكره، وقد رواه ابن عبد ربه العقد (3)، وأبو بكر [ بن ] مردويه في كتابه (4)، وأبو الحسن الجرجاني في صفوة التاريخ (5) : إنّ معاوية لعن عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) على المنبر، وكتب إلى عماله

ص: 103


1- ذكره غير واحد منهم : الزمخشري في ربيع الأبرار 689/1 - 690 [ وفي طبعة 2 / 65 – 66].
2- كذا في المصادر، وفي نسختي الأصل : عزّك.
3- العقد الفريد 366/4.
4- كتاب مناقب علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) و ما نزل من القرآن في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه الإصفهاني : 82 حديث 68.
5- صفوة التاريخ للقاضي أبي الحسن الجرجاني، علي بن عبد العزيز بن حسنبن عليّ بن إسماعيل (المتوفى سنة 392 ه_)، فقيه شافعي، ومتكلم معتزلي، له جملة مصنفات، منها : تفسير القرآن، وتهذيب التاريخ ؛ ولعله اسم آخر لهذا الكتاب. وما جاء هنا أورده مفصلاً ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 72/4، وعنه أخذ العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 215/33. ولاحظ : جواهر المطالب لابن الدمشقي 228/2.

أن يلعنوه على منابرهم.. ففعلوه.

وروى أبو زهير الماشهراني(1) عن شيخ من كندة، قال : لما قدم معاوية الشام جمعهم، فقال : معاشر أهل الشام ! إنّ النبيّ (عليه و آله السلام) قال لي : إِنَّكَ ستكون الخليفة من بعدي، فاختر الأرض المقدّسة، فإن فيها الأبدال !! وقد اخترتكم، وقد أتاكم من يستبيح حرمكم، فالعنوا أبا تراب...

فلما كان من الغد، كتب كتاباً ثمّ جمعهم فَقُرِئَ عليهم، وفيه : هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية صاحب (2) رسول اللّه.. وقد بعث اللّه محمّداً نبيّاً وكان أُمّياً - لا يقرأ ولا يكتب - فاصطفى من أهله وزيراً كاتباً أميناً، فكان الوحي ينزل على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بما يكتب معاوية (3)، ولا يعلم محمّد ويعلم معاوية ما يملي محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ! !

ص: 104


1- هو : عبد الرحمن بن مغراء بن عياض ؛ أبو زهير الدوسي الرازي، سكن ماشهران وهي قرية من قرى الري. راجع عنه : تاريخ دمشق لابن عساكر 455/35، وتهذيب الكمال للمزي 418/17، وسير أعلام النبلاء للذهبي 300/9.. وغيرها.
2- في شرح النهج : صاحب وحي اللّه الذي بعث محمّداً..
3- في شرح النهج : فكان الوحي ينزل على محمّد وأنا أكتبه وهؤلاء يعلم ما أكتب، فلم يكن بيني وبين اللّه أحد من خلقه.

السري الموصلى (1): [ من مجزوء الرجز ]

وَفِتيَةٌ إِنْ ثَمَّلُوا***تَنَاوَلُوا مُعَاوِيَةً

وَمَزَّقُوا ثَلَاثَةٌ***مِن قَبْلِهِ عَلَانِيَةً

وكان أعدى الناس للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو، [ و ] أبوه، وجدّه، وأخوه، وأُمّه، وابنه، وأكثر [ال_] حروب كانوا فيها عليه.

ثم كان صخر وابنه من المؤلّفة (2)، فأظهر الإسلام عام الفتح ؛ خوفاً من النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وطمعاً فيما سمع من الكهنة والمنجمين، وكان شكا إلى كعب الأحبار وسطيح، فقالا : أو لا تؤمن بمحمّد وأنت وليّ الثارات من أولاده ؟! وإنّ محمّداً يفسد بين النبوّة والملك، فتفسدون أنتم ! ! ففرحت هند لذلك وأسلما (3).

وكان كعب يجدّد هذا الكلام عليه، فلما أسلم كعب - والصحابة يقولون : من يقوم بعد عثمان ؟ - فقال كعب : إنّما يستقر ذلك على علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قليلاً.

قالوا : ثمّ ماذا ؟ فقال : لصاحب البغلة الشهباء، فكان عليها معاوية (4).

ص: 105


1- هو : السري الرفاء الموصلي الكندي. ولم يرد له في موسوعتنا هذه غير هذين البيتين، كما لم أجد له في المناقب سوى قصيدته النونية التي أوردها فيه 474/4 وذكر منها ثمانية أبيات، فراجع.
2- قال في المنمّق : 532 تحت عنوان : المؤلّفة قلوبهم من قريش.. وعد جمعاً ؛ منهم : أبو سفيان، وأبوه : صخر بن حرب، وابنه : معاوية !
3- وذكر بعض ذلك البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 47/3.
4- راجع : تاریخ دمشق 307/39، وتاريخ الطبري 381/3.. وغيرهما.

وكان كتب إلى أبيه (1) : [من البسيط ]

يا صَخْرُ لا تُسْلِمَنَّ طَوْعاً فَتَفْضَحَنَا***بَعْدَ الَّذِينَ بِبَدْرٍ أَصْبَحُوا مِزَقا

جَدِّي وَخَالي وَعَمُ الأُم ثالِتُهُمْ***قَوْماً وحَنْظَلَةُ المُهْدِى لَنا الأَرقا

لَا تَرْكَنَنَّ إلى أَمْرٍ تُقَلِّدُنا***وَالرَّاقِصاتِ بِهِ في مَكَّةَ الحُرقا

فَالمَوْتُ أَهْوَنُ مِنْ قَوْلِ الصُّبَاةِ (2) : لَقَد***خَلَّى ابنُ هِنْدِ لَنَا العُزَّى كَذا فَرَقا

عروة(3) بن مغيرة بن شعبة، عن أبيه : إنّه وعظ معاوية في بني هاشم، فقال : ير فقني كُنا وهم هكذا في الجاهلية - وفرّق بين إصبعيه - المناكب مع المناكب، والراكب مع الراكب، فلم يأثموا أن قالوا منا نبي، ثمّ جاهدونا حتّى غلبونا

ص: 106


1- راجع : التعجب من أغلاط العامة : 105 - 106، ومنهاج الكرامة : 77.. وغيرهما.
2- هذا أجود رواية في قراءتها في هذا البيت، وإلا فقد روي بدلاً عنها (الوشاة)، و (العداة)، وروي (قول النساء). وفي نسختي الأصل : الضباة.. وغير ذلك، وذلك لأنّ الصُّباة جمع صابي، وهو الذي خرج من دينه وصار إلى دين آخر.
3- في نسختي الأصل : عرّة، مصحفاً.

واستولوا على الأمر، ثمّ لم يرضوا حتّى أنّه ينادى في كلّ يوم خمس مرات على هذه المنابر حياً وميتاً..(1)

وفي رواية : وإن محمّداً [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] لم يدع من المجد شيئاً إلا حازه لأهله (2)، فما أبقى (3) لأحد شيئاً، لا واللّه ! إلّا دفناً وخموداً [ و ] هموداً وإطفاء [و] إخفاء، رواه أبو الحسن الجرجاني في صفوة التاريخ (4)، عن ابن دأب في كتابه، والمدائني في المثالب.

عتيبة الأسدي (5) : [ من الوافر ]

ص: 107


1- انظر ما رواه في شرح نهج البلاغة 129/5، عن المطرف بن المغيرة بن شعبة.. ولاحظ ما نقله العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 283/10 عن الموفقيات، وما جاء في مروج الذهب 454/3.. وغيره.
2- جاءت هذه الجملة في أنساب الأشراف 51/5.
3- في نسختي الأصل : بقى، وهي محرفة عن المثبت ؛ إذ بذلك يصح نصب (شيئاً).
4- صفوة التاريخ للقاضي أبي الحسن الجرجاني، علي بن عبد العزيز بن حسنبن عليّ بن إسماعيل (المتوفى سنة 392 ه_)، فقيه شافعي..
5- كذا ؛ والاسم غير منقوط في نسختي الأصل، ولم يورد مصنفنا - طاب ثراه - في مناقبه ولا مثالبه لهذا الشاعر شعراً غير ما هنا، كما لم نجد له شعراً في الغدير ولا غيره.. ولعلّ في اسمه تصحيفاً، ويحتمل أن يكون : عقيبة بن هبيرة الأسدي. وجاء العنوان في بعض المصادر - كأخبار القضاة 409/2 - 410 - وجاء فيه : عتيبة الأسدي، فراجع. أقول : غلط سيبويه، حيث نسب هذه الأبيات لعمر بن أبي ربيعة، وربّما نسبت إلى عبد اللّه بن الزبير الأسدي.

مُعاوِيَ إِنَّنا بَشَرٌ فَاصِبِر (1)***فَلَسْنَا بِالْجِبَالِ وَلَا الحَدِيدِ

أَكَلْتُمْ أَرْضَنَا فَجَرَدْتُمُوهَا***فَهَلْ مِن قَائِمٍ أَوْ مِنْ حَصِيدِ ؟

أَتَطْمَعُ بِالخُلُودِ إِذا هَلَكُنا***وَلَيْسَ لَنَا وَلَا لَكَ مِنْ خُلُودِ ؟

فَهَبْها أُمَّةً ذَهَبَتْ ضَياعاً***يَزِيدُ أَمِيرُها وَأَبُو يَزِيدِ

الأعمش، عن أبي مرّة، عن سعيد بن مرّة، عن سعيد بن سويد، قال : لما قدم معاوية الكوفة قام خطيباً، فقال : يا معشر أهل الكوفة ! أترون أني قاتلتكم [ على ] أنّكم لا تصلون.. ؟! واللّه إنّي أعلم أنّكم تصلون.. أو (2) أنتم لا تصومون..؟! واللّه إنّي أعلم أنكم تصومون، أو أنّكم لا تغتسلون من الجنابة..؟! واللّه أعلم أنّكم تغتسلون من الجنابة.. ولكنّي أردت أن أتأمر عليكم..!!(3)

ص: 108


1- كذا، والمروي : فأسجح.
2- في نسختي الأصل : واو.
3- راجع : مختصر تاریخ دمشق 43/25، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 46/16، وسبق منه في نفس المجلد : 14 - 15.. وغيرها. وروى قريباً منه أبو الفرج الإصفهاني في مقاتل الطالبيين : 45. انظر : شرح الأخبار 157/2، وبألفاظ مقاربة وبتفصيل أكثر رواه الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الإرشاد 14/2، وتاريخ دمشق 150/59 - 151، والبداية والنهاية 140/8..

فسمع الأعمش ذلك، فقال : وهل رأيتم رجلاً أقلّ حياءً من هذا الرجل ؟ ! قتل سبعين ألفاً ؛ فيهم مثل عمّار بن ياسر، وخزيمة بن ثابت، وحجر بن عدي، وعمرو بن الحمق، ومحمّد بن أبي بكر، ومالك الأشتر، وأُويس القرني، وزيد(1) ابن صوحان، وأبو الهيثم بن التيهان، وعبد الرحمن بن حسان العنزي (2)، وهاشم بن عتبة بن (3) أبي وقاص الزهري، وصالح بن السفاح.. وعائشة زوج النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).. ثمّ يقول مثل هذا.

ثم إنّه شنّ الغارات على بلاد العراق، وأباح ابنه (4) حرم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثلاثة أيّام ولياليهنّ حتّى افتضوا ألف بكر من بنات المهاجرين والأنصار ؛ وهو الحرم الذي منع رسول اللّه أن يختلى خلاه (5)، وأن يعضد شجره (6).

ص: 109


1- في نسختي الأصل : يزيد.
2- في نسختي الأصل : العرني، والصحيح ما أثبتناه.
3- في المخطوطة بدل (بن) : واو، والصحيح ما أثبتناه من كتب الرجال والتراجم.
4- لا توجد كلمة : ابنه، في نسخة (ألف).
5- تقرأ في المخطوطة : يحتلى جعلاه، والمعنى غير واضح. وفي نسخة (ألف) : تحتلى، وفي بعض المصادر : وأن يختلي ما عنده.. من الخلا، وهذا علّة وصف البيت ب_: الحرام، حيث حرّم أن يصاد عنده، وأن يختلى ما عنده من الخلا، وأن يعضد شجره، ولعلّ هنا سقطاً وإشارة إلى هتك بيت اللّه الحرام وضربه بالمنجنيق من قبل الطاغية يزيد. وهذا هو الصحيح، كما في مصادر الشيعة والسنة، ويقال أيضاً: يختلى خلاه.
6- روى الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في الكافي الشريف 225/4 حديث 2 بإسناده، عن زرارة، قال : سمعت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : «حرّم اللّه حرمه أن يختلى خلاه أو يعضد شجره الإذخر، أو يصاد طيره».

الصاحب (1): [ من الخفيف ]

أَنا حَرْبٌ لِآلِ حَرْبٍ، عَلَيْهِمْ***لَعْنَةُ اللّه مَا تَجَهَّزَعَازِ

وله(2): [ من مجزوء الكامل ]

قَالَتْ: تُحِبُّ مُعَاوِيَةٌ؟***قُلْتُ: اسْكُتِي يا زانِيَة (3)

قالت : أَسَأْتَ (4) جَوابَنَا (5)***فَأَعَدْتُ قَوْلى ثانِيَةً:

يا زانِيَةً يا زانِيَةً***يا بِنْتَ أَلفَي زَانِيَةً

أَأُحِبُّ مَن شَتَمَ الوَصِيَّ(م)***أَخَا النبيّ عَلانِيَةً ؟!

لا زِلْتُ مِنْ حُبِّي لَهُ***شَتْمِي بِكُلِّ لِسانِيَةً

فَعَلَىٰ عَلى يَزِيدٍ لَعْنَةٌ***وَعَلى أَبِيهِ ثَمانِيَةً

وثَمانِيَةً وَثَمانِيَةً***وثَمانِيَةً وثَمانِيَةً

ص: 110


1- لا يوجد هذا البيت في ديوان الصاحب بن عباد المطبوع.
2- لا توجد هذه الأبيات كذلك في ديوان الصاحب بن عباد المطبوع.
3- جاءت في الأعيان 359/3 نقلاً عن كامل البهائي. انظر : كامل البهائي 215/2، وراجع روضات الجنات 30/2.. وغيرها.
4- في نسختي الأصل : أساءت، ولعلّ الفرق في الكتابة، ولعلّهما واحد إملاء.
5- في نسختي الأصل : حولنا.

وله (1) : [من البسيط ]

قالَتْ : مُعاوِيَةُ الطَّاغِي أَتَلْعَنُهُ؟***فَقُلْتُ: لَعْنَتُهُ أَحْلَى مِنَ العَسَلِ

قالَتْ : تُكَفِّرُهُ فِيما أتى وَعَتى ؟!***فَقُلْتُ: إِي وَإِلَهِ السَّهْلِ وَالجَبَلِ

قيل لأبي نعيم (2): لم تركت ذكر معاوية في كتابك ؟!

قال : إنّما ألّفتُ حلية الأولياء، لا حلية الأمراء (3).

ودفع بعضهم إلى رئيس قصَّة بيضاء (4)، فقال : ويلك ! هذه فضائل معاوية ؟! فقال : فأكتب عليه (5) فضائل علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (6) ؟ !

ص: 111


1- هذان البيتان من جملة لاميّة الصاحب بن عباد الرائعة المشهورة التي مطلعها : [من البسيط ] قالت : أبا القاسم استخففت بالغزل***فقلت : ما ذاك من همّي ولا شُغُلي انظر : ديوان الصاحب بن عباد : 47، وهما البيتان : 58 - 59 من تلك القصيدة.
2- لم نجد هذا النقل في حلية الأولياء المطبوع، ولعلّ الأيدي الأموية حذفته على القاعدة ! ولاحظ ترجمة : أحمد بن عبد اللّه الإصفهاني الصوفي الأحول أبو نعيم في سير أعلام النبلاء 453/17 - 464 برقم 305، وقال : ولد سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، ومات في العشرين من المحرم سنة ثلاثين وأربعمائة وله أربع وتسعون سنة.
3- كما أورده بنصه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 48/3.
4- في نسخة (ألف): تيضاء.
5- كذا ؛ ولعلّه : غداً.
6- جاء في تاريخ الإسلام للذهبي 623/23، وفيه : قال أبو سليمان بن زبر : اجتمعت أنا وعشرة - فيهم أبو بكر الطائي - يقرأ فضائل علي [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)].. في الجامع بدمشق.. قال : فوثب إلينا نحو المائة من أهل الجامع يريدون ضربنا، وأخذ شخص بلحيتي فجاء بعض الشيوخ - وكان قاضياً في الوقت - فخلّصني، وعَلِقُوا أبا بكر فضربوه، وعملوا على سوقه إلى الوالي في الخضراء، فقال لهم أبو بكر : يا سادة ! إنما في كتابي فضائل علي، وأنا أخرج لكم غداً فضائل معاوية..

وفي رواية عمرو بن عبد الملك : إنّه [ لَمَّا ] قبض على عمرو ابن الحمق، قال معاوية : احفروا له قبراً وانشروا عليه الكفن، وضعوا (1) الحربة (2) فوق الكفن، فإن برىء من أبي تراب، فأعطوه خراج البلاد، واحملوه مكرّماً، وإن أبى فاطعنوه بالحربة سبع طعنات كما صنع بعثمان.. فلما عرض ذلك على عمر و.. فأبى ؛ فقتلوه كما أمر.. فلمّا حمل رأسه إلى معاوية - وهو أوّل رأس حمل في الإسلام - أنفذ معاوية برأسه إلى امرأة عمرو - فهي في الحبس - وأمر أن يطرح في حجرها ؛ فلما فعل ذلك ارتاعت له ساعة، ثمّ وضعت يدها على رأسها، وقالت : واخزياه (3) يضعن في دار هوان وضيق من ضيم السلطان، نفيتموه عنّى طويلاً وأهديتموه إلى قتيلاً، فأهلاً وسهلاً بمن كنت له غير قالية، وأنا إليه غير سالية.. (4)

ص: 112


1- في نسختي الأصل : صنعوا.
2- كذا في نسخة (ألف)، ويقرأ في نسخة (ب) : الحريبة، والظاهر هو : الحربة.
3- لعلّها : واحزناه، أثبت ما استظهرناه، وإلّا ففيه نقص في الحروف والتنقيط، وقد يقرأ في نسخة (واحرباه).
4- وفي بعض المصادر : ناسية، وفي بعضها : سالبة. راجع عنه جملة مصادر منها : أسد الغابة 101/4، والبداية والنهاية لابن كثير 52/8، وبلاغات النساء : 59 - 61، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 40/60.. وكذا جاء في الاختصاص : 17، ومثله في الغدير 44/11 عن المحبّر : 49.

وفي حديقة الحدق (1)، عن هارون الضمّري (2): أنّه أتي بأعرابي سكران إلى معاوية، فقال له : ما شربت ؟ قال : [ من الطويل ]

مُشَعْشَعَةً كَانَتْ قُرَيْسٌ تُكِنُّها***فَلَمَّا اسْتَحَلُّوا قَتْلَ عُثمانَ حَلَّتِ (3)

قال : مع من شربت ؟ قال : [ من الطويل ]

شَرِبْتُ مَعَ الجَوزاءِ كَأْساً رَوِيَّةً***وأُخْرَىٰ مَعَ الشِّعْرِى إِذا ما اسْتَقَلَّتِ

فدراً الحدّ عمّن (4) شرب (5)، وقذف امرأتين بالشرب (6).

ص: 113


1- حديقة الحدق ؛ ولم أجد كتاباً بهذا الاسم في الذريعة وكشف الظنون.. وغيرهما، فراجع، ولعلّه مصحف.
2- في الصراط : الضميري.
3- راجع : شرح نهج البلاغة 303/2، والغارات 310/2.. وغيرها.
4- في نسختي الأصل : عن من.. وكلاهما صحيح.
5- وأورده البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 48/3 بألفاظ مقاربة.
6- وفي كتاب ربيع الأبرار للزمخشري 511/1 - 512 قال : قدّم حمزة العدوي السارق إلى معاوية فأمر بقطع يده، فقال :.. وذكر له أبياتاً، فأبطل الحدّ عنه، ثمّ قال : فهو أوّل حد أبطل في الإسلام.

وفي الأغاني (1) : إن الوليد بن عثمان بن عفان، والوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وعبد الرحمن بن سيحان (2) كانوا يشربون النبيذ، فأخذ مروان بن الحكم لابن سيحان (3) فضربه الحدّ، فرفع ذلك إلى معاوية، فغضب وقال موان بن الحكم بن أبي العاص (4) ولكنّه ضرب ؛ لأنّه حليف حرب...

أليس هو الذي يقول : [من الطويل ]

وَإِنِّي امْرُؤٌ حِلْفِى إلى أفضل الوَرَى (5)***عدِيداً إذا ارْ فَضَّتْ عصا المتحلف (6)

ص: 114


1- الأغاني 239/2 [ دار الكتب العلمية، و 492/2 من طبعة دار إحياء التراث العربي ] نقلاً بالمعنى، ولاحظ صفحة : 241 [ وفي الطبعة العلمية : 493] حيث خلط بينهما نقلاً..
2- في نسختي الأصل : شيخان، وقد أثبتنا ما في المتن من المصادر.
3- في نسختي الأصل : شيخان، وأثبتنا ما في المتن من المصادر.
4- الظاهر أنّ الجملة هنا زائدة، حيث جاء في المصدر : فغضب معاوية وقال: واللّه لو كان حليف أبي العاص لما ضربه ولكنه ضربه لأنّه..
5- كذا في الأغاني، وفي نسختي الأصل : الزنى، ولا أعرف لها معنى مناسباً.
6- كذا في المصدر : ويراد من عصى الجماعة، و، والمتحلّف بمعنى المحالفة، إشارة إلى عدم شقّه لعصى المسلمين وتفريق جماعتهم..! وفي نسختي الأصل : حصى المنحلف.

كذب - واللّه - مروان، لا يضربه في نبيذ أهل المدينة وشحمهم (1) وحمقهم...ثم قال لكاتبه : اكتب إلى مروان فليبطل الحدّ عن ابن سيحان(2)، وليخطب بذلك على المنبر، وليقل إنّه كان ضربه على شبهة، ثمّ بان له أنّه لم يشرب مسكراً، وليعطه ألفي درهم.. فلمّا وصل الكتاب إلى مروان.. عظم ذلك عليه [ ودعا بابنه عبد الملك، فقرأه عليه وشاوره فيه، فقال له عبد الملك : راجعه ولا تكذّب نفسك ولا تبطل حكمك !

فقال مروان : أنا أعلم بمعاوية ؛ إذا عزم على شيء أو أراده.. لا واللّه لا أُراجعه ]، فلمّا كان يوم الجمعة وفرغ من الخطبة، قال : [ وابن سيحان ] إنا كشفنا أمره، فإذا هو لم يشرب مسكراً، وإذا نحن قد عجّلنا عليه.. ! وقد أبطلت الحد.. ! ثمّ نزل وأرسل إليه بألفي درهم (3).

[وروى أبو بكر الهذلي : ] (4) وضرط معاوية بين يدي أبي الأسود،

ص: 115


1- في الأغاني : وشكهم.
2- يقرأ الاسم في نسختي الأصل : شيخان، أو : سيخان.
3- إلى هنا كلام أبي الفرج الإصفهاني في الأغاني 493/2 [وفي طبعة 241/2]، وهو مأخوذ من موضعين منه.
4- كذا حكاه عنه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 48/3. وحدّث بهذه القصة الإصفهاني في الأغاني 113/11 [وفي طبعة 490/12] بألفاظ مقاربة، وكذا الدميري في حياة الحيوان 351/1، والراغب في المحاضرات 125/2.. وعنهم العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 294/9، وقد جاءت أيضاً في الوافي بالوفيات 308/16.. وغيره.

فقال أبو الأسود : من لم يكن على ضرطة بأمين، فكيف يصير أمير المؤمنين ؟ !

وفي رواية أبي بكر الهذلي (1) : إنّ الضارط إنما كان أبو الأسود، فقال : تسترها عليّ ؟ قال : نعم، فلما خرج.. حدّث بها معاوية عمرو بن العاص، ومروان بن الحكم، فلمّا غدا أبو الأسود، قال عمرو : ما فعلت ضرطتك يا أبا الأسود بالأمس ؟ ! قال : ذهبت كما يذهب الريح من شيخ ألان الدهر أعصابه ولحمه عن إمساكها، وكل أجوف ضَروطٌ، وكيف نجاك دبرك - يا عمرو - يوم صفّين.. ؟ !

ثمّ أقبل على معاوية، فقال : إن امرءاً ضعفت أمانته ومروّته عن كتمان ضرطة لحقيق أن لا يُؤْمَن على أمور المسلمين.. (2)

ص: 116


1- هو : عامر بن الحليس الهذلي، من بني سهل بن هذيل، شاعر فحل حماسي، مخضرم، وله خبر مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، كما له ديوان شعر، ترجمه غير واحد. راجع : الشعر والشعراء : 257، الأعلام 17/4، عن جملة مصادر..
2- قال الراغب الإصفهاني في المحاضرات :275/3 : وضرط أبو الأسود عند معاوية، فقال : اكتمها عليّ يا أمير المؤمنين ! قال : لك ذلك.. فلما اجتمع عنده ناس، قال : أعلمتم أن أبا الأسود ضرط آنفاً ؟! فقال أبو الأسود : إن من لم يؤتمن على ضرطة لحري أن لا يؤتمن على أمر الأمة.

فكان معاوية قليل الغيرة (1) ؛ ذكر في المحاضرات (2): أنّه رأى رجلاً يكلّم في داره سريّة له، فقال له : هل ترغب فيها ؟ قال : نعم.. فزوجها منه...

ثم تأهّب أهله لزفافها.

فقال معاوية : خفّفوا، فما أرى الزفاف إلا وقد تقدّم !

وفيه (3) : إنّه أتى معاوية بالفيل.. فصعد سطحاً ينظر إليه، فأشرف على جيرانه.. فإذا جارية له معها (4) رجل، فقال [لها ] : يا فلانة ! هذا أخوك الذي [كنت ] تذكرينه ؟! فقالت : نعم. ثمّ قال : اصعد [أيها الرجل ].. فصعد الرجل.

فقال : يا هذا أعجزتك الأماكن كلها ] إلا داري ؟ أفتراك عائداً ؟!

فقال : لا [ قال : معاوية ] وعلى من يخرج هذا الحديث لعنة اللّه.. انطلق(5).

وفي الأغاني (6) : أن أبا دهبل (7) الجمحي شبب بعاتكة بنت معاوية

ص: 117


1- ومن هنا جاء في كلماته القصار : ثلاث من السؤدد : الصلع، واندحاق البطن، وترك الإفراط في الغيرة !! انظر : عيون الأخبار 223/1.
2- المحاضرات، ولم أجده في مطبوعه باستقصائي القاصر.
3- المحاضرات 232/3 باختلاف أشرنا لبعضه، ولاحظ : المستطرف : 411.
4- في المحاضرات : رأى في خزانة رجلاً مع جارية له..
5- لا توجد كلمة : انطلق في المصدر.
6- ذهب إلى ذلك أبو الفرج الإصفهاني في كتابه : الأغاني 90/7 - 92 نقلاً بالمعنى مع اختصار لبعض فقراته وحذف لكثير من أبياته.
7- في نسختي الأصل : ذهيل، وهو خطأ.

ابن أبي سفيان بقوله(1): [ من السريع ]

إِنِّي دَعَانِي الحَيْنُ فَاقْتادَني (2)***حتّى رَأَيْتُ الظَّبْيَ بِالبَابِ

يا حُسْنَهُ إِذ سَبَّنِي مُدْيِراً***مُسْتَتِراً عَنِّى بِجلباب

سُبْحانَ مَن وَقَفها (3) حَسْرَةً***صُبَّتْ عَلَى القَلْبِ بِأَوْصَابِ

يَذُودُ عَنْها إِذْ (4) تَطَلَّبْتُها***أَبْ لَها (5) لَيْسَ بِوَهَّاب

أَحَلَّها قَصْراً مَنِيعَ الذُّرى***يُحْمَى بِبوّابٍ (6) وحُجَّابِ

[ قال : وأنشد أبو دهبل هذه الأبيات بعض إخوانه، فشاعت بمكّة وشهرت ].

وغنّى بها المغنّون حتّى سمعتها عاتكة [إنشاداً وغناء]، فضحكت وأعجبها (7)، فبعثت إليه بكسوة (8) وجرت بينهما الرّسل...فعرف ذلك معاوية، وقال له في ذلك فأنكره (9)، فقال معاوية : أما من جهتي(10) فلا خوف عليك.

ص: 118


1- ديوان أبي دهبل الجمحي : 90 - 91، وديوانه هذا على رواية أبي عمرو الشيباني.
2- في نسختي الأصل : فاقتلاني، أو ما يشابهها، حيث الكلمة مشوشة الإعجام.
3- في نسخة (ألف) : وققها، وفي نسخة (ب) : وفقها، وما هنا من المصدر وهو الصحيح.
4- في الديوان، والمصدر : إن.
5- في نسختي الأصل : يأهل، بدلاً من لها، ولا معنى لها، أو ليأهل.
6- في نسختي الأصل : بتواب، وفي الأغاني والديوان : بأبواب.
7- في المصدر : وأعجبتها.
8- في نسختي الأصل : بكبيرة.
9- هذا اختصار ونقل للكلام بمعناه، فلاحظ.
10- في نسختي الأصل : حبتي - بدون تنقيط -.

وإنّما أكره لك جوار يزيد، وأخاف عليك وثباته (1)، فإن له سورة الشباب وأنفة الملوك.. وإنّما أراد (2) بذلك ليهرب أبو دهبل (3) فتنقضي (4) المقالة (5) له (6) عن ابنته..

فخرج أبو دهبل إلى مكة هارباً على وجهه، وكان يكاتب عاتكة.. فبينما ذات يوم معاوية في مجلسه إذ جاءه خصي [له] وأخبره أنّه سقط اليوم إلى عاتكة كتاب لما قرأته بكت، ثمّ أخذته فوضعته تحت مصلّاها..

فقال [له] : اذهب فالطف بهذا الكتاب حتّى تأتيني به.. فلما وجد الغرة (7) أخذ الكتاب فأقبل به إليه ؛

ص: 119


1- في نسخة (ألف) : شبابة، أو : ثبابة، وفي نسخة (ب) : وشباته.. ولا معنى للواو لو صحّحنا ما بعدها.
2- في المصدر : معاوية، وهذا نقل بالمعنى عنه.
3- في نسختي الأصل : أبو ذهيل.. وهو خطأ.
4- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل حروفاً وتنقيطاً، ولعلها تقرأ : منتقص، وفي نسخة : منتعصي، وما أُثبت من الأغاني.
5- الكلمة غير منقوطة، ولعلّها تقرأ : ابغي له في نسخة (ألف)؛ أو : أنعي له في نسخة (ب)، وما أثبت من المصدر.
6- لم ترد في المصدر : له.
7- في نسختي الأصل : المغيرة، وهي محرّفة عن المثبت ؛ إذ في المصدر : فلم يزل يلطف بها حتّى أصاب منها غرّة.

فإذا فيه (1): [من الطويل ]

أَعاتِكُ هَلَّا إِذ بَخِلْتِ فما تَرَيْ (2)***لذِي صَبْوَةٍ (3) زُلفى أراكِ (4) وَلاحَقًا

رَدَدْتِ فُؤاداً قَدْ تَوَلَّىٰ بِهِ الهَوَى***و بکيتِ (5) عَيْناً لا تَمَلُّ وَلَا تَرْقا

[ ولكن خَلَعْتِ القَلْبَ بالوَعْدِ والمُنى***ولم أَرَ يوماً منكِ جُوداً ولا صدقا]

[أَتَنْسَين أَيَّامِي بِرَبْعِكِ مُدْنِفاً***صريعاً بِأَرضِ الشّامِ ذا سَقَمٍ مُلْقى ]

[وليسَ صَدِيقٌ يُرْتَضَى لِوَصِيَّة***وَأَدْعُو لِدائِي بِالشَّرابِ فَما أُسْقَى]

[وأَكْبَرُ هَمِّي أَن أَرى لَكِ مُرْسَلاً***فَطُولَ نَهارِي جَالِسٌ أَرْقبُ الطُّرْقا] (6)

ص: 120


1- ديوان أبي دهبل : 100 - 101.
2- ما أثبت استظهار منّا، وفي نسختي الأصل : سرى، وفي الأغاني : فلا تَرَيْ.
3- في نسختي الأصل : لذي صفوة.
4- في المصدر والديوان : لديك، بدلاً من : أراك، وما هنا أيضاً صحيح.
5- في الأغاني وكذا في الديوان : وسَكَّنْتِ.. وهو الصواب.
6- الأبيات المحفوفة بالمعكوفين ألحقناها من المصدر ليتمّ المعنى بها، ولعلّها سقطت منه.

فَوا كَبِدا إِذْ لَيْسَ [لي ] مِنْكِ مَجْلِسٌ***فَأَشْكُو الَّذي بي مِنْ هَواكِ وَما أَلقى(1)

***

[ من الطويل ]

فَوا عَجَباً إِنِّي أُكَاتِمُ (2) حُبَّها***وَقَدْ شَاعَ حَتَّىٰ قُطِّعَتْ دُونَهَا السُّبْلُ (3)

فشاور يزيد في ذلك ؛ فأشار بقتله، فقال : أما تعلم أنك إذا قتلته (4)

ص: 121


1- بقي من القصيدة بيت آخر جاء سهواً بيت بدلاً منه من قصيدة أُخرى، والبيت هو : [ من الطويل] رَأَيْتُكِ تَزْدادِينَ لِلصَّبٌ غِلْظَةً***وَيَزْدادُ قَلْبِي كلّ يَوْمٍ لَكُمْ عِشقا
2- في نسختي الأصل : لكليم.
3- لاحظ : ديوان أبي دهبل : 100. أقول : هذا البيت ذيل قصيدة مطلعها : [ من الطويل ] ألا لا تَقُلْ مَهْلاً فَقَدْ ذَهَبَ المَهْلُ***وَما كلّ مَنْ يَلْحَى مُحِبَّاً لَهُ عَقْلُ والبيت من قصيدة أُخرى لأبي دهبل جاءت بعد قوله : فلما قرأ معاوية هذا الشعر بعث إلى يزيد بن معاوية، فأتاه فدخل عليه فوجد معاوية مطرقاً، فقال : يا أمير المؤمنين ! ما هذا الأمر الذي شجاك.. إلى آخره في كلام طويل.. لخصه المصنّف طاب ثراه في قوله : فشاور يزيد في ذلك.. إلى آخره. ذكرها في الأغاني 92/7 - 93، فراجع.
4- في الأغاني : إذا فعلت ذلك.

صدّقت قوله وجعلتنا (1) أحدوثة أبداً.. وحجّ قاصداً لذلك وأعطاه ألف دينار.. القصة بطولها (2).

ثم إن أبا دهبل قصد (3) العدو بعد زمان (4) [ وكان رَجُلاً صالحاً وكان جميلاً ]، فلما كان بجيرون، جاءته امرأة فأعطته كتاباً، وقالت له : اقرأ [لي ] هذا الكتاب.. فقرأه لها.. ثمّ قالت : لو بلغت القصر فقرأت الكتاب على امرأة كان لك فيه الأجر، فإنّه من غائب لها يعنيها أمره.. فبلغ معها القصر، فلما دخله [ إذا فيه جوار كثيرة ف_] أغلقن باب القصر عليه [ وإذا فيه امرأة وضيئة ] فدعته إلى نفسها فأبى، فأمرت به، فحبس في بيت في القصر، وأطعم وأُسقي قليلاً قليلاً، حتّى ضعف وكاد يموت، ثمّ دعته إلى نفسها، فقال : أمّا حراماً (5) لا يكون ذلك أبداً.. ولكنّي (6) أتزوجكِ، قالت : نعم.. فتزوجها، فأمرت به، فأحسن إليه حتى

ص: 122


1- في نسختي الأصل : جعلنا.
2- قد أسلفنا أنّها جاءت مفصلةً جداً في أخبار أبي دهبل ونسبه أبو الفرج الإصفهاني في الأغاني 90/7 - 93.. وجاء في آخرها : وانصرف [ أي معاوية ] إلى دمشق، ولم يحجج معاوية في تلك السنة إلا من أجل أبي دهبل.
3- في نسختي الأصل : فصدق، ولا نعرف وجهاً مناسباً لها.
4- لا زال الكلام لأبي الفرج الإصفهاني في أغانيه 93/4، مختصراً وحاذفاً للإسناد وناقلاً للمعنى، وفيه : خرج أبو دهبل يريد الغزو..
5- كلمة : أما حراماً.. لا توجد فى الأغاني ولا بأس بها.
6- في نسختي الأصل ولكن.

رجعت نفسه، فأقام معها زماناً [ طويلاً، لا تدعه يخرج حتى يئس منه أهله وولده...](1).

سعيد بن حسّان ؛ أنّه لما انصرف معاوية من مكة [إلى ] الأبواء ألْقِيَ به (2)، فكان يقول للقوّاد : إنّ المرء ليصاب بالبلاء؛ فإمّا معاقب بذنب، أو مبتلى ليؤجر، وإن ابتليتُ فقد أُبتلي الصالحون قبلي، وإن مرض مني عضو فما عوفيت أكثر (3)..

فلما دخل الشام وصعب عليه (4)، فكان يقول : اسقوني.. !

ص: 123


1- والقصة طويلة جداً.. ولا أعلم ما وجه ذكرها هنا وما فائدتها ؟! ولسنا في صدد ترجمة أبي دهبل الجمحي ولا غيره !
2- أي أصابته التَّقْوَةُ.
3- قال ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 214/59 : خرج معاوية حاجّاً فاطلع في بئر عادية، فأصابته اللقوة، فخرج على الناس معصباً وجهه، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال : أيها الناس ! إنّ ابن آدم بعرض بلاء ؛ إما معافى فيشكر، وإما مبتلى فيصبر، وإما معاقب بذنب، ولست أعتذر من إحدى ثلاث إن ابتليت فقد ابتلي الصالحون قبلي - وآمل أن أكون منهم !! - ولئن عوفيت فلقد عوفي الخطاؤون قبلي، وما آمن أن أكون أحدهم ! ولئن ابتليت في أحسني فما أحصي صحيحي، وما آمن أن تكون عقوبة من ربّي، ولولا هواي في يزيد لأبصرت أمري.. وذكر حديثاً طويلاً. لاحظ : سير أعلام النبلاء للذهبي 156/3، والفتوح لابن أعثم 344/4، وجاء في مجمع الزوائد 355/9، والمعجم الكبير 306/19.. وغيرهما من كتب الحديث.
4- لا زال الكلام برواية سعيد بن حسان، كما في الصراط المستقيم 50/3.

ويعبّ (1) ولا يروى، ويغشى عليه فيهجر [ فيقول ]: ما لي ومالك يا حجر بن عدي.. ؟ ! مالي ومالك يا عمرو بن الحمق..؟! مالي و[ ما ] لك يابن أبي طالب.. ؟! وكان يتململ على فراشه، ويقول : [لو ] لا هواي في يزيد لأبصرت رشدي، وعرفت قصدي (2).. ويتمثّل : [ من البسيط ]

لَقَدْ سَعَيْتُ لَكُمْ من سَعْيِ ذِي نَصَبٍ***فَقَدْ كَفَيْتُكُمُ التَّطوافَ والرَّحَلا (3)

وفي تاريخ أبي يوسف الفسوي (4): مجالد، عن الشعبي، قال : لما أصاب

ص: 124


1- في الصراط : ونغب.
2- في نسختي الأصل : فصدي.
3- ما أُثبت من المصدر، وقد جاء في أنساب الأشراف 151/5 باختلاف يسير. راجع : تاريخ الطبري 326/5، والكامل في التاريخ 8/4.. وغيرهما. وقد جاء البيت في نسختي الأصل هكذا : [ من البسيط ] لقد جئت لكم من معي ذي نصب***فقد كفيتكم بطواف وللرجلا
4- في نسختي الأصل : النسوي، والصحيح ما أُثبت، وهو كتاب المعرفة والتاريخ، ولم يطبع هذا القسم من حياة معاوية، والظاهر أنّه مفقود أو معدوم، وقد حكى هذا والذي يليه ابن عساكر في تاريخ دمشق 431/10، و 415/11، و 214/59 (القسم الثاني). وراجع أيضاً : أنساب الأشراف 28/5، وسير أعلام النبلاء 155/3 - 156، والبداية والنهاية 126/8، وشرح الأخبار 157/2.. وغيرها.

معاوية اللَّقْوه (1) بكى، فقال له مروان: ما يبكيك ؟ فقال : راجعت ما كنت عنه عزوفاً.. كبرت سنّي.. ودق عظمي.. وكثر الدمع من عيني.. ورميت في أَحْسَنى (2) وما يبدو منّى.. ولولا هواي في يزيد لأبصرت رشدي...

وفي هذا التاريخ (3) ؛ قال أبو بكر بن حفص : توفّي سعد بن أبي وقاص والحسن بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) بعد عشر سنين من إمارة معاوية، وكانوا يرونه أنّه سمهما (4)

ص: 125


1- في نسختي الأصل : الأبوه، ولعله : الأبواء، بل الظاهر ما أثبتناه، كما في تاريخ دمشق 0214/59 واللقوة - بالفتح - [ فسكون ] : داء بالوجه يميله، كما في مجمع البحرين 380/1، و راجع : لسان العرب 253/15 بزيادة: إلى أحد جانبيه.
2- الكلمة مشوشة وغير منقوطة في النسختين، وقد تقرأ : أختي، وما أثبت من المصدر.
3- لم نجده في المقدار المطبوع منه.
4- كذا استظهاراً : وفي نسختي الأصل : سقيماً ! روى الطبراني في المعجم الكبير 70/3 برقم 2694 بإسناده عن أبي بكر ابن حفص، أنّه قال : أنّ سعداً والحسنبن عليّ رضي اللّه عنهما [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] ماتا في زمن معاوية.. فيرون أنّه سمه. ورواه أبو الفرج بسنده عن أبي بكر بن حفص في مقاتل الطالبيين : 48، وفيه : وكانوا يرون أنّه سقاهما سمّاً، ولاحظ : شرح الأخبار 128/3، وكذا أورده ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 49/16، وفيه : وكانوا يروون أنّه سقاهما السم، وقد حذف البخاري ذيله في التاريخ الصغير 126/1. وراجع - أيضاً - : التاريخ الكبير 286/2، و 43/4.. وغيرهما وغيره.

سلمة بن كهيل، عن الأحنف، قال : كنت أسمع علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «ما يموت فرعون (1) حتّى يعلقُ (2) الصليب في عنقه.. !».

فدخلت عليه في مرضه وعمرو بن بنينة (3) والأسقف بين يديه، وعليه شيبة بيضاء، فسقط فإذا في عنقه صليب من ذهب. فقال : إنهما أمراني به، وقالا : إذا أعيى الداء الدواء (4) تروّحنا إلى الصليب فنجد لذلك راحة (5).

الزهري ؛ إنّه دخل راهب عليه وهو مريض، وقال : إن مرضك من العين، وعندنا صليب يذهب بالعين، فقال : عليّ به (6).. ! فعلّقه [ في عنقه ] فأصبح ميتاً،

ص: 126


1- في المناقب : ابن هند.
2- في نسختي الأصل : تعلّق، والصحيح ما أثبتناه من المناقب والصراط والبحار.
3- كذا ؛ والظاهر أنّ الاسم مصحف، وفي الصراط : وعنده عمرو والأسقف.
4- في نسختي الأصل : الدوي.
5- لاحظ : المناقب للمصنف 95/2 [ وفي طبعة قم 259/2]، وعنه في بحار الأنوار 161/33 - 162 (الباب السابع عشر) حديث 424، وكذا عنه فيه 305/41 (باب 114) حديث 38، وقد حكاه عن الراغب الإصفهاني في المحاضرات. وقد حكاه عن جمع منهم : الأحنف بن قيس، وابن شهاب الزهري، و [ ابن ] الأعثم الكوفي، وأبو حيان التوحيدي، وأبو الثلج.. في جماعة. وقال في التعجب : 107 : واشتهر عنه [ أنّه ] لم يمت إلّا وفي عنقه صليب ذهب، وضعه له في مرضه أهون المتطبّب، وأشار إليه بتعليقه، فأخذه من كنيسة يوحنّا وعلّقه في عنقه.. ثمّ قال : وروي - أيضاً - أنّه تشافى بلحم الخنزير فأكله قبل موته.
6- في نسخة (ألف) : علّق به، وخطّ على ما هنا.

فنزع عنه (1) على مغتسله (2).. ! !

ويقال : إنّه نزعه، وتَمَثَّلَ بقول الهذلي (3) : [ من الكامل ]

وَإِذا المَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظفارها***الفَيْتَ كلّ تَمِيمَة (4) لا تَنْفَعُ (5)

وفي المحاضرات (6) : أنّه لمّا علّق (7) قال الطبيب : إنّه ميت لا محالة.. فمات في ليلته، فقيل [له] في ذلك، فقال : روي عن أمير المؤمنين : «لا يموت فرعون..» الخبر، فعلمت أنّه يموت (8)

ص: 127


1- في الصراط : منه.
2- وقد جاء في الصراط المستقيم 50/3، ولاحظ هذا وما قبله في الفتوح لابن أعثم الكوفي 344/4.
3- هو أبو ذؤيب الهذلي كما في ديوانه الهذليين.
4- في نسخة (ألف) : نميمة.
5- حكاه الراغب الإصفهاني في المحاضرات 489/4 عن أبي ذؤيب. وراجع : تاريخ الطبري 326/5 - 327، أنساب الأشراف 152/5 - 153، المحتضرين لابن أبي الدنيا : 68، تاریخ دمشق 222/59 وصفحة : 228.. وغيرها.
6- وقد حكاه عنه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 50/3.
7- كذا ؛ والظاهر : علّقه.
8- وجاء في ربيع الأبرار 200/4 أنّه : لما احتضر معاوية رفع يديه وقال: [ من الطويل ] هو الموتُ لا منجى من الموتِ والذي***أحاذر بعد الموت أدهى وأفظع وجاء فيه أيضاً 181/4 أنّه قال : دخل عمرو بن العاص على معاوية في مرضه، فقال : أعائداً جئت أم شامتاً ؟ ! فقال عمرو : لم تقول هذا ؟ فواللّه ما كلّفتني رهقاً، ولا أصعدتني زلقاً، ولا جرعتني علقاً، فلم استثقل حياتك، ولم استبطئ وفاتك ! فقال معاوية : [ من الوافر ] فهل من خالد إمَّا هَلَكُنا***وهل بالمَوْتِ يا لَلنَّاسِ عارُ ؟ !

ابن علوية الإصفهاني (1): [ من الكامل ]

وَاسْتَبْدَلُوا نِعَمَ المَلِيكِ عَلَيْهِمُ***فیه برَدِّ الحقّ والكفران

وَرَمَوْهُ عَنْ قَوْسِ العَدَاوَةِ وَالْقِلَى***بالمُنْكَراتِ وَهوَ (2) يَدِ العُدْوانِ

فَاسْتَبْشَرُوا بِوَفاتِهِ وَاسْتَشْرَقُوا***لأخ الشقاقِ فَتَى أَبِي سُفْيَانِ

ص: 128


1- هذه الأبيات من قصيدة عرفت لشاعرنا باسم : المحبرة، أو الألفية، ويقال لها : نونية ابن علوية في نحو ألف بيت، سبق الحديث عنها مفصلاً، فراجع.
2- كذا ؛ والظاهر : وعن.

وتَجَنَّبُوا (1) وَلَدَ الرَّسُولِ وَصَيَّرُوا (2)***عَهْدَ الخِلافَةِ في يَدَيْ خَوَّانِ (3)

خَلَفَ (4) الوَلِيدَ عَلَى بَقِيَّةِ جهزه***وأَخي (5)، أَخيه قرينه هامان

نَادَى (6) الضراعة في المَعَارِك مُفرد***ليثٌ يُحمحم (7) عَن نَصبِ إِخْوَانِ

عالي التجبر آفِكُ مُتَجَبِّرُ***لِلمُسلِمِينَ وَنَفسُه مجتان (8)

ص: 129


1- في نسخة (ب): تجننوا، وفي نسخة (ألف): تحيتوا، وما أُثبت أخذ من المناقب وهو الظاهر.
2- في نسخة (ألف): صبروا.
3- جاء هذا البيت في المناقب 40/4 ضمن بيتين، ثانيهما هو الثامن هنا : فطوى محاسنها.. إلى آخره.
4- في نسخة (ب): حلف.
5- كذا، والظاهر : وأخا.
6- كذا ؛ ولعلّها : بادي.
7- في نسختي الأصل : يعمعم.
8- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، ويحتمل غير ما ذكرناه.

فَطَوى مَحاسِنَها وَأَوْسَعَ أَهْلَهَا***مَنْعَ الحُقُوق وواجب السُّهْمان (1)

وَمَحا - وَكانَ مُنافِقاً - رَسْمَ الهُدى***مِنْها وَماتَ مُعَلِّقَ الصُّلبان

فكان أمره كما قال اللّه تعالى: ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهمْ خَاوِيَةٌ بِمَا ظَلَمُوا) (2) فذهب ملکه، ودرس داره، وحرق قبره، كما قال اللّه تعالى :

(كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالمُجْرِمِينَ) (3).

***

ص: 130


1- في المناقب : السمعان، بدلاً من السهمان، وهي تصحيف عما هنا.
2- سورة النمل (27): 52.
3- سورة الصافات (37) : 34، وسورة المرسلات (77) : 18. أقول : لنختم الحديث عن الرجل بما ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار 414/3 - 415 : أتى وائل بن حجر النبيّ [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] فأقطعه أرضاً، وقال لمعاوية : «اعرض هذه الأرض عليه واكتبها له»، فخرج مع وائل في هاجرة شاوية، ومشى خلف ناقته.. وقال له : أردفني على عجز راحلتك، قال : لست من أرداف الملوك، قال فأعطني نعليك.. قال : ما بخل يمنعني يابن أبي سفيان، ولكن أكره أن يبلغ أقيال اليمن أنك لبست نعلي، ولكن امش في ظلّ ناقتي فحسبك بها شرفاً..

[ القسم الثالث ]

[ في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين ]

[باب ]

[ في القاسطين ]

[ فصل 3]

[فصل آخر في معاوية ]

ص: 131

ص: 132

فصل الثالث: آخر فيه

الماوردي في تفسيره (1)؛ إنّه قال الربيع بن أنس.. وغيره في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَنْذَرْتَهُمْ..) (2) الآية نزلت في قادة الأحزاب.

جرى بينه وبين أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كلام، فقال : ليت القيامة قد قامت فترى المحق من المبطل (3)..

فقال أمير المؤمنين [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بها وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا..) (4).

ص: 133


1- تفسير الماوردي 72/1. ولاحظ : شرح الأخبار 161/2 حديث 494، وتفسير التبيان للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) 59/1.. وغيرهما. وكذا جاء في : تفسير ابن أبي حاتم 40/1، وزاد المسير لابن الجوزي 21/1.. بل في غالب تفاسير العامة فضلاً عن الخاصة.
2- سورة البقرة (2): 6.
3- رواه المصنّف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 350/2 [ وفي طبعة قم 166/3]، وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 568/32 - 571 (الباب الثاني عشر) ذيل حديث 472.
4- سورة الشورى (42) : 18.

وذكر صاحب العقد (1) وغيره : لما مات الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) دخل ابن عباس عليه، فقال الجراضم : مات الحسنبن عليّ ؟ قال : نعم، وقد بلغني سجودك..! أما واللّه ما سدّ جثمانه حفرتك، ولا زاد نقصان أجله في عمرك.

قال : [ أ ] حُسَبُهُ ؛ ترك صبيةً صغاراً ولم يترك عليهم كثير معاش.

فقال : إنّ الذي وَكَلَهم إليه غيرُك (2)

ص: 134


1- العقد الفريد 361/4 - 362 باختصار وتصرّف، ولذا ذكرنا العبارة بكاملها. ولاحظ : المحاضرات 500/4.
2- جاء النص في المصدر هكذا : ولما بلغ معاوية موت الحسنبن عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] خرّ ساجدا لله، ثمّ أرسل إلى ابن عباس - وكان معه في الشام - فعزّاه وهو مستبشر، وقال له : ابن كم سنة مات أبو محمّد ؟ فقال له : سنّه كان يسمع في قريش، فالعجب من أن يجهله مثلك. قال : بلغني أنّه ترك أطفالاً صغاراً، قال : كلّ ما كان صغيراً يكبر، وإن طفلنا لكهل، وإن صغيرنا لكبير. ثمّ قال : ما لي أراك - يا معاوية ! - مستبشراً بموت الحسنبن عليّ ؟ ! فواللّه لا ينسأ في أجلك، ولا يسدّ حفرتك، وما أقلّ بقاءك وبقاءنا بعده.. ثمّ خرج ابن عباس. وقال الزمخشري في ربيع الأبرار 186/4 - 187 : لما بلغ معاوية موت الحسنبن عليّ رضي اللّه عنه [ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)] سجد معاوية وسجد من حوله شكراً، فدخل عليه ابن عباس، فقال له : يابن عباس ! أمات أبو محمّد ؟ قال : نعم، وبلغني سجودك، واللّه يابن آكلة الكبود لا يسدن حسدك إياه حفرتك.. ولا يزيد انقضاء أجله في عمرك. وقال ابن عباس عند موت الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كما في ربيع الأبرار 197/4: [من الرمل ] أصبح اليوم ابنُ هند آمناً***ظاهر النخوة إذ مات الحَسَنْ ارتع اليوم ابن هند قامصاً***إنما يقمص بالعير السِّمَنْ

وفي رواية : كلنا كنا صغاراً فكبرنا.

فقال : فتكون الآن سيّد قومك ؟!

فقال : أما [ و ](1) أبو عبد اللّه الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) باقٍ [فلا] (2).

وفي العقد (3): إنّه قال : أيها الناس إن اللّه فضل قريشاً لثلاث :

ص: 135


1- زيادة من الأمالي للسيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 200/1، ولا يصح الكلام بدونها.
2- ذكر الزمخشري - أيضاً - في ربيع الأبرار ونصوص الأخبار 209/4 ما نصه : ولمّا كتب مروان بشكاته إلى معاوية بشكاته [كذا ] كتب إليه : إنّ أقل المطي إليَّ بخبر الحسن.. ولما مات وبلغه موته.. سمع تكبير من [ قصر ] الخضراء، فكبّر أهل الشام لذلك التكبير، وقالت فاختة بنت قرط لمعاوية : أقرّ اللّه عينك يا أمير المؤمنين ! ما الذي كبّرت له ؟ قال : مات الحسن !! قالت : أعلى موت ابن فاطمة تكبّر ؟ ! قال : واللّه ماكبرت شماتة لموته، ولكن استراح قلبي وصَفَتْ لي الخلافة !! وكان ابن عباس بالشام فدخل عليه، وقال له : يا بن عباس ! هل تدري ما حدث في أهل بيتك ؟ ! قال : لا أدري ما حدث إلّا أني أراك مستبشراً ومن يطيف بك، وقد بلغني تكبيرك وسجودك. قال : مات الحسن ! قال : إنا للّه، رحم اللّه أبا محمّد.. ثلاثاً، ثمّ قال : واللّه يا معاوية ! إنّه لا يسدّ جسده حفرتك، ولا يزيد يومه في عمرك، ولئن كنّا أصبنا بالحسن لقد أصبنا بإمام المتقين، وخاتم النبيين، فسكّن اللّه تلك العبرة، وجبر تلك المصيبة، وكان اللّه الخلف علينا من بعده..
3- العقد الفريد 27/4 باختلاف يسير لم نتعرض له.

قال لنبيّه (عليه و آله السلام) : ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ..) (1) ونحن عشيرته الأقربون (2).

وقال : (وَإِنَّهُ لَذِكرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ..) (3) ونحن قومه.

وقال : (لإيلافِ قُرَيْشٍ..) (4) السورة، ونحن قريش..

فأجابه رجل من الأنصار، فقال : على رسلك يا معاوية ! فإن اللّه تعالى يقول : (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الحَقُّ﴾ (5) فأنت من قومه.

وقال مثلاً : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصدُّونَ) (6) وأنتم قومه.

وقال الربّ (7) : ﴿يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرْآنَ مَهْجُوراً) (8) وأنتم قومه ! ثلاثة بثلاثة، ولو زدتنا(9) زدناك، فأفحم.

ص: 136


1- سورة الشعراء (26) : 214.
2- لا توجد : الأقربون في المصدر، وهو كذلك !
3- سورة الزخرف (43) : 44.
4- سورة قريش (106): 1.
5- سورة الأنعام (6) : 66.
6- سورة الزخرف (43): 57.
7- في العقد : وقال الرسول عليه الصلاة والسلام.. وهو الظاهر.
8- سورة الفرقان (25): 30.
9- كذا ؛ وفي نسختي الأصل : زدنا، وفيه : لزدناك.

وفيه (1) : إنّه قال لرجل من اليمن : ما [كان ] أجهلَ قَومك حين مَلكوا عليهم امرأة !

فقال : أجهل منهم قومك الذين قالوا - حين دعاهم الرسول - : ﴿اللّهمَّ إِنْ كَانَ هذا هُوَ الحقّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أو اثتِنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (2) ولم يقولوا : [ اللّهم ] إن كان هذا هو الحقّ من عندك فاهدنا له.

ودخل مولى لأبي ذرّ عليه(3)، فقال له : هل تعلم متى قامت القيامة على الناس ؟

قال : نعم، حين هدموا بيت النبوة والبرهان، وسلبوا أهل العزّة والسلطان، وأطفوا مصابيح النور والفرقان، وعصوا في صفوة الملك الديان، ونصبوا ابن آكلة الذبان [ شرّ ] (4) كهول (5) الورى والشبّان، فأحيوا به بدع الشيطان، وأماتوا به سنّة الرحمن.. فعندها قامت القيامة العظمى، وجاءت الطامة الكبرى.

فقال : هل تعلم متى هلكت الأمة ؟!

ص: 137


1- العقد الفريد 27/4، ورواه الزمخشري في الكشاف 155/2، والبلاذري في أنساب الأشراف 62/5، والجاحظ في البيان والتبيين : 592.. وغيرهم في غيرها.
2- سورة الأنفال (8): 32.
3- كما أورده البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 49/5 - 50 باختلاف يسير.
4- زيادة من الصراط المستقيم.
5- قد تقرأ في نسختي الأصل : كفول.

قال : نعم، حين كنت أميرها، وابن أَمَةٍ (1) خطيبها (2)، وابن طريد المصطفى : فقيهها، وصار أعور ثقيف يسوسها، وابن أبي معيط يتلف بأحقاد الجاهلية نفوسها، وزياد سوء العذاب يسومها، ويزيد السوء (3) بعدك للخلافة يرومها، فعندها هلكت هذه الأمة.. [ و ] طَفِئَ نورها.

في حلية الأولياء(4)، وصحيح مسلم(5)، ومسند الشافعي (6)، قال : كنا مع معاوية في غزوة فغنمنا غنائم كثيرة، وكان فيها آنية فضة، فأمر معاوية رجلاً ببيعها (7) من الناس في عطيّاتهم (8)، [ فتسارع الناس في ذلك ] فبلغ ذلك عبادة بن الصّامت فقام، فقال : إنّي سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ينهى عن بيع الذهب بالذهب،

ص: 138


1- .. يعرّض بالنابغة.
2- في الصراط : وابن عاصى اللّه خطيبها.
3- في نسختي الأصل : للسوء.
4- حلية الأولياء 297/2.
5- کتاب مسلم 43/5 [ طبعة دار الجيل، وفي طبعة 1210/3].
6- مسند الشافعي : 147 و 180، إلّا أنّه حذف صدر الخبر صيانةً عن حرمة معاوية ! لاحظ : كتاب اختلاف الحديث للشافعي هامش كتابه الأم 23/7، وقد جاء في شرح معاني الآثار للطحاوي 76/4 باختلاف يسير. وراجع : المجموع للنووي 30/10، والمغني لابن قدامة 129/4، وسنن البيهقى 277/5، وتفسير القرطبي 349/3.. وغيرها نقلاً عن الغدير 184/10.. وغيره.
7- في نسخة (ب) : يبيعها.. وهي التي جاءت في كتاب مسلم.
8- في حلية الأولياء : أعطيائهم

والوَرِق بالوَرِق (1)، والبرّ بالبرّ، والشعير بالشعير (2)، والتمر بالتمر، والزبيب بالزبيب(3)، والملح بالملح، إلّا سواءً مثلاً بمثل.. عيناً بعين(4).. فما زاد واستزاد فقد(5) أربى ؛ فردّ الناس ما كانوا أخذوا، فذهب الرجل إلى معاوية فأخبره الخبر، فقام خطيباً، فقال : ما بال قوم يحدّثون عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أحاديث، وقد صحبناه ورأيناه فما سمعنا هذا منه.. ! !

فقام عبادة.. فأعاد الحديث، وقال : واللّه لنحدّثن (6) بما سمعنا من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و إن رغم (7) معاوية - أو قال : وإن كره معاوية - واللّه ما أبالي أن لا أصحبه (8) في حياته (9) ليلة سوداء.

وفي الموطأ (10)؛ إن فرعون (11) قال : ما أرى بهذا بأساً.

ص: 139


1- وفي كتاب مسلم : والفضة بالفضة.
2- سقطت قوله : بالشعير من نسخة (ب).
3- لم يرد في كتاب مسلم : والزبيب بالزبيب.
4- في كتاب مسلم : إلّا سواء بسواء عيناً بعين.
5- في كتاب مسلم : فمن زاد أو ازداد فقد..
6- في نسخة (ألف) : ليحدثنّ.
7- في نسختي الأصل : زعم.
8- في نسختي الأصل : أصبحه.
9- في كتاب مسلم في جنده.
10- الموطأ 634/2.
11- المراد هنا معاوية عليه الهاوية، والحديث جاء في الموطأ هكذا : إنّ معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو وَرِق بأكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء : سمعت رسول اللّه [ $$] ينهى عن مثل هذا إلّا مثلاً بمثل فقال له معاوية : ما أرى بمثل هذا بأساً !!

فقال أبو الدرداء : من يعذرني منه ؟ ! أنا أخبره عن رسول اللّه وهو يخبرني عن رأيه ! [لا] أساكنك بأرض أنت بها.

وهو أول من أظهر الجبر (1) في هذه الأمة، وذلك أنّه خَطَبَ (2)، فقال : يا أهل الشام ! أنا خازن من خزّان ربّي، أعطي من أعطاه اللّه، وأمنع من منعه اللّه..(3)

فقام إليه أبو ذر (رَحمهُ اللّه)، وقال : كذبت [ و ] اللّه، إنّك لتعطي من منعه اللّه بالكتاب والسنّة، وتمنع من أعطاه اللّه (4) ! !

ثم قام عبادة بن الصامت، ثمّ أبو الدرداء، وقالا : صدق أبو ذر.. صدق أبو ذر.. فنزل معاوية عن المنبر، وقال : فنعم إذاً.. فنعم إذاً.. ! (5)

ص: 140


1- فى المخطوطتين : الخبر، وهو تصحيف.
2- في نسختي الأصل : خطيب، وهي مصحفة عن المثبت.
3- وهذا نظير ما سلف عن خليفته الثاني من قوله : من أراد القرآن فعليه بأبي.. إلى أن قال : ومن أراد الأموال فأنا خازن لها !
4- انظر : متشابه القرآن ومختلفه للمصنف (رَحمهُ اللّه) 122/1 - 123، وتقريب المعارف : 266، وبحار الأنوار 274/31.
5- روى الزمخشري في ربيع الأبرار 688/1 فقال : خطب معاوية فقال : إن اللّه يقول : (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ﴾ [سورة الحجر (15): 21]، فعلام يلومونني إذا قصرت في عطيّاتكم ؟ ! فقال الأحنف : إنا - واللّه ! - لا نلومك على ما في خزائن اللّه، ولكن على ما أنزله من خزائنه فجعلته أنت في خزانتك، وحلت بيننا وبينه.

وفي الأغاني (1) : إنّه رأى معاوية شيخاً يصلّي في المسجد الحرام، عليه ثوبان أبيضان، قال : من هذا ؟

قالوا : هذا سعية بن غريض (2) - وكان من اليهود - فأرسل إليه يدعوه، فأتاه رسوله.. فقال : أجب أمير المؤمنين !

قال : أو ليس قدمات [أمير المؤمنين] قبل (3) ؟ !

قال : فأجب معاوية، فأتاه فلم يسلّم عليه بالخلافة.. وقال له معاوية : [ ما فعلت أرضك التي بتيماء ؟

قال : يكسى منها العاري...] يطلب منه أرضاً للبيع.. فأبى (4).

فقال معاوية : إذ بخلت بأرضك فأنشدني شعر أبيك الذي يرثي به نفسه..

فقال : قال أبي : [ من الكامل ]

ص: 141


1- الأغاني 92/3 باختلاف كثير، وجاءت الواقعة أيضاً في الإصابة لابن حجر 3 / 167.
2- في نسختي الأصل : شعبة بن عريض، وهو تصحيف ظاهر، وقد ترجمه صاحب الأغاني مفصلاً فيه 353/22-356.. وغيره.
3- كذا في نسختي الأصل، وفي المصدر : قيل : فأجب.
4- قوله : يطلب منه أرضاً للبيع.. هو نقل بالمعنى لما أسقط من النص.

يا لَيْتَ شِعْرِي حِينَ أُنْدَبُ هالِكا(1)***ماذا تؤيتني به (2) أنواحي

أَيَقُلْنَ : لا تَبْعُدْ فَرُبَّ كَرِيهَةٍ***فَرَّجْتَها (3) بشجاعة وسماح (4)

.. الأبيات.

فقال : أنا كنت بهذا الشعر أولى من أبيك، فقال : كَذِبتَ، وَلَوْمْتَ، قال :

ص: 142


1- في الأغاني 91/3: حين يذكر صالحي، وفي صفحة : 92، وهامش بعض المصادر : حين أندب هالكاً، وفي نسختي الأصل : أبدى حالكاً.
2- الكلمة في نسختي الأصل غير معجمة ومشوشة، وفيها : له، بدلاً من : به.
3- في نسخة (ألف) : فرحتها.
4- الأبيات في الأغاني 91/3 جاءت منسوبة إلى سعية بن غريض، قال : وكان سعية بن غريض شاعراً، وهو الذي يقول لمّا حضرته الوفاة يرثي نفسه.. ثم ذكر البيتان ولحق بهما ثالثاً : [ من الكامل ] وإذا دُعيت لصعبة لصَعْبَةٍ سَهَّلْتها***أُدْعَى بأَفْلَحَ تارَةً ونَجَاحِ ثم قال : ويقال : إنّه مات في آخر خلافة معاوية. إلّا أنّه في صفحة : 92 كرّر الأبيات ونسبها إلى أبيه ! فراجع ما هناك وقد ذكر له خمسة أبيات أُخر.. وظاهر ما في هذه الصفحة أنّ الأبيات لسعية، وظاهر ما في الصفحة التي بعدها - أي صفحة : 92 - أنّها لأبيه.

أمّا كذبت.. فنعم، وأمّا لَؤمتُ.. فكيف ؟!

قال : لأنّك كنت [ ميّت] (1) الحقّ في الجاهلية وميته في الإسلام..

أما في الجاهلية ؛ فقاتلت النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وكذبت (2) الوحي حتى جعل اللّه كيدك المردود..

وأما في الإسلام ؛ فمنعت ولد رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] الخلافة، وما أنت وهي ؟! وأنت طليق ابن طليق.

وقال معاوية : قد خرف الشيخ.. فأقيموه !

وفي العقد (3) : قال معاوية لأبي الطفيل : أنت من قتلة عثمان ؟!

قال : لا، ولكن ممّن حضره ولم ينصره.

قال : وما منعك من نصرته ؟

قال : لم ينصره المهاجرون والأنصار [فلم أنصره ؟ ! ].

قال : لقد كان حقه واجباً، وكان عليهم (4) أن ينصروه.

قال : فما منعك من نصرته وأنت ابن عمه ؟!

قال : أوما أطلب بدمه نصرة له.. ؟!

ص: 143


1- في نسختي الأصل فراغ بمقدار كلمة، وما هنا من المصدر.
2- لا توجد كلمة (كذبت) في الأغاني، وبدونها لا يتمّ المعنى ولا يستقيم.
3- راجع : العقد الفريد 30/4، وكذا مروج الذهب 63/2.. وغيره.
4- في نسختي الأصل زيادة هنا لكلمة : وكان، ولا وجه لها.

فضحك أبو الطفيل، وقال : مثلك ومثل عثمان..

كما قال الشاعر: (1) [من البسيط ]

لأعرفنَّكَ (2) بَعْدَ المَوْتِ تَنْدُبُني***وَفي حَياتِي ما زَوَّدْتَني زادِي

وفي العقد (3) : أنّ معاوية قال لابن عباس - بعد كلام طويل...وذنوبكم إلينا أعظم من ذنوبنا إليكم ؛ خذلتم عثمان بالمدينة، وقتلتم (4) أنصاره يوم الجمل، وحاربتموني يوم صفّين، ولعمري بنو تيم وعدي أعظم (5) ذنوباً منا إليكم ؛ إذ صرفوا عنكم هذا الأمر وسنّوا فيكم هذه السنّة..

فقال ابن عباس - بعد كلام -:.. ولو طلبت ما عندنا وقينا أعراضنا، وليس الذي يبلغك عنّا أعظم من الذي يبلغنا عنك، ولو وضع أصغر ذنوبكم إلينا على

ص: 144


1- البيت منسوب للنابغة الجعدي ؛ الشاعر المعروف، وقد نسب في بعض المصادر لعبيد بن الأبرص.
2- كذا ؛ والظاهر : لألفينك.. كما هو مشهور على الألسن، وجاء في مروج الذهب. هذه أيضاً رواية صحيحة معروفة، وهناك رواية أبلغ وهي (لا ألفينك) و (لا أعرفنك)، على النهي المستلزم للإثبات.
3- العقد الفريد 7/4 - 8 باختلاف واختصار، وله كلام نظير هذا، بل أجل وأبلغ في المصدر 9/4 و 10 - 11.
4- في نسختي الأصل: قلتم.
5- في العقد : أكثر، بدلاً من : أعظم.

مائة حسنة لمحاها (1)، ولو وضع أدنى عذرنا إليكم على مائة سيئة حسنها ؛ [ وأمّا خَذْلُنا ] (2) عثمان [ فلو لَزِمنا ] (3) نصره لنصرنا [ه]، وأمّا قتلنا أنصاره يوم الجمل ؛ فعلى خروجهم ممّا دخلوا فيه، وأمّا حربنا (4) إياك بصفين ؛ فعلى تركك الحقّ وادّعائك الباطل، وأما إغراؤك إيانا بتيم وعدي، فلو (5) أردنا [ها ] ما غلبونا عليها.. وسكت.

فقال : ابن أبي لهب (شعر) : [ من البسيط ]

كانَ ابْنُ حَرْبٍ عَظِيمَ القَدْرِ في النَّاسِ***حتّى رَماهُ بِما فِيهِ ابْنُ عَبَّاسِ

مازالَ يُهْبِطُهُ طَوْراً ويُصْعِدُهُ***حتّى اسْتَقادَ وَما بالحقِّ من باس (6)

لم يَرك خطَّةً (7) ممّا يُذلِّلُهُ***إِلَّا كَوَاهُ(8) بِهَا فِي فَرْوَةِ الرَّاسِ

ص: 145


1- في العقد : لمحقها، والمعنى واحد.
2- في نسختي الأصل بياض هنا بمقدار كلمتين، وما بين المعكوفين مأخوذ من المصدر.
3- جملة : فلو لزمنا.. مأخوذة من المصدر، وإلّا ففي نسختي الأصل بياض بمقدار كلمة.
4- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، وتقرأ : خبراونا، وما هنا من المصدر.
5- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ فيها : فالو، والصحيح ما أُثبت من المصدر.
6- جاء العجز في نسختي الأصل هكذا : حتّى انتقال وما بالحق مهناس، وما أثبت من المصدر.
7- في نسختي الأصل : لم تبرك خطته، وفي المصدر : لم يَتْرُكَنْ خُطة...
8- في نسختي الأصل : لواه.

تاريخ أبي يوسف الفسوي (1) : ابن وهب، عن مالك، أن معاوية قال : لقد نتفت (2) الشيب.. كذا وكذا سنّة (3).

وقال لعبد اللّه بن عامر (4) : تظفر على مروان في الكلام ؟!

قال : أيهم يحدّوني غصا (5) ؟ ! قال : لو لقيت (6) رجلاً لعرّفك (7) نفسك، قال : كن أنت ذلك الرجل. قال : أنا ابن هند. قال عبد اللّه : أنا ابن أُمّ حكيم. قال : ارتفعت يا عبد اللّه ! قال : وانخفضت يا فرعون !!

وخطب معاوية يوماً، ثمّ قال : هل ترون فى خللاً ؟ قالوا : نعم ] مثل خلل المنخل.. قال : كيف ؟ قال : لأنك جمعت بين هند وأبي سفيان.

ص: 146


1- في نسختي الأصل : أبو يوسف النسوي. انظر : تاريخ الفسوي، وهو كتاب المعرفة والتاريخ، ولم نجده في المقدار المطبوع من الكتاب [مجلدين ]، ويقال إنّ الباقي منه مفقود، واللّه العالم، لاحظ مقدمته 34/1 – 35.
2- أُثبت ما استظهر، وإلا فالكلمة مشوّشة في نسختي الأصل غير منقوطة.
3- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 155/3 : لقد نتفت الشيب مدة، وروى ابن منظور نص ما جاء في المتن في مختصر تاریخ دمشق 77/25.
4- راجع : أنساب الأشراف 43/5 - 44، وجاء في موضع آخر منه 365/9.
5- في الأنساب : إنّه يجدني عضاً، وهو الصواب.
6- تقرأ في نسخة (ألف) : لواقيت، ولعلّها : لو أتيت، وما أُثبت استظهرنا من نسخة (ب)، وهي التي جاء في المصدر.
7- في نسختي الأصل : لعرفتك، والظاهر ما أُثبت، وفي المصدر : عرّفك.

وقال له رجل : ما أشبه عينيك بعيني أمك !! فقال : تلك (1) عينان طالما أعجبنا أبا سفيان !(2)

وخطب إليه رجل أُمّه، فقال : ما الذي رغبك فيها وهي عجوز ؟ فقال : بلغني أنّها عظيمة العجز ! فقال : هذا الذي رغب أبا سفيان فيها !

الرياشي (3)؛ إنّ رجلاً خاطر رجلاً أن يقوم إلى معاوية إذا سجد فيضع يده على كفله، ويقول : سبحان اللّه يا أمير المؤمنين ! ما أشبه عجيز تك بعجيزة أُمّك هند...ففعل ذلك، فلما انفتل معاوية من صلاته، قال له : يابن أخي ! إنّ أبا سفيان كان محتاجاً إلى ذلك منها.. فخذ ما جعلوه لك.

تاريخ الفسوي (4) : إنّه دخل خُرَيْم الشاعر (5) عليه، فنظر إلى ساقيه، فقال :

ص: 147


1- في الأنساب : تانك، وهو الصحيح.
2- كما قاله البلاذري في أنساب الأشراف 89/5 و 441/9، ونثر الدر في المحاضرات 85/4.. وغيرهما.
3- كما جاء ذلك في العقد الفريد 51/1 ومثله في نهاية الأرب في فنون الأدب للنويري 51/6 - 52.. وغيرهما.
4- لم يرد هذا في المقدار المطبوع من الكتاب، ويقال : فقد الباقي منه، ولم يطبع منه إلّا مجلدان، وقد جاء في مقدمته 34/1 - 35 وصف لبعض موارد روايته عنه و تاریخ معاوية ومن روى عن تاريخ الفسوي حول معاوية. وقد جاء الخبر بنصه في نهاية الأرب 52/6، فراجع.
5- في نسختي الأصل : الناعم، وفي العيون : بن فاتك. هو : خريم بن فاتك الأسدي شاعر أُموي معروف، اعتزل علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعاوية، وكان ميله إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

أيّ ساقين، لو كانتا (1) على جارية، فقال له خريم : في مثل عجيزتك يا أمير المؤمنين (2).

فقال : واحدة بأخرى والبادي أظلم.

وقال معاوية (3) : لقد هممت أن أملأ سفينة من باهلة ثمّ أغرقها..

فقال [ أبو ] هوذة بن شماس : إذاً ما رضينا بعدتهم من بني أُمية.

فقال : اسكت أيها الغراب الأبقع - وكان به وضح - فقال : إن الغراب الأبقع ربما مشى إلى الرَّحْمَةِ فنقرها فقلع عينها (4).

ص: 148


1- كذا في نسختي الأصل، والظاهر : كان أنّهما..
2- إلى هنا جاء في عيون الأخبار لابن قتيبة 230/2، ومثله في أنساب الأشراف 41/5، والعقد الفريد 52/1، و 116/4، وتاريخ ابن عساكر 353/16، والوافي بالوفيات 189/13، وتاريخ الخلفاء : 204 [ وفي طبعة : 155 ].. وغيرها. وجاء الذيل في نهاية الأرب : واحدة بواحدة والبادئ أظلم.
3- جاء في البرصان والعرجان والعميان والحولان للجاحظ : 111. وراجع : نثر الدر 75/4، وتاريخ دمشق 134/68 - 135، وأنساب الأشراف 23/5 - 24.. وغيرها.
4- ومن هذا الباب ما رواه الزمخشري في ربيع الأبرار 722/1 - 723، إذ قال : خالف ناس من قريش معاوية، فقال : لقد هممت أن أبعث إليهم من يأتيني برؤوسهم ! فقام إليه ابن قيس فقال : لو فعلت ذلك لقطعنا أعدادها من رؤوس بني أبي سفيان. فقال معاوية : أنت يا غراب !! فقال : إنّ الغراب يدبّ إلى الرخمة حتّى ينقف رأسها.. فضحك معاوية وسكت.

ومَرّ معاوية حين قدم المدينة في المسجد بسعد بن أبي وقاص فسلّم عليه، فلم يردّ سعد السلام، فقال معاوية...ليسمع (1) من حوله : أترون ؛ هذا سعد ابن أبي وقاص الحرّ الكامل، لا يكلّم الناس كلّ يوم حتّى تطلع الشمس.. يريد أن(2) يلبس من حوله.. وفهمها سعد، فقال : إنّي أتكلّم، ولكنّي لم أسلّم عليك ؛ لأنّي [لا] أرى كلامك (3).

وقال لمسور بن مخرمة : هذا من قتلة عثمان. فقال مسور : إنّي واللّه ما قتلت [ عثمان ]، ولكن قتله من تربّص به لمّا استمدّه، وحبس عنه الجند (4) حتّى قتل، وبينه وبين_ [_ه ] مسيرة يوم.

ص: 149


1- في نسختي الأصل : لا سمع.
2- في نسختي الأصل : أبي، والصحيح ما أثبتناه.
3- كذا؛ والعبارة ناقصة اللفظ والمعنى، لعلّها : لا أرى كلامك.. أو لعلّها : لأني أكره.. انظر : المحدث الفاصل للرامهرمزي : 505، وفيه مرّ معاوية على سعد.. فوقف عليه بعد الصبح فسلّم عليه...لا يتكلّم حتّى تطلع الشمس.. ولكني كرهت أن أسلّم عليه..
4- في نسختي الأصل : الجعد. و راجع : تاريخ المدينة لابن شبة 1289/4.. وغيره.

وقال لابن عباس(1)...إنّي أحبّك [لخصال أربع، مع مغفرتي لك خصالاً أربعاً، فأما إنى أحبك ف_] لقرابتك برسول اللّه (عليه وآله السلام).

و [ أما الثانية : ف_] إنّك رجل من أسرتي [ وأهل بيتي ومن مصاص عبد مناف ].

و [ أما الثالثة : ] أن أبي كان خِلّاً لأبيك.

و [ أما الرابعة : ف_] إنك لسان قريش [ وزعيمها ] وفقيهها.

و [ أما الأربع التي ] غفرت لك : عَدْوَك [عليّ] بصفين فيمن عدا، وإساءتك في [خذلان ] أمر عثمان فيمن أساء، وسعيك على عائشة فيمن سعى، ونفيك عنّي زياداً فيمن نفي..

فقال ابن عباس : أما القرابة : فما أمر اللّه به: ﴿قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً..) (2)

ص: 150


1- روى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 113/44 - 115(باب 21) حدیث 10 عن الخصال : 211 - 215 (باب الأربعة) حديث 35، وفيه : في رواية عبد الملك بن مروان، قال : كنا عند معاوية ذات يوم وقد اجتمع عنده جماعة من قريش، ومنهم عدة من بني هاشم... فقال معاوية : يا بني هاشم ! بم تفخرون علينا ؟ أليس الأب والأم واحداً.. فقال معاوية : صدقت أما واللّه إنّي لأحبّك.. إلى آخره. ولاحظ ما ذكره الراغب الإصفهاني في المحاضرات 290/3 في محاورة معاوية مع ابن عباس.
2- سورة الشورى (42) : 23.

فمن لا يجيبه إلى ما سأله خاب [وخزي وكبا في جهنم ]..

وأما الأُسرة ؛ فإنّما أردت به صلة الرحم ممّا لا تثريب عليك فيه اليوم..

أما مخالة (أبيك) (1) أبانا ؛ فقد سبق فيه قول الأول :

(شعر) : [ من الطويل ]

سأحْفَظُ مَنْ آخَى أبِي في حَياتِهِ***وأحفظه من بعده في (2) الأقارب

وَلَسْتُ كَمَنْ لَمْ يَحْفَظ العَهْدَ دافعاً (3)***وَلا هُوَ عِندَ النَّائباتِ بصاحِب (4)

وأما قولك : إني لسان قريش [وزعيمها وفقيهها] : فإني لم أعط من ذلك شيئاً

ص: 151


1- في نسختي الأصل : فخاللة.. ولا معنى لها، والظاهر : مخاللة، وفي المصدر : وأما قولك : إنّ أبي كان خلّاً لأبيك فقد كان ذلك، ولا بدّ من الزيادة ؛ لأن (أبانا) منصوبة.
2- في نسختي الأصل : تحب، أو : تحت.
3- في الخصال : وامقاً.
4- جاء البيتان في التذكرة الحمدونية [183/9] هكذا : [ من الطويل ] سأحفظ من آخى أبي في حياته***وأحفظه من بَعْدِهِ في الأقارب ولست لمن لا يحفظ العهد وامقاً***صديقاً ولا عند المُلم بصاحِبِ

إلا قد أوتيته، غير أنك أبيت بشرفك [وكرمك ] إلا أن تفضّلني (1).

وقال الأول (شعر) : [ من الطويل ]

وكُلُّ كَرِيم للكرامِ مُفَضّل***يراه [له] فضلاً (2) وإن كانَ فاضِلا (3)

وأمّا عدوي عليك بصفين ؛ فواللّه لو لم أفعل لكنت من ألأم العالمين، أكانت نفسك تحدّثك [ يا معاوية ! ] (4) أني أخذل ابن عمي ؛ أمير المؤمنين، وسيد الوصيين ، وقد حُسِدَ (5) له المهاجرون والأنصار والمصطفون الأخيار..؟! [ولمَ ] يا معاوية ! أشك في ديني أمْ جُبْنُ (6) في سجيّتي أم ضنّ بنفسي ؟!

وأما ما ذكرت من خذلانى عثمان ؛ فقد خذله من كان أمس (7) رحماً به

ص: 152


1- في نسختي الأصل : يفضّلني.
2- في الخصال : أهلاً.
3- جاء هذا البيت في التذكرة الحمدونية هكذا : وكل كريم للكريم مُفَضَّل***يراه له أَهْلاً وإن كان أَفْضَلا وقد نقل قصة ابن عباس كلّها هناك، فراجع.
4- لم ترد : يا معاوية ! في نسخة (ألف).
5- كذا ؛ والظاهر حشد، وجاء في المصدر.
6- في الخصال : أم حيرة، وفي التذكرة الحمدونية : أَمْ جُبْنُ.
7- استظهرنا من نسخة (ألف) : أسبق، وفي نسخة (ب) : أسس - من دون نقط - ولعلّه : أمس، كما في الخصال، وهو الأجود لذا أثبتناه.

[ منّي ].. ولي في الأقربين والأبعدين قدوة.. (1)

وأما [ما ذكرت من ] سعيى على عائشة ؛ فإنّ اللّه أمرها أن تقر في بيتها و تحتجب بسترها، فلمّا كشفت (2) جلباب الحياء، وخالفت نبيّها [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )].. وسعنا ما كان منا لها (3).

وأما [ما ذكرت من نفى ] زياد ؛ فإنّي) (4)لم أنفه (5)، بل نفاه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذ قال : «الولد للفراش وعلى العاهر (6) الحجر» (7).

ولما دخل على (8) عقيل (9) ؛ قال له : كيف رأيت علياً وأصحابه

ص: 153


1- في الخصال: أسوة، ثمّ قال : وإنّي لم أعد عليه فيمن عدا، بل كففت عنه كما كفّ أهل المروات والحجي.
2- في نسخة (ألف) : كتبت، وفي (ب) : كبتت، وأثبت ما أثبت استظهاراً، وهو الوارد في الخصال.
3- في الخصال : إليها.
4- في نسختي الأصل : فإن.
5- في نسختي الأصل : ألفه.
6- في المصادر غالباً : للعاهر.
7- ولاحظ ما ذكره الراغب الإصفهاني في المحاضرات 290/3 في محاورة معاوية مع ابن عباس.
8- كذا ؛ والظاهر : عليه.
9- أقول : عقيل هو ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن عبد مناف الهاشمي القرشي، المكنّى ب_: أبي يزيد، المتوفى سنة 60 من الهجرة، صحابي فصيح اللسان، شديد الجواب. قيل : هو أعلم قريش بأيّامها ومآثرها ومثالبها وأنسابها. أسلم بعد الحديبية، وهاجر إلى المدينة في السنة الثامنة من الهجرة، وشهد غزوة مؤتة، ولا يعرف له خبر في فتح مكة ولا الطائف. وقد عمي في أواخر عمره، وقيل : توفّي في أيام يزيد، وقيل : في خلافة معاوية. انظر: طبقات ابن سعد 28/4، مقاتل الطالبيين : 7، نكت الهميان : 201، البيان والتبيان 174/1.. وغيرها، وحصيلة ما جاء في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كنّي وعُرف به الأشرار 281/4 - 282.

يا أبا (1) يزيد ؟

قال : رأيتهم - واللّه - كأنهم رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] وأصحابه، إلا أنّى لم أر رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] معهم.

قال : كيف تراني وأصحابي ؟

قال : أراكم كأنكم أصحاب أبي سفيان، إلا أنى لا أرى أبا سفيان معكم (2).

ص: 154


1- في نسختي الأصل : بل، بدلاً من : يا أبا.
2- ونص ما أورده العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره [ 113/42 ] عن ابن أبي الحديد في شرحه [ 124/2] هو :...ثمّ غدا عليه يوماً - بعد ذلك - وجلساء معاوية حوله، فقال: يا أبا يزيد ! أخبرني عن عسكري وعسكر أخيك، فقد وردت عليهما، قال : أخبرك ؛ مررت - واللّه - بعسكر أخي فإذا ليل كليل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ونهار کنهار رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، إلا أن رسول اللّه ليس في القوم، ما رأيت إلا مصلياً، ولا سمعت إلّا قارئاً. ثم قال: ومررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين، ممن نفر ناقة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ليلة العقبة. وقريب منه ما ذكره البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 49/3.

وقال له ليلة الهرير (1) : أنا خير لك من أخيك. ! (2)

قال عقيل : إنّ أخي آثر دينه على دنياه، وأنت آثرت دنياك على دينك، فأخي خير لنفسه منك، وأنت خير لي منه (3).

فقال له : أنت ضرير..

فقال : هذا أولى لأن [لا] أراك (4).

ص: 155


1- في نسختي الأصل : الهرب. لاحظ : أمالي المرتضى (رَحمهُ اللّه) 199/1 - 200، ومما جاء فيه : وقال له ليلة الهرير بصفين : يا أبا يزيد ! أنت معنا الليلة، قال : ويوم بدر كنت معكم. وانظر : أنساب الأشراف 73/2.
2- انظر : شرح النهج لابن أبي الحديد 124/2 - 125، وعنه في بحار الأنوار 113/42 (باب 121) باختلاف وزيادة. ولاحظ : تاریخ دمشق 22/41 - 23، وشرح الأخبار241/3 – 242.
3- قال ابن قتيبة في عيون الأخبار 197/2 : ترك عقيل علياً [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] وذهب إلى معاوية، فقال معاوية : يا أهل الشام ! ما ظنّكم برجل لم يصلح لأخيه ؟ ! فقال :عقيل يا أهل الشام ! إن أخى خير لنفسه وشرّ لي، وإن معاوية شر لنفسه وخير لي!
4- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، وتقرأ في نسخة (ألف) : أرك، وفي نسخة (ب): رك.

