سواطع الالهام في تفسير كلام الملك العلام
العلامة المحقق المدقق الشيخ أبولفيض الفيضي الناكوري ( 954 - 1004 ه - )
وبذيله ه
تفسير القرآن الكريم للعلامة المحقق السيد عبد الله شبر
المتوفى سنة 1242 ه
تقديم العلامة الدكتور السيد محمد بحر العلوم
صححه وراجعه وقدم له الدكتور السيد مرتضى الشيرازي أستاذ علوم القرآن والحديث في جامعة طهران
ص: 1
ص: 2
سواطع الالهام
في تفسير كلام الملك العلام
العلامة المحقق المدقق الشيخ أبولفيض الفيضي الناكوري ( 954 - 1004 ه - )
وبذيله ه
تفسير القرآن الكريم للعلامة المحقق السيد عبد الله شبر
المتوفى سنة 1242 ه
الجزء الرابع
ص: 3
ص: 4
الجزء الرابع
موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
إعلام وصول أهل الإسلام لمرامهم وسلامهم عمّا كرههم ، وإعلام إملاء أهل الإسلام ، وأحوال أسر الأولاد وسط الأرحام ، والومء لورود السام والمعاد .
وإهلاك رهط أطول الرسل عمراء ولوم أعداء الإسلام وأهل الردّ .
وإعلام أحوال روح اللّه وأمّه ، وإمهال العدّال مع الآصار ، وأحوال أهل الإسلام حال الطوع . وأدلّاء الوجود والألوك ، وطرد العدّال حال ورود السام وكلهم حال ورودهم الساعور ، وإعطاء الأعدال معادا كما عملوا دار الإعمال ، والهول لأهل اللّهو والسهو ، وأمر الرسول صلعم لدعاء الرحم ومحو الآصار للرهط .
ص: 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(قَدْ) لإعلام حصول المرصود (أَفْلَحَ) وصل المراد وسلم المكروه ، ورووه لا معلوما (الْمُؤْمِنُونَ) ( 1 ) للّه ورسوله ومسلّمو أوامرهما وأحكامهما ، وهو والإسلام واحد صدد رهط وسواه صدد سواهم .
(الَّذِينَ هُمْ)لكمال إسلامهم (فِي) حال (صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ)( 2 ) روّاع ارواعا للّه وركّاد اعطالا ، أو هو لمّ الهمّ لها والصدود عما سواها ، واحساس مصلّاه وحده ، وعدم السدل ، وحوال الحصا عما محلّه ، وما سواها ممّا لا صلاح له معها .
(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ) هو كل كلام محسول وعمل مطرود كالولع والوصم والهراء واللهو (مُعْرِضُونَ)( 3 ) صدّاد .
(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ)اسم للمال المسلول المأمور إعطاءه ، وللمصدر وهو اعطاءها كما أمر اللّه ، والمراد كما دل علاه (فاعِلُونَ)( 4 ) مؤدّوها دواما
----------
(23 سورة المؤمنون مائة وتسع عشرة آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(قد أفلح المؤمنون) فازوا بما طلبوا وقد للتحقيق وإثبات الموقع وتقريب الماضي من الحال (الذين هم في صلاتهم خاشعون) متذللون لله (والذين هم عن اللغو) الساقط عن قول وفعل (معرضون) لا يلتفتون إليه ولا يقاربونه فضلا عن فعله (والذين هم للزكاة فاعلون)
ص: 6
لمّا هو عمل العامل لا المال ، أو المراد هو الأول والأداء مطروح صدرها .
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ)أسرارهم (حافِظُونَ)( 5 ) حراس دواما .
(إِلَّا)حال الوهم (عَلى أَزْواجِهِمْ)أعراسهم (أَوْ ما)إماء (مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) ملكوها ، أورد ما لأهل العلم والحلم وهو لمّا لا علم له لمّا أحلّ الإماء محلّ ما لا علم له (فَإِنَّهُمْ)حال عدم حرسهم عما مرّ (غَيْرُ مَلُومِينَ)( 6 ) حكما .
(فَمَنِ ابْتَغى)كل مرء حاول (وَراءَ ذلِكَ)المسطور وهو الأعراس والإماء (فَأُولئِكَ) الروّام لمّا سواه (هُمُ) عماد أورد للحصر (العادُونَ) ( 7 ) عادوا الحلال وواصلوا الحرام الكمّل عداء وطلاحا .
(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ)لمّا أودع صددهم أو أودع اللّه أو أحد سواه ، ورووه موحدا والمراد لمودعهم (وَعَهْدِهِمْ)وعدهم المراد أصله وهو المصدر أو المعهود الموعود (راعُونَ)( 8 ) حرّاس معا وأحاد .
(وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ)معا وأحاد ، ورووه موحدا (يُحافِظُونَ)( 9 ) مداوموها لأعصارها ، وما هو مكرّرا مع ما مرّ لمّا هو سواه .
----------
مدحهم باستكمال الطاعات البدنية من الخشوع في الصلاة وتجنب ما يجب شرعا أو عرفا تجنبه والمالية من فعل الزكاة .
(والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم) زوجاتهم أو سرياتهم (فإنهم غير ملومين) إلا على إتيانهن (فمن ابتغى وراء ذلك) المحدود (فأولئك هم العادون) المتجاوزون ما حد لهم (والذين هم لأماناتهم وعهدهم) لما ائتمنوا عليه وعاهدوا من جهة الله أو الناس (راعون) حافظون .
(والذين هم على صلاتهم يحافظون) بأدائها في أوقاتها وحدودها
ص: 7
(أُولئِكَ) أولو هؤلاء الأعمال (هُمُ) وحدهم (الْوارِثُونَ) ( 10 ) الملّاك معادا محال أهل الساعور لدار السلام ، كما ورد لا أحد إلّا وله محل لدار السلام ومحل لدار الآلام ولو هلك ، وورد دارالسلام ملك أهل الساعور محله ولو هلك وورد الساعور ملك أهل دارالسلام محلّه .
(الَّذِينَ يَرِثُونَ) معادا (الْفِرْدَوْسَ) المحل الواسع المحوّط لصروع الأحمال أو أسمك محال دارالسلام وأعلاها (هُمْ) وحدهم (فِيها) الدار المعلوم حالها مما مرّ (خالِدُونَ) ( 11 ) ركّاد دواما .
(وَ) اللّه (لَقَدْ خَلَقْنَا) أوّلا (الْإِنْسانَ) آدم أو المراد الصرع (مِنْ سُلالَةٍ) محّ ممحّص سلّ (مِنْ) أو هو للإعلام (طِينٍ) ( 12 ) صامل .
(ثُمَّ جَعَلْناهُ) أصل ولده (نُطْفَةً) ماء ماصلا (فِي قَرارٍ) محل رسو وركود وهو الرّحم (مَكِينٍ) ( 13 ) محكم .
(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ) أصار اللّه الماء المسطور المحوّر (عَلَقَةً) دما عكالدا أحمر (فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ) الام المسطور (مُضْغَةً) لحما لهاء ما عكل (فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ) اللحم (عِظاماً) عمدا لسواها (فَكَسَوْنَا) هؤلاء
----------
ولفظ المضارع لتجددها وتكررها والمحافظة أعم من الخشوع فلا تكرار ولفضلها وقع الافتتاح والختم بها (أولئك هم الوارثون) دون غيرهم (الذين يرثون الفردوس) بأعمالهم (هم فيها خالدون ولقد خلقنا الإنسان من سلالة) صفوة سلت من الكدر (من طين) وهو آدم أو الجنس لأنهم خلقوا من نطف استلت موادها من طين (ثم جعلناه) الإنسان يعني جوهره أو السلالة على تأويل الماء (نطفة) منيا (في قرار) مستقر هو الرحم (مكين) وصف المحل بصيغة الحال مبالغة .
(ثم خلقنا) صيرنا (النطفة علقة) دما جامدا (فخلقنا العلقة مضغة) قطعة لحم (فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام) جمعت
ص: 8
(الْعِظامَ) ورووه موحّدا كالأول (لَحْماً) وصار اللحم كالكساء لها (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ) ولد آدم أو المسطور (خَلْقاً) طورا (آخَرَ) سواء الطور الأول وأرسل روحه (فَتَبارَكَ) سما (اللَّهُ) المصور وعلا أمره طولا (أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) ( 14 ) كلهم أسرا وإحماما .
(ثُمَّ إِنَّكُمْ) أولاد آدم (بَعْدَ ذلِكَ) ما مرّ كله (لَمَيِّتُونَ) ( 15 ) هلّاك حال كمال أعماركم لا محال
(ثُمَّ إِنَّكُمْ) معا (يَوْمَ الْقِيامَةِ) والمعاد (تُبْعَثُونَ) ( 16 ) للعدل والعدل .
(وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ) رءوسكم (سَبْعَ طَرائِقَ) سما وصراط للأملاك (وَما كُنَّا) أصلا (عَنِ الْخَلْقِ) أسرها وحرسها ، أو أولاد آدم وعما هو مصلحهم لمّا أسرها لمصالحهم ، أو المراد كل ما أسر والحاصل ما أهمل اللّه مأسورا وأوصله كمالا حمّ له واما لما أراد (غافِلِينَ) ( 17 ) أهل سهو .
(وَأَنْزَلْنا) كرما ورحما (مِنَ السَّماءِ) العلو (ماءً) مطرا (بِقَدَرٍ) لهاء مصلح مسلّم لا مهلك موصل للمراد لا واكس أو طلع معلوم لإصلاحهم .
----------
لاختلافها شكلا وصلابة ووحدت في قراءة (لحما) أثبتناه عليها (ثم أنشأناه خلقا ءاخر) بنفخ الروح فيه وثم في الموضعين لتراخي الرتبة (فتبارك الله أحسن الخالقين) المقدرين .
(ثم إنكم بعد ذلك) المذكور من قيام الخلق (لميتون) عند آجالكم (ثم إنكم يوم القيامة تبعثون) للحساب والجزاء (ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق) سموات جمع طريقة لأنها طرق الملائكة والكواكب فيها مسيرها أو لأنها طوارق بعضها على بعض أي طبق (وما كنا عن الخلق) أي كل المخلوقات (غافلين) تاركين تدبيرها .
(وأنزلنا من السماء ماء بقدر) بمقدار يوافق المصلحة أو بتقدير يعم نفعه ويؤمن ضره
ص: 9
(فَأَسْكَنَّاهُ) الماء المرسل (فِي الْأَرْضِ) وهادها وهورها وماء الصّهاء كله ماء السماء (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ) ورواح (بِهِ) ومحوه (لَقادِرُونَ) ( 18 ) وأمسكه كرما .
(فَأَنْشَأْنا) إكراما (لَكُمْ) وإصلاحا لحالكم (بِهِ) الماء المرسل (جَنَّاتٍ) صروعها (مِنْ نَخِيلٍ) لها أحمال (وَأَعْنابٍ) كروم لها أحمال (لَكُمْ فِيها) هؤلاء الصروع (فَواكِهُ) أحمال سواهما (كَثِيرَةٌ) عددا وصرعا (وَمِنْها) أحمالها (تَأْكُلُونَ) ( 19 ) دواما حرّا وصرا .
(وَشَجَرَةً) ورووه محكوما علاه محموله مطروح (تَخْرُجُ) مرعرعا أصلها (مِنْ) طود (طُورِ سَيْناءَ) كصحراء ، ورووه مكسور الأوّل لا مع المدّ ، وهو وحده اسم واد أو هما معا اسم طود (تَنْبُتُ) ورووه لا معلوما (بِالدُّهْنِ) ومعها هو وح هو حال أو الكاسر مؤكد أو معد (وَصِبْغٍ) إدام ورووه كادام (لِلْآكِلِينَ) ( 20 ) لطعامهم .
----------
(فأسكناه) أثبتناه (في الأرض) مددا للينابيع والآثار (وإنا على ذهاب به) إذهابه (لقادرون) ولو فعلنا الذهب لهلك كل حيوان ونبات .
(فأنشأنا لكم به) بالماء (جنات من نخيل وأعناب لكم فيها) في الجنات (فواكه كثيرة) تتفكهون بها (ومنها) من الجنات أي ثمارها وزرعها (تأكلون) تطعمون أو تتعيشون أو الضمير للنخيل والأعناب أي لكم من ثمرها أنواع من الفواكه وطعام تأكلون (وشجرة) عطف على جنات (تخرج من طور) جبل (سيناء) بقعة أضيف إليها أو هما علم مركب له (تنبت بالدهن) الباء للمصاحبة أي متلبسة بالدهن أو المتعدية وعلى قراءته رباعيا أي ينبت زيتونها متلبسا بالدهن (وصبغ للآكلين) عطف على الدهن أي إدام يصبغ فيه الخبز أي يغمس فيه للائتدام .
ص: 10
(وَإِنَّ لَكُمْ) أهل العالم (فِي الْأَنْعامِ) السّوام كالعرامس والأطم (لَعِبْرَةً) إعلاما أو علما للصلاح (نُسْقِيكُمْ) أدرّ لكم وأطمعكم (مِمَّا) كلاء أو دم أو عكّر كر لما أصل العكركر كر الدم وأصل الدم الكلاء (فِي بُطُونِها) معدها درّا ممحصا حادرا لكم (وَلَكُمْ فِيها) هؤلاء السّوام (مَنافِعُ) سواه (كَثِيرَةٌ) صرعا كالمسوك والكساء وما سواهما (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) ( 21 ) اللحم .
(وَعَلَيْها) دوّا (وَعَلَى الْفُلْكِ) داماء (تُحْمَلُونَ) ( 22 ) لوصولكم مصامدكم .
(وَلَقَدْ) اللام مؤكد وموطّأ للعهد (أَرْسَلْنا) أولا (نُوحاً) أطول الرسل عمرا (إِلى قَوْمِهِ) رهط أهل عصره (فَقالَ) الرسول لهم (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وحّدوه لما (ما لَكُمْ) أصلا (مِنْ) مؤكد لمدلول « ما » (إِلهٍ) مألوه (غَيْرُهُ) سواه ورووه مكسور الراء (أَ) أحاطكم الورة والعمو (فَلا تَتَّقُونَ) ( 23 ) اللّه إصره .
(فَقالَ) حوارا له (الْمَلَأُ) الكرماء (الَّذِينَ كَفَرُوا) وعدلوا (مِنْ قَوْمِهِ) لعوامهم (ما هذا) الرسول ادّعاء (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أكلا وعلسا (يُرِيدُ) مع عدم كماله (أَنْ يَتَفَضَّلَ) روم السؤدد والملك عمسا (عَلَيْكُمْ
----------
(وإن لكم في الأنعام لعبرة) اعتبارا (نسقيكم مما في بطونها) من اللبن (ولكم فيها منافع كثيرة) في أصوافها وأوبارها وغير ذلك (ومنها) ومن لحومها (تأكلون وعليها) على الإبل سفن البر ولذا ناسب قوله (و على الفلك تحملون) في البر والبحر .
(ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله) وحده (ما لكم من إله غيره أفلا تتقون) نقمته بعبادتكم غيره (فقال الملأ) الأشراف (الذين كفروا من قومه) لتبعتهم (ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل) يترأس
ص: 11
وَلَوْ شاءَ ) أراد (اللَّهُ) إرسال رسول (لَأَنْزَلَ) لأرسل (مَلائِكَةً) رسلا لإصلاحكم لا ولد آدم (ما سَمِعْنا) أصلا (بِهذا) إرسال أحد أولاد آدم رسولا ، أو طوع اللّه وحده وطرح طوع ما سواه (فِي) عهد (آبائِنَا) الرؤساء (الْأَوَّلِينَ) ( 24 ) اللّاءوا مرّ عهدهم ، أرادوا الأمم الهوالك أوّلا وهو للمراء والعداء أو لعدم علمهم أحوال أمم مرّوا أمامهم لطول العهد .
(إِنْ) ما (هُوَ) الرسول ادعاء (إِلَّا رَجُلٌ) مرء حصل (بِهِ جِنَّةٌ) الاس ولمم (فَتَرَبَّصُوا) وارصدوا (بِهِ) معه (حَتَّى حِينٍ) ( 25 ) عصر لعلّه صحا أو هلك .
(قالَ) الرسول المسطور دعاء لمّا حسم طمع إسلامهم (رَبِّ) اللّهمّ (انْصُرْنِي) وأمدّ علاهم (بِما كَذَّبُونِ) ( 26 ) أوس ردّهم وأهلكهم وسمع دعاءه
(فَأَوْحَيْنا) الملك (إِلَيْهِ) وأمر (أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ) اعمل الودع (بِأَعْيُنِنا) أراد مرآه ومرصده محروسا له عمّا هو الدعو عدم الصلاح (وَوَحْيِنا) أراد الأمر والحكم وإعلام العمل ، ولمّا علمه اللّه عمل لصدر ما طار كما هو المعمول الحال (فَإِذا جاءَ) ورد (أَمْرُنا) أمر إهلاكهم وحلّ موعد اصطلامهم (وَفارَ) سار ومار (التَّنُّورُ) المدّعس أو سطح الرمكاء ماء أو
----------
(عليكم) فيجعلكم أتباعا له (ولو شاء الله) إرسال رسول (لأنزل ملائكة) رسلا (ما سمعنا بهذا) الذي يدعونا إليه من التوحيد (في ءابائنا الأولين) قالوه عنادا أو لطول فترة كانوا فيها (إن هو إلا رجل به جنة) جنون (فتربصوا به) انتظروه (حتى حين) إلى زمن إفاقته أو زمن موته فتستريحوا منه (قال) بعد يأسه من إجابتهم (رب انصرني) عليهم بإهلاكهم (بما كذبون) بسبب تكذيبهم إياي (فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا) برعايتنا وحفظنا (ووحينا) وتعليمنا (فإذا جاء أمرنا) بتعذيبهم (وفار التنور) ارتفع
ص: 12
سطع الساطع وهو علم هلاكهم (فَاسْلُكْ) أورد (فِيها) الودع (مِنْ كُلٍّ) كل صرع ، ورووا كل موصولا مع (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) مؤكد لمعمول اسلك أو معمول له (وَ) اسلك معك (أَهْلَكَ) المراد عرساه وأولاده ، أو كل مرء أسلم معه (إِلَّا مَنْ) مرء (سَبَقَ) وأحكم (عَلَيْهِ الْقَوْلُ) وعد هلاكه وهو ولده وعرسه (مِنْهُمْ) أهلك (وَلا تُخاطِبْنِي) ودع الدعاء والرحم (فِي) الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) إدرارهم وعدلوا (إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ) ( 27 ) أحكم إهلاكهم لطلاحهم وحدلهم ، وهو معلل للردع .
