سرشناسه: ال كاشف الغطاء، محمد حسین، 1877 - 1954 م
عنوان و نام پدید آور: الدين والاسلام او الدعوة الإسلامية / تاليف محمد حسين كاشف الغطاء النجفي؛ تقديم و تعلیق و تحقیق محمد جاسم الساعدى المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام.
مشخصات نشر: قم : المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السّلام)، 1387. =1429 ق.
مشخصات ظاهری: 2 ج
شابک: ج 20: 978-964529-329-9 ج،1؛ 978-964-529-328-2
وضعیت فهرست نویسی: فيپا
یادداشت: عربی
یادداشت: کتابنامه
یادداشت: نمایه
موضوع: کلام شیعه امامیه - قرن 14.
موضوع: شیعه امامیه - عقاید.
شناسه افزوده: ساعدی، محمد جاسم، محقق و مقدمه نویس.
شناسه افزوده: مجمع جهانی اهل بیت (عليهم السّلام)
رده بندی کنگره: /179 1387 BP 211/5
رده بندی دیویی: 297/4172
شماره کتابشناسی ملی: 1189619
اسم الكتاب: الدين والإسلام أو الدعوة الإسلامية / ج 2
المؤلف: الإمام الشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء النجفي
المحقق: محمّد جاسم الساعدي
الموضوع: عقائد، فلسفة، أديان
الناشر: المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
الطبعة: الأوُلى
المطبعة: المجاب
الكمية: 3000
تاريخ النشر: 1432 ق
ISBN: 978-964-529-329-9
حقوق الطبع و الترجمة محفوظة للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
www.ahl-ul-bayt.org
E-mail: info@ahl- ul- bayt.org
الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلاميّة
الجزء الثاني
الإمام الشيخ محمد الحسين كاشف الغطاء النجفي (رحمة الله)
تقدیم و تعلیق و تحقیق:
محمّد جاسم الساعدي
محرر الرقمي: محمد رضا دهقانزاد
ص: 1
«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ»
ص: 2
الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلاميّة
تأليف
الإمام الشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء النجفي (رحمة الله)
تقدیم و تعلیق و تحقیق:
محمّد جاسم الساعدي
المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
«الجزء الثاني»
ص: 1
سرشناسه: ال كاشف الغطاء، محمد حسین، 1877 - 1954 م
عنوان و نام پدید آور: الدين والاسلام او الدعوة الإسلامية / تاليف محمد حسين كاشف الغطاء النجفي؛ تقديم و تعلیق و تحقیق محمد جاسم الساعدى المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام.
مشخصات نشر: قم : المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السّلام)، 1387. =1429 ق.
مشخصات ظاهری: 2 ج
شابک: ج 20: 978-964529-329-9 ج،1؛ 978-964-529-328-2
وضعیت فهرست نویسی: فيپا
یادداشت: عربی
یادداشت: کتابنامه
یادداشت: نمایه
موضوع: کلام شیعه امامیه - قرن 14.
موضوع: شیعه امامیه - عقاید.
شناسه افزوده: ساعدی، محمد جاسم، محقق و مقدمه نویس.
شناسه افزوده: مجمع جهانی اهل بیت (عليهم السّلام)
رده بندی کنگره: /179 1387 BP 211/5
رده بندی دیویی: 297/4172
شماره کتابشناسی ملی: 1189619
اسم الكتاب: الدين والإسلام أو الدعوة الإسلامية / ج 2
المؤلف: الإمام الشيخ محمّد الحسين كاشف الغطاء النجفي
المحقق: محمّد جاسم الساعدي
الموضوع: عقائد، فلسفة، أديان
الناشر: المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
الطبعة: الأوُلى
المطبعة: المجاب
الكمية: 3000
تاريخ النشر: 1432 ق
ISBN: 978-964-529-329-9
حقوق الطبع و الترجمة محفوظة للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
www.ahl-ul-bayt.org
E-mail: info@ahl- ul- bayt.org
ص: 2
أهلُ البَيْتِ عليهم السلام
في الْقُرآنِ الكَريمِ
إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
سُورَةُ الأَحزَابِ / آيَة : 32
ص: 3
أهلُ البَيْتِ عليهم السلام
في السُّنّةِ النَّبَوِيَّةِ
إِنّي تَارِكٌ فيكُمُ الثَّقَلَيْنِ
كِتابَ اللهِ وَعِترتي أَهْلَ بَيْتي
مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَن تَضِلّوُا بَعدي اَبَدًا
«الصِّحَماح وَالسَابنّده»
ص: 4
بني آدمٍ إنّا جميعاً بنوأبٍ *** لحفظِ التآخي بيننا وبنو أُمّ
رأيتكم شتّى الحزازات بينكم *** وما بينكم غيرُ التضارب بالوهم
فلا حُجبٌ فيكم تُمدّ على حجي *** ولا حزمٌ منكم تُشدّ على حزم
وقد عطفتني باللطائف نحوكم *** عواطف جنسٍ لم تزل علّة الضمّ
فأهديتُكم بالودّ نُصحي قائلاً *** عليكم سلامي دائباً ولكم سلمي
وألّفتُ بين اسمي ورسمي راجياً *** حياتهما إن بات تحت الثرى جسمي
عساني إذا أُبلى أنال بذكركم *** حياةً وحسبي من حياتي ذكر اسمي
أروم بقاء اسمي ورسمي بينكم *** ولا نافعي اسمي الغداة ولا رسمي
خذوا ظاهراً من صورتي فضميرها *** تصوّر من روحٍ التحنّن والرحم
يَودّ لو أنّ الأرض تُصبح جنّةٌ *** تفتيّئكم ضلّ السلامة والسلم
وأنتم كأملاك السماء محبّةٌ *** تَذودُ شياطين العداوات بالرجم
بني آدم رحماكم في قبيلكم *** فقد جُزتُم بري العام إلى الهشم
حناناً على هذي النفوس فإنّها *** سماويةٌ من رشح ذيّالك اليمّ
وما أكثر الداعي بنا لهدايةٍ *** وما للهدى منّا سوى الهدّ والهدم
نصدّع في أهوائنا جمع شملنا *** ونسعى وكلٌّ نحو غايته يرمي
ص: 5
فيا صدع هذا الجمع هل من تلائم *** ويا شعث هذا الشعب هل لك من لمّ
هلمّ نعش بالسلم عصراً فإنّنا *** قضينا عصوراً بالتضارب واللدم
تخارس إذا الآذان صُمّت عن الدعا *** فأضيع شيء دعوة الصمّ والبكم
يقولون للإصلاح نسعى وربّما *** طلبتَ الشفا فازددت سقماً على سقم
إذا كانت الأفعال نثراً نظامها *** فلا خير في نثر المقالات والنظم
وكلُّ فتى يبغي العُلى غير أنّنا *** كمقتنصٍ صيداً يروم ولا يرمي
أبثّك يا ابن الأرض في الليل لوعتي *** فأنت أخي فيما أخالُك وابن أُمّي
سعُدت هنئً لمّا بعُدت مسافةً *** كأنّك من شأن الأنام على علم
تباعدتَ عن هذى الشرور فليت من *** نسيمك عيشي أو بتربته جذمي (1)
وإنّي وما في السعد والنحس فكرتي *** ولكن كأنّ النحس كان بها نجمي
يرحّب صدري بالهموم لأنّني *** أرى هممي تخبو فيوقدها همّي
وما عزمتي ناراً بزعمي وإنّما *** حرارة أنفاسي الزعيم على زعمي
سأمتُ حياتي مذ شهدت حقيقتي *** وأيّ حياةٍ تمزج الشهد بالسمّ
ولم أدر علمي نافعي أم جهالتي *** ألا ربّ جهل كان أنفع من علم
أرى أُمماً تدعو العلوم لها أباً *** وفي درس علم النفس أكثرها أُمّي
وما كلّ علم يجلب السعد للفتى *** ویرقی به من وهدة النقص للتمّ
أليكم بني الأديان منّي دعوةً *** دعوتُكم فيها إلى الشرف الجمّ
إلى السلم فيكم والتساهل بينكم *** فيا حبّذا شرع التساهل والسلم
لقطّعتم رحم الإخاء وأصبحت *** جماعتكم شتّى من الطعن والشتم
ص: 6
وما بينكم كم من حقوقٍ شريفة *** وكم تشتكي تلك الحقوق من الهضم
جرحتم شريفات العواطف بينكم *** وذاك الكلام المرّ ينبي عن الكلم
فدونكم (شعري) ولست بشاعر *** ولكن (شعوري) قد تجسّم في نظمي
نظمت لكم أفلاذ قلبي بدعوتي *** وأفرغتها عن قالب الحبّ والحلم
أُريد بكم خيراً وتنحو لشرّها *** نفوس على رغم الحقيقة أو رغمي
وكلُّ سعى نحو الحقيقة جاهداً *** ولكنّما الغايات كانت إلى الوهم
يقولون إنّ الدين فرّق بيننا *** فيا لك من حيف ويا لك من ظلم
وما ادّعي في دعوتي فضل عصمة *** ولا استنزلت لي الشاردات من العُصم
ولكن بها أهديت نصحي قائلاً *** عليكم سلامي دائباً ولكم سلمي (1)
ص: 7
ص: 8
له دعوة الحقّ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
«قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» (1).
«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهيداً * مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ» (2) (وحيّ مُعجز) .
الحمد لله ربّ العالمين وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله وصحبه
وبعد :
فهذا هو (الجزء الثاني من أجزاء الدعوة الإسلامية، وهو يتكفّل بنشر مباحث (الفصل الرابع) في النبوّة .
ولكنّنا إنّما نخوض أوّلاً في أبحاث النبوّة الكلّية، وعموم البعثة، ووجه
ص: 9
الحاجة إليها، وحكم الإحساسات الصحيحة والوجدانات السليمة بها، مقدمةً ومجازاً للدعوة الإسلامية والنبوّة الخاصّة، بعد أن نوفي المقام حقّه من بسط القول في بواعث الرحمة التامّة وعواطف العناية العامّة، ونمهّد الأساس الوطيد لابتناء النبوّة الكلّية والشخصية، حتّى يستبين ويتمثّل لكلّ ذي بصر وبصيرة أنّه ما المراد بالنبي؟ وما وظيفته؟ وما الجهة التي تقتضيه؟ وما الغاية التي تترتّب عليه؟ وما الخاصّة التي تعيّنه ويمتاز بها عن غيره؟ وما هي العصمة؟ وما حقيقة المعجزة؟ وكيف تنخرق بها النواميس الطبيعية، وتنفكّ من جرّائها الأسباب عن مسبّباتها، وتُحوّل الأكوان عن مجاريها، والأشياء عن عاداتها؟ إلى غير ذلك من المباحث العالية والمقاصد الغامضة والنظرات الفلسفية من طريق العقل وسبيل الوجدان والإحساسات الضرورية لكلّ أحد، وهي إمام الدليل والبرهان.
نعم، كلّي النبوّة وإثبات الصانع وتوحيده غايات ما لغير العقل إليها من سبيل أو دليل أبداً.
والاستدلال على صحّة الشرائع أو لزومها بمجرّد أقوالها أو حكمها بذلك بحيث يكون الدليل على الشرع هو السمع - كما ينسب إلى البعض (1) - قولٌ لا ينبغي التعريج عليه ولا النظر إليه ولا الخوض في صحّته وفساده.
إذن فلنحتكك غرائز العقول ونقتفي ونقف على مهابط أضوائها ومساقط أنوائها ومبرمات أحكامها التي لا يجد ذو مسكة (2) عن الالتزام بها خلاصاً ولا مناصاً.
ص: 10
وللإيضاح نمهّد في المقدّمة أُموراً نتوصّل بها إلى الغاية ونقف بعدها على الحقيقة:
[الأمر] الأوّل: أنّ كل إنسان - مهما كان - يعلم من نفسه ضرورةً أنّه قد وُجد في نشأة هذا الكون المحسوس عريقاً ولصيقاً بثلاث صفات هنّ أُمّهات الشقاء وينابيع الخسّة، ولكنّها أسبق شيء إليه وألصق الصفات به وأقدمها عهداً بوجوده، وهي كائنة مع كونه وقبل اتّصافه بكلّ حال وصفة.
كلّ إنسان يعلم أنّه وُجد جاهلاً بكلّ شيء، فقيراً من كلّ شيء، عاجزاً عن كلّ شيء.
جاهلاً حتّى بجهله، فضلاً عن أنّه أين كان، ومن أيّ شيء كان.
فقيراً حتّى من الانتفاع بسمعه وبصره وإحساسه وشعوره، فلا يمتاز عنده لون من لون ولا إنسان من إنسان.
عاجزاً حتّى عن قوت ساعته وساتر بشرته
وأيّ شقاء وخسّة أكبر من هذه؟!
بيد أنّها ضريبة على البشر عامّة وخاصّة لازمة، لا يتملّص أحدٌ منها أبداً، يطوي الوليد على ذلك عدّة من صفحات أيّامه ولياليه.
نعم، قُذف بالإنسان من حالق لا يعلمه إلى هوّةٍ لا يدرك قعرها ولا يسبر غورها ولا يدري إلى أين غايتها، فهو كخابط عشواء في ليلة ظلماء والأنوار محيطة به، سوى أنّه لا يهتدي إلى سبل الانتفاع بها والتمتّع فيها.
فهو بادِئ بدء مجرّد البشرة عادم القوّة أعزل من كلّ سلاح حتّى سلاح
ص: 11
العقل والإدراك، أوّل صوته البكاء، وأقدم إحساسه التألّم، وكلّ ما عنده العوز والحاجة، رجلاه لا تحمله، ويداه لا تطاوعه، الحرّ يشويه، والبرد يرديه، وكلّ الكوائن تؤثّر فيه.
ثم يُدفع إلى تيّار هذا الكون اللجّى ليخوض أمواجه ويشقّ عبابه سائرٌ يريد أن يطوي مراحل ويقطع مجاهل على غير أُهبة السفر ولا تعبية الراحل.
نعم، وأكبر مصيبته الجهل، وأعظم بليّته ضعف العقل، وأوفر متاعه الآمال والشهوات.
أخذ يتدرّج ذلك السائح الضعيف السابح في غمرات هذا الكون، وكلّما نما وشبّ واشتدّ وترعرع أخذت وطأة تلك الخلال الثلاث التي هي أُمّهات شقائه وينابيع بلائه تخفّ عنه من ناحية وتشتدّ عليه من مناحي.
انفتحت له قبل كلّ شيء أبوابٌ خمس من الحواسّ الخمس، فولجت إلى نفسه منها إحساسات جمّة وإدراكات مهمّة ونعم كبيرة ولذّات كثيرة.
ولكن هل خفّفت من شقائه أم زادت في بليّته وعنائه، فأدخلت الهمّ إلى قلبه، والأحزان إلى فؤاده، والأوهام إلى خياله، والأغاليط إلى عقله، وأفقدته أنفس ما كان عنده من الراحة والبساطة والسذاجة والسلامة والهناءة والدعة.
ولم يزل هكذا يتراوح بين الربح والخسران، والزيادة والنقصان، والتعب والراحة، والغنى والحاجة.
فكلّما اتّسع ضاق نطاقه، وكلّما ترفّه اشتدّ خناقه، و (السلاسل قيود وإن كانت من ذهب).
ولست أنزع في مقامي هذا إلى فلسفة أطوار الإنسان وأدواره جنيناً وطفلاً ويافعاً وناشئاً وغلاماً وشابّاً وكهلاً وشيخاً، وما يعتريه من التقلّبات والأحوال
ص: 12
والملكات، واختلافه في المنازع والمطامح حسب اختلاف نشأته وأدوار حياته.
كلّا، فإنّها وإن كانت مباحث شريفة وفلسفة عالية، ولكنّي أجد ما أتوخّاه من القصد يتسنّى بيانه دون اقتحام هذه العقبة أو تولّج تلك اللجّة.
إنّ الغرض الذي أُحاول وضعه أساساً أوّلياً لما بعده ما هو إلّا أمر بمكان من البساطة والوضوح والجلاء والظهور..
ألا وهو: أنّ الإنسان مهما اتّسعت معارفه وارتفعت مداركه واستبحرت علومه وتعاظمت مقدرته وتفاخمت قوّته وانبسطت ثروته وسعته، ما هو بالنظرة الثانية إلّا مغمور بالجهل مرتطم بالعجز مرتهن بالبلاء معقود بناصيته الحاجة والعناء والمشقّة والشقاء.
فإنّنا بالنظرة الأُولى وإن كنّا نحسب أنّ تلك الخلال أمسّ وألصق بالولدان والأطفال، ولكنّنا إذا أنعمنا الفكر وأمعنّا النظر ومحّصنا الجوهريات والحقائق وجدناها في الرجال أشدّ وأقوى وأمرّ وأدهى.
ألا - بربّك الكريم - أيّ إنسان من عامّة البشر تقدر أن تقول عليه: إنّ معلوماته أكثر من مجهولاته، وقدرته أكبر من عجزه، وغناه بذاته أوفر من حاجته؟!
تدبّر هذه الجملة، ثمّ احكم، ولا تبادر بالحكم قبل الغور فيها والوصول إلى أعماق تخومها، فنكون بوادٍ وأنت بآخر.
خذ إليك أشهر العلماء الاختصاصيّين وأكبر الحكماء الراسخين من ذوي الموسوعات والإحاطات بعامّة العلوم من الغابرين والعصريّين، تجدهم كلّما اتّسعوا في العلم والمعرفة تطامنوا إلى الاعتراف بأنّ ما يجهلون أكثر ممّا يعلمون وما خفي عليهم أعظم ممّا ظهر لهم.
ص: 13
أمّا معرفة حقائق الأشياء فدعها ناحية واتركها زاوية، ولا تغترّ بقولهم: (إنّ الحكمة: معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه)، بعد استدراكهم ذلك بقولهم: (بحسب الطاقة البشرية) (1).
والطاقة البشرية دون العروج إلى ذلك الشأو (2) بمسافات عجزت قواهم وقُدرها عن تقديرها، بَلْهَ تصويرها.
خذها عني ناصعةً بيضاء كفلق الصبح: إنّ معرفة حقائق الأشياء بل حقيقة أيّ شيء من الأشياء كنز مرصود ما انحلّت طلاسمه ولا رُقيت عزائمه، وهو من الغيب الذي ما مُلكت مفاتحه ولا فُتحت مغالقه، إلَّا لمن: «عِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ» (3).
وإنّما المتيسّر هو معرفة الأشياء بآثارها ولوازمها لا بحقائقها وجواهرها، وباختلاف الآثار نحكم باختلاف حقائقها، فإنّ تمايز الآثار آية تمايز المؤثّرات، والحقيقة الواحدة ذات أثر واحد، وإلّا لزم الخلف، فتلطّف وتدبّر.
نعم، إذا كان الإنسان على كتلات الليالي وربوات الأيّام لا يزال مستشرفاً مشرأباً يعاني ويجهد في البحث عن معرفة حقيقة نفسه، فلا يزداد إلّا حيرة ودهشة وتقاعساً ودحوراً، وكلّما سعى إليها أحسّ بهاجس يهتف به: عُدْ، فالباب موصود، والطريق مسدود، والطالب مردود! فما ظنّك به لو طلب معرفة غيره من الحقائق؟!
ص: 14
وإذا كان فلسفيّ الغرب يقول: (كمال الإدراك البشري إنّما هو بمعرفة أنّ هناك لا نهاية من الحقائق التي لا ينتهي إليها إدراك) (1).
وفيلسوف الشرق يقول في آخر نفس من حياته: (ما علمنا سوى أنّنا ما علمنا) (2).
ص: 15
والآخر يقول في خاتمة أيّامه:
نهاية إقدام العقول عقال *** وغاية سعي العالمين ضلال
فما بالك بغمار الناس (1) وعامّة السواد، بل والخاصّة والأخصّ؟!
وعبثاً أُحاول تسجيل هذه الجليّة التي لا أحسب أّن أحداً يدافعني عنها أو ينكرها عليّ.
إذن فلنطبع على أذهاننا بالحروف الكبيرة: (إنّ الإنسان جاهل قبل كلّ شيء وبعد كلّ شيء).
الإنسان جاهل بتمام حقيقة اللفظ.
لنرسم على ألواح جبهاتنا أنّ الإنسان - مهما كان جاهل في علمه، عاجز في قوّته، فقير في غناه، فإنّ هذه الحقائق الراهنة فضلاً عن أنّها لو امتزجت أبداً بشعورنا واستحضرتها بصفة دائمة مداركنا لخفّفت من شدّتنا، وكسرت من سورتنا (2)، وأصلحت ذات بيننا، ورحضت (3) معرّة أكثر الصفات الذميمة عن أديم نفوسنا، كالكبرياء والخيلاء والعُجب والغرور والطيش وهلّم كذا وعلى مثل ذا، نعم، فإنّها فضلاً عن ذلك سوف تنفعنا فيما نحن بسبيله، فاتّخذها أوّل حجر في أساس ما سيأتي من المباني إن شاء الله.
ص: 16
الأمر الثاني: أنّ الإنسان الذي قلنا عنه تلك الكلمة، ونعتنا منه تلك الحقيقة، وقذفنا به في هوّة الخسّة والخمول والجهل والخمود، ولا نظن أننّا تباعدنا في ذلك عن الإصابة، ولا أخطأنا شاكلة الغرض، ولا طاش سهمنا عن الهدف، ولكن هل يحسن بنا السكوت على تلك الحقيقة وعدم تعديل هاتيك الخطّة بتعريف الإنسان شيئاً من شأنه ومقداراً من حظّه؛ كي نؤدّي له بعض حقّه، ونريه موقع مركزه من هذه العوالم، ومقامه من هذه الأكوان، ونصيبه من الوجود، وكفاءته في كفّة هذه الحياة، فنكون قد ذكرنا خيره وشرّه وبعض ما له وما عليه، فيجدنا واقفين أمامه موقف العدل سائرين معه على محجّة النصف غير باخسين حقّه ولا غامطين (1) قدره، فعساه إذا عرف ما هو وأين هو وما له ممّا هنالك، نعم، عسى الإنسان حين يعرف شأنه في الوجود وعظيم مقامه في الكون أن تدبّ فيه روح النشاط ويتحرّك في تامور (2) صدره دم الغيرة، فيحافظ على مقامه الكريم ومركزه الوسيط، فلا يندحر عنه رجيماً ويندفع إلى هُوّة الشقاء ذميماً.
الإنسان مهما جهل حقيقته وأعيا عليه معرفة نفسه وفتح كنزه وحلّ رمزه واستكناه جوهرة ذاته، ومهما ضاع عنه سرّ وجوده وضاق ذرعاً بعرفان سريرته، فإنّه لا يجدر به ولا ينبغي له أن يجهل أنّه صفوة الأكوان وخلاصة العوالم وبذرة
ص: 17
الكمالات وثمرة الوجود ومجتمع الحقائق وينبوع الفضائل والغاية التي ما بعدها من الخليقة غاية ولا لسواها من الإيجاد قصد ولا عناية.
ولا تحسبنّها ألفاظاً فارغة وكلمات خالية، فإنّك - أيّها الإنسان - لو سبرت الأكوان وقابلت ما في نسخة العالم الكبير على نسخة عالمك الصغير لرأيتَك نموذجاً له وخلاصة منه.
تجدك جماداً ونباتاً وحيواناً وملكاً، ومادّياً ومجرّداً، وماءً وناراً وهواءً وتراباً، ورحماناً وشيطاناً، وسبعاً وشاةً، وثعباناً وعقرباً، وترياقاً وسمّاً، وهلمّ على هذا من كلّ محسوس ومعقول، وحتي وموات، وساكن ومتحرّك!
أفلستَ - أيّها الإنسان - أنت الذي سخرتَ جميع ما في محيطك من كائنات المادّة ونابتات الطبيعة التي كنتَ كأحدها وأنت وإيَّاها في ذلك شرَعٌ سواء؟! فما فتأتَ أن ذلّلتَ صعابها، وطأطأتَ هضابها، وملكتَ أعنّتها، وذلّلتها لأمرك، وجعلتها تحت حكمك، واستخدمتها في منافعك وشؤونك.
سخّرتها لك في كلّ شيء، واستخدمتَ منها كلّ شيء على مرور الدهور وأزليات الحقب، وما استخدمك منها شيء، ولا سخّرتك منها عزيمة، ولا امتنعت عليك منها شاردة.
فلم يستعص عليك برّ ولا بحر، ولا أرض ولا سماء، ولا ماء ولا هواء.
فشاركتَ الوحوش في فلواتها، وسابقتَ الطيور في أجوائها، وخضتَ مع الحيتان في غمراتها.
فأنت مع كلّ شيء، وليس معك شيء. نعم، على ناموس (ردّ الفعل).
بينا أنت المتصرّف في الخليقة والمتنفّذ في مواليد الطبيعة، إذ ثأرت منك فرضها، واستردّت قرضها، وتصرّفت فيك كتصرّفك فيها، ولعبت بك فوق
ص: 18
ألاعيبك بها، وحكمت عليك ولا كحكمك عليها، وما عتمت أن ألقتك في مهبّ حوادثها وتصاريف صروفها، ولا كالريشة في مهبّ العواصف والذرّة في زعزعة الريح القاصف تتدافعك من صحّة إلى سقم، ومن نتاج إلى عُقم، ومن فرح إلى حزن، ومن يسر إلى عسر، ومن شبيبة إلى مشيب، ومن قوّة إلى ضعف، ومن جمع إلى شتات، ومن حياة إلى ممات، حكم القاهر الجائر والحاكم الظالم والقاسي المستبدّ، لا بل خبط عشواء ووطأة عجماء، لا تعلم حتّى ترحم، ولا تسمع حتّى تنفع!
هنالك - أيّها الإنسان - تهدأ نعرتك (1) وتسكن فورتك، تتطامن إلى أرض الهوان منكسراً ذليلاً!
وبينا أنت متقلب في غمراتها مستسلم لأمواج تيّارها لا تملك لنفسك دفعاً ولا نفعاً، راجعت وجدانك وناجيت ضميرك وسألت ذاتك: من أين أتيتُ؟ وأين كنتُ؟ وإلى أين سأكون؟ وماذا يُراد بي؟ وماذا يُراد منّي؟
ولكن لا تجد سوى الحيرة أو السكوت منها جواباً، وعندها ترجع إلى تلك الحقيقة التي أنبأناك أن لا محيص لك عنها، فتقول حقّاً: (الإنسان جاهل في علمه، عاجز في قوّته، فقير في غناه).
ولكن على كلّ ذلك، فهل تجد الإنسان وانياً عن كفاحه، ملقياً لسلاحه، باخعاً (2) تحت أعباء الطبيعة، خاضعاً إلى الاستسلام لها والهدوّ والسكون طوع مشيئتها، مصطبراً لسيطرتها، تصرّفه كيف شاءت وتجري عليه حكمها كما
ص: 19
أرادت؟
كلّا، ثمّ كلا، إنّ بين جنبيه وفي رأسه جوهرين مجرّدين عن فواعل الطبيعة مؤثّرين فيها غير متأثّرين بها، فاز بهما الإنسان، وحُرمت هي منهما، فبقيت ضِماراً (1) لا توجد وجماداً لا تحسّ.
الإنسان ابنها بالأمس، ومليكها اليوم، وإلاهُها في الغد.
أفيجديه ذلك درءاً لخطوبها ودرعاً لصروفها وجنّةً له من وخزات حوادثها و نخسات كروبها ومبيدات زعازعها وكاسحات قوارعها؟! من لك - أيّها الإنسان - بقلبٍ فولاذيّ كلّما رضخته رواضخ الطبيعة بصخورها ازداد صلابة واشتدّ تماسكاً؟!
من لك بالثبات الذي تقف به أمام تلك الزعازع راسخ القدم ثابت الجنان هادئ البال، تزول الرواسي ولا تزول، وترتجف الخضارم ولا ترتجف؟!
من لك أن تقف ريثما تسكن زوابعها وتركد أعاصيرها، ويعود سمومها لك نسيماً وجاحمها نعيماً؟!
من لك بذلك وأنت ذاك الترِفُ الغضّ الذي اغتررت بغضارة العيش ونضرة النعيم وزخارف الطبيعة، وركنتَ إلى الدعة، وألفتَ الراحة والسعة، ولم تحسب لغير هذا الحال حساباً ولا أعددت لغيره عتاداً، حتّى تفاجئك تلك الملمّات بغتة وتأخذك على غرّة، فتندهش لها مذعوراً وتموت بين يديها قبل موتك رعباً؟!
فأنت في بُلهنية (2) العيش وعنجهية الغرور، وهي من ورائك بالمرصاد، لا
ص: 20
تدفعها عنك مدافعك، ولا تدمّرها دون تدميرك مدمّراتك، ولا تحلّق بك عنها في سكائك الهواء طيّاراتك، ولا، ولا!
إذاً فإلى أين المفرّ؟ وما هو اللجأ والوزر؟ وكيف لنا بتحصيل السبيل إلى الأمن من هذه الأخطار التي تتهدّدنا وتتنهّد في كلّ حينٍ لنا؟!
عمرُك الله! أللشقاء خُلقنا وللعناء وجدنا، إمباءة للبلاء (1) ودريئةً للأرزاء، ومناحي للمحن ومصبّاً للمصائب؟!
إن كانت هذه هي الغاية من كياننا وهي مبلغ جهدنا ومنتهى السرّ من وجودنا، فحيّ على الانتحار يا بني آدم! حيّ على الموت بالإرادة أيّها الإنسان قبل الموت بالطبيعة، فإنّه أولى لك وأحرى بك، وأملك لراحتك وأمكن بخلاصك!
لا، ولكن هوناً عليك وعلى رسلك، فقد ذهب بك اليأس إلى مذاهب القنوط ونبذك الهلع إلى مهاوي الغموط.
وهكذا أنت - أيّها الإنسان - لا تزال في جنف وانحراف إلى الأطراف، إمّا إلى طرف التفريط أو الإفراط، وقلّما تقف على الأوساط!
وتلك إحدى عظائمك، بل أحدّ سخائمك (2)، بل أشدّ رزاياك ومصائبك!
أنت - أيّها الإنسان - نُشوء الرحمة لا السخط، ونتاج الرأفة والحنان لا القسوة والشنان (3).
أنت بالرحمة أُنشأت، وإلى الرحمة سوف تصير.
ص: 21
أنت للسعادة خُلقت، وإلى السعادة يمكنك المسير.
أنت بالعناية كنت، وبالعناية ديرك اللطيف الخبير.
أنت كما أنبأناك - بذرة السعادة، وفيك ينبوع ماء الحياة ودوحة ثمر الكمال.
ولكن كيف لك بالتربة الصالحة لتُغرس فيها، والتربية الصحيحة لتنشأ عليها؟!
وأنّى لك بالزراعي الماهر ليحرثك ويسقيك ويستغلّ لك ما فيك؟!
فمنك الداء وفيك الدواء، وعندك السعادة ومنك الشقاء!
ولكن من لك بمن يدفع هذا بذاك، ويصف لك داءك ودواك، لا بل يقتل داءك بدوائك، ويفلّ بسعادتك حدّ شقائك، ويصنع لك صنع من طبّ لمن حبّ، ويشفق عليك ولا شفقة أُمّك وأبيك، ويحافظ عليك حفاظ الجفن على إنسانه والصدر على جنانه؟!
من لك بالنطاسى الحاذق الذي تكون أنت على ثقة من معرفته بدخيلة أمرك ونخيلة سرّك وأُصول محاسنك وجذور مساوئك؟! الذي يعرف فضلك وفضولك، وفروعك وأُصولك، وسرّك وجهرك، وما به تعديل عناصرك و توازن تراكيب أسناخك وأمشاجك، فيربّيك التربية الصحيحة، ويغرسك في التربة الصالحة، ويشذّب فضولك وزوائدك، ويستثمر بذورك وأعوادك، ويجعلك هيكل السعادة ومجسّمة الهناء وسلطان الطبيعة ومفتاح كنوز المادّة؟!
أمّا التربية والتهذيب والتثقيف والتشذيب والتكميل والأدب واللدانة والتمرين فالحاجة إليها اليوم ومن ذي قبل قد بلغت إلى مكانٍ من الضرورة والظهور عاد القول فيها والحثّ عليها من الفضول، وليس الإنسان وحده في
ص: 22
أمسّ الحاجة إليها وأشدّ الارتباط بها والفقر لها، حتّى كأنّها هي هي الإنسان لا غيرها، بل ذلك سارٍ في جلّ أو كلّ ما في عالم الشهادة والساريات في صراط الانتقال والحركة.
أيّ أرض تُستغل ولم تُحرث، وأيّ شجر يثمر الطيّب ولم يشذّب، وأيّ حديد يقطع ولم يسنّ ولم يُذرب (1)، وأيّ جوهر يعانق جيد الحسناء أو يرتقى قمّة التاج ولم يُسوّ ويثقب، وأيّ طائر يطرب بشدوه ولم يدرّب؟!
نعم، ربّما تغلط الطبيعة أو يشاء صانعها إظهار قدرته، فتوجد الحسن الكامل المستغني عن مدّ يد التحسين إليه والتكميل له، بل تعجز كلّ يد وكلّ قوّة عن حكايته وتقليده وتصويره وتمثيله، كجناح الطاووس وأزهار الربيع وألحان بعض السواجع من الطير، ولكنّه نادر، والنادر لا يقاس عليه.
وعلى أيٍّ، فإنّ الطبيعة الخرقاء والمادّة الصّماء العمياء تعجز عن أن تلد المهذّب الصالح الذي لا يحتاج إلى تعديل واصطناع.
وهذه ضربة على كلّ مواليدها وأبنائها لا يزال نتاجها خداجاً في نقص وتشويه وفوضى وتشويش، حتّى يستلمها الكائن الذي هو أرقى منها قدراً وأسمى مقاماً المجرّد عن لوثتها وخسّتها وعماها وجهلها، وهو جوهر العقل المجرّد الشاعر الحسّاس، فإنّه إذا دخل ما بينها واستلم شيئاً منها لمّ من شعثها وأصلح ما شاء من أمرها، حتّى أصبح يريك المعجب المدهش منها، ويبدي لك كلّ يوم طرفةٌ من الغرائب التي تخالها نوعاً من الإعجاز أو ضرباً من السحر.
وما هذا الكائن المحسوس المنتصب القامة المتسمّي: بالإنسان، وما
ص: 23
أدريه أهذا هو أم لا؟! نعم، كيف كان الإنسان، فما هو إلّا أحد كائنات المادّة وفرد من أفرادها يجري عليه ما يجري عليها.
فالتربية والتهذيب ضروريّة له، وإلّا فهو وحش من الوحوش، أو حشرة من الهوامّ، أو دابّة من الأنعام: «إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا» (1).
ولكن الشأن أنّه مَن هو المربّي له والقمين بإصلاحه؟ ومن هو الطبيب النطاسي الخبير بدائه ودوائه الذي نكون على ثقة من صدقه ومعرفته ونأمن من خطأ خطواته وزلّة أفكاره؟
من ذا الذي نجعله مهيمناً على نفوسنا ونضع في يده أيدينا متطامنين آمنين على هدوٍّ وسكينة وثقة وطمأنينة، لا نخشى أن يزلّ في سيره بنا إلى سبل السعادة، فيهوي بنا إلى هوّة الهلكة ومتالف الهوان ومعاطب الشقاء، فإنّ الطريق دقیق والفجّ عميق، والسير مخوف والعقبات أُلوف؟!
والتربية التي نوعز إليها ونقول عنها ليست هي التربية الفردية ولا البيتية أو العائلية، وإنّما نعني بها: تربية النوع وسنّ قوانين إصلاحية لعامّة البشر على اختلاف الدهور والعصور وترامي الليالي والأيّام.
وعليه فلننظر هل في تلك العقول البشرية والمدارك المادّية التي صنعت في الكون ما أبدعت وبرعت به وقرّبت بالإبداع والاختراع كلّ بديع وبعيد، ولكن هل تستطيع أن تنهض بتلك الوظيفة وتقوم بذلك العبأ؟
هل يستطيع العقل المجرّد من جهةٍ المادّي من أُخرى أن يكون هو المصلح العامّ والمربّي الكلّي والمهذّب للنوع؟
ص: 24
هل في وسع العقول وملكوتها أن تسنّ لنا الشرائع والنواميس التي تتكفّل بصالح شؤوننا في: الحاضرة والآخرة، في الآداب والأخلاق، في الاكتساب والاقتصاد، في الحدود والمجازاة، في القصاص والديات، في المعاملات والحيويات من المطاعم والمشارب وتمييز النافع منها والضارّ والمؤثّر منها في سوء الأخلاق وفساد الطباع، أو الأمراض المزمنة والآلام الموبئة ولو بعد حين، وما لا يؤثّر شيئاً من ذلك؟
هب أنّ ندوة الشورى جمعت لك عقلاء العالم لهذه الغاية من سنّ القوانين وتشريع الشرائع، ولكن من لك بأن يتّفقوا؟! وإن اتّفقوا فمن لك بأن يصيبوا؟! وإن أصابوا فمن لك بالثقة بإصابتهم حتّى تطمئن القلوب وتسكن النفوس وتتمشّى تلك الشرائع في الناس رغبة واختياراً لا إكراها وإجباراً وقسراً وقهراً؟!
على أنّ دون وقوع كلّ واحدة من هذه الفروض بل دون إمكانها لعقبات كؤود (1) ومهامه (2) سود، لا يخترقها الوهم ولا يطرقها الخيال ولا يأتي عليها وميض الخطرات.
أيّ عقل يخترق بنوره غيابة المستقبل الحالك ومغبّة هذا الكون المدلهم الذي كأنّما هو ذلك البحر اللجىّ الذي: «يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ» (3)؟!
أيّ نافذ فكر يستطيع اقتحام ظلمات الغد ليجعل لأُمم المستقبل شرعة ومنهاجاً، يضع لها مشروعاً يلائم طباعها ويناسب أذواقها ويوافق مقتضيات
ص: 25
أحوالها ومناسبات شؤونها، ويضع في عهدته كلتا سعادتيها وتمام شؤون نشأتيها؟!
أنّى للعقول بذلك فضلاً عمّا لو حاولت أن تجعله واحداً لكلّ العصور ولجميع الشعوب ولقاطبة الأُمم؟!
هذا ممّا يستحيل أن تهمّ به العقول أو يخطر لها على بال.
إنّ هذه العقول البشرية إذا توجّهت تلقاء تلك الظلمات وأرادت أن تلتمس علم شيء من المستقبل وقفت حيرى متبلّدة، لا تسمع لها حسيساً (1)، ولا ترى لها حركة، ولا تخطو إلى الأمام خطوة واحدة إلّا أن تتوكّاً على أعواد قصبية من إعمال القواعد الجفرية أو الرملية أو التعويل على التفرسّات والتهجّسات من حدس أو تخمين!
ولا أدري أتخطو على ذلك خطوتين أم ثلاث، تعوّج فيهما أم تستقيم؟!
طال بنا المقام ونخشى أن نشطّ عن القصد وتفوت الغاية.
والقصارى: أنّ المتحصّل لنا من تمهيد هذين الأمرين الأساسيين عدّة نتائج، لا نظنّ أنّ في واحدة منها مجالاً للشكّ أو موضعاً للارتياب:
الأُولى: أنّ الإنسان - مهما كان - لا تزال تكتنفه وتحيط به دوائر من الشقاء، ألصقها به وأقربها إليه وأقدمها عهداً فيه دائرة الجهل والعجز والفقر.
الثانية: أنّه وإن كان بطبعه في أسفل دركات الخسّة، ولكنّه بجوهري عقله ونفسه مستعدّ لأعلى درجات الكمال والعزّة ومتأهّل للعروج إلى أقصى مراتب السعادة.
ص: 26
الثالثة: أنّه في أحوج ما يكون إلى التربية الصحيحة في التربة الصالحة.
نعم، وأشدّ من ذلك حاجته إلى المربّي الكامل الجامع لصفات مخصوصة وعلامات معلومة.
الرابعة: أنّ ذلك المربّى لا يسعنا أن نفترضه هو عقل الإنسان بنفسه، ولا عقول سواه من عامّة البشر حتّى ولو اجتمعوا قليلاً أو كثيراً وكان بعضهم لبعض ظهيراً.
فاحتفظ على هذه النتائج، وانتظر لتمام الكلام في:
الأمر الثالث من الأُسس والدعائم: وذاك أنّك ربّما وقفت على أوليات الجزء الأوّل وسبرت بحثنا مع المادّيين والدارونيين، ولا ارتاب أنّك إذا تدبّرت تلك المواضع وتلوتها حقّ تلاوتها لا يبقى عندك خلجان ريبة ولا ضربان شكٍّ بأنّ وراء هذا العالم المحسوس والمادّي المشاهد قوّة مجرّدة مدبّرة حكيمة أزلية قديمة مختارة مريدة هي الصانعة لهذا العالم وكلّ كائناته من الدقيق والجليل والكثير والقليل، وليست الطبيعة إلّا إحدى النابتات في أرض إرادتها المقدّسة والمسخّرات بأمرها والدائنات لحكمها.
وهذه المادةّ، أو الأثير، أو السديم، أو الجواهر الفردة، أو النيشر، أو ما شئت فسمّها، ما هي وجميع ما منها إلّا أصغر منشآت تلك الإرادة وأخصر عوالمها وأضعف مخترعاتها وأدنى إبداعاتها، ونسبتها من سائر العوالم الحيّة الروحانية نسبة حصى المثانة من الإنسان، جمادٌ في حسّاس ومواتُ في حيٍّ! (حاشا الإنسان الكامل).
ص: 27
وعلى أيّ، فلا أحسبك تريد أن تشقّ عليّ في الكرة والإعادة لما مضى على أتقن قواعده ومبانيه.
إذن فضع إلى جنب ذينك الأساسين القريبين أساساً ثالثاً أعلى وأجلى وأتقن وأمكن، ألا وهو: (أنّ للعالم صانعاً حكيماً.
ونعنى من نعته بكونه حكيماً: أنّ كلّ أفعاله وإبداعاته على نواميس الحكمة وأُصول الرحمة وقوانين العدل وموازين الصحّة والاستقامة ومكائيل الإحسان والفضيلة، وأنّه (جلّت حكمته) ما خلق الخلق عبثاً ولا جزافاً، وما أو جدهم ليجهدهم ظلماً وإجحافاً، ما كوّنهم للشقاء والتعاسة والعناء والمهانة، ما خلقهم ليريهم نعيمه ويملأ بهم جحيمه، ويعمل فيهم قوّة الغضب ويسلّط عليهم سطوة الرهب!
لا، ثمّ كلّا، تقدّس وتعالى عن كلّ ذلك، فإنّ البراهين الساطعة والآيات النيّرة عرّفتنا أنّه منزّه عن كلّ قبيح.
إنّ ما تحكم ضرورة العقول بقبحه تحكم باستحالته عليه حسبما استبان لك في مباحث التوحيد من الجزء الأوّل من أنّ وجوب وجوده مستلزم لكماله وعدم تطرّق النقص إليه بوجه من الوجوه (1).
وأيّ قبيح أقبح عند أرباب العقول من الظلم أو العبث أو الإيذاء بغير عوض أو جزاء؟!
وعليه فلا محيص من أن يكون الإيجاد والخلق لمنفعة وفائدة ما، وتلك الفائدة ليست إليه عائدة؛ لغناه بذاته عن كلّ شيء، واحتياج كلّ شيء إليه،
ص: 28
والمستفيد المنتفع ناقص يطلب كماله ويصلح بالانتفاع حاله، والواجب (جلّ شأنه) غنى كامل، بل فوق حدّ الكمال بما لا يتناهى عدّة وشدّة ومدّة، وليس فيه حالة منتظرة ولا صفة متغيّرة، وإلّا لم يكن واجباً، وهو غير الفرض.
والمصلحة والغاية لابدّ منهما تجافياً عن العبث، ويستحيل أن تعود إليه تجافياً عن الاستكمال والنقص، فلا محالة عائدة لخلقه جوداً منه وكرماً وتعالياً وعِظَماً.
ومن هنا ظهر الوجه فيما يقال من: أنّ أفعاله (تعالى) غير معلّلة بالأغراض (1).
نعم، هو حقٌّ ؛ فإنّ الغرض ما يستكمل به صاحبه، وهو (جلّ شأنه) منزّه عن الاستكمال، بل هو فوق حدّ الكمال.
ولكن هناك غرض لا بهذا المعنى، وإن ضايقت فما شئت فسمّه، وهو: أنّ الشيء يحبّ ذاته ومظاهر صفاته الكمالية. وهذا ضروري فطري يجده كلّ أحد من نفسه ووجدانه، وهو ذاتيٌ لا يعلّل: «كنت كنزاً مخفياً، فأحببت أن أُعرف، فخلقت الخلق لكي أُعرف» (2) (3)، «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا
ص: 29
لِيَعْبُدُونِ» (1)، أي: ليعرفون، كما في تفسير أُمناء الوحي (2).
وفي هذا الحديث الشريف لطائف معارف كنّا نهمّ بالإشارة إلى بعض لمعاتها، ونظراً إلى ما يجدر باللبيب اعتباره أحجمنا عن ذلك، وحيث نجد أنّ العقل العامّى عن إتمام هذا المقام وعن إدراك حقيقة الغرض متجافٍ، فهذا القدر منه كافٍ وأولى بنا من استيفاء شرح الغاية.
والغرض أن نعود إلى استيفاء غرضنا وننظر ماذا حصل عندنا من تلك الأساسيّات الثلاث، وما تمهّد لدينا من المقدّمات.
وها هي نتلوها سرداً عليك لترى إلى أيّ شيء تضطرّك ولأيّ غاية تقودك وتؤدّيك:
الإنسان جاهل عاجز فقير.
الإنسان محتاج إلى التربية الصحيحة التي تخفّف وطأة شقائه وتقوده إلى سعادته.
الإنسان محتاج إلى المربّي والمصلح الخاصّ لعامة البشر.
عقل الإنسان غير كافٍ لتربيته، وعقول غيره في هذه الجهة عاجزة كعقله.
اتّفاق العقول لا يتّفق، وإن اتّفق لا يجدي.
ص: 30
الإنسان له صانع حكيم، خلقه لغاية شريفة وحكمة قائمة وسعادة دائمة لا لشقاوة لازمة.
إذن - والحال على ما ترى - فهل يصحّ أو يسوغ لذلك الصانع الحكيم أن يهمل هذا الخلق الضعيف ويتركه سدى؟! وهل يحسن منه أن يكله إلى نفسه، وهي في أشدّ العجز، أو الى غيره، وهم عنه أعجز؟!
كلّا، ثمّ كلّا، وهيهات هيهات!
وبكلمة: أنّه حيث ثبت آنفاً - بمقتضى وجوب وجوده وقيوميته - أنّه (تعالى) قادر حكيم جواد لتقدّسه عن العجز والجهل والبخل فضلاً عن الظلم والعبث والعيث، ومن المعلوم ضرورة أنّ أهمّ المنافع لعباده - بعد نعمة إيجادهم - نظم أُمور معاشهم ومعادهم، ودلالتهم على أسباب صلاحهم وفسادهم؛ لتتمّ لهم النعمة وتكمل بذلك عليهم المنّة.
ومن المتبدّه أيضاً قصور عقولهم عن إدراك مضارّهم ومنافعهم ومفاسدهم ومصالحهم، وضعفهم عن تعيين كلّيّاتها فضلاً عن تشخيص جزئياتها ؛ لغلبة الشهوات الحسّية على الجهات العقلية ؛ لأنّ كلّ احد هو حيوان قبلما هو إنسان، وجسماني شهواتي قبلما هو ملك روحاني.
ومن الواضح أيضاً كونهم قاصرين وغير لائقين لمحاورة عظيم سلطانه ومجاورة رفيع عرشه وأركانه ليستمعوا حديث كلامه وقديم تبيانه ؛ لأنّهم من التراب وإلى التراب: (وأين التراب وربّ الأرباب؟!)، فحاجة الخلق إلى ما يوصلهم إلى كمالهم، ويدلّهم على رشدهم وضلالهم، مع عدم قابليتهم بحسب نقص استعدادهم وضعف موادّهم عن تحصيل مرادهم إلهاماً أو وحياً أمراً أو نهياً، كلّ ذلك يوجب على الحقّ والجواد المطلق - بمقتضى لطفه الثابت المحقّق - أن
ص: 31
يجعل بينه وبين خلقه وسائط وسفراء، نسمّيهم: رسلاً وأنبياء، يليقون من جهةٍ لاستماع كلامه وتلقّي وحيه وإلهامه، ومن جهةٍ أُخرى لتبليغ مراده إلى جملة عباده.
فهم في الصورة والحقيقة بشر، وهم في الحقيقة من عوالم أُخر: «وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ» (1).
ومن المعلوم أنّ المشاكلة والجنسية لها في التبليغ أعظم مدخلية، بل لا يكاد الغرض يحصل بدونها.
وحينئذٍ فلو أخلّ الواجب (تقدّس شأنه) بذلك كان إخلالاً منه بالغرض في إيجاد الخلق، ونقض الغرض قبيحٌ من العاقل، فكيف من واهب العقل؟! والمبدأ الفيّاض لا بخل فيه ولا نقص يعتريه: «بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء» (2).
وهذا ما توخّيناه لك من السبيل لإثبات النبوّة العامّة وضرورة الحاجة إلى كلّية البعثة، وقد رأيت كيف تحكم الإحساسات الصحيحة والوجدانات السليمة بها.
وقد سلكنا بك إليها من أسهل طرقها وأقرب مباديها بحيث لا ترى فيها مقدّمةً معقّدة تنعقد بشيء من الاصطلاحات الفلسفية، أو ترتبط بالمباحث الكلامية، أو تستعين بما يدقّ فهمه ويعسر على العامّة علمه.
أمّا المتكلّمون فقد سلكوا إليه من طرق شتّى وأنحاء مختلفة أهونها وأبينها ما ملخّصه: أنّ مجيء رسول من البشر عن الله (تعالى) ممكن عقلاً خلافاً
ص: 32
للبراهمة الزاعمين،امتناعه، وإذا كان ممكناً وادّعاه ذو المعجزة وجب تصديقه (1).
ونحن لا يهمّنا أن يكون صحيحاً أو مشتملا على شيء من الخلل، ولا حاجة بنا إلى بسط الكلام فيه بعد تجلّي الحقيقة ونصوعها بما هو أسهل منه منالاً وأصفى سجالاً.
نعم، إنّ الذي يحسن أن يُكلّل به هذا المقام ويُزيّن ويُجلى ويبيّن بل الذي يليق أن يُجعل درّة تاجه وطراز ديباجه وغرّة عنوانه وطرّة ديوانه هو كلام أئمّة الدين وورثة النبيّين، فإنّهم أعلم به وأعرف بأسبابه، وأمكن بالحجّة والبيان وأملك للدليل والبرهان، فالماء أصفى من ينبوعه، والعضب (2) أمضى في يد قريعه.
روى ثقة الإسلام (الكليني) (3) في كتاب الحجّة من (الكافي)، عن (هشام ابن الحكم) (4)، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السّلام: أنّه قال للزنديق الذي
ص: 33
سأله: من أين أُثبّت الأنبياء والرسل؟ قال عليه السّلام: «إنّا لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق وكان ذلك الصانع حكيماً متعالياً لم يجز أن يشاهده خلقه ولا يلامسوه فيباشرهم أو يباشروه ويحاجّهم ويحاجّوه، ثبت أنّ له سفراء إلى خلقه يعبّرون عنه إلى عباده ويدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه المعبّرون عنه (جلّ وعزّ)، وهم الأنبياء وصفوته من خلقه حكماء مؤدّبين بالحكمة مبعوثين بها غير مشاركين للناس - على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب - في شيء من أحوالهم مؤيّدين من عند العليم الحكيم بالحكمة، ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهر وزمان بما أتت به الرسل والأنبياء من الدلائل والبراهين لكيلا تخلو الأرض من حجّةٍ يكون معه عِلمٌ يدلّ على صدق مقالته وجواز عدالته» (1) انتهت كلماته النورانية المشتملة على حقيقة الإيمان اليمان والحكمة اليمانية.
وقد حظت و تكرّمت كريمتاي بهذا الحديث الكريم بعدما نفثت اليراعة ما قدمناه، وحين متّعتُ النظر به وجدتُ كلّ ما نمّقته من كثب إنّما هو مضمون هذا الحديث الشريف، لا بل كلّ ما نمّقناه إنّما هو لمحة من لمحاته ولمعة من قبساته.
ص: 34
ولقد أحسن بعض الحكماء المحقّقين (1) حيث ذكر ما حاصله: أنّ لكلٍّ من الحكماء والمتكلّمين والعرفاء والصوفية والظاهرية وغيرهم من أهل الأذواق والمشارب المختلفة طريقاً لإثبات النبوّة غير طريق الفرقة الأُخرى، وكلّاً تراه من الوثاقة بالقبول أجدر وأحرى، وهذا الخبر الشريف - على وجازته واختصاره - أشار إلى تلك الطرق بأجمعها ولوّح إلى تلك المسالك على اختلافها وتشعّبها (2).
حتّى قال ما نصّ عبارته بالفارسية:
(واگر فلاسفة أقدمین را استماع این کلام مقدّس ممکن میشد هر آینه إقرار مینمودند بمعجزة بودن این کلام قدسی نظام (که جان تشنه داند قیمت آب) (3).
أقول: تالله إنّ هذا الحكيم قد أحسن النظر في هذا الخبر، فتأمّله إن كنت من أهل ذلك تجد كلّ فقرة منه مقدّمة لبرهان أو جزءاً من برهان أو نتيجة له، لا بل قد استوعب مهمّات كلّ مباحث النبوّة بهذه الفقر الوجيزة والكلم المعدودة حيث عيّن مكان الحاجة والضرورة إلى بعثة الأنبياء، وبيّن ما هي وظيفتهم، وما
ص: 35
علامتهم وميزتهم، وما برهانهم وحجّتهم إيعازاً إلى العصمة وإيماءً إلى وجوب المعجزة.
انظر ما أنفس قوله: «غير مشاركين للناس - على مشاركتهم لهم في الخلق والتركيب - في شيء من أحوالهم»، وقوله: «مؤيّدين من عند الحكيم بالحكمة»، وقوله «لكيلا تخلو الأرض من حجّةٍ يكون معه عِلمٌ يدلّ على صدق مقالته».
وذو اللبّ لا تخفى عليه مواضع البَهر والإعجاب، ولا تضيع عنه الخواصّ والمزايا من هذا الحديث، فنحن نحيل ذلك إلى الفِطَن والمدارك، ونصرف واردة البحث والبيان إلى نظريتين من أشراط النبوّة ولوازمها: ننظر تارةً في العصمة، وأُخرى في المعجزة. ونوجز القول في التمحيص عن حقائقهما والأسباب التي لا تدع في النبوّة بدّاً منهما.
وإرادة، لا عن عجز وعدم استطاعة مدّة العمر أو من حين قيامه بذلك المنصب الخاصّ.
فغير الأنبياء والأوصياء من الأمثل فالأمثل بهم قد يكونون معصومين كما سبق، ولكنّهم غير واجبي العصمة.
وأمّا تلك السلسلة التي هي القدوة العامّة والقبلة العظمى فيجب ذلك فيها عقلاً كأصل وجوب بعثتها، وإلّا لزالت الثقة وانتقض الغرض.
والناقص وإن كان أكمل من غيره، ولكن الأجدر به من التعرّض لإصلاح غيره أن يقوم بإصلاح نفسه ويشتغل بتكميل نقصه ويبدأ بتنزيه ذاته ولا يعترض الأنقص، كي لا يقرفه بذنبه ويدفعه بعيبه ويردّه بمثل نقصه.
فحقّاً - والعيان والوجدان بعد العقل أعدل شاهدين - أنّه لا تتسنّى وظيفة التكميل ولا تتيسّر الغاية من التهذيب إلّا للمهذّب الكامل والمستقيم العادل الأملس الأديم النقي الجلد العفيف الذيل الطاهر الإزار من كلّ الأوزار.
ومن جري ما هنالك نقول: إنّ المبعوث إلى الأُمّة أو المستلم وظيفته يلزم أن يكون أكمل أفرادها وأفضل شخوصها وأنبل ذواتها في: حسبه ونسبه، وآدابه وأخلاقه، وأدواحه وأعراقه، وعلومه ومعارفه، وخلقه وخلائقه، وكلّ شيء يُتحسّس منه أو يُتعقّل عنه.
ولا يعاضل ذلك ما هو المعلوم من تفاوت الأنبياء والرسل في مراتب الفضل ودرجات الزلفى والكرامة؛ فإنّ التفاوت في مدارج الكمال ومعارج المعارف غير النزاهة من الأدناس والرذائل والأسواء والنقائص، وليس التفاضل فيما ههنا بل ما هنالك، فاثبت وتثبّت.
أمّا العصمة في العقائد والتبليغ والفتوى - بمعنى: الحكم في الموارد
ص: 37
الجزئية والوقائع الشخصية على طبق أحكامها الكلّية لا بمعناها المصطلح - فقد اتّفقت طبق ضرورة العقول قاطبة المسلمين بجميع عناصرها وشعوبها - عدا ما ينسب إلى بعض الخوارج عن ربقة الإسلام - على وجوبه ولزومه في الأنبياء وشعبتهم، فلا يصدر الخطأ منهم في شيء من تلك الأُمور لا عمداً ولا سهواً من حين قيامهم بتلك الوظيفة إلى منتهى أعمارهم الشريفة (1).
وأمّا العصمة في أفعالهم وأحوالهم في ذات أنفسهم فقد اتّفق أصحّاء النظر على لزومها مع الالتفات (2).
فالمكلّل بتاج تلك الكرامة الإلهية يمتنع - فيما نرى - أن يقع منه خلاف الواقع عمداً حتّى في عمل نفسه وما بينه وبين ربّه، ولا يخرج عن دائرة التكليف وخطّة الآداب والمكارم من حين صباه إلى آخر عمره.
وأمّا وقوع خلاف الواقع منه أو غير الصحيح سهواً فالترجيح والأغلبية على عدم وقوعه أيضاً.
وقد تصاغر في المعرفة بعض أكابر المحدّثين، حيث جوّز السهو على المعصوم في فعل ما يخصّه بنفسه من أعماله وتكاليفه (3)، وتبعه على ذلك
ص: 38
ص: 39
ص: 40
شذّاذ (1) متشبّثين بظواهر أخبار مردودة، بنفسها، فضلاً عن إباء العقل إيّاها.
وبكلمةٍ: إنّ العصمة لهم عليهم السّلام ثابتة في جميع ذلك بما أنّها ممكنة في ذاتها، ولا يحصل تمام الغرض أو الغرض التامّ من البعثة والرسالة إلّا بها، فلا محيص من ثبوتها حينئذٍ.
فتجويز بعض الأُمم وقوع الخطايا من الأنبياء باستثناء واحدٍ أو بغير استثناء غير ناشئٍ إلّا من قصور الفكر عن فلسفة معنى النبوّة، وإلّا فطباع النبوّة لا يجتمع مع الخطيئة، وكلّ ما هو ظاهر في ذلك من دليل النقل القطعي فمأوّلٌ أو متجوّز فيه، قلّ ذلك أم كثر.
وما ذكرناه من وجوب العصمة هو من إحدى ألطاف قاعدة اللطف المعبّر عنها تارةً: بما تتمّ به الحجّة، وأُخرى بما يقرّب إلى الطاعة ويبعّد عن المعصية.
وهو بمعنى واحد؛ إذ المراد بالمقرّب والمبعّد: ما يعود إلى البيان وقطع العذر، وما تتمّ به تبعات التكليف ونتائجه من المدح والذمّ والثواب والعقاب،
ص: 41
فذلك ما يجب منه (تعالى) بقاعدة اللطف والذي تشترك به عامّة المكلّفين، لا ما يعود إلى سائر الجهات الخارجية التي قد يتّفق مدخليتها في الطاعة أو المعصية، كأن يجعل الله هذا غنياً ليتوصّل بالغنى إلى القربات، أو يجعل ذلك فقيراً ليفرغ للعبادة ولا يشتغل بالثراء عن الطاعة، أو نحو ذلك ممّا يندرج في هذه الجملة. فإنّ كلّ ذلك له أسباب أُخر، ولا دخل لهذه القاعدة به، فإنّها ترجع إلى قطع العذر وإزاحة العلّة، فتدبّر ولا يشتبه الأمر عليك فتبادر بالإيراد من سوء فهم المراد، وليكن لك في هذا القدر مقنع وكفاية من القول عن العصمة، والله (سبحانه) أسأل أن يعصمنا وإيّاك - أيّها القارئ الكريم - من العثرات إن شاء الله.
وأمّا المعجزة وقبل الحكم والبرهنة عليها نأخذ في التعريف عن الموضوع.
والقول الشارح: إنّها الواقعة من الفعل البشري التي يعجز عن الإتيان بمثلها أبناء جنسه حتّى ممّن ساواه في جميع جهاته البشرية وكمالاته الكسبية.
وإيجازها: أنّها الفعل الربوبي الصادر من واحد خاصٍّ من البشر مقرون بالتحدّي ودعوى النبوّة، وذاك كلّ ممتنع عادي ممكن ذاتي، كإحياء الموتى، وقلب العصى إفعى، وما أنعطف على هذا النسق.
فالسحر وأشباهه من كلّ اختراع بشري وإبداع كوني ليس من المعجزة في شيء؛ لأنّه غير ممتنع عادي ولا فعل ربوبي، كالخلق والإحياء والإماتة، وما هو أعظم منها، كالتعجيز في الكلام للبرعة فيه والمهرة به، ولا يعجز عن الإتيان بمثله مماثله.
ص: 42
وسيأتي لهذه القيود إطلاق بيان فيما سيأتي إن شاء الله.
وحيث تصوّرنا الموضوع - ولو على الجملة - فنقول: إنّ الإعجاز في النبوّة هو الدعامة التي تُدعم بها، بل أساسها الذي تبتني عليه ونبراسها (1) الذي لا يُستضاء إليها إلّا به، ومن اللطف الواجب الذي لا تتمّ إلّا به الحكمة، ولا تكمل إلا به العناية، ولا يحصل إلّا بعد حصوله الغرض.
حتمٌ على الحكيم أن يؤيّد رسوله إلى عباده بعلامة وآية منه تدلّ الأعمى والبصير والعربي والأعجم والذكي والأبكم أنّ هذا المدّعي للرسالة صادقٌ في دعواه محقٌّ في مقالته؛ لتتمّ به الحجّة وتقوم به البيّنة وتحصل به الثقة، فيجب على ذلك المبعوث إعلام الخلق برسالته أوّلاً، وإظهاره المعجزات ثانياً.
ثمّ يجب بحكم عقولهم في وجوب دفع الضرر المحتمل الذي قد اتّفقت عليه أرباب العقول - خلا من سدّ باب حكم العقل - وهو أحد الدوافع الطبيعية والزواجر النفسانية لكلّ ذي إحساس يحافظ على سلامة كيانه ويبتعد عن مؤلماته ومهالكه. وبهذا الدافع الطبيعي والسائق الغريزي يندفع اندفاعاً قسرياً ويجد في ضميره حكماً عقلياً بلزوم النظر في معجزة مدّعي الرسالة والصادع بتلك الدلالة، ثمّ وراء النظر تلزمه الحجّة بما يجده في وجدانه وما تسكن إليه نفسه ويحكم به عقله من صحّة تلك المعجزة وأنّها فعل ربوبي وآية إلهية وحجّة قاطعة تعجز عنها البشر وتنحطّ دونها القوى والقُدر وتنحسم بها بواعث الشكّ والارتياب وعوابث الوسوسة والاضطراب، أم ليست هي بذاك، فتمام الحجّة عليه إنّما هو بحسب ما يتمّ له ويقوم عنده: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا» (2).
ص: 43
وكلّ هذا جلىٌّ ظاهر أكثر حاجته إلى التنبيه والإيماء لا إلى البسطة والاستقصاء إنّما اللبثة والريثة والأناة والفكرة في فلسفة المعجزات وأنّ وقوعها في الكون وطلاعها في الوجود هل هو على نظم سلسلة الأسباب والمسبّبات ونسق جري العلل والمعلولات، أم تنخرق بها تلك النواميس ولا يكون جريه على تلك الموازين ويعود قولنا بأنّه خارق للعادة قول بتمام معناه وبكلّ حقيقته.
وقد اصطكّت هنا ملحمةٌ نظرية وشبّت وغى جدلية بين فيلسوفين من مشاهير فلاسفة الإسلام وكبار جهابذتهم: (أبي حامد الغزالي) (1)، و (ابن رشد الأندلسي)، فكلّاً أخذ طرفاً ومال عن الآخر جانباً، حتّى اتّسعت بينهما مسافة الخلف، وتباعدت مناحي الفهوم ومرامي الآراء، وضاقت العرى على من أراد بينهما الجمع والتوفيق.
وجديرٌ أن نذكر نزراً من كلام كلّ منهما، بحرفه، ثمّ نردفه بما ينفسح لنا من النظر وما يتسع من رجاء الوئام بينهما وجمعهما على غاية واحدة.
إنّ (أبا حامد) - بعد أن استهدف آراء الفلاسفة في كتاب: (التهافت) وردّ عليهم بما شاء وحفظ شيئاً وغابت عنه أشياء (2) - انتقل إلى الطبيعيات، فقال ما حرفه:
(أمّا الملقّب بالطبيعيات فهي علوم كثيرة نذكر أقسامها؛ ليُعرف أنّ الشرع ليس يقتضي المنازعة فيها ولا إنكارها [إلّا] في مواضع... وليس يلزم مخالفتهم
ص: 44
[شرعاً] في شيء من هذه العلوم، وإنّما نخالفهم منها في أربع مسائل:
الأُولى: حكمهم بأنّ هذا الاقتران المشاهد [في الوجود] بين الأسباب والمسبّبات اقتران تلازم بالضرورة، فليس في المقدور ولا في الإمكان إيجاد السبب دون المسبّب، ولا وجود المسبّب دون السبب) (1).
وأثر هذا الخلاف يظهر في جميع الطبيعيات.
ثمّ - بعد أن شدّد النكير على ذلك (2) - قال:
(وإنّما يجب علينا إنكار هذا القول؛ لأنّه ينتفي به إثبات المعجزات الخارقة للعادة من قلب العصا ثعباناً وإحياء الموتى وشقّ القمر.
ومن جعل مجاري العادات (يعني بها: النواميس المتعارفة والأسباب الاعتيادية) لازمة لزوماً ضرورياً أحال جميع ذلك، وأوّلوا ما في القرآن من إحياء الموتى، وقالوا: أراد به إزالة موت الجهل بحياة العلم.
وأوّلوا تلقّف العصا السحر السحرة بإبطال الحجّة الإلهية الظاهرة على يد (موسی).
وأمّا شقّ القمر فربّما أنكروا وجوده، وزعموا أنه لم يتواتر) (3).
و بعد أن ذكر عن الفلاسفة رأيهم في المعجزات وأنّها خواصٌّ في القوى المتخيّلة والعقلية والنفسية (4)، قال:
(نحن لا ننكر شيئاً من ذلك... وإنّما ننكر اقتصارهم عليه ومنعهم قلب
ص: 45
العصا ثعباناً وغيره، فلزم الخوض في هذه لإثبات المعجزات، ولأمرٍ آخر، وهو نصرة ما أطبق عليه المسلمون من أنّ الله تعالى قادر على كلّ شيء) (1).
وشرع في البحث، فقال:
(الاقتران بين ما يعتقد في العادة سبباً وبين ما يعتقد مسبّباً ليس ضروريّاً عندنا، فليس من ضرورة وجود أحدهما وجود الآخر، ولا من ضرورة عدم أحدهما عدم الآخر، مثل: الري والشرب، والشبع والأكل، والاحتراق والنار، والنور والشمس، والموت وحزّ الرقبة والشفاء وشرب الدواء، وإسهال البطن واستعمال المسهل، وهلمّ جرّاً، إلى كلّ المشاهدات من المقترنات في الطبّ والنجوم والصناعات والحرف.
وإنّ اقترانها إنّما هو لما سبق من تقدير الله (سبحانه) لخلقها على التساوق، لا لكونها ضرورياً في نفسه غير قابل للفرق.
بل في المقدور خلق الشبع دون الأكل، وخلق الموت دون حزّ الرقبة، وإدامة الحياة مع حزّ الرقبة، وهلمّ جرّاً، إلى جميع المقترنات.
وأنكر الفلاسفة إمكانه وادّعوا استحالته) (2).
ثمّ سجّل ذلك في مثال الإحراق قائلاً:
(إنّ النار جماد لا فعل لها، فما الدليل على أنّها الفاعل في الإحراق؟!
ليس لهم دليل إلّا مشاهدة حصول الاحتراق عند ملاقاة النار، والمشاهدة تدلّ على الحصول عنده ولا تدلّ على الحصول به وأنّه لا علّة سواه) (3).
ص: 46
ثمّ أطنب وأسهب في تقريب تلك الدعوى وتسجيلها وإيراد الأمثال والضرائب لها (1) بلطائف الأساليب وسحر البيان الذي كان للغزالي منه ومن شدّة العارضة وسلاطة اللسان أوفر نصيب! وما فتأ يصرف أعنّة الخطابة والإقناع في ذلك، حتّى انتهى إلى قوله:
(نجوّز أن يلقى شخص في النار فلا يحترق، إمّا بتغيير صفة النار أو بتغيير صفة الشخص، فيحدث من الله (تعالى) أو من الملائكة صفة في النار تقصر سخونتها على جسمها بحيث لا تتعدّاها وتبقى معها سخونتها وتكون على صفة النار حقيقتها، أو يحدث في بدن الشخص صفة ولا يخرجه عن كونه لحماً وعظماً فيدفع أثر النار، فإنّا نرى من يطلي نفسه بالطلق (2)، ثمّ يقعد في تنّور موقد، فإنّه لا يتأثّر بالنار. والذي لم يشاهد ذلك ينكره... وفي مقدورات الله عجائب وغرائب، ونحن لم نشاهد جميعها، فلا ينبغى أن يُنكر إمكانها ويحكم باستحالتها.
وكذلك إحياء الميّت وقلب العصا ثعباناً ممكن بهذا الطريق.
وهو: أنّ المادّة قابلة لكلّ شيء، فالتراب وسائر العناصر يستحيل نباتاً، ثمّ النبات يستحيل عند أكل الحيوان له دماً، ثمّ الدم يستحيل نطفة، والنطفة توضع في البطون، فتخلق حيواناً.
وهذا - بحكم العادة - واقع في زمان متطاول، فلِمَ يُحيل الخصم أن يكون في مقدورات الله (تعالى) أن يدير المادّة في هذه الأطوار في وقت أقرب ممّا عهد
ص: 47
فيه؟! وإذا جاز في وقت أقرب فلا ضبط للأقلّ، فتستعجل هذه القوى في علمها ويحصل به ما هو معجزة النبي.
فإن قيل: هل تصدر هذه من نفس النبي، أو من مبدأ آخر من المبادئ عند اقتراح النبي؟
قلنا: الأولى بنا وبكم إضافة ذلك إلى الله (تعالى) إمّا بغير واسطة أو بواسطة الملائكة، ولكن وقت استحقاق حصولها انصرفت همّة النبي إليه وتعيّن نظام الخير في ظهوره لاستمرار نظام الشرع) (1).
وحسبنا من كلامه هذا القدر، فإنّ (أبا حامد) وإن استوسع وأطال المقال في إثبات ما أراد من عدم التلازم بين الأسباب والمسبّبات، ولكن خلاصة كلّ ما ذكره - على اختلاف أنحائه وضروب أساليبه - لا يخرج ولا يتباعد عن تلك الكلمات الآنفة التي اخترنا نقلها من جميع مقالاته الضافية ومباحثه الطائلة.
وكأنّ هذه الدعوى التي يجهد ويشتدّ حرصاً على إثباتها إنّما هي شعبة من مسألة خلق الأفعال وأنّ أفعال العباد هل هي من فعلهم، أو من فعل الله (تعالى) عند إرادتهم لها.
وإن لم تكن هي تلك أو منها فما أشدّ الشبه والتماثل بينهما.
وكأنّ (الغزالي) بناها على ما هو الأصل هناك عنده وعند إخوانه الأشاعرة من: أنّ الأفعال ليست من فعل العباد، بل من فعله (تعالى)، وللعباد فيها (الكسب) (2).
ص: 48
ذلك اللفظ الذي لم يظهر إلى اليوم حقيقة معناه على الوجه الذي يذهبون إليه، ولا نفهم كعامّة أهل اللسان من قوله (تعالى): «وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ» (1) وأمثالها إلّا المعنى الجلي الظاهر، وهو: ما فعله الإنسان وحصله بإرادته ومباشرته. وهم يريدون من الكسب سوى ذلك.
وعلى أيٍّ، فليس الغرض هنا الخوض في هذه الغمرة بعدما خضنا لُجّتها وكشفنا غُمّتها في أُخريات الجزء الأوّل من هذا الكتاب (2)، وأقمنا البراهين الجليّة التي لا تُدفع على أنّ الأفعال كلّها من فعل العباد بإقدار الله للعبد على الفعل والترك، وباختياره يترجح أحدهما على الآخر، وبذلك يصحّ اتّصاف الإنسان بالقدرة.
ويتّسع لنا القول بمثل هذا في سائر الفواعل الطبيعية سوى أنّها فواعل قسرية لا إرادية.
ونعود إلى استيفاء البحث بنقل كلام ابن) (رشد) الذي ناقض به فلسفة (الغزالي)، وهدّ بحديد أفكاره دعائمها، فإنّه قد أصاب المحزّ وطبّق المفصل (3) وإن كان لا يخلو من بعض المؤاخذات عليه، ولكنّها غير ضائرة بجوهر غرضه.
فمن بعض كلامه في: (تهافت التهافت) بحرفه:
(أمّا إنكار وجوب الأسباب الفاعلة التي تشاهد في المحسوسات فقولٌ سفسطائي.
والمتكلّم بذلك إمّا جاحد بلسانه لما في جنانه، وإمّا منقاد لشبهة
ص: 49
سفسطائية عرضت له في ذلك.
ومن ينفي ذلك فليس يقدر أن يعترف أنّ كلّ فعل لا بدّله من فاعل.
أمّا أنّ هذه الأسباب مكتفية بنفسها في الأفعال الصادرة عنها أو بما تتمّ أفعالها بسبب من خارج إمّا مفارق أو غير مفارق فأمرٌ ليس معروفاً بنفسه، وهو ممّا يحتاج إلى بحث وفحص كثير) (1).
وما انفكّ يتقعّر ويتعمّق في فلسفته إلى أن خدش حرمة الأدب بالصراحة، وقال:
(فما أتى به أبو حامد في هذا الباب مغالطة سفسطائية) (2).
وقال:
(والعقل ليس هو شيئاً أكثر من إدراكه الموجودات بأسبابها، فمن رفع الأسباب فقد رفع العقل، وصناعة المنطق تضع وضعاً أنّ ههنا أسباباً ومسبّبات، وأنّ المعرفة بتلك المسبّبات لا تكون على التمام إلّا بمعرفة أسبابها، فرفع هذه الأشياء مبطل للعلم ورافع له) (3).
ثمّ أخذ في التعقيب على كلام (أبي حامد) وسائر المتكلّمين، فقال:
(فإنّه يلزم أن لا يكون ههنا شيء معلوم أصلاً علماً حقيقياً، بل إن كان فمظنون، ولا يكون ههنا برهان ولا حدّ أصلاً.
ومن يضع أنّه ولا علم واحد ضروري يلزمه أن لا يكون قوله هذا ضرورياً.
وأمّا من يسلّم أنّ ههنا أشياء ضرورية وأشياء ليست ضرورية وتحكم
ص: 50
النفس عليها حكماً ظنّياً وتُوهم أنّها ضرورية وليست ضرورية، فلا ينكر الفلاسفة ذلك.
فإن سمّوا مثل هذا عادة جاز، وإلّا فلا أدري ما يريدون باسم (العادة)؟!
هل عادة الفاعل، أو عادة الموجودات، أو عادتنا عند الحكم عليها؟
ومحالٌ أن يكون الله عادة، فإنّ العادة ملكة يكتسبها الفاعل توجب تكرار الفعل منه على الأكثر، والله (عزّ وجلّ) يقول: «وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً» (1)) (2).
وبعد أن استوفى الكلام في هذا المقام انتقل إلى مسألة الإحراق، وحصّر إنكار (الغزالي) في موضعين:
الأوّل: أنّه يمكن أن توجد هذه الصفات للموجود ولا تؤثّر فيه، مثل النار، فإنّها يمكن أن توجد الحرارة ولا تحرق.
والثاني: أنّه ليس للصورة الخاصّة بموجود موجود مادّة خاصّة (3).
يريد (ابن رشد) بهذا مسألة تعاقب الصور السيّالة المترابطة بعضها ببعض التي لا تنسحب صورة منها إلّا إلى أقرب الصور إليها، كالجمادية إلى النباتية، وهي إلى الحيوانية، وهي إلى الإنسانية، وهكذا.
ثمّ فصّل في هذين الموضعين، فقال:
(أمّا القول الأوّل فإنّه لا يبعد أن تسلّمه الفلاسفة له، فلا يمتنع أن تقترن النار بالقطن مثلاً في وقت ما فلا تحرقه إن وجد هنالك ما إذا قارن القطن صار
ص: 51
غیر قابل به للاحتراق) (1).
وأمّا مسألة الصورة والمادّة الخاصّة فقد تصلّب فيها، وقال:
(إنّه شيء لا يقدر المتكلّمون أن ينفوه) (2).
وجرى في رهان البيان، إلى أن قال:
(مثال ذلك: أنّ الأسطقسات (3) تتركّب حتّى يكون منها نبات، ثمّ يغتذي منه الحيوان، فيكون منه دم ونطفة، ثمّ يكون من النطفة حيوان، كما قال (سبحانه): «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ» (4).
فالمتكلّمون يقولون: إنّ صورة الإنسان يمكن أن تحلّ في التراب من غير هذه الوسائط التي تشاهد.
والفلاسفة يدفعون هذا ويقولون: لو كان ممكناً لكانت الحكمة في أن يُخلق الإنسان دون هذه الوسائط، ولكان خالقها بهذه الصفة هو أحسن الخالقين وأقدرهم.
وكلّ واحد من الفريقين يدّعي أنّ ما يقوله معروف بنفسه.
وليس عند واحد دليل على مذهبه، وأنت فاستفت قلبك، فما أنبأك فهو غرضك الذي يجب اعتقاده، وهو الذي كُلّفتَ إيَّاه) (5).
ص: 52
هذا ما اخترنا نقله من كلام هذا الفيلسوف.
ونحن لا نريد أن نكثر عليك من نقل ما هو عتيد عندك سهل المأخذ عليك من كلامهما، كما أنّنا لا نستوسع البحث في التعرّض لهفوات كلّ واحد منهما، ولا نتوغّل في تحرير هذه النظرية على ما يليق بها من بيان الفروق بين: العلّة التامّة وغير التامّة، والسبب وغير السبب، والمانع والشرط، والعلّة المنحصرة وغير المنحصرة، والفاعل المركّب والبسيط، والمادّي والمجرّد، وما يصدر عنه الفعل وما يقوم به، والمادّة والصورة، والغاية وما منه الغاية، إلى غير ذلك ممّا تتكفّل ببسطه الأُمور العامّة من العلم الأعلى.
ولو أردنا أن نقف الهوينا عند هذه الأُمور ونعرّج على البحث فيها بمقدار ما يستبين به مواضع النظر من كلمات ذينك النابغتين لخرجنا بالضرورة عمّا نحن فيه ووقعنا في مهمه (1) شاسع ووادٍ عميق غير مرتبط كثيراً بمباحث النبوّة.
ولكن بالحري أن نستوفي البيان ونغرق نزعاً في تخليص ما يتعلّق بالمعجزات وتمحيص الحقّ الصراح من تلك المساجلات.
لا يرتاب المتطلّع في تلك الفقرات أنّ محور النزاع بين ذينك الباحثين إنّما يدور على جوهريةٍ واحدة، وهي: أنّ الأسباب هل هي المؤثّرة في مسبّباتها والفاعلة في مفعولاتها، أم المؤثّر هو أمر غائب معقول مقارن للفاعل المشاهد المحسوس، وهذه المقارنة هي التي صحّحت نسبة التأثير إلى ما هو المشاهد وإن لم يكن له مسيس علاقة به وارتباط أبداً؟
ومن طريق آخر: هل وجود السبب بذاته يستلزم وجود المسبّب ضرورةً
ص: 53
استلزاماً ذاتياً لا اتفاقياً واقترانياً، أم لا يستلزم ذلك إلّا من باب الاتّفاق والغلبة التي تفيد الظنّ بحكم غلبة العادة، أمّا ذات السبب فليس لها اقتضاء ذلك في المسبّب؟
أمّا (أبو حامد) فبما أنّه أشعريٌّ يرى أنّ هذه الأفعال الكونية طبيعية أو إرادية كلّها أفعال جائزة لا ترتيب لها ولا نظام ولا علّية ولا معلولية تقتضيها طبائع الموجودات أو عزائم الحيوانات، ولكنّه يحكم أنّ هذه الأفعال تظهر مقترنة بالحيّ الذي في الشاهد وإنّما فاعلها الحيّ في الغائب، ويجحد هو وحزبه الأسباب المحسوسة، ويرون أنّ علّة المحسوس أمر غير محسوس، وعلى ذلك يبني أمر المعجزات، وكأنّه يتراءى له أنّها لا تصحّ إلّا على هذه المزعمة.
أمّا (ابن رشد) فبما أنّه فيلسوفٌ فهو يرى أنّ الأشياء كلّها مرتبطٌ بعضها ببعض على نظام متقن وإبرام،محكم، وكلها أسبابٌ ومسبّباتٌ وعللٌ ومعلولاتٌ مترامية متسلسلة حتّى تنتهي إلى علّتها الأُولى وفاعلها الأزلي الذي أودع في كلّ كائنٍ خاصٍّ اقتضاءً خاصّاً وسببية خاصّة، فإذا أثّرت أثرها وأعملت وظيفتها فذلك الأثر مستند إليها على الحقيقة والواقع، لا إلى سبب غائب وأمر معقول.
أمّا المعجزات فهي عنده جارية على مجاريها الطبيعية غير خارجة عن نوامیسها الأوّلية وإن كانت على خلاف العادة فيها باعتبار بعض صفاتها من سرعة وإبطاء وظهور وخفاء.
وحيث قد اتّضحت مقالة الفريقين ومزاعم الخصمين إذن فاستفتٍ قلبك فيما هو الحقّ منها، كما أوعزه إليك (ابن رشد).
ولا أظنّ قلبك السليم عن غواشي الشبهات يفتيك بتلك الفوضى والشتات، ولا يذعن للحكم بقطع الصلة بين الأسباب والمسبّبات، ولا يركن إلى
ص: 54
تصوّر أنّ نسبة كلّ الأشياء إلى كلّ الآثار نسبة واحدة وعلى حدٍّ سواء.
كما أنّي لا أكاد أقتنع بأنّ ذلك العارف المتبحّر (أبا حامد) ممّن تعزب عنه تلك الجليّة، فيفترض أنّ نسبة الماء والنار إلى الإحراق مثلاً نسبة واحدة، ليس في طباع واحد منهما اقتضاء له ومناسبة معه، ولا في طباع الآخر منافرة عنه ومضادة له، سوى أنّ الله (تعالى) جرت عادته أن يوجد الإحراق عند ملاقاة النار لبعض الأجسام من دون أن تكون في طباعها جهة اختصاص تستدعي ذلك على خلاف طبيعة الماء.
لا جرم أن لا يكون معزى كلامه ذلك وإن كان ظاهراً فيه.
كلّا، فإنّ باب الصرف والحمل لواسع. وما أكثر ما تقصر الألفاظ عن بيان تمام المقاصد، فيكون الظاهر شيئاً والمعني غيره.
ومن السائغ أن يكون مرمى نظره ومباءة قصده إلى كون ما في الشاهد من المؤثّرات ليست هى العلّة التامّة وإن كانت مقتضية، ولكن من الجائز أن يصادف وجودها وجود المانع، فيبطل تأثيرها وإن كان حدوث ذلك المانع ليس في المشاهد المحسوس.
وكما أنّها ليست هي العلّة التامّة، فكذلك ليست هي السبب الوحيد والعلّة المنحصرة.
فالافعى التي يكون على الغالب سبب وجودها التولّد من المثل يمكن أن يكون لها سبب آخر في المادّة يوجد في العصى أو في الطين، فتوجد بالخلق الفجائي.
وهذه هي الغاية التي يرمي إليها مناظره الفيلسوف، وتتحصّل من ملامح كلماته وإن لم تكن صريحة فيه.
ص: 55
و قصارى ما عندنا في حقيقة الإعجاز: أنّه ليس خرقاً في النواميس الطبيعة، وإنّما هو تصرّفٌ فيها وتدبيرٌ لها وحكمٌ عليها.
وليس من البعيد عنك ولا الشاسع عليك تصوّر ذلك بعد أن عرفت في مباحث إثبات الصانع من (الجزء الأول) أنّ الطبيعة محكومةٌ لا حاكمة، ومدبَّرةً لا مدبّرة، ومقهورةٌ لا قاهرة (1).
وإذا كان امتلاك الشعور والإحساس بالمنوّم المغناطيسي، واستحضار الأرواح من طريق علمي، وجعل الماء جليداً جمداً بالعمل الصناعي، وحبس المطر بالصدحة، وكثير من نظائرها، كلّ ذلك ممكناً واقعاً فبالأجدر والأحرى والأحقّ والأولى أن يكون انقلاب النار برداً وسلاماً، وانشقاق البحر رهواً، وانقلاب العصا إفعى، وإبراء الأكمه والأبرص، وتسبيح الحصى، وتظليل الغمامة، والإعجاز بالبيان، كلّها أيضاً من الحقائق الراهنة والأُمور الواقعة.
وإذا كانت القوى البشرية والصناعة العلمية والعملية تقدر على مثل تلك الأُمور، فبالأحقّ والأولى أن يسهل ويهون على القوى الروحية والقدرة الأزلية ما هو أعظم وأعلى من ذلك.
كيف! وما فتأت يد القدرة تنفذ مشيئتها فى الطبيعة بما يُحسب أنّه خرقُ لنواميسها ونقصٌ لمبانيها وأُسسها.
أليس بقاء السمند [ل] (2) والياقوت في النار، وابتلاع النعامة
ص: 56
للجمر (1)، واستطابة بعض الوحش للحنظل المهلك للإنسان، أليس كلّ ذلك وكثير من ضرائبه وأمثاله ممّا يعدّ في بادي الرأي أنّه خرقٌ للنواميس وفتقٌ في القواميس، مع أنّه واقعٌ محسوس ومعاينٌ مشهود.
وكم في حقائب الحقائق من عجائب غرائب قد حال دونها الجهل ولم يصل بعد إليها العقل! ولو كشفها العلم وبلغت إليها المدارك لأنحلّت عُقَدٌ كثيرة وهانت مصاعب خطيرة، ولظهر أنّ المعجزات من أهون ما صنعته يد القدرة وأدنى ما أبدعته لباقة الحكمة.
وفي هذا القدر من البحث والبيان عن فلسفة الإعجاز غنىً وكفاية لذوي البصائر والدراية، وما التوفيق إلّا بالله.
وحيث انتهى بك السير والسبر إلى هذه المرحلة، وعلمت أنّ الله (جلّت عظمته) لم يكن ليترك خلقه غُفْلاً، ولا ليهلكهم جهلاً، ولا ليشقيهم في الحياة وحشيةً وذلّاً، ولا يدعهم كالعُجم السائمة والبُهم السارحة، بل حتمٌ في لطفه وكرمه وجميل عنايته وحكمته أن يرسل إليهم من لدنه رسلاً مكرّمين ورجالاً صالحين ومصلحين يجلّلهم بطيلسان الحكمة ويصونهم بأبراد العصمة ويتوّجهم بتيجان الكرامة والمعجزة.
إذا علمتَ كلّ ذلك فلا أُزيدك علماً بأنّه (جلّ شأنه) قد أسدى هذه المنّة، ووفّى حقّ هذه الفضيلة، وأحسن الصنيع بتمام تلك النعمة، فلم يزل على مرور
ص: 57
الدهور وأُلوف الأحقاب وفي ثنايا العصور في البرهة بعد البرهة والفترة بعد الفترة يبتعث لإصلاح عباده وعمارة بلاده أملاكاً مقدّسين، ولكنّهم في الصور على أزياء البشر، فيقيمون بين ظهراني الأنام يتجوّلون في الآفاق يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق. سوى أنّهم يتفانون على تلك الغاية ويتهالكون في ذلك السبيل ويضحوّن كلّ غاياتهم وأميالهم على مذبح الصالح العامّ والنفع البشري، ثمّ يخرجون من الدنيا خفافاً عيابُهم ثقيلة بالحسنات موازينهم مشكورةً مساعيهم مقدّسة آثارهم.
ص: 58
ما وجد الإنسان نفسه في هذا الوجود كائناً حيّاً وهيكلاً محسوساً وشاعراً مدركاً إلّا ووجد الدين سائداً عليه منفوثاً في ضميره قائماً بوجدانه حيّاً بحياته مسوطاً بلحمه ودمه عنايةٌ عظمى ونعمة كبرى وحكمة باهرة لا يحيط بها الوصف ولا يأتي عليها البيان.
لم تزل للأديان السيادة في هذا الكون حتّى في أظلم عصوره وأوحش ظلماته حقّاً كانت أم باطلة، صحيحة وقعت أم فاسدة.
وكيف كان أو يكون فإنّنا نجد في دلالة العقل وبرهنة الحقيقة أّن العناية لا تزال مصروفةً إلى صالح هذا الخلق الضعيف القوي العاجز القادر الجهول العليم الملك الكريم الوحش البهيم. ما فتأت تلك العناية التي أبرزته من خزانة الخفاء وكتم العدم تعمل في تدبيره وتسعى في صالحه، فترسل إليه من ملكوتها وخاصّة رجالاتها والمتخرّجة على روح تعاليمها سفرة بررة بأيديها صحفٌ مطهّرة، من كلّ طبيب دوّارٍ بطبّه، خبیر بحزبه، مسيطر على قومه، نطاسي بدائهم وأدوائهم، واقف على كامن عللهم وخفيّات دخائلهم وغور مهالكهم، مكين من سبر أعماق جروحهم وطيّات جوارحهم. قد أحضر مراهمه وأحمى مواسمه، عرف المرض والمزاج، فهيّأ العدّة والعلاج وجعل نفسه وقفاً على تلك الغاية ورهناً بذلك الغرض.
وكلّ ناظر في جوهريات الأديان نظرةً مجرّدة مفتكر في أُصولها بفكرة
ص: 59
سليمة يجدها - على اختلافها وتشعّباتها - ترمي إلى غاية واحدة ومقصد فذّ، يجدها - وإن تباعدت - متقاربة، ويعلم أنّها - وإن اختلفت - متّفقة، متصالحةً على تنازعها متلائمةً على تنافرها.
لا أُريد أن أُعيد عليك ما أفصحت عنه الصحف ونشرته لك الكتب وأنبأك به الباحثون والمنقّبون والجهابذة المصلحون من أنّ غاية الشرائع والقصد الجوهري من الأديان ما هو إلّا بثّ الفضيلة وكسح الرذيلة والتحفّظ على حياة هذه الروح الإلهية المودعة هي فيك كما هي مودعة في أخيك.
أزيدك بياناً: أنّ هذه النفحة الإلهية التي أنت بها حيّ بل أنت بها إنسان ليست هي وحدها وديعة الله عندك وأمانته لديك، بل هي سواء وروح أخيك التي هي شعبةٌ من دوحك وشظيّةٌ من لوحك وسلالةٌ من ينبوعك وفصيلةٌ من قطيعك. فهما جوهرتان في يدك، وأنت بهما مطالب وعنهما معاً مسؤول.
ليس الغرض من الأديان والشرائع إلّا سعادة هذه الأرواح وصونها من أن تُزهق ظلماً، أو أن توسع هضماً، أو تبقى سادرة (1) هاملة تعيسة جاهلة محرومة من كرامة العلم وشرف المعرفة، بل لتعيش سعيدة وتحيا حياة كريمة وتنتقل إلى عيش أهني ومقام أسنى.
كما لا تزال تنتقل بها العناية من عالم إلى خير منه، ومن مكان إلى أفسح منه.. من العدم إلى الوجود، من الصلب إلى الرحم من الرحم إلى هذا الفضاء الفسيح والكون الوسيع.
وعساها تنتقل إلى ما هو أوسع منه وأهني وأسمى وأسنى.
ص: 60
ما الأديان والشرائع إلّا وسائل وذرائع لتهذيب البشر من الشرّ وطبعهم على الخير، وأن يعيش الإنسان مع أخيه الإنسان بالسلم والموادعة والحسنى والمجاملة وإن تنوّعت جلدتهم واختلفت منازعهم.
فإن قضت لهم البواعث والدواعي دعوة أحدهم غيره إلى ما هو عليه ممّا يعتقده صواباً ويراه لنفسه ولغيره صلاحاً فليكن دعاؤه عن خالص نصيحة وشفقة صحيحة، ودافع حنان ورحمة، قولاً ليّناً وبُشراً بيّناً، ومجادلة كما أمر الله (1) - بالتي هي أحسن.
وبالجملة: أعود ثانياً فأقول ما قلته أوّلاً: الدين - بعد معرفة صانعك وما أراد بك ومنك - هو: أن ترى كلّ روح هي روحك، ولكن في غير جسدك، فاعمل لروحك ما تحبّ أو دّع.
ولو نفّست عن اليراع أن يجري في هذه الحلبة ليأتي من كلّ دين وشريعة بشاهد أو شواهد على أنّ هذا هو جوهرها المجرّد وحقيقتها الضائعة وضالّتها المنشودة وغايتها المقصودة والذي لا توعز إلّا إليه ولا تدلّ إلا عليه، لوفي واستوفى وانكفأ وما استكفى.
ولكنّي لا أُريد أن أُطيل عليك بما هو جليٌّ لديك، إن لم تكن محيطاً بكلّه فما أحطت به منه مقنعٌ لك ودليلٌ على ما سواه.
وإنّما أُريد أن أقف معك على ضفاف هذا المنهل الرائق والمورد العذب، ونقضي العجب في أنّه كيف تحوّرت الأديان عن صبغتها الأُولى، وتحوّلت صورتها عن حقيقتها الجوهرية، وبرز أهلها على غير شاكلتها، ونهجوا على ضدّ
ص: 61
مشاريعها ومناهجها، فنثروا في الصدور بذور الأضغان وتنابذوا باسم الأديان، فصار يقتل بعضهم بعضاً، ويستحلّ قومٌ دم آخرين، فحوّلوا الفضيلة رذيلة، والمجاملة مخاتلة، والموادعة مخادعة، والحسنة فحشاء، والحبّ بغضاء؛ إزهاقاً لتلك الروح الإلهية واللطيفة القدسية، وإماتةً لعواطف إخوانهم في
البشرية.
كلّ ذلك بصبغة المحاماة والنصرة للدين، والدين يضجّ إلى الله والحقيقة من هذه الفظائع، ويبرأ من مثل هذا المحامي والحميم براءة التحريم.
يشهد الله والأديان أنّها ما أساعت بحالٍ سفك الدماء وإزهاق النفوس، وإنّما أوجبت الدفاع، وحفظ الكيان، ودرء الشرور، وحياطة الجامعة عمّا يتهدّدها من الأخطار وينذرها بالتلاشي والانحلال، كما سندلّك على ذلك في موضعه بعون المشيئة (تعالى شأنها).
وهذه نفثةٌ جرى بها القلم، وما كانت من القصد، وإنّما المعني بالبيان: أنّ التاريخ جمع فأوعى، ولكن ضاق وسعه وقصر شوطه عن إحصاء كلّ ما هبط على هذا البسيط من الشرائع الإلهية على أُوليات الدهر وغوابر الأزمان، بعد علمنا أنّ الدين حليف الإنسان قد وجد مع إيجاده وسوف لا يزول إلّا بزواله، ولكن معهد التاريخ ما أتحفنا بما يوسعنا علماً ومعرفة بتفاصيل تلك الشؤون إلّا ما نتطلّعه من وراء مساتيره ومن خلال ثناياه وأطراف زواياه كأشباح ضئيلة وأفلاذ متبعثرة.
فمن الأديان ما انطمس ودرس ولم يبق في العالم من ينتسب له ويعتزي إليه، ومنها ما لم يبق منه سوى الاسم والنحلة، أمّا الحقيقة فلا عين منها ولا أثر.
ولعلّ من ذلك المذاهب التي نشأت في غير آفاقنا ونبعت في محيطٍ سوى
ص: 62
محيطنا من أقصى الهند أو الصين أو غيرهما، وتلك كمذهب (برهما) (1). و(بوذا) (2)، و(كونفوشيوس) (3)، وكثير من أضرابهم ممّن تؤثر عنهم حكم عالية وأفكار سامية وأخلاق فاضلة وحنان على كلّ البشر وجعلهم من معرض الرحمة في درج واحد (4).
أمّا الشرائع التي أشرقت في آفاقنا وانبسطت أضواؤها على محيطنا وبزغت شموسها في وسطنا فهي وإن كانت على جانب من الوفور والكثرة، ولكن أهمّها حياةً وأقدمها عهداً وأبقاها أثراً وأحظاها بالعلم والتاريخ وأوقفنا
ص: 63
منها على أكثر الشؤون والأحوال هما الشريعتان الكريمتان: شريعتا التوراة والإنجيل المقدّسين.
اصطفى الله خليله (إبراهيم)، ثمّ بارك فى نسله أولاداً وأحفاداً، وجعل منهم صفيّه (إسرائيل) أبا الأسباط، وجعل فيهم الملك والنبوّة، وأورثهم العلم والحكمة، حتّى ملكوا مصر وسوريا والعراق، وانتقلوا من البدو إلى الملك، ومن الحصير إلى السرير، وانتشر إذ ذاك بنو إسرائيل وصاروا أُمّة من الأُمم وكبير حزب من الأحزاب، فيهم الوصاية والنبوّة والقضاء والحكمة، وما فتأوا أن انتقلوا إلى مصر وزراء وملوكاً بعد أن كانوا خولاً ومماليك.
ثمّ ما أغبّت الأيّام إلّا وعادوا في أسر الفراعنة واستعبدتهم الجبابرة يسومونهم سوء العذاب، يقتلون الأبناء ويستحيون النساء، حتّى أدركت العناية ذلك الشعب التعيس، فأرسلت من يفكّه من الأسر ويحرّره من ذلّ العبودية ويخلّصه من أشراك الهوان، فنبغ من بينهم ذلك الأيّد النبي الكريم (موسى بن عمران) علی رغم مساعي (أمينوفيس) (1) فرعون ذلك العصر الذي وضع المراصد والربايا وأسهر عيون الحراسة على ذبح كلّ مولود من الأسباط، فما أحسّ إلّا وصنيعته (موسى) قد أصحر بارزاً تلقاء وجهه، يغلظ له القول، ويتنمّر عليه في المكاشفة، ويدعوه إلى الإذعان له والدخول تحت طاعته وتخليص
ص: 64
شعب إسرائيل من مخالب استعباده.
وما أزف ذلك المخلّص أن أغرق (فرعون) وقومه في بحر طغيانه، وأهلكه بتيّار عدوانه، وخلفه في دار ملكه وسلطانه.
وما دارت الدوائر حتّى اجتمع لبني إسرائيل الملك والنبوّة والملّة والدولة والحكم والحكمة، وملك أوصياء (موسى) الأرض المقدّسة وانبسط باع سلطانهم إلى ملك الآشوريين من بابل بعد مصر وفلسطين، وأصبح شعب إسرائيل دولة من دول العالم ومملكة من ممالك الأرض.
ولكن ما لبثت غير قليل حتّى دالت الدول وحالت الأحوال وفسدت الأخلاق، وركنوا إلى الترف والنعيم، وأخلدوا إلى الملك والسلطان، وشبّت بينهم نيران الحروب، وسُفكت فيهم الدماء في سبيل الاستثار والغلبة.
بيد أنّهم لم يعدموا في أُوليات ملكهم ملوكاً صالحين لهم حظٌّ من الوحى والنبوّة.
كان أوّلهم (شاول) الموسوم في الفرقان باسم: (طالوت) (1)، ثمّ ملك بعده (داود)، ثمّ ابنه (سليمان)، ثمّ وارثه الفذّ (رحبعم)، ومنه دبّ سوس الفساد، وطلعت طلائع الشرّ على ملكهم وأخذ يتلاشى والفتن فيه تتفاشي، فغيروا وبدّلوا وحرّفوا وأوّلوا، وخالفوا شريعتهم، وجاهروا بالخنا (2) والخلاعة، وعادوا إلى عبادة الأصنام على أشنع وجوهها، فنصبوها في بيت الربّ أرباباً وتشيّعوا لها أحزاباً.
ص: 65
وما برحوا على ذلك حتّى سلّط الله عليهم عباداً أُولى بأس شديد، وهم الكلدانيّون، وفى مقدّمتهم بخت نصّر (نبوخذ نصّر) (1)، ففعل بهم ما لم تفعله الفراعنة بأسلافهم، فجعلهم جذاذاً (2)، وأحرقهم أحياءً، وصار يعاقب عليهم الكرّة بعد الكرّة، ويغزوهم في بلادهم من فلسطين مرّة إثر مرّة.
وأعظم ما هنالك بليّة أنّه أحرق كتبهم المقدّسة وهياكلهم المعظّمة، واكتسح أُورشليم (بيت المقدس)، وفرّقهم في الأرض عباديد (3)، وردّهم بعد الملك - وهم الأحرار _ كالعبيد.
ولم تزل الملوك من بعد هذا الطاغية تسير بهم في أوعر السبل وأخشن المسالك، تسومهم الهوان والخسف وتجرّعهم مصبّرة الحتف، وضُربت عليهم الذلّة والمسكنة، حتّى أمعنت بهم أرجلهم في الهرب من الرهب، وتفرّقوا أيدي سبأ (4) في شاسعات البلاد وزوايا الأرض أوزاع مشتّتين خلف كلّ باب من عمران أو يباب (5)، طوى الدهر عليهم ما يناهز العشرة قرون وهم على ذاك ومثله.
ص: 66
وحين بلغ الأمر إلى غايته وانتهى بهم البلاء إلى تخوم شدّته تحرّكت لهم عواطف الرحمة وأدركتهم عوارف العناية، فأرسات منهم إليهم نفحة من روحها وكلمة من كلماتها وملاكاً بشرياً من ملكوتها: «إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ» (1).
تجسّد هذا الروح الإلهي وأشخص بنفسه إليهم؛ ليجمع كلمتهم، ويلمّ شعثهم، ويعيد مجدهم، ويحيي موتى جهلهم، ويبرئ الأكمه والأبرص من تقاليدهم وعاداتهم.
فكان من أمره ما هو قيد يدك ومدّ نظرك و (بمطلع الأكمة منك) (2).
والقصارى: أنّ في القرون التي تتّصل بعصورنا هذه قد كان السائد من الأديان والمنتشر بين من نعرفه من البشر هو تانك الشريعتان، وهما الشائعتان عند أكثر الأُمم بأنّهما خاضعتان لعبادة إله واحد ومعبود فرد مقدّستان عن شرّ الشرك وأرجاس الوثنية مترفّعتان عن السجود لغير الخالق الحقّ الحيّ الأحد.
أمّا العرب فقد كان في قبائلها وأفرادها من تلك الديانتين حصّةٌ ليس بالقليلة، غير أنّ الشائع الفاشي والمذهب الأغلب الذي يعرف العرب به سائرٌ الأُمم وينتمي إليه عامّتهم وخاصّتهم وأكثر قبائلهم وعمائرهم هو دين الحنيفية دين جدّهم (إبراهيم) وأبيهم (إسماعيل) الذي هو أحقّ وأعرق بالتوحيد ممّا
ص: 67
لحقه وتعقّبه.
بيد أنّ أصل الدين كلّه متّحد الجوهر وإن اختلف المظهر.
الأديان كلّها متّحدة الحقيقة وإن اختلفت الطقوس والطريقة.
الأديان كلّها واحدة تدعو إلى عبادة الواحد لا تختلف في المبادي ولا الغايات، وإنّما اختلافها في ما يناسب البيئة والأُمّة من القوانين والمشروعات.
ودين الحنيفية هو دين التوحيد وإن أُدخلت فيه الجاهلية ضدّه من عبادة الأصنام، ولكن هذه الدخيلة بل الرذيلة كانت كاسمها جاهليةً، هم يعترفون أنّها لیست من دین آبائهم بشيء، وإنّما وجدوها عند بعض الأُمم فقلّدوها، ثمّ فشا ذلك فيهم حتّى بلغ أقصى مبالغه وأبعد غاياته.
وأنت تعرف ما للتقليد من النفوذ في النفوس وسريانه في أكثر الأشياء ولا سيّما في العقائد والطقوس.
بيد أنّ العرب وإن مسخوا ونسخوا ذلك الدين المقدّس، ولكن بقيت منه فيما بينهم بقايا تستنير في مدلهمّات كفرهم ومحلولك (1) عاداتهم استنارة الثواقب في أديم الليل البهيم (2).
فكانوا يحجّون البيت الحرام، ويعظّمون قبل النسيء حرمة الأشهر الحُرم، ويختتنون، ويفترضون الغسل من الجنابة، ويعافون الدم ولحم الخنزير، ويبيحون التزوّج بأكثر من واحدة، ويفسخون عقد الزواج بالطلاق (3)، إلى كثير من أمثال ذلك من الآداب وكرائم،العادات، كإكرام الضيف، وحفظ الذمار،
ص: 68
وحماية الجار، والوفاء بالذمم، والشجاعة، والكرم، وعدّة من هذه الفضائل التي هي تمام محاسن الأخلاق ومن أهمّ ما تتحرّاه الأديان للإنسان وما تحرص أن يكون متخلّقاً بها منطبعاً عليها.
وكلّ تلك الأعمال والخلال والعادات والعبادات قد ورثوها من أنبيائهم وآبائهم (إبراهيم) و (إسماعيل) لم تزل تنتقل في سلائلهم وقبائلهم وكبار أشياخهم وخلفهم من قحطان، وعدنان، ومعدّ، ونزار، وفهر، وكنانة، وأمثال هؤلاء من رؤوس القبائل ومبادئ السلائل (1).
ص: 69
ص: 70
ص: 71
ص: 72
ص: 73
ص: 74
ص: 75
ولكن وبالأسف أنّ الأذناب وسفلة الأعراب والطغمة والأوغاد لم يدعو تلك الماويّة (1) الصقيلة حتّى مزجوا الرذيلة بالفضيلة، وأدخلوا في الحنيفية البيضاء كلّ معوّجة سوداء، وألبسوها رداء الهمجية، ووسموها بكلّ سمة ردية.
فكان أيسر ما عندهم نصب الأصنام والاقتسام بالأزلام والخمر والميسر والدأب سعياً وراء الغارات والسلب والنهب، وأهون دمٍ يراق عندهم دماء البشر،
ص: 76
ولا سيّما من إخوانهم وأبناء جلدتهم حتّى أصبحوا والشغل الشاغل لهم الذي كأنّهم لا يعانون سواه ولا يمارسون غيره ولا تقوم مقوّماتهم الحيوية إلّا من ريعه هو الغزوات والغارات وسلب النفوس والأموال.
أمّا الفوضى عند أوباشهم في الأعراض، وعدو بعضٍ على حلائل غيره سراً أو امتلاكها بالاستيلاء جهراً، وبيع ما أصابوه في الغزوات من البنين والبنات في سوق عكاظ أو في غيره من أسواقهم، فغطّها بذلا ذلك (1) واسترها بكلّ شراشرك (2).
ولكن هلمّ الخطب في غلظة تلك القلوب التي هي أغلظ من أكباد آبالها (3) وأقسى من صخور جبالها تلك القلوب التي تئد بناتها وتقتل من خشية أملاقٍ أبناءها، تدفن بأيديها أفلاذ أكبادها وقطع فؤادها.
أيّ همجية هذه وأيّ بربرية هي!
هذه كانت جمهرة أخلاق العرب وحالتهم الاجتماعية والاقتصادية والدينية.
هذا، والشريعتان (الموسوية والمسيحية) بين ظهرانيهم وخلال أطناب (4) منازلهم، لم تفدهم شيئاً من التهذيب ولا حظّاً من التربية والتشذيب.
إذا فما أحوجهم إلى من يطهّرهم ويزكّيهم ويهذّبهم ويربّيهم!
ما أحوجهم إلى من يخلّص تلك الفضائل من هذه الرذائل، ويعيد إليهم
ص: 77
شريعة جدهم (إبراهيم) غضّة جديدة، يكمل نقائصها، ويتمّم محاسنها بالنواميس والمشروعات في كلّ الشؤون والحاجات بحيث يلائم كل عصر ويوافق كلّ وسط ويناسب كلّ زمان. فلا يبقى بها شائبة نقص، ولا مظنّة قصور، ولا مجال تغيير وتبديل. فتبقى أبدية مع الإنسان قمينة بكلّ سعادته رهينة بمجد حياته في أُولاه وآخرته، طالما تمسّك بها الإنسان ولم يفلت عراها الوثيقة من يده.
هذا حال عرب الجاهلية وموضع حاجتهم.
أمّا تانك الشريعتان فتقع فلسفة النظر فيهما من وجهتين حريتين بالبحث والتمحيص:
الأُولى: من حيث جوهر حقيقتهما الأصلية، وأُصول مباديهما الأوّلية.
والثانية: من حيث ما طرأ عليهما من الطوارئ، وما عرض لهما من العوارض والتغيّرات والتبدّلات والمسخ والنسخ الذي لم يختص فروعها وشراشرها، بل سرى إلى أصل جوهرها وروح حقيقتها، فلبسوها أهلوها لبس الفرو مقلوباً والرداء معكوساً!
أمّا النظر من هذه الجهة فنرجئ بسط الكلام فيه إلى موضع آخر فيما سيأتي إن شاء الله.
أمّا ما نقوله من الوجهة الأُولى: فمع تقديم كلّ احترام وتعظيم لذينك الديانتين الكريمتين نقول:
إنّ كلّ خائض في العهدين متعهّد لهما بتدبّر وروية ومتصفّح للتاريخ ليدعم
ص: 78
به ما يستفيده من كتب الدين يجد لا محالة أنّ الشريعة الموسوية - حسب اقتضاء تلك الظروف وصالح ذلك الوقت وأُولئك القوم - قد كانت جافّة شديدة، تجهد الإنسان، وتنغّص عليه حياته، وتتركه في أعقد من ذنب الضبّ (1) عسراً شديداً وحرجاً مخلّاً بالأُمور الحيوية ومزهقاً لروح الراحة والدعة!
ومع ذلك فهي جسمانية أكثر منها روحانية، بل كأنّها جسم لا روح فيه وشبح لا حياة به!
أُريد بذلك أنّها لا تلطّف المشاعر، ولا توسّع المدارك، ولا تفتق للعقل وجوه النظر، ولا تميح الروح خفّة، ولا النفس ظرافةً ولباقة، ولا الإحساس نشاطاً وأريحية.
وهذه ملحوظة ما أنفردتُ بذكرها ولا أنا أبو عذرتها وابن بجدتها (2)، بل قد نبّه عليها الباحثون وقيّد شاردها حتّى المؤرّخون، وإنّما أضمّ رأيي إلى رأيهم وأجعل يدي في أيديهم.
هذا (أبو الفرج العبري) (3) الحبر القسّيس والأب القدّيس والمؤرّخ الثبت
ص: 79
في تاريخه الموسوم ب_: (مختصر الدول) صفحة (32) من طبعته الشهيرة، بعد أن ذكر شيئاً من الوعد الإلهي لمن عمل بوصايا الإله، والوعيد على من خالفها قائلاً: «يا إسرائيل، إن عملت بوصايا إلهك بوركت في قريتك، بوركت في حقلك، بورك ثمار كرومك وَوَلد بعيرك... وإن خالفت تنقلب بركاتك لعنات، ويبدّدك الله في جميع الأُمم، ويعطيك قلباً فزعاً ووجع العين، ورماك بالنيط، وتكون مرعوباً بالليل والنهار».
قال (العبري) - بعد نقل هذا ما حرفه:
(أقول: تأمّل - أيّها القارئ كيف جعل الله وعده ووعيده لبني إسرائيل مقصورين على ما يرونه في دنياهم من غير أن يذكر لهم شيئاً من أحوال الآخرة وأُمور المعاد، وذلك لغلظ طباعهم وقصورهم عن النظر إلى العالم الروحاني) (1) انتهى.
والصادعون بهذا وما هو أكثر منه كثيرون، ولكن الشأن فيمن يتوصّل من هذه المقدّمات إلى الغايات، ويعرف ماذا يلزم في العناية من وراء ذلك.
إذاً فالشريعة الموسوية وإن كانت مقدّسة إلهية، ولكنّها أشبه بأن تكون
ص: 80
موقتّة محدودة في ظروف مخصوصة، ولا تصلح أن تكون عامّة لكلّ البشر وفي كلّ الأزمان سيّما مع خلوّها عن النواميس والأحكام لكلّ الضروريات الاجتماعية والفردية الأخلاقية والاقتصادية، فلا مواريث، ولا جزائيات، ولا عقود، ولا،معاملات، ولا، ولا.
أمّا أُختها العزيزة لدينا والكريمة على الله وعلينا فلا أقول: إنّها والموسوية شعبتان من رند (1) وشعلتان من زند، ورضيعتان من لبن ونبعتان من فنن (2)، بل أقول: هي تلك بعينها وبتمام حقيقتها وكنهها.
كلّا، ما أنا أقول ذلك، بل نفس شارعها والصادع بها أعلن بهذا في آيات من أناجيله وبيّنات من إصحاحات قبيله قائلاً: «لا تظنّوا أنّي جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء، ما جئت لأُنقص بل لأُكمل» (18)، «الحقّ أقول لكم: إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف أو نقطة واحدة من الناموس (3) حتّى يكون الكلّ» (4).
أمّا زوال نقطة السبت إلى الأحد والختان إلى التغطيس والمعمودية، وحرمة الخمر إلى الإباحة، وكثير من أشباه ذلك، فالمقام مقام نبوّة بل ربوبية، فهو موضع تسليم وإذعان لا بحث واعتراض!
ص: 81
وعلى أيٍّ فليست المسيحية إلّا شريعة موسى عليه السّلام بجميع أحكامها ومشروعاتها، ولا تجد في الإنجيل شيئاً من وظائف التكليف وطقوس التشريع، وإنّما معوّلها على ما في العهد القديم من ذلك، كذا يقولون (1).
ولنطوه على عواهنه ونلفّه على بلالته.
نعم، للمسيحية الفضل على تلك أنّها بعثت روحاً في هياكلها، ومعاني في ألفاظها وحياةً في قوالبها، فروّقت مشاربها ولطّفت مناهلها.