فقال : أنتم - يا بني هاشم ! - تصابون في أبصاركم.

قال : وأنتم - يا بني أمية ! - تصابون في بصيرتكم (1).

قال : إنّ فيكم لشبقاً يا بنى هاشم.

فقال : هو منّا في الرجال.. ومنكم في النساء (2).

فقال (3) : يا أهل الشام ! أتعرفون أن(4) [هذا ] ابن أخي أبي لهب.. لعن اللّه أبا لهب.

ص: 156


1- وقريب منه رواه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 49/3. وقال ابن قتيبة الدينوري في عيون الأخبار 210/2، وكتاب المعارف له : 589: قال معاوية لابن عباس : أنتم - يا بني هاشم ! - تصابون في أبصاركم. فقال ابن عباس : وأنتم - يا بني أمية ! - تصابون في بصائركم.. وفي ربيع الأبرار 95/4 قال :.. بدلاً ممّا تصابون في بصائركم. راجع : المستطرف 110/1، وفيض القدير للمناوي 406/1، و 453/5، وكشف الخفاء للعجلوني 167/2.. وغيرها.
2- قال الزمخشري في ربيع الأبرار 675/1 : قال معاوية لعقيل : ما أبين الشبق في رجالكم يا بني هاشم ! قال : لكنّه في نسائكم أبين يا بني أمية... وقريب منه ما ذكره في المحاضرات 240/3، ونسبه في عيون الأخبار 210/2 إلى ابن عباس. لاحظ : الأمالي للسيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 199/1.
3- بألفاظ مقاربة نقله البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 49/3.
4- الظاهر : أنّه.

قال : يا أهل الشام ! إنَّ (1) هذا ابن (2) أخى أُمّ جميل :...(حَمَالَةَ الحَطَبِ * في جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدِ) (3).

فقال : أين تراهما یا عقیل ؟ !

قال : إذا دخلت النار فانظر إلى يسارك : أيهما أسوأ حالاً.. الناكح أم المنكوح ؟ فقال : واحدة بواحدة.

قال : والبادي أظلم(4).

فقال معاوية لعنه اللّه (5) : [ من الطويل ]

وَإِنَّ سَفاهَ الشَّيخِ لا حِلْمَ بَعْدَهُ***وَإِنَّ الفَتَى بَعْدَ السَّفاهَةِ يَحْلُمُ

ص: 157


1- في نسختي الأصل : إنّ في هذا، والظاهر : زيادة (في).
2- في نسختي الأصل هنا كلمة : أبي، وهي زائدة ظاهراً.
3- سورة المسد (111) : 4 - 5. قال في عيون الأخبار 197/2 : قال معاوية يوماً : يا أهل الشام ! إنّ عمّ هذا أبو لهب. فقال عقيل : يا أهل الشام ! إنّ عمّة هذا حمالة الحطب.. وكانت أُم جميل امرأة أبي لهب وهي بنت حرب.
4- راجع : الغارات 553/2، وشرح الأخبار 242/3، وأمالي السيد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 200/1، وشرح النهج لابن أبي الحديد 93/4، والكامل للمبرد : 93، والصراط المستقيم للبياضي (رَحمهُ اللّه) 49/3.. وغيرهما.
5- راجع : أنساب الأشراف 114/5، والغارات 551/2 - 552.. وغيرهما.

فقال عقيل : [من البسيط ]

إِنَّ السَّفاهَةَ قِدْماً مِن خَلائِقِكُمْ***لَا قَدَّسَ اللّه أَرْواحَ المَلاعِينِ

فقال : وتعرفهم يا أبا يزيد ؟

قال : نعم، وإن شئت سمّيتهم لك واحداً واحداً.

قال : لا أريد (1).. وقد جرى (2).

وفيما كتب إليه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) : «أما بعد ؛ فإنّ اللّه تعالى أنزل إلينا كتابه، ولم يدعنا في شبهة ولا عذر، إنّ من (4) ركب ذنباً بجهالة، والتوبة مبسوطة : (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (5)، وأنت ممّن تسوع (6) الخلاف متمادياً في

ص: 158


1- في نسخة (ألف) : أزيد. وقد تعرّض الراغب الإصفهاني في المحاضرات 240/3 إلى محاورة معاوية مع عقيل هذه.
2- الظاهر أنّ جملة (وقد جرى) زائدة.
3- كما في الأمالي للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) 221/1 [الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 217 - 218 حديث 381]، وعنه في البحار 75/33 (الباب السادس عشر) حدیث 399. وقد جاء بزيادة واختلاف في الغدير 317/10 - 320، نقلاً عن عدة مصادر. ولاحظ : المعيار والموازنة للإسكافي : 102 - 103.. وغيره.
4- في الأمالي : ولا عذر لمن ركب..
5- سورة الأنعام (6) : 164، وهذه الآية مكرّرة في سور : الإسراء (17): 15، و فاطر (35) : 18، والزمر (39) : 7، والنجم (53) : 38.
6- في الأمالي وبحار الأنوار : شرع.

غرة (1) الأمل، مختلف السر والعلانية ؛ رغبة في العاجل، وتكذيباً بالآجل (2)، وكأنّك قد تذكرت ما مضى منك فلن (3) تجد إلى الرجوع سبيلاً» (4).

فأجابه معاوية لعنه اللّه (5) : أما بعد : فلعمري [ لو ] أن من بايعوك أمس (6) وأنت بريء من دم عثمان، كنت كأبي بكر وعمر وعثمان ]، ولكنك أغريت [بدم عثمان ] بعض المهاجرين، وخَذَّلْتَ (7) عنه الأنصار ؛ فأطاعك الجاهل، وقوي بك الضعيف، وقد أبى أهل الشام إلّا قتالك (8) حتّى تدفع إليهم قتلة عثمان، فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين.. [ وإنّما كان الحجازيون هم الحكام على الناس، والحق فيهم، فلمّا فارقوه كان الحكّام على الناس أهل الشام ! ] (9). !

ولعمرك ما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة؛

ص: 159


1- في بحار الأنوار: غمرة.
2- في نسختي الأصل : بالعاجل، وهو غلط، وفي المصدر : بعد بالعاجل، وفي الأمالي : وتكذيباً بعد بالأجل، وفي بحار الأنوار : وتكذيباً بعد في الآجل.
3- في المصدر وبحار الأنوار : فلم.
4- إلى هنا في الأمالي.
5- الظاهر أنّه - بحسب ما في عدة مصادر - جواب کتاب آخر، فراجع.
6- في بحار الأنوار والغدير : لو بايعك القوم الذين بايعوك..
7- في بحار الأنوار والغدير وخذلت.
8- كذا، ولعلّه : لأقاتلك، أو يكون : إلّا أن أقاتلك، أو إلّا قتالك، كما في بحار الأنوار والغدير، وهو الظاهر.
9- لم ترد هذه الزيادة في بحار الأنوار، ووردت في الغدير 319/10، وصفحة : 352.

فإنّ أهل البصرة (1) أطاعوك.. ولم يطعك أهل الشام.

وأمّا شرفك في الإسلام وقرابتك من الرسول، وموضعك من قريش.. فليس (2) أدفعه (3).

فأجابه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4) : «أما بعد؛ فقد أتاني منك كتاب امرئ ليس له نصرة تهديه (5)، ولا قائد یرشده (6)، قد دعاه الهوى فأجابه، الغدير.

ص: 160


1- في بحار الأنوار : ولعمري ما حجتك عليَّ كحجتك على طلحة والزبير ؛ لأنهما بايعاك ولم أُبا يعك، ولا حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة.. ومثله في الغدير.
2- في بحار الأنوار : فلست، ومن قوله : وأما شرفك.. إلى هنا لم يرد في الغدير.
3- وجاء الحديث في بحار الأنوار 394/32 (الباب الحادي عشر) ذيل حديث 365، وكذا في الغدير 319/10.. وغيرهما عن عدة مصادر.
4- كما رواه الشريف الرضي (رَحمهُ اللّه) في نهج البلاغة : 367 (من كتابه برقم 7) [طبعة صبحي صالح ]، والعلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 379/32 - 380 (باب 11) ذیل حدیث 342. وراجع : الكامل للمبرد : 148، وكتاب صفين : 57 [ الطبعة الثانية، وفي طبعة مصر : 27] باختلاف يسير. وحكي عن نهج البلاغة وشروحه وغيرها. ولاحظ : بحار الأنوار 78/33 - 79 (الباب السادس عشر) حديث 400 عن شرح النهج لابن ميثم 355/4.
5- كذا ؛ والظاهر : بصيرة تهديه.. وفي بحار الأنوار ونهج البلاغة : ليس له بصر يهديه، وفي وقعة صفين : نظر يهديه.
6- في نسخة (ب): يرشده.

وقاده (1) الضلال فاتبعه، زعمت [أنّه ] إنما [ أ ] فسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان (2)، ولعمري ما كُنتُ إلا كرجل من المهاجرين، أوردت كما أوردوا، وصدرت كما صدروا (3)، وما كان اللّه [ل_] يجمعهم على ضلال، ولا [ل_] يضربهم بالعمى..

[وما أمرت.. فيلزمني خطيئة الأمر، ولا قتلت.. فيجب عليَّ قصاص.

وأمّا قولك : إنّ أهل الشام هم الحكّام على أهل الحجاز ؛ فهات رجلاً من قريش الشام يقبل في الشورى أو تحلّ له الخلافة ! فإن زعمت ذلك.. كذبك المهاجرون والأنصار، وإلّا أتيتك به من قريش الحجاز..

وأما قولك : ادفع إلينا قتلة عثمان..] (4)، وبعد (5).. فما (6) أنت وعثمان، إنّما أنت رجل من بني أُمية، وبنو عثمان أولى بمطالبة دمه (7).

ص: 161


1- في نسختي الأصل : قاله، والصحيح ما أُثبت من نهج البلاغة.
2- في بحار الأنوار: خطيئتي في عثمان، وفي الغدير : خفري بعثمان. والخفر : نقض العهد والغدر.
3- في بحار الأنوار : وأصدرت كما أصدروا.. وكذا في الغدير.
4- ما بين المعكوفين هذا والذي قبله وبعده فهو مزيد من المصدر وبحار الأنوار.
5- كذا في نسختي الأصل، وهو يتلائم مع عدم الإضافة من المصدر، فتنبه ! ولذا كان الأولى حذفها.
6- في نسختي الأصل : بعددنا ! وقد أثبتنا ما استظهرناه.
7- في بحار الأنوار : أولى بذلك منك.

فإن زعمت أنك أقوى على ذلك (1).. فادخل فيما دخل فيه المسلمون(2).. ثم حاكم القوم إليَّ [ أحملك وإياهم على المحجة ]..

وأما تمييزك بينك وبين طلحة والزبير، وبين أهل الشام، وبين أهل البصرة ؛ فلعمرك ما الأمر فيها إلّا سواء، لكنّها بيعة شاملة ؛ لا يستثنى فيها الخيار (3) ولا يستأنف فيها النظر، الخارج منها طاعن، والمروّي فيها مدلِّس (4).

وأمّا شرفي (5) في الإسلام، وقرابتي من الرسول، وموضعي من (6) قريش فواللّه لو استطعت دفعه لدفعت» (7).

ص: 162


1- في بحار الأنوار : أقوى على دم أبيهم منهم.
2- في بحار الأنوار: فادخل في طاعتي.
3- في المصدر : وأما تمييزك بين الشام والبصرة، وبينك وبين طلحة والزبير ؛ فلعمري ما الأمر فيما هناك إلا واحد ؛ لأنّها بيعة عامة، لا يثنى فيها النظر، ولا يستأنف فيها الخيار.
4- في بحار الأنوار : لأنّها بيعة عامة لا يثنى فيه النظر، ولا يستأنف فيها الخيار.. ولم يرد هذا الذيل في المصدر. ثم قال : وأما ولوعك بي في أمر عثمان، فما قلت ذلك عن حق العيان، ولا يقين بالخبر..
5- في نسختي الأصل : شرف، وفي بحار الأنوار : فضلي.
6- في بحار الأنوار: وشرفي في..
7- وروى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 88/3 - 89: وقال أبو العبّاس محمّد بن يزيد المبرد في كتاب الكامل : إنّ علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما أراد أن يبعث جريراً إلى معاوية، قال : واللّه يا أمير المؤمنين ! ما أدخرك من نصرتي شيئاً، وما أطمع لك في معاوية. فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إنّما قصدي حجة أقيمها عليه»، فلما أتى جرير معاوية دافعه بالبيعة، فقال له جرير : إنّ المنافق لا يصلّي حتّى لا يجد من الصلاة بداً. فقال معاوية : إنّها ليست بخدعة الصبي عن اللبن، فأبلغني ريقي، إنّه أمر له ما بعده. قال : وكتب مع جرير إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) جواباً عن كتابه إليه : من معاوية بن صخر إلى علي بن أبي طالب، أما بعد ؛ فلعمري لو بايعك القوم الذين بايعوك وأنت برئ من دم عثمان كنت كأبي بكر وعمر وعثمان، ولكنّك أغريت بعثمان المهاجرين، وخذلت عنه الأنصار، فأطاعك الجاهل، وقوى بك الضعيف، وقد أبى أهل الشام إلا قتالك، حتّى تدفع إليهم قتله عثمان، فإن فعلت كانت شورى بين المسلمين، ولعمري ليس حججك على كحججك على طلحة والزبير ؛ لأنهما بايعاك ولم أبا يعك، وما حجتك على أهل الشام كحجتك على أهل البصرة ؛ لأنّ أهل البصرة أطاعوك ولم يطعك أهل الشام. فأما شرفك في الاسلام، وقرابتك من النبيّ صلّى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم وموضعك من قريش، فلست أدفعه. ثم كتب في آخر الكتاب شعر كعب بن جعيل الذي أوله : [ من المتقارب ] أرى الشام تكره أهل العراق***وأهل العراق لهم كارهونا قال أبو العبّاس المبرد : فكتب إليه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) جواباً عن كتابه هذا : «من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى معاوية بن صخر بن حرب : أما بعد؛ فإنّه أتاني منك كتاب امرئ ليس له بصر يهديه، ولا قائد يرشده، دعاه الهوى فأجابه، وقاده الضلال فاتبعه، زعمت أنك إنّما أفسد عليك بيعتي خطيئتي في عثمان، ولعمري ما كنت إلّا رجلاً من المهاجرين، أوردت كما أوردوا، وأصدرت كما أصدروا، وما كان اللّه ليجمعهم على الضلال، ولا ليضر بهم بالعمى. وبعد فما أنت وعثمان ! إنما أنت رجل من بني أمية، وبنو عثمان أولى بمطالبة دمه، فإن زعمت أنك أقوى على ذلك، فادخل فيما دخل فيه المسلمون، ثمّ حاكم القوم إلي. وأما تمييزك بينك وبين طلحة والزبير، وبين أهل الشام وأهل البصرة، فلعمري ما الأمر فيما هناك إلّا سواء ؛ لأنّها بيعة شاملة، لا يستثنى فيها الخيار، ولا يستأنف فيها النظر. وأما شرفي في الإسلام وقرابتي من رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم، وموضعي من قريش، فلعمري لو استطعت دفعه لدفعته». راجع : الغدير 319/10، والإمامة والسياسة : 91 [ تحقيق الزيني ]، والمناقب للخوارزمي : 203.. وغيرها.

ص: 163

وقد جرى معه مكالمة جماعة ظهروا عليه (1).

وكفى به خزياً كلام الواقدي (2) : روى عنه (3) سليمان بن الشاذ كوني ؛ إنّه قال عبيد اللّه بن أبي رافع : دفع رجل إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كتاباً من معاوية وفي آخره: [ من البسيط ]

ص: 164


1- إشارة إلى ما قاله له جماعة من أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كابن عباس، وصعصعة بن صوحان. انظر كلماتهم في الغدير 30/10 - 31، وصفحة : 174 - 175، وصفحة : 325، وشرح النهج لابن أبي الحديد 66/8، ومروج الذهب 40/30 - 41.. وغيرها.
2- في نسختي الأصل : الواقدات.
3- في نسختي الأصل : أن، وجملة (روى عنه) منّا.

از جُز (1) حِمارَك (2) لا يَرْتَعْ بِرَوْضَتِنا (3)***إذاً يُرَدُّ وقَيْدُ (4) العَيْر مَكْرُوبُ (5)

ص: 165


1- الكلمة في نسختي الأصل غير منقوطة، ولعلّها تقرأ : فازجر.
2- في نسختي الأصل : جمارك.
3- في بحار الأنوار: اربط حمارك لا تنزع سوّيته..
4- جاءت الكلمة مشوّشة وغير معجمة في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل، ويحتمل فيها غير ما أثبتناه.
5- البيت لعبد اللّه بن عنمة الضبّي. جاء في نسختي الأصل مشوشاً، وبعض كلماته غير منقوطة أو مطموسة، هكذا: [من البسيط ] فازخر جمارك لا ترفع بروضتنا***إذ أبردوا قيد العين مكروب انظر : كتاب صفين لابن مزاحم : 158، وبحار الأنوار 435/32 (الباب الحادي عشر)، ورواه المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 350/2[وفي طبعة قم 166/3]. وجاء بعده كما في شرح النهج لابن أبي الحديد 313/3- : [من البسيط ] ليست ترى السيد زيداً في نفوسهم***كما يراه [ تراه ] بنو كوز [كور] ومرهوب إن تسألوا الحقّ نعط [ يعط ] الحقّ سائله***والدرع محقبة والسيف مقروب أو تأنون فانّا معشر أنف***لا نطعم الضيف [الضيم ] إن السمّ مشروب

فقال لي : اكتب (1) : «إنّ بيعتي شملت الخاص والعام، وإنما الشورى للمؤمنين من المهاجرين [الأوّلين ] والتابعين (2) بالإحسان من البدريين، وإنّما أنت طليق ابن طليق (3)، ولعين ابن لعين (4)، وثن ابن وثن (5)، وليست لك هجرة.. ولا سابقة.. ولا منقبة.. ولا فضيلة.. وكان أبوك من الأحزاب الذين حاربوا اللّه ورسوله ؛ فنَصَر اللّه عبده، وصَدَقَ وعده، وهَزَمَ الأحزاب وحده..» إلى آخره..

ثم وقع في آخره : [ من الطويل ]

أَلَمْ تَرَ قَوْمِي إِذْ دَعاهُمْ أَخُوهُمُ***أجابوا وإنْ يَغْضَبْ عَلَى القَوْم يَغْضَبُوا (6)

وروى أبو الحسن المدائني (7) : أنّه كتب معاوية من الشام إليه : يا أبا الحسن !

ص: 166


1- كما جاء في بحار الأنوار 571/32، وفيه : فقال لعبيد اللّه بن أبي رافع : اكتب..
2- في بحار الأنوار السابقين، بدلاً من، والتابعين، وكذا في المناقب.
3- لاحظ مصادره في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 265/2 - 266.
4- راجع عن مصادره الأسرار فيما كُنّي وعُرّف به الأشرار 201/3 - 202.
5- في المناقب : وثني ابن وثني. لاحظ مصادره في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 385/3.
6- جاء البيت في بحار الأنوار 571/32 [ وفي الطبعة الحجرية (الكمباني) منه 511/8 ]، وفي المناقب : يغضب.
7- الظاهر أنّه في كتابه المثالب، الذي تكرّر نقل المصنّف (رَحمهُ اللّه) عنه، وجاء نصّ الكلام هذا في كتاب المناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 170/2 [ طبعة قم]. وجاء في كتاب روضة الواعظين 76/1[ وفي طبعة: 87 ] - وعنه في بحار الأنوار 238/38 - 239 (باب 65) حديث 39 - عن أبي الحسن علي بن عبد اللّه بن أبي يوسف بن أبي.. جاء في الروضة ولم يرد في بحار الأنوار ] سيف المدائني، قال : كتب معاوية إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).. وباختلاف يسير. وراجع ما جاء في الاحتجاج 180/1، وعنه في بحار الأنوار 132/33 (باب 16) حديث 418. ولاحظ : تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 521/42، والبداية والنهاية لابن كثير 9/8، وفرائد السمطين للحمويني 427/1 [ طبعة بيروت ].. وغيرها.

إنّ لي فضائل كثير [ة ]..!! كان أبي سيّداً في الجاهلية، وصرت ملكاً في الإسلام، وأنا صهر رسول اللّه، وخال المؤمنين، وكاتب الوحي.. !!

فلمّا قرأ أمير المؤمنين [ (عَلَيهِ السَّلَامُ) كتابه ] قال: «أَ بِالْفَضائل يفخر عليّ ابن آكلة الأكباد.. ؟!! يا غلام اكتب..» فأملى(1) عليه : [من الوافر ]

«محمّد النبيّ أَخِي وَصِنْوِي (2)***وحَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَداءِ عَمِّي»

«وَجَعْفَرُ الَّذِي يُضْحِي ويُمْسِي***يَطِيرُ مَعَ المَلائِكَةِ ابنُ أُمِّي»

«وَبِنْتُ محمّد سَكَنِي وَعُرْسِي***مَشُوبٌ لَحْمُهُ (3) بِدَمِي وَلَحْمِي»

ص: 167


1- أثبتناه من المصدر، وما في النسخ الخطية : فإنّي.
2- في الروضة وبحار الأنوار: وصهري.
3- كذا، والصواب : لحمها، كما في المصدر، ويصح قوله : «لحمه» على أن يعود للنبيّ محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، لكنه ضعيف. وفي الكنز مناط لحمها، وفي الروضة : منوط لحمها.

«وَسِبطا أَحْمَدَ وَلَداى مِنْها***فَمَنْ مِنْكُمْ (1) لَهُ سَهُمْ كَسَهْمِي ؟!»

«سَبَقْتُكُمُ إِلى الإِسْلامِ طُرّاً***غُلاماً ما بَلَغْتُ أَوانَ حُلْمِي»

«أنا البَطَلُ (2) الَّذِي [لَنْ ] تُنْكِرُوهُ (3)***لِيَوْمٍ كَرِيهَةٍ وَلِيَوْمٍ سِلْم» (4)

«وَأَوْجَبَ لي إمامَتَة (5) عَلَيْكُمْ***رَسُولُ اللّه يَوْمَ غَدِيرٍ خُم» (6)

ص: 168


1- في الكنز : فأيتكم له.
2- في نسخة (ب) : المبطل.
3- كذا ؛ ولعله : يذكروه، أو : نكّروه، بل الظاهر : لم تنكروه، كما في بعض المصادر، وفي مناقب المصنّف (رَحمهُ اللّه) 19/2 [ طبعة النجف ]: لن تنكروه.
4- لم يرد هذا البيت في الروضة ولا في كنز الفوائد، ولاحظ عنه في بحار الأنوار.
5- في بحار الأنوار عن الروضة : ولايته.
6- جاء البيت في الكنز، وعنه في بحار الأنوار: [ من الوافر ] وأوجب لي الولاء معاً عليكم***خليلي يوم دوح غدير خمي» وقال بعده في بحار الأنوار 132/33: أقول : ذكرها في الديوان مع زيادة وتغيير هكذا : [ من الوافر ] «وأوجب لي ولايته عليكم***رسول اللّه يوم غدير خم» «وأوصاني النبي على اختيار***لأُمته رضى منكم بحكمي» «ألا من شاء فليؤمن بهذا***وإلّا فليمت كمداً بغَمٌ» «أنا البطل الذي لم تنكروه***ليوم كريهة وليوم سلمي»

«وَأَوْصَانِي لِأُمَّتِهِ بِحُكْمِي (1)***فَهَلْ فِيكُمْ (2) لَهُ قَدَمٌ كَقَدْمِي» (3)

«فَوَيْلٌ ثمّ وَيْلٌ ثمّ وَيْلٌ***لِمَنْ يَلْقَى الإِلهَ غَداً بِظُلْمِي» (4)

قال : لما قرأ معاوية الكتاب، قال : مزّقه يا غلام ! لا يقرأه أهل الشام فيميلون إلى (5) نحو ابن أبي طالب !! (6)

سلیم بن قیس (7) ؛ قال :

ص: 169


1- في المناقب : وأوصى بي لأُمته لحكمي.
2- في نسخة (ألف) : منكم، بدلاً من : فيكم
3- لم يرد هذا البيت في الروضة ولا عنه جاء في بحار الأنوار.
4- لم يرد هذا البيت في بحار الأنوار، وجاء في بعض المصادر الناقلة.
5- كذا ؛ والظاهر كون : إلى.. أو نحو.. زائدة.
6- راجع : بحار الأنوار 260/38 (باب 65) نقلاً عن الاستيعاب لأبي عمر يوسف بن عبد البرّ، وابن قتيبة في المعارف في ضمن عنوان (تتميم)، وجاء في كنز الفوائد : 122 [ الطبعة الحجرية، وفي الطبعة الحروفية 233/2]، وعنه في بحار الأنوار 131/33 - 132، قال : كتب معاوية إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) افتخاراً ! فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أعليّ يفتخر ابن آكلة الأكباد ؟!» ثمّ قال لعبيد اللّه بن أبي رافع : «اكتب».. إلى آخره. ومثله جاء في الفصول المختارة : 280، والاحتجاج 265/1 (في احتجاجه (عَلَيهِ السَّلَامُ)على معاوية)، وله مصادر أخر، لاحظها في الغدير 25/2.. وغيره.
7- کتاب سليم بن قيس : 199 [ طبعة بيروت، وفي الطبعة المحققة 777/2 - 778 الحديث السادس والعشرون ] باختلاف كثير أشرنا لبعضه، وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 173/33 - 174.

لما قدم معاوية - حاجاً (1) في خلافته - [ المدينة بعد ما قتل أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه وآله، وصالح الحسن (2) ]، فتلقته قريش بوادي القرى والأنصار بأبواء المدينة (3)، فلما نزل قال : ما فعلت الأنصار ؟ وما بالها لم تستقبلني (4) ؟! فقيل له : إنّهم محتاجون ]: ليس لهم دوابّ [ فالتفت معاوية إلى قيس بن سعد بن عبادة، فقال : يا معشر الأنصار ما لكم لا تستقبلوني مع إخوانكم من قريش ؟ فقال قيس - وكان سيّد الأنصار وابن سيّدهم - : أقعدنا - يا أمير المؤمنين ! - أن لم تكن لنا دواب ]، فقال [ معاوية ] : و اين نواضحهم ؟ فقال نعمان بن عجلان (5) : أفنوها يوم بدر وأحدٍ وما بعدهما من مشاهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، حين ضربوك (6) علي اللّه

ص: 170


1- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، وتقرأ : حلنا، ويحتمل فيهما غير ذلك، وما هنا أخذ من المصدر.
2- وفي رواية أخرى : بعد ما مات الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) واستقبله أهل المدينة، فنظر فإذا الذي استقبله من قريش أكثر من الأنصار، فسأل عن ذلك، فقيل..
3- من قوله : فتلقته.. إلى هنا لا يوجد في جميع طبعات الكتاب، وتفرد به مصنفنا (رَحمهُ اللّه) والموجود فاستقبله أهل المدينة ؛ فنظر فإذا الذي استقبله من قريش أكثر من الأنصار.
4- في نسختي الأصل : يستقبلين.
5- كذا ؛ وفي المصادر مع اختلاف طبعاتها - : قيس بن سعد بن عبادة، ولعلّه رمز له. وفي بحار الأنوار عنه...فأين النواضح ؟ فقال قيس: أفنيناها يوم بدر ويوم أُحد وما بعدهما في مشاهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
6- في بحار الأنوار : ضربناك.

وأباك على الإسلام حتّى [ أ ] ظهر تم (1) الإسلام وأنتم كارهون..(2)

ص: 171


1- في نسخ الأصل : طهرتم، وفي المصدر : حتّى ظهر أمر اللّه، والظاهر ما أثبت.
2- قد سلف هذا الحديث في كتابنا هذا قريباً عن كلّ ذلك، وذكرنا له مصادر جمة فراجعها، وراجع تخريجاته في تحقيقات كتاب سليم بن قيس الهلالي 988/3. وكذا راجع ما ذكره السيّد علي خان المدني (رَحمهُ اللّه) في الدرجات الرفيعة : 439، والعلّامة الأميني طاب ثراه في الغدير 106/2.. وغيرهم في غيرها. كلّ ذلك باختلاف بينهم ليس بالمهم، وقد جاء فيه : عن أبان، عن سليم وعمر بن أبي سلمة، قالا : قدم معاوية. قال الزمخشري في ربيع الأبرار 689/1 - 690: حجّ معاوية، فتلقته قريش بوادي القرى، والأنصار بأبواب المدينة، فقال : يا معشر الأنصار ! ما منعكم أن تلقوني حيث تلقتني قريش ؟ ! قالوا : لم يكن لنا دواب، قال : فأين النواضح ؟ قال الغمر بن عجلان : أنضيناها يوم بدر في طلب أبي سفيان وأصحابه.. فسكت مفحماً. ثم قال : فلما دخل المدينة قال : أين زيد بن ثابت ؟ قالوا : عليل، أصابه سلس البول، فقال : عليَّ به، فقال : ما منعك من تلقي ؟ ! قال : علّتي، قال : ليس كذا، ولكن غرّك ما قيل في زيد بن ثابت كاتب الوحي ! قال : بلى حيث لم يأمنك اللّه ورسوله.. فأفحم. أقول : لنذكر بعض النماذج في هذا الباب. منها : ما قاله الزمخشري في ربيع الأبرار 699/1 - 700: دخل شريك بن الأعور [الحارثي ] على معاوية - وكان دميماً - فقال له : إنك لدميم؛ والجميل خير من الدميم، وإنك لشريك، وما اللّه شريك، وإنّ أباك لأعور، والصحيح خير من الأعور.. فكيف سدت قومك ؟ ! فقال : وإنك معاوية، وما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت الكلاب، وإنك لابن حرب والسلم خير من الحرب، وإنّك لا بن صخر ؛ والسهل خير من الصخر، وإنّك لابن أُمية ؛ وما أُمية إلا أمة صغرت.. فكيف صرت أمير المؤمنين ؟! وخرج وهو يقول : [ من الوافر ] أيشتمني معاوية بن حرب [ صخر]***وسيفي صارم ومعي لساني وحولي من ذوي يمن ليوثٌ***ضراغمة تهش إلى الطعانِ يعيّر بالدمامة من سفاه***وربّات الخدور من الغواني ذوات الحسن والريبال جهم***شتيم وجهه ماضي الجنانِ وقد أوردها في الإكليل 229/2، والاشتقاق : 401.. وغيرهما. وراجع : عيون الأخبار 271/1. ومنها : قولة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم صفين عن معاوية كما حكاه ابن قتيبة في عيون الأخبار 180/1 - 181 - : «واللّه لود معاوية أنّه ما بقي من هاشم نافخ ضرمة إلّا طعن في نيطه ؛ إطفاء لنور اللّه ؛ ويأبي اللّه إلّا أن يتم نوره ولو كره الكافرون».. إلى آخره.

وكان فيما كتب إلى سعد بن أبي وقاص (1) (شعر) :

ص: 172


1- هو: مالك بن أهيب القرشي الزهري أبو إسحاق، الصحابي، الأمير (23 ق ه_ 55 ه_)، يقال له : فارس الإسلام وفاتح العراق ومدائن كسرى، أحد الستة الذين عينوا للخلافة، وقد شهد بدراً وغيرها، وكان أوّل وال على الكوفة بعد أن فتحها، ومات في قصره بالعقيق على أطراف المدينة وحمل إليها، أحد رجالات الشورى العمرية. انظر عنه : طبقات ابن سعد 6/6، حلية الأولياء 92/1، البدء والتاريخ 84/5، تاريخ الخميس 499/1، الأعلام 137/3 - 138 عن عدة مصادر. وله ترجمة ضافية في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 94/4-96.

[ من الوافر ]

ألا يا سَعْدُ قَدْ أَحْدَثْتَ (1) شَكّاً***وَشَكّ المَرْءِ فِي الأَحْداثِ داءُ

فأَمَّا إِذ أَبَيْتَ فَلَيْسَ بَيْنِي***وَبَيْنَكَ حُرْمَةٌ (2) ذَهَبَ الوَفاءُ (3)

سِوَى قولى إذا جُمِعَتْ (4) قُرَيْشٌ:***عَلَى سَعْدٍ مِنَ اللّه العَفاء (5)

فكتب في جوابه (شعر) : [ من الوافر ]

أَتَطْمَعُ - لا أَبَاً لكَ - [ فِيَّ] جَهْلاً***وَفي هذا عَلَيْكَ بِهِ العفاءُ

فأَمَّا أَمْرُ عُثْمَانٍ فَدَعْهُ***فَإِنَّ الرَّأْيَ أَذْهَبَهُ البَلاءُ

وفيما كتب إلى محمّد بن مسلمة (6) :

ص: 173


1- في المصدر : أظهرت.
2- في نسختي الأصل : حرقة.
3- في المصدر : الرجاء.
4- المعروف : اجتمعت، وإن كان يصح ما أُثبت هنا.
5- في نسختي الأصل : الذماء.. ولا معنى مناسب لها. راجع : وقعة صفين لابن مزاحم : 74 - 76، والفتوح لابن أعثم الكوفي 529/2 - 530.. وغيرهما.
6- هو : محمّد بن مسلمة الأوسي الأنصاري الحارثي أبو عبد الرحمن (35 ق ه_ - 43 ه_، وقيل غير ذلك)، صحابي من أهل المدينة، شهد بدراً وما بعدها - إلّا غزوة تبوك - واستخلفه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على المدينة في بعض غزواته، وولاه عمر على صدقات جهينة، وقد اعتزل ما سموه الفتن بأيام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلم يشهد الجمل وصفين. انظر عنه : مجمع الزوائد 319/9، البدء والتاريخ 120/5، الأخبار الطوال : 131، الكامل لابن الأثير 2/3، الأعلام 318/7.

[ من الطويل ]

أيا فارِسَ الأَنْصَارِ في كلّ حَوْمَةٍ***وَيا أَيُّها الباني لَها كلّ مَكْرُمَةً

وَيَا ابْنَ الَّذِي لَمْ يَرْكَبِ الخَيْلَ مِثْلُهُ***خَطُوفٌ لِأَرْواحِ الفَوارِسِ : مَسْلَمَهُ (1)

فكتب في جوابه : [ من الطويل ]

رَأَى حَدَثاً فِيهِ اخْتِلافٌ وشُبْهَةٌ***وَكَانَتْ دِمَاءُ المُسْلِمِينَ مُحَرَّمَةٌ

فَأَمْسَكَ فيها نَفْسَهُ وَلِسانَهُ***حِذَارَ أُمُورٍ تُذْهِبُ الدِّينَ مُظْلِمَةً

فَأَهْوَىٰ بِكَفَّيْهِ فَكَسَّرَ سَيْفَهُ***عَلَىٰ صَخْرَةٍ مِنْ صَخْرٍ أَحْدٍ مُلَمْلَمَةً

ص: 174


1- ذكر الواقعة مشيراً للأبيات ابن أعثم في الفتوح 530/2 - 531.

وذكر أبو محمّد الآبي في نثر الدر (1) : قال معاوية (2) : إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يخلق للدنيا (3) ولا خلقت له، وإنّ أبا بكر لم يرد الدنيا ولم ترده.. وإن عمر أرادته الدنيا ولم يردها.. وإنّ عثمان نال منها ونالت منه (4).. وإنّ معاوية تمرّغ (5) فيها ظهراً لِبَطْنِ.. (6)

ص: 175


1- کتاب نثر الدر للآبي 9/3. راجع : تاريخ الطبري 247/4، الغدير نقلاً عن العقد الفريد 63/10، وتاريخ دمشق 287/44 - 288، و 374/61، وتاريخ الإسلام للذهبي 267/3، والبداية والنهاية 152/7، وتاريخ الخلفاء : 133.. وغيرها. ولاحظ أنساب الأشراف 63/5 و 110، تاريخ مدينة دمشق 374/61، والصواعق المحرقة : 99.. وغيرها.
2- الظاهر أنّ الكلام لعمرو بن العاص، كما جاء في المصدر وهو الذي يقتضيه سياق العبارة.
3- في نسخة (ب) : بلا ربنا، وفي نسخة (ألف) : بلا دنيا، وما أثبتناه من المصدر.
4- في المصدر : وإنّ عثمان أصاب من الدنيا وترك.
5- الكلمة في نسخة (ب) غير منقوطة، وفي نسخة (ألف): بمرغ.
6- أقول : إنّ الزمخشري في ربيع الأبرار 90/1 نقل عن معاوية قوله : أبو بكر سلم من الدنيا وسلمت منه ! وعمر عالجها وعالجته !! وعثمان نال منها ونالت منه، وأما أنا فقد تضجّعت فيها ظهراً لبطن. أقول : المراد من التضجّع والتضجيع في الأمر، هو ما إذا تقعد ولم يقم به، كما في لسان العرب 220/8، ويقال : التضجيع في الأمر : التقصير فيه. وراجع : العيون 212/1، ومجمع البحرين 364/4.. وغيرهما.

ولو كانت راية أحق بنصر (1) وأقرب إلى الهدى كانت راية علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقد رأيتم إلى ما صارت.

وعمل معاوية على الشام بين يدي عمر وعثمان عشرين سنة.

وقال بعضهم (2) : علي بن أبي طالب آخرة لا دنيا، بن أبي طالب آخرة لا دنيا معه، ومعاوية دنيا لا آخرة معه (3)، ووجد على بساطه يوم صفّين.

[من المتقارب ]

مُعاوِيَ اللّه مِنْ خَلْقِهِ***عِبادُ قُلُوبُهُمُ قاسِيَةٌ

وَقَلْبُكَ مِنْ شَرِّ تِلْكَ القُلُوب***وَلَيْسَ المُطِيعَةُ كَالعَاصِيَةُ

أَرَدْتَ الخِلافَةَ مِنْ دُونِهِ***وغَرَّتُكَ أَكْلُبُكَ العاوِيَة

وَأَنْتَ طَلِيقٌ فَلا تَرْجُها***وَإِن تَرْجُهَا تَهْوِ في الهاوِيَة (4)

ص: 176


1- ما أُثبت من المصدر، وإلا فإنّ في نسختي الأصل : راية الحقّ ينصر.
2- نسب هذا المعنى لوردان غلام عمرو بن العاص. انظر : الغدير للعلامة الأميني (رَحمهُ اللّه) 141/2، والعقد النضيد : 91، والمناقب للخوارزمي : 201.. وغيرها.
3- كأنّه أخذ العبارة من محاضرات الأدباء 499/2.
4- وبنصه في الصراط المستقيم 50/3. وقد جاء في المناقب للخوارزمي : 206، وكذا الفتوح لابن أعثم الكوفي 533/2.. وغيرها.

الصاحب (1) : [من الطويل ]

أمِنْتُ بآل المُصْطَفَى في ولايهم***وعِلْمِي بِعَلْياهُمْ وَحُسْنٍ غَنَائِهِمْ

وإصدارِيَ اللَّعْنَ المُدارَكَ نَحْوَ مَنْ***تَنَكَّثَ (2) عَنْهُمْ خَالِعاً لِوَفائِهِمْ (3)

بَرِئْتُ مِنَ الأَرْجَاسِ رَهْطِ أُمَيَّةٍ***لِما صَحَ عِنْدِي مِنْ قَبِيح عرائهم (4)

وَسَلْبِهِمُ آل [ ال_] _نبي تُراثَهُمْ***وَبَسْطِهِمُ الأَشيافَ فِي كُرَمائِهِمْ

وَلَعْنِهم خَيْرَ الوَصِيِّينَ جَهْرَةٌ***لِكُفْرِهِمُ [المَعْدُودِ فِي شَرِّ دَائِهِمْ ](5)

وَقَتْلِهِمُ السَّاداتِ مِنْ آلِ هاشم***وَسَبْيِهِمُ عَنْ جُرْأَةٍ لِنِسَائِهِمْ

ص: 177


1- لم ترد هذه القصيدة في ديوان الصاحب بن عباد المطبوع.
2- الظاهر أن الأصوب : تنكَّب.
3- لم يرد هذا البيت والذي قبله في بحار الأنوار.
4- في نسختي الأصل : علائهم، وقد تكون عوائهم، وفي المصادر: غذائهم، وهي ركيكة المعنى، وفي بعض : أوعوائهم.
5- ما بين المعكوفين مزيد من المصدر، وفي نسختي الأصل بنسخه بياض.

[وَذَبْحِهِمُ خَيْرَ الرِّجَالِ أُرومةً***حُسَيْنَ العُلا بالكَرْبِ في كربلائهِمْ ]

وَتَشْتِيتِهِمْ (1) آلَ النبيّ محمّد***لِما وَرِثُوا مِنْ بُغْضِهِ في فَنائِهِمْ

وَما غَضِبَتْ إِلَّا لَأَصْنامِها التي***أُذيلت (2) وَهُمْ أَنْصَارُها لِشَقائِهِمْ (3)

أبو العبّاس الكلبي الكاتب : [ من السريع ]

[ أ ]يا ابْنَ صَخْرٍ يا لَها صَخْرَةً***تَصُكُّ صَكَاً يُعْجِزُ المُرْهَفا

أَنْتَ صَفا لَعْنِ الوَرَى ما (4) سَعَى***ساعٍ (5) يُحَيِّي (6) مَرُوةً والصَّفا

ص: 178


1- الكلمة في نسختي الأصل مشوشة، وتقرأ : تشبنهم، وأثبت ما استظهرناه، وفي بحار الأنوار وتشتيتهم شمل النبي.
2- كذا تقرأ في نسختي الأصل، ولعلها أزيلت، وهى أجود وأوضح، وما أثبت هو ما جاء المصادر، والذي في البحار : أُديلت، وكذا في العوالم.
3- انظر هذه الأبيات في بحار الأنوار 283/45 - 284، وجاء بعدها خمسة أبيات، وكذا أعيان الشيعة 359/3، والعوالم 17 / 580.. وغيرها.
4- في نسخة (ألف) : ممّا، بدلاً من ما.
5- في نسختي الأصل : بياع.
6- الكلمة مشوشة، وتقرأ في نسخة (ألف) : يحتوي، ولعلّها : تحتي.

ثُمَّ إذا صِرْتَ إِلَى مَالِكِ (1)***فَالنَّارُ تَشْفِينِي وَنِعْمَ الشّفا

هذا اعتقادي وبِهِ عِصْمَتِي***يَوْمَ أُلاقي اللّه مُسْتَعْطِفا (2)

***

ص: 179


1- وهو : خازن النار.
2- الأولى أن يقال : اللّه والمصطفى.

ص: 180

[ القسم الثالث ]

[ في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين ]

[ باب ]

[ في القاسطين ]

[ فصل 4]

[ في عمرو بن العاص ]

ص: 181

ص: 182

فصل الرابع: في عمرو بن العاص بن وائل السهمي

الباقر (1) : (تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللّه..) (2) الآية : «يعنى إنكارهم ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

وذكر في التفاسير (3) : أنّه لما مات إبراهيم ابن النبيّ (عليه و آله السلام) هجا النبيّ بثمانين بيتاً، وسمّاه : أبتر، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «[ اللّهم ] إنّ عمرو بن العاص هجاني و [ هو يعلم أني ] لست بشاعر، اللّهم فالعنه مكان ما هجاني بكل هِجاءٍ هجاني» (4).

ص: 183


1- رواه المصنّف في المناقب 14/3 [ وفي طبعة قم 212/3]، وعنه في بحار الأنوار 574/31 (باب 32) حدیث 3.
2- سورة الزمر (39): 60.
3- كما في غالب التفاسير ؛ مثل : أحكام القرآن لابن العربي 75/1، وتفسير القرطبي 188/2.. وغيرهما.
4- كما جاء في الفائق للزمخشري 92/4 [ وفي طبعة 391/3]، وفي ذيله: «.. فاهجه اللّهمّ والعنه عدد ما هجاني»، أو قال : «.. مكان ما هجاني».. أي فجازه على الهجاء. وجاء في كنز العمال 548/13.. وغيره. أقول : نقل الرازي في المحصول 241/4 قول الإمام الحسن [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] لعمرو بن العاص : «ما أنت إلّا شانئ محمّد : مّد، فأنزل اللّه تعالى على نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ [سورة الكوثر (108) : 3]، ثمّ هجوت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تسعين قافية، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «اللّهم إنِّي لا أحسن الشعر ؛ فالعنه بكل قافية لعنة». وفي الاحتجاج 411/1: وقد هجوت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بسبعين بيتاً من شعر. فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «اللّهم إنّي لا أحسن الشعر ولا ينبغي لي أن أقوله، فالعن عمرو بن العاص بكل بيت ألف لعنة». وانظر : شرح النهج لابن أبي الحديد 291/6. ولاحظ ما جاء عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كتاب سليم : 278، وفي البحار 224/33. وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 282/6 : وكان عمرو يجعل له الحجارة في مسلكه ليعثر بها، وهو أحد القوم الذين خرجوا إلى زينب ابنة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما خرجت مهاجرة من مكة إلى المدينة ؛ فروّعوها وقرعوا هودجها بكعوب الرماح حتّى أجهضت جنيناً ميتاً من أبي العاص بن الربيع بعلها، فلما بلغ ذلك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نال منه وشق عليه مشقة شديدة ولعنهم. روى ذلك الواقدي. وروى أهل الحديث : أنّ النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وعمرو بن العاص عهدوا إلى سلي جمل فرفعوه بينهم ووضعوه على رأس رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو ساجد بفناء الكعبة، فسال عليه فصبر ولم يرفع رأسه، وبكى في سجوده ودعا عليهم، فجاءت ابنته فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) باكية فاحتضنت ذلك السلا فرفعته عنه، فألقته وقامت على رأسه تبكي فرفع رأسه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «وقال اللّهم عليك بقريش»، قالها ثلاثاً، ثمّ قال رافعاً صوته : «إنّي مظلوم فانتصر»، قالها ثلاثاً، ثمّ قام فدخل منزله، وذلك بعد وفاة عمه أبي طالب بشهرين. ولشدة عداوة عمرو بن العاص لعنه اللّه لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أرسله أهل مكة إلى النجاشي ليزهده في الدين وليطرد عن بلاده مهاجرة الحبشة، وليقتل جعفر بن أبي طالب عنده إن أمكنه قتله، فكان منه في أمر جعفر هناك ما هو مشهور في السير وسنذكر بعضه.

ص: 184

و [ في رواية : «اللّهم إنّي لا أحسن الشعر ؛ فالعنه بكل بيت سبعين لعنة..» فنزلت سورة الكوثر ؛ رغماً له في كثرة أولاد النبيّ (عليه وآله السلام) (1).

ثم قال : (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) (2) يعني عمرو (3).

ونافر لهبي رجلاً من ولد عمرو بن العاص، فعابه بسورة: ﴿إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ﴾ (4)، وعاب هو للهبي بسورة : ﴿تَبَّتْ..)، فقال اللّهبي : إنك لو علمت ما لولد أبي لهب في سورة : (تَبَّتْ..) لم تَعِبْهُمْ بها ؛ لأن اللّه صحح نسبهم بقوله :

ص: 185


1- الصراط المستقيم 51/3.
2- سورة الكوثر (108) : 3.
3- الإيضاح لابن شاذان (رَحمهُ اللّه): 84 [ وفي طبعة الأعلمي : 41 - 42 ]، وفيه : «اللّهم إنّ عمرو بن العاص هجاني وأنت تعلم أني لست بشاعر، فالعنه مكان كلّ بيت هجاني لعنة». وكفاك في جبنه وخسته ما أورده لنا شيخنا الأميني (قدّس سِرُّه) في غديره 156/2 - 170، وحسبك منها الاستغاثة بسوءته لحفظ رقبته !!
4- سورة الكوثر (108): 1.

(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحطب) (1)، وبيّن أنّهم من نكاح لا من سفاح، ونفى (2) بني العاص بقوله : (عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمِ﴾ (3) والزنيم : المنتسب إلى غير أبيه.

وقال عمرو بمصر على المنبر (4) : محي من كتاب اللّه ألف حرف، وزيد فيه ألف حرف، وبذلتُ (5) مائة ألف على أن يمحى : ﴿إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ﴾ (6) فما استوى.. فبلغ ذلك معاوية فكتب إليه : لست هناك (7).. ؟ !

ووضع عمرو لذي الكلاع الحميري أيام صفّين : إن السعيد من سعد في بطن أمه، والشقي من شقي في بطن أمه.. وتمسّك بقوله : ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيها..) (8) ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفي النار..) (9) فانتشر ذلك

ص: 186


1- سورة المسد (111): 4.
2- لا توجد كلمة (نفى) في نسخة (ألف).
3- سورة القلم (68) : 13.
4- راجع ما ذكره السيّد الأسترآبادي له في تأويل الآيات الظاهرة 568/2 - 569 ذیل حدیث 42، وبحار الأنوار 314/35 - 315 (الباب العاشر) ذيل حديث 4، باختلاف كثير.
5- في نسختي الأصل : بدلت، والظاهر ما أُثبت.
6- سورة الكوثر (108): 3.
7- في نسختي الأصل : ألست هناك، والألف زائدة كما في المصدر وبحار الأنوار.
8- سورة هود (11): 108.
9- سورة هود (11) : 106.

في بني أُمية وأتباعهم إلى أن فشى في الناس (1).

ويقال : إنّ معاوية خاف من قتال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأنّ الناس ينكصون عنه، فقال عمرو : إنّهم بقر الشام، وإن أردت [ أن ] تجربهم فأمر بالنداء : يأكل أحدكم القرع إلا مذبوحاً ؛ فإنّه منهي عنه.. فجاؤوا إليه وسألوه عن كيفية ذبح القرع، فخط خطين (2) فبقت هذه سنّة.

وورد في أخبار أهل البيت (3) (عَلَيهِم السَّلَامُ): «كلوا(4) القرع(5) ولا تذبحوه».

ص: 187


1- ولاحظ : ما ورد في تفسير الحديث الشريف فيما رواه البرقي في المحاسن : 280 حديث 409، وعنه في بحار الأنوار 159/5 (باب 7) حدیث 15. انظر : متشابه القرآن ومختلفه للمصنّف (رَحمهُ اللّه) 179/1.
2- جاءت الكلمة في نسخة (ب): خطتين.
3- روى في المحاسن 520/2 (باب 100) حدیث 728، بإسناده.. عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) سئل عن القرع هل يذبح ؟ قال : «القرع ليس شيئاً يذكى، فكلوه ولا تذبحوه ولا يستهوينّكم الشيطان»، وعنه في البحار 227/66 (باب 9) حديث 7. ولاحظ روايات الباب حيث فيه عشر روايات، وعنه وعن غيره في وسائل الشيعة 32/2، وجاء في أمالي الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) : 362 (المجلس الثالث عشر) حديث 757 [ طبعة البعثة، وفي الطبعة الحيدرية 372/1 - 373]، وكذا جاء في الكتب الأربعة كما في الكافي الشريف 370/6.. وغيره، وعنه في الكتب الجامعة للحديث
4- في نسختي الأصل : كل.
5- القرع - بالفتح فالسكون وبالتحريك - في لغة : حمل اليقطين، الواحد : قرعة. راجع : لسان العرب 219/8، ويقال له : الدباء، كما في مجمع البحرين 378/4.

وروي (1): أجنب في بعض الغزوات فتيمم وصلّى، فلما قدم على النبيّ (عليه وآله السلام) قال : خشيت من البرد فتيممت، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «صلّیت بأصحابك وأنت جنب ؟!».

وجعل لرجل ألف درهم على أن يسائل عمرو بن العاص عن أُمّه (2)، فأتى بمصر (3)، فقال : أردت أن أعرف أُمّ الأمير. فقال : نعم، كانت امرأة في عنزة، تسمّى [ ليلى ] (4) وتلقب ب_: النابغة.. فخذ ما جعل لك (5).

ص: 188


1- انظر : مسند أحمد بن حنبل 203/4 - 204، سنن أبى داود 84/1 حديث 334، مستدرك الحاكم 177/1، سنن البيهقي 225/1.. وغيرها.
2- وزاد في ربيع الأبرار هنا : ولم تكن بمنصب مرضي، وفي الكامل : ولم تكن بموضع مرض.
3- كذا ؛ وفي المصادر : فأتاه وهو بمصر أميراً عليها.
4- هنا بياض في نسختي الأصل، وأثبتنا ما في المتن من ربيع الأبرار للزمخشري، والفاضل والكامل كلاهما للمبرد. قال في ربيع الأبرار: امرأة من عنزة، ثمّ بني عجلان، تسمّى : ليلى و.. وفي الكامل : بني جلّان.
5- كما جاء في الكامل للمبرد 71/2، والفاضل له : 49، وربيع الأبرار للزمخشري 19/2، وجاء في عيون الأخبار لابن قتيبة 284/1 سؤاله عن أمه وهو على المنبر، وكذا في الاستيعاب 1184/3، وشرح ابن أبي الحديد 284/6.. وغيرهما. أقول : جاء في المستطرف في كلّ فن مستطرف للأبشيهى 407/1 - 408 ما نصه : وركب يوماً عمرو بن العاص...بغلة له شهباء ومرّ على قوم، فقال بعضهم : من يقوم للأمير فيسأله عن أمه وله عشرة آلاف ؟! فقال واحد منهم : أنا.. فقام وأخذ بعنان بغلته وقال :....أصلح اللّه الأمير ؛ أما العاص فقد عرفناه وعلمنا شرفه، فمن الأُم ؟ قال : على الخبير سقطت، أُمّي : النابغة بنت حرملة ابن عزّة ؛ سبتها رماح العرب، فأتي بها سوق عكاظ فبيعت، فاشتراها عبد اللّه بن جدعان، ووهبها للعاص بن وائل، فولدت وأنجبت.. فإن كان قد جعل لك جعل فارجع وخذه.. وأرسل عنان الدابة. ثمّ قال : إنّ أُمّه كانت بغياً عند عبد عند عبد اللّه بن جدعان، فوطئها في طهر واحد أبو لهب، وأُمية بن خلف، وأبو سفيان بن حرب، والعاص بن وائل، فولدت عمراً، فادّعاه كلّهم، فحكمت فيه أُمّه، فقالت : هو للعاص ؛ لأنّ العاص هو الذي كان ينفق عليها ! وقالوا: كان أشبه بأبي سفيان !!

محمّد بن إسحاق، والمدائني، والكلبي، وابن عباس، والزمخشري (1): إنّه كانت النابغة أُمّ عمرو، أَمَةَ رجل [ من عنزة ].. فسبيت (2) فاشتراها عبد اللّه بن جدعان، وكانت بغيّاً، لها راية بالأبطح (3)، ثمّ أُعْتِقَت ووقع عليها أبو لهب، وأُمية ابن خلف، وهشام (4) بن المغيرة، وأبو سفيان، والعاص [بن] وائل،

ص: 189


1- ربيع الأبرار 548/3 - 549 [ وفي طبعة 19/2]، وعنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 283/6.
2- في نسختي الأصل : وسبيت.
3- الصحيح ما أثبتناه، وإلا ما قرأناه من العبارة في نسختي الأصل هو : وأبيه باللطيح، فهي مشوشة في نسختي الأصل.
4- في نسختي الأصل : هاشم، والظاهر ما أُثبت كما جاء في المصادر.

وجذيمة (1) ابن عمر و الخزاعي (2) في طهر واحد، فولدت عمراً، فادّعا [ه]كلهم، فحُكّمت فيه أُمّه، فقالت : هو للعاص ؛ لأنّ العاص كان ينفق عليها، وقالوا: كان أشبه بأبي سفيان !

وفيه يقول أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب : [من الطويل ]

أبوكَ أبو سُفْيانَ لا شَكَ، قَدْ بَدَتْ***لنا فيكَ [ مِنْهُ ] بَيِّنَاتُ السَّمائِل

وفي كتاب الباهر (3) ؛ روي عن قتادة - في خبر -: أن أروى بنت الحارث بن عبد المطلب جاهرت معاوية، فقال لها :عمرو : كُفّي أيتها العجوز الضالة، واقصدي من قولك (4)، واقصري شبراً من لسانك.. مع ذهاب عقلك ؛ إذ لا يجوز شهادتكِ وحدكِ (5).

فقالت : وأنت - يابن العاهرة ! - تتكلّم وأُمّك أشهر بغي (6) بمكة،

ص: 190


1- في نسختي الأصل : حديمة، وأثبتنا ما استظهرنا راجع : الأعلام للزركلي 247/7.. وغيره.
2- لم يرد الاسم في ربيع الأبرار ولا شرح النهج.
3- الباهر ؛ ولم نحصل على نسخة له، بل لا نعرف عنه شيئاً.
4- كذا في نسختي الأصل، وفي العقد الفريد : واقصري عن قولك مع ذهاب عقلك..
5- في نسختى الأصل : وجدك.
6- في بعض المصادر : تغنّي.

وأقلّها أجرة ؟! اربع على ظلعك (1)، واشتغل بشأن (2) نفسك، فواللّه ما أنت من قريش في اللباب من حسبها، ولا الكريم من مصبّها (3)، ولقد ادعاك خمسة نفر من قريش، فسئلت أُمّك عن ذلك، فقالت : كلّ أتاها.. فأبصروا أشبههم بك، فألحقوك به، فغلب عليك شبه ابن العاص، جزار قريش، فكيف ألومك على بغضنا.. ؟ ! (4)

ص: 191


1- في نسختي الأصل : ضلعك، والصحيح ما أثبتناه، كما في بلاغات النساء، وفي العقد الفريد : طلعك. قال في لسان العرب 244/8، قيل : أصل أربع على ظلعك.. من ربعت الحجر : إذا رفعته.. أي أرفعه بمقدار طاقتك هذا أصله، ثمّ صار المعنى أرفق على نفسك فيما تحاوله. ويقال : ارق على ظلعك واربع على نفسك.. ويراد منه افعل بقدر ما تطيق، ولا تحمل عليها أكثر ممّا تطيق. لاحظ بيان العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 327/21 (باب 32)، و 217/28. رواه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) عن بعض مؤلفات أصحابنا، عن قتادة في بحار الأنوار 118/42 - 120 (باب 121) تحت عنوان (أقول)، ورواه في الغدير 122 - 121/2 عن عدة مصادر. وانظر : تاريخ أبي الفداء 188/1، وبلاغات النساء : 28.. وغيرهما.
2- في نسختي الأصل : بيان، وهي مصحفة عن المثبت.
3- كذا ؛ ولعلّها : منصبها.
4- جاء الخبر في العقد الفريد 357/1، وحكي عن أخبار الوافدات من النساء على معاوية : 48، وبلاغات النساء لابن طيفور : 33، وطبائع النساء لابن عبد ربه : 239، ونثر الدر في المحاضرات 24/4 - 25، وجمهرة خطب العرب 381/2 - 382 باختلافات كثيرة مع ما في المتن، والحكاية مشهورة.

وفي العقد (1): روى أبو مخنف - في خبر - : أنّه رأى عمرو بن العاص ابن عباس في هيبة [ الناس له وموقعه من قلوبهم ]..

فقال [ له : يابن عباس ! ] ما لك إذا رأيتني وليتني القصرة (2)، كأن(3) بين عينيك دبرة، وإذا كنت في ملأ من الناس كنت الهوهاة (4) الهُمَزة.

فقال ابن عباس (5) : لأنك من اللئام الفجرة، وقريش الكرام البررة، لا ينطقون

ص: 192


1- العقد الفريد 11/4 بتصرف يسير أشرنا لمهمه.
2- القصرة : أصل العنق والرقبة.
3- في نسختي الأصل : كأنّي.
4- الهوهاة : الأحمق.
5- قال ابن عبد ربه في العقد الفريد 136/2 - وحكاه عنه العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 138/2 - : حج عمرو بن العاص، فمر بعبد العاص، فمرّ بعبد اللّه بن عبّاس فحسده مكانه وما رأى من هيبة الناس له وموقعه في قلوبهم.. فقال له : يابن عباس ! ما لك إذا رأيتني وليتني قصرة [ أي الكسل ] كأنّ بين عينيك دبرة، وإذا كنت في ملأ من الناس كنت الهوهاة الهمزة ؟ ! فقال ابن عبّاس : لأنك من اللئام الفجرة، وقريش من الكرام البررة، لا ينطقون بباطل جهلوه، ولا يكتمون حقاً علموه، وهم أعظم الناس أحلاماً، وأرفع الناس أعلاماً، دخلت في قريش ولست منها، فأنت الساقط بين فراشين.. لا في بني هاشم رحلك، ولا في بني عبد شمس راحلتك، وأنت الأثيم الزنيم، الضال المضلّ، حملك معاوية على رقاب الناس فأنت تسطو حلمه، وتسمو بكرمه. فقال عمرو : أما واللّه إنّي لمسرور بك، فهل ينفعني عندك ؟ ! قال ابن عباس : حيث مال الحقّ ملنا، وحيث سلك قصدنا..

بباطل جهلوه، ولا يكتمون حقاً تحمّلوه (1)، وهم أعظم الناس أحلاماً، وأرفع الناس أعلاماً، دخلت في قريش ولست منها سافا(2)، فأنت الساقط بين فراشين، لا في بني هاشم رحلك، ولا في بني عبد شمس راحلتك، فأنت الزنيم (3) الأثيم، الضال المضلّ، حملك معاوية على رقاب الناس، فأنت تسطو بحكمه، وتنمو بكرمه (4).

وفيه (5) : أنّه سمع سمع ابن عباس تزكية عمرو نفسه (6)، فقال : يا عمرو ! إنك بعت

ص: 193


1- في العقد : علموه.
2- لا توجد كلمة (سافاً) في المصدر، ولعلّه : سلفاً.
3- الزنيم : الدعيّ، وفي المصدر : الأثيم الزنيم.
4- في العقد الفريد : فأنت تسطو بحلمه، وتسمو بكرمه.. إلى آخر كلامه، والكلمات مشوّشة في نسختي الأصل.
5- العقد الفريد 11/4 - 12 باختلاف يسير. ولاحظ : البيان والتبيين للجاحظ 160/2، وشرح ابن أبي الحديد 247/2، ووفيات الأعيان لابن خلكان 63/3.. وغيرها.
6- في المصدر : عن المدائني، قال : قام عمرو بن العاص في موسم من مواسم العرب، فأطرى معاوية بن أبي سفيان، وبني أُميّة [ وتناول بني هاشم ]، وذكر مشاهده بصفين، واجتمعت قريش، فأقبل عبد اللّه بن عباس على عمرو، فقال..

دينك من معاوية، وأعطيته ما بيدك (1) ومناك ما بيد غيره (2)، فكان الذي أخذ منك أكثر ممّا أعطاك، والذي أخذت منه دون الذي أعطيته [ حتّى لو كانت نفسك في يدك ألقيتها ]، وكُلُّ راض بما أخذ وأعطى، فلمّا صارت مصر في يديك كدّرها عليك بالعزل (3) [ والتنقص ].. وذكرت مشاهدك بصفين ؛ فواللّه ما ثقلت (4) علينا وطأتك، ولقد كشفت فيها عورتك، وإنّك كنت لطويل اللسان، قصير السنان، آخر الخيل إذا أقبلت، وأوّلها إذا أدبرت، لك يدان : [ يد ] لا تبسطها إلى خير، والأُخرى [لا ] تقبضها عن شرّ، ولسان غرور (5)، ذو وجهين ؛ وجه موحش، ووجه مؤنس (6)..

ولعمري إنّ من باع دينه بدنيا غيره لحريّ أن يطول عليه ندمه (7)،

ص: 194


1- كذا في المصدر، وفي نسختي الأصل مصحفاً : يبدك.
2- في العقد : غيرك.
3- كذا في نسختي الأصل وحاشية المصدر وغالب الأُصول ونثر الدر للآبي، ولعله تصحيف ؛ لبقاء عمرو بن العاص على ولاية مصر، ولم يعرف عزل معاوية له، ولعلّ الكلمة : بالعذل.
4- في نسختي الأصل : نقلت، والظاهر ما أُثبت من المصادر.
5- ما هنا نسخة من المصدر، وفيه : غادر.
6- في وفيات الأعيان : مؤيس.
7- في العقد : عليها ندمه.

لك لسان (1)، وفيك خَطَل (2)، ولك رأي، وفيك نكد، ولك قدر، وفيك حسد.. فأصغر عيب فيك أعظم عيب في غيرك (3).

وقد كان عمر و بايع لمعاوية على أن يكون له مصر، وكتب إلى معاوية : (شعر) : [ من الطويل ]

معاوي لا أُعْطِيكَ دِينِي وَلَمْ أَنَلْ***بهِ مِنْكَ دُنْيا (4) فَانْظُرَنْ كَيْفَ تَصْنَعُ

فَإِنْ تُعْطِنِي مِصْراً فَأَرْبِحْ بِصَفْقَةٍ***أَخَذْتَ بها شَيْخاً يَضُرُّ ويَنْفَعُ (5)

فلما وصل منشور مصر إليه، قال ابن عمّ له :

ص: 195


1- ما هنا نسخة في هامش المصدر، وفيه : بيان، بدلاً من : لسان.
2- الظاهر أنّها : خطل، كما في العقد الفريد، ووفيات الأعيان.
3- إلى هنا ما نقله عن العقد، وبعده جواب عمرو بن العاص، فلاحظه.
4- في غالب المصادر : بذلك دنيا، ويقرأ في نسختي الأصل : ديناً.
5- أقول : البيتان في عيون الأخبار لابن قتيبة 181/1. وقال الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار 609/1: [ من الطويل ] معاوي ! لا أعطيك ديني ولم أنل***به منك دنيا فانظرن كيف تصنع فإن تعطني مصراً فَأرْبَحُ صفقة***أخذت بها شيخاً يضر وينفع

(شعر) : [ من الوافر ]

أَلا يا عَمْرُو مَا أَحْرَزْتَ مِصْراً***وَلا أَنْتَ (1) الغَداةَ إِلى الرَّشادِ

أَبِعْتَ (2) الدِّينَ بِالدُّنْيا خَساراً***وَأَنْتَ بذاك مِنْ شَرِّ العباد (3) ؟ !

وقال له ابن عباس (4) : إنك شانئ محمّد في الجاهلية والإسلام، وأنت أبتر الدين والدنيا، وقد قال اللّه تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللّه وَرَسُولَهُ﴾ (5).. وقد حاددت اللّه ورسوله قديماً وحديثاً، ولقد جهدت

ص: 196


1- في المصادر : وما ملت.
2- في المصدر : وبعت.. وهي أظهر.
3- وانظر القصة مفصلة في الإمامة والسياسة لابن قتيبة 84/1، وكتاب وقعة صفين لابن مزاحم : 20 - 24، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 136/1 - 138، وكذا: الكامل للمبرد 221/1، وتاريخ اليعقوبي 161/2 - 163، وقصص العرب 362/2.. وقد أورد من هذه الأبيات شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في موسوعته الغدير 149/2 خمسة عشر بيتاً.
4- في كلام مفصل، رواه الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في الخصال 214/1 - 215 (باب الأربعة)، وعنه في بحار الأنوار 116/44 (باب 21) آخر حديث 10، باختلاف واختصار وتقديم وتأخير. وانظر: التذكرة الحمدونية 184/9.
5- سورة المجادلة (58): 22.

على رسول اللّه جهدك، وأجلبت عليه بخيلك ورجلك (1)، حتّى إذا غلبك اللّه على أمرك، وردّ كيدك (2) في نحرك، وأوهن قوتك، وأكذب أحدوثتك، ونزعت وأنت حسير (3)، ثمّ كدت (4) بجهدك لعداوة أهل بيت نبيّه من بعده، لا لحبّ معاوية [ ولا آل معاوية ] إلا لعداوة اللّه (5) ولرسوله، مع بغضك وحسدك القديم لأبناء عبد مناف، ومثلك [ في ذلك ] كما قال الأوّل (6): [من الطويل ]

تَعَرَّضَ لي عَمْرُو وَعَمْرُو خِزايَةٌ***تَعَرُّضَ ضَيْعَ القَفْرِ لِلأَسَدِ الوَرْدِ

فَما هُو لِي نِدُّ فَأَشْتِمَ عِرْضَهُ***وَما هُوَ لِى عَبْدٌ فَأَبْطِشَ بِالعَبْدِ

اخسأ - يا أيها العبد ! - وأنت مذموم (7).

ص: 197


1- في نسختي الأصل : رحلك.
2- في نسخة (ألف) : بمكيدك.
3- الكلمتان مشوشتان في نسختي الأصل، وقد تقرأ : خبر، أثبت ما استظهر منها، وجاء في الخصال : ثم..
4- في نسختي الأصل : كذب، وهو تصحيف.
5- في الخصال : ليس بك في ذلك حبّ معاوية ولا آل معاوية إلّا العداوة اللّه..
6- هو ابن برّاقة الهمداني كما في كتاب الأشباه والنظائر.
7- ورد في الخصال : وكان آخر كلامه : اخسأ أيها العبد وأنت مذموم.

فقال معاوية : أقسمت عليك - يابن العبّاس ! - إلّا أمسكت (1).

دعبل (2) : [ من الوافر ]

فَما شانِي (3) رَسُولِ اللّه مِنَّا***وَلا إِخْوانُهُ المُسْتَهْزِؤُونا (4)

الكلبي في حديثه (5) : إنّه نال من عبد اللّه بن جعفر، فقال أبو الهياج عبد اللّه بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب - بعد كلام -:...إنّه ليس بِدَعِيٌّ لدعيّ،

ص: 198


1- قال الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار 690/1 : حبس عمرو بن العاص عن جنده العطاء، فقام إليه رجل حميري، فقال : أصلح اللّه الأمير، اتَّخِذْ جنداً من حجارة لا يأكلون ولا يشربون ! قال : اسكت يا كلب ! قال : إن كنت كذلك فأنت أمير الكلاب، فأطرق عمرو وأخرج أرزاقهم.
2- لم نجد هذا البيت في الديوان المطبوع لما جمع من أبيات دعبل له، ولا نعرف له مصدراً ناقلاً له.
3- الكلمة مخففة : شانئ.
4- إشارة إلى قوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا كَفَيْنَاكَ المُسْتَهْزِئِينَ﴾ [سورة الحجر (15): 95].
5- رواه العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 125/2 - 126 عن تاريخ ابن عساكر، ثم قال : وأشار إلى هذا القصة ابن حجر في الإصابة. انظر : المحاسن والأضداد للجاحظ : 100 - 101، وتاريخ دمشق 73/29 - 74، ومروج الذهب 16/3 - 169.. وغيرها. ولاحظ أيضاً : الغدير 138/2.

ولا زَني لزني ك_ [_من ] (1) اختصم فيه [ من ] قريش شرارها (2) فغلب عليه جزّارها، فليت شعري بأي حسب تبارزه النضال ؟ وبأي قدم تعرّض للصيّال ؟ ! (3) أبنفسك ؟ ! فأنت الجبان اللئيم، الوغد (4) الزنيم (5)، أو بمن تعتزي (6) إليه ؟ فأهل الشقاوة (7) والطيش (8) والدناءة في قريش، لا بشرف في الجاهلية مشهور، ولا بقديم في الإسلام مذكور، لكنّك تتكلّم بغير لسانك، وتعطي بغير بنانك.. في كلام له.. ثمّ تمتّل (9) : [ من الوافر ]

وَقَبْلَكَ ما قَذَقْتُ وَقاذَ فوني (10)***فَما نَزُرَ (11) الكَلامُ وَلَا شَجَانِي

ص: 199


1- في المصدر : ليس بدعي ولا دني كمن اختصم..
2- في المصدر : من قريش شرارها.
3- في المصدر : أم بأي قديم تعرّض للرجال.
4- في نسختي الأصل : الموغد، والصحيح ما أثبتناه من المصدر.
5- في نسخة (ألف) : الموعد الدنيم، وفي بعض المصادر : النكد الذميم.
6- الكلمة مشوشة وغير منقوطة، ويحتمل غير ما أثبتناه، وفي المصدر : أم بمن تنتمي.
7- في نسختي الأصل تقرأ : السعادة، ولا معنى مناسباً لها، وأثبتنا ما استظهرناه، ولعلّها : السفاهة، والشاهد على ذلك ما جاء في بعض المصادر : أهل السفه.
8- في المصادر : الطيس.
9- الأبيات هذه للنابغة الذبياني كما جاء في ديوانه : 117 - 118.
10- في بعض المصادر : ما شتمت وقاذعوني.
11- في نسختي الأصل : فماتوا.

يَصُدُّ الشَّاعِرُ الثَّنْيانُ عَنِّي***صُدُودَ البِكْرِ عن قَوْمِ هجان (1)

أثَرْتَ الغَيَّ ثمّ نَزَعْتَ عَنْهُ***کما حَادَ الأَزَبُّ عَنِ الطَّعَانِ

أبو برزة الأسلمي : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في سفر فسمع صوتاً، فقال «ما هذا؟» فإذا معاوية وعمرو يتغنّيان، وأحدهما يجيب الآخر، وهو يقول : (شعر) : [ من الطويل ]

لا (2) يزالُ حَوارِيُّ تَلُوحُ عِظامُهُ***زَوَى الحَرْبَ عَنْهُ أَنْ يُجَنِّ فَيُقْبَرا (3)

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اللّهم اركسهما في الفتنة ركساً، ودعهما إلى النار دعّاً» (4).

ص: 200


1- هذا البيت في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل مشوش جداً، وقد جاء العجز فيهما : صدود النكر عن قوم هجاني.
2- كلمة (لا) زائدة في الوزن، فهذا البيت فيه خَزْمٌ.
3- البيت كلاً مشوش في نسختي الأصل، وبعض كلماته غير منقوطة، هكذا قد يقرأ : [من الطويل ] لا يزال حويدي يلوح عظامه***در الحرب عنه أن يحين فيقبر
4- انظر : مناقب أمير المؤمنين للكوفي 313/2، وشرح الأخبار 165/2، وتفسير القمّي 332/2 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة الحجرية : 449، وفي الطبعة المحققة 1016/3 ]، وفيه : مر بعمرو بن العاص والوليد بن عقبة.. وعنه في بحار الأنوار (76/20 (باب 12)، غزوة أُحد حديث 14، و 99/22 (باب 37) حديث 54، وأيضاً 189/33. ولاحظ : تفسير البرهان 177/5 حديث، ونور الثقلين 138/5 حدیث 19، ورواه في الغدير عن عدة مصادر 139/10 - 140. وجاء في مصادر العامة الحديثية : كما في مسند ابن حنبل 421/4، ومجمع الزوائد 121/8، والمصنف لابن أبي شيبة 695/8[ وفي طبعة 526/7] (لم يسمّ الرجلين)، والمعجم الكبير للطبراني 32/11، ومسند أبي يعلي 430/13 - 431. وكذا في الكتب الرجالية مثل : سير أعلام النبلاء 132/3، و 131/6، وميزان الاعتدال 424/4.. وغيرها. وراجع : ووقعة صفين : 219.

الأعمش (1) ؛ إنّه مرّ على كعب فعثرت به بغلته (2)، فقال : يا كعب ! أتجد في التوراة أنّ بغلتي تعثر [بي ] ؟

قال : لا، ولكنّى أجد فى التوراة أنّ رجلاً من قريش ينزو في الفتنة كنزوات (3) الحمار في القيد(4)، نابه أو ضرسه يوم القيامة أعظم من أُحُد (5).

ص: 201


1- رواه ابن شاذان (رَحمهُ اللّه) في الإيضاح : 87 [ وفي طبعة مؤسسة الأعلمي : 43].
2- في المصدر : دابته.
3- كذا، والظاهر أنّها نون لا تاء، وفي الإيضاح : كما ينزو.
4- إلى هنا في الإيضاح.
5- في نسختي الأصل : الحدّ، وهي محرّفة عن المثبت.

ابن أصرم بن حوشب (1)، عن أبي سنان (2)، قال : حدثني حليس بن يعمر بن مرة - وعمرو بن مرة جالس (3) - قال : أوّل من شَرَّطَ الشُّرَط عمرو بن العاص، فلمّا مرض مرضه الذي مات فيه (4) أرسل إلى الشرط : أن خذوا سلاحكم [وكراعكم ] ثمّ ائتوني.. فلما أتوه، قال : إنّما أعددتكم لمثل هذا اليوم فهل تستطيعون أن تردّوا عنّي شيئاً ممّا أنا فيه ؟ فقيل له في ذلك، فقال : وما يدريكم ؛ لعله كان يتألكتنى (5) بذلك (6).

ومات يوم الفطر سنة إحدى وخمسين، وهو ابن ثلاث وتسعين.

ص: 202


1- الظاهر وقوع التصحيف في نسختي الأصل؛ إذ جاء فيها : ابن أصرم خوشب، والصحيح من اسمه ما أثبتناه من المصادر الرجالية. راجع عن ترجمته : تاریخ بغداد 34/7 میزان الاعتدال 272/1.. وغيرها.
2- في نسختي الأصل : ابن سنان، وقد وقع التصحيف في اسم الرجل، إذ هو : أبي سنان، وهو الشيباني.
3- جاء السند في مصنف ابن أبي شيبة هكذا : حدثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان، قال : حدثني شيخ، عن عمرو بن مرة.
4- في نسختي الأصل : التي مات فيها، والصحيح ما أثبتناه.
5- في نسختي الأصل : تبالغني، وهي مصحفة عن المثبت ؛ ففي المصنف لابن أبي شيبة : فقالوا : سبحان اللّه ! تقول هذا وقد كان رسول اللّه يستشيرك ويؤمرك على الجيوش ؟! فقال : وما يدريكم ؟ لعلّ رسول اللّه كان يتألفني بذلك.
6- المصنف لابن أبي شيبة 357/8[273/7]، ولاحظ تاریخ دمشق 123/33، و 397/43.

وقال عمرو [ابن العاص ] للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)(1) : يا ابن علي ! ما بال أولادنا أكثر من أولادكم ؟ !

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2) : [ من الوافر ]

بُغاتُ الطَّيْرِ أَكْثَرُها فراخاً***وَأُمُّ الصَّقْرِ مِقْلاتٌ (3) نَزُورُ (4)

فقال : ما بال الشيب إلى شواربنا أسرع منه إلى شواربكم ؟ !

فقال [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] : «إنّ نساءكم نساء بخر (5)، فإذا دنا أحدكم إلى امرأته نهكته في وجهه، فشاب منه شاربه».

ص: 203


1- كما أورده المصنف طاب ثراه عن محاسن البرقي في المناقب 67/4 [طبعة قم، وفي طبعة 223/3 ]، وعنه في بحار الأنوار 209/44 (باب 27) حديث 5.
2- الظاهر أنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد استشهد بهذا البيت، وهو منسوب إلى أكثر من واحد، فقد قيل: إنّه لعامر بن الطفيل، ولم يرد في ديوانه، كما وقد نسب إلى كثير عزّة، وليس في ديوانه، كما وقد نسب إلى معاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب، وأيضاً قيل : إنّه منسوب للعباس ابن مرداس السلمي، كما جاء في حماسة أبي تمام بشرح المرزوقي 1453/3، فراجع.
3- المقلات : مفعال من القلت، وهو الهلاك، والنزور : القليلة الولد. وللعلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) بيان على الخبر فراجعه في بحار الأنوار 209/44.
4- وقد استشهد بهذا البيت معاوية - أيضاً - مع مروان كما في شرح نهج البلاغة 155/6 وجاء قبله : [ من الوافر ] فإن أك فى شراركم قليلاً***فإنّي من خياركم كثير والقائل للبيت هو : عباس بن مرداس السلمي.
5- في بحار الأنوار: بخرة.

فقال : ما بال لحاكم(1) أوفر من لحانا ؟

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): (وَالبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلا نَكِداً) (2).

فقال معاوية : بحقي عليك إلّا سكت ؛ فإنّه ابن علي بن أبي طالب [(عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ] !

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3) (شعر) : [ من السريع ]

إن عادَتِ العَقْرَبُ عُدْنا لَها***وكَانَتِ النَّعْلُ لَها حَاضِرَة

قَدْ عَلِمَ العَقْرَبُ واسْتَيْقَنَتْ***أَنْ لا لَها دُنْيا وَلا آخِرَة

وسماه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «سامري هذه الأمة» (4)

ص: 204


1- في نسخة (ب) : الحاكم.. وهو غلط، وفي بحار الأنوار: لحائكم.
2- سورة الأعراف (7) : 58.
3- لم ترد كلمة (فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ)) في نسخة (ألف)، والشعر للفضل اللّهبي بلا أي كلام، وهو من قصيدة من قصائده المشهورة التي مطلعها : [ من السريع ] قد تجرت عقرب في سوقنا***يا عجباً للعقرب التاجرة وعليه ؛ ما هنا استشهاد منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا إنشاء.
4- كما في الرواية المفصلة التي رواها الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في الخصال 572/2 حديث 580 عن مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وما جاء فيها من كون الراية الثانية :.. «مع سامري هذه الأُمة، وهو عمرو بن العاص»، وقد حكاها عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 438/31. وقد أطلق هذا اللقب - أيضاً - على الخليفة الثاني، والثالث، والحسن البصري. لاحظ : الأسرار فيما كُني وعُرف به الأشرار 297/2 – 298.

وكتب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليه (1) : «أما بعد ؛ فإنّ الذي أعجبك مما تاوبت(2) [من الدنيا ووثقت به منها منقلب عنك، فلا تطمئن ] إلى الدنيا فإنّها غرّارة، ولو اعتبرت بما مضى حذرت ما بقي، وأشفقت (3) منها بما وعظت به، ولكنّك اتّبعت (4) هواك وآثرته، و [ لو ] لا (5) ذلك لم تؤثر على ما دعوناك إليه (6) غيره ؛ لأنّا أعظم رجاء، وأولى للحجّة (7)»..

الحسن بن محمّد الشاعر المتجعفر (8) : [من المتقارب ]

ص: 205


1- كما جاء في وقعة صفين : 498، أمالي الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) 221/1 [ الطبعة الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 217 حديث 381]. وأورده ابن أبي الحديد في شرح النهج 227/2، وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 539/32 ذيل حديث 451، وكذا في 75/33 - 76 عن الأمالي. وراجع : المعيار والموازنة : 103.. وغيره.
2- في نسخة (ألف) : ناوبت، وفي أمالي الشيخ (رَحمهُ اللّه): تلويت، وفي البحار عنه : باريت.
3- في أمالي الشيخ (رَحمهُ اللّه) : وانتفعت.
4- في الأمالي : تبعت.
5- عن الأمالي.
6- في الأمالي : لم تؤثر على ما دعوناك إليه.
7- في الأمالي : بالحجة، والسلام.
8- كذا ؛ وفي المناقب : ابن المتجعفر، وفي معالم العلماء للمصنف (رَحمهُ اللّه) : 187 : الحسن ابن محمّد المتجعفر. أقول : الظاهر أنّ هذه قصيدة مفصلة في مدح صادق آل محمّد عليه وعليهم السلام، حيث جاءت تسعة أبيات منها في مناقب آل أبي طالب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 255/4، وهذه مكملة لها، فلاحظ.

فَإِنْ كانَ فِيما حَكَى صادِقاً***فَإِنِّي أَنَا الشَّانِي الأَبْتَرُ

وَقُلْتَ على اللّه ما قَالَهُ***أخُو الكُفْرِ والنَّاصِبُ المُخبِرُ (1)

ابن الحجّاج (2) : [ من المنسرح ]

اِعْمَلْ بِما جاءَ في الصَّلاةِ بما***يَتْلُوهُ أَهْلُ الصَّلاةِ فِي الكَوْثَرْ

صَلِّ لِرَبِّ أَعْطاك غايَةَ ما***تهواهُ وَارْجِعْ إِلى العِدَى (3) وَانْحَرْ

وَانْحَرْهُمُ حَيْثُ ما ثَقِفْتَهُمُ (4)***وَابْدَأ بشانِيكَ مِنْهُمُ الأَبْتَرُ

ص: 206


1- في نسختي الأصل : المجر، ويراد منها : المجبّرة، والأصح عدم التشديد للكلمة.
2- لا يوجد اسم الشاعر في نسخة (ألف)، وهي على كلّ حال تتلائم مع ذوق شاعرنا طاب ثراه وروحه، وقد تحدّثنا عن رائيات ابن الحجاج فيما سلف، فلاحظ.
3- في نسختي الأصل : والغدى.
4- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، وما أثبت استظهار، ويحتمل أن نقرأ تقفهم.

الحسن بن عبد الحميد الضبي : إنّه حارب علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) بصفين، وقد تقلّد بسيفين..

وروي (1) : أنّه برز بصفين قائلاً...........(2): [من الرجز ]

يا قادَةَ الكُوفَةِ مِنْ أَهْلِ الفِتَن***يا قاتِلي عُثْمَانَ ذاكَ المُؤْتَمَنْ

كَفَىٰ بِهذا حَزَناً مِنَ الحَزَنْ***أَضْرِبُكُمْ وَلَوْ أَرى(3) أَبا الحَسَنُ

فتناكل عنه علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى تبعه عمرو - وكان متنكراً (4) - ثمّ ارتجز :

(شعر) (5) : [ من الرجز ]

أنا الغُلامُ القُرَشِيُّ المُؤْتَمَنْ***الماجِدُ الأَبْلَجُ لَيْتُ كالشَّطَن (6)

ص: 207


1- انظر : الفتوح لابن أعثم 47/3، وقعة صفين : 371، شرح نهج البلاغة 46/1، ومطالب السؤول : 221، وكشف الغمة 248/1.. وغيرها.
2- ولعلّ في موضع البياض : مرتجزاً راجع : المناقب 177/2.
3- تقرأ في نسخة (ألف) : ولوالدي، والمعروف ولا أرى، وهو الظاهر ؛ لأنك لو قلت : ولو أرى لاحتجت إلى جواب لو.
4- وفي نسخة : كان، مستنكراً، وما أُثبت أجود وأفضل.
5- جاءت الأبيات في الديوان المنسوب لمولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 99 [ طبعة الأعلمي - بيروت ]، وأسقط مع أبيات أخر من طبعة الغرى (النجف الأشرف) !
6- الكلمة مشوّشة ولا يمكن قراءتها ؛ إذ جاءت في آخر الصفحة من النسختين، وقد أخذناها من المصدر.

يَرْضَى بِهِ السَّادَةُ مِنْ أَهْلِ اليَمَنْ***أَبُو الحُسَيْنِ وَاعْلَمُوا أَبو الحَسَنُ (1)

فولّى عمر و هارباً، فطعنه علي الا فوقعت في ذيل درعه، فسقط [إلى] الأرض واستلقى على قفاه وأبدى عورته، فصغا (2) عنه استحياء وتكرّماً (3).

فقال معاوية : يا عمرو ! احمد اللّه سبحانه الذي عافاك، واجهر استك الذي وقاك (4)، ثمّ أنشأ (شعر) : [ من الوافر ]

ص: 208


1- جاء عجز البيت الثاني في الديوان هكذا : من ساكني نجد ومن أهل عدن، وفي المناقب 360/2 : [من الرجز ] من ساكني نجد ومن أهل عدن***أبو الحسين فاعلمن أبو الحسن
2- صغا عنه بمعنى مال عنه، ومنه قوله تعالى ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا﴾ [سورة التحريم (66) : 4]. في نسخة (ألف) : فصعى، وفي نسخة (ب) : فصغى.
3- وكفاك في جبنه وخسته ما أورده لنا شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 156/2 - 170 من وقائح تاريخية وجرائم وانحرافات عقائدية.. حسبك منها استعانته بسوءته في حفظ رقبته !!
4- وفي بعض المصادر : قال معاوية : احمد اللّه وعورتك - وفي لفظ ابن كثير : احمد اللّه واحمد إستك - واللّه إنّي لأظنّك لو عرفته لما اقتحمت عليه. وفي عيون الأخبار لابن قتيبة 169/1، قال : المدائني قال : رأى عمرو بن العاص معاوية يوماً يضحك، فقال له : مم تضحك يا أمير المؤمنين أضحك اللّه سنّك ؟ ! قال : أضحك من حضور ذهنك عند إبدائك سوءتك يوم ابن أبي طالب، أما واللّه لقد وافقته مناناً كريماً، ولو شاء أن يقتلك لقتلك. قال عمرو : يا أمير المؤمنين ! أما واللّه إنّي لعن يمينك حين دعاك إلى البراز، فاحولت عيناك، وربا سحرك، وبدا منك ما أكره ذكره لك، فمن نفسك فاضحك أو دع.