(فَإِذَا اسْتَوَيْتَ) حصل علّوك (أَنْتَ) مؤكد (وَ) مع أو المراد أصله (مَنْ) كل أحد أسلم (مَعَكَ) وهم عرسه وأولاده كسام وحام وأعراسهم (عَلَى الْفُلْكِ) الودع (فَقُلِ) حال علوّك الودع أو حال هلاكهم وسلامك وركود الودع وحطوطك (الْحَمْدُ) حمد كل حامد وكل محمود ، وهو مصدر المعلوم أو عكسه ، أو المراد حاصل المصدر حاصل (لِلَّهِ) وحده (الَّذِي نَجَّانا) سلّم (مِنَ الْقَوْمِ) الملأ (الظَّالِمِينَ) ( 28 ) مكرهم وإهلاكهم .
(وَقُلْ رَبِّ) اللّهم (أَنْزِلْنِي) أحلّ (مُنْزَلًا) محلا (مُبارَكاً) مسعودا
----------
منه الماء (فاسلك فيها) أدخل في السفينة (من كل زوجين) ذكر وأنثى من أنواعهما (اثنين) ذكرا أو أنثى وقرىء بتنوين كل أي من كل نوع زوجين اثنين (وأهلك) هم زوجته وبنوه (إلا من سبق عليه القول منهم) الوعد بإهلاكه كابنه كنعان وأمه واغلة (ولا تخاطبني في الذين ظلموا) بإمهالهم (إنهم مغرقون) لا محالة (فإذا استويت) ركبت واعتدلت (أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين) بإشراكهم .
(وقل رب أنزلني) في السفينة أو الأرض (منزلا) بضم الميم وفتح الزاي مصدر أو اسم مكان وبفتح الميم وكسر الزاي (مباركا) كثير الخير
ص: 13
أو إحلالا محمودا (وَأَنْتَ) اللهم (خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) ( 29 ) لملإ مرّ حالهم .
(إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور وهو أمر الرسول المعهود والودع وإهلاك أهل العدول (لَآياتٍ) إعلاما ودوالّ (وَإِنْ) مؤكد مطروح الاسم وهو الأمر والحال كما دلّ اللام ومحموله (كُنَّا) حال إرسال الرسول المسطور (لَمُبْتَلِينَ) ( 30 ) رهطه وأهل عصره أو أهل العالم ، وعمّالا . . . عمل ممحّص .
(ثُمَّ) لمّا مرّ دهر (أَنْشَأْنا) أسرا (مِنْ بَعْدِهِمْ) وراءهم (قَرْناً) أهل عصر (آخَرِينَ) ( 31 ) سواهم وهم عاد أو رهط صالح .
(فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا) هودا أو صالحا (مِنْهُمْ) رهطهم وأمر الرسول مرهم (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ) ووحّدوه والّهوه وحده (ما لَكُمْ) أصلا (مِنْ) مؤكد (إِلهٍ) مألوه (غَيْرُهُ) سواه (أَ) أحاطكم السوء (فَلا تَتَّقُونَ) ( 32 ) اللّه حرده سطوه .
(وَقالَ الْمَلَأُ) الرّؤساء وأهل السّؤدد (مِنْ قَوْمِهِ) أهل عصره (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا أمره (وَكَذَّبُوا) وما أسلموا (بِلِقاءِ) الدار (الْآخِرَةِ) وإحصاء الأعمال وإعطاء الأعدال (وَأَتْرَفْناهُمْ) أولوا (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) وأعطوا الأموال والأولاد (ما هذا) الرسول (إِلَّا بَشَرٌ) أحد أولاد آدم
----------
(وأنت خير المنزلين إن في ذلك) في أمر نوح وقومه (لآيات) دلالات وعبرا للمعتبرين (وإن) هي المخففة (كنا لمبتلين) مختبرين عبادنا ليتذكروا أو مصيبين قوم نوح بالبلاء واللام فارقة .
(ثم أنشأنا من بعدهم قرنا ءاخرين) هم عاد (فأرسلنا فيهم رسولا منهم) هو هود وعدي أرسل بفي إيذانا بأنه أوحي إليه وهو بين أظهرهم (أن) أي بأن أو أي (اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون) عذابه (وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة) أي بالبعث فيها (وأترفناهم) نعمناهم (في الحيوة الدنيا) ضروب الملاذ (ما هذا إلا بشر
ص: 14
(مِثْلُكُمْ) أكلا وعلسا ، وهو مراد (يَأْكُلُ) الرسول الطعام (مِمَّا) مأكول (تَأْكُلُونَ) كلكم (مِنْهُ) أراد المأكول المعاود للكل (وَيَشْرَبُ) الماء (مِمَّا) ماء (تَشْرَبُونَ) ( 33 ) كلّكم أرادوا الماء المعاود والحاصل ، وممّ ادعاءه الألوك وحاله كحالكم .
(وَ) اللّه (لَئِنْ أَطَعْتُمْ) طوعا (بَشَراً مِثْلَكُمْ) أمره وحكمه وكلامه وعمله (إِنَّكُمْ إِذاً) حال طوعكم له (لَخاسِرُونَ) ( 34 ) أموالا وأعمالا .
(أَ يَعِدُكُمْ) الرسول المسطور (أَنَّكُمْ) كلكم (إِذا مِتُّمْ) أدرككم السام وأحاطكم الهلاك ، وأطاحكم مرّ الدهور وكرّ الاعصار (وَكُنْتُمْ) وصار أعطالكم (تُراباً) حصحصا (وَعِظاماً) لا لحكم معها ولا مسك (أَنَّكُمْ) مكرر ومؤكد للأول لمّا طال وسطه ووسط محموله الكلام (مُخْرَجُونَ) ( 35 ) معاد أعطالكم الهوالك مع عوده أرواحها لها .
(هَيْهاتَ هَيْهاتَ) اسم سدّ مسدّ طرح والمراد طرح العود والصّح ورووهما مع الكسر (لِما تُوعَدُونَ) ( 36 ) وهو عدّ الأعمال والعدل أو طرح موعودكم وكرّر مؤكّدا .
(إِنْ) ما (هِيَ) وهو مما لا معاد له صرّحه (إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا) المعلوم أمرها (نَمُوتُ وَنَحْيا) أرادوا هلاك ولّاد وعمر أولاد ، أو هلاك سماط
----------
مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون) أي تشربونه.
(و لئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون) باتباعه (أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون) من قبوركم أحياء (هيهات هيهات) اسم فعل ماض أي بعد الثبوت (لما توعدون) أي بعد ما توعدون واللام زائدة (إن هي) ما الحياة (إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا) يموت
ص: 15
أمم وعمر ما سواهم دواما سرمدا (وَما نَحْنُ) أصلا (بِمَبْعُوثِينَ) ( 37 ) وهو أسر الأعطال الهوالك معادا .
(إِنْ) ما (هُوَ) الرسول (إِلَّا رَجُلٌ) مرء (افْتَرى) سطر (عَلَى اللَّهِ كَذِباً) كلاما والعا وهو ادعاء الألوك له وردّ الأرواح للأعطال الهوالك (وَما نَحْنُ لَهُ) للرسول (بِمُؤْمِنِينَ) ( 38 ) طوّعا أصلا .
(قالَ) الرسول دعاء (رَبِّ) اللّهمّ (انْصُرْنِي) أمدّ علاهم (بِما كَذَّبُونِ) ( 39 ) أوس ردّهم الكلام وعدو لهم وأهلكهم وسمع اللّه دعاءه .
و (قالَ) له (عَمَّا) « ما » مؤكد لا مدلول له ، أو مدلوله العصر و (قَلِيلٍ) إعلام للعصر المراد و (لَيُصْبِحُنَّ) أعداءك حوار عهد مطروح (نادِمِينَ) ( 40 ) حسّارا وسدّاما مما عملوا لمّا رأوا ما حلّهم .
(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) أهلكهم وأد الملك الروح ، صاح علاهم ودمّرهم (بِالْحَقِّ) العدل أو الوعد وهلكوا (فَجَعَلْناهُمْ) أصارهم اللّه وحوّلوا (غُثاءً) كمحمول المد مما رمّ واسودّ (فَبُعْداً) هلاكا وهو مصدر طرح عامله ، وهو إعلام أو دعاء (لِلْقَوْمِ) اللّام معلّم للمراد ك « لام » هلاكا لك أورده محلّ ما عاد لإعلام حدلهم ، دلّ علاه (الظَّالِمِينَ) ( 41 ) الرسول لردّهم له
----------
قوم ويولد قوم (وما نحن بمبعوثين) بعد موتنا (إن) ما (هو إلا رجل افترى على الله كذبا) بدعواه الرسالة ووعده بالبعث (وما نحن له بمؤمنين) بمصدقين .
(قال رب انصرني بما كذبون قال) تعالى.
(عما قليل) من الزمان وما زائدة لتوكيد معنى القلة (ليصبحن نادمين) على تكذيبهم (فأخذتهم الصيحة) صاح بهم جبرئيل صيحة فماتوا (بالحق) باستحقاقهم أخذها (فجعلناهم غثاء) هو ما احتمله السيل من نبات بال ونحوه شبهوا به في هلاكهم (فبعدا للقوم الظالمين) أي بعدوا
ص: 16
ولأحكامه .
(ثُمَّ) لما مرّ دهر (أَنْشَأْنا) أسرا (مِنْ بَعْدِهِمْ) وراءهم (قُرُوناً) أهل اعصار (آخَرِينَ) ( 42 ) سواهم كرهط صالح ولوط وما سواهما .
(ما تَسْبِقُ مِنْ) مؤكد لمدلول « ما » (أُمَّةٍ) ما (أَجَلَها) أمد أعمارها المرسول المحدود لها ، أو موعد هلاكها (وَما يَسْتَأْخِرُونَ) ( 43 ) عمّا حدّ لهم أصلا .
(ثُمَّ) لمّا مرّ دهر (أَرْسَلْنا رُسُلَنا) لأممهم (تَتْرا) ولاء واحدا وراء واحد مع مرور عهد طوال وسط رسول ، وهو حال واصل أوله واو (كُلَّ ما جاءَ) ورد (أُمَّةً) ما (رَسُولُها) المرسل لها (كَذَّبُوهُ) ردّوا كلامه (فَأَتْبَعْنا) الأمم وأهل الأعصار (بَعْضَهُمْ بَعْضاً) إهلاكا (وَجَعَلْناهُمْ) أحوالهم (أَحادِيثَ) أسمارا حكاها أولاد آدم لهوا (فَبُعْداً) هلاكا (لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) ( 44 ) للّه والرسول ، والمراد طردهم اللّه .
(ثُمَّ) لمّا مرّ دهر (أَرْسَلْنا مُوسى) رسولا (وَأَخاهُ هارُونَ) رسولا معه ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ (بِآياتِنا) المعلوم عددها وهو العدد الكامل أوّلا إلا واحد (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) ( 45 ) دال ساطع ملسم للأعداء ، أو أراد العصا ووحّدها ؟ ؟ ؟
----------
من الرحمة بعدا .
(ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين) هم قوم صالح ولوط وشعيب (ما تسبق من أمة أجلها) بأن تهلك قبله (وما يستأخرون) عنه وذكر ضمير ها للمعنى (ثم أرسلنا رسلنا) تترى متواترين يتبع بعضهم بعضا (كلما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا) في الإهلاك (وجعلناهم أحاديث) لم يبق منهم سوى أخبار يتحدث بها (فبعدا لقوم لا يؤمنون).
(ثم أرسلنا موسى وأخاه هرون بآياتنا) المعجزات (وسلطان مبين) برهان ظاهر .
ص: 17
هو أولها وأمّها ، أو أراد عكس الأوّل ، أو مرادهما واحد وهو إعلام الألوك
(إِلى) ملك مصر (فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ) طوّعه وعساكره (فَاسْتَكْبَرُوا) الملك وآله عما أمراهم ، وكرهوا كلامهما وطوعهما (وَكانُوا) كلهم (قَوْماً عالِينَ) ( 46 ) أهل مرح وسمود وعلو .
(فَقالُوا) ح عداء وحسدا (أَ نُؤْمِنُ) مع كمال الأحلام (لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا) أكلا للطعام وعلسا للماء ، وهو سواء له الواحد وما سواه (وَقَوْمُهُما) احمّاؤها (لَنا عابِدُونَ) ( 47 ) طوّع وعدّس ، وكل مرء أطاع الملك سمّاه أولاد ماء السماء إلها له .
(فَكَذَّبُوهُما) ردّوا كلامهما (فَكانُوا) صاروا (مِنَ) الأمم (الْمُهْلَكِينَ) ( 48 ) علاهم الماء وأهلكهم معا .
(وَلَقَدْ آتَيْنا) رهط (مُوسَى) وهم الهود (الْكِتابَ) المعهود (لَعَلَّهُمْ) رهطه وأحمّاءه لا ملك مصر ورهطه لمّا الطرس المعهود أرسل وراء إهلاكهم (يَهْتَدُونَ) ( 49 ) صراط الحلال والحرام أو عمل أوامره وأحكامه .
(وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ) روح اللّه (وَأُمَّهُ) معا (آيَةً) علما كاملا وحدّها لوحود المرام وهو حصول ولد لا والد له ، أو المراد كل واحد أو محمول الأول
----------
(إلى فرعون وملإيه فاستكبروا) عن قبول الحق (وكانوا قوما عالين) قاهرين بالظلم (فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما) أي بنو إسرائيل (لنا عابدون) مطيعون خاضعون (فكذبوهما فكانوا من المهلكين) بالغرق (ولقد ءاتينا موسى الكتاب) التوراة (لعلهم) أي قومه بني إسرائيل لا قوم فرعون لأنهم أغرقوا قبل نزولها (يهتدون) به إلى الدين .
(وجعلنا ابن مريم وأمه ءاية) بأن ولدته بغير فحل فهو آية واحدة فيهما أو ابن مريم آية بكلامه في المهد وأمه آية بولادتها بلا فحل
ص: 18
مطروح دلّ علاه محمول ما هو وال له (وَآوَيْناهُما) معا وحوّل مأواهما ومحلّهما (إِلى رَبْوَةٍ) محل عال (ذاتِ قَرارٍ) رسو وركود والمراد ركود أهلها أو أحمال وماء وآلاء سواهما سمّاها لمّا رسا أهلا لها (وَمَعِينٍ) ( 50 ) ماء طاهر سار ومارّ أو مدرك للحواس أو مصلح لأهله .
(يا أَيُّهَا الرُّسُلُ) رسل اللّه الصلحاء الكمّل أهل الإصلاح والإكمال (كُلُوا) والمراد أمر كل رسول لعهده كل ، أو الكلام مع محمّد صلعم لإكرامه وسدّه مسد كل رسل ، أو مع روح اللّه كما دلّ الصدر (مِنَ الطَّيِّباتِ) الحلال ما هو مرادكم وأصلح المطعوم طعما وح أمر كلوا لإعلام الحلّ أو مما حلّ لا مما حرم وح المراد أصل المراد (وَاعْمَلُوا) عملا (صالِحاً) مأمورا محكوما ومطوّعا (إِنِّي بِما) كل عمل أو هو للمصدر (تَعْمَلُونَ) الحال أو وراء (عَلِيمٌ) ( 51 ) ومعامل معكم كما هو أعمالكم .
(وَإِنَّ) مكسور الأول وهو صدر كلام ورأسه ، ورووه أمار المصدر وحّ هو معمول اعلموا المطروح ، أو عامل ما الواو ، أو اللام الكاسر له مطروح وهو حّ معمول لما وراءه (هذِهِ) المؤموء الإسلام مأوّلا أو الأمم (أُمَّتُكُمْ) أممكم أو صراطكم (أُمَّةً) حال موطّا (واحِدَةً) صراطا واحدا أو رهطا واحدا ( وَأَنَا )
----------
(وءاويناهما إلى ربوة) أرض مرتفعة هي أرض بيت المقدس أو الرملة أو دمشق أو مصر (ذات قرار) استواء يستقر عليها أو ثمار لأجلها يستقر فيها (ومعين) ماء جار ظاهر للعيون .
(يا أيها الرسل كلوا من الطيبات) المستلذات المباحات (واعملوا صالحا) أي الطاعات (إني بما تعملون عليم) فأجازيكم به .
