سواطع الالهام في تفسير كلام الملك العلام
العلامة المحقق المدقق الشيخ أبولفيض الفيضي الناكوري ( 954 - 1004 ه - )
وبذيله ه
تفسير القرآن الكريم للعلامة المحقق السيد عبد الله شبر
المتوفى سنة 1242 ه
تقديم العلامة الدكتور السيد محمد بحر العلوم
صححه وراجعه وقدم له الدكتور السيد مرتضى الشيرازي أستاذ علوم القرآن والحديث في جامعة طهران
ص: 1
ص: 2
ص: 3
سواطع الإلهام في تفسير كلام الملك العلام
أبو الفيض الفيضي الناكورى ( 954 - 1004 ه )
وبذيله تفسير القرآن الكريم السيد عبد الله شبّر ( م 1242 ه )
ص: 4
موردها أمّ رحم إلّا كسرا ممّاها ، ومدلول أصول مصامدها :
إرسال كلام اللّه والطوع والإسلام للّه وحده ، وادّكار إملاه العدّال الولّع لطوع دماهم ، وطهور اللّه ممّا الولد ، وأسر السماء والرمكاء وكور السمر مع معادله ، وأدار أكمل اللوامع ومعادله لأمد معهود ، وعدّ الآلاء لأولاد آدم لإرسال السوّام مما السماء لإصلاحهم ، وحرس الأولاد وسط أرحام الامام ، وإعطاء اللّه عدل أداء الحمد وودعه ، وإعلاء مراهص ملآء صلوا آمر السمر ، وإعطاء أوس حمّال المكاره كملا ، وإعلاء سوء حال رهط ما أطاعوا اللّه ورسوله ، وصدع أحاط الساعور لهم والإعلام السار لسماع كلام اللّه وعمّال أحوطه ، وإعطاء أهل الورع صروحا علاها صروح وسط دارالسلام ، وإعلاء وصول أهل الإسلام أمر الوجود والسداد لما وسع اللّه صدرهم له ، وصدع أحوال كلام اللّه واهكاره ، وحال أهل الإسلام والعدول ، وإعلام عموم السام الرسول والعدّال معا ، وسرّ أهل السداد لاعطاء مهاء الأوس .
ووعد اللّه إسعاد أولاد آدم وحده ووكل أله أهل العدول عمّا الإمداد والإسعاد ، وإهكار عمل اللّه حال الهكر والسام وصدع عدد العدّال ممّا سماع السداد ، والإعلام السارّ لولد آدم رحما ، وإعلاء الحسر وسدم ولّاع الردّ للسعواء لودعهم الطوع ، وإعلاء كمال طول اللّه معادا ، وعرك الصور لإهلاك أهل العالم وأعادهم ، ولمع العالم مع لمع عدل
ص: 5
اللّه وطرد العدّال سدو دار الآلام ، وإكرام أهل الإسلام والطوع والسلام علاهم وسط دار الإكرام ، وحكم اللّه وسط أهل العالم عدلا وسدادا .
ص: 6
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) إرسال كلام اللّه لمحمّد رسوله صلعم واطد (مِنَ اللَّهِ) مالك الملك والأمر وهو مرسله لإصلاح الكلّ (الْعَزِيزِ) كامل السطو (الْحَكِيمِ) ( 1 ) كامل العلم واسع الحكم .
(إِنَّا أَنْزَلْنا) مرسلا (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (الْكِتابَ) وهو كلام اللّه موصولا (بِالْحَقِّ) السداد (فَاعْبُدِ اللَّهَ) وحّده وأطعه (مُخْلِصاً) ممحّصا (اللَّهَ) للّه (الدِّينَ) ( 2 ) الإسلام ممّا وصمه ودع ما سواه .
(أَلا) اعلموا (لِلَّهِ) الواحد وحده (الدِّينُ الْخالِصُ) الإسلام الكامل وهو علم لا إله إلّا اللّه ، وعمل ما أمر اللّه (وَ) هؤلاء الملأ (الَّذِينَ اتَّخَذُوا) أطاعوا وعلموا (مِنْ دُونِهِ) سواه (أَوْلِياءَ) إلها وكلامهم (ما نَعْبُدُهُمْ) أرادوا الملك أو دماهم (إِلَّا لِيُقَرِّبُونا) الأودّاء (إِلَى اللَّهِ زُلْفى) إلّا لحصول الصدد مع اللّه (إِنَّ اللَّهَ) الحكم العدل (يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) الصلحاء
------------
(39 سورة الزمر اثنتان أو خمس وسبعون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(تنزيل الكتاب) القرآن مبتدأ خبره (من الله العزيز) في سلطانه (الحكيم) في تدبيره (إنا أنزلنا إليك الكتاب) متلبسا (بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين) من الشرك وأغراض الدنيا.
(ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء) كعيسى والأصنام قائلين (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) قربى (إن الله يحكم بينهم
ص: 7
والطّلاح (فِي ما) أمر (نَعْبُدُهُمْ) كلّهم (فِيهِ) سداده (يَخْتَلِفُونَ) لما ألّهوا السواع والودّ والملك والسعود والدوح وولد الأطوم والسلام والأحمر والأسود ، ولكلّ أحد ادّعاء سداد سلوكه ، وهو حاكم الكلّ وحكمهم معادا (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي) سواء الصراط سرمدا (مَنْ هُوَ كاذِبٌ) والع كلاما لادّعاء الولد للّه (كَفَّارٌ) ( 3 ) عملا لطوعهم دماهم .
(لَوْ أَرادَ اللَّهُ) مالك الملك والأمر (أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) كما وهم الأعداء وادّعوا (لَاصْطَفى) الولد ولواه (مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ) وسمّاه ولدا لا ما هو موهومكم ومرادكم (سُبْحانَهُ) علا عمّا وصموه (هُوَ اللَّهُ الْواحِدُ) لا اعداد له ولا أولاد (الْقَهَّارُ) ( 4 ) لأوهامهم والكسّار لأعمالهم .
(خَلَقَ السَّماواتِ) صوّرها مع أدوارها (وَ) صوّر (الْأَرْضَ) مع أطوارها موصولا (بِالْحَقِّ) السداد والصلاح لا الولع واللهو (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ) الدامس (عَلَى النَّهارِ) كوّر دمس والمراد الإمساء (وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ) عكس الأوّل أو هو طاو ولا ولهما (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ) مدارها سادس السماء (وَالْقَمَرَ) مداره أول السماء أدارهما لحكم ومصالح (كُلٌّ) كلّ واحد (يَجْرِي) دورا دورا وطورا طورا (لِأَجَلٍ مُسَمًّى) هو أمد دوره ، أو عصر
------------
في ما هم فيه يختلفون) من أمر الدين فيثيب المحق ويعاقب المبطل والضمير للكفرة وأضدادهم (إن الله لا يهدي من هو كاذب) بنسبة الشريك والولد إليه (كفار) لنعمه بعبادة غيره (لو أراد الله أن يتخذ ولدا) كما زعموا (لاصطفى مما يخلق ما يشاء) لا ما شاء الناس ونسبوه إليه (سبحانه هو الواحد القهار) ليس له في الأشياء شبه.
(خلق السموات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) يغشي كل منهما الآخر كأنما ألبسه ولف عليه أو يدخل كلا منهما على الآخر (و سخر الشمس والقمركل يجري لأجل مسمى) منتهى دوره أو يوم
ص: 8
وسوم معلوم للّه وهو المعاد للكلّ (أَلا) اعلموا (هُوَ) اللّه (الْعَزِيزُ) كامل الطّول (الْغَفَّارُ) ( 5 ) محّاء الآصار لأهل الإسلام .
(خَلَقَكُمْ) صوّركم كلّكم أولاد آدم (مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) آدم (ثُمَّ جَعَلَ) صوّر وصدّر (مِنْها زَوْجَها) عرسها « حوّاء » ، ومصدرها ملاط آدم (وَأَنْزَلَ) أسر وصوّر أو أرسل وأحط (لَكُمْ) لمصالحكم وأداء أوطاركم (مِنَ الْأَنْعامِ) السوّام كالرحول (ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ) صروع واحدها اسم لواحد معه واحد كما مرّ ، أو صوّرها حال رموك آدم دارالسلام مع آدم وأرسلها ، وهو (يَخْلُقُكُمْ) كما أراد (فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) أرحامها (خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ) صوّر الماء صروعا وأطوارا وحوّل أحواله كما صار دما طورا ولحما طورا ، وكمل (فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) دلس المعد والرّحم وسدل سواهما أحاط الولد (ذلِكُمُ) مصوّر صوركم هو (اللَّهُ رَبُّكُمْ) مصلحكم (لَهُ الْمُلْكُ) والأمر كلّه ولا حول لملكه أصلا (لا إِلهَ) صالح طوع (إِلَّا هُوَ) اللّه الواحد الأحد
------------
القيامة (ألا هو العزيز الغفار خلقكم من نفس واحدة) فيه إتيان خلق آدم من غير أب وأم وتشعب الخلق الكثير منه لأن حواء منه كما قال (ثم جعل منها زوجها) من فضل طينته أو من ضلعه وهو آية ثالثة وثم لتفاوت ما بين الآيتين (وأنزل لكم) أنشأ بسبب ما أنزله من المطر أو قسم لأن قسمته كتبت في اللوح وتنزل من هناك (من الأنعام) الإبل والبقر والضأن والمعز (ثمانية أزواج) من كل زوجين ذكر وأنثى (يخلقكم في بطون أمهاتكم) أنتم وسائر الحيوان (خلقا من بعد خلق) نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ثم كسوتها لحما ثم حيوانا سويا (في ظلمات ثلاث) ظلمة البطن والرحم والمشيمة (ذلكم) الفاعل لهذه (الله ربكم) المالك لكم (له الملك) على الحقيقة (لا إله إلا هو
ص: 9
(فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) ( 6 ) لم عدو لكم عمّا أمر اللّه .
(إِنْ تَكْفُرُوا) أهل الإصلاح (فَإِنَّ اللَّهَ) لكماله (غَنِيٌّ عَنْكُمْ) إسلامكم ، وصلاح الإسلام لكم لا له (وَلا يَرْضى) اللّه وما أمر (لِعِبادِهِ الْكُفْرَ) ولو أراد حصوله كرما وعطاء لا لأمر داع سواهما (وَإِنْ تَشْكُرُوا) اللّه وأحصوا آلاءه أكرمها إرسال محمّد صلعم (يَرْضَهُ) الحمد (لَكُمْ) لما هو موصل مرامكم (وَلا تَزِرُ) هو الحمل (وازِرَةٌ) أحد (وِزْرَ أُخْرى) إصر أحد ، والحاصل ما أحد حامل آصار أحد ولا سؤال لأحد لعمل أحد (ثُمَّ إِلى) اللّه (رَبِّكُمْ) مالككم (مَرْجِعُكُمْ) عودكم مآلا (فَيُنَبِّئُكُمْ) اللّه وهو الإعلام (بِما) للمصدر (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أعمالكم صوالحها وطوالحها للصالح دارالسلام كرما وللطالح الدرك عدلا (إِنَّهُ) اللّه (عَلِيمٌ) كامل علم (بِذاتِ الصُّدُورِ) ( 7 ) الأسرار والآمال .
(وَإِذا) كلّما (مَسَّ) وصل وأدرك (الْإِنْسانَ) الطالح العادل وهو عم رسول اللّه وألدّ الأعداء له ، أو أعم (ضُرٌّ) عسر وداء (دَعا رَبَّهُ) واللّه معاده دعاء ما دعا أحدا إلا اللّه (مُنِيباً) هو العود (إِلَيْهِ) اللّه (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ) أعطاه كرما (نِعْمَةً مِنْهُ) اللّه (نَسِيَ) أمه وطرح (ما) اللّه أو العسر ( كانَ يَدْعُوا
------------
فأنى) فكيف (تصرفون) عن توحيده إلى الإشراك به.
(إن تكفروا فإن الله غني عنكم) عن إيمانكم (ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم) الهاء لمصدر تشكروا (ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور) مر مثله مرارا.
(وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا) راجعا (إليه) لكشف ضره (ثم إذا خوله) أعطاه من الخول التعهد والافتخار (نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه) أي
ص: 10
إِلَيْهِ) اللّه ، أو دسع العسر (مِنْ قَبْلُ) أوّلا حال مسّ العسر (وَجَعَلَ لِلَّهِ) الواحد الأحد (أَنْداداً) أعدالا والمراد دماهم وهموها السهماء له (لِيُضِلَّ) أهل العالم (عَنْ سَبِيلِهِ) اللّه وهو الإسلام (قُلْ) له رسول اللّه (تَمَتَّعْ) أمر مهدّد (بِكُفْرِكَ) لعدو لك (قَلِيلًا) مدد عمرك (إِنَّكَ) معادا (مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) ( 8 ) أهلها .
(أَمَّنْ) مرء (هُوَ قانِتٌ) مطاوع أمره (آناءَ اللَّيْلِ) ساعة (ساجِداً) للّه وهو حال (وَقائِماً) وهو مصلّ أو لأوامره (يَحْذَرُ) الدار (الْآخِرَةَ) أو أهوالها (وَيَرْجُوا رَحْمَةَ) اللّه (رَبِّهِ) دارالسلام والسلوك الموصل وسط الروع والأمل (قُلْ) لهم رسول اللّه (هَلْ يَسْتَوِي) الملأ (الَّذِينَ يَعْلَمُونَ) معالم أسرار اللّه وموارد أوامره وأحكامه (وَ) الملأ (الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) أمرا وسرّا ما ساواهما اللّه (إِنَّما) ما (يَتَذَكَّرُ) إلّا (أُولُوا الْأَلْبابِ) ( 9 ) أولو الأحلام .
------------
الضر الذي كان يدعو ربه إلى كشفه أو ربه الذي كان يدعو ربه إلى كشفه أو ربه الذي كان يتضرع إليه وما بمعنى من (من قبل وجعل لله أندادا) شركاء (ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا) مدة حياتك الزائلة (إنك من أصحاب النار) في الآخرة.
(أمن هو قانت) منقطعة أي بل أمن هو قانت كمن هو عاص (ءاناء الليل) ساعاته (ساجدا وقائما) جامعا بين الصفتين (يحذر الآخرة) أي عذابها (ويرجو رحمة ربه) فهو متقلب بين الخوف والرجاء (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب) بالمواعظ والآيات وعن الصادق (عليه السلام) نحن الذين يعلمون وعدونا الذين لا يعلمون وشيعتنا أولوا الألباب.
ص: 11
(قُلْ) رسول اللّه لأهل الإسلام (يا عِبادِ) الكمّل (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه (اتَّقُوا) اللّه (رَبَّكُمْ) طوعا لأوامره وطرحا لروادعه (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) أطاعوا اللّه وعملوا صوالح الأعمال (فِي هذِهِ) الدار (الدُّنْيا حَسَنَةٌ) دارالسلام معادا (وَأَرْضُ اللَّهِ) للرحل (واسِعَةٌ) وسّعها ومهّدها ، اسلكوا وارحلوا وأدركوا مرامكم وردوا دور الصلاح والورع ، وطاوعوا الرسل والصلحاء ودعوا أمصار الطّلاح واطرحوا طوعهم (إِنَّما يُوَفَّى) إكمالا الملأ (الصَّابِرُونَ) حال ورود الهموم والصواكم وأداء الأوامر والأحكام (أَجْرَهُمْ) عدل أعمالهم معادا (بِغَيْرِ حِسابٍ) ( 10 ) لا إحصاء له ، وهو حال .
(قُلْ) رسول اللّه لهم (إِنِّي أُمِرْتُ) والآمر هو اللّه (أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ) أوحّده وأطاوع أوامره (مُخْلِصاً) ممحّصا ، وهو حال ، (اللَّهَ) للّه (الدِّينَ) ( 11 ) الإسلام
(وَأُمِرْتُ) أمر اللّه (لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ) ( 12 ) رأس الكلّ وأمام أمم أهل الإسلام حالا ومآلا .
(قُلْ) رسول اللّه لهم (إِنِّي أَخافُ) مع حصول الكمال والألوك (إِنْ عَصَيْتُ) اللّه (رَبِّي) لو أطرح أوامر اللّه وما أطاوعه (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ( 13 ) هو له وأمره .
------------
(قل يا عباد الذين ءامنوا اتقوا ربكم) بأن تطيعوه (للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة) في الآخرة هي الجنة (وأرض الله واسعة) فمن لم يتمكن من الطاعة فليهاجر إلى حيث يتمكن منها (إنما يوفى الصابرون) على الطاعة والمحن (أجرهم بغير حساب) أي لا يحصر لكثرته أو لا يحاسبون.
(قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين) بتوحيده (وأمرت) بذلك (لأن) لأجل أن (أكون أول المسلمين) سابقهم في الدارين أو أول من أسلم من هذه الأمة (قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم) لعظم أهواله.
ص: 12
(قُلِ اللَّهَ) لا سواه (أَعْبُدُ) أوحّد وأطاوع (مُخْلِصاً) ممحّصا حال (اللَّهَ) للّه وحده (دِينِي) ( 14 ) الإسلام .
(فَاعْبُدُوا) طاوعوا ما إلها والمراد دماهم (شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ) سواه وهو أمر مهدّد (قُلْ) لهم رسول اللّه (إِنَّ) الرهط (الْخاسِرِينَ) مالا هم (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) أهلكوها لطوالح الأعمال (وَأَهْلِيهِمْ) أعراسهم وأولادهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) لمّا اطلحوهم وماهدوهم سواء الصراط وأسلكوهم صراط السوء ، وصاروا كلّهم هلّاكا ورّاد الساعور (أَلا) اعلموا (ذلِكَ) الأمر (هُوَ) لا سواه وسّطه مؤكّدا للحصر (الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) ( 15 ) الساطع .
(لَهُمْ) لهؤلاء الأمم (مِنْ فَوْقِهِمْ) رؤوسهم (ظُلَلٌ) سدود (مِنَ النَّارِ) لإصرهم (وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) والمراد أحاطهم الساعور ( ذلِكَ )الإصر (يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ) الإصر (عِبادَهُ) أهل الإسلام لإصلاح حالهم (يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) ( 16 ) روعوا آصار اللّه واعملوا عملا صالحا ودعوا المحارم .
------------
(قل الله أعبد) أخصه بعبادتي (مخلصا له ديني) من الشرك (فاعبدوا ما شئتم من دونه) تهديد لهم (قل إن الخاسرين) في الحقيقة (الذين خسروا أنفسهم) بإدخالها النار (وأهليهم) لعدم انتفاعهم بهم سواء كانوا معهم أو في الجنة وقيل أهلوهم الحور المعدة لهم في الجنة لو آمنوا (يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين) تفظيع لحالهم.
(لهم من فوقهم ظلل) أطباق (من النار ومن تحتهم ظلل) أطباق منها هي ظلل الآخرين (ذلك) العذاب الذي (يخوف الله به عباده) ليجتنبوا ما يوجبه (يا عباد فاتقون) بحذف الياء فيهما.
ص: 13
(وَ) الملأ (الَّذِينَ اجْتَنَبُوا) وطرحوا (الطَّاغُوتَ) وهو كلّ مألوه سواه أراد دماهم (أَنْ يَعْبُدُوها) ألوهها (وَأَنابُوا) عادوا وآلوا (إِلَى اللَّهِ) وسمعوا أوامره (لَهُمُ الْبُشْرى) الإعلام السارّ لدار السلام ودوام سرورها ، والمعلم الملك حال حلولهم السام ، أو معادا (فَبَشِّرْ) أعلم محمّد ( ص ) إعلاما سارّا (عِبادِ) ( 17 ) أهل الإسلام .
(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ) كلام اللّه مما أمرهم اللّه (فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) أحوط ما سمع وأصلحه (أُولئِكَ) الملأ (الَّذِينَ هَداهُمُ اللَّهُ) وصاروا كمّل أهل الوصول (وَأُولئِكَ) هؤلاء الكمّل (هُمُ) لا سواهم (أُولُوا الْأَلْبابِ) ( 18 ) أولو الأحلام ولا الأوهام والأكدار لهم .
(أَ) عكس الأمر ردّ لوهم واهم (فَمَنْ حَقَّ) لسم (عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ) ما أوعدهم اللّه (أَ فَأَنْتَ) كرّر السؤال وأكّد الردّ (تُنْقِذُ) وهو الإصدار (مَنْ فِي النَّارِ) ( 19 ) محلّه ومركده ، والحاصل لو أراد اللّه إصر أحد ما هداه كدّك .
------------
(والذين اجتنبوا الطاغوت) الأوثان والشيطان (أن يعبدوها) بدل اشتمال منه (وأنابوا) أقبلوا بكليتهم (إلى الله لهم البشرى) عند الموت (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) أولاه بالقبول وأرشده إلى الحق وهو عام أو أريد به الذين اجتنبوا وأنابوا أي هم الذين ضموا هذه الخصلة إلى تلك ولذا وضع الظاهر موضع ضمير هم (أولئك الذين هداهم الله) بلطف (وأولئك هم أولوا الألباب) العقول الصحيحة.
(أفمن حق عليه كلمة العذاب) وهو قوله لأملأن جهنم (أفأنت تنقذ من في النار) جواب الشرط وأقيم فيه الظاهر مقام الضمير وكررت الهمزة لتكرير الإنكار لإنقاذ من حق عليه العذاب لأنه كالواقع في النار.
ص: 14
(لكِنِ) الملأ (الَّذِينَ اتَّقَوْا) اللّه (رَبَّهُمْ) وأسلموه وأطاعوه أعدّ (لَهُمْ غُرَفٌ) صروح عوال لدار السلام (مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ) دور أصاعد سواها (مَبْنِيَّةٌ) أسّسها اللّه لسرورهم (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) الصروح (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدرّ والعسل والراح (وَعْدَ اللَّهِ) الوعد مصدر مؤكّد لكلام مرّ ، وهو الوعد مدلولا ، والحاصل وعدهم اللّه وعدا (لا يُخْلِفُ اللَّهُ) أصلا (الْمِيعادَ) ( 20 ) وعده .
(أَ لَمْ تَرَ) أما حصل لك العلم (أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ) أمطر (مِنَ السَّماءِ) الركام (ماءِ) مطرا (فَسَلَكَهُ) أورد الماء (يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ) مسل ومسالك ، وهو حال ، (ثُمَّ يُخْرِجُ) اللّه (بِهِ) الماء (زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ) صروعه كالسمراء والحمّص والسمسم وما سواها (ثُمَّ يَهِيجُ) اللّه محوّلا له صاملا (فَتَراهُ) ح (مُصْفَرًّا) مصحاما (ثُمَّ يَجْعَلُهُ) اللّه (حُطاماً) مكسّرا (إِنَّ فِي ذلِكَ) الإمطار (لَذِكْرى) ادّكار (لِأُولِي الْأَلْبابِ) ( 21 ) أهل الأحلام وإعلاما لهم .
------------
(لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف) تنكيره للتعظيم (من فوقها غرف) أرفع من الأولى (مبنية) بناء المنازل التي على الأرض وسويت تسويتها (تجري من تحتها الأنهار وعد الله) وعدهم الله ذلك وعدا (لا يخلف الله الميعاد ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء) هو المطر (فسلكه) فأدخله (ينابيع في الأرض) عيونا ومسالك ومجاري كالعروق في الأجساد (ثم يخرج به) بالماء (زرعا مختلفا ألوانه) بخضرة وحمرة وصفرة وبياض (ثم يهيج) ييبس (فتراه) بعد الخضرة (مصفرا ثم يجعله حطاما) مكسرا فتاتا (إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب) بقدرة صانعه وحكمته وزوال الحياة الدنيا الشبيهة به.
ص: 15
(أَ فَمَنْ شَرَحَ) وسّع (اللَّهُ صَدْرَهُ) وهداه (لِلْإِسْلامِ) وورود لوامعه وأسلم (فَهُوَ) الموسع الصدر (عَلى نُورٍ) صادر (مِنْ رَبِّهِ) أراد هداه ومحمول الموصول مطروح لمّا دلّ علاه (فَوَيْلٌ) هلاك أو واد للساعور (لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) لأصالد الأرواح (فَمَنْ) طرح (ذِكْرِ اللَّهِ) وهو كلام اللّه (أُولئِكَ) هؤلاء الأرهاط عمّه (فِي ضَلالٍ) حول سلوك (مُبِينٍ) ( 22 ) ساطع .
(اللَّهُ) المرسل للرسل والكلام (نَزَّلَ) أرسل (أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) أصلحه وأكمله ، وهو كلام اللّه (كِتاباً) حال (مُتَشابِهاً) كلمه ودوالّه سددا وكمالا و ؟ ؟ ؟ وأحكاما (مَثانِيَ) كرّر اللّه وردّد أحكامه وأوامره وروادعه وما وعد وأوعد (تَقْشَعِرُّ) إرعادا وهولا (مِنْهُ) سماعه (جُلُودُ) الملأ (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ) اللّه (رَبَّهُمْ) لهم هول أوامره وروادعه (ثُمَّ تَلِينُ) هدءا (جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ) صورهم وأسرارهم (إِلى ذِكْرِ) مكارم (اللَّهُ) ومراحمه (ذلِكَ) كلام اللّه المرسل (هُدَى اللَّهِ) سلوك وصوله وصراط
------------
(أفمن شرح الله صدره) وسعه (للإسلام) ولقبول الحق (فهو على نور من ربه) أي على يقين وهداية والخبر محذوف أي كمن طبع على قلبه (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله) من أجل ذكر الله لأنه إذا ذكر الله عندهم وقرىء عليهم القرآن ازدادت قسوتهم (أولئك في ضلال مبين) بين، نزلت الآية في علي (عليه السلام) وحمزة وأبي لهب وولده.
(الله نزل أحسن الحديث) أي القرآن (كتابا متشابها) يشبه بعضه بعضا في البلاغة وحسن النظم والإعجاز (مثاني) الثناء لأنه يثني على الله أو من التثنية لأنه يثنى فيه القصص والمواعظ أو تثنى تلاوته (تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم) ترتعد خوفا من وعيده (ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله) بالرحمة والبناء أمره عليها أطلق الذكر (ذلك) الكتاب (هدى الله
ص: 16
سداده (يَهْدِي) اللّه (بِهِ) كلام اللّه (مَنْ يَشاءُ) هداه وهو عالم صلاح الكلّ (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) العدل (فَما لَهُ) أصلا (مِنْ هادٍ) ( 23 ) هداه .
(أَ) طاح العدل (فَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ) أورده لمّا حاموا معه (سُوءَ الْعَذابِ) عسره (يَوْمَ الْقِيامَةِ) معاد الكلّ ومحمول الموصول كمرء ما راعه (وَقِيلَ) الواو للحال (لِلظَّالِمِينَ) العدّال أورده مورد لهم إعلاما لما هو داع لإصرهم وملاك إهلاكهم (ذُوقُوا) أحسّوا وأدركوا عدل أواصر (ما) للمصدر (كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) ( 24 ) عملكم وكد حكم ، والآمر ملك الساعور .
(كَذَّبَ) الطّلاح (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) أمام الحمس أرسلهم (فَأَتاهُمُ) وردهم (الْعَذابُ) الموعود (مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) ( 25 ) وما لهم علم وروده أوّلا .
(فَأَذاقَهُمُ) أهل الطلاح (اللَّهُ الْخِزْيَ) أحسّهم وأوصلهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) العمر الماصل المحصور عهده كحول صورهم وإهلاكهم (وَلَعَذابُ) الدار (الْآخِرَةِ) المعدّ لهم (أَكْبَرُ) أعسر وأدوم (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ( 26 ) الأمر كما هو لا أسلموا .
------------
يهدي به من يشاء) من المؤمنين لأنهم المنتفعون به (ومن يضلل الله) يخليه وسوء اختياره (فما له من هاد) عن ضلالة.
(أفمن يتقي بوجهه) بأن تغل يده إلى عنقه فلا يتقي عن نفسه إلا بوجهه (سوء العذاب) شدته (يوم القيامة) كمن أمن منه (وقيل للظالمين) والقائلون خزنة النار (ذوقوا ما كنتم تكسبون) أي وباله أو نفسه بناء على تجسم الأعمال (كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) من جهة لم تخطر ببالهم (فأذاقهم الله الخزي) الذل كالمسخ والقتل ونحوهما (في الحيوة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر) أعظم وأدوم (لو كانوا يعلمون) ذلك بالنظر لاتعظوا به.
ص: 17
(وَلَقَدْ ضَرَبْنا) هو الإعلام (لِلنَّاسِ) لإصلاح أهل صلاح (فِي هذَا الْقُرْآنِ) وهو كلام اللّه المرسل (مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) محمود صالح لإعلاء أمر الإسلام (لَعَلَّهُمْ) أهل أمّ رحم (يَتَذَكَّرُونَ) ( 27 ) لإكمال الحال وإصلاح المآل .
أمدح (قُرْآناً) مرسلا (عَرَبِيًّا) كلامه وهو حال للوكود (غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) أود سواء (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) ( 28 ) طوالح الأعمال .
(ضَرَبَ) أعلم (اللَّهُ مَثَلًا) لإعلامهم حال المسلم والعادل وهو (رَجُلًا) مملوكا (فِيهِ) محمول محكوم علاه (شُرَكاءُ) سهماء ملكا (مُتَشاكِسُونَ) أولو الإملاء السوءاء وأهل اللّدد والمراء لكلّ واحد كلام مع سواه (وَرَجُلًا سَلَماً) مصدر سلم والمراد مملوكا سالما ملكه (لِرَجُلٍ) ولا مساهم له أصلا (هَلْ يَسْتَوِيانِ) كلاهما مملوك لرهط معلوم حالهم ومملوك لواحد (مَثَلًا) حالا لا سواء لهما ، والأوّل لو أمره مالكوه عصرا واحدا الحاد وما اسطاع أداء أمرهم أصلا ، وهو حال العادل ، وعكسه وهو أداء كلّ ما أمر له حال الموحّد السالم (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وحده (بَلْ أَكْثَرُهُمْ) أهل العدول (لا يَعْلَمُونَ) ( 29 ) مآل الحال وعدلوا .
------------
(ولقد ضربنا للناس في هذا القرءان من كل مثل) يحاجون إليه في أمر دينهم (لعلهم يتذكرون) يتعظون (قرءانا عربيا غير ذي عوج) اختلاف وانحراف عن الحق (لعلهم يتقون) الكفر (ضرب الله مثلا) للمشرك والموحد (رجلا) مملوكا بدل من مثلا (فيه شركاء متشاكسون) متنازعون في استخدامه سيئو الأخلاق (ورجلا سلما) خالصا (لرجل) واحد لا شركة لغيره فيه وهو مثل الموحد (هل يستويان مثلا) أي لا يستويان إذ رضا واحد ممكن ورضا جماعة مختلفين ممتنع (الحمد لله) على إلزامهم الحجة (بل أكثرهم لا يعلمون)
ص: 18
(إِنَّكَ مَيِّتٌ) وارد لك السام مآلا وهالك لا محال ، والكلام مع محمّد ( ص ) (وَإِنَّهُمْ) أعداءك كلّهم (مَيِّتُونَ) ( 30 ) هلّاك لا محال والكلّ سواء هلاكا .
(ثُمَّ إِنَّكُمْ) أهل الإسلام مع العدّال (يَوْمَ الْقِيامَةِ) المعاد للكلّ (عِنْدَ) اللّه (رَبِّكُمْ) الملك العدل (تَخْتَصِمُونَ) ( 31 ) أمورا وأعمالا .
(فَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) أطلح عملا وأكدر علما وأسوأ كلاما (مِمَّنْ) عدوّ (كَذَبَ) سطّر الولع (عَلَى اللَّهِ) الواحد الأحد العدل كادّعاء الولد والمساهم له (وَكَذَّبَ) ردّ (بِالصِّدْقِ) السداد كلام اللّه ، أو كلام رسوله محمّد صلعم (إِذْ جاءَهُ) كما ورده وسمعه مع عدم إعمال الدرك (أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ) دار الآلام أعدّها اللّه للطلّاح (مَثْوىً) محلّ ومرمك (لِلْكافِرِينَ) ( 32 ) أعداء اللّه ورسوله عموما ، أو اللام للعهد والمراد هؤلاء العدّال .
(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ) أورد السداد (وَصَدَّقَ بِهِ) سلّمه ، والمراد الرسل وأممهم ، أو الرسول محمّد علاه السلام وطوّعه ، وورد الأوّل الرسول والمسلم أوّل أمراء الإسلام ، أو أهل الإسلام كلّهم (أُولئِكَ) هؤلاء الملأ المسطور حالهم (هُمُ) لا سواهم (الْمُتَّقُونَ) ( 33 ) كمّل
------------
لزومها لهم (إنك ميت وإنهم ميتون) فلا شماتة بما يعم الكل (ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) تحتج عليهم بأنك قد بلغت وأنهم كذبوا ويعتذرون بما لا يجدي أو أريد تخاصم الناس فيما بينهم من المظالم.
(فمن) أي لا أحد (أظلم ممن كذب على الله) بنسبة الشريك والولد إليه (وكذب بالصدق) القرآن (إذ جاءه) بلا ترو فيه (أليس في جهنم مثوى) مقام (للكافرين والذي جاء بالصدق) بالقرآن وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (وصدق به) أي هو ومن تبعه لقوله (أولئك هم المتقون) أو أريد به الجنس ليشمل الرجل
ص: 19
أهل الورع والسداد .
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ) ما هو مرادهم ومأمولهم حاصل واصل (عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِمْ) كامل العطاء واسع الكرم حال حلولهم دارالسلام (ذلِكَ) العطاء (جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ) ( 34 ) أعمالهم وأملائهم وهم أهل الإسلام .
(لِيُكَفِّرَ اللَّهُ) لإسراره ومحوه (عَنْهُمْ) أهل الإسلام (أَسْوَأَ) العمل (الَّذِي عَمِلُوا) المراد أعمالهم السوء عموما والأسوأ للإطراء ، أو المراد هو الأسوأ وهو أصرح لمحو السوء (وَيَجْزِيَهُمْ) اللّه (أَجْرَهُمْ) حاصل صوالح أعمالهم (بِأَحْسَنِ) العمل (الَّذِي كانُوا) الحال (يَعْمَلُونَ) ( 35 ) لكمال كرمه وهو معدّل صوالح الأعمال لأصلحها عدلا .
(أَ لَيْسَ اللَّهُ) المالك للكلّ (بِكافٍ عَبْدَهُ) محمّدا رسوله أو المراد العموم (وَيُخَوِّفُونَكَ) أعداؤك محمّد سطوا وإهلاكا (بِالَّذِينَ) ألهوهم (مِنْ دُونِهِ) سواه وهم دماهم ، والمراد كلامهم له علاه السلام هم موصلوك سوءا لا مال لوصمك لهم (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) وصار مهوّلا للرّسل عمّا ألّهه ممّا وراء اللّه رادّا لهم (فَما لَهُ) للمهوّل (مِنْ هادٍ) ( 36 ) لسواء الصراط وموصل للمرام أصلا .
(وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ) وهو حام للرّسل مطاوع لهم وما له الهول إلّا هول إلهه
------------
وأتباعهم (لهم ما يشاءون عند ربهم) في الجنة (ذلك جزاء المحسنين) على إحسانهم (ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا) أي سيئه (ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون) يعادل حسناتهم بأحسنها فيضاعف أجرها.
(أليس الله بكاف عبده) أي الرسول أو الجنس (ويخوفونك) أي الكفرة (بالذين من دونه) بالأصنام إذ قالوا نخاف أن تخبلك آلهتنا لسبك إياها (ومن يضلل الله) يخليه وضلاله (فما له من هاد) عن ضلاله (و من يهد الله)
ص: 20
الواحد (فَما لَهُ) للمطاوع (مِنْ مُضِلٍّ) محوّل عمّا سلك صراط السواء (أَ لَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ) كامل سطو لا رادّ لحكمه (ذِي انْتِقامٍ) ( 37 ) موصل آلام للأعداء .
(وَ) اللّه (لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) عدّال أمّ رحم (مَنْ) إله (خَلَقَ السَّماواتِ) مع أدوارها (وَالْأَرْضَ) مع أطوارها (لَيَقُولُنَّ) أسرهما وصوّرهما (اللَّهُ) لسطوع دوالّه (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (أَ) حصل لكم علم الأمور (فَرَأَيْتُمْ) حسّا ودركا (ما) إلها (تَدْعُونَ) طوعا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) وهم دماهم (إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ) عسر وألم (هَلْ هُنَّ) دماكم (كاشِفاتُ ضُرِّهِ) ردّاد عسر أراده (أَوْ أَرادَنِي) اللّه (بِرَحْمَةٍ) روح ووسع (هَلْ هُنَّ) دماكم (مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) هل لها طول إمساك رحمه وردّه ، لا ، ولمّا ألسمهم أرسل اللّه (قُلْ) لهم رسول اللّه (حَسْبِيَ اللَّهُ) حال وسع وعسر لا ردّ ولا إعطاء إلّا له (عَلَيْهِ) اللّه وحده لا سواه (يَتَوَكَّلُ) الملأ (الْمُتَوَكِّلُونَ) ( 38 ) أهل الوكول والعول حالا ومآلا ، لمّا علموا لا أحد مساهم اللّه إعطاء وردّا .
(قُلْ) محمّد ( ص ) لرهطك الأعداء مهدّدا لهم (يا قَوْمِ اعْمَلُوا) ما هو
------------
يلطف به لكونه أهل اللطف (فما له من مضل أليس الله بعزيز) غالب أمره (ذي انتقام) من أعدائه.
(ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) معترفين بذلك (قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله) أي الأصنام (إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله) كاشفا للضر ومصيبا بالرحمة (عليه يتوكل المتوكلون) به يثق الواثقون (قل يا قوم اعملوا
ص: 21
هواكم (عَلى مَكانَتِكُمْ) حالكم اسم للمحلّ معار للحال (إِنِّي عامِلٌ) كما هو الحال (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ( 39 ) اسراعا .
(مَنْ) موصول معمول لما أمامه (يَأْتِيهِ) حالا (عَذابٌ) حدّ عسر كالإهلاك والأسر (يُخْزِيهِ) ملهد له (وَيَحِلُّ) حلولا أسوأ (عَلَيْهِ) معادا (عَذابٌ) إصر وألم (مُقِيمٌ) ( 40 ) له دوام لا حدّ له .
(إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) (الْكِتابَ) كلام اللّه (لِلنَّاسِ) لمصالح حالهم ومآلهم موصولا (بِالْحَقِّ) السداد (فَمَنِ اهْتَدى) أدرك سواء الصراط وسلكه (فَلِنَفْسِهِ) مآل عمله لها (وَمَنْ ضَلَّ) عدل عمّا هو الصراط السواء الدّال علاه الأدلاء السواطع (فَإِنَّما) ما (يَضِلُّ) إلّا (عَلَيْها) وحدها (وَما أَنْتَ) محمّد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الأرهاط (بِوَكِيلٍ) ( 41 ) موكّل أمورهم وما أمرك إلّا الإعلام .
(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ) كلّها لمّا أراد والمراد عطو الأرواح والحواس (حِينَ مَوْتِها) حال هلاك أهلها أراد عصر إحمام هلاكها وعامله الملك الموكّل للإهلاك (وَ) الأرواح (الَّتِي لَمْ تَمُتْ) ما حلّ عصر هلاك أهلها (يَتَوَفَّى) حال (مَنامِها) هكرها (فَيُمْسِكُ) اللّه امساكا موعود الأرواح
------------
على مكانتكم) حالكم وقرىء مكافاتكم (إني عامل) على حالي (فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه) وقد أخزاهم الله ببدر (ويحل عليه عذاب مقيم) دائم هو عذاب النار.
(إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس) لتضمنه مصالح دينهم ودنياهم (بالحق) متلبسا به (فمن اهتدى فلنفسه) لعود نفعه إليها (ومن ضل فإنما يضل عليها) لأن ضرره لا يتعداها (وما أنت عليهم بوكيل) فتجبرهم على الهدى (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها) يقبضها بقطع تعلقها عنها في
ص: 22
(الَّتِي قَضى) حكم اللّه (عَلَيْهَا) الأرواح (الْمَوْتَ) وعدم ردّها لأعطالها حالا (وَيُرْسِلُ) إرسالا سهلا الأرواح (الْأُخْرى) اللّاء ما حلّ عصر هلاك أهلها (إِلى) حلول (أَجَلٍ مُسَمًّى) عصر موسوم محدود لهلاك أهلها وهو عصر أمد العمر (إِنَّ فِي ذلِكَ) العطو والإمساك والإرسال (لَآياتٍ) إعلاما لكمال طول اللّه وعموم رحمه ، ووسّطه لعمومه المعاد (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ( 42 ) صروع طوله .
(أَمِ اتَّخَذُوا) وهم أولو العلم (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (شُفَعاءَ) صدد اللّه لدسع درك الآصار ، وهم دماهم (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (اتَّخَذُوا) هم ممدّوكم ومسعدوكم (وَلَوْ كانُوا) دماكم (لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً ) إمدادا ما أو ملكا ما (وَلا يَعْقِلُونَ) ( 43 ) لا حلم لهم والمراد ولو ما صلحوا للإمداد أصلا .
(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (لِلَّهِ) وحده لا لما سواه (الشَّفاعَةُ) الإمداد والإسعاد (جَمِيعاً) كلّا حكمها له وهو مالكها وما اسطاعها أحد إلّا لأمره وهو حال (لَّهِ) للّه ملكا وملكا (مُلْكُ السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) ملك عالم (الْأَرْضِ) والمراد هو ملك الملك كلّه لا كلام لأحد صدده إلّا لأمره وهو
------------
الجملة لا بالكلية (فيمسك التي قضى عليها الموت) ولا يردها إلى البدن (ويرسل الأخرى) النائمة إلى بدنها فتستيقظ (إلى أجل مسمى) هو وقت موتها (إن في ذلك) المذكور (لآيات) على قدرته وحكمته (لقوم يتفكرون) في هذا التدبير العجيب فيعلمون أن من تفرد به منزه عن الشريك قادر على البعث.
(أم اتخذوا) بل اتخذ المشركون (من دون الله) آلهة (شفعاء) عند الله (قل أولو) يشفعون ولو (كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون) كما ترونهم جمادات لا تقدر ولا تعقل (قل لله الشفاعة جميعا) أي هو مختص بها فلا يشفع أحد إلا بإذنه (له ملك السموات والأرض
ص: 23
مؤكّد للكلام الأوّل (ثُمَّ إِلَيْهِ) اللّه (تُرْجَعُونَ) ( 44 ) وهو معادكم أمد الدهر .
(وَإِذا) كلّما (ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ) وما أورد مع اسمه أسماء دماهم وسمعوا لا إله إلّا اللّه (اشْمَأَزَّتْ) وهو ملاء الصدر همّا وحردا (قُلُوبُ) الرهط (الَّذِينَ) هم ( لا يُؤْمِنُونَ) أصلا (بِالْآخِرَةِ) المعاد (وَإِذا ذُكِرَ) مألوهوهم (الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) اللّه وهم دماهم سواء أورد اسم اللّه معهم أو لا (إِذا هُمْ) حال سماع أسماء دماهم (يَسْتَبْشِرُونَ) ( 45 ) روحا ومرحا وهو ملاء الصدر سرورا .
(قُلِ) محمّد ( ص ) وادع (اللَّهُمَّ) أصله أاللّه (فاطِرَ السَّماواتِ) آسرها ومصوّرها مع علوّه (وَ) آسر (الْأَرْضِ) ومصوّرها مع وسعها (عالِمَ الْغَيْبِ) عالم السرّ (وَالشَّهادَةِ) عالم معادله (أَنْتَ) وحدك (تَحْكُمُ) حكما عدلا (بَيْنَ عِبادِكَ) كلّهم لك الحكم ولا راد لحكمك (فِي ما) أمر إسلام (كانُوا) أوّلا (فِيهِ) سداده (يَخْتَلِفُونَ) ( 46 ) حسدا والحاصل حاكم واعل ما هو أمرك أرسلها اللّه لمّا حاور رسول اللّه صلعم لكمال صدودهم عمّا أمّروا .
------------
ثم إليه ترجعون) يوم القيامة فلا ملك حينئذ إلا له (وإذا ذكر الله وحده) دون آلهتهم (اشمأزت) نفرت وانقبضت (قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه) أي الأصنام (إذا هم يستبشرون) تمتلىء قلوبهم سرورا حتى تنبسط بشرتهم.
(قل اللهم) بمعنى يا الله (فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون) في أمر الدين فاحكم بيني وبينهم.
ص: 24
(وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) حدلوا إدرارهم وعدلوا مع اللّه إلها سواه (ما) مآلا (فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) كلّه والحاصل لو ملكوا مال دار الأعمال كلّه (وَ) ملكوا (مِثْلَهُ مَعَهُ) مع ما ملكوه وصار الكلّ ملكا لهم (لَافْتَدَوْا بِهِ) لأعطوا كلّ ما ملكوه لسلامهم (مِنْ سُوءِ الْعَذابِ) الموعود لهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) المعاد (وَبَدا لَهُمْ) لاح لهم (مِنَ اللَّهِ) مالك الأمر (ما) إصرا (لَمْ يَكُونُوا) أوّلا (يَحْتَسِبُونَ) ( 47 ) ما لا علم لهم ولا وهم لوروده أصلا .
(وَبَدا) لاح (لَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح (سَيِّئاتُ ما) للمصدر أو موصول (كَسَبُوا) طوالح أعمالهم عموما (وَحاقَ بِهِمْ) أحاطهم (ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ) ( 48 ) مآل هرطهم وعدل لهوهم .
(فَإِذا) كلّما (مَسَّ الْإِنْسانَ) وصله (ضُرٌّ) سوء وعسر (دَعانا) لدسع ما مسّه (ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ) هو الإعطاء كرما ورحما (نِعْمَةً مِنَّا) وسعا ومالا (قالَ إِنَّما) ما (أُوتِيتُهُ) المال والوسع إلّا (عَلى عِلْمٍ) لمّا أعلم سأعطاه لما أصلح له أو لمّا أعلم صروط العمل والمحصول ، أو لعلم اللّه للحراء
------------
(ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا) ظهر (لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) وعيد بليغ ونظيره في الوعد فلا تعلم نفس ما أخفي لهم (وبدا لهم سيئات ما كسبوا) في صحائفهم أو بدا جزاء سيئاتهم (وحاق بهم) وأحاط (ما كانوا به يستهزءون) أي العذاب.
(فإذا مس الإنسان) جنسه (ضر دعانا) ملتجأ عكس ما كان عليه من اشمئزازه من التوحيد واستبشاره بذكر الأصنام ولذا عطف بالفاء على وإذا ذكر الله وحده وما بينهما اعتراض (ثم إذا خولناه نعمة منا) أعطيناه إنعاما (قال إنما أوتيته على علم) من الله باستحقاقي له أو مني بوجوه جلبه
ص: 25
له (بَلْ هِيَ) ورووا هو (فِتْنَةٌ) له محّصه اللّه لإعلاء حاله (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أولاد آدم (لا يَعْلَمُونَ) ( 49 ) ما هو مراد اللّه .
(قَدْ قالَهَا) هؤلاء الكلم الأمم (الَّذِينَ) مروا (مِنْ قَبْلِهِمْ) لطلاحهم (فَما أَغْنى) ما ردّ وما صدّ (عَنْهُمْ) هؤلاء الطّلاح إصر اللّه وحرده ما (كانُوا) أوّلا (يَكْسِبُونَ) ( 50 ) ممّا أعمالهم وأموالهم وأولادهم .
(فَأَصابَهُمْ) وصلهم وأحاطهم (سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) عدل أعمالهم السوء (وَ) الرهط (الَّذِينَ ظَلَمُوا) عدلوا وحدلوا (مِنْ هؤُلاءِ) أهل أم الرحم (سَيُصِيبُهُمْ) كما وصل هؤلاء الأمم (سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) كاد وصول عدل أعمالهم السوءاء وهم أهلكوا وأسروا واملحوا أعواما (وَما هُمْ) طلّاح أمّ الرحم (بِمُعْجِزِينَ) ( 51 ) اللّه ممّا أراد لهم والمراد كمل الإصر لهم .
ولمّا عسر حالهم مددا ووسّع لهم ومطروا أعواما أرسل لهم (أَ) طاح أحلامهم (وَلَمْ يَعْلَمُوا) ما أدركوا (أَنَّ اللَّهَ) المالك للكلّ (يَبْسُطُ) موسّع (الرِّزْقَ) المآكل والأموال (لِمَنْ يَشاءُ) وسعه للحكم والمصالح (وَيَقْدِرُ) واللّه واكسه لمّا أراد عسره وئاما لهما (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) أدلّاء
------------
(بل هي فتنة) اختبار له أيشكر أم يكفر (ولكن أكثرهم لا يعلمون) ذلك.
(قد قالها) أي تلك الكلمة أو المقالة (الذين من قبلهم) قارون وقومه لرضاهم بها (فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) من المال.
(فأصابهم سيئات ما كسبوا) جزاءه سمي سيئة للمقابلة (والذين ظلموا من هؤلاء) أي قريش (سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين) بفائتين وقد أصابهم القحط سبع سنين والقتل ببدر.
(أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق) يوسعه (لمن يشاء ويقدر) ويضيقه (إن في ذلك لآيات
ص: 26
طوله (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 52 ) إسلاما كاملا لما لا ردّ ولا إعطاء إلّا لمصالحه وحكمه .
(قُلْ) محمّد ( ص ) (يا عِبادِيَ) أهل الإسلام (الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) أطاحوها وعملوا أعمال السوء وعصوا اللّه (لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) وطّدوا مالكم لوصول مراحمه ودعوا حسمها (إِنَّ اللَّهَ) كامل الرحم (يَغْفِرُ الذُّنُوبَ) هو محو الآصار (جَمِيعاً) كلّ معاص مع الإسلام (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ) لا سواه (الْغَفُورُ) المحّاء لكلّ إصر (الرَّحِيمُ) ( 53 ) واسع الرحم أرسلها اللّه لمّا سأل الأعداء اللّاءوا أرادوا الإسلام وعملوا أوّلا أكمل طوالح الأعمال رسول اللّه صلعم هل لطوالح الأعمال محو
(وَأَنِيبُوا) عودوا وأولو (إِلى) اللّه (رَبِّكُمْ) مالككم ومصلحكم (وَأَسْلِمُوا لَهُ) أمحصوا إسلامكم للّه وطاوعوه (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ) أمام ورودكم (الْعَذابُ) الموعود للطلّاح (ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) ( 54 ) أصلا لولا عودكم وهودكم .
------------
لقوم يؤمنون) بأنه الباسط القابض.
(قل يا عبادي الذين أسرفوا) الذنوب والخيانات (على أنفسهم لا تقنطوا) لا تيأسوا (من رحمة الله) ومغفرته وفضله (إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) عن علي (عليه السلام) ما في القرآن آية أوسع منها قيل والآية بالغة في اتساع رحمته بوسم المؤمنين بذل العبودية وإضافتهم إليه الموجبين للترحم وقصر إسرافهم على أنفسهم ونهيهم عن القنوط المتضمن لتحقيق الرجاء وإضافة الرحمة إلى اسمه دون ضميره وتكريره في إن الله والتعليل لذلك مصدرا بأن مع تأكيد الذنوب بجميعها وتعليله بما يتضمن الوعد بالمغفرة والرحمة مؤكدا بأن والفصل وتعريف الخبر.
(وأنيبوا) ارجعوا (إلى ربكم) بالتوبة (وأسلموا) أخلصوا العمل (له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون) تمنعون منه.
ص: 27
(وَاتَّبِعُوا) طاوعوا كلاما (أَحْسَنَ ما) كلام (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) أرسل اللّه لهداكم ، وهو كلام اللّه المرسل ، أو كلّ مأمور ممّاه ولعلّه ما هو أصلح وأسلم (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ) أمام ورودكم (الْعَذابُ بَغْتَةً) حال عدم علمكم أوّلا ، وهو مصدر أو حال (وَ) الحال (أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) ( 55 ) وروده .
وسارعوا أمام (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ) كمل طلاحها عموما (يا حَسْرَتى) وهو سدم وهم لأمر عدم (عَلى ما فَرَّطْتُ) وكس الأعمال الصالح و « ما » للمصدر (فِي جَنْبِ اللَّهِ) طوعه وأمره (وَ) الحال (أَنْ) مطروح الاسم محموله (كُنْتُ لَمِنَ) الأمم (السَّاخِرِينَ) ( 56 ) هرّاط الإسلام وردّاده .
(أَوْ تَقُولَ) سدما وحسرا (لَوْ أَنَّ اللَّهَ) مالك الكلّ (هَدانِي) للإسلام وسواء الصراط (لَكُنْتُ) لدار الأعمال (مِنَ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) ( 57 ) معصوما ممّا ردعه اللّه مطاوعا لما أمره .
(أَوْ تَقُولَ) هولا وروعا (حِينَ تَرَى الْعَذابَ) إصر المعاد محسوسا (لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً) عودا ومرورا لعالم الأوامر ودار الأعمال (فَأَكُونَ) ح (مِنَ) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 58 ) أعمالا وإملاء وهو لحاله العوصاء .
------------
(واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم) أي القرآن أو العزائم دون الرخص (من قبل أن يأتيكم العذاب وأنتم لا تشعرون) بإتيانه أي لأن أو كراهة (أن تقول نفس يا حسرتا) يا ندمتي احضري (على ما فرطت) قصرت (في جنب الله) في حقه أو طاعته أو أمره أو قربه، وعنهم (عليهم السلام) نحن جنب الله (وإن) مخففة أي إن (كنت لمن الساخرين) المستهزءين بالقرآن والرسول والمؤمنين (أو تقول لو أن الله هداني) أرشدني إليه دينه (لكنت من المتقين) معاصيه (أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة) رجعة إلى الدنيا (فأكون من المحسنين) بالإيمان والعمل.
ص: 28
(بَلى) ردّ لها ردّها اللّه (قَدْ جاءَتْكَ آياتِي) وهو كلام اللّه المرسل ، أو كلّ ما أورده رسول اللّه صلعم (فَكَذَّبْتَ بِها) لعماك (وَاسْتَكْبَرْتَ) عمّاها والإسلام لمدلولها (وَكُنْتَ) ح (مِنَ) الأمم (الْكافِرِينَ) ( 59 ) أهل العدول .
(وَيَوْمَ) حصول (الْقِيامَةِ) الموعود ورودها (تَرَى) محمّد ( ص ) محسوسا الأمم (الَّذِينَ كَذَبُوا) سطّروا الولع (عَلَى اللَّهِ) الواحد الأحد وهو ادّعاء الولد والعدل والمساهم له (وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) للكاداء سوّدها عملهم الكدر (أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ) دار الآلام (مَثْوىً) محلّ رموك وركود (لِلْمُتَكَبِّرِينَ) ( 60 ) اللّاءوا سمدوا وما أطاعوا للّه ورسوله .
(وَيُنَجِّي اللَّهُ) مما أو عدهم وكلّ مكروه الملأ (الَّذِينَ اتَّقَوْا) السمود والعدول وطاوعوا أوامر اللّه ورسوله (بِمَفازَتِهِمْ) عملهم الصالح أو وصولهم مرادهم (لا يَمَسُّهُمُ) أهل الورع (السُّوءُ) المكروه (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ( 61 ) لعدم مسّهم السوء .
(اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) صلاح وطلاح وسرور وهمّ وما عداها (وَهُوَ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما (وَكِيلٌ) ( 62 ) حاكم
------------
(بلى قد جاءتك ءاياتي) لتهتدي بها (فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله) بنسبة الشريك والولد إليه (وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى) مقام (للمتكبرين) عن الإيمان، سئل الباقر (عليه السلام) عن الآية فقال كل منتحل إمامة ليس له من الله.
(وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم) بفلاحهم أو بنجاتهم (لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل) حفيظ يدبره.
ص: 29
وكل إلاه الأمور .
(لَهُ) للّه (مَقالِيدُ السَّماواتِ) عالم العلو كالأمطار وما سواه (وَالْأَرْضِ) كأمور الماكر وما سواها ، والمراد هو مالك أمرهما وحارس أسرارهما له حلّ الأمور كلّها والرهط (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) وما أسلموا (بِآياتِ اللَّهِ) كلام اللّه المرسل ، أو ما أورده الرسل عموما (أُولئِكَ) الطّلاح (هُمُ) لا سواهم (الْخاسِرُونَ) ( 63 ) أعمالا .
(قُلْ) محمّد ( ص ) لرهط دعوك لسلوك صراط ولّادك (أَ) أعماكم اللّه (فَغَيْرَ اللَّهِ) ما سواه أرادوا دماهم (تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) أله وأطاوع مع سطوع أدلّاء وحود اللّه (أَيُّهَا) الرهط (الْجاهِلُونَ) ( 64 ) عمّا لاح وسطع كوحود اللّه وطوله .
(وَ) الحال (لَقَدْ أُوحِيَ) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (وَإِلَى) الرسل (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِكَ) واللّه (لَئِنْ أَشْرَكْتَ) ولو هو محال ، أو الكلام لرسول اللّه صلعم والمراد كلّ مسلم (لَيَحْبَطَنَّ) هو الإمحاء (عَمَلُكَ) صوالح أعمالك كلّها (وَلَتَكُونَنَّ) ح (مِنْ) الرهط (الْخاسِرِينَ) ( 65 ) أعمالا ما لهم سهم الآلاء معادا عدلا .
(بَلِ اللَّهَ) وحده لا ما سواه (فَاعْبُدْ) ردّ لما أمروه والحاصل أطع اللّه وحده لو مرادك الطوع ، واطرح ما أمروك لطوعه (وَكُنْ مِنَ) الملأ (الشَّاكِرِينَ) ( 66 ) آلاء إلهك وهو إرسالك لكلّ أهل العالم
------------
(له مقاليد السموات والأرض) مفاتيح خزائنها من المطر والنبات وجميع الخيرات (والذين كفروا بآيات الله أولئك هم الخاسرون قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك) من الرسل (لئن أشركت) فرضا أو من باب إياك أعني (ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد) أي خص بالعبادة (وكن من الشاكرين) إنعامه عليك.
ص: 30
وإعلاء أمرك وحالك علاهم .
(وَما قَدَرُوا اللَّهَ) ما علموه وما أكرموه (حَقَّ قَدْرِهِ) علمه وإكرامه الحراء له (وَالْأَرْضُ) الواو للحال (جَمِيعاً) كلّها مع وسعها ، وهو حال مؤكّد لعموم آحادها وعددها عدد السماء (قَبْضَتُهُ) محاط أمره وممسوك طوله وحكمه ، وهو مصدر أصلا (يَوْمَ الْقِيامَةِ) المعاد الموعود المحسوس للكلّ (وَالسَّماواتُ) كلّها (مَطْوِيَّاتٌ) حال ما طواها اللّه ولواها (بِيَمِينِهِ) حوله وطوله ، أو أعار الكلام كلّه لكمال طوله وما أراد لكلمه مدلولا أصلا (سُبْحانَهُ) مصدر طرح عامله (وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) ( 67 ) علا أمره عمّا ساهمه أحد كما وهم أهل العدول .
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) أوّلا لإهلاك العالم وعامله الملك الموكّل له (فَصَعِقَ) هلك (مَنْ) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَمَنْ) ركد (فِي الْأَرْضِ) كلّه (إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ) أراد عدم إعدامه وهم ملك حمّال للسماء الأطلس والحور واللوح المرسام ودارالسلام ودار الساعور والأرواح وما سواها ممّا ورد (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ) الصور (أُخْرى) سواها لإعطاء الأرواح وردّها للأعطال (فَإِذا هُمْ) أهل المرامس كلّهم
------------
(وما قدروا الله حق قدره) ما عرفوه حق معرفته أو ما عظموه حق تعظيمه أو ما وصفوه إلا بحسب عقولهم لا بما هو أهله (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) الغرض تصوير عظمته وإحاطة قدرته أي الأرضون السبع ملكه فقط والسموات مجموعات بقدرته وقوته (سبحانه وتعالى عما يشركون) معه من الشركاء.
(ونفخ في الصور) النفخة الأولى (فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله) تأخير موته كحملة العرش أو غيرهم (ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم
ص: 31
(قِيامٌ) أولو أرواح وإدراك (يَنْظُرُونَ) ( 68 ) أهوال المعاد وأحوال أهله ، وهو حال .
(وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ) حصل لها اللّمع (بِنُورِ) عدل اللّه (رَبِّها) مصلحها ومالكها (وَوُضِعَ الْكِتابُ) طرس الأعمال لعدّها (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ) أورد الرسل لسؤال اللّه عمّا أرسلهم وما عمل أممهم وما عاملوا معهم (وَالشُّهَداءِ) للرسل ، وهم رهط محمّد صلعم ، أو أعمّ ، أو الملك الرسّام لأعمالهم ، أو صلحاء كلّ عصر (وَقُضِيَ) حكم (بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ) العدل (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ( 69 ) أصلا واللّه هو الملك العدل سواء أحلّهم وسط دارالسلام ، أو دار الآلام .
(وَوُفِّيَتْ) هو الأداء الكامل (كُلُّ نَفْسٍ) أحد كلّ (ما عَمِلَتْ) أوصل لها مكمّلا أعدال أعمالها (وَهُوَ) اللّه (أَعْلَمُ) واسع علم (بِما) كلّ عمل (يَفْعَلُونَ) ( 70 ) أعمالهم الصوالح والطوالح أحاط علمه الكلّ ، والمراد علمه أصعد ممّا سطروا له وأعلموه .
(وَسِيقَ) طرد الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما أسلموا للّه ورسوله طردا أسوأ إلهادا لهم (إِلى جَهَنَّمَ) وحولها كطرد الإسراء للإهلاك ، أو الحصر
------------
قيام ينظرون) يقلبون أبصارهم في الجوانب كالمبهوتين أو ينتظرون ما يفعل بهم (وأشرقت الأرض بنور ربها) بعدله المزين لها والمظهر للحقوق فيها (ووضع الكتاب) جنسه أي صحائف الأعمال في أيدي أهلها (وجيء بالنبيين والشهداء) الأمم وعليهم من الملائكة (وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون) شيئا (ووفيت كل نفس ما عملت) جزاءه (وهو أعلم بما يفعلون) فلا يحتاج إلى شاهد.
(و سيق الذين كفروا) بعنف (إلى جهنم زمرا) أفواجا متفرقة
ص: 32
(زُمَراً) رهطا رهطا وهو حال (حَتَّى إِذا جاؤُها) وردوا صددها (فُتِحَتْ) ح (أَبْوابُها) مواردها لهم أمام ورودهم لورودهم كما هو حال المحاصر كلّها (وَقالَ لَهُمْ) لأهل العدول (خَزَنَتُها) وهم ملك موكّلوها لمّا أولموا أهلها (أَ لَمْ يَأْتِكُمْ) أوّلا (رُسُلٌ) للّه (مِنْكُمْ) ولد آدم (يَتْلُونَ) الرسل وهو حال (عَلَيْكُمْ) لهداكم (آياتِ) اللّه (رَبِّكُمْ) دوالّ الإسلام (وَيُنْذِرُونَكُمْ) لإصلاحكم (لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) عصر حلولكم الدرك لا عصر المعاد (قالُوا) لهم حوارا (بَلى) ورد الرسل أوردوا ما أرسل لهم (وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ) لسم وروده (عَلَى) الرهط (الْكافِرِينَ) ( 71 ) ولا رادّ لحكمه أورده محلّ ما حكوا إعلاما لمّا هو داع لإصرهم ووردهم الساعور وركودهم وسطه سرمدا .
(قِيلَ) أمر لهم ح (ادْخُلُوا) ردوا وحلّوا أمم الطّلاح (أَبْوابَ جَهَنَّمَ) أعدّها اللّه لكم (خالِدِينَ) حال (فِيها) دواما سرمدا (فَبِئْسَ) ساء (مَثْوَى) محلّ الأمم (الْمُتَكَبِّرِينَ) ( 72 ) عمّا أمروا دار الآلام .
(وَسِيقَ) أمر كراع الملأ (الَّذِينَ اتَّقَوْا) اللّه (رَبَّهُمْ) وأطاعوه وراعوا أوامره وأحكامه إمرار أملح إكراما لهم (إِلَى الْجَنَّةِ) دارالسلام (زُمَراً) رهطا
------------
(حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها) توبيخا (ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم ءايات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين) أي وجبت وهو قوله لأملأن جهنم وعدل إلى الظاهر للإشعار بسبب العذاب.
(قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وسيق الذين اتقوا ربهم) بلطف (إلى الجنة زمرا) بحسب مراتبهم في
ص: 33
رهطا (حَتَّى إِذا جاؤُها) حلّوها سعداء (وَ) الحال (فُتِحَتْ) لورودهم (أَبْوابُها) مواردوها حلّا سارّا أمام ورودهم رصدا وإكراما لهم (وَقالَ لَهُمْ) لهؤلاء الصلحاء (خَزَنَتُها) موكّلوها (سَلامٌ) سلام اللّه (عَلَيْكُمْ) دواما أهل الإسلام ودارالسلام (طِبْتُمْ) أرواحا وأعمالا طهّركم اللّه عمّا كدر وحصل لكم السرور (فَادْخُلُوها) دارالسلام (خالِدِينَ) ( 73 ) دواما سرمدا ، وهو حال .
وهم حلّوها (وَقالُوا الْحَمْدُ) كلّ حمد حاصل (لِلَّهِ) السلام الودود (الَّذِي صَدَقَنا) كرما (وَعْدَهُ) المعهود وأكمل مكارمه كورودهم دارالسلام ووصولهم مرادهم (وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ) ملك دارالسلام (نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ) المراد حلولهم كلّ محلّ أرادوه (فَنِعْمَ أَجْرُ) الملأ (الْعامِلِينَ) ( 74 ) واما لأوامر اللّه وروادعه دارالسلام ومسارها .
(وَتَرَى) محمّد ( ص ) (الْمَلائِكَةَ) س رهطا رهطا (حَافِّينَ) وهم أحاطوا وهو حال (مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ) حدوده طرا (يُسَبِّحُونَ) اللّه سرورا وهو حال عاملها الحال الأوّل أو عامله (بِحَمْدِ) اللّه (رَبِّهِمْ) الراحم
------------
الرفعة (حتى إذا جاءوها و) قد (فتحت أبوابها) فالواو للحال بتقدير قد للإشعار بأن أبوابها تفتح لهم قبل مجيئهم تكرمة لهم لقوله جنات عدن مفتحة لهم الأبواب أو لأن رحمته سبقت غضبه فلا تفتح أبواب جهنم إلا عند دخول أهلها فيها (وقال لهم خزنتها سلام عليكم) بشارة بالسلامة من المكاره (طبتم) نفسا أو طهرتم من الذنوب (فادخلوها خالدين) وجواب إذا مقدر أي كان ما كان من الكرمات لهم (وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده) بالثواب (وأورثنا الأرض) أرض الجنة (نتبوأ) ننزل (من الجنة حيث نشاء) لأن لكل شخص جنة واسعة كثيرة المنازل الحسنة (فنعم أجر العاملين) الجنة.
(وترى الملائكة حافين) محدقين (من حول العرش يسبحون بحمد ربهم)
ص: 34
(وَقُضِيَ) حكم (بَيْنَهُمْ) الرسل والأمم ، أو أهل دارالسلام وأهل دار الساعور ، أو الملك لما أحلّوا صروع محالّهم وآما لأحوالهم ومراهصهم (بِالْحَقِّ) السداد والعدل (وَقِيلَ) روحا وسرورا (الْحَمْدُ) المحامد كلّها حاصل (لِلَّهِ) الحامد والمحمود (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 75 ) مالكهم ومصلحهم وهو كلام أهل دارالسلام حال ورودها .
------------
أي متلبسين بحمده مستغرقين في ذكره التذاذا به (وقضي بينهم بالحق) بإدخال المتقين الجنة والكفرة النار (وقيل الحمد لله رب العالمين) والقائل الملائكة أو المؤمنون.
ص: 35
ص: 36
ص: 37
ص: 38
( سورة غافر )
موردها أمّ رحم وئاما ، وحاصل مدلولها .
عدّ اللّه لأهل العالم آلاء محو الآصار ، وسماع الهود وإعلاء وحوده ، وردع الرسول عمّا مكر رحل العدّال أهل الوسع لحصول الأموال ، وحولهم سلاما مع اكراء الأموال ، وصدع محامد حمّال السماء الأطلس وما حوله ، وإسلامهم وطوعهم للّه ، وإلحاح العدّال ووكلهم وسط درك الساعور ، وصدع لوامع العدل معادا ، وادّكار إهلاك الأمم الأول لعدم إسلامهم .
وردّ ملك مصر رسول الهود وردأه علاهما السلام ، ومراء مرء مصر لإسلامه مع رهط ملك مصر دسعا لإهلاك رسول الهود ، وصلاء آل ملك مصر الساعور دواما ، ووعد الإمداد والإعلاء للرسل عليهم السلام ، وإلسام أهل العدول مع صروع الأدلّاء ، ووعد سماع الدعاء لأهل الإسلام ، وصدع صروع ممّا إهكار الأسر ، وإعلاء عدم عود الإسلام عصر سطوع العسر والإصر ، وحكم عدم حصول مروم الردّاد والعدّال .
ص: 39
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم) ( 1 ) سرّ اللّه مع محمد رسول اللّه صلعم ، أو هو أحد أسماء اللّه ، أو اللّه أعلم ما أراد ، وورد مراده حكم اللّه وملكه ، وأمالوا الحاء .
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) إرسال كلامه المكمّل والطرس المسدّد ، وهو محمول لطروح أو محكوم علاه محموله (مِنَ اللَّهِ) محمود المحامد كلّها (الْعَزِيزِ) كامل السطو (الْعَلِيمِ) ( 2 ) واسع العلم وعالم الكلّ .
(غافِرِ الذَّنْبِ) محّاء إصر كلّ مسلم أسلم وكلّم : لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه ( ص ) (وَقابِلِ التَّوْبِ) سامع الهود كرما (شَدِيدِ الْعِقابِ) عسر الإصر (ذِي الطَّوْلِ) العطاء الواسع ، وهو مصدر (لا إِلهَ) صالح للطوع ( إِلَّا
------------
(40 سورة المؤمن خمسة وثمانون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(حم) روي معناه الحميد المجيد (تنزيل الكتاب من الله العزيز) في سلطانه (العليم) بكل شيء (غافر الذنب) للمؤمنين وهو للدوام فإضافته حقيقية فصح وصف المعرفة به وكذا (وقابل التوب) مصدر كالتوبة (شديد العقاب ذي الطول) الفضل والإنعام (لا إله إلا
ص: 40
هُوَ) اللّه وحده (إِلَيْهِ) اللّه (الْمَصِيرُ) ( 3 ) معاد الكلّ مآلا .
(ما يُجادِلُ) هو المراء (فِي) أسرار (آياتِ اللَّهِ) كلام اللّه وردّها عداء وهرطا (إِلَّا) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا عمّا هو السداد وردّوا كلام اللّه (فَلا يَغْرُرْكَ) محمّد ( ص ) (تَقَلُّبُهُمْ) دورهم (فِي الْبِلادِ) ( 4 ) وروده لحصول الأموال حول الممالك والأمصار ، ساء مآلهم ولو أمهلهم اللّه عصرا وأعطاهم صروع الأموال .
(كَذَّبَتْ) ردّ (قَبْلَهُمْ) أهل عصرك وأعداء رهطك (قَوْمُ نُوحٍ) رهطه له (وَ) ردّ (الْأَحْزابُ) الرسل (مِنْ بَعْدِهِمْ) كعاد ردّوا هودا ، ورهط لوط لوطا ، ورهط صالح صالحا ، وأرسلوا العساكر لإدمار رسلهم وإهلاكهم (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ) عمدوا (بِرَسُولِهِمْ) المرسل لهم ، ورووا رسولها ، (لِيَأْخُذُوهُ) الرسول إدمارا له (وَجادَلُوا) مع الرسول (بِالْباطِلِ) العاطل ممّا حاوروا (لِيُدْحِضُوا) لإهدارهم وإعدامهم (بِهِ) العاطل (الْحَقَّ) المأمور طوعه (فَأَخَذْتُهُمْ) إهلاكا وعمل معهم ما أرادوا مع رسلهم (فَكَيْفَ كانَ) ح (عِقابِ) ( 5 ) أحسّوا مآل حالهم وسوء معادهم ، وهو مؤكّد للأوّل .
------------
هو إليه المصير) المرجع للجزاء.
(ما يجادل في ءايات الله) القرآن ما يطعن فيه (إلا الذين كفروا) عنادا منهم وبطرا (فلا يغررك تقلبهم في البلاد) من الشام واليمن للتجارات سالمين مترفين فإنهم وإن أمهلوا مأخوذون كأمثالهم المذكورين في (كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب) المتحزبين على الرسل كعاد وثمود وغيرهم (من بعدهم) بعد قوم نوح (وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه) ليهلكوه (وجادلوا بالباطل ليدحضوا) ليزيلوا (به الحق فأخذتهم) بالتدمير عقوبة (فكيف كان عقاب)
ص: 41
(وَكَذلِكَ) كما هو مآل أمر هؤلاء الأمم (حَقَّتْ) لسم (كَلِمَةُ) اللّه (رَبِّكَ) حكمه للإصر (عَلَى) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا عما هو الإسلام (أَنَّهُمْ) هؤلاء الأعداء (أَصْحابُ النَّارِ) ( 6 ) أهلها وهو صدع لها واعلام لما هو المراد ممّاها ، وح المراد الأمم الأول والحاصل كما لسم علاهم الإهلاك حالا لسم علاهم الإهلاك مآلا وسط الساعور ، أو هو معلّل واللّام مطروح وح المراد الحمس والحاصل كما لسم إهلاك هؤلاء الأمم لسم إهلاك الحمس لمّا هم أهل الساعور كهؤلاء الأمم .
(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) حمّاله وهم الملك (وَمَنْ حَوْلَهُ) وأملاك حالوا حوله دواما إكراما له (يُسَبِّحُونَ) وصالا (بِحَمْدِ) اللّه (رَبِّهِمْ) مع حمد مالكهم دواما لمّا أعطاهم اللّه صروع آلاء (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) اللّه إسلاما كاملا (وَيَسْتَغْفِرُونَ) اللّه (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ، والمراد كلّ أهل الإسلام مكلّما كل واحد (رَبَّنا) اللّهم (وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ) عموما (رَحْمَةً وَعِلْماً) أحاط رحمك وعلمك الكلّ (فَاغْفِرْ) الآصار (لِلَّذِينَ تابُوا) هادوا (وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) سلكوا صراط هداك ومسلك رسولك وهو الإسلام والعمل
------------
تقرير أي هو في موقعه (وكذلك حقت كلمت ربك) وعيده بالعذاب وقرىء كلمات (على الذين كفروا) بكفرهم (أنهم أصحاب النار) بدل من كلمة أو منصوب بنزع اللام.
(الذين يحملون العرش ومن حوله) من الكروبيين (يسبحون) خبر الذين متلبسين (بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين ءامنوا) قائلين (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما) قدمت الرحمة لأنها الغرض الأصلي هنا (فاغفر للذين تابوا) عن الشرك (واتبعوا سبيلك) دينك
ص: 42
الصالح (وَقِهِمْ) اعصمهم (عَذابَ الْجَحِيمِ) ( 7 ) الموعود وروده للطلّاح .
(رَبَّنا) اللّهم (وَأَدْخِلْهُمْ) هؤلاء الصلحاء (جَنَّاتِ عَدْنٍ) أعدّها كرمك أمّ الرموك وأعلمها رسولك (الَّتِي وَعَدْتَهُمْ) هؤلاء السعداء كرما وعطاء ورودها (وَ) أوردها (مَنْ صَلَحَ) كلّ صالح أو هو معمول للوعد (مِنْ آبائِهِمْ) ولّاده (وَأَزْواجِهِمْ) أعراسهم (وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أولادهم عدّهم معهم ولاء وعصمه لإكمال سرورهم وإعدام همّهم رأسا (إِنَّكَ أَنْتَ) اللّهم (الْعَزِيزُ) كامل الطول (الْحَكِيمُ) ( 8 ) واطد الحكم وسع ملكك وسدّ وعدك .
(وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) اعصمهم عمّا هو طوالح الأعمال حالا ، أو عدلها مآلا وهو إصر الساعور (وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ) كلّ معاص (يَوْمَئِذٍ) حالا (فَقَدْ رَحِمْتَهُ) مآلا (وَذلِكَ) رحمك أو عصمك عمّا هو الإصر أو كلاهما (هُوَ) لا سواه (الْفَوْزُ) الوصول للمرام (الْعَظِيمُ) ( 9 ) الكامل .
(إِنَّ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) صدّوا عمّا هو الإسلام (يُنادَوْنَ) داعوهم الملك معادا لمّا وردوا الساعور (لَمَقْتُ اللَّهِ) عداءه وحرده لكم (أَكْبَرُ) أعسر وأكمل (مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) واللّه عدوّكم أراد إهلاككم إ(ِذْ
------------
الحق (وقهم عذاب الجحيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم) إياها (ومن صلح من ءابائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات) أي عقوباتها وتعم عذاب الجحيم وغيره أو المعاصي في الدنيا (ومن تق السيئات يومئذ) يوم القيامة أو في الدنيا (فقد رحمته) في الآخرة (وذلك هو الفوز العظيم) أي الرحمة.
(إن الذين كفروا ينادون) يوم القيامة وقد مقتوا أنفسهم حين رأوا وبال أعمالهم (لمقت الله) إياكم (أكبر من مقتكم أنفسكم) الأمارة (إذ
ص: 43
تُدْعَوْنَ) دار الأوامر (إِلَى الْإِيمانِ) الإسلام كما أمركم اللّه ورسوله (فَتَكْفُرُونَ) ( 10 ) ح صدودا وعدولا .
(قالُوا) هؤلاء العدّال (رَبَّنا) اللّهمّ (أَمَتَّنَا) أوّلا (اثْنَتَيْنِ) إهلاكا وراء إهلاك (وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) كما مرّ ، والمراد أهلكهم اللّه أوّلا وحسم أعمارهم وأعادهم لسؤال المرامس ، وأهلكهم وأعادهم معادا لإحصاء الأعمال ، وورد : مورد الأوّل امطاء الولّاد وأعادهم الأرحام ، وأهلكهم أمد الأعمار ، وأعادهم معادا لعدّ أعمالهم (فَاعْتَرَفْنا) الحال (بِذُنُوبِنا) الولع الصدود وردّ أوامر الرسل والمعاد وطول الآمال (فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ) ممّا الساعور والعود لدار الأعمال (مِنْ سَبِيلٍ) ( 11 ) مسلك ما .
والحوار لا مسلك لكم ودلّ علاه (ذلِكُمْ) الإصر معلّل (بِأَنَّهُ) الأمر (إِذا) كلّما (دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ) وهو حال (كَفَرْتُمْ) صدودا (وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ) اللّه ما سواه (تُؤْمِنُوا) طوعا ، والحاصل إصركم لعملكم وهو طرحكم إلهكم وعطاؤكم دماكم طوعا (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ) الملك العدل حكم علاكم للإصر السرمد وألسمه لكم لا إملاص لكم عمّاه (الْعَلِيِّ) عمّا ساهمه أحد (الْكَبِيرِ) ( 12 ) لا رادّ لحكمه .
------------
تدعون إلى الإيمان فتكفرون) في الدنيا (قالوا ربنا أمتنا اثنتين) في الدنيا وفي الرجعة أو القبر أو خلقهم نطفا أمواتا ثم أماتهم (وأحييتنا اثنتين) في القبر والرجعة أو في القبر وحين البعث (فاعترفنا بذنوبنا) بإنكارنا البعث وما يتبعه (فهل إلى خروج) من النار (من سبيل) نسلكه وجوابهم: لا سبيل دل، عليه (ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم) بتوحيده (وإن يشرك به تؤمنوا) بالإشراك (فالحكم) في تعذيبكم (لله العلي) شأنه (الكبير) العظيم في كبريائه.
ص: 44
(هُوَ) اللّه (الَّذِي يُرِيكُمْ) كرما (آياتِهِ) هو معلم دوالّ علوه وإعلام وحوده (وَيُنَزِّلُ) اللّه (لَكُمْ) لصلاحكم (مِنَ السَّماءِ) عالم العلو (رِزْقاً) أصله وهو المطر (وَما يَتَذَكَّرُ) لصدّ الأهواء والأوهام أحد (إِلَّا مَنْ يُنِيبُ) ( 13 ) إلاه عمّا ساء ووحّده مطاوعا لأوامره .
(فَادْعُوا اللَّهَ) وحّدوه وطاوعوه (مُخْلِصِينَ) حال (لَهُ) للّه (الدِّينَ) إسلامكم له (وَلَوْ كَرِهَ) أعداؤكم (الْكافِرُونَ) ( 14 ) ولو علموه مكروها .
هو (رَفِيعُ الدَّرَجاتِ) المراهص لأهل الإسلام لصروع أعمالهم وأطوار أحوالهم أو المراد مراهص كمال اللّه أو مراهص السماء (ذُو الْعَرْشِ) آسره ومالكه ومصعده (يُلْقِي) اللّه إرسالا وإعلاما (الرُّوحَ) الملك (مِنْ أَمْرِهِ) أمر اللّه الساطع اللامع ، أو الروح هو ما أوحاه اللّه وهو أمره ، أو الأمر هو الملك (عَلى مَنْ) أحد (يَشاءُ) اللّه إكماله وإرساله (مِنْ عِبادِهِ) السعداء وهو الرسول (لِيُنْذِرَ) اللّه ، أو الرسول ، أو الروح (يَوْمَ التَّلاقِ) ( 15 ) وصال
------------
(هو الذي يريكم ءاياته) دلائل توحيده وقدرته (وينزل لكم من السماء رزقا) بالمطر (وما يتذكر) ما يتعظ بالآيات (إلا من ينيب) يرجع إليه معرضا عن الشرك.
(فادعوا الله مخلصين له الدين) من الشرك (ولو كره الكافرون رفيع الدرجات) ارتفعت درجات كماله وجلاله من أن يشرك به أو رافع درجات الأنبياء والأولياء في الجنة أو مقامات الملائكة (ذو العرش) خالقه المستولي عليه (يلقي الروح) الوحي (من أمره) من عالم أمره (على من يشاء من عباده) أن يخصه بالرسالة (لينذر) الملقى إليه (يوم التلاق) يوم
ص: 45
الأرواح والأعطال ، أو الصلحاء والطّلاح ، أو الأعمال والعمّال ، أو أهل السماء وأهل معادلها ، أو الألّاه وما ألّهوهم وهو معاد الكلّ .
(يَوْمَ هُمْ) أهل العالم (بارِزُونَ) سطّاع ما دسّهم أمر (لا يَخْفى) أصلا (عَلَى اللَّهِ) واسع العلم (مِنْهُمْ) إدرارهم وأعمالهم وأحوالهم (شَيْءٌ) ما (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) وهو ممّا سأل اللّه وأحار درّه ، أو أهل العالم أو الملك (لِلَّهِ الْواحِدِ) لا مساهم له ولا عدل (الْقَهَّارِ) ( 16 ) الكهّار للعالم كلّه إهلاكا أو أهل السموّ والسمود .
وكاسرهم (الْيَوْمَ) الحال وهو عصر المعاد (تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ) كلّ أحد صالح وطالح (بِما) عمل (كَسَبَتْ) أوّلا ، والحاصل سرّ المرء لصلاح عمله وأهم لطلاح حاله (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) أصلا كلّهم عوملوا وآما لأعمالهم عدلا (إِنَّ اللَّهَ) عامل الطول (سَرِيعُ الْحِسابِ) ( 17 ) إحصاء الأعمال لا إمهال ولا إهمال له لعدّه أعمال الكلّ لمحا واحدا .
(وَأَنْذِرْهُمْ) هولهم محمّد ( ص ) (يَوْمَ) عصر اللأواء (الْآزِفَةِ) مدلول مصدرها الإحمام ، وهو عصر المعاد سمّاها لإحمام ورودها صدد اللّه أو لورودها لا محال (إِذِ الْقُلُوبُ) أرواحهم صواعد (لَدَى
------------
القيامة لتلاقي الأرواح والأجساد فيه وأهل السماء والأرض والعمال وأعمالهم (يوم هم بارزون) من قبورهم أو بارزة سرائرهم (لا يخفى على الله منهم شيء) من أعمالهم وغيرها (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت) إن خيرا فخير وإن شرا فشر (لا ظلم اليوم) بنقص ثواب أو زيادة عقاب (إن الله سريع الحساب) لا يشغله شأن عن شأن.
(وأنذرهم يوم الآزفة) الدانية أي القيامة إذ كل ءات قريب (إذ القلوب لدى
ص: 46
الْحَناجِرِ) لعدم روحها وكمال روعها لإحساس الأهوال (كاظِمِينَ) ممسكا كلّ واحد لها صددها لمّا ملأهم الهموم (ما لِلظَّالِمِينَ) العدّال (مِنْ حَمِيمٍ) ورود راحم لإصلاح أمرهم (وَلا شَفِيعٍ) دالّ ممدّ مساعد (يُطاعُ) ( 18 ) مسموع دعاءه
(يَعْلَمُ) اللّه (خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) ألسها وهو لمح ما حرم لمحه إسلالا (وَ) كل (ما) سرّ (تُخْفِي الصُّدُورُ) ( 19 ) الأرواع .
(وَاللَّهُ) الحكم العدل (يَقْضِي) حكما (بِالْحَقِّ) السداد لصوالح الأعمال وطوالحها لمّا هو المالك الحاكم (وَ) مألوههم (الَّذِينَ يَدْعُونَ) العدّال صلاحهم للطّوع (مِنْ دُونِهِ) وراء اللّه وهم دماهم (لا يَقْضُونَ) أصلا (بِشَيْءٍ) حكم ما لعدم علمهم وطولهم (إِنَّ اللَّهَ) كامل العلم (هُوَ السَّمِيعُ) لكلامهم (الْبَصِيرُ) ( 20 ) لأعمالهم لا هم .
هدّد اللّه طلّاح صلاح (أَ وَلَمْ يَسِيرُوا) ما ساروا وما رحلوا (فِي الْأَرْضِ) الأمصار والأطلال (فَيَنْظُرُوا) علما وإدراكا وإحساسا (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) مآل حال الأمم (الَّذِينَ كانُوا) ومرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) أوّل
------------
الحناجر) ترتفع وتلتصق بها من الخوف (كاظمين) ممتلئين غما (ما للظالمين من حميم) قريب محب (ولا شفيع يطاع) أي لا شفاعة ولا إجابة (يعلم خائنة الأعين) أي خيانتها أو النظرة إلى محرم (وما تخفي الصدور) تضمر القلوب (والله يقضي بالحق) لعلمه به وقدرته عليه وغناه عن الظلم (والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء) لأنها جمادات (إن الله هو السميع) لأقوالهم (البصير) بأفعالهم.
(أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين كانوا من قبلهم)
ص: 47
الأعصار لمّا ردّوا الرسل كعاد ورهط صالح وما سواهم (كانُوا هُمْ) هؤلاء الأمم (أَشَدَّ) أحكم (مِنْهُمْ) هؤلاء الحمس العدّال (قُوَّةً) طولا ووسعا (وَآثاراً فِي الْأَرْضِ) حصرا وصروحا (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ) عطاهم وأهلكهم عطوا وإهلاكا معلّلا (بِذُنُوبِهِمْ) طوالح أعمالهم (وَما كانَ) ح (لَهُمْ) لهؤلاء الأمم (مِنْ) إصر (اللَّهِ مِنْ واقٍ) ( 21 ) واع وعاصم .