أَلا ِللهِ مِنْ هَفَواتِ عَمْرو***يُعاتِبُني عَلى تركي (1) بِرازِي

فَقَدْ لَاقى أَبا حَسَنٍ عَلِيّاً***وآبَ الوائلي (2) مآبَ خَازِ [ي ]

وَلَو لَمْ يُبْدِ عَوْرَتَهُ لأَدْنى***إِلى شيخ يُذلِّلُ كلّ نازِ [ي ](3)

[لَهُ كَفَّ كَأَنَّ بِراحَتَيْها***مَنايا القَوْمِ يَخْطِفُ خَطْفَ باز ]

[ فَإِن تَكُنِ المَنِيَّةُ أَخْطَأَتْهُ***فَقَدْ غَنَّى بِها أَهْلُ الحِجازِ]

وقد تمثل بها الشعراء :

فقال أبو فراس (4) (شعر) : [ من الطويل ]

ص: 209


1- في نسختي الأصل : تلك، وهو سهو.
2- في المصادر : فآب الوائلي.
3- جاء البيت في أكثر من مصدر هكذا : [من الوافر ] فلولم يبد عورته للاقی***به ليثاً يذلّل كلّ غازي وفي الفتوح 48/3: [من الوافر ] ولو لم تبد عورته لأودى***به شيخ يذلل كلّ نازي
4- ديوان أبي فراس الحمداني - رواية أبي عبد اللّه الحسين بن خالويه - : 160 [الديوان المشروح : 165].

وَلَا خَيْرَ فِي دَفْعِ الرَّدِي بِمَذَلَّةٍ***كَما رَدَّها يَوْماً بِسَوْءَتِهِ عَمْرُو (1)

وقال أبو الفوارس حيص بيص (2) : [ من المنسرح ]

لا تَحْسَبَنِّي أَحْجَمْتُ عَنْ خَوَرٍ***أَوْ حَصَرٍ فِي اللِّسانِ (3) لَمْ أَقُلِ

قُبْحُ مَخازِيكَ هازِمٌ شَرَفي (4)***سَوْءَةُ عَمْررٍ تَنَتْ عِنانَ عَلِي (5)

قال : فقال له عمرو : [ أتشمت بي يا معاوية ؟ ! ]..

وأعجب من هذا يوم دعاك علىٌّ إلى البراز؛ فالتمع لونك، وأطّت (6) أضلاعك، [ وانتفخ منخرك ] واللّه لو بارزته لأوجع قذالك (7)، وأيتم عيالك،

ص: 210


1- البيت جزء من قصيدة مفصلة في (54) بيتاً ذكرها مفتخراً.
2- الكلمتان مشوشتان في نسخة (ب)، وبياض في نسخة (ألف). انظر : دیوان حيص بيص 334/2 مقطوعة برقم 381.
3- في نسختى الأصل : اللبان.
4- جاء صدر البيت في نسختي الأصل مشوشاً هكذا : قبح مجاز بك هازم مشرفي..
5- في مناقب آل أبي طالب 178/3: سنان علي، بدلاً من : عنان علي.
6- في نسختي الأصل : أطن، ولا معنى مناسباً لها، والظاهر ما أُثبت من المصادر، كما جاء في الأمالي للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) : 134 حديث 217 [ طبعة مؤسسة البعثة ] - وعنه في بحار الأنوار (5033 (باب 15) حديث 394 : وأطت.
7- القذال : ما بين الأُذنين من مؤخّر الرأس، وجمعه : قُذُل وأقذلة، ومؤخّر الرأس في الإنسان، كما قاله ابن منظور في لسان العرب 553/11، والفراهيدي في العين 134/5.. وغيرهما.

وبزّ (1) سلطانك.

ثم قال [عمرو ]: [ من الطويل ]

معاوي لا تَشْمَتْ بِفارِسِ بُهْمَةٍ (2)***لقي فارساً لا تَعْتَليه (3) الفوارش

مُعاوِيَ لَو أَبْصَرْتَ (4) في الحَرْبِ (5) مُقْبِلاً***أَبا حَسَنٍ صَدَّتْكَ (6) عَنْهُ (7) الوَسَاوِسُ (8)

ص: 211


1- في نسختي الأصل : وبر، ولعلّها : وتر، وكأنها كلمة ساقطة. وهو بمعنى سلب، كما في مجمع البحرين 8/4، ويأتي بمعنى حبسه، كما في لسان العرب 312/5، وكذا بمعنى غلبه وغصبه. ولاحظ : العين 353/7.. وغيره.
2- البهمة : الشجاع الذي يستبهم مأتاه على أقرانه، وفي الطبعة الحيدرية من أمالي الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) : بهمته.
3- في المصادر : لا تعتريه، وفي الأمالي : لا تعتليه.
4- في نسختي الأصل : لو أنصرت، وفي المصادر: إن أبصرت، وفي الأمالي : لو أبصرت.
5- هكذا ورد في الأمالي، وفي المصادر في الخيل.. بدلاً من : في الحرب.
6- كذا ؛ ولعلّها : هَدَّتْكَ، وفي البشارة : يهوي.
7- في نسختي الأصل : منه، وهي غلط قطعاً، ولا يصح ذلك؛ لأنّه كفر إذ تعود الوساوس إلى الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، والعياذ باللّه.
8- جاء العجز في بعض المصادر : أبا حسن يهوي دهتك الوساوس، وفي الطبعة الحيدرية من الأمالي : أبا حسن يهوى عليك الوساوس، ونسبت الوساوس له (عَلَيهِ السَّلَامُ) كفر.

[وَأَيقَنتَ أَنَّ المَوتَ حَقٌّ وأنه***لِنَفْسِك إِنْ لَم تُمْعِن الركض خَالِسُ ]

[ دَعَاكَ فَصُمَّت دُونَه الأُذن أذرعاً (1)***وَنَفْسُكَ قَد ضَاقَتْ عَلَيها الأَمَالِسُ (2) ]

[ أَتَسْمَتُ بِي إِذ نَالَني حَدُّ رُمْحِه***وَعَضَّضني نَابٌ من الحَربِ نَاهِسُ]

فأيُّ امْرِئ (3) لاقاه لَم يَلقَ شِلْوَه***بِمُعترك تَسْفِي عَليه الرَوَامِسُ (4)]

[أبى اللّه إلَّا أَنه لَيثُ غَابة***أبُو أَشْبُلِ تُهدى (5) إِليه الفَرَائِسُ ] (6)

ص: 212


1- في البشارة : إذ دعا.
2- في البشارة : الأبالس. والأمالس : جمع إمليس، وهي الفلاة التي ليس فيها نبت. وشيء أملس : لا خشونة فيه، كما في مجمع البحرين 108/4، ويأتي بمعنى المكان المستوي، لاحظ : العين 267/7، ولسان العرب 221/6.
3- في البشارة : وأي امرء.
4- الروامس : هي الرياح التي تغطّي آثار الديار بما تنثره من التراب، راجع : لسان العرب 102/6، وأصل الرمس الستر كما في مجمع البحرين 76/4، وفي العين 254/7.
5- في البشارة : تهذي.
6- الأبيات وكل ما بين المعكوفين مزيد من الأمالي للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه).

فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ فَأَرْهِجْ (1) عَجَاجَةً***وَإِلَّا فَتِلْكَ التُرهاتُ النَّسايس (2)

[ فقال معاوية : مهلاً يا أبا عبد اللّه ! ولا كلّ هذا ! قال : أنت استدعيته ](3).

ص: 213


1- في البشارة : فارهق.
2- في المصادر والبشارة : البسابس، ويراد منه الباطل والكذب. أقول : هذا البيت آخر الأبيات من قصيدة ذات أحد عشر بيتاً، الأولان أولان فيه، وانظرها كلاً في كتاب صفين لابن مزاحم : 253، وأمالي الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه): 84 [ الطبعة الأولى، وفي الطبعة الحيدرية 134/1 - 135، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 134 - 135 حديث 217].. وغيرهما. وأيضاً جاء في تذكرة الخواص : 52، وعنها في الموسوعة الرائعة الغدير 162/2 – 163. ورواه الشيخ الطبري (رَحمهُ اللّه) في بشارة المصطفى : 270 [ الطبعة الحيدرية، وفي طبعة جماعة المدرسين : 415 (الجزء العاشر) حديث 20]. وكذا جاء في الفتوح 156/3 - 157.. وغيره.
3- أقول : وجاءت هذه الواقعة في أكثر من مناسبة حتّى أصبحت مثلاً، ومخزاة سوء بقي عارها مدى الأحقاب والأعوام، وقد جاءت من قبل في شعر عتبة بن أبي سفيان، حيث قال : [ من الوافر ] سوى عمرو وقته خصيتاه***نجا ولقلبه منه وجيب وفي شعر الحارث بن نصر السهمي : [ من الطويل ] فقولا لعمرو وابن أرطاة أبصرا***سبيلكما لا تلقيا الليث ثانيه ولا تحمدا إلا الحيا وخُصاكما***هما كانتا للنفس - واللّه - واقيه وفي شعر الزاهي البغدادي : [من الرجز ] وصدّ عن عمرو وبسر كرما***إذ لقيا بالسوأتين من شخص وقال آخر : [من الطويل ] ولا خير في صون الحياة بدلة***كما صانها يوماً بذلته عمرو وجاء في القصيدة التترية لابن منير : [ من مجزوء الكامل ] بطل بسوءته يقا***تلُ لا بصارمه الذكر ! وقال أخيراً العمري عبد الباقي الفاروقي : [ من الرجز ] وليلة الهرير قد تكشفت***عن سوءة ابن العاص لما غلبا فحاد عنه مغضباً حيدرة***وعفٌ والعفو شعار النجبا ولو يَشَا ركَّبَ فيه زُجّه***ترکيب مزجي كمعدي كربا

ولما كان ليلة الهرير (1)، وحُسِبَ المقتولون في عسكر معاوية ؛ فكانوا أربعين

ص: 214


1- راجع : تاريخ الطبري 34/4، وتجارب الأمم 537/1، والمنتظم لابن الجوزي 120/5 - 121، والكامل لابن الأثير 316/3، وتاريخ أبي الفداء 176/1، والبداية والنهاية 302/7.. وغيرها.

ألفاً، صاحوا : يا معاوية ! هلكت العرب، فقال معاوية : يا عمرو ! ما الحيلة ؟ نفر أو نستأمن علياً.. فأشار برفع المصاحف وأن يقرأ: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّه لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ) (1) وقوله : ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللّه وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ..) (2)، [فإن قبلوا حكم القرآن رفعنا الحرب ودافعنا بهم إلى أجل ] (3) فإن أبى بعضهم إلا القتال، وجدت فيهم من لا يقاتل حتّى ينظر بالحكم (4) القرآن(5)، فيقع بينهم الفرقة، وإن قالوا بأجمعهم : نقبل بحكم القرآن، رفعنا هذه الحرب ودافعنا بها إلى أجل، وأمرهم أن ينشدوا شعراً : [ من المتقارب ]

وَلَسْنَا وَلَسْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ***وَلا المُجْمِعِينَ (6)عَلَى الرَّدَّةِ

فَإِنْ تَقْبَلُوها فَفِيها بَقاً لِلْفَرِيقَيْنِ وَالبَلْدَة (7)

ص: 215


1- سورة آل عمران (3): 23.
2- سورة النور (24): 48.
3- الزيادة من المناقب للمؤلف (رَحمهُ اللّه).
4- كذا ؛ والظاهر : بحكم.
5- في تجارب الأُمم : وجدت فيهم من يقول : لا نقاتل حتّى ننظر ما يحكم القرآن.
6- في نسختي الأصل : المجتمعين، ولا يستقيم الوزن إلا بما أثبتناه.
7- جاء البيت في المناقب : [ من المتقارب ] فإن تقبلوها ففيها البقا***ءللفرقتين وللبلدة وكلاهما يصح.

وَإِنْ تَدْفَعُوها فَفِيها الفَنَا***وَكُلُّ بَلاء إلى مُدَّةٍ (1)

قال : فوقعت الفتنة في أصحاب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و قصد إليه عشرون ألف رجل في أسلحتهم يقولون : نحن قاتلو عثمان ؛ فلانه أبى أن يحكم بكتاب اللّه، فأجبهم، وإلا سلّمناك إليهم.. القصة.

فقال معاوية : للّه درك يا عمرو !

فقال عمرو : كيف رأيتني ؟ لقد كنتَ [ غرقت ] في بحر العراق فأنقذتك منه (2).

الشاعر : [ من البحر الوافر ]

بَرِئْتُ مِنِ ابْنِ حَرْبٍ وَابْنِ عَاصِ***وَأَحْبَابِ العُصاةِ مِنَ المَعاصِي (3)

ص: 216


1- وفي نسختي (ألف) و (ب) : المدة، ولا يستقيم الوزن والمعنى بها. وقد نقل المصنف (رَحمهُ اللّه) هذه الواقعة بألفاظ متقاربة في المناقب 364/2 [طبعة النجف الأشرف ] في باب الحكمين والخوارج، وعنه في بحار الأنوار 311/33-312 حدیث 562، وقد حوّر محقق الكتاب الأبيات الثلاثة إلى نثر !! وجاءت في مروج الذهب 363/2 [ طبعة مصر ]، وتاريخ اليعقوبي 166/2 [ طبعة النجف الأشرف، وفي طبعة بيروت : 190 ]، والفتوح لابن أعثم 181/3 - 185..
2- في الفتوح لابن أعثم 1913 : فغمد الناس أسيافهم، ووضعوا أسلحتهم، وعزموا على الحكم، فقال عمر و لمعاوية : كيف رأيت رأيي ؟ لقد كنت غرقت في بحر العراق وأنقذتك.. فقال معاوية : صدقت - أبا عبد اللّه - ولمثلها كنت أرجوك.
3- كذا ؛ والظاهر : ذوي المعاصي.

وَوالَيْتُ الوَصِيَّ وأَهْلَ بَيْتٍ***أتَىٰ فِي (هَلْ أَتَى) فِيهِمْ تَواصِي

المحبرة (1) : [من الكامل ]

لا تُنْكِري حُبِّي (2) لآلِ محمّد***فَإِلَى المُهَيْمِنِ حُبُّهُمْ قُربانی (3)

مِنْ كلّ أَبْتَرَ شَانِيَّ لِرَسُولِهِ***وَمُلَعَنِ مِنْ دِينِهِ عُرْيانِ

وَمُذَبْذِبٍ لِلنَّاسِ أَكْبَرُ هَمِّهِ***حَمْلُ القُلُوبِ عَلَيْهِ بالألحان (4)

ص: 217


1- هي القصيدة الرائعة المعروفة ب_: الألفية لابن علوية الإصفهاني، والمعروفة أيضاً ب_: نونية ابن العلوية، وب_: المجبّرة، وقد مرّ الحديث عنها وعنه في المجلد الأول، فراجع.
2- في نسخة (ألف) : حتى.
3- المفروض بيت هنا لعلّه سقط من القصيدة، مثل : [من الكامل ] وبراءتي من كلّ شخص ناصب***خِلْوِ مِنَ الإسلام والإيمانِ
4- كذا، والظاهر : بالآحان، جمع الإحْنَة؛ وإحن بمعنى العداوة والبغضاء، وجمع الإحن: آحان.

قومٌ [هُمُ] نَصَبُوا مَراجِل دمه (1)***تَغْلِي عَلَيْهِ أَيَّما غَلَيانِ(2)

باحُوا بِبُغْضِ أَخِي النبيّ وَأَخْرَجُوا***مافِي صُدُورِهِمْ مِنَ الأَضْغَانِ

وَتَظاهَرُوا حَيْفاً (3) عَلَيْهِ وَأَظْهَرُوا***ما أَضْمَرُوهُ [لَهُ] مِنَ الشَّنَآنِ (4)

ولما عزله معاوية عن مصر، كتب إليه عمر و (شعراً) (5) : [ من المتقارب ]

ص: 218


1- تقرأ الكلمة في نسخة (ب) : دمنه، وقد تقرأ : من أجل دمه، والأقرب أن تكون : حِقْدِهِمْ.
2- في نسخة (ألف) : غلتان.
3- لعلّ الكلمة مصحفة عن : خنقاً، وإن كان ما أُثبت منها له معنى.
4- في نسخة (ألف) : الشاني.
5- هذه الأبيات من القصيدة المعروفة ب_: الجلجلية التي ذكر منها العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 114/2 - 117 (66 بيتاً)، مطلعها : معاوية الحال لا تجهل***وعن سبل الحقّ لا تعدل [من المتقارب ] وإنما يقال لها ذلك لما في آخرها من قوله : (وفي عنقي علق الجلجل)، وهي تختلف عما هنا. وقد كتبها عمرو بن العاص إلى معاوية في جواب كتابه إليه ؛ يطلب خراج، ويعاتبه على امتناعه عنه، وقد أورد عدة أبيات منها ابن أبي الحديد في شرح النهج 522/2 [ وفي طبعة مصر 56/10]، وقال : رأيتها بخط أبي زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي (المتوفى 502 ه_)، وتوجد منها نسختان في مجموعتين في المكتبة الخديوية بمصر كما في فهرستها المطبوع سنة 1307 في 314/4، كما قاله الغدير 117/2، وحكاها عن غيره من المصادر، وقد جاء بعضها في شرح مغني اللبيب 82/1 للشيخ محمّد الأزهري، وتعرّض لثلاثة عشر منها المصنف (قدّس سِرُّه) في المناقب 106/3 [ وفي طبعة قم 186/3 وفي الطبعة الأولى 367/2]، ولاحظ : العقد النضيد : 125.

مُعاوِيَةُ الخَيْرَ لا تُنْسَني (1)***وَعَنْ سَنَنِ (2) الحقّ لا تَعْدِل (3)

أتنْسَى مُحاوَرَة (4) الأَشْعَرِيِّ***ونَحْنُ عَلى دومة (5) الجَنْدَلِ(6)

ص: 219


1- صدر البيت في شرح النهج : معاوي حظي لا تغفل. وفي رياض المدح والرثاء : معاوية الخير لا تنس لي.
2- في المناقب : مذهب، بدلاً من : سنن.. والسنن - بفتح السين - : المذهب والطريقة.
3- وجاء المطلع هذا في كتاب لطائف أخبار الدول : 41 نقلاً عن الإسحاقي، هكذا : [من المتقارب ] معاوية الفضل لا تنس لي***وعن نهج الحقّ لا تعدل
4- في شرح النهج : مخادعتي.
5- في نسخة (ألف): حوبة.
6- البيت الثاني هنا جاء في الغدير ثالث عشراً، وهو هكذا : [ من المتقارب ] نسیت محاورة الأشعري***ونحن على دومة الجندل وجاء عجزه في شرح النهج : وما كان في دومة الجندل.

أَلِينُ فَيَطْمَعُ فِي غِرَّتي***وَقَدْ خَابَ (1) نَصْلِي إِلى المَقْتَلِ(2)

وألعِقُهُ عَسَلاً بارداً***وَأَمْزِجُهُ بِجَنَى (3) الحَنْظَلِ (4)

وَأَرْقَيُتُكَ (5) المِنْبَرَ المُشْمَخِرَّ***بِلاحَدٌ سَيْف وَلا مُنْصَل (6)

وَأَنْزَعْتُها (7) مِنْهُمُ بِالخداع***كخَلْعِ النِّعَالِ مِنَ الأَرْجُلِ (8)

ص: 220


1- كذا في نسختي الأصل، ولعلّه : خاض، وفي المناقب : غابَ.
2- جاء هذا البيت الرابع عشر من القصيدة، وفي الغدير : [ من المتقارب ] ألين فيطمع في جانبي***وسهمي قد خاض في المقتل وصدر البيت في شرح النهج مثل المتن وعجزه مثل الهامش.
3- أثبتنا ما استظهرناه من الكلمة، وإلا فهي مشوّشة غير معجمة، وهي كذلك في المناقب.
4- لم يرد هذا البيت في القصيدة التي أوردها في الغدير ذات (66) بيتاً، وجاء في المناقب، وورد البيت على رواية الإسحاقي في لطائف أخبار الدول: 41 هكذا : [من المتقارب ] وألعقته عسلاً بارداً***وأمزجت ذلك بالحنظل وفي شرح النهج : فألمظه عسلاً وبارداً***وأخبأ من تحته حنظلي
5- في المصادر والمناقب : ورقيتك، وفي شرح النهج : وأعليته.
6- هذا هو البيت السابع عشر من القصيدة ذات الستة والستين بيتاً. وقد جاء عجز البيت في شرح النهج هكذا : كرجع الحسام إلى المفصل.
7- في المناقب : ونزعتها.
8- هذا هو البيت الخامس عشر من القصيدة، وجاء فيها : [ من المتقارب ] خلعت الخلافة من حیدر***كخلع النعال من الأرجل وعلى رواية الإسحاقي : وأخلعتها منه عن خدعة. وفي شرح النهج : [من المتقارب ] فأضحى لصاحبه خالعاً كخلع النعال من الأرجل !

وثَبَّتُها فِيكَ لَمَّا يَئْسْتَ(1)***كَمِثْلِ الخَواتِيم في الأَنْمُلِ (2)

فَلَمّا مَلَكْتَ وَماتَ الهُمَامُ***وَأَلْقَتْ عَصاها يَدُ الأَفْضَل (3)

ص: 221


1- في نسخة (ألف) : ثبت، وهي غير منقوطة في نسختي الأصل.
2- جاء البيت بعد سالفه، وقد ورد هناك هكذا : [ من المتقارب ] وألبستها فيك بعد الأياس***كلبس الخواتيم بالأنمل وجاء في لطائف أخبار الدول هكذا : [ من المتقارب ] وألبستها فيك لمّا عجزت***كلبس الخواتيم في الأنمل وفي شرح النهج : [ من المتقارب ] وأثبتها فيك موروثة***ثبوت الخواتم في الأنمل
3- هذا البيت هو الخامس والخمسون من القصيدة في الغدير، وقد جاء فيها هكذا : ولما ملكت حماة الأنام***ونالت عصاك يد الأوّل ولعلّ هنا خلطاً مع قوله : [ من المتقارب ] نصرناك من جهلنا يابن هند***جهلنا يابن هند على النبأ الأعظم الأفضل وجاء العجز على رواية الإسحاقي : على البطل الأعظم الأفضل.. ولم يرد هذا البيت في شرح النهج. أقول : ومثله في المناقب، وهذه الرواية جيدة جداً، حيث إنّ إلقاء العصا كناية عن الموت، وهنا أراد (حين شهادة أمير المومنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)) الذي هو الأفضل، فتدبر.

مَنَحْتَ سِوائي (1) مِثْلَ (2) الجِبالِ***وَنَوَّلْتَنى (3) حَبَّةَ الخَرْدَل (4)

فَإِنْ تَكُ فِيها بَلَغْتَ المُنَى***فَفِي عُنُقى عَلَى (5) الجُلْجُل (6)

ص: 222


1- في نسختي الأصل : سيأتي، وما هنا من المناقب، ولعله : سأتي، جمع السيئات، كذا قد تقرأ في نسختي الأصل.
2- في المناقب : سواي بمثل.
3- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ في نسخة (ألف): تولتني، أو : توليتني، وما هنا جاء من المناقب، والظاهر ما أثبتناه.
4- جاء هذا البيت في تلك القصيدة برقم (56) هكذا : [من المتقارب ] منحت لغيري وزن الجبال***ولم تعطني زنة الخردل وفي شرح النهج : وهبت لغيري وزن الجبال***وأعطيتني زنة الخردل
5- في المناقب [ طبعة النجف الأشرف ]: يعلق.
6- هذا البيت آخر ما جاء في القصيدة، وفيه إشارة إلى مثل معروف أورده الميداني في مجمع الأمثال 1952.. وغيره. ولم يرد هذا البيت والذي بعده في شرح النهج. أما البيتان اللذان بعده فقد جاءا في شرح النهج بتقديم وتأخير واختلاف في عجز الأول منها، وقد سلف أن ذكرنا ذلك تعليقاً.

وَما دَمُ عُثْمَانَ مُنْجِ لَنا***مِنَ اللّه والحَسَبِ (1) الأَطْوَلِ (2)

وَإِنَّ عَليَّاً غَداً خَصْمُنا***سَيَحْتَجَّ (3) باللّه والمُرْسَلِ(4)

.. وهي قصيدة طويلة، هذه من جملتها (5).

ص: 223


1- الحَسَب : يريد هنا الحساب، أي يوم الحساب.
2- هذا البيت والذي بعده جاءا في القصيدة (37 و 38)، وجاء في عجزه : من اللّه في الموقف المخجل. وبتقديم وتأخير في شرح النهج، وجاء هذا البيت هناك هكذا : [ من المتقارب ] ومادم عثمان منح لنا***فليس عن الحقّ من مزحل
3- في نسختي الأصل : ستحتج، وأثبتنا ما استظهرناه، وقد وجدناه بعداً في رواية الخطيب التبريزي، وفي المصادر والمناقب ويعتز..
4- وفي المناقب آخر بيت : [ من المتقارب ] يسايلنا عن أُمور جرت***ونحن عن الحقّ في معزل وجاء بعد الأبيات في شرح النهج لابن أبي الحديد : فلما بلغ الجواب إلى معاوية لم يعاوده في شيء من أمر مصر بعدها.
5- وجاءت هذه الأبيات - على رواية الإسحاقي في لطائف أخبار الدول : 41.. وغيره - هكذا : [من المتقارب ] وكم قد سمعنا المصطفى***وصايا مخصصة في علي ومنها : [من المتقارب ] وإن كان بينكما نسبة***فأين الحسام من المنجل وأين الثريا وأين الثرى***وأين معاوية من علي

ص: 224

ص: 225

[ القسم الثالث ]

[ في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين ]

[ باب ]

[في القاسطين ]

[ فصل 5]

[ في أبي موسى الأشعري ]

ص: 226

ص: 227

فصل الخامس: في أبي موسى عبد اللّه بن قيس الأشعري

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)؛ في قوله تعالى : (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّه أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾ «إذا عاينوا عند الموت ما (1) أعد اللّه لهم من العذاب الدائم (2)، وهم أصحاب الصحيفة، الذين كتبوا على مخالفة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).. ﴿وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (3)».

ص: 228


1- في نسختي الأصل : وما، والواو زائدة وليست في المصدر.
2- في المناقب : الأليم.
3- سورة البقرة (2): 167. كما رواه هذا والذي بعده - المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 212/3 - 213، وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 116/28 - 117 (الباب الثالث) حديث 4، ولاحظ : ما جاء في التفسير المنسوب للإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 577 - 578 حديث 340، والمروي في بحار الأنوار 188/7 – 189 (باب 8) حدیث 51. وفي تفسير العياشي 73/1 : عن منصور بن حازم، قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) قال : «أعداء على (عَلَيهِ السَّلَامُ) هم المخلّدون في النار أبد الآبدين ودهر الداهرين». وسلفت شهادة حذيفة له بالنفاق، وعليك بأحاديث الصحيفة الملعونة. راجع : المعرفة والتاريخ 771/2.

قوله : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخذوا بِطانَةً...وَدُّوا مَا عَنِتُمْ..) (1) أمير المؤمنين، أمرهم اللّه : لا تتخذوه بطانة، وأعلمه (2) ما في قلوبهم، وهم أصحاب الصحيفة (3).

علي بن هاشم ؛ قال : قلت لجعفر : أرأيت قوله : ﴿وَمِن النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّه عَلَى حَرْفٍ) (4) ؟ قال : ما سمعت فيها ؟ قال : حدثني صاحب لنا قال : هو عبد اللّه بن قيس، قال جعفر : إنّ له فيها شريكاً آخَرَ، قلت : من هو ؟

ص: 229


1- سورة آل عمران (3) : 118.
2- في بحار الأنوار عن المناقب : وأعلمهم بما..
3- جاء في المناقب كما سلف، وفي العمدة لابن بطريق : 462 حديث 970، وعنه في بحار الأنوار 338/33 حديث 582، ذيل الآية الشريفة بإسناده.. عن أبي أمامة، عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «هم الخوارج». ورواه الخطيب البغدادي في ترجمة عبيد اللّه بن أبي رافع في تاريخه 305/10 ترجمة برقم 5453.
4- سورة الحج (22): 11. أقول : رواه المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 363/2 [ طبعة النجف الأشرف ] تحت عنوان (فصل في الحكمين والخوارج) ذيل الآية الشريفة، قال : أنّه كان أبو موسى وعمرو. ومثله عن سويد بن غفلة في مروج الذهب 363/2 [ طبعة النجف الأشرف ].

قال : عمرو بن العاص (1).

زيد بن أرقم (2) ؛ سمعت النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في آخر قنوته [ يقول ]: «اللّهم العن معاوية بادياً، وعمراً ثانياً، والمغيرة ثالثاً، وأبا موسى رابعاً، وأبا الأعور خامساً» (3).

وكان أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ايقنت في صلاة الغداة والمغرب : «اللّهم العن معاوية، وعمراً، وأبا موسى، وحبيب بن مسلمة، و وعبد الرحمن بن خالد (4)، والضحاك بن قيس، والوليد بن عقبة»، فبلغ ذلك معاوية، فكان إذا قنت(5) لعن علياً [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)]، وابن عبّاس، والحسن والحسين [(عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ]، وقيس بن سعد [بن عبادة، والأشتر] (6)..

ص: 230


1- وللآية الكريمة تفاسير متعددة في الروايات، لاحظ مثلاً : بحار الأنوار 203/18 (باب 1) حدیث 33 و 132/22 - 133 (باب 37) حديث 114.. وغيرهما.
2- لاحظ : فصل قنوت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بلعن عمرو في الغدير 132/2، وفيه عدة روايات.
3- انظر : الإيضاح لابن شاذان (رَحمهُ اللّه): 63 - 64، مناقب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للكوفي 319/2، أنساب الأشراف 351/2 - 352، تاريخ الطبري 52/4، الكامل لابن الأثير 333/3، صفين : 552، وكذا الغدير 132/2 عن عدة مصادر.
4- في نسختي الأصل : عبد اللّه بن خالد، والصحيح ما أثبتناه، وهو عبد الرحمن بن خالد ابن الوليد المخزومي.
5- في بحار الأنوار: إذا صلّى.
6- وزاد ابن ديزيل في أصحاب معاوية : أبا الأعور السلمي. وجاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 444/1 [ الطبعة الحديثة بيروت ]، وعنه في بحار الأنوار 303/33 ذيل حديث 553 في باب بدو قصّة التحكيم والحكمين. وجاء في شرح النهج 315/13 أيضاً : وكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقنت عليه وعلى غيره فيقول : «اللّهم العن معاوية أولاً، وعمراً ثانياً، وأبا الأعور السلمي ثالثاً، وأبا موسى الأشعري رابعاً».

لعن اللّه معاوية الملعون ابن الملعون (1)..

وقال عمّار له : أشهد أني سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يلعنك ليلة العرضاء (2) بالجبل (3).

ص: 231


1- آمين آمين لا أرضى بواحدة***حتّى أضمّ لها ألف آمينا بل أضم إليها بنو أُميّة وكل من سبقهم ولحقهم في ظلم آل محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى يومنا هذا.
2- كذا؛ والظاهر أنّها محرفة عن (الهرشاء)، وهي عقبة هرشا أو هرشي، وهي التي أرادوا بها أن ينفّروا بناقة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيطرحوه في مهواتها ويقتلوه، وفيهم نزل قوله تعالى: ﴿وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا..﴾ [سورة التوبة (9): 74].
3- روى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 305/33 - 306 حديث 555 عن الأمالي للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) : المفيد، عن علي بن مالك النحوي.. مسنداً عن عمران بن طفيل، عن أبي نجبة [ في الطبعة الحيدرية : تحية ]، قال : سمعت عمّار بن ياسر (رَحمهُ اللّه) يعاتب أبا موسى الأشعري ويوبخه على تأخره عن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقعوده عن الدخول بيعته، ويقول له : يا أبا موسى ما الذي أخرك عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ ! فواللّه لئن شككت فيه لتخرجنّ عن الإسلام.. وأبو موسى يقول له : لا تفعل ودع عتابك لي ؛ فإنّما أنا أخوك. فقال له عمّار : ما أنا لك بأخ ؛ سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يلعنك ليلة العقبة، و قد هممت مع القوم بما هممت. فقال له أبو موسى : أفليس قد استغفر لي ؟ قال عمار : قد سمعت اللعن ولم أسمع الاستغفار. راجع: الأمالي للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) 184/1 [ الطبعة الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 181 - 182 حدیث 304]. وانظر : كنز العمال للهندي 608/13، والكامل لابن عدي 362/2، وتاريخ دمشق لابن عساكر 93/32.. وغيرها.

وقال رجل من ولد أبي موسى لسفيان الثوري : أكان علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقنت في الصلاة ؟ قال : نعم ؛ ويلعن فيها أباك.

وشهد عليه حذيفة بن اليمان - بروايتكم - أنّه منافق (1).

ولقد سماه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : جاثليق هذه الأُمّة (2).

ص: 232


1- كما رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ 771/2 مسنداً عن شقيق، أنّه قال : كنا مع حذيفة جلوساً، فدخل عبد اللّه وأبو موسى المسجد، فقال : أحدهما منافق.. ثمّ قال : إنّ أشبه الناس هدياً ودلاً وسمتاً برسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم عبد اللّه.. وعنه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء 393/2 - 394. راجع : الإيضاح للفضل بن شاذان النيشابوري: 61، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 314/13 - 315.. وغيرها.
2- كما جاء في حديث الرايات الخمس الذي رواه الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في الخصال 575/2، وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 438/31. لاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 144/1-146، و83/2.

ابن الكلبي : كان أبو موسى حلّاقاً..(1)

حضر الفرزدق مجلساً - فيه بلال بن أبي (2) بردة [ بن أبي موسى الأشعري ]- فجعل يذكر مناقب أبي موسى، فقال الفرزدق : حق لك أن تفتخر وقد حَجَمَ أبوك رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )].

فقال : كان ذلك مرّة يتبيغ (3) بالنبي (عليه وآله السلام)، القوم وما حجم غيره...فقال الفرزدق : مه ! الشيخ أتقى من أن يتعلم الحجامة على عنق (4) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (5).

ص: 233


1- انظر ما رواه البلاذري في أنساب الأشراف 276/12، وما جاء في مثالب العرب : 47 (باب الصناعات).
2- لا توجد كلمة (أبي) في نسخة (ألف).
3- جاءت كلمة : (يبيع) في نسختي الأصل، ولعلها : يتبع، والظاهر : يتبيغ بالنبي (عليه وآله السلام) الدم.. أي يطغى.
4- جاء في نسختي الأصل : عن، والظاهر أنّه سهو، وما أُثبت من نثر الدر.
5- جاءت القصة في ربيع الأبرار 543/2 هكذا : مازح الفرزدق بلالاً.. فدم بلال بني تميم ومدح أبا موسى، فقال الفرزدق : واللّه لو لم يكن لأبي موسى إلّا فضيلة واحدة لكفته. قال : وما هي ؟ قال : حجامته. قال بلال : قد فعل ذلك لحاجة رسول اللّه إلى ذلك، وما فعله قبله ولا بعده. قال : كان أبو موسى أتقى اللّه من أن يقدم على نبيه بغير حذق.

قال [ ال_] صاحب الكافي(1): وأنا أقول : كان النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أحزم من أن يُمكن (2) من لم يحجم قط من حجامته (3).

ورويتم : أن سورة الأحزاب مائتان (4) وخمسة وسبعون (5) آية، فذهب منها مائنا آية ! فقيل لأبي موسى : فذهب من سورة واحدة مائتا آية ؟ قال : نعم، و قرآن كثير.. و قرآن كثير..!

ص: 234


1- هو : الصاحب بن عباد ؛ كافي الكفاة (رَحمهُ اللّه).
2- في نسخة (ب) : تمكن.
3- وقد روى الآبي هذه الحكاية في نثر الدر 130/2 - 131 عن الصاحب (والظاهر هو الصاحب بن عباد) فقال : إنّ بعض ولد أبي موسى الأشعري عيّر بأنّه كان حجاماً. فقال : ما حجم قطّ غير النبيّ صلى اللّه عليه [وآله ] وسلّم. فقيل له : كان ذلك الشيخ أتقى اللّه من أن يتعلّم الحجامة في عنق النبيّ صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم. قال الصاحب : وأنا أقول : كان النبيّ صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم أحزم من أن يمكّن من حجامته من لم يحجم قط أبداً.
4- في نسختي الأصل : مائة، والظاهر ما أثبتناه بشهادة سياق العبارة، وكذا ما رواه القوم في أحاديثهم من كلام أبي بن كعب : كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة، وكانت فيها آية الرجم ! كما رواه الطبري في تهذيب الآثار (مسند عمر بن الخطّاب) 872/2 - 874، وابن حبان في صحيحه 273/10، والصنعاني في مصنفه 329/7 - 330، والحاكم النيشابوري في مستدرك على الصحيحين 450/2.. وغيرهم في غيرها.
5- في نسختي الأصل : سبعين.

وسأله رجل : إنّ امرأتي حسر (1) لبنها في ثديها (2)، فجعلتُ أمصه (3) ثمّ أمجّه، فدخل شيء منه (4) بطني، قال : حرمت عليك.. !!

فأتى ابن مسعود، فقال : أرضاع هذا.. ؟ ! إنما الرضاع هذا (5)، نبت اللحم وشدّ العظم.

فقال أبو موسى : لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر (6) بين ظهرانيكم ! ! (7)

واتّهم عمر لأبي موسى في الجباية، فضربه بعصاً.. فشجّ رأسه وأغرمه عشرة آلاف (8) درهم، فقال : يا عدو اللّه وعدوّ رسوله وعدوّ المؤمنين.. خنت مال اللّه ؟ ! (9)

ص: 235


1- في كتاب المصنف للصنعاني : حصر، وفي المعجم الكبير للطبراني : حبس.
2- في نسخة (ب) : بدنها، وهو خلاف الظاهر.
3- تقرأ في نسختي الأصل : أمضه، والصحيح ما أثبتناه.
4- الكلمة مشوّشة في نسخة (ألف) : ولعلها تقرأ : شي منه، وفي نسخة (ب) : شرفته، وهي محرّفة عن المثبت، وفي المعجم الكبير : فدخل في بطني شيء منه.
5- كذا ؛ وقد تقرأ الكلمة في نسخة (ب) : هلا، والظاهر : ما.
6- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : الحسد، والمثبت عن المصنّف والمعجم.
7- راجع : المصنف للصنعاني 463/7، والمعجم الكبير للطبراني 91/9، والمدونة الكبرى لمالك 409/2، والموطأ له 607/2، وسنن الدارقطني 102/4.. وغيرها.
8- في نسختي الأصل عشر ألف.
9- أقول : لم نجد ما نسبه المصنّف (قدّس سِرُّه) لأبي موسى في مصدر معتبر، والقصة جاءت بصور مختلفة لأبي هريرة، وهو الذي خاطبه الخليفة ب_: خنت مال اللّه، كما في كتاب الأموال لابن زنجويه 606/2، والمستدرك للحاكم 378/2، وتاريخ دمشق لابن عساكر 371/67.. وغيرها.

وقال عمر له - حين (1) اتّهمه بالكذب (2) في حديث الاستيذان - : لتأتينّي بمن سمع هذا الحديث معك أو لأفعلنّ بك.. فمضى مذعوراً.. يطلب من سمع الحديث معه من رسول اللّه (عليه و آله السلام) (3).

ولما قتل عثمان كان حذيفة بالمدائن، وأخذ الناس ببيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وبلغ أهل الكوفة [ و ] واليها أبو موسى وبها هاشم المرقال (4) - فقال لأبي موسى في ذلك،

ص: 236


1- لا توجد (حين) في نسخة (ألف).
2- في نسخة (ألف) : بالكلب..
3- لاحظ : المسترشد : 223، وانظر الحادثة في مسند أحمد 6/3، وكتاب البخاري 130/7.. وغيرهما.
4- هو : أبو عمرو هاشم بن عتبة القرشي الزهري، صحابي، كان فارساً شجاعاً خطيباً شاعراً ومن خيرة أصحاب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أسلم عام الفتح، ونزل الكوفة، وشارك في فتح العراق مع خالد بن الوليد، وكان مسؤول فرقة الفرسان في معركة اليرموك، وشارك في القادسية، استشهد في صفين بعد أن شارك في الجمل. راجع عنه : شذرات الذهب 46/1، والعقد الفريد 141/4، والعبر 28/1، وتاريخ 141/2 و 145 و 156، ومروج الذهب 1392/12 - 393، ووقعة صفين : 112، اليعقوبي و تاریخ ابن خلدون 388/2، والأخبار الطوال : 186، المحبر : 68، 261.. وغيرها. وانظر أيضاً : تنقيح المقال 288/3 [ الطبعة الحجرية ]، أعيان الشيعة 250/1 - 252.. وغيرهما.

فقال : حتّى يَضِحَ (1) لنا الأمر.

فقال هاشم : يميني لعلي.. وصفق عليها يساره (2)، وقال : [ من الوافر ]

أُبايِعُ غَيْرَ مُكْتَتِمٍ عَلِيّاً***ولا أَخْشَىٰ أمير الأشعريّا (3)

فلما شاع الخبر.. بايع أبو موسى، وأتى المرقال إلى أمير المؤمنين وأخبره بحال أبي موسى، فتكلّم فيه بكلام سيء وتبرأ منه، وأنفذ قرظة (4) بن كعب الأنصاري والياً، وكتب إلى أبي موسى: «اعتزل عملنا مذموماً مدحوراً» (5).

ص: 237


1- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : يصح، وقد تكون : يتضح، وهي على كلّ حال غیر منقوطة في النسختين. وضَحَ الأمرُ يَضِحُ : بان، انظر : لسان العرب 633/2 مادة (وضح).
2- راجع : الإصابة 405/6، أنساب الأشراف 213/2، الفتوح 438/2، مختصر أخبار شعراء الشيعة : 38.. وغيرها.
3- يمكن قراءة عجز البيت بوجهين : أحدهما : ولا أخشى أميراً أشعرياً.. وهو الأشهر. والآخر ولا أخشى الأمير الأشعريا.. وفيه معنى ظريف دقيق.
4- في نسختي الأصل قرطي، والصحيح ما أثبتناه.
5- الذي ذكره المسعودي في مروج الذهب 359/2 هو : اعتزل عملنا يا ابن الحائك مذموماً مدحوراً. وجاء في عدة مصادر أن الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال له : «اعتزل عملنا لا أُمّ لك، وتنحّ عن منبرنا». راجع : الغارات 922/2، شرح النهج لابن أبي الحديد 21/14، تاريخ الطبري 501/3، الكامل لابن الأثير 231/3.. وغيرها، وكذا الجمل للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 136.

وفي تاريخ الطبري (1): أنّه لما أنفذ أمير المؤمنين ابن عباس والأشتر، قال (2) أبو موسى للناس : إنّها فتنة صمّاء ! سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «ستكون فتنة في أمتي (3) ؛ النائم فيها خير من اليقظان، واليقظان خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الراكب، فكونوا جرثومة (4) من جراثيم العرب، فأغمدوا السيوف، وأنصلوا الأسنّة، واقطعوا الأوتار [ وآووا المظلوم المضطهد ] حتّى يلتئم هذا الأمر، وتنجلي هذه الفتنة..».

ثمّ أنفذ (5) أمير المؤمنين الحسن (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وعمّار بن ياسر، فعاونهم زيد بن صوحان وحجر بن عدي.

وقال عبد خير (6) لأبي موسى : هل كان هذان [ال_]_رجان ممن بايع

ص: 238


1- تاريخ الطبري 482/4 [طبعة الأعلمي بيروت 497/3] باختلاف واختصار كثير، والخطبة مفصلة، قظم من أطرافها.
2- في نسختي الأصل : فقال، والفاء زائدة لا معنى لها هنا.
3- من قوله : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...إلى هنا لا يوجد في التاريخ، وجاء في صفحة : 483 باختلاف كثير.
4- في نسختي الأصل : بجرثومة، والباء زائدة في المصدر، ولا معنى لها هنا.
5- في نسخة (ألف) : وانفذوا، ولعلّه : انقدوا.
6- تقرأ في نسختي الأصل : عبد جبير، و : عبد جبير، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.

[ عليّاً ] ؟ قال : نعم. قال : هل [أَ] حدث حدّثاً يحلّ به نقض بيعته ؟ قال :. حْدَثَ لا أدري. قال : لا دريت. قال : فإنّا تاركو [ك] حتّى تدري.. يا أبا موسى قد غلب عليك غشّك (1).

ورأى أبو بردة بن أبي موسى أبا الغادية (2) المزني - قاتل عمار - فقال : أرني يدك التي قتلت بها عماراً حتّى أقبّلها !! (3)

مسند الموصلي (4) ؛ قال أبو مريم : سمعت عماراً يقول: يا أبا موسى أنشدك اللّه ! ألم تسمع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «من كذب علي متعمداً..» الخبر ؟ ! فإنّي سائلك عن حديث ؛ فإن صدقت وإلّا بعثتُ عليك من أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من يقررك (5) [ ثمّ ] أنشدك اللّه ! أليس إنما عناك [ أَنْتَ ]

ص: 239


1- انظر : الغارات 921/2، وشرح النهج لابن أبي الحديد 20/14، وتاريخ الطبري 500/3، والكامل لابن الأثير 229/3 - 230، والجمل للشيخ المفيد : 135 - 136.. وغيرها.
2- في نسختي الأصل : ابن عادية، والصحيح ما أثبتناه ؛ إذ هو : أبو الغادية المزني.
3- انظر : الغارات 566/2 - 567، شرح ابن أبي الحديد 99/4 - 100، وجاء في عدة مصادر أنّه جاءه أبو غادية قاتل عمار فأجلسه إلى جنبه وقال : مرحباً بأخي. راجع : سؤالات الآجري لأبي داود 151/1، وتهذيب الكمال 145/33، وتهذيب التهذيب 36/12.. وغيرها.
4- مسند أبي يعلى 203/3 - 204 حديث 1636، وعنه في تاريخ دمشق 92/32.
5- في نسختي الأصل : يغررك، ولم أعرف لها معنى مناسباً، ولعلها يعزّرك.

رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (1) [ ب_ ] _سنفسك، قال : «إنها ستكون فتنة في أُمتي، أنت - يا أبا موسى ! - فيها [ نائم خير منك قاعداً، و ] قاعد خير منك قائماً، وقائم خير منك ماشياً». فخصك رسول اللّه ولم يعمّ الناس ؟ !

فخرج أبو موسى ولم يرد عليه شيئاً.

وروى (2) أبو بكر [ بن ] مردويه(3) بأسانيده.. عن موسى بن صفوان، وعن زكريا بن (4) يحيى، وعن حبيب بن ثابت، وعن عبد اللّه بن يزيد كلّهم، عن سويد ابن غفلة، أنّه قال : كنت مع أبي موسى على شاطئ الفرات، فقال : سمعت رسول اللّه يقول : «إنّ (5) بني إسرائيل اختلفوا، ولم يزل الاختلاف بينهم حتّى بعثوا حكمين ضالّين، ضالّ من اتبعهما، ولا ينفكّ أمركم يختلف حتّى تبعثوا حكمين يَضِلّان ويُضِلّلان (6) من اتبعهما». فقلت : أعيذك باللّه أن تكون أحدهما.

ص: 240


1- في نسختي الأصل زيادة أثب.
2- راجع عنه : مناقب علي بن أبي طالب وما نزل من القرآن في علي : 167 - 168 حدیث 219، والمسترشد : 158 - 159 حدیث 27، والمناقب للمصنّف 363/2 -وعنه بحار الأنوار 311/33 حديث 562 - وشرح النهج لابن أبي الحديد 315/13، وتاريخ اليعقوبي 2/ 190 - 191، ومروج الذهب 392/2.. وغيرها.
3- مسند أبي بكر بن مردويه، ولم يطبع، بل هو من الكتب المفقودة.
4- في نسختي الأصل : أبي، والمثبت عن المصدر.
5- في نسختي الأصل هنا (في) زائدة لفظاً ومعنى.
6- في نسختي الأصل : وتضلّان، والمثبت عن المصدر.

قال : فخلع قميصه، قال : برّأني اللّه من ذلك كما برّأني من قميصي..

فروى هذا الخبر، ثمّ دخل في الحكمين وشتّت (1) الأمر وخان !!

روی مجاهد ؛ قال : قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «مال أبو موسى (2).. حشي اللّه قبر أبي موسى ناراً».

قال السيّد الحميري : ما كان أغدر لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - بعد أصحاب السقيفة المنافقين - من أبي موسى.

وأنشد محمّد بن عيسى الأشعري القمّي من ولده (3): [ من مجزوء الوافر ]

أنا ابنُ مُشَتِ (4) الإسلا***م لَمَّا صُيَّرَ الحَكَما

ومَنْ حَانَ النبيّ وَلا***رَعَى إِلَّا (5) ولا ذِمَما (6)

ص: 241


1- كذا ظاهراً، وفي نسختي الأصل وشيت أو شئت.
2- كذا ؛ والظاهر : ما لأبي موسى ؟ !
3- نسبه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 177/3، كما قال ابنه - ابن الأشعري - أبو بردة فيه. وقد جاء البيت الأول والأخير في العقد النضيد : 164 مع بيت ثالث بينهما، وقد نسبها لأبي بردة بن أبي موسى الأشعري.
4- قد تقرأ الكلمة في نسخة (ألف) : ابن المسيب، وهي غير منقوطة في نسخة (ب).
5- كذا، والظاهر : الإل.. وهو العهد.
6- كذا العجز في المصدر، وفي نسختي الأصل : ولا دعى إلا ورعاً.. وفي نسخة (ب): وزماً، ولم يرد هذا البيت في الصراط والعقد.

عَشِيَّةَ يخلَعُ الهادِي***ويَنْصِبُ فِي الوَرَىٰ صَنَما (1)

فَلَمْ يَغْفَلْ(2) كَما زَعَمُوا***ولكِنْ كانَ مُتَّهَما

وصار أولاده في ذلك مثلاً، قال بلال (3) بن أبي بردة للهيثم بن الأسود : أنا [ابن أحد] الحكمين، قال الهيثم (4) : أما أحدهما ففاسق، وأما الآخر [فمخدوع] مائق(5)، فمن أيهما أنت ؟ ! (6)

ورأى رقبة بن مَصْقَلَة رجلاً من ولد أبي موسى يختال، فقال : هذا مشي رجل خَدَع (7). أبو [ه] عمراً !!

ص: 242


1- جاء هذا البيت في المصدرين السابقين هكذا : [ من مجزوء الوافر ] أَزَلَّ عن الورى عَلَماً***وأنصَبَ للوَرَى صَنَما كذا؛ والظاهر : أزال.
2- في نسخة (ألف) : يعقل، وفي الصراط والعقد : ولم يخدع.
3- في نسختي الأصل : بلى، والصحيح ما أثبتناه من المصادر، فراجع : نثر الدر للآبي 115/2، محاضرات الأدباء 418/1.
4- في نسختي الأصل : للهيثم.
5- بمعنى الأحمق، وقد تكون : فمنافق.
6- كما ورد في التذكرة الحمدونية 445/3 - 446، وجاء في شرح النهج 353/19: وسمع الفرزدق أبا بردة يقول : كيف لا أتبختر وأنا ابن أحد الحكمين ؟ ! فقال : أحدهما مائق والآخر فاسق، فكن ابن أيّهما شئت، وكذا في ربيع الأبرار 179/4.
7- في نسخة (ألف) جذع. وفي ربيع الأبرار 179/4 : نظر رجل إلى ولد أبي موسى يختال، فقال : يمشي كأن أباه خدع عمراً. انظر : شرح النهج لابن أبي الحديد 353/19.

ودخل شاعران على المأمون، فقال لأحدهما : ممّن أنت ؟ قال : من ضبّة (1)، فأطرق عنه، فقال : يا أمير المؤمنين ! من ضَبَّةِ الكوفة، لا من ضبَّة البصرة.

وسأل الآخر : ممّن ؟ قال : من الأشعريين، قال : أنت أشعر أم صاحبك ؟

فقال : ما ظننت أنّ ها شمياً يُحكّم أشعرياً بعد أبي موسى.. ! فضحك، وأعطى الضبّي ألفاً لفطنته، والأشعري ألفاً لنادرته.

وكان بالكوفة (2) رجل يحدّث (3) عن بني إسرائيل ويكذب، فقال [له] الحجاج بن حنتمة (4) : ما اسم بقرة بني إسرائيل ؟ قال : حنتمة ! (5) فقال رجل من ولد أبي موسى : في [ أيّ ] الكتب وجدت هذا ؟! قال : في كتاب عمر و بن العاص الذي خدع (6) به أبا موسى (7).

ص: 243


1- في نسخة (ألف): ضبعة.
2- ) في بعض المصادر كالبيان والتبيين - : بالرقة.
3- كذا في المصادر، وفي نسختي الأصل : محدّث.
4- في نسختي الأصل : حيثمة، وما أُثبت من بعض المصادر.
5- في نسختي الأصل : حيثمة.
6- في نسخة (ألف): خدع.
7- كما رواه الجاحظ في البيان والتبيين : 567 [ وفي طبعة 256/3 - 257]، والمبرد في الكامل 156/2، وابن عبد البر في العقد الفريد 130/4 [ وفي طبعة 40/4]، وكذا جاء في نثر الدرّ 342/6 - 343، وربيع الأبرار 676/1 [ وفي طبعة 57/2 ]، والتذكرة الحمدونية 236/7.. وغيرها.

وتقدمت امرأة مع زوجها إلى بلال بن أبي بردة للتحاكم (1)، ففرّق بينهما، فقالت المرأة : [ يا آل أبي موسى ! ] ما خلقكم اللّه إلّا للتفريق بين المسلمين (2).

وأحضر بلال بن أبي بردة ابن علقمة المسرور، قال : بعثت إليك لأضحك بك، قال : لئن فعلت لقد ضحك أحد الحكمين من صاحبه.. فغضب بلال وحبسه ؛ فقالوا : إنّ المجنون لا يعاقب ولا يحاسب..! فأمر بإطلاقه وأن يؤتى به إليه، فأتي في يوم سبت وفي كمّه طرائف (3) أُطرِفَ بها في الحبس، فقال له : ما هذا الذي في كمّك ؟ قال : من طرائف الحبس، قال : ناولني منها. قال : هو يوم سبت لست تُعطى فيه ولا نأخذ.. يُعرّض له بعمّة كانت له من اليهود (4).

ص: 244


1- في نسختي الأصل : المتحاكم، وهي محرفة عن المثبت.
2- راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 56/10، تاریخ دمشق 518/10، التذكرة الحمدونية 237/7.. وغيرها.
3- في نسخة (ب) : ظرائف.
4- في ربيع الأبرار 690/1، قال : أمر بلال بن أبي بردة بإخراج مجنون من الحبس ليضحك منه، فقال له : أتدري لم دعوتك ؟ قال : لا. قال : لأسخر منك. فقال المجنون غير منكر : فقد حَكَّم المسلمون حكمين، فسخر أحدهما من الآخر.. فخجل بلال وأطلقه. وجاء في عيون الأخبار 318/1: قال بلال بن أبي بردة لابن أبي علقمة : إنما دعوتك لأسخر منك. فقال له ابن أبي علقمة : لئن قلت ذاك لقد حكم المسلمون رجلين سخر أحدهما من الآخر. راجع: تاريخ دمشق 519/10، وأخبار القضاة 30/2 - 31، والتذكرة الحمدونية 255/7.. وغيرها.

وعرض بلال الجند، فمر به نميري ومعه رمح قصير، فقال : يا أخا نمير !

ما أنت [ إلّا ] كما قال (شعر) : [ من الوافر ]

لَعَمْرُك ما رِماحُ بَني نُمَيْرٍ***بطائشة الصُّدُور ولا قصار

فقال : أجلّ اللّه الأمير، ما هو لي، إنّما استعرته من رجل من الأشعريين(1).

وخاصم الأقَيْشِرُ امرأةً إلى ابن [ أبي ] بُرَدَة فأوجب.. فقضى لها عليه.

ص: 245


1- قال الزمخشري في ربيع الأبرار 673/1:.. عرض بلال بن أبي بردة [ بن أبي موسى الأشعري ] الجند، فمرّ به نميري ومعه رمح قصير، فقال : يا أخا نمير ! أنت ليس كما قيل : لعمرك ما رماح بني نُمَيرٍ***بطائشة الصُّدورِ ولا قصار فقال : أصلح اللّه الأمير، ما هو لي، وإنما استعرته من رجل من الأشعريين. وجاء في ربيع الأبرار 794/1 قصة بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، (مات نحو سنة 126 ه_)، وكيفية كشف عمر بن عبدالعزيز لخبثه وكون آل أبي موسى الأشعري كلّهم خبثاء.

فأنشأ الأُقيشر (1) (شعر) : [من الطويل ]

أَلَيْسَ عَجيباً أَنْ يَرَى النَّاسُ مِثْلَهُ ؟!***أَخُو أَشْعَرِ (2) يُدْعَى لِيَحْكُمَ فِي الْأَمْرِ ؟ !

وَهَلْ كُنْتَ إِلَّا مِثْلَ نَفْعٍ بَقِيعَةٍ***خليفَ رِقاعِ لَا يَرِيشُ ولا يَبْرِي

فَأَصْبَحْتَ تَقْتَادُ (3) الجُيُوسَ كَأَنَّما***تَرَكْنَاكَ فِينا حاجِباً (4) أَوْ بَنِي بَدْرِ

أبوكَ أَبُو سُوْءٍ وَأُمُّكَ مِثْلُهُ***طعنة (5) عاشَتْ وَهُىَ عَاشِيَةُ (6) البَضْر (7)

ص: 246


1- الشعر غير موجودة في ديوان الأقيشر الأسدي المجمع.
2- في نسخة (ألف) : سعر.
3- في نسختي الأصل : يقتاد.
4- المراد منه : حاجب بن زرارة.
5- كانت أُمّه يهودية. انظر : تاریخ دمشق 520/10، ولعلّ الكلمة (لِغَيَّة) أو (طعينَة) وكلتاهما تكلُّفٌ.
6- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، ويحتمل غير ما أثبتنا. الغاشية هنا بمعنى المغشيّة، كقوله تعالى: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾ أَي مَرْضِيَّة [سورة الحاقة (69): 21].
7- هذه الأبيات - عدا الأخير منها - جاءت في أخبار القضاة لوكيع 410/2.

وكان سبب اختياره للحكمين : أنّه لما هجم أبو الأعور السلمي على عسكر عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) والمصحف على رأسه (1)، وهو يقول : قد جئتكم (2) في أمر لنا ولكم خِيَرَةً وصلاح، وحقن الدماء، وألفة الدين، وذهاب الفتن (3) أن نجعل (4) القرآن بيننا وبينكم حكماً، ويحكم بيننا حكمان مرضيان منا ومنكم..(5) فاتق اللّه - يا علي ! - فيما ادعيت ! (6) وارض بحكم القرآن !

فقالوا : قد رضينا وقبلنا.

قال أهل الشام (7) : إنا قد اخترنا عمرو بن العاص، فقال الأشعث بن قيس،

ص: 247


1- هذا مجمل جداً ممّا جاء في هذا المقام حتّى ما رواه المصنّف (رَحمهُ اللّه) نفسه في مناقبه 363/2 وما بعدها، وعنه في بحار الأنوار 311/33 وما بعدها (باب 21) حدیث 562.
2- في نسختي الأصل : جبكم.
3- في نسختي الأصل : العنى، والمثبت عن الفتوح. وفي الفتوح : في أمر لنا ولكم فيه حياة وعذر وصلاح، وحقن الدماء، وألفة الدين، وذهاب الفتن.
4- في نسخة (ألف) : تجعل.
5- في الفتوح : أحدهما من أصحابنا والآخر من أصحابكم، يحكمان بما في كتاب اللّه عزّ وجلّ ؛ فإنّه خير لنا ولكم، ونقطع هذه الفتن، فاتق.. انظر : الفتوح 190/3، ولاحظ ما جاء في شرح ابن أبي الحديد 225/2، فقد جاء فيه : أن هذا ممّا كتبه معاوية لأمير المؤمنين..
6- في الفتوح : فيما دعيت إليه...
7- انظر : تاريخ الطبري 36/4، ومروج الذهب 391/2، وتجارب الأُمم 541/1 - 542، والكامل لابن الأثير 318/3 - 319، وتاريخ أبي الفداء 177/1.. وغيرها، ولاحظ : شرح النهج لابن أبي الحديد 228/2.

وزيد بن حصن (1) الطائي، ومسعر بن فدكي (2)، وعبد اللّه بن الكواء.. وسائر الخوارج : فإنا قد رضينا ب_ : أبي موسى الأشعري !

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنه ليس بثقة، قد فارقني وخذّل الناس عنّي (3)، ثمّ هرب منّي حتّى أمّنته بعد أشهر (4)، ولكن هذا ابن عباس أُوليه ذلك».

قالوا : واللّه ما نبالي [أنت] كنت أم ابن عباس.

قال : «فإنّى أجعله الأشتر».

فقال الأشعث : وهل سعر الحرب غير الأشتر ؟ ! [ وهل نحن إلا في حكم الأشتر ! ]

فقال [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]: «فإنّكم عصيتموني في أول الأمر.. فلا تعصوني الآن..» فأبوا.

[ قال الأعمش : حدثني من رأى علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم صفين يصفق بيديه ويقول :

ص: 248


1- في نسخة (ألف) : حصر.
2- في نسختي الأصل جاءت الكلمة غير معجمة، وتقرأ فيها : ملكي، والصحيح ما أثبتناه من كتب الحديث والتاريخ والرجال.
3- سقطت كلمة (عني) من نسخة (ألف).
4- في بعض المصادر: شهر. وجاء في تاريخ الطبري، وتجارب الأُمم، والكامل، وتاريخ أبي الفداء، وشرح النهج : أشهر.. وغيرها. وفي مروج الذهب 391/2 : ثمّ إنّه هرب شهوراً حتّى أمنته.

«يا عجباً ! أُعْصَى ويطاع معاوية ؟ !» ](1)

فقال : «قد أبيتم إلا أبا موسى ؟!».

قالوا : نعم.

قال : «فاصنعوا ما بدا لكم، اللّهم إنى أبرأ إليك من صنيعهم».

فقال الأحنف : فإن أبيتم إلا أبا موسى فأدفئوا (2) ظهره بالرجال.

فقال خُرَيمُ (3) بن فاتك الأسدي (شعر) : [من البسيط ]

ص: 249


1- راجع : تاریخ دمشق 137/59، وسير أعلام النبلاء 141/3.. وغيرهما. وانظر : تاريخ الخلفاء للسيوطي : 192، والمناقب للخوارزمي : 196.. وغيرهما.
2- في نسخة (ألف) : فادقنوا، وفي نسخة (ب) : فادفنوا، وما أُثبت أُخذ من المصادر. وفي المناقب : فارقبوا ظهره، فقال خزيم.. وفي بحار الأنوار عنه : فأدفئوا ظهره فقال.. وفي تاريخ الطبري 37/4: فأدفئوا ظهره بالرجال.. ومثله في تجارب الأُمم 543/1، والكامل لابن الأثير 319/3.. وغيرهما.
3- الشعر موجود في ديوان خُريم بن فاتك الأسدي، والبيت الأول والثالث في بحار الأنوار 314/33 (باب 21) حديث 56 عن المناقب، باختلاف يسير. وجاءت الأبيات في كتاب صفين : 502، وشرح النهج لابن أبي الحديد 231/2، وقد نسبت فيهما لأيمن بن خزيم الأسدي، وهناك اختلاف يسير عمّا هنا، وأورد ابن قتيبة في الأخبار الطوال : 193 البيت الأول والثالث، وكذا في مروج الذهب 399/2، وجاءت الأبيات كاملة في الفتوح 199/4.

لَوْ كانَ لِلْقَوْمِ رَأْيِّ يُرْشَدُونَ بِهِ***أهْلَ العِراقِ رَمَوْكُمْ (1) بِابْنِ عَبَّاسِ

للّه دَرُ أَبيه أَيُّما رَجُلٍ***ما مِثْلُهُ لِلْقَضا والحُكْمِ في النَّاسِ

لَقَدْ رَمَوْكُمْ بِشَيْخ مِن ذَوِي يَمَنٍ***لَمْ يَدْرِ ما ضَرْبُ أَخْمَاسِ لأَسُداسِ (2)

إِنْ يَخْلُ عَمْرُو بِهِ يَقْذِفْهُ فِي لججٍ***يَهْمِي (3) بِهِ البَحْرُ (4) تَيْساً بَيْنَ أَشْياسِ

أَبْلِغْ لَدَيْكَ عَلِيّاً غَيْرَ عاقِبَةِ (5)***قُولَ امْرِ لا يَرَى بِالحَقِّ مِنْ باسِ :

ما الأَشْعَرِيُّ بِمَأْمُونِ - أَبا حَسَنٍ ! -***خُذْها إلَيْكَ وَلَيْسَ العَجْزُ (6) كالرَّاسِ

ص: 250


1- في نسختي الأصل : رجوكم.
2- جاءت هذه الأبيات الثلاثة في المنتظم لابن الجوزي 128/5 - 129.
3- كذا، والظاهر : يهوي.
4- في شرح النهج وكتاب صفين : النجم.
5- في شرح النهج وصفين والفتوح عاتبه.
6- هذا استظهار، وفي نسخة (ب): الفخذ، وفي نسخة (ألف) : الفخر، وهناك بيت جاء بعد هذا في شرح النهج وصفين، فراجعه.

[ فلما اجتمعوا ؛ كان كاتب عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عُبيد اللّه بن أبي رافع، وكاتب معاوية عمير بن عبّاد الكلبي ]

قال : فكتب عبيد اللّه بن أبي رافع: هذا ما تقاضى [عليه] عليّ

مير المؤمنين [ ومعاوية بن أبي سفيان ](1)..

فقال معاوية : لو كنتُ عرفتك أمير المؤمنين لما حاربتك !

فقال الأحنف : لا تمح (2) اسم إمارة المؤمنين ؛ فإنّي أتخوّف إن محوتها ألّا (3) ترجع إليك، [لا تمحها ] (4) ولو قتل الناس (5) بعضهم بعضاً.. فأبى على ملياً من النهار (6).

ص: 251


1- وفي بعض المصادر : فقال عمرو : اكتبوا اسمه واسم أبيه ؛ هو أميركم فأما أميرنا فلا! وفي أمالي الشيخ (رَحمهُ اللّه) : فقال عمر و بن العاص : اكتب اسمه واسم أبيه، ولا تسمه بإمرة المؤمنين، فإنّما هو أمير هؤلاء وليس بأميرنا.
2- في نسختي الأصل : لا يمح، والصحيح ما أثبتناه.
3- في تجارب الأُمم 544/1: لا ترجع إليك وإن قتل..
4- الزيادة من تاريخ الطبري.
5- في نسختي الأصل : قبل العبّاس، والمثبت عن المصادر.
6- تقرأ في نسختي الأصل : فأتى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مالي من النهار، ومعناه غير واضح، والصحيح ما أثبتناه في المتن من مصادره. فراجع تاريخ الطبري 52/5، المنتظم لابن الجوزي 122/5، الكامل في التاريخ [670/2]319/3 – 320.

ثمّ إن الأشعث قال : امح هذا الاسم بوجه من اللّه (1).. فمحي (2).

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «اللّه أكبر.. سنّة بِسُنَّة (3)، ومثل بمثل، [ واللّه إني لكاتب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم الحديبية ! ! ] (4)».

وقد روى (5) محمّد بن إسحاق، عن بريدة بن سفيان، عن محمّد بن كعب..

ص: 252


1- في أمالي الشيخ امحُ هذا الإسم ترحه اللّه.. وفي تاريخ الطبري : امح هذا الاسم برحه اللّه.. وفي تجارب الأمم : امح هذا الاسم نزحه اللّه..
2- لم ترد كلمة : فمحي في نسخة (ألف). وقد رواه الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في الأمالي : 187 حديث 315 [ طبعة مؤسسة البعثة ] وعنه في بحار الأنوار 316/33 حديث 564. وانظر : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 232/2 - وعنه في بحار الأنوار 540/32 - 542 (باب 12)، وصفحة : 452 (باب 21)، والأخبار الطوال للدينوري : 194، وتاريخ الطبري 37/4، والمنتظم 122/5، والكامل 319/3 - 320.. وغيرها كثير.
3- في نسختي الأصل : لسنّة، والمثبت عن المصادر.
4- الزيادة من الأمالي للشيخ (رَحمهُ اللّه).
5- لاحظ ما هنا في المناقب 365/2 - 366 (فصل في الحكمين والخوارج) [طبعة النجف ]، ما هناك من اختلاف في ترتيب الكلام، وجاء أيضاً في مروج الذهب 403/2، وتاريخ اليعقوبي 166/2.. وغيرهما. وانظر : بحار الأنوار 314/33 (باب 21) ضمن حديث 562 عن المناقب.

وروى الماوردي في أعلام النبوة (1)، وروى ابن مسكويه في تجارب الأمم (2) ؛ أنّ علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «واللّه إنّي لكاتب [ رسول اللّه ] يوم الحديبية، وإنّ النبيّ (عليه و آله السلام) قال : «اكتب يا علي : بسم اللّه الرحمن الرحيم».

فقال سهيل (3) بن عمرو : هذا كتاب بيننا وبينك - يا محمّد ! - فافتحه بما نعرفه، واكتب : باسمك اللّهم..

ثم قال : «اكتب : هذا ما قاضی علیه محمّد رسول اللّه».

قال سهيل بن عمرو (4) : لو أجبتك (5) إلى هذا لأقررت لك بالنبوة..

فقال النبيّ : «امح محمّداً - يا علي !...»، ثمّ قال : «فإنّ لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد» (6)

ص: 253


1- أعلام النبوة : 121، كما وقد ذكر الماوردي حكاية يوم الحديبية، ولم يذكر كلام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- تجارب الأُمم 544/1، وذكر صدر الخبر خاصة، مع اختصار فيه، ومثله في بحار الأنوار (333/20 (باب 20) ذيل حديث 4، عن سيرة ابن هشام 365/3، وكذا في بحار الأنوار 352/20 عن تفسير القمي، وعن الخرائج فيه 356/2 - 357.. وغيرها.
3- في نسختي الأصل : سهل، والصحيح ما أثبتناه من المصادر، وهو من المشاهير.
4- الاسم مطموس في نسخة (ب)، وقد أثبتناه من نسخة (ألف).
5- في الإرشاد هنا زيادة في الكتاب الذي بيننا.
6- وجاء مثله في شرح النهج لابن أبي الحديد 232/2، وكتاب صفين : 509، ودلائل النبوة للبيهقي 147/4، ومناقب الخوارزمي : 193، كما وقد فصله في الإرشاد 119/1 - 121، وإعلام الورى 371/1 - 372.. وغيرهما.

وفي رواية (1) : «ستدعى إلى هذا فتجيب وأنت على مضض (2)».

وفي رواية : «إنّ لك يوماً - يا علي ! - مثل هذا، أنا أكتبها للآباء وتكتبها للأبناء».

فقال عمرو : يا سبحان اللّه ! تُشبه بالكفار ونحن مؤمنون ؟!

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «يا بن النابغة ! أو لم تكن للمشركين وليّاً وللمؤمنين عدوّاً ؟!

أو لم تكن في الضلالة رأساً وفي الإسلام ذنباً ؟!

أو لست ممّن قاتل محمّداً [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] وفتن (3) أمته (4) من بعده ؟!

[أ] ولست [ال_] أبتر ابن الأبتر وعَدُوَّ اللّه ورسوله وأهل بيته ؟!

قم من ههنا - يا عدو اللّه ! - فليس ههنا يحضره مثلك..» (5).

ص: 254


1- كما في الإرشاد 121/1، إعلام الورى 372/1، وجاء في تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) 312/2 [ وفي المحققة 989/3 - 990]، وأيضاً مثله في كتاب مسلم 1409/3 حديث 9.. وغيره
2- جاء في تفسير القمّي : وأنت مضيض مضطهد.
3- في نسخة (ب) : قتن، وفي نسخة (ألف) : قتر.
4- في نسختي الأصل : أمية، والظاهر ما أثبت.
5- راجع : الفتوح 201/4 - 202.. وغيره. وقد حكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 377/33 - 378 (الباب الثالث والعشرون) حديث 608 عن الاحتجاج 187/1 [ طبعة بيروت ] (احتجاجه (عَلَيهِ السَّلَامُ) على الخوارج)، في حديث ابن عباس مع الخوارج، جاء فيه : ثمّ قال : كنت أكتب لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الوحي والقضايا والشروط والأمان يوم صالح أبا سفيان وسهيل بن عمرو، فكتبت : بسم اللّه الرحمن الرحيم.. هذا ما اصطلح عليه محمّد رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] أبا سفيان وسهيل بن عمرو». فقال سهيل : إنا لا نعرف الرحمان الرحيم، ولا نقرّ أنك رسول اللّه، ولكنا نحسب ذلك شرفاً لك أن تقدّم اسمك قبل أسمائنا وإن كنا أسنّ منك، وأبي أسنّ من أبيك.. فأمرني رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] فقال: «اكتب مكان (بسم اللّه الرحمن الرحيم) : باسمك اللّهم». فمحوت ذلك وكتبت : باسمك اللّهم، ومحوت (رسول اللّه) وكتبت (محمّد بن عبد اللّه)، فقال [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] لي : «إنك تدعى إلى مثلها فتجيب وأنت مكره».. وهكذا كتبت بيني وبين معاوية وعمرو بن العاص : هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومعاوية وعمرو بن العاص». فقالا : لقد ظلمناك بأن أقررنا بأنك أمير المؤمنين وقاتلناك، ولكن اكتب : علي بن أبي طالب.. فمحوت كما محا رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )]، فإن أبيتم ذلك فقد جحدتم»، فقالوا : هذه لك خرجت منها.

فكتبوا الكتاب، واتفق أبو موسى وعمرو أن يجتمعا بأَذْرُح (1)، ونودي في الفريقين بالانصراف (2).

ص: 255


1- في نسخة (ب) : بأدرج، وفي نسخة (ألف) : أدرح، والصحيح : أذْرُح، كما في معجم البلدان 130/1، و 118/2 و 488: وهي بلدة في أطراف الشام. راجع الطبقات الكبرى لابن سعد 32/3، وتاريخ خليفة ابن خياط : 144، وتاريخ دمشق لابن عساكر 67/23، و 118/59 - 119.. وغيرها. ولاحظ : تاريخ الطبري 41/4 [48/4]، والكامل لابن الأثير 321/3، وتجارب الأُمم 547/1.. وغيرها.
2- روى الشيخ الطوسي له في أماليه 190/1 [ الطبعة الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 187 - 188 برقم 315]، وعنه في بحار الأنوار 316/33-317 (الباب الواحد والعشرون) حديث 564، بإسناده عن عبدالرحمن بن جندب، عن أبيه، قال : لما وقع الاتفاق على كتب القصة [خ. ل : القضية ] بين أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبين معاوية ابن أبي سفيان، حضر عمرو بن العاص - في رجال من أهل الشام - وعبد اللّه [ عبيد اللّه ] ابن عباس في رجال من أهل العراق، فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للكاتب : «اكتب : هذا ما تقاضى عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان». فقال عمرو بن العاص : اكتب اسمه واسم أبيه، ولا تسمه بإمرة المؤمنين ؛ فإنّما أمير هؤلاء وليس هو بأميرنا..!! فقال الأحنف بن قيس : لا تمح هذا الاسم، فإنّي أتخوّف إن محوته لا يرجع إليك أبداً.. فامتنع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) [من ] محوه، فتراجع الخطاب فيه ملياً من النهار، فقال الأشعث بن قيس : امح هذا الاسم ترحه اللّه. فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «اللّه أكبر سنّة بسنة، ومثل بمثل، واللّه إني لكاتب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم الحديبية، وقد أملى عليّ : هذا ما قاضى عليه محمّد رسول اللّه سهيل بن عمرو.. فقال له سهيل : امح (رسول اللّه)، فإنا لا نقر لك بذلك ولا نشهد لك به، اكتب اسمك واسم أبيك، فامتنعت من محوه، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «امحه يا علي ! وستدعى إلى مثلها فتجيب وأنت على مضض». فقال عمرو [بن العاص ]: سبحان اللّه ! ومثل هذا يشبه بذلك ونحن مؤمنون وأولئك كانوا كفاراً ؟! فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «يا بن النابغة ومتى لم تك [ تكن ] للفاسقين وليّاً، وللمسلمين عدواً ؟! وهل تشبه إلّا أُمك التي دفعت بك ؟!». فقال عمرو بن العاص : لا جرم لا يجمع بيني وبينك مجلس أبداً. فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «واللّه إني لأرجو أن يُطهر اللّه مجلسي منك ومن أشباهك». ثمّ كتب الكتاب وانصرف الناس. ورواه الطبري في تاريخه 52/5 في آخر قضية صفّين عن أبي مخنف.

ص: 256

فقال شريح بن هاني (1) : يا أبا موسى ! إنّك قد نُصبت لأمر (2) [ عظيم ](3)، لا يجبر (4) صدعه، ولا يستقال عثرته (5)، فاتق اللّه فانظر كيف تكون ؟! فإنّك رميت بعمرو، وهو رجل لا دين له ؛ لأنّه باع دينه (6) بدنياه، فإياك أن يخدعك ؛ فإنّه خدّاع مكّار (7).

وقال له الأحنف (8).

ص: 257


1- كما جاء في الفتوح 207/4 بنصّه. ولاحظ : شرح ابن أبي الحديد للنهج 245/2، وكتاب صفين : 534، والإمامة والسياسة 115/1.. وغيرها.
2- لم ترد كلمة (الأمر) في نسخة (ألف).
3- الزيادة أُخذت من شرح نهج البلاغة.
4- في نسخة (ألف): لا تجير.
5- في شرح النهج لابن أبي الحديد ولا تستقال فتنته.. وإلى هنا جاء فيه، أما في كتاب صفين : ولا يستقال فتقه.
6- سقط (دينه) من نسخة (ألف).
7- في نسختي الأصل : مكسار.
8- كما جاء في الفتوح 209/4. يا أبا موسى اعرف خطب هذا المسير؛ فإنّ له ولاحظ : شرح النهج لابن أبي الحديد 249/2 - باختلاف أشرنا لبعضه - وكذا جاء في كتاب صفين : 536، والإمامة والسياسة 116/1.. وغيرهما.

ما بعده (1)، واعلم أنّك [ إن ] ضيعت (2) العراق فلا عراق (3)، واتق اللّه ! فإنّه يجتمع لك أمر الدنيا والآخرة، ولا تبدأ بالسلام على عمر و حتّى يكون هو [الذي ] يبدؤك (4)، وإن سألك أن تقعد معه على فراشه فلا تفعل ؛ فإنّ ذلك خديعة منه لك، ولا تدخل إلى بيت له مخدع (5) ويكون قد عبّى لك شهوداً، وإن لم يستقم لك عمرو على ما تريد، فخيّره من شاء غيرك يكلّمه.. فلا تكلّمه أنت (6).

وكتب إليه النجاشي (7) : [ من الوافر ]

وَلا يَخْدَعْكَ عَمْرُو إِنَّ عَمْراً***- أبا مُوسَى ! - لَدَاهِيَةُ العِراقِ (8)

ص: 258


1- لم يرد في شرح النهج : فإن له ما بعده.
2- في شرح النهج : أضعت.
3- لعلّه تقرأ في نسخة (ألف) : الفراق فالاعراف، وفي نسخة (ب) أيضاً : فالاعراف.
4- في النهج : فإنّها وإن كانت سنة، إلا أنّه ليس من أهلها، ولا تعطه يدك فإنّها أمانة.
5- في نسخة (ألف): فخدع.
6- هناك فرق وزيادة واختلاف بين ما هنا وما نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج.
7- كما في الفتوح 209/4، وجاء في صفين : 537.. وغيره.
8- وجاء العجز في كتاب مآثر الأبرار كما جاء هنا، لكن فيه : لداهية الرفاق، وهو الصحيح، وذلك لأنّ عمرو بن العاص لم يكن في العراق كي يقال له : داهية العراق. وفي صفين : أبا موسى تحاماه الرواقي.

وَكُنْ مِنْهُ عَلَى حَذَرٍ وَأَنْهِجْ***سَبيلك لا تزل (1) بِكَ المراقي (2)

قال : فلما تفاوضا في الكلام، حضر المغيرة بن شعبة للبحث عن الحال.

فقال : نحن قد اعتزلنا هذين الرجلين لكثرة القتال حتّى تجتمع الأُمّة.

فقال أبو موسى : أراكم أثبت الناس رأياً.. فيكم بقية المسلمين (3).

فقال عمرو : هما أشرّ (4) الناس لا يعرفان الحق.

فغره عمر و أن معاوية خذل عثمان، وأن علياً أوى قاتليه وكثر القتال، أنتَ على أن تسمي رجلاً يلي أمر هذه الأُمّة أَقْدَرُ.. فسم لي ؛ فَإِنِّي أَقْدَرُ على أن (5) أتابعك منك على أن تتابعني.

قال أبو موسى : أسمّى لك عبد اللّه بن عمر ؛ لاعتزاله عن الحرب ؛ وإنّما قال ذلك لأنّ عبد اللّه بن عمر كان ابن أخت أبي موسى.

ص: 259


1- في نسخة (ألف) : لا ترك، وفي نسخة (ب): لانزل.
2- جاء عجز البيت في كتاب صفين هكذا : طريقك لا تزل بك المراقي، وفي نسخة (ألف) : العراق.
3- راجع عنه : تجارب الأُمم 548/1، وتاريخ الطبري 41/4، والمصنف للصنعاني 463/5 - 464.. وغيرها.
4- في نسختي الأصل : هما اشترى، والظاهر ما أثبتناه. انظر: وقعة صفين : 539 - 540.
5- لا توجد في نسخة (ألف).

قال : نِعْمَ ما رأيت ؛ وإني قد خلعت معاوية اليوم ؛ فاخلع عليّاً إن شئت غداً ؛ فإنّه يوم الاثنين !

قال : فلما اجتمعا.. قال أبو موسى لعمرو : اخلع صاحبك بحضرة الناس.

فقال عمرو : سبحان اللّه ! أتقدم عليك وأنت في موضعك وسنّك وفضلك ؟! تقدّم أنت.

فقال أبو موسى : إنا واللّه - أيها الناس ! - قد اجتهدنا رأينا، ولم نَالُ (1) الإسلام وأهله خيراً، ولم نر أصلح للأمة من خلع هذين الرجلين.. وقد خلعت عليّاً ومعاوية كخلع خاتمي من إصبعي (2).

فقال عمرو : ولكنّي خلعت صاحبه علياً كما خلع، وأثبت معاوية.. وحوّل خاتمه من يمينه إلى يساره (3).

ص: 260


1- الكلمة مشوّشة، وتقرأ في نسخة (ألف) : بال، أو غيرها.
2- وقد جاء الحديث مع اختلاف يسير في تجارب الأُمم 549/1 - 551، وكذا فيما سلف من المصادر.
3- ورواه بتفصيل أكثر ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 444/1 [طبعة بيروت الحديثية ] وعنه في بحار الأنوار 297/33 - 303 (الباب الواحد والعشرون) حديث 553، فراجع. راجع : المناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 366/2 - 367 [ وفي الطبعة الأولى 191/1، وفي طبعة قم 185/3]، والمصادر السالفة من : من : تجارب الأمم، وتاريخ الطبري، ومصنف الصنعاني.. مضافاً إلى : الأخبار الطوال 198 - 201، وأنساب الأشراف 350/2 - 351.. وغيرهما.

ابن الحريري البصري (1) : [ من الطويل ]

فَإِنْ تَكُ قَدْ ساءَ تُكَ مِنِّي خَدِيعَةٌ***فَقَبْلَكَ شَيْخُ الْأَشْعَرِيِّينَ (2) قَدْ خُدِعْ

الحميري (3) : [ من المتقارب ]

وأَمَّا ابنُ قَيْسٍ أَخُو الأَشْعَرِيِّ***فَبَاعَ حُكُومَتَهُ بِالخُسُرْ

وَمِنْ أَجْلِهِ حَكَمَ (4)المَارِقُونَ***وتسفكه مِنْهُمُ مَنْ فخر (5)

فَفِي عُنُقِ الأَشْعَرِيِّ الَّذي***مَلَا (6) بِحُكُومَتِهِ الْأَرْضَ شَرْ

ص: 261


1- هو : أبو محمّد القاسمبن عليّ الحريري (المتوفى سنة 516 ه_) حامل لواء البلاغة، وفارس النظم والنثر - على حدّ تعبيرهم - صاحب كتاب : مقامات الحريري، وكتاب : درّة الغوّاص في أوهام الخواص، حكى عنه المصنّف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 49/2 [ طبعة قم، وفي طبعة 59/2]، في ذيل فصل في المسابقة بالعلم، في ترجمة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). انظر عنه : شذرات الذهب 50/4 - 53، وكشف الظنون: 741.. وغيرهما، ولم يترجم في الأعيان ولا الطبقات.. ولا غيرهما ؛ إذ ليس هو منّا.
2- في نسختي الأصل : الأشعري.
3- هذه الأبيات لم نجدها في ديوان السيّد الحميري (رَحمهُ اللّه) المطبوع، ولعلّها من متفردات موسوعتنا هذه، فراجع.
4- .. أي صاروا مُحَكمةٌ خوارِجَ.
5- كذا ولعلّها : وتَسْلِيطُهُ مِنْهُم مَنْ فَجَز.
6- مخففة : (ملأ).

وله (1) : [من البسيط ]

أَقُولُ لَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ ذَهَبُوا***في كلّ فَنَّ (2) بِلا عِلْمٍ يَتِيهُونا

من فاسِقِينَ ومُرَّاقٍ وسَامِرَة (3)***دانُوا بِدِينِ أَبي مُوسَى وَمُرْجِينا (4)

يا نَفْسُ لا تَمْحَضِي (5) بِالنُّصْحِ مِنْكِ وَلَا***صَفْوِ المَوَدَّةِ (6) إِلَّا آل ياسينا (7)

ص: 262


1- جاء هذان البيتان في ديوان السيّد الحميري (رَحمهُ اللّه) : 416.
2- في نسختي الأصل: من.
3- الكلمة مشوشة في نسخة (ب)، وفي الديوان : (من ناكثين ومراق وقاسطة).
4- لا يخفى أنّ المرجئة هي التي تقول : إنّه لا يضر مع الإيمان معصية، ولا ينفع مع الكفر طاعة. وهم أربعة أصناف : مرجئة الخوارج ومرجئة القدرية، ومرجئة الجبرية، ومرجئة الخالصة. لاحظ : الأغاني 248/8، وسيأتي الكلام عنهم مفصلاً مع المصادر في آخر موسوعتنا هذه.
5- في نسختي الأصل : تمحصي، وما أُثبت أولى معنىً.
6- في نسختي الأصل : المروة، وعلى نسخة (ألف) : المودّة.
7- لم يرد هذا البيت في الديوان المطبوع للسيد، فلاحظ.

البشنوی (1): [ من المتقارب ]

[ أ ] الحقّ فِي الفِعْلِ بِالسَّامِرِيِّ***وتُبَّاعِه ؟! بِئْسَ ما أَبْدَعُوا

لَقَدْ نَقَضُوا عَهْدَ يَوْمِ الغَدِيرِ***فَكُلُّ الذي حَفِظُوا ضَيَّعُوا

برأي الصُّهاكِي فِيمَا جَناهُ***غَدا الأَشْعَرِيُّ لَهُ يَخْلَمُ

فَفِي دَوْمَةِ الجَنْدلِ الإِقتداءُ***بِيَوْمِ السَّقِيفَةِ إِذْ شَنَّعُوا

وَبَيْنَ الوَصِيِّ وَبَيْنَ ابْنِ هِنْدٍ***كَيَوْمِ الحُدَيْبِيَّةِ المَشْرَعُ

سُهَيْلٌ مَحا ثَمَّ إِسْمَ الرسولِ***كَإِسْمِ الأَمِيرِ (2) مَحا المُخْدَعُ

سَيُدْعَى إِلى مِثْلِها صِنْوُهُ (3)***لَه قَالَ وَالأمرُ يُسْتَجْمَعُ (4)

فَلَمَّا قَضَى نَحبَه أَحمَد***تَفَرَّقَ عَنْ أَمْرِهِ المَجْمَعُ (5).