ولكنّها من قبيل ما يقال: زاد في الرقّة حتّى انقطع، وحلّق حتّى كاد أن يقع!
فأصبحت في هذه الجهة على الضدّ من تلك، فكأنّ إحداهما جسمانية محضة، والأُخرى روحانية خالصة.
وقد ضاع بينهما حدّ الوسط والاعتدال الذي هو خير الأُمور، بل هو الخير كلّه.
وسند دعوى: أنّ الثانية هي روحية أكثر منها جسمية، خطبةُ سيّدنا (المسيح) عليه السّلام التي خطبها على الجبل، تلك الخطبة الذهبية التي تشعّ من طيّاتها الأنوار الإلهية ومدارك الحنان والرحمة، ولا يؤثر عن (المسيح) كلام يدانيها أو يساويها، ولعلّها هي أساس شهرته، بل تمام شريعته، فكأنّها هي الديانة المسيحية كلّها.
ولكن أيّ تالٍ لها - ولو درجاً - لا يعرف أنّها غير معنيّة إلّا بالأُمور الروحية والكون المعنوي والعالم الأُخروي، وليس فيها من شأن المحسوسات وتدبير
ص: 82
هذا المنزل شيء، بل هي عاملة بكلّ فحاويها ومناطيقها على إهماله وخموله وتقهقره وسقوطه إلى أعمق المهاوي وأنزح الدركات!
يقول (له المجد والشرف): «لا تكتزوا كنوزاً على الأرض، ولكن اطلبوا كنوز السماء لا تهتّموا بما تأكلون وتلبسون، فإنّ طيور السماء لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع».
يقول عليه السّلام: «لا تتعب، لا تغزل، وكن كزنابق الحقل».
يقول: «إذا ظُلمتَ لا تقاوم البشر ولا تدفع عن نفسك، ومَن أخذ ثوبك فأعطه رداءك، ومن ضربك على خدّك فحوّل له الآخر، ومن سخّرك ميلاً واحداً فاذهب معه اثنين» (1).
هذا نموذج تعاليمه وخلاصة شريعته (سلام الله عليه).
ونحن نبرّر ونقدّس تلك التعاليم، ولا نرتاب ولا نشكّ أنّها تعاليم إلهية وطقوس مباركة قدسية، ولكنّنا نقول فيها ما قلناه في سابقتها: إنّها شريعة اقتضتها طبيعة الوقت وضرورة صالح المحيط، ولعلّ العالم يومئذٍ كان في حاجةٍ إلى مثل ذلك.
ولكن ليس من العناية أن يُجعل الخاصّ عاماً لكلّ زمان ولكلّ جيل وأُمّة، بل من الواجب في الحكمة بناموس: (لا يصحّ غير الصحيح) و (لا يبقى غير الأنسب) أن تضع شريعة الوسط والاعتدال، وتعود بالأطراف إلى الأوساط
ص: 83
وبالانحرافات الموقّتة إلى الاستقامة المؤبّدة.
إذا كانت ضرورة بني إسرائيل يومئذٍ تقضي عليهم بشريعةٍ تقول لهم: «لا تزرعوا، ولا تتعبوا، ولا تقاوموا...» الخ، فإنّ ضرورة عامّة البشر في أشدّ الحاجة إلى شريعة تقول لكلّ واحد منهم: «اعمل لدنياك، واعمل لآخرتك» (1).
الشريعةٌ الوسط بل المحيطة بأطراف الكمالات وأوساطها هي التي تقول: «ليس خيركم من ترك دنياه لآخرته ولا من ترك آخرته لدنياه، بل خيركم من أخذ حظّاً من هذه وحظّاً من هذه» (2).
هي التي يقول قانونها المقدّس: ازرعوا و: «كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ» (3).
ويقول في السعي: «فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِزْقِهِ» (4).
ويقول في حفظ الجامعة ودرء الشرور: «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم» (5).
ثمّ يحفظ روح الفضيلة في تعديل تلك التعاليم فيها، ويُدلّ على حقيقة الزهد بقوله: «لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ» (6).
ص: 84
ثمّ يقول: «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا» (1).
ولا يدعها حتّى يتلافاها بقوله: «وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً» (2)، «وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى» (3).
ويقول: «فَإِمَّا مَنَا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء»(4).
ثمّ يقول في الجزاء: «وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ» (5) دلالةٌ على طريق العدل.
ثمّ يدلّ على طريق الفضل، فيقول: «وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ» (6)، «وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» (7).
إلى كثير من هذه الآيات الذهبية والحقائق الجوهرية ممّا ليس عقد هذا المقام لإحصائه واستقصائه.
وإنّما الغرض أنّ من العناية اللازمة والحكمة الواجبة - بعد ذينك الشريعتين - أن يضع الحكيم شريعةً وسطاً وطريقاً جَدَداً جامعاً لطرفي العدل والفضل آخذاً بأعنّة السعادتين وإصلاح النشأتين وتقويم أود الحي-اتين بحيث يتعادلان في العيار ويتساويان في الوزان ككفّتي الميزان.
وهذه الشريعة التي لها هذه الخاصة والميزة عن غيرها هي التي تصلح أن
ص: 85
تكون القانون الأبدي لصالح عامّة البشر في عامّة الأزمان جيلاً بعد جيل وقبيلاً بعد قبيل.
ويستحيل أن تُنسخ أو تبدّل أو تحتاج إلى تكميل أو تسوية بعد أن وجدناها وسطاً ومركزاً. والوسطُ خطٌّ واحد يستحيل أن يتكرّر، والمركز نقطة يمتنع أن تتعدّد.
وهذه الفلسفة التي أبديناها من المناظرة والمقايسة بين الشرائع الثلاثة التي لا نرتاب أنّها شرائع مقدّسة إلهية مترتبة متتالية، إنّ هذه الفلسفة الدينية لهي من الحقائق الراهنة التي يصيبها كلّ باحث منقّب، وتسبق إلى الآراء قبل طول البحث والعناء. وكذلك شأن كلّ حقيقة.
وإنِما العناء في تمزيق ما تكاثف عليها من شبهات المبطلين وأوهام المشكِكين، لا في نفس ذاتها وحقيقة أمرها.
الحقيقة أبت إلّا أن تتجلّى حتّى على لسان من يناويها ويجحدها ويلحد فيها.
هذا (شبلي شميّل) (1) - وهو من تعلم ما هو وكيف هو من الدين - يقول في مجموعته: (فلسفة النشوء والارتقاء) في التعاليق منها والذيول ما حرفه:
(شريعة موسى ماديّة عملية أيضاً، ولكنّها غير مستوفاة، وشريعة عيسى وإن كانت حِكماً ومواعظ تعتبر أُصولاً كلّية، إلّا أنّها في جملتها نظرت إلى العالم الروحاني أكثر من الحياة الدنيا بخلاف شريعة محمّد، فإنّها نظام اجتماعي عملي مادّي قانوي حقيقي).
ص: 86
وله ولغيره جمٌّ من هذا القبيل، وما هو أوسع وأنفع منه بكثير.
ولعلّنا نأتي عليه في مواضيع أُخرى من هذا الجزء نستوفي بعضه ونحصيه؛ لأنّنا نعدّه شهادة حقٌّ لنا ممّن ليس هو منّا، ولا متّهماً في حقّ سوانا ولا حقّنا، ولكن حيّا الله الحقائق التي لا تعدم لها نصيراً حتّى ممّن يصدّ عنها، وظهيراً يعترف بها على أنّه يلحد فيها.
وليس كلّ هذا من القصد وإن طال كلامنا فيه.
إنّما القصارى والمتحصّل من كلّ ما سبق هو: أنّنا بعدما أثبتنا أنّ لهذا العالم قوّة مدبّرة معنية بإصلاحه وسعادته باختياره وإرادته عاملة على تنسيق شؤونه و نظم معاشه ومعاده على أبدع ما في الإمكان وأنّ ذلك هو أقصى الغرض والغاية من إيجاده لا للانتفاع به ولا للانتقام منه ولا لإظهار القوّة والسلطة عليه، ثمّ نظرنا في جملة من نواميسه وشرائعه التي سنّها ووضعها لتلك الغاية من الإصلاح، فوجدناها - بضرورة العقول وبديهة الفطرة وشهادة من لا يؤمن بتلك القوّة - ناقصة ليس فيها سداد من عوز ولا دفع لحاجة ولا صلاح لكلّ فساد، ثمّ نظرنا في أُخرى بعينها وأغرقنا نزعاً في مشروعاتها، فوجدناها لم تدع كثيراً ولا قليلاً ولم تهمل نقيراً ولا فتيلاً حتّى حلّ العقال وأرش الخدش ودية النطفة دافعة كلّ شقاء جالبة لكلّ سعادة جامعة للعدل والزيادة واقفة على حدّ الوسط والمركز في كلّ سانحة ولامحة وغادية ورائحة: «وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا» (1)، فهل يسوغ في حكم العقول وضرورة الوجدان - والحال على ما عرفت - أن نحكم بأنّ تلك شرائع إلهية ونواميس قدسية دون هذه التي هي بتلك السعة والإحاطة والجامعية والبساطة؟!
ص: 87
كلّا، ثمّ كلّا، وهيهات هيهات!
إنّ إنكار كون هذه من أعظم الشرائع وأقدس الملل وخاتمة الأديان، إنّ إنكار شيء من ذلك مساوق لإنكار نفس تلك المبادئ الأُولى، وعود إلى التعطيل، ورجوع إلى الإلحاد.
فحقّاً نقول: إمّا أن تكون الشريعة الإسلامية هي الشريعة الإلهية والدين الأبدي، وإمّا أن لا يكون للعالم صانع ولا للكون مدبّر.
حقّاً أقول: إمّا أن يكون (محمّد) (صلواتُ الله عليه وعلى آله وصحبه) رسول الله وخاتم النبييّن، وإمّا أن يكون لا نبي في العالم، لا (نوح) ولا (إبراهيم) ولا (موسى) ولا (عيسى)، بل يعود حديث النبوّة حديث خرافة وتُرّهات وسخافة!
حقاًّ أقول: إمّا أن يكون القرآن هو الناموس الإلهي والقانون الأبدي، وإمّا لا توراة ولا زبور ولا أناجيل ولا مزامير.
حقّاً أقول - وأنا الزعيم (1) بذلك وذمّتي به رهينة: إنه ما من أُمّة من الأُمم ولا ملّة من الملل ولا واحد من البشر يقيم برهاناً أو براهين على صحّة ملّته ويسجّل دليلاً على حقيقة معتقده إلّا ونحن معاشر المسلمين نقيم ذلك البرهان بعينه، مع إضافة أضعافٍ من مثله، وممّا هو أقوى وأشدّ وأعلى وأسدّ على أحقيّة الشريعة المحمّدية وأولوية الديانة الإسلامية وناسخيتها لكلّ الشرائع والأديان وعدم صلاحية شيء منها لأن يُنسخ بشيء مدى الأبد وإلى منتهى الأزمان.
هذا ما أردنا بيانه من كلّ تلك الفلسفة الآنفة، وسيتّضح لك الكثير منه في المباحث التالية إذا شاء ربّك وشاءت لنا ولك عنايته.
ص: 88
أمّا الحجّة والمحجّة لإثبات النبوّة وأنّ الزعيم بها والمدّعي لها هو حقّاً رسولٌ من الله والمهيمن منه على عباده، فسبيل ذلك لمن هو في عصر الدعوة جددٌ لاحب بالمعجزة التي تقدّمنا إليك في تفاصيل الكلام عنها (1).
ولكن توسيع النظر وتسريح الفكر في فجاج البحث والتأمّل ينتهي بنا إلى طرز آخر أو آخر طرز من البيان.
وذاك: أنّك تعلم أحسن العلم أنّ هذا البشر منذ كان ولا يزال على طبقاته وشتّى أسناخه التي لا يحصيها العدّ ولا تقف عند حدٍّ، ولكن يسعنا أن نجعله جميعاً ضمن دائرتين يُعبّر عنهما في الشائع عامّة وخاصّة.
ونوعز بالخاصّة إلى ذوي الألباب النافذة والخواطر الثاقبة والمدارك العالية والقرائح القويمة وما أشبه هذا من الجمل الكثيرة.
و موجزها كلمة واحدة، وهي: أنّ الخاصّة: من بلغ بحسب فطرته وفضل مساعيه ومعونة جدّه وجهده إلى حقيقة الإنسانية، فهو إنسان كما ينبغي للإنسان أن يكون.
والعامّة: من لم يبلغ كيانه ووجوده إلى حقيقة الإنسانية، ولكنّه في صراطها ومستعدٌّ لها، فهو بذرةٌ من ذلك النوع ولمّا يبلغ بعدٌ إليه.
ص: 89
أمّا الخاصّة فهم - بفضل ما عندهم من العلم والمعرفة وصحّة الحدس والفراسة - في غنىً عن تحرّي المعجزات والتماس خوارق العادات، بل يمعنون نظراً في شمائل ذلك المدّعي للرسالة، ويغرقون نزعاً في تدبّر رسالته وما جاء به من عند مُرسله، فإن وجدوا على شمائله دلائل من مرسله وعلامات من مبتعثه وأنّ رسالته طبق ما يُعلم من حال المليك الذي يدّعي الرسالة عنه وعلى وفق ضروريات الأُمّة التي أُرسل فيها وقام بين ظهرانيها ودعاها إلى اتّباعه والعمل بما جاء به، ارتاحوا به وسكنوا إليه، وأغناهم ذلك عن الاعتضاد بمعجزة والاعتماد على مُدهشة، وكان لهم من نفس دعواه وجوهر مقالته أعدلُ شاهد على صدقها وأقوى دليل على صحّتها.
وشتّان من يستدلّ على النار بحرارة ضوئها ولمعانها، ومن يستدلّ عليها بتصاعد دخّانها.
شتّان طبيبٌ عرفته بمعالجة المرضى والمزمنين حتّى أبلوا، وآخر عرفته بكثرة ما يحفظ ويسرد عليك من أسماء العقاقير والأدوية.
إنّ مثل هؤلاء الخاصّة من ذوي التمييز والمعرفة كمثل أطبّاء مهرة وعلاجيين جهابذة، ولكن أصاب بلادهم أوبئةٌ غريبة عجزوا عن علاجها ومعرفة أسبابها، فنبغ من بينهم رجل ومعه كتاب يعرّفهم العلل والأسباب، ويدلّهم على طرق العلاج لتلك الأوصاب، ويشرح لهم الداء والأدواء وما يُقتلع به جراثيم ذلك الوباء، وما نظروا في كتابه حتّى أدركوا - بفضل ما عندهم من ذلك الفنّ ومزاولتهم إيّاه طول أعمارهم - أنّه قد أصاب الحقيقة وبلغ الغاية، وما عتموا أن عوّلوا على الامتحان، فوجدوا العيان ظهيراً للبيان.
أفهل يلتمس منه أحدهم - بعد هذا - أن يطير في الهواء أو يمشي على الماء
ص: 90
تصديقاً لدعواه وتثبيتاً لمقالته وحجّة على معرفته؟! إنّ الطبيب الذي عالجك وشفاك وأبلك من دائك وعافاك لأوثقُ في نفسك وأمكن بضميرك ممّن ادّعى معرفة دائك ودوائك والقدرة على شفائك ولو قلب لك الحجر نضاراً (1) واستخرج من الماء ناراً!
ولا أُوعز بذلك إلى الاستغناء عن المعجزات كلّياً.
كلّا، فليس كلّ أفراد الأُمّة ولا جميع رجال الشعب ممّن لهم قوّة ذلك التمييز ومرتبة هاتيك المعرفة.
وإنّما القصد أنّ هناك مقام فوق مقام الإعجاز ومرتبة تسمو عن مراتب التحدّي.
وأمّا الحاجة إلى المعجزات وخوارق العادات في حق من عدا أُولئك الخاصّة والنفر القليل فهي ثابتة بالضرورة.
نعم، إنّ من عدا أُولئك الخاصّة من عامّة البشر تجدهم على حكم الغلبة لا يعدون أن يكونوا من الرجرجة (2) الأتباع والهمج الرعاع، أُولئك الذين يتبعون في كلّ العادات والاعتقادات رؤساءهم ويقلّدون أُمّهاتهم وآباءهم.
ولعلّ الغرض والنجاة يحصل لمثل هؤلاء بالاعتقاد التقليدي إذا أصابوا الحقّ بتقليدهم.
أمّا في ضلالهم فتكون المؤاخذة في مضلّتهم على من أضلّوهم من كبرائهم ورؤساء دينهم الذين لا محالة قد تمّت الحجّة عليهم.
أمّا هم فغير مؤمنين، كما أنّهم لقصورهم غير معاقبين عقاب الجاحدين.
ص: 91
والخلاصة واللباب وزبدة المخض من هذا الوطاب (1): أنّ الناس كافّة على طبقات ثلاث:
الأُولى: الخاصّة.
وهم لا يحتاجون في أمر معرفة النبوّة إلى أزيد من النظر في أحوال ذلك النبي وسيرته وإمعان الفكرة في نواميس رسالته، وبفضل ما في غريزتهم من قوّة النفس وصحّة الحدس يعرفون الصحيح من السقيم والطيّب من الخبيث والصادق من الكاذب والرحمانية من الشيطانية.
وهذه الطبقة وإن كانت قليلة العدد عند نسبتها إلى غيرها، ولكنّها كثيرة في ذاتها.
ولعلّ منها جميع النجباء والنقباء من حواري المرسلين والأنبياء.
الثانية: العامّة والأكثر والسواد الأكبر ومنتشر البشر على سطح هذا البسيط المتقلّص عن الغمرات من هذا المحيط.
وهؤلاء يعجزون حتّى عن طلب المعجزة بالعيان فضلاً عن طلب الدليل والبرهان!
ولا أزيدك عنهم ذكراً بعد أن قتلتهم أنت خَبراً وخُبراً (2)، وعرفت أنّهم لا
ص: 92
يحتاجون في عاداتهم وعباداتهم إلى أكثر من اتّباع رؤسائهم وتقليد أُمّهاتهم وآبائهم وما نشأوا وشبّوا عليه من رعرعة الصبا ورفرفة الشباب. لا يحتاجون إلى أكثر من أن ينظروا متبوعهم، فيميلون حيثما مال، ويتفيّأون ما تفيّاً من ظِلال هديً أو ضلال.
فدع هؤلاء وما يختاره لهم رؤساؤهم وكبراؤهم ومعلّموهم وعلماؤهم، فإنّهم لهم المسؤولون إن كان ثمّة من سؤال.
نعم، ولعمر الله إنّه لكائن!
الثالثة من الطبقات: من ترفّع عن هذه الطبقة وانحطّ عن الأُولى، فليس له قوّة ذلك التمييز، ولا نقّاد تلك الفطنة، ولا صير في ذلك الفكر. ومع ذلك فهو لا يتطامن لوضع نير التقليد في عنقه، ولا يرضى لنفسه دون أن يكون كمن يرى الحقيقة بعينه
وهذه أوسط الطبقات، والأكثر من الطبقة الأُولى.
وطريقها إلى معرفة صحيح النبوّة في عصر الدعوة ليس إلّا المعجزة التي تقنعه وتتمّ عليه بها الحجّة، كما أوضحناه لك.
أمّا من تأخّر عن زمان الدعوة فالخاصّة طريقهم واحد في الحالين، كما أنّ العامّة لا يزالون سواء وعلى قروٍ واحد (1) في جميع العصور والأزمان، يتشاكلون في التابعية والانقياد وإن اختلفوا في كلّ شيء.
أمّا الطبقة الوسطى - وهم الذين لا يسيرون في سبيل إلاّ على عكّازة البرهان والدليل ولا يخضعون لمقالةٍ إلّا بعد النظر فيها وطلب الدليل عليها من
ص: 93
غير ذاتها - فطريقُ هؤلاء إلى إثبات النبوّة بل ثبوتها عليهم بعد زمان الدعوة وبعد بلوغ خبرها إليهم لا يعدو أحدَ أُمورٍ ثلاثة لا أحسب لها رابعاً:
الأوّل: أن يبلغهم بالتواتر أنّ ذلك المدّعي قد أتى في عصره بالمعجزات وتحدّى أهل زمانه بخوارق العادات.
وأنت على علم من أنّ المراد بالتواتر - كما ذكروا - هو: إخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب عادة مع تساويهم بهذه الجهة في جميع الطبقات (1).
فيلزم أن تكون كلّ طبقة تخبر عن مثلها في امتناع تطرّق الكذب.
فلو كان في بعض الطبقات من الوسط أو الطرف الأعلى عدد محصور - كثلاثة أو عشرة أو عشرين مثلاً - انحلّ التواتر وفشل ولو كان المخبرون في الطبقة الدنيا كلّ من فيها.
وللتواتر ثلاث صور:
الأُولى: أن يتّفق المخبرون في جميع الطبقات على لفظ واحد وكيفية واحدة.
وهذا نادر جدّاً.
ويعبّر عنه: بالتواتر اللفظي.
الثانية: أن تتعدّد الوقائع ويتعدّد آحاد المخبرين بها في الطبقات، فتكون كلّ واقعة غير متواترة. ولكن تشترك كلّ تلك الوقائع في لازم واحد ومعنىً مشترك، فيكون هو المتواتر.
ص: 94
ويسمّى: بالتواتر المعنوي؛ لأنّهم جميعاً كمخبرين بذلك اللازم الواحد ويمتنع تواطؤهم على الكذب فيه، كشجاعة (علي) عليه السّ<ام وزهده، وزهد الخليفتين: (أبي بكر) و (عمر) (رضي الله عنهما)، فإنّه مقطوع به من تعدّد الوقائع المروية التي ليس كلّ واحد منها في ذاته متواتراً، ولكن القدر المشترك منها يكون بصورة متواترٍ يمتنع التواطؤ فيه على الكذب.
وعلى ذلك سائر الشهرات التي ذهبت مذهب الأمثال وسارت سير الرياح، كشجاعة (عنترة)، وعدل (کسری)، وجود (حاتم).
وما انعطف على هذا النسق ليس السند فيها والسبب الأوّل لها إلّا هذا التواتر المعنوي.
الثالثة: التواتر الإجمالي.
وهو: أن يتعدّد المخبرون بوقائع متعدّدة مع قطع النظر عن اشتراكها في لازم،واحد، ولكنّها تكون بمثابة من الكثرة بحيث يمتنع عادةً في حكم العقل والضرورة أن لا يكون في تلك الوقائع واحدةٌ صادقة وعلى طبق الواقع، ويستحيل أن تكون كلّ تلك الأخبار قد وقعت على الصدفة والاتفاق كلّها كاذبة، فإنّ ذلك وإن كان ممكناً في حدّ ذاته، ولكنّه مستحيلٌ حسب العادة مرجوحٌ بحسب الغلبة والسبر والاستقصاء.
والوقفة عند تلك الاحتمالات الإمكانية مخلٌّ بنظام الكون مبطلٌ لنواميس العمل.
فلو عملتَ الإحصاء فاحصاً وماحصاً لما تسمعه كلّ يوم من كلّ الأخبار لما وجدت يوماً يكون كلّ ما سمعته فيه لا شيء منه بصادق ولا خبر واحد.
فلو بلغتك أخبار كثيرة بأنّ (المسيح) (له المجد) قد أبرأ الأكمه والأبرص
ص: 95
وأحيا الموتى في عدة وقائع كلّ واحد منها لا يفيدك القطع، ولكنّك بمراجعة العقل وحكم الغلبة تقطع بأنّ واحداً من تلك الوقائع والأخبار لا محالة صادق ويستحيل عادة أن تكذب جميعاً، إذن فقد ثبتت لك معجزة (عيسى) عليه السّلام لا بذلك التواتر الإجمالي.
ولا يلزم أن تكون تلك الواقعة بعينها معلومة، بل نعلم بواحدة منها على الإجمال.
كما لا يلزم أن تكون كلّ واحدة بنفسها متواترة.
وعليه، فالموسوي الذي ينكر نبوّة (المسيح) (له المجد والشرف) محجوج ومفحم بهذا الدليل الذي لا يجد أحد إلى دفعه من سبيل.
أمّا المسيحي مع المحمّدي فدعه وضميره، وخلّه ووجدانه. فإنّي راغب إلى الله (جلّ شأنه) أن لا يحيد عن جادّة الإنصاف، ولا يحيق به التعصّب، فيحيف أو ينحرف عن منهج الصواب إن شاء الله.
الثاني من الطرق لثبوت النبوّة على غير المعاصرين: أن يبلغهم باليقين إخبار مخبر صادق يعترفون بصدقه وتتمّ عليهم الحجة من الله به، من نبي أو وصي أو ولي يخبر عن نبوّة من قبله، كإخبار (موسى) بنبوّة (إبراهيم) عليهماالسّلام، أو يخبر بنبوّة من بعده، كإخباره بنبوّة (المسيح) (سلام الله عليه)، أو إخبار (المسيح) بنبوّة من بعده إن نطقت وصدقت الأناجيل.
الثالث: وهو أقواها وأرسخها وأرساها لدعامة النبوّة وتوطيد الحجّة البالغة وتثبيت أراكين الشريعة الأبدية والنبوّة العامّة، بل هو من الضروري في الحكمة واللازم في العناية.
وهو: أن تكون لذلك النبي معجزة تبقى لمن بعده من المكلّفين، وتستمرّ
ص: 96
بصفتها آيةً على مرور الأحقاب والسنين؛ ليحصل منها لجميع الناس - على اختلاف طبقاتهم وأعصارهم وأسناخهم وشعوبهم - ما تتمّ به الحجّة، ويستبين منه لاحب المحجّة (1)، وتؤدّي به العناية وظيفتها، وتبلغ الحكمة بذلك غايتها، وتكون الله على الناس الحجّة البالغة.
نعم، ولا أعرف لملّة من الملل ولا دين من الأديان ولا أجد سبيلاً للعقل لإثبات نبوّة أيّ نبي كان إلّا بواحد من تلك الطرق أو بأمر أو أمرين من هاتيك الأُمور.
ولكنّها قد تعاضدت بأجمعها على نبوّة صاحب الشريعة الإسلامية (صلوات الله عليه)، بل اختصّ بها جمعاء من دون سائر الرسل والأنبياء.
وسيتّضح لك ذلك على أتمّ وجوهه وأقصى غاياته من مطاوي مقالاتنا الضافية ومباحثنا الآتية إن شاء الله.
ص: 97
قد ثبتت التواترات القطعية وقامت الضرورة البتّية من جميع العالم وبين نوع بني (آدم) أنّ صاحب الشريعة الإسلامية والملّة الحنيفية، منشأ إيجاد النشأتين والمقرّب من الربّ قاب قوسين، علّة إيجاد الكائنات وأشرف المخلوقات، أكرم النبييّن وسيّد الأوّلين والآخرين، شفيع الخلائق ومرآة الحقائق، الفاتق الرائق، أوّل الفكر آخر العمل، خاتم ما سبق وفاتح ما اقتبل، سيّدنا وشفيعنا رسول الله (محمّد بن عبد الله) (صلّى الله عليه وعلى آله الطاهرين وعلى صحبه الطيّبين) قد ادّعى النبوّة، وتحدّى على قومه بالمعجزة (1)، وطلب من أهل زمانه المعارضة، وأتى بما هو الشائع في وقته والمتنافس عليه عند قومه، وما يتفاخرون بإتيانه ويترّفعون بشأنه من الكلام الفصيح والقول البليغ.
وكانت بلدته أملك البلدان لأساطين تلك الصنعة وأجمعها لمشاهير تلك البضاعة والسلعة، وزمانه أبهج الأزمنة بمهرة الكلام.
وقد اجتمع منهم في أيّامه وما قاربها ما لم يجتمع في غيرها من الأزمنة والأيّام.
ولمّا دعاهم إلى تلك الدعوة المقدّسة طغوا وبغوا أشدّ البغي عليه، وشقّ
ص: 98
ذلك عليهم غاية المشقّة، حتّى تخاوصوا (1) بحماليق (2) الحنق إليه.
وما دعاهم إلّا إلى هُداهم، ومذكذَّبوه تحدّاهم.
وما تحدّاهم إلّا بالمألوف لهم والمعتاد لديهم المأخوذ عنهم والمسوق إليهم الذي يمسون ويصبحون عليه ويروحون ويغدون إليه، لا بأمرٍ لم يمارسوه وحال لم يعرفوه من علوم غامضة وأسرار خفية طبيعية أو رياضية.
ولم يزل صلّي الله عليه و آله يتقاضى منهم ذلك ويلحّ عليهم فيما هنالك بأنحاءٍ شتّى وطرق مختلفة وعبارات متفاوتة، حتّى اعترف بالعجز عرّيفهم وتلدّد تليدهم وطريفهم (3) وصقع مصاقعهم وأشاع شنائعهم وكسّد بضائعهم، وعاد لبيدهم بليداً وشيبتهم وليداً وقائمهم حصيداً، وعالمهم أبا جهل وسهيلهم على السهل، وعتبتهم أعتاهم وأبو لهبهم أخمدهم وأخزاهم، وعبد شمسهم آفل ونابغتهم خامل، وحيّ أخطبهم ميّتاً وابن أبي معيطهم أخفضهم صوتاً، وهشامهم مخزوماً ومخزومهم مهشوماً، وسراتهم أسارى وكبّارُهم من الصغار صغاراً!
قد وسموا جباههم بنار العار والعيار ورسموا على محاسنهم وسم السوء بالذلّ والصغار، وجعلت كلماته في أعناقهم أغلالاً فظلّوا لها خاضعين، وطاشت
ص: 99
ألبابهم فقالوا: «إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ» (1).
ثمّ قنع منهم بعشر سور من سُوَره المنزلة.
ثمّ تنزّل معهم - وهو الرفيع - إلى أدنى منزلة، فقنع منهم بأن يأتوا بعشر آيات.
فأجمعوا أمرهم، وما كان عاقبة جمعهم إلّا إلى الخيبة والشتات.
وحين بدت عليهم المفحمة البائدة رَضِي منهم بسورةٍ واحدة!
فالتجأوا إلى مفاوضة الحتوف عن معارضة الحروف، وعقلوا الألسنة والعقول واعتقلوا الأسنّة والنصول، ورضوا بكَلْم الجراح عن الكَلِم الفصاح، وفرّوا إلى سعة آجالهم من ضيق مجالهم، وتنصّلوا بنصالهم ورأوا أنّ ذلك أقوى لهم من أقوالهم، حتّى هلكت على ذلك طواغيتهم وفراعنهم، وتفانت فيه عفاريتهم وثعابنهم، ودرجت و تحطّمت قرومهم (2) وقرونهم، وباءت بالوباء والوبال عليهم أعوامهم وسنينهم، وتبدّلوا بعزّ الملك ذلّاً.
وما انجلت غبرة الضلال عن جبهة الحقّ إلّا وهم بأسرهم أسرى أو قتلى، إلى أن عادت كلمة الله العليا وكلمة أعدائه السفلى.
كلّ ذلك فراراً عن المعارضة ونقضاً لحبال الردّ والمناقضة.
تشهد لك بذلك التواريخ والسير (3) والآثار والعِبر من جميع الأُمم الملّيين وغير الملّيين، لا خصوص المسلمين والمنتحلين.
كيف! ولو كان لَبان، ولو وجد لحصّله الوجدان ولتعيّن أن يقع عليه العيان؛
ص: 100
إذ الدواعي متوفّرة على نقله أشدّ الوفور متوجهة إلى إذاعته ونشره من ذلك اليوم إلى يوم النشور.
فإنّه (صلوات الله عليه) قد زاحم جميع ملوك الأرض واستطالت دعوته في الطول والعرض، وناطحت كباش كتائبه جميع الأُمم من العرب والعجم، وکاسر (کسری) و (قیصر) وبلغ بريد محبّراته البرّ والبحر، وانتصر بالله على اليهود والنصارى وحلّق نسر قهره حتّى اصطاد الصقور والحبارى (1).
وهو (حفظ الله شريعته وأعلى كلمته) في جميع ذلك يدعو إلى كتابه ويتحدّى بمعجز خطابه.
فلو نوقض أو عورض لخفّت مؤونته ولهانت بلواه، ولبطلت - وحاشا ساحته المقدّسة - دعواه.
ثمّ لم تزل تلك المعجزة الباهرة والآية القاهرة باقية على مرّ الدهور وخوالي الأعوام ومواضي الحقب والأيّام، لا تزداد على طول المدّة إلّا جدّة و على شدائد الجاحدين والمنكرين إلّا شدّة، ولا يزيدها التكرار والاستملاء إلّا حسناً وبهاء، وما تصدّى في الأزمنة المتأخّرة عن زمان نزوله لمعارضته إلّا مأفون الرأي مائق العقل (2).
حتّى إنّ من الأعاجيب - وأيّ شيء منه (تقدّست آياته) ليس بعجيب! - أنّك ترى الرجل في جميع المقامات من النظم والنثر والخِطب كخطيبٍ مصقع فارساً في كلّ حلبة ولدى كلّ موضع، فإذا تصدّى - من أجل ضعفٍ في دينه أو
ص: 101
خِوَر في عود يقينه أو زندقة في هواه أو وصم عهار في عصاه - إلى مقاومة ذلك المقام ومعارضة معجز ذلك النظام، أُفحم وتبلّد وأُبكم وتلدّد.
هذا (مسيلمة) (1) و (سجاح) (2) وأمثالهم من الأولّين، و (المتنبّي) (3)
ص: 102
و(المعرّي) (1) وأضرابهم من الآخرين، كلُّ بزعمه جاء بقرآن وبيّنات وسور و آیات!
ولكن دونك فاضرب فكرك فيما يُحكى عنهم من تلك المزخرفات، فهل تجد إلّا ما يُضحك الصبيان في مكاتبها وتسخر ربّات الحجال منه في مضاربها؟!
ولعمرُ الله - وعمرُ الله قسمٌ عظيمٌ - إنّ هذا الكتاب الكريم والفرقان العظيم لو أبدت عجائبه جميع الأنام بجميع الطروس والأقلام وأبادت في ذكر معجزاته الدهور والأعوام، لَما جُمع من عظيم قدره إلّا أقل مقدار، ولا وقع صيرفيّ المعرفة من نحو أعشاره إلّا على عُشر معشار!
هذه العزّة والمنعة والسموّ والرفعة، والحمد والثناء والمجد والبهاء، والعُجُب والعَجَب والإطراء والطرب والإعجاز والغَلب، وما يقصر عنه اللسان ولا يحيط به البيان ولا تصل إليه الأذهان، إنّما هو في إحدى طوائله وأدنى
ص: 103
فضائله وأوّل آياته وأسهل معجزاته.
وهي معجزة الأُسلوب والبيان، هي الصياغة والنظام، هي التركيب والانسجام، هي الأقوال والكلمات هي فرائد الألفاظ والمفردات، هي جهة التعبير بنفسه مع قطع النظر عن سائر الجهات.
أمّا لو صرفنا الأفكار وعطفنا الأنظار إلى ما في تلك المباني من الأسرار والمعاني، والحقائق والدقائق، والمعارف واللطائف، والأغراض والمقاصد والمصادر والموارد، وما أحاط به من الشأو المنيع بنكات المعاني والبيان والبديع، فهناك تنقطع الإشارات وتُحيا العِبر وتموت العبارات! هناك تحار العقول وتذهل النفوس! هناك تخضع الرقاب وتُطأطأ الرؤوس! هناك العظات والزواجر والنواهي والأوامر! هناك هبّة الملكوت وهيبة الجبروت، ولوامع حظائر القدس وطوالع محاضر الأُنس! هناك الفزّة والهزّة، والعظمة والعزّة، والنفائس والبزّة!
القرآن المجيد، الفرقان الحميد الوعد والوعيد، الترغيب والترهيب، التعليم والتأديب التصفية والتهذيب التبعيد والتقريب، الأمثال والحِكم، الحظوظ والقِسم، البلايا والنقم، النعيم والنعم، ووقائع الله في الأُمم، وما أصابها من النكال والبلاء في تكذيبها للأنبياء، وما حلّ بالظالمين من أهل السماوات والأرضين.
حريّة العقل والمعقولات، توسعة نطاق العلم والمعلومات، روابط عرى الأُخوّة والمساواة، عواطف المروّة والمواساة، الشرائع الإلهية، القوانين السياسية، الفنون الطبيعية والرياضية، الحكمتان: العلمية والعملية، دقائق أسرار التوحيد، حقائق أنوار الثناء والتمجيد، الرُقى والعزائم، المغيّبات والملاحم،
ص: 104
التسخيرات والطلاسم، أخبار الصدق عن الغيب، أنوار الحقّ بلا ريب، أسباب السعادة والنجاة، أبواب الدعاء والمناجاة، علوم الأديان والأبدان، حقائق المعرفة والإيمان، الجفر والرمل وأمثالها من أسرار طبائع الحروف.
إلى غير ذلك ممّا لا يحصيه للراء من عيون الرجال أُلوف.
فكم ثمّ من معادن وكنوز تحت إشارات ورموز!
كلّ ذلك في كلامٍ يدلّ بنفسه على نفاسة قائله وجلالة جاعله، وملاءة مُمليه ونفوذ مشيّة منشيه.
ويميح (1) اليقين ويزيح الشكوك بأنّه كلام قاهر قادر، هو سلطان السلاطين وملك الملوك.
فجاء ميلء إهاب الهيبة والفخامة وحشو ثياب العظمة والكرامة.
يعرف ذلك من له أدنى معرفةٍ بعلوم العربية والفنون الأدبية.
فيا مَن ذاق منها ولو جرعة واستضاء منها ولو بلمعة، أقصد بندائي وأخصّ بدعائى علماء المسيحية وأحبار النصرانية الذين فجّروا اليوم من العربية جداول وأنهاراً، وجلَوا من خرائدها ثيّباتٍ وأبكاراً، وأجروا المحيط بأقرب الموارد من قاموس لغاتها، وجاؤوا بالوسيط والبسيط في مجمع البحرين من حريريّ مقاماتها، إلى غير ذلك ممّا ينيف على الأُلوف في العربية من مؤلّفاتها.
وأنا ملتمس سائل ولكلّ واحدٍ منهم قائل:
ص: 105
ألا بذمّة الإنصاف عليك، ألا بما أسدى الحقّ والحقيقة من الفضائل إليك، ألا بحرمة شرف الإنسانية، ألا بذمّة دين النصرانية، ألا بالمروّة والتكرّم، ألا بشرف العلم والتعلّم، ألا بحقوق البشرية، ألا بالجامعة العصرية، ألا بعلاقة الأدبية، ألا بروابط عرى العربية، ألا بوحدة السنخية، ألا بجدّة الجنسية، ألا بالجامعة الكتابية، ألا بالعرفان واليقين، ألا بالتمدّن والدين، ألا ببيت اللحم المعظّم، ألا بروح القدس و (مريم)، ألا بكلّ الأقانيم، ألا بالعلم والتعاليم، ألا (بيوحنّا) (1) و (بولس) (2)، ألا بالمسجد المقدّس، ألا بكلّ الأناجيل! أقسمتُ عليك إلّا ما طالعتَ وتطلّعت وراجعت ما استطعت، ورفعت عصابة العصبية عن عين بصيرتك وأحضرت الإنصاف وطلب الحقّ في طويتك، راغباً في إصابة الحقّ لك كان أو عليك واضعاً في التأمّل رأسك بين ركبتيك، متوسّعاً في الفكر والتدبّر مجالاً، ناظراً في قوله (تعالى): «وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي
ص: 106
وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِي وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» (1).
انظرها وهي في مقامها واختبرها في عقد نظامها، ثمّ استقصها أثراً وتعرّفها خُبراً وخَبراً، ثمّ انظر ماذا تسمع وماذا ترى؟!
أمّا هذا الضعيف الذي لا يُذكر والطفيف الذي هو أحقر من أن يُستحقر - على ما في الذهن من الخمود وما بالقريحة من الجمود - أجدني عند ذلك وكأنّى قد امتلأتُ نوراً وأوشكت أن أتجافى عن الأرض خفّة وسروراً.
ولربّما تنوبني الفزّة ويصيبني مثل الرعشة والهزّة، وأحسّ من نفسي معنىً لا أستطيع عنه تعبيراً وحريّة حالٍ تسترقّني فلا أملك لها تحريراً!
ولو ذهبت إلى ما في خصوص هذه الآية الباهرة ومظهر القدرة القاهرة من الإيجاز والإعجاز، وشرف المعاني والمباني، وبلاغة التفريع والترتيب، وفصاحة النظم والتركيب، وما اشتملت عليه من أنواع البديع وغرائب الأساليب لما أجزتني الجزوات، بل احتجت إلى مجلّدات!
وقد قامت عنّا مهرة الصناعة وحملة تلك البضاعة بكثيرٍ هو منها قليل وحقير بالإضافة إليها وإن كان في نفسه جليل.
ولا تحسبنّ أنّ هذه الآية الكريمة عديمة النظائر والأضراب في ذلك الكتاب.
ضع نظرك أنّى شئت من بيّناته وسرّح فكرك في أيّة آيةٍ أردت من محكماته، تجدها لتلك شقيقة إن لم تكن بالتقدّم حقيقة: «وَمَا نُرِيهِم مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا» (2)، أو حاكية في الإعجاز عنها: «مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ
ص: 107
بِخَيْرٍ مِّنْهَا» (1).
وما هي بواحدة، ولا اثنتين، ولا، ولا.
هاك انظر في قوله (عزّ من قائلٍ وعلا): «يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ: مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ» (2).
الله أكبر! وسبحان الله ألفاً ألفاً عدد ما أنزل الله حرفاً حرفاً!
ما أدري ماذا أجرى قلم القدرة، وماذا أنشأ لسان القوّة، وماذا حوى و حمل لوح العظمة والسطوة؟!
يميناً بمفيض هذه الشآبيب (3) ومبدع تلك التراكيب ومعجز هاتيك الأساليب، ما أدري كيف أسبغها وأساغها، وفي أيّ قالب صبّها وصاغها، وإلى أيّ حدّ من البلاغة أنهي بلاغها؟!
تاهت العقول، وتناهت الألباب، وعجزت الأفهام وحُجزت الأوهام، وكلّت الألسن وأعشت الأعين، وانقطعت العبارات وامتنعت الإشارات! فنكصاً (4) على الأعقاب وحصّاً (5) لأجنحة الألباب!
يا هل ترى كيف ابتدأ براعةَ استهلالها بعموم النداء ومفاجئة الدعاء، وعقّبه
ص: 108
بطلب الإصغاء والإنصات والاستماع والالتفات؛ إشعاراً في صدر الكلام وقبل الشروع في المرام أنّ ما هناك شيء عجيب وشأن غريب هو بمثابة من العجب والغرابة.
وأما وعيش أبيك، إنّ ذلك لكذلك!
أفليس أمراً عجيباً يذر الولدان شيباً أن ترى من ذوي العقل جماعة يخصّون بالعبادة وينقادون بالطاعة لمخلوقٍ مثلهم قطعاً لا يملك لنفسه فكيف لغيره ضرّاً أو نفعاً!
وهو من الضعف والعجز في حالٍ يعجز عن صنع مثل أصغر الحيوانات، بل أخسّ الهوام والحشرات!
وانظر إلى تلك التتمّة، بل التكملة المهمّة، وهي قوله (تعالى): «وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ».
فإنّه بمحلٍّ ومكان لا يأتي عليه الحسن ولا الاستحسان.
ثم ّانظر إلى ما وراء ذلك من الترقّي والمبالغة زيادةً في التشنيع والتقريع لهم والتفظيع في عبادة ذلك الخلق الوضيع. وهو قوله (تعالى): «وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ».
فإنّه الغاية في إهانتهم والكشف عن عجزهم ومهانتهم.
وما هو من المبالغة والإغراق الذي هو فوق الواقع، بل ترقٍّ في تصريف المعاني على نحوٍ من البيان بديع بارع.
ثمَّ انظر كيف عقّب ذلك بما يزيد الحال في الشناعة والفظاعة.
وأعطى فذلكة المقام، فلخّص وأجمل في كلمةٍ ضرَبها ضربَ المثل، فقال (عزّ شأنه): «ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ».
ص: 109
ثمّ - بعد استيفاء الغرض من تصوير تلك الحالة الهائلة والكشف عن غاية قبحها وشناعتها وأنّها معبودات باطلة - أوصلَ القول بذكر المعبود بالحقّ، وجهلهم به، وتقصيرهم في طاعته، وقصورهم عن تعظيمه ومعرفته كما هو واجب حقّه وعلى ما ينبغي من عظيم شأنه، فقال (جلّت عظمته وعلت كلمته): «وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ».
ونظراً إلى إلصاقها بالكلام الأوّل وشدّة ارتباطها به لم يفصل بينها وبينه حتّى بحرف العطف؛ لتظهر المقابلة وتبين المباينة، ويتّضح الفرق ويتجلّى الحقّ.
وحيث كان الشأن والغرض المقصود بالبيان هو إظهار عجز تلك المعبودات من دونه (تعالى) وضعفها وضِعتها ناسب أن يجعل ختام الكلام بذكر تأكيد القوّة والعزّة له واختصاصهما به؛ لتجمع بين حسن الابتداء وحسن الختام، فقال (عزّت عظمته وعظمت عزّته): «إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ».
عزّت اللهمّ آلاؤك وعظمت نعماؤك، أُثنى عليك ممجّداً وأمجّدك موحّداً، وأُوحّدك بالعبودية وأعبدك بالوحدانية.
وأنا، وما أنا؟! بل جميع الفصحاء والبلغاء وأئمّة الكلام جباهنا في السجود لآياتك موضع الأقدام اعترافاً وإذعاناً وإيماناً وإيقاناً.
إلى غير ذلك من عظيم مزاياها، وعلى ما ذكرناه فقس ما سواها.
وقد أعجزنا استيفاء خواصّها ولطائفها، ومعجز بلاغتها وفصاحتها.
وذاك - يا ابن ودّي - ما لعلّك سمعته من الأمر الذي هو فوق طوق البشر ووراء طور العقل.
وما أكثر أمثال هذه الآية من معجز آياته وزُبر بيّناته ممّا لا يتّسع لعدّه وسعي وفراغي ولا يبلغ أدناء أقصى جهدي وبلاغي.
ص: 110
لا، واستغفر الله واستعفيه وأتوب إليه واستكفيه من كلّ حمدي وثنائي وجميع مدحي وإطرائي، وما جمعتُ وأوعيت وكدحت وسعيت!
فقد تقحمتِ یا خراشةً على منبع سور و تهجّمت یا فراشةُ (1) على بركان نور!
فما أجرأك - يا هذا - على أن تخترق، وما أحراك بأن تحترق!
ومن أين وأنّى وكيف لي أن أتسنّم أو أتسنّى لصعود تلك المزالق ورقي هاتيك الشواهق والوصول الى تلك الرقائق والحقائق، من بيان عظمة القرآن وما فيه وإعجازه في مبانيه ومعانيه، وذكر علومه وتعاليمه وشرف مناطيقه ومفاهيمه؟!
ص: 111
إنّ نعت كلّ شيء من كلّ ناعت تابع لقدر العلم به، وفرع عن زنة الحظّ من معرفة حقيقته والاطّلاع على كنه ذاته.
وحيث إنّ كلامه (تعالى شأن جلاله) صفةٌ من صفاته أو فعلٌ من أفعاله، على الخلاف في حدوثه وقدمه ممّا لسنا بصدد تحقيقه ولا من خطّتنا في هذه الوجيزة سلوك طريقه. ومن الجلي الواضح أنّه (عزّ شأنه) هو المنفرد بالعلم بذاته والأعلم بكنه صفاته. بل حقّ التحقيق والإفادة: أنّ ما هناك مشاركة ولا زيادة.
والممكن عن معرفة كنه ذاته عازب، فكيف يحيط - معاذ الله - بمعرفة الواجب؟! أو بعد اعتراف سيّد الكائنات وأشرف الممكنات بالعجز والقصور، يبقى للطمع في الخواطر خطور؟!
وعليه، فأكمل ناعتٍ للقرآن نفسُ القرآن.
فما من حديثٍ أصدق عنه من حديثه وآياته، ولا دليل أدلّ عليه من ذاته، ولا قول أحقّ بالبيان عنه من قوله، ولا حول أقوى على الكشف عن أحواله من حوله، ولا أحد أعرف بكمال قدسه من نفسه.
دونك فاستجل صِحاف صحائفه، وإليك فقف على أعراف معارفه، وانظر كيف تصرّف في نعوته وشؤونه، وبماذا أعرب عنه من تصاريف القول وأفانينه.
تجده مشحوناً بأوصاف الكمال ونعوت العظمة والجلال.
فبما أنّه مشتمل على أسباب الهداية وسبل النجاة ومعالم الدين فهو: «ذَلِكَ
ص: 112
الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدى لِلْمُتَّقِينَ» (1).
وحيث إنّ فيه الدلائل المحكمة والبراهين المتقنة التي يُستنار بها في ظلم الظلالات وشُبه الجهالات، فهو برهان يقين ونور مبين: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِينًا» (2)، «قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ *ديَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» (3)، «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ»، إلى قوله (تعالى): «فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (4).
ولاشتماله على العظات البالغة والحجج الدامغة وشموس الهداية البازغة وينابيع الرحمة السائغة كان شفاءً وموعظةً وهدىً ورحمةٌ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ» (5).
وحيث كانت فيه البشري والهدى للمسلمين وتفصيل كلّ شيء لأولياء الله المتدبّرين، قال (جلّ شأنه): «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانَا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدَى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ» (6).
وحيث تضمّن الدواء لكلّ داءٍ وتصريف الحكم والأمثال والقصص
ص: 113
والأنباء، فلا جرم كان للمؤمنين رحمة وشفاءً وللكافرين خسراناً وشقاءٌ: «وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا» (1)، «وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورا» (2)، «وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا» (3).
وأبان عن عظیم منزلته ببيان منزّله، و من نزَل به، ومن أُنزل عليه، ولسانه الذي أُنزل به: «وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيِّ مُّبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ» (4).
وحيث تشابهت في البلاغة والإعجاز والبراعة والإيجاز جلّ جمله وسائر سُوره، فمن ذا يحسن القول فيه والحديث عنه: «اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِها مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ» (5).
ومذ جرت الأُمور فيه على مجاريها، وذُكرت الأشياء به على مصبّ واقعها، وكان من العزّة والصيانة والقوّة والرصانة بالمحلّ الذي يستحيل أن يُعارض ويمتنع أن ينقض أو يتناقض: «وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» (6)، «وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنَا أَعْجَمِيَا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيُّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي
ص: 114
آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمَى أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ» (1).
عزّت عظمته، عَظمت عزّته، علت سماؤه، سمى علاوه، عزّ سلطانه، تعالى شأنه، بهر برهانه، ما انفكّ على هذه الشاكلة، على هذه الوتيرة، على تلك العزيمة، على تلك المثابرة، حتّى وعز إليه الكشف عن حقيقة أمره، عن جلية جوهره، عن كنه كيانه، عن خبره عن عيانه، فضرب عنه للناس مثلاً صحيحاً وقولاً صريحاً، حيث جعله (جلّ شأنه) من لدنه روحاً.
لعمرُ الله، لعمر الملائك، إنّ ذلك لكذلك! هو نصاب الصواب، هو لُبّ اللباب، هو نفس الأمر وعين الواقع، هو القول الفصل والكلام الجامع!
أفليست هذه الأشباح القائمة والأجسام المطّرحة والهياكل المنتصبة بغير الروح موات، لا حسّ لا حركة لا حياة!
أتراك تقول: نعم، أم تقول: لا؟!
كلّا، بل أقول: لعمر التدبّر والإنصاف، إن هي إلّا كهذا الحيوان المنتصب الناصب الذي هو تارةً كالأُسطوانة الملقاة، وأُخرى كمنارة الراهب المتسمّي بالإنسان، وما هو به.
لا حياة له لا روح لا سعادة، لا شرف لا فضيلة لا زيادة، لا علم لا إفادة لا استفادة، لا دين لا آخرة لا دنيا، لا أخلاق لا رقي لا عليا، إلّا بهذا الكتاب الكريم والقرآن الحكيم.
بالاستضاءة بنوره، بالاغتراف من بحوره، بالأخذ بنواميسه، بالاستشراق بشموسه، بالتخلّق بأخلاقه، بالتأدّب بآدابه، بالرجوع إلى تعاليمه، بالوقوف على أقانيمه.
ص: 115
كيف لا يكون روحاً وأنّى! ولِمَ لا يستتبّ له شرف الحياة ويتسنّى! وقد وضعه بل رفعه: «رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ * يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ» (1).
والأصرح فيما ذكرناه - من: أنّ هذا الكتاب هو الروح وبه الحياة لهذه الأجسام الحيّة الموات - قوله (تعالى وتعظم) لنبيّه الأكرم: «وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» (2).
إلى كثير من أمثال هذه النعوت الفرقانية والتجلّيات الربّانية، ممّا يقف عليها السعيد بقراءته، الحظيّ بتلاوته، المتدبّر في أسراره، المستشرق بأنواره.
وبذاك القدر قد اكتفينا، لا أنّنا قد أحطنا واستوفينا
وأحلناك في الغير على ما يسعك من السبر والسير، فخذ حظّك منها بقدر حماسك واجتهادك وعلى حسب فطانتك واستعدادك، فإنّ هذا الو فطانتك واستعدادك، فإنّ هذا الوحي المبين [كالماء في قوله تعالى]: «أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا» (3).
فكلًّ يحمل من معين مائه بقدر ما يتّسع له من ظرفه وإنائه.
وهنا أسرار وحقائق، بل كشف أستار ورقائق، هي بغير هذا العلم أشبه، فليُعلم وليتنبّه.
هذا (سدّدك الله) ما أردنا تنبيهك عليه من نعوت القرآن على نفسه ودلالته على ذاته.
ص: 116
وممّا عاد أو كاد أن يكون قريباً منه لاحقاً به متفرّعاً عليه كلامُ الصادع به المنزل على لسانه وقلبه، وهو كثير.
فمنه قوله (صلوات الله عليه وعلى أُمناء الوحي من آله وخلفائه) كما رواه ثقة الإسلام شيخنا المحدّث (الكليني) (رضوان الله عليه) في كتابه المتقدّم الذكر الشهير (بالكافي)، عن الأربعة (1)، عن (الصادق أبي عبد الله)، عن آبائه عليهم السّلام، قال: «قال رسول الله (صلوات الله عليه): إنّكم في دار هدنة، وأنتم على ظهر سفر، والسير بكم سريع، وقد رأيتم الليل والنهار يبليان كلّ جديد، ويقرّبان كلّ عيد، ويأتيان بكلّ موعود، فأعدّوا الجهاز لبعد المجاز».
قال: «فقام (المقداد) (2)، فقال: يا رسول الله، وما دار الهدنة؟ فقال: دار
ص: 117
بلاغ وانقطاع، فإذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنّه شافع مشفّع وماحل (1) مصدّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنّة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار.
وهو الدليل على خير سبيل، وهو كتاب فيه تفصيل وبيان وتحصيل، وهو الفصل ليس بالهزل.
وله ظهر وبطن، فظاهرهُ حكم، وباطنهُ علم. ظاهره أنيق، وباطنه عميق.
له تخوم، وعلى تخومه تخوم لا تحصى عجائبه ولا تبلى غرائبه فيه مصابيح الهدى، ومنار الحكمة، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة.
فليجل جالٍ بصره، وليبلغ الصفة نظره، ينجُ من عطب، ويخلص من نشب، فإنّ التفكّر حياة قلب البصير، كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور،
ص: 118
فعليكم بحسن التخلّص، وقلّة التربّص» (1).
وقد ورد في صحيح الأثر: «أنّ الله (تعالى) قال لمحمّد (صلوات الله عليه وآله): إنّي منزلٌ عليك توراةً حديثة، تفتح بها أعيناً عمياً، وآذاناً صمّاً، وقلوباً غُلفاً، فيها ينابيع العلم، وفهم الحكمة، وربيع القلوب» (2).
وقال رسول الله صلّي الله عليه و آله: «إنّ الله أنزل القرآن آمراً و زاجراً وسنّة خالية ومثلاً مضروباً، فيه نبأكم، وخبر ما كان قبلكم، ونبأ ما بعدكم، وحُكم ما بينكم.
لا يخلقه طول الردّ، ولا تنقضي عجائبه.
هو الحقّ ليس بالهزل، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن خاصم به فلج، ومن قسم به أقسط، ومن عمل به أُجر، ومن تمسّك به هُدي إلى صراط مستقيم. ومن طلب الهدى من غيره أضلّه الله، ومن حكم بغيره قصمه الله.
هو الذكر الحكيم، والنور المبين، والصراط المستقيم، وحبل الله المتين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسّك به، ونجاة لمن اتّبعه. لا يعوّج فيقوّم، ولا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الردّ» (3).
ويضاهيه ما رواه في (إعجاز القرآن) بعديد أسانيد عن (الحارث
ص: 119
الأعور) (1)، عن (علي) عليه السّلام: قال: «قيل: يا رسول الله، إنّ أُمّتك ستفتن بعدك، فسأل أو سُئل: ما المخرج من ذلك؟ فقال: بكتاب الله العزيز الذي: «لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» (2).
من ابتغى العلم في غيره أضلّه الله، ومن ولي هذا من جبّار فحكم بغيره قصمه الله.
وهو الذكر الحكيم، والنور المبين، والصراط المستقيم فيه خبر من قبلكم، وتبيان من بعدكم.
وهو فصلٌ ليس بالهزل، وهو الذي سمعتهُ الجنّ «فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ» (3).
لا يخلق على طول الردّ، ولا تنقضي عبرُه، ولا تفنى عجائبه» (4).
ص: 120
أمّا الخلفاء والتابعون وكبراء المسلمين وعيون الرجال ومداره (1) الفصاحة والبلاغة قديماً وحديثاً، فلا أسطيع في مقامي هذا جمع الكثير من كلماتهم في نعت القرآن، فضلاً عن الأكثر أو الكلّ منها.
ومن أراد استقصاء ذلك وتدوينه أمكنه بسهولة أن يجمع منه كتاباً ضخماً ومؤلّفاً فخماً.
وإنّما أُورد في هذا السفر ما يحضر في خزانة خاطري ومذكّرة ذاكرتي، وما قرب منّي وسهُل أخذه عليّ من شذورٍ علقت بالذهن عند المرور بها والعبور عليها عفواً، ولم استوسعها طلباً، ولا أوقفت عليها وقتاً، ولا جعلت لها من العناية قسطاً؛ لأنّ موضوع كتابنا بالأصالة ليس ذلك وإن كان لصيقاً به عريقاً فيه، بيد أنّا نخشى من التوسّع أن يفوّت جوهر الغرض.
ولكنّا نذكر شيئاً من تلك الشذور شبه النموذج والعنوان:
قال الخليفة (أبو بكر) من خطبة له: «اعلموا - عباد الله - أنّ الله قد ارتهن بحقه أنفسكم، وأخذ على ذلك مواثيقكم، وعوّضكم بالقليل الفاني الكثيرَ الباقي. وهذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه، ولا يطفأ نوره، فثقوا بقوله، وانتصحوا كتابه، واستبصروا فيه ليوم الظلمة، فإنّه خلقكم لعبادته، ووكّل بكم الكرام الكاتبين.
أيّها الناس، تعلّموا القرآن واعملوا به تكونوا من أهله. إنّه لم يبلغ من حقّ مخلوق أن يطاع في معصية الخالق، والقضم دون الخضم (2)» (3).
ص: 121
حقاً! إنّما يعرفُ القرآن من خُوطب به، ومن نزل على فؤاده وقلبه، الذي علّمه منشيه علوم عجائبه وألهمه تفاسير غرائبه، الذي جعله خازناً له وأميناً، وشرّفه عليه حيث جعله كتاباً ناطقاً مبيناً، أو مَن أودعهم ذلك الخازن الأمين ما عنده، وجعلهم الأوصياء والخلفاء بعده.
هم خاصّة أهل بيته الذين نزل القرآن في منازلهم وأعرب عن شطرٍ من أحوالهم وفضائلهم.
وهم أعرفُ بعمومه وخصوصه، وظواهره ونصوصه، ومنسوخه وناسخه، وعاليه وشامخه، ومُحكمه ومأوّله، ومتشابهه ومجمله، وجميع تفاصيله وشؤون نزوله، وأنوار بركاته وخواصّه وخيراته، ورموزه وإشاراته، وحدّ إعجازه ومقدار إيجازه، وحلّ ألغازه، وشرف قدره وعظيم مقداره.
كيف لا! وهم والكتاب:
كلُّ كتاب الله لكن صامتٌ *** هذا وهذا ناطقٌ ومبين
فهما الثقلان أكبر وأصغر، والكتابان صامت يحتاج إلى التفسير، وناطق مُفسّر، والقرينان اللذان لا يفترقان حتّى يردا على النبي الحوض، وهم سفينة النجاة، وهو بحر المعارف الذي لا يسوغ بدونها لأحدٍ فيه الخوض.
فلا نجاة مفيدة إلّا بالتمسّك بهما والأخذ عنهما، ولا حياة سعيدة إلّا بالرجوع إليهما والجمع بينهما.
ص: 122
فهم لأسرار حكمته خزنة ولمشاعر كعبته مفاتيح وسدنة، وهم باب مدينة علمه و حُجّاب سرادق عزائمه وعزمه.
وحيث إنّ كلّاً منهما للآخر صاحبٌ وقرينٌ، وما كلُّ إلّا كتابُ مبينُ، فإذا أردتَ أن تعرف شأن كلّ واحد منهما فاعرفه من أخيه، وتحمّم في جزارة عرفانك، واعرف من أين تؤكل الكتف (1)، وخذ الماء من مجاريه.
دونك هذا نهج البلاغة، وما أسبغه في ذلك وأساغه، فتصفّح صحائفه، وتعرّف معارفه، وأقصد مقاصده، وقف مواقفه، وانظر ما أبان من علوّ الشأن لهذا القرآن، وكيف أبهر فيما أظهر، وأغرب فيما أعرب من عظيم المنزلة له والمكان.
وقد تكثّر ذلك فيه وتوفّر، بحيث تعذّر إحصاؤه هنا أو تعسّر!
ولكنّي حرصاً على استنارة جبهات هذه الأوراق وبداراً إلى إبدار الحقّ في بروجها بعد المحاق، لا صبرَ لي عن ذكر شيءٍ من لثالئ لُجّه ودرر نهجه، وإن كنت احتار فيما اختار ولا أجد في كلامه عليه السّلام إلّا ما هو في منتهى الحسن والاختيار.
فهاكَ واحدةً من آحاد تُنبئك فرائدها عن بقيّة الأفراد:
وهي قوله عليه السّلام - بعد ذكر النبي صلّي الله عليه و آله والإسلام وما لهما من عظيم الزلفي والمنزلة -: «ثمّ أنزل عليه الكتاب نوراً لا تُطفى مصابيحه، وسراجاً لا يخبو توقّده، وبحراً لا يُدرك قعره، ومنهاجاً لا يضلّ نهجه، وشعاعاً لا يظلم ضوؤه، وفرقاناً لا يُخمد برهانه، وتبياناً لا تُهدم أركانه، وشفاء لا تُخشى أسقامه، وعزّاً لا
ص: 123
تهزم أنصاره، وحقّاً لا تخذل أعوانه.
فهو معدن الإيمان وبحبوحته (1)، وينابيع العلم وبحوره، ورياض العدل وغدرانه، وأثافيّ (2) الإسلام وبنيانه، وأودية الحقّ وغيطانه..
وبحرٌ لا ينزفه المتنزفّون، وعين لا ينضبها الما تحون (3)، ومناهلُ لا يغضيها الواردون، ومنازل لا يضلّ نهجها المسافرون، وأعلام لا يعمى عنها السائرون، و آكامٌ لا يجوز عنها القاصدون.
جعله الله ريّاً لعطش العلماء، وربيعاً لقلوب الفقهاء، ومحاجّ لطرق الصلحاء، ودواءً ليس بعده داء، ونوراً ليس معه ظلمة، وحبلاً وثيقاً عروته، ومعقلاً منيعاً ذروته، وعزّاً لمن تولّاه، وسلماً لمن دخله، وهدىً لمن ائتمّ به، وعذراً لمن انتحله، وبرهاناً لمن تكلّم به، وفلجاً لمن حاجّ به، وحاملاً لمن حمله، وآيةً لمن توسّم، وجُنّةٌ لمن استلام، وعلماً لمن وعي، وحديثاً لمن روى، وحكماً لمن قضى» (4).
«واعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ، والهادي الذي لا يضلّ، والمحدّث الذي لا يكذب.
وما جالسَ هذا القرآن أحدٌ إلّا قامَ عنه بزيادةٍ أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان من عمى.
ص: 124
واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة، ولا لأحد قبل القرآن من غنىً.
فاستشفوه من أدوائكم، واستعينوا به على لأوائكم؛ فإنّ فيه شفاءً من أكبر الداء، وهو الكفر والنفاق والغيّ والضلال.
فاسألوا الله به، وتوجّهوا إليه بحبّه، ولا تسألوا به خلقه.
إنّه ما توجّه العباد إلى الله بمثله. إنّه شافعٌ ومشفّع وقائل ومصدّق» (1).
إلى أمثال هذه من كلماته النورانية التي نحن - مع شدّة الحاجة إليها - في غنىً عن نقل جميعها؛ لاشتهارها وشيوعها.
ولكلّ واحد من سلالته المعصومين وعترته الطاهرين مثل ما له (صلوات الله عليه وعليهم) في سائر مقاماتهم من خطبهم وأحاديثهم وأدعيتهم ومناجاتهم.
هذا سليله وسميّه، ولي الله وصفيّه، رابع أئمّتنا الاثني عشر: زين العابدين وسيّد الساجدين (علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب) عليه السّلام.
وما أدري هل لاحظَتك السعادة بالفوز بصحيفته السجّادية المعروفة عند أهل البيت بزبور آل محمّد صلّي الله عليه و آله، التي هي ثانية ذلك النهج بل الوحيدة النسج، التي يوشك أن لا تجد نظيرها في كلام المخلوق بعلوّ مضامينها وشرف أساليبها وأفانينها، ولا يكاد يقاربها أو يساويها إلّا ما كان من شجرة معاليها ومعدن لئاليها وما قد تولّد من بيت أُمّها وأبيها.
وقد فاتت حدّ العجب والإعجاب بما اشتملت عليه من أعالي البلاغة في بيان كنه العبودية وأسرار ربوبية ربّ الأرباب.
ص: 125
وبالجملة: فلسان النظر فيها والرجوع إليها أدلّ على رفيع مقامها من لسان مدحي وثنائي عليها.
وقد نشرتها أيدي المطابع نشراً ذريعاً، وشرحتها العلماء بأنحاءٍ من الشروح (1).
بيد أنّهم لم يؤدّوا حقّها جميعاً.
راجع [الدعاء] الثاني والأربعين، وهو من بعض ما دعا به (على ذكره السلام) عند ختمه للقرآن، وانظر كيف نعت به کتاب الله الكريم بتلك النعوت العالية، وأين أنزله في الشرف والشأن، وإلى أين بلغ به من المقامات السامية؟!
فمن شريف عقوده و طريف بنوده قوله عليه السّلام: «اللهمّ، صلّ على محمّد وآل محمّد، واجعل القرآن لنا في ظُلم الليالي مؤنساً، ومن نزغات الشيطان وخطرات الوساوس حارساً، ولأقدامنا عن نقلها إلى المعاصي حابساً، ولألسنتنا عن الخوض في الباطل من غير ما آفةٍ مخرساً، ولجوارحنا عن اقتراف الآثام زاجراً، ولما طوت الغفلة عنّا من تصفّح الاعتبار ناشراً؛ حتّى توصل إلى قلوبنا فهم عجائبه وزواجر أمثاله التي ضعُفت الجبال الرواسي - على صلابتها - عن احتماله» (2).
إلى أمثال ذلك ممّا رشح من ينابيع الحكمة وشعّ من أنوار الرحمة، الذين هم حملته وعندهم وعندهم تفاصيله وجملته.
كما قال هو عليه السّلام في صدر دعائه هذا وغيره وفقاً لما تكرّر في كلمات جدّه
ص: 126
أمير المؤمنين، كما يشهد لك به (نهج البلاغة) وغيره من خطبه.
قال زين العابدين عليه السّلام: «اللهمّ، إنّك أنزلته على نبيّك محمّد صلّي الله عليه و آله مجملاً، وألهمته علم عجائبه مكمّلاً، وورّثتنا علمه مفسّراً، وفضّلتنا على من جهل علمه، وقوّيتنا عليه لترفعنا فوق من لم يطق حمله.
اللهمّ، فكما جعلت قلوبنا له حَمَلة، وعرفتنا شرفه وفضله، فصلّ على محمّد الخطيب به وعلى آله الخزّان له، واجعلنا ممّن يعترف بأنّه من عندك حتّى لا يعارضنا الشكّ في تصديقه، ولا يختلجنا الزيغ عن قصد طريقه» (1).
انتهى ما أردنا نقله من ذلك الدعاء الشريف.
وأنت (أصلحك الله) وإن كنت لا تعترف على اليقين بإمامتهم ولا ترى من الدين وجوب عصمتهم، إلّا أنّي ما أظنّك - بعد الإسلام - إلّا مستسلماً لأمرهم مذعناً بعظيم شرفهم وخطير قدرهم عارفاً بأنّ ثناءهم على ذواتهم الشريفة ليس إلاّ دلالةً للناس على ما به نجاتهم السعيدة وحياتهم الرغيدة ومقاصدهم السديدة.
كما قال حفيده إمامنا (الصادق) في نشر علوم آبائه (سلام الله عليه وعليهم): «إنّ بلاءنا بالناس عظيم! إن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا، وإن هديناهم لم يقبلوا منّا» (2).
ص: 127
ولعلّ عين ألفاظه وأُسلوبه ذهب عن حفظي، ولكن هو بهذا المضمون.
نعم، لا أرتاب في أنّ جهابذة الإسلام يعلمون أنّ تلك الشجرة الطيّبة النبويّة ما كانوا ليزكّوا أنفسهم باطلاً وزوراً، كيف! وهم يعترفون أنّهم أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
فلم يبق إلّا التعلّل بأن تقول: إنّ الشأن في إثبات أنّ ما حكيناه ونحكيه عنهم هو على اليقين صادر منهم.
وهذا أمرٌ نصيحتي لك فيه أن لا تجعله من فنّك، ولا تكدّر به صفاء ذهنك، وإلّا عسر عليك إثبات شيء من المؤلّفات عن أربابها، وحجر أشدّ الحجر دونك أن تنسب ما فيها إلى أصحابها.
بيد أنّك (سدّدك الله) تعلم أنّ كلّ طائفة جمعتها وحدة دينية أو فنيّة أو صناعة علميةٌ أو عمليةٌ، إلى غير ذلك من الروابط الاتّحادية: عقلية أو ملّية أو عادية، هم أعرف بمقالات زعماء طريقتهم ورؤساء نحلتهم أو صناعتهم.
فالنحاة مثلاً أخبر بأقوال أكابر ذلك الفنّ وأعرف بمؤلّفاتهم ولحن كلماتهم، وهم مصدّقون في أنّ هذا قول سيبويه) (1) أو كتابه، وذاك لحن
ص: 128
(الكسائي) (1) أو خطابه، إلّا أن يقع النزاع فيهم ويثبت الخلاف بينهم.
أمّا لو اتّفقوا فاتّفاقهم حجّةٌ على من عداهم، ولا يضرّ فيه ولا يساويه إنكار من سواهم، إلّا أن يكون ضارباً معهم في عرق وقريناً لهم في ربق (2)، بحيث يُعدّ من تلك العدّة وتجمعه وإيَّاهم تلك الوحدة وإن كان جامعاً معها سواها وداخلاً فيما عداها.
وهذا أصلٌ مطّرد سارٍ وقولٌ في المقامات كلّها جارٍ.
ص: 129
ونرجع إلى استيفاء ما كنّا فيه ونعيد النظر فيما نقلناه من تلك الكلمات والفقر التي هي من بعض ما ورد عن النبي وأهل بيته (صلوات الله وسلامه عليهم).
والجميع وإن كان الغاية من البلاغة وإصابة شاكلة الفصاحة، ولكنّها لا تنتظم في صفّ فصاحة القرآن وبلاغته ومعجز وبديع أُسلوبه وإن حامت حول تلك الأنوار واقتبست من تلك الأشعّة.
نعم، هي أدلّ آيةٍ على إعجاز تلك الآيات.
فإنّ ذلك الكلام وأشباهه من جوامع الكلم النبويّة الذي هو من النمط الأعلى والطراز الأوّل في البلاغة والبراعة إذا قرنته أو ضممته إلى كلام الله (تعالى شأنه) أظلم ذاك الشعاع في نوره، واندكّ ذاك اليفاع (1) في طوره، ولمع كلام الله بينها لمعان الذهب بين شذوره.
يحسن هنا نقل كلام لسيدنا (الشريف الرضي الموسوي) (2) (ساق الله نجب الرضوان إليه) بل (سلام الله على آبائه وعليه).
قال في تفسيره المسمّى: (بحقائق التأويل ودقائق التنزيل) لدى تحقيق أنّ القرآن غير مشتمل على الحروف الزائدة، وأنّ جميع ما يُتوهّم من ذلك فلا يخلو المعنى به من فائدة، غير ما يقولون من التقوّي والتأكيد وأمثالها ممّا لا يرجع إلى كثير طائل ومعنىً فاضل.
قال (رضوان الله عليه) من كلامٍ اقتطعنا منه ما به الغرض والشاهد لماكنّا فيه: (فأمّا إذا كان الكلام محلول العقال مخلوع العذار ممكناً من الجري في
ص: 130
مضماره غير محجور بينه وبين غاياته، فإن شاء صاحبه أرسل عنانه فخرج جامحاً، وإن شاء قدع لجامه فوقف جانحاً، لا يحصره أمد دون أمد، ولا يقف به حدّ دون حدٍّ، فلا تكون الزيادات الواقعة فيه إلّا عيّاً واستراحةً وتغوّثاً وإلاحةً.
وهذه منزلة يترفّع عنها كلام الله (سبحانه) الذي هو المتعذّر المعوز والممتنع المعجز، وكلّ كلام إنّما هو مصلٍّ خلف سبقه وقاصر عن أدنى بلوغ غاياته.
بل قد يرتفع عن بلوغ هذه المنزلة كلام الفصحاء المقدّمين والبلغاء المحذقين، فضلاً عمّا هو أعلى طبقات الكلام وأبعد عن مقدورات الأنام.
وإنّي لأقول أبداً: إنّه لو كان كلامٌ يلحق بغباره أو يجري في مضماره بعد كلام رسول الله صلّي الله عليه و آله لكان ذلك كلام أمير المؤمنين عليه السّلام؛ إذ كان منفرداً بطريقة الفصاحة، لا تزاحمه عليها المناكب، ولا يلحق بعقوه (1) فيها الكادح الجاهد.
ومن أراد أن يعلم برهان ما أشرنا إليه من ذلك فلينعم النظر في كتابنا الذي الفناه ووسمناه: بنهج البلاغة، وجعلناه يشتمل على مختار جميع الواقع إلينا من كلام أمير المؤمنين عليه السّلام في جميع الأنحاء والأغراض والأجناس والأنواع من خطب وكتب ومواعظ وحكم، وبوّبناه أبواباً ثلاثة تشتمل على هذه الأقسام مميّزة مفصّلة.
وقد عظم الانتفاع به، وكثر الطالبون له؛ لعظيم قدر ما ضمنه من عجائب الفصاحة وبدائعها، وشرائف الكلم ونفائسها، وجواهر الفقر وفرائدها.
وكلامه عليه السّلام - مع ما ذكرنا من علو طبقته وخلو طريقه وانفراد طريقته - فإنّه إذا حوّل ليلحق غاية من أدنى غايات القرآن وُجد ناكصاً متقاعساً ومُقهقراً راجعاً
ص: 131
وواقفاً بليداً وواقعاً بعيداً.
على أنّه الكلام الذي وصفناه بسبق المجارين والعلوّ على المسامين، فما ظنّك بدون ذلك من كلام الفصحاء وبلاغات البلغاء الذي يكون بالقياس إليه هباءً منثوراً وسراباً غروراً!
وهذا الذي ذكرناه أيضاً من معجزات القرآن إذا تأمّله المتأمّل وفكّر فيه المفكّر؛ إذ كان الكلام المتناهي الفصاحة العالي الذروة البعيد المرمى والغاية إذا قيس إليه وقُرن به شالَ في ميزانه وقصُر عن رهانه، وصار بالإضافة إليه قالصاً بعد السبوغ (1) وقاصراً بعد البلوغ ليصدق فيه قول أصدق القائلين (سبحانه) إذ يقول: «وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» (2)) (3).
انتهى ما أردنا نقله من هذا الديباج الخسرواني والنسج البديع، فما النسج اليماني؟!
ولئن كان لغير أُمناء الوحي من البشر حظٌّ من معرفة عظيم شأن القرآن والوقوف على إعجازه ورصفه ومساغ نعته ووصفه، فهو حقّ مثل هؤلاء من مَهرَة العربية وسحرة البيان وأعيان الرجال ورجال الأعيان الفحول المتطلّعين والجهابذة البارعين من النمرقة العليا والطراز الأوّل.
ص: 132
الفصاحة والبلاغة (بلّغك الله مراقيها) إنّما هي من الصفات المعنوية التي تحسّ وتدرك ولا تمسّ ولا تمسك، وتعرفها الطباع السليمة بغرائزها وأذواقها، لا أنّها ممّا تشهدها العيون بأحداقها.
وذاك الذوق وتلك الغريزة إمّا منحة في الجبلّة وموهبة في الذات بحسب الفطرة، كما هي في العرب الأوّلين المتفاوتين في ملكاتها وكمالاتها بتفاوت ذواتهم المشرقة المضيئة بمقتضى ما سبق لهم من العناية والمشيئة.
وإمّا حصولية كسبية ومهنة تعليمية، يزرعها التعلّم والتعليم في باحة الطبع المستقيم، فلا تثمر إلّا بعد الجدّ والتعب والكدّ والطلب، كما في سائر أساطين هذه الصناعة من ذوي التقدّم والبراعة من الشعراء وغيرهم.
فالناس (حرسك الله) إذا صنفان لا ثالث لهما: إمّا ذو حظّ وتمييز من معرفة العربية قليل أمرها أو كثيره، جليله أو حقيره، بالطبع والمنحة وعلى أصل الاستقامة والصحّة، أو بالكسب والتحصيل، أو بالتعلّم بعد الجهد الطويل، كما في سائر الناس منذ الأزمنة المتأخّرة من سائر طبقات الأُمم، لا أخصّ العرب والعجم.
فإنّ الناس من أيّة أُمَّةٍ تُفرض وأيّ قومٍ منذ زمان متقادم إلى اليوم قد تلاشت عنهم تلك الصفة، وانسلخت عن ألسنتهم وأذواقهم تلك المعرفة، ونُسخت من طباعهم تلك الغريزة، وصار الرجل لا ينال من العربية ومعرفة
ص: 133
البلاغة حظِاً لا معنى ولا لفظاً إلِا بالكسب والطلب وبعد التعب والنصب، عربي الجلدة كان أو غيرها، على اختلافٍ في صعوبة الأمر ولينه وسهولته وحزونه بين الأُمم وآحادها وكلّ أُمّة وأفرادها.
فمن ساعده استعدادُه ولُطف قريحته وصفاء جوهره - بمرافدة كدّه وكدحه وطلبه وسعيه - دخل في زمرة أهلها - على اختلاف طبقاتهم وتفاوت منازلهم من مبتدئٍ تالٍ أو متوسط أو متعال - وإلّا كان من الصنف الثاني، وهو الأملس الجلدة، العاري البشرة، العادم التمييز، الفاقد المعرفة، الصفر الوِطاب (1)، الخالي العياب، من قليل هذا الأمر وكثيره، وأيسره وخطيره.
فالقسمة الحاصرة هنا بين النفي والإثبات: أنّ الناس في معرفة البلاغة إمّا عارف مجتهد، أو جاهل مقلّد. ذاك من لم يجعل الله له هذه الحاسّة، ولا اكتسب تلك القوّة، ولا مارس هذه الصنعة، ولا ذاق طعم تلك الجرعة، فهو عند الغاية (أجارك الله وعافاك) كالأكمه والأصمّ الذي ليس له حاسّة إدراك الصور المعجبة وسماع النغمات المطربة.
وحيث استبان لديك أنّ الناس في معرفة هذا الأمر لا تعدو هذين الصنفين، فنحن - بفضل الله (تعالى) - نُسجّل الحجّة على كلِّ منهما، ونُعيّن له سبيل الوصول إلى هذه الغاية، وندلهّ على أسباب حصول اليقين والدراية، حتّى
ص: 134
ننتهي به إلى منتهى الطمأنينة والثبات ومنقطع الشكوك والشبهات، إن كان ممّن نزع روح العصبية من جثمانه ووضع في يد الإنصاف وطلب الفضيلة فضل عنانه.
أمّا من تقمّص بالتعصّب وتردّى ولو هوى وتردّى، وجدّ في أن لا يفارق ما وجد عليه قومه أباً وجدّاً، فذاك ليس هو المعنيّ بكتابنا ولا المقصود بخطابنا.
ونحن لسنا معه في هذه المعركة، وأمرنا وإيّاه على المهادنة اليوم والمتاركة، حتّى يُبعث لنا أو له سائق التوفيق ويجمعنا على الحقّ في سواء الطريق. وإلّا فالموعد بيننا وبينه يومٌ آخر تجتمع فيه الخلائق وتتمحّص به الحقائق. وليرَ منّا الساعة بما أراد من حسنة أو فحشاء فهو اليوم وما شاء.
ولنتراجع إلى الغرض قبل فوته، فنقول لمن هو من الصنف الأوّل الذي عرف للبلاغة معنى ووقف على ذلك المغنى، وحصلت له تلك الحاسّة وقامت فيه تلك القوّة، ونال حظّاً منها - ولو يسيراً - وأصاب من أنصبائها قليلاً أو كثيراً، وصار يحسّ بها - إذا وجدها - إحساساً وجدانياً ويعلم بها في مظانها ومواضعها علماً يقينياً:
يا هذا، الله ثمّ الله عليك! فإنّك بين يديه وهذا القرآن بين يديك! اجمع جمعك واسع وسعك، واجهد جهدك واحشد حشدك، واعقد عندك محتفلاً ولجنة واجمع فيه من تراه عن المهرة في البلاغة وذوي المهنة، فإنّهم بين عينيك وما كان ليخفى مقامهم عليك، فإنّ الصناعة الواحدة داعية التعارف وواسطة التواصل والتكانف. ثمّ اجمع أمرك وخذ معهم حذرك، واستقبلوا من القرآن أية خطّةٍ شئتم وأيّ مقامٍ أردتم: مقام الدعة الى التوحيد، مقام الوعد والوعيد، مقام التشويق إلى الجنان، مقام التحذير من النيران، مقام القصص والأنباء، مقام دعوة الأنبياء، مقام تهذيب النفس الإنسانية، مقام نشوئها ونموّها من الجمادية إلى
ص: 135
الحيوانية، إلى غير ذلك من الموجودات السمائية والأرضية، ممّا يتعلّق بالعلوم الطبيعية أو الرياضية، كالسحاب والمطر والرعد والبرق والبرد والصواعق والزلازل وغيرها من كائنات الجوّ.
أُعطيك نموذجاً في القول وعنواناً من البيان تقيس عليه ما شئت من غيره.
خذ من أوائل سورة القصص إلى عشرين أو ثلاثين آية مثلاً، وانظر فيما اقتصّ (جلّ شأنه) من نبأ (موسى) وتفاصيل أحواله، وما جرى له من حين ارتضاعه وأيّام صباه إلى الوقت الذي كلّمه الله فيه واجتباه مفتتحاً بقوله (جلّ من قائل): «نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» (1).
إلى قوله (تعالى) بعدما اقتصّ من زواج كليمه ببنت (شعیب) بثماني حجج، قال (سبحانه): «فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْيِراً وَلَمْ يُعَقِبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ» (2).
ثمّ اقتصّ (جلّ شأنه) خبر إرساله إلى (فرعون) وتفرعنه بقوله: «يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي
ص: 136
أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ» (1). إلى منتهى القصّة، وهو قوله (تعالى): «وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» (2).
هذه قصّة من قصصه، وخبرٌ من أخباره، ولمعةٌ من أنواره.
لا أخصّها لك بعينها ولا أُعيّنها عليك بخصوصها، بل أشرت لك بها إلى الغرض، وصيّرتها منهجاً، وذكرتها مثالاً ونموذجاً.
خذ أيّاً شئت من نبأ (آدم) و(إبليسه)، و(إبراهيم) و(نمروده)، و(لوط) وقومه، و(صالح) و(ثموده)، و(هود) و (عاده)، و(يوسف) وإخوته، و(شعيب) ومدينه، و(داود) و(جالوته)، و(سليمان) و(بلقيسه)، و(زكريّا) وأُمّته، و(يحيى) ورهبانيته، و(عیسی) وروحانيته، و(محمّد) صلّي الله عليه و آله ونبوّته.
خذ ممّا عددناه - وما استوفيناه ولا أحصيناه - أيّ قصص شئت وعلى أيّ بابٍ وقفت..
ثم تدبّره جيّداً، ورجّع النظرة والفكرة مردّداً..
ثمّ أجمع أهل ثقتك وطمأنينتك ممن تعترف لهم بالفصاحة وتذعن لهم بشأو البلاغة، وقل: يا هؤلاء، إنّا نريد أن نسبك هذه القصّة على غير ما جاء بها هذا الكتاب من سبكها، ونبدّل هذه الدرر بأمثالها، وتنظمها في غير ما وجدناه
ص: 137
هناك من سلكها، فأعينوني بقوّة وأسعدوني بسطوة.
ثمّ اضمم إليهم حواسّك، وثقّف معهم جرأتك وحماسك، واحبس عليك أفكارك، واقضِ في الخوض معهم ليلك ونهارك، بل أيّامك، بل أعوامك، بل عمرك، بل دهرك.
ثمّ خذ لك منّي وعد صدقٍ - وعلى الله إنجازه - أن ستعرف هناك حقيقة العجز، ويستبين لك ما بلاغة القرآن وما إعجازه.
هناك لا تجد الأفكار إلّا راجعةً متقهقرة، والألباب إلّا واقفةً متحيّرةً!
هناك يهزك الفزع، ويأخذك الهلع!
هناك تنصدع صفاتك، وتخف حصاتك، وتطيش أناتك!
هناك ينقطع احتجاجك!
هناك يخضع لجاجك!
هناك يعتدل اعوجاجك!
هناك يبدو لك عذر من كان قبلك في ترك المعارضة، ممّن هو أشدّ منك البلاغة بأساً وأقوى منك معاناةً لها ومراساً، ممّن بُعد فيها فوته وارتفع بها صيته وصوته!
هناك تحسّ وجداناً وتجد عِياناً وتعود مضطلعاً خبيراً بصحّة قوله تعالى: «قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً» (1).
ثمّ لو غلبت عليك القحّة وسلبت العصبية من طبعك الاعتدال والصحّة،
ص: 138
فجمّعت وفرّقت، وزوّقت ونمّقت، وجئت بما زينّه لك الجهل واللجاج، فحسبت أنهّ بذلك السبيل وعلى ذلك المنهاج، وظنّي - وأنا به ضمين وما هو الظنّ بل اليقين - أنّ الأمر لا يبلغ إلى هذه المنزلة، والحال لا يكاد يشتبه عليك بحيث يصل إلى تلك المجهلة، إن كنت ممّن له في العربية أدنى مساس، وقيست لك معرفة البلاغة ولو بأقصر مقياس.
ولكن على الفرض والتقدير وتنزّل المحال إلى عالم التصوير، لو تحمّلت وتمحّلت وحسبت وتخيّلت، وسوّلت لك نفسك وخانك حسّك وحدسك، فالحكم - بعد عدل الإنصاف وشاهد الوجدان إن كان من يقع التسالم بيننا وبينك على أنّهم من مهرة العربية وأهل اللسان، من أيّ ملّة كانوا وفي أيّ صقع وجدوا.
وزبدة المخض والحقّ المحض: أنّ إقامة الحجّة والبيان في إثبات إعجاز القرآن على خصوص هذا الصنف إنّما هي بالمراجعة والامتحان، وعند الامتحان يُكرم الرجل أو يهان.
لا وأيم الله وعظمة جلاله، إنّ طلبتنا هذه منهم معاياة لهم وجور عليهم، وما ذاك من المجاملة ولا هو من السيرة الفاضلة، فنحن الساعة معهم نتساهل ونجاملهم ونتنازل، ولا نحملهم على الشقّة ولا نكلّفهم المشقّة، ولا نطالب بمعارضة قصّةٍ أو سورة، بل ولا بمقابلة آية من آياته الشهيرة، ونرضى منهم بمثل كلمة مفردة من كلماته وجملة واحدة من جمله، مثل قوله (تعالى شأنه): «فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيَا» (1)، وقوله (عزّ من قائل): «وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ
ص: 139
حَيَاةً» (1)، وقوله (عظم سلطانه): «فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْتَهُ» (2)، وقوله (بهر برهانه): «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعام» (3)، وقوله (صدع تبيانه): «يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ» (4)، وقوله (تقدّست آياته): «كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ» (5)، وقوله (تعالت كلماته): «رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبا» (6)، وقوله (جلّت عظمته): «أَزِفَتْ الْآزِفَةُ * لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ» (7)، وقوله (عزّ فرقانه): «إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِ شَيْئا» (8)، وقوله (جلّ قرآنه): «وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ» (9)، وقوله: «وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدا» (10)، وقوله (عزّ سلطانه): «مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهُ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِية» (11)، وقوله (أحاط بكلّ شيء علمه): «أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ» (12).
(أعاذك الله من البلاء) تدبّر موضع هذا الإضراب وبليغ،موقعه، وانظر ما
ص: 140
أشرفه وأعلاه وما أشعّ نوره وسناه! وماذا حوى من جليل المعنى وماذا طوى من لطيف الإشارة والمعزى!
وأعظم منه وأسنى، ويساويه أو يرجح في الشرف وزناً، قوله (تعالى) في دعاء الملائكة: «رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا» (1).
انظر حسن مناسبة سعة الرحمة لما بعدها، وهي قوله: «فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ» (2)، وقوله (عزّت عظمة قوله): «وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ» (3)، وقوله (تعالى في طوله): «إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ» (4).
هاك فخذ ما أتلوه عليك: «وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ» (5)، «فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ» (6)، «وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً» (7)، «كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ» (8)، «فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ» (9)، «نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ» (10)، «فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ» (11)،
ص: 141
«مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ» (1)، «فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ» (2)، «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ» (3)، «فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (4).
إلى كثير من أمثالها وغزير من المنسوج على منوالها.
وما قصدتُ الحصر والإحصاء ولا تعمّدت السبر والاستقصاء، ولا فتحت القرآن فانتقدت ما أردت ولا ردّدت النظر فيما أوردت، بل أوردت بعض ما كان على حفظي وسردت ما جرى به قلمي على قدر نصيبي من المعرفة وحظّي، من دون إعداد واستعداد ولا اختيار وانتقاد، ولا سبق فكرة وروية ولا عظيم دُربة ودرية.
هذا ما حضرني من الفرائد من كلّ فريدة هي جامعة المحامد، لا بل واسطة القلائد، لا بل زينة الخرائد ممّا بلغت من البلاغة الغاية، على أنها ما بلغت قدر آية..
كلّ واحدة لو رآها الإنسان في رسالة كانت عينها، أو في خطبة كانت وجهها، أو قصيدة كانت قلادة جيدها، لا بل بيت قصیدها، لا بل شمس سعودها!
إذا وقعت في كلامٍ وشّحته، وإذا ضُمّنت في نظام زيّنته، وإذا اعترضت في خطاب امتازت عنه وانحازت بجمالها منه
ص: 142
وهناك جملٌ وفرائد إن أفردتها بهرت، وإن ضممتها في عقدها أعجزت وقهرت، فهي - على شدّة إلفها بأخواتها وارتباطها بلدّاتها - تامةٌ بنفسها قائمة بذاتها.
هاك قوله (تعالى) في تهويل يوم القيامة وتشديد الأمر فيه، حيث يقول (جلّ من قائل): «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ» (1).
اشتملت هذه الكريمة على ثلاثة عقود أو أربعة، كلّ واحد منها أعزّ من الكبريت الأحمر وأسطع من إشراق الشمس على معادن الجوهر، وكلّ واحدة من الجمل لو انفردت قامت بنفسها ودلّت على عظيم هول الأمر بذاتها، وإذا نُظمت مع أمثالها وضُمّت إلى أشكالها صوّرت ذلك اليوم على حقيقته وجاءت به على واقعه وشاكلته.
وأنت (أصلحك الله) تعلم أنّ البيان والقول إنّما هو ضرب من التصوير، يصوّر في الخارج ما يقع في الضمير، حكمةً من لدن حكيم خبير.
وقد ذكروا: أنّ الحاذق الماهر في صناعة الرسم والتصوير هو الذي يصوّر الضاحك والباكي والحزين والشاكي، يصوّر الضاحك المتباكي على حاله، والباكي المتضاحك على هيئته، والباكي الحزين على مقدار حزنه، والفرح الجذلان على قدر جذله وسروره، وهكذا بحيث لا يفوتك في الصورة شيء من المصوّر، حتّى كأنّك تشاهده بعينه وبحقيقته، لا أقلّ ولا أكثر.
ص: 143
وتصوير الكلام للمعاني ينبغي أن يكون على هذا القياس، وفي هذه الجهة تتفاوت طبقات الكلام ودرجاته تفاوتاً أدقّ من الشعر وأخفى من السحر، وتتعالى مقاماته إلى منتهى الدرجات وأسمى المقامات.
كما في تلك الآية، فإنّك إذا صرفت إليها التأمل وحبست عليها الفكر هوّلت عليك الأمر وصوّرت لك الحال بحيث كأنّك تشاهده عياناً، فترى هذا يسحب بالسلاسل، وذاك يضرب بالمقامع والمعاول، وذاك يصبّ على رأسه الحميم، وذاك يُقاد إلى الجحيم، والصحف تتناشر، والكتب تتطاير، والموازين منصوبة، والعذاب نازل، والحال هائل، والضجّة عظيمة، والناس في شغل شاغل، كلُّ ينتظر ما يجري عليه ويرتقب أيّ حين يصل البلاء إليه، إلى أمثال ذلك من طلائع الفزع وهول المطلع.
فإنّ مثل هذه الأحوال والأهوال هي التي تذهل المرضعة عن رضيعها، وتقضي لذات الحمل أن تضع حملها، وتعيد الناس من الدهشة حيارى ومن الذهول سكاری و ما هم بسکاری!
ومن العجب أنّ لمولانا أمير المؤمنين (علي) (صلوات الله عليه) مقامات حافلة ومقالات طائلة، وكلمات وخطب تفوت حدّ العجب في (النهج) وغيره، وقد أتى فيها (سلام الله عليه) على جميع أهوال يوم القيامة، وصوّر فيها عامّة أحوال تلك الطامّة، من: زفيرها وسعيرها، وأغلالها وسلاسلها، ولهب نيرانها ومقامع خزّانها، وسائر ما يذهل العقول ويصوّر فزع ذلك اليوم المهول، من كلّ غريبة الشكل مذهلة العقل، تذرّ الولدان شيباً وتجري لها القلوب دمعاً صبيباً (1)!
ص: 144
ولم يأتِ أحد بما أتى به (صلوات الله عليه) في هذا المقام، كأكثر مقاماته.
ولكن على أنّ كلامه فيها - على الحال التي وصفنا والمقام الذي ذكرنا - لا يبلغ جميعه شأو هذه الآية وحدها؛ فإنّك تجد فيها من التهويل والتفظيع وعظيم الفزع والإخافة ما يحيط بجميع ما ذكره كلّ واعظ وما أجهد فكره فيه كلّ متقن حافظ، مع ما في كلّ واحدة من كلماتها من السلاسة والمتانة والنفاسة والرصانة، بحيث لا ترى فيها لفظة ركيكة، ولا كلمة مبذولة، ولا وحشية غريبة، ولا متنافرة كريهة.
أترى أنّ أحداً من الناس بل جميع البشر تقدر على هذه القوّة أو تقوى على هذا القدر؟! (تعالى الله عمّا يقول الظالمون) و: «سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ» (1).
وقد عرّفناك مرّةً بعد أُخرى أن ليس هذا الذي ذكرناه يختصّ بآية دون آية، أو حديث دون حديث، أو باب دون آخر، أو قصّة دون أُختها، أو خطّة دون ما سواها.
فقد أنبأتك أنّي أُورد ما يفاجئ قلمي، ويبادر على الفور ذهني، وما يسنح على خاطري وفكري.
هاك قوله (جلّ شأنه): «فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» (2).
ص: 145
هذا من المؤتلف أشدّ الائتلاف، وهي أربع كلمات، كلّ واحدة بنفسها درّة وفي جبين البلاغة غُرّة..
إن ضممتها إلى أخواتها سطعت، وإن أفردتها لذاتها برعت!
فإذا أُلّفت زادت حسناً وإحساناً، وإذا أُفردت شعّت بنفسها إشراقاً ولمعاناً، في أُسلوب يُريك أنّه يصدر عن علوّ الأمر ونفاذ القهر ومتناهي الفخر، متجلٍّ ببهجة القدرة متحلَّ بخالص العزّة، يجمع السلاسة إلى الرصانة والسلامة إلى المتانة، والرونق الصافي والبهاء الضافي.
لا أُريد أنّه شمل الطباق المليح والإيجاز الصحيح، والتعديل والتمثيل والتقريب والتشكيل..
فإنّه وإن جمع ذلك وأكثر، لكنّ العجب ما ذكرنا من انفراد كلّ كلمة بنفسها وتعاليها في أوج سماء قُدسها، حتّى حسن أن تكون عين رسالة أو خطبة، وصدر مناجات أو ندبة، وعنوان رسالة أو كتاب، وفاتحة مقالة أو خطاب!
أتحسب أنّها في القرآن آيات معدودة وكلمات محدودة؟!
خذ الحواميم والطواسيم والمسبّحات ويس وما شئت من السور الطوال والقصار، وتصفّحها سورة سورة، وتدبّرها آية آية، واستقصها فصلاً فصلاً، وتوخباها كلمة كلمة.
هاك ما خطر الساعة على فكري وحضر هجوماً على ذكري، وذاك قوله (عزّت آياته وعلت كلماته): «حم * تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ» (1).
ص: 146
أنت إلى غايتك هذه ويومك هذا كم حفظت من أسماء الله (تعالى) ووعيت، وكم سمعت من تعدادها ورأيت أفهل وجدتَ لأحدٍ من البشر نظمَ مثل هذه الكلمات الغرر؟! وهل وقفت لبارع من أوائل البلغاء والثواني على ما يجمع شيئاً ممّا جمعته هذه الآية الشريفة من منيف الألفاظ وشريف المعاني؟!
وكلّما تجد شيئاً من هذه الفقرات النيّرات في ديباجة أو خطبة أو دعاء أو ندبة أو مناجات أو غير ذلك فأربابها لا يعدّون أن يكونوا منها اقتبسوا وإليها أنسوا، ولها بعدُ سابقة الاختراع وفضيلة الإبداع.
وأنت من كثير تكرار هذه الفقر - أعني: «غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ» - وتواليها على سمعك في كلام آخذيها من معدنها ومنتهزيها من مأمنها، صرتَ لا تلتفت إلى غور معناها ورفيع شأوها وبليغ إعجازها.
وهذا هو الشأن في أكثر فرائد القرآن وآياته وباهر إعجازه ومعجزاته.
ولكن الداخل في هذا الصنف الواجد لهذا الأنُس الذائق شيئاً من طعوم البلاغة وأساليب العربية لم يكن ليفوته كلّما تُلي عليه أو تلاه - بهجته وبهاه، وروعه ورواه، ورونقه وريّقه وإن غفل عن تفاصيل دقائقه وتماثيل حقائقه.
وما أدري ما أصف من معجزاته، وماذا أقول؟! وماذا أعدّ من آياته التي أشرق بها شرق الأرض وغربها وتطاولت حتّى أخذت في العرض والطول؟!
أتحسب أنّ تلك البلاغة والإعجاز والبراعة في باب دون باب، أو مقام دون مقام، أو جهة دون جهة؟!
لا ومشيّة منشيه، لا وملاءة مُمليه، لا وعزّة من أعزّه وعزّزه، لا وصولة من صانه من كلّ وصمةٍ وحرّزه، لا وحراسة من حفظه وحرسه، لا وقداسة من كرّمه وقدّسه، لا وعظمة من شرّفه وعظّمه، لا ورفعة من رفعه على كلّ كتاب
ص: 147
وقدّمه! ما هو من طور كلام البشر الذي تختلف أحواله في مقام دون مقام أو أثر دون أثر، ولا هو بالذي تقوى على تبديل جملة واحدة من جمله القُوى والقُدر.
ها أنت (رعاك الله) ترى من شاع من الشعراء ذكره، وتعرف من عُرف بالبلاغة أمره، من الجاهلية والمخضرمين، والمولّدين والمتقدّمين، تجد هذا يجيد في المدح دون النسيب، وذاك يحسن الغزل والتشبيب دون العتاب والتأنيب..
كلٌّ له شأو عرف به، ومقام نُسب إليه، وميدان انفرد به، ورهان سبق إليه وحازه وأخذ في مزايدة البلغاء امتيازه..
فبعضٌ في المدح والثناء، وآخر في الهجاء أو الرثاء، وواحد في أفانين النسيب، وغيره في التأبين والتأنيب..
أحوالهم في البلاغة تختلف، ومقاماتهم - بحسب الشؤون - لا تأتلف..
(امرؤ القيس) (1) إذا ركب، و (النابغة) (2) إذا رهب، و(الأعشى) (3) إذا
ص: 148
طرب، و (زهير) (1) إذا رغب (2).
ولولا خوف الخروج عن الخطّة كثيراً لسردتُ لك من ذلك مبلغاً خطيراً، ولجسّمت الأمر بياناً حتّى تراه عياناً!
لكن حديث هذا القديم والفرقان العظيم كلّه على نهج واحد متقارب في نفسه وعن غيره متباعد حديثاً متشابهاً وقولاً متعالياً وأُسلوباً متساوياً، بلاغته في القصص والأخبار مثلها في الإعذار والإنذار، ومقامه في الاحتجاج على نفي الشريك وتسجيل التوحيد مقامه فى الترغيب والترهيب والوعد والوعيد، وحاله
ص: 149
في سائر أساليب الكلام حاله في بيان الشرائع والأحكام وتفاصيل الحلال والحرام التي هي مظنّة لانحلال الكلام وفوت مزاياه و انحطاط رتبته وحاشاه.
انظر إحكام نظامه فى أحكامه وبيان حلاله وحرامه، مثل: قوله (نفذ أمره وعلا قهره): «يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ» (1).
بعد أن فصِل المحرّمات من اللحوم والذبائح بقوله (تعالى): «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ» (2)، إلى قوله: «فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (3).
وقوله (عزّ طوله): «وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ» (4) إِلَى قوله: «لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ» (5).
إلى كثير من أمثال ذلك في: تحليله وتحريمه، وتقديسه وتعظيمه، وإرشاده وتعليمه، وتقريعه وتأنيبه، وحججه وبراهينه.
ص: 150
وقد طال ويطول علينا التعداد، على أنّنا ما استوفينا الغرض ولا بلغنا المراد.
صميمُ البغية ولبّ القصد أن نوقفك على معرفة تفاضل الكلام وتمييز مزاياه، حتّى ترى ذلك عياناً وتمتلئ به عرفاناً.
وجهُ الوقوف على شرف الكلام،وعلاه، وإعجازه ونهاه، ورونقه ورواه، وميعه وبهاه، أن تقدم على مثل قوله (تعالى): «وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورا» (1)، ثمّ تنظر هل تجد فيها حشواً، أو ترى بها حرفاً لغواً، أو تحسّ في صوغها تكلّفاً يقلق به الكلام ولا يكون مجيء الكلمات به عفواً؟!
ثمّ انظر في كلّ كلمة منها، وسر في طلب أخواتها وسبر مرادفاتها، وتوخّ مبلغ جهدك في أن تعثر على كلمة تساوي رديفتها التي اشتملت عليها تلك الآية، فضلاً عن أن تفضل عليها أو تفوقها في جزالة اللفظ والدلالة على الغرض صراحةً أو كناية.
تصفّحها كلمة كلمة ولفظاً لفظاً وحرفاً حرفاً، واجعل نظرك عليها وقفاً، وانقدها نقداً، واصرفها صرفاً.
أترى ماذا تقدّم على مثل قوله: «وَقَدِمْنَا» ممّا يساوقها في جوهر المعنى ويساويها في أصل الغرض، وإن فاتت بعض المزايا التي يحسّها الذوق والوجدان ويقصر عنها البيان...
أتقدّم مثل: (أتينا)، أم نحونا)، أو (قصدنا)، أو (توجّهنا)؟! وانظر أنت، فأحص باقيها واحصر ما يساويها على قدر سعة باعك وعيار تتبّعك في اللغة
ص: 151
واضطلاعك، وانظر أتجد لفظة تقوم مقامها وتحلّ محلّها وتؤدّي تمام مزاياها، على كثرة ما تحسب أنّه يرادفها ويساوي معناها؟!
أترى - وأنت من ذوي الفطانة والنباهة - يخفى عليك ما يدخل من الركاكة والفهاهة لو قلت: (وأتينا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه كذا)؟! أو يذهب عليك - مع حسن مذهبك في العربية - ما في «قَدِمْنَا» من علوّ المأخذ وشدّة الشكيمة وفخامة الكلام والإشعار بما للمتكلّم من العظمة وسمّو المقام؟!
كذلك فاعتبر رصانته وخلوّه عن الحشو الزائد والفضلة التي ليست صلات الفضل بها عوائد.
تجد أقرب ما فيها للإسقاط والحذف ما وقع في وسط الآية من الظرف، وهو قوله: «مِنْ عَمَلِ».
ومع ذلك، فلو حذفته، وقلت: (وقدّمنا إلى ما عملوا فجعلناه هباءً منثوراً)، كيف تجد الكلام معه قلق الوضين (1) مبتور الظهر مقطوع الوتين، لا یتلاقی طرفاه ولا يتساند ركناه!
وجه الوقوف على شرف الكلام وفضله أن تأخذ بمثل قوله: «كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَ-ادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ» (2).
موضع الدلالة: أن تتأمّل في قوله: «لِيَأْخُذُوهُ»، وتنظر هل تقع موقعها كلمة، وهل تقوم مقامها لفظة، وهل تسدّ مسدّها في الجزالة نكتة، وهل تغني
ص: 152
عنها في جزالة المعنى وجلالة اللفظ جملة؟!
أترى لو وُضع موضعها: (ليرجموه)، أو (ليقتلوه)، أو (ليهلكوه)، أو (ليملكوه)، أو (لينفوه)، أو ليطردوه)، وأمثالها ممّا لا يبعد عليك ولا ينأى عنك، هل تجد ذلك إلّا بعيداً، وهل تراه إلا سمجاً مردوداً؟!
وكأنّ تلك الفريدة قد وفّت وضمنت لك بمعاني جميع هذه الكلمات العديدة، مع منتهى الجلالة والفخامة ومنيع العزّة والكرامة.
ومن حسن موقعها وجميل أثرها وصنعها تكرّر التعبير بها في ذلك الكتاب الكريم، وهي من فرائده ومبتكراته.
من ذلك قوله: «وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ» (1).
راجع أيّام العرب وتواريخهم، وانظر هل تجد استعمال هذه اللفظة بهذا المعنى البارع القريب الشاسع؟!
أمّا بعد الإسلام وانتشار أنواره فقد شاع أخذها، كسائر ما اقتبسه البلغاء من فرائد كلماته وشاع وشعّ من أنوار بركاته.
فانتقد موضع هذه الكلمة واغتنمها، وتعرّف بها ما تذهب إليه وترومه من نُخب الكلام وجميل الألفاظ وجليل المعاني ومعجز القول وبليغ المنطق.
فإن فطنتَ فذاك، وإن كان ما عددناه لك وتلوناه عليك ممّا لا يقف بك على الغرض ولا تهتدي به السبيل إلى القصد، فافزع إلى التقليد واكف نفسك مؤنة هذا العمل الجهيد، وانتظر فسيجيء معك الكلام في الصنف الثاني إن شاء الله.
ص: 153
إذ لستَ يا مدّعي البراعة والزاعم أنّك من أهل هذه الصناعة - مع قصورك بعد هذا كلّه - إلّا دخيل النسب فيها هجين الأصل منها! نسبتك إليها نسبة بنات الماء إلى خشفان (1) الظباء! لا من صميمها ولا عواليها، ولا أحلافها ولا مواليها!
فإن كنت ترى أنّك منها على شيء، وتزعم أن ما قدّمناه من الآيات ومعجز الفقرات كلام بشري وقول إنسي، غير طالعٍ من المطالع الإلهية ولا ساطع من الأنوار القدسية، وترى أنّه ممّا تقدر عليه القوى البشرية وتحوم حوله الأفكار الإنسية، ويدخل مثله تحت الطاقة والقدرة وتنفع فيه المساعدة والنصرة، فارجع إلى أهل ثقتك وطمأنينتك، وهدوّك وسكينتك، وجئنا منهم بآية، أو بدّل لنا من القرآن جملة، أو عوّضنا عن مكان كلمة منه كلمة!
وعمرُ الله، وعمرُ الله قسمٌ عظيم، وأنا بما أقول لك زعيم! إنّك لو رمت ذلك لرأيت عياناً على التحقيق أنك لو تخرّ من السماء فتخطفك الطير أو تهوي بك الريح في مكان سحيق أهون عليك من وضع قدم واحد في ذلك الطريق!
يا هذا! القومُ الذين عاياهم القرآن وعاداهم وحادّهم وتحدّاهم، وعاصروا نزوله وأدركوا ظهوره وشاهدوا نوره وعاب آلهتهم وسفّه أحلامهم ونكّس أعلامهم وكسر أصنامهم، وفعل بهم الأفاعيل وجاءهم بالأهاويل، ورماهم بالصلادم (2) والشجى في الحلاقم، كانوا أسعد منك في البلاغة جدّاً وأورى في العربية زنداً، وأشدّ لها معاناة ومراساً وأمتن أسباباً وأقوى أمراساً، وهم أصلها الأصيل ولهم مجدها الأثيل..
ص: 154
ثمّ لمّا صعد به بينهم على اليفاع وصدع به منهم الأسماع، وناداهم فأسمع وبلغهم أجمع،، طاشت ألبابهم وتقطّعت أسبابهم، ورأوا أن معلّقاتهم التي عجبوا بها ممخرقات فمزّقوا تلك المعلّقات!
ولشدّة مهارتهم ومعرفتهم بمقامات البلاغة ومبالغ حدود البشر فيها ومنتهى قوى الرجال منها، أيسوا من حينهم عن المعارضة وأذعنوا أوّل ما سمعوه بالعجز عن المراجعة والمفاوضة.
الكتب والتواريخ ضبطت لك خبرهم (1) ودفعت إليك سيرهم، وأحصت قليل أمرهم والكثير والفتيل والنقير (2).
فهل روي لك عنهم أو بلغك أنّ واحداً منهم أو جماعة من ذوي شرفهم وعلاهم - وهم كما تعلم ما هم - جاء إلى ذلك المتحدّي به والناهض بعبئه، فقال له: يا فتى، نحن كبراء قومك، وأشياخ عشيرتك وفصحاء عصرك، وقد أكثرت علينا التبجّح وأطلت التحدّي بقرآنك والتبذّخ، فاكفف، فهذه كلمات من جنس ما جئت به وأتيته ومن سنخ ما قرأته وأبديته، وقد عارضنا بها قرآنك وأبطلنا بجمعها - معاذ الله - فرقانك؟!
لا وعزّة جلال الله، كأنّ ذلك ما خطر لهم على خيال ولا اتّسع لأحدهم فيه مجال، بل ظلّوا في الحيرة صرعى سبات يتعلّلون بالأباطيل والترهات!
ص: 155
يقولون له تارةٌ «إِنَّكَ لَمجْنُونٌ» (1)، ولو تدبّر اللبيب في أمرهم لأيقن أنّهم كانوا هم المجانين!
ويقولون: إنّك لساحرٌ، والحقّ ما هو إلاّ أنّ مارد العصبية قد جعلهم من المسحورين!
حتّى تطامنوا للحروب المبيدة والمواقف المهلكة، وتجاروا على مُماناة المنايا ومعاناة الرزايا، زمان عشرين سنة أو أكثر.
أكانت المعارضة ممكنة لهم وتركوها، أو فعلوها ولم يبلِّغها إلينا ناقلوها؟!
قل لنا: بأيّ الأمرين يحكم عقلك؟! أيّهما يرتضيه وجدانك؟! أيّهما يقضي به إنصافك:
أتقضي الحقيقة بصحّة شيء منها؟!
كلّا، ما هو إلّا أنّهم وجدوه أمراً مستحيلاً وأبصروه ممتنعاً منيعاً، الحتوف أطيب منه مطعماً وحدّ السيوف ألين منه مركباً، فاختاروا أهون الأمرين عليهم وألين الحالين لديهم.
هذا، والقرآن ملءُ أسماعهم وأفكارهم ونصب عيونهم وأبصارهم، يرونه يعيد القصّة الشاردة والقضية الواحدة بأفانين من البيان وأساليب من الكلام، وبدائع من القول وروائع من الطول، من دون أن ينحطّ شأوه في البلاغة أو يختلف حاله في البراعة، على اختلاف الأساليب وشتات التراكيب.
انظر - مثلاً - ما اقتصّ من أمر (فرعون) وعتوّه واستكباره، وما أخذه الله به من النكال ورماه به من البوار والوبال، حيث أغرقه وجنوده واستنقذ منه عبيده..
ص: 156
هذه القصّة ذكرها هذا الكتاب الكريم في أغلب سوره من الطوال والمثاني والمئين والثواني، والمفصّل طواله وقصاره وأوساطه وصغاره (1).
ص: 157
هاك مثلاً من ذلك ونموذجاً ممّا هنالك:
قال في سورة (يونس) من السور الطوال: «وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَاهُ زِينَةٌ وَأَمْوَالَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ» (1)، إلى قوله: «وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدُوا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» (2).
وقال في سورة القصص من الثواني: «وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى
ص: 158
وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ» (1).
وفي سورة المؤمن من طوال المفصّل: «وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبَا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ» (2).
وفى الزخرف منها أيضاً: «وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ» (3)، إلى قوله: «فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ» (4).
وفي النازعات من قصار المفصّل يقول (جلّ شأنه) مجملاً لتلك التفاصيل مختصراً تلك الواقعة على ما فيها من الشؤون والتهاويل: «هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوى: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى * فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَن يَخْشَى» (5).