(وإن هذه أمتكم أمة واحدة) أي ملة الإسلام ملتكم حال كونها ملة مجتمعة أو ملل الأنبياء ملتكم ملة متخذة في أصول الشرائع أو هذه جماعتكم جماعة متفقة على التوحيد (وأنا ربكم فاتقون)
ص: 19
اللّه (رَبُّكُمْ) مولاكم ومصلحكم ومألوهكم وحده (فَاتَّقُونِ) ( 52 ) وروعوا الإصر حال ردّ الأمر .
(فَتَقَطَّعُوا) أممهم وكسروا كسرا كاملا (أَمْرَهُمْ) امر إسلامهم وصراطهم (بَيْنَهُمْ) واصاروه (زُبُراً) صدوعا ، وهو حّ حال الواو والمراد أرطاها ، أو حال الأمر والحاصل صرطا لا وآم لها ، أو طروسا والمراد كطروس وهو حّ معمول العامل أمرهم لمّا أحاط مدلول إصار ، أو حال أمرهم والمراد أصاروا طرسهم طروسا أسلموا لكسر وردّوا كسر (كُلُّ حِزْبٍ) رهط (بِما) طرس وصراط أو أهواء وآراء ، أو الأموال والأولاد (لَدَيْهِمْ) صددهم (فَرِحُونَ) ( 53 ) أولو سرور ووهم لسداده .
(فَذَرْهُمْ) دع طلاح الحرم طهّاسا عمّها (فِي غَمْرَتِهِمْ) سهوهم ولهوهم (حَتَّى حِينٍ) ( 54 ) عصر إهلاكهم أو سامهم .
(أَ يَحْسَبُونَ) هؤلاء الورة (أَنَّما) كل أمر (نُمِدُّهُمْ بِهِ) أسمحهم (مِنْ مالٍ) أمر (وَبَنِينَ) ( 55 ) لدار الأعمال
(نُسارِعُ لَهُمْ) امعلهم (فِي) الأمور (الْخَيْراتِ) والمسارّ وإكرامهم أوس أعمالهم الصوالح ألا (بَلْ) هو كمكر وطرد لهم عما هو السداد لا (يَشْعُرُونَ) ( 56 ) حاله والحاصل لا علم لهم كالسّوام لا علم لها .
----------
في التفرق في الدين
(فتقطعوا أمرهم بينهم) جعلوا أمر دينهم أديانا مختلفة (زبرا) كتبا يدينون بها أو أحزابا متحالفين (كل حزب) فريق (بما لديهم) من الدين (فرحون) مسرورون (فذرهم في غمرتهم) ضلالتهم (حتى حين) إلى وقت موتهم (أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين) بيان لما (نسارع لهم في الخيرات) ليس ذاك كما يظنون وإنما ذاك استدراج لهم (بل لا يشعرون) أنه استدراج .
ص: 20
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ) اللّه (رَبِّهِمْ) مولاهم (مُشْفِقُونَ) ( 57 ) روّاع إصره .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ هُمْ) لصلاح أسرارهم (بِآياتِ) اللّه (رَبِّهِمْ) واعلامه والمراد الكلام المرسل وما سواه (يُؤْمِنُونَ) ( 58 ) سدادا .
(وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ) الواحد الأحد ( لا يُشْرِكُونَ) ( 59 ) أحد سواه .
(وَ) الرهط (الَّذِينَ يُؤْتُونَ) هو الإعطاء (ما آتَوْا) أعطوا وهو المأمور المحكوم إعطاءه أو المطوع (وَ) الحال (قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) روّاع ردّه ل (أَنَّهُمْ إِلى) اللّه (رَبِّهِمْ راجِعُونَ) ( 60 ) عوّاد معادا .
(أُولئِكَ) الملأ المعلوم حالهم وهو محمول الموصول الأوّل وما وراءه (يُسارِعُونَ فِي) الأعمال (الْخَيْراتِ) الصوالح (وَهُمْ لَها) لهؤلاء الأعمال (سابِقُونَ) ( 61 ) سواهم أو لدار السلام .
(وَلا نُكَلِّفُ) ولا أحمّل ولا آمر مؤكدا (نَفْساً) أحدا (إِلَّا وُسْعَها) مسطاعها لا ما هو وراء حدّ وسعها (وَلَدَيْنا كِتابٌ) هو اللوح مسطر أعمال
----------
(إن الذين هم من خشية ربهم) من خوفه (مشفقون) لازمون لطاعته (والذين هم بآيات ربهم) القرآن وغيره (يؤمنون) يصدقون .
(والذين هم بربهم لا يشركون) غيره في عبادته .
(والذين يؤتون ما ءاتوا) يعطون ما أعطوا من الصدقة أو أعمال البر كلها (وقلوبهم وجلة) خائفة أن لا يقبل منهم (أنهم) أي لأنهم (إلى ربهم راجعون) وهو علام السرائر (أولئك يسارعون في الخيرات) يبادرون الطاعات رغبة فيها أو يتعجلون خيرات الدنيا بمبادرتهم الطاعات الموجبة لها لتقابل إثباته لهم نفيه عن أضدادهم (وهم لها) لأجلها (سابقون) الناس إلى الجنة أو فاعلون السبق .
(ولا نكلف نفسا إلا وسعها) والوسع دون الطاقة (ولدينا كتاب)
ص: 21
العالم ، أو طروس سطرها الأملاك الكرام (يَنْطِقُ) معادا (بِالْحَقِّ) والعدل والسداد (وَهُمْ) عمّال الأعمال (لا يُظْلَمُونَ) ( 62 ) أصلا ولو ماصلا ، لا حور لصوالح أعمالهم ولا كور لطوالح أعمالهم .
(بَلْ قُلُوبُهُمْ) أرواع أعداء الإسلام (فِي غَمْرَةٍ) عمو وعدم علم وسهو عمّها (مِنْ هذا) الكلام المرسل أو ممّا علماء أهل الإسلام أو ممّا سطره الملك الكرام (وَلَهُمْ أَعْمالٌ) طوالح (مِنْ دُونِ ذلِكَ) عكس ما هو للصّلحاء وأهل الإسلام (هُمْ لَها) وحدها (عامِلُونَ) ( 63 ) دواما .
(حَتَّى إِذا أَخَذْنا) سطوا (مُتْرَفِيهِمْ) ملاءهم ورؤساءهم وأهل طلحهم (بِالْعَذابِ) إصر الحال وهو المحل والكحط أعواما لمّا دعا علاهم الرّسول صلعم أو إهلاكهم لعماس معهود (إِذا هُمْ يَجْأَرُونَ) ( 64 ) دهم عولهم وأوههم مع سؤال المدد .
والكلام معهم حّ (لا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ) دعوا العول وآلاؤه وسؤال المدد الحال (إِنَّكُمْ) أهل العدول (مِنَّا لا تُنْصَرُونَ) ( 65 ) أصلا وهو معلّل للرّدع .
(قَدْ كانَتْ) أوّلا (آياتِي) الكلام المرسل (تُتْلى عَلَيْكُمْ) طمع
----------
اللوح أو صحيفة الأعمال (ينطق بالحق) بالصدق فيما كتب فيه من أعمالها (وهم) أي النفوس (لا يظلمون) بنقص ثواب أو زيادة عقاب .
(بل قلوبهم) أي الكفار (في غمرة) غفلة (من هذا) مما وصف به هؤلاء أو من كتاب الأعمال (ولهم أعمال) سيئة (من دون ذلك) سوى ما هم عليه من الكفر (هم لها عاملون) لا يتركونها (حتى إذا أخذنا مترفيهم) منعميهم (بالعذاب) في الآخرة أو القتل ببدر أو الجوع (إذا هم يجأرون) يصرخون بالاستغاثة (لا تجأروا اليوم) مقدر بالقول (إنكم منا لا تنصرون) لا تمنعون منا أو لا يأتيكم نصر من جهتنا (قد كانت ءاياتي تتلى عليكم) أي القرآن
ص: 22
طوعكم (فَكُنْتُمْ) حال درسها (عَلى أَعْقابِكُمْ) أراد اكساءهم (تَنْكِصُونَ) ( 66 ) هو العود للوراء عكس العود المعاود وهو أسوأ سلوك لعدم إحساس ما وراء حّ .
(مُسْتَكْبِرِينَ) سمّادو وأهل علوّ والهاد لأهل الإسلام ، وهو حال (بِهِ) الودع أو الحرم والمراد ادّعاءهم لا علوّ لأحد علاهم لمّا هم أهل الحرم أو الهاء لمّا مدلوله الكلام المرسل (سامِراً) ورووا سمّارا ومدلولهما واحد وسمرا واحده سامر والسمر الكلام سمرا وأصله لمع الطرس أو السامر مدلوله المسمور أو السمر أو موسم السمر أو محل السمار (تَهْجُرُونَ) ( 67 ) هو الكلام الهراء .
(أَ) ما علموا (فَلَمْ يَدَّبَّرُوا) وما راعوا (الْقَوْلَ) الكلام المرسل لحصول علم سداده أو كلام الرسول والمراد علموا وما ادّكروا (أَمْ جاءَهُمْ) وردهم (ما) رسول وطرس أو عدم روح اللّه (لَمْ يَأْتِ) ما ورد (آباءَهُمُ) ورؤساءهم (الْأَوَّلِينَ) ( 68 ) عهدا والمراد وردهم رسول وطرس وروع معلوم معهود ، وهم ما راعوا وما اسلموا كما راع رؤساءهم وهم مسدوح اللّه وأولاده وأسلموا وأطاعوا
(أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا) وما علموا وما رأوا (رَسُولَهُمْ)
----------
(فكنتم على أعقابكم تنكصون) تدبرون عن سماعها وقبولها كمن رجع القهقرى .
(مستكبرين به) الهاء للقرآن بتضمين الاستكبار معنى التكذيب إلا أن استكبارهم بسبب سماعه أو لتعلق الباء بقوله (سامرا) أي يستمرون بالطعن فيه (تهجرون) تتركون القرآن أو تهذون في شأنه .
(أفلم يدبروا القول) أي القرآن فيستدلوا بإعجاز نظمه ووضوح حججه على صدق رسولنا (أم جاءهم ما لم يأت ءاباءهم الأولين) من الرسل (أم لم يعرفوا رسولهم) بالصدق والأمانة ومكارم الأخلاق وكمال العلم
ص: 23
محمدا ( ص ) وصلاحه وكمال حلمه وعلوّ أصله وإعلام سداده ، والمراد علموه كما مرّ (فَهُمْ لَهُ) للرسول ودعواه (مُنْكِرُونَ) ( 69 ) حسدا وعدوا .
(أَمْ يَقُولُونَ) عداء (بِهِ) الرسول (جِنَّةٌ) الاس ولمم لمّا طمع أمرا ما طمعه أهل الحلم وهو طوع العالم له ، وما هو كما وهموا لمّا علموا هو أحلمهم وأكملهم دهاء (بَلْ جاءَهُمْ) الرسول (بِالْحَقِّ) اللامع والصراط السواء وهو الإسلام ، وردّ أهواءهم وما أحسّوا له مردا (وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ) وطوعه (كارِهُونَ) ( 70 ) ورهط طارحوه علوّا وحسدا وما سواه كعمه المعهود الممدّ له .
(وَلَوِ اتَّبَعَ) ولو أطاع (الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ) ما وهموا إلها (لَفَسَدَتِ السَّماواتُ) لهلك عالم العلو (وَالْأَرْضُ) عالم الرهص (وَ) هلك كل (مَنْ) حلّ (فِيهِنَّ) ، أو لرهوك أحوال عالم العلو وعالم الحطوط وأهلهما المراد لو أطاع الأمر والحاصل أهواءهم وحصل ما وهموه وهو حصول إله سواه لهلك العالم ، أو لو أطاع ما أورده محمد ( ص ) أهواء هم لهلك لمّا أهلكه اللّه لكمال حرده وأورد عصر المعاد (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ) طرس هو علاهم لمّا
----------
وشرف النسب (فهم له منكرون) بل عرفوا جميع ذلك فلا وجه لإنكارهم له (أم يقولون به جنة) وكانوا يعلمون أنه أكملهم عقلا (بل جاءهم بالحق) الدين القيم (وأكثرهم للحق كارهون) لمخالفة أهوائهم ولعل التقييد بالأكثر لأن منهم من لم يكره الحق لكنه لم يؤمن لقلة فطنة أو حسدا له (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
(و لو اتبع الحق أهواءهم) بأن أتى بما يهوونه من الشركاء (لفسدت السموات والأرض ومن فيهن) للتمانع كما مر في لو كان فيهما ءالهة أو لو اتبع الله أهواءهم بأن أنزل ما يشتهون من الشرك لما كان إلها فلا يقدر على إمساك السموات والأرض (بل أتيناهم بذكرهم) بالقرآن
ص: 24
هو ككلامهم مرسل لرسولهم الصادر عما صدروا المساهم لهم أصلا (فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ) طرسهم (مُعْرِضُونَ) ( 71 ) صدّاد وعدّال .
(أَمْ تَسْأَلُهُمْ) محمّد ( ص ) (خَرْجاً) حلوا ومالا أوس أداء الأوامر والأحكام (فَخَراجُ) اللّه (رَبِّكَ) عطاءه وكرمه حالا ومآلا (خَيْرٌ) أعود مما سواه لمّا هو أوسع وأدوم (وَهُوَ) اللّه أرحم الرحماء وأكمل الكرماء (خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ( 72 ) أكرمهم وأحمدهم .
(وَإِنَّكَ) محمد ( ص ) (لَتَدْعُوهُمْ) طرّا (إِلى) سلوك (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 73 ) سواء حرّ وهو الإسلام للسمع والطوع .
(وَإِنَّ) الملأ (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سداد (بِالْآخِرَةِ) الدار الموعود ورودها أمدا (عَنِ الصِّراطِ) السواء المسطور وهو صراط الإسلام (لَناكِبُونَ) ( 74 ) صوّار وعدّال .
(وَلَوْ رَحِمْناهُمْ) أهل الحرم (وَكَشَفْنا ما) أمرا وصل (بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ) وهو المحل والكحط واللّاواء (لَلَجُّوا) وهمكوا وعلهوا (فِي طُغْيانِهِمْ) عموهم وعدو لهم ، وعداء رسول اللّه صلعم وأهل الإسلام والمراد أصرّوا (يَعْمَهُونَ) ( 75 ) عمه حار ودار والمراد لو ردّوا لعادوا لما ردعوا
----------
الذي هو شرفهم أو وعظهم (فهم عن ذكرهم معرضون أم تسئلهم خرجا) أجرا على تبليغ الرسالة (فخراج ربك) رزقه في الدنيا وثوابه في الآخرة (خير) منه لدوامه وكثرته (وهو خير الرازقين) أفضل من أعطى .
(وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم) دين الإسلام (وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة) بالبعث وما يتبعه (عن الصراط) المستقيم (لناكبون) لعادلون (ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر) جوع أصابهم بمكة سبع سنين (للجوا) لتمادوا (في طغيانهم) كفرهم وعتوهم (يعمهون) يترددون .
ص: 25
(وَلَقَدْ) اللّام مؤكّد (أَخَذْناهُمْ) حردا وطردا (بِالْعَذابِ) الإهلاك عماسا أو المحل واللّاواء (فَمَا اسْتَكانُوا) وما أطاعوا وما آهوا (لِرَبِّهِمْ) مولاهم وهو اللّه (وَما يَتَضَرَّعُونَ) ( 76 ) أصلا والحاصل هو حالهم دواما .
(حَتَّى إِذا فَتَحْنا) لدار الأعمال أو لدار الأعدال (عَلَيْهِمْ) لطلاحهم باباً موردا (ذا عَذابٍ شَدِيدٍ) عسر وعر أراد الإهلاك حالا أو المحل لمّا هو أسوأ مما أسروا وأهلكوا أو الهموم والأهوال معادا (إِذا هُمْ فِيهِ) الإصر الوعد (مُبْلِسُونَ) ( 77 ) حسّام أطماع وصرّام آمال .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي أَنْشَأَ) أسر كرما ورحما (لَكُمُ السَّمْعَ) المسامع لسمع الكلام (وَالْأَبْصارَ) وحواسّ الإحساس (وَالْأَفْئِدَةَ) الأرواع للعلوم وصروع الإدراك حمدا أو عصرا (قَلِيلًا ما) « ما » مؤكّدا أو هو عدم الحمد والمراد ما (تَشْكُرُونَ) ( 78 ) هؤلاء آلاء ماصلا ولا آمرا وهو أعمالها لمّا أسرها اللّه له .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي ذَرَأَكُمْ) أسركم وصعصعكم وأمر أولادكم (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء (وَإِلَيْهِ) وحده (تُحْشَرُونَ) ( 79 ) معادا مع عدّ محالكم ومرامسكم .
----------
(ولقد أخذناهم بالعذاب) بالجوع (فما استكانوا لربهم) ما خضعوا له (وما يتضرعون) ما يرغبون إليه في الدعاء (حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد) هو القتل ببدر أو الجوع (إذا هم فيه مبلسون) متحيرون آيسون من كل خير .
(وهو الذي أنشأ لكم السمع) وحد لأنه في الأصل مصدر أو بتقدير حواس السمع (والأبصار والأفئدة) القلوب لتدركوا الدلائل المسموعة والمبصرة (قليلا ما تشكرون) أي تشكرونها شكرا قليلا (وهو الذي ذرأكم) خلقكم (في الأرض وإليه تحشرون) تجمعون بالبعث .