ص: 263


1- سبقت ترجمة شاعرنا هذا في المقدمة، كما وقد سلف الحديث عن هذه القصيدة قريباً، فراجع.
2- كذا في نسخة (ألف) وهو الصواب، وفي نسخة (ب) : الأمين، وهو سهو.
3- في نسختي الأصل : صفوة.
4- الأبيات الأخيرة مشوّشة في نسختي الأصل، وهي قد طبقت على نسخة (ب)، وجاء العجز في نسخة (ألف) : قال والأمر يستجمع..
5- أقول : أورد المصنّف (رَحمهُ اللّه) من هذه القصيدة أبياتاً في مناقبه 366/2 [ وفي طبعة قم 184/3] - بتقديم وتأخير - عنه بقوله : [ من المتقارب ] سيُدعى إلى مثلها صنْوُهُ***له قال والأمرُ مُسْتَجْمِعُ وبين الرضا [ الوصي ] وبين ابنِ هِنْدِ کَيوم الحُدَيْبِيَةِ المَسْرَعُ سهيل محا ثمّ إسم الرَّسُولِ***كإِسم الأم مَحا المُبْدِعُ ففي دومة الجندل الإقتداء***يَومِ السَّقِيفَةِ إِذ شَنَّعُوا

وله (1) : [ من الطويل ]

أَلَيْسَ قُرَيْش ناصَبَتْ لِوَلِيُّها***عناداً ومَوْلاها(2) أَخِي خاتَمِ الرُّسُلِ

وَكَانَتْ عَلى ما أَخَّرَتُهُ وقَدَّمَتْ***بِرَأْي أَبِي مُوسَىٰ وَدِينِ أَبِي جَهْلِ

أبُو جَهَلٍ آذى النبيّ (3) مُكَذِّباً***کما صار خَلْعُ الأَشْعَرِيِّ لَذِي الفَضْلِ

فَوَيْلُ أَبِي قَيْسٍ وَقَيْسٍ كِلَيْهِما***لَقَدْ شَارَ كَا ذَا الشِّرْكِ فِي أَسْفَلِ السَّفْلِ

العوني (4): [ من الرجز ]

ص: 264


1- هنا بياض في نسخة (ألف)، وما أُثبت أخذ من نسخة (ب).
2- في نسخة (ألف) : قولاها، والصحيح ما أُثبت من نسخة (ب).
3- العبارة مشوشة في النسختين، وقد تقرأ في نسخة (ألف)، أمحا النبي، وفي نسخة (ب): أُمى، وما أُثبت استظهار منا.
4- لم يرد اسم الشاعر في نسخة (ألف)، وما أُثبت من نسخة (ب)، وهو الصحيح لما ذكر في تنقيح المقال 337/36 - 338 في ترجمة الرجل برقم 11409، وهي من قصيدته المعروفة ب_ (المذهبة) التي سلف الحديث عنها مفصلاً، وقد جاءت كلمة (العوني) بعد ذلك في نسخة (ألف)، كما ونحتمل أنّها قد أُخّرت سهواً، وقد اضطررنا إلى ترتيب الأبيات على ذلك الوزان وإن كان فيها سقط، فتدبر جيداً، ولاحظ ما سلف من هذه القصيدة، تعرف صدق حدسنا. أقول : جاءت هذه الأبيات في ضمن قصيدة العوني المعروفة ب_: المذهبة، أورد منها العلّامة الأميني (51) بيتاً، مخمساً، وهذا جاء برقم (17) منه وفيه هذه المخمسة : [من الرجز ] وكان أن يردّ للتسليم***إذ ردّ للأحبش في الهزيم فأعمل الحيلة في التحكيم***بأمر شيطانهم الرج ففي الرعاة حكم الرعيا

وَأَعْمَلُوا الحِيلة (1) في التَّحْكِيم***بِمَكْرِ شَيْطانِهِمُ الرَّجيم

وکيده في الفتنَة العَظِيمِ***.................(2)

وَفي الرُّعاةِ حَكَموا الرَّعِيًّا (3)

ص: 265


1- في نسختي الأصل : الحلية، وما هنا جاء استظهاراً منا.
2- لم يرد عجز البيت في نسختي الأصل، بل لم يرد هذا البيت كلاً في المناقب، وجاء بعده أبيات كثيرة، وفي الغدير 132/4 هكذا : إذ ردَّ للأحبش في الهزيم.. فراجع ما هناك ؛ إذ وردت القصيدة فيه كاملة عدا هذا البيت.
3- أورد المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 367/2 [ وفي طبعة قم 185/3 - 186] الأبيات هكذا : وقال العوني : [من الرجز ] فأعملوا الحيلة في التَّحْكِيم***بِمَكْرِ شيطانِهِمْ الرَّجِيم ففى الرعاة حكموا الرعيا فأصبح القوم على تخالف***................. وجاءت الأبيات الآتية. لاحظ ما هناك ؛ فإنّه ينقص عما هنا.

العوني (1): [ من الرجز ]

فَأَصْبَحَ القَوْمُ عَلَى تَخالُفِ***مِنْ مُكْرَةٍ لِأَمْرِه بِعارِف (2)

إِذْ (3) شُكَّتِ الأَرْماحُ فِي المَصاحِفِ***مَشْهُورةً في سائِرِ المَواقِفِ

وَأَكْثَرُوا الجدال والرُّغِيَا (4)

ص: 266


1- اسم الشاعر بياض في نسخة (ب)، ولا وجه لذكره بعد أن كانت المخمسات متتالية على وزان واحد، وقد مر وجه له فيما مر. هذه جزء من القصيدة المعروفة ب_: المذهبة التي أورد منها المصنّف (رَحمهُ اللّه) أبياتاً متفرقة في مناقبه، وهنا كذلك، ولم يرد التخميس الأول في الغدير ولا في المناقب بخلاف الثلاثة الباقية، وقد أورد منها العلّامة الإميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 131/4 - 137 (51) خماسية.
2- كذا، والأفضل أن يقال : من كاره لأمره و عارف.. وقد جاء عجز البيت في المناقب : إذ شكت الأرماح في المصاحف.
3- لم ترد (إذ) في نسخة (ب).
4- الكلمتان أُثبتتاهما استظهاراً، وإلا فهما مشوشتان - رسماً وتنقيطاً - في نسختي الأصل، وقد تقرأ فيهما : الجدار والرقبا.

فَجاءَ أَهْلُ الشَّامِ بِابْنِ العاصِ***وَيْلٌ لهُ من مَوْقِفِ القِصاصِ

فاختالَ فِيها حِيلَةَ القَنَّاصِ***عَلَى العِراقَيْنِ على العِراقَيْنِ......بالخياصِ (1)

غَرَّ أَبَا (2) مُوسَى الأَشْعَرِيّا (3)

قامَ أَبُو مُوسى فُوقَ المِنْبَرِ***[وَ] قَالَ : إِني خالِعُ لِحَيْدَرِ (4)

كَما خَلَعْتُ (5) خاتَمِي مِنْ خِنْصِرِي***بِدَومَةِ الجَنْدَلِ، وَسْطَ المَحْضَرِ (6)

يا عَمْرِو ! قُمْ أَنْتَ اخْلَعِ الشَّامِيًا

فَقال عمرو : أَيُّهَا النَّاسُ اشْهَدُوا***بِخَلْعِهِ (7) صاحِبَهُ لَا تَجْحَدُوا

إثْمُ عَلَيَّ فَاشْهَدُوا وَاسْتَشْهِدُوا***جَمْعاً وإِنِّي لابْنِ هِنْدِ أَعْقِدُ

ص: 267


1- كذا ؛ والظاهر : على العِراقِيِّينَ بالحِياصِ.
2- في نسخة (ألف): عزّ أبو..
3- جاءت الأبيات في الغدير هكذا : [ من الرجز ] فلم يَجِدُ للكَفَّ مِنْ منَاص***وأَخَذَ التحكيمُ بالنَّواصي فجاءَ أهل الشام بابن العاصي***فاختالَ فيها حيلةَ القَناصِ غرَّ أبا موسى الأشعريّا
4- في الغدير مصحفاً : بحيدر.
5- في نسختي الأصل اختلعت.
6- عجز البيت في الغدير هكذا : ثمّ جَعَلْتُها لِنَجْلٍ عُمَرِ.. وهي الرواية الأصح.
7- الكلمة مشوشة في نسخة (ألف)، وعليه نسخة : بجعله.

فاستشهدوه (1) مذهباً عَمْريًا (2)

***

ص: 268


1- في الغدير (فاتخذوه) وهي صواب وأبعد عن التكرار.
2- جاءت المخمسة في الغدير هكذا : [ من الرجز ] فقال عمرو: أيُّها الناسُ اشْهَدُوا***أَنْ خَلَعَ الذي لَهُ يَعْتَمِدُ ثمّ اسْمَعُوا قَوْلِي ولا تَرَدَّدُوا***بِه فإنِّي لابنِ هِنْدِ أَعْقِدُ فاتَّخَذُوها مَذْهَباً عَمْرِيًا

عبید اللّه (1) بن عمر (2):

دخل على بعض الملوك وأجحف في المسألة، فقال الملك : ما هذا الإجحاف ؟

قال : أنا ابن عمر بن الخطّاب !

قال : ابن أيّهما (3).. ؟ ابن القاعد عن طاعة اللّه.. أو ابن القائم بمعصية اللّه، الحامل (4) بالسيفين على ولي اللّه ؟

لمّا ضُرِبَ عمر ؛ قتل ستة من المسلمين : جفينة (5)، وابنة [أبي ] لؤلؤة، وثلاثة من مسلمي العجم، ثمّ قتل هرمزان (6)، وكأنّ أبا [ه] صيّره

ص: 269


1- في نسخة (ألف): عبد اللّه. ثم إنّ الظاهر أنّ العنوان : عبيد اللّه - كما جاء في نسخة (ب)، لما ذكر من حادثة قتله الهرمزان وابنة أبي لؤلؤة، وما ذكر من قتله في صفين، كما أنّه سيأتي في الباب الآتي تحت عنوان : الخاذلين ؛ عنوان مستقل لعبد اللّه بن عمر، فراجع.
2- الظاهر هنا سقوط كلمة (فصل) في : عبيد اللّه بن عمر.
3- في نسختي الأصل : أيها.
4- في نسختي الأصل : الحاصل، وهي محرفة عن المثبت.
5- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : خفسة، ولعلّها : خنفسة، أو : حقيبة، ولا معنى مناسب لها، والصحيح ما أثبت في المتن، وحكايته مشهورة معروفة.
6- وجاء في العدد القوية : 328، وعنه في بحار الأنوار 199/98 : وفي اليوم السادس والعشرين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة طعن عمر بن الخطّاب.. وطعن معه اثني عشر رجلاً، فمات منهم ستة. رواه في بحار الأنوار عنه قبل هذا في 113/31 - 118 (مقتل عمر). وانظر: الاستيعاب المطبوع هامش الإصابة 458/2 - 473، والبدء والتاريخ 88/5 و 167، والكنى والألقاب للدولابي 7/1.. وغيرها.

طالباً (1) للقصاص من أبى لؤلؤة، وكان بعد ذلك يخاف على نفسه وعثمان يجيره (2)، ويتكلّم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيه، فلما قتل عثمان خرج إلى معاوية، وكان يبارز ويقول : أنت قتلت أبي وعثمان.. فقتل في المعركة (3).

شعر (4) :

ص: 270


1- العبارة مشوشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ فيهما : وكان أبا صيرها [خ.ل: أباضيرها ] طلباً للقصاص وما أُثبت استظهار منا، ولعلّ الأنسب معنى : وكان أباد نيرها طلباً للقصاص. أقول : ولقد جاء في وصف عبيد اللّه بن عمر : أنّه كان بصيراً بالخيل، أو يكون أبا صبير كنية لعبيد اللّه، واللّه العالم.
2- في نسختي الأصل : يستجيره، وهي محرفة عن المثبت.
3- انظر : المصنف للصنعاني 478/5 - 480، وشرح معاني الآثار 194/3، والطبقات الكبرى 15/5، وتاريخ دمشق 62/38، وأنساب الأشراف 294/2، والبداية والنهاية 167/7. وانظر : الغدير 132/8 - 143 نقلاً عن عدة مصادر.
4- جاء البيتان في المناقب 243/2، ولم ينسبا لأحد.

[ من الطويل ]

وَمِنْ قَبْل مَوْتِ المُصْطَفى كانَ صَحْبُهُ***إذا قالَ قَوْلاً صَدَّقُوهُ وحَقَّقُوا

فَلَمَّا مَضَى (1) خانُوهُ في أَهْلِ بَيْتِهِ***وَشَمْلَ بَنِيهِ بالأَسِنَّةِ مَزَّقُوا (2)

***

ص: 271


1- في المناقب : قضى.
2- في المناقب : فرقوا.. بدلاً من : مزقوا.

[ القسم الثالث ]

[ في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين ]

[ باب ]

[في القاسطين ]

[فصل 6]

[ في جماعة من القاسطين ]

ص: 272

ص: 273

فصل السادس: في جماعة منهم

فصل: في جماعة منهم (1)

ص: 274


1- روى الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في الخصال 91/2 [ وفي طبعة مكتبة الصدوق : 499 حديث 6]، وعنه في بحار الأنوار 222/21 حديث 5، بإسناده:.. عن حذيفة بن اليمان، أنّه قال : [ إنّ ] الذين نفّروا برسول اللّه ناقته في منصرفه من تبوك أربعة عشر: أبو الشرور، وأبو الدواهي، وأبو المعازف، وأبوه، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة، وأبو الأعور، والمغيرة، وسالم مولى أبي حذيفة، وخالد بن الوليد، وعمرو ابن العاص، وأبو موسى الأشعري، وعبد الرحمن بن عوف.. وهم الذين أنزل اللّه عزّ وجل فيهم : ﴿وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا﴾ [سورة التوبة (9): 74]. وروى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 123/28 - 124 حديث 6 عن الروضة من الكافي، بإسناده :.. عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه اللّه في قول اللّه عزّ وجلّ : (مَا يَكُونُ مِن نَجْوَى ثَلَاثَةِ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةِ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثمّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [سورة المجادلة (58) : 7]، قال : «نزلت هذه الآية في فلان، وفلان، وأبي عبيدة بن الجرّاح، وعبدالرحمن بن عوف، وسالم مولى أبي حذيفة، والمغيرة بن شعبة، حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتوافقوا : لئن مضى محمّد [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبداً، فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيهم هذه الآية». قال : قلت قوله عزّ وجلّ : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ ؟ ! [سورة الزخرف (43) : 79 - 80] قال : «وهاتان الآيتان نزلتا فيهم ذلك اليوم». قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لعلك ترى أنّه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب إلا يوم قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهكذا كان في سابق علم اللّه عزّ وجلّ الذي أعلمه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن إذا كتب الكتاب قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وخرج الملك من بنى هاشم.. فقد كان ذلك كله..» الحديث. لاحظ : الروضة من الكافي 179/8 – 180 حدیث 202.

في :

* المغيرة [ بن ] شعبة الثقفي (1) :

ص: 275


1- هو ابن أبي عامر بن مسعود أبو عبد اللّه، أو أبو عيسى (20 ق. ه_ 50 ه_) يقال له : مغيرة الرأي ؛ لكونه من دهاة العرب وولاتهم، وهو أوّل من سلم عليه بالإمارة، كما في المعارف لابن قتيبة : 551، والوسائل للسيوطي : 113.. وغيرهما. قال ابن قتيبة في الأوائل : 60 - ومثله في الأوائل لأبي هلال العسكري : 120 [المحققة 254/1]، والطبري في تاريخه 338/4، وأبو منصور الثعالبي في لطائف المعارف : 14.. وغيرهم - : إنّ أوّل من رشا في الإسلام المغيرة بن شعبة، وقال : ربّما عرق الدرهم في يدي أرفعه [ الأدفعه ] لا يرفأ) ليسهل إذني على عمر.. ويرفاً من حجّاب عمر. لاحظ : الأعلاق النفيسة : 191 و 195، المعارف : 243.. وغيرهما. ومثله جاء في المعارف لابن قتيبة : 558، وبه قال السيوطي في الوسائل في معرفة الأوائل : 111 بعنوان : رشاً يرفاً حاجب عمر، وكرّره في صفحة : 162 من دون ذكر المرشي ! بل قد أقرّ هو بذلك كما رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ للفسوي 244/1 – 245. قال أبو منصور الثعالبي (المتوفى سنة 426 ه_) في كتابه لطائف المعارف : 14 ما نصه : أوّل من سلّم عليه بالإمرة : المغيرة بن شعبة، وكانوا يكنون أمراءهم، فقال : ينبغي أن يكون بين الأمير والرعية فرق.. وألزم أهل عمله أن يؤمروه.. ففعلوا، واقتدى به سائر المسلمين في أُمرائهم. أقول : قال الزمخشري في ربيع الأبرار 793/1: دهاة العرب أربعة - وكلّهم ولدوا بالطائف -: معاوية، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، والسائب بن الأقرع. ولاحظ : لطائف المعارف : 99 - 100. وقال العسكري في الأوائل : 109: أوّل من بايع لولده معاوية، وأشار عليه المغيرة ابن شعبة. والطريف أنّ المغيرة هذا مع أبي مريم السلولي شهدا عند معاوية في أنّ زياد ابن سميّة العاهرة ولد من هند وأنه أخو معاوية.. قال المحقق الكركي (رَحمهُ اللّه) في رسالته تعيين المخالفين لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 323 [ مؤلفات الكركي الجزء الخامس ]...ومنهم الوليد بن عقبة بن أبي معيط والمغيرة بن شعبة.. وفحش عداوتهما لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد نطقت به كتب السير والأخبار.. ولاحظ : نسب ثقيف وما قيل فيهم في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 301/8 - 303، ووقعة صفّين : 54 - 55...وغيرهما. ذ كر أبو منصور الثعالبي (المتوفى سنة 426 ه_) في كتابه لطائف المعارف : 109 تحت عنوان (الأمراء العور) : المغيرة بن شعبة. وكذا راجع : طبقات ابن سعد 284/4، وأسد الغابة 406/4، والأخبار الطوال : 118، والإصابة 542/3، والمعارف لابن قتيبة : 294 - 295.. ومصادر أُخرى جاءت في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 216/4 - 220.

ص: 276

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): في قوله : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً..) (1) الآية، «لما أمرهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يسلموا على علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بإمرة المؤمنين في حياته، قال قيتع(2) وصاحبه : أعن اللّه ورسوله ؟! قال : «عن اللّه ورسوله».. فلمّا توفّي رسول اللّه بدل الذين ظلموا ما قيل لهم في أمير المؤمنين وسمّوا باسمه : قيتعَ (3)، وابنَ صُهاك، والمغيرة (4).. ومن تابعهم يوم السقيفة لعنهم [ اللّه ]».

الزهري ؛ أخبرني من سمع المغيرة بن شعبة يقول : أوّل من أخرج هذا الأمر من أهل البيت أنا، قيل له : وكيف ذاك ؟ قال : غدوت غداة دفن رسول اللّه (عليه وآله السلام) إلى باب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)؛ فإذا أنا بأبي بكر جالس على باب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقلت له : ما يجلسك (5) ههنا ؟ قال : يخرج هذا الرجل فأبايعه، قال : قلت : لئن فعلتموها لتكونن هرقلية.

ص: 277


1- سورة البقرة (2): 59.
2- رمز عن أبي بكر وهو مقلوب لكلمة (عتيق)، وفي نسختي الأصل: قنيع.
3- في نسختي الأصل : قنيع، والصحيح ما أثبت ؛ إذ هو مقلوب اسم أبي بكر، وهو : عتيق.
4- في تاريخ المدينة لابن شبة 678/2 أنّ المغيرة أوّل من سمّى عمر أمير المؤمنين. وفيه : أنّ عمر قال : أنتم المؤمنون وأنا أميركم، فهو سمّى نفسه. وفيه 679/2 ما خلاصته : أنّ لبيد بن ربيعة وعدي بن حاتم وعمرو بن العاص هم الذين سموه بذلك. وفي تاريخ اليعقوبي 150/2 : أنّ أبا موسى الأشعري كتب له بذلك، وقيل : إنّ المغيرة بن شعبة دخل عليه فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين.
5- في نسخة (ألف) : يحليك، وفي (ب): يحلبك - بدون تنقيط -.

قال : فألقيتها في نفسه.. ثمّ انتهيت إلى عمر، فقلت له : أدرك أبا بكر وما أراك تدركه، هذا أبو بكر جالس على باب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتّى يخرج إليه فيبايعه، ولئن فعلتموها لتكونن هرقلية قيصرية، تنتظر بها الحبالى (1) ما في بطونها.. فجاء عمر من فوره، فأخذ بيد أبي بكر حتّى انتهوا إلى سقيفة بني ساعدة، فأبرموا البيعة (2).

وروى علماؤكم : أنّ عمر قال للمغيرة : ما رأيتك قط - يا بن شعبة ! - إلا أن تخوّفت أن أرجم بحجارة من السماء.. ! ! (3)

ص: 278


1- في نسخة (ألف) : يفتطر به الحبال، وفي نسخة (ب) : يفتطر به الجبال، وكلاهما محرفتان ومصحفتان عن المثبت عن أمالي الطوسي : 177 بسنده عن جابر الأنصاري حديث له : وتصوّر [ إبليس ] يوم قبض النبيّ في صورة المغيرة بن شعبة، فقال : أيها الناس لا تجعلواكسروانية ولا قيصرانية، وسعوها تتسع، فلا تردّوها في بني هاشم فتنتظر بها الحبالي.
2- رواه سليم بن قيس (رَحمهُ اللّه) في كتابه 579/2 [ الطبعة المحققة ] في الحديث الرابع، وعليه مصادر جمة.. وقريب منه في الاحتجاج : 52.. وغيرهما، في حديث السقيفة، قال : وكان أوّل من بايعه المغيرة بن شعبة، ثمّ بشير بن سعد، ثمّ أبو عبيدة بن الجراح، ثمّ عمر ابن الخطّاب، ثمّ سالم مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل.. ورواه عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 262/28 (الباب الرابع) حديث 45.
3- رواه ابن أبي شيبة - بمعنى مقارب - في مصنفه 201/6 برقم 30666 عمّن سمع عمر، يقول : ويحك - يا مغيرة ! - واللّه ما رأيتك قط إلا خشيت !.. وكذا رواه اليعقوبي في تاريخه 146/2 بتفصيل أكثر. وقريب منه في تقريب المعارف : 345، والإيضاح : 65.

وهو الذي شهد عليه ثلاثة بالزنا.. القصة، وقد تقدّمت (1).

وقال علي : «اللّهم إن أمكنتني من المغيرة لأرمينه (2) بالحجارة» (3).

وقال عروة بن مسعود الثقفي يوم الحديبية للمغيرة - في كلام جرى بينهما -: أي غُدَر ! (4)

ص: 279


1- ولاحظ ذلك مفصلاً في الأغاني 160/16 وما بعدها. انظر : الغدير 137/6 - 144، في زنا المغيرة بن شعبة وجلد الخليفة في نوادر الأثر في علم عمر. ذكر أبو منصور الثعالبي (المتوفى سنة 426 ه_) في كتابه لطائف المعارف : 100 تحت عنوان (جمع من الزناة من قريش)، وعدّ منهم : المغيرة بن شعبة، وهو من ثقيف.
2- في نسخة (ألف) : لأدميته.
3- رواه الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في الكافي 182/7 حديث 8، والشيخ (رَحمهُ اللّه) الاستبصار 215/4 (باب 24) حديث 12، والتهذيب 42/10 (باب 1) حدیث 152، وعنها في وسائل الشيعة 88/28 (باب 10) حديث 34283. وحكى ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 69/4، عن شيخه أبي جعفر قوله : وكان المغيرة بن شعبة يلعن عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) لعناً صريحاً على منبر الكوفة، وكان بلغه عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أيام عمر أنّه قال : «لئن رأيت المغيرة لأرجمته بأحجاره» يعني واقعة الزنا بالمرأة التي شهد عليه فيها أبو بكرة..
4- أي : حرف نداء، وغُدَر معدول عن غادر.. انظر: : مسند أحمد 329/4، کتاب البخاري 180/3، سنن أبي داود 629/1، سنن البيهقي 113/9 و 219، المعجم الكبير 12/20، الدر المنثور 77/6.. وغيرها، وكذا جاء في مجمع البيان 196/9.

قال : وكان المغيرة صحب قوماً في الجاهلية، فقتلهم وأخذ أموالهم، ثمّ جاء فأسلم، فقال له النبيّ (عليه وآله السلام) : «أما الإسلام فقد قبلنا، وأما المال فإنّه مال غدر.. لا حاجة لنا فيه» (1).

وقال رستم يوم القادسية : ما تريدون يا معشر العرب ؟! أتريدون أن يُرْضَخَ (2) لكم شيء فترجعون عنا ؟ قال : لا، إنا أكلنا عندكم حباً، فنحن مقاتلوكم عليه أبداً حتّى تقتل أو نغلبكم عليه (3).. هذا فضل جهاده !

ص: 280


1- قال ابن قتيبة في المعارف : 295 : وكان المغيرة صاحب قوماً من المشركين إلى مصر فقتلهم غيلة، وأخذ ما معهم، وأتى النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] فأسلم، ثمّ قال : إنّه أحصن ثمانين امرأة. يقول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيه كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 80/4، وعنه في بحار الأنوار 290/34 و 322، وقارن به الغارات للثقفي 354/2 - : «وما المغيرة ؟ ! إنّما كان إسلامه لفجرة وغدرة غدرها بنفر من قومه [ فتك بهم وركبها منهم ] فهرب [منهم ] فأتى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كالعائد بالإسلام، واللّه ما رأى أحد عليه منذ ادّعى الإسلام خضوعاً ولا خشوعاً». ولاحظ : بحار الأنوار 366/20 (باب غزوة الحديبية) حديث 13.
2- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : يوضح، وهي مصحفة عن المثبت، ورضَخَ له من ماله : أعطاه عطاءً غير كثير. راجع : تاج العروس 271/4 مادة (رضخ).
3- الجملة كلاً مشوشة، قد تقرأ - فى أحسن الأحوال - بما أثبت. انظر قوله : إنا واللّه نرى لكم ملكاً وعيشاً لا نرجع إلى ذلك الشقاء أبداً حتّى نغلبكم على ما في أيديكم أو نقتل في أرضكم. راجع : المستدرك للحاكم 510/3 - 511، وموارد الظمآن للهيثمي 364/5، وصحيح ابن حبان 67/11.. وغيرها. وقريب منه جاء في تاريخ الطبري 206/3، وتجارب الأُمم 388/1، والبداية والنهاية 124/7.. وغيرها

وكان المغيرة يشتم علياً على المنابر (1).

ص: 281


1- قال ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 220/13: لما بويع لمعاوية أقام المغيرة بن شعبة خطباء يلعنون عليّاً لا، فقال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل : ألا ترون إلى هذا الرجل الظالم أمر بلعن رجل من أهل الجنة ؟ ! وأيضاً ؛ نقل ابن أبي الحديد في شرحه 71/4 عن شيخه أبي جعفر قوله : وقد صح عندنا أنّ المغيرة لعنه [ أي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)] على منبر العراق مرّاتٍ لا تحصى. ولاحظ ما سلف قريباً عن شرح النهج 69/4. قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 215/33: وروى ذلك وقال: إنّ معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاختلقوا ما أرضاه ؛ منهم : أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومن التابعين : عروة بن الزبير.. وعن الاحتجاج في بحار الأنوار 83/44 - 84 قصة ما جرى بين الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجماعة من المنكرين لفضله وفضل أبيه في مجلس معاوية، وقد جاء فيها : «وأما أنت - يا مغيرة بن شعبة ! - فإنّك للّه عدو، ولكتابه نابذ، ولنبيه مكذب، وأنت الزاني، وقد وجب عليك الرجم، وشهد عليك العدول البررة الأتقياء، فأخر رجمك، ودفع الحقّ بالباطل، والصدق بالأغاليط، وذلك لما أعد اللّه لك من العذاب الأليم والخزي في الحياة الدنيا، لعذاب الآخرة أخزى». «وأنت ضربت فاطمة بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى أدميتها، وألقت ما في بطنها..! استدلالاً منك الرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ومخالفة منك لأمره وانتهاكاً لحرمته، وقد قال لها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «أنت سيدة نساء أهل الجنة»، واللّه مصيرك إلى النار، وجاعل وبال ما نطقت به عليك.. فبأي الثلاثة سببت علياً.. ؟! أنقصاً من حسبه، أم بعداً من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، أم سوء بلاء في الإسلام، أم جوراً في حكم، أم رغبة في الدنيا.. إن قلت بها فقد كذبت وكذبك الناس... أتزعم أن علياً قتل عثمان مظلوماً ؟! فعلي - واللّه - أتقى وأنقى من لائمه في ذلك، ولعمري إن كان علي قتل عثمان مظلوماً فواللّه ما أنت من ذلك في شيء، فما نصرته حياً، ولا تعصبت له ميتاً، وما زالت الطائف دارك تتبع البغايا، وتحيي أمر الجاهلية، وتميت الإسلام حتّى كان في أمس [ ماكان ]. وأما اعتراضك في بني هاشم وبني أُميّة، فهو ادعاؤك إلى معاوية. وأما قولك في شأن الإمارة وقول أصحابك في الملك الذي ملكتموه، فقد ملك فرعون مصر أربعمائة سنة وموسی و هارون (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) نبیّان مرسلان يلقيان ما يلقيان.. وهو ملك اللّه يعطيه البرّ والفاجر، وقال اللّه عزّ وجلّ : ﴿وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ﴾ [سورة الأنبياء (21): 111]. وقال : ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تدميراً﴾ [سورة الإسراء (17) : 16].

وإنّه لما مات ودفن، أقبل رجل على ظليم، فوقف ونادى : [ من الطويل ]

ص: 282

أَرَسْمَ دِيارٍ (1) مِنْ مُغِيرَةَ تَعْرِفُ***عَلَيْها زَوانِي (2) الإِنْسِ والجِنِّ تَعْزِفُ (3)

فَإِنْ كُنْتَ قَدْ لَا قَيْتَ فِرْعَونَ بَعْدَنا***وَهامَانَ فَاعْلَمْ أَنَّ ذَا العَرْشِ مُنْصِفُ

قال : فطلبوه [ فغاب عنهم ] فلم يروه [ فعلموا أنّه من الجن ] (4).

........(5) [ من الطويل ]

عَلى أَنَّهُ قَدْ نالَ بِالغَدْرِ مِنْ بَنِي***نَبِيٌّ الهُدَى مَا لَمْ تَنَلْهُ بَنُو حَرْبِ

وَهَلْ نالَ مِنْهُ آلُ حَرْبٍ وغَيْرُهُمْ***مِنَ النَّاسِ فَوْقَ القَتْلِ والسَّبْي والنَّهْبِ ؟ !

ص: 283


1- في شرح النهج : أمن رسم دار...
2- في نسخة (ألف) : وراء، وعليه نسخة بدل : رواء، وفي نسخة (ب) : رواء، وفي المستدرك: روابي، وفي المروج : دوي، وفي البدء والتاريخ : دواني، وما أُثبت من أنساب الأشراف، فراجع.
3- في نسختي الأصل : تعرف.
4- راجع : المستدرك على الصحيحين للحاكم النيشابوري 449/3، وأنساب الأشراف 350/13، ومروج الذهب 24/3، والبدء والتاريخ 3/6، وشرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 71/4.. وغيرها.
5- موضع اسم الشاعر بياض كلاً في نسختي الأصل.

غدا والغاً كالكَلْبِ (1) ظُلْماً وجُرْأَةً (2)***دِماءَ هُمُ لا حَاطَهُ اللّه مِنْ حَرْبِ (3)

وَيا لَيْتَهُ لَوْ كانَ فِيهِ مِنَ الوَفا***لمالكه بَعْضُ الَّذِي هُوَ فى الكلب

الموسوى (4) : [ من الطويل ]

هُمُ انْتَحَلُوا إِرْتَ النبيّ محمّد***وَدَبُّوا إِلَى أَوْلادِهِ بِالفَواقِرِ (5)

ومازالَتِ الشَّحْناء بينَ ضُلوعِهِمْ***تُرَبِّي الأماني في حُجُورِ الأَعاصِرِ

ص: 284


1- في نسختي الأصل : والعاً كالطلب، وهي مصحفة عن المثبت.
2- في نسختي الأصل : وجرده، والظاهر أنّها محرفة عن المثبت.
3- هذا البيت مشوش جداً في نسختي الأصل.
4- المراد منه السيّد الرضي، وقد جاءت هذه الأبيات في ديوانه 451/1 من جملة قصيدة طويلة مطلعها : [ من الطويل ] بغیر شفيع نال عفو المقادر***أخو الجد لا مستنصراً بالمعاذر
5- في نسخة (ألف): القراقر.

إلى أَنْ ثَنَوْهَا دَعْوَةً أُمَوِيَّةٌ***زَوَتْها (1) عَنِ الإِظْهَارِ أَيْدِي (2) المَقادِرِ

وَلَوْ أَنَّ مِنْ آلِ النبيّ مُقِيمَها***لعاجُوا عَلَيْهِ بِالعُهُودِ الغَوادِرِ

وكان ولاه معاوية الكوفة، فأتى هند بنت النعمان في ديرها (3) خاطباً، فقالت : أردت أن تقول في المواسم : ملكتُ (4) مملكة النعمان، ونكحت ابنته ؟ ! فلا سبيل إليه.. فانصرف عنها (5)، وقال : [ من الكامل ]

وَلَقَدْ رَدَدْتِ عَلَى المُغِيرَةَ ذِهْنَهُ (6)***إِنَّ المُلُوكَ نَقِيَّةُ الأَذْهانِ

ص: 285


1- في نسخة (ألف) : روتها.
2- في نسختي الأصل أبدي.
3- في نسختي الأصل : دبرها.
4- جاءت زيادة في نسختي الأصل هنا : مملكت، وهي زائدة قطعاً، وفي الأغاني : ملكت مملكة النعمان بن المنذر و نكحت..
5- كما جاء في الأغاني 415/2، ولاحظ أنساب الأشراف 347/13، معجم ما استعجم 605/2 - 606، خزانة الأدب 64/7، مرآة الزمان 476/2، كنز الدر وجامع الغرر 514/2.. وغيرها.
6- الكملة مشوشة في نسختي الأصل، أُثبت ما استظهرنا من معناها، وتقرأ في نسخة (ألف) : دهبه، وفي نسخة (ب) : دهيه.

* [ ومنهم : ] معاذ بن جبل الخزرجي (1) :

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2) : في قوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيء..) قال : «بلئ ! واللّه.. وشيء وشي...وهل الأمر كله إلا له (3) ؟! ولكنّها نزلت : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمر شيء) (4)، إن تبت عليهم (5)، (أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ) (6)».

ص: 286


1- اللقب مشوّش جداً ومطموس، ويقرأ في نسختي الأصل : الخروقي، والصحيح ما أثبتناه، وهو أبو عبد الرحمن الأنصاري الخزرجي المدني.
2- راجع : تفسير الفرات : 92 - 93، وعنه في بحار الأنوار 132/36 (باب 39) حديث 85، وتفسير العياشي 1971 - 198، وعنه بحار الأنوار 11/17 - 13 حديث 139 - 141، ومواضع أخرى من بحار الأنوار ؛ منها في 231/24 (باب 58) حديث 37، و 337/25 - 339 حدیث 17. ولاحظ : بصائر الدرجات: 402 حديث 15، وعنه في بحار الأنوار 10/17 (باب 13) حديث 18 [ وفي طبعة نشر كتاب : 112، وفي الطبعة المحققة 691/2 حدیث 1332].
3- في البصائر : وكيف لا يكون له في الأمر شيء وقد فوّض اللّه إليه دينه.
4- هكذا الآية في القرآن، مع أن الظاهر ذكر نحو آخر للآية. راجع : تفسير البرهان 687/1 ذيل الآية المباركة، فقد روى روايات منها : عن الجرمي، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قرأ : ليس لك من الأمر شيء أن يتوب.
5- في نسختي الأصل : إليهم.
6- سورة آل عمران (3) : 128. ولاحظ : بحار الأنوار 61/92 ذيل حديث 47، عن تفسير العياشي 197/1 حديث 139، وكذا 27/93 من بحار الأنوار، وإنّ هنا (لآل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ)) بعد (ظالمون) تفسيراً أو قيداً.

أُمّه: هند بنت سهل (1)، ولم يولد له قطّ، مات بالأردن وهو ابن ثلاث وثمانين سنة (2)، وكان حضر صفّين، وجادل علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قاتل عثمان، واستهزأ منه عبد الرحمن بن غنم الثمالي (3) الفقيه في ذلك (4).

محمّد الموسوي (5): [من البسيط ]

ماذا تَقُولِينَ في يَوْمِ الحِسابِ غَداً***لِجَدِّهِ خَيْرِ هَادٍ حِيْنَ يَلْقَاكِ (6) ؟ !

ص: 287


1- وهي بنت سهل من بني رفاعة، ثمّ من جهينة.
2- انظر عنه : الطبقات الكبرى لابن سعد 583/3 - 590، و سعد 583/3 - 590، و 387/7 - 389 وفيه : وهو ابن ثمان وثلاثين سنة. ولاحظ : سير أعلام النبلاء للذهبي 443/1 - 461 برقم 86، والمعارف لابن قتيبة : 254.. وغيرهما.
3- النسب واللقب مشوش في نسختي الأصل، وفي نسختي الأصل : الثمال.
4- لاحظ في هذا كتاب سليم : 345 - 346، وعنه في بحار الأنوار 133/30، وعن إرشاد القلوب في البحار 127/30.
5- قد سلف الحديث عن الشاعر وشعره، وهذه الأبيات جاءت في المناقب 243/2، وذكرنا ما بينهما من مهم الفروق، وسيأتي لها تتمة قريباً، فراجع. ويراد منه السيّد الرضي (رَحمهُ اللّه) ولم نجدها في الديوان المطبوع.
6- كذا في المناقب وهو الظاهر، وفي نسختي الأصل : ألقاك.

بِقَتْلِ أبْنائِهِ مِنْ بَعْدِهِ سَفَها***وَسَبْي عِتْرَتِهِ الأَبْرارِ وَصَّاكِ ؟!

سَتَعْلَمِينَ غَداً يا أُمَّةٌ تَبِعَتْ***فِعْلَ المُضِلِّينَ جَهْلاً (1) [ سُوءَ ] (2) مَثْوَاكِ

سليمان (3) بن قبة (4):[من الطويل ]

ص: 288


1- في نسختي الأصل : جهلاء.
2- ما بين المعكوفين مزيد من المناقب.
3- اسم الشاعر كلاً مشوش غير منقوط - عدا الياء - من نسختي الأصل، ولعله : بحيص أو يختص أو عيص، والمثبت هو الصحيح.
4- كذا، والصحيح : ابن قتة، وقيل : قُنّة. وعلى كلّ حال ؛ فالشاعر ظاهراً هو : سليمان بن قتة [ في المناقب : قبة ] الهاشمي ! والبيت الأول المذكور هنا جاء في الكامل للمبرد، والبيت الثاني جاء في الحماسة البصرية، كما جاءت الأبيات هذه في الاستيعاب لابن عبد البر في ترجمة الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 394/1، وكذا في كتاب نسب قريش للزبيري 117/4.. وغيرهما من المصادر. وله قصيدة جاءت قطعة منها في المناقب 117/4 [ طبعة قم، وفي طبعة 127/4]، وعنه في بحار الأنوار 244/45 (باب 44) حديث 5 عن سليمان بن قتة الهاشمي، ومثله فيه 293/45 (باب 44) عن ابن نما في مثير الأحزان : 208. ولاحظ : مثير الأحزان : 110 باختلاف وزيادة أربع أبيات.. وهي : [ من الطويل ] مررت على أبيات آل محمّد***فلم أرها أمثالها يوم حُلَّتِ ألم تر أن الأرض أضحت مريضةً***لفقدِ حُسين والبلاد اقشعرتِ وان قتيل الطف من آل هاشم***أذلَّ رقابَ المُسلِمينَ فَذَلَّتِ وكانوا رجاءً ثمّ عادوا رَزِيَّةً***لقد عَظُمَتْ تلك الرَّزايا وجَلَّتِ

إِذا افْتَقَرَتْ قَيْسُ جَبَرْنا فَقِيرَها***وَتَقْتُلُنَا قَيْسٌ إِذا النَّعْلُ زَلَّتِ

فَمَا حَفِظُوا قُرْبَى النبيّ وَحَقَّهُ (1)***لَقَدْ عَمِيَتْ عَنْ ذاكَ مِنْهُمْ وَصَمَّتِ

البديعي (2) : [ من الطويل ]

أَلا مَنْ لجِسْمِ دَائِمِ الحَسَراتِ***وَمَنْ لِفُؤادٍ دائم الزَّفَراتِ

ص: 289


1- الكلمات الثلاث أُثبتت من نسخة (ألف)، وهي مشوشة ومطموسة في نسخة (ب).
2- الظاهر أنّ هذا هو : أبو العبّاس البديعي ؛ أحمد بن جعفر، وله شعر رائع ذكره الصفدي في الوافي بالوفيات 180/6.. وغيره. ولم أجد مصدراً لهذه الأبيات إلّا من المصنف (رَحمهُ اللّه). ولعله : بديع الزمان الهمذاني، كما في المناقب، واسمه : أحمد بن الحسين بن يحيى.

لِأَجْلِ رَسُولِ اللّه يا أُمَّةً طَغَتْ***بَنُوهُ بِكُمْ فِي فِتْنَةٍ وشَتاتِ

أَلَيْسَ بِهِمْ وَصَّاكُمُ اللّه ذُو العُلى***وَذاكَ قَتِيلُ الصَّوْمِ وَالصَّلَواتِ

ص: 290

* [ومنهم : ] أبو هريرة (1) :

واختلفوا في اسمه واسم (2) أبيه، فقالوا : عبد اللّه، وعمر، وعمير، وسكين(3).

ص: 291


1- أقول : قيل : هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي الأزدي المدني إقامة ووفاةً (21 ق. ه_ 59 ه_)، وقيل غير ذلك في اسمه ولقبه. قال أبو جعفر الإسكافي - شيخ ابن أبي الحديد كما حكاه في شرحه 67/4 - 68 -: وأبو هريرة مدخول عند شيوخنا، غير مرضي الرواية، ضربه عمر بالدرّة، وقال [له]: قد أكثرت من الرواية، وأحر بك أن تكون كاذباً على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).. وأدرج له عدة طعون، نقلاً عن المعارف لابن قتيبة وغيره. قال المحقق الكركي (رَحمهُ اللّه) في رسالته في تعيين المخالفين لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 326 [ الجزء الخامس من موسوعة الكركي (رَحمهُ اللّه)]...ومن المنحرفين عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...أبو هريرة المشهور بالأكاذيب في الدين.. وقد جاءت فيه كتب مستقلة ؛ ككتاب شرف المذهب شرف الدين (رَحمهُ اللّه)، وكتاب محمود أبورية، وكتاب أكثر أبو هريرة.. وغيرها. انظر عنه : تاريخ الإسلام 333/2، حلية الأولياء 376/1، المعرفة والتاريخ 262/1، سير أعلام النبلاء 578/2 عن عدة مصادر في هامشه. وكذا كتاب الإيضاح لا بن شاذان : 495، الصراط المستقيم 248/3 - 251. وراجع الكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعُرّف به الأشرار 37/4 - 40.. وما عليه من المصادر.
2- في نسختي الأصل : ائمة قائم ! وما اثبت جاء في حاشية (ألف) تصحيحاً.
3- وراجع ما أورده في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 37/4: ولا يعرف تاريخ الإسلام ولا قبله [ ولا بعده ] من اختلف في اسمه الذي سماه به أهله واسم أبيه - على التحقيق - مثله. هذا؛ ويستفاد ذلك من ابن الأثير فى أسد الغابة 315/5 - 316، وكذا ابن عبد البر القرطبي في الاستيعاب (القسم الرابع) : 1770 - 1771 [ وفي طبعة الهند 718/2 - 719]، وابن حجر العسقلاني في الإصابة.199/7.. وقيل فيه ثمانية عشر قولاً، وقيل : ثلاثون، وقيل : نيف وثلاثون، وقيل : أربعة وأربعون...تعرّض لهذا كله وغيره في الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار. وكذا ما جاء في مقدمة كتاب (أكثر أبو هريرة). قدم المدينة في السنة السابعة والنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في خيبر، أسلم بعد خيبر، وكان أُميّاً إلى آخر عمره ! ولم تتجاوز صحبته السنتين، ووضع من الحديث على لسان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما جاوز مجموع ما رواه الصحابة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) طوال عمرهم !! حتّى استحق من مولاه عمر قولته المشهورة: أكثر أبو هريرة..

وقال [ أبو هريرة ](1) : كُنيت : أبا هريرة ؛ بهرّة صغيرة كنت ألعب (2) بها، وكان النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول له : أبا هرّ (3).

ص: 292


1- كما حكاه الزمخشري في ربيع الأبرار 353/2. راجع : مسند أحمد 515/2، وكتاب البخاري 119/7 و 131 و 179 و 180، والمستدرك على الصحيحين للحاكم 16/3 و 506، وسنن البيهقي 446/2.. وغيرها.
2- في ربيع الأبرار ألب.
3- ثمّ قال الزمخشري : واختلف في اسمه، فقيل له : عبد اللّه، وعبد شمس، وعمير، وسكين، وخاطبه ابن عمر ب_: أبي هر، كما في كتاب المعرفة والتاريخ 157/2.. لاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 185/1 - 186.

الباقر و الصادق (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (1) في قوله : (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةٌ..) : «نزلت في على (عَلَيهِ السَّلَامُ): وذلك لما رأوا علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم القيامة : ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) (2) لما رأوا منزلته ومكانته (3) في اللّه، أكلوا أكفّهم على ما فرطوا في (4) ولاية علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)(5)».

وفي معارف القتيبي (6) : أنّه كان في آخر عمره يركب الحمار وفي رأسه

ص: 293


1- راجع أصول الكافي الشريف 425/1، شرح الأخبار 234/1 حديث 231، اليقين لابن طاوس : 182 و 303، وباختلاف يسير رواه القمّي في تفسيره 379/2 [وفي الطبعة المحققة 1088/3]، وعنه في بحار الأنوار 582/31 حديث 17، وتفسير نور الثقلين 439/7 حديث 34، تفسير فرات الكوفي : 493 حديث 643 وما بعده. ولاحظ : شواهد التنزيل للحسكاني 354/2 - 355، وفيه عدة روايات، وتأويل الآيات 703/2-706 حديث 3 – 8.
2- سورة الملك (67): 27.
3- في نسختي الأصل : مكانه، وكذا في المناقب للمصنف 14/3، وتفسير فرات الكوفي : 493 حديث 643، وشواهد التنزيل 355/2.
4- في نسخة (ب) هنا : من، وقد خط عليها في نسخة (ألف).
5- قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 167/7: وفي قوله سبحانه: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً..).. أي فلما رأوا العذاب قريباً ؛ يعني يوم بدر. وقيل : معاينة. قيل : إنّ اللفظ ماض والمراد به المستقبل ؛ والمعنى إذا بعثوا ورأوا القيامة قد قامت ورأوا ما أعد اللّه لهم من العذاب، وهذا قول أكثر المفسرين. ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.. أي اسودت وجوههم وعليها الكآبة يعني قبحت وجوههم بالسواد.
6- المعارف لابن قتيبة : 278، نقلاً بالمعنى وبألفاظ مقاربة، وجاء أيضاً في طبقات ابن سعد 336/4، وتاريخ دمشق 372/67.. وغيرهما.

خُلْبة (1) من ليف، فيسير (2) فيلقى الرجل، فيقول : الطريق جاء الأمير.. ! وربّما أتى الصبيان وهم يلعبون بالليل لعبة الغراب (3) [ فلا يشعرون بشيء ] فيلقي نفسه بينهم، ويضرب برجليه فيفزع (4) الصبيان [ فيفرون ]، وربما دعا [ ني إلى عشائه بالليل ]، وقال : دع العراق (5) للأمير [ فأنظر، فإذا هو ثريد بزيت ] (6).

ص: 294


1- كذا في الصراط المستقيم 249/3، وكل الكلام مصحف، وجاء النص هكذا : كان مروان ربّما استخلف أبا هريرة على المدينة فيركب حماراً قد شدّ عليه برذعة، وفي رأسه خلبة من ليف.. إلى آخره. والخلبة : الحلقة، ويقال : الليفة، كما في مجمع البحرين 52/2، وبمعنى القطعة والشقة، كما في لسان العرب 363/1.
2- في نسختي الأصل: قيسرة.
3- تقرأ في نسختي الأصل : العراب، والصحيح : الغراب، كما في المصادر السالفة، إلا أنّ ما جاء في تاريخ دمشق لابن عساکر 372/67 هو : الأعراب، وكذا في سير أعلام النبلاء للذهبي 614/2، وتاريخ الإسلام للذهبي 356/4، والبداية والنهاية لابن الأثير 121/8.. وغيرها.
4- في نسختي الأصل : فيقرع.
5- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : العواق.
6- قال الزمخشري في ربيع الأبرار 176/4 : نافع ؛ كان أبو هريرة على المدينة خليفة لمروان، فربّما ركب حماراً قد شدّ عليه برذعة وفي رأسه خلية، فيلقى الرجل في الطريق فيقول : الطريق.. قد جاء الأمير ؛ وربّما دعاني إلى عشائه فيقول : دع العراق [العظم بلحمه ] للأمير، فأنظر فإذا هو ثريد بزيت. وقريب منه في عيون الأخبار 315/1 بإسناده عن أبي رافع.

وفي نزهة الأبصار ومحاسن الآثار (1) ؛ لابن مهدي الما مطيري (2) : أنّه قيل له : يا أبا هريرة ! يا سارق الذريرة (3) !

وفي ربيع الأبرار (4)، عن الزمخشري : أنّه كان يقول : اللّهم ارزقني ضرساً طحوناً، ومعدة هضوماً (5)، وديراً نثوراً (6).

وقال إبراهيم بن محمّد : أخبرني أبي، أنّه قال : رأيت أبا هريرة يلعب مع أبي بأربعة عشر على ظهر المسجد (7)

ص: 295


1- لم نعثر على هذا الخبر في الكتاب، مع فحص مجمل فيه.
2- في نسخة (ألف) : المامطري، وفي نسخة (ب) : المامقري.
3- لها معان عدة، أدرجها في الأسرار فيما كُنّي وعُرّف به الأشرار 292/2، فراجع، وقد أخذ نص هذا الكلام البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 249/3. وقد جاء في كتاب الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان التوحيدي 297/1: وقال رجل لأبي هريرة : أنت أبو هريرة ؟ قال : نعم. قال : سارق الذريرة ؟ قال : اللّهم إن كان كاذباً فاغفر له، وإن كان صادقاً فاغفر لى.
4- ربيع الأبرار 680/2.
5- في نسختي الأصل مقوماً، ولا معنى مناسب لها.
6- في نسختي الأصل ثبوراً وما هنا أولى. وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «من كان همّه بطنه : فقيمته ما يخرج من بطنه..».
7- العبارة مشوشة جداً في نسختي الأصل، وقد تقرأ فيهما : نار مدعر على ظهر المسجد، وما أُثبت من المصادر. والذي جاء في عيون الأخبار 324/1 بإسناده قال : رأيت أبا هريرة يلعب مع أيسي بأربعة عشر على ظهر المسجد !! ومثله في ربيع الأبرار 29/5. وفي روضة الواعظين : 458 قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «نهى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يُسلّم على أربعة : على سكران في سكره، وعلى من يعمل التماثيل، وعلى من يلعب بالنرد، وعلى من يلعب بأربعة عشر».

قال أبو يوسف الفسوي في كتاب المعرفة والتواريخ [كذا ] (1) : لما مات أبو هريرة ؛ صلّى الوليد بن عتبة عليه (2).

المسيب بن دارم : كان أبو هريرة يؤاكل الصبيان في الطريق (3).

وروييتم أنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «إن أكذب الأحياء أبو هريرة الدوسي (4)».

ص: 296


1- المعرفة والتاريخ، وقد فقد مقدار كبير من هذا الكتاب، كما جاء في مقدمة المطبوع منه، ولم نجد النص المزبور في ما استقصينا ممّا طبع منه، كما لم نجد له ترجمة مفصلة.
2- في نسختي الأصل على، ولا معنى مناسب لها، والصحيح ما أثبتناه. راجع : طبقات ابن سعد 340/4، تاريخ الإسلام 357/4.. وغيرهما.
3- قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 69/4: وروت الرواة : أن أبا هريرة كان يؤاكل الصبيان في الطريق ويلعب معهم. وفي تاريخ دمشق 375/67 بإسناده عن المسيب بن دارم، قال : كان أبو هريرة من حسن خلقه يؤاكل الصبيان !!
4- وقد رواه كذلك ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 68/4 نقلاً عن المعارف لابن قتيبة : 121، وعنهما في كتاب الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 379/1.

وفي رواية (1) : «أكذب الناس على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هذا الغلام الدوسي».

وكان عمر يكذبه، وحبسه ليروعه في (2) الرواية.. إلى أن مات.

وقد ضرب عمر رأسه بالدرّة، وقال : أراك قد أكثرت في الرواية على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولا أحسبك إلا كاذبا (3)..!

فكانت عائشة تكذّبه (4)، فقال : اسكتي ! فإنّ مالي حصل، [إني ] غيّرت فضائل علي (5) إلى العمرين (6).

ص: 297


1- حيث روي عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) -كما في بحار الأنوار 215/33 و 287/34 - وجاء في شرح النهج لابن أبي الحديد 68/4 : أنّه قال : «أكذب الناس على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أبو هريرة الدوسي». ولاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرّف به الأشرار 329/1، عن جملة مصادر.
2- كذا ؛ والظاهر : ليروعه عن..
3- بل منعه الخليفة الثاني من الإكثار في الحديث، وقال له : لتتركن الحديث عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أو لألحقتك بأرض دوس.. كما أخرجه أبو زرعة، وقد أورده ابن كثير في تاريخه 106/8 [ وفي طبعة 114/8 - 115 ]، وكذا الهندي في كنز العمال 239/5 [ 29/10 ]، وتاريخ المدينة لابن شبة 800/3.. وغيرها، وعليك بالكتاب المحقق بعنوان (أكثر أبو هريرة) ففيه غنى وكفاية، خاصة ما جاء في مقدمته.
4- قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث : 41 : وكانت عائشة.. أشدّهم إنكاراً عليه.
5- انظر : الصراط المستقيم 250/3، نقله عن صاحب المصالت، و (المصالت) اسم آخر لكتابنا هذا.
6- الكلام كلاً مشوش في نسختي الأصل، وقال في عيون الأخبار 146/1 - 147 في حديث روي عن أبي هريرة عند عائشة، فقالت: كذب والذي أنزل الفرقان على أبي القاسم.

سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، أنّه قال : كانوا لا يأخذون عن أبي هريرة إلا ما كان من ذكر جنّة أو نار (1).

وقال أبو مطيع لأبي حنيفة (2) : الحديث يجيء عن النبيّ (عليه وآله السلام) [ و ] هو خلاف رأيك كيف تصنع ؟ قال : إذا جاءت به الثقات أخذت به و ترکت به رأيي.

قلت : فأبو بكر ؟ قال : وأبو بكر.

فقلت : فعمر ؟ قال : وعمر.

فقلت : وعلي ؟ قال : فعلي..

فلمّا رآني (3) أعد الصحابة [قال : والصحابة] كلهم [عدول ] ما خلا رجلين.. ثم سمّى أبا هريرة وأنس بن مالك.

وكان أبو هريرة رجلاً من أهل الصفة، فقيراً لا مال له (4)، أعطي على

ص: 298


1- رواه ابن أبي الحديد في شرحه 68/4، وابن عساكر في تاريخ دمشق 361/67.. وغيرهما في غيرهما.
2- انظر : شرح ابن أبي الحديد 68/4، وفيه : روى أبو يوسف، قال : قلت لأبي حنيفة..
3- في نسختي الأصل أراني.
4- وقد صحب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على ملئ بطنه، كما اعترف بذلك، وحكاه عنه ابن حجر في فتح الباري 271/1 - 272.. وغيره.

أربعمائة حديث - وضعت له رواها عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - أربعمائة درهم.. ! (1) فمال ! إلى الدنيا وأهمل آخرته.

وروئ جرير (2)، عن الأعمش، عن أبي رزين، قال : لما قدم (3) أبو هيرة مع معاوية العراق.. جاء إلى المسجد، فتلقيناه.. فلما رأى كثرة من استقبله جثا لركبتيه (4)، ثمّ ضرب صلعته مراراً، ثمّ قال : يا أهل الكوفة ! أتحسبون (5) أنى أكذب على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لكم وأعرف (6) نفسي !!

ص: 299


1- في الصراط المستقيم 250/3 : أربعمائة ألف، وكذا في المسترشد : 547، وقد جاء فيه ما هنا بنصه، مع اختلاف يسير جداً. وقال الثعالبي في لطائف المعارف : 14 : أول من اختزل من بيت مال المسلمين أبو هريرة ؛ عبد اللّه بن عمرو الدوسي، وكان عمر...قد استعمله على البحرين، فاختزل من مال المسلمين بها، فعزله وحاسبه، وغرّمه ما حصل عليه، وضربه حتّى استخرج منه ألف دينار وخمسمائة. فقال أبو هريرة : لا وليت لك - واللّه - عملاً. فقال : لقد وليه من هو خير منك - يعني يوسف [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] - لمن هو شرّ منّي يعني عزیز مصر.
2- كما رواه ابن أبي الحديد في شرحه 67/4، عن شيخه أبي جعفر باختلاف كثير ليس بالمهم.
3- في نسختي الأصل : قام، والمثبت عن شرح النهج.
4- في شرح النهج : جثا على ركبتيه.
5- في شرح النهج : يا أهل العراق ! أتزعمون..
6- كذا؛ والظاهر : وأحرق، كما في شرح النهج، ولعلّها : أقرف.. أي أعرض نفسى للتهمة.

لقد سمعت (1) رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) [ يقول ] : إن لكل شيء (2) حرماً ؛ وإنّ حرمي المدينة - ما بين عير إلى ثور - ؛ فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين.. فأشهد [باللّه ] أن علياً قد أحدث فيها !!.. فلمّا سمع ذلك معاوية أكرمه وولاه المدينة !

ثم روى عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال (3) : الأُمناء ثلاثة يوم القيامة (4) : جبرئيل، ورسول اللّه (عليهما السلام وآله)، ومعاوية (5) ! لأن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان ائتمنه

ص: 300


1- في شرح النهج : أني أكذب على اللّه وعلى رسوله، وأحرق نفسي بالنار ! واللّه لقد سمعت.
2- في شرح النهج : نبي.
3- راجع عن ذلك : الكامل لابن عدي 345/2، والمغني في الضعفاء 84/1 حديث 396، وسير أعلام النبلاء 130/3، وميزان الاعتدال 503/1، ولسان الميزان 220/2، وتاريخ الذهبي 203/21.. وغيرها.
4- إلى هنا جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.
5- نقلاً بالمعنى ؛ وإلا ففى الحديث الموضوع هكذا أنا وجبرئيل ومعاوية.. !! ونص جمع من أعلامهم على كونه باطلاً وموضوعاً ؛ كالخطيب البغدادي في تاريخه 8/12. وانظر : اللئالي المصنوعة 217/1، وميزان الاعتدال 220/1 قال : وهذا كذب، وذكره ابن كثير في تاريخه 120/8 من طريق أبي هريرة وأنس وواثلة بن الأسقع، وعدّه ابن الجوزي في الموضوعات، كما قاله ابن حجر في لسان الميزان 220/2، و شذرات الذهب 366/2.. وقد فصل الحديث عنه في كتاب الموضوعات 17/2. وقد سلف من الخطيب في تاريخ بغداد 399/3 الكلام في هذا الحديث الموضوع على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في كون الأمناء عند اللّه ثلاث : جبرئيل، وأنا، ومعاوية.

على وحي اللّه عزّ وجلّ !

ثم روى : أنّه قال لمعاوية : إنّك تزاحمني (1) على باب الجنة ! (2)

سعيد بن عثمان، عن منصور بن أبي الأسود (3)، عن إدريس وداود، عن أبيهما، قال : لما قام (4) أبو هريرة مع معاوية، قال رجل: يا أبا هريرة شهدت رسول اللّه يوم. غدیر خم ؟ قال : نعم. قال : سمعته يقول لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «اللّهم والِ من والاه وعاد من عاداه» ؟ فقال : اللّهم نعم، فقال الرجل : فبرئ اللّه منك - يا أبا هريرة ! - إذ عاديت وليه وواليت عدوّه.. ثمّ ولّى الرجل، فجعلوا يرمون الرجل بالحصى.. ! (5).

ص: 301


1- في نسختي الأصل : تراحمني.
2- راجع : تاریخ دمشق 98/59، وسير أعلام النبلاء 131/3، وميزان الاعتدال 623/2، ولسان الميزان 25/4.. وغيرها. ولاحظ : الغدير 314/5 حدیث 39 و 69/10، مرفوعاً، وفيه زيادة: «كهاتين» وأشار بإصبعيه، ولاحظ فيه 78/11، لكن الخبر مروي عن ابن عمر.
3- في نسختي الأصل تقرأ: أبي أسنة، والظاهر ما أُثبت.
4- كذا ؛ والظاهر : قدم.
5- روى الحكاية - باختلاف في الألفاظ - ابن أبي شيبة في مصنفه 369/6 وفيه : دخل أبو هريرة المسجد، فاجتمعنا إليه، فقام إليه شاب فقال : أنشدك باللّه ! أسمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «من كنت مولاه فعلي مولاه اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه» ؟ فقال : نعم. فقال الشاب : أنا منك بريء، أشهد أنك قد عاديت من والاه، وواليت من عاداه. قال : فحصبه الناس بالحصا. انظر : ترتيب الأمالي الخميسية للشجري 192/1، ومناقب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للكوفي 403/2، وقريب منه في شرح النهج 68/4، والغارات 658/2 - 659، وعنه في بحار الأنوار 325/34 - 326. وانظر ما نقله العلّامة الأميني من كلام الأصبغ مع أبي هريرة، ومن كلام الشاب معه في الغدير 203/1 - 204. وراجع : مجمع الزوائد 105/9، والمصنف لابن أبي شيبة 499/7، ومسند أبي يعلی 307/11، و تاریخ دمشق 232/42، والبداية والنهاية 232/5.. وغيرها.

وقال يوماً لمعاوية : أنا أسبق منك وأعلم - وأنت في هذا الملك - فأعطني مدينة وأنا أروي فيك مثل هذا ! ! فأعطاه عكّة.. فلما أتاها وجدها صخرة، فدخل دمشق ونادى : سمعت النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : من أراد أن يسكن مكة فليسكن عكّة.. ! فتحوّل الناس إليها، وعمرت..!

وإنه مع كثرة روايته إنّما أسلم بعد الهجرة بسبع (1) سنين.

وروي (2) : أنّه سبّ رجلاً على عهد النبيّ (علیه و آله السلام)، فقال : يابن فلانة ! التي كانت تعمل كذا وكذا في الجاهلية ! فقال النبيّ (عليه وآله السلام) :

ص: 302


1- كذا استظهاراً، حيث ثبت أنّه كان بعد فتح خيبر، والكلمة في نسختي الأصل مشوشة، كتب : بتبع، وتقرأ : تسع، ولعلّه تقرأ في نسخة (ألف) : يتبع.
2- كما جاء في مجمع الزوائد للهيثمي 86/8، وانظر : المسترشد : 171.

«إنّ فيك لشعبة من الكفر» قال : فقلت : يا رسول اللّه ! استغفر لي، فواللّه لا أسبّ أحداً يدعي الإسلام.. فكان بعد يمينه يلعن علياً على منبر النبيّ (عليهما وآلهما السلام) بالمدينة، وكذلك بالشام ! !

المدائني ؛ قال له عمر : استعملتك وليس لك نعلان، ثمّ بلغني أنّ لك أربعين فرساً بألف دينار، وأربعمائة دنانير..! ثمّ خفقه بالدرّة.

و (1) في رواية غيره (2) : اثنا عشر ألف درهم، كما تقدّم (3)

ص: 303


1- الظاهر أنّه قد سقط هنا ذكر أنّه غرمه عشرة آلاف درهم.
2- كما في رواية المستدرك 347/2، وكذا ابن عساكر في تاريخ دمشق 371/67.. وانظر : العقد الفريد 44/1، فتوح مصر وأخبارها: 262، وأنساب الأشراف 368/10، ومعجم البلدان 348/1.. وغيرها. وكذا جاء في : شرح النهج لابن أبي الحديد 42/12، و 165/16، والطبقات الكبرى 335/4، ومرآة الجنان لليافعي 105/1 - 166، والمستطرف 298/1، وشذرات الذهب 64/1.. وغيرها.
3- وجاء في عيون الأخبار لابن قتيبة 53/1 - 54 كتاب السلطان) بإسناده قال : لما قدم أبو هريرة من البحرين.. قال له عمر : يا عدو اللّه وعدوّ كتابه ! أسرقت مال اللّه ؟ قال أبو هريرة : لست بعدوّ اللّه ولا عدوّ كتابه، ولكنّي عدوّ من عاداهما، ولم أسرق مال اللّه، قال : فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف درهم ؟.. إلى آخره. وقد روى العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 271/6 - 272: دعا عمر أبا هريرة، فقال له : علمت أنّي استعملتك على البحرين، وأنت بلا نعلين ثمّ بلغني أنك ابتعت أفراساً بألف دينار وستمائة دينار ؟ قال : كانت لنا أفراس تناتجت وعطايا تلاحقت. قال : قد حسبت لك رزقك ومؤنتك وهذا فضل فأدّه. قال : ليس لك. قال : بلى واللّه أوجع ظهرك. ثمّ قام إليه بالدرة.. فضر به حتّى أدماه. ثمّ قال : إئت بها. قال : احتسبتها عند اللّه. قال : ذلك لو أخذتها من حلال وأديتها طائعاً، أجئت من أقصى حجر البحرين يجبي الناس لك لا للّه ولا للمسلمين ؟ وما رجعت بك أميمة إلا لرعية الحمر - وأميمة أُم أبي هريرة -.

وحضر مع معاوية صفين، فقال له معاوية : ما لك تصلّي خلف عليّ وتأكل عندي، وتجلس على التَّلِّ (1) عند المحاربة ؟ ! فقال : الصلاة خلفه أفضل، والطبيخ عندكم أدسم، والتَّل عند الحرب أسلم.

ولهذا يقال له : شيخ المضيرة لعنه اللّه (2).

ص: 304


1- في نسختي الأصل : السل، وهي مصحفة عن المثبت.
2- ذكر الزمخشري في ربيع الأبرار 700/2 - 701 في وصف أبي هريرة، قال :.. وكان تعجبه المضيرة جدّاً، فيأكلها مع معاوية، فإذا حضرت الصلاة.. صلى خلف علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]، فإذا قيل له، قال : مضيرة معاوية أدسم وأطيب، والصلاة خلف علي أفضل.. فكان يقال له : شيخ المضيرة. ولاحظ : ما جاء في عيون الأخبار 298/3 عن كلمة (المضيرة). قال في لطائف المعارف : 16 عنه إنّه قال : مضيرة معاوية أطيب، والصلاة خلف علي أفضل.. فسمّي : شيخ المضيرة. أقول : قال الخطيب البغدادي في تاريخه 206/5 : كان أبو هريرة يكلّم صبيانه وأهله بالنبطية. لاحظ : شرح إحقاق الحقّ 256/3، والأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 369/2 - 370.. وغيرهما.

البرقى (1): [من البسيط ]

[وَإِذْ يَقُولُ أَبُو هِرٌ لِصاحِبِهِ :***أَكْلُ المَضِيرَةِ هَذا اليَوْمَ أَنْسانِي

هناك شاةٌ، وحَوْمُ (2) الدَّافِعَينِ لَهُ***عَنِ الإِمَامَةِ مِنْ عَامٍ وشَيْطَانِ

العوني (3): [ من الرجز ]

يا أُمَّةً قَدْ هَدَّمَتْ قِبْلَتَها***وَالتَبَسَتْ مِلَّتَها أَحمَالَها

ص: 305


1- مرّ الحديث عن الشاعر وقصيدته النونية هذه التي نحتمل أن يكون البيتان هنا جزءاً منها.
2- الكلمة مشوشة جداً في نسختي الأصل، كذا قرأناها، ويحتمل فيها غير ذلك. قال ابن منظور في لسان العرب 162/12 - 163 : الحوم القطيع الضخم من الإبل.. وقيل : هي الإبل الكثيرة من غير أن يحدّ عددها.. ثمّ قال : وحومة القتال : معظمه وأشدّ موضع فيه، وكذلك من الرمل والماء.. وغيره.. إلى أن قال : وكلّ من رام أمراً فقد حام عليه حوماً وحياماً وحؤوماً وحومانا..
3- لم ترد هذه القصيدة لشاعرنا (رَحمهُ اللّه) فيما جمع له من شعر حسب علمنا، كما لم ترد في المناقب والغدير وغيرهما، ولعلّها تعدّ من متفردات كتابنا هذا ظاهراً، وقد أحرق شعر شاعرنا من أحرق اللّه نسله وأصله، لاحظ ترجمته في المقدمة.

306

وَضَعْضَعَتْ بُنْيَانَها وَدَكْدَكَتْ***مَشْعَرَها وَاسْتَعَبَدَتْ أَزْوَالَها (1)

وأَبْدَلَتْ (2) لَيْلاً عَلَى نَهارها***ومَنْعةُ (3) الحَدِّ جَنَتْ (4) إسدالها

وأَعْظَمَتْ بَغْياً عَلى ساداتِها***وَاسْتَضْعَفَتْ مِنْ بَعْدِهِ سُلَالها (5)

وَقَهْقَرَتْ بِالجَهلِ عَن عَدُوّهَا***وَنَاصَبَتْ هداتها قِتَالها (6)

وفَرَّقَتْ ومَزَّقَتْ وخَرَّقَتْ***وأَنْفَقَتْ فِي غَيْرِها أَنْفَالَها

وأَذْهَلَتْ وأَبْعَلَتْ وَأَرْمَلَتْ***وأَثْقَلَتْ مِن وِزْرِها أَحمَالَها

وَأَسَّسَتْ فَأَغرَسَتْ فَأُوحَشَتْ***بالجَهْل عَنْ دارِ الهُدَى نُزَّالَها

وَقَتَلَتْ (7) وسَبَّبَتْ (8) ساداتِها***وذَبَّحَتْ على الظَّما أَطْفالها

ص: 306


1- الأزول : جمع الزَّوْل، وهي الفتى الخفيف الظريف. انظر : لسان العرب 384/7 مادة (زول).
2- كذا ؛ ولعلّها : أسدلت.
3- الكلمة مشوّشة غير منقوطة في نسختي الأصل وقد تقراً : منقه - بدون نقط، بل العجز كلاً مشوش لفظاً في نسختي الأصل، وكذا معنى.
4- الكلمة غير معجمة وقد تقرأ : خبت، أو غيرها.
5- السُّلال : تخفيف السُّلالة، بمعنى النَّشل والولد، والمراد هنا سلالة النبيّ وهم آله.
6- في نسخة (ألف): عداتها فتالها.
7- في نسخة (ب): وقست، وفي نسخة (ألف) : وقسلت، ولا معنى مناسباً له، أثبتنا ما استظهرناه.
8- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، وقد تقرأ : سبت، أو : سبيت، ولعلّها : شتّتت والكلّ محتمل.

أَوْلَى لَها هَلْ عَلِمَتْ ما عَمِلَتْ (1)***لَاقَدَّسَ اللّه لَها أَعْمالَها

***

ص: 307


1- جاء هنا في نسختي الأصل زيادة جملة : إِذْ جَهِلَتْ.. وهي زائدة وزناً، ولعلّها جاءت نسخة بدل حكماً بمعنى.. أولى لها هل علمت إذ جهلت.. أو تكون : (أولى لها)، زائدة فالصدر : هل علمت ما عملت إذ جهلت...

[ القسم الثالث ]

[ في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين ]

[ باب ]

[ في المارقين ]

[ فصل 1]

[ في المارقين ]

ص: 308

ص: 309

باب المارقين

فصل في المارقين

فصل في المارقين (1)

سئل أمير المؤمنين له عن قوله : (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً..) (2)الآية، فقال : «أهل حروراء» (3).

ص: 310


1- روى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 488/22 - 489 - عن الطرف : 36 - قال : وكان في وصيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «يا علي اصبر على ظلم الظالمين ؛ فإنّ الكفر يقبل، والردّة والنفاق مع الأوّل منهم، ثمّ الثاني - وهو شرّ منه وأظلم - ثمّ الثالث، ثمّ يجتمع لك شيعة تقاتل بهم الناكثين والقاسطين والمتبعين المضلين واقنت عليهم، هم الأحزاب وشيعتهم». أقول : عقد العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 289/32 - 317 (الباب السابع) في : أمر اللّه ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، وكلّ من قاتل علياً صلوات اللّه عليه، وفي بيان عقاب الناكثين.. وقد ذكر جملة آيات وروايات في هذا الباب عن جملة مصادر من الخاصة والعامة، هذا عدا ما أورده في أبواب متفرقة من موسوعته الرائعة، أشرنا لبعضها ضمناً.
2- سورة الكهف (18): 103.
3- كما جاء في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 91 ذيل حديث 50، ومثله في تفسير العياشي 352/2 حديث 89، وحديث 90، وعنه في بحار الأنوار 424/33 - 425 حديث 632، وانظر : شرح إحقاق الحقّ 498/14.. وغيره. وقد رواه المصنّف (رَحمهُ اللّه) في كتابه : مناقب آل أبي طالب 176/3 – 187 عن تفسير القشيري، وجاء - أيضاً - في كتاب الإبانة للعكبري، عن سفيان، عن الأعمش، عن سلمة، عن سهيل، عن أبي الطفيل : أنّه سأل ابن الكواء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى.. فقال : «إنّهم أهل حروراء..». وجاء أيضاً في المناقب لابن المغازلي : 68 - 69 حديث 81، والتمهيد لابن عبد البر 336/23، وكذا جاء تفسير الطبري 43/16 حديث 17631، وكذا تفسير الثعلبي 201/6.. وغيرها. ولاحظ : الاحتجاج 388/1، وتفسير القمّي 46/2 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحققة 622/2 - 623] حديث 13 عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «هم النصارى والقسيسون والرهبان، والحرورية، وأهل البدع». وقد روى في فردوس الأخبار 159/3 حديث 4273 عن أبي أمامة أنّه قال في تفسير قوله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ﴾ [سورة آل عمران (3): 7] قال : «هم الخوارج». وفي فردوس الأخبار 159/3 حدیث 4272 ذیل قوله سبحانه وتعالى : (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُنتَقِمُونَ﴾ [سورة الزخرف (43): 41]، قال: «نزلت في علي بن أبي طالب، أنّه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي». وجاء ذيل الآية الشريفة في العمدة لابن بطريق: 461، وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 278/2 عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «أهل حروراء منهم». انظر : الأسرار فيما كُنّي وعُرّف به الأشرار 379/1 - 382.

[ قال ] النبيّ (عليه و آله السلام) لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنك تقاتل الناكثين والقاسطين

ص: 311

والمارقين» (1).

الطبري (2)، والبخاري (3)، ومسلم(4)، والثعلبي (5) :

ص: 312


1- وقد جاء الحديث في المسانيد والسنن متظافراً بل متواتراً معنىً إن لم نقل لفظاً. لاحظ : مجمع الزوائد 235/6، وتاريخ بغداد 340/8 - 341 عن خليد العصري، و 186/13 - 187 عن أبي أيوب الأنصاري.. وغيرها. وقد أخرجه مالك في الموطأ في باب ما جاء في القرآن (10)، وابن ماجة في سننه (المقدمة) : 169.. وغيرهما. وروى القطب الراوندي (رَحمهُ اللّه) في الخرائج و الجرائح 123/1، وعنه في بحار الأنوار 119/18 حدیث 33.
2- تاريخ الطبري 92/3 [ وفي طبعة الأعلمي 360/2] بما حاصله في المتن، مع عدم وجود الذيل.
3- کتاب البخاري 243/4 (باب 20) علامات النبوة في الإسلام [كتاب المناقب، حديث 3341، وفي طبعة 139/2]، و 47/8 (باب 95) ما جاء في قول الرجل : ويلك ! [كتاب الآداب، حديث 5697] و 21/9 - 22 (باب 6) في ترك قتال الخوارج کتاب استتابة المرتدين حديث 6421]، وجاء الكل مع اختلاف يسير وزيادة ونقيصة عمّا في المتن، والمعنى واحد واضح.
4- کتاب مسلم 740/2 حدیث 142 [كتاب الزكاة، حديث 1761]، وجاء أيضاً فيه 744/2 حديث 148 [كتاب الزكاة، حديث 1765] باختلاف كثير لفظاً واختصار هنا ونقل بالمعنى.
5- تفسير الثعلبي 55/5. وبألفاظ مقاربة نقله المصنف (رَحمهُ اللّه) عن هؤلاء في مناقبه 368/2 [طبعة النجف ]، وعنه في بحار الأنوار 326/33 - 327 حدیث 573. ولاحظ : سيرة ابن هشام 310/2، ومسند أحمد بن حنبل 15/3، ومجمع البيان 72/5، وإحياء علوم الدين 377/2، والفائق 225/2.. وغيرها. وكذا ما جاء في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 218/3.

إن ذا الخويصرة (1) التميمي (2) قال للنبي (عليه وآله السلام) : اعدل بالسوية !

ص: 313


1- جاء في بحار الأنوار 37/22 - 38 (باب 37 المدخل) : ابن أبي الخويصرة، وعليه نسخة : ابن ذي الخويصرة.
2- وهو حرقوص بن زهير السعدي التميمي ذو التُّدَيَّة (قتل سنة 38ه_)، انظر ترجمته في الحصيلة من الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 66/4 - 68. روى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 338/33 حديث 583 عن العمدة لابن بطريق : 445 - 446 حديث 931 وحديث 932، وصفحة: 447 حديث 933، وصفحة : 463 حديث 971 حاكياً إياه عن الجمع بين الصحيحين للحميدي [ 169/1 - 170 ] :.. فلما قتلهم علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «انظروا»، فنظروا فلم يجدوا شيئاً، فقال : «ارجعوا فواللّه ما كذبت ولا كُذِبْتُ..» مرتين أو ثلاثاً، ثمّ وجدوه في خربة، فأتوا به حتّى وضعوه بين يديه.. فقال عبد اللّه [ وفي نسخة الحميدي : عبيد اللّه ]: وأنا حاضر ذلك من أمرهم وقول علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيهم. ورواه الخطيب البغدادي في تاريخه 305/10.. وغيره. روى الشيخ المفيده (رَحمهُ اللّه) في الإرشاد : 150 [ وفي الطبعة المحققة 316/1 - 317]، وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 283/41 - 284 (باب 114) حديث 2، قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو متوجه إلى قتال الخوارج: «لولا أني أخاف أن تتكلوا وتتركوا العمل لأخبرتكم بما قضاه اللّه على لسان نبيه - (علیه و آله السلام) - فيمن قاتل هؤلاء القوم مستبصراً بضلالتهم، وإنّ فيهم لرجلاً يقال له : ذو الثدية [ وفي الإرشاد : وإنّ فيهم لرجلاً مودون اليد ]، له ثدي كندي المرأة، وهم شر الخلق والخليقة، وقاتلهم أقرب الخلق إلى اللّه وسيلة»، ولم يكن المخدج معروفاً في القوم، فلما قتلوا، جعل (عَلَيهِ السَّلَامُ) يطلبه في القتلى ويقول : «واللّه ما كَذَبتُ ولا كُذبتُ»، حتّى وجد في القوم، فشق قميصه فكان على كتفه سلعة كثدي المرأة عليها شعرات إذا جذبت انجذبت كتفه معها، وإذا ترکت رجع كتفه إلى موضعه، فلما وجده كبّر، وقال : «إنّ في هذا عبرة لمن استبصر».

فقال : «ويلك ! من يعدل إن أنا لم أعدل ؟ ! وقد خنت وخسرت (1) إن أنا لم أعدل».

فقال عمر : [ يا رسول اللّه ! ] ائذن لي أضرب عنقه !!

فقال له : «دعه ! فإن له أصحاباً..» (2).. وذكر وصفهم، فنزل :

ص: 314


1- الكلمتان مشوشتان وغیر منقوطتين في النسخة (ب)، وفي نسخة (ألف) : خنت أو خسرت، وما هنا أخذ من البخاري، كما في بحار الأنوار عن المناقب.
2- في تاريخ الطبري : لا، دعوه ؛ فإنّه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتّى يخرجوا منه، كما يخرج السهم من الرمية.. إلى آخره. أقول : روى الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد /163/12 عن عمرو بن سلمة الهمداني، عن عبد اللّه : أنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حدثنا : «أنّ قوماً يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وأيم اللّه ما أدري لعل أكثرهم منكم»، وقد رواه المصنف (رَحمهُ اللّه) في متشابه القرآن ومختلفه : 41. وانظر : الدر النظيم : 269، وكشف المراد : 526، وشرح إحقاق الحقّ 266/15.. وكذا راجع : تاريخ بغداد 478/12 في خطبة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم النهروان وذكر ذي الخداجة..

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ) (1).

وقال الخدري - في حديث - : أنّه ذكر المقتول بالنهروان، وقال :هو شيطان الردهة (2).

وقال (عليه وآله السلام) (3) : «ذو الثدية شرّ الخلق والخليقة، يقتله خير الخلق والخليقة».

ص: 315


1- سورة التوبة (9): 58. وذكر الواقعة الطبرسي (رَحمهُ اللّه) في مجمع البيان 405، وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 37/22 - 38 (باب 37) والمصنف في المناقب مثل ما هنا، وعنه في بحار الأنوار 327/33 (باب 22) حدیث 573.
2- ويقال له : شيطان ذى الردهة، وشيطان الردّة، وشيطان الردهة، وشيطان الوهدة.. لاحظها : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 378/2 - 382، وعليها عدة مصادر، كما وإن فيها عدة وجوه. ولاحظ - أيضاً - عدة وجوه جاءت في بحار الأنوار 256/60، وكذا: 392/3 – 393، و 123/38، و 283/41.
3- وقد روته عائشة عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، كما جاء في معجم ابن الأعرابي 424/2، كما وقد حكاه المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 70/3، عنها.. عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). وقد جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 267/2، والبداية والنهاية لابن كثير 296/7 و 303، والشافي في الإمامة للسيّد المرتضی (رَحمهُ اللّه) 101/3 كذا البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 70/2.. وغيرها. كما وقد جاء بألفاظ أخر، ومصادر أكثر في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 343/2، وقد يطلق اللقب، ويراد منه الخوارج.

316

وفي حلية أبي نعيم (1)، وعقد ابن عبد ربه (2)، وزينة أبي حاتم (3) : أنّه ذُكِرَ (4) بين يدي النَّبي (عليه وآله السلام) بكثرة العبادة

[ فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «لا أعرفه.. !» ](5) فإذا هو قد طلع.. فقالوا : [یا رسول اللّه ! ] هو هذا !

فقال النبيّ (عليه وآله السلام) : «أما إني أرى بين عينيه شفعة (6)

ص: 316


1- حلية الأولياء 226/3 - 227 باختلاف غير قليل.
2- العقد الفريد 403/2 - 404 [ وفي طبعة 244/2 - 245 ] باختصار واختلاف يسير.
3- كتاب : الزينة لأبي حاتم الرازي 513/1 [ تحقيق سعيد الغانمي - منشورات الجمل ]، وقد اختصر الحديث، انظر أسماء الخوارج وفرقهم فيه 511/1 - 524. وزاد عليه المصنف في المناقب : مسند أبي يعلى، وإبانة ابن بطة العكبري، وكتاب أبي بكر الشيرازي، لاحظ : بحار الأنوار 327/33.
4- في نسختي الأصل أن ذكره، والمثبت عن المناقب، وفي العقد : وذكر رجل عند النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وذكروا فضله وشدة اجتهاده في العبادة..
5- الزيادة من المناقب للمصنف 187/3 [ طبعة قم، وفي طبعة النجف 368/2].
6- كذا ؛ وفي العقد والحلية وغيرهما : سفعة، وكذا في المناقب، وفي طبعة من المناقب : سفعة - وعنه في بحار الأنوار 327/33- وهي لغة بمعنى النظرة والإصابة بالعين، جعل 327/33-وهي ما به من العجب مساً من الجنون. حيث قد تطلق السفعة والشفعة - بالسين والشين - بمعنى الجنون، كما في لسان العرب 158/8.. وغيره، وهو الصواب، ويراد منه أنّ فيه مساً، وقد يراد منه الأخذ بالناصية.. لاحظ : معنى الكلمة وموارد استعمالها وإطلاقها في الكتاب الرائع: الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 307/2 - 308. قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 328/33 - 329 ذيل الحديث السالف : بيان : قال في النهاية : السفعة : نوع من السواد مع لون آخر، ومنه حديث أبي اليسر : أرى في وجهك سفعة من غضب.. أي تغيّراً إلى السواد. وفي حديث أم سلمة إنّه دخل عليها - وعندها جارية بها سفعة - فقال : إنّ بها نظرة فاسترقوا لها.. أي علامة من الشيطان أو ضربة واحدة منه، وهي المرة من السفع : الأخذ. ومنه حديث ابن مسعود، قال لرجل رآه : إنّ بهذا سفعة من الشيطان.. فقال له الرجل : لم أسمع.. فما قلت ؟ فقال : أنشدتك اللّه ! هل ترى أحداً خيراً منك ؟ ! قال : لا. قال : فلهذا قلت ما قلت.. جعل ما به من العجب مساً من الجنون..

من الشيطان». فلما رآه (1) قال له : «هل (2) حدّثتك نفسك إذ طلعت علينا [ أنّه ] ليس أحد في القوم مثلك ؟!» (3) قال : نعم.. ثمّ دخل المسجد.. فوقف يصلّي.

فنظر النبيّ (عليه وآله السلام) إليه - وهو ساجد - فقال : «ألا رجل يقتله ؟» فحسر (4) أبو بكر عن ذراعه وصمد (5) نحوه [ فرآه راكعاً، فرجع ] فقال : أقتل رجلاً يقول : لا إله إلا اللّه ؟ !

ص: 317


1- في العقد الفريد : فأقبل الرجل حتّى وقف فسلّم عليهم، فقال :...
2- في الحلية زيادة القسم ب_: نشدتك باللّه..
3- في العقد : أنّه ليس في القوم أحسن منك.
4- كذا في المناقب والزينة، وفي نسختي الأصل : فخر، ولا نعرف لها معنى.
5- في كتاب الزينة : وقصد.

فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «[ اجلس فلست بصاحبه»، ثمّ قال : ] «ألا رجل يقتله ؟..» ففعل عمر مثل ذلك، فلمّا كان [في ] الثالثة قصد له علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) فلم يره، فقال النبيّ (عليه و آله السلام) : «لو قتل لكان أوّل فتنة وآخرها» (1).

وفي رواية(2): «هذا أوَّل(3) قرن يطلع في، لو قتلتموه ما اختلف بعده اثنان..» الخبر.

ص: 318


1- أقول : إلى هنا ورده لكن الاختلاف فيه مع ما جاء في العقد كبير، وقد أعرضنا عن التنبيه عليه، وكذا مع ما جاء في حلية الأولياء، وكأنه نقل بالمعنى مع اختصار في المتن. ورواه أحمد بن حنبل في مسند أبي سعيد الخدري 15/3 [وفي طبعة 42/5]، وعنه وعن البزاز وأبي يعلى بأسانيدهم، وابن كثير في البداية والنهاية 298/7 [ طبعة دار الفكر ]. وراجع : الغدير 216/7.. وغيره عن جملة مصادر، وقد سلف. ولاحظ : الإصابة 484/1، وثمار القلوب للثعالبي : 233، وشرح النهج لابن أبي الحديد 265/2 [ طبعة بيروت 459/1].. وغيرها.
2- هذه هي رواية ابن عبد ربه الأندلسي في العقد الفريد، وجاء هنا في الحلية : لو قتل اليوم ما اختلف رجلان من أمتي حتّى يخرج الدجال.. ثمّ حدّثهم عن الأمم.
3- في نسختي الأصل الأوّل، والمثبت عن العقد، بل رواه المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب : 369/2 [طبعة النجف ]، وعنه في بحار الأنوار 328/33 (باب 22) ذیل حدیث 573.

وفي مسند الموصلي(1)، عن أنس نحو ذلك مستوفى (2).

وروي (3) : أنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمر أن يفتش له (4) في القتلى فلم يجدوه، فقال [له] رجل : واللّه ما هو فيهم.

فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «واللّه ما كَذَبتُ ولا كُذِبتُ».

فقيل : قد أصبناه، فسجد.. فأخرج من بين القتلى، فإذا ثديه كثدي المرأة، عليه شعرات السنّور (5) فيصبها (6).