(ذلِكَ) العطو والإهلاك معلّل (بِأَنَّهُمْ) أهل العدول (كانَتْ) أوّلا (تَأْتِيهِمْ) لهداهم (رُسُلُهُمْ) رسل أرسلهم اللّه لإصلاحهم (بِالْبَيِّناتِ) الأدلّاء السواطع (فَكَفَرُوا) ردّوهم وما أسلموا لهم (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ) عطاهم إهلا ؟ ؟ ؟ (إِنَّهُ) اللّه (قَوِيٌّ) كامل الطول (شَدِيدُ الْعِقابِ) ( 22 ) عسر الإصر عدلا .
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) رسولا (مُوسى بِآياتِنا) المعلوم عددها (وَسُلْطانٍ) دالّ (مُبِينٍ) ( 23 ) عال ساطع وهو العصا .
(إِلى فِرْعَوْنَ) ملك مصر (وَهامانَ) موكّل أموره (وَقارُونَ) ولد عمّ الرسول المسطور وموسع عهده (فَقالُوا) هؤلاء كلّهم هو (ساحِرٌ كَذَّابٌ) ( 24 ) ولّاع محّاح وسمّوا عصاه سحرا وولعا ، وهو ممّا سلّاه اللّه
------------
من الأمم المكذبة لرسلهم (كانوا أشد منهم قوة) في أنفسهم (وءاثارا في الأرض) من أبنية عجيبة (فأخذهم الله) أهلكهم (بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق) عذابه (ذلك) الأخذ (بأنهم كانت تأتيهم رسلهم بالبينات) بالمعجزات الواضحات (فكفروا فأخذهم الله إنه قوي) قادر على ما يريد (شديد العقاب) إذا عاقب.
(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا) المعجزات (وسلطان مبين) برهان بين (إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب) أي موسى وفيه تسلية
ص: 48
رسوله محمدا صلعم .
(فَلَمَّا جاءَهُمْ) رسولهم لهداهم (بِالْحَقِّ) السداد وهو الألوك (مِنْ عِنْدِنا) أمرا وحكما أمروا و (قالُوا) حسدا وعداء لعساكرهم (اقْتُلُوا أَبْناءَ) الأرهاط (الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ) أسلموا مع الرسول والحاصل أهلكوهم كما هو عملكم أوّل الأمر (وَاسْتَحْيُوا) أهملوا (نِساءَهُمْ) أعراسهم لمصالح أموركم (وَما كَيْدُ) الأمم (الْكافِرِينَ) مكرهم للرّسل (إِلَّا فِي ضَلالٍ) ( 25 ) أود سلوك وهدر .
ولمّا همّ ملك مصر إهلاك الرسول صدّه رهطه ، وكلّموا ما هو إلّا ساحر ولو أهلك لوهم أهل العالم ألوكه كما ادّعاه ، أو وكلك عمّا الصداء ، وهو محصول (وَقالَ فِرْعَوْنُ) لرهطه مموّها (ذَرُونِي) دعوا (أَقْتُلْ) أهلك (مُوسى) وما هو إلّا ساحر (وَلْيَدْعُ) الساحر (رَبَّهُ) دعاء السوء لكم أو دعاء حرسه ممّاكم (إِنِّي أَخافُ) لو لم أهلكه (أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ) طوع إلهكم لطوع إلهه وهم ألهوه وألهوا دماهم ، وصرّح الروع مع دعواه الإلّ لكمال عمهه (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر وحوله (الْفَسادَ) ( 26 ) الدّعر إهلاكا لكم ولأموالكم ومآكركم .
(وَقالَ مُوسى) لمّا سمع كلامه المسطور (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ )
------------
للرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين ءامنوا معه واستحيوا نساءهم) كما كنتم تفعلون بهم أولا (وما كيد الكافرين إلا في ضلال) ضياع وعدل إلى الظاهر للتعميم والتعليل (وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه) قاله تجلدا وعدم مبالاة بدعائه (إني أخاف) إن لم أقتله (أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) ما يفسد دنياكم (وقال موسى لقومه) لما
ص: 49
إركاء إلاه لمّا هو العاصم لا ما عداه (مِنْ) سوء (كُلِّ مُتَكَبِّرٍ) سامد عموما ملك مصر أو ما سواه ، ولمّا أراد عمومه ما أورد اسم الملك مصرّحا ، أو إلهادا وإكراما له ولإعلام الحال الحامل له لكلامه (لا يُؤْمِنُ) علوّا وحسدا (بِيَوْمِ الْحِسابِ) ( 27 ) المعاد وإحصاء الأعمال .
(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ) للرسول سرّا (مِنْ آلِ) أولاد عمّ (فِرْعَوْنَ) وهو (يَكْتُمُ) لروع الملك وطوّعه (إِيمانَهُ) إسلامه الكامل (أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا) مرء لا إصر له ، أراد الرسول ، (أَنْ يَقُولَ) لكلامه (رَبِّيَ اللَّهُ) وحده لا ما سواه (وَ) الحال (قَدْ جاءَكُمْ) المرء (بِالْبَيِّناتِ) والمراد أورد لكم سواطع الأدلّاء (مِنْ رَبِّكُمْ) إلهكم وحده سدادا (وَإِنْ يَكُ) المرء المسطور (كاذِباً) ولو كلامه ولعا كما هو دعواكم (فَعَلَيْهِ) وحده (كَذِبُهُ) درك ولعه وسوء .
لا مساس لكم أصلا (وَإِنْ يَكُ) هو (صادِقاً) وصدّ كلامه كما ادّعاه (يُصِبْكُمْ بَعْضُ) الإصر (الَّذِي يَعِدُكُمْ) وروده وهو وعدهم إصر الحال والمآل ، وما أورد الكلّ مع سداد كلام الرسول لمّا داراهم وسلك مسلك العدل ،
------------
سمع كلامه (إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) يعم فرعون وغيره وفيه رعاية لحقه إذ لم يسمه.
(وقال رجل مؤمن من آل فرعون) ابن خاله أو ابن عمه (يكتم إيمانه) تقية منهم (أتقتلون رجلا أن) لأن (يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات) المعجزات الواضحات (من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه) لا يتعداه ضرره فلا حاجة إلى قتله (وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم) أي لا أقل أن يصيبكم بعضه وفيه هلاككم أو عذاب الدنيا فإنه بعض ما يعدهم
ص: 50
وصرّح ما أحمّ وروده وهو إصر الحال (إِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يَهْدِي) سواء الصراط كلّ (مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) عاص عاد للحدّ (كَذَّابٌ) ( 28 ) ولّاع كاملا ، والحاصل لو عدا وولع لما هداه اللّه وما أرسله ألوكا وأهلكه لولعه ، أو أوهم أراد الرسول وأراد ملك مصر لمّا هو عاد للحدّ إهدارا لدماء الأولاد ولّاع لدعواه إله .
(يا قَوْمِ) رهط مصر والمراد الملك وطوّعه (لَكُمُ الْمُلْكُ) والحكم والعلوّ (الْيَوْمَ) الحال (ظاهِرِينَ) حال سطوكم ، وهو حال عامله عامل « لكم » (فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر وحوله (فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ) ورود (بَأْسِ اللَّهِ) إصره (إِنْ جاءَنا) للإهلاك وهو كلام المرء المسلم للرّسول سرا ، ولمّا ردع الملك رهطه عمّا أهلكه (قالَ) الملك (فِرْعَوْنُ) لرهطه (ما أُرِيكُمْ) أعلمكم (إِلَّا ما أَرى) ما أعلم صلاحه لكم والصلاح إهلاكه (وَما أَهْدِيكُمْ) حال أمركم مسلكا (إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) ( 29 ) صراط السداد ، أراد لا أدعوكم إلّا لهداكم والحال هو ولّاع وكلامه المسطور ولع لمّا راع اللّه وعلم ألوك رسوله وسداده ، وردّه حسدا وسمودا .
ولمّا سمع المرء المسلم كلامه همّ وساء حاله (وَقالَ) المرء (الَّذِي آمَنَ) أسلم للرسول سرّا ودّا للرسول وحدّا عما عمدوا (يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ
------------
(إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين) غالبين (في الأرض) أرض مصر (فمن ينصرنا من بأس الله) من عذابه إن قتلتموه (إن جاءنا) أدرج نفسه معهم للقرابة وإظهار المشاركة للنصح (قال فرعون ما أريكم) ما أشير عليكم (إلا ما أرى) بما أراه لنفسي من قتله (وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) الصواب (وقال الذي ءامن يا قوم إني أخاف
ص: 51
عَلَيْكُمْ) لهمّكم السوء للرسول (مِثْلَ) عدل (يَوْمِ الْأَحْزابِ) ( 30 ) الأمم الأول الهوالك .
(مِثْلَ) عدل (دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ) معاود رهطه وهم أهلكوا أهلكهم الماء لمّا ردّوا رسولهم (وَعادٍ) رهط هود وهم هلكوا للصرصر حال ردّهم هودا (وَثَمُودَ) رهط صالح وهم هلكوا لمّا صاح علاهم الملك لمّا ردّوا صالحا (وَ) الأمم (الَّذِينَ) مرّوا . (مِنْ بَعْدِهِمْ) هؤلاء الأمم كرهط لوط دمّرهم اللّه طرّا (وَمَا اللَّهُ) العدل (يُرِيدُ ظُلْماً) ما (لِلْعِبادِ) ( 31 ) ما أراد اللّه حدلا لهم ، والمراد ما دمّرهم إلّا لعدل وما هو حدلا أصلا .
(وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ) الحال (عَلَيْكُمْ) لسوء أعمالكم (يَوْمَ التَّنادِ) ( 32 ) هو دعاء آحادهم آحادا للإمداد والإسعاد ، أو المراد عول الطّلاح حال ورود الآلام والآصار ، أو كلام أهل دارالسلام مع أهل دار الساعور وعكسه كما حكاه اللّه أوّلا ومرّ مدلوله .
(يَوْمَ تُوَلُّونَ) عمّا هو محلّ إحصاء الأعمال (مُدْبِرِينَ) عوّادا عماه لورود الساعور وورد أعدّ اللّه محلّا لإحصاء الأعمال ولمّا أحصاها ولّاهم الملك
------------
عليكم مثل يوم الأحزاب) مثل أيامهم أي وقائعهم (مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود) مثل جزاء عادتهم في الكفر من إهلاكهم (والذين من بعدهم) كقوم لوط (وما الله يريد ظلما للعباد) فضلا أن يظلمهم (ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد) يوم القيامة ينادي فيه بعضهم بعضا بالويل والثبور أو يتنادى أهل الجنة وأهل النار أو ينادى كل أناس بإمامهم (يوم تولون مدبرين) منصرفين عن
ص: 52
سدّاما لسلكهم الساعور ، أو عدّالا عمّا الساعور روعا وهو حال (ما لَكُمْ) ح (مِنَ اللَّهِ) إصره (مِنْ عاصِمٍ) داسع حام (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) محوّلا صراطه الأسلم الأسد (فَما لَهُ) أصلا (مِنْ هادٍ) ( 33 ) لسواء الصراط موصل للمراد .
(وَلَقَدْ جاءَكُمْ) وردكم (يُوسُفُ) الرسول المعهود ، أو ملك عهده هو الملك المسطور طال عمره ووصل عهد رسول الهود ، أو المراد ورد ولّادكم الرسول المسطور ، أو أراد وردكم رسول مساهم له اسما وهو ولد ولده أرسله اللّه لأهل مصر (مِنْ قَبْلُ) أمام رسول الهود (بِالْبَيِّناتِ) سواطع الأدلّاء لسداد إرساله (فَما زِلْتُمْ) دواما (فِي شَكٍّ) إعوار (مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ) ممّا أورده الرسول لكم وهو الإسلام (حَتَّى إِذا هَلَكَ) حسم عمره ووصل اللّه مولاه (قُلْتُمْ) آحادكم لآحاد (لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ) الرسول الهالك (رَسُولًا) أصلا وصلا مع ردّ ألوكه ردّ ألوك رسل وراءه أو حسما لعدم الألوك وراءه مع الإعوار لألوكه (كَذلِكَ) الإعماء المسطور (يُضِلُّ اللَّهُ) عمّا هو سواء الصراط كلّ (مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ) عاص عاد عمّا هو الحدّ (مُرْتابٌ) ( 34 )
------------
الموقف إلى النار أو فارين عنها (ما لكم من الله) من عذابه (من عاصم) مانع (ومن يضلل الله) يخليه وما اختار من الضلال (فما له من هاد) عن ضلاله.
(ولقد جاءكم يوسف) أي جاء آباؤكم أو على أن فرعون موسى فرعونه أو يوسف بن إفرائيم بن يوسف (من قبل) قبل موسى (بالبينات) المعجزات (فما زلتم في شك مما جاءكم به) من الرسالة (حتى إذا هلك) مات (قلتم لن يبعث الله من بعده رسولا) فضممتم إلى تكذيب رسالته تكذيب رسالة من بعده (كذلك) الإضلال (يضل الله من هو مسرف) بكفره (مرتاب) شاك فيما
ص: 53
للسداد والإسلام .
(الَّذِينَ يُجادِلُونَ) سمودا أو حسدا (فِي آياتِ اللَّهِ) لردّها (بِغَيْرِ سُلْطانٍ) دالّ (أَتاهُمْ) وردهم أرسله اللّه لهم ، والمراد ما حاملهم علاه إلّا هواهم وحسدهم (كَبُرَ) كمل مراءهم (مَقْتاً) حددا (عِنْدَ اللَّهِ) العدل الكهّار (وَعِنْدَ) الصلحاء (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لما أمرهم اللّه ، والحاصل هم أعداء اللّه وأعداء أهل الإسلام كلّهم (كَذلِكَ) كما هو حالهم ردّا ومرء (يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ) روع (مُتَكَبِّرٍ) سامد عمّا أمر اللّه (جَبَّارٍ) ( 35 ) حدّال عدّال .
(وَقالَ فِرْعَوْنُ) مموّها لرهطه أو لعدم علمه (يا هامانُ ابْنِ) أسّس وعمّر (لِي صَرْحاً) سامكا ساطعا لأهل الإحساس (لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ) ( 36 ) الصرط والموارد وما سواهما ممّا هو موصل للمرام .
(أَسْبابَ السَّماواتِ) صرطها ومواردها وما هو موصل للسموك علاها وهو صدع للأوّل أورده إعلاما لعلوّ مدّعاه (فَأَطَّلِعَ) ألمح إ(ِلى إِلهِ مُوسى )
------------
صدقته الآيات أي يخذله بسوء اختياره.
(الذين يجادلون في ءايات الله بغير سلطان) برهان (أتاهم كبر مقتا) تمييز (عند الله وعند الذين ءامنوا) قرنهم بنفسه تعظيما لشأنهم (كذلك) الطبع (يطبع الله) يختم (على كل قلب متكبر جبار) إسناده إليه تعالى كناية عن رسوخه في الكفر أو مجاز عن ترك قسره أو إسناده إلى السبب.
(وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا) بناء عليا ظاهرا (لعلي أبلغ الأسبأب) الطرق (أسبأب السموات فأطلع إلى إله موسى) قاله توهما أو إيهاما
ص: 54
وأراه حال صعوده السماء ، ولعلّه أراد أساس رصد مال لرصود أحوال السماء واطلاع إرسال الرسول المسطور أهو مرسل سدادا أو ادّعاءه ولعا (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ) الرسول (كاذِباً) لكلامه له إله سواه أو لادّعاء الألوك (وَكَذلِكَ) كما سوّل له ما مرّ وصدّ عمّا هو السّداد (زُيِّنَ) سوّل (لِفِرْعَوْنَ) ملك مصر (سُوءُ عَمَلِهِ) وطلاح حاله (وَصُدَّ) حدّ وطرد (عَنِ السَّبِيلِ) مسلك السواء وصراط هداه والمسوّل الصاد هو اللّه علا أمره أو المارد الموسوس ، ورووا صدّ معلوما (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ) مكره وهو محله (إِلَّا فِي تَبابٍ) ( 37 ) هلاك وسوء .
(وَقالَ) المرء (الَّذِي آمَنَ) أسلم سرّا كوحا لودّ الرسول وإعلاء لحاله (يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ) طاوعوا السداد واسمعوا ما أمركم (أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) ( 38 ) الموصول للمرام أدلّكم علاه وهم لمّا وعدوه كلّما .
(يا قَوْمِ إِنَّما) ما (هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا) إلّا (مَتاعٌ) حطام ماصل لا دوام له ولا ركود (وَإِنَّ) الدار (الْآخِرَةَ) المعاد (هِيَ) لا سواها (دارُ الْقَرارِ) ( 39 ) دار الهدء والدوام .
(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً) عملا طالحا (فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) ما عامله اللّه إلّا
------------
لقومه أنه لو وجد لكان في السماء فيصعد إليه (وإني لأظنه كاذبا) في ادعائه (وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل) سبيل الهدى (وما كيد فرعون إلا في تباب) خسار.
(وقال الذي ءامن) أي مؤمن آل فرعون (يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد) والهدى (يا قوم إنما هذه الحيوة الدنيا متاع) يزول (وإن الآخرة هي دار القرار) لدوامها (من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من
ص: 55
كعمله وهو كمال العدل (وَمَنْ عَمِلَ) عملا (صالِحاً) وهو ما أمره اللّه (مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) أوردهما لإعلام حال العامل عموما كلاهما سواء (وَ) الحال (هُوَ) المرء الصالح (مُؤْمِنٌ) مسلم لما أصل الأعمال هو الإسلام (فَأُولئِكَ) هؤلاء الصلحاء عملا (يَدْخُلُونَ) مآلا (الْجَنَّةَ) دارالسلام السرور سلاما وروحا (يُرْزَقُونَ فِيها) دارالسلام والسرور مطاعم ومآكل (بِغَيْرِ حِسابٍ) ( 40 ) كرما وسماحا لأعمالهم .
(وَيا قَوْمِ ما) حصل واطراء (لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى) أمر هو داع (النَّجاةِ) ممّا أوعدكم اللّه لعدم طوع أحكام رسوله وهو الإسلام (وَتَدْعُونَنِي إِلَى) ما هو مورد (النَّارِ) ( 41 ) ساعور المعاد أراد العدول وعمل السوء .
(تَدْعُونَنِي) رهط (لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ) أعدل عمّاه وحده وهو مالك العالم كلّه وآسره لا ما عداه ، كرّر دعاءهم إسهادا لهم (وَ) لمّا (أُشْرِكَ بِهِ) اللّه (ما) إلها (لَيْسَ لِي بِهِ) إله (عِلْمٌ) ولا أعلم إلها سواه وهو أحد لا مساهم له واعدام العلم لإعدام المعلوم (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى) اللّه (الْعَزِيزِ) كامل السطو (الْغَفَّارِ) ( 42 ) محّاء الآصار .
------------
ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) رزقا لا يحصى لكثرته (ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار) فتقابلون النصح بالغش (تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم) مستند إلى حجة إذ ما لا حجة له باطل (وأنا أدعوكم إلى العزيز) الغالب على كل شيء (الغفار) لمن تاب عن الشرك.
ص: 56
(لا) ردّ لما دعوه له (جَرَمَ) وطد وطودا لا مردّ له (أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) طوعه وهم دماهم (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ) دعاء للطوع أصلا والحراء لها داع إلاها ، أو دعاء محصّل للمراد والمراد لا حاصل لها لمّا لا سماع ولا علم له ولا حوار دعاء (فِي) الدار (الدُّنْيا) حالا (وَلا فِي) الدار (الْآخِرَةِ) مآلا أصلا (وَأَنَّ مَرَدَّنا) معاد الكلّ (إِلَى اللَّهِ) وحده (وَأَنَّ) الأمم (الْمُسْرِفِينَ) اللاؤا عدوا حدود اللّه وردّوا أحكامه وما أسلموا لرسوله (هُمْ) لا ما سواهم (أَصْحابُ النَّارِ) ( 43 ) أهلها .
ولمّا هدده رهط الملك وعمدوا إهلاكه حاورهم (فَسَتَذْكُرُونَ) حال ورود إصر أحمّ وروده (ما أَقُولُ لَكُمْ) وصلا للرحم ورحما علاكم سدادا (وَأُفَوِّضُ) أسلّم (أَمْرِي) أمر الحال والمآل (إِلَى اللَّهِ) وحده لمّا هو العاصم عمّا ساء (إِنَّ اللَّهَ) مالك الكلّ (بَصِيرٌ) وعالم (بِالْعِبادِ) ( 44 ) أعمالهم ومآلهم وحارس لما أراد حرسه .
(فَوَقاهُ اللَّهُ) حرسه وعصمه مع رسول الهود (سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) مكاره مكرهم وسلم ، وما وصله مكروه ، ورد لمّا أمر الملك إهلاكه عرّد ووصل طودا وعلاه ، وأرسل الملك لإهلاكه رهطا وهلك آحادهم أواما ، وأكل آحادهم
------------
(لا جرم) لا رد لكلامهم، وجرم بمعنى وجب وفاعله (أنما تدعونني إليه ليس له دعوة في الدنيا) لأنها جمادات (ولا في الآخرة) لأنها إذا أنطقها الله تبرأ من عبدتها أو ليس له استجابة دعوة (وأن مردنا) مرجعنا (إلى الله) فيجازي كلا بعمله (وأن المسرفين) بالشرك وسفك الدماء (هم أصحاب النار) ملازموها (فستذكرون) إذا عاينتم العذاب (ما أقول لكم) من النصح (وأفوض أمري إلى الله) ليقيني شركم (إن الله بصير بالعباد) (فوقاه الله سيئات ما مكروا) من قصد
ص: 57
الأسد وما عاد ، ووصل الملك أهلكهم وسلم ممّا راموه له (وَحاقَ) ورد أو حلّ أو حاط (بِآلِ فِرْعَوْنَ) رهطه معه (سُوءُ الْعَذابِ) ( 45 ) الإصر وهو إهلاك الداماء لهم حالا ، وإصلاءهم الساعور وسط المرامس .
ومآلا (النَّارُ) حال ورودهم المرامس (يُعْرَضُونَ عَلَيْها) وصاروا حمما كالرماد ، وورد هو لأرواحهم (غُدُوًّا وَعَشِيًّا) دواما أو أراد أصل مدلولهما كما رواه ولد مسعود (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) الموعود حصولها لعود الأرواح وعدّ الأعمال ، أمر للملك اللاؤا هم موكّلوا الساعور (أَدْخِلُوا) أوردوا ورووه كأومروا ، والمراد أمر لآل الملك ردوا (آلَ فِرْعَوْنَ) رهطه وطوّعه معه (أَشَدَّ الْعَذابِ) ( 46 ) أعسر ممّا أدركوا حال ركودهم المرامس ، وهو إصر المعاد ، أو أعسر آصار المعاد .
(وَ) ادّكر (إِذْ يَتَحاجُّونَ) وهو المراء (فِي النَّارِ) الموعود إصلاءهم وسطها (فَيَقُولُ) الرهط (الضُّعَفاءُ) الطوّع والعوام (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) سمدوا وعلوا علوّا عاطلا وهم الرؤساء (إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً) طوعا (فَهَلْ أَنْتُمْ) رهط الرؤساء (مُغْنُونَ) دسّاعا أو حمّالا ما أو دسعا ما (عَنَّا نَصِيباً) سهما (مِنَ النَّارِ) ( 47 ) الساعور .
------------
قتله (وحاق) أحاط (بآل فرعون) قومه معه (سوء العذاب) الغرق أو النار.
(النار يعرضون عليها غدوا وعشيا) أي دائما إلى القيامة أو في الوقتين وفيما بينهما بغيره أو فترة ويدل على عذاب القبر بشهادة (ويوم تقوم الساعة) أي هذا قبل قيامها فإذا قامت يقال لهم (أدخلوا ءال) يا آل (فرعون أشد العذاب) جهنم (وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا) جمع تابع كخدم لخادم (فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار)
ص: 58
(قالَ) رؤساءهم (الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) سمدوا (إِنَّا كُلٌّ فِيها) الساعور ما أحد مساعد أحد ولو ملك أحد طرد الساعور وإصره لطرد عمّا درّه ، ورووا كلّا مؤكّدا ، (إِنَّ اللَّهَ) العدل (قَدْ حَكَمَ) عدلا (بَيْنَ الْعِبادِ) ( 48 ) وأوصل كلّا ما هو أهله أورد أهل دارالسلام دارالسلام وأهل الساعور الساعور .
(وَقالَ) الأمم (الَّذِينَ) هم (فِي النَّارِ) لمّا رأوا وأحسّوا آصارها (لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ) حرّاسها اللاؤا وكلّهم اللّه أعمالها ، وهم أملاك رأسهم مالك (ادْعُوا) اللّه (رَبَّكُمْ) آسركم ومصلحكم (يُخَفِّفْ عَنَّا) الحال (يَوْماً) لهاءه ماصلا (مِنَ الْعَذابِ) ( 49 ) الوارد .
(قالُوا) حرّاس الساعور وعمّاله مهدّدا ومهوّلا لهم (أ) ما اعلمكم اللّه (وَلَمْ تَكُ) الحال والأمر أهل الساعور (تَأْتِيكُمْ) دار الأعمال (رُسُلُكُمْ) أرسلهم اللّه لإصلاحكم (بِالْبَيِّناتِ) سواطع الأدلّاء .
(قالُوا) أهل الساعور (بَلى) وردّ الرسل وأمروا وردعوا ما سمع كلامهم ، وردّ ما أوردوا (قالُوا) حرّاس الساعور وموكّلوها لهم (فَادْعُوا) اسألوا اللّه ما هو مرادكم ، لا سماع لسؤالكم (وَما دُعاءُ) الأمم (الْكافِرِينَ) أهل العدول كلّهم (إِلَّا فِي ضَلالٍ) ( 50 ) لا حاصل ، وهو كلام اللّه لهم ، أو
------------
دافعون أو حاملون عنا نصيبا منها (قال الذين استكبروا إنا كل فيها) نحن وأنتم ولا نغني عن أنفسنا فكيف عنكم (إن الله قد حكم بين العباد) فيجازي كلا بما يستحقه (وقال الذين في النار لخزنة جهنم) وضع موضع لخزنتها تهويلا وبيانا لمكانهم منها (ادعوا ربكم يخفف عنا يوما) قدر يوم (من العذاب قالوا) توبيخا وإلزاما (أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى) أتتنا فكذبناهم (قالوا) تهكما بهم (فادعوا) أنتم (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) ضياع.
ص: 59
كلام الملك الحرّاس .
(إِنَّا لَنَنْصُرُ) أمدّ وأسعد (رُسُلَنا) الكرام (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا معهم ، وهو عمّ الرسل وأهل الإسلام كلّهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) حالا (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) ( 51 ) مآلا لمّا عمل ولد آدم ، وهم الرّسل والأملاك ومسلمو رهط محمّد صلعم .
(يَوْمَ لا يَنْفَعُ) الأمم (الظَّالِمِينَ) الحدّال العدّال (مَعْذِرَتُهُمْ) لسوء أعمالهم (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ) الطرد ممّا رحم اللّه سرمدا (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) ( 52 ) دار المعاد ، وهو إصرها .
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى) الرسول (الْهُدى) أراد كلّ ما أعطاه ممّا أدلّاء ألوكه والأحكام (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ) أولاده وراءه (الْكِتابَ) ( 53 ) الطرس المرسل ، والمراد صرعه .
(هُدىً) هدوا لسواء الصراط أو لهداه (وَذِكْرى) معلما للسداد أو لإعلامه (لِأُولِي الْأَلْبابِ) ( 54 ) لأهل الأحلام .
------------
(إنا لننصر رسلنا والذين ءامنوا) بالحجة والغلبة غالبا وإهلاك عدوهم (في الحيوة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) جمع شاهد وهم الملائكة والأنبياء والمؤمنون يشهدون للرسل بالتبليغ وعلى الكفار بالتكذيب (يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم) اعتذارهم ولو اعتذروا (ولهم اللعنة) البعد من الرحمة (ولهم سوء الدار) جهنم.
(ولقد ءاتينا موسى الهدى) المعجزات والتوراة الهادية إلى الدين (وأورثنا بني إسرائيل) من بعده (الكتاب) التوراة (هدى وذكرى) هاديا ومذكرا أو للهدى والتذكير (لأولي الألباب) العقول الواعية.
ص: 60
(فَاصْبِرْ) محمّد ( ص ) حال سطو الأعداء واحمل مكارههم (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ) لإمداد الرّسل وإهلاك الأعداء (حَقٌّ) سداد حاصل وارد لا محال لا حول ولا حراك له (وَ) ادّكر حال رسول الهود وملك عصره (اسْتَغْفِرْ) اللّه (لِذَنْبِكَ) لإصر رهطك أو لإصرك إعلاما لرهطك (وَسَبِّحْ) طهّر اللّه وادعه موصولا (بِحَمْدِ) اللّه (رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) ( 55 ) الآصال ووراء الأسحار أمام الطلوع ، والمراد دم علاهما أو صلّ لعصر الآصال وأمام الطلوع ، أمر اللّه رسوله صلعم لمّا صلّاهما حال رموكه أمّ الرّحم .
(إِنَّ) الأمم (الَّذِينَ يُجادِلُونَ) ورها وحسدا (فِي آياتِ اللَّهِ) سواطع دوالّه عموما ، أو كلام اللّه لردّها وهو كلامهم ما أرسلها اللّه وسوّلها محمّد (بِغَيْرِ سُلْطانٍ) دالّ (أَتاهُمْ) لإعلاء كلامهم ، وهو عام لكلّ ممار معاد ولو مورده طلّاح أمّ الرّحم ، أو رهط الهود (إِنَّ) ما (فِي صُدُورِهِمْ) أرواحهم (إِلَّا كِبْرٌ) سمود وعداء أرادوا علوّهم الموهوم (ما هُمْ) هؤلاء الرؤساء (بِبالِغِيهِ) السمود (فَاسْتَعِذْ) محمّد ( ص ) ممّا أرادوا لك ومحلوا حسدا (بِاللَّهِ) الملك العدل (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ) لا سواه (السَّمِيعُ) سامع كلامك وكلامهم كلّ الأحوال (الْبَصِيرُ) ( 56 ) لعملك وعملهم ومدرك حالك
------------
(فاصبر) على أذى قومك (إن وعد الله) بالنصر (حق) كائن فاعتبر بقصة موسى (واستغفر لذنبك) وإن لم تكن مذنبا انقطاعا إلى الله وليستن بك (وسبح) متلبسا (بحمد ربك بالعشي والإبكار) أي على الدوام أو صل العصر والصبح أو الصلاة الخمس.
(إن الذين يجادلون في ءايات الله بغير سلطان) برهان (أتاهم إن في صدورهم إلا كبر) تكبر عليك وحب للرئاسة (ما هم ببالغيه) ببالغي مرادهم (فاستعذ بالله) من شرهم (إنه هو السميع) لأقوالكم (البصير) بأحوالكم.
ص: 61
وحالهم ، وهو ممدّك وعاصمك .
(لَخَلْقُ السَّماواتِ) مع علوّها ودورها ، واللّام مؤكّد ، (وَالْأَرْضِ) مع ركودها ووسعها ولا مواد لها (أَكْبَرُ) أعسر (مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) أعادهم ممّا موادهم معادا (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) عوامّ أولاد آدم أراد أهل العدول (لا يَعْلَمُونَ) ( 57 ) الأمر كما هو لمّا طاوعوا الأهواء ، وما أدركوا الأسرار وما أسلموا المعاد .
(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى) عادم العلم والدرك (وَالْبَصِيرُ) العالم المدرك (وَ) لا الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) صوالح الأعمال (وَلَا الْمُسِيءُ) ما ساء أعماله ، و « لا » لا مدلول لها (قَلِيلًا ما) ما مؤكّد ادّكارا ماصلا لا حاصل له (تَتَذَكَّرُونَ) ( 58 ) لوكس دركهم .
(إِنَّ السَّاعَةَ) لعود الأرواح وعدّ الأعمال وإعطاء الأعدال (لَآتِيَةٌ) لا محال أحمّ ورودها (لا رَيْبَ فِيها) امّا وعدها الرسل كلّهم (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) آمر أولاد آدم (لا يُؤْمِنُونَ) ( 59 ) ورودها لسوء دركهم ، وهم ما أدركوا إلّا ما رأوا كالسوّام .
------------
(لخلق السموات والأرض) ابتداء من غير أصل (أكبر) في النفوس (من خلق الناس) ثانيا من أصل ومن قدر على الأشد قدر على الأهون (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ذلك لتركهم النظر (وما يستوي الأعمى والبصير) من لم ينظر ومن نظر (والذين ءامنوا وعملوا الصالحات) أي ولا يستوي المحسن (ولا المسيء قليلا ما تتذكرون) أي تذكرا قليلا تتذكرون (إن الساعة لآتية لا ريب فيها) في إتيانها (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) بها لتركهم النظر.
ص: 62
(وَقالَ) اللّه (رَبُّكُمُ) لكم (ادْعُونِي) لحصول المهام ووصول المرام (أَسْتَجِبْ) أسمع (لَكُمْ) دعاءكم ، والحاصل سلوا أعطكم مسئولكم ، أو المراد طوعوا أعطكم عدل طوعكم (إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ) صدودا وسمودا (عَنْ عِبادَتِي) المأمور أداؤها أو المراد الدعاء كما رواه الإمام أحمد وصحّحه الحاكم وهو المساعد لأدعوا (سَيَدْخُلُونَ) مآلا لا محال (جَهَنَّمَ) لصدودهم (داخِرِينَ) ( 60 ) طوّعا ، وهو حال .
(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) لصلاحكم أولاد آدم (اللَّيْلَ) دامسا مركدا (لِتَسْكُنُوا فِيهِ) لهدو حواسّكم وروح أرواحكم ورواح كلالكم (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) عصرا أو محلّا للإحساس لكدّ الأعمال وإصلاح الأمور ، وهو حال ، (إِنَّ اللَّهَ) الراحم (لَذُو فَضْلٍ) كرم وعطاء ما واطأ كرمه كرم (عَلَى النَّاسِ) كلّهم (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) آمرهم (لا يَشْكُرُونَ) ( 61 ) آلاءه وما حمدوه كما هو الحراء له لعدم علمهم محلّ الآلاء ومصدرها .
(ذلِكُمُ) المعدّ لهؤلاء الآلاء لكم (اللَّهُ رَبُّكُمْ) مصلحكم ومالككم (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) عموما (لا إِلهَ) صالح للطوع أصلا (إِلَّا هُوَ) اللّه وحده (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) ( 62 ) عمّا طوعه وممّ صدّكم عمّا أمره مع سطوع أدلّاء
------------
(وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) عاجلا وآجلا بما سألتم أو بما هو خير منه بحسب المصلحة إذا وقع الدعاء بشروطه (إن الذين يستكبرون عن عبادتي) دعائي (سيدخلون جهنم داخرين) صاغرين.
(الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه) لاستراحتكم (والنهار مبصرا) يبصر فيه (إن الله لذو فضل) عظيم (على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون) الله على فضله وتكرير الناس لتأكيد الحكم (ذلكم) المتوحد بنعوت الكمال والجلال (الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون) تصرفون عن
ص: 63
طوعه ، ومدلول مصدره الصدّ .
(كَذلِكَ) كصدّ هؤلاء (يُؤْفَكُ) الأمم (الَّذِينَ كانُوا) أوّلا (بِآياتِ اللَّهِ) سواطع دوالّه (يَجْحَدُونَ) ( 63 ) لعدم دركهم ، والحاصل صدّ كلّ راد لإعلام اللّه وسواطع دوالّه كما هم صدّوا .
(اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) لمصالحكم (الْأَرْضَ قَراراً) محلّا مهادا لحلولكم وركودكم (وَالسَّماءَ بِناءً) سامكا مدوّرا علاكم (وَصَوَّرَكُمْ) أعطاكم صورا ما أعطاها لواحد ممّا سواكم كما دلّ علاه (فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) أكلها وسوّاها (وَرَزَقَكُمْ) صروعا (مِنَ الطَّيِّباتِ) ممّا أحلّ لكم (ذلِكُمُ) المسطور ؟ ؟ ؟ (اللَّهُ رَبُّكُمْ) آسركم ومصلحكم (فَتَبارَكَ اللَّهُ) علا علوّا كاملا (رَبُّ الْعالَمِينَ) ( 64 ) كلّ ما سواه .
(هُوَ) اللّه (الْحَيُّ) ؟ ؟ ؟ لا عدم له (لا إِلهَ) صلح للطوع أصلا (إِلَّا هُوَ) اللّه وحده (فَادْعُوهُ) ألّهوه وطاوعوا أوامره (مُخْلِصِينَ) عمّا عداه (إِلهَ) للّه (الدِّينَ) الإسلام أو الطوع ، والحال كلامكم (الْحَمْدُ) كلّه (لِلَّهِ) المحمود للكلّ (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 65 ) مالكهم ومصلحهم .
------------
توحيده مع وضوح دليله (كذلك يؤفك) كما أفك هؤلاء أفك (الذين كانوا بآيات الله يجحدون) بغير حجة.
(الله الذي جعل لكم الأرض قرارا) مستقرا (والسماء بناء) سقفا (وصوركم فأحسن صوركم) بانتصابكم وتناسب أعضائكم (ورزقكم من الطيبات) الملاذ (ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين هو الحي لا إله إلا هو) لا مثل له ولا ضد ولا ند (فادعوه) فاعبدوه (مخلصين له الدين) من الشرك والرياء قائلين (الحمد لله رب العالمين
ص: 64
ولمّا دعوه علاه السلام رهطه العدّال لطوع دماهم ، أرسل اللّه (قُلْ) رسول اللّه لهم (إِنِّي نُهِيتُ) دواما (أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ) الدعاء الطّوع (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه وهم دماكم كالودّ والسواع (لَمَّا جاءَنِي الْبَيِّناتُ) لوامع أدلّاء وحوده أراد كلام اللّه ، أو الحلم وما أوحاه اللّه (مِنْ) اللّه (رَبِّي) لهداكم (وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ) اطاوع دواما (لِرَبِّ الْعالَمِينَ) ( 66 ) آسر الكلّ ومصلحهم .
(هُوَ) اللّه (الَّذِي خَلَقَكُمْ) آسر أصلكم ووالدكم وهو آدم (مِنْ تُرابٍ) حمأ صلصال (ثُمَّ) أسركم (مِنْ نُطْفَةٍ) ماء مرء وعرسه مكروه (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) دمّ ماسك (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ) ممّا هو محلّكم وهو الرحم (طِفْلًا) حسكلا وحده لمّا أراد كلّ واحد ، أو الصرع (ثُمَّ) مدّكم وعمّركم (لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) كمال طولكم وأمد أحلامكم (ثُمَّ) مدّكم وعمّركم (لِتَكُونُوا شُيُوخاً) أهراما (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى) وهو عطو الروح والإهلاك (مِنْ قَبْلُ) أمام كمال الطول والحلم أو الهرم (وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى) عصرا موسوما محدودا وهو أمد العمر أو عصر هلاك العالم كلّه (وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ( 67 ) ما
------------
قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي) من دلائل توحيده (وأمرت أن أسلم لرب العالمين) أخلص له وانقاد لأمره.
(هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة من علقة ثم يخرجكم طفلا) أطفالا وأفرد بقصد الجنس أو كل واحد (ثم) يبقيكم (لتبلغوا أشدكم) كمال قوتكم (ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل) قبل الشيخوخة والأشد (ولتبلغوا) وفعل ذلك لتبلغوا (أجلا مسمى) هو وقت الموت أو القيامة (ولعلكم تعقلون) هذه العبر.
ص: 65
وسط الأطوار ممّا أدلّاء وحوده .
(هُوَ) اللّه (الَّذِي يُحْيِي) لمّا أراد عمره لحكم (وَيُمِيتُ) لمّا أراد إهلاكه لمصالح (فَإِذا قَضى) أراد (أَمْراً) ما أسره (فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ) للأمر المراد أسره طولا (كُنْ) صر مأسورا (فَيَكُونُ) ( 68 ) مسرعا .
(أَ لَمْ تَرَ) محمّد ( ص ) (إِلَى) الأمم (الَّذِينَ) لا عدد ولا مواد لهم (يُجادِلُونَ) حسدا وورها (فِي آياتِ اللَّهِ) ردّا لها (أَنَّى يُصْرَفُونَ) ( 69 ) عمّا وحدوه .
(الَّذِينَ كَذَّبُوا) ردّوا (بِالْكِتابِ) كلام اللّه المرسل (وَ) ردّوا (بِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا) الطروس كلّها (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ( 70 ) عدل ردّهم ومآل أمرهم .
(إِذِ الْأَغْلالُ) أداهم الساعور (فِي أَعْناقِهِمْ) حولها (وَالسَّلاسِلُ) سلاسل الساعور ، ورووه مكسور اللام لمحا لعكس الكلام الأول أو طرحا للكاسر (يُسْحَبُونَ) ( 71 ) مدّا مهلكا مع عدم الهلاك .
(فِي الْحَمِيمِ) الماء الحار (ثُمَّ فِي النَّارِ) ساعور دار الآلام (يُسْجَرُونَ) ( 72 ) ملاء مدمّرا مع عدم الدمار والمراد ملأهم ساعورا أو
------------
(هو الذي يحيي ويميت وإذا قضى أمرا) أراد تكوينه (فإنما يقول له كن فيكون) بمجرد إرادته.
(ألم تر إلى الذين يجادلون في ءايات الله أنى) كيف (يصرفون) عن الحق إلى الباطل (الذين كذبوا بالكتاب) بالقرآن أو الجنس (وبما أرسلنا به رسلنا) من الكتب والشرائع (فسوف يعلمون) وبال تكذيبهم (إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون) بها (في الحميم) الشديد الحر أو حر النار (ثم في النار يسجرون) يوقدون.
ص: 66
أصارهم مسعار الساعور .
(ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ) سألهم مالكهم حسرا وهمّا مهدّدا مهوّلا أو عمّال السعور وحرّاسه (أَيْنَ ما كُنْتُمْ) أوّلا (تُشْرِكُونَ) ( 73 ) مع اللّه .
(مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه وهم دماهم اللاؤا أطاعوهم وأصاروهم سهماء اللّه (قالُوا) حوارا (ضَلُّوا عَنَّا) طاحوا وعدموا وحسم آمال حصول المرام عمّاهم كلّهم (بَلْ لَمْ نَكُنْ) أصلا (نَدْعُوا) طوعا (مِنْ قَبْلُ) أوّلا (شَيْئاً) عاطلا مهملا موهوما أو أمرا عدّ طوعه وعاد (كَذلِكَ) كما أعدموا (يُضِلُّ اللَّهُ) الحكم العدل الأمم (الْكافِرِينَ) ( 74 ) عمّا ألّهوهم .
وكلّم لهم (ذلِكُمْ) الدمار والإصر معلّل (بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ) لسروركم أوّلا (فِي الْأَرْضِ) سرور سمود (بِغَيْرِ الْحَقِّ) السداد (وَبِما كُنْتُمْ) أهل الطلاح (تَمْرَحُونَ) ( 75 ) مرحا واسعا وسرورا كلّ سرور .
وأمر لهم (ادْخُلُوا) ردوا (أَبْوابَ) أواسط (جَهَنَّمَ) أعدّها اللّه لكم (خالِدِينَ) دواما وهو حال (فِيها فَبِئْسَ) ساء (مَثْوَى) الرهط (الْمُتَكَبِّرِينَ) ( 76 ) مرمكهم ومحلّهم دار الساعور .
------------
(ثم قيل لهم) توبيخا (أين ما كنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا) غابوا (عنا) أو ضاعوا أو لم نجد منهم نفعا (بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا) يعتد به أو أنكروا عبادتهم إياهم (كذلك) الضلال (يضل الله الكافرين) في الآخرة عما ينفعهم بسبب كفرهم (ذلكم) العذاب (بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق) أي الشرك ونفي البعث (وبما كنتم تمرحون) تبطرون (ادخلوا أبواب جهنم) السبعة (خالدين) مقدرين الخلود (فيها فبئس مثوى المتكبرين) جهنم.
ص: 67
(فَاصْبِرْ) أحمل مكاره الأعداء محمّد ( ص ) (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ) لإهلاك الأعداء وإعلاء الإسلام (حَقٌّ) واطد حاصل (فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) محمّد ( ص ) ، و « ما » لا مدلول لها أوردها مؤكّدا (بَعْضَ) الحدّ (الَّذِي نَعِدُهُمْ) ما هو الموعود لهم وهو الإهلاك والإصر (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) أمام الحدّ الموعود لهم (فَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) ( 77 ) معادا وح أعامل معهم ما هم أهله .
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا) مرّ عهدهم (مِنْ قَبْلِكَ) محمّد ( ص ) لا إحصاء لهم سوسط طرسك (مِنْهُمْ) الرسل (مَنْ قَصَصْنا) أحوالهم وأطوارهم (عَلَيْكَ) وأورد أسماءهم (وَمِنْهُمْ) الرسل (مِنْ) رسل (لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) أحوالهم وما أورد أسماءهم (وَما كانَ) ما صحّ وما حلّ ، أو لا وسع (لِرَسُولٍ) ما (أَنْ يَأْتِيَ) الرسول (بِآيَةٍ) علم لألوكه (إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) أمره وحكمه (فَإِذا جاءَ أَمْرُ اللَّهِ) لحدّ أهل العدول حالا أو مآلا ، أو المراد السعواء (قُضِيَ) حكم (بِالْحَقِّ) العدل والسداد (وَخَسِرَ هُنالِكَ) الرهط (الْمُبْطِلُونَ) ( 78 ) أولو الولع والعداء اللاؤا راموا إعلام الألوك وأدلّاؤه حسدا وعداء مع عدم الوطر لمّا أورد الرسل ما هو الحراء لصدع الألوك .
------------
(فاصبر إن وعد الله) بالانتقام منهم (حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم) من القتل والأسر وجواب الشرط محذوف أي فذاك (أو نتوفينك) قبل ذلك (فإلينا يرجعون) فنجازيهم بأعمالهم (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك) وعددهم على ما روي عنهم (عليهم السلام) مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي (وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله) ولا اختيار لهم في ذلك (فإذا جاء أمر الله) بالعذاب عاجلا أو آجلا (قضي بالحق) بين المحق والمبطل (وخسر هنالك المبطلون) أهل الباطل.
ص: 68
(اللَّهُ) هو (الَّذِي جَعَلَ) أسر (لَكُمُ) أولاد آدم (الْأَنْعامَ) السوّام كالرحول والكراع والوعل وما سواها (لِتَرْكَبُوا مِنْها) لروحكم وأداء وطركم (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) ( 79 ) اللحوم أكلا حلالا .
(وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) صوالح الأمور كالدرّ والصرم والكساء (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها) ولوصولكم علاها (حاجَةً) وطرا (فِي صُدُورِكُمْ) كحمل آصاركم حال رحلكم (وَعَلَيْها) السوام حال مروركم الصحراء (وَعَلَى الْفُلْكِ) حال مروركم الداماء أداء لأوطاركم (تُحْمَلُونَ) ( 80 ) لا السوّام وحدها .
(وَيُرِيكُمْ) اللّه (آياتِهِ) دوالّ كماله وأعلام إلّه (فَأَيَّ) علم ممّا (آياتِ اللَّهِ) علامه (تُنْكِرُونَ) ( 81 ) مع كمال سطوعها .
(أَ) رسوا وركدوا دورهم (فَلَمْ يَسِيرُوا) ما ساروا وما داروا (فِي الْأَرْضِ) أمصار عاد ورهط صالح وما سواهم ممّا أهلكوا واصطلموا (فَيَنْظُرُوا) حسّا ودركا (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) مآل حال الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) وأمد أمرهم (كانُوا) هؤلاء الأمم (أَكْثَرَ
------------
(الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون) فبعضها للأمرين كالإبل والبقر وبعضها للأكل كالغنم.
(ولكم فيها منافع) كالدر والجلد وما عليه (ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم) بالنقلة إليها (وعليها) في البر (وعلى الفلك) في البحر (تحملون) ولم يقل في الفلك للازدواج (و يريكم ءاياته) دلائل توحيده وقدرته ورحمته (فأي ءايات الله تنكرون) وكلها جلية.
(أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر
ص: 69
مِنْهُمْ ) عددا وعددا (وَأَشَدَّ) أكمل وأحكم (قُوَّةً) طولا وعطلا (وَآثاراً) دورا وصروحا ومحالّا (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء (فَما أَغْنى عَنْهُمْ) ما دسع وردّ حدودهم اللّاء أحمّها اللّه علاهم (ما) وهو للمصدر أو موصول (كانُوا) اوّلا (يَكْسِبُونَ) ( 82 ) ممّا الأموال والأعمال والأولاد والأودّاء .
(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ) هؤلاء الأمم (رُسُلُهُمْ) اللاؤا أرسلهم اللّه لهم (بِالْبَيِّناتِ) أدلّاء الألوك وسداد علمهم السواطع (فَرِحُوا) سرّوا (بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) الموهوم لهم ، وهو علم أمور حطام دار الأعمال ودرك طوالح الأهواء ، أو علم أهل الاصطلاح ممّا هم ، أو علم الرسل وسرّهم له ردّهم وإلهادهم كما دلّ علاه (وَحاقَ) أحاط (بِهِمْ) هؤلاء الطّلاح ( ما كانُوا) أولا (بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 83 ) ورها ، وورد السرور للرسل والمراد لمّا ورودهم ورأوا علمهم الموهوم وطوالح أعمالهم وعلموا سوء مآلهم سرّوا لمّا أعطاهم اللّه وحمدوه علاه .
(فَلَمَّا رَأَوْا) صراحا (بَأْسَنا) عسر الحدّ (قالُوا) ح (آمَنَّا) إسلاما كاملا (بِاللَّهِ وَحْدَهُ) واحدا وهو حال (وَكَفَرْنا بِما) ما له (كُنَّا) اوّلا (بِهِ) طوعه (مُشْرِكِينَ) ( 84 ) مع اللّه أرادوا دماهم .
------------
منهم) عددا (وأشد قوة وءاثارا في الأرض) من قصور ومصانع (فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) نفي أو استفهام (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم) بما زعموه علما من شبههم الباطلة في نفي البعث وإنكار الصانع، وتسميته علما تهكم بهم أو بعلمهم بظاهر المعاش أو فرحوا بعلم الرسل أي استهزءوا به لقوله (وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون) أي جزاء استهزائهم (فلما رأوا بأسنا) عذابنا (قالوا ءامنا بالله وحده وكفرنا بما كنا مشركين)
ص: 70
(فَلَمْ يَكُ) الأمر أو ما صحّ (يَنْفَعُهُمْ) هؤلاء الأمم (إِيمانُهُمْ) إسلامهم (لَمَّا رَأَوْا) صراحا (بَأْسَنا) أحسّوا عسر الحدّ الوارد علاهم لمّا لا صحّ لإسلامهم ح (سُنَّتَ اللَّهِ) كوعد اللّه مصدر مؤكّد لعامله المطروح (الَّتِي قَدْ خَلَتْ) هو المرور (فِي عِبادِهِ) الأمم الأول الهوالك وهو عدم هود الإسلام حال ورود الحدّ ، أو هو ورود الحدّ حسما لردّاد الرسل (وَخَسِرَ) ساء عملا (هُنالِكَ) عصر ما رأوا عسر الحدّ ، وهو اسم محلّ أورد للعصر (الْكافِرُونَ) ( 85 ) أهل العدول ، والمراد لاح سوء ما عملوا مدد الأعمال وإلّا ساء حالهم حالا ومآلا .
------------
من الأصنام.
(فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) إذ لا يقبل إيمان الملجأ (سنت الله التي قد خلت في عباده) أي سن الله ذلك سنة ماضية في الأمم (وخسر هنالك الكافرون) أي وقت رؤيتهم بأسنا.
ص: 71
ص: 72
ص: 73
ص: 74
( سورة فصلت )
موردها أم رحم وآما ، ومحصول أصول مدلولها .
صدع مراهص كلام اللّه ومدحه وصدود العدّال عما سماعه ، ووعد إعطاء أوس صوالح الأعمال لأهل الإسلام ، وإعلام لهاء عصر آسر السماء والرمكاء ، وإحمام مصالح أهلها ، وصدع لهاء عهده والأمر لهما للحصول طوعا أو كرها ، وإهلاك عاد ورهط صالح وودّهم عمّاهم ودعهم هداهم ، وإعلام حول الحواس حولاء طوالح الأعمال لأهل العدول معادا ، وحدّ أوّل أهل العدول ممّا المرور لوصول حماداهم حال ورود الساعور .
وسرّ أهل الإسلام لورود دارالسلام حال ما دلع أرواحهم ، وصدع مراهص مرء دعا لأداء ما صلّوا ، والإمساك مع اللّه عمّا وساوس المارد المطرود وإلحاح العدّال عصر وصول المكاره واللّاا وصدع أدلّاء وحود اللّه وأحواله وعلمه للاسرار ولمّا هو معادل لها .
ص: 75
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم) ( 1 ) سرّ اللّه مع محمّد ( ص ) رسوله وهما وسط محمّد وسرّه ، أو هو أحد أسماء اللّه ، أو هو اسم لما هو صدره .
(تَنْزِيلٌ) مرسل وهو محمول ل ( حم ) أو اسما لما هو صدره ، أو محمول لمطروح ، أو محكوم علاه وما هو وال له مدحه (مِنَ) اللّه (الرَّحْمنِ) كامل الرّحم حالا عمّا مراحمه كلّ صالح وطالح (الرَّحِيمِ) ( 2 ) مآلا سمّ مكارمه لكلّ مسلم صالح .
(كِتابٌ) مسدّد مكمّل وهو محمول وراء محمول ، أو محمول للأوّل ، أو صدع له ، أو محمول لمطروح (فُصِّلَتْ آياتُهُ) ممّا أمر اللّه وردع ووعد وأوعد وما سواها (قُرْآناً عَرَبِيًّا) كلمه وسرده ساطعا مدلوله لا ككلام
------------
(41 سورة فصلت ثلاث أو أربع وخمسون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(حم) إن كان مبتدأ فخبره (تنزيل من الرحمن الرحيم) وإن كان عدد حروف فتنزيل خبره محذوف أو مبتدأ خبره (كتاب) هو على الأولين بدل منه أو خبر آخر أو لمحذوف (فصلت ءاياته) ميزت أحكاما وقصصا ومواعظ (قرءانا) مدح أو حال من كتاب باعتبار صفة (عربيا
ص: 76
الحمراء ، وهو معمول لمطروح مدحا وحال (لِقَوْمٍ) لرهط (يَعْلَمُونَ) ( 3 ) كلام أولاد ماء السماء ، أو لأهل العلم الكامل والدرك الأملح .
(بَشِيراً) معلما إعلاما سادّا لأهل الإسلام (وَنَذِيراً) مهوّلا مهدّدا لأهل العدول (فَأَعْرَضَ) عدل وصدّ (أَكْثَرُهُمْ) آمر أهل العدول (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) ( 4 ) سماع طاع والحاصل كل أحد سمعه وما أطاعه كما ما سمعه .
(وَ) هم (قالُوا) لمحمّد رسول اللّه ( ص ) (قُلُوبُنا) كلّها (فِي أَكِنَّةٍ) أسدال (مِمَّا تَدْعُونا) محمّد ( ص ) (إِلَيْهِ) ممّا سماعه وطوعه ، أو وحود اللّه والمراد عدم دركهم كلام اللّه ، والحاصل لا حاصل لكلامك وإعلامك (وَفِي آذانِنا) المسامع (وَقْرٌ) إصر وصمم ، والمراد عدم سماعهم كلامه ، ورووه مكسور الواو (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ) محمّد ( ص ) (حِجابٌ) حال وصدّ عمّا هو الوصول (فَاعْمَلْ) كما هو عملك وداوم علاه ممّا ردّ أهل صدودك وحدّهم عمّاه (إِنَّنا عامِلُونَ) ( 5 ) عمّال عمل الرؤساء لردّك وحدّ أمرك .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (إِنَّما) ما (أَنَا) إلّا (بَشَرٌ) ولد آدم (مِثْلُكُمْ) لا ملك أو ما سواه (يُوحى إِلَيَّ) لهداكم (إِنَّما) ما (إِلهُكُمْ) مألوهكم إلّا (إِلهٌ) مألوه (واحِدٌ) أحد لا عدل له ولا مساهم (فَاسْتَقِيمُوا) عودوا
------------
لقوم يعلمون) العربية أو للعلماء (بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم) عن تدبره (فهم لا يسمعون) سماع قبول (وقالوا قلوبنا في أكنة) أغطية (مما تدعونا إليه) فلا تفقه (وفي آذاننا وقر) صمم فلا نسمعه (ومن بيننا وبينك حجاب) يصدنا عن اتباعك قالوا ذلك استهزاء (فاعمل) على دينك أو في هلاكنا (إننا عاملون) على ديننا أو في هلاكك.
(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا)
ص: 77
وسارعوا (إِلَيْهِ) اللّه وحده إسلاما ووحّدوه وطاوعوا أوامره (وَاسْتَغْفِرُوهُ) عما ردع وصدر ممّاكم أوّلا وهو عدلكم مع اللّه إلها سواه وعملكم السوء (وَوَيْلٌ) هلاك أو واد للساعور (لِلْمُشْرِكِينَ) ( 6 ) أهل العدول لكمال صدودهم عما هو السداد .
(الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ) أصلا (الزَّكاةَ) سهم مال أمر اللّه إعطاءه لأهل العدم والعسر لكمال إمساكهم وودّهم أموالهم ، أوردها لعسرها إعطاء وورد عدل آمر أهل العدول عمّا الإسلام لمّا عسر علاهم أداؤها ، أو المراد ما عملوا عملا مطهّرا لإدرارهم وهو إسلامهم وكلامهم لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه (وَ) الحال (هُمْ) هؤلاء العدّال (بِالْآخِرَةِ) الموعود ورودها مآلا (هُمْ) لا سواهم (كافِرُونَ) ( 7 ) ما أسلموا لها وهو حال معلّل للحكم الأوّل .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) صوالح الأعمال كما أمرهم اللّه (لَهُمْ) لأعمالهم معادا (أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) ( 8 ) موكوس أو معدود لا وكس ولا عدّ له ، وورد أرسلها اللّه للإعلاء والإهرام لمّا وكلوا عمّا طوع اللّه رسم لهم العدل كأصحّ ما عملوا .
------------
متوجهين (إليه) بالتوحيد وإخلاص الدين (واستغفروه) من الشرك (و ويل للمشركين) تهديد لهم.
(الذين لا يؤتون الزكوة) فالكفار مخاطبون بالفروع وقرن منعها بالشرك وبالكفر في الآخرة في (وهم بالآخرة هم كافرون إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون) مقطوع أو لا أذى فيه.
ص: 78
(قُلْ) لهم رسول اللّه (أَ إِنَّكُمْ) أعداء الإسلام (لَتَكْفُرُونَ) لددا وعداء (بِالَّذِي خَلَقَ) أسر (الْأَرْضَ) الرمكاء ومهّدها (فِي يَوْمَيْنِ) أوّلهما الأحد معلما للمهل وسط الأمور ، ولو أراد لأسرها لمحا (وَتَجْعَلُونَ لَهُ) للّه الآسر (أَنْداداً) سهماء أعدالا وهم دماهم (ذلِكَ) الآسر هو اللّه (رَبُّ الْعالَمِينَ) ( 9 ) مالك الكلّ ومصلحهم .
(وَجَعَلَ) اللّه الآسر لها (فِيها رَواسِيَ) أطوادا أواطد أصاعد (مِنْ فَوْقِها) إعلاء لكمال طوله وإمساكه لهما (وَبارَكَ فِيها) رواس أمواها وما سواها كصروع الأحمال وإرساءها علاها لسطوع ما وسطها لكلّ أحد رامه (وَقَدَّرَ) أحمّ (فِيها) الرمكاء (أَقْواتَها) مآكل أهلها والمصالح كلها كالمطاعم والماكر والدوح والأحمال (فِي) عصر مكمّل (أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) معهما (سَواءً) مصدر لعامل مطروح أو حال ، ورووا سواء مكسورا (لِلسَّائِلِينَ) ( 10 ) لها وطرا أو المراد الحصر المسطور للسؤال عمّا عدد مدد أسرها .
------------
(قل) توبيخا لهم (أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) مقدارهما (وتجعلون له أندادا) شركاء (ذلك) الخالق (رب العالمين) مالكهم وخالقهم ومدبرهم (وجعل فيها رواسي من فوقها) بادية لهم ليعتبر بها ويتوصل إلى منافعها (وبارك فيها) كثر خيرها بالمياه والزرع والضرع (وقدر فيها أقواتها) الناشئة منها للناس والبهائم (في أربعة أيام) أي مع اليومين الأولين (سواء) استوت سواء والجملة صفة أيام أو حال من ضمير فيها أو أقواتها (للسائلين) عنها.
ص: 79
(ثُمَّ اسْتَوى) عمد (إِلَى) أسر (السَّماءِ) مع علوّها وسموّها (وَ) الحال (هِيَ) السماء (دُخانٌ) أمر دامس ولعلّه أراد أصل موادّها (فَقالَ) اللّه (لَها) للسماء (وَلِلْأَرْضِ) الرمكاء (ائْتِيا) كلاكما ما أمركما واعملاه ، أو احصلا ، أو صرّحا ما ودعكما مما صروع الأطوار والأسرار والإعلام والأحكام (طَوْعاً) للحكم (أَوْ كَرْهاً) له لا طوع لكم ، والمراد إعلاء كمال طوله كلّ واحد ، مصدر سدّ مسدّ الحال (قالَتا) هما (أَتَيْنا طائِعِينَ) ( 11 ) لأمرك المطاع .
(فَقَضاهُنَّ) السماء وما وحدّها رعاء للمدلول (سَبْعَ سَماواتٍ) أحكمها وأكملها كما هو أمره وهو حال (فِي يَوْمَيْنِ) أمدهما السادس (وَأَوْحى) ألهم اللّه (فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) ما هو أصلح لها ، أو حكمه لأهلها (وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) المحمّ حسّا (بِمَصابِيحَ) لوامعها (وَحِفْظاً) عصمها عمّا وصمها الوصّام أو إسلال كلام الأملاك عصما كاملا (ذلِكَ) ما مرّ كلّه (تَقْدِيرُ) اللّه (الْعَزِيزِ) كامل الطول (الْعَلِيمِ) ( 12 ) واسع العلم .
------------
(ثم استوى) قصد (إلى السماء) بعد خلق الأرض لا دحوها وقيل خلق السماء قبل الأرض فثم لتفاوت ما بين الخلقين (وهي دخان) أجزاء دخانية (فقال لها وللأرض ائتيا) بما خلقت فيكما من النيرات والكائنات أو حصلا في الوجود (طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) بلسان المقال أو الحال.
(فقضاهن) الضمير للسماء باعتبار ما يئول إليه أو مبهم يميزه (سبع سموات في يومين) قيل هما الخميس والجمعة وهما مع تلك الأربعة ستة كما في آيات أخر (وأوحى في كل سماء أمرها) أمر أهلها من العبادة والطاعة (وزينا السماء الدنيا بمصابيح) نيرات تضيء كالمصابيح (وحفظا) حفظناها عن المسترقة حفظا (ذلك تقدير العزيز العليم ).
ص: 80
(فَإِنْ أَعْرَضُوا) عدلوا عمّا أمروا وهو الإسلام وراء الصدع المسطور وسطوع الأدلّاء (فَقُلْ) لهم محمّد ( ص ) (أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً) إصرا عسرا وأصلها رعد معه ساعور ، والمراد هوّلهم ورود إصر مهلك لهم (مِثْلَ صاعِقَةِ) إصر (عادٍ) رهط هود الرسول أهلكهم الصرصر (وَ) إصر (ثَمُودَ) ( 13 ) رهط صالح صاح علاهم الملك وأهلكهم .
(إِذْ جاءَتْهُمُ) عادا ورهط صالح ، وهو حال (الرُّسُلُ) رسول اللّه (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) أمامهم عصر ولّادهم كآدم لمّا وصلهم أحوالهم مع أممهم (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) وراءهم وهم الرسل اللّاءوا أعلمهم هود وصالح كلوط وداود ومحمّد صلعم وهم أمروا لإسلامهم الرسل كلهم ، أو المراد ممّا كلّ سدو وعملوا كلّ عمل لإسلامهم وما أحسّوا ممّا هم إلا العدول ، أو مما سدو عصر مرّ وهوّلوهم عما ورد الأمم الأول لردّهم رسلهم وممّا سدو المعاد وهوّلوهم عمّا أعدّ لهم معادا ، أو المراد عدّ الرّسل (أَلَّا تَعْبُدُوا) إلها (إِلَّا اللَّهَ) وحده (قالُوا) حوارا لهم (لَوْ شاءَ) اللّه (رَبُّنا) إرسال رسول (لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً) أرسلهم محالكم (فَإِنَّا بِما) كلّ أمر (أُرْسِلْتُمْ بِهِ) كما هو وهمكم الكدر والمراد هود وصالح ورسل دعوهم لإسلامهم (كافِرُونَ) ( 14 ) عدّال .
------------
(فإن أعرضوا) عن الإيمان بعد هذا البيان (فقل أنذرتكم صاعقة) نخوفهم عذابا يصعقهم أي يهلكهم (مثل صاعقة عاد وثمود) مثل عذابهم الذي أهلكهم.
(إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم) من كل جهاتهم بالإنذارات والحجج أو حذروهم ما مضى من هلاك الكفرة وما يأتي من عذاب الآخرة أو بالعكس (ألا تعبدوا إلا الله قالوا لو شاء ربنا) إرسال رسله (لأنزل ملائكة) مرسلين (فإنا بما أرسلتم به) على زعمكم (كافرون) إذ لستم ملائكة.
ص: 81
(فَأَمَّا عادٌ) رهط هود الرسول (فَاسْتَكْبَرُوا) سمدوا وعلوا (فِي الْأَرْضِ) الأمصار والأطوار (بِغَيْرِ الْحَقِّ) لمّا ما صلح لهم السمود والعلوّ لمّا هدّدهم هود (وَقالُوا) حوارا له (مَنْ أَشَدُّ) أحكم (مِنَّا قُوَّةً) طولا وردّهم اللّه وأرسل (فَأَمَّا) طمس ألواح أرواعهم ورهو (وَلَمْ يَرَوْا) حسّا أو علما (أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ) أسرهم وصوّرهم (هُوَ أَشَدُّ) أوسع وأكمل (مِنْهُمْ) كلهم (قُوَّةً) طولا لمّا هو آسر الكلّ ومالكه (وَ) هم (كانُوا) دواما (بِآياتِنا) سواطع الأدلّاء (يَجْحَدُونَ) ( 15 ) ردّا وعدولا مع علمهم سدادها .
(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ) لإهلاكهم (رِيحاً صَرْصَراً) كامل الصرّ أو العرك المهلك (فِي أَيَّامٍ) حصوم معلوم عددها (نَحِساتٍ) مكسور الحاء ومدلول مصدره معادل للسعود (لِنُذِيقَهُمْ) لأطعمهم وأوصلهم (عَذابَ الْخِزْيِ) وهو معادل الكرم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) العمر الماصل (وَلَعَذابُ) الدار (الْآخِرَةِ) المعدّ لهم (أَخْزى) أهله لمّا هو أعسر وأسوأ لهم (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) ( 16 ) أصلا لا حالا ولا مالا ممّا ألّهوهم وهم دماهم .
------------
(فأما عاد فاستكبروا في الأرض) على الخلق (بغير الحق وقالوا) لما خوفوا بالعذاب (من أشد منا قوة) اغترارا بقوتهم كان أحدهم يقلع الصخرة العظيمة من الجبل بيده (أولم يروا) يعلموا (أن الله الذي خلقهم) وخلق قوتهم (هو أشد منهم قوة) قدرة (وكانوا بآياتنا يجحدون) عنادا.
(فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا) باردة مهلكة من الصر البرد أو شديدة الصوت من الصرير (في أيام نحسات) مشئومات عليهم (لنذيقهم عذاب الخزي) الذل (في الحيوة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون) لا يمنعون منه.
ص: 82
(وَأَمَّا ثَمُودُ) رهط صالح (فَهَدَيْناهُمْ) سواء الصراط لإرسال الرسل لهم والمراد دلّهم اللّه علاه (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى) والعمة وهو سلوك الأود والعدول عما الإسلام وردّه (عَلَى الْهُدى) سلوك سواء الصراط وهو الإسلام (فَأَخَذَتْهُمْ) لإهلاكهم (صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) وهو معادل الكرم أرسلها اللّه لهم ممّا صاح الملك علاهم وأهلكهم (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) ( 17 ) لسوء عمل عملوه كردّ صالح .
(وَنَجَّيْنَا) عمّاها الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وطاوعوا أوامر صالح وسمعوا كلامه سماع طوع (وَكانُوا يَتَّقُونَ) ( 18 ) عما ردعه صالح .
(وَ) ادّكر محمّد ( ص ) (يَوْمَ يُحْشَرُ) هو اللّم ، ورووه معلوما (أَعْداءُ اللَّهِ) العدّال كلّهم (إِلَى النَّارِ) ساعور المعاد إصلاء وسطها (فَهُمْ) الأعداء (يُوزَعُونَ) ( 19 ) وهو أسر أوّلهم لوصول حماداهم لركمهم .
(حَتَّى إِذا ما) « ما » لا مدلول لها (جاؤُها) ورودها (شَهِدَ) كلاما ومسحلا أو حالا (عَلَيْهِمْ) أعمالهم الطّوالح (سَمْعُهُمْ) أسماعهم مما سمعوا (وَأَبْصارُهُمْ) مما رأوا (وَجُلُودُهُمْ) ممّا عملوا عموما أو لمسوا حراما (بِما) أعمال ومعاص (كانُوا) أوّلا (يَعْمَلُونَ) ( 20 ) لدار الأعمال .
------------
(وأما ثمود فهديناهم) أريناهم طريق الهدى (فاستحبوا العمى) الضلال (على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون) من الكفر (ونجينا) منها (الذين ءامنوا وكانوا يتقون) صالحا ومن معه (ويوم) واذكر يوم (يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون) يحبس أولهم على آخرهم ليجتمعوا (حتى إذا ما جاءوها) زيدت ما تأكيدا لمفاجاة الشهادة لمجيئهم (شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون) بإنطاق الله كلا منها بما اقترف به.
ص: 83
(وَقالُوا) أهل العدول (لِجُلُودِهِمْ) عموما (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) إعلاما لطوالح الأعمال (قالُوا) لهم حوارا (أَنْطَقَنَا اللَّهُ) عالم أحوال الكلّ (الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) ممّا له حسّ وحراك مسحلا وكلاما ، أو هو عام (وَهُوَ) اللّه (خَلَقَكُمْ) أسركم وصوّركم (أَوَّلَ مَرَّةٍ) لكمال طوله (وَإِلَيْهِ) اللّه وحده (تُرْجَعُونَ) ( 21 ) ومآلكم هو اللّه معادا .
(وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) حال طوالح أعمالكم لروع (أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ) معادا (سَمْعُكُمْ) أسماعكم (وَلا أَبْصارُكُمْ) حواسكم (وَلا جُلُودُكُمْ) عموما لردّكم المعاد (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ) حال إسراركم طوالح الأعمال (أَنَّ اللَّهَ) عالم الكلّ ( لا يَعْلَمُ) عملا (كَثِيراً مِمَّا) عمل (تَعْمَلُونَ) ( 22 ) وهم وهموا ما علم اللّه أعمال السرّ .
(وَذلِكُمْ) الوهم (ظَنُّكُمُ) أمم السوء (الَّذِي ظَنَنْتُمْ) أوّلا لدار الأعمال (بِرَبِّكُمْ) مالككم ومالك الكلّ (أَرْداكُمْ) أهلككم (فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ) الأمم (الْخاسِرِينَ) ( 23 ) لمّا صار ما علموه مصلحا لهم موردا وسط درك الساعور .
------------
(وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون) من كلام الجلود أو استئناف يقرر ما قبله (وما كنتم تستترون) عند ارتكابكم القبائح من (أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم) لأنكم لم تظنوا أنها تشهد عليكم لإنكار البعث (ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون) وهو ما أخفيتموه (وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم) أهلككم (فأصبحتم من الخاسرين) باستبدالكم بالجنة النار.
ص: 84
(فَإِنْ يَصْبِرُوا) عمّا همّهم أوّلا (فَالنَّارُ) الموعود ورودها لهم (مَثْوىً لَهُمْ) محلّهم ومأواهم (وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) هو روم العود للأمر المودود (فَما هُمْ) أصلا (مِنَ) الأمم (الْمُعْتَبِينَ) ( 24 ) والحاصل لو سألوا عودهم لمّا ودّوه ما سمع دعاءهم .
(وَقَيَّضْنا) هو الإحمام أو أراد سلّط (لَهُمْ) لهؤلاء العدّال (قُرَناءَ) أرداء وهم رهط الوساوس (فَزَيَّنُوا لَهُمْ) سوّلوا وموّهوا ( ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ) أعمالا عملوها أو أمور الأهواء حالا (وَما خَلْفَهُمْ) أعمالا أرادوا عملها أو أمور المعاد واللامعاد (وَحَقَّ) لسم (عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) كلام الإصر (فِي أُمَمٍ) أوّل وهو حال (قَدْ خَلَتْ) الأمم (مِنْ قَبْلِهِمْ) مرّ أعصارهم أمامهم (مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) وهم عملوا كأعمالهم (إِنَّهُمْ) هؤلاء العدّال مع الأمم (كانُوا خاسِرِينَ) ( 25 ) وهو معلل للحكم الأوّل .
(وَقالَ) الحمس (الَّذِينَ كَفَرُوا) لأهلهم الودّاد لهم (لا تَسْمَعُوا) سماعا (لِهذَا الْقُرْآنِ) الكلام المرسل لمحمّد ( ص ) كما ادّعاه حال الأداء
------------
(فإن يصبروا) التفات (فالنار مثوى لهم) ولا ينفعهم التصبر (وإن يستعتبوا) يطلب العتبى أي الرضا (فما هم من المعتبين) المرضيين (وقيضنا) سببنا أو هيأنا (لهم قرناء) أخدانا من الشياطين وهو مجاز عن منعهم اللطف لكفرهم حتى استولت عليهم الشياطين (فزينوا لهم ما بين أيديهم) من الدنيا وشهواتها (وما خلفهم) من الآخرة ونفيها (وحق عليهم القول) الوعد بالعذاب (في أمم) في جملة أمم (قد خلت) هلكت (من قبلهم من الجن والإنس) وكانوا مثلهم (إنهم) أي هم والأمم (كانوا خاسرين) فلذا استحقوا العذاب.
(وقال الذين كفروا) أي بعضهم لبعض (لا تسمعوا لهذا القرءان) إذا قرأه
ص: 85
(وَالْغَوْا فِيهِ) كلّموا كلاما لا حاصل له لدرء له ، وأعلوا كلامكم وعرككم علاه (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) ( 26 ) هو الكوح .
وح أوعدهم اللّه وكلّم (فَلَنُذِيقَنَّ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا عمّا هو السداد ، والمراد الحمس المسطور حالهم أو الأعمّ (عَذاباً شَدِيداً) ألما أعسر (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ) مآلا (أَسْوَأَ) عدل أطلح العمل (الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 27 ) حالا وهو العدول وعدم الإسلام .
(ذلِكَ) الإصر الأعسر والعدل الأسوأ (جَزاءُ أَعْداءِ اللَّهِ) ورسله ، وهو (النَّارُ) الساعور (لَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح (فِيها) الساعور (دارُ الْخُلْدِ) دارهم ركّادها دواما (جَزاءُ) مصدر لعامل مطروح (بِما كانُوا) أوّلا (بِآياتِنا) لوامع الأدلّاء (يَجْحَدُونَ) ( 28 ) ردّا وعدولا .
(وَقالَ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا عمّا أمرهم اللّه حال حلولهم الساعور (رَبَّنا) اللّهم (أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا) أسلكا صراط الأود وسواسا حاملا للعدول (مِنَ الْجِنِّ) صرعه (وَالْإِنْسِ) صرعه ، ووردهما المارد
------------
محمد (والغوا فيه) ارفعوا أصواتكم بالهذيان لتخلطوا عليه (لعلكم تغلبون) القارىء على قراءته (فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون) أقبح جزائه عملهم سمي أسوأ للمقابلة (ذلك) المتوعد (جزاء أعداء الله النار) بيان لجزاء أو خبر محذوف (لهم فيها دار الخلد) الإقامة دائما (جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون) وضع موضع يلغون إقامة للسبب مقام المسبب.
(وقال الذين كفروا) وهم في النار (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس) أي شيطاني الجنسين الداعيين لنا إلى الضلال وقيل إبليس وقابيل سنا
ص: 86
وولد آدم العادل عمّا حكم اللّه المهلك لولده المسلم أوّلا لمّا أسّسا العدول والإهلاك (نَجْعَلْهُما) لوسواسهما وإسلاكهما الصراط الأود (تَحْتَ أَقْدامِنا) وسط درك الساعور (لِيَكُونا) كلاهما (مِنَ) الأمم (الْأَسْفَلِينَ) ( 29 ) حلّال الدرك الأحطّ ممّا الساعور .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ قالُوا) كلّموا مسحلا مع وطاء الروع (رَبُّنَا اللَّهُ) وحده لا سواه (ثُمَّ اسْتَقامُوا) داموا وأصرّوا علاه وما عدلوا معه أحدا وأطاعوا أوامره (تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ) لصوالح أعمالهم (الْمَلائِكَةُ) حال إحمام السام لهم أو ركودهم المرامس أو عودهم لإحصاء الأعمال (أَلَّا تَخافُوا) ممّا هو أمامكم كالسام أو أمور المرامس والمعاد (وَلا تَحْزَنُوا) لمّا وراءكم ممّا الولد والأهل وما سواهما لما اللّه مصلح لأموركم وراءكم (وَأَبْشِرُوا) سرّوا (بِالْجَنَّةِ) ورود دارالسلام (الَّتِي كُنْتُمْ) وسط دار الأعمال (تُوعَدُونَ) ( 30 ) وعدكم اللّه .
(نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ) أهل الوداد والإمداد والإسعاد (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) العمر الماصل حرسا عمّا كره وإلهاما لصوالح الأعمال (وَفِي) الدار
------------
الكفر (نجعلهما تحت أقدامنا) في الدرك الأسفل أو تطأهما إذلالا (ليكونا من الأسفلين) محلا أو حالا.
(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) على التوحيد والطاعة وعن الرضا (عليه السلام) هي والله ما أنتم عليه (تتنزل عليهم الملائكة) عند الموت أو عنده وفي القبر والقيامة (ألا تخافوا) مما أمامكم (ولا تحزنوا) على ما خلفتم من أهل وولد (وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحيوة الدنيا) نتولى حفظكم وإلهامكم الخير (وفي الآخرة) نشفع لكم
ص: 87
(الْآخِرَةِ) إكراما لكم كرهط الوساوس للطلّاح (وَلَكُمْ) لروحكم (فِيها) دارالسلام ما طعام وأكل (تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ) أرواحكم وأرواعكم (وَلَكُمْ) لسروركم (فِيها) دار الآلاء (ما تَدَّعُونَ) ( 31 ) أصله الدعاء والمراد الأمل والروم ، وهو أعمّ ممّا مرّ أوّلا
(نُزُلًا) طعاما معدّا (مِنْ) إله (غَفُورٍ) محّاء إصر (رَحِيمٍ) ( 32 ) كامل رحم وهو اللّه ، وما مرّ كلّه كلام الملك لأهل الإسلام .
(وَمَنْ) لا أحد (أَحْسَنُ) أصلح (قَوْلًا) كلاما وعملا (مِمَّنْ دَعا) ما سواه (إِلَى اللَّهِ) وحده وهداه ، وهو رسول اللّه ، أو أرداؤه ، أو المعلم لعصر أداء ما صلّوا ، أو كلّ هاد لسواء الصراط (وَعَمِلَ) عملا (صالِحاً) مأمورا للّه (وَقالَ) مع صلاح السرّ (إِنَّنِي مِنَ) الملأ (الْمُسْلِمِينَ) ( 33 ) إسلاما واطدا كاملا إعلاء وعلوّا لإسلامه .
(وَلا تَسْتَوِي) أصلا (الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) العمل الصالح والسوء ولا مؤكّد والمراد لا سواء لهما عدلا ، أو المراد لا سواء للأعمال الصوالح كلّها لمّا وسطها مراهص ولا لإعمال السوء لمراهص وسطها كالأوّل (ادْفَعْ) ادرأ أعمال السوء للأعداء معك كلام مع الرسول ، أو هو عام (بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) صوالح أعمالك ، أو أصلحها معهم كالحلم وإصلاح الأمور والسماح والمدح
------------
(ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون) تتمنون من النعيم (نزلا) أي مهيئا (من غفور رحيم) فيكون جليلا هنيئا.
(ومن) أي لا أحد (أحسن قولا ممن دعا إلى الله) إلى توحيده (وعمل صالحا) ليقتدى به فيه (وقال إنني من المسلمين ولا تستوي الحسنة ولا السيئة) في الجزاء (ادفع) السيئة (بالتي) بالخصلة التي (هي أحسن)
ص: 88
وهو حوار لسؤال محمّ وهو ما أعمل لو عمل الأعداء سوء (فَإِذَا) حال عملك مع الأعداء ما مرّ صار المرء (الَّذِي بَيْنَكَ) وسطك (وَبَيْنَهُ) المرء (عَداوَةٌ) ومراء (كَأَنَّهُ) العدوّ حال عملك معه العمل الصالح محلّ عمله معك العمل السوء (وَلِيٌّ حَمِيمٌ) ( 34 ) وردود كامل الوداد كأهل الأرحام الأحمّاء .
(وَما يُلَقَّاها) السوس والحال المسطور (إِلَّا) السعداء (الَّذِينَ صَبَرُوا) لإساء كل أحد وصار حمل المكاره سوسا لهم (وَما يُلَقَّاها إِلَّا) مرء (ذُو حَظٍّ) سهم (عَظِيمٍ) ( 35 ) كامل ممّا آلاء اللّه وكمال الدرّ ، وورد هو دارالسلام .
(وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ) هو الحول (مِنَ الشَّيْطانِ) المارد ، وهو حال (نَزْغٌ) محوّل والمراد لو أعادك موسوسا لك لدسع الأمر الأصلح المسطور (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) وهو داسعه ورادّه (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ السَّمِيعُ) سامع الدعاء حال عسرك (الْعَلِيمُ) ( 36 ) عالم أسرارك وصلاحك وعمل المارد المطرود معك .
(وَمِنْ آياتِهِ) دوالّ علوّه وإعلام وحوده وطوله (اللَّيْلُ) الدّامس (وَالنَّهارُ) اللامع (وَالشَّمْسُ) مع أحوالها (وَالْقَمَرُ) مع أحواله وكلّها طوع لأمره أدارها وحوّلها وآما لما أراد (لا تَسْجُدُوا) أصلا (لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ )
------------
كالجهل بالحلم والإساءة بالعفو (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) محب قريب (وما يلقاها) أي الخصلة المذكورة (إلا الذين صبروا) على تجرع المكاره (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) عقل كامل أو ثواب جزيل هو الجنة.
(وإما) الشرطية أدغمت في ما الزائدة للتأكيد (ينزغنك من الشيطان نزغ) أي وسوسة صارفة عما أمرت به (فاستعذ بالله) من شره يكفكه (إنه هو السميع) لدعائك (العليم) بصلاحك.
(ومن ءاياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر)
ص: 89
لما هما ما سوراه كما عداهما (وَاسْجُدُوا) كلّكم (لِلَّهِ) وحده (الَّذِي خَلَقَهُنَّ) الأعلام كلّها (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ) اللّه وحده لا ما سواه (تَعْبُدُونَ) ( 37 ) إسلاما وطوعا .
(فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا) سمدوا وعدلوا عمّا أمرهم اللّه وهو الطّوع له وحده (فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ) هم الأملاك (يُسَبِّحُونَ لَهُ) للّه وحده كما أمرهم اللّه (بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) دواما (وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ) ( 38 ) لا سأم ولا ملال لهم .
(وَمِنْ آياتِهِ) أعلام وحود اللّه وطوله (أَنَّكَ تَرَى) حسّا (الْأَرْضَ خاشِعَةً) لا ماء لها ولا كلاء (فَإِذا) كلّما (أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ) المطر (اهْتَزَّتْ) حصل لها الحراك والمهاة (وَرَبَتْ) هو الإكراء والمراد إكراء علوّ الحاصل ممّاها (إِنَّ) اللّه (الَّذِي أَحْياها) طولا (لَمُحْيِ الْمَوْتى) أعاد أعطالا ، أعطاهم أرواحهم معادا (إِنَّهُ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما (قَدِيرٌ) ( 39 ) له كمال الطّول .
(إِنَّ) الأمم (الَّذِينَ يُلْحِدُونَ) الإلحاد واللّحد العدول والحول ، ورووه ممّا اللّحد (فِي آياتِنا) كلام اللّه والمراد الأمم اللّاءوا هم مأوّلوها عمّا
------------
لأنهما مخلوقان مثلكم (واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون) تخصونه بالعبادة (فإن استكبروا) عن السجود لله وحده (فالذين عند ربك) من الملائكة (يسبحون له بالليل والنهار) أي دائما (وهم لا يسأمون) لا يملون.
(و من ءاياته أنك ترى الأرض خاشعة) ذليلة يابسة (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت) تحركت وانتفخت (إن الذي أحياها) بالنبات (لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير إن الذين يلحدون) يميلون عن الحق (في ءاياتنا)
ص: 90
هو مراد اللّه طلاحا ومحوّلو كلمها ومماروها ورادّوها مع سطوع أدلّاء سدادها (لا يَخْفَوْنَ) أصلا (عَلَيْنا) أراد كلّهم معلوم له هو معامل معهم وآما لأحوالهم (آياتِنا) طاح أحلامهم وما عملوا (فَمَنْ) كلّ أحد (يُلْقى) معادا (فِي النَّارِ) السّاعور وصالح للإصلاء وسطها كالملحد ، وورد هو عدوّ رسول اللّه صلعم المعهود الألدّ معه (خَيْرٌ) أصلح حالا (أَمْ مَنْ) كلّ أحد (يَأْتِي آمِناً) سالما (يَوْمَ الْقِيامَةِ) ممّا كلّ مكروه كالمسلم ، وورد هو عمّ رسول اللّه المهلك صدد أحد ، وورد هو لأمّ كلام اللّه ، وورد هو عمار (اعْمَلُوا) أهل الإلحاد ما كلّ عمل (شِئْتُمْ) هو أمر مهدّد لهم (إِنَّهُ) اللّه (بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ( 40 ) عالم لأعمالكم الصّوالح والطّوالح ومعامل معكم وآما لأعمالكم كما هو العدل .
(إِنَّ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ) كلام اللّه المرسل وعدلوا عمّا أطاعوه (لَمَّا جاءَهُمْ) عصر ما وردهم ووصلهم لهداهم ومحموله مطروح وهو هلاك أو وصّال لآلام وأعداله أو اسم الومء الوارد وراء (وَإِنَّهُ) كلام اللّه المرسل (لَكِتابٌ عَزِيزٌ) ( 41 ) عال حماه اللّه آمر عوده ومعدوم مطوه .
(لا يَأْتِيهِ) أصلا (الْباطِلُ) الولع والردّ (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) أمامه (وَلا
------------
بالطعن والتكذيب (لا يخفون علينا) كفى به وعيدا (أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي يوم القيامة) استفهام تقرير وتوبيخ (اعملوا ما شئتم) أمر تهديد (إنه بما تعملون بصير) فيجازيكم به.
(إن الذين كفروا بالذكر) القرآن (لما جاءهم) وخبر إن مقدر أي يجازون أولئك ينادون (وإنه لكتاب عزيز) غالب بقوة حججه أو عديم النظير (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) من جهة من الجهات أو مما فيه من إخباره بما
ص: 91
مِنْ خَلْفِهِ ) والحاصل لا ولع وسطه ولا محوّل ولا رادّ له أصلا (تَنْزِيلٌ) مرسل (مِنْ) إله (حَكِيمٍ) كامل العلم مراع للحكم المصالح والأسرار (حَمِيدٍ) ( 42 ) محمود حمده كلّ مأسور أو أهل للحمد حمد أوّلا .