ص: 26
(وَهُوَ) اللّه كامل الطول (الَّذِي يُحْيِي) أهل عصر أو آحادا (وَيُمِيتُ) أهل عصر أو آحادا (وَلَهُ) لحكمه سموما (اخْتِلافُ اللَّيْلِ) عصر الدلس (وَالنَّهارِ) عصر اللّمع ، ودور هما وورود كل واحد وراء مطوه أو ادّارأهما دلسا ولمعا أو حورا وكورا (أَ) أحاطكم الورة والطّلاح (فَلا تَعْقِلُونَ) ( 80 ) عموم ملكه وحوله وصروع حكمه وأسراره .
(بَلْ قالُوا) أهل الحرم (مِثْلَ ما) كلام (قالَ) الأمم (الْأَوَّلُونَ) ( 81 ) عهدا المراد طلّاحهم .
(قالُوا) الأمم الأوّل (أَ إِذا مِتْنا) أحاط الهلاك الكلّ (وَكُنَّا) وصار الأعطال (تُراباً) هالكا (وَعِظاماً) لا لحم معها رماما (أَ إِنَّا) حّ (لَمَبْعُوثُونَ) ( 82 ) معاد الأرواح لهؤلاء الأعطال والصور .
واللّه (لَقَدْ وُعِدْنا) وعد رهط دعواهم الألوك (نَحْنُ) مؤكّد (وَآباؤُنا) الأول (هذا) المعاد (مِنْ قَبْلُ) امام إرسال محمّد ( ص ) (إِنْ) ما هذا الأمر المحال وروده (إِلَّا أَساطِيرُ) أسماء الأمم (الْأَوَّلِينَ) ( 83 ) واحده أسطار وواحد أسطار سطر وهو ما رسمه الأمم الأول ، ولا أصل له ولا سداد .
----------
(وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار) يختص به اختلافهما بالظلمة والضياء والطول والقصر أو تعاقبهما أي ذهاب أحدهما ومجيء الآخر (أفلا تعقلون) تتفكرون فتعلمون أن من هذا صنعه لا يستحق الإلهية سواه وأنه قادر على البعث .
(بل قالوا مثل ما قال الأولون) المنكرون (قالوا) استبعادا له (أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون) ولم يتفكروا في بدء خلقهم (لقد وعدنا نحن وءاباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين) أكاذيبهم التي سطروها
ص: 27
(قُلْ) لهم واسألهم محمّد ( ص ) (لِمَنِ) ملكا وملكا وأسرا (الْأَرْضُ) كلها (وَ) كلّ (مَنْ) حلّ (فِيها) معا (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ( 84 ) أصل الأمر .
(سَيَقُولُونَ) كله (لِلَّهِ) ملكا وملكا وأسرا (قُلْ) لهم ح (أَ) مسّكم السهو (فَلا تَذَكَّرُونَ) ( 85 ) مالك الكل وآسره أولا ، كامل طول لمّا اعادكم وعامل ما هو مراده لا محال .
(قُلْ) لهم وسلهم عما هو أوسع ممّا مرّ وهو عالم العلو (مَنْ رَبُّ) مالك (السَّماواتِ السَّبْعِ) كلّها وآسرها (وَرَبُّ الْعَرْشِ) ومالك السماء الأطلس المحدد (الْعَظِيمِ) ( 86 ) أوسع الأكر كلها وآسره .
(سَيَقُولُونَ) كله (لِلَّهِ) ملكا وملكا وأسرا ، ورووه اللّه مطروح اللام كما هو المساعد للسؤال (قُلْ) لهم (أَ) حملكم الحسد ودعاكم اللّدد (فَلا تَتَّقُونَ) ( 87 ) اللّه وإصره وحدّه حال عدم إسلامكم .
قُلْ لهم وسلهم عما هو أعم ممّا مرّ كله وهو الكلّ (مَنْ بِيَدِهِ) ملكه (مَلَكُوتُ) ملك (كُلِّ شَيْءٍ) عالم العلو وعالم الحطوط معا (وَهُوَ يُجِيرُ) ممدّ مسلم لكل أحد أراد (وَلا يُجارُ) أحد (عَلَيْهِ) ولا أحد مسلم لأحد مما هو مراده (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ( 88 ) أسرار العالم .
----------
(قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون) ذلك فأجيبوني (سيقولون لله قل أفلا تذكرون) فتعلمون أن من قدر على الابتداء قادر على الإعادة .
(قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم) زيادة في الحجة (سيقولون لله قل أفلا تتقون) عذابه على جحد وحدانيته وقدرته على البعث.
(قل من بيده ملكوت كل شيء) ملكه والتاء للمبالغة (وهو يجير ولا يجار عليه) يمنع من يشاء ولا يمنع منه أحد (إن كنتم تعلمون).
ص: 28
(سَيَقُولُونَ) حوارا ملك كل أمر (لِلَّهِ) الواحد الأحد ورووه مطروح اللام كالأوّل (قُلْ) لهم (فَأَنَّى تُسْحَرُونَ) ( 89 ) ممّ مكركم وصدودكم عمّا هو الصراط السواء ، وهو وجود الإله وطوعه وحده .
(بَلْ أَتَيْناهُمْ) اعلموا (بِالْحَقِّ) وهو لا ولد له ولا معادل ووعد ورود المعاد (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) ( 90 ) كلاما وادّعاء .
(مَا اتَّخَذَ اللَّهُ) أصلا (مِنْ) مؤكد لمدلول « ما » (وَلَدٍ) لمّا لا صرع له والولد صرع الوالد (وَما كانَ مَعَهُ) مع اللّه (مِنْ) مؤكد (إِلهٍ) معادل إلّا (إِذاً) لو حصل له معادل كما هو وهمكم (لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ) مألوه (بِما) عالم (خَلَقَ) ولحكم كل حكما (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ) آحادهم (عَلى بَعْضٍ) آحاد كما هو حال الملوك ، ملك كل واحد وراء ملك سواه وأمرهم العماس وكوح آحاد وكل آحاد وحّ لمّا حصل له وحده كل العالم والملك وهو محال ومردود صدد الكل (سُبْحانَ اللَّهِ) الواحد الأحد (عَمَّا يَصِفُونَ) ( 91 ) وهو الولد والمعادل .
(عالِمِ) عالم (الْغَيْبِ) السر ورووا عالم محمولا لمطروح وهو هو (وَ) عالم عالم (الشَّهادَةِ) الحس معا والمراد عالم الكل (فَتَعالى) اللّه
----------
(سيقولون لله قل فأنى تسحرون) فمن أين تخدعون ويخيل إليكم الحق باطلا مع وضوحه (بل أتيناهم بالحق) من نفي الولد والشريك (وإنهم لكاذبون) في إثباتهما .
(وما اتخذ الله من ولد) لتنزهه عن مجانسة خلق (وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله) منهم (بما خلق) وانفرد به وامتاز ملكه عن ملك الآخرين (ولعلا بعضهم على بعض) بالتغالب كفعل ملوك الدنيا (سبحان الله عما يصفون) من الولد والشريك .
(عالم الغيب والشهادة) ما غاب وما حضر (فتعالى) تنزه
ص: 29
وعلا علوّ كاملا (عَمَّا) ولد ومساهم (يُشْرِكُونَ) ( 92 ) مع اللّه .
(قُلْ) محمّد ( ص ) وداع (رَبِّ) اللهم (إِمَّا) « ما » توكيد (تُرِيَنِّي) حالا أو مآلا ما إصرا (يُوعَدُونَ) ( 93 ) الأعداء حالا ومآلا .
(رَبِّ) اللهم (فَلا تَجْعَلْنِي) معدودا (فِي الْقَوْمِ) الأمم الأعداء (الظَّالِمِينَ) ( 94 ) إدرارهم ، وسأل السلام مع ما عصمه اللّه مما هو إصر الأعداء ، وحدّهم إعلاما لما هو أهل له وهو كمال الهول والروع أو لهصم الدرّ
(وَإِنَّا عَلى أَنْ) للمصدر (نُرِيَكَ) محمد ( ص ) ما إصرا (نَعِدُهُمْ) الأعداء وهو ردّ لردهم الوعد المعهود وهو وعد حلول الإصر (لَقادِرُونَ) ( 95 ) أولو طول وألوّ .
(ادْفَعْ) ادرأ محمد ( ص ) (بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) المراد لا إله إلا اللّه أو الحلم أو السلام أمر الحكم المعلوم (السَّيِّئَةَ) العدول أو الكره أو السوء أو الحكم المردود (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما) ؟ ؟ ؟ (يَصِفُونَ) ( 96 ) اللّه وهو عدل إله مع اللّه أو الرسول وهو السوء له ومعامل معهم كأمعالهم أو « ما » للمصدر .
(وَقُلْ) محمد ( ص ) وداع (رَبِّ) اللّهم (أَعُوذُ) أمسك (بِكَ) وحدك (مِنْ هَمَزاتِ) وساوس (الشَّياطِينِ) ( 97 ) أهل الدحور والطرد والمراد حملهم ودعاؤهم لمعاص ومساو .
----------
(عما يشركون) عن إشراكهم أو ما يشركون .
(قل رب إما تريني ما يوعدون) من النقمة (رب فلا تجعلني في القوم الظالمين) معهم (وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون) وإنما نمهلهم لمصلحة وحكمة (ادفع بالتي) بالخلة التي (هي أحسن السيئة) وهي الإغضاء عنها والصفح ومقابلتها بإحسان وقيل هي كلمة التوحيد والسيئة الشرك (فنحن أعلم بما يصفون) يصفونك به أو بوصفهم إياك بغير صفتك فيجازيهم به (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين) وساوسهم
ص: 30
(وَأَعُوذُ) أمسك (بِكَ) وحدك (رَبِّ) اللّهمّ (أَنْ يَحْضُرُونِ) ( 98 ) أصلا ، أو حال أداء الأوامر ، أو حال درس كلامك ، أو حال السام ، أو هو وصول سوءهم وعمل أهل العدول وهو ادعاء الولد والمساهم للّه أو السوء لرسوله .
(حَتَّى إِذا جاءَ) ورد (أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) وأحاطه إعلام السام (قالَ) الأحد ودعا لمّا لاح الأمر وسطح سداد الإسلام ح (رَبِّ) اللّهم (ارْجِعُونِ) ( 99 ) ردّوا الدار الأعمال ما وحده إكراما لحراه كالكلام مع الملوك ، أو المراد مرّ أملاك ردّوا ، أو هو عدول كلاما للأملاك ، والأول دعاء للّه أو أراد مكرّر كلامه لروم العود
(لَعَلِّي أَعْمَلُ) عملا (صالِحاً) مأمورا لك (فِيما) محل (تَرَكْتُ) العمل وهو دار الأعمال أو مدلول « ما » الإسلام أو المال (كَلَّا) ردع عما راموه وردّ لكلامهم (إِنَّها) دعاءه الردّ (كَلِمَةٌ) كلام (هُوَ) أحدهم (قائِلُها) لا محال لكمال حسره وسدمه (وَمِنْ وَرائِهِمْ) أمامهم (بَرْزَخٌ) سدّ وسدل رادّ لعودهم (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ( 100 ) دواما سرمدا وما أراد عودهم العصر المحدود .
(فَإِذا نُفِخَ) لعود الأرواح لأعالها الرمام (فِي الصُّورِ) المعهود ، ورووا الصور محرك الواو والصور مكسور الصاد والمراد أرسل الأرواح لصورها
----------
(وأعوذ بك رب أن يحضرون) فيقربوني في حال من الأحوال .
(حتى إذا جاء أحدهم الموت) وعاين ما أعد له من النكال (قال رب ارجعون) إلى الدنيا والجمع للتعظيم (لعلي أعمل صالحا فيما تركت) من الإيمان أي لعلي آتي به وأعمل صالحا فيه (كلا) ردع (إنها) أي مسألة الرجعة (كلمة هو قائلها) وحده لا يجاب إليها (ومن ورائهم) أمامهم (برزخ) حاجز بينهم وبين الرجوع وهو مدة ما بين الموت (إلى يوم يبعثون فإذا نفخ في الصور) نفخة الصعق أو البعث
ص: 31
وأعطالها (فَلا أَنْسابَ) لا أواصر ولا أرحام (بَيْنَهُمْ) لكمال الروع (يَوْمَئِذٍ) حال العود (وَلا يَتَساءَلُونَ) ( 101 ) سؤال ودّ ورحم لمّا كلّ واحد ملهوّ أمر ، وهو حكم عصر وللمعاد أعصار ولكل عصر حكم السؤال وعدم السؤال ، وح لا دراء له مع ما مدلوله السؤال معادا .
(فَمَنْ) كلّ ملأ (ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) أعماله أو طروس أعماله أو مراطل أعماله الصوالح (فَأُولئِكَ) الملأ الصلحاء (هُمُ) وحدهم (الْمُفْلِحُونَ) ( 102 ) سالموا الملام وواصلوا دارالسلام وهم أهل الإسلام .
(وَ) كل (مَنْ) ملاء (خَفَّتْ مَوازِينُهُ) أعماله أو طروس أعماله أو مراطل اعماله الصوالح (فَأُولئِكَ) الملأ الطلاح (الَّذِينَ خَسِرُوا) أحلسوا (أَنْفُسَهُمْ) لا سواها هم (فِي جَهَنَّمَ) دار الملام والآلام (خالِدُونَ) ( 103 ) ركّاد دواما وهم أعداء الإسلام .
(تَلْفَحُ) هو الصّهد الحامر (وُجُوهَهُمُ النَّارُ) ساعور دار الآلام (وَهُمْ) لكمال طلاحهم (فِيها) الساعور (كالِحُونَ) ( 104 ) ملوّح مراهم .
والكلام معهم حّ (أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي) الأعلام والمراد الكلام المرسل (تُتْلى) لدار الأعمال (عَلَيْكُمْ) لصلاحكم وادّكاركم الأوامر والروادع
----------
(فلا أنساب بينهم يومئذ) يتعاطفون بها لدهشتهم بحيث يفر المؤمن من أخيه وأمه وأبيه أو يفتخرون بها (ولا يتساءلون) لا يسأل بعضهم بعضا لشغله بنفسه، ولا ينافيه وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون لاختلاف الموطنين .
(فمن ثقلت موازينه) بالطاعات (فأولئك هم المفلحون) الفائزون بالمراد (ومن خفت موازينه) بالمعاصي (فأولئك الذين خسروا أنفسهم) ضيعوها ولم ينتفعوا بها (في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار) تضربها فتحرقها (وهم فيها كالحون) عابسون (ألم تكن آياتي تتلى عليكم) أي يقال لهم ذلك
ص: 32
(فَكُنْتُمْ بِها) هؤلاء الأعلام (تُكَذِّبُونَ) ( 105 ) ورها وعملوا أو لددا وحسدا .
(قالُوا) حوارا (رَبَّنا) اللّهم (غَلَبَتْ) أوّلا (عَلَيْنا شِقْوَتُنا) الطّلاح المرسوم والسوء المحكوم أو أرادوا هواهم (وَكُنَّا) لما مرّ (قَوْماً ضالِّينَ) ( 106 ) سواء الصراط وهو الإسلام .
(رَبَّنا) اللّهم (أَخْرِجْنا) الحال (مِنْها) الساعور وأرسل لدار الأعمال (فَإِنْ عُدْنا) للعدول وردّ الإسلام (فَإِنَّا ظالِمُونَ) ( 107 ) عمال السوء عمدا وهو أمد كلام أهل الساعورة ولا كلام لهم وراءه إلا العواء أو عدله .
(قالَ) اللّه لهم (اخْسَؤُا) دعوا الكلام دحورا (فِيها) دار الآلام (وَلا تُكَلِّمُونِ) ( 108 ) رأسا أو لدرء الآلام لمّا لا درء لما أصلا .
(إِنَّهُ) الأمر وهو معلّل لأوّل الكلام (كانَ) لدار الأعمال (فَرِيقٌ) رهط (مِنْ عِبادِي) وهم أهل الإسلام أو رهط معهود أهل للإكرام (يَقُولُونَ رَبَّنا) اللّهم (آمَنَّا) لك ولرسول ولأوامرك كلها (فَاغْفِرْ لَنا) الآصار (وَارْحَمْنا وَأَنْتَ) اللّهم لا سواك (خَيْرُ) الملأ (الرَّاحِمِينَ) ( 109 ) أكرمهم وأعمّهم رحما .
(فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ) هؤلاء الصلحاء (سِخْرِيًّا) ملهدا أمرهم وصار أمرهم
----------
(فكنتم بها) بالآيات وهي القرآن (تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا) ملكنا سوء عاقبتنا الذي استوجبناه بسوء عملنا (و كنا قوما ضالين) عن الحق (ربنا أخرجنا منها) من النار (فإن عدنا) في الكفر (فإنا ظالمون) قيل هذا آخر ما يتكلمون به ثم لا يكون لهم إلا زفير وشهيق وعواء .
(قال اخسئوا فيها) انزجروا صاغرين (ولا تكلمون) رأسا أو في رفع العذاب (إنه) أي الشأن (كان فريق من عبادي) هم أهل الصفة أو من الصحابة سلمان وعمار وصهيب وبلال (يقولون ربنا ءامنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخريا) هزؤا
ص: 33
لهوكم (حَتَّى أَنْسَوْكُمْ) لهّاكم أمرهم (ذِكْرِي) وهو أحمد لكم وأصلح ممّا ألهاكم (وَكُنْتُمْ) لدار الأعمال (مِنْهُمْ) هؤلاء الصلحاء (تَضْحَكُونَ) ( 110 ) إلهادا لأمرهم .
