مثالب النواصب ( ابن شهر آشوب ) المجلد 5
هوية الكتاب
للمحدّث المتتبّع والفقيه المحقّق
رشيد الدين أبي جعفر محمّد بن علي ابن شهر آشوب المزاندراني(طاب ثراه)
(488 – 588ه_)
الجُزء الخامس
صحّحه وأخرج نصوصه وعلّق عليه
الشيخ عبد المهدي الاثنا عشري
المؤلِّف : محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (488 - 588 ه_)
المحقق : الشيخ عبدالمهدي الاثناعشري
الإصدار : دار الرضا - النجف الأشرف
الطبعة : الأولى - 1445 ه_ / 2024 م
عدد الأجزاء : 12 مجلّداً
ص: 1
اشارة
المؤلَّف : مثالب النواصب ج / 5
المؤلِّف : محمّد بن علي بن شهر آشوب المازندراني (488 - 588 ه_)
المحقق : الشيخ عبدالمهدي الاثناعشري
الإصدار : دار الرضا - النجف الأشرف
الطبعة : الأولى - 1445 ه_ / 2024 م
عدد الأجزاء : 12 مجلّداً
يمنع شرعاً و قانوناً نشر الموسوعة أو تكثيرها أو تصويرها بدون إذن محققها وبإجازة كتبية
لتحصيل الموسوعة، يرجى الاتصال عبر :
البريد الإلكتروني : almasaleb@gmail.com
ص: 2
قال عزّ من قائل :
بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللّه قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ * وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ)
سورة البقرة (2): 170 - 171
ص: 3
عن مولانا أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - في حديث - أنّه قال :
«.. ومن الناس من يقول : إنّه يتولانا وهو يوالي أعداءنا، ومن يليهم من جلسائهم وأصحابهم [أعداؤنا].. فهو لم يسمع كلام ربّنا.. ولم يعمل به..».
دلائل الإمامة : 104 [ وفي المحقّقة 233]، وعنه في إثبات الهداة 319/5 حديث،87، ومدينة المعاجز: 340 حديث 62 [ وفي المحقّقة 66/5 حديث 66]، وبحار الأنوار 181/72 (باب 104) حديث 95.
ص: 4
ابتهال:
«.. فإنا يا ربّنا ! - بمنّك ولطفك - أجبنا داعيك، واتبعنا الرسول وصدّقناه، وصدّقنا مولى المؤمنين، وكفرنا بالجبت والطاغوت.. فولنا ما تولّينا، واحشرنا مع أئمّتنا.. فإنّا بهم مؤمنون موقنون، ولهم مسلمون.. آمنا بسرهم وعلانيتهم، وشاهدهم وغائبهم، وحيّهم وميتهم.. ورضينا بهم وبموالاتهم أئمّة وقادة وسادة، وحسبنا بهم بيننا وبين اللّه دون خلقه، لا نبتغي بهم بدلاً، ولا نتخذ من دونهم وليجة.. وبرئنا إلى اللّه من كلّ من نصب لهم حرباً من الجنّ والإنس.. من الأولين والآخرين، وكفرنا بالجبت والطاغوت، والأوثان الأربعة وأشياعهم وأتباعهم.. وكل من والاهم من الجن والإنس من أوّل الدهر إلى آخره..
اللّهمّ إنا نشهدك أنّا ندين بما دان به محمّد و آل محمّد صلی اللّه عليه وعليهم، وقولنا ما قالوا وديننا ما دانوا به.. ما قالوا به قلنا، وما دانوا به دنا.. وما أنكروا أنكرنا.. ومن والوا والينا.. ومن عادوا عادينا.. ومن لعنوا لعنّا.. ومن تبرؤوا منه تبرّأنا منه.. ومن ترحّموا عليه ترحّمنا عليه..».
من دعاء يوم الغدير
كتاب الإقبال 472/1 - 474 [ الطبعة الإسلامية ]
وبحار الأنوار 299/98 - 300 (باب 85) [ باختلاف يسير ]
ص: 5
عبد المحسن الصوري :
[ من الطويل ]
دعوا الأُمة اللاتى استحلت دمي تَكُنْ*** مع الأُمة اللاتى بَغَتْ واستحلَّتِ
فما يُقتدى إلّا بهم في اغتصابها*** ولا أقتدي إلّا بصبر أئمّتي
أليس بَنُو الزهراء أدهى رزية*** عليكم إذا فكرتم في رزيتي ؟!
حماتي إذا لانت (1) قناتي وعُدتي*** إذا لم تكن لي عُدّةٌ عند شِدَّتي (2)
ص: 6
1- في النسختين : لاقت، وهي مصحفة من المثبت من الديوان والغدير.
2- هذه الأبيات من قصيدة أنشدها في أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، أدرجها مصنفنا في كتابنا هذا، وقد نقلها غير واحد من أعلامنا في مجاميعهم الشعرية، منهم العلامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 226/4 - 227، ووردت هذه الأبيات الأربعة هناك، كما وقد جاءت ضمن قصيدة ذات (23) بيتاً من [ 15 - 18 ]، وقد حصلنا بعد ذاك على ديوانه، فقد جاء فيه 74/1، ضمن قصيدة - في (24) بيتاً، إلّا التاسع عشر منها - في مدح أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)قالها في صباه، وقد جاءت هذه الأبيات هناك (15 - 18).
نماذج من نسختي الکتاب - المبدأ والمنتهی -
الصورة
7-5.jpg^
خاتمة الجزء الرابع وبداية هذا الجزء من نسخة ألف
ص: 7
الصورة
8-5.jpg^
نهاية المجلد الأوّل ومبدأ المجلد الثاني من نسخة ألف
ص: 8
الصورة
9-5.jpg^
خاتمة الجزء الرابع وبداية هذا الجزء من نسخة ب
ص: 9
الصورة
10-5.jpg^
نهاية المجلد الأوّل ومبدأ المجلد الثاني من نسخة ب
ص: 10
مسرد المجلد الخامس
آية.. رواية.. ابتهال.. شعر...3
نماذج من نسختي الكتاب - المبدأ والمنتهى -...7
مسرد هذا المجلد...11
القسم الثاني في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين تتمة باب أبي الدواهي (514 - 13)
الفصل الثالث : في جهل الأعسر...13
الفصل الرابع : في رجوع أبي حفص إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)...79
الفصل الخامس: في أحكام شنبوبة...153
الفصل السادس : في ظلم شمر دل...193
الفصل السابع : في شك الزريق....275
الفصل الثامن : في مكر الدلام...315
الفصل التاسع : في جبن المردبود...343
إلى هنا نهاية المجلد الأوّل من مخطوطة الكتاب حسب تقسيم المؤلف (رَحمهُ اللّه)...343
الفصل العاشر : في تعصب الشيطان...413
الفصل الحادي عشر : في كبائر الزفر...463
المحتوى الفهرست التفصيلي...515
ص: 11
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[ باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[ فصل 3]
[ في جهل الأعسر ]
ص: 13
القسم الثاني: في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين تتمة باب أبي الشرور
فصل: في جهل الأعسر
فصل: في جهل الأعسر (1)
قوله عزّ اسمه: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (2).
ص: 15
1- هذا ما قرره شيخنا المصنّف - طاب ثراه - من الرموز التي أوردها في مدخل موسوعته هذه للثاني مقابل (عسير) لأبي بكر، وهو في الثاني أشهر ؛ إذ هو الأعسر الأصلع.. كما وقد تكرر ذكره خلال فصول الكتاب.. فلاحظ الكتاب الرائع : الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 292/1 – 293.
2- سورة الزمر (39): 9. أقول : جاء في بصائر الدرجات : 74 - 75 [ وفي طبعة شرکت چاپ: 54 - 56 (باب 14) وفي المحقّقة 120/1 - 122 (الجزء الأول) باب 20 ] عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) - حين سئل عن هذه الآية الكريمة - فقال: «نحن الذين نعلم، وعدونا الذين لا يعلمون، وشيعتنا أولو الألباب»، ومثله عن الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ).. وفيه تسع روايات بأسانيد متعدّدة. ومثله جاء في المحاسن للبرقي (رَحمهُ اللّه) 169/1.. وغيره. وفي بصائر الدرجات : 141 [ وفي طبعة: 33، وفي المحقّقة 231/2 (باب نادر 24) حديث 466] قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «فنحن أهل البيت، وشيعتنا أولو الألباب، والذين لا يعلمون عدونا، وشيعتنا هم المهتدون».
أبو جعفر وأبو عبد اللّه (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)؛ في قوله: ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ..) (1) «ولايته من لا ؛
أخيه، ومن استقام في ولايته دخل الجنّة (2)».
ص: 16
1- سورة الذاريات (51): 9.
2- وجاء في المناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 296/3 [ طبعة قم، وفي طبعة بيروت 116/3] عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذيل الآية الشريفة قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «من أفك عن الولاية أفك عن الجنّة». وعنه في بحار الأنوار 368/23 (باب 21) حدیث 38. وقد جاء بنصه في الكافي الشريف (الأصول) 422/1، حديث 48، وكذا فيه صفحة : 421 ذيل الآية الكريمة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فذلك قوله: «يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ» [ سورة الذاريات (51) : 9]: «فإنّه - يعني عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) - من أفك عن الولاية أفك عن الجنّة»، وعنه العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 368/23 (باب 20) حدیث 39 و 378/23 - 379 (باب 20) حديث 63. راجع المناقب لابن شهر آشوب (رَحمهُ اللّه) 96/3 [ طبعة قم]. ومثله في بصائر الدرجات : 98 [ وفي طبعة : 21، وفي الطبعة المحقّقة 158 - 159/1 (الجزء الثاني، باب 14) حدیث 317] قال في أوّله : قوله : ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ «فإنّه - يعني عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) - من أفك عن ولايته أفك عن الجنّة، فذلك قوله : (يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾ ووردت الرواية في تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) : 647 [ الطبعة الحجرية، وفي الحروفية 329/2، وفي الطبعة المحقّقة 1010/3 - 1012 حدیث 2]، وعنه رواه العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار (169/36 (باب 39) حديث 156، ذيل الآية الكريمة، ومثله ما جاء في أصول الكافي، وأيضاً رواه في تفسير الفرات الكوفي : 41 حديث 583.
(قُتِلَ الخَرّاصُونَ.. إلى قوله (يَوْمُ الدِّينِ) (1) فالساهون: زريق وصاحبه...
هذا عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما بلغنا أنّه سأل أحداً قطّ (2).
ص: 17
1- سورة الذاريات (51) : 10 - 12.
2- وها هو أبو الحسن [ صلوات اللّه عليه وآله ] يعرّض نفسه لعويصات المسائل ومشكلات العلوم، وهو باب مدينة الرسول، وعلم آل بيت الوحي.. ولا زال يرفع عقيرته على صهوات المنابر - يعرف منه ذلك القريب والبعيد، ويعترف له به العدو والصديق - بقولته المشهورة: «سلوني قبل أن لا تسألوني، ولن تسألوا بعدي مثلي». كما جاء في مستدرك الحاكم النيسابوري 466/2.. وغيره. وعنه (عَلَيهِ السَّلَامُ): «سلوني واللّه لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلّا أخبر تكم، وسلوني عن كتاب اللّه، فواللّه ما من آية إلّا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار وفي سهل أم في جبل». وقد أخرجه ابن عبد البرّ في جامع بيان العلم 114/1، والطبري في الرياض النضرة 198/22، والسيوطي في الإتقان 319/2 [328/2]. وكذا قاله السيوطي في تاريخ الخلفاء : 124، وابن حجر في فتح الباري 485/8، والعيني في عمدة القاري 167/9.. وغيرهم، كما أفاده العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 193/6، وبمضمونه روايات جمة في مصادر متعدّدة؛ منها ما جاء في حلية الأوليا 68/1، وينابيع المودة: 274.. وغيرهما. وجاء في الصواعق المحرقة لابن حجر : 76، والرياض النضرة للمحب الطبري 198/2، وفي جامع بيان العلم 114/1.. وغيرهم عن سعيد بن المسيب أنّه قال : لم يكن أحد من الصحابة يقول : سلوني.. إلّا عليّ بن أبي طالب، وكان إذا سئل عن مسألة يكون فيها كالسكة المحماة.. بل ما قالها قبله (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلّا أخوه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وما تفوه بعده أحد إلّا وقد فضح.. وقد عدّ ممّن فضح في الغدير 195/6 - 196 جمعاً أخزاهم اللّه عند دعواهم. ولاحظ منه : 107/7 - 108.. وغيره وغيرها.
وأمّا عمر عمر ؛ فإنّه كان يسأل عبد الرحمن بن عوف، وكعب الأحبار، وعبد اللّه ابن سلام، وزيد بن ثابت، وعمرو بن العاص........(1) ويقول لابن عبّاس : غُص يا غَوَّاص (2).. رواه ابن بطة في الإبانة (3)، عن عبد اللّه بن دينار.
ص: 18
1- بياض في نسختي الأصل. أقول : قد عدد العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 326/6 - 327: (26) رجلاً وامرأة ممّن عرف اسمه ومن لم يعرف ممّن كان عمر يسألهم لجهله، على رأسهم سيدنا وسيد الوصيين أمير المؤمنين المؤمنين عليه آلاف التحية والسلام، ومن هنا جاءت قولة الرجل : لولا عليّ لهلك - أو ضلّ - عمر، أو : لا أبقاني اللّه لمعضلة.. أو بعد عليّ بن أبي طالب.. أو أعوذ باللّه من معضلة.. أو اللّهمّ لا تنزل بي شديدة إلّا وأبو الحسن إلى جنبي.. وغيرها كثير جداً.. وقولته المشهورة : كلّ الناس أفقه - أو أعلم - من عمر حتّى المخدرات.. أو ربّات الحجال.. أو العجائز.. أو غير ذلك..
2- في نسختي الأصل : عصى بأغواص، وهو تصحيف؛ حيث قد أطبقت المصادر على ما أثبتناه. انظر: المسترشد، والتعجب، وشرح النهج الحديدي، وتفسير الرازي، وكشف الغمة، وتاج العروس، وأساس البلاغة.. وغيرها.
3- الإبانة الكبرى لابن بطة، ولم نعثر على هذا الخبر في المقدار المطبوع من الكتاب.
وفي الإحياء (1): أنّه كان يقدّم ابن عبّاس - وهو حديث السن (2) - عَلَى (3) أكابر أصحابه ويسأله دونهم(4).
وفي مسند أبي يعلى الموصلي (5) : قال عمرو بن معد يكرب (6): أصاب رجلاً من بني كنانة مأمومة، فأراد عمر أن يقيد (7) منه، فقال (8) له العبّاس بن
ص: 19
1- إحياء علوم الدين 256/2.
2- في نسختي الأصل : النبي، وهو سهو.
3- في نسختي الأصل : عن، وهو سهو.
4- ومع هذا فقد هاب ابن عباس أن يسأل الخليفة عن قوله تعالى : (وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ..﴾ [سورة التحريم (66) : 4] كما صرح به الهيثمي في مجمع الزوائد 8/5. بل قال : مكثت سنتين أريد أن أسأل عمر بن الخطّاب عن حديث ما منعني منه الّا هيبته. هذا ؛ وقد جاء في كتاب جامع بيان العلم لابن عبد البر : 56 - وقريب منه في سيرة عمر بن الخطّاب لابن الجوزي : 118.. وغيرهما.
5- مسند أبي يعلى الموصلي 63/12 حديث 6705. وأرسل الخبر الشيخ البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 15/3 من دون أن يذكر مصدره ولا قائله، مع اختلاف يسير.
6- في نسختي الأصل : عمر بن معتل، وهي محرّفة عن المثبت عن المصدر.
7- في نسختي الأصل: : يفيد، وفي الصراط : فأراد الاقتياد منه.
8- في نسختي الأصل : بقال.
عبد المطلب : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «لا قود في مَأْمُومةٍ، ولا جائِفَةٍ، ولا مُتَقلَةٍ (1)..» فأغرمه (2) العَقْلَ.
وفي الموطأ (3): أن رجلاً سأله عن جرادة (4) قتلها وهو محرم، فقال [عمر ] لكعب : تعال احكم (5)، فقال كعب : درهم، فقال عمر [الكعب] : إِنَّكَ لَتَجِدُ الفداء (6). التمرة (7) خيرٌ من جرادة !
ص: 20
1- الكلمة غير معجمة ومشوشة في نسختي الأصل، ولعلّه تقرأ : منتقلة، والمثبت عن المصدر والصراط. وفي سنن ابن ماجة 2 /881 عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه قال : «لا قود في المأمومة ولا الجائفة ولا المنقلة». وقريب منه عن الزهري أورده الصنعاني في المصنف 460/9، ومسند أبي يعلى 58/12، والجامع الصغير 751/2 حديث 9919، وكنز العمّال 62/15.. وغيرها.
2- في نسختي الأصل : فأعرفه.
3- الموطأ : 287 برقم 946 باختلاف أشرنا له. ولاحظ : نصب الراية 260/3.
4- في الموطأ : جرادات.
5- في نسختي الأصل : فقال : احكم.. والظاهر ما أُثبت. وجاءت العبارة في المصدر : تعال نحكم.
6- في الموطأ : الدراهم، بدل : الفداء.
7- في المصدر : لَتَمْرَةُ.
وقد ثبت رجوعه إلى أمير المؤمنين علىّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) راغماً، بعدما عجزت الصحابة (1) في ثلاث وعشرين مسألة (2).
وتفاخر أبو حامد الغزالي في الإحياء (3): أن عمر هذا (4) الذي سدّ باب الكلام والجدل (5) !
وضرب صبيغاً (6) بالدرّة لما أورد عليه سؤالاً في تعارض
ص: 21
1- في نسختي الأصل : الصاحبة، وهي محرفة عن المثبت.
2- كذا قال (قدّس سِرُّه) عدداً، وهذا غريب منه حتماً ؛ إذ ما وجدناه أكثر من هذا رواية ونقلاً، ولا يهمنا إحصاؤه فعلاً.
3- إحياء علوم الدين 23/1 باختلاف يسير [ وفي طبعة أُخرى 30/1]، وحكاه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 15/3 عنه.
4- كذا ؛ والظاهر : هو.
5- بل قال في إحياء علوم الدين 96/1 إنّ : أوّل من سنّ الجدل بالحق، وأوّل من سنّ دعوة المبتدعة بالمجادلة إلى الحق عليّ بن أبي طالب ! رضي اللّه عنه [ صلوات اللّه وسلامه عليه وآله ] إذ بعث ابن عبّاس - رضي اللّه عنهما - إلى الخوارج فكلّمهم.. إلى آخره.. ولقد ردَّه العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره، ولا أذكر محله، وأين كان ذاك فعلاً.
6- لا زال الكلام للغزالي، جاء هذا الاسم في الكتاب وهنا - غالباً - بالضاد والغين المعجمتين (ضبيغ) أو (ضبيع)، والصواب ما أثبتناه؛ إذ هو : صبيغ بن عسل. أقول : هو صبيغ بن عسل اليربوعي، ويقال : ابن عسيل، ويقال : صبيغ بن شريك من بني عسيل، وهو : التميمي البصري، وكان سيد قومه من قبل. قال في الوافي بالوفيات 283/16 برقم 313:.. الذي سأل عمر بن الخطّاب عمّا سأله فجلده، وكتب إلى أهل البصرة أن لا يجالسوه !.. انظر: الاشتقاق لابن دريد 227 - 228، وكذا في الإصابة 191/2 [ الطبعة الأُولى 198/1، وفي المحقّقة 370/3]، وتاريخ مدينة دمشق 23 /408..
آيتين (1) في كتاب اللّه تعالى، وهجره.. وأمر الناس بهجره !
والأصل في ذلك ما رواه علماؤكم - منهم النقاش في تفسيره(2)، وأبو عبد اللّه ابن بطة في الإبانة (3)، وابن الأنباري في كتاب الها آت(4) - بالإسناد عن السائب ابن يزيد (5)، وعن أبي عثمان - أيضاً - : أنّه أتاه رجل - يقال له : صبيغ (6) فسأله عن (الذَّارِيَاتِ﴾، وعن النَّازِعَاتِ﴾، وعن (المُرْسَلَاتِ﴾، فعلاه بدرته -
ص: 22
1- هذا ما استظهرناه، وفي نسخة (ألف) : اثنين، وفي نسخة (ب): أنيتين.
2- تفسير النقاش، وهو : شفاء الصدور في التفسير ؛ لأبي بكر محمّد بن الحسن النقاش، ولم نسمع بطبعه، ولا نعرف له نسخة فعلاً.
3- الإبانة الكبرى لابن بطة 414/1 - 415 برقم 329 و 330.
4- كتاب الهاآت في كتاب اللّه عزّ وجلّ لابن الأنباري أبي بكر محمد بن القاسم (271 - 328 ه-) وقد طبع محققاً بتحقيق نوار محمّد حسن آل ياسين.. لاحظ مجلة البلاغ : 5 - 4 (بغداد) سنة 1976م. وقد حكى عن الثلاثة الشيخ البياضي (رَحمهُ اللّه) في كتابه الصراط المستقيم 15/3 مختصراً.
5- في نسختي الأصل : السائبة بن زيد، وما أُثبت هو الصحيح.
6- في نسختي الأصل : ضبيع، والصواب ما أثبتناه.
وكان معتماً - فأمر فحسر عن رأسه، فإذا(1) له وَفْرَة (2)، فقال : أوّلَ لك، لو أصبتك محلوقاً لضربت عنقك ! (3)
ثم أمر به فحبس، فجعل يخرجه (4) كلّ يوم فيضر به خمسين جريدة.. حتّى ضربه أربعمائة !
قال [له] الرجل : إن [تَكُن ](5) تريد قتلي (6) فالسيف أروح ! ما جنيت جناية ! (7) سألتُ شيئاً، فإن علمت فعلمني، وإلا فقل [لا] علم (8) لى به.. فأنصرف عنك (9) [فأمر به ] فسير به إلى البصرة وصار منفياً، وكتب إلى أهل البصرة:
ص: 23
1- نسخة (ألف) : فإذن.
2- في نسختي الأصل : وقرة، والصحيح : وفرة، وهي لغة : الشعر المجتمع على الرأس، وقيل : ما سَالَ على الأذنين من الشعر، كما في لسان العرب 5 / 288 - 289. ولاحظ : مجمع البحرين 512/3، والعين 280/8.. وغيرهما
3- في النسختين : مخلوقاً، وفي الإبانة : لو وجدتك محلوقاً، والظاهر أن الصحيح - كما في المسترشد.. وغيره - : وقال له : أولى لك، لو أحسبك محلوقاً لضربت عنقك !!
4- في نسخة (ألف) : مخرجه، أو : فخرجه !
5- عن معنى ما في المسترشد، ففيه : فإن يكن قتلي تريد..
6- في نسختي الأصل: قتل.
7- في نسختي الأصل : ما حييت حياته.
8- في نسختي الأصل : أعلم.
9- كذا؛ وفي المسترشد للطبري الإمامي (رَحمهُ اللّه) : فقال له الرجل: قد عذبتني ؛ فإن يكن قتلي تريد ؛ فالسيف أروح لي.. بما استوجبت ما صنعت بي ؟ ! إنما سألتك عن شيء من كتاب اللّه، فإن كان لك علم فعلّمني، وإن لم يكن لك علم فقل : لا علم لي.. فأنصرف عنك، وإلا فإني ما سألتك ما أستحق به الضرب.. وفي بعض الروايات فقال : والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك.. ألبسوه ثياباً واحملوه على قتب، وأخرجوه حتّى تقدموا به بلاده، ثمّ ليقم خطيب.. ثمّ يقول : إنّ صبيغاً ابتغى العلم فأخطأه !! فلم يزل وضيعاً في قومه حتّى هلك.. وكان سيد قومه ! وانظر من المصادر الأخر : الشريعة للآجري 2556/5، شرح أصول اعتقاد أهل السنة 635/4، ذمّ التأويل : 12، وصفحة : 65، مجموع الفتاوي لابن تيمية 3/4.. وغيرها.
لا تجالسوه.. ولا تبايعوه !! (1)
وفي الإبانة (2) - في حديث سليمان بن يسار (3) - : أن عمر ضربه حتّى شجّه، فجعل الدم يسيل على وجهه، فقال : حسبك يا أمير المؤمنين ! ولقد ذهب - واللّه - الذي كنت أجببته في اللّه (4) !
ص: 24
1- أرسل القصة الطبري (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 542 - 543 تحت رقم 222 في عداد ما نقموا عليه.. والألفاظ هناك أصرح وأوضح، ثمّ علّق عليها في صفحة : 544. وراجع : تاريخ مدينة دمشق 408/23 - 410، والاشتقاق لابن درید: 228.
2- الإبانة الكبرى 609/2 - 610 برقم 789 باختلاف في الألفاظ.
3- في نسختي الأصل: حسّان، والصحيح ما أثبتناه من المصدر.
4- كذا ؛ وفي المصدر : فقد واللّه ذهب الذي كنت أجد في رأسي. وجاء في الإصابة لابن حجر العسقلاني 2 /191 برقم 4123، وفيه : صبيغ - بوزن عظيم - وآخره معجمة [ في الإصابة مهملة ]، قال : قد ذهب الذي كنت أجده في رأسي..
وفي حديث الزهري (1): أنّه ضرب صبيغاً (2) حتّى سالت الدماء على وجهه (3).
ص: 25
1- جاءت القصة بأنحاء مختلفة جداً؛ منها ما عن سليمان بن يسار : أنّ رجلاً يقال له : صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر - وقد أعد له عراجين النخل - فقال : من أنت ؟ قال : أنا عبد اللّه صبيغ.. فأخذ عمر عرجوناً من تلك العراجين فضربه. وقال : أنا عبد اللّه عمر !.. فجعل له ضرباً حتّى دمى رأسه. راجع : سنن الدارمي 54/1 - 55، تاریخ ابن عساكر 384/6، سيرة عمر لابن الجوزي: 109، تفسير ابن كثير 232/4، الإتقان للسيوطي 5/2، كنز العمّال 228/1 - 229، فتح الباري،17/8، الدر المنثور 111/6.. وغيرها. كل ذلك أورده شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 290/6 - 293.. عن عدة مصادر.. وغيره.
2- في نسختي الأصل : ضبيعاً، كما سلف.
3- وفي لفظ : إنّ عمر جلد صبيغاً لكثرة مسألته عن حروف القرآن حتّى اضطربت الدماء في ظهره. وجاء في أحكام القرآن لابن العربي 378/2 أنّه قال: مثل صنيع [كذا؛ الظاهر : صبيغ ] الذي ضربه عمر بالدرّة حتّى سالت الدماء على عقبيه أو على رجليه.. ومثله جاء في تفسير ابن كثير،294/2، والدر المنثور للسيوطي 161/3، وفتح القدير 2 /285.. وغيرها.
وفي تفسير النقاش (1): لما طالت هجرة الناس عنه، أتى أباموسى، فقال : واللّه لتأذنَنَّ للنّاس أن يجالسوني (2) و [إلا ] لألحقن بالترك.. فكتب أبو موسى إلى عمر بذلك، فأذن (3) للناس أن يجالسوه (4)، فكان صبيغ (5) بعد ذلك يقول (6) : واللّه ! لولا شعيراتي لقُتِلتُ.. واللّه لولا شعيراتى لقُتِلتُ !!..
فأيّ شيء أعجب من هذا الفعل أن يقعد مقعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ولا يكون عنده ما تحتاج الأمة إليه، ويعامل [الأمة ] مثل هذه المعاملة لجهل نفسه ؟ !
وفي غريب الحديث (7)..
ص: 26
1- تفسير النقاش، وهو : شفاء الصدور في التفسير ؛ لأبي بكر محمّد بن الحسن النقاش، ولم نسمع بطبعه، ولا نعرف له نسخة.
2- في نسخة (ألف) : لتأدين الناس أن يجالبون، وفي نسخة (ب): لنأدين الناس أن يجالبون، والصواب ما أثبتناه.
3- كذا في نسخة (ألف)، ولعلّه : فأدلّ.
4- في نسختي الأصل : يجالبونه، والصواب ما أثبتناه.
5- في نسختي الأصل : ضبيع.
6- تقرأ في نسختي الأصل : يتولّى، ولعله : يتولّى ويقول.
7- غريب الحديث 317/1 - 318 باختلاف أشرنا له، وجاء في الفائق للزمخشري 345/1، وكذا في الكشاف له 679/1. وراجع : الكامل للمبرد 123/2، وقال في آخره: وفي هذا الحديث ضروب من الفقه !!.. ثمّ ذكر جملة منها. وكذا راجع : تفسير الطبري 23/10، وغريب الحديث لابن قتيبة 2 / 141.. وغيرهما.
.. عن أبي عبيد (1) من روايتين: أنّه سأله أعرابي (2) عن محرم أصاب ظبياً، فسأل الأعسر (3) عبد الرحمن.. فقال : يهدي شاة (4)، وقال الأعرابي : واللّه ! ما درى أمير المؤمنين [ما فيها ] حتّى استفتى غيره.. فخفقه (5) بالدرّة، وقال : أتقتل في الحرم (6)، وتغمص (7) الفتيا [ وأنت محرم ] ؟ ! إنّ اللّه تعالى قال : ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ) (8) ! أنا زفر، وهذا عبد الرحمن، وكان اسم
ص: 27
1- في نسختى الأصل : عبيدة – بالتاء -.
2- في المصدر : هو قبيصة بن جابر.
3- كناية عن الخليفة الثاني، كما أقرّه وقرّره المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مدخل كتابه هذا. انظر : كتاب الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 293/1، وقد سلف.
4- في غريب الحديث : يذبح شاة.
5- الكلمة مشوشة، أثبتنا ما استظهرناه من معناها.
6- جاء في غريب الحديث المطبوع في هذا الموضع، فقال قبيصة لصاحبه : واللّه ! ما علم أمير المؤمنين حتّى سأل غيره، وأحسبني سأنحر ناقتي ! فسمعه عمر فأقبل عليه ضرباً بالدرّة.. فقال : أتغمص الفتيا.. وتقتل الصيد وأنت محرم ؟!..
7- في نسختي الأصل : تغمض، وما هنا من الكامل، وفي المصدر : أتغمص، وعرفها أبو عبيد بأنّها : أتحتقرها وتطعن فيها ؟ ! قال ابن الأثير في النهاية 386/3:.. وتغمص الفتيا : أي : تحتقرها وتستهين بها.
8- سورة المائدة (5) : 95.
الأعرابي : أبا قبيصة.
جابر (1): ما وجدنا مفتياً (2) يفعل مثل ذلك
وفي تعليقات ابن مقلة (3): إن الأعسر (4) قرأ : (أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوفِ..) (5) فلم يدر ما تَخَوُّف، فكان يسأل (6) حسّان بن ثابت وغيره عن ذلك، وأمر بالكتاب إلى الأمصار بالمسألة عن التَّخَوُّف (7)، فأقبل غلام يقود شيخاً، فقال : يا أمير المؤمنين ! إن أبى هلك وخلّفني يتيماً في حجر عمي، وترك لي (8) مالاً ! فلم يزل يتخوّفه حتّى أفناه (9).
فقال الثاني : اللّه أكبر !..
ص: 28
1- كذا ؛ وقد سلف أنّه : قبيصة بن جابر.. وقيل : هو صبيغ التميمي، وكان سيد قومه من قبل.. وهما اثنان على كل حال.
2- في نسختي الأصل : منتياً.
3- تعليقات ابن مقلة : وهي على كتاب غريب الحديث لأبي عبيد، ولا نعرف لها نسخة فعلاً.
4- راجع : الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 292/1 - 293.
5- سورة النحل (16): 47.
6- في نسختي الأصل : فسأل، ولا معنى لذلك، وما أُثبت استظهار.
7- في نسختي الأصل: الخوف، وهي مصحفة عن المثبت.
8- في نسختي الأصل : تركني، والظاهر ما أثبتناه.
9- في نسختي الأصل: أفتاه.. وهو سهو.
وعلم أن التَّخَوُّفَ هو النقصان (1).
وفي البخاري (2) - في خبر طويل : - أنّه سأل الصحابة عن نزول قوله : ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) (3)، قالوا : اللّه أعلم ! فغضب الأعسر، فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم !
فقال ابن عباس : مثل غنيّ (4) يضرب بطاعة (5) اللّه، ثم عمل بالمعاصي.
ص: 29
1- ولكن جاء في تفسير الكشّاف 165/2، وتفسير القرطبي 110/10، وتفسير البيضاوي 667/1.. بل غالب تفاسيرهم ومصادره عن عمر أنّه قال على المنبر : ما تقولون في قوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ..﴾ [سورة النحل (16): 47] فسكتوا ! فقام شيخ من هذيل فقال : هذه لغتنا التخوف : التنقص، قال: فهل تعرف العرب ذلك.. إلى آخره.
2- كتاب البخاري 31/6 (كتاب تفسير القرآن) حديث 4538 [ وفي طبعة 163/5 حديث 4174] باختصار جداً.
3- سورة البقرة (2) : 266.
4- كذا؛ والكلمة مشوشة في نسختي الأصل معنىً، وقد تقرأ: غضبي، وقد أثبتنا منها ما جاء في بعض المصادر.
5- كذا ؛ والمعني بالكلام غير تام. أقول : نص ما في المصدر ممّا يهمنا هنا هو : قال ابن عباس : ضربت مثلاً لعمل، قال عمر : أي عمل ؟ ! قال ابن عباس : لعمل ! قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة اللّه عزّ وجلّ، ثمّ بعث اللّه له الشيطان فعمل بالمعاصي حتّى أغرق أعماله.... ولاحظ ذخائر العقبی : 229، والمستدرك للحاكم 283/2، و 542/3 - 543، وغالب التفاسير.
وفي درّة الغوّاص في أوهام الخواص (1)، عن ابن الحريري : إن الصحابة قد اختلفوا في الموؤودة(2).
فقال لهم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنّها لا تكون موؤودة حتّى يأتي(3) عليها التارات السبع»، فقال له عمر : صدقت، أطال اللّه بقاءَكَ..
وأراد عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالتارات (4) السبع : طبقات الخلق السبع المبيّنة (5) في قوله : (وَلَقَدْ خَلَقْنا الإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ..) (6) فأشار (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أنّه إذا استهلّ (7) بعد الولادة، ثمّ دفن فقد وُئِدَ.
ص: 30
1- درة الغواص : 12، ورواه المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقب آل أبي طالب 49/2. و راجع : شرح درة الغواص للخفاجي : 64 - 65، شرح مشكل الآثار 174/5، الأوائل للعسكري : 135، الاستذكار،227/6، جامع العلوم والحكم : 49، وكذا شرح إحقاق الحق 434/17، وغيرها.
2- بيان ذلك ما في الاستذكار 226/6 عن عبيد الاستذكار 226/6 عن عبيد اللّه بن عدي بن الخبار، قال : تذاكر أصحاب رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] عند عمر العَزْلَ، فاختلفوا فيه...فقال علي: «إنّها لا تكون موؤودة حتّى يأتي عليها التارات السبع : ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِن طين)» [ سورة المؤمنون (23) : 12].
3- في نسختي الأصل: يأبى.
4- في نسختي الأصل : بالنارات، والصحيح ما أثبتناه.
5- تقرأ في نسختي الأصل : المبنية.
6- سورة المؤمنون (23) : 12.
7- في نسختي الأصل : استهلك.
وروى أبو حمزة الثمالي (1)، وأبو إسحاق الثعلبي (2) في تفسيرهما، والزجاج في معانيه(3)، والواحدي في أسباب نزول القرآن (4) - واللفظ للثمالى (5) - أنّه : قال عمر (6)
لابن سلّام : نزل على محمّد (عليه و آله السلام) : (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) (7) فكيف هذه المعرفة ؟ قال : نعرف نبي اللّه بالنعت
ص: 31
1- انظر : المجمع من تفسير أبي حمزة الثمالي : 113 عن المناقب وبحار الأنوار، وكذا صفحة : 162، وهنا عن مجمع البيان في عمر البيان في عمر وعثمان. أقول : هذا الموضع جاء في مجمع البيان، وهو في عمر لا في عثمان، فراجع.
2- تفسير الثعلبي 4 / 140، وقال في المناقب 1 / 50 : والثعلبي في الكشف..
3- معاني القرآن 2 /234 - 235.
4- أسباب النزول : 27 باختلاف غير مهم. وزاد في المناقب 50/1 قوله : والزمخشري في الفائق، وعنه في بحار الأنوار 62/22 (باب 37) حدیث 1.
5- أي أخذ من تفسير أبي حمزة الثمالي.
6- في التفسير المجموع للثمالي : عثمان، بدلاً من عمر، ومثله عنه جاء في مناقب آل أبي طالب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 80/1، في فصل ما لاقى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من الكفار [47/1 طبعة قم ]. نعم؛ جاء في تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) : 182 [ الحجرية، وفي الحروفية 195/1 وفي المحقّقة 286/1 ذيل حديث 4]، نسبتها إلى عمر بن الخطّاب، وفيه : والذي يحلف به ابن سلام لأنا بمحمّد هذا أشدّ معرفة منّي بابني.. ونقله عنه في بحار الأنوار 15 / 180 (باب 2) حدیث 2.
7- سورة البقرة (2) : 146، ومثله في سورة الأنعام (6) : 20.
الذي نعته اللّه إذا رأيناه فيكم كما أخذنا (1)، كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه بين الغلمان، وأيم اللّه ! أنا (2) بمحمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أشدّ معرفة [منّي ] بابني(3)؛ لأني عرفته بما نعته اللّه في كتابه، وأما ابني فإني لا أدرى ما أحدثت أُمُّه (4)!
وفي روض الجنان (5)، عن أبي الفتوح الرازي، [وفي ] الكشف والبيان(6) عن الثعلبي، وفي تاريخ الطبري (7) أنّه : سأل زُفر جماعةً - فيهم سلمان وطلحة والزبير
ص: 32
1- قوله : كما أخذنا، لا يوجد في المناقب ولا مجمع البيان ولا بحار الأنوار.. ولا معنى له، ولعلّه : كأحدنا، أو هو تكرار لقوله : كما يعرف أحدنا، مع حذف (يعرف).
2- في المصدر : لأنا.
3- في نسخة (ألف) : يا بني.
4- في نسختي الأصل : أحدثه أمته، والمثبت عن البحار نقلاً عن المناقب و مجمع البيان، وفي أسباب النزول : لأني لا أدري ما أحدث النساء. وحكاه عن المناقب في بحار الأنوار 62/22 - 63 (باب 37) حديث 1. أقول : ما جاء في المناقب يختلف عمّا هنا كثيراً مع تقديم وتأخير، أشرنا لمهمه، وحكاه في مجمع البيان 282/4 [23/4، وفي طبعة صفحة : 354 وفيه : عمر ] ذيل الآية الشريفة عن أبي حمزة الثمالي، وفي آخره: فقال : قد وفقت وصدقت وأصبت.. وعنه في بحار الأنوار 85/9 (باب 1) (بيان).
5- روض الجنان لأبي الفتوح الرازي 198/1 - 199.
6- الكشف والبيان [ تفسير الثعلبي ] 1 /177.
7- تاريخ الطبري 211/4 [ طبعة الأعلمي بيروت 279/3] بسنده عن سلمان أن عمر قال له : أملك أنا أم خليفة ؟ فقال له سلمان : إن أنت جبيت في أرض المسلمين درهماً أو أقل أو أكثر، ثمّ وضعته في غير حقه ؛ فأنت ملك غير خليفة.. وقريب منه في الكامل لابن الأثير 59/3.
وكعب : ما الفرق بين الخليفة والملك ؟
فقال سلمان : الخليفة من يعدل في الرعية، ويقسم بالسوية، ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهله، [و] يقضي بكتاب اللّه.
فقال كعب : إنّ سلمان مُلِئَ حكماً وعلماً، وما كنا نعرف ذلك !
فقال عمر (1) : فأنا الخليفة أم الملك ؟ !
فقال : إن جبيت (2) من أرض المسلمين درهماً أو أقل أو أكثر، ثمّ وضعته في غير حقه.. فأنت ملك غير خليفة.
وروى ابن مسعود، وجابر بن يزيد، وعمرو بن أوس (3) - واللفظ
ص: 33
1- كما في كنز العمّال 567/12 حديث 35777، وفيه : عن سلمان أن عمر قال له : أملك أنا أم خليفة ؟ ! وانظر الحديث الذي قبله، وقد أورده ابن سعد في الطبقات 306/3.. وغيره. وراجع : التراتيب الإدارية للفاسي،13/1، ومآثر الإناقة للقلقشندي 13/1.
2- الكلمة مشوشة وغير معجمة في نسختي (ألف) و (ب)، والمثبت عن كنز العمال، و تفسير الثعلبي.
3- وأخرج يحيى بن سعيد بإسناده عن عمر بن الخطّاب أنّه قال : ما أدري ما أصنع بالمجوس وليسوا أهل الكتاب ؟ - وفي لفظ : ما أدري كيف أصنع في أمرهم ؟ - فقال عبد الرحمن بن عوف : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب».. وجاء بمضامين أُخرى.
لابن مسعود - أنّه قال عمر : لا أدري ما أصنع بالمجوس ؟ أين عبد اللّه بن عبّاس ؟ فقالوا : ها هو ذا(1)، [فجاء ] فقال : ما سمعت عليّاً ابن عمك يقول في المجوس ؟ ! فإن كنت لم تسمعه فاسأله عن ذلك !..
فمضى ابن عبّاس إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسأله عن ذلك..
فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهدِّي إلّا أنْ يُهدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (2).. ثمّ أفتاه (3).﴾
وقد رواه البخاري (4)، وأحمد بن حنبل (5) نحواً (6) من ذلك ؛ إلّا أنهما قالا ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس، حتّى شهد عبد الرحمن [بن عوف ] أنّ النبيّ (عليه و آله السلام) أخذها من مجوس هجر (7).
ص: 34
1- كذا في المناقب ؛ وفي نسختي الأصل : هادو ذا، وهي مصحفة عمّا أثبتناه.
2- سورة يونس (10) : 35.
3- وجاء بألفاظ مقاربة فيما أورده (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 2/ 190 [ 368/2] وعليها صححنا ما هنا.
4- كتاب البخاري 117/4 (ذيل باب الجزية والموادعة مع أهل الحرب، كتاب فرض الخمس) برقم 3156، و 3157.
5- مسند أحمد بن حنبل 1911، وصفحة : 194 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 318/1 حديث 1688 - مسند العشرة المبشرين بالجنّة حديث 1593].
6- في نسختي الأصل : نحا، وأثبتنا ما استظهرناه.
7- وقريب منه ما عن ابن عوف - أيضاً - أنّه قال : لما خرج المجوس من عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) سألته فأخبرني أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) خيره بين الجزية والقتل.. فاختار الجزية، كما جاء في مسند أحمد بن حنبل 192/1 [ طبعة دار إحياء التراث 315/1 حديث 1675، مسند العشرة المبشرين بالجنّة 1569 و 1582]. راجع : كتاب الأموال لأبي عبيد : 32، موطأ مالك 207/1، جامع الترمذي 192/1.. بعدة طرق، سنن الدارمي،234/2، سنن أبي داود 45/2، أحكام القرآن للجصاص 114/3، الرسالة للشافعي : 114، سنن البيهقي 248/8، و 189/9، مصابيح البغوي 97/2 مشكاة المصابيح : 344، سيرة عمر لابن الجوزي: 114. كل ذلك وغيره أورده شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 281/6.. وغيره وعن غيره كثير. ولا يخفى أنّ ذاك كان قبل موت الخليفة بسنة ! - كما صرح به الخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح : 344 - فالخلافة المسماة ب- : الإسلامية إلى يوم ذاك لا تعرف أولياتها الشرعية ولا ما يلزمها من الناحية المالية والسياسية والدينية.. !!
وذكر ابن الأنباري في الزاهر (1): قال الحسن : قال عمر بن الخطّاب لكعب الأحبار : إني سمعت اللّه يذكر جنّة عدن في غير موضع؛ فما هو ؟
قال كعب : هو قصر في الجنّة، لا يسكنه إلّا نبي، أو صديق، أو شهيد..
كذا ينبغي أن يكون الإمام سائلاً من (2) رعيته !!
ص: 35
1- كتاب الزاهر لأبي بكر ابن الأنباري 498/1، وكذا في 120/2 [طبعة مؤسسة الرسالة - بيروت ].
2- في نسختي الأصل عن بدلاً من من، وما أُثبت هو الأفضل، بل المتعين؛ لأنّ (سأل) عنه هنا تعطي معنى جيداً.
ثمّ إنّه كان أقلّ الناس يَرُدّ عليه، كما ذكر في المحاضرات (1)، والمستنير (2)، أنّه : مَرّ [عمر ] بشاب [من الأنصار وهو ظمآن] فاستسقاه ماء.. فخاض (3) له عسلاً فلم يشرب، وقال : إني سمعت رسول (4) اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: ﴿أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنيا) (5).
فقال الفتى (6) : إنّها [ واللّه ] ليست لك [اقرأ ] (7) ما قبلها : ﴿وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ
ص: 36
1- المحاضرات 725/2 [1/22]، ومثله في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 61/1[ وفي طبعة أُخرى 182/1]، وعنه في الغدير 104/6.
2- المستنير : عدّ من مؤلّفات محمّد بن جرير الطبري، ولا نعرف له نسخة فعلاً، وقد نقل الشيخ الماحوزي في أربعينه : 240 حديث خاصف النعل عنه، ممّا يكشف أنّه قد كان عنده. أقول : نسب الشيخ الطهراني (رَحمهُ اللّه) في الذريعة 15/21، هذا الكتاب للطبري الإمامي واستظهر كونه كتابه المسترشد. راجع : المسترشد للطبري : 654.
3- في المصدر : فحاض ! وفي شرح النهج : فجدح له ماء بعسل. وجاء في موضع آخر من الشرح المزبور :15/12: فخاض له عسلاً فرده ولم يشرب.
4- لا يوجد في المصدر : رسول، وهو الظاهر، والتصلية على هذا تكون من الناسخ.
5- سورة الأحقاف (46) : 20.
6- في نسختي الأصل : للفتى، وما هنا من المصدر.
7- بياض بمقدار كلمة في نسختي الأصل، والمثبت عن المحاضرات، وفي شرح النهج زيادة: ولا لأحد من أهل القبلة.
كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) (1) أفنحن هم ؟ !(2)
فسرّه (3) عمر، وقال : كلّ أحد أفقه من عمر (4).
ورأيت في تنبيه (5) الفضل بن شاذان (6)..
ص: 37
1- سورة الأحقاف (46): 20.
2- قوله : أفنحن هم، لم يرد في المحاضرات، وجاء في شرح النهج لابن أبي الحديد 15/12 : أفنحن منهم.
3- كذا ؛ ولعلّه : فَسُرَّ - بدون الضمير - والأظهر : فشرب، كما في شرح النهج، وفي المحاضرات : فشربها.
4- في المحاضرات وشرح النهج : كلّ الناس أفقه من عمر.. وهي كلمة حق لا نعرف له غيرها. وجاء عنه بألفاظ أخر ؛ مثل : لا أبقاني اللّه بعدك يا علي...واللّهمّ لا تبقني لمعضلة ليس لها عليّ بن أبي طالب.. وأعوذ باللّه من معضلة لا عليّ لها.. وغيرها، كما في المناقب للخوارزمي : 39.. وغيره، وقريب منه في نور الأبصار: 88 - 89.. والمضحك المبكي هو ادّعاؤهم لخليفتهم الثاني أنّ له تسعة أعشار العلم !! كما في طبقات ابن سعد 2 /336 قال : لو وضع علم أحياء العرب في كفّة وعلم عمر في في كفّة لرجح بهم علم عمر.. !! لعن اللّه ميزان القوم وما فيه.. وجهلهم بالحساب والأرقام ! ولعنة اللّه على المفترين الضالين المضلين إلى يوم الدين.
5- كذا ؛ وهي غير منقوطة في نسختي الأصل.
6- التنبيه للفضل بن شاذان، ويقال له : كتاب التنبيه في الجبر والتشبيه، ذكره الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في فهرسته : 124 - 125 برقم 552 [ الطبعة الحيدرية، وفي الطبعة المرتضوية : 150 - 151 برقم 564]، ولا نعرف له نسخة فعلاً.
.. وبدع الكوفي (1)، ومحاضرات الإصفهاني (2)، وكتاب النساء (3) للجاحظ، وفضائل السمعاني(4)، ومستصفى الغزالي (5)، والفاضل في البلاغة (6) عن المبرد، أنّه : قال عمر يوماً : [أيها الناس!] ما هذه الصدقات (7) [التي أحدثتم ] ؟ إلّا يبلغني أنّ أحداً تجاوز (8) [بصداقه ] صداق النبيّ (عليه وآله السلام) إلّا استرجعت منه (9) - في رواية : إلّا أدبته (10).. أو عاقبته.. فقامت [إليه ] امرأة، فقالت: ما جعل اللّه لك ذلك يابن الخطّاب ! إنّ اللّه تعالى يقول :
ص: 38
1- الاستغاثة في بدع الثلاثة : 187، ويقال له : البدع المحدثة في الإسلام بعد النبيّ (عليه وآله السلام).
2- المحاضرات 1 / 75 [1 / 101] باختلاف أشرنا إليه، وكرّره في 211/3 [231/2].
3- كتاب النساء للجاحظ، طبعت قطعة منه ضمن رسائل الجاحظ، الرسائل الكلامية، وليس ما هنا فيها، نعم جاء في كتاب ابن الجوزي الأذكياء: 162، انظر ما ذكره العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 96/6.
4- الفضائل للسمعاني، ولم يصل هذا الكتاب إلينا ولا نعرف له نسخة.
5- المستصفى 375/2، وفيه قولة عمر :.. أصابت امرأة وأخطأ عمر.
6- الفاضل في البلاغة ؛ لأبي العبّاس المبرد ؛ تعرّض فيه لفضائل مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد طبع في دار الكتب في مصر.
7- كذا ؛ والظاهر : الصداقات.
8- الكلمة في الأصل : تجاور.
9- كما في الجزء الأوّل من المحاضرات، وفي الجزء الثالث منه : منها، وهو الظاهر.
10- في نسخة (ألف) : أديته.
(وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجِ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطاراً فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً﴾ (1).
فقال: ألا تتعجبون (2) من إمام أخطأ وامرأة أصابت ؟! ناضلتْ أميركم فنضلته (3) !
وفي رواية السمعاني : كلّ أحد أفقه من عمر حتّى النسوان.. (4)
ص: 39
1- سورة النساء (4) : 20.
2- في نسختي الأصل : يتعجبون، وفي المحاضرات (المجلد الأول) : أما تعجبون، وفيه (المجلد الثالث) : ألا تعجبون.
3- الكلمات الثلاث مشوشة في نسختي الأصل، أثبتنا هنا ما جاء في أكثر المصادر، و تقرأ الكلمة الأخيرة في نسخة (ألف): ففضلته.
4- أقول : لقد أورد العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 95/6 - 99 عدّة روايات، وذكر صوراً تسعاً، وقد أخرجها عن جملة مصادر غير ما مرّ ؛ منها ما أخرجه أبو يعلى، كما في المقصد العلي 335/2 برقم 757، وسعيد بن منصور في سننه 166/1، وابن الجوزي في سيرة عمر : 129، والأذكياء : 162، وابن كثير في تفسيره 467/1، والسيوطي الدرّ المنثور 466/2، وكذا في جمع الجوامع كما في ترتيبه 298/8، والشوكاني في فتح القدير 407/1، والعجلوني في كشف الخفاء 269/1 - 270، و 2 /118، وابن عبد البرّ في جامع بيان العلم 530/1 برقم 864، وقد جاء في مختصره: 66، كما وقد جاء في تفسير القرطبي،99/5، والسنن الكبرى للبيهقي 233/7، وتفسير الكشاف 357/1، وإرشاد الساري في شرح كتاب البخاري 57/8، وكنز العمّال للهندي 298/8، وتفسير النيسابوري 377/2 (سورة النساء)، والتمهيد للباقلاني : 199، والإصابة 492/4، والفتوحات الإسلامية 472/2، والمستطرف 70/1، ومستدرك الحاكم 177/2، والتفسير الكبير للرازي 13/10.. وغيرها كثير.
ورجع عن قوله وقال : ألا إنّ المهر ما تراضى عليه الناس.
وقد أشار الغزالي [إلى] ذلك في الإحياء (1)، حيث قال : وردّت امرأة على عمر ونبهته على الحقّ - وهو في خطبته - على ملأ من الناس، فقال : أصابت امرأة وأخطأ رجل !
وروى البخاري(2) ؛ عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): أنّه زوّج رجلاً امرأة بآية من القرآن،
ص: 40
1- إحياء علوم الدين 44/1.
2- كتاب البخاري 8/7 - 9 (كتاب النكاح، باب 14 تزويج المعسر) حديث 4697 [ وفي ترقيم عبد الباقي 5087]، وكذا في 17/7 (باب 32 عرض المرأة نفسها) حدیث 4727 [ وفي ترقيم عبد الباقي 5121 ]، و 19/7 (باب 35، باب النظر إلى المرأة قبل التزويج) حديث 4731 [ وفي ترقيم عبد الباقي 5126]، و21/7 - 22 (باب 37، باب إذا كان الولي هو الخاطب)، لاحظ منه حديث 4737، وكذا حديث 4740 و 4745 [ وفي ترقيم عبد الباقي 5132، و 5135]، وفيه 5/7 (باب 8، ما يكره من التبتل والخصاء) حديث 5075 عن عبد اللّه، قال :.. ثمّ رخّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب.. وفيه - أيضاً - 26/7 (باب 50، التزويج على القرآن وبغير صداق) حديث 4753، و 7 / 200 - 201 (كتاب اللباس، باب 47 خاتم الحديد) حديث 5422. وجاء - أيضاً - في كتاب فضائل القرآن من كتاب البخاري 236/6 - 237 حديث 4641 و 4642 (باب 21: خيركم من تعلم القرآن وعلمه).. هذا في خصوص كتاب البخاري وقد جاء في المجاميع الحديثية الأخر للعامّة فضلاً عن الخاصّة.
أو بخاتم حديد..
كيف أوجبوا أن يقوم مقام رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] من جهل مثل هذا، حتّى تردّه عليه امرأة ليست من أعلم النساء، وتكون أعلم بالحق والصواب منه ؟ !
وأشار الجاحظ في كتاب النساء (1) [ إلى ] حكاية الجارية التي برت أباها حتّى أرضعته !! فقال لها عمر : أنت أفقه من عمر !!
ورويتم أنّه مَرّ عمر بصبيان يلعبون فقال : ما رأينا خيراً (2) مذ فارقناكم فقال له صبي منهم : يا عمر ! أتقول هذا وقد رأيت رسول اللّه - وهو الخير كله ؟ !
فأخذ عمر تراباً، فجعله في فيه، وقال : كلّ الناس أعقل منك - يا عمر ! - حتّى الصبيان (3) ! وذكر الجاحظ في كتاب العبر (4) أنّه مرّ عمر بالصبيان يلعبون - وفيهم عبد اللّه
ص: 41
1- كتاب النساء للجاحظ، وطبعت قطعة منه ضمن رسائل الجاحظ - الرسائل الكلامية - وليس ما هنا فيها.. وقد سبق الكلام عنه.
2- في نسخة (ب): خبراً، وفي نسخة (ألف) : خبزاً.
3- انظر : الاستغاثة 46/2، ومثله رواه الشيخ البياضيا 6 في الصراط المستقيم 16/3.
4- كتاب العبر للجاحظ، ولا نعرف له نسخة ولا طبعة، بل لم يرد حتّى فيما طبع من كتب الجاحظ، بل لم نجده في فهرست ما طبع من كشاف لآثار الجاحظ ممّا جمعه الدكتور عليّ أبو ملحم، وعدّ فيه له أكثر من 193 مؤلّفاً ورسالة.. ثم إنّه قد نشر ذيل رسائل الجاحظ الكلامية المطبوعة من قبل دار ومكتبة الهلال.
ابن الزبير ففروا و ثبت ابن الزبير، فقال له عمر : كيف لم تفرّ مع أصحابك ؟ ! فقال ابن الزبير : لم أجترم فأخافك، ولا بالطريق من ضيق (1) فأوسع عليك (2).
وفي تاريخ الطبري (3) : إنّ عمر كان يسأل يهودياً عن الدجال ويكثر ذلك، فقال له اليهودي : وما مسألتك عنه ؟ ! وأنتم - واللّه - معشر العرب تقتلونه دون باب لدّ (4) [ببضع عشرة ذراعاً ].
وأشار الغزالي في إحياء العلوم (5).. إلى مسألة الجد والإخوة والجدّة، وحدّ شرب الخمر، ووجوب الغرم على الحاكم إذا أخطأ (6).
ص: 42
1- في المحاضرات :.. لم يكن الطريق ضيقاً..
2- وقريب منه في المحاضرات للراغب الإصفهاني 56/1، وكذا جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 114/20، والكامل لابن الأثير 360/4.. وغيرهما.
3- تاريخ الطبري 607/3[ طبعة الأعلمي بيروت 104/3] نقلاً بالمعنى.
4- في نسختي الأصل : يقبل به دون باب له.. وما هنا من المصدر.
5- إحياء علوم الدين 42/1.
6- وقال بعد ذاك هناك.. كما نقل من إجهاض المرأة جنينها خوفاً من عمر، وكما نقل من مسائل الفرائض.. وغيرها.
والأصل في مسألة الجدّ والإخوة والجدّة ما اشتهر في كتب فرائضهم [ب-]: المسألة الحمارية (1) والمشركة، وهو أنّه وقع في زمانه فريضة (2) اجتمع فيها زوج وأُمّ وإخوة (3) وأخوات لأب وأم، وأخوات لأُمّ؛ فأعطى الزوج النصف، وللأم السدس، وللإخوة والأخوات من الثلث(4)، وأسقط ولد الأبوان [كذا].
ص: 43
1- سميت حمارية ؛ لأنّ عمر حرم ولد الأبوين فقال بعضهم : يا أمير المؤمنين ! هب أن أبانا كان حماراً، أليست أُمنا واحدة ؟ !
2- أجملها البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 220/1، وأدرج جملة وقائع هناك، وقال قبل ذاك :...فقد روي في فضائل أحمد : أنّ أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]. قال الشعبي : ما رأيت أفرض منه، ولا أجيب منه [كذا في الصراط والظاهر أنّها : ولا أحسب منه كما في بحار الأنوار 159/40] سئل على المنبر - وهو يخطب - عمّن مات وترك امرأة وأبوين وبنتين كم نصيب المرأة ؟ فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «صار ثمنها تسعاً»، وذلك إما استفهام أو بيان حكم على رأي من يقول بالعول، فلقبت المسألة ب- : المنبرية. ثمّ قال : وروت العامّة أنّه : سئل عمّن خلّف ست مائة دينار، فاستحقت امرأة من الورثة ديناراً واحداً، كم كانوا ؟ فقال : «بنتان، وأُمّ، وزوجة، واثنا عشر أخاً وأُختاً»، فسميت : المسألة الدينارية. ثم قال : فأين هذا من عمر حيث أُتي إليه..
3- كذا ؛ والظاهر : وأُمّ وأخوان لأُمّ.
4- في المصادر زياده - وهي لازمة -: ولأخوي الأُم ثلث.
فقال (1): هَب أن أباهم كان حماراً [فأشركنا بأمنا، فسمّيت : الحمارية ] (2).
أليس قد نشوا فى نسب الأُم ؟! يجب أن يشرك بين الإخوة والأخوات من الأب والأم والإخوة والأخوات من الأم؛ فيجعل الثلث (3) بينهم بالسوية، لا يفضل فيه الذكر على الأنثى، فقال اللّه تعالى : (فَهُمْ شُرَكَاء فِي المُلْكِ..) (4).
ص: 44
1- في الصراط : فقال أخوا الأبوين هب أن أبانا كان حماراً، فأشركنا بأمنا فسميت : الحمارية.
2- الزيادة بين معكوفين جاءت من الصراط.
3- جاءت في نسختي الأصل زيادة (واو) هنا.
4- سورة النساء (4) : 12. انظر : تفسير القرطبي 79/5، وفتح القدير 435/1.. وغيرهما. 79/5، أقول : أخرج الدارمي في سننه 354/2 عن الشعبي، أنّه قال : أوّل جدّ ورّث في الإسلام عمر، فأخذ ماله، فأتاه عليّ وزيد، فقالا : ليس لك ذلك؛ إنّما كنت كأحد الأخوين.. وفي مستدرك الحاكم 340/4 : إنّ عمر حين طعن قال : إني رأيت في الجدّ رأياً فإن رأيتم أن تتبعوه.. و راجع : السنن الكبرى للبيهقي 246/6 - 247، ومجمع الزوائد 227/4.. وأخرج غير واحد - منهم السيوطي في جمع الجوامع، كما في ترتيبه 15/6 - عن سعيد بن المسيب، عن عمر، قال : سألت النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : كيف قسم، لا : الجد ؟ قال : «ما سؤالك عن ذلك يا عمر ؟ إنّي أظنّك تموت قبل أن تعلم ذلك !». قال سعيد بن المسيب : فمات عمر قبل أن يعلم ذلك. وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج 61/1[ وفي طبعة أخرى 181/1] : كان عمر يفتي كثيراً بالحكم ثمّ ينقضه، ويفتي بضده وخلافه، قضى في الجد مع الإخوة قضايا كثيرة مختلفة، ثمّ خاف من الحكم في هذه المسألة، فقال : من أراد أن يقتحم جراثيم جهنم فليقل في الجد برأيه.. وقال البيهقي في السنن الكبرى 245/6 عن عبيدة، أنّه قال : إنّي لأحفظ عن عمر في الجدّ مائة قضية ؛ كلّها ينقض بعضها بعضاً. وعلى كل ؛ فقد جعل الجدّ أولى من الأخ، بل كان عمر يكره الكلام في الجد، ومات ولم يفقه حكم هذه المسألة لوحدها..!! أقول : واللّه إنّه قال فيه برأيه هنا، فعليه ما يستحق ممّا حكم به على نفسه، فضلاً عمّا صدر منه من أحكام وقضايا ! ناهيك ما قام به من بدع وجرائم..
وقال الأصمعي : ولّى عمر كعب بن سور (1)، وذلك أن امرأة قالت: يا عمر إن زوجي صوّام قوام، فقال : إن هذا الرجل صالح.. ليتني كنت كذا..
فقال كعب : إنّها تشكو أنّه لا حظ لها منه (2) !
ص: 45
1- في نسختي الأصل: سوء، والمثبت هو الصحيح، وفي أمالي الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) :.. سور قضاء البصرة، وقد خرج مع عائشة في حرب الجمل، وقتل إلى سقر، وكان سبب ذلك أنّه حضر مجلس عمر فجاءت امرأة، فقالت..
2- جاءت الواقعة في كتب العامّة بألفاظ مختلفة جداً، وصور متعدّدة؛ منها ما جاء عن قتادة والشعبي، قالا : جاءت عمر امرأة فقالت: زوجي يقوم الليل ويصوم النهار...فقال عمر : لقد أحسنتِ الثناء على زوجك، فقال كعب بن سور: لقد شكت، فقال عمر : كيف ؟ قال : تزعم أنّه ليس لها من زوجها نصيب.. إلى آخره. وجاء بصورة أُخرى في الاستيعاب في ترجمة كعب بن سور. وفي لفظ الشعبي: قال عمر - مجيباً للمرأة - : فما تأمريني ؟ ! أتأمريني أن أمنع رجلاً من عبادة ربه ؟ ! كما في الكنى والألقاب للدولابي 192/1، والأذكياء لابن الجوزي: 49، و 142، والمستطرف لشهاب الدين الأبشيهي 70/1، وتاريخ الخلفاء للسيوطي : 96، والإصابة لابن حجر 315/3، وشرح النهج 105/3.. وغيرها. وقد ذكر شيخنا العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) عدا هذا صورة مفصلة للواقعة لاحظها في غديره 107/6.. وما بعدها. وجاءت الواقعة مفصلة في كتب الخاصّة - أيضاً - كما في الأمالي للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) : 130 برقم 206، [ طبعة مؤسسة البعثة ].. وعنه في بحار الأنوار 203/32 (باب 3)حدیث 157، وأورد لها مصادر في الهامش. أقول : هذا من جهله بمعاريض الكلام، وما أكثره منه، وما أقل ما أبقاه لنا التاريخ ؛ خوفاً منه أو حرصاً عليه !
عمران بن داود(1)؛ عن الصادق، قال : كانت لفاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) جارية، يقال لها : فضة(2)، فصارت من بعدها إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فزوجها من أبي ثعلبة الحبشي، فأولدها ابنا (3)، ثمّ مات عنها أبو ثعلبة، وتزوّجها
ص: 46
1- في المناقب للمصنّف (رَحمهُ اللّه) : ومن ذلك ؛ ذكر الجاحظ عن النظام في كتاب الفتيا ما ذكر عمر بن داود عن.. وفي شرح الأخبار : عمرو بن داود، وقد جاء كذلك في بعض نسخ المناقب.
2- وهي فضة النوبية رضوان اللّه عليها. انظر : الإصابة 387/4.
3- في نسختي الأصل أبداً، وما أثبتناه جاء في المناقب وشرح الأخبار وبحار الأنوار.
من بعده سليك الغطفاني (1).
ثمّ توفّي ابنها من أبي ثعلبة فامتنعت من سليك (2) أن يقربها، فاشتكاها(3) إلى عمر - وذلك في أيامه - فقال لها عمر : ما يشتكي منكِ سليك (4) يا فضة ؟ !
قالت له : أنت (5) تحكم في ذلك، ولا يخفى (6) عليك لم منعته نفسي (7).
فقال عمر : ما أجد لك في ذلك رخصة.
قالت: يا أباحفص ! ذهبت بك المذاهب، إن ابني من غيره مات، فأردت
ص: 47
1- في نسختي الأصل : سليل الغطفان، والمثبت هو الصحيح، وفي المناقب : أبو مليك الغطفاني.. وفي شرح الأخبار : سليك الغطفاني، وفي بحار الأنوار : أبو مليك الغطفائي، كما هو في طبعات المناقب. أقول : سليك بن هدبة الغطفاني ؛ أحد أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)،كما ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب 687/2، وابن حجر في الإصابة 441/4 [ تحقيق التركي]...وغيرهما.
2- في نسختي الأصل : سليل، والمثبت هو الصحيح، وفي المناقب : من أبي مليك، وفي شرح الأخبار : سليك.
3- في شرح الأخبار : فشكاها.. وهو الظاهر.
4- في نسختي الأصل : سليل، وفي المناقب : أبو مليك.
5- في نسختي الأصل : أن، والمثبت عن المصادر.
6- كذا ؛ وفي شرح الأخبار والمناقب وبحار الأنوار : وما يخفى.
7- لا توجد : لم منعته نفسي.. في المناقب، وفي شرح الأخبار : من نفسي.
أن أستبرئ نفسي بحيضة (1)، فإن أنا حضت.. علمته (2) أن ابني مات ولا أخ له، وإن كنت حاملاً.. كان الذي في بطني أخاه.
فقال الثاني : شعرة من آل أبي طالب أفقه من عدّي! (3)
ورويتم (4): أن عمر أصاب لقيطاً وطلب مرضعة ترضعه.. ودفعه إليها ترضعه، فكانت نسوة يأتينها فيحملن الصبي وينقنقنه (5)، فذكر لعمر، فقال : إذا جئن فأذّني..(6) فعلت، فمضى ودخل عليهنّ، وقال : أَنشد اللّه أُمّه إلّا ما أظهرت أمرها، فقالت (7) : يا أمير المؤمنين ! لا يهتك ستر اللّه.
فقام وهو يقول : كلّ أفقه من عمر (8).. وأوصى المرأة بهنّ خيراً.
ص: 48
1- في نسختي الأصل : بحيضته، وهي مصحفة عن المثبت عن المصادر.
2- كذا؛ ولا توجد الهاء في المناقب والبحار وشرح الأخبار.
3- هذا ما أورده المصنف (قدّس سِرُّه)في مناقبه 493/1 [ الأولى، و 402/2 - 403 من طبعة بيروت، وفي طبعة قم 183/2]، وعنه في بحار الأنوار 227/40 - 228 (باب 97) حدیث 7، وله (رَحمهُ اللّه) هناك بيان يلاحظ، وقد ألزم بما التزم به من القول بالعصبة. وأورده القاضي النعمان في شرح الأخبار 328/2 - 329 برقم 672.. وغيره.
4- لم أجد مصدراً فعلاً لهذه الواقعة مع ما هناك من اضطراب في ألفاظها.
5- الكلمة مشوشة غير منقوطة، أثبتنا ما استظهرناه منها.
6- كذا ؛ ولعله : آذِنّي، أو : آذنيني، والظاهر : فَآذِنَنّي.. أي أعلِمَنِّي.
7- في نسختي الأصل : فقلت.
8- هذه كلمة تكررت من الخليفة أكثر من سبعين مرة كما قيل، وقيل أكثر - وذلك في موارد متعدّدة. لاحظ بعضها في الغدير 95/6 - 99 نقلاً عن عشرات المصادر، وكذا صفحة : 104، و 106، و 111، و 328.. وغيرها.
وروى عمرو بن حمران، عن سعيد [بن أبي عروبة]، عن قتادة : أن امرأة اتخذت غلامها - على عهد عمر - فوقع أمرها إليه، فقالت : إني ] قرأت هذه الآية: ﴿أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ (1).. فأراد عمر أن يرجمها، فقال القوم: إنّها تأوّلت (2) بكتاب اللّه، فَخَلَّى (3) سبيلها، وقال : إنّها حرام بعده على كل مسلم، وجزّ (4) رأس الغلام وعزّره (5)!
ص: 49
1- سورة النساء (4) : 3.
2- في نسختي الأصل : ناولت.
3- في نسختي الأصل : فخل، وهي محرفة عن المثبت.
4- في نسختي الأصل : وحز، وهي مصحفة عن المثبت.
5- جاءت الواقعة بأكثر من صورة، وحيث كانت هنا مبتورة؛ لذا نذكر ما أورده القرطبي في تفسيره 107/12 [ المكتبة العربية - مصر ] من أنه: تسرّرت امرأة غلامها.. فذكر ذلك لعمر، فسألها : ما حملك على ذلك ؟ قالت : كنت أراه يحلّ لي بملك يميني، كما يحلّ للرجل المرأة بملك اليمين.. فاستشار عمر في رجمها أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فقالوا : تأوّلت كتاب اللّه عزّ وجلّ على غير تأويله.. لا رجم عليها. فقال عمر : لا جرم، واللّه ! لا أحلّكِ لحرّ بعده أبداً !!.. عاقبها بذلك ودراً الحد عنها ! وأمر العبد ألّا يقربها. وقد جاءت الواقعة بصور أُخرى في أكثر من مصدر؛ كما في تفسير ابن جرير الطبري 68/6، والسنن الكبرى للبيهقي 127/7، و تفسير ابن كثير 239/3.. وغيرها.
وذكر الترمذي (1) بإسناده إلى سعيد بن مسيّب قال : قال عمر : الدية على العاقلة، ولا ترتُ المرأة من دية زوجها شيئاً.. فأخبره (2) الضحاك بن سفيان الكلابي أنّ رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] كتب إليه أن ورّث امرأة أشيم(3) الضبابي من دية زوجها..
وهذا الذي تزعمون أن عنده تسعة أعشار العلم !! (4)
وروى أبوعبيد في غريب الحديث (5): أنّه قال الشعبي : خرج عمر إلى الاستسقاء فصعد المنبر، فلم يزد على الاستغفار حتّى نزل، فقيل له :
ص: 50
1- سنن الترمذي (الجامع الصحيح) 27/4 كتاب الديات (باب 19) حدیث 1415 [ حديث 1335]. ولاحظ : كتاب عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي 185/6 – 186، وقال الترمذي عنه : هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم. وكرّره في الجامع الصحيح 4 / 425 - 426 حديث 2110 [ كتاب الفرائض حديث 2036]. ولاحظ : شرحه في عارضة الأحوذي 260/8، وقال - أيضاً - عنه حكاية عن الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
2- كذا في كتاب الفرائض ؛ وفي كتاب الديات من المصدر : حتّى أخبره.
3- في نسخة (ألف) فراغ بمقدار كلمة.
4- في نسختي الأصل : للعلم.
5- غريب الحديث 259/3 - 260، وفيه : فسألت عنه الأصمعي فلم يقل فيه شيئاً، وكره أن يتأوّل على عمر مذهب الأنواء !
إنك لم تَستَسقِ، فقال : لقد استسقيت بمجاديح السماء (1).
قال: قال أبو عمرو : المجاديح : واحدها مِجْدَح، وهو [كلّ ] نجم من النجوم كانت العرب تقول إنّه يُمْطَرُ به، كقولهم في الأنواء (2).
فأوّل ما فيه : أنّه لم يُسْتَسْقَ في الجاهلية والإسلام بمثل هذا !..
وإن تأوّل قول اللّه تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ
ص: 51
1- وبألفاظ مقاربة لما هنا ذكرها عبد الرزاق الصنعاني في المصنف 87/3 حديث 4902، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 81/9، و 12 /129 - 130، وابن شبة في تاريخ المدينة 736/2، وكذا جاء في تفسير مجمع البيان 133/10.. وغيرها. وراجع : تفسير القرطبي 302/18.. وغيره من تفاسير العامّة.
2- في الفائق للزمخشري 170/1 [ وفي طبعة دار الفكر 195/1]:.. وهو جمع مجدح، وهو ثلاثة كواكب كأنها أثفية، فشبه بالمجدح، وهو خشبة لها ثلاثة أعيار - أي أركان - يجدح بها الدواء، أي يضرب...والمجدح عند العرب من الأنواء التي لا تكاد تخطي.. إلى آخره. ولاحظ 195/1 منه، والمحاضرات للراغب الإصفهاني 472/2. وانظر لسان العرب 421/2 (جدح)، و 1 / 176 (نوا).. قالوا : إن الأنواء عند الجاهلية ثمانية وعشرون نجماً معروفة المطالع، في أزمنة السنة كلّها من الصيف والشتاء والربيع والخريف، يسقط منها في كلّ ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر، وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لا بدّ من أن يكون عند ذلك مطر أو رياح.. وانظر : القاموس المحيط للفيروزآبادي 217/1، والصحاح للجوهري 358/1.. وغيرهما.
عَلَيْكُم مِدْرَارَاً) (1).
والثاني : أنّ الاعتقاد بالمجادح كفر.. فكأنَّ الرجل يخبط خبط عشواء ظلمة (2)، ويلعب في دين اللّه وكتابه !
ذكر الثعلبي في تفسيره (3)، والنظام في الفتيا(4)، أنّه روى أنس : أنّ الثاني قرأ يوماً : ﴿وَفاكِهَةٌ وَأَبَاً) (5)، ثمّ قال : هذا كله (6) أعْرِفُ، فما الأبّ ؟
ثم قال : ما ظهر من هذا الكتاب فاتبعوه، وما اكتتم (7) فذروه (8).
ص: 52
1- سورة نوح (71): 10 – 11.
2- الكلمة مشوشة وغير منقوطة، وتقرأ في نسخة (ب) : طله، وفي نسخة (ألف) : طلمة.
3- تفسير الثعلبي 134/10.
4- كتاب الفتيا، وهو للجاحظ، وقد سبق أن تحدّثنا عنه في المجلد الأوّل من موسوعتنا هذه، فراجع.
5- سوره عبس (80): 31.
6- لا توجد كلمة : كله.. في نسخة (ألف).
7- في نسختي الأصل : اكنتم.
8- روي في فتح الباري 229/13 - 230، والدر المنثور 317/6.. وغيرهما عن عبد الرحمن بن يزيد : إنّ رجلاً سأل عمر عن : ﴿فَاكِهَةً وَأَبَا﴾، فلما رآهم يقولون، أقبل عليهم بالدرّة. والذي جاءنا عن أنس هو صور متعدّدة لمضمون واحد؛ منها : قال أنس : بينا عمر جالس في أصحابه إذ تلا هذه الآية: ﴿فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبّاً * وَعِنَباً..﴾ [سورة عبس (80): 27 - 28] ثمّ قال : هذا كله عرفناه، فما الأب ؟ قال : وفي يده عصية يضرب بها الأرض، فقال : هذا لعمر اللّه التكلّف ! فخذوا - أيها الناس - بما بيّن لكم فاعملوا به، وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربّه ! ومنها : ما عليك ألا تدري ما الأب ؟ ! وفي صورة : نهينا على التعمّق والتكلّف. ولاحظ : بقية صور الواقعة في المصادر التالية : المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 514/2، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 46/11، الرياض النضرة 49/2، الموافقات 21/11 و 25، النهاية لابن الأثير 10/1، تفسير ابن جرير 38/30، الدر المنثور للسيوطي 317/6، كنز العمال للهندي،227/1، فتح الباري لابن عبد البر 229/13، إرشاد الساري 298/10، عمدة القاري 468/11.. وغيرها كثير جداً. ولاحظ ما جاء في بحار الأنوار 691/30 - 693 (الطعن الثالث عشر)، وعليه مصادر جمّة من محققه جزاه اللّه خير الجزاء. ولا بأس بأن نختم الحديث بما استفدناه من شيخنا العلّامة الأميني طاب رمسه في غديره 100/6 – 101 بقوله : هذا الحديث أخرجه البخاري في كتابه [كتاب الاعتصام، باب ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه ] غير أنّه ستراً على جهل الخليفة بالأب حذف صدر الحديث، وأخرج ذيله، وتكلّف بعد النهي عن التكلُّف ! ولا يهمه جهل الأمة عندئذٍ بمغزى قول عمر، قال : عن أنس قال : كنا عند عمر فقال : نهينا عن التكلّف !! أقول : كم وكم في كتاب البخاري وكذا شريكه مسلم من أحاديث لعبت بها يد تحريفهما، وأسقطتها يد تدليسهما ! بل حذفهما لأجل نصبها ! ولولا ذاك لما استحق من القوم وصفهما ب- : الإمام، ونعت كتابهما ب- : الصحيح !!
وفي كتاب ركن الدين القاضي الطرابلسي (1): إنّ زفر قرأ (وأباً) مخففة فقال ابن عبّاس : ﴿وأباً) مثقلة، وهو قول رسول اللّه، فقال : وما الأب ؟ فقال : الكلاً - بلغة سعد بن بكر وكان عندهم شيخ منهم - فسأله الثاني، فقال : ما الأب ؟ فقال : الكلأُ (2).
ص: 54
1- أقول: الظاهر أنّه أسعد بن أحمد بن أبي روح، القاضي أبو الفضل الطرابلس وقد قيل عنه : كان رأس الشيعة بالشام، ومن تلامذة القاضي ابن البراج، وجلس بعده للتدريس، وصنّف التصانيف، وكان عظيم الصلاة والتهجد، لا ينام إلّا بعض الليل، كما جاء في الوافي بالوفيات 40/9 برقم 3945، وتاريخ الإسلام 330/11 - 331 برقم 444.. وغيرهما. أو لعلّه هو : الشيخ عزّ الدين عبد العزيز بن أبي كامل، ابن البراج القاضي الطرابلسي، وكان من تلامذة السيّد المرتضى والشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) وأبي الصلاح رحمهم اللّه،كما جاء في أمل الآمل 149/2 برقم 442، ورياض العلماء 135/3.. كما ويحتمل كونه : القاضي الحسين بن بشر بن علي الطرابلسي، وقد ذكره ابن أبي طي في رجال الشيعة، وكانت له مناظرة مع الخطيب البغدادي، وقد ذكرها الكراكي (رَحمهُ اللّه) في رحلته، وقال : حُكم له على الخطيب بالتقدّم في العلم، كما جاء في لسان الميزان 2 / 275.. وغيره.
2- روى الزمخشري في الكشاف 4/ 220 عن عمر أنّه قرأ هذه الآية، فقال : كلّ هذا قد عرفناه، فما الأب ؟ ثمّ في الكشاف : رفض عصا كانت بيده، وقال : هذا لعمر اللّه التكلف ! وما عليك - يا ابن أُم عمر - ألا تدري ما الأب ؟ ! وراجع : معالم التنزيل 524/5، والنهاية لابن الأثير 13/1 مادة (ابب)، وشرح نهج البلاغة،33/12، وكنز العمّال 328/2 حديث 4154 - 4155، وقولة له في 693/5 حديث 14204 : نهينا عن التعمّق والتكلّف، كما في كتاب البخاري 143/8، ومثله في شرحه فتح الباري 229/13 - 230، وتفسير القرطبي 223/19، والدر المنثور 317/6، والطبقات الكبرى،327/2، وميزان الاعتدال 129/2.. وغيرها.
ثم أنشد فقال : [من البسيط ]
تَظَلُّ تقدَحُ نَاراً فِي حَوافِرِها*** تَكادُ منهُ فُروعُ الأَمِّ تَحْتَرِقُ
وصف شدة جري الخيل، فيقول : كادت من شدة جريها أن تُحرق الكَلَا بنار حوافرها (1).
ص: 55
1- وما أجمل قول شيخنا العلّامة الأميني طاب رمسه في غديره 292/6: أحسب أن في مقول العراجين، ولسان المخصرة، ومنطق الدرّة.. الجواب الفاصل عن كلّ ما لا يعلمه الإنسان، وإليه يوعز قول الخليفة: نهينا عن التكلف!! في الجواب عن أبسط سؤال يعلمه كلّ عربي صميم، ألا وهو معنى الأب، المفسر في نفس الكتاب المبين بقوله تعالى: ﴿مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ﴾ [سورة عبس (80) : 32]. ثمّ قال : ما ذنب المجيبين بعلم عن السؤال عن الأب ؟ ولماذا أقبل عليهم الخليفة بالدرّة ؟ وهل تبقى قائمة لأصول التعليم والتعلّم والحالة هذه ؟ !.. أقول : طالما استعان الخليفة بالدرّة لإثبات منطقه الناقص ؛ حتّى أنّه روي أنّه كان يطوف السوق ويضرب بعض التجار بالدرّة..! كما قاله الغزالي في إحياء علوم الدين 64/2.. وغيره. لا يقال : قد روى الغزالي - أيضاً - فيه 80/2 أنّه : كان عليّ رضي اللّه عنه [ صلوات اللّه وسلامه عليه ] يدور في سوق الكوفة بالدرّة، ويقول : «معاشر التجار ! خذوا الحق تسلموا، لا تردّوا قليل الربح فتحر موا كثيره..». لأننا نقول : إنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - لو ثبت قولهم - لم يكن يضربهم ويشتمهم؛ بل يرشدهم ويفقههم.. وذلك جزء من وظائف إمام المسلمين.
ورويتم(1) أنّه سأل النبيّ (عليه و آله السلام) عن الكلالة، فقال له قولاً لم يفهمه، فبعث إلى حفصة، فسألته (2)، فقال لها : «بعثكِ أبوك ؟! قولي له : ما أراك تفهم أبداً» (3).
ص: 56
1- كما جاء بصور مختلفة جداً، وهي متواترة مضموناً، متحدة في جهل الخليفة وزيغه، منها ما جاء في تفسير الطبري 30/6، والدر المنثور 251/2.. وغيرها ممّا سنذكره.
2- في نسخة (ب): فسألت.
3- وفي لفظ ابن كثير في تفسيره 594/1 قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : الحفصة : «من أمرك بهذا ؟ أعمر ؟ ! ما أراه يقيمها، وما تكفيه آية الصيف ؟!»، وبتفصيل أكثر جاء في أحكام القرآن للجصاص 105/2، والدر المنثور للسيوطي،249/2، وكنز العمال للهندي 2/6.. وغيرها.. كما أنّه قد روي أنّ الخليفة قد سأل جلّ الصحابة عن الكلالة، فهو يسأل حذيفة.. ولا يفهم ! ويسأل غيره ويجهلها إلى آخر عمره.. ويكفيه دعاء الصادق المصدّق له وخبره عنه أنّه : «ما أراك تفهم أبداً». وراجع : تاريخ بغداد 126/6. وأسند أحمد بن حنبل فى كتابه 1 / 27 - 28 - خطبة لعمر يوم الجمعة - وفيها وإنّي لا أدع بعدي شيئاً أهم إليّ من الكلالة ! وما أغلظ لي رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم في شيء منذ صاحبته ما أغلظ لي في الكلالة ! وما راجعته في شيء ما راجعته في الكلالة.. حتّى طعن بإصبعه في صدري وقال : «يا عمر ! ألا تكفيك آية الصيف التي في أواخر سورة النساء..» فإن أعش أقض فيها قضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن..!! وانظر : مسند أحمد بن حنبل 38/1، وفيه قولته : لأن أكون سألت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عنها أحبّ إليَّ من أن يكون لي حمر النعم..!! وأعجب من ذلك كلّه ؛ قول الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان 783/4:.. ومن أغرب الأشياء عندي : ما جاء عن عمر بن الخطّاب : من أنّ النبيّ صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلم أشار له إلى معنى الكلالة إشارة واضحة ظاهرة جداً، ولم يفهما عنه ؛ مع كمال فهمه وعلمه ! وأنّ الوحي ينزل مطابقاً لقوله مراراً !!
حبيب بن [أبي ] ثابت، قال: قرأ عمر الكلالة إلى قوله.. (يُبَيِّنُ اللّه لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) (1) فقال : اللّهمّ نعم (2)، لم يُبَيِّن (3).
ص: 57
1- سورة النساء (4) : 176.
2- في نسخة (ألف): نعم اللّهمّ..
3- وفي تفسير ابن كثير 594/1 - بعد سؤاله عن حذيفة - قال عمر : اللّهمّ إن كنت بيّنتها له فإنّها لم تبيَّن لي، ومع هذا قال فيها قولاً في زمن أبي بكر - حيث كان هو جاهلاً بها كصاحبه - أنّها ما عدا الولد ؛ إذ ورد عن الشعبي كما في سنن الدارمي 365/2، والسنن الكبرى للبيهقي 223/6.. وغيرهما - أنّه : سئل أبو بكر عن الكلالة، فقال : إني سأقول فيها برأيي ؛ فإن يك صواباً فمن اللّه، وإن يك خطأ فمنّي ومن الشيطان! أراه ما خلا الولد والوالد.. فلمّا استخلف عمر، قال : إنّي لأستحيي اللّه أن أردّ شيئاً قاله أبو بكر !! ورجوعه ذكره صريحاً البيهقي في السنن الكبرى 224/6. إلّا أنّه - وللّه الحمد ! - قد رجع عن قول أبي بكر في آخر عمره، كما حدّثنا بذلك ابن عباس، حيث قال : كنت آخر الناس عهداً بعمر، فسمعته يقول : القول ما قلت قلت ما قلت ؟ قال : قلت: الكلالة من لا ولد له ! ! ! كما جاء في المستدرك للحاكم 304/2، والسنن الكبرى 225/6. والأدهى من ذلك ما جاء في فتح الباري في شرح كتاب البخاري 201/8 من قوله : صح عن عمر أنّه قال : لم أقل في الكلالة شيئاً !!.. مع أنها نص الكتاب وصريح السنة.. فقرت عيون المسلمين بخليفتهم وأحكامه.. !! أقول : جاء في صحاح القوم ومسانيدهم : أنّ عمر كان يتمنى أن يسأل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن أمور ثلاثة ؛ ودّ أن يكون (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد بيّنها : الخلافة، والكلالة، والربا، وأنهنّ أحبّ إليه من حمر النعم، أو يكون له مثل قصور الشام ! كما في مسند أبي داود الطيالسي : 12، وكذا البيهقي في السنن الكبرى 225/6، والهندي في كنز العمال 20/6، وبلفظ مقارب في سنن ابن ماجة 164/2، وتفسير ابن جرير 30/6، وأحكام القرآن للجصاص 105/2، ومستدرك الحاكم 304/2 وقد صححه، وتفسير القرطبي 29/6، و تفسير ابن كثير 595/1، وتفسير السيوطي (الدر المنثور) 24/22 - 250.. وغيرها. وجاء بدل (الربا) في بعض الروايات وعن قوم قالوا : نقرّ بالزكاة في أموالنا ولا نؤدّيها إليك.. أ يحلّ قتالهم ؟ كما في مستدرك الحاكم 303/2، و تفسير ابن كثير 595/1، وتفسير السيوطي 249/2.. وغيرها.
وفي البخاري (1): روى أبو موسى: أنّه قال عمر...
ص: 58
1- كتاب البخاري 173/2 (كتاب الحجّ) حديث 1457.
.. إن نأخذ (1) بكتاب اللّه ؛ فإنه يأمرنا بالتمام (2)، قال اللّه تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ اللّهِ) (3)، وإن نأخذ (4) بسنّة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : فإنه لم يُحِلَّ حتّى نحر الهدي !.. (5)
فقد نسب اللّه ورسوله إلى المخالفة لجهله بالحجّ - بين أمريهما !
أيوب السختياني - وإسماعيل بن علية، عن أيوب - عن عكرمة (6)،
ص: 59
1- في نسختي الأصل : أُخذ
2- كذا في كتاب البخاري ؛ وفي نسختي الأصل : يبشرنا، بدون (بالتمام).
3- سورة البقرة (2) : 196.
4- في نسختي الأصل : تأخذ، والصواب ما أُثبت من المصدر.
5- أقول: الخليفة ينهى عن متعة الحج وبين يديه صريح الآية: ﴿وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلّهِ..﴾ 2 196]، [ سورة البقرة (2) : 196 ]، وهو رأي محض، لا ينسب إلى أنّه مرفوع إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فإنه عند نهيه عنها، قال له أبو موسى الأشعري : يا أمير المؤمنين ! ما أحدثت في شأن النسك ؟ فقال : إن نأخذ بكتاب ربّنا ؛ فإنّ اللّه يقول : ﴿وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ اللّه..)، وإن نأخذ بسنّة رسول اللّه ؛ فإن رسول اللّه لم يحلّ حتّى نحر... وقد فصل الواقعة في زاد المعاد 215/1 كما في الغدير للعلامة الأميني (رَحمهُ اللّه) 214/6 - 217.. وجاء في غيره.
6- في نسختي الأصل : أبو أيوب السجستاني، وإسماعيل بن علية، عن أيوب بن عكرمة. ومثله ما نقله البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط 16/3 مختصراً عن أبي أيوب السختياني وإسماعيل بن علية.. والصواب بحسب المصادر والطبقات ما أثبتناه في المتن.
عن مالك ابن أوس بن الحدثان، قال : لما قدم سفيان بن عبد اللّه الثقفي من الطائف عليه وجاءه رجلان يختصمان فحكم بينهما، فقال : أصبت، أصاب اللّه بك، فقال : وما يدريك أنّي أصبت ؟! واللّه ما يدري زفر أصاب أم أخطأ !
وروى الجاحظ، عن إبراهيم بن المغيرة : أنّه قضى بقضاء.. فقال له رجل:
أصبت واللّه ! فقال كما قال أوّلاً (1).
ص: 60
1- قد تكرّرت هذه اللفظة من الخليفة في مواطن متعدّدة، كلّ ذلك بعد إجرائه الحكم، وإقامة الحد.. مع أن من ضروريات الدين أن الحدود تدرأُ بالشبهات؛ منها : قوله : فواللّه ما يدري عمر أصاب أم أخطأ.. حيث نقل الطبري له في المسترشد : 541 - 542 تحت رقم 221، بإسناده: أنّه جاءه رجلان يختصمان، فحكم بينهما، فقالا : أصبت أصاب اللّه بك، فقال عمر : وما يدريكما ؟ ! فواللّه ما يدري عمر.. إلى آخره. ومنها ما رواه القاضي النعمان في دعائم الإسلام 93/1 - 94 وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 271/104 (باب 6) حديث 3، وكذا الميرزا النوري (رَحمهُ اللّه) في مستدرك الوسائل 247/17 (باب 4) حدیث 21246 - أنّه قال : قضى قضية بين رجلين، فقال له أدنى القوم إليه مجلساً : أصبت يا أمير المؤمنين ! فعلاه عمر بالدرّة، وقال : ثكلتك أُمّك ! واللّه ما يدري عمر أصاب أم أخطأ.. وفي بعضها : إنّما [هو ] رأي رأيته.. كما في بحار الأنوار 45/93 (باب 128) مدخل الباب. وفي لفظ الإيضاح : 94 [ الطبعة المحقّقة : 181] : وما يدريكم..؟ - فواللّه ! - ما يدري عمر أصاب أم أخطأ. وفي الفصول المختارة : 210 [ المحقّقة 209/2] :.. ما يدري عمر أأصاب أم أخطأ.. وانظر : كتاب التعجب من أغلاط العامّة للكراجكي (رَحمهُ اللّه) : 60 [ وفي الطبعة المحقّقة : 142 ].. وغيره. قال : وحكم يوماً بين اثنين، فقالا له : أصبت - يا أمير المؤمنين ! - أصاب اللّه بك الخير ! فقال : وما يدريكما ؟ وقال : واللّه ما يدري عمر أصاب أم أخطأ، ثمّ قال : وأغلاطه - قبل ذلك وبعده - لا تحصى..! ولا أعلم - واللّه - أي خليفة هذا.. ؟! مع أنهم قالوا : إنّ بين عينيه ملكاً يسدّده ! وهم يقدمونه على باب مدينة العلم، ومن عنده علم ما كان ويكون وعلم البلايا والمنايا وفصل الخطاب.. ناهيك أن اسمه مكتوب على العرش.. وعنده تسعة أعشار العلم !.. وغير ذلك من الخزعبلات والخرافات، ومع ذلك فهو يشكّ في إسلامه مكرّراً.
وعن طاوس (1)؛ أنّه سئل عن شيء، فقال: لا أدري، فإن شئت أخبرتك بالظن !!
وقال اللّه تعالى: (إنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) (2).
أبوبكر العزيري (3) في غريب القرآن(4)، وأبو عبيد في غريب
ص: 61
1- كما جاء في الفصول المختارة : 210، لكنّه في ابن عمر.
2- سورة الحجرات (49) : 12.
3- اللقب غير منقوط في نسخة (ب)، وفي نسخة (ألف): الغريزي، والصحيح ما أُثبت.
4- غريب القرآن : 307. ويقال له : نزهة القلوب، أو التبيان في تفسير غريب القرآن لأبي بكر محمّد بن عزير السجستاني (المتوفي حوالي سنة 330 ه-). راجع عنه : سير أعلام النبلاء 215/15 برقم 80.
الحديث (1)، والزمخشري في الفائق (2)، أنّه قال: [ما] يتصعدني شيء كما (3) تصعد تني (4) خطبة النكاح.. (5) [قوله : ما تصعدتني..] (6) أي ما شقّ على.. (7) ثمّ اسْتَعْذَر (8) أولياؤُهُ لهُ [ بأنه ] (9) إنّما شق عليه لقرب الوجوه من الوجوه. وهذا ليس بعذر، لقوله: ﴿وَاللّه لَا ُيستَحْيِ مِنَ الحَقِّ﴾ (10).
ص: 62
1- غريب الحديث 387/3 - 388، وفيه : ما تصعّدتني خطبة ما تصعدتني خطبة النكاح.
2- الفائق 299/2 [ وفي طبعة 24/2]، وستأتي عبارته.
3- كذا ؛ وفي المصادر: ما، بدلاً من : كما.
4- الكلمة مطموسة في نسخة (ب)، وتقرأ في نسخة (ألف): يصعد في.. والصحيح ما أثبتناه، وفي شرح النهج لابن أبي الحديد : يتصعدني.. ولم ترد فيه (في).
5- وحكاه ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 150/12، وصفحة : 261، بزيادة: من الكلام، بعد : شيء.
6- ما بين المعكوفين مزيد من غريب الحديث لأبي عبيد.
7- قال في الفائق :.. ما تَصعَّدني شيء ما تَصعَّدتني خطبة النكاح.. أي ما صَعَب عليّ ؛ من الصعود وهي العقبة.
8- في نسختي الأصل : استعدن، وهي مصحفة عن المثبت.
9- كما قاله الجاحظ نقلاً عن ابن المقفع، وحكاه عنه الزمخشري في الفائق 24/2.
10- سورة الأحزاب (33) : 53.
وروى الجاحظ (1)، عن [إبراهيم بن سيار ] النظام : أنّه قال زفر : لو كان هذا الدين بالقياس لكان باطن الخفّ أولى [بالمسح ] من ظاهره (2).
ص: 63
1- هذا مجمل ما جاء في الفصول المختارة للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 204 - 205 تحت عنوان (فصل)، وكذا في هامش الإيضاح للفضل بن شاذان النيسابوري (رَحمهُ اللّه): 338.
2- هذه كلمة مسروقة، وهو أقل من أن يدرك مثل هذه الأُمور، فقد روي مستفيضاً عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال ذلك، منها ما روي عن الإمام العسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) في تفسيره : 19 [ الطبعة المحقّقة : 53]، وعنه في الحدائق الناضرة 62/1، ومستدرك وسائل الشيعة 17 / 264 - 265 (باب 4) حديث 21246، أنّه قال : «يا معشر شيعتنا والمنتحلين مودّتنا ! إياكم وأصحاب الرأي.. إلى أن قال: «أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما». وفي هذا المقام أخبار جمة، وفي بعضها : «لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدم أحق بالمسح من ظاهرها». وراجع : بحار الأنوار 2 /84 (باب 14) حديث 9. ولاحظ : لب اللباب للقطب الراوندي، كما حكاه عنه في المستدرك 267/17 (باب 6) حدیث 37 (21301)، عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «لو كان الدين بالقياس؛ لكان باطن الرجل أولى بالمسح من ظاهرها». وكذا ما جاء في عدّة الأصول للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) : 274 [ 688/2، وفي طبعة 99/3]، والذريعة للسيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 734/2.. وغيرهما. وانظر من كتب العامّة : المصنّف لابن أبي شيبة 30/1 حديث 6، تأويل مختلف الحديث 56/1 [ الطبعة الأُولى : 25، ونسب المقولة لعمر ]، سنن أبي داود 44/1 حديث 162 عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، كنز العمال للهندي 605/9 - 606 حديث 27609، تفسير القرطبي 102/6، السنن الكبرى للبيهقي /292 بإسناده قال : قال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لو كان دين اللّه بالرأي لكان باطن الخفّ أحق بالمسح من أعلاه..» ومثله في سنن الدارقطني 207/1.
قال : وكان يجب عليه العمل بما قال في الأحكام كلّها، لكنه ناقض (1) باستعمال القياس بعد أن منع منه (2).
قال : وليس ذلك بأعجب من قوله : أجرأكم على الجد (3) أجرأكم على النار..
ثمّ قضى في الجدّ (4) بمائة قضية مختلفة.. ينقض بعضها بعضاً (5) !
ص: 64
1- في نسختي الأصل : ناقص.
2- فقد جاء في الذريعة للسيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 778/2: أن عمر كتب إلى أبي موسى الأشعري، فقال : اعْرِفِ الأشباه والنظائر، وقس الأُمور برأيك !! أقول : منه يظهر أنّ الأصل في القياس بعد إبليس هو، بل خليفته مؤسس مدرسة القياس لأبي حنيفة وأشياعه.. لا أنّه نهى عنه أو أنكر عليه !
3- في نسختي الأصل الحد، والصحيح ما أثبت وقد حكى الصنعاني في مصنفه 262/10 برقم 19047 عن ابن عمر أنّه قال : أجرأ كم على جراثيم جهنم أجرأ كم على الجد !
4- في نسختي الأصل الحد، وقد سلف الحديث عن هذه المثلبة قريباً.
5- هذا نص ما قاله البيهقي في السنن الكبرى 245/6، وجاء ما هنا عن عبيدة، وقد سلف في مسألة الجد وإرثه قريباً. لاحظ : معرفة علوم الحديث للحاكم : 15، الإيضاح للفضل النيسابوري (رَحمهُ اللّه) : 180. [الطبعة المحقّقة : 337 - 338] وكذا راجع الفصول المختارة : 204، الغدير 115/6 - 118.. وغيرهما.
ثمّ قال (1): إنّي قضيت في الجد (2) قضايا مختلفة، كلّها لم أكُ فيها على الحق (3)، فإن أعش لأقضين فيه بقضاء لا يختلف فيه اثنان من بعدي، تقضي به به المرأة وهي قاعدة على ذيلها ! !(4)
وروى غيره : أنّه قضى في الجدّ (5) بسبعين (6) قضية، كلّها تخالف (7) الأُخرى، ثم رجع عن كلّها !
وروى الواقدي(8)، عن ربيعة بن عثمان، عن نافع، قال : قال الثاني
ص: 65
1- القائل هو عمر، قال الجاحظ : قال إبراهيم : وليس ذلك بأعجب.. كما حكاه وصرّح به في الفصول المختارة : 205.
2- في نسختي الأصل : الحد.
3- في الفصول المختارة : لم آل فيها عن الحق.
4- وحكاه في الفصول المختارة : 204 - 205، وقال : ذكر ذلك أيوب السختياني وابن عون، عن محمّد بن سيرين، ثمّ قال : وهؤلاء بعمر أعرف ممّن خرج له العذر..!
5- في نسختي الأصل : الحد. راجع : شرح النهج لابن أبي الحديد 246/12، والشافي في الإمامة للسيد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 193/4.. وغيرهما.
6- قد تقرأ في نسخة (ألف): تسعين.
7- في نسختي الأصل تقرأ الكلمة : يخالف.
8- لم نجد كلام الواقدي فيما لدينا في مطبوع كتبه. انظر : الطبقات الكبرى 352/3، ومصنّف عبد الرزاق 262/10 - 263، والتمهيد لابن عبد البر 101/11، وفيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي 205/1، والإحكام لابن حزم 279/6.. وغيرها.
عند الموت : إنّي ما أقض (1) في الجد (2) شيئاً..!!(3)
ولقد أشار الغزالي إلى هذا في الباب الرابع من ربع (4) العبادات من إحياء علوم الدين (5).
وعلى أصلكم (6): أنّ المجتهد عند تعارض الآيات والسنن وأدلة الشرع يجب
ص: 66
1- كذا، والظاهر : لم أقض.
2- في نسختي الأصل الحد.
3- قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 61/1: كان عمر يفتي كثيراً بالحكم، ثمّ ينقضه ويفتي بضده وخلافه، قضى في الجدّ مع الإخوة قضايا كثيرة مختلفة، ثمّ خاف من الحكم في هذه المسألة، فقال: من أراد أن يقتحم جراثيم جهنم فليقل في الجد برأيه. أقول : أخرج الطبراني في المعجم الأوسط 295/4 - كما حكاه في الغدير 116/6 - والهيثمي في مجمع الزوائد 227/4، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه 15/6، نقلاً عن غير واحد منهم بإسنادهم عن سعيد بن المسيب، عن عمر، قال : سألت النبيّ كيف قسم الجد ؟ قال : «ما سؤالك عن ذلك يا عمر ؟ إنّي لا أظنّك تموت قبل أن تعلم ذلك». قال سعيد بن المسيب : فمات عمر قبل أن يعلم ذلك...والحمد للّه رب العالمين.
4- في نسخة (ألف) مصحفاً : ربيع.
5- إحياء علوم الدين 173/1 - 174.
6- في نسختي الأصل : أهلكم.
أن يكون له في القرآن رأي، فكيف يقاس برجل يكون له في مسألة سبعون رأياً ؟!
وروى أبو أيوب القاضي عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق(1)، قال : اختلف عليّ [و] الأعسر في امرأة زوّجت في عدتها، فقال [عمر ]: يفرّق بينهما، [ويُعاقَبانِ، والمهر في بيت المال، وقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): «يُفرَّقُ بينهما ]
ص: 67
1- الإسناد في الإيضاح : 185 [ الطبعة المحقّقة : 355] هكذا: ورويتم عن أبي يوسف القاضي ؛ رواه محمّد بن سعيد - فقيه أهل الحجاز وأهل قزوين - عن بعض أصحابه، عن أبي الضحى، عن مسروق، قال : اختلف علي وعمر في امرأة.. أقول : الإسناد والمتن هنا مضطرب، وقد أورد المصنّف (رَحمهُ اللّه) هذه الواقعة في المناقب 361/2 [ طبعة قم، و 183/2 من طبعة النجف الأشرف، وفي الطبعة الأُولى 492/1 - 493، وفي طبعة بيروت 402/2]، وعنه في بحار الأنوار 227/40 (باب 97) ذيل حديث 6 باختلاف يسير، و، وكذا في 3/104 حديث 8، ومستدرك وسائل الشيعة 396/14 - 397 (باب 17) حدیث 17077 هكذا: عمرو بن شعيب والأعمش وأبو الضحى والقاضي أبو يوسف، عن مسروق : أُتي عمر بامرأة أنكحت عدتها، ففرّق بينهما وجعل صداقها في بيت المال، وقال : لا أجيز [ في المستدرك الحجرية : أجبر ] مهراً ردّ نكاحه، وقال : لا تجتمعان أبداً، فبلغ ذلك عليّاً لا، فقال : «وإن كانوا جهلوا السنة.. لها المهر بما استحلّ من فرجها.. ويفرّق بينهما، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطّاب..»، فخطب عمر الناس، فقال : ردّوا الجهالات إلى السنّة.. ورجع عمر إلى قول عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ).. وقاله غير واحد، منهم : الجصاص في أحكام القرآن 515/1، والخوارزمي في مناقبه : 95 [ وفي الطبعة الأُولى : 50 ].. وغيرهما.
وَلا يُعاقَبانِ (1)، ولها المهر [ يلزم الزوج ](2) بما استحل من فرجها».
قال مروان : فأخذنا (3) بقول عمر زماناً، فقدمنا عليه، فوجدناه قد رجع إلى قول عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ).
وقال [عمر ]: ردّوا الجهالات إلى السنّة (4).
ص: 68
1- الكلمة مشوشة في نسخة (ألف)، وقد تقرأ : يعتاقيان، ومطموس أوّلها في نسخة (ب)، ولم يبق منها إلّا : قبان، والمثبت عن الإيضاح. وفي بعض المصادر : لا يجتمعان أبداً، وفي بعضها : ما عاشا، وفي آخر: وعاقبهما. ولعلّها : ولا يتعانقان.
2- الزيادات التي بين المعكوفات من الإيضاح.
3- في الإيضاح : قال مسروق: فأفتينا.
4- جاءت الواقعة بألفاظ متعدّدة في مصادر كثيرة، وأكثرها تفصيلاً ما ذكره الجصاص في أحكام القرآن 504/1[516/1]. وراجع : السنن الكبرى للبيهقي 441/7 - 442، كتاب جامع بيان العلم لا بن عبد البر 920/2 و 1180 [187/21]، الرياض النضرة 196/2، ذخائر العقبى : 81، المناقب للخوارزمي : 57، تذكرة سبط ابن الجوزي : 87.. وغيرها. وفي لفظ عن مسروق : أتي عمر بامرأة قد نكحت في عدتها، ففرق بينهما وجعل مهرها في بيت المال، وقال : لا يجتمعان أبداً، فبلغ عليّاً، فقال : «إن كان جهلا فلها المهر بما استحلّ من فرجها ويفرّق بينهما، فإذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب». .. فخطب عمر وقال : ردّوا الجهالات إلى السنة.. فرجع إلى قول عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]. وفي لفظ الخوارزمي: ردّوا قول عمر إلى عليّ. وفي التذكرة : فقال عمر : لولا عليّ لهلك عمر. فالخليفة ؛ جلد ! وأخذ المهر والصداق من بيت المال ! وأوردها محقق بحار الأنوار - دام توفيقه - في هامشه 697/30 وقال : وفي لفظ الخوارزمي في مناقبه : 57 : ردّوا قول عمر إلى عليّ، وفي التذكرة لسبط ابن الجوزي: 87، فقال عمر : لولا عليّ لهلك عمر. انظر : الغدير 113/6 - 114، كما وقد جاء مكرّراً في الفصول المختارة : 205.. وغيره، وما سلف منا من مصادر قريباً.
وفي كتاب الفتيا (1)، قال النظام إنّه قال : ردّوا الجهالات إلى السنّة.
ومتى ردّ ؟ ! فلو ردَّ (2) المجهول إلى المعروف، والاختلاف إلى الاجتماع كان أولى به (3)، [ومتى ردّ عمر الجهالات إلى السنة ] (4) وهو يقضى في شيء واحد مائة قضية مختلفة !! (5)
ص: 69
1- كتاب الفتيا؛ وهو للجاحظ، تعرّض فيه إلى المذاهب الفقهيّة، وهو مفقود - حسب علمنا - لم يطبع منه إلّا جزء يسير ضمن الرسائل الأدبية للجاحظ من صفحة : 247 - 256، ولا يوجد فيه هذا المطلب. راجع ما سلف عن هذا في المجلد الأوّل من موسوعتنا هذه.
2- في نسختي الأصل : فاردّ، والمثبت من الفصول المختارة.
3- في الفصول المختارة : 205 ولعمري لو ردّ المجهول إلى المعروف، والاختلاف إلى الإجماع كان أولى به، ومتى ردّ عمر الجهالات إلى السنّة وهو..
4- ما بين المعكوفين عن الفصول المختارة.
5- انظر : الفصول المختارة : 205.
وأشبه (1) رأيه في الأحكام: صنيعه حين خالف أُبي بن كعب و(2) عبد اللّه بن مسعود في الصلاة في ثوب واحد ؛ لأنّه حين بلغه ذلك خرج مغضباً حتّى أسند (3) ظهره بحجرة (4) عائشة، وقال : اختلف رجلان من أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ممّن (5) يؤخذ عنهما ! لا أسمع أحداً يختلف في الحكم (6) بعد مقامي هذا إلّا فعلت.. وفعلت ! !(7)
أفتَرى أنّه نسى اختلاف قوله (8) في الأحكام، حتّى أنكر ما ظهر من الاختلاف عن عن الرجلين ؟ ! [كلّا ] (9).
ص: 70
1- هذا الكلام مروي عن الجاحظ، قال : قال إبراهيم : وليس يشبه.
2- الظاهر كون الواو زائدة. انظر : الفصول المختارة للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 206.
3- في نسخة (ألف) : اشتد.
4- في الفصول : إلى حجرة.. وهو الظاهر.
5- في نسختي الأصل : فمن، ولها وجه، إلّا أنّ الظاهر ما أُثبت، كما في المصادر.
6- في نسخة (ألف): الحاكم.
7- هذا مجمل، وفي كتاب جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 84/2 جاء مفصلاً، وفيه : فخرج عمر مغضباً، فقال : اختلف رجلان من أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ممّن ينظر إليه، ويؤخذ عنه، وقد صدق أُبي ولم يأل ابن مسعود، ولكني لا أسمع أحداً يختلف فيه بعد مقامي هذا إلّا فعلت به كذا.. وكذا. ولاحظ : الفصول المختارة من العيون والمحاسن للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 206.
8- في نسختي الأصل قبله، والمثبت عن الفصول المختارة.
9- ما بين المعكوفين مزيد من الفصول المختارة.
ولكنّه كان يناقض الأشياء، ويخبط [خبط] عشواء (1).
وفي كتاب الفائق (2) عن الزمخشري : قال سعد بن [الأخرم](3): كان بين الحي وبين عدي بن حاتم تشاجر.. فأرسلوني إلى عمر [فأتيته..(4)] - وَعلي حُلَّة ابتعتها بخمسمائة درهم فسلمت عليه، فلم يردّ(5) علي السلام..
وقال اللّه تعالى: ﴿وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها) (6).
ص: 71
1- ثمّ قال في الفصول بعده : قال الجاحظ وقال إبراهيم : وهذا أيضاً كانت سبيل أبي بكر.. ثمّ ذكر جملة شواهد.. راجع : الإيضاح : 521 [ طبعة مؤسسة الأعلمي : 213 - 218، وفي طبعة: 211]، كتاب الأربعين للقمّي الشيرازي: 330.. وغيرهما.
2- الفائق للزمخشري 261/3 [ وفي طبعة 155/3، وفي طبعة 411/2]، وعنه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 166/12.
3- هنا بياض في نسختي الأصل، وفي الفائق : سعد بن الأخرم، ومثله في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 166/12، وغريب الحديث لابن قتيبة الدينوري 2 / 50.. وغيرهما.
4- هنا وصف حال عمر لا نفع في نقله نقله من المصادر، أشرنا له بعلامة الحذف (...).
5- هنا بياض في نسخة (ألف) بمقدار كلمة، وإلى هنا في مطبوع الفائق ! وفيه : فنظر إليّ بذنب عينه، فقال لي رجل : أما لَكَ مِعوز ؟ قلت : بلى، قال : فألقها ؛ فألقيتها وأخذت معوزاً، ثمّ لقيته فسلمت فردّ عليّ السلام.. ويظهر ممّا ذكره صحة ما في المتن وأنّه أسقط منه عمداً، وأنّه لم يجب على سلامه في المرة الأولى.
6- سورة النساء (4) : 86.
فترك فرضاً فرض اللّه عليه.
وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّه لَكُمْ﴾ (1)..
والحلّة من المحلّلات...وليست بإبريسم محض، أو مغصوبة (2)، أو نجس !
وفي الفائق(3)، وغريب الحديث (4) أنّه : تدلّى رجل بحبل ليشتار (5) عسلاً، فقعدت (6) امرأته على الحبل، وقالت : لأقطعنّه أو تطلقني (7) !
[قال : ].. فطلقها [ يعني ثلاثاً]، فرفع إلى عمر فأبانها منه !
أجاز طلاق (8) المُكْرَهِ (9)، واستمرت البدعة.
وفي الفائق (10)؛ حديث قبيصة بن جابر : أنّه قال لعمر : إنّي رميت ظبياً -
ص: 72
1- سورة المائدة (5) : 87.
2- في نسختي الأصل : مغضوبة، والظاهر ما أثبتناه.
3- الفائق للزمخشري 2 / 268 [ وفي طبعة 221/2، وفي الطبعة الأُولى 681/1]، وهو بنصه فيه، وما بين المعكوفين أُخذ من غريب الحديث.