(ما يُقالُ لَكَ) محمد ( ص ) والمراد ما كلام الأعداء معك حسدا وردّا لك (إِلَّا) مطو (ما) كلام (قَدْ قِيلَ) أوّلا (لِلرُّسُلِ) كلّهم (مِنْ قَبْلِكَ) أمام عصرك لمّا أعداء أممهم ردّوهم وما سمعوا أوامرهم وأحكامهم والكلام مسلّ لرسول اللّه صلعم ، أو المراد ما كلام اللّه معك إلّا مطو كلامه مع الرسل كلهم وهو (إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) مالكك ومصلحك ومالك الكلّ ومصلحهم (لَذُو مَغْفِرَةٍ) ورحم لرسله (وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ) ( 43 ) إصر مؤلم لأعداء الرسل .
(وَلَوْ جَعَلْناهُ) الكلام المرسل لك محمّد ( ص ) (قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) ككلام الحمراء (لَقالُوا) أولاد ماء السماء عدولا وردّا (لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ) كلام اللّه المرسل ، وأرسل ككلام أولاد ماء السماء لمّا علم مدلوله وسهل دركه وكالموا (ءَ) هو كلام (أَعْجَمِيٌّ وَ) الرسول (عَرَبِيٌّ) ردّا له (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (هُوَ) كلام اللّه (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله (هُدىً) هاد لوصول المرام (وَشِفاءٌ) لا لام الصدور وعلل الأرواح (وَ) الأمم ( الَّذِينَ
------------
مضى ويأتي (تنزيل من حكيم) في أفعاله (حميد) على إفضاله.
(ما يقال) ما يقول كفار مكة (لك إلا) مثل (ما قد قيل للرسل من قبلك) من التكذيب أو ما يقول الله لك إلا مثل ما قال لهم من الصبر (إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم ولو جعلناه) أي الذكر (قرءانا أعجميا) كما قالوا اقتراحا: هلا أنزل بلغة العجم (لقالوا لو لا) هلا (فصلت ءاياته) بينت حتى نفهمها (أأعجمي وعربي) أقرآن عجمي ورسول أو مخاطب عربي إنكار (قل هو للذين ءامنوا هدى) من الحيرة (وشفاء) من الشك (والذين لا يؤمنون) هو
ص: 92
لا يُؤْمِنُونَ) للّه ورسوله محمّد ( ص ) (فِي آذانِهِمْ) أسماعهم (وَقْرٌ) إصر وصمم (وَهُوَ) كلام اللّه المرسل (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الأعداء (عَمًى) ما رأوا لوامع مدلوله ، والمراد أصمّهم اللّه عمّا سماعه وأعماهم عمّا رأوا إعلام سداده (أُولئِكَ) هؤلاء الصمّ حالهم كحال رهط (يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) ( 44 ) لعدم سماعهم أوامره وعدم طوعهم أحكامه ، أو المراد هؤلاء الطّلاح دعاهم الأملاك معادا ممّا محلّ طروح إلهادا لهم
(وَ) اللّه (لَقَدْ آتَيْنا) أوّلا (مُوسَى الْكِتابَ) الطرس المعلوم المسدّد لإصلاح رهطه (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) سداده وولعه رهط أطاعوه ورهط ردّوه كحال رهطك مع كلام أرسل لك (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ) لولا وعد معهود ورد (مِنْ رَبِّكَ) لإحصاء الأعمال وإعطاء الأعدال كما هو العدل معادا (لَقُضِيَ) حكم عدلا (بَيْنَهُمْ) وأهلكوا مسرعا حالا (وَإِنَّهُمْ) الأعداء وهم الهود أو الرهط اللاؤا ما أسلموا للّه ورسوله محمّد ( ص ) (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) طرس الهود أو كلام اللّه المرسل لمحمّد ( ص ) (مُرِيبٍ) ( 45 ) موهم .
------------
(في آذانهم وقر) لتصاممهم عن استماعه (وهو عليهم عمى) لتعامي قلوبهم عن تدبره (أولئك ينادون من مكان بعيد) أي هم كمن ينادى من بعيد لا يسمع ولا يفهم النداء (ولقد ءاتينا موسى الكتاب) التوراة (فاختلف فيه) بالتصديق والتكذيب كالقرآن (ولو لا كلمة سبقت من ربك) بتأخير القضاء والجزاء إلى يوم القيامة (لقضي بينهم) بإهلاك المكذبين (وإنهم) أي اليهود أو قومك (لفي شك منه) من التوراة أو القرآن (مريب) موقع الريبة.
ص: 93
(مَنْ عَمِلَ) عملا (صالِحاً) كما أمر اللّه (فَلِنَفْسِهِ) لدرّه عمل ولها عدل عمله (وَمَنْ أَساءَ) عمله وعمل عملا سوءا (فَعَلَيْها) درّه مآل السوء (وَما) اللّه (رَبُّكَ) العدل محمّد ( ص ) (بِظَلَّامٍ) أصلا (لِلْعَبِيدِ) ( 46 ) عموما عاملهم وآما لأعمالهم كما هو العدل .
(إِلَيْهِ) اللّه وحده (يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) علم ورودها لمّا سألوا وما علمها إلا اللّه (وَ) علم (ما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ) أحمال عموما ، ورووا موحدا (مِنْ أَكْمامِها) واحدها الكمّ وهو وعاؤها أو « ما » للإعدام كما وراءه (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى) حملها (وَلا تَضَعُ) الحمل (إِلَّا) موصولا (بِعِلْمِهِ) علم اللّه وهو أحاط الكل (وَ) ادّكر (يَوْمَ يُنادِيهِمْ) اللّه مهدّدا (أَيْنَ شُرَكائِي) السهماء كما هو وهمكم (قالُوا) أهل العدول للّه (آذَنَّاكَ) وهو الإسماع وورد هو الإعلام والأوّل أوطد لمّا إعلام العالم محال (ما مِنَّا) أحد (مِنْ) أحد (شَهِيدٍ) ( 47 ) لهم وما أحد إلا هو موحّد لك ورد هو كلام السهماء .
(وَضَلَّ) هلك وكمّ (عَنْهُمْ) الأعداء (ما كانُوا) أوّلا (يَدْعُونَ) أراد دماهم اللّاء دعوها وألّهوها (مِنْ قَبْلُ) وهو عالم الأمر (وَظَنُّوا) علموا ممّا أوعدهم اللّه (ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) ( 48 ) معدل حاص عدل ومال .
------------
(من عمل صالحا فلنفسه) ثوابه (ومن أساء فعليها) وباله (وما ربك بظلام للعبيد إليه يرد علم الساعة) لا إلى سواه (وما تخرج من ثمرات من أكمامها) أوعيتها جمع كم (وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا) كل ذلك مقرونا (بعلمه ويوم يناديهم أين شركائي) بزعمكم (قالوا ءاذناك) أعلمناك وأسمعناك (ما منا من شهيد) شاهد اليوم بأن لك شريكا (وضل) غاب (عنهم ما كانوا يدعون) يعبدون (من قبل) من الأصنام (وظنوا) أيقنوا (ما لهم من محيص) مهرب والنفي معلق عن العمل.
ص: 94
(لا يَسْأَمُ) السأم الملل والملال (الْإِنْسانُ) العدوّ (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) روم الوسع والصحّ (وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ) العدم والعسر أو الداء (فَيَؤُسٌ) حاسم آمال (قَنُوطٌ) ( 49 ) صارم أهواء مدلولهما واحد كرّر مؤكّدا .
(وَ) اللّه (لَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً) وسعا وروحا أو صحّا (مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ) عسر عموما (مَسَّتْهُ) مسّا صعدا (لَيَقُولَنَّ هذا) الوسع وصل لصوالح أعمال (لِي) أو المراد هو حاصله له دواما لحصوله لأهله ورأوا ما هم إلا أهله (وَما أَظُنُّ) أعلم (السَّاعَةَ) الموعود ورودها (قائِمَةً) حالا (وَ) اللّه (لَئِنْ) لو (رُجِعْتُ إِلى) اللّه (رَبِّي) وصلاح المعاد كما وهم الرسل وأهل الإسلام (إِنَّ لِي) ح (عِنْدَهُ) اللّه (لَلْحُسْنى) موادّ السرور والروح وهما لسرور الكمال كسرور الحال (فَلَنُنَبِّئَنَّ) واللّه لا علما الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا عمّا أمروا (بِما عَمِلُوا) عمل السوء موصل الآصار (وَ) اللّه (لَنُذِيقَنَّهُمْ) وأطلعهم عكس ما رأوا وأوصلهم سهما (مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ) ( 50 ) عسر موصول لا مردّ له .
------------
(لا يسأم الإنسان) الكافر (من دعاء الخير) لا يمل من طلب النعمة (وإن مسه الشر) البلاء (فيئوس قنوط) من رحمة الله (ولئن) قسم (أذقناه رحمة) نعمة (منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي) مستحق لي بعملي أو دائم لي (وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي) فرضا (إن لي عنده للحسنى) كما أكرمني في الدنيا (فلننبئن الذين كفروا بما عملوا) إذا جازيناهم به (ولنذيقنهم من عذاب غليظ) شديد.
ص: 95
(وَإِذا) كلّما (أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ) صرعه (أَعْرَضَ) عدل ومال عمّا أمر وهو أداء محامد الآلاء (وَنَأى) حاد وهال عمّا هو الأصلح لحاله وهو الدّعاء والادّكار (بِجانِبِهِ) وأوكس لدرّه وسمد وعلا (وَإِذا مَسَّهُ) وصله (الشَّرُّ) الكره والعدم (فَذُو دُعاءٍ) للّه (عَرِيضٍ) ( 51 ) واسع آمر أراد دوام الدعاء مسحلا والأوّل عدم الأمل روعا وسرّا ، أو هو حال رهط والأوّل وهو حسم الأمل حال رهط .
(قُلْ) لهم محمّد رسول اللّه ( ص ) (أَ رَأَيْتُمْ) اعلموا (إِنْ كانَ) كلام أورده مرسلا (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) لهداكم وصلاحكم (ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ) الكلام المرسل طلاحا ولددا (مِنْ) لا أحد (أَضَلُّ) وأسوأ حالا (مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ) مراء ولدد (بَعِيدٍ) ( 52 ) مما صلح له .
(سَنُرِيهِمْ) سأعلمهم (آياتِنا) أعلام الألوّ ودوالّ سداد الكلام المرسل كسطوع الإسلام وعلوّ حال ؟ ؟ ؟ وحصول الملك له وحطم الأطم وعطو الأمصار ، وأمور سواها صوارم للمعود (فِي الْآفاقِ) حدود السماء واطرار العالم (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) ممّا أودعها له وهو الحكم والأسرار ، أو عطو امّ الرّحم (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ) سطوعا كاملا (أَنَّهُ) اللّه أو رسوله أو كلام اللّه
------------
(وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض) عن الشكر (ونأى بجانبه) بعد بنفسه عنه تجبرا وقرئتا على القلب أو بمعنى بهظ (وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض) كثير دائم.
(قل أرأيتم) أخبروني (إن كان) القرآن (من عند الله) كما أقول (ثم كفرتم به) عنادا (من أضل ممن هو في شقاق) خلاف عن الحق (بعيد) عنه أي لا أحد أضل منكم فوضع الظاهر موضعه بيانا لحالهم سنريهم ءاياتنا في الآفاق) في أقطار السموات والأرض من النيرات والنبات والحوادث وغيرها (وفي أنفسهم) من بدائع الحكم ولطائف الصنع (حتى يتبين لهم
ص: 96
المرسل ، أو الإسلام (الْحَقُّ) الأسد (آياتِنا) ما أرسلك (وَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ) ما حصل الركود لك (أَنَّهُ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما (شَهِيدٌ) ( 53 ) مطّلع عالم لحالك ، وأحوالهم .
(أَلا إِنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (فِي مِرْيَةٍ) إعوار ووهم (مِنْ لِقاءِ) اللّه (رَبِّهِمْ) الموعود معادا (أَلا إِنَّهُ) اللّه (بِكُلِّ شَيْءٍ) عموما (مُحِيطٌ) ( 54 ) أحاط علمه الكلّ .
------------
أنه الحق) الضمير لله أو الرسول أو القرآن أو الدين (أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) فيعلم حالك وحالهم.
(ألا إنهم في مرية) شك (من لقاء ربهم) بالبعث والجزاء (ألا إنه بكل شيء محيط) علما وقدرة فلا يفوته شيء.
ص: 97
ص: 98
ص: 99
ص: 100
( سورة الشورى )
موردها أمّ الرّحم ، وحاصل أصول مدلولها :
أعلاء أدلّاء الوجود ، ووطد ألوك الرسول ، وإحكام أحكام الإسلام ، والهول لسطوع إعلام المعاد ، وإعلام عدل عمّال الأعمال الصوالح ، وروع أهل الطّلاح معادا لسوء أعمالهم ، وسؤال الرسول علاه السلام عمّا الأرهاط ودّ أهله وآله ، والوعد لسماع هودهم لمّا هادوا ، ومحو معارهم ، وإعطاء اللّه لأهل العالم حالا لهاء محدودا لحكم ومصالح ، ووصول المكاره لمعاص عملوها ومدح كلّ أحد حلم ومحا إصر هادله ، وإعلام اسرار اللّه ما أراده ، وإعطاء الأولاد وعدمه وآما لمراده ، وصدع صراط كلام اللّه مع واحد ممّا أولاد آدم ، وعدّ اللّه للرسول إلّاه علاه ممّا إعلام كلام اللّه والإسلام وأحكامه وصدع عود الأمور كلّها إلاه مآلا .
ص: 101
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم) ( 1 ) (عسق) ( 2 ) وهما اسماهما كما دلّ عدم وصلهما ، أو اسم واحد لها وما وصل طردا لكل حم سواه ، والأصل هو سرّ اللّه مع رسوله كما مرّ مرارا .
(كَذلِكَ) كما أوحاه اللّه (يُوحِي إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (وَإِلَى) الرسل (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِكَ) وكمل عصرهم (اللَّهُ الْعَزِيزُ) ملكا (الْحَكِيمُ) ( 3 ) أمرا .
(لَهُ) مملوكه ومأسوره (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) كلّا (وَما) ركد (فِي الْأَرْضِ) طرّا والمراد العموم (وَهُوَ) اللّه (الْعَلِيُّ) أمره (الْعَظِيمُ) ( 4 ) حكمه .
------------
(42 سورة الشورى ثلاث وخمسون آية مكية)
(إلا قل لا أسألكم الأربع.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(حم عسق كذلك) الإيحاء أو مثل معاني السورة (يوحي) أوحى (إليك وإلى الذين من قبلك) عبر بالمضارع إيذانا بأن إيحاء مثله عادته (الله العزيز الحكيم له ما في السموات وما في الأرض وهو العلي العظيم)
ص: 102
(تَكادُ السَّماواتُ) كلّها (يَتَفَطَّرْنَ) وصادعها علوّ أمر اللّه وكمال سموّه (مِنْ فَوْقِهِنَّ) أعلاها وهو أدلّ دوالّ العلوّ ، أو صادعها ادعاءهم الولد للّه (وَالْمَلائِكَةُ) هم رهط حملوها ، أو الكلّ عموما (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ) اللّه (رَبِّهِمْ) حامدوه ومطهروه دواما (وَيَسْتَغْفِرُونَ) روعا لسطوه (لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) وأراد أهل الإسلام (أَلا) اعلموا أهل الصلاح والطلاح (إِنَّ اللَّهَ هُوَ) لا سواه (الْغَفُورُ) لإصار أهل السدم والهود (الرَّحِيمُ) ( 5 ) كامل الرحم لهم .
(وَ) الرهط (الَّذِينَ) علموا و (اتَّخَذُوا) ألّهوا (مِنْ دُونِهِ) سواه أراد دماهم (أَوْلِياءَ) والوهم وسهماء للّه ودّوهم (اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ) حارس أحوالهم وأعمالهم ومعامل معهم كأعمالهم (وَما أَنْتَ) محمّد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الطّلاح (بِوَكِيلٍ) ( 6 ) موكّل أمورهم ومحصل مهامهم وأمرك إعلام الأوامر والأحكام لا سواه
(وَكَذلِكَ) كما هو حال الرسل (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) لإصلاح الكلّ (قُرْآناً) كاملا (عَرَبِيًّا) كلمه
------------
( تكاد السموات) بالتاء والياء (يتفطرن) يتشققن أن دعوا له ولدا (من فوقهن) أي يبتدىء الانفطار من أعلاهن وتخصيصه للدلالة على انفطار أسفلهن بالأولوية ولزيادة التهويل (والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض) من المؤمنين (ألا إن الله هو الغفور الرحيم) لأوليائه أو كل خلقه إذ رحمته في الدنيا وسعت كل شيء.
(والذين اتخذوا من دونه أولياء) أي الأصنام (الله حفيظ) محص (عليهم) أعمالهم فمجازيهم بها (وما أنت عليهم بوكيل) تطالب بإيمانهم، إن عليك إلا البلاغ (وكذلك) الإيحاء (أوحينا إليك قرآنا عربيا
ص: 103
ودواله (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) أمّ الرّحم والمراد أهلها أحلّ المحلّ محلّ الحال (وَمَنْ حَوْلَها) ممّا أولاد ماء السماء أو أهل الأمصار كلّهم (وَتُنْذِرَ) الكلّ (يَوْمَ الْجَمْعِ) للأرواح والأطلال ، أو للعمّال والأعمال وهو معاد الكل (لا رَيْبَ فِيهِ) وروده مآلا ، وهو كلام لا محلّ له (فَرِيقٌ) رهط (فِي الْجَنَّةِ) دارالسلام ، وهم أهل الورع والصلاح (وَفَرِيقٌ) رهط (فِي السَّعِيرِ) ( 7 ) دار الآلام سعّرها اللّه للإصلاء والإهلاك ، وهم أهل الصدّ والطلاح .
(وَلَوْ شاءَ) أراد (اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ) كلّهم (أُمَّةً واحِدَةً) وصاروا أهل الإسلام كلّهم (وَلكِنْ يُدْخِلُ) اللّه (مَنْ يَشاءُ) إكرامه وإسلامه (فِي رَحْمَتِهِ) دار سلامه أو هداه وطوعه (وَالظَّالِمُونَ) أهل الحدل والطلاح (ما لَهُمْ) أصلا (مَنْ) أحد (وَلِيٍّ) ودود لإسعادهم (وَلا نَصِيرٍ) ( 8 ) ممدّ مسعد لدسع آصارهم معادا .
(أَمِ اتَّخَذُوا) هؤلاء الحدّال (مِنْ دُونِهِ) اللّه (أَوْلِياءَ) والحاصل لو أرادوا ودودا صالحا للودّ (فَاللَّهُ) وحده (هُوَ الْوَلِيُّ) الصالح للولاء لا سواه
------------
لتنذر أم القرى ومن حولها) أهل مكة وسائر الناس العذاب (وتنذر) الناس (يوم الجمع) يوم القيامة تجمع فيه الخلق والأرواح والأجساد أو كل عامل وعمله (لا ريب فيه) اعتراض (فريق) منهم (في الجنة وفريق في السعير) في النار.
(ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة) وقسرهم على دين واحد وهو الإسلام لكنه لم يفعل لمنافاته التكليف (ولكن يدخل من يشاء في رحمته) بالهداية (والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير) يمنعهم من العذاب (أم اتخذوا من دونه أولياء) أي الأصنام وأم منقطعة والهمزة للإنكار التوبيخي (فالله هو الولي)
ص: 104
(وَهُوَ) اللّه وحده (يُحْيِ الْمَوْتى) كلّهم سطوا وطولا لا دماهم (وَهُوَ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مراد (قَدِيرٌ) ( 9 ) لا سواه .
(وَمَا اخْتَلَفْتُمْ) أهل الصلاح والطلاح (فِيهِ) معاده ما (مِنْ شَيْءٍ) أمر حال أو مآل (فَحُكْمُهُ) موكول (إِلَى اللَّهِ) وهو الإكرام لأهل الصلاح والطرد لأهل الطلاح ، وهو كلام رسول رسول اللّه صلعم لأهل الإسلام لمّا كالموا مع أهل الطرس لأمر الإسلام ، أو هو كلام الرسول لأهل الإسلام لمّا سألوه علوما ما علمها إلّا اللّه وما لأحد لدركه سلوك كأمر الروح والمعاد (ذلِكُمُ) الحاكم العادل لكم (اللَّهِ) علا أمره (رَبِّي عَلَيْهِ) لا سواه (تَوَكَّلْتُ) ردّا لمكر الأعداء وإعلاء للإسلام (وَإِلَيْهِ) اللّه (أُنِيبُ) ( 10 ) أعود وأؤول حال معاسر الأمور وهو المعاد والمآل .
وهو (فاطِرُ) عالم (السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) آسرها ومصوّرها (جَعَلَ) أسر (لَكُمْ) ولد آدم (مِنْ أَنْفُسِكُمْ) صرعكم (أَزْواجاً) أعراسا ولمّكم معها وكملكم (وَ) أسر (مِنَ الْأَنْعامِ) لها (أَزْواجاً) ولمّها معها كما
------------
جواب شرط مقدر كأنه قيل بعد إنكار أن يتخذ وليا سواه إن أراد وليا بالحق فالله هو الولي بالحق (وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير) فهو الحقيق بالولاية.
(وما اختلفتم فيه من شيء) من أمور دينكم ودنياكم (فحكمه) مفوض (إلى الله) يفصل بينكم بإثابة المحق ومعاقبة المبطل (ذلكم الله ربي) بتقدير قل (عليه توكلت وإليه أنيب) أرجع في أموري (فاطر السموات والأرض) و(جعل لكم من أنفسكم) وجنسكم (أزواجا) نساء (ومن الأنعام) وجعل لها من جنسها (أزواجا) ذكورا وإناثا أو لكم منها أصنافا
ص: 105
لمّ لأولاد آدم (يَذْرَؤُكُمْ) اللّه عدّ لا إحصاء له لحصول الأولاد (فِيهِ) إعطاء الأعراس لكم (لَيْسَ كَمِثْلِهِ) عدله ومطوه أو كهو (شَيْءٌ) أحد وهو الأحد الصمد وحده (وَهُوَ) اللّه (السَّمِيعُ) سامع كلّ مسموع (الْبَصِيرُ) ( 11 ) راء للكل .
(لَهُ) للّه (مَقالِيدُ) ممالك (السَّماواتِ) وأسرارها كمراحم الأمطار (وَ) أملاك (الْأَرْضِ) كالدوح والأحمال وهو (يَبْسُطُ الرِّزْقَ) موسّعه (لِمَنْ يَشاءُ) وسعه (وَيَقْدِرُ) معسره ، وكلاهما للمصالح والحكم (إِنَّهُ) اللّه (بِكُلِّ شَيْءٍ) وسع وعسر عموما (عَلِيمٌ) ( 12 ) عالم صلاحه .
(شَرَعَ) أعلم اللّه وصرّح (لَكُمْ) أهل الإسلام (مِنَ الدِّينِ) الإسلام (ما) إسلاما (وَصَّى بِهِ) أوحاه وحكم (نُوحاً) ولد لمك عملا وإعلاما (وَ) الإسلام (الَّذِي أَوْحَيْنا) أحكامه (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) وهو أصل عمّ وصلح له ولك (وَما وَصَّيْنا) المأمور (بِهِ) إكراما وإعلاء والدك (إِبْراهِيمَ وَ) رسول الهود (مُوسى وَ) روح اللّه (عِيسى) وهو (أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ)
------------
(يذرؤكم) يخلقكم ويكثركم من الذرء أي البث (فيه) في هذا الجعل (ليس كمثله شيء) أريد ب مثله ذاته كقولهم مثلك لا يبخل أو الكاف زائدة (وهو السميع البصير له مقاليد السموات والأرض) مفاتيح خزائنهما (يبسط الرزق) يوسعه (لمن يشاء ويقدر) يضيقه لمن يشاء (إنه بكل شيء عليم) ومنه مصالح البسط والقبض.
(شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى) أي بين لكم من الدين ما اشترك فيه نوح ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ومن بينهما من أهل الشرائع المفسر بقوله (أن أقيموا الدين) أي أصوله من
ص: 106
وحّدوا اللّه وطاوعوا رسله وطروسه ولكلّ ما صلح لإسلام المرء كما وحّده وأطاعه هؤلاء الرسل الأعلام ، أراد أصول الإسلام لا الأوامر والأحكام كلّها (وَلا تَتَفَرَّقُوا) أهل الإسلام (فِيهِ) أصوله واللمّ أصلح وأدوم (كَبُرَ) عسر حملا وإصرا (عَلَى) الأعداء (الْمُشْرِكِينَ) للّه (ما) أمر (تَدْعُوهُمْ) محمّد ( ص ) (إِلَيْهِ) وهو الإسلام (اللَّهُ يَجْتَبِي) داع (إِلَيْهِ) ما هو مدعوّك أو الإسلام (مَنْ يَشاءُ) لو داده (وَيَهْدِي) اللّه (إِلَيْهِ) ما هو مرامك إكراما وعطاء (مَنْ يُنِيبُ) ( 13 ) عاد عمّا ردع وهو المراء واللدد مع أهل الإسلام .
(وَما تَفَرَّقُوا) أهل الطرس لما عصد رسلهم (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) لمّا حصل العلم لهم وهو علم سوء المراء مع أهل الإسلام ، أو علم إرسال محمّد ، أو علم سواطع إعلام الرسل وأطراسهم (بَغْياً) حسدا وروما للأهواء (بَيْنَهُمْ) هؤلاء الأعداء دواما (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ) وعد مرّ مؤكّدا (مِنْ رَبِّكَ) إمهالا وإكراء (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) عهد موسوم موعدهم وهو أمد العمر ، أو المعاد (لَقُضِيَ) حكم (بَيْنَهُمْ) وأهلكوا مسرعا واصطلموا أصلا (وَإِنَّ) الملأ (الَّذِينَ أُورِثُوا) أعطوا (الْكِتابَ) كلام اللّه المرسل لوهم
------------
التوحيد والنبوة والمعاد (ولا تتفرقوا فيه كبر) عظم (على المشركين ما تدعوهم إليه) من التوحيد (الله يجتبي إليه) إلى دينه (من يشاء) توفيقه له (ويهدي) بالتوفيق (إليه من ينيب) يقبل إليه.
(وما تفرقوا) أي أهل الكتاب أو أهل الأوثان (إلا من بعد ما جاءهم العلم) بصحة نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو بالتوحيد (بغيا بينهم) حسدا وعداوة (ولو لا كلمة سبقت من ربك) بتأخيره الجزاء (إلى أجل مسمى) هو القيامة (لقضي بينهم) بإهلاك المبطلين (وإن الذين أورثوا الكتاب) وهم العرب أورثوا القرآن أو أهل
ص: 107
طلّاح عهد رسول اللّه ، أو المراد أهل طرس أدركوا عهد رسول اللّه (مِنْ بَعْدِهِمْ) الأمم الأول (لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) كلام اللّه أو طرسهم وما علموا كما هو (مُرِيبٍ) ( 14 ) موهم .
(فَلِذلِكَ) لمّا مرّ وهو رومهم الأهواء ، أو كلام اللّه ، أو علم حصل لك (فَادْعُ) الكلّ للإسلام (وَاسْتَقِمْ) دواما (كَما أُمِرْتَ) كما أمرك اللّه وهو دعاءك لهم للإسلام دواما (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ) الملوم مآلها المردود ملاسموها (وَقُلْ) لهم (آمَنْتُ) سدادا (بِما أَنْزَلَ) أرسل (اللَّهُ مِنْ كِتابٍ) صحّ إرساله للرسل لا كالأعداء اللّاء ما أسلموا الكلّ (وَأُمِرْتُ) أمر اللّه (لِأَعْدِلَ) لأحكم عدلا وسواء (بَيْنَكُمُ) لمّا لاح مراءكم (اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ) والكلّ مملوكه ومأسوره ورعاؤه (لَنا أَعْمالُنا) الصوالح (وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) الطوالح وكل أحد مع عمله لو صلح العمل صلح الأمر ، ولو طلح العمل طلح الأمر (لا حُجَّةَ) لا لدد ولا مراء (بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ) لسطوع الأمر وعلوّ الحال (اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا) معادا للعدل والعدل (وَإِلَيْهِ) اللّه وحده (الْمَصِيرُ) ( 15 ) مآل الكلّ .
------------
الكتاب المعاصرون له (صلى الله عليه وآله وسلّم) (من بعدهم) من بعد أهل الكتاب (لفي شك منه) من القرآن أو كتابهم لا يعلمونه كما هو (مريب) موقع الريبة (فلذلك) فلأجل ذلك التفرق أو الشك (فادع) إلى الدين الحنيفي (واستقم) عليه (كما أمرت ولا تتبع أهواءهم) الباطلة في تركها (وقل ءامنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل) بأن أعدل (بينكم) في التبليغ في الحكم (الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم) لكل جزاء عمله (لا حجة) لا محاجة ولا خصومة (بيننا وبينكم) لظهور الحق فلا وجه لها (الله يجمع بيننا) وبينكم يوم القيامة لفصل القضاء (وإليه المصير) المرجع.
ص: 108
(وَ) الأعداء (الَّذِينَ يُحَاجُّونَ) هو اللدد والمراء (فِي) أمر (اللَّهِ) وإسلامه (مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) وراء ما طاوع ولد آدم للإسلام ، وردوه لردّهم عمّا الإسلام ، أو وراء ما سمع اللّه دعاء رسوله لإهلاك العدّال عصر عماس ، أرسل اللّه وسطه الإملاك لإمداد أهل الإسلام وصدع أمر إسلامه وآده ، أو وراء ما طاوع أهل الطرس وأسلموا وأمهوا ألوكه ، أو وراء ما سمع أهل اللدد والمراء وعهدوا أوّل العهد (حُجَّتُهُمْ) ما هو مسوّل أوهامهم ممّا الأدلّاء (داحِضَةٌ) لا مدلول ولا حاصل لها لمّا لا مآل لها إلّا الأوهام (عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِمْ) لسطوع دوالّ الإسلام (وَعَلَيْهِمْ) وحدهم (غَضَبٌ) ممدود لسوء عملهم (وَ) أعدّ (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) ( 16 ) عسر ، وهو ورودهم الدّرك معادا .
(اللَّهُ) عمّ آلاه هو (الَّذِي أَنْزَلَ) أرسل (الْكِتابَ) عموما (بِالْحَقِّ) السداد (وَالْمِيزانَ) العدل وإرساله أمره ، أو للإسلام (وَما يُدْرِيكَ) محمّد ( ص ) ، الإدراء الإعلام (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) ( 17 ) ورودها ، والحاصل اعدلوا دواما وطاوعوا الأوامر واعملوا الصوالح واعلموا معادكم .
------------
(والذين يحاجون في الله) في دينه (من بعد ما استجيب له) بعد ما استجاب له الناس وقبلوه أو بعد ما استجاب الله لرسوله دعاءه بالنصر (حجتهم داحضة) باطلة (عند ربهم وعليهم غضب) منه (ولهم عذاب شديد) بكفرهم (الله الذي أنزل الكتاب) جنسه أو القرآن (بالحق) متلبسا بالغرض الصحيح (والميزان) وأنزل العدل أو الشرع المنصف بين الناس أو ألهمهم اتخاذ آلة الوزن (وما يدريك لعل الساعة) مجيئها (قريب
ص: 109
(يَسْتَعْجِلُ بِهَا) لهوا وولعا الملأ (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها) حلولها وهم أرادوا موعد ورودها (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا ما أرسل اللّه وطاوعوا أمر رسوله (مُشْفِقُونَ) روّاع (مِنْها) وهوّال لهولها وما علموا مآلهم لمّا عامل اللّه معهم حال إحصاء أعمالهم لكمال سطوه وعدله (وَ) هم (يَعْلَمُونَ أَنَّهَا) ورودها (الْحَقُّ) الواطد الحاصل لا محال (أَلا) اعلموا أهل الإسلام (إِنَّ) هؤلاء (الَّذِينَ يُمارُونَ) مراء لا سداد له (فِي) ورود (السَّاعَةِ) وأهوالها (لَفِي ضَلالٍ) سلوك أود (بَعِيدٍ) ( 18 ) عمّا سلكه أهل السداد وصار وصولهم لمسامد السواء محالا .
(اللَّهُ لَطِيفٌ) راحم (بِعِبادِهِ) الصلحاء والطّلاح وممهّلهم وما هو ؟ ؟ ؟ مسرعا لمعاص (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) وسعه وهو عالم مصالحه (وَهُوَ) اللّه (الْقَوِيُّ) ساطع السطو (الْعَزِيزُ) ( 19 ) كامل الطول .
(مَنْ كانَ) كلّ أحد (يُرِيدُ حَرْثَ) الدار (الْآخِرَةِ) أراد ما عمله العامل مما صلح مآله وهو محصول الأعمال (نَزِدْ لَهُ) كرما وسماحا (فِي حَرْثِهِ) الكامل وعمله الصالح ومحصول دوام الروح والسرور معادا (وَمَنْ كانَ يُرِيدُ) طمعا وأملا (حَرْثَ) الدار (الدُّنْيا) أراد كلّ أحد عمله لها لا للّه
------------
يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها) استهزاء (والذين ءامنوا مشفقون) خائفون (منها) خوفا مقرونا بالرجاء (ويعلمون أنها الحق) الواجب كونه (ألا إن الذين يمارون) يخاصمون من المرية الشك (في الساعة لفي ضلال بعيد) عن الصواب.
(الله لطيف بعباده) يعمهم ببره ولم يعاجل مسيئهم بالعقوبة (يرزق من يشاء وهو القوي العزيز من كان يريد) بعلمه (حرث الآخرة) ثوابها (نزد له في حرثه) نضاعف له الواحد عشرة (و من كان يريد حرث الدنيا نؤته منها) ما قسمنا له (وما له في
ص: 110
(نُؤْتِهِ) أعطه حطاما (مِنْها) وحدها كما أعدّ له أوّلا لا كما هو مراده (وَما لَهُ) أصلا (فِي) دار (الْآخِرَةِ) المعاد للكلّ (مِنْ نَصِيبٍ) ( 20 ) سهم ما وملاك كلّ عمل هو السأو ، ولكلّ مرء ما هو ساءه أو حدّده وأطاعوا أوامره .
(أَمْ) للوصول (لَهُمْ) لهؤلاء الأعداء (شُرَكاءُ) سهماء أو أله (شَرَعُوا) سوّلوا (لَهُمْ) للأعداء (مِنَ الدِّينِ) وهو مسلكهم (ما) (لَمْ يَأْذَنْ) ما أمر (بِهِ اللَّهُ) كعملهم للحطام (وَلَوْ لا كَلِمَةُ الْفَصْلِ) ولولا الوعد لإمهالهم وإحصاء أعمالهم معادا (لَقُضِيَ) حكم (بَيْنَهُمْ) أهل الصلاح والطلاح وأسرع لهم الإصر حالا واصطلموا كلّهم (وَإِنَّ) الملأ (الظَّالِمِينَ) أراد رهطا ما وحّدوا اللّه معدّ (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 21 ) مؤلم عسر لا حسم له ولو أمهل لهم حالا .
(تَرَى) محمّد ( ص ) هؤلاء الأعداء (الظَّالِمِينَ) معادا (مُشْفِقِينَ) روّاعا (مِمَّا كَسَبُوا) عملوا أوّلا (وَهُوَ) حاصل أعمالهم (واقِعٌ بِهِمْ) واصل لهم مآلا لا محال راعوا أم لا ولا حاصل لروعهم أصلا (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لمّا أمر اللّه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) وأصلحوا أعمالهم
------------
الآخرة من نصيب) إذ الأعمال بالنيات (أم) بل (لهم) والهمزة للتوبيخ (شركاء) وهم شياطينهم (شرعوا لهم من الدين) الباطل (ما لم يأذن به الله) كالشرك ونفي البعث (ولو لا كلمة الفصل) الوعد بتأخير الفصل إلى القيامة (لقضي بينهم) وبين المؤمنين بإهلاكهم في الدنيا (وإن الظالمين لهم عذاب أليم) في الآخرة.
(ترى الظالمين) يوم القيامة (مشفقين) خائفين (مما كسبوا) من الجرائم (وهو) أي وباله (واقع بهم) لا محالة (والذين ءامنوا وعملوا الصالحات
ص: 111
وسدّدوها ركّاد (فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ) دوح الروح وصروح السرور (لَهُمْ) لهؤلاء الصلحاء (ما يَشاؤُنَ) ما هو هواهم والكلّ معدّ لهم (عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِمْ) الملك المالك (ذلِكَ) ما مرّ وهو وصول الصلحاء مصامد آمالهم كلّها (هُوَ) لا سواه (الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) ( 22 ) الكرم الأكمل للعمل الماصل .
(ذلِكَ) الكرم المعدّ لهم (الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ) لسرورهم (عِبادَهُ) الصلحاء (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أصلحوا أعمالهم (قُلْ) لهم رسول اللّه (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) إرسال الأوامر ومواعد المسار ؟ ؟ ؟ الأحكام (أَجْراً) كراء صالحا (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) إلّا وداد آله الأطهار ، ورودهم أسد اللّه الكرّار وولداه وأمّهما الكرام (وَمَنْ يَقْتَرِفْ) كدح وعمل (حَسَنَةً) عملا صالحا عموما ، وورد هو ولاء آل رسول اللّه صلعم (نَزِدْ لَهُ) للعامل (فِيها) لها (حُسْناً) عطاء أمد الأمر ، والمراد إعطاء العدل الكامل والكراء الآمر له معادا (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) لرصّاد طوله (شَكُورٌ) ( 23 ) لطوع أمره .
------------
في روضات الجنات) في متنزهاتها (لهم ما يشاءون) يتمنونه (عند ربهم ذلك) الثواب (هو الفضل الكبير ذلك) الثواب والتبشير (الذي يبشر الله عباده الذين ءامنوا وعملوا الصالحات) أي يبشرهم به حذف الجار والعائد (قل لا أسألكم عليه) على تبليغ الرسالة (أجرا إلا المودة) كائنة (في القربى ومن يقترف) يكتسب (حسنة) روي أنها مودة آل الرسول (نزد له فيها حسنا) بتضعيف ثوابها (إن الله غفور) للسيئات (شكور) للحسنات.
ص: 112
(أَمْ يَقُولُونَ) الأعداء (افْتَرى) محمّد ( ص ) وحكم ادّعاء (عَلَى اللَّهِ) مالك الكلّ (كَذِباً) ولعا وهو دعواه إرساله وإرسال كلام اللّه (فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ) حملك المكاره (يَخْتِمْ) إمساكا (عَلى قَلْبِكَ) لحمل المعاسر ، والمراد إحكام حملها (وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ) سوء العمل وهو وعد عامّ (وَيُحِقُّ الْحَقَّ) أراد إعلاء الإسلام (بِكَلِماتِهِ) كلام اللّه المرسل أو دوالّه أو حكمه أو أمره ، ولمّا وعده اللّه لاح الأمر كلّه وطمس سوء عملهم وعلا الإسلام (إِنَّهُ) اللّه (عَلِيمٌ) كامل علم (بِذاتِ الصُّدُورِ) ( 24 ) أسرار صدرك وصدورهم .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي يَقْبَلُ) كرما (التَّوْبَةَ) عمّا ساءوا (عَنْ عِبادِهِ) هم صلحاء سدموا وهادوا (وَيَعْفُوا) اللّه (عَنْ) الأعمال (السَّيِّئاتِ) كلّها لكلّ أحد مع عدم هوده لو أراد (وَيَعْلَمُ) علما كاملا (ما) عملا (تَفْعَلُونَ) ( 25 ) صالحا أو طالحا سرّا أو حسّا .
(وَيَسْتَجِيبُ) دعاء الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أوردوا صوالح الأعمال والحاصل لو دعوه سمع دعاءهم وأعطاهم ما راموا (وَيَزِيدُهُمْ) اللّه آلاء وراء أعدال أعمالهم مِنْ فَضْلِهِ
------------
(أم) بل (يقولون افترى على الله كذبا) بالقرآن أو بدعوى الرسالة (فإن يشإِ الله يختم على قلبك) ينسيك القرآن فكيف تقدر أن تفتري عليه أو يربط على قلبك بالصبر على أذاهم (ويمح الله الباطل ويحق الحق) يثبته (بكلماته) يوحيه (إنه عليم بذات الصدور) بضمائر القلوب.
(وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) بالتاء والياء (ويستجيب الذين ءامنوا وعملوا الصالحات) أي يستجيب الله لهم بإعطائهم ما سألوا وإثابتهم على طاعتهم (ويزيدهم من فضله) على ما فعلوا
ص: 113
وكرمه (وَ) الرهط (الْكافِرُونَ) أعداء أهل الإسلام معدّ (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) ( 26 ) عسر مؤلم .
ولمّا رام رهط وسعهم مآلا أرسل اللّه (وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ) وسّعه (لِعِبادِهِ) كلّهم وأعطاهم كلّ ما سألوه (لَبَغَوْا) عدوا وحدلوا (فِي الْأَرْضِ) سطوا وعلوّا (وَلكِنْ يُنَزِّلُ) اللّه مأمولهم (بِقَدَرٍ) صالح (ما يَشاءُ) لهم (إِنَّهُ) اللّه (بِعِبادِهِ) طرّا (خَبِيرٌ) عالم لأحوالهم (بَصِيرٌ) ( 27 ) راء لمصالحهم .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي يُنَزِّلُ) كرما (الْغَيْثَ) المطر (مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) حسموا آمالهم وأطماعهم (وَيَنْشُرُ) ح (رَحْمَتَهُ) وهو الأمطار عموما (وَهُوَ) اللّه (الْوَلِيُّ) مولاهم ومودودهم (الْحَمِيدُ) ( 28 ) محمودهم حمده الطوّاع .
(وَمِنْ آياتِهِ) إعلام طوله ودوالّ إله (خَلْقُ السَّماواتِ) كلّها مع طوالعها وأدوارها (وَالْأَرْضِ) مع دوحها وصحاراها لحكم ومصالح
------------
واستحقوا بالطاعة أو بالاستجابة (والكافرون لهم عذاب شديد) استحقوه بكفرهم.
(ولو بسط الله الرزق لعباده) جميعهم (لبغوا في الأرض) لبطروا وتجبروا وظلم بعضهم بعضا (ولكن ينزل) بالتشديد والتخفيف (بقدر) بتقدير (ما يشاء) بحسب مصالحهم (إنه بعباده خبير بصير وهو الذي ينزل الغيث) المطر النافع (من بعد ما قنطوا) يئسوا منه (وينشر رحمته وهو الولي الحميد) علی افعاله.
(ومن ءاياته) على وجوده وقدرته وحكمته (خلق السموات والأرض
ص: 114
(وَما بَثَّ) صعصع (فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) ما له حس وحراك كالأملاك وولد آدم وما سواهم (وَهُوَ) اللّه (عَلى جَمْعِهِمْ) لمّ كلّ ما صعصع (إِذا يَشاءُ) لمّهم (قَدِيرٌ) ( 29 ) له كمال الطول .
(وَما أَصابَكُمْ) وصل لكم أهل الإسلام (مِنْ مُصِيبَةٍ) همّ وألم ومكروه كإمساك المطر (فَبِما) عمل سوء ومعاص (كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) لا وراءكم (وَ) اللّه (يَعْفُوا) حالا ومآلا (عَنْ) إصر (كَثِيرٍ) ( 30 ) وهو أكرم وأرحم .
(وَما أَنْتُمْ) رهط الطّلاح أصلا (بِمُعْجِزِينَ) للّه ممّا عمل لكم مكروها (فِي الْأَرْضِ) العالم (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (مِنْ وَلِيٍّ) واد ومودود (وَلا نَصِيرٍ) ( 31 ) ممدّ مسعد راد لآصاركم لمّا حلّ لكم .
(وَمِنْ آياتِهِ) دوالّ طوله (الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ) أراد مرورها (كَالْأَعْلامِ) ( 32 ) الأطواد طولا ووسعا ، وهو حال .
(إِنْ يَشَأْ) اللّه ركودها (يُسْكِنِ الرِّيحَ) وهو محرّكها (فَيَظْلَلْنَ) مدلول مصدره مدلول مصدر صار (رَواكِدَ) لا حراك لها (عَلى ظَهْرِهِ) سطح
------------
وما بث) وخلق ما نشر (فيهما من دابة وهو على جمعهم) حشرهم (إذا يشاء قدير) في أي وقت شاء لا يتعذر عليه (وما أصابكم من مصيبة فيما كسبت أيديكم) فبسبب ذنوبكم (ويعفو عن كثير) منها فلا يعجل عقوبة رحمته واستدراجا وما أصاب غير المذنبين فلتعريضهم للأجر (وما أنتم بمعجزين) بفائتين الله هربا (في الأرض وما لكم من دون الله من ولي) يمنعكم من عذابه (ولا نصير) يدفعه عنكم.
(ومن ءاياته الجوار) السفن الجارية (في البحر كالأعلام) كالجبال (إن يشأ يسكن الريح) وقرىء الرياح (فيظللن رواكد) واقفة (على ظهره) ظهر البحر
ص: 115
الداماء (إِنَّ فِي ذلِكَ) الأمر (لَآياتٍ) اعلاما ودوال (لِكُلِّ) مسلم (صَبَّارٍ) أمسك روعه إمساكا كاملا وصار حمّالا للأواء والمكاره حال العسر (شَكُورٍ) ( 33 ) كامل حمد للآلاء .
(أَوْ يُوبِقْهُنَّ) مهلكها إرسالا للسهام والمراد إهلاك أهلها (بِما) عمل سوء (كَسَبُوا) وعملوا أوّلا (وَيَعْفُ) اللّه (عَنْ) إصر (كَثِيرٍ) ( 34 ) ممّا عملوا لو أراد إمهالهم .
(وَيَعْلَمَ) اللّه علما كاملا الأمم (الَّذِينَ يُجادِلُونَ) حسدا وورها (فِي) ردّ (آياتِنا) السواطع (ما لَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح لو أراد اللّه إهلاكهم (مِنْ مَحِيصٍ) ( 35 ) معرد حال حلول الصّواكم .
(فَما أُوتِيتُمْ) أعطاكم اللّه (مِنْ شَيْءٍ) كالأموال والأولاد (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) حطامها ولا دوام لها (وَما) هو معد (عِنْدَ اللَّهِ) وهو دارالسلام ودوام السرور صدد حلولها (خَيْرٌ) أكرم وأصلح (وَأَبْقى) أدوم (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وعملوا عملا صالحا وأعطوا أموالهم للّه (وَعَلى) اللّه (رَبِّهِمْ) الملك العدل (يَتَوَكَّلُونَ) ( 36 ) وكولا واطدا .
------------
(إن في ذلك لآية لكل صبار) على البلاء (شكور) للنعم (أو يوبقهن) أو إن يشأ يهلكهن بأهلهن بقصوف الريح (بما كسبوا) من الذنوب (ويعف) بالجزم (عن كثير) منهم.
(ويعلم الذين يجادلون في ءاياتنا ما لهم من محيص) مهرب من العذاب (فما أوتيتم من شيء فمتاع الحيوة الدنيا) تمتعون به زمن حياتكم (وما عند الله) من الثواب (خير وأبقى) إذ لا ينقص ولا ينقطع (للذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون) في أمورهم.
ص: 116
(وَ) الملأ (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ) ورعا (كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ) موارد الحدود كلّها كالعهر (وَإِذا ما غَضِبُوا) أحدا لمكروه عمله ممّا أمور الماصل (هُمْ يَغْفِرُونَ) ( 37 ) إصره رحما وكرما .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ) سمعوا كلامه وأطاعوه لمّا دعاهم للإسلام (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) أدّوها كما أمر اللّه وكلّموها (وَأَمْرُهُمْ) كلّ أمر عراهم (شُورى) مؤامر (بَيْنَهُمْ) ما آمر رهط إلّا هدوّا لأصلح أمورهم وهو مصدر (وَمِمَّا) أموال (رَزَقْناهُمْ) وأعطوا عطاء وكرما (يُنْفِقُونَ) ( 38 ) طوّعا للّه ورسوله .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ) وصل لهم (الْبَغْيُ) الحدل والكره (هُمْ يَنْتَصِرُونَ) ( 39 ) مما حدلوا .
(وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ) سوء عمل وأمر مكروه (سَيِّئَةٍ) سوء عمل (مِثْلُها) سواء كالدم للدم (فَمَنْ عَفا) سوء عمل عدوّه (وَأَصْلَحَ) وأورد السلم معه (فَأَجْرُهُ) كراءه (عَلَى اللَّهِ) وهو وعد صالح
------------
(والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون والذين استجابوا لربهم) أجابوه إلى ما دعاهم إليه من الإيمان (وأقاموا الصلوة وأمرهم شورى) أي ذو تشاور (بينهم) لا يقدمون عليه حتى يتشاوروا فيه (ومما رزقناهم ينفقون) في طاعة الله (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون) بلا تعد لحدود الله ولا ينافي وصفهم بالغفران لاختلاف المحل إذ العفو إنما يحسن عن العاجز لا الباغي المتغلب والانتصار بالعكس.
(وجزاء سيئة سيئة مثلها) سمي الجزاء سيئة للازدواج (فمن عفا) عن حقه (وأصلح) بينه وبين خصمه (فأجره على الله) وهو خير له من انتصاره
ص: 117
(إِنَّهُ) اللّه (لا يُحِبُّ) الملأ (الظَّالِمِينَ) ( 40 ) هم رهط عدوا الحدود .
(وَلَمَنِ انْتَصَرَ) عامل حادلا كما عمل الحادل معه (بَعْدَ) ورود (ظُلْمِهِ) وحوله محدولا (فَأُولئِكَ) الرهط وما وحّده رعاء لمدلول الموصول (ما) لسم (عَلَيْهِمْ) أصلا (مِنْ سَبِيلٍ) ( 41 ) مسلك ولوم .
(إِنَّمَا السَّبِيلُ) ما صراط الدرك إلّا (عَلَى) هؤلاء (الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ) أوّل الأمر (وَيَبْغُونَ) عداء وحدلا (فِي الْأَرْضِ) عالم الأمر (بِغَيْرِ الْحَقِّ) عمل معاص (أُولئِكَ) الحدّال أعدّ (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 42 ) مؤلم .
(وَلَمَنْ صَبَرَ) أمسك روعه لمعاسر الحادل وصار حاملا لها (وَغَفَرَ) محا إصره (إِنَّ ذلِكَ) الأمر وهو حمل المعاسر ومحو الآصار (لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) ( 43 ) أعسر الأمور وأولاها وأهمّها .
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) إهمالا (فَما لَهُ) أصلا (مَنْ) أحد (وَلِيٍّ) ودود (مِنْ بَعْدِهِ) لإصلاح أمره (وَتَرَى) محمّد ( ص ) الرهط (الظَّالِمِينَ) معادا
------------
(إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه) بعد أن ظلم (فأولئك ما عليهم من سبيل) مؤاخذة (إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم) بظلمهم وبغيهم (ولمن صبر) فلم ينتصر (وغفر) وصفح (إن ذلك) الصبر والصفح (لمن عزم الأمور) معزوماتها المأمور بها.
(ومن يضلل الله) يخليه وضلاله (فما له من ولي) ناصر يتولاه (من بعده) بعد خذلان الله إياه
ص: 118
(لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) المعدّ لهم (يَقُولُونَ) سؤالا (هَلْ إِلى مَرَدٍّ) عود لدار الأعمال (مِنْ سَبِيلٍ) ( 44 ) لحصول الإسلام والطوع .
(وَتَراهُمْ) أهل الحدل (يُعْرَضُونَ) كلّهم (عَلَيْها) الساعور (خاشِعِينَ) روّاعا وهو حال (مِنَ الذُّلِّ) كره الحال وسوء المآل ، وأصله عكس الإكرام (يَنْظُرُونَ) الساعور (مِنْ طَرْفٍ) لمح (خَفِيٍّ) لهولها إسلالا كصارم رآه ما صور أورده للإهلاك لمحا (وَقالَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أهل الإسلام حالا أو لمّا رأوهم موارد الهم والهول (إِنَّ) الأمم (الْخاسِرِينَ) عملا هم (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) أعدوها موارد الإصر وأداموا سمومها لسوء أعمالهم (وَأَهْلِيهِمْ) وأولادهم لمّا ردعوهم عمّا أمروا وماهدوهم سواء الصراط ، أو صاروا لمّا عداهم وسط دارالسلام (يَوْمَ الْقِيامَةِ) المعاد الموعود ورودها (أَلا) مهدّد (إِنَّ) الرهط (الظَّالِمِينَ) طرّاح صراط العدل وهو الإسلام (فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) ( 45 ) دام لهم وهو كلام أهل الإسلام ، أو هو كلام اللّه لسداد كلامهم .
(وَما كانَ) أصلا (لَهُمْ) لهؤلاء الأعداء (مِنْ أَوْلِياءَ) أهل الودّ
------------
(وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد) إلى الدنيا (من سبيل وتراهم يعرضون عليها) على النار المعلومة من العذاب (خاشعين) متواضعين (من الذل ينظرون من طرف خفي) يبتدىء نظرهم إليها من تحريك لأجفانهم ضعيف نظر مسارقة (وقال الذين ءامنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة) لتخليدهم في النار وعدم انتفاعهم بأهليهم (ألا إن الظالمين في عذاب مقيم) من كلامهم أو قول الله (وما كان لهم من أولياء
ص: 119
والمدد (يَنْصُرُونَهُمْ) حال إصرهم ودّادا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) وراءه وهو الممدّ والمسعد لا سواه (وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) وأسلكه سوء الصراط (فَما لَهُ) أصلا (مِنْ) سواء (سَبِيلٍ) ( 46 ) وسلوك سداد حالا ومآلا .
(اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ) اسمعوا ما دعاكم له واعملوه وطاوعوا كلام رسوله (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ) موعود معاد للكلّ (لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ) ردّه ودسعه محال وما أراد اللّه ردّه (ما لَكُمْ) أصلا (مِنْ مَلْجَإٍ) مآل ومعاد (يَوْمَئِذٍ) ممّا أعدّ اللّه لكم (وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) ( 47 ) ردّ لمّا سطر عملكم كلّه صالحا أو طالحا وسط طروسكم .
(فَإِنْ أَعْرَضُوا) عدلوا عمّا أمروا وهو الإسلام (فَما أَرْسَلْناكَ) محمّد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الطّلاح (حَفِيظاً) حارسا لأعمالهم (فَإِنْ) ما (عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) وما أمرك إلّا إرسال الأوامر والأحكام وهو مسلّ لرسول اللّه صلعم (وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ) الطالح المراد الصرع لا الواحد (مِنَّا رَحْمَةً) وسعا وصحّا (فَرِحَ بِها) مرح وصار مسرورا (وَإِنْ تُصِبْهُمْ) أهل الطلاح (سَيِّئَةٌ) سوء وكره كالعسر والألم (بِما) عمل سوء (قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) مما أساء حالهم (فَإِنَّ الْإِنْسانَ) الطالح (كَفُورٌ) ( 48 ) للآلاء
لا
------------
ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما له من سبيل) يوصله إلى الجنة.
(استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله) صلة مرد أي لا يرده الله بعد إتيانه أو ليأتي أي قبل أن يأتي يوم من الله لا مرد له (ما لكم من ملجإ) معقل (يومئذ وما لكم من نكير) إنكاري بكم (فإن أعرضوا) عن إجابتك (فما أرسلناك عليهم حفيظا) رقيبا (إن عليك إلا البلاغ) وقد بلغت (وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور) كثير الكفران وضع الإنسان موضع ضميره تسجيلا على جنسه بذلك.
ص: 120
(لِلَّهِ) الملك المالك (مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) عالم العلو وعالم الأمر (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) كما هو مراده (يَهَبُ) كرما (لِمَنْ يَشاءُ) أولادا (إِناثاً) موالد الأولاد وحدها وصوّرها الأرحام وأعدّها للحكم (وَيَهَبُ) صلاحا (لِمَنْ يَشاءُ) الأولاد (الذُّكُورَ) ( 49 ) هم مروا ولد آدم .
(أَوْ يُزَوِّجُهُمْ) أراد الوصل والحاصل أعطاهم أولادا (ذُكْراناً وَإِناثاً) معا وكلاهما عطاءه (وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ) له عادم الولد (عَقِيماً) لا ولد له والكلّ لحكم ومصالح ، وورد هو أحوال الرسل كلوط والرسول الأوّاه ومحمّد ( ص ) وروح اللّه والرسول الحصور (إِنَّهُ) اللّه (عَلِيمٌ) عالم كلّ حال (قَدِيرٌ) ( 50 ) كامل طول .
(وَما كانَ لِبَشَرٍ) ما صحّ لأحد (أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ) كلام اللّه معه (إِلَّا وَحْياً) إلهاما أو إحساس حلم حال هكر (أَوْ) إلّا (مِنْ
------------
(لله ملك السموات والأرض) لا يشاركه أحد فيه (يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء) من الأولاد (إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما) أي يخص بعضا بالإناث وبعضا بالذكورة وبعضا بالضعفين ويعقم بعضا وإنما قدم الإناث أولا وأخرها ثانيا وعرف الذكورة ونكر الإناث لأن مساق الآية للدلالة على أن الواقع ما يتعلق به مشيئة الله لا مشيئة الناس فكان ذكر الإناث اللاتي من جملة ما لا يشاؤه الناس أهم، ولما أخر الذكور تدارك تأخيرهم بالتعريف لأن التعريف تنويه ونكر الإناث للتحقير ثم أعطى كلا من الجنسين حقه من التقديم والتأخير ليعلم أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن ولكن لغرض آخر (إنه عليم قدير) على ما يشاء.
(وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا) وهو الإلهام والمنام كما وقع لأم
ص: 121
وَراءِ حِجابٍ) أراد سامعا أو مسمعا كلام اللّه كما سمع رسول الهود وكلّمه اللّه وراءه وما رآه ، وكأمر الرّسول الأوّاه حال ممّا الأحد أو اللّه (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا) كما كلّم أمم الرّسل أو ملكا مرسلا كالرّوح مصدر حلّ محلّ الحال كالأوّل (فَيُوحِيَ) الرّسول أو الملك كما أمره اللّه (بِإِذْنِهِ) أمر اللّه (ما يَشاءُ) اللّه ممّا أوحاه وألهمه (إِنَّهُ) اللّه (عَلِيٌّ) كامل علوّ (حَكِيمٌ) ( 51 ) واسع حكم ومراع للحكم والمصالح .
(وَكَذلِكَ) كما ألهم رسول سواك (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (رُوحاً) كلاما (مِنْ أَمْرِنا) كاملا أراد كلما أوحاه اللّه ، سمّاه اللّه روحا لمّا هو ملاك الأمر وعماد الإسلام ( ما كُنْتَ) محمّد ( ص ) (تَدْرِي) أوّل الأمر حال (مَا الْكِتابُ) كلام اللّه المرسل (وَلَا الْإِيمانُ) ومالك علمه والمراد أوامره وأحكامه ، وورد هو عمّ أمورا صراط وصولها الرّوع وأمورا سلوك إدراكها السّمع والمراد ما مسلكه السّمع لا الرّوع لمّا هو علم ما علمه أحد إلّا كدحه إلهاما (وَلكِنْ جَعَلْناهُ) الرّوح أو كلام اللّه أو الإسلام (نُوراً) لامعا ساطعا (نَهْدِي بِهِ) إرسالا وإعلاما (مَنْ نَشاءُ) كرما وعطاء (مِنْ ملأ) عِبادِنا لو
------------
موسى وإبراهيم (أو من وراء حجاب) بأن يسمعه الصوت ولا يرى محله (أو يرسل رسولا) ملكا كجبرئيل (فيوحي) الرسول إلى النبي (بإذنه) بأمر الله (ما يشاء) الله (إنه علي) عن رؤية الأبصار (حكيم) في أفعاله.
(وكذلك) أي كما أوحينا إلى سائر الرسل (أوحينا إليك روحا) هو القرآن يحيي به القلوب أو جبرئيل أو خلق أعظم منه بالوحي (من أمرنا ما كنت تدري) قبل الوحي (ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه) أي الكتاب أو الإيمان (نورا نهدي به من نشاء من عبادنا
ص: 122
سمعوا وطاوعوا مدلوله لسلكوا هداه (وَإِنَّكَ) محمّد ( ص ) (لَتَهْدِي) الكلّ عموما والمراد الدّعاء (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 52 ) وهو الإسلام .
(صِراطِ اللَّهِ) مسلك وصوله (الَّذِي لَهُ) كلّ (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ وَ) كلّ ما ركد (فِي الْأَرْضِ) والمراد له العالم كلّه ملكا وملكا (أَلا) اعلموا أهل الصّلاح والطّلاح وهو مهدّد مسدّد أوعدهم اللّه ووعدهم (إِلَى اللَّهِ) وحده (تَصِيرُ الْأُمُورُ) ( 53 ) الأعمال كلها طوالحها وصوالحها وهو الملك العدل .
------------
وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) تدعو إلى دين الإسلام.
(صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض) ملكا وخلقا (ألا إلى الله تصير الأمور) ترجع وفيه وعد ووعيد.
ص: 123
ص: 124
ص: 125
ص: 126
( سورة الزّخرف )
موردها امّ رحم ، وورد إلا وأسال ، ومحصول أصول مدلولها :
إعلام وطود كلام اللّه ، وسط اللّوح المحروس ، وصدع صروع الأدلّاء لوطود أسر اللّه العالم ، والرّدّ لأعداء أصاروا الأملاك أولاد اللّه ، ووعد اللّه آلاءه لرسول أسّس الودع وصدع أدامه وحوده وإسلامه وسط أولاده ، وإعلام سموم إرسال الرّسل اللّه كسموم احصاص أهل العالم ممّا هو آلاءه وملاكه أرسل كلّ أحد أراد إرساله وأعطاه الألوك ردّا لأهل الطّلاح الرّداد لألوك الرّسول ، وإعلاء آحاد وحطحاط آحاد لحكم ومصالح وحسر الحدّال وسدمهم معادا .
ومراء ملك مصر مع رسول الهود علاه السّلام ، ومراء أعلم الهود رسول اللّه حال ما كلّهم لأهل الطّلاح مألوهوكم مسعار ساعور المعاد ، وحواره وإعلاء علوّ أهل الإسلام معادا ، ووكل الأعداء وسط السّاعور وإعلام ما هو المألوه وسط السّماء والرّمكاء ، وهو اللّه ، وأمر الرّسول للصّدود عمّا العدّال .
ص: 127
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مرّ مدلوله الكامل ومحصوله الواطد .
(حم) ( 1 ) سرّ اللّه المدموس المرموس مع رسوله ومودوده محمّد صلعم ، أو هو حلم اللّه وملكه ، أو الحال والمآل ، أو اللّه اعلم ما أراد
(وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) ( 2 ) كلام اللّه السّاطع سداده ، أو المعلم صراط السّداد والصّلاح .
(إِنَّا جَعَلْناهُ) الكلام المرسل (قُرْآناً عَرَبِيًّا) كلمه (لَعَلَّكُمْ) أرهاط الحمس وأولاد ماء السّماء (تَعْقِلُونَ) ( 3 ) أسرار دوالّه وأحكام مدلوله .
(وَإِنَّهُ) راس (فِي أُمِّ الْكِتابِ) أصله وهو اللّوح ، ورووا إمّ مكسور الأوّل حاصلا أو محروسا (لَدَيْنا) صحّ إرساله (لَعَلِيٌّ) له كمال العلوّ دالّا ومدلولا عمّا سواه ، وهو الطّروس الأوّل ، (حَكِيمٌ) ( 4 ) محكم أو مورد
------------
(43 سورة الزخرف تسع وثمانون آية مكية)
(وقيل إلا آية واسئل من أرسلنا.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(حم والكتاب المبين) والقرآن الموضح سبيل الحق وما يحتاج إليه في الدين (إنا جعلناه قرءانا عربيا لعلكم تعقلون) لكي تفهموا معانيه (وإنه في أم الكتاب) أصل الكتب وهو اللوح المحفوظ (لدينا لعلي) على سائر الكتب (حكيم) ذو حكمة بالغة.
ص: 128
الحكم والأسرار .
(أَ) أهملكم (فَنَضْرِبُ) أطرد وأعدل (عَنْكُمُ الذِّكْرَ) كلام اللّه (صَفْحاً) طردا وعدولا وهو مصدر أو حال (أَنْ) للمصدر مع اللّام المطروح ، ورووا مكسور الأوّل ، (كُنْتُمْ قَوْماً) رهطا (مُسْرِفِينَ) ( 5 ) أهل عدول وعداء عمّا أمركم اللّه .
(وَكَمْ أَرْسَلْنا) أوّلا (مِنْ نَبِيٍّ) رسول (فِي) الأمم (الْأَوَّلِينَ) ( 6 ) مرّ عهدهم .
(وَما يَأْتِيهِمْ) طلّاحا مرّوا (مِنْ نَبِيٍّ) رسول كامل (إِلَّا) أمما (كانُوا) طلّاح رهطه (بِهِ) الرسول (يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 7 ) كما هو حال رهطك وهو حال مرّ حكاها اللّه لرسوله وسلّاه مما حكاه .
(فَأَهْلَكْنا) إهلاكا أسوأ أمما (أَشَدَّ مِنْهُمْ) الدّهم وأحكمهم (بَطْشاً) طولا وسطوا (وَمَضى) مرّ مرارا (مَثَلُ الْأَوَّلِينَ) ( 8 ) حال الأمم الأول ممّا وعد اللّه لرسوله وأوعد لهم .
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) رهطك وطلّاح عهدك هؤلاء (مَنْ) للسؤال (خَلَقَ السَّماواتِ) وسمكها (وَالْأَرْضَ) ومهّدها (لَيَقُولُنَّ) هؤلاء الطّلاح (خَلَقَهُنَّ) كلها اللّه (الْعَزِيزُ) كامل السّطو (الْعَلِيمُ) ( 9 ) كامل
------------
(أفنضرب عنكم الذكر) القرآن (صفحا) لأجل (أن كنتم قوما مسرفين) مشركين (وكم أرسلنا من نبي في الأولين وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزءون) تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم فأهلكنا أشد منهم بطشا) أي من قومك عدل عن خطابهم إلى خطابه (ومضى مثل الأولين) سبق في القرآن خبرهم العجب وإهلاكهم فليحذر هؤلاء مثله.
(ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم)
ص: 129
العلم لعلّه لاسم كلامهم .
هو اللّه (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) أولاد آدم (الْأَرْضَ مَهْداً) لركودكم وهدئكم ، ورووه مهادا (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا) صرطا لسلوككم (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ( 10 ) سواء الصراط لمصامدكم أو لحكم اللّه .
(وَالَّذِي نَزَّلَ) أرسل وأمطر (مِنَ السَّماءِ) الركام (ماءِ) مطرا صالحا (بِقَدَرٍ) صلح لمصالح الأمصار وأهلها (فَأَنْشَرْنا) هو إعطاء الروح والمراد إصدار الطرّ (بِهِ) الماء (بَلْدَةً) مصرا (مَيْتاً) لا ماء له ولا كلاء (كَذلِكَ) كاصدار الطرّ (تُخْرَجُونَ) ( 11 ) ممّا مرامسكم وأطلالكم سوالم .
(وَالَّذِي خَلَقَ) صوّر (الْأَزْواجَ) الصروع والأعدال (كُلَّها) ولا ممدّ له (وَجَعَلَ لَكُمْ) لرحلكم وصمدكم مصامد الداماء (مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ) كالكراع والرواحل والحمر (ما تَرْكَبُونَ) ( 12 ) ما سهّل لكم مرور الصحراء والداماء .
(لِتَسْتَوُوا) لركودكم (عَلى ظُهُورِهِ) الإمطاء سواء ، وحّد الهاء لمحا لو حود ما (ثُمَّ تَذْكُرُوا) روعا (نِعْمَةَ رَبِّكُمْ) عطاء راحمكم ( إِذَا اسْتَوَيْتُمْ
------------
هذا جوابهم وما بعده استئناف أو الجمع لازم جوابهم وهو الله للزوم هذه الصفات له (الذي جعل لكم الأرض مهدا) فراشا (وجعل لكم فيها سبلا) تسلكونها (لعلكم تهتدون) إلى مقاصدكم في أسفاركم (والذي نزل من السماء ماء بقدر) بمقدار نافع غير ضار (فأنشرنا) أحيينا (به بلدة ميتا كذلك) الإنشاء (تخرجون) من قبوركم.
(و الذي خلق الأزواج) الأصناف (كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا) لتستقروا (على ظهوره) الهاء لما والجمع للمعنى (ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه) مقرين بها شاكرين عليها (وتقولوا سبحان الذي
ص: 130
عَلَيْهِ) وحصّل لكم السواء (وَتَقُولُوا) مسحلا (سُبْحانَ) اللّه (الَّذِي سَخَّرَ) طاوع (لَنا هذا) الحامل (وَما كُنَّا) أصلا (لَهُ) لطوعه (مُقْرِنِينَ) ( 13 ) أهل طول وما هو إلّا عطاء اللّه وكرمه .
(وَإِنَّا) كلّا (إِلى) اللّه (رَبِّنا) مآلا (لَمُنْقَلِبُونَ) ( 14 ) رحّال وعوّاد .
(وَجَعَلُوا) أصار الطّلاح وادّعوا (لَهُ) للّه (مِنْ عِبادِهِ) أملاكه (جُزْءاً) ولدا وعلموا الأملاك أولاد اللّه (إِنَّ الْإِنْسانَ) ولد آدم (لَكَفُورٌ) للآلاء كأمّ للعطاء (مُبِينٌ) ( 15 ) لا مع كمّها .
(أَمِ) أكلامكم (اتَّخَذَ) اللّه (مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ) أولادا مع كرهكم لها (وَأَصْفاكُمْ) محصكم اللّه ووحّدكم (بِالْبَنِينَ) ( 16 ) صروعا وأعطاهم لكم وهو ردّ لمّا ادّعوا وهما .
(وَ) الحال (إِذا بُشِّرَ) أعلم (أَحَدُهُمْ) هؤلاء الطّلاح (بِما) ولد (ضَرَبَ) صرّح (لِلرَّحْمنِ) للّه الأحد الصمد (مَثَلًا) عدلا والولد عدل
------------
سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين) مطيقين مقاومين له في القوة (وإنا إلى ربنا لمنقلبون) راجعون (وجعلوا له) مع إقرارهم بأنه خلق الخلق (من عباده جزءا) ولدا إذ قالوا: الملائكة بنات الله لأن الولد جزء الوالد قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة بضعة مني يؤذيني من يؤذيها (إن الإنسان لكفور مبين) ظاهر الكفر أو الكفران بنسبة الولد إليه.
(أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين) أي بمعنى بل وهمزة الإنكار لحالهم إذ لم يكتفوا بجعلهم له ولدا حتى جعلوا ذلك الولد أخس مما أصفاهم به وأكره شيء إليهم بدليل.
(وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا) بالجنس
ص: 131
للوالد (ظَلَّ) صار (وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) كامل السواد للهموم ، ورووا مسودّ ومسواد (وَ) الحال (هُوَ كَظِيمٌ) ( 17 ) مملوّ هولا وروعا وهمّا .
(أَ) طاح أحلامهم (وَ) ادّعوا ولد اللّه (مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) المهاة والآلاء أراد الولد المصرّح المعهود (وَهُوَ) الولد (فِي الْخِصامِ) المراء عماسا وكلاما عاطل (غَيْرُ مُبِينٍ) ( 18 ) مكموم ومعصوم لا معلم لمرامه ولا مصرّح لمراده .
(وَجَعَلُوا) سمّوا (الْمَلائِكَةَ) الكرام (الَّذِينَ هُمْ عِبادُ) اللّه (الرَّحْمنِ) ومأسوروه أولادا (إِناثاً) عصمهم اللّه عمّا وصموهم (أَ شَهِدُوا) وردوا ورأوا (خَلْقَهُمْ) ولّادا لمّا صوّرهم اللّه (سَتُكْتَبُ) لا محال (شَهادَتُهُمْ) ما ادّعوا وحكاهم ولّادهم (وَيُسْئَلُونَ) ( 19 ) معادا ممّا ادّعوا وهو ممّا أوعدهم اللّه .
(وَقالُوا) الطّلاح (لَوْ شاءَ) ودّ اللّه (الرَّحْمنُ) عدم طوع الملك (ما عَبَدْناهُمْ) الأملاك أصلا الحاصل ودّ اللّه لطوعهم ولو ما ودّ لحدّ عمّا الطوع (ما لَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح (بِذلِكَ) كلامهم الأوّل أو الأمد
------------
الذي جعله شبها أي إذا بشر بالأنثى (ظل) صار (وجهه مسودا) لما يلحقه من الغم (وهو كظيم) ممتلىء كربا (أومن) إنكار أي أو جعلوا له من (ينشؤا) يتربى (في الحلية) الزينة (وهو في الخصام) في المخاصمة (غير مبين) للحجة لضعف عقله يعني الإناث.
(وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) بتسميتهم بنات الله (أشهدوا) أحضروا (خلقهم) فرأوهم إناثا (ستكتب شهادتهم) بأنهم إناث (ويسئلون) عنها يوم القيامة (وقالوا لو شاء الرحمن) أن لا نعبد الملائكة (ما عبدناهم) فإنما عبدناهم بمشيئته كأنهم كانوا جبرية أو أشعرية (ما لهم بذلك)
ص: 132
(مِنْ عِلْمٍ) معوّل (إِنْ) ما (هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) ( 20 ) وهو الولع وهو ردّ لدعواهم .
(أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً) مرسلا (مِنْ قَبْلِهِ) كلام أرسل لك ، أو أمام كلامهم (فَهُمْ بِهِ) الكلام المرسل (مُسْتَمْسِكُونَ) ( 21 ) ممسكوه ومطاوعو أوامره ، والمراد لا طرس لهم والحال لا أدلّاء لهم حسّا ولا روعا ولا سمعا .
(بَلْ قالُوا) ما أدلّاءهم الّا كلامهم (إِنَّا وَجَدْنا) علما (آباءَنا) الكرام (عَلى أُمَّةٍ) أسدّ ملل وأصلح صرط ، ورووا مكسور الأوّل ، (وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ) رسومهم (مُهْتَدُونَ) ( 22 ) سلّاك سواء الصراط .
(وَكَذلِكَ) كما هم ادّعوا (ما أَرْسَلْنا) أصلا (مِنْ قَبْلِكَ) محمّد ( ص ) (فِي قَرْيَةٍ) مصر ما (مِنْ) رسول (نَذِيرٍ) مهوّل داع (إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) موسعوها ردّا وإصرارا (إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا) العلماء (عَلى أُمَّةٍ) امام ومسلك (وَإِنَّا) أمد العمر (عَلى آثارِهِمْ) رسومهم (مُقْتَدُونَ) ( 23 ) مطاوعوهم وسالكو مسالكهم ، وهو كلام مسلّ لرسوله صلعم وصدع لمّا هو داءهم دواما ، وهو سلوك صراط ولّادهم .
------------
المقول (من علم) مستند إلى حجة (إن هم إلا يخرصون) يكذبون فيه.
(أم ءاتيناهم كتابا من قبله) قبل القرآن أو الرسول (فهم به مستمسكون) أي ليس الأمر هكذا (بل قالوا إنا وجدنا ءاباءنا على أمة) ملة تؤم أي تقصد (وإنا) سالكون (على ءاثارهم مهتدون) بهم أي لا مستند لهم إلا التقليد.
(وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها) متنعموها (إنا وجدنا ءاباءنا على أمة وإنا على ءاثارهم مقتدون) فلا تغتم لضلال قومك.
ص: 133
(قالَ) لهم رسولهم (أَ) لكم طوع ولّادكم الطّلاح (وَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى) وأسد (مِمَّا) صراط (وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ) ما (آباءَكُمْ) الرؤساء (قالُوا) الأعداء (إِنَّا بِما) أمر (أُرْسِلْتُمْ بِهِ) ادّعاء (كافِرُونَ) ( 24 ) صدّاد ممّا هو أمركم ، طوّاع لعمل الولّاد دواما .
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) الأعداء كما هو إصرارهم ، (فَانْظُرْ) محمّد ( ص ) (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) معاد الأمم (الْمُكَذِّبِينَ) ( 25 ) للرسل وما حصل لهم مآلا ، وما صار مآل الولّاع .
(وَ) ادّكر (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) الرسول (لِأَبِيهِ) والده وهو الأصحّ وورد أراد عمّه (وَقَوْمِهِ) رهطه لمّا ألهوا دماهم (إِنَّنِي بَراءٌ) صادّ ، وهو مصدر واحده وعدلاه سواء ، (مِمَّا) كل إله (تَعْبُدُونَ) ( 26 ) أهواء .
(إِلَّا) الإله الواحد (الَّذِي فَطَرَنِي) أسر وصوّر (فَإِنَّهُ) اللّه (سَيَهْدِينِ) ( 27 ) سواء الصراط ركودا .
------------
(قال أولو) أي أتتبعون آباءكم ولو (جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم) من الدين (قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون) ولا ننظر فيه وإن كان أهدى (فانتقمنا منهم) بإهلاكهم (فانظر كيف كان عاقبة المكذبين) ولا يهمك تكذيبهم.
(وإذ) اذكر إذ (قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء) مصدر وصف به يقال للواحد والأكثر والمذكر والمؤنث أي بريء (مما تعبدون إلا الذي فطرني) منقطع أو متصل إن شملته ما وكانوا يعبدونه وغيره (فإنه سيهدين) إلى طريق الجنة أو يثيبني على دينه.
ص: 134
(وَجَعَلَها) حوّل الرسول ، أو اللّه كلام الرسول لوالده ورهطه (كَلِمَةً باقِيَةً) دام علوّها (فِي عَقِبِهِ) أولاده وأدام وسطهم موحّدا مسلسلا أمد الدّهر والمراد آل محمّد رسول اللّه صلعم (لَعَلَّهُمْ) أهل عدولهم (يَرْجِعُونَ) ( 28 ) ممّا هو أمرهم لدعاء موحّدهم ، وهو كلام الرسول المسطور .
(بَلْ مَتَّعْتُ) عمرا ومآلا (هؤُلاءِ) الحمس وهم معاصروك (وَآباءَهُمْ) طرّا وأمهلوا وطاعوا الأهواء للإمهال وسمدوا (حَتَّى جاءَهُمُ) وردهم (الْحَقُّ) الإسلام أو الكلام المرسل (وَرَسُولٌ) محمّد صلعم (مُبِينٌ) ( 29 ) لما معه ممّا أمره اللّه مع لوامع الأدلّاء وسواطع الدّوال
(وَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ) الكلام المرسل (قالُوا) هؤلاء الطّلاح له هذا الكلام (سِحْرٌ) ومكر مموّه (وَإِنَّا بِهِ) السحر (كافِرُونَ) ( 30 ) وما هو رسول اللّه .
(وَقالُوا) الطّلاح ردّا وحسدا (لَوْ لا) هلّا (نُزِّلَ) أرسل (هذَا الْقُرْآنُ) المرسل لمحمّد صلعم (عَلى رَجُلٍ) مرء سواه (مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ) أحد أهلهما أمّ رحم ومصر حوّلها اللّه ممّا مركده وأحلّها صدد أمّ رحم لدعاء رسول أوّاه (عَظِيمٍ) ( 31 ) موسع عال حاله وأصله .
------------
(وجعلها) أي الله أو إبراهيم الكلمة التي قالها (كلمة باقية في عقبه) ذريته فلا يزال فيهم من يوحد الله ويدعو إلى توحيده (لعلهم يرجعون) من الشرك إلى التوحيد (بل متعت هؤلاء وآباءهم) بالنعيم (حتى جاءهم الحق) القرآن (ورسول مبين ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون) ازدادوا عنادا فجحدوا القرآن وكابروا الرسول.
(وقالوا لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين) مكة والطائف (عظيم) ذي جاه ومال.
ص: 135
(أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ) اللّه (رَبِّكَ) المراد ألهم إعطاء ألوك أصعد حالا لأحد والحال (نَحْنُ) لا هم (قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ) ما هو صالح لحالهم كالطعام والماء (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) الأمصل حالا (وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ) حالا وعلما ومآلا (فَوْقَ بَعْضٍ) آحاد (دَرَجاتٍ) كما صلح الأمر لمصالحهم وأطوارهم (لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ) أحدهم وهو المالك (بَعْضاً) أحدهم وهو المملوك (سُخْرِيًّا) عدّاسا مأمورا مطاعا لحصول أوطارهم (وَرَحْمَتُ) اللّه (رَبِّكَ) وهو الألوك أو الإسلام وإكرام اللّه وعطاؤه للمسلم مآلا (خَيْرٌ مِمَّا) مال وحطام (يَجْمَعُونَ) ( 32 ) حالا والأصلح ما هو أهل لها لا له .
(وَلَوْ لا) كره (أَنْ يَكُونَ النَّاسُ) أولاد آدم طرّا (أُمَّةً واحِدَةً) رهطا واحدا وصاروا كلّهم طلّاحا ودّادا للمال (لَجَعَلْنا) لإلهاد الحطام (لِمَنْ يَكْفُرُ) طلاحا (بِالرَّحْمنِ) صار صادا عما أمره (لِبُيُوتِهِمْ) دورهم وصروحهم (سُقُفاً) سطوحا (مِنْ فِضَّةٍ) الطاوس (وَمَعارِجَ) مصاعد وسلالم (عَلَيْها يَظْهَرُونَ) ( 33 ) السطوح .
------------
(أهم يقسمون رحمة ربك) أي النبوة فيضعونها حيث شاءوا (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحيوة الدنيا) ولم نفوض تدبيرها إليهم (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات) في الرزق (ليتخذ بعضهم بعضا) بمقتضى الحكمة والمصلحة (سخريا) مسخرا يستخدمه في حوائجه فينتفع كل بالآخر فينتظم بذلك أمر العالم (ورحمة ربك) أي الجنة أو النبوة لك (خير مما يجمعون) من عرض الدنيا (ولو لا أن يكون الناس أمة واحدة) مجتمعين على الكفر لحبهم الدنيا (لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج) مصاعد جمع معرج (عليها يظهرون) يعلون سطوحها.
ص: 136
(وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً) أواسط (وَسُرُراً) أصاعد (عَلَيْها) السرر (يَتَّكِؤُنَ) ( 34 ) للروح كالملوك .
(وَزُخْرُفاً) موصولا مع سرور ، والمراد أصار اللّه لهم سطوحا أحدهما مما طاؤس وأحدها مما سام (وَإِنْ) ما (كُلُّ ذلِكَ) المرسل (لَمَّا) إلّا (مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) حطامها الماصل والعمر المعدود ، ورووا ما مع إلّا محل لمّا (وَ) الدار (الْآخِرَةُ) محصولها وآلاءها (عِنْدَ) اللّه (رَبِّكَ) العدل (لِلْمُتَّقِينَ) ( 35 ) العمل السوء وهم طوّاع أوامره .
(وَمَنْ يَعْشُ) أراد عمّاه والحاصل صدوده (عَنْ ذِكْرِ) اللّه (الرَّحْمنِ) كلام اللّه المرسل وهو عالم سداده كما هو وعمل كما لا علم له أصلا (نُقَيِّضْ) أسلّط (لَهُ) للصادّ (شَيْطاناً) موسوسا (فَهُوَ) الموسوس (لَهُ) للصّاد (قَرِينٌ) ( 36 ) ردء معه موصول دواما حالا ومآلا .
(وَإِنَّهُمْ) أهل الوساوس ما وحّده رعاء لمدلول الموصول (لَيَصُدُّونَهُمْ) صادوهم ومحوّلوهم (عَنِ السَّبِيلِ) الأسدّ الأسلم وهو الإسلام (وَيَحْسَبُونَ) هؤلاء الأعداء (أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) ( 37 ) هداهم اللّه سواء الصراط .
------------
(ولبيوتهم أبوابا وسررا) من فضة (عليها يتكئون وزخرفا) أي وجعلنا لهم زينة أو ذهبا (وإن كل ذلك لما متاع الحيوة الدنيا والآخرة) الجنة (عند ربك للمتقين) الكفر والمعاصي.
(ومن يعش) عشا كدعا تعامى (عن ذكر الرحمن) أي القرآن (نقيض) نهيىء (له شيطانا) أي نخلي بينه وبينه لإعراضه عن الحق (فهو له قرين) ملازم يغويه (وإنهم) أي الشياطين (ليصدونهم) أي العاشين (عن السبيل) دين الله (ويحسبون أنهم مهتدون) الضمائر للعاشين.
ص: 137
(حَتَّى إِذا جاءَنا) معادا ورووا كعردا ، والمراد الطالح والمارد (قالَ) الطالح لمارده حاسرا (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) ردء السوء (بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) أراد محلّ الطلوع والدلوك ، أو المراد مطلع الصر ومطلع الجدّ ، والأوّل أصحّ (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) ( 38 ) وساء الردء الموسوس .
(وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ) رهط الصدّاد هؤلاء الآمال (الْيَوْمَ) المعاد (إِذْ ظَلَمْتُمْ) حال عدو لكم ممّا هو العدل والسواء وهو الإسلام (أَنَّكُمْ) مع موسوس لكم (فِي الْعَذابِ) الممدود (مُشْتَرِكُونَ) ( 39 ) سهماء سهم لكم وسهم لهم ، وهو كلام اللّه ، أو كلام الملك لهم .
(أَ فَأَنْتَ) محمّد ( ص ) (تُسْمِعُ) أسماعا مطاوعا (الصُّمَّ) أهل الصمم (أَوْ تَهْدِي) الملأ (الْعُمْيَ) رهطا أعماهم هواهم (وَمَنْ كانَ فِي) صراط (ضَلالٍ مُبِينٍ) ( 40 ) أود ساطع واللّه عالم لدوام طلاحه .
(فَإِمَّا) ما مؤكّد (نَذْهَبَنَّ بِكَ) أهلكك وأحسم عمرك أمام إسامهم وإدمارهم ودوح صدور أهل الإسلام (فَإِنَّا مِنْهُمْ) هؤلاء الطّلاح (مُنْتَقِمُونَ) ( 41 ) موصلو الآلام مآلا لا محال .
------------
(حتى إذا جاءنا) أي العاشي يوم القيامة وقرىء جاءانا أي هو وقرينه (قال) لقرينه (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين) بعد المشرق والمغرب غلب المشرق فثنى (فبئس القرين) أنت.
(ولن ينفعكم اليوم) تمنيكم (إذ ظلمتم) إذ ظهر ظلمكم بكفركم في الدنيا بدل من اليوم (أنكم) لأنكم مع قرنائكم(في العذاب مشتركون أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي) شبهوا بهم لعدم انتفاعهم بالسمع والبصر (ومن كان في ضلال مبين) بين أي لا تقدر على جبرهم على الإيمان فلا تحزن على كفرهم (فإما نذهبن بك) نتوفينك قبل تعذيبهم (فإنا منهم منتقمون) بعدك في
ص: 138
(أَوْ نُرِيَنَّكَ) أراد اللّه أراك محمّد الإصر (الَّذِي وَعَدْناهُمْ) وعدا مؤكّدا (فَإِنَّا عَلَيْهِمْ) إهلاك هؤلاء الأعداء واصطلامهم (مُقْتَدِرُونَ) ( 42 ) أولو الطول .
(فَاسْتَمْسِكْ) أمسك وأعصم واعمل (بِالَّذِي أُوحِيَ) أرسل (إِلَيْكَ) وهو كلام اللّه (إِنَّكَ) سالك (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 43 ) سواء لا أود له .