(إِنِّي جَزَيْتُهُمُ) أعطوا (الْيَوْمَ) الحال روحا وسرورا ودارالسلام معلّلا (بِما صَبَرُوا) حصرهم وحملهم المكاره (أَنَّهُمْ) ورووه مكسور الأول (هُمُ) وحدهم وهو عماد أورد للحصر (الْفائِزُونَ) ( 111 ) وصال دارالسلام وسلّام .
(قالَ) اللّه أو ملك أمره اللّه لسؤالهم ، ورووه أمرا وهو للملك أو لأحد رؤساء أهل الساعور أو لمالك (كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ) دار الأعمال أو المرامس (عَدَدَ سِنِينَ) ( 112 ) والحاصل كم أعواما حصل حلولكم لها ؟
(قالُوا) حوارا (لَبِثْنا) للمحل المسؤول (يَوْماً) واحدا كاملا (أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) وهموا عصر ركودهم دار الأعمال ماصلا لدهم الملام والمكاره ، أو عدوّه ماصلا لطول عهد المعاد ودوامه ، أو الإعطاء ما مرّ حكم العدم (فَسْئَلِ) ورووه سل مطروح الأوسط (الْعادِّينَ) ( 113 ) الأملاك الكرام الكرام الرسّام أو ملك السام وأرداءه .
(قالَ) لهم ورووه أمرا (إِنْ) ما (لَبِثْتُمْ) للمحل المعهود (إِلَّا) عهدا (قَلِيلًا) أو ركودا ماصلا (لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ) أوّلا (تَعْلَمُونَ) ( 114 ) طول
----------
(حتى أنسوكم ذكري) لاشتغالكم بالاستهزاء بهم (وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم اليوم بما صبروا) على أذاكم (أنهم هم الفائزون) أي جزيتهم فوزهم بمرادهم دون غيرهم (قال) أي الله (كم لبثتم في الأرض) في الدنيا والقبور (عدد سنين) مميز كم (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العادين) المتمكنين من العد (قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون) نسبة لبثكم إلى خلود النار
ص: 34
عهد المعاد ما ألهاكم المعارّ والآصار .
(أَ) أهمل حالكم (فَحَسِبْتُمْ أَنَّما) ما (خَلَقْناكُمْ) إلّا (عَبَثاً) لهوا وعطلا وهو حّ معلّل والمراد اللهو والسهو ، أو حال ، أو هملا لا سرور لأهل الطوع ولا سوء لأهل المعارّ وهو حّ حال (وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا) معادا (لا تُرْجَعُونَ ) ( 115 ) أصلا ورووه معلوما .
(فَتَعالَى اللَّهُ) علا علّوا كاملا (الْمَلِكُ الْحَقُّ) الأهل للملك والملك وحده ( لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا هُوَ) اللّه وحده (رَبُّ الْعَرْشِ) مالك المحدّد (الْكَرِيمِ) ( 116 ) مصدر الكرم .
(وَ) كل (مَنْ يَدْعُ) المراد الطوع (مَعَ اللَّهِ) الواحد الأحد (إِلهاً آخَرَ) سواه (لا بُرْهانَ) لا دالّ (لَهُ) للعدّ (بِهِ) للداع أو المراد عكسه (فَإِنَّما) ما (حِسابُهُ) عدّ أعماله إلّا (عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِ) مولاه وهو معامل معه كأعماله (إِنَّهُ) الأمر (لا يُفْلِحُ) هو السلام والوصول للمرام (الْكافِرُونَ) ( 117 ) أعداء الإسلام .
(وَقُلْ) محمّد ( ص ) وادع (رَبِّ) اللّهم (اغْفِرْ) الآصار والمعارّ (وَارْحَمْ) وأعط الآلاء والمسارّ (وَأَنْتَ) اللّهم (خَيْرُ الرَّاحِمِينَ) ( 118 ) أرحمهم وأكرمهم .
----------
(أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا) عابثين أو لأجل العبث (وأنكم إلينا لا ترجعون) ببناء الفاعل والمفعول (فتعالى الله) عما لا يليق به (الملك الحق) الذي يحق له الملك بالذات (لا إله إلا هو رب العرش الكريم ومن يدع مع الله إلها آخر) يعبده (لا برهان له به) صفة لازمة، إذ لا برهان للباطل (فإنما حسابه عند ربه) فيجازيه بقدر ما يستحقه (إنه) أي الشأن (لا يفلح الكافرون) لا يظفرون بخير (وقل رب اغفر) للمؤمنين (وارحم) وأنعم عليهم (وأنت خير الراحمين) المنعمين لأنك المنعم الحقيقي.
ص: 35
ص: 36
ص: 37
ص: 38
( سورة النور ) موردها مصر رسول اللّه صلعم ، ومحصور مدلولها :
إعلام حدّ العواهر ، والردع عمّا رموا أهل الورع والصلاح ، والولع الأسوأ لعرس رسول اللّه صلعم ، ولوم أهل الولع والمكر ، وإعلاء أحوال أهل الودّ والصلاح ، والردع عما أطاعوا المارد والرحم لمسطح والإعطاء له ، والردع عما ورودا دور الأرهاط مع عدم حكمهم ، والأمر لحرس الأسرار .
والأمر العام لأهل الإسلام للهود ، وإعلاء الأهول وأحكامه ، وكره الإكراه للعهر ، وإعلاء حال المسلم والعادل ، وأحوال أهل الصدود وأعمالهم ، وإعلاء كمال الطول حال إرسال المطر ، وإعلام صروع العالم وطوعه لأمر اللّه ، وإعلام روم الحكم للأولاد أمام الحلم حال ورودهم دور الأرهاط ، والإكرام لأكرم الرسل صلعم ، والهول لأهل الولع والمكر لطرحهم الأمر ، وملك عالم العلو وعالم الحطوط للّه .
ص: 39
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سُورَةٌ) محمول طرح محكومه ، وأصلها سور المصر ، أو سور الماء والهاء للوحود صار اسما لكلام محدود معلم أوّله وحدّه ، ورووه معمولا لمطروح صرّحه (أَنْزَلْناها) كرما (وَفَرَضْناها) أحكم أوامرها وأحكامها (وَأَنْزَلْنا) إرسالا (فِيها آياتٍ) دوالّ واعلاما (بَيِّناتٍ) سواطع أو أحكاما وأوامر سواطع (لَعَلَّكُمْ) أهل العالم (تَذَكَّرُونَ) ( 1 ) طمع ادكاركم .
(الزَّانِيَةُ) أوردها أوّلا لمّا طلاحها وحرصها أكمل (وَالزَّانِي) وهو العهر وهو وطء الحرّ الحرام ، وهما محكوم علاهما طرح محمولهما ، والحاصل حكمهما مدروس علاكم وراء أو محمولهما (فَاجْلِدُوا) ولا مهما ح موصول ،
----------
(24 سورة النور أربع وستون آية مدنية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(سورة) أي هذه سورة أو فيما أوحينا إليك سورة (أنزلناها وفرضناها) فرضنا أحكامها التي فيها (وأنزلنا فيها آيات بينات) ظاهرات الدلالة (لعلكم تذكرون) تتعظون بها .
(الزانية والزاني) مبتدأ وحذف خبره أي فيما أنزلنا حكمهما أو خبره
ص: 40
والأمر للحكّام والمراد سوطوا لمسك سوطا ما وصل ألمه اللحم (كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما) حدّا (مِائَةَ جَلْدَةٍ) هو حكم الحرّ المدرك أهل الحلم المعدم للأهل أوّلا وحالا ، أو الأهل العادل وحكم الأهل المسلم الردس واما (وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما) أو أحدهما (رَأْفَةٌ) رحم كامل رادّ للحكم معطل للحدود ، أو هو لدرء المكروه والرحم لإعطاء المودود ، ورووها مع المدّ (فِي دِينِ اللَّهِ) طوعه أو حكمه (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ) سدادا (بِاللَّهِ) الواحد الأحد (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) الموعود أمدا وهو كلام محرّص داع للودّ الكامل للّه وإرساء أحكامه (وَلْيَشْهَدْ) هو الورود (عَذابَهُما) محل حدّهما (طائِفَةٌ) رهط (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ( 2 ) للّه ورسوله سدادا .
(الزَّانِي) المرء العاهر أورده أوّلا لمّا الكلام لإعلام أحوالهم
(لا يَنْكِحُ) هو الأهول عرسا ما (إِلَّا) عرسا (زانِيَةً أَوْ) عرسا (مُشْرِكَةً) مع اللّه إلها سواه (وَ) العرس (الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها) ورووه ردعا كالأوّل أحد (إِلَّا) مرء (زانٍ) عاهر (أَوْ مرء) مُشْرِكٌ مع اللّه إلها سواه لعدم ودّ أحد إلّا عدّه ومعادله ، أو هو كلام محرّم محدود حكمه مطروح لكلام سواه (وَحُرِّمَ) وحرم
----------
(فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) والفاء لتضمنها معنى الشرط (ولا تأخذكم بهما رأفة) رحمة (في دين الله) في حكمه فتعطلوا حده أو تتسامحوا فيه (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) عن الباقر (عليه السلام) أقلها واحد وقيل اثنان وثلاثة وأربعة (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) أي الذي من شأنه الزنا لا يرغب فيها الصلحاء غالبا وإنما يرغب الإنسان إلى شكله وقدم الزاني لأن الرجل هو الأصل في الرغبة والخطبة ولذا لم يقل والزانية لا تنكح إلا زانيا للمقابلة (وحرم
ص: 41
اللّه (ذلِكَ) العهر أو أهول العواهر لطمع المال للعهر ، أو المراد كره لمّا هو داع للأعمال الطوالح (عَلَى) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 3 ) عمّال صوالح الأعمال ، أو ورد لمّا هم معسرو أهل الإسلام أهول عواهر أعداء الإسلام طمع المال .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ يَرْمُونَ) المراد وصم العهر (الْمُحْصَناتِ) أهل الورع ، ورووا الصاد مكسورا (ثُمَّ) لمّا حوول صحّ كلامهم (لَمْ يَأْتُوا) لصحه وسداده (بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) رأوا عهرها صراحا (فَاجْلِدُوهُمْ) كل واحد (ثَمانِينَ جَلْدَةً) لو صح حرارهم (وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ) للوصّام (شَهادَةً) ما لأمر ما (أَبَداً) دواما سرمدا (وَأُولئِكَ) الوصّام (هُمُ) وحدهم (الْفاسِقُونَ) ( 4 ) الكمّل طلاحا صدد اللّه طرّا .
(إِلَّا) الوصّام (الَّذِينَ تابُوا) عادوا عمّا عملوا سدادا وسدموا (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الوصم (وَأَصْلَحُوا) أحوالهم (فَإِنَّ اللَّهَ) مولاهم (غَفُورٌ)
----------
ذلك) أي صرف الرغبة في الزواني (على المؤمنين) أي نزهوا عنه لأنه تشبه بالصفة وتعرض للتهمة والطعن في النسب وعبر بالتحريم مبالغة في التنزيه وقيل النفي بمعنى النهي والحرمة على ظاهرها .
(والذين يرمون المحصنات) يقذفون العفائف بالزنا وكذا الرجال إجماعا وتخصيصهن لخصوص الواقعة (ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) ويستوي فيه الحر والمملوك عند أكثر الأصحاب (ولا تقبلوا لهم شهادة) في شيء قبل الجلد (أبدا) وبعده ما لم يتب وقال أبو حنيفة إلى موته (وأولئك هم الفاسقون) بفعل الكبيرة (إلا الذين تابوا من بعد ذلك) عن القذف بأن يكذبوا أنفسهم والاستثناء من الجملتين وقيل من الأخيرة (وأصلحوا) عملهم (فإن الله غفور) لهم (رحيم) بهم .
ص: 42
لآصارهم ومعارّهم (رَحِيمٌ) ( 5 ) معط لهم آلاء .
(وَ) الوصّام (الَّذِينَ يَرْمُونَ) المراد وصم العهر (أَزْواجَهُمْ) أعراسهم (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ) للوصّام لسداد كلامهم (شُهَداءُ) رأوا عهرها صراحا (إِلَّا أَنْفُسُهُمْ) وحدها (فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ) لما ادّعاه (أَرْبَعُ شَهاداتٍ) مرار (بِاللَّهِ) الملك الكامل طولا (إِنَّهُ لَمِنَ) الملأ (الصَّادِقِينَ) ( 6 ) كلاما وادعاء عهر .
(وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ) طرده وارد (عَلَيْهِ) الواصم لعرسه (إِنْ كانَ) الواصم (مِنَ) الملأ (الْكاذِبِينَ) ( 7 ) كلاما وادعاء ، وحكمه درء الحدّ وصعصاع الحاكم وسطهما .
(وَيَدْرَؤُا) الدرء الدسع والردّ (عَنْهَا) العرس (الْعَذابَ) الحصر والإصر والإمساك ، أو الردس أراد حدّ عهر ادّعاه الآهل وما رآه أحد سواه (أَنْ تَشْهَدَ) كلامها (أَرْبَعَ شَهاداتٍ) مرار (بِاللَّهِ) الملك العلّام (إِنَّهُ) الأهل (لَمِنَ) الملأ (الْكاذِبِينَ) ( 8 ) كلاما وادعاء .
(وَالْخامِسَةَ) ورووه محكوما محموله (أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ) حرده وارد
----------
(والذين يرمون أزواجهم) بالزنا (ولم يكن لهم شهداء) عليه (إلا أنفسهم فشهادة أحدهم) حذف خبره أي يقوم مقام الشهداء أو خبر محذوف أي فالواجب شهادة أحدهم (أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين) فيما رماها به من الزنا (والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين) في ذلك فإذا فعل الرجل ذلك سقط عنه الحد وحرمت عليه مؤبدا وثبت حد الزنا على المرأة (ويدرأ) يدفع (عنها العذاب) أي الجلد (أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين) فيما رماها به (والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من
ص: 43
(عَلَيْها) العرس (إِنْ كانَ) الآهل (مِنَ) الملأ (الصَّادِقِينَ) ( 9 ) كلاما وادعاء .
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ) وكرمه وارد (عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) أهل الإسلام عموما (وَأَنَّ اللَّهَ) مولاكم (تَوَّابٌ) سمّاع للهود (حَكِيمٌ) ( 10 ) مراع للحكم والمصالح ، وحوار « لولا » مطروح وهو لدحركم وطرّ سدلكم أو لأهلككم مسرعا .
(إِنَّ) الرهط (الَّذِينَ جاؤُ) وردوا صددكم (بِالْإِفْكِ) أسوأ الولع ، وهو ادّعاءهم ولعا عهر عرس رسول اللّه صلعم .
لمّا عاد الرسول لمصره وأمّه وأمر الرحل سمرا وطرء عرسه السلاح ، وحال إكمال الأمر المسطور ، وعمدها العود لرحلها اصّدّع كرمها ، وحال عودها لروم الكرم ، وحملوا رحلها ووهموها وسطه ، وساروا أمام إحساسها الكرم ، وعودها للرحل وحال ركودها وحدها للمحل المعهود طراءها كراها ، وعرّس ولد المعطّل وراء العسكر ، وأراح ورحل وسار ، ولمّا وصل محطّ العسكر وأحس سواد ولد آدم حال كراه وعلمها لمّا رآها مكرّر أمام أمر السدل ، وكلّم كلام مرء وصله مكروه ، وراح كراها حال سماعها كلامه المسطور ، وحال علوّها مرعرعه مع كمال الماء مكسوّها وورعها كما هو حالها دواما ، سار ولد المعطل أمام المرعرع ، ووصلا العسكر وهم أوعروا مع كمال الحرّ وهلك الهلّاك ،
----------
الصادقين) في ذلك واختير الغضب هنا تغليظا عليها لأنها أصل الفجور (ولو لا فضل الله عليكم ورحمته) بالإمهال والستر (وأن الله تواب) يقبل التوبة (حكيم) فيما يحكم به وحذف جواب لو لا أي لعاجلكم بالعقوبة وفضحكم (إن الذين جاءوا بالإفك) بالكذب العظيم (عصبة) جماعة (منكم لا
ص: 44
ورأسهم ولد ولد سلول رواه محمد ومسلم (عُصْبَةٌ) رهط (مِنْكُمْ) أهل الإسلام وهم مسطح وولد ولد سلول وسواهما (لا تَحْسَبُوهُ) أسوأ الولع أهل الإسلام إلّا الرهط المسطور (شَرًّا) سوء (لَكُمْ) معادا (بَلْ هُوَ) أسوأ الولع (خَيْرٌ) محصّل للعدل (لَكُمْ) معادا (لِكُلِّ امْرِئٍ) لكل واحد (مِنْهُمْ) هؤلاء الرهط والمراد علاه درك (مَا اكْتَسَبَ) عمل وحصل (مِنَ الْإِثْمِ) العمل المحرم والحاصل درك عمله لهاء عمله (وَ) ولد ولد سلول (الَّذِي تَوَلَّى) صار حاملا (كِبْرَهُ) أسوأه وسطّره وسمّعه (مِنْهُمْ) هؤلاء الرهط أعدّ (لَهُ) لحامل الأسوأ (عَذابٌ عَظِيمٌ) ( 11 ) صعد حالا الحدّ ومآلا دار الساعور .