هذه قصّة من قصصه، ونبأ من أنبائه..
ص: 159
انظر كيف جاء بها في طرق مختلفة، وأنحاءٍ متفاوتة، وأساليب متباينة، وتراكيب متشعّبة..
كلّ واحد إذا رأيته قلتَ: هو الغاية، وإذا انتهيت إليه حسبته النهاية.
وعلى مثل ذلك سائر أحاديثه وأقاصيصه، وحججه وبراهينه، وشرائعه وأحكامه، وحلاله وحرامه.
كلّ هذا إظهاراً لعظيم القدرة، وتبياناً لمعجز القوة وباهر السطوة، وأنّه مرتبة إلهية ومنزلة إلهامية، تعجز عنها البشر وتضعف دونها القوى والقُدر.
ومنه تعرف وجه هذا التكرار وسرّ ذلك الاستمرار.
وهذا باب عظيم من معجزاته وسرُّ جليل من أسرار بلاغاته، فتدبّره بعون الله وفضله، واغتنمه إن كنت من أهله..
وقف على مثل: سورة (يوسف) و(يونس) و(إبراهيم)، وترجمته لحياة (عیسی) و(يحيى) و (موسى)، واقضِ العجب هنالك، وعلى الأخصّ في قصّة (يوسف) وإخوته على طولها، فإنّك تجدها وحدها قرآناً معجزاً وحديثاً عجباً.
وجهات إعجازه وأبواب بلاغته كثيرة واسعة، يضيق وسعنا عن إحصائها وتفصيل أنبائها.
والقدر الذي ذكرناه إنّما جاء على عفو الطبع وترسل الخاطر وسماحة القلم. فلذلك لم يأتِ مبوّباً ولا محرّراً ولا مرتّباً.
ولو جئنا ذلك توّاً وقصدناه بدواً لاحتجنا إلى إفراد بالتأليف وانعقاد أبواب تستقلّ بالتصنيف..
إنّ من أبواب إعجازه وبلاغته وبلوغ أسرار براعته، الذي يوقفك على ما تتوخّاه من هذه البُغية وترومه من هذه المنية، الذي يريك الإعجاز شهوداً، الذي
ص: 160
يشهدك منتهى حدّ البلاغة معيّناً محدوداً، الذي يحقّق لك الحقيقة، الذي يسلك بك في واضح الطريقة..
ذاك أن تنظر في تشبيهاته البديعة وتمثيلاته المنيعة، وتضرب أقصى مبالغ الفكرة وتدأب في مراجعة النظرة، وترى هل تجد مساغاً وتدرك بلاغاً إلى أبلغ منه تمثيلاً، وأحسن تشبيهاً، وأسمى مقاماً، وأسنى محلّاً؟!
وهل تقدر على أن تزيد فيه أو تعلو على معاليه، أو تنظّمه في أقوى من سلكه أو ترفعه إلى ما هو أعلى من سمكه؟!
خذ مستقصياً في النظر من أوّل تشبيهاته، مستوقف الفكر على كلّ واحد من تمثيلاته:
ذاك مثل قوله في وصف حال المنافقين وتجسيم حقيقتهم في العيان وتحديد ملكاتهم الخبيثة في حيث تشهدها الأذهان، يقول (جلّ شأنه): «مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ * أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ» (1) الآية، إلى نهاية المثل في قوله: «يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا» (2).
ولو ذهبنا إلى بيان دقائق هذا المثل وأسراره وتطبيقه على خواصّ المُمثّل لطال المقام وفات الغرض.
وكتب التفاسير قد وَفت بشطر من ذلك (3) وإن لم تستوفه، وتكفّلت به وإن
ص: 161
لم تبلغ الفلسفة فيه ولم تستقصه
ما الغرض هنا سوى الإشارة والتنبيه، لا تمام الخوض فيه.
ثمّ سِر حتّى إلى قوله (تعالى) في بني إسرائيل: «ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ» (1) الآية، وهلمّ جرّاً (2)، جارياً على هذا المجرى، حتّى تصل إلى قوله في الكشف عن حال الدنيا وغرور متاعها وزوال زينتها وسوء عاقبتها، وذاك حيث يقول (جلّ شأنه): «إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (3).
وفي هذه الآية من أسرار العلوم ودقائق الفلسفة الطبيعية ما لا يذهب بعضه أو كلّه عمّن هو أهله.
ثمّ انظر تفنّنه وضروبه وأنحاءه وأساليبه في تشبيهه للشيء الواحد بتشبيهات مختلفة في مقامات متعدّدة.
من ذاك قوله (عزّ طوله) في ضرب المثل لغاية عمل الكافر وسوء عاقبته:
ص: 162
«مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الصَّلاَلُ الْبَعِيدُ» (1).
ثمّ بسط المقال وفصّل الإجمال ومثّل واقع الأمر في المثال بقوله (تعالى) في سورة النور التي هي بعد سورة (إبراهيم) بكثير، قال متعالي العزّ والجلال عن الندّ والمثال: «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظُّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ عَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لجِيَ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورِ» (2).
أنار الله سريرتك، وأحسن في خطّة المعارف سيرتك، وصفّى في درك اللطائف بصرك وبصيرتك، أتجد للزيادة في هذا المثل من موضع؟! أو تهتدي إلى تشبيه يقع أبلغَ من هذا الموقع؟! أو ترى - ولو أجهدت أفكارك وجمعت أعوانك وأنصارك - أنّك تحسن أن تأتى بأحسن منه صياغة وأقوى مبالغة وبلاغة، وهو من المبالغة في الكشف عن الحقّ وتصوير الواقع، لا من المبالغات الشعرية والمعاني الخيالية؟!
وبعد فماذا يبلغ من معجز بلاغتها بياني؟! وماذا يسعه من إحصاء خواصّها قلمي أو لساني؟!
وهل بعد هذا _ إلّا أن أقول:
توّهمتُها في قدسها فكأَنَّما *** توَّهمتُ شيئاً ليس يدركهُ العقلُ
ص: 163
فما يرتقي التكييف فيها إلى مدىٌ *** تحدُّ به إلّا ومن قبله قبلُ
وتعرّف النكتة في عدم الاقتناع بتمثيل أعمالهم بالسراب حتّى أردفه بالتشبيه بالبحر اللجيّ على ذلك الوجه المخصوص؛ نظراً إلى اختلاف أعمال الكافر، وأنّ منها ما يتكل عليه ويعتدّ به، ويتّخذه سبباً لنجاته وزاداً لمعاده.
وهذا هو السراب الذي إذا جاءه لم يجده يجده شيئاً.
وهذا النوع من العمل هو المصرّح به في قوله (تعالى): «وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً» (1).
ومنها الأعمال الهمجية العادية العدوانية التي هي لا عن قانون شرع، ولا نظام عقل، ولا مرآة مروّة، ولا فتوى فتوّة.
وعليه، فيجتمع عنده ظلام الكفر وظلام الظلم وظلمات الجهل، فتتراكم عليه الظلمات وترتبك عليه الجهالات بعضها فوق بعض.
وهذا دون الواقع بكثير؛ فإنّ الجهل - معاذ الله - مثار الظلمات ومدار الظلامات، وهو طبقات فوق طبقات و درکات تحت درکات!
هناك (أجارك الله) يعمى بصر البصيرة، ويرخي الباطل على الحقّ ستوره، وتنكسف شموس العقل المستنيرة، بحيث إذا أخرج يده لم يكد يراها وإذا أشرقت شموس الهداية لم يستضئ بسناها.
فمن أين يُرجى له النظر في العاقبة ودرك الأُمور المغيّبة، ومعرفة مبدئه ومعاده وما يلزم عليه من إعداد راحلته وزاده؟!
وهل الإيمان إلّا ذلك؟! وهل الكفر سوى جحودها؟! وهو الظلم، بل
ص: 164
الظلام الحالك!
وعلى مثل هذا فليتدبّر في أمثال الله (جلّ شأنه)، وبمثله فليعتبر كلامه، وتُفهم آياته، وتُنظر بيّناته، وتُعرف زواجر أمثاله وأسرار حكمه وأقواله.
و من هذا المجاز فليتوصّل السالك إلى معرفة حقيقة الإعجاز وبديع الإيجاز.
وهذا مقام شاسع وباب واسع، وما هو من البطون وخلاف الظاهر كما لا يخفى على الفطن الماهر.
وإنّي لأرزأ (1) لأكثر التفاسير حيث صفرت عيابها (2) عن قرضه، وأعجب كيف استطابت الجماهير وِطابها دون مخضه؟!
بيد أنّك إن أردت التوسّع في العرفان والتوصّل إلى عجائب رموز هذا الفرقان، فخذ مثلاً من أوّل مفتتح الكلام ومبدأ الفصل في هذا المقام، لترى العجائب تترى والبيان سحرا، والمعاني منيعة والألفاظ بديعة!
تجد المعجزة باهرة، والقدرة قاهرة، والأمثال سائرة!
هناك سواطع أنوار جلاله، هناك مواقع حِكمه وأمثاله، هناك لوامع آياته وجوامع ضرب المثل الأعلى لذاته وصفاته: «وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَّا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ
ص: 165
يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (1).
إنّ مَن يقول في بعض كلمات (نهج البلاغة) معاياةً للبلغاء عن معارضتها: (مَلعاً يا ظليم، وإلّا فالتخوية) (2)، ما أدري ماذا يقول لهم في هذه الآية؟!
أمّا هذا الضعيف الضارع والعبد الخاشع فلا أجدني أُحسن فيها إلّا أن أقول:
لِيغتدي كلُّ بليغ على *** موطئ نعليهِ لها ساجدا
عزائم الله وأنوارها *** تحرق من جاء لها جاحدا
فأيّ حرّ الفكر من بعدها *** لم يعنُ كالعبد لها عابدا
بلاغة إعجازها قد غدا *** على تعالي شأنها شاهدا
والعقل أنّى يرتقي شامخاً *** لم يلفَ إلّا شأوها شاردا
يرتدُّ عن أصغرها صاغراً *** وإن تسامى في النهى صاعدا
فليخسَ عن إدراكها دون أن *** تؤتيه من أنوارها قائدا
أنت أيّها العارف بلطائف أساليب الكلام والناقد لما في تصاريف التراكيب من بديع السبك ومعجز النظام، أنت يا مدّعي البراعة في هذه الصناعة، أنت أيّها الزاعم حمل ألوية الفضل فيها والزماعة، بحرمة نصيحتي لك وخدمتي إليك
ص: 166
وجهادي في ذات الله لك لا عليك، لا بل قسمي عليك بجلال الله العظيم، إلّا ما أخذت هذا الكتاب الكريم، فإن وُفِّقت فرتّل هذه الآية وما بعدها ترتيلاً، وميّزها عند القراءة جملة جملة وفصّلها تفصيلاً، وأمعن فكرك فيها على حسب ما يتهيّاً لك عند التلاوة ولو قليلاً.
ثمّ انظر كيف وقع هذا النور من آيته في قلبك، وكيف استيلاؤه على شراشر لبّك، وكيف سريانه في حسّك ونفوذه في عروقك، وامتلاؤك ببهجته وانتعاشك برونقه!
أم هل تجد الرعب كيف يأخذ منك مأخذه من وجه، والهزّة كيف تعمل في جوانبك من لون، والأريحية كيف تستولي عليك من باب!
وهل تجد الطرب كيف يستفزّك للطيف ما أحسستَه، والسرور كيف يهزّك لعجيب ما فطنت له وأدركته!
ألا تجد في نفسك من المعرفة التي أحدثت لك عزّة؟!
ألا تحسّ في أعطافك من سحر ذلك البيان ارتياحاً وهزّة؟ ألا ترى لك في الفضل تقدّماً وتبريزاً، وفي اليقين سبقاً وتحقيقاً؟!
أوَ لست ترى مطارح الجهّال تحت أقدام الغفلة، ومهاويهم في متاهة المهانة والذلّة، وأقدارهم بالعين التي يجب أن تلحظ بها مراتبهم من الازدراء والقلّة؟!
أوَ لست تجد ما يأخذك عند تلاوتها من الوجد والشغف، وما يصيبك في تدبّرها والتملّي بها من الامتلاء بالمجد والشرف؟!
ألا يهزّك الطرب، ألا يستفزّك العجب؟!
ألا تتمايل أعطافك، ألا تتمايد أطرافك؟!
ص: 167
كلّا، بل أخشى أن تكون عصابة العصبية قد غطّت على عينيك وداء الجهل ران على قلبك وقبض على يديك، فنظرتَ بعين السخط وهي العمياء وفكّرت بمدركة الحقد وهي العوجاء! فقلبك كالحجارة أو أشدّ وعينك عين ذي العائر (1) الأرمد!
فمن أين تنالك - يا هذا - تلك الفزّة، أو تؤثّر فيك تلك اللطائف والمعارف شيئاً من الهزّة، وأنت من هو للحقّ كيف كان معاند، لا بل الرجل الجاحد، لا بل الحجر الجامد! والتوفيق ليس إليّ ولا إليك. فهوناً أيّها العارف المتقّد من الأسف، فما عليّ ولا عليك!
هذا كلّه في شأن حسن الكلام وبديع نظامه، في عجيب رصفه وإحكامه، في نضده وسبكه، في نظمه بسلكه، في شأنه وشأوه، في زهره وزهوه، في حظّه بلفظه، في سلاسته ونفاسته، في شرفه وبسالته.
أمّا لو جئت إلى ما انبسط في العالم من بركات معانيه وأسراره، وما شعّ في الآفاق من لمعات أنواره، وما انطوى فيه من أُصول المعارف الإلهية، وما استطرد في ذلك المثل من التعاليم العملية والفنون الصناعية ودقائق العلوم الطبيعية ورموزها الخفيّة، حيث أشار إلى خاصّة تأثير الزجاج في تلطيف النور وصفائه وتلألأ أضوائه، ورمز إلى ما استخرجه في مناهز أعصارنا الفلاسفة الصناعيون، وما أغرب وأربى باستكشافه الغربيون الأُوربائيون من القوّة الكهربائية التي وصلوا إليها بعد الجهد الجهيد والسعي الشديد، والزمان المتطاول والمعاونة
ص: 168
والمعامل، كما هو الشأن في سائر مكتشافتهم وجميع مخترعاتهم.
وهذا المعجز المحمّدي أشار إليها قبل ما ينيف على ثلاثة عشر قرناً، ولكن بأوجز عبارة وألطف إشارة، مستطرداً ذلك بقوله: «يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ» (1)، كما رمز إلى أكثر تلك المخترعات بخفيّ الرموز والإشارات.
والسرّ في توخّيه هذا النحو من البيان على وجه الرمز والخفاء إنّما هو عدّة أشياء:
(منها): المحافظة على رصانة الكلام ورصافته وإعجازه وبلاغته.
و (منها): قصور المخاطبين به عن درك تفاصيل تلك الأُمور، وعدم رغبتهم فيها، وإجفال طباعهم عنها.
فقضت العناية العاطفة والحكمة المتقنة إتماماً للحجّة وإظهاراً لعظيم القدرة، لمن سبق في علمه أنّه من أهل تلك اللطائف، وأنّه ممّن يرغب إلى المعاني، ولا تتمّ الحجّة عليه إلّا بالمعارف، فاستودعت تلك العلوم والحقائق استيداع البذور المستكنة في الأراضي الطيبة المطمئنة؛ لتُغرس في أمثالها من العقول المستقيمة والنفوس السليمة التي دأب الفكر والتأمل في حرثها وبحثها.
هنالك تستعدّ لأن تُسقى بماء الرحمة المتقاطر ويصيبها منه بقدر استعدادها وما يسّر وقدّر لها المبدع الفاطر، فتنمو أُصول هاتيك العلوم والمعارف نماءً بيّناً وتنبت بذورها - بإذن الله - نباتاً حسناً، ويكون ذلك شاهداً وشارحاً ومفسّراً وموضحاً لقوله (تعالى): «مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ» (2) إِلَى
ص: 169
أمثالها من الكرائم الإلهية والعلائم الربّانية: «أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا» (1).
فارجع إليها في سورة الرعد، فإنّها من أمثاله الباهرة وآياته القاهرة.
وليس الغرض المهمّ هنا إثبات هذا الشأن وأنّ جميع العلوم والمعارف مودعة في القرآن، وإنّما استطردناه في الذكر كما هو في الآية على تقديره كذلك.
ما جوهر الغرض في عرض هذا البحث وطوله وجرجرته وتطويله إلّا أن ندلّك على حقيقة الإعجاز وجوهر البلاغة، بحيث ترى ذلك رأي العين ويحصل لك من اليقين به ما لا يبقى لك معه شكٌّ ولا مين (2).
وجه الدلالة على ذلك من هذه الآية - كما أسلفناه لك في غيرها - أن تعمد - إلى أيّ جملة شئت من مفردات جملها، مثل: قوله (تعالى): «مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ»، وقوله: «الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ»، وقوله: «الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ»، وهكذا إلى حيث أردت منها.
وانظر في مفردات كلّ واحدة من هذه الجمل، هل تجد لفظة تقوم مقامها، أو فريدة تحلّ محلّها، أو تسدّ مسدّها؟
خذ المشكاة أو المصباح، واستضئ بألف واحد منه، وانظر هل تهتدي إلى أحسن منها ممّا يرادفها؟!
قل: مثل نوره ككوّة، أو كروزنة، أو كزواية، وأمثال ذلك ممّا يوافقه بالصراحة أو الالتزام.
ص: 170
وكذا فانقل المصباح إلى مثله، وقل: كمشكاة فيها سراج، أو مشعل، أو قنديل، أو نبراس، أو مقباس.
هل تجد شيئاً منها يقرب من هاتيك الفرائد أو يشقّ غبارها، أو يوازن عيارها؟!
فإنّ المشعل وإن كان أكبر من المصباح السراج الذي هو الضخم الثاقب وهو أكبر من النبراس والقنديل ونحوها، ولكن في لفظ المشعل من الفجاجة والفهاهة والعامية المرذولة ما لا يخفى على من له أدنى ذوق.
ثمّ انظر إلى حسن خاتمة المثل وجميل عاقبته بقوله: «نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء».
أشار (جلّ شأنه) بالفقرة الأُولى إلى كون ذلك النور المضروب مثلاً لجلاله متضاعف الإضاءة والإشراق بتناصر المشكاة فيه والمصباح والزجاجة والزيت حتّى لم يبق بقية مّما يقوّي النور ويزيده إشراقاً إلّا وهي فيه.
فكأنّ هذه الكلمة هي فذلكة المقام وخلاصة المثل، وهي بنفسها درّة فريدة تتلالاً نوراً وتشعّ إشراقاً، وتتعالى بهجة وسناءً وتتسامى رفعة وعلاءً.
سارت مسير الأمثال وعزّت عن الأنداد والأمثال، ووقفت في المقام الذي لا يدرك ولا ينال، واستغنت بشهامتها عن أخواتها واستقامت عن ذواتها بذاتها..
فهي إن اتّصلت بمقامها عزّت فيه وجلّت، وإن انفصلت أشرقت وحدها وتجلّت.
وهي من الفرائد التي ابتكرها هذا الكتاب، ومنه سرت مثلاً في السنة العوام فضلاً عن الخطباء والكتّاب ككثير من فرائد مخترعاته وأبكار بلاغاته ممّا مرّ عليك كثير منه، وما قصرنا عنه أكثر.
ص: 171
إنِّي لا أرتاب في معرفتك بشأن الكلام من خطبه وشعره ونثره وأراجيزه وسائر أنواعه.
ترى أنّ الخطبة الوحيدة أو القصيدة الفريدة أو المقامة السامية في شأو البلاغة إذا كرّرتها على السمع ثلاثاً أو أربعا مجها، وإذا أُمليت على الطبع ملّها واستسمجها.
حتّى قيل: إنّ الطبع موكّل بمعادات المعادات واستكراه المكرّرات.
وهذا الفرقان الحميد والقرآن المجيد كلّما كرّرته تعالى وتعاظم وتفاخر وتفاخم..
يُتلى على جميع الألسنة في غضون هذه القرون المتطاولة في عموم الأُمم المتداولة، وكلّما تلوته وجدته غضّاً جديداً، ومهما بلوته لم تبل إلّا حميداً. وإذا وازنت به کلاماً شال في ميزانه، وعنى لعنوانه، وخفّ في عياره، وبخس لديه قدره وإن غاليت بمقداره.
وللعلماء في آية النور - ولا سيّما علماء الإمامية - عناء عظيم، ولها عندهم مقام كريم، ولهم عليها تعاليق ورسائل وتحقيقات،دلائل، وتفاسير شجون من ظهور وبطون.
ولكنّهم أغفلوا جهة فصاحتها ومعجز بلاغتها، كما هو الشأن في أكثر المفسّرين، والمؤاخذة بذلك آتيةٌ على جلّ المبرّزين من أساطين العلماء الإسلاميّين، إلّا أفراد تنزر في العدد و آحاد يعدّها كلّ أحد، ممّن عنى بهذا الشأن فوقف على حواشيه وحام حول الغرض ولم يقع فيه، ولكنّه جدّ فأجاد وكدّ فكاد.
والحقّ ما يقال من: أنّ القرآن ما فُسّر إلى الآن.
وعلى العلّات فعذرهم واضح لدينا والإنصاف فريضة علينا..
ص: 172
فإنّ الخطر خطير والمورد لجُّ غزير، متلاطم الأمواج متّسع الفجاج متشعّب المنهاج، يمخر عبابه الزاخر ويخور به الخرّيت الماهر.
وأنّى تُدرِك هذه الحواسّ الماديّة حقائق الأشياء المجرّدة كما هي؟!
وكيف تحيط هذه العقول المتناهية بكلام ذلك الكمال غير المتناهي؟! وكيف يبلغ المخلوق إلى معاني كلام الخالق وتمام مظهر قدرته فيه، وكلامه وِجههُ صفاته، وصفاته مرآة ذاته؟! والعقول القادسة دون أدنى ذلك معقولة وأرواح الروحانيّين على الباب طائشة مذهولة، ف_: «سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ» (1).
أمّا بعض الضعفاء من عباده فإذا همّ بخياله أو خطر على باله التصدّي لتفسير سورة من متوسّطاته - فضلاً عن مطوّلاته - أو التعرّض لتمام فصل من فصوله أو عدّة من آياته وشهير مقاماته - على خطّة الخوض في جميع شؤونها وجمّ أفانينها واستيفاء جميع جهاتها ممّا يتعلّق بمعانيها وعباراتها - فلا أجدني - عند إرادة ذلك والفكرة فيه – ألّا كلحم على وضم (2)، أو كالمرمي به من حالق إلى حيث لا مقرّ القدم!
نعم، نحن - بفضل الله - لا نبخس الناس حقّهم، ولا ننكر عرفهم، ولا نخفي فضلهم، ولا نجحد أياديهم ولا نطمس مساعيهم؛ فإنّ جملة من أساطين العربية
ص: 173
الأوائل البارعين فيها وفي غيرها من الفضائل قد كانت لهم النهضة والنائرة والصولة الثائرة والحماس الشديد والمثابرة في الدلالة على إعجاز القرآن والعناء بهذا الشأن وإقامة الحجّة البالغة عليه والبرهان..
ألا وهم: السيّدان الشريفان: (الرضي (1) والمرتضى) (2)، والشيخان الجليلان: الشيخ (الجرجاني) (3) والقاضي (الباقلاني) (4)، والفاضلان النيقدان:
ص: 174
(الزمخشري) (1) و(السكّاكي) (2).
وتلاهم في ذلك جملة ممّن تأخّر عنهم وأخذ منهم، واجتدى جدواهم، وما أغنى غناهم ولا بلغ مداهم.
ولعلّ هناك فيمن تقدّم أو تأخّر من بخل الزمان علينا بنُتَفه ولم يسعفنا
ص: 175
بتصفّح صُحفه.
فيا ما أكثر ما أُخذ من أيدينا من تصانيف آبائنا وأهلينا، وكتب أعلامنا ومآثر إسلامنا، ما لو هلك كلّ امرئٍ مسلم من الحسرة عليها مألوماً، لما كان عندي ملوماً!
ولكن عناية من الله بدينه وإتماماً لحجّته وحفظاً لنواميسه، قد أبقى منها ما يفي بالغرض، وينهج به القصد، وينقطع به العذر، وتقوم فيه على العبد الله الحجّة.
أنت يا ذا الذي تزعم أنّ لك في العربية رتبة وفي مطالعة الكتب والصحف دربة، وأنّك من أهل ذلك اللحن واللسان ولك معرفة بأساليب الخطابة والبيان، راجع تفاريق كتب أُولئك الأعلام وما أبقت بأيدينا من تصانيفهم غوابر الأيّام، تجد فيها من تلك البغية شيئاً شافياً ومن أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز وإعجاز القرآن (1) شرحاً وافياً.
أمّا الاستيعاب والاستقصاء والحصر والإحصاء، فذلك مقام في كتاب الله لا يُنال وأمرٌ عاد أو كاد أن يكون من المحال.
وجميع ما ذكرناه وفصّلناه على طيّاته وطوله، وما حرّروه وحبّروه على تفاصيله، ممّا لهم فيه الهمّة القعساء والعزمة الملساء، ولكن ما كلّ ذلك بالقياس إلى ما حصر وا عنه وأقصروا وانحطوا دونه وتأخّروا إلّا كنسبة القبس من الشمس والقدم من الرأس، والبلّ من الويل والفرع من الأصل!
يدلّك على بعض ما نقول أنّ أكثر ما قدّمناه ودللنا عليه من تلك الآيات الباهرات والمعجزات القاهرات التي أشرنا بذروٍ من القول وبروٍ (2) من الكلام
ص: 176
وحثالة من البيان إلى وجوه إعجازها وعيون بلاغتها، هي من الآيات التي لم يتعرّضوا لها ولا خاضوا فيها ولا أشاروا إليها، كآية النور وكثير ممّا تقدّمها.
وهذا ممّا يدلّك على عظيم الشأن لهذا القرآن، وأنّه بحر عجّاج متلاطم الأمواج، لا يُدرك لُجّه (1) ولا يقطع فجّهُ (2) ولا يُسلك نهجه، ولا تنفد لتاليه ولا تعدّ معاليه، ولا تُجمع غرره ولا تُحصى درره، ولا تنقضي عجائبه ولا تزال تشرق لك ولا تغرب عنك غرائبه..
أنّى وردتَ وردتَ حياضاً وأنّى أردت ردتَ رياضاً، وحيث توجّهت وجدت للبلاغة ربيعاً وأنّى استقبلت بلوت من الإعجاز أمراً بديعاً!
فأنت عن الانتقاد في غُنية، وعن الارتياد في فسحة، ومن الاختيار في خيار.
خُذ منه ما وقع عليه بغتةً نظرك وما أصابته وهلة يدك، وهذا وادٍ فسيح ومنزل وسيع، يأتي علينا ولا نأتي عليه، ولا يسعنا أن نثبت عنده أو نقف لديه.
وحيث قد انجرّ بنا الكلام إلى ذكر أُولئك الأعلام من زعماء العربية بل زعماء الإسلام، فلنكتف من الإطالة بالحوالة ومن استيفاء الأدلّة بالإرشاد إليهم والدلالة، فإنّك تجد من الحجّة في كلماتهم مقنعاً، ومن بلج (3) الحقّ لسدفة (4) الباطل مَدفعاً، ولتدبّر ما به البلغة إلى بلاغة القرآن وإعجازه مجالاً متّسعاً.
ثمّ بعد هذا كلّه لا أجد أوسع لي وأحرى بي من الاعتراف والإصحار
ص: 177
بالحقيقة (1) التي ينتهي إليها في هذه المباحث كلّ موجز ومسهب ومقصر ومطنب..
تلك هي الإذعان بالقصور والعجز عن ضبط أنواع إعجازه وإحصاء أبواب فصاحته وحصر عناوين بلاغته، دون أن يسنح على الخطور استيفاء خواصّ كلّ آية ونكات كلّ كلمة.
نعم، قد عقد (القاضي) (2) في (الشفا) فصلاً للبحث عن وجوه إعجاز القرآن، وجعل تحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه.
ونحن نستخلص لك صفوة ما ذكر ومصاص ما سطّر، بتسوية وتشذيب وانتخاب وتلطيف.
وقد عثرت عليه بعد الفراغ من هذا الجزء، فرأيته يرتبط كثيراً بكلامنا الآنف، فنقلنا منه ما يلى، وألحقناه بهذا المقام:
قال: (أوّلها: حسن تأليفه، والتئام كلمه، وفصاحته، وإيجازه، وبلاغته
ص: 178
الخارقة عادة العرب.
وذلك أنّهم كانوا أرباب هذا الشأن وفرسان الكلام، قد خصّوا من البلاغة والحكم ما لم يخص به غيرهم من الأُمم، وأُوتوا من ذرابة اللسان (1) ما لم يؤت إنسان، ومن فصل الخطاب ما يقيّد الألباب.
جعل الله لهم ذلك طبعاً وخلقة، وفيهم غريزة وقوّة.
منهم البدوي ذو اللفظ الجزل، والقول الفصل، والكلام الخفم والطبع الجوهري والمنزع القوي.
ومنهم الحضري ذو البلاغة البارعة، والألفاظ الناصعة، والكلمات الجامعة، والطبع السهل، والتصرّف في القول القليل الكلفة الكثير الرونق الرقيق الحاشية.
ولكليهما في البلاغة الحجّة البالغة والقوة الدامغة، والقدح الفالج والمهيع الناهج.
لا يشكّون أنّ الكلام طوع مرادهم والبلاغة ملك قيادهم. قد حووا فنونها واستنبطوا عيونها.
فقالوا في الخطير والمهين وتفنّنوا في الغثّ والسمين، وتقاولوا في القلّ والكثّر وتساجلوا في النظم والنثر.
فما راعهم إلّا رسول كريم بكتاب عزيز: «لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» (2)، أُحكمت آياته وفصّلت كلماته، تبارت في
ص: 179
الحسن مطالعه و مقاطعه وحوت كلّ البيان جوامعه وبدائعه.
وهم أفسح ما كانوا في هذا الباب مجالاً، وأشهر في الخطابة رجالاً، وأكثر في السجع والشعر سجالاً، وأوسع في الغريب واللغة مقالاً، بلغتهم التي بها يتحاورون ومنازعهم التي عنها يتناضلون، صارخاً بهم في كلّ حين ومقرّعاً لهم على رؤوس الملأ أجمعين: «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ» (1)، «وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِن مِثْلِهِ» (2) إلى قوله: «وَلَن تَفْعَلُوا» (3).
فلم يزل يقرّعهم أشدّ التقريع، ويوبّخهم غاية التوبيخ، ويسفّه أحلامهم، ويحطّ أعلامهم، ويشتّت نظامهم، ويذمّ آلهتهم وآباءهم.
وهم في كل هذا ناكصون (4) عن معارضته، يخادعون أنفسهم بالتكذيب بالتشغيب، والإغراء بالافتراء.
وقولهم: «إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ» (5)، و: «سِحْرٌ مُّسْتَمِنٌ» (6)، و: «إِفْكٌ افْتَرَاهُ» (7)، و: «أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ» (8).
ص: 180
والمباهتة والرضا بالدنيّة، كقولهم: «قُلُوبُنَا غُلْفٌ» (1)، و: «فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ» (2)، و: «لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ» (3).
وبالادّعاء مع العجز، بقولهم: «لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا» (4).
وقد قال لهم الله: «وَلَن تَفْعَلُوا» (5)، فما فعلوا ولا قدروا.
ومن تعاطى ذلك من سخفائهم ك_(مسيلمة) كشف عواره لجميعهم، وسلبه الله ما ألفوه من فصيح كلامهم، وإلّا فلم يخف على أهل الميز أنّه ليس من نمط فصاحتهم ولا جنس بلاغتهم، بل ولّوا عنه مدبرين وأتوا مذعنين من بين مهتدٍ وبين مفتون.
ولهذا لمّا سمع (الوليد بن المغيرة) (6) من النبى (صلوات الله عليه): (إِنَّ اللهَ
ص: 181
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ» (1) قال: (والله، إنّ له لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنّ أسفله لمغدق، وإنّ أعلاه لمثمر، وإنّه ليعلو ولا يعلى عليه، ولا يقول هذا بشر).
وذكر (أبو عبيدة) (2): أنّ أعرابياً سمع رجلاً يقرأ: «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ» (3)، فسجد، وقال: (سجدت لفصاحته).
وسمع آخر رجلاً يقرأ: «فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيَّا» (4)، قال: (أشهد أنّ مخلوقاً لا يقدر على مثل هذا الكلام).
وحكى (الأصمعي) (5): أنّه سمع كلام جارية، فقال لها: (قاتلك الله! ما
ص: 182
أفصحك)! فقالت: (أو يَعدّ هذا فصاحة بعد قول الله (تعالى): «وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ» (1) الآية)؟! فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين.
فهذا نوع من إعجازه منفرد بذاته غير مضاف إلى غيره.
وأنت إذا تأمّلت قوله (تعالى): «وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ» (2)، وقوله: «وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ» (3)، وقوله: «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» (4)، وقوله: «وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي» (5)، وقوله: «فَكَلَّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ» (6)، ، وأشباهها من الآي بل أكثر القرآن، حقّقت ما بيّنته من إيجاز ألفاظها، وكثرة معانيها، وديباجة عبارتها، وحسن تأليف حروفها، وتلائم كلمها، وأنّ تحت كلّ لفظة منها جملاً كثيرة وفصولاً جمّة وعلوماً زواخر، ملأت الدواوين من بعض ما استُفيد منها وكثرت المقالات في المستنبطات عنها.
ثمّ هو في سرد القصص الطوال وأخبار القرون السوالف التي يضعف في
ص: 183
عادة الفصحاء عندها الكلام ويذهب ماء البيان آية لمتأمّله من ربط الكلام بعضه ببعض والتنام سرده وتناصف وجوههه، كقصّة (يوسف) على طولها.
ثمّ إذا تردّدت قصصه اختلفت العبارات عنها حتّى تكاد كلّ واحدة تنسي في البيان صاحبتها وتناصف في الحسن وجه مقابلتها، ولا نفور للنفوس من تردیدها ولا معاداة لمعادها.
الوجه الثاني من إعجازه: صورة نظمه العجيب، والأُسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومناهج نظمها ونثرها.
ولم يوجد قبله ولا بعده نظير، ولا استطاع أحد مماثلة شيء منه، بل حارت فيه عقولهم، وتدلّهت دونه أحلامهم (1)، ولم يهتدوا إلى مثله في جنس كلامهم من نثر أو نظم أو سجع أو رجز أو شعر.
ولما سمع (الوليد بن المغيرة) القرآن رقّ، فجاءه (أبو جهل) منكراً عليه، فقال: (والله، ما منكم أحد أعلم بالأشعار منّي! والله، ما يشبه الذي يقول شيئاً من الشعر).
واجتمعت قريش قبل حضور الموسم، وقالت: إنّ وفود العرب سوف ترد، فأجمعوا رأيكم في ما تقولون عن (محمّد)، ولا يكذّب فيه بعضكم بعضاً، فقالوا: نقول: كاهن! فقال (الوليد): (والله ما هو بكاهن، ما هو بزمزمته ولا سجعه)، قالوا: فنقول: مجنون! قال: (ما هو بمجنون، ولا بخنقه ووسوسته)، قالوا: فنقول: شاعر! قال: (ما هو بشاعر، قد عرفنا الشعر كلّه رجزه وهزجه
ص: 184
ومبسوطه ومقبوضه)، قالوا: فساحر! قال: (ما هو بساحر، ولا نفته ولا عقده) قالوا: فما نقول؟! قال: (ما تقولون شيئاً من هذا إلّا وأنا أعرف أنّه باطل، وإنّ أقرب القول أنّه ساحر! فإنّه سحر يفرّق به بين المرء وابنه، والمرء وأخيه، والمرء وزوجه). فتفرّقوا وجلسوا على السبل يحذّرون الناس، فأنزل الله (تعالى) فى (الوليد): «ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدا» (1) إلى قوله (تعالى): «إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ» (2).
وعلى أيٍّ، فعجز العرب عنه ثابت، وإقامة الحجّة عليهم بما يصحّ أن يكون مقدورهم وتحدّيهم بأن يأتوا بمثله قاطع وهو أبلغ في التعجيز وأحرى بالتقريع.
فما أتوا في ذلك بمقال، بل صبروا على الجلاء والقتل والصغار والذلّ، وكانوا من شموخ الأنف وإباء الضيم بحيث لا يؤثرون ذلك اختياراً ولا يرضونه إلّا اضطراراً، وما منهم إلّا من جهد جهده واستنفذ ما عنده في إخفاء ظهوره وإطفاء نوره، فما جلوا في ذلك خبيئة من بنات شفاههم، ولا أتوا بنطفة من معين مياههم مع طول الأمد وكثرة العدد، وتظاهر الوالد وما ولد، بل أبلسوا، فما نیسوا، ومنعوا فانقطعوا!
الوجه الثالث من الإعجاز: ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات ممّا لم یکن فكان كما قال ووقع كما أخبر.
كقوله (تعالى): «لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ» (3)، وقوله
ص: 185
(تعالى): «وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ» (1)، وقوله: «لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِهِ» (2)، وقوله: «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ» (3)، وقوله: «إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ» (4).
فكان جميع هذا كما ذكره (تعالى)..
غلبت الرومُ فارس في بضع سنين، ودخل الناس في الإسلام أفواجاً حتّى لم يبق في جزيرة العرب موضع لم يدخله الإسلام في حياته (صلوات الله عليه)، واستخلف الله المؤمنين في الأرض ومكّن لهم دينهم وملّكهم إيّاها من أقصى المشارق إلى أقصى المغارب، كما قال (صلوات الله عليه): «زويت لي الأرض، فأُريت مشارقها ومغاربها، وسيبلغ ملك أُمّتي ما زوي لي منها» (5).
وقوله (تعالى): «سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ» (6)، وقوله: «لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ» (7). فكان كلّ ذلك.
هذا، مع ما فيه من كشف أسرار المنافقين واليهود، ومقالهم، وكذبهم في حلفهم، وتقريعهم على ذلك:
كقوله (تعالى): «وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا تَقُولُ» (8)، وقوله:
ص: 186
«يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ» (1)، وقوله: «مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ» (2)، ونظائر لهذا كثيرة في خصوص شأن اليهود.
وأبدى ما ودّه المسلمون يوم بدر بقوله (تعالى): «وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ» (3).
وقوله (تعالى): «إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ» (4)، وهم نفر بمكّة كانوا ينفّرون عنه الناس ويؤذونه، فأهلكهم الله جميعاً.
وقوله: «وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ»(5). فكان كذلك، على كثرة من رام ضرّه وقصد قتله.
والأخبار بذلك صحيحة معروفة).
يقول مؤلّف هذه (الدعوة): إنّ الكتاب الكريم والسنّة النبويّة قد اشتملا على شيء كثير من الإخبار بالغيب صراحة وتلويحاً.
ويحسن أن يفرد هذا العنوان بالتأليف، ولا سيّما إذا ضُمّ إلى ذلك إخبار أمير المؤمنين (علي بن أبي طالب) عليه السّلام بالملاحم، كما في (النهج) وغيره، فإنّه يجيء كأكبر كتاب وأعظم آية ومعجزة للإسلام.
فعسى أن ينهض لهذه الصنيعة بعض أفاضل المسلمين. وربّنا نذكر كثيراً من ذلك في ثنايا دعوتنا هذه وما يتلو من أجزائها التابعة لهذا الجزء إن شاء الله.
ص: 187
نعم، وهذه الجهة - أعني: الإخبار بالغيب - وإن لم يكن من الإعجاز من جهة بلاغة البيان، ولكن جهات الإعجاز لا تنحصر بذلك، وإنّ من أعظم ما يعجز البشر ويخرج عن طوق قدرهم الإخبار بوقائع مستقبلهم حيث يكون عن غير علوم آلية ولا صناعات عملية من كهانة أو فراسة أو جفر أو رمل (1) أو ما أشبه ذلك.
ومن المعلوم أنّ إخبارات القرآن بالغيب لم يكن شيء منها بهاتيك الصفة، ولا على واحد منها تلك السمة.
فأين قوله: «وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ» (2) من تسجيعات الكهنة وتهجّساتهم وزمازمهم؟!
وكذلك الإخبارات الغيبية من الحضرة النبويّة.
وسيتّضح بعض ذلك فيما سيجيء إن شاء الله.
(الوجه الرابع: ما أنبأ من أخبار القرون السالفة والأُمم البائدة والشرائع الدائرة ممّا كان لا يعلم منه القصّة الواحدة إلّا الفذّ من أحبار أهل الكتاب الذي
ص: 188
قطع عمره في تعلّم ذلك، فيورده النبي (صلوات الله عليه) على وجهه ويأتي به على نصّه، فيعترف العالم منهم بصحّته وصدقه.
وإنّ مثله لم ينله بتعليم، وقد علموا أنّه أُمّيٌ لا يقرأ ولا يكتب، ولا اشتغل بمدارسة ولا مثاقبة، ولم يغب عنهم، ولا جهل حاله أحد منهم.
وقد كان أهل الكتاب كثيراً ما يسألونه (صلوات الله عليه)، فينزل من القرآن ما يتلو عليهم منه ذكراً، كقصص الأنبياء مع قومهم، وخبر (موسى) و(الخضر)، و(يوسف) وإخوته، وأصحاب الكهف، و(ذي القرنين)، و(لقمان) وابنه، وأشباه ذلك من الأنبياء، وبدء الخلق، وما في التوراة والإنجيل والزبور وصحف (إبراهيم) و(موسى) ممّا صدّقه فيه العلماء بها ولم يقدروا على تكذيب ما ذكر منها، بل أذعنوا لذلك، فمن موفّق آمن بما سيق له من خير، ومن شقي حاسد ضلّ عن القصد.
ومع هذا لم يحك عن واحد من النصارى واليهود على شدة عداوتهم له، وحرصهم على تكذيبه، وطول احتجاجه عليهم بما في كتبهم، وتقريعهم بما انطوت عليه مصاحفهم، وكثرة سؤالهم له صلّي الله عليه و آله، وتعنيتهم إيّاه عن أخبار أنبيائهم وأسرار علومهم ومضمّنات كتبهم، كسؤالهم عن الروح، و (ذي القرنين)، وأصحاب الكهف، و (عيسى)، وحكم الرجم، وما حرّم (إسرائيل) على نفسه، وما حرم عليهم من الأنعام، وغير ذلك من أُمورهم، أجابهم (صلوات الله عليه و آله) عن كلّ ذلك بوحي من القرآن، وما أنكره عليه أحد منهم، بل أكثرهم صرّح بصحّة نبوّته واعترف بعناده وحسده، كأهل نجران، و(ابن صوريا)، و(ابني أخطب)، وغيرهم.
ومن باهت بعض المباهتة قيل له: «قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ
ص: 189
صَادِقِينَ» (1)، فقرّع ووبّخ ودعا إلى إحضار أمر ممكن، فمن معترف بما جحده، ومتواقح يلقي على كتابه يده.
ولم يؤثر أنّ واحداً منهم أظهر ما هو بخلاف قوله من كتبه، ولا أبدى صحيحاً أو سقيماً من صحفه.
قال (سبحانه): «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ» (2) الآية» (3). انتهى ما أردنا انتخابه لك من (الشفا).
وفي الحقّ أنّه قد وصف فأحسن، ورصف (4) فأتقن.
وهو وإن أطال ووجد مجال القول ذا سعة فقال، ولكنّه دون الوصول إلى تمام الحقيقة بكثير.
نعم، هنا أُمور ثلاثة يروق التنبيه عليها ويجدر البحث فيها:
[الأمر] الأوّل: أنّ كلّ ذي نظرة في جمهرة أحوال العرب وشؤونهم - ولو
ص: 190
بالنظرة الطفيفة واللحظة الخفيفة - يعرف توسّعهم في أساليب البيان واستبحارهم فی الفصاحة والبلاغة، ويعلم ما لذلك عندهم من الشأن وعظيم المنزلة وعلوّ الرتبة.
نعم، قد بلغ البيان وحسن المنطق منهم فى نفوذ التأثير وامتلاك التبديل والتغيير وتحوير صفات المجتمع أو أفراده ما لم يبلغه عند أُمّة من الأُمم ولا شعب من الشعوب.
فكان الشعر وحسن البيان عندهم كأنّه هو الذي يذلّ العزيز ويعزّ الذليل، ويشجّع الجبان ويسخّي البخيل، ويحلّم السفيه ويسفّه الحليم، ويثير رهج (1) الحروب ويطفي لهب الخطوب، ويتصرّف في القلوب بما لا تتصرّف فيه ابنة الكرم ولا رسيس (2) الغرام.
وشواهد ذلك أكثر من أن تحصى أو يحيط بها الاستطراد.
ولو أردنا أن نجمع أمثال:
قصّة (الأعشى) (3) مع (المحلّق) (4):
ص: 191
...... *** وبات على النار الندى والمحلّق (1).
وقول الآخر:
قومٌ هم الأنف والأذناب غيرهم *** ومن يساوي بأنف الناقة الذنبا (2)؟!
فصاروا يفتخرون بهذا اللقب بعد أن كانوا يرونه سبّة عليهم (3).
ص: 192
وقول (البيد) (1) في مجلس (النعمان) (2):
(مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه) (3)، في قصّة مشهورة (4).
ص: 193
وكثير من نسق هذا ونمطه..
لو أردنا جمعه أو الخوض فيه لاندفعنا إلى أودية فيحاء متّسعة الأرجاء، لا نأتي على أطرافها ولا نقف على تخومها.
وهذا أمر لا مرية فيه، وشهرته تغنى عن ذكره.
فقد قام في الجاهلية سوق للشعر كان يباع الرخيص منه بأغلى الأثمان، وينزل السافل - فضلاً عن العالى منه - أعزّ منزلة ومكان.
ومن الجلي أنّ العمل أيّاً كان صنعة أو مهنة أو حرفة أو غير ذلك إذا انصرفت إليه الرغبات وتوجّه نحوه الطلب وقامت له أسواق ومدّت إليه الأعناق وكثر إنفاقه وقلّ إخفاقه، لا محالة اتّسع نطاقه وامتدّ رواقه وأُحكمت أسبابه وتكاثر الداخلون فيه وتهاجمت الناس على طلبه والاستبحار في استحكامه والتنوّق فيه والتغالب في أشواطه بإجادة العمل ولباقة الصنعة ومهارة التفنّن فيه والتنوّع منه.
هذا ناموس من نواميس الخليقة، لا يختصّ بعصر دون عصر، ولا بأُمّة دون أُمّة، ولا بصنعة دون أُخرى، كما تشهد وترى.
أمّا الشعر فكانّه في أُخريات عصور الجاهلية قد بلغ أوج سمائه ونزل في
ص: 194
أقصى برج من ارتقائه، وكأنّه وصل إلى الغاية التي ما وراءها مفسح ولا لحائل بعدها مسرح، وكأنّ البلاغة فيه وقفت على حدودها المقدورة للبشر وأشرفت على العبور إلى ما وراء القوى والقُدر، حتّى إذا أشرقت في العالم لمعات هذا القرآن الكريم والفرقان الحكيم سرت في الكون روح من البلاغة، وَي (1) كأنّها غير تلك الروح! وهبّ في الوجود روح من البيان، وَي كأنّه ما كان في الحسبان ولا سنح على خاطر إنسان!
أُفصح لك عن طرف من ذلك وأُحيل إليك تمام ما أُحاول من هذه المقايسة والموازنة:
إنّ العرب الذين تعلم أنت أحسن العلم بما للبيان والبلاغة عندهم من الشأو والشأن والمكانة والرفعة والزلفى والمنزلة، قد كانت آية فصاحتهم و عنوان بلاغتهم وطراز دیباجتهم وبيت قصيدهم وقلادة جيدهم وأكبر ما عندهم لمن بعدهم وأحسن ما لديهم للمتطفّل عليهم، هي تلك المعلّقات السبع التي خرقت كلّ سمع وطرقت كلّ جمع، فكانت كإنجيل بلاغة ذلك الجيل ومعجز قرآن ذلك القبيل.
وحقّاً أنّها قد أخذت حظّاً من الفصاحة وتبوّأت مقاماً من الإبداع تليق أن تعلّق به على ألواح الخواطر والأسماع، لا وسط البيوت المقدّسة والهياكل الشريفة فقط.
وأنت إذا منحتها النظرة الأُولى وجدت لأكثرها رونقاً من حسن ومسحة من لطف، ولكنّك إذا أتبعتها الثانية وأمعنت بها تدبّراً ومحّصتها اعتباراً وجدتها
ص: 195
أسلاكاً وقلائد قد نظمت الدرّة والبعرة، والذهب والمخشلب، والحصي والجمان، والحصباء والمرجان.
خُذ إليك كلمة (امرئ القيس) التي هي طليعة السبع وانظر فيها، تجدك بينا تسير في رياض دمئة وسهول ملبّدة وعيون ماء منفجرة، وإذا بك في حرّة سوداء وحجارة خشناء ووعور تحفى بها النياق وتتقطّع قبل قطعها النياط!
بينا يمرح في أوائلها بأمثال قوله:
أفاطم مهلاً بعضَ هذا التدلّلِ *** وإن كنتِ قد أزمعتِ صرماً فأجملي
أغرّكِ منّي أنّ حبّك قاتلي *** وأنّكِ مهما تأمري القلبَ يفعلِ (1)
إذا هو يرزح في أوساطها تحت أعباء قوله:
فلمّا أجزنا ساحةَ الحيِّ وانتحى *** بنا بطنُ خبتٍ ذي حِقافٍ عَقَنقَلِ (2)
ثمّ بينا يقول بعد ذلك:
مُهفهفة بيضاءُ غيرُ مفاضةٍ *** ترائبُها مصقولةٌ كالسجنجَلِ
هصرتُ بفودَي رأسِها فتمايلتْ *** عليّ هضيمَ الكشحِ ريّا المخَلخَلِ (3)
ص: 196
وإذا هو يقول في أواخرها:
فأضحى يسحّ الماءَ حولَ كُتيفةٍ *** يكبُّ على الأذقانِ دَوحَ الكَنَهبلِ (1)
أو قوله:
كأنّ السباعَ فيهِ غرقى عشيةً *** بأرجائهِ القصوى أنابيشُ عُنصُلِ (2)
ثمّ استطرف - إذا شئت - قصيدة (طرفة) (3)، وقف على قوله:
ص: 197
وفي الحيّ أحوى ينفض المرد شادنٌ *** مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجدِ (1)
ثمّ اندفع في وصف ناقته بأمثال قوله (2):
أمون كألواح الإرانِ نصأتُها *** على لاحبٍ كأنّه ظهرُ برجدِ (3)
وسار عليها كأنما ينقلع من أوحال أو ينحت من جبال.
نعم، وأسرعهم بديهة وأرّقهم ديباجة وأملكهم لأعنّة الترسّل والجري أنّى شاء من أودية الكلام وشعاب القول هو (عمرو بن كلثوم) (4) الذي يقول في نتاج
ص: 198
فكرته وابنة ساعته:
وثدياً مثلَ حقّ العاجِ رَخْصاً *** حَصَاناً من أكفِّ اللامسينَا (1)
ويقول في حماسها:
كانّ سيوفَنَا منا ومنهمْ *** مَخَاريقٌ (2) بأيدي لاعبينَا
كأن ثيابَنَا منّا ومنهمْ *** خضبن بأُرجوان أو طلينا
بشبّانٍ يرونَ القتلَ مجداً *** وشيبٍ في الحروبِ مجرّبينَا
برأسٍ من بني جَشَم بن بكرٍ *** ندقٌّ به السهولةَ والحزونَا
ألا لا يجهلنّ أحدٌ علينَا *** فنجهلَ فوقَ جهلِ الجاهلينَا (3)
ص: 199
وكلّها وأكثرها على هذا النمط والأُسلوب من القوّة والسلاسة، ورقّة الحاشية، وقوّة السرد والنسج، والسلامة من الوحشية والغرابة.
ولكنّه - مع كلّ ذلك - ما سلم من أن يقول يصف قناته (1):
إذا عضّ الثِقافُ بِها اشمأزّتْ *** وولّته عَشَوزَنَةٌ زَبُونَا (2)
ويقول في حماسها (3):
ونحنُ الجالسونَ بذي أُراطى *** تسفُّ الجِلَّةُ الخُورُ الدرِينَا (4)
ص: 200
فإنّ فيه من التعقيد وعدم وفاء اللفظ بأداء المعنى مع الغرابة وقلق الألفاظ ما لا يخفى على المراجع.
وإذا كان هذا حال غرّة بلاغة العرب وصحيفة فصاحتهم وأقصى ما عندهم لمن بعدهم، فما ظنّك بسائر أشعارهم ومنشئاتهم من خطب ورسائل وأراجيز وغيرها؟!
وما زالوا والبيان الذي هم أرقى الأُمم به وأعرقهم فضلاً فيه لا يحول عن تلك الحال والصفة من السهولة تارةً والوعورة أُخرى، والنعومة مرّةً والخشونة أُخرى.
فتأتيك القطعة الواحدة كأنّها من عصرين متباعدين أو لشاعرين مختلفين التربة والتربية والنزعة.
حتّى إذا سطعت أنوار هذا الفرقان الحميد وصدعت بالحقّ كلماته وأشرقت على العالم شموس آياته، نهج الناس منهجاً من الفصاحة ما كانوا ليهتدوا إليه ولا ليصيبوه ولو أجهدوا أنفسهم دهوراً وأحقاباً.
عرّف هذا الكتاب الكريم كيف ينبغي أن يُصاغ القول وتُسبك الألفاظ، وكيف تُجعل قوالباً للمعاني، لا يزيد شيء منها على الآخر ولا ينقص أو يتقلّص عنه.
القرآن هو الذي علّم الناس كيف يبلغ البيان من التصرّف في العقول، والتمكّن من النفوس، والتملّك على الخواطر.
ص: 201
القرآن هو الذي علّم (عبد الحميد) (1) كيف ينبغي أن يكتب فيجيد، ودفع (ابن المقفّع) (2) إلى الطريق المهيع (3)، وصيّر (الجاحظ) (4) أقدر كاتب ولافظ.
ص: 202
و(البحتري) (1) ونظرائهم أن يأتوك بالقصائد والمقاطيع، كلّ واحدة كأنّها ماوية (2) صقيلة، أو صفيحة عاج، أو قطعة ديباج، قد حيكت على نولٍ (3) واحد، أو صُبّت في قالبٍ سواء.
فلا تجد فيها لفظة عن أخواتها ناتئة، ولا كلمة عن صفّها نافرة، ولا جملة في موضعها غير جميلة..
فكأنّها العصب اليماني أو الديباج الخسرواني، متناسب الحسن، متناسق الصنعة، متوازن العيار متوازي النجار (4).
ولو سردتُ لك شيئاً من قصيدهم أو مقاطيعهم لأدلّك على باهر الصنعة وجوهر البلاغة، لخشيت أن أخرج عن البحث في صناعة معرفة الإعجاز إلى صناعة معرفة الشعر الذي ليس هو من دعوتنا هذه في شيء.
نعم، قد عوّدتك أن أدلك على الطريق، وأنهج لك الدرب، وأفتح أمامك
ص: 204
الباب، وأدع السلوك لك والسير - بحسب وسعك - إليك.
تخطر على ذهني الساعة الأبيات الشهيرة التي أُعجب بها (الشريف المرتضى) (1) في (أماليه)، وهي من حسنات (الحسن بن هانئ)، وقال: (إنّها لم تبلغ العشرين) (2).
وقد نسب في أوّلها، ثمّ وصف الناقة أحسن وصف، ثمّ مدح واقتضى حاجته (3).
ص: 205
كلّ ذلك بطبع يتدفّق ورونق يترقرق وسهولة وجزالة.
وكلمتي غبّ كلام (الشريف) (1): أنّ كلّ واحد من ذوي المعلّقات قد نسب وشبّب، ووصف وامتدح، وجاء بما يناهز المائة أو أكثر، ولكن ضع هذه الأشلاخ (2) الضخمة والأسناخ (3) الفخمة إلى جنب تلك القطعة الصغرى والجمانة الغرّاء، وانظر أيّهما أقوى على تحريك أريحيتك وأعمل في إثارة عواطفك وإنارة مشاعرك، وأيّها أقدر على هزّتك ونشاطك وفرحك وانبساطك:
أمن يأتيك بمثل قوله:
یا دارَ عبلةَ بالجواءِ تكلّمي وعمّي صباحاً دار عبلةَ واسلمي (4)
إلى أن يقول:
مَا راعني إلّا حمولةُ أهلها *** وسطَ الديارِ تسفُّ حبّ الخِمخِمِ (5)
ص: 206
أم من يُحيّيك بمثل قوله:
يا منَّة امتنَّها السُكرُ *** ما ينقضي منّي لها الشُكرُ
يثني إليكَ بها سوالفَهُ رشأٌ صناعةُ عينهِ السِحرُ
ظلّت حُميّا الكأسِ تبسطُنَا *** حتّى تهتّكَ بينَنَا السِترُ
في مجلسٍ ضحكَ السرورُ بهِ *** عن ناجذيهِ وحلَّت الخمرُ(1)
إلى أن يقول في الناقة:
ولقد تجوبُ بي الفَلاَةَ إذا *** صامَ النهارُ وقالتِ العُفرُ (2)
شَدَنيَّة (3) رعتِ الحِمَى فأتتْ *** ملء الجبال كأنّها قَصرُ (4)
استوقفني هذا التشبيه البديع والتمثيل البارع، والسبك الأنيق، والمعنى الجزل، واللفظ الفحل.
فقلت: لله درّه(5) أنّى اهتدى له، ومن أين أُوحي إليه، وممّن اقتبسه، وعمّن
ص: 207
أخذه؟!
فإنّ (العبسي) (1) وإن قال في أوّل معلّقته:
فوقفت فيها ناقتي وكأنّها *** فَدَنٌ لأقضي حاجةَ المتلوّمِ (2) ولكن هيهات! أين هذا من ذاك؟! أين (الفدن) من (القصر)، وأين (ناقتي) من (شدنية)؟! أين (ملء الجبال)، وأين (رعت الحمى)؟!
وكلّ هذه ممّا زاد المعنى فخامة واللفظ حلاوة، فصارت كلّ كلمة تعتنق أُختها، وكلّ جملة ترتبط أشدّ الربط بما بعدها.
وكم ترى من التفاوت بين (رعت الحمى فأتت ملء الجبال)، وبين قوله: (وقفت فيها ناقتي وكأنّها فدن)!
ما أشدّ الربط بين تينك الجملتين، وما أشدّ البتل والقلق بين هاتين؟!
وهب أنّ (ابن هانئ) أخذ تشبيه الناقة بالفدن - أي: القصر - من (العبسي)، ولكن من أين أخذ حسن السبك وانتخاب تلك الألفاظ التي - على ما فيها من
ص: 208
الجزالة والنفاسة - أخذت بأعنّة السهولة والسلاسة؟!
نعم، وبينما الفكرة في فسحة هذه السانحة غادية ورائحة، إذ بها جس خلف الشغاف يهتف بي من وراء سجاف (1) تالياً من الوحي الكريم والفرقان العظيم قوله (جلّ شأنه): «وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ» (2).
فهدأ بالي وانقطع تعجّبي وسؤالي، وعلمت أنّها هي تلك الروح من البلاغة التي بعثتها قداسة الأنفاس المحمديّة في الأُمّة العربية، واستنزلتها من شعف (3) الهضاب إلى ريف (4) الوهاد، وأخرجتها من أشواك القتاد وحسك (5) الغيلان إلى نضرة النسرين (6) ونفحة العَلَجان (7).
إذاً فللفرقان (أبّد الله أحكامه) اليد البيضاء والمنّة العظمى والصنيعة الكبرى على كلّ ناطق بالضاد من عربي ومتعرّب وهجين وهجان وصميم ودخيل.
ولولاه لكُنّا إلى يومنا هذا كأعجم طمطم (8)، أو كالبهم نرعى وسط البلاد
ص: 209
حبّ الخمخم (1) بادين ننتشق ريّا القرنفل (2) بين الدخول فحومل (3)!
هذا ما أردنا بيانه من حسن أثر البلاغة القرآنية وعظيم فضلها وجميل صنيعها على أهل هذا اللسان بما لا ينكره إلّا مكابر أو جاهل قاصر. والله المستعان على كليهما، وهو وليُّ التوفيق لهما إن شاء الله.
الأمر الثاني: أنّنا - أيّها المتكرّم بالنظر إلى دعوتنا هذه - قد أكثرنا عليك من كلمات: إعجاز، فصاحة، بلاغة.
وأحسبك تقول: حبّذا لو أبدلتنا عن تكرير ألفاظها بتفسير معانيها وشرح حقائقها وملاكاتها.
وأنا أُريد في موقفي هذا أن أُلمع إلى ذلك، ولكنّي لا أُريد أن أسرد عليك مصطلحات أهل المعاني والبيان ومجادلات (التفتازاني) (4)
ص: 210
و(شریف جرجان) (1)، ولا أقول لك: قال (السكّاكي) (2) في (مفتاحه)، و (الشيرازي) (3) في (شرحه)، وفلان في (إيضاحه) (4)، والآخر في
ص: 211
(تلخیصه) (1).
كلّا، وإن كنت - والفضل الله - أعرف لحنهم، وأعلم فنّهم، وصرفت لجين ما ذهب من أيّامي فيه.
وإنّما أُحاول أن نعود في فهم هذه الحروف إلى أوّل عهودها وقبل طوء هذه الاصطلاحات عليها ومجاذبات الأفكار فيها.
نريد أن نفهمها كما كان يفهمها آباؤنا العرب الأوّلون يوم كان العلم غريزة فيهم وطباعاً في صدورهم لا في سطورهم، مكتبتُهم الفكر ومدرستهم الذكر.
وأعلمُ أنّى إن سلكت من هذا الطريق كان إحدى فوائد ذلك أنّي أنتهي بك إلى الغاية من أقرب الطرق وأسهل المسالك، وإن تجاوزتها إلى غيرها كنت قد أجهدتك، ولا أعلم - بعد الجهد - هل ظفرت بشيء طائل أم لا.
أمّا الإعجاز فلا أحسبك - بعد الوقوف على جميع ما قدّمناه - إلّا متملّياً منه مضطلعاً بعرفانه واقفاً على كنه حقيقته.
فإذا أردت الإيجاز عن حقيقة الإعجاز فقل: هو الكلام الذي يعجز عامّة أهل اللسان عن الإتيان بمثله أو الإتيان بما هو من سنخه وعلى طرزه وأُسلوبه.
كهذا الإعجاز المحمّدي، فإنّه وراء إعجازه أهل اللسان عن مباراته،
ص: 212
أدهشهم وأعجزهم عن معرفة نزعته وجنسيته، فلم يعرفوا - وإلى الآن - أنّه من قبيل الشعر أو الخطب أو الرسائل أو الرَجز أو الهزج أو غير ذلك من أنواع الكلام وأُمّهات أبوابه.
نعم، ما عرفوا سوى أنّه خارج عن كلّ تلك الأنواع غير داخل في شيء من هاتيك الأبواب.
ما أصابوا من حقيقته سوى أنّهم ما أصابوها، وما عرفوا غير أنّها غريبة ما عرفوها!
فهذا إيجاز الكلام عن الإعجاز.
أمّا الفصاحة فهي - سواء في الكلمة أو الكلام أو المتكلّم - لا تعدو أن تكون وجهاً واحداً ومعنىً فذاً، تلتقي وتجتمع عنده بعد إلقاء خصوصيات المحال المختلفة والظروف المتغايرة.
ثمّ إذا رجعنا إلى معاجم اللغويّين لم نجد الفصاحة أكثر من الإبانة والإيضاح، والكشف (1)، وما قارب ذلك من الألفاظ المتّفقة المداليل الواضحة المفاهيم التي تعرّف الأشياء بجامعها العامّ وقدرها المشترك، فتحكي الحقيقة من وجه، وتغمّ عنها من وجوه.
أمّا كلمات الفصحاء والبلغاء عنها (2) فكلُّ يشير إلى وجهة وينظر إلى ناحية.
وقلّ من أصاب الثغرة، ودلّ على النقطة المركزية، وأنبأ عن الحقيقة التي
ص: 213
هي حجر الأساس وزيت النبراس.
والكلام فيها كالكلام في رديفتها وشقيقتها (البلاغة) التي تتّحد معها في الجوهر، ويقع الميّز بينهما ببعض الملاحظات.
وممّا يشجيني ويحزنني أنّي أحسّ لكلّ من البلاغة والفصاحة معنىً أحسبه هو تمام حقيقتهما وجوهر معناهما، ولكن لا أبلغ إلى قول يكشف بإيجاز تمام الكشف عنه ويحكي تمام الحقيقة منه.
أُريد ألفاظاً تجسّمه للعيان، وتبرزه مشاهداً إلى الحسّ، حتّى يهمّ السامع أن يمسكه بيده ويقبض عليه بكفّه ويحسب آن سماعه بإذنه أنّه قد نظر إليه بعينه ورآه بشخصه.
أُريد مثل هذه الدوالّ والتمس ما يكون بتلك الصفة من الأقوال.
نعم، وبالأسف أُريدها ولا أجدها، وألتمسها ولا أحسّها!
وذلك لأنّي لم أُوهب تلك المنحة، ولم أُدفع إلى تلك الفسحة، ولا أُوتيت من البلاغة ما أستطيع الكشف عنها على تلك الصفة.
ولكن نظراً لما قيل: (لا تمتنع من بذل القليل، فإنّ العدم أقلّ منه)، نبدي كلمتنا الوجيزة في ذلك، بلغت ذلك المبلغ الذي نرومه من تصوير البلاغة أم لا، كشفت عن تمام الحقيقة أم لا.
وأنت (فتح لك الله كنوز العلم) تعلم أنّه ليس كلّ من كشف عن مراده وأبان عمّا في ضميره وأوضح عن كمين مقاصده، يعدّ في الناس من ذوي الفصاحة وأُولي البيان، ولا كلّ من بلّغ السامع كلاماً يشتمل على معنى من المعاني يليق أن ينظّم في صفّ البلغاء وأرباب اللسان.
كما تعلم أحسن العلم أنّ البلاغة والفصاحة ليست من الصفات التي
ص: 214
اختصّها الله باللسان العربي وحجرها على سائر الأُمم، وخوّلها لأبناء (إسماعيل) وحرّمها على سائر ولد (آدم).
كلّا، فإنّها من المواهب لنوع الإنسان ولجميع الأُمم وإن توهّم الاختصاص بعض القاصرين (1).
ومن ذا يجهل أنّ لكلّ أُمّة ولسان نوعاً من البلاغة والبيان هو في الحقيقة واللبّ عين ذلك النوع العامّ ونفس تلك الصفة السارية وإن تعدّدت الطرق والسبل واختلفت الكيفيات والبواعث والمقتضيات.
الفصاحة والبلاغة (بلّغك الله أمانيك) إذا حلّلتها بما يسمّى اليوم: بالتحليل الكيماوي (2) لم تجدها - سواء في فصاحة الكلمة أو بلاغة الكلام أو المتكلّم - إلّا: تلك الحروف والمقاطيع الملفوظة أو المرسومة التي إذا سمعها أهل ذلك اللسان كشفت لهم عن المراد كشفاً يتصرّف بمناصرة المعنى واللفظ معاً تصرّفاً فجائياً في ألبابهم ومشاعرهم، بل في كلّ كيانهم.
ص: 215
لا أقول: تصرّف ابنة الراح (1) في الأرواح التي تحتجب عندها العقول أو تزول.
كلّا، بل يحدث فيهم سماع تلك الألفاظ هزّة وأريحية، ونشاطاً في العقول، وخفّة في الأرواح، ولطفاً في الضمير.
كما يحدث مثل ذلك عند استماع نغمات الأوتار و تناسب وقع ألحان الموسيقى ورنّات المثالث والمثاني لأريحي الطبع الخفيف الروح اللطيف الجوهر.
وأجلى بياناً: أنّ الكلام البليغ هو الذي يحدِث في أرباب العرفان من أهل اللسان حالة هي كالتي تحدث فيك عند الفرح والسرور والطرب والنشاط والجذل والانبساط.
الكلام البليغ هو: الذي يتصرّف في الأرواح والأجسام تصرّفاً روحيّاً طبيعيّاً.
أُريد: أنّه يعمل في الروح وفي الطبيعة وفي العقل والمادّة، كلٌّ على حسبه و من سنخ ما يليق به.
ولذلك تجده عند كلّ أُمّة وفي كلّ لسان، ولكنّه ذو عرض عريض ومقامات لعلّها لا تتناهى، كعدم تناهي مراتب تأثيره في النفوس وتصرّفه في الألباب والعقول شدّةً وضعفاً على حسب حظّه من البلاغة ومنزلته من معارجها المترامية وأبراجها السامية وحظّ المستمع من عرفان ذلك.
ص: 216
ثمّ لم يبق عندي بعدُ لزيادة الإيضاح عن هذا المعنى ولا أستعين عليه إلّا بضرب الأمثال له وسرد شيء من الشواهد عليه.
أيّ أريحي الطبع طاهر الذوق طيّب الجوهر صافي أديم النفس صقيل مرآة الفكر يستمع لقوله (تعالى): «وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً» (1)، شرّف سمعك وبصرك بتلاوة هذه الآيات إلى آخر السورة، اقرأها بتدبّر وتدبّرها بتفهم، وانظر هل تجد لها لوعة في قلبك، وروعة في لبّك، وهزّة في سوادك، وفزّة في فؤادك؟!
انظر هل تنتفض أعضاؤك، وتختلج عروقك، وتتكهّرب بالانتعاش شرايينك ومفاصلك؟!
ثمّ خذ صَعَداً في القرآن أو صبباً ويميناً منه أو شمالاً، فرتّل شيئاً من سورة (يوسف)، فإن وقع بصرك على قوله (تعالى): «وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ» (2)، أو قوله (عزّ طوله): «وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ» (3)، أو أيّ آية شئت منها فاستوقف عندها فكرك وأحضرها قلبك ولبك عساك تبلغ ما أُريد بيانه وأقصر عنه من معنى البلاغة.
ثمّ إذا أردت التوسّع فمتّع الكريمتين منك: سمعك وبصرك (جعلهما الله
ص: 217
الوارثين منك)، متّعهما بالحواميم (1)، أيّ واحدة شئت منها، فإذا جئت إلى سورة الأحقاف فقف عند قوله (تعالى): «وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ من مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» (2)، حتّى تنتهي إلى آخر السورة من قوله (تعالى): «فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ» (3).
قف في قراءتها وتريث، ولا تستعجل في تلاوتها. وأنا واثق لك ببلوغ الغاية ونيل البلغة والظفر بنهايات مبالغ البلاغة.
هناك تحسّ أنّ القول البليغ هو: ما يبلغ بك إلى الحالة التي تتصرّف في كيانك تصرّفاً طبيعياً وتسري في كلّ مشاعرك سيراً كهربائياً.
الحالة التي تهزّك من الارتياح هزّة الأفراح، وتعمل بك على سلامة من عقلك فعل الراح بالأرواح.
وهذا التصرّف والتأثير قد يشتدّ ويقوى حسب القوابل والفواعل، حتّى تظهر آثاره على الهيكل المحسوس والأعضاء الظاهرة والبنية المشهودة.
ص: 218
وهي التي سجد منها ذلك الأعرابي حين سمع قوله (تعالى): «فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ» (1)، وقال: (سجدت لفصاحته) (2).
نعم، بلاغة القرآن هي التي حملت جماعة من جبابرة قريش على السجود له، أو ما هو بمنزلته من الخضوع، كما تواتر عن (الوليد بن المغيرة) ممّا تقدّم وسيأتي (3).
وكما وقع (الجبير بن مطعم) (4)، قال: (سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور، فلمّا بلغ قوله (تعالى): «أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ» (5) إلى
ص: 219
قوله: «أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ» (1) كاد قلبي يطير إلى الإسلام) (2).
وكما يروى عن (عتبة بن ربيعة) (3) حين جاء النبي ليحاجّه، فتلى عليه النبي صلّي الله عليه و آله لحم فصِّلت (4)، فلمّا بلغ قوله (تعالى): «فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةٌ مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ» (5) أمسك (عتبة) بيده على فم النبي صلّى الله عليه و آله، وناشده بالرحم أن يكفّ (6).
ومثل هذا كثير، وليس بغريب ولا عزيز النظير؛ فإنّ كلام البشر قد يحظى بنصيب من البلاغة، فيكون له شبه ذلك التأثير، وهو الكلام الذي يتلاشى إذا قيس إلى كلام الله العظيم تلاشي الذرّ في ألق الشمس، ويتمزّق تمزّق الدخّان في عواصف النكباء (7).
ص: 220
لا أحسب أنّه يغيب عن ذاكرتك سجود بعض العرب من علية الشعراء عند سماعه قول (عدي بن رفاع العاملي) (1):
تزجي أغنَّ كأنّ إبرةَ روقهِ *** قلمٌ أصابَ من الدواةِ مدادَها (2)
وقال للملأ الحضور - بعد سجوده: (نحن نعرف عزائم الشعر ومواضع السجود منه معرفتكم أمكنة السجود من القرآن ومواضع العزائم منه) (3).
هذا النفوذ والتأثير من البلاغة هو الذي منح الشعراء والأدبيين الدالّة على الملوك والخلفاء حتّى صاروا يجلسون معهم على أسرّة ملكهم، وينادمونهم في أخصّ مجالسهم، ويحاورونهم محاورة الإنسان صديقه والشقيق شقيقه، ثمّ يميحونهم روابي الذهب من القناطير، ويرضخون لهم البُدر (4) من الدراهم والدنانير.
ولو أنّ الملوك إنّما تصطنع الشعراء وتبلغ بهم تلك المنزلة من الإكرام والحفاوة لصرف مديحهم والثناء عليهم (وإنّ حبّ الثناء سجية الإنسان) وبالأخص الملوك، لو كان الشأن هو هذا ليس إلّا، لهان على الناس نيل تلك
ص: 221
الرتب وبلوغ هاتيك المنزلة، بأن يجيء المادح أيّاً كان، فيقول للملك: أنت شجاع كريم باسل ملك عظيم عادل، ثمّ لا يدع شيئاً من نعوت الثناء والإطراء إلّا ويتلوها عليه ليحتقب الأُلوف ويحتقر الصروف.
كلّا، ليس الشأن بذلك، وإنّما بلغ البالغون تلك المراقي والمراتب بما حووه من البلاغة وحسن البيان وبديع الخطابة ولطائف الأساليب.
فكانت المُدّاح - بحسن البيان - تهزّ الملوك هزّ الكماة (1) عوالي المرّان (2)، ويبعثونهم - بحسن الأساليب - إلى الجود والندى، فينتفضون للعطاء كما انتفض العصفور بلّله الندى (3)، ويستلبون منهم أعزّ الأشياء عليهم وأحبّها إليهم.
قل لي بأبيك، أيّ عربي - ولو كانت يده من صخر وقلبه من حجر – يسمع فيه قول القائل:
من البيض الوجوه بني سنان *** لو أنَّنك تستضيء بهم أضاؤا
هم حلّوا من الشرفِ المعلّى *** ومن شرف العشيرةِ حيث شاؤا
فلو أنّ السماءَ دنت لمجدٍ *** ومكرمةٍ دنت لهمُ السماءُ (4)
من ذا يسمعها في مدحه، ولا تتدفّق يده ويتشقّق للعطاء قلبه وتتفجّر بالجود أنامله؟!
ص: 222
بل من ذا ينظر إلى تأبين (أبي تمّام) ل_(محمّد بن حميد الطوسي) (1) بقوله:
فتىً ماتَ بينَ الطعنِ والضربِ ميتةً *** تقومُ مقامَ النصرِ إن فاتَهُ النصرُ
وما ماتَ حتّى ماتَ مضربُ سيفهِ *** من الضربِ واعتلّت عليه القَنا السُمرُ
وقد كانَ فوتُ الموتِ سهلاً فردّه *** إليه الحِفاظُ المرُّ والخُلُقُ الوَعُر
فأثبتَ في مستنقعِ الموتِ رجلَهُ *** وقالَ لها من دون أخمُصِكِ الحشرُ
غَدا غدوةً والحمدُ نسجُ ردائِهِ *** فلم ينصرفْ إلّا وأكفانُه الأجرُ
تردّى ثيابَ الموتِ حُمراً فما أتى *** له الليلُ إلّا وهي من سُندس خُضُر (2)
من ذا الذي ينظر إلى هذا الشعر، ولا يتأثّر شعوره و تنبض حواسّه وتختلج أسلاك فؤاده ونياط قلبه؟!
وفي الحقّ قول من قال: (ما مات من رثي بهذا الشعر) (3).
أيّ ذي ذوق من معين الآداب والعربية يسمع بعض العرب الأوّلين إذ يقول:
ص: 223
وممّا شجاني أنّها يومَ أعرضت *** تولّت ودمعُ العينِ في الجفنِ حائر
فلمّا أعادت من بعيدٍ بنظرةٍ *** إلىَّ التفاتاً أسلمتهُ المحاجر (1)
أو قول (البحتري) بما يقرب منه:
وقفنَا والعيونُ مشغّلاتٌ *** يُغالبُ دمعَها نظرٌ كليلُ
نهتْهُ رِقبةُ الواشينَ حتّى *** تحيَّر لا يغيضُ ولا يَسيلُ (2)
أو قول القائل من الشعر الخيالي:
وقفنا صفوفاً في الديارِ كأنّها *** صحائفٌ ملقاةٌ ونحن سطورُها
يقول خليلي - والظباء سوانح - *** أهذي التي تهوى؟ فقلت: نظيرُها
وقد قلتما لي ليس في الأرض جنّة *** أما هذه فوقَ الركائبِ حورُها
أراك الحمى قل لي بأيّ وسيلة *** توسّلت حتّى قبَّلتك ثغورُها
على رسلكم في الهجرِ إنّا عصابةٌ *** إذا ظفرت بالحبِّ عفّ ضميرُها
هذه الفرائد وما لا يحصى من أمثالها - [و] التي هي مجسمة الانسجام والرقّة واللاتي تكافأت بها المعاني والألفاظ في السلاسة والسلامة فاتّحدت وحدة الأرواح مع الأجسام والراح بماء الغمام الذي ينفذ تأثيرها في أعماق القلب ويخرق شغاف الفؤاد - من ذا يسمعها فلا يضع يده على جنانه، يتلمّسه هل زال عن موضعه وزحف من مكانه؟! من ذا ذاق جرعة من الآداب ولا يرقّ قلبه أو يذوب إذا أصغى لقول (العامري) (3):
ص: 224
ألستَ وعدتني يا قلبُ أنّي *** إذا ما تبتُ عن ليلى تتوبُ
فها أنا تائبٌ عن حبِّ ليلى *** فما لكَ كلّما ذكرت تذوبُ (1)
هذا هو الشعر الذي تهفو له الضلوع ويرفّ عليه ريحان القلوب، كما قال (الطائي):
وكيفَ ولم يزلْ للشعر ماءٌ *** يرفُّ عليه ريحانُ القلوبِ (2)
أتعجب من (بشّار) (3) وهو عند (المهدي) (4) *** حين أنشده (إسماعيل)
ص: 225
المعروف (بأبي العتاهية) (1) في مدحه:
أتته الخلافةُ منقادةٌ *** إليهِ تجرّر أذيالَها
فلم تكُ تصلحُ إِلَّا لهُ *** ولم يكُ يصلحُ إلَّا لَها
ولو لم تطعهُ بناتُ القلوبِ *** لما قبلَ اللهُ أعمالَها (2)
ص: 226
فقال (بشّار) لقائده: (ويحك! انظر هل طار أمير المؤمنين من سريره أم لا؟!) (1).
هكذا تبلغ البلاغة من النفوس، وتعمل في الألباب، وتتصرف في العقول والأجسام.
وهذه البلاغة هي التي يستغني بها الكلام عن كلّ حلية وزينة وتنميق وزخرفة، فيعود حسنه بذاته، وصفاؤه بجوهره، ورونقه بمائه، وبهجته بحقيقته، و نفاسته بنفسه..
لا بتصنّعات البديع، وتكلّف الترصيع، والتوشيع، والجناس، والاستخدام والتورية، ومراعاة النظير، وتشابه الأطراف، وضرائبها من الأنواع المصطلح عليها في ذلك الفنّ (2) التي هي - على الأكثر - داعية انحطاط الكلام، وذهاب رونقه، وتكدير،صفائه، وتعكير،مائه وتشعيث ديباجته، وافتقاده لتلك الروعة والبهاء والأخذ بمجامع القلوب.
نعم - والحق يقال - لا أنكر أنّ من القريض وسائر أنواع الكلام ما يحظى بكلا الحسنين ويجمع كلتا المزيتين فيتضاعف حسنه و تزداد بهجته، فيكون له حسن القلادة على جيد الحسناء، (وفي عنق الحسناء يستحسن العقد).
وهل ينكر اللطف والبراعة في مثل قول القائل:
قلتُ للأهيفِ الذي فضحَ الغصن *** كلامُ الوشاة لا ينبغي لكَ
قال قولُ الوشاةِ عندي ريحٌ *** قلت أخشى يا غصن أن تستميلكَ
ص: 227
أو قول الآخر:
وقالوا بهِ من أعين الناس نظرةٌ *** نعم صدقوا عين الحبيب ونظرتي
أو قول:
قالوا وجسمكَ يوم البينِ صفهُ عسى *** نعوده قلت يا أهل الوفا عود(وا)
أو مثل:
أتراكَ بالهجرانِ حينَ فتكتَ في *** قلبي علمت بما يجنُّ فتكتفي
أو نظير:
أترى يجودُ لنا ولو بسلامه *** مَن لم يزلْ للحربِ لا بسَ لامه
إلى ما لا أُحصيه من أمثالها.
وليس هذا المقام موضع الإكثار منه، ولكن كلّ ما هو من ذلك القبيل فليس حظّه من الحسن إلّا قدر حظّه من قلّة التكلّف وسلامة السبك وقوّة السرد وصحّة النسج.
وليس ملاك حسنه - لو فتّشت عليه وأعملت الدقّة فيه وأمعنت النظر به - هو اشتماله على تلك النكتة البديعة؛ لأنّنا نجدها كثيراً في غير هذا السبك وليس لها هذا الحسن، وقد نجد الحسن أعلى منها بكثير في كلامٍ خلى منها ومن كلّ أخواتها، والدوران كما قيل (1) - يقتضي العلّية.
ثمّ مهما بلغ ذلك النوع من الشعر البديعي مبالغ الحسن ومواضع الإعجاب فأين هو من الشعر الجاري جري ماء السحاب المسبوك سبك التبر المذاب، على صرافة الطبع وحركة الشعور وتصوير سذاجة الإحساس والوجدان الذي يعمل
ص: 228
في النفس تلك الحال التي وصفناها وما كشفناها بتمام حقيقتها.
أين ذلك الشعر من مثل قول الحماسي:
وماذا عسى الواشونَ أن يتحدّثوا *** سوى أن يقولوا إنّني لكِ عاشقُ
نعم، صدقَ الواشونَ أنت حبيبةٌ *** إليَّ وإن لم تصفِ منكِ الخلائقُ (1)
أو مثل قوله:
وأذكر أيّام الحمى ثمّ أنثني *** على كبدي من خشيةٍ أن تصدّعا (2)
إلى تمام الأبيات.
أّي ضارب من العربية بسهم أو ذي حظوة منها بنصيب يقيس هذا النمط بذاك، ويساوي في الحكم بينهما؟! وأين التطبّع من المطبوع، واللؤلؤ الجمان من المصنوع؟!
اللبيب يجد أنّ ذاك لا يتجاوز السطوح والأطراف، وهذا ينفذ إلى أعماق القلب من الشغاف.
والغرض الأقصى والكلمة الأخيرة: أن ليس مدار الحسن في الكلام إلّا على البلاغة، وليس ملاك البلاغة والبيان إلّا التناسب والتناسق الذي هو جوهر الحسن والملاحة والجمال في جميع الموجودات في الصور أو الأصوات وفي النغمات والإيقاعات وفي كلّ شيء.
أمّا البديع فإن انضمّ إلى التناسب ظهر له حسن، ليس هو أكثر من التناسب نفسه، وإلّا فيزيد الكلام فهاهة وفجاجة وركّة وبرودة.
ص: 229
إذاً فالبديع ساقط بالمرّة، وليس بالبديع شرف الكلام وسموّ طبقاته وتمايز أنواعه، فإنّه وإن كان له حظٌّ، ولكنّما الملاك والجوهر في غيره.
كيف! وهذا شيخ الصناعة (أبو تمّام) تراه إذا التزم أن يتنوّع في كلامه وينحو إلى صنعة البديع انحطّ في الأكثر وذهب رونق شعره.
كما تراه في قوله:
أيّام تدمي عينه تلكَ الدمى *** فيها وتقمر لبَّهُ الأقمارُ
إذ لا صدوق ولا كنود (1) اسماهما *** كالمعنيين ولا نوارُ نوارُ (2)
دون ما إذا رفض ذلك وأرسل نفسه على سجيتها وفكّها من أغلال الصناعة وقيودها.
كما تراه في قوله:
إنَّ عهداً لو تعلَمانِ ذميما *** أن تنامَا عن ليلتي أو تُنيمَا
كنتُ أرعى البُدورَ حتّى إذا ما *** فارقُوني أمسيتُ أرعى النجومَا (3)
إلى تمام الأبيات، بل تمام القصيدة التي هي من جوهريات قصائده، فراجع.
نعم، وليس كلّ مصنوع خيراً من مطبوع، ولا كلّ بنات الطبيعة أبهج منشئات الصناعة، بل لكلٍّ مقام يحتاج تمييزه إلى ذهن ثاقب وفكرة نافذة وسبر ناقد وعمل طويل ليس بالسهل ولا بالقليل.
وكان بودّي أن استوسع البحث في هذا الموضوع حتّى أوفّيه حقّه بحيث
ص: 230
أُعيده أجلى من ألق الفلق، ولكن الاستطراد لا يفسح لنا بأكثر من هذا، كيف! والقصد المهمّ بالأصالة غيره.
نعم، وحسبك تلك الشذرة الصغرى من القول عن البيان والبلاغة، فإنّنا وإن لم نوفّهما حقّهما من التوسعة في الشرح والإيضاح والاستبحار في نقل الشواهد والأمثال، ولكنّا لا نشكّ أنّنا - على قلّة ما استطردناه - قد خرجنا عن الموضوع وانحرفنا عن الخطّة.
وإن هي إلّا رشحة شطّ بها القلم وشطح حين طفى لجّ البيان وطفح.
ونعود إلى سياقة الكلام.
الأمر الثالث: أما وعزّة جلال الله، لولا أنّ هذا المعجز المحمّدي والفرقان الأحدي كلّ معجزاته معجبة وجميع آياته باهرة، وكلّ كراماته كبُرَ وعامّة عباراته عبر، تحسب كلّ آية أكبر من أُختها وكلّ معجزة منه أجلى من غيرها، لولا ذلك لقلت: إنّ أكبر آية وبرهان وأعظم معجزة لهذا القرآن المعجزة التي لو تأمّلها المكابر لخرس عندها ولم يستطع إنكارها وجحدها، ألا وهي قوله (تعالى): «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» (1).
تدبّر - أيّها القارئ الكريم - ولطّف فكرك، وانظر في فلسفة أعمار الأُمم ولغاتها وحياتها ومماتها ونشوئها ونموّها ثمّ انقراضها، واعطف الفكرة على أديانها وكتبها المقدّسة.
ص: 231
انظر كيف اضمحلت أُسسها وزالت أُصولها وتلاشت أوائلها بالترجمة والتبديل والتغيير والتحويل من العبرانية إلى السريانية إلى اليونانية وهكذا حتّى صارت أُلعوبة للبشر وكاد أن لا يبقى من حقائقها الإلهية عين ولا أثر، وصارت كلّ أُمّة تصوّرها على ما تريد وتطبعها على ما تشاء وتنشرها على ما تشتهي، فتوراة اليهود غير توراة النصارى، والأناجيل قبل قرون غير أناجيل هذه العصور.
ولو أردنا شرح ذاك على التفصيل لطال بنا الكلام واتّسعت معنا الخطّة، ولكن هو - على إجماله - ممّا لا ريب فيه، ولا ينكره إلّا مكابر أو قاصر.
أمّا هذا القرآن فقد وعد الله بحفظه وكلائته ونصره، و: «اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ» (1) قد وفى بما وعد وصدق بما ضمن حفظ الله هذا الدين بحفظ القرآن الكريم، وحفظ القرآن الكريم بحفظ اللغة العربية.
وأنت - إذا أمعنت النظر والسبر في تأريخ اللغات - لا تجد لغة دامت حياتها وطال عمرها على أُصولها الأُولى كطول حياة هذه اللغة.
لا تجد لغة من اللغات دامت موادهّا وهيئاتها وتراكيبها أكثر من عشرين قرناً، لا يزال في كلّ عصر وبرهة ملايين من البشر معنيين بها باحثين فيها مرتاحين إليها قائمين بنشر المؤلّفات الطائلة والمعاجم الحافلة فيها، فلم تعدم أنصاراً وأعواناً، حتّى من الأُمم البعيدة أشدّ البعد عنها المنفصلة بكلّ الفواصل منها من: الديالمة، والأتراك، والسلجوقية، والغزنوية، والسامانية، والمغولية، وغير هؤلاء من عناصر شتّى وشعوب متباعدة. كلّ هؤلاء الدول والملوك ما عتموا أن عادوا من أكبر المساعدين والمجاهدين في توطيد دعائم العربية ومدّ
ص: 232
رواقها وتوسعة نطاقها وبسط أديمها وحفظ قديمها.
وهم - على ما كان لهم من بسطة الملك وسعة السلطان ونفوذ الأمر والنهي - يرتاحون إليها طبعاً، ويحملون الناس وأنفسهم عليها اختياراً من دون دافع قاهر ولا شافع قاسر؛ إذ بأيديهم أزمّة القسر والقهر، وإليهم يرجع النهي والأمر.
فلم تعمل فيهم نواميس العصبية والجنسية، ولم تنبض فيهم النوابض بالميل إلى اللغة القومية. فصاروا يعافون لغتهم، ويهجرون ألسنتهم، وينصبغون بصبغة هذه اللغة الكريمة واللهجة القويمة.
وعندها تساوى العربي والمستعرب، والدخيل والأصيل، والحليف والصميم، والحديث والقديم.
والكلّ سواء في المغايرة عليها، والمحاماة لها، والذبّ والدفاع عنها، وبذل النفس والنفيس فى نشرها ونصرها وعزّتها ومنعتها.
أترتاب في ذلك وأنت ترى أكبر المؤلّفين والاختصاصيّين في نشر العلوم والآداب العربية من صدر الإسلام إلى عدّة قرون، كلّهم، كأمثال: (أبي معاذ الهروي) (1)، و(أبي حاتم السجستاني) (2)، و (أبي علي الفارسي) (3)، و (أحمد بن
ص: 233
و(الفيروزآبادي) (1)، وخلق كثير، لا أُحصي عدّتهم إلّا بعدّاد.
دع ذوي الموسوعات، ك_ (الفارابي) (2)، و(ابن سينا) (3)، و(الغزالي) (4)، و (التفتازاني) (5)، و(البيضاوي) (6)، وأُمماً بين ذلك تفوت العدّ ويقصر دونها الحدّ.
قل لي بأبيك والشرف، أيّ لغة صنعت لها العناية هذا الصنع، ولطُفت بها هذا اللطف، ومنحتها هذه المنح، وسخّرت مستعمراتها لخدمتها هذا التسخير؟!
هذه الأُمم العادية القدامى أمامك كلّها واللغات نصب سمعك وبصرك جميعها..
ص: 236
هذه اليونانية والفارسية اللتان كانتا مهد العلوم في الغرب والشرق.
هذه الهندية والصينية، هذه الرومانية والآرامية والقازانية والطورانية والأريانية.
انظر هل تجد في شيء منها لمحة من هذه العظمة والفخامة والعزّة والكرامة؟!
هل تجد أُمّة أُخرى سعت هذا السعي لترويج لغة غيرها وبذل تلك العناية الباهرة فيها.
أفليس هذه الجلية الباهرة والقضية الظاهرة والقصّة القاهرة من معجزات هذا القرآن الكريم والفرقان العظيم؟!
أليست هي إحدى أعلام نبوّته وإخباره عن الغيب؟!
أليست هي من أسرار كريمة قوله (تعالى): «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» (1)؟!
أليست هذه هي الدعوى التي ما انفكّ صلّ الليالي والأيّام وسجل الكون يملى على الملوين (2) دلائل صدقها وشواهد صحّتها ويجعلها من أجلى الحقائق الراهنة، فترى الغريب والغربي والجنيب (3) والأجنبي يسعى في نشر موضوعاتها ويحتفل بمؤلّفاتها، فهو عسيف (4) العربية من حيث يدري ولا يدري، ومن العاملين عليها من حيث يعلم ولا يعلم؟!
وكان ذلك من أعظم عنايات الله في دينه وأكبر نعمه على عباده؛ فقد كانت هذه اللغة من أقوى العرى والروابط لحفظ الجامعة الإسلامية بين تلك الأُمم
ص: 237
المختلفة والشعوب المتفرّقة والعناصر الشتّى.
و بحفظ تلك الجامعة بلغ الإسلام أوج عزّه، ونزل في برج ارتقائه، وحلّ في سماء علائه وأعلى سمائه.
فكانت تجمعهم - على تباعد ما بينهم - جامعة اللغة والدين.
وهاتان الجامعتان هما الداعيتان لكلّ جامعة ووحدة من الأخلاق والآداب والعادات والعبادات وسائر النواميس أدبية ومادّية.
وبذلك تصبح تلك الأعضاء المتفرّقة والأشلاء المتشتّتة كجسد واحد يحافظ على كيانه وصحته وسلامته وكلُّ يؤدّي وظيفته على المنفعة المتبادلة، کاجتماع اللحم والشحم والدم والعظم والعروق والشرايين والغضاريف، وصيرورتها شيئاً واحداً وإنساناً كاملاً، يحفظ بعضه بعضاً، ويحامي بعضه عن بعض، وينفع بعضه الآخر، ويتألّم سائره لألم عضو منه.
نعم، بذلك تصير المتغايرات مرتبطات والمتفرّقات مجتمعات فهذا عين وتلك إذن، وهذا يد وتلك رجل، تحفّ بقلب واحد، أهواؤها متّفقة وآراؤها مجتمعة، تحسبهم شتّى وهم جميع، وتخالهم أوزاعاً وهم سواء.
على العكس ممّا هم به اليوم: «تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى» (1)، وتظنّهم أحياءً وهم موتى، كأعضاء مقطّعة وأشلاء موزّعة، لا رابطة تجمعهم ولا جامعة تربطهم! حتّى حلّ بالمسلمين ما تراه، حلّ بهم البلاء الذي عيانه أكبر من وصفه، ونعيه أكثر من نعته.
ولذلك علل وأسباب شتّى، لا أُغالي لو قلت: أكبرها سلخ اللغة العربية
ص: 238
عن جسم الممالك الإسلامية ونبذها وراءهم ظهرياً، حتّى انحلّت تلك الجامعة، ووهت تلك العقدة، وأصبح ذلك الجسم الواحد مقطّع الأعضاء متبتّر العلائق.
تركوا اللغة العربية تصرخ إلى الله من هجرها وقهرها، وتستغيث بالأغيار والأجانب في استحياء رمقها واستبقاء لمظة من حياتها!
وهذه هي النقطة الأساسية والجوهرة السياسية التي كان يلزم الاهتمام في المحافظة عليها قبل كلّ شيء، ومن تضييعها تلاشت الممالك الإسلامية في شرق الأرض وغربها وسرى الداء إلى قلبها.
نعم، أقول: ضاع ملك الإسلام ودالت دوله بذلك.
ولا أقول: ضاع الإسلام (لا سمح الله)؛ فإنّ الله قد تكفّل بحفظه وتعهّد بنصره.
ومهما نسيت من شيء فلا أنسى هجوم المغول والتتار على ممالك الإسلام يوم نسفوها نسفاً وتركوها قاعاً صفصفاً (1)، ومحقوا آية الدولة العربية والخلافة الإسلامية من صحيفة الوجود.
ثمّ ما عتموا أُولئك أنفسهم أن قامت منهم دولٌ واسعة فيها الخاقان والقهرمان من (سعید) (2)، و(خدابنده) (3)،
ص: 239
و(تيمور) (1)، وأمثال أُولئك النفر من أساطين السلاطين وأراكين الملوك، ما عتموا أن أصبحوا من أكبر الحماة والسعاة لمدّ باع الإسلام وتأثيل دوحته وحماية سرحته.
فالإسلام دين الله، والله أولى وأعلم بحفظ دينه. وإنّما اللوعة والنعي على المسلمين مخافة أن يهملوا العربية، فيفلت كتاب الله من أيديهم ويتقلّص ظلّ الإسلام عن رؤوسهم، ويمدّه الله (سبحانه) على بلاد من يشاء من عباده، ثمّ يعود هؤلاء المسلمون خَوَلاً (2) ومماليك لمن يسومهم سوء الخسف ويجرّعهم مصبّرة الحتف.
يعود بنو (إسماعيل) كبني (إسرائيل) في سلطة من يقتّل أبناءهم ويستحيي نساءهم ويملك أرضهم وديارهم: «ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» (3).
ص: 240
فإلى العربية إلى العربية أيّها المسلمون جميعاً! فحفظ العربية حفظ القرآن، وحفظ القرآن حفظ،الإسلام، وحفظ الإسلام هو حفظ عزّكم ودوام ملككم وبقاء كيانكم وصون جامعتكم وحصون منعتكم وسياج شرف استقلالكم وإطار قلاع حياتكم.
هذه دعوتي لكم ونصيحتي إليكم.
هذا هو القول، وعلى العزائم - بعد الله - التوفيق للعمل إن شاء الله (1).
وحيث بلغنا من أمر البلاغة والعربية وإعجاز القرآن الكريم إلى هذا الحدّ، فلنختم المقام بشكر من لا ينبغى لغيره الشكر والحمد.
والظنّ - وظنّ الألمعي قمين وما هو الظنّ بل اليقين - أنّي قد مخضت لك الزبدة وخرجت إليك من العهدة، ونصحت لك ما استطعت ووصلت الرحم من عواطف الأُخوّة البشرية وما قطعتُ ولا انقطعت، وصيّرت لك المعقول عياناً حتّى صرت تحسّه وجداناً: «فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا» (2).
ص: 241
نعم، هناك نزعات بل نزغات ومشتبهات في زيّ شبهات، يهمّنا بل يلزمنا سردها ونقلها وعقدها وحلّها.
وهي شبهات تجمّعت من تفاريق كلمات الزنادقة والملحدين في كلّ دين المتجمّعين من كلّ شوب وأوب، قد تلقّاها بعض أغبياء باقي الملل بل أغويائهم، ووسّعوا لها صدراً رحيباً وعدّدوها على الإسلام ولسانه مطاعن وذنوباً!
و تلك الشبهات - على أنّها في ذاتها أوهن من نسج العناكب وأكذب من نار الحباحب - تصدّى زعماء الإسلام وعلماؤهم، فنشروها هباءً وجعلوها على العدوّ عفاءً، وأفردوا لها كتباً بالتصنيف وحشدوا فيها كلّ رزين وطفيف.
وأئمّتنا الأطهار (سلام الله عليهم) ما أبقوا حاجة إلى قول قائل أو طول متطاول.
إنّ لهم في الذبّ عن الإسلام بكلّ قاطعة الخصام اليد البيضاء والنعمة العظمى والمنّة الكبرى التي يعظم ذكرها ويجب شكرها.
بلی، هم حجج الله في أرضه، وسدنة دينه، ودعائم يقينه، وحملة براهينه، وحرسة إسلامه، وحفظة نواميسه
هم الحجّة والخصام، هم الدين والإسلام هم المشاعر العظام، هم البرء لكلّ سقام.
فيا متيقّظ الهمّة وثاقب العزمة في نيل المعارف ودرك الحقائق، يا مشتعل الفطنة ومتشعشع الفطرة الذي لا يرضى من الكمال بالوقف على حال والمكث على مثال، ما ضرّك - يا هذا لو نقدت - ولو يسيراً - من عمرك، وأنفذت بالسعي
ص: 242
- ولو قليلاً - من سويعات دهرك في مراجعة ما صحّ من أخبارهم ومطالعة ما شعّ من أضواء أنوارهم؟!
أشهد لو فعلت لتشهدنّ مشهداً عظيماً، ولتقفنّ منهم - ولهم الكرامة - موقفاً كريماً، يغنيك بالشمس عن الشمع وبالبصر عن السمع، فلا تحتاج بعده إلى سؤال، وإذا ظفرت بأهل البيت فما بالك بالتعريج على الأطلال؟!
إنّ تلك الشبهات ما هي إلّا من تشبّث الغريق بالحشيش والاستبدال عن ظلّ العرش ضلالاً بالعريش!
إنّ من أقواها مقيساً إليها - وإن كان في ذاته أوهى وأوهن وأجلى وأبين - هو ما ذكروه من تعداد جملة آيات زعموا تناقض بعضها مع بعض (1) (معاذ الله).
وأنت (هداك الله) تعرف على الجملة - قبل الخوض فيها وفي جواباتها - ضعف هذا القول وخوره ووضوح فساده.
أنت الرجل المتضلّع في البلاغة المرتوي من منهل الفضل حيث صفّى ورده وأساغه، مهما شككت في شيء، أفتشكّ في أنّ جملة من الآيات بل جلّها ممّا ذكرناه وفصّلناه أو قصرنا عنه ووقفنا دونه لا رغبةً عنه بل عجزاً ممّا لا مجال فيه حتّى لذلك التوهّم الفاسد والزعم الكاسد، وأنّه بالمقام الذي عرفته ورأيته من الإعجاز في البلاغة، وظهور الآية، وقيام الحجّة، وثبوت المعجزة، وقطع المعذرة.
ثمّ أليس ذلك كلّه بكافٍ لك في صحّة النبوّة، والكشف عن الواقع، وتجلّي
ص: 243
نفس الأمر؟!
وبعد ثبوت هذا الغرض، أعني: نبوّة هذا المتحدّي بهذا الكلام المعجز النظام، ووجوب تصديقه فيما يدّعيه من أنّه رسولٌ من الله إلى خلقه لمكان تلك المعجزة المفروضة التي وقف العقل عندها ولم يجد بدّاً من الالتزام بلازمها، وهو تصديق ربّها في دعوى نبوّته، بل في كلّ ما يدعيه ممّا هو دون الربوبية، لضرورة العقل ببطلانها من الضعيف العاجز المخلوق الحادث الموجود بعد العدم. وبعد هذا، فأيّ مجال لتلك الاعتراضات وزعم التناقضات ممّن ثبتت نبوّته وفلجت حجّته وقامت آيته؟!
وهل لورود ما يوهم ذلك من سبيل للعقل إلّا إلى الحكم بأنّ المراد به خلاف ظاهره و دون متبادره؛ لحكمة معلومة أو مجهولة؟! وما أكثر ما نجهل، وأقلّ ما نعلم!
فلابدّ من أن يؤوّل أحد الكلامين أو كلاهما حتّى يؤولا إلى التصالح والتسالم ويرتفع ما يظهر بينهما من التضاد والتزاحم.
وما عجزنا عن تأويله - لو فُرض - نردّ أمره إلى الله، ونبقيه على إجماله، ونقول: عقلنا يعجز عن حلّ عقاله، ونعتقد على الجملة أن لا تنافي وتهافت في واقعه وإن كنّا لا نعلم بتفصيل أمره.
كلّ ذلك التزاماً بما لا يسعنا دفعه من نبوّة ذلك النبي الثابت النبوّة بالمعجزة التي لا إجمال فيها ولا اختلال ولا توهّم تناقض ولا تعارض.
وإنّما تلك أُمور حدثت بعد النبوّة، وقامت بعد قيام المعجزة، وسبيلها ما عرفت، فتدبّر - يا هذا - واغتنم فضل الله وفيضه.
هذا كلّه لو تُرك العقل وحاله، وخلّي وسبيله، وبقي ونفسه، وأُرسل
ص: 244
وحكمه.
فكيف! وقد ساعده على ذلك رفيقه، ووافقه شقيقه، وصرّح صاحب تلك المعجزة البيّنة في كلام نفسه وكلام مرسله، وملأ الملأ منادياً في قومه: يا قومي، إنّ في كلامي وكلام مُرسلي محكمات فخذوا بها واتّبعوها، وفيه متشابهات فلا تتعرّضوها، فلستم المكلّفين بها والمعنيّين منها، بل لها أهل من خاصّة عباد الله هم أعرف برموزها وإشاراتها (1) ومعاني عباراتها، فلا تتكلّفوها فتضلّوا.
وقد أشرب هذا المعنى وأعلن به؛ حتّى لا تبقى لأحد حجّة ولا تقوم له في الضلالة معذرة.
وقد أثبت ذلك في قانون شريعته ولسان معجزته، منه: قوله (تعالى طوله): «هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الألْبَابِ» (2) على الأوجه من العطف لا الاستئناف (3)، وتكون الجملة على الحال،
ص: 245
مثلها في قوله: ولقد أمرٌ على اللئيم يسبّني (1).
انظر لطف ما عقّب به هذه الآية إيعازاً بالغرض ورمزاً إلى القصد على الوجه الذي شرحناه فيما يلزم على المؤمنين من التسليم والتفويض إلى الله
ص: 246
المتشابه، وأنّ التعرّض له والخوض فيه - قبل الوصول إلى مقام الراسخين - مظنّة للزيغ وللضلالة والشكّ والجهالة.
حيث قال (جلّ شأنه) عن عباده الراسخين تعريضاً بالجاهلين: «رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ» (1).
وقد بالغ في بيان ذلك حجّة الله البالغة (عليٌ) عليه السّلام في الخطبة المعروفة بخطبة الأشباح، حيث يقول في أوائلها:
«فانظر - أيّها السائل - فما دلّك القرآنُ عليه من صفته فائتمّ به واستضئ بنور هدايته، وما كلّفك الشيطان علمه ممّا ليس في الكتاب عليك فرضه ولا في سنّة النبي صلّى الله عليه وآله وأئمّة الهدى أثره، فكل علمه إلى الله سبحانه، فإنّ ذلك منتهى حقّ الله عليك.
واعلم أنّ الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السُدد المضروبة دون الغيوب، الإقرارُ بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً، وسمّى تركهم التعمّق فيما لم يكلّفهم البحث عن كنهه رسوخاً» (2) انتهى الغرض منها.
وهي وإن كانت ظاهرة في قراءة الوقف، ولكن ليس القصد هنا تحقيق هذه الجهة، وإنّما الغرض أنّ الشارع وأمناءه قد أشاروا إلى تلك المتشابهات، ونهوا عن الخوض فيها والتعرّض لها، وأبانوا أنّ الشريعة بمحكماتها لا بمتشابهاتها.
أمّا الحكمة والفلسفة في إنزال المتشابه وجعله من القرآن المقصود ب-ه
ص: 247
الإفهام والبيان، فلا أحسب أنّ وجهها الظاهر يسطيع أن يحتجب عنك أو يخفى عليك، وفيه مقنع لك وكفاية عن تطلّب الوجوه الخفية وتكلّف الأسرار والرموز التي لستُ أنا أو أنت من أهلها.
ألستَ تعلم أنّ القرآن لو كان كلّه ظاهراً مكشوفاً بحيث يستوي في معرفته العالم والجاهل والعالي والسافل لبطل التفاضل بين الناس وسقطت المحنة وماتت الخواطر وذهب الاحتكاك.
وقد قيل: إنّ مع الحاجة تقع الفكرة والحيلة، ومع الكفاية يقع العجز والبلادة (1).
وقالوا: عيب الغنى أنّه يورّث البله، وفضيلة الفقر أنّه يبعث الحيلة (2).
وقال (ابن صيفي) (3): (ما يسرّني أنّني مكفّى كلّ أمر الدنيا)! قيل: ولِمَ؟ قال: (أكره عادة العجز) (4)!
ألم تعلمي أنّ الثواء هو التوى (5) *** وأنّ بيوت العاجزين قبور؟!
ص: 248
وما من علم من العلوم إلّا وفيه ما يتّضح ويجلّ، وفيه ما يدقّ ويشكل؛ ليرتقي المتعلّم فيها رتبة بعد رتبة حتّى يبلغ منتهاه ويدرك أقصاه، ولتكون للعالم فضيلة النظر وحسن الاستخراج، ولتقع المثوبة من الله (جلّ شأنه) على قدر العناية.
ولو كان كلّ العلوم أو كلّ القرآن شيئاً واحداً لم يكن عالم ولا متعلّم ولا خفي ولا جلي، (والأشياء تعرف بأضدادها)، والخير يعرف بالشّر والباطن بالظاهر.
ولولا ذلك لبطلت الحكمة وتعطّلت النواميس.
وكم في كلام الأنبياء والحكماء والشعراء من العرب وغيرهم من لطيف معنی وضعوه تحت مغلّفات من الألفاظ؛ ليبحث عنه العالم المقدّم، ويقصر عنه البليد المفدّم (1)، ويستخرجه النقّاب المبرّز.
ولولا ذلك لوقفت حركة الأفكار، وكنّا كالبهائم لا نعرف سوى سواد الليل وبياض النهار!
فالمتشابهات هي التي سنّت لنا شريعة البحث وحركة الفكر حتّى بلغت العلوم إلى مبالغها اليوم، ولعلّها ما بلغت شيئاً!
هذه إحدى الحكم في المتشابهات، فلتتدبّرها؛ لتعرف ما أكبرها!
وعساك تصل إلى ما هو أدقّ منها حكمة وأعظم نعمة.
ولكن ألا بذمّة الإنصاف عندك وحرمة الحقّ والحقيقة عليك، هل التمسّك بتلك الاعتراضات والتشبّث بتلك المزخرفات والخرافات، هل الرجوع - بعد
ص: 249
ذلك كلّه - إلى هاتيك التي يُظنّ أنّها من المتعارضات - وما هي منه وهيهات - إلّا محض زندقة وإلحاد ومباهتة وعناد؟!
أمّا تعيين المحكم من المتشابه وضابطة كلٍّ منهما وميزانه و موارده وآياته، فما أكثر ماكتب فيه المسلمون في تفاريق الكتب ومختلفات العلوم من الأُصول والكلام والتفسير والحديث والدراية والعربية وغير ذلك أصالة واستطراداً فصولاً وأبواباً.
وما قنعوا بجميع ذلك حتّى أفردوه بالتأليف ووحّدوه بالتصنيف.
فمن جميل ما فيه لعلماء الإمامية كتاب (المحكم والمتشابه) ل_ (ابن شهر آشوب) (1) من علماء القرن الرابع من تلامذة سيّدنا (الشريف المرتضى).
كما أنّ لهذا السيّد الشريف رسالة في ذلك أيضاً، ولكثير من أمثالهم من الأساطين الأعلام وزعماء الإسلام (شكر الله مساعيهم الجميلة وأياديهم الجليلة).
وبعد هذا، فأيّ ردّ لك - أيّها المعترض - بها أو إيراد عليها، وأيّ وجه للاعتراض فيها والاستناد إليها؟!
ص: 250
وأنت يا هذا الرجل الذي لا تتعرّف ولا تعرف وتعاند الحقّ ولا تنصف! بل يا أيّها المعترض المجادل المجالد بالباطل المتحامل على شريعة الإسلام (حملك الله عليها وهداك إليها) أنا أقوم لك بحجّتك، وأُقوّم عنك أود اعتراضك ومعارضتك، وأُحرّر دعواك مع بينتك:
إنّ الذي يضرّ في جوهر ما نرومه ونحن بصدده من إثبات النبوّة المحمّدية والشريعة الإسلامية - بعد تمسّكنا لها بكتاب الله الكريم وإعجازه وبلاغته - إنّما هو أحد أمرين - لا سواهما من أقاويلك وأضاليلك -: إمّا إنكار إعجازه وادّعاء إمكان معارضته.
وهذا بحث قد فرغنا منه بعد إيضاح سبيله وإقامة دليله، وأعطيناك النصفة فيه، ودلّلناك على الحكم في خصومته، وأرشدناك إلى الكتب المؤلّفة لبيانه المتكفّلة ببرهانه.
وقد أملينا عليك منه حتّى خشينا ملالك، وأشبعنا القول فيه حتّى حذرنا استثقالك.
فلا تُعِد حديثه، فإنّي أخشى أن ينفتق عليك في بيانه منّا السيل ويأخذك الحرب والويل!
وليس لك بعده إلّا الأمر الثاني، وهو: أن تقول: نعم، هو معجز ولا يمكن لأحد من العرب - فضلاً عن غيرهم - معارضته، ولكن لا يلزم من ذلك صدق المتحدّي به في دعوى الرسالة، زاعماً أنّ من الممكن أن يوجد شخص له قوّة
ص: 251
في البلاغة وملكة في البيان يفوق بها أهل زمانه ومن بعدهم ممّن يشاركه في أصل تلك الصنعة ويساويه في جوهر تلك الصفة وإن اختصّ هو من بينهم - لقوّة حدسه وشدّة فطانته - باختراع شيء واختلاق أمر من عند نفسه ثمّ ينسبه إلى الخالق ترويجاً لأمره وتمهيداً لنجح قصده وتوصّلاً لغرضه وما أضمر في نيّته.
وما أكثر ما اتّفق في العالم من بدء الخليقة إلى يومنا ممّن اهتدى إلى اختراع شيء اختصّ به وامتاز باستكشافه من بين أبناء جنسه ومن تلقاء نفسه علماً أو صنعة أو آلة أو غير ذلك.
سوى أنّهم ما تحدّوا به ولا صادموا أهل زمانهم فيه.
ذاك لعدم سنوح غرض خاصٍّ لهم يجعلون مخترعهم سلّماً إليه وذريعة لنيله.
وعليه، فأيّ دليل في هذا المعجز باصطلاحكم على صحّة النبوة وصدق الدعوة؟!
هذا أقصى ما يحتجّ به لك، ويُذبّ به عنك، ويجعل سنداً لدعواك الواهية، ويوجّه به حجّتك الواهنة!
وظنّي أنّها وسيلة ما كنت بنفسك لتهتدي إليها وحيلة ما تكاد بصرف قريحتك لتقف عليها، لفّقتها لك بأقوى ما تحتجّ به عن نفسك، ولقفتُكَ إيَّاها على حين انتزاحها عن حدسك وإن كنت ترمي إليها من بعد، وترنوا إليها من وراء ستر، وتروم التعبير عنها ولا تحسن، وتعنيها ولا تعيّن.
وقد قمتُ عنك بجميع ذلك؛ لتعلم أنّي لا آلونّ لك جهدي، ولا أكتم عنك شيئاً من نصحي، ولا أتحيّر متوانياً في التحرّي ولا متراخياً في التوخّي، ولا تأخذني العصبية العمياء في التأبّي إلّا عن دين الأُمّهات والآباء، ولا أغمض
ص: 252
الحقّ لي كان أم عليّ، ولا أُفوّت الإنصاف من يديّ.