(وَإِنَّهُ) ما أوحاه اللّه لك (لَذِكْرٌ) كرم وعلوّ (لَكَ وَلِقَوْمِكَ) رهطك الحمس كلّهم (وَسَوْفَ) مآلا (تُسْئَلُونَ) ( 44 ) عمّا أوحاه وصوالح أعمالكم وأداء محامد آلاء أعطاها اللّه لكم .
(وَسْئَلْ) سل محمّد ( ص ) (مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) أرسلوا أمامك (مِنْ رُسُلِنا) الكرام ، ورد لمّا حصل له صلعم الإسراء وأدرك الرسل وأمّهم أمر له واسأل ، أو المراد واسأل أممهم وعلماء مسلكهم (أَ جَعَلْنا مِنْ دُونِ) اللّه (الرَّحْمنِ) الواحد الأحد (آلِهَةً يُعْبَدُونَ) ( 45 ) لا ، لا إله إلا اللّه وأراد إحساسا وسط مللهم ، والحاصل هل ورد طوع الودّ وعدله وسط صراط ممّا
------------
الآخرة أو الدنيا (أو نرينك الذي وعدناهم) به من العذاب (فإنا عليهم مقتدرون) لا يعجزوننا.
(فاستمسك بالذي أوحي إليك) من القرآن والدين (إنك على صراط مستقيم) دين قيم (وإنه لذكر) لشرف (لك ولقومك وسوف تسئلون) عن القيام بحقه (وسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا) وقد جمعوا له ليلة الإسراء أو اسأل أممهم (أجعلنا من دون الرحمن ءالهة يعبدون) هل حكمنا بعبادة غير الله في ملة من مللهم، والغرض أن بيان التوحيد دين أطبق عليه الرسل ولم
ص: 139
صرط الرسل ومللهم .
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) إرسالا ساطعا الرسول (مُوسى بِآياتِنا) أعلام العلو كالعصا والطمس (إِلى فِرْعَوْنَ) ملك مصر (وَمَلَائِهِ) رؤساء رهطه وعسكره ، والمراد أهل مصر ، (فَقالَ) الرسول لهم (إِنِّي رَسُولُ) اللّه (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 46 ) مرسله لإسلامك وإسلام رهطك وهم سألوا دوالّ سداده دعواه .
(فَلَمَّا جاءَهُمْ) الرسول (بِآياتِنا) وأوردهم ما راموا (إِذا هُمْ) الملك ورهطه (مِنْها) الدوالّ (يَضْحَكُونَ) ( 47 ) لهوا أوّل الحال وسمّوها سحرا وما أسلموها .
(وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ) كمل علوّها (إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ) أكمل وأكرم (مِنْ أُخْتِها) مطوها (وَأَخَذْناهُمْ) كلّهم (بِالْعَذابِ) المحل وما سواه (لَعَلَّهُمْ) أهل الصدود والسمود (يَرْجِعُونَ) ( 48 ) عمّا عملوا وأصرّوا .
(وَقالُوا) للرسول لمّا رأوا الإصر (يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) وسمّوا للعالم
------------
يبتدعه فكيف يكذب ويعادي لأجله.
(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملإيه فقال إني رسول رب العالمين فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون) استهزاء بها (وما نريهم من ءاية) من ءايات العذاب كالطوفان والجراد وغيرهما (إلا هي أكبر من أختها) من الآية التي قبلها (وأخذناهم بالعذاب) بتلك الآيات (لعلهم يرجعون) عن كفرهم (وقالوا يا أيها الساحر) العالم الماهر كانوا يرون السحر علما وقيل سموه
ص: 140
الماهر ساحرا لإكرامهم علم السحر (ادْعُ لَنا) واسأل اللّه (رَبَّكَ) إلهك (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) ما هو موعوده ومعهوده لك وهو دسع الآصار لكلّ أحد أسلم (إِنَّنا) الحال (لَمُهْتَدُونَ) ( 49 ) سالكو صراطك ومطاوعو إسلامك .
(فَلَمَّا) دعا الرسول (كَشَفْنا عَنْهُمُ) أهل مصر (الْعَذابَ) وسمع دعاءه (إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) ( 50 ) كسروا عهودهم .
(وَنادى) دعا (فِرْعَوْنُ) ملك مصر (فِي قَوْمِهِ) رهطه سمودا وعلوّا لمّا أحسّ رواح الإصر لدعاء الرسول وراع عمّا أسلمه أهل مصر (قالَ) لهم (يا قَوْمِ أَ لَيْسَ) حصل (لِي مُلْكُ) ممالك (مِصْرَ) وحكمه (وَ) الحال (هذِهِ الْأَنْهارُ) أمواه داماء مصر (تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) الصروح (أ) أعماكم الدهر (فَلا تُبْصِرُونَ) ( 51 ) الأحوال كوسع أهل مصر وعسر الرسول .
(أَمْ) أراد لاح لكم وركد صددكم (أَنَا خَيْرٌ) مع هؤلاء الأملاك والوسع والملك (مِنْ هذَا) المرء الساحر (الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) معسر معدم محطوط (وَلا يَكادُ يُبِينُ) ( 52 ) الكلام كما هو مراده .
------------
ساحرا لكفرهم (ادع لنا ربك بما عهد) بعهده (عندك) من النبوة أو كشف العذاب عمن آمن (إننا لمهتدون) إن كشف عنا العذاب (فلما كشفنا عنهم العذاب) بدعاء موسى (إذا هم ينكثون) عهدهم.
(ونادى فرعون في قومه) خداعا لهم بافتخاره (قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار) من النيل (تجري من تحتي) تحت قصوري أو أمري (أفلا تبصرون) ما أنا فيه (أم أنا خير من هذا الذي هو مهين) ضعيف حقير وأم متصلة بتقدير أفلا تبصرون أم تبصرون فتعلمون أني خير منه فأقيم المسبب مقام سببه أو منقطعة والهمزة لتقرير فضله الذي ذكر أسبأبه (ولا يكاد يبين) كلامه
ص: 141
(فَلَوْ لا) هلّا (أُلْقِيَ عَلَيْهِ) لو صحّ كلامه ودعواه (أَسْوِرَةٌ) واحدها السوار ، أو واحد أسوار وأحدها السوار ، ورووا أساور (مِنْ ذَهَبٍ) كما هو رسمهم ومعودهم كلّما سوّدوا واحدا سوّدوه السوار (أَوْ) لم ما (جاءَ مَعَهُ) مع الرسول (الْمَلائِكَةُ) لإمداده وإعلام سداد دعواه (مُقْتَرِنِينَ) ( 53 ) ولاء لأموره والملك لمّا أرسل رسولا أرسل معه رهطا لإكرامه وإمداده .
(فَاسْتَخَفَّ) ملك مصر (قَوْمَهُ) أحلامهم وألهدهم وعمل وسطهم كلامه أو رام الإسراع طوعا (فَأَطاعُوهُ) أطاعوا ملك مصر وصدّوا عمّا أمرهم الرسول (إِنَّهُمْ) رهط الملك (كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) ( 54 ) دلاعا عمّا طوع اللّه .
(فَلَمَّا آسَفُونا) وهو إصدار الحرد والأحاح ومدلوله هم عصوا إكراء وحروا للإصر حالا (انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) عدلا (فَأَغْرَقْناهُمْ) وسط الداماء (أَجْمَعِينَ) ( 55 ) كلهم ؟ ؟ ؟ .
(فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) أماما ورؤساء أهل الصدود ، واحده كعالم (وَمَثَلًا) ادّكارا أو سمرا هكر كلّ أحد عما حاله (لِلْآخِرِينَ) ( 56 ) لرهط عدّال وراءهم .
------------
لأثر بقي من العقدة (فلو لا ألقي عليه أسورة من ذهب) قيل كانوا إذا سوروا واحدا سوروه وطوقوه بالذهب (أو جاء معه الملائكة مقترنين) به أو يقترن بعضهم ببعض يعضدونه ويصدقونه (فاستخف قومه) أمرهم أن يخفوا في طاعته أو استجهلهم (فأطاعوه) فيما طلب منهم (إنهم كانوا قوما فاسقين) متمردين في الكفر (فلما ءاسفونا) أغضبونا (انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا) متقدمين إلى النار (ومثلا للآخرين) عبرة لهم.
ص: 142
(وَلَمَّا ضُرِبَ) حوّل ، والمحوّل العدوّ الطالح ، (ابْنُ مَرْيَمَ) روح اللّه حال إرسال كلام معهود (مَثَلًا) دالّا لإهدار مدّعاك هو كلّ ما إله مما سواه وهو سعور الساعور معادا (إِذا قَوْمُكَ) الحمس (مِنْهُ) سماعه (يَصِدُّونَ) ( 57 ) أراد صاحوا وسرّوا ، أو عدلوا لمّا سمعوا كلامك وكلّموا لو صحّ دعواك لصار روح اللّه سعور الساعور .
(وَقالُوا أَ آلِهَتُنا خَيْرٌ) صددك (أَمْ هُوَ) روح اللّه ولو أصلاه اللّه الساعور لأورد مألوههم معه (ما ضَرَبُوهُ) حال روح اللّه (لَكَ إِلَّا جَدَلًا) ومراء لا لإعلاء الطلاح والسداد (بَلْ هُمْ) طلّاح أمّ الرّحم (قَوْمٌ خَصِمُونَ) ( 58 ) رهط لدّ أعداء حرّاص اللدد معودهم .
هو (إِنْ) ما (هُوَ) روح اللّه (إِلَّا عَبْدٌ) مأسور (أَنْعَمْنا عَلَيْهِ) إرسالا وإكراما (وَجَعَلْناهُ مَثَلًا) ما هو مولود لا والد له وهو أمر أروع ( لِبَنِي
------------
(ولما ضرب ابن مريم مثلا) ضربه المشركون لما نزل إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم فقالوا إن النصارى يعبدون عيسى وقد رضينا أن تكون آلهتنا معه وإذا جاز أن يعبد عيسى فالملائكة أولى بذلك، وأن محمدا يريد أن نعبده كما عبد عيسى (إذا قومك) قريش (منه) من المثل (يصدون) يصيحون فرحا لزعمهم انقطع الرسول به (وقالوا أءالهتنا خير أم هو) أي الأصنام خير أم عيسى فإن كان في النار فلتكن آلهتنا معه أو الملائكة خير أم عيسى فإذا جاز أن يعبد فهم أولى به أو آلهتنا خير أم محمد أي هي خير منه (ما ضربوه) أي المثل (لك إلا جدلا) لا بحثا عن الحق (بل هم قوم خصمون) شديد الخصومة (إن هو) ما عيسى (إلا عبد أنعمنا عليه) بالنبوة (وجعلناه مثلا لبني إسرائيل) كالمثل في الغرابة من خلقه من غير أب.
ص: 143
إِسْرائِيلَ ) ( 59 ) لإعلامهم .
(وَلَوْ نَشاءُ) إهلاككم طولا (لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) أوسكم (مَلائِكَةً) لمّا أهلككم (فِي الْأَرْضِ) كلّها (يَخْلُفُونَ) ( 60 ) لكم حال هلاككم ووردوا ولاء وعمّروها وألهّوا وأطاعوا ، أو المراد لو أراد اللّه لولّدهم ممّاكم وأصاركم هم وراءكم أمرا وحكما .
(وَإِنَّهُ) روح اللّه أراد وروده (لَعِلْمٌ) وعلم ورووه (لِلسَّاعَةِ) لورودها والحاصل ورود روح اللّه أحد اعلام المعاد (فَلا تَمْتَرُنَّ) اطرحوا المراء والإعوار (بِها) حلولها (وَاتَّبِعُونِ) طاوعوا رسولكم هذا ما أدعوكم له (صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) ( 61 ) سواء واصل سالكه لمصامده .
(وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ) صدودا ما عمّا أمركم اللّه (إِنَّهُ) الصاد الموسوس (لَكُمْ) أولاد آدم (عَدُوٌّ مُبِينٌ) ( 62 ) ساطع اللدد واطد المراء لما أدلع والدكم ممّا دارالسلام .
(وَلَمَّا جاءَ) ورد مرسلا (عِيسى) روح اللّه (بِالْبَيِّناتِ) دوالّ علوّه وإعلام ألوكه (قالَ) لرهطه (قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ) الطرس المرسل له
------------
(ولو نشاء لجعلنا منكم) بدلكم أو أولدنا منكم يا بشر (ملائكة في الأرض يخلفون) يقومون مقامكم والغرض بيان كمال قدرته وأن كون الملائكة في السماء لا يوجب لهم الألوهية (وإنه) أي عيسى (لعلم للساعة) يعلم قربها بنزوله لأنه من أشراطها (فلا تمترن بها) لا تشكن فيها (واتبعون هذا) الذي آمركم به (صراط مستقيم) دين قيم (ولا يصدنكم الشيطان) عن دين الله (إنه لكم عدو مبين) بين العداوة.
(ولما جاء عيسى بالبينات) المعجزات والشرائع (قال قد جئتكم
ص: 144
(وَلِأُبَيِّنَ) لأعلم وأصرّح (لَكُمْ) لإصلاحكم (بَعْضَ) الأمور (الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) وهو أمر الإسلام لا أمر الدهر (فَاتَّقُوا اللَّهَ) طاوعوا أمره (وَأَطِيعُونِ) ( 63 ) طاوعوا رسوله .
(إِنَّ اللَّهَ هُوَ) لا سواه (رَبِّي وَرَبُّكُمْ) مالك الكلّ ومصلحه (فَاعْبُدُوهُ) ووحّدوه (هذا) المأمور (صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) ( 64 ) مسلك سواء لسم سلوكه وهو كلّه كلام روح اللّه .
(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ) الأرهاط (مِنْ بَيْنِهِمْ) رهط روح اللّه أهو اللّه أو ولده أو مأسوره ورسوله (فَوَيْلٌ) هلاك (لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) ما سلكوا صراط العدل وما طاوعوا أمره (مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) ( 65 ) مؤلم ، وهو معاد الكلّ .
(هَلْ) ما (يَنْظُرُونَ) أهل الحدل أو رهط روح اللّه أو الحمس (إِلَّا السَّاعَةَ) الموعود ورودها (أَنْ تَأْتِيَهُمْ) والمراد ما مرصود أهل الحرم أو الأرهاط المعهود سطرها إلّا ورود المعاد (بَغْتَةً) دهما وهو مصدر (وَ) الحال (هُمْ لا يَشْعُرُونَ) ( 66 ) ولا علم لهم لورودها أوّلا لركوم أمور الأهواء واللهو لهم .
------------
بالحكمة) بالنبوة والإنجيل (ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه) من أمر الدين والدنيا (فاتقوا الله وأطيعون إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا) الدين أي توحيده وعبادته (صراط مستقيم) دين قيم (فاختلف الأحزاب من بينهم) اليهود والنصارى أو فرق النصارى في عيسى: أهو الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة (فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم) القيامة (هل ينظرون) ما ينتظر كفار مكة (إلا الساعة أن تأتيهم بغتة) فجأة (وهم لا يشعرون) بها لغفلتهم عنها.
ص: 145
(الْأَخِلَّاءُ) أهل الوداد والولاء (يَوْمَئِذٍ) حال حلول المعاد دهما (بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ) آحادهم لآحاد (عَدُوٌّ) ألدّ (إِلَّا) الملأ (الْمُتَّقِينَ) ( 67 ) أهل الورع والصلاح ولا دوام إلّا لوداد اللّه .
(يا عِبادِ) وهو كلام اللّه مآلا مع أهل وداد والوا اللّه حكاه اللّه حالا (لا خَوْفٌ) روع (عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) لورود المكاره أصلا (وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) ( 68 ) ولا همّ لكم دواما .
وهم (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (بِآياتِنا) ما أرسل اللّه لإصلاحهم (وَكانُوا) أوّلا (مُسْلِمِينَ) ( 69 ) للّه طوّاعا له .
وأمر لهم معادا (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) ردوا دارالسلام (أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ) أعراسكم أهل الإسلام وأهل كماعكم (تُحْبَرُونَ) ( 70 ) سرورا ساطعا أو مهاها أو إكراما .
(يُطافُ) دورا (عَلَيْهِمْ) حولهم (بِصِحافٍ) كئوس (مِنْ ذَهَبٍ) أحمر (وَأَكْوابٍ) سام واحدها ك « لوط » وهو وعاء ماء عدم عراه ، والمراد صروع وعاء لعلس الراح والدر (وَفِيها) دارالسلام (ما تَشْتَهِيهِ) ورووا
------------
(الأخلاء) المتحابون في الدنيا (يومئذ) يوم القيامة ظرف لعدو (بعضهم لبعض عدو) لظهور أن ما تحابوا عليه سبب عذابهم (إلا المتقين) المتحابين في الله.
(يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون الذين ءامنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم) المؤمنات (تحبرون) تسرون سرورا يبدو في وجوهكم حباره أي أثره (يطاف عليهم بصحاف من ذهب) جمع صحفة أي قطعة (وأكواب) جمع كوب وهو كوز لا عروة له (وفيها ما تشتهيه
ص: 146
مطروح الهاء (الْأَنْفُسُ) كلّ ما هو مراد الأهواء ومأمول الأرواع (وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) لمّا رأوا عموم وراء سموم وهو حصر لصروع الآلاء كلّها (وَأَنْتُمْ) أهل الإسلام (فِيها) دارالسلام (خالِدُونَ) ( 71 ) دوّام لا حول ولا هلاك لكم أصلا .
(وَتِلْكَ) الموموء إلاه هو (الْجَنَّةُ) المعهود حلولها المعلوم حالها (الَّتِي أُورِثْتُمُوها) ملّككم اللّه لها دواما (بِما) عمل (كُنْتُمْ) أوّلا (تَعْمَلُونَ) ( 72 ) صوالح الأعمال .
(لَكُمْ فِيها) الدوح (فاكِهَةٌ) أحمال (كَثِيرَةٌ) لا حدّ لها (مِنْها) لا كلّها (تَأْكُلُونَ) ( 73 ) دواما ما هو مرادكم ، وورد كلّما أكل حمل حصل محلّه حمل سواه .
(إِنَّ) الأمم (الْمُجْرِمِينَ) أهل معاص (فِي عَذابِ جَهَنَّمَ) ألم الساعور (خالِدُونَ) ( 74 ) دوّام لعدم إسلامهم .
(لا يُفَتَّرُ) ما وكس (عَنْهُمْ) الإصر (وَهُمْ) لطلّاحهم (فِيهِ) الإصر (مُبْلِسُونَ) ( 75 ) هوّام محسومو الآمال محرومو الأطماع .
(وَما ظَلَمْناهُمْ) إصلاء وإهلاكا (وَلكِنْ كانُوا) أوّلا (هُمُ
------------
الأنفس) من النعم (و تلذ الأعين) من المناظر الحسنة (وأنتم فيها خالدون) وهو تمام النعمة لعدم ما ينقصه من خوف زواله (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) بأعمالكم (لكم فيها فاكهة كثيرة منها) بعضها (تأكلون) ويخلق الله بدله.
(إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر) يخفف (عنهم وهم فيه مبلسون) آيسون ساكتون حيرة (وما ظلمناهم) بالعذاب (ولكن كانوا هم
ص: 147
الظَّالِمِينَ) ( 76 ) لمّا سمعوا أوامر اللّه وعصوا .
(وَنادَوْا) أهل الطلاح وصاحوا حال حسم آمالهم (يا مالِكُ) ورووا « مال » مكسور اللام مطروح الأمد ، وهو اسم ملك موكّل للساعور والمراد سل إلهك (لِيَقْضِ عَلَيْنا) إهلاكا (رَبُّكَ) لكمال عسرهم (قالَ) المالك أو اللّه لهم ردّا للسؤال (إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) ( 77 ) ركّادا وسط الآلام مددا طوالا .
(لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ) هو كلام اللّه المكمّل للحوار لمّا سألوا مالكا السّام ، أو هو كلام مالك والمراد الأملاك لمّا هم رسل اللّه (وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ) ح (لِلْحَقِّ كارِهُونَ) ( 78 ) لمّا معه عسر لهم .
(أَمْ أَبْرَمُوا) أحكموا (أَمْراً) رادّا للسداد ومكرا واطدا مع محمّد رسول اللّه صلعم (فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) ( 79 ) محكمو لمكر معهم .
(أَمْ يَحْسَبُونَ) أهل المكر (أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ) المكموم صدورهم (وَنَجْواهُمْ) المدموس صدور الأودّاء المسرّ عمّا عداهم (بَلى) أسمعها اطّلاعا (وَرُسُلُنا) رسّام الأعمال موكلوهم (لَدَيْهِمْ) صددهم (يَكْتُبُونَ) ( 80 ) أسرارهم .
------------
الظالمين) نفوسهم بجرائمهم الموجبة له (ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك) ليمتنا (قال) بعد مائة عام أو ألف (إنكم ماكثون) في العذاب بلا موت قال تعالى بعد جواب مالك (لقد جئناكم بالحق) على لسان رسولنا أو كلاهما قول الله (ولكن أكثركم للحق كارهون أم أبرموا) أحكموا (أمرا) في كيد محمد (فإنا مبرمون) محكمون أمرا في مجازاتهم (أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى) نسمع ذلك (ورسلنا) الحفظة (لديهم يكتبون) ذلك.
ص: 148
(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (إِنْ) لو (كانَ لِلرَّحْمنِ) للّه واسع الرّحم (وَلَدٌ) مولود كما هو موهومكم (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) ( 81 ) أوّل مرء أكرم الولد وأطاع أمره كما أكرم ولد الملك لإكرام والده ، وهو كلام وارد ادّعاء والمراد عدم صحّ الولد لمّا هو محال طهر حراه عما وهمه الوصّام .
(سُبْحانَ) اللّه (رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مالك عالم العلو وعالم الأمر كلّها (رَبِّ الْعَرْشِ) مالكه ومصوّره (عَمَّا يَصِفُونَ) ( 82 ) ولعا وهو ادّعاء الولد له .
(فَذَرْهُمْ) دعهم (يَخُوضُوا) داماء اللهو طلاحا (وَيَلْعَبُوا) لهوا لهاء أعمارهم (حَتَّى يُلاقُوا) إحساسا (يَوْمَهُمُ) المعاد (الَّذِي يُوعَدُونَ) ( 83 ) لإحصاء أعمالهم وإعطاء ما صلح لهم .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ) مألوه مطاع لركّادها ، ورووا « اللّه » محل « إله » (وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) مألوه مصمد لأهلها (وَهُوَ) اللّه (الْحَكِيمُ) أمرا (الْعَلِيمُ) ( 84 ) عملا .
(وَتَبارَكَ) كرم وعلا علوّ كاملا اللّه (الَّذِي لَهُ) ملكا وملكا (مُلْكُ
------------
(قل إن كان للرحمن ولد) فرضا (فأنا أول العابدين) للولد لأن تعظيمه تعظيم والده والنبي مقدم في كل حكم على أمته وقيل المعنى إن كان له ولد بزعمكم فأنا أول العابدين الموحدين له (سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون) بنسبة الولد إليه (فذرهم يخوضوا) في باطلهم (ويلعبوا) في دنياهم (حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون) القيامة.
(وهو الذي في السماء إله) معبود وبه يتعلق الظرف وكذا (وفي الأرض إله وهو الحكيم) في صنعه (العليم) بكل شيء (وتبارك) تعظم (الذي له ملك
ص: 149
السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) ملك (الْأَرْضِ) عالم الأمر (وَ) ملك كلّ (ما) حلّ (بَيْنَهُما) وسطهما والمراد له ملك العوالم كلّها وحكمه أحاط الكلّ (وَعِنْدَهُ) اللّه وحده (عِلْمُ السَّاعَةِ) علم ورودها ما علمه أحد إلّا هو (وَإِلَيْهِ) اللّه (تُرْجَعُونَ) ( 85 ) كلّكم واللّه معادكم مآلا .
(وَلا يَمْلِكُ) الإله (الَّذِينَ يَدْعُونَ) أهل الطلاح لها (مِنْ دُونِهِ) اللّه (الشَّفاعَةَ) لدسع آصارهم كما هم وهموهم أهلها (إِلَّا مَنْ شَهِدَ) عدلا (بِالْحَقِّ) السداد ووحّد اللّه وكلّم لا إله الّا اللّه (وَ) الحال (هُمْ يَعْلَمُونَ) ( 86 ) اللّه مألوههم وما وحّده رعاء لمدلول الموصول .
(وَ) اللّه (لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) الأعداء محمّد ( ص ) (مَنْ خَلَقَهُمْ) صوّرهم وعد لهم (لَيَقُولُنَّ) صوّرهم (اللَّهُ) لا دماهم والأملاك لكمال سطوع الحال (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) ( 87 ) والحاصل لم صدّهم وصدودهم عما هو السداد وهو الإسلام للّه وحده .
(وَقِيلِهِ) كلام الرسول محمّد صلعم رواه عاصم مكسورا ، والمراد وصدد اللّه علم السعواء وعلم كلامه ، أو الواو للعهد وحواره ما وراءه ، ورووا ما عدا الكسر وح هو موصول مع سرّهم أو محكوم علاه والمحكوم ما وراءه
------------
السموات والأرض وما بينهما وعنده علم الساعة) القيامة (وإليه ترجعون) التفات إلى الخطاب للتهديد.
(ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة) لهم عند الله كما زعموا (إلا من شهد بالحق) بالتوحيد (وهم يعلمون) ما شهدوا به وهم الملائكة أو عزير وعيسى (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) يعترفون به لوضوحه (فأنى يؤفكون) يصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره (وقيله) وقول الرسول ونصبه
ص: 150
( يا رَبِّ) اللّهم (إِنَّ هؤُلاءِ) الأعداء (قَوْمٌ) رهط (لا يُؤْمِنُونَ) ( 88 ) لك طلاحا وإصرارا .
(فَاصْفَحْ) اعدل عدولا محمودا (عَنْهُمْ) إسلامهم ودع مراءهم وودّعهم (وَقُلْ) لهم (سَلامٌ) سلم معكم وهو أمر أوّل إرساله (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ( 89 ) مآل أمورهم وهو كلام مسلّ للرسول صلعم ومهدّد لهم ، واللّه أعلم الأسرار العلوم .
------------
مصدرا لفعله المقدر أي وقال قيله أو عطفا على محل الساعة (يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون) قال تعالى (فاصفح) أعرض (عنهم وقل سلام) منكم أي متاركة (فسوف يعلمون) تهديد لهم.
ص: 151
ص: 152
ص: 153
ص: 154
( سورة الدخان )
موردها امّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
إرسال كلام اللّه سمرا سعد ، وصدع إعلام وحود اللّه ، ولوم أهل العدول ، وإعلاء حال رسول الهود والأولاد إسرال عم وملك مصر ، والرد لردّاد المعاد ، وحسل أهل العدول وسط الساعور ، وإكرام أهل الإسلام وسط دارالسلام ، وإعلام ما سهّل اللّه كلامه لمسحل رسوله علاه السلام .
ص: 155
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ لاح مدلوه مرارا .
(حم) ( 1 ) سر اللّه المكموم مع رسوله المعصوم ، أو اسم لما هو صدره ، أو المراد حمّ ، أو حكم أمر .
(وَالْكِتابِ الْمُبِينِ) ( 2 ) كلام اللّه الساطع أمره ، أو المعلم للحلال والحرام ، والواو للعهد أو للوصل .
(إِنَّا أَنْزَلْناهُ) كلام اللّه (فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ) أكرمها اللّه وأسعدها معلوم اسمها معهود وسمها ، والمراد أرسل اللّه كلامه المكرّم طرّا أو أرسل اوّلا مساعد السماء الأوّل وأرسله سهما سهما لرسوله كما هو صلاح العهد (إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) ( 3 ) للكلّ إرسالا .
------------
(44 سورة الدخان سبع أو تسع وخمسون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(حم والكتاب) والقرآن (المبين) للأحكام وغيرها (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) هي ليلة القدر ابتدأ فيها إنزاله أو أنزل فيها جملة من اللوح إلى السماء الدنيا ثم أنزل على النبي نجوما وبوركت لذلك ولنزول الرحمة وقسم النعم وإجابة الدعاء فيها (إنا كنا منذرين) فلذا أنزلناه.
ص: 156
(فِيها) السمر المعهود (يُفْرَقُ) هو الصدع (كُلُّ أَمْرٍ) المراد رسم الأمور كلّها واحدا واحدا (حَكِيمٍ) ( 4 ) محكم أحكمه اللّه ، أو أودع وسطه الحكم ممّا صلح وعدّ لأهل العالم كالأعمار والآلاء .
(أَمْراً) حاصلا حال لكلّ أو لأمر (مِنْ عِنْدِنا) كما أراد حكمه وعلمه (إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) ( 5 ) أرسل الرسل مع الطروس محمّدا وسواه .
(رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) لرحم للكلّ وهو معلّل للارسال (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ السَّمِيعُ) سامع الدعاء (الْعَلِيمُ) ( 6 ) عالم السرّ والأحوال .
(رَبِّ السَّماواتِ) مالك عالم العلو (وَالْأَرْضِ) مالك عالم الأمر (وَ) مالك (ما) عالم حصل (بَيْنَهُما) وسطهما أراد الكلّ وأعلموه (إِنْ كُنْتُمْ) ولد آدم (مُوقِنِينَ) ( 7 ) موارد العلم الكامل .
(لا إِلهَ) لا مألوه ولا مطاع أحد أصلا (إِلَّا هُوَ) اللّه الواحد الأحد لمّا لا مصوّر سواه (يُحْيِي وَيُمِيتُ) مصوّركم ومعدمكم كما هو محسوسكم هو (رَبُّكُمْ) مالككم (وَرَبُّ آبائِكُمُ) ولّادكم (الْأَوَّلِينَ) ( 8 ) اللاؤا مرّ عهدهم وحسم عمرهم .
------------
(فيها يفرق) يفصل (كل أمر حكيم) محكم أو ذي حكمة (أمرا) حالا من أمر لأنه موصوف أو من ضميره في حكيم (من عندنا إنا كنا مرسلين) من شأننا إرسال الرسل وإنزال الكتب (رحمة من ربك إنه هو السميع) للأقوال (العليم رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين) بشيء فأيقنوا بذلك.
(لا إله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب ءابائكم الأولين) ثم رد كونهم موقنين.
ص: 157
(بَلْ هُمْ) الأعداء (فِي شَكٍّ) إعوار هو كلام اللّه أم (لا يَلْعَبُونَ) ( 9 ) وكلامهم صادر لهوا لا علما وإدراكا .
(فَارْتَقِبْ) أرصد محمّد ( ص ) (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ) الأوّل (بِدُخانٍ) أسود ، المراد عصر المعاد أو عصر السعار والعسر لمّا أحسّ المرء حال السعار وسطه ووسط السماء كالأسود ، أو لما الأهواء صار أدلهم عام المحل المصول الأمطار ، أو عصر سطوع الأسود المسدود وسط اعلام السعواء ، ورد الحمس لمّا عصوا رسول اللّه صلعم ودعا علاهم لإدمارهم وصلهم العسر واللأواء وأكلوا الحرام ، وورد أحسّ المرء وسط السماء ووسط الرمكاء الأسود وكلّم أحدا ، وهو سمع كلامه وما أحسّه للأسود (مُبِينٍ) ( 10 ) محسوس
(يَغْشَى النَّاسَ) حاو لهم عموما مسلمهم وعادلهم سواء (هذا عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 11 ) مؤلم رعدهم اللّه وهو كلام الأملاك لهم ، أو هو كلامهم حال وروده .
اللّهم (رَبَّنَا اكْشِفْ) ادرأ (عَنَّا الْعَذابَ) الآلم الأعسر الوارد حالا (إِنَّا مُؤْمِنُونَ) ( 12 ) مسلموك ومسدّد ورسولك حال رواحه وهو وعد للإسلام .
(أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى) ردّ لوعدهم والمراد ما لهم ادّكار ولا إسلام ولا
------------
(بل هم في شك يلعبون) في الدنيا أو يستهزءون بها (فارتقب) فانتظرهم (يوم تأتي السماء بدخان مبين) قيل هو من أشراط الساعة يملأ ما بين المشرق والمغرب (يغشى الناس) قائلين (هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) أي إن كشفتها عنا (أنى) من أين (لهم الذكرى) التذكير بذلك
ص: 158
حصول موعود حال دسع الآلام (وَ) الحال (قَدْ جاءَهُمْ) أرسل لهم (رَسُولٌ) مرسل وهو محمّد ( ص ) (مُبِينٌ) ( 13 ) ساطع عال ومعلم مؤدّ لأوامر اللّه وأحكامه .
(ثُمَّ تَوَلَّوْا) عدلوا وصدّوا (عَنْهُ) وما أسلموا له (وَقالُوا) حسدا وطلاحا هو ولد (مُعَلَّمٌ) علمه ما حكاه عدّاس ، وهو كلام رهط (مَجْنُونٌ) ( 14 ) ممسوس طلح حلمه ووكس روعه ، وهو كلام رهط سواه .
ومع صدّهم (إِنَّا كاشِفُوا) داسعوا (الْعَذابِ) محلهم وسعارهم لدعاء الرسول صلعم (قَلِيلًا) عصرا ماصلا أو دسعا ماصلا (إِنَّكُمْ عائِدُونَ) ( 15 ) معادهم الصد أو مآلهم الإصر .
ادّكر (يَوْمَ نَبْطِشُ) أسطوا سطوا (الْبَطْشَةَ الْكُبْرى) السطو العام وهو المعاد أو العماس المعهود (إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) ( 16 ) اعداما كاملا .
(وَلَقَدْ فَتَنَّا) المراد محّص اللّه (قَبْلَهُمْ) هؤلاء الأعداء لإعلاء أسرارهم (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) رهطه وطوّاعه معه وهم أهل مصر (وَجاءَهُمْ رَسُولٌ) مرسل (كَرِيمٌ) ( 17 ) له كرم أو مكرّم رهطه ، وما أرسل اللّه رسولا إلّا أكرم عصره وأعلم رهطه .
(أَنْ أَدُّوا) أرسلوا وسلّموا (إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ) أو هو معمول ادعوا ،
------------
(وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم) يعلمه بشر (مجنون إنا كاشفوا العذاب) القحط (قليلا) زمانا قليلا (إنكم عائدون) إلى كفركم بعد الكشف (يوم نبطش البطشة الكبرى) يوم القيامة أو يوم بدر (إنا منتقمون ولقد فتنا) امتحنا (قبلهم قوم فرعون) معه (وجاءهم رسول) هو موسى (كريم) على الله أو شريف النسب (أن) بأن أو أي (أدوا إلى عباد الله) أرسلوهم معي أو أدوا إلى ما آمركم به من الطاعة والإيمان
ص: 159
والحاصل أدّوا ما أدعوكم له وهو مروم الإرسال وهو الإسلام (إِنِّي لَكُمْ) لهداكم (رَسُولٌ) مرسل (أَمِينٌ) ( 18 ) صالح لا مدالس ولا مالس حال الإرسال وهو رسول الهود .
(وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ) اطرحوا علوّكم وسمودكم علاه إلهادا لرسوله وإرساله (إِنِّي آتِيكُمْ) لإعلامكم الإسلام (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) ( 19 ) دالّ ساطع مسدّد مصلح للكلّ .
(وَإِنِّي عُذْتُ) إعصاما ووكولا (بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ) مالك الكلّ (أَنْ تَرْجُمُونِ) ( 20 ) إسماعا وإكراها وإهلاكا وأصله الرّدس واللّه عاصم ممّا هو مرادكم .
(وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي) كما أمركم اللّه (فَاعْتَزِلُونِ) ( 21 ) واصرموا ودعوا الأولاد معكم ، وهم صدّوا عمّا أمروا ولدّوا .
(فَدَعا) الرسول (رَبَّهُ) سوء الدعاء (أَنَّ) ورووه مكسورا (هؤُلاءِ) الأعداء وهم أهل مصر (قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) ( 22 ) أولو معاص مع الإصرار ، ودعاءه اللّهم أسرع لهم ما هم أهلوه ودمّرهم .
ولمّا دعا رسول الهود سمع اللّه دعاءه وأمره (فَأَسْرِ) أمر الإسراء ، ورووا وصلها (بِعِبادِي) رهط رسول الهود أهل الإسلام (لَيْلًا) مؤكّد ( إِنَّكُمْ
------------
(إني لكم رسول أمين) على ما حملته من الرسالة.
(وأن لا تعلوا) تتجبروا (على الله) بترك طاعته (إني ءاتيكم بسلطان مبين) ببرهان واضح على رسالتي فتوعدوه بالرجم فقال.
(و إني عذت بربي وربكم أن ترجمون) بالحجارة أو الشتم.
(وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون) فاتركوني لا لي ولا علي.
(فدعا ربه) لما يئس من إيمانهم (أن هؤلاء قوم مجرمون) مشركون فقال تعالى.
(فأسر بعبادي ليلا إنكم متبعون) يتبعكم فرعون وقومه.
ص: 160
مُتَّبَعُونَ) ( 23 ) مطاوعو ملك مصر وعسكره .
لمّا سلك الرسول الداماء وعداه وأراد عصوا الداماء أمر (وَاتْرُكِ) دع (الْبَحْرَ) داماء مصر (رَهْواً) راكدا مصدوع الصرط لورود الأعداء (إِنَّهُمْ) ملك مصر وطوّعه ، ورووا مصدرا مع اللام (جُنْدٌ) عسكر (مُغْرَقُونَ) ( 24 ) مهلكو الماء كلّهم .
ولمّا ردعه الرسول ركد الداماء ، وورد العدوّ مع عسكره وهلكوا (كَمْ) معمول (تَرَكُوا) ودعوا لمّا أهلكوا واصطلموا (مِنْ جَنَّاتٍ) مع الدوح والأوراد والأحمال (وَعُيُونٍ) ( 25 ) مسل ماء مع ملاء الماء .
(وَزُرُوعٍ) مع الطراء والعردام (وَمَقامٍ كَرِيمٍ) ( 26 ) محلّ محمود وصرح مكرّم .
(وَنَعْمَةٍ) طلح ومهاه (كانُوا فِيها) هؤلاء الآلاء (فاكِهِينَ) ( 27 ) مع الروح والسرور .
(كَذلِكَ) الأمر (وَأَوْرَثْناها) أموالهم (قَوْماً آخَرِينَ) ( 28 ) رهط الرسول اللاؤا لا ولاء ولا رحم لهم معهم .
(فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ) هؤلاء الأعداء (السَّماءُ وَالْأَرْضُ) هلاكهم
------------
(واترك البحر رهوا) ساكنا أو متفرجا على هيئته بعد ما عبرته وذلك أنه أراد أن يضربه ثانيا لينطبق خوفا أن يدركهم القبط فأمر بتركه كما هو ليدخلوه (إنهم جند مغرقون) فدخلوه فأغرقوا (كم) كثيرا (تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم) مجالس حسنة (ونعمة) تنعم (كانوا فيها فاكهين) ناعمين.
(كذلك) الأمر كذلك (وأورثناها) أي هذه المعدودات (قوما ءاخرين) بني إسرائيل أو غيرهم (فما بكت عليهم السماء والأرض) مجاز عن صغر
ص: 161
وعدم هلاكهم سواء وأهل الإسلام عال علاهم مصلّاهم ومصعد عملهم ، ورد المراد أهل السماء وأهل الرمكاء (وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) ( 29 ) رهط أمهلوا .
(وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ) أولاده كلّهم كرما وعطاء لمّا هلك أعداءهم (مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ) ( 30 ) كالأسر وهلاك الأولاد الحاصل
(مِنْ فِرْعَوْنَ) ملك مصر (إِنَّهُ كانَ عالِياً) له العلوّ والسمود معدودا (مِنْ) الأمم (الْمُسْرِفِينَ) ( 31 ) عداء .
(وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ) الرسول ورهطه السعداء (عَلى عِلْمٍ) مع علم (عَلَى الْعالَمِينَ) ( 32 ) علماء عصرهم .
(وَآتَيْناهُمْ) رحما (مِنَ الْآياتِ) أعلام الطول (ما فِيهِ) معاده ما (بَلؤُا) إلّا كصدع الداماء وإرسال الطعام (مُبِينٌ) ( 33 ) ساطع ،
(إِنَّ هؤُلاءِ) أعداء الحمس (لَيَقُولُونَ) ( 34 ) ورها .
------------
قدرهم إذ كانوا إذا عظموا مصيبة هنالك يقولون بكت عليه السماء والأرض وانكسفت له الشمس أو كناية عن أنهم لم يكن لهم عمل صالح يرفع إلى السماء وفي الصادقي بكت السماء على يحيى والحسين أربعين صباحا ولم تبك إلا عليهما (وما كانوا منظرين) ممهلين.
(ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين) استعبادهم وقتل أبنائهم (من فرعون إنه كان عاليا) متجبرا (من المسرفين) في الطغيان (ولقد اخترناهم) أي بني إسرائيل (على علم) منا باستحقاقهم ذلك (على العالمين) عالمي زمانهم (وءاتيناهم من الآيات) كفلق البحر وتضليل الغمام وغيرهما (ما فيه بلاء مبين) نعمة واضحة أو امتحان بين.
ص: 162
(إِنْ) ما (هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى) ما المآل والمعاد وأمد الأمر إلّا ما مرّ أوّلا ، والحاصل ما العمر إلّا العمر الأوّل وما السام إلّا السام الأوّل (وَما نَحْنُ) أصلا (بِمُنْشَرِينَ) ( 35 ) عوّاد .
(فَأْتُوا بِآبائِنا) الولّاد الهلّاك وهو أمر الأعداء لرهط وعدوهم المعاد (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الإسلام (صادِقِينَ) ( 36 ) كلاما ووعدا .
(أَ هُمْ) رهط الحمس (خَيْرٌ) وسعا ومالا (أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ) وهو ملك عادل كامل اسمه أسعد ، وهو ولد ملكا ساح العالم وسار مع عسكره وعمّر الأمصار وأسّس الصروح ، وورد هو رسول ورهطه صدّاد طلّاح ، وورد هو مرء صالح رأس رهطه (وَ) الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) ك « عاد » (أَهْلَكْناهُمْ) أسوأ إهلاك لعدم إسلامهم (إِنَّهُمْ) رهط الهلّاك (كانُوا) أوّلا (مُجْرِمِينَ) ( 37 ) أهل معاص مع الإصرار لمّا صدّوا عمّا أمرهم الرّسل .
(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ) مع علوّها وأدوارها (وَالْأَرْضَ) مع ركودها وأطوارها (وَما بَيْنَهُما) كلّ ما وسطهما كالرّكام والمطر وما عداهما
------------
(إن هؤلاء) أي كفار مكة (ليقولون إن هي) ما الموتة التي يعقبها حياة (إلا موتتنا الأولى) وهي حال كونهم نطفا (وما نحن بمنشرين) بمبعوثين (فأتوا) أيها النبي والمؤمنون (بآبائنا إن كنتم صادقين) في وعدكم بالبعث (أهم خير) أعز وأشد (أم قوم تبع) هو الحميري صاحب الجيوش وباني الحيرة وسمرقند كان صالحا وقومه كفرة سمي به لكثرة أتباعه والتبابعة ملوك اليمن كالأكاسرة للفرس (والذين من قبلهم) من الأمم (أهلكناهم) بكفرهم (إنهم كانوا مجرمين) فاستحقوا ذلك وهؤلاء مثلهم.
(وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين) عابثين بل خلقناهما
ص: 163
(لاعِبِينَ) ( 38 ) لهوا وما هو إلا لحكم ومصالح ، وهو حال .
(ما خَلَقْناهُما) مع ما وسطهما (إِلَّا) موصولا (بِالْحَقِّ) السداد الواطد لا اللّهو (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) الطّلاح لكدر صدورهم وعدم حلمهم (لا يَعْلَمُونَ ) ( 39 ) حكمه حالا ومآلا .
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ) للسعداء والطّلاح وهو المعاد (مِيقاتُهُمْ) موعدهم (أَجْمَعِينَ) ( 40 ) كلّهم معا .
(يَوْمَ لا يُغْنِي) هو الردّ والدرء (مَوْلًى) وال ومودود وأهل رحم (عَنْ مَوْلًى شَيْئاً) ممّا أوعدهم اللّه والحاصل لا رادّ لإصره أحد أصلا (وَلا هُمْ) أولو الودّ والأرحام (يُنْصَرُونَ) ( 41 ) لا ممدّ ولا مساعد لهم أحد .
(إِلَّا مَنْ) مسلم (رَحِمَ اللَّهُ) رحمه اللّه وأعطاه الصلاح والصالح ممدّ للصالح (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ) لا سواه (الْعَزِيزُ) كامل السطو كاسر الأعداء (الرَّحِيمُ) ( 42 ) كامل الرّحم راحم الطوّاع .
------------
لغرض صحيح ومنافع للخلق دينية ودنيوية (ما خلقناهما إلا بالحق) إلا محقين في ذلك إذ به يتم أمر المعاش والمعاد (ولكن أكثرهم لا يعلمون) لتركهم النظر (إن يوم الفصل) الحكم بين الخلق أو فصل الحق من الباطل (ميقاتهم) موعدهم (أجمعين) للعذاب الأكبر (يوم لا يغني مولى) بقرابة وغيرها (عن مولى شيئا) من العذاب (ولا هم ينصرون) يمنعون منه (إلا من رحم الله) بالعفو عنه أو بالإذن بالشفاعة (إنه هو العزيز) في انتقامه من أعدائه (الرحيم) بأوليائه.
ص: 164
(إِنَّ شَجَرَةَ) دواحا ممّا الساعور (الزَّقُّومِ) ( 43 ) حملها .
(طَعامُ) المرء (الْأَثِيمِ) ( 44 ) كامل الإصر وهو عدوّ الإسلام .
(كَالْمُهْلِ) ما أمهله الساعور وصار كالعكر للحلّ أو كطاءوس ماع (يَغْلِي) طعامه كالمهل (فِي الْبُطُونِ) ( 45 ) المعد والأمعاء
(كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) ( 46 ) الماء الحارّ .
(خُذُوهُ) هو كلام اللّه لأملاك الساعور (فَاعْتِلُوهُ) مدّوه مدّا مؤلما مكرها (إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ) ( 47 ) وسطها .
(ثُمَّ صُبُّوا) سحّوا (فَوْقَ رَأْسِهِ) العدوّ الكامل إصره (مِنْ عَذابِ الْحَمِيمِ) ( 48 ) إصره وعسره والمسحوح هو الماء الحارّ لا إصره أورده مسامحا للكلام .
وأمروه (ذُقْ) احسّ الألم (إِنَّكَ) كامل الإصر (أَنْتَ) وحدك ادّعاء (الْعَزِيزُ) المطاع (الْكَرِيمُ) ( 49 ) المكرّم كما هو موهومك المردود .
(إِنَّ هذا) الإصر أو الأمر هو (ما كُنْتُمْ) أوّلا (بِهِ) وروده (تَمْتَرُونَ) ( 50 ) لكم إعوار .
------------
(إن شجرة الزقوم) فسرت في الصافات (طعام الأثيم) الكثير الإثم قيل أريد به أبو جهل وأضرابه (كالمهل) هو المذاب من نحاس ونحوه أو دردي الزيت (يغلي في البطون كغلي الحميم) الماء الشديد الحرارة (خذوه) يقال للزبانية خذوا الأثيم (فاعتلوه) جروه بعنف وغلظة (إلى سواء الجحيم) وسطه (ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم) ويقال له تقريعا وتهكما (ذق إنك أنت العزيز الكريم) بزعمك كان يقول ما بين جبليها أعز وأكرم مني (إن هذا) العذاب (ما كنتم به تمترون) تشكون.
ص: 165
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) الصلحاء ركّاد (فِي مَقامٍ) محل (أَمِينٍ) ( 51 ) سالم
صالح لهم (فِي جَنَّاتٍ) لها دوح وأحمال (وَعُيُونٍ) ( 52 ) مسل الماء والدر والعسل والمدام .
(يَلْبَسُونَ) كساهم (مِنْ سُندُسٍ) محوك مهلهل (وَإِسْتَبْرَقٍ) مصومد (مُتَقابِلِينَ) ( 53 ) أحدهم راء لأحدهم كما هو مرادهم وهو حال الأمر .
(كَذلِكَ) كما مرّ لا سواه (وَزَوَّجْناهُمْ) أملكوا (بِحُورٍ) واحدها الحوراء والمراد وصولهم لها (عِينٍ) ( 54 ) واسع مرآها .
(يَدْعُونَ فِيها) هؤلاء المحال رواما (بِكُلِّ فاكِهَةٍ) حمل (آمِنِينَ) ( 55 ) لا صرم لأصولها ، ولا حسم لأحمالها ، وهم سلّام مما هو مكروه ومكدّر للسرور ، وهو حال .
(لا يَذُوقُونَ) أهل الإسلام (فِيهَا) دارالسلام (الْمَوْتَ) السام أصلا دام عمرهم (إِلَّا) للحسم أو للوصول (الْمَوْتَةَ الْأُولى) وراء ما أدركوه أوّلا (وَوَقاهُمْ) حماهم اللّه وعصمهم (عَذابَ الْجَحِيمِ) ( 56 ) ألم الدرك
------------
(إن المتقين في مقام أمين) من المكاره (في جنات وعيون يلبسون من سندس) ما دق من الحرير (وإستبرق) ما غلظ منه (متقابلين) على الأسرة للاستئناس (كذلك) الأمر كذلك (وزوجناهم بحور عين) بيض واسعات العيون (يدعون فيها بكل فاكهة) اشتهوا في أي وقت (ءامنين) من مضرتها وغيرها (لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى) منقطع أو متصل إذ المؤمن عند الموت مشارف الجنة أو فيه مبالغة في دوام الحياة كأنه قيل إن أمكن ذوق الموتة الأولى في المستقبل فهم يذوقونها (ووقاهم) ربهم (عذاب
ص: 166
أعطوا كلّها .
(فَضْلًا) وكرما (مِنْ رَبِّكَ) إلهك الأكرم الأرحم محمّد ( ص ) (ذلِكَ) الكرم والعطاء (هُوَ) وحده (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ( 57 ) لمّا هو حاو لوصول المرام وحصول المراد كلّه .
(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) سهّل الطرس المرسل (بِلِسانِكَ) لإعلام رهطك الحمس (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ( 58 ) ادّكار مصلحا موصلا للمرام .
ولمّا ما ادّكروا (فَارْتَقِبْ) أرصد هلاكهم (إِنَّهُمْ) عدّال أمّ الرّحم (مُرْتَقِبُونَ) ( 59 ) راصدو هلاكك دمّرهم اللّه وأعلاك وهو حكم ورد أمام امر العماس وهو وعد وموعد .
------------
الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم) الظفر بالبغية مع السلامة من المكروه (فإنما يسرناه بلسانك) سهلنا القرآن بلغتك ليفهموه (لعلهم يتذكرون) يتعظون (فارتقب) انتظر ما يحل بهم (إنهم مرتقبون) منتظرون بك الدوائر
ص: 167
ص: 168
ص: 169
ص: 170
( سورة الجاثية )
موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
صدع أعلام وحود اللّه ، ولوم العدّال الردّاد ، وإعلاء عود العمل الصالح ، وسوء العمل الطالح لعاملهما ، وصدع صراط الإسلام والأمر لطوعه ، وهو أهل معاص وصدع عدم سداد الآراء لهم ، ولوم أهل الأهواء وطوّعه وإلهادهم معاد ، أو إعلام هور الأمم معادا روعا ممّا أموره ، وإعلاء طروس أعمالهم علاهم ، وادام أهل العدول وسط الساعور وحمد اللّه علا علوّا مع كلم أكمل مدلولا
ص: 171
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم) ( 1 ) سر اللّه مع أكرم رسله محمد صلعم ، أو هو اسم لما هو صدره وأوله .
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) إرسال الطرس صحّ (مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ) ملكا (الْحَكِيمِ) ( 2 ) علما .
(إِنَّ فِي) إعلاء (السَّماواتِ) مع عدم عمودها ومهدو (وَالْأَرْضِ) مع وسعها (لَآياتٍ) واعلام وحوده ودوّال طوله وسطوه (لِلْمُؤْمِنِينَ) ( 3 ) أهل الإسلام سرا ومسحلا .
(وَفِي خَلْقِكُمْ) صروع أحوالكم وأطوار أصولكم (وَ) أسر (ما يَبُثُّ
------------
(45 سورة الجاثية ست أو سبع وثلاثون آية مكية)
(إلا آية قل للذين ءامنوا يغفروا.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) هو كأول سورة المؤمن (إن في السموات والأرض لآيات) على وجود الصانع وصفاته (للمؤمنين) لأنهم المنتفعون المتنبهون بها (وفي خلقكم وما يبث
ص: 172
مِنْ دابَّةٍ ) كل ما له حس وحراك (آياتٌ) أعلام (لِقَوْمٍ) رهط (يُوقِنُونَ) ( 4 ) لهم كمال العلم .
(وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) دورهما وورودهما وصدورهما (وَما أَنْزَلَ اللَّهُ) أمطر اللّه (مِنَ السَّماءِ) الركام (مِنْ رِزْقٍ) مطر سمّاه لمّا هو الأصل .
(فَأَحْيا) اللّه (بِهِ) المطر (الْأَرْضَ) وأعطاها الطراء (بَعْدَ مَوْتِها) همودها (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) إمرارها حدودا وحوالها حرّا وهرءا (آياتٌ) كوامل (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ( 5 ) الدوال إسلاما .
(تِلْكَ) الأعلام والدّوال (آياتُ اللَّهِ) دوالّه (نَتْلُوها) أرسلها وأعلمها وهو الحال محلّا (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) موصولا (بِالْحَقِّ) السداد (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ) كلام (بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ) كلام اللّه ، أو كلام اللّه ودوالّه عما (يُؤْمِنُونَ) ( 6 ) والحال كلها أرسل لإسلامهم وإصلاحهم ، والمراد لا إسلام لهم أصلا
(وَيْلٌ) هلاك (لِكُلِّ أَفَّاكٍ) ولّاع (أَثِيمٍ) ( 7 ) كامل إصر مع الإصرار .
(يَسْمَعُ) سماع علم (آياتِ اللَّهِ) كلام اللّه المرسل (تُتْلى عَلَيْهِ )
------------
من دابة ءايات لقوم يوقنون واختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماءمن رزق) مطر لأنه سبب الرزق (فأحيا به الأرض بعد موتها) بسببها (وتصريف الرياح) تقلبها في مهابها وأحوالها (ءايات لقوم يعقلون تلك) الآيات المذكورة (ءايات الله) دلائله (نتلوها عليك) متلبسين أو متلبسة (بالحق فبأي حديث بعد الله وءاياته) أي بعد آيات الله وقدم اسم الله مبالغة كأعجبني زيد وكرمه أو بعد حديث الله أي القرآن وآياته وحججه (يؤمنون ويل لكل أفاك) كذاب (أثيم) كثير الإثم.
(يسمع ءايات الله) من القرآن
ص: 173
الولّاع وهو حال (ثُمَّ يُصِرُّ) إصرارا مهلكا (مُسْتَكْبِراً) سامدا مطرا صادا عما أمر اللّه وهو الإسلام حال (كَأَنْ) مطروح الاسم (لَمْ يَسْمَعْها) ما سمع أوامر اللّه وروادعه ، وهو حال كالأوّل (فَبَشِّرْهُ) أوعده (بِعَذابٍ أَلِيمٍ) ( 8 ) مؤلم .
(وَإِذا عَلِمَ) سمع وأدرك (مِنْ آياتِنا) أعلام طوله ودوالّ كلامه (شَيْئاً) ماصلا (اتَّخَذَها) الدوالّ (هُزُواً) لهوا (أُولئِكَ) هؤلاء الولّاع (لَهُمْ) لولعهم (عَذابٌ مُهِينٌ) ( 9 ) أسوأ آلام .
(مِنْ وَرائِهِمْ) أمامهم (جَهَنَّمُ) وهم ورّادها أو مآلهم لمّا هلكوا (وَلا يُغْنِي) دسعا (عَنْهُمْ) هؤلاء الطّلاح (ما كَسَبُوا) كالمال والولد (شَيْئاً) مما أوعدهم اللّه وأعدّ لهم (وَلا مَا اتَّخَذُوا) ما للمصدر أو للموصول (مِنْ دُونِ اللَّهِ) الواحد الأحد أراد دمّاهم (أَوْلِياءَ) أودّاء والوهم (وَ) أعدّ (لَهُمْ) لهؤلاء العدّال (عَذابٌ عَظِيمٌ) ( 10 ) عسر لا حدّ لألمه .
هذا الكلام المرسل (هُدىً) هاد لسواء الصراط (وَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما أسلموا (بِآياتِ) اللّه (رَبِّهِمْ) كلام اللّه المرسل أعدّ (لَهُمْ عَذابٌ) ألم (مِنْ رِجْزٍ) إصر صعد (أَلِيمٌ) ( 11 ) مؤلم .
------------
(تتلى عليه ثم يصر) على كفره (مستكبرا كأن) هي المخففة واسمها ضمير الشأن أي كأنه (لم يسمعها فبشره بعذاب أليم) تهكم (وإذا علم من ءاياتنا) أي القرآن (شيئا اتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) ذو إهانة والجمع للمعنى (من ورائهم جهنم) قدامهم أو خلفهم أو ما توارى عنك وراء تقدم أو تأخر (ولا يغني عنهم ما كسبوا) من مال وغيره (شيئا) من عذاب الله (ولا ما اتخذوا من الله أولياء) من الأصنام (ولهم عذاب عظيم) في الشدة (هذا) أي القرآن (هدى) بالغ في الهداية (والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز) أشد
ص: 174
(اللَّهُ) الواحد الأحد هو (الَّذِي سَخَّرَ) طوّع (لَكُمُ الْبَحْرَ) وسوّاه سطحا (لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ) لمروركم (فِيهِ بِأَمْرِهِ) حكمه (وَلِتَبْتَغُوا) لرومكم (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه وصروع الآلاء كاللؤلؤ والسمك (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( 12 ) لالاء اللّه .
(وَسَخَّرَ) طوّع اللّه (لَكُمْ) لمصالحكم (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَما) ركد (فِي الْأَرْضِ) عالم الأمر (جَمِيعاً) مؤكد أو حال لما وهؤلاء الآلاء كلها (مِنْهُ) اللّه لا سواه ، أو هو حال ، أو مدح لمصدر مطروح (إِنَّ فِي ذلِكَ) ما أحصاه اللّه (لَآياتٍ) دوالّ كوامل (لِقَوْمٍ) لكل رهط (يَتَفَكَّرُونَ) ( 13 ) أسرارها .
ولمّا أسمع أحد عمر وحرد وأراد سوء له أوسا لا سماعه ، أرسل اللّه (قُلْ) رسول اللّه (لِلَّذِينَ آمَنُوا) لرهط أسلموا امحوا الآصار (يَغْفِرُوا) أو هو أمر أصله مع اللّام (لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ) لا أمل لهم (أَيَّامَ اللَّهِ) اللّاء وعدها اللّه لإكرام اللّه أهل الإسلام وإلهاد أهل العدول والحكم محاه أمر العماس
------------
العذاب (أليم) مؤلم.
(الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه) بكم (بأمره) بتسخيره (ولتبتغوا من فضله) بالتجارة والغوص وغيرهما (ولعلكم تشكرون) هذه النعم (وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا) أي خلقها لانتفاعكم (منه) حال أي سخرها كائنة منه (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) فيها.
(قل للذين ءامنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله) لا يتوقعون وقائعه
ص: 175
(لِيَجْزِيَ) إعلال لأمره (قَوْماً) رهطا هم أهل الصلاح ، أو أهل الطّلاح أو كلاهما (بِما) عمل (كانُوا) أولا (يَكْسِبُونَ) ( 14 ) وهو محو الآصار أو الأسماع أو ما عمّمهما .
(مَنْ عَمِلَ) عملا (صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) مآل عمله وهو الروح والسرور (وَمَنْ أَساءَ) عمله (فَعَلَيْها) مال عمله وهو السوء والعسر والإصر (ثُمَّ إِلى) اللّه (رَبِّكُمْ) وهو معاد الكل (تُرْجَعُونَ) ( 15 ) لكم عود مآلا للعدل والعدل
(وَلَقَدْ آتَيْنا) كرما وعطاء (بَنِي إِسْرائِيلَ) أولاده (الْكِتابَ) الطرس المسدد المعهود (وَالْحُكْمَ) وسط العالم كما هو المأمور المحكم (وَالنُّبُوَّةَ) الألوك سمّها ادكارا لعدّ الرسل وسطهم (وَرَزَقْناهُمْ) صروعا (مِنَ الطَّيِّباتِ) ممّا أحل اللّه لهم (وَفَضَّلْناهُمْ) رهط الهود (عَلَى الْعالَمِينَ) ( 16 ) أهل عصرهم .
(وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ) أعلاما ودوالّ (مِنَ الْأَمْرِ) أمر الحلال والحرام أو إرسال محمد ( ص ) وسداد ألوكه (فَمَا اخْتَلَفُوا) ما ردّدوه
------------
بأعدائه أو لا يخافونها أي لا تكافئهم على أذاهم (ليجزي قوما) هم المؤمنون أو الكفار (بما كانوا يكسبون) من المغفرة أو الإساءة أو كليهما (من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها) إذ لها نفعه وعليها ضرره (ثم إلى ربكم ترجعون) فيجازي كلا بعمله.
(ولقد ءاتينا بني إسرائيل الكتاب) التوراة (والحكم) الحكمة أو فصل الخصومات (والنبوة) إذ كثر فيهم الأنبياء (ورزقناهم من الطيبات) اللذائذ المباحة (وفضلناهم على العالمين) عالمي زمانهم (وءاتيناهم بينات من الأمر) دلالات من أمر الدين أو أمر النبي ونعته (فما اختلفوا) في ذلك الأمر
ص: 176
(إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) الكامل وعلموا أمر محمد ( ص ) كما هو مدلول طرسهم (بَغْياً) لاح (بَيْنَهُمْ) والمراد عداء وحسدا علاه( إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) إلهك العادل (يَقْضِي بَيْنَهُمْ) حكما كما هو العدل (يَوْمَ الْقِيامَةِ) معاد الدهر (فِيما) أمر (كانُوا) أوّلا (فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ( 17 ) وهو أمر محمد وسداده .
(ثُمَّ جَعَلْناكَ) محمّد ( ص ) (عَلى شَرِيعَةٍ) مسلك ساطع (مِنَ الْأَمْرِ) أمر الإسلام (فَاتَّبِعْها) طاوعها وصرّ سالكها (وَلا تَتَّبِعْ) أصلا (أَهْواءَ) الملأ (الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ( 18 ) سداد الأمر ، وهم رؤساء الحمس أرسلها اللّه لمّا كلّم الحمس مع رسول اللّه صلعم عد واسلك مسلك ولّادك
(إِنَّهُمْ) هؤلاء الأعداء (لَنْ يُغْنُوا) لا دسع لهم (عَنْكَ) محمّد ( ص ) (مِنَ اللَّهِ) أمره وحكمه (شَيْئاً) لو أراده اللّه ولو حصل طوعك (وَإِنَّ) هؤلاء (الظَّالِمِينَ) أعداء اللّه ورسوله (بَعْضُهُمْ) رهطهم (أَوْلِياءُ بَعْضٍ) أودّاء رهط (وَاللَّهُ وَلِيُّ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) ( 19 ) وهم موالوه حسا وسرّا .
(هذا) الكلام المرسل (بَصائِرُ لِلنَّاسِ) معالمهم للحدود والأحكام
------------
(إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم) حسدا وبغضا (إن ربك يقضي بينهم) بحكمه (يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) بالمجازاة.
(ثم جعلناك على شريعة) طريقة (من الأمر) أمر الدين (فاتبعها) اعمل بها (ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون) الحق التابعين لأهوائهم في عبادة الأصنام.
(إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا) مما أراد بك (وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض) يتناصرون على الباطل (والله ولي المتقين هذا) القرآن (بصائر للناس) معالم تبصرهم محجة النجاة (وهدى) من
ص: 177
(وَهُدىً) هاد كامل لسواء الصّراط (وَرَحْمَةٌ) عطاء وكرم (لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ( 20 ) علماء المعاد علما مؤكّدا .
(أَمْ) أ (حَسِبَ) الملأ (الَّذِينَ اجْتَرَحُوا) عملوا وحصّلوا (السَّيِّئاتِ) طوالح الأعمال ووهموا (أَنْ نَجْعَلَهُمْ) معادا (كَالَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) صوالح الأعمال (سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ) عمرهم وهلاكهم وسواء صدع للكاسر والمكسور ، أو حال مما عاد ودمس وسط الكاسر ، أو معمول لفاعل هم والكاسر حال لو معادهم الموصول الأول المراد دسع سواء عمر أهل العدول وهلاكهم إكراما وسرورا ، أو المعاد الموصول الآمد وح حال مما الموصول للأمد ، أو أوّل كلام أو المعاد الموصول الأوّل والأمد معا وح سواء صدع أو حال مما الموصول الأمد وما عاد الأوّل والمراد ح ردّ سواء أهل الإسلام وأهل العدول وراء الهلاك كما عدلوا أولا صحّا وما ؟ ؟ ؟ (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) ( 21 ) ساء حكمهم الموهوم لمّا وهموهم كأهل الإسلام وسوّوهما .
(وَخَلَقَ) صوّر (اللَّهُ السَّماواتِ) وأهلها (وَالْأَرْضَ) وركّادها موصولا (بِالْحَقِّ) العدل والسداد وللّه حدود وأحكام وإحصاء للأعمال (وَلِتُجْزى) معادا (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) كل أحد مطاوع وعاص مع ما هو
------------
الضلال (ورحمة) نعمة من الله (لقوم يوقنون) بالوعد والوعيد (أم حسب الذين اجترحوا) اكتسبوا (السيئات) الكفر والمعاصي (أن نجعلهم كالذين ءامنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) بئس حكما حكمهم هذا (وخلق الله السموات والأرض بالحق) ومقتضاه أن لا يساوي الكافر المؤمن (ولتجزى كل نفس بما كسبت) عطف على بالحق لأنه بمعنى
ص: 178
عمله (وَهُمْ) العمّال (لا يُظْلَمُونَ) ( 22 ) واللّه معاملهم كما هو عملهم لا حور ولا كور له .
(أَ فَرَأَيْتَ) أعلم حال (مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ) مألوهه (هَواهُ) وصار مطواعا لهواه (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ) الواحد الأحد (عَلى عِلْمٍ) مع علمه وهو عالم معاده (وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ) وصار أصمّ عما سمع ما أمر اللّه (وَقَلْبِهِ) وصار معدوم الدرك وما علم صلاح الأمر (وَجَعَلَ) اللّه (عَلى بَصَرِهِ) مرآه (غِشاوَةً) أحاطه الكدر ما أحسّ الحال وما رآه (فَمَنْ يَهْدِيهِ) سواء الصراط (مِنْ بَعْدِ) إطلاح (اللَّهُ) وما هاد له سواه (أَ) طمس أحلامكم (فَلا تَذَكَّرُونَ) ( 23 ) ما أعلمكم اللّه ، والحاصل ادّكروا واسمعوا واعلموا وارءوا واعملوا كما أمركم اللّه .
(وَ) الأعداء الردّا وللمعاد (قالُوا ما هِيَ) الحال (إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) المحدود عهدها ولا أمد لها (نَمُوتُ وَنَحْيا) أرادوا هلاك إدرارهم وعمر أولادهم ، أو هلاك أحد وعمر أحد ، أو عمرهم وسط الدار الماصل والسام ورآها وما وراءه عمر ، ورد هو كلام رهط رأوا حول روح مما عطل وورد عطلا وراءه
------------
العلة أي ليعدل ولتجزى (وهم لا يظلمون) في الجزاء.
(أفرأيت) أخبرني (من اتخذ إلهه هواه وأضله الله) خلاه وما اختار (على علم) منه بأنه أهل الخذلان (وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة) فسر في البقرة (فمن يهديه من بعد الله) بعد أن خلاه وضلاله (أفلا تذكرون) تتذكرون (وقالوا ما هي) ما الحياة (إلا حياتنا الدنيا) التي نحن فيها (نموت ونحيا) تموت الآباء وتحيا الأبناء أو يموت بعض ويولد
ص: 179
(وَما يُهْلِكُنا) أحد (إِلَّا الدَّهْرُ) مرور العصر وطول العهد لا الملك الموكل للأرواح وأصل الدهر السطو (وَما لَهُمْ) لهؤلاء (بِذلِكَ) الدّهر وحاله (مِنْ عِلْمٍ) هم ما علموه (إِنْ) ما (لَهُمْ) ردّاد المعاد (إِلَّا يَظُنُّونَ) ( 24 ) مطاوعو أوهامهم وسمّوه علما كاملا .
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ) لإصلاحهم (آياتُنا) دوالّ كلام اللّه المرسل (بَيِّناتٍ) سواطع الأسرار (ما كانَ حُجَّتَهُمْ) دالّهم الموهوم (إِلَّا أَنْ قالُوا) للرسل (ائْتُوا بِآبائِنا) أصدروا وأوردوا الولّاد الهلّاك وأرادوا عود أرواحهم حالا (إِنْ كُنْتُمْ) رهط الرسل (صادِقِينَ) ( 25 ) كلاما وادعاء ولو لدعواكم سداد .
(قُلِ) لهم رسول اللّه (اللَّهُ يُحْيِيكُمْ) أول الأمر أراد إعطاء الأرواح حال ورودكم الأرحام (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) حال أمد أعماركم لمّا مرّ دهر وحال الأحوال (ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ) كلّكم (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) المعاد الموعود وروده (لا رَيْبَ فِيهِ) صح وروده مالا لا محال (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أولاد آدم (لا يَعْلَمُونَ) ( 26 ) وروده لسوء دركهم وكدر صدرهم .
------------
بعض آخر (وما يهلكنا إلا الدهر) مرور الزمان ضموا إلى إنكار المعاد إنكار المبدأ (وما لهم بذلك) القول (من علم) مستند إلى حجة (إن هم إلا يظنون) يخمنون تخمينا.
(وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات ما كان حجتهم) التي يقابلونها بها (إلا أن قالوا ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين) سمي حجة على زعمهم فإن عدم حصول الشيء حالا لا يستلزم امتناعه مطلقا (قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم) أحياء (إلى يوم القيامة لا ريب فيه) لثبوته بالحجة (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) لتركهم النظر.
ص: 180
(وَلِلَّهِ) وحده ملكا وملكا (مُلْكُ السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) ملك (الْأَرْضِ) عالم الأمر (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) لإحصاء الأعمال وإعطاء الأعدال (يَوْمَئِذٍ) معادا (يَخْسَرُ) الرهط (الْمُبْطِلُونَ) ( 27 ) أعداء الإسلام وهو حلولهم الدّرك .
(وَتَرى) محمّد ( ص ) (كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) هوّارا لكمال الهول (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) طروس أعمالها (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ) كلكم عدل (ما كُنْتُمْ) أوّلا (تَعْمَلُونَ) ( 28 ) صوالح الأعمال وطوالحها .
(هذا) المحسوس (كِتابُنا) المسطور المأمور رسّمه واللّه مالكه والآمر أملاكه وهم سطروا أعمالهم (يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ) أعمالكم موصولا (بِالْحَقِّ) السّداد (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ) آمر الأملاك (ما) رسم كل عمل (كُنْتُمْ) أوّلا (تَعْمَلُونَ) ( 29 ) سرّا أو حسا وأصله اللّوح .
(فَأَمَّا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) كما أمرهم اللّه (فَيُدْخِلُهُمْ) اللّه (رَبُّهُمْ) الأرحم (فِي) دار (رَحْمَتِهِ) دارالسلام (ذلِكَ) الورود (هُوَ الْفَوْزُ) حصول المرام (الْمُبِينُ) ( 30 ) الساطع المعلوم .
------------
(ولله ملك السموات والأرض) فهو القادر على ما يريد (و يوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون وترى كل أمة جاثية) باركة على الركب أو مجتمعة (كل أمة تدعى إلى كتابها) كتاب أعمالها ويقال لهم (اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا) الذي كتبته الحفظة بأمرنا (ينطق) يشهد (عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته) جنته (ذلك هو الفوز المبين) الفلاح البين.
ص: 181
(وَأَمَّا) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما أسلموا هدد لهم (أَمَّا) أهمل أمركم (فَلَمْ تَكُنْ آياتِي) اللوامع مدلولها (تُتْلى عَلَيْكُمْ) لإسلامكم دواما (فَاسْتَكْبَرْتُمْ) عما أمر اللّه صدّا وسمودا (وَكُنْتُمْ) أعداء الإسلام (قَوْماً مُجْرِمِينَ) ( 31 ) أهل معاص .
(وَإِذا) كلما (قِيلَ) لكم (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ) موعوده لإحصاء الأعمال (حَقٌّ) حاصل وارد مالا لا محال (وَالسَّاعَةُ) الموعود ورودها (لا رَيْبَ فِيها) أصلا (قُلْتُمْ) حوارا (ما نَدْرِي) درأه علمه (مَا السَّاعَةُ) وما هولها (إِنَّ) ما (نَظُنُّ) ورودها (إِلَّا ظَنًّا) وهما ماصلا لا علما أصلا وهو كلام أكّده (وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ) ( 32 ) لها .
(وَبَدا لَهُمْ) لاح لهؤلاء الطّلاح (سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) طوالح أعمالهم (وَحاقَ) أحاط (بِهِمْ) وحلّ مال (ما كانُوا) أوّلا (بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 33 ) لهوا وما طاوعوه .
(وَقِيلَ) لهم (الْيَوْمَ نَنْساكُمْ) أطرحكم الدرك (كَما نَسِيتُمْ) أوّلا (لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) الوارد الحال والمراد عمله (وَمَأْواكُمُ) محلكم
------------
(وأما الذين كفروا) فيقال لهم (أفلم تكن ءاياتي تتلى عليكم فاستكبرتم) عن قبولها (وكنتم قوما مجرمين) بتكذيبها (وإذا قيل إن وعد الله) بالبعث (حق) كائن لا محالة (والساعة) القيامة (لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة) إنكارا لها (إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين) إتيانها (وبدا) ظهر (لهم) في الآخرة (سيئات ما عملوا) أي جزاؤها (وحاق) حل (بهم ما كانوا به يستهزءون) أي العذاب (وقيل اليوم ننساكم) نترككم في العذاب (كما نسيتم لقاء يومكم هذا) كترككم العمل للقائه (ومأواكم
ص: 182
(النَّارُ) الساعور (وَما لَكُمْ) أصلا (مِنْ ناصِرِينَ) ( 34 ) أرداء أودّاء .
(ذلِكُمْ) الإصر (بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ) أوّلا (آياتِ) كلام (اللَّهِ) أرسلها اللّه لإسلامكم (هُزُواً) لهوا (وَغَرَّتْكُمُ) مكركم (الْحَياةُ الدُّنْيا) العمر الماصل والوسع لوهمكم لا عمر سواه وألهاكم عمّا هو المهمّ وهو المعاد (فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ) أهل اللّهو (مِنْها) الساعور (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) ( 35 ) لروم ودّاد اللّه .
(فَلِلَّهِ) وحده (الْحَمْدُ) كله دواما (رَبِّ السَّماواتِ) مالكها (وَرَبِّ الْأَرْضِ) مصلحها (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 36 ) كلهم والعالم اسم لكل ما سواء وما وحّده لمّا أراد صروعه .
(وَلَهُ) للّه (الْكِبْرِياءُ) العلوّ والكمال (فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ملكا وملكا (وَهُوَ) اللّه (الْعَزِيزُ) كامل الطول (الْحَكِيمُ) ( 37 ) ساطع الأحكام .
------------
النار وما لكم من ناصرين) يمنعونكم منها (ذلكم بأنكم اتخذتم ءايات الله هزوا) استهزاؤهم بها (وغرتكم الحيوة الدنيا) فأنكرتم البعث (فاليوم لا يخرجون منها) التفات (ولا هم يستعتبون) لا يطلب منهم العتبى وهي أن يرضوا ربهم بالتوبة إذ لا تنفع حينئذ.
(فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين) خالق جميع ذلك (وله الكبرياء) العظمة (في السموات والأرض) فلا يستحقها سواه (وهو العزيز) في سلطانه (الحكيم) في تدبيره.
ص: 183
ص: 184
ص: 185
ص: 186
( سورة الأحقاف )
مورده امّ الرّحم صدد الكلّ ، ومحصول أصول مدلولها :
الأدلاء والإلسام لطوع ما عدّ اللّه ، وصدع عدم وآم كلام أهل العدول مع كلام لهم وراءه ، وألوك أكمل الرسل علاه السلام ووكوده مع طرس رسول الهود ، والأمر لإكرام الوالد والأمّ وما هدّد أهل آلاء مالوا الاها ، والومء لإهلاك رهط عاد ، ولدعاء الرسول محمّد صلعم الأرواح للإسلام ، وورود السعواء دروءا
ص: 187
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(حم) ( 1 ) سر اللّه مع محمد رسول اللّه ( ص ) وهما سر محمد ووسطه ، أو هو حكم اللّه وملكه ، أو حكمه ومصالحه أورد أولهما ، أو سر ما علمه إلّا اللّه ، أو هو اسم لمّا هو أوله وصدره وح هو محكوم علاه محموله .
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) إرسال كلام اللّه ولاء ماصلا حاصل (مِنَ اللَّهِ) وحده لا سواه أو هو موصول المصدر ، أو حال والمصدر مع الموصول ، أو الحال محمول لهو المطروح ، (الْعَزِيزِ) كامل الطول والسّطو لا مردّ لحكمه (الْحَكِيمِ) ( 2 ) الحاكم العادل .
(ما خَلَقْنَا السَّماواتِ ) عالم العلو وأهله (وَالْأَرْضَ) عالم الأمر وأهله (وَما) عالما حلّ (بَيْنَهُما) وسطهما (إِلَّا) موصولا (بِالْحَقِّ)
------------
( 46 سورة الأحقاف أربع أو خمس وثلاثون آية مكية)
(إلا آية قل أرأيتم إن كان من عند الله.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم) فسر في أول الجاثية (ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق) متلبسة بالعدل والحكمة للدلالة على
ص: 188
السداد كما هو الأصلح (وَأَجَلٍ مُسَمًّى) عصر موسوم وهو أمد العمر ، أو أمد الدهر وهو معاد الكلّ (وَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) صدّوا وما أسلموا للّه (عَمَّا أُنْذِرُوا) هوّلوا مما أوعد اللّه (مُعْرِضُونَ) ( 3 ) عدّال .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (أَ رَأَيْتُمْ) اعلموا (ما تَدْعُونَ) وما مدّعوكم وإلهكم (مِنْ دُونِ اللَّهِ) وراءه والمراد دماهم (أَرُونِي) اعلموا وهو مؤكد للأول (ما ذا خَلَقُوا) إلهكم (مِنَ الْأَرْضِ) ممّا هو أهلها (أَمْ لَهُمْ) لهؤلاء الإله (شِرْكٌ) مع اللّه (فِي) إعلاء (السَّماواتِ) وطوالعها وأدوارها وأحكامها (ائْتُونِي بِكِتابٍ) أوردوا طرسا مرسلا (مِنْ قَبْلِ هذا) الطرس المرسل لمحمد ( ص ) (أَوْ أَثارَةٍ) رسم (مِنْ عِلْمٍ) لهؤلاء العلماء الأوّل المعلم لسداد دعواكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ( 4 ) كلاما وادعاء وعملا .
وأمركم اللّه لطوعكم دماكم (وَمَنْ أَضَلُّ) أسوأ سلوكا (مِمَّنْ يَدْعُوا) مطاوعا إلها (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ) دعاءه (إِلى يَوْمِ
------------
وحدانيتنا وقدرتنا (وأجل مسمى) لإفنائها هو يوم القيامة (والذين كفروا عما أنذروا) من القيامة والجزاء (معرضون) عن التفكر فيه.
(قل أرأيتم ما تدعون من دون الله) من الأصنام (أروني) تأكيد (ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السموات) شركة في خلقهما أي إنهم لم يخلقوا شيئا فكيف يستحقون العبادة (ائتوني بكتاب من قبل هذا) القرآن الناطق بالتوحيد (أو أثارة) بقية (من علم) تؤثر عن الأولين بصحة دعواكم أنها شركاء الله (إن كنتم صادقين) في دعواكم.
(ومن أضل ممن يدعو) يعبد (من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم
ص: 189
الْقِيامَةِ) المعاد الموعود ورودها ، والحاصل دماهم ما سمعوا دعاءهم سرمدا ؟ ؟ ؟ (وَهُمْ) دماهم (عَنْ دُعائِهِمْ) سؤال أهل الطلاح ومرامهم (غافِلُونَ) ( 5 ) ما علموا ما هو المرام .
(وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ) أعادهم اللّه (كانُوا) دماهم (لَهُمْ) لطوّعهم (أَعْداءً وَكانُوا) دماهم وورد المراد أهل العدول (بِعِبادَتِهِمْ) طوّاعهم (كافِرِينَ) ( 6 ) صدّادا .
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ) الصدّاد (آياتُنا) أعلام طوله ودوالّ علوّه (بَيِّناتٍ) سواطع وهو حال (قالَ) لهؤلاء (الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ) لكلام اللّه (لَمَّا جاءَهُمْ) أوّل ما سمعوه وما أدركوا مسموعهم هذا الكلام (سِحْرٌ مُبِينٌ) ( 7 ) ساطع أمره لا سداد معه .
(أَمْ يَقُولُونَ) معهم محمد ( ص ) (افْتَراهُ) سرد كلامه وسمّاه كلام اللّه ولمّا ؟ ؟ ؟ (قُلْ) لهم محمد ( ص ) (إِنِ) لو (افْتَرَيْتُهُ) الكلام المرسل ادعاء ؟ ؟ ؟ كما هو موهومكم ودعواكم (فَلا تَمْلِكُونَ) لا طول لكم (لِي مِنَ اللَّهِ) فما أراده اللّه وإصره (شَيْئاً) أمرا ما (هُوَ) اللّه (أَعْلَمُ) واسع علم (بِما) وصم (تُفِيضُونَ) وهو الهرط والدسع (فِيهِ) كلام اللّه كلامكم هو
------------
القيامة) أي الأصنام (وهم عن دعائهم) عن عبادتهم (غافلون) لا علم لهم بها لأنها جمادات (وإذا حشر الناس كانوا) أي الأصنام (لهم) لعبدتها (أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) جاحدين بلسان حالهم أو مقالهم (وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات) ظاهرات (قال الذين كفروا للحق) القرآن (لما جاءهم هذا سحر مبين) السحرية (أم يقولون افتراه) إنكار تعجب من حالهم (قل إن افتريته) فرضا (فلا تملكون لي من الله) من عذابه (شيئا) أي لا تقدرون على دفعه عني فكيف أفتري عليه (هو أعلم بما تفيضون) تندفعون (فيه) من
ص: 190
سحر وولع (كَفى بِهِ) اللّه (شَهِيداً) عادلا (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) وهما مما أوعدهم اللّه (وَهُوَ) اللّه (الْغَفُورُ) لمرء هاد وأسلم (الرَّحِيمُ) ( 8 ) له وهو وعد لأهل الهود والإسلام ، وإعلام لحلم اللّه عمّا أهل العدول مع كمال سمودهم وإلهادهم السداد .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ) الملأ (الرُّسُلِ) أوّل مرسل (وَما أَدْرِي) ما أعلم (ما يُفْعَلُ بِي) مالا أرمك ، أو أرحل ، أو أسلم ، أو أهلك كما هو حال رسل أوّل (وَلا) أعلم ما عومل (بِكُمْ) مالا كالأسر والعسر والهلاك كما هو حال الأمم الهوالك (إِنْ) ما (أَتَّبِعُ) أطاوع وأعمل (إِلَّا ما) حكما (يُوحى إِلَيَّ) أوحاه اللّه إصلاحا للكل ولا أعدوه (وَما أَنَا إِلَّا) رسول (نَذِيرٌ) مهوّل عما أوعدهم اللّه (مُبِينٌ) ( 9 ) معلم أهوال ومصر أحوال .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (أَ رَأَيْتُمْ) اعلموا ما حالكم (إِنْ كانَ) كلام اللّه مرسلا (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) الملك المالك الراحم أرسله اللّه لصلاحكم وإسلامكم والحال (وَكَفَرْتُمْ بِهِ) الكلام المرسل عداء ولددا (وَشَهِدَ) عدلا (شاهِدٌ)
------------
الطعن في القرآن (كفى به) تعالى (شهيدا بيني وبينكم) فيصدقني ويكذبكم (وهو الغفور الرحيم) لمن تاب وآمن.
(قل ما كنت بدعا من الرسل) أي أول رسول بعث فأدعي ما لم يدعوا (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) في الدارين (إن أتبع إلا ما يوحى إلي وما أنا إلا نذير مبين) للإنذار بالآيات والبينات.
(قل أرأيتم) أخبروني (إن كان) أي القرآن (من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل) هو ابن سلام وقيل موسى وشهادته هي ما في التوراة (على مثله) مثل القرآن وهو ما في التوراة
ص: 191
عدل (مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ) أولاده وهو ولد سلام أورده الكلّ (عَلى مِثْلِهِ) إلهاء لطرس محمد ، والحاصل طرس الهود مطوه مدلولا لمّا حملا ما وعد اللّه وأوعد وما عداه (فَآمَنَ) أسلم العدل (وَاسْتَكْبَرْتُمْ) عمّا أمره اللّه حسدا وسمودا وعداء ، وحواره مطروح وهو أما حصل حدلكم ، والدال علاه (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لا يَهْدِي) سواء الصراط (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ( 10 ) رهط الحدّال .
ولمّا لام ملأ كأسلم وأسد ، أرسل اللّه (وَقالَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا عما أمروا كأولاد عامر (لِلَّذِينَ آمَنُوا) لأمرهم وحالهم أرادوا عمّارا وولد مسعود وأسلم أو هو كلام الهود لمّا أسلم ولد سلام (لَوْ كانَ) ما ادّعاه محمد ( ص ) وهو الإسلام (خَيْراً) أصلح (ما سَبَقُونا ) أهل الإسلام (إِلَيْهِ) طوّعه وما سارموا وما أدركوه أوّلا (وَ) لاح حسدهم وعداءهم (إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا) هؤلاء الأعداء وما شاكر سواء الصراط (بِهِ) كلام اللّه المرسل ، أو ما أمره محمد صلعم (فَسَيَقُولُونَ هذا) الكلام أو المأمور (إِفْكٌ قَدِيمٌ) ( 11 ) ولع ادّعاه الرسل الأوّل .
------------
مما يطابقه أو مثل ذلك وهو كونه من عند الله (فآمن) أي الشاهد (واستكبرتم) عن الإيمان وجواب الشرط ألستم أظلم الناس بدليل (إن الله لا يهدي القوم الظالمين) بكفرهم بما ثبت بالبرهان أنه من عند الله.
(و قال الذين كفروا للذين ءامنوا) في شأنهم (لو كان) أي ما أتى به محمد (خيرا ما سبقونا إليه) ونحن أرفع منهم (وإذ لم يهتدوا به) حذف عامله أي ظهر عنادهم (فسيقولون هذا إفك قديم) أساطير الأولين.
ص: 192
(وَمِنْ قَبْلِهِ) كلام اللّه (كِتابُ) رسول الهود (مُوسى) أوحاه اللّه له (إِماماً) لمّا طاوعه السعداء (وَرَحْمَةً) لهم وهو حال كإماما (وَهذا) الكلام المرسل (كِتابُ) مسطور لوح (مُصَدِّقٌ) مصحح ومسدد للطروس الأول (لِساناً عَرَبِيًّا) سطع دالّه ولاح مدلوله وهو حال ، أو المراد رسول اللّه علاه السلام (لِيُنْذِرَ) الكلام أو اللّه أو الرسول الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) صدّوا وحدلوا (وَبُشْرى) إعلام سرور (لِلْمُحْسِنِينَ) ( 12 ) للسعداء الطوّع لأوامره .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ قالُوا) مسحلا وروعا (رَبُّنَا اللَّهُ) وحده لا سواه (ثُمَّ اسْتَقامُوا) داوموا طواعا علما وعملا وما عادوا عمّا وحدوا مدد أعمارهم (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) عما وصول مكرهم معادا (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ( 13 ) حالا صدد الحمام ، أو مالا لعدم وصول المرام .