(لَوْ لا) هلّا (إِذْ) لمّا (سَمِعْتُمُوهُ) أسوأ الولع (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ) كلهم (وَالْمُؤْمِناتُ) طرّا والمراد آحادهم (بِأَنْفُسِهِمْ) معا والمراد آحادهم
----------
تحسبوه) أي الإفك (شر لكم بل هو خير لكم) لأن الله يثبكم عليه (لكل امرىء منهم ما اكتسب من الإثم) جزاء ما اكتسب منه بقدر ما خاض فيه (والذي تولى كبره) تحمل معظمه (منهم) من الآفكين (له عذاب عظيم) في الآخرة أو في الدنيا بجلدهم نزلت في مارية القبطية وما رمتها به عائشة من أنها حملت بإبراهيم من جريح القبطي وقيل في عائشة وكان النبي صلی الله علیه واله استصحبها في غزة المصطلق وفي ققوله اذن ليلة بالرحيل، فمشت لحاجة ثم عادت إلى الرّحل فإذا عقدها انقطع فرجعت تلتمسه فحملوا هودجها يحسبونها فيه فعادت بعد ما ساروا فجلست كي يرجع اليها أحد، وكان صفوان قد عرّس من وراء الجيش فأدنج فأصبح عندها فعرفها فأناخ راحلته فركبتها فقادها حتى اتى الجيش (لو لا) هلا (إذ) حين (سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم) ظن بعضهم ببعض
ص: 45
(خَيْراً) صلاحا وورعا أوردها لما أهل الإسلام كلهم كواحد (وَقالُوا) حّ (هذا) الكلام (إِفْكٌ) ولع سوء (مُبِينٌ) ( 12 ) معلوم أول الأمر كما كلّم عمر وعدلاه لرسول اللّه صلعم ، وحكموا أول الأمر هو ولع حسما ، وأوردوا اعلاما سواطع للولع المسطور لمّا سلّوه صلعم .
(لَوْ لا) هلّا (جاؤُ) هؤلاء الرهط (عَلَيْهِ) لصحّ كلامهم (بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) رأوه صراحا (فَإِذْ) لمّا (لَمْ يَأْتُوا) هؤلاء الرهط (بِالشُّهَداءِ) المعلوم عددهم وحالهم (فَأُولئِكَ) الرهط الطّلاح (عِنْدَ اللَّهِ) وحكمه (هُمُ) وحدهم وهم عماد أورد للحصر (الْكاذِبُونَ) ( 13 ) كلاما وادعاء الكمّل ؟ ؟ ؟ لمّا رموا حرم رسولهم ولعا أسوأ .
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ) وكرمه وارد (عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (وَرَحْمَتُهُ) وآلاه (فِي) الدار (الدُّنْيا) وهو الإمهال حالا للهود وما سواه (وَ) الدّار (الْآخِرَةِ) وهو محو المعارّ معادا لإسلامكم . وهودكم (لَمَسَّكُمْ) وصلكم وأحاطكم (فِيما) لعمل (أَفَضْتُمْ) هو الورود مسرعا (فِيهِ) العمل (عَذابٌ
----------
(خيرا) وعدل عن الخطاب إلى الغيبة مبالغة في التوبيخ وإيذانا باقتضاء الإيمان ظن الخير بالمؤمنين ورد الطعن عنهم كرده عن أنفسهم وفصل لو لا عن فعله بالظرف اتساعا تنزيلا له منزلته لأهميته لوجوب ظن الخير أول ما سمعوا (وقالوا هذا إفك مبين) كذب بين (لو لا) هلا (جاءوا) أي العصبة (عليه بأربعة شهداء) شاهدوه (فإذ) فحين (لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله) في حكمه (هم الكاذبون) انتهى المقول .
(ولو لا) امتناعية (فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة) أي فضله عليكم في الدنيا (لمسكم) عاجلا أو في الآخرة (فيما أفضتم) خضتم (فيه
ص: 46
عَظِيمٌ ) ( 14 ) عسر وعر .
(إِذْ) لمّا وهو معمول ل « مسكم » ، أو ل « ما » هو وال له (تَلَقَّوْنَهُ) هو العطو دورا والمراد سؤال أحد أحدا عما هو الولع المسطور (بِأَلْسِنَتِكُمْ) ومساحلكم (وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ) مساحلكم (ما) كلاما (لَيْسَ لَكُمْ) أهل الإسلام (بِهِ) صحّه (عِلْمٌ) ما (وَتَحْسَبُونَهُ) كلامكم المسطور (هَيِّناً) سهلا لا إصر معه (وَ) الحال (هُوَ) أوسه أو دركه (عِنْدَ اللَّهِ) وحكمه إصر (عَظِيمٌ) ( 15 ) أو حدّ كامل عسر لمّا هو مكروه رسول اللّه ووصم أهل الطهر .
(وَلَوْ لا) هلا (إِذْ) لمّا (سَمِعْتُمُوهُ) وأراد أوّل سماعكم له (قُلْتُمْ) ح (ما يَكُونُ) صحاحا ولا حلالا (لَنا) أهل الإسلام (أَنْ نَتَكَلَّمَ) الكلام (بِهذا) الكلام المسطر (سُبْحانَكَ) المراد الهكر أو طهر حراك عمّا رموا حرم رسولك ، وهو مصدر طرح عامله ، ومحال عهور أعراس الرسل كلهم لا عدولها وإلحادها كعرس لوط وأطول الرسل عمرا ، لمّا هو وصم وعار صدد الكل طارد لطوع الرهط لا العدول ، والكلام مؤكد لأمامه وممهّد لما هو وراءه وهو (هذا) الكلام (بُهْتانٌ) ولع مدلّه للسامع (عَظِيمٌ) ( 16 ) كامل لكمال
----------
عذاب عظيم إذ) ظرف لمسكم أو أفضتم (تلقونه) بحذف إحدى التاءين (بألسنتكم) أي بأخذه بعضكم من بعض بالسؤال عنه (وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم) أي قولا لا وجود له إلا بالعبارة ولا حقيقة لموارده في الواقع (وتحسبونه هينا) لا إثم فيه (وهو عند الله عظيم) في الإثم .
(ولو لا إذ سمعتموه قلتم ما يكون) ما يحل (لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم) تعجب ممن يقوله أو تنزيه له تعالى من أن تكون زوجة نبيه
ص: 47
مورده وطهر حراها .
(يَعِظُكُمُ اللَّهُ) المراد الردع (أَنْ تَعُودُوا) أو كره عودكم (لِمِثْلِهِ) لولع معادل له (أَبَداً) حصرا ما والمراد ما دام حسّكم وحراككم وادراككم (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الإسلام (مُؤْمِنِينَ) ( 17 ) للّه ولأوامره سدادا لمّا لا وئام له مع الإسلام .
(وَيُبَيِّنُ اللَّهُ) هو الإعلام والمراد الإرسال (لَكُمُ الْآياتِ) الدول والأعلام أو الأوامر والأحكام لادّكاركم (وَاللَّهُ) العلّام (عَلِيمٌ) عالم مصالحكم وأحوالكم كلها (حَكِيمٌ) ( 18 ) مراع لها حام لرسله طارد ما لا حراء لحالهم .
(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يُحِبُّونَ) المراد الرود والروم (أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ) سطوع العهر ودوره وسط العالم (فِي) الرهط (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا ، أعدّ (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم (فِي) الدار (الدُّنْيا) وهو الحدّ لما رموا الطاهر ، وحدّ الرسول ولد ولد سلول ومسطحا أو واحدا سواهما للولع المسطور ، (وَ) الدار (الْآخِرَةِ) وهو ورود الساعور لمّا عصوا اللّه (وَاللَّهُ يَعْلَمُ) أصول الأمور وأسرار الصدور (وَأَنْتُمْ) أهل الإسلام (لا
----------
فاجرة إذ فجورها منفر عنه بخلاف كفرها (يعظكم الله) ينهاكم أو يحرم عليكم (أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين) تقبلون الوعظ (ويبين الله لكم الآيات) الدالة على حكمته فيما شرع لعباده (والله عليم) بأحوالهم (حكيم) في تدبيره لهم .
(إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة) تفشوا (في الذين ءامنوا) بأن ينسبوها إليهم (لهم عذاب أليم في الدنيا) بالحد للقذف (والآخرة) في النار (والله
ص: 48
تَعْلَمُونَ) ( 19 ) لودسها وعدم سطوعها لكم .
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ) كرمه وارد (عَلَيْكُمْ) رهط الوصّام (وَرَحْمَتُهُ) وآلاه (وَأَنَّ اللَّهَ) مولاكم (رَؤُفٌ) كامل رحمه لمّا أعلم طهر أهل الورع (رَحِيمٌ) ( 20 ) واسع رحمه لمّا سمع هود الواصم وحوار « لولا » مطروح كالأول ولسحّ علاكم الألم سحّا وكرّر ادكار الإكرام مع طرح الحوار لإطراء إعلام الإكرام ولإكراء الوصم والطرد لهم .
( يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (لا تَتَّبِعُوا) دعو سلوك (خُطُواتِ) صرط (الشَّيْطانِ) المدحور وطوع وساوسه ، والمراد سماع أسوأ الولع وكلامه (وَ) كل (مَنْ يَتَّبِعْ) هو السلوك (خُطُواتِ) صرط (الشَّيْطانِ) الوسواس لا صراط الإسلام (فَإِنَّهُ) الوسواس المارد (يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) السوءاء الكامل سوءها (وَ) الأمر (الْمُنْكَرِ) المردود سوسا أو أمرا (وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ) كرمه ورحمه وارد (عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام والمراد ولولا إعلامه لكم الهود الممحّص (وَرَحْمَتُهُ ما زَكى) لما طهر
----------
يعلم) ما في القلوب فيعاقب على حب الإشاعة (وأنتم لا تعلمون) فعاقبوا على ما يظهر لكم (ولو لا فضل الله عليكم ورحمته) تكرير للمنة بترك المعاجلة بالعقاب مع المبالغة فيها بقوله (وأن الله رءوف رحيم) وحذف الجواب اكتفاء بذكره سابقا .
(يا أيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان) أثره وتسويله بإشاعة الفاحشة (ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه) أي المتبع والشيطان بتقدير عائد (يأمر بالفحشاء) أقبح القبيح (والمنكر) شرعا أو عقلا (ولو لا فضل الله عليكم ورحمته) بتوفيقكم لما تصيرون به أذكياء (ما زكى منكم من أحد أبدا)
ص: 49
(مِنْكُمْ) أهل الإسلام (مَنْ) مؤكد (أَحَدٍ أَبَداً) أصلا ولو أمد الدهر مما طره ، وهو دسم أسوأ الولع (وَلكِنَّ اللَّهَ) أرحم الرحماء (يُزَكِّي) كرما كل (مَنْ يَشاءُ) طهره وهو كل أحد هداه للهود الممحص (وَاللَّهُ سَمِيعٌ) لكلامهم (عَلِيمٌ) ( 21 ) عالم أسرارهم .
(وَلا يَأْتَلِ) هو الحلط والعهد أو الألو وهو حصر العمل وكسه (أُولُوا الْفَضْلِ) والكرم (مِنْكُمْ) أهل الإسلام معادا (وَ) أولو (السَّعَةِ) والمال حالا والمراد أوّل أسراء أهل الإسلام ورهط معه (أَنْ) لا (يُؤْتُوا) مالا ، لا مطروح لو المراد وإلّا لا ، (أُولِي الْقُرْبى) أهل الأرحام والمراد مسطح المعسر الراحل للّه واحمّاء الرهط المعهود (وَالْمَساكِينَ) أهل العسر وعدم المال (وَالْمُهاجِرِينَ) طرّاح رحالهم ومحالهم (فِي) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) صراط أمره وحكمه (وَلْيَعْفُوا) أولو الكرم عما عمل احمّاءهم (وَلْيَصْفَحُوا) عمّا عملوا وهو وصمهم حرم الرسول صلعم ولعا (أَ لا تُحِبُّونَ) أهل الكرام والوسع (أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ) أرحم الرحماء (لَكُمْ) آصاركم ومعارّكم حال رحمكم احمّاءكم وحلمكم عملهم المكروه (وَاللَّهُ غَفُورٌ) آصار أهل الإصر مع كمال طوله (رَحِيمٌ) ( 22 ) واسع الرحم .
----------
ما طهر من دنس الذنوب (ولكن الله يزكي) يطهر بلطفه (من يشاء) ممن يعلمه أهلا للطفه (والله سميع) لأقوالكم (عليم) بأحوالكم ومن يصلح للطفه .
(ولا يأتل) ولا يحلف من الألية أو لا يقصر من الألو (أولو الفضل منكم) أهل الغنى (والسعة) في المال (أن يؤتوا) أو في أن يؤتوا (أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا) عنهم (ألا تحبون أن يغفر الله لكم) على عفوكم وصفحكم عمن أساء إليكم (والله غفور رحيم)
ص: 50
ولمّا أسمعهم رسول اللّه صلعم ما أرسل اللّه ردّوا لأهل أرحامهم ما أمسكوا وأمرّوا أطماعهم .
(إِنَّ) الرهط (الَّذِينَ يَرْمُونَ) المراد وصم العهر (الْمُحْصَناتِ) أهل الورع (الْغافِلاتِ) عما رموها (الْمُؤْمِناتِ) للّه ورسوله سدادا (لُعِنُوا) طردوا ودحروا (فِي) الدار (الدُّنْيا) سحّا للحدّ (وَ) الدار (الْآخِرَةِ) وأوصلوا الساعور والمراد لو هلكوا وما هادوا سدادا ، أو هو حكم مسموم لرهط رموا أعراس رسول اللّه صلعم ، وورد لا هود لهم (وَ) حصل (لَهُمْ) معادا (عَذابٌ) درك وألم (عَظِيمٌ) ( 23 ) صعد عسر .
(يَوْمَ) عامله لهم لما هو سادّ مسدّ عامله المطروح (تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ) طرّا (أَلْسِنَتُهُمْ) ومساحلهم (وَأَيْدِيهِمْ) عموما (وَأَرْجُلُهُمْ) وحواملهم (بِما) عمل كلام ، أو عطو ومس ، أو مرور ورود ورواح وعود (كانُوا) الحال (يَعْمَلُونَ) ( 24 ) والمراد عصر المعاد .
(يَوْمَئِذٍ) حال حصول ما مرّ (يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ) العدل هو الأداء كملا (دِينَهُمُ) أوس أعمالهم (الْحَقَّ) الحراء الأهل لهم ولأعمالهم (وَيَعْلَمُونَ) ح (أَنَّ اللَّهَ هُوَ) وحده (الْحَقَّ) وما سواه هالك وممحوّ ودارس
----------
للمؤمنين .
(إن الذين يرمون المحصنات) العفائف (الغافلات) عن الفواحش (المؤمنات) بالله ورسوله (لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم) وعيد عام لكل قاذف ما لم يتب (يوم تشهد) بالتاء والياء (عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) بها وبغيرها (يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق) جزاءهم المستحق (ويعلمون) ضرورة (أن الله هو الحق المبين) الثابت
ص: 51
(الْمُبِينُ) ( 25 ) المعلوم أول الأمر لحصول العلم الكامل حّ ومحو الأوهام كلها .
الأعراس أو الكلم (الْخَبِيثاتُ) الطوالح (لِلْخَبِيثِينَ) لطلّاح أولاد آدم (وَالْخَبِيثُونَ) دعّار أولاد آدم (لِلْخَبِيثاتِ) للأعراس أو الكلم الطوالح (وَ) الأعراس أو الكلم (الطَّيِّباتُ) الطواهر (لِلطَّيِّبِينَ) أطهار أولاد آدم (وَ) أولاد آدم (الطَّيِّبُونَ) الأطهار (لِلطَّيِّباتِ) للأعراس أو الكلم الطواهر ، والمراد الطالح أهل للطالح والطاهر أهل للطاهر ، والكلام معلل لمدلول (أُولئِكَ) الأطهار كولد المعطل والطواهر كحرم رسول اللّه صلعم ، أو الرسول وولد المعطل وحرم رسول اللّه ، أو أهل الرسول كلّهم (مُبَرَّؤُنَ) طاهر حراهم (مِمَّا) كلام سوء طالح هراء (يَقُولُونَ) الطّلاح الوصّام ، أعدّ (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) محو آصار ومعارّ (وَرِزْقٌ) أكل (كَرِيمٌ) ( 26 ) راه مدام لدار السلام وما سواه .
(يا أَيُّهَا) الرهط (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله سدادا (لا تَدْخُلُوا) أصلا (بُيُوتاً) محالا ورحالا (غَيْرَ بُيُوتِكُمْ) حلولا أو ركودا (حتى تستأنسوا ) هو روم الحكم أو العلم ، وموردها ورود عرس ردء لرسول
----------
الإلهية أو العادل الظاهر العدل (الخبيثات) من الكلمات (للخبيثين) من الناس من الرجال والنساء (والخبيثون) من الناس (للخبيثات) من الكلمات (والطيبات) منها (للطيبين) منهم (والطيبون) منهم (للطيبات) منها (أولئك) أي الطيبون (مبرءون مما يقولون) أي أهل الإفك أو الخبيثون أي مبرءون أن يقولوا كقولهم (لهم) أي الطيبين (مغفرة ورزق كريم) في الجنة وقيل الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال وكذا الطيبات للطيبين .