والله (جلّ شأنه) وهو المالك، يشهد منّي على ذلك.
وحيثُ عقدتُ لك العقدة، فاستمع (هداك الله) مقالتي في حلّها:
إنّ هذا الذي تحمّلته عنك وتكلّفته لك لباطلٌ مزخرف وقول مسفسف (1) لا يلبث - على أوّل هبّة للحقّ - أن يعود هباءً وتمسي أرضه خلاء، قد عقم شكلاً واندفع نقضاً وحلّاً:
أمّا النقض: فإنّي كنت أخشى من ركونك إلى شُبه الزنادقة وتعويلك عليها، وأحذر أن تستميلك وأنت غير ثابت القدم - فتميل إليها.
يا هذا، إنّ هذه المقالة البائدة من أركان أُصول الملاحدة المنكرين لجميع المعجزات ومطلق النبوّات لا تختصّ بالمعجز الأوحد من فرقان (محمّد) صلّي الله عليه و آله.
فإنّا ننقض عليك ونعيد مقالتك تلك إليك، ونقول لك - إن كنت يهودياً أو نصرانياً -: إنّ من الممكن في حقّ (موسى) أن يكون قد اتّفق عنده من السحر ما أبطل به سحر السحرة وفاق و استعلى به على جميع أُولئك الجهابذة المهرة، فإنّه زمان شوكة السحر وأيّام دولته، فلعل جميع ما جاء به من المعجزات أنواع وضروب من السحر قد اهتدى هو بحدّة فطنته ولطف قريحته لاختراعها، ثمّ حصل له مثل ذلك الغرض الخاصّ، وعلم أنّهم يعجزون عنها؛ لعدم معرفتهم بطرقها وأسبابها، فتحدّى بها على السحرة، ونسبها إلى خالقه ترويجاً لغرضه وتوصّلاً لمقاصده.
ص: 253
ومثل ذلك نقول في (عيسى) وأنّه طبیب حاذق ك_ (بقراط) (1) و(جالينوس) (2) ونظرائهم من مناهزي عصره الذي هو مظهر دولة الطبّ وأيّام شوكته.
فمن الممكن أن يكون قد اهتدى لاختراع فذلكة طبّية يبرِئ بها الأكمه والأبرص ويعيد بها روح الحياة إلى بدن الميّت زمناً قليلاً، ثمّ حصل له ذلك الغرض، وقال: إنّي طبيب روحاني وأب، أو كما تزعم النصارى: ربُّ جسماني(3).
إلى غير ذلك من معجزات الأنبياء والرسل التي طبّقت العالم اشتهاراً ولم يتّسع لأحد - إلّا بالمباهتة لها - إنكاراً.
بل ستجد أنّ الأمر يتفاقم إلى ما هو بالمحال ألزم وبالإعضال أعظم من الكفر الفظيع والقول الشنيع، من إنكار الصانع ومباهتة الواقع (أعاذنا الله وإيّاك من
ص: 254
كلّ ذاك).
وأمّا الحلّ فهو: أنا قد أشرنا لك - فيما سبق من الفصول - ورمزنا إليك في أثناء المباحث أنّ الخصومة بيننا لا تكاد تقف على حدٍّ، ولا تنتهي إلى فصل، ولا تصل إلى غاية، ولا يبلغ مسرى القول فيها إلى نهاية.
وهذا هو الشأن في جميع المرافعات والمنازعات، فإنّها لا تنفصل إلّا بالرجوع إلى ثالث محكّم أو حاكم مسلّم.
كذاك الأمر بيننا لا ينقضي ما لم نرفع أمر تلك الخصومة إلى حاكم ه-و عندنا وعندك مرضي الحكومة مأمون العثرة معلوم النصفة غير جائر في حكمه ولا جاهل في علمه.
ألا وهو العقل الذي جعله الله (تعالى) الفيصل الحاكم في أُصول الدين والعيار والمعيار لأمثال تلك الموازين.
ولو قلتَ: نعم، العقل كما ذكرت - هو الفيصل الحاكم والعالم الوحيد في هذه العوالم الذي لا ترجع هذه الخصومات إلّا إليه ولا تقف إلا بين يديه.
نعم، ولا تصدر بعين اليقين إلّا عن رأيه، ولا تنقضي في شرعة الإنصاف ولا تنفصل إلّا بفصل قضائه.
ولكن كيف لنا وأنّى ومن أيّن يتهيّاً ويتسنّى معرفة حكم العقل لنا ولك، وكلُّ يدّعيه ويزعم أنّه هو الدليل له والمستند وعليه عوّل واعتمد؟! كما هو المشاهد المحسوس في عامّة النفوس إذا جرت في عنان واستبقت في رهان، فقد سقط هذا الحاكم من البين وظهر لكلّ راءٍ ما في هذا الميزان من العين.
قلنا: ما أحسن ما لحنت به من الحجّة، وأبين ما جئت به من النصفة، وألطف ما اهتديت إليه من سلوك سبيل المجادلة!
ص: 255
نعم، يا هذا! إنّ الأمر لكما ذكرت والحال على ما وصفت. ولكن تحسب أنَّ مَن أبدع العقل قد جهّله وأبطله من حيث علّمه وجعله، وهدّه من حيث أعدّه، وأعدمه من حيث أوجده، وعزله ونكّبه من حيث نصره ونصبه؟!
كلّا، وهيهات. إنّ له ميزاناً لا يحيف ومعياراً ليس بالطفيف، وعلماً أوضح من أن يجهل وباباً أوسع من أن يُغلق دون أحد أو يُقفل.
إنّ عيار حكم العقل ووزانه وملاكه وكيانه، بعد مراجعة المرء نفسه ووجدانه إذا وقع في مضيق المجادلة ودُفع إلى طريق الخصومة والمحاججة وغمط فضله ورُدّ عليه ما حكم به عقله، وذاك هو الانتصار والاستظهار بما حكم به العقلاء ممّن لا يجحد الخصم فضله ولا ينكر عقله في أمثال ما خاضوا فيه وتدافعوا عليه. فإنّ الأشياء بنظائرها تعرف وبأواصرها تلحق وتوصف.
وهل عصارة ما زخرفناه عنك من واهن الشبهة وواهي الحجّة إلّا القول (بالصدفة)، حيث تقول: عسى أن يكون قد اتّفق (لموسى) من معرفة أسباب للسحر ما لم يعثر عليه سحرة عصره، و (لعيسى) من الطبّ ما خفي على أطبّاء زمانه، و (لمحمّد) صلّي الله عليه و آله من البلاغة ما عجز عنه بلغاء قومه (1).
وهل هذا إلّا كقول من قال: إنّ وجود العالم بالصدفة والبخت والاتّفاق، لا عن صنع صانع وتدبير واضع وإتقان حكمة وحصافة حلم وسعة علم؟!
وهناك قوم على أوّليات الدهر وأُخرياته - ممّن نتسالم على صحّة عقولهم ورجاحة حلومهم - قد أنكروا على أُولئك أشدّ الإنكار وأسقطوهم عن درجة الاعتبار، وسمّوهم بالسوفسطائية، وأمثال كلماتهم: بالسفسطة.
ص: 256
يعنون: أنّهم ينكرون البداية الأوّلية والعلوم الفطرية، وأنّهم يجحدون ضرورة عقولهم ويكابرون غرائز طباعهم وجليّات وجدانهم.
فحكم العقلاء في كلّ مقام أو مثله هو ميزان المرء في حكم عقله ومسبار صحّته وسقمه ومعيار حجّته على خصمه.
وهذا ميزان عادل وحَكَم فاصل، لا يميل لسانه ولا يمين (1) بيانه، والخصم إن مال عليه بالحيف فليس له سوى السكوت أو السيف!
نعم، لا أرتاب في قلّة من يهتدي في المناظرات إلى الأشباه والنظائر وأسباب المناسبات وإلى معرفة حكم العقلاء فيها، سيّما حيث لا تكون من البديهيات ولو ببعض مباديها.
أمّا انحلال تلك الشبهة ووضوح انتكاثها فلو كان في الإمكان شيء هو فوق البديهة بمكان لكان إيَّاه ذاك بعد أقلّ التفات وأدنى تأمّل، وإلّا لبطلت الشرائع. نعم، ولا تّسع الخرق على الراقع وأدّى إلى إنكار الصانع.
فعلام تخصّه بالشريعة الإسلامية والملّة المحمّدية؟!
أجل، وهناك شيء آخر: إنّ ما ذكرناه من كثرة المخترعين والمبدعين في العلوم والصنائع لقياسٌ ما أدحضه وقول ما أرفضه وأخفضه!
إنّك لتعلم ما من مخترع ممّن تشير إليه إلّا وقد اهتدى إلى ما أعجبك اختراعه بعد المثابرة والكفاح والغدوّ والرواح، إلّا بعد أن دوّخ الأساتيذ والمدارس وبذل النفس والنفائس، وتوخّى العمّال والمعامل والجهابذة والأفاضل في تلك الخطّة تلك الخطة التي اخترع فيها والجهة التي طال صوته منها. ثمّ بعد
ص: 257
الاختراع عُرف سبيله واتّضح للناس مأخذه ودليله، واقتفى به من بعده فجاء بمثله أو زاد على ما عنده، أو صار مساعداً له في بعض شؤون عمله، أو رفضه في تفاصيله أو جمله، إلى غير ذلك ممّا قضت لك العادة وشهدت عندك به السيرة.
أمّا من خصصناهم بالنبوّة وآمنّا بهم لمكان المعجزة، فهم بين ظهراني أُمّتهم ونعم ونصب عيون قومهم، وما كان ليخفى عليهم شيء من أمرهم، ولا ليتوارى عنهم خفيّ أحوالهم من حين ترعرعهم إلى زمن اكتهالهم.
يجدون ويشهدون أنّهم ما مارسوا علماً، ولا درسوا فنّاً، ولا اختلفوا إلى معلّم، ولا وقفوا من البشر على مؤدّب، سيّما في سنخ تلك المعجزة التي تحدّوا إليها واعتمدوا في دعوى النبوّة عليها.
وهم ما ابتدأوا بالدعوة إلّا قومهم، ولا خصّوا بإظهار المعجزات إلّا بلادهم تثبيتاً للحجّة وقطعاً للمعاذير، ليكون الغير بتصديقهم أولى والبعيد إليهم أدنى.
أفتراك سمعت بنبيٍّ صادق الدعوة بدأ بغير قومه وظهر في غير أهله وقام غير أبناء جلدته، من (إبراهيم)، و(موسى)، و(محمد)، و(عيسى)، وغيرهم (صلوات الله عليهم جميعاً) من أُولي العزم وغيرهم.
ثمّ إنّ تلك المعجزات ذهبت بذهابهم وزالت بزوالهم. ما ثنّيت بثانٍ لهم من عامّة البشر ولا أحاطت بها جميع القوى والقُدر، على كثرة من جاء بعدهم من الحذقة البارعين وأصناف المخترعين ممّن يضاد شريعتهم ويجهد أن يبطل دعوتهم.
أتراك تجد من يضرب بعصاه البحر منبجساً (1)، فيشقّ للعبور فيه طريقاً
ص: 258
يبساً؟! إلى أمثال ذلك ممّا تغني الشهرة عن ذكره بعد وضوح أمره.
فالأنبياء حين جاءوا بالممتنع العادي لمن عادته ودأبه ذلك كالذي يشبه السحر وليس به - من إلقاء العصا للسحرة الأذكياء وإحياء الموتى لحذّاق الأطبّاء وبلاغة القرآن لمهرة البلغاء - وعرف هؤلاء لمكانهم من الصنعة ومحلّهم من اللباقة والفطنة ومنزلتهم من المهارة في ممارسة تلك السلعة، إنّ ما جاء به أُولئك النفر ما هو إلّا من الصنع الذي تعجز عنه قوى البشر، ويخرج عن حدّ التعلّم الصناعي والتدرّب الكسبي، وإنّه لا محالة مصبوب عن طابع إلهي وقالب إلهامي.
وبعد كل ذلك، لم يجدوا ملجاً إلا إلى التسليم والإيمان والسكون والإيقان، أو الإصرار على الإنكار من التعامي والخذلان لا عن حجّة ولا برهان.
وعليه، فلم تجد الأنبياء لهم علاجاً بسوى السيف؛ فإنّه أحفى بالصلاح في الأرض وأنفى للحيف وأحفظ للجامعة وأدراً للشرور (نعوذ بالله من مرديات الهوى والعصبية العمياء).
ولا أحسبك - مع مساعفة التوفيق ومساعدة العناية - بعد جميع ما توخّيناه لك من النصح وجهدنا فيه لك من البيان إلَّا وقد وقفت على أعظم الصرفة عن القول بالصدفة.
كما اتضح من جميع ذلك منتهى فساد القول: بأنّ إعجاز القرآن ليس هو بجوهره وذاته، بل بالحجز عنه والصرفة دونه (1).
ص: 259
إنّ ذلك إلّا رأيٌ عازب وقولٌ كاذب..
قول من لم يجعل الله له من معرفة البلاغة حظّاً، ولا حصّل من شرائف حقائقها ومعانيها إلّا حكاية ولفظاً، فمذ ضايقه العجز والجهالة لجأ إلى هذه المقالة وضلّ يخبط في أمثال هذه الضلالة!
ولست أرى لهذه الشبهة صورة صدق ولباس حقٍّ يدعو إلى توفّر العناية في شأنها وإيضاح بطلانها، سيّما وكلّ من عني بهذا الشأن وتصدّى لعلم بلاغة القرآن قد شنّع على هذا القول وبالغ في بطلانه وإحالته.
على أنّ من نسب إليه ذلك لم يُنقل عنه الاستناد إلى حجّة ولا ضعيفة والتعويل على شبهة ولا سخيفة، وإنّما هو رأي رآه أو احتمال أبداه.
والسداد عزيز والصواب معوز، إلّا بتأييد من الله ولطف منه.
وإليه نرغب في ذلك، فإنّه منتهى الرغبة ومحطّ نجاح كلّ حاجة، وهو أرحم الراحمين.
فإن اشتبه على متأدّب قاصر أو شاعر أو متشاعر أو غرّ ناشئ أو مرمّد البصيرة متلاشي فصاحةُ القرآن وإعجازه وبراعته وإيجازه وما اشتمل عليه من باهر الصنعة وعظيم القدرة، فما عليك منه أنت أيّها الفاضل المتدرّب في طيّ هذه المراحل؟!
إنّما يخبر عن نقصه، إنّما يدلّ على عجزه، إنّما يبيّن عن جهله، ويصرّح بسخافة فهمه، ويشير إلى ركاكة عقله، ويومئ إلى خُبّو زنده، ويرمي إلى نبوّ
ص: 260
طبعه!
وإنّما قدّمنا الذي قدّمناه لتعرف أنّ ما ادّعيناه من معرفة البليغ بعلوّ شأن القرآن وعجيب نظمه وبديع تأليفه أمرٌ لا يجوز غيره، ولا يحتمل سواه، ولا يتعدّى من دونه، ولا يشتبه على ذي بصيرة، ولا يخيّل عند أخي معرفة.
وإنّ هذا أمر وإن دقّ فله قوم يقبلونه علماً، وأهل يحيطون به فهماً، ويعرّفونه إليك إن شئت ويصوّرونه لديك إن أردت.
ولكلّ عمل رجال، ولكلّ صنعة ناس، وفي كلّ فرقة عالم وجاهل ومتوسّط.
وجميع ما ذكرناه في وجوه إعجازه وبلاغاته على أنّه غيض من فيض وقطرة من بحر، كلّه ليس من خطّتنا ولا بالذي سيقت له وجيزتنا.
وإنّما كان من حقّنا أن نقول: إنّ آية نبوّة نبيّنا وأُمّ معجزاته التي بقيت بعده وفاقت معجزات الأنبياء قبله، هي إعجاز هذا الكتاب الذي جاء به، ثمّ نحيل تفاصيل وجوه الإعجاز وما تثبت به هذه الدعوى إلى الكتب المعنيّة بهذا الشأن المؤلّفة على ذلك العنوان. ولكن تدافع ما رأيت من ذلك طبعاً، فلم استطع له دفعاً، وطفح على القلم رشحٌ منه فجرى به وسال ولم أملك له منعاً.
وختمُ الكلام معك - يا ذا الذي ترى أنّك من الصنف الأوّل الذي نحن في إيضاح الحقّ له وإثبات الحجّة عليه بكلّ ما سردناه من الكلام: أنّك إن كنت ممّن هو بالصفة التي وصفناها من معرفة الفصاحات والتحقّق بمجاري البلاغات، فقد يكفيك التأمّل، ويغنيك التصوّر، ويزعك عن الجماح لجامُ التدبّر.
ص: 261
وإن كنت في الصنعة ضعيفاً، وفي المعرفة ناقصاً، ومن هذه الرتبة عارياً، أو مقصّراً مقلاً، أو زمنا أشلّاً، أو موجعاً مرمّداً، لا تفتح عيناً ولا تمدّ رجلاً ولا تبسط يداً، فلا بدّ لك من التقليد، ولا غنى بك عن التسليم..
وقد قيل: إنّ الناقص في هذه الصنعة كالخارج منها، والشادي (1) كالبائن عنها، فهو من القصور بالمثابة التي يكون فيها من الصنف الثاني.
ونحن نريد أن نفتح له بعون الله - باباً ونقرّب عليه أمراً ونفسح له طريقاً، كما جهدنا في مثل ذلك لقسيمه من الصنف الأوّل، ونسعى له حتّى نلحقه به ونقرّبه منه، بحيث لو تأمّله حقّ تأمّله وراعاه أتمّ مراعاته لأمكن أن يستدلّ به استدلال العالم، ويستدرك فيه من القول ما يشاء استدراك الناقد، إن كان ممّن يتطلّب الحقّ بكلّ عزيمته، ويسعى إلى الصدق والصواب بكلّ جهده، ويفرّ من مضيق العصبية إلى فسحة الإنصاف بصرافة طبعه وسذاجة رأيه، والتوفيق والعناية من ورائنا وورائه.
فأقول لكلّ من طرأت عليه دعوتي وطارت بجناح الخلوص إليه نصيحتي من كافّة الخلق وعامّة البشر، وكلّهم الصنف الثاني؛ إذ الأوّل في غاية الندرة ومنتهى العزّة، سيّما في هذه الأعصار التي هبّت فيها على هشيم العرب والعربية ريحٌ ذات إعصار، فتركت روضه يباباً (2) وأرضه خراباً! وعسى أن يديل الله له بالنصرة ويعيد له تلك الأسرّة.
فلا تُهج دائي الدفين، فقد تكفّل الله بنصرة هذا الدين (3) ولسانه العربي
ص: 262
المبين: «وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ» (1).
إنّ تسجيل الحجّة والبيان على تلك الزمرة فيما به عناية العامّة وكفاية الكافّة أن نقول لكلّ واحد منهم صبا إلى طلب الصواب وآب إلى الوقوف على هذا الباب:
يا هذا، إنّك مهما جهلت ما الأشياء، فلست بجاهل أنّ العناية الأزلية والحكمة الإلهية لم تقض بأن تكون كلّ العلوم والصنائع والمعارف والحرف وأمثال ذلك عند كلّ واحد من الناس.
بل العناية قضت أن يكون الكلّ عند الكلّ، ولا يخلو الجميع من الجميع، لا أنّ الجميع عند كلّ واحد من الجميع.
هذه سنّة الله كما ترى - في العباد والبلاد منذ بدء العالم ومن لدن عهد (آدم).
والشرعة والمنهاج في ذلك أن يرجع كلّ فاقد علمٍ أو صنعة أو حرفة إلى أهل الخبرة فيها وذوي المهارة بها، حتّى يعود من الاختلاف إليهم والتعويل في التعلّم عليهم واحداً منهم أو زعيماً في الفضل عنهم، وإلّا فلا مندوحة له عن التسليم ولا مناص له عن التقليد، فيجعل قولهم إلى الواقع طريقاً وبالاتّباع
ص: 263
حقيقاً.
وإن أبى عن هذا وقد فاته ذاك فقد خرج عن قوانين الفطرة السليمة وموازين العقول المستقيمة.
وهذا ثالث الصنفين، وهو الذي لا يهمّنا أمره ولا يعنينا عرفانه ونكره، وليس قصد كلامنا إليه ولا تلهّفنا عليه، فإنّه قد اختار خطّة الجهل لنفسه وأبى إلّا مكابرة وجدانه وحسّه.
وبعدُ فأمره إلى الله (جلّ شأنه)، ف_: «إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء» (1).
أمّا أنت يا طالب الحقّ وخاطب الصدق وصادق العزم العاجز عن معرفة الإعجاز بنفسك القاصر عن الاستطالة إليها بذاتك، فلم يبق لك علينا في هذا الشأن من إثبات إعجاز القرآن إلا أن ننبّهك على ما هو بديهيٌّ عندك حاضر لديك، يعترف لك به كلّ عالم وجاهل ودانٍ وفاضل، ولا تجد فيه لك مخالفاً ولا ترى لك عنه صادّاً ولا صارفاً..
وهو ما أشرنا إليه غير مرّة من عجز العرب عن معارضته وإذعان بلغائهم بتناهي بلاغته، وأنّها فوق طوق البشر وأعلى من أن تنالها الفِكر، أو تدخل في مُنّة أحد أو مهنة عدد ذي عُدد.
وهذا - أعني: عدم معارضته العرب واعترافهم بالعجز وإذعانهم بالقصور -
ص: 264
أمر تشهد به الضرورة والبداهة، والخبر والعيان لم ينقل خلافه، ولم يختلف نقله، مع توفّر دواعي العرب - كما عرفت - على معارضته ومباهتته؛ لتوفّر دواعيهم على إسقاطه وحطّه، كتوفّر دواعي النقلة - لو كان - على نقله وضبطه، سيّما من الملل الخارجة التي لا تزال تتوخّى مطاعن هذا الدين وتتطلّبه بالتعيير والتأفين.
فانظر كيف بلغ الحال في الوضوح والقوّة في المقامين إلى حيث لم يبق مجال لأُولئك البلغاء من مهرة الكلام وفرسان البيان الذين هم شرّعوا شرائع البلاغة ورفعوا أعلام الفصاحة، وسنّوا للناس طرقها وأضاء وا أُفقها وسهّلوا سبلها.
فإنّهم - مع عظيم تلك القوّة وفسيح هاتيك القدرة - لم يقتدروا على تعمية الحال، والتكاذب على أنفسهم أو غيرهم بتلفيق ما يباهتون أنّه يقاربه أو يساويه أو يشبهه أو يضاهيه، مع ما كانوا عليه من شدّة الحنق والعصبية التي هي السبب الوحيد غالباً في غمط الحقّ وجحوده أو احتجابه عن عين شهوده.
كما لم يبق للنَقَلة والحفّاظ والحملة مجال لنقل غير الواقع في أمره، أو جعل فرية في شأنه من مراجعة أو ممانعة أو مناقضة أو معارضة، بل اتّفق النقل بأطراف نسبته الثلاث على ما فيه جلاء الشكّ وقلاع الشبهة ووضوح الحجّة.
فكم في تضاعيف الأخبار وتفاريق الأنقال ما يشهد لك به أقوى الشهادة ويهجم بك منه إلى منتهى العادة.
ولعلّك سمعت ما عن جماهير الجاهلية وجهابذة قريش، حيث تألّبوا غير مرّة وتحزّبوا وتعاهدوا على المعارضة وتعاقدوا، حتّى إذ تُليت عليهم بعض آياته وصدعت آذانهم بالحقّ زبر بيّناته ومعجز آياته خرّوا بالإذعان على الأذقان وسجدوا وعن القيام بوفاء العهد قعدوا.
ص: 265
فنقضوا العهود، ومزّقوا البنود، وعزموا على السجود، وسجدوا للعزائم، ولزموا الطعن والضرب، ورأوا الاستبدال به عن المعارضة ضربة لازم.
وما أسلم منهم في مكّة قبل الهجرة من أسلم إلّا باستماع تلك الآيات، وبما أخذت منهم مأخذها تلك الكلمات.
استخبر التواريخ والسير، تخبرك عن مثل: إسلام (البيد)، و (عمر بن الخطّاب) (1)، وأمثالهم من أكابر الصحابة قبل الهجرة ممّن سمع كلام الله فآمن وعرف به الحقّ فتطامن.
ولقد كان الصادع به (صلوات الله عليه) يدهش ألبابهم ويذهل عقولهم، فتعشو مشاعرهم وتعمى أبصارهم، فتارةً يزعمون أنّه شاعر، وأُخرى يقولون: كاهن، أو ساحر!
وما ذاك إلّا من تناهي الأمر في العظمة وتعاليه في الغرابة، فهم بين فزعة مدهشةٍ عجباً وروعة منعشةٍ طرباً.
أوَ ما أعثرك النظر، أو ما أوقفك السَير في السِير، أو ما تقدّم لك ما شاع وانتشر من قول (الوليد)، وهو من كبّار قريش وذوي الحصافة والفصاحة فيهم لقومه بني (مخزوم).
وقد فاضت هذه القصة في كتب التواريخ (2)، واستفاضت بأنحاء شتّى وكيفيات مختلفة.
ص: 266
وقد أوردها شيخنا العلّامة (الطبرسي) (1) قدّس سرّه في (مجمع البيان) (2)، أجلّ تفسير للإمامية، بل لو قلت: أفضل ما باليد من تفاسير الإسلام، لم أكن مبعداً! يعرف ذاك من نظر فيه واستقصى خبره.
وقد سردها هو على وجهها وتفاصيلها في ذلك الكتاب، ولكن اختزل منها صاحب (الكشّاف) الثقة الثبت والجهبذ البحت قدراً فيه لمحلّ الحاجة كفاية.
حيث قال في قوله (تعالى): «إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ» (3) إلى قوله (عزّ شأنه): «إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ» (4):
(روي: أنّ الوليد قال لبني مخزوم: أما والله، لقد سمعت من محمّد كلاماً ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجنّ! إنّ له لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنّ أعلاه لمثمر، وإنّ أسفله لمغدق، وإنّه ليعلو ولا يعلى عليه.
ص: 267
فقالت قريش: صبا - والله - الوليد، والله لتصبأنّ قريش كلّهم!
فقال أبو جهل: أنا أكفيكموه.
فقعد إليه حزيناً، وكلّمه بما أحماه.
فقام فأتاهم، فقال: تزعمون أنّ محمّداً مجنون، فهل رأيتموه يخنق؟! وتقولون: إنّه كاهن، فهل رأيتموه يتكّهن؟! وتزعمون أنّه شاعر، فهل رأيتموه يتعاطى شعراً قط؟! وتزعمون أنّه كذّاب، فهل جرّبتم عليه شيئاً من الكذب؟! فقالوا في كلّ ذلك: اللّهمّ لا.
ثمّ قالوا: فما هو؟ ففكّر، فقال: ما هو إلّا ساحر! أما رأيتموه يفرّق بين الرجل وأهله وولده ومواليه؟! وما الذي يقوله إلّا سحرٌ يؤثره عن مسيلمة وعن أهل بابل!
فارتجّ النادي فرحاً، وتفرّقوا معجبين بقوله متعجّبين منه) (1) انتهى.
وما عجبي وتعجّب كلّ ذي فطانة ونصف إلّا من استقامته واعوجاجه واحتجاجه ولجاجه!
انظر كيف أبصر الحقّ، ثمّ تعامى! وكيف خاض في الجهل وعاما!
فقل له: أيّها الوليد الغرّ والعازب عن حصافة الفكر! لو كان ثمّة شيء من السحر تعلّمه (محّمد) صلّي الله عليه و آله من أهل بابل، فلِمَ لا تعلّمه منهم غيره؟!
ولماذا لم ينكشف لسائر الناس سرّه ويظهر لهم كما ظهر لك - أمره؟!
وأين كان هذا المجلس السرّي والمدرّس السحري الذي تردّد إليه (محمّدٌ) صلّي الله عليه و آله وحده، وصار فيه نسيج وحده (2)؟! وهو النور الذي لا تواريه
ص: 268
السجوف (1) والبدر الذي لا يسري إليه السرار (2) والكسوف. قد ضبط كلّ قومه جميع تنقّلاته وأطواره منذ نعمت الدنيا بالظفر في نعومة أظفاره.
ولِمَ لا فزعت قريش إلى أهل بابل في حلّ سحره وإبطال مكره؟! وليت شعري (مسيلمة) هذا، أهو (مسيلمة الكذّاب) النابغ في قومه بما يزعمه قرآناً من مثله قوله: (ضفدع بنت ضفدعين! نِقّي ما شئت أن تنقّين! أعلاك في الماء وأسفلك فى الطين)! وقوله: (والطاحنات طحناً، والعاجنات عجناً، والخابزات خبزاً!) (3).
فإن كان هذا هو الذي عناه فقد رضينا (بالوليد) بل بالطفل حَكَماً!
وما الغرض في نقل كلامه بيان ضعف خصامه وضعة أوهامه، واختلال ما تخيّله وإحالة ما تمحّله، بل الغرض بيان اندهاش لبّه وانذهال عقله، وارتباكه في الحيرة واشتباكه في الشبهة، فصار يحيل في كلامه ويتناقض في دعاويه وأحكامه، حيث وصف (محمّداً) صلّي الله عليه و آله أوّلاً بالصدق والصيانة، ثمّ وصمه - معاذ الله - بأعظم الخيانة!
وهو في كلّ ذلك كقومه غير شاعر بسوء سومه وحيف حكمه وحزّ حزمه.
نعم، وكلّما ازدادت المعرفة واشتدّت في الشيء المهارة وتقوّى الحذق واللباقة، وجاء الشيء باهراً في صنعته فائقاً في نظائره متعالياً في سمّوه ونموّه وخصائصه وتميّزه، اشتدّ العجب به والتبهّر والاستحسان له والتحيّر.
ص: 269
فحظّ كلّ امرئٍ من استحسان كلّ شيء وعدم استحسانه، حظُّه من إدراكه فيه وعرفانه.
ولذا لا تجد فينا عند سماع القرآن شيئاً مما ينقل عن عرب الجاهلية إذا سمعوه، على إيماننا به وجحودهم له.
وما ذاك إلّا للتفاوت في معرفة الكلام وشؤون أساليب البلاغة.
فتفهّم هذا الأمر الجلي وتنبّه له.
وقصوى الغرض من كلامه وشاهد آخر في قوله اعترافُه - وهو ممّن لا ترتاب فى أنّه من أخبر أهل الخبرة وأدرى ذوي المهارة والدربة - مذعناً بأنّه ليس من كلام الجنّ ولا الإنس، وأنّه ليعلو ولا يُعلى عليه.
وهذا هو الحقّ الذي لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه، وه-و الإعجاز الذي نحن في صدد إثباته لك أيّها العاجز عن نيله المتقاصر عن طوله، الذي ذكرنا أنّ وظيفتك الرجوع فيه إلى أهل الخبرة والسؤال من ذوي المعرفة.
وحيث إنّ أقلّ ما يكفيك من ذلك البّينة - وهي تحتاج إلى التعدّد - فليكن هذا أحد الشاهدين عندك، وإلزم فيه حدّك.
فإنّ هذا (الوليد) شيخ من شيوخ هذه الصناعة، وقد جبل الله عليها ذوقه وطباعه.
وليس هو من المسلمين حتّى تقدح بشهادته أو تتّهمه في مقالته، كما أنّه ليس لك حقّ الجرح والتعديل، ولا إليك التصديق والتكذيب، بل تعوّل في ذلك أيضاً على أهل الخبرة في الحديث وصيارفة الأخبار ونقدة الآثار الذين أفنوا في ضبطها أعمارهم وصرفوا في جمعها ليلهم ونهارهم.
وليس من النصف والتكرّم ولا من أدب الاستفادة والتعلّم أن تسارع إلى
ص: 270
تكذيبهم وأنت ما أصبت من الطلب والفضل إلّا صُبابةً من نصيبهم، فالتسليم لهم أسلم والاستقامة على تصديقهم - فيما قام عليه الاعتبار - أقوم.
ثمّ لم يزل الحال على هذا المنوال من حين نزوله وظهوره وانتشار أشعّة نوره إلى يومك هذا.
وأبيك! ما جاء متملّك للبراعة متمكّن من الصناعة عينٌ في العربية وجيه في الفنون الأدبية قائد لكتائب الكتّاب وحيد في النظم والنثر وسائر الآداب، إلّا وجدته - على حسب حظّه من تلك الخطة وكماله من تلك المنزلة - مرتفعاً في المعرفة بإعجازه واليقين بمعجزته وإعوازه وإن كان من الديانة ذو حظٍّ نزر ومن الحنق عليه في نظر شزر.
والكتاب (أعزّه الله) لا يشتدّ إلّا شرفاً وظهوراً ولا يزداد على مريدي إطفاء نوره إلّا نوراً، قد أمن من معارّ معارضيه وعلا على مقارّ مقارضيه.
أنت لا تعدّ ولا تعتدّ من أعلام العربية ومشاهير الكتّاب وزعمائهم بأمثل من: (ابن المقفّع) (1) و (عبد الحميد) (2)، و (عمرو بن عثمان الجاحظ) (3)، وأمثالهم من الطبقة الأُولى، وَ ك_ (بديع الزمان) (4)، و(الخوارزمي) (5)، و(الصاحب) (6)،
ص: 271
و(الصابي) (1)، و(المتنبي) (2)، و(المعري) (3)، وأمثالهم من الشعراء والأُدباء في الطبقة الثانية.
والذي يتطرّق إليه احتمال المعارضة ويقبل الاعتبار أن يتهجّم على المقابلة أفرادٌ من هؤلاء قد قُذفوا بالزندقة واتّهموا بسوء العقيدة.
وإن كنت غير واثق بتحقّق ذلك فيهم، بل لا أودّ إلّا أن أُنزّههم من هذه الوصمة وأُبرِّأهم من تلك التهمة.
وقد بحثنا في ذلك على وجهه في كتابنا الموسوم (بمغني الغواني عن الأغاني) الذي هذّبنا فيه كتاب (أبي الفرج الأصبهاني) (4).
ص: 272
وذلك عند ترجمة (مطيع بن إياس) (1) الذي تتأكّد في حقه هذه النسبة و تلتصق به كلّ اللصوق تلك المسبّة.
ولكن قد اشتهرت عن جملة من أُولئك الأعلام، ك_ (ابن المقفّع)، و (الجاحظ)، و (المتنبّى)، و (المعرّي).
أمّا (ابن المقفّع) فقد ذكر الشيخ الخرّيت القاضي (الباقلاني) (2): أنّه رمي بمعارضة القرآن، ولم يوجد له شيء في الخارج منه، فسُئل عن منه، فسُئل عن ذلك، فقال: (صنعت، ثمّ قابلته مع القرآن، فاستحييت من نفسي، ومزّقته قبل أن يراه أحد) (3).
ص: 273
وأمّا (الجاحظ) فكلماته في (البيان والتبيين) و(الحيوان) تشعر بخلاف ذلك (1)، وأنّه أوحد الناس بمعرفة إعجاز القرآن وخواصّه ومزاياه، وأنّه ممّن ليس له عن التوحيد محيد.
وأمّا (المتنبّي) الذي شاع واشتهر ادّعاؤه للنبوّة وتحدّيه بمثل القرآن بزعمه من المعجزة (2)، ولكن ذكر (السيف المنبي عن أحوال المتنبّي): أنّه لمّا (3)، سئل عن الكلمات المنسوبة إليه في ذلك من مثل قوله: (والفلك الدوّار، والكوكب السيّار والليل والنهار!) إلى آخر ما هو معروف عنه من هذه المزخرفات، أنكرها، وقال: (إنّها ممّا قذفني بها أعدائي، وإنّي قد تنبّأت على
ص: 274
الشعراء في المعاني الشعرية لا بادّعاء النبوّة الإلهية)، فاعتذر بهذا ومثله (1).
نعم، الزندقة وضعف العقيدة ليست منه - على ما يظهر من أكثر شعره - ببعيدة.
ولكن هو - على علاته - لم يكن ليخفى عليه - وهو بتلك المنزلة من الفصاحة والبلاغة - ما للقرآن من الشأو البعيد والشأن المشيّد الذي لا يُدرك ولا يُلحق ولا يجارى ولا يُمارى، ولكن العُجب والغرور يغريان النفس بكل شرّ من الشرور.
وأمّا (المعرّي) وهو أقرب الجميع إلى هذه المعرّة، وأكثر من لهجت الألسن بأنّه لهج بهذه النعرة، وكلماته وأشعاره الصريحة والمشيرة إلى ذلك قد فاتت حدّ الشهرة. وقد أنصف (الباخرزي) (2) وتوسّط في أمره عند ترجمته بقوله: (ضريرٌ ما له في أنواع الأدب ضريب) (3).
حتّى قال: (قد طال في ظلال الإسلام أناؤه، ولكن ربّما ترشّح بالإلحاد إناؤه، وعندنا خبر بصره، والله أعلم ببصيرته، والمطّلع على سريرته. وإنّما تحدّثت الألسن بإسائته لكتابه الذي زعموا أنّه عارض به القرآن وعنونه
ص: 275
بالفصول والغايات في مجاراة السور والآيات، وأظهر من نفسه تلك الهوسات، [وجذّ] كما تجذّ العير الصلبانة) (1) (كذا) (2).
أقول: وقد شاع وتكثّر ذكر كتابه هذا في كتب التاريخ والأدب (3).
ومّما نقلوا منه قوله: (أُقسم بخالق الخيل، والريح الهابّة بليل بين الشرط ومطالع سهيل، أنّ الكافر الطويل الويل، وأنّ العمر لمكفوف الذيل! اتَّقِ مدارج السيل، وطالع التوبة من قُبيل، تنج وما أخالك بناجٍ!) (4).
وقد جعل مثل قوله (بناج) هو الغاية، وما قبله هو الفصل، فيورد الفصل، ثمّ يختمه بالغاية على روي سائر الحروف الهجائية.
استقبل أنت بهذا الكلام ما شئت من الكتاب الكريم من المقامات المشتملة منه على هذه المعاني التي أرادها من قسم أكيد ووعد للكافر ووعيد، وفناء الدنيا وقصر الأعمار ولزوم السبق والبدار، إلى التقوى والتوبة قبل وصول النوبة.
ص: 276
ثمّ انظر هل تجد بينهما من النسبة والقياس ولو كنسبة بيت العناكب إلى شمّ الأهاضب أو نار الحباحب إلى النيّرات الثواقب؟!
ثمّ انظر كيف ضربت على تلك الفصول الفهاهة والفجاجة، وكيف أخذت بها البرودة والسماجة، وكيف اضطرّه الإعواز والحاجة إلى هذه القوافي السخيفة، مثل: (قُبيل، ومكفوف الذيل، والريح الهابّة بليل)، مع ضعف التراكيب وسوء الأساليب، وانحلال المباني واختلال المعاني، وقبح الاستعارة في (مكفوف الذيل) ومطالعة التوبة، إلى كثير من أمثال ذلك؟!
ولكن هذا الذي هو بتلك المثابة من الاتّهام بضعف الديانة وسوء البطانة، قد ثاب إلى الحقّ وآب إلى الصواب ونطق بالصدق، وانكشفت عنه العماية واتّضحت له سبل الهداية، وكفّر سيّئة كفرانه وتعرّض لمهابّ عفو الله وغفرانه.
فقال في (رسالة الغفران) عند كلامه على الزنادقة والملحدين وشنائعهم. ومنهم (ابن الراوندي) (1) الزنديق الذي صنّف (التاج) (2) وتعرّض فيه للقرآن.
ص: 277
قال (المعرّي) فيه ما نصّه:
(وأمّا ابن الراوندي فلم يكن إلى المصلحة بمهدي!
وأمّا تاجه فلا يصلح أن يكون نعلاً! ولم يجد من عذاب وعلاً، أي: ملجأ...
وهل تاجه إلّا كما قالت الكاهنة: أُفٍّ وتُفٌ، وجورب وخُفٌ!) (1).
ثمّ أطال في تفنيده، إلى أن قال:
(بئس ما نسب إلى راوند، فهل قدح في دباوند! إنّما هتك قميصه وأبان للناظر خميصه، وأجمع ملحدٌ ومهتدٍ وناكب عن الحجّة ومقتدٍ.
إنّ هذا الكتاب الذي جاء به (محمّد) صلّي الله عليه و آله كتاب بهر بالإعجاز ولقي عدوّه بالأرجاز (2)، ما حذي على مثال ولا أشبه غريب الأمثال، ما هو من القصيد الموزون ولا الرجز من سهل وحزون، ولا شاكل خطابة العرب ولا سجع الكهنة ذوي الأرب، وجاء كالشمس اللامحة نوراً للمسرّة والبائحة (3)، لو فهمه الهضب الراكد لتصدّع أو الوعول المعصمة لراق الفادرة والصدّع (4): «وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» (5).
ص: 278
وإنّ الآية أو بعض الآية لتعرض في أفصح كلام يقدر عليه المخلوقون، فيكون فيه كالشهاب المتلألئ في جنح غسق والزهرة البادية في جدوب ذات نسق، فتبارك الله أحسن الخالقين) (1) انتهى.
ولو ذهبت إلى أن أجري بك هذا المجرى وأسري فيك على هذا المسرى، وأسرد لك أمثال هذه الكلمات وأنتهى بك إلى أمثال هذه الغايات، لخشيت أن تقول: إنّي أسرفت في القول وأطلت بغير طائل ولا طول.
كيف! والبيّنة قد تمّت، والحجّة قد لزمت.
نعم، وإن كنت للحقّ طالباً وللعناد مجانباً، ولاحظت ما ذكرناه من كلمات القوم وفحول الرجال بضميمة الاعتبار وقرائن الأحوال، لا جرم يحصل لك الجزم واليقين بإعجاز هذا الكتاب المبين، وأنّه أعظم من معجزات عامّة النبيّين، كما سيتّضح لك مزيد ذلك من كتب إن شاء الله.
ولو لم يكن من عالم إلهي ومصدر غيبي لا نحلّ وشيكاً ولبطل أمره سريعاً، كما زال وبطل كتاب (مسيلمة) وغيره من مدّعي النبوّة.
وأنا أعترف لك بأنّ هذه قرائن وأحوال لا براهين واستدلال، ولكن أوردتُها حيث إنّ وجه الخطاب إليك أيّها العاجز عن معرفة الإعجاز والواقف دون الحقيقة على مجاز المجاز.
ص: 279
وما أكثر من يحصل له بالتقريب من العلم واليقين ما لا يحصل له من ترتيب الأدلّة والبراهين!
ألا وإنّ حجّة الله (جلّ شأنه) على عباده لا تحتاج إلى أكثر من هذا البيان، ولا تتوقّف على أن يقف المرء على حلّ جذر الأصمّ أو معرفة العلم الطبيعي وسمع الكيان.
ونحن نظنّ أنّا قد أقمنا الحجّة - بمعونة الله - على كلا الصنفين، ونصبنا أعلام الحقّ للسائرين شاخصة لمرايا العقول بمرأى العين.
والتوفيق ليس من صنعنا ولا في حيّز قدرتنا، ولكنّنا نسأل وليّه الجواد أن يمنّ به على عامّة العباد، إنّه الجواد الذي لا يبخل، الكريم بما يُسأل وما لم يُسأل.
وحيث قد محضتك النصيحة ومخضت لك الزبدة من كلّ روب وشوب (1) وصفّيت لك سجال البيان من كلّ صوب، فقد صرت حقيقاً بأن أكفّ عنك أذيال المقال وألفّ ما نشرته عليك ممّا قصر منه وطال، ولكن لا أجدني أقنع لك بهذا المقدار أو يتجلّى الأمر لديك تجلّي الشمس في رائعة النهار.
يا هذا، إنّ أعظم الآيات وأُمّ المعجزات في القرآن الكريم شيء وراء ما ذكرناه من إعجازه وبلاغته وبديع أُسلوبه وأشباه ذلك ممّا مرّ عليك أقلّ قليله وبعض قبيله.
إنّ أقوى البيّنات على الشيء أن تكون البيّنة من سنخ الدعوى.
ص: 280
مثل ذلك: أنّه لو جاء رجل فادّعى الحذاقة والمهارة في الطبّ، فطولب ببيّتة على دعواه وآية تدلّ على صدق ما انتحله وانتحاه، فعزم على إثبات صحّة ما ادّعى وإظهار ما جمع ووعى:
فتارةً يقول: إنّ آية ذلك أنّي أمشي على الماء وأصعد في الهواء، وما أشبه ذلك من خوارق العادات وعجائب الحادثات، ثمّ فعل ذلك، فإنّه لا يشكّ أحد - حسب العادة - بصدقه والتعويل على قوله وتسليم النفس إلى علاجه وإصلاح مزاجه قبل الاطّلاع على حذاقته في دعوى طبابته، على أنّ دليله لم يكن من سنخ دعواه ولا من جنس ما أعرب عن نفسه وحكاه.
وتارةً يقول: إنّي أُعالج هذا الحيوان الذي قد أشفى وأُعافيه وقد عفى من الحياة واستعفى، ثمّ تعدّد منه ما اعتدّه من ذلك لمن استدارت به هالة المهالك، وإنّ تلك الآية وإن كانت أعجب وأرغب، ولكن مثل هذه بالدعوى ألصق وإليها أقرب، بل قد صارت الدعوى بنفسها دليلاً على نفسها وبرهاناً على صدقها وصحّتها.
ومعجزة نبيّنا صلّي الله عليه و آله في هذا الفرقان العزيز والسجل الوجيز قد فاق معجزات جميع الأنبياء بهذه الصفة وامتاز بتلك الخاصّة.
فإنّ صاحب هذه الشريعة (أعزّ الله به دينه وأعمر بها أرضه) قد جاء إلى هذه الأُمّة الضالّة التائهة في أودية الجهالة وسوء الأخلاق ورفض العلوم والحرمان من العارف، فادّعى أنّه (صلوات الله عليه) رسول من الله إليهم؛ لإصلاح فاسدهم وتقويم معوّجهم ومنآدهم (1)، وقال: إنّ معجزتي وآيتي على
ص: 281
صحّة ما أقول وصدق ما انتحل هذا الكتاب الذي أرسله معي مرسلي إليكم، وقد أودع فيه قوانين صلاحكم وأسباب نجاحكم وموادّ فلاحكم، فانظروا فيه تجدوه شاهد صدق على ما أقول وبيّنة عادلة لا يسوغ عند العقل عنها العدول.
فهل يعذر الإنسان نفسه حيث يكون من ذوي الحصافة والرأي الرائع دون أن ينظر في ذلك الكتاب نظر الفاحص الباحث، لا المتعنّت العائث، نظر طالب الضالّة وفاقد الدالّة ومقتبس الهدى وملتمس الصواب، لا نظر من اعتدّ واعتمد وجدّ واجتهد وأيقن - بعقد القلب منه قبل الخوض فيه - على ضلاله - والعياذ بالله - وبطلانه، وأنّه من صنع محمّد صلّي الله عليه و آله اوزوره - حاشا لله - وبهتانه؟!
فإنّ الناظر فيه إذا تجرّد عن هذه الصفة، ثمّ تدبّر في حثّه على الاستعداد للدار الآخرة وذمّ الدنيا والتزهيد فيها ودلالة الناس على معايبها وغدرها بأهلها وسرعة فنائها وزوالها وما أصاب ملوكها والمتالّهين فيها والوالهين إليها من النكال والوبال، ثمّ تدبّر فيما يحثّ عليه من الأخلاق الكريمة ورفض الرذائل الذميمة وأمره بالمواساة والتحابّ والأُخوة والتعاطف والتآلف والتراحم وصلة الأرحام والكرم والإحسان والتواضع والصدق والأمانة، إلى أمثال ذلك من النهي عن الحسد والنفاق والرياء والعجب والبغي والطغيان والظلم والعدوان والكذب والنميمة والكبر والغرور والغيبة والزنى والسرقة وأكل المال بالباطل، إلى كثير من أمثالها ممّا فيه صلاح النفس والنوع والعامّة والخاصّة وراحة العباد والبلاد واستقامة المعاش والمعاد والنظام الأتمّ الأكمل لكلّ ملّة وفي كلّ دولة.
هذا [ما] اشتمل عليه من علم الأخلاق وتهذيب النفس.
وأمّا دفاعه وحماسه عن التوحيد، ونفي الشريك، وتنزيه الحقّ وتقديسه، وصفاته الجمالية والجلالية، وسائر ما تحكم به البراهين العقلية التي قضت العادة
ص: 282
والضرورة منذ بدء الخليقة باحتياج معرفتها وعلمها إلى مزاولة وممارسة وتدرّس ومدارسة، فقد صبّ هذا الكتاب الكريم بركاتها على العباد صبّاً وأبرز دقائقها وحقائقها لأعين المستعدّين نصباً، حافلاً حاشداً ذلك بذكر تفاصيل وقائع الأنبياء مع أُممهم، وما بذلوا من الجهد والعناء وما تحمّلوا من المشقّة والبلاء وما أصاب قومهم من العقاب والتعقيب والنكال والتعذيب على ما أصرّوا عليه من العناد والتكذيب، حتّى جعلهم لمن بعدهم عبرة وصيّرهم للعبور إلى سواحل العظات عبرة، إلى غزير كثير من هذا النظير.
انظر كيف نزّه الله في هذا الكتاب كلّ واحد من أنبيائه ورسله بالتنزيه والتكريم الذي ما نزّهته به أُمّته ولا رعته له رعيته المعترفون بنبوّته الماسكون بشريعته، بل القائلون بأُبوّته، بل بربوبيته.
هذا (المسيح) روح الله (على نبيّنا وآله وعليه السلام) قد أبت الأُمّة المسيحية إلّا عن القول بقتله وصلبه.
فوا عجباً، وكيف لا أعجب لإلهٍ يُعذِّب ويُصلب!
ثمّ يجيء هذا النبي الأُمّي العربي، وينزّهه عن ذلك وعن خبيث مقالة اليهود فيه وبهتهم له ولأُمّه الصدّيقة البتول العذراء والإنسية الحوراء.
كلّ ذلك بلسان الوحي النازل عليه في أسواء بني إسرائيل ومساوئهم.
يقول (جلّت عظمته): «وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينا» بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيمًا» (1).
ص: 283
حسبك فاطوِ هذا النمط - يا خليلي - على عزّه ولا تمارني على كشف حقيقة أمره، وعُد تدبّر في هذا القرآن وما اشتمل عليه من تلك الأخلاق الفاضلة والملكات العادلة والعقائد المحصّلة التي تحكم بها البراهين العقلية المسجّلة، عاطفاً بالنظر النافذ في التأمّل إلى ما في (عباداته) و (معاملاته) و (سياساته) من المصالح النوعية وحفظ النواميس الإلهية والبشرية على الوجه الأكمل والنظام الأتقن الذي لو قامت البشر والشعوب به على حدوده وموازينه لما وقع فساد في العالم ولا أُريق بعدها بغير الحقّ قطرة دم من بني (آدم).
ولكن يا للأسف واللهف على حرماننا من بركاته وهو بين أيدينا، وخلوّ آفاقنا من خيراته وهو ملئ أفواهنا وتراقينا!
نعم، ومهما ضاق من نوره واحتجب أو صفرت القلوب من لجين تعاليمه حتّى قيل: ذهب، فهو بعدُ غضّ جديد، مسدّد بالتأييد، مؤيّد بالتسديد، محفوظ الآية، ملحوظ بالعناية.
فإنّه - بحمد الله وحسن ألطافه وعنايته بدينه - لم تذهب حجّته، ولم تبطل دعوته، ولم تضعف عن إتمام حجّة الله على عباده قوّته.
فلو تدبّر المتدبّر في ذات نفسه وبينه وبين ربّه، ووضع هذا الكتاب بين يديه، وتفرّد في الفكرة والعبرة، وتأمّل في تفاصيل ما أجملناه على النحو الذي ذكرناه ومن الباب الذي فتحناه، والتفت إلى سائر الخواصّ والمزايا التي يفيضها (جلّ لطفه) على عبده إذا وجد منه حسن النيّة وصدق العزيمة في طلب الحقّ، وتجلّى له جامعية القرآن - على إيجازه - لمتّسع هاتيك العلوم ومنفسح تلك المعارف، وجد هناك ما قدّمناه من ذكر الآية التي هي أعظم الآيات وأُمّ المعجزات، هي البيّنة التي تدلّ وتثبت أنّ تلك الدعوى صادقة بنفسها صحيحة
ص: 284
بجوهرها، لا تحتاج إلى مصدّق وبيّنة سوى ذاتها.
فإنّك - بعد تلك الملاحظات والمطالعات كلّها وعلى وجهها - لا تجد بدّاً من هجوم الجزم واليقين على قلبك وخيالك في أنّ (محمّداً) صلّي الله عليه و آله صادق في دعواه أنّه رسول من الله.
وما الرسالة التي ادّعاها (سلام الله عليه) إلّا تبليغ هذه الأحكام والنواميس المودعة في هذا الكتاب الذي جاء به!
وأحسن مصدّق لهذه الدعوى النظر في نفسها والتأمّل فيها بذاتها.
وهذا أمر وراء إعجاز مبانيه وبلاغة تراكيبه وفصاّحة أساليبه ممّا بهر العقول وطاشت له الألباب ممّا تحقّق لديك ولا أظنّك، وعرفته على وجهه ولا أحسبك.
لكن تلك البيّنة التي أوعزنا إليها وعوّلنا عليها هي للعقول النافذة أبهر وللآراء الحصيفة أملك وعليها أقدر، وهي أدلّ على خروجه عن القوى البشرية والتنسيقات الفكرية.
وتحقيق ذلك على أكمل وجوهه يحتاج إلى إفراد موضوع نبحث فيه عن كلّ حكم حكم من مشروعات هذا الكتاب الباهر، وبيان ما في كلّ واحد من أحكام أُصوله وفروعه وعباداته ومعاملاته ومناكحاته وجزائياته، وما اشتملت عليه من الحكم والمصالح ودفع المضارّ والمقابح، وما فيها من حياة روح التمدّن واستكمال سياسة المدن ممّا أجملت لك ذكره وأحلت إلى فطانتك شرحه
ونشره.
وهو موضوع يرتفع به النقاب عن محيّا شرف الإنسانية، ويضع موازين القسط في العباد والبلاد لرفع العوائد العدوانية.
ص: 285
وقد ألّفوا فيه وما وفّوا، وصنّفوا به وما صفّوا.
ونحن نشكر لكلٍّ سعيه، ونسأله أن يجزل لكلّ واحد منهم جزاءه وبرّه.
ولعلّ العناية - بعد هذا - تسعف بالتوفيق لإنشاء موضوع ووضع مشروع وافٍ بذلك الغرض وتلك البغية على ما ينبغي إن شاء الله.
ص: 286
أنت - عافاك الله وأصلحك - تعلم كيف نشبت الوغى، وشبّت لظى (1) الحرب، واصطكّت الركب، وثار الغبار، وحمى الوطيس (2)، واشتدّ الجلاد والجدال، واحتدم النزوع والنزاع بين المسلمين والمسيحيين منذ عشرة قرون أو أكثر.
لا أُريد تلك الحروب الدموية التي تعرف بالصليبية.. تلك الحروب التي أصبحت إحدى أوبئة البشر، ومن أكبر بليّات هذا الخلق الضعيف ومبيداته.
فهى لقداسة الصليب وقرابين لهيكله في البرهة بعد البرهة والفترة غبّ الفترة، لا تزال تروي الأرض من دم الإنسان كلّما ظمأت، وتطعمها الربوات من لحومه كلّما سغبت.
كأنّ ذلك تحقيقاً لقول ذلك الوديع: «ما جئت لألقي سلاماً، بل سيفاً» (3).
لا أعني هذه الحروب والمجازر على مذابح الأديان.. تلك الذبائح التي
ص: 287
يدفع إليها الجشع باسم الدين.
كلا، وإنّما أُوعز إلى تلك الحروب الجدلية في ميادين البحث والمناظرة ومساجلات النقود والردود التي اتّسعت فيها الخطّة وتفاقمت بها الدائرة، حتّى خرجت عن آداب البحث والمناظرة، وصار أكثر ما عند أحد الفريقين أو كليهما وأكبر ما لديهم من العدّة هتك حرمات الأدب، وخرق النواميس بالبذاءة والدناءة والنبز والشتيمة، وصارت الأديان المقدّسة هدفاً لسهام الجهل ومرمى لنبال الخور والطيش، وأصبح عقلاء الفريقين بين سفهائهم من الامتعاض لذلك على حدّ قوله:
وجرم جرّه سفهاء قوم *** فحلَّ بغير جانيه العذاب (1)
الآباء يأكلون والأبناء يضرسون!
لا أزيدك علماً بهذه الشؤون الاجتماعية وما جرت من الويلات والبليّات على أهل الوطن الواحد واللغة الواحدة وسائر الوحدات الجامعة سوى واحدة منها، وهي لا تفسح لأبنائها قطع كلّ تلك الصلات والروابط، وفصم كلّ هاتيك العرى والعلائق.
كلّ هذا ممّا تعلم به أنت أحسن العلم، ولا يزال بمرأىً منك ومسمع.
إنّما الّذي أُريد بيانه وتوطيده أمام ما سيلي من المباحث هو:
إنِّي - وحسبي شهادة ربّي - منذ افتتحت دعوتي هذه ودخلت في مشروعي هذا كنت قد عقدت النيّة وصمّمت العزيمة على أن لا أتجاوز حدود المحاماة عن ديني، ولا أتعدّى عن النظر في تعضيد بنات عقائدي بمعقول
ص: 288
البراهين ومقبول الأدلّة، وأخذت على نفسي أن لا أهتك ستراً من الأستار، ولا أخدش عاطفة من العواطف، ولا أمسّ حجاباً من الحجب، ولا أضع قدمي في حريم من الحرمات.
وإنّما أبثّ دعوتي إلى ما قادني إليه البرهان من عقيدتي من دون مصادرة غيرها أو مصادمة ما سواها بل وبالخلاف أسعى جهدي في الوفاق والوئام، وتوحيد كلمة الأُمم الموحّدة، وتقريب ما بينهم ما أمكن، ودعوتهم: «إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابا» (1).
وكنت وراء ذلك كالمستيقن أنّ الجهل وأيّام دولة الانتصار بالافتراء والبهتان وتهجّمات الهمجية قد خفّت وطأتها ولفّت ألويتها وانقضت عصورها وتبدّلت بالانتصار بالإنصاف والأخذ بالحقائق وشهادة الباحثين والكتّاب بالصدق، لهم كان الصدق أم عليهم.
كنت أحسب أنّه قد ماتت تلك العصور التي كانت تحيى بها تلك الخرافات والأباطيل التي يصوّرها (ريشار) في أناشيده، و (رولان) (2) في أقاصيصه، يوم كانوا هؤلاء وآلاف أمثالهم من حملة عروش الإفك ومجسّمة آلهة البغضاء في نفوس أُممهم الساذجة، يوم كانوا يخيّلون للمسيحيين وعامّة الغربيين أنّ
ص: 289
(محمّداً) الذي يسجد لذكره المجد والشرف كان يدعو الناس لعبادته في صورة وثن من ذهب، وأنّ المسلمين يعبدون الأوثان، ولهم آلهة ثلاثة، أكبرها أو أحدها: (ما هو ميد)، يعني: (محمّداً) صلّي الله عليه و آله!
وكان (ريشار) يبدع ويغرب في أوصاف ذلك الصنم، فكان يصوّره مجوّفاً يُرى باطنه من ظاهره، وفي جوفه عفريت استحضره السحرة، وصار ينطّ ويعربد، ثمّ أخذ يتكلّم للمسلمين، إلى كثير من أمثال ذلك ممّا نقل جملة منه الكونت (هنري) الفرنساوي (1)!
حتّى قال: (ولو أردت الاطّلاع على جعبة الشتائم والسباب فعليك بكتاب ألّفه بعض اليسوعيّين، وهو (بروشار)، وسمّاه: (مرشد السياحة) وأورد في (خواطره) منه ومن أضرابه وأترابه نبذاً في شتم المسلمين وسبابهم، وسرد من الافتراءات عليهم والإلصاقات بهم ما لا يستطيع قلم النقل من الخجل أن يأتي بالقليل منه فضلاً عن الكثير)!
نعم، كنّا نقول: إنّ هذه الأدخنة المتكاثفة في أجواء الجهل الحائلة بين أنوار الحقيقة وبصر العقل قد تمزّقت وتلاشت بفضل انتشار العلوم ورجاحة الحلوم وسجاحة العقول وتقلّص ظلّ العصبيّات والتطامن للحقائق أينما كانت وكيفما وُجدت، وصرنا في غنى عن مخاضة هذه اللجج وتعديل ذلك العوج، وكُفينا - بحمد الله - مؤونة إيضاح الواضح وتحصيل الحاصل والدلالة على بياض النهار ونور الشمس وسواد الليل، وقلنا: إنّ باب السباب في المناظرات قد أُغلق، ووثن الفرية في ميادين البحث قد ذرّي رماده في الهواء بعد أن أُحرق،
ص: 290
وإنّ المؤلّفات والكتب قد دبّت فيها نسمة حيّة وروحٌ جديدة. ألا وهي روح الإنصاف والتساهل، وحفظ الأدب والاعتدال، ورعاية الحرمات لكلٍّ بحسبه ولو من الفريق المخاصم والطرف المشاغب.
وعلى هذا المنهج اللاحب والطريق الجدد كنت أحرص أن أُطبّق سيري في دعوتي هذه، وأرجو أن لا أكون قد تجاوزت تلك الشريعة الأدبية والمحجّة الأخلاقية من بدء دعوتي إلى مقامي هذا، وكنت عازم السير عليها إلى غاية الغرض من هذه الدعوة.
ولكن من عجيب الصدف وغريب الاتّفاق أن رُفع إليّ وأنا في إملاء هذه المباحث - أعني: مباحث إعجاز القرآن كتابٌ، ما خطر اسمه على سمعي ولا مرّ سواده على بصري، رُفع إلي عفواً ودُفع إلى صدفة واتّفاقاً.
فلمّا افتتحته ونظرت فيه وجدته كتاب من ختم الله على سمعه وبصره، وطبع على قلبه وعقله! قد سمّاه باسم: (الهداية) تسمية الشيء باسم ضدّه، كما يسمّى الزنجي: بكافور، أو مثل ما سمّي اللديغ: سليماً (1)!
تناولته، وأسمت سرح اللحظ في سواده، وطويت وجهين من وجوه صفحاته، فوجدته مرعى وبيلاً وداءً دخيلاً، قد شحن بمثل تلك اللصائق وأضداد الحقائق!
أقوى عدّته التمسّك بالأحاديث الضعاف المعلوم حالها عند عامّة المسلمين بالجعل والوضع، وقد تجاوز اليقين في أمرها من الشكّ إلى القطع.
نعم، ولم يكفه ذلك، حتّى هتك في ذلك الكتاب حرمة كلّ أدب وذمّة كلّ
ص: 291
ناموس، ونال من قداسة الحضرة النبويّة والفرقان الحكيم ما شاء وشاءت له الغواية، وما امتدّت له أسباب الإهمال وحبال الأمهال.
ولا يشكّ الناظر فيه على غرّة أنّه من المؤلّفات في القرون الأُولى، تلك القرون التي يسمّونها: بالعصور المظلمة، وما هي - لعمر الله - بأشدّ ظلمة منها اليوم!
نظرتُ في بعض ذلك الجزء الذي هو أحد أربعة أجزاء، فتسعّرت جمرة الأسى بل الأسف في فؤادي وطفقت والحلم والأناة يقعدني، والغيرة للحقّ والدفاع عنه تقيمني، فكنت بين المقيم والمقعد والمريح والمجهد.
وبينا أنا في آذيّ ذلك التردّد بين المضي في دعوتي أو العدول إلى تفنيد تلك الضلالة، إذ نمي إليّ أنّ بعض إخواني الأفاضل بل وبعض مشايخنا الأماثل (1)، قد نهضوا لدفع تلك الرزية، وحكّموا قضاة أقلامهم بتلك القضية، وأنا جدّ عليم بما لهم من الكفاءة وأنّهم في مثلها هم المرجع والمباءة، فطابت نفسي وقرّت عيني.
ثمّ استمرّ مريري وارعوى الوسن، وذهبت في دعوتي على شاكلتي.
ولكن لغريب تلك المصادفة ووقوع ذلك الجزء من تلك الضلالة إليّ وأنا في مباحث القرآن أحببت أن أفتح هنا باباً لخصوص المقايسة بين هذا القرآن الحكيم، وبين العهدين الحديث والقديم؛ لننظر ما مقامهما منه، وما نسبتهما إليه..
ص: 292
نريد أن ننظر أيّهما أليق أن يكون من المقام الإلهي والصقع الربوبي، ومن الأنسب منهما بحكم العقل والاعتبار أن يكون صادراً من حضرة الحقّ ومقامه الأسمى وأسمائه الحسنى وصفاته المتعالية؟
نعم، سوف نبحث في ذلك بعض البحث لإتمامه.
ولكن الغرض من هذا التمهيد وهذه التوطئة دفع الموجدة وتقديم المعذرة؛ إذ ربّما يجمح القلم، فينفث ما لا يروق للكرام الأفاضل وأهل الآداب والحرمات من المسيحيّين من رعاة الذمم وحفظة الأدب وذوي الحصافة والحصانة والفضل والمكانة، أو ربّما تسوء بعض كلماتنا بعض المصلحين من الفريقين.
ولكن وصيتي إلى من يجد في نفسه موجدة من ذلك عليّ أن يبادر على الفور إلى ذلك الكتاب (الضلالة)، وينظر ولو يسيراً منه، فإنّني على ثقة أن ستتبدّل تلك الموجدة عليّ بالمحمدة وتلك السيئة بالحسنة! ويستبين أننا معاشر المسلمين في الأكثر أنقى أقلاماً، وأطهر لساناً، وأعفٌ ضميراً، وأملك بالعفو عند المقدرة، وأمكن بالكرم عند الظفر.
تجد كتابنا المقدّس وسائر المسلمين يرفعون بشأن (المسيح) إلى أعلى روش المجد والكرامة والتنزيه والتقديس، يضعون (المسيح) مواضع الصلوات والتسبيح والتمجيد والتمحيد.
فيجيء إزاء ذلك صاحب كتاب (الضلالة)، فيروم أن يضع في قداسة رسول الله (محمّد) الذي تنحني لذكره سوامق المجد (1) والعظمة، يجهد عهد أن يضع
ص: 293
ذلك الوغد في حريم قدس ذلك الجوهر الإلهي والنور الملكوتي، يضع فيه - معاذ الله - كلّ ما يرشح به ظرفه ويحتمله إناؤه ويليق له جوهره ويتّسع له عقله، (وما أقلّ ما يسع)!
يريد أن يشتفي بالشتم والسباب والزور والبهتان والفرية والافتخار، كأنّما يطلبه بترّةٍ أو يستثير منه بثأرٍ!
كأنّه يستثير من المسلمين ما صنع أوائل اليهود ب_ (المسيح)، ويكافئهم بمقالاتهم في أُمّه البتول العذراء (عليها وعلى ابنها غوادي التحية وروائح التسليم).
كأنّ المسلمين هم الذين قالوا فيها ما قيل من ذلك البهتان العظيم والإفك القديم
فجاء صاحب (الضلالة) يقابل الكذب بالكذب، ويكافئ الإفك بالإفك، فيجعل المسلمين سبّابة المتندم وغمد السيف للباسل المتقدّم!
وأحر بصاحب (الضلالة) أن يجهل تلك الجهالة، فإنّنا وجدنا الهرّ أعرف بمواضع الحزم ومظان الأدب منه في إخفاء نفسه وإظهار كتابه!
على أنّنا لو أردنا أن نجري في مثل الذي جرى فيه لكايلناه بالمدّ صاعاً، وقايسناه بالشبر ذراعاً، وبالإصبع باعاً، ولعرّفناه (كيف مجامر الكرام) (1) وكيف مواقع السهام، وأيّنا أسمّ سهماً وأوجع كلاماً وكلماً وأنكاً جرحاً وأنفذ صولاً وأقوى قولاً وأقدر على السباب والشتيمة والإغاضة والهضيمة.
ولكن يأبى الله والكرم لنا ذلك.. يأبى الله لنا أن نجهل فوق جهل الجاهلين
ص: 294
ولو جهلوا علينا، وأن نعاف الإحسان والصيانة ولو أُسيء إلينا. فإنّ في الحشمة مندوحة، وفي الحقّ مفسح:
أُحبّ مكارم الأخلاق جهدي *** وأكره أن أعيب وأن أُعابا
وأصفح عن سباب الناس حلماً *** وشرّ الناس من يهوى السبابا (1)
ولا سيّما وحري بكلّ مسلم أن لا يتعدّى أدب الله ورسوله وكتابه الكريم، حيث يقول (جلّ شأنه من قائل): «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» (2)، «وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» (3).
جدير بنا أن نحلم، ونجعل الحلم والصفح عن كشف عورات غيرنا صدقة عن روحانية نبيّنا صلّي الله عليه و آله، فإنّنا نعلم أن ذلك أحبّ إليه.
وبذلك أُضمّد جرحي وأجبر كسري، وأقول لرسول الله (صلوات الله عليه):
لقد صبرت على المكروه أسمعه *** من معشر فيك لولا أنت ما نطقوا
وفيك داريت قوماً لا خلاق لهم *** لولاك ما كنت أدري أنّهم خُلقوا
وحسب صدري هذه النفثة.
ولنعد إلى القصد من المقايسة بين بين هذا القرآن الكريم والعهدين: الحديث والقديم، ونبيّن أنّه ما هو وسائر الكتب المنزلة من السماء بسواء، ونحتفظ بالسير على خطّة الأدب وضمن دائرة التكرّم ما أمكن.
ص: 295
والله والكرام من عباده لا يؤاخذوننا بزلّة القلم وعثرة الأنامل، فإنّها - والله هو الشهيد - على غير عمد منّا ولا إرادة، وبالله المستعان، ومنه التسديد والتوفيق.
إن شئت مزيد وضوح لظهور شرف هذا القانون الإسلامي والكتاب الإلهامي والفرقان المحمّدي وارتقاء نواميسه و امتيازها على قاطبة قوانين سائر الملل والديانات وكلّ كتبهم التي يزعمون أنّها سماوية، بحيث تستبين وتستيقن أنّه من نصّ كلام الله ووحيه وأنّ غيره من الكتب التي يعزّي لها ذلك ما هي بكتب إلهية، بل ولا منزلات سمائية، بل ولا ملكوتية إلهامية، بل تجلّ ساحة الحقّ وتنزّه عن أن يصدر منها شيء من تلك المقالات الواهية والكلمات الواهنة والمعاني الساقطة والأحكام التي تصادم ضرورة العقول وتزهق روح التمدّن وتذيب قلب الأدب والحشمة! وهي - على طولها وعرضها ورفعها وخفضها وضخم حجمها - غير وافية بجميع ما تحتاجه العامّة وتضطرّ إليه الخاصّة من تهذيب النفس، وتدبير المنزل، وسياسة المدن من عبادات وأخلاق ومعاملات وجزائيات، بل ولا لأقلّ القليل من ذلك.
وهذه الشريعة المقدّسة الإسلامية قد وفّت بجميع ذلك، وجمعت بين العدل والفضل والزيادة والأصل والموازنة والتكرّم: «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ» (1).
ضع بين يديك أحسن ما في تلك الكتب إصحاحها وأسفارها ومزموراتها وأناجيلها، وضع القرآن العزيز إلى جنبها، وانزع من أعماق لبّك وعروق قلبك
ص: 296
معميات العصبية ومرديات الأهواء وتقليد الأُمّهات والآباء ومألوفات النحلة وركائز التربية وغرائز الطبيعة، فإذا أحرزت صفاءك من جميع ذلك فتدبّر في كلّ واحد من عهودهم القديمة، واعطف الفكرة على شيء من هذه السور الكريمة، ثمّ أنصف من نفسك وراجعها في عقلك وحاججها بذاتك، وانظر ما الذي يقضي به وجدانك وعرفانك.
أيقضى بأنّ هذا الذي يسمّونه اليوم: بالعهد القديم والحديث هو كلام الله وكتابه؟! أو أنّ هذا القرآن الكريم وحيه وخطابه؟
وانظر أيّهما أليق بجنابه وألصق، وما الأنسب منهما بساحة الحقّ وهو به أحق؟!
فقد رضيتك حكماً وخصماً، وعوّلت على ما عندك معرفة وعلماً.
ولكن الشفقة تعطفني عليك، وحبّ النصيحة تلفتني إليك، فيحملني ذاك أن أُوعز وأعزم عليك أن أستغفر الله ممّا تمرّ عليه في ذينك العهدين ولواحقهما من نسبة المعاصي والكبائر إلى كبار أنبياء الله وزعماء رسله، كالزنى بالمحارم وغيرها وشرب الخمر وأشباهها ممّا تشمأز منه حتى نفوس الرعاع المتهتّكين والعصاة المنهمكين!
فإنّ فيها كثيراً من ذلك يعسر حصره، مثل: كون (عيسى) روح الله قد كان شرّيب خمر (1)، وأنّه كان يعبّر عنها: بنتاج الكرمة (2) تعبير المولعين بها المنهمكين يشربها، كما قال ذلك للتلاميذ قبل صلبه مودّعاً لهم ولها!
ص: 297
هذا (داود) (1) رجل الله والنبي (2) والمتكلّم بالروح القدس (3) والموحى إليه (4) انظر ما نسب إليه من زناه بزوجة (أُوريا الحثّي) (5)!
وكيف حاول أن يموّه حملها منه وينسبه إلى زوجها (أُوريا)!
وكيف سعى في قتله لتخلص له امرأته (6)!
وما نسب إليه من التسامح عمّا هو موظّف في الشريعة من حدّ ابنه (أمنون) الزاني بأُخته (ثامار)! وبكاء (داود) عليه بكاءً عظيماً حين قتله (إيشالوم) (7).
وصار ينوح عليه الأيّام كلّها (8)!
وأعظم من ذلك ما فيها من أنّ الذي صنع العجل ودعى بني إسرائيل إلى عبادته وبنى له المذبح هو (هارون)!
وأشنع وأفظع، من كلّ ذلك أجمع ما اشتملت عليه ممّا جنته الخمر على
ص: 298
(لوط) البارّ، وفجوره ببناته (1)! مما تقشعر منه الجلود، وتشمئز له حتّى نفوس أهل الفجور ممّن هتك حجاب الحياء ليفعل ما يشاء!
إلى كثير من أمثال ذلك (2) ممّا تأباه الطبيعة البشرية ولا ترضاه لأنفسها ذوات العقول الأوّلية، فضلاً عن أن ترضى به لزعماء دينها ورجال مذهبها.
نعم، إلّا أنّ ممّا يلزم تطهير القلب عنه والجنان وتنزيه القلم عن لوثه واللسان نسبة أدنى الخطايا إلى أدنى أنبياء الله ورسله الذين بعثهم لتكميل خلقه وإرشاد عباده.
وتأبى العناية والحكمة أن يكون الناقص مكمّلاً والجاهل معلّماً والمريض معافياً.
ومن هنا ظهر شرف الإسلام.
وانفرد علماء المسلمين - ولا سيّما قاطبة الإمامية - بما يوافق ضرورة العقل من التمسّك بهذا الرأي الحصيف والمذهب الشريف، ألا وهو القول بعصمة الأنبياء والأوصياء (3) عن كلّ الذنوب وكافّة الخطايا (4).
إنّ (لوطاً) هذا المقذوف في كتب الكتابيّين بتلك الشناعة الفاضحة المذكور عندهم بهاتيك الوصمة القاذعة هو الذي ذكره الكتاب المجيد
ص: 299
المحمّدي، وأعلن مجده في مقامات منه عديدة ومواقف عتيدة، أحدها: قوله (تعالى): «وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ» (1).
فانظر تفاوت ما بين المقامين، وفرق ما بين الكتابين.
والغرض الذي استطردنا له هذا البحث وأقحمنا فيه هذا القول: أنّك إذا أردت الموازنة وقصدت المقايسة وبلغت إلى هذه المقامات من العهدين، فغض عنها بصرك واعطف إلى ما بعدها نظرك، وكرّم أهل الكرامة على الله من أن تسمع مثل هذه الشنائع في حقّهم أو أن يتطرّق احتمال هذه المنكرات إلى قدسي ساحتهم، واستبدل عن النظر فيما هنالك من هذه الأحوال بل الأهوال بالنظر في كرائم سور هذا الكتاب الكريم، فإنّك لا تكاد تجد سورةً من طوال سوره ومفصّلها، بل وأكثر قصاره، سيّما سورة مريم وسورة الأنبياء والطواسين والحواميم والمسبّحات، فما من سورة منها إلّا وقد ذكرت جملة من أنبياء بني إسرائيل وغيرهم بأجمل الذكر وأسنى الفخر بتجليل حافل و تمجيد حاشد.. تجدها تبارك عليهم بكلّ بركة، وتزكّي منهم كلّ سكون وحركة.. تثني عليهم أحسن الثناء بالصدق والصبر والصفاء، والأمانة والسكينة والزهد والطمأنينة، والنزاهة من كل دنيّة والعصمة من كلّ خطيّة، إلى غير ذلك ممّا أعدّ منه ولا أعده وأتحدّى به من هذا الكتاب ولا أحدّه.
وما أنا بصدد هذا المقام وتفصيل هذه الخطّة حتّى أضع لك الموازين والموازنة وأُريك سبل الهدى على وجه العيان والمعاينة، حتّى أُريك من التفاوت
ص: 300
شيئاً عجباً وأدعك تهتزّ إلى ديانة الإسلام شوقاً وطرباً، وأبُدي لك من انتكاث تلك العهود وخللها واختلالها ما تعود في أشعة تلك الشمس هَباً.
ولكن الله (جلّت الطافه) قد أيّد هذا الدين بأهله، فقيّض منهم من وفّى بهذا الغرض على أكمل وجوهه وأفضل أنحائه.
فقد ظهر الحقّ (بإظهار الحقّ)، وبان الصدق (بلسان الصدق)، وتجلّى التحقيق الصريح (بالجواب الصحيح) و (ردّ عبد المسيح)، وانقدح (التخجيل لمن حرّف الإنجيل) (1).
ص: 301
ثمّ إنّ جميع ما ذكره أُولئك الأعلام من دعاة الإسلام وما نقدوه وعدّدوه من رزايا العهدين إنّما هو فيما يتعلّق بخصوص معانيها وما يخصّ أُصول مضامينها: في مطالبها، في مآربها، في أغراضها، في تناقضها، في مقاصدها، في اُصول عقائدها، في فروع أحكامها، في سوء نظامها، في أشياء من هذا القبيل أُخر، فى أمثال لها لا تحصر.
أمّا لو جئت إلى ألفاظها ومبانيها وعبرت إلى عباراتها وأدواتها، فهناك ما شئت ممّا يكدّ الطبع ويميت الخواطر ويبلّد المشاعر، من: سماجة الألفاظ، وفجاجة المباني، وتعقيد المعاني، وفهاهة الأساليب، وانحلال التراكيب، وسوء استعار نار الاستعارات، وارتكاب ما لا يجوز من المجازات، إلى أشياء كثيرة لا تخفى على من له أدنى ذوق ومسكة في أساليب البيان وكيفية التعبير من أهل كلّ
ص: 302
لغة ولسان.
ذاك ما نعرفه في لساني ترجمتها من العربية والفارسية الكاشفين عن أصل لسانها المجعول لها في العبرانية واليونانية.
ولكن يميناً بعرى الأيمان والحكمة اليمان وشرف الأديان وعزّة الزُبر والأناجيل والقرآن، إنّي ما قصدت بما سردت ولا أممت بما قدّمت ولا أردت بما أوردت الغميزة في كتب الله المقدّسة، ولا الطعن في أحكامه المؤسّسة، ولا التكدير في شرائعه المروّقة، ولا التعيير على فِرق عباده الموحّدين له وإن كانت مشاربها متفرّقة!
وكيف يسوغ لمسلم من حقير أو جليل أن يطعن في شيء من التوراة أو الإنجيل! وهذا سجل الإسلام المسلّم وكتابه المعظّم لا يزال يعظّمها ملء فيه، ويسعى في البركة عليها بكلّ مساعيه، ويعلن مجدها ويسعد جدّها.
وكذلك يوشك أن لا تخلو أكثر سوره من ذكر لتلك الكتب الإلهية والمنزلات الربوبية جمعاً وتفريقاً إشارة وتصريحاً.
راجع سورة المائدة، وانظر قوله (تعالى): «إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء» (1) الآية، وقوله (تعالى طوله) بعدها بقليل: «وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى بْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ» (2)، إلى كثير من
ص: 303
أمثال ذلك ممّا لا يلزم إيراده و تعداده ممّا اشتمل على ذكر لوامع أنوارها وسواطع آثارها وجوامع أخبارها وشؤون منزلها وعظيم منزلتها.
ولكن الحقّ لك أقول، وأرجو - بعون الله - أن لا أحول عن الحقّ والصدق ولا أزول: إنّ تلك الكتب التي عناها القرآن وجعل لها كلّ هذا الشرف والشأن ما هي بهذه العهود التي نراها اليوم متداولة في أيدي القوم.
وإلّا فأين الهدى والموعظة والنور، وهي على الحال التي عرّفتك أقلّه و تركت جله؟!
ولو كانت تلك هي هذه فقد أحال القرآن وحاشاه، وأبطل وأخلف وجلّ عن ذلك قدسي علاه.
وكيف وأنّى يختلف منه الحال وفيه تبيان كلّ شيء وتفصيل كلّ إجمال؟!
وها هو (جلّ شأنه) قد دلّ على تحريفها وتغييرها وتبديلها وإخفاء حملتها الأوّلين لأكثرها في مواضع منه كثيرة ونصوص بيّنات منه مستنيرة. تعرف ذلك من أمثال قوله (تعالى): «مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ» (1).
وقد تكرّرت فيه هذه الجملة إيعازاً إلى ذلك الغرض وإيماءً إلى هذه النكتة.
وأصرح منها في المقصود أمثال قوله (تعالى شأنه) في المائدة أيضاً: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ» (2).
ص: 304
وعليه، فقد ارتفع الإشكال واتّضح الوجه في عدم تعاهد المسلمين لذينك العهدين مع تعظيم كتابهم الشريف للكتابين. فإنّ ما له الثناء غير من له الجفاء ومن له الذمّ غير من له ذمة الودّ والولاء.
ويشهد الله أنّي ما قصدت في جميع ما قدّمت من القول في هذين العهدين الغضاضة والتحامل، وإنّما الغرض الأقصى هو بيان شرف الكتاب العزيز وحصن الإسلام الحريز، واعتلائه وارتقائه وتفوّقه على كلّ ما يُزعم أنّه في عداده ومن أشباهه ونظرائه:
فلا يحسب التمتام أنّي هجوته *** ولكنّني فضَّلتُ أهلَ المكارم (1)
وما كان من عزمي وعزيمتي وليس من خلقي وسجيتي ولا من خُطاي وخطّتي الفحش والفحشاء والتعرّض للإيذاء، والإقذاع والشتيمة والوخزة الوخيمة، بل بنيت أمري على الدعوة الجميلة والجري على ما يقتضيه الأدب والفضيلة في تحرير المحاورة وآداب المناظرة وحسن المعاشرة، وعدم التجاوز لما يثبته العلم وتشهد به الحقيقة، ويقوم عليه الدليل والبرهان ويعتدل به لسان الميزان، وإلّا لسردنا وعدّدنا، ولنُحنا نحن على تلك الديانات وعدّدنا!
ومهما أحسّ الناظر في هذه المواضع بشيء من ذلك ممّا هو على غير تلك الخطّة وعلى خلاف هاتيك الشريطة، فليفوّق سهام الملام لسوانا، وليجعل النعي والمرزعة على غيرنا، فإنّ البادي أظلم(2) والقصاص حقّ وإن كانت الجناية مأثم.
ومع ذلك فما أكثر ما أعرضنا عنه وضربنا دونه صفحاً وأغمضنا عنه عيناً،
ص: 305
من أشياء لهم تصادم ضرورة العقول وبديهة الوجدان وأوائل الغرائز!
نعم، جدير بنا أن نبدي كلمتنا في مسألة (الأقانيم) التي هي أصل من أُصول أديانهم، وأساس لمذاهب المسيحية اليوم جميعاً.
اتّفقت كلمتهم على هذه الأساسية الدينية، وهي قولهم: (الأب والابن وروح القدس أقانيم ثلاثة إله واحد) (1).
ولكن أنت هل تجد في أوائل العقول وأطراف القرائح أجلى وأبده من استحالة اجتماع النقيضين وصيرورة الواحد الحقيقي البسيط ثلاثة أو اثنين؟!
وعليه، فليت شعري - وما أدري كيف تسنّى القول لهؤلاء القوم بوحدة الإله الحقّ وحدة حقيقيةً مع أنّه ذو أقانيم ثلاثة؟! ومن أيّ وادٍ سلك أُقنوم الابن حتّى حلّ في (عيسى) أو اتّحد بناسوته، فعاد الواحد متعدّداً وصار (عيسى) إلهاً متجسّداً، ثمّ حلّ في التلاميذ (الحواريين)، ثمّ في سائر البابوات والقسس؟!
وقد مرّت بك الإشارة إلى ما في هذه المقالة لدى مواضع من دعوتنا.
ولولا وضوح حالها لبسطنا مهاد البحث فيها، ولكنّها من الضروري الذي يلزم عود النظري إليه، وعنده يقف وينتهي البرهان، وإلّا فلا معوّل عليه.
وظنّي أن جميع القائلين بتلك المقالة الدائنين بها حتّى الكرسي الرسولي
ص: 306
(آلهتهم المتجسّد [ة] وجسدهم المتألّه) لعاجزون عن حلّ هذا الرمز المجهول المصادم لضرورة العقول من امتناع كون الشيء الواحد البسيط متعدّداً ذاتاً وحقيقةً أو مثلاً وصفةً تعدّداً في الخارج وعلى طباق الواقع.
وقد أجهدت أُولو الفكرة أفكارها في أن تحصّل لذلك معنى متعقّلاً، أو تتعقّل له وجهاً محصّلاً، فما أصابته، بل وقفت عند محار الدليل وانقطع بها السبيل!
نعم، هذه البهماء العضال أو بنت الوهم والخيال قد ذكرها بعض كتّابهم في مجلّة له (جسمانية)، أورد بها عن بعض شيوخهم من أهل النظر مناظرة مع شيخ مسلم، قد أحسن له الكاهن المسيحي لتلك العويصة تصويراً وقربّها إليه تمثيلاً و تعبيراً، ورام بجهده أن يجعلها أمراً معقولاً ومعنى مقبولاً، ويرفع ما تستلزمه من غائلة الشرك والتعديد ومزاحمة الفردانية والتوحيد.
ونحن نورد لك خلاصة ذلك البيان والتقريب، ثمّ ننظر هل يجدي ذلك نفعاً ويدفع باطلاً ويحذف محذوراً، أم ليس هو سوى تشقيق معانٍ وتزويق ألفاظ، ما هي من الحقيقة في شيء؟!
قال: (لمّا احتلّ الفرنسيّون مدينة قسطنطين من أعمال الجزائر كان الأب (سوشيه) يعالج الجرحى بلا تمييز بين مسلم ونصراني، فحدّث له يوماً أنّه كان يضمّد جراحات أعرابي، وما لبث أن مرّ به فقيه قد علا رأسه الشيب، ولحيته البيضاء تحدّث عن تقدّمه في السنّ، فقال الشيخ للكاهن:
لِمَ تداوي هذا العليل؟!
قال الكاهن: لأنّه أخي!
أخوك! كذبت! إنّك نصراني، وهو مسلم، وإلهك ليس بإلهنا.
ص: 307
قال الكاهن: إلهي هو ذات إلهك، فهو خالق السماء والأرض وكلّ ما فيهما، ونحن جميعنا بنوه.
قال الشيخ: أنتم معشر النصارى تعبدون ثلاثة آلهة، فإنّكم من المشركين. فعندما سمع الأب هذه الكلمات المجحفة بحقّ دينه رفع ألحاظه إلى العلى، وطلب من ربّ الأنوار أن يمنحه عضداً وعوناً كيلا تسقط بذور كلامه في أرض قاحلة.
ثمّ قال: يا شيخ العرب، إنّك بين الإسلام لفي رتبة رفيعة ومقام سام وسلطة ذات شأن، حزتها بالعلم، وجاهدت بقوّة ذكية لتحصيله، فقل لي - ناشدتك الله: هذه القوّة، ما اسمها؟
- اسمها: العقل
لله درّه من جواب بليغ! ولعمرك قد تشعر بالشهوات أحياناً، وقد أسعرت في قلبك حرباً عواناً، فتدنوا منك الأشواق مزدانة بزيّها الخدّاع، وربّما أوشكت إرضاء رغائب الشهوة. إنّما سمعت كصوت باطني يحدّثك: لا تأتي المنكر فهو حرام، فقاومت أميالك وكلّل الظفر مسعاك! فما اسم هذه القوّة؟
- هي الإرادة.
- نعم الجواب! ولا أشكّ أنّك تذكر أيّام الشباب وطيب العيش، كما تتصوّر أحياناً صوراً هائلة وحوادث محزنة، فتارة والدة طريحة الفراش في ساعتها الأخيرة، وأُخرى صديقاً في وداعه الأخير، وهكذا تعيش من ماضي الزمان وغابر الأيّام، فما تدعو هذه القوّة التي تخيّل لك هذه المخيّلات المختلفة عذبة تارةً ومزعجة أُخرى؟
- أدعوها: الذاكرة.
ص: 308
قال الكاهن: أوَ لك إذاً ثلاث أنفس؟!
قال الشيخ: إنّما هي قوى ثلاث في نفس واحدة بسيطة.
- وأنا أيضاً ليس لي إلّا إله واحد في ثلاثة أقانيم، أي: ثلاثة أشخاص، أو بتعبير آخر: ثلاثة أقانيم في إله واحد:
الأب، ويعبّر عنه: بالعظمة والجبروت.
الابن، ويعبّر عنه: بالعقل، أو النطق (الكلمة).
الروح القدس، ويعبّر عنه: بالمحبّة والقداسة).
ثمّ أتمّ الحكاية أو الرواية باستسلام المسلم وإيمانه للكاهن، وختمها بقوله: (ثمّ نهض الكاهن إلى الفقيه وعانقه، والدموع تسيل من مقلتيهما) انتهى.
ونحن لا يهمّنا أن تكون واقعة أو مثالاً.
بيد أنّنا نشكر فضل الكاهن، فإنّه أخرجها من قاتم الإبهام إلى مقام التعقّل، وفتق لنا فيها منفذاً للبحث والنظر بعد أن كانت في القديم من أسرار الكهنوت التي لا يسوغ للعقل أن يدنو من حريمها أو يمدّ يداً إلى أديمها، بل يأخذها من (الأكليروس) مقلّداً ويتقلّدها متعبّداً من دون أن يفهم ولو أوّل سطح من حقيقتها، وإلّا كانت عليه اللعنة، واستحقّ الطرد من الكنيسة (1)!
ونحن نستتمّ تلك المحاورة، ونضع أنفسنا موضع ذلك الفقيه، ونقول للكاهن:
قد أحسنت عن تلك الحقيقة التصويرَ، وتلطّفت في التمثيل، وكافحت الحماية حوزة التوحيد عن هجوم شياطين الشرك وأوهام التعديد، وجئت
ص: 309
بالسهل المتيسّر لكلّ أحد فهمه الذي لم أجده من جهة الوضوح حتّى في (الخلاصة اللاهوتية) للقدّيس (توما) (1) الشهير في الحكمة الإلهية والفلسفة المتعالية، على كثرة ما حرّر وأطال واستوسع المجال. راجع من مبحث الاثنين والثلاثين إلى آخر المجلّد الأوّل، راجع أنت، عساك تحصل على طائل!
أمّا أنا - والأغلب أنّ القصور منّي - فلم استفد ما استفدته من حديث هذا الكاهن.
ولكن غير محظور علينا أن نبحث في تمثيله بحثاً علميّاً دون أن يكون دينيّاً.
أعني: أنّنا لا نريد أن نبحث أنّ القول بالأقانيم شرك، أو مستلزم للشرك، أو توحيد، أو غير مضرٍّ بالتوحيد، كما لعلّه هو المتحصّل للفكر بعد غاية سيره.
ولا يضرّ إطلاق الشرك أو الكفر فيما أُطلقا فيه من الكتاب والسنّة؛ فإنّ للشرك مراتب، حتّى عُدّ الرياء ونظائره منه: «وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ» (2).
نعم، والتوحيد المحض في الذات والأفعال والصفات والشهود والتحقّق لا يحصل إلّا للخاصّة، أو ما يعبّر عنه: بالإنسان الكامل الذي يعزّ عليّ أن أقول: إنّه
ص: 310
أعزّ من بيض الأنوق (1)، وأبعد تناولاً من العيّوق (2).
والغرض أنّنا نفحص ونمحّص ذلك التمثيل، ولكن لا من حيث إنّنا نريد أن نثبت أنّ الأقانيم شرك و تعداد في الآلهة، أو أنّ المسيحيّين - معاذ الله - غير موحّدين.
كلّا، بل من حيث إنّها هل هي من قبيل ما ذكر الكاهن من وحدة القوى الثلاث مع النفس، بل سائر القوى، على ما ألمعنا إليه في أُخريات الجزء الأوّل (3)؟ أم مسألة (الأقانيم) [ف_] لا تقاس على هذه المسألة، ولا ربط للواحدة بالأُخرى بتّاً؟
وعليه، فنقول بعبارة جليّة:
إنّ الوحدة في الأدلّة إمّا أن تكون حقيقية، والتعدّد ثلاثة اعتباري.
نظير قول بعض الحكماء والفلاسفة الأقدمين باتّحاد العقل والعاقل والمعقول (4)، بمعنى: أنّ الشيء الواحد البسيط باختلاف النظر والحيثيات واللوازم والآثار يتعدّد اعتباره كمختلف الحقيقة والماهية؛ إذ ليس هو في العين والخارج غير حقيقة واحدة، والتعدّد فرض واعتبار.
وهذا التصوير مستحيل في الأب والابن وروح القدس؛ لأنّه لا يتحقّق -
ص: 311
كما عرفت - إلّا في الواحد الخارجي الذي لا يكون تعدّده إلّا في الذهن والاعتبار، ويستحيل في المتعدّد عيناً المتكثّر خارجاً.
ومن المعلوم أنّ تلك الثلاثة (الأقانيم) متعدّدة في الخارج منحازة في الوجود، كلّ واحد له ما بإزاء خاصّ ومصداق معيّن.
والمسيح (عيسى) عليه السّلام لمّا كان في الأرض بين تلاميذه لم يكن العالم خالياً من الأب والروح، أعني: أنّه ليس الكون خالياً من وجودهما الخاصّ بالنحو الذي يليق بهما وينبغي لهما، غير وجود ناسوت (يسوع) الجالس بين أصحابه في فراغ معيّن كواحد منهم.
وهذا التعدّد الحقيقي المنافي الوحدة الحقيقية التي يستحيل كلّ فروض التعدّد فيها - سوى فرض التعدّد الاعتباري - مسلّم في المقام لا ينكر.
أعني: أنّ النصارى لا ينكر واحد منهم أنّ لكلّ واحد من أولئك الأقانيم الثلاثة وجوداً خاصّاً ومصداقاً معيّناً، كما قال الكاهن: (إنّها ثلاثة أشخاص).
إذن فيستحيل التعدّد الاعتباري، كاستحالة الوحدة الحقيقية.
وإمّا أن تكون الوحدة اعتبارية، والتعدّد ثلاثة حقيقي خارجي، على العكس من الفرض الأوّل.
وهذا هو الأقرب إلى النظر الذي يمكن في عالم العلم، ويتعقّل في الذهن والعين، ويصحّ للقائل أن يقول به وللذاهب أن يذهب إليه.
ولكنّه وبالأسف قول بانتفاء الآلهة مطلقاً لا واحدة ولا ثلاثة؛ لما عرفت من أنّ الواجب إذا تركّب أو تعدّد صار ممكناً محتاجاً؛ ضرورة تركّبه ممّا به الاشتراك وما به الامتياز إن كان متعدّداً، واحتياجه إلى أجزائه ومن ركّبها إن كان مركّباً:
ص: 312
إله مركّبٌ ما سمعنا *** بإله لذاته أجزاء!
فلو كان كلّ واحد من الأقانيم واجباً وإلهاً - كما يقولون - لبطلت الآلهة (معاذ الله) لا واحد ولا أكثر.
فلا يقاس شيء من هاتين الصورتين على مسألة (اتّحاد العاقل والمعقول والعقل)، أو مسألة (تغاير الصفات للواجب مفهوماً واتّحادها عيناً وحقيقةً).
فإنّ الاتّحاد بل الوحدة في هاتين المسألتين خارجية عينية، والتعدّد ذهني اعتباري.
ولا مانع فيه ولا ضير؛ فإنّ مفهوم القادر غير مفهوم العالم والحي، ولكن المصداق واحد بسيط خارجي هو منشأ انتزاع تلك المفاهيم المتعدّدة بحسب آثاره المختلفة.
ومن هذا القبيل حديث النفس وقواها.
وقد تقدّم بسط ذلك في مبحث وحدة الذات وعينية الصفات من الجزء الأوّل، فراجع (1).
أمّا الأقانيم فالمحذور فيها وملاك إشكالها هو تعدّدها الخارجي المحسوس والمعلوم بضرورة العقول، وهو المانع من وحدتها حقيقة ووحدتها اعتباراً وحدة تجامع الوجوب؛ لامتناع مجامعة الوجوب مع التركيب.
وليس وراء ذينك الصورتين في منفسح فرض العقل من صورة محتملة صحيحة أو باطلة، إلّا صورة التوحيد المحض، وهي: أنّ الإله هو الواجب الحقّ، والابن والروح من الخلق، لا حظّ لهما من الإلهية، لا نقير ولا فتيل، وأنّ القول
ص: 313
بربوبيتهما على نحو ربوبية الأب ضلال أو تضليل.
أمّا حديث (الفداء)، و (المخلّص)، و(اللعنة)، و (الذبيحة) (1)، وأمثال هذه الحروف، فنغمض عنها عيناً ونغضّ دونها طرفاً!
فإنّ الخوض فيها لا محالة خارج عن نطاق المباحث العلمية، ولا جرم يكون خدشاً في أديم الأديان وجرحاً لعواطف تلك الأُمّة التي ما أكثر ما فيها من الأعزّة الكرام علينا من جيراننا ومواطنينا.
على أنّ تلك الأُمور صحيحة كانت أم غير صحيحة، مزيجة كانت أم صريحة، على أيّ حال كانت، فهي لا تضرّ بجوهر الدين ولباب التوحيد، وإنّما الأساس والمهاد هي تلك المسألة: مسألة (الثالوث الأقدس)..
مسألة (الثالوث) هي التي تستوقف الأفكار وتستدهش الألباب وتقف حياري عندها العقول ما تدري ما تصنع وما تقول!
مسألة (الثالوث) هي التي لها أعظم أثر في الأديان وأكبر ضربة على الشرائع!
فإنّي أشهد - وكفى بالله شهيداً - أنّه ما دخلت البليّة على سائر الأديان، ولا هتك حريم التوحيد حتّى صار يعبد الإنسان في الأرض ويطاع الشيطان، ولا ظهر الغلوّ بين البشر، واتّخذت الناس بعضها بعضاً أرباباً حتّى ذاع الشرّ وانتشر، إلّا عند انتشار تلك المقالة - أعني: مقالة الأقانيم - التي جعلت الإنسان الحادث هو الإله القديم!
ص: 314
فإنّها هي التي فتحت باب الجرأة للأنام، وسهّلت لهم نقل أقدام الإقدام على تلك الخطّة الشاهقة المقام التي تزلق عن أوائل عواصمها عُصُم الأوهام، حتّى ظهر أهل البدع والأهواء، وانتجت الفساد [و] عقم الآراء.
فبزغت بل زاغت و نزغت جهلة الصوفية، بل والقرامطة (1)، والنصيرية (2) وملاحدة الإسماعيلية (3)، والفرقة المعروفة في عصورنا بالبابية (4)، وأمثالهم من
ص: 315
الملاحدة الذين يجمعهم جميعاً الطبيعية والنيشرية، يجمعها السعي في إزهاق روح الدين والمدنية والمناوأة مع كافّة الأديان والملك والشرائع الإلهية.
وما أقصى مقاصدهم وأغراضهم من ذلك إلّا أن ينسلخ الإنسان من جلباب البشرية والملكات الملكية إلى أخسّ صفات الحيوان من السبعية والبهيمية، ويخلع ما حثّت عليه نواميس الشرائع الحقّة من الصدق والصيانة والحياء والأمانة، فينكح ما يشاء، ويأكل ما يشاء، ويفعل كيف شاء، إباحة عامّة غير مقيّدة بعقال عقل ولا قوانين شريعة ولا موازين عرف ولا عادة، بحيث لا يختص أحد بشيء عن غيره، لا عرضاً ولا مالاً ولا غيرهما.
وما وجدوا سبيلاً لترويج هذه الأغراض الكاسدة الفاسدة إلّا بادّعاء الأُلوهية لأنفسهم، أو مرتبة من الربوبية لذواتهم.
فتارةً بدعوى الظهور والتجلّي، وأُخرى بالحلول والاتّحاد، وتارةً بتقمّص اللاهوت في الناسوت (1)، وأمثال ذلك الألفاظ والاصطلاحات العاطلة عن
ص: 316
حلية الحقّ وزينة الصدق التي هي بين باطل ممتنع من ملحد مبتدع، وبين معقول ممكن، ولكن لا يقتضي شيئاً من مراتب الأُلوهية والخروج عن ربقة العبودية.
و تالله، ما دبّ هذا الداء العضال، ولا باءت الديانة الإسلامية بهذا الوبال، ولا نهج مبتدعوها هذا النهج، ولا استدرجوا بهذا الدرج، إلّا من غلوّ النصارى في (المسيح) ودعواهم له الأُلوهية، وهو عبد الله مخلوق له، كما قال هو (1): «إنّه لم يأت من نفسه، بل الله أرسله» (2)، و: «إنّه لا يقدر أن يفعل من نفسه شيئاً» (3)، و: «إنّه لا يفعل ولا يتكلّم إلّا بما علّمه الأب» (4)، و: إنّه كان يقول: «يا أبتاه، في يدك استودع روحي» (5)، وإنّه ابتدأ يحزن ويكتئب ويدهش، وقال للتلاميذ: «نفسي حزينة جدّاً حتّى الموت» (6)، وصرخ (يسوع) بصوت عظيم وأسلم الروح، إلى أمثال ذلك من لوازم العبودية وخواصّ المخلوقية وما لا يجتمع مع شيء من الأُلوهية.
وكلّ ذلك قد صرّحت به أناجيلهم، ونصّت عليه رسائلهم.
فرفضوا أمثال هذه ممّا يقضي بها العقل والضرورة ويحكم بها الوجدان والبديهة، وتمسّكوا بمجازات واهية واستعمالات واهنة تصادم ضرورة العقل من مثل: كونه إلها وابناً، وأنّه قام من القبر بعد دفنه (7)، وأشباه ذلك ممّا لا يُعوّل
ص: 317
عليه في إثبات شيء من أُصول الديانات وأركانها، فضلاً عن مثل هذا الأصل الذي هو الركن الوطيد ودعامها الوحيد وبته.
نعم، وكلّ تلك الكلمات مصروفة عن ظواهرها بقرينة حكم العقل وقطعه و بتّه.
وهي محمولة على إرادة التعظيم والتكريم، وأنّ شخص (يسوع) من ناحية الإله وليّ الهداية والتعليم، فيجب إطاعته وامتثال أمره كما يجب إطاعة الإله.
ما هي إلّا لبيان أنّ له من الإله الرابطة الخاصة والنسبة الكاملة، وهي رابطة القرب إليه والزلفى منه والكرامة عليه.
وإلّا فقد ورد مثل هذه الكلمات في حقّ غير (عيسى) من الأنبياء، كما في [سفر] الخروج في حقّ (هارون) خطاباً (لموسى): «وهو يكون لك فماً، وأنت تكون له إلها» (1)، وقوله (تعالى) (لموسى) أيضاً: «أنا جعلتك إلهاً لفرعون، وهارون أخوك يكون نبيّك) (2).
وعليه، فلماذا لا يقولون بإلوهية (موسى)، وهم يعترفون بنبوّته وصحّة عهوده؟!
وليس المراد بكونه إله فرعون إلّا بيان وجوب إطاعته؛ لأنّه رسول الله، وإطاعة الرسول إطاعة المرسل فيما به الرسالة.
والغرض أنّا لا نكاد نعرف وجهاً من عقل أو شرع لهذا الغلوّ الذي دانت به
ص: 318
الأُمّة المسيحية وانفردت به، مع كمال عقولها وصحّة أفكارها ونفوذ خواطرها.
عجباً لهذه الأُمّة - وهي على ما هي فيه من وفور الحصّة من الحصافة - كيف جعلت هذه المقالة من أُصول ديانتها، وهي على ما هي عليه من وضوح الحال؟! «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهُ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً» (1).
وأنت لو تدبّرت وأنصفت كفتك هذه الآية عن الخصومة وأخذت لنفسك منها بين الفريقين الحكومة، وأمثال ذلك كثير في كتاب الله.
فقد تأكّدت عنايته واشتدّت رعايته في النهي عن هذه الغائلة والاحتجاج على فسادها وشناعتها، علماً منه (جلّ شأنه) بما يترتّب من المفاسد على تلك العقيدة وبما أعمل الشيطان فيها على الخلق من المكيدة، وما فيها من العدوى والسراية إلى اختلال سائر الأديان وإذهاب استقامة جلّ المذاهب.
و (إسماعيلية) (1)، و(نصيرية) (2)، و (حلّاجية) (3)، و(شلمغانية) (4)، وغيرهم ممّن ادّعى الإلوهية في أئمّة الهدى الذين هم أظهر عبيد الله في العبودية له والطاعة والانقياد إليه.
حتّى إنّ الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) لمّا سمع بمقالة الضالّ الشقي (سعيد بن الخطّاب) (5) في حقّه عليه السّلام ارتعدت فرائصه، وجعل يبكي بكاء
ص: 320
الثكلى، حتّى كأنّه كان يخشى أن ينزل عليه العذاب أو تصيبه صاعقة فتحرقه (1) حذراً من تلك المقالة فيه.
وكذلك قبله جدّه (علي) عليه السّلام لمّا سمع بمقالة (ابن سبأ) وأصحابه فيه خرّ ساجداً لله على الأرض، ثمّ رفع رأسه، وقال:
لمّا رأيت الأمر أمراً منكراً *** أجّجت ناري ودعوت قنبراً (2)
على ما هو مشهور في مظانّه، ثابت تفصيله في مواضعه (3).
ثمّ لم تزل هذه البليّة تسري والمصيبة تجري من أوّل الإسلام إلى هذه الأيّام، تحلّ وبها تنحلّ قوى سائر النحل وتميل، وتتمالأ على كلّ الملل، وتدبّ على الخلسة والخفاء دبيب النملة على الصفا في الليلة الظلماء.
كما تحسّ بذلك لو تدبّرت في جميع سلاسل الصوفية في حقّ مرشديهم ورؤساء سلاسلهم ممّن لا يسعني أن أبوح بأسمائهم وأنصّ على أعيانهم، وشهرتهم كافية عن ذكرهم.
وهكذا لا تزال تلك العقيدة تصنع ذلك في سائر الأديان، كلّ على اختلاف لحنه وتغيير عبارته أو طريقته، والجميع تحت رابطة إشراك غير الله في العبودية وضمّ خلقه إليه في الألوهية، كلُّ على نحو خاصٍّ به وطریق انفرد بابتداعه
ص: 321
ومن ذلك: ما حدّث أخيراً في بعض الإمامية من الفرق المعروفة: بالكشفية (1)، والشيخية (2).
ولعلّها هى من بعض تلك الفرق الأُولى قد تغيّرت أسماؤها واختلفت عناوينها.
وأما وعزّة وحدانية الله، إنّ جميع من ذكرناه ومن لم نذكره من هؤلاء إنّما شربوا من ذلك الماء واستنشقوا ذلك الهواء، وما أخذوا ما عندهم من التعاليم إلّا من تلك الأقانيم، وعليها نهجوا ومنها درجوا!
وإلّا فشريعة الإسلام المقدّسة - بالنظر إلى جوهرها وأصل كيانها - إنّما جاءت بالبساطة والمحوضة والخلوص والاستقامة..
جاءت بالتوحيد المحض والتنزيه الغضّ، وما هو في شريعة العقل حتم و فرض..
جاءت بلا إله إلّا الله لا نعبد إلّا إِيَّاهُ: «مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (3).
ولكن شوّهوا جميل محيّاها ودنّسوا صقيل سجاياها بما أدخلوه فيها من غيرها ومزجوه بها من مقالات سواها، حتّى عاد لا: «يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم
ص: 322
مُشْرِكُونَ» (1).
نعم، عاد حضرة الحقّ (عزّ شأنه) وإلوهيته المقدّسة وكأنّها مسخّرة بالباطل وحلية كلّ عاطل ولعبة كلّ جاهل! يدّعيها وتدّعى لكلّ مخلوق ضعيف، لا بل كلّ من لو تأمّل في نفسه لوجدها أقذر بالوعة أو...
وما هي بإحدى عجائب الدنيا وغرائبها، فما زالت الأصنام من الجمادات والحيوانات من بدء الدنيا وإلى اليوم تُعبد من دون الله.
ولكن موضع الأسف واللهف للموحّدين من الأُمم من الإسلام والنصارى، كيف رجع بعضهم إلى عبادة الأوثان القهقرى، وقد تقدموا بشرائع الله المقدّسة، فما بالهم تأخّروا إلى وراء؟!
والغرض أن ليس القول بالحلول والاتّحاد إلّا محض زندقة وإلحاد، وكذا القول بالظهور والتجلّي، إلّا على وجه تجلّي قدرة الصانع في أثر صنعه وظهور كمال الفاعل من كمال فعله، لا كتجلّي الحقيقة والذات أو الصورة في المرآة (تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً).
وبعد هذا كلّه، فإن جنحت الأُمّة المسيحية للسلم فاجنح لها (2)، وقل: «سَلَامٌ عَلَيْكُمْ» (3)، «كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» (4)، ثمّ قُل: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
ص: 323
تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» (1)، وإن أبوا فقل: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» (2).
ثمّ لا تذهب نفسك عليهم حسرات، فقد جرى في الأزل قلم المشية ونفذ قضاء القدرة لما هو أعلم به من المصلحة والحكمة أن لا تزال هذه الأرض معبداً للشيطان ومظهراً لشوكته ومقرّاً لتخت مملكته، يستعبد بها عباد الله ويطاع فيها من دون الله.
ألا ترى أنّ الله (سبحانه) أرسل من الأنبياء والمرسلين والأوصياء والصالحين منذ بدء الخليقة إلى خاتم الحقيقة ما يزيد على مراتب الأُلوف، وأيّدهم بالمعجزات القاهرة والآيات الباهرة، فبثّوا من النصائح والحكم ما يذيب الصمّ ويستنزل العصم، ودعوا إلى توحيد الله وإفراده بالعبادة وتنزيهه عن الشريك مبلغ وسعهم ومنتهى جهدهم، وسفّهوا الأحلام وضلّلوا الأنام في عبادة الأصنام، وأعادوا الحقّ أجلى للحسّ من الشمس..
ثمّ كان غاية كلّ عنائهم ونتاج جميع سعيهم من أوّل الدهر إلى هذا العصر أنّه لم تنجل الغبرة إلّا والوثنيّون - كما تراه اليوم - أكثر من الموحّدين بأضعاف مضاعفة!
فانظر إلى رواج الباطل وانتشاره وكساد الحقّ وانكساره، وتبصّر إن كنت من أهل البصيرة، واعتبر إن كنت من ذوي العبرة، والله ولي التوفيق لنا ولك، وهو
ص: 324
أرحم الراحمين.
واعلم أنّ مسألة الأقانيم خفيفة المؤنة لا تحتاج إلى إقامة دليل وبرهان وتكلّف إطالة في البيان.
وخلاصة القول فيها: إنّها مع القول بالوحدانية جمع بين النقيضين، وهو في الاستحالة والفساد من أجلى البديهيات وأوّل الفطريات، ومع عدم القول بها يلزم التركيب المساوق للإمكان، أو التعدّد المستحيل اجتماعه مع الوجوب.
وقد مرّ عليك تفاصيل كلّ ذلك في فصل التوحيد، فلا نطيل بالإعادة.
ومثل هذه المقالة في الوهن والخطل المقالة: بأنّ جميع الأنبياء قد ارتكبوا الخطايا، وأنّ النبي المعصوم من الخطيئة ليس هو إلّا (عيسى) عليه السّلام (1)!
أمّا معشر الإمامية فقد عرفت (2) أنّهم جميعاً يقولون بعصمة جميع الأنبياء.
ولعلّ سائر المحقّقين من فرق المسلمين يذهبون إلى ذلك (3).
نعم، الأنبياء كلّهم معصومون من كلّ خطيئة: «لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِن رُّسُلِهِ» (4) وإن تفاوتت مراتب كمالاتهم ومنازل قربهم من الله، ولكنّهم سواء في عدم ارتكاب المعاصي المحرّمة ومناهي الله المحتمّة، لا فرق بين (عيسى) وغيره.
ص: 325
كلّ ذلك نظراً إلى تنزيه الله (جلّ شأنه) عن أن يرسل لتكميل الخلق من هو ناقص في ذاته، ويبعث مصلحاً للأنام من هو فاسد في نفسه، فإنّ ذلك قبيح عند العقل، والله (جلّ شأنه) منزّه عن كلّ قبيح.
وأنا جيلهم تشهد بما ذكرنا، حيث تقول في الثالثة عشر من (متّى): «أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملّح؟! لا يصلح بعد لشيء، إلّا لأن يطرح خارجاً ويداس من الناس»، وقريب منها ما في الرابعة والثلاثين من (14 لوقا) (1).
وخلاصة القول: إنّ كلّاً من الدعويين باطلة بحسب أسفارهم وأناجيلهم:
أمّا أنّ جميع الأنبياء قد ارتكبوا المعصية وقارفوا الخطيئة، فقد عرفت ما يدلّ على بطلانها ويقتضي فسادها من قوله: «أنتم ملح الأرض»، والحكمة فيه مطّردة والعلّة سارية، فلا يختصّ بمورده.
على أنّ لها نظائر كثيرة في العهد القديم في بني (إبراهيم وموسى وهارون).