ص: 319


1- مسند أبي يعلى الموصلي 90/1 - 91 حديث 90، و 150/4 حديث 2215، و 340/6 - 342 حديث 3668، و 168/7 - 169 حديث 4143.
2- ومثله في حلية الأولياء لأبي نعيم الإصفهاني، كما سلف، وقد رواه المصنف (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في المناقب 372/2 عن أبي نعيم الإصفهاني، عن الثوري، وفيه تفصيل أكثر. كما وقد أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 226/6 - 227، و 257/7 - 258.. ولاحظ : تفسير ابن كثير 607/2 - 608، والدر المنثور 297/2 - 298، و 136/3.
3- لاحظ : تاریخ بغداد 220/1، والمنتظم لابن الجوزي 144/5.. وغيرهما.
4- كذا ؛ والظاهر : عنه.
5- في بعض المصادر عليه شعرات مثل سبالة [ سبلات ] السنور، وفي بعضها : عليه شعرات صهب، وأيضاً : مثل شعرات تكون على ذنب اليربوع، أو : عليه شعرات كسبال السنور، وفي كتاب الزينة : كشارب السنّور.
6- في المناقب : فسجد اللّه تعالى فنصبها.. وفي الكامل للمبرد 221/3 : ثمّ قال : ائتوني بيده المُخْدَجَة، فأتوه بها، فَنَصَبَها. وراجع : الخرائج والجرائح 227/1 - وعنه في بحار الأنوار 385/33 (باب 23) حديث 615 - في حديث أنّه قال : ثمّ قال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «اطلبوا ذا الثدية»، فطلبوه فلم يجدوه، فقال : «اطلبوه ! فواللّه ما كذبت ولا كذبت»، ثمّ قام : فركب البغلة نحو قتلى كثير، فقال : «اقلبوها»، فاستخرجوا ذا الثدية، فقال: «الحمد للّه [الذي ] عجلك إلى النار». ولاحظ : بحار الأنوار 392/33 - 393 (باب 23) ذیل حدیث 618، و 339/41 - 340 (باب 114) حديث 59 عن شرح النهج لابن أبي الحديد. أقول : حكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 475/14 ضمن حديث 37 عن نهج البلاغة إنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «.. ألا وقد أمرني اللّه بقتال أهل البغي والنكث والفساد في الأرض، فأما الناكثون ؛ فقد قاتلت، وأما القاسطون ؛ فقد جاهدت، وأما المارقة ؛ فقد دوّخت، وأمّا شيطان الردهة ؛ فقد كفيته بصعقة سمعت لها وجبة قلبه، ورجّة صدره، وبقيت بقية من أهل البغي، ولئن أذن اللّه في الكرّة [ أي الحملة في الحرب ] عليهم لأديلن منهم إلا ما يتشدّر في أطراف البلاد تشذّراً...».

الوراق (1) القمّي (2): [ من الطويل ]

عَلِيٌّ لَهُ في ذِي التَّدَيَّةِ آيَةٌ***رَواهُ رُواةُ النَّاسِ (3) عَنْ خَيْرِ مُقْسِمِ (4)

ص: 320


1- تقرأ في نسختي الأصل : للواردات، والصحيح ما أثبتناه من المناقب 191/3.
2- سلف الحديث عن الشاعر وشعره وقصيدته هذه في المقدمة، وجاء هذا البيت بنصه في المناقب 221/3، وما ورد هنا فيه سقط وهو أبتر.
3- في المناقب : القوم، بدلاً من الناس.
4- هذا استظهار، وإلا ففي نسخة (ألف) : خيرة مقسم، وخط عليها في نسخة (ب)، وفي المصدر : من خير مقسم.

ابن الحجّاج (1): [ من مخلّع البسيط ]

مرّ إِلَى النَّهْروانِ يَعْدُو (2)***مِثْلَ حِمارٍ بِلا مُکارِي

كانُوا شُرأَةٌ فَصَبَّحَتْهُمْ (3)***كَفَّ عَلِيٌّ بِذِي الفَقار (4)

الحميري (5): [من الطويل ]

أَعِبْتَ (6) عَلَيْهِ قَتْلَ ضُلالٍ أُمَّةٍ***لَقَدْ َعبْتَ مِنْهُ الحقّ لَوْ كُنْتَ تَفْهَمُ

ص: 321


1- جاء البيتان عنه في المناقب 224/3.
2- في المناقب، مرّوا إلى النهروان يعدون.. وما جاء في نسختي الأصل فهو مشوش لفظاً ومعنىً بدون إعجام، وما أُثبت استظهار، وهو الصواب، والضمير في (يعدو) يعود إلى ذي الثدية، وبه يستقيم وزن (مستفعلن فاعلن فعولن).
3- هذا استظهار، وفي نسختي الأصل : فضيحتهم، وفي المناقب : كانوا شراة فصبّحتهم.
4- يظهر من هذا البيت أنّه يتحدّث عن كلّ الخوارج.
5- جاءت هذه القصيدة في ديوان السيّد الحميري (رَحمهُ اللّه): 369 - 372 متفرقة وغير مرتبة وباختلاف يسير. نعم ؛ الأبيات الثلاثة الأول من متفردات وأبكار هذه الموسوعة.
6- في نسختي الأصل : أصهت.

أَلَمْ يَنْكُتُوا أَيْمَانَهُمْ فِيهِ بَعْدَما***دَعَوهُ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ وَأَعْصَمُوا ؟ ! (1)

بِطاعَتِهِ طَوْعاً، وَأَعْطَوْهُ بَيْعَةً***فَخَاسُوا (2) بها، والعَيْبُ في النَّكْتِ يُرْجَمُ

و (3) مارِقَةٍ مِنْ دِينِهِمْ فَارَقُوا الهُدَى***وَلَمْ يَأْتَلُوا بَغْياً عَلَيْهِ وَحَكَمُوا

سطُوا بِابْنِ خَبَّابٍ فَأَلْقَى بِنَفْسِهِ (4)***وَقَتْلُ ابْنِ خَبَّابٍ عَلَيْهِمْ مُحَرَّمُ

فَلَمَّا أَبوا في الغى إِلَّا تَمادِياً***سَمالَهُمُ عَبْلُ (5) الذِّراعَيْنِ ضَيْغَمُ

ص: 322


1- أَعْصَمَ بالشيء : أمسك به ولزمه، فهنا (وأعصموا بطاعته) فهو مرتبط بما بعده.
2- خاسَ : نَكَتَ وغَدَرَ. يقال : خاس بالعهد.. أي نقض، كناية عن عدم النفع، وخاس الشيء : إذا فسد، و خاس به : إذا غدر وخاف.
3- من هنا نقله المصنف في المناقب 373/2[ وفي طبعة قم 192/3 - 193].
4- هو : عبد اللّه بن خباب بن الأرت الذي قتله الخوارج وزوجته وهي حامل.
5- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، والصحيح ما أثبتناه. والعبل : الضخم من كلّ شيء، وجمعها : عبال، كما في لسان العرب 420/11.

فَأَضْحَواكَعَادٍ أَوْ ثَمُودٍ كَأَنَّما***تَساقَوا عُقاراً سَكَرَتْهُمْ (1) فَنُومُوا (2)

***

ص: 323


1- في ديوان السيد، وكذا في المناقب : أسكرتهم.
2- في نسختي الأصل : فقوموا.

[ تتمة القسم الثالث ]

[ في معايب الخاذلين وجماعة جاهروا بعداوة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) والأمراء ]

[ باب ]

[في الخاذلين ]

[فصل 1]

[ باب الخاذلين ]

ص: 324

ص: 325

باب الخاذلين

الفصل الأول : نذكر جماعة [ نقضوا ] بيعة أمير المؤمنين

نذكر (1) جماعة [نقضوا] بيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

* منهم :

سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب الزهري (2):

ص: 326


1- في نسختي الأصل تقرأ : فذكره، ولعلّها : تذكرة، أو يكون العنوان : ذكر جماعة ذكروا بيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وخذلوه.. كما يقتضيه سبر الفصل وسياقه.
2- هو ؛ سعد بن أبي وقاص، واسم أبي وقاص : مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة الزهري المدني القرشي، أبو إسحاق (23 ق. ه_ 55 ه_) عدّ - عند العامة - من العشرة المبشرة بالجنة، وهو آخرهم موتاً شهد بدراً، وقاد القادسية، ونزل الكوفة وكان والياً عليها، بل هو أوّل الأمراء عليها، كما قاله العسكري في كتابه الأوائل : 192، وهو أحد رجالات الشورى العمرية، شكاه أهل الكوفة فعزله عمر ثمّ ولاه عثمان، ثمّ عزله وعاد إلى المدينة.. ولعلّه هو المراد من قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الخطبة الشقشقية : «فصغا رجل منهم لضغنه»، حيث نسب إلى الضغن والعداوة. ترك إرثاً حين هلك مائتي ألف وخمسين ألف درهم، وذهب بصره في أخريات وقد روى عنه الخاص والعام عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «من كنت مولاه فعلي مولاه..» عمره بعد أن خسر بصيرته في أوليات حياته، ولم يخرج من الكفر إلا إلى الشرك والنفاق، صلّى عليه مروان بن الحكم وأرسله إلى محلّهم المشترك. انظر عنه : طبقات ابن سعد 6/6، تاريخ الخميس 499/1، حلية الأولياء 92/1، تهذيب التهذيب 483/3 - 484، البدء والتاريخ 84/5.. وغيرها نقلاً عن الكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 94/4-96، وقد ذكر ما له من الكنى والألقاب. وراجع عنه : خلاصة تذهيب تهذيب الكمال : 135، التاريخ الكبير للبخاري 43/4 برقم 1908، البداية والنهاية 388/3.. وغيرها، وكذا ترجمة ولده عمير في أُسد الغابة 148/4. قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 264/37 حديث 34: وقال : حدثنا قتيبة ابن سعيد ومحمّد بن عباد - وتقاربا في اللفظ - قال : حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن بكير ابن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسبّ أبا تراب ؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهنَّ له رسول اللّه فلن أسبه، لأن تكون لي واحدة منهنَّ أحبُّ إليَّ من حمر النعم ؛ سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول له - وقد خلفه في بعض مغازيه - فقال له : «يا رسول اللّه ! خلفتني مع النساء والصبيان ؟» فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنَّه لا نبوَّة بعدي ؟» وسمعته يقول يوم خيبر : «لأعطينَّ الرَّاية رجلاً يحبُّ اللّه ورسوله». قال : فتطاولنا لها، فقال: «ادعوا لي عليّاً»، فأتي به أرمد العين فبصق في عينه، ودفع الراية إليه، فتح اللّه على يديه ولما نزلت هذه الآية : ﴿نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ..﴾ [سورة آل عمران (3) : 61]، دعا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً (عَلَيهِم السَّلَامُ)، فقال : «اللّهم هؤلاء أهل بيتي».

ص: 327

الخبر، وأنه قال : سمعته يقول: «علي مع الحقّ والحق معه، يدور حيث ما دار عليٌّ»(1).

ص: 328


1- كما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق 360/20 - 361 بإسناد صحيح عنه، أنّه روي عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إنّه كان يقول لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أنت مع الحقّ والحق معك، حيث ما دار». أقول : روى الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في أماليه 609/2 (المجلس الثامن) [ الطبعة الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 598 - 599 حديث 1243]، وعنه في بحار الأنوار 217/33 - 219 حديث 507، عن ابن عباس أنّه قال : كنت عند معاوية - وقد نزل بذي طوى - فجاءه سعد بن أبي وقاص فسلّم عليه، فقال معاوية : يا أهل الشام ! هذا سعد ؛ وهو صديق لعلي [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]، قال : فطأطأ القوم رؤوسهم وسبوا عليّاً [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)].. فبكى سعد ! فقال له معاوية : ما الّذي أبكاك ؟ قال : ولم لا أبكي لرجل من أصحاب رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] يسبّ عندك ولا أستطيع أن أُغيّر، وقد كان في علي خصال لأن تكون في واحدة منهنّ أحب إلي من الدنيا وما فيها ؛ أحدها : أنّ رجلاً كان باليمن فجفاه عليّ بن أبي طالب [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] فقال : لأشكونك إلى رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ]، فقدم على رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] فسأله عن عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] فثنى عليه فقال : «أنشدك باللّه الذي أنزل على الكتاب واختصني بالرسالة، أعن سخط [تقول ] ما تقول في عليّ [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] ؟!» قال : نعم يا رسول اللّه ! قال : «ألا تعلم أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟!» قال : بلى، قال: «فمن كنت مولاه فعلی مولاه». والثانية : أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعث يوم خيبر عمر بن الخطّاب إلى القتال فهزم وأصحابه، فقال [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] : «لأعطين الراية غداً إنساناً يحبّ اللّه ورسوله، ويحبّه اللّه ورسوله»، فغدا المسلمون وعليّ أرمد، فدعاه فقال: «خذ الراية»، فقال : «يا رسول اللّه ! إنّ عيني كما ترى !» فتفل فيها، فقام وأخذ الراية، ثمّ مضى بها حتّى فتح اللّه عليه. والثالثة : [ أنّه ] خلّفه في بعض مغازيه، فقال علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]: «يا رسول اللّه ! خلّفتني مع النساء والصبيان ؟»، فقال رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ]: «أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبي بعدي». والرابعة : سدّ الأبواب في المسجد إلّا باب عليّ. والخامسة : نزلت هذه الآية : (إنّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تطهيراً﴾ [الأحزاب (33) : 33] فدعا النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] عليّاً وحسناً وحسيناً وفاطمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) فقال : «اللّهم هؤلاء أهلي ؛ فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً». أقول : عقد شيخنا المجلسي (رَحمهُ اللّه) باباً في بحار الأنوار 26/38 - 40 (باب 57) في أنّه الا مع الحقّ والحق معه، وأنه يجب طاعته على الخلق، وأن ولايته ولاية اللّه عزّ وجلّ، وقد أورد فيه روايات جمة منّا وقد أشرنا إلى بعضها ضمناً، ولا حاجة لدرجها بعد استفاضة بل تواتر بعضها، وتكفي الإشارة إليها.

ثمّ إنّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) دعاه إلى نصرته، والخروج معه في حروبه فامتنع عليه(1)، وقال : إن (2) أعطيتني سيفاً يفرّق بين المؤمن والكافر ؛ فيقتل الكافر ولا يقتل المؤمن، خرجت معك ؛ رواه الطبري (3).

ص: 329


1- قال الطبري في تاريخه 431/4 :.. وبايع الناس علياً بالمدينة، وتربّص سبعة نفر فلم يبايعوه، منهم : سعد بن أبي وقاص، ومنهم : ابن عمر، وصهيب، وزيد بن ثابت، ومحمّد بن مسلمة، وسلمة بن وقش، وأسامة بن زيد.. ولم يتخلّف أحد من الأنصار إلّا بايع فيما نعلم.
2- تقرأ في نسخة (ألف): أبي، وفي نسخة : إنّي، والصحيح ما أثبتناه.
3- تاريخ الطبري، ولم نجده فيه مع سبرنا له أكثر من مرة، ولعله حذف منه أو جاء في مصدر آخر، نعم ذكره الكوفي في كتاب الاستغاثة : 208 - 209، والغزالي في إحياء علوم الدين 223/2، والشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الجمل والنصرة : 95.. وغيرهم في غيرها. روى الهيثمي في مجمع الزوائد 235/6 عن الطبراني، وابن أبي عاصم في كتابه : السنة : 585.. وغيرهما أنّه قال : وقال لعمار ولكنّي أحببت العزلة حتّى أجد سيفاً يقطع الكافر وينبو عن المؤمن ! راجع : الفتن لنعيم بن حمّاد 163/1، والطبقات الكبرى 143/3، والمصنف لابن أبي شيبة 483/7، والأخبار الطوال : 142 - 143، والثقات لابن حبان 270/2، ووقعة صفين لا بن مزاحم : 551 - 552، والمعجم الكبير 1/ 144، و تاريخ دمشق 356/20.. وغيرها في غيرها.

وجعل أصحاب الحديث هذا من مناقبه، وورعه بزعمهم !، وهذا قول من لا يؤمن باللّه ولا برسوله، مع ما سمع من النبيّ (عليه و آله السلام) ما روى عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ولم يكن سعد يخلو في خذلانه لعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ)- بقعوده عنه - من أن يكون استخفّ بهذا (1) القول من رسول اللّه (علیه و آله السلام) ولم يتخوّف من مخالفته، أو أن يكون ظنّ في نفسه أن دعوة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) غير مستجابة في ذلك (2).. وكلاهما خطأ.

ثم إن روايته : «عليٌّ مع الحق..» إما أن يكون كاذباً في مقاله، وقد قال النبيّ (عليه وآله السلام) : «من كذب علي متعمداً..» الخبر.

ص: 330


1- في نسختي الأصل بها، وهي محرّفة عن المثبت.
2- ما هنا قريب ممّا جاء في الاستغاثة : 209 وفيه : أن يكون استحق بهذا القول من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اللعنة ولم يتخوف من مخالفته، أو أن يكون ظن..

أو يكون الراوون عن سعد - هذا الخبر - كذبوا على سعد، فإن أقروا على سعد الكذب لزمهم تكذيبهم فيما رووا عن النبيّ (عليه و آله السلام) من الشهادة للعشرة بالجنة..

أو أن يكون سعد لم [ يصدّق ] (1) رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] في إخباره، وذلك كفر بغير خلاف.

أو أن يكون سعد علم ذلك، فتهاون [ب] الحقّ وعانده، فيكون كما قال اللّه : (ذلِكَ بأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللّه) (2) ؛ لأنّ جميع ما أنزل اللّه في كتابه وبعث به رسوله فهو الحقّ ؛ لقوله : (أرسله بالهُدى وَدِينِ الحَقِّ) (3)، وقوله : ﴿وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) (4).

ومن روايته ؛ أنّه قال : ذكر الأمراء عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فتكلم علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)،

فقال : «إنها ليست لك ولا لأحد من ولدك..» (5) فكان له ولأولاده رغماً لأنفه.

وسمّاه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «فرعون هذه الأمة (6)».

ص: 331


1- بياض في نسختي الأصل، وما في المتن أُخذت من الاستغاثة.
2- سورة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (47): 9.
3- سورة التوبة (9) : 33، وسورة الفتح (48) : 28، وسورة الصف (61) : 9. اقتباس من قوله عزّ اسمه : ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الحَقِّ).
4- سورة الإسراء (17) : 105.
5- انظر: میزان الاعتدال 204/1، الكامل لابن عدي 333/1.. وغيرهما.
6- أقول : أطلق (فرعون هذه الأمة) في أخبارنا ورواياتنا من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). والأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) على : عمر بن الخطّاب، كما في حديث الرايات الخمس وغيره، وقورن ب_: نمرود الأُمّة أو نمرودها.. كما وقد أطلقه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على عثمان بن عفان بقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «إنّ لكلّ أُمّة فرعون، وإنك فرعون هذه الأمة»، وعلى معاوية بن أبي سفيان، مقابل عمرو بن العاص : هامانها، كما وأُطلق على أبي جهل ابن هشام.. لاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 82/3 - 84، ولم نجد غير هذه الرواية في إطلاق هذا اللقب على هذا الخبيث. نعم جاء إطلاق ؛ قارون، وقارون هذه الأمة عليه، كما في حديث الرايات المروي في اليقين : 166 - 169 [ وفي المحققة : 275، 329، 363، 408، 443]، والموجود فيه إطلاق فرعون هذه الأمة على معاوية، وليس فيه قارون. وعنه رواه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 14/8 (باب 19) حدیث 19، و 203/30 - 204، و 206، كما وأطلق عليه : فرعون. لاحظ : الخصال 65/2 - 67، وعنه في بحار الأنوار 342/37 - 344 (باب 55) حديث 1، وفيه 20/30 - 205 (باب 20) بيان.. انظر : كتاب الأسرار فيما كُنّى وعُرف به الأشرار 124/3.

وفي الأغاني (1) أنّه : عزل عثمان سعداً بالوليد بن عقبة (2)، فلما دخل عليه.. قال له سعد : ما أقدمك أبا وهب ؟! قال : أحببت زيارتك. قال : وعلى ذلك،

ص: 332


1- الأغاني 136/5 نقلاً بالمعنى، وانظر فيه : 25/1، و 134/5 [ طبعة دار الكتب العلمية، في 85/5 من طبعة دار إحياء التراث العربي ]. وكذا راجع : التذكرة الحمدونية 189/9، وقريب منه في الأوائل للعسكري : 185 - 186.. وغيره.
2- في نسخة (ب) : عتبة.

[ أ ] جئت بريداً ؟ ! قال : أنا أرزن (1) من ذلك، ولكنّ القوم احتاجوا إلى عملهم فسرحوني(2) إليه، وقد استعملني أمير المؤمنين على الكوفة [فمكث طويلاً ].. فقال : لا واللّه ما أدري أصلحت بعدنا أم فسدنا [بعدك ] ؟!

ثم قال : [ من الطويل ]

خُذِينِي فَجُرِّينِي (3) ضِبَاعُ وأَبْشِري***بِلَحمِ امْرِي لَم يَشْهَدِ اليومَ ناصِرُه

فقال الوليد (4) : لا تجزعن - أبا إسحاق ! - فإنّما هو الملك يتغدّاه قوم ويتعشّاه آخرون.

[ فقال سعد : أراكم - واللّه - ستجعلونه ملكاً ] (5).

وقال الطبري (6)...في سنة عشرين من الهجرة ؛ عزل عمر سعداً عن الكوفة

ص: 333


1- في نسخة (ألف) : أزدت، وفي نسخة (ب): أزدت، وما هنا من المصدر.
2- في نسخة (ألف): فرجون، وفي نسخة (ب): فرجوني.
3- في نسختي الأصل : حدثني.. أو : حديثي.. ولا توجد كلمتان.
4- هناك فاصلة بين بيت الشعر وهذا الكلام، وقد جاء بإسناد آخر وواقعة أُخرى، راجعه في الأغاني 137/4.
5- ما بين المعكوفين مزيد من المصدر.
6- تاريخ الطبري 112/4 [ طبعة الأعلمي 202/3]، كما وعزل قدامة بن مظعون عن البحرين، وحده في شرب الخمر ! ولاحظ : تاريخ اليعقوبي 155/2.. وغيره.

لشكايتهم إياه، وقالوا : لا يحسن أن يصلّي ! (1)

وقيل لشريح : إنّ رجلاً يقص كلّ ظهيرة جمعة.. فأحضره وسأله : ممّن أخذت ذلك ؟ قال : من سعد، حين كان علي يصلّي الجمعة، كان يمنع الناس في المَمَرِّ ويَعِظُ (2)، فلما أبى من بيعة على (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «يا أبا إسحاق ! فراق جميل خير من صحبة على دخل» (3)، قال : أما الفراق فأنا فاعله، أخرج إلى مكة، ثم إلى تلهى ماء لبني فزارة

ولمّا صالح الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) معاوية، دخل عليه (4) سعد، فقال : مرحباً بمن لم يعرف حقاً فيتّبعه ولا باطلاً فيجتنبه.

فقال : أردت أن أعينك على على من بعدما سمعت النبيّ (عليه وآله السلام)

ص: 334


1- كما جاء أيضاً في مسند الطيالسي : 30، ومسند أبي يعلى 53/2، وتاريخ بغداد 155/1، و تاريخ دمشق 341/20.. وغيرها.
2- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، ولذا يحتمل فيها غير ما أثبتناه. بمعنى أنّه كان يمنع الناس في المرور والذهاب إلى صلاة الجمعة خلف مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ويشتغل بالوعظ والقصص.
3- قال أبو هلال العسكري في ديوان المعاني 157/1: قال عليه الصلاة والسلام لطلحة - حين رأى تلوّنه عليه - : «فراق جميل خير من صحبة على دَخْنِ»، والدخن والدخل : الفساد والمدخول : الفاسد، وقد دخل: فَسَد، وروي : على دخل.
4- أي على معاوية.

يقول لابنته فاطمة : «يا فاطمة ! أنت خير الناس أباً وبعلاً ؟ !» (1).

قال : فبأي حجة قعدت عنه ؟

[ قال : ] إنك لتعلم (2)، وإنما تُريد (3) أن يقول هذا القوم الذي اختاروا رضاك على رضى اللّه ورسوله ووليه.

قال : من هم ؟

قال : هؤلاء (4) السواد الأعظم، وهم أنت ومن اتبعك، وعليها كنت أدور فاصنعوا ما شئتم.. (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) (5).

وكتب قيس بن سعد بن عبادة إلى معاوية، وقد وعده بأشياء إن بايعه.

(شعر) (6) : [من البسيط ]

لا تَحْسَبَني - ابنَ هِنْدٍ ! - في عَدَاوَتِكُمْ***كَالمَرْءِ سَعْدِ أَبِي الزُّهْرِيِّ وَقَاصِ

ص: 335


1- إلى هنا رواه المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 268/2، والبياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 70/2، وابن جبر (رَحمهُ اللّه) في نهج الإيمان : 559.. وغيرهم في غيرها.
2- الظاهر وجود سقط هنا.
3- في نسختي الأصل : يريد.
4- الكلمة مشوشة في نسخة (ألف) لعلها تقرأ : هو آله.
5- سورة الفجر (89) : 14.
6- نقلها ابن أعثم ضمن أبيات في الفتوح 128/3.

أمْ تَحْسَبَنّى كَعَبْدِ اللّه في نَفَر***باعُوا عَلِيّاً بوزدان (1) ومِقْلاصِ

أو كَابْن مَسْلَمَةَ الرَّاضِي بِشُبْهَتِهم (2)***للّه فيما يُماري رَبَّهُ عاص

الحميري (3): [من البسيط ]

وَرَهْط سَعْدٍ و [ ما] قَدْ كانَ قد عَلِمُوا***عَنْ مُسْتَقِيمَ صِراطِ اللّه صَدَّاكا (4)

ص: 336


1- في الفتوح : بودان.
2- في المصدر : بشبهته.
3- لم أجد هذا البيت في الديوان المجموع للسيّد الحميري (رَحمهُ اللّه)، ولا ما هو على وزنه في الديوان، ولا نعرف له مصدراً ناقلاً غير موسوعتنا هذه نعم ؛ جاء على وزانه في كتابنا هذا عدة أبيات.
4- كذا، والصواب : صَدُّوكا؛ لأنهم رهط.. أي جماعة، وقيل : هم عشيرة الرجل وأهله، وقيل : الرهط في الرجال ما دون العشرة.. وقيل غير ذلك. وراجع : العين 19/4، ولسان العرب 306/7، ومجمع البحرين 249/4.. وغيرها وقد ورد في قوله سبحانه: ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللّه أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) [سورة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (47) : 1]، نزلت في أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، الذين ارتدّوا بعده، وغصبوا أهل بيته حقهم، وصدوا عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

[ومنهم ]

* عبد اللّه بن عمر (1):

ص: 337


1- هو أبو عبد الرحمن العدوي (10 ق. ه_ 73 ه_) ولد ومات بمكة، قيل : هو آخر من مات بها من الصحابة، وهاجر مع أبيه، وكان يفتي المسلمين ويتلاعب بأموالهم وأعراضهم ستين سنة ! ويعد من رؤوس أعداء مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - على حد تعبير المحقق الكركي (رَحمهُ اللّه) في رسالته في تعيين المخالفين : 320 - 321 - وقال : وإن ستر عداوته ببعض الستر. وعرف في رواياتنا بكونه : سيّئ الخلق، واللئيم، والمفتون.. كما جاء ذلك بمصادره في كتاب : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 140/4 وقد سلف الحديث عنه قريباً، واحتملنا هناك أن يكون : عبيد اللّه، فراجع. انظر عنه : وفيات الأعيان لابن خلكان 246/1، وطبقات ابن سعد 105/4 - 138، وحلية الأولياء 292/1.. وغيرها، بل غالب المصادر خاصة التراجم والتاريخ والحديث العامي. ولا يمكن عد شطحات الرجل وموبقاته وجهله وسخفه، فهو لا يفخر بشيء إلا بكثرة جماعه ! وهو القائل : ما أُعطي أحد بعد رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] من الجماع ما أعطيت أنا ! كما في نوادر الأصول للترمذي : 212، ولاحظ عن ذلك : المحاضرات للراغب الإصفهاني 360/3.. وغيره، وهو - بعد ذلك - لم يعرف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولا لاقاه، كما أنّه لا يعرف نوع شهوته، كما أن ملكاته ليست متعادلة واحدة، لا ترجّح إحداها على الأُخرى. ولم يكن يحسن طلاق زوجته وقد عجز واستحمق، كما في كتاب مسلم 181/4، وجهل أنّه لا يقع إلا في طهر لم يواقع فيه، كما في كتاب البخاري 76/8، ومسند أحمد 51/2، 61، 64.. وغيرها وفي غيرها، حتّى إنّه قد جهله أجهل الجهلاء وهو والده الذي هو أعرف به. وبعد كلّ هذا وهو نزر يسير - أليس من الغلوّ الفاحش أو الجناية الكبرى على المجتمع الديني على حد قول العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 41/10 - أن يعدّ هذا - الإنسان في مراجع الأمة وفقهائها وأعلامها ومستقى علمها، وممن يحتج بقوله وفعله ؟ !

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللّه) (1) : «في على (عَلَيهِ السَّلَامُ)(2)»..

[قوله عزّ اسمه :] ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا﴾ «بولاية علي بن أبي طالب..»..

(أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ) (3).. وقال : «نزل جبرئيل بهذه الآية.. كذا»(4).

ص: 338


1- سورة البقرة (2) : 90.
2- وجاء الحديث بألفاظه في المناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 244/1، وعنه في بحار الأنوار 354/23 (باب 21) حدیث 1، وزاد : «والأوصياء من ولده». بل روى الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في أصول الكافي 417/1 (كتاب الحجة) حديث 25، وعنه في بحار الأنوار 372/23 (باب 16) حديث 51، عن أبي جعفر، قال : «نزل جبرئيل اعلام بهذه الآية على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هكذا : (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللّه﴾ في علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] «بغياً»»، وقريب منه في تفسير العياشي 50/1 حديث 70، وعنه في بحار الأنوار 98/36 - 99 (باب 39) حدیث 38.
3- سورة البقرة (2): 257.
4- لاحظ : المناقب للمصنّف (رَحمهُ اللّه) 278/2 وصفحة : 301. روى العياشي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره 138/1 حديث 460 - وعنه العلّامة المجلسي في بحاره 104/68 - 105 (باب 18) حدیث 18. ورواه أيضاً الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في الكافي الشريف 375/1 حديث 3، والشيخ النعماني (رَحمهُ اللّه) في الغيبة : 131 - 132 حديث 14، وكذا في بحار الأنوار 135/72 - 136 (باب 101) حدیث 19، عن ابن أبي يعفور، قال : قلت لأبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): إني أخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولّونكم ويتولّون فلاناً وفلاناً لهم أمانة وصدق ووفاء ! وأقوام يتولونكم ليس لهم تلك الأمانة ولا الوفاء و لا الصدق ! قال : فاستوى أبو عبد اللّه لا جالساً، وأقبل عليّ كالغضبان. ثمّ قال : «لا دين لمن دان بولاية إمام جائر ليس من اللّه، ولا عتب على من دان بولاية إمام عدل من اللّه». قال : قلت : لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء ؟ ! فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «نعم، لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء»، ثمّ قال: «أما تسمع لقول اللّه : ﴿اللّه وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ يخرجهم من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كلّ إمام عادل من اللّه». وقال: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ..)». قال : قلت : أليس اللّه عنى به الكفّار حين قال : ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا..) ؟ ! قال : فقال : «وأيّ نور للكافر وهو كافر، فأخرج منه إلى الظلمات ؟ ! إنما عنى اللّه بهذا أنّهم كانوا على نور الإسلام، فلما أن تولّوا كلّ إمام جائر ليس من اللّه، خرجوا بولايتهم إياهم من نور الإسلام إلى نور ظلمات الكفر، فأوجب لهم النار مع الكفّار، فقال : ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾» [البقرة (2): 257].

أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1)؛ «كتب علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى والي المدينة : «لا تعطين سعداً ولا ابن عمر من الفيء شيئاً».

ص: 339


1- كما رواه الكشي (رَحمهُ اللّه) في رجاله (اختيار معرفة الرجال) : 39 [ وفي الطبعة المحشاة 197/1] حدیث 82.

وقيل لعمر (1) : ما لك لا تستخلف ابنك عبد اللّه ؟! فقال : كيف أستخلف رجلاً لم يحسن أن يطلق امرأته (2) ؟ !

وقال رجل لابن مسعود : إنّي أحبّ ابن عمر في اللّه.

فقال : لو علمت بعمله إذا دخل بيته.. لأبغضته في اللّه ! !

ولما امتنع من بيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : دعني أضرب عنقي ! فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «مهلاً !».. و تكلم بكلام سيء (3).

ص: 340


1- كما في أنساب الأشراف 70/11، وتاريخ الخلفاء : 161، والاحتجاج 154/2. وكما وقد جاء في تاريخ الطبري 227/4 - وعنه في بحار الأنوار 383/28 (تتميم) - والعقد الفريد 156/2، وتاريخ الكامل 34/3.. وغيرها.
2- كما أورده أبو يعلى الموصلي في مسنده 170/1، و 329/9 عن عدة مصادر في هامشه، و، وقد سلف في ترجمته بعض المصادر.
3- في نسخة (ألف) : شتى. قال ابن الأثير في الكامل 191/3 : وجاؤوا بابن عمر، فقالوا : بايع. قال : لا حتّى يبايع الناس. قال : ائتني بكفيل. قال : لا أرى كفيلاً. قال الأشتر : دعني أضرب عنقه. قال علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]: «دعوه، أنا كفيله ! إنك - ما علمت - لَسَيءُ الخلق صغيراً وكبيراً». وقريب منه في تاريخ الطبري 466/3. قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 57/10: ليت شعري متى غديره 57/10 : ليت شعري متى غشيت الأمة سحابة وظلمة فأقام الرجل حيث أدرك ذلك ؟ ! أعلى العهد النبوي..؟! وهو أصفى أدوار الجوّ الديني ؛ أم في دور الخلافة..؟! وقد بايع الرجل شيخ تيم وأباه.. فلا يرى فيه غشيان الظلمة أو قبول السحابة، واعطف على ذلك أيام عثمان ؛ فقد بايعه ولم يتسلّل عنه حتّى يوم مقتله كما مرّ [ لاحظ : الغدير 23/10]. فلم تكن أيام عثمان عنده أيام ظلمة وسحابة وإن كان من ملقحي فتنتها بما ارتآه، فلم يبق إلّا عهد الخلافة العلوية وملك معاوية بن أبي سفيان. أما معاوية ؛ فقد بايعه الرّجل طوعاً ورغبة، وإن رآه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ملكاً عضوضاً ولعن صاحبه، وبايع يزيد بن معاوية بعد ما أخذ مائة ألف من معاوية !.. فلم يبق دور ظلمة عنده إلّا أيّام خلافة خير البشر، سيّد الأُمّة، مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وفيها أخذ بعضهم يميناً وشمالاً فأخطأ الطريق ؛ وكانت الأدوار مجلاة قبل ذلك وبعده أيام إمارة معاوية ويزيد وعبد الملك والحجّاج.. فقد أبصر الرجل طريقه المهيع الأوّل عند ذلك، فعرفه وأخذ فيه وبايعهم..! وعلى كلّ ! فكيف يدين معاوية، وقد أرسل له بمائة درهم ؟! كما قاله الفسوي في المعرفة والتاريخ 492/1.

وأمره أمير المؤمنين [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] أن يخرج إلى الشام ويعلمهم ولايته.

فقال : أنشدك اللّه ! إنّ هذا أمر لم أكن في أوّله، ولست كائناً في آخره في شيء.. فتعلّل بأشياء.. فلمّا كان في سواد الليل دعا بنجائبه (1) وقعد عليها إلى مكة (2).

ص: 341


1- النجائب : جمع النجيب، والنجيب من الإبل : هو القوي منها، الخفيف السريع، كما قاله ابن منظور في لسان العرب 748/1.
2- روى البلاذري في أنساب الأشراف 209/2 بإسناده: غدا علي [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] على ابن عمر صبيحة قتل عثمان، فقال : «.. اخرج إلينا». فقال له : «هذه كتبنا، قد فرغنا منها، فاركب إلى الشام». فقال ابن عمر : أذكرك اللّه واليوم الآخر ! فإنّ هذا أمر لم أكن في أوله ولا آخره.. فقال: «لتركين طائعاً أو كارهاً».. ثمّ انصرف، فلمّا أمسى دعا بنجائبه - أو قال : برواحله - في اد الليل فرمى بها مكة وترك علياً يتذمّر عليه بالمدينة.

وذكر ابن جرير في كتاب الفاضح (1) أنّه قال : بيعة على ضلالة ! ! (2)

ميمون بن مهران ؛ قال : أتى ابن عمر علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له : أقلني بيعتي.

ص: 342


1- ذكره المصنف (رَحمهُ اللّه) في معالم العلماء : 106 برقم 716، من جملة كتب محمّد بن جرير الطبري الإمامی (صاحب المسترشد). أقول : ذكر كتاب بعنوان : الفاضح في ذكر معايب المتغلبين على مقام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في عداد كتب الشيخ أبي الفتح الكراجكي. فراجع : تكملة أمل الآمل 44/5.
2- أقول : نعم ؛ لا يرضى ابن عمر أن يكون علي أمير المؤمنين [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ] أفضل من أحد من أصحاب محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتّى بعد عثمان وليد بيت أُمية، قتيل الصحابة العدول ومخذولهم، ولا يروقه أن يحكم بالمفاضلة بينه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وبين ابن هند وإن كان عالياً من المسرفين، يسمع آيات اللّه تتلى عليه ثمّ يصرّ مستكبراً كأن لم يسمعها، كأن في أُذنيه وقراً.. ولا بينه وبين ابن النابغة الأبتر ابن الأبتر.. ولا بينه وبين مغيرة بن شعبة أزني ثقيف.. ولا بينه وبين أبناء أُمية أثمار الشجرة الملعونة في القرآن.. من وزغ طريد إلى لعين مثله، إلى فاسق مستهتر، إلى فاحش متفحش، ولا بينه وبين سلسلة الخمارين رجال الخمور والفجور في الجاهلية أو الإسلام نظراء.. كما أفاده العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 19/10 - 20.. ثمّ عدّ جمعاً منهم.

قال : فأقاله.. ثمّ أتى إلى يزيد بن معاوية فبايعه، وقال : قد اجتمع الناس عليك !

وجاء إلى الحجّاج (1)، فقال : امدد يدك أبايعك لأمير المؤمنين عبد الملك ! فقال له الحجاج : ما حملك على ذلك - يا أبا عبد الرحمن ! - بعد تأخّرك عنه ؟ !

قال : حمّلني عليه حديث رويته عن (2) النبيّ (عليه وآله السلام) أنّه قال : «من مات وليس في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية».

فقال الحجّاج : بالأمس تتأخّر (3) عن بيعة علي بن أبي طالب مع روايتك هذا الحديث، وتستحلّ خلافه، وتأبى الدخول في طاعته، ثمّ تأتيني الآن لأبايعك لعبد الملك ؟ !.. أما يدي فمشغولة عنك، ولكن هذه رجلي، فبايعها (4) !

ثمّ قال : ليس بك ذلك، ولكن بك خشبة ابن الزبير، المنصوبة في الحرم(5).

ص: 343


1- كما جاء في أكثر من مصدر، منها ما جاء في جامع الشتات للخاجوئي (رَحمهُ اللّه) : 167، وذكر في الهامش أنّ العلّامة المامقاني (رَحمهُ اللّه) نقله في تنقيح المقال 201/2.
2- في نسختي الأصل : على.. بدلاً من : عن.
3- كذا ولعلها : تأخّرت.
4- إلى هنا في الفصول المختارة : 245، ولاحظ : الطرائف : 209 - 210.. وغيره.
5- الظاهر أن أقدم من نقل هذه الواقعة هو أبو حيان التوحيدي في البصائر والذخائر 151/7، وكذا رواه الآبي في نثر الدر 66/2، وابن حمدون في التذكرة الحمدونية 225/9.. وغيرهم في غيرها. وكذا لاحظ : سنن البيهقي 193/8. أقول : هذا مع أن ابن عمر هو الذي جاء بقوله عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «في ثقيف كذاب ومبير»، وقوله : «إنّ في ثقيف كذاباً ومبيراً». وأطبق الناس سلفاً وخلفاً على أنّ المبير هو الحجاج، كما سلف.

ثمّ إنّه كان يفطر على مائدة الحجّاج في شهر رمضان، وكان يعجبها (1).......(2)

وفي مسند أبي حنيفة (3) أنّه : روى عن نافع، عن ابن عمر، أنّه كان ينبذ له الزبيب، فقال للجارية : ألقي فيه تميرات، فإنّي لأستمريه (4).

ص: 344


1- كذا ؛ ولعلها : يعجب بها..
2- بياض في نسختي الأصل من المخطوطة. قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 53/10 - وحكاه عن ابن سعد - : كان الرجل يصلّي مع الحجاج بمكة. وقال ابن حزم في المحلّى 213/4: كان ابن عمر يصلّي خلف الحجّاج ونجدة، وكان أحدهما خارجياً والثاني أفسق البريّة. وذكر ذلك أبو البركات في بدائع الصنايع 156/1.. وغيره. أليس أحق الناس بالإمامة أقرأهم لكتاب اللّه وأعلمهم بالسنّة ؟ ! أليس من السنة الصحيحة الثابتة قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللّه ؛ فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنّة، فإن كانوا في السنّة اء سوا، فأقدمهم هجرة؛ فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً» ؟ !
3- لم نعثر على الخبر في مسند أبي حنيفة المطبوع، بل جاء في كتاب الآثار لأبي يوسف الأنصاري : 226 : عن نافع، عن ابن عمر، أنّه كان ينبذ له زبيب.. فلم يستمرئه، فأمر الجارية.. فألقت فيه عجوة !
4- روى النسائي في سننه 333/8 بسنده عن نافع، عن ابن عمر أنّه كان ينبذ له في سقاء الزبيب غدوة فيشر به من الليل وينبذ له عشية فيشر به غدوة.. ورواه - أيضاً - في السنن الكبرى 244/3.

وأرسل عبد الملك إلى الحجاج بقتله سرّاً، فاشتكى من رجله أياماً، ثمّ أخذ بیده منسا منسأة(1) في(2) رأسها سنان مسموم، ثمّ أتى عبد اللّه نقراً (3)، فخرجا إلى المسجد الجامع، فجرح (4) رجله في الزحمة فمات فيه..(5) وصلّى عليه الحجاج ودفن في حائط له.

وقال : أتيمّم ولا أتوضأ بماء البحر !.. (6)

ص: 345


1- المنسأة ؛ وهي العصا، وقيل : هي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي حيث ينسأ بها.. أي يزجر الحيوان كي يسير سريعاً. راجع : كتاب العين 305/7، ولسان العرب 169/1.. وغيرهما.
2- في نسختي الأصل : من، والظاهر ما أثبتناه.
3- في نسخة (ألف) : بقرا.
4- في نسختي الأصل : فخرج، وهي مصحفة عن المثبت.
5- راجع : كتاب المحن لأبي العرب المغربي : 225 - 229، والاستيعاب 952/2 - 953، والتمهيد 24/10، والطبقات الكبرى 187/4، وتاريخ دمشق 122/31، وابن الأثير في اسد الغابة 230/3. وقد ذكر ابن الأثير فيه عدة وجوه كانت سبب قتل الحجاج له. وانظر : المنتظم 126/6.. وغيره.
6- قال الترمذي في سننه 47/1 : وقد كره بعض أصحاب النبيّ [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] الوضوء بماء البحر، منهم : ابن عمر.. وقال ابن عبد البر في الاستذكار 159/1 : وقد جاء عن عبد اللّه ابن عمر وعبد اللّه بن عمرو بن العاص كراهية الوضوء بماء البحر.

ولما غنم المسلمون في أيام عمر من الفرس ما غنموه ؛ وكان في جملته (1) البربط (2)، فأحضروه مجلس عمر، فلم يكد يعرف أحد اسمه ولا ما يصنع به، فتشاجروا(3) في ذلك، فقال [ لهم عبد اللّه بن عمر ] : دعونا من اختلافكم هذا وخذوها منّي وأنا أبو عبد الرحمن : هذا ميزان الحرابي (4)..

فلم يرض بالسكوت عمّا لا يعلم، حتّى تحدّى (5) القوم بأن عنده معرفة ما لا يُعرف !

ثم لم يرض بذلك حتّى أنبأهم بباطل، وشهد عندهم بشهادة زور، وقد كان له غناء عن ذلك، ولا دعي له (6) إليه (7) ! !

ص: 346


1- في نسخ الأصل : جملة، والصحيح ما أثبتناه. وفي الفصول المختارة : وكان في جملته العود الذي يستعمله المجوس في الملاهي.
2- قيل : هي ملهاة تشبه العود من ملاهي العجم ليست بعربية. راجع : مجمع البحرين 237/4، ولسان العرب 258/7، والعين 472/7.. وغيرها.
3- في نسخة (ب): فيتشاجروا.
4- الكلمة مشوّشة وغير منقوطة في نسختي الأصل، وجاء في الفصول المختارة : 244: هذا الميزان الحراني. ولاحظ : نيل الأوطار 265/8، و تاريخ دمشق 178/31.
5- في نسخة (ألف): يحدّي، وهي غير منقوطة في نسخة (ب)، والصحيح ما أثبتناه من الفصول المختارة.
6- لعلّها : ولا داعي، وفي الفصول : وما دعاه إليه داع.
7- وبعد كلّ هذا فعليك بما سطره العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 37/10 - 72 عن الرجل وفضائحه.

الكميت (1): [ من الوافر ]

إذا كانَ الزَّمانُ زَمانَ عُكْلِ(2)***وَتَيْمِ، فَالسَّلَامُ عَلَى الزَّمَانِ

ص: 347


1- سبق للكميت (رَحمهُ اللّه) شعر كثير، ولم أجد هذين البيتين في الهاشميات ولا شروحها، ولا الغدير والأعيان ولا غيرها. نعم ؛ هذان البيتان للكميت بن زياد في تاريخ دمشق 242/50 مع بيت آخر وسطهما، هو : زمان صار فيه العِز ذلاً***وصارَ الرُّجُ قُدَّامَ السنان والبيتان (إذا كان الزمان) و (زمان صار فيه) دون عزو في جمهرة الأمثال 80/2 المثل 1287. نعم ؛ جاء في المناقب 125/4 - 126 خمسة أبيات نونية تختلف عن هذين وزناً، كما وقد استدرك شارح الهاشميات أبو رياش أحمد بن إبراهيم القيسي (المتوفى سنة 339ه_) بيتين هما : [ من الوافر ] دعاني ابنُ النبيّ فلم أجِبْهُ.***الهفِي لَهْفَ للرأي الغَبِينِ فَيا نَدَماً غداةَ تَرَكْتُ زَيْداً***وَرائِي لابنِ آمنَةَ الأَمِينِ ولم يرد هذان في شرح الهاشميات للرافعي ولا في غيره.
2- هذه عشيرة عربية ذليلة، لا تصلح للخلافة، مثل قبيلتي تيم وعدي.

لَعَلَّ زَمانَنا سَيَعُودُ يَوْماً***كَما عَادَ الزَّمانُ على بطان (1)

ص: 348


1- أقول : البيتان هذان من جملة قصيدة منسوبة لعلي بن خالد، المعروف ب: البردخت الضبي، وهو شاعر أموي هجا الكميت، فلم يلتفت إليه ولا ردّه، إلّا أنهما مع بيت آخر نسبهما ابن عساكر في تاريخ دمشق 242/50 للكميت.. ولم يردا فيما جمع من شعر للكميت.

[ ومنهم ]

* محمّد بن مسلمة الأنصارى (1):

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله : ﴿فَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ ممّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا﴾ : «في علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) (2)».

ص: 349


1- هو : الأُوسي الحارثي الأنصاري أبو عبد الرحمن (35 ق ه_ 43 ه_)، يعد من الأمراء، شهد غالب المشاهد مع رسول اللّه، وقد ولّي على بعض الصدقات من قبل الثاني، واعتزل بزعمه أيام الفتنة عن نصرة مولى الموحدين ومن يدور الحقّ معه حيث دار، ويعرف في رواياتنا ب_: المفتون. ومن مكارم الرجل : أنّه كان من العصابة التي هجمت على بيت الرسالة مع عمر بن الخطّاب، وقد كسر سيف الزبير.. كما ذكره الحاكم في مستدركه 66/3.. وغيره. انظر عنه : مجمع الزوائد 319/9 - 320، والأخبار الطوال : 131، والكامل لابن الأثير 2/3، والأعلام 67/7 وغيرها. وعليك بما أخرجه الطبري في تاريخه 118/5، وابن الأثير في كامله 70/3.. وغيرهما في محمّد بن مسلمة أبي عبد الرحمن الأنصاري في ما جرى على عثمان.. وأورده العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 132/9 - 133، وله عليه تعليق رائع، فراجع. انظر : الحصيلة من كتاب الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 204/4.
2- سورة البقرة (2) : 23. أقول : روى الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في أصول الكافي 417/1 - وعنه في بحار الأنوار 373/23 (باب 21) ذیل حديث 51، وكذا في بحار الأنوار 57/35 (الباب الثاني) حديث 12 عن المناقب 57/2، بإسناده :.. وقال : «نزل جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بهذه الآية على محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هكذا..». وجاء في كتاب الروضة في فضائل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 102 - وعنه في بحار الأنوار 114/36 - 115 (باب 39) حديث 61 عن الفضائل - وأيضاً جاء في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ): 73 [ وفي طبعة 58، وفي المحققة : 151 حديث 76]، وعنه في بحار الأنوار 28/92 - 29 (باب 1، إعجاز القرآن من كتاب الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )) ذیل حدیث 33.

أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «وقد بلغني عن سعد، وابن مسلمة، وأسامة، وعبد اللّه، وحسّان.. أُمور كرهتها، والحق بيني وبينهم»(1).

ص: 350


1- روى الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الإرشاد : 130 (فصل 16) [الطبعة المحققة 243/1 - 244] ممّا اختاره من كلام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وعنه في بحار الأنوار 33/32 حدیث 19 قال : [ و ] من كلامه صلوات اللّه عليه - حين تخلّف عن بيعته عبد اللّه بن عمر، وسعد بن أبي وقاص، ومحمّد بن مسلمة، وحسّان بن ثابت، وأسامة بن زيد - ما رواه الشعبي، قال : لما اعتزل سعد - ومن سميناه - أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وتوقفوا عن بيعته، حمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال : «أيّها الناس ! إنّكم بايعتم على ما بويع عليه من كان قبلي، وإنما الخيار للنّاس قبل أن يبايعوا، فإذا بايعوا فلا خيار لهم، وإنّ على الإمام الاستقامة وعلى الرعية التسليم، وهذه بيعة عامة، من رغب عنها رغب عن دين الإسلام واتّبع غير سبيل أهله، ولم تكن بيعتكم إياي فلتة، وليس أمري وأمركم واحداً، وإني أريدكم اللّه وأنتم تريدونني لأنفسكم، وأيم اللّه لأنصحن للخصم، ولأنصفنّ للمظلوم، وقد بلغني عن سعد، وابن سلمة، وأسامة، وعبد اللّه، وحسّان بن ثابت.. أُمور كرهتها.. والحق بيني وبينهم..». وقريب منه ما رواه الإسكافي (رَحمهُ اللّه) في المعيار والموازنة : 105 - 106. وروى الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في أماليه 87/2 الحديث الثاني من المجلس (5) [ الطبعة الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 716 حديث 1518] وأورده عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 70/32 (الباب الأول) حديث 48، جاء في ذيله : فقال عمار بن ياسر : دع القوم ؛ أما عبد اللّه ؛ فضعيف، وأمّا سعد؛ فحسود، وأما محمّد بن مسلمة ؛ فذنبك إليه أنك قتلت قاتل أخيه مرحباً. ثم قال عمّار لمحمّد بن مسلمة : أما تقاتل المحاربين ؟! فواللّه لو مال علي جانباً لملت مع علي..

واعتزل عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : لا أبايعك [كما لم يبايعك ](1) سعد (2).. وكسر سيفه (3).

ص: 351


1- من عندنا إتماماً للمعنى.
2- الكلمة مشوّشة، ولعلها. : بتعد.
3- حكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 8/32 (الباب الأول) ذيل حديث 2 عن الكامل لابن الأثير في حوادث سنة 35، وقريب منه ما أورده الطبري في تاريخه 427/4 [طبعة بيروت، وفي طبعة الأعلمي 452/3]، وكذا البلاذري في أنساب الأشراف 205/2.. وغيرهم في غيرها، وحاصل ما جاء فيها أنّه : قد بايعت الأنصار إلا نفراً يسيراً، منهم : حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وسلمة بن مخلد، وأبو سعيد الخدري، ومحمّد بن مسلمة، والنعمان بن بشیر، وزيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة.. وكانوا عثمانية.. قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 143/7 : فما المبرّر - عندئذٍ - لتخلّف عبد اللّه بن عمر، وأُسامة بن زيد، وسعد بن أبي وقّاص، وأبي موسى الأشعري، وأبي مسعود الأنصاري، وحسّان بن ثابت، والمغيرة بن شعبة، ومحمّد بن مسلمة.. وبعض آخر من ولاة عثمان على الصدقات وغيرها عن بيعة مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد إجماع الأمة عليها ؟ وما عذر تأخرهم عن طاعته في حروبه وقد عرفوا بين الصحابة، وسمّوا : المعتزلة ؛ لاعتزالهم بيعة على (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ ! وقد عبّر عنهم العلّامة الأميني - أيضاً - في الغدير 254/9 ب_:.. رجال الحياد الزائف، قال :.. نعم، الحياد حيلة أولئك المتشاغبين المتقاعدين عن بيعة إمام المتقين أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، المتقاعدين عن نصرته، المتحايدين عن حكم الكتاب والسنة في حروبه ومغازيه.. راجع : المستدرك على الصحيحين للحاكم النيشابوري 115/3، وتاريخ الطبري 155/5، والكامل في التاريخ لابن الأثير 280/3، وتاريخ أبي الفدا 1/115 - 171.. وغيرها.

وكتب معاوية (1) إليه : أما بعد : فإنّى لم أكتب كتاباً إليك وأنا أرجو متابعتك، ولكنّي أردت [ أن ] أُعرفك الفضل الذي رغبت عنه، وأُذكرك النعمة التي خرجت منها، والشك الذي صرت إليه.. ادعيت على رسول اللّه (عليه وآله السلام) أنّه نهاك عن قتال أهل الصلاة.. في كلام له (2).

فأجابه : كسرت سيفي، ولزمتُ بيتي، واتهمت الرأي على الدين ؛ إذ لم يصحّ لي معروف آمر به ولا منكر أنهى عنه، ولعمري ما طلبت أنت إلا الدنيا،

ص: 352


1- كما جاء في الفتوح 2/ 530 - 531، والإمامة والسياسة 120/1 - 121.
2- وجاء بعضه بزيادة في وقعة صفين : 76. وعنهما حكاه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 106/44 حديث 14. راجع : الاستيعاب 321/1، وأحكام القرآن للجصاص 189/3، و تاريخ دمشق 78/12، وأنساب الأشراف 12/3، والبيان والتبيين للجاحظ : 259.. وغيرها.

فقال : أما مسيري إلى أبيك فلا !

قال الحسن : «بلئ ! [ واللّه ] ولكنّك أطعت معاوية على دنيا قليلة، لعمري لئن قام بك في دنياك لقد قعد بك في آخرتك، ولو أنك إذ فعلت شراً (1) قلت خيراً، كنت كما قال اللّه تعالى : ﴿خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) (2)، ولكنّك فعلت شراً وقلت شرّاً (3)، كما قال اللّه تعالى: ﴿كَلأَ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ..) (4) الآية (5)».

وكان منصور النَّمِرِي (6) يتشيّع وينافق الرشيد حتّى بلغه ] قصيدة منها :

ص: 353


1- في نسخة (ألف) : بشراً، وماهنا من المناقب.
2- سورة التوبة (9) : 102.
3- تقرأ في نسخة (ألف) : قتلت شرا، أو : قبلت شرّاً، وهي غير منقوطة في نسخة (ب)،: والظاهر ما أثبتناه موافقاً لسياق الكلام.
4- سورة المطففين (83) : 14.
5- وباختلاف يسير جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 18/16.. وغيره.
6- هو : أبو الفضل منصور بن سلمة بن الزبرقان النمري الجزري البغدادي (المتوفى سنة 193 ه_)، عبّر عنه ب_: رأس العين من مشاهير عصر العبّاسي، سكن الشام، وقدم بغداد أيام الرشيد ومدحه، له شعر في أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ). راجع عنه : معالم العلماء : 152، أعيان الشيعة 138/10 - 141، وفيات الأعيان 6/4، تاريخ بغداد 65/13، ربيع الأبرار 525/2 و 861، البداية والنهاية 212/10، العقد الفريد 172/2، و 47/3، نسمة السحر 230/3 - 238.. وغيرها.

[ من المنسرح ]

شاءُ (1) مِنَ النَّاسِ راتِعٌ هامِل***يُعَلِّلُونَ النُّفُوسَ بِالباطِلْ (2)

تُقْتَلُ (3) ذُرِّيَّةُ النبيّ وَيَرْ***جُونَ جِنانَ الخُلُودِ لِلْقَاتِلْ

ما الشَّكُ عِنْدِي فى كُفْرٍ (4) قاتِلِهِ***لكِنَّنِي قَدْ أشُكُ في الخاذِل

وعاذلي (5) أنَّني (6) أُحِبُّ بَنِي***أَحْمَدَ فالتُّرْبُ في فَمِ العاذِل (7)

قَدْ ذُقْتُ (8) ما أَنْتُمُ (9) عَلَيْهِ وَما***وَصَلْتُ مِنْ دِينِكُمْ إِلَى طَائِل

دِينُكُمُ جَفْوَةُ النبيّ وما ال_***_جانِي (10) لآل النبيّ كالوَاصِلْ

ص: 354


1- في نسخة (ألف) : ساء.
2- البيت كلاً مشوش في نسختي (ألف) و (ب)، وأكثر كلماته غير معجمة، وما أثبتناه ممّا أورده ابن قتيبة الدينوري في كتاب الشعر والشعراء.
3- في نسختي الأصل : يقتلون، ولا يستقيم الوزن بها.
4- في المصدر : حال.
5- في نسخة (ألف) وعادني.
6- في نسختي الأصل : أني، بدلاً من أنّني.
7- في نسخة (ألف) : العادل.
8- في الديوان : دِنْتُ، وفي نسختي الأصل : دَقَتْ.
9- في المصدر : ما دينكم.
10- كذا، والظاهر : الجافي، كما في المصدر.

مَظْلُومَةٌ والنّبيُّ والدها***تُدِيرُ (1) أَرْجاءَ (2) مُقْلَةٍ هَامِل (3)

فقال الرشيد : لقد هممت أن أنبشه (4) وأحرقه (5).

ص: 355


1- في الشعر والشعراء : قرير.
2- في نسختي الأصل أحيا، والصحيح ما أثبتنا.
3- في الديوان : حافل، وفي بعض الروايات مدمع هامل.. والكل له وجه صحيح. انظر هذه القصيدة في ديوان المنصور النمري : 121 - 123، وهي ذات (16) بيتاً.
4- تقرأ في نسخة (ألف) : انتسبه - بدون تنقيط - وما أثبت استظهار في القراءة.
5- راجع : أمالي السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 277/2، وتاريخ بغداد 69/13 - 70، ولسان الميزان 95/6 - 96، والأنساب للسمعاني 526/5، والأغاني 101/13 - 103، والشعر والشعراء لابن قتيبة 848/2 - 849.. وغيرها.

[ ومنهم ]

* صهيب بن سنان بن مالك الرومي (1):

من موالي (2) النبيّ (عليه و آله السلام).

هشام بن سالم ؛ عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): «كان بلال عبداً صالحاً، وكان صهيب عبد سوء، [ وكان ] يبكي على عمر» (3).

وكان عمر استعمله على صدقة (4) وترك له(5) ما أخذ منهم(6)، وكان عمر

ص: 356


1- هو من أهل نجران، وما ورد فيه من كونه (سابق الروم) و (سيد الروم) - لو صحّ - لا يدلّ على مدح له، بل تقدّم في الرتبة والزمن، وقد اختير للصلاة بالناس - بعد مقتل عمر دون عشرتهم المبشرة - ثلاثة أيام حتّى يختاروا لأنفسهم خليفة. راجع : المعرفة والتاريخ 277/1، وسير أعلام النبلاء 17/2 - 27، وكذا الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 109/4.
2- في نسختي الأصل : مولى.
3- كما رواه الكشي (رَحمهُ اللّه) في رجاله (اختيار معرفة الرجال) : 38 - 39 حديث 79 [ وفي طبعة المحشاة 190/1 – 192 ]، وعنه في بحار الأنوار 142/22 حديث 126. انظر : الخلاصة للعلامة (رَحمهُ اللّه) : 27 [ وفي طبعة أخرى : 82]، ورجال ابن داود: 462 برقم 224.. وغيرهما. وعليك بالكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 496/2.
4- بياض في نسختي (ألف) و (ب).
5- في نسختي الأصل وتركه به، وهما مصحفتان عن المثبت.
6- الذي وجدناه في المصادر ذكر هذا بالنسبة لكعب بن مالك، فقيل فيه : إنّ عثمان استعمله على صدقة مزينة وترك له ما أخذ منهم، كما في تاريخ الطبري 452/3، والكامل لابن الأثير 191/3.. وغيرها.

قدّمه في الصلاة على أهل الشورى (1)، ولما توفي عمر صلّى عليه (2).

البرقي: [ من الكامل ]

جَحَدُوا الوَصِيَّ وَأَنْكَرُوا تَأْمِيرَهُ***حنقاً (3) عَلَيْهِ وَأَلَّبُوا السُّفَهَاءا

وَتَبُوا عَلَيْهِ بَنُو (4) النِّفاق وَخالَفُوا***حُكْمَ الكِتاب وَأَبْدَوا الغَلواء (5)

وَدَعوا زُرَيْقاً والدلامَ ونَعْثَلاً***حَسَداً (6) لآل محمّد خُلفاءا

***

ص: 357


1- كما جاء في السقيفة وفدك للجوهري : 84، وعنه في شرح ابن أبي الحديد 50/9.
2- راجع : المستدرك للحاكم 92/3، وتاريخ الخليفة : 110، وتاريخ دمشق 64/38، وأسد الغابة 77/4، والتحفة اللطيفة للسخاوي 48/1.. وغيرها. وهذا كاشف عن مقامه عند أعداء آل اللّه صلوات اللّه عليهم أجمعين.
3- في نسختي الأصل : حقاً.
4- تقرأ في نسخة (ألف) : ثبو، ولم تعجم الكلمة في نسخة (ب).
5- كذا ؛ ولعلها : الغوغاءا.
6- قد تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : حيدا، وفي نسخة (ب) غير معجمة.

ص: 358

[ تتمة القسم الثالث ]

[ في معايب الخاذلين وجماعة جاهروا بعداوة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) والأمراء ]

[ باب ]

[في الخاذلين ]

[فصل 2]

[ فصل آخر ]

ص: 359

ص: 360

الفصل الثاني : فصل آخر

فصل آخر (1)

زید بن ثابت (2):

الواقدي في كتاب الدار (3) : أنّه ولاه عثمان الديوان وبيت المال (4)، فلمّا حصر (5)، قال : يا معشر الأنصار كونوا أنصار اللّه.

فقال له أبو أيوب : ما تنصره إلّا أنّه يكثر لك من العضدان (6).

ص: 361


1- لا نعرف لإفراد هذا الفصل عمّا قبله وجهاً وجيهاً.
2- قد سلفت جملة روايات عن القوم - ومنها خطبة عمر في الجابية - تؤكد على كون الرجل هذا أعلم بالفرائض ؛ كي يدفع بذلك الناس عن بيت الوحي والرسالة بهؤلاء الأراذل المرتزقة.
3- كتاب الدار للواقدي، لم نعثر عليه، بل الظاهر هو من الكتب المفقودة. لاحظ : تاريخ الطبري 452/3، وكامل ابن الأثير 191/3.. وغيرهما.
4- يقال : إنّ عثمان ولّى زيد بن ثابت الأنصاري بيت المال، وأعطاه المفاتيح بعد أن تبراً منه عبد اللّه بن الأرقم، وامتنع أن يدفع المال إلى قوم من بني أمية لاحظ : أنساب الأشراف للبلاذري 548/5.. وغيره.
5- في نسختي الأصل : حضر.
6- حكى العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 124/9 عن البلاذري في الأنساب أنّه قال: قال أبو مخنف في روايته : إنّ زيد بن ثابت الأنصاري قال : يا معشر الأنصار ! إنّكم نصرتم اللّه ونبيّه فانصروا خليفته.. فأجابه قوم منهم، فقال سهل بن حنيف : يا زيد ! أشبعك عثمان من عضدان المدينة.. - والعضيدة نخلة قصيرة ينال حملها -. فقال زيد : لا تقتلوا الشيخ، ودعوه حتّى يموت ؛ فما أقرب أجله ! فقال الحجاج بن غزية الأنصاري - أحد بني النجار : واللّه لو لم يبق من عمره إلا ما بين الظهر والعصر لتقربنا إلى اللّه بدمه.. وفي لفظ للبلاذري 90/5[582/5]، قال زيد للأنصار : إنكم نصر تم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكنتم أنصار اللّه فانصروا خليفته تكونوا أنصاراً للّه مرتين !! فقال الحجاج بن غزية : واللّه ! إن تدري هذه البقرة الصحياء ما تقول، واللّه ! لو لم يبق من أجله إلّا ما بين العصر والليل لتقربنا إلى اللّه بدمه.. ولاحظ : الكامل لابن الأثير 191/3. وكفاه قول المسعودي في مروج الذهب 434/1: خلّف من الذهب والفضة ما كان يكسر بالفؤوس، غير ما خلّف من الأموال والضياع بقيمة مائة ألف درهم.

وقال جبلة بن عمرو : أعطاك عشرين ألف دينار، وأعطاك حدائق نخل(1).

وقال النبيّ (عليه وآله السلام) : «إنّما أخاف على أئمّة مضلّين» (2).

ص: 362


1- أقول : نقل السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) في الشافي 241/4 - 242 عن الواقدي : أنّ زيد بن ثابت اجتمع عليه عصابة من الأنصار - وهو يدعوهم إلى نصر عثمان - فوقف عليه جبلة ابن عمرو بن حبة المازني، فقال له جبلة : ما يمنعك - يا زيد - أن تذبّ عنه ؟ ! أعطاك عشرة آلاف دينار، وأعطاك حدائق من نخل.. ونقله - أيضاً - ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 8/3.
2- كما جاء في سنن ابن ماجة 1304/2، والسنّة لابن أبي عاصم 47/1، والمعجم الأوسط 200/8 ,200، ومسند الشاميين 45/4 - 46، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم 57/1.. وحكاه السيّد (رَحمهُ اللّه) في الطرائف : 114 - وعنه في بحار الأنوار 32/28 (باب 1) - وزاد عليه : «وإذا وقع عليهم السيف لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة». ثم قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «ولا تقوم الساعة حتّى يلحق حيّ من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أُمتي الأصنام والأوثان».

وكان زيد من أئمة الشيخين، وقد أمره بجمع القرآن على زعمهم، وكانوا(1) يروون (2) له : أفرضكم زيد بن ثابت(3).

ص: 363


1- في نسخة (ألف) : كان، وهو سهو.
2- ولا بأس بإيراد خطبة عمر بالجابية، ومهمّ الخطبة الحثّ على دفع الناس عن آل اللّه وأحكامه وبيت الرسالة : عن علي بن رباح اللخمي، قال : إنّ عمر بن الخطّاب خطب الناس، فقال : من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام فليأت معاذ بن الجبل، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأ تني ؛ فإني له خازن ! وفي لفظ : فإنّ اللّه جعلني خازناً وقاسماً ! قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 192/6 : أخرجه أبو عبيد (المتوفى 224) في كتابه الأموال : 223 بإسناد رجاله كلهم ثقات، والبيهقي في السنن الكبرى 210/6، والحاكم في المستدرك 271/3 و 272، وذكر في العقد الفريد 132/2، وسيرة عمر لابن الجوزي: 87، وأُشير إليه في معجم البلدان 33/3 فقال : في الجابية خطب عمر بن الخطّاب...خطبته المشهورة، وجاء في ترجمة كثيرين، وأنهم سمعوا خطبة عمر في الجابية..
3- أخرج البلاذري في الأنساب 5/5 عن خلف البزاز، عن أبي شهاب الحناط، عن خالد الحذاء البصري، عن أبي قلابة البصري، عن أنس، قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ارحمكم أبو بكر ! وأشدّكم في الدين عمر !! وأقرؤكم أُبي وأصدقكم حياءً عثمان ! وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ! وأفرضكم زيد بن ثابت..! وإن لكل أُمة أميناً وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح !! ومثله ابن عساكر في تاريخه 325/1، و 199/6.. وغيرهما كثير. وقد سلفت خطبة عمر بالجابية، وتأكيده على أنّ الرجل أعلم بالفرائض ؛ كي يدفع الناس عن بيت الوحي والرسالة.. اقرأ واضحك أو ابكِ على الإسلام وأهله، إذ صار أمثال هؤلاء هم القدوة.. ولا نعلم أين صار باب مدينة العلم ومن دار الحقّ معه حيث دار، ومن كان نفس رسول اللّه.. إلى ما شاء اللّه من مكارم له :.. (لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً﴾ [سورة الكهف (18): 109] أقول : حكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 8/32 (الباب الأول) ذيل حديث 2 عن الكامل لابن الأثير في حوادث سنة 35، وقريب منه ما أورده الطبري في تاريخه 427/4 [طبعة بيروت، وفي طبعة الأعلمي 452/3]، وكذا البلاذري في أنساب الأشراف 205/2.. وغيرهم في غيرها - وقد سلف - وحاصل ما جاء فيها أنّه : قد بايعت الأنصار إلا نفراً يسيراً، منهم : حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وسلمة بن مخلد، وأبوسعيا سعيد الخدري، ومحمّد بن مسلمة، والنعمان بن بشیر، وزيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة.. وكانوا عثمانية..

أحمد بن يوسف(1): [من المديد ]

ص: 364


1- سبقت ترجمة الشاعر في المقدمة، ومرّت له قصيدة سابقاً، ولم يورد له في المناقب 86/3 - 87 إلا ثلاثة أبيات هناك منها، حيث إنّ الثاني هو الأوّل من قصيدته هذه، وهي: [ من المديد ] خَيرُ مَن صلَّى وصامَ وَمَنْ***مَسَح الأركان والحُجُبا ووَصيُّ المُصطفى وأَخُ***دُونَ ذي القُرْبَى وإن قربا وأَمِير المؤمنينَ بِهِ***تُؤثر الأخبار والكُتُبا

وَوَصِيُّ المُصْطَفَى وَأَخُ***دُون ذِي الْقُرْبَى وَإِن قَرُبا

لَا كَقَوْمٍ رَتَّبُوا رُتَباً***جَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ (1) عَقَبا

و(2) أَوْجَبُوا (3) حَقَّاً لِأَنْفُسِهِمْ***وَلَهُ الحقّ الَّذِي وَجَبا

فتَسَمَّيْتُمْ بِإِمْرَتِهِ***فِعْلَ عادٍ (4) جاذبِ سَلَبا

وَحَلَبْتُمْ (5) دَرَّ غَيْرِكُمْ***لَاتُهَنَّوا ذلكَ الحَلَبا

وَيْلُ أُمّ الظَّالِمِينَ غَداً***يَوْمَ يُجْزَى المَرْءُ مَا اكْتَسَبا (6)

ص: 365


1- تقرأ في نسختي الأصل : نبيهم.
2- كذا جاءت، وتصح خزماً كما قالوا - ولكنّ حذفها أفضل.
3- في نسخة (ب) : وجبوا، وفي نسخة (ألف) تقرأ الكلمة : وحبوا - بدون نقط -.
4- أي ظالم، اسم فاعل من عدا عليه يعدو.
5- في نسخة (ألف) : وحلبتهم.
6- اقتباساً من قوله تعالى: ﴿اليَوْمَ تُجْزَى كلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [ سورة غافر (40) 17 ]. أورد الصولي في كتابه الأوراق : 167 - 168 قصيدة طويلة منها هذه الأبيات، وقد نسبها لأحد متكلّمي الشيعة، وقال : وكان جميل المذهب.

[ ومنهم : ]

* النعمان بن بشير الخزرجي (1):

روي أنّه أوّل من هيَّج الفتنة وخرج بقميص عثمان إلى الشام وعليه الدم(2).

قال صاحب الأغانى (3) : إنّه (4) كان مع معاوية يوم صفّين ولم يكن معه

ص: 366


1- في نسختي الأصل : الخزرعي.
2- وقد ذكروا أنّ النعمان بن بشير لمّا قدم على معاوية بكتاب زوجة عثمان تذكر فيه دخول القوم عليه، وما صنع محمّد بن أبي بكر من نتف لحيته.. في كتاب رققت فيه وأبلغت، حتّى إذا سمعه السامع بكى حتّى ينصدع قلبه، وبقميص عثمان مخضباً بالدم ممزقاً، وعقدت شعر لحيته في زر القميص، قال : فصعد المنبر معاوية بالشام وجمع الناس، ونشر عليهم القميص، وذكر ما صنعوا بعثمان، فبكى الناس وشهقوا حتّى كادت نفوسهم أن تزهق.. ثمّ دعاهم إلى الطلب بدمه.. كما قاله ابن قتيبة في الإمامة والسياسة 69/1 - 70. وقال البلاذري في أنساب الأشراف :579/5 وخرج النعمان بن بشير الأنصاري يريد الشام، فدفعت إليه أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قميص عثمان وعليه الدم فخرج به يركض. وفي مروج الذهب 353/2 : بعثت أم حبيبة بقميص عثمان مخضّباً بدمائه إلى أخيها معاوية مع النعمان بن بشير.
3- الأغاني 288/16 - 289 [ طبعة دار إحياء الثراث العربي ]، وما هنا حاصل ما ذكره هناك، وفيه نوع من التفصيل إلى صفحة : 306 [37/16 من طبعة دار الكتب العلمية ].
4- لا توجد كلمة (إنه) في نسخة (ألف).

من الأنصار غيره (1)..

ص: 367


1- روى العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 127/9 - بمصادره - تحاور قيس بن سعد والنعمان ابن بشير بين الصفّين بصفين، فقال النعمان : يا قيس بن سعد ! أما أنصفكم من دعاكم إلى ما رضي لنفسه لنفسه ؟! إنّكم - يا معشر الأنصار ! - أخطأتم في خذل عثمان يوم الدار، وقتلكم أنصاره يوم الجمل، وإقحامكم على أهل الشام بصفّين، فلو كنتم - إذ خذلتم عثمان - خذلتم عليّاً، كان هذا بهذا، ولكنّكم خذلتم حقاً، ونصرتم باطلاً، ثمّ لم ترضوا أن تكونوا كالنّاس، شعلتم الحرب، ودعوتم إلى البراز، فقد - واللّه - وجدتم رجال الحرب من أهل الشام سراعاً إلى برازكم غير أنكاس عن حربكم..الكلام. فضحك قيس ؛ وقال : واللّه ما كنت أراك - يا نعمان ! - تجترئ على هذا المقام، أما المنصف المحق فلا ينصح أخاه من غش نفسه، وأنت - واللّه - الغاش لنفسه، المبطل فيما نصح غيره. أما ذكر عثمان ؛ فإن كان الإيجاز يكفيك فخذه.. قتل عثمان من لست خيراً منه، وخذله من هو خير منك.. وأمّا أصحاب الجمل، فقاتلناهم على النكث.. وأما معاوية ؛ فلو اجتمعت العرب على بيعته لقاتلتهم الأنصار.. وأما قولك : إنا لسنا كالنّاس ؛ فنحن في هذه الحرب كما كنا مع رسول اللّه ؛ نلقى السيوف بوجوهنا والرماح بنحورنا، حتّى جاء الحقّ وظهر أمر اللّه وهم كارهون، ولكن انظر - يا نعمان ! - هل ترى مع معاوية إلا طليقاً أعرابياً، أو يمانياً مستدرجاً ؟ وانظر أين المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان ؛ الذين رضي اللّه عنهم ورضوا عنه ؟! ثمّ انظر هل ترى مع معاوية غيرك وصو يحبك ؟ ولستما - واللّه - بدريين ولا عقبيين، ولا لكما سابقة في الإسلام ولا آية في القرآن.. راجع : کتاب صفّين لابن مزاحم : 511، والإمامة والسياسة 94/1[وفي طبعة : 83]، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 298/2، وجمهرة الخطب 190/1.. وغيرها. أقول : حكى العلّامة المجلسي في بحار الأنوار 8/32 (الباب الأول) ذیل حدیث 2، عن الكامل لابن الأثير في حوادث سنة 35، وقريب منه ما أورده الطبري في تاريخه 427/4 [طبعة بيروت، وفي طبعة الأعلمي 452/3]، وكذا البلاذري في أنساب الأشراف 205/2.. وغيرهم في غيرها، وحاصل ما جاء فيها - وقد سلف - أنّه : قد بايعت الأنصار إلّا نفراً يسيراً، منهم : حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وسلمة بن مخلد، وأبو سعيد الخدري، ومحمّد بن مسلمة، والنعمان بن بشير، وزيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة.. وكانوا عثمانية.. إلى أن قال : وفي شرح ابن أبي الحديد 230/1، وعنه في بحار الأنوار 8/32 (باب 1) ضمن حديث 1 قال : فأما النعمان بن بشير ؛ فإنّه أخذ أصابع نائلة - امرأة عثمان - التي قطعت وقميص عثمان الذي قتل فيه، وهرب به، فلحق بالشام، فكان معاوية يعلّق قميص عثمان، وفيه الأصابع ؛ فإذا رأوا ذلك أهل الشام ازدادوا غيظاً وجدوا في أمرهم...!

ص: 368

[ ومنهم : ]

* بشير (1) بن سعد الخزرجي ؛

هو أول من بايع يوم السقيفة لأبي بكر (2).

فولّى معاوية النعمان على الكوفة (3)، وكان يبغض (4) أهلها (5) ويخسر (6) حقّهمبرأيهم في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ).. ثمّ كان من ولاة يزيد.

ص: 369


1- جاء في نسخة (ب) : وأبو بشير، ولا معنى لها. نعم ؛ لو ورد كلمة (أبوه) قبله لصح المعنى.
2- كما جاء في شرح ابن أبي الحديد 53/2.. وغيره. وقد حكى عنه في الغدير 372/5، أنّه قال لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد السقيفة...لو كان هذا الكلام سمعته الأنصار منك - يا علي ! - قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلفت عليك !
3- كما جاء في تاريخ دمشق 122/62، وأنساب الأشراف 14/5، ونهاية الأرب 363/20.. وغيرها.
4- كذا جاءت بدون إعجام في نسخة (ألف)، وفي نسخة (ب): ينغض.
5- قال أبو الفرج الإصفهاني في أغانيه 289/16: أمر معاوية لأهل الكوفة بزيادة عشرة دنانير فى أعطيتهم - وعامله يومئذ على الكوفة وأرضها النعمان بن بشير، وكان عثمانياً - وكان يبغض أهل الكوفة لرأيهم في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأبى النعمان أن ينفذها لهم.. قال ابن أبي الحديد في شرحه 77/4: وكان النعمان بن بشير الأنصاري منحرفاً عنه [ عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وخاض الدماء مع معاوية خوضاً، وكان من أمراء يزيد ابنه حتّى قتل وهو على حاله.
6- في نسختي الأصل تقرأ : ينحسر.

أبو تمام (1): [ من الكامل ]

هذا النبيّ وَكَانَ صَفْوَةَ رَبِّهِ***مِنْ بَيْنِ باد (2) في الأنامِ وَقارِي

قَدْ خَصَّ مِنْ أَهْلِ النِّفاقِ عِصابةً***وَهُمُ أَشَدُّ أَذىً مِنَ الكُفَّارِ

[واختار من سعد لعين بني أبي***سَرْحٍ لِوحي اللّه غير خيارِ ]

حَتَّى أتبعنا (3) بِشَعلة (4) الشورى (5) التي***رَفَعَتْ (6) لَهُ سَجْفاً عَنِ الأَشرارِ

ص: 370


1- الاسم مشوش في نسختي الأصل، وقد يقرأ : بنو تمام. انظر دیوانه : 291، وهذه الأبيات من قصيدته المعروفة : [من الكامل ] الحقُّ أبلجُ والسيوفُ عواري***فحَذارِ من أُسْدِ العرينِ حَذارِ
2- قد تقرأ الكلمة في نسخة (ب) : ناد.. إذ هي منقوطة، ولم تعجم في نسخة (ألف).
3- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ اسفعنا، وفي نسخة (ألف) : اشفعنا.. وما شاكلها، وفي الديوان : استضاء.
4- في نسخة (ألف) : بسعلة.
5- كذا في نسختي الأصل، وفي الديوان : السور، ولعلّه لحفظ شوراهم حرفت الكلمة !
6- في نسخة (ألف) : رفقت.

[ ومنهم : ]

[سلمة بن ] (1) سلامة:

سئل الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)(2) عن قوله : ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ﴾ (3) قال : «يقفون فيسألون : ﴿مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ﴾ (4) في الآخرة كما تعاونتم في الدنيا على على (عَلَيهِ السَّلَامُ)؟!».

قال : «يقول اللّه : (بَلْ هُمُ اليَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ * وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاتَلُونَ * قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَن اليَمِين) (5) أي تأمروننا (قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ﴾ فيما أطعتمونا ﴿بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ * فَحَقَّ عَلَيْنا...إلى قوله : (بِالْمُجْرِمِينَ)» (6).

ص: 371


1- هنا مقدار كلمتين مطموس في نسخة (ب)، والظاهر أنّه سلمة بن سلامة بن وقش، وهو من الذين هجموا على بيت الصديقة الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ)، وقد جاء هذا الكلام متصلاً في نسخة (ألف).
2- كما جاء من المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 4/2، وعنه في بحار الأنوار 238/27 - 239 (باب 21) حديث 61، ولاحظ : تفسير البرهان 595/4 حديث 8973 [ الطبعة المحققة ].
3- سورة الصافات (37) : 24.
4- سورة الصافات (37) : 25.
5- سورة الصافات (37) : 26 - 28.
6- سورة الصافات (37) : 29 - 34.

[ ومنهم : ]

* كعب الأحبار (1) :

قال ربيعة الوالبي :

.. سمعت علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : «إنّ من أكذب الناس أحياء، المعرب (2) على اللّه

ص: 372


1- وهو ابن ماتع [مانع ] بن ذي هجن الحميري، أبو إسحاق (المتوفى 32ه_)، كان من كبار علماء اليهود في الجاهلية، ولا نخاله تركها في الإسلام، بل لم يدخل الإسلام في قلبه - على حدّ تعبير صاحب الأسرار 197/4 - 199 - وهو خبيث - على قول العلّامة المامقاني (رَحمهُ اللّه) في فوائد رجاله 126/1 [الطبعة الحجرية ]، أسلم ظاهراً زمن الأوّل، وقدم زمن الثاني، ونشر الإسرائيليات في كتب العامة وصحاحهم إلى يومك هذا..! وقد روى في السؤال عن الخلق، والملاحم والفتن وأشراط الساعة.. وغيرها، فاستحق عناية بني أمية من عثمانها ومعاويتها وأضرابهما، بل قول الثاني فيه : القول ما قال كعب.. ! مع اعتقاده بأنّه لا زال على اليهودية، بل قال له :.. ضارعت اليهود، كما جاء في البداية والنهاية 59/7 - 60، ولاحظ : تاريخ الطبري 612/3.. وغيره. واستحق من الصادق المصدّق أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عنوان : «الكذاب». انظر عنه : المعارف لابن قتيبة : 430، والمسترشد للطبري: 177، وتاريخ ابن الأثير 6/2، وتاريخ الطبري 185/2، وشرح النهج لابن أبي الحديد 74/4..
2- يأتي المعرب بمعان متعدّدة، منها : العرب : أي هذا الجيل، لا واحد له من لفظه - سواء أقام بالبادية، أو بالمدن والنسبة إليهما : أعرابي وعربي. وقال الأزهري : الإعراب والتعريب معناهما واحد، وهو الإبانة، يقال : أعرب عنه لسانه وعرب.. أي : أبان وأفصح. وقيل : الإعراب والتعريب : الفحش، وأعرب الرجل : تكلّم بالفحش.. وغيرها من المعاني التي جاءت في المعاجم اللغوية ؛ كلسان العرب 586/1.. ولا شك أنّ المراد من اللفظ فى هذا الحديث هو التقول على اللّه ورسوله، والإفتراء والإعراب عمّا في نفسيهما، ولعلّه من هنا يقال : أعرب الرجل : تكلّم بالفحش.

وعلى رسوله : أنس بن مالك، وكعب الحرب(1)».

وجاء كعب من حمص إلى صفّين عند معاوية وصوّب أمره (2)، ووعده بوصول الملك (3) إليه، وأنه لأولاد محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقتُلُ.. فخلع عليه، وفوّض (4) له في كلّ سنة عشرة آلاف درهم(5).

ص: 373


1- كذا ؛ والظاهر : الأحبار، أو : كعب الحبر. أقول : روى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 77/4 [طبعة مصر، وفي طبعة بيروت 362/1] - وعنه في بحار الأنوار 289/34 (الباب الخامس والثلاثون) ذيل حديث 1036 - وسمه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بكونه : الكذاب، وقد فصل الكلام فيه. راجع : الغدير 279/7، والأسرار فيما كُنّي وعُرّف به الأشرار 162/3.. وغيرهما. نعم : جاء في أبي هريرة قول سيد الموحدين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنّه : أكذب الناس، أو أكذب الأحياء، كما في شرح النهج لابن أبي الحديد 68/4، ولاحظ منه : 24/20.
2- في نسخة (ألف): آخره.
3- في نسخة (ألف) : المكر.
4- كذا ؛ والظاهر : وفرض.
5- لم نجد مصدراً لما هنا ؛ لأنّ المعروف أنّه مات في زمان عثمان، نعم جاء في عدة مصادر أنّه مضى إلى الشام في عهد عثمان وعاش في كنف معاوية، وذكر ابن حجر في الإصابة 323/5 : أنّ معاوية هو الذي أمر كعباً بأن يقص في الشام. روى في حلية الأولياء 366/2 عن كعب، أنّه قال : لوددت أني كبش أهلي فأخذوني فذبحوني، فأكلوا وأطعموا أضيافهم.. وجاء أيضاً فيه 30/6 - 31. وحكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 426/22 - 427 ذيل حديث 36 راوياً عن تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه): 43 - 44 [ الطبعة الحجرية، وفي الحروفية 51/1 - 52، وفي الطبعة المحققة 83/1 - 84]:...فنظر عثمان إلى كعب الأحبار، فقال له : يا أبا إسحاق ! ما تقول في رجل أدّى زكاة ماله المفروضة ؛ هل يجب عليه فيما بعد ذلك فيها شيء ؟ ! قال : لا، ولو اتخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضة ما وجب عليه شيء..! فرفع أبو ذر عصاه فضرب بها رأس كعب، ثمّ قال له : يابن اليهودية الكافرة ! ما أنت والنظر في أحكام المسلمين ؟! قول اللّه أصدق من قولك حيث قال : ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّه فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾ [ سورة التوبة (9): 34 - 35]. فقال عثمان : يا أبا ذر ! إنّك شيخ قد خرفت وذهب عقلك، ولولا صحبتك لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لقتلتك ! فقال : كذبت - يا عثمان ! - أخبرني حبيبي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال: «لا يفتنونك يا أباذر! ولا يقتلونك»، وأمّا عقلي؛ فقد بقي منه ما أحفظ حديثاً سمعته من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيك وفي قومك. قال : وما سمعت من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في وفي قومي ؟ قال : سمعته يقول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين رجلاً؛ صيّروا مال اللّه دولاً، وكتاب اللّه دغلاً، وعباده خولاً، والفاسقين حزباً، والصالحين حرباً». وذكر العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 294/8 - من طريق كميل بن زياد - أنّه قال : كنت بالمدينة حين أمر عثمان أبا ذر باللحاق بالشام وكنت بها في العام المقبل حين سيّره إلى الربذة.. ومن طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، قال : تكلّم أبو ذر بشيء كرهه عثمان فكذبه، فقال : ما ظننت أن أحداً يكذبني بعد قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ما أقلت الغبراء وأطبقت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر». ثمّ سيّره إلى الربذة، فكان أبو ذر يقول : ما ترك الحقّ لي صديقاً.. فلما سار إلى الربذة قال : ردّني عثمان بعد الهجرة أعرابيّاً. ثم نقل - بعد ذلك - في الغدير 295/8 عن المسعودي أمر أبي ذر ما هذا نصه، قال : إنّه حضر مجلس عثمان ذات يوم، فقال عثمان : أرأيتم من زكى ماله هل فيه حق لغيره ؟ فقال كعب : لا يا أمير المؤمنين...فدفع أبو ذر في صدر كعب وقال له : كذبت يابن اليهودي، ثمّ تلا : ﴿لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ البِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّه وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى المَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا﴾ [سورة البقرة (2): 177] فقال عثمان : أترون بأساً أن نأخذ مالاً من بيت مال المسلمين فننفقه فيما ينوبنا من أمورنا ونعطيكموه ؟ فقال كعب : لا بأس بذلك، فرفع أبو ذر العصا فدفع بها في صدر كعب، وقال :

ص: 374

ص: 375

ولا اتبعت إلا الهوى، ولئن نصرت عثمان ميتاً، لَقَدْ (1) [أن ] خذلته حياً (2).