4- غريب الحديث 322/3 باختلاف أشرنا له، وكذا مسند عمر : 87.. وغيرهما.
5- في نسختي الأصل : لتستار، وهو تصحيف، والمراد من المشتار هو المجتني للعسل.
6- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل تقرأ : فقصدت، وما أُثبت من المصادر.
7- وفي نسخة : أو لتطلّقني..
8- في نسختي الأصل : إطلاق، وهو غلط.
9- في نسختي الأصل : المنكرة، وهي مصحفة عن المثبت.
10- الفائق 1 / 370 - 371 [ وفي طبعة 320/1]، باختلاف يسير جداً أشرنا لمهمّه.
وأنا محرم - فأصبت خششاءه (1) [ فركب رَدْعَه، فأسن فمات ]، فأقبل على عبد الرحمن بن عوف فشاوره، ثمّ قال : [ اذبح شاة، فقال ] قبيصة لصاحبه : واللّه ما علم أمير المؤمنين حتّى سأل غيره، وأحسبني (2).. سأنحر ناقتي فيه، [فسمعه ](3) عمر، فأقبل عليه (4) بالدرّة، وقال : أتغمصني(5) في (6) الفتيا وتقتل الصيد وأنت محرم ؟ !
قال اللّه تعالى: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدلٍ مِنْكُمْ﴾ (7) فأنا عمر، وهذا عبد الرحمن ابن عوف !!
وفي الانتصار (8) ؛ قال المرتضى : إنّه أغرم أنس بن مالك في وديعة هلكت من ماله.
ص: 73
1- في نسختي الأصل : خساه.
2- في نسختي الأصل : احببني، أو أجبني، ولا معنى لهما، وجاء في الفائق : وأحسبني أنّي..
3- الكلمة أخذت من المصدر، حيث في نسختي الأصل بياض هنا بمقدار كلمة، وليس في المصدر كلمة : فيه.
4- في نسختي الأصل : عدمه، بدلاً من : عليه.
5- جاء في نسختي الأصل : أتغمضني، وما هنا استظهار منّا، وفي المصدر : أتغمص.
6- لم ترد (في) في الفائق.
7- سورة المائدة (5) : 95.
8- الانتصار للسيد المرتضى (رَحمهُ اللّه) : 385، وعدّها ضمن جملة من شواذ أحكام الخليفة.
وفي تاريخ الطبري (1): أنّ عمر استشار المسلمين في تدوين الدواوين، فقال له [عليّ بن أبي طالب ] (عَلَيهِ السَّلَامُ): «تقسم في كلّ سنة ما اجتمع إليك من مال(2) [فلا] تمسك منه شيئاً».. القصة ؛ فإن دوّن الدواوين.. [كذا].
وفي تاريخ الطبري (3)؛ عن سيف بن عمر، عن عبد الملك بن عمير، قال : أصاب المسلمون يوم المدائن (4) بهار [ كسرى ](5). [ثقل عليهم أن يذهبوا به، وكانوا يعدونه للشتاء إذا ذهبت الرياحين ؛ فكانوا إذا أرادوا الشرب شربوا عليه، فكأنّهم في رياض بساط ستين في ستين]، وكانت أرضه بذهب (6)، ووشيه بفصوص، وثمره بجوهر، وورقه بحرير وماء الذهب، وكانت العرب تسمّيه (7):
ص: 74
1- تاريخ الطبري 209/4 [ طبعة الأعلمي بيروت 277/3]، وانظر : المجدي للعمري : 63 و 69، وفتوح البلدان : 435.. وغيرهما.
2- في نسختي الأصل : من قال، وما هنا من المصدر.
3- تاريخ الطبري 22/4 [ طبعة الأعلمي بيروت 130/3]، باختلاف واختصار أشرنا لأكثره.. وراجع : الكامل في التاريخ لابن الأثير 518/2.. وغيره.
4- العبارة مشوشة مغلوطة في نسختي الأصل، ففيهما أصاب المعلمون يوم الدواوين ! وما أثبتناه من المصدر.
5- جاء في موضع هذه الكلمة بياض في نسختي الأصل، ولم يبق منها إلّا (بها)، وأثبتنا ما هنا من تاريخ الطبري.
6- في نسخة (ألف) : يذهب.
7- الكلمة مشوشة جدّاً في نسختي الأصل، وقد تقرأ : تسميعه، وما أثبتناه من المصدر.
القِطف...فأنفذه سعد إلى عمر، فشاور عمر أصحابه؛ فمن بين مشير بقبضه (1)، و آخر مفوّض إليه الأمر، وآخر موقف (2).
[فقام على [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] حين رأى عمر يأبى حتّى انتهى إليه ] (3) فقال عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ): «[ لم تجعل علمك جهلاً، ويقينك شكّاً ! ] إنّه ليس لك من الدنيا إلّا ما أعطيت فأمضيت، أو لبست فأبليت، أو أكلت فأفنيت».
فقال : صدقتني ونصحتني (4).. فقسمه الناس، فأصاب عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) قطعة (5) بین منه، فباعها بعشرين ألفاً، وما هي بأجود تلك القطع.
تاريخ الطبري (6)؛ عن نافع، عن ابن عمر، قال : جمع : جمع عمر الناس بالمدينة - حين انتهى إليه فتح القادسية ودمشق - فقال : إني كنت امرءاً تاجراً يغني (7) اللّه عيالي بتجارتي(8)، وقد شغلتموني بأمركم، فماذا ترون [أنّه يحلّ لي من هذا
ص: 75
1- في نسخة (ألف): نفيه، وكذا في نسخة (ب) مع تشوش في التنقيط، وعلى كل العبارة كلّاً مشوشة اللفظ والمعنى.
2- كذا؛ والظاهر : متوقف، وفي المصدر : وآخر مرقق.
3- كلّ ما بين المعكوفين مزيد من المصدر ؛ إكمالاً للمعنى المتوخى من النصّ.
4- لا توجد : ونصحتني في المصدر.
5- في نسختي الأصل: قطعته، ولها وجه.
6- تاريخ الطبري 616/3 [ طبعة الأعلمي بيروت 111/3] باختلاف يسير.
7- كذا في المصدر ؛ قد تقرأ في نسخة (ألف) : بعي، وفي نسخة (ب): يعني.
8- العبارة كلّاً غير معجمة ومشوشة. تقرأ : يتحارن، وما هنا أُخذ من المصدر.
المال ] ؟ ! فأكثر القوم – وعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) ساكت (1) - فقال : ما تقول يا علي ؟! فقال: «ما أصلحك فأصلح (2) عيالك بالمعروف، ليس لك من هذا المال غيره».
فقال [القوم]: القول ما قال ابن أبي طالب.
مسند الشافعي (3) أنّه كان صهيب يبكي على عمر لما أُصيب، فقال عمر : أتبكي علي - يا صهيب ! - وقد قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): إن الميت يعذب ببكاء
ص: 76
1- في نسختي الأصل : شاكت !
2- في التاريخ : وأصلح.
3- مسند الشافعي : 182 [ وفي طبعة دار الكتب العلمية 200/1 - 201 برقم 558]، وفي طبعة [ بترتيب سنجر ] 77/2 - 78]، وكذا جاء في اختلاف الحديث للشافعي : 537 [ وفي المطبوع على هامش كتاب الأُمّ 648/8]، ومثله في مختصر المزني 1 /187 [هامش كتاب الأُمّ ] بألفاظ مقاربة. راجع : كتاب البخاري 101/2 [ وفي طبعة بولاق 79/2 - 80] (في أبواب الجنائز) برقم 1286 - 1288، وكتاب مسلم 43/3 [ وفي طبعة دار الفكر 640/2 - 642] برقم 927 - 929، ومسند أحمد بن حنبل 39/1، وصفحة : 41، و 2 / 38، و 281/6، وسنن النسائي 19/4 برقم 1858، وراجع ما قبله في صفحة : 16 - 17، وسنن أبي داود 194/3 [65/2] برقم 3129، والسنن الكبرى للبيهقي 71/4 - 73، ومسند الطيالسي : 8، ومسند الحميدي 107/1 - 108، والمصنّف لابن أبي شيبة 265/3، والسنن الكبرى للنسائي 609 - 610 برقم 1985 [ طبعة دار الكتب العلمية ]، وصحيح ابن حبان 405/7 - 406 برقم 3136، وصفحة : 407 برقم 3137.. وغيرها. وأورده السيّد سابق في فقه السنّة 506/1.
أهله عليه ؟ !
[قال : فلما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة، فقالت :.. لا واللّه ! ما حدّث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : أنّ اللّه يعذب المؤمن ببكاء أهله عليه ](1). ولكن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : إن اللّه يزيد عذاب الكافر ببكاء أهله عليه (2).
ص: 77
1- ما بين المعكوفين مزيد من مسند الشافعي، ولا يتم اللفظ والمعنى إلّا به.
2- قال الحاكم في المستدرك 381/1 : اتفق الشيخان على إخراج حديث أيوب السختياني، عن عبد اللّه بن أبي مليكة مناظرة عبد اللّه بن عمر وعبد اللّه بن العبّاس في البكاء على الميت، ورجوعهما فيه إلى عائشة، وقولها : واللّه ما قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): إن الميت يعذب ببكاء أحد، ولكن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : إن الكافر يزيده عند اللّه بكاء أهله عليه عذاباً شديداً، وإن اللّه هو أضحك وأبكى، ولا تزر وازرة وزر أُخرى.. وحكى البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 241/3 - 242 عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين [ 171/4 - 172 ]، قال : وفي الحديث الخامس والستين بعد المائة - من المتفق عليه - لما سمعت عائشة عنه : إنّ الميت ليعذب ببكاء الحي، فقالت : نسي أو أخطأ - إنّما قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في يهودية ماتت : «إنّه يبكى عليها وإنّها لتعذَّب»، فهذا طعن منها فيه إن كانت صادقة وإلا ففيها. وفي كتاب مسلم بن الحجاج النيشابوري 642/2 - 643 [41/3] كتاب الجنائز (باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه) أنّ عمر بن الخطّاب لما طعن عولت عليه حفصة، فقال : يا حفصة أما سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول : المعول عليه يعذِّب ؟ وعول عليه صهيب، فقال عمر : يا صهيب! أما علمت أنّ المعول عليه يعذب.
أبو الحسن المرادي (1): [ من البسيط ]
يَا سَائِلي عَن عَلِيٌّ والأُلى (2) عَمِلُوا*** بِهِ مِنَ السُّوءِ مَا قَالُوا وَمَا فَعَلُوا
لَم يَعْرِفُوه فَعَادَوهُ بِجَهْلِهِمُ (3)*** وَالنَّاسُ كُلُّهُمُ أعداءُ مَا جَهِلُوا
***
ص: 78
1- لم ترد له ترجمة في الغدير ولا في الأعيان ولا الطبقات.. ولا غيرها، هذا لو صح الاسم، ولم يكن مصحفاً. قال في الأعيان 338/2 : لم نعرف اسمه وأورد له ابن شهر آشوب في المناقب هذه الأبيات.. ثمّ ذكر البيتين. وانظر الأعيان 314/8 حيث نسب البيتين فيه لأبي الحسن عليّ بن محمّد المعروف ب- : ابن السكوني. وقد جاء هذان البيتان في المناقب للمصنّف طاب ثراه 416/2 [ وفي طبعة 194/2 ]، وكذا - من دون نسبتهما - في الصراط المستقيم 19/2.
2- كذا استظهاراً ؛ وفي نسختي الأصل : الأُولى، وفي الصراط : والذي.
3- في المناقب : لجهلهم، وفي الصراط : لما جهلوا.
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[ باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[فصل 4]
في رجوع أبي حفص إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)]
ص: 79
فصل في رجوع أبي حفص إلى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ)
فصل في رجوع أبي حفص (1) إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2)
(وَمَن لَمْ يَحْكُمْ بمَا أَنْزَلَ اللّه فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ) (3).
المنهال، عن عبد الرحمن بن عائذ (4) الأزدي، قال : أتي عمر بن الخطّاب بسارق فقطعه، ثمّ أُتي به فقطعه، ثمّ أُتي به فأراد قطعه، فقال له عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لا تفعل ! فقد قطعت يده ورجله..»، وأمر بضربه وحبسه(5)
ص: 81
1- في نسختي الأصل أبو حفص.
2- سقط الاسم المبارك من نسخة (ألف). أقول : سبق الحديث عن هذا الموضوع في الفصل السالف، وذكرنا له جملة موارد وعدة مصادر، فراجع
3- سورة المائدة (5) : 44.
4- في نسختي الأصل : عابد.
5- ذكر البيهقي في السنن الكبرى 274/8، والمتقي الهندي في كنز العمّال 118/3 [553/5 حديث 13928].. وغيرهما عن عبد الرحمن بن عائذ، قال : أُتي عمر بن الخطّاب برجل أقطع اليد والرجل قد سرق، فأمر به عمر أن يقطع رجله، فقال عليّ رضي اللّه عنه [ صلوات اللّه عليه وآله]: «إنّما قال اللّه عزّ وجلَّ: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّه وَرَسُولَهُ..) إلى آخر الآية [ سورة المائدة (5) : 33]، فقد قطعت يد هذا الرجل ورجله، فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها، إما أن تعزّره وإما أن تستودعه السجن». قال : فاستودعه السجن.. وحكاه - أيضاً - العلامة الأميني (رَحمهُ اللّه) ميني له في الغدير 136/6، وجاء في كتاب إرواء الغليل 89/8 مثل ذلك.
وروى شريك وغيره : أن عمر (1) أراد بيع أهل السواد، فقال له عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «هذا مال أصبتموه (2) ولن تصيبوا مثله، وإن بعتهم بقي (3) من يدخل في الإسلام لا شيء له»، قال: فما أصنع ؟
قال: «دعهم شوكة للمسلمين..» فتركهم على أنهم عبيدهم.
قال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «فمن أسلم منهم فنصيبي (4) منه منه حر» (5).
......(6)
ص: 82
1- الكلمتان مطموستان في نسخة (ب).
2- في المناقب وبحار الأنوار : أصبتم.
3- كذا ؛ وفي المناقب: فبقي، وفي الإيضاح : فإن بعتهم بقي، وفي بحار الأنوار عن المناقب: بعتم فبقي.
4- في نسختي الأصل : فتصيبي.
5- وجاء في المناقب للمصنف 496/1 [ طبعة بيروت 404/2، وفي طبعة قم 187/2]، وعنه في بحار الأنوار (233/40 (باب 12) ضمن حديث 12، كما وقد جاء أيضاً في الإيضاح : 477.
6- فراغ في نسختي الأصل بمقدار أكثر من كلمة. انظر الإيضاح : 480 - 485.
ثمّ أنتم تدعون (1) لهم : المواشي (2) لا صدقة عليها، وإنما مال (3) المملوك المولاه، وله من البقر والغنم والحمر والطعام ما ليس للمسلمين، لا ترون عليهم أكثر من اثنى عشر وأربع وعشرين وثمانمائة وأربعين.. فلئن كانوا عندكم أحراراً (4) فلقد طعنتم على عمر فيما أراد.
ومن.....(5) تاريخ الطبري (6)، والبلاذري(7)، وكتابي الثقفي (8)، والواقدي (9)..
ص: 83
1- يحتمل قراءتها : تزعمون.. والمعنى مقارب.
2- في نسخة (ألف) : للواشي، والكلمة أوّلها مطموس في نسخة (ب) وما أُثبت : واشي.
3- في نسختي الأصل: قال، والصحيح ما أثبتناه، كما جاء في الإيضاح.
4- قد تقرأ في نسخة (ألف): امراراً.
5- فراغ في نسختي الأصل بمقدار أكثر من كلمة.
6- تاريخ الطبري 69/4 - 72 [ طبعة الأعلمي بيروت 3 /168 - 170، وفي طبعة أُخری 207/4]، وما هنا حاصل ما هناك، مع اختصار مخل، وإجمال مضر، بتقديم وتأخير، وحاولنا فكه ورفعه قدر الإمكان، ولا يوجد ذيلها، ولعلّه لفق من المصادر كلاً.
7- أنساب الأشراف 491/1. راجع: فتوح البلدان 339 - 340 [ وفي طبعة : 352 باختلاف وزيادة، وفي المحقّقة 423/2]، وكذا : صفحة : 314، وصفحة : 344 منه.
8- الغارات للثقفي 2 /516.
9- تاريخ الواقدي :.. أقول : لم نعثر على هذا الخبر في كتابي الواقدي المطبوع : المغازي والردّة. بل ادعى الشيخ (رَحمهُ اللّه) في الخلاف : 16 - 17 الإجماع عليه [ ولاحظ من المحقّقة 389/5 - 390، وفيه : أن القضية مشهورة ]، ومثله في السرائر 434/2 - 435، [ وفيه : أن القضية مشهورة ]، وكذا جاء في مختلف الشيعة 472/7، و 126/9 - 127، [ وفيه : أن القضية مشهورة ]. وانظر: مستدرك الوسائل 77/18 (باب 42) حدیث 22097 عن درر اللآلي لابن أبي. جمهور (رَحمهُ اللّه) 129/2، والإيضاح لابن شاذان (رَحمهُ اللّه): 552 - 554، والصراط المستقيم للبياضي (رَحمهُ اللّه) 247/3 - 250، والمسترشد للطبري (رَحمهُ اللّه): 159 – 162.. وغيرها. هذا عند الخاصّة، وأما عند العامّة ؛ فقد أشار إلى هذا الفقهاء منهم ؛ كابن قدامة في المغني،69/9، والنووي في المجموع 397/17.. وغيرهما باختلاف في الألفاظ ووحدة في المؤدّى. انظر: المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 448/3 - 449 في ترجمة المغيرة بن شعبة، ومسند الشافعي : 151 - 152، والسنن الكبرى للبيهقي 234/8 - 235، و 152/10، ومجمع الزوائد للهيثمي /6 / 280، وفتح الباري للعسقلاني،187/5، والمصنّف للصنعاني 384/7 و 362/8، والمصنف لا بن أبي شيبة 497/6.. وغيرها إلى ما شاء اللّه.
.. وعن القاسم، وطاوس، وابن المسيب، والزهري أنّه : ولى عمر المغيرة بن شعبة على البصرة، فرآه أبوبكرة (1)
ص: 84
1- وهو نفيع بن الحارث (الحرث) بن كلدة الثقفي، واسمه : عبد العزى، وقيل : اسمه مسروح، المتوفى سنة إحدى أو اثنتين وخمسين هجرية بالبصرة، صحابي مشهور بكنيته، أسلم بالطائف ونزل البصرة. انظر عنه : تهذيب الكمال 5/30 برقم 6465، أُسد الغابة 151/5، تهذيب التهذيب 469/10 - 470.. وغيرها.
أم (1) جميل بنت مِحْجَن الهلالية - امرأة الحجاج بن عبيد (2) - فقال : يا مغيرة ! اجتنب مصلّانا فإنّك نجس، فقال : لا، ولا نعمت عين.
فأتى أبو بكرة إلى عمر [ف-] قال عمر : لقد (3) جنت بشر، قال : إنما جاء [بي ] المغيرة.. فلمّا حضر المغيرة، قال لأبي بكرة بما تشهد يا أبابكرة؟! قال : أشهد أنّي رأيته وذَكَرُه يدخل في فرجها كالمرود (4) في المُكحلة، فقال عمر : ذهب ربع المغيرة، ثمّ شهد نافع بن الحارث بن كلدة مثله، فقال عمر : ذهب نصف المغيرة، ثمّ شهد شبل بن معبد (5) مثله، فقال عمر : ذهب ثلاثة أرباع المغيرة، وتقدّم زياد للشهادة، فقال له عمر : إني أرى لك وجهاً، وأرجو أن لا يفضح (6) اللّه بلسانك
ص: 85
1- لا توجد (أُمّ) في نسخة (ألف).
2- في فتوح البلدان الحجاج بن عتيك، ومثله في الإيضاح، وكلاهما صحيح وما أثبتناه موافق لما رواه الطبري في تاريخه 492/2 [ طبعة دار الكتب العلمية ]، وابن حجر في الإصابة 167/2.. وغيرها.
3- في نسختي الأصل : لان، والظاهر أنّها محرفة عن المثبت.
4- في نسخة (ب): كالمردود.
5- في نسختي الأصل : سعيد، يد، وما أثبتناه موافق للمصادر.
6- الكلمة في نسخة (ألف): يفتح، وفي الفتوح: لا يرجم رجل من أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على يده، ولا يخزى بشهادته. ومثله في الكامل لابن الأثير 228/2.
رجلاً من أصحاب النبيّ (عليه وآله السلام).. إنّه بما تشهد ؟!! قال : أشهد أنّي رأيت أفخاذ مخضعة (1)، وعجزاً ينخفض ويرتفع، وزّحيراً (2) يسطع.
فانتضى المغيرة السيف يريد الشهود، فقال له عمر : : أمسك ! عليك لعنة اللّه ! ! (3).
ص: 86
1- الكلمة في نسختي الأصل غير معجمة.
2- الزحير : هو التنفس الشديد، والسطوع : هو الارتقاع، فيكون المعنى: وتنفس شديد بصوت مرتفع. قال ابن منظور في لسان العرب 319/4: الزحير والزحار والزحارة : إخراج الصوت أو النفس بأنين عند عمل أو شدّة.. ومثله في العين 158/3. والذي جاء في تاريخ الطبري : ولم يشهد زياد بمثل شهادتهم، قال : رأيته جالساً بين رجلي امرأة، فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان، وإستين مكشوفتين، وسمعت حفزاناً شديداً.. إلى آخره، ومثله في الكامل لابن الأثير 228/2. قال البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 247/3 - في تعداد من طعن في رواة العامّة - ومنهم : المغيرة بن شعبة ؛ شهد عليه ثلاثة بالزنا فلقن عمر الرابع، فتلجلج حتّى رفع الحد عنه.. وفي هامشه فصل الواقعة نقلاً عن كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان في ترجمة يزيد بن زياد الحميري 364/6 فراجع، ومثله عنه في هامش المسترشد للطبري (رَحمهُ اللّه): 160 - 161، وكأنّه أخذه منه !
3- لا يوجد هذا الذيل في تاريخ الطبري المطبوع 170/3، وفيه : فقال المغيرة: اشفني من الأعبد. فقال : اسكت.. أسكت اللّه نأمتك، أما واللّه لو تمت الشهادة لرجمتك بأحجارك. راجع : أحكام القرآن لابن العربي 348/3، وكذا ما جاء الكامل 542/2، وبحار الأنوار 643/30 (باب 23، الطعن الخامس). أقول : النأمة : الصوت، ويراد منه : أسكت اللّه نغمته وصوته، ويقصد به : أماته. راجع : القاموس المحيط 179/4، أو مطلق الصوت ؛ كما في لسان العرب 567/12.
ثمّ إنّ عمر أخّر الثلاثة الذين شهدوا فضُربوا، ودرأ عن زياد حد القاذف، وعن المغيرة حد الزنا(1)، وقال لهم : توبوا.. فتاب نافع وشبل، وقال أبوبكرة : واللّه لا أتوب من الحق، أشهد أنّه زان، فأراد عمر أن يحده ثانية، فقال له علي : «لا تفعل، فإنك إن فعلت رجمنا المغيرة؛ لأنه قد تم عليه أربع شهادات..»(2) فلم يجلده، وحلف أبو بكرة ألا يُكَلَّمَ (3) زياداً (4).
ص: 87
1- كذا ؛ ولعلّها : الزاني.
2- وفي سنن البيهقي 235/8 (كتاب الحدود) عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : «إن جلدته فارجم صاحبك..». ولا يخفى ما في التعبير عن المغيرة بكلمة (صاحبك) من معنى.
3- في نسختي الأصل : يحكم، وهي محرّفة عن المثبت.
4- وجاءت بشكل مفصل جداً في الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني 146/14 - 147، ولاحظ : تاریخ ابن خلكان 455/2، وتاريخ ابن كثير 81/7 [ وفي طبعة 93/7 - 94]، وتاريخ اليعقوبي 146/2، والمحاضرات للراغب الإصفهاني 203/1، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 161/3 - 162 [ في طبعة أربع مجلدات، وفي الطبعة المحقّقة 231/12 - 234]، وعمدة القاري للعيني الحنفي 340/6، وجمهرة النسب للكلبي 57/2، وكذا فيه 74/2 - 76، وأسهب الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء في ترجمة المغيرة بن شعبة 21/3 - 32 برقم 7. كما وقد أشبع محقق مطاعن بحار الأنوار - حشره اللّه مع مواليه وجعل قادم أيامه خيراً من ماضيه - هذه الواقعة تحقيقاً ومصادراً، لاحظ منه : 639/30 - 654. ولاحظ : رأي الخليفة في جلد المغيرة في نوادر الأثر في علم عمر في الغدير 137/6 - 144 مفصلاً. هذا؛ وقد روي عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال - كما في الأغاني 147/14، وبحار الأنوار 648/30 (الطعن الخامس).. وغيرهما، وجاء بألفاظ مختلفة جداً - : «إن ظفرت بالمغيرة لأتبعنّ [ في بحار الأنوار : لأتبعنه ] أحجاره».
وفي غريب الحديث (1)، عن أبي عبيد، والأربعين (2)، عن الخطيب، أنّه روى أبو صبرة، وجيلة (3) بن عبد اللّه : أنّ رجلين جاءا إلى عمر فسألاه عن طلاق الأمة، فجاء عمر إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسأل عنه، فأشار بإصبعيه - يعني طلقتين -(4)..
ص: 88
1- غريب الحديث ؛ ولا يوجد في المطبوع منه، ولعلّه حرف وحذف منه خوفاً على خليفتهم من عار أكثر، فراجع. وقد نقله المصنف (رَحمهُ اللّه) أيضاً في المناقب عنه. راجع : مناقب آل أبي طالب 191/2 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة قم العلمية 370/2] باختلاف ذكرنا عمدته.
2- الأربعون في فضائل مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للخطيب الخوارزمي، وهو مفقود النسخ حسب علمنا، وتكرر اعتماد المصنّف (رَحمهُ اللّه) عليه في كتابه هذا، وكذا في مناقبه.
3- كذا ؛ وفي المناقب ومصادر جمّة : مصقلة، والظاهر : جبلة.
4- ولاحظ الحديث بألفاظ مقاربة فيما جاء في ينابيع المودة: 254[300/2]. وروى الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في أماليه 243/1، و 188/2 [الطبعة الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 238 برقم 422، وصفحة : 575 حدیث 1188] مسنداً قال : أتى عمر ابن الخطّاب رجلان يسألان عن طلاق الأمة، فالتفت إلى خلفه فنظر إلى عليّ بن أبي طالب فقال : يا أصلع !! ما ترى في طلاق الأمة ؟ فقال له بإصبعه.. هكذا، وأشار بالسبابة والتي تليها، فالتفت إليهما عمر وقال: ثنتان.. وعنه في بحار الأنوار 111/30 (باب 18) حدیث 12 و 132/31 - 133 (باب 24) حدیث 1، وأكثر من مورد عن الأمالي - وعبر عنه بأمالي ابن الشيخ : 17، ورواه في بحار الأنوار 11940 (باب 92) حدیث 5، و 153/104 (باب 112) حدیث 57، وعنه في مستدرك وسائل الشيعة 338/15 حديث 18433. وما هنا مجمل ما في مناقب آل أبي طالب للمصنّف (رَحمهُ اللّه) 191/2 [ الطبعة الأُولى 498/1 - 503 ]، وعنه في بحار الأنوار (236/40 باب 97) حدیث 13، بعد ما ذكر قوله :.. وفي أربعين الخطيب.. إلى آخر قوله : وفي غريب الحديث عن أبي عبيد - أيضاً - قال أبو صبرة : جاء رجلان إلى عمر فقالا له : ما ترى في طلاق الأمة ؟ فقام إلى حلقة فيها رجل أصلع فسأله، فقال: «اثنتان»، فالتفت إليهما فقال: اثنتان، فقال له أحدهما : جئناك - وأنت أمير المؤمنين - فسألناك عن طلاق الأمة فجئت إلى رجل فسألته، فواللّه ما كلّمك ؟ ! فقال له عمر : ويلك! أتدري من ويلك! أتدري من هذا؟ هذا عليّ بن أبي طالب [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]، سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «لو أنّ السماوات والأرض وضعت في كفة، ووضع إيمان علي اللّه في كفة لرجح إيمان عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)». وكذا جاء في 3/104 (باب 82) حديث، ومثله عنه في مستدرك وسائل الشيعة 339/15 (باب 19) حديث 18434 - 18435 وعدّهما محقّق الكتاب حديثين ! وانظر : حلية الأبرار 2 /66 حديث 10، وشرح الأخبار 321/2.. وغيرهما. وقد أخرجه الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة: 254 [300/2 - 301] بزيادة، وفي ذيله : فالتفت ابن الخطّاب إليهما وقال : اثنان. [فقال أحدهما : سبحان اللّه جئناك وأنت أمير المؤمنين وسألناك عن مسألة فجئت إلى رجل واللّه ما كلّمك] فقال لهما عمر : هذا عليّ بن أبي طالب [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] أشهد أني سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول : «لو أنّ إيمان أهل السماوات والأرض وضع في كفة ووضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان عليّ بن أبي طالب». وأيضاً جاء في المناقب للخوارزمي الحنفي : 78.. وغيره.
وقد نظمه العبدي في المقصورة (1): [ من الرجز ]
[إنا رَوَينَا فِي الحَدِيثِ خَبَرا*** يَعْرِفُهُ سَائِرُ مَن كَانَ رَوَى ](2)
أنَّ ابنَ خَطَّاب أتَاهُ رَجُلٌ*** فَقَالَ: كَمْ عِدَّةُ تَطلِيقِ الإِمَا؟
فَمَرَّ والتَّأويلُ يَقْفُو إثْرَهُ*** حتّى أتى المسجدَ عَجْلانَ الخُطى
إذَا عليّ بن أَبِي طَالبَ فِي*** جَمع كَثِيرٍ جَالسٌ لَن يحتَفَى (3)
فَقَالَ : يَا حَيدَرُ كَم تَطلِيقَةً*** لِلأَمَةِ ؟ اذْكُرْهُ.. فَأَوْمَىٰ (4) المُرتَضى
ص: 90
1- جاءت هذه المقصورة المشهورة للمرحوم العبدي منثورة هنا وهناك في المناقب وغيره.
2- ما بين المعكوفين مزيد من المناقب، ومن هنا زيد من الغدير.
3- لم يرد هذا البيت والذي قبله في المناقب والغدير، وهما مختصان بكتابنا هذا، ولا يتمّ المعنى إلّا بهما.
4- في نسختي الأصل : فأومر، وما هنا استظهرناه ثمّ وجدناه في المناقب.
بإصْبَعَيْهِ فَثَنى (1) الوَجْهَ إِلَى*** سَائِلِهِ قَالَ: اثْنَتَانِ وَانْثَنَى
قَالَ لَه : تَعرِفُ هذَا؟ قَالَ: لَا*** قَالَ لَه : هذَا عَلِيٌّ ذُو العُلَا ] (2)
قال له سَائِلُهُ : واعَجَباً*** أنتَ الإِمَامُ المُسْتَعِدُّ المُقْتَدَى
جئتُك فِي مَسألة فَلَمْ يَكُنْ*** عِنْدكَ مِنْها خَيرٌ وَلا نَبَا !
تُمَّتَ جِئْتَ سَائِلاً ذَا الرَّجُلَ ال*** أصْلعَ لَم تَسْتَحْي [مَا ] بَينَ المَلَا
فَلَمْ يُكَلِّمْكَ وَأَوْمَى مُغْضِباً*** بِإِصْبَعَيْهِ فَرَضِيتَ مَا قَضَى !! (3).
ص: 91
1- في نسختي الأصل : فشى.
2- ما بين المعكوفين مزيد من مناقب المصنّف قدس سره، وإلى هنا في المناقب والغدير. أقول : ورد البيت الأوّل والرابع والخامس في المناقب 412/2 - 413 [ وفي طبعة 191/2]، كما وقد ذكر شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 298/2 (24) بيتاً منها.
3- كما وقد جاء ما هو على رويها موضوعاً ووزناً في المناقب 373/2، وفي صفحة: 382، وجاء فيه 14 قوله : [ من الرجز ] أشهد باللّه لقد قال لنا*** محمّد والقول منه ما خفي -: لو أنّ إيمان جميع الخلق ممّ*** ن سكن الأرض ومن حلّ السما يجعل في كفة ميزان لكي*** يوفي بإيمان علي ما وفى وفيه 230/3 قال : مقصورة العبدي : [ من الرجز ] لو أنّ عبداً لقى اللّه بأع*** مال جميع الخلق برّاً وتقى ولم يكن والى عليّاً حبطت*** أعماله وكُبَّ في نار لظى ولعلّ مطلع القصيدة ما جاء في المناقب 9/4[ وفي طبعة 173/3] من قوله (رَحمهُ اللّه): [ من الرجز ] محمّد وصنُوهُ وابنته*** وابناه خير من تحفّى واحتذى صلى عليهم ربّنا باري الورى*** ومنشئ الخلق على وجه الثرى .. إلى ثمانية أبيات. وأورد المصنف (رَحمهُ اللّه) في كتابه المناقب 159/2 أبياتاً من مقصورة العبدي، [ من الرجز ] جاء منها : ويوم عاد المرتضى الهادي وقد*** كان رسول اللّه حُمَّ واشتكى فمش صدر المصطفى بكفّه*** فكاد أن يحرقها فرط الحمى فقال : يا أخي! كذا فعلك بالط*** هر فزالت خيفة من الندا قال النبيّ : الحمد للّه لقد*** أعطاك ربي - يا أخي! - أهنى العطا أكلّ شيءٍ خائف بأسك حتّ*** ى هذه الحُمَّى؟! وعوفي وبرا وله أيضاً : [ من الرجز ] من زالت الحمّى عن الطهر به؟*** من ردّت الشمس له بعد العشا؟ من عبّر الجيش على الماء ولم*** يُخْشَ عليه بلل ولا ندا؟! .. وله رضوان اللّه عليه أبيات أُخر هناك، فراجعها. ولاحظ : المناقب 167/2. قال شيخنا الطهراني (رَحمهُ اللّه) في الذريعة 22 /116 برقم 6326: مقصورة العبدي، سفيان بن مصعب، المروي فيه عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): «علموا أولادكم شعر العبدي».
وفي كتاب الأربعين (1) ؛ عن الموفّق المكي - برواية(2)، عن ابن سيرين -:
ص: 92
1- الأربعون للموفق المكي ويراد منه الخطيب الخوارزمي، في أربعينه في فضائل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد اعتمده المصنّف مكرّراً ولا نعرف له نسخة فعلاً.
2- كذا؛ ولعلّه : بروايته.
أنّ عمر سأل الناس [ وقال: كم] يتزوج (1) المملوك؟ وقال لعلي : إياك أعني یا صاحب المعافري (2) - رداء كان عليه - فقال : «ثنتين» (3).
وفي الإرشاد (4) : أنّه رواه [العامّة ] (5) والخاصّة : أنّ قدامة بن مظعون شرب خمراً، فأراد عمر أن يحدّه، فقال [له قدامة ] : إنّه لا يجب علي الحد؛ لقوله :
ص: 93
1- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : بتزوّج، وما أثبتناه أخذناه من المناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه).
2- المعافر : برود باليمن منسوبة إلى معافر، وهي قبيلة. قال في القاموس المحيط 93/2 : معافر : بلد، وأبو حي من همدان.. وإلى أحدهما تنسب الثياب المعافرية، وجاء في بحار الأنوار 236/40 (باب 97) حديث 12.. وغيره بالغين المعجمة، والظاهر كونه سهواً.
3- أقول : قال الموفق الخوارزمي في المناقب : 96: حدّثنا أبو المغيرة الثقفي، عن رجل، عن ابن سيرين : إنّ عمر سأل الناس كم يتزوج المملوك ؟ ! وقال لعلي [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ] : إياك أعني يا صاحب المعافري - رداء كان عليه - فقال : «ثنتين»، ورواه الجويني أيضاً في فرائد السمطين 348/1. إلا أنّ المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 370/2 [ الطبعة العلمية قم، وفي طبعة النجف الأشرف 191/2] رواه عن أربعين الخطيب، قال : قال ابن سيرين : إن عمر سأل الناس، وقال : كم يتزوج المملوك ؟ وقال.. إلى آخره.
4- الإرشاد للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 108 - 109 [الطبعة المحقّقة 202/1 - 203، وفي الطبعة الأُولى : 97] باختلاف أشرنا إلى غالبه، تحت عنوان : فصل في ذكر ما جاء من قضاياها (عَلَيهِ السَّلَامُ) في إمارة عمر بن الخطّاب، قال : فمن ذلك ما جاءت به العامّة والخاصّة في قصة قدامة بن مظعون.
5- ما بين المعكوفين بياض في نسختي الأصل، وهو مزيد من المصدر.
﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيمَا..) (1) الآية، فدرأ [عمر ] عنه الحد، فبلغ ذلك أمير المؤمنين علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2)، [فمشى إلى عمر فقال له : «لم تركت إقامة الحدّ على قدامة في شربه الخمر ؟!». فقال له : إنّه تلا عليّ الآية.. وتلاها عمر على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)]، فقال : «ليس قدامة من أهل هذه الآية ولا مَنْ سلك سبيله في (3) ارتكاب ما حرم اللّه، إِنَّ (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ..) لا يستحلون حراماً.. فاردد قدامة واستتبه ممّا قال ؛ فإن تاب فأَقِمِ (4) الحدّ عليه، وإن لم يتب فاقتله فقد خرج عن الملة».
[فاستيقظ عمر لذلك ] فعرف قدامة الخبر، فأظهر التوبة [والإقلاع]. فسأل(5) عمر عن حدّه (6).
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «حُدَّهُ ثمانين؛ لأنّ شارب الخمر إذا شربها تسكره (7) وإذا سكر (8)
ص: 94
1- سورة المائدة (5) : 93.
2- في الإرشاد : فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)..
3- في نسختي الأصل : إنّ، ولا معنى له، وما أثبتناه من موافق لجميع المصادر، ولعلّ العبارة كان هكذا : إنّه ارتكب ما حرم اللّه.
4- في نسختي الأصل : فأتم، وهي مصحفة عن المثبت عن المصدر.
5- في نسختي الأصل : فقال، وهو سهو من قلم النساخ.
6- كذا؛ وفي المصدر : فدرأ عمر عنه القتل، ولم يدر كيف يحده، فقال لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أشر عليّ في حدّه.
7- في نسختي الأصل : بسكرة.
8- في نسختي الأصل : تبكى، وهي مصحفة عن المثبت عن المصدر.
هذى (1)، وإذا هذى افترى» (2).
ورويتم (3): أنهم رووا أنّ امرأة شهد عليها الشهود أنهم وجدوها في بعض مياه العرب مع رجل يطؤها ليس ببعل لها، فأمر عمر برجمها [وكانت ذات بعل ]، فقالت : اللّهمّ [ إنك ] تعلم أنّي بريئة.. فغضب عمر وقال : ولجرح (4) الشهود أيضاً ! فأمر أمير المؤمنين أن يسألوها (5).. [...«فلعل لها عذراً»، فرُدَّت وسُئِلت عن حالها ].
ص: 95
1- كذا في نسختي الأصل ؛ وفي الإرشاد : إذا شربها سكر.
2- في نسخة (ألف) : أسرى. وجاءت الرواية أيضاً في الكافي الشريف 215/7 - 216 حديث 10، والتهذيب 93/10، وتفسير العياشي (رَحمهُ اللّه) 341/1 حديث 189، وعلل الشرائع 539/2 حديث 7.. وغيرها. وأوردها العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 159/79 (باب 86) حديث 14، وأيضاً فيه 249/40 - 250 (باب 97) حديث 23 عن الإرشاد والمناقب 497/1 [في طبعة العلمية قم 366/2، وفي طبعة النجف الأشرف 2 /188]. وراجع : النوادر للأشعري (رَحمهُ اللّه) : 152 حديث 390، والإيضاح للفضل بن شاذان النيشابوري (رَحمهُ اللّه) : 101 - 102 [ الطبعة المحقّقة : 195 – 196 ].. وغيرهما. وأوردها العامّة بطرق متعدّدة ؛ كما في سنن الدارقطني 166/3، والدر المنثور للسيوطي 161/3.. وغيرهما، من دون ذكر لاسم قدامة بن مظعون..!
3- كما جاء في كنز العمال 456/5.. وغيره.
4- كذا؛ ولعلّها : وتجرح.. كما في الإرشاد وغيره، وفي المناقب : وتجرحين.. ؟
5- في نسختي الأصل : تسألوها، وما هنا في المناقب، وفي الإرشاد : واسألوها.
فقالت: كان لأهلي (1) إبل، فخرجت إلى إبل أهلي (2)، وحملت معي ماء، ولم يكن في إبلي لبن، وخرج معي خليطنا (3) - وكان في إبله لبن - فنفد مائي فاستسقيته، فأبى أن يسقيني حتّى أمكنه من نفسي.. فأبيت، فلمّا كادت نفسي تخرج أمكنته [من نفسي كرهاً ].
فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «اللّه أكبر ! (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغِ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ»» (4).
[فلما سمع ذلك عمر ] فخلى سبيلها (5).
ص: 96
1- في نسختي الأصل : لأهل.
2- في نسختي الأصل : أهل.
3- في نسختي الأصل : خليطاً، وهي مصحفة عن المثبت عن المصادر، والخليط :المخالط والمشارك. انظر : لسان العرب 293/7 مادة (خلط).
4- سورة البقرة (2) : 173. وفي المناقب استشهد بسورة المائدة : 3:.. (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَائِفٍ لإثم...). ثم قال : فلا إثم عليه، ولعلّه سهو بلحاظ ذيله.
5- كما رواه ابن شهر آشوب (رَحمهُ اللّه) في مناقب آل أبي طالب 369/2 [ الطبعة الأُولى 190/2 ]، وسبقه شيخنا المعظم المفيد (رَحمهُ اللّه) في إرشاده : 110 [ الطبعة المحقّقة 206/1 - 207]، وعنه في وسائل الشيعة 18 / 384 حديث [ الطبعة الإسلامية، وفي طبعة مؤسسة آل البيت 112/28 (باب 18) حديث 34347]. ونقله العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 253/40 (باب 97) ذیل حدیث 27، و 50/9 حديث 36. وقريب منه ما رواه العياشي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره 74/1، والشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في من لا يحضره الفقيه 35/4، وكذا في التهذيب 49/10 حديث 186.. وغيره.
ابن العلوية الإصفهاني (1): [ من الكامل ]
لا يَهْتَدُونَ لمَا اهْتَدَى الهَادِي لَه (2)*** مِمَّا بِهِ الحَكَمَانِ يَشْتَبِهان
في (3) رَجُمٍ جَارِيَةٍ زَنَتْ مُضْطَرَّةٌ*** خَوْفَ المَماتِ بِغُلّة العَطشان
إذْ قالَ: «رُدُّوها»، فَرُدَّتْ (4) بَعدَما*** كَادَتْ تَحِلُّ عَسَاكِرَ المَوَتَانِ (5)
ص: 97
1- هذه الأبيات من قصيدة عرفت ب- (المحبرة) أو (الألفية) أو (نونية ابن العلوية) سبق الحديث عنها مفصلاً سابقاً، فراجع. وقد جاءت هذه الأبيات في مناقب آل أبي طالب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 411/2 [ وفي طبعة المطبعة العلمية قم 369/2، وفي الطبعة الأُولى 190/2] تحت عنوان قال : ابن الإصفهاني في كلمته !
2- جاء صدر البيت في نسخة (ب) هكذا لا تهتدون لمن أهدى الهادي له، وفي نسخة (ألف): تهدون.
3- في نسختي الأصل زيادة حرف (و) قبل (في).
4- في نسختي الأصل : فردن.
5- وجاء بعدها في المناقب بیتان آخران، هما : [ من الكامل ] ويرجم أخرى والداً عن ستة*** فأتى بقصتها من القرآن إذ أقبلت تجري إليها أُختها*** حذراً على حد الفؤاد حصانِ
وفي الأربعين(1) ؛ عن الخطيب الموفق المكي (2)، قال ابن عباس : كنا في جنازة، فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) الزوج أم الغلام: «أمسك عن امرأتك».
فقال له عمر : ولم يمسك (3) عن امرأته ؟ ! اخْرُجْ ممّا (4) جئت به.
قال: «نعم، نريد أن تستبرئ (5) رحمها فلا يلقى فيها شيء، فيستوجب الميراث من أخيه ولا ميراث له».
فقال عمر : أعوذ باللّه من معضلة لا عليّ لها (6).
ص: 98
1- كتاب الأربعين في فضائل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للخطيب الموفق المكي الخوارزمي، وهو مفقود حسب علمنا.
2- جاء في المناقب 369/2 [ طبعة بيروت 412/2 - 415، وفي طبعة النجف الأشرف 183/2 ]، وعنه في بحار الأنوار 235/40 - 236 (باب 97) حدیث 13.
3- في نسختي الأصل : تمسك.
4- في نسختي الأصل : ما، والمثبت عن المناقب والبحار.
5- في نسختي الأصل : يستبري، وله وجه، وما أثبتناه من المناقب والبحار.
6- وجاء في فرائد السمطين للحمويني 348/1 حديث 272، والأربعون للماحوزي : 471.. وغيرهما.
وفيه(1) روی حسين (2) أن رجلين استودعا امرأة من قريش مائة دينار، وأمراها أن لا تدفع إلى واحد منهما دون صاحبه، فأتاها أحدهما، فقال : إنّ صاحبي قد هلك.. فادفعي إلي المال، فأبت.. فاستشفع عليها ومكث يختلف إليها ثلاث سنين، فدفعت إليه المال، ثمّ جاء صاحبه فقال لها : أعطيني (3) مالي، فقالت له : قد أخذه صاحبك، فارتفعا إلى عمر، فقال : ألك بينة ؟ فقال : هي (4) بينتي، فقال : وما أراكِ إلّا ضامنة (5). فقالت : أنشدك اللّه لما رفعنا (6) إلى عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]، قال : فرفعهما إليه.. فأتياه في حائط وهو لسبيل الماء، وهو مؤتزر (7) بكساء عليه.. القصة.
فقال للرجل : «ايتني بصاحبك وعلي متاعك» (8).
ص: 99
1- أي كتاب الأربعين للموفق المكي الخوارزمي.
2- الكلمة مشوشة جداً، غير منقوطة في نسختي الأصل، أثبتنا ما استظهرناه، ولعله الحسين بن محمّد الذي جاء اسمه في بداية سند الكافي، وتقرأ في نسخة (ب): خبس، أو خمس.
3- في نسختي الأصل : أعطني.
4- في نسختي الأصل : هنّ.
5- تقرأ في نسختي الأصل : ضامنته.
6- كذا في المتن، ولها وجه لو قرأناها مجهولة ؛ والظاهر : رَفَعْتَنا.
7- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ : متوزر.
8- أقول : أورد المصنّف طاب ثراه الواقعة في مناقبه 412/1 [ وفي طبعة قم 191/2] بشكل آخر من طريق الخاصّة، فقال (رَحمهُ اللّه) : وفي تهذيب الأحكام أنّه : استودع رجلان امرأة وديعة وقالا لها : لا تدفعيها إلى واحد منا حتّى نجتمع عندك.. ثمّ انطلقا فغابا، فجاء أحدهما إليها فقال : أعطيني وديعتي فإنّ صاحبي قد مات.. فأبت حتّى كثر اختلافه فأعطته، ثمّ جاء صاحبه فقال : هاتي وديعتي....فقالت المرأة : أخذها صاحبك وذكر أنك قد متّ.. فارتفعا إلى عمر فقال لها عمر : ما أراكِ إلّا قد ضمنت، فقالت المرأة : اجعل عليّاً [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] بيني وبينه [ فقال عمر : اقض بينهما ]، فقال علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]: «هذه الوديعة عندي وقد أمر تماها أن لا تدفعها إلى واحد منكما حتّى تجتمعا عندها، فأتني بصاحبك»، فلم يُضمّنها، وقال : «إنّما أرادا أن يذهبا بمال المرأة»، وعنه في بحار الأنوار 235/40 - 236 (باب 96) ذیل حدیث 13. وراجع : المناقب للخوارزمي : 96. انظر : تهذيب الأحكام 290/6 حديث 804 باختلاف يسير،، وقريب منه في الكافي الشريف 428/7 - 429 حديث 12، ومن لا يحضره الفقيه 19/3 حديث 3248.. وغيرهما. وعنها في الوافي 1113/16.
وفي رواية يحيى [ بن سعيد ]، عن (1) سعيد بن المسيب، أنّه قال : اللّهمّ لا تبقني لمعضل (2) ليس له ابن أبي طالب حيّاً (3).
ص: 100
1- في نسختي الأصل : بن، ولا نعرف لابن المسيب ابناً باسم يحيى.
2- كذا؛ وجاء في بعض النصوص كما سيأتي - : لمعضلة، وهي المشهورة.
3- في الفائق للزمخشري 445/2 قال : أعوذ باللّه من كلّ معضلة ليس لها أبو الحسن.. وما هنا ذكره البلاذري في تاريخه 2/ 99 - 100، والمصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 493/1 [ وفي طبعة النجف الأشرف 311/1]، وحكاه في بحار الأنوار 149/40 (باب 93) ذيل حديث 4 عن غير واحد، وكذا الإربلي (رَحمهُ اللّه) في كشف الغمة : 35[116/1]، وفي هامش المسترشد : 653.. وغيرهما.
وفي الإرشاد (1)؛ أحمد بن عامر بن سليمان الطائي، عن الرضا ال - في خبر - أنّه : أقرّ رجل بقتل ابن رجل [من الأنصار ] فدفعه إليه عمر (2) ليقتله به، فضربه ضربات (3) بالسيف حتّى ظنّ أنّه قتله (4)، فحمل إلى موضعه (5) وبه رمق، فعولج (6) فبرئ الجرح بعد [ستّة ] (7) أشهر، فلقيه الأب وجره إلى عمر، فدفعه إليه عمر ليقتله، فجعل الرجل يستغيث، فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «ما أمرك ؟!» فقال: ضربني ضربات كثيرة بالسيف فعولجت وبرأت فقال: «اقعد ههنا..» وأتى عمر
ص: 101
1- الإرشاد للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه)، ولم نجده فيه ولا في غيره بهذا الاسم، بل ظننا أن الكلمة زائدة، حيث جاء هذا النص في مناقب المصنّف (رَحمهُ اللّه) بدون هذه الجملة، حيث قد أورد المصنف (رَحمهُ اللّه) هذا الحديث في مناقبه 187/2 [ وفي طبعة 496/1 - 497، وفي المطبعة العلمية قم 2 / 365 - 366، وفي طبعة بيروت 407/2 - 408 باختلاف أشرنا للمهم منه ].. وكلّ من رواه فقد أخذه منه، منهم شيخنا العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 233/40 - 234 (باب 40) ذیل حدیث 12، و 386/104 حديث 3.. وغيره. وكلّ ما أوردته بين المعكوفين فقد أخذته من المناقب، فلاحظ.
2- في المناقب بتقديم وتأخير : عمر إليه..
3- في المناقب وبحار الأنوار: ضربتين.
4- في المناقب وبحار الأنوار : أنّه هلك..
5- في المناقب - وعنه في بحار الأنوار - : منزله، بدلاً من : موم من : موضعه.
6- لا توجد كلمة : فعولج في المصادر
7- الزيادة من المناقب وعنه في بحار الأنوار.
وقال: «ما هذا(1) الذي حكمت [به] على هذا الرجل؟!» قال : (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (2) !
قال : «ألم يقتله مرّة ؟!»، قال : قد قتله ثمّ عاش، قال: «فيقتل مرتين ؟!» فبهت، ثمّ قال: ﴿فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ﴾ (3).
فخرج (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال للأب : «ألم تقتله (4) مرة ؟ !» قال : بلى ؛ فيبطل (5) دم ابني ؟! قال: «لا، ولكن الحكم أن تدفع إليه فيقتص منك مثل ما صنعت به، ثمّ تقتله - بعد (6) - بدم ابنك».
قال : هو واللّه الموت ولا بد منه.
قال : «لابد أن يأخذ بحقه».
قال : إنّي قد صفحت عن دم ابني، ويصفح لي عن القصاص.. فكتب بينهما كتاباً بالبراءة...
فرفع عمر يده إلى السماء وقال : الحمد للّه ! أنتم أهل بيت الرحمة، أحسن اللّه
ص: 102
1- في المناقب : فدفعه إليه عمر فاستغاث الرجل إلى أمير المؤمنين [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ]، فقال لعمر : «ما هذا الذي..».
2- سورة المائدة (5) : 45.
3- سورة طه (20): 72.
4- في نسختي الأصل: قتلته.
5- في نسخة (ألف): فينكل.
6- لا توجد : بعد، في المصدر وبحار الأنوار.
جزاك (1) يا أبا الحسن.. ثمّ قال : لولا علي لهلك عمر.
عاصم (2) بن ضمرة (3) [السلولي ] (4): إنّ غلاماً وامرأة أتيا عمر فقال الغلام : هذه (5) واللّه أُمّي، حملتني (6) في بطنها تسعاً، وأرضعتني حولين كاملين، فانتفت منّي وطردتني وزعمت أنها لا تعرفني.. فأنكرت (7)،
فأتوا بها مع أربعة إخوة لها وأربعين قسامة يشهدون لها أن هذا الغلام مدّع (8)
ص: 103
1- لا توجد : أحسن اللّه جزاك.. في المناقب وبحار الأنوار.
2- نسخة (ألف): عاضم، وفي نسخة (ب) : ماضم، وكلاهما مصحف، وفى الكافي: عاصم بن حمزة.
3- أورد هذه الواقعة المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 493/1 - 494 [ طبعة بيروت 403/2، وفي طبعة المطبعة العلمية قم 361/2 - 362] باختلاف أشرنا للمهم منه، وحكاه عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 306/40 (باب 97) ذیل حدیث 80، وأسندها بقوله : حدائق أبي تراب الخطيب، وكافي الكليني، وتهذيب أبي جعفر، عن عاصم بن ضمرة.. إلى آخره.
4- كما جاء في الكافي الشريف 423/7 حديث :6 والتهذيب 304/6 حديث 849، وعنهما في وسائل الشيعة 282/27 (باب 21) حدیث 33766 [ طبعة مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، و في الطبعة الإسلامية 207/18 حديث 2] باختلاف كثير واختصار.
5- في نسختي الأصل : هذا.
6- في نسختي الأصل : حملني، وهو غلط.
7- لا توجد كلمة : فأنكرت في المناقب.
8- في نسختي الأصل : مدّعي، والصحيح ما أثبتناه من المناقب.
غشوم (1)، يريد أن يفضحها (2) في عشيرتها، وأنّها - بخاتم ربها - لم يتزوج [بها أحد]، فأمر عمر بإقامة الحد عليه.
فرأى عليّاً، فقال : يا أمير المؤمنين ! احكم(3) بيني وبين احكم بيني وبين أُمِّي..
فجلس [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] موضع النبيّ (عليهما و آلهما السلام)، فقال للمرأة: «ألك (4) ولى ؟!»
قالت : نعم، هؤلاء الإخوة(5) الأربعة إخوتي.
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) لهم : «حكمي جائز عليكم وعلى أختكم؟»
قالوا : نعم.
قال: «أشهد اللّه وأشهد من حضر من المسلمين(6): أنّي زوّجت هذه المرأة من هذا الغلام بأربعمائة درهم والنقد من مالي.. يا قنبر عليّ بالدراهم (7)»، فأُتي بها.
فقال: «خذها فَصُبَّها في حجر امرأتك، وخذ بيدها (8) إلى المنزل».
ص: 104
1- في المناقب: ظلوم، بدلاً من : غشوم.
2- في نسختي الأصل : يفضّها.
3- في نسخة (ألف) : حكم، وهي مطموسة في نسخة (ب).
4- لا توجد همزة الاستفهام في المناقب.
5- لا توجد كلمة : الإخوة، في المناقب.
6- لا توجد (من المسلمين)، في المصدر.
7- في نسختي الأصل : بالدوام، ولا معنى واضح لها.
8- في نسختي الأصل : وخذها بيدها.. وهو سهو.
فصاحت المرأة : الأمان.. الأمان - يا ابن عم محمّد ! - هذا واللّه ولدي زوجني إخوتي بهجين (1) فولدت منه هذا، فلما بلغ وترعرع (2) أنفوه وأمروني أن أنتفي منه [فخفت منهم ] فامتنعت، وقد انتفيت منه (3).. وأخذت بيد الغلام و انطلقت به..
فنادى عمر : لولا عليّ لهلك. عمر (4).
ص: 105
1- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ في نسخة (ألف): بنجيب. وفي المصادر : هجيناً، وأثبتنا ما استظهرناه من نسخة (ب)، وما في المصادر. والهجين : هو الذي أبوه عربي وأمّه غير عربية، حرة كانت أو أمة.. وقد قيل أيضاً إنّ الهجين هو العبد الذي لا أصل له ولا نسب يعرف به، وعند العرب قبل الإسلام هو : من كان أبوه شريفاً وأُمه وضيعة الأصل، وبعد الإسلام يقال لمن كان أبوه عربياً وأُمُّهُ أَمَةً، كما قاله ابن عبد ربه في العقد الفريد 412/3 - 417، والمبرد في الكامل 314/1.. وغيرهما. انظر : علم النسب للمامقاني (القسم الثاني) : 195.
2- في نسختي الأصل : تزعزع.
3- لا توجد جملة : فامتنعت وقد انتفيت منه.. في المناقب، وفي نسخة (ألف) : منهم.
4- أقول : جاء الحديث مسنداً ومفصلاً في الكافي الشريف (الفروع) 423/7 - 424، وكذا التهذيب 92/2 - 93، وعنهما في بحار الأنوار 304/40 - 306 (باب 97) حدیث 80، فراجع، فقد جاء بألفاظ مختلفة ومعانٍ مقاربة. ونقله شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 104/6 - 105 (في نوادر الأثر في علم عمر) (رَحمهُ اللّه) عن ابن القيم الجوزية في كتابه الطرق الحكمية : 45. وانظر : خصائص الأئمّة للسيد الرضي (رَحمهُ اللّه) : 83 - 85 [ الطبعة الأُولى : 57 ]، وعنه : - الميرزا النوري (رَحمهُ اللّه) في موسوعته : مستدرك وسائل الشيعة 17 /388 – 390 (باب 17) حديث 21646. هذا؛ قد أورد المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 362/2 بعد نقله لهذه الواقعة أبياتاً لا بن حماد، وهي : [من البسيط ] قال الإمامُ : فوليني ولاكِ لكي*** أُقرّر الحُكْم ؟ قالت : أنت تملكني فقال : قومي لقد زوجته بك قُمْ*** فادخل بِزَوْجِك يا هذا ولا تَشِنِ فَحِينَ شدَّ عليها كَنَّه هَتَفَتْ:*** أَتَستَحِلُّ - ترى - بابني تُزوِّجُني ؟ ! إِنِّي مِنَ أَشْرَفِ قومي نسبةً وأبو*** هذا الغُلام مهين في العَشِيرِ دَنِي فكُنتُ زُوِّجتُهُ سِراً فأولَدَني*** هذا ومات وأمري فيه لم يبِن فَظَلْتُ أكتُمُهُ أَهْلِي ولو عَلِمُوا*** لكانَ كُلُّ امري منهُمْ يُعيرني
ورويتم (1): أن مجنونة على عهد عمر فجر بها رجل، فقامت البينة عليها بذلك، فأمر عمر بجلدها، فعلم ذلك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) [فقال: «ما بال مجنونة آل فلان تعتل (2) ؟» فقيل له : إنّ رجلاً فَجَر بها، وهَرب، وقامت البيتة عليها..
ص: 106
1- كما رواه أحمد بن حنبل في مسنده 154/1، وأبي داود في سننه 140/4 [وفي طبعة 339/2]، وأبو يعلى في مسنده 440/1، والحاكم في مستدركه 59/2، والدارقطني في سننه 138/3 حديث 173 [وفي طبعة 102/3]، والبيهقي في سننه 264/8، وسعيد بن منصور في سننه 67/2.. وغيرهم في غيرها. وقد عدّ له نحو عشرين مصدراً - عدا أكثر ما نقلنا عنه - شيخنا الأميني طاب ثراه في غديره 101/6 - 103، وحكى له صوراً خمساً، فراجعها.
2- تعتل.. أي تجذب جذباً عنيفاً، كما صرّح بذلك في الصحاح 1758/5.
فأمر عمر بجلدها ].
فقال: «ردّوها إليه، وقولوا (1) له : إنّما ما علمت [أنّ] هذه (2) مجنونة آل (3) فلان، وأن النبيّ (عليه و آله السلام) قال : «رفع القلم [ عن ثلاثة :..] عن المجنون حتّى يفيق..» إنّها مغلوبة على عقلها ونفسها».
[ فردّت إلى عمر، وقيل له ما قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)]، فقال عمر : فرج اللّه عنك فقد كدت أن أهلك في جلدها. ثمّ قال : لولا عليّ لهلك عمر (4).
ص: 107
1- في نسختي الأصل : وقالوا.. وهو غلط.
2- في نسختي الأصل : أهذه.. ولها وجه إلّا أنّ الكلام كلّاً مشوش، وفي الإرشاد : أما علمت أن هذه مجنونة آل فلان ؟
3- في نسختي الأصل: إلى، وهو تصحيف.
4- أورد هذه الواقعة شيخنا المفيد (رَحمهُ اللّه) بزيادات ألحقنا بعضها في المتن بين معكوفين في إرشاده : 109 [ الطبعة الأُولى : 197، وفي الطبعة المحقّقة 203/1 - 204]. أقول : وأورده المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 366/2 [ وفي طبعة 188/2، وفي الطبعة الأُولى 497/1، وفي طبعة بيروت 408/2]، وذكر قبله إسناده هكذا : الحسن وعطاء وقتادة وشعبة وأحمد.. وهو مقارب إلى ما هنا جداً بدون ما زدنا عليه بين المعكوفين. وعنهما في بحار الأنوار 250/40 (باب 97) حديث 24، وعن الإرشاد في وسائل الشيعة 316/18 حديث 2 [ وفي طبعة مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) 23/28 (باب 8) حدیث 34121]. وقريب منه في الإيضاح للفضل بن شاذان (رَحمهُ اللّه) : 100 [ الطبعة المحقّقة : 193] ورواه الديلمي (رَحمهُ اللّه) في كتابه : إرشاد القلوب : 213.. وغيره. وراجع - أيضاً - : الخصال 175/1 (باب الثلاثة) حدیث 233.
وقد روى البخاري (1) بعض هذا الخبر، وترك بعضه !
ورويتم (2): أنّه أتى بحامل قد زنت فأمر برجمها، فقال له أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ):
ص: 108
1- كتاب البخاري 204/8 - 205 (كتاب الحدود، باب لا يرجم المجنون والمجنونة).. قال المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب: وأشار البخاري إلى ذلك في كتابه.. ولكن حرفه كعادته لإثبات صحة كتابه !
2- وقد أورده المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 362/2 [ طبعة المطبعة العلمية قم، وفي طبعة 2 / 184، وفي الطبعة الأُولى 493/1 - 494]، وعنه في بحار الأنوار 306/40 (باب 97) ذیل حدیث،80، وحكاه عن التهذيب والكافي، كما جاء فيهما. انظر : الكافي 423/7 - 424، والتهذيب 92/2 - 93 [ الطبعة الحجرية، وفي الحروفية 306/6] مع اختلاف أشرنا لمهمه. وقد روي الخبر في الإرشاد أيضاً : 97 - 98 [ وفي طبعة: 109، وفي الطبعة المحقّقة 204/1 ]، وعنه في بحار الأنوار 49/79 - 50 (باب 70) حديث 35، وعن المناقب والإرشاد في بحار الأنوار 250/40 - 251 (باب 97) حديث 24. وكذا عن الإرشاد في وسائل الشيعة 108/28 حديث 34333 [طبعة مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وفي الطبعة الإسلامية 381/18 (باب 16) حدیث 7]. وقد جاء في المستجاد من الإرشاد للعلامة (رَحمهُ اللّه) : 118، وقبله في الإيضاح للفضل بن شاذان (رَحمهُ اللّه): 99 [ الطبعة المحقّقة : 192].. وغيرهما، كما وقد رواه في الاختصاص : 111 مختصراً. وجاء في كفاية الطالب : 227، بل جاء بنص ما ههنا - بدون ما بين المعكوفين - وقد نقله بنصه عنه في بحار الأنوار 52/79 - 54 (باب 70) ذیل حدیث 43.
«هَبَ لك سبيل عليها ! هل لك سبيل على ما في بطنها ؟ ! واللّه يقول: ﴿وَلَا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (1)».
[ فقال عمر : لا عِشتُ لمعضلة لا يكون لها أبو حسن. ثمّ ]
قال: فما أصنع بها ؟ قال: «احفظ عليها [ حتّى ] تلد (2)، فإذا ولدت ووجدت لولدها من يكفله فأقم الحدّ عليها» (3)، قال : فلما ولدت ماتت (4)، فقال عمر : لولا عليّ لهلك عمر (5).
ص: 109
1- سورة الأنعام (6): 164 وبعينها مكرّراً في سورة الإسراء (17): 15، وسورة فاطر (35) : 18، وسورة الزمر (39): 7.
2- في الإرشاد - بل غالب المصادر - : «احتط عليها حتّى تلد..»، وفي بعضها: «اصطبر عليها..».
3- ورواها باختصار الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الاختصاص : 111. وبتفصيل أكثر جاء في الإرشاد (رَحمهُ اللّه) : 109 [204/1 من الطبعة المحقّقة ]، وابن شهر آشوب المازندراني (رَحمهُ اللّه) في المناقب 362/2، والديلمي (رَحمهُ اللّه) في إرشاد القلوب : 213.. وغيرهم.
4- في نسختي الأصل : فاتت، وهي مصحفة عن المثبت عن المناقب.
5- ما هنا بنصه أورده المصنّف طاب ثراه في مناقبه 362/2 [ طبعة قم، وفي طبعة بيروت 404/2]، ثمّ حكى بيتين من أبيات الإصفهاني (رَحمهُ اللّه) الآتية : [من الكامل ] وبِرَجُمٍ أُخرى مُثْقَل في بطنها*** طفل سوي الخلق أو طفلان تُودوا ألا انتظروا فإنْ كانَتْ زَنَتْ*** فجَنِينُها في البَطْنِ ليسَ بزانِ أقول : يظهر من مطاوي الأخبار المنقولة لنا أنّها أكثر من واقعة، وأنّه في بعضها قد خلّى سبيلها حيث كان قد انتهرها وأخافها وأخذ منها إقراراً بقهر وعنف ! وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) له : «أو ما سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : «لا حدّ على معترف بعد بلاء، إنّه من قيد أو حبس أو تهدّد فلا إقرار له» وقال عمر هناك: عجزت النساء أن تلدن مثل عليّ بن أبي طالب، لولا عليّ لهلك عمر. و راجع : الرياض النضرة 1962، ذخائر العقبی : 80، مناقب الخوارزمي : 48 [ وفي الطبعة : 81]، الأربعين للفخر الرازي : 466، مطالب السؤول : 13.. وغيرها. وفي درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية ليحيى بن الحسين الحسني (المتوفى سنة 298 ه-) : 152 قال : وبلغنا عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه لما كان في ولاية عمر أُتي إليه بامرأة فسألها فأقرَّت بالفجور، فأمر بها عمر أن ترجم، فردّها عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال : «أمرت بهذه أن ترجم؟!» فقال : نعم، اعترفت عندي بالفجور ! فقال : «هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها ؟ !» فقال : ما علمت أنّها حبلى. قال : «فإن لم تعلم فاستبرِ رحمها..». ثمّ قال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «فلعلك انتهرتها أو أخفتها ؟ قال : قد كان ذلك...فأمر بها فخلى سبيلها. ثمّ قال عمر : عجزت النساء أن يلدن مثل عليّ بن أبي طالب، ولولا عليّ لهلك عمر. ويروى أنّه كان يقول : لا أبقاني اللّه لمعضلة لا أرى فيها عليّ بن أبي طالب.
ورويتم (1) - قبل ذلك من معاذ بن جبل - وقوله : لولا معاذ لهلك عمر.
ص: 110
1- أخرج البيهقي في السنن الكبرى 443/7، والباقلاني في التمهيد : 199، والهندي في كنز العمّال،82/7، و 583/13 - 584، وابن حجر في فتح الباري 120/12، وفي الإصابة 427/3، والذهبي في سير أعلام النبلاء 452/1، وابن أبي الحديد في شرح النهج 150/3 [ 202/12 ].. وغيرهم في غيرها، بل جاء في هامش بحار الأنوار 675/30 جملة مصادر له - جزى اللّه محققها خيراً - كما أورد بعضها في الغدير 132/6، وقد صرّح بذلك القاضي النعمان المغربي في دعائم الإسلام 86/1.. وغيره في حديث - حاصله أنّ رجلاً غاب عن زوجته سنتين وعاد فوجدها حبلى، وأراد عمر رجمها، فنهاه معاذ بن جبل، وقال له : إن كان لك عليها سبيل فليس على ما في بطنها سبيل.. فاتركها حتّى تضع.. فتركها فولدت غلاماً قد خرجت ثناياه فعرف الرجل الشبه فيه ! فقال : ابني وربّ الكعبة ! فقال عمر : عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ، لولا معاذ لهلك عمر !!.. وظنّي - واللّه العالم - أنهم بعد أن تواتر إقرار خليفتهم بفضيلة لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أرادوا ضمّ غيره إليه كي لا يتفرّد أو ينفرد، وهو الفرد رغم كل فارغ.
ابن علويّة الإصفهاني (1): [ من الكامل ]
وبِرَجْمِ (2) أُخْرَى مُثْقَل في بطنها*** طِفلُ سَوِيُّ الخَلْقِ أو طِفْلانِ
نُودُوا : أَلا انتَظِرُوا فَإِنْ كَانَتْ زَنَتْ*** فَجَنِينُها فِي البَطنِ لَيسَ بِزَانِي
ص: 111
1- هذه الأبيات من قصيدة سبق الحديث عنها وعن منشدها في المقدّمة. وجاء البيتان الأوّلان منها في المناقب 404/2 [ 184/2] بنصهما.
2- في نسخة (ألف): ويرجم.
كَمْ قَتَلُوا قَتْلَى فَأحْيِي بَيْنَهُمْ*** قَتْلاهُمُ (1) المُؤْتَهُ بِالقُرآن
ويَقُولُ : لولاهُ هَلَكْتُ، خليفةٌ*** أفضَتْ (2) إمارتُهُ إلى عُثمانِ
لا أبْعَدَ اللّه الذى يَكُ قَدْ قَضَى التَّ*** فريج عَنِّي ساعةً أبْقَاني (3)
ورويتم (4) : أن عمر أتي بامرأة ولدت لستة أشهر، فأراد عمر رجمها،
ص: 112
1- في نسخة (ألف): فتلاهم.
2- في نسختي الأصل : اقضت.
3- في نسخة (ألف): إيقائي، ولعلّه : إيقاني.. ومعنى البيت : لا أبعد اللّه - ساعة أبقاني فيها - الذي قد فرّج عني.
4- كما أوردها ابن قتيبة في عيون الأخبار 69/2 باختلاف يسير، وقد نقلها شيخنا الأميني (قدّس سِرُّه) في غديره 93/6 - 94 بصور ثلاث عن عدة مصادر، وهي - والتي سلفت - تتحد في بعض ألفاظها. انظر لها مثلاً : السنن الكبرى 442/7، مختصر جامع العلم لابن عبد البر : 150، الرياض النضرة 194/2، ذخائر العقبى : 82 تفسير الفخر الرازي 484/7، الكفاية للكنجي : : 105، مناقب الخوارزمي: 57، تذكرة سبط ابن الجوزي : 87، الدر المنثور للسيوطي 1 / 288، و 6 / 40، كنز العمّال 96/3.. وغيرهم وغيرها. والعجب - ولا عجب - أن مثل هذه الواقعة قد تكرّرت في زمن عثمان إلّا أن المرأة المسكينة كانت قد رجمت وأُجري عليها الحد، كما أوردها مفصلاً مالك بن أنس في الموطأ 176/2، والبيهقي في السنن الكبرى 442/7، وابن كثير في تفسيره 157/4، والعيني في عمدة القاري،642/9، والسيوطي في الدر المنثور 40/6.. وغيرهم في غيرها، وسنرجع لها. وقد تعرّض لها المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 1922، وحكاها عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 236/40 - 237 (باب 97 ذیل حدیث 13.. فراجع. والأغرب - ولا غرابة في أكثر ما صدر منهم - أنّ عين هذه الواقعة نسبت إلى مشورة عمر مع معاذ بن جبل، وقوله : إن يك لك عليها سبيل فليس لك على ما في بطنها سبيل، كما ذكرها الذهبي في سير أعلام النبلاء 452/1.. وكم لهم من هذه السرقات كي يقللوا من مكرمات أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وإن كان الجامع لها هو جهل خليفتهم وحمقه، وكفاه إقراره على نفسه لو كان عاقلاً.
فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنّ عذرها في كتاب اللّه، فقال : ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً) (1) فخلّ (2) سبيلها». وقال : لولا عليّ لهلك عمر.. وألحق الولد بالرجل - وكانت امرأة الهيثم - كان أرسله عمر في جيش.. (3) فلو كان هذا من صاحب
ص: 113
1- سورة الأحقاف (46): 15.
2- كذا ؛ والظاهر : فخلَّى، وعليه فقد تنتهي الرواية بعد الآية، ويكون ما بعدها شرحاً لها.
3- أقول: جاءت هذه القصة في مناقب آل أبي طالب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 499/1 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة بيروت 407/2، وفي الطبعة العلمية - قم 366/2، وفي طبعة 187/2] وفيه هكذا: وكان الهيثم في جيش ؛ فلما جاء جاءت امرأته بعد قدومه بستة أشهر بولد فأنكر ذلك منها، وجاء به عمر وقص عليه، فأمر برجمها.. فأدركها علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] من قبل أن ترجم. ثم قال لعمر: «اربع على نفسك ! إنّها صدقت، إن اللّه تعالى يقول: (.. وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً..﴾ [سورة الأحقاف (46): 15]. وقال: ﴿وَالوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ..﴾ [سورة البقرة (2) : 233]، فالحمل والرضاع ثلاثون شهراً». فقال عمر : لولا عليّ لهلك عمر.. وخلّى سبيلها، وألحق الولد بالرجل.. كما نقل هذه الواقعة - بزيادة واختلاف - الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الإرشاد : 98 [ الطبعة المحقّقة 206/1]، وعنهما في بحار الأنوار 252/40 - 253 (باب 97) حدیث 27، و 66/104 (باب 41) حديث 1 عن الإرشاد، وحديث 2 عن المناقب في بحار الأنوار 232/40 (باب 97) حدیث 12. كما وقد رواه السيّد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه) في الطرائف : 472، قال : ومن طرائف ما شهدوا به على خليفتهم عمر - أيضاً - من إقدامه على قتل النفوس، وتغيير شريعة نبيهم، وتبديله لأحكامها.. ما ذكره الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في فصل منفرد في آخر الكتاب المذكور.. إلى آخره. ونقله العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 93/6 من جهل الخليفة بكتاب اللّه بصور مختلفة عن عدة مصادر، فراجع.
الشُرَط (1) لَقَامُوا (2) على من أقامه لذلك حتّى يعزله، فكيف بمن يجلس مجلس رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)..؟ (3)
ص: 114
1- كذا ؛ ولعلّه : صاحب الشرطة.
2- في نسختي الأصل : أقاموا، والظاهر أنّها محرفة عن المثبت.
3- راجع : دعائم الإسلام 86/1.. وغيره.
وفي [إحياء] علوم الدين (1): أن عمر قبل الحجر، ثمّ قال : إنّي لأعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع، ولولا أنّي رأيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقبلك لما قبلتك.. فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): «بل هو يضر وينفع»، قال : وكيف ؟ قال : «إنّ اللّه تعالى لما أخذ الميثاق على الذرية كتب اللّه عليهم كتاباً، ثمّ ألقمه هذا الحجر، فهو يشهد للمؤمنين (2) بالوفاء، ويشهد على الكافر بالجحود».
ص: 115
1- إحياء علوم الدين 242/1 باختصار، وعنه في بحار الأنوار 229/40 (باب 97) حديث 9 عن المناقب للمؤلف (قدّس سرّه). أقول : أورده المصنف (رَحمهُ اللّه) في كتابه مناقب آل أبي طالب 494/1 - 495 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة قم 363/2، وفي طبعة 185/2، وفي طبعة بيروت 404/2 - 405] مع زيادة سنذكرها، وعن إحياء العلوم في بحار الأنوار 229/40 (باب 97) حدیث 9. وقد جاء من طرقنا مفصلاً ؛ كما في علل الشرائع : 49 بإسناده عن أبي سعيد الخدري في حديث طويل آخره قال عمر : لا عشت في أُمة لست فيها يا أبا الحسن ! وقد عقد العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 216/99 - 229 باباً (40) في فضل الحجر وعلّة استلامه واستلام سائر الأركان.. وقد ذكر فيه عدة روايات. هذا ؛ وقد نصَّ عليه أعلام العامّة - عدا من ذكرناهم كالحاكم في المستدرك 457/1، وابن الجوزي في سيرة عمر : 106، والقسطلاني في إرشاد الساري 195/3، والراغب الإصفهاني في المحاضرات 463/2، وابن أبي الحديد في شرح النهج 122/3، والعيني في عمدة القاري 606/4.. وغيرهم في غيرها.
2- المصدر والمناقب : للمؤمن، وهو الذي يقتضيه السياق.
قيل : فذلك هو معنى (1) قول الناس عند الاستلام: «اللّهمّ إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاءاً بعهدك..» (2).
الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): «قضى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في امرأة محصنة فجر بها غلام صغير، فأمر الثاني أن ترجم فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لا يجب الرجم، إنّما يجب الحد ؛ لأن الذي فجر بها ليس بمدرك» (3)».
وأمر عمر على رجل يمني (4) محصن فجر بالمدينة [ب] الرجم، فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «لا يجب عليه (5) الرجم ؛ لأنّه غائب عن أهله، وأهله في بلد آخر، إنّما يجب عليه الحد».
ص: 116
1- في نسختي الأصل : حتى، ولا معنى لها، ولا توجد جملة : هو معنى.. في المناقب.
2- إلى هنا في المناقب، وزاد بعده : هذا ما رواه أبو سعيد الخدري، وفي رواية شعبة، عن قتادة، عن أنس، فقال له عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]: «لا تقل ذلك ؛ فإنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ما فعل فعلاً ولا سنّ سنّة إلّا عن أمر اللّه نزل على حكمه..»، وذكر باقي الحديث، وحكاه عنه في بحار الأنوار 229/40 (باب 97) ضمن حدیث 9.
3- وبنصه أورده المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 492/1 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة 148/2، وفي طبعة قم 283/2، وفي طبعة بيروت 402/2]، وعنه في بحار الأنوار 226/40 (باب 97) ذیل حديث 6، و 52/79) (باب 70) حدیث 43.
4- تقرأ في نسختي الأصل : بمنى، وما أثبتناه من المناقب والبحار. أقول : الذي جاء في المناقب وعنه بحار الأنوار هو : أمر عمر برجل يمني.. أن يرجم.
5- في نسختي الأصل : على، بدلاً من : عليه.
فقال الثاني : لا أبقاني اللّه لمعضلة ليس يكون(1) لها أبو الحسن (2).
وهَمّ الثاني أن يأخذ حَلْيَ الكعبة..
فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنّ القرآن أُنزل على النبيّ (عليه وآله السلام) والأموال أربعة :
أموال المسلمين ؛ فقسمها (3) بين الورثة في الفرائض..
والفيء ؛ فقسمه على مستحقه..
والخمس ؛ وضعه (4) اللّه حيث وضعه..
والصدقات؛ فجعلها اللّه حيث جعلها..
وكان حَلْي الكعبة يومئذ فتركه على حاله؛ ولم يتركه نسياناً، ولم يخف عنه
ص: 117
1- في المناقب : لم يكن، بدلاً من ليس يكون، وهو الظاهر.
2- قد سبق أن نقل الحادثة المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 492/1 [ من الطبعة الأُولى، وفي طبعة 148/2، وفي طبعة قم 183/2، وفي طبعة بيروت 402/2، وفي طبعة 368/2]، وعنه في بحار الأنوار (226/40 (باب 97) حدیث 7، و 53/79 (باب 70) حدیث 43. وكذا جاء في مستدرك وسائل الشيعة 351/9 (باب 17) حدیث 11055. وقد رواه السيّد الرضي (رَحمهُ اللّه) في نهج البلاغة (القسم الثاني) : 209، وعنه في وسائل في الشيعة 357/5 (باب 23) حديث 1 [ الطبعة الإسلامية، وفي طبعة مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) 13 / 254 - 255 حديث 17680].
3- في المناقب : فقسموها..
4- في المناقب : فوضعه..
مكاناً (1)، فأقره حيث أقره اللّه ورسوله!».
فقال زفر : لولاك لافتضحنا..! وترك الحلى بمكانه (2).
ص: 118
1- في المناقب : لم يخف عليه مكانه.
2- وبنصه جاء في المناقب 498/1 - 499 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة قم 189/2، وفي طبعة بيروت 410/2]، وعنه في بحار الأنوار 235/40 (باب 97) ضمن حديث 13، وفي 69/99 (باب 6) حديث 10. أقول : جاء بطرق متعدّدة وصور مختلفة في مصادر جمة من طريق العامّة، منها ما ذكره البخاري في كتابه 81/3، في أكثر من كتاب، منه كتاب الاعتصام (كتاب الحج، باب كسوة الكعبة).. وغيرهما، وأيضاً أبو داود في سننه 317/1، وابن ماجة في سننه 269/2، والبيهقي في سننه 159/5، والبلاذري في فتوح البلدان : 55، والزمخشري في ربيع الأبرار 26/4 في الباب الخامس والسبعين منه. وانظر : الرياض النضرة 20/2، وفتح الباري 358/3، وكنز العمال 145/7.. وهي قد ثبتت لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ونسبت في كتبهم لغيره ! مثل أبي بن كعب، وشيبة بن عثمان.. وغيرهما، كلّ ذلك خوف التفرّد بمنقبة له (عَلَيهِ السَّلَامُ).. فلعن اللّه كل متقوّل.. وضاع.. ناصبي.. وعدّها في بحار الأنوار في ضمن الطعن الثالث عشر 694/30 - 695، وقال : ومنها : ما رواه في نهج البلاغة أنّه ذكر عند عمر بن الخطّاب حلي الكعبة وكثرته.. وخرَّجها محقق الكتاب - جزاه اللّه خيراً - على مصادر عديدة من كتب العامّة.. وانظر القصة مفصلةً بمصادرها في نوادر الأثر في علم عمر في الموسوعة الغدير 177/6 برقم 60 (اجتهاد الخليفة في حلي الكعبة) حيث أشبعها (رَحمهُ اللّه) مصادراً وتحليلاً.
وفي كتاب شرح الأخبار (1) ؛ عن القاضي النعمان بن محمّد، قال : روی عمر بن حماد بإسناده:...عن أنس بن مالك، قال : كنت مع عمر بمنى(2) إذ أقبل أعرابي ومعه ظهر (3)، فقال لي [عمر ] : سل (4) هل يبيع الظهر ؟ فقمت إليه فسألته، فقال : نعم.. فقام إليه [عمر ] فاشترى منه (5) أربعة عشر بعيراً.
ثم قال : يا أنس ! ألحقها بالظهر (6)
فقال الأعرابي : [ يا أمير المؤمنين ! جردها ] (7)..
ص: 119
1- شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي 306/2 - 307 بألفاظ مقاربة، وما بين المعكوفين مزيد من المصدر، ونقله الميرزا النوري (رَحمهُ اللّه) في مستدرك الوسائل 13 / 324 (باب 18) حديث 15485 عن شرح الأخبار باختلاف يسير. وقد جاءت في كتب العامّة أيضاً وبصورة مقاربة، كما في كنز العمّال 221/2، ومنتخب الكنز المطبوع هامش مسند أحمد بن حنبل 231/2.. وغيرهما.
2- في نسختي الأصل : نهى، وهو تصحيف.
3- الظهر : هي الإبل التي يحمل عليها ويركب، وبالفتح، الركاب التي تحمل الأثقال. يقال : عند فلان ظهر.. أي إبل. انظر : لسان العرب 522/4، تاج العروس 166/7، النهاية 166/3.. وغيرها.
4- في المصدر : سله.
5- في نسختي الأصل من، والمثبت عن شرح الأخبار والمناقب.
6- في المناقب : ألحق هذا الظهر، وفي المصدر زيادة: يعني التي له.
7- موضع المعكوف بياض في نسختي الأصل بمقدار أكثر من كلمتين وما هنا أثبتناه من المصدر.
من أجلابها (1) وأقتابها (2).
قال عمر : إنّما اشتريتها منك بأجلابها (3) وأقتابها (4)..
فاستحكما إلى عليّ (5)، فقال: «كنت اشترطت عليه أقتابها
ص: 120
1- في المناقب والمصدر : أحلاسها. أقول : قال ابن منظور في لسان العرب 268/1 :.. والجلب : ما جلب من خیل وإبل ومتاع.. والجمع أجلاب.
2- لا توجد وأقتابها، في المصدر المطبوع، وحكاها في المناقب والمستدرك عن کتاب شرح الأخبار. ويراد منه الأحلاس، وأقتابها.. أي أكسيتها. راجع : النهاية 424/1، ولسان العرب 55/6، وتاج العروس 248/8.. وغيرها. أقول : الظاهر وجود خلل في المصدر المطبوع حيث ورد فيه: قال الأعرابي : يا أمير المؤمنين جردها من أحلاسها، فقال عمر: إنّما...وأقتابها. ثمّ ورد بعد ذلك: فقال الأعرابي : يا أمير المؤمنين جرَّدها من أحلاسها وأقتابها، فقال عمر : إنّما..
3- في المصادر : أحلاسها.
4- القتب؛ هو رحل صغير على قدر سنام البعير، كما في لسان العرب 271/1 و 325، و 1 / 660 - 661 مادة (قتب)، وقيل : القتب مطلق الرحل. راجع : معجم مقاييس اللغة 59/5، والنهاية 423/1، و 11/4.. وغيرهما.
5- هذا نقل بالمعنى، وفي شرح الأخبار للقاضي النعمان : فقال الأعرابي : يا أمير المؤمنين ! جردها ! فما بعت منك أحلاساً ولا قتباً.. فقال عمر : هل لك أن تجعل بيني وبينك رجلاً كنا أُمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكمه.. ثمّ قال لي عمر : انظر هل ترى عليّاً في الشعب.. فأتيت الشعب فوجدت عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) قائماً يصلي ومعي الأعرابي، فأخبرته، فقام حتّى أتى عمر فقص عليه القصة، فقال له عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أكنت شرطت عليه..» إلى آخره.
وأجلابها ؟» (1).
قال [ عمر ] : لا [ ما اشترطت ذلك ].
قال: «فجردها له.. فإنما لك الإبل».
فقال عمر: يا أنس جردها وادفع إليه أقتابها وأجلابها (2) وألحقها بالظهر.. ففعلت (3).
بإسناده (4)؛ قال عبادة بن الصامت : قدم قوم [من ] الشام حجاجاً، فأصابوا
ص: 121
1- في المصدر والمناقب وأحلاسها، وهو الظاهر، ويراد منه كلّ شيء يوضع على ظهر الدابة تحت الرحل والقتب أو السرج، وهو كساء رقيق، كما في لسان العرب 54/6 مادة (حلس).
2- في المصدر والمناقب : وأحلاسها، بدلاً من أجلابها.
3- كذا جاء في المناقب لابن شهر آشوب 494/1 [ من الطبعة الأُولى، وفي طبعة بيروت 405/2، وفي طبعة قم 185/2]، وتعرّضنا لغالب الفروق بينهما، وعنه في بحار الأنوار 229/40 - 230 (الباب 97) ضمن حديث 9. راجع : كنز العمال 142/4، حديث 9910، وفي الغدير 277/6 برقم 86 بعنوان : الخليفة في شراء الإبل.
4- أي القاضي النعمان في كتابه شرح الأخبار 304/2 - 305 نقلاً بالمعنى أحياناً، ثمّ علّق عليه وضبط غريبه.
أدحِيَّ (1) نعامة فيه خمس بيضات - وهم محرمون - [فشووهنّ وأكلوهنّ، ثمّ قالوا: ما أرانا إلّا وقد أخطأنا وأصبنا الصيد ونحن محرمون ] فأتوا المدينة فقصّوا على عمر القصة، فقال : انظروا (2) إلى قوم من أصحاب رسول اللّه فاسألوهم (3) عن ذلك ليحكموا فيه.. فأتوا جماعة من أصحاب النبيّ (عليه وآله السلام) فاختلفوا في الحكم في ذلك، قال [عمر ]: إذا اختلفتم.. فههنا رجل كُنا أمرنا (4) إذا اختلفنا في شيء [أن] نحكمه فيه، فأرسل إلى امرأة يقال لها : أُمّ (5) عطية، فاستعار [منها] أتانا (6) لها فركبها، وانطلق بالقوم معه حتّى أتى عليّاً - وهو بينبع في أرض له تجري إليه ماء (7)، ومعه قنبر - [فلما نظر قنبر إلى
ص: 122
1- في نسختي الأصل : أوجى، والمراد من أدحى النعام: مبيضها في الرمل. وفي غريب الحديث لابن قتيبة 374/1 : ومن هذا قيل لموضع بيض النعامة : أدحي؛ لأنّها تدحوه للبيض.. أي تبسطه و توسعه، كما جاء في الصحاح للجوهري 2335/6، ومعجم مقايي اييس اللغة،333/2، ولسان العرب لابن منظور 251/14.. وغيرها.
2- في نسختي الأصل : انظرنا، وما أثبتناه من المصدر.
3- في نسختي الأصل : فسئلوهم، وما هنا من المصدر المطبوع.
4- في نسختي الأصل : أمره.. وهو سهو.
5- لا توجد كلمة (أُمّ) في المناقب !
6- الأتان : الحمارة ؛ كما في لسان العرب 6/13، وقيل - بالفتح - الأنثى من الحمير، كما في مجمع البحرين 197/6.
7- في المصدر :.. له يجري فيها ماء.
عمر ]، فقال قنبر : هذا عمر قد أطلك (1) - فخرج إليه عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) [فتلقاه ] ثمّ قال : «هلّا أرسلت إلينا فنأتيك».
فقال عمر : الحكم يؤتى في بيته.. فقص عليه القول(2)، فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) العمر :
«مرهم فليعمدوا إلى خمس قلاص (3) من الإبل فيطرقوها الفحل، فإذا أنتجت أهدوا ما أنتج منها جزاء عمّا أصابوا».
فقال [له] عمر : يا أبا الحسن ! إنّ الناقة [قد] تجهض (4).
فقال له الا : «وكذلك البيضة قد تمرق (5)».
فقال عمر: لهذا أمرنا أن نسألك (6).
ص: 123
1- في نسخة (ألف) : أظلك، ومن قوله : في أرض له.. إلى هنا لم يرد في المناقب.
2- في المصدر : القوم، وهو يصح أيضاً.
3- في المصدر والمناقب : قلائص، وهي من الإبل الشابة القوية منها، أو أوّل ما يركب من إناثها.
4- في نسختي الأصل : يحمص، بدلاً من : قد تجهض، وما هنا أُثبت من المناقب، وجاءت هنا حاشية في نسختي الأصل على الكلمة، وهي : أي يسقط ولدها.
5- في المصدر المطبوع تمزق، وما هنا أولى، والمارق هو الفاسد، وقد مرقت البيضة إذا فسدت، كما في النهاية لابن الأثير 321/4 ذيل حديث أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) هذا.
6- حكاه المصنف (قدّس سِرُّه) بألفاظ مقاربة في مناقبه 496/1 [ من الطبعة الأُولى، وفي طبعة بيروت 406/2 - 407، و 186/2 من طبعة الحيدرية في النجف ]، وعنه في بحار الأنوار 230/40 - 231 (باب 97) ذیل حدیث 10، و 159/99 - 160 (باب 26) حديث 59، وجاء في أوّله : وذكر فيهما عمر بن حمّاد بإسناده عن عبادة ابن الصامت.. واللفظ هنا أبتر، والمقصود من لفظ التثنية فيه هو ما ذكره قبل هذه الواقعة من قوله : أبو القاسم الكوفي والقاضي النعمان في كتابيهما.. وسلف أن نقلناه عن شرح الأخبار 2 /304 - 306 حديث 625، وذكرنا ما فيه من لغات، ولم أجده في الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي، ولعله في كتاب آخر له (رَحمهُ اللّه). وراجع : ذخائر العقبی : 82، قضاء أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 217 حديث 5.. وغيرهما. وحكاه عن أبي القاسم الكوفي والقاضي النعمان في مستدرك وسائل الشيعة 265/9 - 266 (باب 17) حدیث 10870. أقول: جاء الخبر من طرق العامّة بشكل آخر فصله شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 103/6 - 104، وهو يختلف عمّا هنا لفظاً وإن اتحد معه مؤدّى. وانظر : الرياض النضرة 50/2 و 194، كفاية الشنقيطي : 57 - كما حكاه عنه في الغدير - وجاء في آخرها قولة عمر : اللّهمّ لا تنزل بي شديدة إلّا وأبو حسن إلى جنبي.. وأقول : إلّا قول : إلّا يوم القيامة.. فهو عليّ. وجاء في جواهر الكلام 330/36، نقلاً عن المناقب.
وبإسناده(1)؛ عن يزيد بن [أبي ] خالد، عن طلحة بن عبید اللّه (2)، قال : أُتي عمر بمال فقسمه بين المسلمين، ففضلت منه فضلة، فاستشار [عمر ] فيها من حضره (3) من الصحابة.
ص: 124
1- شرح الأخبار 2 /308 - 309 حدیث 630.
2- في نسختي الأصل : زيد بن خالد، والصواب : عن يزيد بن أبي خالد، بإسناده إلى طلحة بن عبيد اللّه.. ومن هذا وأمثاله يعلم صعوبة العمل وعدم نفع الفهارس وغيرها، واللّه المستعان وعليه التكلان.
3- كذا في المناقب وشرح الأخبار.. وغيرهما، ولم يرد الضمير في نسختي الأصل.
فقالوا: خذها لنفسك ؛ فإنّها إن قسمت (1) لم يصب كل رجل [منا] منها إلّا ما لا (2) يلتفت إليه فقال لعلى (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما تقول يا أبا الحسن ؟ !].
فقال على (عَلَيهِ السَّلَامُ): «اقسمه (3) ما أصابهم من ذلك [ما ] أصابهم، فالقليل والكثير في ذلك (4) سواء»، فقسمها [ عمر ](5)، ثمّ التفت إلى عليّ، فقال : ويد لك (6) مع أيادٍ لم أجزك (7) بها (8).
ص: 125
1- في المناقب : فإنّك إن قسمتها.. وفي شرح الأخبار: فإنّها، بدلاً من : فإنّك..
2- لا توجد كلمة (لا) في المناقب، ولا يتمّ المعنى بدونها.
3- كذا ؛ وفي المناقب : اقسمها.. بدلاً من : اقسمه ما.
4- في المناقب : «فالقليل في ذلك والكثير سواء».
5- لا توجد كلمة : فقسمها عمر.. في. في المناقب.
6- في نسختي الأصل : وبذلك.. بدلاً من : ويد لك.
7- مراده لعنه اللّه هنا هو : إنّ هذه نعمة من نعمك الكثيرة التي لا أستطيع أن أجزيك بها، أو أشكرك عليها.
8- إلى هنا ذكره المصنّف (رَحمهُ اللّه) من قبل في مناقبه 495/1 [ الطبعة الأُولى، وفي الطبعة الحيدرية النجف الأشرف 287/2، وفي طبعة 2 / 185، وفي طبعة بيروت 2 /405] مع ما فيه من اختلاف ذكرنا مهمه. وقد حكاه عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 230/40 (باب 97) ذیل حدیث 9. وروى الهيثمي في مجمع الزوائد 238/10 الحديث بطرق متعدّدة واختلاف كثير و تحريف ! ومثله في كنز العمّال 634/12 - 635 حديث 35957.
وبإسناده(1)، عن أبي عثمان النهدي (2)، قال: جاء رجل إلى عمر، فقال: إنّي طلقت امرأتي في الشرك تطليقة، وفي الإسلام تطليقة (3)، فما ترى؟ فسكت عمر، فقال له الرجل : ما تقول ؟ فقال : كما أنت حتّى يجيء عليّ بن أبي طالب.
[ فجاء عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال للرجل : ] فقص عليه (4) قصتك، فلما جاء فقص (5) عليه القصة (6)، فقال (7) عليّ(عَلَيهِ السَّلَامُ) : هدم الإسلام ما كان قبله، هي عندك على واحدة» (8).
ص: 126
1- شرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي 317/2 - 318 حديث 654 باختلاف يسير أشرنا له، وزيادة ألحقناها به.
2- هو أبو عثمان ؛ عبد الرحمن بن ملّ النهدي، مخضرم معمّر، غزا في خلافة عمر وبعدها غزوات. راجع : سير أعلام النبلاء 175/4 نقلاً عن عدة مصادر جاءت في هامشه. وجاء الخبر عن المناقب في بحار الأنوار 230/40 (باب 97) ذیل حدیث 9 إلّا أنّ الذي جاء في المصدر المطبوع هو : أبو عثمان البدري.
3- في المصادر : تطليقتين.
4- في نسختي الأصل : عليك، ولعلّه : نقص عليك.
5- كذا؛ ولعلّ الفاء زائدة.
6- في المناقب : فجاء عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : قص عليه قصتك.. فقص عليه القصة، فقال.. ولا يوجد في شرح الأخبار قوله : فلما جاء فقص عليه القصة.
7- في نسخة (ألف): قال.
8- كذا أورد الواقعة المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 495/1 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة قم 2 /186، وفي طبعة بيروت 405/2]. أقول : ونظير هذا ما ذكره الهندي في كنز العمّال 161/5، وما جاء في منتخب الكنز المطبوع بهامش مسند أحمد بن حنبل 482/3.. وغيرهما، عن قتادة أنّه قال : سئل عمر بن الخطّاب عن رجل طلق امرأته في الجاهلية تطليقتين، وفي الإسلام تطليقة. فقال : لا آمرك ولا أنهاك. فقال عبد الرحمن : لكني آمرك ! ليس طلاقك في الشرك بشيء.
العامّة [ و ] الخاصّة (1): أن عمر استدعى امرأة كانت يتحدث عندها الرجال، فلما جاءها رسله [فزعت و ] (2) ارتاعت وخرجت معهم،
ص: 127
1- الكلمتان مشوشتان في نسختي الأصل، قد تقرأ فيهما : العامّة.. لخاصّة، والظاهر ما أثبتناه، ولعلّه اسم كتاب. أقول : عبارة الإرشاد : ورووا : أنّه استدعى.. وقال قبل ذلك : ما جاءت به العامّة والخاصّة.. وما هنا لعلّه أُخذ من هناك. وقد ذكر المصنّف طاب رمسه في مناقبه النصّ هكذا: وروى جماعة؛ منهم : إسماعيل بن صالح، عن الحسن : أنّه استدعى.. إلى آخره. كما وقد رواه شيخنا المفيد (رَحمهُ اللّه) في إرشاده : 98 [ طبعة أخرى : 109 - 110، وفي الطبعة المحقّقة 204/1 - 205]، وشيخنا الكليني (قدّس سِرُّه) في الكافي 374/7 حديث 11، والشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في تهذيب الأحكام 312/10 حديث 1165، وشيخنا المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 366/2 [ وفي طبعة 2 /188]، ونقله العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في موسوعته الرائعة بحار الأنوار 394/104 (باب 38 حدیث 31. انظر : أنساب الأشراف للبلاذري،178/2، وقريب منه في شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد 174/1.. وغيرهما.
2- ما بين المعكوفين لم يرد في المناقب، وجاء في بعض المصادر.
فأملصت (1) فوقع إلى الأرض ولدها يستهل ثم مات، فبلغ عمر ذلك، فسأل الصحابة عن ذلك..
فقالوا [بأجمعهم ]: نراك (2) مؤدباً (3) ولم ترد إلّا خيراً.. ! إذ (4) لا شيء عليك [ في ذلك، وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) جالس لا يتكلّم في ذلك، فقال له عمر : ما عندك في هذا يا أبا الحسن ؟ قال : «قد سمعت ما قالوا». قال : فما تقول أنت ؟ قال : «قد قال القوم ما سمعت»] (5)، قال : أقسمت عليك - يا أبا الحسن ! - لتقولنّ ما عندك.
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إن كان القوم راقبوك (6) فقد غشّوك، وإن كانوا ارتأوا(7) فقد قصّروا الدية على عاقلتك (8)؛ لأنّ قتل الصبى خطأ تعلّق بك».
ص: 128
1- في نسختي الأصل : فأخلصت، وهو خطأ، والصحيح فأملصت، كما في المناقب ويراد بها أسقطت ولدها، كما جاء في الصحاح 1057/3 مادة (ملص).. وغيره.
2- في نسختي الأصل تقرأ : أتراك، وما أثبتناه موافق لبعض المصادر.
3- كذا في الإرشاد ؛ وفي المناقب: مؤدياً.
4- كذا ؛ وفي الإرشاد والمناقب : واو، بدلاً من : إذ.
5- ما بين المعكوفين لم يرد في المناقب، وإنّما جاء في الإرشاد خاصّة، ومثله عنه في بحار الأنوار 394/104 (باب 3) حديث 31.
6- في الإرشاد والمناقب.. وغيرهما : قاربوك.. وهو بمعنى طلب القرب والدنو، وراقبوك بمعنى حاذَرُوك.
7- كذا في المناقب وبعض المصادر الآتية ؛ والكلمة مشوشة في نسختي الأصل، ولعلها تقرأ : أراؤا.. وفي شرح النهج : وإن كان هذا جهد رأيهم فقد أخطأ وا.. عليك غرة.. يعني عتق رقبة.
8- في نسختي الأصل : ما قتلتك إن.. واللفظ في المناقب يختلف عما هنا.
فقال (1) : أنت - واللّه ! - نصحتني [ من بينهم]، واللّه لا تبرح حتّى تجري الدية على بني عدي.. ففعل ذلك على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
وقد أشار الغزالي إلى ذلك (2) في الباب الرابع من ربع العبادات من الإحياء (3)، عند قوله : ووجوب الغرم على الإمام إذا أخطأ.. كما نقل إجهاض المرأة جنينها [خوفاً] من عمر (4).
ص: 129
1- في نسختي الأصل : فقالت، وهو سهو قطعاً.
2- الكلام لازال من المناقب، وفيه : وقد أشار الغزالي إلى ذلك في الإحياء عند قوله : ووجوب.. إلى آخره.
3- إحياء علوم الدين 173/1 - 174.
4- قد أدرج الواقعة المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه إلى هنا 497/1 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة الحيدرية النجف الأشرف 188/2، وطبعة بيروت 408/2 - 409]، وحكاه عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 251/40 (باب 97) ذیل حدیث 25، و 394/104 (باب 38) حدیث 31. أقول : نقل هذه القصة أكثر من واحد منهم البخاري في كتابه 14/9 (كتاب الديات، باب جنين المرأة)، وجاء في كتاب مسلم 1311/3 (كتاب الديات، باب 11) حدیث 39، وسنن أبي داود 255/2 و 256، ومسند أحمد بن حنبل 244/4 و 253، والسنن الكبرى للبيهقي 113/8 - 114. وكذا راجع : كتاب الرسالة للشافعي : 113، وأنساب الأشراف 178/2 حديث 306، وعمدة القاري 410/5، وتذكرة الحفّاظ 7/1، وتهذيب التهذيب 36/3.. وغيرها كثير من أن عمر استشار الناس في إملاص المرأة. وقال - بعد ذلك - : اللّه أكبر ! لو لم أسمع بهذا لقضينا بغير هذا !! وفي لفظ : إن كدنا أن نقضي في مثل هذا برأينا..!! وقد أخذها من رواية المسور بن مخرمة، ومحمّد بن مسلمة، وحمل بن النابغة، والمغيرة بن شعبة.. وكلّهم أفقه من عمر - واللّه الحمد ! - مع أنهم لا فقه لهم ولا دين.. !!
ورووا (1): أنّ امرأتين تنازعتا في عهد عمر في طفل ادعته كل واحدة منهما ولداً لها (2) بغير بينة [ ولم ينازعهما فيه غيرهما، فالتبس الحكم في ذلك على
ص: 130
1- في عبارة الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الإرشاد: روت العامّة والخاصّة. وما هنا جاء بنصه في المناقب للمصنّف (رَحمهُ اللّه)، وما زدنا عليه أخذناه غالباً من إرشاد الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه). انظر : مناقب آل أبي طالب للمصنّف (رَحمهُ اللّه) 2 /188 - 189 [ وفي طبعة 366/2 - 367، وفي الطبعة الأُولى 494/1] باختلاف يسير والزيادات بين المعكوفين ليست من المناقب غالباً، إنما جاءت في سائر المصادر. وراجع : إرشاد الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 110 [ وفي الطبعة الأُولى : 98، وفي الطبعة المحقّقة 205/1 - 206 ]، وعنه في وسائل الشيعة 288/27 - 289 (باب 21) حديث 33775 [ طبعة مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وفي الطبعة الإسلامية 212/18 حديث 11]، وعن المناقب والإرشاد في بحار الأنوار 252/40 (باب 97) حديث 26 بألفاظ مقاربة، ونحوه في الفضائل لابن شاذان (رَحمهُ اللّه) : 64، وأنساب الأشراف للبلاذري 178/2، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 174/1، ونقله العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 252/40 (باب 93) حديث 6، وكذا في 394/104 (باب 38) حدیث 31.
2- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، وتقرأ : وكذا لها.
عمر]، فغم عليه [فيه] وفزع إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).. فاستدعى المرأتين ووعظهما [ وَخَوَّفهما ] (1) فأقامتا على التنازع [والاختلاف ]، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) [عند تماديهما في النزاع ]: «ائتوني بمنشار».
فقالت له المرأتان ما تصنع [به]؟ قال: «أقده (2) نصفين ؛ لكلّ واحد منكما (3) نصفه...»، فسكتت إحداهما(4)، وقالت الأخرى : اللّه اللّه يا أبا الحسن ! إن كان لابد من ذلك فقد سمحت به.لها.
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «اللّه أكبر ! هذا ابنك دونها، ولو كان ابنها لرقت عليه وأشفقت..»
واعترفت الأُخرى [ بأنّ الحق مع صاحبتها و ] أنّ الولد لها دونها..
وهذا حكم سليمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) في صغره (5).
وذكر أبو القاسم الكوفي في كتابه (6) أنّه : رفع إلى عمر أن عبداً قتل مولاه،
ص: 131
1- سقط في نسختي الأصل مقدار كلمتين، وما أثبتناه من المصدر.
2- الكلمة مشوشة، وقد تقرأ في نسخة (ألف) : أمده، أو ابده.
3- في نسختي الأصل : بعضكما، والمثبت عن الإرشاد والمناقب.. وغيرهما.
4- هنا بياض بمقدار كلمة في نسخة (ب).
5- إلى هنا جاء في المناقب - من دون الزيادات - 498/1 [ وفي طبعة بيروت 409/2 ]، وعنه في بحار الأنوار 252/40 (باب 97) حديث 26.
6- قال المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 364/2 : أبو القاسم الكوفي والقاضي النعمان في اللّه كتابيهما قالا...وعنه في بحار الأنوار 230/40 - 231 (باب 97) حدیث 10، وأيضاً في 71/79 - 72 (باب 71) حديث 24، وكذا في مستدرك الوسائل 345/14 346 (باب 15) حدیث 16907. وأورد الواقعة القاضي النعمان المغربي في كتابه شرح الأخبار 320/2 - 321 حديث 658، قال : أبو القاسم الكوفي بإسناده قال.. ومثله في الصراط المستقيم 17/2. أقول : الظاهر هنا أنّه أراد كتاب الاستغاثه في بدع الثلاثة لأبي القاسم الكوفي (رَحمهُ اللّه)ولم نعثر على هذه الرواية في مطبوع الكتاب.
فأمر بقتله، فدعاه عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال له : «أقتلت مولاك ؟ !» قال : نعم.
قال : «ولم قتلته ؟ !» قال : غلبني (1) على نفسي وأتاني في ذاتي.
فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأولياء المقتول : «أدفنتم وليكم؟» قالوا: نعم.
قال: «ومتی دفنتموه؟»، قالوا : الساعة.
قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) لعمر : «احبس هذا (2) الغلام ولا تحدث به (3) حدثاً حتّى تمر ثلاثة أيام»، ثمّ قال لأولياء المقتول : «إذا مضت ثلاثة أيام فاحضرونا».
قال : فلما مضت ثلاثة أيام حضروا، فأخذ على (عَلَيهِ السَّلَامُ) بيد عمر، وخرجوا حتّى وقفوا على قبر الرجل [المقتول ].
فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأوليائه : «هذا قبر صاحبكم ؟» قالوا: نعم.
قال: «احفروه...!» فحفروا حتّى انتهوا إلى اللحد، فقال : أخرجوا ميتكم..!
ص: 132
1- الكلمة مشوشة في نسختي (ألف) و (ب)، ولعلّها تقرأ : علاني.
2- في نسختي الأصل : لهذا، ولا وجه لها.
3- في شرح الأخبار والمناقب : فيه، بدلاً من: به.
فنظروا إلى الأكفان (1) في اللحد ولم يجدوه (2)، فأخبروه بذلك، فقال [عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)]: «اللّه أكبر ! [ اللّه أكبر !] واللّه ما كذبت ولا كذبت (3)، سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول : «من يعمل من أُمتي عمل قوم لوط، ثمّ يموت على ذلك فهو (4) مؤجل إلى أن يوضع في [لحده ](5)، فإذا وضع فيه لم يمكث أكثر من ثلاث، ثمّ تقذفه (6) الأرض إلى [من ] عمله (7) من قوم لوط المهلكين فيحشر معهم» (8).
ص: 133
1- في المناقب : أكفانه.
2- في شرح الأخبار : فنظروا إلى جوف القبر واللحد فلم يجدوه.
3- كُذِبْتُ.. أي كُذِبَ عليَّ من دون أن أعلم بكذب القائل.
4- في نسختي الأصل : فهي، وهذا أخذ من المناقب، وفي شرح الأخبار : فما هو.
5- كان هنا بياض في نسختي الأصل، وما أثبت أخذ من المناقب.
6- في نسختي الأصل : هنا كلمة (إلى) والظاهر أنّها زائدة.
7- ما ورد في المناقب وشرح الأخبار : إلى جملة قوم لوط..
8- وقد أورده المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 494/1 [ الطبعة الأُولى، وفي الطبعة الحيدرية في النجف الأشرف 264/2، وطبعة بيروت 405/2 - 406، وفي طبعة قم 186/2]، وحكاه عنه كما سلف - في بحار الأنوار 230/40 - 231 (باب 97) حدیث 10، و 71/79 - 72 (باب 71) حديث 24، والاختلاف بينهما قليل غير مهم أشرنا لمهمه. وذكر القصة هذه أبو الفتوح الرازي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره 426/2، وعنه شيخنا النوري (رَحمهُ اللّه) في مستدرك الوسائل 344/14 - 345 (باب 15) حديث 16906، وبألفاظ مقاربة لما هنا مع زيادة توضيح، وفيه قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ): «سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول : من عمل [عمل] قوم لوط وخرج من الدنيا بغير توبة ذهب اللّه به إلى قوم لوط حتى يكون فيهم، ويحشر معهم».
الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1): «أتي إلى شنبويه (2) برجل وجد على رأس قتيل، وفي يده سكين مملوءة دماً، فقالوا: أنت قتلته ؟ !
فقال الرجل: لا واللّه ما قتلته ولا أعرفه.. إنّما دخلت [بهذه السكين ] هذه الساعة أطلب شاة لي عدت من بين يدي [ف-](3) وجدت هذا القتيل.. فأمر الثاني بقتله ! فقال الرجل القاتل - وهو واقف بينهم - : ﴿إِنَّا للّه وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾، قد قتلت رجلاً وهذا رجل آخر يقتل بسببي.. فشهد على نفسه بالقتل، فأدركه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)[ و ] قال : «لا يجب القود عليه ؛ إن كان قتل نفساً فقد أحيى نفساً [و من أحيى نفساً ] فلا يجب عليه القود».
فقال الثاني : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول: «أقضاكم علي» (4)..
ص: 134
1- حكاه المصنّف (رَحمهُ اللّه) عن الفقيه في مناقبه 361/2 [ وفي طبعة قم 11/4، وفي طبعة النجف الأشرف 177/3] قال : من لا يحضره الفقيه، عن ابن بابويه بإسناده عن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، باختلاف يسير، ولم أجده في من لا يحضره الفقيه.
2- رمز عن عمر، ولعلّه : شنبولة، أو : شنبوية، وفي المصادر : عمر.. ولعلّ المصنّف (رَحمهُ اللّه)لم يرد تدنيس كتابه بالتصريح.
3- زيادة من المناقب.