(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا) تستأذنوا
ص: 52
اللّه صلعم صدده ، واعلامها حالها وهو ركودها رحلها مع حسر رأسها أو سواه ، وكرهها احساس أحد لها ح ، ولو والدا أو ولدا ، وورود أهلها مع الحال المسطور علاها (وَتُسَلِّمُوا) وهو كلام أحدكم : السلام علاكم أأرد ؟ وكلّم مرارا لو حكم ورد وإلّا عاد كما ورد (عَلى أَهْلِها) أهل الرحال وحلّالها (ذلِكُمْ) روم الحكم أو العلم والسلام (خَيْرٌ) أصلح وأعود (لَكُمْ) ممّا هو معاودكم وهو الدمور والمراد الورود دهما ودروءا وأمر لكم ما مرّ (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( 27 ) طمع ادّكاركم وعملكم ما هو أصلح لكم .
(فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا) أهل الإسلام علما (فِيها) هؤلاء المحالّ حال رومكم الحكم وسلامكم (أَحَداً) محاورا لكم (فَلا تَدْخُلُوها) هؤلاء المحالّ أصلا (حَتَّى يُؤْذَنَ) هو الحكم (لَكُمْ) والمراد إلّا حال حكم أهلها لكم (وَإِنْ قِيلَ) أمر (لَكُمْ) حال سؤال الحكم والسلام (ارْجِعُوا) عودوا (فَارْجِعُوا) عودوا ودعوا الإلحاح ودكّ الواسط والكلام وسواها (هُوَ) العود معاده مصدر العامل المسطور المورد حكما وأمرا (أَزْكى) أطهر (لَكُمْ) طرّا مما سواه وأعود لسلام صدوركم الوسواس وعدم ورودكم موارد الأوهام (وَاللَّهُ) الملك العدل (بِما) كل عمل ورود مع الحكم وسواه (تَعْمَلُونَ )
----------
(وتسلموا على أهلها) فيقول الواحد السلام عليكم أأدخل ثلاثا فإن أذن له دخل وإلا رجع (ذلكم) أي الاستئذان (خير لكم) من الدخول فجأة وبتحية الجاهلية (لعلكم تذكرون) أي أنزل عليكم هذا إرادة أن تتعظوا وتعملوا به (فإن لم تجدوا فيها أحدا) يأذن لكم (فلا تدخلوها حتى يؤذن) أي تجدوا من يأذن (لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو) الرجوع (أزكى) أطهر (لكم) من الإلحاح والوقوف على الباب وأنفع لكم دينا أو دنيا (والله بما تعملون عليم) لا
ص: 53
ولو سرّا (عَلِيمٌ) ( 28 ) ومعامل معكم كأعمالكم .
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (جُناحٌ) إصر ودرك (أَنْ تَدْخُلُوا) حال ورودكم (بُيُوتاً) محال ودورا (غَيْرَ مَسْكُونَةٍ) لكم ولسواكم وما أسّسوا إلا لحلول الرّحال الروّاد أو للدرس وما سواه (فِيها) هؤلاء الدور ورودها (مَتاعٌ) صلاح (لَكُمْ وَاللَّهُ) إلهكم (يَعْلَمُ) دواما كل (ما تُبْدُونَ) ما هو عملكم ملاء (وَ) كل (ما تَكْتُمُونَ ) ( 29 ) وما هو عملكم هواء وسرّا حال رحلكم وحلولكم ، والكلام مهدّد لكل أحد أراد الطلاح حال الورود .
(قُلْ) محمّد ( ص ) (لِلْمُؤْمِنِينَ) لأهل الإسلام سدادا (يَغُضُّوا) هو الحط والرعو (مِنْ أَبْصارِهِمْ) حواسهم عمّا حرّم اللّه كأسر المحارم وما سواها لا ما حلّل كرأسها وصدرها (وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) أسرارهم عما حرّم اللّه ، وهو العهر واللوط (ذلِكَ) المسطور وهو حطّ الحواس وحرس الأسرار (أَزْكى) أطهر (لَهُمْ) عمّا سواه (إِنَّ اللَّهَ) مولاكم (خَبِيرٌ) عالم (بِما) كل عمل (يَصْنَعُونَ) ( 30 ) هو العمل ، والحاصل هو عالم ألس الحواس وإسرار
----------
يخفى عليه شيء فيجازيكم .
(ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة) كالربط والحوانيت أي بغير استئذان (فيها متاع) استمتاع (لكم) كاستكنان ومعاملة (والله يعلم ما تبدون وما تكتمون) في دخولكم من إفساد وغيره (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) أي شيئا منها وهو ما يكون إلى محرم (ويحفظوا فروجهم) عمن لا يحل لهم، وعن الصادق (عليه السلام) حفظها هنا خاصة سترها (ذلك أزكى) أطهر وأنفع لهم لما فيه من نفي التهمة (إن الله خبير بما يصنعون) بأبصارهم وفروجهم وجميع جوارحهم فليحذروه في كل حال .
ص: 54
الصدور وهو مروّح ومروّع .
(وَقُلْ) محمد ( ص ) (لِلْمُؤْمِناتِ) سدادا (يَغْضُضْنَ) هو الحطّ والرعو (مِنْ أَبْصارِهِنَّ) حواسها عما حرم اللّه إحساسه (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) أحراحها وأسرارها عمّا حرم اللّه كالعهر (وَلا يُبْدِينَ) هو الإعلاء (زِينَتَهُنَّ) عموما (إِلَّا ما) لهاء (ظَهَرَ) سطع ولاح (مِنْها) كالكحل والسوار وما سواهما ممّا عوود إعلاءه ، وئاما لحكم اللّه ورسوله (وَلْيَضْرِبْنَ) هو الإسدال والإرسال (بِخُمُرِهِنَّ) مدارعها (عَلى جُيُوبِهِنَّ) المراد حرس رءوسها وصدورها وما سواهما ، ورووه مكسور الأول (وَلا يُبْدِينَ) هو الإعلاء (زِينَتَهُنَّ) محل مهاههما وملحها الوادس كالصدر والرأس ، كرّره مؤكدا لإعلام ما حلّ له الإعلاء وما حرم له (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) لأهّالها (أَوْ آبائِهِنَّ) ولّادها وولّاد ولادها (أَوْ آباءِ) ولّاد (بُعُولَتِهِنَّ) أهالها لمّا صاروا محارم لها (أَوْ أَبْنائِهِنَّ) أولادها وأولاد أولادها (أَوْ أَبْناءِ) أولاد (بُعُولَتِهِنَّ) لمّا صاروا محارم لها (أَوْ إِخْوانِهِنَّ) لوالد وأمّ معا أو لأحدهما (أَوْ بَنِي) أولاد (إِخْوانِهِنَّ) لهما أو لأحدهما (أَوْ بَنِي) أولاد (أَخَواتِهِنَّ) لوالد وأمّ أو
----------
(وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) عمن لا يحل لهن نظرة (ويحفظن فروجهن) عمن لا يحل لهن (ولا يبدين زينتهن) كالحلي والثياب والأصباغ فضلا عن مواقعها لمن يحرم إبداؤها له (إلا ما ظهر منها) كالثياب والمراد بالزينة مواقعها والمستثنى الوجه والكفان وهو المروي (و ليضربن بخمرهن على جيوبهن) لستر نحورهن وصدورهن (ولا يبدين زينتهن) الخفية كرر تأكيدا وللاستثناء من محل الإبداء له بقوله (إلا لبعولتهن أو ءابائهن أو ءاباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن) نسبأ
ص: 55
لأحدهما (أَوْ نِسائِهِنَّ) المراد أهل الحرار لا الإماء ، أو المراد أعراس أهل الإسلام لوحود طوعها لا أعراس أهل العدول (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) الإماء ، أو عامّ لكل مرء مملوك وكهداء (أَوِ التَّابِعِينَ) الطوع (غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) أهل الوطر مع الأعراس (مِنَ الرِّجالِ) وهو حال ، والمراد العدّاس لطمع الطعام اللاؤا لا وطر لهم للأعراس لمّا هم حصراء ، أو أهرام صلحاء ، أو وره (أَوِ الطِّفْلِ) المراد أو الأولاد الحساكل ووحّده لمّا هو مصدر أصلا (الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا) ما اطّلعوا (عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) للمساس أو ما اسطاعوا مساسها لعدم وصوله حدّ الحلم (وَلا يَضْرِبْنَ) الرمكاء والمراد الوطء مع الصدم (بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ) أمل علم السامع (ما يُخْفِينَ) هو الإسرار (مِنْ زِينَتِهِنَّ) حلاها واسماع حمسها كحسرها للإحساس ، ولما مرّ سموا حمسها وسواسا (وَتُوبُوا) عودوا (إِلَى اللَّهِ) مولاكم (جَمِيعاً) معا (أَيُّهَا) الملأ
----------
ورضاعا لاحتياجهن إلى مخالطتهم ولبعدهم عن وقوع الفتنة لنفرة الطباع عن مماسة القرائب ويعم الآباء من علا والأبناء من سفل ولم يذكر الأعمام والأخوال لأنهم في معنى الآباء أو الإخوان (أو نسائهن) أي المسلمات فلا يتجردن للكافرات وقيل كل النساء (أو ما ملكت أيمانهن) قيل يعم العبيد والإماء ويعضده بعض الأخبار والمشهور اختصاصه بالإماء وهو الأحوط (أو التابعين) الناس لفضل طعامهم (غير أولي الإربة) الحاجة إلى النساء (من الرجال) وهم البله الذين لا يعرفون أمورهن وقيل الشيوخ الصلحاء (أو الطفل) جنس أريد به الجمع أي الأطفال (الذين لم يظهروا) لم يطلعوا (على عورات النساء) أي لم يعرفوها لعدم شهوتهم (ولا يضربن بأرجلهم ليعلم ما يخفين من زينتهن) ليقعقع خلخالها ليعلم أنها ذات خلخال (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون)
ص: 56
(الْمُؤْمِنُونَ) للّه ولرسوله سدادا (لَعَلَّكُمْ) ح (تُفْلِحُونَ) ( 31 ) والحاصل واطمعوا السلام وحصول المرام حالا ومآلا .
(وَأَنْكِحُوا) أهلّوا واملكوا (الْأَيامى) اللاؤا لا أعراس لهم أو اللّواء لا أهّال لها ، وهو عام للأحوار وأهل الحرار (مِنْكُمْ) أهل الإسلام (وَ) أهلّوا (الصَّالِحِينَ) أهل الصلاح أوردوا لمّا أمرهم أهمّ مما عداهم ، أو المراد رهط صلحوا للأهول أو أهل الإسلام (مِنْ عِبادِكُمْ) والمراد الولداء (وَإِمائِكُمْ) طرّا (إِنْ يَكُونُوا) الأحرار أو هم والولداء معا (فُقَراءَ) لا مال لهم ولا ملك أو لهم مال ماصل (يُغْنِهِمُ اللَّهُ) مالك الكلّ حال الأهول ، كما ورد ما مدلوله حصلوا الأكل مع الأهول (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه (وَاللَّهُ واسِعٌ) رحمه وكرمه لا عسر ولا روع عدم له حال حول الكل ملاء ، أو موسع عطاء كل أحد أراد (عَلِيمٌ) ( 32 ) عالم أحوال العالم موسّع وحاصر لكل أحد أراد وسعه وحصر كما واءم الحكم والمصالح .
(وَلْيَسْتَعْفِفِ) المراد كمال روم الورع والصلاح عما حرّم اللّه وهو العهر
----------
من تقصير لا يكاد أحدكم يخلو منه أو مما فعلتموه في الجاهلية (لعلكم تفلحون) تسعدون في الدارين .
(وأنكحوا الأيامى منكم) مقلوب أيائم جمع أيم وهو العزب ذكرا كان أو أنثى بكرا أو ثيبا أمر للأولياء بتزويج الأيامى الحرائر الأحرار بعضهم من بعض وللسادة بتزويج عبيدهم وإمائهم بقوله (والصالحين من عبادكم وإمائكم) وتذكير الصالحين للتغليب وتخصيصهم لأهمية الاهتمام بهم وتحصين دينهم (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) والفقر لا يمنع من النكاح فإن فضله يغني عن المال (والله واسع) إفضاله (عليم) بما تقتضيه الحكمة من بسط الرزق
ص: 57
واللوط أهل العسر (الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً) ألو أهول ، والمراد المهر والأكل (حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ) أرحم الرحماء (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه (وَ) الملأ (الَّذِينَ) محكوم أو معمول لعامل مطروح صرّحه الأمر الوارد وراءه (يَبْتَغُونَ) هو الرّوم (الْكِتابَ) الحرار أوس أداء المال حالا أو لا معا أو مصعصعا لعموم الأمر (مِمَّا) إماء وسواها (مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) والمراد ممّا هو ملككم (فَكاتِبُوهُمْ) حرّروهم أوس المال ، وهو محمول للموصول أو مصرح لعامله المطروح والأمر لكمال الحلّ (إِنْ عَلِمْتُمْ) رهط الملّاك (فِيهِمْ) هؤلاء الروّام (خَيْراً) ألوّ كدّ أو صلاحا أو مالا أو سدادا (وَآتُوهُمْ) أعطوهم سهمهم وأمدّوهم (مِنْ مالِ اللَّهِ) وهو المال (الَّذِي آتاكُمْ) أعطاكم اللّه ، وهو أمر مؤكد لأهل الأموال لإمدادهم مع مال أمر أداؤه أو للملّاك ، والمراد حطّوا كسرا وسهّلوا ، أو الحكام (وَلا تُكْرِهُوا) أكرهه علاه حمله (فَتَياتِكُمْ) إماءكم (عَلَى الْبِغاءِ) العهر (إِنْ أَرَدْنَ) هؤلاء الإماء (تَحَصُّناً )
----------
وتقديره (وليستعفف) وليجهد في العفة (الذين لا يجدون نكاحا) أسبأبه أو ما ينكح به من المال (حتى يغنيهم الله من فضله) فيتمكنوا من النكاح (والذين يبتغون الكتاب) المكاتبة وهو قول السيد لمملوكه كاتبتك على كذا معناه كتبت على نفسي إعتاقك وكتبت عليك الوفاء بالمال (مما ملكت أيمانكم) من عبد أو أمة (فكاتبوهم) خبر الذين والفاء لمعنى الشرط (إن علمتم فيهم خيرا) صلاحا أو أمانة وقدرة على أداء المال بالتكسب (وءاتوهم من مال الله الذي ءاتاكم) أمر للسادة بإعطائهم شيئا من أموالهم ومثله حط شيء مما التزموه (ولا تكرهوا فتياتكم) إماءكم (على البغاء) على الزنا (إن أردن تحصنا) تعففا شرط للنهي ولا يلزم من عدمه جواز الإكراه لامتناع الإكراه بدونه على أن المفهوم
ص: 58
أهلهما أو مدلولهما أو آسرهما (مَثَلُ) حال (نُورِهِ) وهو كلامه المرسل أو رسوله أو الإسلام (كَمِشْكاةٍ) هو الهوّ المسدود ملاطه حطّ (فِيها مِصْباحٌ) المراد السلك الممسود المسعر (الْمِصْباحُ) محطوط (فِي زُجاجَةٍ) وعاء معلوم (الزُّجاجَةُ) حال احدام سلكها (كَأَنَّها) مع اللّمع (كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) لامع أصله الدر وهو اللؤلؤ ، أو الدرء وهو الدسع لدسعه الدلس مع لمعه (يُوقَدُ مِنْ) معصور (شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) لها مصالح (زَيْتُونَةٍ) اسمها (لا شَرْقِيَّةٍ ) هار علاها الحرّ حال الطلوع وحده (وَلا غَرْبِيَّةٍ) هار علاها الحرّ حال الدلوك وحده والمراد هار علاها حرّ الطلوع وحرّ السماء كلاهما ، أو المراد محلها وسط المعهود (يَكادُ) المراد الأمم (زَيْتُها) معصورها (يُضِيءُ) إحداها ولمعا (وَلَوْ) إحماما (لَمْ تَمْسَسْهُ) وما وصل معصورها (نارٌ) لكمال لمعه وهو
----------
بالملائكة والأنبياء أو مدبرهما أو هادي أهلها (مثل نوره) صفته العجيبة (كمشكاة) هي كوة غير نافذة (فيها مصباح) سراج وقيل المشكاة أنبوبة القنديل والمصباح الفتيلة المتقدة (المصباح في زجاجة ) في قنديل زجاج (الزجاجة كأنها كوكب دري ) تضئ كالزهرة في تلألؤه (يوقد من شجرة مباركة) كثيرة المنافع (زيتونة) بد من شجرة (لا شرقية ولا غربية) أي لا تصيبها الشمس بشروقها أو غروبها فقط بل تصيبها كل النهار فإن زيتها أصفى أو منبتها الشام وسط العمارة لا شرقها وغربها فزيتونه أجود أو لا في مضحى الشمس دائما فتحرقها ولا في مقناة لا يصيبها فلا ينضج (يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار) لفرط صفائه (نور على نور) متضاعف حيث انضم إلى نور المصباح صفاء الزيت والزجاجة وجمع النور.
قيل المشكاة صدر محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) والزجاجة قلبه والمصباح النبوة والشجرة
ص: 59
ورعا وصلاحا (لِتَبْتَغُوا) لرومكم (عَرَضَ) حطام (الْحَياةِ الدُّنْيا) كراء عهرها وأولادها (وَ) كل (مَنْ يُكْرِهْهُنَّ) للعهر (فَإِنَّ اللَّهَ) الأرحم (مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ) للعهر (غَفُورٌ) لها اصارها أو للمكره لو هاد وعاد (رَحِيمٌ) ( 33 ) راحم لها أو له رحما واسعا .