ومن سعد إلى معاوية : [ من الطويل ]

رأى حَدَثاً فِيهِ اخْتِلافٌ وشُبْهَةٌ***وَكانَتْ دِمَاءُ المُسْلِمِينَ مُحَرَّمَةٌ

فَأَمْسَكَ فِيها نَفْسَهُ وَلِسانَهُ***حِذَارَ أُمُورٍ تُذْهِبُ الدِّينَ مُظْلِمَةٌ

فَأهْوَىٰ بِكَفَّيْهِ فَكَسَّرَ سَيْفَهُ***عَلَى صَخْرَةٍ مِنْ صَخْرٍ أُحْدٍ مُلَمْلَمَةٌ

وقال له (3) الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)(4) : «رُبَّ مسير لك في [ غير ] طاعة اللّه».

ص: 376


1- في نسخة (ب) : بعد.
2- وحكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 383/32 (الباب الحادي عشر) عن کتاب صفين : 63 [ طبعة مصر ] قال : وكتب إليه محمّد بن مسلمة : أما بعد ؛ فقد اعتزل هذا الأمر من ليس في يده من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مثل الذي في يدي، فقد أخبرني رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] بما هو كائن قبل أن يكون، فلمّا كان كسرت سيفي وجلست في بيتي واتهمت الرأي على الدين، إذ لم يصلح لي معروف آمر به ولا منكر أنهى عنه، ولعمري ما طلبت إلّا الدنيا، ولا اتبعت إلّا الهوى، فإن تنصر عثمان ميتاً فقد خذلته حياً، فما أخرجني اللّه من نعمة ولا صيّرني إلى شك.. !
3- لكن في المصادر - ومنها المناقب - أنّ الكلام مع حبيب بن مسلمة الفهري.
4- كما رواه المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 24/4، وكذا الإربلي (رَحمهُ اللّه) في كشف الغمة 151/2، يابن اليهودي! ما أجرأك على القول في ديننا ! فقال له عثمان : ما أكثر أذاك لي !. غيّب وجهك عني فقد آذيتني..!! قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) - أيضاً - في الغدير 296/8 - ضمن كلام مفصل له -: وكان ذلك اليوم قد أتي عثمان بتركة عبد الرحمن بن عوف الزهري من المال، فنصت البدر حتّى حالت بين عثمان وبين الرجل القائم، فقال عثمان : إنّي لأرجو لعبد الرحمن خيراً ؛ لأنّه كان يتصدّق ويقري الضيف.. وترك ما ترون ! فقال كعب الأحبار : صدقت يا أمير المؤمنين ! فشال أبو ذر العصا فضرب بها رأس كعب ولم يشغله ما كان فيه من الألم، وقال : يابن اليهودي ! تقول لرجل مات وترك هذا المال، إنّ اللّه أعطاه خير الدنيا وخير الآخرة و تقطع على اللّه بذلك.. ؟ ! وأنا سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول: «ما يسرني أن أموت وأدع ما يزن قيراطاً». وذكر هنالك لفظ أحمد في مسنده 63/1 من طريق مالك بن عبد اللّه الزيادي، عن أبي ذرّ ؛ أنّه جاء يستأذن على عثمان بن عفان...فأذن له وبيده عصاه، فقال عثمان...يا كعب ! إنّ عبد الرحمن توفّي وترك مالاً فما ترى فيه ؟ فقال : إن كان يصل فيه حق اللّه فلا بأس. فرفع أبو ذر عصاه فضرب كعباً، وقال : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «ما أحبّ لو أن لي هذا الجبل ذهباً أنفقه ويتقبل مني وأذر خلفي منه ست أواق..»، أنشدك اللّه - يا عثمان ! - أسمعته ؟ ! ثلاث مرّات، قال : نعم. لاحظ : الغدير 369/8. وحكى العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 303/8 عن جملة مصادر في كلام له...إلى أن قال عثمان يوماً والناس حوله : أيجوز للإمام أن يأخذ من المال شيئاً قرضاً فإذا أيسر قضى ؟ فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك. فقال أبو ذر : يابن اليهوديين ! أتعلّمنا ديننا ؟ فقال عثمان : قد كثر أذاك لي وتولّعك بأصحابي، الحقّ بالشام. وراجع: بحار الأنوار 415/22 نقلاً عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 256/8، وجاءت له عدة مصادر في الأسرار 140/1. قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 369/8: والعجب من هذا الاستفتاء ومن توجيهه إلى كعب خاصة وهو يهودي قريب العهد بالإسلام - وفي المنتدى مثل أبي ذر عالم الصحابة، والمستفتي جدُّ عليم بحقيقة ذلك المال ؛ لأنّه هو الذي أدره عليه جزاء حسن اختياره للخلافة يوم الشورى، ولم تكن ثروته الشخصية تفي لتلكم العطايا الجزيلة، فليس لها مدر إلّا مال اللّه، فعلى أبي ذر البصير بمواقع أحكام الشرع أن ينكر تلكم المنكرات على من استباح ذلك العطاء، وعلى من استباح أخذه واكتنازه، وعلى من حاول أن يبرّر تلكم الأعمال ﴿وَلْتَكُن مِنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ [سورة آل عمران (3) : 104]. انظر موارد ومصادر ما أطلق عليه من كونه ابن اليهودي، وابن اليهودية الكافرة، وابن اليهوديتين.. في الكتاب الرائع : الأسرار 197/4 - 199.

ص: 377

ص: 378

[ ومنهم : ]

* عمران بن الحصين :

كان يقول : إن مات علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ] فلا أدري ما موته، وإن قتل رجوت له (1).

البحتري (2) : [ من الكامل ]

كُنَّا نُكَفِّرُ مِنْ أُمَيَّةَ (3) عُصْبَةٌ***طَلَبُوا (4) الخِلافَةَ فَجْرَةً وفُسُوقا

ص: 379


1- قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 77/4 : وقد روي : أنّ عمران بن الحصين كان من المنحرفين عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأن علياً سيّره إلى المدائن، وذلك أنّه كان يقول : إن مات علي فلا أدري ما موته وإن قتل، فعسى أني إن قتل رجوت له. ثم قال : ومن الناس من يجعل عمران في الشيعة. وقد حكي عن الفضل بن شاذان أنّه قد عده من السابقين الذين رجعوا إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ؟ ! فتأمل.
2- ديوان البحتري 1452/3 من قصيدة طويلة تحت رقم 571 ذات 73 بيتاً، وهذه الأبيات جاءت برقم (19 و 20 و 22 و 23). وأورد منها ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 74/5- 76 أربعة وعشرين بيتاً، مطلعها : [ من الكامل ] أأفاق صبٌّ من هوى فأفيقا***أم خان عهداً أم أطاع شقيقا
3- في نسختي الأصل : أمة.
4- تقرأ في نسخة (ألف): ظلموا.

ونَقُولُ : تَيْمٌ قَرَّبَتْ (1) وَعَدِيُّها***أمراً بعيداً (2) حَيْثُ (3) كان سحيقا (4)

ونَلُومُ (5) طَلْحَةَ والزُّبَيْرَ كِلَيْهما***ونُعَنّفُ الصِّدِّيقَ والفَارُوقا

[ وَهُمُ قريش الأبْطَحُونَ إذا انْتَمَوا***طابُوا أُصُولاً في العُلا وعُرُوقا ] (6)

حَتَّىٰ غَدَتْ جُشَمُ بنُ بَكْرٍ تَبْتَغِي***إِرْثَ النبيّ وتَدَّعِيهِ حُقُوقا !

ص: 380


1- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل.. بل كلّ البيت كذلك، والمثبت بمعونة رواية الديوان، وفي شرح النهج : أَقْرَبَتْ.
2- في نسخة (ب) : بغياً.
3- في نسخة (ألف) : حديث.. والكلمات كلاً مشوشة في نسختي الأصل..
4- هذا البيت جاء في شرح النهج 74/5 بعد تاليه.
5- في نسختي الأصل : وبيوم.
6- البيت مزيد من شرح النهج، وهو في الديوان برواية : قريش الأَبْطَحَيْنِ.

[ ومنهم : ]

* جرير بن عبد اللّه البجلي (1) :

قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «احفظ هاتين النعلين ؛ فإنّ ذهابهما ذهاب دينك».

فلمّا كان يوم الجمل ذهبت إحداهما، فلمّا كان يوم صفّين ذهبت الأخرى.. فلحق بمعاوية (2).

ص: 381


1- وهو : ابن جابر بن مالك بن نصر، أبو عمرو (أبو عبداللّه) القسري (المتوفى سنة 54 ه_)، قدم على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سنة عشر من الهجرة فبايعه وتظاهر بإسلامه، وكان عاملاً لعثمان على ثغر همدان، له أكثر من كتاب من أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ثمّ خرج على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع جمع من قومه، وهو الذي إمامه ضب يوم القيامة في قصة له مع الأشعث بن قيس. وقد عقد ابن أبي الحديد في شرح النهج 115/3 - 118 باباً في مفارقة الرجل لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). ويعرف في بعض الروايات ب_: الأكنف، كما جاء في الأسرار فيما كنّي وعُرف به الأشرار 324/1. انظر عنه : المعارف لابن قتيبة : 127، والطبقات لابن سعد 22/6، وتهذيب التهذيب لابن حجر 73/2 - 75، والإصابة 76/2، وشذرات الذهب 57/1 - 58، وسير أعلام النبلاء 530/2 - 537 نقلاً عن عدة مصادر في هامشه.. وغيرها. ولاحظ : الحصيلة من الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 52/4 - 53.
2- قاله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 75/4 لكنه جاء في ذيل الكلام : ثم فارق علياً واعتزل الحرب.

السيد [ الحميري ](1): [ من المتقارب ]

خَلِيلَيَّ لا تُرْجِيا (2) وَاعْلَما***بأنَّ الهُدَى غَيرُ ما تَزْعُمان

فَإِرْجاءُ ذِي الشَّكِّ (3) بَعْدَ اليَقِينِ***وَضَعْفُ البَصِيرةِ بَعْدَ البَيان (4)

ضَلالٌ أَذِبَّاهُما (5) عَنْكُما***فَبِئْسَ (6) لَعَمْرُكُما الخَصْلَتانُ (7)

ص: 382


1- ديوان السيّد الحميري (رَحمهُ اللّه): 450 - 452 برقم 194 في مدح الإمامين الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، من قصيدة ذات (13) بيتاً، المذكور منها هنا السادس فما بعد، وقد جاءت في الأغاني 259/7، والأعيان 196/12، والغدير 264/2، والمناقب 388/3، وطبقات الشعراء : 35.. وغيرها نقلاً عن الديوان المزبور.
2- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل غير معجمة، تقرأ : لا توحيا، ولعلها : لا توحشا، وما أثبت من المصدر، وهو الصحيح ؛ إذ القصيدة كلّها حول الإرجاء والمرجئة.
3- في الديوان : وأن عمى الشك.
4- في الديوان : العيان، بدلاً من البيان، وهو الأنسب، وكلاهما يصح.
5- الكلمة مشوشة غير منقوطة في النسختين، وتقرأ : إذا بلاهما.
6- في المصدر : ضلال فلا تلجا فيهما...فبئست.
7- أُثبت ما استظهر من الكلمة، وإلّا ففي نسخة (ألف) : لعمر كان الحفلتان - بدون تنقيط وفي نسخة (ب): الجفلتان - بدون تنقيظ -.

أَيُرْجَى (1) عَلِيُّ إِمَامَ الهُدَى***ونُعْمانُ ؟ ! ما اعْتَدَلَ (2) المُرْجَيانُ

وَيُرْجَى ابنُ هِنْدٍ وَأَحْزَابُهُ***يَهُودُ (3) الخَوارِج بالنَّهْرَوانُ ؟!

ويُرجَى الأُلى (4) نَصَرُوا نَعْثلاً***بأعْلَى الخُرَيْبَةِ والسامران ؟ ! (5)

ص: 383


1- كذا في نسخة (ألف) وفي الديوان، وفي نسخة (ب) : أترجى.
2- في المصدر : وعثمان ما أعند.
3- في الديوان : ويرجى ابن حرب وأشياعه...وهوج.. إلى آخره.
4- في نسختي الأصل : لأبي
5- كذا في نسخة (ألف)، وفي نسخة (ب) من الأصل : السابران. والسامران ؛ يعني أبا بكر وعمر، تغليباً للفظ السامر أو السامري. أقول : لا يوجد هذا البيت الأخير في الديوان، وجاء فيه : [ من المتقارب ] يَكُونُ إِمَامُهُمُ في المَعادِ***خَبِيثَ الهَوَى مُؤمِنَ الشَّيْصبان جَزَى اللّه عنَّا بَني هاشِمٍ***بإنعام أحْمَدَ أَعْلى الجنان فكُلُّهُمْ طَيَّبٌ طَاهِرٌ***كَرِيمُ الشَّمائِلِ حُلْمُ اللسان

[ ومنهم : ]

* الأشعث بن قيس الكندي (1):

ص: 384


1- وهو : ابن معدي كرب الكندي الكوفي - إقامةً ووفاةً - أبو محمد، وقيل اسمه : معدي كرب باسم جده (23 ق. ه_ 40 ه_) صحابي، أمير كندة في الجاهلية والإسلام، ارتد مرتين ظاهراً، ولم يؤمن باللّه طرفة عين واقعاً، كما جاء في الأسرار 45/4 - 47. قال ابن قتيبة في المعارف : 551 : أوّل من مشت معه الرجال وهو راكب الأشعث بن قيس. وعبّر عنه ابن أبي الحديد في شرحه 297/1 أنّه كان رأس النفاق في زمانه نظير عبد اللّه بن أبي سلول في أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). ذكر المصنف (رَحمهُ اللّه) فی مناقب آل أبي طالب 422/1 [ الطبعة الأولى، وفي طبعة قم في 99/2]، وعنه في بحار الأنوار 306/41 - 307 حديث 38..: وروي عن الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في خبر : «أنّ الأشعث بن قيس الكندي بنى في داره مأذنة، فكان يرقى إليها إذا سمع الأذان في أوقات [ الصلوات ] في مسجد جامع الكوفة فيصيح من أعلى مأذنته : يا رجل ! إنّك [لكاذب ] ساحر..! وكان أبي يسمّيه : عنق النار وفي رواية : عرف النار - فيسأل عن ذلك فقال : «إنّ الأشعث إذا حضرته الوفاة دخل عليه عنق من النار ممدودة من السماء، فتحرقه فلا يدفن إلا وهو فحمة سوداء..» فلما توفّي نظر سائر من حضر إلى النار وقد دخلت عليه كالعنق الممدود حتّى أحرقته، وهو يصيح ويدعو بالويل والثبور..». وسيأتي - في ترجمة أنس بن مالك - حديث جابر الأنصاري : أنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) استشهد أنس بن مالك والبراء بن عازب، والأشعث بن قيس، وخالد بن يزيد البجلي قول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «من كنت مولاه فعلي مولاه»، فكتموا.. فدعا على كلّ واحد منهم بدعاء. يقول جابر : ولقد رأيت الأشعث بن قيس وقد ذهبت كريمتاه وهو يقول : الحمد للّه الذي جعل دعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليَّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالعمى في الدنيا، ولم يدع عليّ بالعذاب في الآخرة فأعذّب ! وأما خالد بن يزيد ؛ فإنّه مات فأراد أهله أن يدفنوه، وحفر له في منزله فدفن، فسمعت بذلك كندة فجاءت بالخيل والإبل فعقرتها على باب منزله.. فمات ميتة الجاهلية. وأما البراء بن عازب ؛ فإنّه ولاه معاوية اليمن فمات بها، ومنها كان هاجر. انظر عنه : تاريخ ابن عساكر 64/3، تاريخ الخميس 289/2، تهذيب الكمال 117/1 - 118، تهذيب التهذيب 359/1، شذرات الذهب 221/1، تاریخ بغداد 196/1، والمحبّر : 261.. وغيرها.

لقب : عرف النار (1)، ويقال : عنق النار (2)؛ كان ممّن اعتزل وقوّى

ص: 385


1- يطلق أهل اليمن على الغادر ذلك، كما صرح به غير واحد، وجاء في كتاب سليم بن قيس 662/2 حدیث 12 [ الطبعة المحققة ].. وغيره عن عدة مصادر. قال الطبري في تاريخه 275/3 : وكان الأشعث يلعنه المسلمون ويلعنه سبايا قومه، وسماه نساء قومه : عرف النار ؛ كلام يمان يسمون به الغادر. وانظر : أمالي الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 147 (المجلس 18) نقلاً عن الأسرار فيما كنّي وعُرف به الأشرار 535/2 - 536.
2- كما صرح بذلك المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 422/1 [الطبعة الأولى، وفي طبعة قم 99/2]، وقد فصل ذلك في الأسرار فيما كُنّي وعُرّف به الأشرار 557/2 - 558 مع درجه لمصادره. ويقال له - أيضاً - : ابن الخمّارة، والأشج، والأشحّ، والأعور، والثمودي، والحائك ابن حائك، وعدو اللّه، ومنافق بن كافر.. وغيرها. لاحظ : الحصيلة من كتاب الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 47/4.

أمر الخوارج (1).

ص: 386


1- كان مولانا أمير المؤمنين كما جاء في شرح نهج البلاغة 178/1 [191/2]، وكذا في الغدير 73/9 - 74 - يخطب ويلوم الناس على تثبيطهم وتقاعدهم، ويستنفرهم إلى أهل الشام، فقال له الأشعث بن قيس : هلا فعلت فعل ابن عفّان ؟! فقال له : «إن فعل ابن عفّان لمخزاة على من لادين له ولا وثيقة معه، إنّ امرءاً أمكن عدوّه من نفسه ؛ يهشم عظمه، ويفري جلده، لضعيف رأيه، ومأفون عقله.. أنت فكن ذاك إن أحببت ؛ فأما أنا : فدون أن أعطي ذاك ضرب المشرفية الفصل». مع أنّه قد قيل : إنّ الأشعث كان أميراً على الميمنة يوم صفين. هذا ؛ مع أنّه القائل كما رواه العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 14/10-: [من المتقارب ] أتانا الرسولُ رسولُ الوصيِّ***علي المهذَّبُ من هاشم رَسُولُ الوصي وصيّ النبيّ***وخير البرية من قائمِ وَزِيرُ النبيّ وذُو صِهْرِهِ***وخيرُ البرية في العالم له الفضلُ والسَّبْقُ بالصَّالحاتِ***لِهَدْيِ النَّبِي به يأتمي وقد ذكر أبو منصور الثعالبي (المتوفى سنة 426 ه_) في كتابه لطائف المعارف : 108 تحت عنوان (العور) : الأشعث بن قيس، قال : ذهبت عينه يوم اليرموك. وروى الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في أصول الكافي الشريف 462/1 حديث 3 - وعنه في بحار الأنوار 144/44 - 145 حديث 12 - عن أبي بكر الحضرمي، قال : إنّ جعدة بنت أشعث بن قيس الكندي سمت الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وسمّت مولاة له، فأما مولاته فقاءت السم، وأما الحسن [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] فاستمسك في بطنه، ثمّ انتفط به فمات. روى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 431/33 حديث 640 عن نهج البلاغة من كلام له (عَلَيهِ السَّلَامُ) قاله للأشعث بن قيس - وهو على منبر الكوفة يخطب - فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشعث، فقال : يا أمير المؤمنين ! هذه عليك لا لك !! فخفض إليه بصره ثمّ قال له (عَلَيهِ السَّلَامُ): «وما يدريك ما عليّ ممّا لي ؟ عليك لعنة اللّه ولعنة اللاعنين، حائك ابن حائك، منافق ابن كافر، واللّه لقد أسرك الكفر مرة والإسلام أُخرى، فما فداك من واحدة منهما مالك ولا حسبك، وإنّ امرءاً دلّ على قومه السيف وساق إليهم الحتف لحريّ أن يمقته الأقرب ولا يأمنه الأبعد». قال السيّد (رضیَ اللّهُ عنهُ): يريد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه أسر في الكفر مرة وفي الإسلام مرة. وأما قوله : «دلّ على قومه السيف»، فأراد به حديثاً كان للأشعث مع خالد بن الوليد باليمامة غرّ فيه قومه ومكر بهم حتّى أوقع بهم خالد، وكان قومه يسمونه بعد ذلك : عرف النار، وهو اسم للغادر عندهم. لاحظ : النهج في المختار من كلامه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (19). قال أبو منصور الثعالبي (المتوفى سنة 426 ه_) في كتابه لطائف المعارف : 17 عن الأشعث بن قيس : أوّل من مشى بين يديه الرجال وهو راكب : الأشعث بن قيس، وكان سيد أهل اليمن، وأسر حرّة فافندى بثلاثة آلاف ناقة، وهو أول من نادى بهذه الفدية. ثمّ قال : وهو أول من دفن في داره ولم ينقل إلى موسم الموتى ؛ وذلك أنّه لما مات بالمدينة لم يقدر على إخراجه ودفنه من كثرة الزحام، ولم يقدر الحسنبن عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] أن يدخل عليه حتّى دخل من بعض دور جيرانه، ورأى الرجل ينزل من دابته فيعقرها والآخر يجيء براحلته فينحرها، فخاف الحسن أن يعقر الناس على قبره، فأمر بدفنه في داره. وقال الثعالبي - أيضاً - في كتابه : 69 تحت عنوان (أعرق الناس في الغدر) : .. وغدر الأشعث [بن قيس ] ببني الحارث بن كعب غزاهم فأسروه، ففدى نفسه بمائتي بعير، وأعطاهم مائة وبقيت عليه مائة، فلم يؤدّها حتّى جاء الإسلام فهدم ما كان في الجاهلية. ثم قال...وغدر محمّد بن الأشعث بأهل طبرستان، وكان عبيد اللّه بن زياد ولاه إياها، فصالح [أهلها ] وعقد لهم، ثمّ عاد إليهم فأخذوا عليه الشعاب وقتلوا ابنه أبا بكر وفضحوه، ثمّ ذكر غدر ولده عبد الرحمن وغدر أجداده. و راجع : المعارف لابن قتيبة : 240، المحبر : 244، والأعلاق النفيسة : 229.. وغيرها.

ص: 387

وابنه :

* محمّد بن الأشعث :

وهو الذي باشر قتل أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وابنته :

* جعدة (1) :

هي التي سمّت الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)(2).

ص: 388


1- وقد عرفت في الأخبار بكونها : عدوة اللّه، ومسمّة الأزواج، والملعونة. لاحظ : الغيبة للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) : 226، وكمال الدين 311/1 - 321.. وغيرهما. راجع عنها : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 54/4.
2- روى الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في الروضة من الكافي 167/8 حديث 187، - وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 228/42 حديث 40، و 142/44 حديث 8 - عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : «إنّ الأشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وابنته : جعدة، سمت الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومحمّد ابنه ؛ شرك في دم الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)». وقد روي عنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ): «ما منّا إلا مقتول..». وقد روى الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في اعتقاداته : 109 - 110 ذیل اعتقادنا في النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).. إلى أن قال : والحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) سمته امرأته جعدة بنت الأشعث الكندي - لعنهما اللّه - فمات منها [ من ذلك ]، وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 215/27 حدیث 17. وفي فعل جعدة، يقول النجاشي الشاعر وكان من شيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - في شعر طويل جاء فيه كما رواه في الغدير 11/9: [من السريع ] جعدة بكيه ولا تشأمي***بَعْدُ بُكَاءَ المُعْوِلِ الثَّاكِلِ لَم يُسْبَلِ السِّتر على مِثْلِهِ***في الأرضِ من حافٍ ومن ناعِلِ كانَ إِذا شُبَّت لَهُ نارُهُ***يَرْفَعُها بالسَّنَدِ الغَاتِل كَيْما يراها بائِسُ مُرْمِلٌ***وفَرْدُ قَوْم لَيْسَ بِالآهل يُغْلِي بِنِيِّ اللحم حتّى إذا***أُنْضِجَ لم يَغْلُ على أكل الذي أَسْلَمَنا هُلْكُهُ***للزَّمَنِ المُسْتَحْرِجِ المَاحِلِ ثمّ قال [ أي أبو الفرج ]: وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد، فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسنبن عليّ [ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)] وسعد بن أبي وقاص...فدسّ إليهما سمّاً فماتا منه. أرسل معاوية إلى ابنة أشعث: إنّي مزوّجك بيزيد - ابني - على أن تسمّي الحسن وبعث إليها بمائة ألف درهم، فقبلت وسمت الحسن، فسوّغها المال ولم يزوّجها منه. وراجع : مقاتل الطالبيين : 29، وحكاه عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج 11/4 و 17، من طريق مغيرة وأبي بكر بن حفص.. وانظر : مروج الذهب 50/2، وقريب منه في تاريخ ابن عساكر 229/4.. وغيرهما، وعنه في الغدير 10/11 - 11. أما : عبد الرحمن بن الأشعث ؛ فقد ذكر أبو منصور الثعالبي في كتابه : 69 تحت عنوان (أعرق الناس في الغدر): عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث بن قيس بن معدي كرب، فإنّ عبد الرحمن غدر بالحجاج بن يوسف لما ولاه البلاد، وخرج عليه وواقعه زهاء ثمانين وقعة، وكان آخرها دائرة السوء عليه. ثم ذكر غدر كلّ واحد من أجداده.

ص: 389

وقد احترق الأشعث بدعاء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

ص: 390


1- وقد مضى ما يدل على ذلك قريباً، فراجع.

[ ومنهم : ]

* أُسامة بن زيد بن حارثة(1)؛

مولى النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] (2).

ص: 391


1- وهو : أبو محمّد (7 ق. ه_ - 54 ه_) ولد في مكة، وهاجر إلى المدينة، ومات في أواخر خلافة معاوية، وجاءت فيه روايات مادحة وذامة. انظر عنه : الإصابة 29/1، والمعرفة والتاريخ 221/1، والتهذيب 391/2 - 399، وإعلام الورى 2911، وتنقيح المقال 408/8 - 423 برقم 1844، وما عليه من مصادر.. وغيرها، وجاء كلّ ذلك في الحصيلة من كتاب الأسرار 43/4 - 44. وهناك رواية ذامة له جاءت في كتاب المعرفة والتاريخ 221/1، فراجعها. والأحاديث المادحة له في كتاب سليم 905/2 (الحديث الحادي والستون - حديث الراية)، وصفحة : 641، و 781 و 888، وراجع باب الحبّ 1222.
2- قال المبرّد في الكامل في اللغة والأدب 11/4 : ولّى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جيش مؤتة زيداً مولاه، وقال : «إن قتل فأميركم جعفر». وأمر رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] أسامة بن زيد، فبلغه أن قوماً قد طعنوا في إمارته، وكان أمره على جيش فيه جلّة المهاجرين والأنصار، فقال: «إن طعنتم في إمارته لقد طعنتم في إمارة أبيه، ولقد كان لها أهلاً، وان أسامة لها أهل». وقالت عائشة : لو كان زيد حيّاً ما استخلف رسول اللّه غيره ! وقال عبد اللّه بن عمر لأبيه : لم فضّلت أسامة عليّ وأنا وهو سيّان ؟ فقال : كان أبوه أحبّ إلى رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] من أبيك، وكان أحبّ إلى رسول اللّه منك. وأوصى رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] بعض أزواجه لتميط عن أُسامة أذى من مخاط أو لعاب ؛ فكأنها تكرهته، فتولّى منه ذلك رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] بيده.. وقال له يوماً - ولم يكن أسامة من أجمل الناس -: لو كنت جارية لنحلناك وحلّيناك حتى يرغب الرجال فيك ! وفي بعض الحديث أنّه قال : أُسامة من أحب الناس إليّ !

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): في قوله : (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ) بموالاة علي (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ) من آل محمّد (وَفَريقاً تَقْتُلُونَ) (1).

أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (ألا أنبئكم بالخاذلين.. ؟! منهم : أسامة بن زيد» (2).

ص: 392


1- سورة البقرة (2) : 87. كذا ؛ والحديث في أصول الكافي الشريف 418/1 حديث 31 - وعنه في بحار الأنوار 374/23 (باب 21) حديث 54 - هكذا : عن أبي جعفر الا قال: ﴿أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ﴾ محمّد (بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمْ﴾ بموالاة علي ف_ ﴿اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً) من آل محمّد ﴿كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ﴾ [سورة البقرة (2): 87]. لاحظ عن قوله هذا : تفسير العياشي 49/1، وأمالي الشيخ (رَحمهُ اللّه) 327/2 [ الطبعة الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 716 ضمن حديث 1518]، وعنه في بحار الأنوار (70/32 (الباب الأول) حديث 48. وقال ابن الأثير في أسد الغابة 65/1 : ولم يبايع علياً، ولا شهد معه شيئاً من حروبه، وقال له : لو أدخلت يدك في فم تنين لأدخلت يدي معها ولكنك قد سمعت..
2- نقل العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 296/34 (باب 35) ذيل حديث 1036 عن الغارات للثقفي : فقال : بعث أسامة بن زيد إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أن ابعث إلي بعطائي، فواللّه [ إنك ] لتعلم أنك لو كنت في فم أسد لدخلت معك، فكتب إليه [علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)]: «إنّ هذا المال لمن جاهد عليه، ولكن هذا مالي بالمدينة فأصب منه ما شئت»، ورواه ابن أبي الحديد في شرح النهج 102/4 عن الغارات 576/1 [الطبعة الأُولى]. روى الكشي بسنده عن أبي عبد اللّه، عن آبائه (عَلَيهِم السَّلَامُ)، قال : كتب علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى والي المدينة : «لا تعطين سعداً ولا ابن عمر من الفيء شيئاً، فأما أُسامة بن زيد ؛ فإنّي قد عذرته في اليمين التي كانت عليه». انظر : اختيار معرفة الرجال : 40 حديث 82 [ وفي رجال الكشي 197/1].

ويقال(1) : إنّه استغفر له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لما قال : لا أُقاتل رجلاً يقول : لا إله إلا اللّه ! ولو كنتَ في (2) فم الأسد لدخلتُ معك !! (3)

ص: 393


1- قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 70/32: وكتبت أُمّ الفضل بنت الحارث إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) تخبره بمسيرة عائشة وطلحة والزبير فأزمع المسير، فبلغه تثاقل سعد وأسامة بن زيد ومحمّد بن مسلمة. فقال سعد : لا أشهر سيفاً حتّى يعرف المؤمن من الكافر.. وقال أُسامة : لا أقاتل رجلاً يقول : لا إله إلَّا اللّه، ولو كنت في زبية الأسد لدخلت فيه معك..
2- في نسختي الأصل : من.
3- ومع كلّ هذا، فهاك آل محمّد (عَلَيهِم السَّلَامُ) ولطفهم وعنايتهم به، فقد روى الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في أماليه : 212 - 214 (المجلس الثامن) حدیث 370 [ طبعة مؤسسة البعثة، وفي الطبعة الحيدرية 216/1 - 217 ]، وعنه في بحار الأنوار 107/44 (باب 20) حديث 16، عن الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) بإسناده...خاصم عمر و بن عثمان بن عفَّان أُسامة بن زيد إلى معاوية بن أبي سفيان مقدمه المدينة، في حائط من حيطان المدينة، فارتفع الكلام بينهما حتّى تلاحيا. فقال عمرو : تلاحيني وأنت مولاي ؟! فقال :أسامة : واللّه ما أنا بمولاك ولا يسرُّني أنِّي في نسبك مولاي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). فقال : ألا تسمعون ما يستقبلنى به هذا العبد. ثم التفت إليه عمرو، فقال له : يابن السوداء ! ما أطغاك ! فقال : أنت أطغى منّي، ولم تعيرني بأُمِّي ؟! وأُمِّي واللّه خيرٌ من أُمِّكَ ؛ هي أمُّ أيمن مولاة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، بشرها رسول اللّه في غير موطن بالجنَّة وأبي خير من أبيك ؛ زيد ابن حارثة صاحب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وحبه ومولاه، قتل شهيداً بمؤتة على طاعة اللّه وطاعة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وأنا أمير على أبيك وعلى من هو خيرٌ من أبيك ؛ على أبي بكر وعمر، وأبي عبيدة وسروات [أي شرفاء ] المهاجرين والأنصار، فأنِّى تفاخرني یا بن عثمان ؟ ! فقال عمرو : يا قوم أما تسمعون ما يجيبني به هذا العبد ؟ فقام مروان بن الحكم، فجلس إلى جنب عمر و بن عثمان، فقام الحسن بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) فجلس إلى جنب أسامة، فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو، فقام عبد اللّه بن جعفر فجلس إلى جنب أُسامة.. فلما رآهم معاوية قد صاروا فريقين من بني هاشم وبني أميّة خشي أن يعظم البلاء فقال : إنَّ عندي من هذا الحائط لعلماً. قالوا : فقل بعلمك فقد رضينا. فقال معاوية : أشهد أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جعله لأسامة بن زيد، قم يا أُسامة ! فاقبض حائطك هنيئاً مريئاً. فقام أسامة والهاشميون، فجزوا معاوية خيراً. فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية فقال : لا جزاك اللّه عن الرحم خيراً ! ما زدت على أن كذَّبت قولنا، وفسخت حجتنا، وأشمتَّ بنا عدونا. فقال معاوية : ويحك يا عمرو ! إني لمَّا رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد اعتزلوا ذكرت أعينهم تزور [ أي تدور ] إليَّ من تحت المغافر بصفين، وكاد يختلط عليَّ عقلي وما يؤمني يابن عثمان منهم، وقد أحلُّوا بأبيك ما أحلُّوا، ونازعوني مهجة نفسي حتّى نجوت منهم بعد نبأ عظيم، وخطب جسیم، فانصرف فنحن مخلفون لك خيراً من حائطك.. إن شاء اللّه. ونقل الواقعة الزمخشري في ربيع الأبرار 633/3 - 634 بنحو متقارب، وقال : كان بین أسامة وعمرو بن عثمان كلام في ضيعة.. فقال عمرو : أتأنف أن تكون مولاي ؟! فقال أسامة : واللّه ما يسرني بولائي من رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] نسبك.. ثمّ ارتفعا إلى معاوية.. فقام سعيد بن العاص فقعد إلى جانب عمرو وجعل يلقنه الحجّة.. فقام الحسن [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ] فقعد إلى جانب أسامة. أسامة.. فوثب عتبة بن أبي سفيان فصار مع عمرو.. فقام الحسين [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] فصار مع أسامة. فقام الوليد بن عقبة فصار مع عمرو.. فقام عبد اللّه بن جعفر فجلس مع أُسامة.. فقال معاوية : القضية [ في الكامل : الجلبة ] عندي وحضرت رسول اللّه وقد أقطع هذه الضيعة اسامة. فقال الأمويون : هلا أن كانت هذه القضية عندك بدأت بها قبل التحزّب ؟ ! فقال معاوية : لما رأيتهم كذلك ذكرت يوم صفين ! وجاءت الواقعة بألفاظ مقاربة وبتفصيل أكثر فى الكامل للمبرد 296/1_297.. وغيره، بل جاءت الواقعة في كتب حديثنا مفصلة. وذكر المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 65/4 - وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 189/44 (باب 26) حديث 2 - : عن عمرو بن دينار، قال : دخل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أسامة بن زيد - وهو مريض، وهو يقول : وا غمّاه ! فقال له الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وما غمّك يا أخي ؟» قال : ديني وهو ستون ألف درهم. فقال الحسين [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]: «هو علي». قال : إني أخشي أن أموت. فقال الحسين [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]: «لن تموت حتّى أقضيها عنك». قال : فقضاها قبل موته.

ص: 394

ص: 395

العوني (1) :[من البسيط ]

يا مَعْشَراً جَحَدُوا حَقَّ النبيّ وَلَمْ***يَرْعَوا لَهُ ذِمَّةٌ إِذْ أَهْلَهُ قَتَلُوا

لا بُدَّ (2) يَعْلَقُ مَظْلُومٌ بظالِمِهِ***وَالنَّاسُ مِنْ هَوْلِ ذَاكَ اليَوْمِ قَدْ وَجِلُوا

لا بُدَّ تَأْتِي غَداً في الحَشْرِ فاطِمَةٌ***تَشكُو إِلَى اللّه [ مِنْهُم ] ما بِها فَعَلُوا

ص: 396


1- لا نعرف لهذه الأبيات مصدراً، ولم ترد في المناقب والغدير ولا غيرهما من الكتب الجامعة لشعره (رَحمهُ اللّه)، لاحظ ترجمته في المقدمة.
2- في نسخة (ب) : لا يد، وهي غير معجمة في (ألف).

397

[ومنهم: ]

* حسّان بن ثابت الخزرجي (1) :

الباقر في قوله : (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَنَا اثْنَتَيْنِ..) إلى قوله : (العَلِيِّ الكبير﴾ (2) : «إذا ذكر إمامة غيره بغير أمر اللّه ولا أمر رسوله تؤمنون باللّه (3) وهو العلي الكبير (4)».

ص: 397


1- وهو : ابن المنذر أبو الوليد، وقيل : أبو الحسام، الأنصاري الخزرجي النجاري، توفي سنة 54 ه_، وقيل غير ذلك، قيل : عاش ستين سنة في الجاهلية ومثلها في الإسلام، عرف بالجبن والخوف، له شعر كثير في مدح أمير المؤمنين الا وبيعة الغدير، ولم تكن عاقبته حسنة، واتهم أمير المؤمنين الا بقتل عثمان حشره اللّه معه. وعرف ب_: ابن الفريعة، وكونه : أعمى البصر، وأعمى القلب، كما في تأويل الآيات 345/1، ولاحظ : الغدير 62/2 - 65.. وغيره. انظر عنه : أسد الغابة 2/ 5 - 6، والإصابة 237/2، وشذرات الذهب 41/1 و 60، وسير أعلام النبلاء 512/2 - 523 برقم 106، وسيرة ابن هشام 44/3، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14/15 - 15.. وغيرها، نقلاً عن الكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنى وعُرف به الأشرار 69/4 - 70.
2- سورة غافر (40) : 11 - 12.
3- كذا ؛ والظاهر : به، والحكم اللّه وهو العلي الكبير.
4- روى الشيخ القمّي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره 256/2 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحققة 908/3 - 909 حديث 4] - وعنه في بحار الأنوار 356/23 - 357 حديث 7- بسنده عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله: ﴿إِذَا دُعِيَ اللّه وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكَ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ للّه العَلِيِّ الكَبِيرِ﴾ [سورة غافر (40) : 12] يقول : «إذا ذكر اللّه وحده بولاية من أمر اللّه بولايته كفرتم، وإن يشرك به من ليست له ولاية تؤمنوا بأن له ولاية». ومثله عنه في تفسير البرهان 749/4 حديث 22، ونور الثقلين 326/6 حديث 20.. وغيرهما.

[ وقد ] أبى (1) عن بيعة علي، وكان شديد الانصراف (2) عنه، ويدعو الناس إلى نصرة معاوية.

وقال لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما الشام أقرب إليّ من الحجاز، ولا معاوية بأولى إليّ منك، ولا أزعم (3).. أنّك قتلت عثمان ولكن خذلته، ولا أقول إنك أمرت بقتله ولكن لم تنه عنه.. والخذلان (4) أخو القتل، والسكوت أخو الرضا (5).

ص: 398


1- .. أي ترفّع وامتنع.
2- كذا ؛ والظاهر أن صوابها : شديد الانحراف.
3- هذا استظهار، وفي نسختي الأصل : إن عم، ولعلّه : ولا أنعم، أو يكون زائدة ويكون : ولا بان لي قتل عثمان.
4- في نسخة (ألف) : الخلاف.
5- رواه الآبي بألفاظ مقاربة في نثر الدر 71/2، وباختصار كثير جاء في جمهرة الأمثال 521/1. أقول : نقل العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 75/9 : عن ابن عبد ربه في العقد الفريد :267/2 : أنّه قال : قال حسّان بن ثابت لعلي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] : إنك تقول : ما قتلت عثمان ولكن خذلته، ولا آمر به ولكن لم أنّه عنه، فالخاذل شريك القاتل، والساكت شريك القاتل !

وفي كتب المغازي (1) : أنّه لما خرج النبيّ (عليه وآله السلام) إلى الخندق جعل نساءه في أُطُمٍ (2)، وجعل معهنّ حسّان بن ثابت..

فرقى (3) يهودي في الأُطُم (4)، فقالت صفيّة : إنّ هذا اليهودي يقصدنا، ولم يبق بيننا وبينهم عهد، ولعلّه يدلّ علينا، والنّبي (عليه وآله السلام) في الحربلا يشعر بنا، قم إليه..

قال : ما ذاك في..! ولو كان في كنت مع النبيّ (عليه و آله السلام)، فقامت إليه صفية فقتلته، ثمّ قالت : ارم به على اليهود (5) في أسفل. قال : وما ذلك فيّ..

ص: 399


1- كتاب المغازي للواقدي 462/2 - 463، وهو نقل بالمعنى، إذ لم نجد نص ما ذكره هناك، فراجع، وجاءت القصة في معرفة الصحابة لأبي نعيم 3250/6، والأغاني لأبي الفرج الإصفهاني 372/4 [ وفي طبعة دار الفكر 169/4 - 170]، والإصابة لا بن حجر 237/2.. وغيرها.
2- في نسختي الأصل : لطم، وما أُثبت من المغازي.
3- في نسختي الأصل : يرقى، وما أثبت من المصادر.
4- قال الزمخشري في الفائق 42/1 : الأُطُم : الحصن. وقال ابن قتيبة في غريب الحديث 66/2: الأُطُّم : بناء مرتفع، والأطم والأجم : الحصن، وجمعه : آطام و آجام. وقال الجوهري في الصحاح 862/5: الأطم مثل الأجم يخفّف ويثقل، والجمع : آطام، وهي حصون لأهل المدينة.. والواحدة أطَمَة، مثل أكمة.. وانظر : معجم مقاييس اللغة 112/1، والنهاية لابن الأثير 54/1.. وغيرهما.
5- في نسخة (ألف): اليهودي، وهو سهو.

فأخذته فرمت به عليهم فتفرقوا، وهم يقولون : قد ظننّا أن محمّداً لم يكن ليترك أهله خلوفاً ليس معهم أحد (1).

فقالت: فانزل فاسلبه.. قال : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «السلب للقاتل».

قالت : طاب قلبي بسلبه.

وهو شاعر يتّبع الإحسان (2) فلا يبالي بما صنع (3).

ص: 400


1- وقد ورد هذا في عدة مصادر كمستدرك الحاكم 50/4 - 51، مجمع الزوائد 114/6 - 115، و 123 - 124، المعجم الأوسط 116/4، المعجم الكبير 322/24، تاریخ دمشق 429/12 - 430. قال الزمخشري في الفائق 42/1: خلوفاً ؛ أي خالين من حام، يقال: القوم خلوف، إذ غابوا عن أهليهم لرعي وسقي.. ويقال لمن تركوا من الأهالي : خلوف، أيضاً ؛ لأنهم خلفوهم في الديار، أي بقوا بعدهم. وراجع : النهاية لابن الأثير 68/2، لسان العرب 91/9، تاج العروس 184/12.. وغيرها. ومن هنا قال الأبشيهي في المستطرف 487/1 : وكان حسّان بن ثابت من الجبناء، وكذا قاله الواقدي في مغازيه : كان حسّان بن ثابت رجلاً جباناً، فكان قد رفع مع النساء في الآطام.
2- المراد أنّه : تابع للمال يأخذ من كلّ أحد، لا مطلق الإحسان ؛ إذ الإنسان أسيره.
3- في تاريخ الطبري 452/3 : قال رجل لعبد اللّه بن حسن : كيف أبى هؤلاء [ جماعة من الأنصار ] بيعة عليّ وكانوا عثمانية ؟ قال : أما حسان فكان شاعراً لا يبالي ما يصنع.

وكان في أيام النبيّ (عليه و آله السلام) يمدح علياً [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]، وبعد النبيّ [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] يعاديه (1).

ومن قوله (2): [من الطويل ]

لَقَدْ نَظَرَ الكُفَّارُ فِي شَخْصِ أَحْمَدٍ***وَلَمْ يَنْظُرُوا فِي قَلْبِهِ (3) الشَّمْسَ مُسْتَتِرُ

وَما نُورُ رَبِّي فِي السَّمَاواتِ أَوْ هُنا***بِمُسْتَتِرٍ لَكِنْ رَآهُ الَّذِي نَظَرْ

ص: 401


1- قد تقرأ في نسخة (ألف) : معاوية، ولم يكن حياً إلى زمانه، ولذا نرجح نسخة : يعاديه. وحكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 8/32 (الباب الأول) ذيل حديث 2 عن الكامل لابن الأثير في حوادث سنة 35، وقريب منه ما أورده الطبري في تاريخه 427/4 [طبعة بيروت، وفي طبعة الأعلمي 452/3]، وكذا البلاذري في أنساب الأشراف 205/2.. وغيرهم في غيرها، وحاصل ما جاء فيها أنّه : قد بايعت الأنصار إلا نفراً يسيراً، منهم : حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وسلمة بن مخلد، وأبو سعيد الخدري، ومحمّد بن مسلمة، والنعمان بن بشير، وزيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة.. وكانوا عثمانية.. وذكر أبو منصور الثعالبي (المتوفى سنة 426 ه_) في كتابه لطائف المعارف : 110 - 111 تحت عنوان (العمى) جمعاً منهم : حسان بن ثابت الأنصاري. انظر أخبارهم في : المعارف لابن قتيبة : 254، والأعلاق النفيسة لابن رستة : 224 - 225.. وغيرهما.
2- تقرأ الكلمة في نسخة (ب) : شاعر، وفي نسخة (ألف): في قوله.
3- في نسختي الأصل : قبله.

402

ونسب قتل عثمان إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله (1) : [من البسيط ]

يا لَيْتَ شِعْرِي وَلَيْتَ الطَّيْرَ يُخْبرُنى (2)***ما كانَ شَانُ (3) عَلَى وَابْنِ عَفَّانا (4)

لَتَسْمَعُنَّ وَشِيكاً في دِيارِكُمْ(5)***اللّه أَكْ یا ثاراتِ عُثمانا (6)

وكانت عائشة تزكيه (7) وتروي فيه حديث وضع (8) المنبر، وحديث :

ص: 402


1- في نسخة (ألف) : منها، بدلاً من : في قوله.
2- في المصدر والغدير : تخبرني.
3- في أسد الغابة : بين، بدلاً من شأن.
4- وفي الغدير 76/9 - 77، وجاء قبلهما : [من البسيط ] صبراً جميلاً بني الأحرار لا تهنوا***قد ينفعُ الصبر في المكروه أحيانا وله أبيات أُخر فيه. وراجع عنه : أسد الغابة 383/3 - 384، أنساب الأشراف 599/5، و 104/5، تاريخ الطبري 449/3، مروج الذهب 347/2، الكامل لابن الأثير 189/3.. وغيرها.
5- في المصدر : ديارهم.
6- لاحظ : الفرق العثمانية في الشعر الأموي : 326، ولم أجد هذه الأبيات في ديوانه.
7- روى ابن عساكر في تاريخه 398/12 عنها أنّها سمعت رسول اللّه يقول : حسان حجاز بين المؤمنين والمنافقين، لا يحبه منافق ولا يبغضه مؤمن
8- في نسختي الأصل: بوضع، وهو إما حديثاً بوضع.. أو حديث وضع.. والمراد بالحديث ما روي عنها أنّها قالت : كان رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] يضع لحسان بن ثابت منبراً في المسجد ينشد عليه قائماً، ينافح عن رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ]، ثمّ يقول رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] : «إنّ اللّه يؤيّد حسّان بروح القدس ما نافح عن رسول اللّه». راجع : الشمائل المحمّدية للترمذي : 136، ومسند أبي يعلى 67/8، والمعجم الكبير 37/4، والكامل لابن عدي 274/4، وميزان الاعتدال 576/2.. وغيرهم.

اهجم (1) وربّ القدس معك (2)..

وحسان يمدحها بأبيات منها (3) : [ من الطويل ]

حصان رزان ما تُزَنُّ بِرِيبَةٍ (4)***وتُصْبِحُ غَرْثَىٰ مِن لُحُومِ الغَوافِلِ(5)

ص: 403


1- الظاهر : اهجهم وروح..
2- روى مسلم في كتابه 164/7 - 165 عن عائشة حديثاً جاء فيه : قالت عائشة : فسمعت رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] يقول لحسان : إنّ روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن اللّه ورسوله. وقالت: سمعت رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] يقول : هجاهم حسان فشفى واشتفي.. وروى الطبراني في المعجم الأوسط 213/5 عنها أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال لحسان : اهج المشركين، اللّهم أيّده بروح القدس.
3- لم ترد كلمة (منها) في نسخة (ألف).
4- كذا ؛ وتقرأ في نسختي الأصل : حصان روان ما يرن برينه.. وهي مشوشة قطعاً لا معنى لها حقاً.
5- راجع : كتاب البخاري 61/5، و 10/6 - 11، وكتاب مسلم 163/7 - 164، والسنن الكبرى للبيهقي 239/10، ومجمع الزوائد 76/7، و 51/9 و 235.. وغيرها.

مع أن ابن جرير ذكر في التاريخ (1) : أنّه (2) اعترض صفوان بن (3) المعطّل حسان بالسيف لما قرنه (4) به من الإفك حين بلغه ما قاله، وقد قال حسان في تعريضه شعر : [من البسيط ]

أَمْسَى الجَلابِيبُ قَدْ عَزُّوا وَقَدْ كَثَرُوا***وَابْنُ الفُرَيْعَةِ أَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ (5)

.. الأبيات، فضربه صفوان بالسيف.

ثم قال شاعر (6) : [ من الطويل ]

تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيْفِ عَنِّي (7) فَإِنَّنِي***غُلامٌ إذا هُو جِيتُ (8) لَسْتُ بِشاعِر (9)

ص: 404


1- تاريخ ابن جرير الطبري 618/2 [ وفي طبعة الأعلمي بيروت 269/2] نقلاً بالمعنى، و راجع : تاريخ اليعقوبي 53/2 حيث قال : فقال من قال فيها الإفك، وجلد رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة، وعبد اللّه بن أبي سلول..
2- لم ترد كلمة (أنّه) في نسخة (ألف).
3- لم ترد كلمة (بن) في نسخة (ألف).
4- كذا ؛ والظاهر : قذفه.
5- دیوان حسان بن ثابت : 104، ولاحظ شرح الأبيات هناك، وجاءت خمسة أبيات في تاريخ الطبري 618/2.
6- موضع كلمة (شاعر) في نسخة (ألف) بياض.
7- في نسختي الأصل : عنك.
8- في نسختي الأصل : حيث
9- وراجع : سيرة ابن هشام (222/2 - 223، وتاريخ المدينة لابن شبة 341/1، والأغاني 367/4، وإمتاع الأسماع 217/1 - 218.. وغيرها. وقد ذكر ابن قتيبة في عيون الأخبار 320/1 - 321 في قصة دعوة، قال :.. فشهد المدعاة حسان بن ثابت وابنه عبد الرحمن وأنا، وجاريتان تغنّيان: [ من المنسرح ] انظُرْ خَلِيلى بباب جلَّقَ هَلْ***تُؤْنِسُ دونَ البلقاءِ مِنْ أَحَدٍ ؟! فبكى حسان وقد كف بصره، وجعل عبد الرحمن يومئ إليهما أن زيدا.. فلا أدري ماذا يعجبه من أن تبكيا أباه..؟!

ص: 405

[ ومنهم : ]

أنس بن مالك القشيري (1) :

في تاج التراجم (2) : أنّه قال مقاتل : نزل قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ..) (3) في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفي جماعة كانوا يؤذونه.

ص: 406


1- العنوان كلاً بياض في نسخة (ألف)، ولعلّ هذا شاهد على أن نسخة (ألف) لم تؤخذ من نسخة (ب)، فتأمل. أقول : هذا العنوان مغاير مع أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم النجاري الخزرجي الأنصاري، أبو ثمامة، أو أبو حمزة (10 ق. ه_ 93) خدم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و خانه، ورحل إلى دمشق ومنها إلى البصرة ومات فيها، وهو آخر من مات من الصحابة في البصرة. وقد عدّه المحقق الكركي (رَحمهُ اللّه) في رسالته في تعيين المخالفين لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): 326 [ الجزء الخامس من موسوعة مؤلفاته ] من المنحرفين عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، منكر شهادته يوم الغدير. وقد عرف بكونه : الأبرص، ومن الكذابين. راجع عنه : صفة الصفوة 298/1، وتهذيب ابن عساكر 139/3، وسير أعلام النبلاء 395/3 - 406 برقم 62، وما جاء في الحصيلة في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 47/4. وتمّت هنا خلط عجيب بين الترجمتين، لاحظ : تقريب التهذيب 111/1 ترجمة 566 و 567.
2- تاج التراجم، ولعلّه هو : تاج التراجم في تفسير القرآن للأعاجم ؛ لأبي المظفر الإسفرايني، ولم نحصل على نسخة مطبوعة منه، ويظهر من الفهارس أنّه بالفارسية.
3- سورة الأحزاب (33) : 58.

وقيل : إنّه نزل (1) الرضا : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّه وَرَسُولَهُ..) (2) الآية.

جعفر بن محمّد بن عمارة [ عن أبيه، قال ] (3) : سمعت الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول: «ثلاثة كانوا يكذبون على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): أبو هريرة، وأنس ابن مالك، وامرأة»(4).

ص: 407


1- كذا ؛ ولعله : تولى، والمعنى غير واضح.
2- سورة الأحزاب (33): 57. روى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 330/39 - 331 (باب 89) حدیث 1 عن مناقب ابن شهر آشوب 10/2 - 11 [ الطبعة الأولى، وفي طبعة النجف 12/3]. قال الواحدي في أسباب النزول : 244، ومقاتل بن سليمان، وأبو القاسم القشيري في تفسيرهما، أنّه نزل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ..) [سورة الأحزاب (33) : 58] الآية في علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وذلك أن نفراً من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه ويكذبون عليه. وفي رواية الثعلبي في التفسير 63/8 عن مقاتل: نزلت في علي بن أبي طالب (رضیَ اللّهُ عنهُ) [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]، وذلك أن ناساً من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه. قال ابن عباس : وذلك أنّ اللّه تعالى أرسل عليهم الجرب في جهنم، فلا يزالون يحتكون حتّى تقطع أظفارهم، ثمّ يحتكون حتّى تنسلخ جلودهم، ثمّ يحتكون حتّى تبدو لحومهم، ثمّ يحتكون حتّى تظهر عظامهم، ويقولون : ما هذا العذاب الذي نزل بنا ؟ فيقولون لهم : معاشر الأشقياء ! هذا عقوبة لكم ببغضكم أهل بيت محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
3- في بحار الأنوار عن الخصال : ابن عمارة، عن أبيه، قال : سمعت جعفر بن محمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).
4- كما في الخصال 89/1 - 90 [190/1 ]، وعنه في بحار الأنوار 217/2 حديث 11، و 102/22 (باب 37) حديث 60 وصفحة : 242 (باب 4) حديث.. وغيرها. أقول : روى الكشي (رَحمهُ اللّه) في رجاله 593/1 [ الطبعة المحشاة ] حديث 549 - وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 217/2 - 218 حدیث 12 - قال : سعد عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن ابن أبي نجران، عن ابن سنان، قال : قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنا أهل البيت صادقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط [ فيسقط ] صدقنا بكذبه علينا عند الناس، كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أصدق البرية لهجة، وكان مسيلمة يكذب عليه، وكان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أصدق من برأ اللّه من بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه بما يفتري عليه من الكذب عبد اللّه بن سبأ لعنه اللّه، وكان أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قد ابتلي بالمختار..». ثمّ ذكر أبو عبد اللّه الحارث الشامي، وبنان بيان ]، فقال: «كانا يكذبان على علي بن الحسين ثمّ ذكر المغيرة بن سعيد، وبزيعاً، والسدي، وأبا الخطاب، ومعمّراً، وبشّار الأشعري [الشعيري ]، وحمزة البربري، وصائد النهدي، فقال : «لعنهم اللّه، إنا لا نخلو من كذَّاب [ يكذب علينا ] أو عاجز الرأي.. كفانا اللّه مؤونة كلّ كذاب، وأذاقهم حرّ الحديد».

جابر الأنصاري (1)..

ص: 408


1- حكاه المصنف في مناقبه 433/1 - 434 [ الطبعة الأولى، وفي طبعة النجف الأشرف 113/2]، وعنه في بحار الأنوار 206/41 - 207 حدیث 23 - قال : تاريخ البلاذري وحلية الأولياء وكتب أصحابنا عن جابر الأنصاري أنّه استشهد.. ورواه الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) عن جابر الأنصاري في الأمالي : 184 حديث 190 [ وفي طبعة : 106 - 107، وفي الطبعة المترجمة : 122 - 123 (المجلس السادس والعشرون) حديث 1]، وفي الخصال 219/1 - 220 (باب الأربعة) حديث 44، وعنهما العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 446/31 - 447 حديث 3 و 4.

.. استشهد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن أنس (1)، والبراء بن عازب، والأشعث بن قيس، وخالد بن يزيد البجلي، قول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «من كنت مولاه فعلي مولاه» فكتموا، فقال لأنس (2) : «فلا أماتك اللّه حتّى يبتليك ببرص لا تغطّيه العمامة» (3).

ص: 409


1- كذا ؛ ولعله : بأنس، وفي المناقب : استشهد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنس بن مالك.
2- في نسختي الأصل : الأنس.
3- قال الزمخشري في ربيع الأبرار 233/2 عن علي رضي اللّه عنه [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)]: «ضربه اللّه ببيضاء لا تواريها العمامة..» أراد البرص.. ولم يذكر الخبيث أن المراد منه أنس بن مالك حشره اللّه معه ! وجاء في لطائف المعارف للثعالبي : 105 - 106 قال : وذكر قوم أن علي بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] سأله عن قول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه». فقال : قد كبرت سنّي ونسيت، فقال علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]: «إن كنت كاذباً فضربك اللّه ببيضاء لا تواريها العمامة..». فأصابه البرص. وقال ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 218/19: قد ذكر ابن قتيبة حديث البرص والدعوة التي دعا بها أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أنس بن مالك في كتاب المعارف [ 580/1] في باب البرص من أعيان الرجال، وابن قتيبة غير متهم في حق علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) على المشهور من انحرافه عنه. وقال في المسترشد للطبري : 674 برقم :346: ومن عجائبه ؛ دعاؤه على أنس حين ثقل عليه، وقال : «إن كنت كاذباً فضربك اللّه بها بيضاء في وجهك كله لا تواريها العمامة»، فبرص كله من قرنه إلى قدمه، وقد دعا علي [ الظاهر عليه ] أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين فتن عليه أن يشهد بحديث الثقلين.. وحكى الواقعة أيضاً شيخنا العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 193/1 عن البلاذري و ابن عساكر.. وغيرهما. أقول : دع عنك حديث الطائر المشوي الذي دعا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يأتيه ربّه بأحبّ خلقه إليه ليأكل معه، وحجب أنس الأمير المؤمنين الاورده قاصداً صرف هذه الميزة عنه كي تكون لبعض صحبه أو قومه.. وأبى اللّه سبحانه إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون. ذكر أبو منصور الثعالبي (المتوفى سنة 426 ه_) في كتابه لطائف المعارف: 105 تحت عنوان (ذوو العاهات)، قال : ومن الأشراف من قريش.. قال : وكان أنس بن مالك.. أبرص. وراجع : حلية الأولياء 26/5 - 27، محاضرات الأدباء 490/1، و 318/2.. وغيرهما.

وقال للأشعث : «فلا أماتك اللّه حتّى يذهب بكريمتك» (1).

وقال لخالد : «فلا أماتك اللّه إلا ميتة جاهلية».

وقال للبراء : «فلا أما تك اللّه إلا حيث هاجرت».

فقال جابر : فواللّه لقد رأيت أنساً وقد ابتلي ببرص؛ يغطيه بالعمامة.

فما يستره (2)، ورأيت الأشعث قد ذهبت كريمتاه وهو يقول : الحمد للّه الذي جعل دعاء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) علي بالعمى في الدنيا ولم يَدْعُ عليَّ بالعذاب في الآخرة فأعذب !!

ص: 410


1- في المناقب : بكريمتيك، وكذا في أمالي الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) وخصاله.
2- في المناقب : تستره، وكذا في الأمالي والخصال.

وأمّا خالد ؛ فإنّه مات ؛ فأراد أهله أن يدفنوه، وحفر له في منزله و دفن، فسمعت بذلك كندة، فجاءت بالخيل والإبل، فعقرتها على باب منزله فمات ميتة جاهلية..

وأما البراء ؛ فإنّه ولّاه معاوية اليمن فمات بها، ومنها كان هاجر [وهي السراة ] (1).

وفي حلية الأولياء (2) أنّه : كان يمر أنس بن مالك على الأعمش طرف النهار، فيقول الأعمش : لا أسمع منك حديثاً، خدمت رسول اللّه ثمّ جئتَ إلى الحجاج، حتّى ولّاك (3)..!

وشَتَمَ (4) مدائني أبا هريرة، فقيل له في ذلك، فقال : ظننته أنس بن مالك.. ! (5)

ص: 411


1- هذه زيادة جاءت في المناقب 279/2، وعنه في بحار الأنوار 206/41 (باب 110) حديث 23، وقيل : هي اسم مدينة. قال في مراصد الاطلاع 70/2: السراة - جمع سري - جبل مشرف على عرفة ينقاد إلى صنعاء، فيه الأعناب وقصب السكر، وهو أعلى جبال الحجاز.
2- حلية الأولياء 53/5 نقلاً.بالمعنى.
3- في نسختي الأصل : متى ولاك، ولها وجه.
4- في نسخة (ألف) : وسع، وفي نسخة (ب) : وسم، وكلاهما محرّف عن المثبت. والوسم : العلّامة، ووسمه وسماً وسمة ؛ إذا أثر فيه بسمة وكي، كما في مجمع البحرين 183/6، ولاحظ : لسان العرب 635/12.. وغيره.
5- قال البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 252/3: ومنهم : أنس بن مالك ؛ ذكر الحميدي في الجمع بين الصحيحين [ 584/2 - 585 ] في الحديث الخامس عشر بعد المائة من المتفق عليه : أن أنساً سأل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن الساعة، فقال : «إن أُخر هذا لم يدرك الهرم حتّى تقوم الساعة». وفي حديثين آخرين عنه نحو ذلك، فكيف يسمع مع قوله تعالى : ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ [ أَيَّانَ مُرْسَاهَا] قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ..) [سورة الأعراف (7) : 187]، ﴿إِلَى رَبِّكَ مُنتَهَاهَا﴾ [سورة النازعات (79): 44]، ﴿إِنَّ اللّه عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ [سورة لقمان (31) : 34]، مع روايتهم عن نبيهم أنّه أخبر بدولة بني أمية وبني هاشم والمهدي وغيرهم ممّا يقتضي كون القيامة أبعد من أعمار شتى..!

الصاحب (1):[ من الطويل ]

بَنُو السَّبْتِ مَعْرُوفُونَ فِي كلّ ناحِيَةً***يَسُبُّونَ أَوْلادَ النبيّ عَلَانِيَةً

إذا قُلْتُ : مَوْلاكُمْ عَلِيٌّ، تَغَضَّبُوا (2)***[ عَلَيَّ وَقَالُوا : قَدْ سَبَبْتَ (3) مُعاوِيَةٌ (4)

ص: 412


1- لا يوجد البيتان في ديوان الصاحب (رَحمهُ اللّه)، ولا في غيره، ولعلّهما من مختصات كتابنا.
2- في نسختي الأصل : فغضبوا.
3- في نسخة (ألف) : سبب.
4- أقول : البيت الثاني في المناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 6/1 رواية : قال : وقال الآخر : [ من الطويل ] وإن قلتُ عيناً من عَلِيٌّ تَغامَزُوا***عَلَيَّ وقالوا : قد سببتَ مُعاوية وقد نظم السيّد الحميري (رَحمهُ اللّه) في موضوع البرص كما حكاه شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 194/1 - فقال : [ من السريع ] في رَدَّهِ سَيِّدَ كلّ الوَرَى***مَوْلاهُمُ في المُحْكَمِ المُنْزَلِ فصَدَّهُ ذُو العرش عن رُشْدِهِ***وشانَهُ بالبَرَصِ الأَنْكلِ وكذلك الزاهي في قصيدته، حيث قال : [ من الرجز ] ذاك الذي استَوْحَشَ مِنْهُ أَنَسٌ***أَن يشهد الحقّ فشاهَدَ البَرَض إذ قال : مَنْ يَشْهَدُ بالغدير لي ؟***فبادر السَّامِعُ وَهْوَ قد نَكَصْ فقالَ : أُنْسِيتُ، فقال : كاذِبٌ***سوفَ تَرَى ما لا تُوارِيهِ القُمُصْ وفي روض الجنان لأبي الفتوح الرازي 244/13: [ من الطويل ] بنو الإثم مجمُوعُون من كلّ زاوية***يَسُبُّونَ أولاد النبى علانية إذا قلتُ : مولاكُمْ علي تجمَّعُوا***عَلَيَّ وقالوا : قد شَتَمْتَ مُعَاوِيَةٌ وقد نسبهما لغير المنصور الفقيه.

ص: 413

[ ومنهم : ]

* أبو الدرداء(1):

الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)؛ في قوله : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) في آل محمّد ﴿قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا..) (2) الآية.

ص: 414


1- مختلف في اسمه، معروف بكنيته، ويقال له : عويمر بن زيد بن قيس، وقيل هو: عويمر بن الأشقر الأنصاري.. وغيرها. قيل : إنّه توفي بعد حنين. وقيل : توفي سنة 32 ه_، وقيل : قبل مقتل عثمان بثلاث سنين. وقيل : بسنتين. وقيل : عاش بعد ذلك، وقال طائفة من أهل الأخبار : مات بعد صفين. راجع شذرات الذهب 1 / 173 [39/1 و 44]، وطبقات ابن سعد 391/7 - 393، والجرح والتعديل 26/7 - 28، والاستيعاب 1646/4، وأسد الغابة 97/6، وتذكرة الحفاظ 24/1، والإصابة 182/7 وسير أعلام النبلاء 335/2 - 353 برقم 68، وتهذيب التهذيب 156/8 برقم 316.. وغيرها.
2- سورة البقرة (2): 59. وجاء ذلك في تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه): 40 - 41 [ الطبعة الحجرية، وفي الطبعة الحروفية 48/1، وفي الطبعة المحققة 79/1 ذيل حديث 14]، وعنه في بحار الأنوار 174/13 حدیث 2، وعنه في تفسير البرهان 224/1 حديث 7، ولاحظ ما جاء في التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ): 102 - 103 [ وفي الطبعة المحققة 260 حديث 128] وعنه في بحار الأنوار 184/13 ذيل حديث 19، وفي تفسير العياشي (رَحمهُ اللّه) 45/1 - وعنه في بحار الأنوار 222/24 حدیث 8 - قال : «نزل جبرئيل بهذه الآية : ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) آل محمّد حقهم (قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ [سورة البقرة (2) 59 ]: آل محمّد حقهم». وجاء الحديث مثله في أصول الكافي 423/1 - 424 حديث 58، - وعنه في بحار الأنوار 224/24 حديث 15.

وعنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) ؛ في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ..) (2) فيعلي بن أبي طالب.. قال : «نزل جبرئيل بهذه الآية هكذا».

وروي (3): أن أبا هريرة وأبا الدرداء جاءا إلى معاوية [ من حمص - وهو بصفين - : فوعظاه ] وقالا له في قتال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) (4)، فقال معاوية : أطلب ثار

ص: 415


1- كذا أورده في المناقب 56/2 - 57 [ وفي طبعة النجف 302/2]، وعنه في بحار الأنوار 58/35 حديث 12، إلّا أنّ الظاهر أنّ الحديث عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما في تفسير العياشي 71/1، وعنه في بحار الأنوار 76/2 حديث 53. ولاحظ : التفسير المنسوب للإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 236 [ وفي الطبعة المحققة : 570 حدیث 333]، وعنه في بحار الأنوار 107/36 حديث 57.
2- سورة البقرة (2) : 159.
3- كما جاء في الإمامة والسياسة 92/1، وعنه في الغدير 157/9 - 158 باختلاف كثير واختزال في الألفاظ. راجع : الفتوح 61/3 - 63، ويبدو الأخذ من الكتابين : الفتوح والإمامة والسياسة.
4- في الإمامة والسياسة : علام تقاتل عليّاً ؛ وهو أحق بهذا الأمر منك في الفضل والسابقة..؟! وإليك الخبر بلفظه.. كما جاء في الغدير 157/9 - 158 - عن ابن قتيبة الإمامة والسياسة 92/1 - قال : ذكروا أن أبا هريرة وأبا الدرداء قدما على معاوية من حمص - وهو بصفين - فوعظاه، وقالا : يا معاوية ! علام تقاتل عليّاً وهو أحق بهذا الأمر منك في الفضل والسابقة ؛ لأنّه رجل من المهاجرين الأولين السابقين بالإحسان، وأنت طليق، وأبوك من الأحزاب..؟! أما واللّه ما نقول لك أن تكون العراق أحبّ إلينا من الشام، ولكنّ البقاء أحبّ الينا من الفناء، والصلاح أحبّ الينا من الفساد. فقال : لست أزعم أني أولى بهذا الأمر من عليّ، ولكنّي أقاتله حتّى يدفع إليّ قتلة عثمان. فقالا : إذا دفعهم إليك ماذا يكون ؟ قال : أكون رجلاً من المسلمين فأتيا عليّاً، فإن دفع إليكما قتلة عثمان جعلتها شوری... فقدما على عسكر علىّ [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] فأتاهما الأشتر، فقال : يا هذان، إنّه لم ينزلكما الشام حبّ معاوية، وقد زعمتما أنّه يطلب قتلة عثمان فعمّن أخذتما ذلك فقبلتماه ؟ ! أعمّن قتله؟ فصدقتموهم على الذنب كما صدقتموهم على القتل. أم عمّن نصره ؟ فلا شهادة لمن جر إلى نفسه. أم عمّن اعتزل ؟ إذ علموا ذنب عثمان وقد علموا ما الحكم في قتله. أو عن معاوية ؟ وقد زعم أنّ عليّاً قتله.. اتقيا اللّه، فإنا شهدنا وغبتما، ونحن الحكام على من غاب.. فانصرفا ذلك اليوم. فلما أصبحا أتيا علياً [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)]، فقالا له : إنّ لك فضلاً لا يدفع، وقد سرت مسير فتى إلى سفيه من السفهاء، ومعاوية يسألك أن تدفع إليه قتلة عثمان، فإن فعلت ثمّ قاتلك كنّا معك. قال عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] : «أتعر فانهم؟» قالا : نعم. قال : «فخذاهم»، فأتيا محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر والأشتر، فقالا : أنتم من قتلة عثمان، وقد أمرنا بأخذكم. فخرج إليهما أكثر من عشرة آلاف رجل فقالوا : نحن قتلنا عثمان، فقالا : نرى أمراً شديداً، أليس عليّاً الرجل..؟! [ في الإمامة والسياسة : ألبس علينا الرجل ].. إلى آخره.

ص: 416

عثمان.. ثمّ يكون الأمر.شورى. فقالا : نكفيكها (1).

وأَمّا (2) إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقالا : يا أبا الحسن ! [إنّ لك ] (3) فضلاً لا يدفع، وشرفاً لا ينكر، وقد أتيت إلى معاوية محارباً، فادفع (4) إليه قتلة عثمان يقتلهم، فأجازهما (5) بأخذهم والعهدة في أعناقهم.. فقصدا إلى نحو محمّد (6) بن أبي بكر، وعمار بن ياسر، ومالك الأشتر، وعدي بن حاتم، وعمرو بن الحمق.. وفلان، وفلان.. فخرج عليهما العسكر (7).

ص: 417


1- فى نسخة (ألف) : يكفيكها.
2- أما.. أي قصدا.
3- هنا بياض في نسختي الأصل، وما جاء بين المعكوفين استظهار منا.
4- في نسختي الأصل : ودفع، والظاهر ما أثبتناه.
5- في نسختي الأصل : فأجارهما، وهي مصحفة عن المثبت.
6- قد يقرأ الاسم في نسخة (ألف) : مخلف.
7- قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 31/10: وعاتب عبد الرحمن بن غنم الأشعري الصحابي أبا هريرة وأبا الدرداء بحمص ؛ إذ انصرفا من عند علي رضي اللّه عنه [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] رسولين لمعاوية، وكان ممّا قال لهما : عجباً منكما كيف جاز علیكما ما جئتما به، تدعوان عليّاً إلى أن يجعلها شورى ؟! وقد علمتما أنّه قد بايعه المهاجرون والأنصار وأهل الحجاز والعراق، وأنّ من رضيه خير ممّن كرهه، ومن بايعه خير ممّن لم يبايعه، وأيُّ مدخل لمعاوية في الشورى وهو من الطلقاء الذين لا تجوز لهم الخلافة ؟ وهو وأبوه من رؤوس الأحزاب.. فندما على مسيرهما وتابا منه بين يديه !! وفي لفظ ابن مزاحم المنقري في كتاب صفين : 213: خرج أبو أمامة الباهلي وأبو الدرداء، فدخلا على معاوية وكانا معه، فقالا : يا معاوية ! علام تقاتل هذا الرجل ؟ فواللّه لهو أقدم منك سلماً، وأحق بهذا الأمر منك، وأقرب من النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )..فعلام تقاتله ؟ ! فقال : أقاتله على دم عثمان، وأنه أوى قتلته، فقولوا له : فليقدنا من قتلته، فأنا أوّل بايعه من أهل الشام. فانطلقوا إلى علي [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] فأخبروه بقول معاوية، فقال: «هم الذين ترون»، فخرج عشرون ألفاً أو أكثر ؛ مسربلين في الحديد، لا يرى منهم إلّا الحدق، فقالوا : كلّنا قتلته، فإن شاؤوا فلير وموا ذلك منا..

وأنشد (1) بعضهم (2):[ من الوافر ]

أَلا ذَهَبَ الخداعُ فَلا خداعٌ***وأَبْدَى السَّيْفُ عَنْ طَبَقِ النُّخاعِ

أبا الدَّرداء ! لا تَعْجَلْ عَلَيْنا***وأَنْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ ! أنت (3) داع

ص: 418


1- تقرأ الكلمة في نسخة (ألف) : وأنسل.
2- انظر هذه الأبيات في الفتوح لابن الأعثم الكوفي 62/3.
3- في نسخة (ب) خير، بدلاً من أنت، وهي أصح من (خير)، وفي الفتوح: (غير واع)، وهي أولى وأصح.

تَبَهَّمَ (1) قَتْلُ عُثمانَ عَلَيْنا***وهذا الأَمْرُ مَكْشُوفُ القِناع

أحاطَ بِهِ الرَّجالُ (2) فَحَاصَرُوهُ***وَلَو زَجَرُوا لَكَانُوا نَقْعَ (3) قاع

وكان المُسْلِمُونَ (4) لَهُ شُهُوداً***وَما أَهْلُ المَدِينَةِ بِالبِداعِ

فَلَمْ يَهْتِفُ بِنُصْرَتِهِ مُنادٍ***وَلا عالى ينهي القول (5) داع

فخبّراه (6) وخرجا إلى حمص

وقال سعيد بن الحارث الأزدي (شعر) : [ من الخفيف ]

مَشَيا يَسْحَبانِ جَهْلاً إلى الخ_***_داع (7) أذيال سَوْءةٍ سَوْءاء (8)

ص: 419


1- كذا ؛ والكلمة في نسختي الأصل غير معجمة. وفي الفتوح : (نقمتم قتل)، ولعلّ ما هنا : (لَبَسْتُم قَتْلَ) بمعنى خلطتم.
2- في نسخة (ألف) : الرجل، بدلاً من : الرجال.
3- والنقع : الغبار.
4- في نسختي الأصل : وكانوا المسلمين، والمثبت عن الفتوح : وكان..
5- في الفتوح (القوم)، وهي أفضل.
6- في نسختي الأصل تشويش وعدم إعجام، ولذا يحتمل قراءتها : تبخترا، ولعله : فخبّراه.. أي خبّرا معاوية بما جرى. وفي الفتوح : ثمّ أقبل أبو هريرة وأبو الدرداء إلى معاوية، فأخبراه بما سمعا من عسكر علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]، ثمّ انصرفا إلى حمص..
7- في نسخة (ب) : الخدع، وفي الفتوح : الخدعة.
8- العجز كلاً في نسخة (ألف) مشوش، قد يقرأ : إذ مال مشوة سواء..

قالَ : شُورَى يُرِيدُ بَعْدَ رضا النا***سِ عَلِيّاً وبَيْعَةِ الخُلفاء (1)

ص: 420


1- جاء هذان البيتان من جملة قصيدة أوردها ابن أعثم الكوفي (رَحمهُ اللّه) في الفتوح 63/3 - 64، وجاء بدل البيت الثاني منهما بيتان هما : [من الخفيف ] قال : شُورَى يُرِيدُها من علىٍّ***من أُسمّيهِ مِن ذَوِي السخاءِ أيَّ شُورى تُرِيد بعد رضا النا***س عليّاً وبيعةِ الخُلَفَاءِ أقول : الصواب (الشحناء) بدلاً من (السخاء) في البيت الأول.

[ ومنهم : ]

* سمرة بن جندب (1):

ص: 421


1- وهو : ابن هلال الفزاري (المتوفى سنة 60 ه_)، وقيل غير ذلك، صحابي نشأ في المدينة ونزل البصرة، وقيل : مات فيها، واعتمده زياد بن أبيه هناك، وكان خليفته عليها إذا سار إلى الكوفة، ثمّ صار عاملاً عليها من قبل معاوية، وحديث : «لا ضرر ولا ضرار..» معروف فيه. أقول : روى الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في الكافي الشريف 292/5 - 293 حديث 2 - وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 276/2 (باب 33) حدیث 27، و 134/22 (باب 37) حديث 117 - بإسناده عن زرارة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «إنّ سمرة بن جندب كان له عذق في حائط لرجل من الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان، فكان يمر به إلى نخلته ولا يستأذن، فكلّمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء، فأبى سمرة، فلمّا تأبى جاء الأنصاري إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فشكا إليه، وخبره الخبر، فأرسل إليه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وخبّره بقول الأنصاري وما شكا، وقال : «إن أردت الدخول فاستأذن»، فأبى، فلما أبى ساومه حتّى بلغ به من الثمن ما شاء اللّه، فأبى أن يبيع، فقال : «لك بها عذق يمد لك في الجنّة»، فأبى أن يقبل ؛ فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأنصاري : «اذهب فاقلعها وارم بها إليه ؛ فإنّه لا ضرر ولا ضرار». قيل : شهد قتل الإمام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو يحرّض على الخروج لقتاله (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كما وكان على شرطة عبيد اللّه بن زياد. وعلى كلّ ؛ فقد وفّق لأن يكون أوّل من باع خمراً في الإسلام وأول من اتخذ العسس والحرس، ومن مشى بين يديه بالحراب والعمد، وجلس بين يديه على الكراسي.. ! كما قاله أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل : 205. كما أنّه قد عرف ب_: الأحول. راجع عنه : طبقات ابن سعد 34/6، و 49/7، وشذرات الذهب 65/1، وتهذيب التهذيب 236/4، والمحبّر : 295، وسير أعلام النبلاء 183/3 - 184 برقم 35 نقلاً عن عدّة مصادر، كلّ ذلك نقلاً عن كتاب الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار 99/4.

ذكر ابن مسكويه في تجارب الأُمم (1) : أنّ زياداً هو الذي قد اجتمع له ولاية

ص: 422


1- تجارب الأمم 25/2 نقلاً بالمعنى، وفيه : إنّه استخلف على البصرة سمرة بن جندب، وشخص إلى الكوفة، وكان زياد يقيم ستة أشهر بالبصرة وستة أشهر بالكوفة. وقال - بعد هذا بقليل - : ثمّ استخلف زياد على الكوفة سمرة بن جندب.. وخرج زياد إلى البصرة، وعاد إلى الكوفة وقد قتل سمرة ثمانية آلاف من الناس، فقال له زياد : هل تخاف أن تكون قتلت أحداً بريئاً ؟ ! قال : لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت ذلك ! .. وكان سمرة يخلفه على البصرة إذا خرج إلى الكوفة، وعلى الكوفة إذا خرج إلى البصرة، فقتل سمرة منهم خلقا كثيراً. روى العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 29/11 - 31: استخلف زياد على البصرة سمرة ابن جندب لما كتب معاوية إلى زياد بعهده على الكوفة والبصرة، فكان زياد يقيم ستة أشهر بالكوفة وستة أشهر بالبصرة، وسمرة من الذين أسرفوا في القتل على علم من معاوية ؛ بل بأمر منه. أخرج الطبري من طريق محمّد بن سليم قال : سألت أنس بن سيرين : هل كان سمرة قتل أحدا ؟ قال : وهل يحصى من قتل سمرة بن جندب ؟ استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة، فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس، فقال له معاوية : هل تخاف أن تكون قد قتلت أحدا بريئاً ؟ قال : لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت، أو كما قال. قال أبو سوار العدوي : قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلاً قد جمع القرآن. وروى بإسناده عن عوف، قال : أقبل سمرة من المدينة، فلمّا كان عند دور بني أسد خرج رجل من أزقتهم، ففجأ أوائل الخيل فحمل عليه رجل من القوم فأوجره الحربة، قال : ثمّ مضت الخيل، فأتى عليه سمرة بن جندب وهو متشحط في دمه، فقال : ما هذا ؟ قيل : أصابته أوائل خيل الأمير. قال : إذا سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا أستتنا.

الكوفة والبصرة، وأن يقيم في كلّ واحدة ستة أشهر، ويولّي عليهما سمرة بن جندب، فقتل سمرة بالكوفة ثمانية آلاف رجل، وكان يحرّض الناس على الخروج إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) [ وقتاله ] (1).

ص: 423


1- كما حكاه ابن أبي الحديد - عن مسعر بن كدام - في شرح نهج البلاغة 78/4 - 79، وعنه في بحار الأنوار 289/34 (باب 34). وعدّ البلاذري في أنساب الأشراف 385/10 - 386 جمعاً من عمال عمر من شاطرهم أموالهم حتّى أخذ نعلاً وترك نعلاً، ومنهم سمرة بن جندب، كان على سوق الأهواز. أقول : قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 101/2 : إنّ شنشة التقول والافتعال غريزة ثابتة في سجايا معاوية، ومنذ عهده شاعت الأحاديث المزوّرة فيما يعنيه من فضل بني أُميّة والوقيعة في بني هاشم ؛ عترة الوحي وأنصاره، يوم كان يهب القناطير المقنطرة من الذهب والفضة لأهل الجباه السود فيصنعون له في ذلك روايات معزوّة إلى صاحب الرسالة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فإنّه بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم ليروي أن قوله تعالى : ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللّه وَاللّه رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [سورة البقرة (2) : 207] نزل في ابن ملجم أشقى مراد، وقوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّه عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ..﴾ الآية [سورة البقرة (2): 204] نزلت في عليّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلم يقبل، فبذل له مأتي ألف درهم، فلم يقبل، فبذل له أربعمائة ألف درهم، فقبل.. وله من نظائر هذا شيء كثير. وأخرج الطبري في تاريخه [291/5] من طريق عمر بن شبه قال : مات زياد وعلى البصرة سمرة بن جندب خليفة له، فأقر سمرة على البصرة ثمانية عشر شهراً. قال عمر : وبلغني عن جعفر الضبعي، قال : أقرّ معاوية سمرة بعد زياد ستة أشهر، ثمّ عزله، فقال سمرة : لعن اللّه معاوية ! واللّه لو أطعت اللّه كما أطعت معاوية ما عذبني أبداً. وروى - أيضاً - [292/5] من طريق سليمان بن مسلم العجلي، قال : سمعت أبي يقول : مررت بالمسجد، فجاء رجل إلى سمرة، فأدّى زكاة ماله، ثمّ دخل فجعل يصلّي المسجد فجاء رجل فضرب عنقه، فإذا رأسه في المسجد وبدنه ناحية. فمر أبو بكرة، فقال : يقول اللّه سبحانه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [سورة الأعلى (87) : 15]، قال أبي : فشهدت ذلك. فما مات سمرة حتى. أخذه الزمهرير فمات شرّ ميتة. قال : وشهدته وأتي بناس كثير وأناس بين يديه، فيقول للرجل : ما دينك ؟ فيقول : أشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، وأن محمّدا عبده ورسوله، وإنّي بريء من الحرورية. فيقدم فيضرب عنقه حتّى مرّ بضعة وعشرون.

ص: 424

ومنهم :

* وهب بن صيفي الأنصاري (1)، و :

* عبد اللّه بن سلام:

كان غرّه معاوية بالتحف. قال (2) الطبري (3).

ص: 425


1- قال البلاذري في أنساب الأشراف :207/2 وبعث [ أي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)] إلى وهب ابن صيفي الأنصاري ليبايعه، فقال : إن خليلي وابن عمك قال لي : قاتل المشركين بسيفك ؛ فإذا رأيت فتنة فاكسره واتخذ سيفاً من خشب، واجلس في بيتك.. ! فتركه. وفي بعض المصادر : أهبان بن صيفي. وقال الشيخ (رَحمهُ اللّه) في رجاله : 24 برقم 34 [ طبعة جماعة المدرسين، وفي الطبعة الحيدرية خطياً : 5 برقم 35 و 36] : أهبان بن صيفي أبو مسلم، سييء الرأي في على (عَلَيهِ السَّلَامُ)ا. ويقال له : وهبان بن صيفي، كما في الاستيعاب 115/1 - 116. وجاء مثله في المصادر التالية - وفيها : أهبان - : مسند أحمد 69/5، و 393/6، وسنن ابن ماجة 1209/2 حديث 3960، وسنن الترمذي 332/3، والمعجم الأوسط 8/221، والمعجم الكبير 294/1 - 295.. ومصادر أُخرى. وراجع : مروج الذهب 353/2.. وغيره.
2- كذا ؛ والظاهر : قاله، ولعلّها ترتبط بما يأتي، أي بقوله : ومنهم كعب.
3- تاريخ الطبري 430/4 [ وفي طبعة الأعلمي بيروت 452/3] قال: هرب قوم من المدينة إلى الشام ولم يبايعوا علياً، ولم يبايعه قدامة بن مظعون، وعبد اللّه بن سلام، والمغيرة بن شعبة.

ومنهم :

* كعب بن مالك (1)، و :

* مسلمة بن سلمة (2)، و :

ص: 426


1- آخى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بين المهاجرين والأنصار بعد الهجرة بخمسة أشهر، وآخى بين هذا وطلحة بن عبيد اللّه. وحكى العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 159/9، عن الواقدي بإسناده، قال :.. ولم يكن أحد من أصحاب رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] يدفع عن عثمان ولا ينكر ما يقال فيه إلّا زيد بن ثابت، وأبو أسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت الأنصاري، فاجتمع المهاجرون غيرهم إلى علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] فسألوه أن يكلّم عثمان ويعظه، فأتاه فقال له : «إنّ الناس ورائي..». وجاء - أيضاً - في الغدير 161/9:.. وكثر الناس على عثمان ونالوا منه أقبح ما نيل من أحدٍ، وأصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يرون ويسمعون، ليس فيهم أحد ينهى ولا يذبّ إلّا نفر : زيد بن ثابت، وأبو أسيد الساعدي، وكعب بن مالك، وحسان بن ثابت..! وجاء في مجمع البيان 67/5 - 68 - وعنه في بحار الأنوار 202/21 - كونه من الثلاثة الذين خلّفوا، وهم من الأوس والخزرج، وجاء مدح له هناك، وفي تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) : 271 - 272 [ الطبعة الحجرية، وفي الطبعة الحروفية 296/1، وفي الطبعة المحققة 424/2 - 425] - وعنه في بحار الأنوار 219/21 (باب 29) حدیث 3. وروى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 71/32 (الباب الرابع) حديث 48 عن أمالي الشيخ :.. وكان كعب بن مالك من شيعة عثمان.
2- كذا ؛ ولعلّه : محمّد بن مسلمة، ويحتمل سلمة بن سلامة الذي آخى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بينه وبين الزبير، ولعلّه مسلمة بن مخلد، كما في تاريخ الطبري.