4- وهي من الروايات المستفيضة عند الفريقين، بل تعدّ من الأحاديث المتواترة معنى ؛ وفي الإبانة كما عن المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 313/1.. وغيره - قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أعلم بالسنة والقضاء بعدي عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)»، وما أخرجه الحنبلي عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أقضاكم علي». وقد جاء بألفاظ متعدّدة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و منها : «عليّ أقضاكم»، كما في فتح الباري 136/8، وكشف الخفاء للعجلوني 16/1.. وغيرهما وجاءت في كتب الخاصّة ؛ كما في الكافي الشريف 429/7، عيون أخبار الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) /83 (باب 7) ذیل حدیث،9، الفصول المختارة : 221، الخصال 551/2 حديث 30 في حديث المناشدة، تهذيب الأحكام 221/6 حدیث 521، الاحتجاج : 194، شرح أصول الكافي 148/4 قال : والأقضى لابد أن يكون أفقه وأعلم بالأصول والفروع.. أو بلفظ : «إنّ عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) أقضاكم»، كما في الكافي الشريف 408/7. أو : «أقضاكم عليّ بعدي»، كما في الاحتجاج 103/2. أو بلفظ : «أقضاكم عليّ»، كما في فتح الباري 487/10، والاستيعاب 28/3 [ هامش الإصابة ]، والمواقف للإيجي 627/3، ومطالب السؤول : 23، وتمييز الطيب من الخبيث : 25، وجاء بمعناه في إشارة السبق للحلبي : 54، وفرائد السمطين 166/1، وله عند العامّة مصادر لا تحصى. وفي كتب الخاصّة بألفاظ مقاربة، كما في نهج الحق : 236، ودعائم الإسلام 92/1، والفصول المختارة : 135 و 211، والاحتجاج 163/2، وهامش الإيضاح : 192 و 230، وشرح الأخبار 91/1، و 2 /315، ودلائل الإمامة : 236.. وغيرها. وجاء كراراً في الغدير، كما في 96/3، و 69/6، و183/7، وكذا في إحقاق الحق 321/4 - 323 كلاهما عن عن عدة مصادر. وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 18/1 عنه : وقد روت العامة والخاصّة قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أقضاكم عليّ»، وانظر منه : 219/7[235/2 من طبعة ذات أربعة مجلدات ].
وأعطى ديته من بيت المال.
وفي رواية الحسن (1) ؛ قال : «يُطلق كلاهما والدية من بيت المال».
قال عمر : لم ؟ قال : «لقوله: ﴿وَمَنْ أَحْياهَا فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً) (2)».
الأصبغ بن نباتة ؛ أن (3) عمر حكم على خمسة نفر أخذوا في الزنا بالرجم،
ص: 136
1- لا زال الكلام للمصنّف طاب ثراه في المناقب 177/3 [ في الطبعة الأُولى، وفي طبعة قم 11/4] وفيه : وفي الكافي والتهذيب، أبو جعفر : أنّ أمير المؤمنين لا سأل فتوى ذلك الحسن، فقال : يطلق كلاهما.. إلى آخره. انظر : الكافي الشريف 289/7 (باب نادر) حدیث 2، والتهذيب 173/10 (باب 12) حديث 19، وعنهما في وسائل الشيعة 142/29 (باب 4) حديث 35342، وعن الكافي الشريف في بحار الأنوار (315/40 (باب 97) حدیث 72.
2- سورة المائدة (5) : 32.
3- الكلمتان مشوشتان في نسختي الأصل، وفي نسخة (ألف): نباتان ! وفي نسخة (ب) : بياتان، وقد أورد الحادثة المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 493/1 [ الطبعة الأُولى، و 403/2 من طبعة بيروت، وفي طبعة قم 183/2] باختلاف جزئي غير مهم بينهما، وعنه رواه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 228/40 (باب 70) حدیث 8، وكذا في 53/79 - 54 (باب 97) ضمن حديث 43 بألفاظ مقاربة لما هنا. أقول : أسند هذا الحديث شيخنا الكليني اللّه في الكافي الشريف 265/7 حديث 26.. عن الأصبغ بن نباتة رفعه.. مع اختلاف في اللفظ ووحدة في المعنى وقريب منه في تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) 96/2، وحكاه عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) بحار الأنوار 34/79 (باب 70) حدیث 5، وفيه : وأطلق السادس.. ! وكذا جاء في تفسير نور الثقلين 570/3 حدیث 13.
فخطأه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ذلك، وقدّم واحداً فضرب عنقه، وقدّم الثاني فرجمه، وقدّم الثالث وضربه الحد، وقدّم الرابع فضر به نصف الحدّ - خمسين جلدة - وقدّم الخامس فعزّره (1).
فقال المركبود (2) : كيف ذلك ؟
فقال: «أما الأوّل ؛ فكان ذمّياً زنى بمسلمة وخرج عن (3) ذمته (4)..
وأمّا الثاني ؛ فرجل محصن زنى فرجمناه..
وأما الثالث؛ فغير محصن فضربناه الحد..
وأما الرابع ؛ فعبد زنی فضربناه نصف الحد..
وأما الخامس ؛ فمغلوب على عقله مجنون عزّرناه».
ص: 137
1- في الكافي : فتحيّر عمر وتعجّب الناس من فعله، فقال عمر : يا أبا الحسن ! خمسة نفر في قضية واحدة أقمت عليهم خمس حدود ليس شيء منها يشبه الآخر.. ؟ !
2- هذا ما رمزه شيخنا طاب ثراه في أوّل الديباجة للثاني، وفيه قراءات أُخر.. لاحظ : المجلد الأوّل من المدخل من كتابنا هذا، والكتاب الرائع : الأسرار فيما كنّي وعُرف به الأشرار 271/3.
3- في نسختي الأصل : في، ولعلّه : من، وفي المناقب : فخرج عن...
4- وزاد في الكافي لم يكن له حكم إلّا السيف.
وقال زفر (1): لا عشت في أُمة لست فيها يا أبا الحسن! (2)
وأُتي إليه برجل وامرأة، قال الرجل لها : [ يا ] زانية !
فقالت : أنت أزنى منّي.. فأمر بأن يجلدا.
فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): «لا تعجلوا على المرأة حدّان وليس على الرجل شيء؛ عليها حدّ لفريتها، وحدّ لإقرارها على نفسها ؛ لأنها (3) قذفته، إلّا أنها تضرب ولا تضرب بها الزانية (4)» (5).
وصبَّت امرأة بياض البيض على فراش ضرتها، وقالت : قد بات عندها رجل، ففتّش ثيابها (6) فأصاب تلك (7) البياض، وقصّ (8) ذلك على عمر، فهمّ بأن يعاقبها.
ص: 138
1- كذا؛ وهو من رموز : عمر بن الخطّاب، وسلف مكرّراً، وجاء في المقدّمة. وراجع : الأسرار فيما كنّي وعُرف به الأشرار 271/2 - 273.
2- لم ترد هذه القولة لعمر في الكافي.
3- في نسختي الأصل: لأنّه، وما في المتن موافق لما جاء في المناقب.
4- في المناقب : الغاية، بدلاً من : الزانية، وهو الظاهر.
5- انظر : مناقب آل أبي طالب 2 /359 - 360 [ طبعة بيروت 401/2، وفي الطبعة الأُولى 182/2 ]، وحكاه عنه في بحار الأنوار 121/79 (باب 85) حدیث 19. وقريب منه نقله البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 16/3 - 17.
6- في نسختي الأصل : شبابها !
7- في المناقب : ذلك، بدلاً من : تلك.
8- جاءت في نسختي الأصل : على، بعد قوله : وقصّ، وهي زائدة ظاهراً.
فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «يا قنبر ! هات ماء فاغسله». فغسله، ثمّ طرح الماء فى طنجير (1) وأغلاه، فجمد واستوى، فأخذه ورمى به إليهم (2)، وقال : «إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) (3) أمسك عليك زوجك، فإنّها حيلة تلك التي قذفتها..»، فضربها الحد (4).
ص: 139
1- الطنجير : وعاء من نحاس، وهي كلمة تركية الأصل. قال الزبيدي في تاج العروس 147/7 : الطنجر - بالكسر -...معرب، فارسية : باتيله...والطنجرة بمعناه، والطنجير : كناية عن الجبان أو اللئيم.. هكذا تستعمله العرب في زماننا ؛ وكأنّهم يعنون به الحضري الملازم أكله في قدور النحاس وصحونه، بخلاف البدو..
2- في المناقب : فقال أمير المؤمنين [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)]: «ائتوني بماء حار قد أُغلى غلياناً شديداً..»، فلمّا أُتى به أمرهم فصبّوا على الموضع فانشوى ذلك البياض، فرمی به إليها، وقال.. انظر : مناقب آل أبي طالب للمصنّف (رَحمهُ اللّه) 360/2 [ من طبعة المطبعة العلمية قم، وفي الطبعة الأُولى 498/1، وفي طبعة،182/2، وفي طبعة بيروت 409/2] باختلاف أشرنا له، وعنه العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 226/40 (باب 97) باختلاف يسير.
3- سورة يوسف (12) : 28.
4- نظير هذه الواقعة قد أوردها الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في إرشاده: 105 [المحقّقة 218/1]، ونقلها عنه في بحار الأنوار 263/40 (باب 97) حديث 31 باختلاف في لفظه. ونحوه في الكافي 422/7، والتهذيب 304/6 حديث 848.. وغيرها. ونقلها السيّد الرضي (رَحمهُ اللّه) في كتابه الخصائص : 57 [ الطبعة المحقّقة : 82]، وعنه في مستدرك وسائل الشيعة 1387/17 - 388 (باب 17) حديث 21645، وكذا ذكره الكراجكي (رَحمهُ اللّه) في كنز الفوائد : 284 [ الحجرية، وفي الطبعة المحقّقة 183/2 ]، وعنه في بحار الأنوار 298/104 - 299 (باب 15) حديث 4. قال في الإرشاد : ورووا أنّ امرأة هويت غلاماً، فراودته عن نفسه، فامتنع الغلام، فمضت وأخذت بيضة، فألقت بياضها على ثوبها، ثمّ علّقت بالغلام، ورفعته إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقالت : إنّ هذا الغلام كابرني على نفسي، وقد فضحني.. ثمّ أخذت ثيابها فأرت بياض البيض، وقالت : هذا ماؤه على ثوبي...فجعل الغلام يبكي ويبر ويبرأ ممّا ادّعته ويحلف. فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) القنبر : «مر من يغلي ماء حتّى تشتدّ حرارته، ثمّ لتأتني به على حاله»، فجيء بالماء، فقال: «ألقوه على ثوب المرأة»، فألقوه عليه، فاجتمع بياض البيض والتأم، فأمر بأخذه ودفعه إلى رجلين من أصحابه، فقال : اطعماه والفظاه»، فطعماه فوجداه بيضاً، فأمر بتخلية الغلام، وجلد المرأة عقوبة على ادعائها الباطل. أقول: ذكر ابن القيم في الطرق الحكمية : 47 أنّه : أُتي عمر بن الخطّاب بامرأة قد تعلّقت بشاب من الأنصار - وكانت تهواه - فلما لم يساعدها احتالت عليه، فأخذت بيضة فألقت صفرتها وصبّت البيض على ثوبها وبين فخذيها، ثمّ جاءت إلى عمر صارخة، فقالت : هذا الرجل غلبني على نفسي، وفضحني في أهلي، وهذا أثر فعاله، فسأل عمر النساء، فقلن له : إن ببدنها وثوبها أثر المني.. فهم بعقوبة الشاب، فجعل يستغيث ويقول : يا أمير المؤمنين ! تثبت في أمري، فواللّه ما أتيت فاحشة، وما هممت بها، فلقد راودتني عن نفسي فاعتصمت، فقال عمر : يا أبا الحسن ! ما ترى في أمرهما ؟ فنظر عليّ إلى ما على الثوب، ثمّ دعا بماء حار شديد الغليان فصبّ على الثوب، فجمد ذلك البياض، ثمّ أخذه واشتمه وذاقه فعرف طعم البيض، وزجر المرأة فاعترفت.
أبوالمحاسن الروياني (1) في الأحكام (2) أنّه : ولد في زمن عمر مولودان(3) ملتزقان(4)؛ أحدهما حيّ والآخر ميّت.
فقال [عمر : ] يفصل بينهما بحديد، فأمر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يحفر للميّت قبر إلى قامة الحيّ ويهال عليه التراب، ويوضع (5) الحيّ أيّاماً.. (6) ففعل ذلك فتميز الحيّ من الميّت [بعد أيّام ](7).
ص: 141
1- هو: فخر الإسلام عبد الواحد بن إسماعيل بن أحمد الطبري (المقتول بآمل في 11 محرم الحرام سنة 502 ه-)، من أئمّة العلم والفقه والحديث، ومن مشائخ السيّد ضياء الدين فضل اللّه الراوندي (رَحمهُ اللّه)، له عدّة تصانيف منها : كتاب حلية المؤمن.
2- الأحكام للروياني. أقول : لم نعثر على الخبر في كتاب بحر المذهب للروياني، ولعله في كتاب آخر له، لم يصل لنا.
3- في نسختي الأصل : مواردان.
4- في المناقب : ملتصقان.
5- كذا ؛ والظاهر : ويرضع، كما في المناقب.
6- في المناقب : فأمر أمير المؤمنين [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ] أن يدفن الميت ويرضع الحي..
7- وجاء في المناقب 498/1 - 499 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة المطبعة العلمية 368/2، وفي طبعة بيروت 410/2] مع الاختلاف الذي أشرنا له، وعنه في بحار الأنوار 23440 (باب 97) ضمن حدیث 13. أقول: حكى الهندي في كتابه كنز العمّال 179/3 [وفي طبعة 833/5] عن سعيد بن جبير قصة مولود عجيب، وحكاها عنه شيخنا العلّامة الأميني طاب ثراه في غدیره 173/6 - 174، وهي أكثر تفصيلاً وتوضيحاً ممّا هنا جديرة بالملاحظة.
وأتي الثاني بامرأة تزوّج بها شيخ، فلما أن واقعها مات على بطنها.. فجاءت بولد، فادّعى(1) بنوه أنّها فجرت، فأمر برجمها، فرآها أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال : «هل تعلمون أي يوم تزوّجها ؟ وفي أي يوم واقعها ؟ وكيف كان جماعه لها ؟» قالوا : لا، قال : «ردّوا المرأة..» فلمّا أن كان من الغد بعث إليها فجاءت ومعها ولدها، ثمّ دعا أمير المؤمنين الصبيان (2)، فقال لهم: «العبوا..» حتّى إذا ألهاهم اللعب.. صاح بهم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) [فقام الصبيان وقام الغلام ] فاتّكأ الغلام على يديه عند نهوضه؛ [فدعا به أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)] فورثه (3) من أبيه، وجلد إخوته حدّ المفترين(4)، وقال : «عرفت ضعف الشيخ باتكاء الغلام على راحتيه حين أراد القيام» (5).
ص: 142
1- كذا ؛ وفي المناقب : فأذاعوا.
2- في المناقب : دعا أمير المؤمنين [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] بصبيان أتراب.. والترب هو المماثل في السن.
3- في المناقب : فاتكأ على راحتيه، فدعا به أمير المؤمنين [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] وورثه من أبيه..
4- في المناقب : وجلد إخوته المفترين حدّاً حدّاً.
5- لاحظ : المناقب 369/2 [ الطبعة العلمية قم، وفي طبعة 190/2، وفي الطبعة الأولى 499/1]، وعنه في بحار الأنوار 307/40 (باب 97)، وأسند الحديث - باختلاف كثير - الشيخ (رَحمهُ اللّه) في التهذيب 306/6 - 307 حديث 850، والكليني له في فروع الكافي 424/7 - 425 حديث 7.
أربعون امرأة سألنه (1) عن شهوة الآدمى فقال للرجل واحدة وللمرأة تسعة فقلن : ما بال الرجال لهم دوام ومتعة وسراري بجزء من (2) شهوة (3)، ولا يجوز لهن إلّا زوج واحد مع تسعة أجزاء ؟! فأفحم، فرفع ذلك إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأمر لهنّ أن تأتي كلّ واحدة منهن قارورة [من ] ماء، وأمرهنّ بصبّها في أُجانة، ثمّ أمرهنّ أن ترفع كلّ واحدة منهنّ ماءها، فقلن : يا أمير المؤمنين ! لا نميّز (4) ماءنا، فأشار (عَلَيهِ السَّلَامُ): أنّه لا يفرق بين الأولاد، ويبطل (5) النسب والميراث (6).
ص: 143
1- في نسختي الأصل والمناقب: سألته.. وفي المناقب، قال : روض الجنان عن أبي الفتوح : أنّه حضر عنده أربعون نسوة وسألته.. إلى آخره، وما أثبتناه من البحار.
2- كذا ؛ والكلمة مشوشة في نسخة (ب)، أثبت ما استظهر منها، وقد تقرأ فيها : يحرمن..
3- في المناقب : من تسعة، بدلاً من: من شهوة.
4- في نسخة (ألف): نهز.
5- في نسخة (ب) : ليبطل، وفي المناقب : وإلا لبطل.
6- وقد أسند المصنّف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 360/2 عن أبي الفتوح الرازي في روض الجنان: أنّه حضر عنده - يعني عمر - أربعون نسوة وسألنه عن شهوة الآدمي.. وعنه في مستدرك وسائل الشيعة 428/14 - 429 (باب 97) حديث 17187، وكذا في بحار الأنوار 226/40 (باب 97) ذیل حدیث 6. كذا حكاه المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه.. وجاء في آخره: وفي رواية يحيى بن عقيل أنّ عمر قال : لا أبقاني اللّه بعدك يا علي.
وجاءت امرأة إليه [فقالت ](1): [ من مجزوء الرّمل ]
مَا تَرَى أصْلَحَكَ اللّ*** -هُ وَأثْرَى لَكَ أَهْلَا
فِي فَتَاةٍ ذَاتِ بَعْلٍ*** أَصْبَحَتْ تَطْلُبُ بَعْلا
بَعدَ إِذْنِ مِنْ أبِيهَا*** أَتَرى ذلك جلا ؟!
فأنكر ذلك وأنكره السامعون، فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أحضريني بعلك»، فأحضرته.. فأمره بطلاقها، ففعل، ولم يحتج لنفسه بشيء.
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنّه عنين» فأقرّ الرجل بذلك، فاعترف أنّه لم يصل إليها، فأنكحها (عَلَيهِ السَّلَامُ)[ رجلاً] من غير أن تقضي (2) عدّة (3).
وفي كتاب إثبات النص على أمير المؤمنين (4) عن النسابة
ص: 144
1- كلمة : فقالت، من المناقب، وفي نسختي الأصل بياض.
2- في نسختي الأصل : يقضي، والصحيح ما أثبتناه من المناقب.
3- وحكاه قبل ذاك المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 492/1 [ طبعة بيروت 402/2، وفي طبعة 182/2] باختلاف أشرنا له، وزاد فيه أبو بكر الخوارزمي : إذا عجز الرجال عن الإمتاع فتطليق الرجال إلى النساء.. وحكاه عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 226/40 (باب 97) حديث 6 مع اختلاف، وقد جعل محقق الكتاب كلام الخوارزمي شعراً ! وهذا غريب منه فعلاً.
4- كتاب إثبات النصّ على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وهو مفقود حسب علمنا، ولا نعرف له نسخة أقول: جاء هذا الكتاب في المناقب منسوباً للشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) نقل عنه - وحكاه مجملاً من دون ذكر مصادره - البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 17/3، وانظر أيضاً 2 /16.
الموصلي(1)، وفي كتاب المناقب (2) عن أبي إسحاق الطبري أنّه : طلب غلام (3) مال أبيه من عمر وذكر أنّ والده توفّي بالمدينة، والولد طفل بالكوفة (4)، فصاح عليه عمر فطرده، فخرج متظلّماً منه (5) ويدعو عليه، فلقيه على (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسأل عن حاله، فأخبره بخبره.
فقال (6) : «لأحكمنّ فيك بحكومة حكم اللّه بها من فوق سبع سماواته، لا يحكم بها إلّا من ارتضاه بحكمه» (7).
ص: 145
1- في نسختي الأصل : الموصل.
2- المناقب [أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)] للطبري ؛ وهو أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمّد الطبري المعدل المقري، الفقيه المالكي البغدادي (المتوفى سنة 393 ه-) وهو مفقود لا نعرف له نسخة فعلاً.
3- جاء في المناقب للمصنّف (رَحمهُ اللّه) هكذا : إثبات النصّ ؛ أن غلاماً طلب.
4- ما جاء في المناقب عكس هذا : إن والده توفي بالكوفة، والولد طفل بالمدينة.. وهو الظاهر، لما سيأتي في سياق القصة.
5- في نسختي الأصل : متظلّم منه، وفي المناقب : يتظلم منه.
6- في المناقب : فلقيه عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقال : «ائتوني به إلى الجامع حتّى أكشف أمره»، فجيء به فسأله عن حاله فأخبره بخبره، فقال عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]..
7- في المناقب : لعلمه، بدلاً من : بحكمه.
ثم استدعى بعض أصحابه، فقال: «هات مجرفة (1)»(2)، ثمّ قال: «سيروا بنا إلى قبر والد الصبي..» فساروا، فقال : احفروا هذا القبر وانبشوه واستخرجوا لي ضلعاً من أضلاعه..» فأخرجوه ودفعوه إلى الغلام، وقال له : «شمّه»، فلمّا شمّه انبعث الدم من منخريه، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «إنّه ولده».
فقال الثاني : [بانبعاث الدم] نسلّم إليه المال ؟!
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنّه أحقّ بالمال منك ومن سائر الخلق أجمعين..».
ثمّ أمر الحاضرين بشم الضلع، فشموه فلم ينبعث الدم من واحد منهم، فأمر بأن يعاد إليه لابنه (3)، وقال: «شمّه»، فلمّا شمّه انبعث الدم من منخريه انبعاثاً كثيراً. فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنّه أبوه»، فسلّم إليه المال، ثمّ قال : «واللّه ما كَذبتُ ولا كُذِبتُ» (4).
ص: 146
1- في المناقب : مِحْفَرَة.
2- المجرفة ؛ هي آلة الجرف، قال الجوهري في الصحاح 4 / 1336 : الجرف : الأخذ الكثير، وجرفت الطين كسحته، ومنه سمي : المجرفة. انظر : لسان العرب 25/9، مجمع البحرين 363/1، تاج العروس 111/12.
3- في المناقب : فأمر أن أعيد إليه ثانية..
4- وأورده المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 491/1 - 492 [ طبعة بيروت 2 /400 - 401، وفي طبعة النجف الأشرف 181/2 - 182]. وعنه رواه العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 225/40 (باب 97) حديث 5، و 300/104 (باب 15) حديث 7، وكذا حكاه عنه في مستدرك الوسائل 91/17 - 392 (باب 17) حديث 21649. وهناك وقائع جمّة - يتعذر إحصاؤها - في هذا المقام : نظير ما أورده في نور الأبصار : 89، تحت عنوان : نادرة : إنّ رجلاً تزوّج بخنثى لها فرج كفرج النساء، وفرج كفرج الرجال، وأصدقها جارية كانت له ودخل بالخنثى وأصابها.. فحملت منه وجاءت بولد، ثمّ إنّ الخنثى وطئت الجارية التي أصدقها لها الرجل، فحملت منه الجارية بولد، فاشتهرت قصتها ورفع أمرها إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي اللّه عنه [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] فصار الناس متحيّري الأفهام في جوابها، وكيف الطريق إلى حكم قضائها، وفصل خطابها.. فاستدعى عليّ رضي اللّه عنه [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] غلاميه وأمرهما أن يذهبا إلى هذه الخنثى ويعدا أضلاعها من الجانبين ؛ إن كانت متساوية فهي امرأة، وإن كان الجانب الأيسر أنقص من الجانب الأيمن بضلع واحد فهو رجل...فحكم على الخنثى بأنّها رجل وفرّق بينها وبين زوجها.. إلى آخره.
خطیب خوارزم(1): [ من الوافر ]
إذَا عُمَرُ تَخَبَّطَ (2) فِي صَوَابٍ (3)*** وَنَبَّهَهُ عَلِيٌّ بالصَّوابِ
ص: 147
1- لم أجد هذين البيتين فيما جمع للخوارزمي وطبع تحت عنوان : ديوان. نعم جاءا في الموسوعة الرائعة الغدير في شعراء القرن السادس 397/4 من قصيدة غديرية عصماء في (46) بيتاً، هذان البيتان منها، كما وقد جاء بعضها متفرقاً في المناقب كما في آخره 399/4 - 402، ومقتل الخطيب الخوارزمي. ولاحظ أيضاً : المناقب 312/1 [ وفي طبعة بيروت 2 /39 - 40 ].
2- تقرأ في نسختي الأصل : تخطأ، وما هنا من الغدير والمناقب، وفي طبعة بيروت من المناقب : تخطى..
3- في طبعة بيروت من المناقب : في جواب.
يَقُولُ - بِعَدْلِهِ (1) - : لَوْلا عَلِيٌّ*** هَلَكْتُ [هَلَكْتُ ] (2) فِي رَد (3) الجَوابِ
الصاحب (4) : [من الرجز ]
نَاصِبَةٌ هَبْنِي (5) قَدْ صَدَّقْتُها*** فِيمَا رَوَى الأوّل فِي أَمْرِ فَدَكْ
لِمْ قَدَّمُوا عَلَى عَلِيٌّ رَجُلاً*** مَعْ قَوْلِهِ : أَولَا عَلِيٌّ لَهَلَكَ ؟!
وله (6) : [ من البسيط ]
هَلْ مِثْلُ فَتَوَاكَ إِذْ قَالُوا مُجَاهَرَةٌ (7):*** لَولا عَلِيٌّ هَلَكْنَا فِي فَتَاوِينا
ص: 148
1- في نسخة (ب) : يعدله، والكلمة غير منقوطة في (ألف).. أي لولا عليّ صلوات اللّه عليه بعدله لهلكت.
2- ما بين المعكوفين مزيد من المناقب، ولا يتم الوزن إلّا به.
3- في المصادر : ذاك.
4- لم يرد البيتان في ديوان الصاحب بن عباد (رَحمهُ اللّه)، ونقلهما البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 17/3 عنه.
5- كذا في الصراط المستقيم ؛ وفي نسخة (ألف) : هني، وهي غير منقوطة في نسخة (ب)، وما أُثبت هو الظاهر.
6- قد جاء البيت من قصيدة مفصلة أثبتت في ديوان الصاحب بن عباد : 143 بعضها، وحكاها الشيخ الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 56/4، وجاءت في كفاية الطالب للفقيه الكنجي: 192، وتذكرة خواص الأُمّة لسبط ابن الجوزي : 88، والمناقب للخوارزمی: 61 [المحقّقة : 103 ] - كما استفدته من الغدير - وجاء البيت في نهج 103 - الإيمان لا بن جبر : 287، وأورده المصنّف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 312/1، هكذا : في مثل..
7- كذا في الديوان والمصادر ؛ وفي نسختي الأصل: مهاجرة.
وله : [ من المنسرح ]
يَا شَيْخُ قُلْ لِلَّذِي تَقَدَّمَهُ:*** هَلَكْتَ لَوْلَا مَكَانُ فَتْوَاهِ
البرقي (1): [ من الخفيف ]
أتُسَاوِي مَنْ قَال: لَولا عَلِيٌّ*** ذُو المَعالي هَلَكْتُ هُلكَ غَبِينِ
مِثْلَ مَن قَالَ: «أَيُّها النَّاسُ قُومُوا*** [وَ] سَلُونِي مِنْ قَبْلِ أَن تَفْقِدُوني ؟!»
ابن حمّاد : [ من الرجز ]
حَرَّمَ بعدَ المُصْطَفَى حَرامَها*** كَما أحَلَّ بينَهُمْ حَلالَها
وكَمْ بِحَمْدِ اللّه مِن قَضِيَّة (2)*** مُشكِلَةٍ حَلَّ لَهُمْ إشكالها
حتّى أُقَرَّتْ [أنْفُسُ القَوْمِ بِأنْ ] (3)*** لَوْلا الوَصِيُّ ارتَكَبَتْ ضَلالَها (4)
ص: 149
1- لم نحصل للشاعر على مجموعة شعرية أو ديوان، لاحظ ترجمته في المقدّمة، وهذان البيتان غير قصيدته النونية المعروفة، التي سلف الحديث عنها، فلاحظ.
2- صدر البيت مشوّش في نسختي الأصل جدّاً، أثبتنا ما استظهرنا من معناه أكثر من ما جاء من لفظه.
3- عن مناقب آل أبي طالب، وجاء في نسختي الأصل بدلاً منه : أنّه.
4- أقول : قال المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 318/1 [ طبعة قم، وفي طبعة 2 /39]: وقال العوني : [ من الرجز ] وكم علوم مُقفلاتٍ في الورى*** قد فتَحَ اللّه به أَقفالها حَرَّمَ بعدَ المُصطفى حرامَها*** كما أحلَّ بَيْنَهُمْ حلالها وكَمْ بحَمْدِ اللّه من قَضِيّة*** مُشكلة حل لهم إشكالها حَتَّى أقرَّتْ أنْفُسُ القوم بأن*** لولا الوَصِيُّ ارتَكَبَتْ ضلالها وله قصيدة هائية مرت قريباً تختلف عن هذه وزناً، فراجع.
ولنا : [ من الكامل ]
وَيَقُولُ فِي الفَتْوَى وَقَدْ عَنَّتْ لَهُ*** مِثْلَ الطَّرِيدَةِ عارَضَتْ في (1) مَجْهَلِ :
لَوْلَا عَلِيٌّ كَانَ أُهْلَكُ (2)، قَالَها (3)*** عُمَرُ مَقَالَةَ عَارِف لَمْ يَجْهَلِ
ديك الجنّ (4) : [ من الرجز ]
ص: 150
1- في نسختي الأصل لي، والصحيح ما أثبتناه.
2- الأصوب : كُنْتُ أَهْلِكُ.
3- في نسختي الأصل قولها.
4- لم ترد هذه الأبيات فيما جمع للشاعر من شعر، ولعلّها ممّا أعدم من شعره، كما في ترجمته. وهي من أرجوزته التي سماها المصنف (رَحمهُ اللّه) ب- : القصيدة، وقد مرّ الحديث عنها قريباً، فلاحظ.
سَائِلُ أبَا حَفْصِ سُؤالاً مُوجَزا*** إذ قَالَ قَوْلاً صَادِقاً وبَرَّزا:
لَوْلَا عَلِيٌّ هَلَكَ المَرْءُ عُمَرُ*** أجَلْ وَلَوْلاهُ لَكُنْتُمْ كالبَقَر
نَفْسٌ أَقَرَّتْ وَبِيَانُ (1) جَحَدَتْ*** لِكَافِرٍ إِصْبِعُهُ فَدَلَّسَتْ
فَكَيْفَ [ مَن ] لولاهُ كُنْتَ تَهْلِكُ*** أَصْبَحَ مَمْلُوكاً وأنتَ تَمْلِكُ ؟!
***
ص: 151
1- كذا؛ والصواب : وبياناً.
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[ باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[فصل 5]
[ في أحكام شنبوبة ]
ص: 153
فصل: في أحكام شنبوبة
فصل: في أحكام شنبوبة(1)
محمّد بن عليّ؛ عن أبي عبد اللّه [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]، وجابر بن يزيد؛ عن أبي جعفر في قوله: ﴿وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (2) هو : شنبوبة.
ابن جرير في كتاب المسترشد (3)، قال : روت العامّة : أنّه أُصيب يهودي مقتول في بعض سكك المدينة، فخطب الناس وناشدهم باللّه، فقام إليه رجل - ومعه سيف مضرج بدم، فأنشده شعراً زعم (4) أنّه سمعه من اليهودي:
[ من الوافر ]
وأَشْعَتَ غَرَّهُ الإِسْلَامُ مِنِّي*** خَلَوْتُ بِعِرْسِهِ لَيْلَ التمامِ
ص: 155
1- رمز لاسم عمر، وقد تكتب : شنبوله، وشنبويه، وشيبويه. وشنبويه، وشيبويه. وجاءت بألفاظ آخر مقاربة. لاحظ : المقدّمة من كتاب الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار، وكذا فيه 363/2 و 367 - 388.
2- سورة المدثر (74) : 5.
3- المسترشد : 532 برقم 208 نقلاً بالمعنى.
4- في نسختي الأصل : يسمعه انزعم، بدلاً من شعراً سمعه، والمثبت عن المصدر.
وقال : يا فلان ! إنّ أخي خرج غازياً في جيش فَخَلّفني [ في أهله ] أتعهدهم، فإنّي أتيت منزله، فإذا أنا بهذا اليهودي قاعداً مع أهله، فلم أملك نفسي أن دخلت إليه وضربته [ بهذا السيف ] حتّى برد.
فقال الثاني : [اقتل و ] أنا شريكك..
فأبطل حداً وأطل] دماً بدعوى المدعي بلا بيّنة.. فما أعجب هذه الحكومات !!
وذكر أبو منصور الثعالبي في الكناية والتعرّض (1)، والجاحظ في كتاب النساء (2)، وابن عبد ربه في العقد (3) : أنّه كتب رجل يشكو إلى عمر من جعدة بن عبد اللّه السلمي أنّه تعرّض بحرمه، فقال :
ص: 156
1- كتاب الكناية والتعرّض، ويقال له : الكناية والتعريض، وأيضاً عرف ب- : النهاية في التعريض والكناية، وطبع بهذا الاسم في مكة لأبي منصور الثعالبي أكثر من مرّة. وقد جاء في مقدّمة يتيمة الدهر، كما وطبع في القاهرة سنة 1326 ه-، وأيضاً طبع ضمن مجموعة رسائل الثعالبي في بيروت سنة 1971 م. وأيضاً طبع بمساعي محمّد إبراهيم سليم في القاهرة سنة 1412 ه-.
2- كتاب النساء للجاحظ ؛ وقد طبع قسم منه ضمن رسائل الجاحظ - الرسائل الكلامية - ولم يتعرّض لما هنا فيه، ولا نعرف بطبعه مستقلاً.
3- العقد الفريد 463/2، وفيه : وكان في المدينة رجل يسمّى جعدة؛ يرجل شعره ويتعرّض للنساء المعزبات.. فكتب رجل من الأنصار كان في الغزو إلى عمر بن الخطّاب.. إلى آخره.
[من الوافر ]
أَلَا أَبْلِغْ أَبَا حَفْصٍ رَسُولاً*** فِدى لكَ مِن أخِي ثِقَةٍ إِزارِي(1)
قَلائِصَنا - هَداكَ اللّه – إِنَّا*** شُغِلْنا (2) عَنْكُمُ زَمَنَ الحِصارِ
فَما قُلُصٌ قَعَدْنَ مُعَقَّلاتٍ*** قَفا سَلْع (3) بِمُخْتَلفِ التِّجار(4)
ص: 157
1- في نسختي الأصل : الإزاري - بدون إعجام - وما هنا أُخذ من العقد.
2- نسخة (ألف) : فلا نصاً هداك اللّه عنا سطنا، وهو كما ترى مشوش جدّاً لفظاً ومعنى. وجاء صدر البيت في نسخة (ب) : فلا يصنار هداك انا سطنا..
3- في نسخة (ألف): يبلغ.
4- كذا؛ وتقرأ في نسخة (ألف) : النجار، وفي نسخة (ب): البحار، ولا يوجد هذا البيت في العقد الفريد. أقول : لقد اختلف في ضبط الكلمة ؛ فقد جاء في الطبقات الكبرى 286/3 [ طبعة دار الصادر ]: البحار، وفي طبعة مكتبة الخانجي - القاهرة 266/3، وفيه : التجار ؛ وفي معجم الأدباء 416/1، وكذا في ك کتاب سليم بن قيس 681/2، وفي الإصابة لابن حجر 289/2 [ طبعة دار هجر :] الشجار، وكذا في بغية الباحث : 554. وفي أنساب الأشراف للبلاذري 335/10، وصفحة : 337: التجار، كذا في تاج العروس 121/18، و 22/30، ولسان العرب 81/7، والفائق للزمخشري 107/3، والنهاية لابن الأثير،281/3، وديوان أبي تمام الطائي : 108.. وغيرها. وجاء في تهذيب اللغة للأزهري 285/8 : النجار، وكذا في غريب الحديث لابن قتيبة : 301، ولسان العرب 18/4، والمعجم المفصل في الشواهد العربية 397/3 و 400.. وغيرها.
يُعَقِّلُهُنَّ (1) جَعْدَةُ مِن سَلِيمٍ (2)*** مُعِيداً يَبْتَغِي سَقَطَ العِذار (3)
فجاء به مغلولاً.. وضربه بالجهل بدعوى مدّعٍ(4) بلا بينة (5).
ص: 158
1- في نسخة (ألف): تعلقهنّ.
2- جاء صدر البيت في لسان العرب مادة (ظأر) هكذا : يعقلهن جعدة من سليم.
3- جاء البيت الثالث في العقد الفريد هكذا : [من الوافر ] يُعقلهنَّ جَعْدٌ شَيظميٌّ*** وبِئسَ مُعقل الذَّوْدِ الظَّوَارِ أقول : الشيظم الطويل، وقيل : الجسم - والياء زائدة - لاحظ : النهاية لابن الأثير 476/2، وكذا لسان العرب 323/12، وتاج العروس 16 / 388 - 389.. وغيرهما. ويراد من (الشيظمي) هو الفتي من الإبل، و (الذود) من ثلاثة أبعرة إلى العشرة.. وقيل غير ذلك، والظوار : جمع ظئر، وهي العاطفة على ولد غيرها. والذود : ما دون العشر من الإبل. قال الزمخشري في الفائق 26/3، الذوذ من الابل من الثلاث إلى العشر. وراجع : العين 55/8، والصحاح 471/2، ونهاية ابن الأثير 171/2.. وغيرهما من كتب اللغة.
4- في نسختي الأصل : مدعي.
5- جاء في العقد الفريد بعد الأبيات، قوله : فكنى ب- : (القلائص) عن النساء، وعرض برجل يقال له : جَعْدة، فسأل عنه عمرُ فدلّ عليه، فجز شعره ونفاه عن المدينة..! أقول : جاء في كتاب بغية الباحث للحارث بن أبي أسامة : 554 برقم 501 ذيل باب 16 [ وفي الطبعة الأُولى: 161]: ما جاء في الغيرة. وفيه قال : قدم رجل من تلك الفروج على عمر فنثر كنانته، فسقطت صحيفة، فإذا فيها : [ من الوافر ] أَلا أَبْلِغْ أَبا حَفْصٍ رَسُولاً*** فِدى لك من أخِي ثِقَةٍ إِزاري قلائِصَنا - هداك اللّه – إِنَّا*** شُغِلْنا عَنْكَ فِي زَمَنِ الحِصارِ قَلائِصَ مِن بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ*** وأَسْلَمَ أوْ جُهَيْئَةَ أَوْ غِفار فَما قُلُص وُجِدْنَ مُعَفَّلاتٍ*** قَفا سَلْع بمُخْتَلفِ الشَّجَارِ يُعقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ مِنْ سَلِيمٍ*** مُعِدّاً يَبْتَغِي سَقْطَ العِثارِ قال: فقال عمر : ألا أدعوا جعدة بن سليم.. قال : فدعي؛ فكلّمه فأمر به فضرب مائة معقولاً، ونهاه أن يدخل على امرأة مغيبة [كذا ؛ والظاهر : مغيب.. أي عنها زوجها، كما في بعض المصادر ]. وفي كنز العمّال 464/5 - 465 برقم 13628 عن محمّد بن سير 13628 محمّد بن سيرين : أنّ بريداً قدم على عمر فنثر كنانته.. إلى آخره مع اختلاف يسير في الأبيات وسقط. وراجع طبقات ابن سعد 3 / 285 - 286، وليس فيها : فكلّمه. وانظر : الفائق 36/1، و 22/3، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 43/5، وفيه : أبا بشر رسولاً فدا لك، بدلاً من : أبا حفص.. والأخير هو الذي جاء في كنايات الثعالبي : 3، وفيه تصريح باسم عمر. وراجع : المؤتلف والمختلف للآمدي : 63، تأويل مشكل القرآن : 205، زاد المسير لابن الجوزي 174/1، الإصابة 450/1 و 636، تاريخ المدينة 761/2.. وغيرها كما وقد جاء كذلك في مقدّمة وسائل الشيعة 20/1 - 21 [ طبعة مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) - قم ].
ورويتم (1)؛ أنّ عمر قال : لا يصلّ الجنب ولو بقي شهراً حتّى يجد الماء،
ص: 160
1- كما أخرج مسلم في كتابه 280/1 (باب التيمم) بأربعة طرق عن عبد الرحمن بن أبزى : إنّ رجلاً أتى عمر فقال : إنّي أجنبت فلم أجد ماء ؟ فقال عمر : لا تصل. فقال عمّار : أما تذكر - يا أمير المؤمنين ! - إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا، فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصلّ، وأما أنا فتمعكت في التراب وصلّيت، فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إنما كان يكفيك أن تضرب بيدك الأرض، ثمّ تنفخ، ثمّ تمسح بهما وجهك وكفيك» ؟ فقال عمر : اتق اللّه يا عمّار ! قال : إن شئت لم أحدث به !! وفي لفظ : قال عمّار يا أمير المؤمنين ! إن شئت لما جعل اللّه عليّ من حقّك لا أحدّث به أحداً. وجاء في سنن أبي داود 53/1، وسنن ابن ماجة 200/1، ومسند أحمد بن حنبل 265/4، وسنن النسائي 59/1 و 61، وسنن البيهقي 209/1.. وغيرها. وقد حرّفه البخاري كعادته - فيما سمّاه بصحيحه 45/1 (باب التيمم) حفظاً لمقام خليفته وصنمه، وكذا البيهقي حرّفه في سننه الكبرىی 209/1 بشكل آخر، ومثلهما الذهبي في تذكرته 152/3.. وغيرهم حيث حذفوا قولة عمر : أما أنا فلم أكن لأُصلّي، أو قوله : لا تصل.. وقد ناقشها شيخنا الأميني (قدّس سِرُّه) في غديره 84/6 - 92 فلله دره وعليه أجره وطاب رمسه وحشره اللّه مع مواليه (عَلَيهِم السَّلَامُ). وقد أورد الراغب الإصفهاني في محاضراته 441/4.. قصة عمر مع عمّار. وجاءت بصورة أخرى في مسند أحمد 319/4، وسنن أبي داود 53/1، وسنن النسائي 60/1.. وغيرها
واللّه يقول : (وَإِنْ كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا..) إلى قوله : (أيْدِيكُمْ) (1).
وروى أسد بن عمر و القاضي.. وغيره : أنّ عمر قال : من كان عليه دين ولم يجد ما يقضى دينه وكان له جار من أهل السواد، فليبع جاره ويقضي دينه (2)
وقال المأمون : إنّ عمر كان يقول : من كان جاره نبطياً فاحتاج إلى ثمنه فليبعه (3) ! !
فأوجب أنّهم عبيد، ولم يوافقه أحد من الصحابة، فإن كان ما قال حقّاً فقد خالفتموه، وإن كان باطلاً فقد وصفتموه بالباطل.
ص: 161
1- سورة المائدة (5) : 6.
2- روى المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 496/1 [ طبعة بيروت 407/2] عن شريك وغيره: إنّ عمر أراد بيع أهل السواد، فقال له علي : «إنّ هذا مال أصبتم ولن تصيبوا مثله، وإن بعتهم فبقي من يدخل في الإسلام لا شيء له»، قال : فما أصنع ؟ قال : «دعهم شوكة [كذا؛ وفي الإيضاح : سكره ] للمسلمين»، فتركهم على أنهم عبيد. ثمّ قال على (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «فمن أسلم منهم فنصيبي منه حرّ». راجع : الإيضاح للفضل بن شاذان النيشابوري (رَحمهُ اللّه): 485 - 486 [ وفي طبعة الأعلمي - بيروت : 209 - 210 ].
3- أورده الزمخشري في كتابه ربيع الأبرار 330/1، وجاء في أوّله : تنازع اثنان، أحدهما سلطاني، والآخر سوقي، فضربه السلطاني، فصاح : واعمراه ! ورفع خبره إلى المأمون فأمر بإدخاله عليه، قال : من أين أنت ؟ قال : من أهل فامية، قال : إن عمر بن الخطّاب.. إلى آخره. ثم قال : فإن كنت تطلب سيرة عمر.. فهذا حكمه فيكم..
واعترف أبو محجن في شعره بشرب الخمر (1)، فهم الثاني بإقامة الحد عليه، فقال أبو محجن: صدق اللّه وكذبت، قال : كيف ؟ قال : قوله: ﴿وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لَا يَفْعَلُونَ) (2) ؛ فأُفحم (3).
وفي البخاري (4) : أن سيرين سأل إنساناً (5) المكاتبة - وكان كثير المال - فأبى،
ص: 162
1- قال العلامة الأميني رحمه اللّه في غديره 96/10 - 97 : عن أبي محجن الثقفي 97 وما أدراك ما الثقفى كان يدمن الخمر منهمكا في الشراب، حده عمر في سبع مرات، ونفاه إلى جزيرة في البحر، وبعث معه رجلاً فهرب منه، وهو صاحب الشعر الدائر السائر : [من الطويل ] إذا متّ فادفنّي إلى جنب كَرَّمَةٍ*** تُروِّي عظامي بعد موتي عروقها ولا تدفتني بالفلاة فإنَّني*** أخافُ إذا ما من أن لا أذوقها
2- سورة الشعراء (26) : 226.
3- في نسختي الأصل : فأقحم. وانظر : تاريخ الطبري 2 /416 [طبعة بيروت ]، ومعاني القرآن للفرّاء 146/1، وجامع البيان للطبري 625/2، والشعر والشعراء 388/1، مقدمة ديوان أبي محجن الثقفي : 23.. وغيرها.
4- كتاب البخاري 198/3 (باب المكاتب ونجومه في كلّ سنة نجم)، ومثله في نيل الأوطار للشوكاني 219/6 عن موسى بن أنس، وقريب منه في السنن الكبرى للبيهقى 319/10، والطبقات الكبرى لابن سعد 119/7 - 120.. وغيرها.
5- كذا ؛ والظاهر : إنّ سيرين سأل أنس بن مالك المكاتبة.. وفي البخاري: إنّ سيرين سأل أنساً المكاتبة.. والمعنى واحد.
فانطلق إلى عمر، فقال : كاتبه.. فأبى، فضربه بالدرّة، ويتلو عمر : ﴿فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً﴾ (1) فكاتبه قزاً (2).
إحياء الغزالي (3): إنّه تزوّج رجل على عهد عمر وكان يخضب بالسواد، فنصل خضابه وظهر شیبه، فرفعه إليه أهل المرأة.. فردّ نكاحه وأوجعه ضرباً وقال: غررت القوم بالشباب ولبست عليهم بشيبتك !
وفي حلية الأولياء(4): قال عبد اللّه بن عبيد بن عمير : بينما الناس يأخذون أعطياتهم بين يدي عمر ؛ إذ رفع رأسه فنظر إلى رجل في وجهه ضربة، [قال :] فسأله؛ فأخبره أنّه أصابته في غزاة كان (5) فيها، فقال : عدوا له ألفاً.. فأعطي الرجل ألف درهم، ثمّ حوّل المال من ساعة، ثمّ قال: عدوا له ألفاً.. فأعطي ألفاً أُخرى، ثمّ قال له كذلك.. أربع مرات، كلّ ذلك يعطيه ألف درهم.. فاستحيى
ص: 163
1- سورة النور (24) : 33.
2- كذا ؛ ولعلّه : عنواً، أو : قهراً، والذيل في الحديث من المصنف (رَحمهُ اللّه). أقول : قال الزبيدي في تاج العروس :281/15 : القرّ: إباء النفس الشيء، يقال: قرّت نفسي عن الشيء قرّاً، وقرّته بحرف وغير حرف : أي أبته وعافته، وأكثر ما يستعمل بمعنى : عافته.
3- إحياء علوم الدين،39/2، نقلاً بالمعنى، ولا يوجد فيه : ولبست عليهم بشيبتك وسبق ذكره في 143/1، وفيه : شيبتك.
4- حلية الأولياء 355/3 باختلاف أشرنا للمهم منه.
5- في نسختي الأصل كأنّي..
الرجل من كثرة ما يعطيه، فخرج فسأل عنه، فقيل له : إنّنا رأيناه قد استحيى من كثرة ما أعطي.. فخرج، فقال [عمر]: أما واللّه لو أنّه مكث مازلت أعطيه ما بقي منها درهم (1).. رجل ضرب ضربة في سبيل اللّه حفرت (2) وجهه.
وناقض فعله ما جاء (3) في كتاب العقد (4) ؛ عن ابن عبد ربّه المغربي، والأغاني (5)؛ عن أبي الفرج الإصفهاني : أنّه كان عمر قد كتب إلى (6) سعد بن أبي وقّاص - يوم القادسية - أن يعطي الناس على قدر ما معهم من القرآن، فقال سعد لعمرو بن معد يكرب : ما معك من القرآن ؟ فقال : إنّي أسلمت باليمن، ثمّ غزوت فَشُغِلْتُ عن حفظ القرآن، قال : [ ما لَكَ من هذا المال نصيب ] (7)
ص: 164
1- في الحلية : ما بقي من المال درهم.
2- في المصدر : خفرت.
3- العبارة مشوشة في نسختي الأصل، وتقرأ في نسختي الأصل : يجاء
4- العقد الفريد 65/2 - 66 مع اختلاف يسير.
5- الأغاني 160/15 باختلاف كثير وسقط.
6- في نسختي الأصل هنا كلمة (ابن)، ولا وجه لها فهي زائدة، ولا توجد في المصدر.
7- هذا عن الأغاني، بدلاً ممّا جاء في نسختي الأصل : (إنّ هذا أمير المؤمنين إلى كذا)، وهي مرتبكة الموضع. وجاء نص ما في العقد الفريد : وكان عمر قد كتب إلى سعد يوم القادسية أن يعطي الناس على قدر ما معهم من القرآن، فقال سعد لعمرو بن معد يكرب : ما معك من القرآن ؟ قال : ما معي شيء، قال : إن أمير المؤمنين كتب إلي أن أعطي الناس على قدر ما معهم من القرآن، فقال عمرو : إذا قلنا.. الشعر، قال : فكتب سعد بأبياته إلى عمر، فكتب إليه أن يعطى على مقاماته في الحرب.
[قال: وأتاه بشر بن ربيعة الخثعمي - صاحب جبانة بشر - فقال : ما معك من كتاب اللّه ؟ قال : ﴿بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾.. فضحك القوم منه ولم يعطه شيئاً ] (1).
فقال عمرو: [ من البسيط ]
إذَا قُتِلنا وَلَا يَبْكي لَنَا أَحَدٌ (2)*** قَالَتْ قُريش: ألا تِلْكَ المَقادير ؟ !
نُعطِي السَّوِيَّةَ مِن طَعْنٍ له نَفَذٌ (3)*** ولا سَوِيَّةَ إذ تُعْطَى الدنانير (4)
ونَحنُ فِي الصَّفِّ قَدْ تَدْمَى أَنَامِلُنَا*** فِي المَشْرَفِيَّةِ (5) ممّا أَخْلَصَ الكِيرُ (6)
ص: 165
1- ما بين المعكوفين من الأغاني.
2- جاء صدر البيت في كتاب الجمل للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 70؛ هكذا : أما هلكنا ولا يبكي لنا أحد...
3- هذا المصرع جاء في نسختي الأصل هكذا يعطي التوبة من ظنّ له نفد.. ولا معنى واضح له، وما نقلناه جاء في العقد الفريد.
4- جاء هذا البيت في كتاب الجمل مؤخراً.
5- المشرفية : سيوف منسوبة إلى مشارف الشام، وفي نسختي الأصل المشرقية.
6- في نسخة (ألف) : الكبر. ولا يوجد البيت الثالث في العقد الفريد ولا الأغاني. راجع : الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني 243/15 مع اختلاف فيه، وكذا جاء في کتاب الجمل للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه): 70 [ المحقّقة من سلسلة مصنّفات الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : (1) : 139 ]، وقد أورد الواقعة بشكل آخر. وجاء البيتان الآخران فيه هكذا :[من البسيط ] ونحنُ في الصَّفِّ قَد تَدْمَى حَواجِبُنا*** نُعْطِي السَّويَّةَ ممّا أَخْلَصَ الكِيرُ نُعْطِي السَّوِيَّةَ يومَ الضَّرْبِ قَد عَلِمُوا*** ولا سَوِيَّة إذ كانَتْ دَنانِيرُ وجاء صدر البيت في بعض المصادر : والحُرُّ في السَّيفِ قد تَدْمَى جَوارِحُهُ..
قال : فكتب سعد بأبياته إلى عمر، فكتب إليه أن يعطيه على قدر مقاماته في الحرب..
وكلا الحكمين فاسدان؛ لأن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد أمر: «للفارس سهمان وللراجل سهم (1)».
ورويتم (2)؛ أن عمر قضى فى المفقود أن تتربص امرأته أربع سنين، فإن قدم.. وإلا تزوّجت امرأته..
ص: 166
1- كما جاء في الكافي الشريف 44/5 حديث 2، والتهذيب 145/6 - 146 (باب 65) حدیث 1، والاستبصار 3/3 (باب 2) حديث 1.
2- روى الصنعاني في كتابه المصنّف 85/7 مسنداً عن ابن المسيب، أن عمر وعثمان قضيا في المفقود أن امرأته تتربّص أربع سنين وأربعة أشهر وعشر بعد ذلك، ثمّ تزوّج، فإن جاء زوجها الأوّل خيّر بين الصداق وبين امرأته.. وقد رواه البيهقي في السنن 445/7. وراجع : كنز العمال للهندي 695/9 حديث 28018، ولاحظ ما جاء في 697/9 حدیث 28023.
ألا يمكن أن يغيب الرجل في موضع لا يقدر على الخروج أربعين سنة؛ فضلاً عن أربع سنين ؟ !(1)
ص: 167
1- قال المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 496/1 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة النجف الأشرف 187/2، وفي طبعة بيروت 407/2] ما نصه : وروي من اختلافهم في امرأة المفقود ؛ فذكروا أن علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) حكم بأنّها لا تتزوج حتّى يجيء نعي موته، وقال : «هي امرأة ابتليت فلتصبر»، وقال عمر : تتربّص أربع سنين، ثمّ يطلقها ولي زوجها، ثمّ تتربص أربعة أشهر وعشراً.. ثمّ رجع إلى قول عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ). وعلّق على هذا شيخنا المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 232/40 (باب 97) ذيل حديث 11 بقوله : هذا مخالف للمشهور بيننا وإنّما ذكره لاعترافهم برجوع الخلفاء إلى قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ). وانظر أحاديث الباب الثاني من كتاب العقود والإيقاعات في حكم المفقود زوجها من بحار الأنوار 161/104 - 162 (باب 2) حديث 4. وأورد الواقعة بشكل آخر سليم بن قيس الهلالي (رَحمهُ اللّه) في كتابه : 122 [ وفي طبعة : 139، وفي المحقّقة 682/2] عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند ذكر بدع عمر، قال : «وقضيته في المفقود أنّ أجل امرأته أربع سنين ثمّ تتزوّج، فإن جاء زوجها خير بين امرأته وبين الصداق...فاستحسنه الناس واتخذوه سنّة، وقبلوه عنه [ منه ] جهلاً وقلّة علم بكتاب اللّه [ عزّ وجلّ ] وسنّة نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)».. وعنه رواه الميرزا النوري (رَحمهُ اللّه) في مستدرك وسائل الشيعة 336/15 (باب 18) حدیث 18427، وقبله العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 309/30 (باب 20) ذیل حديث 152، ونقله الفضل بن شاذان (رَحمهُ اللّه) في الإيضاح : 210 [ الطبعة المحقّقة : 488 - 489] بلفظ : ورويتم، وفي آخره...فأيَّهما اختار دفع إليه.. والأُمّة مجمعة على خلاف هذا.. !
وأفضح من هذا : ما رواه الشاذكوني عبد اللّه بن وهب المصري، عن ثابت بن أحسب بن ذر(1)، عن عُلَىّ بن رباح، [عن ] المصري (2)، قال : كان تحت الثاني امرأة من قريش وطلقها تطليقة، و(3) تطليقتين - وهي حبلى (4) - فلمّا أحسّت (5) بالولادة أغلقت الأبواب حتّى وضعت، فأخبر بذلك شنبوبة.. فأقبل [غضباً ] حتّى دخل المسجد، فإذا هو بشيخ فجلس إليه (6)، فقال له : اقرأ [عليَّ ] ما بعد المائتين من سورة البقرة.. فذهب يقرأ، فإذا في قراءته ضعف، فقال : يا ثاني ! ههنا غلام حسن القراءة، فإن شئت دعوته لك. قال : نعم، فدعاه فقرأ عليه : ﴿وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللّه فِي أَرْحامِهِنَّ) (7)، فقال : ألا إنّها من اللّاتى يكتمن ما خلق اللّه في أرحامهن، فإنّ الأزواج عليها حرام ما بقيت ! ! (8)
ص: 168
1- الاسم مشوش كلاً في نسختي الأصل، أثبتنا ما استظهرناه، ولم نعثر على أي راءٍ بهذا العنوان، وفي المستر شد قال : حدّثنا فرات بن رزين، عن عليّ بن رباح..
2- في نسختي الأصل والمسترشد : البصري، والصحيح ما أثبتناه.
3- في المسترشد : أو، بدلاً من واو، وهو الظاهر.
4- في نسختي الأصل : بحبلى.
5- في نسخة (ألف) : أحشّت.. ولها معنى.
6- الكلمة مشوشة وغير منقوطة في نسختي الأصل، وتقرأ : فخذ البيع، أو فحل البيع، وما هنا أُخذ من المسترشد.
7- سورة البقرة (2) : 228.
8- ونقلها الطبري (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 528 - 529 برقم 204. جاءت أيضاً في المدونة الكبرى لمالك بن أنس 2 /328 - 329.
ورويتم؛ أنّ عمر منع العرب أن يَتَزَوَّجُوا (1) الموالي، فلما كان عام الرمادة (2) وأصاب الناس الحلت (3)، شكوا إليه ذلك، فقال : تزوّجوا في غير الأكفاء، فلمّا أَخْصَبَ الناس قام فيهم خطيباً، وقال : من لم يرض نكاحاً فليردّه (4)..
حكم ثلاث أحكام باطلات !
ص: 169
1- في نسختي الأصل : تزوجوا، وهي مصحفة عن المثبت.
2- عام الرمادة : وهو عام قحط وجدب، وقع على عهد عمر، وسمي بذلك من رمدة أو ارمدة : إذا هلك وصيره كالرماد، وأرمد : إذا هلك بالرمدة، والرمادة : الهلاك، وقيل: سمّي بذلك لأنّ الجدب صير ألوانهم كلون الرماد.. وقد هلكت فيه الناس والأموال، وكان ذلك سنة سبع عشرة من الهجرة النبوية.. كما جاء في الصواعق المحرقة لابن حجر : 178، والسيرة الحلبية لابن هشام 52/2.. وغيرهما. وقيل: سنة ستة عشرة، كما في مجمع الزوائد للهيثمي 306/10، والأوسط 3 /202.. وغيرهما. وقيل : سنة ثمان عشرة، كما في فتح الباري 413/2، وعمدة القاري 32/7.
3- قال الزمخشري في الفائق 195/3 : اللحت واللتح والحلت نظائر، يقال : لحته : إذا أخذت ما عنده ولم تدع له شيئاً.
4- سبق أن قلنا إنّ ما وقع في عام الرمادة، هو ما رواه القاضي النعمان في شرح الأخبار 234/3 من انه قد اشتد القحط فخرج بالناس واستسقى لهم، فلما قام ليستسقي أخذ بيد العبّاس.. لاحظ : المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 334/3، والسنن الكبرى للبيهقي 359/3.. وغيرهما.
وفي الموطأ (1)، والفائق (2) واللفظ للفائق - : أنّه قال عبد اللّه بن أبي أُمية : أتى عمر بامرأة مات زوجها واعتدت أربعة أشهر وعشراً، ثمّ تزوجت رجلاً، فمكثت عند زوجها أربعة أشهر ونصفاً، ثمّ ولدت ولداً تاماً ؛ فدعا عمر نساء من نساء الجاهلية فسألهن عن ذلك، فقلن : هذه امرأة كانت حاملاً من زوجها الأوّل، فلما مات حسّ ولدها في بطنها، فلمّا مسها الزوج الأخير تحرك ولدها.. فألحق الولد بالأوّل.
قال الزمخشري: حسّ الولد في بطن المرأة.. إذا يبس (3) فيه [وهو حشّ، وأحشّت المرأة ].
وزاد في الموطأ (4): أنّه :.. فرق بينهما، وقال [عمر]: أما إنّه لم يبلغني عنكم (5) إلّا خير.. وألحق الولد بالأوّل.
عمر بن هارون عن داود بن الزبرقان (6) قال : إنّ عطاء بن السائب
ص: 170
1- الموطأ : 525 حديث 1417 من رواية يحيى بن يحيى الليثي، وكتاب الأقضية حدیث 1225.
2- الفائق 285/1 [ 248/1]، مع عدم ذكر الراوي، واختلاف يسير غير مخل بالمعنى، وفرق غير مهم مع المطبوع.
3- في نسختي الأصل : يئس.
4- الموطأ : 525 ذيل الحديث 1417.
5- في الموطأ : عنكما.
6- في نسختي الأصل : الزبيرقاني ! والصحيح ما أثبتناه.
وهشام بن عروة حدّثاه : أنّ امرأة خاصمت زوجها إلى عمر فكان طلقها، فأراد أن يأخذ ولده منها، فقضى عمر للزوج، فقالت المرأة لعمر : بطني وعاه وحجري حواه، وأبواي فداه.
فقال عمر : أعيدي (1) عليّ، فأعادته.. فبكى عمر وقضى لها (2) بالولد..
وهذا خلاف الشرع.
وفي الموطأ (3)، والمحاضرات (4) - واللفظ للمحاضرات - : أنّه اختصم رجلان في غلام كلاهما يدّعيه، فسأل عمر أُمّه (5)
عنه، فقالت أمّه : غشيني أَحَدُهُما (6) ثمّ هرقت (7) دماً، ثمّ غشيني الآخر...
فدعا عمر قائفين فسألهما، فقالا (8) : اشْتَرَكا فيه، فضر بهما عمر، وقال : ماكنت
ص: 171
1- في نسختي الأصل : اعتدى..
2- في نسختي الأصل له، والصحيح ما أثبتناه، وبذا يكون خالف الشرع المبين كعادته.
3- الموطأ 740/2 حديث 1420 [ تحقيق عبدالباقي، وفي طبعة: 525 - 526 حديث 1418] باختلاف كبير لواقعة واحدة ظاهراً.
4- المحاضرات 148/1، ومثله قاله ابن قتيبة في عيون الأخبار 69/2.
5- في نسخة (ب): أمته.
6- في نسختي الأصل : إحداهما، وهي محرفة عن المثبت.
7- في المصدر : هررت.
8- هذا نقل بالمعنى، حيث في المصادر : فقال أحدهما : أعلن أو أسر.. ؟ ! قد اشتركا فيه، فضربه عمر حتّى اضطجع، ثمّ سأل الآخر فقال مثل قوله، فقال : ما كنت.. إلى آخره.
أرى أن يكون ذلك !
وزاد الرواية في الموطأ (1): أنّه دعا [عمر] المرأة فقال : أخبريني خبرك ! فقالت : كان هذا - يعني أحد الرجلين - يأتيها (2) - وهي في إبل لأهلها - فلا يفارقها حتّى تظنّ ويظنّ أنّها قد استمرّ بها حمل (3)، ثمّ انصرف عنها، فهرقت عليها الدماء (4) ثمّ خلف (5) هذا - تعني الآخر (6) - فلا أدري من أيهما هو !..
[ قال : ] فكبّر القائف عندها، فقال عمر للغلام : وال أيهما شئت.. ! (7)
ص: 172
1- الموطأ 2 / 740 حديث 1420 [ تحقيق عبد الباقي، وفي طبعة : 525 - 526 حديث 1418] باختلاف كثير.
2- في الموطأ : كان هذا لأحد الرجلين يأتيني..
3- في المصدر : حبل.
4- في نسختي الأصل : الماء، وما أثبتناه من المصدر.
5- في نسختي الأصل : حلف، وما أثبتناه من المصدر.
6- في الموطأ : فأُهريقت عليه دماء، ثمّ خلف عليها هذا تعني الآخر..
7- وإليك نص الرواية في الموطأ : حدثني مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سليمان بن يسار؛ أن عمر بن الخطّاب كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام، فأتى رجلان كلاهما يدعي ولد امرأة، فدعا عمر بن الخطّاب قائفاً فنظر إليهما، فقال القائف : لقد اشتركا فيه، فضربه عمر بن الخطّاب بالدرّة، ثمّ دعا المرأة فقال : أخبريني خبرك ! فقالت : كان هذا - لأحد الرجلين - يأتيني وهي في إبل لأهلها فلا يفارقها حتّى يظنّ وتظن أنّه قد استمر بها حبل، ثمّ انصرف عنها، فأهريقت عليه دماء، ثمّ خلف عليها هذا - تعني الآخر فلا أدري من أيهما هو ؟ قال : فكبّر القائف، فقال عمر للغلام : وآل أيَّهما شئت !!
وهذا حكم الجاهل (1)..!
مسند الشافعي (2): سأل عمر شيخاً من بني زهرة عن ولاد [من ولاد] الجاهلية، فقال الشيخ : أما النطفة من فلان، وأما الولد [ف]على فراش فلان. فقال عمر : صدقت، و لكن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قضى بالولد للفراش..
فلما وَلّى (3) الشيخ دعاه عمر، فقال : أخبرني عن بناء البيت، فقال : إن قريشاً كانت تعمر (4) البيت، فعجز وا فتركوا بعضها في الحجر [فقال له عمر : صدقت ].
وفي تاريخ الطبري (5): قال الشعبي : استمد أبو عبيدة (6) عمر وقد خرجت عليه (7) الروم [وتابعهم النصارى فحصروه، فخرج وكتب إلى أهل الكوفة ]،
ص: 173
1- في نسختي الأصل : الجاهد.
2- مسند الشافعي: 130 نقلاً بالمعنى مع اختصار في اللفظ.
3- في نسخة (ألف): ولاه.
4- في المصدر : تقوَّت لبناء.
5- تاريخ الطبري 455/3 - 458 [ طبعة الأعلمي بيروت 632/3 - 639، وفي طبعة 154/3 - 155 ].. وغيره، ولم أجد نصّه، وإنّما يستفاد ذلك من مجموع من ما هناك.. وغيره، وفيه اختلاف كثير واختصار.
6- كذا جاء في المصدر ونسختي الأصل ؛ والظاهر أنّه : أبو عبيد بن مسعود الثقفي.
7- في نسختي الأصل : إليه.
فقدم إليه أربعة آلاف رجل من الكوفة في ثلاث بعد الواقعة(1)، فكتب فيهم إلى عمر، وقد انتهى إلى الجابية (2)، فكتب إليه : أن أشركهم؛ فإنهم قد نفروا إليكم، و تفرّق (3) لهم عدوّكم.
وفي الفائق (4)؛ أنّه : خطب خالد بن الوليد [الناس ]، فقال : إنّ عمر استعملني على الشام وهو له مهم، فلمّا ألقى [الشام ] بَوَانيه(5)، وصار بثنية وعسلاً، عزلني(6) واستعمل غيري.
قال : البواني(7): أضلاع الزور [لتضامها، الواحدة بانية...فاستعاره لاطمئنان
ص: 174
1- في المصدر : الوقعة.
2- في نسختي الأصل : الحاسة، والصحيح ما أثبتناه كما في المصادر، والجابية هي قرية من أعمال دمشق، كما جاء في معجم البلدان 91/2.
3- كذا في الطبري ؛ وفي نسخة (ب) : ففرق، وفي نسخة (ألف) : ففرّقوا.
4- الفائق 131/1.
5- العبارة مشوشة جداً في نسختي الأصل، وما أثبتناه من جمع بين مصادر الخبر و تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : يوماً فيه !!
6- في نسخة (ألف) : عزاي.
7- في نسختي الأصل : التوانية.. ولا معنى لها. وما هنا ذكره الزمخشري في الفائق 131/1 [ وفي طبعة 117/1]، وزاد في القاموس المحيط : 1264 [ الطبعة المحقّقة ] أضلاع الزور وقوائم الناقة، وفي تاج العروس 96/14، قال ؛ البواني: قوائم الناقة، وألقى بوانيه : أقام بالمكان وأطمأنّ به وثبت ؛ كألقى عصاه.. ومثله فيه 223/19. وقيل : عظام الصدر، وقيل : الأكتاف والقوائم، الواحدة : بانية.
الشام وقرار أموره ]، والبثنية : حنطة [حب ] منسوبة إلى البثنة(1) [وهي بلاد من أرض دمشق، والبثنة الأرض السهلة اللينة.. أي كثر فيها الحنطة والعسل..] (2).
وفي إحياء الغزالي (3) : إنّ أم نعيم العطارة (4) قالت: كان عمر يدفع إلى امرأته [طيباً ] من طيب المسلمين فتبيعه، فباعتني طيباً [فجعلت تقوم وتزيد وتنقص وتكسر بأسنانها ]، فتعلّق بإصبعها شيء [منه، فقالت به هکذا ]فمسحت به خمارها [فدخل عمر، فقال : ما هذه الرائحة ؟ فأخبرته ]، فقال عمر : من (5) طيب المسلمين
ص: 175
1- جاءت العبارة في نسخة (ألف) هكذا والتبنية حظة [ في نسخة (ب): خطة ] منسوبة إلى البتنية.. وما بعدها لا يوجد في نسختي الأصل، وكلّ ما بين المعكوفين هنا من الفائق المطبوع..
2- انظر القصة مفصلاً في تاريخ مدينة دمشق 311/40 - 313، وغريب الحديث لأبي عبيد الهروي 177/2 [ طبعة بيروت، وفي طبعة أخرى 28/4].. وغيرهما، إلّا أن ابن أبي شيبة الكوفي في كتابه المصنّف 38/8 أسند الحديث، وقال :...قام خالد فخطب الناس فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال : إنّ أمير المؤمنين استعملني على الشام حتّى إذا كانت سمناً وعسلاً عزلني وآثر بها غيري.
3- إحياء علوم الدين 96/2 باختلاف يسير.
4- جاء السند في المصدر :هكذا وروى سليمان التيمي، عن نعيمة العطارة.. ولكن أحمد بن حنبل روى الخبر في كتاب الورع : 37 بهذا السند: حدّثنا عبد اللّه ابن معاذ العنبري، قال : حدثني نعيم، عن العطارة، قالت.. ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب الورع : 74 بهذا السند: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه المديني، قال : حدّثنا، قال : حدّثنا معتمر بن سليمان، معتمر بن سليمان، سمع أباه يحدث، عن نعيم بن أبي هند...
5- لم ترد (من) في نسخة (ب).
تأخذينه ؟ ! فانتزع الخمار من رأسها، وأخذ جرّة (1) من الماء فجعل يصبّ على الخمار، ثمّ يدلكه في التراب ثمّ يشمّه، ثمّ يصب الماء، ثمّ يدلكه في التراب ويشمّه (2) !.. حتّى لم يبق له (3) ريح.. (4)
وهذا حكم لا يرى فيه فائدة.
وفي الموطأ (5): قال يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب: إنّ رقيقاً لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتَحَرُوها (6).. فرفع ذلك إلى عمر،
ص: 176
1- في نسخة (ألف) : جزء، وفي نسخة (ب): جراً، وما هنا من المصدر.
2- الكلمتان مشوشتان في نسختي الأصل، تقرأ : المؤب يسهه، وما هنا من الإحياء.
3- في المصدر : عليه.
4- وقريب منه ما أسنده ابن أبي الدنيا في كتابه الورع : 74 - 75 عن نعيم بن أبي هند ؛ أنّ عمر بن الخطّاب كان يدفع إلى امرأته طيباً للمسلمين كانت تبيعه، فتزن فترجح وتنقص فتكسر بأسنانها فتقوم لهم الوزن فعلق بإصبعها منه شيء، فقالت بإصبعها [كذا ؛ ومن معاني قال : ضرب ] في فيها فمسحت به خمارها، وإن عمر جاء، فقال: ما هذه الريح..؟ فأخبرته خبرها. فقال : تطيَّبين بطيب المسلمين ؟ ! فانتزع خمارها، فجعل يقول [كذا ؛ ولعله بمعنى ضرب ] بخمارها في التراب ثمّ يشمّه، ثمّ يصبّ عليه الماء، ثمّ يقول به [كذا؛ أي يضرب به، وهو معنى غالب ] في التراب.. حتّى ظنّ أن ريحه قد ذهبت، ثمّ جاءتها العطارة مرّة أُخرى، فباعت منها فوزنت لها.. إلى آخره.
5- الموطأ 748/2 برقم 1436 [530 - 531 برقم 1432].
6- الكلمة هنا مشوشة، وما أُثبت أخذ من كتاب الأم والموطأ.
فأمر [عمر ] كثير بن الصلت أن يقطع أيديهم، ثمّ قال عمر : إنّي أراك تجيعهم (1)، [ ثمّ قال عمر : ] واللّه لأغْرِمَنَّكَ غُرماً يشق (2) عليك (3).
ثم قال للمزني : كم ثمن ناقتك ؟
فقال [المزني : قد كنت - واللّه ! - أمنعها من ] أربعمائة درهم.
فقال [عمر ] : أعطه ثمانمائة درهم.. (4)
وفيه ثلاثة أخطاء.
ص: 177
1- في نسختي الأصل : تجمعهم، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
2- في نسخة (ألف): يشتق.
3- في إعلام الموقعين :...فأرسل إلى عبد الرحمن بن حاطب، فجاء فقال [له]: إنّ غلمان حاطب سرقوا ناقة رجل من مزينة، وأقروا على أنفسهم. فقال عمر : ياكثير بن الصلت ! اذهب فاقطع أيديهم. فلما ولّى بهم ردّهم عمر، ثمّ قال : أما واللّه لو لا أنّي أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم - حتّى أن أحدهم لو أكل ما حرم اللّه عليه حلّ له - لقطعت أيديهم ! وأيم اللّه إذ لم أفعل لأغر منك غرامة توجعك.
4- وعقّبه مالك - صاحب الموطأ - بقوله : وليس على هذا العمل عندنا في تضعيف القيمة.. وجاءت الواقعة - أيضاً - في إعلام الموقعين 17/3 [ وفي طبعة 11/3]، وحكاها عنه أحمد أمين في فجر الإسلام : 287. ولاحظ : ترجمة عبد الرحمن بن حاطب في الإصابة 504/2.. وبألفاظ مقاربة في السنن الكبرى للبيهقي،278/8، وهي من موارد استبدال الحد الشرعي بأمر آخر يختاره الحاكم !
وفي الإحياء (1): أنّه [شهد ] شاهد عند عمر، فقال : ائتني بمن يعرفك، فأتاه برجل فأثنى عليه خيراً، فقال عمر : أنت جاره (2) الأدنى الذي تعرف مدخله ومخرجه؟ فقال: لا، قال : فكنت رفيقه في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق ؟ قال : لا، قال : فعاملته في الدينار والدرهم الذي يستبين به ورع الرجل ؟ قال : لا، قال : أظنّك رأيته قائماً في المسجد يهمهم بالقرآن يخفض رأسه طوراً ويرفعه [أُخرى]؟! قال: نعم [فقال : اذهب، فلست تعرفه، و] قال [للرجل ]: اذهب فأتني بمن يعرفك.. (3)
وما رأينا قطّ حاكماً يعدل مثل هذا !
وفى الموطأ (4): أن عمر بن الخطّاب قال : ما بال رجال يطؤون ولائدهم،
ص: 178
1- إحياء علوم الدين 82/2 - 83 باختلاف يسير غير مهم، وسبق أن قال به في 1 / 263، وكرره في 124/3 و 160.
2- في نسختي الأصل : جادة.
3- ولاحظ الواقعة في : الحاوي الكبير 16 / 180، والمغني لابن قدامة 417/11، كما استفدته من هامش مسالك الأفهام 406/13، ومثله في سبل السلام لمحمّد بن إسماعيل الكحلاني 4 / 129، الذي هو شرح لكتاب ابن حجر العسقلاني. وقال ابن كثير : رواه البغوي بإسناد حسن، وجاء في فقه السنة 436/3 - 437، والسنن الكبرى للبيهقي 125/10 - 126، والكفاية للخطيب : 106، وكنز العمّال للهندي 27/7 - 28 حدیث 17798، وكشف الخفاء للعجلوني 453/1، وفي ترجمة الفضل بن زياد في الضعفاء للعقيلي 454/3 برقم 1508.. وغيرها.
4- الموطأ 742/2 برقم 1422 [ تحقيق عبدالباقي، وفي طبعة: 527 برقم 1420].
ثمّ يعزلوهنّ، لا تأتي (1) وليدة يعترف سيّدها أن قد ألمّ بها إلّا ألحقت به ولدها.. فاعزلوا بعد ذلك أو اتركوا (2).
وهذا الحكم عجيب؛ لأنّ الرجل إذا أنكر حمل الحرّة يؤجل (3) اللعان، فكيف الأمة ؟ ! ويله ! وإنّما كان يُراعى لأُمّ الولد حتّى تنعتق.
وروی عمرو بن حمران، عن سعيد [ بن أبي عروبة ]، عن قتادة : أنّ أبا بكر أتته امرأة، فقالت : إن غلامى أطوع لى من غيره، وإنّي أريد أن أعتقه وأزوجه(4) بنفسي.
فقال : انطلقي إلى عمر، فإن رخّص لكِ فافعلي، فانطلقت إليه فذكرت له ذلك.. فدعا بسوط فضربها حتّى أشاغت(5) ببولها..
ص: 179
1- في المصدر : لا تأتيني.
2- وقد جاء الحديث باختلاف يسير في السنن الكبرى 413/7، ومثله في شرح معاني الآثار 114/3، وكنز العمال 567/16.. وغيرها.
3- في نسختي الأصل : بوجل، أو بوحل، كما في نسخة (ألف).
4- في نسخة (ألف): أن زوجه.
5- في نسختي الأصل : ساعت، وهي بمعنى ساخت، كما في مجمع البحرين 12/5، والصحيح ما أثبتناه، كما جاء في النهاية في غريب الحديث 484/2، ويراد من الشغية أن يقطر البول قليلاً قليلاً. وكذا انظر : غريب الحديث للحربي 662/2 قال : يقال : فضربها حتّى اشاعت ببولها، ولاحظ لسان العرب 436/14.
ثمّ قال : لا تزالُ الأعراب أعَزَّ (1) ما منعت فروج نسائها.. !!(2)
تعجبوا من هذه الأحكام الفاسدة والآراء المضلة..
ورويتم عن عمر (3)، أنّه قال : لا تجلدوا (4) العرب فتذلّوها، ولا تحرموها (5) العطاء فتفتنوها (6).
فإن كان عنى ب- : (ظلم)، فالعرب والعجم بمنزلة، وإن قال : لا تقيموا حداً على
ص: 180
1- في نسختي الأصل : ألا تراك الأعراب أعر، وهي تصحيف عن المثبت. وجاءت العبارة في كنز العمّال : لن تزال العرب بخير..
2- وقريب منه ما ذكره الهندي في كنز العمّال 546/16 صفحة 45834، وجاء في غريب الحديث للحربي 661/2.. وغيرهما.
3- في نسختي الأصل : عمه، وهو سهو قطعاً.
4- في نسختي الأصل : لا تجلد
5- في المصادر : ولا تجهلوها.
6- قد أسند الواقعة غير واحد، وعدّ هذا ممّا كان يشترط على عماله إذا بعثهم إلى البلاد.. لاحظ : المصنّف لعبد الرزاق الصنعاني 324/11 - 325 حديث 20662، وفيه : ألا فلا تضربوا العرب فتذلّوها، ولا تجمروها فتفتنوها، ولا تعتلوا عليها فتحرموها.. ومثله في كنز العمّال 5 / 688 - 689. وجاء بألفاظ مقاربة في تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 277/44، وتاريخ الطبري 273/3.. وغيرهما. وهو صريح بمناقضته لما رووه هم عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) - كما ذكر في أخبار إصفهان 361/2 - من قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «لا تضربوا الموالي فتذلّوها».
عربي قد وجب عليه.. فهذا خلاف ما أنزل اللّه، وتعطيل الحكم والحد؛ لأنّ الحدّ قائم على كلّ عربي وعجمي، فما معنى قوله هذا ؟ !
ورويتم ؛ أنّ عمر قال : ليس على عربي ملك..!
وقد سبى رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] في إفناء قبائل العرب واسترق وأعتق وأطلق وباعوا بعهده، وفعل ذلك بعده أبو بكر بسبي الردّة.. ثمّ خالفهما عمر (1).
وفي غريب الحديث (2) : أنّه أمر مطيع بن الأسود العدوي(3) أن يضرب الحدّ
ص: 181
1- نسب إلى أحمد بن حنبل قوله : لا أذهب إلى قول عمر : ليس على عربي ملك.. وقد سبى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من العرب، كما ورد في غير حديث، وأبو بكر وعليّ رضي اللّه عنهما سبيا بني ناجية.. إلى آخره. كما أورده محمّد بن إسماعيل الكحلاني في سبل السلام 4 / 45 - 46، وكذا الشوكاني في نيل الأوطار 150/8، وقريب منه في السنن الكبرى للبيهقي 74/9، والمصنّف للصنعاني 278/7 - 279 حديث 13161، والمصنّف لابن أبي شيبة 580/7، وكذا في الفائق للزمخشري 258/3، والنهاية لابن الأثير 361/4، وشرح النهج لابن أبي الحديد 144/12، وكنز العمّال للهندي 545/6. وحكاه منّا وعلّق عليه شيخنا الفضل بن شاذان (رَحمهُ اللّه) في كتابه الإيضاح : 249 - 250، ومثله الطبري (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 524 - 525 حديث 196..
2- غريب الحديث 306/3 بتصرف واختصار في أوّله، وبنصه في آخره. ولاحظ : الفائق في غريب الحديث 413/3 [229/3].
3- قد كان اسمه العاص ؛ فسماه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): مطيعاً، مات بالمدينة في خلافة عثمان، وقيل : قتل في الجمل. انظر عنه : تهذيب التهذيب 164/10 [18/1]، والمعجم الكبير 292/20..
لشارب الخمر..
فجاء عمر - وهو يضربه ضرباً شديداً - قال : قتلت الرجل ! كم ضربته ؟
قال : ستّين، قال : أقص (1) عنه بعشرين (2).
[قال أبو عبيد : قوله : أقص عنه بعشرين..] يقول : اجعل شدّة هذا الضرب الذي ضربته قصاصاً بالعشرين التي بقيت، ولا تضربه (3) العشرين.
وقدم عيينة بن حصن الفزاري إلى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) - قبل أن يضرب الحجاب على النساء - فرأى عنده عائشة، فقال : من هذه الحميراء (4) عندك ؟ [قال: ]
ص: 182
1- في نسختي الأصل : أرفض، وما أثبتناه من المصادر.
2- وأورده الزمخشري في الفائق 220/3. ولاحظ : السنن الكبرى للبيهقي 317/8 - 318، وشرح ابن أبي الحديد 136/12 [133/3 من طبعة أربع مجلدات ] نقلاً عن الغدير 171/6، تفسير القرطبي 163/12.. وغيرهما. فهو هنا قد نقص حدّ شارب الخمر صريحاً، وقد جعل شدة الضرب قصاصاً بالعشرين التي بقيت من الحد، كما قاله ابن سلام في غريب الحديث 307/3. وقد علّق عليها شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 171/6 بعد أن حكاها عنهما. وانظر : فتح الباري 12 / 64.. وغيره.
3- في نسختي الأصل : يضرب، وما أثبتناه من المصدر.
4- في نسخة (ألف): الحمراء.
«هذه عائشة بنت أبي بكر»، قال عيينة : هل أن أنزل(1) لك عن خير منها حمرة؛ بنت مالك بن حذيفة (2) بن بدر ؟ ! (3)
فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أنت أحق بالحمرة».. (4)
ثم خرج مع النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فبال في جانب المسجد، فأمر النبيّ (عليه وآله السلام) بذَنُوب من ماء فصُبَّ على بوله
ص: 183
1- في نسختي الأصل : أترك، والصحيح ما أثبتناه، كما جاء في المصادر، والظاهر وقوع تصحيف من النساخ.
2- في نسختي الأصل : جدعة، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
3- في رواية معاني الأخبار : قال عيينة : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق وتنزل عنها ! فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إنّ اللّه عزّ وجلّ قد حرّم ذلك عليّ»، فلما خرج قالت له عائشة : من هذا يا رسول اللّه ؟ قال : «هذا أحمق مطاع، وإنّه على ما ترين سيد قومه». انظر : معاني الأخبار : 275 - وعنه في بحار الأنوار 22 /238 – 239 (باب 4) حديث 3 - وراجع الكتاب الرائع : الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 1 / 200 – 201.
4- تاريخ المدينة لابن شبة النميري 537/2، وحرف القصة في أُمّ سلمة بنت أبي أُمية بن المغيرة [ رضوان اللّه عليها ].. وفيه قال : ألا أنزل لك عن سيّدة نساء مضر : حمرة. وراجع من مصادر هذا الخبر: مسند البزار 275/15، والاستيعاب 1250/3، وإحياء علوم الدين 130/3، وتفسير القرطبي 221/14، وسير أعلام النبلاء 2 / 167، وفتح القدير 296/4.. وغيرها.
ثمّ قال: «هذا الأحمق المطاع في قومه ؟!...»
فلما ولي عمر، قال له عيينة : إني أرى هذه الأعاجم قد كثرت في بلدك هذه.. فأخرجهم عنك لا يقتلوك.. فلمّا طعن عمر، قال : ما فعل عيينة ؟
قيل له : في موضعه...
فقال : إن بين الحاجر والرقم (1) الأُمي (2).......انا (3).
فقال رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] : إنّه أحمق، وقال الثاني : إنّه عاقل !! خلافاً على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في قوله.
ص: 184
1- في نسختي الأصل: الرقيم. أقول : قال الحموي في معجم البلدان 204/2: الحاجز : موضع قبل معدن النقرة. وقال فيه :58/3 : موضع بالمدينة.. وفي كتاب نصر : الرقم جبال دون مكة بدیار غطفان.
2- كذا ؛ والظاهر : إلّا من.
3- هنا بياض في نسختي الأصل قبل الكلمة، والظاهر أنّ المصنف (رَحمهُ اللّه) أخذ هذا المقطع من أنساب الأشراف للبلاذري 419/10 - 420، ولاحظ منه صفحة : 427 - 428. وأسند الواقعة الهندي في كنز العمّال 566/13 - 567 حديث 37457، وقولة ابن عيينة هناك تختلف عمّا هنا، وفي ذيله - بعد قوله : ما فعل عيينة ؟ - قالوا : بالعجم أو بالحاجر، فقال : إنّ هناك لرأياً.. ومثله في تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 407/44 - 408، وفيه : قالوا بالهجم أو بالحاجر.. وفي تاريخ المدينة لابن شبة 890/3، وفيه : بالجباب، وفي ذيله قولة عمر : إنّ بالجباب لرأياً، ولاحظ ما جاء في معناه : سيرة عمر 2 / 604، والرياض النضرة 2 / /100.. وغيرهما.
ومن ذلك (1)؛ قوله في قدامة بن مظعون حين ولاه البحرين - وهو خال عبد اللّه ابن عمر - فشهد عليه أبو هريرة، وعلقمة بن الصدوقة (2) التيمي، والجارود بن العلاء العبدي بشرب الخمر، فقدم الجارود على زفر فبلغه قدومه المدينة، فقال : لقد هممت أن أخيّرنَّ (3) [الجارود بين إحدى ثلاث :]، فإما أن أضرب عنقه،
ص: 185
1- أسند القصة بأسانيد متعدّدة وفصلها البيهقي في السنن الكبرى 315/8 - 316، وابن حجر في فتح الباري،247/7، و 13 / 124، والصنعاني في المصنف 240/9 - 242، والهندي في كنز العمّال 499/5 و 507، وجاءت في طبقات ابن سعد 282/3 - 560/5]، والإصابة 323/5 - 324، وأسد الغابة 199/4، وسير أعلام النبلاء 161/1، وتاريخ المدينة لابن شبة النميري 842/3 - 843.. وغيرها وما هنا مجمل ما هناك ونقل بالمعنى مع تشويش في النقل واللفظ، فراجع ما هناك. وجاءت قصة قدامة هذا في الإرشاد للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 97 [ وفي الطبعة المحقّقة 202/1 - 203] بشكل آخر، ومثله في المناقب 366/2، وعنه في بحار الأنوار 79/159 - 161 (باب 87) حدیث 14. أقول : لئن كانت تولية قدامة عن هوىً، فتعسّفه وزيغه في الحكم على الجارود. جهل وسفه..
2- هو : علقمة الخَصِيُّ، ويُطلق عليه : علقمة الصدوق. انظر: أنساب الأشراف 259/10.
3- العبارة مشوشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ : همجت أن أحبر بن، ولا معنى صحيح لها، وقد أثبتنا هنا ما استظهرناه. راجع : كنز العمال 480/5، وجامع الأحاديث للسيوطي 578/16.. وغيرهما.
وإما أن أنفيه إلى الشام، وإما أن أدعه بالمدينة مهاناً مجفوّاً..
فبلغ ذلك الجارود [فقال : ] إن يضرب عنقي فما أبالي أن يؤثرني على نفسي، وأما أن ينفيني إلى الشام.. فأرض المحشر والنشر، و[أمّا] أن يدعني(1) بالمدينة مهاناً مجفوّاً.. فما أنا فى جوار رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] مهان.
فبعث إليه عمر فأتي به، فقال : من يشهد معك ؟ فقال(2): أبو هريرة وعلقمة بن الصدوقة. قال : ختنك (3)؛ أما واللّه لأوجعنّ (4) ختنك. قال [كذا ](5): اللّه - يا عمر ! - أن يشرب ختنك (6) الخمر ويضرب ختني (7)؟ !
ثمّ جلد عمر قدامة، فلمّا كان لقي (8) عمر الجارود في بعض الطرق في المدينة - ومع عمر عَنَزَةٌ (9) - فأهوى إلى بطن الجارود، ثمّ قال : أما واللّه لولا اللّه لَفتُ بها،
ص: 186
1- في نسختي الأصل : وإن أن يرعني..
2- هنا كلمة (معك) في نسخة (ألف) لا معنى لها.
3- في نسختي الأصل : جنبك.
4- في نسختي الأصل : لأوجن، ولعلّه : لأوهنن.
5- كذا ؛ ولعلّه : حسيبك اللّه..
6- في نسختي الأصل : جنبك.
7- راجع : السنن الكبرى للبيهقي 548/8، وتاريخ المدينة لابن شبة 844/3 و 845، وحلية الأولياء،15/9، وأنساب الأشراف 258/10. وغيرها.
8- لا توجد (لقي) في نسخة (ألف).
9- في نسخة (ألف) : عشرة، وفي نسخة (ب) : عثرة، وكلاهما مصحفان عن المثبت.
قال الجارود أما واللّه لولا اللّه ما فُتَّ (1) بها، إن كُنتُ لداني الدار عزيز الناصر.. فلمّا كان بعد ذلك كان عمر يقول : ما ولّيت أحداً على الهوى إلّا قدامة فما بورك لي فيه.. (2)
وقال اللّه تعالى لنبيه : ﴿وَما يَنْطِقُ عَنِ الهَوى) (3) وقال لداود: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبع الهوى..) (4) الآية. وزعم عمر أنّه عمل بالهوى وقال به..!
ومن ذلك توليته المغيرة بن شعبة، وهو يقول : أيّما خير ؛ مُؤمنٌ (5) ضعيف
ص: 187
1- في نسخة (ب): قتتت.
2- أقول : لم أجد هذه الرواية بنصها في فتح الباري 247/7، كما لم ترد غالب هذه الألفاظ في كتاب المصنّف 241/9، وكنز العمّال 507/5، وسير أعلام النبلاء 161/1 - 162.. وغيرها. قال أيوب السختياني : لم يحد في الخمر أحد من أهل بدر إلّا قدامة بن مظعون.. كما في الاستيعاب 150/9 [ وفي طبعة 1279/3]، والإصابة 323/5 - 324.. وجاء في السنن الكبرى 319/8 قولته : ما حابيت في إمارتي أحداً منذ وليت غيره [ أي قدامة ] فما بورك لي فيه. انظر : كنز العمّال 481/5 و تاريخ المدينة لابن شبة 845/3، وفي صفحة 847 قال : واللّه ما استعملت عاملاً قطّ لهوى لي فيه إلّا قدامة، ثمّ واللّه ما بارك اللّه لي فيه.
3- سورة النجم (53) : 3.
4- سورة ص (38) : 26.
5- في نسخة (ألف) : هو في، وفي نسخة (ب) : هو من، وكلاهما محرّفان عن المثبت.
أو فاجر قويٌ ؟ !
قال المغيرة : يا أمير المؤمنين ! الضعيف إيمانه لنفسه وضعفه عليك، والفاجر القوي جوره على نفسه وقوته لك. قال : أنت ذاك.. ثمّ ولاه كوفة (1)..
فمن أين أخذ هذا ؟! وقد قال اللّه تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّه لَكُمْ قِيَامَاً﴾ (2) فجعل عمر عمر أمور المسلمين وفيئهم وأموالهم إلى سفيه فاسق فاجر مقر على نفسه بذلك.
العوني (3) : [ من المنسرح ]
وائْتَمَنَ (4) الخَائِنِينَ مِنْ عَمَهٍ (5)*** وَخَوَّنَ النَّاصِحِينَ وانهما
ومن ذلك قول عامله على ميسان (6) - وهو رجل من بني عدي بن كعب -:
ص: 188
1- انظر : تاريخ مدينة دمشق 39/60 - 40، وتاريخ الطبري 243/3، والكامل في التاريخ 32/3، والفتوح لابن أعثم 321/2 - 322.. وغيرها.
2- سورة النساء (4) : 5.
3- لم يرد البيت في مصدر من المصادر الشعرية الناقلة لشعر العوني، وليس له ديوان بعد أن أحرق شعره الظالمون المجرمون !
4- في نسختي الأصل : واتمن.
5- في نسختي الأصل غمة، وهي مصحفة عن المثبت، والعمه هو التحير والتردُّد، والعَمَهُ في الرَّأي، والعَمَى في البصر. انظر : مختار الصحاح : 238، ولسان العرب 519/13 مادة (عمه).
6- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل وغير منقوطة، تقرأ : معنيان.
[ من الطويل ]
ألا هَل أتى الحسناء (1) أَنَّ حَليلها (2)*** بِمَيسَانَ يُسقَىٰ فِي زُجَاجِ وَحَنْتَمِ؟!
إذا شِئْتُ غَنَّتْنِي (3) دَهَاقِينُ قَريَةٍ (4)*** وَرَاقِصَةٌ تَجْثُو (5) عَلَى كُلِّ مَجْثَم (6)
ص: 189
1- في نسختي الأصل : الحسنان، وما أثبتناه من المصادر، وفي نسخة : الخنساء.
2- الكلمة في نسختي الأصل غير معجمة، وما أثبتناه موافق لغالب المصادر، وفي بعضها : جليلها، وكذا خليلها، بدلاً من : حليلها.
3- الكلمة غير معجمة في نسختي الأصل، أثبتناها من المصادر.
4- تقرأ في نسختي الأصل قومه.
5- تقرأ في نسخة (ألف) : يحثو، وفي بعض النسخ : تجذو، وكذا: تحدو، وفي العقد : تشدو.
6- كذا ؛ وقيل : الصحيح من البيت هو : [ من الطويل ] إذا شئت غنتني دهاقين قريةٍ*** ورقَّاصةٌ تحدو على كُلِّ مَنْسِمِ إلّا أنّ الصحيح في العجز كالمثبت وراقصة تجثو على كُلِّ مَجْتَمِ، وفي بعض المصادر: صناجة، بدلاً من : رقاصة. وجاء بعده: [ من الطويل ] فإن كُنْتَ نَدْماني فبالأَكْبَرِ اسْقِنِي*** ولا تَسْقِني في الأَصْغَرِ المُتَثلم
لَعَلَّ أمِيرَ المُؤمِنِينَ يَسُرُّهُ*** تَنادِمُنا بالجَوْسَقِ المُتَهَدِّم (1)
أبو المعالي شاهور (2) في تاج التراجم (3) : أنّه لمّا طلب أزواج النبيّ (عليه و آله السلام) زيادة النفقة عند هجر هن شهراً، كان زفر يدخل عليهن ويقول
ص: 190
1- في نسخة (ألف) : المنهدم. هذا ؛ وقد جاء البيت في المصادر هكذا: [من الطويل ] لعلَّ أمير المؤمنين يسوؤُهُ*** تنادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ وقد اعتذر له بعد أن عزله، فقال : ما صنعت شيئاً ممّا بلغك، ولكنّي كنت امرءاً شاعراً وجدت فضلاً من قول فقلت، فقال له عمر : وأيم اللّه لا تعمل لي عملاً ما بقيت. أقول : جاءت القصة مفصلاً في كتاب ابن أبي الدنيا (ذم المسكر) : 37 فلاحظها، كما نقلها الهندي في كنز العمّال 843/3 برقم 8917، ومثله في تفسير ابن 366/3، والطبقات الكبرى لابن سعد 140/4. ولاحظ : المنمق لمحمّد بن حبيب البغدادي : 395 - 396.
2- المشهور في كنية الرجل : أبو المظفر، واسمه الصحيح شاهفور، وهو معرب كلمة : شاهپور بالفارسية.
3- في نسختي الأصل : البراجم.. وهو سهو. تاج التراجم في تفسير القرآن للأعاجم : لأبي المظفر عماد الدين شاهفور بن طاهر بن محمّد الإسفرايني. لا نعلم بطبعه كاملاً. لاحظ : تفسير الكشاف للزمخشري 563/4 [269/3] وما عليه من تخريج. وفي كتابه متشابه القرآن 60/2 هو : شاهفور في تاج التراجم..
[لا تسألنَّ] (1) إليه شيئاً واسألني وإلا نزل القرآن فيكن، فقالت أم سلمة : يابن الخطّاب ! لم يبق لك سوى حكمك بين النبيّ وأزواجه ! أتسأل الزوجة عن الزوج ؟ !(2)
الرضي (3): [من الطويل ]
وَيَا رُبَّ أَدْنَى مِنْ أُمَيَّةَ لِحْمَةً*** رَمَوْنَا عَلَى (4) الشَّنْآنِ رَمْيَ الجَلامِدِ
طَبَعْنا لَهُمْ سَيْفاً فَكُنَّا لِحَدِّهِ*** ضَرائِبَ (5) عَن أَيْمَانِهِمْ والسَّواعِدِ
ص: 191
1- هنا بياض في الأصل، وما بين المعكوفين من عندنا حدساً، وبه يتم المعنى.
2- أقول : لم أجد مصدراً لهذه الرواية بهذه الكيفية، فراجع. كما لا يمكن إحصاء ما للرجل من أحكام مخالفة لما جاء في كتاب اللّه وسنّة نبيّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) هو ما أنزل على رسوله. لاحظ ما ذكره الإصفهاني في كتابه : حلية الأولياء 18/9، في حكم عمر بغير ما أنزل اللّه.. وغيره.
3- ديوان الشريف الرضي (رَحمهُ اللّه) 366/1، وهي جزء قصيدة في (26) بيتاً في واقعة الطفّ أنشدها سنة 395 ه-.
4- في نسختي الأصل عن بدلاً من على.
5- في نسخة (ب) مزايب ! وفي نسخة (ألف) : مرايب، وما هنا من الديوان.
ألا لَيْسَ فِعْلُ الأَوَّلِينَ وإِنْ عَلا*** عَلَى قُبْح فِعْلِ(1) الْآخِرِينَ بِزائِدِ
***
ص: 192
1- في نسختي الأصل : فعل قبح !
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[ باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[فصل 6]
[ في ظلم شمر دل ]
ص: 193
فصل : في ظلم شمر دل
فصل : في ظلم شمر دل (1)
الصادق والباقر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)؛ في قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خاصّة..) (2) «الأوّل والثاني» (3).
الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّه وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قليلاً..) (4) الآية نزلت في الأوّل والثاني، ومن أعانهما على ترك عهد رسول اللّه في عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)».
ص: 195
1- هذا من التكنيات التي أقرها المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مدخل كتابه هذا، ولعله من مختصاته له، وقد فصلها مؤلّف كتاب الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 362/2.
2- سورة الأنفال (8) : 25.
3- لم أجد الحديث بنصه، ولكن جاء مستفيضاً ذيل قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من ظلم عليّاً مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنما جحد نبوّتي ونبوّة الأنبياء من قبلي..». وفي نسخة : مجلسي بدلاً من : مقعدى. راجع : تأويل الآيات الظاهرة 198/1 (سورة الأنفال)، وجامع الأخبار : 14، والصراط المستقيم 27/2، والطرائف 35/1 - 36.. وما ذكره المؤلّف (رَحمهُ اللّه) المناقب 216/3.
4- سورة آل عمران (3) : 77.
قوله : (فَمَنْ أَظْلَمُ ممّن كَذَّبَ بِآياتِ اللّه وَصَدَفَ عَنْها..) (1) الآية، نزلت فيهم.
مقاتل بن حيان(2)؛ قال : أُتي عمر بقاص يقص، فخفقه بالدرة، وقال له : من أنت ؟ قال : قاص. قال له : كذبت، قال اللّه تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَص) (3).
ثم خفقه بالدرّة، وقال : من أنت ؟ قال : أنا مذكّر. قال : كذبت، قال اللّه : (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكَّرُ﴾ (4).
ص: 196
1- سورة الأنعام (6): 157.
2- وذكر ذلك ابن شبة (المتوفى سنة 262 ه-) في كتابه تاريخ المدينة 9/1 - 11 نقلاً بالمعنى.. وأورد لخليفتهم هناك أكثر من قصة في المقام.
3- (سورة يوسف (12): 3. وقريب من هذا ما صدر منه - عليه اللعنة والعذاب - في منعه من الكتب والمؤلفات وغيرها، حيث جاء عن أكثر من طريق، بل في أكثر من واقعة، وبألفاظ مختلفة، منها أنّه : أتى رجل من المسلمين إلى عمر، فقال : إنا لما فتحنا المدائن أصبنا كتاباً فيه علم من علوم الفرس وكلام معجب، فدعا بالدرّة فجعل يضربها [به]، ثمّ قرأ: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ)، ويقول : ويلك ! أقصص أحسن من كتاب اللّه ؟ ! إنّما هلك من كان قبلكم لأنهم أقبلوا على كتب علمائهم وأساقفتهم وتركوا التوراة والإنجيل حتّى درسا وذهب ما فيهما من العلم... وانظر: سيرة عمر لابن الجوزي: 107، وكنز العمّال 95/1.. وغيرهما، وهناك صور أُخرى نقلت في المقام، فلاحظها في الغدير 297/6 - 298.. وغيره.
4- سورة الغاشية (88): 21.
ثم خفقه بالدرّة، وقال : من أنت ؟ قال : ما أدري ما أقول، قل أنت. قال : قُل : أنا أحمق.. مرائي.. متكلّف..!!
الزمخشري في ربيع الأبرار (1) :أنّه [رأى رجلاً (2) يتبختر في مشيته، فقال: دع هذه المشية.. قال : لا أُطيق.. فجلده ! ثمّ رآه كذلك فجلده ! (3)
ابن شريح بإسناده.. عن عطاء [بن أبي رباح ]، عن عبيدة بن عمير، قال : بينا فلان يَمرّ في الطريق فإذا هو برجل (4) يكلّم امرأة، فعلاه بالدرّة. فقال الرجل : إنّما هل امرأتي ! (5).. فأتى عبد الرحمن فاستفتاه (6) في ذلك
ص: 197
1- ربيع الأبرار 435/3 نقلاً بالمعنى مع اختصار في اللفظ. بل بينهما اختلاف كثير، فراجعه.
2- كذا ؛ والظاهر : إنّ رجلاً.. أو أنّه رجلٌ.. والظاهر : إنّ عمر رأى رجلاً.. إلى آخره.
3- لقد أورد المتقي الهندي في كنز العمّال 485/15 حديث 41919 القصة والنهي، ولم يذكر الحكم ! انظر أيضاً : شرح النهج 357/19.
4- في نسختي الأصل : رجل.
5- وأوردها في كنز العمّال 462/5 - 463 حديث 13621 بطريق آخر واختلاف يسير، وفي حديث 13623 أنّه قال له : فاقتص، قال : قد غفرت لك يا أمير المؤمنين ! قال : ليس مغفرتها بيدك، ولكن إن شئت أن تعفو فاعف. قال : قد عفوت عنك يا أمير المؤمنين !
6- في نسختي الأصل: فاستفتى، والصواب ما أثبتناه، والذي في كنز العمال (الحديث 36091) هو : فلقي عبد الرحمن بن عوف فذكر ذلك له.
فقال : إنما كنت تريد الخير ! (1)
وقد ذكره الغزالي في الإحياء (2)، إلّا أنّه قال : فقال عمر : هلَّا كنت (3) حيثلا يراك [أحد من ] الناس (4).
الموطأ (5)؛ قال سعيد بن المسيّب : إنّ عمر بن الخطّاب اختصم إليه مسلم ويهودي، فرأى [عمر ] أن الحق [مع ] اليهودي فقضى له، فقال اليهودي: واللّه لقد قضيت بالحق.. فضربه عمر بالدرّة، ثمّ سأله : ما يدريك.. ! القصة.
ص: 198
1- وجاء في كنز العمّال 6/13 حديث 36091، ومنه قولة عبد الرحمن بن عوف : إنّما أنت مؤدّب وليس عليك شيء.. ثمّ ذكر حديثاً موضوعاً.. له وجه وجيه عندنا، وهو ما رواه عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه قال : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد : لا يرفعن أحد من هذه الأمة كتابه قبل أبي بكر وعمر.. ولعلّه من جهة أنّ أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أوّل من يجثو للحكومة يومذاك، وهؤلاء شاركوا في ظلم الأمّة والمؤمنين وأميرهم (عَلَيهِ السَّلَامُ). ولاحظ تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 159/44، وفيه الذيل.
2- إحياء علوم الدین 202/2.
3- لا يوجد : كنت في الإحياء.
4- وأورده في كنز العمّال 462/5 - 463، عن الخرائطي في مكارم الأخلاق.
5- الموطأ 719/2 برقم 1400 [ تحقيق عبدالباقي، وفي طبعة: 509 برقم 1398 باختلاف يسير ]. وجاء بهذا المضمون في دعائم الإسلام،93/1، وعنه في مستدرك وسائل الشيعة 17 /247 (باب 4) ضمن حديث 21246.
الجاحظ في كتاب الخط والقلم (1) أنّه : رأى مصحفاً شنيعاً (2) فعلا (3) [صباحبه ] بالدرّة ! وقال : عظموا كتاب اللّه ! ! (4)
وفي المحاضرات (5)؛ وفي الإحياء (6)؛ أنّه نظر عمر إلى أبي بن كعب وقد تبعه (7) قوم، م، فعلاه بالدرّة، وقال : إنّها فتنة للمتبوع ومذلّة للتابع (8).
ص: 199
1- كتاب الخط والقلم للجاحظ، ولا نعرف له نسخة ولا طبعة، بل لم يرد حتّى فيما طبع للجاحظ من كشاف آثار جمعها له الدكتور علي أبو ملحم، وذكر فيه للجاحظ أكثر من 193 مؤلّفاً ورسالة، وقد نشر ذيل رسائل الجاحظ الكلامية من قبل دار مكتبة الهلال.
2- في نسخة (ب): سقيفاً، والشنيع : الحسن الجميل، كما في اللسان 168/8، ويأتي بمعنى التام الضليع من كل شيء، وبمعنى الطويل. راجع : العين 338/1.. وغيره.
3- في نسختي الأصل : افعلا.
4- وقريب منه ما رواه المتقي الهندي في كنز العمّال 332/2 حديث 4165 عن أبي الأسود : أن عمر بن الخطّاب وجد مع رجل مصحفاً قد كتبه بقلم دقيق، فقال : ما هذا ؟ فقال : القرآن كلّه، فكره ذلك وضربه.. ! إلى آخره راجع : فضائل القرآن لابن سلام : 398، والإتقان للسيوطي 182/4.. وغيرهما.
5- المحاضرات 133/1.
6- إحياء علوم الدين 276/3، وفيه : عن سليم بن حنظلة أنّه قال : بينا نحن حول أبي بن كعب نمشي خلفه إذ رآه عمر فعلاه بالدرّة، فقال : انظر يا أمير المؤمنين ما تصنع، فقال : إن هذه ذلة للتابع وفتنة للمتبوع.
7- كذا في المصدر، وفي نسختي الأصل : صمه، ولعلّه : ضمّه.
8- وجاء في التواضع والخمول لابن أبي الدنيا : 77، وشرح نهج البلاغة 181/2، وتذكرة الحفاظ للذهبي 8/1.. وغيرها وهل هذا حسد من الخليفة أن يجد لأُبيّ طلاب علم خلفه ! وإن كان هناك تصريح من الدارمي وعمر بن شبة بأنّ السبب هو أن أُبيّاً خالف أمر الخليفة بعدم تحديث الناس عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، كما في سنن الدارمي 132/1. ولاحظ : تاريخ المدينة 691/2.. وغيرهما، ثمّ أعجب !
وفي المحاضرات (1): أنّه استقبل [عمر] رجلاً ثلاثة أيام على الولاء وقد اشترى اللحم.. فعلاه بالدرّة [و] قال: إنّ اللّه تعالى يبغض (2) اللّحميين (3) [ عاقب بين اللحم ].. وغيره.
وفي تاج التراجم (4) عن أبي المعالي شاهفور، وفي غريب الحديث (5)؛ عن أبي عبيد، روى ابن سيرين (6) أنّه رأى جارية في قناع فعلاها بالدرّة (7)،
ص: 200
1- المحاضرات 609/2 - 610 [ وفي طبعة 704/1].
2- في نسختي الأصل : يبغضني - مشوشة الإعجام -.
3- كذا ؛ والظاهر : اللحميين، وفي المصدر : قوماً لحميين، وفسر أهل بيت لحمين بآكلي لحوم الناس بالغيبة، كما في تفسير القرطبي 333/15.
4- في نسختي الأصل : البراجم.. وهو سهو، والصحيح ما أُثبت وهو كتاب في تفسير القرآن للأعاجم، لأبي المظفر عماد الدين شاهفور طاهر بن محمّد الإسفرايني، ولا نعلم بطبعه، ولا بنسخة له.
5- غريب الحديث 343/3 - 345.
6- ليس في غريب الحديث روى ابن سيرين.. وإنما جاء في ذيل.
7- في غريب الحديث :.. جارية متكمكمة، فسأل عنها، فقالوا : أمة آل فلان.. فضربها بالدرّة ضربات..!
فقال : يا لكاع (1) ! أتتشبّهين بالحرائر ؟ ! ألقي خماركِ ! (2)
وفي تاريخ الطبري (3): أنّ عمر كان يقسم مالاً (4) فازدحموا عليه، فأقبل سعد
ص: 201
1- في المصدر : يا لكعاء، وفي جامع الخلاف : يا دفار !
2- لا يوجد ذيل الحديث في غريب الحديث، وليس بغريب منهم. أقول: وجاء في الفائق 279/3 [ وفي طبعة أخرى 171/3] ضربه لجارية متكمكمة ؛ لأنها تشبّهت بالحرائر، حيث كانت متقنعة ومتسترة في لباسها.. لا يبدو منها شيء.. قال : فضربها بالدرّة ضربات، وقال : يا لكعاء ! أتشبهين بالحرائر... ثمّ قال : كمكمت الشيء.. إذا أخفيته، وتكمكم في ثوبه : تلقف فيه، وهو من معنى الكم وهو الستر. لاحظ : جامع الخلاف والوفاق لعليّ بن محمّد القمّي : 49، ومثله في نصب الراية للزيلعي 142/6.. وغيرهما. وذكر ابن الهمام الحنفي (المتوفى سنة 681 ه-) في كتابه شرح فتح القدير على الهداية 262/1 [ طبعة دار الفكر ] في حكم تستر الإماء :.. وظهرها وبطنها عورة؛ لأنّهما محلا الشهوة، وما سوى ذلك من بدنها فليس بعورة؛ لقول عمر : ألقي عنك الخمار - يا دفار ! - أتتشبهين بالحرائر ؟ ! حين رأى جارية متقنّعة فعلاها.. أي ضربها بالدرّة. وقوله : يا دفار ! - بالدال المهملة - أي مُنْتِنة. ثمّ قال : وروي أنّ جواريه كانت تخدم الضيفان مكشوفات الرؤوس، مضطربات الثديين.. !
3- تاريخ الطبري 212/4 باختلاف يسير [ طبعة الأعلمي بيروت 280/3]، وذكره الزمخشري في الفائق في غريب الحديث 345/3.. وغيره.
4- في المصدر : بسنده :.. إنّ عمر بن الخطّاب أُتي بمال؛ فجعل يقسمه بين الناس..
ابن أبي وقاص يزاحم الناس، حتّى خلص (1) إليه. فعلاه [عمر ] بالدرّة، وقال : إنّك [أقبلت ] لا تهاب سلطان اللّه في (2) الأرض، فأحببت [ أن ] أعلمك أنّ سلطان اللّه لن (3) يهابك (4).. !
وذكر أبو حامد في الإحياء (5) : أنّه بعث عمر حكمان إلى زوجين فعادا ولم يصلحا أمرهما، فعلاهما بالدرّة، وقال: اللّه تعالى يقول: ﴿إِن يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّق اللّه بَيْنَهُمَا..) (6) فعادا وأحسنا النية وتلطّفا(7) في الأمر فانصلح منهما (8)
ص: 202
1- في نسختي الأصل : خاض.
2- في نسختي الأصل : واو، بدلاً من : في.