(أُولئِكَ) الملأ الطوّاع (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) أهل دارالسلام (خالِدِينَ) لهم الدّوام (فِيها) مع الرّوح والسرور (جَزاءً) مصدر طرح عامله لمّا دلّ الكلام علاه (بِما) عمل صالح (كانُوا) أولا
------------
(ومن قبله) قبل القرآن خبر (كتاب موسى) مبتدأ (إماما ورحمة) حال عاملهما الظرف (وهذا كتاب مصدق) للكتب قبله (لسانا عربيا) حال من الضمير في مصدق (لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين) عطف على محل لينذر.
(إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) على طاعته وسئل الرضا (عليه السلام) عن الاستقامة فقال هي والله ما أنتم عليه (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط (أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء) يجزون جزاء (بما كانوا يعملون) من الطاعات.
ص: 193
(يَعْمَلُونَ) ( 14 ) دواما .
(وَوَصَّيْنَا) المراد الحكم المؤكد (الْإِنْسانَ) ولد آدم (بِوالِدَيْهِ) الوالد والأم (إِحْساناً) إكراما وإعطاء (حَمَلَتْهُ) الولد (أُمُّهُ كُرْهاً) حملا مكروها مؤلما أو هو حال (وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) ولادا عسرا أو هو حال كالأوّل (وَحَمْلُهُ) عهد حمله وسط الرحم (وَفِصالُهُ) حسم دره ، والمراد عهده (ثَلاثُونَ شَهْراً) لو أراد أمصل مدد الحمل وأكمل مدد علس الدر ، أو الحمل مكسور الحاء ، وعمّر (حَتَّى إِذا بَلَغَ) وصل الولد (أَشُدَّهُ) كامل حلمه لا واحد له ، والمراد أكامل أعوامه ، وورد صار كهلا (وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) حولا وهو عهد كمال أحكم طلله وكمل حسه (قالَ) الولد كما أمر حال كماله اللّهم (رَبِّ أَوْزِعْنِي) ألهم (أَنْ أَشْكُرَ) أحمد وأعدّ (نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ) كرما (عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ) الوالد والأم ، وهو إعطاء الولد لهما أو الإسلام أو الأعمّ (وَ) ألهم (وَأَنْ أَعْمَلَ) عملا (صالِحاً) محمودا (تَرْضاهُ) كما هو مأمورك (وَأَصْلِحْ لِي) إسلاما (فِي ذُرِّيَّتِي) الأولاد وأولاد الأولاد وأوردهم موارد الصلاح (إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ) اللهم عما أساء الأمر (وَإِنِّي مِنَ) الملأ
------------
(ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها) ذات كره أي مشقة (وحمله وفصاله) أي مدة حمله ورضاعه التام (ثلاثون شهرا) وهذا مع قوله حولين كاملين يفيد أن أقل مدة الحمل ستة أشهر كما في المرتضوي (حتى إذا بلغ أشده) كمال قوته (وبلغ أربعين سنة) وهو وقت استحكام العقل والرأي (قال رب أوزعني) ألهمني (أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي) اجعلهم محلا للصلاح لأجلي (إني تبت إليك) مما تكرهه (وإني من
ص: 194
(الْمُسْلِمِينَ) ( 15 ) لأوامرك .
(أُولئِكَ) رهط أكرموا الوالد والأم وأحصوا الآلاء (الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ) عدلا وإكراما لهم (أَحْسَنَ) أصلح (ما عَمِلُوا) مما أمره اللّه (وَنَتَجاوَزُ) أعدل (عَنْ سَيِّئاتِهِمْ) طوالح أعمالهم الأول لمّا هادوا (فِي) عداد (أَصْحابِ الْجَنَّةِ) أهل دارالسلام وهو حال وعد اللّه (وَعْدَ الصِّدْقِ) السداد وهو مصدر مؤكد وهو الوعد (الَّذِي) هم (كانُوا) أول الأمر (يُوعَدُونَ) ( 16 ) وعدهم الرسول .
(وَ) المرء (الَّذِي قالَ) صاح كرها والمراد العموم (لِوالِدَيْهِ) الوالد والأمّ (أُفٍّ) عار ووصم (لَكُما) أصمكما سمودا ولام لكما للإعلام كلام هل لك ، والحاصل لكما لا لسواكما (أَ تَعِدانِنِي) وعدا مؤكدا (أَنْ أُخْرَجَ) أعاد روحا (وَ) الحال (قَدْ خَلَتِ) مرّ (الْقُرُونُ) دهورا الأمم (مِنْ قَبْلِي) وما عاد أحد (وَهُما) والداه (يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ) سؤالا ودعاء (وَيْلَكَ) هلاكك لولا عودك وهو مصدر طرح عامله (آمِنْ) صر مسلما مطاوعا لما أمره اللّه مسددا لما وعده (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ) لمعادكم (حَقٌّ) سداد صح وروده (فَيَقُولُ) الولد لهما (ما هذا) الكلام وهو دعاءهما له للإسلام (إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ( 17 ) صحاصح الأمم الأول وأسماء الولّاع .
------------
المسلمين) المخلصين لك (أولئك) أي أهل هذا القول (الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا) يثابون على طاعتهم (ونتجاوز عن سيئاتهم) معدودين (في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون) في الدنيا.
(والذي قال لوالديه) مبتدأ خبره أولئك (أف لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلت القرون من قبلي) فلم يعادوا (وهما يستغيثان الله) يسألانه الغوث بتوفيقه للإيمان (ويلك ءامن) بالبعث (إن وعد الله) به (حق فيقول ما هذا إلا
ص: 195
(أُولئِكَ) هؤلاء الطّلاح (الَّذِينَ حَقَّ) حلّ (عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) وهو ملأ الساعور مما هم (فِي) سلك (أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ) هؤلاء الأمم (مِنْ قَبْلِهِمْ) مرّ عصرهم (مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) رهطهما (إِنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (كانُوا خاسِرِينَ) ( 18 ) علما وعملا حالا ومالا .
(وَلِكُلٍّ) لكل صالح وطالح (دَرَجاتٌ) مصاعد ومحاط (مِمَّا عَمِلُوا) صوالح أعمال أو طوالحها ، وما وعد لهم وأوعد وارد لا محال (وَ) اللّه حكم هؤلاء الأمور (لِيُوَفِّيَهُمْ) اللّه (أَعْمالَهُمْ) أعدالها وهو مكملها وموصل ما وعدهم وأوعدهم (وَهُمْ) الصلحاء والطّلاح (لا يُظْلَمُونَ) ( 19 ) حال إعطاء الأعدال لمّا هو ملك عدل حكمه معادل لعملهم .
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ) هؤلاء (الَّذِينَ كَفَرُوا) وما أسلموا للّه الواحد الأحد أراد ورودهم وطرحهم (عَلَى النَّارِ) ساعور دار الآلام كلّم لهم (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ) صوالح هواكم (فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا) عمركم الماصل (وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) وحصل لكم الأهواء والمطامع كلها أوّلا (فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ) لطوالح
------------
أساطير الأولين) أباطيلهم التي سطروها (أولئك الذين حق عليهم القول) بالعذاب (في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس) بيان الأمم (إنهم كانوا خاسرين) استئناف يعلل الحكم (ولكل) من الجنسين (درجات) مراتب متصاعدة في الجنة ومتنازلة في النار (مما عملوا) من جزاء ما عملوا من خير وشر (وليوفيهم أعمالهم) جزاءها (وهم لا يظلمون) في الجزاء.
(ويوم يعرض الذين كفروا على النار) يدخلونها وقيل تعرض هي عليهم فقلبت مبالغة يقال لهم (أذهبتم طيباتكم) لذاتكم (في حياتكم الدنيا) باشتغالكم بها (واستمتعتم بها) فاستوفيتموها (فاليوم تجزون
ص: 196
أعمالكم (عَذابَ الْهُونِ) أسوأ الآصار وأكره الآلام (بِما كُنْتُمْ) رهط الطّلاح (تَسْتَكْبِرُونَ) لسمودكم وطماحكم أوّلا (فِي) سطح (الْأَرْضِ) موصولا (بِغَيْرِ الْحَقِّ) وما صلح لكم العلو وإعلاء الرؤوس (وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) ( 20 ) لطلاحكم وعدولكم عما أمر اللّه ورسوله .
(وَاذْكُرْ) محمد ( ص ) إعلاما (أَخا عادٍ) وهو هود الرسول (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ) هوّل رهطه عادا وهدّدهم (بِالْأَحْقافِ) وهو واد عال راكع راح رمله طولا ، واحده كورد وهو الرمل الآمر (وَ) الحال (قَدْ خَلَتِ) الرسل (النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) مرّ عهدهم وما أرسل هود (وَمِنْ خَلْفِهِ) أرسلوا وراء هود (أَلَّا تَعْبُدُوا) إلها (إِلَّا اللَّهَ) وحده واطرحوا دماكم (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) لسوء أعمالكم وطوعكم دماكم (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ( 21 ) أهوالا وآلاما .
(قالُوا) رهط هود هودا (أَ جِئْتَنا) رسولا (لِتَأْفِكَنا) أورودك محول صاد (عَنْ) طوع (آلِهَتِنا) مهددا وموعدا (فَأْتِنا بِما) إصر (تَعِدُنا) لالوهها (إِنْ كُنْتَ) هود (مِنَ) الرسل (الصَّادِقِينَ) ( 22 ) وعدا وادّعاء .
------------
عذاب الهون) الهوان (بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون) بسبب تكبركم وفسقكم أو بمقابلتهما.
(واذكر أخا عاد) أي هودا (إذ أنذر قومه بالأحقاف) جمع حقف وهو رمل مستطيل مرتفع دون الجبل واد يسكنونه بين عمان ومهرة أو الشحر من اليمن (وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه) مضت الرسل قبل هود وبعده (ألا) بأن لا أو أي لا (تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) إن عبدتم غيره (قالوا أجئتنا لتأفكنا عن ءالهتنا) لتصرفنا (فأتنا بما تعدنا) من العذاب (إن كنت من الصادقين) في مجيئه.
ص: 197
(قالَ) هود حوارا لهم (إِنَّمَا الْعِلْمُ) ما علم الموعد المعهود للإصر (عِنْدَ اللَّهِ) وهو عالم الموعد وحدّه لا سواه (وَأُبَلِّغُكُمْ) أعلمكم (ما أُرْسِلْتُ بِهِ) ما هو المرسل لكم ممّا وعده اللّه وأوعده وما ؟ ؟ ؟ الرسول الإعلام (وَلكِنِّي أَراكُمْ) أعلمكم رهط الطلاح (قَوْماً تَجْهَلُونَ) ( 23 ) الرسل وكلامهم ، ولا علم لكم أصلا .
(فَلَمَّا رَأَوْهُ) ما هو الموعد لهم وهم راموا وروده مسرعا (عارِضاً) ركاما ممدودا وطحاء واسعا حال عدم الإمطار مال (مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ) أسرعوا أمامها سرورا كما هو المعهود أوّلا (قالُوا) دوحا (هذا) المحسوس (عارِضٌ مُمْطِرُنا) وكلّم هود لهم لا (بَلْ هُوَ) المحسوس (مَا) إصر (اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) وروده ممّا أوعدكم اللّه وهو (رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 24 ) مؤلم .
(تُدَمِّرُ) وهو الإهلاك (كُلَّ شَيْءٍ) أطلال عاد وأموالهم (بِأَمْرِ) اللّه (رَبِّها) أراد إهلاكه وهم دمّروا واصطلموا مع الأولاد والأعراس والسوام والأموال وما سلم إلا هود ورهط أسلم معه (فَأَصْبَحُوا) صاروا هلّاكا (لا يُرى) أمر (إِلَّا مَساكِنُهُمْ) ودورهم حال ورود أمصارهم (كَذلِكَ) كما
------------
(قال إنما العلم عند الله) هو يعلم وقت عذابكم لا أنا (وأبلغكم ما أرسلت به) ما علي إلا البلاغ (ولكني أراكم قوما تجهلون) باستعجالكم العذاب (فلما رأوه) أي الموعود أو مبهم يفسره (عارضا) سحابا عرض في أفق السماء (مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا) قال تعالى (بل هو ما استعجلتم به) من العذاب (ريح فيها عذاب أليم تدمر) تهلك (كل شيء) مرت به (بأمر ربها) بإرادته فأهلكتهم (فأصبحوا) بحيث لو جئتهم (لا يرى إلا مساكنهم كذلك) كما جزيناهم
ص: 198
عومل مع عاد (نَجْزِي) أعامل (الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) ( 25 ) كل رهط عملوا كعملهم .
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ) عادا وطودا (فِيما) علو ووسع وطول عمر (إِنْ) ما (مَكَّنَّاكُمْ) رهط الحمس (فِيهِ) معاده ما (وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً) أسماعا لمّا سمعوا (وَأَبْصاراً) لمّا رأوا (وَأَفْئِدَةً) لمّا أدركوا (فَما أَغْنى) ما درء وما ردّ (عَنْهُمْ) الحمس (سَمْعُهُمْ) لصممه (وَلا أَبْصارُهُمْ) لعمائها (وَلا أَفْئِدَتُهُمْ) لسوادها وكدرها (مِنْ شَيْءٍ) أمر ماصل (إِذْ) معلل (كانُوا) هؤلاء الطّلاح عداء وحسدا (يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللَّهِ) كلام اللّه ومعالم رسوله (وَحاقَ بِهِمْ) أحاطهم (ما) إصر (كانُوا) أوّلا (بِهِ) وروده (يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 26 ) وهو الإصر المهلك .
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا) رهط الحمس (ما) حلّوا (حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى) أهلها كعاد ورهط لوط ورهط صالح (وَصَرَّفْنَا الْآياتِ) كرّرها (لَعَلَّهُمْ) أهل هؤلاء الأمصار (يَرْجِعُونَ) ( 27 ) عمّا عملوا عمل السوء .
------------
(نجزي القوم المجرمين) من أمثالهم.
(ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه) إن نافية أي مكناهم في الذي أو في شيء لم نمكنكم من القوة والمال (وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة) ليدركوا الحجج ويتفكروا فيها (فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء) أي شيئا من الإغناء (إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق) حل (بهم ما كانوا به يستهزءون) من العذاب (و لقد أهلكنا ما حولكم من القرى) أي أهلها كعاد وثمود وقوم لوط (وصرفنا الآيات) كررناها (لعلهم يرجعون) عن
ص: 199
(فَلَوْ لا) هلّا (نَصَرَهُمُ) أمدهم (الَّذِينَ اتَّخَذُوا) عطوهم طوعا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (قُرْباناً) لوصول اللّه وحصول مرامهم وهو حال (آلِهَةً) سهماء معه وهم دماهم (بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) حال حلول الإصر وما أمدوهم وحسم أملهم (وَذلِكَ) العمل (إِفْكُهُمْ) عمل ولعهم أو عدل صدودهم (فَلَوْ) عدل (ما كانُوا) أولا (يَفْتَرُونَ) ( 28 ) لهم دوام الولع ما للمصدر أو للموصول
(وَ) ادّكر (إِذْ صَرَفْنا) أمال اللّه (إِلَيْكَ) محمد ( ص ) (نَفَراً) رهطا معدودا (مِنَ الْجِنِّ) وهم وردوا محلّ رسول اللّه صلعم سحرا (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) كلام اللّه المرسل (فَلَمَّا حَضَرُوهُ) الرسول أو الكلام المرسل (قالُوا) آحادهم آحادا حرصا للسماع (أَنْصِتُوا) دعوا كلامكم واسمعوا كلام اللّه (فَلَمَّا قُضِيَ) الأمر وحسم الكلام (وَلَّوْا) عادوا (إِلى قَوْمِهِمْ) رهطهم (مُنْذِرِينَ) ( 29 ) لهم هولا لأمر المعاد وآلامه .
(قالُوا) لهم وأعادوا ما رأوا وما سمعوا (يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا) سماعا
------------
كفرهم (فلو لا) فهلا (نصرهم) منعهم من العذاب (الذين اتخذوا من دون الله قربانا) متقربا بهم إلى الله (ءالهة) بدل منه أو مفعول ثاني وقربانا حال (بل ضلوا) غابوا (عنهم) عند نزول العذاب (وذلك) الاتخاذ (إفكهم) كذبهم (وما كانوا يفترون) وافترائهم على الله.
(وإذ صرفنا) أملنا (إليك نفرا من الجن) جن نصيبين أو نينوى، والنفر دون العشرة (يستمعون القرءان فلما حضروه) أي القرآن أو النبي وهو ببطن نخلة يصلي الفجر (قالوا) قال بعضهم لبعض (أنصتوا) لاستماعه (فلما قضى) فرغ من قراءته (ولوا) انصرفوا (إلى قومهم منذرين) إياهم بما سمعوا (قالوا يا قومنا إنا سمعنا
ص: 200
سارا (كِتاباً) مرسلا (أُنْزِلَ) أرسل (مِنْ بَعْدِ) طرس (مُوسى) الرسول (مُصَدِّقاً) مسددا مسلما (لِما) لكل طرس أرسل (بَيْنَ يَدَيْهِ) أمامه (يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) اللّه (وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 30 ) صراطه السواء وهو الإسلام .
(يا قَوْمَنا أَجِيبُوا) اسمعوا وطاوعوا (داعِيَ اللَّهِ) محمدا رسول اللّه صلعم (وَآمِنُوا) أسلموا (بِهِ) اللّه أو الرسول واعملوا كما أمر (يَغْفِرْ لَكُمْ) اللّه (مِنْ ذُنُوبِكُمْ) كلها (وَيُجِرْكُمْ) هو السلام (مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) ( 31 ) مؤلم معدّ للطلّاح .
(وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ) للإسلام وما سمع أوامر محمد ( ص ) وما أطاعه (فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ) للّه (فِي الْأَرْضِ) واللّه علا سطوه لا رادّ لمّا أوعد (وَلَيْسَ لَهُ) لكل أحد ما أسلم محمدا ( ص ) وما سمع كلامه وما عمل كما أمر (مِنْ دُونِهِ) اللّه (أَوْلِياءُ) أودّاء ممدوه (أُولئِكَ) لهؤلاء الرهط (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ( 32 ) لصدودهم عما أمروا .
(أَ) طمس ألواح أرواعهم (وَلَمْ يَرَوْا) ما علموا (أَنَّ اللَّهَ) الآسر المصوّر (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ) أسر وصوّر عالم العلو مع أسراره (وَ)
------------
كتابا أنزل من بعد موسى) لعلهم كانوا يهودا أو لم يسمعوا بأمر عيسى (مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق) الإسلام (وإلى طريق مستقيم) شرائعه (يا قومنا أجيبوا داعي الله) محمدا إلى الإيمان (وءامنوا به يغفر لكم) الله (من ذنوبكم) بعضها إذ منها المظالم ولا تغفر إلا برضا أهلها (ويجركم من عذاب أليم) يمنعكم منه (ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض) إذ لا يفوته هارب (وليس له من دونه أولياء) يمنعونه منه (أولئك في ضلال مبين أولم يروا) يعلموا منكرو البعث (أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم
ص: 201
أسر (الْأَرْضَ) عالم الأمر مع أطواره (وَلَمْ يَعْيَ) ما كلّ وما ملّ (بِخَلْقِهِنَّ) العوالم كلها (بِقادِرٍ) كامل طول (عَلى أَنْ يُحْيِيَ) الملأ (الْمَوْتى) كلهم معادا كما وعد (بَلى) له كمال طول حالا ومالا (إِنَّهُ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مراد عموما (قَدِيرٌ) ( 33 ) وهو مالك الكل والكل مملوكه ومأسوره .
(وَ) ادّكر (يَوْمَ يُعْرَضُ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) وما أسلموا للّه (عَلَى النَّارِ) للآصار (أَ لَيْسَ هذا) الإصر (بِالْحَقِّ) السداد والعدل كما أوعدكم اللّه ، وهو كلام اللّه أو الملك معهم ، وهم (قالُوا بَلى) هو السداد كما أوعد اللّه (وَ) اللّه (رَبِّنا قالَ) اللّه أو الملك لهم (فَذُوقُوا الْعَذابَ) أدركوا الإصر الموعد (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) ( 34 ) أوّلا لكمال طلاحكم وصدودكم .
(فَاصْبِرْ) محمد ( ص ) وأمسك روعك واحمل المكاره حال صدود رهطك ومراءهم (كَما صَبَرَ) امسك وحمل المكاره (أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) أولو الوطود والحلم والكدّ والحسام والعماس ، وهم مهّدوا مراسم الأحكام وأسسوا مكارم الأمور ، وأحسوا صروع اللأواء ، وأدركوا صواكم الدهر
------------
يعي) لم يتعب (بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى) هو قادر عليه (إنه على كل شيء قدير) ومنه إحياء الموتى (ويوم يعرض الذين كفروا على النار) ويقال لهم (أليس هذا) العذاب (بالحق قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) بكفركم (فاصبر) على أذى قومك (كما صبر أولوا العزم) ذو الجد والثبات (من الرسل) وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى فختموا بمحمد صلی الله علیه و اله
ص: 202
ومكاره الأمم ومعاسر الأعداء ، وهم رهط معدود أو الرسل كلهم (وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) لطلّاح الحمس إصرا وهلاكا ، ما صلح إسراعك ودع دعاء إهلاكهم وأمهلهم عصرا معهودا ، والإصر وارد لهم مآلا لا محال (كَأَنَّهُمْ) الأعداء (يَوْمَ يَرَوْنَ) حسا (ما) إصرا (يُوعَدُونَ) وروده معادا لطوله (لَمْ يَلْبَثُوا) ما وهموا ركودهم دار الأمر (إِلَّا ساعَةً) عصرا ماصلا (مِنْ نَهارٍ) لهول المعاد ومدّ العسر وهو (بَلاغٌ) إعلام للكل وإصلاح لهم (فَهَلْ) ما (يُهْلَكُ) هلاك إصر (إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ) ( 35 ) رهط الطّلاح .
------------
(ولا تستعجل لهم) لقومك العذاب فإنه مصيبهم لا محالة (كأنهم يوم يرون ما يوعدون) من العذاب في الآخرة (لم يلبثوا) في الدنيا في ظنهم (إلا ساعة من نهار) لهول ما عاينوا (بلاغ) أي هذا الذي وعظتم به كفاية أو تبليغ من الله إليكم (فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) الخارجون عن أمر الله.
ص: 203
ص: 204
ص: 205
ص: 206
( سورة محمد )
موردها مصر رسول اللّه علاه السّلم وآما ، ومحصول أصول مدلولها :
لوم أهل العدول للصّدود عمّا هو صراط اللّه وصدع أحوال العماس مع الأعداء وحكم أساراهم ، والأمر لإسعاد الإسلام ، وإهلاك أهل العدول ، وادّكار اطراد مسل الماء والدر والعسل والراح وسط دارالسلام ، وطعام الأعداء وماء علسوه ، وسطوع أعلام السعواء ، وأمر الرسول - علاه السّلام - للورود وسط داماء الوحود ، ولوم أهل المحال والمكر وإعلاء الاملاء السواء لهم ، والأمر أهل الإسلام لطوع اللّه ورسوله ، ووصم أهل إمساك المال ، وإعلام وسع اللّه وطوعه وحصره علاه لمّا أهل العالم كلهم عالوا
ص: 207
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مرّ مدلوله اللامع الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما أسلموا (وَصَدُّوا) صدودا أسوأ أو عدلوا وحدّوا أرهاطا (عَنْ ) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) صراطه الأسدّ ومسلكه الأسلم وهو الإسلام (أَضَلَّ) اللّه (أَعْمالَهُمْ) ( 1 ) الصوالح كإطعام الطعام ووصل الأرحام ، والمراد عدم إعطاء عدلها معادا ، أو أطلحها اللّه وهم ما عملوا إلّا طلاحا .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لما أمر اللّه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) صوالح الأعمال عموما (وَآمَنُوا) أسلموا (بِما) طرس (نُزِّلَ) أرسل (عَلى مُحَمَّدٍ) رسول اللّه وهو كلام اللّه
------------
( 47 سورة محمد وتسمى سورة القتال ثمان أو تسع وثلاثون آية مكية)
(إلا آية وكأين من قرية هي أشد)
( نزلت حين توجه من مكة إلى المدينة أو وهو يرى البيت ويبكي عليه.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) أي ضلوا وأضلوا (أضل أعمالهم) أبطلوا أعمالهم كصلة الأرحام وإطعام الطعام ونحوهما (والذين ءامنوا وعملوا الصالحات) بالهجرة والنصرة وغيرهما (وءامنوا بما نزل على محمد) أي
ص: 208
(وَهُوَ) كلامه المرسل (الْحَقُّ) صح وروده (مِنْ رَبِّهِمْ) أرسله لهداهم (كَفَّرَ) كمّ اللّه ودمس (عَنْهُمْ) لإسلامهم وعملهم الصالح (سَيِّئاتِهِمْ) طوالح أعمالهم لعودهم وأودهم عمّا ساء (وَأَصْلَحَ) اللّه (بالَهُمْ) ( 2 ) حالهم أو روعهم حالا ومالا .
(ذلِكَ) الإطلاح والإصلاح (بِأَنَّ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) ما أسلموا للّه (اتَّبَعُوا الْباطِلَ) طاوعوا هواهم (وَأَنَّ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (اتَّبَعُوا الْحَقَّ) طاوعوا السداد ، وهو كلام اللّه المرسل (مِنْ رَبِّهِمْ) المالك (كَذلِكَ) كاعلام مرّ (يَضْرِبُ اللَّهُ) إعلاما (لِلنَّاسِ) أولاد آدم الصلحاء والطّلاح كلهم (أَمْثالَهُمْ) ( 3 ) لاطّلاع أحوالهم .
(فَإِذا لَقِيتُمُ) أهل الإسلام الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وهم أهل العماس (فَضَرْبَ الرِّقابِ) احسموا أكرادهم واصرموا رؤوسهم والمراد أهلكوهم (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ) وحصل لكم السطو والعلو إهلاكا (فَشُدُّوا) ائسروهم واملكوهم واحكموا (الْوَثاقَ) أسرا محكما ولمّا
------------
القرآن تخصيص بعد تعميم للتعظيم المؤكد باعتراض (وهو الحق) الثابت (من ربهم) فهو ناسخ لا ينسخ (كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) حالهم في دينهم ودنياهم (ذلك) الإضلال والتكفير (بأن) بسبب أن (الذين كفروا اتبعوا الباطل) الشيطان (والذين ءامنوا اتبعوا الحق من ربهم) القرآن (كذلك) البيان (يضرب) يبين (الله للناس أمثالهم) أحوالهم أو أحوال الفريقين ليعتبروا بهم.
(فإذا لقيتم الذين كفروا) في القتال (فضرب الرقاب) فاضربوا الرقاب ضربا فحذف الفعل وأضيف المصدر الدال عليه إلى المفعول (حتى إذا أثخنتموهم) أكثرتم قتلهم (فشدوا الوثاق) ما يوثق به أي فأسروهم وأحكموا
ص: 209
حصل لكم الأسر (فَإِمَّا مَنًّا) هو سرح لا مع أوس ، وهو مصدر طرح عامله ، (بَعْدُ) وراء أسرهم (وَإِمَّا) أعطوا (فِداءً) حما لهم ، وهو سرح مع أوس ، وهو إمّا المال أو أسراء أهل إسلام أسرهم الأعداء (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ) أهله (أَوْزارَها) أحمالها كالسلاح والكراع ، والمراد رواح العماس لحصول إسلام الأعداء ، أو لعهدهم وسلمهم وهو أمد الإهلاك والأسر الأمر (ذلِكَ) اعلموه واعملوه (وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ) اصطلامهم (لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ) لاصطلمهم وما أمركم للعماس معهم (وَلكِنْ) أمركم العماس (لِيَبْلُوَا) اللّه (بَعْضَكُمْ) أهل الإسلام (بِبَعْضٍ) الأعداء ممحصا لكم ، أو مهلكا للأعداء ، (وَ) الملأ (الَّذِينَ قُتِلُوا) أهلكوا حال العماس أهلكهم الأعداء (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لإعلاء الإسلام (فَلَنْ يُضِلَّ) اللّه أصلا (أَعْمالَهُمْ) ( 4 ) الصوالح ردّا وطردا .
(سَيَهْدِيهِمْ) اللّه سواء الصراط حالا ومالا (وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) ( 5 ) حالهم وأمرهم لسماع أعمالهم وإعطاء لدهم ما لهم علاه .
------------
وثاقهم (فإما منا بعد) أي تمنون عليهم بإطلاقهم بغير عوض منا بعد الأسر (وإما فداء) تفادوهم بعوض (حتى تضع الحرب) أي أهلها (أوزارها) أثقالها من السلاح والكراع بأن يسلم الكفار أو يسالموا أو آثامها أي حتى يصفوا شركهم (ذلك) أي الأمر ذلك (ولو يشاء الله لانتصر منهم) بإهلاكهم بلا قتال (ولكن) أمركم به (ليبلوا بعضكم ببعض) ليختبر المؤمنين بجهاد الكافرين فيظهر المطيع والعاصي (والذين قتلوا) وقرىء قتلوا (في سبيل الله فلن يضل أعمالهم) لن يضيعها (سيهديهم) إلى الجنة أو يثبتهم على الهدى (ويصلح بالهم) حالهم.
ص: 210
(وَيُدْخِلُهُمُ) اللّه معادا (الْجَنَّةَ) سارا لهم (عَرَّفَها لَهُمْ) ( 6 ) مدحها أو روّحها أو حددها وأعلمهم مراسمها ، كما ورد كل واحد عالم مأواه حال وروده أراد صروح دارالسّلام .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ) إسلامه ورسوله ، والمراد إسعاد أهل الإسلام وإهلاك الأعداء لإعلاء الإسلام (يَنْصُرْكُمْ) اللّه حال سطو الأعداء (وَيُثَبِّتْ) اللّه (أَقْدامَكُمْ) ( 7 ) معارك الأعماس ومصاعد الإسلام .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) وصدّوا عما أمروا (فَتَعْساً لَهُمْ) هلاكا وحطّا لهؤلاء الطّلاح وهو عكس « لعا » (وَأَضَلَّ) أعدم اللّه (أَعْمالَهُمْ) ( 8 ) الصوالح .
(ذلِكَ) الهلاك والإعدام معلّل (بِأَنَّهُمْ) أهل الطلاح (كَرِهُوا) عدوا مكروها وردّوا (ما أَنْزَلَ اللَّهُ) أرسل اللّه وهو كلامه العسر طوعه لهم ولأوامره وروادعه (فَأَحْبَطَ) اللّه (أَعْمالَهُمْ) ( 9 ) الصوالح كإحرام الحرم وإصلاح
------------
(ويدخلهم الجنة عرفها) بينها (لهم) بحيث يهتدون إلى منازلهم فيها أو بينها بوصفها في القرآن أو طيبها لهم من العرف طيب الرائحة.
(يا أيها الذين ءامنوا إن تنصروا الله) أي دينه ورسوله (ينصركم ويثبت أقدامكم) في مواقف الحرب والقيام بأمر الدين (والذين كفروا فتعسا لهم) أي تعسوا تعسا دعاء عليهم بالعثور والتردي في جهنم (وأضل أعمالهم) عطف على تعسوا المقدر (ذلك) التعس والإضلال (بأنهم كرهوا ما أنزل الله) من القرآن والأحكام أو ما أنزل في حق علي (عليه السلام) كما عن الباقر (عليه السلام) (فأحبط أعمالهم)
ص: 211
داره وإطعام أهل العسر وإمداد أهل العدم وإكرام ورّاد دورهم .
(أَ) أعموا (فَلَمْ يَسِيرُوا) ما ساروا وهو الأمر مدلولا ، والحاصل روحوا واسلكوا (فِي الْأَرْضِ) أمصار عاد (فَيَنْظُرُوا) حال مرورهم (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) أمد أمور الملأ (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) مرّ عهدهم (دَمَّرَ اللَّهُ) العدل (عَلَيْهِمْ) أهلكهم وأولادهم وأموالهم واصطلمهم كلّهم لمّا صدوا وردّوا الرسل وما أطاعوهم (وَلِلْكافِرِينَ) صدّاد الحمس (أَمْثالُها) ( 10 ) أعدال هلّاك هؤلاء الأعداء .
(ذلِكَ) ما مرّ وهو علوّ أهل الإسلام وسوء أمد الأعداء ومالهم معلّل (بِأَنَّ اللَّهَ) العدل (مَوْلَى) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه وممدّهم (وَأَنَّ) الرهط (الْكافِرِينَ) أعداء الإسلام (لا مَوْلى) لا ممدّ ولا مساعد (لَهُمْ) ( 11 ) أصلا .
(إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ) معادا الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا له (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) صوالح الأعمال (جَنَّاتٍ) مع دوح وأحمال وصروح (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدر والعسل والمدام (وَ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) وصدّوا عما أمروا (يَتَمَتَّعُونَ) لحصول حطام
------------
( أفلم يسيروا في الأرض فينظرواكيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم) أهلكهم وأهلهم وأموالهم (وللكافرين) وضع موضع الضمير إيذانا بالعلة (أمثالها) أمثال عاقبة من قبلهم أو عقوبتهم المفهومة من التدمير (ذلك) أي نصر المؤمنين وقهر الكافرين (بأن الله مولى الذين ءامنوا) ناصرهم (وأن الكافرين لا مولى لهم إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار والذين كفروا يتمتعون)
ص: 212
الدهر لهم عصرا ماصلا (وَيَأْكُلُونَ) حلالا وحراما (كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ) حرصا لا مطمح لهممهم إلا مآكلها كما لا مطرح لآمالها إلا مسرحها ومرعاها وما لهم همّ المعاد وآمالهم مراد الحال (وَالنَّارُ) ساعور الدرك (مَثْوىً لَهُمْ) ( 12 ) محلهم ومأواهم معادا .
(وَكَأَيِّنْ) كم (مِنْ قَرْيَةٍ) أراد أهلها لورود إهلاكهم (هِيَ) أهلها (أَشَدُّ قُوَّةً) أحكم طولا وأكمل عددا وعددا (مِنْ) أهل (قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ) محمد أهلها أراد أم الرّحم مولد رسول اللّه صلعم (أَهْلَكْناهُمْ) أمدا إهلاكا أسوأ (فَلا ناصِرَ) لا ممدّ (لَهُمْ) ( 13 ) ولا داسع لآصارهم أحد لمّا حلّهم .
(أَ) طاح العدل وصار أهل الصلاح والطلاح سواء (فَمَنْ كانَ) واطدا (عَلى بَيِّنَةٍ) دال عدل ساطع وهو كلام اللّه المرسل (مِنْ رَبِّهِ) وهو محمد رسول اللّه ( ص ) (كَمَنْ) كمرء (زُيِّنَ) سوّل (لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) هم أهل أم الرّحم (وَاتَّبَعُوا) طاوعوا (أَهْواءَهُمْ) ( 14 ) وآمالهم السواء لا ما وحّده رعاء لمدلول الموصول ومما أعلمك .
------------
أعمالهم أي بينهما بون بعيد (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير ءاسن) متغير لعارض وقرىء أسن كحذر (وأنهار من لبن لم يتغير طعمه) إلى حموضة أو غيرها (وأنهار من خمر لذة للشاربين) لذيذ أو مصدر وصف به (وأنهار من عسل مصفى) خالص من الفضلات كالشمع وغيره (ولهم فيها من كل الثمرات) أصناف خالصة من العيوب (و) لهم (مغفرة من ربهم كمن) خبر محذوف أي من (هو خالد) في
ص: 213
(مَثَلُ الْجَنَّةِ) حال دارالسّلام (الَّتِي وُعِدَ) الملأ (الْمُتَّقُونَ) أهل الإسلام والصلاح وورودها (فِيها أَنْهارٌ) مسل (مِنْ ماءٍ) حلو (غَيْرِ آسِنٍ) ما حال حاله طعمه أو روحه (وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ) درّ حلو (لَمْ يَتَغَيَّرْ) أصلا (طَعْمُهُ) لا كدر دار الأعمال (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ) مدام (لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) لا كره ولا سكر ولا صداع لها (وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى) عما كدّره كالموم (وَلَهُمْ) للصلحاء معد (فِيها) دارالسلام صروع (مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) الأحمال كلها (وَ) لهم (مَغْفِرَةٌ) لآصارهم (مِنْ رَبِّهِمْ) أحاطهم مراحمه ومكارمه ، أكلّ أحد دام سروره كما مرّ وله هؤلاء الآلاء (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ) دام (فِي النَّارِ) ساعور الدرك مؤلما مهموما (وَسُقُوا) محل الماء والدرّ والراح والعسل (ماءً حَمِيماً ) حارّ أسوأ حر (فَقَطَّعَ) الماء الحار (أَمْعاءَهُمْ) ( 15 ) كلها لكمال حرّه .
(وَمِنْهُمْ) الأعداء (مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ) كلامك (حَتَّى إِذا خَرَجُوا )
------------
أعمالهم أي بينهما بون بعيد (مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير ءاسن) متغير لعارض وقرىء أسن كحذر (وأنهار من لبن لم يتغير طعمه) إلى حموضة أو غيرها (وأنهار من خمر لذة للشاربين) لذيذ أو مصدر وصف به (وأنهار من عسل مصفى) خالص من الفضلات كالشمع وغيره (ولهم فيها من كل الثمرات) أصناف خالصة من العيوب (و) لهم (مغفرة من ربهم كمن) خبر محذوف أي من (هو خالد) في الجنة كمن هو خالد (في النار وسقوا) عوضا عن أشربة تلك الأنهار (ماء حميما) شديد الحر (فقطع أمعاءهم) بحره.
(ومنهم من يستمع إليك) إلى كلامك وهم المنافقون (حتى إذا خرجوا
ص: 214
سامعوا كلامك وراحوا (مِنْ عِنْدِكَ) صدادا حسادا (قالُوا) طلاحا (لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) علماء أهل الإسلام كولد مسعود (ما ذا قالَ )محمد ( ص ) (آنِفاً) الحال وما مدلول كلامه (أُولئِكَ) الرّهط (الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) سدّ موارد علمها وما هداهم (وَاتَّبَعُوا) طاوعوا (أَهْواءَهُمْ) ( 16 ) آمالهم .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ اهْتَدَوْا) سلكوا سواء الصراط وأسلموا للّه (زادَهُمْ) اللّه أو سماع كلام رسوله (هُدىً) علما ودركا وسرور صدر (وَآتاهُمْ) ألهمهم وأعلمهم (تَقْواهُمْ) ( 17 ) ورعهم الكامل وأسعدهم علاها وأعطاهم عدلها ، أو صدع لهم ما لسم الورع عمّاه .
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ) أهل أم الرّحم (إِلَّا السَّاعَةَ) أهم رصّادها والمراد لا رصد لهم (أَنْ تَأْتِيَهُمْ) ورودها لهم (بَغْتَةً) طلع دهما ودروءا (فَقَدْ جاءَ) حصل (أَشْراطُها) أعلامها وهو إرسال محمد ( ص ) وصدع أكمل لوامع السمر وحسم الأرحام ومصول الكرام (فَأَنَّى لَهُمْ) للطلّاح (إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) ( 18 ) ادّكارهم وهودهم ، والمراد لا حاصل لهودهم لمّا حصل لك
------------
من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال ءانفا) ما الذي قال الساعة استهزاء (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم) إذ خلاهم واختيارهم فتمكن الكفر في قلوبهم (واتبعوا أهواءهم) في النفاق (والذين اهتدوا زادهم) الله (هدى) باللطف والتوفيق (وءاتاهم تقواهم) وفقهم لها وأعطاهم جزاءها.
(فهل ينظرون) ما ينتظرون (إلا الساعة أن تأتيهم بغتة) فجأة (فقد جاء أشراطها) علاماتها كمبعث النبي وانشقاق القمر والدخان (فأنى) فمن أين (لهم إذا جاءتهم) الساعة (ذكراهم) تذكرهم أي لا ينفعهم حينئذ.
ص: 215
علم صلاح أهل الإسلام وطلاح أهل العدول .
(فَاعْلَمْ) محمّد ( ص ) (أَنَّهُ) الأمر (لا إِلهَ) لا مألوه ولا مطاع أحد (إِلَّا اللَّهُ) وحده ولمّا حصل لك العلم داومه (وَاسْتَغْفِرْ) واسأل المحو (لِذَنْبِكَ) إعلاما لأهل الإسلام وإلّا هو معصوم عصمه اللّه عما وصمه (وَلِلْمُؤْمِنِينَ) لآصارهم (وَ) آصار (الْمُؤْمِناتِ) دعاء لهم ، أعاد اللام مؤكدا كما عمل مأمورا محسلا معلما أسحارا وآصالا (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ) ممركم ومداركم لأموركم وأعمالكم وأوطاركم حالا (وَمَثْواكُمْ) ( 19 ) مأواكم معادا وهو محلّ رموككم سرمدا ولهما مسالك ومراحل .
(وَيَقُولُ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لكمال الحرص للعماس وإعلاء الإسلام ى (لَوْ لا) هلّا (نُزِّلَتْ سُورَةٌ) لأمر العماس وإهلاك الأعداء (فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) كما هو مرادهم (مُحْكَمَةٌ) محكم مدلولها لا رادّ له ولسم العماس لهم (وَذُكِرَ) أمر (فِيهَا الْقِتالُ) أمرا حلّ عمله (رَأَيْتَ) محمّد ( ص ) الرهط (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ) أسرارهم (مَرَضٌ) داء لا حراك لهم معه وهو الحسد واللّدد (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) روعا (نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ )
------------
(فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك) من ترك الأولى (وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم) منتشركم بالنهار ومستقركم بالليل أو متقلبكم في الدنيا ومثواكم في الآخرة أي هو عالم بجميع أحوالكم فاحذروه.
(ويقول الذين ءامنوا لو لا) هلا (نزلت سورة) في أمر القتال (فإذا أنزلت سورة محكمة) مبينة غير متشابهة (وذكر فيها القتال) أي طلبه (رأيت الذين في قلوبهم مرض) نفاق أو ضعف إيمان (ينظرون إليك نظر المغشي عليه
ص: 216
معدوم الصحو (مِنَ الْمَوْتِ) وهمومه وأهواله (فَأَوْلى) هلاك (لَهُمْ) ( 20 ) أو أصله آل ومدلوله الدعاء السوء ولا هم المكروه ، أو الأوّل وهو مآل أمورهم أمرهم .
(طاعَةٌ) طوعهم للّه (وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) كلام محمود صلح لك (فَإِذا عَزَمَ) لسم وحلّ (الْأَمْرُ) وصمد وهمّ أهل العماس حالوا عما أرادوا وما أسرعوا للعماس (فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ) كما صمدوا وراموا (لَكانَ) السداد (خَيْراً) أصلح (لَهُمْ) ( 21 ) حالا ومالا .
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ) لعلّكم (إِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أمور العالم أو هو العدول عما أمر اللّه (أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) لطلاح أصلكم (وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ) ( 22 ) لعلوّ حالكم كما هو معودكم أوّلا .
(أُولئِكَ) الطّلاح (الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ) طردهم لطلاحهم وحسم أرحامهم (فَأَصَمَّهُمْ) عما سمعوا كلام السداد (وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) ( 23 ) عما سلكوا صراط السواء وما روّوا عملهم اللهو والسهو .
(أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) وأوامره وروادعه روما لحصول العلم
------------
من الموت) خوفا وجبنا (فأولى لهم) أي وليهم وقاربهم المكروه (طاعة وقول معروف) حسن خير لهم (فإذا عزم الأمر) جد وأسند إليه مجازا إذ العزم لأصحاب الأمر وجواب إذا (فلو صدقوا الله) في امتثال أمره بالجهاد (لكان) الصدق (خيرا لهم فهل عسيتم) أي يتوقع منكم (إن توليتم) على الناس أو أعرضتم عن الدين (أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك) المذكورون (الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) أي تركهم وما هم عليه (أفلا يتدبرون القرآن) بالتفكر في زواجره ومواعيده فيعتبروا
ص: 217
(أَمْ عَلى قُلُوبٍ) لهم (أَقْفالُها) ( 24 ) للسدّ ، ورووا مكسور الأوّل مصدرا ، وهؤلاء علل عدم علمهم .
(إِنَّ) الرهط (الَّذِينَ ارْتَدُّوا) عادوا عما هو الإسلام (عَلى أَدْبارِهِمْ) حالهم الأوّل وردوا الإسلام (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ) لاح (لَهُمُ الْهُدَى) سلوك السداد وسداد الإسلام لسطوع الدوّال (الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ) سهّل لهم سلوك الطّلاح (وَأَمْلى لَهُمْ) ( 25 ) أمد لهم آمالا أو أمهلهم اللّه .
(ذلِكَ) الإمداد أو الإمهال معلّل (بِأَنَّهُمْ) الهود (قالُوا) سرّا (لِلَّذِينَ) لهؤلاء الطّلاح (كَرِهُوا) وردّوا (ما نَزَّلَ اللَّهُ) مما أرسل اللّه أحكاما وأوامر وهم أعداء الإسلام (سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ) إمداد أعداء محمد ( ص ) وعدم إسعاده أو آحاد أموركم كصدهم عما أمر اللّه وهو العماس (وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ) ( 26 ) مكسور الأوّل مصدر أصله أسرّ ورووا أسرارهم واحده السر .
------------
(أم على قلوب أقفالها) فلا يدخلها معانيه وتنكير القلوب لتعم قلوب أمثالهم أضيفت الأقفال إليها إرادة لأقفال مختصة بها.
(إن الذين ارتدوا على أدبارهم) رجعوا إلى كفرهم (من بعد ما تبين لهم الهدى) بالحجج الواضحة (الشيطان سول) زين (لهم) اتباع أهوائهم (وأملى لهم) في الأمل (ذلك) التسويل والإملاء (بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله) أي بسبب أن المنافقين أو اليهود قالوا للمشركين وروي أنهم بنو أمية كرهوا ما نزل الله في ولاية علي (عليه السلام) (سنطيعكم في بعض الأمر) كالتظاهر على عداوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) والقعود عن الجهاد (والله يعلم إسرارهم) فيظهرها ومنها قولهم هذا.
ص: 218
(فَكَيْفَ) حالهم (إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ) أهلكوهم وما عملهم ح والحال (يَضْرِبُونَ) الأملاك (وُجُوهَهُمْ) لمّا حولوا عما أمروا (وَأَدْبارَهُمْ) ( 27 ) أسرامهم والإصر وارد لهم لا محال وهم محاطوه أماما ووراء .
(ذلِكَ) الإهلاك المكروه معلّل (بِأَنَّهُمُ) الطّلاح (اتَّبَعُوا) طاوعوا (ما أَسْخَطَ اللَّهَ) وهو عمل السوء كإمداد الأعداء ، والعدول عما أمر رسول اللّه - علاه السلام - (وَكَرِهُوا) صاروا كرّاها (رِضْوانَهُ) مأموره وما أطاعوا وهو الإسلام (فَأَحْبَطَ) أهدر اللّه (أَعْمالَهُمْ) ( 28 ) الصوالح .
(أَمْ حَسِبَ) أوهم الرهط (الَّذِينَ) حصل (فِي قُلُوبِهِمْ) أسرارهم (مَرَضٌ) داء مهلك وهو الحسد واللّدد (أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ) هو الإعلام (أَضْغانَهُمْ) ( 29 ) أحساكهم وأكدارهم ووحر صدورهم مع أهل الإسلام
(وَلَوْ نَشاءُ) إعلامهم (لَأَرَيْناكَهُمْ) أعلمكم إعلاما وأوساما (فَلَعَرَفْتَهُمْ) أهل الحسد (بِسِيماهُمْ) علمهم ووسمهم (وَ) اللّه (لَتَعْرِفَنَّهُمْ) محمد ( ص ) (فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) مدلول كلامهم (وَاللَّهُ) عالم الكل (يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ) ( 30 ) الصوالح والطّوالح .
------------
(فكيف) يعملون (إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم) التي كانوا يتقون أن تصيبها آفة في القتال فجنبوا عنه لذلك (ذلك) التوقي على تلك الحال (بأنهم اتبعوا ما أسخط الله) من الكفر والمعاصي (وكرهوا رضوانه) ما يرضيه من الإيمان والطاعات (فأحبط أعمالهم) لعدم إيمانهم.
(أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم) أي أحقادهم للنبي والمؤمنين (ولو نشاء لأريناكهم) لعرفناكهم (فلعرفتهم بسيماهم) بعلاماتهم (ولتعرفنهم في لحن القول) فحواه وإمالته إلى نحو تعريض للمؤمنين وروي هو بغضهم لعلي (عليه السلام) (والله يعلم أعمالكم) وكونها بإخلاص أو نفاق.
ص: 219
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) إعلاما أو أعاملكم عمل ممحص وهو كمال العدل للعماس (حَتَّى نَعْلَمَ) علم سطوع الرهط (الْمُجاهِدِينَ) مع الأعداء (مِنْكُمْ) ورّاد المهالك وأسّاد المعارك وهم أهل الإسلام (وَ) أعلم (الصَّابِرِينَ) حمّال المكاره حال صوادم الأعداء وصواكم العماس (وَنَبْلُوَا) أعلم وأعلم (أَخْبارَكُمْ) ( 31 ) أسراركم وأعمالكم .
(إِنَّ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) ما أسلموا (وَصَدُّوا) عدلوا (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) مسلك الإسلام (وَشَاقُّوا الرَّسُولَ) عادوه وماروه وهم أهل الأطماع كما مرّ (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ) سطع ولاح (لَهُمُ الْهُدى) السلوك السواء وسداد الإسلام والرسول (لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ) رسوله (شَيْئاً) لصدهم وعدم إسلامهم (وَسَيُحْبِطُ) اللّه (أَعْمالَهُمْ) ( 32 ) عدل كل ما عملوا صوالح .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (أَطِيعُوا اللَّهَ) طاوعوا أوامره وروادعه (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) محمدا وأحكامه (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) ( 33 ) الصوالح كما عملوا هؤلاء الأعداء .
------------
(و لنبلونكم) بالجهاد وغيره (حتى نعلم) علم ظهور (المجاهدين منكم والصابرين) في التكاليف (ونبلو أخباركم) التي تحكى عنكم كدعواكم الإيمان أو أسراركم (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول) خالفوه (من بعد ما تبين لهم الهدى) وهو قريظة والنضير أو المطعمون يوم بدر (لن يضروا الله شيئا) وإنما ضروا أنفسهم (وسيحبط أعمالهم) بكفرهم.
(يا أيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) بم
ص: 220
(إِنَّ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام (وَصَدُّوا) مالوا (عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) وسلوكه السواء الأسلم وهو الإسلام (ثُمَّ ماتُوا) هلكوا (وَ) الحال (هُمْ كُفَّارٌ) ما أسلموا للّه (فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ) أصلا (لَهُمْ) ( 34 ) آصارهم موردها معهود وحكمها أعمّ .
(فَلا تَهِنُوا) أمرا وهو الوهاء (وَ) لا (تَدْعُوا) أعداءكم (إِلَى السَّلْمِ) الصلح (وَ) الحال (أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) أعال وأساط (وَاللَّهُ مَعَكُمْ) ممدا ومساعدا (وَلَنْ يَتِرَكُمْ) اللّه ما هو واكسا (أَعْمالَكُمْ) ( 35 ) محصولها .
(إِنَّمَا) ما (الْحَياةُ الدُّنْيا) العمر الماصل إلا (لَعِبٌ وَلَهْوٌ) لا وطود لها ومرورها اسرع مدد (وَإِنْ تُؤْمِنُوا) كما أمركم اللّه ورسوله (وَتَتَّقُوا) طوالح الأعمال (يُؤْتِكُمْ) اللّه (أُجُورَكُمْ) محصول صوالح أعمالكم (وَلا يَسْئَلْكُمْ) اللّه أو رسوله (أَمْوالَكُمْ) ( 36 ) كلّها أوسا للعطاء إلّا ما أمر اللّه إعطاءه لأهل العسر والعدم .
(إِنْ يَسْئَلْكُمُوها) الأموال (فَيُحْفِكُمْ) وهو الإلحاح أو الوكود روما
------------
ا ينافي الإخلاص من عجب وكفر ورياء ومن وأذى (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم) نزلت في أهل القليب وتعم غيرهم (فلا تهنوا) تضعفوا (وتدعوا) ولا تدعوا أو أن ندعو الكفار (إلى السلم) الصلح (وأنتم الأعلون) الغالبون (والله معكم) بالنصرة (ولن يتركم أعمالكم) لن ينقصكم أجرها من وترت الرجل إذا قتلت قريبه وأفردته عنه.
(إنما الحيوة الدنيا لعب ولهو) منقضية (وإن تؤمنوا وتتقوا يؤتكم أجوركم) فالفائدة تعود إليكم (ولا يسئلكم أموالكم) كلها بل فرض فيها يسيرا كربع العشر (إن يسئلكموها) كلها (فيحفكم) فيجهدكم بطلبها (تبخلوا)
ص: 221
للكل (تَبْخَلُوا) إمساكا (وَيُخْرِجْ) اللّه (أَضْغانَكُمْ) ( 37 ) أحسالكم ووحر صدوركم مع أهل الإسلام حال سؤال الكلّ .
(ها) للإعلام (أَنْتُمْ هؤُلاءِ) موصول (تُدْعَوْنَ) واللّه أمركم ودعاكم أداء المال (لِتُنْفِقُوا) الأموال (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) مسلك الإسلام كالطعاء لأهل العماس وما سواه كما أمره اللّه (فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ) ممسكا للمال عما هو محل الأداء لحكم اللّه ورسوله (وَمَنْ يَبْخَلْ) عما أعطاه اللّه (فَإِنَّما يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ) السوءاء وهواها (وَاللَّهُ) هو (الْغَنِيُّ) لا ما سواه لا وطر له (وَأَنْتُمُ) كلكم (الْفُقَراءُ) لا هو وما أمره إلّا لصلاحكم (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) عمّا أمركم اللّه ورسوله (يَسْتَبْدِلْ) اللّه أوسا (قَوْماً غَيْرَكُمْ) رهطا سواكم محلكم سمّاعا طوّاعا لأمر اللّه (ثُمَّ لا يَكُونُوا) هؤلاء الرّهط (أَمْثالَكُمْ) ( 38 ) صدودا وعدولا .
------------
فتمنعوها (ويخرج) البخل أو الله (أضغانكم) على الرسول ودينه.
(ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله) في الغزو وغيره (فمنكم من يبخل) بما فرض عليه (ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه) لعود ضرر البخل عليه (والله الغني وأنتم الفقراء) فأمركم بالإنفاق لفقركم إلى ثوابه (وإن تتولوا) عن طاعته (يستبدل) بخلق بدلكم (قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) في التولي عن طاعته، سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عنهم فضرب فخذ سلمان وقال هذا وقومه، وعنهم (عليهم السلام) هم الموالي.
ص: 222
ص: 223
ص: 224
( سورة الفتح )
موردها مصر رسول اللّه - علاه السلام - وآما ، ومحصول أصول مدلولها :
وعد الكوح لأهل الإسلام ، وكسر الأعداء والإمداد للرسول - علاه السلام - ومحو لممه ، وإرسال الوكود والهدء لأرواع أهل الإسلام لمّا صالحوا للأعداء ، وصدع ما أورد اللّه أهل الإسلام دارالسلام وأهل المكر والمحال دار الآلام ، ومدح أكمل الرسل وأكرمهم محمد - علاه السلام - وصدع وصم رهط ما رحلوا مع رسول اللّه صلعم لمّا دلع لعماس الحمس ، وأملهوا لعدم دلوعهم ورحلهم عام الصلح وادّكار عهد أهل الإسلام مع رسول اللّه - علاه السلام - لعماس الحمس صدد سدر ، وعدّ اللّه آلاءه لأرداء رسول اللّه - علاه السلام - لمّا عصمهم مما الحمس ، وصدع سداد ما رآه محمد - علاه السلام - حال الهكر ، وصدع حال أوداء الرسول - علاه السلام -
ص: 225
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ) محمّد ( ص ) (فَتْحاً مُبِيناً) ( 1 ) ساطعا وعد اللّه رسوله إعطاء أم الرّحم ووعده كالإعطاء ، أو المراد صلح الرسول مع الأعداء .
(لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ) علّله لعلو حاله لمّا هو إعلاء الإسلام (ما تَقَدَّمَ) صدر أولا سهوا ومرّ (مِنْ ذَنْبِكَ) لممك (وَما تَأَخَّرَ) أو المراد آصار أهل الإسلام وإلّا عصمه اللّه عما وصمه (وَيُتِمَّ) اللّه (نِعْمَتَهُ) آلاه الكامل (عَلَيْكَ) إعلاء للإسلام وإكمالا للعلوّ والملك (وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً )
------------
(48 سورة الفتح تسع وعشرون آية مدنية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(إنا فتحنا لك فتحا مبينا) وعد بفتح مكة والتعبير بالماضي لتحققه وقيل الفتح الحكم أي حكمنا لك بفتحها من قابل وقيل هو صلح الحديبية سمي فتحا لوقوعه بعد ظهور النبي على المشركين وطلبهم الصلح (ليغفر لك الله) علة للفتح من حيث إنه مسبب عن جهاده للكفار لإقامة الدين وهدم الشرك (ما تقدم من ذنبك وما تأخر) روي يعني ذنبك عند مشركي مكة بدعائك إلى توحيد الله قبل الهجرة وبعدها وروي ما كان له ذنب ولكن الله ضمن له أن يغفر ذنوب شيعته(و يتم نعمته عليك) بإعلاء أمرك وإظهار دينك (ويهديك صراطا مستقيما)
ص: 226
( 2 ) مسلكا عدلا وهو الإسلام أراد الوطود .
(وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ) الملك العدل (نَصْراً عَزِيزاً) ( 3 ) كاملا واطدا معه حولك وعلوّك .
(هُوَ) اللّه (الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ) أرسل الهدء والركود للصلح ، ووعدهم اللّه كسر الأعداء (فِي قُلُوبِ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام لوطودهم (لِيَزْدادُوا) أهل الإسلام (إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ) إسلاما مع إسلامهم الأول أراد إكماله ، أو علما مع علمهم (وَلِلَّهِ) ملكا وملكا (جُنُودُ السَّماواتِ) عساكرها وهم الأملاك (وَ) عساكر (الْأَرْضِ) هم أهل الإسلام الأصاول الأحامس الكسّار لمعارك أعداء اللّه ورسوله (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَلِيماً) عالم مصالح الكل (حَكِيماً) ( 4 ) له حكم ومصالح أو محكما أموره وأمر العماس .
(لِيُدْخِلَ) اللّه الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) كلهم (وَالْمُؤْمِناتِ) كلها لوطود حالهم وكمال طوعهم (جَنَّاتٍ) لها دوح وصروح لروحهم وسرورهم (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) صروحها أو دوحها (الْأَنْهارُ) للماء والدّر الرّاح والعسل
------------
يثبتك عليه وهو دين الإسلام (وينصرك الله نصرا عزيزا) ذا عز لا ذل معه.
(هو الذي أنزل السكينة) الطمأنينة (في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا) بالشرائع التي تنزل على الرسول (مع إيمانهم بالله) أو ليزدادوا يقينا مع يقينهم (ولله جنود السموات والأرض) من الملائكة والثقلين (وكان الله عليما) بخلقه (حكيما) في تدبيرهم (ليدخل) متعلق بمحذوف أي أمركم بالجهاد أو بفتحنا أو إنزال أو يزدادوا (المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار
ص: 227
(خالِدِينَ فِيها) دواما (وَيُكَفِّرَ) وهو الكمّ والمحو (عَنْهُمْ) أهل الإسلام (سَيِّئاتِهِمْ) طوالح أعمالهم (وَكانَ ذلِكَ) الوعد وهو ورودهم دارالسلام (عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً) ( 5 ) حصول المرام وأمد المروم لهم .
(وَيُعَذِّبَ) اللّه الرهط (الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ) هم الأعداء سرا والرهط (وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ) والعدّال الصدّاد إصرارا وهم ما وحّدوه (الظَّانِّينَ بِاللَّهِ) العدل (ظَنَّ) الأمر (السَّوْءِ) الطلاح وهو عدم إعلاء محمد رسول اللّه صلعم وإمداد أهل الإسلام (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الأعداء (دائِرَةُ السَّوْءِ) الهلاك والدمار وهم مداوره ومعاوده ، والمراد حاصل السوء ومآله لهم ، والسوء والسوء كلاهما مصدر كالكره والكره (وَغَضِبَ اللَّهُ) حرد (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الطّلاح (وَلَعَنَهُمْ) طردهم (وَأَعَدَّ لَهُمْ) لحلولهم (جَهَنَّمَ) مسعرا (وَساءَتْ مَصِيراً) ( 6 ) معادا ومالا دار الآلام .
(وَلِلَّهِ) ملكا وملكا (جُنُودُ السَّماواتِ) عساكرها (وَ) عساكر (الْأَرْضِ) وهم مملوكوه ومطاوعو أوامره ومسلّطوه لإمداد محمد رسول اللّه صلعم ، وإسعاد أهل الإسلام كردّه مؤكدا (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَزِيزاً) كامل طول ومطاع أمر (حَكِيماً) ( 7 ) واطد حكم وراصد حكم .
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ) محمّد ( ص ) للكلّ (شاهِداً) عدلا لأعمال رهطك
------------
خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله) حال من (فوزا عظيما ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء) بفتح السين وضمها (عليهم دائرة السوء) منقلبة أي يعود إليهم ضر ظنهم (غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا) هي.
(ولله جنود السموات والأرض وكان الله عزيزا حكيما إنا أرسلناك شاهدا)
ص: 228
(وَمُبَشِّراً) معلما سارّا لأهل الإسلام (وَنَذِيراً) ( 8 ) مهوّلا للعدّال .
(لِتُؤْمِنُوا) أهل الإسلام (بِاللَّهِ) وحده (وَرَسُولِهِ) محمد ( ص ) المرسل للكلّ (وَتُعَزِّرُوهُ) أمدّوه وأكرموه (وَتُوَقِّرُوهُ) اعلوا أحكامه (وَتُسَبِّحُوهُ) ادعوه أو صلّوا للّه (بُكْرَةً) سحرا (وَأَصِيلًا) ( 9 ) أمد عصر والمراد الدّوام .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) محمد ( ص ) معاهدا لك (إِنَّما) ما (يُبايِعُونَ) أحدا إلّا (اللَّهَ) لمّا هو المراد والأصل ، والعهد مع الرسول كالعهد مع اللّه وطوع رسوله هو طوع اللّه (يَدُ اللَّهِ) حولا وطولا لوعده (فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) أهل العهد عهدا وهو حال أو أول كلام مؤكد له (فَمَنْ نَكَثَ) كسر عهده (فَإِنَّما) ما (يَنْكُثُ) العهد إلّا (عَلى نَفْسِهِ) وحدها وعاد عدل إصره علاه لا ما سواه (وَ) كل (مَنْ أَوْفى) أكمل (بِما) أمر (عاهَدَ) ورووا عهد (عَلَيْهُ) الأمر (اللَّهَ) المراد العهد مع اللّه (فَسَيُؤْتِيهِ) اللّه لا محال (أَجْراً عَظِيماً) ( 10 ) كراء واسعا معادا وهو دارالسلام .
------------
على أمتك (ومبشرا) للمطيعين (ونذيرا) للعاصين (لتؤمنوا بالله ورسوله) خطاب للنبي وأمته وقرىء بالياء وكذا في الثلاثة بعده (وتعزروه) تنصروه بنصر دينه ورسوله (وتوقروه) تعظموه بتعظيم دينه ورسوله أو الهاء فيهما للرسول وفي (وتسبحوه) لله (بكرة وأصيلا) غدوة وعشيا أو دائما.
(إن الذين يبايعونك) بالحديبية (إنما يبايعون الله) لأن طاعتك طاعته (يد الله فوق أيديهم) تمثيل يؤكد ما قبله (فمن نكث) نقض البيعة (فإنما ينكث على نفسه) يعود ضرر نكثه على نفسه (ومن أوفى) ثبت على الوفاء (بما عاهد عليه الله) من البيعة (فسيؤتيه أجرا عظيما) هو الجنة.
ص: 229
(سَيَقُولُ لَكَ) محمد ( ص ) الرهط (الْمُخَلَّفُونَ) هم رهط ما سارعوا مع رسول اللّه صلع للعماس لودادهم الأولاد والأموال ، وما سهّل اللّه لهم عمل ما وعدوا (مِنَ الْأَعْرابِ) أهل الدو حول مصرك كأسلم وكلامهم (شَغَلَتْنا) هو الإلهاء والصد عما وعد (أَمْوالُنا) ولا حارس لها (وَأَهْلُونا) الأعراس والأولاد ولا موكل لهم (فَاسْتَغْفِرْ) اللّه محمد ( ص ) (أَمْوالُنا) ممّا صدر كرما وسماحا ، هم (يَقُولُونَ) لك ولعا ومكرا (بِأَلْسِنَتِهِمْ ما) كلاما هو (لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ) وهو روم دعاء محو الآصار وما لهم السداد والصلاح (قُلْ) رسول اللّه لهم (فَمَنْ) لا أحد (يَمْلِكُ لَكُمْ) صار مالكا وحادا لكم أهل المكر (مِنَ) حكم (اللَّهِ شَيْئاً) ملكا أو أمر ما (إِنْ أَرادَ) اللّه (بِكُمْ ضَرًّا) إصرا أو هلاكا أو وكسا للمال والأهل (أَوْ أَرادَ) اللّه (بِكُمْ نَفْعاً) إعلاء حال أو إكمال مال (بَلْ كانَ اللَّهُ بِما) عمل صالح أو طالح (تَعْمَلُونَ) وساوكم (خَبِيراً) ( 11 ) عالما علما كاملا كعلم المحسوس وهو ردّ .
(بَلْ ظَنَنْتُمْ) حصل لكم الوهم العاطل (أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ) محمد ( ص ) وما هو معاود أصلا (وَالْمُؤْمِنُونَ) أهل الإسلام اللّاءوا معه (إِلى
------------
(سيقول لك المخلفون من الأعراب) الذين خلفهم ضعف اليقين والخوف من قريش فظنوا أنه يهلك ولا ينقلب إلى المدينة فلما رجع اعتلوا وقالوا (شغلتنا أموالنا وأهلونا) عن الخروج معك (فاستغفر لنا) الله من تخلفنا عنك (يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم) كذبهم الله فيما يقولون (قل فمن يملك لكم من الله شيئا) فمن يمنعكم من مراده (إن أراد بكم ضرا) كقتل أو هزيمة (أو أراد بكم نفعا) كسلامة وغنيمة (بل كان الله بما تعملون خبيرا) فيعلم لما تخلفتم (بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى
ص: 230
أَهْلِيهِمْ) ودورهم وحسوهم كلهم حساما (أَبَداً) سرمدا (وَزُيِّنَ) سوّل (ذلِكَ) الوهم واطدا (فِي قُلُوبِكُمْ) أرواعكم ، والمسوّل هو اللّه أو المارد الموسوس (وَظَنَنْتُمْ) كلكم (ظَنَّ السَّوْءِ) وهو إهلاك رسول اللّه مع أهل الإسلام وعلوّ الأعداء (وَكُنْتُمْ) لسوء أوهامكم (قَوْماً) رهطا (بُوراً) ( 12 ) هلاكا طلّاحا .
(وَ) كل (مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ) ما أسلم طوعا (بِاللَّهِ) الواحد الأحد (وَرَسُولِهِ) محمد ( ص ) حدلا وعدولا (فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ) لهم (سَعِيراً) ( 13 ) ساعور مسعرا أعده اللّه لهم .
(وَلِلَّهِ) الملك العادل (مُلْكُ السَّماواتِ وَ) ملك (الْأَرْضِ) إحكام أمور عالم العلو وعالم الأمر ، وهو حاكمها كما هو العدل (يَغْفِرُ) اللّه الآصار (لِمَنْ يَشاءُ) رحمه كرما وعطاء (وَيُعَذِّبُ) اللّه (لِمَنْ يَشاءُ) عدلا وصلاحا ، والمراد الصالح والطالح (وَكانَ اللَّهُ) دواما (غَفُوراً) لأهل الآصار (رَحِيماً) ( 14 ) لأهل الإسلام والصلاح .
(سَيَقُولُ) الرهط (الْمُخَلَّفُونَ) موادعو العماس (إِذَا انْطَلَقْتُمْ) أهل الإسلام (إِلى مَغانِمَ) أموال الأعداء (لِتَأْخُذُوها) هؤلاء الأموال ودادا لها
------------
أهليهم أبدا) بأن يستأصلهم العدو بل في الموضعين للانتقال من غرض إلى آخر (وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء) هذا وغيره (وكنتم قوما بورا) جمع بائر أي هالكين (ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا) نارا مسعرة ونكر تهويلا ووضع الكافرين موضع الضمير تسجيلا عليهم بالكفر (ولله ملك السموات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما) لم يقل غفورا معذبا طبق يغفر ويعذب لأن رحمته سبقت غضبه (سيقول المخلفون) المذكورون (إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها) هي مغانم
ص: 231
(ذَرُونا) دعوا (نَتَّبِعْكُمْ) طوّعا لعطو أموالهم (يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ) مرادهم حوالهم لمّا وعد اللّه وهو إعطاء هؤلاء الأموال لأهل الإسلام ، ورووا كلم اللّه (قُلْ) لهم رسول اللّه (لَنْ تَتَّبِعُونا) وما صلح ورودكم للعماس أصلا ، والمراد الردع (كَذلِكُمْ) كما مرّ (قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ) أمام كلامكم وسؤالكم (فَسَيَقُولُونَ) ما أمركم اللّه (بَلْ تَحْسُدُونَنا) وحسدهم للأموال وما الحال كما هم وهموا (بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ) كلام اللّه (إِلَّا) علما (قَلِيلًا) ( 15 ) وهو الدّال لا المدلول .
(قُلْ) رسول اللّه (لِلْمُخَلَّفِينَ) هم رهط ما أدركوا العماس كرّرهم للوم عملهم (مِنَ الْأَعْرابِ) أهل الدّو (سَتُدْعَوْنَ إِلى) عماس (قَوْمٍ) رهط (أُولِي بَأْسٍ) كمّل سلاح مع طول (شَدِيدٍ) وهول عسر ، وهم أهل الردّ لا حكم لهم إلا الإسلام أو الحسام ، ووردهم رهط دعاهم عمر (تُقاتِلُونَهُمْ) هؤلاء الرهط (أَوْ) هم (يُسْلِمُونَ) حكمهم أحدهما إما العماس وإما الإسلام
------------
خيبر فإنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) عاد من الحديبية فغزا خيبر بمن شهد الحديبية ففتحها وخصهم بغنائمها (ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله) وهو وعده بغنائم خيبر لأهل الحديبية خاصة (قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل) قبل عودنا من الحديبية (فسيقولون) ردا لذلك (بل تحسدوننا) أن نشارككم في الغنيمة (بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا) وهو فهمهم لأمور الدنيا دون الدين.
(قل للمخلفين من الأعراب) المذكورين (ستدعون) يدعوكم الرسول فيما بعد (إلى قوم أولي بأس شديد) من المشركين كهوازن وثقيف وغيرهم (تقاتلونهم أو يسلمون) والنبي دعاهم بعد الحديبية إلى خيبر ومؤتة وتبوك
ص: 232
لا ما سواهما كما هو حكم ما سواهم (فَإِنْ تُطِيعُوا) أمر الداع (يُؤْتِكُمُ اللَّهُ) أعطاكم اللّه (أَجْراً حَسَناً) كراء صالحا وهو المال الحلال وصلاح المال (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا) صدودا عمّا أمركم اللّه (كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ) أوّل الأمر (يُعَذِّبْكُمْ) اللّه (عَذاباً أَلِيماً) ( 16 ) ألما كاملا عسرا .
ولمّا أوعدهم اللّه أهم الاعلاء الأمر أرسل اللّه (لَيْسَ عَلَى) المرء (الْأَعْمى حَرَجٌ) لمم وعسر لو طرح العماس (وَلا عَلَى) المرء (الْأَعْرَجِ حَرَجٌ) إصر لو كسر وعده (وَلا عَلَى) المرء (الْمَرِيضِ) المعلول (حَرَجٌ) لو ما طواع لأهل العماس وهؤلاء لا إصر لهم وعلّلهم علل لعدم ورودهم المعارك (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ) طاوع أوامره (وَ) أطاع (رَسُولَهُ) محمدا وأسلم أحكامه لأمر العماس أو ما سواه (يُدْخِلْهُ) اللّه معادا (جَنَّاتٍ) لها دوح وصروح (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) دوحها أو صروحها (الْأَنْهارُ) للماء والدّر والعسل والراح (وَمَنْ يَتَوَلَّ) صدّ عما أمر اللّه ورسوله (يُعَذِّبْهُ) اللّه (عَذاباً أَلِيماً) ( 17 ) إصرا مؤلما لا أمد له .
ولمّا أرسل رسول اللّه رسولا لإعلام أهل صلاح وهم همّوا وحدوه عما أراد وحرسوه وما ودعوه وما أعادوه ، عاهد رسول اللّه مع أهل الإسلام
------------
وغيرها (فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا) هو في الدنيا الغنيمة وفي الآخرة الجنة (وإن تتولوا كما توليتم من قبل) عن الحديبية (يعذبكم عذابا أليما) في الآخرة.
(ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) أي لا إثم عليهم في ترك الجهاد (ومن يطع الله ورسوله يدخله) بالياء والنون (جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه) بالياء والنون (عذابا أليما).
ص: 233
لوطودهم حال العماس وأكّد عهودهم حمدهم اللّه ، وأرسل (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ) هؤلاء (الْمُؤْمِنِينَ) وطّاد أهل الإسلام (إِذْ يُبايِعُونَكَ) محمد ( ص ) وصار عهدهم مؤكدا (تَحْتَ الشَّجَرَةِ) الطّلح أو السدر (فَعَلِمَ) اللّه (ما) سرا حلّ (فِي قُلُوبِهِمْ) وهو السداد والوام (فَأَنْزَلَ) أرسل اللّه (السَّكِينَةَ) الهدء (عَلَيْهِمْ) للحمس أو الصلح (وَأَثابَهُمْ) أعطاهم أوس سدادهم (فَتْحاً قَرِيباً) ( 18 ) لحصاد معلوم أو صلاح .
(وَمَغانِمَ) أموالا (كَثِيرَةً) لا عد ولا إحصاء لها (يَأْخُذُونَها) أهل الإسلام لأمورهم (وَكانَ اللَّهُ) دوّاما (عَزِيزاً) كامل حول ومطاع أمر (حَكِيماً) ( 19 ) واطد حكم وحكم لا رادّ لحكمه .
(وَعَدَكُمُ اللَّهُ) أهل الإسلام كلهم (مَغانِمَ) أموال أعداء (كَثِيرَةً) لاطرار العالم وحدود الأمصار (تَأْخُذُونَها) عهدا ممدودا (فَعَجَّلَ لَكُمْ) أعطاكم مسرعا حالا (هذِهِ) الأموال ، والمراد أموال محل معهود (وَكَفَّ) ردّ اللّه وردع (أَيْدِيَ النَّاسِ) أولاد آدم (عَنْكُمْ) أهلكم وأموالكم حال العماس المعهود ، وهم أعداء أهل الحصار وطوّعهم أولاد أسد لمّا سدّوا وعادوا ، أو هم
------------
( لقد رضي الله عن المؤمنين) الخلص (إذ يبايعونك) بالحديبية وبه سميت بيعة الرضوان (تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم) من الإخلاص (فأنزل السكينة) الطمأنينة عليهم (وأثابهم فتحا قريبا) فتح خيبر بعد عودهم من الحديبية (ومغانم كثيرة يأخذونها) من خيبر (وكان الله عزيزا) غالبا (حكيما) في تدبيره (وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها) من الفتوح إلى يوم القيامة (فعجل لكم هذه) أي غنيمة خيبر (وكف أيدي الناس عنكم) أيدي أهل خيبر وخلفائهم كأسد وغطفان أو أيدي قريش بالصلح (ولتكون) هذه
ص: 234
رهط الحمس لمّا صدّوا للصلح (وَ) عمل ما عمل (لِتَكُونَ) الأموال (آيَةً) علما (لِلْمُؤْمِنِينَ) لسداد كلام رسول اللّه أو سداد وعد اللّه (وَيَهْدِيَكُمْ) اللّه (صِراطاً مُسْتَقِيماً) ( 20 ) مسلكا سواء وهو الوكول للّه .
(وَ) وعدكم اللّه أموالا (أُخْرى) سواها مأمولا وصولها مرصودا حصولها (لَمْ تَقْدِرُوا) أهل الإسلام (عَلَيْها) أراد الروم وما سواه (قَدْ أَحاطَ اللَّهُ) علم اللّه (بِها) الأموال المعهود حصولها (وَكانَ اللَّهُ) دوّاما (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مراد عموما (قَدِيراً) ( 21 ) كامل طول .
(وَلَوْ قاتَلَكُمُ) وسارعوا لعماسكم هؤلاء (الَّذِينَ كَفَرُوا) أهل أمّ الرّحم وما صالحوا (لَوَلَّوُا) حولّوا (الْأَدْبارَ) أمصاءهم وعردوا ، والمراد عدم عماسهم (ثُمَّ لا يَجِدُونَ) ح (وَلِيًّا) حارسا لهم مساعدا لأمورهم (وَلا نَصِيراً) ( 22 ) ردءا ممدّا .
(سُنَّةَ اللَّهِ) معوده هو مصدر طرح عامله مؤكد لمدلول الكلام الأول ، وهو إمداد أهل الإسلام وكسر الأعداء (الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ) مرّ عصرها
------------
المعجلة أو الكفة (آية للمؤمنين) على صدق الرسول في وعدهم فتح خيبر وإصابتهم غنائمها (ويهديكم صراطا مستقيما) يثبتكم أو يزيدكم بصيرة (وأخرى) أي وعدكم مغانم أخرى (لم تقدروا عليها) هي غنائم فارس والروم أو هوازن (قد أحاط الله بها) علما أنها ستصير إليكم (وكان الله على كل شيء) من فتح وغيره (قديرا ولو قاتلكم الذين كفروا) من قريش بالحديبية (لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا) يحفظهم (ولا نصيرا) يعينهم.
(سنة الله التي قد خلت من قبل) أي سن نصر أوليائه على أعدائه سنة قديمة
ص: 235
وهو علو أمر الرسل وسطوهم وادمار الأمم وإهلاكهم دواما (وَلَنْ تَجِدَ) محمد ( ص ) (لِسُنَّةِ اللَّهِ) معوده المؤسّس حكمها (تَبْدِيلًا) ( 23 ) حولا وحراكا .
(وَهُوَ) اللّه العدل (الَّذِي كَفَّ) صدّ وردع (أَيْدِيَهُمْ) أعداء أم الرّحم (عَنْكُمْ) أهل الإسلام سلما وصلحا (وَأَيْدِيَكُمْ) أهل الإسلام (عَنْهُمْ) أهل أم الرّحم (بِبَطْنِ مَكَّةَ) وسطها ، أو محل صلح الرسول - علاه السلام - (مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ) أعلاكم وسلّطكم (عَلَيْهِمْ) الأعداء (وَكانَ اللَّهُ) دواما (بِما) عمل (تَعْمَلُونَ) وهو العماس أو ردعهم (بَصِيراً) ( 24 ) عالما أو معاملا معكم كأعمالكم .
(هُمُ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما أسلموا (وَصَدُّوكُمْ) ردعوكم وردّوكم (عَنِ) ورود (الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) ودوره (وَ) صدّوا (الْهَدْيَ) وهو ما أرسل للحرم إهداء (مَعْكُوفاً) محصورا مردوعا وهو حال (أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) مكسور الحاء المحل المعهود للسحط (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ) أهل الوكل (وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ) كلاهما وراد أمّ الرّحم (لَمْ
------------
في الأمم (ولن تجد لسنة الله تبديلا) تغييرا (وهو الذي كف أيديهم عنكم) بالرعب (وأيديكم عنهم) بالنهي (ببطن مكة) في داخلها أو بالحديبية (من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا هم الذين كفروا وصدوكم) بالحديبية (عن المسجد الحرام) أن تطوفوا فيه للعمرة (والهدي) وصدوا الهدي (معكوفا) حال أي محبوسا (أن يبلغ محله) مكانه المعهود لنحره وهو مكة لأنها منحر العمرة كما أن منى منحر الحج وفي الصد ينحر حيث يصد كما فعل (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ولو لا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم) بأعيانهم
ص: 236
تَعْلَمُوهُمْ) إسلامهم لمسماسهم مع أهل العدول (أَنْ تَطَؤُهُمْ) ووطاءكم لهم ، والمراد إهلاكهم حال العماس (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ) إهلاكهم (مَعَرَّةٌ) مكروه وعسر عرّه وعراه دهاه (بِغَيْرِ عِلْمٍ) لا علم لكم وهو حال وحوار لولا مطروح لمّا دل الكلام علاه (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي) موارد (رَحْمَتِهِ) إسلامه (مَنْ يَشاءُ) رحمه كما أوردهم وأحلّهم (لَوْ تَزَيَّلُوا) صاروا رهطا رهطا وعلم الصالح والطالح (لَعَذَّبْنَا) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما أسلموا (مِنْهُمْ) أهل صلاح (عَذاباً أَلِيماً) ( 25 ) مؤلما إهلاكا وأسرا .
وادّكر (إِذْ جَعَلَ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) ما أسلموا (فِي قُلُوبِهِمُ) أرواعهم (الْحَمِيَّةَ) العلوّ والسمود (حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) المراد صدهم رسول اللّه وطوّعه عما أراد وهو ورودهم الحرم (فَأَنْزَلَ اللَّهُ) أرسل (سَكِينَتَهُ) هدء (عَلى) محمد ( ص ) (رَسُولِهِ) حال صدّهم (وَ) أرسلها اللّه (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام كلهم وهم صالحوهم (وَأَلْزَمَهُمْ) ألسم أهل الإسلام
------------
لاختلاطهم بالكفار (أن تطئوهم) تهلكوهم لو أذن لكم (فتصيبكم منهم معرة) تبعة كلزوم الدية والكفارة أو إثم بترك الفحص عنهم (بغير علم) متعلق بتطؤهم وجواب لو لا محذوف أي لما كف أيديكم عنهم (ليدخل الله في رحمته من يشاء) من المؤمنين ومن أسلم بعد الصلح من المشركين (لو تزيلوا) تميزوا عن الكفار (لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) بالقتل والسبي.
(إذ جعل) ظرف لعذبنا أو لأذكر مقدر (الذين كفروا في قلوبهم الحمية) الأنفة (حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم
ص: 237
(كَلِمَةَ التَّقْوى) والورع والمراد لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه لمّا هو أساسها (وَكانُوا) أهل الإسلام (أَحَقَّ بِها) أصلح لها (وَأَهْلَها) لما أهلهم اللّه لا سواهم (وَكانَ اللَّهُ) دواما (بِكُلِّ شَيْءٍ) أمر عموما (عَلِيماً) ( 26 ) كامل علم وله مصالح الأمور كلّها .
(لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ) سدّد وأسّس (رَسُولَهُ) لرسوله محمّد ( ص ) (الرُّؤْيا) وهو ورود أم الرّحم سالما وهو حاصل ما رآه (بِالْحَقِّ) السداد ممحصا للأرداء والأعداء أو هو العهد ولمّا علموا إمهاله وهمّوا أرسل اللّه ، واللّه (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) أهل الإسلام (إِنْ شاءَ اللَّهُ) لو أراد اللّه ، وهو كلام رسوله لهم حكاه اللّه ، أو هو كلام اللّه أورده إعلاما لأهل الإسلام (آمِنِينَ) موارد السلام لا هول لكم ولا روع وهو حال (مُحَلِّقِينَ) موّاسا (رُؤُسَكُمْ) ما علاها كله (وَمُقَصِّرِينَ) لها حساما لإطرار ما علاها (لا تَخافُونَ) سرمدا وهو حال مؤكد (فَعَلِمَ) اللّه كلّ (ما لَمْ تَعْلَمُوا) أوّلا وهو سر الإمهال واللّه عالم حكمه ومصالحه (فَجَعَلَ) اللّه لكم (مِنْ دُونِ ذلِكَ) الورود أوّلا (فَتْحاً قَرِيباً) ( 27 ) حلّا لسد المرام وهو الورود والوصول .
------------
كلمة التقوى وكانوا أحق بها) من غيرهم أو أحقاء بها (وأهلها وكان الله بكل شيء عليما) فيعلم أنهم أهلها(لقد صدق الله رسوله الرؤيا) رأى (صلى الله عليه وآله وسلّم) قبل خروجه إلى الحديبية أنه وأصحابه دخلوا مكة آمنين محلقين ومقصرين صدقا متلبسا (بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله ءامنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون) مشركا أبدا (فعلم ما لم تعلموا) من الصلاح في تأخير الدخول (فجعل من دون ذلك) أي الدخول (فتحا قريبا) هو فتح خيبر.
ص: 238
(هُوَ) اللّه (الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ) محمدا موصولا (بِالْهُدى) سلوك مصالح الصلاح (وَدِينِ الْحَقِّ) وهو الإسلام (لِيُظْهِرَهُ) إعلاء (عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) أوامر الرسل كلّهم (وَكَفى بِاللَّهِ) الملك العدل (شَهِيداً) ( 28 ) عدلا لوصول ما وعدك .
هو (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) أرسله اللّه لإصلاح الكلّ (وَ) هؤلاء (الَّذِينَ مَعَهُ) صلاحا وسدادا وصاروا أرداءه (أَشِدَّاءُ) أصلاد (عَلَى الْكُفَّارِ) أعداء الإسلام كلهم وهم ما سهّلوهم وما أهملوا أمورهم وكدّوا لإعلاء الإسلام (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) أهل المكارم والمراحم وموالوهم كالوالد مع الولد (تَراهُمْ) محمد أسحارا وآصالا (رُكَّعاً) واحده راكع وهو حال (سُجَّداً) للّه مع كمال السداد والهكوع (يَبْتَغُونَ) رواما وهو حال كركّعا (فَضْلًا) عطاء كاملا (مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً) ولاء (سِيماهُمْ) علمهم ووسمهم ساطع (فِي وُجُوهِهِمْ) والمراد وسم صلاحهم (مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) لمس رؤوسهم لمّا صلّوا دواما (ذلِكَ) المدح (مَثَلُهُمْ) مدحهم المسطور (فِي التَّوْراةِ) طرس رسول
------------
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره) ليعلي دين الحق (على الدين كله) بالحجة أو على أهل كل دين فيقهرهم وعنهم (عليهم السلام) يكون ذلك عند خروج المهدي (وكفى بالله شهيدا) بذلك (محمد رسول الله والذين معه) أصحابه الخلص (أشداء) غلاظ (على الكفار رحماء) متعاطفون فيما (بينهم تراهم ركعا سجدا) أي كثيري الصلاة (يبتغون فضلا من الله ورضوانا) زيادة ثوابه ورضاه (سيماهم) علامتهم (في وجوههم من أثر السجود) وهي النور والبهاء أو الصفرة والذبول أو سمة تحدث في جباههم من تعفيرها (ذلك) الوصف المذكور (مثلهم في التوراة
ص: 239
الهود لإكرامهم (وَمَثَلُهُمْ) مدحهم المسطور (فِي الْإِنْجِيلِ) لإعلام روح اللّه (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ) كلاءه (فَآزَرَهُ) أحكمه ، ورووه ممدودا (فَاسْتَغْلَظَ) صار مصومدا (فَاسْتَوى) كمل وعلا (عَلى سُوقِهِ) أصوله (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ) أهل الأكر والرواء (لِيَغِيظَ) اللّه هو الحرد والأحاح (بِهِمُ) هؤلاء الرحماء (الْكُفَّارِ) أعداء الإسلام علّله مؤكدا (وَعَدَ اللَّهُ) وعدا مكرما الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) صوالح الأعمال (مِنْهُمْ) أهل الإسلام (مَغْفِرَةً) محو آصارهم (وَ) وعد (أَجْراً) كراء أوسا لعملهم (عَظِيماً) ( 29 ) كاملا .