نعم، في العهدين كثير ممّا ينصّ على ارتكاب جملة من الأنبياء أشنع المعاصي، كما تقدّم نقله في (هارون) من اتّخاذ العجل، و (لوط) في زناه ببناته، و (داود) بالمرأة المحصنة زوجة (أُوريا الحثّي)، ودفعه إلى القتل لتخلص له حليلته (2)، وكثير من أمثال ذلك، (سبحانك اللهمّ وغفرانك)! إنّ ناقل الكفر - كما قيل (3) _ ليس بكافر.
ص: 326
فكتبهم إذاً متعارضة، والترجيح هنا لما وافق حكم العقل حيث يتعارض مع النقل سيّما في مثل هذا المقام من أُصول الأديان.
وأمّا أنّ (عيسى) هو النبي المعصوم من الخطيئة، فنحن نقدّم إليك أوّلاً أنّا معاشر الإسلام أنطق بحمده وأعرف بجليل شأنه، وقرآننا الكريم أشدّ إعلاناً بمجده وأقوى اعتصاماً بتنزيهه وعصمته، ولا نحيط برفيع قدره وعظيم حقّه، ولا نحطّ من شأنه ورتبته، كما لا ننزله فوق منزلته.
ولكن نقول آسفين: إنّ أُولئك الذين يزعمون ذلك له وينزلونه فوق المقام الذي أنزله الله فيه قد نسبت أناجيلهم إليه الخطايا الكثيرة، والمعاصي الكبيرة، كما تقدّم من نسبة شرب الخمر إليه، والعهدان يصرّحان بالنهي عن شربها ولا سيّما في حق الأنبياء المنزّهين عن اللهو والباطل، وهي من اللهو بالضرورة، مضافاً إلى حكم العقل بقبح السكر وإزالة الشعور البتّة.
ومثل ذلك نسبة الكذب إليه والخلف في قوله (معاذ الله من خطور ذلك في الخيال في حقّ رسل الله المكرّمين وصفوته القدسيّين).
راجع (يوحنّا)، تجده يوحي إليه ويومي، بل ينصّ عليه.
وهذان أصلان من أُصول دياناتهم، وقس عليها باقي أُصولهم وفروعهم!
وقد تقدّمت إليك وأطلعتك على دخيلة أمري ونخيلة سرّي، وأشهدت الله (جلّت عظمته) أنّه ما كان من نيّتي ولا من ركيزة قصدي إلّا غض النظر وغمض العين عن مساوي الأغيار والتعرّض لكشف ستارها وإبداء عوارها، ولكن: (جنت على أهلها براقش) (1)!
ص: 327
أراد صاحب (الضلالة) أن يفضح فافتضح، وأن يهتك فهُتِك، وأصبح في أُمّته ولملّته عين الصديق الجاهل الذي هو أضرّ من العدوّ العاقل، وهو الذي ثلم عليها هذه الثلمة وأسال على رمولها ذلك السيل: (رام نفعاً فضرّ، وحاول نصحاً فغرّ)!
صاحب (الضلالة) هو أضلّنا عن القصد، وصدّ بنا عن سبيل الأدب
ص: 328
والحشمة، وحاد بنا عن حفظ الحرمة والكرامة، وصيّرنا نترامى بالمراجم (1) ونتكايل بالمحاجم (2)!
وكان ذلك من أبغض الأشياء إلينا وأشدّها وقعاً علينا.
وما كان أغنانا وأبعدنا مكاناً عن دفع القلم إلى أمثال هذه المخاضّة. وإلقائه في حمأة تلك الأحوال والأوحال، ولكن ألا لا صفا عيش من كدّر صفونا، ولا حلم الله عمّن أهاب بذهاب حلمنا، حتّى جرى اليراع بما جرى عفواً واندفع الطبع بما سبق رسلاً!
وعلى أيٍّ، فحيث جرى ذكر عصمة الأنبياء حَسُن بل وجب بعض القول فيها دفعاً لبادرتك بالانتقاد ومبادرتك بالإيراد، قائلاً:
كيف تدّعون للأنبياء العصمة، وكتابكم ينطق بخلاف ذلك ويصرّح في حقّ جملة من الأنبياء بوقوع الذنب منهم والمعصية، فلماذا تقول بغير ما في كتابك و تخص الأناجيل بعابك؟!
فاعلم (هداك الله) أنّ علماء الإمامية من أوائل الإسلام إلى اليوم قد أشبعوا القول في هذا المسألة، وما تركوا فيها قدر قلامة ظفر من شبهة أو ريبة، وقد ذكروا لكلّ واحد من تلك المقامات التي أشرت أنت إليها ونظرت معوّلاً في الطعن عليها أجوبةً تخصّها ووجوهاً تليق بها ولا تتعدّاها.
ونحن لا يسعنا ذكر تلك التفاصيل وتعداد تلك الموارد واحداً بعد واحد،
ص: 329
فاطلبها من مشروعاتها وخذها من مقاماتها (1).
ولكنّا نعطيك الجواب العام الكلّي الذي تنحلّ به جميع العُقد، وتزول به كلّ هاتيك الشبه، ويتّضح لك به الفرق بين الموردين وتعرف الميّز بين عهدة القرآن وعهدة العهدين، وأُقيم عندك العذر بوجه واضح بل بميزان راجح في قدحي لهذا ومدحي لذاك وتوزيع انتقادي واعتقادي بين ذا وذاك.
هو: أنّ النظر دلّنا والفكر قادنا، ولم نجد بدّاً من الأمر الحتم والقول الجزم بأنّ الدليل العقلي القاطع إذا حكم فيما له الحكم فيه ثمّ عارضه الدليل النقلي، فهو إمّا مقطوع على أنّه من واضع الشريعة المعصوم من الخطأ والخطيئة، أم يكون لذلك محتملاً والأمر فيه بعد مبهماً مجملاً ولا قاطع عليه.
فأمّا المقطوع أنّه منه فإن كان من الظواهر التي تصلح للتأويل أوّلناه على ما يوافق الدليل العقلي، وأرجعناه إليه على موازين تلك اللغة وقوانينها الخاصّة بحيث لا يُعدّ غلطاً بين أهل عرفها وذوي المهارة فيها، ولا مجازاً مستهجناً عند خطبائها وفرسان البيان في ميادينها.
وإن كان من النصوص التي لا تصلح للتأويل ولا تقبل الحمل والتحويل ولا التغيّر ولا التبديل فقد عرفت أنّا نعدّه من المتشابه الذي نؤمن به على إجماله ونقول: الله ورسوله أعلم بحاله، ولا نرفع اليد عن الدليل العقلي لمعارضة ذاك الدليل له ولا سيّما الفطري الضروري بحال من الأحوال.
ص: 330
وأمّا المشكوك أنّه من صاحب الوحي ومالك الأمر والنهي فوجود مثل تلك النصوص التي لا تقبل التأويل على موازينه الصحيحة وقوانينه الدائرة المعمولة المعارضة تلك النصوص لحكم العقل القاطع أقوى دليل وشاهد على عدم صدورها من ذلك العقل الكامل، فإنّهما رسولان: ظاهر وباطن، وكلّ منهما لأخيه مصدّق وموافق.
فإذا تحقّق لديك هذا الأمر الجلي وقام الميزان عندك في تعارض الدليلين العقلي والنقلي، نقول في تحقيق التطبيق:
خذ - يا صاحب الإنجيل كتاب الله الجليل وأحصِ ما ترى أنّه من ذلك القبيل، فهل تجد أصرح وأنصّ وأوضح وأخصّ في ارتكاب النبي للخطيئة والمعصية من قوله (تعالى): «وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى» (1)؟! فإنّ الغواية والمعصية قد يُتراءى أنّه ليس فوقهما لفظ في النصوصية والصراحة.
و مع ذلك فجهابذة المفسّرين - ولا سيّما الإمامية منهم الذين يلتزمون بتنزيه الأنبياء وعصمتهم - قد ذكروا في هذه الآية من الحمل الراجح والوجه الصحيح ما لا يكاد يرتاب فيه أعجمي ولا فصيح (2)!
وهو: أنّ المعصية تستعمل شائعاً في مخالفة الأمر، والأمر أعمّ في الاستعمال من الوجوب والندب.
وهذا لا يشكّ فيه أدنى من له دُربة في المحاورات ودراية بأساليب العبارات.
ص: 331
وإنّ (آدم) عليه السّلام كان نهيه عن أكل الشجرة نهي تنزيه وكمال، ومعصيته عبارة عن تفويت ما هو الأولى له من الترقّي في مراتب القرب ومنازل القدس و محالّ الكرامة، لا أنّه فعل مبغوضاً الله في ذاته قبيحاً في حّد نفسه.
وذاك أنّ الله (جلّت الطافه) أحبّ (لآدم) أن يعافي من دار المحنة والبلاء والتكليف، ويُمتّع في دار الراحة والخلد والنعيم، فاختار (آدم) لنفسه غير ما أحبّه الله له، وترك الأولى به والأكمل له فوكّله الله إلى عمله وما اختاره لنفسه، وخشي (آدم) أن يكون قد غضب الله عليه وقضى أن يخلّده في دار المحنة ولا يعيده إلى دار النعيم، فبكى على خطيئته حتّى تلقّى تلك الكلمات التي تاب بها الله عنه، وغفر له تلك الزلّة، وأعاده إلى دار قراره ونعيم جواره.
ولكنّه (غوى)، وما أكثر ما استعملت الغواية بمعنى: الخيبة (1)، فإنّه خاب من الرقي إلى المقام الذي كان قد أُعدّ له، ولم يجد الله له عزماً وثباتاً على ما يرشده إليه ويدلّه عليه من المصالح غير الراجعة إلى التكليف والأمر المحتم.
وهذا معنىً لو لم يكن ظاهراً من الآية نفسها أو بضميمة جميع ما ورد في قصة (آدم) من الآيات، لكان متعيّناً حمل الآية عليه.
وأقصى ما هناك ارتكاب شيء من المجازات الشائعة التي لا يخلو شيء منها من شاهد في العرف واللغة.
هذا كلّه مع الإغماض عن الدليل العقلي في باب عصمة الأنبياء، فكيف والحال ما عرفت!
ص: 332
أتراك لو تعبت وطلبت وفحّصت و محّصت كلّ باب من ذلك الكتاب، فهل تجد فيه نسبة الزنى بمحصنة أو بمحرم أو بأجنبية؟! أو هل ترى فيه أنّ نبيّاً شرب خمراً، أو أخلف وعداً، أو اتّخذ دون الله إلها؟! إلى أمثال ذلك ممّا هو نصٌّ في معناه قصرٌ على مؤدّاه، لا تجد له محملاً ولو تمحّلت، ولا وجهاً حسناً ولو اجتهدت.
قل لنا (سدّد الله قولك): بأيّ تأويل تؤوّل أنّ (لوطاً) زنى ببناته بعد شرب الخمر؟! أو أنّ (داود) زنى بزوجة (أُوريا)، ثمّ سعى في قتله؟!
بحرمة الإنصاف، بذمّة الصدق والعفاف، أيحسن عندك أو يليق لديك أو يساعدك وجدانك أن يكون مثل ما في الثانية عشرة من (رابع حزقيا) من: أنّ الله (تعالى) أمر (حزقيال) النبي أن يأكل كعكاً من الشعير الذي يخبزه أمام عيون بني (إسرائيل) على الخرء الذي يخرج من الإنسان (1)؟!
أنصف أنت من نفسك وتدبّر في ذات عقلك، وانظر أهكذا ينبغي أن يكون وحي الله إلى رسله وكلامه مع أوليائه؟!
وأُقسم لولا عصائب العصبية وأردية العادات الردية لحكمت أنت أيّها الموسوي أو المسيحي أنّه لو صدر مثل هذا الكلام من أحد المخلوقين لعددته من السفلة المرذولين الذي هو من البذاءة والدناءة بحيث لا يبالي بما يخرج من فيه ولا بما يقول ولا ما يقال فيه!
ص: 333
وهذا كلّه ممّا يدلك على ما قلناه من: أنّ هذه الصحف التي يزعمون أنّها هي التوراة والأناجيل ليست هي التي أثنى عليها الله في ذلك الكتاب الأخلاقي الأدبي باللسان المبين العربي.
ثمّ أنت تجد هذا الكتاب الكريم كيف أعلن بمجد الأنبياء بكلّ بركة وتكريم تعميماً وتخصيصاً وتصريحاً وتنصيصاً على آحادهم وجموعهم مجموعين في سور مجتمعة ومتفرقين في آيات متفرّقة.
وهذا القرآن بين يديك، وليس هو ببعيد عنك ولا بعزيز عليك، ولعلّك تحفظ أكثره وتسبر كلّ حين سوره، فراجعه وإرجع إليه، واعمد له واعتمد عليه، وانظر هل تجد من النصف والكرامة والصحّة والاستقامة أن تجعل تلك الكتب والقرآن في قران، أو تقول: إنّهما سيّان؟!
حاشا لك وكلّا، والأمر أوضح وأجلى.
ولا أظنّ أنّ الجهل أو العناد يبعد بك عن الحقّ هذا البعاد، أو يحملك على المحال أو يحلّك بتلك المحالّ، وأنت ترى هذا الكتاب الكريم والنبأ العظيم ما من آية من آياته، أو جملة من جمله، أو قصّة من أقاصيصه، أو مثل من أمثاله، أو حكم من أحكامه، إلّا وهو يحتدم صراحة والاحة في الدعوة إلى الآخرة، والتحذير من الركون إلى الدنيا، والحثّ على مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وعمل البرّ والإحسان، إلى غير ذلك ممّا سردت لك منه كثيراً وما كان نسبته إليه إلّا نزراً يسيراً.
ثمّ ترى تلك الكتب وليس فيها إلّا القصص الباردة والحكايات السمجة، والغض من أنبياء الله، وغمط حقوقهم والحطّ من شؤونهم!
نعم، وأعظم من ذلك نسبة الخلف والخديعة إلى الله، وسمة الأنبياء
ص: 334
وأوصيائهم له (تعالى) بالكذب (معاذ الله)، فإنّه من الكذب عليهم وعليه.
ففي (رابع إرميا): «فقلت: يا سيّدي الربّ، حقّاً إنّك كنتَ خدّاعاً! خادعت هذا الشعب وأُورشليم قائلاً: يكون لكم سلام، وقد بلغ السيف» (1).
وأنا أقول: يا للأسف وللحيف! حقّاً لقد كان الحزم والعزم والأجدر والأحرى بتلك الشعوب والأُمم أن تكتم هذه الكتب بعد ظهور ذلك الكتاب، أو ليتها لم تفتح على نفسها هذا الباب! ولكان الأستر عليها صونها وسترها واعترافها بأنّها ما هي بتلك الكتب الإلهية ولا المنزّلات السمائية، وأنّ تلك قد ذهبت شعاعاً وتلفت ضياعاً، وراحت أدراج الرياح! فإنّ ملوك الوثنيين ك_(بخت نصّر) (2) ومن بعده أحرقوها ومزّقوها (3)، وما بقي منها إلّا القليل، والنضو (4) الضئيل الذي ضُمّ إليه أضعافه وأُتلف آلافه!
أليس الوثنيّون إلى برهة من بعد الميلاد ما انفكّوا ينتحون تلك الأُمم بالقتل الذريع والسيطرة القاهرة والسلطة القاسرة، وكانت تلك الأُمم - ولا سيّما المسيحية - أفراداً مستضعفة وأغراضاً مستهدفة، طعمة كلّ آكل وطماعة كلّ آمل!
ص: 335
وكلّ ممارس للكتب ومدارس يعلم أنّ (المسيح) حين شالت نعامته و تلاشت دعامته وصُلب - على ما تزعم أُمّته - ما كان عدّة من آمن به إلّا شدّاد يحصيهم العدّ وتعدّهم أنامل اليد! امتُهنوا من فراعنة زمانهم وملوك أعصارهم بالإحفاء والإخفاء بالنفي والحبس بالطرد والعكس، بالخنق والشنق، بالقتل والبتل!
ومن هنا نقول نحن معاشر الإسلام: إنّ معجزات (المسيح) (على نبيّنا وعليه السلام) ما ثبتت بالتواتر؛ لأنّ شرطه بل قوامه وتمامه بتساوي الطبقات في امتناع التواطئ على الكذب، وهو لا يحصل إلّا بإخبار كثرة يعسر في العادة عدّها في جميع الطبقات.
وهذا لم يتّفق لروح الله كما اتّفق لحبيبه الذي هو أعزّ عليه من روحه.
فإنّ من آمن به في حياته فات حدّ الإحصاء، وطبّقت معجزاته السامية في زمانه خطط الأرض وسكاك السماء، من: الحجاز، ومشارف الشام، وسواد العراق، وسكّان البوادي وقطّان الفيافي من الرّحالة والظعّانة وغيرهم، فإنّ أكثر هؤلاء تداكّوا على هذه الديانة تداكّ الهيم (1) على الماء، واعتنقوها اعتناق الهائم للمياه، ثمّ ما زالت إلى قرون بعده تنمو وتسمو وتتحلّى بالشرف وتحلو.
وأنت تعلم أنّ من أسلم منهم في زمانه وبعده بالرغبة والاختيار والامتحان والاختبار أضعاف من استسلم بالمحاربة والمحاولة والقتال والمناقلة.
ص: 336
ومن استراب في ذلك فما عرف ولا تعرّف ولا أنصت ولا أنصف، ولا سار في السير ولا اقتفى العين ولا الأثر!
فإنّ المهاجرين الذين آمنوا به في مكّة وما حولها قبل الهجرة، والأنصار الذين بايعوه على العقبة، ووفود العرب الذين كانوا يشدّون إليه الرحال عند بلوغ الدعوة، والملوك الذين آمنوا به قبل ظهور النبوّة، كلّ ذلك يدلّك على ما ذكرنا من أنّ انتشار دعوته وسطوع أنوار نبوّته ما كان إلّا لتجلّي معجزاته وإعجاز آياته، ووضوح الأمر في صدقه وظهور حقّه، وأنّه إنّما جرّد الأسنّة وجرّ الأعنّة وتحمّل في ذلك كلّ مهنة، ساعة لم تنفع الحجج البالغة والآيات الدامغة والمعجزات البازغة، ولم يجد بدّاً من نشر كلمة التوحيد وكسر شوكة الشرك، وحفظ جامعة الإيمان ودرء الشرور عنها.
و من جرّاء ذلك تصاعد حتى ركب متون الصعاد وامتطى ظهور الجياد لحرّ الجلاد، إلى أن أعلى الله كلمته ونصر التوحيد وأُمّته.
أمّا (المسيح) فما سامحته بشيء من ذلك أيامه، ولا اتّفق له من العناية ما تقدّمه في ظهور المعجزة وانتشار الدعوة أقدامه، ولا نال من الجهاد في ذات الله والذبّ عن الأحدية المقام المحمود الذي بلغته الذات الأحمدية.
فإنّه جاهد في الله الجهادين، وفارق الدنيا من البيضاء والصفراء صفر اليدين، وما زال هو وأهل بيته يشدّون على بطونهم حجر المجاعة، ويرون حجراً عليهم مفارقة حجر القناعة، إلى أمثال ذلك من كثير سجاياهم، وكبير مزاياهم، وعظيم أخلاقهم، وطاهر أعراقهم، ممّا يدّلك كلّ واحد منها على أنّهم أملاك في زيّ بشر وروحانيّون في بزّة أجسام وصور، وقدّيسون طهّرهم باريهم من كلّ رجاسة ونوّر عناصرهم بكلّ بركة وقداسة.
ص: 337
وما أردت بما أوردت في ما قدّمت ورسمت الغضّ من (المسيح) (معاذ الله) والحطّ من شؤونه، أو الخفض من رفيع مقامه، حاشا لله وكلّا، وإلّا فلا نلت من الحقيقة بعضاً ولا كلّاً، وإلّا فلا جرت أقلامي ولا سرت بي أقدامي!
كيف! و (المسيح) روح الله و: «كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ» (1)، وفضّله على کلیمه (موسی)! حيث يقول في اكتهاله: «وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِسَانِي» (2)، وهذا في المهد يتكلّم!
و (للمسيح) من تلك المعارج والمناهج مقامه الرفيع وشأوه المنيع وسعيه المشكور.
ولكن - يشهد الله - ما أردنا إلّا بيان الفضل والأفضلية والكمال والأكملية، وفقاً وطبقاً لما قال (جلّ شأنه) في عزيز كتابه: «وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورا» (3).
وحيث جعل الله هذا النبي الأُمّي أفضل النبيّين وأكمل المرسلين، وجعل شريعته أكمل الشرائع نظاماً وأرفعها مقاماً، وأجمعها لمصالح الدارين وأقربها لتحصيل السعادتين، لا جرم جعله خاتم الأنبياء وآخر السفراء، وجعل شريعته خاتمة الشرائع وأصفى المشارع؛ إذ لا شريعة أكمل منها في مجال العقل ومنفسح الفكر وحصافة الفحص ومصاعة (4) الآراء، كما أشرنا إليه من الحاجة في إثبات ذلك إلى الموضوع الذي يبحث عن كلّ واحد من أحكامها ومشروعاتها.
ص: 338
أمّا إثبات ما ذكرناه من أنّ شريعته خاتمة الشرائع وأنّه هو (صلوات الله عليه) خاتم النبيّين، فهو في غاية السهولة بعد إثبات أصل نبوّته، وصحّة دعوته، فإنّه موقوف على ورود النصّ منه بذلك، وقد قال (جلّ شأنه من قائل) كما في سورة الأحزاب: «مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ» (1).
وبعد هذا كلّه، فالعجب كلّ العجب عجباً - والله - يذيب القلب ويذهل اللبّ! ما يختلف على سمعي ويتعاور (2) على أُذني من أنّ الغربيّين من المسيحيّين قد نشروا في الآفاق دعاتهم، وبثّوا في البلاد رسائلهم ورسلهم، يدعون إلى الأخذ بديانتهم، ويرمون شريعة الإسلام المقدّسة بموهناتهم!
قيل للجمل: من أين أقبلت؟ قال: من الحمّام! قيل له: صدقت! هذا ظاهر عليك من خفّك النظيف، ووجهك اللطيف، ووبرك غير الكثيف، وقدّك المعتدل الأغيد، وجيدك الجيّد الأجيد!
وما أدري بماذا حجّتهم، وإلى أيّ شيء دعوتهم؟!
أألى أقانيمهم الثلاث، والله واحد؟!
أم إلى قذف الأنبياء بالمعاصي والخطايا، وهم رسل الله بالمحاسن والمحامد؟!
أم إلى تحليل الخمر والخنزير، وهي أُمّ القبائح والمفاسد؟!
أم إلى جحود النبي الأُمّي، وهذا الإنجيل شاهد؟!
ص: 339
أم إلى ترك الختان، وهذا العهد القديم ملء الأسماع والآذان؟!
أم إلى شرب الخمر على أنّها دم المخلّص، وأكل الفطيرة على أنّها لحمه المقدّس؟!
أم أشياء كثيرة يلزم عندي كتمانها ولا يليق بيانها؟!
وأنا لا أُريد عدّ تلك الشواهد لك، ولا أبتغي سردها عليك، ولكن - بحقّ الإنصاف وحرمة الشرف - أترى أنّ محمّداً صلّي الله عليه و آله - حتّى عند من لم يؤمن بدعوته ولم يصدّق بنبوّته - لم يكن حفيّاً بتدبير أمره، قميناً بأن لا ينهتك بين الناس مصون ستره، وفيّاً بأن لا يظهر عليه (معاذ الله) الكذب الصريح والخلف الفظيع، بحيث لا أقلّ من أن يكون من سائر البشر وعامّة الناس المتستّرين في ظاهر الحال العارفين بموازين الأفعال والأقوال؟!
أفهل يدور في خيالك أو يخطر في خلدك أنّ رجلاً من متوسّطي العقول ومتعارفي البشر يدّعي لنفسه ذاك المقام الرفيع، ثمّ يأتي (حاشا لله) بشيء من الكذب الشنيع، ثمّ لا يكتفي بأن يقول للواحد والاثنين من أهل الملل: إنّ اسمي موجود في كتبكم المنزلة من السماء، وقد بشّر بمجيئي من جاءكم قبلي من الأنبياء، حتّى يأتي بوحي يتضمّن ذلك، يتلوه على كلّ سامع ويردّده في حافل الجوامع والمجامع، واليهود والنصارى إلى جنبه وأحبارهم وقُسسهم بقربه، والتوراة والإنجيل ملء أفواههم وعلى طرف ألسنتهم، وهم يسمعون قوله في وحيه الصادع ونوره المبين الساطع: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيُّ الأُمِّيِّ الَّذِي
ص: 340
يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ» (1)، وقوله عن (عيسى) عليه السّلام: «مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» (2).
فلولا أنّ لهذا الأمر واقع ووراء هذا الحقّ حقيقة، لجاءوا إليه، وقالوا: يا محمّد، هذه التوراة والإنجيل، فأين فيها ما يصرّح باسمك؟! وأيّ بشارة بها تدلّ عليك بزعمك؟!
ومن الواضح المسلّم أنّه (صلوات الله عليه) كان يأنس إليهم ويحادثهم ويجتمع إليهم، حتّى كان من الامتناع عن المباهلة وقبول الجزية (3) ما تزول به كلّ شبهة ومرية.
وهذا برهان ساطع ودليل على ثبوت البشارة به في التوراة والإنجيل قاطع، وإلّا لنقل إلينا محاجّتهم معه في ذلك مع توفّر الدواعي إليه وإلى نقله، بل الّذي نقل وشوهد هو قبول الجزية والامتناع عن المباهلة والمقاتلة.
ثمّ ليس لك الرجوع في تلك الآيات هنا علينا قائلاً: بأنّ هذا يناقض ما أسلفت قريباً من عدم كون ما في أيدي القوم من الكتب هذا اليوم هي تلك التوراة والإنجيل التي ذكرها القرآن وأعرب عنها بالشرف وأبان.
فإنّا نقول في الجواب عن هذه الكريمة وأمثالها من كرائم هذا الكتاب، ممّا يدل بظاهره على وجود نفس التوراة والإنجيل في زمان نزول هذا القرآن المبين وظهور هذا الدين، من مثل قوله (تعالى): «قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ
ص: 341
صَادِقِينَ» (1)، وقوله (عزّ شأنه) : «وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» (2)، ونظائرها: إنّا لا نمنع، بل نقول: لعلّه يلزم أن يبقي الله منها في أيدي أُمّتها مقدار ما تتمّ به الحجّة وتنقطع به منهم المعذرة؛ لطفاً منه في حفظ دينه ورأفة منه دينه ورأفة منه برسله وعباده، وهذا الباقي من تلك الأُصول الصحيحة في غضون تلك الملفّقات الموضوعة هو موضع الاحتجاجات ومورد البشارات ومحلّ الأمر بتلاوته لظهور الحقّ في طيّته.
وأمّا قوله (تعالى: «وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ» فهو على التحريف أدلّ منه على عدمه؛ فإنّ ظاهره أنّ القوم كانوا يحكمون بغيره، ويبعد ذلك إلّا بأن يجعلوا ما يوافق أهواءهم ومصالحهم إنجيلاً، فيحكمون به تمويهاً على العوام أنّ هذه هي أحكام الله، كما دلّت على ذلك آيات من هذا الكتاب الكريم إذا رجعت إليها وجدتها نصب عينيك وطوع يدك.
هذا، مضافاً إلى احتمال أن يكون التحريف والتبديل قد تدرّج قليلاً قليلاً من بعد ذلك العصر إلى هذه العصور، بحيث قد بادت إلى اليوم نضراؤها ولم يبق منها إلّا أسماؤها.
فإنّك ترى بعض الكتب بحسب تعدّد المطابع تختلف كثيراً في قرن واحد، فكيف بما يزيد على العشرات من القرون؟!
ولكن الذي يقوى لدي بل يتعيّن عندي أنّ الإنجيل هو الوحي الذي أنزله الله (جل شأنه) إلى خصوص (عيسى) (سلام الله عليه) الذي ألّفه وجمعه هو في
ص: 342
زمانه أو تلاميذه بمراجعته ومطالعته، لا ما لفّقه وألّفه أصحابه بعده بأعوام متطاولة وقرون مترامية، من: (بولس) (1)، و(مرقس) (2)، و(يوحنّا) (3)، و (متّى) (4)، و (لوقا) (5)، من الرسائل والصحف والضمائم التي لا يبعد اندراج شيء من الإنجيل الأصيل فيها، ولكن بحيث ضاع جوهره ودرس أثره ولا يمتاز من ورقه ثمره!
ص: 343
وعلى العلّات فنحن لا نكاد نحتمل - ولو وهماً - أو نتخيّل - ولو خطوراً - أنّ شيئاً من هذه الكتب منزلات من السماء أو وحي من الله أوحى به إلى الأنبياء، بعدما وجدنا فيها من الخلل والفساد في مضامينها ومعانيها وألفاظها ومبانيها وما خالف صريح العقل وصحيح الوجدان، ولم يكن فيها ما يضطرّنا إلى التأويل والحمل على غير ظواهرها لو أمكن في بعضها، فإنّ الملزم بذلك هو جهة إعجاز تدلّ على أنّه لا محالة من كلام الله الحكيم المنزّه عن القبيح، وما يخالف ضرورة العقول فإنّه لا مناص لنا في مثله عن الحمل الصحيح.
وأمّا أساطير تلك الكتب فقد عرفت أنّها تنادي بأنّها ليست من كلام الله ولا أنبيائه..
تناديك بذلك بغتة، وتبرأ من الوحي أوّل وهلة، وتتجافى عن ذلك المقام الرفيع فجأة، ولا تصل بك النوبة إلى تكلّف التأمّل والتأويل والتدبّر في الدقيق منها والجليل!
أين الحكم؟! أين الأحكام؟! أين العلوم؟! أين الأعلام؟! أين العظات الزاجرة؟! أين الأمثال السائرة؟! أين التقديس؟! أين النواميس؟! أين التحميد؟! أين التمجيد؟! أين التحدّي؟! أين التوحيد؟! أين الوعد؟! أين الوعيد؟! أين الأخلاق الكريمة؟! أين الملكات العادلة؟! أين ما لا أُحصيه من الشرف؟! أين ما لا أعدّه من العدل والنصف؟!
هذه الفجاجة والسماجة، هذه الركاكة والفلاكة، هذه العنجهية والخشونة، هذه البرودة والعفونة! من الزنى بالمحصنات من نسبة الخداع والمفتريات! من
ص: 344
الكعك الذي يأمر أنبياءه بأكله! معاذ الله من ذلك كلّه.
ولكن يا هل ترى من العدل أن يعادل هذا بذاك أو يوازن، أو يقارب منه أو يقارن؟!
ولكن من لي بحكم بيني وبين صاحب تلك (الضلالة) وناشر تلك الجهالة الذي سوّد وجهه بتسويد مئات من الصفحات كلّها أباطيل وترهات!
عساك أيّها القارى الكريم من مسلم أو مسيحي، عساك أنت تنتصر للحقّ، فتنتصف منه...
عساك تكون حكماً منصفاً وقاضياً عادلاً وفيصلاً قاطعاً.
انظر واحكم واضحك وابكِ من قوله: (إنّ محمّداً له المجد والشرف كان يعبد الأصنام، ويميل إلى الخضوع والسجود لها) (1)!
ص: 345
انظر القحّة، وصلابة الوجه، وقلّة الحياء، والصلف تحت الراعدة!
أيقال هذا في شأن تلك الحضرة الكريمة والقداسة الشريفة التي كرّزت حياتها وجعلت عمرها وقفاً ورهناً على تكسير الأصنام وتنديد عبادة الأوثان؟! وكان (صلوات الله عليه) أبغض شيء إليه ذكرها والنظر إليها، وكان لا يجلس في بيت فيه شيء من الأصنام..
وفي حديثه مع (بحيرا) الراهب في طريق الشام - وهو ابن تسع أو أحد عشر سنة حين أقسم عليه باللات والعزّى، فقال له النبي صلّى الله عليه و آله: «ما من شيء أبغض عليّ من هذه الأسماء» - ما هو مشهور (1).
وأيّ ضروري في الدهر أجلى وأبده من هذا؟!
وهل كان في فضاء التصوّر وفسحة عالم الخيال أعظم فرية من هذه المزعمة؟!
وهل هي إلّا خرافات تلك العصور المظلمة التي ذكرها الكونت (هنري) وغيره؟!
وهل يليق بنا أن نصرف نقداً من الوقت في تفنيدها وضلالها مع تلاشيها بنفسها وبطلانها بذاتها؟!
ص: 346
نعم، يلوح لنا أنّ صاحب تلك (الضلالة) لم يكن على شيء من الدين، بل ليس هو إلاّ من الملحدين، وهو (يسرّ حسواً في ارتغاء) (1)، و(عن صبح برقّق) (2)!
يريد بتلك الكلمات أن يغيرنا ويحمينا - معاشر المسلمين - لنقول في قداسة السيّد (المسيح) (على ذكره السلام) أضعاف تلك المطاعن وما هو أشنع وأفظع.
ولكن طاش سهمه، وضلّ علمه!
معاذ الله أن يستخفّنا الجهل عن العلم، أو تفلت من أيدينا أمراس (3) الدين والحلم!
معاذ الله أن نقابله بجهله، أو نخرج من الدين كخروجه!
نعم، يا صاحب (الهداية) بل يا صاحب (الضلالة): أمّا (محمّد) (صلوات
ص: 347
الله عليه) فقد عقدنا الجزء الثالث من هذه (الدعوة) لبيان سيرته وترجمة حياته من حين ولادته إلى حين وفاته.
وسوف ينجلي هنالك الحقّ، ويضيء الصبح لذي عينين، ويستين الهدى لك ولقومك الذين تنتمي إليهم، ولست منهم ولا كرامة قدر أُظفور أو قلامة!
وعساها تظهر تلك السيرة الكريمة على طريقةٍ ما كتب مثلها الكاتبون ولا أصاب فلسفتها الباحثون، على كثرة ما كُتب في سيرته (أبّد الله مدى شريعته).
وأمّا القرآن العظيم الذي جعلته مع ذلك النبي الكريم هدفاً لسهامك الطائشة ومرمىً لسبابك بالبهتان والفاحشة، فقد أوردنا لك قليلاً من كثير أمره ويسيراً من عظيم قدره، ودللنا أهل المعرفة والفضل على مواضع إعجازه وبهره، وإفحامه وقهره، وبلاغته وفصاحته، وشرف معانيه ومبانيه.
وربّما تسعفنا العناية لعقد جزء نستوفي فيه بسط الكلام على تلك المقاصد بأوسع ممّا ذكرناه في هذا الجزء إن شاء الله.
وإن أعجلتنا عن ذلك، ولم تمهلنا إلى سنوح الفرص، ورمت المباهاة والمباهلة والمقايسة والمقابلة، فنحن نسألك - يا صاحب (الضلالة) - أيّ الكتابين أحقّ بالكرامة، وأليق بذي العزّة والعظمة، وأحرى أن يكون شريعة إلهية وقانوناً ربوبياً وناموساً أبدياً لصالح البشر وغبطة عامّة الأُمم؟!
هل هو الكتاب الذي يقول: «ما جئت لأُلقي سلاماً، بل سيفاً» (1) بكلّ معانيها المحتملة، أم الكتاب الذي يقول: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» (2)؟!
ص: 348
الكتاب الذي يقول: «ما أحللتموه في الأرض يكون محلولاً في السماء» (1)، أم الذي يقول: «وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ» (2)؟!
الكتاب الذي يقول: «المسيح افتدانا من لعنة الناموس، إذ صار لعنة لأجلنا» (3)، أم الذي يقول «كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ» (4)، ويقول: «أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى * وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى» (5)؟!
الدين الذي يقول: «أقانيم ثلاثة، إله واحد» (6)، أم الذي يقول: «إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ» (7)؟!
الدين الذي إذا دخلت إلى معابده ومقدّساته ومواضع صلواته وجدت فيها من الصور المنصوبة والتماثيل القائمة والدمى الماثلة ما يوشك أن يعيد لك عهد الوثنية والعبادة الصنمية.. العهد الذي يتمثّل فيه أبونا (إبراهيم)، فيقول لنا: «مَا هَذِهِ التمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ» (8).
ص: 349
الدين الذي يعيد لنا عهد (أندرا) (1)، و (بوذا) (2)، و(كرشنا) (3)، تلك الآلهة المصلوبة على الخشبتين المثقوبة اليدين والرجلين التي كان يعبدها وثنيو الهند وأُمم الصين!
أهذا الدين خير، أم الدين الذي قد تفانى في التوحيد وعبادة الإله الحقّ وتشدّد حرصاً على إبادة الأصنام وعبادة الأوثان، حتّى حرّم مطلق التصوير، فقال في الحديث المشهور الذي أوشك أن يبلغ التواتر: «إنّ من أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة المصوّرون» (4)؟!
ثمّ لم يكتفِ هذا الدين الحنيف بذلك حتّى حرّم أو استكره الصلاة في بيت فيه شيء من الصور أو التماثيل، وربّما كان في البيت الستار وعليه بعض النقوش غير ذوات الأرواح من شجر أو نبات، فيقول: «يا فلانة - لإحدى زوجاته - نحيّه عنّي» (5).
ص: 350
هذه وكثير من أمثالها تصلح أن تكون شواهد لك - يا صاحب (الضلالة) - على أنّ محمّداً صلّي الله عليه و آله كان يعبد الأوثان أو يميل إلى عبادتها!
أفحسبك كلّ هذا يا صاحب (الضلالة)، أم تبتغي ما وراء ذلك وتلتمس مزيداً عليه؟!
ولو أردت الاستبحار والتوسّع في هذا الأُسلوب لجئتك منه بكتاب ضخم وقول فخم، وحديث جزل وكلام فحل، يقتلع جذومك (1)، ويقطع جذورك، ويرميك بالصلادم (2) من بنات طبق (3)، ويريِّك أيّ الفريقين أحرى باللعنة وأحقّ!
ولكن حسبك هذا، وإن عدت عدنا! وكانت...
أنت يا صاحب (الضلالة) التي ألصقت بها اسم: (الهداية)، أفما كان الأولى بك أن تربع على ضلعك وتعترف بقصور ذرعك، وتلبّد على جروحك وتشتغل بإصلاح عيوبك، وتحتفظ على رعاية جارك لستر عوارك، ولا تغتدي كالباحث على حتفه بظلفه والساعي بقدمه إلى إراقة دمه!
ألم يك حرياً بك أن تترك الإسلام والمسلمين ما تركوك وتسالمهم ما سالموك، ولا تعق أُمّتك وملّتك بما تحسبه برّاً لها ولا تصنع صنع العدوّ منها بما تظنّه أعود عليها!
وأنا نذيرك عن أهل الكمال والعرفان منهم أنّهم براء من عملك، ناقمون على سوء أثرك، مستاؤون من جنون جنايتك وأفاعي أفاعيلك!
ص: 351
ثمّ أنت أيّها الناكب عن الهوى المرتاد نجعة الحقيقة والهدى الطالب لدين الحقّ - بعد معرفتك أنّ الدين هو السعادة الأبدية والحياة الروحية وأنّه هو الذي لا بدّ لك منه ولا غنى بك عنه - إنّ أمكن الشهود بوثاقتك وأملكهم لناصية يقينك وأعظمهم وقعاً منك وأثراً في لبّك ونفوذاً في أعماق قلبك هو الشاهد الذي يشهد لأحد الخصمين مع مناواته له ومنابذته إيّاه وإصحاره بالعداوة معه والحيف عليه والمجانبة له والحياد عنه، فإنّه - والحال على هذا - لا محالة تزول التهمة، وتنقطع الظنّة، ولا يبقى مجال لخلجان الريبة، وضربان الشبهة، واحتمال المحاباة، واعتراض التشكيك. فتلك هى الشهادة المقبولة والحجّة القاطعة.
إذا أردت أن تعرف أيّ الديانتين أنفع وأجمع وآمن وأمنع وأقرب أن تكون شريعة إلهية وأمراً ربوبياً وقانوناً روحيّاً وناموساً أبدياً، ولم تقنع بكلّ ما ذكرناه وقدّمناه، وأردت مثل ذلك الشاهد، فدونك هذا البحّاث الشهير (شبلي الشميّل)، وهو من تعرف أمره في معاندة الأديان ومناواته لها أجمع، وعظيم عنائه وسعيه، وما يدأب به من الجهاد في ذات الإلحاد!
بيد أنّه كما هو جلي منه - من أشجع الكاتبين والباحثين في الإصحار برأيه والإجهار بحرّية ضميره.
وهو على ما فيه من مماحكة (1) الأديان كلّها وإعلانه بشنآنها وبغضائها - لم يستطيع صبراً أن اعترف بأفضلية دين الإسلام على سائر الأديان من حيث
ص: 352
جامعيته لكلّ النواميس الحيوية أدبيةً ومادّيةً.
وقد تكثّر ذلك منه في مواضع من مجموعته الشهيرة (بفلسفة النشوء والارتقاء).
خذ مثالاً منها ما نصّه:
(خذ مثالاً شريعة القرآن، فإنّها بين الشرائع الدينية الشريعة الوحيدة العملية المستوفاة التي ترمي إلى أغراض دنيوية حقيقية.
بمعنى: أنّها لم تقتصر على الأُصول الكلّية الشائعة بين جميع الشرائع، بل اهتمّت اهتماماً خاصّاً بالأحكام الجزئية، فوضعت أحكام المعاملات حتّى فروض العبادات أيضاً.
وهي من هذه الجهة شريعة عملية مادّية).
وقال في موضع آخر:
(وأعظم ما تركه الإسلام آثار أدبية لخدمة الغاية الدينية، وقد فاق بهذه الآثار جميع الأُمم التي تقدّمته).
ثمّ يقول في غيره في طي فلسفة له عن المسلمين:
(ولو بقيت وجهتهم في مجتمعهم شريعة القرآن وحدها - كما هي فيه - لما قام في وجههم حائل يصدّهم عن الارتقاء).
وقد تقدّم نقلنا قوله:
(شريعة موسى مادّية عملية، ولكنّها غير مستوفاة.
وشريعة عيسى وإن كانت حكماً ومواعظ تعتبر أُصولاً كلّية، إلّا أنّها نظرت في جملتها إلى العالم الروحاني أكثر من الحياة الدنيا.
بخلاف شريعة محمّد، فإنّها نظام اجتماعي عملي مادّي قانوني حقيقي). انتهى.
ص: 353
وربّما يوجد فيها غير هذا من أمثاله، فإنّي لم استقص النظر ولم استوسع الفحص، وإنّما عثرت على هذه الكلمات عثوراً وأصبتها عفواً.
وليت مؤلّف شمل (الضلالة) حين ساوى من سبق في عدم الحرجة من الدين ورفض كلّية المذاهب، كان قد ساواه كذلك في الإنصاف والإجهار بالحقّ والاعتراف ولو كبصيص النور في دياجي الظلمات المدلهمة!
ليته عرف لكلّ إنسان حقّه، وقدّره قدره، ولم يبخسه کیله، فلا يجترئ على قداسة (محمّد) صلّي الله عليه و آله تلك الجرأة، ولا ينال منه ومن كتابه الكريم بتلك البذاءة. ولكن الخور وضعف العقل أمرٌ وراء ضعف الدين:
وإذا كان في الأنابيب ضعف *** ظهر الطيش في صدور الصعاد!
ثمّ بعد الاطّلاع على كلّ ما ذكرناه ممّا قدّمناه ولم نستوفه، فيا هل ترى بعدٌ من حجّة أو حديث على أهل التوحيد لأهل التثليث، أو تجد من سامع أو مجيب على داعي الصلاة لداعي الصليب؟!
حاشا لله، وكلّا، الإسلام أجلّ وأجلى، وهو يعلو في الحجّة ولا يعلى.
الحقّ أبلج والنهج إليه أبهج، والطريق جدد واضح، ما فيه عثار ولا عليه غبار. فتبصّر إن كنت تبصر، وتدبّر وأقبل ولا تدبر!
وأقسم إنّ من ذكرناهم من الأُمم لو رفعوا عن عيونهم عصائب العصبية وخلعوا عن متونهم أردية العادات الردية لَصَبوا إلى هذه الديانة، ولازدادوا بها يقيناً، ولاعتنقوها وما اتّخذوا سواها شريعة إلى الله وديناً!
فحسبك حسبك أيّها القلم! فقد أطلت وأطنبت، وبعّدت وقرّبت، فعدّ عن هذا وعد إلى سياقة أوّل كلامك وتمام حجّتك لنبيّك، فقد انقطع بك السير وذهبت عن الغرض بعيداً، فلنرجع بك على وشيك فوته.
ص: 354
واعلم أنّ جميع ما سردناه من الكلام من أوائل هذا الفصل إلى هذا المقام إنّما هو في حال معجزة واحدة من معجزات نبيّنا صلّي الله عليه و آله، وهي التي اختصّ بها من بين الأنبياء وحده، حيث بقيت هذه المعجزة بعده، ولم يعهد لأحد من الرسل ذلك.
وهذا من أحد أسرار خاتميته، وهو أحد الطرق التي قدّمناها لإثبات النبوّة.
ولكن هو طريق ما جعل الله السلوك فيه لغيره، وقد عرفت في ضمنه إثبات نبوّته بالطريق الثاني، وهو نصّ من قبله من الأنبياء عليه والبشارة بمجيئه (1).
ولم نستوف فيه الكلام اتّكالاً على الله في استيفاء مؤلّفات علماء الإسلام والصحف الإسلامية له حديثاً وقديماً.
وفي (منار الإسلام) الكثير الوافي منه لمن أراد إن شاء الله (2).
وأمّا الطريق الذي ثبتت به نبوّة جميع الأنبياء لأُممهم المتأخّرين عن زمانهم غير المعاصرين لأيّامهم ولا المستقين من فيض حضورهم - وهو بلوغ معجزاتهم لمن بعدهم بالتواترات القطعية - فقد شاركهم فيه (صلوات الله عليه)، ولكن على أوفى قسم وأوفر نصيب.
ص: 355
نعم، قد تضافرت التواترات وتواصلت القطعيات بما صدر عنه من المعجزات وخوارق العادات التي انشقّ عجباً بها القمر المنير، وظلّلته الغمامة عن حرّ الهجير، وسبّحت الحصيات في أصابعه، ونبع الماء من بين أشاجعه (1)، وسلّمت عليه الغزالة وردّت بعد الغروب إليه، وانتقلت الشجرة امتثالاً لأمره حتّى وقفت بين يديه، وسجد كلّ حجر ومدر (2) مرّ عليه، وحنّ الجذع له حنين الهائم، وكلّم الموتى، وخاطبته البهائم، وأثمر من ماء وضوئه الشجر اليابس، وغرس من الأعواد فأينعت على الفور في الفلوات البسابس (3)، وارتجّ لولادته إيوان (كسرى)، وما سقط (زاد الله شرفه) حتّى أسقط من شرفاته أربعاً وعشراً، وما فاضت بحور بركاته حتّى غاضت بحيرة ساوة، وما أشرقت أنواره حتى خمدت له نار فارس، ولم تخمد قبل بألف سنة، إلى أمثال ذلك ممّا يضيق عن عدّه المقام (4) ولا أُحصيه، ولو كانت السماوات طروساً والملائكة كتّاباً والأشجار أقلاماً.
ص: 356
كلّ ذلك قد صار - بحمد الله - إتماماً للحجّة أمراً ضرورياً، وكاد أن يكون في البداهة شيئاً حسيّاً..
فإن كنّا نشكّ في وجود (كسرى) و (قيصر) وسائر الأُمم السالفة والقرون الخالية، نشك في وجود مثل هذه الوقائع!
والقول: بأنّ هذه الأُمور قد ثبتت بتواتر المسلمين، فلا تصير حجّة على الخصم (1).
قولٌ ضعيف ينبعث عن رأي سخيف، مدفوع بوجوه، كلّ واحد منها كاف في دفعه:
أمّا أوّلاً: فإنّه ينسدّ على هذا باب النبوات، فلا يتسع لأُمّة من الأُمم إثبات نبوة نبتها.
فإنّ أُمة (الخليل) تنكر معجزات (الكليم)، وأُمّة (الكليم) تنكر معجزات (المسيح)، بل جميع الطبيعيّين والدهريّين ينكرون جميع معجزات الأنبياء والمرسلين على الملّيين، وليس إلّا بذلك الطريق تهوى اليهود أن تثبت نبوّة (موسى)، وتريد النصارى أن تنصر رسالة (عيسى)، وكلّ أُمة لها في إثبات معجزات نبيّها هذا الطريق وليس لها سواه سبيل على التحقيق، ولكنّه يعزّ على قوم ويهون لآخرين.
وأمّا ثانياً: فحلّ هذه العقدة وكشف هاتيك الشدّة أنّ المدار في مثل هذه الأُمور على الشياع والتواتر المفيدين للعلم القطعي أو العادي، ولا طريق غيره، والخارج عنه خارج عن الاعتدال محجوج عند الحجاج والاستدلال.
ص: 357
والتواتر هو كما سبق (1): إخبار جماعة يمتنع تواطؤهم على الكذب عادةً.
ومن هنا يعلم اشتراط تساوي الطبقات في هذه الخاصة، بحيث لو انتهى الخبر إلى آحاد لا يمتنع في حقّهم ذلك بطلت حقيقته وزالت خاصّته.
ولهذا اتّجهت منّا الخدشة والمناقشة فيما لو ادّعت النصارى وتمسّكت بدعوى التواتر على معجزات (عيسى) عليه السّلام، وقلنا: إنّ الطبقة الأُولى لم تبلغ إلى تلك المرتبة؛ لنزارتها ومعدودية أفرادها، بخلاف معجزات (محمّد) صلّي الله عليه و آله، فإنّها لكثرة من آمن به في الحجاز وأسياف (2) اليمن وأطراف الشام والعراق - سوى أهل الأوبار والأشعار ونزّال القفار - قد بلغت واستفرغت حدّ التواتر وزادت عليه - لو ثمّة من مزيد - بأضعاف مضاعفة لا يفي بها التعداد والتعديد!
ولو لم يصدع الوحي الساطع ويسطع الفرقان الصادع بمعجزات (المسيح) - من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى والتكلّم في المهد صبيّاً - لما كان لنا طريق إلى الإيمان والتصديق بواحدة من تلك، ولا سلكت من معجزات الأنبياء في سلك.
فلك - يا رسول الله - المنّة والفضل في ذلك على كلّ مسلم، بل ومسيحي لو أنصف.
فإنّك قد ذكرت من قداسة شأن (المسيح) ما لم تفِ به حتّى أناجيل: (لوقا)، و(مرقس)، و(يوحنّا)، و (متّى) من تلاميذه.
ص: 358
وحقاً أقول: إنّ كرامة (المسيح) عليه السّلام لا تحفظ إلّا بحفظ كرامة (محمّد) صلّي الله عليه و آله وصون مقامه وتقديس كتابه، فلينصف المنصفون وليتدبّر العارفون.
وأمّا ثالثاً: فكون تلك المعجزات ثبتت بخصوص تواتر المسلمين لا غير ممنوعٌ أشدّ المنع، يحقّ لو غسلوه من كتبهم بالدمع!
فإنّ ذلك ثابت بإخبار عامّة الناس وسائر الأُمم من اليهود والنصارى والمسلمين والجاهلية وسائر المشركين في جميع الطبقات من عصره إلى قرون بعده متطاولة بشهادة قروم من المؤرّخين هي عند أُمتها صادقة النقل صحيحة الأصل.
يكفيك مثل شهادة الأب القدّيس والحبر القسّيس (العبري) (1) في: (مختصر الدول).
راجعه في تاريخ دولة الإسلام (2)، تجده يصرّح ببعض تلك المعجزات، ويرسلها لرسول الله إرسال المسلّمات (3).
ص: 359
ومن ذلك يظهر لك أنّ الأمر فيها قد تجاوز حدّ التواتر وصار من الضروريات والمسلّمات، وعاد منكرها على حدّ منكر الضروري الذي لا يتّضح لديه بعده أمر نظري.
وهذا أمر يجده المنصف وطالب الحقّ بعيانه وحسه، ويشاهده بأدنى إمعان في النظر، حيث لا تكون نفسه عدوّة له وهو عدوّ لنفسه، وإلا ف_: «إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء) (1).
على أنّ المعاند إن أصرّ على إنكار تلك المعجزات فنحن معاشر الأُمّة المسلمة في مندوحة عنها، فإنّا - بفضل الله (تعالى) - نتمسّك بالكتاب الذي لا يشقى من تمسّك به، ولا يهى من اعتصم بالعروة الوثقى من سببه، ببه، فإنّه سُلّم السلامة ومعراج الكرامة، وهي المعجزة التي اختصّ بها نبيّنا صلّي الله عليه و آله من بين الأنبياء.
فإنّه (قرّب الله وسيلته وتقبل في المرسلين شفاعته) قد اختصّ -كما عرفت - من بينهم وحده ببقاء معجزته بعده. وقد نبّهناك أيضاً أنّ معجزة النبوّة
ص: 360
على الحقّ والحقيقة هي: المعجزة التي يتحدّى بها النبي وتقارن دعوى الرسالة، كاليد البيضاء (لموسى) حين قيل له: «إن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ شُعْبَانٌ مُّبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ» (1)، وكناقة (صالح)، وأمثال ذلك.
ومعجزة نبيّنا صلّي الله عليه و آله التي إليها دعا وبها تحدّى هي هذا الفرقان العظيم والقرآن الكريم.
وأمّا سائر معجزاته فهي كمالات وكرامات، وعلامات وأمارات، بعضها قبل ظهور النبوّة، وكثير منها عند الدعوة، وبعضها بعد تلك المقامات، وكلّها ليست من معجزات النبوّة، بل إرهاصات وتتمّات.
أنت - إذا تدبّرت وتبصّرت - يكفيك شاهد واحد على صحّة هذه الديانة: يكفيك مثابرة صاحب هذه الشريعة على نشرها ونفوذها وتحمّله أحمال العناء وأثقال الجهد والبلاء، فكم قاسى لها الشدائد، وعادى فيها الأقارب والأباعد! وكم تألّب وانتدب الزعماء من قبائله والكبراء وأهل النفوذ من عشائره لصرفه وكفّه عن هذه الدعوة الشريفة بأنواع الصوارف والروادع، من: تخويف وتهديد، ووعد ووعيد، وتقريب و تبعيد، وجفاء ومجانبة، وهجر ومعاتبة، وبذل المال والإمارة له عليهم بمواثيق وعهود وشواهد صدق وشهود! فما زاده كلّ ذلك إلّا حماساً في دعوته وحرصاً على كلمته وغلواء في طريقته.
وقد طفت وطفحت بكلّ ذلك كتب المؤرّخين وكلمات المهرة والثقات من نقلة الأخبار.
ص: 361
دونك ما تواتر من مثل قوله لعمّه وكفيله (أبي طالب) وقد اجتمعت عنده كبّار قريش قائلين له: يا أبا طالب، إنّ ابن أخيك عاب ديننا وسفّه أحلامنا وضلّل آباءنا، فانهه عنّا أو خلّ بيننا وبينه! فوعدهم جميلاً، ثمّ عادوا إليه، وقد اشتدّ غيظهم، وقالوا: إن لم تنهه نازلناه وإيّاك! فبعث إليه وأعاد كلامهم عليه، فظنّ النبي أنّ عمّه عزم على خذلانه، فشقّ عليه ذلك، وقال: «يا عمّ، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا الأمر»، ثمّ انصرف وهو يبكي، فناداه عمّه: قل ما أحببت، فو الله لا أُسلّمك أبداً (1) (2).
أقول: ألا بذمّة الحقّ وحرمة الحقيقة وشرف الصدق وشهامة الإنصاف وشهادة التعقّل، أترى - يا رعاك الله وهداك - أنّه ليس لهذا الأمر من واقع، وليس وراء هذه الصورة حقيقة، وأنّ هذه الشدّة والحماس والقوّة كان من محمّد صلّي الله عليه و آله وهو على غير يقين من أمره ولا ثقة بدينه ولا قاسر إلهي من ورائه، وأنّه بشر من سائر الناس، افتری - معاذ الله - فرية على الله، فصبر لها هذا الصبر، وثابر لرواجها تلك المثابرة، وكابر العالم كلّه عليها تلك المكابرة؟!
إذن ما أنصفت في الحكومة ولا تلّطفت في الفكرة، ولا تدبّرت ولا تدرّبت، ولا عدلت ولا اعتدلت!
أنت واختيارك، أنت وإنصافك، أنت ومروّتك، أنت وما ترضاه لنفسك، أنت وما تجده في وجدانك وحسّك، لا بل أنت وربّك، فالله حسبي وحسبك!
أمّا أنا فقد خرجت لك من العهدة، ومخضت وطاب المطالب، ثمّ محضت
ص: 362
لك الزبدة، ولا أظنّك - بعد هذا كلّه - تبقى من أمر النبوّة على ريبة.
كيف! وقد أشرت لك إلى الوجوه البعيدة والقريبة، وأثبتّ لك الدعوى بصغراها وكبراها، وجمعت عندك شؤون الحقيقة أقصاها وأدناها وأُولاها وأُخراها، وأقمت لك لتحصيل اليقين الإقناعيات والبراهين.
ولقد كان يكفيك دون الذي ذكرناه وقدّمناه بكثير إن كنت طالباً للحقّ والهدى بصدق النيّة وصحيح البصيرة ونافذ العزيمة وعصيان الشيطان والعصبية.
وإن كنت - وعافاك الله - من المصرّين على العناد المعادين للهدى والرشاد الذي يأبى إلّا أن يكون للحقّ جدّ جاحد، فالكلام معك من العبث؛ لأنّا نضرب منك في حديد بارد!
وأنت تعلم - أصلحك الله - كيف يبلغ الشقاء بالإنسان، وإلى أيّ مقام تبلغ به طاعة الشيطان!
فإنّ أُمم الأنبياء كانوا ينظرون إلى معجزات رسلهم عياناً، فما يزيدهم ذلك إلّا كفراً وطغياناً!
يرون (صالح) الأنبياء، يخرج الناقة العشراء (1) من الصخرة الصمّاء، نصب عيونهم وحسب اقتراحهم وطلبتهم، ثمّ يمرعون ويمتّعون عصراً في عميم بركاتها وعظيم خيراتها، ثمّ تترادف النذر والوصايا من أبيها بحسن رعايتها وحفظ حرمتها، فيكون جزاؤه وجزاؤها أن يُمنع ماؤها، ويذبح فصيلها، وتعقر عراقيبها وأُصولها!
ص: 363
هذا صنيع الأُمم بأنبيائهم، وقس على ذلك سائر أنبائهم، وأمعن في الفكرة طلباً، وإن استطعت بعد فمت من ذلك عجباً!
إنّ معجزات (محمّد) صلّي الله عليه و آله ما زالت تتوالى وتترادف و تتزايد وتتضاعف لقومه وعشيرته من حين ولادته إلى وقت ظهور دعوته، حتّى صار الأمر عياناً والحقيقة وجداناً.
ومع ذلك كلّه، فلم ينجع في مشركي أقوامه ولا نفع في جاهلية أيّامه، وما ازدادوا إلّا جحوداً وكفراً، ولا شروا إلّا شرّاً.
وقد أعرب الوحي عن إصرارهم على الكفر، مع وضوح الأمر من توالي الحجج وترادف البيّنات، وأنّ ذلك لا ينفع فيهم ولو أنزل الله عليهم الملائكة وفتحت لهم أبواب السماوات!
حتّى قال (جلّ شأنه) في بيان تناهي أمرهم في الطغيان والعناد: «وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابِاً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ» (1).
وزاد (زيدت علينا ألطافه): «وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ» (2).
ومن هنا يتّضح لك فساد قول من زعم: أنّه (صلوات الله عليه) ما جاء لقومه بمعجزة، ولا أجابهم إلى إظهار آية (3)، سبحان الله! ما أشدّ العماية وأشنع الغواية! تمسّكاً بالأباطيل، وصرفاً لظواهر بعض الآيات الشريفة إلى ما يوافق
ص: 364
أهواءهم من التأويل، وتغاضياً وتغافلاً عن نصوص الآيات الصريحة في عظيم الآيات وكبير المعجزات التي جاء بها (صلوات الله عليه)، ولم تنفع بهم ولم تؤثّر فيهم، كقوله (تعالى): «وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ» (1)، وقوله (جلّ شأنه): «انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ» (2).
والغرض من هذا البيان الأخير الذي أردنا الوقوف عليه في فصل النبوّة: أنّ أكثر الأُمم ما آمنت ما شاهدته لأنبيائها من عظيم المعجزة، فكيف نطمع أن تؤمن الناس كلّها لنبيّنا بما ذكرناه من هذه البيانات الموجزة؟!
با که گویم در مه دهِ زنده کوست *** سوی آب زندگی پویینده کوست (3)
وما كان غرضي وبغيتي من كلّ هذا العناء وطول ما أوردت في هذا الفصل من الأدلّة التي هي أوضح من الشمس في وسط السماء، أن يجيب دعوتي كلّ من وعاها ويتّبع هذه الشريعة المقدّسة كلّ من رآها، بل قلت في نفسي: صيحة في وادٍ ونصيحة من صميم فؤاد وخالص وداد، عساها تصادف محلّاً وتصيب أهلاً، من طالب حقٌّ وصاحب عزم وصدق، يهديه الله بهذه الذبالة ويقتنع من الحثّ بهذه الحثالة، فيكون ممّا عنيتُ بجمعه أمس خيراً لي عند الله ممّا طلعت عليه الشمس.
ص: 365
وحيث بلغ الكلام بنا إلى هذا المقام فليكن هذا آخر هذا الجزء وتمام هذا الفصل، ولنقف عليه راغبين إلى الله (جلّت نعماؤه) لنا ولك في حسن التوفيق والهداية إن شاء الله.
ص: 366
إنّنا نريد أن نختم هذا الجزء ببيان عدّة أُمور، نجعلها نافلة وتعقيباً ونستودعها من أنصع النصائح نصيباً، ضمن تتمّات مهمّات تُدعم ما تقدّم وتُرفد ا سبق مرافدة الكفّ للساعد والزند للعضد، تسمو نجلاء وتنجلي سماءٌ، وتجهّز لك من البيان ما تقطع جهيزته قول كلّ خطيب وتعطي لباب الحقّ لكلّ لبيب.
نصائح أراها لازمة الاتّباع واجبة في ناموس الاجتماع، مفروضة في قواميس الشرائع الإلهية ونواميس الإنسانية ومقاييس البشرية، وعلى هاجس كلّ ذي ضمير ووجدان:
الأُولى: أنت - أصلحك الله وإيّاي - ما أظنّك إلّا جدّ خبير بما عليه هذا العالم للحسوس الذي يعبّر عنه في القديم: (بعالم الكون والفساد) (1)، وما أصدقها عليه من تسمية! أنت تعلم أنّه مهما بحث الباحثون وتعمّق الحكماء
ص: 367
والفلسفيّون، وتغلغل الأثريّون، يتلمّسون العثور على بصيص نور من حقيقته ويلتمسون التماع بارقة من جوهره، لا يزدادون إلّا حيرة وتدلّهاً وبهراً وتعجّباً.
فكلّما أبرقت لهم بارقة أمل أخفقت منهم جانحة سعي، وكلّما تقدّمت منهم قوادم رجاء نكصت بهم إعجاز يأس.
فهم والحقائق كواقف على طرف لجي تيّار، لا تنفك تغمره موجة بعد أُخرى، إذا انحسرت عنه واحدة فتح عينيه وأجال بصره في فسيح هذا الفضاء غير المتناهي، وقبل أن يتعرّف شيئاً من تلك الكائنات الرائعة ويتمتّع بالنظر إليها اندفعت عليه الثانية، فارتطمت عليه في آذيها ودفنته تحت طبقات تلاطماتها، فلا يزال بين ظلمة ونور وموت ونشور، حتّى تودي به إحدى تلك الغمرات، وتلقيه في أعماق تلك اللجج وتلحده تحت أطباق ذلك الثبج (1).
سبحت في لجّك علّي أرى *** عارفةً تكشف لي سرّا
فلم أجد ثمَّ سوى موجة *** تدفعني فيه إلى أُخرى
تجد هذا الكون ومليكه الإنسان وكأنّه مضطرّ في صورة مختار، ومسخّرٌ في هيئة مستقلّ بالإرادة، حرّ في المشيئة مستبدّ بالملكوتية.
وكلّها وهم في هم وخيال في خيال، ما أسرع ما تنقشع سحابتها وتنجلي عمايتها.
ولا أدري أتنجلي غبّ ذلك، أم تتكاثف وتضعف، أم تتضاعف؟!
كلمتي: أنّك تجد الإنسان على راسخ ما يزعمه ويعتقده لنفسه من الاختيار والتدبير وامتلاك التبديل والتغيير في: أوضاعه، في طباعه، في خُلقه
ص: 368
في خَلقه، في حياته الاجتماعية، في نشأته الأدبية، في عاداته، في عباداته، في سائر طقوسه ومعتقداته.
ولكن - وهو في عين هذا الزعم وأجواز هذه الفكرة وفي عقدة هذه العقيدة - لا تجده إلّا مدفوعاً إلى طرائق وخلائق، كأنّه مجبور عليها مسوق بالقسر إليها، لا تضعه عن تلك الخليقة ألف عِظة، ولا يصحو بسماع ألف نصيحة!
نعم، قد قال ذلك الفيلسوف العربي - ونعم ما قال -:
غلب المين منذ كان على الخلق *** وماتت بغيضها الحكماء (1)
يكتب الكاتبون ويبحث الفلسفيّون وينصح الصلحاء والمصلحون ويجهد علماء الأخلاق وأطبّاء المجتمع البشري في بيان العلل والأمراض والعلاج والدواء والأسقام والشفاء، ولكن هل نجع شيء من ذلك أو نفع؟! وهل دفع أو نفع؟! أم هل كبح من ذلك الجماح وأثّر شيئاً من الصلاح؟! وهل تغيّر وضع هذا الكائن البشري عن خليقته الأُولى وأطواره المتقادمة؟!
أليست هذه النفوس بعد على غلوائها (2)، لا تزال تترامى في مهاوي أهوائها، وتتعادى على عوائدها وعدوائها؟!
هل جفّت الأرض يوماً من وابل الدماء البشرية التي يطّلها الإنسان من أخيه الإنسان، وما تمزّقه مخالب عدوان البشر من إهاب البشر؟!
هل صلحت الأرض في قرن من القرون، أو عقد من العقود، أو برهة من الزمن؟!
ص: 369
کم قرع باب سمعك حديث وضع السلام على الأرض، ومجالس التحكيم، ومؤتمرات السلم في (لاهاي) (1)، فهل وجدتها سوى تموّجات في الهواء، كأنّها نقوش على الماء؟!
هل استطاع النطاسيّون والمهرة الأخلاقيون والرجال المصلحون أن يضعوا لجشع الحرص والغلب والإثرة والاستملاك حدّاً محدوداً وسياجاً حصيناً وإطاراً منيعاً وسوراً شاهقاً، لا يخرق ولا يفتق ولا يتسلّق بسلالم الحيل، ولا يرتقى بمعارج الخداع؟!
هل اتّسع لرجال الأديان وزعماء الملل أن يحملوا الأُمم على التساهل الديني والعدل الإلهي والخطّة المثلى والسنّة المستقيمة التي لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً (2)؟!
هل امتلكوا إقناع أهل الأديان أنّ أديانهم لا تبيح لهم التورّط في التعصّب، والتهالك على التهارش (3)، والهملجة (4) في الغشم والظلم والدعارة والفحش،
ص: 370
والتلاكم والتسابب والتنابز والاغتياب، وإيذاء كلّ واحد لأخيه، وهتكه النواميسه المحترمة، وشعائره المقدّسة؟!
هذه عدّة أسئلة..
ولا أعرفها سياسية أو دينية، أخلاقية أو اجتماعية.
كما لا أعرف شيئاً من حقيقة أمرها، ولا جانباً من جواباتها؛ إذ ليس لي وقوف على أندية السياسة، ولا إلمام لي بصحف الحوادث ووقائع الأكوان، فعسى أن يكون عندك خبر منها أو إثارة علم عنها.
سوى أنّى ما أظنّ أنّ تسمية هذا العالم: (بعالم الكون والفساد) إلّا تسمية قد طابق الاسم بها المسمّى، وطاح السبر بها على الجراح.
وعلى أيٍّ، فحيث إنّ الكون - على ما سبق لك - كلّه مدفوع بدوافع قسرية ومشاهد محسوس، ولكن تتصرّف به علل وأسباب غيبية، فالكاتب جرياً على ذلك الناموس يندفع إلى كتبه ونشر كلمته اندفاع كلٍّ إلى سبيله وسيره في صراطه وجريه على نهجه الذي يُسّر له وسيق إليه، وكأنّه لا يستطيع عنه تحوّلاً ولا انتقالاً.
وها أنا ذا قائل مقالتي ناشر فكرتي باث دعوتي، على علمٍ منّي أنّها صرخة في وادٍ ونفخة في رماد.
وحيث لا يعرف الدواء إلّا بعد معرفة الداء، ولا يصاب العلاج إلّا وراء إصابة السقم، فجدير أن نبحث لمعرفة هذا المرض الاجتماعي، أعني: تقاطع رحم الأُخوة البشرية وذهاب الرحمة الإنسانية..
نريد أن نعرف هل أنّ عواطف الشفقة والحنان والرحمة ليست سوى حروف في المعاجم، وتقاطيع أصوات على أطراف الألسنة، ما خلق الله في
ص: 371
الخارج منها حقيقة، ولا جعل في الأعيان لها مصداقاً؟! أم هي غرائز أودعها الله في البشر وغرسها في الطباع، ولكن مُحقت آيتها وأزهقت حياتها وتبدّلت تلك الغرائز بأضدادها، وأصبحت الإنسانية تنشد ولا سامع ولا مجيب قائلة:
إلى كم الرحم البلهاء شاكية *** لها من النعي إعوال وإرنان (1)
حيرى يضلّونها ما بينهم ولها *** منّا على عدواء (2) الدار نشدان
النجر (3) متّفق والرأي مختلف *** فالدار واحدة والدين أديان
وثمّ أوعية الإحسان مكفّأة *** فوارغ ووعاء الشرّ ملآن
أنّى يتاه بكم في كلّ مظلمة *** وللرشاد أمارات وعنوان
ميلوا إلى السلم إنّ السلم واسعة *** واستوضحوا الحقّ إنّ الحقّ عريان
ولو ذهبنا إلى التوسّع والترامي من سبب إلى سبب ومن علّة إلى علّة من سلسلة هذا البلاء وعلل هذا الداء لطال بنا الكلام وتباعدنا عن الغرض، ولكنّنا نشير إلى أقرب أسبابه وأظهر مباديه وينابيعه:
إنّ البليّة على هذا المجتمع التي قضت عليه بالشقاء وطول البلاء لا تعدو رجلين:
رجل نازع إلى مذهبه مستمسك بدينه مستشعر بشريعته، ولكنّه جاهل بها قاصر فيها ضعيف الحظّ من عرفان جوهرها واستكناه حقيقتها.
فلقصوره وجهله يريد أن ينفعها فيضرها، وأن يحييها فيميتها، فيخرج منها أكثر ممّا يدخل فيها.
ص: 372
وآخر ليس له إلٌ (1) ولا ذمّة، ولا يرى لدين من الأديان حقيقة ولا صحّة، لا يدين إلّا بمناواة الأديان، ولا يهدأ إلّا بهدم تلك الأُصول والأركان.
فهو يتوصّل بكلّ ذريعة إلى قمع كلّ شريعة.
ومن تلك الذرائع فيما يرتأي له أن يزرع بذور الأحقاد والأضغان بين أهل الأديان ويحرّش ما بينهم، حتّى يلقحها حرباً عواناً (2) عليهم، وعلى أيّ الفريقين دارت الدائرة وبأيّهم حلّت الوقيعة كانت له الغبطة والغنيمة والفرحة والبشرى.
وهذه إحدى مكائد الغربيّين لنا معاشر الشرق وحبائلها التي تمدّها لاصطيادنا وتقسيمنا، حتّى أوشكت - لا سمح الله - أن تظفر ببغيتها وتحصل على آمالها.
يجيء غربي ملحد، يخفي اسمه ويكتم نفسه، وينشر كتاباً بصفة أنّه مسيحي - ولا وربّ المسيح ما هو من المسيحية في شيء! - فيضع في دين الإسلام والنبي الطاهر الأمين كلّ همز ولمز وسبّة ونبز:
وسعى إليّ بعيب عزّة نسوة *** جعل الإله خدودهنّ نعالها (3)
نعم:
لولا اكتساب الحاسدين بنعله *** شرفاً لقال المجد طأ آنافها
ثمّ ليس كلّ المسلمين يصبر على ذلك أو يملك السكوت عليه، ولا إذا
ص: 373
أراد أن يتكلّم يعرف من أين تؤكل الكتف (1)، وكيف تُسدّد النبال للنضال، فيكيل بذلك الصاع، ويطعم من ثمر ذلك الغرس وحصاد ذلك الزرع.
وأشوى شرّيه وأهون حاليه أن يكافئ السيّئة بمثلها ولا يربيها ويزيد فيها، فيتحامل على سيادة (المسيح) وقداسته، ويقول فيه ما تعلّمه من قبل أُمّته في أخيه حبيب الله (محمّد) (سلام الله عليهما)، ويسيء نكاية في كلّ شعائر تلك الملّة من إنجيلها ومريمها وصليبها وكنائسها ورهبنتها وتعميدها وفصحها وسائر مقدّساتها.
ثمّ يشتدّ بين الفريقين التشاتم حتّى يصل إلى ما هو أسوأ من التلاكم والتلادم (2)، ثمّ قد يتّسع الخرق ويعسر الرتق، وهناك العاقبة الوخيمة، لا سمح الله.
وغايتي أنّنا لو رجعنا ليس إلى جوهر أدياننا فحسب، بل ولو إلى حواشيها وأطرافها ودخائلها ولصائقها، لم نجد فيها شيئاً يبيح لنا بعض ذلك، فكيف بكلّه؟! من ذا يجهل أنّه ليس من دين المسيحية جواز إيذاء المسلمين وهتك نواميسهم والطعن في نبيّهم وكتابهم!
كما أنّه ليس من دين الإسلام مسّ شرف (المسيح) واحتقار صليبه وأمثاله ممّا نُمي إليه وجعل من شعائر دينه. بَله (3) الإنجيل والتوراة والكنيسة والعذراء.
ص: 374
قل لي بأبيك، لا بل بربّك، أيّ الديانتين تبيح ذلك الخلق الوخيم والتعصّب الذميم؟!
(المسيح) الذي يقول في وصاياه: «كن كالشمس تطلع على البرّ والفاجر والطيّب والخبيث» (1)، أم (الحبيب) الذي يقول في جوامع کلمه: «اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله، فإن لم يكن من أهله فكن أنت من أهله» (2)؟!
الإنجيل الذي يقول: سمعتم أنّ الإنسان عين بعين وسنّ بسنّ، وأمّا أنا فأقول لكم: لا تقاوموا البشر، بل من لطمك على خدّك الأيمن فحوّل له الآخر، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء، ومن سخّرك ميلاً فأذهب معه اثنين» (3)، أم الفرقان الذي يقول: «خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ» (4)، «وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ» (5)، «وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ» (6)، «قُل لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ» (7)؟!
ألا بعزّة الدين، قل لنا: أيّ هاتين الديانتين تسمح لأهلها بكلّ ذلك
ص: 375
التعّصب والتضارب؟!
ثمّ أليس من العجب - مع كلّ تلك الآيات - ما يحاوله ويومي إليه بعض كتّاب المسيحيّين من: أنّ العلم يحكم بالتساهل، ولكن الدين لا يساعد عليه؟! نازعاً إلى فصل العلم عن الدين في فلسفته، وتلك الآيات الذهبية نصب عينه وقيد نظره!
أمّا نحن فالدين الذي لا يتمشّى مع العلم ويتكاتف وإيّاه لا تجدنا إلّا ضاربین به عرض الجدار! وإن كنّا لا نستقبله بالمهانة والاحتقار، سيّما إذا كان إلهياً ولو في بعض الأزمنة.
بل نقول: إنّ الدين - فيما عدا التوحيد - كالماء الزلال يتشكّل بأشكال ظروفه ومظاهره حسب اقتضاء الأحوال.
وهل يستطيع العلم هنا أن لا يرافق الدين ويوافقه؟!
ويلي عليك وويلي منك أيّها الانسان! ما أتعسك وأشقاك! وما تعاستك إلّا ممّا جنته يداك: (يداك أوكتا وفوك نفخ) (1)!
العناية لا تزال تبعث الخاصّة من صفوتها والصنيعة على عينها لصالح هذا الضعيف المتمرّد المختلف هو في نسبه إلى (آدم)، أم إلى مجتمع أصل يتفرّع
ص: 376
منه هو والقرود؟!
تجهد العناية في إصلاحه على تعاليمها ومساعي المندوبين من سفرائها، فينقسم ذلك التعيس على نفسه طائفتين واحدة تكذّبهم جهاراً وتسومهم هوناً وصغاراً، وذلّاً واحتقاراً، وأُخرى تصدّقهم في ظاهر الحال، ولكنّها تتلاعب بتعاليمهم تلاعب الصبية بالأكر (1) أو الريح بأعالي الشجر، حوّرت تلك الحقائق عن أُصولها إلى طبق أهوائها، وأمّت بها إلى غايات أنفسها، لا إلى جواهر غاياتها.
وهكذا فعل الإنسان، وهكذا لا يزال يفعل!
الكاتب يكتب، والمصلح يصرخ، والناصح يصيح حتّى يبحّ، أمّا البشر فكلّ واحد يسير على ما توحيه إليه آلهة طباعه وما يتنزّل عليه من سماء أهوائه!
كلّ يسير فيما يتيسّر له، ويجري على ما يجرّ بزعمه منفعته، سابح في غمرة، صاح في سكرة، (لا يدري بما في الإنجيل) (2) ولا بما في القرآن من عظة أو بيان:
أتلو صحائف وجنتيك وأنت في *** سكر الصبا لم تدر بالإنجيل!
والغرض من كلّ هذه النفثات أنّ الشرّ قد تفاقم بين هاتين الأُمتين، حتّى بلغ الحزام الطبيين (3)، ولم يقصر الشغب والبلاء على الشتم والسباب في
ص: 377
المؤلّفات والكتب وهتك كلٍّ حرمات دين الآخرين، بل تجاوز إلى ما تسمع وترى من دماء تُسفك وأعراض تهتك، وعمران بلاد تُنسف وأعمار عباد تقصف، وكلّ ما تقشعرّ له أبشار البشرية وتضجّ منه إلى الله الديّان ثمّ إلى الضمير والوجدان!
وأعظم ما هنالك رزية إلصاق كلّ ذلك بالأديان التي عرفت كيف تبرأ من ذلك التعصّب، وتدعو بكلّ ناطقة منها إلى التساهل والتعاطف وبثّ روح الحنان والرحمة في كلّ أُمّة ومع كلّ حزب وطائفة.
بيدَ أنّي لا أشكّ ولا أرتاب أنّ تساهل المسلمين فيما لا يزال ديناً وأدباً أو ما يسمّونه: (سياسة)، تساهلهم في كلّ تلك الأحوال، وتعصّب غيرهم لدينهم وقومهم ولغتهم وعاداتهم وسائر شؤونهم، تساهل أُولئك وتشدّد هؤلاء، هو أحد الأسباب التي تركت المسلمين على ما تراه اليوم ممّا لا أزيدك به علماً ولا عنه خبراً.
ولكن أتراك لو تغلغلت في البحث عن الأسباب والمبادي، وفحصتها بأدقّ فحصك، وسبرتها بمسبار غورك، ووزنتها بعيار مقاييسك، أكنت تجد السبب أو أشدّ غير دخول الغربيّين ومدّ أيديهم إلى الشرق؟!
خذ من يوم الحروب الصليبية إلى يومك هذا، وأحسن النظر، ولطّف الفكر، وقف في المراكز، وأدر بصرك في الحواشي والأطراف..
ولا يسمح لي مقامي هذا - وأنا أكتب في (الدين والإسلام) - أن أعود مؤرّخاً وجامعاً لك الشواهد والأمثال والقرائن والأحوال التي تتجلّى لك بها تلك الحقيقة، ولا ترتاب فيما أحرزتُه وحدستُه.
أليس قد مرّت أربعة قرون أو أكثر من أوائل الإسلام، يوم كانت الدولة
ص: 378
عربية إسلامية والمسلمون مع المسيحيّين في سلم ودعة، وهناء وراحة، وصفاء ومحبّة، ليس بينهم طرف نزاع، ولا حاشية مشاحنة، حتّى في المباحث الدينية والأُصول الاعتقادية، لا يجد كلّ من جاره ومواطنه إلّا كلّ حرمة لدينه وكرامة لمذهبه، ولا يدور بينهم في كلّ معاملة إلّا كلّ حسنى ومجاملة؟!
سل (بغداد) عاصمة الإسلام ومدينة الشرق وقاعدة الخلافة يوم ذاك تخبرك عن كثير ذلك وقليله ودقيقه وجليله، حتّى إذا مسح الغرب عن عينيه سنة الكرى وأيقظته زعقات الشرق ولمعات ذلك البرق، وكان أوّل انتباهته تلك المناوشات في الأندلس، تلك الدول العربية الزاهرة ذات الحضارة الباهرة في القرن الرابع، ثمّ سرت تلك الحركة الفكرية في الأُمم الغربية، حتّى تركها الشرق والعبرة به والغيرة منه في المقيم المقعد والمسيء المسعد، فكان أكبر همّتهم وأعظم مكرهم وأشدّ ما عندهم وما يستفرغ جهدهم سقوط الشرق من أوج مجده وهبوط نجم سعده وثلّ عروش شرفه.
ولم يجدوا أنجح للوصول إلى هذه الغاية من تحريش بعضهم على بعض وإفساد ذات بينهم وتضاربهم على أنفسهم، وإذا تقطّعت أوصالهم سهل استئصالهم وهان أمرهم.
ثمّ وجدوا أقرب الطرق إلى ما يرومون من إفسادهم وشقاقهم إلقاء العصبيات الدينية فيما بينهم، فسلكوا إليهم من هذا السبيل، حيث أصابوا فيه مدخلاً كالنافقاء (1) وطريقاً أوسع من الدهناء (2)!
ص: 379
وألمعي الظنّ لا يرتاب أنّ كلّ ما نشر من المطاعن على الإسلام والمسلمين، ما كانت ولم تكن إلّا من الغربيّين حتّى ما هو باللسان العربي منها فضلاً عن غيره، وإلّا فإنّنا لم نعهد من بني أوطاننا الشرقيّين كما لم يعهدوا منّا - إلاّ كلّ سلم ودعة وملائمة ومجاملة.
نعم، ما هي إلاّ من إحدى غرائب الغربيّين، وما هي منهم ببعيد!
كيف! وقد انضمّ إلى الجشع السياسي وشره الاستملاك والاستعباد ما اشربّ في قلوبهم من حبّ الإلحاد وبغضة عامّة الأديان.
فهم في الإفساد بيننا - معاشر الشرقيّين - يسعون إلى غايتين ويقصدوننا من وجهتين: دينية، وسياسية.
فمن إحدى خدعهم ودسائسهم التي لا يزالون يعملون عليها لإشباع نهمتهم وتبريد غلّتهم باستملاك الشرق أوّلاً، وقلع جذور المذاهب والأديان ثانياً؛ رغبةً في الإباحة العامّة والسراح المطلق، أنّهم وضعوا رسالة، بل تلفيقات ضلالة، ونسبوها إلى ما اختلقته نفوسهم، وأفكته أفكارهم من رجل مسيحي اسمه: (عبد المسيح) (1) كتبها في جواب (عبد الله الهاشمي) أحد بني عمّ (المأمون) حيث دعاه إلى الإسلام.
وكلّ ذلك - كما تعلم أنت وكلّ شادٍ (2) ومنتهٍ في أودية التاريخ - مختلق مجعول، لا وجود له في فروع الكتب ولا في الأُصول؛ إذ هذه شهود كتب التاريخ بين أيدينا ونصب أعيننا، وقد أحصوا فيها النقير من دولة العباسيّين والفتيل،
ص: 380
وليس فيها من ذكر ذينك الرجلين أثر ولا عين، ولا في واحد من الكتب المعتمدة كتاريخ (الطبري) (1) و (المسعودي) (2) وأضرابهما حرف من تلك القصّة، بل ولا إشارة إلى وجود إنسانين في زمان (المأمون) (3) (كعبد المسيح) أو (عبد الله).
ص: 381
وكلّ ناظر في تلك الرسالة بتدبّر يهتدي إلى موضع الحيلة منها، وأنّ أقصى مقاصد واضعها هو الطعن في أساس كلّ دين ومذهب، وإن كان في صورة الحال قد جعل خطّة المقال الطعن على شريعة الإسلام والانتصار للنصرانية، ولكنّه (يسرّ حسواً في ارتغاء) (1) ويتوارى في رميها من وراء!
وما زالت حرباء هذه الخديعة تظهر كلّ يوم بلون، وتبرز كلّ عصر بلباس حتّى ظهرت ثانياً في مقالات (هاشم العربي).
وما (هاشم) هذا إلّا (كعبد المسيح) ذاك!
وليس هما إلّا (كهيّان بن بيّان) و (الحارث بن هشام) أو (أبي زيد السروجي)!
وقد جعلت تلك المقالات في ذيل كتاب (الإسلام) (لصال جرجيس) الإنجليزي المتولّع بين قومه بالعلوم الإسلامية وترجمة القرآن وتفسيره بلسان أُمّته، حتّى رمي بينهم بالميل إلى الإسلام؛ لكثرة توغّله فيه.
وكان ممّا ألّفه في هذه الخطّة التي عاناها وعرف فيها مقالات في تاريخ بدء الإسلام وانتشاره ونموّه، وبيان تفاصيل مشروعاته وعباداته وسائر أُصوله وقوانينه، وترجمة حال القرآن الشريف، وكيفية نزوله، وترتيب سوره و آياته،
ص: 382
وناسخه ومنسوخه، وذكر تأليفه وترصيفه، وفهرسة مندرجاته ومضامينه، إلى غير ذلك ممّا يدلّ على سعة اطّلاع ذلك المؤلّف، وأنّه وإن تحامل على الإسلام أحياناً، ولكنّه لا يحيف كثيراً ولا يتباعد عن الإسلام شاسعاً، بل قد يلوح من بعض رموزه أنّه يعتقد الإسلام ويتكتم به، فهو يرمي إلى الحقيقة من بعيد ويرنو إليها بنظر سديد.
ولكن على رغم الفضيلة، إنّ مقالاته تلك وقعت إلى بعض أُولئك الملحدين والدجّالين، فترجمه من الإنجليزية إلى العربية، وباليقين أنّ موارد التحامل كانت من الخيانة في الترجمة.
وما اكتفى بذلك حتّى ضمّ إلى تلك المقالات التي مسخها عن شاكلتها الأُولى بترجمته، فحوّلها إلى التعاسة، والتناهي في الشقاء والضلالة، والانسلاخ عن زي المباحث العلمية وآداب المناظرة ببذّ البذاءة وجرّ أعنّة الجرأة وهتك نواميس الحياء والحصافة!
بيد أنّه ما كان يستمدّ غيّه وبغيه إلّا من تلك الرسالة المنسوبة (لعبد المسيح) بجامع الاشتراك في الزندقة والإلحاد والدجالة، وكتمان الاسم وكشف السوءة!
فذاك استعار لنفسه الخبيثة (عبد المسيح)، وما هو إلّا رجيع إبليس!
والثاني ألصق بتعاسة ذاته اسم: (هاشم العربي)، وما هو إلّا هادم الشرف العربي! وما هو من العرب إلّا كواو عمرو، أو (كدعوى آل حرب في زياد) (1)، أو (كرحم العير من ولد الأتان) (2)!
ص: 383
نعم، اشترك هذان الدجّالان في كلّ موادّ السبّ والشتيمة لتلك الحضرة المقدّسة الكريمة المكلّلة بتاج: «لولاك لما خلقت الأفلاك» (1)..
اشتركا في كلّ سخرية وهزء على الذات الأحمدية ومرآة الحقيقة الأحدية..
اشتركا ولا غرو ولا جرم، فإنّ: «شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورا» (2)!
ثمّ ما زالت تلك الفرقة الدجّالة الخبيثة تجري على هذه الشنشنة غير الحديثة من الختل والخداع وكتمان أمرها، والظهور بلباس غيرها، وشقّ عصا الأديان، وإلقاح الفتن بين الأُمم، وتشتيت شمل الشعوب، وإشعال نيران الحروب، وتمزيق القرى الآمنة المطمئنة، وتفريق العناصر الملتئمة والممالك المنظمّة.
كلّ عصر تتزيّا بزيٍّ وتظهر بلباس، وما الحقيقة والقصد والرأي إلّا واحد، ما هو إلّا إزهاق روح الأديان وإلحاق الإنسان بالبهيمة والحيوان!
فإنّ ذلك اللسان لسانهم ولحن القول لحنهم، وإلّا فحاشا عامّة أفراد الأُمّة المسيحية - فضلاً عن أحبارها الأفاضل وقُسسها الأماثل - أن يهمسوا في حقّ تلك القداسة العصماء ببنت شفة.
كيف! ولم تزل سرادق الحشمة وأستار الصيانة مضروبة بيننا وبينهم معروفة ومألوفة عندنا وعندهم، ما هتكت بالتجاسر على كبراء ديننا ودينهم
ص: 384
والغميزة في زعما ملّتنا وملّتهم.
كيف! وما هو من دأب ذوي الفضل والناهجين على سنّة العقل في حقّ أيّ أحد كان وأيّ ملّة كانت فكيف بهذه الملّة المقدّسة وشارعها الصادق الأمين؟!
لا وعزّة الأديان، لا يكون جزاء (محمّد) (له المجد والشرف) من الأُمة المسيحية ذلك، وهم لا يجهلون ولا يتناسون أنّ ذلك البرّ الرؤوف ومظهر الرحمة الواسعة لمّا ملك أزمّة القوّة وأمكنته يد القدرة والسطوة، كيف منحهم حرّية الدين، وأدخلهم في الذمّة المرعية، وعقد بينه وبينهم العهود الوثيقة، وجعلهم من رعايته وحمايته في أمنع كنف وأمرع كهف.
ثمّ اتّسع التأهيل والترحيب وزاد التلطيف والتقريب، حتّى صارت النواقيس ترنّ في عواصم المسلمين، ودين النصرانية تعدّ نواميسه وشعائره بإزاء هذا الدين.
فها هي تلك أُمّهات بلاد الإسلام قبل - كما هي اليوم - كنائس ومساجد، ونواقيس ومآذن، وزوايا وصوامع، وقسس وعلماء، ومطارنة وقضاة، ورهبان ومتصوّفة، وهلم جرّاً.
كلّ طائفة مقرونة بأُختها، وكلّ طريقة مقابلة بنظيرتها بكلّ حريتها وتمام أمنيتها.
ناهيك دماؤهم المحقونة، وأعراضهم المصونة، وأموالهم المضمونة.
قل لي بشرف الإنصاف، أيّ ملّة سمحت لضرّتها وابنة علّتها ما سمحت هذه الملّة المقدّسة لأخواتها الكتابية ومعاهداتها الأجنبية؟!
ولا أظنّك جهلت أو نسيت ما كان من الثورات الدموية التي كانت بين الأُمم السالفة في القرون الغابرة ممّا ليس هنا محلّ تفصيله.
ص: 385
وحقّاً إنّ هذه الشريعة السامية الإسلامية جاءت بالسلام العامّ لكافّة الأنام، وكانت حناناً ورحمة عامة لعامّة العالمين، فلتحيا هذه الشريعة إلى يوم الدين.
وبعد هذا، فلا أظنّ أنّ أحداً من الأُمّة المسيحية يذكر هذا النبي البرّ الكريم إلّا بكلّ تبجيل وتجليل واحترام وتعظيم، كما لا يزال كذلك دأب الراسخين منهم في العلم: «ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسَيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ» (1) عن قول الحقّ وكلمة الصدق.
أفتنسى النصارى قول هذا الفرقان الحكيم: «لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ) (2)؟!
أو تنسى قول ذلك النبي البرّ: «من آذى ذمّياً فأنا خصمه يوم القيامة» (3)؟!
إلى كثير من أمثال ذلك ممّا لا يتّسع المجال لإحصائه.
وحقاً أقول: إنّ الجهابذة منهم والأساتذة المتضلّعين في العلوم ما جهلوا ذلك، ولا نسوه ولا تناسوه، وقد قدّروا هذا النبي الأمين قدره، وعرفوا شرف ما جاء به، وإن لم تؤمن به ألسنتهم فقد آمنت به قلوبهم.
نعم، وعلى رغم الوفاء ورغمهم وبالعزيز علينا وعليهم أنّ بعض أهل الغرارة والجهل منهم - وما أكثر ما يتّفق مثلهم في كلّ أُمّة وملة - قد انخدعوا
ص: 386
وخضعوا لمفتريات أُولئك الملاحدة المتسمّين (بعبد المسيح) و(هاشم العربي) وغيرهم، فأنسوا بها بحسبان أنّهم أولياؤهم ومن حزبهم، وهم أشدّ الأعداء لنا ولهم.
فأعادوا تلك المقالات بعينها مع بعض التغيير والتشويش في سوقها وترتيبها على الغرّة والجهل بأقصى غرضها ومعزى قصدها، وأنّها هدم في أُصولهم وصدم وردم على عقولهم، وكلّها عائدة بالنقض عليهم!
وظنّي أنّ بعض ضعفاء النصارى المزجاة بضاعتهم من العلم - ولا تظنّه سوى مؤلّف (ميزان الحقّ) - لمّا تحامل على الإسلام وتقحّم على معارضته ولم يجد فيه محلّ نيز ولا همز، ألجأته الضرورة إلى التعويل والتشبث بكلمات أُولئك الملحدين المناوين والمعاندين لكلّ مذهب ودين.
حتى انتضت رحمة الله ذاك الصارم الهندي فردّ أقاويله وأباطيله شذر مذر، ومزّقه كلّ ممزّق، ولم يبق فيه ولم يذر.
وقبل استيفاء المقالات الخمس التي وقع الاتّفاق بينهما على الخوض فيها نكص عاجزاً ووقف ناكلاً، ولم يخض معه في بقية المسائل.
راجع (إظهار الحقّ) ولواحقه، يظهر لك ذلك إن شاء الله.
ثمّ وصل الدور ودالت الأيّام وجاءت النوبة إلى صاحب (الضلالة)، فرام بزعمه أن يردّ أو يكتم (إظهار الحقّ)، فجمع أربعة مجلّدات احتطب فيها خبط عشواء جملة أحاديث مشهورة الوضع من الضعاف والمناكير، ثمّ تمسّك ببعض متشابهات من القرآن، وعقّبها بإشكالات في العربية، دلّ بها على أنّه لم يتلمّظ من العلوم الآليّة ولا ببلّةٍ منها! ثمّ كان أوفر بضاعته المهارة في صناعة الشتم على أزكى النفوس الطاهرة.
ص: 387
فتراه يسرد لك في عدّة مواضع: أنّ محمّداً (تعالى الله ورسوله عمّا يقول الظالمون) غدر، وكفر، وفجر! (غفرانك اللهمّ)، وعبد الأصنام، وشرب الخمر ونقض العهد، وتزوّج زوجة ابنه (1)، وهلمّ جرّاً، ما شاء وشاءت له الغواية!
انظر إلى سلحة (إبليس) وسلاحه وقحّته وصلابة وجهه!
وتلك وأمثالها هي كانت عدّة (هاشم العربي) و (عبد المسيح) و (ميزان الحقّ)، وما أكثر ما تكذب الأسماء، أو تكون بعلاقة الضدّ!
نعم، يا هؤلاء، لوكنّا - معاشر المسلمين كما أنتم فيه من عداوة الرحمان وعبادة الشيطان وعدم رابطة من الدين إلّا رابطة الكفر به والإلحاد فيه، لقلنا إزاء ذلك القول: إنّ (المسيح) كذا وكذا، و (مريم) كذا وكذا، ولكان لنا مجال واسع وشبه حجج قواطع، ولرأيتم أيّنا أضعف جنداً وأشدّ في الشتيمة شكيمة.
ولكن معاذ الله أن يستخفّ جهلكم بحلمنا، أو يأتي الحادكم على وطيد ديننا.
ولكنّي نذير لأهل الفضل والأصحّاء والصلحاء من النصارى الذين تنتمون إليهم، أنا نذير لهم بأن يهمّوا ولا يهنوا ولا يغضّوا الطرف على هذه الفظائع والمنكرات..
أنا نذير لهم في أن يهمّوا بقطع دابركم، والبراءة من أوّلكم وآخركم والعناية بتربية أمثالكم، أو إعلان البراءة منهم، وإلّا ففي جهلة المسلمين ودعارتهم من يستطيع أن يتسدّج (2) في (المسيح) أكثر ممّا تسدّجتم وافتحرتم
ص: 388
في حبيب الله (محمد)، ويقدر أن يكشف الحجاب ويهتك الستار، ويقول في درّة صدف العفّة والطهارة (مريم العذراء) ما أنتم أعلم به.
وهنالك - أيّها الأصحّاء وأهل السلامة - صمّوا آذانكم، واستغشوا ثيابكم، وغضّوا أبصاركم، أو ميلوا إلى جانب أهل الخنا والفجور والعهر والفسوق (لا سمح الله)، ويكون البادي - إذ ذاك - أظلم والذنب على الساكت أو المسبّب أعظم.
نعم، وجميع أُولئك الأوشاب الطغام (1) المتحاملون على شريعة الإسلام، وكلّ أُخوانهم الذين يمدّونهم في الغي والبغي على تلك الشرعة الطاهرة وشارعها المقدّس، كلّهم - بحمد الله - ما أضرّوا بها نقيراً ولا فتيلاً، وما كان حالهم وإيَّاها في الردّ لها والطعن – معاذ الله - عليها إلّا: (كمبتغي الصيد في عريسة الأسد) (2)، أو: (عُثيثة تقرم جلداً أملساً) (3)!
ولقد كنت أيضاً - قبل برهة من الزمن - صمّمت العزيمة لمّا نظرت في مقالات (هاشم العربي) المجهول الحقيقة أن أُفرد موضوعاً في تمزيق أقاويله وتفريق أباطيله قائلاً له: (قد أنصف القارة من راماها) (4)، (لبّث قليلاً يلحق
ص: 389
الهيجا حمل)، وأُريه أنّنا - بحمد الله - أقدر على السبّ والشتم والظلم والهضم وبذاءة اللسان وجرأة الجنان من كلّ متعوّد لها معوّل عليها ليس عنده سواها، فما هو إن جرى أو جارى إلّا كالحبارى!
ولكن عزفت وانصرفت أشدّ العزوف صوناً لأقلامي عن التلويث بنقل أشباه كلمات ذلك الملحد الخبيث، وترفّعاً نفسي عن تلك الخطّة التعيسة، وتنزيهاً لها عن سبّة المسبّة وشيمة المشاتمة، وتركته يستأكل بنفسه ويتلاشى بذاته. فإنّ الزبد يذهب جفاءً:
وكم من لئيم ودّ أنّي شتمته *** وإن كان شتمي فيه صاب وعلقم
وللكفِّ عن شتم اللئيم تكرّماً *** أضرُّ له من شتمهِ حينُ يُشتم
(كيف لا) و:
البغي يصرع أهله*** والظلم مرتعه وخيم (1)!
على أنّ كلّ ما يتمسّك أو يمكن أن يتمسّك به المتحاملون على الشريعة
ص: 390
الإسلامية من الشبه والمراجعات قد أجبنا عنها فيما تقدّم.
فهذا ما يعود إلى المباحث العلمية التي يسوغ لنا الخوض فيها. وأمّا ما وراء ذلك من الاستهزاء وقول الزور والفحشاء فجوابه على أهل الفضل والكمال منهم ليردّ الحليم السفيه والعالم الجاهل.
وقصاراي وكلمتي الأخيرة: تذكير المسلمين والمسيحيّين جميعاً أنّ البلاء بينهم قد تعاظم والشرّ قد تفاقم، وأنّ يد العدوّ لهما معاً قد لعبت فيما بينهما حتّى أوشكت أن تقضي عليهما، وأنّ تلك المكافحة والمكابحة التي هي أشدّ أثراً من المسايفة والمرامحة ليست هي من مقتضيات طبائعهم ولا من آيات شرائعهم، وإنّما هي زبية (1) راصد لهما وشبكة احتيالٍ عليهما.
ولا أحسب أنّ النصارى لم تتّضح لهم بعد جلية الحال، ولم يستمعوا لمنذر التاريخ وداعي العبر، وما حدّثتهم وقائع الأيّام عن الغرب وحجزتهم من مطلق الدين ونواياهم فيه، كما أحسبهم لا ينخدعون لبرقشة (2) سياستهم وتودّدهم إليهم، وهم يعلمون أنّ الغرب لو امتلك الشرق (لا حانت تلك الساعة أو حان حيني! ما كان ليخصّ الإسلامية بعسفه ويبسط للنصرانية جناح لطفه وبساط عطفه، بل ينظر إلى مطلق الدين بعين سخط واحدة ويستقبلهما معاً بسطوة جاحدة وأخذة قاسية.
وهناك الرقّ والاستعباد، ومظاهر القسوة والاستهلاك.. استهلاك كلّ أُمّة ملكت قرينتها، واستعمرت نظيرتها.
ص: 391
فإنّ راق لكم ذلك، وإلّا فحفاظاً على السلم والدعة والصفاء والمجاملة.. حفاظاً على كرامة الأديان وصوناً لها من حفزات من لا يركن إلى دين وإن التصق بالمسلمين أو المسيحيّين.
ألا وإنّ عزمة من عزمات الله عليكم وعظيمة من عظائمه فيكم أن لا تهملوا النظر والتدبّر في هذه الخاطرة، فلعلّها خطيرة، ولعلّ لها كبير أثر في ناموس الاجتماع وإن كانت في القول صغيرة.
وحسبكم وراء الأُخوّة البشرية جامعة الوطن واللسان، والإيمان بالمبدأ والمعاد، والحساب والجزاء، والكتب والأنبياء.
فإن دعت الدواعي لكلّ واحد من الفريقين إلى الدعوة الدينية، أفلا يكون بحفظ الشرف والعفّة والنواميس والنزاهة والشهامة والكرامة!
هذا ما أقوله وأتمنّاه لي ولكم ولأُمّتى وأُمّتكم، وما هو على الله بعزيز إذا شاء.
الثانية: أنّك ربّما عرفت من جميع ما تقدّم من سياقة مباحثنا وطرز طريقتنا ولحن كلماتنا أنّنا لا نودّ إلّا أن ننصف في الحكم، ونعدل في القضية، ونعترف لكلّ ذي حقٍّ بحقّه، ولا نبخس الكيل، ولا نطفف الوزن، ولا نحيف على ذي الفضل، ولا نساوي بين المسيء والمحسن، ولا نطّرد اللائمة على البريء والجاني، ولا نحكم على العامّ بحكم الخاصّ.
ص: 392
وقد رأيت في أوائل الجزء الأوّل - بعد أن ذكرنا شيوع الإلحاد والدارونية عند الغربيّين كيف استدركنا ذلك بذكر جلّة من مشاهيرهم، كان لهم في الدين القدم الراسي والعرفان الراسخ والوصول إلى الحقيقة، وأوردنا من كلماتهم ما يشهد لهم بكمال المعرفة وصادق اليقين وصحّة الدين وإصابة أدقّ الأدلّة والبراهين (1).
وعلى ذلك النسق وفي ذيّالك الطرد وجب هنا أن نشير إلى كثير علماء الغرب الذين بحثوا في الإسلام المباحث الدقيقة وأصابوا منه الجوهر والحقيقة، وكانوا على جانب من الإنصاف دفعهم إلى الإقرار والاعتراف.
ثمّ على دأبهم وديدنهم من التوسّع في البحث والتناهي في الفحص والبلوغ إلى التخوم والغايات دون السطوح والأطراف، قد تخصّص بحّاثون منهم في هذا السبيل، وخلّصوا أعمارهم لتلك الغاية، فما ازدادوا به إلّا يقيناً ولا عليه إلّا تعويلاً، وأصبح لهم من راسخ العقيدة فيه ما ليس للكثير من العريقين به والناشئين عليه.
ولا جرم، فإنّ واجد الشيء بعد الجهد والتعب، والالتماس والطلب والنصب والعناء غير من جاءه عفواً، وأصابه صفواً، وأخذه وراثة أو حبوة، واستلمه تقليداً ومتابعة.
ولست أرمي وأنحو إلى جمع كلمات كلّ غربي كتب في هذا الموضوع، وأصحر بهذه الحقيقة، وجاهر بمرير ذلك الرأي.
على أنّي في لوعة أسف؛ إذ لو كنت قيّدت - وعلى الأقلّ - أسماء من
ص: 393
عبرت على ذكرهم من أُولئك الباحثين الذين لهم قيل حقٍّ وكلام صدق ودقيق بحث واستخراج جلي برهان على صحّة الإسلام وأنّه هو الدين الحقّ وحقّ الدين، ولو نزعت إلى ذلك لكنت قد جمعت إلى زماني هذا أكبر كتاب وأنفس موضوع في الإسلام.
ولكن ليس يخفى سبيلنا على من أحاط خبراً بما سبق من هذا الجزء وأكثر الذي قبله، فانّ من تدبّر هما سيراً وسبراً لا محالة يستبين له أنّنا في أُويقات إملائه وسويعات إنشائه لم نستقص النظر، ولم نحص الفحص، ولم نواصل التتبّع في مطالعة الصحف والكتب المشروعة في أمثال المواضيع التي طرقناها والأبواب التي قرعناها.
استطردنا سياقة تحرير هذا الجزء من أوّله إلى مقامنا هذا من دون أن ننظر في المؤلّفات التي تسدّد عن الإسلام وتناضل دونه، فضلاً عن إمعان النظر في الصحف والمجلّات الاختصاصية بذلك الشأن، أو التي تستطرده استطراداً ويتّفق لها الخوض فيه أحياناً من مقتبس منار أو سبيل رشاد أو ملاجي أو غيرها.
ما أسعفت أن أرى من ذلك شيئاً، أو أتقيل من ظلالها فيئاً، بل اكتفيت بالعتيد الحاضر في الخاطر، وبما سنح على الفكر، وبما أبقته سيطرة النسيان وصكصكة صروف الزمان من المراجعات القديمة والمطالعات الغابرة.
فكان القلم والطبع معاً يتجاريان ويتباريان من دون وقفة وانتظار لمراجعة أو استحضار، من حرّ تحرير، من حرّ تحرير أو محاورة تحرير، إلّا يسيراً من تعهّد العهدين ونزر من الكتب لضبط النقل منها.
أمّا ما شرّفنا به صحائفنا من كرائم القرآن المجيد فقد كنّا نورد أكثر الآيات من غير تجديد مراجعة أخذاً بما في الحافظة وبقايا الذهن والذاكرة.
ص: 394
ومن ذلك ما وقع في بعضها من السهو ويسير من التغيير في حرف أو حركة، كما سندلّ عليه عند نهاية هذه الخاتمة إن شاء الله.
نعم، إنّ الوحدة وعدم المساعدة، وقلّة العديد والعدّة، والاستعجال وقصر المدّة، وتدافع الخواطر على الذهن وتزاحمها على الفكر، لم يدع للاستقصاء مجال فرصة، ولا للاستعانة بغير الله حاجة.
وكفى به ناصراً ومعيناً، وعلى ما أقول شهيداً.
ومذ بدا لنا أن نذكر شيئاً من كلمات من فاق وأربي من علماء أُوربا، من متنوّري الأفكار ومستشرقي العلوم الذين دفعهم سائق الإنصاف إلى المعرفة والاعتراف، بعد أن سلكوا الطريق وأصابوا الحقّ بالبحث والتحقيق، فخلعوا نير (1) العصبية، وأغلاق الإلف والعادة، والجمود على تلقين الآباء والأُمّهات، وقطعوا السلاسل الحابسة عن النهوض إلى طلب النجاة المانعة عن اغتراف السعادة من مناهل عين الحياة، وجدنا أنّ ذلك يحتاج إلى بذل جهد واستفراغ وقت وجمع عدّة، قد يعسر جمعها ولا يجتمع إلّا بعناء شملها.
وكان قد مرّ على لامحتي رسالة للفاضل الإنجليزي الشهير (عبدالله وليم كويليام) الذي اهتدى بنور عقله ومجاهدة نفسه إلى هذا الدين الحنيف، وحاد بنفسه إلى التوحيد وفارق التثليث في هذه الأعصار وتلك الأمصار التي تعرف أنت كيف عزوفها عن الدين وعزوبها عن تطلّب الحقائق الروحية وتكميل النفس بمعرفة خالقها ومبدأها ومعادها.
فإنّهم عن هذه المسائل بمراحل، وما الأديان عند أكثرهم إلّا أوهام هي
ص: 395
من مجعولات البشر وموضوعات الزعماء!
ولكن الله (سبحانه) يمدّ بعنايته من يشاء من عباده، ولا يحبس ألطافه عن رومي ولا خزري، ولا يخصّها بعربي ولا عجمي، بل فيضه عميم وفضله جسيم.
وبذلك تجد هذا الحرّ الحري بالتوفيق قد أحرز نصاب الصواب في هذا الباب، فشمّر عن ساعد الهمّة في الدعوة إلى الله والأخذ بتوحيده وخلع ربقة الشرّ وموبقة الشرك عن الأعناق، حتّى آمنت جماعة من قومه وحفلة (1) من أبناء جلدته، اتّخذ لهم مسجداً لإقامة الفرائض ونشر تعاليم الإسلام المقدّسة فيما بينهم.
وما زال يبثّ في تلك الأجواء والأرجاء الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة على أفضلية الديانة الإسلامية على سائر الأديان.
فمن بعض منشوراته في هذا السبيل رسالته الشهيرة (بالعقيدة الإسلامية) المترجمة إلى العربية بقلم السيّد (سليم أفندي التنّير) المتطلّع في اللغة الإنجليزية.
وقد نُقلت إلى أكثر اللغات الشرقية، كالعربية، والفارسية، والهندية، وغيرها.
وطبعت عدّة دفعات، وتعدّدت ترجمتها إلى العربية بأقلام عدّة من الكتّاب.
وقد وقفنا على ترجمتين منها، الثانية منهما بقلم (محمّد ضياء) مطبوعة في السنة الخامسة عشر بعد القرن الثالث عشر، والأُولى في التاسعة بعده.
ص: 396
وفي الثانية رسم المحترم (كويليام) بعنوان: (شيخ الإسلام) في الجزائر البريطانية.
وبعد انتهاء ما أردنا بيانه في هذا الجزء استحضرت الترجمة الأُولى، ومذ أتيت عليها بالسبر وجدتها فضلاً عمّا فيها من وثيق الدلائل ورشيق المسائل التي توافق جملة ممّا قدّمناه وتشهد على بعض ما ذكرناه، وما أكثر ما تتوارد الخواطر وتتّفق القرائح!
وإذا صفت وأنصفت عقول الرجال فهى مرايا، والحقّ واحد حيث كان، لا يتعاند في الأفكار ولا يتعايا. فضلاً عن هذا وجدتها قد اشتملت على كلمات حافل من أبناء جلدته وزملائه الذين أشرقت لهم لمعات الإسلام بمتنوّر أفكارهم ومتسعّر قرائحهم ولطيف هواجسهم، ونهضوا في الدفاع عنه والتدافع إليه بكلّ حماسهم وحواسّهم.
ونظراً لما نرغب فيه وننزع إليه من المعدلة والاعتدال وحبّ الإنصاف، وتتميماً للغرض، وتعميماً للفائدة، وتأكيداً للحجة، وتسديداً للبيان، وإقناعاً للخصم، ومجادلة بالتي هي أحسن، عقّبت لاستدراك ما تقدّم وكفّارة ما سلف.
على أنّي ما اقترفت ولا جنيت!
ولكن إنصافاً لذوي الفضل، واعترافاً لذوي العرفان، ودلالة على مكانتهم من حرّية الضمائر وصحّة البصائر، لخّصت مقالات ذلك الفاضل في تلك الرسالة الوجيزة، وسردت ذكر من نقل عنه ما يوافق رأيه ويعضد قوله ويدعم حجّته.
أوردنا لك ذلك؛ لتعرف أنّ العناية ولطف التوفيق منه (تعالى شأنه) لا يختصّ بشرقي ولا غربي، ولا عبري ولا عربي.
وبه يستبين لك أنّ ما عنينا به واحتدمنا عليه من إثبات حقّية هذا الدين
ص: 397
المحمّدي هو الحقيقة بنت الفحص خطيبة العلم عقيلة العقل نتيجة الوجدان صفية الإنصاف.
ذلك ممّا نورده عليك من كلمات أمثال ذلك التحرير من كلّ مضطلع من حكماء الغرب خبير، وما نردفه من الإيضاح والتتمّة لكلماتهم.
وها نحن ذاكرون صفوة مباحثها على العهدة الوثيقة والأمانة المرعيّة.
سوى أنّنا نجوز منها عمّا لا يهمّنا ذكره، أو ما يكون جلياً مشتهراً أمره.
وبالله المستعان في جميع ما نحوم حوله ونحاوله ونطلبه ونتطاول إليه، وعليه المعوّل، ومنه المعونة إن شاء الله.
قال (شكر الله في الإسلام سعيه):
(إنّ خلاصة البحث الذي تضمّنته هذه الرسالة قد تمثّلت به خطيباً ثلاث مرّات في قاعة فرنون بمدينة (ليفربول).
وقد أشار عليّ بعض الذين اعتنقوا هذا الدين المبين بنشر تلك الخطب تعميماً للفائدة العمومية.
وجلّ ما أُحاول أن أُحسن استيفاء أداء العقائد الإسلامية بأوجز عبارة لا تخلّ بأداء المقصود، ولا أخرج بذلك عن الموضوع.
موطّداً آمالى أنّ هذه الرسالة ستكون سبباً لإزالة التعصّبات الدينية على الدين الإسلامي، وأن يتهيّأ لي ضمّ الاعتقادات الإسلامية على وجه بيّن مفيد.
إنّ من العجب العجاب اتّحاد ملايين من المسلمين والإنجليز تحت تبعة واحدة وكثرة اختلاط الدين الإسلامي في المملكة البريطانية، مع أنّه قلّما يعلم الإنجليز شيئاً عن الدين الإسلامي وتأريخه وأتباعه!
ولذا نرى حقائق هذا الدين محتجبة عنهم، ومن جري تراكم الجهل عليهم
ص: 398
يسهل انخداعهم وتهوّرهم تبعاً لكلّ من يقاوم هذا الدين.
وبما أنّه من الواجب على النوع البشري المسالمة والمحبّة وفعل الخير والارتداع عن الشرّ مع أبناء نوعه، نرى من الإنصاف أن نضرب صفحاً عن هكذا موضوع.