3- في نسختي الأصل : لم، والمثبت عن المصدر، ولو كان (لم) لكان الفعل بعدها : يهبك.
4- وقريب منه في كنز العمّال 564/12 حديث،35768، ومثله في الطبقات الكبرى لابن سعد 287/3 [ وفي طبعة 206/3 ].. وغيرهما.
5- إحياء علوم الدين 49/2 باختلاف يسير، وكونه بلفظ الإفراد لا التثنية.
6- سورة النساء (4) : 35.
7- جاء في الإحياء بلفظ المفرد كلاً : حكماً.. فعاد.. يصلح.. فعلاه.. فعاد وأحسن النية وتلطف...
8- كذا ؛ وفي المصدر : وتلطّف بهما فأصلح بينهما. وقال ابن فهد الحلّي في كتابه المهذب البارع 421/3 : فروي أنّه [أي عمر ] بعث حكمين فرجعا، وقالا : لم يلتئم الأمر.. فعلاهما بالدرّة، وقال : اللّه أصدق منكما..! لو أردتم إصلاحاً يوفّق اللّه بينهما.
وذكر أبو عبيد في غريب الحديث (1)، روى أبو عيينة (2)، بإسناده: أن رجلاً كان له حق على أُمّ سلمة فأقسم عليها، فضرب عمر الرجل ثلاثين سوطاً كلّها (3) يبضع (4) - [ أي ] يشق (5) الجلد - و يحدر.. أي يورّم [ولا يشق ] (6).
وفيه (7): أنّه أتاه سلمان (8) بن ربيعة الباهلي يشكو إليه عاملاً من عماله، قال : فأخذ الدرّة فضربه بها حتّى (9) أنهج (10).
ص: 203
1- غريب الحديث 243/3 باختلاف ونقل بالمعنى مع عدم ذكر الراوي الأخير.
2- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : عنينة.
3- بمعنى أن كل الثلاثين سوطاً يبضع..
4- كذا في الفائق ؛ وفي نسختي الأصل : ينضع، وفي الكنز : تبضع.
5- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : لشق، أو : ليشق.
6- وقريب منه في الفائق في غريب الحديث للزمخشري 104/1، ومثله في كنز العمّال 699/13 حديث.37788.. وغيرهما.
7- غريب الحديث 276/3 - 277 بنصه، وقريب منه في الفائق 138/3 [ وفي طبعة 339/3]، ومثله ما جاء في كتاب المحاضرات للراغب الإصفهاني 34/4.
8- في نسختي الأصل : سليمان، والصحيح ما أثبتناه، و : سليمان، والصحيح ما أثبتناه، وهو : سلمان بن ربيعة بن يزيد الباهلي أبو عبد اللّه، مختلف في صحبته، ويقال له : سلمان الخيل ؛ لأنه كان يلي الخيول في خلافة عمر، روى عنه كبار التابعين، وكان أوّل قاض لعمر في الكوفة، قتل سنة 30 ه-، وقيل : 29 أو 31، كما جاء في الإصابة 117/3، والتهذيب 36/4..
9- وزاد في الفائق : أي وقع عليه البهر.. يعني على عمر.
10- قال أبو عبيد - كما حكاه ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 133/12 - بعده.. أي أصابه النفس والبهر من الإعياء. وفي النهاية لابن الأثير 185/4[134/5] :.. أي وقع عليه الربو.. يعني عمر !
[قال الكسائي : قوله : أنهج ]، وهو علّو النفس والبهر [الذي يقع على الإنسان من الإعياء عند العدوّ، ومعالجة الشيء حتّى يبتهر ](1).
وفيه (2) : أنّ صبياً قتل بصنعاء غيلة (3) فقتل به عمر سبعة، وقال : ولو اشترك فيه أهل صنعاء لقتلتهم ! ! (4)
وقد قال اللّه تعالى: ﴿النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) (5).
وضرب كاتب عمرو بن العاص وقد كان كتب........(6).
(بِسمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)
ص: 204
1- قال الزمخشري في الفائق 128/2 [ وفي طبعة أخرى 343/2]: نهج وأنهج : إذا ربا وعلاه البهر.
2- غريب الحديث 301/3، ومثله في الفائق 80/3 [ وفي طبعة 448/2].
3- ذكر أبو عبيد الهروي في غريب الحديث 301/3 - 304 معنى الغيلة، فقال : هو أن يغتال الإنسان فيخدع بالشيء حتّى يصير إلى موضع يستخفى له، فإذا صار إليه قتله.. وفرّق بينه وبين القتل فتكاً وصبراً وغدراً وخطأ والعمد وشبهها.
4- في نسختي الأصل : بقتلهم. وأورده الشيخ فضل بن شاذان النيشابوري (رَحمهُ اللّه) في كتابه الإيضاح : 265، وكذا جاء في السنن الكبرى للبيهقي 41/8.. وغيره.
5- سورة المائدة (5) : 45.
6- بياض في نسختي الأصل.
ولم يبيّن السين، فقيل : ضرب في سين، فمضت مثلا (1).
وفي الحلية (2)؛ قال عمرو بن میمون : شهدت عمر بن الخطّاب غداة طعن ؛ فكنت في الصف الثاني - وما منعني أن أكون في الصف الأوّل إلّا هيبته - كان يستقبل الصف الأول] إذا أُقيمت الصلاة، فإن رأى إنساناً متقدماً أو متأخراً أصابه بالدرّة..(3) الخبر.
في الإحياء (4) أنّه : كان عمر جالساً - ومعه الدرّة، والناس حوله - إذ أقبل الجارود [ بن المنذر ]، فقال رجل : هذا سيّد (5) ربيعة، فسمعها عمر ومن حوله وسمع الجارود، فلما دنا منه خفقه (6) بالدرّة، فقال : مالي ولك يا أمير المؤمنين ؟!
ص: 205
1- جاء في هامش بحار الأنوار (30/31 (باب 14) إنّه قد حكي : عن الشهاب في كتابه : شفاء العليل فيما في لغة العرب من الدخيل عن بعض حواشي الكشاف : أن عمر ضرب كاتباً كَتَبَ بين يديه بسم اللّه الرحمن الرحيم.. ولم يبين السين.. وقد روى السيوطي في الدر المنثور :10/1 : أن عمر بن عبد العزيز ضرب كاتباً كتب الميم قبل السين، فقيل له : فيم ضربك أمير المؤمنين ؟ ! فقال : في سين.. وذكر أكثر من واقعة هناك من عزل الخليفة الأموي لمن كتب (بم) ولم يجعل السين.. !
2- حلية الأولياء 151/4 بلفظه.
3- وجاء بعده :.. فذلك الذي منعني أن أكون في الصف الأول.. فكنت في الصف الثاني. ولاحظ : بغية الباحث للحارث بن أبي أُسامة 622/2 برقم 594.
4- إحياء علوم الدين 160/3 باختصار.
5- في نسختي الأصل : مسند.
6- هذا من المصدر، وقد جاء في نسختي الأصل : خيفه.
206
فقال : مالي ولك ؟ ! لقد سمعتها، قال : سمعتها [فمه ؟ ]، قال : خشيت أن يخالط قلبك (1) منها شيء، فأحببت أن أطاطئ (2) منك (3).
وفي الإحياء (4) أنّه : ضرب عمر رجلاً بالدرّة، ثمّ قال له : اقتص مني، فقال: لا، بل أدعها اللّه (5) ولك.. الخبر (6).
وكان يضرب بالدرّة نائحة فسقط خمارها، فقيل له في ذلك فقال : إنّها فاسدة لا حرمة لها ! (7)
ص: 206
1- في نسختي الأصل: قبلك.
2- في نسختي الأصل: أطالحي.
3- وقريب منه ما أورده ابن الجوزي في سيرة عمر : 178، وابن أبي الحديد في شرحه على النهج 112/3 [ وفي طبعة 73/12]، والهندي في كنز العمّال 809/3 [ وفي الطبعة الأُولى 167/2]، وعنهم العلامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 157/6 - 158. ولاحظ : تاريخ المدينة لابن شبة النميري 2 / 690 - 691، وذيله جاء في مناقب عمر لابن الجوزي: 202.
4- إحياء علوم الدين 296/3.
5- في نسختي الأصل : اللّه.
6- في نسختي الأصل الخير، ولا معنى له، ولم يرد في المصدر، بل فيه تتمة، فراجع. أقول : وقريب منه في شرح نهج البلاغة 2/ 180، قال : وضرب عمر رجلاً بالدرّة، ثمّ ظهر له أنّه لم يأت جرماً، فقال له : اقتص مني ! فقال : بل أدعها اللّه ولك ! قال : ما صنعت شيئاً، إما أن تدعها لي فأعرف ذلك لك، أو تدعها اللّه وحده..!
7- وأصل القصة ما أخرجه الحافظ عبد الرزاق عن عمرو بن دينار، قال : لما مات خالد بن الوليد اجتمع في بيت ميمونة نساء يبكين، فجاء عمر...فكان يضربهنّ بالدرّة، فسقط خمار امرأة منهنّ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ! خمارها ! فقال : دعوها فلا حرمة لها.. وكان يعجب من قوله : لا حرمة لها..! ولعلّ لموت خالد خصوصية خاصّة أثارت حفيظة الخليفة لما كان بينهما من مشادة ومنازعة من أيام الجاهلية وبقيت في إسلامه الظاهري وجاهليته المتأصلة في روحه.. أقول : هذا مجمل قصة مفصلة ؛ حيث إنّه سمع صوت بكاء في بيت، فدخل وبيده الدرة - وذلك في عهد خلافته - فمال عليهم ضرباً بدرته، حتّى بلغ النائحة فضربها حتّى سقط خمارها، ثمّ قال لغلامه : اضرب النائحة.. ويلك ! اضربها فإنّها نائحة لا حرمة لها.. وانظر: المصنّف للصنعاني 557/3، وكنز العمّال للهندي 118/8 [ وفي طبعة خرى 730/15 برقم 42905]، تفسير القرطبي 75/18.. وغيرها. وراجع : الغدير 160/6 - 162. هذا ؛ وقد نهى الخليفة عن البكاء على الميت، كما وقد نهاه صاحب الرسالة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لنهيه وما انتهى ! وبقيت عقدة ذلك إلى أن مات حتّى اضطر إلى جعل حديث على لسان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من أن الميت ليعذب ببكاء الحي ! كما جاء في هامش ما علّقه محقق بحار الأنوار 31/31 - 32 جزاه اللّه خيراً وأخذ بيده لمراضيه. وهذا ممّا ذكره ابن أبي الحديد في شرحه 68/12 [111/3 ذات أربعة مجلدات ]، وكذا قريب منه ما جاء في السنن الكبرى للبيهقي 70/4، ومسند سند أحمد ابن حنبل 408/2.. وغيرها، من نهيه لنساء يبكين في عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وردّ صلوات اللّه عليه. بل قبل أن أوّل من ضربه عمر بالدرة هي : أُمّ فروة بنت أبي قحافة، مات أبو بكر فناح النساء عليه وفيهنّ أُخته : أُمّ فروة، فنهاهن عمر مراراً وهنّ يعاودون، فأخرج أم فروة من بينهن وعلاها بالدّرة، كما في شرح النهج لابن أبي الحديد 181/1. وقد استوعب في هذا الباب وأجاد فيما أفاد شيخنا العلامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 159/6 - 167 (في فصل نوادر الأثر في عمر) بعنوان : اجتهاد الخليفة في البكاء على الميت [ صفحة 161/1 ]، ونقل جملة روايات عن عدة مصادر. بل الرجل أوّل من ضرب بالدرّة عليه، كما في شرح نهج البلاغة 181/1 [ 60/1].. وغيره.
وفي ربيع الأبرار (1) ؛ عن الزمخشري أنّه : نظر عمر إلى رجل ناسك (2) متماوت فخفقه (3) بالدرّة، وقال : لا تُمِتْ علينا ديننا.. أماتك (4) اللّه !
وفيه (5) أنّه : توجه المردبود (6) إلى الشام [ف]قال له رجل: أتدع
ص: 208
1- ربيع الأبرار 825/1 باختلاف أشرنا له، ومثله في المحاضرات للراغب الإصفهاني 415/4، وكذا في الفائق في غريب الحديث 244/1.
2- في ربيع الأبرار : مظهر للنسك.
3- في نسخة (ألف): جففه.
4- في نسختي الأصل : مانك، بدلاً من أماتك، وما هنا من المصدر.
5- ربيع الأبرار 662/1 نقلاً بالمعنى مع الاسم الصريح.
6- رمز لاسم عمر، كما جاء في مدخل الكتاب، وهو من مختصاته طاب رمسه. انظر: الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 270/3 - 271، وراجع : الصراط المستقيم 16/3.
رسول اللّه و تقصد الشام ؟ !(1) فقال : أدع مسجد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الصلاح أُمّة رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)]، ولقد هممت أن أضرب رأسك بالدرّة حتّى لا يجعل (2) الردّ على الأئمّة عادة ؛ فيتخذها الأخلاف (3) سنة.
وفي مسند مسلم (4): روى الخدري أنّ أبا موسى أتى فزعاً (5)، قلنا له: : ما شأنك ؟ قال : إن عمر أرسل إلى أن آتيه، فأتيت بابه فسلّمت ثلاثاً..
فلم يردّ عليّ...فرجعت، فقال : ما منعك أن تأتينا ؟ ! قال : استأذنت كما سمعت النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)- يعني بعد نداء الثلاثة - ينصرفون(6).
ص: 209
1- لا توجد زيادة وتقصد الشام.. في ربيع الأبرار المطبوع.
2- في المصدر : تجعل.
3- في المصدر : الأجلاف.
4- کتاب مسلم 16943 (باب 7) حديث 33 [ كتاب الآداب، (باب الاستئذان) حديث 4006، و 2 / 234 كتاب الآداب، وفي طبعة 179/6،] نقلاً بالمعنى مع اختصار في اللفظ. ولاحظ الحديث الذي بعده، وقد خلط بينهما ونقل مضمونهما. وعنه في شرحه للنووي 133/14 - 134.
5- في نسختي الأصل : فرغا.
6- في نسختي الأصل : يتصرفون، وهو سهو في إعجام الكلمة من النساخ. وفي فيض القدير 352/1:.. أتيت فسلّمت على بابك ثلاثاً، فلم ترد فرجعت. وقد قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).. فذكره، فقال عمر : أقم عليه البينة وإلّا أوجعتك. أقول : جاء الحديث مثله فيما رواه البخاري في كتابه 130/7 [837/3 طبعة الهند ].. وفيه موارد عدّة، وحكاه السيّد ابن طاوس له في الطرائف : 476 عن الحميدي في كتابه : الجمع بين الصحيحين، في مسند أبي سعيد الخدري، في الحديث الثامن والعشرين من المتفق عليه. ومثله رواه شيخنا العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 687/30 - 688 في الطعن الحادي عشر، وكذا في هامش صفحة : 704 منه. وأشار للقصة الشوكاني في نيل الأوطار 366/3. وراجع : مسند أحمد بن حنبل 19/3 [400/4]، وسنن الدارمي 2 /274، وسنن أبي داود 514/2، ومشكل الآثار 499/1 عن هامش بحار الأنوار، وتفسير ابن كثير /289. وكذا مصادره وموارده الأُخر في الغدير 158/6 - 159.
فقال : واللّه لأوجعَنَّ (1) ظهرك وبطنك، أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا..
فقام الخدري وشهد، فقال عمر (2): خفي علي هذا من أمر رسول اللّه.. ألهاني عنه الصفق بالأسواق (3).
ص: 210
1- في نسختي الأصل : لأوجعنك، وهي محرفة عن المثبت.
2- قولة عمر هذه جاءت في الحديث رقم (36) من نفس الباب (7) والمجلد (3) صفحة : 1695 - 1696 من كتاب مسلم. وعلى كلّ ؛ فالأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً جمع مضمونها شيخنا المصنف (قدّس سِرُّه) ونقل معناها.
3- وراجع : ما أورده ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 175/1 – 177 في قدوم أبي موسى الأشعري من البحرين مع عماله عند عمر، وما فعله الخبيث مع الخبيث.
عبد اللّه بن أبي بكر : أنّه سمع رجلاً ينشد (1) (شعر): [من الطويل ]
أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مِن شَرِّ مِعقَل*** إذَا مِعقَلُ وَافَى البَقِيعَ مُرَجَّلَا (2)
فجز الثاني شعره، فكان حين جزه أجمل وأحسن، فقال له : اخرج عن (3)المدينة.. فخرج(4).
وفي كتاب الكلبي (5)؛ عن عكرمة..
ص: 211
1- القصة مجملاً - وقد بترت هنا - أنّ معقل بن سنان (شيبان) الأشجعي قدم المدينة في خلافة عمر - وكان جميلاً - وقد قالت فيه امرأة هذا البيت.. فنفاه عمر، وقال له : الحق بباديتك.. كل ذلك بعد أن طمّ شعره.. أي جزه واستأصله. وقد فصّل الواقعة ابن شبة النميري في تاريخ المدينة 760/2.. وغيره أجملها. راجع : أنساب الأشراف 337/10، و 219/13.
2- جاء عجز البيت في عيون الأخبار : إذا معقل راح البقيع مرجلا.. ومثله في تصحيفات المحدّثين للعسكري : 895 - 896، ومثله في تاريخ دمشق 275/40، وكذا في 361/59 و 366 - كما جاء في فهرسته - وفي نسخة : وفي نسخة : البقيع ورحلا. وقد أورد البيت في الإصابة 446/3 في ترجمته [ الطبعة المحقّقة 143/6].
3- في نسختي الأصل : على.
4- وقد جاء البيت في كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة 23/4 - 24، وقال بعده : يعني معقل بن سنان الأشجعي، وكان قدم المدينة فقال له عمر : الحقّ بباديتك..
5- جمهرة النسب للكلبي (المتوفى 204 ه-) : 403، وزاد على اسمه كلمة : الجميل. وقال في جمهرة أنساب العرب : 262: نصر بن الحجاج، وهو الذي نفاه عمر بن الخطّاب عن المدينة لقول المرأة فيه : [من البسيط ] هَل من سَبيل إلى خَمْرٍ فأشرَبَها*** أم هَلْ سَبِيلٌ إِلَى نَصْرِ بنِ حَجاجِ ؟ ! وكذا في جمهرة النسب لابن الكلبي 97/2 [ تحقيق محمود فردوس العظم]، ولم نجد نص كلام الكلبي هذا فيما عندنا من كتبه، فراجع.
.. وحلية أبي نعيم الحافظ (1)؛ عن الشعبي - واللفظ للكلبي - أنّه سمع الثاني منشداً ينشد و محتاج (2) (شعر)(3):
[من البسيط ]
فَلا سَبِيلَ إلى خَمْرٍ فَأَشْرَبَهَا*** وَلا سَبِيلَ إِلَى نَصْرِ بنِ حَجَّاجِ (4)
ص: 212
1- حلية الأولياء 322/4 باختصار واختلاف، واللفظ ليس له.
2- كذا؛ والظاهر إن الكلمة وقعت هنا خطأ من الكاتب للنسخة؛ إذ هي آخر عجز البيت الثاني، فلاحظ.
3- في الحلية : بينما عمر يعش بالمدينة إذ مرّ بامرأة في بيت، وهي تقول:.. وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان 31/2:.. فسمع امرأة تنشد في خدرها.. والقائلة هي الفريعة بنت همّام ؛ أُمّ الحجاج بن يوسف الثقفي.. وقد ستر على اسمها حرصاً على ولدها.. !!
4- جاء هذا البيت في حلية الأولياء هكذا : [ من البسيط ] هَلْ من سَبِيلٍ إلى خَمْرٍ فَأَشْرَبَها*** أم هَلْ سَبِيلٌ إلى نَصْرِ بنِ حجاج ولم يرد البيت الثاني فيه. وقد جاء البيت بألفاظ متقاربة، منها : هل في سبيل.. أو : ألا سبيل.. والعجز : وهل سبيل.. أو : أم من سبيل.. أو : أو هل سبيل.. أو : أم لا سبيل..
213
نِعْمَ الفَتَى في سَوادِ الليلِ تَطْرُقُهُ*** لِيَائِسٍ [أو لملهوف ومحتاج ] (1)
فنفا [ه] من المدينة إلى البصرة، قال : وما ذنبي ؟ ! قال : إن نساء المدينة مفتتنات بك !
فقال نصر : أعلمهم بأنك إنّما أخرجتني لهذا الشعر لا لغيره...(2)
وحبست امرأة وقدمت إلى عمر أبياتاً، منها : :
[من البسيط ]
ص: 213
1- عجز البيت موافق لما جاء في خزانة الأدب 83/4، وما جاء في الحماسة البصرية 130/1 : لبائس أو لمسكين ومحتاج..
2- هذه القصة - والتي سلفت، كلتاهما - حكم الخليفة فيهما عليه بالنفي لجماله.. وقد سيّره إلى البصرة، وكأنّه لا مانع هناك من النساء..! ويصح حسن الوجه والصورة.. ! وقيل : نفاه إلى الشام.. والواقعة جاءت هنا مبتورة جدّاً. انظر : المبسوط للسرخسي 45/9 وقال : ذلك النفي للمصلحة لا الحدّ..! ولاحظ : فقه السنّة للشيخ سيّد سابق،212/2، وطبقات ابن سعد 285/3، والاستيعاب 326/1، وأسد الغابة 465/1 [381/1]، والإصابة 371/4، و 382/6، وشرح النهج لابن أبي الحديد 27/12 - 30، وعنه في بحار الأنوار 24/31 - 26 (الطعن الرابع عشر)، والفائق في غريب الحديث 263/3، والبداية والنهاية 138/9.. وغيرها. وراجع ما جاء في بحار الأنوار 20/31 - 23 (الطعن الرابع عشر من مطاعن عمر)، وقد أورد أبياتاً جوابية للمرأة القائلة للأبيات، وستأتي قريباً.
قُلْ للإِمَامِ (1) الَّذِي تُخْشَى بَوادِرُهُ:*** مَا لِي وَلِلْخَمرِ أَوْ نَصْرِ بنِ حَجَّاج ؟!
إِنِّي غَنِيتُ (2) أَبَا حَفْصٍ بِغَيْرِهِما*** شُرْبِ الحَلِيبِ وطَرْفِ ساكن (3) ساج
إنَّ الهَوَى زَمَّهُ (4) التَّقْوَى فَحَبَّسَهُ (5)*** حَتَّى أُقر بِالْجامِ وإشراج ]
[أُمْنِيَّةٌ لم أُصَبْ منها بضائرة*** والناسُ مِن هالك فيها ومِنْ ناجي ](6)
ص: 214
1- في نسختي الأصل: قال الإمام.. ولم يرد في مصدر منا. وفي شرح النهج : قل للأمير.
2- في شرح النهج وبحار الأنوار : إنّي بليت.
3- في تاريخ مدينة دمشق وشرح النهج، بل غالب المصادر : فاتر، بدلاً من : ساكن.
4- في بعض النسخ : ذمة، وفي شرح النهج : رمية، وجاء فيه : رعية، وفي هامش بحار الأنوار: رعية، وجاء البيت كلاً برواية أخرى.
5- في تاريخ دمشق 24/62 : إنّ الهوى زمة التقوى فحبسته في مناقب عمر !! لابن الجوزي :86 ذمة التقوى فقيَّده.. وفي شرح النهج لابن أبي الحديد 29/12: رعية التقوى تقيّده.
6- لم يرد هذا البيت والذي قبله في غالب المصادر السالفة، وجاء مقدماً في شرح النهج لابن أبي الحديد، وهو : ما منيةً قلتها عرضاً بضائرة*** والناس من هالك قدماً ومن ناجي
لا تَجْعَلِ الظَّنَّ حَقاً أو ببينة(1)*** إِنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ الخَائِفِ الرَّاجِي (2)
ثم كتب نصر بن الحجاج من البصرة إليه [شعر ] (3): [ من الطويل ]
لَعَمْرِي لَئِن (4) سَيَّرتَنِي وطَرَدْتَنى (5)*** وما (6) يُلْتَ مِنْ عِرْضِي عَلَيْكَ حَرامُ (7)
ص: 215
1- في بعض المصادر : تيقنه، وفي شرح النهج : أو تبيّنه.
2- وجاءت أيضاً في تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 24/62، وتاريخ المدينة لا بن شبة النميري 2 / 764.. وغيرهما. وقيل : إنّ الشعر كلاً مصنوع عدا البيت الأوّل.
3- ي نسختي الأصل هنا فراغ احتملنا كلمة (شعر) لما سبقه. هذا؛ ولم ترد هذه الأبيات في بعض المصادر السالفة سوى ما جاء في تاريخ دمشق وشرح النهج لابن أبي الحديد، وقد وجدته أخيراً في تاريخ المدينة لابن شبة النميري 763/2، ومناقب عمر لابن الجوزي: 85، وأيضاً في عيون الأخبار 23/4 - 24.
4- في نسخة (ألف) : بين.
5- في تاريخ المدينة : وحرمتني، بدلاً من : وطردتني، وفي شرح النهج : أو حرمتني.
6- في شرح النهج : لما.
7- في نسخة (ألف): حزام. والعجز في بعض المصادر : وما نلت ذنباً إن ذاك حرام. وجاء في شرح النهج بيتان آخران ؛ هما : [ من الطويل ] أإن غنَّتِ الذُّلْفاءُ يَوماً بمُنْيةٍ*** وبعْضُ أماني النِّساءِ غَرام ظننت بي الظَّنَّ الَّذي ليس بعدَهُ*** بقاءٌ فَما لي في النَّدِيِّ كَلامُ
فَأَصْبَحْتُ مَنْفِيّاً عَلَى غَيْرِ رِيبَةٍ (1)*** وقَدْ كَانَ لي بِالمَكَّتَيْنِ مُقامُ
وَمَا ليَ ذَنْبُ غَيْرُ ظَنُّ ظَنَتْتَهُ*** وَفِي بَعضِ تَصْدِيقِ الظُّنُونِ أَثَامُ(2)
ص: 216
1- في نسخة (ألف): رمية.
2- وقد زيد على هذه الأبيات أبيات أُخر كثيرة له ولها، ولا غرض لنا به وبها وبإمامهما... نعم : هناك أبيات مكملة لما هنا أوردها ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 27/12 - 28 عن الأصمعي، وهي : [ من الطويل ] سيمنعني ممّا تَظُنُّ تَكَرُّمي*** و آباءُ صِدْقٍ سالفونَ كِرام ويَمْنَعُها ممّا تَمَنَّتْ صَلاتُها*** وال لها في دينها وصِيامُ فهاتان حالانا فَهَلْ أَنتَ راجع*** فقد جُبَّ مني كاهِلٌ وسَنامُ قال : فقال عمر : أما ولي ولاية [إمارة ] فلا وأقطعه أرضاً بالبصرة وداراً، فلمّا قتل عمر ركب راحلته ولحق بالمدينة.
فلمّا قرأ عمر، قال : أما واللّه ولي سلطان فلا.. فلما قتل عمر رجع إلى المدينة (1)
ص: 217
1- قال أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل 226/1 [ طبعة دمشق ]: بينا عمر يعش ذات ليلة إذ سمع امرأة تقول : [من البسيط ] هل من سبيل إلى خمرٍ فأشربها*** أم هل سَبِيل إلى نصر بن حَجاج فلما أصبح سأل عنه وأحضره - وكان من بني سليم - فإذا هو من أحسن الناس وجهاً وشعراً، فحلقه فازداد حسناً، فأمره أن يعتم، ففعل ذلك فازداد حسناً، فقال عمر : والذي نفسي بيده لا تجامعني في أرض.. فأمر له بما يصلحه وسيره إلى البصرة، فكتب نصر من البصرة إلى عمر بعد حول : [من الطويل ] لعَمْرِي لئن سيَّرْتَنِي وَحَرَمْتَني*** وما نِلْتُ ذَنْباً إنّ ذا لَحرام وما نِلْتُ ذنباً غَيْرَ ظَنِّ ظَنَنْتَهُ*** وفِي بَعْضِ تَصدِيقِ الظُّنُّونِ أَثَامُ وقالت المرأة : [من البسيط ] قُل للإِمَامِ الَّذِي تُخْشَى بَوادِرُهُ*** مالي وللخَمْرِ أَو نَصْرِ بنِ حجاج ؟! إنِّي غَنِيتُ أَبا حَفْصٍ بغَيْرهما*** شُرْبِ الحَليبِ وطَرْفِ فاتر ساج إنَّ الهَوَى زَمَّهُ التَّقْوى فَحَبَّسَهُ*** حتّى أقر بإلجام وإشراح فضرب أهل المدينة المثل بهذه الامرأة : (أصعب من المتمنية)؛ وهي فريعة بنت همام ؛ أُمّ الحجاج بن يوسف، وقالوا : جدّته، وكانت حين عشقت نصر تحت المغيرة بن شعبة ! ولاحظ بقية كلامه في هامش كتاب جمهرة النسب 97/2 - 98، وقد فصلها في كتاب الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 233/3. وقد ذكر شيخنا المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 20/31 - 26 (باب 14 - الطعن الرابع عشر) هذه البدعة - أعني تغريب نصر بن الحجاج، وأبي ذؤيب - من غير ذنب من المدينة. ورواه عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 28/12 – 30 عن محمّد بن سعيد، وفيه : بينا يطوف عمر في بعض سكك المدينة إذ سمع امرأة تهتف من خدرها ثمّ ذكر أربعة أبيات، أولها ما جاء في حلية الأولياء وغيره - وهو المشهور - والثلاثة هي : [من البسيط ] إلى فتى ماجِدِ الأَعْراقِ مُقْتَبلٍ*** سَهْلِ المُحيَّا، كَرِيمٍ غَيْرِ مِلْجاحِ تَنْمِيهِ أَعراقُ صِدْقٍ حِينَ تَنْسُبُه*** أَخِي قِدَاحٍ عَنِ المَكْرُوبِ فَرَّاجِ سامِي النَّواظِرِ مِنْ بَهْزِلَهُ قِدَمٌ*** تُضِيءُ صُورَتُهُ في الحالِكِ الدَّاجي فقال عمر : ألا لا أرى معي رجلاً تهتف به العواتق في خدورهنّ.. عليّ بنصر بن حجاج.. فأتي به، فإذا هو أحسن الناس وجهاً وعيناً وشعراً، فأمر بشعره فجر ! فخرجت له وجنتان كأنّه القمر، فأمر أن يعتم.. فاعتم، ففتن النساء بعينيه. فقال عمر : لا واللّه لا تساكنني بأرض أنا بها، فقال : ولم يا أمير المؤمنين ؟ ! فقال : هو ما أقول لك.. فسيّره إلى البصرة.. وللقصة تتمة، والمرأة هي أُمّ الحجاج الفارعة بنت همام بن عروة بن مسعود الثقفي.. وقد دست له الأبيات التالية.
وذكر المبرد في الكامل(1)، أنّه حلق رأس نصر بن الحجاج ثمّ نفاه..
وفيه يقول : [ من الطويل ]
قَضَى (2) إِبْنُ خَطَّابِ عَلَيَّ بِجُمَّةٍ (3) إذا رُجِّلَتْ (4) تَهْتَزُّ هَزَّ (5) السَّلاسِلِ
فَصَلَّعَ رأساً لم يُصَلِّعَهُ رَبُّهُ*** يَرفُ رَفِيفاً (6) بَعْدَ أسْوَدَ جاثِل (7)
ص: 219
1- الكامل للمبرد 343/1 - 344 [ الطبعة المحقّقة 130/2، وفي طبعة 176/2] قال: .. فحلق رأسه ؛ وكان عمر أصلعاً لم يبق من شعره إلّا حفاف.. وفي شرح النهج : فلما حلق وفرة نصر بن الحجّاج.. قال نصر - وكان شاعراً.. وعن المبرد محمّد بن يزيد الثمالي، روى ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 28/12. ولاحظ : تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 27/62.
2- في المصدر : لضنّ، وفي شرح النهج : تضنّ.
3- في نسختي الأصل : نجمة، مع تشويش في الإعجام.
4- في نسختي الأصل : رحلت.
5- في نسختي الأصل : تهتزهن.
6- في نسخة (ألف) : برز رفقاً، وفي نسخة (ب): رقيقاً.
7- في نسختي الأصل: حامل. والجاثل : الكثير من الشعر، كما في الصحاح 1651/4.
لَقَدْ حَسَدَ الفُرْعَانَ(1) أَصْلَعُ لَم يَكُنْ*** إذا ما مَشَى بالفرع (2) بِالمُتَخَابِل (3)
قال الوليد بن سعد، وإبراهيم بن سعيد الجوهري : سمع الثاني قوماً يقولون : أبو ذُؤَيب أحسن أهل المدينة.. فدعاه وقال : أنت ذئبهنّ(4) العمري فاخرج عن المدينة.
فقال : يا ثاني! إن كنت مخرجي.. فإلى (5) البصرة، حيث أخرجت ابن عمي (6) نصر بن الحجّاج.. فأخرجه إلى البصرة (7).
ص: 220
1- الفرعان : جمع أفرع، وهو الوافي الشعر، كما في الفائق للزمخشري 23/3، والنهاية لابن الأثير 437/3، ولسان العرب 249/8.. وغيرها. ولاحظ : تاج العروس 277/11.
2- الكلمة مشوشة وغير منقوطة في نسختي الأصل، قد تقرأ: بالفرج أو العرج، وما هنا من الكامل.
3- أي بالذي يختال بالفرع.
4- في نسختي الأصل : زنبهن، وهي مصحفة عن المثبت عن البحار، وفي شرح نهج البلاغة : ذئبها.
5- كذا استظهاراً ؛ وفي نسختي الأصل : فقال.. ولا يتمّ المعنى بها.
6- في نسختي الأصل : عمر، وهو مصحف : عمي.
7- أنساب الأشراف 335/10، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 30/12 - 31، وعنه في بحار الأنوار 24/31 (الطعن الرابع عشر).
الماوردي في أعلام النبوة (1): أنّه قتل (2) أم فروة الأنصارية (3) - في أيام [عمر ] (4) - غلام وجارية [لها]، فصلبهما عمر، وكانا أوّل عمر، وكانا أوّل من صُلب في الإسلام (5)و
ص: 221
1- أعلام النبوة للماوردي : 124 مع اختلاف في الألفاظ.
2- كذا ؛ والظاهر : قتل.
3- القصة هنا محرفة ومخرومة جداً، وحاصلها أن أُمّ ورقة [خ. ل : روقة ] بنت [عبد البر ابن الحارث ] الأنصارية، وقيل : بنت عبد اللّه بن الحارث بن عويمر - التي كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يزورها ويسميها : الشهيدة كان لها غلام وجارية فدبّر تهما.. وفي الحديث أنّ الغلام والجارية قاما إليها في الليل فغمّاها بقطيفة لها حتّى ماتت وذهبا، فأصبح عمر فقام في الناس، فقال: من عنده من علم هذين أو من رآهما فليجيء بهما.. فوجدا.. فأمر بهما فصلبهما، وكانا أوّل مصلوبين بالمدينة. ومثله في السنن الكبرى 130/3، والمصنّف لابن أبي شيبة 339/8 برقم 118، ومسند ابن راهويه 235/5، والمعجم الكبير للطبراني 135/25، والطبقات الكبرى لابن سعد 457/8.. وغيرها. وقيل : هي ابنة أبي قحافة أُخت أبي بكر.. وقيل : من قال إنّها أنصارية فقد وهم..! وعلى كلّ ؛ لا أعلم ما ربط القصة بما نحن فيه، ولعلّ ما ورد من الصلب فهو ظلم ؛ إذ أن القاتل حكمه القتل لا الصلب..
4- هنا في نسختي الأصل بياض، وما بين المعكوفين مزيد من المصدر.
5- كذا؛ والظاهر أنّهما أوّل من صلبا في المدينة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، إذ أنّه قد قيل: إنّ أوّل من صلب هو من أراد قتل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأطلعه اللّه على ذلك فأمر به فصلب، كما في المصنّف لابن أبي شيبة 329/8 برقم 34، وكذا في كنز العمّال 329/8 394/12 برقم 35423، السنن الكبرى للبيهقي 130/3، والطبقات الكبرى 457/8.. وغيرها. قاله محمّد بن إسماعيل الكحلاني في سبل السلام 35/2.. وغيره كثير.
و [ روی ] محمّد بن إسحاق : أنّ (1) جعدة بن عبد اللّه السلمي ضربه زُرَيْق (2) وغربه إلى الشام بتهمة (3)؛ فكلّم فيه.. فأذن له، فقدم من الشام ولم يأذن له أن يدخل المدينة، ثمّ أذن له أن يجمع (4)، فكان إذا رآه يوم الجمعة توعده،
فقال جعدة [شعر ](5) : [ من الوافر ]
أكُلَّ الدَّهرِ جَعْدَةُ مُسْتَحِقُّ*** - أَبَا حَفْصٍ ! - لَشَتْمٍ أَو وَعِيدِ ؟!
فَمَا أَنَا بِالبَرِيءِ بَرَاهُ (6) عُذْرٍ*** وَلَا بِالخَالِعِ الرَّسَنِ الشَّرودِ
ص: 222
1- في نسختي الأصل : بن.
2- هذا من الرموز التي قرّرها المصنف (رَحمهُ اللّه) في مدخل كتابه هذا عن أبي بكر، وهنا يراد منه عمر بن الخطّاب. انظر : الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 253/2 و 265 - 268.
3- في نسختي الأصل : يتهمه.
4- أي يحضر صلاة الجمعة أو الجماعة يوم الجمعة، وكأنّه مال عن نظره السابق.
5- فراغ في نسختي الأصل : احتملنا ما أثبتنا.
6- العبارة مشوشة جداً في نسختي الأصل، وقد تقرأ : لمّا أتى البري براءة، وما أثبتناه من الأنساب ولسان العرب.
فأذن له أن يدخل الجمعة مرتين ! (1)
وفي حديث جراد بن طارق (2) : أنّه رأى امرأة ولدت صبياً، قال : ما شأنكِ ؟ قالت : ضربني المخاض في هذه السوق.. فولدت. فقال : أشعر (3) بك(4) أهل هذه الدار ؟ قالت : لا، قال : أما إنّي (5) لو علمتهم شعروا بكِ، ثمّ لم ينفعوك بشيء فعلت (6) يهم.. كذا وكذا ! ثمّ أمر لها بشربة (7).
وجاءه قوم يشكون عامله؛ فأعرض عنهم وتعنّت عليهم من الشرائع، فجاؤوا
ص: 223
1- الظاهر أنّ المصنف (رَحمهُ اللّه) أخذ الخبر من أنساب الأشراف 336/10، وكذا جاء مختصراً في تاريخ المدينة لابن شبة 761/2، ولسان العرب 18/4.. وغيرهما.
2- تقرأ في نسختي الأصل مراد بن طارق، والصحيح ما أثبتناه، كما جاء في كتب الرجال والتاريخ.
3- في المصادر : هل شعر.
4- في نسخة (ألف) : أشعرتك.
5- في نسختي الأصل أطاني، ولا معنى لها، ويمكن قراءتها في نسخة (ب) بمثل ما في المتن مع تكلّف، وفي المصادر : وقال : ما ضيّع اللّه أهل هذه الدار، أما أنّي لو علمت أنهم..
6- في السنن الكبرى : لحرّقت عليهم.
7- القصة مفصلة وهنا مختصرة؛ بل مخرومة، وحاصلها : أنّ الراوي يقول : أقبلت مع عمر من صلاة الغداة حتّى إذا كان في السوق سمع صوت صبي مولود يبكي.. انظرها مفصلة في السنن الكبرى للبيهقي 201/6، وكنز العمّال للهندي 647/12، وجاء الذيل في الأخير : ثمّ دعا لها بشربة سويق ملتوتة بسمن.
مرة أُخرى، فقال : اخرجوا وإلا حززت رؤوسكم ! (1)
وفي تفسير الكشاف (2)، عن الزمخشري : أنّ امرأة نشزت على زوجها، فرفعت (3) إلى عمر، فأباتها في بيت الزبل ثلاث ليال.. القصة.
وذكر الحريري البصري في درّة الغوّاص (4)، وأبو عبيد في غريب الحديث (5): أنّ عمر كان ينشّ (6) معاشر الناس بعد العشاء بالدرّة، ويقول : انصرفوا إلى بيوتكم !
ص: 224
1- انظر : الفائق للزمخشري 34/4 في ضربه لمن شكا من عامله.
2- تفسير الكشاف 367/1. وأورده ابن جرير الطبري في جامع البيان 638/2 حديث 3842 بألفاظ مقاربة، ومثله في تفسير ابن كثير 282/1.. وغيرهما من التفاسير.
3- في نسخة (ألف) : فوقعت.
4- درّة الغواص في أوهام الخواص : 158. وانظر: النهاية لابن الأثير 5 / 128 - 129.
5- غريب الحديث 309/3، وقد جاء في الفائق للزمخشري 426/3 [ وفي طبعة 292/3] أنّه : كان ينس [أي يتناول أو يسوق ] الناس بعد العشاء بالدرّة، ويقول : انصرفوا إلى بيوتكم..!
6- أورده ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 137/12 عن النهاية لابن الأثير 145/4، ثمّ قال : هكذا روي بالشين المعجمة، وقيل : إنّ الصحيح : ينس - بالسين المهملة - والأظهر أنّه ينوش الناس - بالواو - من التناوش، قال تعالى: ﴿وَأَنِّى لَهُمُ التَناوُش..) [ سورة سبأ (34) : 52].
ومن رواه بالسين عنى به يسوقهم، ومنه المنسأة، ومن رواه بالشين من قوله: (وَأَنَّى لَهُمُ التَناوُشُ..) (1).
وفي كتاب العقد (2) أنّه قال : أيها الناس من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت
ص: 225
1- سورة سبأ (34): 52. والعبارة كلّها للحريري في درة الغوّاص.
2- العقد الفريد 132/2، ولا يوجد بعض ما هنا حيث أسقطت بعض الكلمات، ولعله كتاب عقد آخر، أو حرّف ما هو مطبوع منه. نعم تجده - مع اختلاف يسير - في المعجم الأوسط للطبراني 127/4 - 128. أقول : لقد ورد هذا في خطبة له في الجابية، وله مصادر جمة، وجاء بألفاظ مقاربة، كما في كتاب الأموال لأبي عبيد : 223، والسنن الكبرى للبيهقي 210/6، والمستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري 271/3 - 272، ومجمع الزوائد للهيثمي 135/1 والمصنّف لابن أبي شيبة 325/7 و 620، ومعجم البلدان للحموي 33/3، وسير أعلام النبلاء 394/1، وتذكرة الحفاظ 20/1 كلاهما للذهبي، والمعجم الأوسط للطبراني 127/4، وكنز العمال للهندي 556/4 برقم 11638، وتفسير القرطبي،20/18، تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 310/7.. وغيرها. وقد حكاه في هامش بحار الأنوار [ 705/30] عن البيهقي في السنن الكبرى 210/6، وابن الجوزي في سيرة عمر : 87. ثمّ قال محقق بحار الأنوار - زاد اللّه توفيقاته وأخذه بيده - في هامشه : فهذا المدعي خلافة اللّه ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على أُمته في شرعه ودينه وكتابه وسنته وفرائضه وعلومه فاقد لهاتيك العلوم بإقراره ! وما هو إلّا خازن مال، فعلام يا ترى هذه الخلافة ؟ ! وأمامه رجل قال : «سلوني قبل أن تفقدوني». انظر ما ذكره شيخنا العلامة الأميني قدس اللّه روحه الطاهرة في الغدير 361/5 - 362، و 191/6، و 64/8.. وغيره.
أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأ تني.. فإنّ اللّه جعلني له خازناً وقاسماً !! (1) إنّي بادئ (2) بأزواج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأعطيتهن (3)، ثمّ المهاجرين الأولين [الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم ] (4) أنا وأصحابي، ثمّ الأنصار الذين تبوءوا الدار [والإيمان من قبلهم ](5)، ثمّ من أسرع إلى الهجرة أسرع إليه العطاء، ومن أبطأ عن الهجرة وأبطأ (6) عنه العطاء، فلا يلومن رجل إلّا مناخ راحلته (7).
ص: 226
1- في المعجم الأوسط : جعلني له والياً وقاسماً، ثمّ قال : أبدأ فيه بأزواج النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
2- تقرأ في نسختي الأصل: أنادي، أو أبادئ، وما أثبتناه جاء في المصادر.
3- في المصادر : فمعطيهنّ.
4- هذه الزيادة من العقد.
5- ما بين المعكوفين مزيد من المصدر.
6- في نسختي الأصل : وبطأ، والمثبت عن المصادر.
7- إلى هنا في المعجم الأوسط للطبراني 127/4 وأسنده، ومثله في تاريخ مدينة دمشق 310/7. راجع : مسند أحمد بن حنبل 475/3، والأموال لأبي عبيد : 286، والسنن الكبرى للبيهقي،349/6، ونيل الأوطار للشوكاني 235/8.. وغيرها.
إنِّي قد بقيت (1) فيكم بعد صاحبي فابتليتم بي (2)، وإنّي لم (3) يحضرني (4) منأُموركم شيء فأكِلَهُ إلى غير أهل الخير والأمانة.. فلئن أحسنوا لأُحسن (5) إليهم، ولئن أساؤوا لأنكلن بهم (6).
ص: 227
1- الكلمة مشوشة، أثبتنا منها ما استظهرناه، وفي نسختي الأصل : معيت.
2- في العقد : فابتليت بكم وابتليتم بي.
3- في العقد : لن، بدلاً من : لم.
4- هذا استظهار من الكلمة، وقد يستفاد من نسخة (ألف) بتكلف، وفي نسخة (ب): - يتحضرني - بدون تنقيط...
5- في المصدر : لأحسنن.
6- الظاهر أنّ ما هنا خلط بين عدة نصوص وخطب منقولة عن الخليفة، منها : خطبة عمر في الليلة التي دفن فيها أبو بكر ؛ كما أوردها ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 31/12.. وغيره. وقد جاء فيها كما في كنز العمّال 5 /683 - 684 حديث 11185 - :.. فقد ابتليت بكم وابتليتم بي، وخلفت فيكم بعد صاحبي، فمن كان بحضرتنا باشرناه بأنفسنا ومهما غاب عنا، ولينا أهل القوة والأمانة، فمن يحسن نزده حسناً، ومن يسىء نعاقبه.. ومثله الحديث الذي بعده، حيث في ذيله : ولئن أساؤوا لأُنكلن بهم. انظر: تاريخ الخلفاء للسيوطي : 143، الرياض النضرة 404/1، تاريخ المدينة لابن شبة 674/2، تاريخ مدينة دمشق 263/44، الطبقات الكبرى لابن سعد 3 / 274 - 275 إذ فيه عدة أحاديث بأسانيد مختلفة. وجاءت بألفاظ أُخر في المعجم الأوسط للطبراني 127/4.. وغيره وعلى كلّ ؛ فلعلها خطبة واحدة، وهي التي كانت في الجابية، وقد قطعت في المصادر السالفة، وجاءت فيها بألفاظ مقاربة، فراجعها.
.. ومن يحصي مثل هذه الخرافات عنه.. ؟ !
وهذا هو الذي يقولون [عنه]: أعدل من فلان..!
ومصادراته لعماله وثقاته من الحكم بغير ما أنزل اللّه تعالى.. مثل ما ذكره الزمخشري في الفائق (1) أنّه : استعمل أبا هريرة على البحرين، فلما قدم عليه قال له : يا عدو اللّه وعدوّ رسوله ! سرقت من مال اللّه ؟! فقال : لست بعدوّ اللّه ولا عدوّ رسوله، ولكنّي عدوّ من عاداهما، وما سرقت شيئاً (2)، ولكنها سهام اجتمعت ونتاج خيل.. فأخذ منه عشرة آلاف درهم فألقاها في بيت المال(3).
قال : [ ثمّ ] إنّه دعا [ه] إلى العمل فأبى [فقال عمر : فإنّ يوسف قد سأل العمل ! فقال : إن يوسف مني بريء وأنا منه براء، وأخاف ثلاثاً واثنتين. قال : أفلا تقول
ص: 228
1- الفائق 102/1 [ وفي طبعة 91/1]، ومثله في غيره، كما في فتوح البلدان : 93. وحكاه عنه الفضل بن شاذان النيشابوري (رَحمهُ اللّه) في الإيضاح : 537. وراجع : كتاب الأموال لأبي عبيد : 269، والغدير 271/6، و346/8.. وغيرهما، كما وقد جاء : عدو اللّه وعدو رسوله.. وعدو اللّه وعدو كتابه.. انظره في صفحة : 528 و 529 من المجلد الثاني من الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار.
2- لا توجد عبارة: وما سرقت شيئاً.. في المصدر والإيضاح [ في الإيضاح : ما سرقت ] الناقل عنه، ولعلّها سقطت منه.
3- إلى هنا ما نقله في الإيضاح.
خمساً ؟ !] وقال : أخاف أن أقول بغير حكم، وأقضي بغير علم، وأخاف أن يضرب ظهري، وأن يُشتم عرضي، وأن يُؤخذ (1) مالي (2)
وفي العقد (3) عن الأندلسي، والفائق (4) عن الزمخشري أنّه : دعا أباهريرة فقال له : هل علمت [ من حين ] أنّي استعملتك على البحرين فأنت بلا نعلين - ثمّ بلغني أنّك بعت (5) أفراساً بألف دينار وستمائة دينار ؟ !
ص: 229
1- في نسختي الأصل: تؤخذ.
2- وباختلاف وزيادة في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 113/3، وقال: وهو أوّل من قاسم العمّال وشاطرهم أموالهم، وحكاه في الغدير 271/6 - 272. وقد جاء الذيل في مستدرك الحاكم 347/2، وقال : هذا حديث بإسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وتاريخ مدينة دمشق 370/67، وسير أعلام النبلاء 612/2.. وغيرها. وقد ذكره ابن كثير في البداية والنهاية 119/8 بإسناد آخر.
3- العقد الفريد 45/1 - 46، باختلاف يسير أشرنا لبعضه أو أدرجناه في ذيله، ولاحظ الصفحة التي تليها.
4- الفائق ؛ وقد سبرناه - ولم نعتمد على فهارسه - أكثر من مرّة فلم نجد في المطبوع منه سوى ما سلف أوّلاً، فراجع. ومثله في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 42/12 قال : كان عمر يصادر خونة العمّال، فصادر أبا موسى الأشعري - وكان عامله على البصرة - وقال له : بلغني أنّ لك جاريتين...وأعاده بعد المصادرة إلى عمله ! وصادر أبا هريرة وأغلظ عليه. ولاحظ : الإصابة 75/1.. وغيرها.
5- في العقد : ابتعت.
قال : كانت لي أفراس تناتجت(1)، وحطيطة (2) تلاحقت.
قال : حسبت (3) لك رزقك ومؤونتك، وهذا فضل.. فأدّه. قال : ليس ذلك لك. قال : بلى [واللّه ] ! وأوجع ظهرك.. ثمّ قام (4) إليه بالدرّة، فضربه حتّى أدماه، ثمّ قال : إيت بها، [فلمّا أحضرها ] (5) قال : أحتسبها (6) عند اللّه. قال : ذاك لو أخذتها من حلال وأديتها طائعاً، أجبيت (7) من أقصى حجر البحرين فيجبي الناس لك.. لا اللّه (8) ولا المسلمين (9).
ص: 230
1- في نسختي الأصل : شاحت، وهي مصحفة عن المثبت في العقد وشرح النهج. أقول : قال الزبيدي في تاج العروس 513/6 :.. والشيحان - أيضاً - : الفرس الشديد النفس، وناقة شيحانة : أي سريعة.. ثمّ قال في صفحة : 515: والمشيح: الجادّ المسرع.
2- كذا ؛ وفي شرح النهج والعقد : عطايا. قال الزبيدي في تاج العروس 202/19: والحطيطة : ما يحطّ من الثمن، فينقص منه، اسم من الحطّ، والجمع : الحطائط، وهو مجاز..
3- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، أثبتنا ما استظهرناه وهو موافق للمصادر.
4- في نسختي الأصل : قال.. ولا معنى لها.
5- المثبت بين المعكوفين في شرح النهج.
6- في العقد : احتسبتها.
7- الكلمة مشوشة وغير منقوطة في نسختي الأصل، ووجدنا في المصدر : أجئت.
8- في نسختي الأصل : واللّه، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
9- في شرح النهج : أما واللّه ؛ ما رجت فيك أُميمة أن تجبي أموال هجر واليمامة وأقصى البحرين لنفسك - لا اللّه - ولا للمسلمين، ولم ترج فيك أكثر من رعية الحمر.. وعزله.. ثمّ ذكر جملة من عماله الذين صادر أموالهم كالحارث بن وهب، وعمرو بن العاص.. وغيرهما. ونقله عنه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 9/3 مختصراً. وحكاه عنه محمّد طاهر القمّي الشيرازي (رَحمهُ اللّه) في كتاب الأربعين : 540. وانظر ما ذكره العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في نوادر الأثر في علم عمر من غديره 271/6 - 277 في اجتهاد عمر في تشطير أموال عماله، قال : وهو أوّل من قاسم العمّال وشاطرهم أموالهم.. وعدّ منهم واحداً وعشرين، ناقلاً ذلك عن عدة مصادر. وجاء أيضاً في صبح الأعشى 386/6، وجمهرة رسائل العرب 204/1.. وغيرهما. وقد جاءت جملة من هذه المنقولات في كتاب إفحام الأعداء والخصوم للسيد الهندي (رَحمهُ اللّه) : 64...فلاحظها.
قال صاحب العقد (1): كتب عمر إلى عمرو بن العاص :.. بلغني أنّه فَشَتْ (2) لك فاشية من خيل، وإبل، وبقر، وعبيد.. [ وعهدي بك قبل ذلك أن لا مال لك ] فمن أين لك هذا ؟ (3)
ص: 231
1- العقد الفريد 45/1 - 46 [ وفي طبعة 16/1] بتصرف واختصار ونقل بالمعنى. وراجع : صبح الأعشى 468/6، ومآثر الإنافة 280/3.. وغيرهما.
2- في نسختي الأصل : فست، وفي العقد : أنك فشت. ومثله جاء مع خالد بن الوليد، كما ذكره ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 263/16، و 95/26.. وأكثر من مورد فيها، وكذا ابن الأثير في أسد الغابة 85/3، والذهبي في سير أعلام النبلاء 379/1.. وغيرهم.
3- في العقد : فاكتب إلي من أين أصل هذا المال، ولا تكتمه..
فأجاب عمرو : [.. أما بعد : فإنّه أتاني كتاب أمير المؤمنين يذكر فيه ما فشا لي، وأنّه يعرفني قبل ذلك لا مال لي، وإنّي أعلم أميرالمؤمنين إنّي بأرض السعر فيه رخيص، و ] (1) إنّي أعالج من [ الحرفة و ] الزراعة ما لا يعالجه الناس(2)، و[ليس ] في رزق أمير (3) المؤمنين سعة.. (4)
فبعث إليه محمّد بن مسلمة فشاطره (5) ماله بأجمعه حتّى بقيت نعلاه، فأخذ إحداهما وترك الأخرى، فغضب عمرو بن العاص فقال : [ يا محمّد بن مسلمة ! ] قبح اللّه زماناً عمل فيه عمرو بن العاص لعمر بن الخطّاب ! و [ اللّه ] إنّي لأعرف الخطاب يحمل على رأسه حزمة (6) من حطب وعلى [ابنه ](7) مثلها، وما منهما [ إلّا في نَمِرَةٍ.. لا تبلغ رُسْغَيْه ] (8)، واللّه ما كان العاص [بن ] وائل يرضى أن يلبس
ص: 232
1- ما جاء بين المعكوفين مزيد من المصدر، ولا يتمّ الكلام والمعنى إلّا به.
2- لا توجد (لا) في المصدر، وفيه : ما يعالجه أهله.
3- في نسختي الأصل : فغير، بدلاً من : أمير.
4- قال في العقد 45/1 بعد ذلك : واللّه لو رأيت خيانتك حلالاً ما خنتك، فأقصر أيها الرجل، فإنّ لنا أحساباً هي خير من العمل لك، إن رجعنا إليها عشنا بها.. إلى آخره، ولاحظ : فتوح البلدان للبلاذري : 219 [ طبعة أروبا، وفي طبعة أُخرى 258/1 ].. وغيرها.
5- في نسختي الأصل : فناظره.. ولا معنى مناسباً لها، وما في المتن أثبتناه من المصدر.
6- في نسخة (ب) : حزقة، وفي نسخة (ألف): حرقة.
7- المزيد بين المعكوفين من المصدر، وفي بعض المصادر: إذنه..
8- هنا بياض بمقدار عدة كلمات، وما أثبتناه بين المعكوفين جاء في المصدر.
الديباج مزوّراً بالذهب والفضة (1)..
وقال صاحب العقد (2) : [ عزل عمر (3) أبا ] موسى الأشعري عن البصرة وشاطره ماله، وعزل الحارث بن [كعب بن ] وهب وشاطره ماله.
وقال(4) : زار أبوسفيان معاوية بالشام، فلما رجع من عنده دخل على (5) عمر : فقال له : أجزنا أباسفيان (6). فقال : قد أصبنا شيئاً فنحدّثك (7)، فأخذ عمر خاتمه فبعث به إلى هند.. وقال للرسول : قُل لها : يقول لك أبوسفيان: انظري [إلى ] الخُرجَين اللذين جئت بهما فأحضريهما...!
ص: 233
1- أورد القصة مفصلة ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 1 / 174 - 175 [57/1 من طبعة ذات أربعة مجلدات ]. وفيه : لعن اللّه زماناً صرت فيه عاملاً لعمر.. واللّه لقد رأيت عمر واباه على كلّ واحد منهما قطوانية لا تجاوز مأبض ركبتيه، وعلى عنقه حزمة حطب، والعاص بن وائل في مزررات الديباج.. ! راجع: الإمتاع والمؤانسة 270/1، ونثر الدر 63/2، والأوائل للعسكري : 172.. وغيرها.
2- العقد الفريد 44/1[153/1].
3- الكلمات في نسختي الأصل مشوشة جدّاً، تقرأ : عن أبله، وما هنا أُخذ من العقد.
4- العقد الفريد 47/1، وجاء في الغدير 273/6.
5- في نسختي الأصل إلى، والصحيح ما أثبتناه من المصدر.
6- في نسختي الأصل : آخذ يا أبا سفيان..
7- في المصدر : قال : ما أصبنا شيئاً فنجيزك منه، وفي الغدير : به.
فلم يلبث عمر إلى أن أُتي بخرجين فيهما عشرة آلاف درهم، فألقاهما عمر في بيت المال، فلما ولي عثمان ردّه-[-ما ] عليه، وقال: ما كنت آخذ مالاً عابه عليّ عمر. (1)
ص: 234
1- في نسختي الأصل : آخذه إلّا غابة على عمر. أقول : قال العلّامة الأميني طاب ثراه في غديره 80/8 - 81.. عن درّة عمر : لعلّ درته لم يسلم من خفقتها إلّا القلائل من كبار الصحابة، وكانت الدرة في يده على الدوام أنّى سار، وكان الناس يهابونها أكثر ممّا تخيفهم السيوف. وكان يقول : أصبحت أضرب الناس ليس فوقي أحد إلّا ربّ العالمين، فقيل بعده : لدرّة عمر أهيب من سيف الحجاج ! انظر : محاضرة السكتواري : 169.. وغيره. ثم قال (رَحمهُ اللّه): فما وجه الشبه بين عصا نبي معصوم وبين درّة إنسان لم يسلم منها إلّا القلائل من كبار الصحابة ؟ ! أهي تشبهها حين ضرب صاحبها النساء الباكيات على بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وأخذ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بيده، وقال : «مه يا عمر!»، كما في الغدير 159/6 [ الطبعة الثانية ]. أم حين ضرب تميم الداري لإتيانه الصلاة بعد العصر وهي سنة ! كما في الغدير 183/6. أم حين ضرب المنكدر وزيد الجهني.. وآخرين للصلاة بعد العصر ! كما في الغدير 184/6. أم حين ضرب في المجزرة كلّ من اشترى اللحم لأهله يومين متتابعين ؟ ! كما في الغدير 267/6. أم حين ضرب رجلاً أتى بيت المقدس وإتيانه سنّة ! كما في الغدير 278/6. أم حين ضرب الصائمين في رجب.. وصومه سنة مؤكدة كما في الغدير 282/6. أم حين ضرب سائلاً عن آية من القرآن لا يعرف مغزاها ! كما في الغدير 290/6. أم حين ضرب مسلماً أصاب كتاباً فيه العلم ! كما في الغدير 298/6. أم حين ضرب مسلماً اقتنى كتاباً لدانيال ! كما في الغدير 298/6. أم حين ضرب من كنّي ب- : أبي عيسى ! كما في الغدير 308/6. أم حين ضرب سيد ربيعة من غير ذنب أتى به ! كما في الغدير 157/6. أم حين ضرب معاوية من دون أن يقترف إثماً ! كما في تاريخ ابن كثير 125/8. أم حين ضرب أبا هريرة لابتياعه أفراساً من ماله ! كما في الغدير 271/6. أم حين ضرب من صام دهراً ! كما في الغدير 322/6. أم حين حين ضرب النساء الباكيات على خالد حتّى خمار بعضهنّ، كما قاله الصنعاني المصنّف 557/3، والهندي في كنز العمّال 730/15.. وغيرهما. أم حين خفق من كان بالسوق كي يفتح له الطريق، كما قاله ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة 99/12. أم حين على سعيد بن عامر عامله على جند حمص لبطئه في الخراج، كما قاله الهندي في كنز العمّال 552/4. أم عند عند رفض أنس بن مالك لكتابه، فعلاه بالدرّة، كما في الطبقات الكبرى لا بن سعد 120/7.. إلى غير ذلك من مواقف لا تحصى. أم حين ضرب أم فروة بنت أبي قحافة أخت أبي بكر لنوحها على أخيها، كما في تاريخ الطبرى 614/2، الغدير 161/6.. وغيره وقد سلف. وكذا لاحظ ما جاء في تاريخ دمشق لابن عساكر 115/59، ومثله ما فعله مع الجارود العبدي؛ كي يذله ويصغره، كما جاء في شرح النهج لابن أبي الحديد 18 / 233، وكنز العمال 809/3 برقم 883، والفائق للزمخشري 70/3 بعنوان : عم يضرب سلمة.. وغيرها. أقول : قد تكون هذه الدّرة نعمة : كما في قولة أبي هريرة - كما فيما رواه في العلل لابن حنبل 208/3 - أنا كنت أحدثكم بهذه الأحاديث في عهد عمر إذاً لألفيت الدرة على ظهري، بل قال القلقشندي في صبح الأعشى 425/5: وأوّل من قام بهذا الأمر ووضع الدرة عمر بن الخطّاب في خلافته.
فأى هؤلاء كان على الحق ؟!!
وذكر الطبري في التاريخ (1)، وابن عبد ربه في العقد (2)، وابن مسكويه في تجارب الأُمم(3)، أنّه لما استخلف عمر كان أوّل ما تكلّم به عزل خالد بن الوليد (4)، [فقال : لا يلي لي عملاً أبداً]، وكتب إلى أبي عبيدة بتأميره عليه، وقال
ص: 236
1- تاريخ الطبري 436/3 - 437 [ وفي طبعة الأعلمي بيروت 624/2] بتصرف أشرنا لأكثره، ولاحظ الصفحات السالفة أيضاً منه
2- العقد الفريد لابن عبد ربِّه، ولم أجده في المطبوع.
3- تجارب الأمم 181 - 182، من دون بعض الزيادات التي بين المعكوفين، والتي أوردناها من تاريخ الطبري، وكأنّ المصنّف طاب ثراه أخذ المتن من ابن مسكويه، وباختلاف ومصادر أُخر في الغدير 274/6.
4- من إمارته في حمص في سنة سبع عشرة؛ بل أقامه للناس وعقله بعمامته، ونزع قلنسوته عن رأسه، وقال : أعلمني من أين لك هذا المال ؟ وذلك أنّه أجاز الأشعث بن قيس لعشرة آلاف درهم.. إلى آخره، كما حكاه ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغه 179/2 - 180.
[له]: ادع خالداً، فإن أكذب نفسه في حديث تكلّم به فخالد هو أمير على ما هو عليه، وإن لم يُكْذِب نفسه فأنت الأمير [على ما هو عليه ].. ثمّ انزع عمامته [عن رأسه ] وقاسمه ماله نصفين..
فلما ذكر ذلك أبو عبيدة [قال: أنظرني أستشر أختي في أمري، ففعل أبو عبيدة، فدخل خالد على أخته فاطمة بنت الوليد - وكانت عند الحارث بن هشام - فذكر لها ذلك، فقالت : واللّه لا يحبّك عمر أبداً، وما يريد إلّا أن تكذب نفسك ثمّ ينزعك.. فقبل رأسها، وقال : صدقتِ واللّه، فتم على أمره، و ] (1) أبى أن يُكذب نفسه، فقام بلال ونزع عمامته من رأسه، وقاسم ماله حتّى بقيت نعلاه.. فأخذ واحدة.. !
قال(2): ولم يكن لخالد مال إلّا عُدّة ورقيق.. فحسب ذلك، فبلغت قيمته ثمانين ألف درهم، فناصفه عمر على ذلك، وأعطاه أربعين ألف درهم، فقيل لعمر : لو رددت على خالد ماله ؟ ! فقال : إنّما أنا تاجر للمسلمين، واللّه لا أردّ[ه]
ص: 237
1- ما بين المعكوفين مزيد من المصدر.
2- أي الطبري في تاريخه 437/3 [ طبعة الأعلمي بيروت 625/2]، ولم نجد هذا الذيل في تجارب الأمم ولا بقية المصادر
عليه أبداً. [فكان عمر يرى أنّه قد اشتفى من خالد حين صنع به ذلك !! ](1)
ص: 238
1- أقول : بلغ عمر أن خالداً أعطى الأشعث بن قيس عشرة آلاف - وقد قصده ابتغاء إحسانه - فأرسل لأبي عبيدة أن يصعد المنبر ويوقف خالداً بين يديه وينزع عمامته وقلنسوته ويقيّده بعمامته ؛ لأنّ العشرة آلاف إن كان دفعها من ماله فهو سرف، وإن كان من مال المسلمين فهي خيانة.. فلما قدم خالد على عمر قال له : من أين هذا اليسار الذي تجيز منه بعشرة آلاف ؟ ! فقال : من الأنفال والسهمان، قال : ما زاد على التسعين ألفاً فهو لك.. ثمّ قوّم أمواله وعروضه وأخذ منه عشرين ألفاً، ثمّ قال له : واللّه إنّك عليّ لكريم، وإنّك لحبيب ولم تعمل لي بعد اليوم على شيء.. وكتب إلى الأمصار: إنّي لم أعزل خالداً عن مبخلة [سخطة ] ولا خيانة، ولكن الناس فتنوا به فأحببت أن يعلموا أنّ اللّه هو الصانع.. !! قال الحلبي في السيرة النبوية 220/3: وأصل العداوة بين خالد وسيدنا عمر - على ما حكاه الشعبي : - أنهما - وهما غلامان - تصارعا - وكان خالد ابن خال عمر - فكسر ساق عمر، فعولجت و جبرت، ولما ولي سيدنا عمر الخلافة أوّل شيء بدأ به عزل خالد، وقال : لا يلي لي عملاً أبداً.. ومن ثمّ أرسل إلى أبي عبيدة : إن أكذب خالد.. إلى آخره. وذكره ابن كثير في تاريخه 115/7، وكذا أخرج الطبري في تاريخه 437/3 عن سليمان بن يسار، قال : كان عمر كلّما مر بخالد قال : يا خالد ! أخرج مال اللّه من تحت إستك..! فيقول : واللّه ما عندي من مال، فلمّا أكثر عليه عمر، قال له خالد : يا أمير المؤمنين ! ما قيمة ما أصبت في سلطانكم أربعين ألف درهم فقال عمر : قد أخذت ذلك منك بأربعين ألف درهم ! قال : هو لك.. قال : قد أخذته.. إلى آخره. وقد ذكر ابن كثير في تاريخه 115/7 عن محمّد بن سيرين، قال : دخل خالد على عمر - وعليه قميص حرير - فقال عمر : ما هذا يا خالد ؟! فقال : وما بأس يا أمير المؤمنين ؟ ! أليس قد لبسه عبد الرحمن بن عوف ؟ ! فقال : وأنت مثل ابن عوف ؟! ولك مثل ما لابن عوف ؟ ! عزمت على من بالبيت إلّا أخذ كلّ واحد منهم بطائفة ممّا يليه.. ! قال : فمزّقوه حتّى لم يبق منه شيء ! أقول : ذكر البلاذري جمعاً من عمال شاطرهم عمر بن الخطّاب أموالهم حتّى أخذ نعلاً وترك نعلاً ! وهم : أبو بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة الثقفي، ونافع بن الحارث بن كلدة الثقفي أخو أبي بكرة، والحجاج بن عتيك الثقفي، وكان على الفرات، وجزء بن معاوية، عم الأحنف، كان على سرّق، وبشر بن المحتفز، كان على جندي سابور، وابن غلاب خالد بن الحرث من بني دهمان، كان على بيت المال بإصبهان، وعاصم بن قيس بن الصلت السلمي، كان على مناذر، وسمرة بن جندب، كان على سوق الأهواز، والنعمان بن عدي بن نضلة الكعبي، كان على كور دجلة، ومجاشع بن مسعود السلمي؛ صهر بني غزوان، كان على أرض البصرة وصدقاتها، وشبل بن معبد البجلي، ثمّ الأحمسي، كان على قبض المغانم، وأبو مريم ابن محرش الحنفي، كان على رامهرمز.
وكان لا يرضى بمثل هذا الظلم ؛ بل كان يتمنّى أكثر من ذلك..
كما روى الطبري في التاريخ (1)، والتاريخي في كتابه (2):
ص: 239
1- تاريخ الطبري 226/4 [ وفي طبعة 33/5 في ذكر سيرة عمر (باب حمله الدرّة)، وفي الطبعة الأُولى 291/3].
2- لعله ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : ويحتمل كونه ابن عساكر في تاريخه. وقد جاء في تاريخ بغداد 151/3 في ترجمة (محمّد بن عبد الملك أبو بكر السراج) أنّه يعرف ب- : التاريخي، وأنّه لقب بذلك ؛ لأنه كان يعنى بالتواريخ وجمعها، وهو الذي جاء وصفه بالتاريخي في مصادر كثيرة.
عن أبي وائل (1)، قال: قال عمر : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول أموال الأغنياء، فقسمتها على فقراء المهاجرين(2).
ومن غصبه ؛ ما جاء في تاريخ الواقدي(3): أن عمر اعتمر في سنة سبع عشرة وبنى(4) المسجد الحرام ووسع عليه (5)، وأقام بمكة عشرين ليلة، وهدم على قوم
ص: 240
1- في نسخة (ألف): وابل.
2- وأخرجه ابن حزم في المحلّى 158/6، وقال عنه : وهذا إسناد في غاية الصحة والجلالة، ولاحظ : الغدير 370/8. وقد حكى الزمخشري في ربيع الأبرار 249/4 عن عمر أنّه قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما استعملت أحد من الطلقاء.. أقول : لعله أراد ذلك في المستقبل، وإلا فلِمَ لَمْ يعزل أمثال معاوية وأكثر آل بني أُمية ؟ !.. فلعنة اللّه على الكاذبين.
3- لم نعثر على الخبر في كتاب المغازي وكتاب الردة. وجاء في نسخة (ألف) : في تاريخ أنّه قال الواقدي. وقد نص عليه ابن سعد في ترجمة عمر في طبقاته 204/3، والسيوطي في تاريخ الخلفاء : 53، وابن أبي الحديد في شرح النهج 113/3، والدميري في حياة الحيوان في مادة (الديك)، وابن الجوزي في تاريخ عمر : 60، والبلاذري في فتوح البلدان 53/1..
4- كذا في المصادر ؛ وفي نسختي الأصل : وبين.
5- كذا ؛ والظاهر : فيه، كما في بعض المصادر.
[من جيران المسجد ] أبوا أن يبيعوا (1) دورهم، ووضع أثمان دورهم في بيت المال حتى أخذوها [بعد ] (2).
وفيه (3): أنّ عثمان زاد في المسجد الحرام ووسعه، وابتاع من قوم (4) وأبى آخرون، فهدم عليهم ووضع الأثمان في بيت المال، فضجوا (5) بعثمان، فأمر بهم إلى الحبس (6)
ص: 241
1- تقرأ في نسختي الأصل : يدينوا، ولا نعرف لها معنى مناسباً، وما أثبتناه من المصادر.
2- أقول : لقد بادر الخليفة إلى توسعة المسجد النبوي أيضاً وأراد إجبار العبّاس على ذلك - ولو بالإهداء - فأبى عليه، واحتكما إلى أبي بن كعب فحكم على الخليفة وغضب حتّى أخذ بمجامع ثياب أبي بن كعب وقال : جئتك بشيء فجئت بما هو أشدّ منه.. التخرجنّ ممّا قلت...وقيل تحاكما إلى حذيفة بن اليمان، وقد جاءت الواقعة بصور متعدّدة.. لاحظها في تاريخ الطبري 206/4 (قضية توسعة المسجد الحرام)، وفتوح البلدان : 53، وسنن البيهقي 168/6، والدر المنثور 159/4، والكامل لابن الأثير 227/2، وتذكرة الحفاظ للذهبي،7/1، 1ووفاء الوفاء للسمهودي 341/1 - 349.. وغيرها، نقلاً عن الغدير 262/6 - 266.. وغيره.
3- لم نعثر عليه في كتب الواقدي المطبوعة. وأخرج البلاذري في الأنساب 38/5 من طريق مالك، عن الزهري، قال : وسّع عثمان مسجد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فأنفق عليه من ماله عشرة آلاف درهم..! فقال الناس: يوسّع مسجد رسول اللّه ويغيّر سنّته !
4- في نسختي الأصل: قومه، والمثبت عن الطبري.
5- في تاريخ الطبري : فصاحوا.
6- إلى هنا جاء في غالب المصادر، بل جاءت زيادة في بعضها، كما في تاريخ الطبري 251/4 [ طبعة مصر، وفي الطبعة الأُولى 310/3، وفي طبعة أُخرى 274/4] (حوادث سنة 26 ه_)، وتاريخ اليعقوبي 2 / 165 [142/2]، والكامل لابن الأثير 36/3 [ وفي طبعة 87/3]، والمنتظم لابن الجوزي 360/4.. وغيرها. وانظر : الغدير 129/8 - 130، وراجع ما جاء في هامش بحار الأنوار 244/31 (الطعن التاسع عشر).
فقال: أتدرون ما جرّاكم عليّ ؟! ما جرّاكم علي إلّا حلمي، فقد فعل بكم هذا عمر فلم تصيحوا به.. ثمّ كلّمه فيهم عبد اللّه بن خالد بن أسيد فأخرجهم (1).
وفيه (2): أنّه أمر الوليد بن عبد الملك عمر بن عبد العزيز أن يشتري ما في مؤخّر المسجد ونواحيه حتّى يكون مائتي ذراع في مائتي ذراع](3)، ويتخذ (4) الحجرات فيه، ومن أبى منهم فمر أهل المصر فليقوموا [له] قيمة عدل، ثمّ اهدم
ص: 242
1- جاء في فتوح البلدان للبلاذري : 54 - أيضاً - قال : لمّا استخلف عثمان بن عفان ابتاع منازل وسّع المسجد بها، وأخذ منازل أقوام ووضع لهم الأثمان، فضحوا به عند البيت، فقال : إنّما جرّاكم عليّ حلمي عنكم، وليني لكم، لقد فعل بكم عمر مثل هذا فأقررتم ورضيتم.. ثمّ أمر بهم إلى الحبس حتّى كلّمه فيهم عبد اللّه بن خالد بن أسيد ابن أبي العيص فخلّى سبيلهم. وسنرجع لهذا في مثالب خليفتهم الثالث..
2- لم نعثر على الخبر في كتابي الواقدي المطبوعة. انظر : البداية والنهاية،89/9، وجاء - أيضاً - في الكامل 532/4، وكذا في تاريخ الطبري (222/5) (حوادث سنة 88 ه-).. وغيرهما.
3- الزيادة مكرّراً من تاريخي الطبري وابن كثير.
4- كذا ؛ والظاهر : ويدخل.
عليهم وادفع إليهم الأثمان، فإنّ لك في ذلك سلف (1) صدق : عمر وعثمان.. ففعل كما رقم(2).
وقد شُهر إغرامه أنس بن مالك وديعة هلكت من ماله.. فخالف فيها جميع الامة !
ومن خيانته؛ ما رويتم أنّه : أخذ من (3) بيت مال المسلمين ستين ألف درهم قرضاً (4)، وأوصى ابنه عبد اللّه عند موته، وأمره أن لا يُكسر (5) فيها ماله حتّى يؤديها..!! (6)
ص: 243
1- في نسختي الأصل : خلف، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
2- هذا استظهار ؛ والكلمة مطموسة في نسخة (ألف)، ولا نعرف لها معنى مناسباً، ولعلّ المراد : أي كما كتب، فإنّ أمر الوليد كان في كتاب بعثه لابن عبد العزيز.
3- لا توجد (من) في نسخة (ألف).
4- في نسختي الأصل : فترضى، وهي مصحفة عن المثبت.
5- أي لا يقسم.
6- قال الغزالي في إحياء علوم الدين 477/4 : ذكر أن عمر عند موته قال لولده : يا عبد اللّه ! انظر ما عليّ من الدين.. فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفاً ونحوه، فقال : إن وفى به مال آل عمر فأدّه من أموالهم، وإلا فمن بني عدي بن كعب، فإن لم تف موالهم فسل من قريش ولا تَعْدُهُم إلى غيرهم. وجاء في كتاب البخاري 205/4، وسنن البيهقي 286/6، والمصنّف لابن أبي شيبة 576/8.. وغيرها. وانظر : مناقب آل أبي طالب 109/2 [ وفي طبعة قم 149/3].
وما صحّ أنّ عبد اللّه.........(1) وقد قتل عثمان في أقلّ وقد قتل عثمان في أقل من هذا المقدار، وادّعى أنّه استسلفها ؛ فلم يقبلوا منه.
وفي رواية : أنّه أخذ - أيضاً - ستة آلاف درهم.
وروى أبو جعفر ابن قدامة (2) بل أكثر أئمتهم - أنّه قال لعماله (3): إنّما أنا وأنتم في هذا المال كولي اليتيم؛ إن استغنينا [استعففنا ](4)، وإن احتجنا
ص: 244
1- بياض في نسختي الأصل، ولعلّه : وما صح أنّ عبد اللّه أدّاها بعد موت عمر.
2- لم نعرف بالتحديد صاحب العنوان المذكور، ونحتمل كونه أحد هؤلاء المذكورين في كتب التراجم، وهم : الكاتب الأديب: جعفر بن قدامة بن زياد، وله مصنّفات في صنعة الكتابة.. وغيرها، وكنيته : أبو القاسم. ومنهم : الكاتب أبو الفرج قدامة بن جعفر بن قدامة، الذي يضرب به المثل في البلاغة، ومن كتبه : السياسة، وزهر الربيع في الأخبار والتاريخ، ونحتمل قويل أنّ المعنون في المتن هو هذا الرجل، فيكون الصحيح في عنوانه : ابن جعفر بن قدامة. ومنهم : أبو جعفر محمّد بن قدامة البغدادي الجوهري، مولى الأنصار، وهذا بعيد جداً.
3- في المسترشد : لعياله.
4- الزيادة بين المعكوفين من المسترشد للطبري (رَحمهُ اللّه) : 523. وراجع : تفسير السمعاني 398/1، والطبقات الكبرى 276/3، وتاريخ المدينة لابن شبة 694/2، وأنساب الأشراف 308/10، وتفسير الطبري 582/7، والأحكام السلطانية : 263، والسنن الكبرى للبيهقي 7/6، وإحياء علوم الدين 138/2، والإصابة 547/6.. وغيرها من المصادر.
أكلنا بالمعروف (1).
وتروون (2) أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال (3) - بلا خلاف - أن رجلاً سأله زماماً (4) [من شعر من الغنيمه (5)].
فقال: «[سألتني زماماً من نار (6)] ما كان لك أن تسألنيه، ولا كان لي أن (7) أعطيكه..» (8).
فمن (9) أين اتّسع على الثاني ما ضاق على النبيّ (عليه وآله السلام) ؟! وكيف أنزل الثاني قوماً (10) ذوي عقول وأحلام، وبقي بمنزلة (11) يتيم قد أوجب عليه
ص: 245
1- تعرّض ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 174/1 - 175 إلى سياسة عمر مع عماله مثل عمرو بن العاص.. وغيره.
2- لاحظ : المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي 622/7، الترغيب والترهيب للمنذري 310/2.. وغيرهما.
3- الظاهر أن الصواب : وتروون عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بلا خلاف أنّ رجلاً.. إلى آخره.
4- في نسختي الأصل : زماناً، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
5- في أمالى المحاملي : 262: من الفئ.
6- ما بين المعكوفين مزيد من المسترشد : 523.
7- لا توجد (أن) في نسخة (ألف).
8- قد جاء بألفاظ مقاربة في المسترشد للطبري : 523.
9- في نسخة (ألف) : عمّن، وعليه نسخة بدل (من).
10- في نسختي الأصل: قربا، وهي مصحفة عن المثبت، وفي المسترشد : أقواماً.
11- كذا ؛ ولعلّها : وحجى بمنزلة.
الحجر في ماله ؟ ! (1)
وروي(2) عن عبيس بن هشام الناشري (3)، عن أبي حنيفة السابق (4) عن الحسين بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، قال : كان النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) جالساً في المسجد في أصحابه، فأقبل العبّاس من باب [من ] أبواب المسجد - وكان وسيماً جسيماً نبيلاً - فقال : «هذا عمّي؛ صنو (5) أبي (6) وبقية آبائي.. احفظوني فيه..» فلما جاء
ص: 246
1- علّق الطبري (رَحمهُ اللّه) بأحسن من هذا في المسترشد : 523 تحت رقم 193، فلاحظه.
2- لم أجد مصدراً لهذه الرواية فعلاً، فتتبع جيّداً.
3- تقرأ في نسختي الأصل : عيسى بن هشام السائلي، والصحيح ما أثبتناه من المصادر. قال النجاشي (رَحمهُ اللّه) في رجاله : 280 عنه : ثقة، جليل في أصحابنا، كثير الرواية، کسر اسمه، فقيل : عبيس.. ثمّ عدّ من كتبه كتاب المثالب.
4- أقول : لقد اختلف في ضبط لقب المعنون عند علماء الرجال، ففي بعض الكتب الرجالية - كرجال النجاشي: 180 - 181، والوجيزة للعلامة المجلسي : 86 - جاء بعنوان : سعيد بن بيان أبو حنيفة، سابق الحاج الهمداني. وفي بعض المصادر كجال الطوسي : 214، وخلاصة الأقوال : 158.. وغيرهما - بعنوان : سائق الحاج، ورجّح هذا الضبط العلامة المامقاني في تنقيح المقال 101/31 - 103. وما أثبتناه هنا موافق لما جاء في نسخة (ألف)، والمضبوط عند الخطيب في تلخيص المتشابه 244/1.. وغيره.
5- الصنو : الأخ الشقيق والعم. لاحظ كتاب علم النسب للمامقاني 2 /115 - 116.
6- وجاء بمضامين مقصودة، راجع عيون أخبار الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) 66/1، ومناقب أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للكوفي،135/1، الفائق 263/2، ولسان العرب 470/14، ولاحظ بيان العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 285/22 (باب 5).
قال : «يا عمّ ! إنّ اللّه قد وعدني في ليلتي هذه أن يفتح عليّ حصون اليمن وقصور بني الأصفر، فسلني ما شئت حتّى أعطيك». قال : أسألك الحيرة من الكوفة، والميدان من الشام، والخطّ (1) من هجر (2)، ومسيرة ثلاثة أيام من أرض اليمن..
فقال: «ادع بأديم حتّى أكتب لك بها»، فجاؤوا بأديم.
فقال : «يا عليّ ! اكتب له».
فكتبه علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] وختمه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
فلمّا قبض النبيّ (عليه و آله السلام) أتى بالكتاب أبا بكر، فقال : إن يفتح اللّه لنا ننفّذ (3) لك ما فيه، فقبض أبوبكر قبل أن يفتح عليه، فلما ولي عمر أتاه بالكتاب.......(4) فقال : ابغوا لي رجلاً من الحيرة.. فأتي برجل من أهل الحيرة، فسأله عن خراج [الحيرة ](5)، فقال : خمسين ألف دينار. فقال : ابغوا رجلاً من أهل الهجر.. فأتي برجل فسأله عن خراج الخطّ (6) من هجر، فقال نحواً من ذلك،
ص: 247
1- تقرأ في نسخة (ألف) : الحط، وفي نسخة (ب): الحظ، وهما مصحفتان عن المثبت.
2- في نسختي الأصل : صجر، راجع عنه : معجم البلدان 393/5.
3- في نسختي الأصل : تنفّذ، ولها وجه.
4- هنا سقط في نسختي الأصل بمقدار كلمتين بياض، وهذا من أمارات وحدتهما في استنساخهما على نسخة ثالثة.
5- ما بين المعكوفين من عندنا بمقتضى ما بعدها.
6- في نسختي الأصل: الحظ، وهي مصحفة عن المثبت.
فقال : يا عبّاس ! هذا مال كثير لا يصيبك دون المسلمين، قال : ولم لا يصيبني، وقد أعطانيه اللّه ورسوله..؟! فزاد الكلام، فغضب عمر فتفل في الصحيفة وكسر الخاتم، فأخذ العبّاس........(1) کفه حصى وضرب بها في وجهه.
ثم قال : يابن السوداء وفي كتاب اللّه تتفل ؟! وخاتم رسول اللّه تكسر ؟ ! واللّه لا أكلمك حتّى ألقى رسول اللّه فَأَخْبِرَهُ..
فأقبل أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى عمر، فقالوا : أتصنع هذا بعمّ رسول اللّه ووصيته إيانا بالأمس به ؟!!
قال : فبات (2) ذلك عمر - وكان (3) جباناً - وندم على ما كان منه..
ثمّ قال لأصحابه : انهضوا بنا إليه أنفّذ له ما في الكتاب وأجدّد له كتاباً غيره، فقاموا معه إلى العبّاس فاستخرجوه، وقالوا له : إنّ عمر قد كانت فيه الطيرة! وقد ندم على ما كان منه، وهو ينفّذ لك ما كان في الكتاب ويجدّد لك كتاباً غيره.
قال : لا واللّه، لا أقبل منه حتّى ألقى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (4).
ص: 248
1- هنا بياض في نسختي الأصل بمقدار كلمتين.
2- كذا ؛ ولا نعرف لها معنى مناسباً، ولعلّها محرّفة عن : فَبَهَضَ.
3- في نسختي الأصل : كانا.
4- لم يشر المصنّف - طاب ثراه - في مناقبه إلى هذه الواقعة مفصلاً، بل أجملها في 97/1 [ الطبعة العلمية قم 112/1 ] - وعنه في بحار الأنوار 135/18 (باب 11) ذيل حدیث 39 - بقوله : وكتب (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) للعبّاس الحيرة من الكوفة، والميدان من الشام، والخط من هجر، ومسيرة ثلاثة أيام من أرض اليمن.. فلما افتتح ذلك أتى به إلى عمر، فقال : هذا مال كثير ! (القصة).
وقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمطيع بن الأسود (1): «إلى أين يا أبا عبد اللّه ؟» قال : أريد عمر، قال: «فأخبره أنّه لى ظالم».. فلقيه عمر - وهو يَكْتُبُ الناس (2) ليقسم بينهم - وقد كتب عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) أولهم، فقال له عمر : بم ظلمتك وقد كتبتك أوّلهم ؟
فقال له عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] : «واللّه ما هو هذا، وإنك لتعلم أنك لي ظالم».
قال : لا واللّه !
قال: «بلى واللّه».. حتّى حلف مرتين أو ثلاثة.
قال عمر : لقد آذيتني.. ثمّ محا اسمه !
فقال عليّ : «لم كتبتني ؟!» قال : التماس الأجر !
قال: «فمحوت أجرك بيدك»، قال : فكتبه بعد ذلك.
ص: 249
1- وهذا هو العدوي الذي روى أبو رافع : أن عمر بن الخطّاب أُتي بشارب، فقال : لأبعثتك إلى رجل لا تأخذه فيك هوادة فبعث به إلى هذا، فقال : إذا أصبحت غداً فاضربه الحد، فجاء عمر وهو يضربه ضرباً شديداً، فقال : قتلت الرجل.. كم ضربته ؟ قال : ستين، قال : اقص عنه بعشرين.. !! قال أبو عبيدة في معناه : يقول : اجعل شدة هذا الضرب قصاصاً بالعشرين التي بقيت من الحدّ فلا تضربه إياها !! وانظر: السنن الكبرى للبيهقي،317/8، ومثله في كنز العمّال 196/3.. وغيره. هكذا يلعب بأحكام اللّه سبحانه وحدوده وشرائعه !!
2- أي : يكتب أسماء الناس.
وقال عمر لسلمان: تدري كم أنفقت في حجّتي؟ قال: لا، قال: أنفقت تسعة دنانير، قال له سلمان : ليتك انفقت مائة دينار ورددت الحق إلى أهله !!
وفي العقد (1): أنّه قال القَحْذَمِي(2)...(3) ضرب عمر ضرب عمر رجلاً بالدرّة، فنادى : يالقصيٍّ، فنادى أبوسفيان : يابن أخي لو قبل اليوم تنادي (4) قصيّاً أتتك (5)منها الغطاريف.
قال له عمر : اسكت لا أباً لك. قال أبوسفيان : ها (6)...ووضع سبابته على فيه (7).
وفي كتاب ذم الملاهي (8) أنّه : شهد رجل على رؤية الهلال عند عمر،
ص: 250
1- العقد الفريد 50/1 باختلاف يسير أشرنا له.
2- في نسختي الأصل : الفحد من.
3- في نسختي الأصل هنا زيادة كلمة (من)، ولا وجه لها، كما لم ترد في العقد.
4- في نسختي الأصل : ينادي.
5- في المصدر : لأتتك.
6- في نسختي الأصل : بهما.
7- ولأبي سفيان معه قصة ذكرها ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 173/1 لما سئل عن عدم استلحاقه لزياد بن سمية أيام عمر، قال : أخاف هذا العير الجالس أن يخرق عليّ إهابي. وأيضاً لاحظ : بلاغات النساء : 161.. وغيره.
8- كتاب ذم الملاهي لابن أبي الدنيا ذكره ابن النديم في الفهرست : 236، قبل أنّه طبع ضمن كتاب العقل وفضله، لكنّه لم يرد ما هنا فيه، وانظر آخر صفحة منه (ص : 40). راجع : المحاضرات للراغب الإصفهاني 472/2، ونثر الدر في المحاضرات 132/2.. وغيرهما.
فقال عمر : بأي عينيك رأيت ؟
قال : بشرهما التي (1) بهما أراكم؛ لأنّ [الأُخرى ] ذهبت (2) مع النبيّ (عليه وآله السلام).
وكان يشدّ [على] العميان في الأتُونِ والحمّامات (3) والمسهميات(4).
وقد وضع اللّه عنهم بعض التكاليف، فقال: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ) (5).
العوني : (6) [ من المنسرح ]
ص: 251
1- تقرأ في نسختي الأصل : أتق، ولا نعرف لها معنى مناسباً، وقد أثبتنا ما استظهرناه.
2- كذا؛ والكلام ناقص ؛ ولعلّه : بشرهما التي بها أراكم ؛ لأنّ أحدهما ذهبت، وقد جاء في المحاضرات بشرّهما، وهي الباقية. : ولعلّ مراده : أنّ العين التي ذهبت كانت خير عينيه ؛ لأنها رأت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)وذهبت في سبيل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والتي بقت كانت شراً؛ لأنها ترى عمر وأشباههه.
3- الكلمة مطموسة في نسخة (ب).
4- الكلمة مشوشة وغير معجمة في كلا النسختين، وتقرأ المستقيات، وأثبتنا ما استظهرناه.
5- سورة النور (24): 61.
6- لم ترد هذه الأبيات في مجموعة شعرية، ولا في مناقب المصنف (رَحمهُ اللّه). ولا الغدير.. ولا غيرهما، وقد أُحرقت قصائد شاعرنا طاب ثراه أحرق اللّه روح محرقها، لاحظ ترجمته في المقدّمة.
وَمِنْ تَعَاجِيبِ مَا أَقادَهُمُ*** وَمَا عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ حَتَما
يهيبُ (1)....وَهَدْم مَسْجِدِها*** وَقَاسَمُوهُ فِي أَمْرِهِ قِسَمَا
وَحَدَّ مَنْ كانَ فِيهِ مُعْتَكِفاً*** وَقالَ : ذا فِي اعْتِكَافِهِ شَتَمَا
وأَوْدَعَ السِّجْنَ مِنْهُمُ (2) فِئَةٌ*** أُوذُوا فَمَا تُوا بِدأبهِمْ (3) كُظُما
ومن ظلمه (4) أنّه خطب إلى (5) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابنته أُمّ كلثوم، وأرسله (6)، مراراً وعليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) يدفعه بأجمل الدفع.. (7) ثمّ إنّه بعث العبّاس إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بذلك
ص: 252
1- الكلمة غير منقوطة في نسختي الأصل، ولعلّها تقرأ في نسخة (ألف) : يهب.
2- في نسخة (ألف) : منكم.
3- كذا ؛ ولعلّه : بِدائِهِمْ.
4- لاحظ : الفصل الذي عقده الشيخ البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 129/3 - 130.
5- لا توجد : إلى، في نسخة (ألف).
6- جاء في حاشية نسخة (ب) : راسله، وهي الظاهرة.
7- جاء هذا الخبر في الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي : 90 - 92 [ وفي طبعة 124 - 129 ]، وعنه في مستدرك وسائل الشيعة 443/14 - 444 (باب 10) حدیث 17236، وأسند إلى عبد اللّه بن سنان، قال : سألت جعفر بن محمّد - صلوات اللّه عليهما - عن تزويج عمر من أُمّ كلثوم، فقال : «ذلك فرج غصبنا عليه»، ثمّ قال : هذا الخبر مشاكل لما رواه مشايخنا عامة في تزويجه منها، وذلك في الخبر أن عمر بعث العبّاس.. إلى آخره. وما أوردناه هنا من زيادات بين المعكوفين فقد أخذناه منه، مع اختلاف بينهما طفيف.
فامتنع عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] في ذلك، فرجع العبّاس إليه.. فخبّره بامتناع عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ذلك، فقال له عمر : يا عباس ! أيأنف من تزويجي ؟! واللّه لئن لم يزوّجني لأقتلنه !
فرجع العبّاس إلى عليّ [فأعلمه بذلك ]، فأقام عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] على الامتناع، فأخبر العبّاس عمر، فقال له : يا عبّاس ! احضر يوم الجمعة [ في المسجد ] وكن قريباً من المنبر [ل-] تَسمع ما يجري، فتعلم أنّي قادر على قتله إن أردت ذلك..!
فحضر العبّاس المسجد، فلما فرغ عمر من الخطبة، قال : أيها الناس ! إنّ ههنا رجلاً من أصحاب رسول اللّه قد زنئ وهو محصن، وقد اطلعت عليه وَحْدِي.. ما أنتم قائلون ؟ ! فقال الناس من كل جانب : إذا كنت قد اطلعت عليه فما (1) لنا حاجة إلى أن يطلع غيرك لتمضي (2) فيه حكم اللّه عزّ وجلّ..
فلما انصرف عمر (3)، قال للعبّاس : امض (4) إليه فأعلمه ما قد سمعت
ص: 253
1- في نسختي الأصل : فلما، وما هنا جاء في حاشية نسخة (ب)، وهو أولى.
2- في نسخة (ألف): لتحمص، وفي الصراط : ليمض، وما أثبتناه جاء على حاشية نسخة (ب).
3- كذا ؛ والصواب : فلما انصرفوا.
4- في نسخة (ألف) : امضي، وما أثبتناه جاء في هامش نسخة (ب).
فواللّه لئن لم يفعل لأفعلن.. ! ! (1)
ص: 254
1- وجاء في ذيله - عن الاستغاثة - : فصار العبّاس إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فعرفه ذلك، فقال عليّ صلوات اللّه عليه : «أنا أعلم أنّ ذلك ممّا يهون عليه، وما كنت بالذي أفعل ما تلتمسه أبداً». فقال العبّاس : إن لم تفعل أنت فأنا أهله، وأقسمت عليك أن لا تخالف قولي وفعليّ. فمضى العبّاس إلى عمر، فأعلمه أن يفعل ما يريد من ذلك، فجمع عمر الناس : فقال : إنّ هذا العبّاس عم عليّ بن أبي طالب [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)]، وقد جعل إليه أمر ابنته أُمّ كلثوم، وقد أمره أن يزوّجني منها.. فزوجه العبّاس، وبعث بعد مدة يسيرة فحوّلها إليه.. وذكر في ذيل الصراط المستقيم هنا : لئن لم يفعل لأفعلن، فأعلمه فأبى، فسأله العبّاس السكوت، ومضى إلى عمر فزوجه أم كلثوم ! وجاء في العمدة لابن بطريق: 150 [ وفي الطبعة الجديدة: 287] بإسناده إلى العامّة : أن عمر بن الخطّاب خطب إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أُم كلثوم فاعتل [خ. ل : فأقبل ] عليه بصغرها، فقال له : إنّي لم أكن أريد الباه، ولكنّي سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول : «كلّ سبب ونسب ينقطع يوم القيامة ما خلا سببي ونسبي، كلّ قوم فان عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة، فإنّي أنا أبوهم وعصبتهم»، وقريب منه في الطرائف لابن طاوس (رَحمهُ اللّه): 19 [ وفي طبعة : 76]، وكنز الفوائد للكراجكي (رَحمهُ اللّه): 166 - 167 [ الطبعة الحجرية، وفي الحروفية 357/1].. وغيرهما. وقال الطبرسي (رَحمهُ اللّه) في إعلام الورى : 204 [وفي المحقّقة 397/1].. وأما أُم كلثوم ؛ فهي التي تزوّجها عمر بن الخطّاب، وقال أصحابنا : إنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنّما زوجها منه بعد مدافعة كثيرة وامتناع شديد، واعتلال عليه بشيء بعد شيء حتّى ألجأته الضرورة إلى ردّ أمرها إلى العبّاس بن عبد المطلب فزوجها إياه.. وذكر المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 76/2 [ طبعة قم 304/3، وفي طبعة النجف الأشرف 89/3] عن الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في إرشاده [354/1 ولم أجد نصه فيه ] عن النسابة العمري في الشافي، وصاحب الأنوار في تعداد أولاد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ):.. وأُمّ كلثوم الكبرى تزوّجها عمر.. ثمّ قال : وذكر أبو محمّد النوبختي في كتاب الإمامة : أنّ أُمّ كلثوم كانت صغيرة.. ومات عمر قبل أن يدخل بها، وأنّه خلف على أُمّ كلثوم بعد عمر عون بن جعفر، ثمّ محمّد بن جعفر، ثمّ عبد اللّه بن جعفر.. إلى آخره. وعقد السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) في رسائله 148/3 - 150 تحت عنوان (مسألة) في إنكاح أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابنته، وقال هناك : والذي يجب أن يعتمد في نكاح يعتمد في نكاح أُمّ كلثوم: أنّ هذا النكاح لم يكن عن اختيار ولا إيثار، ولكن بعد مراجعة ومدافعة كادت تفضي إلى المخارجة والمجاهرة.. إلى أن قال : وهذا إكراه يحلّ له كلّ محرّم، ويزول معه كل اختيار.. إلى أن قال : ولا يجوز أن يدفعه إلّا جاهل أو معاند ! وما الحاجة بنا إلى دفع الضرورات والمشاهدات في أمر له مخرج من الدين..؟! ونعم ما أفاد قدس اللّه سره وسريرته.. وله كلام مفصل هناك، فلاحظ. قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 109/42 : أقول : بعد إنكار عمر النص الجلي وظهور نصبه وعداوته لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) يشكل القول بجواز مناكحته من غير ضرورة ولا تقية، إلّا أن يقال بجواز مناكحة كلّ مرتد عن الإسلام، ولم يقل به أحد من أصحابنا، ولعلّ الفاضلين إنّما ذكرا ذلك استظهاراً على الخصم، وكذا إنكار المفيد (رَحمهُ اللّه) أصل الواقعة إنّما هو لبيان أنّه لم يثبت ذلك من طرقهم، وإلا فبعد ورود ما مرّ من الأخبار إنكار ذلك عجيب. وقد روى الكليني (رَحمهُ اللّه) عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمّد بن زياد، عن عبد اللّه بن سنان، ومعاوية بن عمار، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «إنّ عليّاً لما توفّي عمر أتى أُمّ كلثوم فانطلق بها إلى بيته». وروي نحو ذلك عن محمّد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمّد بن عیسی، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ)... والأصل في الجواب هو : أنّ ذلك وقع على سبيل التقية والاضطرار.. ولا استبعاد ذلك، فإن كثيراً من المحرّمات تنقلب عند الضرورة وتصير من الواجبات، على أنّه ثبت بالأخبار الصحيحة أن أمير المؤمنين وسائر الأئمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) كانوا قد أخبرهم النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بما يجري عليهم من الظلم وبما يجب عليهم فعله عند ذلك، فقد أباح اللّه تعالى له خصوص ذلك بنص الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وهذا ممّا يسكن استبعاد الأوهام، واللّه يعلم حقائق أحكامه وحججه (عَلَيهِم السَّلَامُ). انظر : شرح الأخبار 506/2، والصراط المستقيم 129/3 - 131.. وغيرهما.
وقد أخرج الغزالي في الإحياء (1) : أنّه شاور عمر أصحابه - وهو على المنبر - وسألهم عن الإمام إذا شاهد هو منكراً، فهل له إقامة الحد ؟
فأشار عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) [ إلى ] أن ذلك منوط بعد لين فلا يكفي فيه واحد.. إلّا أنّه كتم أوّل الخبر وسببه. (2)
ص: 256
1- إحياء علوم الدين 325/2 باختصار، وقد سلف مفصلاً منه ومنا.
2- جاء في إحياء علوم الدين 200/2 - أيضاً - ما نصه :.. قال [عمر ] للناس : أرأيتم لو أن إماماً رأى رجلاً وامرأة على فاحشة فأقام عليهما الحد ما كنتم فاعلين ؟ قالوا : إنما أنت إمام !! فقال علي رضي اللّه عنه [ صلوات اللّه عليه وآله ] : «ليس ذلك لك، إذاً يقام عليك الحد، إنّ اللّه لم يأمن على هذا الأمر أقل من أربعة شهود..». ثمّ تركهم ما شاء اللّه أن يتركهم ثمّ سألهم، فقال القوم مقالتهم الأُولى، فقال عليّ رضي اللّه عنه [ سلام اللّه عليه وآله ] مثل مقالته الأُولى..
وروي من طريق آخر : أنّه أمر الزبير أن يدعي على (1) عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه سرق درعي...وكان وضع (2) درع الزبير على عَلِيَّةِ دار أمير المؤمنين برأس الر وكان قد جعل له على ذلك قسامةً (3).
وفي كافي الكليني (4): أنّه قال للعبّاس : [خطبت إلى ابن أخيك فردني ] أما واللّه لأُغوِّرَنَّ (5) زمزم، ولا أدَعُ لكم مكرمة إلّا هدمتها، ولأقيمن عليه شاهدين بأنّه سرق، فلأقطعنّ يمينه !
ص: 257
1- لا توجد : على.. في نسخة (ألف).
2- في نسخة (ألف): وصح، وفي نسخة (ب): وضح، وما أثبت هو الظاهر، وقد جاء على حاشية نسخة (ب) تصحيحاً.
3- لقد جاء الأخير بألفاظ مقاربة في الصراط المستقيم 130/3.
4- الكافي الشريف 346/5 حديث 2 باختلاف يسير، وعنه في الصراط المستقيم 130/3، وكذا نقله العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 94/42 (باب 120) حديث 22 عنه وعن الطرائف.. ولم نجده في الأخير، وقد أجاب عنه الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في المسائل السروية.
5- كذا ؛ والصحيح كما في المصدر - : لأعورنّ.. والتعوير للبئر هو تطميمه.
[فأتاه العبّاس فأخبره وسأله أن يجعل الأمر إليه.. فجعله إليه ] (1).
فلما صار العبّاس إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فعرفه ذلك..
فقال عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ): «أنا أعلم أنّ ذلك ممّا يهون عليه، وما كنت أفعل بالذي يلتمسه أبداً».
فقال العبّاس : إن لم تفعله أنت فأنا أفعله، وأقسمت عليك إن خالفت قولي وفعلي.
ومضى العبّاس إلى عمر، فأعلمه أنّه يفعل ما يريد من ذلك.
وأصحاب الحديث [إن ] لم يقبلوا منا هذه الرواية؛ فإنّه لا خلاف بينهم أنّ العبّاس هو الذي زوجها من عمر، فما العلة التي أوجبت أن يجعل عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمر ابنته أُمّ كلثوم إلى العبّاس دون غيرها من بناته ؟ ! وليس ههنا حال يضطرّ [ه](2) إلى ذلك وهو صحيح سليم، والرجل الذي يزوّجه العبّاس منها بزعمكم عنده مرغوب فيه أتقولون : إنّه أنف من تزويج ابنته أم تكبر (3) عن ذلك ؟! وقد وجدناه قد زوّج، غيرها من بناته فلم يأنف من ذلك ولا تكبّر (4) فيه، وقد زوّج النبيّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) فاطمة،
ص: 258
1- إلى هنا ذكره أحمد بن محمّد بن عيسى (رَحمهُ اللّه) في نوادره: 71 [ وفي طبعة: 129 - 130 ]، وعنه الميرزا النوري (رَحمهُ اللّه) في مستدركه 442/14 - 443 (باب 10) حدیث 17235.
2- لا توجد : يضطر.. في نسخة (ألف).
3- في الاستغاثة : أم كلثوم وتعاظم وتكبر.
4- في نسخة (ألف) : يكبّر، ولها وجه.
فلم يأنف من ذلك ولا تكبّر (1)، ولا وكل مَنْ زَوَّجها، ولا يقول مسلم: إنّ العبّاس أفضل من علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] وأسبق سابقة.. فلهذا وكله، وما بال العبّاس زَوَّج (2) أُم كلثوم دون أختها زينب، وقد زوّجها عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] من عبد اللّه بن جعفر، والعبّاس حاضر.. فلم يبق في الحال إلّا ما رويناه (3).
وقد أملى الأجل المرتضى فى ذلك مسألة (4) عليه» (5)، وذكر فيها : أنّه سئل الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن إنكاح ابنته من عمر، فقال : «ذلك فرج غصبنا (6)
ص: 259
1- في نسخة (ألف) : يكبّر.
2- في نسختي الأصل : تزوج، وهي مصحفة عن : يُزَوِّج، والمثبت عن هامش نسخة (ب): زوّج تصحيحاً.
3- انظر: الاستغاثة 79/1 - 81.
4- رسائل الشريف المرتضى (رَحمهُ اللّه) - المجموعة الثالثة - : 148 - 150، وقال : اعلم : أنّا - قد بينا في كتابنا (الشافي) في الجواب عن هذه المسألة، وأزلنا الشبهة المعترضة بها، وأفردنا كلاماً استقصيناه واستوفيناه في نكاح أُمّ كلثوم، وإنكاح بنته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من عثمان، ونكاحه هو أيضاً عائشة وحفصة.. وشرحنا ذلك وبسطناه.. ونقل الرواية السالفة بنصها.. وأعاد ذكره مجملاً فى جوابات المسائل الميافارقيات من مجموعة رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الأولى : 290 - 291. وراجع : الطرائف لابن طاوس (رَحمهُ اللّه) : 76، وذخائر العقبى عن مناقب أحمد بن حنبل : 121، ومناقب ابن المغازلي: 80 وتفصيله جاء في بحار الأنوار 106/42 - 109 (باب 120) ذیل حدیث 34.
5- في نسخة (ب): اغتصبنا.
6- وقد أورده الشيخ الكليني طاب ثراه في الكافي الشريف 346/5، (من باب تزويج كلثوم) حديث 1، بإسناد صحيح، عن أبي عبد اللّه لا في تزويج أُمّ كلثوم، فقال : «إنّ ذلك فرج غصبناه». وفي وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي (رَحمهُ اللّه) 433/14 [ الطبعة الإسلاميه، وفي طبعة مؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) 561/20 - 562 (باب 12) حدیث 26350] ونوادر أحمد بن محمّد بن عيسى (رَحمهُ اللّه) : 129 حديث 332.. وغيرها. قال السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) في كتابه الشافي : 215 - 216 [ وفي الطبعة الحروفية 272/3 - 273 ] - وحكاه عنه العلّامة المجلسي في بحاره 108/42 - 109 ذيل حديث 34 - :.. وأمّا تزويجه بنته ؛ فلم يكن ذلك عن اختيار.. -... ثم ذكر (رَحمهُ اللّه) الأخبار السابقة الدالة على الاضطرار. ثمّ قال : على أنّه لو لم يجر ما ذكرناه لم يمتنع أن يجوزه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كذا؛ والظاهر : يزوجه، كما في كتاب الشافي ] ؛ لأنه كان على ظاهر الإسلام والتمسك بشرائعه وإظهار الإسلام، وهذا حكم يرجع إلى الشرع فيه وليس ممّا يحظره العقول، وقد كان يجوز في العقول أن يبيحنا اللّه تعالى مناكحة المرتدين على اختلاف ضروب ردّتهم. وكان - أيضاً - يجوز أن يبيحنا أن ننكح اليهود والنصارى كما أباحنا - عند أكثر المسلمين - أن ننكح فيهم، وهذا إذا كان في العقول سائغاً فالمرجع في تحليله أو تحريمه إلى الشريعة، وفعل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حجة عندنا في الشرع، فلنا أن نجعل ما فعله أصلاً في جواز مناكحة من ذكروه، وليس لهم أن يلزموا على ذلك مناكحة اليهود والنصارى وعباد الأوثان ؛ لأنهم إن سألوا عن جوازه في العقل فهو جائز، وإن سألوا عنه في الشرع فالإجماع يحظره ويمنع منه. انتهى كلامه رفع اللّه مقامه. وللعلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 106/42 - 109 بيان هنا حري بالملاحظة، فراجع. وراجع الاستغاثة في بدع الثلاثة 78/1 و 81، وشرح الأخبار 2 /506، وعنه في مستدرك وسائل الشيعة 443/14 - 444 (باب 10) حديث 17236.
وسئل عليّ بن ميثم (1): لم زوج [(عَلَيهِ السَّلَامُ) ] عمر ابنته ؟
فقال : لإظهار [ه] الشهادتين، وإقراره بفضل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وأراد به استصلاحه وكفّه (2) عنه، وقد عرض نبي اللّه لوط [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] بناته على قومه - وهم كفار - ليردّهم عن ضلالهم، فقال : (هؤلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ..) (3).
وسئل مسعود العياشي عن ذلك، فقال : كان سبيله مع أُمّ كلثوم كسبيل آسية مع فرعون، كما حكى اللّه عنها: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الجنّة﴾ (4).
ص: 261
1- هو : عليّ بن إسماعيل بن ميثم التمار، وهو الذي قيل عنه : أوّل من تكلّم في مذهب الإمامة، وكان من وجوه المتكلمين من علماء الشيعة. راجع فهرست ابن ندیم: 223، رجال النجاشي : 251 برقم 661.. وغيرهما.
2- في النسختين : كفى، وما أثبتناه جاء في هامش نسخة (ب)، والفصول المختارة.
3- سورة هود (11): 78. وقد رواه الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الفصول المختارة : 70، وعنه رواه شيخنا العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 373/10 (باب 21) حدیث 5، فراجع.
4- سورة التحريم (66) : 11. وأجمل الواقعة البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 130/3.
وذكر أبو محمّد النوبختي في إثبات الإمامة (1) : أن أُم كلثوم بنت على (عَلَيهِ السَّلَامُ) كانت صغيرة، ومات عمر قبل أن يدخل بها (2).
ص: 262
1- إثبات الإمامة : وهو كتاب مفقود حسب علمنا. وحكي عن ابن النديم إنّه لم يتمّه، وعبّر عنه ب- : الإمامة والجامع في الإمامة كما في فهرستي الشيخ ورجال النجاشي ولم يرد فيه : 251 - 252، فراجع.