* رافع بن خديج، و :

* فضالة بن عبيد، و

* كعب بن عجرة(1)، و :

* قدامة بن مظعون (2)..

ص: 427


1- عده العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في أوّل غديره 59/1 من رواة الغدير من الصحابة، وقال : أبو محمّد كعب بن عجرة الأنصاري المدني (المتوفى سنة 51)، رواه عنه ابن عقدة. وحكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 8/32 (الباب الأول) ذيل حديث 2 عن الكامل لابن الأثير (في حوادث سنة 35). وقريب منه ما أورده الطبري في تاريخه 427/4 [ طبعة بيروت، وفي طبعة الأعلمي 452/3]، وكذا البلاذري في أنساب الأشراف 205/2.. وغيرهم في غيرها، وحاصل ما جاء فيها أنّه : قد بايعت الأنصار إلا نفراً يسيراً، منهم : حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، وسلمة [في الكامل والطبري : مسلمة ] بن مخلد، وأبو سعيد الخدري، ومحمّد بن مسلمة، والنعمان بن بشیر، وزيد بن ثابت، ورافع بن خديج، وفضالة بن عبيد، وكعب بن عجرة.. وكانوا عثمانية...
2- أقول : جاء في أُولئك الأمراء بإسناد - صححه الحاكم والذهبي من طريق جابر بن عبد اللّه، قال : قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لكعب بن عجرة : «أعاذك اللّه - يا كعب ! - من إمارة السفهاء. قال : وما إمارة السفهاء يا رسول اللّه ؟ ! قال : «أمراء يكونون بعدي، لا يهدون بهديي، ولا يستنّون بسنّتي، فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فأولئك ليسوا منّي ولست منهم، ولا يردون عليّ حوضي، ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك منّي وأنا منهم، وسيردون عليّ حوضي»، لاحظ : مستدرك الحاكم 422/4.

الصاحب (1) : [ من الطويل ]

فَيا أُمَّةً (2) أَعْمَى الضَّلَالُ عُيُونَها***وَأَخْطَأَها نَهْجُ مِنَ الرُّشْدِ لاحِبُ

لأَسْلافُكُمْ أَوْدَوا(3) بآلِ محمّد***حُرُوباً سَتُدْرَىٰ كَيْفَ مِنْهَا العَواقِبُ

وَأَنْتُمْ عَلى أنمارِهم (4) واخْتِيارِهِمْ (5)***تُميتُونَهُم (6) جوعاً فَهَذِي المَصائِبُ

دَعُوا حَقَّهُمْ ما يَبْتَغُونَ جَزاكُمُ (7)***وخَلُّوا لَهُمْ عَنْ فَيْتِهِمْ لا تُشَاغِبُوا

ص: 428


1- ديوان الصاحب بن عباد : 188 تحت رقم 11 باختلاف يسير أشرنا لبعضه، وانظر : المناقب 384/1 [ وفي طبعة النجف 53/2].
2- في المصدر : أيا أمة..
3- في نسخة (ألف) : اوذوا، وهي مطموسة في نسخة (ب)، وما أُثبت أظهر، وقد جاء في المصدر، وفي المناقب : أأسلافكم أودوا..
4- في الديوان : آثارهم.
5- في نسخة (ألف) : أخيارهم.
6- في نسختي الأصل : فميتوا بهم.
7- في الديوان والمناقب : جداكُمْ.

ألا ساء ذا عاراً على الدين (1) ظاهراً***يُسَرُّ (2) لَدَيْهِ الأَجْنَبِي و (3) المُحارِبُ

إذا كانَتِ الدُّنيا لآل محمّد***وأَولادُهُ (4) غَرْثَى يَليها المُجاذبُ (5)

***

ص: 429


1- في نسخة (ألف) : الذين.
2- في المصدر : يشير، وفي المناقب : يسير إليه.
3- لم ترد الواو في المناقب، ووجودها يخلّ بالوزن، إلا أن نقرأ كلمة (الأجنبي) بتخفيف الياء وإسكانها.
4- في نسختي الأصل : لأولاده.
5- في الديوان ونسخة (ألف): المحارب.

[ تتمة القسم الثالث ]

[في معايب الخاذلين وجماعة جاهروا بعداوة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) والأمراء]

[باب ]

[ جماعة جاهر وا بعداوة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ]

[فصل 1]

[ في قوم ماتوا قبل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ]

ص: 430

ص: 431

باب جماعة جاهروا بعداوة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)

فصل في قوم ماتوا قبل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

منهم :

* خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي (1):

ص: 432


1- وهو : أبو سليمان القرشي (المتوفى سنة 21ه_) تظاهر بالإسلام في السنة السابعة من الهجرة النبوية أو الثامنة. أقول : لا ينسى صنيعه مع بني المصطلق - حيّ من خزاعة - حيث قتل منهم واستاق أموالهم، ولا موقفه مع مالك بن نويرة (رضیَ اللّهُ عنهُ).. ولا غير ذلك من المخازي والفجائع التي يندى لها جبين الإنسانية.. وقد سلف في مطاعن الأول فعلة خالد الشنيعة، والجريمة النكراء التي قام بها بمرأى من خليفته وشريكه في الجريمة، حيث قتل مالك بن نويرة ظلماً، وفجر بامرأته قسراً، وأسر عشيرته جهراً.. ونزيد على ما هناك مصدراً ما ذكره ابن كثير في تاريخه 223/6، وابن شحنة في روضة المناظر (هامش الكامل) 167/7.. وغيرهما، كما وقد جاء في هامش الغدير 106/7. قال الزبير بن بكار في الموفقيات: 581 - وعنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 22/2274/2]، وعنه في بحار الأنوار 159/28 -:.. وكان خالد بن الوليد شيعة لأبي بكر، ومن المنحرفين عن عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]، فقام خطيباً فقال : أيها الناس! إنا رمينا في بدء هذا الدين بأمر ثقل علينا.. إلى آخره. قال المحقق الكركي (رَحمهُ اللّه) في رسالته : تعيين المخالفين لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 325 - 326 [سلسلة مؤلفات الكركي - المجلد الخامس ]...وأمّا خالد بن الوليد - عليه من اللّه تعالى لعنات تتوالى وتتوارد وتترادف إلى يوم العرض على اللّه تعالى - فإن هذا الجلف الجاني، والعلج الغشوم.. لا تأخذه في عداوة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لومة لائم، ولا يضيق من سكر حنقه على أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) آناً من آناء الدهر. ثمّ قال : وهذا اللعين الفاجر هو الذي تظاهر بعداوة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أيام حياة النَّبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلما علم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بذلك غضب عليه غضباً شديداً، وقال خالد اللعين شيئاً عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «لا يحبّه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق»، وتعرّض بقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذلك بخالد اللعين، فهو منافق بقول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). ثمّ قال : وقد روى جمع من أهل السنة : أنّ أبا بكر وعمر اتفقا خالد على أن يغدر بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وهو مشغول بالصلاة - فيقتله، فصرفهم اللّه تعالى عن ذلك. ثمّ قال بعد ذلك : وحال خالد اللعين غني عن الشرح والبيان، لا ينكره أحد من أرباب السير ونقلة الأخبار والآثار.. انظر عنه : تاريخ الخميس 247/2، والاستيعاب 268/4، وأُسد الغابة 425/5، والإصابة 273/4، وصفة الصفوة 268/1، وتهذيب ابن حجر 92/5 - 114، والمعرفة والتاريخ 228/3.. وغيرها.

لم يشهد بدراً ولا أحداً ولا الخندق، وكان مع المشركين (1)، ومات في إمارة عمر (2).

ص: 433


1- كما صرح به أو أشار إليه كلّ من ترجمه له. فراجع : الاستيعاب 428/2، وسير أعلام النبلاء 366/1، والإصابة لابن حجر 215/2، والطبقات الكبرى 394/7، والأعلام للزركلي 300/2.. وغيرها.
2- قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 162/6 : ومن مواقف تلك الدرة القاضية على الباكيات ؛ ما أخرجه الحافظ عبد الرزاق [ في مصنّفه 556/3 - 557 ]، عن عمرو بن دینار، قال : لما مات خالد بن الوليد اجتمع في بيت ميمونة نساء يبكين.. فجاء عمر، فكان يضر بهنّ بالدرّة فسقط خمار امرأة منهن، فقالوا : يا أمير المؤمنين ! خمارها ! فقال : دعوها فلا حرمة لها ! وكان [ معمر ] يعجب من قوله : لا حرمة لها !! ونحن أيضاً نتعجب من قوله : لا حرمة لها !! ولا عجب لمن عرفه، وسيرة الخليفة حقاً جلّها معجبات قولاً وفعلها لو لم يكن كلها..!!

وذكر الهيثم بن عدي في كتاب المثالب : أنّ أبا معيط (1) أبان [بن ] (2) أبي عمرو ابن أمية، أبو عمرو (3) [ بن أمية ] كان عبداً لأمية، اسمه : ذكوان فاستلحقه (4).

ص: 434


1- في نسختي الأصل : معطأ، والصحيح ما أثبتناه.
2- بياض في نسختي الأصل بين أبان وأبي عمرو.
3- في نسخة (ب): عمر.
4- في كتاب المثالب للهيثم بن عدي الطائي : 139 عن معروف بن خربوذ، قال : من الأدعياء : أبو أعمرو بن أُمية بن عبد شمس بن عبد مناف، وهو أبو أبي معيط، وكان عبداً لأُميّة، وكان اسمه : ذكوان، فنكح امرأة أُمية بن عبدشمس بعده، وهي أُمّ الأعياص - العاص، وأبو العاص، وأبو العيص - فجاءت بأبان بن أبي عمرو بن أُميّة، وهو أبو معيط، وهم أعمامه وإخوانه لأمته، والعاص أبو آل سعيد بن العاص أبي أحيحة، وأبو العاص أبو آل عفان، وآل مروان، وأبو العيص أبو آل خالد وعتاب بن أسيد بن أبي العاص. والظاهر أنّ هنا خلطاً بین خالد بن الوليد وبين الوليد بن عقبة بن أبي معيط. أقول : كتاب المثالب للهيثم بن عدي الطائي (المتوفي سنة 209ه_)، تحقيق محمّدحسن الحاج مسلم الدجيلي، المطبوع مع مثالب العرب والعجم لهشام الكلبي [طبعة دار الأندلس - بيروت، الطبعة الأولى سنة 1430 ه_ ]. أبو الفرج في أغانيه 45/1: واسم أبي معيط أبان بن أبي عمرو بن أمية بن... ولاحظ ما جاء في المعارف لابن قتيبة : 318، وفي كتاب تنبيه الغافلين عن فضائل الطالبيين لابن كرامة : 105 - 106 : أما والد أبي معيط فهو أبو عمرو، وقيل: كان يسمّى ذكوان، فسماه أُمية أبا عمرو، وقيل : كان أمية بالشام، فوقع على أمة يهودية من أهل صفورية، فولدت ولداً سمّاه ذكوان، فاستلحقه أمية وسما : أبا عمرو، ولذلك قال العقبة بن أبي معيط - حين أمر بقتله يوم بدر - : «إنّما أنت يهودي من صفورية». راجع : معجم ما استعجم للبكري الأندلسي 837/3. وخاطب الإمام المجتبى (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوليد بن عقبة بقوله : «وإنّما أنت ابن علج من أهل صفورية اسمه : ذكوان»، كما في الاحتجاج 412/1.

عن محمّدبن عليّ الباقر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، في قوله: ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ﴾ «يعني أشكالهم أشكالهم ﴿وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ﴾ (1) يطيعون، هو : الأول، والثاني، والثالث، وقنفذ، وخالد.. وأشياعهم ؛ حيث أجمعوا رأيهم على قتل مولاهم وأمروا خالداً بقتل على (عَلَيهِ السَّلَامُ)(2)».

وعنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله : (ضَرَبَ اللّه مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ) (3)

ص: 435


1- سورة الصافات (37) : 22.
2- راجع : تفسير القمّي 222/2، وعنه بحار الأنوار 223/24 حديث 9 [ الطبعة الحروفية، الطبعة المحققة 865/3].
3- سورة الزمر (39): 29.

«يعني حسده، وهو : الأوّل، والثاني، والثالث.. وأصحابهم متشاكسون فيه، يعملون به مثل ما عمل الأوّل خالد بن الوليد بقتل أمير المؤمنين، إذ هو (1) سلّم وفرغ من صلاته (2)».

ص: 436


1- الضمير يعود للأوّل أي لأبي بكر.
2- روى الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في الروضة من الكافي 224/8 حديث 283 - وعنه جاء في بحار الأنوار 160/24 - 161 (باب 47) حدیث 9، و 13/28 حدیث 21، مسنداً عن أبي جعفر قال : ﴿ضَرَبَ اللّه مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمَا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً﴾ [سورة الزمر (39): 29 ]، قال : «أمَّا الَّذي فيه شركاء متشاكسون فلانٌ الأوّل يجمع المتفرّقون ولايته، وهم في ذلك يلعن بعضهم بعضاً ويبرأ بعضهم من بعض، فأمَّا رجلٌ سلم لرجل فإنَّه الأوَّل حقاً وشيعته..». وروی العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 349/35 (الباب الثالث عشر) حدیث 33 عن تفسير القمّي 248/2 [الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحققة 897/3 - 898] قال علي بن إبراهيم في قوله : (ضَرَبَ اللّه مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ) فإنَّه مثل ضربه اللّه لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشركائه الذين ظلموه وغصبوه حقه، قوله: ﴿مُتَشَاكِسُونَ﴾ أي متباغضون، قوله: ﴿وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) سلم لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ثمّ قال : ﴿هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الحَمْدُ للّه بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ). بيان : قال الطبرسي قدّس اللّه روحه [ مجمع البيان 302/2] في تفسير الآية : ضرب سبحانه مثلا للكافر وعبادته الأصنام، فقال : (ضَرَبَ اللّه مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ)...أي مختلفون سيّؤو الأخلاق، وإنما ضرب هذا المثل لسائر المشركين، ولكنّه ذكر رجلاً واحداً وصفه بصفة موجودة في سائر المشركين ؛ فيكون المثل المضروب له مضروباً لهم جميعاً، ويعني بقوله: ﴿رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ..) أي يعبد آلهة مختلفة وأصناماً كثيرة، وهم متشاجرون متعاسرون ؛ هذا يأمره، وهذا ينهاه، ويريد كلّ واحد منهم أن يفرده بالخدمة، ثمّ يكلّ كلّ منهم أمره إلى الآخر، ويكلّ الآخر إلى آخر فيبقى هو خالياً عن المنافع، وهذا حال من يخدم جماعة مختلفة الآراء والأهواء، هذا مثل الكافر، ثمّ ضرب مثل المؤمن الموحد فقال : (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ).. أي خالصاً يعبد مالكاً واحداً، لا يشوب بخدمته خدمة غيره، ولا يأمل سواه، ومن كان بهذه الصفة نال ثمرة خدمته، لا سيما إذا كان المخدوم حكيماً قادراً كريماً. راجع : تأويل الآيات الظاهرة 503/2 - 505.

وعنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله : (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذَى..) (1) «نزلت في الأول، والثاني، وخالد.. لما أمره الأول بقتل على (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان أذىً منهم».

وفي تاريخ الطبري (2) - في خبر طويل - : إنّه قال خالد بن الوليد :

ص: 437


1- سورة آل عمران (3): 111.
2- تاريخ الطبري 279/3 - 280 في قصة مالك بن نويرة (حوادث سنة 11) [ وفي طبعة 280/5، وفي طبعة الأعلمي بيروت 504/2]، خطابه له بقوله : هلم إلي يا بن أم شملة. ومثله في شرح النهج لابن أبي الحديد 308/2، و 206/17. وفي الثقات لابن حبان : قال خالد : هذا عمل الاعيسر ابن أُم شملة يعني عمر بن الخطّاب، ولاحظ : تاریخ دمشق 87/2. ومثله في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 179/1، كما في تاريخ الطبري 519/2، و 608/2، ولاحظ : الأغاني 303/15 - 304.

هذا عمل الأعسر (1) ابن (2) أم شملة.. يعني عمر بن الخطّاب (3).

أبو سعيد الخدري، وجابر الأنصاري، وابن عباس - في خبر طويل (4) -:.. لما عاد خالد من الطائف بالجيش من قتال أهل الردّة، فإذا في عنقه قطب رحى

ص: 438


1- في تاريخ الطبري : الأُعيسر.
2- في نسختي الأصل : الأعسرين، والصحيح ما أثبتناه، حيث هو جمع بين الرمزين ممّا كنّي به عن الخليفة الثاني، وراجع : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 63/1 و 293. أقول : لقد قرّر المصنف (رَحمهُ اللّه) كتابنا هذا في ديباجة موسوعته رمز (عسر) لأبي بكر مقابل (الأعسر) للثاني، كما صرّح به فيما قرّره من رموزه في الباب الثاني المختص بالرمز للخليفة الثاني.. وقد تكرّرت هذه التكنية في كتابنا هذا. كما أنّ ابن أم شملة رمز قرره شيخنا السروي (رَحمهُ اللّه) في مدخل كتابه هذا في الباب الثاني للثاني.. وهذا المورد الوحيد لجمعه (رَحمهُ اللّه) بين كلا الرمزين لو صحت نسختنا.
3- ونص كلام الطبري هو :.. فخرج خالد حين رضي عنه أبو بكر - وعمر جالس في المسجد - فقال : هلم إليَّ يا بن أمّ شملة ! قال : فعرف عمر أن أبا بكر قد رضي - فلم يكلّمه، ودخل بيته.
4- نقل هذا الخبر بنفس الإسناد عن الثلاثة - مع الاختصار - المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 441/1 - 442 [ الطبعة الأولى، وفي طبعة النجف 122/2، وفي طبعة قم 290/2]، وعنه في بحار الأنوار 276/41 - 277 حديث 3. وجاء الخبر بألفاظ مقاربة في الثاقب في المناقب : 166 – 169 حديث 156، وراجع عن ذلك : نهج الإيمان لابن جبر : 636، الخرائج والجرائح 757/2، إرشاد القلوب : 378 [ وفي طبعة : 384 - 391]، وعنه في بحار الأنوار 161/29 - 174 (باب 11) حديث 37، وإثباة الهداة 509/2 [ وفي طبعة 378/2 - 386].. وغيرها.

ملويٌّ، قد قُتِل فى عنقه كما يُقتل الأديم، وقع من أبي بكر (1).

ثم قال : إني لما رجعت منكفياً من الطائف عن قتال ابن نويرة، وافيت (2) ابن أبي طالب في بعض منازله عين ماء خرّارة (3)، وأرض واسعة كثيرة الكلأ، ومعه عقيل، والمقداد، وعمار، وأبو ذر، والزبير، وغلامان ؛ فصاح بي علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] وأخوه عقيل، و[لبس ] علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) درع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد ارتدى بردائه، ودابته قد أسرجها، فلما نظرت إليه قد اشمأزّ (4) من عظم عسكري، وبَرْبَر (5) وزمجر (6) وأطرق قابضاً على لحيته، فابتدأني ابن ياسر بقبائح لفظه،

ص: 439


1- قوله : وقع من أبي بكر، لا محلّ له هنا، ولعل الصواب أن يكون بعد قوله آنفاً : من قتال أهل الردّة.. أي من قتال أهل الردّة [ الذي ] وقع من أبي بكر.
2- في البحار: فرأيت.
3- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، وأثبتنا ما استظهرنا. راجع عنه : معجم البلدان 350/2.
4- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل اشمز.
5- في نسختي الأصل : تربر، أثبت ما احتمل فيها، وقد جاء في البحار، وهي بَرْبَرة: شبه الهمهمة للأسد. وقيل كما في العين 260/8 - : إنّ بربر جيل من الناس سيء الخلق، وقيل : بمعنى صوت وصاح مع غضب، ومنه سمي الأسد : مبربراً - بكسر الباء - لجلبته وغضبه. ولاحظ : تاج العروس 73/6. ويقال : في كلامه بربرة إذا أكثر، كما في لسان العرب 56/4.
6- كذا استظهاراً منا، وقد تقرأ في نسختي الأصل : رفحر، بل كلّ الكلمات مشوشة غیر منقوطة في نسختي الأصل.

ومحض عداوته، يُقَرِّعُني بما كنت تقدمت به إليّ في أمر علي بن أبي طالب بسوء رأيك، وخبث طويتك ونيّتك..

فالتفت إليّ الأصلع وقد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الأسد، و(1) قعقعة الرعد - فقال لي : «ويلك ! أكنت فاعلاً ؟ !».

فقلت : أجل.. فاحمرت عيناه..

ثم قال : «يابن اللخناء (2) ! أمثلك يقدم على مثلي ويجسر أن يدير (3) اسمي في لهواته (4) التي لا عهد لها بكلمة الإخلاص (5)، ولا إيمان ولا حكمة ؟ ! ويلك - يا عدو اللّه ! - إني واللّه لست من قتلا[ك] ولا من قتلى صاحبك، وإنّي لأعرف بمنيتي ومقتلي منك بنفسك..».

ص: 440


1- في البحار : أو.
2- نص عليه في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 118/1 - 119 - بعد أن فسر لنا اللخنة بالتي لم تختن -. وقال : وإنّه يراد منه : دنيّ الأصل، أو اللئيم الأم، ولخنه لخناً.. قال له ذلك، وقد خوطب الخليفة الثاني أكثر من مرّة بذلك، كما وصفته صفية بنت عبدالمطلب - عمّة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )- عند ما مات ابن لها.. كما وقد أطلق على خالد بن الوليد- كما هنا - وكذا على معاوية.. وغيرهم.
3- في نسختي الأصل : يدبر.
4- من هنا لم يرد في المناقب.
5- في البحار : بكلمة حكمة.

ثم ضرب بيده إلى (1) ترقوتي ومجامع طوق (2)، فَنَكَسَنِي - واللّه - عن فرسي، لا يمكنني الامتناع، فجعل يسوقني إلى رحى الحارث بن كلدة (3) الثقفي، ثم عمد إلى قطب الرحى الغليظ الحديد - الذي عليه مدار الرّحى - فهذه في عنقي بكلتي يديه، ولواه في عنقي كما ينفتل (4) الأديم، أو كما ينفتل العلك المسخّن (5)، وأصحابي كأنهم نظروا إلى ملك الموت، وأيسْتُ - واللّه ! - من الحياة، وأقسمت عليه بحقّ اللّه ورسوله ؛ فاستحى وخلى سبيلي، ولقد اجتمع على فكّ هذا القطب مائة رجل فما قدروا على فكه، فقد ألبسني ابن أبي طالب من العار ما صرت مضحكة لأهل الديار، وسارت به الركبان إلى الأمصار..

فالتفت العتيق (6) إلى الناس، فقال : إنّ خالداً سيف الإسلام، فمن تعلمونه

ص: 441


1- في نسختي الأصل : زيادة (أن) بين (إلى) و (ترقوتي).
2- كذا ؛ ولعلّه : طوقي.
3- في نسختي الأصل وكدة، وأثبتنا في المتن ما جاء في بحار الأنوار.
4- في المناقب : يتقتل، وفي نسخة (ب) : يتقبل، والكلمة في نسخة (ألف) غير معجمة، ولعلّه : يقتل، والظاهر ما أثبتناه.
5- لم ترد جملة : أو كما إلى هنا في المناقب.
6- هذا كناية معروفة عن أبي بكر، بل لعلها اسم له، وقد اختلف في وجه تسميته ومبدأ ذلك ، وقد فصل ذلك صاحب كتاب الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار - سدّد اللّه خطاه، وجعل قادم أيّامه في مرضاته سبحانه وتعالى - 508/2 - 512، وله مصاديق كثيرة في كلمات المعصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ) والعلماء، فراجع.

يقدر على فكّ هذا القطب من عنقه وله عندي أفضل المكافاة ؟

قالوا : ما له غير قيس بن سعد بن عبادة.. فأمر بإحضاره.

فقال قيس : وما باله لا يفكه عن نفسه وهو في عنقه ؟! واللّه ما أنا قادر عليه..

فأحضروا الحدّادين، فلمّا حضروا.. قالوا : لا(1) يمكننا فتح هذا القطب إلّا أن نحميه بالنار.

فخرج قيس، وبقي خالد يدور يدور في أزقّة المدينة والقطب في عنقه أياماً لا يمكن لأحد فيه حيلة، يضحك به (2) الصبيان.

قال : فبينا أبو بكر جالس إذ قيل : وافى علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] من سفره..

فقاموا الناس وسلّموا عليه، فلما نظر إلى خالد، قال : «أنعمت (3) صباحاً أبا سليمان ! نعم القلادة قلادتك !».

فقال له أبو بكر : أسألك أن تَمن علينا وتفكّ عن خالد هذا الحديد، فقد آلمه ثقله، ولزمه عاره، وأثّر فى عنقه (4)، وقد شفيت الآن غليل صدرك منه..

فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أما ابن الوليد هذا الجالس أقص عليك نبأه ؛ إنّه لما رأى تكاثف جنوده وكثرة جموعه أراد أن يضع منّي في موضع

ص: 442


1- لم ترد (لا) في نسخة (ألف).
2- كذا ؛ والظاهر منه، بدلاً من به.
3- في البحار : نعمت.
4- في البحار : وأثر في حلقه بحمله.

ذي أفنان (1)، ومحفل ذي جمع ؛ ليصول بذلك عند الحج (2).. فوضعت منه عندما خطر بباله و همت به نفسه..» ثمّ قال : «وأما الحديد الذي في عنقه لا يمكنني في هذا الوقت فكه».

فنهضوا بأجمعهم، فأقسموا عليه بحق رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقبض علي رأس الحديد من القطب، فجعل يفتل منه بيمينه شبراً شبراً، فير مي به (3) -كرمي (4) أحدكم العلك المحمي بالنار - حتّى فكه عن آخره.. فكبر الناس بأجمعهم، وبقوا متعجّبين من فعله، فقال : «إنّ اللّه شتت جموعكم، ويأخذ لي بحقي منكم، فبئس أنتم..»(5).

فأنشأ عمار بن ياسر (6):

ص: 443


1- الأفنان جمع الفنن، وهو الغصن.
2- كذا، ولعلها : الجمع، كما في بحار الأنوار عن الإرشاد، أو الجهل، كما في الإرشاد.
3- إلى هنا جاء في المناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 289/2 - وعنه في بحار الأنوار 276/41 (باب 113) ذيل حديث 2 - ومثله في الصراط المستقيم 94/1.
4- في نسختي الأصل : بكرمي !
5- راجع : إرشاد القلوب 378/2 - 384 [ الطبعة المحققة، والشاهد في صفحة : 386، وفي طبعة : 384 - 391].. وغيرها.
6- هو : عمار بن ياسر ؛ أبو اليقظان العبسي (العنسي) القحطاني الكناني العبشمي المكي، الصحابي الجليل، ومن السابقين الأولين، ومن أصفياء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولد سنة 57 قبل الهجرة، كما قيل، شهد المشاهد كلها مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، لقب من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ب_: الطيب المطيب، كان أحد الأركان الأربعة لشيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وشهد معه الجمل وصفين، وقد استشهد في الأخيرة بعد أن تجاوز التسعين، ودفن بصفين رضوان اللّه عليه. له شعر، لاحظه في مشاهير شعراء الشيعة 284/3. راجع عنه : رجال الكشي : 29 و 36، تنقیح المقال 320/2 - 322، تاريخ اليعقوبي 20/2 و 28، مروج الذهب 391/2 و 392، الطبقات الكبرى 246/3 و 264، و 14/6، شذرات الذهب 32/1 و 45 و 47، الوافي بالوفيات 376/22-378، السيرة النبوية لابن هشام 6/2 و 33، مرآة الجنان 100/1 - 101، الجرح والتعديل 389/6، وسير أعلام النبلاء 408/1 برقم 84، وما عليه من مصادر.. وغيرها كثير.

(شعر) (1) [ من الطويل ]

تَبَدَّى لِسِيْدٍ (2) ضَيْغَمٍ فَأَذَلَّهُ***وَقَدْ رامَهُ مُسامِياً (3) فَتَهَشَّما (4)

ص: 444


1- جاء هذان البيتان في الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي (رَحمهُ اللّه) : 169، فتمثّل عمار بن ياسر ببيتي شعر، وهما هذان : [من الطويل ] يُزاوِلُ سرحانٌ مُساواةَ ضَيْغَمٍ***فَضَعْضَعَهُ إِذ رَامَ ذاكَ فَهَشَّما وأهوى له إذ رام ما لا يَنالُهُ***إِلى رَأْسِهِ بِالكَفْ مِنْهُ فَحَطَّما
2- في نسخة (ألف): لشبل، والسيد هو الأسد.
3- كذا، والظاهر : متسامياً.
4- في نسخة (ألف) : فتهمما، والكلمة مشوّشة في نسخة (ب) من الأصل.

وَأَوْمَى (1) لَهُ إِذْ رامَ ما لَا يَنالُهُ***إلى رَأْسِهِ (2) بِالكَفِّ مِنْهُ فَحَطَّما

العبدي (3) ؛ يقول في القبضة الأُولى التي تقدمت (شعر) : [من الطويل ]

وَهَمَّ بِقَتْلِ الظُّهْرِ عِنْدَ سَلامِهِ***مِنَ الفَجْرِ إذ نادى بخالد القدم (4)

الخدري ؛ بعث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خالداً في سرية.. فأغار على حيّ (5) أبى داهر (6) الأسدي - لأنّه كان بينهما قتال شديد -...فأتوا بالكتاب الذي أمر رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] أماناً له ولقومه إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فقال : «اللّهم إنّي أبرأ إليك من خالد» ثلاثاً.(7).

ص: 445


1- في نسخة (ألف): وأوفى.
2- في نسختي الأصل : رايه، والمثبت عن الثاقب في المناقب.
3- لم أجد هذا البيت في القصائد المبثوثة لشاعرنا (رَحمهُ اللّه) في المناقب وغيره، وإن كان قد كثر ما جاء عنه ممّا هو على وزانه أو معناه.
4- كذا ؛ والظاهر أنّ الصواب : بخالِدَ أَقْدِم..
5- في نسختي الأصل : حتى.
6- في المناقب : زاهر.
7- قد تقرأ الكلمة في نسخة (ألف) : ثانياً، وفي نسخة (ب) : ثابتاً، والصحيح ما أثبتناه. أقول : قد تواتر معناً نقل جرائم خالد بن الوليد وما جناه على كثير من المسلمين شهدوا بكلمة الإخلاص والرسالة، وبراءة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) منه ومن فعله، وقد جاءت في مصادر الفريقين، فانظر نموذجاً من ذلك ممّا جاء في كتب القوم : المغازي للواقدي 880/3 - 881، والمصنّف لعبد الرزاق الصنعاني 221/5 - 222، و 174/10، والطبقات الكبرى 147/2 - 148، ومسند أحمد بن حنبل 150/2، والمعارف لا بن قتيبة : 267، والسنن الكبرى للنسائي 474/3 و 177/5، وصحيح ابن حبان 53/11، ودلائل النبوة للبيهقي 113/5 - 114، والاستيعاب 428/2، والروض الأنف للسهيلي 265/7 - 266.. وغيرها كثير.

وفي رواية البخاري (1) : «اللّهم إني أبرأ إليك ممّا صنع خالد بن الوليد» [ ثلاثاً ].

وفي رواية الطبري (2):

ص: 446


1- کتاب البخاري 122/4 [ وفي طبعة الأعلمي 342/2] كتاب الجزية والموادعة (باب 11) إذا قالوا صبأنا ولم يحسنوا.. وأيضاً فيه 203/5 (باب 54) [كتاب المغازي حديث 3994] بعث النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خالد بن الوليد إلى بني جذيمة، وفي ذيله مرتين. وفي كتاب البخاري 92/8 (كتاب الدعوات باب 23 رفع الأيدي في الدعاء). وجاء فيه - أيضاً - 91/9 - 92 (باب 35) [كتاب الأحكام حديث 6652] : إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف. أقول : كلّ ما أوردناه هنا إنما هو في فعله مع بني جذيمة لا في فعله مع حي أبي زاهر، ويظهر من المصنّف (رَحمهُ اللّه) هنا وفي المناقب تغاير الحادثتين، وقد ذكر بعضهم : أنّه تتبع فلم يجد حادثة حي أبي زاهر الأسدي في كتاب البخاري، كما لم نجدها.
2- تاريخ الطبري 67/3 بتصرف غير مخل، وصفحة : 68 حيث كرّر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) براءته من فعل خالد بن الوليد ثلاثاً.

.. أنّه أمر بكتفهم (1)، ثمّ عرضهم على السيف، فقتل من قتل منهم وبقي من بقى (2)، فلما انتهى الخبر إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و رفع يده إلى السماء، فقال : «اللّهم إنّي أبراً إليك ممّا صنع خالد».

وفي الروايات جميعاً ؛ ثمّ قال النبيّ (عليه و آله السلام) : «أمّا متاعكم فقد ذهب واقتسمه (3) المسلمون، ولكنّي أردّ عليكم مثل متاعكم».

ثم إنّه قدم على رسول اللّه ثلاث رزم (4) من متاع اليمن، فقال : «يا علي ! فاقض (5)ذمة اللّه وذمة رسوله..» ودفع (6) إليه الرزم الثلاث، فأمر علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بنسخة ما أصيب لهم فكتبوا، فقال : «خذوا هذه الرزمة فقوموها (7)

ص: 447


1- كذا ؛ والظاهر : بتكتيفهم، وإن صح ما هنا.
2- لا يوجد في تاريخ الطبري : وبقي من بقي.
3- في نسختي الأصل : واقسمه، والمثبت عن المناقب.
4- جمع رزمة - بكسر الراء فيهما، والفتح - لغة : الكارة من الثياب، والرزمة من الثياب وغيرها ممّا ربطه وجمع وشدّ معاً. راجع من كتب اللغة : لسان العرب 239/12، والعين 366/7، ومجمع البحرين 72 /6.. وغيرهم.
5- في نسخة (ألف) : ناقص، وفي (ب) : ناقض، وفي بحار الأنوار والمناقب : فاقض.
6- في نسختي الأصل : وادفع.
7- في نسختي الأصل : فيقوموها.

بما أصيب لكم». فقال : سبحان اللّه ! هذا أكثر ممّا أصيب لنا، قال : «خذوا هذه الثانية فاكسوا عيالكم وخدمكم ليفرحوا بقدر ما حزنوا.. وخذوا(1) الثالثة بما علمتم وما لم (2) تعلموا لترضوا عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )!!».

فلما قدم على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و أخبره بما كان منه، ضحك رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] حتى بانت نواجده، فقال : «أدّى اللّه عن ذمتك كما أدّيت عن ذمّتي (3)».

وبعثه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى بني جذيمة (4) ومعه عبد الرحمن، فقالوا : يا خالد ! إنّا مسلمون، فإن بعثك النبيّ (عليه و آله السلام) ساعياً فهذه دوابّنا.

فقال : ضعوا السلاح وانصرفوا عنه.. ثمّ شنّ عليهم الخيل، فقتل وأسر منهم رجالاً، ثمّ قال : ليقتل كلّ رجل منكم أسيره.. ! فقتلوا الأسرى لإحنة (5)

ص: 448


1- تقرأ في نسختي الأصل : حدف، ولا معنى لها.
2- في البحار : لا، بدلاً من : لم.
3- هذا ما ذكره المصنف (رَحمهُ اللّه) بألفاظ مقاربة في مناقبه 329/1 - 340 [ الطبعة الأولى، وفي طبعة النجف 395/1، وفي طبعة قم 131/2 ]، وعنه في بحار الأنوار 73/38 (باب 60) حديث 1. ثم قال : ونحو ذلك روي - أيضاً - في بني جذيمة، وذكر بيت السيّد الحميري.
4- في نسخة (ألف): خديمة، وهو سهو.
5- الإحنة : الشحناء، وفي كلام أهل اللغة كما في مجمع البحرين 198/6 - الإحنة - بكسر الحاء – واحدة الإحن، وهي الضغائن، يقال : في صدره علي إحنة.. أي حقد. راجع من كتب اللغة : لسان العرب 8/13، العين 305/3.. وغيرهما.

الجاهلية ؛ وذلك لأنّهم (1) كانوا قتلوا (2) الفاكة (3) بن المغيرة - عمّ خالد - وعوفاً - أبا عبد الرحمن -.. وجاء رسولهم إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بذلك، فرفع يده إلى السماء، وقال : «اللّهم إنّي أبرأ إليك ممّا فعل خالد» وبكى، ثمّ دعا علياً، وقال: «اخرج إليهم وانظر في أمرهم..»، وأعطاه سفطاً من ذهب، ففعل ما أمره وأرضاهم (4).

ص: 449


1- في نسخة (ألف) : أنّهم.
2- في نسختي الأصل: قاتلوا، والظاهر ما أُثبت.
3- في نسختي الأصل : الفاكهة، والمشهور في اسمه ما أثبتناه.
4- قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 139/21 (باب 27 ذكر الحوادث بعد الفتح إلى غزوة حنين) حديث 1 نقلاً عن الإرشاد 139/1 : ثمّ اتصل بفتح مكة إنفاذ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خالد بن الوليد إلى بني جذيمة [خ.ل: خزيمة ] بن عامر وكانوا بالغميصاء [ اسم المكان الذي أوقع خالد بهم ] يدعوهم إلى اللّه عزّ وجلّ وأنما أنفذه إليهم للترة التي كانت بينه وبينهم، وذلك أنّهم كانوا أصابوا في الجاهلية نسوة من بني المغيرة، وقتلوا الفاكة بن المغيرة - عم خالد بن الوليد - وقتلوا عوفاً - أبا عبد الرحمن بن عوف - وأنفذه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لذلك، وأنفذ معه عبد الرحمن بن عوف للترة - أيضاً - التي كانت بينه وبينهم، ولولا ذلك لما رأى رسول اللّه خالدا أهلا للإمارة على المسلمين، فكان من أمره ما كان.. وخالف فيه عهد اللّه وعهد رسوله وعمل فيه على سنة الجاهلية [ وأطرح حكم الإسلام وراء ظهره ] فبرئ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من صنعه [خ.ل : صنيعه ] و تلافی فارطه بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقريب منه ما جاء جاء في إعلام الورى 227/1 - 228، وعنه في بحار الأنوار 140/21 (باب 27) حديث 2، والكامل لابن الأثير 173/2. وروى الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في الخصال 125/2 - وعنه في بحار الأنوار 141/21 (باب 27) حديث 4 - بإسناده عن عامر بن واثلة، قال : قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم الشُّورى: «نشدتكم باللّه ! هل علمتم أنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعث خالد بن الوليد إلى بني خزيمة، ففعل ما فعل. فصعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المنبر فقال : «اللّهمَّ إِنِّي أبرأ إليك ممّا صنع خالد بن الوليد»، ثلاث مراتٍ. ثمَّ قال : «اذهب يا عليُّ». فذهبت فوديتهم.. ثمّ ناشدتهم باللّه : هل بقي شيء ؟ فقالوا : إذ نشدتنا باللّه فميلغة كلابنا وعقال بعيرنا فأعطيتهم لهما بقي معي ذهب كثير فأعطيتهم إيَّاه وقلت : هذا لذمة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولما تعلمون ولما لا تعلمون ولروعات النِّساء والصبيان، ثمّ جئت إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأخبرته». فقال : «واللّه لا يسرُّني - يا عليُّ ! - أنَّ لي بما صنعت حمر النعم». قالوا : اللّهم نعم. وقريب منه ما رواه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 423/101 (باب 3 دية الجنين وقطع رأس الميت) حديث 1، عن الأمالي للشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه).

الحميري (1): [من الكامل ]

مَنْ ذَا الَّذِي أَوْصَىٰ إِلَيْهِ محمّد***فَقَضى العدّاء وَأَنفَذَ الأَقضَاءا (2)

ص: 450


1- ديوان السيّد الحميري : 59 (وهو البيت 21 من قصيدة مفصلة)، وقد كرّره بعينه في المناقب 132/2 (ضمن قصيدة طويلة في 24 بيتاً)، وأوردها المصنّف (رَحمهُ اللّه) قطع منها في المناقب 47/2، و 128، و 132، و 240، و 7/3، و 121، و 388.. كما وقد جاءت في غيرها.
2- كذا جاء العجز في الديوان وفي نسختي الأصل. والعجز في المناقب للمصنف هكذا : يقضي العدات وأنفذ الإيصاءا.. كما وقد جاء العجز في بحار الأنوار 73/38: يقضي العداة فأنفذ الإقضاء.

الواقدي (1) ؛ إنّ خالداً لما حبس الفجأة (2) في الحديد، قال له : زوّجني ابنتك، فقال : مهلاً ! أنا قاطع ظهري وظهرك مع ظهري عند صاحبك، إنّ القالة عليك كثيرة، وما أقول هذا رغبة عنك، قال : زوّجني أيها الرجل.. فزوجه، فكتب إليه أبو بكر مع سلمة بن سلامة : لعمري - يا خالد [ ابن ] أم خالد ! - إنك فارغ تنكح النساء فتعرس بهنّ وبفناء بيتك دماء المسلمين، عددهم ألف ومائتان لا تجفّ بعد.. !

فلما قرأ ذلك، قال : هذا من فعل عمر.. (3)

وقذفه عمر بالزنا، وأنه قتل رجلاً مسلماً رغبة في امرأته لجمالها (4).

ص: 451


1- رواه عن الواقدي في المسترشد : 226 حديث 64، ونقله العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 167/7 - 168، وجاء في تاريخ الطبري 519/2، ونهاية الأرب 96/19، والمنتظم لابن الجوزي 83/4، والفتوح لابن أعثم 36/1 - 37.. وغيرها.
2- في غالب المصادر : مُجَّاعة، كما في الغدير 168/7، وهو : مُجَاعَةُ بن مرارة الحنفي اليمامي.
3- وفي الغدير 168/7 - مع اختصار اللفظ - قال : هذا عمل الأعيسر، يعني عمر ابن الخطاب. وراجع من كتب التاريخ : تاريخ الطبري 254/3، وتاريخ الخميس 343/3.
4- قد سلف كلّ ذلك في مطاعن الأوّل ونزيد عليه : روي عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال : كان في بني سليم ردّة، فبعث إليهم أبو بكر خالد بن الوليد، فجمع رجالاً منهم في الحظائر، ثمّ أحرقها عليهم بالنار.. فبلغ ذلك عمر، فأتى أبا بكر، فقال : تدع رجلاً يعذب بعذاب اللّه عزّ وجل ؟ فقال أبو بكر : واللّه ! لا أشيم سيفاً سلّه اللّه على عدوّه.. حتى يكون هو الذي يشيمه.. !! ثم أمره فمضى من وجهه ذلك إلى مسيلمة. راجع : الرياض النضرة 100/1، وقارن به سنن أبي داود 219/2، ومصابيح السنة 59/2، ومشكاة المصابيح : 300.. وغيرها. وقلنا وكرّرنا أنّ حمية عمر لم تكن إلا لأضغان وأحقاد جاهلية له مع خالد، فلا يغررك ما تسمعه منه.. أقول : قصة مالك بن نويرة وإن سلفت إلّا أنا وجدنا رأي الخليفة في قصة مالك جاء بشكل رائع في الموسوعة الفريدة الغدير 157/7 - 169 تستحق - بحق - مراجعتها لكشف أبعاد هذه الفضيحة المخزية، والجريمة النكراء الكافية لوحدها لهدّ عرش الشيخين وبيان خبثهما وانحرافهما، وهي - بلا شك - وسمة عار في جبين الإنسانية فضلاً عن الإسلامية.

وأجمع أهل السير : أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعثه إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام (1) -

ص: 452


1- عقد العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 360/21 – 363 (باب 34) في بعث أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى اليمن، وأدرج فيه جملة روايات، وجاء من جملتها حديث 6 عن الإرشاد. وقد جاء فيه هذا الكلام بألفاظ مقاربة نقلاً عن المصنّف طاب ثراه - في مناقبه 328/1 [ الطبعة الأولى، وفي طبعة قم 129/2، وفي طبعة النجف 393/1]، وعنه في بحار الأنوار 71/38 (باب 60) ذیل حدیث 1.

فيهم البراء بن عازب - فأقام ستة أشهر [ يدعوهم]، فلم يجبه(1) أحد، فساء ذلك النبيّ (عليه و آله السلام)، وأمره أن يُقْفِل (2) خالداً، وأنفذ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فلما بلغ القوم [ الخبر فتجمعوا له، قال : ] صلّى بنا أمير المؤمنين الفجر [ ثمّ تقدّم بين أيدينا، فحمد اللّه وأثنى عليه ] ثم قرأ على القوم كتاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).. فأسلمت همدان كلّها في يوم واحد [ وكتب بذلك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلما قرأ كتابه استبشر وابتهج ] وتتابع(3) أهل اليمن على الإسلام، فلما بلغ ذلك رسول اللّه خرّ (4) ساجداً، وقال : «السلام على همدان.. السلام على همدان..» (5).

ص: 453


1- تقرأ في نسخة (ب): يجيئه - بلا نقط - وفي نسخة (ألف): يجبه، وفي المصدر : فأقام عليه ستة أشهر لا يجيبونه إلى شيء، وفي بحار الأنوار والمناقب والإرشاد : فلم يجبه أحد.
2- قد تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : تنعل أو : تفعل، والصحيح - كما في المصادر - : أن يُقْفِلَ خالداً، وفي المناقب : أن يعزل خالداً.
3- في بحار الأنوار عن المناقب : وتبايع.
4- في نسختي الأصل : خر به، والظاهر زيادة : به، لذا حذفت.
5- وقد ذكره بألفاظ مقاربة الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الإرشاد : 31 [الطبعة المحققة 62/1] باختلاف يسير وزيادة، ومثله في العدد القوية : 251، بل صرّح ابن الأثير والطبري.. وغيرهما من المؤرخين بهذه الواقعة في حوادث السنة العاشرة من الهجرة. وجاء في مسند الروياني 218/1 - 219، والكامل في التاريخ 300/2، ودلائل النبوة 396/5، وذخائر العقبى : 109، وكتاب البخاري 206/5، والاستيعاب 1120/3، والبداية والنهاية 121/5.. وغيرها. هذا ؛ وقد صحح جمع من أكابر محدثيهم إسناد الحكاية ؛ منهم : البيهقي في سننه 369/2 [ وفي طبعة 2 /516]، وابن القيم في زاد المعاد 544/3 - 545، والذهبي في تاريخ الإسلام 690/2، والشامي في سبل الهدى والرشاد 205/8.. وغيرهم.

وقد ذكره الطبري في تاريخه (1).

ويروى : أنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذكر من أبيات فيهم يوم صفين (2):

ص: 454


1- تاريخ الطبري 131/3 - 132 بتقديم وتأخير واختلاف يسير [ وفي طبعة الأعلمي بيروت 389/2 - 390].
2- لم ترد هذه الأبيات في ديوان أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) المطبوع في النجف الأشرف، ولا في طبعة دار الأعلمي، نعم جاء فيما جمعه عبد العزيز سيد الأهل من أبيات منسوبة له (عَلَيهِ السَّلَامُ). لاحظ منه صفحة : 122 - 123، وقد نقله عن كتاب العمدة لابن رشيق القيرواني من قصيدة مطلعها : [ من الطويل ] ولما رأيتُ الخيل ترجم بالقنا***نواصيها حمر النحور دوامي لاحظ : بحار الأنوار 476/32 - 477 (باب 12) حدیث 414، الغدير 222/11، شرح النهج 217/5 [الطبعة ذات أربعة مجلدات 492/1، و 294/2]، وقعة صفين : 274 [ وفي طبعة: 310]. قال : وكان لهمدان بلاء عظيم في نصرة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في صفين، ومن الشعر الذي لا يشك أن قائله علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) لكثرة الرواة له.. وذكر ثمانية أبيات مطلعها : [ من الطويل ] دعوتُ فلبّاني من القوم عُصبةٌ***فوارِش من همدان غيرُ لئام .. جاء هذا البيت في آخرها، وصدره : [من الطويل ] ولو كُنتُ بوّاباً على بابِ جَنَّةٍ***لقلتُ لهمدان: ادْخلي بسَلامِ

[ من الطويل ]

وَلَو أَنَّ يَوْماً كُنْتُ بَوَّابَ جَنَّةٍ (1)***لَقُلتُ لِهَمْدَانَ : ادْخُلُوا بِسَلام (2)

ص: 455


1- جاء صدر البيت في الديوان المجموع، هكذا : فلو كنت بواباً على باب جنّة..
2- لا بأس بإشارة إلى بعض ما أورده العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 273/6 - 274، وكذا - صفحة : 275 مع ما له من مصادر هناك، قال : منها : أنّه أرسل عمر إلى أبي عبيدة : إن أكذب خالد نفسه فهو أمير على ما كان عليه، وإن لم يكذب نفسه فهو معزول.. فانتزع عمامته ! وقاسمه نصفين.. فلم يكذب نفسه، فقاسمه أبو عبيدة ماله حتّى أخذ إحدى نعليه وترك له الأُخرى وخالد يقول : سمعاً وطاعة لأمير المؤمنين !! ومنها : أنّه بلغ عمر أن خالداً أعطى الأشعث بن قيس عشرة آلاف، وقد قصده ابتغاء إحسانه، فأرسل لأبي عبيدة أن يصعد المنبر ويوقف خالداً بين يديه وينزع عمامته وقلنسوته ويقيّده بعمامته ؛ لأنّ العشرة آلاف إن كان دفعها من ماله فهو سرف، وإن كان من مال المسلمين فهي خيانة. فلما قدم خالد على عمر، قال له : من أين هذا اليسار الذي تجيز منه بعشرة آلاف ؟ ! فقال : من الأنفال والسهمان. قال : ما زاد على التسعين ألفاً فهو لك. ثمّ قوم أمواله وعروضه وأخذ منه عشرين ألفاً، ثمّ قال له : واللّه إنّك عليّ لكريم، وإنّك لحبيب، ولم تعمل لي بعد اليوم علي شيء. وكتب إلى الأمصار : إني لم أعزل خالداً عن مبخلة ولا خيانة، ولكنّ الناس فتنوا به فأحببت أن يعلموا أن اللّه هو الصانع !! قال الحلبي في السيرة 220/3: وأصل العداوة بين خالد وسيدنا عمر - على ما حكاه الشعبي - : أنهما - وهما غلامان - تصارعا - وكان خالد ابن خال عمر - فكسر ساق عمر، فعولجت وجبّرت، ولما ولي سيدنا عمر الخلافة أوّل شيء بدأ به عزل خالد، وقال : لا يلي لي عملاً أبداً، ومن ثمّ أرسل إلى أبي عبيدة : إن أكذب خالد.. إلى آخره. وأخرج الطبري في تاريخه، عن سليمان بن يسار، قال : كان عمر كلّما مر بخالد قال : يا خالد ! أخرج مال اللّه من تحت إستك.. فيقول : واللّه ما عندي من مال.. فلما أكثر عليه عمر، قال له خالد : يا أمير المؤمنين ! ما قيمة ما أصبت في سلطانكم أربعين ألف درهم ؟ فقال عمر : قد أخذت ذلك منك بأربعين ألف درهم. قال : هو لك. قال : قد أخذته.. ولم يكن لخالد مال إلا عدّة ورقيق، فحسب ذلك.. فبلغت قيمته ثمانين ألف درهم.. فناصفه عمر ذلك، فأعطاه أربعين ألفاً وأخذ المال. فقيل له : يا أمير المؤمنين ! لو رددت على خالد ماله ! فقال : إنّما أنا تاجر للمسلمين !! واللّه لا أردّه عليه أبداً.. فكان عمر يرى أنّه قد اشتفى من خالد حين صنع به بذلك ! ومنها : ما ذكره ابن كثير في تاريخه 115/7 عن محمّد بن سيرين قال : دخل خالد على عمر، وعليه قميص حرير، فقال عمر : ما هذا يا خالد ؟! فقال : وما بأس يا أمير المؤمنين ؟ أليس قد لبسه عبد الرحمن بن عوف ؟ فقال : وأنت مثل ابن عوف ؟ ولك مثل ما لابن عوف ؟ عزمت على من بالبيت إلّا أخذ كلّ واحد منهم بطائفة ممّا يليه. قال : فمزّقوه حتّى لم يبق منه شيء !! وجاء في الكامل :358/2 : إنّه كان يقتل من لا ذنب له.. وغيرها كثير. أقول : ومع كلّ ما هناك من حقد دفين للخليفة الثاني على خالد، وما توعده وقذفه، فقد قال لعبد اللّه ولده - لما قالت له عائشة : أبلغ عمر سلامي، وقل له : لا تدع أُمة محمّد بلا راعٍ، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملاً، فإني أخشى عليهم الفتنة ! - فأتى عبد اللّه فأعلمه، فقال : ومن تأمرني أن أستخلف ؟.. إلى أن قال : ولو أدركت خالد ابن الوليد لوليته !! فإذا قدمت على ربّي فسألني : من وليت على أمة محمّد ؟ ! قلت : أي رب ! سمعت سمعت عبدك ونبيك يقول : خالد بن الوليد سيف من سيوف اللّه سلّه على المشركين !! راجع : الإمامة والسياسة : 22، وعنه الغدير 362/5 - 363، و 10/10، وجاء في أعلام النساء 876/2.. وغيره.

ص: 456

ص: 457

[ ومنهم : ]

* سعيد بن [زيد بن ] عمرو العدوي (1) :

وعمر بن الخطّاب (2) ابن عمّ أبيه (3)، لم يحضر (4) بدراً (5)، ومات ولم تكن العداوة منه قد ظهرت لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعناد ظاهر شاهر.. إلا أنّه قد روي من طريق أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ): أنّه كان من أصحاب العقبة.

دعبل (6) :

ص: 458


1- هو : سعيد بن زيد بن عمرو العدوي، زوج أخت عُمَر، وجده عمرو بن نفيل، عدوه من العشرة المبشرة بالجنّة ! وقد عده ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 115/18 من الذين اعتزلوا عن القتال مع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيهم : «خذلوا الحقّ ولم ينصروا الباطل».
2- هنا في نسختي الأصل زيادة واو، ولا وجه لها.
3- كما نص على ذلك ابن قتيبة في كتاب المعارف : 245، وابن عبد البر في الاستيعاب 614/2.. وغيرهما. قال ابن كثير في البداية والنهاية 296/2 - في ترجمة زيد بن عمرو بن نفيل وكان الخطاب - والد عمر بن الخطّاب - عمّه وأخاه لأُمه.
4- في نسختي الأصل : لم يحضروا، والصحيح ما أثبتناه.
5- كما جاء في الاستيعاب 614/2، وأسد الغابة 306/2، والمعارف لابن قتيبة : 245.. وغيرهم وغيرهم.
6- دیوان دعبلبن عليّ الخزاعي : 128 - 130، والأبيات جزء من القصيدة التائية المشهورة ذات 115 بيتاً، وهذه الأبيات هي (20 - 27)، وقد خرجها محقق الديوان عن أكثر من (32 مصدراً)، ونقل المصنف (رَحمهُ اللّه) قطعة منها هنا، ونقل قطعاً منها في أكثر من مورد. وأسهب شيخنا العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 349/2 - 386 عن الشاعر وشعره وقصيدته هذه.

[ من الطويل ]

وَما قِيلَ (1) أَصْحابُ السَّقِيفَةِ جَهْرَةً***بدعوى تُراث (2) في الضَّلال بناتِ (3)

ص: 459


1- كذا ؛ ولعلّها تقرأ في نسختي الأصل: قيد، إلّا أنّ ما جاء في غالب المصادر : وما قيل، كما في الغدير 350/2، ولاحظ : كشف الغمة 113/3.. وغيره.
2- في نسختي الأصل : تُراب.
3- أقول : جاءت القافية لهذا البيت بأنحاء مختلفة، منها ما هنا، وفي نسخة : بتات، وفي نسخة : نتات - كما في الغدير - وفي نسخة (ألف) : بنات، والظاهر أنّها : بَناتِ. وقد جاء البيت في الديوان هكذا : [ من الطويل ] وما نالَ أصحاب السقيفة إمرَةً***بدَعْوَى تُراث، بل بأمْرِ تِراتِ وترات : جمع ترة، بمعنى البواطل في الأمور، كما في العين 33/4. والترة والترهة واحدة وهو الباطن، وتأتي بمعنى التباعد، كما ذكره الطريحي (رَحمهُ اللّه) في مجمع البحرين 344/6. ولاحظ : لسان العرب 480/13.. وغيره.

وَلَو قَلَّدُوا (1) المُوصَى إِلَيْهِ أُمُورَهُم (2)***لَزُمَّتْ بِمَأْمُونٍ عَنِ (3) العَثَراتِ

أخي (4) خاتَمِ الرُّسُلِ المُصَفَّى (5) مِنَ القَذَى***وَمُفْتَرِسِ الأبطال في الغَمَراتِ

فَإِنْ جَحَدُوا كانَ الغَدِيرُ شُهُودَهُ (6)***وَبَدْرٌ وأُحْد شامِعُ الهَضَبَاتِ

وَآي (7) مِنَ الفُرْقانِ (8) تُتْلَى بِفَضْلِهِ***وإيثاره بالقُوْتِ في الكُرُباتِ (9)

ص: 460


1- في نسختي الأصل : قلّد.
2- صدر البيت في الديوان هكذا : ولو قلّدوا الموصى إليه زمامها.
3- في المصدر : من، بدلاً من : عن.
4- في بعض المصادر : أخا.
5- في نسختي الأصل: المصطفى.
6- في الديوان والغدير : شهیده، بدلاً من شهوده
7- في نسخة (ألف) : واني، وفي (ب) : أتى.. والظاهر ما أثبتناه.
8- في الديوان : القرآن، بل في غالب المصادر كالغدير.
9- في الديوان والغدير : اللزبات.. وهي جمع اللزبة - بسكون الزاء - بمعنى القحط والشدّة. لاحظ : مجمع البحرين 166/2.

وَغُرُّ خِلال (1) أَفَرَدَتْهُ (2) لِسَبْقِها (3)***مَناقِبَ كَانَتْ مِنْهُ مُؤْتَنِقَاتِ (4)

[مناقب لَمْ تُدْرَك بِكَيْدٍ وَلَمْ تُنَلْ***بِشَيْءٍ سِوَى حَدِّ القَنا الذَّرِباتِ ](5)

نَجِيُّ (6) لِجِبْرِيلَ الأَمِينِ وَأَنْتُمُ***عُكُوفٌ عَلَى العُزَّى (7) وَلاتِ (8) مَناةِ

ص: 461


1- في نسختي الأصل : وعزّ جلال. وفي نسخة : وعزّ خِلالٍ.
2- في نسخة (ألف) : أفرده، وما أُثبت من نسخة (ب) أفضل ممّا جاء من رواية الديوان.
3- جاء صدر البيت في الديوان والمصدر : وغر خلال أدركته بسبقها، ومثله في الغدير.
4- الكلمة مشوّشة وغير منقوطة في نسخة (ألف)، وما هنا من المصدر، وهو ظاهر نسخة (ب)، وهي جمع مؤتنقة.. أي مستأنفة أو مبتدأة، وفي الغدير : فيه مؤتنفات، يقال : أنف كلّ شيء أوله، والمستأنف هو ما لم يسبق إليه.
5- ما بين المعكوفين مزيد من الديوان حفظاً لما ورد، كما جاء في الديوان : 58، وكشف الغمة 113/3، مختصر أخبار شعراء الشيعة : 100.. وغيرها، والمراد من الذربة : الحادّة.
6- في نسخة (ب) : نجيا، وهي غير منقوطة في نسخة (ألف).
7- في نسختي الأصل : العربي، ولا معنى مناسب له.
8- في الديوان : معاً ومناة، بدلاً من : ولات مناة.

[ ومنهم : ]

* عبد الرحمن بن عوف بن الحارث الزهري (1):

ص: 462


1- أقول : هو : أبو محمّد القرشي ؛ عد من العشرة المبشرة..! وأحد الستة من أهل الشورى، وقد آخى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بينه وبين عثمان بن عفان في مكة، ولعلّه لما بينهما من سنخية وخبث طينة - على حدّ تعبير صاحب كتاب الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار فيه 122/4 - 123 - وقد أشار لذلك ابن عساكر في تاريخه 90/6، وصرّح به في عيون الأثر 199/1، والرياض النضرة 15/1 - 17، وفتح الباري 218/7 وغيرها ممّا سيأتي. وكذا حكى هذه المؤاخاة العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 334/38 (باب 68) حديث،، وكذا في 444/75 - 445 (باب(88) حديث 2، عن تفسير القمّي في حديث مفصل، إلّا أنا لم نجد ذلك في المطبوع من التفسير، ومثله في الفصول المهمة : 20 - 21. ولد بعد عام الفيل بعشر سنين، ومات سنة اثنتين وثلاثين، ودفن بالبقيع عن عمر بالغ خمساً وسبعين سنة قال ابن سعد في الطبقات 96/3 [ طبعة ليدن، وفي طبعة بيروت 136/3]: ترك عبد الرحمن ألف بعير وثلاثة آلاف شاة بالبقيع ومائة فرس ترعى بالبقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحاً.. وقال : وكان فيما خلّفه ذهب وقطع بالفؤوس حتّى مجلت أيدي الرجال منه، وترك أربع نسوة، فأصاب كلّ امرأة ثمانون ألف.. إلى غير ذلك. وحكي عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن أنّه قال : صالحنا امرأة عبد الرحمن - التي طلقها في مرضه - من ربع الثمن بثلاثة وثمانين ألفاً. ولاحظ ما ذكره اليعقوبي في تاريخه 146/2، وفيه : فورّثها عثمان، فصولحت عن ربع الثمن على مائة ألف دينار، وقيل : ثمانين ألف دينار. وقال المسعودي في مروج الذهب 434/1 : ابتنى داره ووسعها، وكان على مربطه مائة فرس، وله ألف بعير، وعشرة آلاف شاة من الغنم، وبلغ بعد وفاته وربع ثمن ماله أربعة وثمانين ألفاً.. ولاحظ ما جاء في الغدير 284/8، و 72/10.. وغيرهما. راجع عنه : أسد الغابة 480/3 - 485، الإصابة 311/6 - 313، المعرفة والتاريخ 106/2، صفة الصفوة لابن الجوزي 138/1، الرياض النضرة للطبري 291/2، تهذيب التهذيب 244/6، شذرات الذهب 38/1، سير أعلام النبلاء 68/1 - 92 عن عدة مصادر. وعبّر عنه في الأسرار فيما كُني وعُرف به الأشرار 123/4 ب_: ابن فوع، وقارون هذه الأمة، والمنافق.. وهو لكلّ هذا أهل ومحل وزيادة. وعلى كلّ ؛ فهو من أبرز أعوان الصحيفة الملعونة، فقد روى العلّامة المجلسي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في بحار الأنوار 123/28 - 124 حديث 6 عن الروضة من الكافي، بإسناده.. عر أبي بصير، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قول اللّه عزّ وجلّ : (مَا يَكُونُ مِن نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثمّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ القِيَامَةِ إِنَّ اللّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [سورة المجادلة (58): 7]. قال: «نزلت هذه الآية في فلان، وفلان، وأبي عبيدة بن الجراح، وعبدالرحمن بن عوف، وسالم مولى أبي حذيفة، والمغيرة بن شعبة، حيث كتبوا الكتاب بينهم وتعاهدوا وتوافقوا : لئن مضى محمّد [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] لا تكون الخلافة في بني هاشم ولا النبوة أبداً، فأنزل اللّه عزّ وجلّ فيهم هذه الآية». قال : قلت قوله عزّ وجلّ: ﴿أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ * أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ ؟ ! [سورة الزخرف (43): 79 - 80] قال : «وهاتان الآيتان نزلتا فيهم ذلك اليوم». قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لعلّك ترى أنّه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب إلا يوم قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهكذا كان في سابق علم اللّه عزّ وجلّ الذي أعلمه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن إذا كتب الكتاب قتل الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وخرج الملك من بني هاشم.. فقد كان ذلك كلّه..» الحديث. راجع : الروضة من الكافي 179/8 - 180 حدیث 202.. وغيرهما. قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 219/28 (الباب الرابع) ذيل حديث 8 عن اليقين، قال : فجلس أبو بكر في بيته ثلاثة أيام، فأتاه عمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح وسعيد بن عمرو بن نفيل، فأتاه كلّ منهم متسلحاً في قومه حتّى أخرجوه من بيته، ثمّ أصعدوه المنبر وقد سلُّوا سيوفهم، فقال قائل منهم : واللّه لئن عاد أحد منكم بمثل ما تكلم به رعاع منكم بالأمس لنملأنَّ سيوفنا منه.. فنا منه.. فأحجم - واللّه - القوم وكرهوا الموت.

ص: 463

أمّه تسمّى : الشفاء (1)، وكان به برص، وكان في الجاهلية اسمه:

ص: 464


1- الكلمة مشوّشة وغير منقوطة في نسختي الأصل، وقد تقرأ في نسخة (ألف): السعاق، وفي نسخة (ب) : السفاء، أو : السقا. وقد ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب 844/2: إنّ أُمّه : الشفاء، وكذا في الطبقات 124/3، والرياض النضرة 301/4.. وغيرها. وقال ابن حجر في الإصابة 4/ 290 : واسم أمّه : صفيّة، ويقال : الصفاء - حكاه ابن مندة - ويقال : السفاء - وهي زهرية أيضاً -.

عبد عمر و (1)، وألحقت بنو زهرة بعبد (2) الرحمن بن عوف، وإنما كان من أهل اليمن.

ابن عقدة (3) ؛ أن علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ)آجر نفسه على أن يستسقي كلّ دلو بتمرة يختارها (4)، فجمع مُدّاً فأتى به النبيّ (عليه و آله السلام)، وعبد الرحمن بن عوف على الباب فلمزه ؛ فأنزل اللّه تعالى : (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ..) إلى قوله : ﴿فَلَن يَغْفِرَ اللّه لَهُمْ..﴾ (5).

وفي الإبانة (6) أنّه : رئى [ ل_] عبد الرحمن بن عوف سبعمائة بعير عليها

ص: 465


1- وقيل : عبد الكعبة، كما في الاستيعاب 844/2، والطبقات 124/3، والرياض النضرة 301/4.. وغيرها.
2- في نسخة (ب) : لعبد.. وفي (ألف) : العبد، والظاهر ما أثبتناه، والظاهر أن المراد هنا العكس، وهو إلحاقه بهم.
3- انظر : تفسير العياشي 101/2، وعنه في بحار الأنوار 306/38 حديث 6.
4- الكلمة مشوشة غير منقوطة في نسختي الأصل، وقد تقرأ فيهما : بحارها، وما أثبت من تفسير العياشي المطبوع، وفي بعض المصادر الذي نقل عن العياشي كتفسير الصافي 362/2 - : بخيارها، وفي مستدرك الوسائل 28/14 نقلاً عن السياري في كتاب التنزيل والتحريف : مختارها.
5- سورة التوبة (9): 79 – 80.
6- الإبانة، ولم نعثر على هذا الخبر في المقدار المطبوع منه. راجع عنه : المعجم الكبير 129/1 حديث 264، وكنز العمال 224/13، والطبقات الكبرى 129/3، وأسد الغابة 315/3، والبداية والنهاية 184/7...وغيرها.

من كلّ شيء (1).

البخاري (2) - في خبر : أنّه كان يحمي أُمية بن خلف والأنصار يتبعونه حين أدركوه وجلّلوه بسيوفهم، وأصابَ رجله سيف، [ و ] كان يُري الناس (3) ذلك [الأثر ] (4) في ظهر قدمه.

وفي ربيع الأبرار (5) : أنّه عرض له وللزبير القمل الكثير، حتّى استأذنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في لبس الحرير، فأذن لهما (6).

ص: 466


1- روى ابن حنبل في مسنده 115/6 : بينما عائشة في بيتها إذ سمعت صوتاً في المدينة فقالت : ما هذا ؟ قالوا : عير لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام تحمل من كلّ شيء قال : فكانت سبعمائة بعير.
2- کتاب البخاري 129/3 (باب 2 إذا وكل المسلم حربياً) [كتاب الوكالة حديث 2137]، وهو نقل بالمعنى مع اختصار كثير، ويؤيّده ما جاء فيه 96/5 (باب قتل أبي جهل) [كتاب المغازي حديث 3675].
3- هذا استظهار، وقد يقرأ : الناشي، أو : النائي.
4- بياض في نسخة (ب)، ولا يوجد في نسخة (ألف)، وما هنا من المصدر.
5- ربيع الأبرار 443/5 [ طبعة الأعلمي ] (باب البعوض والهمج والدبان) قال - وهو يتحدّث عن القمل - : عرض لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام حتّى استأذنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في لبس الحرير فأذن لهما.
6- رواه ابن حنبل في مسنده 122/3 و 252، ومسلم في كتابه 143/6، والطيالسي في مسنده : 265، والصنعاني في مصنّفه 71/11، والنسائي في سننه 476/5، وابن سعد في طبقاته 121/3، وابن قدامة في الشرح الكبير 472/1، وابن حزم في المحلى 38/4.. وغيرهم في غيرها.

وروى أبو صادق (1) : أن عمر لما جعلها شورى [في ] ستّة، ثمّ قال : إن بايع اثنان لواحد [ واثنان لواحد ] فكونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن، واقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن (2).

ص: 467


1- في نسختي الأصل : أبو صادف، والصحيح ما أثبت قال الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الإرشاد 285/1 : ومن كلامه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند الشورى وفي الدار ما رواه يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن.. عن...أبي صادق، قال : لما جعلها عمر شورى في ستة، وقال : إن بايع.. وعنه في بحار الأنوار 357/31 حديث 23.
2- أقول : كان قتل المتخلّف عن البيعة في ذلك الموقف وصيّة من عمر بن الخطّاب، كما أخرجه الطبري في تاريخه 35/5 [ وفي طبعة الأعلمي 294/3].. وغيره. قال : قال [عمر ] لصهيب : صلّ بالناس ثلاثة أيام، وأدخل عليّاً وعثمان والزبير وسعداً وعبد الرحمن بن عوف وطلحة - إن قدم - وأحضر عبد اللّه بن عمر - ولا شيء له من الأمر - وقم على رؤوسهم؛ فإن اجتمع خمسة ورضوا رجلاً وأبى واحد فاشدخ رأسه - أو : اضرب رأسه بالسيف - وإن اتفق أربعة فرضوا رجلاً منهم وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما ؛ فإن رضي ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً منهم فحكموا عبد اللّه بن عمر، فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلاً منهم، فإن لم يرضوا بحكم عبد اللّه بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا الباقين إن رغبوا عما اجتمع عليه الناس.. !! وقد ذكر ذلك البلاذري في الأنساب 16/5 - 18، وابن قتيبة في الإمامة والسياسة 23/1، وابن عبد ربه في العقد الفريد 257/2.. وغيرهم. وقد قاله العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 375/5.

خرج (1) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الدار - وهو معتمد على [يد ] عبد اللّه ابن العبّاس - [ فقال له : «يا بن عباس ! ] إنّ القوم قد عادوكم بعد نبيّكم كمعاداتهم لنبيّكم في حياته، أما واللّه (2) لا ينيب بهم إلى الحقّ إلا السيف !».

قال [له ابن عباس ]: وكيف ذلك ؟ !

قال : «أما سمعت قول عمر : إن بايع اثنان لواحد واثنان لواحد فكونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن، واقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمن ؟ !». قال : بلى.

[ قال : «أفلا تعلم أن عبد الرحمن ابن عم سعد، وأن عثمان صهر (3) عبد الرحمن ؟» قال : بلى ].

قال : «فإنّ عمر قد علم أن سعداً وعبد الرحمن وعثمان لا يختلفون في الرأي، وأنّ من بويع منهم كان الاثنان معه، فأمر بقتل من خالفهم، ولم يبال أن يقتل طلحة إذا قتلني وقتل الزبير، أما واللّه لئن عاش عمر لأُعرّفنّه سوء رأيه فينا

ص: 468


1- هذا جواب (لما) في قوله : لما جعلها شورى.
2- في نسختي الأصل : أم اللّه، وهي محرفة عن المثبت.
3- في نسختي الأصل : صرير، والمثبت عن الإرشاد.

قديماً وحديثاً، ولئن مات ليجمعني وإياه يوم القيامة (1) يكون فيه فصل الخطاب» (2).

وروي (3) : أنّه قال للخمسة :..

ص: 469


1- لم يرد لفظ (القيامة) في الإرشاد.
2- قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 26/10 : وأما حديث الشورى ؛ وما أدراك ما حديث الشورى ؟ ! فسل عنه سيف عبد الرحمن بن عوف الذي لم يكن مع أحد يومئذٍ سيف غيره - واذكر قوله لعليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] : بايع وإلا ضربت عنقك..! أو قوله له : لا تجعلنّ على نفسك سبيلاً.. كما ذكره البخاري، والطبري.. وغيرهما وزاد ابن قتيبة : فإنّه السيف لا غير.. ! أو قول أصحاب الشورى لما خرج علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] مغضباً ولحقوه : بايع وإلا جاهدناك..! أو قول أمير المؤمنين [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] : متى اعترض الريب في مع الأوّل منهم حتّى صرت أقرن إلى هذه النظائر..؟ ! لكنّي أسففت إذ أسفوا، وطرت إذ طاروا، فصغا رجل منهم لضغنه، ومال آخر لصهره مع هن وهن..!».
3- كما في تاريخ الطبري /300: فقال عبد الرحمن : أيتكم يطيب نفساً أن يخرج نفسه من هذا الأمر ويوليه غيره ؟ قال : فأمسكوا عنه. قال : فإنّي أخرج نفسي وابن عمّي، فقلّده القوم الأمر وأحلفهم عند المنبر، فحلفوا ليبا يعن من بايع وإن بايع بإحدى يديه الأُخرى. ثمّ قال - بعد كلام - : ثمّ التفت إلى علي وعثمان، فقال : إنّي قد سألت عنكما وعن غيركما، فلم أجد الناس يعدلون بكما، هل أنت - يا علي ! - مبايعي على كتاب اللّه وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر ؟ فقال : «اللّهم لا، ولكن جهدي من ذلك وطاقتي»، فالتفت إلى عثمان، فقال : هل أنت مبايعي على كتاب اللّه وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر ؟ قال : اللّهم نعم، فأشار بيده إلى كتفيه وقال : إذا شئتما.. ولاحظ : تجارب الأُمم 420/1 - 421، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 192/1 – 194.. وعلى كلّ ؛ فقد جاء كلّ هذا مع اختصار ههنا - في الاستغاثة : 210 - 211.

.. إنّ لكم نصيبي ونصيب ابن عمّي(1) سعد سعد على أن أكون المختار للأُمّة (2) منكم.. ففعلوا، فاستعرض الأربعة الباقين فاختار (3) منهم علياً وعثمان، إنّه (4) أراد أن يختار واحداً من اثنين، فقال لعليّ : هل أنت تبايعني (5) على سيرة أبي بكر وعمر ؟! قال : «آخذها بما فيها على أن أسير فيكم(6) بكتاب اللّه وسنّة نبيه جهدي» (7).. فبايع عثمان على ذلك.. (8)

ص: 470


1- في نسختي الأصل : ابن عمر، والصحيح ما أُثبت كما في الاستغاثة ؛ فيكون المراد به : سعد بن أبي وقاص، وقد عبّر عنه ب_: ابن عمه لأنّه من بني زهرة أيضاً.
2- في الاستغاثة : الإمام.
3- في نسختي الأصل : فاختارا، ولعلّها : فاختاروا.
4- في الاستغاثة : فلما.
5- في نسخة (ألف): مبايعني، ولعلّها مصحفة عن (مبايعي).
6- في نسخة (ب) : بكم.
7- جاء في الاستغاثة بعد هذا : فتركه وصار إلى عثمان، فقال : إن اخترتك تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر ؟ فقال : نعم ؛ فاختاره..
8- في أمالي شيخ الطائفة الطوسي (رَحمهُ اللّه) : 555 - 556 (المجلس العشرون) ذیل حدیث 1169 [ طبعة مؤسسة البعثة، وفي الطبعة الحيدرية 168/2]: فقال طلحة والزبير عند ذلك : نصيبنا منها لك يا علي، فقال عبد الرحمن بن عوف : قلّدوني هذا الأمر على أن أجعلها لأحدكم، قالوا : قد فعلنا. فقال عبد الرحمن : هلم يدك - يا علي ! - تأخذها بما فيها على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر. فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «آخذها بما فيها على أن أسير فيكم بكتاب اللّه وسنة نبيه جهدي»، فخلّی عن يد علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]، وقال : هلم يدك - يا عثمان ! - خذها بما فيها على أن تسير فينا بسيرة أبي بكر وعمر ! فقال : نعم، ثمّ تفرّقوا. وراجع : شرح النهج لابن أبي الحديد 264/12.

فإن [كانت ] سيرة أبي بكر وعمر [موافقةً ] بكتاب اللّه وسنّة نبيه، فما معنى ذهابه عن ذكر كتاب اللّه وسنّة نبيه إلى ذكر سيرة أبي بكر وعمر.. ؟! وإن كان سیر تهما بخلاف كتاب اللّه وسنّة نبيه فهو خزي عظيم.

فقال أمير المؤمنين : «ختونة (1) حَنَّتِ الدهر.. ليس هذا أول يوم

ص: 471


1- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، وتقرأ في نسخة (ب) : حبونه، وما أُثبت من الشافي 210/4، وفيه : ختونة حنّت دهراً. قال الميداني في مجمع الأمثال 179/1 في شرح قولهم : جبت ختونة دهراً : الجبّ : القطع، والختونة : المصاهرة، ودهر : اسم رجل تزوج امرأة من غير قومه، فقطعته عن عشيرته، فقيل هذا ؛ يضرب لكلّ من قطعك بسبب لا يوجب القطع. وجاء في تاريخ الطبري 297/3 : فقال علي: «حبوته حبو دهر، ليس هذا أول يوم تظاهر تم فيه علينا، فصبر جميل واللّه المستعان على ما تصفون، واللّه ما ولّيت عثمان إلّا ليرد الأمر إليك..». وفي شرح ابن أبي الحديد 264/13 : وفي رواية الطبري : أنّه قال لعثمان مثل قوله لعلي، فقال : نعم، فبايعه، فقال علي (عَلَيهِ السَّلَامُ): «ختونة حنّت دهراً». وفي خبر آخر : «نفعت الختونة يابن عوف ! ليس هذا أول يوم..». وانظر: الغدير 115/9، و 12/10، وتاريخ المدينة لابن شبة 930/3، والكامل لا بن الأثير 71/3.. وغيرها.

تظاهر تم فيه علينا» (1).

حَنَش (2) الكناني (3) ؛ لما صفق عبد الرحمن على يد عثمان بالبيعة يوم الدار،

ص: 472


1- لقد عقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان، ولم يشترطوا كما قاله الإيجي في المواقف وشرحه 265/3 - الإجماع ؛ إذ لم يقم عليه دليل من العقل والسمع، بل الواحد من أهل الحل والعقد كافٍ ؛ لعلمنا أن الصحابة مع صلابتهم في الدين ! اكتفوا بذلك، كعقد عمر لأبي بكر،، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان ولم يشترطوا اجتماع من في المدينة فضلاً عن إجماع الأمة. ومن هنا عقد البيعة لعثمان وسيفه مسلول على رأس مولى المظلومين أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قائلا له : بايع وإلا ضربت عنقك...ولحقه أصحاب الشورى قائلين : بايع وإلّا جاهدناك.. ! كما في أنساب الأشراف للبلاذري 22/5.. وغيره. وهذا مفهوم الشورى وحرية الانتخاب في مفهوم أبناء السقيفة الذين اتخذوا الهمم هواهم.. !!
2- الاسم مشوش في نسختي الأصل غير منقوط، وقد يقرأ مثل : حنين - بدون نقط -، وكذا تقرأ : حس. وفي الإرشاد 286/1 - 287، وعنه في بحار الأنوار 358/31 (باب 26) حدیث 14 : وروى عمرو بن سعيد، عن حنش الكناني، قال : لما صفق. وفي بحار الأنوار عن الإرشاد : جيش الكنائي.. وانظر : السقيفة وفدك للجوهري : 89، وشرح النهج لابن أبي الحديد 188/1، و 55/9، والجمل للشيخ للمفيد (رَحمهُ اللّه) : 61، وصفحة : 93.. وغيرها.
3- في نسخة نسخة (ألف) : الاكناني.

قال له أمير المؤمنين : «حرّكك الصهر، وبعثك على ما صنعت، واللّه ما أملت (1) منه إلّا ما أمل صاحبك من صاحبه، دقّ اللّه (2) بينكما عطر منشم !» (3).

الأصل في عطر منشم (4) : إنّ امرأة في الجاهلية كانت تبيع الحنوط، فقيل للقوم إذا تحاربوا (5) ذلك، يراد به طيب الموتى (6).

ص: 473


1- في نسخة (ب) : أقلت، وفي نسخة (ألف) : أقيلت - بدون نقطة -.
2- في نسختي الأصل : واللّه، والصحيح ما أثبتناه من الإرشاد والبحار.
3- في الإرشاد وبحار الأنوار عنه : دق اللّه بينكما عطر منشم. قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 188/1 بعد نقل هذا : قيل : ففسد بعد ذلك بين عثمان وعبد الرحمن فلم يكلّم أحدهما صاحبه حتّى مات عبد الرحمن.
4- في نسختي الأصل میسم. وانظر معنى عطر منشم وما يراد منه في : غريب الحديث لأبي عبيد 315/4-316، والمعارف لابن قتيبة : 613، وجمهرة الأمثال للعسكري 444/1 - 445، ومجمع الأمثال للميداني 93/1.. وغيرها. وراجع ما جاء في بحار الأنوار 359/31 بيان لقوله : دق اللّه.. والغدير 88/9..
5- في نسختي الأصل : تحابوا.
6- قاله ابن قتيبة في المعارف : 613، قال : قد اختلفوا في منشم، وأحسن ما سمعت فيه أنّها امرأة كانت تبيع.

ثم رووا(1) عنه : أنّه جرى بينه (2) وبين عثمان جدال بعد مدة من بيعته..

فقال عثمان : يا منافق !

فقال عبد الرحمن : ما ظننت أن أعيش إلى زمان يقول لي عثمان : يا منافق ! فليت شعري متى نافقت ؟! أفي توليتي إيَّاه و (3) رضائي بمن لم يكن رضا.. ؟! ثم حلف أنّه لا يكلّمه ما عاش.

وذكر الغزالي في الإحياء (4).

قال الواقدي(5) : كان سعد بن أبي وقاص مهاجراً لعثمان (6) حتّى ماتا، وعثمان

ص: 474


1- كما جاء بهذا المضمون في السيرة الحلبية 87/2، والصواعق المحرقة : 68، ومثله في شرح ابن أبي الحديد على النهج 25/20. مع أنّه عندهم - فيما يدعون - أحد العشرة المبشرة بالجنّة، وأن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مات وهو عنه راض ولاحظ : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 332/3.
2- أي : بين عبد الرحمن.
3- كذا ؛ والظاهر أو، بدل الواو.
4- في إحياء علوم الدين 58/6 : سعد بن أبي وقاص كان مهاجراً لعمار بن ياسر حتى مات، وعثمان بن عفان كان مهاجراً لعبد الرحمن بن عوف. وفي المعارف : 550 : كان عثمان بن عفان مهاجراً لعبد الرحمن بن عوف حتّى ماتا.
5- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : الواحدي، وما أثبتناه من المصدر، وكذا نقل عن الواقدي في كتاب العزلة للبستي : 23.
6- في المصادر : لعمار.

كان مهاجراً لعبد الرحمن حتّى ماتا (1).

وقال النبيّ (عليه وآله السلام) (2) : «لا يحلّ لمؤمن (3) أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيّام (4)»..

فإن كان عثمان مؤمناً ؛ فقد خالف.. (5)إمّا أن يكون صادقاً فيما قاله،

ص: 475


1- في نسختي الأصل : أتى، والمثبت عن الإحياء.
2- كما أورده الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في أماليه 5/2 [ الطبعة الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 319 (المجلس الرابع عشر) حديث 860]، وعنه في بحار الأنوار 189/75 (باب 60) حدیث 12. وقد نقل الخبر في كتب القوم بأسانيد متظافرة، فقد جاء في مصنف عبد الرزاق 167/11 - 168، ومسند الحميدي 186/1 و 500/2، ومصنف ابن أبي شيبة 21/5 و 216، ومسند أحمد بن حنبل 176/1، و 110/3 و 165 و 209.. وغيرها. ولاحظ : كتاب البخاري 23/8 و 25 - 26، وكتاب مسلم 1983/4 - 1984، وسنن ابن ماجة 18/1، وسنن أبي داود 278/4 - 279، وسنن الترمذي 327/4 و 329، ومسند أبي يعلى 251/6 و 252 و 294، وصحيح ابن حبان 476/12، وصفحة : 479، وصفحة : 484 - 485.. وغيرها.
3- كذا ؛ وفي أكثر المصادر : لمسلم.
4- وفي ذيله : «والسابق يسبق إلى الجنّة».
5- جاء في الاستغاثة : 212 - 213 - بعد نقل ما جرى بين عثمان وعبد الرحمن من مهاجرة - : هذا مع ما رووا جميعاً أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «لا يحلّ لمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن أكثر من ثلاثة أيام»، فإن كان عثمان مؤمناً، فقد خالف عبد الرحمن قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مهاجرته لعثمان سنين، حتّى مات على ذلك من غير توبة منه، ومن قصد مخالفة الرسول عامداً متعمداً فقد تهاون بقول الرسول واستخف بحقه، ومن جرى على ذلك كانت النار مأواه، مع ما يلزمهم من قول عثمان لعبد الرحمن : يا منافق ؛ لأنّه لا يخلو الحال في ذلك من أن يكون عثمان صادقاً فيما قاله لعبد الرحمن أو يكون كاذباً، فإن قالوا : كاذباً ؛ فقد قال اللّه في كتابه : ﴿إنما يَفْتَري..) وكفى بهذا خزياً ومقتاً، وإن قالوا : كان صادقاً ؛ فعبد الرحمن كان منافقاً بشهادة عثمان عليه.. إلى آخر كلامه.

أو كاذباً، فقال اللّه في الكتاب : (إنّما يَفْتَرِي الكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّه..) (1) وإن كان صادقاً ؛ فعبد الرحمن منافق بشهادة عثمان عليه، وقال اللّه : (إنَّ المُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ..) (2).. وكان ! (3)

قال عثمان لأمّ سلمة : إن أحدث بي حدث فقد بايعت عبد الرحمن..

فقال عبد الرحمن : أبايعه علانية ويبا يعني سرّاً (4) !

ص: 476


1- سورة النحل (16) : 105.
2- سورة النساء (4) : 145.
3- في الاستغاثة بعد الآية : وكفى بهذا خزياً.
4- قال اليعقوبي في تاريخه :169/2 : وروي : أنّ عثمان اعتل علة اشتدّت به، فدعا حمران بن أبان، وكتب عهداً لمن بعده، وترك موضع الاسم، ثمّ كتب بيده : عبد الرحمن بن عوف، وربطه وبعث به إلى أم حبيبة بنت أبي سفيان، فقرأه حمران في الطريق، فأتى عبد الرحمن فأخبره، فقال عبد الرحمن - وغضب غضباً شديداً -: أستعمله علانية ويستعملني سرّاً !

وأنكر أبو بكر عليه (1) حين أراد أن يولّي عمر، فقال : جعلت لكم بعدي عهداً، واستخلفت عليكم [ خيركم ] في نفسي، وكلكم ورم أنفه (2)، يريد أن يكون الأمر له، فتتخذون (3) ستور الحرير (4) وبسط (5) الديباج ! (6)

ص: 477


1- في نسختي الأصل : على، والمثبت عن المسترشد : 224، والضمير يعود لعبد الرحمن ابن عوف، وإليك نص ما في المسترشد : وهذا أبو بكر قد أنكر على عبد الرحمن بن عوف، حين حين أراد [ أي أبو بكر ] أن يولّي عمر، فقال : جعلت لكم بعدي واستخلفت عليكم خيركم، وكلّكم ورم أنفه يريد أن يكون الأمر له، فستتخذون ستور الحرير وبسط الديباج.
2- قال في لسان العرب 15/9: وفي حديث أبي بكر في عهده إلى عمر.. بالخلافة : فكلّكم وَرِمَ أنفه، أي : اغتاظ من ذلك. راجع : النهاية لابن الأثير 177/5 (ورم)، وكذا لسان العرب 15/9، وأساس البلاغة 634/12، وغريب الحديث للخطابي 38/2.. وغيرها في تلك المادة.
3- في نسخة (ألف): فتجدون.
4- تقرأ في نسختي الأصل : : سيور الحديد، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
5- في أكثر المصادر : نضائد الديباج.
6- في الفائق :89/1: واللّه لنتخذن نضائد الديباج، وستور الحديد. وجاء في المعرفة والتاريخ 806/2: سألت الزهري عن عثمان وعلي ؛ أيهما أفضل ؟ فقال : الدم، الدم ! عثمان أفضلهما ! ! قال: وكان يقول أبو بكر وعمر.. ويسكت ! وراجع : المسترشد : 224، وتاريخ دمشق 418/30، والسقيفة وفدك : 41 - 42، وشرح النهج 45/2 - 46، وأسد الغابة 70/4، وميزان الاعتدال 108/3 - 109، و تاريخ الطبري 619/2، الإمامة والسياسة 36/1، ونثر الدر 10/2.. وغيرها. ولاحظ : الغدير 358/5، و 170/7 نقلاً عن عدة مصادر.