إنّ أوضح كتابة كُتبت على دين الإسلام وأقصرها ما قاله (داود أوركوهرت) في مقدّمة كتابه في المجلّد الأوّل المسمّى: (روح الشرق) المطبوع [عام] 1829.
وهو: أنّ الإسلام لم يكن ديناً مبتدعاً ولا وحياً مخترعاً ليس به قسّوسية ولا حكومة كنائسية، بل سنّ شريعة للناس كافّة ونظاماً مدنياً يجب على كلّ مسلم الانقياد إليه.
ولقد أكّد هذا القول جمّ غفير من الأُوروبيّين، مثل: (بلكريف)، وفمبری)، و(رولنص)، و(ليرد)، و(رولند)، و(استنلي)، و(الدرلي)، وخلافهم.
أيضاً نرى كلّ من سافر إلى الممالك الإسلامية يأتينا بشيء من خصالهم الحميدة.
ومع كلّ هذا، فإنّ أفكار الأُمّة الإنجليزية حتّى الآن لم تتأثّر بذلك، وحقيقة دين الإسلام مجهولة لديهم.
و من المعلوم أنّ الأُمّة الإنجليزية - مع ما هي عليه من اختلاف المذهب في الدين المسيحي - قد ورثت من آبائها الكراهة الشديدة لهذا الدين، حتّى صارت تلك الكراهة كأنّها من واجباتهم الدينية!
ولمّا تمثّل (إسحاق تيلر) المحترم خطيباً في المجمع الكنائسي وفاه
ص: 399
بالحقّ بكلّ أمانة بكتوه بالتعصّب الباطل!
أمّا ملاحظاته التي أوردها في المشار إليه في (ولفر همبتن) ونشرت في (جرنال التيمس) في اليوم التالي بتاريخ 7 تشرين سنة 1887 م، فهي مقالة مهمّة جديرة بأن تتبّع بتدقيق تامٍّ وانتباه.
وبما أنّ الوقت لا يسمح لي بأن أنقلها حرفاً بحرف لضيق المقام اكتفيت بإيراد قسم منها).
ثمّ ذكر ذلك، إلى أن قال:
(وقد أفاد الإسلام المدنية أكثر من النصرانية، وكلّ من يطّلع على الأخبار الرسمية الإنجليزية وتقريرات السيّاح المتأخّرين يتّضح له حقيقة الدين الإسلامي بأجلى بيان، ويعلم أنّ العبيد حينما يعتنقون [الديانة] الإسلامية يبتعدون عن الخديعة، وأكل لحوم البشر، وقتل الأطفال، ويأخذون باللباس والنظافة والطهارة، والكدّ في طلب الكمال الإنساني، واتّخاذ الضيافة، ويندر فيما بينهم شرب الخمر والميسر، ويمتنعون من الرقص الفاحش، واختلاط الذكور بالإناث. ومن أعظم الكمالات عندهم عفّة النساء وطهارتهنّ، ويظهر لديه كيف تبدّل الكسل بالاجتهاد، ويرى كيف أنّ الشرع ناشر لواءه والعدل مستحكم البناء، ويعلم أنّ البغضاء وحبّ الانتقام محرّمان عندهم.
فلست ترى بينهم إلّا اللطف والوداعة، والإخاء الديني، والرفق بالحيوان والرقيق.
أمّا اتّخاذ الزوجات والتسرّي فإنّهما منظّمان، ومضارّهما ممنوعة والإسلام يفضل كافّة أديان البشر عفّة وزهداً.
مثلاً: إنّ امتداد المتجر الأُوربي ينتج عنه امتداد المسكرات، والرذائل،
ص: 400
واحتقار مخلوقات الله (عزّ وجلّ).
وأمّا الإسلام فلا ينتج عنه إلّا التمدّن الحقيقي، وتعلّم القراءة والكتابة، واللباس الحسن البسيط، والنظافة، والعفّة، والوقار.
بالاقتصار أنّ نتائج حظره للرذائل وما ينشأ عنه من التمدّن من الأُمور المدهشة.
ما أقلّ ما نبديه بالنسبة إلى الأموال الباهظة التي نتكبّد بذلها والأرواح التي نضحيها في أفريقيا؛ لأنّا إذا عددنا المتنصّرين أُلوفاً نعدّ المسلمين ملايين.
ولعمري إنّ هذه الحقائق الثابتة التي تواجهنا لهي من الحقائق المكدّرة جدّاً، ومن الحماقة والجهل أن نغضّ الطرف عن ذلك، فيجب علينا أن نعرف الحقّ لأهله.
وهو أن نعلم أنّ الإسلام لا يضادد الديانة المسيحية الأصلية، وما هو إلّا اعتقاد إيمان (إبراهيم) و (موسى) عليهماالسّلام مع بعض فروض مسيحية، غير أنّ اليهودية تختصّ بأُمّة واحدة، والإسلام للعالم أجمع.
وقد انتشر الدين الإسلامي الذي لم يخالف ما جاء به (موسی) و (عیسی) انتشاراً سريعاً في آسيا وأفريقيا؛ لأنّ علماء اللاهوت قد بدّلوا العقائد المسيحية بعقائد عقلية؛ فإنّهم طالما حاولوا أن يبدّلوا الفجور بالعفّة، وذلك بابتداع الرهبانية، وجعلوا الوصلة إلى النزاهة والتقديس ترك الزواج.
فلم ينشأ عن ذلك إلّا الفحشاء والمنكر والبغي، حتّى أصبح الناس كوثنيّين يعبدون الشهداء والقدّيسين والملائكة!
أمّا الإسلام فقد أزال كلّ هذه المنكرات والخرافات التي أحدثها علماء اللاهوت بمباحثهم اللاهوتية الباطلة، وهي الرهبانية التي يلقّبونها: بتاج التقوى؛
ص: 401
لأنّه: «لا رهبانية في الإسلام» (1).
بيد أنّ الإسلام أخلص التوحيد لله (جلّ وعلا)، واستعاض الرجولية عن الرهبنة، وأبان للأرقّاء أنّهم ومواليهم إخوان في الدين وأنّهم من أب واحد، وعلّم كيف يدرك أدنى الشعوب الفضائل والكمالات الإنسانية، كالعفاف، والطهارة، وحفظ النفس، والعدالة، والاحتمال، والإحسان، والضيافة، والصدق، والتسليم للقضاء والقدر
وعندهم الوصايا الأربع الأصلية، وهم ممتنعون عن الخطايا السبع المميتة.
فالإخاء المسيحي هو صوري فقط، وأمّا الإخاء الإسلامي فهو إخاء حقيقي.
ولذا نرى المسلمين جميعهم متساوين بالوحدة الإيمانية والإنسانية.
قال (تعالى) في سورة الحجرات (التاسعة والأربعين): «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» (2).
فكلّ من يدخل في دين الإسلام يكون أخاً حقيقياً إلى (150/000/000) نفساً من المسلمين بالإخاء الديني الحقيقي.
أمّا المتنصّر فلا يعدّ أخاً مساوياً كتساوي الأخوية الإسلامية الحقّة.
نعم، إنّ ما ندّعيه من الإخاء عندما نجتمع على المكتبة أكثر من الكثير، أمّا في المعاملات اليومية فقليل جدّاً!
ص: 402
لا نستغرب تصريح القرآن المجيد بذكر جنّة محسوسة؛ لانّ تكوين هذه المكوّنات هو أعظم برهان وأقوى دليل على ذلك).
أقول: ثمّ أعاد القول في الأمرين اللذين اتّخذهما عسيرين، وهما: تعداد الزوجات، والاسترقاق.
إلى أن قال:
(وإذا قلنا بمضارّ تعداد الزوجات فإنّا نرى لها منافع تفوق تلك المضارّ؛ لأنّها أزالت وأد البنات، ومنحت كلّ أُنثى حمى شرعيّاً تخلّصت بها البلاد الإسلامية من الحرف الممقوتة التي خزيها في المسيحية أشدّ وأكثر من تعداد الزوجات.
فيا حبّذا تعداد الزوجات المنتظم في البلاد الإسلامية! فإنّه أقلّ إهانة للنساء وأكثر حصانة للرجال من البغي والفجور الذي هو خزي عظيم على البلاد المسيحية!
وهذا البغي غير معروف لدى الأُمّة الإسلامية.
فهل - والحالة هذه - يمكن لبغاة الإنجليز أن يرشقوا المحصنين الإسلامتين بحجارة الطعن والملام؟!
فلنخرج الجسر أوّلاً من أعيننا قبل أن نخرج القذى من عين إخواننا!
لا يشين ب_ [الأُمّة] الإسلامية استعمال هذه الأُمور الأربعة: تعداد الزوجات، والطلاق، والتسرّي، والاسترقاق؛ لأنّه مباح لهم.
ولم يبرح من خلدنا أنّ هذه الأُمور الأربعة قد استعملها إخواننا الإنجليز الأميركان، مع أنّهم مسيحيّون في بلاد مسيحية، ولكن استعمالهم لها بطريقة وخيمة!
ص: 403
وممّا يليق بنا أن نذكر أنّ الآداب الإسلامية خير من آدابنا، وذلك بتسليمهم لقضاء الله (عز وجلّ) وقدره واللطف والوداعة والصدق والإخاء الإيماني.
فلا غرو أن يكون لنا بهم أُسوة حسنة، فقد حرّم الخمر والميسر والبغي، وهذه من مساوئ البلاد المسيحية). انتهى كلام (إسحاق تيلر).
قد نشأ عن نشر ملاحظات (كتن تيلر) مباحث عديدة في أعمدة (جرنال التيمس)، ولضيق المقام أكتفي بذكر بحث واحد فقط قبل أن أذكر المقاصد التي بنى عليها هذا الكتاب تتميماً للفائدة.
قال (يوسف ثمبسن) الرحّالة الشهير بكتابه [في] تاريخ 10 تشرين أوّل سنة 1887م المنتشر في (التيمس) 14 شهرة ما نصّه من كلام طويل، قال في آخره: (ولنرجع الآن إلى غربي أفريقيا وأواسط السودان، وهي بلاد أتاح لي الحظّ زيارتها، فإنّا نعجب إذ نرى الإسلام ضارباً سرادقه مكلّلاً بتيجان النجاح كأنّه في بادئ بدءٍ.
فهو ينشر في أسواق (سياراليود) وما بين أكواخ أكلة لحوم البشر على ضفّة نهر (النيجر).
ولعمري أنّ ما فهت به هو الحقّ.
وليس كما زعم المبشّرون الذين يجهدون جهدهم ناسبين رزايا الاتّجار بالرقيق إلى الدين الإسلامي باذلين أقصى الغاية بإضعاف أهميته، يدعون ثبوراً لساكني غربي [و] أواسط أفريقيا من نموّ الإسلام فيها.
وأنّى لهم أن يعترفوا بأمر لم يكن من مبادئهم! زاعمين أنّ الدين الإسلامي لا يمكن انتشاره إلّا بأحد أمرين: السيف، أو إضرام النار!
ص: 404
فيسرّهم أن يمثلّوا أحد العبيد جائياً على ركبتيه جازعاً مستغيثاً، وكوخه مشتعلاً بالنار، وامرأته وأطفاله يساقون إلى الاسترقاق والأغلال في أعناقهم، وأحد جبابرة الإسلام مصلتاً سيفه قائلاً إحدى اثنتين: القتل، أو القرآن!
وأظنّ أنّ هذا التصوّر قد ورثه البنون عن الآباء عن آبائهم.
بخٍ بخٍ (1)! إذ أنّني نظرت بعيني رأسي أنّ كلّ ما نسب إليهم إفك صراح، وأنّ أعظم نجاح للدين الإسلامي بأواسط وغربي السودان إنّما هو بالسلام والوداعة.
فإنّه منذ نحو الجيل الثاني عشر وراعي الغنم الفلاني والتاجران النوبي والهوصي لم يزالوا يدعون إلى دينهم، وهو ينتشر من (بحيرة جاك) إلى (الأُوقيانوس الأتلانتيكي)، حتّى نجم عن ذلك أنّ تلك الأماكن امتلأت بأكواخ تقطُنها أُمم المسلمين، ولم يعوّدهم الأمر سوى زعيم يجمع قلوبهم على كلمة التوحيد.
وقد تمّ لهم ذلك، حيث في ابتداء هذا الجيل قام بهم ذلك الرجل المدعو (بغوديو)، وبأقرب وقت أصبحت [الديانة] الإسلامية هي الدين الحاكم على بلاد عظيمة).
إلى أن قال عن الإسلام:
(وهو دين حسن المأخذ مقبول عقلاً، يعلم بكلّ سهولة، يسهل فهمه على العبد الوثني.
فذانك التاجران يقيمان فيما بين الوثنيّين إمّا شهراً أو نصف عام، وبتلك
ص: 405
المدّة تراهم يعجبون من حسن ملابسه ونظافتها، ويقتدون به في ذلك؛ لأنّهم لم يروا منه ما تشمئز منه نفوسهم، ولا يسمعون منه من أمر دينه ما لا يفهمونه.
وبهذه الطريقة ابتذرت بذور التمدّن والدين الإسلامي في تلك البلاد العظيمة فيما بين الأُمم المتوحّشة، فأصبحت تلك البلاد تدوّي بصدى أصوات المؤذّنين صباحاً وظهراً ومساءً، وطفقوا يسجدون لوحدة الله (تعالى) بعد أن كانوا يسجدون للأحجار، والشفاه التي كانت تبتهج بأكل لحوم البشر شرعت تشتغل بذكر عظمة الله ورحمته!
ثمّ إنّنا لو فرضنا أنّ انتشار دين الإسلام لم يكن كلّه بسلام، فلا نعجب من ذلك.
ألم يمض علينا ثمانية عشر قرناً حتّى علمنا أن ليس لنا صلاحية أن نجبر غيرنا على ديننا؟!
فهل - والحالة هذه - نعجب من عبد ذي نشاط يجبر أخاه أن يعتنق بركات دینه؟!
وحيث إنّنا فرغنا من كلام أبناء جلدتنا اختصاراً، فلنذكر الآن بكلّ تدبّر وتؤدة عقائد الإسلام، ونرى هل يقبلها العقل السليم والذوق المستقيم، أم لا؟).
ثمّ ذكر التوحيد وكلمات الوحدانية والآيات القرآنية المعنية بهذا الشأن العظيم، ثمّ ذكر أكابر الرسل على حسب معتقد الإسلام من لدن (آدم)، إلى أن بلغ إلى أحوال (المسيح) وبعض شؤونه، فقال:
(ثمّ من بعده – أي: بعد موسى - أرسل الله نبيّه (عيسى) عليه السّلام، وهو المعبود عند النصارى كإله ومخلّص، يزعمون أنّه مساوٍ بالأُلوهية لله (تعالى عن ذلك علوّاً كبيراً).
ص: 406
وهنا الفرق بين معتقد النصارى واعتقاد الإسلام. فإنّا إذا سألنا المسيحي الذي ليس بمتظلّع باللاهوت عمّا يعتقده بالثالوث، يقول: أب وابن وروح قدس، ويزيد بطريق التوضيح: ثلاثة أقانيم، إله واحد!
وإن طُلب منه إيضاح هذا الكلام الذي لا يسلّم به العقل أجاب: بأنّ هذا سرّ لا يدرك!
وإن كان المسؤول كاثوليكياً أو أُسقفياً إنجليزياً ربّما رجع إلى الإيمان المعروف بالإيمان الأثناسي نسبة إلى (أثناسيوس) (1) المنتهي بعد تلخيصه وتصريحه بأصوليات الإيمان الكاثوليكي بالهلاك الأبدي لكلّ من لم يقبل كلّ كلمة وجملة من هذا الاعتقاد الثالوثي!
وقد وصف الشاعر (بيرون) (2) هذه المسألة بكلّ حذاقة وإحساس في أبيات مآلها: فبناءً على قولكم: إنّ جميع الأشياء ملعونة، فيشعر المرء بالراحة
ص: 407
بعد لعنة (أثناسيوس)، وهذه اللعنة تسرّ مصدّقيه غاية المسرّة.
وإنّي لا أرتاب بأنّه ليس بالوسع البشري أن يأتي بأنحس منها على أعدائه حال كونه جائياً على ركبتيه مؤكّداً لها بأفصح عبارة ومزيّناً بها كتاب الصلاة، كما تزدان السماء النقية بقوس قزح!) انتهى.
إنّ كلمة (ثالوث) ليست من الكتب الإلهامية، وليس لها وجود البتّة في الكتب المسيحية، وإنّما أُدخلت إلى الكنيسة في الجيل الثاني بعد (المسيح) عليه السّلام لكي يبيّنوا أنّ ثلاثة أقانيم إله واحد.
على أنّ أعظم الكتبة في علم اللاهوت عاجزون عن إيضاح هذا، وكتاباتهم على هذه العبارة في الأغلب هي من قبيل الاعتذار أو التصريح بأنّ سرّ التثليث يتجاوز الإدراك!
وقد أبان الدكتور (روبنسن) إحساساته بقوله:
(إنّ سر الثالوث ليس من اختراع البشر؛ لأنّ عقولهم تعجز عن إدراك كنهه.
فإن ثبت أنّ كلّ ما تعجز العقول عن إدراكه ليس من وضع البشر يثبت قطعياً أنّ جميع الاعتقادات التي تعجز العقول عن إدراكها كإيمان الإسكندنافيّين (قوم من الوثنيّين) والمصريّين القدماء وتعليم الهنود الوثنيّين هي ليست من اختراع البشر أيضاً، بل هي وحي إلهي؛ لأنّ العقول تعجز عن إدراكها.
والذي نظنّه أنّ هذا الافتراض لا يروق للأُمّة المسيحية).
وقال كاتب آخر في هذا الموضوع:
(إنّ تعليم الثالوث الأقدس بين النصارى إنّما هو موضوع إيمان وتسليم،
ص: 408
لا موضع بحث واستقراء.
فكلّ من طفق يبحث فيه بأكثر من أنّ الله بكلمته المقدّسة علّمنا ذلك، فقد يؤدّي به ذلك البحث إلى الشقاء المحض). (كلّا، ما أبدع هذا المعنى!)
(أيّها الإخوان المسيحيين الأتقياء، لا تفتكروا بأن تدخلوا بالبحث في هذا السرّ، بل يجب أن تزدروه تماماً بدون أدنى بحث أو تحرّي، وإن كان يأباه ذوقكم السليم، فعزّوه بأنّ هذا الإيمان الكاثوليكي الذي كلّ من لم يعتقده حرفاً بحرف نزل به الهلاك الأبدي بلا ريب!).
يقول صاحب (الدعوة الإسلامية): إنّ الفاضل المتبصّر (عبد الله وليم) لم يوف البيان حقّه في جواب قولهم: إنّ سرّ الثالوث تعجز البشر عن إدراك كنهه، وأنّه يلزم التعبّد به والانقياد إليه من دون بحث أو تحرّي.
ونحن من كتب قد وفّينا البحث عنه والقول فيه، وجئنا لك من كلام هذا الفاضل وزملائه بشاهد ما قدّمناه من أنّ قولهم: أقانيم ثلاثة إله واحد، كلام لا يتحصّل له - حتّى عند النصارى - معنى متعقّل، ولا يتعقّل له وجه محصّل (1).
نعم، قف هنا معي قليلاً ريثما أجلو لك شمس الحقيقة في البحث عن قولهم: يلزم الاعتقاد به والانقياد إليه على إبهامه وإجماله، والتهديد بالهلاك الأبدي للباحث عن إشكاله.
وأخشى أن تحملك بادرتك على أن تقول: لعلّ سرّ الثالوث عند المسيحيّين هو من قبيل ما يوجد في كلمات بعض أكابر المسلمين حيث يقولون: هذا طور وراء طور العقل، وأمر فوق درك البشر، وأمثال ذلك.
ص: 409
ونحن - بعون الله - نحلّ هذا الرمز ونفتح هذا الكنز، ونبدي الفرق بين المقامين والميز بين الكلامين.
وذاك بما تكرّر عليك ذكره من أنّ الميزان الذي لا عيلة فيه ولا عين ولا میل به ولا مين هو العقل المستقلّ بالحكومة والوحيد بالقضاء في مثل هذه الخصومة، ويستحيل أن يقبل أو يتعبّد بما يراه مستحيلاً ذاتياً وممتنعاً أصلياً، ويستحيل أن يقع من الصانع القديم والشارع الحكيم تعبّد وإلزام لعباده بالتصديق والالتزام والتديّن لما يعدّونه في عقولهم من المستحيلات الذاتية والممتنعات الأوّلية، ويرون أنّ ذلك أقوى شاهد على فساد تلك الشريعة وزيغ تلك الملّة، وأنّ من أوائل المعقولات في الإدراك والمدركات في العقول استحالة كون الواحد الحقيقي ثلاثة حقيقةً، فالواحد لا يكون ثلاثة، والثلاثة لا تصير واحداً، إلّا على نحو الانقسام في الأوّل والتركيب والانضمام في الثاني، وكلاهما مستحيلان في حقّ القديم (جلّ شأنه)؛ لوجوبه وكمال بساطته وسعته وإحاطته، كما أوضحنا لك سبيله وقدّمنا دليله.
وليس هذا من موارد الالتزام والتديّن بما لا يعرف سرّه ولا يدرك غوره، بل لو جاء مدّعي رسالة ومنتحل وحي ودلالة مؤيّداً بالمعجزات المتضاعفة والآيات المتكانفة والحجج المترادفة، وكان من ديانته وشريعته الالتزام والإلزام بوقوع ما يستحيل لدى العقل ويمتنع في أوّل الفطرة، لما كان حقّه من الأُمم الراقية سوى الإعراض عنه والتجافي، وما كانت لترفع اليد عن مقتضى فطرها وبديهة فطنها وضرورة عقولها.
كيف! ولا سبيل لثبوت النبوّة وأخواتها من أُصول العقائد إلّا بدلالة العقل وإرشاده وإسعافه وإسعاده.
ص: 410
وهو لا يتناقض في حكمه، ولا يجهل في علمه، ولا ينقاد لضدّه وخصمه.
وأمّا ما تجده في كلمات الأُمّة المحمّدية وزعماء الملّة الإسلامية من: أنّ هذا - إشارة إلى بعض المطالب الغامضة - طور وراء طور العقل، فذاك فيما يقف
دونه العقل ويخضع عنده ويعترف بالعجز عن دركه والوصول إليه ولا حكم له فيه، لا ما حكم باستحالته وقطع بامتناعه، فإنّ ذلك لو وجد في معاريض كلمات صاحب شريعة أو واضع ملّة لكان برهانا قويماً على تزييف حجّته وبطلان دعوته، فكيف به لو جعلها من أُمّهات أحكام ملّته وأوّليات قواعد شريعته؟!
قال بعض فلاسفة الإسلام من الأكابر ما نصّه:
(يستحيل على الوحي الإلهي والشرع الحقّ أن يرد بما ينبو عن العقل بمعنى: أنّ برهان العقل يدلّ على استحالته.
نعم، ليس بمحال أن يرد الشرع بما يقصر العقل عن إدراكه ولا يستقلّ بإحاطة كنهه، وليس ما لا يدركه العقل محالاً في نفسه).
وقال آخر: (صريح العقل موافق للرسول دائماً لا يخالفه، فإنّ الميزان مع الكتاب: «اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ» (1).
لكن قد تقصر عقول الناس عن معرفة تفصيل ما جاء به، فيأتيهم الرسول بما عجزوا عن معرفته وحاروا بما لا يعلمون، لا بما يعلمون بعقولهم بطلانه، فالرسل (صلوات الله عليهم) تخبر بمحيّرات العقول لا بمحالات العقول). انتهى.
هذه تعاليم الإسلام، وهذه نصوص علمائها، وهذا مؤاخاتها للعقل.
ص: 411
ولكن الناهضين بنشر الدعوة المسيحية والواضعين لأُصولها وفصولها المتصرّفين في شؤونها، كأنّهم غفلوا عن كيان هذا الأمر، وغاب عنهم استحالة كون الواحد ثلاثة، وذهلوا عن أنّ هذا لا يروج عند ذوي الألباب والفطانة ولو أجهد المبشّرون أنفسهم في الإقناع به والدعوة إليه، فإنّ أرباب الألباب وذوي الاستقامة لا يقبلون ولا يعتقدون إلّا ما تحكم به العقول الصحيحة والوجدانات القويمة والأذواق السليمة بعد ردح من التأمّل وبرهة من التروّي والتدبّر.
وعزّت وجلّت كلمة الله (المسيح) عن النبس والهمس والإشارة والتعريض بذلك.
وكفاك ما تقدّم من شهادة ذلك الفاضل الذي قضى عامّة عمره وسحابة أيّامه في الديانة المسيحية، وهو أعرف بغثّها وسمينها وشكّها ويقينها، حيث يقول:
(إنّ كلمة ثالوث ليست من الكتب الإلهامية).
وقد تعقّب ذلك وكرّ على توطيده وإثباته وجاء عليه بالشهداء من أبناء جلدته وسابقي فحلته بقوله في تلك الرسالة:
(ربّما أنّ الأُمّة المسيحية تستغرب قولنا: إنّ تعليم الثالوث غير مصرّح به في جميع أعداد الإنجيل خلا عدد واحد، وهو رسالة (يوحنّا) الأُولى / الإصحاح الخامس / العدد السابع، وهي: «لأنّ الشهود في السماء ثلاثة: الأب، والكلمة، والروح القدس. وهؤلاء الثلاثة هم واحد».
ومن المحقّق أنّ جمعية التصحيح قد رفضت هذا العدد من الإنجيل المصحّح، وقالت: إنّ وجود هذا العدد الدخيل في الإنجيل ممّا ينافي الأمانة.
وممّا يؤيّد دعوى هذه الجمعية كتب (نيوتن)، و (جبون)، و(بورصن)،
ص: 412
وغيرهم، فإنّهم برهنوا على زيادة هذا العدد.
وقد اعترف (كلمن) نفسه أنّ هذا العدد ليس له وجود في الكتاب المقدّس) (1).
ثمّ إنّ المحترم (وليم) (شکرت مساعيه) ذكر كلام (المسيح) الدالّ على توحيد الحقّ وحصر الأُلوهية فيه ونفيها عن نفسه بقوله لبعض الرؤساء: «لماذا تدعوني صالحاً؟! ليس صالحاً إلّا واحد، وهو الله». وهي في إنجيل (لوقا) إصحاح 18 / عدد 18 و 19.
ثمّ ذكر بعض كرائم القرآن الكريم في إبطال تلك المقالة، مثل قوله: «وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهُ وَاحِدٌ» (2).
ص: 413
إلى أن قال:
(والمسلمون يعتقدون أنّ خاتم الأنبياء وأعظمهم محمّد صلّي الله عليه و آله قد ولد عليه السّلام بمكّة المشرّفة [في] 10 نيسان [سنة] 569 مسيحية، وهو قرشي، وقريش أعظم قبيلة في بلاد العرب تتّصل (بإسماعيل بن إبراهيم) عليه السّلام.
وكانت سدانة الكعبة بيد جدّه، صلّي الله عليه و آله وهو أعظم معبد للعرب قد أُدخلت فيها الأصنام، وذلك قبل بعث رسول الله صلّي الله عليه و آله، وكانوا يحجّون إليها، وقد وضعوا فيها 360 صنماً عدد أيّام السنة.
وهي من بناء (إبراهيم) و (إسماعيل).
والذي يظهر من تصفّح كتب التاريخ أنّ بناءها كان قبل بناء هيكل (سليمان) بقدر 993 سنة، أي: قبل (عيسى) عليه السّلام بألفي سنة).
ثمّ ذكر وصف الكعبة، وزينتها، وستورها، وعظيم قدرها، وشريف شؤونها.
إلى أن قال:
(واسم أبيه: (عبد الله)، توفّي قبل ولادته (عليه الصلاة والسلام). وتوفّت أُمّه وهو ابن ستّ سنوات، وكفله عمّه (أبو طالب).
وكان عليه السّلام في صغره حسن الخلق تلوح على وجهه دلائل النجابة والفطنة والدراية.
وكلّما ازداد سنّاً ازداد رصانة وذكاءً واستغراقاً في التفكّر.
حتّى إنّ أحد أصحابه عليه السّلام قال له مرّة: هلمّ بنا إلى اللهو، فأجابه: «خُلق الإنسان لأمر خير من هذا».
وكان صلّي الله عليه و آله عالي الهمّة وديعاً أميناً وفيّاً للعهد محبّاً للأطفال معطياً
ص: 414
للصدقات متواضعاً غير مدّعٍ.
والذي ورد: أنّه كان عليه السّلام ربعة لا بالطويل ولا القصير، أزهر اللون، من رآه هابه.
راجع كتاب (لاك): (الإسلام ومحمّد).
وكان عليه السّلام أُمّياً لا يعلم القراءة والكتابة، كما في قوله (تعالى): «وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ» (1) (سورة 29).
ولمّا كمل له صلّي الله عليه و آله أربعون سنة جاءه الحقّ وهو بغار حراء، وهو جبل يبعد نحو ساعة عن مكّة المشرفة، وكان قبل ذلك يختلي فيه يعبد الله (تعالى).
ثمّ ذكر كيفية نزول الوحي عليه وبدء النبوّة وأوّل البعثة، ممّا سنورد لك تفصيل فلسفته وأسراره في الجزء التالي لهذا الجزء إن شاء الله
إلى أن قال:
فسألوه معجزة تؤيّد دعواه، فأجابهم صلّي الله عليه و آله: «إنّما جئت لنشر الحقّ»).
أقول: هذه غفلة ناشئة من حداثة هذا الفاضل في دين الإسلام وعدم البلوغ في بادئ الأمر إلى كلّ مشروعاته وشؤونه، وإلّا فقد عرفت أنّه كم سألوه معجزة فأجابهم إليها، وكم سكتوا فابتدأهم بها، حتّى سألوه أن تنقلع الشجرة من أُصولها وتأتي إليه وتشهد له بالرسالة، ففعل. راجع (النهج) تجدها مشروحة في إحدى خطبه (سلام الله عليه) (2).
نعم، قال المحترم (عبدالله وليم):
ص: 415
(على أنّه أعجزهم بأن يأتوا بسورة واحدة من القرآن.
نعم، إنّ أعظم آية له صلّبي الله عليه و آله هو ما أُوحي إِليه: «وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى» (1).
فكان متّكلاً على الله (تعالى) في تثبيت دعوته، فإنّه رغماً عن كل ّكيد واضطهاد داوم الدعاء إلى الله (عزّ وجلّ)، وصار يدعو الناس جهراً بمكّة، وفي كلّ يوم يزداد المؤمنون به.
وكثيراً ما كان يدعو الناس إلى دين الله وهو على جبل أبي قبيس أو الصفا، حتّى إنّ أعداءه راموا أن يسكتوه جبراً، وكلّما ازدادوا له اضطهاداً ازداد صلّي الله عليه و آله شجاعة وثباتاً.
وقد ألحّ عليه عمّه (أبو طالب) بأن يدع ما يدعو إليه، فأجابه: «لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي لما كنت لأدع ذلك».
فاشتدّ الأذى من قريش له ولأصحابه، فأمر أصحابه بالهجرة إلى المدينة المنوّرة، فامتثلوا، وكان بعض أهاليها قد اعتنقوا الديانة الإسلامية.
أمّا النبي فبقي بمكّة يدعو إلى دين الله وتوحيده، فائتمروا فيما بينهم على قتله، وذهبت طائفة منهم لمباشرة ذلك وهو نائم، فأوحى الله إليه ذلك، وأمره بالهجرة).
ثمّ ذكر أمر هجرته (سلام الله عليه)، واصطحاب (أبي بكر)، ومبيت (علي) عليه السّلام على فراشه متّشحاً برداء النبي، ومجيء القوم إليه ليقتلوه، إلى أمثال ذلك ممّا ضبطه لك التاريخ ودوّنه العلم، ولا غرض هنا في نقله.
ص: 416
والغرض نقل ما يتعلّق بالثناء على الملّة المقدّسة الإسلامية، وإعلان مجد شارعها وناشرها المقدّس، ومثابرته وعنائه في نشرها وبثّها، صبراً يشهد له بصدقه، ويقوم بإثبات حقّه، ويدلّك على كيان أمره وبيان جوهره وصحيح غرضه ورجاحة ميزانه وعلوّ شأنه.
وقد أقمنا لك الشهود عليه حكاية من كلام هذا الفاضل ومن نقل عنهم.
ولم يزل ذلك المتبصّر المنصف الحصيف الفكر المرير الرأي مارّاً على هذه الوتيرة وفي هذه الخطّة، حتّى استوفى قدراً منها، وبالغ في تحقيقها.
ومن جميع ما مرّ عليك يتجلّى لك قدر عناء تلك الذات المقدّسة في نشر تلك الدعوة المباركة، وما تحمله من الأذى في سبيلها.
وذلك الفاضل وإن استوفى بعض شواهدها، ولكن قد فاته كثير ممّا يشهد على تحمّله (صلوات الله عليه) أقصى مبالغ الجهد والأذى والبلاء والعناء، مثل: قذفه بالصخور والأحجار مهما اجتاز في طريقه بمكّة، حتّى أُصيبت جبهته المقدّسة وسالت الدماء على وجهه الكريم، وكإلقاء المقاذر في طعامه، حتّى يمتنع من الأكل، وكبح ماء الرماد على ثيابه (1)، وأشباه ذلك من المؤلمات والموهنات لشرف حسبه ونسبه وجليل قدره في قومه - مع قطع النظر عن قيامه على عرش النبوّة وكرسي الرسالة - عناءً لم يحتمله أحد من النبيّين قبله، لا (نوح) ولا (إبراهيم) ولا (موسى) ولا (عيسى)، كما أشعر به هو (صلوات الله عليه وعليهم) بقوله: «ما أُوذي نبيٌّ مثل ما أُوذيت» (2).
ص: 417
وهو لا يتلقّى ذلك إلا برحيب صدر، ومتّسع حلم، وعظيم رأفة بقومه ورحمة.
فتجده في مضائق البلاء وشدّة سيطرة السطوات منهم عليه يقول - والكرب قد أخذ منه مأخذه والدماء تسيل على وجهه: «اللهمّ، اغفر لقومي، فإنّهم لا يعلمون» (1)، غير داع عليهم بنزول العذاب ولا بتعجيل النقمة والعقاب، كما فُعل بأشياعهم من أُمم الأنبياء من قبل.
وكفاك حديث الصحيفة التي كتبتها قريش في مقاطعة بني (هاشم) رهط النبي صلّي الله عليه و آله، وحبسهم في الشعب ثلاث سنين، ومنع الميرة والزاد عنهم (2)، وأمثال ذلك من الاضطهادات شاهداً على ما نروم الدلالة عليه.
وتراه (سلام الله عليه) - على شدّة العوائق عن غرضه والدوافع عن قصده وأحجار العثرات في طريقه والعرقلات في سبيله - لا يزداد إلّا شدّة وحماساً، وعزماً وبأساً، وقوّةً ومراساً، وتجاهراً بنشر دعوته، وتجاسراً على الإعلان بكلمته، كأنّ له قاسراً من ورائه ودافعاً إلى تلك البغية يدفعه من خلفه.
لا يتوانى ولا يقف، ولا يلتفت ولا ينصرف.. يعرّض نفسه في ذات الله للمهالك غير مبال ولا مكترث، وهو يتيم (أبي طالب).
ص: 418
وأوّل خاذل له عشيرته، وأشدّ الناس تحاملاً عليه لحمته، مع اعترافهم بأنّه من الصدق والشرف في المكان المكين وتسميتهم له قبل ذلك: بمحمّد الأمين، ما نقموا عليه خلّة ولا عثر وا له على زلّة، ما نقموا منه إلّا أنّه دعاهم إلى سعادتهم وجاءهم بمفازتهم، فكذّبوه جهلاً وعناداً وكفراً وإلحاداً: «سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا» (1)، «كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ» (2).
ولنعد إلى استيفاء الغرض من نقل كلام (العقيدة الإسلامية) لذلك النصراني المتبصّر المتدرّب المتدبّر، حيث انتقى فأتقن، وأحسّ فأحسن، وجدّ فوجد، فكان من جملة مقالاته:
(وكثيراً ما كتب الكتاّب الأُوربيّون - مع اختلافهم - بخصوص الشمائل المحمّدية.
بيد أنّ معظم نتائج كتاباتهم مموّهة بالضغائن والشحناء!
فيا للأسف من وجود هكذا أُناس يزعمون أنّهم تبع لذلك الوضيع الوديع (عیسی) عليه السّلام!
وقد علم بعض كتّاب عصرنا أنّ الطعن والشتم لا تقوم بها الحجّة، فأتوا بذكر كثير من الشمائل المحمّدية المرضية، وعظمة القرآن الشريف، فقد قال (مستر حنّا دافبزت) بكتابه المسمّى: (بمحمّد والإسلام) ما نصّه:
(مهما ازداد الباحث تروٍّ بالحقائق التاريخية الوثيقة الصادرة فيما يخصّ
ص: 419
الشمائل المحمّدية يزداد احتقاراً لشانئي محمّد صلّي الله عليه و آله، مثل: (مركسي) و(بريدوا)، ومن المتأخّرين: فردرك شلجل) وغيرهم من الذين أشرعوا أسنّة الطعن في النبي صلّي الله عليه و آله.
ولا يسعني أن أضرب صفحاً عن التصور الذي اتّخذه (كارليل) فيما يختصّ بالنبي صلّي الله عليه و آله، فإنّه تصوّر أصلي حقيقي معجب.
وهو: أنّ الأبطحي النيّر البصيرة المتّقد البصر ذا النفس المرضية الأنيقة المطمئنة لم يكن ذا مطامع دنيوية، بل كان صاحب أفكار ونفس عظيمة رصينة من الذين لا يمكنهم إلّا الجدّ للحصول على الحقّ.. الذين اختصّتهم يد القدرة بالإخلاص، بينما كان الغير آتياً بالشعبذة والابتداع مكتفياً بهما، وقد تنزّه عليه السّلام عنهما، بل كان شأنه التفكّر والعزلة.
وقد تجلّى له سرّ الوجود العظيم بمظاهر الجلال والخوف، فأضاء له حقائق الأشياء، وتلك حالة لا ينالها إلّا أهل الحقّ.
ولا شكّ أنّ إنساناً هذه كلمته لناطق عن تجلٍّ إلهي، فيجب على كلّ فرد أن يصغي لمقاله ويترك ما سواه؛ إذ كلّ ما سواه يذهب أدراج الرياح.
وكثيراً ما كان يختلج في صدره التفكّر في خلق السماوات والأرض والكائنات، والتفكّر في هذه الحياة الدنيا والموت، فأنزل الله عليه الوحي كاشفاً له عن حقائق الأشياء مبيّناً له).
ثمّ كرّ على ذكر العقائد الإسلامية من التصلّب والتشدّد في التوحيد والإيمان بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، وأردف ذلك بذكر أحوال القرآن الكريم وترتيب آياته وسوره وأسمائها وإعجازه، إلى أن قال:
(وإذا تدبّرنا القرآن المجيد من وجه بلاغته بقطع النظر عن كونه وحياً -
ص: 420
نجده أبلغ كتاب عربي انتظاماً وتركيباً، فإنّه جمع أساليب البلاغة ما بين مرسل ومسجّع وغير ذلك موافق للذوق المنتشر منذ أحقاب كثيرة لدى القسم الأعلى من المسكونة، وهو مملوء بأمثال باهرة ومجازات بديعة.
ولقد ذكر (أمرش) القرآن الشريف في عدّة مجالات من كتابه بكلّ احترام وتبجيل.
وقال (كوز): (إنّ القرآن الكريم ربّما يجده القارئ بادئ بدء ثقيلاً، غير أنّه بعد قراءة قليل منه يجذب قارءه بسحر بلاغته، ويختطفه ببهجته، ويأخذ بمجامع قلبه).
وأمّا ما ذهب إليه (كارليل) بخصوص القرآن المجيد فهو: أنّه متى قرأ أحد القرآن بتدبّر يرى أنّ الحقائق الجوهرية منكشفة لديه بذاتها، فله بذلك رونق بديع غير رونقه اللفظي. ومن المعلوم أنّ الكلام الحقيقي له تسلّط على كلّ قلب.
والحقّ يقال: إنّ جميع الكتب بالنسبة إلى القرآن تعدّ حقيرةً، فإنّه منزّه عمّا يستهجن.
قال السر وليم ميور) في كتابه المسمّى: (حياة محمّد):
(إنّ القرآن ممتلئ بأدلّة من الكائنات المحسوسة والدلائل العقلية على وجود الله (تعالى)، وأنّه هو الملك القدّوس، وأنّه سيجزي المرء بعمله، إن خيراً فخيراً وإن شرّاً فشرّاً، وأنّ اتّباع الفضائل واجتناب الرذائل فرض على العالمين، وأنّ الواجب على كلّ مكلّف أن يعبد الله (تعالى)، وهي علّة سعادته.
وقس على هذا ما هو موضّح بأدلّة مؤكّدة بليغة.
ويكثر في القرآن المجيد الشعر (1) ويمثّل حقيقة البعث بأمثال كونية صادقة
ص: 421
وتشبيهات مدهشة، مثل قوله: «وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءِ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ» (1).
وقال (واشنطون) مثله، وقال (جبون):
(إنّ أوامر القرآن ليست محصورة في الفروض الدينية والأدبية فقط، فإنّ سكاّن الممالك التي هي من حدود الأُوقيانوس الأتلانتيكي إلى الفنجس يعتبرون أنّ القرآن الكريم عليه مدار الأُمور الأُخروية والدنيوية من الفقه والتوحيد والأحكام الحقوقية والجزائية وما به انتظام الكون وقمع الظالم وصيانة الحقوق، وذلك أمر إلهي لا مرية فيه).
وبعبارة أُخرى: أنّ القرآن المجيد هو الدستور العمومي لكافّة العالم الإسلامي، وهو دستور الدين الإسلامي، فهو نظام الكون في المعاد والمعاش، وبه النجاة الأبدية، وحفظ الصّحة البدنية والمصالح العمومية والشخصية، وما يترتّب على ذلك من الفضائل الأدبية والإجراءات الجزائية (الدنيوي والأُخروي)، كلّ ذلك منظّم في القرآن المجيد.
راجع کتاب (دالافنبزت) المسمّى: (الإسلام ومحمّد).. قال في المباحث بالنسبة بين العلم والدين:
(إنّ القرآن المجيد يخالف في أُصوله توراة اليهود والنصارى، وبمقتضى تقريراتكم أن ليس به تعاليم لاهوتية، غير أنّ معظمه مشتمل على أخبار ومباحث متدفّقة بعبادات حقيقية وفضائل صادقة مرتبطة أشدّ الارتباط.
فكأنّ الشارع علم أنّ أُولي الاستبدادات الروحية ذوو أخطار على
ص: 422
السياسة والحكومة، وأنّهم ميّالون لإفساد الطاعة، فجعل دستور أعمال المكلّفين القرآن المجيد؛ ليكونوا عالمين بما يجب عليهم منه.
فليس في الإسلام كهنوتية. فعلماء الشريعة هم علماء الدين؛ لأنّ الشرع هو القرآن.
ولا نضطرّ أن نذكر إيمان الإسلام فيما يتعلّق بالبعث والحساب، والجنّة والنار، وتعليم القدر).
ثمّ ذكر جملة من تعاليم القرآن وشرائعه المقدّسة وقوانينه المباركة، فقال ملخّصاً: (وقد أوجب القرآن حقيقة الإحسان على كلّ مؤمن، وبيّن ذلك بقوله (تعالى): «وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (1).
قال:
(و آداب القرآن أعظم الآداب، فإنّه حرّم قول السوء: «لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ» (2) (سورة 4)، «وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَعْضُكُم بَعْضا» (3) (سورة 49).
و حرّم الخمر والميسر (القمار)، فقال في [سورة] البقرة: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ» (4)، ثمّ قال (تعالى) [في] (سورة 5): «يَا أَيُّهَا
ص: 423
الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (1).
ويحرّم الخبائث والفساد بكافّة أنواعه (آية 17 من [سورة] النساء).
ويحرّم الربا، راجع (سورة البقرة).
ويحرّم التكبّر، وعمل السوء، والنفاق، والحسد. راجع 17 و 18 و 33 و 63 من [سورة النساء).
ويحرّم الطمع في الحياة الدنيا، وبخس الكيل، وأكل مال اليتيم وقهره، ويمنع البهرجة الظاهرية، ويحضّ على الإخلاص القلبي والعمل الصالح اللذين هما دليلان على صدق الإيمان.
وممّا هو مؤكّد فى الخصال الإسلامية: الرأفة على الأطفال، والوفاء بالعهد، والمساواة الحقوقية فيما بين الناس، والإحسان، والعفّة حتّى في المقال، وفكّ الأسرى، والصبر على البلاء، واحتمال المكروه، ومقابلة الإساءة بالإحسان، والسلوك في سبيل الفضائل.
وذلك لا طمعاً، بل لكون ذلك مرضياً لله (عزّ وجلّ).
ونهى القرآن عن الإسراف، وظلم الأرقّاء، وقتل النفس، وتأخير التوبة إلى ساعة الموت.
وأمّا خفض الجناح ولين الجانب فهو فرض على كلّ مؤمن، انظر ([سور] الإسراء والنور والشعراء).
ثمّ ذكر الصلاة، واهتمام الشريعة بها، وأنّها عماد الدين ومفتاح الفردوس،
ص: 424
وأورد بعض الآيات الواردة فيها، إلى أن قال:
(ومن بدائع القرآن العظيم الكثيرة ثناؤه على نفسه تعالى ممّا يليق به؛ لأنّه منزّه عن الصفات البشرية الضعيفة، وخلوّه - أي: القرآن - من التصوّرات والتوضيحات والتقريرات المخلّة بالآداب ممّا هو مذكور فيما سواه من الكتب.
نعم، إنّ القرآن منزّه عن ذلك، ويمكن قراءته من أوّله إلى آخره بدون أن تحمرّ خدود الآداب منه).
أقول: كأنّه يشير إلى ما قدّمنا نقله (1) من العهود التي يزعمونها التوراة والإنجيل، وحاشاهما من نسبة الشنائع الفاضحة إلى كبار رسل الله وأنبيائه، من: زنى (لوط) ببناته، وعبادة العجل من (هارون)، وزنى (داود) بزوجة (أُوريا الحثّي)، وجعل (عيسى) لعنة، وشربه الخمر، وأمثال ذلك ممّا يسوّد وجه الحقيقة، وينكّس رأس الحياء، وتحمرّ - كما قال - خدود الآداب والمروءة منه، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون لأُمم فقدت واضح وجداناتها في أُمور دياناتها، وعابت المسلمين متحاملة على قرآنها!
قال:
(وقد وصف القرآن الكريم وأحكامه جمٌّ غفير من المؤلّفين بأوصاف بديعة:
فمنهم: (بثورث إسمث) بكتابه المسمّى: (حياة محمّد) (صفحة 364)، قال تبياناً لما قام بأفكاره: (إنّ محمّداً صلّى الله عليه و آله لمؤسّس أُمّة ومملكة وديانة، وهذا أمر لم يوجد له سبق مثال، ولن يوجد.
ص: 425
وهو أُمّي لا يعرف القراءة والكتابة، وقد جاء بكتاب مشتمل على دستور الشرائع والعبادات وأخبار الأُمم.
هو نقي العبارة من الألفاظ المستهجنة باهر الحكمة والحقائق.
وهو أعظم معجزة له صلّي الله عليه و آله، والحقّ يقال: إنّه لمعجزة).
وذكر في (البيبلير أنسكلو بيديا) (مجلّد 8 / صفحة 326): (أنّ لغة القرآن أفصح لغات العرب، وأساليبه وبلاغته تسحر الألباب بحسنها، وسيبقى غير معارض إلى الأبد، ومواعظه طاهرة، وكلّ من يتبعها بتدبّر يحيا حياة طيّبة).
وأخيراً أقول: إنّ القرآن يرفض كلّياً التفكّر بأيّ ذبيحةٍ ما عن الخطيئة (1)، بل يقول: «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» (2)، وإنَّ من: «يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَا يَرَهُ» (3).
فعلى هذا، يلزم كلّ فرد من البشر أن يستغفر لذنبه ويعمل صالحاً؛ كي يتأهّل لدخول الجنّة.
وأعظم ما يرمى به الدين الإسلامي: أنّه دين قام بإشهار السيف.
وهذه تهمة باطلة؛ فإنّ دين الإسلام المبين لم يتدخّل بعقائد الأديان مطلقاً، ولا اضطهد معتنقيها، ولم يجبر أحداً على الدخول فيه قهراً، وإنّما دعا الناس إليه.
ومن المعلوم أنّ القرآن المجيد هو معتقد المسلمين وبحسب أوامره يفعلون. قال الله (عزّ وجلّ) في (سورة 2): «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ
ص: 426
الْغَيِّ» (1).
قال (شاتفليد) في كتابه المسمّى: (التصفّح التأريخي) (صفحة 311):
(لو أنّ العرب والترك وغيرهم من الشعوب الإسلامية فعلوا في الشرق ما فعله الأُوربيّون في أهل القرآن لتلاشت المسيحية في الشرق! غير أنّ دينهم يأبى ذلك، ويخوّلهم أن يكون لهم من الحقوق ما للمسلمين).
يقول صاحب هذه (الدعوة): قِف هنا وتأمّل، واذكر صنيع ملوك الغرب من المسيحية بالمسلمين وتعجّب!
قال الفاضل المتبصّر:
(وما قاله (توما كارليل) هو أعظم حجّة بالغة، ولذلك لا مندوحة لي عن ذكره.
وهو: أنّه طالماً كثر القول بأنّ محمّداً صلّي الله عليه و آله قد نشر دينه بالسيف، فإنّنا إذا جعلنا هذا القول برهاناً على صدق أو بطلان دين ما، نجد أنفسنا أنّنا وقعنا في أغلاط حقيقية.
فلو فرضنا أنّ هناك سيفاً، فأنّى له أن يقاوم سيوفاً جمّة! وكلّ أمر محدث ينحصر بادء بدءٍ بشخص واحد، فهل - والحال هذه - يمكن ذلك الشخص أن يجبر العالم أجمع على أن يأتمروا أمره خشية سيفه؟!
والحقّ يقال: إنّ الأمر يكون انتشاره بمقدار ما له من القوّة الحقيقية.
على أنّنا لا نرى أنّ دين النصارى احتقر السيف حينما صار له سيف.
فقد نصّر (شارلمان) (السكنرنس)، لكن ليس بالوعظ، بل بالسيف!
ص: 427
وإنّني قليل الاعتناء بالسيف، وأدع الشيء يحامي عن نفسه بأيّ وسيلة، وأدعه يعظ ويكاتب ويخاصم، فإنّه لا يستظهر إلّا بما يستحقّه، ولا يزيل إلّا ما هو دونه، والصدق أعظم حَكم في هذه المبارزة، فإنّه هو الذي أخيراً ينمو، ولا ينمو سواه).
يقول صاحب (الدعوة): لعلّك تتذكّر ما قدّمناه في هذه الخطّة (1)، وأنّ نبيّنا صلّي الله عليه و آله إنّما اضطرّ إلى السيف اضطراراً، حيث أصرّوا على تكذيب الوعظ والحجج الباهرة عناداً واستكباراً.
ولقد كان هو أولى بالسماح والعفو عنهم وتركهم وسوم طباعهم وسوء عاقبة مآلهم. ولكن كانوا يقفون حجر عثرةٍ في طريقه وعرقلة في سبيله، فلا يتركون عباد الله المستعدّين لقبول السعادة أن ينالوها، ويجهدون في كلمات الله وآياته أن يمحقوها، فلم يكن بدٌّ ولا مندوحة من مناواتهم وقمعهم وتطهير الأرض من رجسهم.
ولذلك هو (صلوات الله عليه) ما كان يقاتل إلّا من نقض عهده، أو زاحم في نشر كلمة التوحيد قصده.
ولهذا كان يهادن الأُمم الكتابية ويسالمهم ما سالموه؛ لأنّ أقصى غرضه ودعوته إلى عبادة الإله الواحد الأحد، وللكتابيّين حظٌّ منه ونسبة إليه، وفي هذا حاجز له عن محاربتهم.
ولذلك ما حارب منهم ولا قتل إلّا من نقض عهده وحالف المشركين عليه.
كلّ ذلك حرصاً على الحقّ وإعلاء كلمته، وتعويلاً على الحجج البالغة في
ص: 428
نشر دعوته.
فذاك الكاتب المتبصّر حام حول الحقيقة ولمّا، وأوشك أن يصيب موضع السيف، وأنّه الموضع الذي لا يغني عنه سواه ولا مندوحة عنه بغيره.
ولكلّ مقام مقال، ولكلّ ميدان رجال.
وليس هو من الإكراه في الدين بشيء، بل لدفع من يكره على خلافه ويحفّز المهتدي عن قصده.
وستأتي في الجزء التالي فلسفة البحث هنا وما ينبغي أن يقال فيه، فانتظر، وبالله التوفيق.
قال: (وإنّي لا أرتاب أنّ الإسلام منزّه عن الهزء واللعب، ليس به رياء ولا نفاق، وهو لا شكّ حياة لكلّ معتنق له.
ولقد لاحظ (توما كارليل) ببصيرته المتّقدة هذه الصفات بالنبي صلّي الله عليه و آله بقوله: (إنِّي أُحبّ محمّداً؛ لثباته واستقامته، فإنّه أبطحي مهذّب لنفسه، لا يدّعي بما ليس فيه، ولا أثر للكبرياء عليه، على أنّه ليس بالذليل.
وكان يرقّع ثوبه ويخصف نعله زهداً وتواضعاً، يقول الحقّ بسائر أحواله لأكاسرة العجم وقياصرة الروم بما يجب عليهم من الفرائض، ينزل الناس منازلهم، يعلّم حقائق الأشياء، لا كمن يعلّمون ظاهراً من الحياة الدنيا، يرى سائر الكمالات لله تعالى، وأنّ التقصير من شأن القوى البشرية).
إلى أن قال: (وبالاختصار أقول: إنّ الديانة الإسلامية لهي ديانة حقٍّ ذات مبادٍ صحيحة روحية، وهي معتقد خمس النوع البشري.
الله أكبر! إنّ صدى دين الإسلام له رنّة في القلوب يصغي له ملايين جمّة، وله ملأ من أُولي العزّة ينشرونه فيما بين (الملايا والبابوات)، وهو مزيل للخبائث
ص: 429
والقبائح أينما حلّ) انتهى.
قال المحترم (عبدالله وليم):
(هذا هو الإخاء الذي أدعو إليه أبناء وطننا الإنجليزي، وهذا هو الإيمان الذي نعرضه عليهم ليعتنقوه راجياً منهم نبذ العصبيات الدينية وراءهم ظهرياً، وهي التي ورثوها كابراً عن كابر، وأن لا يستمسكوا إلّا بعروة الإيمان الوثقى التي لا انفصام لها، ويدعوا كلّ ما لا يقبله الذوق السليم والطبع المستقيم؛ إذ كلّ ما لا يُدرك ولا يدخل تحت الإمكان ينتج ضرورةً وجود الريب وعدم الثقة، وهو أمر تُخشى عواقبه في الإيمان الحقيقي؛ لأنّ النتائج دقيقة جدّاً، وعاقبة الضلال والغواية هي خطر عظيم.
وكلّ ما نتوق إلى معرفة كنهه من الأُمور الدينية المهمة فإنّ دين الإسلام ينبئنا عنها بأجلى بيان، ويعلّم الإنسان حقيقة التسليم لله (تعالى): «وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (1).
فلتهلك كافّة العوائد وكافّة الأسرار التي لا تُدرك ولو بلغت مهما بلغت، خيراً من أن يهلك الإنسان الذي خلقه الله في أحسن تقوم أو يضلّ عن الصراط المستقيم!
ولربّما قال قائل: إنّك تمتهن الأديان والاعتقادات، وتبخس الناس أشياءهم.
أقول: نعم، إنّ الذين يقولون: إنّ الاعتقادات ليست بشيء، فمن المحال أن يكونوا أدركوا حقيقة قولهم
ص: 430
كما قال أحد خطباء هذا العصر بما هو مطابق لمقتضى الحال، وهو (كونس روجرس): (في أيّ البلاد يكون دين المرء غير ثمين لديه، مع أنّه يعتقد أنّ وراء هذه الدار داراً أُخرى، وبها تكون المكافأة والمجازاة، وسعادته وشقاوته متوقّفان على إيمانه؟!).
وما أجهل امرءاً أضاع حياته بما به الوبال والخسران عليه؛ لأنّه لم يغتنم الفرصة التي اغتنمها من هو أعظم منه إدراكاً وأقوى شهامة! فإنّه ترقى في سلّم النجاح.
فالإيمان ليس هو صناعة أو علماً يمكنه استقراء أدلّته كي يظهر به فساده هذه الحياة الدنيا، بل إنّما تظهر نتائجه وما يترتّب عليه في تلك الدار: «وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ» (1).
قال الحكيم (مودسلي) كلاماً مبتكراً، وهو: (أنّه يجب على كلّ إنسان أن يصرف همّته إلى الله بالإخلاص في الأعمال الصالحة، حتّى إذا أتاه اليقين شرب كأسه غير وجل متّكلاً على الله بإخلاص، فيكون كطفل أمرته أُمّه بالنوم ليرتاح من عناء نهاره) انتهى.
وهذا شأن المسلمين بتسليمهم لقضاء الله وقدره.
وبالاختصار: أنّي أُنذر الذين هم على وشك اعتناق [الديانة] الإسلامية والذين هم قد اعتنقوها أنّه يجب عليهم أن يصبروا على الأذى والامتهان واحتقار معانديهم مع ما يحرّفونه من أمر دينهم عن مواضعه، فإنّه هكذا كان بدء الإسلام في زمن (محمّد) صلّي الله عليه و آله، ولهم فيما جاء في (سورة الحجرات 49) أعظم أُسوة،
ص: 431
وهي قوله (تعالى): «يَمُنُونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ» (1)).
يقول صاحب هذه الدعوة): هذا آخر ما أردنا نقله من تلك الرسالة المطبوعة بمطبعة جمعية الفنون سنة 1309ه_.
ولا أحسب الألمعي اللبيب العارف بأساليب البيان وترجمة اللسان عن الجنان، لا أحسب من هو خليق بأن يتمثّل بقوله:
أُصادق نفس المرء من قبل جسمه *** وأعرفه من فعله والتكلّم
إنّ مثل هذا العارف إذا نظر إلى ما تقدّم نقله من تلك الكلمات الحادّة والنغمات الشريفة واللهجة الشديدة، لا أحسبه يرتاب في أنّها خرجت من توقيع القلب وإملاء الحقيقة، وعلى حركة أوتار الهوى وإرادة الهواجس، وبدافع نفس الأمر ومجرّد الواقع، لا عن صورة تصنّع، ولا بصفة غرض أو تكلّف.
فإنّ تلك اللهجة لا محالة لهجة ذي دين ونغمة ذي عرفان ويقين، قد تلطَّف حتّى نفذ من المسام وتصرّف حتّى لم يدع على الحقيقة حجاباً من حجب الأوهام.
فجاء بها نواصع بيضاء عارية عن كلّ لُبسة مجردة عن كلّ شبهة، كجبين الصبح، أو كغرّة شمس الضحى.
هذا ما نحسّه ونحدسه من تلك الكلمات، ومكنوناتُ السرائر على تمام الحقيقة لله.
على أنّنا ما سردنا لك تلك النصوص الغربية لنعتدّها عليك إلهامات إلهية أو
ص: 432
آيات سماوية، أو أحاديث قدسية، نقطع بها حجّتك أو نسدّ بها محجّتك، أو لنجعلها فيصل الحكومة علينا وعليك وقاطعة الخصومة بيننا وبينك.
كما لا نريد أن نكون معك ممّن يعرف الدين بالرجال، ولا ينظر إلى ما قيل، بل إلى من قال.
كلّا، لا وربّك! لسنا هناك.
وكيف! وقد أنبأناك أنّ الغرض ما هو إلّا أنّنا حيث ذكرنا في المقالة الأُولى من صدر الخاتمة بعض تحامل الغربيّين على الإسلام والمسلمين، أحببنا أن نكيل لهم بالقسط ولا نبخسهم في الوزن، ونأخذ بالأمانة على أطرافها وحدودها، فقلنا: كما أنّ فيهم من طعن في الإسلام وتشدّد عليه، فيهم من طاعن عنه وشهد له.
فعسى أن تكون هذه بتلك، واحدةً بواحدة، بواءً وكفاءً لمن يرى أنّ أقوال الغربيّين هي المثابة والمباءة والقدوة والغاية التي إليها يُرجع وعليها يُعوّل!
فإن كان ما رُمناه فذاك، وإلا فالأمر يسير، والشأن طفيف، والحجج قد تكاتفت لك سابقةً، وستترادف عليك لاحقةً في الأجزاء التالية إن شاء الله.
الثالثة من التتمات: أنّ قصاراي من دعوتي هذه أن أستنهض همم إخواني المسلمين، وأستلفت أنظارهم، وأستحضر،أفكارهم، وأستثير مدافع غيرتهم ونيران عزائمهم بجميع شعبهم وعناصرهم وأسناخهم وأواصرهم، راغباً بعاطفة الإسلام إليهم، ناشراً عليهم دعوته لهم وصرخته فيهم وبغيته منهم متوسّلاً بكلّ
ص: 433
وسائله أن يجدّوا ويجتهدوا، ويقوموا ولا يقعدوا، ويتذرّعوا - بعد الاعتماد على الله (سبحانه) - بكلّ الأسباب والعوامل والذرائع والوسائل في إعادة مجدهم المؤثّل والعود إلى مقامهم الأوّل.
ولا يتسنّى لهم ذلك إلّا بأن ينتبهوا من خدر الكسل إلى نشاط العمل وينهضوا من وهدة الجهل إلى ذروة العلم، ويمتطوا صهوة المعارف وغارب الطلب، ويبذلوا النفس والنفيس دون التفاني على التمسّك بعرى هذا الدين ويحملوه أشدّ ما يكون بكلتا اليدين، بل في القلوب وعلى الرأس والعين. فإنّ فيه معادن البركات وينابيع الخيرات وجماع السادات.
ألا وإنّه لهو الدين السعيد، دين الوحدة والتوحيد.
ألا وإنّه ما قامت قوائمه، ولا رسخت إلى عروق الثرى دعائمه، ولا هطلت بالبركات على أوليائه غمائمه، ولا أشرقت في العالم أنواره، ولا بزغت على البسيط شموسه وأقماره، ولا انبسط في الآفاق شعاعه، ولا امتدّ في المعمورة باعه، إلّا باستحكام عرى الوحدة والإخاء الديني والاتّحاد الصحيح الحقيقي، لا ما تسمعه من هلجات ألفاظ ولهجات أصوات.
ذاك الاتّحاد والإخاء هما أوّل بركة صبّها الإسلام على الداخلين فيه والآخذين به.
فقد كانت الثورات الدموية بين قبائل العرب وجاهليتهم من الأوس والخزرج وغيرهم قد صبغت وجه جزيرة العرب بالخجل والحياء من إراقة الدماء، وما جاء الإسلام حتّى جاءت كريمة قوله (تعالى): «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ
ص: 434
لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» (1).
بل لا أراك لو استقصيت النظر وتدبّرت نواميس هذه الشريعة المقدّسة إلّا واجداً أكثر مشروعاته وموضوعاته مبنية على هذا الغرض موعزة إلى هذا القصد، لا تنحو إلا إليه ولا تدلّ إلّا عليه.
وهذا جليٌ ساطع لأوّل نظرة في وجوب الدفاع عن دم المسلم وماله و عرضه، وحرمة غيبته، وتشديد النهي عن ذكر عيبه، والإفك والبهتان عليه، وقذفه، وإهانته، وهتك ستره بين الناس، حتّى لو ارتكب المعاصي والكبائر، إلّا من باب أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر له بنفسه دون أن يذكره عند غيره.
وليس أمره بالمعروف ونهيه عن خلافه إلّا من باب وجوب نصيحته وإرشاده وتعليمه، وحرمة غشّه وخيانته، ووجوب حفظه وصيانته.
ثمّ لم تكتفِ هذه الشريعة المقدّسة (شريعة الوحدة والتوحيد) بهذا كلّه في ربط عواطف الإخاء والوحدة، حتّى ندبت وحثّت بأشدّ الندب والترغيب إلى عيادة المرضى، وتشييع الجنائز، وزيارة الإخوان، وتهاديهم (لا بالرشي باسم: الهدية!)، وتكريمهم، والمصافحة، وإفشاء السلام، والتحيّة، ووجوب ردّها أو ردّها بأحسن منها، إلى غير ذلك ممّا يضيق المقام عن حصره وأنت العليم بتفاصيل أمره.
ثمّ لم تكتفِ حتّى بكلّ ذلك دون أن فرضت في أموال الأغنياء حقوقاً للفقراء، بعد أن هوّن على أرباب الغنى بما ملأ به أسماعهم على ألسنة سفراء وحيه وحملة أمره ونهيه، بأنّ المال كلّه لله ومن الله، وهو وارث الأرض ومن
ص: 435
عليها، وأنّه هو الذي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده، وأنّه يضاعفه أضعافاً مضاعفة.
ثمّ تنازل - وهو رفيع الدرجات - حتّى جعل نفسه مقترضاً من خلقه مستربحاً على عباده: «مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَنا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً» (1).
ثمّ قال (جلّت نعماؤه): «مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء» (2).
مع ما في ذلك من كسر سورة القسوة والجفاء وعلاج رذيلة الحرص.
كلّ ذلك إيعازاً إلى عقد روابط الاتّحاد وتحريك عواطف الأُخوة بين جميع أفراد عناصر الأُمّة: فقيرها وغنيها، ضعيفها وقويها.
ثمّ زاد ذلك تأكيداً وأكّده مزيداً بما ندبته بل أوجبته هذه الشريعة من سنّة اجتماع المتجاورين في مباءة واحدة كلّ يوم وليلة عدّة مرّات، ثمّ أهل البلاد كافّة في كلّ أُسبوع، وسائر الأُمّة على الاختلاف والتعاقب كلّ عام.
كلّ ذلك لغاية أن تتعارف الأفراد، وتلتئم الشعوب، وتتوحّد الأجسام والأشباح توحّداً عساه يدبّ إلى القلوب والأرواح.
كلّا، فأرجع البصر وأعد النظر فيما قدّمناه من تلك الفرائض والحقوق التي فرضها الإسلام للفقراء في أموال أهل الغنى والثراء التي يجهل الساقطون في رذيلة الحرص نفوذ تأثيرها في رقيّ الأُمم وعلوّها وثروتها ونموّها فرداً
ص: 436
وجماعةً، أدبياً ومادّياً، جوهرياً وعرضياً.
ألا تنظر إلى هذه الأُمم الراقية برقيها الطريف وتمدّنها الحديث كيف انتبهت لتلك الجرايات ووضع تلك الفروض المالية، حيث قصرت شريعتها عن تشريع مثله، فأخذت تنشئ المستشفيات و (البيمارستانات) وكثيراً من المشروعات والشركات، وتخصّص أرباحها كلاًّ أو بعضاً لتوسعة مدارسها ومكاتبها وكنائسها، ونشر أديانها ومعارفها، وعمارة كلّياتها، وترقّي كمالاتها. ثمّ تخصّص طائلاً من أرباح شركاتها لخصوص دعاة دينها وحماة ملّتها، ونشر أناجيلها على أيدي المبشّرين والمرسلين إلى أطراف الأرضين وأقاصي المعمورة.
هذا بعض مساعي الشعب والدهماء منهم لأديانهم.
أمّا لو عطفت النظر إلى ذات دولهم وما تبذله من القناطير المقنطرة والملايين من الذهب والفضّة فى ذلك السبيل لأعجزك الإحصاء، وأوقفك البهر موقف الدهشة والحيرة!
أمّا الإسلام - ويا حرسه الله - فمن إحدى معجزاته وكبرى كراماته أنّه ما زال بعد أهليه الأوّلين يدعو إلى نفسه بنفسه، ويحامي عن ذاته بذاته، ويذبّ عن عرضه بجوهره، ويستنير في ظلمات المذاهب والأديان بأوضاحه وغُرره.
أمّا نحن - ونحن الذين نزعم أنّنا أهله اليوم - فما أغناه عنّا!
بل ويا ليت الإسلام سلم منّا، فنكون كفافاً لا عليه ولا له، لا ننفّر بسوء أفعالنا عنه، ولا نُدخل فيه ما ليس منه، فنشوّه مليح محيّاه وجميل سجاياه!
ثمّ بين غضون القرون وفي حقائب الحقب لو اتّفق على الندرة نهوض ذي حميةٍ إسلامية يحامي عن الإسلام أو يدعو إليه، فأخوف ما يخافه على نفسه
ص: 437
نفس الأقربين منه والمنتمين إليه!
نعم، لا يخاف إلّا سيل تلعته (1)، ولا يحذر إطفاء جمرته إلّا من طائفته!
ألا وإنّ غاية الغرض وأقصى القصد من دعواتنا هذه هو نصيحة إخواننا المسلمين كلّاً وتنبيههم كافّة إلى ما يعلمون به- وهم ذاهلون عنه - من أنّ الإسلام قد عاد غريباً كما بدأ، على ما أنبأ عنه الصادع به صلّي الله عليه و آله (2).
والإسلام في أشدّ الحاجة اليوم إلى ما كان محتاجاً إليه بالأمس من اتّحاد الكلمة، وجمع شتات عناصر الأُمّة، والتحزّب والتألّف بجامعة كلمة التوحيد المقدّسة، والتعاون والتعاضد بقوّة العلم وسطوة العمل ومدافع الهمم ومناور العزائم؛ نصرةً لله الذي ضمن نصرة من نصره وإعزاز من أعزّ دينه وعزّره (3): «إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» (4)، «استنصركم لا من ذلٍّ، واستقرضكم لا من قلٍّ»، «استنصركم وله جنود السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم، واستقر ضكم وله خزائن السماوات والأرض وهو الغني الكريم» (5).
فالله الله - يا عباد الله - في حظوظكم من السعادة التي ساقها الله إليكم
ص: 438
وصبّها عليكم وجعلها بين أيديكم رأفةً منه بكم ورحمة وحناناً عليكم لا حاجةً إليكم.
فعليكم بالصبر والمثابرة، والمكانفة والمكاثرة، والتعاطف والتآلف، وقمع ضغائن العصبية، وغضّ النظر عن الاختلافات العرضية.
فأنتم أهل الشهادتين وجامعة السعادتين، وليس اليوم في الأرض دين كدينكم، ولا قوانين كقوانينكم، ولا قرائح أفهام كقرائحكم.
فلا تكن غميزتكم فيكم وقوّتكم عليكم، فتفشلوا وتذهب ريحكم، بل تنفصم عراكم، وينقصم قراكم، وتهي قواكم، وتمكّنون عدوّكم منكم، وتفتّون في أعضادكم فتّاً، وتعودون كما قال (سبحانه): «تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى» (1) أحوج ما تكونون إلى عواطف المودّة وروابط المحبّة التي بها حياتكم ومنها ينابيع سعادتكم.
والله لي ولكم، فهو أقصى كلّ أمل وغاية كلّ عمل، وهو أرحم الراحمين.
وحيث قد بثثت بعض دعواتي لإخواني المسلمين (ربط الله قلوبنا بروابط عرى الوحدة والتوحيد وألهمنا لصالحنا الإصابة والتسديد) فخليق بنا أن نعطف أعنّة أقلامنا إلى دعوة زملائنا المسيحيّين (جمعنا الله وإيّاهم على الهدى وكلمة الحقّ حيث كانت وأينما وجدت) فالله (جلّ شأنه) هو الشهيد أن ليس أقصى قصدنا وبغيتنا سوى ذلك، وليس عندنا تعصٍّ ولا عصبية لمحمّدية أو مسيحية،
ص: 439
ولكن ما دعونا إلّا إلى ما قادنا البرهان وساقنا إليه الدليل والوجدان، والله على ما نقول وكيل.
وحيث إلى أهل التثليث يساق في دعوتنا الحديث، فنحن قائلون لهم: يا أيّها الصيارفة النقّادة وأرباب القرائح الوقّادة، يا ذوي الأفكار الحصيفة والآراء المريرة، والعقول الحرّة والأوضاح في العلوم والغرّة، أنتم أيّها النياقدة والصيارف ومهرة العلوم والمعارف، أنتم يا خالعي ربقة التقليد وقيود الجمود، والمتأبّين عن التأبين باتّباع الآباء والأُمّهات والمتعديّن عن الوقوف على قديم العادات ومناواة الحّق والمعاداة، أين تذهبون، وأنّى تصرفون، وكيف تؤفكون؟!
هذا الدين الحنيف، هذا المذهب الشريف، هذه الأعلام قائمة والسنن واضحة وأعلام الحقّ لائحة، هذه الشريعة المحمّدية، هذا التوحيد والأحدية، هذا الدين العربي، هذا القرآن والنبي، هذه النواميس الإلهية، هذا الدين والمدنية، هذه القوانين الحرّة والأُسس العقلية التي جاءت لتهذيب النوع البشري والقيام بكلّ صالحة، والدلالة على جميع أسباب سعادته، والارتقاء به من حضيض الجهل إلى أوج العلم والإدراك، وإخراجه من مشابهة العجماوات إلى مشابهة الأملاك.
ومن هنا كان (سلام الله عليه) رحمة للعالمين وخاتم الأنبياء والمرسلين.
ومهما تقدّم أهل التمدّن الجديد والناشئة الحديثة من الغربيّين، وتأخّر عنهم في الحضارة والعمران سائر المسلمين، فما هو إلّا آية من آياته وبعض أنبائه وبيّناته؛ ليعلم المعتبرون والمتدبّرون أنّ الأخذ بشرائعه المطابقة للعقل الموافقة للفطرة يوجب الرقي والانتظام وإن كان ممّن لا يؤمن به، والاسترسال بها والتهاون فيها يستدعي الانحطاط وفساد النظم ولو كان من مصدّق له وموقن فيه.
ص: 440
ولا تحسبنّ هذا القول جزافاً فإنّ تراجم هذا القرآن الكريم وتفاسيره اليوم عند القوم ليس من المبالغة لو قيل: إنّها تنيف على ما عند المسلمين بكثير.
وبعد هذا كلّه، فيا هل ترى أنّ الأُمّة المسيحية قد قنعت منّا بذلك؟!
كلّا.
إذاً فما الذي يقنعها في إقامة الحجج وإيضاح المنهج وإراءة السبيل وتسجيل الدليل؟!
أتريد منّا أن نفتح لها أبواب السماوات، أو ننزّل عليها كتاباً من الله على أيدي سكّان بعض هذه الكواكب والكرات: «يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ» (1)، أو نأتي لها بالمعجزات التي جاءت بها الأنبياء إلى أُممهم؟!
كلّا، وكلّا. ثمّ هيهات، وهيهات!
إنّ ذلك كان حيث كانت العقول معقولة، والفِطر فطيرة، والأفكار جامدة، والقرائح خامدة، والناس همجاً رعاعاً لا حظّ لهم من العقل ولا نصيب لهم في المعقولات، لا ينقادون إلّا بخارق للعادة خارج عن مجاري نواميس الطبيعة.
أمّا اليوم وما قبله وبعده والعقول بهذه الاستنارة والأفكار بما ترى من السعة والإدارة، فلا معجزة ولا حجّة على العبد سوى نفس هذه الديانة، وما اشتملت عليه من المشروعات والموضوعات المطابقة للعقل الموافقة للفطرة في أساس أُصولها وكثير من أركان فروعها.
فالعبد إن أعمل الفكرة وأجهد التعقّل أصاب الحقّ لا محالة، ولا سيّما بعد
ص: 441
خلع رداء العصبية وفضّ أزرار أوزار الحمية الجاهلية اللتين في الأكثر هما السبب الوحيد في حيد المرء عن قصد سبيله وردّه عن الانتفاع بحياة عقله و مصباح فطنته ومقتضى فطرته.
ثمّ إن اعترف بعد الفكرة فاز، وإن جحد أو أعرض عن النظر فقد غلقت رهونه وأخفقت سراياه واستحقّ العقاب.
فالله الله يا عباد الله و أُمة (المسيح)!
ولا أقول: عباده؛ فإنّي لا أنبزكم بهذه الوصمة، ولا اتّهمكم بهذه التهمة، ولا أقول: إنّ عقولكم قصرت عن إدراك دحوضها، ولا إنّ حظوظكم من العلم لم تتّسع لسبر حضيضها مع وضوحها وبداهتها، ولا أستيقن أنّكم غفلتم عن كون (المسيح) (سلام الله عليه) هو مخلوق مثلكم مردود إليكم، ولا أنّ صحّة نبوّة (محمّد) (صلوات الله عليه) قد خفيت عليكم مع كلّ تلك المعجزات الباهرة للفطرة المستنيرة في العقول.
فالله الله يا عباد الله، لا تفوتنّكم السعادة الأبدية والحياة السرمدية، والنعيم الدائم، والمجد المؤبّد والسرور المخلّد!
الله الله يا عباد الله، ألا لا يكن حالكم معنا حال اليهود معكم في إصرارهم على العناد ومصادمة البديهة في إنكار نبوّة (عيسى)، ومباهتتهم بالتكذيب له والتشنيع عليه، وقولهم فيه تلك الأقوال الشنيعة، والتجاسر عليه بتلك الأفعال الفظيعة!
وقد رأيتم شريعة الإسلام كيف أعلنت بمجده وقامت بواجب حرمته واحترامه، وكيف أعطاه كتابنا الكريم حقّه من الثناء وأنزله منزلته من العظمة والرفعة إلى السماء.
ص: 442
وتأبى المروءة والتكرّم أن تقولوا في (محمّد) صلّي الله عليه و آله ما لا يليق به ولا ينبغي له من الكذب على الله (معاذ الله) في دعوى الرسالة وزعم النبوّة، وقد كان في غنى عن ذلك بما عرفتم من صدقه وأمانته وجلالة قدره عند قومه، وهو الذي دون ما فيه ما قيل فيه في عصره (صلوات الله عليه):
فأحسن منك لم تر قط عيني *** وأجمل منك لم تلد النساء
خُلقت منزّهاً من كلّ عيبٍ *** كأنّكَ قد خُلقتَ كما تشاءُ (1)
وأمّا وشرف الأديان وحرمة المذاهب، إنّ من أعظم الأسف الباهظ أن تسوء عندكم سخائم (2) اليهود وأحوالهم، ثمّ تصبحون مثلهم سواء بسواء! تأخذون أمثلتهم وتحتذون شاكلتهم حذو القذّة بالقذّة، وما هم منكم بواحدة، ولا يومكم منهم بواحد!
الله الله يا عباد الله، ألا لا يخدعنّكم عن الحقّ ويميلنّ بكم عن صوب الصواب مقالات بعض المنتسبين إلى النصرانية وما هم منها بشيء، المتّخذينها ستاراً وجنّة، وهم يطعنون في نحرها، ويركلون بأرجلهم في صدرها، ويدفعونها بكلتا يديهم!
وهم الطاعنون في شريعة الإسلام وشارعها بمطاعن تتوجّه بوحدة الملاك إلى شريعة النصارى، بل إلى كلّ شريعة من الشرائع الإلهية.
فتجدهم يسخرون بمعجزات (محمّد) ويستهزؤون بها استهزاءً يومي إلى السخرية بمعجزات جميع الأنبياء من (محمّد) و (عيسى) و (إبراهيم) و (موسى)
ص: 443
(عليهم سلام الله جميعاً)؛ إذ الجهة واحدة والمشابهة ثابتة.
وما حقيقة الحال في أُولئك القوم إلّا أنّهم قوم من الزنادقة والملاحدة والطبيعية والنيشرية المنكرين لأصل الصانع الحكيم المناوئين والناصبين العداء لكلّية المذاهب وكافّة الأنبياء.
وأما وشرف الأديان وعزّة النواميس الإلهية كلّها، إنّه لممّا يلزم ويحتم أن يتّفق جميع أهل الأديان والمذاهب ويكونوا يداً واحدة في قطع دابر هؤلاء الزنادقة والملاحدة، وتنقية الأرض من جراثيم أفرادها المهلكة وميكروبات كروبها القتّالة التي تعمل على أن تهلك الحرث والنسل، وتسعى في الأرض فساداً، و: «اللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» (1).
فلا ينخدع زملاؤنا المسيحيّون بأقوالهم وخدعهم، ولا يتّخذها (البروتستانيّون) (2) رأس مال لإغواء المسلمين وإضلالهم على أيدي رسلهم وألسنة دعاتهم!
فإنّ أقصى ما يحصل لهم من ذلك العناء أن يحيدوا بالناس عن الصراط المستقيم وطريقة الحقّ والعدل إلى ملّة الجور والفساد، ملّة الزندقة والإلحاد.
وأمّا الخروج عن الإسلام والدخول في النصرانية فذاك ممّا لم يكن، ولن
ص: 444
يكون أبداً!
وهذا من إحدى فضائل الإسلام وطوائله التي اختصّ وامتاز بها عن غيره.
فإنّك من أوّل انتشار نور الإسلام إلى يومك هذا لا تحصي أحداً عريقاً في الإسلام قد رجع عنه وصار يهودياً أو نصرانياً.
وما أكثر من اهتدى للإسلام منهم، بحيث لو أنّ أحد أفاضل المسلمين يفرغ وسعه لإفراد مؤلّف في هذه الخطّة لجاء مؤلّفاً فخماً، وأحصى منهم قدراً وافراً.
إذاً فما هذا العناء الشديد والاهتمام بما ليس عليه مزيد؟!
نعم، إنّ (البروتستانت) - ولا سيّما في أكثر أعمالهم الدينية - قد شوّشوا الأذهان وأوهنوا قاطبة الأديان حتّى ملّتهم ودينهم! فعسى الله أن يأتي بالفتح أو بأمر من عنده، فيكفّوا عن هذه الشرور والمضرّات وييأسوا من تلكم الطماعات، فإنّه أليق بمقامهم وأبقى لمجدهم، والله وليّ التوفيق لنا ولهم.
اللهمّ، وقد بذلت لجميع عبادك نصيحتي، وبلّغت إلى الكلّ دعوتي.
اللّهم، وإنّي - بعونك وتوفيقك - لو حاولت وأردت أن أُضيف إلى هذا الجزء العشرات بل المئات من أمثاله - كلّ ذلك في شرف دين الإسلام وعزّته وكماله ومجده وأنّه هو الهداية العامة للعالمين والرحمة والبركة والتتمّة والكمال لكلّ دين وجامعيته لأُصول العمران وحقيقة التمدّن والحضارة - لجريت ومضيت على ذلك سحابة عمري وأعوامي، لا سحابة شهري وأيّامي، ولما وقفت من فضلك اللهمّ ولا انقطعت! ولكن: «من لم ينتفع بالقليل لم ينفعه الكثير»، حديث
ص: 445
شريف (1)، يشهد به العقل والضرورة.
اللهمّ، وهذه نصائحي لخلقك ودعواتي إليك بين عبادك، مستشهداً بك - وأنت خير الشاهدين - على خلوص طويتي وصحّة قصدي ونيّتي؛ غيرةً على دينك، ورغبةً في عفوك ورضوانك، وغريزةً أنت جبلتها على حبّ النجاة والسعادة لكلّ عبادك، عاملاً بجدّي وجهدي وأقصى كدّي ووكدي (2) على وحدة أهل توحيدك وتسالم كلّ خلائقك، متفانياً على دينك، متفادياً له بحياتي، وإنّها لأهون قطرة دم تراق في سبيلك.
اللهمّ، فإن قبلوا دعواتي هذه وأقبلوا عليها فبفضلك ولطفك، وإن ردّوها وتقايلوها فعندك احتسب عنائي.
وعلى كلٍّ، فلديك أملي ورجائي في حسن جزائي، يا غاية كلّ سؤال ونهاية كلّ مأمول، يا نعيمي وجنّتي ودنياي وآخرتي، يا أقصى أمل كلّ آمل، يا من لا يضيع لديه عمل عامل ولا تخفى عليه سريرة مستسر، يا أكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين.
تمّ تسويد أصله في أوائل ربيع الثاني من شهور سنة الألف والثلاث مائة وثمانية وعشرين هجرية، على يد مؤلّفه: (محمّد الحسين بن علي بن الرضا بن موسى بن جعفر كاشف الغطاء) عن مبهمات الشريعة الغرّاء.
ص: 446
نبدأ من ذلك بما وقع من السهو في بعض الآيات الكريمة. وقد أسلفنا لك أنّنا كنّا نورد ما نزيّن به جبهات صحائفنا من غرر الآيات الشريفة على ما هو العتيد لدينا والتليد في حافظتنا من دون طريف مراجعة وجديد ملاحظة.
ومن جري ذلك فقد يقع السهو منّا، فلا تجيء الآية على وجهها؛ لتغيير لفظ أو حرف أو حركة فيها، أو انخزال كلمة شريفة منها (1).
ونحن نستدرك هنا ما فات ونستقيل تلك العثرات، ونجعل الاعتراف كفّارة سيئاتنا ورائد حسناتنا إن شاء الله..
أمّا حذف واو العطف أو الفاء من بعض الآيات فذلك لأنّنا لم نذكر المعطوف عليه منها، وإنّما يلزم حيث يذكر أو يؤتى بتمام الآية، لا فيما يتعلّق الغرض بإيراد بعضها.
وهذا كإدخال حرف العطف أو الفاء اللذين ليسا من الآية لربطها بسياق الكلام المتعلّق بها.
وكل هذا ليس من تغيير الآية في شيء، وإنّه لمستعمل عند أرباب التأليف شائع ومتداول مستفيض، ولا سيّما عند الطبقة العليا من الكتّاب وأرباب الرسائل وعلية الفصحاء، فتتّبع وراجع.
على أنّ جزوات قليلة كهذه - وهي تشتمل على ما يناهز المائتين من الآي
ص: 447
- ليس بجلل أن يقع في بضع عشر موضع منها شيء من السهو والنسيان، وهما - وما أدري - الطبيعة الثانية أم الأُولى للإنسان؟! «وَمَا أُبَرِئُ نَفْسِي» (1).
أمّا مواضع السهو والغفلة فيما عدا ذلك فكثير أيضاً.
ولكن قد يحسب من الغلط ما ليس منه، بل له وجه في العربية عوّلنا عليه وجرينا في بعض المواضع على نهجه وإن كان الشائع المألوف سواه.
* (منها): (صفحة 11) (2): (نمهّد للمقدّمة أُمور).
قد يظنّ أنّ هذا غلط في العربية، وأنّ المتعيّن هو الوقف بالألف.
مع أنّ أكثر علماء العربية قد ذكروا في باب الوقف: أنّ في المنصوب ثلاث لغات: الوقف عليه بالسكون كالمرفوع والمجرور، والوقف بالألف، والوقف بالتنوين (3).
حتّى إنّ (السكّاكي) (4) في (صرف المفتاح) (5) قال ما حرفه: (ولك على الجواز أن تقف على الألف بحيث يظهر منه أنّ السكون أولى).
ولكن ذكر غيره: أنّ الشائع هو الوقف بالألف.
وأقول: إنّ هذا لا ريب فيه، ولكن لا يصيّر غيره غير جائز.
هذا (الشريف الرضي) (6) - وهو سيّد علماء العربية وأفصح من في عصره في شعره ونثره - خذ إليك ديوانه الأغرّ، وانظر في قصائده الساكنة الروي، مثل:
ص: 448
التي يقول فيها:
ومغانٍ أنبت الحسن بها *** هيفاً ترعاه عيني وعيد (1)
ويقول: ... وذراها يطلب النجم صَعُد (2).
وكذلك أُرجوزته التي تتدفّق برونق البداوة العربية التي أوّلها:
أبا نزار تفسد القوم النعم *** غفّلك الوجد وذكّاني العدم (3)
ومن قوله فيها:
حيث ترى تلك المجالي والقمم *** يمسين غرباناً ويغدون رخم (4)
وفيها له نظائر كثيرة، كما في ساكنته الأُخرى من هذا الروي التي يقول فيها:
أليس أبونا أعز الورى ونا أعزّ الورى *** جناباً وأكرم خالاً وعمّ (5)
وفيها: ... *** فكانَ بأنف الدياجي شمم (6).
إلى ما يضيق المقام عن إحصائه من شعره وشعر النمرقة العليا والطراز الأوّل من أئمّة الشعراء، كالشيخ (أبي تمّام)، و(البحتري)، و(المتنبّي) (7).
ص: 449
وإنّما أوردت بعض الشواهد من شعر (الشريف)؛ لأنّي وإن كنت لا أُفضّله عليهم في الشعر كما لا أُفضّلهم عليه في مسلكه الخاصّ به من الحماسة والشموخ والرفعة والعزّة النبويّة والطلاوة والبداوة، ولكنّي أُقدّمه عليهم في استقامة اللسان وثقوب الذهن ونباهة الهاجس والمهارة في العربية طبعاً وصناعةً وعلماً وذوقاً وخاطراً وأدباً.
والغرض أنّ الوقف بالسكون في مثل ذلك أكثر من أن يحصى في الشعر والنثر من الطبقة العليا وما دونها.
وقد ورد في الشعر بكثرة يمتنع حملها على الضرورة، (فإنّ الضرورات مقدّرات لا مطّردات)، وما جاز في الشعر باطّراد جاز في النثر مثله.
ولولا ضيق المجال لأوردت لك ما يفغرك ويبهرك! على أنّ فيما ذكرنا غنىً وكفاية إن شاء الله.
وبناءً على هذا فقد ورد في هذه الجزوات كلمات من هذا القبيل، على أنّها لا تبلغ العقد الأوّل من الأنامل، ولا حاجة إلى التنبيه عليها بعد أن ذكرنا وجهها ومدخل صحّتها.
كما أنّنا ننبه على ما لعلّه يحتاج إلى التنبيه من غيرها:
ص: 450
* (صفحة 10): (فلنحتكك غرائز العقول).
هو من: أحكّني فحككته، لا من احتكّ الأجرب بالخشبة واحتكّت الدابّتان، فلا يتعدّى فيها.
* (العريق اللصيق) (1).
أصل معنى اللصوق - كما هو ظاهر -: الاتّصال الشديد والربط المحكم المعبّر عنه: باللزق.
وهو المراد في هذا الموضع وأمثاله، حيث يعطف على العريق، أي: الأصيل بالشيء المتصل به أشدّ اتّصال.
أمّا اللصيق بمعنى: الدعي في الشيء أو الأجنبي منه، فهو مجاز لا يستعمل إلّا في موارد تقوم فيها القرائن والأمارات.
قال في (الأساس): (ومن المجاز: فلان مُلَصق أو لصيق: دعيٌّ) (2)، فلا يتوهّم.
* اتّفق لنا في موردين أو ثلاث استعمال الوعز والإيعاز بمعنى: الإشارة، حيث نقول مثلاً في (صفحة 36): (إيعازاً إلى العصمة وإيماءً إلى وجوب المعجزة)، وكذا في غيره.
والمعروف من الإيعاز: التقدّم بالشيء، فيقال: أوعزت إلى فلان، أي: تقدّمت إليه بكذا.
ولكن في كثير من المعاجم ما هذا نصّه: (وعز إليه في كذا يعز وعزاً: تقدّم وأشار) (3).
ص: 451
وعليه، فلا إشكال.
كما أنّنا قد استعملناه بمعنى: التقدّم كثيراً.
وقد نستعمل الوسط بمعنى: البيئة والمحيط؛ لأنّه ورد فيها هكذا: وسط القوم والمكان يسطهم وسطاً وسطة: جلس وسطهم، فهو واسطة.
وقالوا في البيئة: إنّها المنزل (1).
وهما - كما ترى - يتقاربان أو يستويان.
* المطابقة بين المبتدأ والخبر في التذكير والتأنيث غير معتبرة في كلّ مورد.
والنحوّيون يقولون: (الكلمة قول مفرد) (2).
وقولنا (صفحة 95): (والوقفة عند تلك الاحتمالات مخلٌّ بنظام الكون) إنّما المراد عمل مخلٌّ أو شيء أو شبه ذلك من الأسماء العامة، كما يدلّ المقام عليه.
* وقع في كلامنا استعمال (أراكين) في مقام أو مقامين (3).
وهو جمع أركون: الدهقان العظيم (4)
* (صفحة 287): (كأنّ ذلك تحقيقاً لقول ذلك الوديع).
هو مفعول مطلق مسلّط عليه عامل من لفظه واجب الحذف، على نحو: (سقياً ورعياً). والغرض التأكيد (كأنّ ذلك محقّق تحقيقاً).
* قد استعملنا مادّة (التحوير) في موردين أو ثلاث.
ص: 452
وأصل التحوير الرجوع، والنقص، والرد (1)، وكلّها متقاربة.
فقلنا (صفحة 61): (تحوّرت الأديان عن صبغتها الأُولى).
نريد: أنّها رجعت وردّت.
وكذلك قد استعملناها في مقام آخر، حيث نقول آخر (صفحة 191): (نعم، قد بلغ البيان منهم في نفوذ التأثير وامتلاك التبديل والتغيير وتحوير صفات المجتمع). أي: ردّ صفات المجتمع.
فإن كان للتحوير معنى مولّد فذاك لا نعرفه، ولم نستعمل هذه الحروف فيه.
* قلنا في (صفحة 269): (والبدر الذي لا يسري إليه السرار والكسوف).
قد يحسب أنّ الأنسب هنا (الخسوف). ولكن الأصل في الخسوف: الإساخة والذهاب (2): «فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ» (3)، وخسف الله الأرض: أساخها.
والأصل في الكسوف: الحجب والتغيير (4). وهو يجري في الشمس والقمر على سواء، كما صرّح به اللغويّون (5).
ص: 453
وفي قول (جرير) (1): الشمس طالعة ليست بكاسفة (2).. الخ، شاهد له، حيث جعل القمر والنجوم مكسوفة.
وعلى هذا، فمن راجع المقام يتّضح له أولوية استعمال الكسوف، أو عدم مناسبة الخسوف أصلاً، فتلطّف.
* استعملنا (احتار) في (صفحة 123) قياساً على اختار واجتاز. وإن كنّا لم نتحقّق ورودها في اللغة.
فإن لم يكن لها وجه صحّة فليكن مكانها (أحار).
* قلنا في (صفحة 145): (ولكن على أنّ كلامه فيها على الحال التي وصفنا).
وقد يُحسب أنّ (على) تفيد معنى (لكن) من الاستدراك.
وليس الأمر كذلك؛ فإنّ (على) هنا ليست للاستدراك، بل للمبالغة والترقّي، مثلها في قولك: فلان فاضل، ولكن على أنّه في غاية الفضل لا يبلغ مرتبة فلان.
ص: 454
انظر كيف ينبتر الكلام ويقلق بحذفها.
ألا ترى كيف لا تغني واحدة عن الأُخرى؟!
* في صفحة (56) استشهدنا على خرق نواميس الطبيعة أحياناً بما اشتهر من بقاء السمند [ل] في النار... الخ.
ويقال: إنّ الفلاسفة من المتأخّرين ينكرون_ [_ها]، ويدّعون أنّها من مزاعم الأقدمين، وأنّ الدليل قام على خلافها.
وهذا إن ثبت لا يضرّ بالدعوى التي كنّا في صدد إثباتها.
وهب [أنّهم] أنكروا ذلك، أفينكرون أكل النعامة للجمر، وأكل الظباء للحنظل، وكلُّ منهما مشاهد محسوس؟!
وأمثلة انخراق النواميس الطبيعية لا تحصى ولا ينكرها حتّى الفلاسفة المتأخّرون. وما أكثر ما عجزوا عن تطبيقه على تلك النواميس ممّا يسمّونه: بفلتات الطبيعة (1)، ومنها الأعضاء الأثرية في الإنسان والحيوان!
ولوضوحها استغنينا عن إطالة الكلام فيها هنا وهناك.
* في (صفحة 232) قلنا: (إنّ توراة اليهود غير توراة النصارى... الخ).
نعم، هي غيرها؛ فإنّ توراة اليهود عبرانية، وهو اللسان الديني عندهم الذي لا يجوز تغييره لديهم، كالعربي في الإسلام، لا تجوز الصلاة والقرآن بغيره.
أمّا توراة النصارى فعند العرب عربية، وعند السريان سريانية، وهلمّ جرّاً، كلّ قوم بلغتهم.
وأيّ مغايرة تريد أكثر من هذا؟!
ص: 455
على أنّ مَن سألناه من اليهود عن هذا الأمر كان يدّعي اختلاف الجوهر في مواضع أيضاً.
ولا غرابة في ذلك بعد أن كانت نفس الأناجيل مختلفة عند نفس النصارى، فإنجيل (البروتستانت) يغاير أناجيل سائر الفرق، والكنيسة الكاثولوكية والكرسي الرسولي يرفض إنجيل (البروتستانت) ويحرم الصلاة به.
وأيّ اختلاف اختلاف أعظم من هذا؟! وهل تجد عند فرق المسلمين مثل هذا في القرآن العظيم والذكر الحكيم الذي تكفّل الله بحفظه؟!
* صفحة (12): (سائرٌ يريد أن يطوي).
هو ابتداء كلام لتصوير الحال وضرب المثال، لا حال ممّا سبق.
أمّا غفلات الطبع أو المطبعة ومواقع سهوهما فنحن نرسم بعضها ونحيل معرفة الباقي إلى فطانة الناظرين، فإنّها ممّا لا تخفى عليهم؛ لوضوحها إن شاء الله...
وهذا قدر ما عثرنا عليه عند المراجعة بعد إنجاز الطبع، ونبّهنا على بعضه بعض الأفاضل.
ونحن لا نأمن على أنفسنا الغلط حتّى في تصحيح الغلط! وإن كان السهو والنسيان من جبّلة الإنسان، وتختلف في أفراده قلّة وكثرة.
فنحن نعترف أن نصيبنا منها الوافر وحظّنا منها الكثير، فعسى أن يكون الاعتراف كفّارة لخطايانا وماحياً لسواد سيّئاتنا ومقيلاً لسوء عثراتنا إن شاء الله.
على أنّنا نرغب إلى جميع من تصل إليه دعوتنا هذه من الأفاضل الكرام أن يوسعوها نقداً، ويتوغّلوا فيها محصاً وفحصاً ونظراً وبحثاً، ويجعلوا ذلك أكرم هدية منهم إلينا.
ص: 456
وأيّ هدية أنفس من هدية العلم والإفادة والإرشاد والدلالة!
سوى أنّ حاجتي إليهم وطلبتي منهم أن لا يتسرّعوا في الحكم، ولا يشدّدوا في النكير، فلعلّ لما أنكروه وجه صحّة ومخرجاً في العربية أو سنداً في الأُمور العقلية والمباحث النظرية، والعصمة لله وحده.
لا وربّك، نحن لا يهمّنا أن نرمى بالخطأ أو نكون قد أخطأنا أو نسينا - وإن كنت لا أُحبّ لنفسي سوى الإصابة والتثبّت - ولكنّي حريص أن لا يختفي مرادي ولا تحتجب عن القرّاء مقاصدي.
وقد ذكرت في (الجزء الأوّل صفحة 187): أنّ الدين أكبر وازع ورادع للنفوس، وأنّه يستحيل بدون الدين قمع الشرور من نفوس البشر.
وقد أقمنا البرهنة هنالك على ذلك بما حسبناه قد تجسّم حتّى صار يلمس بالكفّ ويُرى بالعيان.
ولكن قد يقصر البعض عن الإحاطة بتلك الجليّة، ويحسب أنّ الخاصّة والعلماء لو لم ينتهوا عن الشرور إلّا محافظة على صحّتهم وحياتهم التي لا يرون حياة بعدها لكفى طمعاً بحسن الذكر والمحمدة.
وهل هذا إلّا من الغفلة عمّا أردناه! فإنّ جوهر ما قلناه هناك أنّ هؤلاء الخاصّة والعلماء لو أمكنتهم خيانة أو جناية، وكانت تزيد في صحّتهم وطول حياتهم على الفرض، ولم تكن تخلّ بحسن ذكرهم للأمن من وقوف أحد عليها أبداً، فهل يُعدّ تركهم لها مع أمنهم من القصاص وموقف الجزاء إلّا سفهاً منهم من غير ما عوض ولا مكافأة؟! وهل يردع عن مثل هذه الشرور إلّا وازع الدين والاعتقاد بالجزاء الذي هو المسيطر على الإنسان وهو معه أينما كان وإن لم يكن معه أحد؟!
ص: 457
فحقّاً: «إنّ من لا إيمان له لا أمانة له» (1)!
أمّا من يعاف الشرّ لحسن جوهره وطيب نجره فقد ذكرناه في عدّة مواضع من الكتاب، منها (صفحة 23 من الجزء الثاني)، وذكرنا: أنّه نادر، والنادر لا تناط به الأحكام، فتدبّر هذا، فإنّه حسبك وكفى.