------------
ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه) فراخه (فآزره) فقواه وأعانه (فاستغلظ) صار غليظا (فاستوى على سوقه) استقام على قصبته (يعجب الزراع) لغلظه واستوائه وحسنه وجه الشبه أن النبي خرج وحده ثم كثروا وقووا على أحسن حال (ليغيظ بهم الكفار) علة للتشبيه (وعد الله الذين ءامنوا وعملوا الصالحات) أي ثبتوا على الإيمان والطاعة (منهم مغفرة) لذنوبهم (وأجرا عظيما) هو الجنة.
ص: 240
ص: 241
ص: 242
( سورة الحجرات )
موردها مصر رسول اللّه صلعم ، ومحصول أصول مدلولها :
حدس أمر اللّه وإكرام الكرام ، والإمهال للأمور والدحص حال إعلام الطالح ، وإمداد المحدول ، والردع عما الإلهاد لأهل العالم ، والهول عما سوء الوهم ، وودع روم مواصم ولد آدم وادّكار أحوالهم السواء سرّا ، وطرح المرء مكارم ولّاده لحا وعملا ، وعموم علم اللّه للكل وعدم عد الآلاء إسلاما وطوعا علاه ، ووكول علم الأسرار كلها إلاه
ص: 243
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا تُقَدِّمُوا) أمرا كلاما أو عملا (بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) والمراد روع أهل الإسلام عمّا الكلام والحكم أمام كلامهما وحكمهما ، والحاصل ارصدوا الكلام الرسول وحكمه (وَاتَّقُوا اللَّهَ) كلّ حال وروعوا حكمه (إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ) لكلامكم (عَلِيمٌ) ( 1 ) لسأوكم وأعمالكم .
------------
(49 سورة الحجرات ثماني عشر آية مدنية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها الذين ءامنوا لا تقدموا) متعد حذف مفعوله ليعم كل أمر أو ترك قصدا إلى التقديم لا إلى مفعوله أو لازم أي لا تقدموا بقول أو فعل ويعضده قراءة تقدموا بالفتحات (بين يدي الله ورسوله) أصله بين جهتي يدي الإنسان والمراد لا تعجلوا بأمر قبل إذنهما فيه أو أريد بين يدي الرسول وذكر الله تعظيما له (واتقوا الله) في أوامره ونواهيه (إن الله سميع) لأقوالكم (عليم) بأفعالكم.
ص: 244
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ) حال كلامكم (فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ) محمد رسول اللّه ( ص ) لو كلّم (وَلا تَجْهَرُوا لَهُ) للرسول (بِالْقَوْلِ) الكلام واهمسوا كلامكم ، وهو ردع لإكرامه صلعم (كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ) آحادكم (لِبَعْضٍ) مع آحاد وهو رسولكم وإمامكم ومولاكم لروع أو لكره (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ) الصوالح هدرها وإهمالها (وَ) الحال (أَنْتُمْ) أهل الإسلام (لا تَشْعُرُونَ) ( 2 ) لا علم لكم لمال الأمر .
(إِنَّ) هؤلاء (الَّذِينَ يَغُضُّونَ) هو عكس الإعلاء (أَصْواتَهُمْ) المراد همسها وكسرها (عِنْدَ) محمد ( ص ) (رَسُولِ اللَّهِ) محل كلامه إكراما له (أُولئِكَ) هؤلاء الملأ (الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ) محصّ وعامل عمل الممحّص (قُلُوبَهُمْ) أسرارهم (لِلتَّقْوى) الورع والصلاح أعد (لَهُمْ) لهؤلاء أهل الإكرام (مَغْفِرَةٌ) محو آصار (وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) ( 3 ) كراء كامل لعملهم ما علمه إلا اللّه المراد احماد هؤلاء .
------------
(يا أيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي) إذا خاطبتموه (ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض) فإنه ليس كأحدكم وكرر نداءهم لمزيد التذكير وإيذانا باستقلال المنادى له والاهتمام به (أن تحبط أعمالكم) علة للنهيين أي مخافة حبوطها (وأنتم لا تشعرون) بذلك.
(إن الذين يغضون) يخفضون (أصواتهم عند رسول الله) إجلالا له (أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى) اختبرها وجبرها للتقوى إذ الامتحان سبب للمعرفة فوضع موضعها أو ضربها بمحن التكاليف لتظهر منهم التقوى بصبرهم عليها (لهم مغفرة) لذنوبهم (وأجر عظيم) بطاعتهم.
ص: 245
ولمّا صاح رهط لأمر الإسراء والرسول هادئ داره أرسل اللّه (إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يُنادُونَكَ) محمد علو (مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) دور أعراسه كما هو معود أهل الدوّ (أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) ( 4 ) ما لهم إدراك وما علموا علو محلك الصاعد .
(وَلَوْ أَنَّهُمْ) هؤلاء الصوالح (صَبَرُوا) عما دعوك وراء الدور وأمهلوا (حَتَّى تَخْرُجَ) محمد ( ص ) (إِلَيْهِمْ) هؤلاء الرهط (لَكانَ) هو (خَيْراً) أصلح (لَهُمْ) ممّا دعوا وحرّر أسراءهم (وَاللَّهُ غَفُورٌ) محّاء للإصر (رَحِيمٌ) ( 5 ) كامل رحم وواسعهما لو هادوا وآكوا .
(يا أَيُّهَا ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه (إِنْ جاءَكُمْ) وردكم مسلم (فاسِقٌ) عاص ولّاع أرسله رسول اللّه صدد رهط هم أعداءه لعطو مال مأمور وعاد لكمال الروع وما رآهم وولع ، وهمّ رسول اللّه عماسهم وهم سمعوا ، ووردوا طوّعا صدادا لما سمع رسول اللّه (بِنَبَإٍ) واه والع (فَتَبَيَّنُوا) رووا وصرحوا ما هو الأمر (إِنْ) لا (تُصِيبُوا) مكروها (قَوْماً) رهطا (بِجَهالَةٍ) حال عدم علمكم أمرهم ومآل كلامهم (فَتُصْبِحُوا عَلى ما) سوء (فَعَلْتُمْ)
------------
(إن الذين ينادونك من وراء الحجرات) يا محمد اخرج إلينا (أكثرهم لا يعقلون) إخلالهم برعاية الأدب وتوقير منصب النبوة (ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان) الصبر (خيرا لهم) في دينهم بنيل الثواب ودنياهم بأن يوصفوا بالعقل والأدب (والله غفور رحيم) لمن تاب منهم.
(يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا) اطلبوا بيان صدقه وكذبه (أن تصيبوا) كراهة إصابتكم (قوما بجهالة) جاهلين أمرهم (فتصبحوا على ما فعلتم) من الخطايا بالإصابة
ص: 246
معهم (نادِمِينَ) ( 6 ) سدّاما .
وأرسل رسول اللّه مرءا سواه وهو أدركهم طوعا وأعلمه رسول اللّه (وَاعْلَمُوا) أهل الإسلام (أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ) محمدا ( ص ) أرسله اللّه إماما للكل ما صلح لكم الولع معه (لَوْ يُطِيعُكُمْ) رسول اللّه وطوعه سماع كلامكم (فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ) الدمس المراد كل أمر والع (لَعَنِتُّمْ) لحصل لكم الإصر والعسر والهلاك (وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ) ودّد (إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ) الإسلام (وَزَيَّنَهُ) سوّله وحلّاه (فِي قُلُوبِكُمْ) أرواعكم لمّا وعدكم دارالسلام ودوام سرورها (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ) العدول (وَالْفُسُوقَ) الآصار الكوامل كالعهر (وَالْعِصْيانَ) عدم الطوع لمّا أمر اللّه ورسوله (أُولئِكَ) الرهط (هُمُ) لا سواهم (الرَّاشِدُونَ) ( 7 ) سلّاك صراط السداد ودّد اللّه وكرّه .
(فَضْلًا) كاملا (مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً) للإكرام وهو معلّل أو مصدر طرح عامله (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) عالم أحوال أهل الإسلام (حَكِيمٌ) ( 8 ) كامل الحكم والاسرار .
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام (اقْتَتَلُوا) هالكوا
------------
(نادمين واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر) الذي تريدون أن يتبع رأيكم فيه (لعنتم) لوقعتم في العنت والمشقة (ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر) جحود الحق (والفسوق) الخروج عن القصد (والعصيان) ضد الإطاعة (أولئك) المستثنون (هم الراشدون) المهتدون إلى كل خير.
(فضلا من الله ونعمة) علة ل حبب، وكره وما بينهما اعتراض (والله عليم) بأحوالهم (حكيم) في تدبيرهم (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) جمع باعتبار المعنى (فأصلحوا
ص: 247
وعادوا (فَأَصْلِحُوا) رهط الحكام والصلح أصلح (بَيْنَهُما) وسطهما (فَإِنْ بَغَتْ) عدا وعدل (إِحْداهُما) عما صلح لها (عَلَى الْأُخْرى) رهط سواهم (فَقاتِلُوا) الرهط (الَّتِي تَبْغِي) هو العداء وأصله روم العلوّ حدلا (حَتَّى تَفِيءَ) هو العود (إِلى أَمْرِ اللَّهِ) للصلح (فَإِنْ فاءَتْ) لو عادوا وأطاعوا أمر اللّه (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) راعوا صلاحهما (بِالْعَدْلِ) السواء (وَأَقْسِطُوا) اعدلوا كل حال وهو أمر أعمّ للصلح وما سواه (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (يُحِبُّ) الأمم (الْمُقْسِطِينَ) ( 9 ) أهل العدل .
(إِنَّمَا) ما (الْمُؤْمِنُونَ) أهل الإسلام كلهم إلّا (إِخْوَةٌ) أرداء وأودّاء وهو معلل لأمر الإصلاح (فَأَصْلِحُوا) أهل الإسلام (بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) سدادا وعدلا (وَاتَّقُوا اللَّهَ) كل حال وارحموا أرداءكم (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ( 10 ) لعلّ اللّه رحمكم حالا ومالا .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه (لا يَسْخَرْ) هو الإلهاد عكس الإكرام (قَوْمٌ) رهطكم (مِنْ قَوْمٍ) رهط سواه المراد إكرام الكلّ
------------
بينهما) بما فيه رضا الله (فإن بغت) تعدت (إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) ترجع إلى حكمه (فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل) قيد به الإصلاح الواقع بعد القتال لأنه مظنة الحيف (وأقسطوا) اعدلوا في كل أمر (إن الله يحب المقسطين) يرضى فعلهم ويصيبهم عليه (إنما المؤمنون إخوة) في الدين (فأصلحوا بين أخويكم) إذا تخاصما والتنبيه بحسب الأغلب (واتقوا الله) في جميع الأمور (لعلكم ترحمون) بتقواكم.
(يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم) رجال منكم(من قوم) خص بالرجال
ص: 248
(عَسى أَنْ يَكُونُوا) الرهط الملهد حالهم (خَيْراً) صلحاء سعداء (مِنْهُمْ) صدد اللّه (وَلا نِساءٌ) ما (مِنْ نِساءٍ) ما (عَسى أَنْ يَكُنَّ) هؤلاء (خَيْراً) صوالح (مِنْهُنَّ) الأول والإكرام أصلح لحال الكلّ (وَلا تَلْمِزُوا) هو الوصم واللّوم (أَنْفُسَكُمْ) أهل الإسلام (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ) ودعوا أعلام السوء وأسماء السوء مما كره سماعه ، وورد سمّوا اسما محمودا كمحمد واحمد وحامد وصالح ومسعود ومودود لا اسما مكروها كأوس وهالك ، وأهل الإسلام كلهم كمسلم واحد (بِئْسَ الِاسْمُ) الدعاء (الْفُسُوقُ) السوء كما هو معود العوام أمام الإسلام ، والاسم الدعاء مما ورد طار اسمه كرما أو لؤما ، والمراد ساء دعاء السوء للمرء (بَعْدَ الْإِيمانِ) الإسلام (وَمَنْ لَمْ يَتُبْ) عما ردع اللّه وما هاد عما عمل (فَأُولئِكَ) الطّلاح وعمّال السوء (هُمُ الظَّالِمُونَ) ( 11 ) أهل الحدل ما وحّده لمحا للمدلول .
(يا أَيُّهَا ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) اسلموا للّه (اجْتَنِبُوا) اطرحوا (كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ) وأحكموا العلم (إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) ولع ووهم محرّم
------------
لأنهم قوامون على النساء (عسى أن يكونوا خيرا منهم) عند الله (ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم) أي لا يعيب بعضكم بعضا لأنكم كنفس واحدة (ولا تنابزوا بالألقاب) لا يدعو بعضكم بعضا بلقب يكرهه (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) أي بئس الذكر أن يذكر الرجل بالفسوق كاليهودية بعد إيمانه أو المعنى أن التنابز فسق يقبح الجمع بينه وبين الإيمان (ومن لم يتب) عما نهي عنه (فأولئك هم الظالمون) بإصرارهم على المعاصي.
(يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن) قيد بالكثير لأن منه ما يحسن كحسن الظن بالله وبأهل الصلاح (إن بعض الظن إثم) يستحق به العقوبة
ص: 249
(وَلا تَجَسَّسُوا) الأوصام والإسرار (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) أحدكم أحدا وهو ادّكار سوء أحد ووصمه وراء مطاه (أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ) أهل الإسلام (أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ) ودوده (مَيْتاً) هالكا والمراد ادّكار وصمه كأكل لحمه وهو حال (فَكَرِهْتُمُوهُ) أكل لحم الهالك وهو مكروه لكم (وَاتَّقُوا اللَّهَ) عما ردع وهودوا (إِنَّ اللَّهَ) العدل (تَوَّابٌ) سامع هود (رَحِيمٌ) ( 12 ) كامل رحم .
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) أولاد آدم (إِنَّا خَلَقْناكُمْ) كلّكم (مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) آدم وحوّا أو أصل كل واحد والد وأمّ (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً) لأصل واحد (وَقَبائِلَ) أطوارا وأرهاطا (لِتَعارَفُوا) لعلم أحدكم أحدا لا لسمودكم لعلوّ الولّاد (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ) أولاكم وأعلاكم (عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ) أورعكم موسع أو معسر مملوك أو حرّ (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ) كامل علم (خَبِيرٌ) ( 13 ) عالم كلّ .
------------
(ولا تجسسوا) تتبعوا عورات المؤمنين بالبحث عنها (ولا يغتب بعضكم بعضا) سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن الغيبة فقال أن تذكر أخاك بما يكرهه فإن كان فيه فقد اغتبته وإلا فقد بهته (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا) تمثيل الاغتياب بأفضح مثال وفيه مبالغات تقرير الاستفهام ومحبة المكروه وإشعارا حد بأن لا أحد يحبه والتمثيل بأكل لحم الإنسان وكونه أخا وميتا (فكرهتموه) أي عرض عليكم ذلك فكرهتموه بحكم العقل والطبع فاكرهوا ما هو نظيره (واتقوا الله) بترك الغيبة (إن الله تواب رحيم يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) آدم وحواء فنسب الكل واحد وجعلناكم شعوبا) جمع شعب وهو أعم طبقات النسب (وقبائل) هي دون الشعوب ودونها العمائر ثم البطون ثم الأفخاذ ثم الفصائل وقيل الشعوب للعجم والقبائل للعرب (لتعارفوا) ليعرف بعضكم بعضا بالأنساب لا لتفاخروا بها (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فلا تتفاضلون إلا بالتقوى (إن الله عليم) بكم .
ص: 250
(قالَتِ الْأَعْرابُ) أهل الدوّ المراد أولاد أسدّ لمّا وردوا مصر رسول اللّه - علاه السلام - وطمعوا سهم مال الأعداء وأعلموا إسلامهم وكلّموا (آمَنَّا) سرّا وسدادا (قُلْ) لهم رسول اللّه (لَمْ تُؤْمِنُوا) سرا وروعا (وَلكِنْ قُولُوا) أهل الدّو (أَسْلَمْنا) إسلاما كاملا لمّا أمر اللّه وما واطأ الرّوح مسحلا والإسلام هو الطوع للأوامر الروادع حسا (وَلَمَّا) لم (يَدْخُلِ الْإِيمانُ) الكامل (فِي قُلُوبِكُمْ) أرواعكم وما حصل لكم (وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ) محمدا سرا وحسا كما أطاع أهل الإسلام (لا يَلِتْكُمْ) هو الوكس (مِنْ) صوالح (أَعْمالِكُمْ شَيْئاً) وكسا ما أو عملا ما أصلا (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) للآصار (رَحِيمٌ) ( 14 ) كامل رحم لأهل الهود .
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) الكمّل هم الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ) الواحد الأحد (وَرَسُولِهِ) محمّد ( ص ) وطاوعوا الأوامر وطرحوا الروادع (ثُمَّ) أحكموا إسلامهم (لَمْ يَرْتابُوا) وعلموا كاملا وما مسّهم الوهم (وَجاهَدُوا) مع العدو (بِأَمْوالِهِمْ) أعطوا أموالهم لأهل العدم (وَأَنْفُسِهِمْ) ووردوا معارك المهالك (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) صراطه الأسلم (أُولئِكَ) المعلوم
------------
(خبير) بأحوالكم.
(قالت الأعراب ءامنا قل لم تؤمنوا) إيمانا حقيقيا يتواطأ فيه القلب واللسان (ولكن قولوا أسلمنا) انقدنا ودخلنا في السلم بإظهار الشهادتين (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله) بالإخلاص (لا يلتكم من أعمالكم) لا ينقصكم من ثوابها (شيئا إن الله غفور رحيم) لمن أخلص له (إنما المؤمنون) على الحقيقة (الذين ءامنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا) لم يشكوا فيما ءامنوا به (وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم
ص: 251
حالهم (هُمُ الصَّادِقُونَ) ( 15 ) هم أهل الإسلام سدادا لا سواهم .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ) حال إعلامكم الإسلام (بِدِينِكُمْ) ألكم إعلامه (وَ) الحال (اللَّهُ يَعْلَمُ) له علم ما حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) علم ما ركد (فِي الْأَرْضِ) دار الأوامر (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ) عموما (عَلِيمٌ) ( 16 ) له علم الكلّ .
(يَمُنُّونَ) هؤلاء الرهط ، وهو عدّ الآلاء (عَلَيْكَ) محمد ( ص ) (أَنْ أَسْلَمُوا) مع عدم العماس (قُلْ) لهم ردعا (لا تَمُنُّوا) أصلا (عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ) لو صحّ دعواكم (بَلِ اللَّهُ) مولاكم (يَمُنُّ عَلَيْكُمْ) عطاء (أَنْ هَداكُمْ) لحصول هداه لكم (لِلْإِيمانِ) وهو موهومكم (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الادّعاء (صادِقِينَ) ( 17 ) سرا وعلما .
(إِنَّ اللَّهَ) مالك الملك (يَعْلَمُ) علما كاملا (غَيْبَ) عالم (السَّماواتِ وَ) عالم (الْأَرْضِ) أسرارهما (وَاللَّهُ بَصِيرٌ) عالم (بِما) كلّ عمل (تَعْمَلُونَ) ( 18 ) صوالحه أو طوالحه والكلّ معلوم له .
------------
في سبيل الله أولئك هم الصادقون) في ادعاء الإيمان (قل) توبيخا لهم (أتعلمون الله بدينكم) في قولكم آمنا (والله يعلم ما في السموات وما في الأرض والله بكل شيء عليم) ومنه إيمانكم (يمنون عليك أن أسلموا) أي بإسلامهم إذ قالوا أسلمنا من غير قتال (قل لا تمنوا علي إسلامكم) نصب بنزع الباء (بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) الذي ادعيتموه(إن كنتم صادقين) في ادعائه (إن الله يعلم غيب السموات والأرض) ما غاب فيهما (والله بصير بما تعملون) لا يخفى عليه شيء.
ص: 252
ص: 253
ص: 254
( سورة ق )
موردها أم الرّحم وآما ، ومحصول أصول مدلولها :
إرسال ألوك الرسول - علاه السلام - وصدع أدلّاء الوحود وإهلاك عدّال مرّوا أمام الرسول ، وادّكار علم اللّه لأسرار أهل العالم ، وادّكار الأملاك اللاؤا سلّطهم اللّه علاهم لاطّلاع كلامهم وأعمالهم ، وأعاد الهلّاك ومراء العدّال وسطهم وإلهادهم وأهل معاص معادا .
وروم الساعور الكور حال سؤال اللّه مما الإملاء واصار دارالسلام محما لأهل الورع والصلاح ، وصدع لهاء عصر السماء والرمكاء وما وسطهما ، ودعاء ملك الصور للهلاك معادا للمّ كسورهم وعود أعطالهم وأمر اللّه الرسول لإصلاح أهل الروع مع كلام اللّه
ص: 255
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ق) سر اللّه مع رسوله أمام الكل أكمل الرسل ، أو العهد ، أو اسم طود أحاط العالم ، أو اسم لما هو له أول وصدر .
(وَالْقُرْآنِ) الواو للعهد أو للوصول (الْمَجِيدِ) ( 1 ) المكرّم .
ما أسلم عدّال أم رحم (بَلْ عَجِبُوا) وحاروا ردّ لهم (أَنْ جاءَهُمْ) رسول (مُنْذِرٌ) مهول (مِنْهُمْ) رهطهم (فَقالَ) الرهط (الْكافِرُونَ) أهل العدول هذا إرسال محمد ( ص ) (شَيْءٌ عَجِيبٌ) ( 2 ) مردود محال ما طاوعه الروع .
(أَ إِذا مِتْنا) أدرك السام (وَكُنَّا) هلّاكا (تُراباً) للمرامس (ذلِكَ) ردّ
------------
(50 سورة ق خمس وأربعون آية مكية)
(إلا آية ولقد خلقنا السموات والأرض.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(ق والقرءان المجيد) ذي الشرف على سائر الكتب (بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم) من جنسهم ينذرهم بالبعث والعذاب (فقال الكافرون) وضع الظاهر موضع ضمير هم تسجيلا عليهم بالكفر (هذا شيء عجيب أإذا متنا وكنا
ص: 256
الأرواح (رَجْعٌ) عود (بَعِيدٌ) ( 3 ) محال .
(قَدْ عَلِمْنا) علما كاملا (ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ) الهلّاك وهو أكلها اللحوم والدماء والعطل كله إلا العصعص كما ورد وكلها معلوم اللّه أحاطه علمه (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) ( 4 ) طرس كامل عاصم حاو للكل وهو اللوح أو حارس لمّا سطر وسطه وأودعه وهو ردّ لأوهامهم .
(بَلْ) هم (كَذَّبُوا بِالْحَقِّ) كلام اللّه أو محمد ( ص ) (لَمَّا) ورووا لما مكسور اللّام (جاءَهُمْ) وردهم (فَهُمْ) الأعداء حال ردّهم الكلام ، أو الرسول (فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ) ( 5 ) أمر لا هدء له ووهموه طورا ساحرا وسحرا وطورا والعا وولعا .
(أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا) حال ردّهم المعاد (إِلَى السَّماءِ) الصاعد أساسها (فَوْقَهُمْ) علو رؤوسهم (كَيْفَ بَنَيْناها) السماء ولا عمد لها (وَزَيَّنَّاها) إلماعا (وَما لَها) أصلا (مِنْ فُرُوجٍ) ( 6 ) صدوع وأوصام .
(وَالْأَرْضَ) الرمكاء (مَدَدْناها) دحاها اللّه ومهّدها (وَأَلْقَيْنا فِيها) أطوادا (رَواسِيَ) رواكد لوطودها لولا الأطواد لطراها الحراك (وَأَنْبَتْنا
------------
ترابا ذلك رجع بعيد) عن الوهم (قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ) لجميع الأشياء فلا يخفى عن علمنا شيء (بل كذبوا بالحق) القرآن أو الرسول (لما جاءهم فهم في أمر مريج) مضطرب في شأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) والقرآن فقالوا مرة سحر وساحر، وأخرى شعر وشاعر، وثالثة كهانة وكاهن.
(أفلم ينظروا) حين أنكروا البعث (إلى السماء) كائنة (فوقهم كيف بنيناها) بلا عمد (وزيناها) بالنيرات (وما لها من فروج) شقوق توجب خللا فيها (والأرض مددناها) بسطناها (وألقينا فيها رواسي) جبالا ثوابت (وأنبتنا
ص: 257
فِيها) كرما وعطاء (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) صرع (بَهِيجٍ) ( 7 ) سار .
(تَبْصِرَةً) للآراء والأحلام (وَذِكْرى) إعلاما لأهلها وإصلاحا لركّادها (لِكُلِّ عَبْدٍ) للّه (مُنِيبٍ) ( 8 ) هاد وآل .
(وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ) الركام (ماءِ) مطرا (مُبارَكاً) آمر المصالح (فَأَنْبَتْنا بِهِ) الماء (جَنَّاتٍ) دوحا وأحمالا (وَحَبَّ الْحَصِيدِ) ( 9 ) المحصود ، والمراد ما صلح للحصاد كالسمراء والحمص والعدس وما سواها .
(وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ) طوالا سوامك وحوامل ، وهو حال (لَها طَلْعٌ) ما دام أحاطه الكمام (نَضِيدٌ) ( 10 ) له الركوم .
(رِزْقاً لِلْعِبادِ) لأكلهم (وَأَحْيَيْنا بِهِ) الماء (بَلْدَةً مَيْتاً) مصرا هامدا لا ماء ولا طراء لها (كَذلِكَ) كما أمطر وأطر (الْخُرُوجُ) ( 11 ) صدوركم وعودكم ، أدلعكم اللّه سلاما مما محالكم ومرامسكم .
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) أهل أم رحم (قَوْمُ نُوحٍ) الرسول رهطه له (وَ) ولع (أَصْحابُ الرَّسِّ) رسولهم وهو رس رمك رهط حوله وألهوا دماهم
------------
فيها من كل زوج) صنف (بهيج) حسن.
(تبصرة وذكرى) علتان أي فعلنا ذلك تبصيرا وتذكيرا (لكل عبد منيب) راجع إلى ربه.
(ونزلنا من السماء ماء مباركا) كثير الخير (فأنبتنا به جنات) بساتين (وحب الحصيد) وحب الزرع الذي يحصد (والنخل باسقات) طوالا حال (لها طلع نضيد) منضود بعضه على بعض (رزقا للعباد) مفعول له (وأحيينا به) بذلك الماء (بلدة ميتا) جدبة (كذلك) الإحياء للبلدة (الخروج) خروج الموتى حيا.
(كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس) البئر الذي رسوا فيها نبيهم وهو
ص: 258
(وَ) ردّ (ثَمُودُ) ( 12 ) رسولهم صالحا .
(وَعادٌ) رسولهم هودا (وَ) ردّ (فِرْعَوْنُ) مع طوّعه رسوله (وَإِخْوانُ لُوطٍ) ( 13 ) لوطا رسولهم .
(وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) أهلها رسولهم (وَقَوْمُ تُبَّعٍ) وهو ملك أسلم ودعا رهطه للإسلام وهم صدّوا عما أسلموا ومدلوله الطّوع وسماه لعدّ طوّعه ، وورد هو رسول (كُلٌّ) كل رهط ممّا هم (كَذَّبَ الرُّسُلَ) رسلهم كالحمس (فَحَقَّ) لسم (وَعِيدِ) ( 14 ) للإصر المعدّ لهم وهو كلام مسلّ لرسول اللّه ومهدد لهؤلاء (أَ) صحّ طرو الكلال للّه (فَعَيِينا) وعر الوكل له ، والحاصل لا وكل للّه (بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ) ولا لعودهم مالا والمراد هو معاود الكلّ معادا وسهّل له معادهم (بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ) وهم وولع سوّلهم المارد لوساوسه (مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ) ( 15 ) عود مال لعدّهم له أمرا محالا .
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا) أوّلا (الْإِنْسانَ) عموما (وَنَعْلَمُ) علما كاملا كلّ
------------
حنظلة أو غيره وكانوا عبدة أصنام، وعنهم كان فيهم سحق النساء (وثمود وعاد وفرعون) أي هو وقومه (وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع) سبق في الحجر والدخان (الأیة 78) الدخان (الأیة 37 )(كل) من المذكورين (كذب الرسل) كقومك (فحق وعيد) فوجب حلول عذابي بهم وفيه تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم .
أفعيينا بالخلق الأول) استفهام إنكاري أي لم نعي به ولم نعجز عنه فكيف نعجز عن الإعادة (بل هم في لبس) في شك (من خلق جديد) وهو الإعادة (ولقد خلقنا الإنسان ونعلم) حال أي ونحن نعلم
ص: 259
(ما تُوَسْوِسُ بِهِ) معاده ما (نَفْسُهُ) روعه لإدراكه السوء ، والمراد هو عالم أوهامكم ووساوسكم (وَنَحْنُ أَقْرَبُ) علما واطلاعا (إِلَيْهِ) ولد آدم (مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) ( 16 ) الراكد للكرد ، والمراد أحاط علمه الأحوال والأسرار كلها .
وادّكر (إِذْ يَتَلَقَّى) هو عطوا الكلام مع الحرس (الْمُتَلَقِّيانِ) ساطر أعمال موكّلا أمور أحدهما (عَنِ الْيَمِينِ) هو ساطر صوالح الأعمال (وَ) أحدهما (عَنِ الشِّمالِ) وهو ساطر طوالح الأعمال كل واحد (قَعِيدٌ) ( 17 ) للحرس .
(ما يَلْفِظُ) أحد (مِنْ قَوْلٍ) كلام ما (إِلَّا لَدَيْهِ) صدد كلامه (رَقِيبٌ) ملك راصد لعمله (عَتِيدٌ) ( 18 ) معدّ .
(وَجاءَتْ) أمد العمر (سَكْرَةُ الْمَوْتِ) عسرها وهو ماح للحس كالسكر (بِالْحَقِّ) السداد أو لأمر اللّه وحكمه ، وكلامهم له ح (ذلِكَ) السام العسر (ما) أمر (كُنْتَ) أولا (مِنْهُ) وروده (تَحِيدُ) ( 19 ) وهو العدول
------------
(ما توسوس) ما تحدث (به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) الحبل العرق وإضافته بيانية الوريدان عرقان بصفحتي العنق (إذ يتلقى المتلقيان) مقدر باذكر أو ظرف لأقرب أي هو أعلم به من كل قريب حين يأخذ الملكان ما يعمله فيكتبانه فلم يحتج إلى كتابتهما وإنما هو لطف للعبد بزيادة ردعه بذلك (عن اليمين وعن الشمال قعيد) أي عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد وقيل فعيل للواحد والمتعدد (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب) حافظ لعمله (عتيد) حاضر معه.
(وجاءت سكرة الموت) شدته المزيلة للعقل وعبر بالماضي لقربه (بالحق) بحقيقة الأمر (ذلك) أي الموت (ما كنت) يا إنسان (منه تحيد)
ص: 260
والحول .
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) لعود الأرواح عصر (ذلِكَ) العرك (يَوْمُ الْوَعِيدِ) ( 20 ) حصول ما أوعدهم اللّه أولا ، وهو كلام الأملاك لهم .
(وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ) معادا (مَعَها سائِقٌ) ملك طارد لها (وَ) ملك (شَهِيدٌ) ( 21 ) عدل لاطّلاع أعمالها .
(لَقَدْ كُنْتَ) كلام معها (فِي غَفْلَةٍ) لهو وسهو (مِنْ هذا) الأمر الحاصل لك (فَكَشَفْنا) حسر اللّه (عَنْكَ) علمك (غِطاءَكَ) ما هو سد لعلمك (فَبَصَرُكَ) لمحا (الْيَوْمَ) لورود اللوامع (حَدِيدٌ) ( 22 ) حاد كامل والمراد الدرك والعلم .
(وَقالَ) له (قَرِينُهُ) ملكه الموكّل الساطر لأعماله (هذا) المحسوس وهو طرس الأعمال (ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) ( 23 ) معدّ .
وهو مدح لما (أَلْقِيا) اطرحا الأمر لهما أو لمالك والأصل مكرر وصار
------------
تهرب.
(ونفخ في الصور) نفخة البعث (ذلك يوم الوعيد) يوم وقوعه (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) ملك يسوقها وآخر يشهد عليها أو واحد له الوصفان أو السائق نفسه والشاهد جوارحه ويقال له (لقد كنت في غفلة من هذا) الأمر (فكشفنا عنك غطاءك) غفلتك عن ذلك (فبصرك اليوم حديد) حاد نافذ لا يحجبه شيء لزوال الغواشي والحجب والشهوات (وقال قرينه) الملك الشاهد عليه (هذا ما لدي) هذا الأمر الذي هو مكتوب عندي (عتيد) حاضر (ألقيا في جهنم) خطاب للسائق والشهيد وروي لمحمد
ص: 261
سادّا مسدهما (فِي جَهَنَّمَ) دار الآلام (كُلَّ) ملحد (كَفَّارٍ) عادم حمد وطامس آلاء (عَنِيدٍ) ( 24 ) حاسد للسداد معاد لأهله .
(مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) حدّاد للمال أو كل عمل صالح (مُعْتَدٍ) عاد عما أمر (مُرِيبٍ) ( 25 ) موهم ما له العلم الموصل .
هو (الَّذِي جَعَلَ) وهم وآصار (مَعَ اللَّهِ) وحده (إِلهاً آخَرَ) سواه كالودّ والسواع (فَأَلْقِياهُ) اطرحاه محمول للموصول أو كرره مؤكدا (فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ) ( 26 ) الإصر العسر والألم الكامل .
(قالَ) له (قَرِينُهُ) موسوسه المارد أولا (رَبَّنا) اللّهم (ما أَطْغَيْتُهُ) أصلا (وَلكِنْ) هو (كانَ) لسوء عمله (فِي ضَلالٍ) سوء سلوك (بَعِيدٍ) ( 27 ) .
وما عاد (قالَ) اللّه لهما (لا تَخْتَصِمُوا) دعوا لددكما (لَدَيَّ) لمّا لا حاصل لكم الحال ولا راد للموعود والموعد (وَ) الحال (قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ) إرسالا للرسل والطروس (بِالْوَعِيدِ) ( 28 ) موعود السوء ، وهو ورود الإصر لأهل العدول .
(ما يُبَدَّلُ) أصلا (الْقَوْلُ) الكلام الواعد والموعد (لَدَيَّ) صدد اللّه
------------
وعلى (كل كفار عنيد) معاند للحق (مناع للخير) للمال عن حقوقه (معتد) ظالم (مريب) شاك في الدين (الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد).
( قال قرينه) الشيطان (ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد) أي مختارا للضلال فدعوته (قال لا تختصموا لدي) في الموقف إذ لا ينفعكم (وقد قدمت إليكم بالوعيد) على الكفر على ألسنة رسلي (ما يبدل القول لدي) أي
ص: 262
(وَما أَنَا بِظَلَّامٍ) حادل هامط (لِلْعَبِيدِ) ( 29 ) كلهم وما مسهم لصلاح حالهم وسوء أعمالهم ، وهو كمال العدل .
ادّكر وهوّل (يَوْمَ نَقُولُ) وهو اللّه (لِجَهَنَّمَ) معاد الطّلاح (هَلِ امْتَلَأْتِ) ملأك ورود الطّلاح (وَتَقُولُ) دار الآلام (هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) ( 30 ) والسؤال مما هددهم اللّه وإلّا هو عالم الكلّ .
(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ) دارالسلام (لِلْمُتَّقِينَ) أهل الورع محلّا (غَيْرَ بَعِيدٍ) ( 31 ) أو حال أو مصدر مؤكد للأول والكلام معهم ح
هذا المحسوس (ما تُوعَدُونَ) ما وعدكم اللّه والرسل معد (لِكُلِّ أَوَّابٍ) عواد مما ردع (حَفِيظٍ) ( 32 ) حارس لحدود الإسلام .
(مَنْ خَشِيَ) اللّه (الرَّحْمنَ) راع اللّه مع علمه مراحمه روعا (بِالْغَيْبِ) ما رآه أو هو حال (وَجاءَ) ورد اللّه (بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) ( 33 ) مطاع لأوامره أمر اللّه له وللطوع كلهم .
(ادْخُلُوها) ردّوا دارالسلام (بِسَلامٍ) وصلاح ، أو المراد سلام اللّه
------------
لا يقع خلاف وعيدي للكفرة (وما أنا بظلام للعبيد) فأعاقب من لا جرم له (يوم نقول لجهنم هلا امتلأت) سؤال تقرير (وتقول) جوابا (هل من مزيد) هل في زيادة أي قد امتلأت ولم يبق في موضع خال أو المعنى أنها تطلب الزيادة بعد امتلائها غيظا على العصاة (وأزلفت الجنة) قربت (للمتقين) مكانا (غير بعيد) منهم ويقال لهم.
(هذا) الثواب أو الإزلاف (ما توعدون لكل أواب) رجاع إلى الله (حفيظ) حافظ لحدوده (من خشي الرحمن بالغيب) خشية ولم يره (وجاء بقلب منيب) راجع إلى الله (ادخلوها بسلام) سالمين من كل مكروه أو مع
ص: 263
والملك (ذلِكَ) العهد (يَوْمُ الْخُلُودِ) ( 34 ) الدّوام .
أعدّ (لَهُمْ ما) كل سار وروح (يَشاؤُنَ) أهل الإسلام (فِيها) دارالسلام دواما (وَ) لهم ممّا (لَدَيْنا مَزِيدٌ) ( 35 ) لموارد السرور كما ورد كلكم راء لرواء اللّه
(وَكَمْ أَهْلَكْنا) اصطلاما (قَبْلَهُمْ) أمام رهطك الحمس (مِنْ) أهل كل (قَرْنٍ) عصر ولّعوا رسلهم (قَبْلَهُمْ) هؤلاء الهلّاك (أَشَدُّ) أحكم (مِنْهُمْ) عدّال صلاح (بَطْشاً) حولا وسطوا (فَنَقَّبُوا) سلكوا وساروا (فِي الْبِلادِ) الأمصار لمصالحهم وصوالحهم (هَلْ) لهم (مِنْ مَحِيصٍ) ( 36 ) معدل مما أوعدهم اللّه .
(إِنَّ فِي ذلِكَ) الكلام أو إهلاك هؤلاء الأمم (لَذِكْرى) إعلاما (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) مروّ واع (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) سمع وعمل (أَوْ) الحال (هُوَ شَهِيدٌ) ( 37 ) مطّلع سرا لدرك المدلول .
(وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ) مع ما معها (وَالْأَرْضَ) مع ما معها (وَ) عالما حلّ (ما بَيْنَهُما) وسطهما طرّا كالهواء والرّكام والمطر (فِي) لهاء (سِتَّةِ أَيَّامٍ) أولها الأحد وكمل الكل سادسها (وَما مَسَّنا) حصل للّه (مِنْ
------------
سلام من الله وملائكته (ذلك) اليوم (يوم الخلود لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد) مما لم يخطر ببال أحد.
(وكم أهلكنا قبلهم من قرن) من القرون المكذبة (هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص إن في ذلك) المذكور (لذكرى) لتذكرة (لمن كان له قلب) يعي به العبر (أو ألقى السمع) أصغى إلى الوعظ (وهو شهيد) حاضر بذهنه ليفهم ما يسمع (ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام) أولها الأحد وآخرها الجمعة (وما مسنا من
ص: 264
لُغُوبٍ) ( 38 ) كلال وملال وألم .
(فَاصْبِرْ) أمسك روعك (عَلى ما) كلام مكروه (يَقُولُونَ) لك أعداءك هم الهود أو العدّال عموما (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ) اللّه (رَبِّكَ) صر حامدا للّه أو صلّ إعصارا أمرها اللّه (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) وهو وراء السحر (وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) ( 39 ) دلوكها وهو العصر وما أمامه .
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) اللّه وادعه أو صلّ (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) ( 40 ) والركوع ، ورووا مكسور الأول .
(وَاسْتَمِعْ) محمد ( ص ) لما أعلّمك للمعاد (يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ) ملك الصور أو الروح (مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) ( 41 ) للسماء .
(يَوْمَ يَسْمَعُونَ) أهل العالم كلهم (الصَّيْحَةَ) الموعود ورودها وعلوها (بِالْحَقِّ) السداد (ذلِكَ) العهد (يَوْمُ الْخُرُوجِ) ( 42 ) عود الهلاك وصدع المرامس .
------------
لغوب) تعب رد لقول اليهود إنه استراح يوم السبت.
(فاصبر على ما يقولون) أي المشركون من تكذيبك فإنهم لا يعجزون الله (وسبح بحمد ربك) نزهه عما لا يليق به (قبل طلوع الشمس وقبل الغروب) أي الفجر والعصر (ومن الليل) أي بعضه (فسبحه) نزهه (وأدبار السجود) جمع دبر أي أعقاب الصلاة وعن الصادق (عليه السلام) هو الوتر آخر الليل (واستمع يوم يناد المناد) إسرافيل أو غيره (من مكان قريب) بحيث يسمع الكل على حد سواء (يوم يسمعون الصيحة) النفخة الثانية (بالحق) بالبعث متعلق بالصيحة (ذلك يوم الخروج) من القبور.
ص: 265
(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي) الكلّ أوّلا (وَنُمِيتُ) الكل أمدا (وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ) ( 43 ) معاد الكلّ للعدل والعدل .
(يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ) الهلّاك المراد صدعها المرامس (سِراعاً) كمل إسراع وعدو وهو حال (ذلِكَ) العود أو الصدع (حَشْرٌ) موعود (عَلَيْنا يَسِيرٌ) ( 44 ) ماصل سهل .
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما) كل كلام (يَقُولُونَ) لك صدودا وعدولا وهو كلام مهدد للطلّاح ومسلّ لرسول اللّه صلعم (وَما أَنْتَ) محمّد « ص » (عَلَيْهِمْ) أعداء الإسلام (بِجَبَّارٍ) مسلّط وال (فَذَكِّرْ) ادع الكل إصلاحا (بِالْقُرْآنِ) سواطع دواله ومكارم مدلوله كل (مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) ( 45 ) ما أوعدهم معادا .
------------
(إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير) بعد الموت للجزاء (يوم تشقق الأرض عنهم سراعا) مسرعين (ذلك) الإحياء (حشر) بعث (علينا يسير) هين (نحن أعلم بما يقولون) تهديد لهم وتسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) (وما أنت عليهم بجبار) بمسلط تجبرهم على الإيمان إنما أنت مذكر (فذكر بالقرءان من يخاف وعيد) خص لأنه المنتفع به
ص: 266
ص: 267
ص: 268
( سورة الذاريات )
موردها أم الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
عهد اللّه لوطود ما وعد ، وادّكار حدّ أهل العدول وإلهادهم ، وإكرام أهل الإسلام وإعطاء الآلاء لهم معادا ، وصدع أذلّاء وحود اللّه ، وكرم ودود اللّه - علاه السلام - للورّاد علاه ، وإعلام إعطاء الولد له ، وإهلاك رهط لوط - علاه السلام - وصدع حال أملاك وردوا لإهلاكهم ولوم ملك مصر وعساكره وإهلاكهم وإهلاك عاد ورهط هود ورهط صالح ، وأطول الرسل عمرا ، وأسر السماء والرمكاء وما سواهما .
وامر رسول اللّه لإصلاح أهل العالم ودعاءه لهم للإسلام ، واسلاءه - علاه السلام - حال ما ردّه العدّال وصدع لم أسر الأرواح وأولاد آدم وادّكار آصار أهل الحدل الردّاد لرسول اللّه - علاه السلام - وردعهم عما روم وصول الحدّ إسراعا لمّا هو واصل لهم لا محال
ص: 269
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَ) الأرواح (الذَّارِياتِ) للحصحص وما سواه (ذَرْواً) ( 1 ) مصدر .
(فَالْحامِلاتِ) الركم الحوامل للمطر (وِقْراً) ( 2 ) حملا .
(فَالْجارِياتِ) للماء (يُسْراً) ( 3 ) مرورا سهلا .
(فَالْمُقَسِّماتِ) الأملاك (أَمْراً) ( 4 ) أمور الأمطار والأمواه والآلاء كلها
------------
(51 سورة الذاريات ستون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(والذاريات ذروا) الرياح تذرو التراب وغيره (فالحاملات وقرا) ثقلا السحاب الحاملة للمطر (فالجاريات) السفن الجارية في البحر (يسرا) مصدر وقع حالا أي ميسرة أو صفة مصدر محذوف أي جريا ذا يسر (فالمقسمات أمرا) الملائكة المقسمة للأمطار والأرزاق وغيرها وقيل الأربعة للرياح فإنها تذرو التراب وتحمل السحاب وتجري من المهاب وتقسم الأمطار بتصريف
ص: 270
(إِنَّما تُوعَدُونَ) ما وعدكم اللّه وهو عودكم معادا وما للمصدر أو للموصول (لَصادِقٌ) ( 5 ) وعد له كمال السداد وحاصل لا محال .
(وَإِنَّ الدِّينَ) حاصل الأعمال أوسا (لَواقِعٌ) ( 6 ) واطد كما وعد .
(وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ) ( 7 ) الصرط أو الرواء المحمود ، ورووا كالحمر والصّرد والسلك والدول ومكسور الأول والوسط ، والواو للعهد .
(إِنَّكُمْ) أهل صلاح (لَفِي قَوْلٍ) كلامكم لرسولكم (مُخْتَلِفٍ) ( 8 ) ووهمكم هو ساحر أو ممسوس وكلامه كالصحاصح الأول وما هو رسولا أرسله اللّه لهداكم .
(يُؤْفَكُ) صدّا كلاما (عَنْهُ) كلام اللّه أو الرسول (مَنْ أُفِكَ) ( 9 ) حوّل علما عما أمر اللّه .
(قُتِلَ) طرد وأهلك هؤلاء (الْخَرَّاصُونَ) ( 10 ) الولّاع
(الَّذِينَ هُمْ) عمه (فِي غَمْرَةٍ) عدم علم (ساهُونَ) ( 11 ) أولو سهو عما أمروا
(يَسْئَلُونَ) الرسول لهوا وعمها (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) ( 12 ) المعاد وحوورو وروده .
------------
السحاب (إنما توعدون) من البعث وغيره (لصادق) لا خلف له (وإن الدين) الجزاء (لواقع) (والسماء ذات الحبك) ذات الطرق أو النجوم المزينة لها جمع حبيك أو حباك (إنكم لفي قول مختلف) في الرسول والقرآن إذ قلتم ساحر شاعر مجنون (يؤفك عنه من أفك) يصرف عن الرسول أو القرآن أي عن الإيمان به من صرف عن الخير (قتل الخراصون) لعن الكذابون (الذين هم في غمرة) جهل يغمرهم (ساهون) عما يجب عليهم (يسئلون) استهزاء (أيان يوم الدين) وقت الجزاء.
ص: 271
(يَوْمَ هُمْ) أولو السؤال (عَلَى النَّارِ) ساعور المعاد (يُفْتَنُونَ) ( 13 ) هو الحس .
وأمر لهم (ذُوقُوا) أحسوا وأدركوا (فِتْنَتَكُمْ) إصركم (هذَا) الإصر (الَّذِي كُنْتُمْ) أوّلا (بِهِ) ورود الإصر (تَسْتَعْجِلُونَ) ( 14 ) مدد العمر .
(إِنَّ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) أهل الورع والصلاح كلهم ورّاد (فِي جَنَّاتٍ) محالّ دوح وأوراد وأحمال وروح (وَعُيُونٍ) ( 15 ) للماء والدّر والعسل والراح ، أو مسل أمواه حولهم .
(آخِذِينَ ما آتاهُمْ) أعطاهم اللّه (رَبُّهُمْ) وهو دارالسلام (إِنَّهُمْ) أهل الورع (كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) وهو دار الأوامر والأعمال (مُحْسِنِينَ) ( 16 ) أعمالا هم
(كانُوا) عهدا (قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما) مؤكد (يَهْجَعُونَ) ( 17 ) ولهم سهاد لروع المعاد .
(وَبِالْأَسْحارِ هُمْ) وحدهم (يَسْتَغْفِرُونَ) ( 18 ) اللّه لآصارهم ومعارهم كأهل الإلمام كما هو ألمّوا .
(وَفِي أَمْوالِهِمْ) وأملاكهم (حَقٌّ) سهم كامل معلوم ألسموه علاهم (لِلسَّائِلِ) وهو معدم مال له السؤال (وَالْمَحْرُومِ) ( 19 ) محروم العطاء
------------
(يوم هم على النار يفتنون) يعذبون (ذوقوا فتنتكم) عذابكم (هذا) العذاب (الذي كنتم به تستعجلون) في الدنيا تكذيبا.
(إن المتقين في جنات وعيون ءاخذين ما ءاتاهم ربهم) من الثواب (إنهم كانوا قبل ذلك محسنين) أي استحقوا ذلك بإحسانهم في الدنيا (كانوا قليلا من الليل ما يهجعون) ينامون في قليل من الليل أو نوما قليلا (وبالأسحار هم يستغفرون) مع ذلك كأنهم باتوا في معصيته (وفي أموالهم حق) معلوم ألزموا به أنفسهم (للسائل والمحروم) الذي يحسب غنيا فيحرم الصدقة لتعففه.
ص: 272
وهو معسر ماله سؤال ووهموه موسعا .
(وَفِي الْأَرْضِ) اطرارها (آياتٌ) أعلام كوامل ودوال للّه وطوله وسطوه كالطود والدوح والدّاماء (لِلْمُوقِنِينَ) ( 20 ) أهل العلم الكامل .
(وَفِي أَنْفُسِكُمْ) أطلالكم وصوركم أعلام ودوالّ كورود الأحوال والأسرار (أَ) طمس حواسكم (فَلا تُبْصِرُونَ) ( 21 ) أطوار طوله وكماله وهو الأمر مدلولا .
(وَفِي السَّماءِ) الركام (رِزْقُكُمْ) وهو المطر أصل مآكلكم أو المراد لوح السماء وهو مسطوره (وَما تُوعَدُونَ) ( 22 ) معادا وهو دارالسلام والسرور والهمّ وهو كله مسطور السماء ومرسوم اللّوح
(فَوَ) اللّه (رَبِّ السَّماءِ) عالم العلو (وَالْأَرْضِ إِنَّهُ) الموعود والموعد (لَحَقٌّ) حاصل (مِثْلَ ما أَنَّكُمْ) أهل الإسلام (تَنْطِقُونَ) ( 23 ) له كمال سطوع ككلامكم المسموع .
------------
(وفي الأرض ءايات) دلائل من بسطها وسكونها أو اختلاف بقاعها وما فيها من المواليد وغيرها (للموقنين) خصهم لأنهم المنتفعون بذلك (وفي أنفسكم) آيات أيضا إذ في الإنسان ما في العالم الأكبر مع ما خص به من الأمور العجيبة والتصرفات الغريبة (أفلا تبصرون) ذلك معتبرين به (وفي السماء رزقكم) تقديره أو سببه وهو المطر (وما توعدون) من الثواب والعقاب فإنه مكتوب فيها أو في الجنة فإنها في السماء.
(فورب السماء والأرض إنه) أي ما ذكر من أمر الآيات والرزق والوعد (لحق مثل ما أنكم تنطقون) مثل نطقكم عندكم في حقية صدوره عنكم.
ص: 273
(هَلْ أَتاكَ) وردك وصار مسموعا لك ، والكلام لرسول اللّه صلعم (حَدِيثُ) حال (ضَيْفِ إِبْراهِيمَ) الرسول وهو للواحد والرهط سواء كالصوم وأصله المصدر وهم أملاك أحدهم الروح (الْمُكْرَمِينَ) ( 24 ) أكرمهم اللّه أو الرسول .
(إِذْ دَخَلُوا) وردوا (عَلَيْهِ) الرسول لا مع أعلام (فَقالُوا) والمراد كل واحد له (سَلاماً) مصدر سدّ مسد عامله أسلّم (قالَ) الرسول لهم (سَلامٌ) رد لسلامهم وكلّمهم سرا هؤلاء (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) ( 25 ) اعلموا أحوالكم لا أعلمكم لمّا وهمهم أولاد آدم وما علمهم أملاكا .
(فَراغَ) مال الرسول وردس سرا (إِلى أَهْلِهِ) وهم ما علموا (فَجاءَ) مسرعا (بِعِجْلٍ) ولد أطوم (سَمِينٍ) ( 26 ) محمس .
(فَقَرَّبَهُ) ولد الأطوم المحمس (إِلَيْهِمْ) وأورده أمامهم للأكل ، وهم أمسكوا عمّا أوردوا وما سارعوا لأكله (قالَ) الرسول لهم (أَ لا تَأْكُلُونَ) ( 27 ) أما صار هو معدّا لأكلكم ، والمراد كلوه .
(فَأَوْجَسَ) أسرّ وكم (مِنْهُمْ) هؤلاء الورّاد (خِيفَةً) روعا لعدم أكلهم طعامه وهؤلاء الأملاك (قالُوا) له (لا تَخَفْ) والورّاد رسل اللّه ، وورد مسح
------------
(هل أتاك حديث ضيف إبراهيم) جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل (المكرمين) عند الله (إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما) سلمنا سلاما (قال سلام) عليكم (قوم منكرون) أي أنتم أو هؤلاء قوم لا نعرفهم (فراغ) ذهب (إلى أهله فجاء بعجل سمين) مشوي لقوله في هود حنيذ (فقربه إليهم قال ألا تأكلون) الهمزة للعرض أو الإنكار (فأوجس) أضمر (منهم خيفة) لإعراضهم عن طعامه (قالوا لا تخف) إنا رسل الله
ص: 274
ولد الاطوم المحمس الروح وعاد روحه وراح صدد أمه وعلمهم الرسول أملاكا وراح روعه (وَ) هم (بَشَّرُوهُ) أعلموا الرسول إعلاما سارا (بِغُلامٍ) حصول ولد (عَلِيمٍ) ( 28 ) كامل علم .
(فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ) عرسه (فِي صَرَّةٍ) صرّ صاح لمّا هو أعسر أمور دمس وهو حال (فَصَكَّتْ وَجْهَها) لطما مؤلما (وَقالَتْ عَجُوزٌ) وصل عمرها الأمد (عَقِيمٌ) ( 29 ) ما حصل لها ولد أصلا ، وممّ ألد ، والمرء هرم والحمل عسر والولود محال .
(قالُوا) لها الأملاك (كَذلِكَ) الأمر وصحّ الإعلام مما وعده اللّه (قالَ) اللّه (رَبُّكِ) حصوله ولا ولع لكلامه ولا كسر لعهده ولا ردّ لوعده والمراد الولد حاصل لا محال (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ) لا سواه (الْحَكِيمُ) المحكم أمره ووعده (الْعَلِيمُ) ( 30 ) عالم سرك وساوك .
ولمّا علمهم الرسول - علاه السلام - أملاكا وهم ما أرسلوا رهطا رهطا إلّا لأمر أهم سأل و (قالَ فَما خَطْبُكُمْ) أمركم ولم إرسالكم للسرور أو لحكم سواه (أَيُّهَا) الملأ (الْمُرْسَلُونَ) ( 31 ) رهط الأملاك .
(قالُوا) حوارا للرسول (إِنَّا أُرْسِلْنا) إرسالا مهلكا (إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) ( 32 ) هم رهط لوط لسوء عملهم وكدر صدرهم .
------------
(وبشروه بغلام عليم) وهو إسحق (فأقبلت امرأته) سارة (في صرة) في صيحة حال أي أقبلت صائحة (فصكت وجهها) لطمته تعجبا (وقالت) أنا (عجوز) بنت تسع وتسعين (عقيم) عاقر فكيف ألد (قالوا كذلك) كما قلنا في البشارة (قال ربك إنه هو الحكيم) في صنعه (العليم) بخلقه.
(قال فما خطبكم) شأنكم (أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين) أي قوم لوط.
ص: 275
(لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ) إمطارا لإهلاكهم وهدم أمصارهم (حِجارَةً مِنْ طِينٍ) ( 33 ) صلد سعر .
(مُسَوَّمَةً) كل واحد سوّم وصار معلما لاسم مهلكه (عِنْدَ) اللّه (رَبِّكَ) الملك العدل (لِلْمُسْرِفِينَ) ( 34 ) لرهط عادوا عملا عما أحل اللّه لهم وحرّمه .
(فَأَخْرَجْنا) كلّ (مَنْ كانَ فِيها) محال رهط لوط (مَنْ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 35 ) لوط عمّ وطواعه لإهلاك رهطه الطّلاح .
(فَما وَجَدْنا فِيها) أصلا (غَيْرَ) أهل (بَيْتٍ مِنَ) الملأ (الْمُسْلِمِينَ) ( 36 ) هم لوط وولداه .
(وَتَرَكْنا فِيها) محال رهط لوط (آيَةً) علما لإهلاكهم وهو ماء أسود راكد أسوأ الروح (لِلَّذِينَ يَخافُونَ) روعا كاملا (الْعَذابَ الْأَلِيمَ) ( 37 ) المؤلم .
(وَفِي) حال (مُوسى) وإرساله إعلام (إِذْ أَرْسَلْناهُ إِلى فِرْعَوْنَ)
------------
(لنرسل عليهم حجارة من طين) متحجر وهو السجيل (مسومة) معلمة للعذاب أو باسم من يرمى بها (عند ربك) في قدرته (للمسرفين) المتعدين حدود الله.
(فأخرجنا من كان فيها) في قرى قوم لوط (من المؤمنين) ليسلموا من العذاب.
(فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) لوط وابنتاه (وتركنا فيها آية) علامة هي الحجارة أو غيرها (للذين يخافون العذاب الأليم) فيعتبرون فيها.
(وفي موسى) عطف على وفي الأرض (إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان
ص: 276
ملك مصر مع الأوامر والأحكام (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) ( 38 ) دال ساطع كالعصا .
(فَتَوَلَّى) صد عما أمر وهو الإسلام (بِرُكْنِهِ) عسكره (وَقالَ) له هو (ساحِرٌ) عامل السحر ولا أصل لأمره (أَوْ) هو (مَجْنُونٌ) ( 39 ) ما له درك مال الأمور .
(فَأَخَذْناهُ) ملك مصر حردا وإهلاكا (وَجُنُودَهُ) عساكره (فَنَبَذْناهُمْ) هو الطرح (فِي الْيَمِّ) الداماء وصار مع عسكره هالكا (وَهُوَ مُلِيمٌ) ( 40 ) مصدر ما لاموه علاه مما ادّعاه ، وهو حال .
(وَفِي) حال رهط (عادٍ) وإهلاكهم (إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ) إهلاكا (الرِّيحَ الْعَقِيمَ) ( 41 ) لا أمطار ولا حاصل لها .
(ما تَذَرُ) أصلا (مِنْ شَيْءٍ) أطلالهم وأموالهم (أَتَتْ عَلَيْهِ) مرورا (إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) ( 42 ) كالرماد وهو كل ما رم والمراد الإعدام والإهلاك .
(وَفِي) إهلاك (ثَمُودَ) رهط صالح إعلام لأهل السداد (إِذْ قِيلَ) أمر (لَهُمْ) لمّا صدّوا عما أراد صالح (تَمَتَّعُوا) اركدوا دوركم (حَتَّى حِينٍ) ( 43 ) عهد محدود معلوم .
------------
مبين) برهان بين (فتولى بركنه) أي أعرض بجانبه أو مع جنوده الذين هم كالركن له لتقويته بهم (وقال) هو (ساحر أو مجنون) جهلا أو تلبيسا (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم) فطرحناهم في البحر (وهو مليم) آت بما يلام عليه من الكفر والعتو.
(وفي عاد) أيضا (إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) هي ريح لا خير فيها (ما تذر من شيء أتت) مرت (عليه إلا جعلته كالرميم) كالبالي المتفتت (وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين) يفسره آية تمتعوا في دياركم
ص: 277
(فَعَتَوْا) عدوا (عَنْ) طوع (أَمْرِ) اللّه (رَبِّهِمْ) وما أدركوا صلاح الحال وإصلاحها (فَأَخَذَتْهُمُ) رهط صالح الطّلاح (الصَّاعِقَةُ) الإصر المهلك (وَهُمْ يَنْظُرُونَ) ( 44 ) لكمال السطوع
(فَمَا اسْتَطاعُوا) ألوّا (مِنْ قِيامٍ) والمراد ما حصل لهم الحول لإصلاح المهم حال ورود الإصر (وَما كانُوا) أصلا (مُنْتَصِرِينَ) ( 45 ) ما أسعدهم أحد .
(وَقَوْمَ نُوحٍ) والمراد أهلكهم اللّه أو أدرك وأسمع رهطه وهلاكهم ، ورووه مكسورا وله حكم عاد (مِنْ قَبْلُ) أمام هؤلاء الأرهاط (إِنَّهُمْ) رهطه (كانُوا) كلهم (قَوْماً فاسِقِينَ) ( 46 ) صدّوا عما أمروا وعصوا .
(وَالسَّماءَ) معمول لمطروح صرّحه (بَنَيْناها) مؤسسا مرصصا (بِأَيْدٍ) حول وطول (وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) ( 47 ) لها أوسع المرء ، صار أهل وسع وطول ، أو المراد وسع وسط السماء .
(وَالْأَرْضَ) عامله مطروح صرّحه (فَرَشْناها) هو المهد للركود (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) ( 48 ) لها مهدا محمودا .
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ) له روح (خَلَقْنا زَوْجَيْنِ) أو هو عام كالطود والسهل
------------
ثلاثة أيام) 11:65.
(فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة) الهلاك بعد السلامة (وهم ينظرون) يعاينونها نهارا (فما استطاعوا من قيام) أي جثموا فلم ينهضوا (وما كانوا منتصرين) ممتنعين منها.
(وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين) خارجين عن القصد بكفرهم (والسماء بنيناها بأيد) بقوة (وإنا لموسعون) لقادرون (والأرض فرشناها) مهدناها وبسطناها (فنعم الماهدون) نحن (ومن كل شيء خلقنا زوجين)
ص: 278
والدماء والصحراء والحلو والمرّ والسرور والهمّ (لَعَلَّكُمْ) أهل الإدراك (تَذَكَّرُونَ) ( 49 ) واعلموا هو اللّه الواحد الأحد لا عدد له ولا ولد ولا والد وهو المطاع لا سواه
(فَفِرُّوا) مما سواه (إِلَى اللَّهِ) الأحد الصمد وهو معاد الكل ومآله (إِنِّي لَكُمْ) لإصلاحكم (مِنْهُ) اللّه (نَذِيرٌ) مهوّل مهدّد (مُبِينٌ) ( 50 ) ساطع .
(وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ) الواحد الأحد (إِلهاً) مألوها (آخَرَ) سواه (إِنِّي لَكُمْ) لإصلاحكم (مِنْهُ) إله سواه وطوعه (نَذِيرٌ) مهدّد (مُبِينٌ) ( 51 ) ساطع كرره للوكود ، أو هو لعدول والأول لطرح الإسلام والطّوع .
(كَذلِكَ) الأمر والمراد سمّاك رهطك ساحرا وممسوسا (ما أَتَى) ورد الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) رهطك (مِنْ رَسُولٍ) أرسله اللّه لإصلاحهم (إِلَّا قالُوا) ردّا له هو (ساحِرٌ) عامل سحر وعمل مموه لا مآل له أصلا (أَوْ) هو (مَجْنُونٌ) ( 52 ) لا حاصل لكلامه ولا أصل لدعواه وهو لكمال طلاحهم وعدم علمهم سرّ الأمر
(أَ تَواصَوْا) كلهم (بِهِ) الكلام (بَلْ هُمْ) كلهم (قَوْمٌ طاغُونَ) ( 53 ) ما أطاعوا أوامر الرسل .
------------
صنفين كالذكر والأنثى والسماء والأرض والشمس والقمر وغيرها (لعلكم تذكرون) تتذكرون فتعلمون أن خالق الأزواج فرد أحد لا يشبهه شيء (ففروا إلى الله) التجئوا إليه من عقابه بالإيمان والطاعة (إني لكم منه نذير مبين ولا تجعلوا مع الله إلها ءاخر إني لكم منه نذير مبين) كرر تأكيدا.
(كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون) فيه تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم أتواصوا به) بهذا القول استفهام بمعنى النفي (بل هم قوم طاغون) أي لم يجمعهم عليه التواطؤ لتباعد أزمنتهم بل جمعهم طغيانهم.
ص: 279
(فَتَوَلَّ) صدّ رسول اللّه (عَنْهُمْ) هؤلاء الطّلاح اللاؤا كرر الدعاء لهم ، وهم ما سمعوا وما طاوعوا طلاحا (فَما أَنْتَ) محمّد ( ص ) (بِمَلُومٍ) ( 54 ) مورد اللّوم لإعلامك ما أرسل اللّه .
ورد لما أرسله اللّه وعلمه رسول اللّه صلعم أمد ما أرسل إلاه وصار مهموما ملولا أرسل اللّه (وَذَكِّرْ) علم ووصّ (فَإِنَّ الذِّكْرى) إعلامك وادّكارك (تَنْفَعُ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 55 ) لإكمال إسلامهم وإحكام علمهم .
(وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ) الأرواح (وَالْإِنْسَ) أولاد آدم كلهم (إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ( 56 ) اللّه كما أمروا أو إلّا لأمرهم للطوع .
و (ما أُرِيدُ) ما أروم (مِنْهُمْ) أصلا (مِنْ رِزْقٍ) للّه ولا لما سواه (وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) ( 57 ) والمطعم للكل هو اللّه .
(إِنَّ اللَّهَ) كامل الطول (هُوَ الرَّزَّاقُ) المطعام المعطاء لا سواه (ذُو الْقُوَّةِ) الطول (الْمَتِينُ) ( 58 ) المحكم ، ورووه مكسورا .
(فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) رسول اللّه لردّ أوامره وهم أهل أمّ الرّحم (ذَنُوباً) سهم إصر (مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) كسهم إصر الأرداء الطّلاح الهلّاك فَلا
------------
(فتول) فأعرض (عنهم فما أنت بملوم) على إعراضك بعد بذل الجهد في تبليغهم (وذكر) عظ مع ذلك (فإن الذكرى تنفع المؤمنين وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) صريح في أن أفعاله تعالى معللة بالأغراض والمصالح (وما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون) أي ما أريد أن أربح عليهم بل ليربحوا علي (إن الله هو الرزاق) لخلقه الغني عنهم (ذو القوة المتين) الشديد (فإن للذين ظلموا) أنفسهم بالكفر والمعاصي (ذنوبا) نصيبا من العذاب (مثل ذنوب أصحابهم) مثل نصيب نظائرهم المهلكين، أخذ من مقاسمة الماء
ص: 280
(يَسْتَعْجِلُونِ) ( 59 ) ورودها الآصار .
(فَوَيْلٌ) هلاك (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا عما أمروا (مِنْ) إصر (يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) ( 60 ) وعدهم اللّه الإصر ، وهو معاد الكل .
------------
بالذنوب وهو الدلو العظيمة (فلا يستعجلون) بالعذاب فإنهم لا يفوتون (فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون) وهو يوم القيامة.
ص: 281
ص: 282
ص: 283
ص: 284
( سورة الطّور )
موردها أم الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
العهد لحدّ أهل العدول وإلهادهم معادا وسط الساعور ، وصدع سرور أهل دارالسلام لالاء أعطوها ، وإلسام الأعداء مع صروع الأدلّاء وحدّهم حالا أمام ما وردهم معادا ، والأمر للرسول - علاه السلام - لحمل المكاره والطوح أول السمر وحماداه
ص: 285
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالطُّورِ) ( 1 ) وهو طود كلم اللّه علاه رسول الهود .
(وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) ( 2 ) محرر هو كلام اللّه المرسل ، أو اللوح المحروس ، أو ألواح رسول الهود .
(فِي رَقٍّ) هو الطرس أو الصرم (مَنْشُورٍ) ( 3 ) لا مسدود .
(وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) ( 4 ) حرم اللّه وداره عمّرها اللّه ورودا للورّاد والعمّار
(وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) ( 5 ) السماء
(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) ( 6 ) المملو وهو أحاط العالم ، وواو والطور للعهد وما سواه للوصل .
------------
(52 سورة الطور ثمان أو تسع وأربعون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(والطور) هو الجبل الذي كلم الله عليه موسى (وكتاب مسطور) مكتوب هو القرآن أو التوراة أو ما كتب في اللوح المحفوظ أو صحائف الأعمال (في رق) هو ما يكتب في الكتاب وأصله الجلد الذي يكتب فيه (منشور والبيت المعمور) هو الضراح في السماء الرابعة عمر بالملائكة أو الكعبة عمرت بالحجاج (والسقف المرفوع) أي السماء (والبحر المسجور) المملوء أو
ص: 286
وحوار العهد (إِنَّ عَذابَ) اللّه (رَبِّكَ) الموعد للطلّاح (لَواقِعٌ) ( 7 ) لوارد لأهله
(ما لَهُ مِنْ) أحد (دافِعٍ) ( 8 ) رادّ لوروده .
(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) ( 9 ) دورا ومرورا
(وَتَسِيرُ الْجِبالُ) الأطواد (سَيْراً) ( 10 ) وسط الهواء كالرّكام
(فَوَيْلٌ) هلاك (يَوْمَئِذٍ) الموعود مآلا (لِلْمُكَذِّبِينَ) ( 11 ) للرسل
(الَّذِينَ هُمْ) لوكس أحلامهم وسواد صدورهم (فِي خَوْضٍ) أمر عاطل (يَلْعَبُونَ) ( 12 ) لهوا .
(يَوْمَ يُدَعُّونَ) أهل الطّلاح وهو المدّ والدسع (إِلى) إصر (نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) ( 13 ) دسعا عسرا وطرحا مؤلما .
وأورد لهم وحكم (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ) أول الأمر (بِها) ورودهم (تُكَذِّبُونَ) ( 14 ) رسول اللّه .
وما وعدكم وأوعدكم (أَ فَسِحْرٌ) ووهم مموّه هذا الأمر الساطع كما هو دعواكم أوّلا (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) ( 15 ) حصوله لحصول عماكم .
------------
الموقد روي أن البحار في القيامة تجعل نارا تسجر بها جهنم كقوله (وإذا البحار سجرت) 81:6.
(إن عذاب ربك لواقع) لا محالة (ما له من دافع) يدفعه (يوم تمور السماء مورا) تتحرك وتضطرب (وتسير الجبال سيرا) عن مقارها فتصير هباء (فويل يومئذ للمكذبين) للرسل (الذين هم في خوض يلعبون) في شغل باطل يلهون (يوم يدعون إلى نار جهنم دعا) يدفعون إليها بعنف مغلولة أيديهم إلى أعناقهم مجموعة نواصيهم إلى أقدامهم ويقال لهم توبيخا (هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا) الذي تعاينوه كما كنتم تقولون للوحي إنه سحر (أم أنتم لا تبصرون) هذا أيضا كما كنتم لا تبصرون دلائله في الدنيا.
ص: 287
(اصْلَوْها) ردوها ورودا مهلكا (فَاصْبِرُوا) الحال (أَوْ لا تَصْبِرُوا) أو اهلعوا كلاهما (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) وعلّلهما (إِنَّما) ما (تُجْزَوْنَ) عدلا إلّا عدل (ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ( 16 ) أعمالكم السواء .
(إِنَّ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) أهل الصلاح والورع ورّاد (فِي جَنَّاتٍ) دوح ودور (وَنَعِيمٍ) ( 17 ) كامل .
(فاكِهِينَ) حال (بِما آتاهُمْ) أعطاهم اللّه (رَبُّهُمْ) مالكهم ومصلحهم (وَوَقاهُمْ) حرسهم وحماهم (رَبُّهُمْ) كرما (عَذابَ الْجَحِيمِ) ( 18 ) ألمه وهمّه .
وأمر لهم (كُلُوا) أهل دارالسلام طعاما (وَاشْرَبُوا) ماء وراحا (هَنِيئاً) امرؤ (بِما) عمل (كُنْتُمْ) أوّلا (تَعْمَلُونَ) ( 19 ) وهو العمل الصالح .
(مُتَّكِئِينَ) حال لكلوا (عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) موصول أحدها أحدا (وَزَوَّجْناهُمْ) لصوالح أعمالهم (بِحُورٍ) واحدها حورا (عِينٍ) ( 20 ) أواسع الطوامح .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وهو محكوم علاه (وَاتَّبَعَتْهُمْ
------------
(اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا) صبركم وعدمه (سواء عليكم) في عدم النفع (إنما تجزون ما كنتم تعملون) أي جزاءه.
(إن المتقين في جنات ونعيم) التنكير للتعظيم (فاكهين) متلذذين (بما ءاتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم) ويقال لهم (كلوا واشربوا هنيئا) أكلا وشربا هنيئا لا تنغص فيه (بما كنتم تعملون) بسببه أو مقابله (متكئين على سرر مصفوفة) مصطفة (وزوجناهم بحور عين والذين ءامنوا واتبعتهم ذريتهم
ص: 288
ذُرِّيَّتُهُمْ ) سلك مسلكهم أولادهم (بِإِيمانٍ) حال إسلامهم محموله (أَلْحَقْنا بِهِمْ) إسلاما وأعمالا (ذُرِّيَّتُهُمْ) أوصل لهم أولادهم مع عدم إكمالهم الأعمال إكراما للولّاد (وَما أَلَتْناهُمْ) وهو الوكس والمراد ما حطّ لأحد ، ورووه مكسور اللام ومدلولهما واحد (مِنْ عَمَلِهِمْ) محصوله (مِنْ شَيْءٍ) أصلا (كُلُّ امْرِئٍ) صالح أو طالح (بِما) عمل محمودا أو ملوما (كَسَبَ) عمل (رَهِينٌ) ( 21 ) مأسور لحاصل عمله صدد اللّه لو عمل صالحا محصه وإلّا أهلكه .
(وَأَمْدَدْناهُمْ) أوصل لهم الإمداد (بِفاكِهَةٍ) حمل (وَلَحْمٍ) وصروع آلاء (مِمَّا يَشْتَهُونَ) ( 22 ) أهواء مع عدم رومهم وسؤالهم .
(يَتَنازَعُونَ) هم وأرداؤهم عطوا وإعطاء (فِيها) دارالسلام (كَأْساً) مملوا ، أو راحا سماها اسم محلها (لا لَغْوٌ) كلام ولع (فِيها) حال علسها (وَلا تَأْثِيمٌ) ( 23 ) عمل حامل إصر كالأسماع ، وهو لكمال
------------
بإيمان) جعلناهم تابعين لهم وهو إيمان الآباء وكبار الذرية (ألحقنا بهم ذريتهم) في درجاتهم في الجنة وإن كانوا دونهم كرامة للآباء (وما ألتناهم) نقصناهم (من عملهم) من ثوابه (من شيء) بإعطاء الأبناء بل أعطينا الأبناء تفضلا منا (كل امرىء بما كسب) عمل (رهين) مرهون فإن عمل خيرا فك نفسه وإلا أوثقها.
(وأمددناهم) زدناهم وقتا بعد وقت (بفاكهة ولحم مما يشتهون) من أنواعهما (يتنازعون) يتعاطون بينهم (فيها) في الجنة (كأسا) خمرا سميت بمحلها (لا لغو فيها ولا تأثيم) لا يتحدثون بباطل بسبب شربها ولا يفعلون بما يؤثمون به بخلاف خمر الدنيا.
ص: 289
صحوهم وعدم سكرهم .
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ) مع كئوس مدام (غِلْمانٌ لَهُمْ) أسراء ملكهم ، أو هم أولادهم (كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ) لمعا وسطوعا (مَكْنُونٌ) ( 24 ) محروس معصوم .
(وَأَقْبَلَ) ورد (بَعْضُهُمْ) أهل دارالسلام (عَلى بَعْضٍ) آحادهم (يَتَساءَلُونَ) ( 25 ) أحوالا وأعمالا .
(قالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ) وسط عالم الأمر (فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ) ( 26 ) روّاعا هوّالا لأهوال المعاد .
(فَمَنَّ اللَّهُ) أكرم ورحم (عَلَيْنا) كرما وعطاء (وَوَقانا) معادا (عَذابَ السَّمُومِ) ( 27 ) إصر الساعور سمّاها السموم لسمها أو ورودها المسام .
(إِنَّا كُنَّا) أولا (مِنْ قَبْلُ) أمام المعاد (نَدْعُوهُ) دعاء لصلاح المعاد (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ) لا سواه (الْبَرُّ) الراحم أسدّ الوعد (الرَّحِيمُ) ( 28 ) كامل المراحم .
------------
(ويطوف عليهم) للخدمة (غلمان) مماليك (لهم كأنهم) في الحسن والصفا (لؤلؤ مكنون) مصون في الصدف.
(وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) عن أحوالهم يتحدثون بنعمة ربهم وتلذذا بذكرها (قالوا إنا كنا قبل في أهلنا) في الدنيا (مشفقين) خائفين من عذاب الله (فمن الله علينا) بالرحمة والمغفرة (ووقانا عذاب السموم) أي النار النافذة في المسام (إنا كنا من قبل ندعوه) نعبده أو نسأله فضله ( إنه هو البر الرحيم)
ص: 290
(فَذَكِّرْ) ادع أهل العالم دواما (فَما أَنْتَ) محمد ( ص ) (بِنِعْمَةِ) اللّه (رَبِّكَ) إكرامك وإرسالك (بِكاهِنٍ) معلم معهود كما وهموه لإعلام أحوال السماء (وَلا مَجْنُونٍ) ( 29 ) لرومك أمرا ما صلح لك وهما لهم .
(أَمْ يَقُولُونَ) هو (شاعِرٌ) والع له إطراء الكلام (نَتَرَبَّصُ) وهو الرصد (بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ) ( 30 ) صواكم الدهر وأهوال السام وكلاهما لحسم العمر ، والمراد رصدهم هلاك رسول اللّه صلعم .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (تَرَبَّصُوا) ارصدوا الهلاك (فَإِنِّي مَعَكُمْ) أهل الرصد (مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) ( 31 ) أرصد هلاككم كما هو عملكم .
(أَمْ تَأْمُرُهُمْ) أهل الطّلاح (أَحْلامُهُمْ) أرواعهم (بِهذا) الكلام وهو كلامهم له ساحر وسواه ، وهم أهل الدرك والحلم (أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) ( 32 ) أهل العداء للحد طلاحا وحسدا مع سطوع الأمر لهم .
(أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ) سوّله محمد وما هو كلام اللّه (بَلْ) ردّ لهم ، والمراد ما الأمر كما وهموا (لا يُؤْمِنُونَ) ( 33 ) حسدا وسمودا مع علمهم عدم سداد كلامهم لمّا علموه ما هو مسول أحد لوكل أهل الكلام عما سوّلوا
------------
(فذكر) فاثبت على التذكير ولا تبال بقولهم (فما أنت بنعمة ربك) بسبب إنعامه عليك (بكاهن ولا مجنون) كما يزعمون (أم) بل (يقولون شاعر نتربص به ريب المنون) ما يقلق من حوادث الدهر فيهلك كما هلك الشعراء (قل تربصوا) هلاكي (فإني معكم من المتربصين) هلاككم (أم تأمرهم أحلامهم) عقولهم (بهذا) القول المنافي إذ الكاهن ذو فطنة والمجنون مغطى عقله والشاعر ذو كلام موزون مخيل وتنافيهما ظاهر وفيه توبيخ وتهكم (أم) بل (هم قوم طاغون) بعنادهم (أم يقولون تقوله) اختلق القرآن (بل لا يؤمنون) عنادا.
ص: 291
عدله ، وما محمد صلعم إلّا واحدهم .
(فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ) كلام ككلام اللّه المرسل (إِنْ كانُوا صادِقِينَ) ( 34 ) أهل السداد لمّا ادّعوه .
(أَمْ) هم (خُلِقُوا) أسروا (مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ) والد وأمّ أو آسر (أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) ( 35 ) ادرارهم لعدم طوعهم أوامر اللّه .
(أَمْ) هم (خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) أسروها وما صورهما إلا اللّه وهم لم صدوا عما أمروا (بَلْ لا يُوقِنُونَ) ( 36 ) اللّه ووعده وإلّا لأطاعوه وما عصوا أحكامه وسددوا كلام رسوله .
(أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ) اللّه (رَبِّكَ) آلاءه كالعلم والألوك والحكم والملك للإعطاء والسطو (أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ) ( 37 ) مسلطو الأرهاط والأمور وأهل كوح علاها .
(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ) لصعود السماء (يَسْتَمِعُونَ فِيهِ) كلام الملك وأسرار العلو وصاروا علماء لأسرار الأمور كإهلاك محمد رسول اللّه صلعم أمام إهلاكهم وسطوهم أهل الإسلام أمدا كما وهموا (فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ) وهو مدّع لصعود
------------
(فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين) في قولهم تقوله (أم خلقوا من غير شيء) من غير خالق (أم هم الخالقون) أنفسهم (أم خلقوا السموات والأرض) المخلوقين قبل خلقهم ولا يعقل أثر بلا مؤثر (بل لا يوقنون) بذلك وإلا لوحدوه وأطاعوا رسوله (أم عندهم خزائن ربك) خزائن فضله وعلمه فيختارون للنبوة من شاءوا (أم هم المصيطرون) المتسلطون على العالم يدبرونه حسب مشيئتهم (أم لهم سلم) مرقى إلى السماء (يستمعون) الوحي (فيه) أي عليه فيعلمون ما هو الحق (فليأت مستمعهم) مدعي الإستماع
ص: 292
السماء وسماع الكلام (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) ( 38 ) دال ساطع مسدد لكلامهم .
(أَمْ لَهُ) للّه (الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ) ( 39 ) وهو إعلام لوكس أحلامهم لمّا لووا اللّه ما كرهوا لهم ، وهم وهموا ادرارهم حلماء .
(أَمْ تَسْئَلُهُمْ) محمد لإعلامك وأمرك (أَجْراً) كراء وهو إصر لهم (فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ) ما لسم أداءه (مُثْقَلُونَ) ( 40 ) محملو الإصر .
(أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ) علمه أو اللوح المحروس (فَهُمْ يَكْتُبُونَ) ( 41 ) ما هو وسطه كأحوال المعاد .
(أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً) مكرا لإهلاكك (فَالَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وأرادوا المكر (هُمُ الْمَكِيدُونَ) ( 42 ) عاد لهم مكرهم .
(أَمْ لَهُمْ) لأهل العدول (إِلهٌ) مألوه (غَيْرُ اللَّهِ) الواحد الأحد وهو ممدهم ومسعدهم (سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا) للمصدر (يُشْرِكُونَ) ( 43 ) إلها سواه لسوء أوهامهم .
(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً) كسرا (مِنَ السَّماءِ ساقِطاً) لاهلاكهم
------------
(بسلطان مبين) على دعواه (أم له البنات) بزعمكم الملائكة بنات الله (ولكم البنون) تلك إذا قسمة ضيزى (أم تسئلهم أجرا) على التبليغ (فهم من مغرم) عزم لك (مثقلون) أثقلهم ذلك فلا يؤمنون (أم عندهم الغيب) أي علمه المختص بالله (فهم يكتبون) ذلك فيعلمون عواقب الأمور (أم يريدون كيدا) بك (فالذين كفروا هم المكيدون) المغلوبون العائد عليهم وبال الكيد (أم لهم إله غير الله) يمنعهم منه (سبحان الله عما يشركون) من الآلهة والاستفهام بأم في الكل للإنكار والتقريع.
(وإن يروا كسفا) قطعة عذاب (من السماء ساقطا) عليهم كما قالوا
ص: 293
(يَقُولُوا) هو (سَحابٌ مَرْكُومٌ) ( 44 ) ركم آحاده آحادا للإمطار .
(فَذَرْهُمْ) دعهم رسول اللّه مع طلاحهم (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ) عصر إحصاء أعمالهم وهو المعاد (الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) ( 45 ) وهو الإهلاك حالا أو مآلا ، ورووه معلوما .
(يَوْمَ لا يُغْنِي) أصلا (عَنْهُمْ) هؤلاء الأعداء (كَيْدُهُمْ) مكرهم وسوءهم (شَيْئاً) إصرا ومكروها (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) ( 46 ) لا إسعاد لهم .
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) لهؤلاء الأعداء الحدّال (عَذاباً دُونَ ذلِكَ) وراء إصر المعاد وهو هلاكهم حال العماس والمحل والكلاح أعواما وإصر المرمس (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أهل الحدل (لا يَعْلَمُونَ) ( 47 ) ورود الآصار لهم .
(وَاصْبِرْ) محمد ( ص ) (لِحُكْمِ) اللّه (رَبِّكَ) وامره المعد لمصالحك لإمهالهم وإهمالك مهموما (فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) لمّا أراك واكلاءك والمراد علمه وحرسه (وَسَبِّحْ) صل وادع (بِحَمْدِ) اللّه (رَبِّكَ) وهو محمود الكل (حِينَ تَقُومُ) ( 48 ) أسحارا أو المراد الدعاء المعهود المدروس لمّا صلّوا .
------------
(فأسقط علينا كسفا من السماء )26:187 (يقولوا) عنادا هذا (سحاب مركوم) بعضه فوق بعض (فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون) يموتون وهو عند النفخة الأولى (يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون وإن للذين ظلموا) للعهد أو الجنس (عذابا دون ذلك) قبل القيامة في القبر أو الدنيا كقتل بدر والقحط (ولكن أكثرهم يعلمون) نزوله بهم.
(واصبر لحكم ربك) بإمهالهم واحتمل أذاهم (فإنك بأعيننا) بمرأى منا نراك ونكلؤك والجمع للمبالغة والتعظيم (وسبح بحمد ربك حين تقوم) من
ص: 294
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) صلّ وادعه (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) ( 49 ) حال دلوكها .
------------
مجلسك أو منامك (ومن الليل) بعضه (فسبحه) أيضا (وإدبار النجوم) حين تدبر أي تخفى بضوء الصبح أو تغرب أو ومن الليل فصل صلاته أو العشاءين وحين تدبر النجوم صل ركعتي الفجر أو الصبح.
ص: 295
ص: 296
ص: 297
ص: 298
( سورة النجم )
موردها أم الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
العهد لسداد ما كلمه الرسول وإرساله مما اللّه ، وصدع صعوده السماء كلها السمر المعهود ، وادّكار كلام الأعداء الأدم ، وسوء ما وهموا للأملاك ودماهم ، ومدح رهط طرحوا الآصار ، ولوم ما عدل وراء الإسلام ، وصدع إعطاء أعدال الأعمال معادا ، وإعلاء صروع الأدلّاء لوطود الآسر وطوله ، والومء لأحوال الأمم الهلّاك وهول أهل العالم عما إحمام ورود السعواء ، وأمرهم لطوع اللّه .
ص: 299
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالنَّجْمِ) عموما أو المعهود ، والواو للعهد (إِذا هَوى) ( 1 ) ذلك أو صعصع معادا .
(ما ضَلَّ) ما عدل عما سلك الرسل (صاحِبُكُمْ) محمد ( ص ) وهو ردّ للحمس (وَما غَوى) ( 2 ) ما طرح سواء الصراط كما هو موهومكم .