2- ونقل هذا بنصه المصنّف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 89/3، والشيخ البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 3 / 130، ولاحظ ما جاء بعده. أقول : قال الشيخ المفيد قدس اللّه روحه في جواب المسائل السروية : 61 - 63 [سلسلة رسائل الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه): 86 - 94، ضمن مصنّفات الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) المجلد السابع، وقد وضعنا بعض ما بينها وبين بحار الأنوار من الفروق - وهي كثيرة - بين المعكوفين ]، فلاحظ. وقد حكاه عنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 107/42 - 108 (باب 12) ذيل حديث 34. قال طاب رمسه :.. إنّ الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ابنته من عمر لم يثبت، وطريقته [خ ل : وطريقه ] من الزبير بن بكار، ولم يكن موثوقاً به في النقل وكان متهماً فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) [ وكان يبغض أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)] وغير مأمون [ فيما يدعيه على بني هاشم، وإنّما نشر الحديث إثبات أبي محمّد الحسن بن يحيى صاحب النسب ذلك في كتابه، فظن كثير من الناس أنّه حق لرواية رجل علوي له، وهو إنّما رواه عن الزبير بن بكار ]، والحديث نفسه مختلف. فتارة ؛ يروى : أنّ أمير المؤمنين تولّى العقد له على ابنته.. وتارة ؛ يروى عن العبّاس أنّه : تولّى ذلك عنه.. وتارة ؛ يروى : أنّه لم يقع العقد إلّا بعد وعيد عن [خ.ل: من ] عمر وتهديد لبني هاشم.. وتارة ؛ يروى : أنّه كان عن اختيار وإيثار.. [ وغير ذلك من الوجوه التي لا يسعنا حصرها فعلاً]. ثمّ [إنّ ] بعض الرواة يذكر : أن عمر أولدها ولداً سمّاه : زيداً.. [وبعضهم يقول : إنّه قتل قبل دخوله بها ]. وبعضهم يقول : إن لزيد بن عمر عقباً.. ومنهم من يقول : إنّه قتل ولا عقب له.. ومنهم من يقول : إنّه وأمه قتلا.. ومنهم من يقول : إنّ أُمّه بقيت بعده.. ومنهم من يقول : إن عمر أمهر أم كلثوم أربعين ألف درهم... ومنهم من يقول : مهرها أربعة آلاف درهم.. ومنهم من يقول : كان مهرها خمسمائة درهم.. .. وهذا الاختلاف ممّا يبطل الحديث. [ وبدو هذا الاختلاف فيه يبطل الحديث، فلا يكون له تأثير على حال ]. [ فصل ]. ثمّ إنّه لو صح لكان له وجهان لا ينافيان مذهب الشيعة في ضلال المتقدمين على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).. أحدهما : إنّ النكاح إنّما هو على ظاهر الإسلام الذي هو الشهادتان والصلاة إلى الكعبة، والإقرار بجملة الشريعة.. وإن كان الأفضل مناكحة من يعتقد الإيمان، وترك مناكحة من ضمّ إلى ظاهر الإسلام ضلالاً يخرجه عن الإيمان [خ. ل : الإسلام ] إلّا أنّ الضرورة متى قادت إلى مناكحة الضال مع إظهاره كلمة الإسلام زالت الكراهة من ذلك [ وساغ ما لم يكن بمستحب مع الاختيار ]، وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) [كان محتاجاً إلى التأليف وحقن الدماء، ورأى أنّه إن بلغ مبلغ عمر عمّا رغب فيه من مناكحته ابنته أثر ذلك الفساد في الدين والدنيا، وأنّه إن أجاب إليه أعقب صلاحاً في الأمرين، فأجابه إلى ملتمسه لما ذكرناه. والوجه الآخر : إنّ مناكحة الضال - كجحد الإمامة وادّعائها لمن لا يستحقها - حرام إلّا أن يخاف الإنسان على دينه ودمه، فيجوز له ذلك، كما يجوز له إظهار كلمة الكفر المضادّة لكلمة الإيمان، وكما يحلّ له أكل الميتة والدم ولحم الخنزير عند الضرورات، وإن كان ذلك محرّماً مع الاختيار.. وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)] كان مضطراً إلى مناكحة الرجل ؛ لأنّه تهدّده وتواعده فلم يأمنه على نفسه وشيعته؛ فأجابه إلى ذلك ضرورة، كما [ قلنا ] : إن الضرورة تشرّع إظهار كلمة الكفر [ قال اللّه تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌ بِالإِيمَانِ﴾ سورة النحل (16): 106]، وليس ذلك بأعجب من قول لوط [ - كما حكى اللّه تعالى عنه - ] : هؤلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ﴾ [سورة هود (11): 78]، فدعاهم إلى العقد عليهم لبناته، هم كفّار ضلال قد أذن اللّه تعالى في هلاكهم. ثمّ قال : وقد زوّج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام، أحدهما : عتبة بن أبي لهب، والآخر : أبو العاص بن الربيع.. فلما بعث (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فرق بينهما وبين ابنتيه.. ثم قال : ولم يكن (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في حال من الأحوال موالياً لأهل الكفر، وقد زوّج من تبرأ من دينه، وهو معادٍ له في اللّه عزّ وجلّ. قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 88/42 (باب 120) حديث 16 - وقد حكاه عن الخرائج و الجرائح ولم يرد في مطبوعه الأوّل، وجاء في المحقّقة من الخرائج 2 / 825 - 826 حديث 39] - بإسناده عن عمر بن أذينة، قال : قيل لأبي عبد اللّه : إن الناس يحتجون علينا ويقولون : إن أمير المؤمنين زوّج فلاناً ابنته أُمّ كلثوم.. وكان متكئاً فجلس، وقال : «[ وتقبلون أن علياً أنكح فلاناً بنته ؟ ! ] أيقولون ذلك ؟ ! إنّ قوماً يزعمون ذلك لا يهتدون إلى سواء السبيل [ ولا الرشاد» فصفق بيده، وقال : «].. سبحان اللّه ! [ أ ] ما كان يقدر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أن يحول بينه وبينها فينقذها ؟ ! كذبوا ولم يكن ما قالوا إن فلاناً خطب إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بنته أُمّ كلثوم فأبى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال للعبّاس : واللّه لئن لم تزوّجني لأنتزعن منك السقاية وزمزم..! فأتى العبّاس عليّاً فكلّمه، فأبى عليه، فألح العبّاس، فلما رأى أمير المؤمنين الا مشقة كلام الرجل على العبّاس، وأنه سيفعل بالسقاية ما قال، أرسل أمير المؤمنين الا إلى جنّية من أهل نجران يهودية يقال لها : سحيفة بنت جريرية، فأمرها فتمثلت في مثال أُمّ كلثوم وحجبت الأبصار عن أُمّ كلثوم، وبعث بها إلى الرجل.. فلم تزل عنده حتّى أنّه استراب بها يوماً، فقال : ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم.. ثمّ أراد أن يظهر ذلك للناس فقتل.. وحوت الميراث وانصرفت إلى نجران، وأظهر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أم كلثوم..». قال شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 99/6:.. ولعلّ الخليفة أخذ برأي امرأة أصابت وتزوج بأم كلثوم، وجعل مهرها أربعين ألفاً.. كما في تاريخ ابن كثير 81/7 و 139، والإصابة 492/4، والفتوحات الإسلامية 472/2 وغيرها. فقد جاء في كتب النسب قاطبة ؛ إما تصريحاً به كما في المجدي للعمري : 17 - 18، وابن الكلبي في جمهرة النسب 74/2 (الهامش).. وغيرهما، أو تلويحاً. وكذا جاء في كتب التاريخ والأدب ؛ كما في العقد الفريد 89/6 - 90 [ طبعة لجنة التأليف والترجمة بمصر ] ثمّ قال في آخره: فولدت له أمّ كلثوم: زيد بن عمر ورقية بنت عمر، ثمّ قال : وزيد بن عمر هو الذي لطم سمرة بن جندب عند معاوية إذ تنقص عليّاً. وقد صرّح بذلك الخطيب البغدادي في تاريخه 182/6، والزمخشري في ربيع الأبرار 303/4 - 304، وذكر موقف زيد بن عمر مع بسر بن أرطاة فيه، ثمّ نص على وفاته مع أخته وأُمه ولم يعقب. وقال فيه 2 /287:.. وجه عمر إلى ملك الروم بريداً فاشترت امرأته أُمّ كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] طيباً بدينار.. وفي عيون الأخبار لابن قتيبة 71/4 أنّه...أصدق عمر بن الخطّاب أُم كلثوم بنت على [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] أربعين ألفاً. وذكر فيه 200/1 في كتاب السلطان من عيون الأخبار : ضرب زيد لبسر بن أرطاة على رأسه عند سب عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)].. وغيره. وأورد ابن عبد البر في الاستيعاب 234/1 برقم 1003 قال [ وفي طبعة 3/ 1367 ] في ترجمة محمّد بن جعفر بن أبي طالب : ومحمّد بن جعفر بن أبي طالب هذا هو الذي تزوّج أُمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] بعد موت عمر بن الخطاب.. ومثله في نفس الترجمة في كتاب التبيين في أنساب القرشيين : 119. وقد أنكر السيّد أبو بكر شهاب الدين العلوي الحضرمي الزيدي في كتابه رشفة الصادي : 84 [ تحقيق السيّد على عاشور - دار الكتب العلمية، بيروت الأُولى 1418 ه- ] ذلك استبعاداً وتعنتاً.. لا استدلالاً وبرهاناً. أقول : لقد تضافرت النصوص عن هذا الزواج ؛ وقد جمع الحاكم النيسابوري طرق هذه الخطبة لعمر بن الخطّاب في جزء كبير، كما صرّح بذلك في المستدرك 177/2، وقال : تواترت الأسانيد الصحيحة بصحة خطبة أمير المؤمنين ! عمر بن الخطّاب بذلك.. وأقره الذهبي في تلخيص المستدرك، وأخرجها الخطيب البغدادي في تاریخه 257/3 بعدة طرق وصححها.. وقد يراد منه خطبة عمر التي نهى فيها عن المغالاة في مهور النساء. انظر : المحبر لأبي جعفر البغدادي : 53 و 56 و 399 و 437، الفائق للزمخشري 309/1، رشفة الصادي في بحر فضائل بني النبيّ الهادي للسيد أبي بكر العلوي الحضرمي : 84 و 104.. وغيرها.
تاريخ الطبري (1)؛ عن المسور بن مخرمة، قال : خرج عمر يوماً يطوف في السوق، فلقيه أبو لؤلؤة - غلام مغيرة بن شعبة - فقال : إنّ عَلَيَّ خراجاً كثيراً، قال : وكم خراجك ؟ قال : در همان في كلّ يوم، قال : وإيش صناعتك ؟ :قال نجار، نقاش، حداد.. قال : فما [أرى ] خراجك كثيراً على ما تصنع من الأعمال.
ص: 267
1- تاريخ الطبري 190/4 - 191 [ طبعة الأعلمي بيروت 263/3] بتصرف واختصار، وقريب منه في الطبقات لابن سعد 347/3، فقد رواه عن أبي الحويرث، وجاء في الاستيعاب 469/2 عن عبد اللّه بن الزبير بن الزبير، عن أبيه، وقريب منه في العقد الفريد لابن عبد البر 272/4.. وغيره. ولا حظ : العدد القويّة : 328 - 331.. وغيره.
وفي غيره: إنّ أبا لؤلؤة قال : أما (1) أعمل كل يوم عملاً واحداً...
فقال له عمر : بلغني أنك تقول : لو أردت أن أعمل رحى تطحن بالريح فعلت.
فقال : نعم، [ قال : ] فاعمل لي [رحى ]، قال : لئن سلمت لأعملن لك رحى يتحدّث بها من المشرق إلى المغرب.. (2)
ص: 268
1- لعلّها مصحفة عن : أنا.
2- حكى الشوكاني في نيل الأوطار 161/6 عن ابن سعد - بإسناد صحيح - وغيره، قال : كان عمر لا يأذن لسبي قد احتلم دخول المدينة حتّى كتب المغيرة بن شعبة - وهو على الكوفة - يذكر له غلاماً عنده صنعاً، ويستأذنه أن يدخله المدينة، ويقول: إنّ عنده أعمالاً تنفع الناس، إنّه : حداد، نقاش، نجار.. فأذن له، فضرب عليه المغيرة كلّ شهر مائة، فشكا إلى عمر شدّة الخراج، فقال له عمر ما خراجك بكثيرة في جنب ما تعمل.. فانصرف ساخطاً... فلبث عمر ليالي، فمرّ به العبد فقال له : ألم أحدث أنك تقول : لو أشاء لصنعت رحى تطحن بالريح ؟! فالتفت إليه عابساً. فقال له : لأصنعن لك رحى يتحدّث الناس بها..! فأقبل عمر على من معه، فقال : توعدني العبد.. فلبث ليالي ثمّ اشتمل على خنجر ذي رأسين نصابه وسطه، فكمن في زاوية من زوايا المسجد في الغلس...فلما دنا منه عمر وثب عليه فطعنه ثلاث طعنات، إحداهن تحت السرّة، وقد خرقت الصفاق وهي التي قتلته.. حتّى طعن ثلاثة عشر رجلاً.. وفي رواية ابن إسحاق : اثني عشر رجلاً معه وهو ثالث عشر. ومثله أورده ابن حجر في فتح الباري 50/7، وكذا جاء في المصنّف للصنعاني 474/5 - 475، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 185/12، وكنز العمّال للهندي 681/12.. وغيرها. وراجع زيادة عما سلف ما جاء في الطبقات الكبرى لابن سعد 345/3، و تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 413/44، وتاريخ المدينة لابن شبة النميري 893/3.. وغيرها.
وروي (1) : أنّه كان عمر جعل لنفسه سرباً (2) تحت الأرض من داره إلى المسجد، فكان يخرج من منزله في وقت الفجر في ذلك السرب إلى المسجد، فقتله أبو لؤلؤة.
وروي أنّه استفتاه : ما جزاء من عصى مولاه، وغصب ملكه، وضرب امرأته ؟ فكتب : إنّه يجب عليه القتل.. فلما استقبله قال : لم عصيت عليّاً [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] وهو مولاك ؟ ! وضربه أربع ضربات، في كل ضربة ثلاثة..!
واستجيبت دعوة الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ) فيه ؛ لما دعت عليه وقتَ مَزَّقَ كتاب فدك (3).
ص: 269
1- كما في الاستغاثة في بدع الثلاثة لأبي القاسم الكوفي (رَحمهُ اللّه) 60/1[ وفي طبعة الأعلمي : 100 - 101].
2- السرب : الطريق، وتقول العرب : خلّى سربه.. أي طريقه، كما في تاج العروس للزبيدي 46/3.. وغيره.
3- راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 274/16، وأخرج ذلك سبط ابن الجوزي في السيرة الحلبية 391/3 [362/3].. وغيرهما. ولاحظ : الشافي في الإمامة 97/4.. وغيره.
قال أبو عبيدة(1): هو هوعم م(2) أبي الزناد ناد عبد اللّه بن ذكوان (3) مولى لأبي شيبة (4)، وأبو الزناد كاتب يحيى بن العاص والي المدينة (5).
الحميري (6) : [من الطويل ]
أبَا لُؤْلُوْ سُدْتَ البَرِيَّةَ بِالفَتْكِ*** وَنِلْتَ فَرادِيسَ الجِنَانِ بِلَا شَكٍّ
هَتَكْتَ بِمَصْقُولِ الفِرارَينِ باتر(7)*** شُعُوبَ حِجابِ للضَّلالَةِ والشِّرْكِ
ص: 270
1- لم أجد مصدراً لهذا القول - فراجع.
2- في نسختي الأصل : عمرت.. وهو سهو، والصحيح ما أثبتناه، راجع : ترجمة أبي الزناد في تاريخ الإسلام 677/3.
3- أبو عبد الرحمن عبد اللّه بن ذكوان أبو الزناد، كان يسمّيه سفيان : أمير المؤمنين في الحديث ! ومدحه الأكثر من أعلام العامّة، توفي سنة 131 ه-، وقيل : ثلاثين. انظر : الجرح والتعديل 49/5 برقم 227، تذكرة الحفاظ 134/1 برقم 121.
4- قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 445/5: وأبوه مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة ؛ زوجة الخليفة عثمان، وقيل : مولى عائشة بنت عثمان بن عفان، وقيل : مولی آل عثمان.
5- جاء في تاريخ يحيى بن معين 237/3 برقم 1110: قال مالك بن أنس : أبو الزناد؛ كان كاتب هؤلاء القوم - يعني بني أُمية - وكان لا يرضاه.
6- هذه الأبيات لم نجدها في ديوان السيّد الحميري المطبوع، وهي من متفردات كتابنا هذا كأكثر أبيات السيّد (رَحمهُ اللّه).
7- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل: بائس، أو ما يشبهها، وما أُثبت متعين.
تَرَكْتَ عَدِيّاً حَوْلَهُ يَنْدُبُونَهُ*** فَلا رَقَأَتْ (1) تِلْكَ العُيُونُ الَّتي تَبْكِي
کشواذ (2): [ من الرجز ]
بقَرْتَ (3) في المَراقِ حتّى التَّنْدُوة (4)*** جُزِيتَ فِي الجِنَانِ يَا بَالُؤلُوه
شاعر: [من البسيط ]
حُبِّي أَبَا لُؤْلُةٍ دِينُ وَإِيمَانُ*** وَكُلُّ قَومٍ لَهُمْ دِينُ وَأَدْيَانُ
ص: 271
1- في نسختي الأصل : رفأت.
2- في نسختي الأصل : كشواد - بالدال - ولم ترد هذه الأبيات في المجاميع الشعرية الجامعة كالمناقب والغدير وغيرهما، كما لا يوجد كتاب له ولا مصدر لشعره هذا مما نعرف. والظاهر أنّ البيت هذا لشاعرنا (رَحمهُ اللّه) من الأرجوزة التي سلف الحديث عنها في ما سلف، فلاحظ.
3- في نسخة (ب): نفرت، وفي نسخة (ألف) : تفرقت، وقد تقرأ في نسخة (ب): بقرت، وهي على كل حال مشوشة.
4- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : الشدوة، ولا معنى لها، والصحيح ما أثبتناه. قال السيّد المدني (رَحمهُ اللّه) في الطراز الأوّل 40/1 : وهي للرجل كالثدي للمرأة، أو هي مغرز الثدي، أو طرفه، أو اللحم حوله.
لا حُلْتُ (1) دَهرِيَ طَوْراً (2) عَنْ مَحَبَّتِهِ*** أَوْ يَحْتَوِي جَسَدِي (3) لَحْدٌ وأَكْفَانُ
ويَحْشُرُوني لِقاءَ اللّه مُنْقَمِسٌ*** فيها فَيَرْحَمُني - واللّه ! - رَحْمَانُ
العوني: [ من المنسرح ]
يَا مُدَّعِي حُبِّ آلِ أحْمَدِهِ*** يحسب (4) كَانَتْ أَقْدَامُهم قَدَمَا
وَالِ مُوالِيَهُمْ وكُن أبداً*** حَرْباً لِمَنْ صَامَهُمْ وَمَنْ صَرَما
انْظُرْ إلى حِكْمَةِ (5) الأمير وما*** بهِ مِنَ النَّاصِيَّةِ انْتَقَما
شَمَّرَ اللّه عَنْ بَواطِشِهِ (6)*** لِيَنْصُرَ (7) المُؤْمِنِينَ وَاحْتَزَما (8)
ص: 272
1- بمعنى : لا تَحَوَّلْتُ.
2- لا توجد : طوراً في نسخة (ألف).
3- في نسختي الأصل جدي.
4- الكلمة مشوشة، وقد تقرأ في نسختي الأصل : بحبك وما أشبه، وهي على كل حال غير معجمة.
5- في نسختي الأصل : تحكّم، أو : لحكم، ولعلّه : حكم.
6- البواطش جمع باطشة من البطش والفتك، وأراد بالبواطش : السواعد، يقال : شمّر عن ساعده وبطش.
7- في نسخة (ألف) : ليبصر.
8- في نسختي الأصل : واخترما.
فَفَوَّقَ (1) السَّهْمَ (2) ثمّ سَدَّدَهُ (3)*** في نَحْرِ كَبْشِ الضَّلَالِ حِينَ رَمَى
فَعَاضَ بَحْرُ النِّفاقِ في ظُلَمِ اللَّ*** يْلِ وَقَد كانَ جاشَ وَالتَطَما
وزَلْزِلَ اللّه أَرْضَهُمْ بِهِمُ*** حتّى رَأَيْتَ الحَرِيمَ مُخْتَرَما
وأقنعت (4) أحباب (5) ريحهم*** يحيب (6) وَلَّى شريدهم حطما
هذا جَزَاءُ المُكَذِّبِينَ بِمَا سَنَّ بِهِ المُصْطَفَى وَمَا حَكَما
ولغيره : [من البسيط ]
مَا كَانَ أَبُو (7) لُؤْلُوِ فِي العَقْلِ ذَا خَطَاً*** لأَنَّ في فِعْلِهِ دِينُ وَإِيمَانُ (8)
وَقَتْلُهُ لِدُلامٍ مِنَّةٌ عَظْمَتْ*** وَنِعْمَةٌ شُكْرُها (9) فَرْضٌ وتبيانُ (10)
ص: 273
1- قد تقرأ في نسختي الأصل : تفوق، أو : نفوق.
2- تقرأ في نسختي الأصل التهم.
3- في نسختي الأصل : شدّده.
4- الكلمة مشوشة، أثبتنا ما احتملناه في قراءتها.
5- كذا ؛ ولعلّها تقرأ : أصاب.
6- الكلمة مشوشة جدّاً ولا معنى مناسباً لها، بل كلّ البيت كذلك.
7- إبدال همزة القطع للوصل من الضرائر.
8- كذا ؛ ولعلّ الأنسب معنى، بل الأصح نحواً هو : لأنّ في فعله دينا وإيمانا.
9- في نسختي الأصل : تنكرها ؛ والظاهر ما أثبتناه : شكرها.
10- الكلمة مشوشة وغير منقوطة، ويمكن قراءتها بوجوه أُخر.
فسوفَ يَجْزِيه بالإحسَانِ خالِقُهُ*** كَذاكَ (1) تُجْزَىٰ عَلَى الإِحْسَانِ إِحْسَانُ (2)
ص: 274
1- في نسختي الأصل : كذلك.
2- أقول : ومن ظريف ما رواه ابن قتيبة في عيون الأخبار 143/2 بإسناده، قال : سمعت رجلاً من الرافضة يقول : رحم اللّه أبا لؤلؤة، فقلت : تترحّم على رجل مجوسي، قتل عمر بن الخطّاب ؟ ! فقال : كانت طعنته لعمر إسلامه.
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[ باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[ فصل 7]
[ في شكّ الزريق ]
ص: 275
فصل: في شك الزريق
فصل في شك الزريق (1)
قوله : (إِنَّمَا المُؤمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّه وَرَسُولِهِ ثمّ لَمْ يَرْتَابُوا..) (2).
ص: 277
1- هذه الكنية هي ممّا كنّى بها شيخنا المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مدخل كتابه عن الخليفة الثاني. لاحظ : كتاب الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 2 /268. قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 213/13 باب 7) ذیل حدیث 5: والتعبير عن عمر ب- : زريق ؛ إما لكونه أزرق، أو لكونه شبيهاً بطائر يسمّى : زريق في بعض خصاله السيئة، أو لكون الزرقة ممّا يبغضه العرب ويتشأم به [كذا ]، كما قيل في قوله تعالى: ﴿وَنَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً﴾ [سورة طه (20): 102]. وقريب منه ما جاء فيه 336/35، من قوله : وقيل : هو اسم الشيطان الموكل بإيذاء الناس وفتنتهم بعد رسول اللّه،كما في تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) 214/1 [ الطبعة الحروفية، وفي المحقّقة 316/1]. وقد يطلق على أبي بكر، فراجع ما جاء في الأسرار.
2- سورة الحجرات (49) : 15. أقول : جاء في ذيل هذه الآية الكريمة في تأويل الآيات الظاهرة 607/2، وكذا في كنز جامع الفوائد : 308.. قال ابن عبّاس : ذهب عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بشرفها وفضلها.. وأورده في تفسير البرهان 215/4. قال عليّ بن إبراهيم (رَحمهُ اللّه) في تفسيره : 642 [ الطبعة الحجرية، وفي الطبعة الحروفية 322/2 وفي الطبعة المحقّقة 1002/3 ذیل حدیث 3] : نزلت في أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ).
الباقر في قوله: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ﴾ (1) قال : «زفر؛ فلا يُعذِّبُ لا عذابه يوم القيامة أحد من خلقه» (2).
وسأل أبو عمر و (3) الشطوي (4) الشيخ المفيد (5)، فقال (6) له : أليس قد اجتمعت (7) الأمة [على] أن الشيخين كان ظاهرهما الإسلام ؟ قال [ له الشيخ : نعم ]
ص: 278
1- سورة الفجر (89): 25.
2- انظر : تأويل الآيات الظاهرة 795/2.
3- هنا (واو) في نسختي الأصل، ولا وجه لها.
4- في نسختي الأصل : الشطون، وفي البحار : الشوطي، وما أثبتناه من المصدر. أقول: الرجل المعروف بهذا العنوان هو : أبو الحسن أحمد بن علي الشطوي، المعروف ب- : بوقة، وهو أحد المتكلمين على مذهب المعتزلة (المتوفي سنة 297 ه-)، وهو غير السائل عن الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) قطعاً. راجع عنه : تاريخ بغداد 66/5، ولسان الميزان 557/1، وطبقات المعتزلة : 93.. وغيرها.
5- وقد جاء في الفصول المختارة 7/1 - 9 [ سلسلة مصنّفات الشيخ المفيد لله، المجلد الثاني : 26 - 27 ]، مع اختلاف بينهما واختصار كثير هنا أشرنا لبعضه بوضعه بين المعكوفين، وعنه في بحار الأنوار 413/10 (باب 18) حديث 5.
6- في نسختي الأصل فقالا.
7- كلّما جاءت كلمة : اجتماع أو اجتمعوا أو مجتمعة.. وما شاكلها فهي في المصدر : إجماع؛ وأجمعوا، ومجمعين، ومجمعة.. ونحوها.
قد اجتمعوا على أنهما قد كانا على [ظاهر ] الإسلام زماناً، ولم يجتمعوا على أنّهما استقرًا على ذلك، [للاتفاق على أنهما كانا على الشرك، ولوجود طائفة كثيرة العدد تقول : إنّهما كانا بعد إظهارهما الإسلام ] فإنّه ظهر منهما الكفر بجحد النص.. [ وإنّه قد كان يظهر منهما النفاق في حياة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)]...
ثمّ قلب عليه المسألة (1)، فقال : أليس الأمة مجتمعة على أنّه من اعترف بالشكّ في دين اللّه والريب في نبوّة رسوله [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] فقد اعترف بالكفر [ وأقرّ به على نفسه ؟!] فقال : بلی.
قال : إنّ الأُمة مجتمعة - على اختلاف بينها (2) - على أن الثاني قال : ما شككت منذ أسلمت إلّا يوم (3) قاضى فيه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أهل مكة، فإنّي جئت إليه فقلت [له : يا رسول اللّه ! ] ألست بنبي ؟ ! - وفي رواية : ألست(4) رسول اللّه حقاً، ونحن المسلمون حقاً، وهم الكافرون حقاً ؟ ! - قال : «بلی»، قال : فعلى ما نعطي الدنية في ديننا ؟ ! (5)
ص: 279
1- في نسختي الأصل : العلة، وما أثبتناه جاء في هامش نسخة (ب)، والمصدر.
2- في نسخة (ألف) : بينهما، وفي المصدر : لا خلاف بينها.
3- في نسختي الأصل : يوماً، والمثبت من المصدر.
4- كذا استظهاراً.. أو في رواياتنا.. وفي نسختي الأصل : وفي رواونا لست. ولا معنى لها.
5- إلى هنا في الفصول، وسيأتي ما بعده فيما بعد، وهو كما قلنا نقل بالمعنى مع اختلاف في اللفظ، ومحاولة إيصال المقصود.
فقال النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)]: «إنّما أعمل بما أمر به ربّي، إنّه من خرج منا إليهم راغباً عنّا فلا خير له في مقامه بين أظهرهم، ومن رغب فينا منهم فسيجعل اللّه له فرجاً ومخرجاً»(1).
فقال الثاني: واللّه ما شككت في الإسلام إلّا حين سمعت رسول اللّه يقول ذلك.. فقام (2) متسخطاً لأمر اللّه ومعرضاً (3) برسوله، ويقول : وعدنا برؤياه التي زعم أنّه رآها أن يدخل مكة، وقد صُدِدْنا عنها، ثمّ نحن الآن ننصرف وقد أعطينا الدنية في ديننا، واللّه لو أن معى أمراً (4) ما أعطيت الدنية أبداً.
فبلغ ذلك رسول اللّه، فقال : «فأين كنت يوم أُحد وأنتم : ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ ولَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ) (5)».
ص: 280
1- وقريب منه لفظاً ما رواه الطبري (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 537، وجاء ذيل كلامه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في كتاب التعجب من أغلاط العامّة : 140 - 141...وغيرهما. وراجع : تاريخ الطبري 634/2.. وغيره.
2- في نسختي الأصل : فقال، والمثبت من المسترشد : 537.. وغيره.
3- كذا ؛ ولعلّها : معترضاً، أو : يعرّض.
4- في المستر شد : أعواناً، بدلاً من: أمراً، وهو الظاهر.
5- سورة آل عمران (3) : 153. أقول : ومع كلّ ما مرّ فقد جدّد الاعتراض الخليفة في يوم الطائف بقوله كما حكاه لنا الشيخ المفيد (قدّس سِرُّه) في إرشاده: 77 [ المحقّقة 153/1] :.. هذا كما قلت لنا قبل الحديبية : ﴿لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرامَ..﴾ [سورة الفتح (48): 27]، فلم ندخله وصدِدْنا عنه ! فناداه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «لم أقل لكم إنّكم تدخلونه في ذلك العام..»، ومثله في إعلام الورى : 72 [ الأولى، وفي الثانية : 121، وفي المحقّقة 235/1].
وفي روايات كثيرة (1): أنّه قال : قلت للنبيّ (عليه وآله السلام): علام تعطي هذه الدنيّة من نفسك ؟ ! ! فقال : «إنّها ليست بدنية، ولكنّها خير لك».
قلت : أليس وعدتنا أن ندخل مكة ؟! قال: «بلى».
قلت : فما بالنا لا ندخلها ؟! قال : «وعدتك [ أن تدخلها هذا ] العام؟»
قلت : لا.
قال: «فسندخلها إن شاء اللّه» (2)
ص: 281
1- من هنا جاء في الفصول المختارة ذيل الكلام السالف لاحظ : رسائل السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 443/1، المسترشد للطبري (رَحمهُ اللّه) : 535، وهو الذي جاء في الفصول المختارة : 27.
2- ثمّ قال في الفصول : فاعترف بشكه في دين اللّه عزّ وجلّ ونبوّة رسوله.. وذكر مواضع شكوكه، وبيّن عن جهاتها، وإذا كان الأمر على ما وصفناه فقد حصل الإجماع على كفره بعد إظهار الإيمان واعترافه بموجب ذلك على نفسه. ثم قال : ثمّ ادعى خصومنا من الناصبة أنّه تيقن بعد الشكّ ورجع إلى الإيمان بعد الكفر، فأطرحنا قولهم لعدم البرهان منهم واعتمدنا على الإجماع فيما ذكرناه.. فلم يأت بشيء أكثر من أن قال : ما كنت أظنّ أنّ أحداً يدعي الإجماع على كفر عمر بن الخطّاب حتّى الآن.. وفي تفسير مجمع البيان للطبرسي رحمه اللّه 274/9 - في (باب غزوة الحديبية) - قال :.. فقال عمر بن الخطّاب واللّه ما شككت مذ أسلمت إلّا يومئذ!.. ثم قال - بعد ما سلف - : قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إني رسول اللّه، ولست أعصيه، وهو ناصري»، قلت : أو لست كنت تحدّثنا أنا سنأتي البيت ونطوف حقاً ؟ ! قال: «بلى؛ أفأخبرتك أن تأتيه [خ. ل : نأتيه ] العام ؟» قلت : لا، قال : «فإنك تأتيه وتطوف به..». ومثله جاء في تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي (رَحمهُ اللّه) ذيل سورة الفتح : 635 [ وفي الطبعة الحروفية 3111/2 - 312، وفي المحقّقة 987/2 - 988 ]، وعنه في بحار الأنوار 350/20 (باب 20) ذیل حدیث 4 مع اختلاف يسير.
وفي رواية مسلم (1) والبخاري (2) أنّه قال : أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النار ؟ ! (3)
ص: 282
1- کتاب مسلم 1411/3 - 1412 (باب 34) كتاب الجهاد حديث 94 [ وفي طبعة 5 / 175 - كتاب الجهاد والسير حديث 3338]، وعنه رواه العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 563/30 - 564 (الطعن الأوّل).
2- كتاب البخاري 26/4 [ وفي طبعة أخرى 208/3] ذيل باب الجنّة تحت بارقة السيوف، من كتاب الجهاد والسير، بنصه، وانظر منه أيضاً باب الجزية والموادعة 125/4 حدیث 2945 [70/4]، وفيه 170/6 - 171 كتاب التفسير من تفسير سورة الفتح (48) [ كتاب تفسير القرآن حديث 4466 ] [ وفي طبعة أخرى 45/6]، ومثله في تفسير القرطبي 277/16، وفتح القدير للشوكاني 57/5، والطرائف لابن طاوس (رَحمهُ اللّه): 440 - 441، وعنه في بحار الأنوار 563/30، وجاء في عدة مصادر.. وغيرها.
3- جاء في شرح الأخبار للقاضي النعمان 53/2، مسند أحمد بن حنبل 486/3 وفيه روايات أُخر، السنن الكبرى للبيهقي،222/9، مجمع الزوائد للهيثمي 237/6، المصنّف لابن أبي شيبة الكوفي 510/8 و 736، فتح الباري لابن حجر العسقلاني 254/5، السنن الكبرى للنسائي 463/6، مسند أبي يعلى 365/1، المعجم الكبير للطبراني 90/6، جامع الأصول لابن الأثير 291/8 حديث 6108، و 330/8 حدیث 6123.. وغيرها.
وقد رواه ابن عبّاس، وجابر الأنصاري، والمسور بن مخرمة (1)، وسهل بن حنيف(2)، وأبو وائل (3)، والقاضي عبد الجبار، وأبو علي الجبائي، وأبو مسلم الإصفهاني، وأبويوسف القزويني، وأبو إسحاق الثعلبي (4)، ومسلم (5)، والبخاري (6)، والطبري (7)، والسمعاني (8)، والواقدي (9)، والزهري (10)،
ص: 283
1- المصنّف للصنعاني 330/5 - 339 برقم 9720.
2- المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 384 برقم 36847.
3- المصنّف لابن أبي شيبة 1 / 64 برقم 59، و 558/7 برقم 37914.. وغيرهما.
4- تفسير الثعلبي 60/9، وعنه في بحار الأنوار 340/30 (باب 20) ذیل حدیث 159، وصفحة : 564 (الطعن الأوّل).
5- كتاب مسلم 94/1، و 1411/3 (باب 34) حديث 94 (1785) [ وفي طبعة 5 / 175 كتاب الجهاد والسير، حدیث 3338]، رواه عن أبي وائل.
6- كتاب البخاري 125/4، و 6 / 170 [ طبعة دار الشعب - القاهرة ].
7- تاريخ الطبري 634/2[ وفي طبعة الأعلمي 2/ 280] نقلاً بالمعنى، ولعله يريد جامع البيان لابن جرير الطبري 129/26.
8- لم نعثر عليه في كتب السمعاني المطبوعة، فراجع.
9- المغازي للواقدي، ولم نعثر عليه - أيضاً - في كتب الواقدي المطبوعة.
10- المصنّف للصنعاني 330/5 - 339 برقم 9720.
ومحمّد بن إسحاق، وأبو يعلى الموصلي..(1) بل اجتمعت الأمة عليها في تفسير الثعلبي (2) أنّه قال: ما شككت منذ أسلمت إلّا في وقتين : لما قال اللّه تعالى : (لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرام..) (3) ولم ندخل (4).
وفي رواية الواقدي: فلمّا كان يوم الفتح وأخذ رسول اللّه المفتاح، قال: «ادعوا إليّ الثاني».. فجاء، فقال : «هذا الذي كنت قلت لكم (5)».
فلمّا كان في حجة الوداع وقفه بعرفة، فقال: «يا ثاني هذا الذي قلت لكم» (6).
ص: 284
1- مسند أبي يعلى الموصلي 1 / 364 - 365 حديث 473 نقلاً بالمعنى، وعن الهيثمي في مجمع الزوائد 237/6 - 238، والحافظ ابن حجر في المطالب العليّة حديث،4504، والطبراني في المعجم الكبير 14/20، والسيوطي في الدر المنثور 76/6، وجاء في تفسير الخازن 4 / 148، وتاريخ الخميس 241/1.. وغيرهما.
2- تفسير الثعلبي 60/9.
3- سورة الفتح (48): 27.
4- في نسختي الأصل : يدخل. ومثله في الصراط المستقيم 79/3، وقوله : ما شككت منذ أسلمت إلّا يوم قاضى النبيّ أهل مكة.. ثمّ قال : والإجماع أن الشك في الدين كفر.. مع أن الحق أنّه ما شك بحال.. بل كان متيقناً دوماً بالكفر.
5- في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 59/12 - 60 فقال : «هذا الذي كنت وعدتكم به»، وعنه في بحار الأنوار 561/30 - 562، ومثله في الرياض النضرة 44/2.
6- وقريب منه في كتاب سبل الهدى والرشاد 63/5 - 64. انظر عن هذه الواقعة : رسائل السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 442/1، المسترشد للطبري : 536، المناقب لابن شهر آشوب 175/1، الفصول المختارة للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 26، الصراط المستقيم 79/3، الطرائف للسيّد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه): 440 - 441، بحار الأنوار للعلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) 413/10 (باب 26) حديث 16، و 335/20 (باب 20) المدخل، و 21/29 باب 5) حدیث 4 و 5، وصفحة : 34 (باب 5 من المقدّمة)، و 563/30 - 564 (الطعن السابع).. وغيرهم في غيرها. وانظر من كتب العامّة ؛ المصنّف للصنعاني 339/5، صحیح ابن حبان 224/11، المعجم الكبير 14/20، جامع البيان 129/26، الدر المنثور 77/6، تاريخ مدينة دمشق 229/57.. وغيرها.
وفي رواية جابر : لما رأى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عليّاً [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] كسر أصنام ثقيف وخثعم كبر للفتح، وأخذ بيده فخلا به وناجاه طويلاً، فقال الصهاك (1): أتناجيه دوننا ؟ ! فقال : «يا فلان ! ما أنا انتجيتُه (2)، ولكن اللّه انتجاه..» (3).
ص: 285
1- في نسخة (ب): الصهاكي.
2- في نسختي الأصل : انتجيه، والمثبت عن المصادر.
3- قال المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 1393/1 [ طبعة بيروت 252/2، وفي طبعة النجف الأشرف 62/2]: الترمذي في الجامع، وأبو يعلى في المسند، وأبو بكر ابن مردويه [ مهدويه ] في الأمالي، والخطيب في الأربعين، والسمعاني في الفضائل مسنداً إلى جابر قال : ناجي النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في يوم الطائف علياً [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)] فأطال نجواه، فقال أحد الرجلين للآخر : لقد أطال نجواه مع ابن عمّه ! وفي رواية الترمذي : فقال الناس : لقد أطال نجواه.. فبلغ ذلك النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ].. وفي رواية غيره : إنّ رجلاً قال : أتناجيه دوننا ؟ ! فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ما انتجيته ولكن اللّه انتجاه»، ثمّ قال الترمذي: أي أمر ربّي أنتجي معه. راجع عنه : أخبار مكة للفاكهي 195/3، المعجم الكبير 186/2، مشكاة المصابيح 1721/3، وسنن الترمذي،6395، هداية الرواة لابن حجر 429/5، وقال الألباني في هامشه : ورجاله ثقات.. وغيرها. ورواه الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في أماليه 163/1 [ الطبعة الحيدرية، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 260 برقم 472] بإسناده إلى جابر (رَحمهُ اللّه) أنّه قال : ناجی رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم الطائف، فأطال مناجاته، فرأى الكراهة في وجوه رجال، فقالوا : قد أطال مناجاته منذ اليوم، فقال : «ما أنا انتجيته ولكن اللّه عزّ وجلّ انتجاه».
قال : فأعرض يقول : هذا كما قُلتَ لنا يوم الحديبية : ﴿لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرامَ إنْ شاءَ اللّه آمِنِينَ..) (1) فلم ندخله وصددنا عنه ؟ !
فقال (عليه وآله السلام): «قاتلك اللّه ! لا تكذبني ! لم أقل لكم تدخلونه في ذلك العام»(2).
ص: 286
1- سورة الفتح (48): 27. وانظر ما جاء في غالب التفاسير ذيل هذه الآية الكريمة، ومنها ما جاء في تفسير الثعلبي 671/1..
2- وقريب منه ما أورده الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الإرشاد 153/1، ومثله الشيخ الطبرسي (رَحمهُ اللّه) في إعلام الورى : 124 [ الطبعة المحقّقة 235/1]، وعنه في بحار الأنوار 169/21 (باب 28) ضمن حدیث 9، والمناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 211/1، كشف الغمة : 85 [226/1]، والطرائف : 20.. وغيرهما. وحكى ابن الأثير في جامع الأصول 658/8 حديث 6505، والخطيب البغدادي في تاريخه 402/7، وابن المغازلي في مناقبه : 124 حديث 163، والكنجي في كفاية الطالب : 327، وابن الأثير في أسد الغابة 27/4، والهندي في كنز العمّال 625/11 حديث 33098 عن الترمذي والطبراني، ومثله في مصباح الأنوار: 88..
فعارض النبيّ (عليه وآله السلام) غير مرة..
ولا نعلم أحداً عيّره بما عيّره (1) الثاني.
فاعترف (2) الثاني بشكه في دين اللّه ونبوّة رسوله.. وذكر مواضع شكوكه، وإذا
كان الأمر كذلك فقد حصل الإجماع على (3) كفره بعد الإيمان (4).
ص: 287
1- في نسختي الأصل : غيره بما غيره.
2- إلى هذا المقدار جاء في الفصول المختارة : 27، وفي نسختي الأصل : فأعرف، والمثبت من المصدر.
3- كذا ظاهراً ؛ وفي نسختي الأصل : عن، بدلاً من : على.
4- قال البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 79/3:.. وقد روى مسلم والبخاري، وابن عباس، وجابر الأنصاري، والمسور، وسهل، وأبو وائل، والقاضي وكذا ] الجبائي، والإصفهاني، والقزويني، والثعلبي، والطبري، والسمعاني، وابن إسحاق، والواقدي، والزهري، والموصلي.. بل هو إجماع أنّ عمر شك في دينه، فقال : ما شككت منذ أسلمت إلّا يوم قاضى النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] أهل مكة. ثم قال : والإجماع أن الشك في الدين كفر. ثم قال : ثمّ ادعوا أنّه رجع وتيقن. قلنا : لا برهان عليه، ولا نقل لأحد فيه.
ثم ادعى خصومنا أنّه تيقن بعد الشكّ.. ورجع إلى الإيمان بعد الكفر.. ! فنحن نطرح قولهم بعدم البرهان ونعتمد على الإجماع (1).
و من شكّه ؛ أنّه قال لحذيفة : سمعت النبيّ (عليه و آله السلام) يقول: «حذيفة أعرف أصحابي بالمنافقين»، فباللّه (2) ! هل أنا منهم ؟ (3)
وفي الأخبار (4) : أنّه قال لحذيفة : أنت صاحب نص من رسول اللّه في المنافقين.. فهل ترى على شيئاً من آثار النفاق ؟! (5)
ص: 288
1- إلى هنا جاء في الفصول المختارة.
2- في نسختي الأصل واللّه، والمثبت عن مقدمة فتح الباري: 402، والإكمال في أسماء الرجال : 42 و 121.. وغيرهما.
3- وجاء في كتب الخاصّة ؛ كالدرجات الرفيعة : 284.. وغيره. وقريب منه ما أرسله البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 79/3. راجع : فتح الباري 487/8، وتفسير القرطبي 200/1.. وغيرهما.
4- من ذاك ما قاله الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين :129/1 :.. حتّى كان عمر بن الخطّاب يسأل حذيفة عن نفسه، وأنّه هل ذكر في المنافقين ؟ وهل هو منهم ؟ وهل عده رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فيهم ؟ وقد ذكر ذلك - أيضاً - الباقلاني في التمهيد : 196، وابن أبي جمرة في بهجة النفوس 4 / 48، كما حكاه العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في هامش الغدير 241/6 عنهما..
5- جاء في سيرة عمر لابن الجوزي 435/2، ومثله في تاريخ المدينة لابن شبة النميري 777/2، وبمعناه في منتخب كنز العمّال 383/3، وسيرة عمر أيضاً مكرّراً أنّ عمر قال لحذيفة [(رضیَ اللّهُ عنهُ) ].. نشدتك باللّه وبحق الولاية عليك ! كيف تراني ؟ قال : ما علمت إلّا خيراً ! فنشده باللّه، فقال : إن أخذت في اللّه فقسمته في ذات اللّه فأنت أنت، وإلا فلا..! وانظر : سبل الهدى والرشاد للصالحي الشامي 467/5. وقد رواه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 28/3 عن الفصل الرابع من الجزء الأوّل من الإحياء للغزالي أنّ عمر سأل حذيفة هل هو من المنافقين أم لا.. ثمّ قال : ولولا أنّه علم من نفسه صفات تناسب صفات المنافقين لم يشكّ فيها. انظر : كتاب الأربعين للشيرازي (رَحمهُ اللّه) : 139، و 572، جامع البيان للطبري 16/11، 139، تفسير ابن كثير،399/2، البداية والنهاية 25/5، الصراط المستقيم 79/3..
روی هشيم وعليّ بن عاصم.. وغيرهما : أنّ رجلاً من أصحاب النبيّ (عليه و آله السلام) مات على عهد عمر، فخرج عمر في جنازته، فلمّا صلّى عليه سأل عن حذيفة هل شهد الجنازة ؟ قالوا : لا، فانصرف عمر.. فمر بمنزله فقال له : ما منعك أن تحضر جنازة رجل من أصحاب رسول اللّه ؟
فقال : لم أعلم به.
فقال عمر : نشدتك باللّه من القوم كان ؟ ! قال : نعم، قال : فأنشدتك اللّه من القوم أنا ؟ ! فقال : لا (1).
وذكر الغزالي في الإحياء (2): أنّه كان حذيفة لا يحضر جنازة من يموت من
ص: 289
1- وقريب منه في الدرجات الرفيعة : 284.
2- إحياء علوم الدين 78/1، قال : وكان عمر إذا دعي إلى جنازة ليصلي عليها نظر ؛ فإن حضر حذيفة صلّى عليها وإلا ترك، وكان يسمى : صاحب السرّ. وقال - قبل ذلك - في الإحياء 78/1: وكان حذيفة اللّه - أيضاً - قد خص بعلم المنافقين، وأفرد بمعرفة علم النفاق وأسبابه، ودقائق الفتن، فكان عمر وعثمان وأكابر الصحابة...يسألونه عن الفتن العامّة والخاصّة، وكان يسأل عن المنافقين فيخبر بعدد من بغي [ الظاهر : بقي ] منهم ولا يخبر بأسمائهم.. وكان عمر يسأل عن نفسه هل يعلم فيه شيئاً من النفاق.. وكرّر هذا المعنى في 124/1. وقال - أيضاً - في الإحياء - بعد ذلك - 158/3 :.. وقد روي أن رجلاً من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم مات، فلم يصلّ عليه حذيفة، فقال له عمر : يموت رجل من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم ولم تصل عليه ؟ ! فقال : يا أمير المؤمنين ! إنّه منهم. فقال : نشدتك اللّه أنا منهم أم لا ؟ قال : اللّهمّ لا ! ولا أؤمن منها أحداً بعدك !! وها هو حذيفة - كما يحدّثنا صاحب الإحياء 123/1، وأحمد بن حنبل في مسنده 5 / 386 - يقول : كان الرجل يتكلم بالكلمة على عهد رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] يصير بها منافقاً إلى أن يموت، وإنّي لأسمعها من أحدكم في اليوم عشر مرات ! [ ومثله في مجمع الزوائد 297/10، وقال : وفي رواية أربع مرّات ]. وقال - أيضاً - في الإحياء - بعد ذلك : المنافقون اليوم أكثر منهم على عهد النبيّ صلى اللّه عليه [وآله ] وسلّم، فكانوا إذ ذاك يخفونه وهم اليوم يظهرونه.. ! وكرّر ما ذكره أوّلاً في 173/4. وقال ابن أبي مليكة كما حكاه عنه الغزالي في إحيائه 1 / 123 - 124 - : أدركت ثلاثين ومائة - وفي رواية خمسين ومائة - من أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم كلّهم يخافون النفاق !
المنافقين، وعمر بن الخطّاب كان يراعي ذلك منه، فلا يحضر
ص: 290
إذا لم يحضر حذيفة (1).
وفي مسند النساء الصحابيات، عن أحمد (2)؛ [ عن ] أبي وائل، عن (3)مسروق، عن أُمّ سلمة، قالت : قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من أصحابي من لا أراه ولا يراني بعد أن أموت [أبداً]».
قال : فبلغ ذلك عمر، فأتاها يشتدّ (4) وقال لها : أنشدك اللّه أنا منهم ! ؟!.. الخبر (5)
وكان - أيضاً - يجيء إلى عبد الرحمن بن عوف في شكه..
ص: 291
1- راجع : المحلّى لابن حزم 222/11، وصفحة : 225. قال ابن العماد الحنبلي في كتابه شذرات الذهب 44/1:.. وكان حذيفة صاحب السرّ المكنون في تمييز المنافقين، ولذلك كان عمر لا يصلّي على ميت حتّى يصلي عليه حذيفة، يخشى أن يكون من المنافقين.. !!
2- مسند أحمد بن حنبل 298/6 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 423/7 حديث 26009 (باب باقي مسند الأنصار) حديث 25338] باختلاف يسير.
3- فى نسخة (ألف) : أبو وابل غير مسروق، وجاءت الكلمة : عن، استظهاراً على كلمة غير في هامشها، وفي نسخة (ب) روا بو وابل غير مسروق !!
4- في المصدر : يشتد، أو : يسرع - شكّ شاذان -.
5- ومثله في مجمع الزوائد 112/1 عن أُم سلمة، وفي آخره: قالت: لا، ولا أبرئ بعدك أحداً أبداً. راجع تاریخ مدينة دمشق لابن عساكر 268/35.. وغيره.
فلا يخلو ذلك إما أن يكون ما رووه باطلاً أن النبيّ (عليه وآله السلام) شهد له بالجنّة، وإما أن زفر غير معتمد على ما قال الرسول عليه و آله السلام)، فالإمام كيف يسأل عن أحوال إيمانه رعَيَّتَه ؟ ! نعوذ باللّه من الخذلان.
الناشي(1): [ من الوافر ]
أتَتْنَا عَن حُذَيْفَةَ مُعْضِلاتٌ*** وَأَخبَارٌ مُهَذَّبَةٌ عِذَابٌ
بِأَنْ جَاءَ الدُّلامُ إليه يَسْعَى*** كو......(2) ليرديه (3) انتحاب (4)
يقول (5) : محمّد تنال (6) اسمي ؟*** وَفِي غَيبُوبَةٍ يَجري (7) اللُّعَابُ
فَقَالَ حُذَيْفَةُ : إِنَّا أُمِرْنا (8)*** إذا سَأَلْتُمُ أَنْ لا تُجابُوا (9)
ص: 292
1- لم نجد لشاعرنا طاب ثراه مصدراً لشعره هذا، ولا غالب ما أوردنا له هنا من شعر، حيث لم يكن له ديوان، نعم جاء في المناقب على وزان هذه القصيدة أبيات في 2 / 344، وكذا في 301/3، فلاحظ.
2- هنا بياض في نسخة (ألف) و (ب).
3- في نسختي الأصل : لبردية.
4- قال ابن منظور في لسان العرب 749/1 : النحب والنحيب : رفع الصوت بالبكاء، وفي المحكم : أشدّ البكاء...والانتحاب مثله.
5- في نسخة (ألف): يقال.
6- في نسخة (ألف): سأل، والظاهر : يقول : محمّد هل قال إِسْمِي.
7- في نسخة (ألف): تجري.
8- تقرأ في نسختي الأصل : أجزنا.
9- في نسختي الأصل : نجاب، ولعلّها مصحفة عن المثبت.
وإِن أُنْبِبْتُ بِاسْمِكَ كُنْتَ مِنْهُمْ*** وَفِيما قالَهُ العَجَبُ العُجاب
ولو كانَ الدُّلامُ الرِّجْسُ مِنْها*** بَرِيئاً (1) ما تَداخَلَهُ اضْطِرابُ
تَوَهَّمَ أنَّ أحمد ما رآه (2)*** ونادَتْ أحْمَداً بهم (3) الهضاب (4)
هنالك دَلَّ جبريلٌ عَلَيْهِمْ*** وَعَرَّفَ لِلجَماعةِ حين غابوا
ولَقَد هَجَرُوا بأحمَدَ وَاستَطَالُوا التَ*** حمُّل والقُلُوبُ لَهَا انْقِلابُ (5)
وفي شكّه (6)؛ ما ورد في الإحياء (7)، والكشف (8)، وأمثال (9) أبي عبيدة، أنّه
ص: 293
1- الكلمة مشوشة جداً في نسختي الأصل، قد تقرأ سرياً، وأثبتنا هنا ما استظهرناه من معناها من الأصل.
2- في نسختي الأصل : رواه.
3- في نسخة (ألف) : أجداثهم، ولعله أحداً بهم، وفي نسخة (ب) : أحمد، وكلّها مشوشة في النسختين.
4- جمع الهضبة، وهي : كلّ جبل خلق من صخرة واحدة، كما جاء في كتاب المحيط في اللغة 402/3.
5- كذا ؛ ولعلّ البيت هكذا : [من الوافر ] وقد هزئوا بأحمد واستطالوا التَ-ّ*** -جمل والقلوب لها انقلاب
6- كذا ؛ ولعلّه : ومن شكه.
7- إحياء علوم الدين 64/3[183/2] باختصار، ونقل ما أُشكل عليه سلمان رضوان اللّه عليه، في غير موضع.
8- لم نعثر عليه في الكشف والبيان للثعلبي، فراجع.
9- كتاب الأمثال لأبي عبيد : 185، ونقل الخبر عن عمر بن عبد العزيز.
294
كان عمر يقول : رحم اللّه امرءاً أهدى إلى عيوبي (1)..
وكان يسأل سلمان عن عيوبه (2).
وفي تاريخ الطبري (3): أنّه كتب عمر إلى أبي عبيدة عام طاعون عمواس(4):
ص: 294
1- ومثله في سنن الدارمي 163/1، وكنز العمّال،174/9، وطبقات ابن سعد 293/3، ونسبه ابن أبي الحديد في شرح النهج 319/2 إلى بعض الصالحين ! وفي 39/12 قال : ومن كلام عمر. أقول : روى الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في الكافي الشريف 2 /639 حديث 5، وعنه في شرحه للمازندراني 96/11 مرفوعاً عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال: «أحبّ إخواني إلى من أهدى إلي عيوبي». وعنه في وسائل الشيعة 25/12 (باب 12) حدیث 15547 [ طبعة مؤسسة آل البيت، الطبعة الإسلامية 413/8 حديث 2]، وبحار الأنوار 249/78 (باب 23) حديث،89 ومثله في تحف العقول : 366. وكذا أورده الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الاختصاص : 240، وعنه الميرزا النوري (رَحمهُ اللّه) في المستدرك 329/8 حديث 9578.. وغيره. ويظهر منه أنّه كلام للمعصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ) نسبوه إلى خليفتهم كعادتهم في السرقة منّا و تزوير المناقب والكلمات الحكمية والمطالب العلمية لاسيادهم.
2- كما حكاه في نفس الرحمن : 556، عن إحياء علوم الدين.
3- تاريخ الطبري 60/4 - 61 باختلاف يسير واختصار [طبعة الأعلمي بيروت 162/3]، وجاء أيضاً في الكامل 558/2، والبداية والنهاية 90/7، وقريب منه في تاريخ اليعقوبي 2 / 150.. وغيره.
4- جاءت الكلمة في نسختي الأصل : عمراني، وهو تصحيف. و عمواس - بفتحتين، وقيل : بكسر الأوّل وسكون الثاني، كما هو عند الزمخشري، وروى غيره بفتحهما -: وهي كورة بفلسطين، كان منها ابتداء الطاعون في زمن عمر، ثمّ فشا في الشام كله، فمات فيه خلق كثير لا يحصى من الصحابة وغيرهم، وكان ذلك سنة 18 ه- قاله ياقوت الحموي في معجم البلدان 4 / 157 – 158. راجع : مراصد الإطلاع 962/2-963.
أما بعد؛ فإنّه عام طاعون (1)، فقد عرضت لي إليك حاجة أريد [أن] أشافهك فيها، فعزمت عليك إذا رأيت كتابي هذا [أن ] لا تضعه من يدك حتّى تقبل إلي..
قال : فلما قرأ الكتاب أبى أن يرجع (2)، فلما عرف عمر ذلك بكي، فقال الناس : يا أمير المؤمنين ! أمات أبو عبيدة ؟ ! قال : لا..
وكان قد روى سعيد بن سليمان، عن مبارك بن سعيد، عن إسماعيل الأسدي قال : شهدت الشعبي - وذكروا عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) - فقال : لو رضوا أن يقولوا: رحمه اللّه إن(3) كان لقريب القرابة، قديم الهجرة، عظيم الحق، زوج فاطمة، وأبا الحسن والحسين، وكان [في] هذا إذ قال رجل : فإنّ عليّاً يشهد أن الثاني في الجنّة،
ص: 295
1- لا توجد في تاريخ ابن الأثير 558/1 جملة : عام طاعون.
2- في المصدر : قال : فعرف أبو عبيدة أنّه إنّما أراد أن يستخرجه من الوباء، قال: يغفر اللّه لأمير المؤمنين.. ثمّ كتب إليه : يا أمير المؤمنين ! إنّي قد عرفت حاجتك إليّ وإنّي في جند من المسلمين، لا أجد بنفسي رغبة عنهم فلست أُريد فراقهم.. إلى آخره.
3- كذا؛ والظاهر : إنه، وإن صح - أيضاً -: إن.
فما (1) تقول أنت يا أبا عامر ؟ فقال [الشعبي]: يبكي الدلام في خطيئته، وأنا أشهد له بالجنّة.. ؟ ! أنت أعلم بما شهدت (2).
وفي البخاري (3)، والحلية (4)، وكتاب الواقدي (5)، قال ابن عباس : لما طعن عمر دخلت عليه، فقلت : أبشر ! فإنّ اللّه عزّ وجلّ قد مصر بك الأمصار، ودفع بك النفاق، واقتنى (6) بك الرزق !! فقال - في رواية الواقدي - : إن المغرور - واللّه - من غررتموه (7)، أما واللّه لو أنّ [لي] ما طلعت الشمس عليه من صفراء وبيضاء لافتديت بها من هول المطلع (8).
ص: 296
1- في نسختي الأصل فيما. وفي المسترشد للطبري (رَحمهُ اللّه):.. فكان في هذا إذ قام رجل من القوم، فقال : إنّ عليّاً يشهد أنّ عمر في الجنّة، فما تقول أنت يا أبا عمرو ؟ !
2- وحكاه الطبري (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 535، وفيه : فأنت أعلم وما شهدت..
3- كتاب البخاري 16/5 (كتاب المناقب) حديث 3692 نقلاً بالمعنى.
4- حلية الأولياء 52/1.
5- كتاب الواقدي، وقال البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 24/3 : فقد أسند الواقدي إلى ابن عبّاس.. إلى آخره.
6- في نسخة (ألف) : افتنى، وفي الحلية : أفشى..
7- تقرأ في نسختي الأصل : عذر تموه، والظاهر أنّها تصحيف أو سهو.
8- وجاء في حلية الأولياء 355/3 بدون (من صفراء وبيضاء). وراجع ما ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 335/7. وفي كتاب ربيع الأبرار للزمخشري 157/4 قال لابن عبّاس في آخر ساعاته : إنّ من تغرونه لمغرور، واللّه لو أنّ لي ما طلعت عليه الشمس من صفراء وبيضاء لا فتديت به من هول المطلع. وقال الزمخشري في الفائق 366/5 أنّه قال عند موته :.. لو أنّ لي ما في الأرض جميعاً لافتديت به من هول المطلع.. وانظر ما جاء فيه 366/2، وزاد عليه : هو موضع الإطلاع من إشراف إلى انحدار. ولاحظ ما جاء في مسند مسند أبي يعلى الموصلي 117/5، وفيه : من هول المطلع. وقد ذكر ابن سعد في الطبقات 354/3 أنّ عمر قال : اسقوني نبيذاً - وكان من أحبّ الشراب إليه - قال : فخرج النبيذ من جرحه مع صديد الدم. فلم يتبين لهم ذلك أنّه شرابه الذي شرب. فقالوا : لو شرب لبناً.. فأُتي به، فلما شرب اللبن خرج من جرحه، فلما رأى بياضه بكى وأبكى من حوله من أصحابه ! فقال : هذا حين لو أنّ لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع. وجاء في استدراكات الكافئة في إبطال توبة الخاطئة للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 47 برقم 63، وعنه في بحار الأنوار 144/30 (باب) (20) برقم 18، وأشار له وزاد عليه الطبري (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 327 برقم 120، وكذا راجعه في كتاب الأربعين للشيرازي (رَحمهُ اللّه) : 572. وراجع أسد الغابة 77/4، الإمامة والسياسة 40/1[26/1 تحقيق الزيني ]، حياة الحيوان للدميري 346/1 [ طبعة مصر ]، الاستيعاب 1154/3. وانظر عن ساعة وفاة عمر وما قاله لابن عبّاس في مجمع الزوائد 75/9 - 79، الطبقات الكبرى لابن سعد 347/3 - 357، العقد الفريد 27/5، مستدرك الحاكم 92/3، فتح الباري 52/7 المصنّف لابن أبي شيبة 155/8، تأويل مختلفالحديث : 248، فيض القدير 424/5، صحیح ابن حبان 315/15 و 333، كنز العمال 677/12 - 678 و 685 - 686 و 689، والمعجم الأوسط للطبراني 182/1.. وغيرها. أقول : المطلع ؛ يراد منه الموقف يوم القيامة، أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت ؛ فشبّهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عالٍ. انظر : النهاية لابن الأثير 133/3، وكذا في مجمع البحرين 368/4.. وغيرهما.
وفي رواية البخاري (1) :.. [ اللّه ] لو أن لي طلاع (2) الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب اللّه..(3)
ص: 298
1- كتاب البخاري 16/5 (باب مناقب عمر بن الخطّاب !) كتاب فضائل أصحاب النبيّ حديث 3416 بنصه، وقريب منه ما ذكره الراغب الإصفهاني في المحاضرات 380/2. وجاء - أيضاً - في حلية الأولياء 266/6 : أنّ عمر قال عندما ضرب - :.. فلو أنّ لي ما في الأرض من شيء لافتديت به من عذاب اللّه قبل أن أراه.. !
2- قال ابن منظور في لسان العرب :235/8 وطلاع الأرض : ما طلعت عليه الشمس، وطلاع الشيء: ملؤه، ومنه قول عمر - عند موته - : لو أنّ لي طلاع الأرض ذهباً.. قيل : طلاع الأرض : ملؤها حتّى يطالع أعلاه أعلاها.. فيساويه.
3- وعن البخاري في الطرائف لابن طاوس (رَحمهُ اللّه) : 479، والصراط المستقيم للبياض (رَحمهُ اللّه) 24/3 - 25.. وغيرهما. و راجع : علل الدارقطني 212/2، وتاريخ المدينة لابن شبة النميري 909/3 و 913.. وغيرهما. وقريب منه أورده الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في رسالة المسألة الكافئة في إبطال توبة الخاطئة : 47 برقم 60، وعنه في بحار الأنوار 143/30 - 144 (باب 20) برقم 15.. وذكر هناك موارد متعدّدة جداً عن عدة مصادر.. واستشهد بكلامه ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 226/17، وذكره أيضاً في الشرح المزبور 125/12 قال : وفي حديث عمر، قال عند موته.. إلى آخره، وراجع أيضاً : 192/12 - 193. ومثله في الفائق للزمخشري 88/2 وغيره. أقول: هذا الكلام ليس بعجيب من عمر بن الخطّاب؛ وهو الذي علم بكفره في الباطن وسوء عاقبته، وهذا نص كلام اللّه تعالى في سورة آل عمران (3): 90 - 91، وهو يحكي عن حال الكفار ؛ إذ قال : ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثمّ ازْدَادُوا كُفْراً لَن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الصَّالُونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدَىٰ بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِن نَاصِرِينَ﴾ أو أراد هنا التظاهر بالإيمان والاعتقاد بعذاب القبر والآخرة !
وفي رواية صاحب الحلية (1): والذي نفسي بيده لوددت أنّي خرجت منها كما دخلت [فيها]: لا أجر ولا وزر (2).
ص: 299
1- حلية الأولياء 52/1.
2- وفي الفائق للزمخشري 430/3 :.. وددت أنّي خرجت منها كفافاً لا لي ولا عليّ.. وفيه - أيضاً - 271/3 :.. وددت أنّي سلمت من الخلافة كفافاً لا عليَّ ولا وانظر : تاريخ بغداد 167/11 - 168، والمعرفة والتاريخ 522/1.. وغيرهما. ومثله في السنن الكبرى للبيهقي،97/10، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 192/12، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 424/44، ومناقب عمر لابن الجوزي : 219، وسيرة عمر 2 /618.. وغيرها. وقريب منه في كتاب المسألة الكافئة في إبطال توبة الخاطئة : 47 برقم 62، وعنه في بحار الأنوار 144/30 (باب 19) برقم 16.
وفي الحلية (1): روى يحيى بن أبي كثير، عن عمر قال : لو نادى مناد من السماء : أيها الناس ! إنّكم (2) داخلون الجنّة كلّكم [أجمعون ] إلّا رجلاً واحداً لخفت أن أكون هو (3).
وفي مواعظ الكرامي (4)، وحلية الأولياء (5)؛ أنّه قال الضحاك : لما احتضر الثاني قال : يا ليتني كنت كبشاً لأهلي ؛ فأكلوا (6) لحمي، ومزقوا عظمي ولم أرتكب إثمي (7).
ص: 300
1- حلية الأولياء 53/1.
2- في نسخة (ألف) : أيكم.
3- ومثله في كنز العمال 620/12 حديث 35916، وقد أخرجه ابن رجب الحنبلي في کتابه : التخويف من النار : 23 [ طبعة مكتبة المؤيد، وفي طبعة مكتبة دار البيان : 26].
4- مواعظ الكرامي : وهو كتاب مفقود لا نعلم بنسخة له فضلاً عن طبعه. وحكاه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 25/3 عنه، ومثله في الأربعين لمحمّد طاهر القمّي (رَحمهُ اللّه) : 573. وعلّق البياضي (رَحمهُ اللّه) بقوله :.. وهذا يدلّ على خروجه من الدنيا على غير يقين.
5- حلية الأولياء 52/1 باختلاف كبير، سنذكر نصه.
6- في نسختي الأصل : فأكلا.
7- النص في حلية الأولياء 52/1 - ومثله في كنز العمّال 619/12 حديث 35912 – عن الضحاك هكذا قال عمر بن الخطّاب : ليتني كنت كبش أهلي ؛ يسمنوني [ يسموني، ستنوني] ما بدا لهم، حتّى إذا كنت أسمن ما أكون زارهم بعض من يحبون؛ فجعلوا بعضي شواء، وبعضي قديداً، ثمّ أكلوني فأخرجوني عذرة.. ولم أك بشراً.. !! وجاء في هامش المسترشد للطبري (رَحمهُ اللّه): 554، وذكره الهندي في كنز العمال أيضاً 345/6.. وراجع ما جاء هامش بحار الأنوار 95/31 (باب 24 - الطعن التاسع عشر). وحكي ذلك عن كعب في حلية الأولياء لأبي نعيم الإصفهاني 366/5، و31/6، وفي ذيله قال: والذي نفسي بيده لوددت أني خرجت منها كما دخلت فيها لا أجر ولا وزر. وجاء في كتاب المعرفة والتاريخ للفسوي 543/2 و 548 قولة عمر : وددت أنّي روتة..! وجاء في كتاب غريب الحديث 110/4 قوله : ليت أُمي لم تلدني. وعن ابن عمر كما في ربيع الأبرار للزمخشري 739/1 - أنّه قال : كان رأس عمر على فخذي في مرضه، فقال : ضع رأسي على الأرض. فقلت : وما عليك لو كان على فخذي ؟ ! فقال : ضع رأس عمر على الأرض لا أُمّ لك ! فقال : ويل لي إن لم تغفر لي.. ! انظر : تاريخ مدينة دمشق 331/30.. وغيره. وفي كنز العمّال 496/12 حديث 35626، والمحاسن والمساوي للبيهقي : 53 عن عمر قال : وددت أني شعرة في صدر أبي بكر ! وفي الكافئة للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 46 حديث 58 مسنداً عن عبد اللّه بن عامر بنربيعة قال: رأيت عمر بن الخطّاب أخذ بتنة من الأرض، فقال : ليتني كنت نسياً منسياً، ليت أمي لم تلدني.. ولاحظ : حديث 59 بعده، وحكاه عنه في بحار الأنوار 143/30 (باب 20) حديث 13، وما بعدها، ومثله في الطبقات الكبرى 360/3. وأسند في الطبقات الكبرى 361/3 عن سالم بن عبد اللّه، عن عمر بن الخطّاب قال : ليتني لم أكن شيئاً قط ! ليتني كنت نسياً منسياً ! قال : ثمّ أخذ كالتبنة أو كالعود عن ثوبه فقال : ليتني كنت مثل هذا ! وقريب منه في تاريخ مدينة دمشق 313/44، ومنتخب كنز العمّال 400/4، ومثله في تاريخ المدينة /920، وفيه : رأيت عمر أخذ تبنة من حائط [لا من الأرض] فقال : يا ليتني كنت هذه التبنة ! يا ليتني لم أُخلق ! يا ليت أُمي لم تلدني ! يا ليتني لم أك شيئاً ! يا ليتني كنت نسياً منسياً ! ثمّ أسند بطريق آخر بعده قوله : يا ليتني كنت حائكاً أعيش من عمل يدي.. وجاء مثله في كنز العمّال للحافظ الهندي 619/12 حديث 35914 بزيادة: أخذ تبنة من الأرض، فقال : يا ليتني كنت هذه التبنة.. إلى آخره، وقد ذكر له عدة طرق. والتبنة : عصيفة الزرع من البرّ ونحوه كما في اللسان 71/13، وهو بالكسر فالسكون، كما في مجمع البحرين 221/6.. وغيره.
وروى جماعة أنّه قال : يذكر عدلي إلى يوم القيامة، وإذا انطلقوا بي يوم القيامة بين يدي اللّه انطلقوا بي مع الغلّ(1).
ص: 302
1- لم نعثر على مستند لهذه المروية، ولا واحد من الجماعة الراويين له، وما أثبتناه هو المحتمل في قراءة النص.
فأنتم معشر السنّة ! تعدّون هذه من مناقبه، وتقولون : شكّ في نفسه لشدّة خوفه! وتقولون : شهد (1) النبيّ (عليه و آله السلام) أنّه قد رأى له قصراً في الجنّة !! وكلّ هذا يدلّ على خروج (2) من الدنيا على غير يقين، وأنه كان في شكّ ممّا كان عليه، فلما حضر الموت تيقن أنّه ظلم نفسه.
قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): [ من الرجز ]
مَن شَكَ في اللّه فَإِنِّي مُهْتَدِي*** دِينِي عَلَى دِينِ النبيّ أَحْمَدِ (3)
ومن(4) شكَّه؛ ما روى مسلم في الصحيح (5)، ومالك في
ص: 303
1- في نسختي الأصل : شهداء.
2- كذا ؛ ولعلّ الأنسب، بل الأصح : خروجه.
3- جاء البيت في الديوان المنسوب له صلوات اللّه عليه وآله [ طبعة الأعلمي بيروت: 34، وفي طبعة الغري النجف الأشرف : 25] هكذا : [ من الرجز ] یا شاهِدَ اللّه عليَّ فاشهد*** أنّي على دين النبيّ أحمد مَنْ شكّ في الدين فإنّي مهتدي*** يا ربّ فاجعل في الجنان موردِي وقد قالها لما طلب منه الخوارج - لعنهم اللّه - أن يتوب !!.. وقد جاء هذان البيتان في طبعة سيّد الأهل : 63 هكذا : [من الرجز ] یا شاهِدَ اللّه عليَّ فاشهد*** آمنتُ بالخالِقِ رَبِّ أحمد يا ربِّ مَنْ ضَلَّ فإنّي مهتدي*** يا ربّ فاجعل في الجنانِ مقعدي
4- في نسخة (ألف): زمن.
5- کتاب مسلم 1639/3 - 1640 (باب 2، باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة) حدیث (8(2068) باختلاف أشرنا لبعضه، ونقلاً بالمعنى. ولاحظ أيضاً منه : 1638/3 - 1640 حديث 6 و 7 و 9، وفي طبعة 6 /138، فقد جاء الحديث هناك مكرّراً بألفاظ مختلفة. وما هنا قد أُخذ من أكثر من واحد، وإن كان الغالب ما أرجعنا له، بل قد جاء في كتاب مسلم في أكثر من سبعة مواضع وانظر : كتاب البخاري 2/2 و 31/4 - 32.
الموطأ (1)، أنّه قال عبد اللّه بن عمر : وجد عمر حُلّة [من ] استبرق تباع في السوق، فأخذها فأتى بها النبيّ (عليه و آله السلام)، فقال : يا رسول اللّه ! ابتع هذه تتجمّل بها للعيد والوفد ! فقال : «إنّما هذه لباسُ مَنْ لا خلاق له في الآخرة» (2).
ثم إن النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] أرسل إليه بجبة ديباج، فأقبل بها عمر حتّى أتى بها رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ]، فقال : يا رسول اللّه ! أما قلت : «إنّما هذه لباسُ مَنْ لا خلاق له في الآخرة»، ثمّ أرسلت إليّ بهذه؟!
فقال النبيّ (عليه و آله السلام): «تبيعها وتقضي» (3)..
ص: 304
1- الموطأ 917/2 (باب ما جاء في لبس الثياب) حديث 18 [ وفي طبعة حديث 1432، وجاء على رواية يحيى بن يحيى الليثي : 658 حديث 1662 باختلاف كثير ].
2- وقريب منه معنىً في سنن الترمذي 217/4 حدیث 1720، ونحوه في سنن أبي داود 242/1 حديث 1076.. وما بعده، و 257/2 حديث 4040.. وما بعده [50/4 حدیث 4057].
3- في نسختي الأصل: يقضي، وفي المصدر : وتصيب بها، وفي ذيل الأحاديث الأُخر هكذا: «إنّما بعثت بها إليك لتنتفع بها، ولم أبعث بها إليك لتلبسها». وفي بعض آخر : «إنّما بعثت بها إليك لتستمتع بها».. وغيرها من المضامين.
.. بثمنها حاجتك» (1).
البخاري (2)؛ وغيره (3)، أنّه قال : لما رأوا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على خصفة (4) - وإنّ بعضه لعلى التراب - قال : [إنّ] كسرى وقيصر على سرر الذهب وفرش الديباج والحرير.
ص: 305
1- وفي الموطأ : فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم: «لم أكسكها لتلبسها». فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكة !! وانظر : كتاب نيل الأوطار للشوكاني،83/2، وكذا ما جاء فيه 349/3 حيث قال : متفق عليه، وسنن النسائي 181/3، والسنن الكبرى للبيهقي 280/3، والسنن الكبرى للنسائي 543/1 - 544، و 5 / 463 حدیث 9574، وكنز العمال للهندي 470/15.. وغيرها. وراجع : فقه السنة 479/3، وقال في هامشه : رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة..
2- كتاب البخاري ؛ ولم نجد هذا النصّ فيه، نعم وجدنا ما يقاربه وهو ما جاء فيه 156/6 - 158 باب : ﴿تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ﴾ حديث 4913.
3- وانظر : مستدرك الحاكم 104/4، وكنز العمّال،185/7، وزاد المسير لابن الجوزي 139/7.. وغيرها.
4- في نسختي الأصل : حضفة، وفي نسخة : حصير. والخصفة - بالتحريك : الجلّة من الخوص تعمل للتمر، كما في الصحاح 1350/4، والنهاية،37/2، ومجمع البحرين 46/5.. وغيرها.
فقال: «أشكٍّ يا ابن الخطّاب ؟! بلى، أما ترضى أن ندع (1) لهم الدنيا ونأخذ الآخرة؟!». قال لما أخجله - : بلى رضينا !
ومنها : ما رواه الواحدي في أسباب نزول القرآن (2): أنّه قبض على النبيّ (عليه و آله السلام) من ورائه لما تقدّم ليصلي على عبد اللّه بن أبي استجلاباً لرهطه (3)، فقال له : واللّه ! لقد نهاك اللّه عن هذا (4)، فأجابه بما ارتدع..(5) لكفاه في روايتنا (6) أنّه قال النبيّ عليه و آله السلام): «وما يدريك ما قلت ؟ إني قلت : اللّهمّ احش (7) جوفه ناراً، وأصله ناراً..»(8).
ص: 306
1- في نسخة (ألف): تدع.
2- أسباب نزول القرآن : 173، وهو نقل بالمعنى وجمع بين روايتين، فلاحظ، ولا يوجد في مطبوعه ما في ذيلها.
3- حيث جاء في أكثر من مصدر - ومنه أسباب النزول : 174 - قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «.. واللّه إنِّي كنت أرجو أن يسلم به ألف من قومه».
4- لا توجد : عن هذا.. في نسخة (ألف).
5- كذا ؛ والظاهر : فأجابه بما لو كان يرتدع لكفاه.. كما ورد في رواياتنا..
6- في نسخة (ب) : رواتنا.
7- في نسختي الأصل : احس - بالسين -.
8- رواه الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في أصول الكافي 188/3 حديث 1 أنّه يقال للمنافق ما قاله رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على عبد اللّه بن أبي سلول : «اللّهمّ احش جوفه ناراً، واملأ قبره ناراً، وأصله ناراً»، وراجع : وسائل الشيعة للحر العاملي 70/3 - 71 (باب 4) حديث 3042، تذكرة الفقهاء 1 / 50.. وغيرهما.
ومن استهزائه (1) بالنبيّ (عليه و آله السلام)؛ ما جاء في حلية الأولياء(2)، في حديث أبي عسيب (3) أنّه جاء صاحب حائط بعذق (4)، فوضع بين يدي النبيّ (عليه وآله السلام) فأكلوا، ثمّ دعا بماء [فشرب] فقال: «لتسألن عن هذا يوم القيامة» (5).
[قال : وأخذ عمر العذق ] فضرب به الأرض [حتى] تناثر البسر نحو وجه رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)]..
ثم قال : يا رسول اللّه ! إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة ؟ ! قال: «نعم، إلّا من ثلاث : كسرة يسدّ بها جوعته (6)، أو ثوب يستر به عورته، أو جُحْر (7) يدخل فيه من الحرّ والقرّ» (8).
ص: 307
1- في نسخة (ألف): فاستهزاؤه.
2- حلية الأولياء 27/2 - 28 بتصرف أشرنا لغالبه.
3- في نسختي الأصل : شعيب، والصحيح ما أثبتناه من المصدر.
4- في نسختي الأصل : بقذف.
5- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : جملة هنا هي : قال : نعم إلّا من ثلاث.. حذفناها ؛ إذ لم ترد في المصدر ولا وجه لها لتكررها.
6- الكلمات الثلاث غير منقوطة ومشوشة في نسختي الأصل، تقرأ: كسر بسد بها خرجته - بدون نقط -، وما هنا أخذ من الحلية.
7- في نسخة (ألف) : حجر.
8- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : من الحق والفيء.. مع تشوش وصعوبة في القراءة، ووجود بياض بعده. وقريب منه في مسند أحمد بن حنبل 81/5، وفيه : خرقة كفّ بها الرجل عورته. أو كسرة سدّ بها جوعته، أو حجراً يتدخل فيه من الحرّ والقرّ.. وراجع: شعب الإيمان للبيهقي 143/4، تاريخ مدينة دمشق 295/4 - 296، الترغيب والترهيب 77/4.. وغيرها.
واعتراضه (1) علی رسول (2) اللّه لما وقف على شفير الركيَّة (3) ببدر، وجعل ينادي القتلى بأسمائهم وأسماء آبائهم : يا فلان بن فلان !.. ويا فلان بن فلان !.. (أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ) (4) أطعتم اللّه ورسوله ؟! هل وجدتم ما وعد ربكم حقّاً ! فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً»، فقال له الثاني : ما تكلّم من أجساد لا أرواح فيها (5)؟!
ص: 308
1- وجاء بألفاظ مختلفة، وباختصار تارة وإسهاب أُخرى في مصادر جمة منّا ومنهم، منها ما جاء في كتاب البخاري 8/5.. وغيره.
2- في نسختي الأصل : برسول، بدلاً من : على رسول، والمثبت هو الصحيح.
3- جاء في كتاب البخاري، ومسند أحمد، وعمدة القاري.. ومصادر أخرى : شفة الركي، ويراد منها طرف البئر، أو البئر التي طويت وبنيت بالحجارة لتثبت، ولا تنهار، وشفتها : طرفها. وقيل : الركي - بفتح الراء وكسر الكاف و تشديد آخرها - البئر قبل أن تطوي، والأطوار - جمع طوى - وهي البئر التي بنيت بالحجارة لتثبت ولا تنهار. وقد نقل في فتح الباري 234/7 رواية : على شفير الركي..
4- في نسختي الأصل : أبشركم إذا، والمثبت عن المصادر.
5- في البخاري : لها.
فقال: «والذي نفسي بيده ما أنت أسمع منهم، وما بينهم وبين أن تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم إلّا أن أتولّى» (1).
وشكه في المُخْدَج (2)، وقد أمره النبيّ بقتله، فرآه يصلّي، فقال : أقتل رجلاً يصلّي ؟!
وفي شمائل أبي عيسى الترمذي (3)، وإحياء الغزالي (4)، عن زيد بن أسلم، عن
ص: 309
1- قد فصّل الحديث عن أهل القليب - ويقال لهم : أصحاب القليب - وما وردت فيهم من الروايات من طريق العامّة والخاصّة مؤلّف كتاب الأسرار جزاه اللّه خير الجزاء وعامله بلطفه وكرمه في كتابه. راجع منه : 376/1، و 1 / 274 - 275، ويقال لهم أيضاً : أهل الكفر، كما فيه 377/1، فراجع. و راجع ما جاء في مسند الروياني 156/2.. وغيره.
2- وهو ذو الثدية ؛ حرقوص بن زهير البجلي. قد سلف الحديث عنه ومصادر ترجمته في مطاعن الخليفة الأوّل. وراجع : مسند أحمد بن حنبل 15/3، وتاريخ ابن كثير 298/2، وحلية الأولياء 317/2 و 227/3، والإصابة 484/1.. وغيرها. وقد فصّل الكلام فيه في الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 252/3 - 256، ويقال له : مخدع اليد، ومخدج اليد، ومخدوج اليد.. وله كنى أُخرى.
3- كتاب الشمائل المحمّدية للترمذي : 191 [ وفي طبعة: 294]. 4
4- إحياء علوم الدين للغزالي 379/2 باختلاف يسير، وقريب منه ما جاء في البداية والنهاية 56/6.. وغيرهما.
أبيه، عن عمر بن الخطّاب : أنّ رجلاً جاء إلى النبي، فسأله أن يعطيه، فقال له النبي: «ما عندي شيء، ولكن ابتع عليّ شيئاً (1)، فإن جاءني شيء قضيته» فقال عمر : يا رسول اللّه ! قد أعطيته (2)، فما كلّفك اللّه ما لا تقدر عليه.. !!
فكره النبيّ (عليه و آله السلام) قوله، فقال رجل من الأنصار : يا رسول اللّه ! أنفق ولا تخف من ذي العرش إقلالاً.. فتبسم النبيّ (عليه وآله السلام) وعُرف البشر في وجهه لقول الأنصاري، وقال: «بهذا أُمرت»(3).
محمّد بن المنكدر، عن عمر (4) قال : ندمت على ثلاثة؛ على تخلّفي عن جيش أُسامة، وعلى عتقي رقيق اليمن.. وسكت عن الثالثة !
فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إن شئت خبرتك أنا»، قال : نعم يابن رسول اللّه.
قال [ (عَلَيهِ السَّلَامُ)]: «اجتماعهم على أن لا يجعلوها في عقب رسول اللّه
ص: 310
1- قد تقرأ في نسختي الأصل: شاء أو شاة، ولا توجد في الإحياء، وهو الظاهر، وفي مجمع الزوائد : «ما عندي شيء أعطيك، ولكن استقرض حتّى يأتينا شيء فنعطيك».
2- كذا ؛ ولا توجد في المصدر : قد أعطيته.. وقد جاءت في الشمائل وغيره، كما هو الظاهر.
3- وقريب منه في مجمع الزوائد للهيثمي 241/10 - 242 (باب الإنفاق والإمساك)، ومكارم الأخلاق لابن أبي الدنيا : 118، وكنز العمال للهندي 203/7 - 204 حدیث 18637، وفيض القدير - شرح الجامع الصغير للسيوطي - للمناوي 218/5، وكذا في سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد للدمشقي الصالحي 52/7..
4- لا توجد : عن عمر.. في نسخة (ألف).
عليه و آله السلام) من بعده» (1).
وروى أبويوسف، عن مجالد بن سعيد]، عن [عامر ] الشعبي: أنّ زفر أتى النبيّ (عليه وآله السلام) بصحيفة قد كتب فيها التوراة بالعربية، فقرأها [عليه].. فعرف الغضب في وجهه، فقال : أعوذ باللّه وبرسوله من سخطه.
فقال النبيّ (عليه و آله السلام): «[أيها الناس ! ] لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء؛ فإنّهم لا يهدونكم وقد ضلّوا (2)، وعسى أن يحدثوكم بباطل فتصدقوهم أو بحق فتكذبوهم، فلو كان موسى [ حياً ] بين أظهركم لما حلّ له أن لا يتبعني» (3).
ص: 311
1- راجع رواية الخصال 170/1 - 171 (باب الثلاثة) حدیث 227 في قولة عمر : أتوب إلى اللّه من ثلاث.. حديث 225 و 226 و 227، وفي بحار الأنوار 124/30 - 125 (باب 19) حدیث 3، و 4، و 5. ولاحظ ما رواه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 121/30 - 122 (باب 19 - فيما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة) حديث 1، عن أبي الصلاح الحلبي (رَحمهُ اللّه) في تقريب المعارف، ولم نجده في التقريب، فراجع.
2- في الإيضاح : أضلوا أنفسهم. قال الهندي في كنز العمال 200/1 حدیث 1006: «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإني أخاف أن يخبروكم بالصدق فتكذبوهم، أو يخبروكم بالكذب فتصدقوهم..»، ولم يتعرّض للواقعة.
3- ومثله ما ذكره ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 477/46، فراجع. انظر: المصنّف لابن أبي شيبة 312/5، مسند أحمد بن حنبل 338/3 وصفحة : 387، مسند أبي يعلى 102/4، مجمع الزوائد 1 / 174، وفتح الباري 437/13.. وقد جاء في الإيضاح للفضل بن شاذان : 168 [ الطبعة المحقّقة : 309 - 311]، وحكاه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 315/26 - 316 (باب 5) حدیث 78 عن كتاب التنبيه للحيرة للفضل بن شاذان (رَحمهُ اللّه) بنفس الإسناد والألفاظ، قال : «بين أظهركم ما حلّ له إلّا أن يتبعني».
للشريف الرضي(1): [ من مجزوء الكامل ]
أبَنِي عَلِيٌّ (2) إِنَّمَا*** سَالَتْ بِخَيْلِكُمُ السِّغَابُ (3)
وَشَرُفْتُمُ (4) بِالطَّعْنِ (5) والدُّ*** نيَا صِرَامٌ (6) أَوْ ضِراب (7)
ص: 312
1- ديوان الشريف الرضي 118/1 في قصيدة طويلة في (56) بيتاً أنشدها مفتخراً.
2- في نسختي الأصل : لبني علي، وفي الديوان : عدي !
3- تقرأ في نسختي الأصل : الثغاب - مع تشويش في الإعجام - وفي المصدر : الشعاب، والصحيح ما أثبتناه، والسغاب : الجوع أو العطش.
4- كذا في الديوان، وفي نسختي الأصل : سرفتم. والشرف : ضد القصد، أو مجاوزة القصد، وقيل : تجاوز ما حدّ لك، وكذا قيل في معناه : الإغفال، والخطاء، وقد سرفه - كَفَرِحَ - : أغفله وجهله. راجع : تاج العروس 428/23.
5- كذا في الديوان، وفي نسختي (ألف) و (ب): بالطغى.
6- كذا تقرأ في نسختي الأصل، وفي الديوان : ضرام، وكلاهما يصح، والصرام هي الحرب والداهية، كما في تاج العروس 504/32.
7- في نسختي الأصل : والضراب.
مَا كُنتُمُ إِلَّا اللَّيُوثَ (1)*** وَقَد تَوالَغَتْ الذُّئابُ (2)
وقَرَعْتُمُ (3) بِالبِيضِ حتّ*** ى ضاعَ فِي اللِّمَمِ (4) الشَّبابُ
السيد الحميري (5) : [ من المجتث ]
يا صُورَةٌ للرَّجالِ (6)*** وَيَا حَلِيفَ الضَّلالِ
وَيَا دَعِيَّ ابْنِ تَيْمِ*** يُنْمَى إِلَى الأَنْذَالِ
يَا نَسْلَ نُطْفَةِ رِجْسٍ*** فِي جَوْفِ رَحْمٍ مُذَالِ
مَا رُمْتَ شَتْمَ عَليٍّ*** إِلَّا لِدَاءٍ عُضَالِ
ص: 313
1- في الديوان : [ من مجزوء الكامل ] ما كنتم إلّا البُحُو*** رَ تَوالَغَتْ فِيها الذِّئاب
2- تقرأ في نسختي الأصل : توالعت الذباب.
3- في نسختي الأصل : عرعتم أو عزعتم، ولا نعرف لها معنى مناسباً، وما أثبتناه جاء في المصدر. قال الزبيدي في تاج العروس 541/21: قرع الرجل - كفَرِحَ - : قمر في النضال.. أي غلب عن المناضلة، ثمّ قال : قرع الرجل قرعاً : ذهب شعر رأسه.. وقيل : ذهب من داء.. وهو أقرع.
4- كذا في الديوان، وفي نسختى الأصل اللحم.
5- لم نجد هذه الأبيات فيما جمع للسيد الحميري (رَحمهُ اللّه) في ديوانه، ولا نعرف لها مصدراً آخر، فراجع.
6- في نسخة (ألف): الرجال.
لُعِنْتَ يابْنَ (1) صُهاكٍ*** فَرْداً عَلى كُلِّ حال
العوني (2): [ من الكامل ]
والعَنْ زُرَيْقَ وَمَن يَدِينُ بِدِينِهِ*** والعَنْ سَفِيها في مقال لاما
***
ص: 314
1- في نسخة (ألف) : ابن.
2- لم يرد هذا البيت في مصدر ممّا نعرف، ولم يكن لشاعرنا ديوان ولا مجموعة، كما مرّ في ترجمته.
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[ باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[ فصل 8]
[ في مكر الدلام ]
ص: 315
فصل: في مكر الدلام
فصل في مكر الدلام (1)
الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ): في قوله : (يا أَهْلَ الكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْباطِلِ).. «الأول والثاني ومن عاونهما على معاداة (2) أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3)».. ﴿وَتَكْتُمُونَ الحَقَّ..) (4) الذي أمرهم به رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] في عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ)» (5).
الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله: ﴿رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ﴾ «ذاك ابن صهاك» (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ﴾، قال : «ذلك أمير المؤمنين وشيعته»
ص: 317
1- من الرموز التي أقرها المصنّف (رَحمهُ اللّه) للخليفة الثاني في مدخل كتابه هذا. لاحظ : الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار 200/2، وقد ذكر له جملة مصادر، كما وقد يطلق على صاحبه الأوّل هذا.
2- في نسختي الأصل : معادا - بدون تاء -.
3- في المناقب : من عادى أمير المؤمنين.. كذا فسّرت الآية.
4- سورة آل عمران (3): 71.
5- وأوردها المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 551/1 [ وفي طبعة بيروت 75/3، وفي طبعة النجف الأشرف 260/2].
(فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (1).
وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى..) (2) الآية : نزلت فيه.
ص: 318
1- سورة التين (95): 5 - 6. أقول : جاء في تفسير فرات الكوفي 6 : 217 [ وفي الطبعة المحقّقة : 578 - 579 حديث 744]، بإسناده:.. عن محمّد بن الفضيل بن يسار، قال : سألت أبا الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن قول اللّه عزّ وجلّ : ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ﴾.. إلى أن قال: قلت : بأبي [أنت ] وأُمي، قوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ..). قال : «ذلك أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشيعته كلّهم «فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ.»». وأورد المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقب آل أبي طالب 574/1 [ وفي طبعة بيروت 115/3، وفي طبعة النجف الأشرف 291/2] عن الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ذيل قوله سبحانه : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ «عليّ ابن أبي طالب». قلت : ﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾. قال : «الدين أمير المؤمنين». وقريب منه معنىً ما جاء أيضاً في تفسير فرات : 217 [ وفي الطبعة المحقّقة : 577 حديث 742740]. انظر : تأويل الآيات الظاهرة 2 / 813 - 815، والمناقب 163/3 [ طبعة النجف ]، و تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) 429/2 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحقّقة 1166/3]، ونور الثقلين 607/5.
2- سورة النساء (4) : 115.
أبو عبد اللّه في قوله : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) (1) :
«قال أمير المؤمنين [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]: زكّاه ربّه»..
(وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ (2)،
قال : «ابن صهاك وصاحبه (3) في بيعتهما (4) إيّاه، حيث مَسَحا (5) على كفّيه» (6).
مسند أحمد (7)، والبخاري (8)..
ص: 319
1- سورة الشمس (91): 9.
2- سورة الشمس (91): 10.
3- في الطبعة المحقّقة من تفسير القمّي : الأوّل والثاني وعليها نسخة : زريق وحبتر.
4- في نسختي الأصل : بيعته،، والمثبت عن التفسير.
5- في نسختي الأصل : مسح، والمثبت عن التفسير.
6- لاحظ : تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) 424/2 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحقّقة 1160/3]، وعنه في بحار الأنوار 175/36 (باب 39) حديث 165، وراجع : تأويل الآيات الظاهرة 806/2.. وغيره.
7- مسند أحمد بن حنبل 324/1 - 325، و 1 / 336 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 534/1 حدیث 2983، و 552/1 - 553 حدیث 3101، ومسند بني هاشم حدیث 2835 و 2945 ] بتصرف يسير أشرنا له. ومثله في مسند أحمد 356/4 حدیث 3992 بسند صحيح [طبعة دار المعارف بمصر، وفي طبعة 222/1 و 293 و 355].
8- كتاب البخاري 11/6 - 12 (باب 76 من كتاب المغازي) حديث 4079. ولاحظ منه 37/1، 31/4 و 66، و 5 / 137 - 138، و 9/7، و 161/8، والنص هنا مقارب له. ولاحظ منه 155/7 - 156 (باب 17 قول المريض : قوموا عنّي) [طبعة محمّد علي صبيح بمصر 156/7، وفي كتاب المرض 5237، وفي أُوفست دار الفكر على طبعة استانبول 9/7]. وأيضاً ؛ في 137/9 (باب 26 كراهية الخلاف) [ باب الاعتصام بالكتاب حديث 6818، وفي طبعة دار إحياء الكتب 7/4، وفي طبعة المعاهد 5/4، وفي طبعة الميمنية 5/4، وطبعة بمبئي 97/6، وفي طبعة الخيرية 6/4].. وهذه إشارة إلى تعدّد الطبعات المعتمدة عندهم ونقلنا عنها هنا. وقريب منه في حلية الأولياء 25/5. ولاحظ : في كتاب البخاري الأبواب التالية : كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، (باب كراهية الخلاف)، كتاب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إلى كسرى وقيصر، (باب مرض النبيّ ووفاته).. وأبواب أُخر في كتاب البخاري حيث ذكر عين هذه الرواية فضلاً عن غيره.
.. ومسلم (1) - لفظه لمسلم - : ابن عبّاس ؛ قال : لما حضر رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] -
ص: 320
1- کتاب مسلم 1259/3 (باب 5 باب ترك الوصية) حديث 22 (1637) بألفاظ متقاربة. وقريب منه ما قبله في حديث 20 و 21 في صفحة : 1257 - 1259 [ حديث 3090 – 3089]. وكذا في كتاب مسلم آخر كتاب الوصية 75/5[ طبعة محمّد علي صبيح، وطبعة المكتبة التجارية،2 /16، وفي طبعة عيسى الحلبي، و 95/11 في طبعة مصر بشرح النووي، وفي 7675/5]. ولاحظ ما جاء في شرح مسلم للنووي 89/11 - 94.
وفي البيت رجال؛ فيهم عمر (1) - فقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده».
فقال عمر (2): إنّ رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] قد غلب عليه (3) الوجع (4) وعندكم القرآن، حسبنا کتاب اللّه..
[قال : ] فاختلف أهل ذلك البيت واختصموا؛
منهم من يقول : قرّبوا يكتب لكم رسول اللّه كتاباً لن تضلوا بعده (5)..
ومنهم من يقول ما قال عمر..
فلمّا كثر (6) اللغط (7) والاختلاف عند النبيّ (عليه وآله السلام)،
ص: 321
1- لا يوجد فيهم عمر.. في كتاب البخاري في كتاب المغازي دون كتاب المرض وكتاب الاعتصام.
2- مسند أحمد بن حنبل 324/1 وكذا في 336/1: لن تضلوا بعده، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطّاب، فقال عمر.. إلى آخره. وفي كتاب البخاري : فقال بعضهم.. !
3- في نسختي الأصل : غلبت، وهو سهو في الإعجام، وفي مسند أحمد : قد غلبه..، وفيه - أيضاً - 336/1 : قد غلب عليه الوجع.. وكذا جاء في كتاب البخاري.
4- لاحظ : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 51/6[294/2 من طبعة دار مكتبة الحياة ]، و 30/2 [ طبعة دار الفكر ] : إنّ النبيّ ليهجر !
5- في نسختي الأصل : بعدهم.
6- في نسختي الأصل : أكثر، ولعلّها : أكثروا.
7- في نسختي الأصل : اللغيط، وهو سهو، والصحيح ما أثبتناه من المصادر. وجاء في كتاب مسلم : اللغو، بدلاً من اللغط، وفي بعض المصادر كبعض طبعات كتاب البخاري : اللغط أيضاً.
قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ]: «قوموا عنّي.. ! قد اختلفتم وأنا بين أظهركم» (1).
وكان ابن عبّاس يقول : إنّ الرزية كلّ الرزية ما حال بين رسول اللّه وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب.. من اختلافهم (2) ولغطهم (3).
ص: 322
1- في كتاب مسلم: «قوموا»، وفي كتاب البخاري: «قوموا عنّي»، قال عبيد اللّه : فكان ابن عبّاس.. إلى آخره.
2- كذا في كتاب مسلم ؛ وفي البخاري 12/6 : لاختلافهم.
3- روي من طرق الخاصّة والعامّة ما شاء اللّه، بل يعد حديثاً مستفيضاً عندهم، إن لم نقل إنّه متواتر معنوي، وقد تناقله المؤرّخون وأصحاب الصحاح والمسانيد. فمن كتب الخاصّة ؛ المهذب للقاضي ابن البراج (رَحمهُ اللّه) 12/1 [ المقدّمة ]، كتاب سليم ابن قيس الهلالي له : 324 [ وفي الطبعة المحقّقة 794/2 - 795 الحديث السابع والعشرون ]، الإرشاد 184/1، الإيضاح : 359 - 360 (الهامش)، المسترشد : 208 [طبعة الحيدرية، وفي المحقّقة : 681 - 682]، أوائل المقالات للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 406، وفي الاختصاص : 77 (رشيد الهجري)، والأمالي له له : 36، كشف المحجة : (64 - 65، التعجب للكراجكي (رَحمهُ اللّه) : 28[ وفي الطبعة المحقّقة : 89]، سعد السعود : 297، اليقين : 521، الطرائف : 432 و 435، مناقب آل أبي طالب 199/1 و 202، تعليقات السيّد الداماد (رَحمهُ اللّه) على اختيار معرفة الرجال 219/1، الصراط المستقيم 3/3 - 4، إعلام الورى 265/1، قصص الأنبياء للراوندي (رَحمهُ اللّه): 356، كشف اليقين : 9 - 10، مجمع الفائدة والبرهان 218/2.. وموارد متعدّدة في بحار الأنوار عمدتها مع مصادرها في 530/30 - 538 عن مصادر جمة في هامشه.. وموارد فيه وفي مجلداته، وكذا في غيره من مصنّفات أعلام الطائفة رضوان اللّه عليهم أجمعين. ومن كتب العامّة ومسانيدهم ؛ طبقات ابن سعد 242/2 - 244، المصنف لعبد الرزاق الصنعاني 438/5 - 439 حديث 9757، و 57/6، و 361/10، السقيفة وفدك للجوهري : 75 - 76، أسد الغابة لابن الأثير 305/3، الملل والنحل للشهرستاني 22/1 [ طبعة القاهرة المقدّمة الرابعة : 13]، كنز العمال للهندي 243/7، الفائق للزمخشري،390/3، السنن الكبرى للبيهقي 207/9، السنن الكبرى للنسائي 433/3 - 435، و 360/4، تاريخ الطبري 436/2، مجمع الزوائد للهيثمي 215/4، و 9 / 34، فتح الباري لابن حجر العسقلاني 102/8، مسند الحميدي 242/1، صحيح ابن حبان 562/14، مسند أبي يعلى 298/4، المعجم الأوسط للطبراني،288/5، المعجم الكبير له 30/11 و 352، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2/2، و 54/2 - 55، و 51/6، و 219/10، و 49/11، و 87/12، و 30/13 - 31، البداية والنهاية لابن كثير 247/5، تاريخ ابن خلدون 62/2، و 171/3، الشفا للقاضي عياض،1922، عيون الأثر 431/2، السيرة النبوية لابن كثير 450/4 - 451.. وغيرها. هذا؛ ولاحظ ما ذكره شيخنا الأميني - طاب ثراه - في غديره 339/5 - 341.
وفي رواية عبد الرزاق (1)، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن [ عتبة، عن ابن ] عبّاس: أنّ الثاني قال : إنّ رسول اللّه قد غلب عليه الوجع،
ص: 323
1- المقصود به : عبد الرزاق بن همام الصنعاني ؛ المتوفى سنة 211 ه، صاحب كتاب المصنّف، وقد جاء فيه 438/5 برقم 9757 إسناداً ومتناً، وعنه في كتاب البخاري 11/6 حدیث 4432. وانظر فيه : 429/5 (باب بدأ مرض رسول اللّه).
[وعندكم القرآن ](1) حسبنا کتاب اللّه ! (2)
وذكر البخاري (3) - في أربعة مواضع - عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس
ص: 324
1- جاءت الزيادة في أكثر من مصدر، كما في المسترشد للطبري الإمامي (رَحمهُ اللّه): 681 بنصه إسناداً، وفيها ذيل فراجعه. وقبله في المصنّف، كما سلف.
2- وقد حكاه المصنّف طاب ثراه في مناقب آل أبي طالب 202/1 [الطبعة الأُولى، وفي طبعة المرتضوية في قم 236/1] عن البخاري ومسلم في فصل في وفاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وكذا السيّد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه) في الطرائف : 432 عن غير واحد. ولعلّ ما أورده أبو يعلى في مسنده 393/3 - 394 -، في كتابة الكتاب الذي لا يضل بعده.. كالبخاري ومسلم - مغنٍ عمّا سواه من المصادر الواردة ذيله. وسلف هذا اللفظ عن كتاب البخاري،9/7، وكتاب مسلم 76/5، وشرح للنووي /90/11 - 92، ومسند أحمد بن حنبل 336/1.. وغيرها.
3- كتاب البخاري 85/4 (كتاب الجهاد والسير) حديث 3053 [ حدیث 2825] باختلاف يسير لفظي، و 4 / 120 - 121 (من كتاب الجزية والموادعة) حديث 3168 [ حدیث 2932].. والحديث هنا قد جمع غالب لفظ الحديثين ومدلولهما. ولاحظ أيضاً من كتاب البخاري 11/6 حديث 4431 باختلاف وزيادة [كتاب المغازي حديث 4078]. وانظر منه 39/1(كتاب العلم) حديث 114 بألفاظ مقاربة، ولم يرد عن سعيد بن جبير، ومثله في 137/9 (كتاب الاعتصام) حديث 7366، فهي إذن خمسة مواضع لا أربعة.
أنه سُمِعَ يقول : يوم الخميس وما يوم الخميس !!.. فبكى حتّى بل دمعه الحصى (1) فقال : اشتدّ برسول اللّه (عليه و آله السلام) وجعه يوم الخميس، فقال: «ائتوني بكتاب وكتف (2) أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً..» فتنازعوا، ولا ينبغي عند النبيّ تنازع، فقالوا : هجر رسول اللّه !!.. الخبر.
ووافقه مسلم (3)، والطبري (4)، والبلاذري (5)، إلّا أنّهم رووا وقالوا: إنّ رسول اللّه ليهجر !!
ص: 325
1- كذا؛ وجاء في بعض المصادر ما ذكره المصنف (رَحمهُ اللّه)، وفي المصدر : حتّى خضب دمعه الحصباء
2- لا يوجد في بعض متون كتاب البخاري وكتف، وفي بعضها الآخر : بكتف.
3- کتاب مسلم 1257/3 - 1259 حديث 20 (1637) [كتاب الوصية 2089]، وانظر 1259/3 حدیث 22، وفي آخره: وأوصى [ وفي بعض النسخ : أوصيكم ] بثلاث...وسكت عن الثالثة عمداً، أو قال : فنسيتها..!! [ وجاء في بعض المصادر : الثالثة، أو قالها : فأنسيتها ]. وقريب من هذا ما جاء في تاريخ الطبري، كما سيأتي.
4- تاريخ الطبري 192/3 - 193 [الأعلمي 436/2] وفيه : فقالوا : ما شأنه ؟ أهجر ؟.. استفهموه فذهبوا يعيدون عليه ! فقال : دعوني، فما أنا فيه خير ممّا تدعونني إليه.
5- أنساب الأشراف 562/1 وفيه :.. فقالوا : أتراه يهجر ؟ ! وقريب منه في: تاريخ اليعقوبي 111/2 - 112، ومسند أبي يعلى الموصلي 298/4 حديث 2409 - عن عدة مصادر.. وغيرهما. وانظر: مسند أحمد بن حنبل 222/1، و 324 - 325 و 355 عن ابن عبّاس، وجاء عن البراء بن عازب أيضاً.. وغيرها.
وفي كتاب الفائق (1): قالوا : ما شأنه ؟ أهَجَر..؟! أي هذى [ يقال : هَجَرَ يَهجر هجراً إذا هذى ]، وأهجر.. أي أفحش.
فكتموا اسم القائل، إلّا أنّه قد أظهر فى الأسانيد التي رووا في ذلك..
وروی سفیان بن عيينة، عن سليمان بن أبي مسلم ] الأحول، عن سعيد ابن جبير.. (2)
وروى عمر بن ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير..
وروی سفیان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة..
وروی فضیل [ بن ] يسار، عن عبد اللّه بن محمّد، عن عكرمة..
وروى الحكم بن أبان، عن عكرمة..
ثم روى سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عبّاس، أنّه قال : يوم الخميس وما يوم الخميس..!!
وفي رواية : يوم الإثنين.. وذكر قول عمر : إنّه يهجر! (3)
ص: 326
1- الفائق للزمخشري 93/4 [ وفي طبعة أُخرى 391/3].
2- وجاء هذا الإسناد بعينه في الإيضاح للفضل بن شاذان (رَحمهُ اللّه): 186 [ الطبعة المحقّقة : 359 - 360] بقوله : حدثني الحميدي، قال : حدثني سفيان.. إلى آخره. وبهذا الإسناد جاء في كتاب البخاري 85/4 كتاب الجهاد، (باب هل يستشفع إلى أهل الذمة)، وكذا مسلم في كتابه 75/5.. وغيرهما، بل تعرّض له العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في أكثر من موطن من موسوعته البحار، وجاء مفصلاً فيها 530/30 - 531 (باب 23) : الطعن الأول.
3- كما جاء في غاية المرام 97/6، نقلاً عن كتاب سيّد الصحابة لبعض رجال العامّة.
وروى أحمد في مسنده (1)، عن أبي الزبير، عن جابر الأنصاري : أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند موته طلب (2) بصحيفة ليكتب فيها كتاباً لا يضلّون (3) بعده.. قال : فخالف عليها عمر بن الخطّاب حتّى رفضها (4).
وفي رواية زيد بن أسلم (5) أنّه قال : «ائتوني بصحيفة ودواة فأكتب لكم كتاباً لا تضلّون بعدي (6)».
فقالت النسوة (7): ائتوا رسول اللّه بما قال لكم (8)..
قال عمر : اسكتن [فإنّكن صواحبه ] إذا مرض تبكين عليه،
ص: 327
1- مسند أحمد بن حنبل 346/3 [ طبعة دار إحياء التراث العربي 308/4 برقم 14316، مسند جابر بن عبد اللّه حدیث 14199].
2- في المسند : دعا عند موته..
3- في نسختي الأصل : تضلّون.
4- وحكاه عنه السيّد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه) في الطرائف : 431 - 432، وأسنده بأحاديث جمّة عن الحميدي في الجمع بين الصحيحين وعلّق عليها، فراجع.
5- كما جاء في الطبقات الكبرى 243/2، ونهاية الأرب 246/18، والبيان والتعريف 257/2.. وغيرها. وراجع : مجمع الزوائد للهيثمي،34/9، وكنز العمّال للهندي 243/7.. وغيرهما.
6- في كتاب السقيفة وفدك للجوهري : 76، قال : فقال عمر كلمة معناها أنّ الوجع قد غلب على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)!.. وسلفت بعض مصادره.
7- في نسخة (ألف): للنسوة.
8- في نسختي الأصل : قالكم.. ثمّ جاء بعدها كلمة : فما، ولا وجه لها.
وإذا صح ركبتن (1) عنقه.
وفي رواية أبان بن عثمان : أنّ عمر لما قال: إنّه ليهجر !.. فلما أفاق، قال له العبّاس: هذه صحيفة ودواة قد أتينا بها يا رسول اللّه، قال : «أبعد ما قال قائلكم ما قال ؟ !...»، ثمّ أقبل عليهم، فقال : «احفظوني في أهل بيتي، واستوصوا بأهل الذمة خيراً، أطعموا المساكين، أكثروا الصلاة، واستوصوا بما ملكت أيمانكم..» فجعل يردّد ذلك.
وفي رواية (2)...ثمّ أعرض عنهم فنهضوا، فقال العبّاس : يا رسول اللّه ! إن يكن هذا الأمر فينا من بعدك فبشرنا به، وإن كنت تعلم أنّا تُغلب عليه فأوص بنا، فقال : «أنتم المستضعفون بعدي» (3).
ص: 328
1- في نسختي الأصل : ركبتنه، وجاء في المصادر :.. إذا مرض عصر تنّ أعينكن، وإذا صح أخذ تن بعنقه.
2- كما جاء في الإرشاد 184/1، وإعلام الورى 266/1، وقصص الأنبياء للقطب الراوندي (رَحمهُ اللّه) : 356.. وغيرها، وهي تشتمل على جملة : «أنتم المستضعفون بعدي». كما أوردها الطبراني في المعجم الكبير،23/25، وكذا الهندي في كنز العمّال 77/11، والحسكاني في شواهد التنزيل 555/1.. وغيرهم في غيرها.
3- جاء مكرّراً في مصادرنا عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لبني هاشم؛ كما في عيون أخبار الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) 66/1 حديث 244 - وعنه في بحار الأنوار 50/28 (باب 2) حديث 15 - ومعاني الأخبار : 79 [ الطبعة الأُولى : 28]، وعنه في بحار الأنوار 168/24، وشرح الأخبار للقاضي النعمان 494/2 حديث 877، والأمالي للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 351.. وغيرها.
ثمّ قال : «يا عبّاس ! يا عم رسول اللّه ! تقبل وصيتي (1)..» الخبر.
فكأن النبيّ (عليه وآله السلام) أراد أن يؤكّد ما قاله للناس أيام صحّته ويضيف (2) إلى القول الكتابة ؛ ليخرج من عهدة ما يجب عليه للأمة ممّا حق عليه أن يوض- يوضحه لهم لو قبلوا منه، وعلم الثاني ومن وافقه أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لا يرجع عما كان قاله - أولاً - للناس، ولا ينسخ ما كان أوصاهم به في يوم خم وغيره، فخالف النبيّ (عليه و آله وسلّم) وهو حيّ، وردّ قوله في وجهه، وتنازع هو ومن وافقه حتّى إذا أفاق النبيّ (عليه و آله السلام) وأضجره - وهو مريض - فقال لهم : «قوموا عني..»(3) إبعاداً لهم.
ص: 329
1- في نسختي الأصل الموصى، والمثبت من الإرشاد للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه)، وجاء أيضاً في إعلام الورى وقصص الأنبياء.. وغيرهما.
2- في نسختي الأصل: نصف، وهو غير صحيح.
3- كما سلف ذلك عن كتاب البخاري 29/1 [37/1] (باب كتابة الحديث)، و 69/4 [31/4] كتاب الجهاد (باب جوائز الوفد)، ومثله في كتاب مسلم 76/5 كتاب الوصية، وكذا في طبقات ابن سعد 244/2، ومسند أحمد بن حنبل 325/1، والسنن الكبرى للبيهقي،206/9، وفتح الباري،103/8، والسنن الكبرى للنسائي 360/4، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 87/12.. وغيرها. بل عقد البخاري في كتابه 9/7 في كتاب المرض (باب قول المريض : قوموا عنِّي)، وشرحه في فتح الباري، 107/10، هذا عدا كتب الخاصّة التي سلف ذكر أسماء بعضها. قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 474/22: خبر في بحاره :474/22 خبر طلب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الدواة والكتف ومنع عمر عن ذلك - مع اختلاف ألفاظه - متواتر بالمعنى، وأورده البخاري و مسلم.. وغيرهما من محدّثي العامّة في صحاحهم.. راجع : المناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 202/1 - 203 [ طبعة قم 235/1 - 236].