ص: 458
شعري وشعوري وعواطفي ولطائفي ... 5
الفصل الرابع: في النبوّة ... 9
تمهيد أُمور فى النبوّة ووجوب البعثة: ... 9
الأمر الأوّل: في بدء نشأة الإنسان وعجزة وجهله وحاجته ... 11
الأمر الثاني: في شرف الإنسان ومقامه في الكون، وحاجته إلى التربية، وجهل العقل البشري بالمستقبل ... 17
الأمر الثالث: في أنّ إيجاد الخلق إنّما هو لغاية وحكمة ... 27
نتائج الأمور المتقدمة، والبرهان على وجوب البعثة ... 30
الكلام في العصمة ... 36
الكلام في المعجزة ... 42
نظرة إجماليّة في الشرائع والأديان ... 59
أحوال بني إسرائيل ... 64
ديانة عرب الجاهليّة، وذكر بعض أحوالهم الاجتماعيّة ... 67
البحث في الديانة اليهوديّة والنصرانيّة ... 78
فلسفة الشريعة الإسلاميّة ... 83
طريق إثبات النبوّة لمن عاصر أو تأخّر عن زمان الدعوة ... 89
ص: 459
خلاصة هذا الموضوع والإشارة إلى طبقات الخلق، وبيان معنى التواتر، وأقسامه ... 92
النبوّة المحمّدية، وإعجاز القرآن ... 98
ذكر بعض آيات البلاغة والإعجاز ... 105
القرآن وثناؤه على نفسه ... 112
القرآن وثناء المرسل به وخلفائه عليه ... 117
القرآن وثناء الأئمّة المعصومين عليه ... 122
ما هي الفصاحة والبلاغة؟ وما الطريق لمعرفة الإعجاز بهما؟... 133
تسجيل الحجّة في الإعجاز على الناس، وطريق ذلك، وذكر نماذج لآيات الإعجاز ... 134
عود على ذكر بعض آيات الإعجاز ... 145
ذكر بعض علماء الإعجاز القرآني، ونقل كلماتهم في المقام ... 173
التنبيه لأُمور ثلاثة في المقام: ... 190
الأمر الأوّل ما للبيان والبلاغة عند العرب من الشأن، ودور القرآن في تعليم البلاغة والفصاحة ... 190
الأمر الثاني: حقيقة الإعجاز والفصاحة والبلاغة ... 210
مقام البلاغة عند العرب وتأثيرها في النفوس، عود على بدء ... 219
الأمر الثالث: اللغة العربيّة ودورها ... 231
بحث المتشابهات في القرآن ... 242
تحرير حجّة الخصم في المقام من القول بالصدفة والصرفة وغيرهما، والجواب عنها ... 251
ص: 460
ختم الكلام في المقام ... 261
إذعان العرب بإعجاز القرآن ... 264
إذعان الكتّاب والبلغاء بإعجاز القرآن ... 271
المتّهمون بالزندقة ومعارضة القرآن ... 272
تتمّة المبحث السابق، وبيان مزايا القرآن ... 279
توطئة وتمهيد لبعض المناظرات والمباحث ... 287
الموازنة والمقايسة بين القرآن الكريم والعهدين ... 292
مسألة الأقانيم وفلسفة البحث فيها ... 306
إشارة إلى الغلاة من فرق الإسلام ... 319
كلمات مستطردة مع الأُمم الموحّدة ... 323
نسبة وقوع المعاصي إلى الأنبياء، والجواب عنها ... 325
الجواب العامّ عمّا ورد في القرآن من نسبة المعاصي إلى الأنبياء ... 330
حال الأنبياء في العهدين، عود على بدء ... 333
بعض الفروق بين المسيح والنبي محمّد (صلوات الله عليهما) ... 336
شهادة العهدين بنبوّة محمّد صلّي الله عليه و آله والتبشير به ... 340
كلام في بعض شؤون العهدين، والفروق بينها وبين القرآن ... 344
کلام مع صاحب الضلالة ... 345
كلام استطرادي لطالب الحقيقة في المقام ... 352
بقيّة معجزات النبي صلّي الله عليه و آله، ودفع توهّم في المقام ... 355
خاتمة هذا الجزء ضمن تتمّات: ... 367
التتمّة الأُولى: تمهيد مقدّمة، وبيان حال الغربيّين مع المسيحيّة والإسلام،
ص: 461
والإشارة إلى رسالة في ردّ الإسلام ... 367
التتمّة الثانية: ذكر نبذة من شهادات وأقوال علماء الغرب في الإسلام ونبيّه والقرآن، وبعض الكلام في الثالوث ... 392
التتمّة الثالثة: دعوة هامّة، وفيها قسمان: ... 433
القسم الأوّل: دعوة موجّهة إلى المسلمين ... 433
القسم الثاني: دعوة موجّهة إلى المسيحيّين ... 439
دعاء خاتمة الكلام ... 445
تصحيح ملاحظات واستقالة عثرات ... 447
فهرس المحتوي ... 459
ص: 462
ص: 463
ص: 464
سورة البقرة (2)
«ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ» الآية: 2 ... ج 2 ص 112 - 113
«مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ» الآية: 17 ... ج 2 ص 161
«صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُون» الآية: 18 ... ج 2 ص 161
«أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْق» الآية: 19... ج 2 ص 161
«يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا» الآية: 20 ... ج 2 ص 161
«وإن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِثْلِهِ» الآية: 23 ... ج 2 ص 180
«وَلَن تَفْعَلُواْ» الآية: 24 ... ج 2 ص 180، 181
«تُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ عْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ» الآية: 74 ... ج 1 ص 354 و ج 2 ص 162
«أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ»الآية: 74 ... ج 2 ص 162
ص: 465
«إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ» الآية: 78 ... ج 1 ص 360
«قُلُوبُنَا غُلْفٌ» الآية: 88 ... ج 2 ص 181
«مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا» الآية: 106 ... ج 2 ص 107 - 108
«لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ» الآية: 124 ... ج 1 ص 471
«وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطا» الآية: 143 ... ج 2 ص 86
«وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةُ» الآية: 179 ... ج 2 ص 139 - 140، 183
«يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ» الآية: 219 ... ج 2 ص 423
«مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً» الآية: 245 ... ج 2 ص 436
«لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّي- نِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ»الآية: 256 ... ج 2 ص 324، 426 - 427
«مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء» الآية: 261 ... ج 2 ص 436
«لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ» الآية: 285 ... ج 2 ص 325
«لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ» الآية: 286 ... ج 1 ص 422
سورة آل عمران (3)
«هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا
ص: 466
يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ» الآية: 7 ... ج 2 ص 245
«رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ» الآية: 8 ... ج 2 ص 247
«اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ» الآية: ... ج 2 ص 232
«كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ» الآية: 11 ... ج 2 ص 419
«قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللَّهِ»الآية: 64 ... ج 1 ص 127 - 128 و ج 2 ص 289، 323 - 324
«فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ» الآية: 64 ... ج 2 ص 324
«قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ» الآية: 93 ... ج 2 ص 189 - 190، 341 - 342
«وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا» الآية: 103 ... ج 1ص 104 و ج 2 ص 434
«وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ» الآية: 103 ... ج 2 ص 434 - 435
«وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا» الآية: 105 ... ج 1 ص 104
«لَن يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ» الآية: 111 ... ج 2 ص 186
«يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ» الآية: 154 ... ج 2 ص 187
ص: 467
«وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ» الآية: 159 ... ج 1 ص 322
«أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ» الآية: 165 ... ج 1 ص 422
«ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» الآية: 182 ... ج 1 ص 423
«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ» الآية: 190 ... ج 1 ص 359
«الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ» الآية: 191 ... ج 1 ص 359
سورة النساء (4)
«وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلَا تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» الآية: 36
«مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ) الآية: 46 ... ج 2 ص 187، 304
«قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ» الآية: 78 ... ج 1 ص 373، 377، 422
«أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ» الآية: 82 ... ج 1 ص 359
«لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ» الآية: 148 ... ج 2 ص 423
«يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ» الآية: 153... ج 2 ص 441
«قُلُوبُنَا غُلْفٌ» الآية: 155 ... ج 2 ص 181
ص: 468
«وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً» الآية: 156 ... ج 2 ص 283
«مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتَّبَاعَ الظَّنِّ» الآية: 157 ... ج 1 ص 360
«وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينا» الآية: 157 ... ج 2 ص 284
«بَل رَّفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً» الآية: 158 ... ج 2 ص 283
«إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ: الآية: 171 ... ج 1 ص 474 وج 2 ص 67، 319
«وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ» الآية: 171 ... ج 1 ص 474 وج 2 ص 67، 319، 338
«وَلَا تَقُولُواْ ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهُ وَاحِدٌ» الآية: 171 ... ج 2 ص 319، 413
«يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَاثَةُ انتَهُوا خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهُ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً» الآية: 171 ... ج 2 ص 319
«لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً لِلّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ» الآية: 172 ... ج 1 ص 474
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً» الآية: 174 ... ج 2 ص 113
ص: 469
سورة المائدة (5)
«حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ.... فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» الآية: 3 ... ج 2 ص 150
«يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَذِّبِينَ تُعَلَّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ» الآية: 4 ... ج 2 ص 150
«اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى» الآية: 8 ... ج 1 ص 304
«يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ» الآية: 15 ... ج 2 ص 190، 304
«قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ» الآية: 15 ... ج 2 ص 113
«يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» الآية: 16 ... ج 2 ص 113
«يُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء» الآية: 40 ... ج 1 ص 422
«إنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاء» الآية: 44 ... ج 2 ص 303
«وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى بْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ» الآية: 46 ... ج 2 ص 303
ص: 470
«وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» الآية: 47 ... ج 2 ص 342
«وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ» الآية: 64 ... ج 1 ص 412
«بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء» الآية: 64 ... ج 2 ص 32
«اللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ» الآية: 64 ... ج 2 ص 444
«وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» الآية: 67 ... ج 2 ص 187
«ذَلِكَ بِأَنَّ نْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ» الآية: 82 ... ج 2 ص 386
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» الآية: 90 ... ج 2 ص 423 - 424
سورة الأنعام (6)
«وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ» الآية: 4 ... ج 2 ص 365
«وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ» الآية: 7 ... ج 2 ص 364
«وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ» الآية: 9 ... ج 2 ص 32
«كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ» الآية: 12 ... ج 2 ص 323
«أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ» الآية: 25 ... ج 2 ص 180
ص: 471
«نَفَقاً فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّمَاء» الآية: 35 ... ج 1 ص 192-193
«مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ» الآية: 38 ... ج 2 ص 169
«فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» الآية: 45 ... ج 2 ص 142
«انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ» الآية: 46 ... ج 2 ص 365
«سَلَامٌ عَلَيْكُمْ» الآية: 54 ... ج 2 ص 323
«وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ» الآية: 59 ... ج 1 ص 394 و ج 2 ص 14
«وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ» الآية: 59 ... ج 1 ص 394
«وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ» الآية: 59 ... ج 1 ص 394، 405
«فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» الآية: 96 ... ج 2 ص 145
«شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً» الآية: 112 ... ج 2 ص 384
«إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ» الآية: 116 ... ج 1 ص 360
«اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ» الآية: 124 ... ج 2 ص 342
«يَذَّكَّرُونَ» الآية: 126 ... ج 1 ص 359
«وَلِكُلّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا» الآية: 132 ... ج 1 ص 461
«كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ» الآية: 141... ج 2 ص 84
«وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» الآية: 164 ... ج 2 ص 426
ص: 472
سورة الأعراف (7)
«يَذَّكَّرُونَ» الآيتان: 26 و 130 ... ج 1 ص 359
«سَلَامٌ عَلَيْكُمْ» الآية: 46 ... ج 2 ص 323
«أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ» الآية: 54 ... ج 1 ص 403
«إن كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» الآية: 106 ... ج 2 ص 361
«فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تُعْبَانٌ مُّبِينٌ» الآية: 107 ... ج 2 ص 361
«وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ» الآية: 108 ... ج 2 ص 361
«الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ...» الآية: 157 ... ج 2 ص 113، 340-341
«فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» الآية: 157 ... ج 2 ص 113
«وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ» الآية: 196 ... ج 1 ص 159
«خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ» الآية: 199 ... ج 2 ص 375
سورة الأنفال (8)
«وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ» الآية: 7... ج 2 ص 187
«إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ» الآية: 22 ... ج 1 ص 140
«لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا» الآية: 31 ... ج 2 ص 181
«أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» الآية: 31 ... ج 2 ص 180
ص: 473
«لِيمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ» الآية: 37 ... ج 1 ص 227
«لَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» الآية: 46 ... ج 1 ص 104
«ذَلِكَ بِمَا مَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» الآية: 51 ... ج 1 ص 423 وج 2 ص 240
«كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ» الآيتان: 52 و 54 ... ج 2 ص 419
«يَذَّكَّرُونَ» الآية: 57 ... ج 1 ص 359
«وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم» الآية: 60 ... ج 2 ص 84
سورة التوبة (9)
«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِهِ» الآية: 33 ... ج 2 ص 186
«قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا» الآية: 51 ... ج 1 ص 422
سورة يونس (10)
«كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ» الآية: 24 ... ج 1 ص 109، 162
«إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» الآية: 24 ... ج 2 ص 162
«أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ» الآية: 38 ... ج 2 ص 180
ص: 474
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدى وَرَحْمَةُ لِلْمُؤْمِنِينَ» الآية: 57 ... ج 2 ص 113
«إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ» الآية: 66 ... ج 1 ص 360
«وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَاهُ زِينَةٌ وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ» الآية: 88 ... ج 2 ص 158
«فَاسْتَقِيَما وَلَا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» الآية: 89 ... ج 1 ص 375
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيِاً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ» الآية: 90 ... ج 2 ص 158
«فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا» الآية: 108 ... ج 2 ص 241
سورة هود (11)
«إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ» الآية: 7 ... ج 2 ص 100
«وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي» الآية: 44 ... ج 2 ص 106، 183
« وَغِيضَ الْمَاءِ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِي وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» الآية: 44 ... ج 2 ص 106-107
«وما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ» الآية: 8 ... ج 1 ص 135، 254-255
ص: 475
«وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ» الآية: 102 ... ج 2 ص 153
«فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ» الآية: 112 ... ج 1 ص 269
سورة يوسف (12)
«وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ» الآية: 23 ... ج 2 ص 217
«فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ» الآية: 31 ... ج 2 ص 140
«وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ» الآية: 31 ... ج 2 ص 142، 217
«َذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ» الآية: 32 ... ج 2 ص 142
«يا صَاحِبَي السِّجْنِ أَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الوَاحِدُ القَهَّارُ» الآية: 39 ... ج 1 ص 295
«مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» الآية: 40 ... ج 1 ص 295
«وَمَا أُبَرِى نَفْسِي» الآية: 53 ... ج 2 ص 448
«فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّا» الآية: 80 ... ج 2 ص 139، 182
«وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ» الآية: 106 ... ج 2 ص 310، 322-323
ص: 476
«قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ» الآية: 108 ... ج 1 ص 137 و ج 2 ص 9
سورة الرعد (13)
«أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا» الآية: 17 ... ج 2 ص 116، 170
«فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ» الآية: 17 ... ج 1 ص 238
«اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ» الآية: 31 ... ج 2 ص 232
«لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ» الآية: 38 ... ج 1 ص 399
«يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ» الآية: 39 ... ج 1 ص 377، 422،403
سورة إبراهيم (14)
«مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ» الآية: 18 ... ج 2 ص 163
سورة الحجر (15)
«إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ» الآية: 6 ... ج 2 ص 156
«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» الآية: 9 ... ج 2 ص 231، 237
ص: 477
«وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ» الآية: 14 ... ج 2 ص 364
«لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ» الآية: 15 ... ج 2 ص 364
«وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَائِنُهُ» الآية: 21 ... ج 1 ص 397
«فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ» الآية: 94 ... ج 2 ص 182، 219
«وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ» الآية: 94 ... ج 2 ص 219
«إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ» الآية: 95 ... ج 2 ص 187
سورة النحل (16)
«أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ» الآية: 24 ... ج 2 ص 180
«إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ» الآية: 40 ... ج 2 ص 141
«وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ» الآية: 76 ... ج 1 ص 440
«وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانَا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدَى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ» الآية: 89 ... ج 2 ص 113
«إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ» الآية: 90 ... ج 2 ص 181 - 182، 296
«وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً» الآية: 92 ... ج 1 ص 104
«ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»
ص: 478
الآية: 125 ... ج 1 ص 267
«وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ» الآية: 126 ... ج 2 ص 85، 375
سورة الإسراء (17)
«إنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا» الآية: 7 ... ج 1 ص 422
«وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً» الآية: 13 ... ج 1 ص 437
«وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» الآية: 15 ... ج 2 ص 426
«وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً» الآية: 37 ... ج 2 ص 141
«ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ» الآية: 39 ... ج 1 ص 269
«وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً» الآية: 55 ... ج 2 ص 338
«وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً» الآية: 82 ... ج 2 ص 114
«قُل لَّيْنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً» الآية: 88 ... ج 2 ص 138
«وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلِ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً» الآية: 89 ... ج 2 ص 114
ص: 479
«قُلِ ادْعُواْ اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى» الآية: 110 ... ج 1 ص 478
سورة الكهف (18)
«الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً» الآية: 46 ... ج 2 ص 85
«وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرٌ مِنْهُمْ أَحَداً» الآية: 47 ... ج 2 ص 140
«وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفَاً لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ» الآية: 48 ... ج 2 ص 140
«وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً» الآية: 54 ... ج 2 ص 114
«وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعام» الآية: 104 ... ج 2 ص 140، 164
«قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً» الآية: 109 ... ج 1 ص 405-406
سورة مريم (19)
«رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظمُ مِنّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً» الآية: 4 ... ج 2 ص 140
سورة طه (20)
«وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي» الآية: 27 ... ج 2 ص 338
ص: 480
«أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى» الآية: 50 ... ج 1 ص 308، 450
«فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ» الآية: 72 ... ج 2 ص 141
«وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى» الآية: 121 ... ج 2 ص 331
«رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً» الآية: 134 ... ج 1 ص 156
سورة الأنبياء (21)
«لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةً إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا» الآية: 22 ... ج 1 ص 266
«لَا يُسْتَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْتَلُونَ» الآية: 23 ... ج 1 ص 364، 420
«مَا هَذِهِ التمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ» الآية: 52 ... ج 2 ص 349
«وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ» الآية: 74 ... ج 2 ص 300
«وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ» الآية: 75 ... ج 2 ص 300
«وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» الآية: 7 ... ج 2 ص 348
سورة الحج (22)
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ» الآية 1 ... ج 2 ص 143
«يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ» الآية: 2 ... ج 2 ص 143
ص: 481
«وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةُ فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بهيج» الآية: 5 ... ج 2 ص 422
«وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ» الآية: 36 ... ج 2 ص 150
«لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ» الآية: 37 ... ج 2 ص 150
«أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا» الآية: 46 ... ج 1 ص 359
«فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ» الآية: 46 ... ج 1 ص 150، 359
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ» الآية: 73 ... ج 2 ص 108
«مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ» الآية: 74 ... ج 2 ص 108
«مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ» الآية: 78 ... ج 1 ص 361
سورة المؤمنون (23)
«فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ» الآية: 7 ... ج 1 ص 443
«وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ» الآية: 12 ... ج 2 ص 52
ص: 482
«أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» الآية: 83 ... ج 2 ص 180
سورة النور (24)
«وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ» الآية: 34 ... ج 2 ص 165
«يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ» الآية: 35 ... ج 2 ص 165، 169
«اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحُ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاء وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» الآية: 35 ... ج 2 ص 165 - 166
«وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ» الآية: 39 ... ج 2 ص 163
«يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ» الآية: 40 ... ج 2 ص 25، 163
«أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ أُجِي.. إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ) الآية: 40 ... ج 2 ص 163
«وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ» الآية: 55 ... ج 2 ص 186
ص: 483
سورة الفرقان (25)
«إِفْكَ افْتَرَاهُ» الآية: 4 ... ج 2 ص 180
«أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» الآية: 5 ... ج 2 ص 180
«وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُوراً» الآية: 23 ... ج 2 ص 151
«أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ» الآية: 43 ... ج 1 ص 381
«إنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً» الآية: 44 ... ج 1 ص 354، 359 و ج 2 ص 24
«وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً» الآية: 63 ... ج 2 ص 217
سورة الشعراء (26)
«فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ» الآية: 63 ... ج 2 ص 141
«وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ» الآية: 192 ... ج 2 ص 141
«نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ» الآية: 193 ... ج 2 ص 141
«عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ» الآية: 194 ... ج 2 ص 141
«بِلِسَانٍ عَرَبِيَّ مُّبِينٍ» الآية: 195 ... ج 2 ص 141
«وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ» الآية: 196 ... ج 2 ص 141
«وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ» الآية: 227 ... ج 2 ص 142، 431
ص: 484
سورة النمل (27)
«نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ» الآية: 33..... ج 2 ص 141
«أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهُ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ» الآية: 64 ... ج 1 ص 259
«أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» الآية: 68 ... ج 2 ص 180
سورة القصص (28)
«نَتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» الآية: 3 ... ج 2 ص 136
«إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» الآية: 4 ... ج 2 ص 136
«وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ» الآية: 7 ... ج 2 ص 183
«اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ» الآية: 28 ... ج 1 ص 292
«فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ» الآية: 29 ... ج 2 ص 136
«فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ» الآية: 30 ... ج 2 ص 136
وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآمِنِينَ» الآية: 31 ... ج 2 ص 136
ص: 485
«وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ» ... الآية: 38 ... ج 2 ص 137، 18-159
«وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ» الآية: 39 ... ج 2 ص 137، 159
«فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمَ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ» الآية: 40 ... ج 2 ص 137، 159
«وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ» الآية: 43 ... ج 2 ص 137
رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً) الآية: 47 ... ج 1 ص 156
«إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء» الآية: 56 ... 1 ص 324 وج 2 ص 264، 360
«وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى الآية: 60 ... ج 2 ص 85
«وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ» الآية: 77 ... ج 2 ص 141
«فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ» الآية: 81 ... ج 2 ص 453
سورة العنكبوت (29)
«فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ» الآية: 40 ... ج 2 ص 183
«وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» الآية: 46 ... ج 1 ص 128 و ج 2 ص 295
ص: 486
«إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ» الآية: 46 ... ج 1 ص 128
«وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ» الآية: 48 ... ج 2 ص 415
«وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ الله» الآية: 61 ... ج 1 ص 236، 297
«وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ» الآية: 69 ... ج 1 ص 159، 297
سورة الروم (30)
«وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ» الآية: 3 ... ج 2 ص 186، 188
«كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ» الآية: 32 ... ج 2 ص 140
«يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ المجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ» الآية: 55 ... ج 2 ص 140
سورة لقمان (31)
«وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ» الآية: 25 ... ج 1 ص 236، 297
«وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامُ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» الآية: 27 ... ج 1 ص 473
ص: 487
سورة السجدة (32)
«وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» الآية: 13 ... ج 1 ص 300
سورة الأحزاب (33)
«مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ» الآية: 40 ... ج 2 ص 339
«سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ» الآية: 62 ... ج 1 ص 183
«وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً» الآية: 62 ... ج 1 ص 183 و ج 2 ص 51، 419
سورة سبأ (34)
«لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ» الآية: 3 ... ج 1 ص 275
«وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ» الآية: 20 ... ج 1 ص 299
«وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ» الآية: 21 ... ج 1 ص 299
«وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ» الآية: 51 ... ج 2 ص 183
ص: 488
سورة فاطر (35)
«وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ» الآية: 14 ... ج 1 ص 312
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ» الآية: 15 ... ج 1 ص 372
«وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» الآية: 18 ... ج 2 ص 426
«إنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَن تَزُولَا» الآية: 41... ج 1 ص 266، 412
«وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ» الآية: 43.... ج 1 ص 238 و ج 2 ص 141
سورة يس (36)
«وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ» الآية: 12 ... ج 1 ص 437
«وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ» الآية: 12 ج 1 ص 405، 437
«أَفَلَا يَعْقِلُونَ» الآية: 68 ... ج 1 ص 359
سورة الصافات (37)
«سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ» الآية: 180 ... ج 1 ص 281 و ج 2 ص 145، 173
«وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ» الآية: 181 ... ج 1 ص 281
«وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» الآية: 182 ... ج 1 ص 281
سورة ص (38)
«يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ»
ص: 489
الآية: 26 ... ج 1 ص 304
«ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ» الآية: 27... ج 1 ص 427
«وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ» الآية: 88 ... ج 2 ص 263
سورة الزمر (39)
«مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى الآية: 3 ... ج 1 ص 236، 298
«وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الآية: 7 ... ج 2 ص 426
«اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابِاً مُّتَشَابِها مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ» الآية: 23 ... ج 2 ص 114
«وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ» الآية: 38 ... ج 1 ص 236، 297
«حم» الآية: 1 ... ج 2 ص 146
سورة غافر (40)
«تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ» الآية: 2 ... ج 2 ص 146
«غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ» الآية: 3 ... ج 2 ص 146
«كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْخِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ»
ص: 490
الآية: 5 ... ج 2 ص 152
«رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا» الآية: 7 ... ج 2 ص 141
«فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ» الآية: 7 ... ج 2 ص 141
«مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» الآية: 14 ... ج 1 ص 300 و ج 2 ص 322
«رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ» الآية: 15 ... ج 2 ص 116
«يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ» الآية: 16 ... ج 2 ص 116
«وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ» الآية: 36 ... ج 2 ص 159
«أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبَا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ» الآية: 37 ... ج 2 ص 159
«ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» الآية: 62 ... ج 1 ص 296
«ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ» الآية: 64 ... ج 1 ص 201
ص: 491
سورة فصلت (41)
«فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ» الآية 5 ... ج 2 ص 181
«فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةٌ مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ» الآية: 13 ... ج 2 ص 220
«وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» الآية: 21 ... ج 2 ص 430
«لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ» الآية: 26 ... ج 2 ص 181
«ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» الآية: 34 ... ج 2 ص 183، 295
«فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» الآية: 34 ... ج 2 ص 183
«وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» الآية: 35 ... ج 1 ص 109
«اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» الآية: 40 ... ج 1 ص 390، 423
«وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ» الآية: 41 ... ج 2 ص 114، 132
«لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» الآية: 42 ... ج 2 ص 114، 120، 132، 179
«وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أَعْجَمِيّاً لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمِيٌّ أُوْلَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ» الآية: 44 ... ج 2 ص 114 - 115
«سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» الآية: 53 ... ج 1 ص 266،208
ص: 492
سورة الشورى (42)
«اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ» الآية: 17 ... ج 2 ص 411
«وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ» الآية: 30 ... ج 2 ص 49
«وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى الآية: 36 ... ج 2 ص 85
«وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ» الآية: 37 ... ج 2 ص 375
«وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ» الآية: 38 ... ج 1 ص 322
«وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» الآية: 40 ... ج 2 ص 85
«وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ» الآية: 52 ... ج 2 ص 116
سورة الزخرف (43)
«إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ» الآية: 20 ... ج 1 ص 360
«بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ» الآية: 22 ... ج 1 ص 360
«وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا» الآية: 48 ... ج 2 ص 107
«وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ» الآية: 51 ... ج 2 ص 159
«أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ» الآية: 52 ... ج 2 ص 159
ص: 493
«فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ» الآية: 20 ... ج 2 ص 159
«فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ» الآية: 56 ... ج 2 ص 159
«وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ» الآية: 76 ... ج 1 ص 446
«أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ» الآية: 80 ... ج 2 ص 140
سورة الجاثية (45)
«قُل لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ» الآية: 14 ... ج 2 ص 375
«وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ» الآية: 22 ... ج 1 ص 423
«إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ» الآية: 24 ... ج 1 ص 360
«هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» الآية: 29 ... ج 1 ص 437
سورة الأحقاف (46)
«أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» الآية: 17 ... ج 2 ص 180
«وَلِكُلّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا» الآية: 19 ... ج 1 ص 461
«وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» الآية: 21 ... ج 2 ص 218
«فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ» الآية: 25 ... ج 2 ص 141
«فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا
ص: 494
يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغُ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ» الآية: 35 ... ج 2 ص 218
سورة محمد (47)
«فَإِمَّا مَنَا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً» الآية: 4 ... ج 2 ص 85
«إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» الآية: 7 ... ج 2 ص 438
«أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ» الآية: 24 ... ج 1 ص 359
«وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ» الآية: 31 ... ج 1 ص 438
سورة الفتح (48)
«سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ» الآية: 23 ... ج 1 ص 239
«وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً» الآية: 23 ... ج 1 ص 183، 239 وج 2 ص 51، 419
«لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ» الآية: 27 ... ج 2 ص 185
«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ» الآية: 28 ... ج 2 ص 186
«هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً» الآية: 28 ... ج 2 ص 9
«مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ» الآية: 29 ... ج 2 ص 9
ص: 495
سورة الحجرات (49)
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» الآية: 10 ... ج 2 ص 402
«وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً» الآية: 12 ... ج 2 ص 423
«يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ» الآية: 17 ... ج 2 ص 432
سورة ق (50)
«وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» الآية: 29 ... ج 1 ص 446
سورة الذاريات (51)
«وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ» الآية: 22 ... ج 1 ص 440
«وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» الآية: 56 ... ج 2 ص 29
سورة الطور (52)
«وَالطُّورِ﴾ الآية: 1 ... ج 1 ص 400
«وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ» الآية: 2 ... ج 1 ص 400
«في رق منشور» الآية: 3 ... ج 1 ص 400
«وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ» الآية: 4 ... ج 1 ص 400
«وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوع» الآية: 5 ... ج 1 ص 400
ص: 496
«وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ» الآية: 6 ... ج 1 ص 400
«إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» الآية: 16 ... ج 1 ص 422
«أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ» الآية: 35 ... ج 2 ص 219
«أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ» الآية: 37 ... ج 2 ص 220
سورة النجم (53)
«وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى» الآية: 3 ... ج 2 ص 416
«إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى» الآية: 4 ... ج 2 ص 416
«عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى» الآية: 5 ... ج 1 ص 409
«ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى» الآية: 6 ... ج 1 ص 409
«ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى» الآية: 8 ... ج 1 ص 409
«فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى» الآية: 9 ... ج 1 ص 409
«إن هي إِلَّا أَسْمَاءُ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ» الآية: 23 ... ج 2 ص 349
«إن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً» الآية: 28 ... ج 2 ص 140
«أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» الآية: 38 ... ج 2 ص 349
«وَأَن لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى الآية: 39 ... ج 1 ص 422 و ج 2 ص 349
«وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى» الآية: 40 ... ج 2 ص 349
«ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى» الآية: 41 ... ج 2 ص 349
ص: 497
«أَزِفَتْ الْآزِفَةُ» الآية: 57 ... ج 2 ص 140
«لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ» الآية: 58 ... ج 2 ص 140
سورة القمر (54)
«سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ» الآية: 2 ... ج 2 ص 180
«سيهزمُ الْجَمْعُ وَيُولُونَ الدُّبُرَ» الآية: 45 ... ج 2 ص 186
«وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ» الآية: 52 ... ج 1 ص 436
«وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ» الآية: 53 ... ج 1 ص 436
سورة الرحمن (55)
«وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ» الآية: 24 ... ج 2 ص 209
«كُلِّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ» الآية: 29 ... ج 1 ص 393
«هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ» الآية: 60 ... ج 1 ص 119
سورة الحديد (57)
«ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء) الآية: 21 ... ج 1 ص 159
«مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا» الآية: 22 ... ج 1 ص 422
«لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ» الآية: 23 ... ج 2 ص 84
ص: 498
سورة المجادلة (58)
«وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ) الآية: 8 ... ج 2 ص 186
سورة الحشر (59)
«تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى» الآية: 14 ... ج 2 ص 238، 439
«نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ» الآية: 19 ... ج 1 ص 170، 214
«وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ» الآية: 21 ... ج 2 ص 278
سورة الممتحنة (60)
«لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ» الآية: 8 ... ج 2 ص 386
سورة الصف (61)
«مُّصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ» الآية: 6 ... ج 2 ص 341
«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِهِ» الآية: 9 ... ج 2 ص 186
سورة الجمعة (62)
«هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ» الآية: 2 ... ج 1 ص 268
ص: 499
«ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء» الآية: 4 ... ج 1 ص 159
سورة الطلاق (65)
«لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً» الآية: 1 ... ج 1 ص 104
«لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا» الآية: 7 ... ج 2 ص 43
سورة التحريم (66)
«إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» الآية: 7 ... ج 1 ص 422
سورة الملك (67)
«هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً» الآية: 15 ... ج 1 ص 441
«فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِزْقِهِ» الآية: 15 ... ج 1 ص 441 وج 2 ص 84
سورة القلم (68)
«أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» الآية: 15 ... ج 2 ص 180
سورة الحاقة (69)
«مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيهْ» الآية: 28 ... ج 2 ص 140
«هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِية» الآية: 29 ... ج 2 ص 140
«وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ» الآية: 44 ... ج 2 ص 349
ص: 500
«لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ» الآية: 45 ... ج 2 ص 349
«ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ» الآية: 46 ... ج 2 ص 349
سورة المعارج (70)
«فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ» الآية: 31 ... ج 1 ص 443
«أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ» الآية: 38.... ج 1 ص 438
«كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ» الآية: 39 ... ج 1 ص 438
سورة الجنّ (72)
«فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً» الآية: 1 ... ج 2 ص 120
«يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ» الآية: 2 ... ج 2 ص 120
سورة المدّثّر (74)
«ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدا» الآية: 11 ... ج 2 ص 185
«إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ» الآية: 18 ... ج 2 ص 185، 267
«فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ» الآية: 19 ... ج 2 ص 267
«إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ» الآية: 24 ... ج 2 ص 180، 267
«ِإنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ» الآية: 25 ... ج 2 ص 267
«كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ» الآية: 38 ... ج 2 ص 349
ص: 501
سورة القيامة (75)
«أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدى» الآية: 36 ... ج 1 ص 439
«أَلَمْ يَكُ نُطْفَةٌ مِّن مَّنِي يُمْنَى» الآية: 37 ... ج 1 ص 439
سورة الإنسان (76)
«إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيرًا» الآية: 2 ... ج 1 ص 390 - 391
«إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً» الآية: 3 ... ج 1 ص 391
«وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ» الآية: 30 ... ج 1 ص 422
سورة النازعات (79)
«فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً» الآية: 5 ... ج 1 ص 408،407
«فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى» الآية: 25 ... ج 2 ص 159
«إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَن يَخْشَى» الآية: 26 ... ج 2 ص 159
«وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى» الآية: 40 ... ج 1 ص 329
«فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى» الآية: 41 ... ج 1 ص 329
سورة عبس (80)
«قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ» الآية: 17 ... ج 1 ص 228
ص: 502
سورة التكوير (81)
«وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ» الآية: 29 ... ج 1 ص 422
سورة المطفّفين (83)
«أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ» الآية: 13 ... ج 2 ص 180
سورة العلق (96)
«اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ» الآية: 3 ... ج 1 ص 397
«الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ» الآية: 4 ... ج 1 ص 397
«عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ» الآية: 5 ... ج 1 ص 397
سورة الزلزلة (99)
«فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ» الآية: 7 ... ج 1 ص 422 وج 2 ص 426
«وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ» الآية: 8 ... ج 1 ص 422 و ج 2 ص 426
سورة النصر (110)
«إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ» الآية: 1 ... ج 2 ص 186
«وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ» الآية: 2 ... ج 2 ص 186
ص: 503
«أجل، يا شيخ، ما علوتم تلعة ولا هبطتم وادٍ إلّا بقضاءٍ» ... ج 1 ص 427
«أحبّ لأخيك ما تحبّ لنفسك» ... ج 1 ص 340
«أحيي قلبك بالموعظة وأمته بالزهادة...» ... ج 1 ص 331
«إذا ظلمت لا تقاوم البشر، ولا تدفع عن نفسك...» (إنجيل) ... ج 2 ص 83
«استنصركم لا من ذلٍّ، واستقرضكم لا من قلٍّ...» ... ج 2 ص 438
«اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله...» ... ج 2 ص 375
«أعدى عدوّك نفسك التي بين جنبيك...» ... ج 1 ص 320 - 321
«اعرف نفسك - يا إنسان - تعرف ربّك» (إنجيل) ... ج 1 ص 170، 214
«اعلم أنّ الأُمّة لو اجتمعت على أن ينفعوك لم ينفعوك إلّا...» ... ج 1 ص 437
«اعلم - يرحمك الله - أنّ المذهب الصحيح في التوحيد...» ... ج 1 ص 479 - 480
«اعلموا - عباد الله - أنّ الله قد ارتهن بحقّه أنفسكم...» ... ج 2 ص 121
«اعمل لدنياك، واعمل لآخرتك» ... ج 2 ص 84
«اعملوا، فكلّ ميسرّ لما خلق له» ... ج 1 ص 436
«ألا أُعطيكم في هذا أصلاً لا تختلفون فيه...» ... ج 1 ص 433
«اللهمّ، اغفر لقومي، فإنّهم لا يعلمون» ... ج 2 ص 418
ص: 504
«اللهمّ، إنّك أنزلته على نبيّك محمّد مجملاً...» ... ج 2 ص 127
«اللهمّ، صلّ على محمّد و آل محمّد، واجعل القرآن لنا في ظلم الليالي مؤنساً...» ... ج 2 ص 126
«أمّا بعد: فقد جعل الله لي عليكم حقّاً بولاية أمركم...» ... ج 1 ص 317
«إنّ الله أخبر محمّداً بما كان منذ كانت الدنيا...» ... ج 1 ص 410
«إنّ الله أنزل القرآن آمراً و زاجراً وسنّة خالية...» ... ج 2 ص 119
«إنّ الله تعالى أمر حزقيال النبي أن يأكل كعكاً...» (توراة) ... ج 2 ص 333
«إنّ الله تعالى خلق اسماً بالحروف غير مصوّت...» ... ج 1 ص 277، 476
«إن الله لم يبد له من جهل» ... ج 1 ص 410
«إنّ الله لم يجبر أحداً على معصيته...» ... ج 1 ص 432
«إنّ الله ما بعث نبيّاً قطّ إلّا بتحريم الخمر...» ... ج 1 ص 412
«إنّ بلاءنا بالناس عظيم، إن تركناهم لم يهتدوا بغيرنا...» ... ج 2 ص 127
«إنّ تفكّر ساعة خير من عبادة سبعين سنة» ... ج 1 ص 267
«إنّ الله علمين: علم مكنون مخزون...» ... ج 1 ص 409
«إنّ من أشدّ الناس عذاباً يوم القيامة المصوّرون» ... ج 2 ص 350
«إنّ من لا إيمان له لا أمانة له» ... ج 2 ص 458
«أنا جعلتك إلهاً لفرعون، وهارون أخوك يكون نبيّك» (توراة)... ج 2 ص 318
«إنّا لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا...» ... ج 2 ص 34
«أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يملّح...» (إنجيل) ... ج 2 ص 326
«إنّه الله تعالى قال لمحمّد صلّي الله عليه و آله: إنّي منزّل عليك توراة حديثة...» ... ج 2 ص 119
ص: 505
«إنّي لا أفعل ولا أتكلّم إلّا بما علمني الأب» (إنجيل) ... ج 2 ص 217
«إنّي لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً» (إنجيل) ... ج 2 ص 317
«إنّي لم أئتِ من نفسي، بل الله أرسلني» (إنجيل) ... ج 2 ص 317
«أوّل الدين معرفته، وكمال المعرفة التصديق به...» ... ج 1 ص 288
«بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أمر به عبدالله علي...» ... ج 1 ص 329
«بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ... ج 1 ص 269
«بك عرفتك، وأنت دللتني عليك...» ... ج 1 ص 216
«التوحيد أن لا تتوهّمه، والعدل أن لا تتّهمه» ... ج 1 ص 216
«ثمّ أنزل عليه الكتاب نوراً لا تُطفى مصابيحه...» ... ج 2 ص 123
«الجزاء من جنس العمل» ... ج 1 ص 119
«جفّ القلم بما هو كائن...» ... ج 1 ص 3373 - 374، 377، 436
«الحبّ يعمي ويصمّ» ... ج 1 ص 232
«حجّة الله على العباد النبيُ...» ... ج 1 ص 155، 156
«الدواء والرقية أيضاً من قدر الله» ... ج 1 ص 435 - 436
«رحم الله امرءاً عرف قدره ولم يتعد طوره» ... ج 1 ص 133
«زويت لي الأرض، فأُريت مشارقها ومغاربها...» ... ج 2 ص 186
«سبحان من لا تغيّر حكمته الوسائل» ... ج 1 ص 378
«سبحانك، أيكون لغيرك من الوضوح ما ليس لك...» ... ج 1 ص 233
«سبحانك، لا أُحصي ثناء عليك...» ... ج 1 ص 276
«السعيد سعيد في بطن أُمّه، والشقي شقي في بطن أُمّه» ... ج 1 ص 460
ص: 506
«سمعتم أنّ الإنسان عين بعين وسنّ بسنّ...» (إنجيل) ... ج 2 ص 375
«طريق مظلم، فلا تسلكوه...» ... ج 1 ص 368
«عدل ساعة خير من عبادة سبعين سنة» ... ج 1 ص 301
«علم وشاء وأراد وقدّر وقضى...» ... ج 1 ص 413
«فإنّا نبدأ من ذلك بقول الصادق: لا جبر...» ... ج 1 ص 430
«فإذا أحببته كنت سمعه الذي به يسمع...» (حديث قدسي) ... ج 1 ص 379
«فجعله كلمة تامّة على أربعة أجزاء معاً...» ... ج 1 ص 478
«فقلت: يا سيدي الربّ، حقّاً أنّك كنت...» (توراة) ... ج 2 ص 335
«فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى...» ... ج 1 ص 478
«في أمر فرغ منه وأمر مستأنف» ... ج 1 ص 436
«قارن أهل الخير تكن منهم...» ... ج 1 ص 338 - 339
«قال رسول الله صلى الله عليه و آله: إنّكم فى دار هدنة، وأنتم على ظهر سفر...» ... ج 2 ص 117
«قبض قبضة وقال: للنار ولا أُبالي...» ... ج 1 ص 446
قد ألزم نفسه العدل...» ... ج 1 ص 327
«قد فعلت» ... ج 1 ص 459
«القدرية مجوس هذه الأُمّة» ... ج 1 ص 418
«قيل: يا رسول الله، إن أُمتك ستفتن بعدك...» ... ج 2 ص 120
«كلّ شيءٍ بقضاءٍ وقدر» ... ج 1 ص 373، 377
«كلّ ميسّر لما خلق له» ... ج 1 ص 159، 353 - 354، 436
«كم من عقل أسير تحت هوىً أمير» ... ج 1 ص 368
ص: 507
«كن كالشمس تطلع على البرّ والفاجر والطيب والخبيث» (إنجيل) ... ج 2 ص 375
«كنت كنزاً مخفياً، فأحببت أن أُعرف، فخلقت الخلق لكي أُعرف»... ج 2 ص 29
«لا تتعب لا تغزل، وكن كزنابق الحقل» (إنجيل) ... ج 2 ص 83
«لا تجتمع أُمّتي على الخطأ» ... ج 1 ص 324
«لا تظنّوا أنّي جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء...» (إنجيل) ... ج 2 ص 81
«لا تكنزوا كنوزاً على الأرض، ولكن اطلبوا كنوز السماء...» (إنجيل) ... ج 2 ص 83
«لا جبر ولا تفويض، بل أمر بين الأمرين» ... ج 1 ص 374
«لا خير في معين مهين، ولا في صديق ضنين...» ... ج 1 ص 339
«لا رهبانية في الإسلام» ... ج 2 ص 402
«لا، من قال هذا...» ... ج 1 ص 411
«لشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة» ... ج 1 ص 294
«لم يزل الله ربّنا والعلم ذاته ولا معلوم...» ... ج 1 ص 277، 287
«لو علم أبو ذرّ ما في قلب سلمان لكفّره...» ... ج 1 ص 278
لولاك لما خلقت الأفلاك (حديث قدسي) ... ج 2 ص 384
«ليس خيركم من ترك دنياه لآخرته، ولا من ترك آخرته لدنياه...» ... ج 2 ص 84
«ليس العلم في السماء فينزل عليكم...» ... ج 1 ص 270
«ليس الله على خلقه أن يعرفوا...» ... ج 1 ص 146
ص: 508
«ما أحللتموه في الأرض يكون محلولاً في السماء» (إنجيل) ... ج 2 ص 349
«ما أُوذي نبي مثل ما أُوذيت» ... ج 2 ص 417
«ما بدا الله في شيء إلّا كان في علمه...» ... ج 1 ص 410
«ما جئت لألقي سلاماً، بل سيفاً» (إنجيل) ... ج 2 ص 278، 348
«ما خلقت خلقاً أحبّ إليّ منك...» (حديث قدسي) ... ج 1 ص 150
«ما من شيءٍ أبغض عليّ من هذه الأسماء» ... ج 2 ص 346
«ماذا وجد من فقدك؟! وماذا فقد من وجدك؟!» ... ج 1 ص 152
«المرء عدوّ ما جهل» ... ج 1 ص 169 - 170
«المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا» (إنجيل) ... ج 2 ص 349
«من آذى ذمّياً فأنا خصمه يوم القيامة» ... ج 2 ص 386
«من أخلص الله أربعين صباحاً جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه» ... ج 1 ص 270
«من زعم بأنّ الله بأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله...» ... ج 1 ص 426
«من صنع الله» ... ج 1 ص 145
«من ضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه» ... ج 1 ص 434
«من ضربك على خدّك الأيمن فحوّل له الأيسر...» (إنجيل) ... ج 1 ص 127
«من عبد الاسم دون المعنى أو دون المسمّى فقد كفر...» ... ج 1 ص 287
«من عرف نفسه فقد عرف ربّه» ... ج 1 ص 170، 214، 282
«من علي بن محمّد: سلام على من اتّبع الهدى...» ... ج 1 ص 428
«من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم» ... ج 1 ص 270
ص: 509
«من لم ينتفع بالقليل لم ينفعه الكثير» ... ج 2 ص 445
«من الوالد الفاني المقرّ للزمان المدير العمر...» ... ج 1 ص 330
«من وصفه فقد حدّه، ومن حدّه فقد عدّه...» ... ج 1 ص 290
«الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة» ... ج 1 ص 445
«نعم، تخرجه من الحدّين: حدّ التشبيه، وحدّ التعطيل» ... ج 1 ص 479
«نفسي حزينة جدّاً حتّى الموت» (إنجيل) ... ج 2 ص 317
«هذا وقد آخى بينهما رسول الله صلّي الله عليه و آله...» ... ج 1 ص 279
«هو المالك لما ملّكهم» ... ج 1 ص 432
«واعلم - يا بني - أنّ أحبّ ما أنت آخذ به...» ... ج 1 ص 331
«واعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغشّ...» ... ج 2 ص 124
«وأمره أن يكسر نفسه عند الشهوات...» ... ج 1 ص 329
«وإنّ من أسخف حالات الولاة عند صالح الناس...» ... ج 1 ص 318
«وانظر - أيّها السائل - فما دلّك القرآن عليه من صفته...» ... ج 2 ص 247
«وإنّما أنا وأنتم عبيد مملوكون لربٍّ لا ربّ غيره» ... ج 1 ص 322
«وجدتك بعضي، بل وجدتك كلّي...» ... ج 1 ص 331
«وذلك قوله تعالى: «قُلِ ادْعُواْ اللّهَ»» ... ج 1 ص 478
«وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه» ... ج 1 ص 294
«ولدت في زمان الملك العادل» ... ج 1 ص 305
«وللخلق على الله أن يعرّفهم» ... ج 1 ص 153
«وهذا القول بين القولين ليس بجبر ولا تفويض...» ... ج 1 ص 429
ص: 510
«وهو يكون لك فماً، وأنت تكون له إلها» (توراة) ... ج 2 ص 318
«ويحك! أظننت قضاءً لازماً وقدراً حاتماً...» ... ج 1 ص 375
«يا أبتاه، في يدك أستودع روحي» (إنجيل) ... ج 2 ص 317
«يا إسرائيل، إن عملت بوصايا إلهك بوركت في قريتك...» (إنجيل) ... ج 2 ص 80
«يا بني، اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك...» ... ج 1 ص 338 و 339
«يا علي، يهلك فيك اثنان: محبّ غالٍ، ومبغض قالٍ» ... ج 1 ص 300
«يا عمّ، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي...» ... ج 2 ص 362، 416
يا فلانة، نحيّه عنّي» ... ج 2 ص 350
«يا من دلّ على ذاته بذاته» ... ج 1 ص 216
«يد الله مع الجماعة» ... ج 1 ص 324
ص: 511
آدم عليه السّلام ... ج 1 ص 316، 362، 456 و ج 2 ص 5، 21، 98، 137، 215، 263، 284، 331، 332، 406،376
إبراهيم = الخليل عليه السّلام ... ج 1 ص 229، 239، 361 وج 2 ص 64، 67، 69، 78، 88، 96، 137، 160، 189، 258، 326، 349، 357، 401، 414، 417، 443
إبليس = الشيطان ... ج 1 ص 299، 456،419 وج 2 ص 137، 247، 319، 324، 363، 382، 388
ابن أبي عمير ... ج 1 ص 145
ابن أبي معيط ... ج 2 ص 99
ابن الراوندي ... ج 2 ص 277، 278
ابن رشد الأندلسي ... ج 1 ص 483 و ج 2 ص 44، 49، 51، 54
ابن الرومي ... ج 2 ص 203
ابن سبأ ... ج 1 ص 299 و ج 2 ص 321
ابن سينا = أبو علي - الشيخ الرئيس ... ج 1 ص 158،
ص: 512
211، 334 و ج 2 ص 236
ابن شهر آشوب ... ج 2 ص 250
ابن صوريا ... ج 2 ص 189
ابن صيفي ... ج 2 ص 248
ابن غانم المقدسي ... ج 1 ص 419
ابن كمّونة ... ج 1 ص 265
ابن لقمان ... ج 2 ص 189
ابن المذلّق ... ج 1 ص 117
ابن مسکویه ... ج 1 ص 335
ابن المقفّع ... ج 2 ص 202، 271، 273
ابنا أخطب ... ج 2 ص 189
أبو بكر ... ج 2 ص 95، 121، 416
أبو تمّام = الطائي ... ج 2 ص 203، 223، 225، 230، 449
أبو جهل ... ج 1 ص 456 وج 2 ص 99، 184، 268
أبو حاتم السجستاني ... ج 2 ص 233
أبو حامد الغزالي ... ج 1 ص 336 و ج 2 ص 44، 47، 48، 49، 51،50، 54، 55، 236
أبو ذرّ ... ج 1 ص 157، 310
أبو زيد السروجي [شخصية خيالية] ... ج 2 ص 382
أبو طالب [بن عبد المطّلب] ... ج 2 ص 362، 416،414، 418
ص: 513
أبو طالب المكّي ... ج 1 ص 336
أبو عبيدة [معمّر بن المثنى] ... ج 2 ص 182
أبو العتاهية [إسماعيل بن القاسم] ... ج 2 ص 225، 226
أبو علي الفارسي ... ج 2 ص 233
أبو الفرج الأصبهاني ... ج 2 ص 272
أبو الفرج العبري ... ج 2 ص 79، 80، 359
أبو لهب ... ج 2 ص 99
أبو معاذ الهروي ... ج 2 ص 233
أبو نزار ... ج 2 ص 449
أبيقور ... ج 1 ص 230
أثناسيوس ... ج 2 ص 407، 408
أحمد بن فارس القزويني ... ج 2 ص 233 - 234
أرسطو = المعلّم الأوّل ... ج 1 ص 241، 327، 334
أرشميدس ... ج 1 ص 245
إرميا ... ج 2 ص 335
استنلي ... ج 2 ص 399
إسحاق تيلر ... ج 2 ص 399، 404
إسرائيل عليه السّلام ... ج 2 ص 65،64، 80، 189
إسماعيل عليه السّلام ... ج 2 ص 67، 69، 215، 240، 414
الأصمعي ... ج 2 ص 182
ص: 514
الأعشى [الكبير] ... ج 2 ص 145، 191
أغاثاذيمون ... ج 1 ص 244
أفلاط = أُستاذ المعلّم الأوّل ... ج 1 ص 240، 334
الدرلي ... ج 2 ص 399
أُمّ موسى ... ج 1 ص 117 و ج 2 ص 183
أمرش ... ج 2 ص 421
امرؤ القيس ... ج 2 ص 148، 196
أمنون ... ج 2 ص 298
أمينوفيس ... ج 2 ص 64
أنباذقلس ... ج 1 ص 244
أندرا ... ج 2 ص 350
أنس [اللاهوتي الإنجليزي] ... ج 1 ص 253
أنكسيمايس ... ج 1 ص 244
أوريا الحثّي ... ج 2 ص 298، 326، 333، 425
أون ... ج 1 ص 251
إيشالوم ... ج 2 ص 298
الباخرزي ... ج 2 ص 275
باقل ... ج 1 ص 449
الباقلاني ... ج 2 ص 174، 273
باكون ... ج 1 ص 250
ص: 515
بايرون ... ج 2 ص 407
البحتري ... ج 2 ص 204، 224، 449
بحيرا الراهب ... ج 2 ص 364
بخت نصّر = نبوخذ نصّر ... ج 2 ص 335،66
بخنر ... ج 1 ص 172، 252
بديع الزمان الهمذاني ... ج 2 ص 235، 271
براهما ... ج 2 ص 63
بروشار ... ج 2 ص 290
بريد بن معاوية ... ج 1 ص 146
بريدوا ... ج 2 ص 420
بزرجمهر ... ج 1 ص 242
بشّار [بن برد العقيلي] ... ج 2 ص 225، 227
بطليموس ... ج 1 ص 174
بغوديو ... ج 2 ص 405
بقراط ... ج 2 ص 254
بلقيس ... ج 1 ص 451 و ج 2 ص 137
بلكريف ... ج 2 ص 399
بوذا ... ج 2 ص 63، 350
بروصن ... ج 2 ص 412
بولس ... ج 2 ص 106، 343
ص: 516
بيدبا ... ج 1 ص 241
البيضاوي ... ج 2 ص 236
التفتازاني ... ج 2 ص 210، 236
تندل ... ج 1 ص 173
توما (القدّيس) ... ج 2 ص 310
تيمور [تيمورلنك] ... ج 2 ص 240
ثالس ... ج 1 ص 244
ثامار ... ج 2 ص 298
ثمود ... ج 2 ص 137، 220
ثورث إسمث ... ج 2 ص 425
الجاحظ = عمرو بن عثمان ... ج 2 ص 202، 271، 273، 274
جالوت ... ج 2 ص 137
جالينوس ... ج 2 ص 254
جبرائيل = الروح الأمين عليه السّلام ... ج 1 ص 271، 323 و ج 2 ص 114
جبون ... ج 2 ص 412، 421
جبير بن مطعم ... ج 2 ص 219
الجرجاني [عبد القاهر] ... ج 2 ص 174
جرير ... ج 2 ص 454
جمال الدين [القاسمي] ... ج 1 ص 243
الجواد = أبو جعفر محمّد عليه السّلام ... ج 1 ص 428 479
ص: 517
الجوهري ... ج 2 ص 235
حاتم [الطائي] ... ج 2 ص 95
الحارث بن الأعور ... ج 2 ص 119، 120
الحارث بن هشام [شخصية خيالية] ... ج 2 ص 382
حرب ... ج 2 ص 383
حزقيال ... ج 2 ص 333
الحسن [بن علي] عليه السّلام ... ج 1 ص 330
الحسن بن هانئ = أبو نؤاس ... ج 2 ص 203، 208،205
حنّا دافبزت ... ج 2 ص 419
حنظلة [الرسّي] ... ج 1 ص 242
حي أخطب ... ج 2 ص 99
حي بن يقظان ... ج 1 ص 172
خالد [بن سنان العبسي] ... ج 1 ص 242
خدابنده [السلطان أُولجايتو] ... ج 2 ص 239
الخضر عليه السّلام ... ج 2 ص 189
الخوارزمي [أبو بكر] ... ج 2 ص 234، 271
دارون ... ج 1 ص 172، 245، 246، 252
دالا فنبزت ... ج 2 ص 422
داود عليه السّ<ام ... ج ا ص 304 و ج 2 ص 137،65، 298، 326، 333، 338، 425
داود أُوركوهرت ... ج 2 ص 399
ص: 518
دوسون ... ج 1 ص 173، 251
ديموكريت = ذيمقراطيس ... ج 1 ص 196، 243
ديوجنيس الكلبي ... ج 1 ص 230
ذو القرنين عليه السلام ... ج 2 ص 189
الرازي [فخر الدين] ... ج 1 ص 158
الراغب الأصفهاني ... ج 1 ص 336
رحبعم ... ج 2 ص 65
الرضا = علي بن موسى = أبو الحسن عليه السّلام ... ج 1 ص 428، 432، 433
روبنسن ... ج 2 ص 408
روح القدس ... ج 2 ص 106، 298، 306، 309، 311، 312، 313، 407، 412
رولان ... ج 2 ص 289
رولند ... ج 2 ص 399
رولنص ... ج 2 ص 399
ريشار ... ج 2 ص 289، 290
زكريا عليه السّلام ... ج 2 ص 137
الزمخشري = صاحب الكشّاف ... ج 2 ص 175، 235، 267
زهير [بن أبي سلمى] ... ج 2 ص 149
زياد [بن أبيه] ... ج 2 ص 383
زين العابدين = سيّد الساجدين = علي بن الحسين عليه السّلام ... ج 2 ص 125، 127
سبنسر ... ج 1 ص 248
ص: 519
سجاح ... ج 2 ص 102
سحبان [الوائلي] ... ج 1 ص 449
سعيد [السلطان أبو سعيد بهادر خان] ... ج 2 ص 239
سعيد بن الخطّاب ... ج 2 ص 320
سقراط ... ج 1 ص 240
السكّاكي ... ج 2 ص 175، 448،211
سلامة موسى ... ج 1 ص 130
سلطان المحقّقين الطوسي ... ج 1 ص 337
سلمان ... ج 1 ص 157، 278
سليم التنّير ... ج 2 ص 396
سليمان عليه السّلام ... ج 2 ص 65 137، 414
سليمان بن جعفر الجعفري ... ج 1 ص 433
السموءل ... ج 1 ص 128
سنمّار ... ج 1 ص 129
سهيل ... ج 2 ص 99
سوشيه (الفرنسي) ... ج 2 ص 307
سيبويه ... ج 2 ص 128
شاتفليد ... ج 2 ص 427
شارلمان ... ج 2 ص 427
شاول = طالوت ... ج 2 ص 65
ص: 520
شبلي الشميّل ... ج 1 ص 130، 177، 218، 232 و ج 2 ص 86، 352
شريف جرجان [علي بن محمّد الحسيني] ... ج 2 ص 211، 235
الشريف الرضي = السيّد ... ج 1 ص 426 و ج 2 ص 130، 174، 448، 450
الشريف المرتضى ... 2 ج 2 ص 174، 205، 206، 250
شعيب عليه السّلام ... ج 2 ص 136، 137
شيبة ... ج 2 ص 99
الشيرازي [قطب الدين] ... ج 2 ص 211
الصابئ [أبو إسحاق] ... ج 2 ص 272
الصاحب بن عبّاد الطالقاني ... ج 2 ص 234، 271
الصادق = أبو عبد الله = جعفر بن محمّد عليه السّلام ... ج 1 ص 155، 245، 277، 278، 409، 410، 411، 426، 428، 430، 431، 476، 479 و ج 2 ص 33، 117، 127، 320
الصارم الهندي ... ج 2 ص 387
صال جرجيس الإنجليزي ... ج 2 ص 382
صالح عليه السّلام ... ج 2 ص 137، 363،361
صدر المتألّهين ... ج 1 ص 197، 243
الصدوق = ابن بابويه ... ج 1 ص 433
الطبرسي ... ج 2 ص 267
طَرَفَة [بن العبد] ... ج 2 ص 197
الطبري ... ج 2 ص 381
ص: 521
عاد ... ج 2 ص 137، 218، 220
العامري [قيس بن الملوّح] ... ج 2 ص 224
عباية بن ربعي الأسدي ... ج 1 ص 429، 430
عبد الحميد [الكاتب] ... ج 2 ص 202، 271
عبد شمس ... ج 2 ص 99
عبدالله [بن عبد المطّلب] ... ج 2 ص 414
عبدالله الهاشمي [شخصية خيالية] ... ج 2 ص 380، 381
عبدالله وليم كويليام ... ج 2 ص 395، 397، 409، 413، 415، 430
عبد المسيح [شخصية خيالية] ... ج 2 ص 301، 380، 381، 382، 388،387،383
عبلة ... ج 2 ص 206
عتبة [بن ربيعة] ... ج 2 ص 99، 220
عدنان ... ج 2 ص 69
عدي بن رقاع العاملي ... ج 2 ص 221
العزّى ... ج 2 ص 346
عزّة [صاحبة كثيّر] ... ج 2 ص 373
علي = أمير المؤمنين = سيّد أولياء الله = الوصي عليه السّلام ... ج 1 ص 278 ،337،329،323،316،300،299،289،288،279، 341، 368، 370،،427،،427 429، 430، 459 و ج 2 ص 95، 120، 127، 131، 144، 187، 247، 321، 416
ص: 522
علي الهادي = علي بن محمّد عليه السّلام ... ج 1 ص 428، 430، 431
عمر [بن الخطاب] ... ج 2 ص 266،95
عمرو بن كلثوم ... ج 2 ص 198
عنترة = العبسي ... ج 2 ص 95، 208
عياض (القاضي) ... ج 2 ص 178
عيسى بن مريم = روح الله = السيّد الحصور = السيّد المسيح = يسوع عليه السّلام ... ج 1 ص 128، 129، 229، 239، 456،408،299، 473، 474 و ج 2 ص 67، 88،86،82، 95، 96، 137، 160، 189 ،303،297،294،293،283،254، 337،336،327،325،319،318،317،312،306، 338، 341، 347، 349، 353، 357، 358، 359، 374،361،338 ، 375، 388، 401، 406، 408، 412، 413، 414، 417،388،370 ، 419، 425، 442، 443
غراي ... ج 1 ص 251
الفارابي = أبو نصر = المعلّم الثاني ... ج 1 ص 327، 334، و ج 2 ص 236
فرخو البرليني ... ج 1 ص 173
فردرك شلجل ... ج 2 ص 420
فرعون ... ج 1 ص 456 و ج 2 ص 65، 136، 156، 158، 159، 18، 419
فرفوريوس ... ج 1 ص 244
فمبرى ... ج 2 ص 399
ص: 523
فنوتل ... ج 1 ص 249
فهر ... ج 2 ص 69
فول الشميشاطي ... ج 1 ص 229
فولتير ... ج 1 ص 251
فيثاغور ... ج 1 ص 240
الفيروز آبادي ... ج 2 ص 236
قحطان ... ج 2 ص 69
قسّ [بن ساعدة] ... ج 1 ص 242
قنبر ... ج 2 ص 321
قيصر ... ج 1 ص 456 وج 2 ص 101، 357
كارليل - توما كارليل ... ج 2 ص 420، 421، 427، 429
كاميل فلامريون ... ج 1 ص 173، 247
کتن تيلر ... ج 2 ص 404
کربنتر ... ج 1 ص 251
کرشنا ... ج 2 ص 350
الكسائي ... ج 2 ص 128
كسرى أنو شروان ... ج 1 ص 304 و ج 2 ص 101،95، 357،356
كلمن ... ج 2 ص 413
كليفرد ... ج 1 ص 252
الكليني = ثقة الإسلام ... ج 1 ص 144، 277، 426 وج 2 ص 33، 117
ص: 524
كنانة ... ج 2 ص 69
كوز ... ج 2 ص 421
كونس روجرس ... ج 2 ص 431
كونفوشيوس ... ج 1 ص 241 وج 2 ص 63
اللات ... ج 2 ص 346
لاك ... ج 2 ص 415
لبيد [العامري] ... ج 2 ص 99، 193، 266
لقمان ... ج 2 ص 189
لوط ... ج 2 ص،137، 299، 300، 326، 333، 425
لوقا ... ج 2 ص 326، 343، 358، 413
ليرد ... ج 2 ص 399
ليلى [العامرية] ... ج 2 ص 225
لينيه ... ج 1 ص 249
المأمون ... ج 2 ص 380، 381
ماكس مولر ... ج 1 ص 237
مالك بن الحارث الأشتر ... ج 1 ص 325، 329
ماني ... ج 1 ص 229
متّى ... ج 2 ص 326، 343، 358
المتنبّي ... ج 2 ص 102، 272، 273، 274، 449
المحلّق [الكلابي] ... ج 2 ص 191، 192
ص: 525
محمّد = خاتم النبوّة = رسول الله = النبي صلّى الله عليه و آله ... ج 1 ص 158، 214، 229، 239، 267 ،299،289،279،278،269 ، 456،4260،376،339،324،322،320،300، وج 2 ص 86،9، 88، 97، 98، 117، 119، 120، 123، 220،219،189،184،181،137،131،130،127، 247، 253، 256، 258، 267، 268، 269 ، 278، 282، 340،339،338،336،330،295،293،290،285 ، 341، 345، 346، 347، 348، 351، 353، 354، 355 ، 358، 359، 360، 361، 362، 364، 365، 373، 374، 375، 385، 386، 388، 389، 392، ،414، 416، 418، 419، 420، 427، 429، 431، 440، 442، 443
محمّد بن حكيم ... ج 1 ص 145
محمّد بن حميد الطوسي ... ج 2 ص 223
محمّد [بن علي] الباقر عليه السّلام ... ج 1 ص 409
محمّد الحسين بن علي بن الرضا بن موسى بن جعفر کاشف الغطاء ... ج 2 ص 446
محمّد ضياء ... ج 2 ص 396
محمود سبكتكين ... ج 1 ص 306
مخزوم ... ج 2 ص 99
مرقس ... ج 2 ص 343، 358
ص: 526
مركسي ... ج 2 ص 420
مريم = البتول العذراء عليهاالسّلام ... ج 1 ص 129، 473، 474 وج 2 ص 67، 106، 283، 294، 300، 319، 338، 374، 389،388
مزدك ... ج 1 ص 229
المسعودي ... ج 2 ص 381
مسيلمة ... ج 2 ص 102، 181، 268، 269، 279
مطيع بن إياس ... ج 2 ص 273
معد ... ج 2 ص 69
المعرّي ... ج 2 ص 103، 272، 273، 275، 278
معقل المزني ... ج 1 ص 363
معلی بن محمّد ... ج 1 ص 413
المقداد ... ج 2 ص 117
منصور بن حازم ... ج 1 ص 410
المهدي [العباسي] ... ج 2 ص 225
مودسلي ... ج 2 ص 431
موسی ابن عمران = الكليم ... ج 1 ص 229، 239، 299، 456 و ج 2 ص 45، 64، 65، 82، 86، 88، 96، 136، 137، 158، 159، 160، 189، 253، 256، 258، 318، 326، 338، 353، 357، 361، 401، 417، 441، 443
ص: 527
موسى بن جعفر = الكاظم عليه السّلام ... ج 1 ص 413، 428
ميلين إدوارد ... ج 1 ص 247
النابغة [الذبياني] ... ج 2 ص 99، 148
نجدة ... ج 1 ص 430
نزار ... ج 2 ص 69
النعمان [اللخمي] ... ج 2 ص 193
نمرود ... ج 2 ص 137
نوح الام ... ج 2 ص 417،88
نيوتن ... ج 1 ص 246 وج 2 ص 412
هارون ... ج 2 ص 298، 318، 425،326
هاشم ... ج 2 ص 418
هاشم العربي [شخصية خيالية] ... ج 2 ص 382، 383، 387، 388، 389
هامان ... ج 2 ص 136، 158، 159
هر شل ... ج 1 ص 247
هرمس ... ج 1 ص 240
هشام ... ج 2 ص 99
هشام بن الحكم ... ج 2 ص 33
هنري (الكونت الفرنسي) ... ج 2 ص 290، 346
هود عليه السّلام ... ج 2 ص 137
هيان بن بيان [شخصية خيالية] ... ج 2 ص 382
ص: 528
هيكل ... ج 1 ص 252
واشنطن ... ج 2 ص 422
الوليد بن المغيرة ... ج 2 ص 181، 184، 185، 219، 266، 267، 268، 269، 270
وليم طمسن ... ج 1 ص 251
وليم ميور ... ج 2 ص 421
يحيى عليه السّلام ... ج 2 ص 137، 160
يوحنّا ... ج 2 ص 106، 327، 343، 358، 412
يوذاسف ... ج 1 ص 244
يوسف عليه السّلام ... ج 1 ص 451 و ج 2 ص 137، 160، 184، 189
يوسف ثمبسن ... ج 2 ص 404
يونس بن متّى عليه السّلام ... ج 1 ص 408 و ج 2 ص 158، 159، 160
ص: 529
الآشوريّون ... ج 1 ص 290 و ج 2 ص 65
آل حرب ... ج 2 ص 383
آل فرعون ... ج 2 ص 419
البروتستانت = البروتستانيّون ... ج 2 ص 444، 456،445
الأتراك = الترك ... ج 2 ص 232، 427
الأحبار ... ج 2 ص 303، 340، 384
إخوان الصفا ... ج 1 ص 335
الإسكندنافيّون ... ج 2 ص 408
الإسلام = الشريعة الإسلامية ... ج 1 ص 101، 103، 107، 120، 125، 126 ،335،292،133،132،131،129،128، 361، 367، 376، 377، 385، 414، 429، 439، 442،377، 444، 482، 485، 486 و ج 2 ص 38، 44، 83، 88، 97، 128،124،123،98، 153، 186، 187، 220، 233، 238، 239، 240، 241، 242، 251، 267، 275، 296، 327،323،322،321،300،303،302،301،299
ص: 530
329، 339، 352، 352، 353، 354، 365، 367، 373، 390،387،386،383،382،380،378،374 – 391، 399،398،397،394،393،392 ، 400، 401، 402، 404، 405، 406، 407، 411، 415، 423، 426، 429، 430، 431، 433، 434، 435، 436، 437، 438، 442، 443، 444، 445، 455
الإسماعيلية ... ج 2 ص 315، 320
الأشاعرة ... ج 1 ص 342، 470 و ج 2 ص 48
الإشراقيون ... ج 1 ص 290
الأعراب ... ج 1 ص 289 و ج 2 ص 76
أكاسرة العجم ... ج 2 ص 429
أكلة لحوم البشر ... ج 2 ص 404
الإلهيون ... ج 1 ص 162، 205، 211، 214، 215، 251
الإمامية ... ج 1 ص 320، 345، 401، 469، 483 و ج 2 ص 267، 299، 322، 325، 331
الأُمةّ الإنجليزية = الإنجليز ... ج 2 ص 398، 399، 403
الأُمّة المسيحية = أهل الإنجيل = أهل التثليث = المسيحيون = النصارى = اليسوعيّون ... ج 1 ص 132، 239، 291، 367 و ج 2 ص 101، 189، 232، 254، 287، 289، 290، ،340،339،335،323،317،312،311،308،293
ص: 531
387،386،379،376،359،358،357،354،342 ، 388، 391، 392، 403، 406، 407، 408، 409، 422، 427، 439، 440، 443، 444، 456،455
الأميركان ... ج 2 ص 403
الأنبياء = النبيّون ... ج 1 ص 153، 157، 232، 239، 380،376،298،278،268، 407، 408، 482، وج 2 ص 249، 254، 259، 261، 273، 279، 299، 324،318،300، 325، 326، ،331،330،329،327، 339،338،334،333،332، 340، 344، 345، 355، 357، 358، 360، 363، 364، 392، 414، 417، 418 ، 440، 441، 443، 444
أهل بابل ... ج 2 ص 268، 269
أهل البيت عليهم السّلام ... ج 1 ص 144، 145، 409، 412، 428، 429، 430، 432، 484 و ج 2 ص 243
أهل التوحيد ... ج 2 ص 354
أهل الكتاب = الكتابيّون ... ج 2 ص 188، 319،304،299،189، 323، 428، 441
أهل نجران ... ج 2 ص 189
الأُوربيّون ... ج 2 ص 168، 399، 419، 427
الأوس ... ج 2 ص 434
ص: 532
الأوصياء ... ج 2 ص 299، 324
البابوات ... ج 2 ص 306، 429
البابية ... ج 2 ص 415
البراهمة = البرهمية ... ج 1 ص 236، 360، 444 و ج 2 ص 33
بنو إبراهيم ... ج 2 ص 326
بنو إسرائيل ... ج 2 ص 64، 158،84،80،65، 162، 240، 333،300،298،283
بنو جشم بن بكر ... ج 2 ص 199
بنوسنان ... ج 2 ص 222
بنو مخزوم ... ج 2 ص 266، 267
بنو هارون ... ج 2 ص 326
بنو هاشم ... ج 2 ص 418
البوذة = البوذيون ... ج 1 ص 236، 360
الثنويون ... ج 1 ص 236
الجنانية ... ج 1 ص 127
الجهنمية ... ج 1 ص 127
الحلاجية ... ج 2 ص 320
الحواريون ... ج 2 ص 306
الخزرج ... ج 2 ص 434
الخطابية ... ج 2 ص 319
ص: 533
الخوارج ... ج 1 ص 299 و ج 2 ص 38
الداروينيّة = الداروينيون = الدراونة ... ج 1 ص 113، 130، 198، 199، 206، 207، 231، 245 و ج 2 ص 27، 393
الدجالون ... ج 2 ص 383
الدهريّون ... ج 1 ص 297 و ج 2 ص 357
الديالمة ... ج 2 ص 232
الربّانيّون ... ج 2 ص 303
الرسل = المرسلون ... ج 2 ص 254، 324، 338، 357، 360، 406، 411، 440
الرهبان ... ج 2 ص 385، 386
الروحانيّون ... ج 2 ص 173، 337
الروم ... ج 2 ص 186، 429
الزنادقة = الملاحدة = الملحدون ... ج 1 ص 216 و ج 2 ص 242، 251، 252، 253، 261، 265، 275، 383،347،316،315،277 ، 387، 444
السامانية ... ج 2 ص 232
السبأية ... ج 2 ص 319
السريان ... ج 2 ص 455
السكنرنس ... ج 2 ص 427
السلجوقية ... ج 2 ص 232
السلفية ... ج 1 ص 345
ص: 534
السوفسطائية ... ج 2 ص 256
الشرقيّون ... ج 1 ص 103 و ج 2 ص 380
الشلمغانية ... ج 2 ص 320
الشيخية ... ج 2 ص 322
الشيعة ... ج 2 ص 319
الصابئة ... ج 1 ص 236، 360
الصوفية = المتصوّفة ... ج 1 ص 345، 483 و ج 2 ص 35، 315، 321، 385 315، 385
الطبيعيون = الطبيعية = عبّاد الطبيعة ... ج 1 ص 113، 130، 164، 250، 251، 297 وج 2 ص 444،357،316
الظاهرية ... ج 1 ص 345 و ج 2 ص 35
العبّاسيّون ... ج 2 ص 380
عبدة الأصنام = عبدة الأوثان ... ج 1 ص 297، 427
العجم ... ج 1 ص 313 و ج 2 ص 101
العدلية ... ج 1 ص 342، 377
عدنان ... ج 2 ص 69
العرب ... ج 1 ص 116، 177، 289، 313 و ج 2 ص 67، 68، 7، 101، 153، 179، 184، 185، 249،223،221،219،212،201،195،190،186 ، 262، 264، 265، 278، 383،337،308 ، 414، 426، 427، 434، 455
ص: 535
عرب الجاهلية ... ج 1 ص 357 و ج 2 ص 78، 270
الغربيون ... ج 1 ص 126 و ج 2 ص 168، 393،380،378،373،367،339،289 ، 433، 440
الغزنوية ... ج 2 ص 232
الفراعنة ... ج 2 ص 66، 100
الفرس ... ج 1 ص 123، 152، 290، 380 و ج 2 ص 186
الفرنسيّون ... ج 2 ص 307
فهر ... ج 2 ص 69
الفهلويّون ... ج 1 ص 290
قحطان ... ج 2 ص 69
القدرية ... ج 1 ص 418، 427
القديسون ... ج 2 ص 337
القرامطة ... ج 2 ص 315
قريش ... ج 2 ص 219، 265، 266، 268، 269، 362، 414
القسس ... ج 2 ص 306، 340، 384، 385، 386
قياصرة الروم ... ج 2 ص 429
الكافرون ... ج 2 ص 322
الكشفية ... ج 2 ص 322
الكلدانيّون ... ج 2 ص 66
كنانة ... ج 2 ص 69
ص: 536
الكهنة ... ج 2 ص 188
المادّيّون ... ج 1 ص 162، 164، 174، 204، 206، 229،217،213،212،207، 231، 232، 233، 237، 243، 253 و ج 2 ص 27
المبشّرون ... ج 2 ص 404، 437
المتنصّرون ... ج 2 ص 401
المجوس ... ج 1 ص 236، 367، 427
المجوسية ... ج 1 ص 444
مستشرقوا العلوم ... ج 2 ص 395
المسلمون الإسلاميّون ... ج 1 ص 120، 125، 239، 334، ،342 ، 345، 367، 386، 401، 403، 420، 421، 424، 483 و ج 2 ص 38، 46، 88، 100، 113، 121، 158، 187، 238، 240، 241، 250، 291،290،287،270، 293، 294، 353،305،299، 388،385،380،379،378،374،373،359،357 ، 391، 401،398،392، 402، 403، 405، 409، 414، 425 ، 426، 427، 431، 433، 438 439، 440، 441، 444، 456،445
المشّائية ... ج 1 ص 290
المشبّهة ... ج 1 ص 406
ص: 537
المشركون ... ج 1 ص 297 و ج 2 ص 308، 310، 323، 359، 428
المصريّون القدماء ... ج 2 ص 408
المطارنة ... ج 2 ص 385
المعتزلة ... ج 1 ص 345، 383
معد ... ج 2 ص 69
المعطّلة ... ج 1 ص 201، 213، 237، 245، 406
المغول = المغولية = التتار ... ج 2 ص 232، 239
الملايا ... ج 2 ص 429
الملوك ... ج 2 ص 221، 222
ملوك الغرب ... ج 2 ص 427
المليون ... ج 2 ص 357
الموحّدون ... ج 1 ص 219 و ج 2 ص 303، 323، 324
نزار ... ج 2 ص 69
النصرانية = الديانة المسيحية = الدين المسيحي = الشريعة المسيحية = المسيحية ... ج 1 ص 127، 129، 130، 134، 360، 367، 444 و ج 2 ص 77، 78، 82، 105، 106، 306، 367، 374، 382، 384، 385، 386، 399،391، 400، 401، 412، 443، 444
النصيرية ... ج 2 ص 315، 320
النواصب ... ج 1 ص 299
ص: 538
النيشرية ... ج 2 ص 316، 444
الهنود ... ج 2 ص 408
الوثنيّون ... ج 1 ص 236، 297 وج 2 ص 324، 335، 408
اليهود ... ج 1 ص 129، 291، 367، 412 و ج 2 ص 101، 186، 187، 189، 232، 283، 294، 340، 357، 359، 422، 442، 443، 456،455
اليهودية = الشريعة الموسوية ... ج 1 ص 360، 444 و ج 2 ص 77، 78، 79، 401،81،80
اليونان = اليونانيون ... ج 1 ص 123، 235، 290، 334
ص: 539
آسیا ... ج 2 ص 401
أفريقيا ... ج 2 ص 401، 404
الأندلس ... ج 2 ص 379
الأهواز ... ج 1 ص 428
أُوربا ... ج 2 ص 395
أُورشليم = بيت المقدس ... ج 2 ص 66، 335
الأُوقيانوس الأتلانتيكي ... ج 2 ص 405، 422
بابل ... ج 2 ص 65، 268، 269
بحيرة جاك ... ج 2 ص 405
بحيرة ساوة ... ج 2 ص 356
بغداد = عاصمة القطر العراقي ... ج 1 ص 385 و ج 2 ص 379
البيت الحرام ... ج 2 ص 68
بيت لحم ... ج 2 ص 106
جبل أبي قبيس ... ج 2 ص 416
جبل الصفا ... ج 2 ص 416
ص: 540
الجزائر ... ج 2 ص 307
الجزائر البريطانية ... ج 2 ص 397
جزيرة العرب ... ج 2 ص 186، 434
حاضرین ... ج 1 ص 330
الحجاز ... ج 2 ص 336، 358
خطّ الاستواء ... ج 1 ص 107
باوند ... ج 2 ص 278
ذو الأُراطئ ... ج 2 ص 200
راوند ... ج 2 ص 278
السودان ... ج 2 ص 405،404
سوريا ... ج 2 ص 64
سيار اليود ... ج 2 ص 404
الشام ... ج 1 ص 375، 427 و ج 2 ص 336، 346، 358
صفّين ... ج 1 ص 317، 330، 427
الصين ... ج 1 ص 108، 241، 306 و ج 2 ص 63، 350
العراق ... ج 1 ص 177، 385 وج 2 ص 64، 336، 358
العقبة ... ج 2 ص 337
عكاظ ... ج 2 ص 77
غار حراء ... ج 2 ص 415
فارس ... ج 2 ص 186، 356
ص: 541
فلسطين ... ج 2 ص 65، 66
فنجس ... ج 2 ص 422
القاهرة ... ج 1 ص 483
قسطنطين ... ج 2 ص 307
الكعبة ... ج 1 ص 107، 454 وج 2 ص 414
الكوفة ... ج 1 ص 427
لاهاي ... ج 2 ص 370
ليفربول ... ج 2 ص 398
المحيط [الأطلسي] ... ج 1 ص 108
مدين ... ج 2 ص 137
المدينة المنوّرة ... ج 2 ص 416
المسجد الحرام ... ج 2 ص 185
المسجد المقدّس (الأقصى) ... ج 2 ص 106
مصر ... ج 1 ص 325، 329 وج 2 ص 64، 65، 159
مكّة ... ج 2 ص 187، 266، 337، 414، 415، 416، 417
المملكة البريطانية ... ج 2 ص 398
نجران ... ج 2 ص 189
نهر معقل ... ج 1 ص 363
النيجر ... ج 2 ص 404
الهند ... ج 1 ص 237، 306 وج 2 ص 350،63
ص: 542
هيكل سليمان ... ج 2 ص 414
ولفر همبتن ... ج 2 ص 400
اليمن ... ج 2 ص 358
اليونان ... ج 1 ص 123، 245، 291
ص: 543
القرآن = الذكر الحكيم - الفرقان الحكيم = الكتاب = كتاب الله = الكتاب العزيز = الكتاب الكريم = الكتاب المجيد ... ج 1 ص 127، 128، 131، 259، 343، 359، 361، 373، 421، 424، 426، 428، 429، 437، 441، 471، 480، 486 و ج 2 ص 45، 65، 88 98، 117،116،115،114،112،111،107،104،103 ، 123،122،121،120،119،118، 124، 125، 126، 132،131،130، 138، 139، 146، 147، 149، 154، 155، 156، 157، 160، 165، 167، 174،172،170، 190،189،188،187،184،179،178،177،176 ، 232،231،221،219،209،203،202،201،195 ، 237، 242، 247، 248، 249، 251، 253، 259، 260، 261، 264، 273،272،271،270، 274، 275، 276، 291،285،284،283،281،280،279،278،277 ، 293،292، 295، 296، 303،300،299،297، 304، 341،333،331،330،329،327،310،305،
ص: 544
342، 344، 348، 353، 354، 358، 360، 361، 374 ، 403،394،392،387،386،382،377 ، 405، 413 ،416، 419، 420، 421، 422، 423، 424، 425، 426 427، 440، 456،455،442،441
الأساس [أساس البلاغة] ... ج 2 ص 451
أسرار البلاغة ... ج 2 ص 176
الأسفار [الحكمة المتعالية] ... ج 1 ص 197، 243
الإسلام ... ج 2 ص 382
الإسلام ومحمّد [لدالا فنبزت] ... ج 2 ص 422
الإسلام ومحمّد [للاك] ... ج 2 ص 415
أصل الأنواع ... ج 1 ص 252
أصل الدين وارتقاؤه ... ج 1 ص 237
إظهار الحقّ ... ج 2 ص 301، 387
إعجاز القرآن ... ج 2 ص 119، 176
أقرب الموارد ... ج 2 ص 105
أمالي المرتضى ... ج 2 ص 205
الإنجيل = الأناجيل ... ج 2 ص 64، 81، 82، 88، 106،96، 189، 301،232،195، 303، 326، 334،331،329،327، 340، 341، 425،377،375، 456،437
ص: 545
إنجيل لوقا ... ج 2 ص 326، 358، 413
إنجيل متّى ... ج 2 ص 326، 358
إنجيل مرقس ... ج 2 ص 358
إنجيل يوحنّا ... ج 2 ص 327، 358
الإيضاح ... ج 2 ص 211
البسيط ... ج 2 ص 105
البيان والتبيين ... ج 2 ص 274
البيبلر أنسكلو بيديا ... ج 2 ص 426
التاج ... ج 2 ص 277
تاريخ الطبري [تاريخ الأُمم والملوك] ... ج 2 ص 381
تاريخ المسعودي [مروج الذهب] ... ج 2 ص 381
التخجيل لمن حرّف الإنجيل ... ج 2 ص 301
التصفّح التاريخي ... ج 2 ص 427
التلخيص ... ج 2 ص 212
التهافت ... ج 2 ص 44
تهافت التهافت ... ج 2 ص 49
التوحيد ... ج 1 ص 433
التوراة ... ج 2 ص 64، 88، 113، 119، 232،189، 303، 334، 340، 341، 374، 422، 425، 455
الجواب الصحيح في ردّ عبد المسيح ... ج 2 ص 301
ص: 546
حقائق التأويل ودقائق التنزيل ... ج 2 ص 130
حياة محمّد [لثورث إسمث] ... ج 2 ص 425
حياة محمّد [لوليم ميور] ... ج 2 ص 421
الحيوان [للجاحظ] ... ج 2 ص 274
الخلاصة اللاهوتية ... ج 2 ص 310
الدعوة الإسلامية = الدين والإسلام ... ج 1 ص 342، 486، 487 و ج 2 ص 9، 10، 187، 306، 348، 367، 378، 409، 427، 428، 432
دلائل الإعجاز ... ج 2 ص 176
دیوان الشريف الرضي ... ج 2 ص 448
رسائل إخوان الصفا ... ج 1 ص 335
رسالة السُبرمان ... ج 1 ص 131
رسالة عبد المسيح ... ج 2 ص 383
رسالة الغفران ... ج 2 ص 277
رسالة المحكم والمتشابه [للمرتضى] ... ج 2 ص 250
رسالة يوحنّا الأُولى ... ج 2 ص 412
روح الشرق ... ج 2 ص 399
الزبور ... ج 2 ص 88، 189، 338
سفر إرميا ... ج 2 ص 335
سفر حزقيا ... ج 2 ص 333
سفر الخروج ... ج 2 ص 318
ص: 547
السيف المنبي عن أحوال المتنبي ... ج 2 ص 274
شرح قطب الدين الشيرازي ... ج 2 ص 211
الشفا ... ج 2 ص 178، 190
صحف إبراهيم ... ج 2 ص 189
صحف موسى ... ج 2 ص 189
الصحيفة السجّادية = زبور آل محمّد ... ج 2 ص 125
العقيدة الإسلامية ... ج 2 ص 396، 419
العهد القديم ... ج 2 ص 326، 340
العهدان ... ج 2 ص 292، 295، 300، 302، 305، 326، 327، 330، 333، 340، 344، 394
340
العيون = عيون أخبار الرضا ... ج 1 ص 433
الفصول والغايات في مجاراة السور والآيات ... ج 2 ص 276
فلسفة النشوء والارتقاء ... ج 1 ص 131 و ج 2 ص 86، 353
القاموس [المحيط] ... ج 2 ص 105
الكافي ... ج 1 ص 144، 155، 270، 277، 409، 410، 413، 426، 431، 483 و ج 2 ص 33، 117
كتاب أبي الفرج [الأغاني] ... ج 2 ص 272
الكشاف ... ج 2 ص 267
لسان الصدق ... ج 2 ص 301
مجمع البحرين ... ج 2 ص 105
ص: 548
مجمع البيان ... ج 2 ص 267
المحكم والمتشابه [لابن شهر آشوب] ... ج 2 ص 250
محمّد والإسلام ... ج 2 ص 419
المحيط ... ج 2 ص 105
مختصر الدول ... ج 2 ص 80، 359
مرشد السياحة ... ج 2 ص 290
المزامير ... ج 2 ص 88
مغني الغواني عن الأغاني ... ج 2 ص 272
مفتاح العلوم = المفتاح ... ج 2 ص 448،211
مقالات هاشم العربي ... ج 2 ص 382، 389
المقامات الحريرية ... ج 2 ص 105
مناهج الأدلّة ... ج 1 ص 483
ميزان الحقّ ... ج 2 ص 387، 388
نظام التعليم في علم اللاهوت القويم ... ج 1 ص 253
نهج البلاغة ... ج 1 ص 288، 290، 317، 327، 330، 375، 426 و ج 2 ص 123، 127، 131، 144، 166، 187، 415
الهداية ... ج 2 ص 291، 347، 351
هيئة بطليموس ... ج 1 ص 174
الوسيط ... ج 2 ص 105
ص: 549
أبعد تناولاً من العيّوق ... ج 1 ص 183 و ج 2 ص 311
أصاب المحزّ وطبّق المفصل ... ج 1 ص 483 و ج 2 ص 49
أعزّ من بيض الأنوق ... ج 1 ص 183 و ج 2 ص 311
أعقد من ذنب الضبّ ... ج 2 ص 79
أعن صبوح ترقّق ... ج 2 ص 347
أفرغ من فؤاد أُمّ موسى ... ج 1 ص 117
أفرغ من كيس ابن المذلّق ... ج 1 ص 117
البادي أظلم ... ج 1 ص 128 و ج 2 ص 305، 389
البغاث بأرضنا يستنسر ... ج 1 ص 108
بلغ الحزام الطبيين ... ج 2 ص 377
بمطلع الأكمة منك ... ج 2 ص 67
تفرّقوا أيدي سبأ ... ج 2 ص 66
جزاء سنمّار ... ج 1 ص 128 - 129
جنت على أهلها براقش ... ج 2 ص 327
الحب يعمي ويصمّ ... ج 1 ص 232
الحديث ذو شجون ... ج 1 ص 109، 131
ص: 550
الحرّ تكفيه الإشارة ... ج 1 ص 341-342
الحرب سجال ... ج 1 ص 161
حمي الوطيس ... ج 2 ص 287
الظلم مرتعه وخيم ... ج 2 ص 390
عثيثة تقرم جلداً أملساً ... ج 2 ص 389
عند جهينة الخبر اليقين ... ج 1 ص 315
فلان نسيج وحده ... ج 2 ص 268
فلان يعرف من أين تؤكل الكتف ... ج 2 ص 123، 374
قد أنصف القارة من راماها ... ج 2 ص 389
قطعت جهيزة قول كلّ خطيب ... ج 1 ص 403 وج 2 ص 367
كمبتغي الصيد في عريسة الأسد ... ج 2 ص 389
كيف مجامر الكرام ... ج 2 ص 294
لبّث قليلاً يلحق الهيجا حمل ... ج 2 ص 389 - 390
لفّ الحابل بالنابل ... ج 1 ص 132
لله درّ فلان ... ج 2 ص 308
ما يدريك ما في الإنجيل ... ج 2 ص 377
المرء عدوّ ما جهل ... ج 1 ص 169 - 170
ملعاً يا ظليم وإلّا فالتخوية ... ج 2 ص 166
نبح الكلاب على نجوم الأسعد ... ج 1 ص 132
النساء لحم على وضم ... ج 2 ص 173
ص: 551
وفاء السموءل ... ج 1 ص 128
يتخبط خبط عشواء ... ج 1 ص 202،127
يداك أوكتا وفوك نفخ ... ج 2 ص 376
يسرّ حسوا في ارتغاء ... ج 1 ص 102 و ج 2 ص 347، 382
يضرب أخماساً بأسداس ... ج 1 ص 132
ص: 552
فهرس الأشعار (1)
الصدر ... القافية ... القائل ... عدد الأبيات ... الجزء والصفحة
منزلة ... حجا ... 1 ... ج 1 ص 363
وآفة ... نجا ... محمد بن الحسين بن دريد ... ج 1 ص 151
إله ... أجزاءُ .... - ... 1 ... ج 2 ص 313
من ... أضاءوا ... أبو البرج المرّي ... 3 ... ج 2 ص 222
وأعرض ... انطواءُ ... أبو تمام الطائي ... 2 ... ج 1 ص 115
غلب ... الحكماءُ ... أبو العلاء المعرّي ... 1 ... ج 2 ص 369
بالذي ... الدواءُ ... - ... 1 ... ج 1 ص 189
فأحسن ... النساءُ ... حسّان بن ثابت الأنصاري ... 2 ... ج 2 ص 434
انظر ... بأسمائِه ... - ... 7 ... ج 1 ص 258
فقل ... تشائِي ... - ... 1 ... ج 1 ص 469
ص: 553
ألست ... تتوبُ ... مجنون لیلی ... 2 ... ج 2 ص 225
وجرم ... العذابُ ... المتنبّي ... 1 ... ج 2 ص 288
أُحبّ ... أُعابَا ... الحسين بن مطير الأسدي ... 2 ... ج 2 ص 295
قوم ... الذنبَا ... الحطيئة ... 1 ... ج 2 ص 192
إنّ ... وثبَا ... - ... 1 ... ج 1 ص 316
أشرف ... أبِ ... - ... 1 ... ج 1 ص 112
وكيف ... القلوبِ ... أبو تمّام الطائي ... 1 ... ج 2 ص 225
ما ... أدبِه ... - ... 2 ... ج 1 ص 152
يطول ... خسأتُها ... - ... 1 ... ج 1 ص 132
عجز ... بمغفرتِكَ ... - ... 2 ... ج 1 ص 472 - 473
وقالوا ... نظرتي ... - ... 1 ... ج 2 ص 228
لا ... فرجَاً ... محمّد بن بشر الرياشي ... ج 1 ص 315
بالسرّ ... تباحُ ... - ... 1 ... ج 1 ص 281
إِنَّمَا ... أحدْ ... - ... 2 ... ج 1 ص 114
ومغانٍ ... وعيدْ ... الشريف الرضي ... 1 ... ج 2 ص 449
فلا ... أذودُ ... - ... 3 ... ج 1 ص 116
ولست ... السعيدُ ... الحطيئة ... 1 ... ج 1 ص 465
قالوا ... عودُوا ... - ... 1 ... ج 2 ص 228
وفي ... واحدُ ... أبو العتاهية ... 1 ... ج 1 ص 257
إذا ... اجتهادُه ... - ... 1 ... ج 1 ص 384
ص: 554
تزجي ... مدادُها ... عدي بن الرقاع العاملي ... ج 2 ص 221
فلا ... البلادَا ... أبو العلاء المعرّي ... 1 ... ج 1 ص 114
ليغتدي ... ساجدَاً ... - ... 7 ... ج 2 ص 166
أيّ ... بالإلحادِ ... - ... 1 ... ج 1 ص 212
أمون ... برجدِ ... طَرَفَة بن العبد ... 1 ... ج 2 ص 198
وجميع ... التوحيدِ ... - ... 1 ... ج 1 ص 258
وفي ... زبرجدِ ... طَرَفَة بن العبد ... 1 ... ج 2 ص 198
وإذا ... الصعادِ ... - ... 1 ... ج 2 ص 354
یا ... وجودِه ... - ... 2 ... ج 1 ص 165
هكذا ... الأثرُ ... - ... 1 ... ج 1 ص 168
أيّام ... الأقمارُ ... أبو تمّام الطائي ... 2 ... ج 2 ص 230
وممّا ... حائرُ ... مجنون لیلی ... 2 ... ج 2 ص 224
یا ... الشكرُ ... أبو نؤاس ... 4 ... ج 2 ص 207
تجلّت ... العارُ ... - ... 1 ... ج 1 ص 257
ولقد ... العفرُ ... أبو نؤاس ... 2 ... ج 2 ص 207
ألم ... قبورُ ... - ... 1 ... ج 2 ص 248
يا ... منكرُ ... عمّار بن ياسر ... 1 ... ج 1 ص 385
فتئ ... النصرُ ... أبو تمّام الطائي ... 6 ... ج 2 ص 223
وقفنا ... سطورُها ... - ... 5 ... ج 2 ص 224
سبحت ... سرّاً ... - ... 2 ... ج 2 ص 368
ص: 555
لمّا ... قنبراً ... علي عليه السّلام ... 1 ... ج 2 ص 321
كم ... الثمرِ ... - ... 1 ... ج 1 ص 490
فأعظم ... قدرِه ... - ... 1 ... ج 1 ص 169
أّي ... بالوسواسِ ... - ... 1 ... ج 1 ص 212
رأيتُ ... مسموعُ علي عليه السّلام ... 3 ... ج 1 ص 151
وأذكر ... تصدعَا ... الصمة بن عبدالله ... 1 ... ج 2 ص 229
فلم ... واضعَاً ... - ... 1 ... ج 1 ص 304
وعلى ... يوصفْ ... - ... 1 ... ج 1 ص 472
لولا ... آنافَها ... - ... 1 ... ج 2 ص 373
أتراك ... فتكتفِي ... - ... 1 ... ج 2 ص 228
وماذا ... عاشقُ ... مجنون ليلى ... 2 ... ج 2 ص 229
لقد ... نطقُوا ... - ... 2 ... ج 2 ص 295
قلت ... لك ... - ... 2 ... ج 2 ص 227
فيا ... البالُ ... أبو العلاء المعرّي ... 1 ... ج 1 ص 116
نهاية ... ضلالُ ... - ... 1 ... ج 2 ص 16
توهّمتها ... العقل ... - ... 2 ... ج 2 ص 163
وقفنا ... كليلُ ... البحتري ... 2 ... ج 2 ص 224
فلم ... فعلُه ... - ... 2 ... ج 1 ص 341
وإذا ... جميلاً ... - ... 1 ... ج 1 ص 451
أتته ... أذيالَها ... أبو العتاهية ... 3 ... ج 2 ص 226
ص: 556
وسعى ... نعالَها ... كثير عزّة ... 1 ... ج 2 ص 373
أفاطم ... فاجملِي ... امرؤ القيس بن حجر الكندي ... 2 ... ج 2 ص 196
أتلو ... بالإنجيل ... - ... 1 ... 1 ج 2 ص 377
وليس ... دلیلِ ... المتنبّي ... 1 ... ج 1 ص 186
مهفهفة ... كالسجنجلِ ... امرؤ القيس بن حجر الكندي ... 2 ... ج 2 ص 196
فلمّا ... عقنقلِ ... امرؤ القيس بن حجر الكندي ... 1 ... ج 2 ص 196
كانّ ... عنصلِ ... امرؤ القيس بن حجر الكندي ... 1 ... ج 2 ص 197
فأضحى ... كنهبلِ ... امرؤ القيس بن حجر الكندي ... 1 ... ج 2 ص 197
قد ... الهملِ ... - ... 1 ... ج 1 ص 386
حيث ... رخمْ ... الشريف الرضي ... 1 ... ج 2 ص 449
أبا نزار ... العدمْ ... الشريف الرضي ... 1 ... ج 2 ص 449
أليس ... عمْ ... الشريف الرضي ... 1 ... ج 2 ص 449
لعمرك ... بهائمٌ ... - ... 1 ... ج 1 ص 116
وكم ... علقمٌ ... - ... 21 ... ج 2 ص 390
البغي ... وخيمٌ ... حنين بن خشرم السعدي ... 1 ... ج 2 ص 390
إنْ ... تنيمَا ... أبو تمّام الطائي ... 2 ... ج 2 ص 230
يا ... أسلمِي ... عنترة بن شدّاد العبسي ... 1 ... ج 2 ص 206
بني ... أُمّ ... محمّد الحسين كاشف الغطاء ... 43 ... ج 2 ص 5-7
أُصادق ... التكلّم ... - ... 1 ... ج 2 ص 432
بنوا ... الرمائمِ ... - ... 2 ... ج 1 ص 385
ص: 557
ما ... الخمخمِ ... عنترة بن شدّاد العبسي ... 1 ... ج 2 ص 206
أحبّايّ ... لشاتمّي ... - ... 3 ... ج 1 ص 377
فوقفت ... المتلوّمِ ... عنترة بن شدّاد العبسي ... 1 ... ج 2 ص 208
فلا ... المكارمِ ... ربيعة الرقّي ... 1 ... ج 2 ص 305
ومن ... منْه ... - ... 1 ... ج 1 ص 181
إلى ... إرنانُ ... - ... 6 ... ج 2 ص 372
أشرقت ... التكوينُ ... - ... 2 ... ج 1 ص 473
جرى ... السكونُ ... - ... 2 ... ج 1 ص 444
كلّ ... مبينٌ ... - ... 1 ... ج 2 ص 122
لا ... الوطنُ ... - ... 1 ... ج 1 ص 114
وأحقّ ... دينُه ... - ... 1 ... ج 1 ص 116
ونحن ... الدرينَا ... عمرو بن كلثوم ... ج 2 ص 200
إذا ... زبونًا ... عمرو بن كلثوم ... 1 ... ج 2 ص 200
وإنّ ... عيانَاً ... - ... 1 ... ج 1 ص 315
كأنّ ... لاعبينَا ... عمرو بن كلثوم ... 5 ... ج 2 ص 199
وثدياً ... اللامسينَا ... عمرو بن كلثوم ... 1 ... ج 2 ص 199
يقولون ... بأمينِ ... - ... 1 ... ج 1 ص 474
لولا ... الإنسانِ ... المتنبّي ... 1 ... ج 1 ص 345
وقالوا ... الطبيعةْ ... - ... 2 ... ج 1 ص 195
أترى ... لامةْ ... - ... 1 ... ج 2 ص 228
ص: 558
طرف البيت ... القائل ... الجزء والصفحة
إذا مت عطشاناً فلا نزل القطرُ ... أبو فراس الحمداني ... ج 1 ص 114
فالشمس كاسفة ليست بطالعةٍ ... جرير ... ج 2 ص 454
فكان بأنف الدياجي شممْ ... الشريف الرضي ... ج 2 ص 449
كدعوى آل حرب في زيادِ ... صالح بن شیرداد ... ج 2 ص 383
كرحم العير من ولد الأتانِ ... ابن مفرّغ الحميري ... ج 2 ص 383
كما انتفض العصفور بلّله القطرُ ... مجنون لیلی ... ج 2 ص 222
مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معَهُ ... لبيد ... ج 2 ص 193
وبات على النار الندى والمحلّق ... الأعشى [الكبير] ... ج 2 ص 192
وذراها يطلب النجم صعدْ ... الشريف الرضي ... ج 2 ص 449
وفي كلّ شيءٍ له آية ... أبو العتاهية ... ج 1 ص 215
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني ... رجل سلولي ... ج 2 ص 246
ص: 559
1 - القرآن الكريم.
«حرف الألف»
2 - الإبانة: الإبانة عن أُصول الديانة.
تأليف: أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم الأشعري المتوفّى سنة 324ه-_/ تحقيق: د. فوقية حسين محمود / نشر: دار الأنصار - القاهرة / الطبعة الأُولى - 1397 ه_.
3 - أبجد العلوم. تأليف: أبي الطيب صدّيق بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني القِنّوجي البخاري الهندي المتوفّى سنة 1307 ه_ / تحقيق: أحمد شمس الدين / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1420ه_.
4 - إتحاف السادة المتّقين: إتحاف السادة المتّقين بشرح إحياء علوم الدين.
تأليف: محبّ الدين أبي الفضل محمّد بن محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق
ص: 560
ابن مرتضى الحسيني الزّبيدي الحنفي المتوفّى سنة 1205 ه_ / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
5 - الإتقان في علوم القرآن.
تأليف: جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الكمال بن محمّد بن سابق الدين الخضيري السيوطي المتوفّى سنة 911ه_ / تحقيق: محمّد أبي الفضل إبراهيم / نشر: مكتبة الشريف الرضي وبيدار وعزيزي -قم / الطبعة الثانية - 1411ه_.
6 - أجود التقريرات (تقريراً لأبحاث الشيخ النائيني المتوفّى سنة 1355ه_).
تأليف: أبي القاسم الموسوي الخوئي المتوفّى سنة 1413ه_ / طبع: مهر - قم.
7 - الأحاديث القدسية.
إعداد: د. درويش جويدي / نشر المكتبة العصرية - بيروت / 1424ه_
8- الأحاديث المشكلة في الرتبة.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن درويش الحوت البيروتي المتوفّى سنة 1276ه_ / تحقيق: كمال يوسف الحوت / نشر: عالم الكتب - بيروت / الطبعة الأُولى - 1403ه_.
9 - الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان.
تأليف: علاء الدين أبي الحسن علي بن بَلبَان بن عبدالله الفارسي المصري الحنفي المتوفّى سنة 739ه_ / تعليق وتصحيح: جماعة من الفضلاء /
ص: 561
نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1417ه_.
10 - إحقاق الحقّ: إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل.
تأليف: ضياء الدين نور الله بن شريف الدين نور الله الحسيني المرعشي التستري المتوفّى سنة 1019ه_ / تعليق: شهاب الدين المرعشي النجفي / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم.
11 - الإحكام للآمدي: الإحكام في أُصول الأحكام.
تأليف: سيف الدين أبي الحسن علي بن أبي علي بن محمّد بن سالم الآمدي التغلبي الشافعي المتوفّى سنة 613ه_ / تحقيق: إبراهيم العجوز / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1405ه_.
12 - الأخبار الطوال.
تأليف: أبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري المتوفّى سنة 282ه_ / تحقيق: عبد المنعم عامر / مراجعة: د. جمال الدين الشيّال / نشر: مكتبة الشريف الرضي -قم / أُفست عن طبعة دار إحياء الكتب العربية - القاهرة / الطبعة الأُولى - 1960م.
13 - الاختصاص.
تأليف: أبي عبدالله محمِد بن محمِد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالمفيد وابن المعلّم المتوفِى سنة 413 ه_ / تحقيق: علي أكبر الغفاري / نشر: مؤسِسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة السادسة - 1418ه_.
ص: 562
14 - أدب الدنيا والدين.
تأليف: أبي الحسن علي بن محمّد بن حبيب الماوردي البصري الشافعي المتوفّى سنة 450ه_ / تحقيق: مصطفى السقا / نشر: المكتبة الثقافية - بيروت / الطبعة الثالثة - 1955م.
15 - الأدب المفرد.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري الجعفي المتوفّى سنة 256ه_ / تحقيق: محمد عبد القادر عطا / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1410ه_.
16 - الأربعين في أُصول الدين.
تأليف: فخر الدين أبي عبد الله محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي البكري الطبرستاني الشافعي المعروف بالفخر الرازي وبابن خطيب الري المتوفّى سنة 606ه_ / تحقيق: د. أحمد حجازي السقا / نشر: دار التضامن - القاهرة / 1406ه_.
17 - إرشاد الساري: إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري.
تأليف: شهاب الدين أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني المصري الشافعي المتوفّى سنة 923ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.
18- إرشاد الطالبين: إرشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين.
تأليف: جمال الدين المقداد بن عبد الله السيوري الحلّي المعروف بالفاضل المقداد المتوفّى سنة 826ه_ / تحقيق: مهدي الرجائي / نشر:
ص: 563
مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم / 1405 ه_.
19 - الإرشاد للجويني: الإرشاد إلى قواطع الأدلّة في أُصول الاعتقاد.
تأليف: أبي المعالي عبد الملك بن عبدالله بن يوسف الجويني المعروف بإمام الحرمين المتوفّى سنة 478ه_ / تحقيق: أسعد تميم / نشر: مؤسّسة الكتب الثقافية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1405 ه_.
20 - الإرشاد للمفيد: الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالمفيد وابن المعلّم المتوفّى سنة 413 ه_ / تحقيق: مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث -قم / نشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد - قم / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
21 - أساس البلاغة.
تأليف: جار الله أبي القاسم محمود بن عمر بن محمّد بن عمر الزمخشري الخوارزمي المتوفّى سنة 538ه_ / تحقيق: عبد الرحيم محمود / نشر: دار المعرفة - بيروت.
22 - أساطين المرجعية العليا أساطين المرجعية العليا في النجف الأشرف.
تأليف: د. محمّد حسين علي الصغير / نشر: مؤسّسة البلاغ ودار سلوني - بيروت / الطبعة الأُولى – 1424ه_.
23 - أسباب النزول للواحدي: أسباب النزول.
تأليف: أبي الحسن علي بن أحمد النيسابوري الواحدي المتوفّى سنة 468ه_ / تحقيق: أيمن صالح شعبان / نشر: دار الحديث - القاهرة.
ص: 564
24 - الاستبصار: الاستبصار فيما اختلف من الأخبار.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 ه_ / تحقيق: حسن الموسوي الخرسان / نشر: دار الكتب الإسلامية - طهران / الطبعة الرابعة - 1390ه_.
25 - الاستيعاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
تأليف: أبي عمر يوسف بن عبدالله بن محمّد بن عبد البرّ النمري القرطبي المالكي المتوفّى سنة 463 ه_ / تحقيق: علي محمّد معوّض وعادل أحمد عبد الموجود / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1415ه_.
26 - أُسد الغابة: أُسد الغابة في معرفة الصحابة.
تأليف: عزّ الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الموصلي المعروف بابن الأثير الجزري المتوفّى سنة 630ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.
27 - أسرار الآيات.
تأليف: صدر الدين محمّد بن إبراهيم بن يحيى القوامي الشيرازي المعروف بصدر المتألّهين المتوفى سنة 1050 ه_ / تحقيق: محمّد خواجوي وحبيب الله الموسوي / نشر: حبيب - قم / الطبعة الأُولى - 1420ه_.
28 - الإسلام في قفص الاتّهام.
تأليف: شوقي أبي خليل / نشر: دار الفكر - دمشق / الطبعة الخامسة - 1402ه_.
ص: 565
29 - الإسلام والعقل.
تأليف: محمّد جواد مغنية / نشر: دار ومكتبة الهلال ودار الجواد - بيروت / 1991م.
30 - الإسلام والمسيحية الإسلام والمسيحية في الميزان.
تأليف: شريف محمّد هاشم / نشر: مؤسّسة الوفاء - بيروت / الطبعة الأُولى - 1409ه_.
31 - الإسلام يتحدّى: الإسلام يتحدّى (مدخل علمي إلى الإيمان).
تأليف: وحيد الدين خان / تعريب: ظفر الإسلام خان / تحقيق: د. عبد الصبور شاهين / نشر دار البحوث العلمية - بيروت / الطبعة الثالثة - 1399ه_.
32 - الأسماء والصفات للبيهقي: كتاب الأسماء والصفات. تأليف: أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبدالله بن موسى البيهقي النيسابوري الخسروجردي المتوفّى سنة 458 ه_ / تحقيق: محمّد زاهد الكوثري الحنفي / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.
33 - أسنى المطالب أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب.
تأليف: أبي عبدالله محمد بن درويش الحوت البيروتي المتوفّى سنة 1276ه_ / تحقيق: محمود الأرناؤوط / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1412ه_.
34 - الإشارات والتنبيهات.
تأليف: أبي علي الحسين بن عبدالله بن الحسن بن علي بن سينا البلخي
ص: 566
البخاري المعروف بالشيخ الرئيس المتوفّى سنة 428 ه_ / تحقيق: د. سليمان دنيا / نشر: مؤسّسة النعمان - بيروت / 1413ه_.
35 - الإصابة: الإصابة في تمييز الصحابة.
تأليف: شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر الكناني العسقلاني المتوفّى سنة 852ه_ / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
36 - أضواء على المسيحية.
تأليف: متولّي يوسف شلبي / نشر الدار الكويتية - الكويت / الطبعة الثانية - 1393ه_.
37 - الاعتصام: الاعتصام بالسنّة.
تأليف: أبي إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمّد اللخمي الشاطبي الغرناطي المتوفّى سنة 790ه_ / تحقيق: د. محمود طعمة حلبي / نشر: دار المعرفة - بيروت / الطبعة الثانية - 1420ه_.
38 - الاعتقاد والهداية: الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد.
تأليف: أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبدالله بن موسى البيهقي النيسابوري الخسروجردي المتوفّى سنة 458 ه_ / تحقيق: كمال يوسف الحوت / نشر: عالم الكتب - بيروت / الطبعة الأُولى – 1403ه_.
39 - الاعتقادات.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالصدوق المتوفّى سنة 381ه_ / تحقيق: عصام عبدالسيّد / نشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد - قم / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
ص: 567
40 - الاعتقادات للراغب الاعتقادات
تأليف: أبي القاسم الحسين بن محمّد بن المفضّل الراغب الأصفهاني المتوفّى سنة 502 ه_ / تحقيق: د. شمران العجلي / نشر: مؤسّسة الأشرف - بيروت / الطبعة الأُولى - 1988م.
41 - إعجاز القرآن للباقلاني: إعجاز القرآن.
تأليف: أبي بكر محمّد بن الطيّب بن محمّد بن جعفر بن القاسم البصري البغدادي الباقلاني المتوفّى سنة 403 ه_ / تحقيق: محمّد شریف سكّر / نشر: دار إحياء العلوم - بيروت / الطبعة الأُولى - 1408ه_.
42 - الإعلام بوفيات الأعلام.
تأليف: شمس الدين أبي عبدالله محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي المتوفّى سنة 748ه_ / تحقيق: مصطفى علي عوض وربيع أبي بكر عبد الباقي / نشر: مؤسّسة الكتب الثقافية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
43 - أعلام الدين: أعلام الدين في صفات المؤمنين.
تأليف: الحسن بن أبي الحسن علي بن محمّد بن الديلمي من أعلام القرن الثامن الهجري / تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث - قم / الطبعة الثانية - 1414ه_.
44 - الأعلام للزركلي: الأعلام.
تأليف: أبي الغيث خير الدين الزِركلي المتوفّى سنة 1396 ه_ / نشر: دار العلم للملايين - بيروت / الطبعة الثامنة - 1989م.
ص: 568
45 - إعلام الورى: إعلام الورى بأعلام الهدى.
تأليف: أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي من أعلام القرن السادس الهجري / تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث -قم / الطبعة الأُولى - 1417ه_.
46 - الإعلان بالتوبيخ الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ.
تأليف: شمس الدين محمّد بن عبد الرحمان السخاوي المتوفّى سنة 902ه_ / تحقيق: فرانز روزنثال / ترجمة التحقيق: د. صالح أحمد العلي / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
47 - أعيان الشيعة.
تأليف: محسن بن عبد الكريم الأمين العاملي المتوفّى سنة 1371 ه_ / تحقیق: حسن محسن الأمين العاملي / نشر: دار التعارف - بيروت / 1403ه_.
48 - الأغاني.
تأليف: أبي الفرج علي بن الحسين الأصفهاني المتوفّى سنة 356 ه_ / مراجعة: عبد الستّار أحمد فرّاج / نشر: دار الثقافة - بيروت.
49 - الإقبال: الإقبال بالأعمال الحسنة فيما يعمل مرّة في السنة.
تأليف: رضي الدين علي بن موسى بن جعفر بن محمّد الحسيني المعروف بابن طاووس المتوفّى سنة 664ه_ / تحقيق: جواد القيّومي الأصفهاني / نشر: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -قم / الطبعة الثانية - 1418ه_.
ص: 569
50 - الاقتصاد للطوسي: الاقتصاد فيما يتعلّق بالاعتقاد.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 ه_ / نشر: دار الأضواء - بيروت / الطبعة الثانية -1406ه_.
51 - الاقتصاد للغزالي: الاقتصاد في الاعتقاد.
تأليف: زين الدين أبي حامد محمّد بن محمّد بن محمّد بن أحمد الغزالي الطوسي الشافعي المتوفّى سنة 505 ه_ / نشر: مكتبة الشرق الجديد - بغداد.
52 - إكمال تهذيب الكمال: إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال.
تأليف: علاء الدين مُغلَطاي بن قليج بن عبدالله البكجري التركي الحنفي المتوفّى سنة 762ه_ / تحقيق: أبي عبد الرحمان عادل بن محمّد وأبي محمّد أُسامة بن إبراهيم / نشر: مكتبة الفاروق الحديثة - القاهرة / الطبعة الأُولى - 1422ه_.
5 - الإكمال لابن ماكولا: الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والألقاب.
تأليف: سعد الدين أبي نصر علي بن أبي القاسم هبة الله بن علي بن جعفر العجلي الجرباذقاني البغدادي المعروف بابن ماكولا المتوفّى سنة 475ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.
54 - الله والأنبياء في التوراة: الله والأنبياء في التوراة والعهد القديم.
تأليف: د. محمّد علي البار / نشر: الدار الشامية ودار القلم - بيروت /
ص: 570
الطبعة الأُولى - 1410ه_.
55 - الله يتجلّى في عصر العلم.
تأليف: نخبة من علماء أمريكا / تعريب: د. عبد المجيد سرحان الدمرداش / تعليق: د. محمّد جمال الدين الفندي / نشر: دار القلم - بيروت.
56 - الألواح العمادية (ضمن الرسائل الثلاث لشيخ الإشراق): رسالة الألواح العمادية.
تأليف: شهاب الدين أبي الفتوح يحيى بن حبش بن أميرك السهروردي المتوفّى سنة 587ه_ / تصحيح: نجف قلي حبيبي / نشر: جمعية الفلسفة - طهران / 1397ه_.
57 - أمالي الصدوق: الأمالي، أو: المجالس.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي المعروف بالصدوق المتوفّى سنة 381 ه_ / نشر: مؤسسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الخامسة - 1410ه_.
58 - أمالي الطوسي: الأمالي.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 ه_ / تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة / نشر: دار الثقافة -قم / الطبعة الأُولى - 1414ه_.
59 - أمالي القالي: كتاب الأمالي.
تأليف: أبي علي إسماعيل بن القاسم بن عَيذون بن هارون بن موسى
ص: 571
القالي البغدادي المتوفى سنة 356ه_ / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت.
60 - أمالي المرتضى: الأمالي في التفسير والحديث والأدب.
تأليف: أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمّد الموسوي البغدادي المعروف بالمرتضى وعلم الهدى المتوفّى سنة 436 ه_ / تحقيق: محمّد بدر الدين النعساني الحلبي / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم / 1403ه_.
61 - الإمتاع والمؤانسة.
تأليف: أبي حيّان علي بن محمّد بن العبّاس التوحيدي المتوفّى سنة 414 ه_ / تحقيق: أحمد أمين وأحمد الزين / نشر: دار ومكتبة الحياة - بيروت.
62 - الأمثال لابن سلّام: كتاب الأمثال.
تأليف: أبي عُبيد القاسم بن سلّام الهروي المتوفّى سنة 338ه_ / تحقيق: د. عبد المجيد قطامش / نشر: دار المأمون للتراث - دمشق وبيروت / الطبعة الأُولى - 1400ه_.
63 - أمل الآمل.
تأليف: محمّد بن الحسن بن علي بن الحسين الحرّ العاملي المتوفّى سنة 1104ه_ / تحقيق: أحمد الحسيني / نشر: مكتبة الأندلس - بغداد.
64 - الانتصار: كتاب الانتصار والردّ على ابن الراوندي الملحد.
تأليف: أبي الحسين عبد الرحيم بن محمّد بن عثمان الخيّاط المعتزلي المتوفّى سنة 300 ه_ / تصحيح واستدرك: د. نيبرج / طبع: المطبعة
ص: 572
الكاثوليكية - بيروت / 1957م.
65 - إنجيل لوقا الإنجيل.
كتابة: لوقا / ترجمة ونشر: جمعية الكتاب المقدّس في الشرق الأدنى - بيروت / 1972م.
66 - الأُنس الجليل: الأُنس الجليل بتاريخ القدس والخليل.
تأليف: مجير الدين أبي اليمن عبد الرحمان بن محمّد بن عبد الرحمان بن محمّد العليمي المقدسي الحنبلي المتوفّى سنة 928ه_ / نشر: المكتبة الحيدرية - النجف / 1386ه_.
67 - الأنساب للسمعاني: كتاب الأنساب.
تأليف: أبي سعد عبد الكريم بن محمّد بن منصور التميمي السمعاني المتوفّى سنة 562 ه_ / تحقيق: عبد الله عمر البارودي / نشر: دار الجنان - بيروت / الطبعة الأُولى - 1408ه_.
- الإنصاف: الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويّين البصريين والكوفيّين.
تأليف: كمال الدين أبي البركات عبد الرحمان بن محمّد بن أبي سعيد الأنباري المتوفّى سنة 577ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / 1409ه_.
69 - الأنوار الساطعة الأنوار الساطعة في المائة السابعة.
تأليف: محسن أغا بزرك الطهراني المتوفّى سنة 1389 ه_ / تحقيق: علي نقي منزوي / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1392ه_.
ص: 573
70 - الأنوار المحمّدية الأنوار المحمدية من المواهب اللدنية.
تأليف: أبي المحاسن يوسف بن إسماعيل بن يوسف بن إسماعيل بن حسن بن محمّد النبهاني الشافعي المتوفّى سنة 1350 ه_ / نشر: دار الإيمان - دمشق وبيروت / الطبعة الثانية - 1405ه_.
71 - أنوار الملكوت أنوار الملكوت في شرح الياقوت.
تأليف: جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الأسدي المعروف بالعلّامة الحلّي المتوفّى سنة 726 ه_ / تحقيق: محمّد نجمي الزنجاني / نشر: مكتبة الشريف الرضي وبيدار -قم / الطبعة الثانية - 1363ه_. ش.
72 - أوائل المقالات.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالمفيد وابن المعلّم المتوفّى سنة 413 ه_ / تحقيق: إبراهيم الأنصاري الزنجاني الخوئيني / نشر المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد - قم / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
73 - أوضح المسالك: أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك.
تأليف: جمال الدين أبي محمّد عبدالله بن يوسف بن أحمد بن عبدالله بن هشام الأنصاري المصري المتوفّى سنة 761ه_ / تحقيق: د. هادي حسن حمّودي / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الرابعة - 1420ه_.
74 - الإيضاح في شرح سقط الزند وضوئه.
تأليف: أبي زكريا يحيى بن علي بن محمّد بن الحسن الشيباني المعروف
ص: 574
بالخطيب التبريزي المتوفّى سنة 502ه_ / تحقيق: د. فخر الدين قباوة / نشر: دار القلم العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1419ه_.
75 - إيضاح المكنون إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون.
تأليف: إسماعيل بن محمّد أمين بن مير سليم الباباني البغدادي المتوفّى سنة 1339 ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / 1403ه_.
«حرف الباء»
76 - بحار الأنوار: بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار.
تأليف: محمّد باقر بن محمّد تقي بن المقصود علي المعروف بالمجلسي الثاني المتوفّى سنة 1111 ه_ / نشر: مؤسّسة الوفاء - بيروت / الطبعة الثانية المصحّحة - 1403ه_.
77 - البحر المحيط.
تأليف: أثير الدين أبي عبدالله محمّد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيّان الحيّاني الأندلسي المتوفّى سنة 754ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الثانية - 1411ه_.
78 - البدء والتاريخ.
تأليف: أبي المطهّر بن طاهر المقدسي المتوفّى سنة 507 ه_ / نشر: دار
ص: 575
صادر - بيروت.
79- البداية والنهاية.
تأليف: أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القرشي البصروي الدمشقي الشافعي المتوفّى سنة 774ه_ / نشر: مكتبة المعارف - بيروت / الطبعة الثالثة - 1413ه_.
80 - البدر الطالع البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع.
تأليف: بدر الدين أبي علي محمّد بن علي بن محمّد بن عبدالله بن الحسن الشوكاني المتوفّى سنة 1250ه_ / نشر: مطبعة السعادة - القاهرة / الطبعة الأُولى - 1348 ه_.
81 - البرهان للزركشي: البرهان في علوم القرآن.
تأليف: بدر الدين محمّد بن عبدالله الزركشي المتوفّى سنة 794ه_ / تحقيق: محمّد أبي الفضل إبراهيم / نشر: دار المعرفة - بيروت.
82 - بصائر الدرجات: بصائر الدرجات الكبرى في فضائل آل محمد.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن فرّوخ الصفّار المتوفّى سنة 290ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي - طهران / 1404ه_.
83- البصائر والذخائر.
تأليف: أبي حيّان علي بن محمّد بن العبّاس التوحيدي المتوفّى سنة 414 ه_ / تحقيق: د. وداد القاضي / نشر: دار صادر - بيروت / الطبعة الرابعة - 1419ه_.
ص: 576
84 - بغية الوعاة: بغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنحاة.
تأليف: جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الكمال بن محمّد بن سابق الدين الخضيري السيوطي المتوفّى سنة 911ه_ / تحقيق: محمّد أبي الفضل إبراهيم / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الثانية - 1399ه_.
85 - البلاغة العربية.
تأليف: عبد الرحمان حسن جنكة الميداني / نشر: دار القلم - دمشق و دار الشامية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1416ه_.
86 - بلوغ الإرب: بلوغ الإرب في معرفة أحوال العرب.
تأليف: محمود شكري عبدالله محمود الآلوسي البغدادي المتوفّى سنة 1342ه_ / تحقيق: محمّد بهجة الأثري / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
87 - بهجة الآمال: بهجة الآمال في شرح زبدة المقال.
تأليف: علي بن عبدالله بن محمّد بن محبّ الله بن محمّد جعفر القراجه داغي العلياري التبريزي المتوفّى سنة 1327 ه_ / نشر: بنياد فرهنك إسلامي -قم / طبع: المطبعة العلمية -قم / 1408ه_.
88 - البيان في عقائد أهل الإيمان.
تأليف: محمّد باقر بن محمّد حسين الشريعتي الأصفهاني / طبع: إحدى المطابع بإيران.
89 - البيان والتبيين
تأليف: أبي عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ المتوفّى سنة 255ه_ / تحقيق: عبد السلام محمّد هارون / نشر: دار الفكر - بيروت
ص: 577
90 - بين الإسلام والمسيحية.
تأليف: أبي جعفر أحمد بن عبد الصمد بن أبي عبيدة محمّد بن أحمد بن عبد الرحمان الخزرجي القرطبي المتوفّى سنة 582 ه_ / تحقيق: د. محمّد عبد الغني شامة / نشر: مكتبة وهبة - القاهرة / الطبعة الثانية.
91- بين الدين والفلسفة بين الدين والفلسفة في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط.
تأليف: د. محمّد يوسف موسى / نشر: العصر الحديث / الطبعة الثانية - 1408ه_.
«حرف التاء»
92 - تاج العروس تاج العروس من جواهر القاموس.
تأليف: محبّ الدين أبي الفيض محمّد بن محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق ابن مرتضى الحسيني الزَبيدي الحنفي المتوفّى سنة 1205 ه_ / تحقيق: عبد الستّار أحمد فرّاج / نشر: دار الهداية - الكويت / 1385 ه_.
9 - تاريخ آداب العرب.
تأليف: مصطفى صادق الرافعي المتوفّى سنة 1356ه_ / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة السادسة - 1422ه_.
ص: 578
94 - تاريخ ابن معين: التاريخ.
تأليف: يحيى بن معين بن عون المري الغطفاني البغدادي المتوفّى سنة 233ه_ / رواية: العبّاس بن محمّد بن حاتم الدوري البغدادي المتوفّى سنة 271 ه_ / تحقيق: عبدالله أحمد حسن / نشر: دار القلم - بيروت.
95 - تاريخ أبي الفداء: المختصر في أخبار البشر.
تأليف: عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن علي بن محمود بن عمر بن شاهنشاه بن أيّوب المتوفّى سنة 732ه_ / تحقيق: محمود ديّوب / نشر دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1417ه_.
96 - تاريخ الأدب العربي لبروكلمان: تاريخ الأدب العربي.
تأليف: كارل بروكلمان الألماني المتوفّى سنة 1956 م / تعريب: د. عبد الحليم النجّار / نشر: مؤسّسة دار الكتاب الإسلامي -قم / الطبعة الثانية.
97 - تاريخ الإسلام للذهبي: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام.
تأليف: شمس الدين أبي عبدالله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي المتوفّى سنة 748ه_ / تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمري / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الثانية - 1417ه_.
98 - تاريخ أصبهان: ذكر أخبار أصبهان.
تأليف: أبي نعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران المهراني الأصفهاني المتوفّى سنة 430 ه_ / تحقيق: سيّد كسروي حسن / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى – 1410ه_.
ص: 579
9 - تاریخ بغداد: تاريخ مدينة السلام.
تأليف: أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي المتوفّى سنة 463ه_ / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
100 - تاريخ الحضارات العامّ.