(وَما يَنْطِقُ) كلاما أصلا (عَنِ الْهَوى) ( 3 ) عما هو هواه ومراده
(إِنْ) ما (هُوَ) كلامه (إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) ( 4 ) أوحاه اللّه إلهاما وإرسالا
(عَلَّمَهُ) علّم محمدا ملك (شَدِيدُ الْقُوى) ( 5 ) وهو الروح كما ورد
------------
(53 سورة النجم اثنتان وستون آية مكية)
(إلا آية الذين يجتنبون.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(والنجم إذا هوى) الثريا أو جنس نجوم السماء إذا غرب أو انتشر في القيامة أو انقض أو نجوم القرآن إذا نزل أو النبات إذا سقط على الأرض (ما ضل) ما عدل (صاحبكم) محمد عن طريق الحق (وما غوى) ما خاب عن إصابة الرشد (وما ينطق) بما يؤديه إليكم (عن الهوى) عن التشهي (إن هو) ما الذي ينطق به (إلا وحي يوحى) إليه من الله (علمه) إياه ملك (شديد القوى) جمع قوة وهو جبرائيل.
ص: 300
اصطلم أمصار رهط لوط وصعّدها السماء وطرحها معكوسا حالها ، وصاح لرهط صالح وصاروا كلهم هلّاكا
(ذُو مِرَّةٍ) حول لحواسه ومداركه (فَاسْتَوى) ( 6 ) الملك كما هو
(وَهُوَ) الملك (بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) ( 7 ) السماء .
(ثُمَّ دَنا) كاد الملك سامعا (فَتَدَلَّى) ( 8 ) حصل له كمال الكود لصعوده مع الرسول صلعم ولاء
(فَكانَ) وسطهما (قابَ قَوْسَيْنِ) حال مدّهما طولا وولاء (أَوْ أَدْنى) ( 9 ) ممّا مرّ وصحا وركد روعه .
(فَأَوْحى) الملك (إِلى عَبْدِهِ) محمد رسول اللّه ومعاده اللّه وعوده مع عدم وروده لمّا هو معلوم (ما أَوْحى) ( 10 ) الملك ما صرّح ما أوحاه إعلاء وإكراما له .
(ما كَذَبَ الْفُؤادُ) روع محمد ( ص ) (ما رَأى) ( 11 ) ما رآه وما حكاه والرّوع مدرك الأمور أوّلا .
------------
(ذو مرة) قوة عقلية أو جسمية فيراد بالأولى العقلية (فاستوى) استفهام على صورته الحقيقية (وهو) أي جبرئيل (بالأفق الأعلى) الشرقي (ثم دنا) من النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
(فتدلى) فنزل إليه (فكان) منه (قاب) مقدار (قوسين أو أدنى) في تقديركم.
(فأوحى) جبرائيل أو الله على لسانه (إلى عبده) محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ما أوحى) جبرائيل أو الله إليه أو إلى جبرائيل وفيه تفخيم للموحى به.
(ما كذب الفؤاد ما رأى) أي فيما رأى من صورة جبرئيل أو ما أنكر فؤاده ما رآه ببصره.
ص: 301
(أَ فَتُمارُونَهُ) ولم مراءكم ولدادكم مع محمد صلعم (عَلى ما يَرى) ( 12 ) الملك حال الإسراء .
(وَلَقَدْ رَآهُ) محمّد ( ص ) الملك كما هو أصله (نَزْلَةً أُخْرى) ( 13 ) رآه مكررا
(عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى) ( 14 ) وهو أكمل الدوح وأطولها سمّها لمّا هو أمد صعود العلوم ووصول الأعمال ، وهو معاد الأملاك وما عدوه أصلا
(عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) ( 15 ) مركد أرواح الصلحاء ومأواهم ورآه رسول اللّه صلعم .
(إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ) المعلوم حالها (ما يَغْشى) ( 16 ) ما أحاطه العلم أو الأملاك
(ما زاغَ الْبَصَرُ) ما مال حس رسول اللّه صلعم (وَما طَغى) ( 17 ) ما عدا وما عدل عمّا هو مراءه المروم المأمور واللّه
(لَقَدْ رَأى) محمد ( ص ) (مِنْ آياتِ) سواطع (رَبِّهِ) اللّه (الْكُبْرى) ( 18 ) ومعالم أسراره حال صعوده السماء .
------------
(أفتمارونه على ما يرى) تجادلونه عليه من المراء المجادلة.
(ولقد رءاه) أي جبرائيل على صورته (نزلة أخرى عند سدرة المنتهى) هي شجرة فوق السماء السابعة عن يمين العرش ينتهي إليها علم كل ملك أو ما ينزل من فوقها ويعرج من تحتها (عندها جنة المأوى) الجنة التي يأوي إليها المتقون.
(إذ يغشى السدرة ما يغشى) من النور والبهاء والملائكة يسبحون الله عنده.
(ما زاغ البصر وما طغى) ما مال بصر النبي عن المقصود وما جاوز الحد المحدود (لقد رأى من ءايات ربه الكبرى) أي بعض آياته العظام من عجائب الملكوت أو صورة جبرائيل.
ص: 302
(أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى) ( 19 )
(وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى) ( 20 ) لهما والحاصل اعلموا حال دماكم هل لهم طول وحول كما للّه المالك للكلّ .
(أَ لَكُمُ الذَّكَرُ) المولود كله (وَلَهُ) للّه (الْأُنْثى) ( 21 ) كما هو وهمكم وهو ردّ لكلامهم
(تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى) ( 22 ) لا عدل ولا سداد لها
(إِنْ) ما (هِيَ) دماكم (إِلَّا أَسْماءٌ) معدوم مسماها ولا أصل لها أصلا (سَمَّيْتُمُوها) ولعا وادّعاء (أَنْتُمْ) أهل العدول (وَآباؤُكُمْ) ولّادكم طرّا (ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها) دماكم (مِنْ سُلْطانٍ) دالّ مسلط ساطع (إِنْ) ما (يَتَّبِعُونَ) الطّلاح (إِلَّا الظَّنَّ) والوهم المموّه ومدرك السداد وهو العلم (وَما) أمرا (تَهْوَى الْأَنْفُسُ) مما سوّله هواهم (وَلَقَدْ جاءَهُمْ) وردهم (مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى) ( 23 ) الرسول أو كلام اللّه المرسل وهم طرحوه وما عملوه .
------------
(أفرأيتم اللات والعزى ومنوة الثالثة) للمذكورين قبلها (الأخرى) صفة ذم أي المتأخرة الوضيعة وهي أصنام كانت لهم.
(ألكم الذكر وله الأنثى) إنكار لزعمهم أن الملائكة بنات الله (تلك إذا قسمة ضيزى) جائرة إذ جعلتم له ما تكرهون ولكم ما تحبون.
(إن هي) ما الأصنام باعتبار الألوهية أو ما الصفة التي تصفونها بها (إلا أسماء سميتموها أنتم وءاباؤكم) تشبيها (ما أنزل الله بها من سلطان) برهان تتمسكون به (إن يتبعون إلا الظن) الناشىء من التقليد والتوهم الباطل (وما تهوى الأنفس) وما تشتهيه أنفسهم (ولقد جاءهم من ربهم الهدى) الرسول والقرآن فرفضوه.
ص: 303
(أَمْ لِلْإِنْسانِ) كل مرء (ما تَمَنَّى) ( 24 ) أراد وهو إسعاد دماهم حال صواكم الدهر أو رومهم إرسال الملك لهم كما هو لمحمّد صلعم والحاصل ما له كل ما هو مراده
(فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) ( 25 ) وهو مالكهما وله الحكم أعطاهما لكل واحد أراد .
(وَكَمْ مِنْ) أرهاط (مَلَكٍ) أملاك (فِي السَّماواتِ) وما أكرمهم (لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ) اسعادهم لأحد ولا حاصل لسؤالهم (شَيْئاً) أمرا عاما أصلا (إِلَّا) حال إسعادهم (مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ) أمر اللّه وحكمه لهم إمدادا وإسعادا (لِمَنْ) ملك (يَشاءُ) كرما وإكراما (وَيَرْضى) ( 26 ) لإمداده لمّا هو أهل ولمّا صلح امداد دماهم .
(إِنَّ) هؤلاء الطّلاح (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) دارها وهولها (لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ) والمراد كل واحد (تَسْمِيَةَ الْأُنْثى) ( 27 ) ووهموها أولاد اللّه .
------------
(أم للإنسان) أم منقطعة تضمنت الإنكار أي ليس لكل إنسان منهم (ما تمنى) من شفاعة الأصنام.
(فلله الآخرة والأولى) فهو المعطي والمانع ولا حكم لأحد عليه.
(وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله) لهم أن يشفعوا (لمن يشاء) من عباده (ويرضى) عنه كقوله ولا يشفعون إلا لمن ارتضى فكيف تشفع الجمادات لعبدتها.
(إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة) أي كل فرد منهم (تسمية الأنثى) لقولهم بنات الله.
ص: 304
(وَما لَهُمْ) لهؤلاء (بِهِ) الكلام المكروه السوء للأملاك (مِنْ عِلْمٍ) كامل ودرك سواء (إِنْ) ما (يَتَّبِعُونَ) الطّلاح (إِلَّا الظَّنَّ) والوهم (وَإِنَّ الظَّنَّ) والوهم لما طاوعوا الولّاد (لا يُغْنِي مِنَ) الكلام (الْحَقِّ شَيْئاً) ( 28 ) ممّا أمروا ولا مدرك له الا العلم
(فَأَعْرِضْ) صدّ وولّ محمد ( ص ) (عَنْ مَنْ) طالح (تَوَلَّى) صدّ وعدل (عَنْ ذِكْرِنا) وهو كلام اللّه المرسل (وَلَمْ يُرِدْ) ممّا عمل (إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا) ( 29 ) وسرور هواها
(ذلِكَ) أمرها (مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) أمد علمهم لعدم علو هممهم (إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) محمد ( ص ) (هُوَ أَعْلَمُ) أحاط علمه الكلّ (بِمَنْ) عادل (ضَلَّ) طاح (عَنْ سَبِيلِهِ) وهو الإسلام (وَهُوَ) اللّه (أَعْلَمُ بِمَنْ) مسلم صالح (اهْتَدى) ( 30 ) أسلم وسلك سواء الصراط .
(وَلِلَّهِ) ملكا وملكا (ما فِي السَّماواتِ) سواطع العلو (وَما فِي الْأَرْضِ) والمراد هو مالك الكل وآسره (لِيَجْزِيَ) اللّه هؤلاء (الَّذِينَ أَساؤُا) وصدّوا وما سلكوا صراط السّداد (بِما عَمِلُوا) عمل السوء أو لمّا عملوا (وَيَجْزِيَ) اللّه هؤلاء الملأ (الَّذِينَ أَحْسَنُوا) وحّدوا وأسلموا
------------
(وما لهم به) بهذا القول (من علم إن يتبعون إلا الظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا) فإن الحق إنما يحصل بالعلم دون الظن والتخمين.
(فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحيوة الدنيا) أي لا تهتم بشأنه (ذلك) أي طلب التمتع بالدنيا (مبلغهم من العلم) فلا اهتمام لهم إلا بالدنيا (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى) فيجازي كلا بما يستحقه.
(ولله ما في السموات وما في الأرض) ملكا وخلقا (ليجزي الذين أساءوا بما عملوا) تعليل لما دل عليه ما قبله (ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) المثوبة
ص: 305
(بِالْحُسْنَى) ( 31 ) محامد الأعمال ومكارم عطاء دارالسلام وسرورها .
هم الملأ (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ) ما أوعد اللّه إصر الساعور لعاملها أو لسم له الحدّ لعملها (وَالْفَواحِشَ) المراد العهر وهو أسوأ الآصار (إِلَّا اللَّمَمَ) ماصلها كاللمس والاحساس ، أو كل سوء أراد وما عمل (إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) محمد ( ص ) (واسِعُ الْمَغْفِرَةِ) أحاط كرمه ورحمه الكل عموما (هُوَ) اللّه (أَعْلَمُ بِكُمْ) أحوالكم وأعمالكم (إِذْ أَنْشَأَكُمْ) أسر وصوّر والدكم آدم (مِنَ الْأَرْضِ) أراد علمه أول الأمر (وَإِذْ أَنْتُمْ) أولاد آدم (أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ) أرحام (أُمَّهاتِكُمْ) الحوامل وما حصل الولود وما لاح عملكم وهو عالم عملكم (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) مع معاص لها والهود مدحوها أعمالا (هُوَ) اللّه (أَعْلَمُ) عالم (بِمَنِ) مسلم (اتَّقى) ( 32 ) عمل صالحا .
(أَ فَرَأَيْتَ) الطالح (الَّذِي تَوَلَّى) ( 33 ) صدّ عما أمره اللّه وهو
الإسلام (وَأَعْطى) سمح مالا (قَلِيلًا) اسلالا لحمله الآصار (وَأَكْدى)
------------
الحسنى أي الجنة أو بسبب أعمالهم الحسنى.
(الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش) ما تزايد قبحه من الكبائر (إلا اللمم) وهو الصغائر والاستثناء منقطع أي لكن اللمم يغفر لمجتنبي الكبائر (إن ربك واسع المغفرة) فيغفر ما دون الشرك لمن يشاء (هو أعلم بكم) بأحوالكم (إذ أنشأكم) حين ابتدأ خلقكم بخلق آدم (من الأرض وإذ أنتم أجنة) جمع جنين (في بطون أمهاتكم) في الأرحام (فلا تزكوا أنفسكم) لا تمدحوها إعجابا ورياء (هو أعلم بمن اتقى) بمن أطاع وأخلص العمل.
(أفرأيت الذي تولى) عن الحق (وأعطى قليلا وأكدى) وقطع العطاء.
ص: 306
( 34 ) صرم العطاء وامسكه
(أَ عِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ) أسرار الأمور (فَهُوَ يَرى) ( 35 ) علما ما أراد
(أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ) ما اعلم (بِما) موعود (فِي صُحُفِ مُوسى) ( 36 )
(وَإِبْراهِيمَ) وطروسهما المرسل لهما (الَّذِي وَفَّى) ( 37 ) أكمل وهو مؤدّ للعهود ومكمّلها .
( أ ) مطروح الاسم محموله (لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) ( 38 ) والحاصل لا حمل لإصر حامل إصر حامل سواه
(وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ) حاصل (إِلَّا ما سَعى) ( 39 ) عمل وكدّ
(وَأَنَّ سَعْيَهُ) وعمله (سَوْفَ يُرى) ( 40 ) معادا
(ثُمَّ يُجْزاهُ) عمله (الْجَزاءَ الْأَوْفى) ( 41 ) الأكمل للصلاح والطلاح
(وَأَنَّ) ورووه مكسورا (إِلى) اللّه (رَبِّكَ الْمُنْتَهى) ( 42 ) مآل الكلّ .
(وَأَنَّهُ) اللّه (هُوَ أَضْحَكَ) الصلحاء لسرورهم (وَأَبْكى) ( 43 )
------------
(أعنده علم الغيب فهو يرى (أم) بل (لم ينبأ بما في صحف موسى) أسفار التوراة (وإبراهيم) أي وصحف إبراهيم وقدم صحف موسى لشهرتها أو ليترتب على إبراهيم (الذي وفى) أتم ما أمر به ومن ذلك صبره على ذبح ابنه ونار نمرود (ألا تزر وازرة وزر أخرى) لا تحمل نفس ذنب غيرها ولا ينافيه (من قتل نفسا فكأنما قتل الناس) 5:32 ونحوه لأن ذلك فعل من التسبيب (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى) إلا ثواب سعيه وما ورد من نفع الميت بعمل غيره له فلابتنائه على سعيه وهو إيمانه فالعامل له كالنائب عنه (وأن سعيه سوف يرى) في الآخرة (ثم يجزاه الجزاء الأوفى) التام والهاء لسعيه ژ.
(وأن إلى ربك المنتهى) انتهاء الخلق ومصيرهم وروي إذا بلغ الكلام إلى الله فأمسكوا (وأنه هو أضحك وأبكى) فعل سبب الضحك والبكاء أو أقدر
ص: 307
الطلاح لهمّهم وسوء أحوالهم مآلا
(وَأَنَّهُ) اللّه (هُوَ أَماتَ) ولد آدم (وَأَحْيا) ( 44 ) لهم معادا لا سواه
(وَأَنَّهُ) اللّه (خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ) صورهما (الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) ( 45 ) لدوام الولاد
(مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى) ( 46 ) وموردها الرحم إلّا آدم وحوّا وروح اللّه
(وَأَنَّ) لسم (عَلَيْهِ) اللّه (النَّشْأَةَ الْأُخْرى) ( 47 ) لعود الأرواح
(وَأَنَّهُ) اللّه (هُوَ) لا سواه (أَغْنى) وسع (وَأَقْنى) ( 48 ) أعطاه رأس المال
(وَأَنَّهُ) اللّه (هُوَ) لا سواه (رَبُّ الشِّعْرى) ( 49 ) وهو ألمع الطوالع ألهها أحد ولّاد رسول اللّه صلعم وطرح دماهم .
(وَأَنَّهُ) اللّه (أَهْلَكَ عاداً) رهطه والمراد الأمم (الْأُولى) ( 50 ) هلاكا ووردهم رهط لوط وهود
(وَ) أهلك اللّه (ثَمُودَ) رهطه (فَما أَبْقى) ( 51 ) ما أدامهما
(وَ) أهلك اللّه (قَوْمَ نُوحٍ) لسوء أعمالهم (مِنْ قَبْلُ) أمام رهط عاد وصالح عم مما مرّ عهدهم (إِنَّهُمْ) لكمال طلاحهم (كانُوا هُمْ أَظْلَمَ) أحدل وأطلح مما سواهم عاد ورهط صالح (وَأَطْغى) ( 52 )
------------
عليهما (وأنه هو أمات وأحيا) بخلقه الموت والحياة ولا قدرة لغيره عليهما (وأنه خلق الزوجين) الصنفين (الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى) تصب في الرحم.
(وأن عليه النشأة الأخرى) للبعث (وأنه هو أغنى) بالكفاية بالأموال (وأقنى) أعطى القنية وهو مال المتأثل (وأنه هو رب الشعرى) أي العبور عبدها خزاعة.
(وأنه أهلك عادا الأولى) هم قوم هود أبوهم عاد بن عوض والأخرى عقبهم أو قوم صالح (وثمود) وأهلك ثمود بالتنوين وعدمه (فما أبقى) الجمعين (وقوم نوح من قبل) أهلكهم قبل عاد وثمود (إنهم كانوا هم أظلم وأطغى) من
ص: 308
أعداءهم لطول عهد رسولهم أعواما وهم مع عدم إسلامهم أساءوه وآلموه ما دام له حراك .
(وَالْمُؤْتَفِكَةَ) أمصار رهط لوط (أَهْوى) ( 53 ) سمكها اللّه وصعدها وطرحها الملك لأمره معكوسا حالها .
(فَغَشَّاها) كساها (ما غَشَّى) ( 54 ) لمّا أمطر السلام أورد ما للهول
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكَ) الكلام مع رسول اللّه صلعم ، أو مع كل واحد عدّ الآلاء والمكاره وسمّاها الآلاء لصلاح حالها (تَتَمارى) ( 55 ) وهو الإعوار
(هذا) محمد (نَذِيرٌ) مهوّل (مِنَ) الرسل (النُّذُرِ الْأُولى) ( 56 ) والحاصل هو رسول كرسل مرّوا .
(أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) ( 57 ) كاد المعاد
(لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (كاشِفَةٌ) ( 58 ) لأهل الصلاح والطّلاح وما ملوّحها أحد إلا هو .
(أَ فَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ) كلام اللّه المرسل (تَعْجَبُونَ) ( 59 ) ردا
------------
عاد وثمود لإفراطهم في إيذائه مدة ألف سنة إلا خمسين عاما (والمؤتفكة) المنقلبة وهي قرى قوم لوط (أهوى) أسقطها مقلوبة بعد رفعها بأمر جبرائيل بذلك (فغشاها ما غشى) من الحجارة (فبأي ءالاء ربك) نعمه المعدودة هنا وغيره (تتمارى) تتشكك أيها السامع.
(هذا) الرسول أو القرآن (نذير) منذر أو إنذار (من النذر الأولى) من جنس المنذرين المتقدمين أو الإنذارات المتقدمة (أزفت الآزفة) قربت الساعة (ليس لها من دون الله كاشفة) نفس تقدر على كشفها وردها أو تكشف عن وقتها.
ص: 309
ومراء
(وَتَضْحَكُونَ) لهوا (وَلا تَبْكُونَ) ( 60 ) لسماع ما وعد اللّه وأوعد .
(وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) ( 61 ) أولو اللهو والسمود حال سماع كلام اللّه
(فَاسْجُدُوا لِلَّهِ) وحّده (وَاعْبُدُوا) ( 62 ) اللّه وطاوعوه لا دماكم .
------------
(أفمن هذا الحديث) أي القرآن (تعجبون) إنكارا (وتضحكون) استهزاء (ولا تبكون) انزجارا من وعيده (وأنتم سامدون) لاهون غافلون (فاسجدوا لله واعبدوا) أي اعبدوه بإخلاص.
ص: 310
ص: 311
ص: 312
( سورة القمر )
موردها أم الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
هولهم لورود السعواء ، ولوم أهل العدول لكمال العداء مع الرسول ، وكلامهم عصر ما رأوه علما لألوك الرسول هو سحر ، وصدع حالهم السوء عصر ورود السعواء وصدورهم عما المرامس ، وكلّ أواسط السماء لحطوط ماء على رؤوس الأطواد لرهط أطول الرسل عمرا لمّا دعاهم علاهم ، وإهلاك رهط هود مع صرصر ، ورهط صالح - علاه السلام - مع عرك الروح لمّا أهلكوا كوماءه ، وصدع حال رهط لوط - علاه السلام - وهمكهم وسط المعاد وإهلاكهم مع العرامس ، وحال ملك مصر وعدوه الحدّ وإهلاكه وإحمام اللّه الأمور ، وأسره لها مع ورود أهل الورع دارالسلام ، ووصلهم إحمام اللّه والمراهص ، واللّه أعلم للأمور كلها
ص: 313
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
مرّ مأوّله ولاح مدلوله ، والأعداء لمّا سألوا رسول اللّه علما أصدع ألوكه أرسل اللّه
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) كاد المعاد حصولا (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ( 1 ) ورأوا طود حراء وسطهما ومما رأوه ولد مسعود .
(وَإِنْ يَرَوْا) الأعداء (آيَةً) أعلاها رسول اللّه (يُعْرِضُوا) عما امر (وَيَقُولُوا) كلهم هو (سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) ( 2 ) مطرد محكم دام أو مار موهوم لا دوام له .
(وَكَذَّبُوا) رسول اللّه (وَاتَّبَعُوا) طاوعوا (أَهْواءَهُمْ) آمالهم وما سوّل لهم المارد الموسوس (وَكُلُّ أَمْرٍ) وعدهم اللّه (مُسْتَقِرٌّ) ( 3 ) صحّ
------------
(54 سورة القمر خمس وخمسون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(اقتربت الساعة) قربت القيامة (وانشق القمر) شقين لما سئل آية وقرن انشقاقه باقترابها لأنه من أشراطها (وإن يروا ءاية) من آياته (يعرضوا) عن تأملها (ويقولوا سحر مستمر) دائم أو قوي محكم من المرة القوة واستحكام أو ذاهب لا يبقى (وكذبوا واتبعوا أهواءهم) في تزيين الباطل ورفض الحق (وكل أمر مستقر) مستمر ثابت بانتهائه إلى غاية يعرف منها حقيقته أو بطلانه.
ص: 314
وروده مآلا .
(وَلَقَدْ جاءَهُمْ) ورد الأعداء الرّكاد أم الرّحم (مِنَ الْأَنْباءِ) أحوال هلاك الأمم الأول لمّا ولّعوا رسلهم ، أو أحوال المعاد وإصر أهل العدول (ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) ( 4 ) اسم مصدر وهو الصدّ والردع عمّا العدول .
(حِكْمَةٌ) إعلاء لما ، أو محمول لهو المطروح (بالِغَةٌ) أكمل حكم (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) ( 5 ) لهم مهوّلو أمور كالرسل وأوامرهم .
(فَتَوَلَّ) صدّ محمّد ( ص ) وحوّل (عَنْهُمْ) لعلمك أحوالهم وعدم سماعهم كلامك وادّكر (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) وهو الملك الموكّل للصور أو الدعاء كأمر الأسر (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) ( 6 ) ما هو معهود وهو هول المعاد .
(خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ) للهول وهو حال (يَخْرُجُونَ) كلهم (مِنَ الْأَجْداثِ) المرامس (كَأَنَّهُمْ) أهل المرامس (جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) ( 7 ) لمّا ركموا .
(مُهْطِعِينَ) الإهطاع : الإسراع والمدّ (إِلَى الدَّاعِ) والدعاء (يَقُولُ) الرهط (الْكافِرُونَ) أحدهم لأحد (هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) ( 8 ) لكمال أهوالهم
------------
(ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر) ازدجار (حكمة بالغة) كاملة بلغت غايتها خبر محذوف أو بدل من ما (فما تغن النذر) نفي أو استفهام إنكار (فتول عنهم يوم) ظرف (يدع الداع إلى شيء نكر) أي منكر للنفوس إذ لم يعهد مثله وهو هول المطلع (خشعا أبصارهم) أي ذليلا وأفرد لظهور فاعله وذكر لعدم تأنيث حقيقي وقرىء خاشعا (يخرجون من الأجداث) القبور (كأنهم جراد منتشر) في الكثرة والتموج والتفرق في كل جهة (مهطعين) مسرعين أو ناظرين (إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر) صعب.
ص: 315
وعسر أحوالهم .
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) رهطك وهم الحمس (قَوْمُ نُوحٍ) رهطه (فَكَذَّبُوا عَبْدَنا) الرسول المرسل الأهم (وَقالُوا) هو (مَجْنُونٌ) ممسوس مصروع (وَازْدُجِرَ) ( 9 ) ردع عما أمر وهو أداء الأوامر والأحكام للإسماع وهدد للإهلاك ، أو هو كلامهم له .
(فَدَعا) الرسول (رَبَّهُ) السامع للدعاء (أَنِّي) ورووه مكسور الأوّل (مَغْلُوبٌ) وهم ما سمعوا الاحكام (فَانْتَصِرْ) ( 10 ) وأولم وأهلك .
(فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ) موارد مراحم عالم العلو (بِماءٍ مُنْهَمِرٍ) ( 11 ) هاطل لكمال الإمطار .
(وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ) كلها (عُيُوناً) موارد الماء (فَالْتَقَى الْماءُ) ماء السماء وماء المسل (عَلى أَمْرٍ) حال (قَدْ قُدِرَ) ( 12 ) أرادها اللّه وهو هلاك رهطه .
------------
(كذبت قبلهم) قبل قومك (قوم نوح فكذبوا عبدنا) نوحا تفصيل بعد إجمال (وقالوا مجنون وازدجر) وزجروه بالضرب وغيره .
وقيل هو من قولهم أي وقد ازدجرته الجن ومسته (فدعا ربه) بعد يأسه منهم (أني مغلوب فانتصر) فانتقم لي منهم (ففتحنا) بالتخفيف والتشديد (أبواب السماء بماء منهمر) منصب بشدة وتتابع (وفجرنا الأرض عيونا) جعلناها كلها كعيون متفجرة وهو أبلغ من فجرنا عيون الأرض (فالتقى الماء) ماء السماء وماء الأرض (على أمر قد قدر) على حال قدرها الله كيف شاء أو قدرت وسويت أي ماء السماء كقدر ماء الأرض أو أمر قدره الله وهو هلاكهم غرقا.
ص: 316
(وَحَمَلْناهُ) الرسول مع رهط أسلموه (عَلى ذاتِ أَلْواحٍ) أصلها العود (وَدُسُرٍ) ( 13 ) لإحكامها واحدها دسار وهو المسمار ، ولاح ما هو المراد .
(تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) والمراد مرآه أو حرسه ، وهو حال (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) ( 14 ) وهو رسولهم .
(وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً) للإعلاء والاعلام (فَهَلْ مِنْ) أحد (مُدَّكِرٍ) ( 15 ) والادّكار موصل المرام
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي) لهم وهو إهلاكهم لإرسال الماء وإمطاره (وَنُذُرِ) ( 16 ) أهوالهم وآصارهم .
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ) الرسل (لِلذِّكْرِ) سهله اللّه للادّكار لمّا وعد وأوعد (فَهَلْ مِنْ) أحد (مُدَّكِرٍ) ( 17 ) مما حاوله اللّه .
(كَذَّبَتْ عادٌ) رسولهم هودا (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ( 18 ) لهم أمام وروده وصرّحه
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ) هؤلاء الأعداء إرسالا مهلكا (رِيحاً
------------
(وحملناه على ذات ألواح ودسر) ومسامير (تجري بأعيننا) برعايتنا وحفظنا (جزاء لمن كان كفر) أي فعلنا ذلك جزاء (ولقد تركناها) أي الفعلة والسفينة (ءاية) عبرة مستمر خبرها (فهل من مدكر) معتبر بها وأصله مدتكر قلبت التاء دالا وأدغمت فيها الدال (فكيف كان عذابي ونذر) أي نذري استفهام توبيخ وتخويف وقرىء بإثبات الياء وصلا في المواضع الستة (ولقد يسرنا القرآن للذكر) سهلناه وهيأناه للإذكار والاتعاظ والحفظ (فهل من مدكر) متعظ به استفهام بمعنى الأمر.
(كذبت عاد) رسولهم فأهلكوا (فكيف كان عذابي ونذر) أي إنذاري لهم بالعذاب قبل وقوعه (إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا) شديدة الصوت أو باردة
ص: 317
صَرْصَراً ) لها صرّ وهرء أو واد مهوّل (فِي يَوْمِ نَحْسٍ) ساء حاله (مُسْتَمِرٍّ) ( 19 ) دام لإهلاكهم .
(تَنْزِعُ النَّاسَ) أدلعهم الصرصر عما محالهم (كَأَنَّهُمْ) حال (أَعْجازُ) أصول (نَخْلٍ) لمّا هم طوال (مُنْقَعِرٍ) ( 20 ) عما هو محلّه .
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ( 21 ) كرّره مؤكّدا مهوّلا .
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ) كلام اللّه المرسل (لِلذِّكْرِ) لادّكارهم (فَهَلْ مِنْ) أحد (مُدَّكِرٍ) ( 22 ) ادّكر وعمل مدلوله .
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ) رهط صالح صالحا (بِالنُّذُرِ) ( 23 ) أمور هوّل لها صالح أو الرسل
(فَقالُوا) حسدا وصدّا (أَ بَشَراً) معدودا (مِنَّا واحِداً) كما سواه وعامله مطروح صرّحه (نَتَّبِعُهُ) وما هو مسلك وأكرمهم وأعلاهم (إِنَّا إِذاً) حال طوعه (لَفِي ضَلالٍ) سلوك حول (وَسُعُرٍ) ( 24 ) محالّ ساعور أو مس وصرع .
(أَ أُلْقِيَ) أرسل (الذِّكْرُ) ما أوحاه اللّه (عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) رهط عاد
------------
(في يوم نحس) شؤم (مستمر) استمر شؤمه قيل كان آخر أربعاء في الشهر (تنزع الناس) من حفر اندسوا فيها وتقرعهم فتدق وتطير رءوسهم (كأنهم أعجاز) أصول (نخل منقعر) منقطع وفي التشبيه إشارة إلى طولهم (فكيف كان عذابي ونذر) في قصتهم تهويلا.
(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر كذبت ثمود بالنذر) بالإنذار أو الرسل (فقالوا أبشرا منا) من جنسنا أو من جملتنا لا يفضلنا بشيء صفة بشر وكذا (واحدا) من الآحاد دون الأشراف أو منفردا (نتبعه إنا إذا) إن اتبعناه (لفي ضلال وسعر) جمع سعير وقيل السعر الجنون (أألقي الذكر) الوحي
ص: 318
للألوك (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ) ولّاع مدع (أَشِرٌ) ( 25 ) سامد .
(سَيَعْلَمُونَ) رهط صالح (غَداً) حال ورود الإصر له أو معادا (مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) ( 26 ) أصالح أم هم .
(إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ) مصدروها كما سألوها (فِتْنَةً لَهُمْ) ممحصّا لهم أو هو حال أو معلل له (فَارْتَقِبْهُمْ) أرصدهم وأدرك أعمالهم (وَاصْطَبِرْ) ( 27 ) احمل مكارههم وأمهل لا رادّ لأمر اللّه .
(وَنَبِّئْهُمْ) أعلمهم (أَنَّ الْماءَ) ماء الرس (قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ) لها ولهم (كُلُّ شِرْبٍ) سهم (مُحْتَضَرٌ) ( 28 ) وارد حاصل
(فَنادَوْا) دعوا (صاحِبَهُمْ) ردأهم (فَتَعاطى) حاول الحسام (فَعَقَرَ) ( 29 ) أهلكها
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ( 30 ) لهم حالا ومآلا .
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ) لإهلاكهم (صَيْحَةً واحِدَةً) صاح الملك (فَكانُوا) صاروا كلهم (كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ) ( 31 ) كلاء وطأه السوّام وحطم .
------------
(عليه من بيننا) وهو واحد منا مثلنا (بل هو كذاب) فيما يدعي (أشر) بطر يريد التكبر علينا بكذبه (سيعلمون غدا) يوم القيامة (من الكذاب الأشر) وقرىء بالتاء التفاتا (إنا مرسلوا الناقة) مخرجوها من الصخرة كما اقترحوا (فتنة) امتحانا (لهم فارتقبهم) انتظر صنعهم (واصطبر) على أذاهم (ونبئهم أن الماء قسمة) مقسوم بينهم يوم لها ويوم لهم (كل شرب) نصيب من الماء (محتضر) يحتضره صاحبه يومه (فنادوا صاحبهم) قدار بني سالف لما ملوا ذلك وهموا بقتل الناقة (فتعاطى) فتناول السيف (فعقر) فقتلها (فكيف كان عذابي ونذر إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة) لجبرئيل (فكانوا كهشيم المحتضر) هو من يعمل الحظيرة من الشجر اليابس وما تكسر منه هو الهشيم.
ص: 319
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ) كلام اللّه (لِلذِّكْرِ) سهل اللّه ادّكاره (فَهَلْ) أحد (مِنْ مُدَّكِرٍ) ( 32 ) وعامل له .
(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ) رهطه (بِالنُّذُرِ) ( 33 ) أعلام الهول وأمور الرّوع لهم
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ) رهط لوط (حاصِباً) حاملا للسلام وهلكوا (إِلَّا آلَ لُوطٍ) وهم ولداه ورهط أسلموا معه (نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ) ( 34 ) أرسل الحدّ .
(نِعْمَةً) إعطاء وإكراما ، وهو مصدر معلل له (مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ) كما مرّ (نَجْزِي) كل (مَنْ شَكَرَ) ( 35 ) اللّه وأسلم وأطاع أوامر رسله .
(وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ) هوّلهم لوط (بَطْشَتَنا) المراد عطوه وسطوه (فَتَمارَوْا) ولّعوا (بِالنُّذُرِ) ( 36 ) وحكّ أمرهم .
(وَلَقَدْ راوَدُوهُ) دعوا لوطا وراموا العمل السوء (عَنْ ضَيْفِهِ) وهم الأملاك (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) الطمس المحو ، والمراد أعماها اللّه ، ورد لمّا وردوا دار لوط مسحهم الروح وأعماهم (فَذُوقُوا) أدركوا وهو كلام الأملاك لأمر اللّه (عَذابِي وَنُذُرِ) ( 37 ) وهو حاصل عملهم .
------------
(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر كذبت قوم لوط بالنذر إنا أرسلنا عليهم حاصبا) ريحا تحصبهم بالحجارة أي ترميهم (إلا ءال لوط نجيناهم بسحر) في آخر الليل (نعمة) علة لنجينا أي إنعاما (من عندنا كذلك) الجزاء (نجزي من شكر) نعمتنا بالإيمان والطاعة (ولقد أنذرهم) لوط (بطشتنا) أخذتنا بالعذاب (فتماروا) فتشاكوا وكذبوا (بالنذر ولقد راودوه عن ضيفه) ليفجروا بهم (فطمسنا أعينهم) محوناها (فذوقوا عذابي ونذر) أي قيل لهم ذلك.
ص: 320
(وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً) أوّل السحر (عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ) ( 38 ) ممدود موصول للمعاد
(فَذُوقُوا) أحسوا (عَذابِي وَنُذُرِ) ( 39 ) أرسلها اللّه لحدّكم .
(وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ) لأهل الإسلام (لِلذِّكْرِ) لدرك مدلوله (فَهَلْ) أحد (مِنْ مُدَّكِرٍ) ( 40 ) حال سماعه كرره أمد حال كل رسول إعلاما لسوء معاد الأعداء لهم طرّا .
(وَلَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ) رهطه معه (النُّذُرُ) ( 41 ) رسول الهود وردؤه ورسل سواهما ما أسلموا
(كَذَّبُوا بِآياتِنا) سواطع أعلام أعطاها اللّه (كُلِّها) لاعلاء حاله (فَأَخَذْناهُمْ) عطوا (أَخْذَ عَزِيزٍ) ساط عال ساطع (مُقْتَدِرٍ) ( 42 ) له طول وإهلاك .
(أَ كُفَّارُكُمْ) رهط الحمس (خَيْرٌ) مآلا وعلوّا وسطوا (مِنْ أُولئِكُمْ) طلّاح عدّهم اللّه وهم مولعو هود وصالح ولوط وآل ملك مصر وسواهم لا وهم أسوأ (أَمْ لَكُمْ) أهل أم رحم (بَراءَةٌ) أرسلها اللّه لعدم حدّكم (فِي
------------
(ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر) عليهم متصل بعذاب الآخرة (فذوقوا عذابي ونذر) كرر لأن الأول للطمس والثاني للإهلاك وكرر ذكر العذاب والنذر في كل قصة مع (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) تجديدا للتنبيه على تعذيب الأمم المكذبة ليعتبر بهم والحث على الأذكار والاتعاظ.
(ولقد جاء ءال فرعون) معه (النذر) الإنذارات (كذبوا بآياتنا كلها) أي التسع (فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر) غالب لا يعجزه شيء (أكفاركم) يا قريش (خير من أولئكم) المذكورين من الأمم قوة وثروة ودنيا (أم لكم براءة
ص: 321
الزُّبُرِ) ( 43 ) طروس السماء ، والحاصل ما الأمر هو موهومكم .
(أَمْ) هم (يَقُولُونَ نَحْنُ) رهط الحمس (جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ) ( 44 ) رهط صاد مما أوعدهم اللّه
(سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ) أهل امّ الرّحم (وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) ( 45 ) كسروا ولّوا الإمطاء وحّده لمّا أراد العموم ، أو المراد كل واحد والكلام مما أعلام الألوك وأدلّاء الإرسال .
(بَلِ السَّاعَةُ) الموعود ورودها (مَوْعِدُهُمْ) موعد إصرهم (وَالسَّاعَةُ أَدْهى) أعسر وأسوأ إصرا (وَأَمَرُّ) ( 46 ) إحساسا .
(إِنَّ) لرهط (الْمُجْرِمِينَ) اللاؤا عصوا أوامر اللّه (فِي ضَلالٍ) عمّا هو السداد وهلاك حالا (وَسُعُرٍ) ( 47 ) ساعور مهلك معادا .
(يَوْمَ يُسْحَبُونَ) هو المدّ (فِي النَّارِ) ساعور المعاد (عَلى وُجُوهِهِمْ) لإكمال الإصر وأمر لهم (ذُوقُوا) أحسّوا وأدركوا (مَسَّ سَقَرَ) ( 48 ) مساسها أعدّ لكم والمراد حرّها وألمها .
(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ) عموما (خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) ( 49 ) مكمّلا مسدّدا كما هو
------------
في الزبر) الكتب المتقدمة أن من كفر منكم أمن من سخط الله (أم يقولون نحن جميع منتصر) من عدونا وأفرد للفظ الجميع (سيهزم الجمع ويولون الدبر) أريد به الجنس أي الأدبار فهزموا ببدر وهو من معجزاته (صلى الله عليه وآله وسلّم بل الساعة موعدهم) بالعذاب (والساعة) أي عذابها (أدهى) أفظع (وأمر) أبشع من عذاب الدنيا.
(إن المجرمين في ضلال) عن الحق في الدنيا (وسعر) ونيران في الآخرة (يوم يسحبون في النار على وجوههم) ويقال لهم (ذوقوا مس سقر) ألم إصابة جهنم (إنا كل شيء خلقناه بقدر) أي مقدار على وجه الحكمة أو في
ص: 322
صلاحه ، أو محرر اللّوح ومسطوره ومعلوما أمام وروده .
(وَما أَمْرُنا) لمّا أراد أسره (إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) ( 50 ) لهاء ما لمح أحدكم ، أراد كمال السرع ، وورد مدلوله ما أمر المعاد إلّا كلمح أحدكم .
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ) أعدالكم عدولا (فَهَلْ) أحد (مِنْ مُدَّكِرٍ) ( 51 ) أراد الأمر والحاصل ادّكروا .
(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ) هؤلاء الأعداء محرر (فِي الزُّبُرِ) ( 52 ) ألواح علم اللّه .
(وَكُلُّ) عمل (صَغِيرٍ وَ) عمل (كَبِيرٍ) أصدروا (مُسْتَطَرٌ) ( 53 ) مسطور اللوح .
(إِنَّ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) الصلحاء (فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ) ( 54 ) معادا ، ورووه كدسر (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ) محلّ محمود مسدّد مودود للّه (عِنْدَ مَلِيكٍ) ملك ملك واسع (مُقْتَدِرٍ) ( 55 ) كامل طول مالك كلّ .
------------
علمنا (وما أمرنا) بما نريد كونه (إلا) كلمة (واحدة) هي كن فيكون (كلمح بالبصر) في السرعة.
(ولقد أهلكنا أشياعكم) أشباهكم في الكفر من الأمم (فهل من مدكر) متعظ (وكل شيء فعلوه) مكتوب (في الزبر) صحف الحفظة (وكل صغير وكبير) من الأعمال والكائنات (مستطر) مكتوب في اللوح.
(إن المتقين في جنات ونهر) أنهار اكتفي بالجنس للفاصلة (في مقعد صدق) مكان مرضي (عند مليك) عظيم الملك عزيز السلطان (مقتدر) لا يعجزه شيء.
ص: 323
ص: 324
ص: 325
ص: 326
( سورة الرّحمن )
موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
أسر اللّه ولد آدم ، وعدّه الآلاء علاهم ، وأمرهم للعدل حال الرّطل ، وردعهم عما الوكس ، وادّكار كمال ألوّه لأسر ولد آدم ووالد الأرواح وما أودع الدّاماء مما اللؤلؤ وما عداه ، واطّراد أعدال الودع وسط الدّاماء وهلاك كل مأسور ، ودوام اللّه وإعطاء أهل الأوطار أوطارهم ، وعدم إملاص أهل العالم مما أراد اللّه لهم ، وهولهم مما إرسال اللّه الساعور علاهم وعدم سؤالهم عما الآصار حال صدورهم عمّا المرامس لمّا دلّ علاها أحوالهم ، ودور أهل العدول وسط الساعور والماء كامل الحرّ ، وسرور أهل الإسلام مما آلاء دارالسلام ووصال الحور الكوامل المهاة أعدال صوالح الأعمال لأهلها ، ووطاءهم صروع المهاد وسط دارالسلام
ص: 327
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الرَّحْمنُ) ( 1 ) كامل المراحم أحاط رحمه الكل
(عَلَّمَ) كل أحد أراد (الْقُرْآنَ) ( 2 ) الكلام المرسل لمحمد صلعم
(خَلَقَ الْإِنْسانَ) ( 3 ) عموما أو آدم أو محمّدا صلعم
(عَلَّمَهُ الْبَيانَ) ( 4 ) علوم الأسرار عدّد اللّه آلاءه وأورد أولها ما هو أهمّها وأعلاها وهو إرسال كلامه وإعلامه .
(الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ) كلاهما (بِحُسْبانٍ) ( 5 ) عدد معلوم كعلم الأعوام
(وَالنَّجْمُ) كلاء لا أصل له ، وورد سعود السماء (وَالشَّجَرُ) الممدود اللّاء له أصل (يَسْجُدانِ) ( 6 ) مطاوعاه طوّعا كما أراد .
------------
( 55 سورة الرحمن ست أو سبع أو ثمان وسبعون آية مكية وقيل إلا آية )
( يسئله من في السموات.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(الرحمن) صدر به السورة لتضمنها تعديد نعم الدارين وقدم أجلها قدرا فقال (علم القرآن) المشتمل على أصول الدين وفروعه (خلق الإنسان) أي جنسه (علمه البيان) هو إفهام الغير ما في الضمير بالمنطق.
(الشمس والقمر بحسبأن) يجريان في منازلهما بحساب مضبوط لا تفاوت فيه (والنجم) ما نجم أي طلع من النبات بلا ساق (والشجر) ما له ساق (يسجدان) ينقادان لأمره وتدبيره.
ص: 328
(وَالسَّماءَ رَفَعَها) أعلاها وسمكها وأصارها مورد أحكامه ومصدر أوامره ومحل املاكه (وَوَضَعَ الْمِيزانَ) ( 7 ) لعدل الأمور وسوّاه وعدّل
(أَلَّا تَطْغَوْا) عداء (فِي الْمِيزانِ) ( 8 ) وعاملوا سدادا وعدلا
(وَأَقِيمُوا) دأوموا (الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ) العدل (وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ) ( 9 ) وكسا كرره مؤكدا لمّا وصّاهم .
(وَالْأَرْضَ) الرمكاء (وَضَعَها) ركدها ودحاها كالمهاد (لِلْأَنامِ) ( 10 ) طرا
(فِيها فاكِهَةٌ) حمل (وَالنَّخْلُ) المعهود (ذاتُ الْأَكْمامِ) ( 11 ) واحد الكمّ مكسور الأول وهو وعاء الطلع
(وَالْحَبُّ) كالسمراء (ذُو الْعَصْفِ) الكلا (وَالرَّيْحانُ) ( 12 ) ما أكل وهو مطعم ولد آدم أصله الرّوح
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 13 ) ممّا عدّ أولها الكلام مع أهل عالم الأمر .
------------
(والسماء رفعها ووضع الميزان) أثبت العدل الذي قامت به السموات والأرض أو آلة الوزن للعدل بينكم (ألا تطغوا) أن لا تجوروا (في الميزان) آلة الوزن (وأقيموا الوزن بالقسط) بالعدل (ولا تخسروا الميزان) لا تنقصوه.
(والأرض وضعها) خفضها مبسوطة (للأنام) للخلق من كل ذي روح أو للثقلين (فيها فاكهة) ما يتفكه به (والنخل ذات الأكمام) أوعية ثمرها أو كلما يغطى من ليف ونحوه (والحب) كالحنطة والشعير (ذو العصف) ورق الزرع اليابس والتين (والريحان) الرزق أو المشموم (فبأي ءالاء ربكما تكذبان) خطاب للثقلين بدلالة الأنام أو أيها الثقلان عليهما وكررت تجديدا كتذكير الناسي وتنبيه الساهي.
ص: 329
(خَلَقَ) اللّه (الْإِنْسانَ) والدكم آدم (مِنْ صَلْصالٍ) حماء اسود (كَالْفَخَّارِ) ( 14 ) ما له واد وعرك
(وَخَلَقَ) اللّه (الْجَانَّ) الأرواح ، وورد هو المارد الموسوس (مِنْ مارِجٍ) سعر (مِنْ نارٍ) ( 15 ) ساعور وهو إعلاء له
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 16 ) وهو مصوركم ومعمركم .
(رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ) وهما مطلعا أكمل اللوامع موسم الهرء والحرّ (وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) ( 17 ) وهما مدلكاه موسمهما صاد
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 18 ) مما وسطهما مما صروع العود اللّواء لا إحصاء لها .
(مَرَجَ) أرسل اللّه وأسلك (الْبَحْرَيْنِ) المالح والحلو (يَلْتَقِيانِ) ( 19 ) ماس سطحاهما
(بَيْنَهُما بَرْزَخٌ) وهو حال (لا يَبْغِيانِ) ( 20 ) ما عدوا الحد لهما
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 21 ) مما عمّ مصالح إكمالكما .
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا) الداماء المالح والحلو (اللُّؤْلُؤُ) الدرّ
------------
(خلق الإنسان) آدم (من صلصال) طين يابس إذا نقر صلصل أي صوت (كالفخار) كالخزف (وخلق الجان) أبا الجن قيل هو إبليس (من مارج) لهب صاف من الدخان (من نار) بيان لمارج (فبأي ءالاء ربكما تكذبان رب المشرقين ورب المغربين فبأي ءالاء ربكما تكذبان مرج) أرسل (البحرين) من العذب والملح (يلتقيان) متلاصقين (بينهما برزخ) حاجز من قدرته تعالى (لا يبغيان) لا يبغي أحدهما على الآخر فيمازجه.
(فبأي ءالاء ربكما تكذبان يخرج) ببناء الفاعل والمفعول (منهما) من مجموعهما فالخارج من أحدهما وهو الملح كالخارج من الآخر (اللؤلؤ) كبار
ص: 330
(وَالْمَرْجانُ) ( 22 ) الأحمر
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 23 ) وهما مروماكما ومصلحا حالكما .
(وَلَهُ) للّه (الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ) أسرها اللّه والمراد عال ما معه مرورها (فِي الْبَحْرِ) الداماء (كَالْأَعْلامِ) ( 24 ) الأطواد طولا واحدها العلم وهو الطود الطوال
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 25 ) مما أسر موادها وأعلام وصل ألواحها لمرور كما الداماء لمصالحكما .
(كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ) ( 26 ) هالك معدوم
(وَيَبْقى وَجْهُ) اللّه (رَبِّكَ) محمد لا سواه (ذُو الْجَلالِ) العلوّ والسطو والملك (وَالْإِكْرامِ) ( 27 ) لأهل الإسلام عطاء
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 28 ) كاعلام اللّه إعدامكما ودوام حراه وهو أصل الإسلام وأسّ المرام لمّا هو داع لطوعه ورادع عما سواه .
(يَسْئَلُهُ) اللّه كلاما أو حالا (مَنْ فِي السَّماواتِ) أهل عالم العلو (وَالْأَرْضِ) أهلها لكمال إرمادهم وعدمهم (كُلَّ يَوْمٍ) أراد كل عصر (هُوَ
------------
الدر (والمرجان) صغاره أو الخرز الأحمر( فبأي ءالاء ربكما تكذبان) .
(وله الجوار) أي السفن (المنشئات) المرفوعات الشرع أو المحدثات (في البحر كالأعلام) كالجبال ارتفاعا (فبأي ءالاء ربكما تكذبان كل من عليها) على الأرض من حيوان وغيره ومن للتغليب (فان) هالك (ويبقى وجه ربك) ذاته (ذو الجلال) العظمة (والإكرام) التعظيم أو التفضيل (فبأي ءالاء ربكما تكذبان) وكون الفناء نعمة لأنه وصلة إلى الحياة الباقية والسعادة الدائمة ولما فيه من العبرة والتذكير.
(يسئله من في السموات والأرض) نطقا أو حالا ما يحتاجون إليه وهو كناية
ص: 331
فِي شَأْنٍ) ( 29 ) أمر وآما لمّا اراده أولا إعطاء وردا ووسعا وعدما
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 30 ) كسمع الدعاء وصحاح الداء وإعطاء أهل السؤال ومحو آصار أهل معاص .
(سَنَفْرُغُ) سأصمد وأهمّ (لَكُمْ) لإحصاء أعمالكم وهو كلام مهدّد (أَيُّهَ الثَّقَلانِ) ( 31 ) أولاد آدم والأرواح
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 32 ) وهو معدّ الآلاء وممدّكم حالا ومآلا .
(يا مَعْشَرَ) رهط (الْجِنِّ) الأرواح (وَالْإِنْسِ) ولد آدم (إِنِ اسْتَطَعْتُمْ) لو حصل لكم الوسع (أَنْ تَنْفُذُوا) أراد صدورهم (مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) حدودها (فَانْفُذُوا) أصدروا (لا تَنْفُذُونَ) أصلا (إِلَّا بِسُلْطانٍ) ( 33 ) طول وسطو ولا سطو لكم
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 34 ) مما أعلم عدمكم وساهل معكم مع كمال الطول والسطو .
(يُرْسَلُ عَلَيْكُما) لكل أحد عصاه مماكم (شُواظٌ) ورووه مكسور
------------
عن غناه وافتقارهم (كل يوم) وقت (هو في شأن) من إيجاد وإعدام وقبض وبسط ونحوها (فبأي ءالاء ربكما تكذبان سنفرغ لكم) سنقصد لحسابكم أو سنتجرد له مستعار من قولك لمن تهدده سأفرغ لك، إذ المتجرد للشيء أقدر عليه (أيه الثقلان) الجن والإنس، سميا بذلك لثقلهما على الأرض (فبأي ءالاء ربكما تكذبان) وكون التهديد نعمة لأنه لطف للمكلف (يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا) تخرجوا (من أقطار السموات والأرض) من نواحيهما هاربين من قضاء الله (فانفذوا) أمر تعجيز (لا تنفذون) لا تستطيعون النفوذ (إلا بسلطان) بقوة ولا قوة لكم على ذلك والنعمة هنا الوعظ والتحذير والمساهلة فلذا قال (فبأي ءالاء ربكما تكذبان)
ص: 332
الأوّل وكلاهما سعر (مِنْ نارٍ) ساعور (وَنُحاسٌ) أسود معادا ، ورووه مكسور الأوّل (فَلا تَنْتَصِرانِ) ( 35 ) لا طول لكم لدسعهما
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 36 ) كإسعادكم ودسع آصاركم .
(فَإِذَا انْشَقَّتِ) اصّدّع (السَّماءُ) لورود الأملاك (فَكانَتْ) السّماء (وَرْدَةً) حمراء (كَالدِّهانِ) ( 37 ) المهل أو الصرم الأحمر .
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 38 ) مما ورد معادا وراء صدع السماء .
(فَيَوْمَئِذٍ) عصر صدعها (لا يُسْئَلُ) أصلا (عَنْ ذَنْبِهِ) سؤال علم (إِنْسٌ وَلا جَانٌّ) ( 39 ) كلاهما لمّا علموا لإعلامهم وهو حال صدورهم مما مرامسهم .
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 40 ) مما أعطاه اللّه وأولاه لأهل الإسلام معادا .
(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ) اللاؤا عصوا مما أمروا (بِسِيماهُمْ) سواد مرآهم أو إعلام الهموم (فَيُؤْخَذُ) عطوا والمراد مدّهم وسلّهم (بِالنَّواصِي) أولا (وَالْأَقْدامِ) ( 41 ) الحوامل لورودهم الدّرك
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه ( رَبِّكُما
------------
(يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران فبأي ءالاء ربكما تكذبان فإذا انشقت السماء) انصدعت (فكانت وردة) أي حمراء كوردة (كالدهان) في الذوبان جمع دهن أو اسم لما يدهن به أو كالأديم الأحمر وجواب إذا محذوف كوقع أمر فظيع (فبأي ءالاء ربكما تكذبان فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان) ولا ينافي قوله فوربك لنسألنهم أجمعين لأنه في وقت آخر (فبأي ءالاء ربكما تكذبان يعرف المجرمون بسيماهم) بعلامتهم من سواد الوجوه وزرقة العيون (فيؤخذ بالنواصى والأقدام) مضمومة ناصية كل
ص: 333
تُكَذِّبانِ ) ( 42 ) وهو أعلمكم آصار أهل العدول وورودهم الدرك لورعكم العدول وصدودكم عما هو أحكامه .
(هذِهِ) الدار (جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا) لددا وطلاحا (الْمُجْرِمُونَ) ( 43 ) الطّلاح وما سدّدوها .
(يَطُوفُونَ) أراد دورهم (بَيْنَها) لكمال حرّها (وَبَيْنَ حَمِيمٍ) ماء حار (آنٍ) ( 44 ) كمل حرّه ووصل امده
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 45 ) كإكرامكم وإهلاك الأعداء معادا .
(وَلِمَنْ خافَ) راع (مَقامَ) اللّه (رَبِّهِ) محل إحصاء الأعمال معادا وأطاع أوامره وأحكامه (جَنَّتانِ) ( 46 ) روحا وسرورا لعمله الصوالح وطرحه الطوالح
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 47 ) كإعطاء دارالسلام لكم لادء طوع وطرح معاص .
(ذَواتا أَفْنانٍ) ( 48 ) صروع الدوح والأحمال
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 49 ) ممّا أعطاكم كرما وعطاء .
(فِيهِما عَيْنانِ) للماء والراح (تَجْرِيانِ) ( 50 ) دواما كل محل أرادوا
------------
منهم إلى قدميه أو يؤخذ بهذه مرة وبهذه أخرى (فبأي ءالاء ربكما تكذبان).
ويقال لهم (هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها) يصلونها (وبين حميم) ماء حار (ءان) متناه في الحرارة (فبأي ءالاء ربكما تكذبان ولمن خاف مقام ربه) الذي يقيم فيه العباد للحساب أو قيامه عليه رقيبا فيترك معاصيه (جنتان) جنة عدن وجنة نعيم أو روحانية وجسمانية (فبأي ءالاء ربكما تكذبان ذواتا أفنان) أنواع من النعم (فبأي ءالاء ربكما تكذبان
ص: 334
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 51 ) كاطّراد المسل لروحكم وحكم وسروركم .
(فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ) حمل (زَوْجانِ) ( 52 ) مما رأوها أكلوها وما رأوها وما سمعوها
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 53 ) .
(مُتَّكِئِينَ) مدح أو حال (عَلى فُرُشٍ) مهّدها الملك (بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) مصومد محكم ومعادلها مما هو محوك مهلهل ، وورد ما علمه إلّا اللّه (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ) حملهما (دانٍ) ( 54 ) محم وأصل له كل أحد أراد
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 55 ) وهو أعطاكم السرر وصروع المهاد والوسد والدوح والأحمال إكراما .
(فِيهِنَّ) الدور والمحال حور (قاصِراتُ الطَّرْفِ) لا لمح لها إلّا لأهالها (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ) ما مسّها (إِنْسٌ قَبْلَهُمْ) أمام أهّالها (وَلا جَانٌّ) ( 56 ) والكلام دلّ للأرواح مسّ الأعراس كولد آدم
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 57 ) كإعطاء الأعراس الطواهر العواصم لكم .
------------
فيهما عينان تجريان فبأي ءالاء ربكما تكذبان ).
( فيهما من كل فاكهة زوجان) صنفان غريب ومعروف (فبأي ءالاء ربكما تكذبان متكئين على فرش بطائنها من استبرق) ديباج غليظ فتكون ظهائرها أعلى وأجل (وجنى الجنتين) ثمرهما (دان) قريب يناله القائم والقاعد والمضطجع (فبأي ءالاء ربكما تكذبان فيهن) في الجنان لدلالة الجنتين عليهن أو فيما اشتملتا عليه من القصور والمجالس (قاصرات الطرف) البصر على أزواجهن (لم يطمثهن) لم يفتضهن (إنس قبلهم ولا جان) فهن أبكار من الحوراء ونساء الدنيا المنشئات خلقا آخر (فبأي ءالاء
ص: 335
(كَأَنَّهُنَّ) الحور والأعراس (الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) ( 58 ) لمعا وطهرا وملسا
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 59 ) مما أعلم إعطاءه لكم معادا .
(هَلْ) ما (جَزاءُ الْإِحْسانِ) عملا وورد هو لا إله الا اللّه محمد رسول اللّه (إِلَّا الْإِحْسانُ) ( 60 ) معادا وهو إعطاء دارالسلام ومواد سرورها
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 61 ) كإعطاء المراهص الطوع وإكمال الآلاء لأداء محامدها والروح للورع وسمع الدعاء للهود والعطاء للسؤال .
(وَمِنْ دُونِهِما) هما دارالسلام الموعود حصولهما لأهل الروع والورع (جَنَّتانِ) ( 62 ) لأهل الصلاح
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 63 ) مما عدّده وأعدّه لكم معادا
(مُدْهامَّتانِ) ( 64 ) لهما سواد لكمال اصحمام ماكرهما
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 65 ) وهو إعطاؤكم ما هو مأمولكم ومرادكم حالا ومآلا كرما وعطاء .
(فِيهِما عَيْنانِ) للماء (نَضَّاخَتانِ) ( 66 ) مملو ماء لا حصم له
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 67 ) ممّا لا عدّ ولا إحصاء له .
(فِيهِما فاكِهَةٌ) صروع الأحمال (وَنَخْلٌ) وهو حمل وطعام
------------
ربكما تكذبان كأنهن الياقوت والمرجان) أي اللؤلؤ صفاء وحمرة وبياضا (فبأي ءالاء ربكما تكذبان هل جزاء الإحسان) في العمل (إلا الإحسان) بالثواب.
(فبأي ءالاء ربكما تكذبان ومن دونهما) دون الجنتين المذكورين للخائفين المقربين (جنتان) لمن دونهم من أصحاب اليمين (فبأي ءالاء ربكما تكذبان مدهامتان) من ادهام كاسواد لفظا ومعنا أي سوداوان من شدة الخضرة (فبأي ءالاء ربكما تكذبان فيهما عينان نضاختان) فوارتان بالماء (فبأي ءالاء ربكما
ص: 336
(وَرُمَّانٌ) ( 68 ) وهو حمل ودواء أوردهما إعلاء لكمالهما وعلوّهما
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 69 ) لمّا لا صلاح لحال مرء ما حمد آلاء اللّه .
(فِيهِنَّ) الدور والمحال حور (خَيْراتٌ) سرّا وإملاء (حِسانٌ) ( 70 ) رواء مع كمال المهاة
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 71 ) مع كمال الإعطاء والإكرام
(حُورٌ) واحدها الحوراء (مَقْصُوراتٌ) عصمها اللّه وكمّها (فِي الْخِيامِ) ( 72 ) اللّاء موادها الدرر
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 73 ) وهو أعطاكم الأعراس الطواهر العواصم .
(لَمْ يَطْمِثْهُنَّ) أصلا (إِنْسٌ قَبْلَهُمْ) أمام ورود أهّالها دارالسلام (وَلا جَانٌّ) ( 74 ) كحور الرهط الأوّل
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 75 ) مما له الإكمال والإكرام .
(مُتَّكِئِينَ) وهم الصلحاء (عَلى رَفْرَفٍ) وسد أو مهاد (خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ) أروع أراد عاما (حِسانٍ) ( 76 ) لا وصم لها
(فَبِأَيِّ آلاءِ) اللّه (رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ( 77 ) وهو مكمّل الآلاء ومعط لها لكل أحد أراد ، وهو
------------
تكذبان فيهما فاكهة ونخل ورمان) عطفا عليها لفضلهما (فبأي ءالاء ربكما تكذبان ).
(فيهن )أي الجنتين أو أماكنهما (خيرات) أي خيرات الأخلاق (حسان) الصور (فبأي ءالاء ربكما تكذبان حور) بيض أو شديدات سواد العيون وبياضها (مقصورات في الخيام) مخدرات مصونات في خيام من در مجوف (فبأي ءالاء ربكما تكذبان لم يطمثهن إنس قبلهم) قبل أزواجهن (ولا جان فبأي ءالاء ربكما تكذبان متكئين على رفرف خضر) جمع رفرفة أي بسط أو وسائد أو رياض الجنة (وعبقري حسان) أي طنافس جمع عبقرية أو جنس وصف بالجمع
ص: 337
المكرم لمسلم أطاعه ، والمهلك لطالح عصاه كما دلّ ما مرّ مرارا .
(تَبارَكَ) علا (اسْمُ) اللّه (رَبِّكَ) محمّد كما علا مسمّاه (ذِي الْجَلالِ) لأهل الطلاح (وَالْإِكْرامِ) ( 78 ) لأهل الصلاح .
------------
للمعنى ونسبة إلى عبقر تزعم العرب أنه بلد الجن فينسبون إليه كل عجيب.
(فبأي ءالاء ربكما تكذبان تبارك) تعالى (اسم ربك) تعالى مسماه وقيل الاسم مقحم (ذي الجلال والإكرام) ورقعه این عامر صفة لاسم.
ص: 338
ص: 339
ص: 340
( سورة الواقعة )
موردها أم الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
ورودها السعواء لا محال ، وإصار ولد آدم أرهاطا رهط أعطوا طروس أعمالهم مما سدو معادل الأسار ، ورهط أعطوها مما سدو الإسار ، ورهط ما هلوهم طوعا وادّكار حال كلهم ، وصدع أدلّاء أعاد العالم ولسوم الطهر حال مس كلام اللّه ودرسه ، وصدع حال الهلاك السرور لأمم والحسر والحدّ لأمم والأمر لحمد اللّه كامل الطول
ص: 341
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ادّكر محمد وعلم (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) ( 1 ) سمّاها لسداد صدورها ووطود ورودها
(لَيْسَ لِوَقْعَتِها) عصر ورودها (كاذِبَةٌ) ( 2 ) أحد والع لمّا أمه كل أحد لحصولها
(خافِضَةٌ) حطّا لرهط الطلاح محمول لمطروح (رافِعَةٌ) ( 3 ) أعلاء لرهط الصلحاء
(إِذا رُجَّتِ) حرّك (الْأَرْضُ) لهدم ما علاها كالأطواد والصروح وما سواها (رَجًّا) ( 4 ) حراكا صعد
(وَبُسَّتِ) صعصع وكسر أو امر (الْجِبالُ بَسًّا) ( 5 ) صعصاعا وكسرا أو إمرار كاملا
(فَكانَتْ) الأطواد (هَباءً) عصرا كالكحل (مُنْبَثًّا) ( 6 ) روحا
------------
( 56 سورة الواقعة ست أو تسع وتسعون آية )
(وتجعلون رزقكم.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(إذا وقعت الواقعة) قامت القيامة (ليس لوقعتها كاذبة) أي لا يكون حينئذ كذب (خافضة) لقوم بدخول النار (رافعة) لآخرين بدخولهم الجنة أو تزيل الأشياء من مقارها فتنثر الكواكب وتسير الجبال في الجو (إذا رجت الأرض رجا) حركت تحريكا عنيفا حتى يخر كل بناء عليها (وبست الجبال بسا) فتلت أو سيرت (فكانت هباء) فصارت غبارا (منبثا) متفرقا.
ص: 342
( وَكُنْتُمْ أَزْواجاً) أرهاطا (ثَلاثَةً) ( 7 ) رهطاكم أهل دارالسلام وأهل الساعور
(فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) هم اللّاءوا أعطوا طروس أعمالهم سدو معادل إسارهم ما للسؤال ، والمراد الهكر ممّا هو صلاح حالهم والإكرام لأمرهم (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) ( 8 ) هم أهل دارالسلام عموما عملوا صوالح الأعمال وأطاعوا أوامر اللّه وأحكام الرسل .
(وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) وهم اللّاءوا أعطوا طروس أعمالهم سدو إسارهم ما ما هو كما مرّ ومراده عكس الأوّل (أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) ( 9 ) هم أهل الساعور عموما عملوا طوالح الأعمال وعصوا الأوامر والأحكام .
(وَالسَّابِقُونَ) إسلاما أو عماسا أو كل عمل صالح أو الرسل كلهم هم (السَّابِقُونَ) ( 10 ) لورود دارالسلام وهو محمول الأول ، أو مؤكد له ومحموله
(أُولئِكَ) الملأ (الْمُقَرَّبُونَ) ( 11 ) للّه ولهم محل عال .
(فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ( 12 ) اللّاء أعدّها اللّه لهم هم
(ثُلَّةٌ) رهط (مِنَ الْأَوَّلِينَ) ( 13 ) أمم الرسل
(وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ) ( 14 ) رهط محمد
------------
(وكنتم أزواجا) أصنافا (ثلاثة فأصحاب الميمنة) فأرباب اليمن والسعادة أو المنزلة الرفيعة أو الذين يعطون كتبهم بأيمانهم مبتدأ خبره (ما أصحاب الميمنة) ربط بإعادة الظاهر (و أصحاب المشئمة) أصحاب الشؤم على أنفسهم بمعصيتهم أو المنزلة الدنيئة أو الذين يعطون كتبهم بشمالهم (ما أصحاب المشئمة) كسابقه.
(والسابقون) إلى ما دعا الله إليه هم (السابقون) الذين عرفت حالهم وبلغك نعتهم أو الذين سبقوا إلى الجنة (أولئك المقربون) برفع الدرجات (في جنات النعيم ثلة من الأولين) جماعة كثيرة من الأمم الماضية (وقليل من الآخرين) من أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو جماعة من أول هذه الأمم وقليل من آخرها.
ص: 343
رسول اللّه صلعم .
(عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ) ( 15 ) رملوها وموادّها الدرر واللآل
(مُتَّكِئِينَ) حال (عَلَيْها) السرر (مُتَقابِلِينَ) ( 16 ) محسا أحدهم رواء أحد وهو حال
(يَطُوفُ عَلَيْهِمْ) أهل دارالسلام لعدسهم (وِلْدانٌ) حساكل أراد دورهم طوّاعا للأوامر (مُخَلَّدُونَ) ( 17 ) أدامهم اللّه حساكل ، ووردهم أولاد أهل عالم الأمر ، وورد أولاد أهل العدول .
(بِأَكْوابٍ) أواع لا عرا لها (وَأَبارِيقَ) ما لها عرا (وَكَأْسٍ) مملوّ (مِنْ مَعِينٍ) ( 18 ) مدام حال علسهم
(لا يُصَدَّعُونَ) لا صداع لهم (عَنْها) المدام (وَلا يُنْزِفُونَ) ( 19 ) ولا مصوح لأحلامهم وراحهم
(وَفاكِهَةٍ) حمل (مِمَّا) هم (يَتَخَيَّرُونَ) ( 20 ) وهم أكلوا أحلاه وأطراه
(وَلَحْمِ طَيْرٍ) مما أحلّه اللّه ، وهو أصلح اللحوم (مِمَّا يَشْتَهُونَ) ( 21 ) ما هو مأمولهم ومرادهم ولهم
(وَحُورٌ عِينٌ) ( 22 ) واحده حوراء ، ورووا حور مكسورا لمّا أراد لحم وحور
(كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ) ( 23 ) الدرّ المكموم ما مسّه
------------
(على سرر موضونة) منسوجة بالذهب مشتبكة بالدر والجوهر (متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم) للخدمة (ولدان مخلدون) مبقون على صفة الولدان لا يهرمون (بأكواب) أقداح لا عرى لها ولا خراطيم (وأباريق) لها ذلك (وكأس) خمر أو إناء فيه خمر (من معين) من نهر ظاهر للعيون أو جار من العيون (لا يصدعون عنها) لا يحصل لهم منها صداع (ولا ينزفون) من نزف الشارب بصيغة المجهول أي ذهب عقله (وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين) واسعات العيون (كأمثال اللؤلؤ المكنون) المصون.
ص: 344
أحد
(جَزاءً) معلل أو مصدر (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 24 ) لصوالح أعمالهم .
وهم (لا يَسْمَعُونَ فِيها) دارالسلام (لَغْواً) كلاما لا حاصل له (وَلا تَأْثِيماً) ( 25 ) إلماما
(إِلَّا قِيلًا) كلاما وهو (سَلاماً سَلاماً) ( 26 ) أراد ما لهم سماع كلام إلّا السلام كرره لإعلاء السلام ، ورووا سلام سلام .
(وَأَصْحابُ الْيَمِينِ) هم أهل دارالسلام (ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) ( 27 ) هم الأكارم لا سواهم
(فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ) ( 28 ) ورد أهل الأمصار لمّا رأوا محلّا وهو واد حامل للسدر وأرادوه أرسلها اللّه
(وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) ( 29 ) أحمالا
(وَظِلٍّ مَمْدُودٍ) ( 30 ) طوال لا حسم له
(وَماءٍ مَسْكُوبٍ) ( 31 ) مسال
(وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ) ( 32 ) آمر صروعها لا إحصاء لها
(لا مَقْطُوعَةٍ) لا حسم لها أصلا (وَلا مَمْنُوعَةٍ) ( 33 ) لا صدّ لأكلها
(وَفُرُشٍ) مهد ، وورد المراد الأعراس (مَرْفُوعَةٍ) ( 34 ) لعلوّ السرر
(إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ) الأعراس (إِنْشاءً) ( 35 ) أوّلا
(فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً) ( 36 ) ما
------------
(جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغوا) ساقطا من القول (ولا تأثيما) ولا يقال لأحد منهم أثمت (إلا) لكن (قيلا) قولا (سلاما سلاما) بدل من قيلا أو نعته أو مفعوله أي إلا أن يقولوا سلاما أو مصدر والتكرير للتكثير.
(وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر) شجر النبق (مخضود) لا شوك له (وطلح) شجر الموز أو أم غيلان كثير النور طيب الرائحة (منضود) بالحمل من أسفله إلى أعلاه (وظل ممدود) منبسط أو دائم (وماء مسكوب) جار أبدا (وفاكهة كثيرة لا مقطوعة) في وقت (ولا ممنوعة) عن طالبها بوجه (وفرش مرفوعة) بنضدها أو على السرر وقيل هي النساء المرفوعة على الأرائك لقوله (إنا أنشأناهن إنشاء) ابتدأنا خلقهن من غير ولادة (فجعلناهن أبكارا) كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن عذارى.
ص: 345
مسّها مرء
(عُرُباً) لها وداد لأهّالها ورووه لا محرك الراء (أَتْراباً) ( 37 ) أعوام عمرها سواء لأعوام ألهّا لها
(لِأَصْحابِ الْيَمِينِ) ( 38 ) أهل صوالح الأعمال هم
(ثُلَّةٌ) رهط (مِنَ الْأَوَّلِينَ) ( 39 ) أمم الرسل
(وَثُلَّةٌ) رهط (مِنَ الْآخِرِينَ) ( 40 ) هم ملأ طاوعوا كلام محمد رسول اللّه صلعم وأسلموه وعملوا أحكامه .
(وَأَصْحابُ الشِّمالِ) أولو الأعمال الطوالح (ما أَصْحابُ الشِّمالِ) ( 41 ) أراد كمال سوء أحوالهم لمّا عصوا كلهم
(فِي سَمُومٍ) حرّ ساعور مهلك ورد المسام (وَحَمِيمٍ) ( 42 ) ماء حارّ أكمل الحرّ
(وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) ( 43 ) أسود ، وورد هو طود حار وسط الساعور
(لا بارِدٍ) مروّح (وَلا كَرِيمٍ) ( 44 ) ما له روح وهو كرمه
(إِنَّهُمْ) الطّلاح (كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) اوّلا (مُتْرَفِينَ) ( 45 ) لهم وسع ومال وداد آمال وأهواء
(وَكانُوا) دواما (يُصِرُّونَ) عصوا وأصرّوا وداوموا (عَلَى الْحِنْثِ) الإصر (الْعَظِيمِ) ( 46 )
------------
(عربا) متحببات إلى أزواجهن جمع عروب (أترابا) مستويات في السن أو مثل أزواجهن فيه (لأصحاب اليمين) متعلق بأنشأنا أو جعلنا (ثلة من الأولين) من الأمم الماضية (وثلة من الآخرين) من هذه الأمة وروي أن الثلتين من هذه الأمة.
(وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم) ريح حارة تنفذ في المسام من نار (وحميم) ماء شديد الحرارة (وظل من يحموم) دخان أسود (لا بارد) كسائر الظلال (ولا كريم) ولا نافع بوجه (إنهم كانوا قبل ذلك) في الدنيا (مترفين) منعمين لاهين عن الطاعة (وكانوا يصرون على الحنث) الذنب (العظيم) أي الشرك.
ص: 346
الكامل وهو مما ألّهوا دماهم وكسروا إلّهم المعهود وعهدهم المؤكد أوّلا وما سواها .
(وَ) هم (كانُوا يَقُولُونَ) لأهل الإسلام (أَ إِذا مِتْنا) أمد العمر (وَكُنَّا) هلّاكا (تُراباً) حصحصا مطروحا (وَعِظاماً) رماما (أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) ( 47 ) أأعاد اللّه والمراد ما أعاد اللّه أطلالهم
(أَ وَ) معادا (آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) ( 48 ) ولّاد مر عهدهم وهلكوا
(قُلْ) لهم محمد ( ص ) (إِنَّ) الأمم (الْأَوَّلِينَ وَ) الملأ (الْآخِرِينَ) ( 49 ) كلّهم
(لَمَجْمُوعُونَ) لمّهم اللّه (إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) ( 50 ) للّه محدود معاد للكل .
(ثُمَّ إِنَّكُمْ) الكلام مع أهل أمّ الرّحم وأعدالهم (أَيُّهَا الضَّالُّونَ) عما سلك أهل الإسلام (الْمُكَذِّبُونَ) ( 51 ) للمعاد وأحواله
(لَآكِلُونَ) حال سعادكم (مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ) ( 52 ) مرّ مؤلم مهلك
(فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) ( 53 ) لكمال سعارهم
(فَشارِبُونَ عَلَيْهِ) المأكول لكمال أوامهم (مِنَ الْحَمِيمِ) ( 54 ) الماء الحارّ الحاسم معدهم وأمعاءهم كالمهل
(فَشارِبُونَ شُرْبَ) مصدر (الْهِيمِ) ( 55 ) الدواعر اللّاء لها كمال أوام أو
------------
(و كانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون) كررت الهمزة مبالغة في إنكارهم ولذا دخلت على الواو في (أوءاباؤنا الأولون قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) عند الله هو يوم القيامة (ثم إنكم أيها الضالون) عن الحق (المكذبون) بالبعث (لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها) من الشجر (البطون) لفرط الجوع (فشاربون عليه) على الزقوم (من الحميم) لشدة العطش (فشاربون شرب الهيم) الإبل العطاش جمع أهيم وهيم كبيض.
ص: 347
الرمال
(هذا) المأكول (نُزُلُهُمْ) أوّل طعامهم (يَوْمَ الدِّينِ) ( 56 ) معادا لسوء أعمالهم وطلاح صدورهم وأسرارهم .
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ) وهو معلوم لكم (فَلَوْ لا) هلا (تُصَدِّقُونَ) ( 57 ) ما أعلم رسولكم وهو عودكم معادا
(أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ) ( 58 ) طارحوه والمراد الماء المطروح وسط الأرحام
(أَ أَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ) آسروه ومصوروه أولادا ومعاده ما (أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) ( 59 ) آسروه ومصوروه .
(نَحْنُ قَدَّرْنا) إحماما كما هو المراد (بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) لعصر معلوم معهود لجسم أعماركم (وَما نَحْنُ) أصلا (بِمَسْبُوقِينَ) ( 60 ) حكما وأمرا
(عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ) معدما لكم ومصورا لسواكم وهو حال أو معلل لما مرّ (وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما) حال وطور (لا تَعْلَمُونَ) ( 61 ) أصلا
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى) ومحالها الأرحام (فَلَوْ لا) هلّا (تَذَكَّرُونَ) ( 62 ) معادكم وهو أمصل عملا لحصول المواد .
------------
(هذا نزلهم) ما هيأ لهم (يوم الدين) يوم الجزاء (نحن خلقناكم فلولا تصدقون) بالبعث بعد الخلق إذ من قدر على البدء قادر على الإعادة (أفرأيتم ما تمنون) ما تقذفونه في الأرحام من النطفة (أأنتم تخلقونه) أي المني بشرا (أم نحن الخالقون نحن قدرنا) بالتشديد والتخفيف (بينكم الموت وما نحن بمسبوقين) لا يغلبنا أحد (على أن نبدل أمثالكم) نجعل مكانكم خلقا أشباهكم أو نبدل صفاتكم على أن أمثالكم جمع مثل محركا (وننشئكم في ما لا تعلمون) من الصور كالقردة والخنازير (ولقد علمتم النشأة الأولى فلو لا تذكرون) أن من قدر عليها قدر على النشأة الأخرى.
ص: 348
(أَ فَرَأَيْتُمْ) اعلموا (ما تَحْرُثُونَ) ( 63 ) أكّاروه مما طعام أو سواه
(أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ) أكّاروه (أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) ( 64 ) أكّاروه ومدلعوه طارّا
(لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ) مأكوركم (حُطاماً) كلاء مكسورا لا حاصل له (فَظَلْتُمْ) ورووه مكسور الأوّل (تَفَكَّهُونَ) ( 65 ) أراد سدمهم مما عملوا
(إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) ( 66 ) مهلكو سطو
(بَلْ نَحْنُ) رهط (مَحْرُومُونَ) ( 67 ) محدود السهم حدّهم اللّه لا حاصل لهم .
(أَ فَرَأَيْتُمُ) اعلموا (الْماءَ) الحلو الصالح (الَّذِي تَشْرَبُونَ) ( 68 ) عالسوه حال الأوام .
(أَ أَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ) الماء (مِنَ الْمُزْنِ) الركام الهاطل (أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ) ( 69 ) مرسلوه حولا
(لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ) الماء (أُجاجاً) ملحا أو مرّا (فَلَوْ لا) هلّا (تَشْكُرُونَ) ( 70 ) اللّه وآلاءه ومراحمه .
(أَ فَرَأَيْتُمُ) اعلموا (النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) ( 71 ) دالعوها مما هو
------------
(أفرأيتم ما تحرثون) تبذرونه في الأرض وتنشرونها (أأنتم تزرعونه) تنبتونه (أم نحن الزارعون لو نشاء لجعلناه حطاما) نباتا هشيما (فظلتم) أصله ظللتم بكسر اللام فحذفت تخفيفا (تفكهون) أصله بتاءين فحذفت إحداهما تعجبون أو تندمون على إنفاقكم فيه والتفكه التنقل بالفواكه استعير للتنقل بالحديث وتقولون (إنا لمغرمون) ملزمون غرامة ما أنفقنا (بل نحن محرومون) ممنوعون رزقنا لا حظ لنا (أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن) من السحاب جمع مزنة (أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا) ملحا (فلولا) فهلا (تشكرون) هذه النعمة (أفرأيتم النار التي تورون) تقدحون.
ص: 349
مصدرها وهو العود
(أَ أَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ) طولا (شَجَرَتَها) الساعور لحصول مرامكم وإصلاح حالكم (أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ) ( 72 ) لها أوّلا
(نَحْنُ جَعَلْناها) ساعور العود (تَذْكِرَةً) لساعور الدرك (وَمَتاعاً) صلاحا وعودا (لِلْمُقْوِينَ) ( 73 ) لأهل الرّحل والسلوك
(فَسَبِّحْ) طهّر محمد وادع (بِاسْمِ رَبِّكَ) اللّه (الْعَظِيمِ) ( 74 ) له كمال السطو والعلوّ
(فَلا أُقْسِمُ) لا أعهد لسطوع الأمر أو أعهد لا مؤكد أو لا رد لكلام حاد المعهود علاه (بِمَواقِعِ النُّجُومِ) ( 75 ) مدالكها ورووا الأوّل موحّدا
(وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ) مؤكدا (لَوْ تَعْلَمُونَ) أمره (عَظِيمٌ) ( 76 ) لكمال حكمه وإسراره
(إِنَّهُ) ما أعلمكم محمّد وادّعاه كلام اللّه أرسله اللّه لإصلاح الكلّ (لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) ( 77 ) مكرّم ومكرّم حاو لأصول العلوم ومصالح الأمور
(فِي كِتابٍ )
------------
(أأنتم أنشأتم شجرتها) التي تنقدح هي منها كالمرخ والعفار (أم نحن المنشئون) لها (نحن جعلناها) أي النار (تذكرة) لنار جهنم أو تبصرة في البعث كما مر في يس (ومتاعا) منفعة (للمقوين) لنازلي القواء وهو الفقر أو للخالية بطونهم أو مزاودهم من الطعام من أقوى الربع خلا من أهله (فسبح باسم ربك العظيم) صفة الاسم أو الرب أي أحدث التسبيح بذكر اسمه تنزيها له عما يقول الكافرون به وبقدرته.
(فلا أقسم) لا زائدة أو لنفي الحاجة إلى القسم لوضوح الأمر أو لرد ما يخالف المقسم عليه أو أصله لأنا أقسم فحذف أنا وأشبعت الفتحة (بمواقع النجوم) بمساقطها في الغروب أو بمنازلها أو بأوقات نزول القرآن (وإنه) أي القسم بها (لقسم لو تعلمون عظيم) أي لو كنتم من أهل العلم لعلمتم عظمته (إنه لقرءان كريم) كثير الخير عام النفع (في كتاب
ص: 350
طرس (مَكْنُونٍ) ( 78 ) معصوم محروس عمّا ورده ما لا حاصل له أو عما اطّلع علاه ما عدا الاملاك الكرام وهو اللّوح
(لا يَمَسُّهُ) اللوح أحد أراد عدم اطّلاعهم (إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) ( 79 ) طهروا أسرارهم وصورهم عمّا كدورهم الأملاك
(تَنْزِيلٌ) مصدر للمدح والحاصل مرسل وهو أحد الأسماء له (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 80 ) مالكه ومصلحه .
(أَ فَبِهذَا الْحَدِيثِ) المرسل وهو كلام اللّه (أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ) ( 81 ) ملهدوه ورها وطلاحا
(وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ) وهو المطر أراد حمده (أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) ( 82 ) لكلام اللّه .
(فَلَوْ لا) هلّا (إِذا بَلَغَتِ) الروح حال أمد العمر وإدراك السام (الْحُلْقُومَ) ( 83 ) هو ممرّ الطعام والماء
(وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ) حال هلاكه (تَنْظُرُونَ) ( 84 ) أحوال الهالك والكلام لرهط حوله ، والواو للحال
(وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ) مدرك السام (مِنْكُمْ) علما (وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) ( 85 ) أراد عدم علمهم .
------------
مكنون) مصون وهو اللوح المحفوظ (لا يمسه إلا المطهرون) من الحدث أو الكفر (تنزيل) أي منزل (من رب العالمين أفبهذا الحديث) أي القرآن (أنتم مدهنون) متهاونون مكذبون (وتجعلون رزقكم) من المطر أي شكره (أنكم تكذبون) بكونه من الله وتنسبونه إلى الأنواء.
(فلولا) فهلا (إذا بلغت) أي الروح وقت النزع (الحلقوم) الحلق (وأنتم) يا حاضري المحتضر (حينئذ تنظرون) إليه (ونحن أقرب إليه منكم) بالعلم والقدرة (ولكن لا تبصرون) لا تدركون ذلك ببصر ولا بصيرة.
ص: 351
(فَلَوْ لا) هلّا (إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) ( 86 ) ما ساسكم اللّه وصوّركم
(تَرْجِعُونَها) أراد ردّ الروح (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ( 87 ) أهل السداد لأوهامكم .
(فَأَمَّا إِنْ كانَ) الهالك (مِنَ) الملأ (الْمُقَرَّبِينَ) ( 88 ) للّه
(فَرَوْحٌ) له روح وسرور ، ورووه روح ومدلوله الرحم (وَرَيْحانٌ) عطر وطعام طاهر (وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) ( 89 ) معادا لصوالح أعماله
(وَأَمَّا إِنْ كانَ) الهالك (مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) ( 90 ) رهط عملوا صالحا
(فَسَلامٌ لَكَ) عامل الأعمال الصوالح دواما (مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) ( 91 ) كما مرّ سلاما سلاما .
(وَأَمَّا إِنْ كانَ) الهالك (مِنَ) الرهط (الْمُكَذِّبِينَ) وهم ما سمعوا أوامر رسوله (الضَّالِّينَ) ( 92 ) ما سلكوا سواء الصراط
(فَنُزُلٌ) أول طعامهم (مِنْ حَمِيمٍ) ( 93 ) ماء حارّ
(وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) ( 94 ) وإصلاؤه
------------
(فلولا) فهلا (إن كنتم غير مدينين) مربوبين (ترجعونها) تردون الروح إلى البدن بعد بلوغ الحلقوم وهو ناصب إذا والمحضض عليه بلولا وكررت تأكيدا وهي بفعلها دليل جواب الشرط وتقديره إن كنتم غير مدينين كما تزعمون فهلا ترجعونها (إن كنتم صادقين) فيما زعمتم.