ثم كفر (1) الثاني [ حين ] خالف (2) رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] حتّى نسبه أنّه هجر..! وقد غلب عليه الوجع...! وأنه قد هذى...! واختلّ ذهنه (3)...وصار في حكم المختلّين الذين لاصواب في قولهم..!
مع ما صح من مقالاته في الصحاح أنّه: تنام عيناه ولا ينام قلبه (4)، ويتوضاً وينام حتّى يُسمع غطيطه (5)، ثمّ يصلّي من غير استئناف وضوء (6).
وقوله لما يؤتم (7) به في الصلاة : «إنّي الأنظر إلى] ركوعكم وسجودكم من
ص: 330
1- في نسخة (ب): ما كفر.
2- في نسختي الأصل : خلاف، ولعلّ العبارة كانت : ثمّ ما كفى الثاني خلاف رسول اللّه.
3- في نسخة (ألف) : وأضلّ دهنه.
4- كما جاء في مسند أحمد بن حنبل 278/1، وكتاب مسلم 180/2، والمستدرك على الصحيحين 431/2، وسنن البيهقي 122/1.. وغيرها.
5- قال ابن الأثير في النهاية :372/3 : الغطيط : هو الصوت الذي يخرج مع نفس النائم، وهو ترديده.. حيث لا يجد مساغاً، ويقال له : نخيره، كما جاء في لسان العرب 362/7، وأيضاً جاء فيه 262/4 صوت النائم، ولاحظ صفحة : 263.
6- راجع عنه : عمدة القاري 28/4، والشفا للقاضي عياض 154/2، وسبل الهدى والرشاد 469/11.. وغيرها.
7- في نسختي الأصل لما يأتم، ولعلّها : وقوله لمن يأتمّ به في الصلاة.. وأثبتنا ما استظهرناه.
ورائي(1)».. ولو كان ما ذهب إليه الثاني من أنّ رسول اللّه هجر، لما جاز للفقهاء أن يروواشيئاً من الأحاديث التي قالها في مرضه، ولا يمضوا شيئاً من أحكامها وخاصّة تقديم أبي بكر للصلاة - الذي روته عائشة - من أنّه قال في مرضه : مروا أبا بكر فليصل بالناس...ولولا هذه المصيبة التي أدخلها الثاني على المسلمين بمنع الرسول (عليه و آله السلام) من كتابة ما لا يضل الناس ما أمسكوا (2) به لسقط الاختلاف.
وقوله : حسبنا كتاب اللّه.. ! (3) ردّ منه على رسول اللّه، والردّ على رسول اللّه
ص: 331
1- جاء في مسند أحمد بن حنبل 234/2 : إنّي أنظر - أو إنّي لأنظر - ما روائي كما أنظر إلى ما بين يدي، فسؤوا صفوفكم، وأحسنوا ركوعكم وسجودكم.. كما جاء فيه 319/2 و 505. وانظر : مجمع الزوائد 89/2، مسند ابن الجعد : 410 - 411، سنن النسائي 216/2، صحيح ابن حبان 251/14.. وغيرها.
2- في نسختي الأصل : ما أسك.
3- لقد سلفت مصادر الرزية قريباً عن صحاحهم ومسانيدهم، ولا نجد ثمة حاجة إلى تكرار ذلك وإعادته. ولاحظ ما علّقه شيخنا الفضل بن شاذان النيشابوري (رَحمهُ اللّه) في كتابه الرائع : الإيضاح : 172، وما جاد به الطبري (رَحمهُ اللّه) في المستر شد : 553 تحت رقم 234، وصفحة : 681 - 682، وكذا السيّد الداماد (رَحمهُ اللّه) في الرواشح السماوية: 140 [ وفي طبعة : 213]. بل قد جاء في أكثر من مورد في بحار الأنوار مع ما له - طاب ثراه - من بيان عليه.. خاصّة المجلدات الثلاثة من المطاعن، وما علّق عليه محقق الكتاب وفقه اللّه، ورضى عنه وأرضاه، وما كتبه السيّد شرف الدين (رَحمهُ اللّه) في مصنّفاته، والشيخ المظفر (رَحمهُ اللّه) في السقيفة، والأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير..
هو الكفر بعينه، وقال اللّه تعالى : (وَما آتنكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ..) (1).
يونس الديلمي(2): [ من الكامل ]
وَصَّى (3) النبيّ فَقالَ (4) قائِلُهُمْ :*** قَدْ ظَلَّ (5) يَهْجُرُ سَيِّدُ البَشَرِ ! (6)
ص: 332
1- سورة الحشر (59): 7.
2- لم أجد ليونس الديلمي ترجمة مفصلة مع طول بحثي عنه في المظان، نعم قد عده المصنف (رَحمهُ اللّه) في معالم العلماء : 149 [ الطبعة الحيدرية ] من شعراء الشيعة المجاهرين، ونقل عنه في الأعيان 326/10، ولم يورد له في هذا الكتاب غير هذين البيتين والأبيات التي تليها، كما لم يأت له في المناقب 292/1 إلّا بيتاً واحداً فقط، وهو أوّل هذين البيتين.
3- في الأربعين للشيرازي (رَحمهُ اللّه) : 538 : أوصى.
4- عن المناقب ؛ وفي نسختي الأصل: قال.
5- في نسختي الأصل : ضلّ.
6- جاء هذا البيت فقط في المناقب 292/1 [ وفي الطبعة الأُولى 202/1، وفي طبعة قم 236/2] ولم يذكر غيره كما قلناه، وحكاه عن المناقب في بحار الأنوار 473/22 ذيل حديث 21، وأخرجه الناشر منثوراً لا شعراً !
ورَأَوا(1) أَبَا بَكرٍ أَصَابَ وَلَمْ*** يَهْجُرْ وَقَدْ وَصَّى (2) إِلَى عُمَرٍ !
وله (3): [ من البسيط ]
فِيمَا رَأيتَ (4) من الآيَاتِ مُعْتَبَرُ*** إنْ كُنْتَ (5) مُدَّكِراً أو كُنْتَ مُعْتَبِرا
وَصَّى (6) النبيّ أَميرَ النَّحْلِ دُونَهُما*** فَخَالَفَاه (7) لأمر عِندَهُ اشْتَوَرا
وَقَالَ: «هَاتُوا كِتَاباً لا يُضَلُّ بِهِ*** بَعدِي»، فَقِيلَ (8): رَسُولُ اللّه قَدْ هَجَرا !
ص: 333
1- لا توجد الواو في الأربعين، وفيه : رووا، وفي بعض المصادر : وأرى، بدلاً من : ورأوا، وفي بعضها: ورووا.
2- في الصراط والأربعين : أوصى.
3- ومثله في الصراط المستقيم 7/3 - 8.
4- في الصراط : وما رأيت.
5- في نسخة (ألف) : كان.
6- في الصراط : أوصى.
7- في الصراط : وخالفاه.
8- في الصراط : لا تضلّوا به بعدي فقالوا.. بدلاً من : لا يضل به بعدي فقيل.
تَعَصُّباً لأبي نصرٍ فَحِينَ ثَوَى*** وَفَى فَوَصَّى (1) بِها مِنْ بَعْدِهِ زُفَرًا
تَحَمَّلَ الوِزْرَ فِيها مَيِّتاً عَجَبَاً*** وَقَالَ حَيّاً : أَقِيلُونِي بِها، ضَجَرا
إنْ قَالَ: إِنَّ (2) رَسُولَ اللّه غَادَرَهَا*** شُورىً، فَأَلَّا (3) اقْتَفَى مِن بَعْدِهِ الأَثَرا
أوْ قَالَ : أَوصَى (4) ولم تُقْبَلْ وصيَّتُهُ*** يوم الغدير، فَلا تَعْجَلْ فَسَوْفَ تَرَى
من كيده؛ ما رواه أبوبكر الهذلي (5)، عن الزهري، عن صالح بن كيسان : أنّه دخل عثمان وسعيد بن عاص على أبي الدواهي (6)، فقال : ما لي أراك
ص: 334
1- هو أبو بكر، وقد جاء مكرراً، فراجع : الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 182/1.
2- في نسختي الأصل : وفي وصي.
3- لا توجد (إنّ) في نسخة (ألف).
4- في الصراط : فهلا، ولا يخفى أن (ألَّا) لغة في (هَلَّا).
5- في نسختي الأصل : وقال : أوصي، وفي الصراط : وقال أوصى - بالألف المقصورة -.
6- كما جاء في الإرشاد للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 38 - 39 [ وفي طبعة: 46، وفي المحقّقة 75/1 - 76]، وعنه في بحار الأنوار 280/19 (باب غزوة بدر)، ذیل حدیث 18. في الإرشاد قال : مرّ عثمان بن عفان بسعيد بن العاص، فقال : انطلق بنا إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب نتحدث عنده.. فانطلقا، قال : فأما عثمان فصار إلى مجلسه الذي يشتهيه، وأما أنا فملت إلى ناحية القوم، فنظر إلي عمر وقال : مالي.. إلى آخره.
كأنّ في نفسك على [شيئاً ]..؟! أتظن أنّي قتلت أباك.. - في كلام له - لكنّي مررت به یوم بدر، فرأيته يبحث للقتال كما ر، فرأيته يبحث للقتال كما يبحث الثور بقرنه، وإذا شدقاه قد أزبدا كالوزغ، فلمّا رأيت ذلك هبته ورغت عنه، فقال : إلي يابن (1) الخطاب..؟! وصمد له عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] فتناوله، فواللّه ما رمْتُ مكانى حتّى قتله.
[قال: وكان عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) حاضراً في المجلس]، فقال على (عَلَيهِ السَّلَامُ): «اللّهمّ غفراً، ذهب الشرك بما فيه، ومحا الإسلام ما تقدّم، فمالك تهيّج الناس [علي ]..؟!» فكفّ الصهاكي.
فقال سعيد : أما إنّه ما كان يسرني أن يكون قاتل أبي غير ابن عمه ؛ علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ).. (2)
وقد تقدّم أنّه عطّل الحدّ في المغيرة بن شعبة بعد ما شهد عليه ثلاثة، وتقدّم الرابع، فنظر في وجهه فقال : يا سلخ القرد ما تقول أنت ؟ ثمّ قال : [إِنِّي ] لأرى(3)
ص: 335
1- في الإرشاد : إلى أين يا ابن..
2- ورواه ابن أبي الحديد في شرحه على نهج البلاغة 144/14 - 145 باختلاف يسير، وعن الإرشاد في بحار الأنوار 280/19 (باب 10) حديث 18، وأورده الواقدي في مغازيه 92/1.
3- في نسختي الأصل : لا أرى، والظاهر ما أثبتناه.
وجه رجل ما كان يُفْضَحُ (1) بشهادته رجلاً من أصحاب النبيّ (عليه وآله السلام).. فخوّفه أوّلاً، ثمّ لقنه، ففهمها عنه فخلط في الشهادة، وقال : رأيت منظراً قبيحاً، [وسمعت ] (2) نفساً عالياً، ولم أر الذي فيه ما فيه.
فقال : اللّه أكبر ! ما كان الشيطان ليشمت برجل من أصحاب محمّد !!.. ثمّ جلد الشهود الثلاثة.. القصة.
وقد حكي: أنّ قرداً زنى في الجاهلية، فاجتمعت القرود في الجاهلية فرجمته.. ! فهذه القرود ترجم وهو يعطّل الحدّ.....(3)
ومن ذلك حديث الثوري (4).. وغير ذلك من مكائده وزخارفه، حتّى روي عن بعض الصحابة أنّه قال : إنا لنراه بقية الكهان (5).
ص: 336
1- في نسختي الأصل : يتضح، وهي مصحفة عن المثبت.
2- هنا كلمة مطموسة في نسختي الأصل تقرأ : حبّ، أو : جبّ، وما أثبتناه جاء في أنساب الأشراف 387/10، و 348/13.. وغيرها.
3- هنا بياض في نسختي الأصل بمقدار أكثر من كلمتين.
4- كما جاء هذا في كتاب البخاري،238/4، والتاريخ الكبير له 367/6، وفتح الباري 121/7، وعمدة القاري 219/16، وأسد الغابة 134/4، وتهذيب الكمال 265/22 - 266، وسير أعلام النبلاء 159/4 - 160.. وغيرها. والطريف هنا قول الحميدي في الجمع بين الصحيحين 490/3:.. وليس في رواية النعيمي، عن الفربري أصلاً شيء من هذا الخبر في القردة، ثمّ قال : ولعلّها من المقحمات التي أُقحمت في كتاب البخاري !!
5- كذا جاء في المسترشد (رَحمهُ اللّه): 518، وفيه : بقية الرهبان.. وهو المناسب للاستشهاد بالآية.
فقال اللّه تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُون اللّه﴾ (1).
شاعر: [ من الرجز ]
يَا أُمَّةَ الجَهْلِ الَّذِي ضَلَالُها*** أُعجُوبَةٌ بَينَ جَمِيعِ المِلَلِ
إِنَّ الَّذِي لَاقَوهُ فِيمَا نَالَهُمْ*** دُونَكِ فِي جِيدِ الدُّلامِ الْأَحْوَلِ
فَأَنتِ إِن أَنْصَفْتِهِ فِى فِعْلِهِ*** (2) وَجَدْتِهِ عَلى طَرِيقِ الأوّل
[أبو ] عبد اللّه الحسيني(3):
ص: 337
1- سورة التوبة (9): 31. وقد جاء في المحاسن 246/1، عدّة روايات في تفسير هذه الآية الكريمة. وأوردها شيخنا المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 97/2 - 98 برقم 47 و48 و 50، وفيها عنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنّه قال : «.. واللّه ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم، ولو دعوهم إلى عبادة أنفسهم ما أجابوهم، ولكن أحلّوا لهم حراماً وحرّموا عليهم حلالاً، فعبدوهم من حيث لا يشعرون..».
2- هنا في نسختي الأصل كلمة يا أمة، ولا معنى لها ؛ لذا فقد حذفناها.
3- أقول : لم يورد مصنّفنا طاب ثراه لشاعرنا هذا في هذه المجموعة إلّا هذه الأبيات التي لها تتمة على وزانها وقافيتها في المناقب 384/1 - 385 [ طبعة قم 320/1]، وهي هناك باسم : أبو عبيد الحسيني، وهي ثمانية أبيات، مطلعها : يا طيب نفح النسيم في سحر*** عرّج على طيبة بتغليس وكأنها تتمة لما هنا، فراجع. ثم إنّه قد وجدنا - بعد البحث في كتب التراجم والتواريخ والرجال - على أسماء عدّة من العلماء الذين يعرفون بهذا العنوان ؛ منهم : الشريف أبو محمّد الحسن بن محمّد بن علي العلوي الحسيني، وقيل في كنيته : أبو عبد اللّه،كما في أعيان الشيعة 260/5. ومنهم : النقيب أحمد بن عليّ بن المعمر بن محمّد، أبو عبد اللّه الحسيني، كما في تاریخ بغداد 111/15. ومنهم : النقيب أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد بن أحمد العلوي الحسيني الحلبي، كما في تاريخ الإسلام 216/9. ومنهم: الشاعر المشهور : أحمد بن عمار بن أحمد، أبو عبد اللّه الحسيني، كما في تاريخ الإسلام 457/11.. وغيرهم. وقد ذكر المصنف (رَحمهُ اللّه) في معالمه : 150 شاعراً بعنوان : عبيد اللّه الحسيني في الشعراء المقتصدين، ولعلّ المعنون في المتن هو ذاك، هذا إن لم يكن العنوان في المعالم المطبوع مصحفاً.
[ من المنسرح ]
يَا أُمَّةً أَبْدَتِ الَّتِي عَقَدَتْ*** مِنْ غَدْرَةٍ [بَعْدَهُ] وتَلْبِيسِ
وَمَا وَفَتْ سَاعَةً بِمَا ضَمِنَتْ*** لِخاتم الرُّسُلِ وَالنَّوامِيس (1)
أَشْمَتْ مَنْ الْحَدَتْ عَقِيدَتُهُ*** فِيهِ وَصَدَّقْتِ ظَنَّ إبْلِيسِ
بَدَّلْتِ أحْكامَهُ، خُذِي هُبَلاً (2)*** وَأذْني (3) جهرةً بِناقُوسِ
ص: 338
1- في نسختي الأصل : النواعس، ولا نعرف لها معنى مناسباً في هذا البيت.
2- هذا استظهار منا، وإلا فإنّ ما جاء في نسختي الأصل هو : محى هلا.
3- جاءت هنا كلمة (جهله) أو (جهل) في نسخة (ألف)، وهي زائدة لا وجه لها.
يا أُمَّةٌ (1) زِدْتِ لو ظَفِرْتِ بِنا*** طَغَى وَرُومٌ وأَعْلُجُ الرُّوسِ
الجبري (2): [ من الكامل ]
يا أُمَّةً ضلت (3) سَبِيلَ رَشادِها*** إنَّ الَّذي استَرْشَدْتِهِ أَغْوَاكِ
[لَئنِ التَمَنتِ على البَريَّة خائناً*** لِلنَّفس ضَيَّعها غَداةَ رعاك ]
ص: 339
1- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ : حمامة أو تامة أو نامة، وما بعدها : ما رزن، لو ظفرن.. وما أثبت استظهار منا.
2- في نسختي الأصل : الحميري. أقول: بعد بعد تتبع مُضْنٍ ظهر أنّ الصحيح هو : الجبري لا الحميري، وهو ابن جبر المصري، أحد شعراء القرن الخامس في مصر على عهد الخليفة الفاطمي المستنصر باللّه المولود سنة 420 ه-، والمتوفى سنة 487 هجرية. وهذه الأبيات من قصيدة رائعة عصماء في الغدير، أوردها شيخنا العلامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 313/4 - 317 ذات (102) بيت، وجاءت بين البيت (45) والبيت (57). ومثله حكاه السيّد الأمين (رَحمهُ اللّه) في أعيان الشيعة 63/4 - 64، بعد أن عنونه بعنوان : جبر الجبري.
3- في نسخة (ألف) : طلّت، وفي نسخة (ب): طلبت، وما هنا من الغدير.
[أعطَاكِ إذ وَطَاكِ عَشْوَةَ رأيه*** خُدَعاً بِحَبْلٍ غُرُورِها دَلاكِ ] (1)
فَتَبِعْتِهِ وسَخِيفَ (2) دينِكِ بِعْتِهِ (3)*** مُغْتَرَّةً بالجهل (4) من دُنْياكِ
لَقَدِ اسْتَرَيْتِ بهِ الضَّلالة بالهدى*** لَمَّا دَعاكِ (5) بِمَكْرِهِ فَدهاكِ
فَأطَعْتِهِ وَعَصَيْتِ قَوْلَ محمّد*** فيها (6) بأيِّ وَصِيَّةٍ وَصاكِ ؟!
خالفتِ و(7) اسْتَخْلَفْتِ مَنْ لَمْ يُوصِهِ*** للدين تابعةً هَوى أهواك (8)
ص: 340
1- كلّ ما بين المعكوفين هنا فهو مزيد من الغدير.
2- الكلمة مشوشة شة وغير منقوطة، تقرأ نظير : تنحت.. أو ما شابها بدون نقط، ولا معنى واضح لها، وما هنا من الغدير.
3- في نسخة (ألف) : لعنه، ولا توجد هذه الكلمة في نسخة (ب)، وما هنا من الغدير.
4- في الغدير : بالنزر، بدلاً من : الجهل.
5- في نسختي الأصل : دهاك.
6- في الغدير : فيما بأمر وصيّه.
7- في نسخة (ألف) : من، بدلاً من : و.
8- البيت في الغدير هكذا : [ من الكامل ] خلّفتِ واستَخْلَفْتِ من لم يَرْضَهُ*** للدين تابعةً هَوى [أَ] هواكِ
[خِلْتِ اجتهادَكِ للصواب مُؤَدِّياً*** هَيْهاتَ ما أَداكِ بَلْ أرداكِ ] (1)
لَقَدِ اجْتَرَاتِ عَلَى اجتراح عظيمةٍ (2)*** جُعِلَتْ جَهَنَّمُ في غَدٍ مَثْوَاكِ (3)
وَلَقَدْ شَقَقْتِ عَصا النبيّ محمّد*** وعَقَقْتِ مِنْ بَعدِ البَتُولِ (4) أَباكِ
وَحَلَلْتِ بالعَقْدِ المُؤكَّدِ عَهْدَهُ*** يَوْمَ الغَدِيرِ فَما غَداً عُذراكِ (5)؟!
ص: 341
1- ما بين المعكوفين مزيد من الغدير.
2- صدر البيت في نسختي الأصل هكذا : لقد اجتراك على إخراج عظمته.
3- جاء هذا البيت في الغدير هكذا : [من الكامل ] لَقَدِ اجْتَرَيْتِ على اجتراحٍ عَظِيمَةٍ*** جُعِلَتْ جهنَّمُ في غدٍ مَثواكِ
4- في الغدير : بعد النبي.
5- البيت في الغدير، هكذا : [ من الكامل ] وغَدَرْتِ بالعَهْدِ المؤكَّدِ عَقْدُهُ*** يوم الغدير له فما عُذراك ؟!
وَعَقَدْتِ في يَومِ السَّقِيفَةِ بَيْعَةٌ*** حَلَّتْ من الإيمانِ عَقْدَ عُراكِ (1)
أَعَنِ الوَصِيِّ عَدَلْتِ عادِلَةً بِهِ*** مَن لا يُوازي (2) مِنْهُ شِسْعَ شِراكِ ؟!
***
ص: 342
1- لم يرد هذا البيت في الغدير، وجاء هناك بدلاً منه : [ من الكامل ] فلتَعْلَمِنَّ وقد رَجَعْتِ به على ال-*** -أعقاب ناكصة به على عُقباكِ
2- في الغدير : من لا يساوي..
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[ باب ]
في أبي الدواهي ]
[فصل 9]
[ في جبن المردبود ]
ص: 343
فصل: في جبن المُردَبُود
فصل في جبن المُردَبُود (1)
في ربيع الأبرار (2) : أغار أنس بن مدركة (3) الخثعمي على سرح قريش في الجاهلية فذهب (4) به، فقال له عمر في إمارته (5) : لقد تبعناك في تلك(6) الليلة فلو أدركناك ! فقال : لو أدركتني لم تكن في الناس (7) خليفة ! (8)
ص: 345
1- هذا ممّا رمز به المصنف طاب ثراه عن عمر بن الخطّاب، كما جاء في مدخل الكتاب، ولعلّه ترجمة عن الفارسية.. أي من كان ميتاً وإن كان حيّاً، أو كان رجلاً والآن مات، ونحن لا نقول برجوليته إلّا من خلف ! انظر : الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 270/3 - 271، وقد جاء في الصراط المستقيم 16/3.
2- ربيع الأبرار 707/1 باختلاف أشرنا له.
3- كذا في نسختي الأصل والمصدر، وفي بعض المصادر : مدرك.
4- في نسختي الأصل فذهبت.
5- في المصدر : خلافته.
6- في ربيع الأبرار : لقد اتبعناك تلك..
7- في المصدر : للناس.
8- وأورده ابن طاوس (رَحمهُ اللّه) فى عين العبرة : 25 إلّا أنّ فيه قولة عمر لأنس بن مدرك : لقد رأيتني يوم عكاظ والرمح في يدي وأنا في طلبك، فقال له : أُعيذك باللّه يا أمير المؤمنين أن تكون أدركتني يومئذ، قال : ولم ؟! قال : لو أدركتني لم تكن للناس خليفة.. !
وفي المحاضرات(1): سأل عمر بن الخطّاب عمرو بن معدي كرب عن الأسلحة (2)، فقال : ما تقول في الرمح ؟ قال : أخوك، وربّما خانك. قال : فالنبل ؟ قال : منایا (3)؛ تخطئ و تصيب، قال : فالدرع ؟ [ قال : ] مشغلة للفارس(4)، متعبة(5) للراجل (6)، وإنها [مع ذلك الحصن حصين، قال : فالترس ؟ قال : مجن ؛ وعليه تدور الدوائر. قال : فالسيف ؟ قال : عنده.. ثكلتك أُمّك ! قال عمر : بل ثكلتك أُمّك (7) ! قال : الحُمَّى أضر عتني لك.. (8)
ص: 346
1- المحاضرات 168/3 باختلاف يسير، وجاء أيضاً في عيون الأخبار لابن قتيبة 129/1 - 130، وفتوح البلدان : 278 [ وفي الطبعة المحقّقة 342/2 - 343 باختلاف يسير ].. وغيرهما.
2- لا توجد في المصدر : عن الأسلحة..
3- في شرح النهج وغيره : رسل المنايا، وفي المجلد الثاني عشر من الشرح : منايا.
4- في شرح النهج : للراكب، بدلاً من للفارس.
5- في نسخة (ب) : متعية، ولها وجه، وما أثبت هنا من نسخة (ألف) والمصدر المطبوع.
6- في نسختي الأصل : الراجل، والمثبت عن المحاضرات وشرح النهج.
7- في المحاضرات : قال عمر : بل أنت، وفي شرح النهج : قال : السيف ؟ قال : هناك قارعت أُمّك الهبل، قال : بل أُمّك، قال : بل أُمّي، والحمى أضر عتني لك..
8- يوجد الذيل في المحاضرات المطبوع، ولكن جاء في أكثر من مصدر. أقول: جاء الحديث مفصلاً في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 12 /118 - 119 مع زيادة، ومثله في العقد الفريد 210/1.. وغيرها، وبينها اختلاف ليس بمهم، وزيادات ليست بالكثيرة، وقد أجمله أيضاً ابن أبي الحديد في شرحه 181/1.
فكانت مبارزته على الأسرى.. ويسطو في الأمن، ولا يثبت في الحرب !
فقال - في أسرى بدر - : يا رسول اللّه ! قاتلوك وطردوك وأخرجوك فاضرب أعناقهم.. ! (1) فأنكر (عليه و آله السلام) مقالته، فنزل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّه وَرَسُولِهِ..) (2).
وروى البخاري (3) - في حديث : قال النبيّ (عليه وآله السلام)
ص: 347
1- أقول : وبهذا المضمون ورد في مسند أحمد بن حنبل 383/1، وقريب منه في مستدرك الحاكم 21/3، ونظيره في السنن الكبرى للبيهقي 321/6، وكذا في 109/10، ومجمع الزوائد للهيثمي 86/6.. وغيره من كتب الحديث، وكذا في كتب التفسير كجامع البيان لابن جرير الطبري 56/10، ومعاني القرآن للنحاس 170/3 برقم 65، وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري: 160، وتفسير القرطبي 47/8، وتفسير ابن كثير،338/2، والدر المنثور،201/3، وفتح القدير 326/2، وكذا في تاريخ مدينة دمشق 56/44 - 57، والبداية والنهاية 362/3، والسيرة النبوية لابن كثير 458/2.. وغيرها.
2- سورة الحجرات (49): 1.
3- كتاب البخاري 117/2 (باب 79 : إذا أسلم الصبي فمات..) حديث 1354 وفيه: دعني - يا رسول اللّه - أضرب عنقه ! وأورده أبو يعلى الموصلي في مسنده 144/9، وفي هامشه عدة مصادر، فراجع. وفي الصحيح - أيضاً - 4 / 85 - 86 (باب 178 كيف يعرض الإسلام على الصبي) حدیث 3055 [ حدیث 2827 من كتاب الجهاد ]، وفيه أيضاً 49/8 - 50 (باب 97 قول الرجل للرجل : اخسأ) حديث 6173 [ كتاب الأدب حديث 5707]، وكذا فيه 157/8 - 158 (باب 14 : يحول بين المرء وقلبه (حديث 6618 [كتاب القدر حدیث 6128]. ولاحظ : العمدة لابن بطريقه (رَحمهُ اللّه): 440.. وغيره.
لابن صياد (1) : اخسأ ! فلن تعدو قدرك، فقال عمر : يا رسول اللّه ! ائذن لي أضرب عنقه ! (2)
ولمّا قال ذو الخويصرة لرسول (3) اللّه : اعدل بالسوية..! [قال] ائذن لى أضرب عنقه ! (4)
ص: 348
1- وهو : عبد اللّه بن صياد.
2- وجاءت الواقعة في تهذيب الكمال للمزي 250/21 في ترجمة ولده : عمارة برقم 4188 قال : وأبوه الذي قيل عنه إنّه الدجال.. إلى آخره.
3- في نسخة (ألف): رسول.. وهي مطموسة في نسخة (ب).
4- حاصل الواقعة : أنّه أتى النبيّ بالجعرانة عند منصرفه من حرب حنين، وفي ثوب بلال فضة، والنبيّ لا يقبض منها يعطي الناس، فقال : يا محمّد ! اعدل ! فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : : «ويلك ! ومن يعدل إذا لم أكن أعدل ؟ ! لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل». فقال عمر -كعادته في الشجاعة عند الجمع والهرب في الحروب - دعني - يا رسول اللّه - أقتل هذا المنافق ! فقال : «معاذ اللّه أن يتحدّث الناس أنّي أقتل أصحابي، إنّ هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية». كما جاء في كتاب البخاري 243/4 (باب 20 علامات النبوة في الإسلام) حديث 3610، وكذا في 47/8 (باب 95 ما جاء في قول الرجل : ويلك !) حديث 6163، وفي الصحيح أيضاً 21/9 - 22 (باب 7 في ترك قتال الخوارج..) حديث 6933. وراجع : المعجم الكبير 185/2، مسند الشاميين للطبراني 59/3، الأدب المفرد للبخاري : 167 - 168، السنن الكبرى للنسائي 31/5، مسند أحمد بن حنبل 355/3، كتاب مسلم 109/3، وشرحه للنووي،159/7، كنز العمّال 303/11، نيل الأوطار 196/9، صحيح ابن حبان 148/11، سنن ابن ماجة 61/1، فتح الباري 257/12، المصنّف لابن أبي شيبة 741/8، تفسير القرطبي 166/8، و 18 / 50، البداية والنهاية 416/4 - 417، السيرة النبوية لابن كثير 687/3.. وغيرها. وحكاه المصنّف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 368/2 [ طبعة النجف ] فصل في الحكمين والخوارج، عن البخاري ومسلم والطبري والثعلبي.. وعنه في بحار الأنوار 327/33 (باب 22) ضمن حديث 573. وقد أورده ابن بطريق اللّه في عمدته : 460.. وغيره من أعلام الخاصّة.
ولما أخذ علي [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] كتاب حاطب بن أبي بلتعة (1) قال : دعني - يا رسول اللّه ! - أضرب عنقه - فواللّه ! - لقد نافق.
ص: 349
1- هو الذي كتب كتاباً مع سارة مولاة أبي لهب إلى قريش يخبرهم بخروج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) إليهم يوم الفتح.
فقال (عليه و آله السلام) : «إنّه من أهل بدر..»(1).
ولما نهى النبيّ (عليه و آله السلام) عن قتل بني هاشم.
قال أبو حذيفة : أيقتل (2) آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا، ويَتْرُكُ بني هاشم (3) ؟! فواللّه لئن لقيت العبّاس لألجمته (4) بالسيف، قال : دعني –
ص: 350
1- كما جاء في كتاب البخاري 92/4 - 93 (باب 159 من كتاب الجهاد والسير) حدیث 3081، وفيه 99/5 باب 9 من كتاب الجهاد والسير) 3983، وكذا فيه 185/6 - 186 (باب 1 من تفسير سورة الممتحنة) حديث 4890، و 71/8 - 72 (باب 23 من نظر في كتاب من يحذر..) حديث 6259. وقد جاء في إعلام الورى : 65 - 66 [ وفي الطبعة المحقّقة 216/1].. وغيره. وحكاه الطبري (رَحمهُ اللّه) في المستر شد: 540 - 541 برقم 218 قوله في حاطب بن أبي بلتعة.. ولم يورد ذيله، وإنما جاء فيه : فقال النبيّ : «أتريد - يا عمر ! - أن تقول العرب : إنّ محمّداً يقتل أصحابه ؟ !». وانظر الواقعة في : كتاب مسلم 167/7 - 168، أحكام القرآن للجصاص 583/3، مسند أبي يعلى 316/1 حديث 394، و 458/3، أُسد الغابة 361/1.. وغيرها من كتب العامّة. ونقل في تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) 361/2 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحقّقة 1061/3 - 1602 ]، ومفصلاً في بحار الأنوار 93/21 (باب 26) مدخل الباب، وكذا في صفحة : 94، وصفحة : 125 (باب 26) حديث 22.
2- في نسخة (ألف): أتقتل، ولعلّه : أنقتل، وهو ما جاء في شرح النهج ومصادر أُخرى.
3- كذا، وهنا إما تترك بني هاشم، أو يُترك بنو هاشم.
4- وفي بعض المصادر - كشرح النهج - : لألحمنه.. أي لأطعنن لحمه بالسيف ولأُخالطته، وقال ابن هشام لألحمنّه بالسيف.. أي لأضربنه به في وجهه.. كذا في هامش الشرح المزبور..
يا رسول اللّه - لأضرب عنقه.. فواللّه لقد نافق (1).
ولما قال عبد اللّه بن أبي [بن ] سلول: لئن رجعنا إلى المدينة.. القصة، قال : دعني - يا رسول اللّه - أضرب عنقه (2) !
ص: 351
1- نقل ذلك عنه ابن إسحاق وغيره من أهل السير والأخبار. لاحظ : البداية والنهاية 284/3 - 285 [ طبعة مكتبة المعارف، وفي طبعة دار إحياء التراث 347/3 - 348]، تفسير ابن كثير 340/2، وتاريخ الطبري 449/2 - 450، قريب منه في شرح نهج البلاغة 183/14، والسيرة النبوية لابن كثير 436/2.. وغيرهما مع زيادة واختلاف.
2- الكلمتان مطموستان في (ب). انظر : كتاب البخاري 221/4 (باب، ما ينهى من دعوى الجاهلية) حديث 3518، وفيه : فقال عمر : ألا تقتل - يا رسول اللّه - هذا الخبيث.. إلى آخره. وجاء أيضاً فيه 191/6 - 192 (باب 5 و 7، من تفسير سورة المنافقين) حديث 4905، وحديث 4907. ولاحظ - أيضاً - من كتب الحديث ؛ مسند أحمد بن حنبل 393/3، مسند الحميدي 520/2، السنن الكبرى للنسائي 271/5، و 492/6، السنن الكبرى للبيهقي 32/9، مسند أبي يعلى 458/3، صحيح ابن حبان 331/13، و 545/14، كنز العمال 404/1.. وغيرها. وانظر ما جاء في فتح الباري 253/8 و 498، وتحفة الأحوذي 155/9، والمصنّف للصنعاني 468/9 - 469، وأسد الغابة 309/1، و 197/3، وفتح القدير 5 /233، والسيرة الحلبية 597/2.. وغيرها. وكذا في كتب التفسير ؛ مثل : تفسير القرطبي 262/4، تفسير الخازن 306/1، تفسير القرآن للصنعاني 293/3، جامع البيان للطبري 143/28 - 147، تفسير ابن كثير 52/1، وكذا في 395/4[368/8]، الدر المنثور 225/6، تفسير الثعالبي 189/1، معالم التنزيل،367/8، زاد المسير 27/8.. وغيرها. ولاحظ ما ذكره المازندراني (رَحمهُ اللّه) في شرح أصول الكافي 490/12.
ولما استأمن العبّاس لأبي سفيان.. قال : هذا أبوسفيان، قد مكنك اللّه منه بغير عهد ولا عقد، فدعني أضرب عنقه. فقال العبّاس : [ إِنِّي قد ] أَجَرْتُهُ..
ثمّ قال : مهلا (1) - يا عمر ! - لو كان رجلاً من بني عدي لما قلت ذلك، و [لكنّك قد علمت ] أنّه من عبد مناف (2).
وكذلك قوله في عبد اللّه بن أبي حبيب : ائذن لي أضرب عنقه.. فقال النبيّ عليه و آله السلام): «أتريد - يا زفر ! - أن تقول العرب إن محمّداً
ص: 352
1- في نسختي الأصل : فهلاً، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.
2- راجع عنه : تاريخ اليعقوبي 2 /58 - 59، تاريخ الطبري 52/3 - 53، تاريخ الإسلام 363/1 - 364.. وغيرها. وقريب منه ما أورده الطبري (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 541 برقم 219. وراجع - أيضاً - : شرح معاني الآثار 321/3 - 322، المجموع للنووي 438/19، شرح نهج البلاغة 269/17، كنز العمّال 508/10، تفسير البغوي 538/4، تاريخ مدينة دمشق 449/23 - 451.. وغيرها.
يقتل أصحابه».. (1)
فلما كان وقت الحرب ارتعدت ساقاه و قلصت شفتاه، كما قال قائل(2): [ من الكامل ]
أَسَدٌ عَلَيَّ وَفِي الحُرُوبِ نَعَامَةٌ*** فَتْحَاءُ (3) تَنْفِرُ مِن صَفِيرِ الصّافِرِ
ص: 353
1- قال ابن حجر في فتح الباري 31/5...كما قال [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] في حق كثير من المنافقين: «لا يتحدّث الناس أنّ محمّداً يقتل أصحابه..»، ومثله ما رواه الطبراني في المعجم الأوسط 102/8 عن حذيفة، قال : إنّي لأخذ بزمام ناقة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أقوده وعمار يسوق به - أو عمّار يقوده وأنا أسوق به - إذ استقبلنا إثنا عشر رجلاً متلمين قال [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ]: «هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة». قلنا : يا رسول اللّه ! ألا تبعث إلى كل رجل منهم فتقتله ؟ ! فقال [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ]: «أكره أن يتحدّث الناس أن محمّداً يقتل أصحابه، وعسى اللّه أن يكفيهم بالدبيلة» قلنا : وما الدبيلة ؟ قال : «شهاب من نار يوضع على نياط قلب أحدهم فيقتله». وانظر : كنز العمّال 201/11.
2- الأبيات لعمران بن حطان، أوردها الزمخشري في ربيع الأبرار 318/3، والإصفهاني في الأغاني 116/18، والذهبي في سير أعلام النبلاء 147/4..
3- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، صححت هنا، ويراد منها المرأة الضعيفة الأعياء. وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 108/6: ربداء، ولاحظ منه 126/16، وربيع الأبرار 318/1 فيه : ربداء تفزع، وفي نسخة : تجفل، بدلاً من : تنفر. وفي تاريخ خليفة لابن خياط : 211: فتخاء تجفل.. إلى آخره، وفي تاريخ مدينة دمشق 488/43 : فتخاء يفزع، وفي موضع آخر : زبراء تنفر، وفي بلاغات النساء: 129 : ربذاء تفزع من صفير الطائر، وفي العقد الفريد : ربداء تجفل.. قال ابن منظور في لسان العرب 40/3 - 41 :.. والفتح : استرخاء المفاصل، ولينها وعرضها، وقيل : هو اللين في المفاصل.. وغيرها وعقاب فتخاء : لينة الجناح ؛ لأنّها إذا انحطت كسرت جناحيها وغمزتها، وهذا لا يكون إلّا من اللين.
هَلًا بَرَزُتَ إِلى غَزالة (1) في الوَغَى*** بَلْ كَانَ قَلْبُكِ فِي جَناحِ الطَّائِرِ (2)
يقول (3) الآخر : [ من الكامل ]
ص: 354
1- غزالة : هي زوجة شبيب الخارجي.
2- في شرح النهج : أم كان قلبك في جناحي طائر، وفي تاريخ خليفة : في جوانح طائر. وزاد على البيتين في الأغاني : [ من الكامل ] صَدَعَتْ غَزاله قلبَهُ بفَوارِسٍ*** ترَكَتْ مدايره كأمس الداير والزمخشري في ربيع الأبرار زاد على البيتين بيتاً، وهو : [من الكامل ] مَلَأَتْ غزالةُ قَلبَهُ بفَوارس*** تَرَكَتْ مَسالِحَهُ كأَمْسِ الدَّابِرِ أقول: وقد جاء البيتان في الأغاني 151/16، وزهر الآداب 6/4، وديوان شعر الخوارج : 167 - 168 باختلاف يسير، وكذا في البداية والنهاية 26/9 و 383، وسير أعلام النبلاء 147/4، وبلاغات النساء : 129.. وغيرها.
3- في نسخة (ب) : فقول. أقول : المراد منه هو : عمرو بن الغوث الطائي في قصيدة له، وقد نسبت الأبيات في بعض المصادر لغيره.
وإذا تَكُونُ كَرِيهَةٌ أُدْعَى لَهَا*** وإذا يُحَاسُ الحَيسُ (1) يُدْعَى جُنْدُبُ
عَجَباً لِتِلْكَ قَضِيَّةً وإِقَامَتي*** فِيكُمْ عَلى تِلكَ القَضِيَّةِ أعْجَبُ
وهذه كتب المغازي - المؤلّفة التى تأثرها (2) علماؤهم فليتصفحوها؛ فإن وجدوا ذكره في شيء منها أنّه قاتل زَمِناً (3) فضلاً عن بطل، أو كان طاعناً أو مطعوناً، أو رامياً أو مرمياً، أو ضارباً أو مضروباً.. فنحن من الآفكين..
ص: 355
1- في نسختي الأصل : يجاش الجيش، والصحيح ما أثبتناه من المصادر. والحيس : الخلط، ومنه سمّي الحيس، وهو تمر يخلط بسمن واقط.. والحيس - بالفتح - حلواء يتخذ من السمن والكعك والدبس.. وغيره.
2- العبارة - باختلاف يسير وزيادة - في المسترشد وزيادة - في المسترشد للطبري : 348، وفيه : يؤثرها.
3- في نسختي الأصل : ذمياً، والمثبت عن المسترشد.
أولها : بدر الكبرى ؛
قوله: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّه بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) (1).
ولا شك أن النصرة كانت مع على، لقوله : وقتلنا (2) سبعين، وأسرنا سبعين (3).. وهو أوّل من بارز شيبة وسفك دمه، ثمّ كان حمزة وعبيدة..
ص: 356
1- سورة آل عمران (3) : 123. انظر تفسير الآية فيما جاء في تفاسيرنا، مثل : تفسیر مجمع البيان 498/2 - 499، وتفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) : 111 و 236 و 254 - 255 [ الحروفية 122/1، وفي المحقّقة 172/1 (سورة آل عمران)، وكذا في التفسير 267/1 - 271 (سورة الأنفال) [ الطبعة الحروفية، وفي المحقّقة 382/1 - 385]، وعنه في تفسير الصافي286/2، وتفسير العياشي (رَحمهُ اللّه) 196/1 حدیث 133 و 134 و 135، تفسیر فرات الكوفي : 98....وغيرها من التفاسير. وكذا جاء في الإرشاد للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 39 [ الطبعة المحقّقة 67/1 - 73] والمناقب لابن شهر آشوب (رَحمهُ اللّه) 2/ 310 - 313 [ طبعة بيروت 142/2 - 147]، فصل فيما نقل عنه في يوم بدر...وغيرهما. ولاحظ : المجلد التاسع عشر من بحار الأنوار، الباب العاشر : 202 - 367، خصوصاً صفحة : 260، وما عليه من تعاليق. ومن كتب العامّة ؛ سيرة ابن هشام 2 / 248 - 253، وأُسد الغابة 49/3.. وغيرها.
2- تقرأ في نسختي الأصل : لو قتلنا.
3- كما جاء في الفصول المختارة : 294، وعنه رواه العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 80/41 - 81 (باب 106) حديث 9. وراجع : مسند أحمد بن حنبل 117/1 عن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكذا في سنن البيهقي 131/9، مجمع الزوائد 76/6، المصنّف لابن أبي شيبة 473/8.. وغيرها.
وسمّاه اللّه وأصحابه...............(1)
[ و ] نهی (2) [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] عن قتل نفر من قريش كانوا يحسنون جواره، منهم: العاص بن هشام (3)....(4) الثاني، وهو أسير في يد حذيفة بن عتبة - وفي عنقه حبل يقود به - فطعنه فيصيح (5) أبو حذيفة، وقال : يقتل أسيري غيلة.. وقد خالف
ص: 357
1- بياض في نسختي الأصل بمقدار ثلاث أو أربع كلمات. ولعلّها قوله سبحانه وتعالى: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ﴾ [سورة الحج (22): 19]. وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج 110/14 عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه دعا لقوم من قريش، فقال : «اللّهمّ أنج سلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين». ولاحظ : صفحة : 133 - 135 حيث عدّ جمعاً ممّن نهى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) و عن قتلهم يوم بدر.
2- في نسختي الأصل : نفى.
3- وقيل : بن هاشم.
4- هنا بياض في نسخة (ب) دون (ألف). وهو أبو البختري العاص بن هشام بن الحارث بن أسد، قتل يوم بدر. راجع : المناقب للمصنّف (رَحمهُ اللّه) 1 / 186 - 190، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 14 / 84 - 213.. وغيرهما.
5- كذا ؛ والظاهر : فصاح.
أمر النبيّ (عليه وآله السلام)، وهذا أثره (1).
شعر: [ من السريع ]
لا أَثَرٌ مِنْهُم بَدَا فِي الوَغَى*** وَلَا بَلَاءٌ حَسَنٌ يُذْكَرُ
الزاهي : (2) [ من الوافر ]
ص: 358
1- الكلام مشوش جداً. ولعلّ القصة هكذا - كما رويت عن ابن عبّاس، وجاءت في مستدرك الحاكم /223.. وغيره - إنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال يوم بدر : «من لقي منكم العبّاس فليكفف عنه ؛ فإنّه خرج مستكرهاً». فقال أبو حذيفة بن عتبة : أنقتل آباءنا وإخواننا وعشائرنا وندع العبّاس..؟! واللّه لأضربنه بالسيف.. فبلغت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)...فقال عمر : دعني فلأضرب عنقه ؛ فإنّه قد نافق.. ولاحظ قصة قتل عتبة والد أبي حذيفة، وما قاله لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في مستدرك الحاكم 225/3، وقد قتل أبوه، فساءه ذلك فقال : كنت أرجو أن يسلم لما كنت أرى من عقله. راجع ما جاء في فتح الباري 79/7، مسند ابن راهويه 2 / 573 - 575، صحيح ابن حبان،563/15، كنز العمّال 407/10 و 415، وكذا في تفسير ابن كثير 2 / 340.. وغيره.
2- أورده ابن شهر آشوب المازندراني (رَحمهُ اللّه) في كتابه المناقب 79/2 [ الطبعة الأُولى 341/1] البيتين هكذا : [ من الوافر ] أيُجْعَلُ سيدُ الثَّقَلَيْنِ شِبْها*** لما لا يَرْتَضِيهِ لهُ غُلاما إلى مَنْ قَطُّ لم يَهْزِمُ شُجاعاً*** ولم يَحْمِلْ بِقَبْضَتِهِ حُساما ولم يرد البيت الثالث.
أتَجْعَلُ سَيِّدَ الثَّقَلَيْنِ شِبهاً (1)*** لِمَن [لا] تَرتَضِيهِ لَهُ غُلَامًا
إلى مَنْ قَطُّ لَمْ يَهْزِمْ شُجاعاً*** ولمْ يَحْمِل بِقَبْضَتِهِ حُسَامَا
يُشَبَّهُ بِالمُوَلِّي فِي حُنَيْنٍ*** غَداةَ الرَّوْعَ وانْهَزَمَ انْهزاما (2)
ص: 359
1- في نسختي الأصل : سهماً، ولا معنى لها مناسب.
2- وجاء على وزانها مدحاً لأمير المؤمنين (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في الغدير 395/3.
[ ثانيهما : ] أُحد (1)،
استشهد فيها حمزة ومصعب بن عمير، وانهزم الجماعة، فكان عمر أوّل من ولى في السنحة (2) منهزماً، فلحقه ضرار بن الخطّاب الفهري، فضربه بعرض الرمح، وقال : انج - يابن الخطّاب ! - لا أُمّ لك، واحفظها يداً لي عندك.. وكان عمر يحفظها له.. (3)
وثبت النبيّ (عليه و آله السلام) مكانه، وأمير المؤمنين [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] يحمي دونه.. إلى أن بارز أُبي بن خلف الجمحي فقتله.
وروي أنّ أمير المؤمنين استقبل المنهزمين يوبّخهم، فقال عمر :
ص: 360
1- عقد المصنّف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 147/2 - 152 [ طبعة بيروت، وفي طبعة النجف 314/2، وفي طبعة قم 122/3 - 127] فصل فيما ظهر منه الا في يوم أُحد.
2- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، وقد تقرأ : النتيجة - بدون نقط - ولعلّها : السبخة. الظاهر أنّها : السُّنح، وهو الموضع المعروف خارج المدينة.
3- جاء في سيرة ابن هشام 415/1 : انج - يابن الخطّاب - لا أقتلك، فكان عمر يعرفها له بعد إسلامه.. وقريب منه جاء في البداية والنهاية لابن كثير 107/3. راجع : الاشتقاق 103/1، وكذا في السيرة النبوية لابن كثير 89/2، والمغازي للواقدي: 402.. وغيرها.
استقبلني عليّ ومعه (1) سيف مشهور يقطر دماً، له عينان كأنّهما سراجان سليط- [-ان ] (2) يتوقّدان، فقال لي: «لأنتم أولى بالقتل ممّن قتلت».
فقلت : مهلاً يا أبا الحسن فإن العرب تفرّ وتكرّ، والكرّة تمحو الفرّة !!
فما هبت شيئاً قط كهيبتى له في ذلك اليوم، وإنّي لأتذكره إلى يومي هذا (3).
وكان أبوبكر وعمر والزبير خلف صخرة، فسمعوا(4) ابن قمئة (5) يقول : قتلت محمّداً وهذا فرسه.. فتحرك الزبير فرآه يقود فرسه، فجزع فقالا: لا تجزع فيقتلنا إذاً.. !(6)
ص: 361
1- في نسخة (ب): وضعه، بدلاً من : ومعه. والذي جاء في بحار الأنوار وبيده صفيحة يقطر منها الموت.
2- في تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) : فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقدان ناراً.
3- وأورده مفصلاً الشيخ القمّي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره 1 / 114 - 115 [ الحروفية، وفي المحقّقة 170/1 - 171 حديث 22] مسنداً عن أبي وائلة [ في المحقّقة : وائل ] شقيق بن سلمة، وعنه في البحار 52/20 - 53 (باب غزوة أُحد) ذيل حديث 3.
4- في نسختي الأصل: فسمعا.
5- كذا جاء في نسختي الأصل وبعض المصادر، وجاء في بعض الكتب : ابن قميئة.
6- لم نعثر على مصدر لهذا الخبر بهذه الألفاظ، وقد جاءت حكاية ابن قمئة في مصادر كثيرة؛ منها : سيرة ابن إسحاق 308/3، سيرة ابن هشام 21/4، تاريخ الطبري 516/2، وصفحة : 527، دلائل النبوة 238/3، تفسير البغوي 357/1، الكامل في التاريخ 50/2.. وغيرها.... وأشار لمحاولة ابن قميئة الشيخ عليّ بن إبراهيم القمّي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره 115/1 - 116 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحقّقة 171/1 و 173]، وعنه في بحار الأنوار 54/20 باب 12 - غزوة أحد ذيل حديث، وكذا جاء فيه 96/20 عن إعلام الورى : 54 [ وفي طبعة : 95، وفي الطبعة المحقّقة.179/1]. انظر : مناقب آل أبي طالب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 69/1 [ طبعة قم 78/1].
فخرج الزبير فرأى عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقاتل، فقال : سمعنا أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قتل، فاشتدّ قتاله وبكاؤه، حتّى رأى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) مطروحاً، فقال : «ما لك لم تلحق ببنى أبيك ؟ !»
فقال : «يا رسول اللّه ! أكفر بعد إيمان (1).. ؟! إن لي بك أسوة» (2).
ص: 362
1- جملة (بعد إيمان) لم ترد في نسخة (ألف).
2- كما جاء في إعلام الورى : 53 [ من الطبعة الأُولى، وفي الطبعة الثانية : 93، وفي المحقّقة 177/1]، رفعه إلى الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقريب منه ما رواه الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في الروضة من الكافي: 110 حديث 90 مسنداً عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «انهزم الناس يوم أحد عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فغضب غضباً شديداً»، قال : «وكان إذا غضب انحدر عن جبينه مثل اللؤلؤ من العرق»، قال : فنظر فإذا عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى جنبه، فقال له : «ألحق ببني أبيك مع من انهزم عن رسول اللّه.. !» فقال : «يا رسول اللّه ! لي بك أسوة».. إلى آخره. أقول : الحديث مع ضعف السند ؛ إذ فيه مجهول - كما صرّح المولى المجلسي (رَحمهُ اللّه) في مرآة العقول 266/25 - ومخالفته لبعض القواعد - مع إمكان التوجيه - معارض بخبر آخر، أورده الكليني (رَحمهُ اللّه) في نفس كتاب الروضة يفيد أن المخاطب غير أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حيث رواه في الروضة من الكافي 318/8 حديث 502 - وعنه في بحار الأنوار 107/20 - 108 (باب 12) حدیث 33 و 34 - مسنداً، عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «لما انهزم الناس يوم أحد عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) انصرف إليهم بوجهه وهو يقول: «أنا محمّد.. ! أنا رسول اللّه.. ! لم أقتل ولم أمت»، فالتفت إليه فلان وفلان فقالا: الآن يسخر بنا أيضاً وقد هزمنا، وبقي معه عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسماك بن خرشة أبو دجانة (رَحمهُ اللّه)، فدعاه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فقال: «يا أبادجانة! انصرف وأنت في حلّ من بيعتك، فأما عليّ فأنا هو وهو أنا»، فتحول وجلس بين يدي النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).. بكى...».
وفي خبر ؛ فنادى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بأعلى صوته : «إلي.. إني رسول اللّه.. إن اللّه وعدني أن ينصرني..!» فجعلوا يصعدون ولا يلوون (1) في أنّه قد قتل، فلما سمع عمر صوت النبيّ (عليه و آله السلام) يدعوهم إليه ويعدهم النصر، قال : الآن يسخر بنا في الهزيمة.. فهذا كفر.
وعن الإمامين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ): [لَمَّا ] كان يوم أحد جعل الرجل يقول لمن لقي (2): إن رسول اللّه قد قتل.. النّجا (3)»..
ص: 363
1- في نسخة (ألف): يلون بدون لا.
2- في نسخة (ألف) : ألقى.
3- وأورده العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 59/20 (باب 12) حدیث 3.. أقول : رواه الشيخ القمّي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره 119/1 [ الطبعة الحروفية، وفي الطبعة المحقّقة 1 / 175 - 176 ]، ولم يسنده إلى الإمامين نعم؛ هو في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقريب منه في تفسير العياشي (رَحمهُ اللّه) 200/1، وعنه حكاه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 21/28 (باب 1) حدیث 29، فلاحظ.
فلما رجعوا إلى المدينة نزل : ﴿وَمَا محمّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ...عَلى أَعْقابِكُمْ﴾ (1) يعني الكفر.
وقد صح عند الموافقين والمخالفين أنهما فرّا يوم أحد (2).
قوله: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ
ص: 364
1- سورة آل عمران (3) : 144.
2- انظر : كتاب البخاري،34/5، وفتح الباري 280/7، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 278/13، و 25/15. وانظر من كتب التفسير للعامة : جامع البيان 176/4 - 184، معاني القرآن للنحاس 495/1، تفسير القرطبي 121/4، تفسير ابن كثير 420/1 - 422، الدر المنثور للسيوطي،87/2، تفسير الثعالبي 2 /125 - 126.. بل غالب تفاسيرهم إن لم نقل كلّها. وكذا جاء في كتب التاريخ ؛ مثل : تاريخ اليعقوبي 48/2، وقد أشار لهذا في تاريخ الطبري 2 /169 - 170، وفصّل الواقعة في : 187 - 212، البداية والنهاية لابن كثير 27/4، السيرة النبوية لابن كثير 46/3 - 47، مغازي الواقدي 609/2.. وغيرها. هذا عدا كتب الخاصّة، خاصّة كتب التفسير، مثل : تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) 120/1 [ الطبعة الحروفية، وفي المحقّقة 177/1 - 178 ]، تفسیر فرات الكوفي : 96 - 97، التبيان للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه)/ 20 - 21.. بل غالب التفاسير من الفريقين إلّا أنّ غالبهم عمّم الفارين من دون إشارة للخليفتين خاصّة.
فِي أُخْرَاكُمْ..) (1).
فالنبيّ (عليه و آله السلام)؛ قد قرّع (2) الثاني بذلك يوم الحديبية (3)، لما قال: لو وجدت على هذا الأمر أعواناً لما أعطيت الدنية.
فقال النبيّ (عليه وآله السلام) : «فلِمَ أعطيت الدنية يوم أحد : (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ..) (4) وأنا أدعوكم في أُخراكم ؟!».
ص: 365
1- سورة آل عمران (3) : 153.
2- في نسخة (ألف): عرع.
3- لاحظ هذا المضمون في ذيل الآية الكريمة في تفسير فرات الكوفي : 22. أقول : جاء بألفاظ مقاربة جداً فى كتاب المسترشد للطبري (رَحمهُ اللّه) : 537 - 538 ثمّ نصّ على وقائع أخر بمصادر مختلفة إلى صفحة : 539، فلاحظ. وراجع ما أورده البيهقي في دلائل النبوة 160/4، الواقدي في مغازيه 605/2 - 606 من تفصيل القضية مع اختلاف في بعض العبارات، بل الظاهر أنّ الواقدي هو الأصل في هذه الواقعة، ومنه نقل ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 24/15 - 25، وعنه العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 140/20 - 141 (باب 12) ذیل حدیث 3، حيث قرّع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عمر وصحبه يوم الحديبية بما فعلوه في سائر الأيام.. ومنها قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أنسيتم يوم أحد إذ تصعدون..» إلى آخره. ولاحظ ما علقه عليه شيخنا المجلسي (رَحمهُ اللّه). وقد نقله الشيخ القمّي (رَحمهُ اللّه) في تفسيره : 631 - 638 [ الطبعة الحجرية، وفي الحروفية 309/2 - 314، وفي المحقّقة 989/3 من سورة الفتح ]، وعنه في بحار الأنوار 351/20 (باب غزوة الحديبية –باب 20) ذیل حدیث 40.
4- سورة آل عمران (3) : 153.
وروي (1) : أن الثاني قال له : لقد رأيتني (2) أصعد الجبل كأنّى أروى.
الفائق للزمخشري (3): قال عمر : لما كان يوم أحد كنت أتوقل كما تتوقل :
ص: 366
1- رواه الطبري في تفسيره جامع البيان 327/7 [ تحقيق شاكر ] بسند صحيح عن عمر أنّه قال :.. لما كان يوم أحد هزمناهم، فررت حتّى صعدت الجبل، فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى، والناس يقولون : قتل محمّد. راجع : كنز العمال 376/2 برقم 4291، والدر المنثور 88/2، والإكمال في أسماء الرجال : 122.. وغيرها. وقد روى الواقدي أنّ عمر كان يحدّث فيقول : لما صاح الشيطان : قتل محمّد ! أقبلت أرقى الجبل فكأني أروية [أي شاة واحدة من شياة الجبل ]، كما في شرح نهج البلاغة 243/14 - 244، و 22/15 و 27 [213/3 من طبعة أربعة مجلدات ]، ومناقب أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) للشيرواني : 333.. وغيرهما. وحكاه عن الواقدي الزيلعي في كتاب تاريخ الأحاديث والآثار 232/1.. ولاحظ : التبيان (رَحمهُ اللّه) 26/3، وفيه : أروى، وكذا في مغازي الواقدي 235/1. أقول : أروى ؛ ضأن الجبل، جمع أروية - بضمّ الهمزة وكسرها - وهي الأُنثى من الوعل.. - أي صار - حمار الوحش [ كما هو كذلك ! ] حيث يشبّه به في سرعة العدو. وفي النهاية 2/ 280، أن الأروية هي الشاة الواحدة من شياه الجبل، وجمعها : أروى.. وكذا القاموس المحيط 337/4، وتاج العروس 482/19.. وغيرهما.
2- كذا في نسخة (ألف)، والكلمة بياض في نسخة (ب).
3- الفائق للزمخشري 76/4 بنصه [ وفي طبعة 375/3]، وفيه : وقل في الجبل وتوقل: إذا رقى. الأروية : أنثى الوُعُول. ولاحظ : النهاية لابن الأثير 216/5، لسان العرب 733/11.. وغيرها.
الأروية، فانتهيت إلى رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] - وهو في نفر من أصحابه - وهو يوحى إليه : ﴿وَما محمّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ..) (1) الآية (2).
ص: 367
1- سورة آل عمران (3) : 144. وقد نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج 22/15 عن الواقدي وغيره، وكرّره في صفحة : 27 من نفس المجلد.
2- أقول : جاء في تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي : 107 [ الطبعة الحروفية 1 / 114 - 115، وفي المحقّقة 176/1 – 178 ] بإسناده - في حديث - قال : فقلت له : يا هذا [ مه يا عمر !] هو عليّ بن أبي طالب ! فقال : ادن مني أحدثك عن شجاعته وبطولته.. با يعنا النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوم أحد على أن لا نفر، ومن فرّ منّا فهو ضال، ومن قتل منّا فهو شهيد والنبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) زعيمه.. إذ حمل علينا مائة صنديد، تحت كلّ صنديد مائة رجل أو يزيدون، فأزعجونا عن طحونتنا [أي كتيبتنا ]، فرأيت عليّاً كالليث، يتقي الذر [الظر]؛ وإذ قد حمل كفاً من حصى فرمى به في وجوهنا.. ثمّ قال : «شاهت الوجوه وقطت وبطت ولطّت.. إلى أين تفرّون ؟.. إلى النار» فلم نرجع، ثمّ كرّ علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت، فقال: «با يعتم ثمّ نكثتم، فواللّه لأنتم أولى بالقتل ممّن قتل»، فنظرت إلى عينيه كأنهما سليطان يتوقّدان ناراً، أو كالقدحين المملوين دماً، فما ظننت إلّا ويأتي علينا كلنا.. فبادرت أنا إليه من بين أصحابي، فقلت : يا أبا الحسن ! اللّه.. اللّه، فإنّ العرب تكرّ وتفرّ، وإن الكرّة تنفي الفرّة.. فكأنّه استحيى فولّى بوجهه عني، فمازلت أسكن روعة فؤادي، فواللّه ما خرج ذلك الرعب من قلبي حتّى الساعة..
الحميري (1): [من الطويل ]
وَفِي يَوْمِ أُحْدٍ حِينَ وَلَّوا وأَصْعَدُوا*** وقَامَ رَسُولُ اللّه يَدْعُو ويُسْمِعُ
يُنَادِي بأَخْرَاهُم لكي مَا يَرُدَّهُمْ*** فَوَلُّوا سِراعاً خِيفَةً (2) لَمْ يُوَرِّعُوا (3)
فَوَاسَى رَسُولُ اللّه فِيه بِنَفْسِهِ*** فلَمْ يَنْهَزِمْ عَنْهُ (4) وَلم يَتَضَعْضَعُ (5)
وَأَرْدَىٰ - بِحَمْدِ اللّه - فيهِمْ جَمَاعَةً*** يُؤَيِّدُهُ جِبريلُ والرِّيحُ تَكْسَعُ
ص: 368
1- لم نجد هذه الأبيات فيما جمع للسيد الحميري له من شعره، ولا نعرف لها مصدراً ناقلاً آخر غير موسوعتنا هذه.
2- في نسخة (ألف) : جيفة.
3- في نسختي الأصل: يوزعوا، والمثبت هو الصحيح.. أي لم يمهلوا ولم يتأخروا في الهزيمة، ولا يوجد هنا مصدر
4- في نسخة (ب): لا.
5- عدم الجزم ب- : (لم) من الضرائر، ومنه قول الشاعر : [ من المتقارب ] وأَمْسَوا بما ليل لو أَقْسَمُوا*** على الشَّمْسِ حولين لم تَطْلُعُ راجع کتاب : الضرائر وما يسوغ للشاعر دون الناثر : 229.
ومِيكَالُ يَدْعُوهُ بِنِعْمَةِ رَبِّهِ*** ومازال مَنْصُوراً إلى الخَيرِ يُسْرعُ (1)
ص: 369
1- العجز مشوش في نسخة (ألف)، لا يقرأ ما هنا هناك.
[ ثالثها : ] الأحزاب ؛
اجتمعت قريش باليهود وسائر العرب وتوجّهوا لقلع المدينة - وكان فيهم عمرو ابن عبدود - فحفر النبيّ (عليه وآله السلام) الخندق من أجل ذلك، ونازلوهم ستين ليلة، ولحق المسلمين ضنك (1) حتّى كان أحدهم يريد الخلاء فلا يقدر عليه، فطفر عمر و الخندق ودعا إلى المبارزة (2)، فكان من أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في برازه ما ذكرناه في مناقب آل أبي طالب (3).
وروي أنّه لما برز عمرو بن عبدود وخرج إليه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ليخرج شَيْخا قُريش (4)؛ فإنّك غلام..(5)
وروي أنّ عمراً رأى بيد عمر بن الخطّاب قوساً وسهماً، فقال : يا ابن صهاك !
ص: 370
1- تقرأ في نسختي الأصل : منك، وأثبتنا هنا ما استظهرناه.
2- في نسختي الأصل : المائدة، والصحيح ما أثبتناه، كما جاء في سائر المصادر.
3- مناقب آل أبي طالب 1 / 198 - 199، و 1 / 249 - 251 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة بيروت 159/2 - 166].
4- في نسختي الأصل: قرشياً، والصواب ما أثبتناه.
5- وفي رواية مجمع البيان 342/8 [ وفي طبعة أخرى 132/8]، وكذا في المستدرك 33/3.. وغيرهما قولة عمرو بن عبد ود: غيرك - يابن أخي - من أعمامك من هو أسن منك ؛ فإنّي أكره أن أهريق دمك..
واللات لئن قمت لأقتلنك.. فولى هزيماً يستتر (1)..!
وقال رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] : «ما أهول لسانه فكيف سنانه ؟ !».
وفي رواية : لئن نفد عن يدك سهم لأقطعنّها..! فتناثر (2) النبل عن يده ورجع القهقرى (3) !
وفي رواية : يا ابن صهاك ! لئن رميت لا يبقى بمكة عدوي إلّا قتلته.. فولى - على الرسم - هارباً !
الحميري (4): [من الطويل ]
وَيَومَ ابنِ عَبدٍ حِينَ نَادَى بِجَمْعِهِمْ*** فَقامَ علي والقبائلُ حُضَّرُ
عَتِيقٌ وسَعْدٌ وابنُ عَوْفِ ونَعْثَلٌ*** وطلحة والعاني زُبَيرٌ وعُمرُ
ص: 371
1- كذا استظهرنا ؛ والكلمة مشوشة في نسختي الأصل، تقرأ : يسر - بدون تنقيط -.
2- كذا؛ وفي نسختي الأصل - بل قد تقرأ في نسخة (ب) - : فتاثر، أو : مياسر.. أو ما شابه ذلك، وما هنا استظهار فى المعنى.
3- كذا في هامش كتاب سليم بن قيس الهلالي (رَحمهُ اللّه): 249 بنصه [ مختصر الطبعة المحقّقة ].
4- هذه الأبيات والتي بعدها لم تردا في ديوان السيّد الحميري (رَحمهُ اللّه)، ولم نجد من رواهما غير مصنفنا طاب ثراه في مصنفه هذا.
كأنَّهُمُ من خَشْيَةِ الهُلْكِ والرَّدَى*** حمِيرٌ تَلقَّاهَا هِزَبْرٌ غَضَنْفَرُ
وله : [ من الطويل ]
ويوم ابنِ عبد أنتَ (1) في القوم شاهد*** سَمِيعٌ بَصِيرٌ لَا تَرِيشُ ولا تَبْرِي (2)
غَدَاةَ دَعَا هَل بَارِزُ؟ فَاتَّقَيْتُمُ*** شَدِيدَاً أعالِي الجَلْهَتَيْنِ (3) أبا أجْرِ (4)
فَمَا لَكَ لَمْ تَبْرُزُ وَلَمْ تَجْلُ عِنْدها؟*** أما (5) لكَ عِرْقُ مِن بني خالِكِ الخُضْرِ ؟(6)
ص: 372
1- الكلمة مشوشة وغير منقوطة في نسختي الأصل، أثبتنا هنا ما استظهرنا منها.
2- قال ابن منظور في لسان العرب 309/6 : وفلان لا يريش ولا يبري : أي لا يضر ولا ينفع.
3- جلهتا الوادي : جانباه.
4- أي والد أسود، وجراء وأخر جمع جري، قال الشاعر : وحارسهم ليث هزبر أبو أَجْرٍ.. وأسد الوادي يكون مهيباً قوياً، فإذا كان عنده أشبال زاد ضراوة...
5- في نسختي الأصل : أبا، والأجود ما أثبتناها.
6- الخُضْر : السود، فإنّ العرب تسمي الأخضر : الأسود. ومن هنا قيل : أرض السواد ؛ للعراق، وقد أراد هنا تعييره بأخواله السود؛ لأنّ أُمّ عمر كانت حبشية سوداء.
وَمَا لِعَدِيُّ والمَكَارِم فِي الوَغَى*** وَمَا (1) لِبَني تَيْمِ بنِ مُرَّةَ والفَخْرِ (2)؟!
أحمد بن علوية الإصفهاني (3): [ من الكامل ]
سَائِل بِهِ عَمْراً غَداةَ سَمَا لَهُ*** يَسَلُ البِراز على [طِمِرٌّ ] (4) حِصانِ
ص: 373
1- في نسخة (ألف): ولا.
2- لقد أورد شيخنا البياضي (رَحمهُ اللّه) في كتابه الصراط المستقيم 110/3 أبياتاً للسيد (رَحمهُ اللّه) على وزان هذه، وفيها من هذه بيت واحد، ونصها هو : [ من الطويل ] غَشَشْتَ أبا حفص وصيَّ محمّد*** وظاهَرْتَ مَنْ يبغي عليه أبا بكر وقلّدته أمر الخلافة بعده*** وغير كما أولى بذالكُما الأثر فَما لِعَدِي والمكارم والعلا*** وما لِبَنِي تَيْمِ بنِ مُرَّةَ وَالفَخْر ؟ ! أَطَعْتَ بهِ رأي ابنِ شُعْبَةَ مَذْهباً*** وهل لامري في طاعَةِ الرَّجْسِ من عُذر ؟!
3- هذه الأبيات من قصيدة عرفت ب- : (المحبرة) أو (الألفية) أو (نونية ابن العلوية) سبق الحديث عنها في صفحة : 14، تعليقة 5، فراجع.
4- في نسختي الأصل هنا بياض، وما جاء بين المعكوفين استظهار منا.
والمسلمونَ (1) مَهَابَةً لِلِقَائِهِ*** يَتَضاءَلُون وقَدْ دَنَا لِطِعان (2):
مَنْ فَضَّ جَمْعَ المُشرِكِينَ بِقَدِّهِ*** ضَرْباً فَخَرَّ (3) وَشِلْوُهُ نِصْفَانِ ؟!
والمَوتُ يُوجِرُهُ وَيَصْدِمُ وَجْهَهُ*** وَسَطَ العَجاجِ (4) بِكَلْكَلٍ وَجِرانِ
هلًا تَقَدَّمَهُ الشَّمَرْدَلُ (5) رامياً*** إذ ظَلَّ مُرْعَشَةً يَداهُ يُواني
ظَنَّ المَنيَّةَ في وَعِيدِ مُؤَذِّنٍ*** تَحْوي(6) الحَشا وتَقَطَّعِ المُصْرانِ
ص: 374
1- في نسختي الأصل : والمسلمين.
2- في نسختي الأصل : لضعان.
3- تقرأ في نسختي الأصل : فجر.
4- في نسخة (ألف): العجاع.
5- الشمردل هنا عمر، والظاهر أنّه على نحو الاستهزاء ؛ لأنّ الشمردل : القوي، فهنا كقوله : (ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ﴾ [سورة الدخان (44): 49]. لاحظ : الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 362/2 - 363.
6- كذا؛ ولعلّها : يحوي.
لا بَلْ تَقَاعَسَ (1) نَاكِصا ويردد (2)*** أن لا يُرَى (3) وترا على شربان (4)
ص: 375
1- في نسخة (ألف): تفاعلهن.
2- في نسخة (ألف): ناكضاً وبردة.
3- في نسخة (ألف): برى.
4- أقول : البيت كلاً مشوش لفظاً ومعنىً، ولا تتلائم النسخ مع المعنى، ولعلّ عجز البيت:متردداً.. أن لا يُرى وَقِراً على قِرْمان..
[رابعها : ] الحديبية ؛
سار النبيّ (عليه و آله السلام) يريد سوق الهدي، فنزل الجحفة فعاف(1) ماءها، فأرسله في طريقه بالروايا إلى ماء يقال له : الجرار، فانطلق بين يديه ثمّ رجع، فقال : لا واللّه يا رسول اللّه، ما قدرت أقدم قدمي فتركته، ثمّ أرسل سعد بن أبي وقاص ففعل مثلها، ثمّ أرسل عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فخرج حتّى انتهى إلى الجرار فملأها.
ثمّ بعث عمر رسولاً إلى أهل مكة ممّا كان بينه وبينهم، فلمّا صدّوه عن دخوله مكة وسوق الهدي - وقد علم أنّ الرُّسُلَ لا تُقتل - فلم ينو عزيمته أن ينفذ في صلح وموادعة.. [و] لا فرقة ومباينة، فقال : يا رسول اللّه ! إنّي لا عشيرة لي بمكة، وليس لي بها أحد يغضب لي، فابعث من هو أعزّ منّي.. فبعث عثمان، فلذلك لم يبايع بيعة الرضوان(2).
وكان امتثال أمر رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] أولى ولو عرضه للهلاك.
ثمّ لما تم الصلح.. جاء معترضاً على النبيّ (عليه وآله السلام) يقول :
ص: 376
1- في نسخة (ب): يغاف، مع تشويش في الإعجام.
2- انظر : كتاب البخاري 18/5 حديث،3698، الكشاف 546/3، بحار الأنوار 329/20 (باب غزوة الحديبية) عن المجمع، وجاء في مجمع البيان 193/9 - 195، جامع البيان 111/26.. وغيرها.
ألسنا المسلمين ؟! فعلامَ نُعطي الدنية.. - وقد تقدّم ذلك (1) - فنزل فيه :
ص: 377
1- قد مرّ في كتابنا هذا أكثر من مرّة وفي مواطن متعددة. انظر القصة مفصلة في : كتاب مسلم كتاب الجهاد والسير، (باب صلح الحديبية، باب 34) حدیث 3 [1412/3 حديث 1785، وفي طبعة 1411/5، وفي أُخرى 175/5 ] - وكتاب البخاري 81/2 في آخر كتاب الشروط ! [ وفي طبعة 182/3، وفي أُخرى 70/4]، وكذا في 125/4 كتاب الخمس، في ذيل باب: إثم من عاهد ثمّ غدر، و 170/6 كتاب التفسير – تفسير سورة الفتح - ومسند أحمد بن حنبل 486/3، و 330/4، ونيل الأوطار 187/8 - 200، والسنن الكبرى 220/9 - 222، وشرح مسلم للنووي 141/12، ومجمع الزوائد 237/6، وفتح الباري 254/5، والمصنّف لابن أبي شيبة 510/8 و 515، ومسند أبي يعلى 365/1، وصحيح ابن حبان 224/11، والمعجم الكبير 90/6، وكنز العمّال 494/10 - 495، وفتح القدير 57/5.. وغيرها. وكذا في كتب التاريخ، مثل : السيرة الحلبية 706/2 [ طبعة الحلبي، وفي طبعة بيروت 706/2]، والسيرة النبوية لابن كثير 320/3، والسيرة النبوية لزيني دحلان 2/177 - 184 [ طبعة مصر - البهية ].. وغيرها. وكتب التفسير، نظير: تفسير الطبري 129/26 - 130، وتفسير القرطبي 277/16، وتفسير ابن كثير 211/4 - 214، والدر المنثور 6 / 77 - 79.. وغيرها. وكذا في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 180/10، و 59/12 - 60، وزاد المسير لابن الجوزي 162/7.. وغيرهما. وانظر من كتب الخاصّة : المسترشد : 537، والصوارم المهرقة : 129.. وغيرهما، ولاحظ ما جاء من المصادر في الغدير 185/7 - 186، وبحار الأنوار 335/20 (باب غزوة الحديبية) عن مجمع البيان، وفي 339/30 عن نهج الحق حديث 159، وفي صفحة : 561 - 563 (الطعن الأوّل لعمر).. وغيرهما.
(الظَّانِّينَ باللّه ظَنَّ السُّوءِ عَلَيهِمْ دَائِرَةُ السُّوءِ..) (1) الآية.
فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وقد سمعه يعترض على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)-:
[من البسيط ]
لولاً مُرَاقِيتِي إِيَّاهُ قَدْ سَبَقَتْ*** يَدي إِلَيْكَ وبَعْضُ القَولِ ذُو خَطَلِ
اللّه مُولَى لَهُ واللّه يَعْصِمُهُ*** إنْ قَالَ قَوْلاً (2) ويَهْدِيهِ إِلى العَمَلِ (3)
ص: 378
1- سورة الفتح (48) : 6. انظر : تفسير القمّي (رَحمهُ اللّه) 315/2 [ الطبعة الحروفية، وفي المحقّقة 987/3 - 991]، وعنه في بحار الأنوار 390/30 (باب كفر الثلاثة) ذيل حديث 165 عن التقريب، وراجع : تقريب المعارف : 256.. وغيره.
2- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل: قولاي.
3- لم يرد هذان البيتان في الديوان المنسوب لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فراجع.
[ خامسها : ] خیبر ؛
محمّد بن يحيى الأزدي (1)، ومحمّد بن إسحاق (2)، وابن جرير الطبري (3) وأبوبكر ي (4)، والواقدي (5)، وأبو بكر البيهقي في دلائل النبوة(6)، وأبو نعيم في الحلية (7)، والأشنهي...
ص: 379
1- في المناقب : أبو كريب ومحمّد بن يحيى الأزدي في أماليهما..
2- سيرة ابن إسحاق، ولم نجده.
3- تاريخ الطبري 12/3 و 13 [ طبعة الأعلمي بيروت 300/2]، وهو نقل لبعض ما في المتن معنى. وجاء الإسناد والمصادر في المناقب للمصنّف (رَحمهُ اللّه) هكذا: ومحمّد بن إسحاق والعمادي في مغازيهما، والنطنزي والبلاذري في تاريخيهما، والثعلبي والواحدي في تفسيريهما، وأحمد بن حنبل وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما، وأحمد والسمعاني وأبو السعادات في فضائلهم..
4- المغازي للواقدي 653/2 - 654.
5- دلائل النبوة 20/4 - 210 و 213.
6- حلية الأولياء 62/1 باختلاف وتقديم وتأخير في النص، وقد كرّر فيها وفيما بعدها، وراجع : تاريخ اليعقوبي 56/2.. وغيره.
7- في نسختي الأصل : الأشتهي، والصواب فيه : الأشنهي، وقد ذكره ابن شهر آشوب في مواطن عديدة من المناقب كذلك بالشين والنون. هو : عبد العزيز بن عليّ بن عبد العزيز بن الحسين الأُشْنُهى - بضم الألف وسكون الشين المعجمة وضم النون، وكسر الهاء - نسبة إلى قرية : أُشْنُه ؛ بُلَيْدَةٌ بآذربيجان. انظر : طبقات الشافعية الكبرى /171 الترجمة 878.
في الاعتقاد (1): عن عبد اللّه بن [ عبّاس وعبد اللّه بن ] عمر، وسهل بن سعد، وسلمة بن الأكوع، و[ بريدة الأسلمي، وعمران بن الحصين، وعبد الرحمن ابن أبي ليلي عن أبيه، وأبوسعيد] الخدري، وجابر الأنصاري، [ وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة.. أنّه لما خرج مرحب بِرَجِلِهِ ] : أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعث أبا بكر برايته مع المهاجرين في راية بيضاء [و] عاد يؤنب قومه ويؤنبّونه (2)...
ثمّ بعث عمر من غده.. ورجع يجبن أصحابه ويجبّنونه..
حتى ساء النبيّ ذلك، فقال (عليه وآله السلام): «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحب اللّه ورسوله، ويحبّه اللّه ورسوله كرّاراً غير فرار، لا يرجع حتّى يفتح اللّه على يده» (3).
ص: 380
1- الاعتقاد للأشنهي : وهو كتاب مفقود لا نعلم بنسخة له فعلاً فضلاً عن طبعه وتحقيقه. قال المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب والأشنهي في اعتقاده : ثمّ زاد عليه قوله : والترمذي في جامعه، وابن ماجة في سننه، وابن بطة في إبانته من سبعة عشر طريقاً..
2- في نسخة (ألف): يؤنث قومه ويؤنثونه.
3- جاء باختلاف يسير مع ما زدنا عليه بين معكوفين في مناقب ابن شهر آشوب (رَحمهُ اللّه) 95/1، و 2 /258 و 318 و 320 [ وفي طبعة 152/3 - 153].. وموارد أُخرى. أقول : الحديث متواتر معنى إن لم يكن لفظاً، وتضافر نقله في مصادر الفريقين طراً. فمن الخاصّة ؛ الشيخ الكليني (رَحمهُ اللّه) في الكافي الشريف 351/8 حديث 548، وكذا السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) في رسائله 104/4 - 105، والدعوات للقطب الراوندي (رَحمهُ اللّه) : 63 - 64 حديث 160، والإفصاح للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) : 34 و 68 و 86.. وغيرها، والإرشاد 64/1، والاختصاص : 150، وأمالي له (رَحمهُ اللّه) : 56، والجمل : 219، وروضة الواعظين : 127 [ وفي الطبعة المحقّقة : 154]، وأمالي الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) : 414 حديث 10 [ الطبعة المحقّقة : 604]، والخصال: 211 و 311 و 555، وعلل الشرائع 162/1، وأمالي الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) : 307 و 380.. وغيرها، والمسترشد: 299 - 301 و 341 - 342 و 437.. وموارد أُخرى فيه، وإثبات الهداة 539/1 حديث 168، وشرح الأخبار 302/1، و 2 / 178 و 192 – 195، وتفسير فرات الكوفي : 122 و 160، والاحتجاج 1 / 167 و 190 و 406، و 64/2 [ وفي طبعة مشهد 272/1]، والخرائج والجرائح 159/1، وإعلام الورى : 207/1 و 364، والعمدة لابن بطريق : 13 و 97 و 131، والفصل السابع عشر : 139 حديث 204 - 244.. وموارد أُخرى، والطرائف : 57 - 58، والاستغاثة 28/2، وبشارة المصطفى: 296 - 297، والصراط المستقيم 249/1، و 2 / 1 و 227/3..، وعوالي اللئالي 4 / 88، والمحتضر : 127. ومن كتب التفسير الخاصّة : التبيان للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) 556/3، و 329/9.. بل غالب التفاسير، إن لم نقل كلّها. وموارد عديدة جداً في بحار الأنوار عمدتها في 8/29 - 16 (باب 5) حديث 8، وكذا موارد في الغدير 38/1 - 41 و 63/4.. وموارد عديدة عن جملة مصادر. وأما في كتب العامّة ؛ فلاحظه في كتب الصحاح والسنن والمسانيد والمجاميع، مثل : كتاب البخاري (باب مناقب عليّ بن أبي طالب) 76/5 - 77 [ وفي طبعة 207/4]، وشرحه فتح الباري 90/6، و 60 و 365، وعمدة القاري في شرح كتاب البخاري للعيني 216/16، وكتاب مسلم 195/5، و 120/7 - 122 [ وفي طبعة 4 / 1872 كتاب فضائل الصحابة (4) حديث 32 - 35]، وشرح مسلم للنووي 1 / 141، وسنن الترمذي 171/13، وصحيح ابن حبان 377/15 و 382، ومستدرك الحاكم 116/3، و 122 [109/3 و 437]، والسنن الكبرى للنسائي 46/5 و 108 - 112 و 122 و 144 - 145 حديث 8511، وصفحة : 173 حدیث 8587، وصفحة : 178 حديث 8600 [ وفي طبعة 362/6، و 107/9 و 131].. وغيرها، وسنن ابن ماجة 45/1[30/1] ذيل حديث 121، ومسند أبي يعلى 291/1 - 292، و 522/13، ومسند أحمد بن حنبل 99/1 و 185 و 331، و 2 / 384، و 52/4، 333/5 و 358، والمعجم الأوسط 59/6، والمعجم الكبير للطبراني 152/6 و 167 و 187 حديث 5950، وصفحة : 198، و 13/7 و 17 و 31.. وموارد عديدة أُخرى. وكذا جاء في كنز العمّال 463/10 - 468، و 13 /121 - 122.. وموارد أُخرى، 121/13 122.. وفيض القدير للمناوي 689/4، و 465/6، وعلل الدارقطني 277/3، و 109/10، ونيل الأوطار للشوكاني 55/8 و 59، ومجمع الزوائد للهيثمي 150/6، و 123/9 - 124، وخصائص النسائي : 49 - 55، و 61 و 82 و 116.. وموارد عديدة بأسانيد فريدة، وفي إحقاق الحق عن كتاب الجمع بين الصحيحين 374/5 و 394، وفضائل الصحابة لأحمد بن حنبل 564/2 حديث 950، و 583/2 حدیث 987 - 988، وحدیث 1009 من 593/2.. وفي كتب الرجال ؛ مثل: تهذيب الكمال،485/20، تهذيب التهذيب 205/3، (الهامش) و 296/7، الإصابة،38/1 و 468/4، تاريخ بغداد 5/8، والطبقات الكبرى لابن سعد 111/2 [ وفي طبعة : 618 و 630]، التاريخ الكبير للبخاري 115/2، الثقات لابن حبان 12/2 - 13 و 267، الكامل لابن عدي 447/3 و 52/5، أسد الغابة لابن الأثير 21/4 و 91 و 98، حلية الأولياء لأبي نعيم الإصفهاني 62/2.. وفي كتب التاريخ والسير ؛ نظير : البداية والنهاية 211/4 - 214 [ وفي طبعة 4 / 185 - 187]، و 251/7، وتاريخ مدينة دمشق 288/13.. وموارد أخرى كثيرة فيه جداً. وراجع : السيرة النبوية لابن هشام 316/3 و 386، والكامل لابن الأثير 219/2 [ طبعة بيروت ]، تاريخ الإسلام (المغازي) للذهبي 2 /408 - 410.. وكذا في معرفة علوم الحديث : 252، والفائق 383/1 - 384، وشرح نهج البلاغة 234/11 - 235، و 186/13، والإمتاع والمؤانسة للمقريزي : 314، وفرائد السمطين 378/1، وتيسير الوصول 227/3، والرياض النضرة 184/2 - 188، وذخائر العقبى : 73 [ وفي طبعة : 86]، وشواهد التنزيل للحسكاني 36/2.. بل كلّ كتب المناقب كالكوفي والخوارزمي وابن المغازلي وشاذان بن جبرئيل القمي (رَحمهُ اللّه) والروضة في الفضائل.. وغيرهم، كلّ ذلك بأسانيد جمة وطرق متعدّدة.
وروي أنّ النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) بعث بعدهما سعد بن عبادة فرجع مجروحاً (1)، فكان أعذر منهما ؛ لأنهما لم يلقيا أحداً يحتاج أن ينهزما منه..
وروي : أنّه لما فرّ عمر من مرحب اليهودي جعل يقول: يا عزّ هذا الدين !
ص: 383
1- راجع : الاحتجاج 406/1، وعنه في بحار الأنوار 74/44(باب 2) ذیل حدیث 1.
أين تهرب ؟! اثبت رويداً.. فرجع عمر يجبن أصحابه ويجبّنونه (1).
الحميري (2): [ من الطويل ]
وَخَيْبَرُ (3) لمَّا زَالَ مِن خَشْيَةِ الرَّدَى*** بِرایَتِهِ عَنْها الدُّلامُ وعَرَّدَا
رأى مَرْحَباً يَهْدِي الجُنُودَ بِحالِه*** سم المحلة أهْرَتَ الشدق (4) ملبدا (5)
ص: 384
1- راجع مثلاً : مصنف ابن أبي شيبة 393/7 - 394، المستدرك على الصحيحين 40/3 برقم 4341، تاريخ دمشق 42 / 96 - 97.. وغيرها.
2- لا توجد هذه القصيدة في الديوان المجموع للسيد الحميري (رَحمهُ اللّه)، ولا نعرف لها ولما بعدها مصدراً غير كتابنا الحاضر.. وهذا من امتيازاته.
3- الكلمة مشوشة في نسخة (ألف)، وتقرأ : حبتي.. أو غير ذلك، وهي مطموسة في نسخة (ب)، وما هنا استظهار منّا.
4- أَهْرَتُ الشدق وهريت الشدق.. أي مَهْرُوت ومُنْهَرِت، كما كتاب العين 33/4، والشدق، وهو سعته، كما في لسان العرب 104/2. ولاحظ : مجمع البحرين 228/2.. وغيره، ويراد منه : عريض الفم. أَسَدٌ أَهْرَتُ: بَيِّنُ الهَرَت، وهَرِبتٌ ومُنْهَرِتٌ، والهَرْتُ : شَقُك الشيءَ لتُوسِّعَهُ،، وهو أيضاً جَذْبُك الشدق نحو الأُذُن. راجع : لسان العرب 104/2.
5- كذا ؛ والعجز كلاً مشوش في كلتا النسختين.
فَجَاش به قَلْبٌ ضَعِيفٌ وَطالَما*** تَخَوَّفَهُ عِنْدَ اللقاء وأبعدا
فَقَالَ رَسُولُ اللّه غَضبان قاطباً*** وَكَانَ عَلى نَافِرَ (1) العَيْن أَرمَدا
وَكانَ [إذا ] (2) يَغْضَبُ يَحْمَرُّ (3) وَجْهُهُ*** وَتَعْرِفُهُ فِيهِ إِذا مَا تَرَبَّدا (4):
سأعطى امْرَءاً - إن شاء ذُو العرش - رايتي*** [قويّاً أميناً مستقلاً بِها غَدَا ] (5)
ص: 385
1- نَفَرَتْ عينه : هاجت وَوَرِمَتْ. راجع : الطراز الأوّل 360/9 مادة (نفر).
2- في نسختي الأصل بياض هنا بمقدار كلمة وما أضيف منّا.
3- الكلمة في نسختي الأصل غير معجمة ومشوشة، وقد تقرأ : يخمل، أو : يحمد، أو شيء آخر حسب التنقيط.
4- في نسخة (ألف): تزبدا.
5- سقط العجز كلاً من نسختي الأصل، وأثبتناه من المناقب. ولقد أورد شيخنا المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه عدّة قصائد وأشعار في غزوة خيبر، وذكر منها كما في 323/2 [ من الطبعة الأُولى، وفي طبعة المطبعة العلمية - قم 133/3، وفي طبعة بيروت 159/3]، قال : [ من الطويل ] سأعطى امرءاً إن شاء ذو العرش رايتي*** قَوِيّاً أميناً مستقلاً بها غدا يُحبُّ إلهي والإلهُ يُحِبُّهُ*** لَدَى الحَرْبِ مَيْمُونَ النَّقِيبَةِ أصيدا ففاز بها منه علي ولم يَزَلْ*** على معاناً في الأمور مُؤيَّدا على عادة منهُ جَرَتْ في عَدُوِّهِ*** وكُلُّ امري جار على ما تَعَوَّدا أقول : روى ابن جبر في نهج الإيمان : 326: أربعة أبيات بعنوان : وقال السيد الحميري (رَحمهُ اللّه)، ومن الغريب أن مخرج الكتاب لعدم وجدانه لها في ديوان السيد الحميري ! قال : وفي المناقب لابن شهر آشوب (رَحمهُ اللّه) 159/3 ذكرت بعنوان (منها)، ثمّ قال : ولعلّها لابن حماد المذكور قبلها !
وله (1): [ من الطويل ]
وَأمَّا أبو حَفْصٍ فَأَلْقَاهُ (2) مَرْحَبٌ*** فأجْفَلَ إجفالَ الظَّلِيمٍ مُرَعبا
ص: 386
1- لم نجد هذين البيتين ولا ما بعدهما من الأبيات فيما جمع للسيد الحميري (رَحمهُ اللّه) من ديوان، كما لا نعرف راوياً أو مصدراً لها سوى ما حكاه لنا شيخنا المصنّف (قدّس سِرُّه) في سفره الجليل هذا.
2- كذا ؛ والأفضل : فَألْفاه، أو : فلاقاه.
فَكَيفَ يُعِزُّ اللّه ذُو الطَّوْلِ دِينَهُ*** بِمَنْ كانَ [في ] حَدٌ (1) الكتائِبِ أجْنَبا (2)
وله : [من الطويل ]
ويومَ ابنِ خَطَّابِ بِخَيرَ إِذ رَغَا (3)*** براية حَقٌّ فَاعْتَراهُ هُجَيْنُ
فَجاءَ بها مَردُودةٌ خَشْيَةَ الرَّدَى*** يُجَبِّنُ أَصْحَاباً لَهُ ويُجَبْنُوا (4)
فَقَالَ رَسُولُ اللّه : لأُعطيتها*** غَداً رَجُلاً مِن أُسْرَتي لا يُوَهَّنُ
يُحِبُّ إلهي والإلهُ يُحِبُّهُ*** فَيَضْرِبُ فِيهِمْ بِالحُسامِ وَيَطْعَنُ
ولا يَنثَني حتّى يَفُلّ جُموعَهُم*** أيادي (5) سبا في الأرضِ لَمَّا تَحَصَّنُوا
ص: 387
1- في نسخة (ألف) : خدّ، فلو كانت (جد) فهي أجود.
2- هو الذي يقف جانباً يخاف الحرب، ويقرأ في نسخة (ب): أجبنا.
3- في نسختي الأصل: وغى، وهي مصحفة عن المثبت.
4- في نسخة (ألف): وله يجبنوا. وما في المتن من الضرائر ؛ لأن الأصل (ويجبنون) فحذف النون بلا ناصب ولا جازم، وهي ضرورة شعرية.
5- في نسختي الأصل: أبادي.
وله (1): [من الطويل ]
ويومَ ابنِ خَطَّابِ بِخَيير إِذ رَغَا (2)*** برايته ذي مرتد الأباذل
فَنَهْنَهَهُ عَن خَيبرٍ دهماً (3) لَهَا*** مخافة ضَرب من نَسَى غَير ابطالِ (4)
فَوَلَّى يخُبُّ الرَّكْضَ يَتلُوهُ مَرْحَبٌ*** فَتَعْساً لِمَتْلُوٍّ وتَالِيهِ مِن تَالي
وله (شعر)(5): [ من الكامل ]
ص: 388
1- لم نجد هذه الأبيات كذلك في الديوان المجموع للسيّد الحميري (رَحمهُ اللّه).
2- في نسختي الأصل وغى، وهي مصحفة عن المثبت.
3- هذا استظهار وإلا فإنّ الكلمة مشوشة في نسختي الأصل، أُثبت ما قرئ منها، وقد تقراً : إذ بما لها، أو : إذ دعا لها، أو اديماً لها.
4- هنا كلمة مطموسة في النسختين والباقي غير واضح، وأُثبت كما هو، وعجز البيت الذي قبله.
5- لا توجد كلمة (شعر) في نسخة (ألف)، ولم نجد الأبيات في ديوان السيد (رَحمهُ اللّه). والغريب ما ذكره شيخنا المفيد (رَحمهُ اللّه) في إرشاده : 64 - 65 [ وفي الطبعة المحقّقة 129/1 - 130 ]، وعنه في بحار الأنوار 17/21 - 18 (باب 22) ذیل حدیث 11: وفيه أيضاً : قال شاعر من شعراء الشيعة يمدح أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويهجو أعداءه - على ما رواه أبو محمّد الحسن بن محمّد بن جمهور - قال : قرأت على أبي عثمان المازني.. ثم ذكر ثمانية أبيات، سنذكرها مع ما فيها من اختلاف. وأوردها ابن جبر (رَحمهُ اللّه) في نهج الإيمان : 325 - 326 تحت عنوان : قال الشاعر :..
بَعَثَ النَّ بِيُّ بِرَايَةٍ مَنْصُورَةٍ (1)*** عُمَرَ ابْنَ حَنْتَمَةَ الدُّلامَ الأدْلَما
فَمَضَى بِهَا حتّى إِذَا بَرَزُوا لَه (2)*** دُونَ القَمُوصِ (3) [نبا] وهاب...(4) وأحْجَما (5)
فأتی النبيّ بِرايةٍ مَرْدُودَةٍ*** هَلَّا تَخَوَّفَ عَارَها فَتَذَمَّمَا (6) ؟ !
ص: 389
1- الكلمة مطموسة في نسخة (ب).
2- في نهج الإيمان : إذا بدروا له..
3- في المصدر السالف : الغموص، بدلاً من : القموص. القموص : هو جبل بخيبر، عليه حصن أبي الحقيق اليهودي، كما في معجم البلدان 398/4، والغموض : مُحَرَّفٌ عن القموص، وهو أحد حصون خيبر، وهو حصن بني الحقيق، كما في معجم البلدان 213/4.
4- الكلمة مطموسة في نسخة (ب)، ومخرومة في نسخة (ألف)، ولعلها تقرأ : قربار، أو : قرما له جحما..
5- في هامش الإرشاد، وجاء في نهج الإيمان : ثنى وهاب وأحجما.. وهو الصواب، إلّا أنّه في الإرشاد وتبعاً له في بحار الأنوار : نبا، وهذه أيضاً صحيحة، بمعنى هَرَب.
6- جاء عجز البيت هذا في نهج الإيمان : أن لا تخوّف عارها فتذمما، كما جاء في هامش الإرشاد - وتبعاً له في بحار الأنوار - : ألا تخوف...
فَدَعَا النبيّ لها ابن فاطِمَةَ الفَتَى (1)*** بَلَّتْ مَفَارِقَ مَرْحَبٍ يَدُهُ دَمَا(2)
فَعَدا (3) بِها فِي فَيْلَقٍ وَدَعَا لَهُ*** ألَّا يُصَدَّ بِها وألا يُهْزَمَا (4)
ص: 390
1- الكلمة مطموسة في نسخة (ب)، وفي (ألف) التي، وأثبتنا في المتن ما استظهرناه.
2- ولم يرد هذا البيت في هامش الإرشاد ونهج الإيمان، وجاء فيهما بدلاً منه : فبكى النبيّ لها وأنبه بها ودعا امرءاً حسن البصيرة مُقدّما ومثله في متن الإرشاد، إلّا أنّه فيه : له، بدلاً من لها.
3- قد تقرأ في نسخة (ب) : فهدى، وفي هامش الإرشاد وبحار الأنوار ونهج الإيمان : فغدا.
4- وأورد بعده في نهج الإيمان ثلاثة أبيات هي: [من الكامل ] فَزَوَى اليَهود إلى الغموص وقد كسا*** *كبش الكَتِيبَةِ ذا عزارة مخدما وَثَنى بناس بعده فقراهم*** طلس الذباب ونحل نسرٍ قَشْعَما ساط الإله بحبّ آلِ محمّد*** ونحبّ من والاهم منّي الدما وجاءت أيضاً في الإرشاد وفيه : بدل الغموص: القموص، وبدل عزارة : غرار، و بدل : طلس الذباب ونحل نسر : طلس الذئاب وكلّ نسر.. وفي هامش الإرشاد بدل مخدما : مخذما، وبدل نحبّ : بحبّ. ثمّ قال : في أبيات أُخر.. وعليه ؛ فالغرار : حد السيف، والمخذم السيف القاطع، وطلس : جمع أطلس ؛ وهو الذئب الذي في لونه غبرة إلى السواد والقشعم : النسر المسن، وساط : خلط الشيء بعضه ببعض، كما أفاده في الهامش. وللعلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 18/21 (باب 22) ذیل حدیث 11 علیه بیان موضحاً ألفاظه فيه. وقد أوردناها لعدم ورودها في الديوان أو مصدر آخر مفصّلاً.
وله (شعر) (1): [ من الكامل ]
وَلَهُ بِخَيْبَرَ إِذ دَعَاهُ لِراية*** رُدَّتْ عَلَيهِ هُنَاكَ أكْرَمُ مَنْقَب
إِذْ جَاءَ حَامِلُها فَأَقْبَلَ مُتْعَباً*** يَهْوِي بِهَا الثانيُّ (2) أو كَالمُتعب
يَهْوِي بِهَا وَفَتَى اليَهُودِ يَشُلُّه*** كَالثَّورِ وَلّى مِن لَواحِقِ أَكْلُبِ (3)
ص: 391
1- لا توجد كلمة (شعر) في نسخة (ألف). وهذه الأبيات من القصيدة المذهبة التي أفرد لها السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) رسالة لشرحها جاءت في رسائله 52/4 - 139، وعليه طبّقنا ما هنا.
2- في رسائل السيّد : العدوي، بدلاً من الثاني، وتشديد الياء ضرورة لا يستقيم الوزن بدونها.
3- هذه الأبيات الثلاثة جاءت في رسائل المرتضى (رَحمهُ اللّه) 103/4 برقم 71، ثمّ شرحها.
غَضِبَ النبيّ لَها فَأَنَبَّهُ (1) بِهَا*** وَدَعَا أَخَا ثِقَةٍ لِكَهْلٍ مُنْجِبِ (2)
مَنْ لا يَفِرُّ وَلا يُرى في نَجدَةٍ (3)*** إلَّا َوصَارِمُهُ خَضِيبُ المَضْرَبِ (4)
فَمَشَى بِهَا قِبَلَ اليَهُودِ مُصَمِّماً*** يَرْجُو الشَّهادَةَ لا كَمَشْي الأَنْكَبِ (5)
تَهْتَزُّ (6) فِى يُمْنَى يَدَيْ مُتَعَرض*** لِلْمَوْتِ أَرْوَعَ في الكَرِيهِةِ مِحْرَب (7)
ص: 392
1- الكلمة مشوشة، لعلّها كذا تقرأ، وهذا ما جاء في رسائل السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه).
2- هذا البيت بنصه في شرح القصيدة المذهبة من رسائل السيّد 107/4 تحت رقم 74، وجاء بعده: [من الكامل ] رجلٌ كِلا طَرَفَيْهِ من سامٍ وما*** حام له بأبٍ ولا بأبي أب
3- في نسخة (ب): وجهة، وفي الإرشاد : معرك، وما أثبتناه جاء في هامش نسخة (ألف)، ورسائل السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه)، والنجدة : الشدّة والقتال.
4- جاء هذا البيت في شرح السيّد (رَحمهُ اللّه) للقصيدة المذهبة في رسائله 109/4 برقم 76.
5- قال الزبيدي في تاج العروس 305/4 - 306 : وفي الأساس : ومن المجاز : وإنّه أنكب عن الحق وناكب عنه، مائل.. وفي اللسان 770/1 - 771: بعير أنكب : يمشي متنكبّاً، والأنكب من الإبل، كأنّما يمشي في شقّ. وراجع : كتاب العين 5 / 385، ومجمع البحرين 176/2.. وغيرهما.
6- في نسخة (ألف) : يهتزّ، وفي الباقي كالمثبت.
7- في نسختي الأصل : مجرب، والصحيح ما أثبتناه، ورجل محرب : شديد الحرب وشجاع، كما في لسان العرب 303/1، وهو الذي جاء في شرح الأبيات، ويراد منه الحسن البلاء في الحرب.
فِي فَيلَقٍ فيه السَّوابِعُ (1) وَالقَنا*** والبيضُ تَلْمَعُ كالحَرِيقِ المُلْهَبِ
والمَشْرِفِيَّةُ فِي الأكُفُ كَأنَّها*** لَمْعُ البُرُوقِ بِعارِض مُتَحَلِّب (2)
وذوو البصائر فَوقَ كُلِّ مُقَلِّص*** نَهْدِ المَراكل (3) ذِي سَبِيبٍ سَلْهَبِ (4)
ص: 393
1- كذا في شرح القصيدة المذهبة ونسخة (ب)، ويراد منها : الدروع، وإنما سميت بذلك لتمامها وطولها، وإنّما أراد بذلك الدروع السوابغ، فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه، ولا معنى للسوانع التي وردت في نسخة (ب). وهذا البيت والذي قبله أورده السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) في شرحه للقصيدة، وجاءا في رسائله 111/4 برقم 78 و 79.
2- قال السيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) في رسائله : متحلب صفة للسحاب الماطر. وقال ابن منظور في لسان العرب :331/1.. تحلّبا : عرقا، وتحلب فوه: سال، وكذلك تحلب الثدي.. إذا سال.
3- كذا في رسائل السيّد المراكل، وهي القوائم، ويراد من نهد المراكل : غليظها، ونهد الرجل : إذا شخص.
4- في نسختي الأصل : سهلب، والصحيح ما أثبتناه، والسلهب : هو الطويل من الرجال، وقيل : هو الطويل من الخيل والناس، كما في لسان العرب 474/1.
حَتَّى إِذَا دَنَتِ الأَسِنَّةُ مِنْهُمُ (1)*** ورَمَوا قِبَالَهُمْ (2) سِهَامَ المِقْنَب
شَدُّوا عَلَيهِ لِيُرْجِلُوهُ فَرَدَّهُم*** عَنْهُ بِأَسْمَرَ مُسْتَقِيمٍ (3) الثَّعْلَبِ
وَمَضَى فَأَقْبَلَ مَرحبٌ مُتَذَمِّراً (4)*** بالسَّيفِ يَخْطِرُ كالهِزَبْرِ المُغْضَبِ
فَتَخالَا مُهَجَ النُّفُوسِ فَأَقْلَعَا(5)*** عَن جَرْيِ أَحْمَرَ سَائِلٍ مِنْ مَرْحَبِ
فَهَوى بِمُخْتَلَفِ القَنا مُتَجَدِّلاً*** ودَمُ الجَبِينِ (6) بِخَدِّهِ المُتَتَرِّب (7)
ص: 394
1- في نسخة (ألف): مذ هم.
2- كذا ؛ وفي الرسائل : قبالتهم.
3- هذا من المصدر، وجاء في نسخة (ألف) : باسم مستقيم.. وعدّها فيه نسخة بدل، وهي مشوشة، والصحيح : بأسمر مستقيم، كما هو في الشرح المزبور، وهامش نسخة (ألف)، ويراد من الأسمر : الرمح.
4- في الأصل : مرجم متذمراً، وفي الشرح المزبور : فأقبل مرحب متذمراً.. واحتمل المرتضى (رَحمهُ اللّه) فيه أمرين : أحدهما من معنى الشجاعة، والآخر : مأخوذ من الحثّ.
5- في المذهبة المشروحة : فأقلعا، وفي نسختي الأصل : فاولعا، وفي نسخة (ألف) عليه نسخة : فاقلعا.
6- في نسختي الأصل : الجنين.
7- في نسخة (ب) : المترب، وإنما وصف الخد بأنه متترب بما علاه ولصق به من التراب.
أَجلَى (1) فَوَارِسَهُ وأَجْلَى رَجْلَهُ*** عَنْ مُقْعَص (2) بِدِمائِهِ مُتَخَذِّب
فَكَأَنَّ زُوَّرَهُ العَوَاكِف (3) حَوْلَهُ*** مِن بَينِ خَامِعَةٍ (4) ونَسْرٍ أَهْدَبِ
شعثٌ لَعامِظَةٌ دُعُوا (5) لِوَلِيمَة (6)*** أو ياسرون تَخَالَسُوا في مَنْهَبٍ (7)
ص: 395
1- كذا في نسخة (ألف)، وفي شرح القصيدة في الرسائل 115/4.
2- في نسختي الأصل : معقص، وجاء في الشرح المزبور: مقعص، ويراد منه المقتول، إذ أنّ القعص هو القتل المعجل، كما في لسان العرب 78/7.. وغيره، وقد يراد منه غير ذلك.
3- ومثل هذا ما جاء في المصدر، وهي نسخة بدل جاءت في نسخة بدل في نسخة (ألف)، وقد تقرأ في نسخة (ألف) : دوره الاحواكف.. أو : معاكف.. وفي نسخة (ب): دوراً لا حواكف..
4- كذا في شرح المذهبة للسيد : خامعة، ويراد منها الضباع؛ لأنها تخمع.. أي تعرج، ومثله في نسخة (ألف)، وفي نسخة (ب): جامعه.
5- في نسخة (ألف) : دعوا العظام، وفي نسخة (ب) : دعوا لعظامه، وكلاهما بتعريف وتقديم وتأخير عما أثبتناه.
6- أصل الشعث: النقصان، واللّعامظة : هو الشره الحريص على الأكل.
7- الكلمة مطموسة في نسخة (ب).
ابن حماد (1): [ من مجزوء الرمل ]
سلْ بِهِ خَيْبَرَ تُخْبِرْ*** كَ وإنْ لَمْ تَسْأَلِ
يَوْمَ رُدَّت رايَةُ الطُّه-*** -ر (2) بِكَف الأحْوَلِ
عِنْدَها صَاحَ النبيّ عن-*** -د انقطاع الأمل (3):
أَيْنَ صِنْوِي ؟ أَيْنَ صِهْرِي؟*** أيْنَ مَنْ هُوْ بَدَلي؟
أيْنَ مَن يَكْشِفُ عَنِّي*** كُلَّ خَلْبٍ جَلَلِ؟
عِندها أيْقَنَ عَمْرو*** باقتراب (4) الأجل (5)
ص: 396
1- لم أحصل على مصدر لهذه الأبيات ولا ما يشاكلها في المناقب، وإن كان قد سبق لشاعرنا عدّة أبيات وقصائد لامية، فلاحظ. وقد ذكر له المصنف طاب ثراه في مناقبه 156/3 أبياتاً ثلاثة في قصيدة أُخرى في (باب غزوة خيبر)، فراجع.
2- في نسخة (ألف) : الظهر.
3- في نسخة (ألف): الأهل.
4- في نسختي الأصل : باقرات، وما هنا استظهار منّا.
5- أقول : جاءت الأبيات الأخيرة مع ثلاثة قبلها مغاير لما هنا، مع خمسة بعدها من المصنّف (رَحمهُ اللّه) في كتابه المناقب 2 / 327 - 328 [ وفي طبعة قم 139/3]، وهي في غزوة الخندق، كما يظهر هذا من البيت الأخير، حيث ذكر فيه : عمرو، ومن الواضح أنّه قد سقطت الأبيات المتعلقة بغزوة خيبر، وفيها : [ من مجزوء الرمل ] مَنْ دعاه المُضطفى عن-*** -د انقطاعِ الجَبَلِ يَومَ سَلْعِ والوَغَى ير*** مي بمثل الشعل حين كان القوم من عم-*** -رو الكَمِيُّ البُطَل : أينَ صِنْوِي أين صِهْرِي*** أين من هُوْبَدَلِي؟ أينَ من يَكْشِفُ عَنِّي*** كُلَّ خَطْبٍ جَلَلِ؟ عندها أيقَنَ عَمْرو*** باقْتِرابِ الأَجَلِ بحُسامٍ مِنْ كَمِيٌّ*** فالق للقُلَلٍ ثمَّ أَلقاه لُقَى الجِس-*** -م تريبَ الحُلل
أمّا [ سادسها : ] ذات السلاسل وبنو جفن (1) ؛
قال اللّه تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا..) (2).
الزجاج ومقاتل(3): أنّه أنفد النبيّ (عليه وآله السلام) الأوّل في سبعمائة رجل، فلما صار (4) إلى الوادي وأراد (5) الانحدار، خرجوا إليه فهزموه (6) وقتلوا من المسلمين جمعاً كثيراً، فلما قدموا على النبيّ (عليه وآله السلام)، بعث عمر فرجع منهزماً، ثمّ عمرو بن العاص فرجع كذلك (7).
ص: 398
1- كذا ولعلّها : ذات السلاسل من أرض بني عذرة، كما جاء في السيرة النبوية لابن هشام 104/4، والسيرة النبوية لابن كثير 435/4.. وغيرهما أو : لعلّها هي غزوة بني زهرة، أو غزوة بني جذيمة.
2- سورة الأنفال (8) : 45.
3- جاء الإسناد في المناقب هكذا : أبو القاسم بن شبل الوكيل، وأبو الفتح الحفار بإسنادهما عن الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ومقاتل، والزجاج، ووكيع، والثوري، والسدي، وأبو صالح، وابن عبّاس، أنّه أنفذ.. إلى آخره.
4- الكلمة مطموسة في نسخة (ب).
5- في نسختي الأصل والازاد.. وما هنا من المناقب.
6- كذا في المناقب ؛ وفي نسخة (ألف) : فيهزموه، وفي نسخة (ب): فيهرموه.
7- في المناقب: فقال عمرو بن العاص : ابعثني يا رسول اللّه ؛ فإنّ الحرب خدعة، ولعلّي أخدعهم.. فبعثه فرجع منهزماً.
وفي رواية : [أنّه ] أنفد خالداً فرجع كذلك، فساء النبيّ (عليه وآله السلام) ذلك، [فدعا ] عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقال : «أرسلته كرّاراً غير فرّار..» فشيعه إلى مسجد الأحزاب، فخرج عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكبس القوم وهم عادون(1)، فقال: «يا هؤلاء ! أنا رسول رسول اللّه إليكم أن تقولوا: لا إله إلّا اللّه، وأن محمّداً رسول اللّه.. والا ضربتكم بالسيف..» (2).
فقالوا : [ انصرف] عنّا كما انصرف ثلاثة.. فإنّك لا تقاومنا !
فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): «إنّني لا أنصرف.. أنا عليّ بن أبي طالب»، [فاضطربوا، وخرج إليه الأشدّاء السبعة وناصحوه وطلبوا الصلح، فقال : «إما الإسلام وإما المقاومة»، فبرز إليه واحد بعد واحد، وكان أشدّهم آخرهم ؛ وهو سعد بن مالك العجلي - وهو صاحب الحصن - فقتلهم فانهزموا]، فقتل الأشدّاء السبعة، ودخل بعضهم في الحصن (3)، وبعض استأمنوا، وبعض أسلموا، وأتوه بمفاتيح الخزائن، [قالت أم سلمة : انتبه النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] من القيلولة، فقلت : اللّه أجارك (4) ما لك ؟ فقال : «أخبرني جبرئيل بالفتح» ]: فنزل : ﴿وَالعَادِياتِ ضَبْحاً..﴾ (5).
ص: 399
1- في المناقب: غادون، والظاهر أنّ كليهما مصحف عن : غارون.
2- هنا كلام كثير جاء في المناقب، وليس هو بسقط هنا، بل هو برواية مقاتل والزجاج فحسب دون غيرهم، ولذا قال في المناقب وفي رواية مقاتل والزجاج : أنّه كبس القوم..
3- في نسختي الأصل : الحسن، ولا معنى له هنا، وما أثبتناه هنا من المناقب.
4- في المناقب : جارك.
5- سورة العاديات (100) : 1. أقول : ما جاء هنا أوّله نص وآخره مجمل ما ذكره المصنّف طاب رمسه في كتابه الرائع مناقب آل أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) 328/2 - 329 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة المطبعة العلمية 140/3 - 141، فصل فيما ظهر منه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في غزاة السلاسل، وفي طبعة بيروت 166/3 - 167 ]، وعنه في بحار الأنوار 93/41 (باب 106) ذیل حدیث 13. و راجع : كتاب المستجاد من الإرشاد للعلّامة الحلّي (رَحمهُ اللّه) : 102.
الحميري (1): [ من المتقارب ]
ص: 400
1- ديوان السيّد الحميري (رَحمهُ اللّه): 230 جاء هذان البيتان ضمن قصيدة في سبعة أبيات، هما الثالث والرابع منها، وقد أوردهما أبو الفرج الإصفهاني في الأغاني 253/7، والعلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 255/2، والسيد الأمين له في أعيان الشيعة 3 /417.. وغيرهم. أقول : وما يناسب المقام من شعر السيّد الحميري (رَحمهُ اللّه) هو ما أورده المصنّف طاب ثراه في مناقبه ذيل ما سلف: [ من الوافر ] وفي ذاتِ السَّلاسلِ من سُلَيْمٍ*** غداةَ أتاهُمُ الموتُ المُبِيرُ وقد هَزَمُوا أبا حفص وعَمْراً*** وصاحبه مراراً فاستطيروا وقَد قَتَلُوا من الأنصار رَهْطاً*** فحلَّ النَّذْرُ أو وَجَبَتْ نُذُورُ أذادَ الموتُ مَشْيَخةً ضخاماً*** جَحَاجِحَةً يُسدّ بها الثُغُورُ ونقل شيخنا الأميني طاب ثراه في غديره 255/2 عن الأغاني لأبي الفرج 250/7 - 254 عن سويد بن حمدان بن الحصين، قصة هذه الأبيات - ولا بأس بنقلها - قال : كان السيّد يختلف إلينا ويغشانا، فقام من عندنا ذات يوم، فخلفه رجل وقال : لكم شرف وقدر عند السلطان فلا تجالسوا هذا، فإنّه مشهور بشرب وشتم السلف.. ! فبلغ ذلك السيّد فكتب إليه : [ من المتقارب ] وَصَفْتُ لكَ الحوض يابن الحُصَيْنِ*** على صِفَةِ الحَارِثِ الأَعْوَرِ فإنْ تُسْقَ منه غداً شُربةٌ **تَفُز من نصيبك بالأوفر .. ثمّ ساق الأبيات.
فَمَا لِيَ ذَنبُ سِوَى أَنَّنِي*** ذكرتُ امْرَءا (1) فَرَّ مِنْ خَيْبَرٍ
ذكرتُ امْراً فَرَّ مِن (2) مَرْحَبِ*** فِرَارَ الحِمَارِ مِنَ القَسْوَرِ (3)
لغیره (4): [ من المتقارب ]
إمَامِي الَّذِي حَسَرَ الكَرْبَ عَنْ*** محمّد بالشيفِ حتّى انْحَسَن
ص: 401
1- في الديوان والأغاني : الذي.. بدلاً من: امرءاً.
2- في الديوان : عن.. بدلاً من من.
3- أورد أبو الفرج صاحب الأغاني - وأخذ منه صاحب الغدير - أبياتاً مكملة هنا، وهي : [ من المتقارب ] فأنكر ذاك جليس لكم*** زنيم أخو خُلُقٍ أعور لحاني بحب إمام الهدى*** وفاروق أُمّتنا الأكبر سأحلق لحيته إنّها*** شُهودٌ على النُّورِ والمُنكَرِ
4- لم نعرف الشاعر هذا، وجاءت أربعة أبيات من هذه القصيدة في مناقب ابن شهر آشوب (رَحمهُ اللّه) 408/1 [ طبعة بيروت 172/3]. وهي الأبيات الأوّل والثاني والثالث والخامس هنا، وقد جاءت الأبيات الثلاثة - السادس والسابع والثامن - في المناقب أيضاً تحت عنوان (آخر) [أي شاعر آخر ] 398/1 [ من الطبعة الأُولى، وفي طبعة بيروت 159/3].
ومَنْ فِي حُنَيْنٍ حتّى سَيْفَهُ*** ظُهُوراً مِنَ الشِّرْكِ حتّى (1) ظَهَرْ
وَمَنْ جَرَّعَ (2) المَوتَ عَمْرَو ْبنَ وَدّ*** كَذلِكَ عَمْرَو بْنَ مَعْدِي (3) أَسَرْ
وَقَد كانَ عَمْرُو (4) دَعا: يا عُمَرُ*** فَأَذْعَنَ (5) من خَوْفِ عَمْرُو عُمَرُ (6)
وَيَومَ قُرَيْظَةَ أُختِ النَّضِيرِ*** لِتَقْرِيضِهِ فِيهِ يوماً (7) أَغَرُ (8)
فَسَلْ عَنْهُ في خَيبرٍ مَرحباً*** غَدا مَا لِصَهَاكَ (9) مِنْهُ ذُعِر (10)
فَمَرَّ أبو حَسَنٍ حَيْدَرُ*** كَلَيْثِ العَرِينِ إِذا مَا انْحَدَرُ
ص: 402
1- في المناقب : لما.. بدلاً من : حتّى.
2- في نسختي الأصل: جوع، أُثبت ما استظهرناه.
3- توجد هنا كلمة (كرب) في نسخة (ألف)، ولم ترد في المناقب، ولا في نسخة (ب)، وهي شرح وبيان أن المراد هو : عمرو بن معدي كرب.
4- في نسختي الأصل : عمر.. ولا يتم الوزن.
5- في نسختي الأصل : فادعى، وهي مصحفة عن المثبت، أو عن : فأَدْبَرَ، أو : فأُدْعِرَ.
6- لم يرد هذا البيت في المناقب.
7- كذا ؛ والصحيح : يوم.
8- الكلمة مطموسة قد تقرأ في نسخة (ألف) : أفر، وفي المناقب: أمر..
9- في المناقب : غداة الصهاكي.
10- هذا البيت والبيتان اللذان بعده أوردها شيخنا المصنّف طاب ثراه في كتابه الرائع مناقب آل أبي طالب 323/2 [ الطبعة الأُولى، وفي الطبعة العلمية بقم 135/3، وفي طبعة بيروت 159/3] إلّا أنّه نسبه هناك إلى (آخر) من دون تصريح باسمه.
فَزَجَّ (1) بِبَابِهِمُ عَنوَةٌ (2)*** فَكَمْ قَدْ أَبَادَ وكَمْ قَدْ أَسَرْ
ص: 403
1- كذا؛ وفي المناقب : فرج.
2- في نسختي الأصل : عثوة، ولا معنى لها، وما أثبتناه جاء في المناقب، والظاهر أنّها مصحفة عن (غُلْوَة) وهي أفصح وأكثر تأدية للمعنى. العنوة : القهرة.. وفتحت هذه البلدة عنوة : أي فتحت بالقتال، كما قاله ابن منظور في لسان العرب 101/15.
[ سابعها : ] حنين ؛
(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتِكُمْ كَثرتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثمّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثمّ أَنزَلَ اللّه سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ..) (1).
قال الضحاك : (المُؤمِنينَ..) ؛ يعني عليّاً وثمانية من بني هاشم (2).
وقال ابن قتيبة في المعارف (3) : كان الذين ثبتوا (4) مع النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والدواء يوم حنين - بعد هزيمة الناس -: عليّ، والعبّاس والفضل ابنه، وأبوسفيان بن الحارث بن
ص: 404
1- سورة التوبة (9) : 25 - 26.
2- بنصه جاء في المناقب لابن شهر آشوب (رَحمهُ اللّه) 406/1 [ طبعة بيروت 168/3]، من دون كلمة : قال الضحاك : المؤمنين.. وعنه في بحار الأنوار 93/41 - 94 (باب 106) حديث 14، وفيه بعد الآية : قال الضحاك : «وعلى المؤمنين» يعني.. ومن هنا روى شيخنا المصنّف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 253/1 - 254 - وعنه في بحار الأنوار 220/38 (باب 65) ذیل حدیث 23 - قال :.. ثمّ انهزموا كلّهم في يوم حنين فلم يثبت منهم تحت راية عليّ إلّا ثمانية من بني هاشم، قال : ذكرهم ابن قتيبة في المعارف.
3- المعارف : 164، باختصار ونقل بالمعنى، وجاء في المناقب - بعد ما سلف - نفس الصفحة والمجلد، وكرّره في 253/1 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة 305/1].
4- في نسختي الأصل : يثبتوا.
عبد المطلب، ونوفل [بن الحارث ]، وربيعة أخوه (1)، وعبد اللّه بن الزبير بن [عبد] المطلب، وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب (2)، وأيمن بن عبيد (3) - وهو ابن أُم أيمن - (4).
وفيه يقول العبّاس : [من الطويل ]
نَصَرْنا رَسُولَ اللّه فِي الحَربِ تِسعَةٌ (5)*** وقَد فَرَّ مَنْ قَدْ فَرَّ عَنْهُ فَأَقْشَعُوا (6)
ص: 405
1- في المناقب : أخوان.
2- إلى هنا في الإرشاد 141/1، قال : ومن ثبت معه من بني هاشم يومئذ، وهم ثمانية - أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) تاسعهم -.. ثمّ عدّهم.
3- في المناقب: أيمن مولى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).
4- قال المصنف في المناقب 330/2 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة المطبعة العلمية - قم 143/3، وفي طبعة بيروت 168/3] : ابن قتيبة في المعارف، والثعلبي في الكشف : الذين ثبتوا.. إلى آخره. وصرّح الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في إرشاده : 64 - 65 [ وفي طبعة الحيدرية : 71 - 76، في الطبعة المحقّقة 141/1 - 142] بأسمائهم، وعنه في بحار الأنوار 155/21 - 156 (باب 28) حديث 6، ولاحظ - أيضاً - 220/38 (باب 65) ذيل حدیث 23. وراجع : فتح الباري 23/8، والمصنّف لابن أبي شيبة 553/8، والسيرة النبوية لابن هشام 101/4.. وغيرها.
5- وفي بعض المصادر : سبعة، والأشهر ما أثبتناه، لما في البيت الثاني منه، وفي المعارف جاءت الأسماء هكذا : عليّ بن أبي طالب [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]، والعبّاس بن عبد المطلب...وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابنه، والفضل بن العبّاس بن عبد المطلب، وأيمن بن عبيد...وقتل يومئذ هو وابن أبي سفيان، وربيعة بن الحارث ابن عبد المطلب، وأُسامة بن زيد بن حارثة.
6- وزاد في المعارف بيتاً آخر وهو : [ من الطويل ] وثامننا لاقى الحِمامَ بسَيْفِهِ*** بما مسَّهُ في اللّه لا يَتَوجَّعُ يعني أيمن بن عبيد. وأورد البيت هذا بنصه في الإرشاد 141/1 - 142 وزاد عليه : [ من الطويل ] وقولى إذا ما الفَضلُ شَدَّ بِسَيْفِهِ*** على القَوْمِ : أُخْرى - يا بَنِيَّ - لِيَرْجِعُوا وعاشِرُنا لاقَى الحِمامَ بنَفْسِهِ*** لما ناله في اللّه لا يتَوجَّعُ يعني به أيمن بن أُمّ أيمن. [ من الطويل ] وقريب منه في نصب الراية للزيلعي 180/4، قال : نَصَرنا رَسُولَ اللّه فِي الدَّارِ سَبعةُ*** وقد فَرَّ مَنْ قد فَرَّ عَنهُ فَأَقْشَعُوا وثامِنُنا لاقَى الحِمامَ بنَفْسِهِ*** بما مسَّهُ في الدِّينِ لا يَتَوجَّعُ ويراد منه هو أيمن بن أُم أيمن. ومثله في أُسد الغابة 161/1، وعيون الأثر لابن سيّد الناس 371/2.. وغيرهما، إلّا أنّ في تفسير مجمع البيان 35/5 [ طبعة مصر، وفي طبعة إيران 19/5] عدّهم تسعة كما هنا، ثمّ قال : [ من الطويل ] وقولي إذا ما الفَضْلُ كَرَّ بِسَيْفِهِ*** على القَوْمِ : أُخْرَى - يَا بَنِيَّ - لَيَرْجِعُوا وعاشِرُنا لاقى الحِمامَ بِنَفْسِهِ*** لما نالَهُ في اللّه لا يَتَوَجَّعُ ومثله في تفسير القرطبي 98/8 دون البيت الثاني، وكذا في هامش البداية والنهاية 373/4، وكشف الغمة 221/1، ونهج الإيمان : 180.. وغيرها.
فقال النبيّ (عليه و آله السلام) للعبّاس (1) : «نادِ في القوم وذكرهم العهد..».
یعنی قوله : (وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُوا اللّه مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الأدْبَارَ..) (2).
فنادى : إلى أين تفرّون ؟! والقوم على وجوههم.. (3) فكانت الأنصار خاصّة تنصرف.
ص: 407
1- كلمة (العبّاس) بياض في نسخة (ب).
2- سورة الأحزاب (33) : 15.
3- قال الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) في الإرشاد 142/1 : فنادى العبّاس بأعلى صوته : يا أهل بيعة الشجرة ! يا أصحاب سورة البقرة.. إلى أين تفرّون ؟ اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).. والقوم على وجوههم قد ولّوا مدبرين.. إلى آخره. وانظر : إعلام الورى : 387/1.. وغيره، وفصله المصنّف (رَحمهُ اللّه) في كتابه المناقب 181/1 [ الطبعة المرتضوية - قم 211/1].
وروي أنّه لما رجع عمر وهو ينشف دموعه بكفّه - قال : يا أبا الحسن ! اللّه.. اللّه في دمائنا ؛ إنّ العرب تفرّ وتكرّ.
قال له : «ألست المنادي في الناس (1) : قتل محمّد.. فارجعوا إلى أديانكم.. ألا فقد علمنا أن هذا الأمر لا يتم!».
فقال : والذي بعث محمّداً بالحق نبياً ما قلت هذا، وإنما قاله أبو بكر...
فقال: «إنّما أنتم حصب جهنم أنتم لها واردون (2) ومن تابعكما»، ونزل (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوا مِنكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ..) (3) الآية.
فلما انهزم المشركون مازال المسلمون يقتلون ويأسرون(4) منهم حتّى ارتفع النهار، فأمر النبيّ (عليه و آله السلام) بالكفّ، ونادى: «ألا يقتل أسير..» فأمر عمر أنصارياً بقتل أسير (5) كان عيناً لهذيل على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، و [ قتل ] بعده جميل ابن معمر بن زهير [وهو أسير ]، فغضب النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).. فقالوا : إنما قتلناه بقول
ص: 408
1- في الصراط المستقيم 59/2 : وروي : أنّ الشيخين هربا، ورجع عمر - وهو ينشف دموعه - ويسأل عليّاً العفو، فقال له : «ألست المنادي..» إلى آخره.
2- إشارة إلى قوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّكُم وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّه حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ..﴾ [سورة الأنبياء (21): 98].
3- سورة آل عمران (3) : 155.
4- في نسختي الأصل : يأمرون، والصحيح ما أثبتناه من الإرشاد والمناقب.
5- في نسخة (ألف) : أمير.
الثاني، فأعرض عنه حتّى كلمه عمير بن وهب في الصفح عن ذلك..(1)
سلامة الحسيني(2): [ من الرمل ]
أَينَ كَانُوا يَومَ بَدرٍ وَالقَنا*** مِن نَجِيعِ الصِّيدِ أضحت (3) تَخْتَضِبْ ؟ !
وَالمَنَايَا فِي الوَغَى بَارِزَةٌ*** ونُفُوسُ القَوْمِ مِنْها تُسْتَلَبْ (4)
أينَ كَانُوا فِي حُنَيْنٍ وَيْلَهُمْ*** وَضِرامُ الحَرْبِ تَخْبُو (5) وتَهُبْ ؟!
ص: 409
1- كما جاء بألفاظ مقاربة في الإرشاد للشيخ المفيد طاب ثراه : 74 - 75 [ وفي طبعة الحيدرية : 71 - 76، وفي الطبعة المحقّقة 144/1 - 145]، وعنه في بحار الأنوار 158/21 (باب 8) ضمن حديث 6، ومثله في كتاب المستجاد من الإرشاد للعلّامة الحلّي (رَحمهُ اللّه): 87 - 88.
2- الاسم مشوش جداً، ولعلّه يقرأ : الجنبي، أو الجني، في نسخة (ب)، وفي نسخة (ألف) : الخنثى، والصواب ما أثبتناه، وقد جاء من هذه القصيدة بيتان في المناقب 170/3 تحت عنوان (سلامة)، وهما الثالث والرابع ممّا هنا، وقد سلف الحديث عنه وعنها فيما سلف في الفصول السابقة، فراجع.
3- في نسختي الأصل : أصحت.
4- في نسخة (ألف): يستقلب.
5- لعلها تقرأ في نسختي الأصل: تخبوا.
ضَاقَتِ الأرضُ عَلى القَوْم بما*** رَحُبَتْ فَاسْتَحْسَنَ القَوْمُ الهَرَبْ (1)
أيْنَ كانُوا يَومَ الاحزاب وَقَدْ*** طَفَرَ الخَنْدَقَ عَمْرُو وَوَثَبْ (2) ؟ !
أينَ كَانُوا يَوْمَ أُحْدٍ فِي الوَغى*** وَالمَغاوِيرُ عَلَى الجُرْدِ الشُّرُبْ (3)؟!
يَتَساقَوْنَ المَنَايَا بَيْنَهُمْ*** بالقنا الخَطَّي والبيض الشُّطُبْ
***
ص: 410
1- كذا في المناقب ؛ وفي نسختي الأصل بدون ألف ولام.
2- أثبت ما استظهرناه، ولعلّه تقرأ في نسختي الأصل : وقت.
3- في نسخة (ألف): الشرب.
تم المجلد الأوّل [من النسخة الخطية]، ويتلوه في [كذا] الثاني - إن شاء اللّه - فصل في تعصب الشيطان لعنه اللّه
ص: 411
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[فصل 10]
[ في تعصّب الشيطان ]
ص: 413
فصل: في تعصّب الشيطان
فصل: في تعصّب الشيطان (1)
عطاء الهمداني عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : «كلّ ما في القرآن قال (الشَّيْطَان) (2)فهو الثاني» (3).
الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قوله : (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) (4) قال : «ولم يخلق اللّه شرّاً ممّن عاند أولياءه، وأمير المؤمنين سيّد الأوصياء:
ص: 415
1- كُني عن الثاني بهذه الكنية في روايات جمة، أورد بعضها مصنّف الأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار في كتابه 2 / 374 - 376، وقد أقرّ ابن شهر آشوب (رَحمهُ اللّه) هذه اللفظة له في كتابنا هذا، في الباب الثاني، فراجع مدخل الكتاب. وقد يراد منه الأوّل نادراً.
2- نظير قوله سبحانه في سورة إبراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) (14) : 22، وكذا في سورة الحشر (59): 16، ومثل أمره كما في سورة النور (24) : 21.. وكذا غيرها.
3- كما جاء في تفسير العياشي 223/2 حديث 8، وعنه في بحار الأنوار 232/30 (باب 20) حديث 98، وفي تفسير البرهان 310/2 حدیث 2، وتفسير نور الثقلين 534/2 حديث 47 و 48.. وغيرهما.
4- سورة الفلق (113): 1 - 2.
(وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذا حَسَدَ) (1) وهو ابن صهاك الذي حسد أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالتفضّل الذي آتاه اللّه».
الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ): «مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِ الخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ» (2) يوم.....(3) لما أقام أمير المؤمنين النبيّ - عليهما و آلهما السلام - للناس، وكان إذا خلا قال للناس : ما يألو أن يذلّ قريشاً لابن أبي طالب وولده».
وقال محمّد بن الحسن العلوي النيسابوري (4) المعروف ب-: الأنماطي: رأيت في النوم كأنّي أقرأ البقرة وأُفسّرها بالعجمية، فلما وصلت إلى قوله: ﴿وَيُشْهِدُ اللّه عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصام) (5) أردت أن أُفسّره (6).. فهتف هاتف من جانب : إنّ هذه الآية نزلت في حق زفر (7).. فتحيّرت في هذا الأمر ونسيت الآية،
ص: 416
1- سورة الفلق : (113) : 5.
2- سورة الناس (114) : 4 - 5.
3- في نسختي الأصل بياض هنا بمقدار كلمة، ولعلّها كلمة : الغدير.
4- في نسخة (ألف) : النيشابوري.
5- سورة البقرة (2): 204.
6- كذا؛ والظاهر رجوع الضمير إلى (قوله)، ويحتمل أن تكون الكلمة : أُفسّرها.
7- تكرّر هذا الرمز في الروايات؛ خاصّة في تفسيري القمّي والعياشي رحمهما اللّه، ولعلّه لموافقته لوزن عمر. لاحظ تفصيل ذلك فيما جاء في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كني وعرف به الأشرار 271/2 - 273.
وأخذت في قوله : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصَّيام..) (1) وكنت أُفسر آية آية.. فلمّا قرأت الآية هتف الهاتف دفعة أخرى: إنّ هذه الآية في حق شنبوبه (2) وتحيّرت فيه ونسيت الآية، وأخذت في قوله: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ..) (3) وكنت أفسر آية آية...
ص: 417
1- سورة البقرة (2) : 187.
2- لقد جاءت هذه الكنية بأنحاء مختلفة في هذه الموسوعة الرائعة ؛ فهي تارة هكذا، وأخرى شنبولة، وثالثة : شنبويه، ورابعة سنبويه وخامسة : شيبويه، وسادسة : شيبوبه، وسابعة : شيبوية.. كما وقد جاءت في نسخة : ستونة، وفي بحار الأنوار: سنبويه، وفي تأويل الآيات : شينبويه. وقد ذهب العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 307/27 إلى أن الكنية عن الأوّل، وهي : شيبويه. قال: ولعلّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كنّى عن الأوّل ب-: شيبويه؛ لشيبه، وكبره. هذا؛ ولا نعرف من سبق مصنّفنا طاب ثراه في هذه التسمية والتكنية إلّا الأخيرة منها. كما وقد تفرّد بذلك شيخنا ابن شهر آشوب المازندراني (رَحمهُ اللّه) في مقدّمة تابه هذا (مثالب النواصب) بالرمز، وذلك في الباب الثاني الذي قرّره للرمز عن الثاني. ولا نعرف الصحيح منها من المصحف. انظر عن هذه الرموز الكتاب الرائع : الأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار 313/2 وصفحة : 363، وصفحة : 366، وصفحة : 367..
3- سورة البقرة (2): 178.
فلما قرأت : ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ) (1) هتف الهاتف مرّة ثالثة : إنّ هذه الآية نزلت في حق الثاني.. فأتيت إلى الحسين البيهقي وحكيت له.. فاستبشر، وقال : هذه كرامة من اللّه تعالى !!
وقد جاءت الأخبار بصدق هذا الحديث عن الصادقين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) : أن هذه الآية أنزلت فيما نزلت (2)، وهو مذكور في تفسير العياشي (3) مرويّاً عن جعفر الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ).
ص: 418
1- سورة البقرة (2) : 204.
2- في نسختي الأصل : أنزلت فيه أنزلت.. وما أُثبت استظهار منّا.
3- تفسير العياشي 100/1 حديث 287 [ طبعة بيروت 119/1 و 288]، وجاءت عن أبي الحسن ال ذيل قوله عزّ :اسمه : ﴿وَيُهْلِكَ الحَرْثَ وَالنَّسْلَ﴾ [سورة البقرة (2) : 205 ]، قال : فلان وفلان»... وأورده العلّامة المجلسي رحمه اللّه في موسوعته الرائعة بحار الأنوار 189/9 حدیث 22. وعن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : «لعن اللّه ابن الخطّاب ؛ فلولاه ما زنى إلّا شقي أو شقية..» ثمّ استدلّ بهذه الآية، كما جاء في بحار الأنوار 31/53 (باب 28)، وأيضاً فيه 305/103 (باب 9). وقد جاء الحديث في غالب كتب التفسير عند الخاصّة كما في : تفسير العياشي 233/1 حديث،85 وتفسير البرهان للبحراني 206/1 حديث 7، وتفسير الصافي 220/1، وتفسير نور الثقلين للحويزي 202/1 حديث 749، و 203/1 حدیث 755.. وغيرها.
ورويتم (1) عن عمر أن محمّداً خيرنا نفساً (2) وليس بخيرنا بيتاً (3)، وإنما محمّد في بني هاشم بمنزلة نخلة نبتت في كباة (4) - وهي السبخة (5) -.
ص: 419
1- وقد جاء في حديث مفصل - جاء في الأصول الستة عشر : 39 - 40 - جاء فيه : قال : مات ابن الصفية بنت عبد المطلب فوجدت عليه وجداً شديداً، قال : فدخلت على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ).. إلى أن قال : قال : فخرجت من عنده فمرّت على نفر من قريش، فقال لها بعضهم : يا صفية ! غطّي قرطيك ؛ فإنّ قرابتك من محمّد لن تنفعك ! إنّما وجدنا مثل محمّد [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] في بني هاشم مثل عذق نبت في كباة.. إلى آخره. قال : فقام إليه عمر، فقال : يا رسول اللّه ! اعف عنا عفا اللّه عنك، واغفر لنا غفر اللّه لك.. وقد رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 217/1) عن ابن عبّاس بألفاظ مقاربة. وانظر : مجمع الزوائد 215/1 عن ابن عمر، ودلائل النبوة 131/1 و 132، و تاريخ إصبهان 133/2 - 134، إلّا أنّ فيه أنّ القائل هو أبو سفيان، وفي بعضها قول أبي سفيان : مثل محمّد في بني هاشم مثل ريحانة في وسط النتن. انظر : الكامل لابن عدي 2/ 665[248/2]، و 6 / 200، ومستدرك الحاكم 73/4، ومجمع الزوائد 215/8، والمعجم الكبير 348/12، والمعجم الأوسط للطبراني 200/6، وكنوز الحقائق - بهامش الجامع الصغير - 2 /88، ومادة (كبا) من النهاية ولسان العرب، وكذا في ميزان الاعتدال / 543.. وغيره وغيرها.
2- في نسخة (ألف) نفسنا، ولعلّه : خير بأنفسنا.
3- الكلمتان مشوشتان في نسختي الأصل، وقد تقرأ فيهما بيننا، وقد استظهرنا ما أثبتناه.
4- الكباة : المزبلة والكناسة والتراب الذي يكنس في البيت. راجع : النهاية 146/4، ولسان العرب 313/15.. وغيرهما.
5- وجاء بألفاظ مقاربة في الأصول الستة عشر : 39، والغيبة للنعماني (رَحمهُ اللّه): 85: .. واختلف في القائل لها هل هو أبو سفيان أم عمر بن الخطّاب، وأيضاً جاء في مسند أحمد 4 / 166، أخبار إصبهان 133/2، وينابيع المودة : 189، وذخائر العقبى : 14، ومجمع الزوائد 215/8 - 216.. وغيرها.
وفي المحاضرات (1): أنّه قال عمر : لئن بقيت لأسوين بين طرفي رسول اللّه [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] حتّى إذا قيل : بنو هاشم قيل : بنو زهرة(2)
البخاري(3)؛ في خبر - عن عائشة - أنّ قائلاً قال يوم السقيفة : قتلتم سعد بن عبادة.. فقال عمر : قتله اللّه !
ص: 420
1- المحاضرات 366/1.
2- حكى الزمخشري في غريب الحديث 71/1 عنه أنّه قال : لئن عشت إلى قابل لألحقن آخر الناس بأوّلهم حتّى يكونوا بَيَّاناً.. أي ضرباً واحداً في العطاء. وقال في الفائق 174/2: عمر ؛ لئن بقيت لأُسوّين بين الناس حتّى يأتي الراعي حقه في صفنه لم يعرق جبينه ومثله - بألفاظ مختلفة أيضاً - في الفائق للزمخشري 2 / 137، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 131/12، والنهاية لابن الأثير 39/3[268/2]، ولسان العرب لابن منظور 247/13.. وغيرها، إلّا أنّ فيها حتّى يأتي الراعي حقّه في صفنه لم يعرق فيه جبينه.
3- كتاب البخاري 7/5 - 8 (باب قول النبيّ : لو كنت متخذاً خليلاً..) حديث 3667 و 3668. وأيضاً جاء فيه : 208/8 - 211 (باب رجم الحبلي من الزنا) حديث 6830، السقيفة وفدك للجوهري : 66، والنهاية لابن الأثير 13/4، ومسند أحمد بن حنبل 55/1 - 56، وطبقات ابن سعد 615/3.. وغيرها.
وفي رواية غيره (1): اقتلوا سعداً.. قتل اللّه سعداً.
وفي رواية الطبري (2)...[اقتلوه ](3) قتله اللّه ؛ فإنّه منافق (4).. !
ثمّ قام على رأسه، فقال : لقد هممت (5) أن أطأك حتّى تندر (6) عضوك..
ص: 421
1- راجع : الإيضاح للفضل بن شاذان (رَحمهُ اللّه): 516، والمسترشد : 223، والجمل للشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه): 56، والإمامة والسياسة لابن قتيبة 1 /17، وتاريخ اليعقوبي 124/2، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 174 و 2 /25 و 174، والرياض النضرة 1/ 234 - 237، وسيرة ابن هشام 310/4، والبداية والنهاية 216/5، وجامع الأصول 471/4، والعقد الفريد 258/3، وصفحة : 260.. وغيرها.
2- تاريخ الطبري 222/3 - 223 [ مصر - دار المعارف، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم ] باختلاف غير مهم [طبعة الأعلمي - بيروت 459/2، وفي طبعة 201/3]، ونحوه في الكامل لابن الأثير 328/2.
3- زيادة من المصدر يقتضيها السياق.
4- لا توجد (فإنّه منافق) في تاريخ الطبري، ولعلّها حذفتها أياد خبيثة حفظاً لماء وجه الصحابة ! نعم؛ جاء في غيره من المصادر، وكذا قوله : اقتلوا سعداً.. وإنه : صاحب فتنة.. لاحظ : مسند أحمد بن حنبل 56/1، والعقد الفريد 249/2، وسيرة ابن هشام 339/4، والرياض النضرة 162/1 - 164.. وغيرها.
5- في نسختي الأصل : همت، وما هنا جاء في تاريخ الطبري تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم.
6- في نسخة (ألف): ينذر، والكلمة مشوّشة في نسخة (ب)، وما هنا من تاريخ الطبري - وفيه : عضدك، بدلاً من : عضوك، وما جاء هنا نسخة بدل فيه - ويراد منها : تزال عن موضعها، وقد يقرأ : ينذر.
فأخذ [قيس بن ] سعد بلحية عمر، ثمّ قال : واللّه ! لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي يدك (1) واضحة(2).
فقال أبو بكر : مهلاً (3) يا عمر ! الرفق ههنا أبلغ.
وقد رووا جميعاً (4) : أن عمر لم يزل عاتباً على أبي بكر في معنى خالد
ص: 422
1- في تاريخ الطبري : وفي فيك، بدلاً من وفي يدك، وهو الظاهر. وكذا ورد لو خفضت منه شعرة ما رجعت وفيك جارحة.. كما جاء في السيرة الحلبية 387/3. أيضاً.. وغيرها.
2- الواضحة : هي الأسنان التي تبدو وتتضح حين الضحك. انظر : صحاح اللغة 415/1 - 416، ومثله في العين 266/3.. وغيرهما. وفي لسان العرب 635/2 قال : الواضحة من الشجاج : التي تبدي وضح العظم، والموضحة في الشجاج : التي بلغت العظم فأوضحت عنه.. ولاحظ : مجمع البحرين 442/2.. وغيره.
3- في نسختي الأصل: فهلّا، وهو سهو.
4- قد أسلفنا الحديث مجملاً عن قصة خالد مع مالك بن نويرة والتي تعدّ - بحق - من أفجع جرائم القوم بعد وقعة الدار والسقيفة، ولا غرض بالعودة لها سوى الإشارة إلى مجمل من مصادرها التي نحتمل أنّا قد ذكرنا بعضها هناك، وقد فصلها أبو الفداء في تاريخه 158/1، والطبري في تاريخه 241/3، وابن الأثير كذلك في کامله 149 /3، وابن كثير في بدايته 321/6، وابن عساكر في تاريخه 105/5 و 112، وكذا جاءت في تاريخ الخميس 233/2.. بل سائر الموسوعات التاريخية. و راجع : الإصابة 414/1، و 357/3، وأسد الغابة 295/4، وخزانة الأدب 237/1.. وغيرها. كما وقد جاءت الواقعة - أيضاً - في الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي 1 /8، فراجع.
أيام (1) حياته في ذلك، فلما ولي من بعده كان خالد يتجافاه(2)، وكان عمر واجداً عليه بسبب قتل مالك بن نويرة (3) ؛ لأنه كانت بين عمر ومالك حالة أوجبت العصبية (4) من عمر له (5).
ص: 423
1- في الاستغاثة : وعلى خالد بن الوليد أيام..
2- في الاستغاثة : يتحاماه.
3- بل يظهر من التاريخ أنّ كثيراً من الصحابة أنكروا ذلك على خالد؛ منهم : أبو قتادة، كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 187/4، وقد غضب الخليفة عليه لإنكاره !! والذي نعتقده أنّ الخليفة كان واجداً على خالد من أيام الجاهلية ؛ لأنه كسر رجله وفعل به ما فعل ! لا أنّه وجد عليه من أجل مالك بن نويرة، لا أنّها غيرة وحرصاً على الدين ولا نعرف منها في الخليفة قطميراً !
4- في نسخة (ألف): الغضبية.
5- لقد وجدت في بعض المجاميع الحديثية والتاريخية أنّ خالداً ضرب عمر وألقاه أرضاً وجلس على صدره أيام الجاهلية.. وغير ذلك فهو لم يكن متعصباً لمالك، بل حاقد على خالد.. !! راجع - مثلاً - تاريخ دمشق 267/16، فتوح البلدان : 182 فيما وقع بين عمر وخالد بن الوليد.
وروي من طريق أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1): أن الثاني استقبل خالداً يوماً في بعض حيطان المدينة.
فقال عمر : يا خالد أنت قاتل مالك بن نويرة ؟!
فقال خالد: إن كنت قاتل مالك بن نويرة (2) - لهنات كانت بيني وبينه - فلقد قتلت لكم سعد بن عبادة لهنات كانت بينكم وبينه.. فأعجب عمر قوله، فضمه إلى صدره، وقبل ما بين عينيه، وقال : يا خالد ! أنت سيف اللّه ! وسيف رسوله !
ذلك أن سعداً كانت الأنصار أرادت البيعة له، فلما جرى الأمر ببيعة أبي بكر على ما جرى امتنع سعد عن البيعة، فمات أبوبكر ولم يبايع له سعد، ثمّ ولي عمر ولم يبايع سعد له أيضاً، ولم يجبروا (3) على مطالبته بذلك خوفاً من قومه.
وذلك أنّه لمَّا (4) أرادوا مطالبته بالبيعة لهم، قال لهم قيس بن سعد : إنّي ناصح : لكم فاقبلوا نصيحتي. قالوا: وما ذلك ؟
قال : [إنّ ] سعداً قد حلف لن (5) يبايعكم، وإنه إذا قال فعل، وإنه لن يبايعكم حتّى يقتل، ولن يقتل حتّى يقتل معه ولده [ وأهل بيته ]، ولن يقتل ولده وأهل بيته
ص: 424
1- جاء بألفاظ مقاربة جدّاً في كتاب الاستغاثة 8/1.
2- من قوله : فقال خالد.. إلى هنا لا يوجد في نسخة (ألف).
3- الظاهر : يجرؤوا.
4- في نسختي الأصل : إنّما، والمثبت عن الاستغاثة.
5- في نسختي الأصل : لئن، وهو غلط، وقد يكون : أن لا.
حتى يقتل الخزرج كلّها، ولن يقتل الخزرج كلّها [ حتّى يقتل الأُوس كلّها ]، ولن يقتل الأوس كلّها حتّى يقتل بطون اليمن كلّها، فلا تفسدوا على نفوسكم أمراً قد استَتَبَّ لكم.. فقبلوا نصيحته ولم يعرضو السعد في ذلك (1).
ثمّ إنّ سعداً خرج من المدينة في أيام عمر إلى الشام، فكان في قرى غسان في بلاد دمشق يسير فيما بينهم من قرية إلى قرية (2)؛ لأنّ غسان من عشيرته وهم جميعاً من الأزد، وكان خالد يومئذ بالشام، وكان معه رام(3) من قريش (4)،
ص: 425
1- وجاء الحديث في الموسوعة الرائعة بحار الأنوار 494/30 - 495 (باب الطعن الخامس من مطاعن أبي بكر). ولاحظ ما جاء الطبري في تاريخه 198/3، وصفحة : 200، وصفحة : 207، وصفحة : 210. وانظر ما جاء في مسند أحمد بن حنبل 405/1، وطبقات ابن سعد 2 /128.. وغيرهما، كما جاء في هامش بحار الأنوار.
2- قال الطبري (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 412 : ثمّ إنّ سعد بن عبادة لما رأى الناس يبايعون أبا بكر، نادي : واللّه ! ما أردتها حتّى صرفت عن عليّ، ولا أبا يعكم أبداً حتّى يبا يعكم علي، ولعلّي لا أفعل وإن بايع..! فركب فرسه وأتى حوران، وأقام في غسان حتّى هلك، وأبى أن يبايع.
3- ويراد منه هو من رماة قريش.
4- في بحار الأنوار 494/30 : وكان خالد يومئذٍ بالشام، وكان ممّن يعرف بجودة الرمي، وكان معه رجل من قريش موصوف بجودة الرمي.. ولاحظ : الاستغاثة 8/1، وأنساب الأشراف 589/1، والعقد الفريد 247/4.
فاتفقا على قتل سعد؛ لامتناعه من البيعة لقريش، فانتهزا فرصة بالليل ورماه (1) فقتلاه، فزعمت العامّة أن الجن قتلت سعداً !
وأنشدت هذين البيتين : [ من مجزوء الرمل ]
نَحْنُ قَتَلْنا سَيِّدَ ال--*** -خَزْرَجِ سَعْدَ بنَ عُبَادَهُ
وَرَمَيْناهُ بِسَهْمَي-*** -من فَلَمْ تُخْطِئ فُؤادَه (2)
ص: 426
1- كذا ؛ وهي إما رمياه فقتلاه، أو رماه فقتله.
2- كما جاء في ربيع الأبرار للزمخشري 380/1 - 381، قال : قالوا : قتلت الجنّ سعد ابن عبادة بن دليم، وسمعوا الهاتف يقول...وذكر البيتين باختلاف يسير. وذكر ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 223/17 ما نصه : قال شيطان الطاق لسائل سأله : ما منع عليّاً أن يخاصم أبا بكر في الخلافة ؟ ! فقال : يابن أخي! خاف أن تقتله الجنّ ! وقد نقله عنه في هامش بحار الأنوار 298/63، فقال : إنّ رجلاً من العامّة سأل شيعياً : لم سكت عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن المطالبة بحقه الذي تزعمونه حتّى أمات نفسه، وهو صاحب ما هو صاحبه من المآثر المشهورة ؟ فقال له : إنّه خاف أن تقتله الجنّ !! وهو يختلف عما ذكرناه. إلا أنّ المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 331/1 [ طبعة بيروت ] قال : وسأل أبو حنيفة الطاقي، فقال : لِمَ لم يطلب عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] بحقه بعد وفاة الرسول [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] إن كان له حق ؟ ! قال : خاف أن يقتله الجنّ كما قتلوا سعد بن عبادة بسهم المغيرة بن شعبة.. !! راجع : المعيار والموازنة لأبي جعفر الإسكافي : 233، وقد رواه الطبراني في المعجم الكبير 16/6، كما قاله الهيثمي في مجمع الزوائد 206/1.. وغيره.
ويروى عن الحسن بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (1): [ من الطويل ]
يَقُولُونَ : سَعْدٌ شَقَّتِ (2) الجِنُّ قَلْبَهُ*** أَلا إنما (3) عَلَّلتَ نَفْسَكَ بالذِّكْر (4)
وَمَا ذَنْبُ سَعْدٍ أنّه بالَ قَائِماً*** ولَكِنَّ سَعْداً لَمْ (5) يُبايِعُ أَبا بَكْرِ (6)
ص: 427
1- جاء البيتان هذان في الصراط المستقيم 109/3، قال :.. ورموا قتله على الجنّ ولفّقوا شعرهم هرباً من عداوة الأنصار، ثمّ قال : قال شاعرهم شعراً.. ثمّ ذكر هذين البيتين.
2- في الصراط : شقق.
3- الكلمة مشوّشة، هكذا قرأناها، وفي الصراط : ألا ربّما.
4- جاء عجز البيت في الصراط هكذا : ألا ربّما حققت فعلك بالغدر. والمعروف : ألا ربّما صححت دينك بالغدر.
5- في الصراط : لا، بدلاً من : لم.
6- جاء في هامش شرح إحقاق الحق 346/2، ما يلي : قال بعض الشعراء : [ من الطويل ] يَقُولُونَ سعد سقت [كذا ] الجنُّ بطنَهُ*** أَلا ربَّما حققت أمرَكَ بالغَدْرِ وما ذنب سعد أنّه بالَ قائماً*** ولكنَّ سعداً لم يُبايع أبا بكر وزاد بعضهم عليه : وقد صَبَرَتْ عن لذَّةِ العَيْشِ أَنْفُسُ*** وما صَبَرَتْ عَن لَذَّةِ النَّهْي والأَمْرِ انظر : العقد الفريد 1/5 - 14، الوافي بالوفيات 152/15، شرح النهج لابن أبي الحديد 22/17، أنساب الأشراف للبلاذري 272/2.. وغيرها.
ويروى عن عمّار الدهني، عن قيس (1) بن سعد (2): [ من الطويل ]
وَقَالُوا : رَمى (3) سَعْداً مِنَ الجن عارض*** غَدَاةَ بحامّته (4) وَذلكَ دَابُها (5)
أَتَعْتَصِبُ الجن النُّفُوسَ فَمَنْ رأى*** بعَيْنَيهِ مَيْتاً قَدْ دَها (6) اغتصابها ؟!
ولكِنْ عَسَى أَنْ يَعْتَرِي النَّفْسَ حَائِلٌ*** وَإنْ كانَ عَنْها لَيْسَ يُغْنِي صِحابها
ص: 428
1- في نسختي الأصل : فهر، وهي مصحفة عن المثبت.
2- قال البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 109/3 : وأنشأ ابنه قيس:.. ثمّ ذكر البيتين الأولين من هذه الثلاثة.
3- في الصراط : دهى، بدلاً من : رمى.
4- الكلمة مشوشة جداً في نسختي الأصل، أثبتنا ما استظهرناه، ولعله كلمة أُخرى.
5- عجز البيت في الصراط هكذا : غدا هالكاً منه وذا لكذابها. ولعلّ الصواب : غدا هالكاً منه، وذاك كذابها ؛ والذي رأيته في العقد النضيد : وذا لكذّابها. انظر هذه الأبيات - وهي سبعة - في العقد النضيد والدرّ الفريد: 162 - 163.
6- في الصراط المستقيم : قد عراه.
فاستتر على الناس الأمر في ذلك.. إلى أن جرى من قول عمر لخالد (1) ما جرى في أمر مالك بن نويرة، فأظهر ذلك(2).
وروى الطبري في التاريخ (3)، وأبو الفرج في الأغاني(4)، عن سفيان بن عيينة، عن النهدي، عن ابن عمر : أنّ عمر قال : يابن عبّاس ! أتدري ما منع قومكم منكم بعد النبيّ عليه و آله السلام ؟
ص: 429
1- في نسختي الأصل : بخالد، وهي مصحفة عن المثبت.
2- راجع : الصراط المستقيم : 109/3.. وغيره.
3- تاريخ الطبري 223/4 - 224 [ طبعة الأعلمي - بيروت 288/3 – 289 ]، باختصار جداً هنا ونقل بالمعنى، ولم نجد فيه ما ذكره من الإسناد. وراجع ما جاء في الكامل لابن الأثير 31/3، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 / 18 [ 107/3].. وغيرهما.
4- الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني 443/10 - 444 مع اختصار في النقل. راجع : الإيضاح للفضل بن شاذان (رَحمهُ اللّه) : 169 - 170 [ الطبعة المحقّقة ]. وقريب منه ما أورده ابن عبد ربه في العقد الفريد 214/2 - وعنه السيّد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه) في الطرائف : 423 - وكذا ابن الأثير في تاريخه : الكامل 63/3، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 107/3 [ أُوفست بيروت، و 53/12 - 54 طبعة مصر بتحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، ولاحظ طبعة مكتبة الحياة 786/3، وطبعة دار الفكر 156/3]. وذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 97/2، وقد أخرجه عن أحمد بن أبي طاهر
[فكرهت (1) أن أجيبه، فقلت : إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يدريني، فقال عمر :] كرهوا أن تجتمع لكم النبوّة والخلافة فتبجحوا (2) [على قومكم ] بها (3) بجحاً بجحاً (4)، فاختارت قريش لأنفسها فأصابت..وفّقت..
فقال ابن عباس : أما قولك: إنّها اختارت لأنفسها فأصابت ووفقت.. فلو أن قريشاً اختارت لأنفسها ما اختار لها ربها لأصابت، فكان الصواب بيدها غیر مردود ولا محسود.
وأما قولك : إنّهم كرهوا أن تكون لنا النبوّة والخلافة.. فإنّ اللّه تعالى يقول: (وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الكِتَابَ وَالحُكْمَ والنُّبُوَّةَ..) (5) الآية، والملك العظيم (6)
ص: 430
1- قائل هذا القول هو عبد اللّه بن عباس.
2- ما أثبتناه أخذاً من تاريخ الطبري، وهو الظاهر، وإلا فإنّ الكلمات كلاً في نسختى الأصل غير منقوطة، وهي مشوشة. قال ابن منظور في لسان العرب 5/4 :.. وتبحّج به : فَخَر، وقال اللحياني : فلان يتبحّج، ويتمحّج.. أي يفتخر ويباهي بشيء ما.
3- لا توجد في تاريخ الطبري : بها.
4- الكلمات مشوشة جداً في نسختي الأصل.
5- سورة الجاثية (45) : 16.
6- وقريب منه الآية : 54 من سورة النساء (4)، وفي ذيلها : ﴿.. فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُلْكاً عَظِيماً)، ولعلّه إليها يشير تفسير (الملك العظيم) في المتن.
الخلافة (1)؛ وَوَصَفَ اللّه تعالى قوماً بالكراهة (2)، قال: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللّه فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ (3).
[ فقال عمر : هيهات - واللّه يا ابن عبّاس ! - قد كانت تبلغني عنك أشياء كنت أكره أن أَفُرَّكَ (4) عنها فتزيل (5) منزلتك منّي، فقلت : وما هي يا أمير المؤمنين ؟! فإن كانت حقاً فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك، وإن كانت باطلاً فمثلى أماط الباطل عن نفسه ](6).
فقال عمر : بلغني أنك تقول : إنّما صرفوها عنا حسداً وظلماً.
قال (7): أما ظلماً ؛ فقد يُيّن للجاهل (8) والحكيم : أن هذا الأمر إنّما استحق برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) [ و ] كان أولى الناس برسول اللّه أهل بيته، ونحن أحق برسول اللّه
ص: 431
1- من قوله : فإنّ اللّه تعالى.. إلى هنا لا يوجد في مطبوع تاريخ الطبري.
2- في المصدر : بالكراهية.
3- سورة محمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) (47): 9.
4- في لسان العرب 51/5 مادة (فرر): وفي حديث عمر : قال لابن عباس رضي اللّه عنه : كان يبلغني عنك أشياء كرهت أن أُفُرَك عنها.. أي أَكْشِفَكَ.
5- كذا في السقيفة وفدك للجوهري : 131، وتاريخ الطبري 289/3، وفي بعض المصادر : أقرّك عليها لتزيل، كما في الكامل في التاريخ 64/3.
6- كلّ ما جاء بين معقوفتين فهو مزيد من المصدر.
7- كذا ؛ وفي المصدر : فقلت.. وهو الظاهر.
8- في نسختي الأصل : الجاهل، وفي المصدر : تبين للجاهل.
من جميع قريش (1).
وأما قولك : حسداً ؛ فإنّ إبليس حسد آدم، فنحن ولده المحسودون.
فقال عمر : على رسلك يابن عباس أبت [واللّه ] قلوب بني هاشم إلّا بغضاً لا يزول، وحقداً لا يحول ! (2)
قال ابن عبّاس : مهلاً ! لا تنسب قلوب بني هاشم وقلب رسول اللّه - وهم أهل بيته، أذهب (3) اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً - [بالحسد والغش، فإنّ قلب رسول اللّه صلى اللّه عليه [ و آله] وسلّم من قلوب بني هاشم.
فقال عمر : إليك عني يا ابن عبّاس. فقلت : أفعل ].
وأما قولك : حقداً ؛ فكيف لا يحقد من غُصب على حقه، ورآه (4) في يد غيره فقال عمر : قُم عنّا (5).
ص: 432
1- في تاريخ الطبري هكذا: فقد تبين للجاهل والحليم.. ولا يوجد ما بعده، وكأنّه حذف ! حيث الكلام بدونه غير تام. ويمكن أن يكون فاعل تبيّن ضميراً عائداً على الظلم، فالمعنى : فقد تبين الظلم للجاهل والحليم.
2- في المصدر : فقال عمر : هيهات أبت - واللّه - قلوبكم يا بني هاشم إلّا حسداً ما يحول..! وضغناً وغشاً ما يزول...
3- في التاريخ المطبوع: لا تصف قلوب قوم أذهب..
4- في نسختي الأصل : ورواه، وما أثبتناه هو الصواب.
5- لا يوجد هذا الذيل : أما قولك : حقداً.. إلى آخره في مطبوع تاريخ الطبري، وإنما فيه : فلما ذهبت لأقوم استحيى منّي، فقال : يا ابن عبّاس ! مكانك، فواللّه إنّي لراع لحقك، محبّ لما سرّك. فقلت : يا أمير المؤمنين ! إنّ لي عليك حقاً وعلى كلّ مسلم، فمن حفظه فحظه أصاب، ومن أضاعه فحطّه أخطأ.. ثمّ قام فمضى.
قال الشيخ المفيد (1) : أوّل خلاف حدث في الإسلام بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) خلاف الثاني في وفاة النبيّ - عليه وآله السلام - وادّعاء حياته؛ وذلك أن جميع أهل السير والأخبار نقلوا أنّ النبيّ - عليه و آله السلام - لما قبضه اللّه إليه فخرج الناعي [ ينعاه ] (2) خرج الثاني من منزله، فقال : واللّه لا أسمع أحداً يقول ذلك إلّا قتلته، إنّه لم يمت ولكن غاب عنّا كما غاب موسى عن قومه أربعين يوماً، واللّه ليرجعنّ رسول اللّه إلى قومه كما رجع موسى.. وليقطعن أيدي رجال وأرجلهم ! (3)
رواه الثعلبي في تفسيره (4)، والطبري في تاريخه (5)، والبخاري في صحيحه (6)، والقاضي الجرجاني في صفوة التاريخ (7).
ص: 433
1- نقله في الفصول المختارة : 240 - 241 مفصلاً، وما هنا حاصل ما هناك.
2- هنا بياض في نسختي الأصل، وما أثبتناه من المصدر.
3- إلى هنا جاء في الفصول، وفيه هناك زيادات، فلاحظها.
4- تفسير الثعلبي 178/3.
5- تاريخ الطبري 200/3 و 202 نقله بتفصيل أكثر [ طبعة الأعلمي 442/2 - 444].
6- كتاب البخاري 291/2 [ طبعة مصر، وفي طبعة دارالفكر 194/4].
7- صفوة التاريخ.. ولم نعثر على هذا الكتاب. وقد قال به ابن هشام في السيرة النبوية 305/4، وابن سعد في الطبقات الكبرى 266/2، وجاء في الفتوحات الإسلامية 380/2 [ طبعة مصر سنة 1354 ه- ]، وقريب منه ما أورده الشهرستاني في الملل والنحل : 23 [ طبعة مصر ].. وغيرهم في غيرها، كما سيأتي بعضها.
وفي تاريخ الطبري (1): أنّه قال : إنّ رجالاً من المنافقين يزعمون أنّ رسول اللّه مات (2)، [وإنّ رسول اللّه - واللّه - ما مات ]، ولكن ذهب إلى ربّه كما ذهب موسیٰ بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة، ثمّ رجع بعد أن قيل قدمات، واللّه ليرجعن رسول اللّه وليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أن رسول اللّه مات.. (3)
وفي فائق الزمخشري (4): أنّه مانعهم عمر في دفن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وقال : إنّه لم يمت ؛ ولكنّه صَعِق كما صعق (5) موسى، فقال العبّاس : إنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لم يمت
ص: 434
1- تاريخ الطبري 200/3 [ الأعلمي 442/2، وفي طبعة 198/3] باختلاف يسير.
2- في نسختي الأصل : ما مات، و (ما) زائدة، وفي المصدر : توفي.
3- وقريب منه ما أورده ابن الأثير في الكامل في التاريخ 323/2 (حوادث سنة إحدى عشرة)، وابن هشام في السيرة النبوية 305/4، واليعقوبي في تاريخه 114/2.. ولاحظ : تفسير روح المعاني للآلوسي 74/4، مسند أحمد بن حنبل 219/6..
4- الفائق 34/4 - 35.
5- يقال : صعق الرجل صعقة.. أي غشي عليه من الفزع بصوت يسمعه، قاله الطريحي (رَحمهُ اللّه) في مجمع البحرين 202/5. ويقال: صَعِقَ الرجل صعقة وتصعاقاً.. أي غشي عليه، وأصعقه غيره، قاله الجوهري في الصحاح 1507/4، ويأتي بمعنى مات. راجع : لسان العرب 198/10، قال : والصعقة : الغشية، وفي كتاب العين 1 / 129، والصعق: المغشيّ عليه.
حتّى ترككم على طريق ناهجة (1)، وإن يك ما يقول(2) ابن خطاب حقاً فإنه لن يعجز أن يحثو عنه (3).. فخل بيننا وبين صاحبنا، فإنّه يأسن (4) كما يأسن الناس !!
قال المفيد (5) : ورووا جميعاً (6): أنّه لم يزل على ذلك.. يقول هذا القول في
ص: 435
1- الناهجة : البينة، يقال : نهج الأمر وأنهج.. إذا تبين ووضح. والنهج : الطريق الواضح، وكذلك المنهج، والمنهاج، وأنهج الطريق.. أي استبان وصار نهجاً واضحاً بيناً، قاله في الصحاح 346/1، وفي مجمع البحرين 333/2: وطريق ناهجة واضحة. ولاحظ : لسان العرب 383/2.. وغيره.
2- في نسخة (ألف) : تقول، فتحتاج إلى كلمة (يا) حتي يتم المعنى.
3- أن يحثو عنه.. أي يرمي عن نفسه بتراب القبر ويقوم، يقال: حثا في وجهه التراب يحثو ويحثي حثواً وحثياً وتحثاء.. قاله الجوهري في الصحاح 2308/6.. وغيره.
4- كذا في المصدر، وقد يقرأ في نسختي الأصل هكذا بصعوبة، ويأسن: بمعنى تتغيّر رائحته أو طعمه.. راجع : العين،307/7، ولسان العرب 16/13.. وغيرهما. ولعلّه يقرأ في نسختي الأصل : فإنّه يأس، كما يأس الناس.
5- الفصول المختارة : 240 بتصرف واختصار.
6- قد استفاض نقل هذا الخبر في المصادر، ونذكر هنا نموذجاً ممّا ورد في الكتب المعتبرة عندهم ؛ منها : سيرة ابن هشام 656/2 - 657، الاعتقاد للبيهقي : 362 و 407، السنن الكبرى له 142/8، المستدرك على الصحيحين 295/2، سنن ابن ماجة 520/1، كتاب البخاري 7/5 - 8 حديث 3667، و 3668، مسند أحمد بن حنبل (حديث عائشة) 219/6 - 220.. وغيرها كثير.
محفل بعد محفل، حتّى خرج إليه أبو بكر، فقال له : على رسلك يا فلان (1)! فلم ينصت له [فلما رأى أنّه لا ينصت له، قام قائماً ] فقد (2) حمد اللّه وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، ثمّ قال : أيها الناس من كان يعبد محمّداً فإنّ محمّداً قد مات، ومن كان يعبد اللّه فإنّ اللّه حي لا يموت، وقد نعى (3) نبيه إلى نفسه وهو حيّ [حى] بين أظهركم، فقال : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (4).. قالوا : فحينئذ كف الثاني عن مقاله (5).
ص: 436
1- في المصدر : يا عمر.
2- في نسختي الأصل هنا زيادة (واو) بين الكلمتين، ولعلّها : فقال وحمد اللّه.
3- كذا في المصدر ؛ وهي مشوّشة تقرأ في نسختي الأصل: بني، أو بقي - بدون نقط - ولعلّها : نبيّ، كما في نسخة (ألف).
4- سورة الزمر (39): 30.
5- في الفصول : قالوا فحينئذٍ كفّ عمر عن القول الذي كان يقول به.. إلى هنا ما جاء في الفصول. وعقيدتي أنّ سبب كلام عمر هذا هو إشغال الناس؛ كي يرجع أبو بكر من سفره، حيث كان حينذاك في أطراف المدينة، ولذا بعد رجوعه تمّ كل شيء وبدأت المسرحية المفجعة والخيانة العظمى.
وفي رواية مشيخة المدينة (1) - نحو : محمّد بن قيس، ومحمّد بن كعب القرظي، وعمارة بن غزية، وسعيد بن سلمة، وسعيد [بن أبي سعيد] المقبري (2)، وعبد اللّه بن أبي مليكة.. وغيرهم - أنّه قال الثاني : وإن هذه الآية لفي كتاب اللّه يا أبا بكر ؟! قال : نعم، قال : أشهد باللّه لقد مات محمّد (3).. ولم يكن عمر جمع القرآن !!
وروى أبو نعيم في حلية الأولياء(4)، عن سعيد بن المسيب، أن عمر قال : واللّه ما هو إلّا أن سمعته (5) تلاها، وقعدت حتّى ما تُقلّني رجلاي.. وحتى أهويت إلى الأرض، وعرفت عُقِرَ الرجلُ إذ أدهش (6)، حين سمعته تلاها :
ص: 437
1- نقل روايتهم الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في كمال الدين وتمام النعمة : 30 - 32 باختلاف يسير، وهنا منها قطعة باختلاف مهم سنداً ومتناً.
2- في كمال الدين : سعيد بن أبي سعيد المقري، ولا يوجد : سعيد بن سلمة.
3- في نسختي الأصل : لقد محمّد مات.. ولا تدخل قد على اسم، ولعلّها كما سيأتي في بعض المصادر : إنّ محمّداً قد مات.. وفي كمال الدين : لقد ذاق محمّد الموت.
4- حلية الأولياء 29/1 باختلاف يسير أشرنا.لمهمه.
5- في المصدر : سمعت أبا بكر.
6- لم ترد الجملة في كتاب البخاري، وكذا عمدة القاري.. وغيرهما. قوله : عقر الرجل إذا دهش.. ولا يوجد في حلية الأولياء المطبوع! كما لم ترد جملة : وعرفت عقر الرجل إذا أدهش في كنز العمال 226/7 برقم 18736، وكذا في إمتاع الأسماع للمقريزي 512/14.. وغيرهم، والظاهر أن الجملة قد أُقحمت في النص من المصنّف (رَحمهُ اللّه) شرحاً لكلمة (عقر). وفي مجمع البحرين 410/3: عقر الدار : أصلها، وتضم العين وتفتح في الحجاز، وعن ابن فارس: العقر أصل كل شيء
أن رسول اللّه قد مات (1).
رجعنا إلى كلام الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه): هذا الخلاف من مذهب الغلاة، ودلّ على جهل قائله بالقرآن، وقصده الإفساد والعناد ؛ لأنّه أظهره بغير شبهة تدعو إليه من جهة عقل، أو تأويل كتاب، أو لفظ سنة، أو عادة جرت (2).
ص: 438
1- رواها أيضاً البخاري في كتابه 143/5، وكذا ابن حبان في صحيحه 589/14، وابن سعد في طبقاته،270/2، وابن الجوزي في صفة الصفوة 218/1، والعيني في عمدة القاري 72/18.. وغيرهم في غيرها.
2- هذا حاصل ما ذكره الشيخ المفيده (رَحمهُ اللّه) في الفصول المختارة : 241 - 242 وإليك نصه : ومنه : أنّ هذا الخلاف هو مذهب المحمّدية من الغلاة، وبه يدينون، وهو ضلال بالاتفاق. ومنه : أنّه خلاف أظهره الرجل بغير شبهة تدعو إليه، من جهة عقل، أو تأويل كتاب، أو لفظ سنة، أو عادة جرت، فيتعلّق بذلك، وما جرى هذا المجرى لم يتوهم على صاحبه إلّا العناد، وقصد الإفساد، والإدغال في الدين. ومنه : أنّه يدلّ على جهل قائله بالقرآن، وعدم حفظه له ؛ لأنّ التنزيل مبيّن لوفاة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، قال اللّه سبحانه لنبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَيِّتُونَ﴾ [ سورة الزمر (39): 30]. وقال سبحانه: ﴿وَمَا محمّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ..﴾ [سورة آل عمران (3) : 144].
و [ منه ] أنّه أقدم على اليمين، ثمّ وصفه بالغيبة، ثمّ شبه غيبته بغيبة موسى [عن قومه]، ثمّ أخبر أنّه سيرجع ويقطع [أيدي] رجال وأرجلهم..
[ فهب أنّ الشبهة دخلت عليه في وفاة النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، واعتقد أنّه ممّن لا يموت، أو ممّن يتأخّر موته عن تلك الحال، أي شبهة عرضت له في ذكر قطع أيدي الرجال وأرجلهم إذا عاد ؟ !] (1).
ثم حلف أنّه لم يجمع القرآن.. فلو كان ذلك للاستصلاح لما قال عند سماع الآية : واللّه ما سمعتها قطّ، ولا علمت أنّها في القرآن، ولقال عند اجتماع الناس: لم أك جاهلاً بوفاته، وإنّما قلت ذلك للإرهاب(2)..
وروى أبو إسحاق (3)، عن الزهري، عن أنس : لما [بويع أبوبكر في السقيفة وكان من الغد ] جلس الأوّل على المنبر، فقام الثاني [فتكلّم قبل أبي بكر، فحمد اللّه وأثنى عليه ] وقال : أيّها الناس قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلّا عن رأي.. ما وجدتها في كتاب [اللّه] ولا كانت لعهد من رسول اللّه،
ص: 439
1- ما جاء في الفصول غير ما هنا، وقد أعرضنا عنه - - مع أهميته - خوفاً من التطويل، فراجعه، وما أثبت هنا فهو غالباً نقل بالمعنى، ولم نشر لأكثر الاختلافات.
2- هنا كلام مفصل جاء في المصدر بعده، ثمّ ألحقه بالرواية الآتية !
3- كما في الفصول المختارة : 243، قال : فروى محمّد بن إسحاق، عن الزهري، قال: أخبرني أنس بن مالك..
ولكن قد كنت أرى أنّه سيدبر أمرنا حتّى يكون (1) آخرنا [موتاً ] (2).
وفي تاريخ الطبري (3): عن عكرمة، عن ابن عبّاس، أنّه قال في إمارته : ما حملني على ذلك إلّا قوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾ (4)، فكنت أظن أنّه يبقى بعد أمته حتّى يشهد علينا بآخر (5) أعمالنا [.. فإنّه للّذي حملني على أن قلت ما قلت]...
فلم يبق (6) إلّا للجهل والعناد.
ولبعض العجم (7) : [من الطويل ]
إمامي علي لا كَمَنْ جَارَ وَارْتَشَى*** و (ذلِكَ فَضْلُ اللّه يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَا) (8)
ص: 440
1- كذا في المصدر ؛ وفي نسختي الأصل : يكونا.
2- لاحظ : الرياض النضرة 211/2.
3- تاريخ الطبري 211/3 [ طبعة الأعلمي - بيروت 450/2] نقلاً بالمعنى.
4- سورة البقرة (2) : 143.
5- في نسختي الأصل بأجر.
6- كذا ؛ ولعلّه : فلم ينفِ.. أو أنّه لم يبق وجه لقوله..
7- اسم الشاعر ممسوح في نسخة (ألف).
8- هذا تضمين قوله تعالى في الآية 54 من سورة المائدة، الآية 54 من سورة المائدة، مع تخفيف (يشاء) بحذف الهمزة.
تَبارَكَ رَبِّي حِينَ أَيْقَنْتُ (1) فَضْلَهُ*** سَرَى حُبُّهُ بَيْنَ الجَوانِحِ والحَشَا
وَخَالَفْتُ تَيْماً والعَدِيَّ ونَعْثلاً*** وأَيْقَنْتُ (2) أَنَّ العِزَّ في بَيْتِهِ نَشا
أَلا لَعَنَ اللّه العُتَاةَ وَقَولَهُمْ*** وَقَد نَهَجُوا طُرْقَ الجنايةِ والرُّشَا
أولئك أصحابُ الجَحِيمِ وحِزْبُها*** وما سَتَرُوا يَوْماً فَذا اليَوْمَ قَد فَشَا
وكُلُّ دَعِي مُبْغِضِ (3) آلَ أَحْمَدَ*** أَلَا أَنَّهُمْ أَشْقَىٰ عَلَى الْأَرْضِ مَنْ مَشَى
تفسير الثعلبي (4)، والقزويني (5)..
ص: 441
1- هذا استظهار منّا والكلمة مشوشة في نسختي (ألف) و (ب) من الكتاب.
2- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، كتبت استظهاراً - لعدم إعجام الكلمة - وكأنها قد كتبت : لبقيت - بدون نقط -.
3- في نسختي الأصل : مبغضي، والظاهر : إما مبغضو، أو : مبغض - بدون ياء -.. أي أن مبغض آل أحمد دعي..
4- تفسير الثعلبي 83/5، واحتملنا التصحيف أو التكرار، وقد جاء صدر الحديث في تفسير الثعالبي 2 / 150.
5- تفسير القزويني.. أقول: لم يسعنا تحديد صاحب هذا العنوان مصداقاً، وهو مردد بين جمع عرّفوا بهذا اللقب ؛ منهم : أبو يوسف ؛ عبد السلام بن محمّد بن بندار القزويني، صاحب التفسير الكبير، المسمى ب-: حدائق ذات بهجة، ولعلّه إليه ينصرف.
.. والرازي (1) : أنّه قرأ الثاني قوله: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصار) (2) - بالرفع (3)، وحذف الواو (4) - فقال أُبي بن كعب : ﴿وَالأَنصارِ) - بالجرّ، وإثبات الواو - فلم يصغ إلى قوله حتّى قرأ ثلاثاً، فقال أبي : أَلَمْ (5) تسمع قولي؟! واللّه لقد قرأت على رسول اللّه : ﴿وَالأَنصَارِ) وأنت تبيع القَرَظَ (6).
ص: 442
1- تفسير الرازي 171/16 - 172.
2- سورة التوبة (9): 100.
3- في بعض المصادر - كعين العبرة لابن طاوس : 17 - برفع الراء.
4- المقصود بها الواو في : ﴿وَالذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحسانٍ﴾.
5- في نسخة (ألف) : سالم، وفي نسخة (ب) : تتالم، وهما مصحفتان عن المثبت.
6- في نسخة (ألف) : العرط، وفي نسخة (ب) : القرط، وهي مصحفة عن المثبت. والقَرَظُ : ورقُ السَّلَم يُدبَعُ به، كما جاء في مختار الصحاح: 274 مادة (قرظ).. وغيره. أقول: جاء في لفظ من طريق عمر بن عامر الأنصاري: فقال أُبي : واللّه أقرأنيها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأنت تبيع الخيط [كذا ؛ والصواب : الخَبَط ]..! فقال عمر : نعم إذن فنعم.. إذن نتابع أُبيّاً. وفي لفظ : وإنك لتبيع القرظ بالبقيع. وفي لفظ : أقرأنيها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأنت تبيع الخيط [كذا ؛ والصواب : الخَبَط ]، والخَبَطُ : الورق الساقط، وهو من علف الإبل، انظر : لسان العرب 281/7.. مادة (خبط)، وجاء بألفاظ أُخرى، فراجع. راجع : مستدرك الحاكم 305/3، وتفسير الطبري 7/1، وتفسير القرطبي، وتفسير ابن كثير 383/2، وتفسير الكشاف للزمخشري 46/2، وتفسير الدر المنثور للسيوطي 269/3 [344/2]، وتفسير الشوكاني 379/2، و تفسير الآلوسي (روح المعاني) 8/1 [ الطبعة المنيرية ].. وغيرها، بل جاء ذلك في غالب التفاسير.
ببقيع الغرقد، فقال عمر : صدقت حفظتم ونسينا، وتفرغتم وشغلنا، وشهدتم وغبنا (1)..!
ثمّ قال : يا أبي ! أجعل اللّه الأنصار من السابقين ؟ قال : نعم، ولم يشاور خطاباً ولا أولاده.
فقال : زعمت أنّها خاصّ-[-ة ] في المهاجرين، فقال [ اللّه ]: خلاف ما زعمتم، قال اللّه : ﴿وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ..) (2) ﴿وَالَّذِينَ جَاوُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ..﴾ (3) : ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا..) الآيات (4).
ص: 443
1- إلى هنا تضافر نقله من نقلة الأخبار والمفسّرين، كما وقد جاء في مستدرك الحاكم 305/3، وكنز العمال 287/1، ونقله في صفحة : 285 عن أبي عبيد في فضائله، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه ونقل تصحيح الحاكم.. وغيرهم.
2- سورة الجمعة (62): 3.
3- سورة الحشر (59): 10.
4- سورة الأنفال (8) : 75، وهي آخر آية من السورة، ولاحظ : آية : 72 و 74 منها.. أقول : روى السيوطي في تفسيره الدرّ المنثور 269/3 ذيل الآية الكريمة، قال : أخرج أبو عبيد وسنيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن حبيب الشهيد، عن عمرو بن عامر الأنصاري، أن عمر بن الخطّاب قرأ : (والسَّابِقُونَ الأَوَّلُون..) فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في الذين، فقال له زيد بن ثابت : ﴿وَالَّذِينَ﴾ فقال عمر : الذين..! فقال زيد : أمير المؤمنين أعلم !! فقال عمر : ائتوني بأبي بن كعب.. فأتاه فسأله عن ذلك، فقال أُبي : والذين.. فقال عمر : : والذين.. فقال عمر : فنعم إذن فنتابع أُبياً.. ثمّ نقله بإسناد آخر، قال : مرّ عمر برجل يقرأ ﴿وَالسَّابِقُونَ﴾.. إلى آخره، فأخذ عمر بيده فقال : من أقرأك هذا ؟ قال : أبي بن كعب قال: لا تفارقني حتّى أذهب بك إليه، فلمّا جاءه قال عمر : أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا ؟ ! قال : نعم. قال : وسمعتها من رسول اللّه ؟ قال : نعم. قال : لقد كنت أرى أنّا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا ! فقال أبي: : تصديق ذلك في أوّل سورة الجمعة.. إلى آخره.
وزعم أن المهاجرين من آل أبي قحافة وآل الخطاب خير من المهاجرين من بني هاشم.. وولّى معاوية حتّى جرى منه ما جرى.
وذكر أبويوسف الفسوي (1) في كتاب المعرفة والتاريخ (2): أنّه لمّا توفّي يزيد ابن أبي سفيان.. أمر عمر مكانه معاوية، ثمّ نعاه إلى أبي سفيان، قال : يا أبا سفيان ! احتسب يزيد بن أبي سفيان، فقال أبو سفيان رحمه اللّه، ومن أمّرت مكانه ؟ قال : معاوية، قال : وصلت الرحم (3).
ص: 444
1- في نسختي الأصل : ابن يوسف التستري ! وهو تصحيف غريب.
2- المعرفة والتاريخ، ولم يرد هذا النص في المطبوع منه مع استقصائنا له كلاً أكثر من مرة، ويقال إن الباقي منه مفقود.
3- المصنّف للصنعاني 455/5 - 456، و تاريخ دمشق لابن عساكر 251/65، والبداية والنهاية 132/8 - 133، وتاريخ المدينة لابن شبة 837/3.. وغيرها.
وقال سليمان بن موسى : إنّ الثاني رَزَقَ معاوية على عمله على الشام في كلّ سنة عشرين ألف دينار (1).
وروي أنّه رآه في خيل كثير، فقال : هذا لسرة العرب (2).
وفي تجارب الأمم (3): أنّه قال عمر : ما ناظرت معاوية [في أمر أعتب عليه فيه ] إلّا تركنى، لا (4) أدري آمره أم (5) أنهاه.. أقره حجّته.
وقال أبوسعيد : كنا بالشام في خلافة عمر - ومعاوية يخطب على منبر الشام - إذ قام فتى من الأنصار بالسيف، فقلنا : ما تريد أن تصنع ؟! قال: أُريد أن أقتله ؛
ص: 445
1- في الاستيعاب لابن عبد البر 1422/3 : عن سليمان بن موسى، عن أبيه : أن عمر بن الخطاب رزق معاوية على عمله الشام [كذا ] عشرة آلاف دينار كلّ سنة.
2- وجاء في ربيع الأبرار للزمخشري 229/4 قال : كان عمر إذا نظر إلى معاوية قال : هذا كسرى العرب. ولاحظ : المحاضرات للراغب الإصفهاني 171/1 في عمر وموكب معاوية، والأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار 170/3 – 171.. وغيرهما.
3- تجارب الأمم 31/2[34/2]، وفيه : ما ناظرتك في أمر.. على نحو الخطاب له، وهو هنا نقل بالمعنى. وقال قبله في تجارب الأمم 30/2 - أيضاً - : كان عمر بن الخطّاب كثيراً ما يقول : تذكرون كسرى وقيصر ودهاءَهُما وسياستهما وعندكم معاوية ؟ !
4- في نسختي الأصل : فلا، والفاء زائدة هنا.
5- في نسختي الأصل: إن.
لأنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال: «إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقتلوه» (1)، قلنا له : قدسمعنا مثل الذي سمعت، ولكنّا نكره أن نسلّ السيف في إمرة عمر .. وكتبنا في ذلك إلى عمر، فلم يجىء الجواب حتّى مات عمر (2).
قال الحسن (3) - وقد سمع هذا الخبر...
ص: 446
1- وهذا المضمون قد تضافر النقل عليه، والألفاظ فيه عديدة، منها: ما جاء بلفظ : «يخطب على منبري فاضربوا عنقه..»، وزاد في لفظ أبي سعيد : فلم نفعل ولم نفلح. وقال الحسن : فما فعلوا ولا أفلحوا. لاحظ : الغدير 142/10 - 143. وقد ذكره نصر بن مزاحم في كتابه صفين : 243 [ وفي طبعة مصر : 248] والطبري في تاريخه (357/11، والخطيب البغدادي في تاريخه 181/12، وكذا جاء في اللئالي المصنوعة للسيوطي 424/1 - 425.. وغيرها.
2- كما في الكامل لابن عدي، وحكاه عن البلاذري في الغدير 142/10 - 143، وأورد له عدة مصادر، كما قد حقق له طرقه وصحح سنده. قال (رَحمهُ اللّه) في الغدير 142/10 - 143: أخرج نصر بن مزاحم في كتاب صفين، وابن عدي، والعقيلي، والخطيب، والمناوي من طريق أبي سعيد الخدري وعبد اللّه بن مسعود مرفوعاً.. وقد سلف أن نقلناه قريباً. ولاحظ : تهذيب التهذيب لابن حجر 428/2، [110/5، و 324/7]، وميزان الاعتدال للذهبي 128/2.. وغيرهما من كتب الرجال عند العامّة.
3- المراد به : البصري، وفيه : فتركوا أمره فلم يفلحوا ولم ينجحوا.. وقد أورده السيوطي في اللئالي المصنوعة 424/1 - 425 بعدة طرق لابن عدي والعقيلي وزيفها، ولكن البلاذري في تاريخه الكبير أخرجه بطرق أخرى.. فراجع.
ولم يفعلوا ولم ينجحوا..! (1)
عبدالكريم بن [أبي ] المخارق، عن عامر بن عبد الواحد.. قال : أخذ الأعسر (2) بامرأة تزوّجت......(3) فجلدها مائة وحرّم نكاحها
ص: 447
1- وفي نسخة : قال الحسن : فما فعلوا ولا أفلحوا.. وقال أبو سعيد الخدري : فلم نفعل ولم نفلح، كما جاء في وقعة صفين لا بن مزاحم المنقري : 216، وفي الملاحم والفتن للسيد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه): 168 - 169 مسنداً عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه قال : «إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقرعوا رأسه بالسيف»، وقد أورد له روايات كثيرة هناك بطرق متعددة. والمضحك من الذهبي - وهو من فقهاء الشام - أنّه قال في تاريخ إسلامه. حكمه بوضع هذا الحديث - نقض الحديث بمثله نصاً إلّا أنّ فيه (فاقبلوه)، وزاد عليه : فإنه أمين مأمون !! ولعلّ له نسخة عندنا أنّه : أمير مأبون !! راجع : تاریخ ابن كثير 133/8، و تاريخ بغداد 259/1.. وغيرهما. وراجع ما ذكره شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 46/8، و 146/10. وكذا ما جاء في الجزء الرابع من الكتاب الرائع : الأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار 240/4 - 253.
2- كنّي به عن : عمر، وقد يراد منه صاحبه. لاحظ كتاب : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 293/1.
3- بياض في نسختي الأصل بمقدار أكثر من كلمة، ولعلّها بمولى، أو عبد، أو غير عربي، بحكم السياق.
على الناس، وقال: لا تُنكحن (1) أبداً.. ! وقال : حظرت أن يتزوج عربية إلّا عربي مثلها..!
وعن شريك، عن الحكم (2) ؛ قال : قال زفر : أي امرأة تزوجت عبداً أو من رأيته (3)..
وقال (4) : لا تنكحوا أهل مكة ؛ فإنّهم أعراب
وقيل لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أيجوز تزويج الموالي من العربيات؟
قال: «أتتكافأ دماؤكم [ ولا تتكافأ فروجكم] (5)؟!».
ص: 448
1- قد تقرأ في نسخة (ألف) : لا تنكحين.
2- في نسختي الأصل : شريك بن الحكم، والظاهر ما أثبتناه.
3- كذا ؛ والكلام ناقص اللفظ والمعنى، وقد جاء في سنن البيهقي :.. وكتب إلى أهل الأمصار: أيما امرأة تزوّجت عبداً لها، أو تزوّجت بغير بينة ! أو ولي، فاضربوهما الحدّ. راجع : السنن الكبرى،127/7، وكنز العمّال 544/16.. وغيرهما.
4- وحكاه الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) في تفسير التبيان 166/5 عن عمر، وه ومثله في مجمع البيان للشيخ الطبرسي (رَحمهُ اللّه) 500/4.
5- هذه العبارة مشوشة جداً في نسختي الأصل، وقد تقرأ: أشكاً في دمائكم في فور، وبعدها بياض في النسختين بمقدار كلمة، وما أثبتناه استظهار منّا بالاستعانة بالمصادر. مستدرك وسائل الشيعة 186/14 (باب 22) حديث 16461.. وقيل لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): أيجوز تزويج الموالي من العربيات ؟ فقال: «أتتكافاً دماؤكم ولا تتكافأ فروجكم..؟!». انظر : الاستغاثة : 82[45/1]، وكذا جاء في بحار الأنوار 36/31 (باب 23).. أقول : روى مالك - إمام المالكية - في الموطأ 520/2 عن الثقة عنده، أنّه سمع سعيد بن المسيب يقول : أبي عمر بن الخطّاب أن يورث أحداً من الأعاجم إلّا أحداً ولد في العرب. قال مالك : وإن جاءت امرأة حامل من أرض العدو فوضعته في أرض العرب فهو ولدها، يرثها إن ماتت، وترثه إن مات، وميراثها في كتاب اللّه.. ! وقد حكى ذلك شيخنا الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 187/6، وعلّق عليه بما لا مزيد عليه، فراجع. وانظر كلام عمر ضدّ الأعاجم في كتاب المستطرف : 249، والجزء السادس من الموسوعة الرائعة الغدير.
وقد زوّج النبيّ - عليه و آله السلام - العربيات من الموالي..
زوّج زيد بن حارثة : زينب بنت جحش..
وزوّج مقداد بن الأسود (1): ضباعة ابنة (2) الزبير بن عبد المطلّب (3)..
ص: 449
1- كان المقداد (رضیَ اللّهُ عنهُ) من موالي كندة.
2- هي ابنة عم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، وكان الزبير أخا عبد اللّه والد النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لأبيه وأمه.
3- قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أتعلمون لم زوّجت المقداد من ضباعة ابنة عمي؟ !». قالوا: لا. قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «ليتّسع النكاح فيناله كلّ [مسلم] منكم، ولتعلموا أن أكرمكم عند اللّه أتقاكم» كما جاء في كتاب الاستغاثة : 45 - وعنه في مستدرك الوسائل 185/14 - 186 برقم 16460 - وقريب منه في دعائم الإسلام 199/2 حدیث 730.. وغيره. أقول : روى الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في علل الشرائع : 193 [ وفي الطبعة الحروفية 578/2 (باب 385) حديث 4]، وكذا في عيون أخبار الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ): 160 [ وفي الطبعة الحروفية (289/1 (باب 28) حدیث 37] ذیل قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «المؤمنون بعضهم أكفاء بعض..»، ثمّ لم ينزل حتّى زوّج ضباعة المقداد بن الأسود، ثمّ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «أيها الناس ! إنّي زوّجت ابنة عمي المقداد ليتضع النكاح [خ. ل : لتتضع المناكح ]».
رواه هشیم، عن جابر، عن عامر..
و تزوّج (1) بنتي عبيدة بن الحارث ؛
إحداهما : من ثعلبة بن شعبة القرظي، وكان يهودياً أسلم.
والأُخرى: تميم الداري، وكان مولى لأبي العاص (2) بن وائل التيمي (3).
و تزوّج صهيب [بن سنان] مولى عبد الرحمن بن جذعان: ريطة بنت ربيعة.
وتزوّج بلال ب- : هالة أُخت عبد الرحمن بن عوف(4)، وكان تحت سلمى كندية (5).
ص: 450
1- كذا، والظاهر : وزوّج، أو تكون (من) في : من ثعلبة، زائدة.
2- في نسخة (ب) : لآل العاص.
3- كما في دعائم الإسلام 2/ 199 حدیث 731.. وغيره.
4- كما جاء في مسند زيد بن عليّ: 309.. وغيره، وهناك أقوال أُخر فيه، كما في كتاب المجموع للنووي 186/6.
5- كذا ؛ فدقق.
وقال اللّه تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ..) إلى قوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَرَآءَ ذَلِكُمْ﴾ (1) وقال : (أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ..) (2).
وقال عمر : ليس على عربي ملك.. !! (3)
وقد سبى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) من قبائل العرب، وأعتق واسترق كما فعل بالعجم، وكان الأوّل سبى أهل الردّة من العرب(4).
وقال (5) : لا تجلد [وا ] العرب ولا ترجموها فتفتنوها..!!
ص: 451
1- سورة النساء (4) : 23 - 24.
2- سورة المائدة (5) : 4 و 5.
3- كما ذكر ذلك ابن حزم في المحلّى،39/10، والكحلاني الصنعاني في سبل السلام 45/4 - 46، والشوكاني في نيل الأوطار 150/8، والبيهقي في السنن الكبرى 74/9، والصنعاني في المصنّف 278/7، وكذا ابن أبي شيبة الكوفي في مصنّفه 580/7، والزمخشري في الفائق 258/3، والهندي في كنز العمّال 545/6، وابن أبي الحديد في شرح النهج 144/12.. وغيرهم في غيرها. وكذا جاء في كتب اللغة ؛ كما قاله ابن الأثير في النهاية 19/4 [361/4]، وابن منظور في لسان العرب 632/11.. وغيرهما. وأورده منا الفضل بن شاذان النيشابوري (رَحمهُ اللّه) في الإيضاح : 249، والطبري (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 524 - 525.. وغيرهما.
4- نص عليه الطبري (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 524 برقم 6، المسترشد : 524 برقم 196.. بل هو متسالم عليه عندهم.
5- قاله الطبري الإمامي (رَحمهُ اللّه) في المسترشد : 525 حديث 197، بل قال به الطبري في تاريخه 273/3، والهندي في كنز العمّال 689/5 حديث 14197، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 277/44 - 278، والصنعاني في المصنّف 324/11 - 325.. وغيرهم في غيرها، وفيه : ألا فلا تضربوا العرب فتذلّوها، ولا تجمروها فتفتنوها، ولا تعتلوا عليها فتحرموها.. جردوا القرآن، وأقلّوا الرواية عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)..!!
والأمر عن الحكيم [ قد صدر] بالحدود على المجرمين؛ فإذاً كما قال اللّه تعالى : ﴿حَمِيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ﴾ (1).
وفضّل المهاجرين على الأنصار، والعرب على العجم.. وقد كان أشار بذلك على الأوّل فلم يقبل منه، وقال : عهدنا رسول اللّه ليس (2) في هذه القسمة، وقد كان معه المهاجرون والأنصار (3)، والعربي والعجمي.. فلم يفضّل أحداً على أحد، وأنا إن عملت ذلك لم آمن أن ينكر الناس [علي ] في القرب بسيرة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)(4)، فلمّا أفضى الأمر إليه فضل بعضهم على بعض في القسمة (5).
ص: 452
1- سورة الفتح (48) : 26.
2- كذا؛ وفي المسترشد : ولقد عهدنا رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] أمس في هذه القسمة، وهو الظاهر.
3- في المسترشد : المهاجري والأنصاري.
4- زاد في المصدر : وإنّما هذه القسمة معاش الناس، يحتاج الأنصاري إلى ما يحتاج إليه المهاجري، وإنّما المهاجرون والأنصار فضّلهم وشرفهم عند اللّه جل ذكره، لا في القسمة التي لا يجب أن يفضّل فيها أحد على أحد..
5- ذكر ذلك وبألفاظ مقاربة الطبري (رَحمهُ اللّه) فى المسترشد : 525 برقم 198.
يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عَلَيهِمَ السَّلَامُ) قال : قال الصهاك (1) - عند موته - : أتوب إلى اللّه من ثلاث : اغتصابي هذا الأمر أنا وأبو دور (2) من دون الناس، واستخلافي عليهم، و تفضيل المسلمين بعضهم على بعض (3).
ولقد كان الثاني عيّر بلالاً بالسواد، فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ما أحسب بأنّه بقي في صدرك من كبر الجاهلية شيء».. (4)
ثم قال [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] في خطبته : «لا [أُ ] فضل العربي على عجمي ولا الأسود (5)
ص: 453
1- المشهور : ابن الصهاك، إلّا أنّه قد أورد المصنف (رَحمهُ اللّه) هذا اللقب للثاني في ديباجة موسوعته هذه بدون (ابن). راجع : الأسرار فيما كُنّي وعرّف به الأشرار 423/2. ويقال له : الصهاكي ؛ كما سلف قريباً، وكذا يعرف ب-: ابن الصهاك، كما في الأسرار 102/1 - 103، وكذا : ابن الصهاك الحبشية.
2- انظر عن هذا الرمز في الكتاب الرائع : الأسرار فيما كُنّي وعُرف به الأشرار 158/1.
3- كما جاء في الخصال: 170 حديث 225، وعنه في بحار الأنوار 124/30، وجاء في الصراط المستقيم 25/3، وكذا في تقريب المعارف : 367 من دون سند، وعنه في بحار الأنوار 121/30.
4- وقريب منه في كشف الغمة 351/1، وصفحة : 352.. وغيرهما. وفي إرشاد الساري،113/1، وهذا المصدر يذكر صدور التعبير لبلال من أبي ذرّ..
5- كذا؛ والظاهر : ولا لأسود، وفي نسختي الأصل : ولا السود.
على أحمر إلّا بالتقوى» (1).
ص: 454
1- وإليك ما هتف به النبيّ الأعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوم الحج الأكبر في خطبته الرائعة إذ قال : «أيها الناس ! إنّما المؤمنون إخوة، ولا يحلّ لامرئ مال أخيه إلّا عن طيب نفس منه.. ألا هل بلغت ؟ اللّهمّ اشهد ! فلا ترجعنّ بعدي كفّاراً.. يضرب بعضكم رقاب بعض، فإنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لم تضلوا بعده : كتاب اللّه.. [ كذا] ألا هل بلغت ؟ اللّهمّ اشهد ! أيها الناس! إنّ ربّكم واحد، وإنّ أباكم واحد، كلكم لآدم، و آدم من تراب، أكرمكم عند اللّه أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلّا بالتقوى.. ألا هل بلغت ؟ اللّهمّ اشهد !..». قالوا : نعم. قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «فليبلغ الشاهد الغائب». وفي لفظ أحمد : «ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا أسود على أحمر ولا أحمر على أسود إلّا بالتقوى». وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح، وفي لفظ الطبراني في المعجم الكبير : ««يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللّه أَتْقَاكُمْ..» [سورة الحجرات (49) : 13] فليس لعربي على عجمي فضل، ولا لعجمي على عربي فضل، ولا لأسود على أحمر فضل، ولا لأحمر على أسود فضل إلّا بالتقوى».. الحديث. انظر : مجمع الزوائد 272/3. وقريب منه في زاد المعاد 226/2، وجاء في البيان والتبيان 25/2، والعقد الفريد 85/2، وتاريخ اليعقوبي 91/2.. وغيرها كثير.
وكان سأل سلمان علی (1) نسبه (2).
قال : أنا سلمان ابن الإسلام.. (3) كنت ضالاً فهداني اللّه [عزّ ذكره ] بمحمّد [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] و [كنت] عائلاً فأغناني اللّه بمحمّد [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)]، و [كنت ] مملوكاً فأعتقني اللّه بمحمّد [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ].. فهذا حَسَبي ونسبي..
فلما (4) خرج رسول اللّه شكا إليه، فقال عليه و آله السلام) - بعد كلام -: «يا سلمان ! ما لأحد من هؤلاء عليك فضل إلّا بتقوى اللّه [ عزّ وجلّ]، وإن كان التقوى فأنت أفضل..» (5).
ص: 455
1- كذا؛ والظاهر عن.
2- كما جاء في الروضة من الكافي الشريف 181/8 - 182 حديث 203 بسنده إلى الإمام أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «كان سلمان جالساً مع نفر من قريش في المسجد ؛ فأقبلوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم حتّى بلغوا سلمان، فقال له عمر بن الخطّاب : أخبرني من أنت ؟ ومن أبوك ؟ وما أصلك ؟ فقال : أنا سلمان..» إلى آخره، وعنه في بحار الأنوار 381/22 - 382 حديث 16.
3- في الكافي : ابن عبد اللّه، بدلاً من : ابن الإسلام.
4- في نسختي الأصل : فلا.. ولا معنى لها، وما هنا نقل بالمعنى مع اختصار في اللفظ.
5- وبألفاظ مقاربة جاء في أمالي الشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) : 91 [ الطبعة الأُولى، وفي طبعة مؤسسة البعثة : 147 حديث 241، وفي الطبعة الحيدرية 146/1]، ومثله في رجال الكشي (رَحمهُ اللّه) (اختيار معرفة الرجال) : 13 - 14 حديث 32 [ وفي تعليقة رجال الكشي 59/1]. ولاحظ : روضة الواعظين : 283، والاحتجاج،1 / 150، وكشف الغمة 15/2، ودلائل الإمامة 140 حديث 48. وأيضاً ورد في : تحفة الأحوذي للمباركفوري 66/1، وشرح النهج لابن أبي الحديد 34/18 - 39 ترجمة سلمان، وأُسد الغابة لابن الأثير 328/2.. وغيرهم. بل ردّ عمر خطبة سلمان رضوان اللّه عليه لا لشيء إلّا كونه أعجمياً، كما صرّح بذلك الإصفهاني في حلية الأولياء 186/1.. وغيره.
فجرى حكمه فيه لحمية الجاهلية..!
والإجماع؛ أنّ النبيّ (عليه و آله السلام) عمل بخلافه (1).
ابن بابك(2): [ من الطويل ]
ص: 456
1- في نسختي الأصل : بخلافته.
2- هو : عبد الصمد بن منصور بن بابك أبو القاسم البغدادي الشاعر، المتوفى سنة 410 ه-، وفد على الصاحب بن عباد فأكرمه، له ديوان في مجلدين. لاحظ عنه : وفيات الأعيان لابن خلكان 196/3 - 197، النجوم الزاهرة 245/4 - 246، شذرات الذهب 191/3، سير أعلام النبلاء للذهبي 280/17 برقم 171.. وغيرها. أقول: لم أجد هذين البيتين في مصدر، نعم ذكر المصنف (رَحمهُ اللّه) في مناقبه 4 / 46 - 47 خمسة أبيات مديح له مطلعها: [ من الوافر ] فأنتم للوصيّ البرّ نسل*** وأنتم للنبيّ الطُّهر آل
أَلا إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ نَبِيِّهِ*** عَلىّ وَكُلُّ النَّاسِ مِنْ بَعْدِهِ هَدَرْ
وَإِنَّ عَتِيقاً فِيهِ خَيرٌ وإِن وهت(1)*** قَوَاعِدُ ما يَبْنِيهِ والشَّرُ في عُمَرُ
روى الواقدي (2)، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال : سمعت هامان (3) يقول : لما قبض الرسول عليه و آله السلام) خرجت أنا وأبو دور (4) على عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بيت فاطمة - وعنده المهاجرون فقلت : ما تقول [ يا ] عليّ؟
قال: «أقول خيراً : نحن أولى برسول اللّه وما ترك».
قلت : وحيازة الخلافة لك ولمن بعدك من أهلك ؟ !
قال : «نعم».
قلت : والذي بخيبر ؟
قال: «نعم».
قلت : والذي بفدك ؟
قال: «نعم».
ص: 457
1- في نسخة (ألف): وهب.
2- تاريخ الواقدي.. ولم نعثر عليه في كتب الواقدي المطبوعة.
3- لاحظ عنه : الأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار 410/3 - 412، وما عليه من مصادر.
4- راجع : الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار 158/1.
قلت : كلّا حتّى تحزّ (1) رقابنا بالمناشير.. (2)
فأقرّ أنّه غاصب بالحمية وفعل الجاهلية.. !
وكان جماعة يجتمعون في بيت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)- وقت السقيفة - فقال : وأيم اللّه لئن اجتمع هؤلاء عندك ليفتحن البيت عليهم، وليُهْدَمَنَّ البيت أو لتُحْرَقُنّ (3).. فلمّا سمعوا ذلك انصرفوا (4).
ص: 458
1- قد تقرأ الكلمة : نخر، أو تجز، أو يجز.. وفي نسخة (ألف) لحن.. ولا معنى لها، وما ذكرنا أظهر معنى.
2- انظر : المسترشد للطبري : 326، و 499 - 500، وكذا في بحار الأنوار 443/30، وجاء الحديث مكرّراً في كتب العامّة - أيضاً - كما عن الهيثمي في مجمع الزوائد 39/9 - 40، وعن الطبراني في الأوسط 288/5. وغيرهما.
3- في نسخة (ألف) : لنحرقن.
4- قال الجوهري في كتاب السقيفة وفدك : 38 : لما بويع لأبي بكر، كان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس إلى عليّ [(عَلَيهِ السَّلَامُ)]، وهو في بيت فاطمة [(عَلَيهَا السَّلَامُ)]، فيتشاورون ويتراجعون أمورهم، فخرج عمر حتّى دخل على فاطمة [(عَلَيهَا السَّلَامُ) ].. إلى أن قال :.. وأيم اللّه ! ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك أن آمر بتحريق البيت عليهم.. ! فلما خرج عمر، جاؤوها فقالت : «تعلمون أن عمر جاءني وحلف لي باللّه إن عدتم ليحرقنّ عليكم البيت وأيم اللّه ليمضين لما حلف له، فانصرفوا عنا راشدين..» إلى آخره. راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد حول الهجوم على دار الرسالة ومهبط الوحي والتهديد بالإحراق.. وغيره، وقد جاء فيه 45/2 [ وفي الطبعة ذات أربعة مجلدات 130/1] حيث ذكر تحريق الدار، وكذا في 11/6 [ وفي الطبعة ذات أربعة مجلدات 19/2]، و 271/16، وعن شرح النهج في بحار الأنوار 313/28. وأخرجه في منتخب كنز العمّال 174/2 عن مسند ابن أبي شيبة، وكذا نقله الهندي في كنز العمّال 140/3، و 449/5، وصفحة : 651، وجاء في قرة العينين: 78، المصنّف لابن أبي شيبة 572/8.. وغيرها. ولاحظ : ما أورده العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 59/31 - 87 (الطعن السابع عشر) بعنوان : أنّه هم بإحراق بيت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ).. وغيره وعليك بالكتاب الرائع الجامع : الهجوم على بيت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)، ففيه غنى.
وقال من باب (1) التاريخ : قدم أنصاري إليه فقال: [من البسيط ]
اذْكُرْ بَلائي (2) إذ ما جاك (3) ذُو سَفَه*** يَوْمَ السَّقِيفَةِ والصِّدِّيقُ مَشْغُولُ
فقال بأعلى صوته: ادنُ منّي.. فدنا منه، فأخذ ذراعه (4) حتّى استشرفه الناس، وقال: إنّ هذا ردّ عنّي سفيهاً من قومه يوم السقيفة.. ثمّ حمله على نجيب،
ص: 459
1- الكلمة مشوّشة في نسختي الأصل، وكذا قد كتبت، وهي لا تؤدي معنى مناسباً، ولعله كتاب المعرفة والتاريخ، وهو البدء والتاريخ، وقد راجعناه فلم نجده في المقدار المطبوع منه مع استقصائنا له أكثر من مرة، ولعلّله جاء في القسم المفقود منه.
2- تقرأ في نسخة (ألف): ملامي.
3- هذا استظهار ؛ وهو مخفّف جاءك، لتمامية الوزن، وقد تقرأ في نسخة (ألف) : حباك - بدون نقط -، وفي (ب): حاك.
4- في نسخة (ب) : رداعه، وفي نسخة (ألف): زراعه.. ولعلّها : رداءه.
وزاد في عطائه، وولاه صدقة قومه (1)، وقرأ :
(هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) (2)..!!
(فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ) (3)..
فى أفعاله وأقواله وخلافته وإمامته..!!
الموسوي (4) :[ من الخفيف ]
ص: 460
1- قال الزمخشري في ربيع الأبرار 276/5 : قام رجل من الأنصار إلى عمر.. فقال : اذكر بلائي إذ فاجاك ذو سفه*** يوم................... فقال عمر بأعلى صوته : ادن مني، فدنا منه فأخذ بذراعه حتى استشرفه على الناس.. راجع : المستطرف 390/1، والبصائر والذخائر 192/9 - 193.. وغيرهما.
2- سورة الرحمن (55) : 60.
3- سورة الحشر (59): 2.
4- مرّت ترجمة السيّد محمّد الموسوي في المقدّمة، ولا نعرف له ديواناً، وقد ذكرنا ما له من شعر هنا، فراجع، ولم يذكر له المصنف (رَحمهُ اللّه) في المناقب إلّا أبياتاً وردت في 391/1، و 2 / 243، و 4 / 304، ولم تكن هذه منها ولا على وزانها وقافيتها. أقول: المراد ب- : السيّد الموسوي هنا ؛ هو : سيّد الشرف الشريف الرضي طاب ثراه (359 - 406 ه-) وهو غني عن التعريف، ولا يسعني فعلاً درج ترجمة عنه مختصرة فضلاً عن ترجمة كاملة، وهذه الأبيات من قصيدته التي يرثي بها مولانا الإمام أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) الشهيد في يوم عاشوراء، أنشدها سنة 387 ه- مطلعها : [ من الخفيف ] راحل أنتَ والليالي نُزُولُ*** ومُضر بك البقاءُ الطَّويلُ أورد منها العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 219/4 - 221 (52) بيتاً، وجاءت هذه الأبيات في (39)، (40)، (41) منها. وراجع : ديوان الشريف الرضي (قدّس سِرُّه) 187/2.
يَا بَنِي أَحْمَدٍ إِلى كَمْ (1) سِنَانِي*** غَائبٌ عن عانِهِ مَمَطُولُ (2)
وجِيَادِي مَرْبُوطَةٌ والمَطَايَا*** ومَقَامَي يَرُوعُ عنهُ الدَّخِيلُ (3)؟!
كَمْ إِلَىٰ كَمْ تَعْلُو الطَّعَاةُ وكَمْ يَحْ-*** -كُمُ في كُلِّ فاضِلٍ مَفْضُولُ ؟!
***
ص: 461
1- كذا ؛ وفي الديوان : إلى كم.
2- البيت في النسختين : [ من الخفيف ] يابني أحمد إليكم سناني*** عاتب في طعامه ممطول وهو مصحف و محرّف عن المثبت عن ديوان الشريف الرضي.
3- كذا في الديوان والغدير ؛ وفي نسختي الأصل: الرحيل.
[ القسم الثاني ]
[ في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين ]
[باب ]
[ في أبي الدواهي ]
[فصل 11]
[ في كبائر زفر ]
ص: 463
فصل في كبائر زفر
فصل في كبائر زفر (1)
الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)؛ في قوله : (سَمِعْنا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعِ..﴾ (2)
«نزلت في الأوّل والثاني ومن كان معهما، سمعوا قول النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) في ولاية أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسمعوا - أو لم يسمعوا - ولم يسلموا فعصوا».
(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى الكِتابِ أنْ إِذا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّه يُكْفَرُ بها..) (3) الآية.
ص: 465
1- جاء التعبير عن الثاني بهذه اللفظة في روايات جمّة، خاصّة في تفسيري القمّي والعياشي رحمهما اللّه،كما جاء في الشعر مكرّراً، وقد مرّ بعضه ويأتي غيره. قال العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحاره 167/30: والتعبير عن زفر ب- : عمر، ظاهر؛ لاشتراكهما في الوزن وتقدير العدل... وقد ذكر جملة من موارده ومعانيه في كتاب الأسرار فيما كنّي وعرف به الأشرار 273 - 271/2. أقول: قد يقال له : زفير أيضاً، وهو الذي سلف في مقدمة كتابنا هذا ممّا المصنّف (رَحمهُ اللّه) من رموز مختصة في الباب الثاني الخاص بالثاني، ولم نجد من تابعه عليه، ولعلّه يريد به هذا، لكن لم نجده قد استعمله (رَحمهُ اللّه) في أثناء الكتاب.
2- سورة النساء (4): 46.
3- سورة النساء (4): 140.
نزلت في ابن صهاك وصاحبه ؛ لما سمعوا النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يوم غدير خم، قال في عليّ مقالاً ما يألوا (1) أن يرفع بضبع (2) ابن عمّه (3).
وفي كتاب غريب الحديث (4) ؛ عن أبي عبيد، وكتاب الفاخر (5)؛ عن المفضل بن سلمة، وكتاب التاريخ (6) ؛ عن التاريخي.. رووا جماعة عن الزهري:
ص: 466
1- في نسختي الأصل : بالوا، والصحيح ما أثبتناه أخذاً من بعض المصادر. راجع : کتاب سليم : 240 [ وفي الطبعة المحقّقة 691/2]، وعنه في بحار الأنوار 315/30 (باب 20) حدیث 152.
2- الضبع - بسكون الباء - وسط العضد، كما قاله ابن الأثير في النهاية 11/3، وقيل: هو ما تحت الإبط.
3- نقلاً بالمعنى مع اختصار، وجاء مفصلاً في قرب الإسناد للحميري (رَحمهُ اللّه): 57، وفي ذيله : ثمّ جاء حبتر فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «بايع عليّاً بالولاية»، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من اللّه أو من رسوله» ؟ ! فقال : «من اللّه ومن رسوله». ثمّ ثنى عطفه ملتفتاً، فقال لزفر : لشدّ ما يرفع بضبع ابن عمه.. !
4- غريب الحديث لابن سلام 242/3 باختلاف يسير.
5- كتاب الفاخر فيما تلحن فيه العامّة : 118 باختلاف يسير. وراجع : الفائق للزمخشري 130/2 [ طبعة دار الفكر ].
6- كتاب التاريخ، لعلّه تاريخ الطبري، حيث جاء فيه 205/3، ولاحظ صفحة : 219 [ طبعة الأعلمي - بيروت 446/2 - 456]. وقريب منه ما جاء في مسند أحمد بن حنبل 56/1، ومثله في كتاب البخاري 27/8، وشرحه : فتح الباري 23/7، والسنن الكبرى للبيهقي 142/8، والمصنّف للصنعاني 443/5، وصحيح ابن حبان 149/2، وصفحة : 156، والفائق للزمخشري 2 /100، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 24/2 و 127/12، وكنز العمّال للهندي 645/5.. وغيرهم وغيرها.
أنّه قال عمر يوم السقيفة - حين اختلفت الأنصار [على أبي بكر ] - : قد كنت زوّرت في نفسي مقالة (1) أقوم بها بين (2) يدي أبي بكر.. قال : فجاء أبوبكر فما ترك شيئاً ممّا كنت زوّرته [ في نفسي ] (3) إلّا تكلّم به.
والتزوير: الكذب والباطل والتزويق (4).
وقد قال زفر - بالإجماع (5) - : من قال : إنّ محمّداً قد مات...قتلته.. القصة.
ص: 467
1- وكذا جاء في غريب الحديث والفائق.. أي إنّي هيأت وأعددت للمقام مقالاً.
2- في تاريخ الطبري : أقدمها بين...
3- الكلمة هنا مشوّشة ولا معنى مناسب لها كتبت مثل : ورقه، ولعلّها : زورته، والصحيح ما أثبتناه، وفي غريب الحديث : زوّرته إلّا تكلّم، ولا توجد في نسختي الأصل: في نفسي.
4- التزويق نظير التزوير. أقول الزور الكذب، والتزوير تزيين الكذب. لاحظ عن معانيه : الصحاح 2 / 672 - 674.. وغيره. يقال : هذا كتاب مزوّر مزوّق، وقد زوّر فلان كتابه وزوّقه : إذا قومه تقويماً، قاله في لسان العرب 150/10.
5- راجع عنه : البداية والنهاية 262/5، الملل والنحل 29/1 [ وجاء في هامش كتاب الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم 20/1 - 21]، وتاريخ الطبري - 232/2 - 233، وكذا جاء في الطبقات الكبرى 2 / 266 - 271 وكنز العمال 226/7، وصفحة : 232 - 235.. وغالب كتب التاريخ والسير والرجال.. وأيضاً في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 / 40 - 41 - وعنه في بحار الأنوار 590/30 (الطعن الثالث لعمر) - قال : روى جميع أرباب السيرة أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لما توفي كان أبو بكر في منزله بالسنح.. إلى آخره. وأيضاً ما جاء في : كتاب البخاري 143/5، سنن ابن ماجة 520/1، مستدرك الحاكم 282/3، المصنّف للصنعاني 437/5، السنن الكبرى للبيهقي 142/8، المصنّف لابن أبي شيبة 568/8، فتح الباري في شرح كتاب البخاري للعسقلاني 110/8، مسند الشاميين للطبراني 30/3.. وغيرها.
وقال اللّه تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ ممّن كَذَبَ عَلَى اللّه وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إذ جاءه) (1).
وقد قال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «من كذب علي متعمداً..» الخبر (2).
ویروی (3) : أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال عند بيعة النساء: «ولا يزنين»، فقالت هند :
ص: 468
1- سورة الزمر (39): 32.
2- قد سلف، ويأتي للخبر جملة مصادر، بل عدّ الحديث من المتواتر معنى إن لم يكن لفظاً.
3- كما جاء في غالب تفاسير الخاصّة، كمجمع البيان 275/9 - 276، وصفحة : 457، و حكاه عنه في بحار الأنوار 98/21 (باب فتح مكة)، ومثله سبطه في مشكاة الأنوار: 203، وعنه الميرزا النوري (رَحمهُ اللّه) في مستدركه 14 / 279 - 280 (باب 90) حديث 1 (16714)، وتفسير نور الثقلين 309/5.. وغيرها. كما نقلت هذه العبارة في مصادر العامّة الفقهيّة والتاريخية، كما في بدائع الصنائع 38/7 (كتاب النكاح).. وغيره. وراجع التذكرة لابن الجوزي: 116، مجمع الزوائد 37/6، فتح الباري لابن حجر 107/7، مسند أبي يعلى 194/8 عن عدة مصادر، زاد المسير لابن الجوزي،12/8، الطبقات الكبرى لابن سعد 9/8 و 237، تاريخ مدينة دمشق لابن عساکر 178/70، وصفحة : 180 - 182، تاريخ الطبري 2 /338، وشرح نهج البلاغة 18 /17.. وغيرها. ونقلها أكثر مفسّري العامّة ؛ كابن كثير في تفسيره 378/4، والقرطبي في تفسیره 72/18 73، وابن جرير الطبري في جامع البيان 99/28، والسيوطي في الدرّ المنثور 209/6 - 210، والثعالبي في تفسيره 209/2 تفسیره 209/2.. وغيرهم في غيرها. كما وقد جاء في كتب رجال العامّة ؛ كالإصابة،346/8، وأسد الغابة 562/5، و تهذيب الكمال 245/35.. وغيرها.
أَوَ تَزْنِي الحرّة ؟ ! فضحك الثاني للحالة التي كانت بينهما (1) في الجاهلية (2).
ورووا: أنّه كان بين أبي سفيان والثاني حُجرة (3) لهند، وكانت تفجر شبان قريش بها، وأبوسفيان يقول : إنّ هنداً والثاني يتحدّثان..!!
ورووا أنّه قال: استأمنوني على خزائن الأرض، ولا تستأمنوني على جارية
ص: 469
1- في نسختي الأصل : بينها.
2- في المجمع : فتبسّم عمر بن الخطّاب لما جرى بينه وبينها في الجاهلية.
3- الكلمة مشوّشة ومطموسة في نسختي الأصل وغير منقوطة، قد تقرأ : جرة، والظاهر أنّها مصحفة عن المثبت.
سوداء حبشية.. وذلك أنّ تاجراً استودع عنده حبشية، فلما انصرف صاحبها ؛ سألها عن حالها، فقالت : ما ترك (1) عنّي منذ مشيت إلّا الساعة.. فغضب التاجر وقال الثاني هذا المقال..
زيد بن علي، وسعيد بن جبير، وأبو عمرو الضرير، وضارب بن مضروب.. وفي كثير من التفاسير (2) في قوله تعالى: ﴿يَسْتَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ..) (3): لما نزلت هذه الآية وكان المسلمون من (4) بين شارب و تارك.. وشربها الثاني (5). فدخل في صلاته وهجر بقوله : يا أيها الكافرون أنا أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد، وأنا عابد ما عبدتم وأنتم عابدون ما أعبد.. فنزل :
ص: 470
1- كذا، والظاهر : ما نزل.
2- لاحظ من التفاسير مثلاً : تفسير الطبري 203/2، وتفسير الخازن 513/1، وتفسير الرازي 458/3، وأحكام القرآن للجصاص 245/2، والدرّ المنثور للسيوطي 252/1.. وغيرها. ومن كتب الحديث : سنن أبي داود 128/2، وسنن البيهقي 285/8، والمستدرك للحاكم 2/ 278، وتيسير الوصول 124/1.. وغيرها.
3- سورة البقرة (2): 219.
4- الظاهر كون : من.. زائدة.
5- في تفسير القرطبي 200/5: رجل، بدلاً من عمر، ولعلّها قصة أُخرى؛ إذ تختلف عمّا هنا، وقد فسّر الرجل ب- : عبد الرحمن بن عوف في صلاة المغرب، كما نص عليه الجصاص في أحكام القرآن 245/2، والحاكم في المستدرك 142/4.. وغيرهما، كلّ ذلك حفظاً لماء وجه خليفتهم.
(لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ﴾ (1).