تأليف: جماعة من الباحثين الفرنسيّين / إشراف: موريس كروزيه / تعريب: يوسف أسعد داغر وفريدم. داغر / نشر: دار عويدات - بيروت / الطبعة الرابعة - 1998م.
101 - تاريخ الخلفاء للسيوطي: تاريخ الخلفاء.
تأليف: جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الكمال بن محمّد بن سابق الدين الخضيري السيوطي المتوفّى سنة 911ه_ / تحقيق: محمّد محيي الدين عبد الحميد / نشر: مكتبة الشريف الرضي - قم / الطبعة الأُولى - 1411ه_.
102 - تاريخ الطبري: تاريخ الأُمم والملوك.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن جرير بن يزيد الطبري المتوفّى سنة 310ه_ / تحقيق: عبدالله علي مهنّا / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الأُولى المصححة - 1418ه_.
10 - التاريخ الكبير: كتاب التاريخ الكبير.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه الجعفي البخاري المتوفّى سنة 256ه_ / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / 1407ه_.
ص: 580
104 - تاريخ مختصر الدول.
تأليف: أبي الفرج غريغوريس بن أهرون الملطي المعروف بابن العبري المتوفّى سنة 1286م / تحقيق: أنطون صالحاني اليسوعي / نشر: دار الرائد اللبناني - بيروت / 1403ه_.
105 - تاريخ مدينة دمشق.
تأليف: أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبدالله الدمشقي الشافعي المعروف بابن عساكر المتوفّى سنة 571 ه_ / تحقيق: علي شيري / نشر: دار الفكر - بيروت / 1415ه_.
106 - تاريخ المعتقدات: تاريخ المعتقدات والأفكار الدينية.
تأليف: ميرسيا إلياد / تعريب: عبد الهادي عبّاس / نشر: دار دمشق - دمشق / الطبعة الأُولى - 1986 إلى 1987م.
107 - تاريخ اليعقوبي: كتاب التاريخ.
تأليف: أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح اليعقوبي المتوفّى بعد سنة 292 ه_ / نشر: دار صادر - بيروت.
108 - تأسيس الشيعة تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام.
تأليف: أبي محمّد حسن بن هادي بن محمّد علي بن صالح الموسوي الصدر المتوفّى سنة 1354 ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي - طهران.
109 - تأويلات أهل السنّة.
تأليف: أبي منصور محمّد بن محمّد بن محمود الماتريدي السمرقندي
ص: 581
الحنفي المتوفّى سنة 333ه_ / تحقيق: د. محمّد مستفيض الرحمان / تصحيح وفهرسة: جاسم محمّد الجبوري / نشر: مطبعة الإرشاد - بغداد / 1404ه_.
110 تباشير الإنجيل والتوراة: تباشير الإنجيل والتوراة بالإسلام ورسوله محمّد صلّي الله عليه و آله.
تأليف: د. نصر الله عبد الرحمان أبي طالب / نشر: دار الوفاء - المنصورة (مصر) / الطبعة الأُولى - 1425ه_.
111 - التبصير في الدين: التبصير في الدين وتمييز الفرقة الناجية عن الفرق الهالكين.
تأليف: أبي المظفّر طاهر بن محمّد الإسفراييني الشافعي المعروف بشفهور المتوفّى سنة 471ه_ / تحقيق: كمال يوسف الحوت / نشر: عالم الكتب - بيروت / الطبعة الأُولى - 1403 ه_.
112 - التبيان: التبيان في تفسير القرآن.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 ه_ / تحقيق: أحمد حبيب قصير العاملي / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / أُفست عن مكتبة الأمين - النجف.
113 - التبيان في إعراب القرآن.
تأليف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري المتوفّى سنة 616 ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1418ه_.
ص: 582
114 - تبيين كذب المفتري: تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري.
تأليف: أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبدالله الدمشقي الشافعي المعروف بابن عساكر المتوفّى سنة 571 ه_ / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / 1399 ه_.
115 - التحرير الطاووسي: التحرير الطاووسي المستخرج من كتاب حلّ الإشكال في معرفة الرجال.
تأليف: جمال الدين أبي منصور الحسن بن زين الدين بن علي بن أحمد الجبعي العاملي المتوفّى سنة 1011ه_ / تحقيق: فاضل عبّاس الجواهري /إشراف: محمود المرعشي النجفي / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم / الطبعة الأُولى - 1411ه_.
116 - تحف العقول: تحف العقول عن آل الرسول.
تأليف: أبي محمّد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرّاني من أعلام القرن الرابع الهجري / تحقيق: علي أكبر الغفّاري / نشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة الثانية - 1404ه_.
117 - التحفة العسجدية: التحفة العسجدية فيما دار من الاختلاف بين العدلية والجبرية.
تأليف: الحسن بن يحيى بن علي القاسمي المؤيّدي المتوفّى سنة 1343ه_ / نشر: دار أبي أيمن - صنعاء.
ص: 583
118 - التدوين في أخبار قزوين.
تأليف: عبد الكريم بن محمّد الرافعي القزويني من أعلام القرن السادس الهجري / تحقيق: عزيز الله العطاردي / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / 1408ه_.
119 - تذكرة الحفّاظ.
تأليف: شمس الدين أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي المتوفّى سنة 748ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.
120 - التذكرة في الأحاديث المشتهرة: اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة.
تأليف: بدر الدين أبي عبد الله محمّد بن بهادر بن عبدالله الزركشي المتوفّى سنة 794ه_ / تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1406ه_
121 - الترغيب والترهيب الترغيب والترهيب من الحديث الشريف.
تأليف: زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري المتوفّى سنة 656ه_ / تحقيق: إبراهيم شمس الدين / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1417ه_.
122 - تصحيح الاعتقاد تصحيح اعتقادات الإمامية.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالمفيد وابن المعلّم المتوفّى سنة 413 ه_ / تحقيق: حسين درگاهي / نشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد - قم / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
ص: 584
123 - التعريفات للجرجاني: التعريفات.
تأليف: أبي الحسن علي بن محمّد بن علي الحسيني الجرجاني الحنفي المعروف بالسيّد الشريف المتوفّى سنة 816 ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1419ه_.
124 - التعليقات على الشواهد الربوبية.
تأليف: هادي بن مهدي السبزواري المتوفّى سنة 1289ه_ / تحقيق: جلال الدين الآشتياني / نشر: مؤسّسة التاريخ العربي - بيروت.
125 - تفسير ابن كثير: تفسير القرآن العظيم.
تأليف: عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي المتوفّى سنة 774ه_ / تحقيق: محمّد حسين شمس الدین / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1419ه_.
126 - تفسير البغوي معالم التنزيل.
تأليف: أبي محمّد الحسين بن مسعود بن محمّد بن الفراء البغوي الشافعي المتوفّى سنة 516 ه_ / تحقيق: خالد عبد الرحمان العكّ ومردان سوار / نشر: دار المعرفة - بيروت / الطبعة الثانية - 1407ه_.
127 - تفسير البيضاوي: أنوار التنزيل وأسرار التأويل.
تأليف: ناصر الدين أبي سعيد عبدالله بن عمر بن محمّد البيضاوي الشيرازي المتوفّى سنة 685ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1410ه_.
ص: 585
128 - تفسير الفخر الرازي: التفسير الكبير، أو: مفاتيح الغيب.
تأليف: فخر الدين أبي عبد الله محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي البكري الطبرستاني الشافعي المعروف بالفخر الرازي وابن خطيب الري المتوفّى سنة 606 ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / 1415ه_.
129 - تفسير القرآن لصدر المتألّهين: تفسير القرآن الكريم.
تأليف: صدر الدين محمّد بن ابراهيم بن يحيى القوامي الشيرازي المعروف بصدر المتألّهين المتوفّى سنة 1050 ه_ / تحقيق: محمّد جعفر شمس الدين / نشر: دار التعارف - بيروت / الطبعة الثانية المحقّقة 1419ه_.
130 - تفسير الماوردي: النكت والعيون.
تأليف: أبي الحسن علي بن محمّد بن حبيب الماوردي الشافعي البصري المتوفّى سنة 450 ه_ / تحقيق: السيّد بن عبد المقصود بن عبد الرحيم / نشر: دار الكتب العلمية ومؤسّسة الكتب الثقافية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1412ه_.
131 - تفسير المنار: تفسير القرآن الحكيم.
تأليف: محمّد عبده بقلم محمّد رشيد رضا المتوفّى سنة 1354ه_ / نشر: دار المعرفة - بيروت / الطبعة الثانية.
132 - تقريب التهذيب.
تأليف: شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر الكناني العسقلاني المتوفّى سنة 852ه_ / تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا / نشر:
ص: 586
دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الثانية - 1415ه_.
133 - تقريب المعارف: تقريب المعارف في الكلام.
تأليف: أبي الصلاح تقي الدين بن نجم الدين بن عبيد الله الحلبي المتوفّى سنة 374ه_ / تصحيح: رضا الأُستادي / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / 1404ه_.
134 - التكامل في الإسلام.
تأليف: أحمد أمين / نشر: دار المعرفة - بيروت / الطبعة الأُولى - 1404ه_.
135 - تكملة أمل الآمل.
تأليف: أبي محمّد حسن بن هادي بن محمّد علي بن صالح الموسوي الصدر المتوفّى سنة 1354 ه_ / تحقيق: أحمد الحسيني / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم / 1406ه_.
136 - تلبيس إبليس.
تأليف: جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمان بن علي بن محمّد البكري البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي المتوفّى سنة 597 ه_ / تحقيق: د. السيّد الجميلي / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / 1424ه_.
137 - تلخيص الحبير: تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير.
تأليف: شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر الكناني العسقلاني المتوفّى سنة 852 ه_ / تحقيق: عبدالله هاشم اليماني المدني /:نشر دار المعرفة - بيروت.
ص: 587
138 - التمهيد لابن عبد البر: التمهيد لما في الموطّأ من المعاني والأسانيد.
تأليف: أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ النمري الأندلسي المتوفّى سنة 463 ه_ / تحقيق: مصطفى أحمد العلوي ومحمّد عبد الكبير البكري / طبع: إحدى مطابع المغرب / 1967م.
139 - تنزيه الأنبياء والأئمّة.
تأليف: أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمّد الموسوي البغدادي المعروف بالشريف المرتضى وعلم الهدى المتوفّى سنة 436ه_ / تحقيق: فارس حسّون کریم تبریزیان / نشر: بوستان - قم / الطبعة الأُولى - 1422ه_.
140 - التنصير التنصير (خطّة لغزو العالم الإسلامي).
تأليف: مجموعة من الباحثين / نشر: دار الحرمين - القاهرة / الطبعة الأُولى - 1415ه_.
141 - تنقيح المقال: تنقيح المقال في علم الرجال.
تأليف: عبدالله بن محمّد حسن بن عبد الله المامقاني المتوفّى سنة 1351 ه_ / نشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث - قم.
142 - تهافت التهافت.
تأليف: محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي المتوفّى سنة 595ه_ / تحقيق: أحمد شمس الدين / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الثانية - 1424ه_.
ص: 588
143 - تهافت الفلاسفة.
تأليف: أبي حامد محمّد بن محمّد بن محمّد بن أحمد الغزالي الطوسي الشافعي المتوفى سنة 505 ه_ / نشر: دار المشرق - بيروت / الطبعة الرابعة - 1990م.
144 - التهذيب: تهذيب الأحكام في شرح المقنعة.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 ه_ / تحقيق: حسن الموسوي الخرسان / نشر: دار الكتب الإسلامية - طهران / الطبعة الرابعة - 1365 ه_ ش.
145 - تهذيب تاريخ دمشق الكبير.
تأليف: عبد القادر بدران المتوفّى سنة 1346 ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الثالثة - 1407ه_.
146 - تهذيب التهذيب.
تأليف: شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر الكناني العسقلاني المتوفّى سنة 852ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى -1404ه_.
147 - تهذيب الكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال.
تأليف: جمال الدين أبي الحجّاج يوسف بن الزكي عبد الرحمان بن يوسف المِزّي الكلبي القُضاعي المتوفّى سنة 742ه_ / تحقيق: د. بشار عوّاد معروف / نشر: مؤسّسة الرسالة - بيروت / الطبعة السادسة - 1415ه_.
ص: 589
148 - تهذيب اللغة.
تأليف: أبي منصور محمّد بن أحمد الأزهري المتوفّى سنة 370ه_ / تحقيق: عمر سلامي وعبد الكريم حامد / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1421ه_.
149 - التوحيد للصدوق: كتاب التوحيد.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالصدوق المتوفّى سنة 381ه_ / تحقيق: هاشم الحسيني الطهراني / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم.
150 - التوحيد للماتريدي: كتاب التوحيد.
تأليف: أبي منصور محمّد بن محمّد بن محمود الماتريدي السمرقندي الحنفي المتوفّى سنة 333ه_ / تحقيق: د. فتح الله خليف / نشر: دار المشرق - بيروت.
«حرف الثاء»
151 - الثقات لابن حبّان: كتاب الثقات.
تأليف: أبي حاتم محمّد بن حبّان بن أحمد التميمي البَستي المتوفّى سنة 354ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1403 ه_.
ص: 590
«حرف الجيم»
152 - جامع الأُصول: جامع الأُصول في أحاديث الرسول.
تأليف: مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمّد بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري الموصلي المعروف بابن الأثير المتوفّى سنة 606 ه_ / تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الثانية - 1403ه_.
153 - جامع البيان: جامع البيان عن تأويل آي القرآن.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن جرير بن يزيد الطبري المتوفّى سنة 310ه_ / تحقيق: صدقي جميل العطّار / نشر: دار الفكر - بيروت / 1415ه_.
154 - جامع بيان العلم: جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله.
تأليف: أبي عمر يوسف بن عبدالله بن محمّد بن عبد البرّ النّمَري القرطب المالكي المتوفّى سنة 463 ه_ / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
155 - جامع الرواة: جامع الرواة وإزاحة الاشتباهات عن الطرق والإسناد.
تأليف:: محمّد بن علي الأردبيلي الغروي الحائري من أعلام القرن الحادي عشر الهجري / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم / 1403ه_.
156 - الجامع الصغير: الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير.
تأليف: جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الكمال بن محمّد بن سابق الدين الخضيري السيوطي الشافعي المتوفّى سنة 911 ه_ / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الرابعة.
ص: 591
157 - الجامع في تاريخ الأدب العربي الحديث: الجامع في تاريخ الأدب العربي (الأدب الحديث).
تأليف: حنّا الفاخوري / نشر: دار الجيل - بيروت / الطبعة الثانية - 1995م.
158 الجامع في تاريخ الأدب العربي القديم: الجامع في تاريخ الأدب العربي (الأدب القديم).
تأليف: حنّا الفاخوري / نشر: دار الجيل - بيروت / الطبعة الثانية - 1995م.
159 - الجامع لأحكام القرآن.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي المالكي المتوفّى سنة 671ه_ / تحقيق: أحمد عبدالعليم البردوني / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الثانية.
160 - الجرح والتعديل كتاب الجرح والتعديل.
تأليف: أبي محمّد عبد الرحمان بن أبي حاتم محمّد بن إدريس بن المنذر ابن داود بن مَهران التميمي الحنظلي الرازي المتوفّى سنة 327 ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / أُفست عن مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بالهند / الطبعة الأُولى - 1372 ه_.
161 - الجمع بين رجال الصحيحين: كتاب الجمع بين رجال الصحيحين بخاري ومسلم لكتابي أبي نصر الكلاباذي وأبي بكر الأصبهاني.
تأليف: أبي الفضل محمّد بن طاهر بن علي المقدسي الشيباني المعروف
ص: 592
بابن القيسراني المتوفّى سنة 507ه_ / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الثانية - 1405ه_.
162 - جمهرة الأمثال.
تأليف: أبي هلال الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد بن يحيى بن مهران العسكري المتوفّى ما بعد الأربع مائة الهجرية / تحقيق: محمّد أبي الفضل إبراهيم وعبد المجيد قطامش / نشر: دار الجيل ودار الفكر - بيروت / الطبعة الثانية - 1408ه_.
163 - جمهرة اللغة.
تأليف: أبي بكر محمّد بن الحسن بن دريد المتوفّى سنة 321ه_ / تحقيق: د رمزي منير البعلبكي / نشر: دار العلم للملايين - بيروت / الطبعة الأُولى - 1987 م.
164 - جواهر الأدب جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب.
تأليف: أحمد الهاشمي المصري المتوفّى سنة 1362 ه_ / تصحيح وتحقيق: لجنة من الجامعيّين / نشر: مؤسّسة المعارف - بيروت.
165 - الجواهر السنية الجواهر السنية في الأحاديث القدسية.
تأليف: محمّد بن الحسن بن علي بن الحسين الحرّ العاملي المتوفّى سنة 1104 ه_ / نشر: ياسين - إيران / الطبعة الأُولى - 1402ه_.
166 - الجوهر الثمين: الجوهر الثمين فى تفسير الكتاب المبين.
تأليف: عبدالله بن محمّد رضا بن شبّر بن حسن بن أحمد آل شبّر المتوفّى سنة 1242ه_ / نشر: مكتبة الألفين - الكويت / الطبعة الأُولى -
ص: 593
1407ه_.
167 - الجوهر النضيد.
تأليف: جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الأسدي المعروف بالعلّامة الحلّي المتوفّى سنة 726ه_ / نشر: بيدار -قم / الطبعة الخامسة - 1413ه_.
«حرف الحاء»
168 - حاشية الجرجاني على المطالع الحاشية على مطالع الأنظار في شرح طوالع الأنوار.
تأليف: أبي الحسن علي بن محمّد بن علي الحسيني الجرجاني الحنفي المعروف بالسيّد الشريف المتوفّى سنة 816ه_ / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم.
169 - حاشية السبزواري على الحكمة المتعالية: الحاشية على الأسفار (بهامش الحكمة المتعالية).
تأليف: هادي بن مهدي السبزواري المتوفّى سنة 1289 ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الرابعة - 1410ه_.
170 - الحاشية على إلهيات الشرح الجديد: الحاشية على إلهيات الشرح الجديد للتجريد.
تأليف: أحمد بن محمّد الأردبيلي المعروف بالمقدّس الأردبيلي المتوفّى
ص: 594
سنة 993 ه_ / تحقيق: أحمد العابدي / نشر: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -قم / الطبعة الثانية - 1419ه_.
171-حاشية ملّا عبدالله على التهذيب: الحاشية على تهذيب المنطق والكلام للتفتازاني.
تأليف: نجم الدین عبدالله بن شهاب الدين حسين اليزدي الشهابادي المعروف بالملّا عبدالله المتوفّى سنة 981ه_ / تعليق: مصطفى الحسيني الدشتي / نشر: مؤسّسة إسماعيليان - قم / الطبعة الثانية - 1363 ه_ ش.
172 - حقائق التأويل: حقائق التأويل في متشابه التنزيل.
تأليف: أبي الحسن محمّد بن الحسين بن موسى بن محمّد الموسوي البغدادي المعروف بالشريف الرضي المتوفّى سنة 406ه_ / شرح: محمّد الرضا آل كاشف الغطاء / نشر: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة - طهران /1406ه_.
173 - الحكمة المتعالية الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة.
تأليف:: صدر الدین محمّد بن إبراهيم بن يحيى القوامي الشيرازي المعروف بصدر المتألّهين المتوفّى سنة 1050ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الرابعة - 1410ه_.
174 - حلية الأولياء: حلية الأولياء وطبقات الأصفياء.
تأليف: أبي نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران المهراني الأصفهاني المتوفّى سنة 430 ه_ / نشر: دار الكتب العلمية بيروت / الطبعة الأُولى - 1409ه_.
ص: 595
175 - الحوزة العلميّة في النجف الأشرف.
تأليف: محمّد الغروي / نشر: دار الأضواء - بيروت / الطبعة الأُولى - 1414ه_.
176 - حياة الحيوان للدميري: حياة الحيوان الكبرى.
تأليف: كمال الدين أبي البقاء محمّد بن موسى بن عيسى بن علي الدميري القاهري المتوفّى سنة 808ه_ / نشر: مكتبة ناصر خسرو - طهران.
177 - الحيوان الجاحظ: كتاب الحيوان
تأليف: أبي عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ المتوفّى سنة /255ه_ / تحقيق: عبد السلام محمّد هارون / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.
«حرف الخاء»
178 - خاصّ الخاصّ للثعالبي: خاصّ الخاصّ.
تأليف: أبي منصور عبد الملك بن محمّد بن إسماعيل الثعالبي النيسابوري المتوفّى سنة 430 ه_ / تحقيق: مأمون محيي الدين الجنان / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1414ه_.
ص: 596
179 - خزانة الأدب خزانة الأدب ولبّ لباب لسان العرب.
تأليف: عبد القادر بن عمر البغدادي المتوفّى سنة 1093 ه_ / تحقيق: د. محمّد نبيل طريفي / إشراف: د. إميل بديع يعقوب / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1418ه_.
180 - الخلاصة: خلاصة الأقوال في معرفة الرجال.
تأليف: جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الأسدي المعروف بالعلّامة الحلّي المتوفّى سنة 726ه_ / تحقيق: جواد القيّومي الأصفهاني / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة الأُولى - 1415ه_.
181 - الخلاف الخلاف في الأحكام، أو مسائل الخلاف.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 ه_ / تحقيق: جواد الشهرستاني وعلي الخراساني الكاظمي ومحمّد مهدي نجف / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / 1409ه_.
«حرف الدال»
182 - دائرة المعارف الإسلامية.
تأليف: مجموعة من الباحثين الأجانب / تعريب: أحمد الشنتناوي
ص: 597
وإبراهيم زكي خورشيد وعبد الحميد يونس / مراجعة: د. محمّد مهدي علّام / نشر: دار الفكر - بيروت.
183 - دائرة المعارف الإسلامية الشيعية.
تأليف: حسن محسن الأمين العاملي المتوفّى سنة 1423 ه_ / نشر: دار التعارف - بيروت / الطبعة السادسة - 1422ه_.
184 - دائرة المعارف الشيعية العامّة: مقتبس الأثر ومجدّد ما دثر من تاريخ البشر.
تأليف: محمّد حسين بن سليمان بن ولي الله بن أمر الله بن عبدالله الأعلمي الحائري المهرجاني المتوفّى سنة 1391 ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الثانية - 1413ه_.
185 - دائرة معارف القرن العشرين.
تأليف: محمّد فريد بن مصطفى وجدي بن علي رشاد المتوفّى سنة 1373ه_ / نشر: دار الفكر ودار نوبليس - بيروت / 1399ه_.
186 - الدرجات الرفيعة الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة.
تأليف: صدر الدين علي خان بن أحمد بن محمّد معصوم بن أحمد بن إبراهيم الحسيني المدني الشيرازي المتوفّى سنة 1120 ه_ / نشر: مؤسّسة الوفاء - بيروت / الطبعة الثانية - 1403ه_.
187 - الدرّ المنثور: الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور.
تأليف: جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الكمال بن محمّد بن سابق الدين الخضيري السيوطي الشافعي المتوفّى سنة 911ه_ / نشر: دار
ص: 598
الفكر - بيروت / 1423ه_.
188 - الدرر المنتثرة: الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة.
تأليف: جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الكمال بن محمّد بن سابق الدين الخضيري السيوطي الشافعي المتوفّى سنة 911ه_/ تحقيق: محمّد عبد الخالق عبد القادر عطا / نشر: دار الاعتصام - القاهرة.
189 - دستور العلماء: جامع العلوم في اصطلاحات الفنون.
تأليف: عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري / تعريب: حسن هاني فحص / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1421ه_.
190 - دقائق الإشارات: دقائق الإشارات إلى معاني الأسماء والصفات.
تأليف: عبدالله بن محمّد عبد القادر الأنصاري الخليلي الشافعي المعروف بابن قاضي الخليل المتوفّى سنة 724 ه_ / تحقيق: عماد الدين حیدر / نشر: مؤسّسة الكتب الثقافية ودار الجنان - بيروت / الطبعة الأُولى - 1408ه_.
191 - دلائل التوحيد كتاب دلائل التوحيد.
تأليف: جمال الدين بن محمّد بن سعيد بن قاسم القاسمي الدمشقي المتوفّى سنة 1332ه_ / مراجعة: محمّد حجازي / نشر: مكتبة الثقافة الدينية - القاهرة / طبع: مطبعة المدني / الطبعة الأُولى - 1406 ه_.
192 - دلائل الصدق: دلائل الصدق لنهج الحقّ.
تأليف: محمّد حسن المظفّر المتوفّى سنة 1375 ه_ / تحقيق ونشر: مؤسسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث - دمشق / الطبعة الأُولى - 1422ه_.
ص: 599
193 - دلائل النبوّة للبيهقي: دلائل النبوّة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة.
تأليف: أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي النيسابوري المتوفّى سنة 458 ه_ / تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1405ه_.
194 - دمية القصر: دمية القصر وعُصرة أهل العصر.
تأليف: علي بن الحسن بن علي بن أبي الطيب الباخرزي المتوفّى سنة 467 ه_ / تحقيق: د. محمّد التونجي / نشر: دار الجيل - بيروت / الطبعة الأُولى - 1414ه_.
195 - دول الإسلام.
تأليف: شمس الدين أبي عبدالله محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي المتوفّى سنة 748ه_ / تحقيق: فهيم محمد شلتوت ومحمّد مصطفى إبراهيم / نشر الهيئة المصرية العامّة للكتاب - مصر / 1974م.
196 - الدين الخالص.
تأليف: أبي الطيب صدّيق بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني القِنّوجي البخاري الهندي المتوفّى سنة 1307 ه_ / تحقيق: محمّد زهري النجّار / نشر: مكتبة العرفان - مصر.
197 - ديوان أبي تمّام.
شرح: أبي زكريا يحيى بن علي بن محمّد بن الحسن الشيباني المعروف بالخطيب التبريزي المتوفّى سنة 502ه_ / تعليق: راجي الأسمر / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الثانية - 1414ه_.
ص: 600
198 - ديوان أبي العتاهية.
تقديم وشرح: د. صلاح الدين الهواري / نشر: دار ومكتبة الهلال ودار البحار - بيروت / الطبعة الأُولى - 2004 م.
199 - ديوان أبي فراس الحمداني.
شرح د. خليل الدويهي / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الثانية - 1414ه_.
200 - ديوان أبي نؤاس.
تحقيق وشرح: أحمد عبد المجيد الغزالي / إشراف: عزيز أباظة / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / 1412ه_.
201 - ديوان امرئ القيس.
تقديم وشرح: غَريد الشيخ / نشر: مؤسسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الأُولى المحقّقة - 1421ه_.
202 - ديوان البحتري.
تقديم وشرح: د. يوسف الشيخ محمّد / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1407ه_.
203 - ديوان جرير.
تقديم وشرح: تاج الدين شَلَق / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
204 - ديوان حسّان بن ثابت الأنصاري.
تقديم وشرح: عبد الرحمان البرقوقي / نشر: دار الكتاب العربي -
ص: 601
بيروت/ 1410ه_.
205 - ديوان الحطيئة.
تقديم وشرح: د. عمر فاروق الطباع / نشر: شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت / 2000 م.
206 - ديوان الحماسة.
شرح: أبي زكريا يحيى بن علي بن محمّد بن الحسن الشيباني المعروف بالخطيب التبريزي المتوفّى سنة 502ه_ / نشر: دار القلم - بيروت.
207 - ديوان الشريف الرضي.
نشر: مطبعة وزارة الإرشاد الإسلامي - طهران / الطبعة الأُولى - 1406ه_.
208 - ديوان طرفة: ديوان طرفة بن العبد.
تقديم وشرح: د. عمر فاروق الطباع / نشر: دار القلم - بيروت / 2003 م.
209 - ديوان العذريين.
شرح: د. يوسف عبيد / نشر: دار الجيل - بيروت / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
210 - ديوان عمرو بن كلثوم.
جمع وتحقيق وشرح: د. إميل بديع يعقوب / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1411ه_.
211 - ديوان عنترة.
تقديم وشرح علي العسيلي / نشر: مؤسّسة النور - بيروت / الطبعة
ص: 602
الأُولى - 1419ه_.
212 - ديوان الفرزدق.
تقديم وشرح علي خريس / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1416ه_.
213 - ديوان كثير عزّة.
تقديم وشرح: مجيد طراد / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
214 - ديوان لبيد.
شرح: الطوسي / تقديم وتعليق: د. حنّا نصر الحتّي / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1414ه_.
215 - ديوان المتنبّي.
شرح وتعليق: مصطفى سبيتي / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1406ه_.
216 - ديوان مجنون ليلى.
شرح: د. يوسف فرحات / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1412ه_.
217 - الديوان المنسوب للأمير ديوان الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام.
جمع وترتيب وتحقيق: د. صابر القادري / نشر: المكتبة العصرية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1424ه_.
218 - ديوان النابغة الذبياني.
ص: 603
تقديم وشرح: د. حنّا نصر الحتّي / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1411ه_.
«حرف الذال»
219 - الذخيرة: الذخيرة في علم الكلام.
تأليف: أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمّد الموسوي البغدادي المعروف بالمرتضى وعلم الهدى المتوفّى سنة 436 ه_ / تحقيق: أحمد الحسيني / نشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين - قم / 1411ه_.
220 - الذريعة الذريعة إلى تصانيف الشيعة.
تأليف: محسن أغا بزرك الطهراني المتوفّى سنة 1389 ه_ / نشر: دار الأضواء - بيروت / الطبعة الثالثة - 1403ه_.
221 - ذيل أمالي القالي: ذيل الأمالي والنوادر.
تأليف: أبي علي إسماعيل بن القاسم بن عَيذون بن هارون بن موسى القالي البغدادي المتوفّى سنة 356ه_ / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت.
ص: 604
«حرف الراء»
222 - ربيع الأبرار: ربيع الأبرار ونصوص الأخبار.
تأليف: جار الله أبي القاسم محمود بن عمر بن محمّد بن عمر الزمخشري الخوارزمي المتوفّى سنة 538ه_ / تحقيق: د. سليم النعيمي / نشر: مكتبة الشريف الرضي -قم / الطبعة الأُولى - 1410ه_.
223 - رجال ابن داود كتاب الرجال.
تأليف: تقي الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي المتوفّى ما بعد سنة 707ه_ / تحقيق: محمّد صادق بحر العلوم / نشر: مكتبة الشريف الرضي -قم / أُفست عن المطبعة الحيدرية - النجف / 1392 ه_.
224 - رجال الطوسي: كتاب الرجال.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 ه_ / تحقيق: جواد القيّومي الأصفهاني / نشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة الأُولى - 1415ه_.
225 - رجال الكشّي: اختيار معرفة الرجال، أو: اختيار معرفة الناقلين.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 ه_ / تعليق: برهان الدين محمّد بن محمّد باقر الحسيني ميرداماد الإسترابادي المعروف بالمعلّم الثالث المتوفّى سنة
ص: 605
1041 ه_ / تحقيق: مهدي الرجائي / نشر: مؤسسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث -قم / 1404ه_.
226 - رجال النجاشي: فهرست أسماء مصنّفي الشيعة.
تأليف: أبي العبّاس أحمد بن علي بن العبّاس النجاشي الأسدي المتوفّى سنة 450 ه_ / تحقيق: موسى الشبيري الزنجاني / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة السادسة - 1418ه_.
227 - الرحلة المدرسية: الرحلة المدرسية والمدرسة السيّارة في نهج الحقّ.
تأليف: محمّد جواد البلاغي النجفي المتوفّى سنة 1352 ه_ / نشر: دار المرتضى - بيروت / الطبعة الثالثة - 1993م.
228 - رسائل إخوان الصفا: رسائل إخوان الصفاء وخلّان الوفاء.
تأليف: أبي سليمان محمّد بن معشر البستي المقدسي وأبي الحسن علي ابن هارون الزنجاني وأبي أحمد المهرجاني وأبي الحسن العوفي وزيد ابن رفاعة، من أفاضل القرن الرابع الهجري / نشر: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -قم / 1405ه_.
229 - الرسائل الفلسفية الصدرا: مجموعة الرسائل الفلسفية.
تأليف: صدر الدين محمّد بن إبراهيم بن يحيى القوامي الشيرازي المعروف بصدر المتألّهين المتوفّى سنة 1050 ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الأُولى المنقّحة - 1422ه_.
230 - رسائل المرتضى: الرسائل.
تأليف: أبي القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمّد الموسوي
ص: 606
البغدادي المعروف بالشريف المرتضى وعلم الهدى المتوفّى سنة 436 ه_ / إعداد: مهدي الرجائي / إشراف: أحمد الحسيني / نشر: دارالقرآن الكريم -قم / 1405 ه_.
231 - الرسالة السعدية.
تأليف: جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الأسدي المعروف بالعلّامة الحلّي المتوفّى سنة 726ه_ / تحقيق: عبد الحسين محمّد علي بقّال / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم / الطبعة الأُولى المحقّقة - 1410ه_.
232 - رسالة عدم سهو النبى.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالمفيد وابن المعلّم المتوفّى سنة 413ه_ / تحقيق: محمّد مهدي نجف / نشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد - قم / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
233 - رسالة الغفران.
تأليف: أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمّد التنّوخي المعرّي المتوفّى سنة 449ه_ / تحقيق: علي حسن فاعور / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1410ه_.
234 - الرسول واليهود وجهاً لوجه.
تأليف: د. سعد المرصفي / نشر: مكتبة ابن كثير - الكويت، ومؤسّسة الريّان - بيروت / الطبعة الثانية - 1423ه_.
ص: 607
235 - روائع إسلاميّة.
إعداد: إبراهيم النعمة / نشر: مطبعة الزهراء الحديثة - الموصل / الطبعة الثانية - 1404ه_.
236 - الروض الأنف: الروض الأنف في تفسير السيرة النبويّة لابن هشام.
تأليف: أبي القاسم عبد الرحمان بن عبد الله بن أحمد بن أبي الحسن الخثعمي السهيلي المتوفّى سنة 581 ه_ / تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد / نشر: دار الفكر - بيروت / 1420ه_.
237 - روضات الجنّات: روضات الجنّات في أحوال العلماء والسادات.
تأليف: محمّد باقر بن زين العابدين بن أبي القاسم بن حسين الموسوي الخوانساري الأصفهاني المتوفّى سنة 1313 ه_ / تحقيق: أسد الله إسماعيليان / نشر: مكتبة إسماعيليان - طهران.
238 - رياض السالكين: رياض السالكين في شرح صحيفة سيّد الساجدين.
تأليف: صدر الدين علي خان بن أحمد بن محمّد معصوم بن أحمد بن إبراهيم الحسيني المدني الشيرازي المتوفّى سنة 1120ه_ / تحقيق: محسن الحسيني الأميني / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم.
239 - رياض العلماء رياض العلماء وحياض الفضلاء.
تأليف: عبدالله أفندي بن عيسى بن محمّد صالح بن مير محمّد الأصفهاني المتوفّى سنة 1130 ه_ / تحقيق: أحمد الحسيني / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم / 1401ه_.
ص: 608
«حرف الزاء»
240 - زاد المسير: زاد المسير في علم التفسير.
تأليف: جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمان بن علي بن محمّد البكري البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي المتوفّى سنة 597 ه_ / تحقيق: د. محمّد بن عبد الرحمان عبد الله والسعيد بن بسيوني زغلول / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1407ه_.
241 - الزهد للبيهقي: كتاب الزهد الكبير.
تأليف: أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبدالله بن موسى البيهقي النيسابوري الخسروجردي المتوف<ى سنة 458ه_ / تحقيق: عامر أحمد حیدر / نشر: مؤسّسة الكتب الثقافية - بيروت / الطبعة الثالثة - 1417ه_.
242 - زهر الآداب زهر الآداب وثمر الألباب.
تأليف: أبي إسحاق إبراهيم بن علي الحصري القيرواني المتوفّى سنة 453ه_ / تحقيق: د. صلاح الدين الهواري / نشر: المكتبة العصرية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1421ه_.
ص: 609
«حرف السين»
243 - سمط اللآلي.
تأليف: أبي عبيد عبدالله بن عبد العزيز بن محمّد البكري المتوفّى سنة 496ه_ / تحقيق: عبد العزيز الميمني / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
244 - سمط النجوم العوالي: سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي.
تأليف: عبد الملك بن حسين بن عبد الملك العاصمي المكّي الشافعي المتوفّى سنة 1111 ه_ / تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمّد معوّض / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1419ه_.
245 - سنن ابن ماجة كتاب السنن.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن يزيد القزويني المعروف بابن ماجة المتوفّى سنة 275ه_ / تحقيق: محمّد فؤاد عبد الباقي / نشر: دار الفكر - بيروت.
246 - سنن أبي داود: السنن.
تأليف: أبي داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير السجستاني الأزدي الحنبلي المتوفّى سنة 275ه_ / تحقيق: محمّد محيي الدين عبد الحميد / نشر: دار الفكر - بيروت.
247 - سنن الترمذى: الجامع الصحيح. تأليف: أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي المتوفّى سنة
ص: 610
279 ه_ / تحقيق: أحمد محمّد شاكر / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / 1357ه_.
248 - سنن الدارقطني: السنن.
تأليف: أبي الحسن علي بن عمر الدار قطني المتوفّى سنة 385ه_ / تحقيق: عبد الله هاشم اليماني المدني / نشر: عالم الكتب - بيروت / الطبعة الرابعة -1406ه_.
249 - سنن الدارمي: السنن.
تأليف: أبي محمّد عبدالله بن عبد الرحمان بن الفضل بن بهرام الدارمي التميمي السمرقندي المتوفّى سنة 255ه_ / نشر: دار الفكر - القاهرة / 1398ه_.
250 - السنن الكبرى للبيهقي: السنن الكبرى.
تأليف: أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبدالله بن موسى البيهقي النيسابوري الخسروجردي المتوفّى سنة 458 ه_ / نشر: دار المعرفة - بيروت.
251 - سنن النسائي: السنن.
تأليف: أبي عبد الرحمان أحمد بن شعيب بن علي النسائي الخراساني المتوفّى سنة 303 ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1348ه_.
252 - سير أعلام النبلاء. تأليف: شمس الدين أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي المتوفّى سنة 748 ه_ / تحقيق: مجموعة من الباحثين / إشراف:
ص: 611
شعيب الأرناؤوط / نشر: مؤسّسة الرسالة - بيروت / الطبعة الحادية عشرة - 1417ه_.
253 - السيرة النبويّة لابن حبّان: السيرة النبويّة وأخبار الخلفاء.
تأليف: أبي حاتم محمّد بن حبّان بن أحمد التميمي البستي المتوفّى سنة 354ه_ / تحقيق: السيّد عزيز بك وجماعة / نشر: مؤسّسة الكتب الثقافية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1407ه_.
254 - السيرة النبويّة لابن سيّد الناس: عيون الأثر في فنون المغازي والسير.
تأليف: أبي الفتح محمّد بن محمّد بن عبدالله بن يحيى بن سيّد الناس المتوفّى سنة 734ه_ / نشر: مؤسّسة عزّ الدين - بيروت / 1406ه_.
255 - السيرة النبويّة لابن كثير: السيرة النبويّة.
تأليف: عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القرشي البصروي الدمشقي الشافعي المتوفّى سنة 774ه_ / تحقيق: مصطفى عبد الواحد / نشر: دار إحياء التراث - بيروت.
256 - السيرة النبويّة لابن هشام السيرة النبويّة.
تأليف: أبي محمّد عبد الملك بن هشام بن أيّوب الحميري المعافري الذهلي المتوفّى سنة 218ه_ / تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الثالثة - 1421ه_.
ص: 612
«حرف الشين»
257 - شبهات وأباطيل خصوم الإسلام شبهات وأباطيل خصوم الإسلام والردّ عليها.
تأليف: محمّد متولّي الشعراوي / جمع وإعداد وترتيب: عبد القادر أحمد عطا / نشر: دار العودة - بيروت / 1988 م.
258 - شجرة النور الزكية: شجرة النور الزكية في طبقات المالكية.
تأليف: محمّد بن محمّد مخلوف المتوفّى سنة 1360 ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت.
259 - شذرات الذهب شذرات الذهب في أخبار من ذهب.
تأليف: أبي الفلاح عبد الحي بن أحمد بن محمّد المعروف بابن العماد الحنبلي المتوفّى سنة 1089 ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / 1414ه_.
260 - الشذرة: الشذرة في الأحاديث المشتهرة.
تأليف:: محمّد بن طولون الصالحي المتوفّى سنة 953 ه_ / تحقيق: كمال بسيوني ذغلول / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
261 - شرح ابن عقيل: شرح ألفية ابن مالك.
تأليف: بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي الهمداني المصري المتوفّى
ص: 613
سنة 769ه_ / تحقيق: محمّد محيي الدين عبد الحميد / نشر: مكتبة سيّد الشهداء عليه السّلام - قم / الطبعة الثانية - 1411ه_.
262- شرح الإتحافات السنية: شرح الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية.
تأليف: زين الدين محمّد عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدّادي المُنَاوي القاهري المتوفّى سنة 1031ه_ / تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط وطالب عوّاد / نشر: دار ابن كثير - دمشق / الطبعة الأُولى - 1420ه_.
263 - شرح الإشارات للطوسي: الشرح على الإشارات والتنبيهات.
تأليف: نصير الدين أبي جعفر محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي المتوفّى سنة 672ه_ / تحقيق: د. سليمان دنیا / نشر: مؤسّسة النعمان - بيروت / 1413ه_.
264 - شرح الأُصول الخمسة.
تأليف: عبد الجبّار بن أحمد الهمذاني الأسد آبادي المتوفّى سنة 415 ه_ / تعليق: أحمد بن الحسين بن أبي هاشم / تصحيح: سمير مصطفى رباب / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1422ه_
265 - شرح أُصول الكافي لصدرا: شرح أُصول الكافي.
تأليف م: صدر الدين محمّد بن إبراهيم بن يحيى القوامي الشيرازي المعروف بصدر المتألّهين المتوفّى سنة 1050ه_ / تصحيح: محمّد خواجوي / نشر: مؤسّسة مطالعات وتحقيقات فرهنگي (مؤسّسة البحوث والتحقيقات الثقافية) - طهران / الطبعة الأُولى - 1366 ه_ ش.
ص: 614
266 - شرح الباب الحادي عشر.
تأليف: جمال الدين المقداد بن عبدالله الحلّي السيوري المعروف بالفاضل المقداد المتوفّى سنة 826ه_ / نشر: إيران.
267 - شرح التجريد للقوشجي: شرح تجريد الكلام.
تأليف: علاء الدين علي بن محمّد القوشجي الحنفي المتوفّى سنة 879ه_ / نشر: مكتبة المعرفة - شيراز.
268 - شرح السنّة للبغوي: شرح السنّة.
تأليف: أبي محمّد الحسين بن مسعود بن محمّد بن الفرّاء البغوي الشافعي المتوفّى سنة 516 ه_ / تحقيق: سعيد محمّد اللحّام / نشر: دار الفكر - بيروت / 1419ه_.
269 - شرح السيوطي على سنن النسائي: شرح سنن النسائي.
تأليف: جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الكمال بن محمّد بن سابق الدين الخضيري السيوطي المتوفّى سنة 911 ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1348 ه_.
270 - شرح شذور الذهب: شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب.
تأليف: جمال الدين أبي محمّد عبدالله بن يوسف بن أحمد بن عبدالله بن هشام الأنصاري المصري المتوفّى سنة 761ه_ / نشر: دار الهجرة -قم / الطبعة الثانية - 1410ه_.
271 - شرح فصوص الحكم للغراب: شرح فصوص الحكم.
تأليف وجمع وتحقيق ونشر: محمود محمود الغراب / طبع: مطبعة زيد
ص: 615
ابن ثابت - دمشق.
272 - شرح القاساني على فصوص الحكم: شرح فصوص الحكم.
تأليف: كمال الدين عبد الرزّاق القاساني المتوفّى سنة 730ه_ / نشر: بيدار -قم / الطبعة الرابعة - 1370 ه_ ش.
273 - شرح المقاصد.
تأليف: سعد الدين مسعود بن عمر بن عبدالله التفتازاني الخراساني الشافعي المتوفّى سنة 793ه_ / تحقيق: د. عبد الرحمان عميرة / نشر: مكتبة الشريف الرضي - قم / الطبعة الأُولى - 1371ه_. ش.
274 - شرح المنظومة.
تأليف: هادي بن مهدي السبزواري المتوفّى سنة 1289 ه_ / تصحيح وتعليق: حسن حسن زاده الآملي / تحقيق: مسعود طالبي / نشر: ناب - طهران / الطبعة الثالثة - 1417ه_.
275 - شرح المواقف.
تأليف: أبي الحسن علي بن محمّد بن علي الحسيني الجرجاني الحنفي المعروف بالسيّد الشريف المتوفّى سنة 816ه_ / تصحيح: محمّد بدر الدين النعساني / نشر: مطبعة السعادة - مصر.
276 - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة.
تأليف: عزّ الدين أبي حامد عبد الحميد بن هبة الله المدائني المعتزلي المعروف بابن أبي الحديد المتوفّى سنة 656ه_ / تعليق: حسين الأعلمي / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الأُولى المصححة - 1415ه_.
ص: 616
277 - شروح الشمسية.
تأليف: القطب الرازي والشريف الجرجاني والسيالكوتي والدسوقي والدواني والشربيني / نشر: شركة شمس المشرق للخدمات الثقافية - بيروت.
278 - شعب الإيمان للبيهقي: شعب الإيمان.
تأليف: أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبدالله بن موسى البيهقي النيسابوري الخسروجردي المتوفّى سنة 458 ه_ / تحقيق: حمدي الدمرداش محمّد العدل / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1424ه_.
279 - الشعر والشعراء لابن قتيبة: الشعر والشعراء، أو طبقات الشعراء.
تأليف: أبي محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفّى سنة 276ه_ / تحقيق: د. مفيد محمّد قميحة ونعيم زرزور / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الثانية - 1405ه_.
280 - شعراء الغري: شعراء الغري، أو النجفيات.
تأليف: علي الخاقاني النجفي / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة - قم / 1408ه_ / أُفست عن المطبعة الحيدرية - النجف / 1373ه_.
281 - شعراء النصرانية بعد الإسلام.
تأليف: لويس شيخو اليسوعي المتوفّى سنة 1927 م / نشر: دار المشرق - بيروت / الطبعة الخامسة - 1999م.
ص: 617
282 - شعراء النصرانية قبل الإسلام.
تأليف: لويس شيخو اليسوعي المتوفّى سنة 1927 م / نشر: دار المشرق - بيروت / الطبعة الخامسة - 1999 م.
283 - الشفا للقاضي عياض: الشفا بتعريف حقوق المصطفى.
تأليف: أبي الفضل عياض بن موسى اليعصبي الأندلسي المتوفّى سنة 544ه_ / نشر: مكتبة ومطبعة المشهد الحسيني - القاهرة.
284 - الشفاء: الشفاء فى المنطق والرياضيات والطبيعيّات والإلهيّات).
تأليف: أبي علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا البلخي البخاري المعروف بالشيخ الرئيس المتوفّى سنة 428 ه_ / تحقيق: الأب قنواتي وسعيد زايد وعبد الله إسماعيل و د. محمود قاسم و د. عبد الحليم منتصر / نشر الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر ودار الكتاب العربي - القاهرة / 1380ه_.
285 - شفاء العليل: شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل.
تأليف: برهان الدين محمّد بن أبي بكر بن أيّوب الدمشقي الحنبلي المعروف بابن قيّم الجوزية المتوفّى سنة 751ه_ / تحقيق: د. السيد محمّد السيّد وسعيد محمود / نشر: دار الحديث - القاهرة / الطبعة الأُولى - 1414ه_.
286 - شوارق الإلهام: شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام.
تأليف: عبد الرزّاق بن علي بن الحسين اللاهيجي الجيلاني المتوفّى بعد سنة 1015 ه_ / نشر: مهدوي - أصفهان.
ص: 618
287 - الشيعة بين الأشاعرة والمعتزلة.
تأليف: هاشم معروف الحسني / نشر: دار القلم - بيروت / الطبعة الأُولى - 1978م.
«حرف الصاد»
288 - الصافي: الصافي في تفسير القرآن.
تأليف: محمّد محسن بن مرتضى المعروف بالفيض الكاشاني المتوفّى سنة 1091 ه_ / تحقيق: محسن الحسيني الأميني / نشر: دار الكتب الإسلامية - طهران / الطبعة الأُولى - 1419ه_.
289 - صبح الأعشى: صبح الأعشى في صناعة الإنشاء.
تأليف: أبي العبّاس أحمد بن علي القلقشندي المتوفّى سنة 821ه_ / نشر: المؤسّسة المصرية العامّة - مصر / 1963م.
290 - صحاح اللغة تاج اللغة وصحاح العربية.
تأليف: أبي نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري المتوفّى سنة 393ه_ / تحقيق: أحمد عبد الغفور عطّار / نشر: دار العلم للملايين - بيروت / الطبعة الرابعة - 1407ه_.
291 - صحيح البخاري: الصحيح.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردز به
ص: 619
البخاري الجعفي المتوفّى سنة 256ه_ / تحقيق: د. مصطفى ديب البُغا / نشر: دار ابن كثير ودار اليمامة - دمشق وبيروت / الطبعة الخامسة - 1414ه_.
292 - صحيح مسلم: الصحيح.
تأليف: أبي الحسين مسلّم بن الحجّاج القشيري النيسابوري المتوفّى سنة 261ه_ / تحقيق: محمّد فؤاد عبد الباقي / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الثانية - 1972م.
293 - الصحيفة السجّادية (مجموعة أدعية الإمام زين العابدين عليه السّلام).
تصحيح ونشر: المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السّلام - قم / الطبعة الثانية - 1423ه_.
294 - صفوة الصفوة.
تأليف: أبي الفرج عبد الرحمان بن علي بن محمّد بن علي البكري البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي المتوفّى سنة 597 ه_ / تحقيق: محمود فاخوري و د. محمّد روّاس قلعجي / نشر: دار المعرفة - بيروت / الطبعة الرابعة - 1406ه_.
«حرف الضاد»
295 - الضائع من معجم الأُدباء.
تأليف: د. مصطفى جواد / نشر: شركة المعرفة للنشر والتوزيع
ص: 620
المحدودة - العراق / 1410ه_.
«حرف الطاء»
296 - طبقات الحفّاظ.
تأليف: جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الكمال بن محمّد بن سابق الدين الخضيري السيوطي الشافعي المتوفّى سنة 911ه_ / تحقيق: علي محمّد عمر / نشر: مكتبة وهبة - القاهرة / الطبعة الأُولى - 1393 ه_.
297 - طبقات خليفة: الطبقات.
تأليف: أبي عمرو خليفة بن خيّاط بن أبي هبيرة الليثي العصفري المعروف بشبّاب المتوفّى سنة 240 ه_ / رواية: موسى بن زكريا بن يحيى التستري لمحمّد بن أحمد بن محمّد الأزدي / تحقيق: د. أكرم ضياء العُمري / نشر: دار طيبة - الرياض / الطبعة الثانية - 1402ه_.
298 - طبقات الشافعية الكبرى.
تأليف: تاج الدين أبي نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي المتوفّى سنة 771ه_ / تحقيق: عبد الفتاح محمّد الحلو ومحمود محمّد الطناحي / نشر: دار إحياء الكتب العربية - القاهرة.
299 - طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة طبقات الشافعية.
تأليف: تقي الدين أبي بكر بن أحمد بن محمّد بن عمر بن محمّد الأسدي
ص: 621
الدمشقي المعروف بابن قاضي شهبة المتوفّى سنة 851 ه_ / تحقيق: د. عبد العليم خان / نشر: دار الندوة الجديدة - بيروت / 1407ه_.
300 - طبقات الشعراء لابن سلّام: طبقات الشعراء.
تأليف: محمّد بن سلّام الجمحي المتوفّى سنة 231ه_ / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الثانية - 1408ه_.
301- طبقات الفقهاء.
تأليف: أبي إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي الشيرازي الشافعي المتوفّى سنة 476 ه_ / نشر: مطبعة بغداد - بغداد / 1356 ه_.
302 - الطبقات الكبرى لابن سعد: الطبقات الكبرى.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن سعد بن منيع الزهري البصري المتوفّى سنة 230ه_ / نشر: دار بیروت - بيروت / 1405ه_.
303 - طبقات المفسّرين للداودي: طبقات المفسّرين.
تأليف: شمس الدين محمّد بن علي بن أحمد الداودي المتوفّى سنة 945ه_/ نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1403ه_.
304 - الطراز: الطراز المتضمّن لأسرار البلاغة وعلوم حقائق الإعجاز.
تأليف: يحيى بن حمزة بن علي بن إبراهيم العلوي اليمني المتوفّى سنة 749ه_ / طبع: مطبعة المقتطف - مصر / 1914م.
305 - طوالع الأنوار.
تأليف: ناصر الدين أبي سعيد عبدالله بن عمر بن محمّد البيضاوي الشيرازي المتوفّى سنة 685 ه_ / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -
ص: 622
قم / افست عن إحدى المطابع الباكستانية.
«حرف العين»
306 - العبر: العبر في خبر من غير.
تأليف: شمس الدين أبي عبدالله محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي المتوفّى سنة 748ه_ / تحقيق: د. صالح الدين المنجد / نشر: دائرة المطبوعات - الكويت / 1960م.
307 - عدّة الأُصول.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 ه_ / تحقيق: محمّد رضا الأنصاري القمّي / نشر: مؤسّسة البعثة - قم / الطبعة الأُولى - 1417ه_.
308 - عدّة الداعي: عدّة الداعي ونجاح الساعي.
تأليف: جمال الدين أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن فهد الأسدي الحلّي المتوفّى سنة 841ه_ / تحقيق ونشر: مؤسّسة المعارف الإسلامية -قم / الطبعة الأُولى - 1420ه_.
309 - العقد الثمين العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين.
تأليف: تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي المتوفّى سنة ه_ / تحقيق: محمّد عبد القادر أحمد عطا / نشر: دار الكتب العلمية -
ص: 623
بيروت / الطبعة الأُولى - 1419ه_.
310 - العقد الفريد.
تأليف: شهاب الدين أبي عمر أحمد بن محمّد بن عبد ربّه بن حبيب بن دريد بن سالم الأندلسي المتوفّى سنة 328ه_ / تحقيق: د. مفيد محمّد قميحة / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1417ه_.
311 - العلاقة الجدلية: العلاقة الجدلية بين التاريخ والطقوس المسيحية (حوار يدور في فضاء اللاهوت المسيحي).
تأليف: المحامي أحمد عمران / نشر: دار الوعي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1417ه_.
312 - علل الشرائع.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي المعروف بالصدوق المتوفّى سنة 381ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1408ه_.
313 - العلل المتناهية العلل المتناهية في الأحاديث الواهية.
تأليف: جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمان بن علي بن محمّد بن علي البكري البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي المتوفّى سنة 597ه_ / تقديم وضبط: خليل الميس / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1403ه_.
314 - عوالي اللئالي: عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية.
تأليف: محمّد بن علي بن إبراهيم بن حسن الإحسائي المعروف بابن أبي
ص: 624
جمهور المتوفّى بعد سنة 878ه_ / تحقيق: مجتبى العراقي / نشر: مطبعة سيّد الشهداء - قم / الطبعة الأُولى - 1403ه_.
315 - العين للفراهيدي: كتاب العين.
تأليف: أبي عبد الرحمان الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري المتوفّى سنة 175ه_ / تحقيق: د. مهدي المخزومي و د. إبراهيم السامرّائي / نشر: دار ومكتبة الهلال - بيروت.
316 - عيون الأخبار.
تأليف: أبي محمّد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفّى سنة 276ه_ / تحقيق: د. يوسف علي طويل / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
317 - عيون أخبار الرضا عليه السّلام.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي المعروف بالصدوق المتوفّى سنة 381ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي - طهران / أُفست عن المطبعة الحيدرية - النجف / 1390 ه_.
«حرف الغين»
318 - الغدير: الغدير في الكتاب والسنّة والأدب.
تأليف: عبد الحسين أحمد الأميني النجفي المتوفّى سنة 1392ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1414ه_.
ص: 625
319 - غرر الحكم غرر الحكم ودرر الكلم.
تأليف: تاج الدين أبي الفتح عبد الواحد بن محمّد المحفوظ بن عبد الواحد التميمي الآمدي المتوفّى سنة 550 ه_ / تصحيح: حسين الأعلمي / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1407ه_.
320 - الغنية غنية النزوع إلى علمي الأُصول والفروع.
تأليف: عزّ الدين أبي المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي المتوفّى سنة 585 ه_ / تحقيق: إبراهيم البهادري / نشر: مؤسّسة الإمام الصادق عليه السّلام - قم / الطبعة الأُولى - 1418ه_.
321 - الغنية للجيلاني: الغنية لطالبي طريق الحقّ في الأخلاق والتصوّف والآداب الإسلاميّة.
تأليف: عبد القادر بن موسى بن عبدالله الجيلاني المتوفّى سنة 561 ه_ / نشر: المكتبة التوفيقية - القاهرة.
322 - الغيائي: غياث الأُمم في التياث الظُلَم.
تأليف: ضياء الدين أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبدالله ابن يوسف بن محمّد الجويني النيسابوري الشافعي المعروف بإمام الحرمين المتوفّى سنة 478ه_ / تحقيق: خليل المنصور / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1417ه_.
ص: 626
«حرف الفاء»
323 - فتح الباري: فتح الباري بشرح صحيح البخاري.
تأليف: شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن محمّد بن حجر الكناني العسقلاني الشافعي المتوفّى سنة 852 ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الثانية - 1402ه_.
324- فتح القدير: فتح القدير الجامع بين فنّي الرواية والدراية من علم التفسير.
تأليف: بدر الدين أبي علي محمّد بن علي بن محمّد بن عبدالله بن الحسن الشوكاني المتوفّى سنة 1250ه_ / نشر: دار المعرفة – بيروت.
325- فتح المالك: فتح المالك بتبويب التمهيد لابن عبد البرّ على موطّأ الإمام مالك.
ترتيب وتحقيق: د. مصطفى صميدة / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1418ه_.
326 - الفتوحات المكّية.
تأليف: محيي الدين أبي عبدالله محمّد بن علي بن محمّد الطائي الحاتمي المعروف بابن عربي المتوفّى سنة 638ه_ / نشر: دار صادر - بيروت.
327 - الفخري في الآداب السلطانية: منية الفضلاء في تواريخ الخلفاء والوزراء.
تأليف: فخر الدين محمّد بن علي بن محمّد بن رمضان بن طباطبا
ص: 627
الحسني المعروف بابن الطقطقي المتوفّى سنة 709ه_ / نشر: إيران.
328 - فرج المهموم فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم.
تأليف: رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن طاووس الحسني الحسيني المتوفّى سنة 664ه_/ نشر: دار الذخائر -قم.
329- فردوس الأخبار: فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرّج على كتاب الشهاب.
تأليف: شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي المتوفّى سنة 509 ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1418ه_.
330 - الفرق بين الفِرق.
تأليف: عبد القادر بن طاهر بن محمّد التميمي الإسفراييني البغدادي المتوفّى سنة 429ه_ / تحقيق: إبراهيم رمضان / نشر: دار المعرفة - بيروت / الطبعة الرابعة - 1424ه_.
331 - فرق الشيعة.
تأليف: الحسن بن موسى النوبختي من أعلام القرن الثالث الهجري / نشر: دار الأضواء - بيروت / الطبعة الثانية - 1404ه_.
332 - الفصل لابن حزم الفصل في الملل والأهواء والنحل.
تأليف: أبي محمّد علي بن أحمد بن سعيد الأندلسي الظاهري المعروف بابن حزم المتوفّى سنة 456 ه_ / تحقيق: د. محمّد إبراهيم نصر ود. عبد الرحمان عميرة / نشر: دار الجيل - بيروت.
ص: 628
333 - الفصول: الفصول في الأُصول.
تأليف: محمّد حسين بن عبد الرحيم الحائري الطهراني الأصفهاني المتوفّى سنة 1250ه_ / نشر: دار إحياء العلوم الإسلامية -قم / 1404ه_.
334 - فقه اللغة كتاب فقه اللغة وسرّ العربية.
تأليف: أبي منصور عبد الملك بن محمّد بن إسماعيل الثعالبي النيسابوري المتوفّى سنة 430ه_ / تحقيق: د. فائز محمّد / مراجعة: د. إميل بديع يعقوب / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الثانية - 1416ه_.
335 - الفقيه: كتاب من لا يحضره الفقيه.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي المعروف بالصدوق المتوفّى سنة 381ه_ / تحقيق: علي أكبر الغفاري / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة الثالثة - 1414ه_.
336 - الفكر الإسلامي الحديث: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي.
تأليف: د. محمّد البهي / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة السابعة - 1991م.
337 - فنّ الأدب الروائي عند تولستوي.
تأليف: ف. غ. إدينوكوف / تعريب: د. محمّد يونس / نشر: دار الشؤون الثقافية العامّة - بغداد / الطبعة الثانية - 1986م.
ص: 629
338 - فهرس التراث.
تأليف: محمّد حسين الحسيني الجلالي / تحقيق: محمّد جواد الحسيني الجلالي / نشر: دليل ما - قم / الطبعة الأُولى - 1422ه_.
339 - فهرست ابن النديم الفهرست
تأليف: أبي الفرج محمّد بن إسحاق بن محمّد بن إسحاق النديم الورّاق المتوفّى سنة 438 ه_ / نشر: دار المعرفة - بيروت / الطبعة الثانية - 1417ه_.
340 - الفهرست فهرست كتب الشيعة وأُصولهم وأسماء المصنّفين وأصحاب الأُصول.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي المعروف بشيخ الطائفة المتوفّى سنة 460 ه_ / تحقيق: عبد العزيز الطباطبائي / نشر: مكتبة المحقّق الطباطبائي -قم / الطبعة الأُولى - 1420ه_.
341 - فهرست منتجب الدين: فهرست أسماء علماء الشيعة ومصنّفيهم.
تأليف: منتجب الدين أبي الحسن علي بن عبيد الله بن بابويه الرازي من أعلام القرن السادس الهجري / تحقيق: عبد العزيز الطباطبائي / نشر: المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية - طهران.
342 - الفوائد الحائرية. تأليف: محمّد باقر بن محمّد أكمل البهبهاني المعروف بالوحيد المتوفّى سنة 1206 ه_ / تحقيق ونشر: مجمع الفكر الإسلامي - قم / الطبعة الأُولى المحقّقة - 1415ه_.
ص: 630
343 - فوات الوفيات فوات الوفيات والذيل عليها.
تأليف: محمّد بن شاكر الكتبي المتوفّى سنة 764ه_ / تحقيق: د. إحسان عبّاس / نشر: دار صادر - بيروت.
344 - فيض القدير: فيض القدير في شرح الجامع الصغير.
تأليف: زين الدين محمّد عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدّادي المُنَاوي القاهري المتوفّى سنة 1031ه_ / نشر: دار الحديث - القاهرة.
«حرف القاف»
345 - القاموس المحيط: القاموس المحيط والقابوس الوسيط.
تأليف: مجد الدين أبي طاهر محمّد بن يعقوب بن محمّد بن إبراهيم الفيروز آبادي الشيرازي الشافعي المتوفّى سنة 817 ه_ / نشر: دار الجيل - بيروت.
346 - القبسات.
تأليف: برهان الدين محمّد بن محمّد باقر الحسيني ميرداماد الإسترابادي المعروف بالمعلّم الثالث المتوفّى سنة 1041ه_ / تصحيح: مهدي محقّق وعلي الموسوي البهبهاني وإبراهيم الديباجي وتوشي هيكو إيزوتسو / نشر: مؤسّسة الدراسات الاسلامية - طهران / 1397ه_.
ص: 631
347 - قرب الإسناد.
تأليف: أبي العبّاس عبدالله بن جعفر الحميري من أعلام القرن الثالث الهجري / تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام التراث -قم / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
348 - قصّة الفلسفة لديورانت: قصّة الفلسفة من أفلاطون إلى جون ديوي.
تأليف: وِل ديورَانت / تعريب: د. فتح الله محمّد المشعشع / نشر: مكتبة المعارف - بيروت / الطبعة السادسة - 1408ه_.
349 - قصص الأنبياء للراوندي: قصص الأنبياء.
تأليف: قطب الدين أبي الحسن سعيد بن هبة الله الراوندي المتوفّى سنة 573 ه_ / تحقيق: غلام رضا عرفانيان اليزدي / نشر: مجمع البحوث الإسلامية - مشهد / الطبعة الأُولى - 1409ه_.
350 - قطر الندى: شرح قطر الندى وبلّ الصدى.
تأليف: جمال الدين أبي محمّد عبدالله بن يوسف بن أحمد بن عبدالله بن هشام الأنصاري المصري المتوفّى سنة 761 ه_ / تحقيق: محمّد محيي الدين عبد الحميد / نشر الفيروز آبادي -قم / الطبعة الثامنة - 1412ه_ / أُفست عن مطبعة السعادة - مصر / الطبعة الحادية شعرة - 1383 ه_.
351 - قطف الثمر: قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر.
تأليف: أبي الطيب صديّق بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني القِنّوجي البخاري الهندي المتوفّى سنة 1307 ه_ / تحقيق: د. عاصم عبدالله القريوتي / نشر: شركة الشرق الأوسط - عمان / الطبعة الأُولى - 1404ه_.
ص: 632
352 - القضاء والقدر للبيهقي: كتاب القضاء والقدر
تأليف: أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن عبدالله بن موسى البيهقي النيسابوري الخسروجردي المتوفّى سنة 458ه_ / تحقيق: محمّد عبد الله آل عامر / نشر: مكتبة العبيكان - الرياض / الطبعة الأُولى - 1421ه_.
353 - قواعد العقائد
تأليف: زين الدين أبي حامد محمّد بن محمّد بن محمّد بن أحمد الغزالي الطوسي الشافعي المتوفّى سنة 505ه_ / تحقيق: موسى محمّد علي / نشر: عالم الكتب - بيروت / الطبعة الثانية - 1405 ه_.
354 - قواعد المرام: قواعد المرام في علم الكلام.
تأليف: كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني المتوفّى سنة 699 ه_ / تحقيق: أحمد الحسيني / نشر: مكتبة المرعشي النجفي -قم / الطبعة الثانية - 1406ه_.
355 - قوانين الأصول: القوانين المحكمة في الأُصول المتقنة.
تأليف: أبي القاسم بن محمّد حسن الجيلاني الشفتي المعروف بالميرزا القمّي المتوفّى سنة 1231ه_ / نشر: دار الطباعة -قم / 1308 ه_ ش.
«حرف الكاف»
356 - الكاشف للذهبي: الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستّة.
تأليف: شمس الدين أبي عبد الله محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز
ص: 633
الذهبي المتوفّى سنة 748ه_ / تحقيق: عزّة علي عيد عطيّة وموسى محمّد علي الموشي / نشر: دار الكتب الحديثة - القاهرة / الطبعة الأُولى - 1392ه_.
357 - الكافي.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي المعروف بثقة الإسلام المتوفّى سنة 329ه_ / تحقيق: علي أكبر الغفاري / نشر: دار الكتب الإسلامية - طهران / الطبعة الخامسة - 1363 ه_ ش.
358 - الكامل في التاريخ.
تأليف: عزّ الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمّد بن محمّد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير الجزري المتوفّى سنة 630 ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / 1398 ه_.
359 - الكامل في ضعفاء الرجال.
تأليف: أبي أحمد عبدالله بن عدي الجرجاني المتوفّى سنة 365ه_ / تحقیق: د. سهيل زكّار ويحيى مختار غزّاوي / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الثالثة - 1409ه_.
360 - الكامل في اللغة والأدب.
تأليف: أبي العبّاس محمّد بن يزيد المبرّد المتوفّى سنة 285 ه_ / اعتناء: أحمد محمّد كنعان / نشر: دار الفكر العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1999م.
ص: 634
361 - الكرام البررة.
تأليف: محسن أغا بزرك الطهراني المتوفّى سنة 1389ه_ / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت.
362 - الكشّاف: الكشّاف عن غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل.
تأليف: جار الله أبي القاسم محمود بن عمر بن محمّد بن عمر الزمخشري الخوارزمي المتوفّى سنة 538 ه_ / تصحيح: مصطفى حسين أحمد / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت.
363 - کشاف اصطلاحات الفنون.
تأليف: محمّد أعلى بن علي التهانوي من أعلام القرن الثاني عشر الهجري / تصحيح: المولوي محمّد وجيه والمولوي غلام قادر والمولوي عبد الحق / نشر: مكتبة الخيام - طهران / 1967م.
364 - كشف الخفاء كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس.
تأليف: إسماعيل بن محمّد عبد الهادي بن الغني العجلوني الجرّاحي الدمشقي الشافعي المتوفّى سنة 1162 ه_ / تحقيق: أحمد القلاش / نشر: مؤسّسة الرسالة - بيروت / الطبعة السابعة - 1418ه_.
365 - كشف الظنون: كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون.
تأليف: مصطفى بن عبدالله القسطنطيني الرومي المعروف بحاجي خليفة أو الملّا كاتب الجلبي المتوفّى سنة 1067 ه_ / نشر: دار الفكر -
ص: 635
بيروت / 1410ه_.
366 - كشف الغمّة: كشف الغمّة في معرفة الأئمّة.
تأليف: أبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي المتوفّى سنة 693ه_ / نشر: دار الكتاب الإسلامي - بيروت.
367 - كشف المراد: كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد.
تأليف: جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الأسدي المعروف بالعلّامة الحلّي المتوفّى سنة 726ه_ / تعليق: حسن حسن زاده الآملي / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة الخامسة - 1415ه_.
368 - الكشف والبيان: الكشف والبيان في تفسير القرآن.
تأليف: أبي إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري المتوفّى سنة 427 ه_ / تحقيق: أبي محمّد بن عاشور / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1422ه_.
369 - الكشكول للبهائى: الكشكول.
تأليف: بهاء الدين محمّد بن حسين بن عبد الصمد الحارثي الجبعي العاملي المعروف بالشيخ البهائي المتوفّى سنة 1031ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة السابعة - 1420ه_.
370 - كفاية الأثر: كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر.
تأليف: أبي القاسم علي بن محمّد بن علي الخزّاز القمّي الرازي من أعلام القرن الرابع الهجري / تحقيق: عبد اللطيف الحسيني الكوهكمري
ص: 636
الخوئي / نشر: بيدار -قم / 1401 ه_.
371 - كلمة التصوّف (ضمن الرسائل الثلاث لشيخ الإشراق) رسالة كلمة التصوّف.
تأليف: شهاب الدين أبي الفتوح يحيى بن حبش بن أميرك السهرودي المتوفّى سنة 587ه_ / تصحيح: نجف قلي حبيبي / نشر: جمعية الفلسفة - طهران / 1397ه_.
372 - كمال الدين كمال الدين وتمام النعمة.
تأليف: أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمّي المعروف بالصدوق المتوفّى سنة 381ه_ / تحقيق: علي أكبر الغفّاري / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة الثالثة - 1416ه_.
373 - الكنى والألقاب.
تأليف: عبّاس بن محمّد رضا بن أبي القاسم القمّي المتوفّى سنة 1359 ه_ / نشر: مكتبة الصدر - طهران / الطبعة الخامسة - 1368ه_. ش.
374 - كنز العمّال: كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال.
تأليف: علاء الدين علي المتّقي بن حسام الدين البرهان فوري الهندي المتوفّى سنة 975ه_ / ضبط وتفسير الغريب من الكتاب: بكري حيّاني / تصحيح وفهرسة: صفوة السقا / نشر: مؤسّسة الرسالة - بيروت / 1409ه_.
ص: 637
375 - كنز الفوائد.
تأليف: أبي الفتح محمّد بن علي بن عثمان الكراجكي الطرابلسي المتوفّى سنة 449ه_ / تحقيق: عبدالله نعمة / نشر: دار الذخائر -قم / الطبعة الأُولى - 1410ه_.
«حرف اللام»
376 - اللآلئ المصنوعة: اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة.
تأليف: جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الكمال بن محمّد بن سابق الدين الخضيري السيوطي الشافعي المتوفّى سنة 911 ه_ / نشر دار المعرفة - بيروت / 1403ه_.
377 - لسان العرب: لسان العرب في اللغة والأدب.
تأليف: جمال الدين أبي الفضل محمّد بن مكرّم بن علي بن أحمد الرويفعي الأنصاري المصري المعروف بابن منظور المتوفّى سنة 771ه_ / تصحيح أمين محمّد عبد الوهاب و محمّد الصادق العبيدي / نشر: دار إحياء التراث العربي ومؤسّسة التاريخ العربي - بيروت / الطبعة الثالثة - 1419ه_.
378 - لسان الميزان.
تأليف: شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
ص: 638
المتوفّى سنة 852ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الثالثة - 1406ه_.
379 - اللمحات (ضمن الرسائل الثلاث لشيخ الإشراق): رسالة اللمحات.
تأليف: شهاب الدين أبي الفتح يحيى بن حبش بن أميرك السهرودي المتوفّى سنة 587ه_ / تصحيح: نجف قلي حبيبي / نشر: جمعية الفلسفة - طهران / 1397ه_.
380 - اللمع: كتاب اللمع في الردّ على أهل الزيغ والبدع.
تأليف: أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم الأشعري المتوفّى سنة 324ه_ / تحقيق: د. حمّودة غرابة / نشر: مطبعة مصر - مصر / 1955م.
381-اللؤلؤ المرصوع: اللؤلؤ المرصوع فيما لا أصل له أو بأصله موضوع.
تأليف: أبي المحاسن محمّد بن خليل القاوقجي الطرابلسي المتوفّى سنة 1305 ه_ / تحقيق: فوّاز أحمد زمولي / نشر: دار البشائر الإسلامية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1415ه_.
382 - لؤلؤة البحرين: لؤلؤة البحرين في الإجازات وتراجم رجال الحديث. تأليف: يوسف بن أحمد البحراني المعروف بالمحدّث البحراني المتوفّى سنة 1186 ه_ / تحقيق: محمّد صادق بحر العلوم / نشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث -قم / الطبعة الثانية.
383 - اللوامع الإلهية: اللوامع الإلهية في المباحث الكلامية.
تأليف: جمال الدين المقداد بن عبدالله الأسدي الحلّي السيوري المعروف
ص: 639
بالفاضل المقداد المتوفّى سنة 826ه_ / تحقيق: محمّد علي القاضي الطباطبائي / نشر: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي -قم / الطبعة الأُولى - 1422ه_.
384 - لوامع الأنوار: لوامع الأنوار وسواطع الأسرار الأثرية شرح الدرّة المضية في عقيدة الفرقة المرضية.
تأليف: محمّد بن أحمد بن سالم بن سليمان السفاريني النابلسي الحنبلي المتوفّى سنة 1188 ه_ أو 1189 ه_ / نشر: المكتب الإسلامي - بيروت ودار الخاني - الرياض / الطبعة الثالثة - 1411ه_.
«حرف الميم»
385 - المباحث المشرقيّة: المباحث المشرقيّة في علم الإلهيّات والطبيعيّات.
تأليف: فخر الدين أبي عبد الله محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن علي البكري الطبرستاني الشافعي المعروف بالفخر الرازي وبابن خطيب الري المتوفّى سنة 606ه_ / تحقيق: محمّد المعتصم بالله البغدادي نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1410ه_.
386 - المباحثات.
تأليف: أبي علي الحسين بن عبدالله بن الحسن بن علي بن سينا البلخي البخاري المعروف بالشيخ الرئيس المتوفّى سنة 428ه_ / تحقيق: محسن
ص: 640
بیدارفر / نشر: بيدار -قم / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
387 - مبادئ الفلسفة.
تأليف: أ. س. راپوپرت / تعريب: أحمد أمين / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت.
388 - مبادئ الموجودات: السياسة المدنية.
تأليف: أبي نصر محمّد بن محمّد بن أُوزلغ بن طرخان التركي الفارابي المعروف بالمعلم الثاني المتوفّى سنة 339ه_ / تحقيق: د. فوزي متري النجّار / نشر: مكتبة الزهراء عليهاسلام - طهران / الطبعة الأُولى - 1408ه_.
389 - المباهلة.
تأليف: عبدالله السُبيتي / نشر: مكتبة النجاح - طهران.
390 - المجتمع المثالي في الفكر الفلسفي المجتمع المثالي في الفكر الفلسفي وموقف الإسلام منه.
تأليف: د. محمّد سيّد أحمد المسير / نشر: مؤسّسة علوم القرآن - دمشق وبيروت، ومكتبة دار التراث - المدينة المنوّرة / الطبعة الثانية - 1404ه_.
391 - مجمع الأمثال.
تأليف: أبي الفضل أحمد بن محمّد بن إبراهيم الميداني النيسابوري المتوفّى سنة 518ه_ / نشر: دار ومكتبة الحياة - بيروت / 1961م.
392 - مجمع البحرين: مجمع البحرين ومطلع النيّرين.
تأليف: فخر الدين بن محمّد بن علي بن أحمد بن طريح الطريحي المتوفّى سنة 1087ه_ / تحقيق: أحمد الحسيني / نشر: المكتبة المرتضوية لإحياء
ص: 641
الآثار الجعفرية - طهران / الطبعة الثانية - 1365 ه_ ش.
393 - مجمع البيان: مجمع البيان في تفسير القرآن.
تأليف: أبي علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي المعروف بأمين الإسلام المتوفّى سنة 548ه_ / تحقيق: لجنة من الأفاضل / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1415ه_.
394 - مجمع الرجال.
تأليف: زكي الدين عناية الله بن علي القهبائي المتوفّى بعد سنة 1016 ه_ / تحقيق: ضياء الدين الأصفهاني / نشر: مؤسّسة إسماعيليان - قم.
395 - مجمع الزوائد مجمع الزوائد ومنبع الفوائد.
تأليف: نور الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي المتوفّى سنة 807ه_ / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الثالثة - 1402ه_.
396 - المحاسن للبرقي: المحاسن.
تأليف: أبي جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي المتوفّى سنة 274ه_ أو 280ه_ / تحقيق: جلال الدين الحسيني الأُرموي المحدّث / نشر: دار الكتب الإسلامية - قم / الطبعة الثانية.
397 - محاضرات في النصرانية.
تأليف: محمّد أبي زهرة المصري / نشر: دار الفكر العربي - بيروت / الطبعة الثالثة.
ص: 642
398 - المحجّة البيضاء: المحجّة البيضاء في تهذيب الإحياء.
تأليف: محمّد محسن بن مرتضئ المعروف بالفيض الكاشاني المتوفّى سنة 1091 ه_ / تحقيق: علي أكبر الغفاري / نشر مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة الثانية.
399- مختصر إتحاف السادة المهرة: مختصر إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة.
تأليف: شهاب الدين أبي العبّاس أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن سليم ابن قايماز البوصيري الكناني الشافعي المتوفّى سنة 840 ه_ / تحقيق: سيّد كسروي حسن / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1417ه_.
400 - مخزن المعاني مخزن المعاني في ترجمة المحقّق المامقاني.
تأليف: عبدالله بن محمّد حسن بن عبد الله المامقاني المتوفّى سنة 1351 ه_ / تحقيق واستدراك: محمّد رضا المامقاني / نشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث -قم / الطبعة الأُولى - 1423ه_.
401 - المدخل إلى دراسة الأديان: المدخل إلى دراسة الأديان والمذاهب.
تأليف: عبد الرزّاق محمّد أسود / نشر: الدار العربية للموسوعات ودار المسيرة - بيروت / الطبعة الأُولى - 1401ه_.
402 - مذاهب الإسلاميّين.
تأليف: د. عبد الرحمان بدوي / نشر: دار العلم للملايين - بيروت / الطبعة الأُولى - 1971 م.
ص: 643
403 - مرآة الجنان مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان.
تأليف: أبي محمّد عبدالله بن أسعد بن علي بن سليمان اليافعي اليمني المكّي المتوفّى سنة 768ه_ / تحقيق: خليل المنصور / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1417ه_.
404 - مروج الذهب مروج الذهب ومعادن الجوهر.
تأليف: أبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي المتوفّى سنة 346ه_ / تحقيق: محمّد محيي الدين عبد الحميد / نشر: دار المعرفة - بيروت.
405 - مستدرك سفينة البحار.
تأليف: علي النمازي الشاهرودي المتوفّى سنة 1405 ه_ / تحقيق: حسن علي النمازي / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / 1418ه_.
406 - المستدرك على الصحيحين.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن عبدالله الحاكم النيسابوري المتوفّى سنة 405 ه_ / تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1411ه_.
407 - مستدرك الوسائل مستدرك الوسائل و مستنبط المسائل.
تأليف: أبي محمّد حسين بن محمّد تقي بن علي محمّد بن تقي الطبرسي المعروف بالمحدّث النوري المتوفّى سنة 1320 ه_ / تحقيق ونشر
ص: 644
مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث - بيروت / الطبعة الثانية - 1409ه_.
408 - مستدركات أعيان الشيعة.
تأليف: حسن محسن الأمين العاملي المتوفّى سنة 1423 ه_ / نشر: دار التعارف - بيروت / 1408ه_.
409 - المستطرف المستطرف في كلّ فنٍّ مستظرف.
تأليف: شهاب الدين أبي الفتح محمّد بن أحمد الأبشيهي المحلّى المتوفّى سنة 1446 م / نشر: دار الأضواء - بيروت / الطبعة الأُولى - 1415ه_.
410 - المستقصى في أمثال العرب.
تأليف: جار الله أبي القاسم محمود بن عمر بن محمّد بن عمر الزمخشري الخوارزمي المتوفّى سنة 538ه_ / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الثانية - 1408ه_.
411 - 411 - مسند أبي يعلى: المسند.
تأليف: أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنّى التميمي الموصلي المتوفّى سنة 307ه_ / تحقيق: حسين سليم أسد / نشر: دار المأمون للتراث - دمشق وبيروت / الطبعة الثانية - 1410ه_.
412 - مسند أحمد المسند.
تأليف: أبي عبدالله أحمد بن محمّد بن حنبل بن هلال الشيباني المتوفّى سنة 241ه_ / نشر: دار صادر - بيروت.
413 - مشارق الأنوار: مشارق أنوار اليقين في حقائق أسرار أمير المؤمنين.
تأليف: رجب بن محمّد بن رجب البرسي الحلّي المتوفّى بعد سنة 813ه_ /
ص: 645
نشر: مكتبة الشريف الرضي - قم / الطبعة الأُولى - 1414ه_.
414 - مشاهير علماء الأمصار.
تأليف: أبي حاتم محمّد بن حبّان بن أحمد التميمي البستي المتوفّى سنة 354ه_ / تصحيح: م. فلايشهمر / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
415 - مشكاة المصابيح.
تأليف: ولي الدين أبي عبدالله محمّد بن عبدالله العمري الخطيب التبريزي المتوفّى سنة 741ه_ / تحقيق: سعيد محمّد اللحّام / نشر: دار الفكر - بيروت / 1421ه_.
416 - مصابيح الأنوار مصابيح الأنوار في حل مشكلات الأخبار.
تأليف: عبدالله بن محمّد رضا بن شبّر بن حسن بن أحمد آل شبّر المتوفّى سنة 1242ه_ / نشر: مكتبة بصيرتي -قم.
417 - مصارع المصارع.
تأليف: نصير الدين أبي جعفر محمّد بن محمّد بن الحسن الطوسي المتوفّى سنة 672 ه_ / تحقيق: حسن المعزّي / نشر: مكتبة المرعشي النجفي -قم / 1405ه_.
418 - المصباح للكفعمي: جنّة الأمان الواقية وجنّة الإيمان الباقية.
تأليف: تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن بن محمّد بن صالح الكفعمي الحارثي العاملي المتوفّى سنة 905ه_ / نشر: مؤسّسة النعمان - بيروت / 1412ه_.
ص: 646
419 - المصباح المنير: المصباح المنير في غريب الشرح الكبير.
تأليف: أحمد بن محمّد بن علي المقري الفيومي المتوفّى سنة 770ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت
420 - مصر الفرعونية.
تأليف: أحمد فخري / نشر: مكتبة الإنجلو المصرية - القاهرة / الطبعة السابعة - 1991م.
421 - مصفى المقال: مصفى المقال في مصنّفي علم الرجال.
تأليف: محسن أغا بزرك الطهراني المتوفّى سنة 1389 ه_ / تصحيح: أحمد منزوي / نشر: مطبعة إيران الدولية - إيران / الطبعة الأُولى - 1959م.
422 - المصنّف لابن أبي شيبة: المصنّف في الأحاديث والآثار.
تأليف: عبدالله بن محمّد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الكوفي العبسي المتوفّى سنة 235ه_ / تحقيق: سعيد محمّد اللحّام / نشر: دار الفكر - بيروت / 1414ه_.
423 - المصنّف لعبد الرزاق المصنّف.
تأليف: أبي بكر عبد الرزّاق بن همّام الصنعاني المتوفّى سنة 211 ه_ / تحقيق: حبيب الرحمان الأعظمي / نشر: المكتب الإسلامي - بيروت / الطبعة الثانية - 1403ه_.
424 - المطالب العالية: المطالب العالية من العلم الإلهي.
تأليف: فخر الدين أبي عبد الله محمّد بن عمر بن الحسن بن الحسين بن
ص: 647
علي البكري الطبرستاني الشافعي المعروف بالفخر الرازي وبابن خطيب الري المتوفّى سنة 606ه_ / تحقيق: د. أحمد حجازي السقا / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1407ه_.
425 - مطالع الأنظار: مطالع الأنظار في شرح طوالع الأنوار.
تأليف: أبي الثناء شمس الدين محمود بن عبد الرحمان الأصفهاني المتوفّى سنة 749ه_ / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم.
426 - مع علماء النجف الأشرف.
تأليف: محمّد الغروي / نشر: دار الثقلين - بيروت / الطبعة الأُولى - 1420ه_.
427 - المعارف.
تأليف: أبي محمّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفّى سنة 276ه_ / تحقيق: ثروة عكاشة / نشر: مطبعة دار الكتب / 1960م.
428 - معارف الرجال: معارف الرجال في تراجم العلماء والأدباء.
تأليف: محمّد بن علي بن عبدالله بن حمد الله بن محمود حرز الدين النجفي المتوفّى سنة 1365 ه_ / تعليق: محمّد حسين حرز الدين / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم / 1405ه_.
429 - معاني القرآن.
تأليف: أبي زكريا يحيى بن زياد الفرّاء المتوفّى سنة 207ه_ / تحقيق: د. أحمد يوسف نجاتي ومحمّد علي النجّار / نشر: مكتبة ناصر خسرو - طهران / الطبعة الأُولى.
ص: 648
430 - معاهد التنصيص: معاهد التنصيص على شواهد التلخيص.
تأليف: عبد الرحمان بن أحمد العبّاسي المتوفّى سنة 963 ه_ / تحقيق: محمّد محيي الدين عبد الحميد / نشر: عالم الكتب - بيروت.
431 - معترك الأقران معترك الأقران في إعجاز القرآن.
تأليف: جلال الدين عبد الرحمان بن أبي بكر الكمال بن محمّد بن سابق الدين الخضيري السيوطي الشافعي المتوفّى سنة 911 ه_ / تحقيق: علي محمّد البجاوي / نشر: دار الفكر - بيروت.
432 - المعجزة الكبرى: المعجزة الكبرى (القرآن).
تأليف: محمّد أبي زهرة المصري / نشر: دار الفكر - بيروت
433 - معجم الأبيات الشهيرة.
تأليف: حسن نمر دَندَشي / نشر: دار جرّوس برس - طرابلس (لبنان).
434 - معجم الأُدباء للجبوري: معجم الأُدباء (من العصر الجاهلي حتىّ سنة 2002م).
تأليف: كامل سلمان الجبوري / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1424ه_.
435 - معجم الاستشهادات.
تأليف: د. علي القاسمي / نشر: مكتبة لبنان - بيروت / الطبعة الأُولى - 2001 م.
436 - معجم الأمثال العربية.
تأليف: د. محمود إسماعيل صيني وناصف مصطفى عبد العزيز
ص: 649
ومصطفى أحمد سليمان / نشر: مكتبة لبنان - بيروت / 1996
437 - المعجم الأوسط للطبراني: المعجم الأوسط.
تأليف: أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيّوب بن مُطير اللخمي الشامي الطبراني المتوفّى سنة 360ه_ / تحقيق: د. محمود الطحّان / نشر: مكتبة المعارف - الرياض / الطبعة الأُولى - 1405ه_.
438 - معجم البلدان.
تأليف: شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي البغدادي المتوفّى سنة 626ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي ومؤسّسة التاريخ العربي - بيروت.
439 - معجم التراث الكلامي.
تأليف: اللجنة العلمية في مؤسّسة الإمام الصادق عليه السّلام / نشر: مؤسّسة الإمام الصادقين عليه السّلام - قم / الطبعة الأُولى - 1423ه_.
440 - معجم رجال الفكر والأدب: معجم رجال الفكر والأدب في النجف خلال ألف عام.
تأليف: د. محمّد هادي عبد الحسين الأميني النجفي / الطبعة الثانية - 1413ه_.
441 - معجم الشعراء للجبوري: معجم الشعراء (من العصر الجاهلي حتّى سنة 2002م).
تأليف: كامل سلمان الجبوري / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 2003 م.
ص: 650
442 - المعجم الصغير للطبراني: المعجم الصغير.
تأليف: أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيّوب بن مُطير اللخمي الشامي الطبراني المتوفّى سنة 360ه_ / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت.
443 - المعجم الكبير للطبراني: المعجم الكبير.
تأليف: أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيّوب بن مُطير اللخمي الشامي الطبراني المتوفّى سنة 360ه_ / تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي / طبع: مطبعة الزهراء الحديثة - الموصل / الطبعة الثانية - 1404ه_.
444 - معجم ما كُتب عن الرسول وأهل البيت.
تأليف: د. عبد الجبار الرفاعي / نشر: منظمة الطباعة والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي - طهران / الطبعة الأُولى - 1371 ه_. ش
445 - معجم المطبوعات العربيّة: معجم المطبوعات العربيّة والمعرّبة.
تأليف: يوسف إليان سركيس المتوفّى سنة 1351 ه_ / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم.
446 - معجم المفسّرين لنويهض: معجم المفسّرين من صدر الإسلام حتّى العصر الحاضر.
تأليف: عادل نويهض / نشر: مؤسّسة نويهض الثقافية - بيروت / الطبعة الثالثة - 1409ه_.
447 - معجم مقاييس اللغة.
تأليف: أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن حبيب الرازي المتوفّى
ص: 651
سنة 395ه_ / تحقيق: عبد السلام محمّد هارون / نشر: مكتب الإعلام الإسلامي -قم / 1404ه_.
448 - معجم مؤرّخي الشيعة.
تأليف: د. صائب عبد الحميد / نشر: مؤسّسة دائرة معارف الفقه الإسلامي -قم / الطبعة الأُولى - 1424ه_.
449 - معجم مؤلّفي الشيعة.
تأليف: علي الفاضل القائيني النجفي / نشر: مطبعة وزارة الإرشاد الإسلامي - طهران / الطبعة الأُولى - 1405 ه_.
450 - معجم المؤلفين.
تأليف: عمر رضا كحّالة / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت.
451 - معجم المؤلّفين والكتّاب العراقيّين.
تأليف: د. صباح نوري المرزوك / نشر: بيت الحكمة - بغداد / الطبعة الأُولى - 2002 م.
452 - المغرب في حلى المغرب.
تأليف: ستّة من أُدباء الأندلس خلال مائة وخمسة عشر عاماً / تحقيق: د. شوقي ضيف / نشر: دار المعارف - القاهرة / الطبعة الثالثة.
45 - مفاتيح الجنان.
تأليف: عبّاس بن محمّد رضا بن أبي القاسم القمّي المتوفّى سنة 1359ه_ نشر: مؤسّسة أنصاريان ومركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السّلام - قم / الطبعة الرابعة - 1424ه_.
ص: 652
454 - مفتاح الباب: مفتاح اللباب في شرح الباب.
تأليف: مير أبي الفتح بن المير مخدوم الحسيني الشريفي العربشاهي المتوفّى حدود سنة 976ه_ / نشر: إيران.
455 - مفتاح العلوم.
تأليف: أبي يعقوب يوسف بن محمّد بن علي السكّاكي المتوفّى سنة 626ه_ / تحقيق: د. عبد الحميد هنداوي / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأُولى - 1420ه_.
456 - المقاصد الحسنة: المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة.
تأليف: شمس الدين أبي الخير محمّد بن عبد الرحمان السخاوي المتوفّى سنة 902ه_ / تحقيق: عبد الله محمّد الصدّيق / نشر: مكتبة الخانجي – مصر.
457 - مقالات الإسلاميّين: كتاب مقالات الإسلاميين واختلاف المسلمين.
تأليف: أبي الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم الأشعري المتوفّى سنة 324ه_ / تصحيح: هلموت ريتر / نشر: دار النشر فرانز شتاينر بفسبادن / الطبعة الثالثة - 1400ه_.
458 - المقالات والفرق كتاب المقالات والفرق.
تأليف: سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمّي المتوفّى سنة 301ه_ / تحقيق: د. محمّد جواد علاء الدين مشكور / نشر: مؤسّسة عطائي - طهران / 1963م.
ص: 653
459 - مقدمة الشواهد الربوبية: مقدّمة الشواهد الربوبية في المناهج السلوكية.
تأليف: صدر الدين محمّد بن إبراهيم بن يحيى القوامي الشيرازي المعروف بصدر المتألهين المتوفّى سنة 1050 ه_ / تحقيق: جلال الدين الآشتياني / نشر: مؤسّسة التاريخ العربي - بيروت / أُفست عن طبعة جامعة مشهد / الطبعة الثانية - 1981 م.
460 - الملل والنحل.
تأليف: أبي الفتح محمّد بن عبد الكريم بن أحمد الشهرستاني المتوفّى سنة 548ه_ / تحقيق: محمّد سيّد كيلاني / نشر: دار المعرفة - بيروت.
461 - من افتراءات المستشرقين من افتراءات المستشرقين على الأُصول العقدية في الإسلام.
تأليف: د. عبد المنعم فؤاد / نشر: مكتبة العبيكان - الرياض / الطبعة الأُولى - 1422ه_.
462 - مناظرة بين الإسلام والمسيحية.
تأليف: عدّة من رجال الفكر / نشر: دار الحديث - القاهرة / الطبعة الثانية - 1412ه_.
463 - المناقب لابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب.
تأليف: رشيد الدين أبي جعفر محمّد بن علي بن شهر آشوب السروي المازندراني المتوفّى سنة 588 ه_ / تحقيق: د. يوسف البقاعي / نشر: دار الأضواء - بيروت / الطبعة الثانية المصحّحة - 1412ه_.
ص: 654
464 - المناقب للخوارزمي: المناقب.
تأليف: الموفّق بن أحمد بن محمّد المكّي الخوارزمي المتوفّى سنة 568ه_ / تحقيق: مالك المحمودي / نشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة الثالثة - 1417ه_.
465 - مناهج الأدلّة: الكشف عن مناهج الأدلّة في عقائد الملّة.
تأليف: أبي الوليد محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن رشد القرطبي المالكي المتوفّى سنة 595ه_ / تحقيق أحمد شمس الدين / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1423ه_.
466 - مناهل العرفان: مناهل العرفان في علوم القرآن.
تأليف: محمّد عبد العظيم الزرقاني المتوفّى سنة 1367ه_ / تحقيق: أحمد شمس الدین / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / 1416ه_.
467 - المنجد في الأعلام.
تأليف: جماعة من المتخصّصين / نشر: دار المشرق - بيروت / الطبعة الحادية والعشرون - 1996م.
468 - المنجد في اللغة.
تأليف: لويس معلوف وجماعة / نشر: دار المشرق - بيروت / الطبعة الثالثة والثلاثون - 1992م.
469 - المنتظم: المنتظم في تاريخ الأُمم والملوك.
تأليف: أبي الفرج عبد الرحمان بن علي بن محمّد بن علي البكري البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي المتوفّى سنة 597 ه_ / تحقيق:
ص: 655
محمّد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا / مراجعة وتصحيح نعيم زرزور / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1412ه_.
470 - منتهى الآمال: منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل.
تأليف: عبّاس بن محمّد رضا بن أبي القاسم القمّي المتوفّى سنة 1359 ه_ / تعريب: هاشم الحسيني الميلاني / تحقيق ونشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين - قم / الطبعة الثالثة - 1419ه_.
471 - منتهى المقال: منتهى المقال في أحوال الرجال.
تأليف: أبي علي محمّد بن إسماعيل المازندراني الحائري المتوفّى سنة 1216ه_ / تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث -قم / الطبعة الأُولى - 1416ه_.
472 - مؤلّفات مصطفى لطفي المنفلوطي الكاملة: النظرات والعبرات.
تأليف: مصطفى بن محمّد لطفي المنفلوطي المتوفّى سنة 1924م / نشر: دار الجيل - بيروت / 1404ه_.
473 - الموجز في الأدب العربي وتاريخه.
تأليف: حنّا الفاخوري / نشر: دار الجيل - بيروت / الطبعة الثانية - 1411ه_.
474 - موسوعة أعلام العرب.
تأليف: مجموعة من المفكّرين / نشر بيت الحكمة - بغداد / الطبعة الأُولى - 1420ه_.
ص: 656
475 - موسوعة أعلام الفلسفة: موسوعة أعلام الفلسفة العرب والأجانب.
تأليف: روني إيلي ألفا / مراجعة: د. جورج نخل / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1412ه_.
476 - موسوعة السياسة.
تأليف: د. عبد الوهاب الكيالي وجماعة من المتخصّصين / نشر: المؤسّسة العربية للدراسات والنشر - بيروت / الطبعة الرابعة - 1999م.
477 - موسوعة طبقات الفقهاء.
تأليف: اللجنة العلمية في مؤسّسة الإمام الصادق عليه السّلام / نشر: مؤسّسة الإمام الصادق عليه السّلام - قم / الطبعة الأُولى - 1424ه_.
478 - موسوعة الشعراء والأدباء الأجانب.
تأليف: د. موريس حنّا شربل نشر: دار جّروس برس - طرابلس (لبنان) /1996م.
479 - موسوعة العتبات المقدّسة.
تأليف: جعفر الخليلي / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الثانية - 1407ه_.
480 - الموسوعة العلميّة المبسّطة.
تأليف: مجموعة من العلماء / تعريب: د. خالدة سعيد و د. منيف موسى وعبلة خوري وهادي العلوي وسامي مبسوط وليلى زهر الدين وأحمد سعيد محمّدية / نشر: دار العودة - بيروت / الطبعة الأُولى - 1989 م.
ص: 657
481 - موسوعة الفلسفة.
تأليف: د. عبد الرحمان بدوي / نشر المؤسّسة العربية للدراسات والنشر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1984 م.
482 - موسوعة المورد.
تأليف: منير البعلبكي / نشر: دار العلم للملايين - بيروت / الطبعة الأُولى - 1980م.
483 - الموسوعة الميسّرة في الأديان: الموسوعة الميسّرة في الأديان والمذاهب المعاصرة.
تأليف ونشر أعضاء الندوة العالمية للشباب الإسلامي - الرياض / الطبعة الثانية - 1409ه_.
484 - موسوعة النجف الأشرف.
تأليف: جعفر الدجيلي / نشر: دار الأضواء - بيروت / الطبعة الأُولى - 1413ه_.
485 - موضّح أوهام الجمع والتفريق.
تأليف: أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي المتوفّى سنة 463 ه_ / نشر: مؤسّسة الكتب الثقافية - بيروت.
486 - الموضوعات لابن الجوزي: كتاب الموضوعات.
تأليف: أبي الفرج عبد الرحمان بن علي بن محمّد بن علي البكري البغدادي الحنبلي المعروف بابن الجوزي المتوفّى سنة 597 ه_ / تحقيق: توفيق حمدان / نشر: دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1415ه_.
487 - الموطَأ.
ص: 658
تأليف: أبي عبدالله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني المتوفّى سنة 179 ه_ / رواية: جمع من العلماء / تحقيق: محمّد فؤاد عبد الباقي / نشر: المكتبة الفيصلية - مكّة المكرّمة.
488 - موقف العقل والعلم موقف العقل والعلم والعالم من ربّ العالمين وعباده المرسلين.
تأليف: مصطفى صبري / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الثانية - 1401ه_.
489 - الميزان الميزان في تفسير القرآن.
تأليف: محمّد حسين الطباطبائي المتوفّى سنة 1402ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي - بيروت / الطبعة الأُولى المحقّقة - 1411ه_.
490 - ميزان الاعتدال: ميزان الاعتدال في نقد الرجال. تأليف: شمس الدين أبي عبدالله محمّد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي المتوفّى سنة 748ه_ / تحقيق: علي محمّد البجاوي / نشر: دار المعرفة - بيروت.
«حرف النون»
491 - نبوّة محمّد في القرآن.
تأليف: حسن ضياء الدين عِتر / نشر: دار النصر - حلب / الطبعة الأُولى -
ص: 659
1393ه_.
492 - النجاة: النجاة في الحكمة المنطقيّة والطبيعيّة والإلهيّة.
تأليف: أبي علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا المعروف بالشيخ الرئيس المتوفّى سنة 428 ه_ / نشر: المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية - طهران / الطبعة الثانية - 1364 ه_. ش.
493 - النخبة البهيّة النخبة البهيّة في الأحاديث المكذوبة على خير البريّة.
تأليف: محمّد بن محمّد بن أحمد السنباوي الأمير الكبير المالكي المتوفّى سنة 1232ه_ / تحقيق: زهير الشاويش / نشر: المكتب الإسلامي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1409ه_.
494 - نزهة الجليس: نزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس.
تأليف: العبّاس بن علي بن نور الدين الحسيني الموسوي المكّي المتوفّى حدود سنة 1180 ه_ / نشر المطبعة الحيدرية - النجف / 1967م.
495 - نسمة السحر: نسمة السحر بذكر من تشيّع وشعر.
تأليف: ضياء الدين يوسف بن يحيى الحسيني اليمني الصنعاني المتوفّى سنة 1121 ه_ / تحقيق: كامل سلمان الجبوري / نشر: دار المؤرّخ العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1420ه_.
496 - نشأة الفكر الفلسفي.
تأليف: د. علي سامي النشّار / نشر: دار المعارف - مصر / الطبعة السادسة - 1975م.
ص: 660
497 - نصب الراية: نصب الراية لأحاديث الهداية.
تأليف: جمال الدين أبي محمّد عبد الله بن يوسف الزيلعي الحنفي المتوفّى سنة 762ه_ / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الثالثة - 1407ه_.
498 – النصرانية: النصرانية (نشأتها التاريخية وأُصول عقائدها).
تأليف: د. عرفان عبد الحميد فتّاح / نشر: دار عمّار - عمّان / الطبعة الأُولى - 1420ه_.
499 - نفح الطيب: نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب.
تأليف: شهاب الدين أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن يحيى المقري التلمساني المتوفّى سنة 1041ه_ / تحقيق: يوسف محمّد البقاعي / نشر: دار الفكر - بيروت / الطبعة الأُولى - 1406ه_
500 - نَفَس الرحمان: نَفَس الرحمان في فضائل سلمان.
تأليف: أبي محمّد حسين بن محمّد تقي بن علي محمّد بن تقي الطبرسي المعروف بالمحدّث النوري المتوفّى سنة 1320 ه_ / تحقيق: جواد القيّومي الجزه اي الأصفهاني / نشر: مؤسّسة الآفاق - إيران / الطبعة الأُولى - 1411ه_.
501 - نقباء البشر.
تأليف: محسن أغا بزرك الطهراني المتوفّى سنة 1388 ه_ / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت.
ص: 661
502 - نقد الرجال.
تأليف: مصطفى بن حسين الحسيني التفرشي من أعلام القرن الحادي عشر الهجري / تحقيق ونشر مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث -قم / الطبعة الأُولى - 1418ه_.
503 - النكت الاعتقادية.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالمفيد وابن المعلّم المتوفّى سنة 413 ه_ / تحقيق: رضا المختاري / نشر المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد - قم / الطبعة الأُولى-1413ه_.
504 - النهاية الأثيرية: النهاية في غريب الحديث والأثر.
تأليف: مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمّد الشيباني الجزري الشافعي المعروف بابن الأثير المتوفّى سنة 606 ه_ / اعتناء: محمّد أبي فضل عاشور / نشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1422ه_.
505 - نهاية الدراية: نهاية الدراية في شرح الكفاية.
تأليف: محمّد حسين بن محمّد حسن بن علي أكبر بن بابا النخجواني الغروي الأصفهاني المتوفّى سنة 1361 ه_ / تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث -قم / الطبعة الأُولى - 1418ه_.
506 - نهج الإيمان.
تأليف: زين الدين علي بن يوسف بن جبر الأنصاري من أعلام القرن 663
ص: 662
السابع الهجري / تحقيق: أحمد الحسيني / نشر: مجمع الإمام الهادي عليه السّلام - مشهد / الطبعة الأُولى - 1418ه_.
507 - نهج البلاغة (خطب ورسائل وكلمات أمير المؤمنين عليه السّلام).
جمع: أبي الحسن محمّد بن الحسين بن موسى بن محمّد الموسوي البغدادي المعروف بالشريف الرضي المتوفّى سنة 406 ه_/ ضبط النصوص والفهارس: د. صبحي الصالح / نشر: دار الهجرة -قم / الطبعة الخامسة - 1412ه_.
508 - نهج الحقّ: نهج الحقّ وكشف الصدق.
تأليف: جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهّر الأسدي المعروف بالعلّامة الحلّي المتوفّى سنة 726ه_ / تحقيق: عين الله الحسني الأرموي / نشر مؤسّسة دار الهجرة - قم / الطبعة الثالثة - 1411ه_.
509 - نوابغ الرواة: نوابغ الرواة في رابعة المئات.
تأليف: محسن أغا بزرك الطهراني المتوفّى سنة 1389 ه_ / تحقيق: علي نقي منزوي / نشر: دار الكتاب العربي - بيروت / الطبعة الأُولى - 1390ه_.
510 - النوافح العطرة: النوافح العطرة في الأحاديث المشتهرة.
تأليف: محمّد بن أحمد بن جار الله الصفدي اليمني المتوفّى سنة 1181ه_ / تحقيق: محمّد عبد القادر عطا / نشر: مؤسّسة الكتب الثقافية - بيروت / الطبعة الثالثة - 1414ه_.
ص: 663
511 - نور الأبصار: نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار.
تأليف: مؤمن بن حسن مؤمن الشبلنجي المصري من أعلام القرن الثالث عشر الهجري / نشر: دار الجيل - بيروت / 1409ه_.
«حرف الهاء»
512 - الهدى إلى دين المصطفى.
تأليف: محمّد جواد البلاغي النجفي المتوفّى سنة 1352ه_ / نشر: مطبعة العرفان - صيدا / 1330ه_.
513 - هداية الأُمّة: هداية الأُمّة إلى معارف الأئمّة.
تأليف: محمّد جواد بن المحسن بن الحسين الخراساني المتوفّى سنة 1397ه_ / نشر: مؤسّسة البعثة - قم / الطبعة الأُولى - 1416ه_.
514 - هدية العارفين.
تأليف: إسماعيل بن محمّد أمين بن مير سليم الباباني البغدادي المتوفّى سنة 1339ه_ / نشر: دار الفكر - بيروت / 1410ه_.
515 - هكذا عرفتهم.
تأليف: جعفر الخليلي / نشر: مكتبة الشريف الرضي -قم.
ص: 664
«حرف الواو»
516 – الوافية: الوافية في أُصول الفقه.
تأليف: عبدالله بن محمّد البشروي الخراساني المعروف بالفاضل التوني المتوفّى سنة 1071ه_ / تحقيق: محمّد حسين الرضوي الكشميري / نشر: مجمع الفكر الإسلامي -قم / الطبعة الثانية المحقّقة - 1415ه_.
517 - واقعية الأدب في رواية آنّا كارنينا واقعية الأدب وبلاغة الحبك القصصي في رواية آنّا كارنينا لتولستوي.
تأليف: د. ياسين الأيّوبي / نشر الدار النموذجية والمكتبة العصرية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1422ه_.
518 - وجيز الكلام: وجيز الكلام في الذيل على دول الإسلام.
تأليف: شمس الدين محمّد بن عبد الرحمان السخاوي المتوفّى سنة 902ه_ / تحقيق: د. بشّار عوّاد معروف وعصام فارسي الحرستاني و د. أحمد الخطيمي / نشر: مؤسّسة الرسالة - بيروت / الطبعة الأُولى - 1416ه_.
519 - الوزراء والكتّاب.
تأليف: أبي عبدالله محمّد بن عبدوس الجهشياري المتوفّى سنة 331ه_ / تحقيق: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ شلبي / نشر: شركة ومكتبة ومطبعة البابي الحلبي - مصر / الطبعة الثانية - 1401ه_.
ص: 665
520 - وسائل الشيعة تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة.
تأليف: محمّد بن الحسن بن علي بن الحسين الحرّ العاملي المتوفّى سنة 1104 ه_ / تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السّلام لإحياء التراث -قم / الطبعة الثالثة - 1416ه_.
521 - وفيات الأعيان وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان.
تأليف: شمس الدين أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن أبي بكر بن خلّكان الإربلي المتوفّى سنة 681 ه_ / تحقيق: د. إحسان عبّاس / نشر: مكتبة الشريف الرضي - قم / الطبعة الثانية - 1364 ه_. ش / أُفست عن طبعة دار صادر - بيروت / 1968م.
«حرف الياء»
522 - الياقوت الياقوت في علم الكلام.
تأليف: أبي إسحاق إبراهيم بن نوبخت من أعلام القرن السابع الهجري / تحقيق: علي أكبر ضيائي / نشر: مكتبة المرعشي النجفي العامّة -قم / الطبعة الأُولى - 1413ه_
523 - يتيمة الدهر: يتيمة الدهر في محاسن أهل العصر. تأليف: أبي منصور عبد الملك بن محمّد بن إسماعيل الثعالبي النيسابوري المتوفّى سنة 430 ه_ / تحقيق: د. مفيد محمّد قميحة / نشر:
ص: 666
دار الكتب العلمية - بيروت / الطبعة الأُولى - 1403ه_.
524 - ينابيع المودّة: ينابيع المودّة لذي القربى.
تأليف: سليمان بن إبراهيم بن محمّد بن ترسون الحسيني البلخي القندوزي المتوفّى سنة 1294ه_ / نشر: مؤسّسة الأعلمي – بيروت.
ص: 667
1 - تفسير أبي الفتوح الرازي: روض الجِنان ورَوح الجَنان في تفسير القرآن.
تأليف: أبي الفتوح حسين بن علي بن محمّد بن أحمد الخزاعي النيشابوري الرازي من أعلام القرن السادس الهجري / تصحيح: د. محمّد جعفر ياحقي و د. محمّد مهدي ناصح / نشر: مؤسّسة الطباعة (آستان قدس رضوي) - مشهد / الطبعة الثالثة - 1381ه_. ش.
2 - دیوان حافظ: دیوان خواجه حافظ شيرازي.
تأليف: شمس الدين محمّد بن بهاء الدين حافظ الشيرازي المعروف بلسان الغيب المتوفّى سنة 791ه_ / اهتمام: أبي القاسم أنجوي شيرازي / نشر: جاویدان - طهران / الطبعة الثالثة.
3 - ريحانة الأدب: ريحانة الأدب في تراجم المعروفين بالكنية أو اللقب.
تأليف: محمّد علي بن محمّد طاهر المدرّس التبريزي الخياباني المتوفّى سنة 1373ه_ / طبع: مطبعة الشركة العامّة لطبع الكتب - إيران / الطبعة الثانية - 1335 ه_ ش.
4 - شناخت آماري جهان إسلام.
تأليف: هادي خسروشاهي / نشر: خرّم - قم / الطبعة الرابعة -
ص: 668
1370ه_. ش.
5 - الفوائد الرضوية: فوائد الرضوية في أحوال علماء مذهب الجعفرية.
تأليف: عبّاس بن محمّد رضا بن أبي القاسم القمّي المتوفّى سنة 1359 ه_ / طبع: إيران.
6 - كاشف الغطاء (أذان بيداري).
تأليف: محمّد رضا سمّاك أماني / نشر: المجع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية - طهران / الطبعة الأُولى - 1383ه_. ش.
7- كاشف الغطاء (سوره خشم).
تأليف: محمّد رضا سمّاك أماني / نشر: منظّمة الإعلام الإسلامي - قم الطبعة الأُولى - 1372ه_. ش.
8- گوهر مراد.
تأليف: عبد الرزّاق بن علي بن الحسين اللاهيجي الجيلاني المتوفّى بعد سنة 1015ه_ / نشر: المكتبة الإسلامية - طهران.
9 - لغت نامه
تأليف: علي أكبر دهخدا / نشر: مؤسّسة لغت نامه دهخدا - طهران / الطبعة الثانية - 1377ه_. ش.
10 - مثنوي معنوي.
تأليف: جلال الدين محمّد بن بهاء الدين محمّد البلخي الرومي المولوي المتوفّى سنة 672 ه_ / على أساس نسخة قونية بمقابلة وتصحيح: نيكلسون / تقديم وتصحيح وفهرسة: قوام الدين خرّم شاهي / نشر
ص: 669
ناهيد - طهران / الطبعة الأُولى - 1375 ه_ ش.
11 - نزهة الأرواح نزهة الأرواح وروضة الأفراح (تاريخ الحكماء).
تأليف: شمس الدين محمّد بن محمود الشهرزوري / ترجمه للفارسية: مقصود علي تبريزي / مراجعة: محمّد تقی دانش پژوه ومحمّد سرور مولائي / نشر: شركة النشر العلمية والثقافية - طهران / الطبعة الأُولى - 1365 ه_ ش.
12 - H.L.Fisher, History of Europ, (London, 1955).
ص: 670
فهرس الآيات ... 465
فهرس الروايات ... 504
فهرس الأعلام ... 512
فهرس الفرق والملل والنحل والقبائل ... 530
فهرس الأماكن والبقاع ... 540
فهرس الكتب الواردة في المتن ... 544
فهرس الأمثال ... 550
فهرس الأشعار ... 553
فهرس أنصاف الأبيات ... 559
فهرس المصادر ... 650
فهرس المصادر الفارسية وغيرها ... 668
فهرس الفهارس ... 671
ص: 671