الحميري (1) : [من الوافر ]

فَلا أَنْسَى خِيانَتكَ (2) ابْنَ عَوْفٍ***طوال الدهر ما قَطَرَ السَّحابُ

وَفِعْلَكَ ما أَتَيْتَ إِلَى عَلِيٌّ***وَظُلْمَكَ والظُّلُومُ لَهُ عِقاب

تُقَدِّمُ نَعْثلاً جَهْلاً عَلَيْهِ***وَأُسْرَةً نَعْثَلٍ (3) تِلْكَ الذُّبابُ (4)

ص: 478


1- لم نجد هذه الأبيات في الديوان المجموع للسيّد الحميري (رَحمهُ اللّه)، ولا نعرف راوياً لها غير مصنفنا هذا طاب ثراه.
2- العبارة مشوشة وغير منقوطة في نسخة (ألف)، فتقرأ فيها : فلما نسا مناسك..
3- قد تقرأ الكلمة في نسخة (ألف) : بفتك.
4- كذا؛ والظاهر : الذئاب، أو الذُّناب جمع الذَّنَبِ - وهي أوفق بالمقابلة مع (تُقَدِّمُ).

[ ومنهم : ]

* [أبو ] عبيدة بن الجراح (1) :

مات بالشام في طاعون عمواس (2).

وفي تاريخ ابن جرير (3) ؛ أنّه كان أبو عبيدة حفار قبور أهل مكّة (4)، وأبو طلحة زيد بن سهل (5) يحفر لأهل المدينة.

وأبو عبيدة ؛ هو الذي كان عمر يتأسف على موته، ويقول : لو كان أبو عبيدة حياً لولّيته (6) !!

ص: 479


1- في نسختي الأصل : عبيدة بن الحاج !
2- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : عمراس، والظاهر : عموراس. راجع : الاستيعاب 794/2، والطبقات الكبرى 414/3، والثقات لابن حبان 343/2، و تاريخ دمشق 437/25.. وغيرها.
3- قال في تاريخ الطبري 213/3 [ وفي طبعة الأعلمي بيروت 451/2 - 452]: وكان أبو عبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة، وكان أبو طلحة زيد بن سهل هو الذي يحفر لأهل المدينة، وكان يلحد.. إلى آخره.
4- في نسختي الأصل : القبور.. فتحتاج ما بعدها إلى اللام.
5- تقرأ في نسختي الأصل : يزيد بن المهلهل، ولا يخفى ما فيه من التصحيف والتحريف !
6- لاحظ : الاستيعاب 561/2، وأسد الغابة 246/2، وتاريخ الطبري 227/4، والعقد الفريد 256/2، والإمامة والسياسة 28/1، ومنتخب كنز العمال 188/2 و 427/4.. بل لاحظ ترجمة : سالم في المجاميع الرجالية، حيث صرّحت غالباً بذلك.

[ تتمة القسم الثالث ]

[ في معايب الخاذلين وجماعة جاهروا بعداوة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) والأمراء ]

[ باب ]

[ جماعة جاهروا بعداوة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ]

[فصل 2]

[ في أبي سفيان ]

ص: 480

ص: 481

فصل في أبي سفيان

قال سعيد بن جبير : نزل قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سبيل اللّه..) (1) في أبي سفيان ؛ استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش.. فقاتل بهم النَّبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (2).

وقال الحكم بن عتيبة (3) : أنفق أبو سفيان يوم أحد أربعين أوقية، وكانت الأوقية اثنين وأربعين مثقالاً (4).

ص: 482


1- سورة الأنفال (8) : 36.
2- تفسير الطبري 322/9، تفسير أبي حاتم الرازي 1697/5، تفسير الثعلبي 354/4 - 355 أسباب النزول للواحدي : 159، زاد المسير 241/3، الدر المنثور 184/3.. وغيرها لاحظ : الغدير 80/10 وفي هامشه عدة مصادر.
3- في نسختي الأصل : عيينة، والصحيح ما أثبتناه.
4- راجع عنه : تفسير الطبري 531/13، وتفسير الثعلبي 355/4، وتفسير البغوي 356/3.. وغيرها.

وقال الكلبي : نزل قوله : ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى) (1) في أبي سفيان (2).

وعن مقاتل (3) ؛ أنّه كان يؤذي النَّبي، فنزل قوله : (لا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (4).

أمره ظاهر في معاندة النبيّ (عليه وآله السلام) - أولاً وآخراً – وتكذيبه، وقود (5) الجيوش إليه في بدر واحد والخندق، وقتل حمزة.. (6)

ثم إنّه كان من المؤلفة قلوبهم (7)، ثمّ دخل في الإسلام صفراً، وكان من الطلقاء.

ص: 483


1- سورة الليل (92): 11.
2- لاحظ : المحبر : 162، ومثله قاله المقريزي وغيره.
3- انظر: تفسير المقاتل 492/3، تفسير الثعلبي 218/10، عمدة القاري للعيني 295/1.. وغيرهما.
4- سورة فصلت (41): 34. انظر : تفسير الثعلبي 297/8، تفسير البغوي 115/4، تفسير النسفي 91/4، تفسير القرطبي 362/15، فيض القدير 516/4.. وغيرها.
5- في نسخة (ألف): قيود.
6- لاحظ : مجمع البيان 520/4 - 530، ذيل الآية الشريفة في تفسير الفرات : 214 - 215 [ وفي الطبعة المحققة : 385 حديث 513]، وعنه في بحار الأنوار 46/24 (باب 28) حدیث 18 – 19 بمعنى آخر.
7- وقد سلف في باب معاوية عن المنمق : 422.. وغيره عده من المؤلفة قلوبهم.

وقال لعثمان : يا بني عبد شمس ! تلقفوها تلقف الكرة، فما هناك جنّة ولا نار !! (1)

وروي : أنّه دخل على عثمان - وهو مكفوف - فقال : ما ههنا أحد ؟ قالوا : لا.

قال : إنّ الأمر إمرة (2) عالمية، والملك ملك جاهلية، فاجعل أو تاد الأرض بني أُمية(3).

ص: 484


1- كما جاء في مروج الذهب 343/2، وأخبار الدولة العبّاسية : 48، وتاريخ الطبري 58/10 [ طبعة مصر، وفي طبعة 185/8]، ومرآة الزمان 213/16، وأنساب الأشراف 12/5، وصفحة : 13.. وغيرها. وقد ذكر ذلك الزمخشري في الفائق 117/2 راوياً عن معاوية قوله : لو بلغ هذا الأمر إلينا بني عبد مناف تزقفناه تزقف الكرة.. أي تلقفناه. ومثله روي عن أبي سفيان. قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 208/33 (الباب الثامن عشر) ذيل حدیث 492: ومنه ما روته الرواة عنه من قوله - يوم بيعة عثمان - : تلقفوها - يا بني عبد شمس ! - تلقف الكرة، فواللّه ما من جنّة ولا نار.. ! ثمّ قال : وهذا كفر صراح يلحقه اللعنة من اللّه.. ولاحظ : شرح ابن أبي الحديد 175/15، والسقيفة وفدك للجوهري : 87، وكذا ما جاء في الغدير 278/8، عن عدة مصادر. وفي شرح ابن أبي الحديد 53/9 وزاد عليه قوله : ولا بعث ولا قيامة..
2- في نسخة (ألف) : أمر، وما أُثبت استظهار ممّا يقرأ في نسخة (ب)، وقد جاء في المصادر كذلك. وراجع : الأغاني 370/6، والتذكرة الحمدونية 171/9.. وغيرهما.
3- قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 278/8: وأخرج ابن عساكر في تاريخه 407/6 عن أنس : أنّ أبا سفيان دخل على عثمان بعد ما عمي، فقال : هل هنا أحد ؟ فقالوا : لا، فقال : اللّهم اجعل الأمر أمر جاهلية والملك ملك غاصبية، واجعل أوتاد الأرض لبني أمية. ولاحظ : تاریخ دمشق 471/23.

وكان أحد المشهورين بالزنا (1).

وقال المدائني في المثالب : ومن الخمّارين : ابن عقبة بن أبي معيط، وأبو سفيان بن حرب.

وفي تاريخ الطبري (2) ؛ أنّ الحليس (3) بن زبان (4) مَرّ بأبي سفيان، وهو يضرب في شدق حمزة بزج الرمح، وهو يقول : ذُقْ عُقَقُ (5).

قال الحليس : يا بني كنانة ! هذا يزعم أنّه سید قريش، يصنع بابن عمّه كما ترون.. !!

ص: 485


1- قال الكلبي في مثالب العرب : 63 : ممّن شهر بالزنا من قريش : أُمية بن عبد شمس وأبو سفيان ابن حرب
2- تاريخ الطبري 527/2 [ وفي طبعة الأعلمي 206/2] بتصرف غير مخلّ، وله ذيل فلاحظه. وراجع : سيرة ابن هشام 93/2، والكامل في التاريخ 160/2، ومرآة الزمان 273/3، والأغانى 132/15...وغيرها.
3- في نسخة (ألف): الجليس.
4- في نسختي الأصل : ريان، والصحيح ما أثبتناه، وهو : أخو بني الحارث بن عبد مناة ؛ سيد الأحابيش.
5- ذق عقق.. أي ذق جزاء فعلك يا عاق، وعقق : معدول من عاق للمبالغة.

وفي كتاب ربيع الأبرار (1) أنّه : مر أبو سفيان بعد إسلامه بأحد، فقيل له : أي يوم لك ههنا ؟ فقال : والآن لو وَجَدْتُ رجالاً (2) !!

ودخل على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - وهو يقاد - فأحسّ بتكاثر الناس، فقال في نفسه : واللات والعزى يابن (3) أبى كبشة ؛ لأملأنّها عليك خيلاً ورجلاً، وإنّي أرجو أن أرقى هذه الأعواد !! فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «.. أو يكفى (4) اللّه شرك (5) يا أبا سفيان !» (6).

ولما وصل كتاب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى قيصر.. أحضر التجّار ليسألهم عن أهله وفعله، وأمره ونهيه، فقالوا : قد أمرنا أن نعبد اللّه ولا نشرك به، ونهانا عما كان يعبد آباؤنا، وأمرنا بالصلاة، والصدقة، والعفاف، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة.

فقال قيصر : هذه صفة نبي، قد كنت أعلم أنّه خارج، ولو كنت عنده لغسلت قدميه.. يوشك أن يملك قدمي هاتين.

ص: 486


1- ربيع الأبرار 559/1 [ وفي طبعة الأعلمي 449/1].
2- في نسختي الأصل : رجلاً.
3- في نسخة (ب) : بابن.
4- في المصدر : أو يكفينا.
5- في نسخة (ألف) : شرّ.
6- وحكاه المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقب آل أبي طالب 85/1[طبعة قم، وفي طبعة النجف 108/1] نقلاً عن الزمخشري في ربيع الأبرار، ونقل ذلك العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) عن المناقب في بحار الأنوار 177/16 (باب 8) ذیل حدیث 19.

ثم دعا بالكتاب فقُرئ، فإذا فيه : «بسم اللّه الرحمن الرحيم، من محمّد ؛ عبد اللّه ورسوله، إلى هرقل عظيم الروم.. سلام على من اتبع الهدى..

أمّا بعد : فإني أدعوك بداعية الإسلام، أسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللّه أجرك مرتين، فإن تولّيت فعليك [إثم ] الأريسيّين (1): ﴿يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوا

ص: 487


1- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : الأرتشين، والصحيح ما أثبتناه من المصادر الكثيرة. وقد جاء في بحار الأنوار 386/20 (باب 21): اليريسين. وترد الكلمة : اليريسين، لاحظها في كتاب الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 428/3. وقد ذكر وجوه المسألة والأقوال فيها في الأسرار فيما كنّي وعُرف به الأشرار 229/1 - 230، وهي كلمة مختلف في لفظها ومعناها، ولعلّها كلمة فارسية مأخوذة من الارتش بمعنى الجيش. لاحظ : النهاية لابن الأثير 31/1 [ وفي طبعة الإسلامية 35/1]. وقد حكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 395/20 – 396 (باب 21) في بيان له عن النهاية لابن الأثير [38/1] ما نصه : في كتاب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى هرقل : «فإن أبيت فعليك إثم الأريسين». ثم قال : قد اختلف في هذه اللفظة صيغة [صفة ] ومعنى، فروي : الأريسين - بوزن الكريمين - وروي : الأريسين - بوزن الشريبين - وروي : الأريسيين - بوزن العظيميين - وروي بإبدال الهمزة ياء مفتوحة في البخاري. وأما معناها ؛ فقال أبو عبيد : هم الخدم والخول، يعني بصدّهم إياهم عن الدين، كما قال : ﴿رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا﴾ [الأحزاب (33) : 67].. أي عليك مثل إثمهم. وقال ابن الأعرابي : أرس يأرس أرساً فهو أريس [وأرس] يؤرّس تأريساً فهو أريس، وجمعها : أريسون وإرّيسون وأرارسة...هم الأكارون، وإنما قال ذلك لأنّ الأكارين كانو عندهم من الفرس، وهم عبدة النار، فجعل عليه إثمهم. وقال أبو عبيدة : أصحاب الحديث يقولون : الأريسيين، منسوباً مجموعاً، والصحيح : : الأريسين، يعني بغير نسب.. وردّه الطحاوي عليه. وقال بعضهم : إنّ في رهط هرقل فرقة تعرف ب_: الأروسية، فجاء على النسب إليهم. وقيل : إنّهم أتباع عبد اللّه بن أريس - رجل كان في الزمن الأوّل - قتلوا نبيّاً بعثه اللّه إليهم. وقيل : الأريسون الملوك، واحدهم : أريس. وقيل : هم العشّارون.

إِلَى كَلِمَةٍ...).. (1)» الآية (2).

فلما قضى مقالته.. علت الأصوات وأخرجونا، فقلت لأصحابي :

ص: 488


1- سورة آل عمران (3) : 64.
2- كما جاء في المصنّف للصنعاني 346/5، ومسند أحمد بن حنبل 262/1، وكتاب البخاري 8/1 و 45/4، وكتاب مسلم 1393/3، وصحيح ابن حبان 492/14، وتاريخ الطبري 649/2، والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم 365/1 - 367، والأحاديث الطوال للطبراني : 61 - 64، والمعجم الكبير 16/8 - 18، وتاريخ دمشق 91/2 - 93، و 422/23 - 424.. وغيرها. ولاحظ ما رواه القطب الراوندي (رَحمهُ اللّه) في الخرائج والجرائح 131/1 – 132 حدیث 217، وعنه ما رواه شيخنا المجلسي رضوان اللّه عليه في بحار الأنوار 378/20 - 380 (باب 21) حدیث 3. وراجع أيضاً : دلائل النبوة 377/4.

لقد أَمِرَ أمْرُ (1) ابن أبي كبشة.. هذا ملك بني الأصفر (2) يخافه.

واشتهرت الروايات عن الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (3)، وعن ابن عباس،

ص: 489


1- أَمِرَ : كَثرَ، ومنه حديث أبي سفيان : لقد أمر أمْرُ ابن أبي كبشة وارتفع شأنه، يعني النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). انظر : لسان العرب 29/4 مادة (أمر).
2- أقول : يراد من بني الأصفر في الأخبار : أهل الروم، أو ملوك الروم. قيل : إنّما يقال لهم ذلك ؛ لأن آباءهم كانوا صفر اللون، أو إنّهم أولاد الأصفر بن روم.. أو لأن جيشاً من الحبش غلب عليهم فوطأ نساءهم فولد لهم أولاد صفر. لاحظ : مجمع البحرين 368/3 حيث ذكر وجوهاً أُخر، وكذا ما أورده في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 31/2 - 32 حيث أوفى واستوفى جزاه اللّه الخير الأوفى. وعلى كلّ ؛ فقد استعملت هذه اللفظة مكرراً في الأخبار، خاصة أخبار الملاحم والفتن. لاحظ : النزاع والتخاصم للمقريزي : 29 وما جاء في الغدير 278/8 من قول الزبير - لمّا حدّثه ابنه أنّ أبا سفيان كان يقول : إيه بني الأصفر ! - قال : قاتله اللّه ! يأبى إلّا تفاقاً، أو لسنا خيراً له في بني الأصفر ؟! لاحظ : تاريخ اليعقوبي 62/2.. وغيره.
3- كما رواه عنه ابن أبي الحديد في شرحه 289/6، وقال في 175/15 : ومما ورد من ذلك في السنة ورواه ثقات الأمة قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيه - وقد رآه مقبلاً على حمار ومعاوية يقوده، ويزيد يسوقه - : «لعن اللّه الراكب والقائد والسائق». جاءت الرواية عنه في الخصال: 191 (باب الثلاثة) حديث 264، وفيه: «فلعن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الراكب والقائد والسائق». وفي أنساب الأشراف 129/5 : لعن اللّه الحامل والمحمول والقائد والسائق.

وعن ابن عمر، وعن ابن السّدي.

وذكر الزمخشري في ربيع الأبرار (1)، والسجستاني في مسنده (2)، والدربندي في تذكرته (3)، والزهري في مجموعه (4)، وعبيد اللّه (5) بن سليمان بن وهب في رسالته (6) : أنّه رأى النبيّ (عليه وآله السلام) أبا سفيان راكباً ومعاوية يقوده ويزيد يسوق به، فقال : «اللّهم العن الراكب والقائد والسائق» (7).

ص: 490


1- ربيع الأبرار 400/4 نقلاً بالمعنى، والمؤدى واحد.
2- لم نعثر عليه في سنن أبي داود السجستاني.
3- لا نعرف كتاباً بهذا العنوان، فضلاً أن يكون مطبوعاً.
4- لم نعثر على كتاب مطبوع بهذا العنوان.
5- في نسختي الأصل : عبد اللّه، والصحيح ما أثبتناه من ربيع الأبرار.
6- قد نقل الزمخشري في ربيع الأبرار 358/5 [ طبعة الأعلمي ] عن رسالة عبيد اللّه بن سليمان بن وهب.
7- رواه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 190/33 (باب 17) حدیث 473، وصفحة : 208. وروى أبو حيان التوحيدي في كتاب الإمتاع والمؤانسة : 387 : قال المدائني : جرى بين وكيع بن الجراح وبين رجل من أصحابه كلام في معاوية، واختلفا، فقال الرجل لوكيع : ألم يبلغك أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم لعن أبا سفيان ومعاوية وعتبة، فقال : «لعن اللّه الراكب والقائد والسائق» ؟ فقال وكيع : إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم قال : أيما عبد دعوت عليه.. فاجعل ذلك له أو عليه رحمة ! فقال الرجل : أفيسرك أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم لعن والديك، فكان ذلك لهما رحمة ؟! فلم بحر إليه جواباً ! ولاحظ : المحصول للفخر الرازي 340/4 - 341، وقعة صفين : 42، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 288/6، وقبله في بحار الأنوار 296/30 (باب 20). انظر : الغدير 139/10، وكتاب الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار في هذه الألفاظ.

الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : «.. إنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعنه في سبعة مواطن (1):

ص: 491


1- هذا حاصل قطعة من مناشدته - صلوات اللّه عليه - الواردة في كتاب الاحتجاج 401/1 - 416 [ وفي طبعة 408 - 409]، وعنه في بحار الأنوار 77/44 78 (باب 20) ذیل حدیث 1، وجاء فيه قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) هكذا بنصه : «.. ثمّ أنشدكم باللّه ! هل تعلمون أنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعن أبا سفيان في سبعة مواطن : أوّلهنّ : حين خرج من مكة إلى المدينة - وأبو سفيان جاء من الشام - فوقع فيه أبو سفيان فسيّه وأوعده وهم أن يبطش به ثمّ صرفه اللّه عزّ وجلّ عنه. والثاني : يوم العير ؛ حيث طردها أبو سفيان ليحرزها من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). والثالث : يوم أحد ؛ قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اللّه مولانا ولا مولى لكم»، وقال أبو سفيان : لنا العزّى ولا لكم العزّى...فلعنه اللّه وملائكته ورسوله [رسله ] والمؤمنون أجمعون. والرابع : يوم حنين ؛ يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش وهوازن، وجاء عيينة بغطفان واليهود، فردّهم اللّه عزّ وجلّ بغيظهم لم ينالوا خيراً، هذا قول اللّه عزّ وجلّ له [أنزل] في سورتين في كلتيهما يسمّي أبا سفيان وأصحابه : كفاراً، وأنت - يا معاوية ! - يومئذٍ مشرك على رأي أبيك بمكة، وعلي يومئذٍ مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلى رأيه ودينه. والخامس : قول اللّه عزّ وجلّ : ﴿وَالهَدْيَ مَعْكوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ [سورة الفتح (48): 25] وصددت أنت وأبوك ومشرکو قریش رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلعنه اللّه لعنة شملته وذريته إلى يوم القيامة. والسادس : يوم الأحزاب ؛ يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش، وجاء عيينة بن حصن [ حصین ] بن بدر بغطفان، فلعن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) القادة والأتباع والساقة إلى يوم القيامة، فقيل : يارسول اللّه ! أما في الأتباع مؤمن ؟ ! فقال : «لا تصيب [ تعيب ] اللعنة مؤمناً من الأتباع، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا مجيب [ ويحتمل : نجيب ] ولا ناج..». والسابع : يوم الثنية ؛ يوم شدّ على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اثنا عشر رجلاً؛ سبعة منهم من بني أُميّة، وخمسة من سائر قريش، فلعن اللّه تبارك وتعالى ورسوله [ رسول اللّه ] (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )من حلّ الثنية غير النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وسائقه وقائده». ورواه الشيخ الصدوق له في الخصال 397/2 - 398 (باب السبعة) حديث 105 في حديث : لعن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أبا سفيان في سبعة مواطن. راجع ما جاء في شرح ابن أبي الحديد 290/6.

أمّا أوّلها ؛ فحين خرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إلى الشام، فلقيه أبو سفيان، فهمّ بقتله.. فلعنه.

ويوم بدر : طرد (1) العير فأحرزها من رسول اللّه.. فلعنه.

ص: 492


1- في نسختي الأصل: انطرد.

ويوم أحد ؛ إذ قال : اعلُ (1) هبل ! فوق ذروة الجبل.. فلعنه.

ويوم الجعل (2) ؛ إذ جاء يجمع بين كندة(3).. فلعنه.

ويوم الحديبية ؛ إذ قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «اكتب : من محمّد رسول اللّه..»، قال أبو سفيان : لا ولا كرامة ! ما هو رسول اللّه.. فلعنه.

ويوم الفتح ؛ إذ بلغه أن معاوية يريد (4) أن يسلم..

فكتب : [من البسيط ]

يا صَخْرُ لا تُسْلِمَنْ طَوْعاً فَتَفْضَحَنا***بعد الذين ببدر أصبحوا مزقا ]

الأبيات..

وقد تقدّمت.. فلعنه».

و في كلام الحسنبن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) لمعاوية : «أبوك أظلم من أُمّك ؛ لأنّه أكل كبد رسول اللّه سرّاً، وأكلت أُمّك كبده جهراً» (5).

ص: 493


1- في نسختي الأصل : أعلى.
2- تقرأ في نسخة (ب) : الجعد.
3- الظاهر : ويوم حنين إذ جاء بجمع من عدّة [ قبائل ].
4- الظاهر : إذ بلغ معاوية أنّه يريد..
5- أقول : ذكر في فتوح البلدان : 146، أنّه : لما توفى يزيد بن أبي سفيان ولي عمر معاوية، وقال والده لعمر : وصلتك يا أمير المؤمنين رحم !!

وقال فيه حسان (1) : [ من الطويل ]

وَأَنْتَ دَعِيُّ نِيطَ مِنْ آلِ هَاشِمٍ***كَما نِيطَ خَلْفَ الرَّاكِبِ القَدَحُ الفَرْدُ (2)

وله (3) (شعر) (4) : [ من الوافر ]

هَجَوْتَ (5) محمّداً فَأَجَبْتُ (6) عَنْهُ***وَعِنْدَ اللّه في ذاكَ الجَزاء

ص: 494


1- دیوان حسان بن ثابت : 100.
2- جاء البيت في عدة مصادر، لكن جملة منها ذكرت أن المخاطب هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب. وقد جاءت في هامش نسخة (ب) : هذه الأشعار في أبي سفيان بن الحارث الهاشمي، لا في أبي سفيان بن حرب الأموي ؛ فليتنبه. بدان [كذا تقرأ، ولعلّها : 12ن ]. انظر : الاستيعاب 342/1 - 343، وشرح النهج لابن أبي الحديد 283/15، والأغاني 356/4 - 357.. وغيرها.
3- دیوان حسان بن ثابت : 20.
4- انظر : أمالي المرتضى 85/3، المناقب للمصنف 143/1، مستدرك الحاكم 45/3، الاستيعاب 343/1، و 1673/4 - 1674.. وغيرها.
5- في نسخة (ألف) : حوت.
6- الكلمة مشوشة في نسخة (ألف) وقد تقرأ : فاحت.

فَإِنَّ أَبي ووالِدَهُ وأُمِّي (1)***لعِرْضِ محمّد مِنْكُمْ وقاءُ

أَتَهْجُوهُ وَلَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ***فَشَرُّ كُما لِخَيْرِ كُما الفداء (2)

ص: 495


1- الرواية المشهورة فيه : وعِرْضِي.
2- في نسختي الأصل : الغداء. وقد قيل في البيت الأخير : هذا أنصف بيت قالته العرب.

[ ومنهم : ]

* هند بنت عتبة (1):

كانت عند الفاكه بن المغيرة، فرأى رجلاً يخرج من عندها، فقال : ارجعي إلى اُمّك.. القصة (2).

فلما اجتمعوا عند بعض كُمّان اليمن، قال لها : لتلدن ملكاً يقال له : معاوية ! فتزَوَّجها (3) أبو سفيان طمعاً في ذلك.

وفي الأغاني(4) : أنّه قال مسافر بن [أبي ] عمرو بن أمية لأبي سفيان - لمّا تزوّج بهند - : [ من الطويل ]

ص: 496


1- هي : هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف (المتوفاة سنة 14ه_)، قالوا عنها : صحابية ! قرشية، أُمّ معاوية، تزوّجها أبو سفيان بعد زوجها الأول وقيل : الثاني - الفاكهة بن المغيرة، وقد رثت قتلی بدر، كما وقد هدر دمها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم فتح مكة وأمر بقتلها، هي وجمع ولو وجدوا تحت أستار الكعبة.. وأخبارها كثيرة. وكانت هند تذكر في مكة بفجور وعهر.. كما قاله ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 336/1. انظر عنها : أسد الغابة 562/5، مجمع الزوائد 264/9، طبقات ابن سعد 170/8، الأعلام 105/9، الأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار 296/4 - 297.
2- انظر القصة في الأغاني 39/9 [ طبعة دار إحياء التراث العربي ].
3- في نسختي الأصل : فزوجها، والمثبت من المصدر.
4- الأغاني 63/9 [دار الكتب العلمية، وفي طبعة دار إحياء التراث العربي 37/9].

أَلا إِنَّ هِنْداً أَصْبَحَتْ مِنْكَ مَحْرماً (1)***وأَصْبَحْتَ مِنْ أَدْنَى حُمُوتِها حَما

وَأَصْبَحْتَ كَالمَسْلُوبِ(2) جَفْنَ سِلاحِهِ***يُقَلِّبُ بالكَفَّيْن (3) قَوْساً وأَسْهُما (4)

وقال فروة بن وديعة : كانت هند أبغى بغيّ في(5) قريش، وكانت ذات راية، وكان العبّاس يعشقها، وغاب أبو سفيان حولاً كاملاً، فلما قدم [ ولد ] معاوية، فقال لها : ما هذا الولد وقد غبت حولاً كاملاً ؟! قالت : إن الرحم لَتَشِجُ في الرحم الكريمة.. فخشي أبو سفيان الفضيحة عليها ؛ لأنّها كانت ابنة عمه، فقال : لعمري لأنا جدير بالصبي.. ! واستلحقه ! !

وفي تاريخ البلاذري (6): قال معاوية لأسامة : رحم اللّه أُم أيمن كأني أرى ساقيها (7) وكأنهما ساقا نعامة.

ص: 497


1- في نسختي الأصل : مجرماً.
2- في المصدر : كالمقمور، ويراد به الشر والكريهة.
3- في نسخة (ب) : بالأكفين.
4- في نسختي الأصل : وأُمهما.
5- في نسخة (ب) : من.
6- أنساب الأشراف 475/1.
7- في نسختي الأصل : ساقها، والمثبت عن المصدر.

فقال أُسامة : [كانت ] واللّه خيراً من هند وأكرم.

فقال : وأكرم أيضاً ؟!

قال : نعم عند (1) : (أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّه أَتْقَكُمْ) (2).

وفي تاريخ الطبري (3) :.. أنّه كانت هند بنت عتبة [ بن ربيعة ] كلّما مرت بوحشي أو مرّ بها، قالت له : [ إيه ] أبا دسمة (4) ! اشف.. واشف(5)، وكان وحشي يكنّى : أبا دسمة.

وفي تفسير الواحدي (6) : عَلَيَّ إذا ثَأَرْتَ بأبي وأخي وعمي.. من علي

ص: 498


1- في الأنساب : نعم، قال اللّه عزّ وجلّ.
2- سورة الحجرات (49) : 13.
3- تاريخ الطبري 502/2 [ وفي طبعة الأعلمي 188/2].
4- في نسختي الأصل : يا وسمة، والمثبت عن المصدر. انظر : مغازي الواقدي 285/1.
5- في تاريخ الطبري : واشتف.
6- تفسير الواحدي والعبارة بتراء، كما هو واضح، والكتاب مفقود، قيل بطبعه في السعودية، ولم أحصل عليه فعلاً. وقد جاءت حكاية شهادة حمزة بن عبد المطلب (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أسباب النزول للواحدي : 291 - 293.. لا تفسیره قال المصنف في المناقب 166/1 - 167 [ وفي طبعة قم 192/1 - 193]، عن مغازي الواقدي : أنّ هنداً رأت وحشياً الحبشي يَعْدُو قِبَلَها، فقالت له : إنما ينفذ حكمك عليّ إِذا تَأَرتَ بأبي وأخي وعمي من علي أو حمزة أو محمّد [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )]، فقال : لا أطمع لمحمّد لشوكته، ولا في علي لبسالته وبصارته، ولَعَلِّي أُصيب من حمزة غرة فأرزقه.. قال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): «فزرقه وحشي فوق الثدي فسقط، وشدوا عليه فقتلوه، فأخذ وحشي الكبد فشدّ بها إلى هند، فأخذتها فطرحتها في فيها، فصارت مثل الداغصة فلفظتها، ويقال : صارت حجراً».

أو حمزة أو محمّد.. القصة.

فزَرَقَ وحشي حمزة فوق الثدي فسقط، وشدّوا عليه فقتلوه، فأخذ الوحشي الكبد فشدّ (1) بها إلى هند، فأخذتها فطرحتها في فيها، فصارت مثل الداغصة (2) فأُلْفِظَتْها (3). ويقال : صارت حجراً.. (4) فلذلك سميت : آكلة الأكباد (5).

ص: 499


1- كما جاء في نسخة (ب) والمصادر، وفي نسخة (ألف) : مسلم، أو : فسار بها.
2- الداغصة : عظم مدور يديص ويموج فوق رضف الركبة. وقيل : يتحرك على رأس الركبة، كما جاء في لسان العرب 36/7، وقريب منه جاء في كتاب العين 371/4.
3- في نسخة (ب) : فألقطتها.
4- روى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 97/20 (باب 12) حدیث 28، نقلاً عن إعلام الورى : 53 [الطبعة الأولى، وفي الطبعة الثانية : 93 - 94، وفي الطبعة المحققة 180/1] في حديث، قال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «وزرقه وحشي فوق الثدي فسقط، وشدّوا عليه فقتلوه، فأخذ وحشي الكبد فشدّ بها إلى هند بنت عتبة، فأخذتها فطرحتها في فيها، فصارت مثل الداغصة فلفظتها».
5- تعدّ هذه من مسلّمات التاريخ، قال المعتزلي في شرحه على النهج 237/15: وأكلت هند کبد حمزة، فمنهم آكلة الأكباد.. ومثله المقريزي في كتابه النزاع والتخاصم بين بني أُمية وبني هاشم : 14. ولاحظ : ما ذكره العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 296/30 (باب 21) ذيل حديث 151، نقلاً عن كتاب دلائل الإمامة، وأيضاً ما جاء في كتاب : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 10/1.. وغيره.

قال : ثمّ جاءت وجدعت أنفه وأذنه، وجُعِلت في مخنقتها (1) بالذريرة (2) مدة (3)، وكانت تضرب بالدق مع الجواري، وتقول :

ص: 500


1- في الدر النظيم : 159، وفيه : وجعلتها في مخنقتها..
2- الذريرة : قيل : هي فتات من قصب الطيب الذي يجاء به من بلد الهند، يشبه قصب النشاب. لاحظ ما جاء في لسان العرب 303/4، والعين 175/8، ومجمع البحرين 307/3.. وغيرهما.
3- حكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 83/20 - 84 (باب 12 غزوة أُحد) ذيل حديث 17، نقلاً عن الإرشاد للشيخ المفيد له 83/1، قال:.. وكانت هند بنت عتبة جعلت لوحشي جعلاً على أن يقتل رسول اللّه أو أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو حمزة بن عبد المطلب رضوان اللّه عليه، فقال لها : أمّا محمّد ؛ فلا حيلة لي فيه ؛ لأنّ أصحابه يطيفون به [ وفي طبعة : يطيقون به ]، وأمّا عليّ ؛ فإنّه إذا قاتل كان أحذر من الذئب ! وأمّا حمزة ؛ فإنّي أطمع فيه ؛ لأنّه إذا غضب لم يبصر بين يديه.. وكان حمزة - يومئذٍ - قد أعلم بريشة نعامة في صدره.. فكمن له وحشي في أصل شجرة، فرآه حمزة فبدر [إليه ] بالسيف فضربه ضربة أخطات رأسه. قال وحشي : وهززت حربتي حتّى إذا تمكنت منه رميته، فأصبته في أربيته فأنفذته، وتركته حتّى إذا برد صرت إليه فأخذت حربتي، وشغل عنّي وعنه المسلمون بهزيمتهم...وجاءت هند فأمرت بشق بطن حمزة، وقطع كبده والتمثيل به...! فجدعوا أنفه وأذنيه، ومثلوا به.. ورسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مشغول عنه لا يعلم بما انتهى إليه الأمر.. وقريب منه في كشف الغمة 192/1، وكشف اليقين : 126.. وغيرهما. وأيضاً حكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 55/20 - 56 (باب 12 غزوة أحد) ذيل حديث، نقلاً عن تفسير القمي (رَحمهُ اللّه)، قال :.. وكان حمزة بن عبد المطلب يحمل على القوم ؛ فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له أحد، وكانت هند بنت عتبة -عليها اللعنة - قد أعطت وحشياً عهداً : لئن قتلت محمّداً أو عليّاً أو حمزة لأعطيتك [ لأعطينك ] رضاك.. وكان وحشي عبداً لجبير بن مطعم حبشياً. فقال وحشي : أمّا محمّد فلا أقدر عليه، وأمّا على فرأيته رجلاً حذراً كثير الالتفات فلم أطمع فيه، فكمنت لحمزة ؛ فرأيته يهدّ الناس هداً، فمرّ بي فوطى على جرف نهر فسقط، فأخذت حربتي فهززتها ورميته فوقعت في خاصرته وخرجت من مثانته مغمسة بالدم، فسقط، فأتيته فشققت بطنه فأخذت كبده وجئت بها [ في الحروفية من التفسير : وأتيت بها ] إلى هند، فقلت لها : هذه كبد حمزة.. فأخذتها في فمها [فيها ] فلاكتها، فجعلها اللّه في فيها مثل الداغصة، فلفظتها ورمت بها، فبعث اللّه ملكاً فحمله وردّه إلى موضعها [في المصدر : وردّها إلى موضعها ]. فقال أبو عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «أبى اللّه أن يدخل شيئاً من بدن حمزة النار». فجاءت إليه هند فقطعت مذاكيره، وقطعت، أذنيه، وجعلتهما خرصين، وشدّتهما، عنقها، وقطعت يديه ورجليه... انظر تفسير القمّي 116/1 - 117 (سورة آل عمران) [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحققة 172/1 - 173 ذیل حدیث 22]، وتفسير البرهان 682/1 حديث 7.

ص: 501

[ من منهوك المنسرح المكشوف الضرب ]

نَحنُ بَناتُ طارِق***نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقُ

وَالمِسْكُ في المَفارِقُ***وَالدُّرُّ في المَخانِق (1)

[ إنْ تُقْبِلُوا نُعانِقُ***أَوْ تُدْبِرُوا نُفَارِقُ ]

فراقَ غَيْر وامق (2).

ص: 502


1- لم 25/20، يرد هذا البيت في بحار الأنوار 25/20، نقلاً عن مجمع البيان 514/2، وجاء ما بين المعكوفين محلّه. والمخانق : جمع المخنقة، وهي القلادة.
2- روى المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقب آل أبي طالب 165/1 - 166 - وعنه رواه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 116/20 - 117 (باب 12) حديث 47، عن ابن مسعود والإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): لما قصد أبو سفيان في ثلاثة آلاف من قريش إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - ويقال : في ألفين - منهم ما تا فارس والباقون ركب، ولهم سبعمائة درع، وهند تر تجز: [ من منهوك المنسرح ] نَحنُ بَناتُ طارِق***نَمْشِي عَلَى النَّمَارِقُ وَالمِسْكُ فِي المَفارِقْ***وَالدُّرُّ في المَخانِقْ وكان استأجر أبو سفيان يوم أحد ألفين من الأحابيش يقاتل بهم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللّه)[سورة الأنفال (8) 36] فخرج النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مع أصحابه - وكانوا ألف رجل.. ويقال : سبعمائة، فانعزل عنهم ابن بثلث الناس، فهمت بنو حارثة وبنو سلمة بالرجوع، وهو قوله: ﴿إِذْهَمَّت طَائِفَتَانِ مِنكُمْ.. [ سورة آل عمران (3) 122]. انظر : مجمع الزوائد 109/6، الاستيعاب 1922/4، شرح النهج لابن أبي الحديد 235/14، طبقات ابن سعد 40/2، اسد الغابة 562/5.. وغيرها.

وتقول (1) : [من منهوك المنسرح الموقوف الضرب ]

إيها بَنِي عَبْدِ الدَّارُ***إيها حُماة (2) الأَدْبار

ضَرْباً بِكُلِّ بَتّار

وقالت - لما قتل حمزة (3) - : [ من الرجز ]

نَحْنُ حَرَبْنَاكُمْ (4) بِيَوْمِ بَدْرِ***وَالحَرْبُ بَعْدَ الحَرْبِ ذَاتُ سُعْرِ

ما كانَ عَنْ عُتْبَةَ لِي مِنْ صَبْرٍ***أَبِي وَعَمِّي وَأَخِي وَبَكْرِي

شَفَيْتَ وَحْشِيٌّ غَلِيلَ صَدْرِي***فَشُكْرُ وَحْشِيٌّ عَلَيَّ دَهْرِي

ص: 503


1- انظر : شرح الأخبار 272/1 - 273، وتاريخ الطبري 196/2، والأغاني 127/15، وسيرة ابن هشام 588/3.. وغيرها.
2- تقرأ في نسختي الأصل : بها حملة.
3- کما جاء في سيرة ابن هشام 40/4، والعقد الفريد 247/1 [ طبعة دار إحياء التراث، وفي طبعة دار الكتب العلمية 358/1]، وتفسير الثعلبي 146/3، والأحكام السلطانية : 74، وأسد الغابة 277/7، وتاريخ الإسلام 1332/1، والبداية والنهاية 37/4.. وغيرها.
4- كذا في نسختي الأصل، وفي جميع المصادر : جزيناكم.

فأجابتها صفية بنت عبد المطلب (1) : [ من الرجز ]

خَزِيتِ فِي بَدْرٍ وغَيْرِ بَدْرِ***يَا بِنْتَ (2) وَقَاعٍ عَظِيمِ الكُفْرِ

صَبَّحَكِ اللّه غَداةَ الفَجْرِ***بِالهَاشِمُيِّينَ الطُّوالِ (3) الزُّهْرِ

بِكُلِّ قَطَّاعِ حُسامٍ يَفْرِي***حَمْزَةً لَيْنِي وَعَلِيٌّ صَفْرِي (4)

ما لِلْبَغايَا بَعْدَها مِنْ فَخْرِ (5)

ص: 504


1- هي : صفية بنت عبد المطلب بن هاشم القرشية عمة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وأخت حمزة رضوان اللّه عليه، وأم الزبير بن العوام لعنه اللّه، صحابية فاضلة شاعرة فصيحة، من المهاجرات الأوائل، عمّرت نحو 73 سنة، توفيت بالمدينة سنة 20ه_. راجع عنها : تنقيح المقال 81/3 [ الطبعة الحجرية، باب النساء ]، الدر المنثور : 261 - 262، تراجم أعلام النساء 236/2، طبقات ابن سعد 41/8 - 42، سير أعلام النبلاء 269/2 - 271 عن عدة مصادر، الوافي بالوفيات 326/16 - 327، أعيان الشيعة 390/7.. وغيرها. أقول : في بعض المصادر أن الأبيات لهند بنت أثاثة بن عبّاد بن المطلّب. انظر : الغدير 18/2، وفي شرح ابن أبي الحديد 14/15 فأجابتها هند بنت أثاثة بن المطلب، ومثله في، ومثله في أسد الغابة 559/5، والإصابة 341/8، والبداية والنهاية 42/4، وسيرة ابن هشام 607/3، وسيرة ابن كثير 74/3...وغيرها.
2- الكلمة مشوّشة غير معجمة، وأثبتناه من المصادر.
3- في نسخة (ألف) : طول.
4- في نسختي الأصل : صهري، وما أثبتناه من المصادر، وأنسب إلى معنى البيت والحقائق التاريخية.
5- روى الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في إرشاده 75/1، وعنه في بحار الأنوار 280/19 باب 10 حديث 18، قال : وفي قتل عتبة وشيبة والوليد تقول هند بنت عتبة.. ومثله قال المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 1203 [ طبعة قم، وفي طبعة 313/2] - وعنه نقل العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره (292/19 (باب 10) حديث 35، عن المناقب: قالت هند في عتبة وشيبة : [ من المتقارب ] أيا عينُ جُودِي بدمع سَرِبْ***على خيرِ خِنْدَفَ لم يَنْقَلِبْ تَداعَى له رهطه غُدوة***بنو هاشم وبَنُو المُطَّلِب يُذِيقُونَهُ حَدَّ أَشيافِهِمْ***يُعَرُّونَهُ بعد ما قَدْ شَحِبْ ثم قال : ووجدت في كتاب المقنع قول هند: [ من الرجز ] أبي وعمّي وشقيق بكري***أخي الذي كانَ كضَوْء البَدْرِ بِهِمْ كَسَرْتَ يَا عَلِيُّ ظَهْرِي وقريب منه في سعد السعود : 104، وعنه في بحار الأنوار 315/19 (باب 10، غزوة بدر) ذیل حدیث 61. وفي سيرة ابن هشام :555/2 : أعينَي جودا بدمع سرب، ومثله في شرح النهج لابن أبي الحديد 131/14. ولاحظ : تاریخ دمشق 19/40، و 172/70، وأنساب الأشراف 388/9.. وغيرهما. وروى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 130/21 - 131 (باب 26، فتح مكة) ذيل حديث 22، عن إعلام الورى.. وأقبل أبو سفيان يركض حتّى دخل مكة وقد سطح [كذا، ولعله : سطع ] الغبار من فوق الجبال، وقريش لا تعلم، وأقبل أبو سفيان من أسفل الوادي يركض، فاستقبله [ الظاهر : فاستقبلته ] قريش وقالوا : ما وراءك ؟ وما هذا الغبار ؟ ! قال : محمّد [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ] في خلق.. ثمّ صاح : يا آل غالب! البيوت.. البيوت، من دخل داري فهو آمن.. فعرفت هند، فأخذت تطردهم، ثمّ قالت : اقتلوا الشيخ الخبيث لعنه اللّه من وافد قوم وطليعة قوم.. قال : ويلك ! إني رأيت ذات القرون، ورأيت فارس أبناء الكرام، ورأيت ملوك كندة وفتيان حمير يسلّمن آخر النهار، ويلك اسكتي، فقد - واللّه - جاء الحق ودنت البليّة. انظر : إعلام الورى 223/1، وقريب منه ذكره المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 179/1. أقول : وحكى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 341/19 – 342 (باب 10، غزوة بدر) ذیل حدیث 83 عن الواقدي، قال...ومشت نساء من قريش إلى هند بنت عتبة فقلن : ألا تبكين على أبيك وأخيك وعمّك وأهل بيتك ؟ ! فقالت : حلاقي [حلاني ] أنا أبكيهم، فيبلغ محمّداً وأصحابه فيشمتوا بنا ونساء بني الخزرج، لا واللّه حتّى أثأر محمّداً وأصحابه، والدهن عليّ حرام إن دخل رأسي حتّى نغز و محمّداً، واللّه لو أعلم أنّ الحزن يذهب من قلبي لبكيت، ولكن لا يذهبه إلا أن أرى ثاري بعيني من قتلة الأحبة.. فمكثت على حالها لا تقرب الدهن ولا قربت فراش أبي سفيان من يوم حلفت حتّى كانت وقعة أحد.. إلى آخره. ومثله عن الواقدي في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 153/14. انظر : مغازي الواقدي : 118 [ وفي طبعة 124/1].

ص: 505

وقال حسان(1) : [من الكامل ]

ص: 506


1- لم يرد اسم الشاعر في نسخة (ألف). انظر: دیوان حسان بن ثابت : 138 - 139. أقول : رواية الشعر هنا موافقة لما أورده أبو الفرج الإصفهاني في الأغاني 131/15، لا الديوان المطبوع، فراجع. وجاءت الأبيات أيضاً في تاريخ الطبري 205/2، وقد ذكر ابن أبي الحديد في شرحه 14/15 بعضها.

لَعَنَ الإِلهُ وزَوْجَها مَعَها***هِنْدَ الهُنُودِ طَوِيلَةَ البَطْرِ

أَخَرَجْتِ مِنْ قَصْرٍ (1) إِلى أُحُدٍ***في القَوْم مُفْتِنَةٌ (2) عَلى بَكْر

أخَرَجْتِ ثَائِرَةٌ (3) مُبادِرَةً***بِأَبِيكِ فاتِكِ (4) يَومِ ذِي بَدْرِ

وَبِعَمِّكِ المَسْتُوهِ(5) في رَدْعٍ (6)***وَأخِيكِ مُنْعَفِرَيْنِ في الجَفْرِ (7)

ص: 507


1- في نسخة (ب) : قصة، وفي الديوان والأغاني : مُرْقِصَة، بدل : من قصر.
2- في الديوان : مُعَنِقَةً، وفي الأغاني : مُقْتِبَةً، وقد تقرأ في نسخة (ألف) : مفتية - بدون التنقيط - والظاهر : مُعْنِقة.
3- في نسخة (ألف): ثابرة.
4- تقرأ الكلمة في نسختى الأصل : فأُمّك.
5- كذا في الديوان، وفي نسخة (ب): المسبوة، وفي نسخة (ألف) تقرأ : المسموه.
6- في نسختي الأصل : درع، والردع : الدم.
7- في نسخة (ألف) : الحفر.

ونَسِيتِ فَاحِشَةً أَتَيْتِ بها***یا هِنْدُ وَيْحَكِ ! سُبَّةَ الذِّكْرِ (1)

وعصاكِ اسْتُكِ تَتَّقِينَ بها (2)***دُقّى عُجَايَكِ مِنْهُ بِالفِهْر (3)

فَرحَتْ عَجِينَتُها (4) وَمَسْرَجُها (5)***مِنْ دَأَبِها (6) نَصَّاً عَلَى العَيْرِ (7)

زَعَمَ الوَلائِدُ (8) أَنَّها وَلَدَتْ***وَلَداً صَغِيراً كانَ مِنْ عِهْرِ (9)

ص: 508


1- كذا في الديوان، وفي نسخة (ألف) : الركر، وقد تقرأ الكلمة في نسخة (ب) : الدكر. وفي الأغاني : سيئة الذكر.
2- الكلمة مطموسة في نسخة (ب)، ومشوّشة في نسخة (ألف)، والمثبت عن المصادر.
3- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : دمّي عجاتك، وفي المصادر : دقي العجاية منك بالفهر..
4- في الديوان والأغاني : عجيزتها.
5- في الأغاني : ومشرجها.
6- في نسخة (ب) : دايها، وهي غير معجمة في نسخة (ألف).
7- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، وكتبت نظير : القبر في نسخة (ب)، وفي الأغاني : القتر.
8- في نسخة (ألف): الولاد.
9- في نسختي الأصل : عمر. أقول : روى العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) 98/21 (باب 26 فتح مكة) عن الطبرسي في 98/21 تفسير مجمع البيان، في حديث قال : وروي أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بايعهن وكان على الصفا، وكان عمر أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفاً أن يعرفها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : «أبا يعكن على أن لا تشركن باللّه شيئاً». فقالت هند : : إنك لتأخذ علينا أمراً ما رأيناك أخذته على الرجال، وذلك أنّه بايع الرجال يومئذٍ على الإسلام والجهاد فقط فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «لا تسرقن !». فقالت هند : إنّ أبا سفيان رجل ممسك، وإنّي أصبت من ماله هنات، فلا أدري أيحلّ لي أم لا ؟ ! فقال أبو سفيان : ما أصبت من شيء فيما مضى وفيما غبر فهو لكِ حلال.. فضحك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعرفها. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «وإنكِ لهند بنت عتبة ؟ !». قالت : نعم، فاعف عما سلف يا نبي اللّه عفا اللّه عنك. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ولا تزنين». فقالت هند : أو تزني الحرة ! فتبسم عمر بن الخطّاب لما الخطاب لما جرى بينه بينها في الجاهلية. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «ولا تقتلن أولادكن». فقالت هند : ربّيناهم صغاراً وقتلتموهم كباراً، فأنتم وهم أعلم...! وكان ابنها حنظلة ابن أبي سفيان قتله علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم بدر، فضحك عمر حتى استلقى، و تبسّم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). ولما قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «ولا تأتين ببهتان». قالت هند : واللّه إنّ البهتان قبيح، وما تأمرنا إلّا بالرشد ومكارم الأخلاق. ولما قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «ولا يعصينك في معروف». قالت هند : ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء..!

ص: 509

ص: 510

[ ومنهم :

* أم جميل : (1) ]

قوله تعالى في [أُمّ] جميل عمة معاوية : ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ * في جِيدِها حَبْلُ مِنْ مَسَدٍ﴾ (2).

وقال محاسب : قوله : ﴿وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ) موازي لاسمها : أُمّ جميل ابنة حرب ؛ لاستوائهما في (787).

ويروى أنّها جاءت إلى (3) النبيّ (عليه و آله السلام) - وبها ولولة، وفي يدها حجر - فقالت : سمعت أن محمّداً هجاني، فقالوا : ما هجاك.. فانصرفت وهي تقول :

ص: 511


1- العنوان منا بحكم ما في المتن، وهي : أروى بنت حرب بن أُمية القرشية، أُخت أبي سفيان، وعمّة معاوية، وزوجة أبي لهب ﴿ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ﴾ [سورة النور (24) : 40 ]، وكانت عوراء العين عمياء القلب، وممن آذت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كثيراً، وكانت تحمل الغضا [ في مجمع البيان: العضاة ] والشوك فتطرحه في طريق رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، إذا خرج إلى الصلاة ليعقره، ويقال لها أيضاً : حمّالة النميمة، والعوراء.. كما جاء في حصيلة حياتها في الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 282/4، نقلاً عن الطبرسي (رَحمهُ اللّه) في مجمع البيان 559/10 - 560.. وغيره.
2- سورة المسد (111) : 4 - 5.
3- لا توجد (إلى) في نسخة (ألف).

[ من منهوك المنسرح المكشوف الضرب ]

مُذَمَّماً أَبَيْنَا(1)***وَدِينَهُ قَلَيْنا

وَأَمْرَهُ عَصَيْنا (2)

***

ص: 512


1- الكلمتان غير منقوطتين في نسختي الأصل، وقد تقرأ في نسخة (ألف) : مُدَمّما، وقد تكون : مه.
2- وحكاه في إعلام الورى : 18 [ الطبعة الأولى، وفي الطبعة الثانية 37/1، وفي الطبعة المحققة 87/1]، وعنه في بحار الأنوار (72/18 باب 8) حديث 26، عن أسماء بنت أبي بكر، قالت : لما نزلت : ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [سورة المسد (111): 1]: أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب ولها ولولة...وهي تقول : مذمماً أبينا***ودينه قلينا لاحظ : دلائل النبوة للبيهقي 195/2. وانظر : مجمع البيان 559/10 - 560، وعنه في بحار الأنوار 175/18 - 176 (باب 1)، وكذلك عنه في بحار الأنوار 279/8 (باب 24 المقدمة).

المحتوى - الفهرست التفصيلي

ص: 513

ص: 514

ص: 515

من المحتوى للجزء الثامن مثالب النواصب

آية.. ابتهال.. رواية.. شعر...3

نماذج من نسختي الكتاب - المبدأ والمنتهى...9

مسرد هذا الجزء...11

الفصل العاشر جامع في الناكثين (37 – 13)

في وجه قوله سبحانه: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللّه وَرَسُولَهُ..) نزلت في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...15

وجه قوله سبحانه: ﴿رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ﴾...16

توجيه الإمام السجاد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما قاله أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : (وإخواننا بغوا علينا)...18

وجه قوله سبحانه: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا..)....19

ومن الناكثين :

عبد اللّه بن الزبير

قول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «ما زال الزبير رجل منا أهل البيت..»...20

طلب ابن الزبير للحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أقم بمكة وما أجابه (عَلَيهِ السَّلَامُ)...21

هتك الحرم بواسطة ابن الزبير وأحل في الحرم...21

ص: 516

حذف من الخطبة الصلاة على محمّد بغضاً لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...21

حبس ابن الزبير محمّد بن الحنفية في سجن عارم...22

بيت لكثير في ذلك...22

جمع ابن الزبير جمعاً من بني هاشم في بيت وملأه حطباً وأضرم فيها النار...23

أبيات الناشي (3)...23

ومنهم : الوليد بن عقبة بن أبي معيط المخزومي

في وجه قوله سبحانه: ﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالمَوْتَى..)...25

سمّاه اللّه تعالى فاسقاً في آيتين...25

وجه قوله سبحانه: ﴿أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ﴾...26

أبيات أربع لحسان...28

ما ورد في قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ)...28

إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يباركه حين جيء به مع صبيان مكة...30

لعن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الوليد بعد أن أجار زوجته ومع ذلك ضربه عن عمر بن الخطّاب للوليد الذي ولاه صدقات بني تغلب لبيت ماله...31

جلد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوليد في الخمر، وأسر أباه يوم بدر، وقتله صبراً...33

قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عنه : «علج من أهل صفوريا»...33

تسمية بنو معيط : صبية النار...33

كان أبو الوليد مشهور بالأبنة وكان شديداً في الأذى على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...34

كان الوليد أخ عثمان لأمّه...34

ص: 517

تسب أم أبي معيط وأصلاب الوليد...34

صلاة الوليد في الكوفة سكراناً...34

ما قاله من أبيات في سكره عند صلاته...35

أبيات ثلاث لا يعرف صاحبها...35

أبيات للحطيئة (3) و (2)...36

باب القاسطين الفصل الأول في ابن هند (39 - 306)

قول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند قتاله : «معاشر المسلمين ﴿قَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ﴾»...41

روى عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «أئمة الكفر في الإسلام خمسة..»...43

ما قيل في قوله سبحانه: ﴿قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾ إنّهم أهل صفين...44

في قوله سبحانه: ﴿وَجَاءَ فِرْعَوْنُ﴾ معاوية (وَمَنْ قَبْلَهُ﴾ عثمان (وَالمُؤْتَفِكاتُ) أهل البصرة (بالخاطِئَةِ) عائشة...45

في المراد من قوله سبحانه: ﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاءِ الجَحِيمِ﴾...46

في المراد من قوله عزّ وجلّ : ﴿ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ...46

في المراد من قوله تعالى : (فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً)...47

في المراد من قوله عزّ من قائل: ﴿وَأَما الفَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبَاً)...47

ص: 518

ما قاله ابن هند بعد إقامة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأمير المؤمنين يوم غدير خم وفيه نزلت : ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى..)...49

المراد من قوله سبحانه: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا..)...50

كان معاوية يعزى إلى أربعة...50

بيتا حسان في مولد معاوية...51

قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «يطلع عليكم من هذا الفجّ رجل يموت على غير سنتي» فطلع معاوية...52

قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «يطلع عليكم رجل من أهل النار»...52

قولة معاوية عند سماع اسم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الأذان...53

ما ردّ به معاوية على عمرو بن العاص في رؤية رآها...53

قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «تابوت تو فلان في النار»...54

قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «فلان في تابوت من نار»...55

شعر معاوية...56

قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن معاوية من أنّه : «فرعون هذه الأُمّة»...56

أمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إنّه إن طلب معاوية الإمارة يلزم بقر بطنه...56

عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «إذا رأيتم فلاناً يخطب على منبري فاقتلوه»...57

عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «إذا رأيتم معاوية وعمرو بن العاص مجتمعين ففرقوا بينهما»...58

لما قتل عثمان اجتمع معاوية وعمرو بن العاص مصمموا خلع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...58

عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إن معاوية عمود النار...59

عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه قال : «من شر خلق اللّه خمسة..» وعدّ منهم معاوية...60

ص: 519

عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )أنّه قال : «بآية أنك من أهل النار»...60

إن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )الي اللّه عنه في سبعة مواطن.. 60

إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أشرف يوم أحد على الأحزاب فقال : «لعن اللّه الرؤساء والأتباع»...61

قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «اللّه عليك الأقيعس»...61

روى أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال في معاوية وأبيه وأخيه : «لعن اللّه السائق والقائد والراكب»...62

قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في معاوية : «اللّهم لا تشبع بطنه»...62

عن الحسن بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): «ما له ؟ لعنه اللّه، لا أشبع اللّه بطنه»...63

كان معاوية يقول : لقد لحقتني دعوة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...63

مقدار أكل معاوية وكان يأكل حتّى يتسطح ويقول ما شبعت ولكن مللت...64

كان يأكل في اليوم سبع أكلات أُخراهن بعد العصر...64

لقب ب_: الجراضم : في أكله في سبع أمعاء...65

بيت لشاعر...66

قول عائشة لرسول معاوية : ليس بأمير المؤمنين من قهر الناس بسيفه...66

سئل الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن العاقل : «من اتقى اللّه تعالى وتمسك بطاعته»، وعن معاوية قال : «تلك الشيطنة تلك الفرعنة»...66

في قول سفيان : العقل لزوم الحقّ ولزوم الصدق...66

قيل لشريك بن عبد اللّه : كان معاوية حليماً ؛ قال : لو كان حليماً ما سفه الحقّ ولا قاتل علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ)...67

قول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «الآن يطلع علينا من هذا الفجّ رجل ليس من أهل الجنة»...67

عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )أنه قال : «الآن يطلع علينا من هذا الفجّ رجل يموت على غير ملتي»...68

ص: 520

عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «معاوية في تابوت مقفل عليه في جهنم»...68

قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «إذا رأيتم معاوية يخطب على الأعواد فاقتلوه»...69

قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما رأى أبوسفيان على بعير ومعاوية وأخ له : «لعن اللّه الحامل والمحمول والقائد والسائق»...71

قال الأحنف : لو كان معاوية حليماً ما حمل أبناء العبيد على حرمه ولما أنكح [إلا ] الأكفاء...71

قيل : حلم معاوية معدن السفه وطلب ما ليس له...72

قتل جاريته لأنّها غنت في مدح أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وذلك بضرب رأسها بعمود...72

بيتان في ذم معاوية...72

عد شريك القاضي من فضائله : إنّ أباه قاتل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو قاتل الوصي وأُمّه أكلت كبد حمزة وابنه قتل سبط النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...73

ما قاله الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حلم معاوية...74

ظرائف حول ما قيل في معاوية...76

أبيات أبو العبّاس (4)...76

الفصل الثاني في بدع الجواضم (130 - 79)

الحسن عن معاوية بأنّه : خمّار، نهاق، فساق...81

دم سعيد بن المسيب لمعاوية بأنّه أول من ردّ قضاء رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...82

ص: 521

نقض معاوية فعله...83

استلحاق معاوية لزياد بن أبيه...83

أعان معاوية على بناء بيعة بدمشق...83

نسيان معاوية قراءة (بسم اللّه الرحمن الرحيم) في الصلاة...84

معاوية أوّل من خطب وهو جالس...85

معاوية أوّل من ركب بين الصفا والمروة...86

معاوية أوّل من استعمل أهل الذمة...86

معاوية أوّل من أظهر شرب النبيذ والغناء...86

معاوية أوّل من أكل الطين وأباحه...86

بدعة معاوية في جعل مدين من بر الشام يعدل صاعاً من تمر...87

قولة معاوية : كلّ كريم طروب...87

اعتراض عائشة على معاوية وقتله إيّاها بالنورة...87

بيت لشاعر...89

حبس معاوية عبد اللّه (عبد الرحمن) بن خالد بن الوليد وأغرمه ديتين...90

مقولة عائشة في حق معاوية...91

إرسال معاوية لجعدة بمال لسمّ الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)...91

تأويل قوله سبحانه: ﴿سَوَاءَ العَاكِفُ فِيهِ وَالبَادِ)...92

معاوية أوّل من علّق على باب مكة المصراعين....92

أمر معاوية بخلع منبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وإرساله له...93

انكساف الشمس عند قدوم معاوية للمدينة وزلزلت الأرض...94

ص: 522

قصد معاوية أصحاب الكهف...94

مبدأ كتاب خال المؤمنين...95

نقض هذه الدعوى بشواهد عدة...96

بيتان للبشنوي...97

أبيات الصاحب (2) و (5)...98

بيتان لأبي عيينة المهلبي...99

سبب إطلاقه على نفسه : كاتب الوحي...100

تحليل هذه الدعوى ونقضها...101

نقض زید بن ثابت على معاوية في كتابة الوحي...102

وضع معاوية اللعائن على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...103

التعبير عن أرض الشام بأنها الأرض المقدسة وفيها الأبدال...104

بيتا السري الموصلي...105

سوابق أسرة معاوية مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والعترة الطاهرة...105

أبيات معاوية لأبيه...106

خطبة معاوية على بني هاشم...106

أبيات عيينة الأسدي (4)...107

خطبة معاوية على أهل الكوفة...107

شنّ معاوية الغارات على بلاد العراق وأباح ابنه حرم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...109

أبيات الصاحب بن عباد (1) و (7) و (2)...110

بعض ما قيل في معاوية...111

ص: 523

قتل معاوية لعمرو بن الحمق...112

درء الحدّ عن الأعرابي الذي شرب الخمر، وله بيتان...113

شرب جمع من أصحابه النبيذ...114

أمره لمروان أن يدرء الحدّ عن أبي سيحان مع شربه الخمر...114

ضرط أبو الأسود عند معاوية...115

كان معاوية قليل الغيرة [بل عديم الغيرة ]...117

غزل أبا دهبل الجحمي بعاتكة بنت معاوية بأبيات (5)...117

مراسلات أبي دهبل لعاتكة بنت معاوية...119

أبيات أبي دهبل الجمحي(7)و (1)...120

ما وقع لأبي دهبل مع امرأة...122

مرض معاوية في الأبواء وما قاله...123

سم معاوية لسعد بن أبي وقاص والإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)...125

علق معاوية الصليب حين موته...126

أبيات ابن علوية الإصفهاني (9)...128

الفصل الثالث فصل آخر في معاوية (179 - 131)

تأويل قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَنْذَرْتَهُمْ..)...133

تأويل قوله تعالى: ﴿يَسْتَعْجِلُ بهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بها..)...133

ص: 524

عد مجموعة من الوقائع في مكالمة معاوية لجمع وقد ظهروا عليه...134

شماتة معاوية لشهادة الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)...134

دعوى معاوية أنّه فضل اللّه سبحانه قريشاً بثلاثة وجوابه...135

إفحام الرجل اليمني معاوية بطلب قوم أن يمطر اللّه عليهم حجارة...135

جواب مولى أبي ذر لمعاوية حين سأله متى قامت القيامة على الناس...137

جوابه حين قاله له : هل تعلم متى هلكت الأمة ؟!...137

إفحام عبادة بن الصامت معاوية لمخالفته في بيع الفضة بالفضة...138

رد أبو الدرداء على معاوية ومفارقته له...140

قول معاوية بالجبر ورد الأصحاب له...140

رد سعية بن غريض اليهودي على معاوية وامتناعه عن تسميته بأمير المؤمنين !...141

أبيات ابن غريض يندب به نفسه ومخاصمة معاوية له...142

مخاصمة معاوية لأبي الطفيل...143

مخاصمة معاوية لابن عباس...144

أبيات ابن أبي لهب (3)...145

قولة معاوية أنّه نتف شيبة كذا سنه !...146

مفاضلة عبد اللّه بن عامر معاوية...146

دعوى معاوية في خطبته عدم خلل فيه...146

وقاحة معاوية في وصف سبب رغبة أبيه في أُمته...147

ملاسنة خريم الناعم مع معاوية...147

تمني معاوية إغراق بني باهلة...148

ص: 525

موقف سعد بن أبي وقاص مع معاوية...149

محاجة مسور بن مخرمة لمعاوية...150

محاجة ابن عباس لمعاوية بعد إدعائه محبته له لقرابته وعزّه وأُمور أخر...151

بيتان لمجهول...151

محاجة عقيل لمعاوية حين دخل عليه...153

كلام معاوية مع عقيل ليلة الهرير وما جرى بينهما من محاجة...155

بيت لمعاوية...157

بيت لعقيل...158

في كتاب مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجواب معاوية له...158

رد أمير المؤمنين الا لمعاوية عليه الهاوية ومحاجته له...160

وصول کتاب معاوية لأمير المؤمنين ووقاحته وردّه عليه (عَلَيهِ السَّلَامُ) له...161

وقاحة معاوية بزعمه له فضائل كثيرة...166

ذكر معاوية بعض فضائله لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كتاب له...166

رد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليه في أبيات معروفة (9)...167

حج معاوية أيام خلافته ولم تتلقه الأنصار وردّهم عليه...169

أبيات معاوية لسعد بن أبي وقاص (3)...172

جواب سعد بن أبي وقاص لمعاوية (3)...173

بيتان لمعاوية كتبها لمحمّد بن مسلمة...173

الأبيات الجوابية لمحمّد بن مسلمة على معاوية (3)...174

الدنيا والآخرة عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والحطام بعده في نظر معاوية...175

ص: 526

عمل معاوية لعمر وعثمان عشرون سنة...176

أبيات وجدت على بساط معاوية (4)...176

أبيات الصاحب بن عباد (9)...177

أبيات أبي العبّاس الكلبي الكاتب (4)...178

الفصل الرابع في عمرو بن العاص السهمي (181 - 224)

في قوله سبحانه: ﴿تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللّه..)...183

هجاء عمرو بن العاص لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولعنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) له...183

نزول سورة الكوثر في الأبتر، والمقصود ب_: الأبتر : عمر...185

منافرة لهبي (من بني لهب) مع من ولد عمرو بن العاص...185

قولة عمرو بن العاص في كتاب اللّه ؛ وبذله كي تمحى سورة الكوثر...186

في قولهم السعيد من سعد في بطن أمه 186

حكم عمرو بن العاص لاختبار أهل الشام بلزوم ذبح القرع...187

صلاة عمرو بن العاص بأصحابه وهو جنب...188

اعتراف عمرو بن العاص ببغاء أمه...188

تاريخ النابغة - أم عمرو - ومن وقع عليها في طهر واحد فبان عمرو...189

شعر أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب في حقه...190

كلام أروى بنت الحارث بن عبد المطلب مع عمرو وقولها : يابن العاهرة...190

ص: 527

محاجة ابن عباس لعمرو بن العاص...192

ردّ ابن عباس لعمرو بن العاص حين سمعه يزكي نفسه...193

مبايعة عمرو لمعاوية على أن تكون له مصر...195

بيتا عمرو بن العاص لمعاوية...195

بيتا ابن عمرو بن العاص في حقه...195

ما قاله ابن عباس عن عمرو بن العاص...196

بیتان استشهد بهما ابن عباس على عمرو...197

بيت لدعبل في حق عمرو...198

رد أبي الهياج عبد اللّه بن أبي سفيان بن الحارث حين تحامل على عبد اللّه بن جعفر...198

تمثل أبو الهياج عبد اللّه بن أبي سفيان بأبيات ثلاث عليه....199

سماع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان...200

ما قاله كعب الأحبار لعمرو بن العاص...201

ما قاله عمرو بن العاص حين أدركه الموت لشرطته...202

مات عمرو بن العاص يوم الفطر سنة إحدى وخمسين وهو ابن ثلاث وسبعين...202

ما أنشده الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأجاب به عمرو بن العاص حين خاصمه...203

استشهاد ببيتين في الواقعة...204

عبر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )عنه ب_ : «سامري هذه الأمة»...204

ما كتب له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...205

بيتا الحسن بن محمّد الشاعر المتجعفر...205

أبيات ابن الحجاج (3)...206

ص: 528

بيتا الحسن بن عبد الحميد الضبي...207

ما ارتجزه أمير المؤمنين الا عند ملاحقة عمرو بن العاص وما صدر منه...207

أبيات معاوية مخاطباً عمرو بن العاص معرض بفعلته (5)...209

بيت لأبي فراس في ذلك...209

بيتا أبي الفوارس حيص بيص...209

رد عمرو بن العاص عالى معاوية حين شمت به...210

أبيات عمرو بن العاص ردّاً على أبيات معاوية (8)...211

مكيدة عمرو بن العاص في حمل المصاحف...214

مبدأ الفتنة في صفين وحركة الخوارج أبيات لشاعر...216

أبيات عمرو بن العاص لمعاوية حين عزله من مصر...219

الفصل الخامس في أبي موسى الأشعري (270 - 225)

تأويل قوله سبحانه: ﴿كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللّه أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ﴾...227

تأويل قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً...)...228

في ورود قوله عزّ وجلّ : ﴿وَمِن النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّه عَلَىٰ حَرْفٍ)...228

دعاء رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في آخر قنوته لاعناً لخمسة...229

قنوت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على معاوية وصحبه...229

ص: 529

ما قاله عمار لأبي موسى الأشعري عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولعنه إياه...230

شهادة سفيان الثوري بقنوت أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على الأشعري...231

شهادة حذيفة بن اليمان أنّه منافق...231

قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنّه : «جاثليق هذه الأمة»...231

كان أبو موسى حلاقاً...232

قال الفرزدق إن أبوه كان حجاماً...232

إقرار أبو موسى بأن ما ذهب من القرآن كثير...233

جهله بتحقق الرضاع وفتواه بغير ما أنزل اللّه...234

ضرب عمر لأبي موسى وحكمه بخيانته...234

اتهام عمر لأبي موسى بالكذب في حديث الاستيذان...235

ما قاله أبو موسى حين بلغه موت عثمان وكان واليه على الكوفة...235

عزل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأبي موسى من ولاية الكوفة...236

قوله : لما نفذ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابن عباس والأشتر : إنّها فتنة صماء...237

ما قاله ولده : أبو بردة بن أبي موسى لأبي العادية المزني قاتل عمار...238

قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأنّه سيكون من الحكمين الضالّين...239

محاجة عمار لأبي موسى في قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «إنها ستكون فتنة في أُمتتى..»...238

دعاء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليه...240

قال السيّد الحميري إنّه كان أغدر لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد أصحاب السقيفة...240

أبيات محمّد بن عيسى الأشعري القمّي (4)...240

ما جرى في مجلس المأمون في بني ضبة...242

ص: 530

ما ورد عن الأشاعرة وما قيل فيهم...242

ما قاله الحجاج بن حنتمة لحفيد أبي موسى...242

ما حكم به بلال بن أبي بردة بين الزوجين...243

مخاصمة الأفيشر امرأة إلى أبي موسى...244

أبيات الأقيشر (4)...245

سبب اختيار الحكمين وما جاء فيهم...246

أشعار خزيمة بن فاتك الأسدي (6)...248

قول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما كتبه يوم الحديبية...252

ما قاله شريح بن هاني لأبي موسى قبل التحكيم...256

ما قاله الأحنف لأبي موسى...256

بیتان كتبهما النجاشي لأبي موسى...257

قصة التحكيم...258

بيت ابن الحريري البصري...260

أبيات السيّد الحميري (3) و (3)...260

أبيات البشنوي(8) و(4)...262

أبيات العوني (2) و(4)...265

أبيات العوني (2) و(2)...266

ص: 531

[ ومنهم : ]

عبيد اللّه بن عمر

ما قاله بعض الملوك عنه عندما افتخر بأبيه...268

قتله لستة من المسلمين انتقاماً لقتل أبيه...268

بيتان لشاعر...269

الفصل السادس في جماعة من القاسطين (271 - 306)

المغيرة بن شعبة

في تأويل قوله سبحانه : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً..) وما ورد منه...276

اعترافه أنّه أوّل من أخرج الخلافة من أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...276

قول عمر له : ما رأيتك قط إلا تخوفت أن أُرجم من السماء...277

شهود بالزناء عليه...278

توعد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) إياه برجمه بالحجارة...278

عرف يكونه غادراً...278

كان يشتم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على المنابر...280

بیتان قيلا عند دفنه...281

أبيات لمجهول عن غدر المغيرة...282

أبيات للموسوي (4)...283

ص: 532

[ ومنهم : ]

معاذ بن جبل المزوقي

في تأويل قوله سبحانه : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ..)...285

أُمه : هند بنت سهل...286

حضر صفين وجادل علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) واستهزء به عبد الرحمن...286

أبيات السيّد محمّد الموسوي (3)...286

أبيات البديعي(3)...288

[ ومنهم : ]

أبو هريرة

الاختلاف في اسمه واسم أبيه...290

ما ورد في قوله سبحانه: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً..)...293

أخرف آخر عمره...292

قولهم فيه : إنّه سارق الذريرة...294

ما كان أبو هريرة يدعو به...294

لعب أبي هريرة بأربعة عشر على ظهر المسجد...294

كان يؤاكل الصبيان...295

إنه كان أبو هريرة أكذب الأحياء...295

إنّه كان أبوهريرة أكذب الناس...296

كان عمر يكذب أبا هريرة...296

ص: 533

ضرب عمر أبا هريرة بالدرّة...296

كانت عائشة تكذب أبا هريرة...296

كلام أبو مطيع لأبي حنيفة...297

كان أبو هريرة من أهل الصفة...297

أخذه أربعمائة درهم على أربعمائة حديث...298

دخول أبي هريرة مع معاوية إلى الكوفة...298

روايته أنّ الأُمناء يوم القيامة ثلاثة.. ثالثهم معاوية...299

روايته : الأمناء ثلاثة، رابعهم معاوية !...299

إقرار أبي هريرة بسماع حديث يوم الغدير...300

حدیث سبب سكنى الناس بعكة...301

أسلم بعد الهجرة بسبع سنين...301

قول رسول اللّه له : «إنّ لفيك لشعبة من الكفر»...302

ضرب عمر به بعد ما استعمله وسرق من بيت المال...302

قوله الصلاة خلف علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أفضل...303

قولهم عنه : شيخ المضيرة...303

بيتان للبرقي...304

أبيات العوني (10)...304

ص: 534

القسم الثالث في معايب الناكثين والقاسطين والمارقين باب المارقين (322 - 307)

تأويل قوله سبحانه: ﴿قُلْ هَلْ تُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً..)...309

قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إنك تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين»...310

قولة ذا الخويصرة لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اعدل بالسوية !...312

أسباب نزول قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ..)...314

المراد من : شيطان الردهة : ذا الخويصرة التميمي...314

المراد من : شرّ الخلق والخليقة : ذا الخويصرة التميمي...314

من كان في عينه شفقة (سفقة) من الشيطان...315

إباء الأول والثاني من قتله مع أمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لهما...316

أول قرن يطلع في أُمتي...317

قتل ذي الثدية في النهروان...318

بيت الوراق القمّي...319

بيتان لابن الحجاج...320

شعر السيّد الحميري (7)...320

ص: 535

باب الخاذلين [الفصل الأول] ذكر جماعة نقضوا بيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (323 - 357)

منهم :سعد بن أبي وقاص

روایته: «من كنت مولاه فعلي مولاه»...326

روايته: «علي مع الحقّ والحق معه»...327

امتنع من نصرة أميرالمؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حروبه...328

تحلیل حديث: «علي مع الحق..»...329

قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عنه : «فرعون هذه الأمة»...330

عزل عثمان لسعد بالوليد بن عقبة...331

عزل عمر لسعد من الكوفة...332

ما كان من شريح وسعد...333

ما قاله الخبيث للإمام المجتبى (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد الصلح...333

أبيات قيس بن سعد (3)...334

بيت للسيّد الحميري...335

ص: 536

[ ومنهم: ] عبد اللّه بن عمر

وجه نزول قوله تعالى: ﴿بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللّه..)...337

في قوله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ)...337

قول أمير المؤمنين الواليه في المدينة : «لا تعطين سعداً ولا ابن عمر من الفيء شيئاً»....338

ما قاله عمر عن ابنه من أنّه لا يحسن أن يطلق امرأته...339

ما قاله ابن مسعود في عبد اللّه بن عمر...339

امتناع الخبيث عن بيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...339

أمر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يخرج إلى الشام...340

قول الملعون : إن بيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) الضلالة !...341

طلبه من أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يقيله من بيعته !...341

كيفية مبايعة ابن عمر للحجاج...342

كان ينبذ له بالزبيب...343

طلب عبد الملك من الحجاج قتل ابن عمر سراً...344

دعوى ابن عمر معرفة ما جهله الكلّ وشهد شهادة زور...345

بيتان للكميت...346

ص: 537

[ ومنهم : ]

محمّد بن مسلمة الأنصاري

في قوله سبحانه : ﴿فَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ ممّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا)...348

قولة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «وقد بلغني عن سعد وابن مسلمة..»...349

اعتزاله عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : لا بالعك سعد...350

کتاب معاوية إليه وجوابه...351

أبيات سعد إلى معاوية (3)...352

ما قاله الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) له في مسيرة إلى أبيك...352

ما كان من منصور النمري وأبياته (7)...353

[ ومنهم : ]

صهيب بن سنان بن مالك الرومي

كون صهيب عبد سوء...356

تقديم عمر له من الصلاة من أهل الشورى...356

أبيات البرقي (3)...357

ص: 538

باب في الخاذلين [الفصل الثاني] فصل آخر (359 - 428)

[ ومنهم : ] زید بن ثابت

كان والياً لعثمان على الديوان وبيت المال ما أعطاه عثمان له...361

قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «إنما أخاف على أمتى من أئمة المضلين»...362

كان من أئمة الشيخين وأمر بجمع القرآن، قيل عنه : أفرضكم زيد بن ثابت...363

أبيات أحمد بن يوسف (6)...364

[ ومنهم : ] النعمان بن بشير الخزرجي

هو أول من هيج الفتنة وخرج بقميص عثمان للشام...366

هو الوحيد من الأنصار الذين كانوا مع معاوية في الشام...366

[ ومنهم : ] بشير بن سعد الخزرجي

هو أول من بايع يوم السقيفة لأبي بكر...369

ولاه معاوية على الكوفة...369

أبيات أبي تمام (4)...370

ص: 539

ومنهم : سلامة

ما قاله الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ)...371

ومنهم : كعب الأحبار

عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : «من أكذب الناس على اللّه ورسوله»...372

بشر معاوية بوصول الملك له وقتله لأولاد الرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...373

ومنهم : عمران بن الحصين

كان يشكّ في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المنحرفين عنه....378

أبيات البختري (5)...378

ومنهم :

جرير بن عبد اللّهالبجلي

لحق بمعاوية بعد ذهاب كلا نعليه !...380

أبيات السيّد الحميري (رَحمهُ اللّه) (6)...381

ومنهم : الأشعث بن قيس الكندي

يقال له : عرف النار وعنق النار...384

كان ممّن قوى الخوارج وأعانهم...385

ص: 540

ومنهم : ابنه : محمّد بن الأشعث

وهو المباشر لقتل أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)...387

ومنهم : ابنته : جعدة

وهي التي سمّت الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)...387

احتراق الأشعث بدعاء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...389

ومنهم : أسامة بن زيد بن حارثة مولى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

قول الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّه من الخاذلين...391

أبيات العوني (3)...395

ومنهم : حسان بن ثابت الخزرجي

تأويل قوله سبحانه: ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَنَا اثْنَتَيْنِ.. العَلِيِّ الكَبِيرِ)...396

كان يدعو الناس إلى نصرة معاوية...37

كلامه المستهجن الخبيث مخاطباً مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...397

قصة جبن حسّان وضعفه...398

مدح أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمّ عاداه بعد ذلك...400

بیتان لحسان...400

اتهام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقتل عثمان في بيتين...401

ص: 541

كانت عائشة تزكيه وحسان يمدحها...401

مدح حسان لعائشة...402

ما جرى بين صفوان وحسان من التهاجي...403

ومنهم : أنس بن مالك القشيري

معنى قوله : ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ..)...405

في معنى قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللّه وَرَسُولَهُ..)...406

روى عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «ثلاثة يكذبون على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): أبو هريرة وأنس بن مالك وامراة»...406

كتمانه - مع البراء بن عازب والأشعث بن قيس وخالد بن يزيد البجلي حديث الغدير...407

دعاء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على هؤلاء الثلاثة...408

كان أنس بن مالك يمرّ على الأعمش، ويقول الأخير : لا أسمع منك حديثاً...410

بيتان للصاحب بن عباد...411

ومنهم : أبو الدرداء

في قوله سبحانه: ﴿فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً.. غير الذي قيل لهم.)....413

في قوله عزّ اسمه : ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ..)...414

ذهاب أبي الدرداء وأبي هريرة عند معاوية ثمّ إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...414

أنشد البعض أبياتاً في هذه الواقعة (6)...417

ص: 542

بيتان لسعيد بن الحارث الأزدي...418

ومنهم : سمرة بن جندب

كان لزياد ولاية الكوفة والبصرة ستة أشهر والباقي يولّي عليها سمرة بن جندب...421

كان يحرّض الناس على الخروج على الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...422

ومنهم :...424

وهب بن صيفي الأنصاري

ومنهم : عبد اللّه بن سلام

كانوا من حواشي معاوية وأزلامهم...424

ومنهم:...425

كعب بن مالك

ومنهم:...425

مسلمة بن سلمة

ومنهم:...426

رافع بن خديج

ومنهم:...426

فضالة بن عبيد

ص: 543

ومنهم:...426

كعب بن عجرة

ومنهم :...426

قدامة بن مظعون

أبيات الصاحب بن عباد (6)...427

ص: 544

باب جماعة جاهروا بعداوة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)

الفصل الأول

في قوم ماتوا قبل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

(429 - 478)

منهم : خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي

كان من المشركين يوم بد وأحد والخندق ومات في إمارة عمر...432

استلحاق أبان وكان عبداً لأمية اسمه : ذكوان...433

في قوله سبحانه : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ..)...434

في قوله عزّ اسمه : ﴿ضَرَبَ اللّه مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ..)...434

في قوله تعالى : (لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذَى..)...436

قولة خالد : أنّ الأذى جاء من عمر الأعسر...436

فيما فعله أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مع خالد ولفّ القطب في عنقه...437

قصة قطب الرحى وما جرى فيها وما قيل...438

بيتان لعمار بن ياسر في هذه الواقعة...443

بيت العبدي...444

تبري رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ممّا فعله خالد على حي أبي داهر الأسدي...444

ابراء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذمة اللّه وذمة رسوله ممّا فعله خالد...446

ما فعله الخبيث مع بني جذيمة من القتل والنهب...447

ص: 545

تبري رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من فعل خالد وإبراء ذمتهم بأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...446

بعث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خالد إلى بني جذيمة ومعه عبد الرحمن...447

تبري رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من فعلة خالد وأمر أمير المؤمنين الان بإرضاءهم...448

بيت السيّد الحميري...449

ما فعله خالد مع الفجاءة...450

قذف عمر له بالزنا وقتله مسلماً رغبة في امرأته لجمالها...450

عدم توفيقه والبراء بن عازب حين أرسلوا إلى اليمن...451

موقف أهل اليمن - خاصة همدان - من مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...452

بيت لمولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في همدان...453

ومنهم :

سعيد بن عمرو العدوي

روى أنّه من أصحاب العقبة ولم يحضر بدراً...457

أبيات دعبل الخزاعي (رَحمهُ اللّه) (8)...457

ومنهم : عبد الرحمن بن عوف بن الحارث الزهري

هو لصيق، وكان به برص، وكان اسمه : عبد عمرو...463

شأن نزول قوله سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤمِنِينَ فِي الصَّدَقَتِ..)...464

كان يحمي أُمية بن خلف وما فعله الأنصار معه...465

عرض له وللزبير القمل فلبسوا الحرير...465

في دوره في الشورى الستة وما قاله عمر...466

ص: 546

اختيار عبد الرحمن لعثمان ودعاء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليه...467

رفض أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الخلافة مع إلزامهم له بالعمل بسيرة الشيخين...469

ما قاله أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أصحاب الشورى...470

ما قاله صلوات اللّه عليه لعبد الرحمن في اختياره عثمان...471

اختلاف عثمان وعبد الرحمن بعد ذلك وقوله له : يا منافق !...473

مهاجرة سع ة سعد بن أبي وقاص لعثمان، وعثمان مهاجراً لعبد الرحمن...475

قولة عثمان لأم سلمة في بيعة عبد الرحمن...475

إنكار عبد الرحمن على أبي بكر حين أراد أن يوليها عمر...476

أبيات السيّد الحميري (3)...477

ومنهم : أبو عبيدة ابن الجراح

موته في الشام في طاعون عمراس (كذا)...478

كان من حفار قبور أهل مكة...478

تأسف عمر على موته...478

الفصل الثاني في أبي سفيان (479 - 486)

في قوله سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللّه..)...481

ما دفعه أبو سفيان يوم أحد من الأموال...481

ص: 547

في ورود قوله سبحانه: ﴿وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى)...482

في قوله تعالى: ولا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..)...482

كان من المؤلفة قلوبهم وكان من الطلقاء...482

قوله لعثمان : تلقفوها تلقف الكرة فما هناك جنة ولا نار...482

كان من المشهورين بالزنا...484

كان من الخمارين...484

ضرب أبو سفيان لحمزة في شدقه...484

ما قاله قيصر عندما سمع محاسن الإسلام...485

كتاب رسول اللّه لهرقل...486

قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اللّهم العن الراكب والقائد والسائق»...489

لعن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أبو سفيان في سبع مواطن.. ثمّ ذكرها...490

كلام الإمام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمعاوية...492

أبيات حسان (1) و (2)...493

ومنهم : هند بنت عتبة

بيتا مسافر بن عمرو بن أُمية...496

كانت أبغى بغي في قريش، وكانت ذات راية...496

ما قاله معاوية لأُسامة في أُمته...496

ما قالته هند لوحشي...497

قتل وحشي لحمزة ومحاولة هند أكل كبده لذا سميت : آكلة الأكباد...498

ص: 548

كانت تضرب بالدفّ وتنشد في أُحد...499

أبيات هند لما قتل حمزة...502

رد صفية بنت عبد المطلب على هند...503

أبيات حسان في ردّ هند (8)...504

ومنهم : أُمّ جميل

في قوله تعالى : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ)...510

أبيات أُم جميل عمة معاوية...511

المحتوى...513

***

ص: 549

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.