(فأما إن كان) الميت (من المقربين) السابقين (فروح) فله استراحة (وريحان) ورزق طيب (وجنة نعيم) والجواب لأما أو إن أو لهما (وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك) يا صاحب اليمين (من أصحاب اليمين) أي من إخوانك تحية لك (وأما إن كان من المكذبين الضالين) أي أصحاب الشمال (فنزل من حميم وتصلية جحيم) وإدخال نار عظيمة.
ص: 352
الساعور معادا .
(إِنَّ هذا) المرسل المأمور (لَهُوَ حَقُّ) العلم (الْيَقِينِ) ( 95 ) الواطد الأصح الأسدّ
(فَسَبِّحْ) طهّر رسول اللّه علاه السلام وادع (بِاسْمِ) اللّه (رَبِّكَ الْعَظِيمِ) ( 96 ) حمدا وإكراما وعلوّا .
------------
(إن هذا) المذكور في السورة (لهو حق اليقين) من إضافة الموصوف إلى صفته (فسبح باسم ربك العظيم).
ص: 353
ص: 354
ص: 355
ص: 356
( سورة الحديد )
موردها مصر رسول اللّه - علاه السلام - ، وورد موردها امّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
حمد كل مأسور مما السماء ومعاله وما وسطهما ، وإعلام عموم ملكه وألوّه للكل ، وإعطاءه العمر وإعدامه ، وصدع الأسماء الكوامل للّه ، وأمر إعطاء المال لأهل العسر وأهل الأرحام ، وصدع حال أهل المكر معادا ، ووصم دار الأعمال ومدح دار الأعدال ، وإسلاء أهل العالم حال وصول الهموم ، وردعه عمّا السرور حال وصول الآلاء لوطودهما وسط اللوح ، وإرسال الرسل والكلام والأحكام كرما للعدل ، ودسع الحدل وإكرام اللّه أهل الإسلام كلّ الأعصار والأحوال
ص: 357
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبَّحَ) طهّر وحمّد (لِلَّهِ) الملك المالك (ما) كل واحد (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَالْأَرْضِ) عالم الأمر (وَهُوَ) اللّه (الْعَزِيزُ) ملكا (الْحَكِيمُ) ( 1 ) امرا
(لَهُ) للّه (مُلْكُ السَّماواتِ) وأهلها (وَ) ملك (الْأَرْضِ) لا لسواه وهو مالك الملك كله (يُحْيِي) أهل المرامس مالا (وَيُمِيتُ) أهل الأرواح حالا (وَهُوَ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) أراد (قَدِيرٌ) ( 2 ) كامل طوّل .
(هُوَ الْأَوَّلُ) ولا أوّل له (وَالْآخِرُ) ولا أمد له (وَالظَّاهِرُ) لسواطع دواله (وَالْباطِنُ) لعدم إدراك الحواس له (وَهُوَ) اللّه (بِكُلِّ شَيْءٍ) عموما (عَلِيمٌ) ( 3 ) أحاط علمه الكل والكلّ لعلمه سواء
------------
57 سورة الحديد ثمان أو تسع وعشرون آية مدنية
بسم الله الرحمن الرحيم
(سبح لله ما في السموات والأرض) نزهه كل شيء نطقا أو حالا عما لا يليق به (وهو العزيز الحكيم) حال يؤذن بموجب التسبيح (له ملك السموات والأرض يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير) (هو الأول) السابق لكل الموجودات بلا ابتداء (والآخر) الباقي بعد فنائها بلا انتهاء (والظاهر) بكثرة الدلائل على وجوده أو الغالب على كل شيء (والباطن) من إدراك العقول حقيقة ذاته أو العالم بباطن كل شيء (وهو بكل شيء عليم).
ص: 358
(هُوَ) اللّه (الَّذِي خَلَقَ) صوّر (السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) كما صلح حالهما (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) للدهر ولاء أولها الأحد وهو الأصلح لمدار الأمور ولو أراده لمحا لعمل وما عسر له (ثُمَّ اسْتَوى) صمد اللّه وسطا (عَلَى) أسر (الْعَرْشِ) لإحكام أموره كما أراد (يَعْلَمُ) اللّه علما كاملا (ما يَلِجُ) هو الورود (فِي الْأَرْضِ) كالمطر والهلّاك والأموال وكل مودعها (وَما يَخْرُجُ مِنْها) كل كلاء حالا وهلّاك معادا (هُوَ) كل (ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) الأملاك والأمطار (هُوَ) كلّ (ما يَعْرُجُ فِيها) الأعمال وصروع الدعاء (وَهُوَ) اللّه (مَعَكُمْ) علما وطولا (أَيْنَ ما كُنْتُمْ) كلّ حال (وَاللَّهُ) العلّام (بِما تَعْمَلُونَ) أعمالكم (بَصِيرٌ) ( 4 ) ومطلع وهو عاملكم كما هو عملكم .
(لَهُ) للّه (مُلْكُ) عالم (السَّماواتِ وَ) ملك (الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ) لا سواه (تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ( 5 ) كلها وهو معاد الكل .
(يُولِجُ) اللّه (اللَّيْلَ) وهو لوكسه (فِي النَّهارِ) لطوله (وَيُولِجُ النَّهارَ) لوكسه (فِي اللَّيْلِ) لطوله لورود المواسم (وَهُوَ) اللّه (عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ( 6 ) أسرارها .
------------
(هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام) في قدرها (ثم استوى على العرش) بالتدبير (يعلم ما يلج في الأرض) كالموتى (وما يخرج منها) كالنبات (وما ينزل من السماء) كالوحي (وما يعرج فيها) كالعمل (وهو معكم) بالعلم (أين ما كنتم والله بما تعملون بصير) فيجازيكم به (له ملك السموات والأرض وإلى الله ترجع الأمور يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) يدخل كلا منهما في الآخر (وهو عليم بذات الصدور) بسرائرها.
ص: 359
(آمِنُوا) أسلموا (بِاللَّهِ) ووحّدوه (وَرَسُولِهِ) محمد صلعم واسمعوا كلامه وطاوعوه (وَأَنْفِقُوا) أعطوا (مِمَّا) مال (جَعَلَكُمْ) اللّه (مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) والمال كله للّه وموّلكم للمصالح (فَالَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وأطاعوا أمر اللّه ورسوله (مِنْكُمْ) أهل الإسلام (وَأَنْفِقُوا) أعطوا أموالهم لمصالح الصلاح ومسالك الإسلام (لَهُمْ) لهؤلاء الصلحاء (أَجْرٌ كَبِيرٌ) ( 7 ) كراء كامل وهو دارالسلام وآلاءها وسرورها .
(وَما) حصل (لَكُمْ) أهل الإدراك (لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) هو حال واحاصل ما صدعكم عما إسلامكم (وَالرَّسُولُ) محمد صلعم ، والواو للحال (يَدْعُوكُمْ) مأمورا أمره اللّه ومعه سواطع الإعلام والدوّال ودعاءه (لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ) لإسلامكم للّه وصلاحكم وسداد حالكم (وَقَدْ أَخَذَ) اللّه ، ورووه لا معلوما (مِيثاقَكُمْ) عهدكم المؤكد أولا للإسلام وحصل لكم دوالّ الروع ، وإعلام الرسول صلعم والواو للحال (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ( 8 ) طوّاع العهد الأوّل .
(هُوَ) اللّه (الَّذِي يُنَزِّلُ) لإصلاحكم (عَلى عَبْدِهِ) ورسوله محمد صلعم (آياتٍ) أعلام ودوال (بَيِّناتٍ) لوامع أراد كلام اللّه المرسل واعلامه
------------
(ءامنوا بالله ورسوله وأنفقوا) في سبيله (مما جعلكم مستخلفين فيه) من المال الذي استخلفكم في التصرف فيه (فالذين ءامنوا منكم وأنفقوا لهم أجر كبير) على إيمانهم وإنفاقهم.
(وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم لتؤمنوا بربكم) حال من واو تؤمنون (وقد أخذ) أي الله وقرىء ببناء المفعول (ميثاقكم) بالإيمان بنصب الأدلة والتمكين من النظر (إن كنتم مؤمنين هو الذي ينزل على عبده ءايات بينات
ص: 360
(لِيُخْرِجَكُمْ) اللّه ومحمد ( ص ) (مِنَ الظُّلُماتِ) العدول والطلاح (إِلَى النُّورِ) الصلاح وهو الإسلام (وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ) لاصلاحكم (لَرَؤُفٌ) كامل المراحم لمّا أرسل كلامه (رَحِيمٌ) ( 9 ) لمّا أرسل لكم رسولا مصلحا .
(وَما) حصل (لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا) أموالكم (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) لمصالح الإسلام (وَ) الحال (اللَّهِ) ملكا وملكا (مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) اللّه مهلككم وعاط لأموالكم (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ) أهل الإسلام (مَنْ أَنْفَقَ) الأموال للّه (مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ) وحصول أمّ الرّحم وعلوّ الإسلام وأهله (وَقاتَلَ) مع أعداء اللّه ورسوله إعلاء للإسلام (أُولئِكَ) السمّاح (أَعْظَمُ) أكمل (دَرَجَةً) وأصعد حالا (مَنْ) الرهط (الَّذِينَ) هم (أَنْفَقُوا) أموالهم (مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا) مع الأعداء (وَكُلًّا) كل واحد (وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى) دارالسلام كما هو عملهما وحالهما (وَاللَّهُ) العلّام (بِما
------------
ليخرجكم) أي الله أو عبده (من الظلمات) الكفر (إلى النور) الإيمان (وإن الله بكم لرءوف رحيم) حيث بعث الرسول ونصب الأدلة.
(وما لكم) أي شيء لكم في (ألا تنفقوا في سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض) يرثهما وما فيهما وتصير إليه أموالكم فقدموا لأنفسكم منها بل إن صدقتم في محبتها فخذوها معكم وأرسلوها أمامكم بالإنفاق فإنها ذخر مذخور لا أن تبقوها بعدكم لغيركم المهنى وعليكم الوزر (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح) لمكة (وقاتل) وقسيمه ومن أنفق بعده وحذف لظهوره ودلالة ما بعده (أولئك أعظم درجة) عليه لسبقهم عند مس الحاجة وقوة يقينهم لضعف الإسلام حينئذ (من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا) أي من بعد الفتح (وكلا وعد الله الحسنى) أي وعد كلا من الصنفين المثوبة الحسنى أي الجنة (والله بما
ص: 361
تَعْمَلُونَ) إعطاء وعماس (خَبِيرٌ) ( 10 ) مطّلع وعامل معكم كما هو عملكم .
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ) أراد إعطاء المال لمصالح الإسلام وإعطاء حاله أملا للأوس (قَرْضاً حَسَناً) محمودا (فَيُضاعِفَهُ) اللّه ماله (اللَّهَ) لأهل العطاء (وَلَهُ) لأهل السماح (أَجْرٌ كَرِيمٌ) ( 11 ) وهو دارالسلام .
ادّكر محمد ( ص ) (يَوْمَ تَرَى) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) كلهم (يَسْعى) سارعا (نُورُهُمْ) لوامع إسلامهم وسواطع أعمالهم (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أمامهم (وَبِأَيْمانِهِمْ) لمّا هم السعداء وللطلّاح وراءهم وكلام اللّه لهم ح (بُشْراكُمُ) الإعلام السار لكم (الْيَوْمَ جَنَّاتٌ) ورودها (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) دوحها أو صروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدرّ والعسل والراح (خالِدِينَ فِيها) مع الروح والسرور (ذلِكَ) الأمر (هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ( 12 ) معادا .
ادّكر (يَوْمَ يَقُولُ) الرهط (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ) كلهم حسّارا (لِلَّذِينَ آمَنُوا) لأهل الإسلام (انْظُرُونا) رصدا (نَقْتَبِسْ
------------
تعملون خبير) فيجازيكم به.
(من ذا الذي يقرض الله) أي ينفق ماله في سبيله (قرضا حسنا) اقتراضا خالصا لوجهه أو مقرضا حلالا طيبا (فيضاعفه له وله) مع المضاعفة (أجر كريم) كثير النفع والخير (يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم) الذي يهتدون به إلى الجنة (بين أيديهم وبأيمانهم) إذ بها يعطون كتبهم وهو أمارة نجاتهم ويقال لهم (بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم) الظفر بالبغية.
(يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين ءامنوا انظرونا) انظروا إلينا فإنهم إذا نظروا إليهم استضاءوا بنور قدامهم، أو انتظرونا لأنهم يمضون إلى الجنة كالبرق
ص: 362
مِنْ نُورِكُمْ) وهو حال وصولهم (قِيلَ) طردا أو ردّا لهم وهو كلام الملك (ارْجِعُوا) عودوا (وَراءَكُمْ) وهو عالم الأمر (فَالْتَمِسُوا) روموا (نُوراً) وهو الإسلام وهم عادوا وراءهم (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ) الصلحاء والطّلاح (بِسُورٍ) حاط وحال وسطهم (لَهُ) للسور (بابٌ) مورد لورود أهل الإسلام (باطِنُهُ) السور أو المورد وهو ممرّ أهل الإسلام (فِيهِ الرَّحْمَةُ) لما هو صدد دارالسلام (وَظاهِرُهُ) السور (مِنْ قِبَلِهِ) السور وهو ممر الطلاح (الْعَذابُ) ( 13 ) لمّا هو صدد الساعور .
(يُنادُونَهُمْ) طلّاح ما واطأه مسحلهم روعهم أهل الإسلام (أَ لَمْ نَكُنْ) أولا (مَعَكُمْ) طوعا وعملا (قالُوا) أهل الإسلام (بَلى) صحّ كلامكم (وَلكِنَّكُمْ *) أهل الولع (فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ) أراد إهلاكها لعدم سدادكم وهو محصول ولعكم ومآل عملكم (وَتَرَبَّصْتُمْ) رصدا لأهل الإسلام حوّال الدهر وأول الأدوار وهو الإكراء والإهمال والإمهال (وَارْتَبْتُمْ) إرسال محمد صلعم وكلامه مع علوّ حاله وسمو أمره (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ) الآمال والأطماع مع
------------
الخاطف وقرىء بهمزة وكسر الظاء أي أمهلونا (نقتبس) نأخذ قبسا (من نوركم قيل) لهم تهكما بهم (ارجعوا وراءكم) إلى المحشر حيث أعطينا النور (فالتمسوا نورا) أو إلى الدنيا فاطلبوه بالإيمان والطاعة (فضرب بينهم) بين الفريقين (بسور) بحائط (له باب باطنه) باطن السور أو الباب (فيه الرحمة) بالجنة للمؤمنين (وظاهره من قبله) من جهته (العذاب) بالنار للمنافقين (ينادونهم ألم نكن معكم) أي موافقين لكم ظاهرا (قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم) بالنفاق (وتربصتم) بالمؤمنين الدوائر (وارتبتم) وشككتم في الدين (وغرتكم الأماني) الآمال الطوال
ص: 363
طولها ومدّها أموالا وأعمارا (حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ) السام لإهلاككم (وَغَرَّكُمْ) مكركم (بِاللَّهِ) كامل الرّحم (الْغَرُورُ) ( 14 ) المارد الموسوس أو المال والعلوّ .
(فَالْيَوْمَ) هو المعاد (لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ) أهل الطلاح (فِدْيَةٌ) حماء أصلا (وَلا مِنَ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وما أسلموا للّه (مَأْواكُمُ) معادكم ومآلكم (النَّارُ هِيَ) الساعور (مَوْلاكُمْ) محراكم ومحلكم (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ( 15 ) ساء المعاد الدرك .
(أَ لَمْ يَأْنِ) أما ورد العصر (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وأطاعوا أوامر اللّه ورسوله (أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ) أرواعهم وأسرارهم (لِذِكْرِ اللَّهِ) وهو ماح للهو وأهل الإسلام لما لهو لهوا كاملا أرسله اللّه (وَما نَزَلَ) أرسل (مِنَ الْحَقِّ) كلام اللّه (وَلا يَكُونُوا) أهل الإسلام (كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أعطوا كلامه المرسل (مِنْ قَبْلُ) أراد كهود ورهط روح اللّه ، وهم ما طاوعوا رسلهم (فَطالَ عَلَيْهِمُ) أهل الطرس (الْأَمَدُ) العصر أراد مدّ العمر وطول الأمل ورووه الأمدّ مكرّر الدّال وهو العصر الأطول
------------
(حتى جاء أمر الله) بالموت (وغركم بالله الغرور) الشيطان أو الدنيا (فاليوم لا يؤخذ) بالياء والتاء (منكم فدية) فداء (ولا من الذين كفروا) علانية (مأواكم النار هي مولاكم) أولى بكم (وبئس المصير) هي.
(ألم يأن) أما حان (للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) قيل لما قدم الصحابة المدينة أصابوا نعمة وريفا فتغيروا عما كانوا عليه فنزلت (وما نزل من الحق) عطف لأحد وصفي القرآن على الآخر (ولا يكونوا) عطف على تخشع أو نهي (كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد) المدة بطول
ص: 364
(فَقَسَتْ) وهو الصلد (قُلُوبُهُمْ) أرواحهم لما طاوعوا الأهواء (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ) ( 16 ) دلاع عما أمروا وأولو الورع والصلاح رهط ماصل .
(اعْلَمُوا) الأمر لأهل الإسلام لهوا أو لملأ صلد أرواعهم ، أو لرهط عدلوا وردّ المعاد (أَنَّ اللَّهَ) كامل السطو (يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) لكمال حوله وطوله (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) سواطع دواله (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ( 17 ) أمر المعاد .
(إِنَّ) الملأ (الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) اللاؤا هم معطو أموالهم للّه ورووه مكرر الدال وحده ، والمراد هم مطاوعو كلام اللّه ورسوله (وَأَقْرَضُوا اللَّهَ) لأوطار أهل الإسلام (قَرْضاً حَسَناً) وهو إعطاء المال الحلال عما سرور الدرّ وصح السأو (يُضاعَفُ) مالهم حالا ومآلا (لَهُمْ) عطاء وكرما (وَلَهُمْ) لأهل الإعطاء (أَجْرٌ كَرِيمٌ) ( 18 ) كراء كامل وهو دارالسلام ودوام سرورها .
(وَ) الرهط (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (بِاللَّهِ) وطاوعوا أوامره (وَرُسُلِهِ) وأطاعوا أحكامهم (أُولئِكَ) الرهط (هُمُ الصِّدِّيقُونَ) لهم
------------
أعمارهم أو ما بينهم وبين أنبيائهم (فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون) خارجون عن دينهم (اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها) تذكير بالبعث حثا على الخشوع وزجرا عن القسوة أو تمثيلا لإحياء الذكر للقلوب الميتة بالقسوة (قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون) تتأملوها بقلوبكم.
(إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم) مر تفسيره (والذين ءامنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) المبالغون في الصدق أو التصديق
ص: 365
كمال السداد والصلاح (وَالشُّهَداءُ) العدول (عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِمْ) معادا (لَهُمْ) لهؤلاء الصلحاء (أَجْرُهُمْ) الموعود (وَنُورُهُمْ) معهم (وَ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) كمّوا ما هو السداد وما أسلموا (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) كلام اللّه المرسل (أُولئِكَ) الولّاع (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) ( 19 ) أهلها ومأواهم الدّرك .
(اعْلَمُوا) أهل الأحلام (أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) ما العمر الماصل إلّا (لَعِبٌ) دد كدد الحساكل (وَلَهْوٌ) لا حاصل لها إلّا سوء المعاد (وَزِينَةٌ) لمطاعمكم وكساكم ودوركم ورواحلكم (وَتَفاخُرٌ) سمود (بَيْنَكُمْ) لعلوّ أحوالكم (وَتَكاثُرٌ) ادّعاء العدّ والعلوّ (فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ) عدا وعددا ولطوا عمركم حكم العدم لهلاكه (كَمَثَلِ غَيْثٍ) مطر (أَعْجَبَ الْكُفَّارَ) الاكّار (نَباتُهُ) ما أكر (ثُمَّ يَهِيجُ) صمولا (فَتَراهُ) كلاء (مُصْفَرًّا) لصموله (ثُمَّ يَكُونُ) الكلام (حُطاماً) مكسورا مدكولا للحرور والسموم ، وهو حال وسع الدهر أولا وعدمه مساوعا أمدا (وَفِي) الدار (الْآخِرَةِ) لأعداء اللّه ورسوله (عَذابٌ شَدِيدٌ) إصر عسر مهلك لمّا عصوا وودّوا طوالح الأهواء
------------
(والشهداء) القائمون بالشهادة لله أو على الأمم (عند ربهم لهم أجرهم ونورهم) الموعودان (و الذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم) الملازمون لها.
(اعلموا أنما الحيوة الدنيا لعب ولهو وزينة) وتزين (وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد) تزهيد في الدنيا وبيان حقارة أمورها وسرعة زوالها (كمثل غيث أعجب الكفار) الحراث أو الكفرة بالله المعجبون بالدنيا (نباته) الذي نشأ واستوى عنه (ثم يهيج) ييبس (فتراه مصفرا ثم يكون حطاما) فتاتا (وفي الآخرة عذاب شديد) لمن اشتغل عنها بالدنيا ونكر تعظيما وكذا
ص: 366
وراموا مصالح الآمال (وَمَغْفِرَةٌ) إكرام (مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٌ) ووداد لأهل الإسلام لمّا هم أطاوعوا أوامر اللّه وأحكام رسوله وسارعوا لمولاهم (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) العمر الماصل والمال الحاصل (إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) ( 20 ) والمكر لأهل الأهواء وإلّا صلح المال الصالح للمرء الصالح .
(سابِقُوا) سارعوا (إِلى مَغْفِرَةٍ) ما هو داع لها وهو صوالح الأعمال (مِنْ رَبِّكُمْ) وهو راحم ماح للآصار (وَجَنَّةٍ) دام آلاؤها وسرورها ووسع عراصها (عَرْضُها) دارالسلام (كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) لو صورهما اللّه ألوحا ووصلهما أورده لا الطول لمّا هو أمصل مما هو الطول ولمّا علم وسعه علم الطول أوسع ، أو أراد كمال وسعها لا معادل الطول (أُعِدَّتْ) أعدّها اللّه (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (بِاللَّهِ) وسمعوا أوامره (وَرُسُلِهِ) وطاوعوا كلامهم وسدّدوا أعلامهم (ذلِكَ) الموعود المعد (فَضْلُ اللَّهِ) وكرمه وما هو اللسوم (يُؤْتِيهِ) اللّه (مَنْ يَشاءُ) إعطاءه وهم أهل الإسلام (وَاللَّهُ) لا سواه (ذُو الْفَضْلِ) أهل الكرم (الْعَظِيمِ) ( 21 ) حالا لإعطاء الإسلام لهم ومعادا لإكرامهم دارالسلام .
(ما أَصابَ) ما وصل وما أدرك (مِنْ مُصِيبَةٍ) هم ومكروه (فِي الْأَرْضِ) كالمحل (وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ) كالدّاء والألم الهلاك
------------
(ومغفرة من الله ورضوان) إن لم يشتغل بالدنيا (وما الحيوة الدنيا) ما التمتع بأعراضها (إلا متاع الغرور سابقوا إلى مغفرة من ربكم) إلى ما يوجبها (وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) لو تواصلتا وذكر العرض مبالغة في وضعها بالسعة لأنه دون الطول (أعدت للذين ءامنوا بالله ورسله) وهي الآن مخلوقة (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فيتفضل بأعظم من ذلك.
(ما أصاب من مصيبة في الأرض) كجدب ووباء (ولا في أنفسكم) كمرض
ص: 367
(إِلَّا) مسطورا (فِي كِتابٍ) ورد محل الحال أراد هو مسطور اللوح وموطود علم اللّه (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) أمام أسرها وهو عالم الحال والمآل (إِنَّ ذلِكَ) الأمر (عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) ( 22 ) سهل لا عسر .
وسطر
(لِكَيْلا تَأْسَوْا) أراد عدم أساهم وهو الهم والكمد (عَلى ما فاتَكُمْ) مالا وصحّا وروحا (وَلا تَفْرَحُوا) سرور المرح والسمود (بِما) آلاء (آتاكُمْ) أعطاها اللّه لكم (وَاللَّهُ) العدل (لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ) سامد (فَخُورٍ) ( 23 ) مدع لعلوه ومادح لحاله .
(الَّذِينَ) محمول لهم المطروح (يَبْخَلُونَ) مالا مع وسعهم (وَ) مع إمساكهم (يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ) والإمساك وهو مما أوعده اللّه مؤكدا مهولا (وَمَنْ يَتَوَلَّ) عما أمر اللّه كالإعطاء وعدم الإمساك (فَإِنَّ اللَّهَ) كامل الطول (هُوَ الْغَنِيُّ) عمّا سواه (الْحَمِيدُ) ( 24 ) المحمود أمرا .
(لَقَدْ أَرْسَلْنا) إكراما (أَرْسَلْنا) الأملاك للرسل أو الرسل للأمم (بِالْبَيِّناتِ) الدّوال السواطع (وَأَنْزَلْنا) لإعلاء السداد وصوالح الأعمال
------------
وأذى (إلا في كتاب) إلا مثبت في اللوح أو في علمه تعالى (من قبل أن نبرأها) نخلقها أي المصيبة أو الأرض أو الأنفس (إن ذلك) الإثبات (على الله يسير لكيلا تأسوا) لئلا تحزنوا (على ما فاتكم) من حظوظ الدنيا حزنا يبلغ الجزع (ولا تفرحوا بما ءاتاكم) أعطاكم الله منها فرح بطر واختيال (والله لا يحب كل مختال) متكبر على الناس بما أوتي (فخور) عليهم به (الذين يبخلون) بالحقوق الواجبة (ويأمرون الناس بالبخل ومن يتول) عما يجب عليه (فإن الله هو الغني) عن خلقه (الحميد) في ذاته.
(لقد أرسلنا رسلنا) الملائكة إلى الأنبياء أو الأنبياء إلى أممهم (بالبينات) بالحجج الواضحة (وأنزلنا معهم الكتاب) أي جنسه أي
ص: 368
(مَعَهُمُ الْكِتابَ) كلام للّه المرسل (وَالْمِيزانَ) المعدّل للأمور وإرساله إرسال موادّه والأمر لاعداده ، أو المراد العدل وهو مسوّ للأعمال (لِيَقُومَ النَّاسُ) كلّهم (بِالْقِسْطِ) العدل عملا (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) كالحسام والرمح والسهم (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) لمّا هو مدار العماس وملاك الهلاك (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) طرّا لمصالحهم كلها وما عمل إلا وهو مصلحه (وَ) أرسله (لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ) مسلما (يَنْصُرُهُ) أمر اللّه (وَرُسُلَهُ) عماسا مع أعمال السلاح لإهلاك أعداء الإسلام (بِالْغَيْبِ) السرّ وهو حال (إِنَّ اللَّهَ) كامل الطول (قَوِيٌّ) لإهلاك ما أراد إهلاكه (عَزِيزٌ) ( 25 ) له كمال السطو والحكم .
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) الرسول (نُوحاً وَإِبْراهِيمَ) الرسول مع الأوامر والأحكام (وَجَعَلْنا) مودعا (فِي ذُرِّيَّتِهِمَا) أولادهما (النُّبُوَّةَ) الألوك والإرسال والرسل كلهم أولادهما (وَالْكِتابَ) الساطع المصلح للكل الحامل للأوامر والأحكام وورد مراده الرسم (فَمِنْهُمْ) الأولاد
------------
الكتب لتقرير الشرائع (والميزان) آلة الوزن أو صفتها أو العدل أي أمرنا به (ليقوم الناس بالقسط) ليلزموا العدل فيما بينهم (وأنزلنا الحديد) أي أنشأناه (فيه بأس شديد) يحارب به (ومنافع للناس) لاحتياج كل صنعة إليه (وليعلم الله) علم ظهور عطف على محذوف دل عليه فيه بأس لتضمنه تعليلا أو التقدير وأنزله ليعلم (من ينصره ورسله) بآلات الحرب وغيرها (بالغيب) حال من هاء ينصره أي غائبا عن أبصارهم (إن الله قوي عزيز) لا يحتاج إلى نصركم.
(ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة والكتاب) الكتب المنزلة (فمنهم) من الذرية أو المرسل إليهم
ص: 369
(مُهْتَدٍ) سالك سواء الصّراط (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ) أولادهما (فاسِقُونَ) ( 26 ) سالكو حول الصراط وأوده .
(ثُمَّ قَفَّيْنا) ولاء (عَلى آثارِهِمْ) المراد كلاهما والأمم (بِرُسُلِنا) كهود وصالح وسواهما (وَقَفَّيْنا) إرسالا وإكمالا (بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) وهو روح اللّه (وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ) وهو طرس روح اللّه (وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ) أرواع الرهط (الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) طاوعوه وسلكوا مسالكه (رَأْفَةً) ودادا (وَرَحْمَةً) رحما لهم وهم صاروا رحماء (وَرَهْبانِيَّةً) معمول لعامل مطروح صرّحه (ابْتَدَعُوها) دلعوها أولا ، والمراد مماها طرح الأهل والأولاد وعطوا الصوامع ، والأطواد (ما كَتَبْناها) دلعهم (عَلَيْهِمْ) وما أمروا لعملها (إِلَّا) وهم عملوها (ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ) روما لوداده وكرمه (فَما رَعَوْها) ما حرسوها (حَقَّ رِعايَتِها) وما داوموا مسلكها (فَآتَيْنَا) الرهط (الَّذِينَ) أطاعوا لروح اللّه (آمَنُوا) أسلموا وطاوعوا أوامر محمد رسول اللّه صلعم (مِنْهُمْ) رهط روح اللّه (أَجْرَهُمْ) كراء صوالح أعمالهم (وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ) رهط
------------
(مهتد وكثير منهم فاسقون) خارجون عن نهج الحق (ثم قفينا على آثارهم برسلنا) رسولا بعد رسول (وقفينا بعدهم بعيسى ابن مريم وءاتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة) فتوادوا وتعاطفوا (ورهبانية) هي المبالغة في العبادة والرياضة والانقطاع عن الناس وروي أنها صلاة الليل (ابتدعوها) من قبل أنفسهم (ما كتبناها) ما فرضناها (عليهم إلا ابتغاء رضوان الله) منقطع أي لكن فعلوها طلب رضاه (فما رعوها) جمعا (حق رعايتها) إذ تركها كثير منهم وكفروا بعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ومنهم من بقي على دينه وآمن لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (فآتينا الذين ءامنوا) بعيسى ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (منهم أجرهم وكثير منهم فاسقون).
ص: 370
روح اللّه (فاسِقُونَ) ( 27 ) عادو حدود اللّه وأوامره .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا الكلام لأهل الطرس (اتَّقُوا اللَّهَ) روعوه كما أمركم (وَآمِنُوا) أسلموا (بِرَسُولِهِ) محمد صلعم (يُؤْتِكُمْ) اللّه (كِفْلَيْنِ) وهما سهماكم (مِنْ رَحْمَتِهِ) سهم لإسلامكم محمدا ، وسهم لإسلامكم رسلا مرّوا أمامه (وَيَجْعَلْ لَكُمْ) معادا (نُوراً) ساطعا (تَمْشُونَ بِهِ) سواء الصراط ومسلك السداد لورودهم دارالسلام (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) آصاركم (وَاللَّهُ) كامل الرحم (غَفُورٌ) ماح للإصر (رَحِيمٌ) ( 28 ) وسع رحمه وأحاط الكل كرمه .
(لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) أهل طرس ما طاوعوا محمّدا رسول اللّه ولا مؤكد كما دل ما رووه مع طرح لا والمراد أعلمهم اللّه (أَن أَلَّا يَقْدِرُونَ) أصلا (عَلى شَيْءٍ) أمر (مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) وكرمه (وَأَنَّ الْفَضْلَ) والكرم (بِيَدِ اللَّهِ) وطوله (يُؤْتِيهِ) اللّه (مَنْ يَشاءُ) صلاحه (وَاللَّهُ) لا سواه (ذُو الْفَضْلِ) الطول (الْعَظِيمِ) ( 29 ) أحاط كرمه الكل عموما ، وهو أهل العطاء الكامل لكل أحد أراد .
------------
( يا أيها الذين ءامنوا) بالرسل الماضين أو بعيسى (عليه السلام) (اتقوا الله وءامنوا برسوله) محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (يؤتكم كفلين) نصيبين (من رحمته) لإيمانكم بمن قبل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وبه (ويجعل لكم نورا تمشون به) في السلوك إلى الجنة (ويغفر لكم والله غفور رحيم لئلا يعلم) ليعلم (أهل الكتاب أن) مخففة (لا يقدرون على شيء من فضل الله) مما ذكر ولا ينالونه (وأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فيتفضل بما يشاء على من يشاء.
ص: 371
ص: 372
ص: 373
ص: 374
( سورة المجادلة )
موردها مصر رسول اللّه صلعم ، صدد الكل ، ومحصول أصول مدلولها :
صدع حكم أصار مرء عرسه كمطا محارمه اللاء حرم أهولها علاه دواما أو كحرّها أو ما سواها مما حرم إحساسه ومسّه ، وادكار ما أسرّ أهل المكر ، والعدّال مما وصمهم أهل الإسلام ، وأمر الوسع لأهل الإسلام وسط المراكد ، وصدع علو مراهص أهل العلم ، ولوم أهل المكر والمحال اللّاءوا والوا الهود ، وإعلام رهط المارد ، والحكم علاهم مع وكس رأس صوالح الأعمال ولطلاح ما هو صلاح الحال والمآل ، ورهط اللّه ووصولهم لمرادهم وحصول مأمولهم دار الأعمال والأعدال
ص: 375
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
لمّا راود أوس عرسه الرّؤد الرّوعاء حالا ، سطا هواه وصار مصدودا محدودا عما أراد لسمودها وإدلالها حاردا كالحا ، ودعاها وأصارها كمطا أمه لمّا له لمم ، وهو سراح أمام الإسلام وسدم ، وأهمها سراحه لمّا معه أولاد حساكل ، وسمع رسول اللّه صلعم عدواها وما حاورها حوارا مروما لها ، وحكم حكم السراح ، أرسل اللّه ردعا لما مرّ ودسعا لهمّها وإعطاء لمرامها
(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ) السامع لكل كلام سماعا مروما (قَوْلَ) العرس (الَّتِي تُجادِلُكَ) محمد ( ص ) المراد سؤالها وحوارك (فِي) أمر (زَوْجِها) المسرّح لها ، وهو أوس (وَتَشْتَكِي) حالها وإرمادها وإصلاح أولادها لو صاروا معه هلكوا لعدم مراحم الأمّ ، ولو راحوا معها هلكوا لعدم المأكل (إِلَى اللَّهِ) سامع الدعاء
------------
( 58 سورة المجادلة إحدى أو اثنتان وعشرون آية مدنية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(قد سمع الله قول التي تجادلك) وهي خولة بنت ثعلبة (في زوجها) أوس بن الصامت ظاهر منها فاستفتت النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فنزلت (وتشتكي إلى الله) شدة حالها (والله يسمع تحاوركما) تراجعكما (إن الله
ص: 376
وواسع العطاء (وَاللَّهُ) الحكم العدل (يَسْمَعُ) سماعا كاملا (تَحاوُرَكُما) محمد ( ص ) وعرس أوس مما كالما وحاورا حارا الكلام عاد وهو دعاء العرس إلحاحا وردّ الرسول لها مرارا (إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ) سامع دعاء أهل العسر ووعاهم (بَصِيرٌ) ( 1 ) عالم أسرار الكلّ .
(الَّذِينَ يُظاهِرُونَ) محرمّو أعراسهم ومسرّحوها وداعوها كالأمّ (مِنْكُمْ) أهل الإسلام وحكمه لهم لا لما سواهم أو الحمس مهدّدا لهم (مِنْ نِسائِهِمْ) أعراسهم (ما هُنَّ) أعراسهم (أُمَّهاتِهِمْ) سرمدا (إِنْ) ما (أُمَّهاتِهِمْ) أصلا (إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ) ولّادا معهودا وهم صاروا أولادا لها أو حكما لإحساء الدّر ، ولها حكم الأمّ كما لأعراس الرسول إكراما لها (وَإِنَّهُمْ) هؤلاء الأهّال (لَيَقُولُونَ) لأعراسها حال حردهم (مُنْكَراً) مردودا ردّه حكم اللّه (مِنَ الْقَوْلِ) الكلام (وَزُوراً) ولعا والعا حال ما دعوا الأعراس كالأمّ (وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ) محّاء لآصارهم (غَفُورٌ) ( 2 ) طمّاس لطوالح أعمالهم .
(وَ) هؤلاء الملأ (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) أعراسهم (ثُمَّ يَعُودُونَ) عودا سدما (لِما) لادّارك ما (قالُوا) أو لكسره أو لإحلال ما حرموه عمدا للمس أو إمساكا (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) سواء إسلامها وعدمه كامل
------------
سميع) للأقوال (بصير) بالأحوال (الذين يظاهرون منكم من نسائهم) بأن يقول لها: أنت علي كظهر أمي (ما هن أمهاتهم) على الحقيقة (إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول) ينكره الشرع (وزورا) كذبا (وإن الله لعفو غفور) لهم تفضلا أو إن تابوا (والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا) ما قال الرجل الأول لامرأته: أنت علي كظهر أمي وقيل إلى ما قالوا فيه أي ما حرموه على أنفسهم من الوطء (فتحرير رقبة) أي فعليهم إعتاق
ص: 377
ملكها لا كأمّ الولد (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) مسّا أو مسدا أو إحساسا لحرّها ، وهما المحرّم وعرسه لعموم الكلام (ذلِكُمْ) الحكم (تُوعَظُونَ) وهو الادّكار (رَقَبَةٍ) الحكم ردعا لكم (وَاللَّهُ) العلّام (بِما) عمل (تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ( 3 ) عالم كل العلم .
(فَمَنْ) كل أحد (لَمْ يَجِدْ) ما أدرك مملوكا أصلا (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ) صومهما كمّلا وهما مصدرا صام لسوما (مُتَتابِعَيْنِ) ولاء (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) لمسهما كما مرّ (فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) الصوم لهرم أو داء أو عدم إمساك عما مصد (فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً) معدما معسرا أمام المس ، ولو مسّ وسط الإطعام ما أعاد ، ولكل أحد مدّا سمراء أو صاع حمّص وصرمه مما أكل ، أو لكل واحد مدّ وهو مدّ رسول اللّه صلعم وهو رطل وكسر (ذلِكَ) الإعلام للأحكام (لِتُؤْمِنُوا) لإسلامكم (بِاللَّهِ) الواحد الأحد الصمد طوعا لأحكامه (وَرَسُولِهِ) محمد ( ص ) أكمل الرسل سمعا لأوامره وروادعه وودعا لمّا هو إمام إسلامكم (وَتِلْكَ) الأحكام (حُدُودُ اللَّهِ) حدّها اللّه لكم وأحكمها (وَلِلْكافِرِينَ) العدّال العدّاء حدوده (عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 4 ) مؤلم .
------------
رقبة (من قبل أن يتماسا) بالوطء (ذلكم) التغليظ (توعظون به) حتى لا تظاهروا (والله بما تعملون خبير) وعد ووعيد (فمن لم يجد) رقبة (فصيام) فعليه صيام (شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا) ويتحقق التتابع بصوم شهر ويوم (فمن لم يستطع) الصيام لمرض ونحوه (فإطعام ستين مسكينا) لكل مسكين مد من غالب قوت البلد وقيل مدان (ذلك) أي فرض ذلك البيان أو التخفيف (لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك) الأحكام (حدود الله) فلا تعتدوها (وللكافرين) بها (عذاب أليم ).
ص: 378
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ) ورها (وَرَسُولَهُ) الأكمل هم معادوهما أو معادو حدودهما وعاملو حدود وراء حدودهما (كُبِتُوا) دحروا وأصرعوا وصلموا والمراد أهلكوا (كَما كُبِتَ) أهلك الأمم (الَّذِينَ) ما أطاعوا أوامر رسلهم (مِنْ قَبْلِهِمْ) هؤلاء الحمس اللّاء هم أعداءك (وَ) الحال (قَدْ أَنْزَلْنا) أرسل اللّه (آياتٍ بَيِّناتٍ) دوالّ سداد الرسول السواطع (وَلِلْكافِرِينَ) الأدلّاء وطماس معالم سداده (عَذابٌ) إصر وألم (مُهِينٌ) ( 5 ) كأسر علوّهم وسمودهم .
وادّكر (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ) الأعداء الطّماس (اللَّهُ) وأعاد أرواحهم (جَمِيعاً) كلهم وما أحس أحد ما أعاد روحه (فَيُنَبِّئُهُمْ) إعلاما لحالهم وإحكاما لإصرهم مهددا (بِما) سوء عمل (عَمِلُوا) إصرارا (أَحْصاهُ اللَّهُ) أحاطه عددا علمه الكامل (وَ) هم (نَسُوهُ) أمهوه لعدّه أو كسلا (وَاللَّهُ) العلّام (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) ولو أمصل ماصل (شَهِيدٌ) ( 6 ) عالم مطلع أحاط علمه الكل .
(أَ لَمْ تَرَ) أما معلومك محمد ( ص ) (أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ) علما كاملا كل (ما) حل (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَما فِي الْأَرْضِ) عالم الأمر إمرارا
------------
(إن الذين يحادون الله ورسوله) يخالفونهما إذ كل من المتخالفين في حد غير الآخر (كبتوا) أذلوا وأخذوا (كما كبت الذين من قبلهم) في محادتهم رسلهم (وقد أنزلنا ءايات بينات) دالة على صدق الرسل (وللكافرين) بالآيات (عذاب مهين) لهم (يوم يبعثهم الله جميعا) ظرف مهين (فينبئهم بما عملوا) إخزاء لهم (أحصاه الله) أحاط به كما وكيفا (ونسوه والله على كل شيء شهيد ألم تر) تعلم (أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض) كل ما فيهما
ص: 379
وأحوالا (ما يَكُونُ مِنْ) أهل (نَجْوى ثَلاثَةٍ) سرارهم (إِلَّا هُوَ) اللّه عالم الأسرار (رابِعُهُمْ) واحد معهم علما (وَلا) سرار (خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ) اللّه الواحد الأحد (سادِسُهُمْ) علما (وَلا أَدْنى) أمصل (مِنْ ذلِكَ) العدد كالواحد وما هو عدلاه (وَلا أَكْثَرَ) مما عدّ (إِلَّا هُوَ) اللّه الواحد (مَعَهُمْ) مع هؤلاء الأعداء علما سامع كلامهم وعالم سرّهم ، أورد العدد المسطور سموما لما إرساله لسطوع حال رهط ما واطأ مساحلهم صدورهم ، ومعودهم حال سرارهم العدد المعهود (أَيْنَ ما) كل محل (كانُوا) أحاطهم علمه لمّا علمه للأمور هو لإحمام محالّها (ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ) اللّه أهل السّرار إلهادا لهم ، أو عموما إعلاما عدلا (بِما) عمل (عَمِلُوا) طالحا أو أعمّ والمراد إعلام الأعمال كلّها (يَوْمَ الْقِيامَةِ) معاد الكل (أَنَّ اللَّهَ) العدل (بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ( 7 ) وهو عالم الكل
(أَ لَمْ تَرَ) محمد ( ص ) (إِلَى) الملأ (الَّذِينَ نُهُوا) ردعوا (عَنِ النَّجْوى) السرار والهود ورهط ما واطأ أرواعهم مساحلهم لمّا رأوا أهل الإسلام كالموا سرارا وأرادوا إحاحهم ووصموهم ، ردعهم رسول اللّه صلعم عما عملوا (ثُمَّ يَعُودُونَ) عود السوء لعلمهم العود أحمد ، وهو أسوأ وأردأ
------------
(ما يكون من نجوى) نفر (ثلاثة إلا هو رابعهم) بالعلم بنجواهم (ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم) لا يخفى عليه شيء لم يذكر أقل النجوى اثنتين إذ لا يبقى مصداق لقوله ولا أقل ولم يكتف بالعدد الأول مع كفايته لأن المتعارف في المبالغة والكثرة أن يذكر عددين ثم يقال فصاعدا ولم يذكر الأربعة بعد الثلاثة تباعدا من صورة التكرار وليكون لكل منهما أدنى وأعلى.
(ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه) هم اليهود
ص: 380
(لِما) سرار (نُهُوا) ردعوا (عَنْهُ) مال (وَيَتَناجَوْنَ) عدولا (بِالْإِثْمِ) ما هو الإصر (وَالْعُدْوانِ) العداء عما حدّه اللّه ورسوله إهماما لأهل الإسلام (وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) محمد رسول اللّه صلعم (وَ) هؤلاء الأعداء (إِذا) كلما (جاؤُكَ) وردوك محمد ( ص ) (حَيَّوْكَ) سلّموك (بِما) كلام (لَمْ يُحَيِّكَ) ما سلمك (بِهِ) الكلام (اللَّهُ) إكراما لك لمّا هو أرسلك السلام ، وهم أوردوا السام محل السلام ، والسام : الهلاك (وَ) هم (يَقُولُونَ) ورها (فِي أَنْفُسِهِمْ) وسطهم (لَوْ لا) هلّا (يُعَذِّبُنَا اللَّهُ) المرسل للرسل (بِما) كلام (نَقُولُ) لو أرسل اللّه محمدا رسولا وكلّم اللّه وحاورهم (حَسْبُهُمْ) للإصر (جَهَنَّمُ) دار الآلام (يَصْلَوْنَها) حال صلاها وإصلاها أوردها (فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ( 8 ) ساء معادهم الساعور .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا مسحلا لا روعا ، وورد الكلام مع أهل الإسلام وهو الأصح (إِذا تَناجَيْتُمْ) سرا (فَلا تَتَناجَوْا) أصلا (بِالْإِثْمِ) الإصر (وَالْعُدْوانِ) العداء (وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) العدول عما أمر محمد ( ص ) كما هو معود الهود (وَتَناجَوْا) هو أمر (بِالْبِرِّ) أداء الأوامر (وَالتَّقْوى) طرح معاص ومحارم (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ) حكمه وعدله
------------
والمنافقون كانوا يتناجون فيما بينهم ويتغامزون فنهوا ثم عادوا (ويتناجون بالإثم والعدوان) للمؤمنين (ومعصية الرسول) أي ويتواصون بمخالفته (إذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله) فيقولون: السام عليك أي الموت (ويقولون في أنفسهم) فيما بينهم (لو لا) هلا (يعذبنا الله بما نقول) بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) لو كان نبيا (حسبهم جهنم) عذابا (يصلونها فبئس المصير) هي (يا أيها الذين ءامنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر) بأفعال الخير (و التقوى) والاتقاء عن معصية الرسول (واتقوا الله) في أوامره ونواهيه
ص: 381
(تُحْشَرُونَ) ( 9 ) معادا لإحصاء الأعمال وإعطاء الأعدال كما هو أعمالكم .
(إِنَّمَا النَّجْوى) ما السرار المعهود إلّا (مِنَ الشَّيْطانِ) المسوّل الموسوس (لِيَحْزُنَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) لإهمام أهل الإسلام (وَلَيْسَ) الموسوس أو الهمّ أو السرار (بِضارِّهِمْ) موصلهم مكروها (شَيْئاً) ماصلا (إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) علمه وأمره (وَعَلَى اللَّهِ) لا سواه (فَلْيَتَوَكَّلِ) الرهط (الْمُؤْمِنُونَ) ( 10 ) أهل الإسلام ، وهم أمروا لوكول أمورهم للّه .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) صدرا ومسحلا (إِذا قِيلَ) أمر (لَكُمْ) لصلاح حالكم (تَفَسَّحُوا) واسعوا (فِي الْمَجالِسِ) المراد معرك رسول اللّه صلعم ، وهم أمروا لمّا راموا صدده صلعم حرصا لسماع كلامه ، أو المراد معارك العماس ، والكل رووه موحدا إلا عاصم (فَافْسَحُوا) وسعوا (يَفْسَحِ اللَّهُ) الواسع الموسع (لَكُمْ) عموما علما وصدرا ومالا ودارا ، ومرمسا حالا ومآلا (وَإِذا قِيلَ) أمر لكم (انْشُزُوا) احركوا لوسع الورّاد أو لأداء ما صلّوا ، أو للعماس ، أو روحوا للمهام عموما (فَانْشُزُوا) روحوا ورواه حمّاد مكسور الوسط (يَرْفَعِ اللَّهُ) محلّ الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (مِنْكُمْ )
------------
(الذي إليه تحشرون) للجزاء (إنما النجوى) بالاسم وشبهه (من الشيطان) بتزيينها والدعاء إليها (ليحزن الذين ءامنوا) إذ يتوهمونها في سوء أصابهم (وليس) التناجي والشيطان (بضارهم شيئا إلا بإذن الله) بأمره (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) في أمورهم (يا أيها الذين ءامنوا إذا قيل لكم تفسحوا) توسعوا (في المجالس) جنسه أو مجلس الرسول وقرىء مجلس (فافسحوا يفسح الله لكم) في الجنة (وإذا قيل انشزوا) انهضوا للتوسعة أو لعمل الخير كصلاة وجهاد (فانشزوا يرفع الله الذين ءامنوا منكم) بحسن الذكر في الدنيا والكرامة في الجنة
ص: 382
طوعا لأوامره وأوامر رسوله (وَ) الملأ (الَّذِينَ أُوتُوا) أعطوا (الْعِلْمَ) هم علماء واطأ علومهم أعمالهم وعلو العلم للعمل (دَرَجاتٍ) أصاعد مما أعطاه اللّه لرهط لا علم لهم (وَاللَّهُ) العلّام (بِما تَعْمَلُونَ) صوالح الأعمال أو طوالحها (خَبِيرٌ) ( 11 ) عالم هدّد اللّه لكل أحد ما طاوع أوامره أو كرهها .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ) والمراد السرار مع رسول اللّه والكلام معه (فَقَدِّمُوا) أعطوا (بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ) أمام سراركم مع الرسول (صَدَقَةً) لأهلها إكراما للرسول وأداء لوطر أهل العدم (ذلِكَ) الإعطاء أوّلا (خَيْرٌ لَكُمْ) مصعد أمركم (وَأَطْهَرُ) لما هو مطهّر لكم (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) ما صلح للإعطاء (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) محّاء للآصار (رَحِيمٌ) ( 12 ) كامل الرّحم ، ورد ما طال حكمه وما عمله أحد إلّا أسد اللّه الكرّار .
وأرسل اللّه لمحوه (أَ أَشْفَقْتُمْ) أحصل لكم روع العسر وهول العدم (أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ) إعطاءكم أوّل الأمر وأمام السرر (صَدَقاتٍ) لأهلها (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا) ما هو المأمور وعسر لكم
------------
(والذين أوتوا العلم) ويرفع العلماء منهم (درجات والله بما تعملون خبير) فلا يضيعه.
(يا أيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) روي أنها نسخت بقوله أأشفقتم وما عمل بها أحد غير علي (عليه السلام) (ذلك خير لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم) لمن لم يجد إذ ناجى من غير صدقة (أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات) أخفتم من تقديم الصدقة ما يعدكم الشيطان من الفقر أو نقص المال (فإذ لم تفعلوا)
ص: 383
(وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) عاد عما أمركم وأعطاكم ما هو مسهّل لكم وأعدم عمالكم إصركم (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أدّوها وداوموها كما أمركم اللّه (وَآتُوا الزَّكاةَ) أعطوها لأهلها كما هو المعهود (وَأَطِيعُوا اللَّهَ) طاوعوا أوامره (وَرَسُولَهُ) اسمعوا أحكام محمد رسول اللّه كلها (وَاللَّهُ خَبِيرٌ) عالم (بِما) كلّ عمل (تَعْمَلُونَ) ( 13 ) صالحا أو طالحا ، وهو ممّا وعد اللّه للطوع وأوعد للعدّال .
(أَ لَمْ تَرَ) محمد ( ص ) (إِلَى) طلاح أهل إسلام ما واطأ مساحلهم صدورهم وحكوا اسرار كمّل أهل الإسلام صدد الهود وهم الملأ (الَّذِينَ تَوَلَّوْا) ووالوا وودّوا (قَوْماً) رهط هود (غَضِبَ اللَّهُ) الملك العدل (عَلَيْهِمْ) وهم صاروا مطارح حرد اللّه وإصره (ما هُمْ) هؤلاء الطلاح (مِنْكُمْ) أهل الإسلام (وَلا) هم (مِنْهُمْ) رهط الهود (وَ) هم (يَحْلِفُونَ) ادّعاء للسداد صددكم (عَلَى الْكَذِبِ) وهو دعواهم الإسلام ومدح رسول اللّه صلعم (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ( 14 ) ولعهم وعدم سداد دعواهم .
أرسلها اللّه لما أسمع الهود رسول اللّه صلعم وهو سألهم علام إسماعكم
------------
التصدق (وتاب الله عليكم) لتفريطكم (فأقيموا الصلوة وءاتوا الزكوة وأطيعوا الله ورسوله) فلا تفرطوا في هذه كما فرطتم في ذلك (والله خبير بما تعملون) فيجازيكم به.
(ألم تر إلى الذين تولوا) هم المنافقون وادوا (قوما غضب الله عليهم) هم اليهود (ما هم منكم ولا منهم) لأنهم مذبذبون (ويحلفون على الكذب) وهو ادعاء الإيمان (وهم يعلمون) كذبهم.
ص: 384
وهو حلطوا ، واللّه ما أسمعوا لك أصلا
(أَعَدَّ اللَّهُ) كامل السطو (لَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح الولّاع معادا (عَذاباً شَدِيداً) إصر عسرا (إِنَّهُمْ ساءَ ما) عملا (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 15 ) إصرارا وهو كلام اللّه لهم معادا .
حكاه (اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ) أحلاطهم الولع أصلها (جُنَّةً) لحرس الدماء والأموال (فَصَدُّوا) حدّوا أهل الإسلام (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ) وصول (اللَّهِ) وهو الإسلام (فَلَهُمْ) لهؤلاء الصدّاد معادا (عَذابٌ مُهِينٌ) ( 16 ) أسوأ أوعدهم اللّه إصرا كاسرا لطلاح حالهم ، وورد الأول إصر المرمس ، وحماداه إصر دار الآلام .
(لَنْ تُغْنِيَ) ردّا (عَنْهُمْ) هؤلاء الطّلاح معادا (أَمْوالُهُمْ) كلها (وَلا أَوْلادُهُمْ) أصلا (مِنَ اللَّهِ) إصره (شَيْئاً) ردا ماصلا (أُولئِكَ) هؤلاء الطّلاح هم (أَصْحابُ النَّارِ) أهلها وورّادها (هُمْ فِيها) دار الإصر (خالِدُونَ) ( 17 ) دوام لا أمد لهم .
ادّكر (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ) الطّلاح (اللَّهُ جَمِيعاً) كلّهم (فَيَحْلِفُونَ) الطّلاح مالا (لَهُ) للّه إسلاما وسداد وحاصل عهدهم واللّه هم داموا أهل إسلام وصراح
------------
(أعد الله لهم عذابا شديدا إنهم ساء ما كانوا يعملون) ساء عملهم مدة حياتهم (اتخذوا أيمانهم) الكاذبة (جنة) سترا لأموالهم وأنفسهم (فصدوا) الناس (عن سبيل الله) عن دينه بالتثبيط (فلهم عذاب مهين) تكريرا بتغيير وصف العذاب وقيل الأول في القبر وهذا في الآخرة (لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون).
( يوم) ظرف تغني أو مقدر باذكر (يبعثهم الله جميعا فيحلفون له)
ص: 385
(كَما يَحْلِفُونَ) هؤلاء (لَكُمْ) أهل الإسلام حالا ، وهو واللّه هم معكم إسلاما وما عهودهم إلا الولع (وَيَحْسَبُونَ) علما (أَنَّهُمْ) هؤلاء (عَلى شَيْءٍ) أمر صلح لهم لمّا وهموا الأحلاط الولع لها عود صدد اللّه كما لها عود صددكم (أَلا) اعلموا أهل الإسلام (أَنَّهُمْ) أهل الطلاح (هُمُ الْكاذِبُونَ) ( 18 ) الولّاع حالا معكم ومآلا مع اللّه ولا ولع كولعهم .
(اسْتَحْوَذَ) سلّط (عَلَيْهِمُ) هؤلاء الولّاع (الشَّيْطانُ) المطرود الوالع ووسوسهم ومدّهم لمعاص (فَأَنْساهُمْ) الولّاع الطوّع للمطرود (ذِكْرَ اللَّهِ) الصمد وما ادّكروا له لا مسحلا ولا روعا لورود الأوهام والوساوس ملاء صدورهم (أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ) عسكره ورهطه ومساهمو أعماله (أَلا) اعلموا (إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ) رهطه (عَلَيْهِمُ) الرهط (الْخاسِرُونَ) ( 19 ) سرمدا لطرحهم ما صلح لهم وعطوهم ما ساء لهم .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ) الملك العدل (وَرَسُولَهُ) المرسل للإكمال والمراد رهطهم معادو أوامر اللّه وأحكام رسوله (أُولئِكَ) الملأ (فِي) سلك (الْأَذَلِّينَ) ( 20 ) وعدادهم حالا لإهلاكهم وأسرهم .
------------
أنهم مؤمنون (كما يحلفون لكم) في الدنيا على ذلك (ويحسبون أنهم على شيء) من النفع بحلفهم (ألا إنهم هم الكاذبون) حيث يحلفون عليه (استحوذ عليهم الشيطان) استولى (فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان) أتباعه (ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون) باستبدالهم بالجنة النار.
(إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين) في جملتهم.
ص: 386
(كَتَبَ) سطو (اللَّهُ) الملك العلام وسط اللّوح والمراد علم علما كاملا (لَأَغْلِبَنَّ) لا سطوا سطوا لا إعوار له (أَنَا وَرُسُلِي) لسطوع دوالهم حال إعلام الأوامر ولموع صوارمهم حال العماس (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ) كامل طول (عَزِيزٌ) ( 21 ) كامل سطو .
(لا تَجِدُ) محمد ( ص ) وما صلح إحساسك (قَوْماً) رهطا (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) وحده (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) المعاد للكل (يُوادُّونَ) وادّه : والاه (مَنْ) رهطا (حَادَّ اللَّهَ) عاداه (وَرَسُولَهُ) محمد ( ص ) والمراد هو كالأمر المحال ، وحاصله الردع مؤكّدا أكّده (وَلَوْ كانُوا) أعداء اللّه ورسوله (آباءَهُمْ) ولّادهم كمسلم كامل أهلك والده حال عماس أحد (أَوْ أَبْناءَهُمْ) أولادهم (أَوْ إِخْوانَهُمْ) أولاد ولّادهم كأحوال أحد حال عماس أحد (أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) أهل الأرحام كما أهلك عمر عاصا (أُولئِكَ) هؤلاء الرهط (كَتَبَ) رسم واطدا (فِي) ألواح (قُلُوبِهِمُ) وطروس صدورهم (الْإِيمانَ) الإسلام الكامل (وَأَيَّدَهُمْ) أحكمهم وسدّد إسلامهم (بِرُوحٍ مِنْهُ) رحم أو لمع روع أو كلام أرسله اللّه لدوام روحهم وهو كالروح لصدورهم (وَيُدْخِلُهُمْ) معادا
------------
(كتب الله) في اللوح أو قضى (لأغلبن أنا ورسلي) بالحجة (إن الله قوي) على ما يريد (عزيز) غالب عليه (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) أي لا يجتمع الإيمان الخالص وموادة المحادين ولو كانوا أقارب (أولئك) أي الذين لم يوادوهم (كتب) ثبت (في قلوبهم الإيمان) بألطافه (وأيدهم بروح منه) من الله وهو نور الإيمان أو القرآن أو النصر (ويدخلهم
ص: 387
(جَنَّاتٍ) دارالسلام حوامل دوح وأحمال (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) صروحها ودوحها (الْأَنْهارُ) السواعد (خالِدِينَ) لهم الدوام (فِيها) دارالسلام والآلاء مع روح وراح (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) أهل الإسلام لما وحدّوه وأطاعوا أوامره وطاوعوا أحكام رسوله (وَرَضُوا) هؤلاء الرهط (عَنْهُ) اللّه لما أكرمهم وأعطاهم ما هو موعودهم ومرادهم وهو معهم دواما (أُولئِكَ) هؤلاء الملأ الكرام (حِزْبُ اللَّهِ) عسكره ورهطه ومراعو حدوده (أَلا) اعلموا (إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ) عسكره وعمّال أحكامه (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ( 22 ) لا سواهم لما حلّهم مصاعد الدور وموارد السرور .
------------
جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم) بطاعته (ورضوا عنه) بثوابه (أولئك حزب الله) جنده وأنصار دينه (ألا إن حزب الله هم المفلحون) الظاهرون بالبغية.
ص: 388
ص: 389
ص: 390
( سورة الحشر )
موردها مصر رسول اللّه صلعم صدد الكل ، ومحصول أصول مدلولها :
ادّلاع رسول اللّه أهل الطرس عما دورهم ومراكدهم ، وصدع إعطاء أموال عطاها أهل الإسلام ممّا أهل العدول حال كوحهم علاهم ، ووكول أمره للرسول - علاه السلام - ومدح الرّحال مما أم الرّحم سد ومصر الرسول وركّاده الأرداء له - علاه السلام - وأهل الإسلام الورّاد وراءهم الطوع لهم ولوم أهل المكر والمحال ، ووئامهم مع أهل الطرس العدّال حال الصواكم ووصمهم وادّكار حال مرء معهود آله اللّه ، ولمّا وسوس له الوسواس المارد المطرود أمد الأمر عاد وأطاعه وأمر أهل الإسلام للورع وإعداد صوالح الأعمال لأمر المعاد .
ولوم ولد آدم لعدم روعهم واصّدّعهم حال درس كلام اللّه وسماعه والحال طود مع صلده وعدم حلمه لو أرسل هو علاه لراع واصّدّع وادّكار أسماء اللّه الكوامل وحمد كل ما سور له
ص: 391
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سَبَّحَ) طهّر عما هو السوء والوصم (لِلَّهِ) المحمود وحده كل (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) عوالم العلو (وَ ) كل (ما) ركد (فِي الْأَرْضِ) دار الأمر والكل حامد له واحدا واحدا حالا وحسّا وكلاما (وَهُوَ) اللّه (الْعَزِيزُ) كامل السطو (الْحَكِيمُ) ( 1 ) واطد الحكم .
ورد أرسلها اللّه كلها أو سهمها لإعلاء حال رهط هود صالحوا مع رسول اللّه صلعم لعدم إمداد لا له ولا علاه ، لمّا طرح الرسول صلعم أمّ الرّحم وورد مصره ، ولمّا كسر أهل الإسلام عماس أحد اموروا وكسروا صلحهم ، ودلع واحدهم مع رهط وعاهدوا أحدا مما أهل الرّحم صدد الودع ، وأمر رسول اللّه صلعم محمدا لإهلاكه وأهلكه ، وحاصرهم رسول اللّه صلعم ، وأمر لجسم دوحهم ، ولمّا طرح اللّه الروع وسط أرواعهم وصدورهم حاولوا الصلح ، وردّه الرسول صلعم إلّا الإطراد وحمل الحطام وهم اطردوا ورحلوا وحملوا حطامهم
------------
(59 سورة الحشر أربع وعشرون آية مدنية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم
ص: 392
(هُوَ) اللّه (الَّذِي أَخْرَجَ) اطرد الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا عمّا أمره اللّه ورسوله وما أسلموا (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) وهم الهود (مِنْ دِيارِهِمْ) دورهم حول مصر رسول اللّه (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) أول طردهم ودحرهم ورحلهم وحماداه اطراد عمر لهم ، أو المراد أول عودهم معادا وحماداه صدد ورود السعواء (ما ظَنَنْتُمْ) أهل الإسلام (أَنْ يَخْرُجُوا) الأعداء لوسعهم وأحكام حصارهم وإكمال عددهم وعددهم (هُوَ) هم (ظَنُّوا) علموا (أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ) صوادهم (حُصُونُهُمْ) حصرهم (مِنَ اللَّهِ) وورود حكمه لهم (فَأَتاهُمُ) الهود الأعداء ورده معاده أهل الإسلام (اللَّهِ) أمره وإصره وهو الهول والاطّراد أو إمداده وإسعاده (مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) ما علموا وما وهموا وما حكّ صدورهم أصلا (وَقَذَفَ) أورد وطرح (فِي قُلُوبِهِمُ) وأسرارهم (الرُّعْبَ) الروع (يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ) هدما لوطرهم وإعداما لحسرهم (بِأَيْدِيهِمْ) لحمل المصارع والعمد والعرامس (وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) لكسر عهودهم وهو كالأمر لهم وهو الهدم سرا ، ودعا لأهل الإسلام علاه كسر طول الأعداء وإعدامه والوسع لمحال العماس (فَاعْتَبِرُوا) ادّكروا
------------
هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب) هم النضير (من ديارهم لأول الحشر) في أول حشرهم أي إخراجهم من جزيرة العرب إذ هو أول ذل أصابهم أو حشرهم إلى الشام (ما ظننتم) أيها المؤمنون (أن يخرجوا) لمنعتهم (وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله) من بأسه (فأتاهم الله) أي أمره أو عذابه من الرعب والجلاء (من حيث لم يحتسبوا) لم يخطر ببالهم (وقذف في قلوبهم الرعب) الخوف بقتل كعب (يخربون بيوتهم بأيديهم) حسدا أن يسكنها المسلمون (و أيدي المؤمنين) فإنهم عرضوهم له بنكثهم (فاعتبروا
ص: 393
(يا أُولِي الْأَبْصارِ) ( 2 ) ورأوا مآل حالهم .
(وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ) سطر لوحا وحكم (عَلَيْهِمُ) الأعداء الهدّام (الْجَلاءَ) دلوعهم مع الأهل والأولاد وهدم دورهم (لَعَذَّبَهُمْ) الأعداء إهلاكا وأشرا (فِي) الدّار (الدُّنْيا) دار الأمر والطوع كما عامل اللّه مع رهط هود همّوا إهلاك رسول اللّه صلعم وأعلمه الملك (وَلَهُمْ) سواء أهلكوا أو طردوا (فِي) الدار (الْآخِرَةِ) أمد الدهر معاد الكل (عَذابُ النَّارِ) ( 3 ) دواما .
(ذلِكَ) الإصر حالا ومآلا (بِأَنَّهُمْ) أهل العدول والصدود (شَاقُّوا) عادوا (اللَّهَ) الملك العدل (وَرَسُولَهُ) محمدا ( ص ) وما طاوعوا أوامرهما (وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ) أمرا وردعا (فَإِنَّ اللَّهَ) كامل السطو (شَدِيدُ الْعِقابِ) ( 4 ) عسر الإصر لكمال عدله .
(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ) دوح معهود معلوم أصلها الواو أعلّ كما أعلّ واو موعاد (أَوْ تَرَكْتُمُوها) معاده ما (قائِمَةً عَلى أُصُولِها) سلاما وما مسّها الحسم ، ورووا أصلها طرحا للواو (فَبِإِذْنِ اللَّهِ) أمره (وَلِيُخْزِيَ) اللّه
------------
يا أولي الأبصار) بعذرهم ووثوقهم بغير الله فلا تماثلوهم (ولو لا أن كتب الله) قضى (عليهم الجلاء) عن ديارهم (لعذبهم في الدنيا) بالقتل والأسر كما عذب قريظة (ولهم في الآخرة) بعد الجلاء (عذاب النار ذلك) المذكور (بأنهم شاقوا الله ورسوله) خالفوهما (ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب) له.
(ما قطعتم من لينة) نخلة من اللون أو اللين وجمعه ألوان أو أليان (أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله) فبأمره (وليخزي) أي وأذن لكم في
ص: 394
(الْفاسِقِينَ) ( 5 ) هؤلاء الرحّال اللاؤا اطّردوا .
(وَما أَفاءَ اللَّهُ) أعاد (عَلى رَسُولِهِ) محمد ( ص ) وأصاره له سموما (مِنْهُمْ) أهل الاطّراد (فَما أَوْجَفْتُمْ) وهو الإسراع والعدو (عَلَيْهِ) لحصوله (مِنْ خَيْلٍ) كراع (وَلا رِكابٍ) كوم لمّا أمصارهم حول مصره صلعم وصدده والكلّ لا حوامل لهم إلّا لرسول اللّه وحامله الحمار أو الداعر (وَلكِنَّ اللَّهَ) إكراما وإعلاء (يُسَلِّطُ رُسُلَهُ) سطوا وعلوّا (عَلى مَنْ يَشاءُ) كما هو صلاح حكمه (وَاللَّهُ) الملك العدل (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما (قَدِيرٌ) ( 6 ) والأمر موكل له ، وهو مسلّط للكلّ وله السطو الكامل .
(ما أَفاءَ اللَّهُ) ردّ (عَلى رَسُولِهِ) محمّدا ( ص ) (مِنْ) أموال (أَهْلِ الْقُرى) وأملاكهم وهم هود أو أعمّ (فَلِلَّهِ) سهم وهو لإصلاح الحرم (وَلِلرَّسُولِ) سهم وهو للإمام أو لمصالح أهل الإسلام أو للعساكر والحدود (وَلِذِي الْقُرْبى) أهل أرحام رسول اللّه الأطهار (وَالْيَتامى) أولاد أرامل هلك ولّادهم هم ما وصلوا حدّ الحلم (وَالْمَساكِينِ) أهل العسر والعدم
------------
القطع ليخزي (الفاسقين وما أفاء الله على رسوله منهم) ما رد عليه من النضير أو الكفار فإن الأرض وما فيها له (صلى الله عليه وآله وسلّم) فما تغلبوا عليه ثم أخذه منهم فقد فاء إليه أي رجع (فما أوجفتم) من الإيجاف وهو سرعة السير (عليه من خيل ولا ركاب) بل (ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل شيء قدير) فأنتم لا تستحقون فيه شيئا.
(ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) قيل الأولى في أموال النضير وإنها للرسول خاصة وهذه في الفيء من غيرهم وقيل هي بيان للأولى ولذا ترك العاطف (فلله وللرسول ولذي القربى) وهو الإمام (واليتامى والمساكين وابن السبيل) من بني هاشم ومر في الأنفال الأیة 410
ص: 395
(وَابْنِ السَّبِيلِ) أرامل السلّاك (كَيْ لا يَكُونَ) مال العماس (دُولَةً) واحد الدول وهو ما دال ودار لولد آدم مالا (بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) أهل الأموال (وَما آتاكُمُ) أعطاكم (الرَّسُولُ) محمدا ( ص ) مما سهم (فَخُذُوهُ) السهم سرورا وهو أصلح لكم (وَ) كل (ما نَهاكُمْ ) ردعكم رسولكم (عَنْهُ) عطوه أو عمله (فَانْتَهُوا) واطرحوه وما صلح لكم رومه (وَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوه وراعوا أوامره وأسلموا ما أحصكم رسوله (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (شَدِيدُ الْعِقابِ) ( 7 ) عسر الإصر لرادّ حكمه وحكم رسوله .
(لِلْفُقَراءِ) أهل العدم والإرماد صدع للمراد مما أهل الأرحام وما وصل معه لا لما هو أمامه ، وهو للّه وللرسول (الْمُهاجِرِينَ) وهم الملأ (الَّذِينَ أُخْرِجُوا) حدلا وعدوا (مِنْ دِيارِهِمْ) دورهم ومحالهم لامّ الرّحم (وَأَمْوالِهِمْ) أملاكهم (يَبْتَغُونَ) هم روّام (فَضْلًا مِنَ اللَّهِ) دارالسلام (وَرِضْواناً) ودّا أو كرما وإكراما (وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) أوامره أرواحا وأموالا (أُولئِكَ) هؤلاء الرهط (هُمُ الصَّادِقُونَ) ( 8 ) أهل السداد إسلاما وعماسا أو علما وعملا .
------------
نحوه (كي لا يكون) الفيء لقسمته على هذا الوجه (دولة بين الأغنياء منكم) شيئا يتداولونه بينهم والخطاب للمؤمنين (وما ءاتاكم الرسول) أعطاكم من الفيء والأمر (فخذوه وما نهاكم عنه) من أخذ الفيء وغيره (فانتهوا) عنه (واتقوا الله) في معصية رسوله (إن الله شديد العقاب) لمن عصى.
(للفقراء المهاجرين) متعلق بمحذوف أي أعجبوا لهم (الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم) أخرجهم كفار مكة (يبتغون فضلا من الله ورضوانا) حال منهم (وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون) في إيمانهم.
ص: 396
(وَ) الملأ (الَّذِينَ تَبَوَّؤُا) حلّوا (الدَّارَ) مصر رسول اللّه (وَالْإِيمانَ) دار الإسلام ، وورد هو اسم مصر رسول اللّه صلعم (مِنْ قَبْلِهِمْ) أهل الرحل والمراد رهط أمدّوا رسول اللّه وأودّاءه مالا ومملوكا ، وألسموا مصرهم وركدوا دواما (يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ) رحل (إِلَيْهِمْ) إمدادا وإعطاء للدّار والمال وإحراما للعرس وإحلالا لها له (وَلا يَجِدُونَ) علما (فِي صُدُورِهِمْ) أرواعهم (حاجَةً) طمعا أو حسدا وأحاحا (مِمَّا أُوتُوا) أعطوا لهؤلاء الورّاد أعطاهم رسول اللّه مال الأعداء (وَيُؤْثِرُونَ) هؤلاء (عَلى أَنْفُسِهِمْ) كرما وكمالا (وَلَوْ كانَ بِهِمْ) ولو حصل لهم (خَصاصَةٌ) وطر وعسر وعدم (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) إمساكها ولومها مع حرص وحرس عما ردع (فَأُولئِكَ هُمُ) الملأ (الْمُفْلِحُونَ) ( 9 ) مدركو المرام حالا ومآلا .
(وَ) الرهط (الَّذِينَ جاؤُ) وردوا (مِنْ بَعْدِهِمْ) وراء وطود الإسلام
------------
(والذين تبوءو الدار) المدينة (والإيمان من قبلهم) قبل قدوم المهاجرين (يحبون من هاجر إليهم) فيواسونهم بأنفسهم (ولا يجدون في صدورهم حاجة) ما يكون منها كحسد وغيظ (مما أوتوا) مما أعطي المهاجرون من الغنى وغيره (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) حاجة إليه (ومن يوق) يمنع عنه (شح نفسه) حرصها على المال (فأولئك هم المفلحون) عاجلا وآجلا.
(والذين جاءوا من بعدهم) بعد المهاجرين والأنصار وهم التابعون أو المؤمنون إلى يوم القيامة
ص: 397
ووكوده ولو مددا طوالا (يَقُولُونَ) لأمر اللّه اللّهم (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا) الآصار كلّها (وَلِإِخْوانِنَا) إسلاما (الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ) وردهم الرهط الرحّال وأهل الإمداد (وَلا تَجْعَلْ) اللّهم (فِي قُلُوبِنا غِلًّا) حسدا وألسا (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وهم رهط رأوا رسول اللّه وأدركوا الإسلام وعصدوا مع الإسلام (رَبَّنَا) اللّهم (إِنَّكَ) لا سواك (رَؤُفٌ رَحِيمٌ) ( 10 ) كامل رحم لأهل الإسلام .
(أَ لَمْ تَرَ) محمد ( ص ) (إِلَى) الملأ (الَّذِينَ نافَقُوا) وكلّموا كلاما ما واطأ صدورهم كولد سلول وهو اسم أمه وطوعه (يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ) الأرداء (الَّذِينَ كَفَرُوا) صدّوا (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) الهود وما صلح لكم الهم ، واللّه (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ) مما أمصاركم ومحالكم (لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ) ورد الولد المعهود وأرداؤه دسّوا الأعداء وراسلوهم لمّا حاصرهم رسول اللّه صلعم (وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ) ؟ ماسكم وإهلاككم أو دحوركم (أَحَداً) محمدا ( ص ) وكل مسلم (أَبَداً) سرمدا (وَإِنْ قُوتِلْتُمْ) وأهل الإسلام أرادوا عماسكم (لَنَنْصُرَنَّكُمْ) إمدادا ساطعا لا إعوار له (وَاللَّهُ) عالم السر (يَشْهَدُ) عدلا (انِهِمُ) هؤلاء الطّلاح الدساس (لَكاذِبُونَ) ( 11 ) كلاما وعهدا ، وورد هو دال ساطع لسداد الألوك والإرسال لمّا هو إعلام للسر .
------------
(يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا) في الإيمان (الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا) حقدا (للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم ألم تر إلى الذين نافقوا) كابن أبي وأضرابه (يقولون لإخوانهم) في الكفر (الذين كفروا من أهل الكتاب) وهم النضير (لئن أخرجتم) من وطنكم (لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم) في خذلانكم (أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم) واستغنى بجوابه عن جواب الشرط في الخمسة (والله يشهد إنهم لكاذبون) فيما يقولون.
ص: 398
واللّه (لَئِنْ أُخْرِجُوا) اطردوا (لا يَخْرُجُونَ) أصلا (مَعَهُمْ) لعدم الوام لادّعاء الإسلام وكمال الولع (وَلَئِنْ قُوتِلُوا) ولو حصل عماسهم مع أهل الإسلام وأهلكوا (لا يَنْصُرُونَهُمْ) أصلا (وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ) أمدّوا الهود إحماما (لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ) حولوا امطاءهم (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) ( 12 ) لمّا كسر ممدوهم .
(لَأَنْتُمْ) أهل الإسلام (أَشَدُّ رَهْبَةً) أصلد وهو مصدر لا للمعلوم (فِي صُدُورِهِمْ) أرواعهم (مِنَ اللَّهِ) روعه (ذلِكَ) عدم روع اللّه لهم (بِأَنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (قَوْمٌ) رهط (لا يَفْقَهُونَ) ( 13 ) اللّه وسطوه وإلّا لصاروا روّاعا له
(لا يُقاتِلُونَكُمْ) الهود والولّاع أهل الإسلام (جَمِيعاً) كلّا معا (إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ) أحكموها وسدوها (أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ) سور لروعهم ، ورووه موحّدا (بَأْسُهُمْ) عماسهم (بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ) عسر لا معكم لمّا هو عماس مع اللّه ورسوله وما هم ورّاد معارك الإسلام (تَحْسَبُهُمْ) الهود ورهطا أسلموا حسا ومسحلا لا سرا وروعا (جَمِيعاً) أهل وئام ووداد ، كلّهم كالواحد
------------
(لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم) أخبر بذلك قبل وقوعه كما أخبر (ولئن نصروهم) فرضا (ليولن الأدبار) ليهزمن (ثم لا ينصرون) ضمير الفعلين للمنافقين أو اليهود (لأنتم أشد رهبة) مرهوبية (في صدورهم من الله) فإنهم يظهرون خوفه نفاقا بسبب ما يبطنونه من رهبتكم (ذلك بأنهم قوم لا يفقهون) لا يعلمون عظمة الله فلا يخشونه حق خشيته.
(لا يقاتلونكم) أي المنافقون واليهود (جميعا) مجتمعين (إلا في قرى محصنة) غاية التحصين (أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد) إذا حارب بعضهم بعضا (تحسبهم جميعا) مجتمعين
ص: 399
آراء وأهواء للكمال الولاء (وَ) الحال (قُلُوبُهُمْ شَتَّى) لمّا حادوا وعادوا وما واءموا اسرارا ومهام (ذلِكَ) عدم الوام (بِأَنَّهُمْ) الولّاع (قَوْمٌ) رهط (لا يَعْقِلُونَ) ( 13 ) مآل أمورهم وحالهم .
(كَمَثَلِ) كحال الملأ (الَّذِينَ) مروا (مِنْ قَبْلِهِمْ) أمامهم هم أهل عماس مع رسول اللّه صلعم ، أو أمم هوالك مرّ عصرهم عصرا (قَرِيباً) لمّا لاح مآلهم (ذاقُوا) أحسوا وأدركوا (وَبالَ أَمْرِهِمْ) سوء مآل صدودهم وعداء رسول اللّه وهو إحساس الإهلاك حالا (وَلَهُمْ) مع الإهلاك حالا (عَذابٌ) حدّ ساعور (أَلِيمٌ) ( 14 ) مؤلم معادا .
وحال أهل الإسلام حسا لا سرا لمّا حملوا الهود للعماس ووعدوهم الإمداد ولروحهم أمد الأمر وما أمدّوهم (كَمَثَلِ) كحال (الشَّيْطانِ) الموسوس المارد (إِذْ قالَ) أمر (لِلْإِنْسانِ) ولد آدم (اكْفُرْ) اعدل عما صلح لك (فَلَمَّا كَفَرَ) ؟ ؟ ؟ وأطاع أمره (قالَ) المارد (إِنِّي بَرِيءٌ) حاسم (مِنْكَ) وعملك (إِنِّي أَخافُ اللَّهَ) أروعه (رَبَّ الْعالَمِينَ) ( 16 )
------------
(وقلوبهم شتى) متفرقة لاختلاف أهوائهم (ذلك) التشتت (بأنهم قوم لا يعقلون) ما فيه من الرشد ولو عقلوا لاجتمعوا على الحق (كمثل الذين من قبلهم) أي مثلهم في سوء العاقبة كمثل من قتلوا ببدر (قريبا) بزمن قريب (ذاقوا وبال أمرهم) عقوبة أمرهم في الدنيا (ولهم عذاب أليم) في الآخرة (كمثل الشيطان) أي مثل المنافقين في غرهم اليهود وخذلانهم لهم كمثل الشيطان (إذ قال للإنسان اكفر) أريد به الجنس أو أهل بدر قال لهم لا غالب لكم اليوم. (فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين
ص: 400
مالكهم ومصلحهم .
(فَكانَ عاقِبَتَهُما) مآل الآمر والمأمور (أَنَّهُما) معادا (فِي النَّارِ) أصلاء (خالِدَيْنِ فِيها) دواما (وَذلِكَ) الدوام (جَزاءُ الظَّالِمِينَ) ( 17 ) أهل الحدل والعداء .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (اتَّقُوا اللَّهَ) روعوه دواما وطاوعوه كمالا (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ) أراد كل أحد (ما) عملا (قَدَّمَتْ) أرسل أماما (لِغَدٍ) معاد سمّاه لإحمامه والمراد إحصاء الأعمال وعلمها (وَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوا إصره كرّر الأمر مؤكدا ، والأول لأداء اللاسم وهو لطرح معاص (إِنَّ اللَّهَ) العلّام (خَبِيرٌ) عالم (بِما) عمل (تَعْمَلُونَ) ( 18 ) صوالحه أو طوالحه ، وهو مؤكد محرّص لأداء العمل الصالح وودع العمل الطالح لما هو عالم مطلع .
(وَلا تَكُونُوا) أهل الإسلام (كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ) أمهوه وطرحوا أوامره (فَأَنْساهُمْ) اللّه (أَنْفُسَهُمْ) سدّ موارد مراحمه وما رحمهم وهم ما سمعوا ما صلح لهم وما عملوا ما أمروا (أُولئِكَ) طرّاح أوامره (فَأَنْساهُمْ) الملأ (الْفاسِقُونَ) ( 19 ) عما حدّه اللّه .
------------
فكان عاقبتهما) أي الغار والمغرور (أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين) بالكفر.
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس) نكرت لقلة الأنفس النواظر (ما قدمت لغد) ليوم القيامة سمي غدا لقربه ونكر تعظيما (واتقوا الله) كرر تأكيدا (إن الله خبير بما تعملون) فيجازيكم به (ولا تكونوا كالذين نسوا الله) تركوا طاعته (فأنساهم أنفسهم) حتى لم ينفعوها بل ضروها (أولئك هم الفاسقون
ص: 401
(لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ) أهلها أولو الأعمال الطوالح (وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ) أهلها أولو الأعمال الصوالح (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) ركّاد دارالسلام (هُمُ الْفائِزُونَ) ( 20 ) أهل الوصول والسلام .
(لَوْ أَنْزَلْنا) إرسالا مصلحا (هذَا الْقُرْآنَ) كلام اللّه (عَلى جَبَلٍ) طود صلد وأسر له حس درك (لَرَأَيْتَهُ) لسماعه كلام اللّه (خاشِعاً) مطاوعا لأوامر اللّه وروادعه (مُتَصَدِّعاً) مصّدّعا (مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ) روعه (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ) أرواع الكلم (نَضْرِبُها لِلنَّاسِ) لإعلامهم (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ( 21 ) مدلولها ومآلها .
(هُوَ اللَّهُ) وحده (الَّذِي لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا هُوَ) الواحد الأحد لا عدل ولا صرع له (عالِمُ الْغَيْبِ) السّر (وَ) عالم (الشَّهادَةِ) الحس ، أو دار الأعمال ودار الأعدال ، أو المعدوم والحاصل ، والمراد هو عالم العوالم كلها (هُوَ) اللّه (الرَّحْمنُ) كامل المراحم أحاط رحمه الكل حالا (الرَّحِيمُ) ( 22 ) واسع الرّحم أو أحاط رحمه أهل الإسلام معادا .
(هُوَ اللَّهُ) الأحد الصمد (الَّذِي لا إِلهَ) صالح طوع (إِلَّا هُوَ) وحده لا ما سواه (الْمَلِكُ) له دوام الملك والعدل والأمر (الْقُدُّوسُ) الطاهر
------------
لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون) بنعيمها (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا) متشققا (من خشية الله) تمثيل وتخييل أريد به توبيخ الإنسان على خشوعه لتلاوة القرآن بدليل (وتلك الأمثال) أي هذا وغيره (نضربها للناس لعلهم يتفكرون) فيتعظون ولا بعد في حمله على الحقيقة.
(هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة) ما غاب عن الحس وما ظهر (هو الرحمن الرحيم هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس) المنزه عما لا
ص: 402
عما وصم (السَّلامُ) السالم عما وكس ، وهو مصدر للمدح (الْمُؤْمِنُ) المسدد لرسله أو مرسل السلام (الْمُهَيْمِنُ) حارس الكلّ (الْعَزِيزُ) كامل السطو (الْجَبَّارُ) مصلح الكسور (الْمُتَكَبِّرُ) كامل العلو (سُبْحانَ اللَّهِ) طهّره (عَمَّا يُشْرِكُونَ) ( 23 ) أهل العدول ولا مساهم له .
(هُوَ اللَّهُ) وحده (الْخالِقُ) آسر الكلّ (الْبارِئُ) مصوّر العوالم إكمالا (الْمُصَوِّرُ) مكمل صور الأرحام كما أراد (لَهُ) للّه (الْأَسْماءُ) والأعلام (الْحُسْنى) المحود مدلولها (يُسَبِّحُ لَهُ) للّه حالا ومسحلا كل (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو كالملك والروح (وَ) كل ما ركد في (الْأَرْضِ) ما سار وطار كآدم والحمام والسمك ، والمراد كل ما سواه (وَهُوَ) اللّه (الْعَزِيزُ) ملكا وسطوا (الْحَكِيمُ) ( 24 ) علما وعملا .
------------
يليق به (السلام) السالم من كل نقص (المؤمن) واهب الأمن (المهيمن) الرقيب الحافظ لكل شيء (العزيز) الغالب الذي لا يغلب (الجبار) الذي جبر خلقه على ما لا اختيار لهم فيه أو جبر حالهم وأصلحها (المتكبر) عما لا يليق به (سبحان الله عما يشركون هو الله الخالق) المقدر للأشياء بحكمته (البارىء) الموجد لما قرر بريئا من التفاوت (المصور) المرتب لصور الموجودات أحسن ترتيب (له الأسماء الحسنى) لدلالتها على أحسن المعاني (يسبح له ما في السموات والأرض) ينزهه بلسان الحال أو المقال (وهو العزيز) في ملكه (الحكيم) في صنعه.
ص: 403