ص: 471
1- سورة النساء (4) : 43. أقول : جاء في كتاب المنتقى في مولد المصطفى [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] : 127 - 128 في سياق حوادث السنة الرابعة : وفيها حرّمت الخمر.. ثمّ ذكر الآيات الأربع، وقال : ثمّ نزلت في مسألة عمر ومعاذ بن جبل: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ..) فتركها قوم لقوله : (إِثْمٌ كَبِيرٌ) وشربها قوم لقوله : ﴿وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) إلى أن صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً، فدعا ناساً من أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وأتاهم بخمر، فشربوا وسكروا، فحضرت صلاة المغرب وقد ثملوا، فقدّموا بعضهم ليصلّي بهم فقرأ : ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ﴾ [سورة الكافرون (109): 1] أعبد ما تعبدون.. هكذا إلى آخر السورة بحذف (لا) فأنزل اللّه تعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى....) ثمّ ذكر بقية القصة مفصلاً، فراجعها. وحكى بعضها شيخنا العلّامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 183/20 - 184 (باب 16) ذيل حدیث 2 عنه، فراجع. وهم قالوا: إن عمر شرب الخمر، وشجّ رأس عبد الرحمن بن عوف، كما في المستطرف للأبشيهي 2 / 260، وكان العمر قربة فيها نبيذ، كما في كتاب الخراج لأبي يوسف : 165، وهو الذي شرب أحدهم من إدواة عمر، فأغشي فحدّه عمر، كما في العقد الفريد 416/3. وقد جاء ذلك في غالب تفاسير العامّة في شأن نزول هذه الآية؛ كما في تفسير القرطبي 225/20، وتفسير ابن كثير 512/1، والدرّ المنثور 318/2.. وغيرها. راجع مستدرك الحاكم 142/4 - 143 قال : وهذه الأسانيد كلّها صحيحة، جامع البيان لابن جرير الطبري 134/5، و 45/7، وقد حرّف - كغالب عملهم فيما يمس أصنامهم - اسم خليفتهم بغيره، ونسي ذلك في موضع آخر من كتابه فأثبته ولم يشاركه غيره ! كما وقد ورد ذلك في مشرق الشمسين للشيخ البهائي (رَحمهُ اللّه): 309، فقه القرآن : للقطب الراوندي (رَحمهُ اللّه) 73/1.. وغيرهما. وراجع ما ذكره العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) : بحار الأنوار 36/81 - 37 (باب 3) مدخل الباب في تفسير قوله سبحانه: ﴿لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى)، وأيضاً في بحار الأنوار 270/84 (باب 39) المدخل، عن مجمع البيان 51/3 قال : كما روت العامّة : أنّ عبد الرحمن بن عوف صنع طعاماً وشراباً لجماعة من الصحابة قبل نزول تحريم الخمر.. إلى آخره.
وفي غرائب التفسير (1) عن إسماعيل بن [أبي] زياد الشامي أنّه روى عن ابن عبّاس أنّه لما نزلت هذه الآية قال عمر : جاء تحريم شرب الخمر في مواقيت الصلاة، فكانوا يشربونها إذا صلوا الغداة، ثمّ يقيلون فيقومون عند الظهر، وكذلك كانوا يشربون بعد العشاء الآخرة (2).
وفي رواية زيد بن علي، وابن جبير، وابن مضرب (3)، والضرير : أنّه شربها
ص: 472
1- غرائب التفسير لتاج القراء الكرماني، ولم نعثر على هذا الخبر في المقدار المطبوع من الكتاب، ولعلّه كتاب آخر بهذا العنوان ولا نعرفه فعلاً. ومثله جاء في المنتقى في مولد المصطفى [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ] : 128، وكذا في كتاب الناسخ والمنسوخ لابن حزم : 28 بدون ذكر اسم الرجل.
2- وعليك بالبحر : الغدير 251/6 - 261 برقم 87 في اجتهاد الخليفة في الخمر وآياتها فقد كفى وأوفى رضوان اللّه عليه.
3- في نسخة (ألف) : مضروب.
[ مع ] مَنْ شربها إلى أن ناح الأوّل (1) على قتلى بدر كما تقدّم - فرآه النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)وهو مغضب، ونزل : ﴿إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ..) (2) الآية.
فقال الثاني : انتهينا.. انتهينا (3).
ص: 473
1- لقد حرّف الطبري هنا في تفسيره 203/2 [ وفي طبعة: 211] رواية أبي القموص زيد بن علي هذه، حيث جعل مكان اسم أبي بكر (رجل) وصوناً للكرامة حرّف أيضاً اسم (أُمّ بكر) في الشعر إلى (أُمّ عمرو)..!
2- سورة المائدة (5): 90.
3- وجاءت القصة هذه في كتاب أنوار التنزيل وأسرار التأويل 137/1، جامع البيان للطبري 44/7، نواسخ القرآن لابن الجوزي : 82، ومثله في كتابه زاد المسير 216/1 و 315/2، وفتح القدير 222/1، وتفسير القرطبي 200/5، والدر المنثور 252/1، وتفسير ابن كثير 262/1 - 263 و 512، و 95/2.. وغيرها. وفي كتب الحديث؛ مثل : مسند أحمد بن حنبل 53/1، سنن أبي داود 182/2 حديث 3670، سنن النسائي (باب تحريم الخمر) 286/8 [323/2]، مستدرك الحاكم / 278، فتح الباري 210/8، السنن الكبرى للنسائي 202/3 - 203 حديث 5049، كنز العمّال 472/5 وغيرها. وراجع : العقد الفريد لابن عبد البر 341/1، وإعانة الطالبين للدمياطي 174/4، والمستطرف 291/2، وتاريخ الخلفاء للسيوطي : 136، وتاريخ المدينة 862/3-863.. وغيرها. أقول : قال الزمخشري في ربيع الأبرار 51/4 - 53: أنزل اللّه تعالى في الخمر ثلاث آيات.. أولها : ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ..) [سورة البقرة (2): 219] فكان المسلمون بين شارب وتارك إلى أن شرب رجل [كذا] ودخل في الصلاة فهجر، فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى..﴾ [سورة النساء (4) : 43] فشربها من شرب من المسلمين، حتّى شربها عمر، فأخذ لحي بعير فشجّ رأس عبد الرحمن بن عوف، ثمّ قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الأسود بن عبد يغوث...فبلغ ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم فخرج مغضباً يجرّ رداءه، فرفع شيئاً كان في يده ليضربه، فقال: أعوذ باللّه من غضب اللّه ورسو ورسوله.. فأنزل اللّه تعالى: ﴿إنّما يُريدُ الشَّيطان أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّه وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُم مُنْتَهُون﴾ [سورة المائدة (5) : 91] فقال عمر : انتهينا. وحكاه من الإمامية جمع ؛ كالشيخ (رَحمهُ اللّه) في المبسوط 58/8، وكذا في كتابه : التبيان 18/4، والأردبيلي (رَحمهُ اللّه) في زبدة البيان : 630، والقطب الراوندي (رَحمهُ اللّه) في فقه القرآن 277/2.. وغيرهم في غيرها.
وقد ذكره الثعلبي في تفسيره (1)، والواحدي في أسباب النزول (2).
وزعمتم أنّه قال : أرنا رأيك (3) في الخمر.. فنزلت الآية (4).
ص: 474
1- تفسير الثعلبي 143/2.
2- أسباب النزول : 138 - 139.
3- في نسختي الأصل : راك، والصحيح ما أثبتناه، كما جاء في تفسير السمرقندي 438/1، وفي أسباب النزول : اللّهمّ بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً..
4- وفي بعضها قولة عمر : اللّهمّ بيّن لنا في الخمر، فنزلت.. كما في مستدرك الحاكم 143/4، وصحيح الترمذي 2 / 176، وروح المعاني 15/7.. وغيرها، وفي بعضها : بين لنا بياناً شافياً، لاحظ ما سلف.
وروى الحسن بن زياد، والقاضي أبويوسف (1)، وأسد بن و (2)، عن أبي حنيفة، قال : حدّثنا أبو إسحاق (3)، عن عمرو بن
ص: 475
1- هو : يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الأنصاري الكوفي، العلّامة المحدث، قاضي القضاة في وقته، ولد سنة ثلاث عشر ومئة، وحدّث وحدّث عنه جمع كبير، وقد صحب أبا حنيفة سبع عشرة سنة، وكان يحفظ الحديث والتفسير والمغازي وأيام العرب، كما كان يعدّ فقيهاً عندهم، توفي يوم الخميس، خامس ربيع الأوّل سنة اثنتين وثمانين ومائة.. وقيل غير ذلك. راجع عنه : فهرست النديم : 203، میزان الاعتدال 397/4، النجوم الزاهرة 107/2، شذرات الذهب 1 / 298 - 301، وحكي عن أخبار القضاة 254/3، ومناقب أبي حنيفة 143/2.. وغيرهما وغيرها.
2- هو البجلي؛ أبو المنذر من أصحاب الرأي، وقد ضعفه النسائي في كتاب الضعفاء: 154 برقم 53. وقال: أسد بن عمرو صاحب أبي حنيفة، ليس بالقوي. وكذا ضعفه العقيلي في كتابه الضعفاء 23/1 - 24، وكذا ابن عدي في الكامل 398/1.. وغيرهما. إلا أنّه قد وثقه ابن شاهين في تاريخ أسماء الثقات : 44 برقم 105، وصرّح بأنّه كان على قضاء واسط، ويعدّ من خصّيصي أصحاب أبي حنيفة، ولا يروي إلّا عنه على الأغلب. راجع: تاريخ بغداد 18/7 برقم 3484، والطبقات لابن سعد 331/7، والتاريخ الكبير للبخاري 49/2، والجرح والتعديل للذهبي 337/2.. وغيرها. ولاحظ : الغدير 218/5، وما عليه من مصادر.
3- المراد منه : أبو إسحاق السبيعي ؛ وهو : عمرو بن عبد اللّه بن ذي يحمد، وقيل: عمرو ابن عبد اللّه بن علي الهمداني الكوفي الحافظ، شيخ الكوفة وعالمها ومحدّثها، يُعدّ من جُلّة التابعين، ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، ورأى مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو يخطب.. وروى عن جمع كثير من الصحابة، وكذا جمع كبير من كبار التابعين، قيل: له نحو ثلاثمائة شيخ، وقيل: أكثر. وحدّث عنه خلق كثير ؛ كالزهري، وقتادة، وابن سيرين، والأعمش.. وغيرهم. كما وقد وثقه جمع منهم، توفي في سنة سبع وعشرين ومئة، وعاش ثلاثاً وسبعين سنة. راجع عنه : ميزان الاعتدال 270/3، وتهذيب التهذيب /63/8، وشذرات الذهب 174/1، والجرح والتعديل 242/6 - 243، وسير أعلام النبلاء 392/5 - 401 برقم 180.. وغيرها.
میمون(1)، قال : سمعت عمر بن الخطّاب يقول : إن للمسلمين كلّ يوم جزوراً،
ص: 476
1- هو: ابن مهران، أبو عبد اللّه الجزري الفقيه، حدّث عن أبيه وجمع، وحدث عنه الثوري، وابن المبارك، وابن بشر.. وآخرون، كما وقد وثقه جمع، قيل: كان يعرف القرآن والنحو، مات بالرقة قبل سنة خمس وأربعين ومائة. راجع عنه : الجرح والتعديل 258/6، تهذيب التهذيب 108/8، تذكرة الحفاظ 1 / 60، عن سير أعلام النبلاء 346/6 - 347 برقم 148.. وغيره. أقول: يحتمل أن يكون هذا هو : أبو عبد اللّه الأودي المذحجي الكوفي، الصحابي المخضرم، الذي حدث عن مولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وابن مسعود.. وطائفة من الصحابة. وحدّث عنه آخرون، ومات سنة خمس وسبعين، وقيل: سنة ست، وقيل : سنة أربع وسبعين. لاحظ عنه : طبقات ابن سعد 117/6، وحلية الأولياء 148/4، وأُسد الغابة 134/4، والعبر 85/1، وشذرات الذهب 82/1.. وغيرها.
وإنّ لآل عمر منها العنق، وإنه لا يقطع لحوم هذه الإبل من بطوننا إلّا النبيذ الشديد (1).
ص: 477
1- جاء بنصه وبنفس الإسناد - مع اختلافات يسيرة - في كتاب الآثار للقاضي - أبي يوسف : 224 برقم 993، وروي عن عمر كما في تاريخ ابن أبي خثيمة (السفر الثالث) 159/3، والسنن الكبرى،299/8، وكنز العمّال 109/2.. وغيرهما - أنّه قال : إنا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الإبل في بطوننا أن تؤذينا، فمن رابه من شرابه شيء فليمزجه بالماء..!! والغريب ما أورده المارديني في الجوهر النقي 299/8 بهذا الإسناد - من دون نسبته - ثمّ ذكر ما روي عن عمر، وحكى عدة فجائع أخرى عنه. وراجع ما أورده ابن حزم في المحلى 486/7 - 487 بهذا الإسناد، وزاد في شرح معاني الآثار 218/4 أنّه قال الراوي : وشربت من نبيذه فكان أشد النبيذ. وفي جامع مسانيد أبي حنيفة 190/2 و 215، عن الغدير 257/6 قال: لا يقطع لحوم هذه الإبل في بطوننا إلّا النبيذ الشديد. وقال كما في كنز العمّال 109/3 - : إنّي رجل معجار البطن - أو مسعار البطن - وأشرب هذا النبيذ الشديد فيسهل بطني..! أقول: العجر - بالتحريك - الحجم والنتوء، يقال : رجل أعجر بين العَجَر.. أي عظيم البطن، وهميان أعجر.. أي ممتلي، والفحل الأعجر : الضخم.. وتعجّر بطنه.. أي تعكّن، قاله وغيره الجوهري في الصحاح 737/2.. وغيره. وعجر عجراً: ضخم بطنه، قاله في لسان العرب 542/4، أما : مسعار البطن ؛ فقد قال الجوهري في الصحاح 685/2: شعر الرجل فهو مسعور: إذا ضربته السموم.. وله معانٍ أخرى لا تتناسب مع البطن. ويقال - كما في لسان العرب 366/4 - سعر الرجل فهو مسعور : إذا اشتدّ جوعه وعطشه. وفي كتاب العين 329/1: سعر الرجل فهو مسعور : إذا ضربه السموم والعطش وله معان أُخرى. قال ابن الأثير في النهاية 275/1، ومنه حديث عمر : إنّي مجعار البطن.. أي يابس الطبيعة، ومثله في لسان العرب 140/4.
وفي المحاضرات (1): قال بعضهم : سقاني عمر بن الخطّاب نبيذاً شديداً، وقال : إنا نأكل لحوم هذه الإبل، ونشرب عليها النبيذ الشديد ليقطعها [ في بطوننا ].
عظيماً من النبيذ إلى عمر بن الخطّاب، فوضعه في يده، فقربه عمر إلى فيه. ثمّ قال : من صنع هذا ؟ قال عبد اللّه : نحن صنعناه، قال عمر : إنّ هذا الطيّب (2) فشرب منه، ثمّ ناوله رجلاً عن يمينه.. !
وروى الثعلبي في تفسيره (3)، عن أبي عبد اللّه الدينوري بإسناده...إلى سعيد بن المسيب، يقول: تلقت ثقيف عمر بن الخطّاب بشراب فدعا به، فلما قربه إلى فيه كرهه وكسره بالماء، وقال : هكذا فافعلوا به.(4).
ص: 478
1- المحاضرات 669/2.
2- في نسختي الأصل : الطيب، وما أثبتناه جاء في الطبعة المحقّقة.
3- تفسير الثعلبي 146/2.
4- حكى ابن حجر في تلخيص الحبير 305/1 عن أبي وائل - في حديث سفره مع عمر إلى الشام - قال...وفي شربه من إدواة الغلام نبيذاً صبّ عليه الماء ثلاث مرات.. وقال : إذا أرى بكم كذا، والظاهر : أرابكم ] شيء من شرابكم فافعلوا به هكذا، وفي بعض المصادر: فاكسروه بالماء..! راجع عنه : الطبقات الكبرى 97/6، المستدرك للحاكم 83/3، تاريخ مدينة دمشق 23 / 154...وغيرها. وكذا لاحظه في : المصنّف للصنعاني 226/9. راجع : الإيضاح للفضل بن شاذان (رَحمهُ اللّه) : 271 - 272.. وغيره.
وفيه(1)؛ بإسناده...إلى أبي رافع، أنّ عمر قال : إذا خشيتم من نبيذ شدّته فاكسروه بالماء (2).
ص: 479
1- المصادر السالف.
2- أخرجه النسائي في سننه 326/8 بنصه، وعدّ ذاك ممّا احتج به من أباح شرب المسكر.. وجاء في جامع مسانيد أبي حنيفة 2 / 192 قال : هكذا فاكسروه بالماء إذا غلبكم شيطانه.. وكان يحب الشراب الشديد.. ! وأورده مفصلاً السرخسي في المبسوط 11/24. ولاحظ ما ذكره اللعين ابن حزم في المحلى 483/7 - 485 من جعل حديث - وفي أكثر من واقعة - منسوباً إلى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ). ولاحظ : السنن الكبرى للبيهقي 306/8، وأيضاً السنن الكبرى للنسائي 23/7/3 - 238.. وغيرهما. وفي المصنّف لابن أبي شيبة 526/5 عن ابن عون، قال: أتى عمر قوماً من ثقيف قد حضر طعامهم، فقال : كلوا الثريد قبل اللحم ؛ فإنّه يسدّ مكان الخلل، وإذا اشتدّ نبيذكم فاكسروه بالماء.. وقارن بما ذكره العلامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في الغدير 258/6، وكذا مفصلاً فيه 97/7 - 102 مع سرد جملة مصادر - غير ما أوردناه - فراجعه، وعليك بالصحيح من السيرة 303/5 فقد أشبع البحث مصادراً وتحقيقاً.
وفي حلية أبي نعيم (1)، وأمالي أبي العلاء بن حمويه (2)، يرفعان إلى عمرو بن میمون (3).
وفي تاريخ الطبري (4).. يرفعه إلى المسور بن مخرمة (5).
وفي البخاري (6) أيضاً - واللفظ له - : أنّ عمر لما طعن (7) قال : يابن عباس ! انظر من قتلني ؟
ص: 480
1- حلية الأولياء 151/4، وما هنا نقل بالمعنى مع اختلاف في اللفظ، ولم ينقل عنه نصاً.
2- أمالي ابن حموية.. ولا نعرف رجلاً بهذا العنوان فضلاً عن كتابه، ولعلّه : ابن حمويه، أبو عبد اللّه محمّد بن حمويه ابن محمّد الجويني، صاحب كتاب أربعين حديثاً، كما جاء في الأعلام للزركلي 110/6.. وغيره.
3- وقد حكي وعنه في أكثر من مصدر ؛ كما في تاريخ بغداد 154/6 قال : شهدت عمر حين طعن أتي بنبيذ شديد فشربه.. وهذا يدلّ على شربه النبيذ الشديد إلى آخر عمره، ومنتهى نفسه لعنة اللّه عليه وعلى أُسه ورسه نفسه لعنة اللّه عليه وعلى أسه ورسه ونفسه.. ومثله ما قاله الجصاص، وما جاء في العقد الفريد غير ما نقل عن تاريخ بغداد، وقاله الجصاص في أحكام القرآن 565/2، وابن عبد ربه في العقد الفريد 416/3.. وغيرهما.
4- تاريخ الطبري 265/3، وقد بحثنا فيه أكثر من مرّة فلم نجد نص عبارته، وإن كان بمضمونه كلام هذا؛ ومن الواضح أنّ غالب منقول المصنّف طاب ثراه للنصوص والأخبار جاء عن حفظه لا بلفظه.
5- في نسختي الأصل : طحرمة.
6- كتاب البخاري 20/5 [ وفي طبعة 205/4] باختلاف واختصار كثير [كتاب المناقب حديث 3424].
7- في نسختي الأصل : أطعن.
[ فجال ساعة ثمّ جاء، فقال : ] غلام المغيرة...قال : قد كنت أنت وأبوك تحبّان أن تكثر العلوج بالمدينة..
قال : فحُمِل (1) إلى بيته...فأُتي بنبيذ فشربه، فخرج من جوفه، وأُتي بلبن فشربه، فخرج من جوفه، فعرف أنّه ميت..(2).
وفي رواية الطبري (3)، وأبي نعيم (4)، وأبي العلاء(5): أن الطبيب قال له:
ص: 481
1- في المصدر : فاحتمل.
2- ونص عليه الغزالي في إحياء علوم الدين 477/4.. وغيره. وانظر الواقعة مفصلةً بما ذكره الشوكاني في نيل الأوطار 158/6 - 162، وجاء في السنن الكبرى للبيهقي،47/8، والمصنّف لابن أبي شيبة 576/8، وم،، وصحيح ابن حبان 351/15، وتاريخ مدينة دمشق 416/44، وتاريخ المدينة 934/3، وكنز العمال 729/5، وأسد الغابة 75/4، والطبقات الكبرى لابن سعد 338/3.. وغيرها، وكذا في كتب اللغة ؛ كالنهاية في غريب الحديث 286/3، ولسان العرب 326/2.. وغيرهما.
3- تاريخ الطبري 192/4 - 193 [ طبعة الأعلمي - بيروت 265/3]، وفيه: شربه للنبيذ، والمراد من النبيذ الخمر قطعاً، لما ذكره الطبري نفسه في تاريخه 53/9.
4- حلية الأولياء 151/4.
5- الظاهر أنّ المراد منه : أبو العلاء الهمداني ؛ الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد الهمذاني العطار، شيخ همدان بلا مدافع حافظ محدّث، مقرئ، له يد في الأنساب والتاريخ والرجال والسير، وأوّل سماعه سنة خمس وتسعين وأربعمائة، ورحل إلى خراسان وغيرها للسماع، روى عنه جمع كثير وروى عن آخرين. وله جملة كتب ؛ أهمها: زاد المسافر، في خمسين مجلّداً. توفي أبو العلاء بهمدان في جمادي الأولى سنة تسع وستين وخمس مئة، وله نيف وثمانون سنة. انظر عنه : المنتظم 248/10، والعبر 206/4، وشذرات الذهب 131/4، وسير أعلام النبلاء 40/21 - 47 برقم 2.. وغيرها.
أي الشراب أحبّ إليك ؟ فقال : النبيذ، فشرب نبيذاً.. الخبر (1).
وقال زفر (2) لما شربوا وبكوا(3) على قتلى بدر (4): [ من الوافر ]
ص: 482
1- وفي الفائق للزمخشري 259/2 في حديث مقتل عمر، قال :.. فخرج النبيذ مشكلاً.. أى مختلطاً غير صريح. وذكر في الفائق - أيضاً - 177/2 : إنّ عمر شرب النبيذ في طريق الشام.. ثمّ قال : ولعله قبل الإسلام ! إلّا أنّ ابن منظور في لسان العرب 83/3 قال : وفي حديث عمر أنّه شرب النبيذ بعد ما برد.. أي سكن وفتر ! ولعلّ هذا أحد مسوغات شربه. هذا ؛ وقد ذكر شربه للنبيذ أو الشراب أو قرّبه إلى فيه !! والثعلبي في تفسير 18/2، وكذا ما جاء في المعرفة والتاريخ 366/1.. وغيره، وبنصه أورده البيهقي في السنن الكبرى 113/3.. وغيرها.
2- نسب هذه الأبيات الزمخشري في ربيع الأبرار 350/4 إلى ابن الزبعري.
3- في نسخة (ب) : لبكوا، وفي نسخة (ألف) : أنكوا.
4- أقول : ما وجدناه من نوح الخليفة على قتلى بدر، وأتى نوح قتلى بدر من المشركين - على حدّ تعبير ابن حجر في الإصابة 22/4 - وحديث أبي القموص الذي سلف في مثالب الأوّل وأخرجه الطبري في تفسيره 203/2 عن جمع، وباختلاف أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 51/5.. وغيرهم كثير، وأبيات رثاء الخليفة لقتلى بدر، هي:[ من الوافر ] تحتى بالسلامة أُم بكر*** وهل لك بعد رَهْطِكَ من سلام ذريني أصْطَبْح بكراً فإنّي*** رأيتُ الموت نقب عن هشام ووَدَّ بنو المغيرة لو فدوه*** بألف من رجال أو سوامِ كانّي بالطوي طوي بدر*** من الشيزى يُكلل بالسنام كأنّي بالطوي طوي بدرٍ*** من الفتيان والحلل الكرام نعم ؛ قد وجدت أخيراً في ربيع الأبرار 51/4 - 52 ذكر شرب عمر للخمر ونوحه على قتلى بدر... وقد صححنا هذه الأبيات من كتاب التمثيل والمحاضرة للثعالبي 64/1.
حَدِيدَةً صَيْقَلٍ وقَضِيبَ نَبْعِ*** ومن عَقِبِ(1) البَعِيرِ ورِيشِ نَسْرِ
خصالٌ قَطُّ ما اجْتَمَعَتْ بِخَيْرٍ*** وأنّي يَجْتَمِعْنَ بِغَيْرِ شَرِّ ؟!
[أُعَلَّلُ بِالمَجَاعَةِ فِي حَياتي*** وبعد المَوتِ مِن عَسَلٍ وخَمْرِ ] (2)
ص: 483
1- الكلمة غير منقوطة ومشوّشة، وكذا ما قبلها، وتقرأ في نسختي الأصل : عصب.
2- هذا البيت مزيد من ربيع الأبرار، وقد جاء في الشعر والشعراء 797/2، قبله قوله : [ من الوافر ] تُعَلَّلُ بالمُنى إذ أنتَ حَيٌّ*** وبَعدَ المَوتِ مِن لَبَنٍ وخَمرٍ وقد نسبه في محاضرات الأدباء 436/2 إلى ديك الجنّ، وجاء قبله : أأترك لذة الصَّهْبَاءِ عَمْداً*** لِما وَعَدوه مِن لَبَنٍ وخَمِرٍ انظر : نهاية الأرب 77/4.. وغيره.
حياةٌ ثمّ مَوْتُ ثمّ بَعْتُ*** حَديثُ خُرافَةٍ (1) يا أُمَّ عَمْرِو (2).
ص: 484
1- في نسخة (ألف): عرافة.
2- هذا ظاهراً، وفي نسختي الأصل : عمر - بدون واو -. سلف أن قلنا أنّ تصويب هذه الأبيات مأخوذ من التمثيل والمحاضرة للثعالبي 64/1. ونقول : لقد تعرّض شيخنا الأميني طاب رمسه في غديره 99/7 - 101 إلى البحث عن (نادي الخمر) الذي كان عام الفتح سنة ثمان من الهجرة بالمدينة المنورة في دار أبي طلحة زيد بن سهل، وكانت السقاية لأنس ! كما في كتاب البخاري 136/7 (كتاب التفسير في آية الخمر من سورة المائدة) حديث 5583، وكذا في کتاب مسلم 1571/3 (كتاب الأشربة، باب تحريم الخمر) حدیث 5 (1980)، وعدّد له عدة طرق السيوطي في الدرّ المنثور 321/2.. وغيره. وذكر منهم ابن حجر عشرة، كما في فتح الباري،30/10، منهم : أبو بكر ؛ وكان ابن ثمان وخمسين، وعمر؛ وكان ابن خمس وأربعين، وأبو عبيدة الجراح ؛ وكان ابن ثمان وأربعين، وأبي بن كعب، وأبو أيوب الأنصاري.. وغيرهم، وغالبهم من المبشرين بالجنّة !! وكان أنس ابن مالك - كما في سنن البيهقي - قائماً يسقيهم وهو أصغرهم - ولعلّ عمره ثماني عشرة سنة - ومنهم معاذ بن جبل.. راجع : مسند أحمد بن حنبل 181/3 و 227، تفسير الطبري 24/7، السنن الكبرى للبيهقي 286/8 و 290، تفسیر ابن کثیر 93/2 و 94.. وغيرها كثير. وأيضاً ؛ ما ذكره الخطيب في تاريخ بغداد 455/5 في سكر عبد الرحمن بن عمر. قال العلّامة الأميني (رَحمهُ اللّه) في غديره 257/6: وكان حدّة شرابه وشدته بحيث لو شرب غيره منه لسكر، وكان يقيم عليه الحدّ غير أنّ الخليفة كان لم يتأثر منه لاعتياده أو كان يكسره ويشربه ! قال الشعبي : شرب أعرابي من إداوة عمر فأغشي فحدّه [ فجلده ] عمر ! ثمّ قال : وإنما حدّه [ جلده ] للسكر لا للشرب، كما قاله ابن عبد ربه في العقد الفريد 416/3 [ وفي طبعة 369/6]. ومثله الزمخشري في ربيع الأبرار 63/4.. وغيرها. وفي لفظ الجصاص في أحكام القرآن 565/2 : إن أعرابياً شرب من شراب عمر فجلده عمر الحد، فقال الأعرابي : إنّما شربت من شرابك.. فدعا عمر شرابه فكسره بالماء، ثمّ شرب منه، وقال : من را به من شرابه شيء فليكسره بالماء... ثمّ قال الجصاص : ورواه إبراهيم النخعي عن عمر نحوه، وقال فيه : إنّه شرب منه بعدما ضرب الأعرابي. وعن ابن جريح كما جاء في كنز العمّال 517/5110/3 حدیث 13779].. وغيره - : إنّ رجلاً عبّ في شراب نبذ لعمر بن الخطّاب بطريق المدينة فسكر، فتركه عمر حتّى أفاق فحدّه، ثمّ أوجعه كذا ؛ وفي نسخة : أرجعه ] عمر بالماء فشرب منه. وراجع : الجوهر النقي للمارديني 306/8، والمصنّف للصنعاني 224/9.. وغيرهما. وقد أخرج القاضي أبو يوسف في كتابه الآثار : 226 من طريق أبي حنيفة، عن إبراهيم أبي عمران الكوفي التابعي، قال : إنّ عمر بن الخطّاب أخذ رجلاً سكراناً، فأراد أن يجعل له مخرجاً، فأبى إلّا ذهاب عقل.. ! فقال : احبسوه ؛ فإذا صحا فاضربوه.. ثمّ أخذ فضل إداوته فذاقه، فقال : أوه ! هذا عمل بالرجال العمل ؟ ! ثمّ صبّ فيه ماء فكسره، فشرب وسقى أصحابه، وقال : هكذا اصنعوا بشرابكم إذا غلبكم شيطانه.. !!
وفي ربيع الأبرار (1)؛ عن محمود الزمخشري : أنّ شنبويه (2) قال في بعض أسفاره لرباح بن المعترف العامري (3) غنّنى (4) : [من الطويل ]
أَتَعرِفُ رَسَمَاً كَالطَّرَادِ (5) المَذَاهِبِ*** لِعَمْرَةَ وَحشاً غَيرَ مَوقِفِ رَاكِبٍ (6)
ص: 486
1- ربيع الأبرار للزمخشري 551/2 - 552 [568/2] في باب الأصوات، باختلاف وسقط أشرنا له. قال ابن حمدون في التذكرة الحمدونية 15/9 برقم 14: يروى أن عمر بن الخطّاب...قال في بعض أسفاره لرباح بن المعترف، غنّ ؛ فغنّاه : [من الطويل ] أتعرف رسماً كاطرادِ المذاهب*** لِعَمْرَةَ قَفْراً غَيرَ مَوقِفِ راكِبِ انظر : الأغاني 8/3، والأنساب للسمعاني 2 /385، والكامل 682/1.
2- كذا؛ ولعلّها تقرأ : شنبوبة.
3- لا توجد كلمة (العامري) في المصدر.
4- الكلمة مشوشة في نسختي الأصل مع قلة إعجام، وما أثبتناه جاء في المصدر.
5- لا توجد جملة : رسماً كالطراد في نسخة (ألف).
6- البيت كلاً مشوش في نسختي الأصل لفظاً ومعنياً. ولا يوجد هذا البيت في الطبعة المحقّقة من ربيع الأبرار، وهو محذوف قطعاً حيث فيه : غنّني.. وبعده : فغنّاه فأصغى إليه، فقال : أجدت بارك اللّه عليك.. إلى آخره. وقد ذكر هذا البيت السمعاني في الأنساب 385/2، وكذا ابن شبة في تاريخ المدينة 290/1، والمسعودي في التنبيه والإشراف: 177.. وغيرهم في غيرها. وفي أمالي السيّد المرتضى 10/2 مثل قول قيس بن الحطيم : [ من الطويل ] أتعرف رسماً كالطراز المذهب*** لعمرة وحشاً غير موقف راكب ديار التي كادت ونحن على منى*** تحلّ بنا لولا نجاء الركائب ثم ذكر معنى الأبيات، ولكن هذا البيت الأخير مطلع قصيدة أورده البغدادي خزانة الأدب.
فأصغى إليه فقال : أجدت بارك اللّه عليك.. ووصله(1).
وقد رواه المدائني (2) أيضاً.
وقال الكلبي، والمدائني، والواقدي، والزمخشري (3) : لما انصرف فلان إلى منزله، سمع عبد الرحمن [ بن ] عوف عنه يترنّم هذا البيت: [ من الطويل ]
ص: 487
1- لا توجد كلمة : ووصله.. في ربيع الأبرار، ونقل تتمة بعده لازمها أنّه وصله، وفي آخره قولة عمر : خدعني.
2- لم نعثر على رواية المدائني لهذه الحكاية.
3- ربيع الأبرار 568/2 [129/3] وفيه : أتيت باب عمر فسمعته يتغنّى بالركبانية.. وليس فيه ما في ذيله، ورواه في المستطرف : 394.. وغيره.
فَكَيْفَ ثَوائى (1) بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ ما*** قَضَى وَطَراً مِنْها جَمِيلُ بنُ مَعْمَرٍ
قال : فدخلت عليه، وقلت له : كذا سمعتك، فقال : يابن عوف ! إنا إذا خلونا تكلّمنا بكذا..!
وفي رواية...قلنا ما يقول الناس في بيوتهم (2).
وروي عنه (3) : الغناء زاد الراكب (4).
ص: 488
1- في نسخة (ألف): ثوابي.
2- أو قوله : إنّا إذا خلونا قلنا كما يقول الناس.. كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 333/6، ومثله في ربيع الأبرار. ولاحظ : أسد الغابة 296/1، والإصابة 605/1، وكنز العمّال 228/15.. : وفي المقتطف من أزاهر الطرف للأندلسي : 188 : قال : عمر...؛ قال عبد الرحمن بن عوف أتيت منزله فسمعته ينشد بالركبانية.. وكيف...فلمّا استأذنت عليه قال لي: سمعت ما قالت [كذا ] ؟ ! قلت: نعم، قال: إنّا إذا خلونا قلنا ما يقول الناس في بيوتهم، وكلّ امرىء في بيته صبي.
3- وحكاه الشيخ (رَحمهُ اللّه) في المبسوط 223/8، وجاء في المغني لابن قدامة 42/12، والشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامة،51/12، والمصنّف لابن أبي شيبة 337/4، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 73/12.. وغيرها.
4- وجاء في الفائق للزمخشري 17/3 أنّ عمر كان في سفر فرفع عقيرته بالغناء فاجتمع الناس.. إلى آخره. وفي المصدر (عمرو)، والظاهر أنّ المراد به : ابن العاص لعنه اللّه. انظر: النهاية لابن الأثير 293/4، ولسان العرب 485/10.. وغيرهما. وروى المبرد والبيهقي في المعرفة - كما في نيل الأوطار 272/8 - عن عمر أنّه إذا كان داخلاً في بيته ترنّم بالبيت والبيتين.
وقد روى القتيبي (1) في أدب الكتّاب (2): عن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من سمع (3) إلى قينة (4) صبّ في أُذنيه الآنك (5) يوم القيامة»(6).
ص: 489
1- في الصراط المستقيم 159/1: العبدي في آداب الكتاب.
2- أدب الكتاب : 200.
3- في المصدر : من استمع.
4- في نسختي الأصل: قينته، والصحيح ما أثبتناه من المصدر. قال المامقاني في كتاب علم النسب 176/1 : القينة : هي الأمة الوضيئة البيضاء، سواء كانت مغنية أم لا، والجمع: قينات، وقيان.
5- وهو لغة : الأسرب، وهو الرصاص القلعي، وقيل غير ذلك، كما في لسان العرب 394/10، ومثله في كتاب العين 412/5، وفي مجمع البحرين 265/5: الرصاص.
6- وروى ابن قتيبة في عيون الأخبار 322/1 بإسناده...عن أسلم، قال : مر بي عمر - وأنا وعاصم بن عمر نتغنّى غناء النصب [ نوع من الغناء ] - فقال : أعيدا.. فأعدنا، فقال : مثلكما مثل حماري العبادي ! قيل له : أي حماريك أشر ؟ قال : هذا.. ثمّ هذا ! راجع : سنن البيهقي 224/10، والاستيعاب 186/1.. وغيرهما. وذكر الزبير بن بكار : أنّ عمر مر به ورباح يغنّيهم غناء الركبان. فقال : ما هذا ؟ قال عبد الرحمن غير ما بأس، يقصر عنّا السفر. فقال : إذا كنتم فاعلين فعليكم بشعر ضرار بن الخطّاب، كما جاء في الإصابة 502/1، وقريب منه في الإصابة 209/2. ومثله في سنن البيهقي 224/10، والاستيعاب 1 / 170، والإصابة 457/1، وكنز العمّال 335/7.. وغيرها في حديث خوات بن جبير الصحابي المغنيّ !! - الذي غنّى بإذن عمر كما في كنز العمّال 336/7 - في غنائه للقوم عند خروجهم مع عمر إلى الحج ! ! حيث غنّاهم بشعر ضرار بن الخطّاب. فقال عمر : دعوا أبا عبد اللّه ! - فليغنّ من بنيات فؤاده. قال : فمازلت أُغنّيهم حتّى كان السحر. فقال عمر : ارفع لسانك يا خوات فقد أسحرنا !! وزاد في تاريخ ابن عساكر 163/7 - كما أفاد الجميع في الغدير 78/8 - 79 - : فقال أبو عبيدة : هلم إلى رجل أرجو أن لا يكون شراً من عمر.. قال : فتنحّيت أنا وأبو عبيدة فما زلنا كذلك حتّى صلينا الفجر ! أقول : حكى الشوكاني في نيل الأوطار 266/8 وغيره: أنّه روي الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين ومنهم عمر، وكذا : عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وعبد اللّه بن عمر.. ولا يخفى أنّ أغلب هؤلاء قد بشروا بالجنّة !! وقد عدّه العيني في عمدة القاري في شرح كتاب البخاري 160/5 نقلاً عن جمع : أنّه ممّن ذهب إلى إباحة الغناء مثل عثمان وجمع، بل صدر منهم جميعاً - كما سنوافيك به قريباً - وعملوا به، واختصرنا ما وجدناه قد روي عنهم في المقام. ولاحظ : الجامع الصغير للسيوطي 569/2 حديث 8428، وشرحه الفيض القدير للمناوي 78/6، وكنز العمّال للهندي 662/3 حديث 8398، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 263/51، وكذا في لسان الميزان 348/5، في ترجمة : محمّد ابن عبد الرحمن.. (فيمن أهل بحج وعمرة)، والنهاية لابن الأثير 78/1.. وغيرها. وقريب منه في الفائق في غريب الحديث للزمخشري 54/1.
مجاهد؛ في قوله تعالى :
(وإذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَسْتَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) (1).
قالت عائشة : كنت آكل مع النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حَيْساً (2) في قَعْب (3)، فمرّ بنا عمر، فدعاه فأكل فأصاب إصبعه إصبعي، فقال : حِسّ (4) ! لو أطاع فيكن
ص: 491
1- سورة الأحزاب (33) : 53.
2- الكلمة مشوّشة، وقد تقرأ : حبساً.. وهي غير معجمة، والصحيح : حيساً، كما في تفسیر مجمع البيان 177/8، وزبدة التفاسير للكاشاني 396/5. وفي شرح النهج : حيساً قبل أن تنزل آية الحجاب. في كتاب العين 273/3: الحيس : خلط الأقط بالتمر يعجن كالخميرة. والحيس : الخلط، ومنه سمّي الحيس، وهو تمر يخلط بسمنٍ وأقط، قاله الجوهري في الصحاح / 920 - 921، وكذا ابن منظور في لسان العرب 61/6، وقال: وحيسه : خلطه واتخذه، وأيضاً منه : الحسيس الذي جاء في الحديث، كما في مجمع البحرين 64/4، أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) حين تزوّج ميمونة أطعم الناس الحسيس.
3- تقرأ الكلمة في نسختي الأصل : تعب، والصحيح ما أثبتناه من المصادر، ويراد منه : القدح الضخم الغليظ.
4- حسِّ - بكسر الحاء وتشديد السين المهملتين - : كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه ما أمضه وأحرقه غفلة، كما جاء في سبل الهدى والرشاد 272/4.
ما رأتكن عين.. فكره النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)، فنزلت آية (1) الحجاب (2).
البخاري(3): عن عروة، عن عائشة : أنّ أزواج النبيّ [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] كنّ يخرجن بالليل [إذا تبرّزن ] إلى المَنَاصِع (4) - وهو صعيد أفيح (5) - وكان عمر يقول للنبيّ : احجب نساءك (6)...فلم يكن رسول اللّه [ ] يفعل، فخرجت سودة بنت
ص: 492
1- سقطت كلمة (آية) من نسخة (ألف).
2- وقريب منه في شرح النهج لابن أبي الحديد 58/12، والرياض النضرة 291/2. ولاحظ : مجمع،93/7 الزوائد 93/7، وفتح الباري لابن حجر 408/8، والأدب المفرد للبخاري : 225 - 226 برقم 1085، والسنن الكبرى للنسائي 435/6 حديث 11419، والمعجم الصغير للطبراني 1 / 83 - 84، والمعجم الأوسط له 212/3. وكذا جاء في كتب التفسير ؛ كتفسير ابن كثير 513/3، والدر المنثور 83/5 و 213، وتفسير الجلالين : 652.. وغيرها، هذا عدا كتب الخاصّة ومجاميعها.
3- كتاب البخاري 49/1 [ كتاب الوضوء حديث 143، و 46/1]، وقريب منه فيه /66 (باب 10) [129/7] آية الحجاب [كتاب الاستئذان حديث 5771].
4- بفتح الميم، وبالصاد المهملة المكسورة هي المواضع التي يتخلّى فيها لقضاء الحاجة، واحدها منصع ؛ لا ؛ لأنه يبرز إليها ويظهر. راجع : لسان العرب لابن منظور 356/8، والفائق للزمخشري 302/3.. وغيرهما. وقيل : هي المجالس عن ابن السكيت.
5- أي أرض متسعة، والأفيح - بالفاء - المكان الواسع.. كما في لسان العرب 551/2، وله عدة معاني متقاربة.
6- لاحظ : عين العبرة للسيد ابن طاوس (رَحمهُ اللّه): 21.
زمعة (1) - زوج النبيّ [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] ليلة من الليالي عشاء، فكانت امرأة طويلة، فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة...[حرصاً على أن ينزل الحجاب] ! فأنزل اللّه آية الحجاب (2).
ورويتم : أن آية الاستئذان نزلت فيه.
وقد رواه الواحدي في أسباب نزول القرآن (3)، وذلك أن النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنفذ إليه
ص: 493
1- في نسخة (ألف) : رضع، وفي نسخة (ب): رصع، والصحيح ما أثبتناه.
2- ومثله في كتاب مسلم 7/7، وقريب منه في مسند أحمد بن حنبل 223/6، والسنن الكبرى للبيهقي،88/7، وشرح معاني الآثار لأحمد بن محمّد بن سلمة 333/4، وجامع البيان للطبري 49/22، وتفسير ابن كثير 512/3، والدر المنثور 214/5 و 221، وفتح القدير للشوكاني 4/ 299 وصفحة : 307، والطبقات الكبرى 175/8. وقال في معاني القرآن للنحاس 377/5 حدیث 75: قال أبو مالك والحسن : كان النساء يخرجن بالليل في حاجاتهنّ فيؤذيهنّ المنافقون ويتوهمون أنهن إماء ! وفي أسباب نزول الآيات للواحدي : 245 مثله، وفيه : وكان المنافقون يتعرّضون لهنّ ويؤذونهنّ.. ولاحظ : تفسير الجلالين : 560.. وغيره. وكأن القوم أرادوا بجعل هذا الحديث إثبات منقبة ظاهرة لعمر ولو على تنقيص لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) والرسالة..
3- أسباب النزول : 241 - 242. انظر : تفسير السمرقندي 522/2، تفسير الماوردي 120/4، تفسير الرازي 28/24، تفسير القرطبي 304/12.. وغيرها، وكذا جاء في أسد الغابة 341/4، الإصابة 50/6، تاريخ الخلفاء : 124.. وغيرها.
للحضور، فكان نائماً (1) كاشفاً عورته، فقال الرجل : اللّهمّ أيقظه.. وورد النهي عن مثل ذلك.
وفي ربيع الأبرار (2)، وقوت القلوب (3)، ومجموع الكاشي (4): أنّه واكل(5) الجارود بن زمعة، فقال : يا جارية ! هاتي الدستور (6).
ص: 494
1- في نسختي الأصل : قائماً.
2- ربيع الأبرار 2 /735 [251/3].
3- لم نعثر على هذا الخبر في قوت القلوب للمكي، ولعلّه كتاب آخر بهذا الاسم، أو حرّفته الأيدي الأثيمة أو حذفته منه ؛ صيانة لحرمة الخليفة.
4- كذا في نسختي الأصل، ولم نعثر على هذا الكتاب، ولا نعرف عنه شيئاً، ولعلّها تقرأ بنحو آخر.
5- كذا : وفي المصادر : أكل الجارود مع عمر.
6- الكلمة مشوّشة في نسخة (ب)، وبياض في نسخة (ألف) وبعدها : سنودر، تقرأ ما أُثبت، وفي ربيع الأبرار الدستوذر، ويراد منه ما إذا طلي موضع الجرب من مساعر البعير بالهناء. وقيل: دس فهو مدسوس ودسّ البعير إذا طلي بالهناء طلياً خفيفاً.. كما قاله في لسان العرب 83/6. ورد الخبر في عيون الأخبار 214/3، وفيه : هات الدستورد. وفي هامشه : أنّ الدستورد : ثوب أحمر يضرب إلى صفرة حسنة، وهو مركب من (دست) بمعنى ثوب، و (ورد) بمعنى أحمر ضارب إلى الصفرة. وفي كنز العمّال 632/12 : هلمي الدستار يعني المنديل. والدوسر : الجمل الضخم والأنثى: دوسرة...وجمل دوسري؛ كأنّه منسوب إليه، ودوسراني أيضاً، قاله الجوهري في الصحاح 657/2، هذا أيضاً لا ربط له. أقول : الظاهر أنّ كلمة : الدستور - وهي بالضم - النسخة المعمولة للجماعات التي منها تحريرها، ويجمع : دساتر، قاله في القاموس المحيط 29/2. وحكاه الشيخ الطريحي (رَحمهُ اللّه) في مجمع البحرين 302/3.
فقال عمر : امسح (1) باشتك أو ذر (2).
أبو عبيد في غريب الحديث (3): أنّه خرج من الخلاء فدعا بطعام، فقيل له : ألا تتوضّأ (4) ؟! فقال : لولا التَّنَطُّس (5) ما باليت ألا أغسل يديّ.
التَّنَطُّس : هو التقذّر (6).
ص: 495
1- في نسخة (ألف) : امتتع، بدون إعجام.
2- ولعلّ من هذا الباب ما رواه أبو نعيم في حلية الأولياء 354/4 عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال : رأيت عمر بن الخطّاب بال، ثمّ مسح ذكره بالتراب ! ثمّ التفت إلينا، وقال : هكذا علّمنا
3- غريب الحديث 233/3 - 234، وذكر مثله في الفائق 104/3، وكذا عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج 124/12، وجاء في مختار الصحاح : 340 - أيضاً -.
4- في نسختي الأصل : يتوضأ، وفي المصدر : توضأ.
5- في نسختي الأصل : الشطن.
6- وعن الأصمعي : أنّه المبالغة في الطهور، وكلّ من أدق النظر في الأمور واستقصى عليها فهو : مُتَنطّس، ومنه قيل للمتطبب : النطاسي والنطيس؛ وذلك لدقة نظره في الطبّ.. قاله أبو عبيد في غريب الحديث 234/3.. وغيره. وقال الزمخشري في الفائق 104/3: التنفّس ؛ هو التأنق في الطهارة والتقدّر. وراجع : النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 74/5.. وغيره.
ابن عباس؛ عن قيس بن صرمة (1) - أو أبو قيس بن صرمة - : قال للنبيّ (عليه و آله السلام) : عملت في النخل نهاري [أجمع ] حتّى أمسيت [فأتيت أهلي لتطعمني، فأبطأت فنمت ] فأيقظوني (2) وقد حرم الأكل، وقد [أمسيت وقد ] جهدني الصوم.
فقال الثاني: يا رسول اللّه ! أعتذر إليك من مثله، رجعت إلى أهلي بعد ما صلّيت (3) العشاء، فأتيت امرأتي، وكان ذلك حراماً فنزل : (عَلِمَ اللّه أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ) (4).
ص: 496
1- اختلفت العامّة في اسم هذا الرجل مع تسالمهم على أنّه من الأنصار ؛ فقيل : هو قیس بن صرمة، وقيل : أبو صرمة، وقيل : صرمة بن إياس، وقيل : أبو قيس بن صرمة.. وعليه فيكون هو والذي يليه واحداً. انظر : تفسير مجمع البيان للطبرسي (رَحمهُ اللّه) 21/2 - 22، تفسير الصافي للفيض (رَحمهُ اللّه) 226/1.. وغيرهما من التفاسير منّا.
2- قد تقرأ في نسخة (ألف) : فليقصلوني، وما أوردناه جاء على نسخة (ب) تصحيحاً، وهو الذي جاء في المصادر.
3- كذا في حاشية نسخة (ب)، وفي نسختي الأصل : مليت، وقد تقرأ في (ألف) : قليت.
4- سورة البقرة (2) : 187. والخبر روي من طريق ابن عباس في معرفة الصحابة لأبي نعيم 1524/3، وكذا في أسد الغابة لابن الأثير 17/3 [ طبعة دار الكتب العلمية ]، وجاء أيضاً بألفاظ مقاربة التفسير الكبير للرازي 89/5، واللباب في علوم الكتاب 304/3.. وغيرهما.
وفي تفسير الثعلبي(1)، والواحدي (2)، وجامع الترمذي(3)، وأسباب النزول(4) عن الواحدي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس.. وروى نافع، عن ابن عمر : أنّ فلاناً أتى النبي، فقال : هلكت وأهلكت يا رسول اللّه ! فقال: «ما الذي أهلكك ؟!» قال: حوّلت رحلى البارحة (5)، فنزل: ﴿نِسَاءكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ..) (6).
ص: 497
1- تفسير الثعلبي 161/2، وحكاه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط 279/3 عن الثعلبي. وقد جاء في تفسير الثعالبي 172/1 باختلاف وسقط والإسناد فيهما واحد. وقريب منه في تفسير الطبري 96/2[540/2]، وتفسير ابن كثير 268/1، وتفسير القرطبي 92/3.. وغيرها.
2- راجع : التفسير البسيط 180/4.
3- سنن الترمذي 284/4 حديث 4064 [ وفي طبعة 216/5 حديث 2980].
4- أسباب النزول : 79 [ وفي طبعة : 48].
5- في أسباب النزول وبعض المصادر السابقة : الليلة.
6- سورة البقرة (2) : 223. ورواه الشوكاني - بألفاظ مقاربة - في نيل الأوطار 356/6، وشرح ألفاظه المباركفوري في تحفة الأحوذي 258/8. و راجع : السنن الكبرى للنسائي 314/5 حديث 8977، و 302/6 حدیث 11040، وفتح الباري 142/8، ومسند أبي يعلى 121/5 حديث 2736، وصحيح ابن حبان،516/9، والمعجم الكبير للطبراني،9/12، وزاد المسير لابن الجوزي 225/1، وشرح مسند أبي حنيفة للقاري : 552.. وغيرها. وله أكثر من واقعة ووقعة، وفضيحة وفجيعة، وهو الذي له كلمة قيمة ! في النكاح سلفت، ومن جرّاء تلك النزعة الجاهلية التي كانت قد بقيت فيه قحم في مآثم سجّلها له التاريخ، حيث جاء عنه أنّه أتى جارية له، فقالت : إنّي حائض ! فوقع بها فوجدها حائضاً ! فأتى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)فذكر له ذلك، فقال : «يغفر اللّه لك يا أبا حفص ! تصدق بنصف دينار». وأخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى 265/8، عن عليّ بن زيد، أن عاتكة بنت زيد كانت تحت عبد اللّه بن أبي بكر، فمات عنها واشترط عليها ألّا تزوّج بعده، فتبتلت وجعلت لا تتزوّج، وجعل الرجال يخطبونها، وجعلت تأبى، فقال عمر لوليها : اذكرني لها.. فذكره لها فأبت عمر أيضاً، فقال عمر : زوّجنيها !.. فزوجه إياها، فأتاها عمر فدخل عليها فعاركها حتّى غلبها على نفسها فنكحها، فلما فرغ قال : أف أُف أُف.. أفف بها، ثمّ خرج من عندها وتركها لا يأتيها، فأرسلت إليه مولاة لها أن تعال فإني سأتهيأ لك..! وراجع الطبقات لابن سعد 112/3.. وغيره.
وقد رواه أنس (1)؛ بل أجمع المفسرون (2) على ذلك؛ فكان عاصياً لأمر اللّه وأمر رسوله [ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)] إلى أن أتى الإباحة، فكان من حقه أن يفعل مثل ما فعل
ص: 498
1- لقد عاد المصنّف للكلام عن إتيان الثاني امرأته في ليل شهر رمضان حينما كان محرماً.
2- كما في تفسير جامع البيان للطبري،540/2، فتح القدير للشوكاني 228/1، تفسير ابن كثير 1 / 268، وهامش تفسير الجلالين : 119، وكذا في هامش تهذيب الكمال 337/1.. وغيرها.
قيس بن صرمة، وكان قد كلّ وأعيي وبات طاوياً (1)، وأصبح صائماً مجهوداً (2)، فلم ينتصف النهار حتّى غشي عليه (3)، فاغتم (4) لذلك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) فنزل :
﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ..) (5).
ص: 499
1- في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : طلوبا، وهي محرفة عن المثبت.
2- في النسختين : محنوداً، وهي محرفة عن المثبت.
3- في نسختي الأصل : علته.. وهي ناقصة تحتاج إلى متعلق بها.
4- في نسخة (ب) : فاغتنم.
5- سورة البقرة (2): 187. أقول : الحديث - كما في سنن أبي داود السجستاني 519/1 حديث 2314 - مسنداً عن البراء، قال : كان الرجل إذا صام فنام لم يأكل إلى مثلها، وإنّ صرمة بن قيس الأنصاري أتى امرأته - وكان صائماً - فقال : عندك شيء؟ قالت: لا، لعليّ أذهب فأطلب لك شيئاً.. فذهبت وغلبته عينه، فجاءت فقالت: جنبة [ وفي بعض المصادر: خيبة، وفي أخرى : جنتة، ولكلّ معنى مقارب ] لك..! فلم ينتصف النهار حتّى غشي عليه، وكان يعمل يومه في أرضه، فذكر ذلك للنبيّ صلى اللّه عليه [ وآله ] وسلّم، فنزلت.. إلى آخره. وعنه في نواسخ القرآن لابن الجوزي: 63، وجاء قريب منه في السنن الكبرى للبيهقي 201/4، وعنه في فتح الباري 112/4، وعون المعبود 306/6، وجامع البيان للطبري 224/2.. وغيرها.
أنس بن مالك (1) : رأيت زفراً أكل صاعاً من تمر بحشفه (2)..!
وقال النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «المؤمن يأكل في معاء واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء» (3).
وسأل الثاني ابنه عبد اللّه عن عدد النكاح ليلة الزفاف، فقال : ثلاثون مرّة ! فقال الثاني : أنت على نصف شرّ أبيك.. ! ! (4).. !!
وقال النبيّ (عليه و آله السلام): «أكثر ما يدخل النار الأجوفان،
ص: 500
1- كما جاء قريباً ممّا هنا في ربيع الأبرار 737/2 بإسناده:.. عن أنس بن مالك، وفي عيون الأخبار 247/3 بنفس الطريق قال : رأيت عمر يلقى إليه الصاع من التمر فيأكله حتّى حشفه.. وقد أسنده في الطبقات الكبرى 318/3. ولاحظ : أنساب الأشراف 398/10.
2- الحشف من التمر : ما لم يُنْوِ، فإذا يبس صَلُبَ وفسد لا طعم له ولا لحاء ولا حلاوة، قاله في لسان العرب 47/9، وقيل : هو أردأُ التمر.
3- كما رواه شيخنا العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 204/84 بلفظ (روي)، نقلاً عن الشيخ الصدوق (رَحمهُ اللّه) في الخصال: 351. و راجع : مجمع الزوائد 31/5، ومسند أبي يعلى 9/10.. وغيرهما.
4- وله كلمة تعرب عن قوة شهوته وعدم مبالاته أخرجها ابن سعد في الطبقات الكبرى 208/3، وأوردها المتقي الهندي في كنز العمّال 297/8 عن عبد الرزاق.. وغيرهما - قال محمّد بن سيرين : قال عمر بن الخطّاب : ما بقي في شيء من أمر الجاهلية إلّا أنّي لست أبالي أي الناس نكحت ؟ ! وأيهم أنكحت ؟ !
البطن والفرج» (1).
وروي : أنّه لما جاء محمّد بن أبي بكر عن أبيه إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليستحلّ منه، سأله (2) : من كان عنده ؟
ص: 501
1- وقريب منه في الكافي الشريف 79/2 عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : «أكثر ما تلج به أُمتي النار الأجوفان: البطن والفرج»، وفي ذلك الباب روايات كثيرة، وعنه في الوسائل والمستدرك وبحار الأنوار.. وغيرها. وقريب منه في صحيفة الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : 12. ولاحظ : عيون أخبار الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) 38/2. وقريب منه متناً في مكارم الأخلاق.173 وفي الخصال 1 / 78 [ 1 / 39 (باب الاثنين) حديث 126] بسنده عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قال : «إن أول ما يدخل به النار من أُمتي الأجوفان» قالوا: يا رسول اللّه ! وما الأجوفان ؟ قال : «الفرج، والفم.. وأكثر ما يدخل به الجنة تقوى اللّه، وحسن الخلق». وعن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - كما في مشكاة الأنوار : 122 - قال : «أُوصيك بحفظ ما بين رجليك وما بين لحييك»، والحديث جاء عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) جواباً للأعرابي، لاحظ كتاب الزهد : 8. وراجع : مسند زيد بن عليّ : 475، روضة الواعظين : 457، مسند أحمد بن حنبل 442/2، سنن ابن ماجة 2 /1418.. و غيرها. وروى ابن حبان في صحيحه 224/2 حديث 476 عن أبي هريرة: سئل النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): ما أكثر ما يدخل الناس الجنّة ؟ قال : «تقوى اللّه، وحسن الخلق»، قيل : فما أكثر ما يدخل الناس النار ؟ قال : «الأجوفان ؛ الفم والفرج».
2- في نسختي الأصل: ماله، وأثبتنا ما استظهرناه، ولعلّها تقرأ في نسخة (ب) هكذا.
قال : كان شيعته (1)، فقال : امض إليه.. فنبهه أنّه مقتول.
وقد ذكر ذلك الحميري (2) في قوله : [من الوافر ]
فَغَارَ (3) بِه غَوِيٌّ مِن قُرَيشِ*** فَمَاتَ بِمِيتَةِ المُتَخَنِّقِينا
وذلك أنّه وضع المخدّة على فيه وجلس عليه حتّى مات (4).
الشعبي؛ أنّه ادعى أُبي بن كعب عليه أنّه غصب نخلة، ولم تكن له بينة، فقال زيد بن ثابت : أعْفِ فلاناً عن اليمين.. فحلف الثاني : واللّه الذي لا إله إلّا هو إنّ النخل نخلي وما لأُبيّ فيه حق.. فحلف على نخلة...(5)
وفي مراح الروح(6)..
ص: 502
1- كذا؛ وهو كناية عن محمّد بن أبي بكر ؛ لأنّه من شيعة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، أو عن عمر، والظاهر : سأله : من كان عنده ؟ قال : كان شيعته.. أي عمر.
2- لم نعثر على البيت في ديوان السيّد الحميري المطبوع، وجاء على وزانها في ديوانه : 200.
3- كذا ؛ والظاهر : فخان.
4- إشارة إلى ما روي عن بعض من كون قاتل أبي بكر هو عمر بهذه الكيفية.. ولا نعلم - بعد أن كانت المخدة على فمه - من أين خرجت روحه !
5- رواه ابن قدامة في المغني،167/11، وفي الشرح الكبير له 190/11.
6- اسم الكتاب مشوش في نسختي الأصل، أثبتنا ما استظهرناه، وقد يقرأ في نسخة (ألف) : مراح التروّح، وفي نسخة (ب) : مراح الدوح، وعلى كل ؛ لا نعرف من هذا الكتاب ومؤلفه شيئاً.
.. وتاريخ الطبري (1)، قال الواقدي (2): [إنّ] أبا شحمة عبد الرحمن بن فلان حدّه أبوه في الخمر حتّى مات(3).
وإنّ عبيد اللّه شرب بمصر، فحدّه هناك عمرو بن العاص سراً، فلما قدم على أبيه جلده حداً آخَرَ (4).
ص: 503
1- تاريخ الطبري، ولم أجد نص هذه العبارة هناك، نعم يستظهر بعض ما ذكر هنا من التاريخ 597/3.. وغيرها.
2- لم نعثر على الخبر في كتب الواقدي المطبوعة، فراجع.
3- ذكر الخطيب في تاريخ بغداد 455/5 - 456 جلد عمر لولده عبد الرحمن حتّى قتله !! وأورد الإصفهاني في حلية الأولياء 247/1 - 249 عدّة نصوص قد اعترف فيها الثاني بقتله لولده. وفي المنمق : 496 قال : وحدّ عمر أيضاً ابنه أبا شحمة ابن عمر، وكان زني بربيبة لعمر فضربه حداً.. وحدّ عمر أيضاً ابنه عبيد اللّه المقتول بصفين في الخمر.. وقد قال ابن قتيبة في المعارف : 80 [ الطبعة المحقّقة : 188]: وأما أبو شحمة بن عمر بن الخطّاب ؛ فضربه عمر الحدّ في الشراب ؛ فمات ولا عقب له. هذا المحدود في الزنا، أما المحدود بسبب الخمر فهو ولده عبيد اللّه.
4- هذه الواقعة نسبت إلى عبد الرحمن بن عمر في قصة طويلة جداً، ذكرها البيهقي في السنن الكبرى 312/8، وابن عبد ربه في العقد الفريد 470/3، وابن الجوزي في سيرة عمر : 170 [ وفي طبعة : 207]، والمحب الطبري في الرياض النضرة 32/2، والقسطلاني في إرشاد الساري 439/9، وابن عبد البر في الاستيعاب 394/2، وابن حجر في الإصابة 72/3، والطبري في تاريخه 150/4، وابن الأثير في الكامل 207/2، وابن كثير في تاريخه 48/7.. وغيرهم كثير، وقد مرّ بعضهم. وقد جاء في آخرها...فجعل عبد الرحمن يصيح : أنا مريض وأنت قاتلي.. فضربه الحدّ ثانية وحبسه، ثمّ مرض فمات.. فعليه وعلى أبيه وجده وأخيه ومن تبعه لعائن أهل السماء والأرض إلى يوم وم القيامة. ولا نقاش لنا مع هذه الواقعة بعد ما أشبعها شيخنا الأميني (قدّس سِرُّه) بحثاً ودراسة وتحقيقاً، ونحن عياله ونجمع من فتات سفرته، ورذاذ غديره. راجع : الغدير 316/6 - 319، وما عليه من مصادر.
وإن عاصماً (1) حدّه بعض ولاة المدينة في الشراب.. (2).
ص: 504
1- هو: عاصم بن عمر بن الخطّاب، أبو عمرو القرشي العدوي، ولد في أيام الرسالة، وحدّث عن أبيه، وهو جد عمر بن عبد العزيز لأمه، مات سنة سبعين، قالوا عنه إنّه : فقیه ! شريف ! وله شعر وبلاغة، حدّث عنه ولداه وعروة بن الزبير، قيل: لم يرو عنه سوى حديث واحد ! راجع عنه : أسد الغابة 76/3، العبر 78/1، تهذيب التهذيب 52/5، شذرات الذهب 77/1.. وغيرها.
2- كما نص على ذلك في المنمّق : 499، وقال : وحدّ عثمان بن عفان عاصم بن عمر بن الخطاب في الخمر وراجع : العقد الفريد 349/6 [ طبعة لجنة التأليف ]. ولاحظ : ترجمة عبد الرحمن بن عمر في الإصابة 75/3 [35/3 برقم 6242]، وأسد الغابة 416/3، الاستيعاب 843/2 برقم 1443، وسائر كتب التراجم عند العامّة. وكذا كتب التاريخ مثل : تاريخ مدينة دمشق 124/26. وكتب اللغة مثل : تاج العروس 356/8 حيث قال: أبو شحمة عبد الرحمن بن عمر بن الخطّاب...الذي جلده أبوه.. وغيرها.
ولم يكن مثل هذه الفضيلة (1) من (2) أولاد عليّ !! ولكن العرق نزاع: ﴿وَلا يَلِدُوا إلّا فاجراً كَفَّاراً) (3).
وأخرج صاحب الإحياء (4): أن عمر قال : من يأخذها بما فيها - يعني الإمارة -؟
كان يذمّها ويضمها، ويعمل الشوري ويمنعها عن أربابها !
ولما أُتي بابنتي يزدجرد شهر به رغبة(5) إحداهما، فقالت : حب لب رب كاس کوس کیخد روی اهم من اساي..(6) فهم بقتلها أو بنفيها، فقال أمير المؤمنين :
ص: 505
1- هذا على نحو الاستهزاء، وهي في الواقع رذيلة.
2- كذا ؛ والظاهر : في.
3- سورة نوح (71): 26.
4- قاله الغزالي في إحياء علوم الدين 324/3، ومثله ذكره الزمخشري في الفائق 193/2، وجاء في الإحياء أيضاً 350/2.
5- جملة (شهر به رغبة) مشوشة وغير معجمة في نسختي الأصل، ولعلّها : شهرته رغبة، أو رعبه.. أي خوفها.
6- من قوله : فقالت.. إلى هنا غير واضح اللفظ والمعنى، ولعلّ بعضها ألفاظ فارسية معربة، أو كلّها كذلك.
«أُشْهدُ من حضر أنّ حقّي (1) وحق أهل بيتي منهما لخلال للّه (2) ولرسوله».
فقال الثاني: ما أردت بهذا ؟!
قال : «إنّهما ابنتا ملك العجم، ومثلهما لا يُسترقُ».
فقالت الأنصار وحقوقنا اللّه ولرسوله، فقال الثاني : فما لكم فيهما ؟ قال : تختاران لأنفسهما فتزوّجان.. فاختارت إحداهما الحسين بن عليّ (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، فقام أمير المؤمنين فسترها، وسأل عن اسمها ؛ فقالت : جهان بانویه، فقال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ): «تلك ابنة المصطفى (عليه و آله السلام) فاطمة الزهراء، وإنّها ستّ العالم، فأما هذه ستّ البلد»، ونقل اسمها إلى(3): شهربانويه (4).
ص: 506
1- في نسختي الأصل : حد، وقد جاء في حاشية (ب).
2- في نسخة (ب) من الأصل : لجلال اللّه.. وفي نسخة (ألف) : لخلال اللّه، والعبارة كلاً في نسختي الأصل مشوّشة.
3- لم ترد (إلى) في نسخة (ألف).
4- راجع ما ذكره العلامة المجلسي (رَحمهُ اللّه) في بحار الأنوار 133/31 - 135 حديث 2 عن العدد القوية : 56 - 58 باختلاف كثير. وجاء في بصائر الدرجات : 355 (باب 11) حدیث 8 [ وفي طبعة نشر كتاب : 335 حديث 8] مسنداً عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وفيه : «فلما دخلت المسجد ورأت عمر غطت وجهها، وقالت : آه بیروز باد أهر من قال : فغضب عمر، وقال : تشتمني هذه وهم بها..» إلى آخره. وفي ذيله قال : ثمّ نظر إلى الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : «يا أبا عبد اللّه ! ليلدن لك منها غلام خير أهل الأرض..»، وعنه في بحار الأنوار 9/46 (باب 1) حديث 20. راجع : الخرائج والجرائح 750/2، والمناقب للمصنف (رَحمهُ اللّه) 332/1، وأُصول الكافي 466/1 - 467 حديث 1.. وغيرها.
وفي كتاب العقد (1): عن المغربي أنّ فلاناً أراد قتل هرمزان فاستسقى، فأُتي بقدح فجعل يُرعدُ (2) يده، فقال له في ذلك، قال : إنّي خائف أن تقتلني قبل أن أشربه، قال : اشرب لك الأمان إلى أن تشربه، ولا بأس عليك.. فرمى القدح من يده فكسره، وقال : ما كنت لأشربه أبداً وقد أَمَّنْتَنِي، فقال : قاتلك اللّه ! أخذت أماناً ولم أشعر [به](3).
وفي روايتنا : فشكا ذلك إلى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فدعا [ اللّه تعالى ] فصار القدح صحيحاً مملوءاً من الماء، فأسلم الهرمزان من المعجز (4).
وفي تفسير الطبري (5).
ص: 507
1- العقد الفريد 125/1 باختلاف و تصرف واختصار.
2- في المناقب : ترعد.
3- وكرّر نقله ابن عبدربه في العقد الفريد 171/2، وهو بشكل مقارب لما سلف. وجاء في أخبار الأذكياء : 101، وبألفاظ مقاربة في كتاب الزمخشري : ربيع الأبرار 1 / 195 - 196، ومثله فيه 792/1.. وغيرهم.
4- وبألفاظ مقاربة حكاه المصنّف (رَحمهُ اللّه) في المناقب 439/1 [ طبعة بيروت 322/2].
5- تفسير الطبري، وراجعته في موارده الثلاثة - ذيل الآيات الكريمة - في 185/2 - 189، و 109/18 - 112، و 26 / 134 - 138 فلم أجده، ولعلّه في محل آخر، نعم ذكره الطبري في تاريخه 39/3كما سيأتي.
.. والرازي (1)، والثعلبي (2)، والبصري (3)، والقزويني (4)، وفي المحاضرات (5) عن الراغب، والإحياء (6) عن الغزالي، وقوت القلوب (7) عن المكي، قال أبو قلابة : طرق أبو حفص على أبي محجن وآخر - وهما يشربان الخمر - فهم بزجرهما،
ص: 508
1- لم نعثر عليه في تفسير ابن أبي حاتم الرازي ولعله أراد غير هذا الكتاب، أو رازي آخر.
2- لم نعثر عليه في تفسير الثعلبي.
3- تفسير البصري، لا نعرف عن هذا التفسير شيئاً ولا عن مؤلفه.
4- تفسير القزويني، لا نعرف عن هذا التفسير شيئاً ولا عن مؤلفه، واللقب مشترك بين أكثر من واحد.
5- المحاضرات 233/1 باختلاف يسير، وفي أوّله : وكان عمر يعش ليلة، فسمع غناء رجل من بيت فتسوّر عليه، فرآه مع امرأة يشربان الخمر، فقال : يا عدو اللّه ! أرأيت أن يسترك اللّه وأنت على معصيته ؟ !.. إلى آخره. وجاء أيضاً فيه 683/2، قال : دخل عمر على قوم يشربون، فقال : ألم أنهكم عن الشرب فشربتم ؟ فقال أحدهم : ألم ينهك اللّه عن التجسّس، فلم تجسّست ؟ فقال : صدقت ! فتجافى عنهم. وقال أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل : 105 [ طبعة دار الكتاب العربي بيروت ]:.. أوّل من عش عمر.. ثم ذكر أبيات : هل من سبيل إلى خمر فأشربها..
6- إحياء علوم الدين 325/2 باختصار واختلاف يسير.
7- قوت القلوب 169/1 - 170.
فقال : لا تعجل ! فإن كنت [ قد ] عصيت اللّه في واحدة فقد (1) عصيت اللّه في ثلاث؛
فإن اللّه تعالى يقول: ﴿وَلا تَجَسَّسُوا) (2) وقد تجسّست..
وقال: ﴿وَلَيْسَ البرَّ بأنْ تأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورها) (3) وقد تسوّرت علينا..
وقال : (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ..) (4) الآية، وقد دخلت بغير سلام واستئذان، فقال: ما يقول هذا ؟ فقال زيد بن ثابت وعبد اللّه [بن] أرقم: صدق الرجل، فقال : أسأتُ، فهل تعفو ؟ قال ؛ نعم وعليّ ألّا أعود (5).
الثعلبي (6)، والطبري (7)، والقزويني (8)، والطوسي (9) في تفاسيرهم، والغزالي في
ص: 509
1- في نسخة (ألف) : فقل.
2- سورة الحجرات (49): 12.
3- سوره البقرة (2): 189.
4- سورة النور (24): 27.
5- وقريب منه في الأحكام السلطانية : 366، وتفسير الصنعاني 233/3، والمصنف (رَحمهُ اللّه) 10 / 232، والدرّ المنثور 93/6، والفتوحات الإسلامية 477/2.. وغيرها. وهنا واقعة أُخرى مشابهة لها تغايرها في بعض الخصوصيات، جاءت في المستطرف للأبشيهي 207/2، وواقعة أُخرى في العقد الفريد 416/3.. وغيرهما.
6- تفسير الثعلبي 83/9.
7- لم نعثر على الخبر في تفسير الطبري المطبوع.
8- لا نعرف عن هذا التفسير شيئاً ؛ فضلاً عن كونه مطبوعاً.
9- تفسير التبيان 350/9، وهو مورد تفسير الآية ولم نجده فيه، نعم جاء في تلخيص الشافي للشيخ الطوسي (رَحمهُ اللّه) 12/4، فراجع. ولاحظ : مجمع البيان 135/9 [ وفي طبعة 225/9]، وعن جملة مصادر في بحار الأنوار 662/30.
الإحياء (1)، والطبري في التاريخ (2) : خرج زفر وعبد الرحمن يعسّان، فإذا رجل وامرأة على شراب وغناء، فقال للرجل : أنت هاهنا ؟ قال : نعم، وأنت أمير المؤمنين هاهنا ؟! قال : من هذه منك ؟ قال : زوجتي.. القصة.
فقال الرجل : ما بهذا أُمرنا، قال اللّه : (لا تَجَسَّسُوا) (3) قال : صدقت.. وانصرف.. (4).
ص: 510
1- إحياء علوم الدین 2/ 200 - 201 بتصرف واختصار، وكذا في 325/2 كما سلف.
2- تاريخ الطبري 205/4 [ وفي طبعة دار الكتب العلمية 567/2، وفي طبعة 39/3، وفي طبعة الأعلمي 320/4] مع اختلاف كثير في الألفاظ وأصل الحكاية. وجاء أيضاً في تفسير القرطبي 333/16 - 334، وأنساب الأشراف 250/10 - 251، والرياض النضرة 46/2، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي 182/1 [ وفي طبعة ذات أربعة مجلدات،61/1]، والدرّ المنثور 93/6، والفتوحات الإسلامية،476/2، وجاء بشكل مقارب - ولعله غير ما ذكرناه - في المستطرف للأبشيهي 207/2 [115/2] في الباب الحادي والستين، وكأن الواقعة قد تكرّرت أكثر من مرة. ولاحظ - أيضاً - السنن الكبرى للبيهقي 334/8، والإصابة في معرفة الصحابة 531/1، والسيرة الحلبية 293/3.. وغيرها.
3- سورة الحجرات (49) : 12.
4- وجاءت قصة عسّ الخليفة وتجسّسه بأكثر من صورة وطريق، وقد أورد بعضها شيخنا الأميني طاب ثراه في غديره 121/6 - 123، فراجع.
وقال للجارية المُقَنَّعة : يا لكاع (1) ! تتشبهين بالحرائر...(2)
وقال للشاهد الأخير الذي كان يشهد على المغيرة : يا سلح القرد(3). قد تقدم ذلك.
الهيثم بن عدي، عن عبد اللّه بن عبّاس الهمداني، عن سعيد بن جبير، عن
ص: 511
1- قالوا في النداء للرجل: يا لكع وللمرأة : يا لكاع كما في لسان العرب 323/8، ويراد منه : اللئيم الدني، أو على حدّ تعريف صاحب العين 202/1 - : يوصف به من به الحمق والموق واللوم.
2- انظر : المصنّف لابن أبي شيبة 135/2، والدرّ المنثور 221/5، وكنز العمال 486/15، وتفسير الثعلبي،64/8، وتفسير البغوي 554/3.. وغيرها. وجاء في كتاب شرح فتح القدير لكمال الدين محمّد بن عبد الواحد السيواسي السكندري المعروف ب- : ابن همام الحنفي، المتوفى سنة 681 على الهداية شرح بداية المبتدي تأليف شيخ الإسلام برهان الدين عليّ بن أبي بكر المرغب المتوفى سنة 593 ه- في 262/1 [ طبعة دار الفكر ] بعد قوله : وما كان عورة من الرجل فهو عورة من الأمة، وبطنها وظهرها عورة، وما سوى ذلك من بدنها ليس بعورة، ثمّ قال : لقول عمر : ألقي عنك الخمار يا دفار ! أتتشبهين بالحرائر ؟ ! وفي ذيله عدة روايات فيها نهيه عن تشبّه الإماء بالمحصنات ! وقد علاها بالدرّة. والمراد ب- : الدفار.. أي يا منتنة !.. ثمّ جاء في ذيله ما نصه: وروي أنّ جواريه كانت تخدم الضيفان مكشوفات الرؤوس مضطربات الثديين.. إلى آخره.
3- كذا ؛ وفي تاريخ اليعقوبي :146/1 : يا سلح العقاب.
عبد اللّه بن عمر، أنّه استأذن عبد الرحمن بن أبى بكر عليه.
فقال [ عمر ]: دُويبة سوء (1)، ولهو خير من أبيه.. فدخل وكلّمه في أمر الحطيئة أن يرضى عنه - وقد كان حبسه في شعر - قال :
فقال [عمر ]: إنّ في الحطيئة تأوّداً (2) فدعني أقومه بطول الحبس، فألح عليه عبد الرحمن فأبى (3).
ولقد عاب وسفّه في أصحاب الشورى.. (4)
وأودع السيّد الحميري أباحفص عمر الباهلي شيئاً فخانه فيه، فقال (5): [ من البسيط ]
إنَّ] أَبا حَفْصٍ ضَنِيّ (6)فِي أَمَانَتِهِ*** والظَّنَّ يُخْلِفُ والإِنسانُ يُخْتَبَرُ
ص: 512
1- لاحظ : الأسرار فيما كنّي وعرّف به الأشرار 2 /205.
2- في بحار الأنوار : إنّ الحطيئة لَبَذِي، وفي شرح نهج البلاغة : إنّ في الحطيئة أودا.
3- وجاء ذلك بنفس الإسناد في بحار الأنوار 446/3 - 447 (الطعن الرابع من مطاعن أبي بكر)، بتفصيل أكثر أخذاً من الشافي للسيّد المرتضى (رَحمهُ اللّه) 126/4 - 127، وجاء الإسناد عن الهيثم بن عدي مرفوعاً إلى سعيد بن جبير فيما رواه البياضي (رَحمهُ اللّه) في الصراط المستقيم 302/2.
4- وسيأتي الحديث عمّا قال عنهم وفيهم.. وهم من العشرة المبشرة - طبعاً - بالجنّة !!
5- لم نجد هذه الواقعة ولا الأبيات في ديوان السيّد الحميري المطبوع، وقد جاءت في الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني 177/7.. وغيره.
6- هذا استظهار منّا، وفي نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : ضنّي، وضنّي لها وجه ضعيف، ويحتمل أن تكون ضنين، وصدر البيت في الأغاني: فلم يكن عند ظنّي في أمانته.
قَدْ كانَ لي في اسْمِهِ نَاهٍ(1) وَكُنْيَتِهِ*** لَوْ كُنْتُ مُعْتَبِراً ناءٍ ومُعْتَبَرُ
وَكَيْفَ يَنْصَحُنِي أو كَيْفَ يَحْفَظُنِي*** يَوْماً إِذا غِبْتُ (2) عَنْهُ وَاسْمُهُ: عُمَرُ ؟!
الثائر العلوي (3) في غلامه عُمير لما عصاه (4) : [ من المنسرح ]
يَا آلَ يتس [أَمْرُكُمْ عَجَبُ ] (5)*** بَين الوَرَى قَدْجَرَتْ مَقَادِيرُهُ ]
لَمْ يَكْفِكُمْ فِي حِجازِكُمْ عُمَرُ*** حتّى بِجيلانَ جَاءَ تَصْغِيرُهُ (6)
أبو نجيب الجزري (7): [من البسيط ]
ص: 513
1- في الأغاني عَنْهُ، وهي صحيحة.
2- في نسختي الأصل : غاب.
3- تقرأ في نسختي (ألف) و (ب) من الأصل : الناير، والصحيح ما أثبتناه.
4- راجع : دمية القصر 105/1.. وغيرها.
5- هنا بياض في نسختي الأصل، وما هنا أثبتناه من المصادر.
6- البيتان جاءا في دمية القصر 639/1، كما جاءا في ترجمته في أعيان الشيعة 176/4.
7- هو شداد بن إبراهيم الطاهر الجزري (المتوفى سنة 401 ه-)، ومرّت ترجمته في المقدّمة، وهذان البيتان من متفردات موسوعتنا هذه، ولا نعرف لهما مصدراً آخر.
وَحَاجَةٍ قِيلَ لِي: نَبِّهُ بِهَا (1) زُفَراً*** [وَنَم ] فَقُلْتُ: عَلِيُّ (2) قَدْ تَنَبَّهَ لِى (3)
مالي إذا كُنْتُ شِيعياً إلى زُفَرٍ*** مِنْ حاجَةٍ فَلْيَنَمْ حَسْبِي انتباه (4) عَلَى (5)
***
ص: 514
1- كذا ؛ وفي بعض مصادر الأبيات: لها.
2- في نسختي الأصل : عليّاً.
3- هذا ؛ وقد جاء هذا البيت مع بيتين آخرين في يتيمة الدهر 59/5، وبغية الطلب 230/4.. وغيرهما.
4- في نسختي الأصل : انباه، وقد تقرأ فيهما : إيتاه - إذ هي غير منقوطة -.
5- البيتان وردا في شذرات الذهب 358/5 (في وفيات سنة 677 ه-)، والبيت الثاني منهما محرّف الرواية من (حسبي انتباه) بعد أن كان في حتّى انتباه. والرواية الصحيحة فيه ما ذكرناه، كما جاءت في كتاب المواعظ والاعتبار للمقريزي 118/3.. وعلى كلّ ؛ فهما في نسختي الأصل مشوشتان مغايران ما أثبتناه هنا.
المحتوى الفهرست التفصيلي
ص: 515
المحتوى للجزء الخامس من مثالب النواصب
آية.. ابتهال.. رواية.. شعر...3
نماذج من نسختي (ألف) و (ب) من الكتاب - المبدأ والمنتهى -...7
مسرد هذا المجلد...11
القسم الثاني في مثالب الجاهلين والجاحدين الغاصبين تتمة باب أبي الشرور
الفصل الثالث في جهل الأعسر (13 - 78)
قوله عزّ اسمه : ﴿هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)...15
قوله سبحانه: ﴿يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ﴾...16
قوله تعالى: ﴿قُتِلَ الخَرّاصُونَ.. يَوْمُ الدِّينِ)...17
افتقار عمر للآخرين في السؤال، ولم يفتقر أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأحد...17
تقديم ابن عباس على الصحابة ويسأله دونهم...19
خطاء عمر في حكم القرد أو الغرام...18
ص: 517
حكم قتل المحرم جرادة وما حكم به كعب...20
رجوع الخليفة لأميرالمؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كثير من المسائل...21
سد عمر باب الكلام والجدل...21
ضرب عمر صبيغ عندما ورد عليه تعارض الآيات...21
في حديث صبيغ وحكم الخليفة فيه وتسيريه للبصرة وما جرى عليه...22
في سؤال أعرابي عن محرم أصاب جنيناً...26
في عدم معرفة الخليفة للتخوف في قوله تعالى: ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ...)...28
فيما قاله الخليفة في قوله سبحانه: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ)...29
الاختلاف في كلمة : (المودة)...30
سؤال الخليفة عن قوله عزّ اسمه : ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ)...31
في سؤال الخليفة عن الفرق بين الخليفة والملك...32
في جهل الخليفة في حكم المجوس...33
في عدم أخذ الخليفة الجزية من المجوس...34
سؤال الخليفة كعب الأحبار عن جنة عدن...35
في شاب استسقاه الخليفة ماء فخلطه بعسل فلم يشرب فأفحمه...36
قول عمر : كل أحد أفقه من عمر...37
نهي الخليفة عن كثرة الصداق...38
قول عمر : كل أحد أفقه من عمر حتّى النسوان...39
تزويج الخليفة بآية من القرآن أو بخاتم حديد...40
ص: 518
قول عمر للجارية : أنت أفقه من عمر...41
قول عمر كل الناس أعقل منك - يا عمر - حتّى الصبيان...41
جواب عبد اللّه بن الزبير لعمر عندما مر أصحابه وهو...41
سؤال الخليفة من يهودي عن الدجال...42
مسألة الجد والإخوة والجدة (المسألة الحمارية)...42
تولية عمر لكعب بن سور...45
قصة فضة جارية مولاتنا فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ)...46
قولة عمر : شعرة من آل أبي طالب أفقه من عدي...48
قولة عمر : كل أفقه من عمر...48
في امرأة اتخذت غلاماً فوقع أمرها إلى عمر...49
في إرث المرأة من دية زوجها وعدمه...50
الطريقة العمرية في الاستسقاء بالمجاديع...50
في عدم معرفة الخليفة للأب من : ﴿وَفاكِهَةً وَأَبَاً﴾...52
بحث عن الكلالة وجهل الخليفة بها وقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «ما أراك تفهم أبداً»...56
نظر الخليفة في الكلالة...57
نظر الخليفة في التهافت والمخالفة بين حكم اللّه ورسوله...58
قولته المعروفة : لا يعلم عمر هل أصاب أم أخطأ...60
قوله للسائل عن شيء لا أدري فإن شئت أخبرتك بالظن...61
صعوبة خطبة النكاح على الخليفة...61
حكم الخليفة في امرأة زوجت في عدتها ثمّ رجوعه عنه...61
ص: 519
استعمال الخليفة للقياس بعد منعه منه...63
قضاء الخليفة في الجدّ بمائة قضية مختلفة ينقض بعضها بعضها...64
قولة عمر عند موته : إنّي ما أقضي في الجدّ شيئاً...65
غضب الخليفة في اختلاف الصحابة في الأحكام ونسي فعله...67
موقف الخليفة من حكم أُبي وابن مسعود في الصلاة في ثوب واحد...70
ترك الخليفة لردّ السلام بمجرد عدم رضاه بلباس المسلم...71
حكم الخليفة في بينونة المرأة من زوجها بمجرد الطلب ولو كان مكرهاً...72
إجازته لطلاق المكره...72
حكم من رمي ظبياً وهو محرم...72
أغرم أنس في وديعة هلكت من ماله...73
فعل الخليفة في تدوين الدواوين...74
تقسيم ما أصاب المسلمون يوم المدائن...74
حكم الخليفة بأن الميت يعذب ببكاء أهله عليه...75
في حكم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عليه إنّ له من بيت المال ما أصلح عياله بالمعروف...76
بيتان لأبي الحسن المرادي...78
الفصل الرابع في رجوع أبي حفص إلى عليّ (عَلَيهِ السَّلَامُ) (151 - 79)
في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللّه..)...81
ص: 520
جهل الخليفة بعدم جواز القطع الثالث على السارق...81
حكم الخليفة ببيع أهل السواد ونهى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...82
تهافت حكمهم في أموال الموالي...83
تولية عمر للمغيرة بن شعبة على البصرة وزنّاه...83
ردّ الخليفة لشهود الزنا حفظاً لكرامة المغيرة شريكه...87
جهل الخليفة بطلاق الأمة...88
أبيات العبدي (المقصورة) (11)...90
جهل الخليفة بتزويج المملوكة...92
جهل الخليفة بإقامة الحدّ على قدامة بن مظعون لشربه الخمر...93
في امرأة شهد عليها الشهود بالزنا ولها عذر وأراد الخليفة رجمها....95
أبيات ابن العلوية(3)...97
جهل الخليفة بحكم الاستبراء على أُمّ الغلام إذا مات ولدها...98
جهل الخليفة في الحكم على المرأة التي أودعت من شخيص ودفعت لأحدهما...99
قولة عمر : اللّهمّ لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب حياً...100
جهل الخليفة إن من أجرى عليه الحد لا يكرر عليه...101
قولة عمر : لولا على لهلك عمر...103 و 105 و 107 و 109
إنكار الأُم لولدها وشهادة إخوتها لها وحكم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بذلك.. 103
في حكم مجنونة فجر بها رجل وأراد الخليفة أقام الحدّ عليها...106
حكم الخليفة في حامل قد زنت وأمر برجمها ونهى أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ذلك في تلك الحال...108
ص: 521
قولة عمر : لولا معاذ لهلك عمر...1100
أبيات ابن علوية الإصفهاني (5)...111
في حكم الخليفة بالرجم على امرأة ولدت لستة أشهر...112
تقبيل الخليفة للحجر الأسود وقوله : إنك حجر لا تضرّ ولا تنفع...115
جهل الخليفة في حكم امرأة محصنة فجر بها غلام صغير...116
حكم الخليفة على رجل محصن فجر بالمدينة بالرجم وأهله بعيد...116
همّ الخليفة بأخذ حلي الكعبة...117
شراء الخليفة للإبل ومطالبته بما عليها تبعاً لها...119
في حكم من أصاب بيض الحرم وهو محرم فأكله...121
حكم ما بقي من مال المسلمين بعد القسمة...124
جهل الخليفة في حكم رجل طلق في الشرك مرّة وفي الإسلام مرّتين...126
حكم خوف المرأة من عمر وإسقاط جنينها في جوفها...1127
حكم المرأتين الليلتين تنازعتا في طفل ادعته كل منهما بغير بينة...130
حكم عبداً قتل مولاه وقد غلبه على نفسه....131
حكم رجل وجد على رأس قتيل وبيده سكين...134
قولة عمر إنّه سمع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) يقول : «أقضاكم على»...134
حكم الخليفة على خمسة أخذوا في الزنا بالرجم مع اختلاف أحكامهم....136
قول عمر : لا عشت في أُمّة لست فيها يا أبا الحسن...138
اختلاف رجل وامرأة وقذف أحدهما بالزنا والآخر بكونه أزنى منه....138
في امرأة اتهمت ضرتها بأن قالت بات عندها رجل...138
ص: 522
في حكم مولودين ملتصقين أحدهما حي والآخر ميت...141
في حكم الولد الذي جاء من شيخ تزوج بامرأة مات عليها بعد المواقعة...142
في وجه الجواز للرجال بالزواج بأكثر من امرأة مع أن شهوتها تسعة أضعاف الرجل...143
في طلب امرأة محصنة في الخليفة الزواج بآخر (في أبيات ثلاث)...144
في جهله في حكم غلام طلب مال أبيه منه وكان والده توفى بالمدينة والولد طفل في الكوفة...144
بیتان لخطيب خوارزم...147
بیتان للصاحب بن عباد...149
بيتان للبرقي...149
أبيات ابن حماد (3)...149
بيتان للمصنف (رَحمهُ اللّه)...150
أبيات ديك الجن (4)...151
الفصل الخامس في أحكام شنبوبة (153 - 192)
في تأويل قوله سبحانه: ﴿والرُّجْزَ فَاهْجُرْ)...155
حكم الخليفة في يهودي وجد مقتولاً في بعض سكك المدينة...155
شكوى رجل إلى عمر من جعدة بن عبد اللّه الأسلمي حيث تعرض
ص: 523
لحرمه وذلك بأبيات 4)...156
حكم الخليفة عليه بالضرب بدعوى مدعي بلا بينة...158
حكم الخليفة بعدم وجوب الصلاة على المجنب مادام لم يجد الماء...160
حكم الخليفة يبيع جار المدين إن كان من أهل السواد ودفع بثمنه...161
قيل : كان عمر يقول : من كان جاره نبطياً يحتاج إلى ثمنه فليبيعه...161
اعتراف أبي محجن في شعره بشرب الخمر ثمّ رجع عنه...162
إجبار الخليفة على مكاتبة ذا المال وضربه بالدرة...162
حكم الخليفة بردّ نكاح من كان يخضب بالسواد ثمّ ظهر...163
دفع الخليفة إلى من وجد في وجه ضربه عطبته مكرراً...163
أمر الخليفة لسعد بن أبي وقاص أن يعطي الناس على قدر فهمهم للقرآن...164
أبيات عمرو [بن معدي كرب ](3)...165
حكم عمر في المفقود أن تتربص امرأته أربع سنين...166
في تطليق الخليفة امرأته وهي حبلى وحكم عليها بحرمة الأزواج...168
منع عمر العرب أن يزوجوا الموالي...169
حكم امرأة مات زوجها واعتدت أربعة أشهر ثمّ تزوجت برجل وولد ولداً بعد أربعة أشهر وعشراً...170
في حكم امرأة خاصمت زوجها إلى عمر وطالبت بالولد...171
حكم رجلان اختصما في غلام كلاهما يدعيه...171
جواب الشيخ من بني زهرة لعمر...173
حكم الخليفة في من أرسلهم لأبي عبيدة ولم يشاركوا في الحرب...173
ص: 524
خطبة خالد بن الوليد عندما استعمله عمر على الشام ثمّ عزله...174
حكم الخليفة على أم نعيم العطارة بائعة الطيب...175
حكم الخليفة فيمن سرق رقيق لحاطب بن أبي بلتعة ناقة رجل ونحرها...176
نظر الخليفة في الشاهد في الدعوى وردّهم لمن يعرف المتهم...178
قولة عمر : ما بال رجال يطئوون ولائدهم ثمّ يعزلوهنّ...178
حكم المرأة التي كان غلامها أطوع لها من غيره فأرادت اعتاقه والزواج به...179
نهي الخليفة عن جلد العرب وعدم حرمانها العطاء...180
قولة عمر : ليس على عربي ملك...181
أمره لضرب الحدّ على شارب الخمر وإجحاف الضارب...182
قول عبيد بن حصين الفزاري لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن عائشة وطلب الزواج منها...182
قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «الأحمق المطاع في قومه»...184
قول عيينة لعمر : اخرج الأعاجم من بلدك كي لا يقتلوك...184
کلام قدامة بن مضعون حين ولاه البحرين وحكم الخليفة فيه مع شهادة جمع بشربه الخمر...185
تولية عمر المغيرة بن شعبة مع إقراره بفسقه وفجوره...187
عمل الخليفة بالهوى وقال به...187
أبيات عامل عمر على ميسان (3)...188
بيت للعوني...188
هجر الخليفة لنساء النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند مطالبتهن لزيادة النفقة...190
أبيات السيّد الرضي (3)...191
ص: 525
الفصل السادس في ظلم شمردل (193 - 274)
في المراد من قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خاصّة)...195
في المراد من قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّه وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً..) ...195
في المراد من قوله تعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ ممّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللّه وَصَدَفَ عَنْهَا)...196
ضرب الخليفة لمن كان يقص وخفقه بالدرة...196
جلد الخليفة من كان يتبختر في مشيته...197
ضرب عمر من كان يتكلّم مع زوجته...197
ضرب الخليفة لليهودى حيث قال له : لقد قضيت بالحق...198
ضرب عمر من رأى مصحفاً سنيعاً...199
ضرب الخليفة لأبي بن كعب حيث تبعه قوم...199
ضرب عمر لمن اشترى اللحم على الولاء ثلاثاً...200
ضرب الخليفة جارية لأنها تقنّعت وأمرها بإلقاء خمارها...200
ضرب عمر لسعد بن أبي وقاص لأنّه تخطى الناس عند القسمة...201
ضرب عمر لمن أرسله لإصلاح زوجين ولم يوفق....202
ضرب من أقسم على أُم سلمة في حق كان له عليها...203
ضرب سلیمان بن ربيعة الباهلي لشكواه عن عامل من عماله...203
قتل عمر سبعه لقتلهم صبي في صنعاء...204
ضرب کا تب عمرو بن العاص حيث لم يبين (سين) البسملة...204
ص: 526
ضرب عمر كلّ من يتقدّم في الصلاة أو يتأخر...205
ضرب عمر الجارود بن المنذر إذلالاً له ؛ لأنه سيّد ربيعة...205
ضرب عمر رجلاً ثمّ طلبه من أن يقتص منه...206
ضرب عمر النائحة وإسقاط خمارها...206
ضرب عمر رجل ناسك متماوت...208
هم بضرب من اعترض عليه لسفره إلى الشام وتركه لمسجد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)....208
هم بضرب من روى عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) رواية في ردّ السلام وآدابه فزع أبي موسى الأشعري بعد إرسال عمر...209
خفاء أمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عليه...210
جزّ عمر لشعر من أنشد في معقل شعراً مدحاً لجماله...211
بيتان لمجهول...212
نفي عمر نصر بن الحجاج إلى البصرة لشعر قيل فيه...213
أبيات قدمتها امرأة إلى عمر (5)...213
كتب نصر بن الحجاج من البصرة أبياتاً له يسترحمه فأبى(3)...215
حلق عمر نصر بن الحجاج رأسه، ونفيه للبصرة وما أنشد في ذلك...219
نفي أبي ذؤيب إلى البصرة ؛ لأنه قيل فيه أنّه : أحسن أهل المدينة...220
صلب غلام وجارية لقتل أُمّ فروة وهما أوّل من صلب في الإسلام...221
ضرب عمر الجعدة بن عبد اللّه السلمي وتبعيده إلى الشام...222
في حديث امرأة ولدت صبياً من السوق...223
هدد قوم شكوا إليه عامله بجز رؤوسهم أو قتلهم...223
ص: 527
سجن امرأة نشرت على زوجها ثلاث ليال في بيت الزبل...224
كان عمر يناوش الناس ويغرقهم بعد العشاء بالدرّة...224
قولة عمر : من أراد أن يسأل عن القرآن فليأتي أبي بن كعب...225
قولة عمر : من أراد أن يسأل عن المال فليأتني...225
مصادرات الخليفة لعماله وثقاته...228
مصادرة أموال أبي هريرة وإتهامه بالسرقة...229
موقف الخليفة مع عمرو بن العاص عند سمع بجمعه الأموال وما فعله...231
عزل عمر لأبي موسى الأشعري والحارث بن كعب ومشاطرتهم أموالهم...233
أخذه لأموال أبي سفيان التي أتى بها من معاوية...233
عزل الخليفة لخالد بن الوليد عن الشام...236
أوّل ما عمله عمر عزله لخالد بن الوليد ومقاسمته أمواله...237
قولة عمر : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لأخذت فضول..الأغنياء...240
هدم الخليفة البيوت المحيطة بالمسجد الحرام بدون إذن أصحابها...240
زاد عثمان في المسجد الحرام فابتاع من قوم وأبى آخرون فحبسهم...241
أمر الوليد بن عبد الملك لعمر بن عبد العزيز بشراء الدور المحيطة بالمسجد وهدمها مع عدم رضا أصحابها...242
إغرامه لأنس بن مالك على وديعة هلكت من ماله...243
أخذ عمر من بيت المال ستين ألف درهماً وأمر ولدها بدفعها...243
قوله لعماله : إنّما أنا وأنتم في هذا المال كولي اليتيم...244
طلب العبّاس من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) الحيرة من الكوفة والميدان من الشام
ص: 528
والخط من هجر ورفض عمر لذلك...246
ما فعله الخليفة في كتاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)وكسر خاتمه...248
حذف عمر لاسم أمير المؤمنين الا من الديوان !...249
شهادة رجل عند عمر برؤية الهلال محاورة سلمان مع عمر...250
أبيات العوني (4)...251
خطبة عمر لأم كلثوم من أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...252
مشاورة عمر أصحابه إن لو شاهد الإمام المنكر فهل له إقامة الحدّ...256
أمر الزبير بأن يدعي على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قد سرق درعه...257
موافقة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد تهديد عمر على أن يكون العبّاس هو الوكيل...257
تزويج العبّاس لأم كلثوم دون غيرها من بناته...258
قول الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الزواج ب- : «ذلك فرج غصب عليه»...259
جواب عليّ بن ميثم عن علة هذا الزواج...261
جواب مسعود العياشي عن علة زواج أُم كلثوم بعمر...261
قال النوبختي : إنّ أُم كلثوم كانت صغيرة، ومات عمر قبل أن يدخل بها...262
تظلّم أبي لؤلؤة غلام المغيرة عند عمر بكون خراجه كثير...267
بناء عمر سرباً (نفقاً) تحت الأرض من داره إلى المسجد...269
سؤال أبي لؤلؤة من عمر عمّن عصى مولاه وغصب ملكه و ضرب امرأته...269
استجابة دعاء الزهراء سلام اللّه عليها عندما مزّق كتاب فدك...269
أبيات السيّد الحميري (3)...270
بیت کشواذ...271
ص: 529
أبيات لشاعر (3)...271
أبيات العوني(9)...272
أبيات لغيره (3)...273
الفصل السابع في شك زريق (275 - 314)
قوله سبحانه وتعالى : ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّه وَرَسُولِهِ ثمّ لَمْ يَرْتَابُوا..﴾...277
تأويل قوله سبحانه: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ)...278
سؤال الرجل المعتزلي من الشيخ المفيد (رَحمهُ اللّه) عن إجماع الأمة على أنّ الشيخين كانا على ظاهر الإسلام...278
إقرار عمر أنّه شك في دين اللّه وكذَّب رسول اللّه....279
أجمع المؤرخون على قولة عمر : ما شككت منذ أسلمت إلّا في وقتين...280
قولة الخبيث لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه أعطاهم الدنية في صلح الحديبية !...280
قولته : ما شككت منذ أسلمت إلّا في وقتين...284
اعتراض عمر على مناجاة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...285
سؤال عمر من حذيفة : هل هو من المنافقين...288
كان حذيفة لا يحضر جنازة من يموت من المنافقين...289
قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «من أصحابي من لا أراه ولا يراني بعد أن أموت»...291
أبيات الناشي(9)...292
و من مورد شك عمر سؤاله عن عيوبه.!...294
ص: 530
دعوة عمر لأبي عبيدة أن يقبل إليه...295
كلام الشعبي في حق أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...295
قولة عمر بعد ما طعن : أما واللّه لو أن ما طلعت الشمس عليه من صفراء وبيضاء لافتديت من هول المطلع...296
قولة عمر : لو أن لى طلاع الأرض ذهباً لافتديت به من عذاب اللّه...298
قولة عمر : وددت أبي خرجت منها كما دخلت لا أجر ولا وزر...299
قولة عمر : إنّه يكون الواحد الذي لا يدخل الجنّة...300
قولة عمر : يا ليتني كنت كبشة لأهلي فأكلوا الحمى...300
بيت شعر لمولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...303
ومن شكه : وجد عمر حلة من استبرق تباع فأخذها لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)...303
اعتراض عمر على زهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)...304
قولته لما رأى النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) على خصفة...305
دفع رسول اللّه عن الصلاة على جنازة عبد اللّه بن أبي...306
استهزاء عمر برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أكثر من مرة...307
شكه في قتل المخدج بعد أن رآه يصلي...309
اعتراضه على مساعدة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) لأنصاري...309
ندم عمر على ثلاث...310
غضب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عندما جاء عمر بصحيفة مكتوب فيها التوراة بالعربية...311
أبيات الشريف الرضى (4)...312
أبيات السيّد الحميري (5)...313
ص: 531
بيت للعوني...314
الفصل الثامن في مكر دلام (315 - 342)
تأويل قوله سبحانه : (يا أَهْلَ الكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الحَقَّ بِالْبَاطِلِ)...317
تأويل قوله تعالى: ﴿رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ﴾...317
تأويل قوله عزّ :اسمه : ﴿وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الهُدى)...318
تأويل قوله عزّ وجلّ : ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها)...319
حدیث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) : «هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده..»...319
قولة ابن عباس : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وبين أن يكتب الكتاب...322
قولة عمر : إنّ رسول اللّه قد غلب عليه الوجع حسبنا كتاب اللّه...323
قولة ابن عباس : يوم الخميس وما يوم الخميس...324
قولهم : إنّ رسول اللّه ليهجر...325
رفض عمر لأن يكتب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) كتاباً لا يضلون بعده...327
وصية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند الوفاة...327
قوله : «احفظوني في أهل بيتي»...328
قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) للعباس: «أنتم مستضعفون بعدي»...328
مناقشة المصنف (رَحمهُ اللّه) في قول الزنديق : إنّه هجر...330
بيتان ليونس الديلمي...332
ص: 532
أبيات ليونس الديلمي (7)...333
من كيد عمر : إن كان يهيج الناس على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...334
تعطيله لحدود اللّه سبحانه في المغيرة بن شعبة...335
قوله سبحانه: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللّه)...337
أبيات شاعر (3)...337
أبيات أبي عبد اللّه الحسيني (5)...337
أبيات الجبري (13)...339
الفصل التاسع في جبن المردبود (343 - 355)
كلام أنس بن مدركة الخثعمي مع عمر...345
كلام عمرو بن معدي كرب مع عمر عن الأسلحة...346
كان عمر شجاعاً على الأُسارى ولا يثبت في الحرب...3437
طلب عمر من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ضرب عنق ذي الخويصرة...347
طلب عمر من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ضرب عنق حاطب بن أبي بلتعة...349
طلب عمر من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ضرب عنق أبي حذيفة...350
طلب عمر من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ضرب عنق عبد اللّه بن أبي سلول...351
طلب عمر من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ضرب عنق أبي سفيان...352
طلب عمر من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) ضرب عنق عبد اللّه بن أبي...352
بيتان لشاعر...353
ص: 533
بيتان لآخر...354
لا تجد في كتب المغازي أن عمر قتل زمناً فضلاً عن بطل ؛ فلا في بدر الكبرى ولا غيرها...355
استعراض مغازي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)
أولها : بدر الكبرى. ..356
في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّه بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ)...356
نهيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عن قتل نفر من قريش...357
أبيات الزاهي (3)...358
ثانيها: يوم أُحد...360
انهزام القوم وعلى رأسهم عمر...360
قول القوم يوم أحد : إن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) قد قتل...363
في قوله سبحانه وتعالى: «وَمَا محمّد إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ..»...364
إجماع القوم على فرارهم يوم أحد...364
في قوله سبحانه: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ..)...364
أبيات السيّد الحميري (5)...368
ثالثها : يوم الأحزاب...370
أبيات السيّد الحميري (3)...371
أبيات أُخر للسيد الحميري (4)...372
أبيات أحمد بن علوية الإصفهاني (7)...373
رابعها : يوم الحديبية...376
ص: 534
بيتان لأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...378
خامسها : خیبر...379
قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب اللّه ورسوله»...380
ما قاله عمر في مرحب اليهودي...383
أبيات السيّد الحميري (6)...384
بیتان آخران للسيد الحميري...386
أبيات أُخر للسيد الحميري (5)...387
أبيات للسيد الحميري (3)...388
وأيضاً للسيد الحميري (5)...389
وكذا للسيد الحميري (18)....391
أبيات لابن حماد (6)...396
سادسها : ذات السلاسل وبنو حقن...398
في قوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا...)...298
انهزام عمر وعمرو بن العاص وخالد في تلك الحرب...298
وجه نزول: ﴿وَالعَادِياتِ صَبْحاً..)...299
بيت للسيد الحميري...400
أبيات لغير السيّد (8)...401
سابعها حنين...404
في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ..)...404
شعر العبّاس بن عبد المطلب...405
ص: 535
في قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُوا اللّه مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ..)...407
وجه نزول: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوا مِنكُمْ يَوْمَ التَقَى الجَمْعَانِ..)...408
أبيات سلامة الحسيني (7)...409
الفصل العاشر في تعصب الشيطان (413 - 461)
قال : «كل ما كان في القرآن : قال الشيطان ؛ فهو الثاني»...415
في معنى معنى الشيطان...415
تأويل قوله تعالى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِن شَرِّ مَا خَلَق)...415
تأويل قوله سبحانه: ﴿مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)...416
تأويل قوله عزّ وجل: ﴿وَيُشْهِدُ اللّه عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)...416
تأويل قوله تعالى: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ..)...417
تأويل قوله عزّ من قائل : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ..)...417
تأويل قوله عزّ وجل: ﴿وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)...418
قولة عمر في رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) أنّه : ليس بخيرنا بيننا ! وإنّه يسوي بين طرفي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وبين بني هاشم و بني زهرة...419
قول عمر : لئن بقيت لأسوين بين طرفي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)..!...420
قول عمر لمن قال : قتلتم سعد بن عبادة، قال : قتله اللّه !...420
كيفية قتل سعد بن عبادة...420
ص: 536
ما فعله عمر مع خالد بن الوليد بعد توليه الخلافة المغصوبة وذكر عدة من المؤخذات عليه...422
قالوا: إنّ عمر لم يزل عاتباً على أبي بكر أيام حياته...423
عود على الحديث عن سعد بن عبادة وما كان منه وما جرى عليه...425
بيتا الجن ! في قتلهم لسعد بن عبادة في طريق الشام...426
أبيات الإمام الحسن المجتبي (عَلَيهِ السَّلَامُ)...427
ما قيل من شعر في ما جرى على سعد بن عبادة...427
ما روى عن قيس بن سعد في أبيات (3)...428
محاورة عمر مع ابن عباس في الخلافة...429
أول خلاف حدث في الإسلام بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)إنكار عمر شهادة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) وإنه ذهب إلى ربّه كما ذهب موسى (عَلَيهِ السَّلَامُ)...433
مقالة عمر بعد جلوس الأوّل - أوّل مرة - على المنبر...436
توجيه عمر مقالته في إنكار وفاة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)...437
توجيه عمر في قوله سبحانه: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً..)...440
أبيات لبعض العجم (6)...440
تأويل قوله سبحانه: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ﴾...441
تنصيب عمر لمعاوية بعد أخيه وما قاله فيه...444
قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ): «إذا رأيتم معاوية يخطب على منبري فاقتلوه»...445
نهى عمر من زواج العربية الحرة بغيرها من الموالي.. والنقض عليه...447
قولة عمر : ليس على عربي ملك...451
ص: 537
تفضيل عمر للمهاجرين على الأنصار والعرب على العجم...452
ما قاله ابن الصهاك حين موته ممّا تاب منه...453
حمية الخليفة الجاهلية وتفاخره بالأنساب...453
بیان سلمان لنسبه...455
بيتان لابن بابك...456
تطاول الثاني على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد ما قبض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)...457
في أقواله وخلافته وإمامته...460
أبيات الموسوي (3)...460
الفصل الحادي عشر في كبائر زفر (463 - 514)
تأويل قوله سبحانه: ﴿سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأَسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعِ..)...465
تأويل قوله تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّه يُكْفَرُ بِهَا..)...465
دعوى الثاني أنّه زوّر مع نفسه مقالة يقولها عند نصب الخليفة...466
في قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ ممّن كَذَبَ عَلَى اللّه..)...468
قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ) عند بيعة النساء : (وَلاَ يَزْنِينَ) وما قالته هند وضحك الثاني بمقالها...468
ما كان بين هند والثاني...469
خيانة الخليفة مع جارية استأمن عليها...469
فى أسباب نزول قوله عزّ اسمه : (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ..)...470
ص: 538
في أسباب نزول قوله تعالى : (ولا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكارى..)...471
تحریم الخمر أوّلاً في مواقيت الصلاة...472
نوح الأوّل على قتلى بدر بعد أن شربها، ونزول: ﴿إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ)...473
قولة عمر : إنّه لا يقطع لحوم الإبل في بطوننا إلّا النبيذ الشديد...475
قولة عمر بعد أن شرب النبيذ : إنّه الطيب !...478
حكم الخليفة بكسر شدة الخمر والنبيذ بالماء...478
شرب الخليفة النبيذ في آخر ساعات عمره وخروج من جوفه...481
الأبيات التي ناح الخليفة بها على قتلى بدر (4)...482
غناء الخليفة وقوله : إنّه زاد الراكب...488
سبب نزول قوله سبحانه: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ..)...491
تحرش الخليفة بنساء النبيّ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ)...492
نزول آيه الاستئذان فيه...493
وجه نزول قوله عزّ اسمه : ﴿عَلِمَ اللّه أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ.. وَعَفَا عَنْكُمْ)...496
وجه نزول قوله سبحانه: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوْا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ..)...497
وجه نزول قوله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾...499
أكل الخليفة التمر بحشفه...500
عدد نکاح الخليفة ليلة الزفاف...500
كيفية موت الخليفة الأوّل...501
بيت السيّد الحميري في المقام...502
ص: 539
حلف الخليفة على تملك نخله...502
حد الخليفة ولده عبد الرحمن على الخمر حتّى مات...503
حد الخليفة ولده عبيد اللّه مرة ثانية على شربه الخمر...503
حد والي المدينة عاصم ولد الثاني على الشراب...504
موقف الخليفة مع ابنتي يزدجرد...505
موقف الخليفة من الهرمزان ونجاته...507
قصة الخليفة مع أبي محجن وآخر حين شربا الخمر وجهل الخليفة من الواقعة...507
قصة الخليفة عند ما خرج مع عبد الرحمن يعسان، وإفحام الرجل له حين اتهم بالشرب...509
بعض الكلمات البذيئة التي صدرت من الخليفة...511
موقف الخليفة مع الحطيئة الشاعر وشفاعة ولده عبد الرحمن فيه...511
نظر الخليفة فى ولده الأوّل عبد الرحمن...512
أبيات السيّد الحميري (رَحمهُ اللّه) في خيانة أبا حفص عمر الباهلي(3)...512
بيتان العلوي في غلامه عمير لما عصاه...513
بيتان للجزري...513
المحتوى...515
***
ص: 540