(وَلَقَدْ) اللّام مؤكّد (أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ) أهل الإسلام ( آياتٍ مُبَيِّناتٍ ) للأحكام والحدود أو مصرّحا معلما مسهّلا أحكامها وحدودها (وَمَثَلًا) حالا هكرا (مِنَ) أحوال (الَّذِينَ) والمراد كأحوال اللاء (خَلَوْا) مرّوا (مِنْ قَبْلِكُمْ) كحال أمّ روح اللّه (وَمَوْعِظَةً) إعلاما مصلحا للكل سموما (لِلْمُتَّقِينَ) ( 34 ) للصلحاء وأهل الورع ، وأوردهم لمّا أمرهم أهمّ .
(اللَّهُ نُورُ) كهو عدل (السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) عالم (الْأَرْضِ) أو هدوّ أهلهما أو لمعهما وسطوعهما أو مصلحهما أو أطهر ممّا
----------
إنما يعتبر إذا لم يكن للتقييد وجه سواه والوجه هنا سبب النزول وهو أنه كان لابن أبي جوار يكرههن على الزنا ويضرب عليهن ضرائب فشكا بعضهن إلى النبي فنزلت (لتبتغوا عرض الحيوة الدنيا ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم) لهن إما مطلقا أو بشرط التوبة .
(ولقد أنزلنا إليكم ءايات مبينات) هي المبينة في الحدود والأحكام في السورة (ومثلا من الذين خلوا من قبلكم) وقصة عجيبة من جنس قصصهم وهي قصة عائشة أو مارية أو شبها من حالهم بحالكم لتعتبروا (و موعظة للمتقين) خصوا بها لأنهم المنتفعون بها وقيل الآيات القرآن .
(الله نور السموات والأرض) أي ذو نورهما أو منورهما بالنيرات أو
ص: 60
(نُورُ) مركوّ (عَلى نُورٍ) وهو حال هداه للمسلم (يَهْدِي اللَّهُ) الهدوّ كرما ورحما (لِنُورِهِ) للإسلام (مَنْ يَشاءُ) هداه وصلاحه (وَيَضْرِبُ) هو الإعلام (اللَّهُ الْأَمْثالَ) الأحوال إعلاما (لِلنَّاسِ) عموما (وَاللَّهُ) مولاكم (بِكُلِّ شَيْءٍ) عموما (عَلِيمٌ) ( 35 ) ومعلّم ما هو صالح للإعلام وهو واعد وموعد .
(فِي بُيُوتٍ) محالّ ودور (أَذِنَ) حكم وأمر (اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) سمك أمرها وإعلاء محلّها (وَيُذْكَرَ فِيهَا) هؤلاء المحال والدور (اسْمُهُ) وحده (يُسَبِّحُ) المراد أداء الطوع المعلوم ، ورووه لا معلوما (لَهُ) للّه (فِيهَا) هؤلاء المحال والدور (بِالْغُدُوِّ) عصر الطلوع وهو مصدر أصلا أورد للعصر (وَالْآصالِ) ( 36 ) عهد المساء .
(رِجالٌ) مرّ عامله ، أو كلام رأسا طرح عامله كالأول ، وهو حوار سؤال
----------
المباركة شجرة النبوة وهي لا غربية ولا نصرانية قبلتها المشرق ولا يهودية قبلتها المغرب تكاد محاسن محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) يظهر قبل أن يوحى إبراهيم لا شرقية إليه وعن الرضا (عليه السلام) نحن المشكاة فيها المصباح محمد يهدي الله لولايتنا من أحب وقيل المصباح القرآن والزجاجة قلب المؤمن والمشكاة فمه والشجرة الوحي تكاد حجج القرآن تتضح وإن لم يقرأ نور تزاد به سائر الحجج نورا على نور (يهدي الله لنوره) يوفق لدينه بلطفه (من يشاء) ممن يعلمه أهل اللطف (ويضرب الله الأمثال للناس) تنبيها لهم تقريبا إلى أفهامهم (والله بكل شيء عليم) يضع الأشياء مواضعها .
(في بيوت) متعلق بقوله (كمشكوة) أو ب (يوقد) مبالغة في عظم الممثل به إذ قناديل المسجد أعظم أو ب يسبح الآتي وتكرير فيها للتأكيد وعنه (عليه السلام) هي بيوت الأنبياء (أذن الله أن ترفع) أمر بتعظيمها أو بنائها (ويذكر فيها اسمه) يتلى فيها كتابه أو عام في كل ذكر (يسبح له فيها بالغدو والآصال) يصلي (رجال) فاعل
ص: 61
مطروح ، أو المراد هم كمّل (لا تُلْهِيهِمْ) ألهاه صدّه وأعاده وردّه (تِجارَةٌ) عطو أوس الدراهم أو ما حكمه كحكمها (وَلا بَيْعٌ) إعطاء أوس الدراهم أو ما حكمه كحكمها (عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) مسحلا أو سوارا (وَإِقامِ) مصدر طرح هاءه وسدّ مسده وصله مع (الصَّلاةِ) والمراد أداءها كملا (وَإِيتاءِ) إعطاء (الزَّكاةِ) السهم المحدود لأهله ومحله ، والحال (يَخافُونَ) هؤلاء الكمّل (يَوْماً) عصرا والمراد عصر المعاد (تَتَقَلَّبُ) المراد الإرعاد والرعس والعمة والعلة (فِيهِ الْقُلُوبُ) أرواع العالم (وَالْأَبْصارُ) ( 37 ) وحواسهم وطوعهم وهولهم
(لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ) مولاهم (أَحْسَنَ ما) أعمال (عَمِلُوا) لدار الأعمال وهو دارالسلام مع ركو الأعدال ، وهو مدلول (وَيَزِيدَهُمْ) اللّه (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه أمورا و ؟ ؟ ؟ لهم أوس أعمالهم ، وما سمعوها وما أدركها أرواعهم (وَاللَّهُ) كامل العطاء (يَرْزُقُ) كل (مَنْ يَشاءُ) إعطاءه (بِغَيْرِ حِسابٍ) ( 38 ) عدّ وإحساء وهو حال أهل الإسلام .
----------
يسبح بالكسر وقرىء بالبناء للمفعول ورجال فاعل لمقدر دل عليه (لا تلهيهم) لا تشغلهم (تجارة ولا بيع) خص بعد التجارة الشاملة له وللشراء لأنه أدخل في الإلهاء لأن الربح فيه يقين وفي الشراء مظنون أو أريد بالتجارة الشراء تسمية النوع باسم الجنس (عن ذكر الله وإقام الصلوة) والإضافة عوض الهاء المعوضة عن واو إقوام (وإيتاء الزكوة) المفروضة وخلاص الطاعة له (يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار) تضطرب من الهول أو تتغير أحوالها فتتيقن القلوب بعد الشك وتبصر الأبصار بعد العمى وهو يوم القيامة (ليجزيهم الله) متعلق ب يسبح (أحسن ما عملوا) أحسن جزائه (ويزيدهم) على ذلك (من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب) تفضلا إذ الثواب له حساب لأنه بحسب
ص: 62
(وَ) حال الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الرسل (أَعْمالُهُمْ) الصوالح كلها (كَسَرابٍ) ال لامع (بِقِيعَةٍ) صرداح (يَحْسَبُهُ) هو الوهم (الظَّمْآنُ) أهل الأوام والأحاح ماءً معهودا محسوسا (حَتَّى إِذا) لمّا (جاءَهُ) ورد ما وهمه ماء (لَمْ يَجِدْهُ) موهومه الماء (شَيْئاً) وهمه ، وهو حال العادل الواهم عمله محمودا (وَ) حال هلاكه وعوده للمعاد وعلمه هدر عمله (وَجَدَ اللَّهَ) مولاه (عِنْدَهُ) صدد عمله (فَوَفَّاهُ) إعطاء اللّه (حِسابَهُ) أوس عمله كاملا ، وحّده لمّا أراد كل واحد (وَاللَّهُ سَرِيعُ) مسرع أو مؤلم (الْحِسابِ) ( 39 ) عدّ الأعمال وإعطاء أوس الأعمال .
(أَوْ) الأمم الروّاد للرسل أعمالهم الطوالح (كَظُلُماتٍ) وإدلاس (فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ) امر ماءه طروح دركه (يَغْشاهُ) الدماء أو سالكه هو العلو والعرو (مَوْجٌ) مور ماء (مِنْ فَوْقِهِ) الماء السامك (مَوْجٌ) ماء سامك سواه (مِنْ
----------
الاستحقاق بخلاف التفضل .
(والذين كفروا أعمالهم) التي يحسبونها طاعة نافعة عند الله (كسراب) وهو ما يرى في الفلاة من ضوء الشمس في الظهيرة (بقيعة) بمعنى قاع أو جمعه وهو الأرض المستوية (يحسبه الظمآن ماء) أي العطشان وخص ليشبه الكافر به في خيبته عند شدة حاجته (حتى إذا جاءه) جاء ما حسبه ماء (لم يجده شيئا) مما حسبه (ووجد الله عنده) جزاءه (فوفاه حسابه والله سريع الحساب) يحاسب الكل في حالة واحدة قيل نزلت في عتبة بن ربيعة التمس الدين في الجاهلية وكفر بالإسلام (أو) أعمالهم في خلوها عن نور الحق (كظلمات في بحر لجي) عميق منسوب إلى اللج وهو معظم الماء (يغشاه) يغشى البحر (موج من فوقه) أي الموج (موج من فوقه) أي الموج الثاني
ص: 63
فَوْقِهِ ) الماء الأسمك (سَحابٌ) ركام وهؤلاء (ظُلُماتٌ) لها مراهص (بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) الأول دلس داماء علاه دلس مور أول ودلس المور الأسمك ودلس الركام (إِذا) كلما (أَخْرَجَ) المدرك للداماء (يَدَهُ) مع كمال أممه (لَمْ يَكَدْ) المدرك (يَراها) ومحال إحساسها (وَ) كل (مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ) مالك الملك (لَهُ) وما أعطاه (نُوراً) وما هداه للإسلام (فَما لَهُ) سهم (مِنْ نُورٍ) ( 40 ) أصلا .
(أَ لَمْ تَرَ) أما حصل لك محمّد ( ص ) علم كامل احساس علم (أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ) للّه كل (مَنْ) حلّ (فِي) عالم (السَّماواتِ) العلو (وَ) عالم (الْأَرْضِ وَالطَّيْرُ) صرعه كله (صَافَّاتٍ) سطورا وسط الهواء ، وهو حال (كُلٌّ) كل واحد ممّا مرّ أو مما طار (قَدْ عَلِمَ) اللّه أو كلّ واحد (صَلاتَهُ) دعاء اللّه ، أو دعاء الكل للّه (وَتَسْبِيحَهُ) اللّه أو الكل للّه (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما) كل عمل (يَفْعَلُونَ) ( 41 ) أهل العالم .
----------
(سحاب) حجب نور الكواكب (ظلمات) أي هذه ظلمات متراكمة (بعضها فوق بعض إذا أخرج) الواقع فيها (يده لم يكد يراها) لم يقرب أن يراها (ومن لم يجعل الله له نورا) لطفا وتوفيقا (فما له من نور) فهو في ظلمة الباطل .
(ألم تر) ألم تعلم بالوحي أو النظر (أن الله يسبح له من في السموات والأرض) ينزهه عما لا يليق به بلسان الحال أو المقال ومن لتغليب العقلاء (والطير) تخصيصها لما فيها من الحجة الواضحة (صافات) باسطات أجنحتهن في الهواء فإن ذلك يدل على كمال قدرة خالقهن (كل) مما ذكر أو من الطير (قد علم صلاته وتسبيحه) أي علم الله دعاءه وتنزيهه أو علم كل الجواز وأن يلهم الله الطير دعاء وتسبيحا كما ألهمها علوما تخفى على العقلاء (والله عليم
ص: 64
(وَلِلَّهِ) ملكا وملكا وأسرا (مُلْكُ) عالم (السَّماواتِ) العلو (وَ) ملك عالم (الْأَرْضِ) الحطوط (وَإِلَى اللَّهِ) وحده (الْمَصِيرُ) ( 42 ) معاد الكلّ .
(أَ لَمْ تَرَ) أما حصل لك محمّد ( ص ) علم لا إعوار معه والمراد علم (أَنَّ اللَّهَ) مالك الملك كامل الطول (يُزْجِي) هو الإرسال والكسوء والمراد أرسل اللّه وكساء كما أراد (سَحاباً) كل محلّ أراد (ثُمَّ يُؤَلِّفُ) اللّه والمراد اللّم (بَيْنَهُ) وسط آحاده (ثُمَّ يَجْعَلُهُ) اللّه (رُكاماً) سامكا كسره كسرا (فَتَرَى الْوَدْقَ) المطر (يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ) صدوعه وأوساطه ، ورووه موحّدا (وَيُنَزِّلُ) اللّه (مِنَ السَّماءِ) المدرار وكل ما علاك سماء أو المراد أصله ، والمراد (مِنْ جِبالٍ) أطواد (فِيها) السماء (مِنْ) مؤكد لإعلام المراد (بَرَدٍ) صرّ أودعه وسطها (فَيُصِيبُ) اللّه (بِهِ) صر كل (مَنْ يَشاءُ) سوءه
----------
بما يفعلون) غلب العقلاء .
(ولله ملك السموات والأرض) على الحقيقة لا يشاركه فيه غيره (وإلى الله المصير) المرجع .
(ألم تر أن الله يزجي سحابا) يسوقه برفق (ثم يؤلف بينه) بين قطعه يضم بعضها إلى بعض (ثم يجعله ركاما) متراكما ببعضه على بعض (فترى الودق) المطر (يخرج من خلاله) من مخارجه جمع خلل كجبال وجبل (وينزل من السماء) من السحاب وكل مظل سماء (من جبال فيها) في السماء وأريد بالجبل الكثرة كقولك لفلان جبال من ذهب (من برد) بيان للجبال أي ينزل مبتدأ من السماء من جبال من برد بردا وقيل أريد بالسماء المظلة وفيها جبال برد كما في الأرض جبال حجر (فيصيب به) بالبرد (من يشاء) في نفسه أو ماله
ص: 65
(وَيَصْرِفُهُ) الصر هو الردّ والصدّ (عَنْ مَنْ) كل أحد (يَشاءُ) سلامه (يَكادُ سَنا) لمع ، ورووه مع المدّ وهو العلوّ (بَرْقِهِ) ساعوره وهو أدلّ أدلّاء كمال طول اللّه لمّا حطّ الساعور وسط محلّ الماء وهو المدرار (يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) ( 43 ) الحواس حال إحساسها له .
(يُقَلِّبُ اللَّهُ) المراد الحوال طولا ووكسا أو إرسال كل واحد كسوء مطوه أو صرّا وحرّا أو لمعا ودلسا (اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) دواما (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَعِبْرَةً) وادّكارا (لِأُولِي الْأَبْصارِ) ( 44 ) والإدراك وأهل الأحلام الكمّل .
(وَاللَّهُ خَلَقَ) أسر وصوّر (كُلَّ دَابَّةٍ) كل ما له حس وحراك والمراد كلّ صرعها ، أو كلّ واحد (مِنْ) صرع (ماءٍ) أو ماء معهود وهو ماء ولّاده (فَمِنْهُمْ مَنْ) صرع (يَمْشِي) هو المرور (عَلى بَطْنِهِ) كالإصلال والهوامّ (وَمِنْهُمْ مَنْ) صرع (يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ) كأولاد آدم وكلّ ما طار (وَمِنْهُمْ مَنْ) صرع (يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ) كالسّوام أورد أوّلا مرور الآصال وأعدالها
----------
(ويصرفه عن من يشاء) فهو يقبض ويبسط بمقتضى حكمته (يكاد سنا برقه) ضوء برق السحاب (يذهب بالأبصار) يخطفها لشدة لمعانه (يقلب الله الليل والنهار) يعاقب بينهما أو يدخل أحدهما في الآخر أو يعم ذلك وتغيير أحوالهما بالحر والظلمة وضدهما (إن في ذلك) المذكور (لعبرة) لدلالة (لأولي الأبصار) لذوي البصائر على الصانع .
(والله خلق كل دابة) حيوان يدب على الأرض (من ماء) من نطفة على التغليب إذ منها ما لا يتولد عن النطفة أو من نوع الماء هو جزء مادته (فمنهم من يمشي على بطنه) كالحية (ومنهم من يمشي على رجلين) كالإنس والطير (ومنهم من يمشي على أربع) كالنعم والوحش وتذكير الضمير ولفظ من
ص: 66
ومرور أولاد آدم ، وكلّ ما طار لمّا المراد إعلام طول اللّه وكماله وهما أدلّ علاه عمّا وراءهما (يَخْلُقُ اللَّهُ) كل (ما) صرع (يَشاءُ) أسره مع وجود أصل الصروع كما أراد ، وهو أدل لكمال طوله (إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مراد (قَدِيرٌ) ( 45 ) كامل طول عامل لما أراد لا رادّ لحكمه ومراده .
(لَقَدْ) اللام مؤكّد (أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ) للأوامر والأحكام مع الأدلّاء أو المراد الكلام المرسل (وَاللَّهُ يَهْدِي) كل (مَنْ يَشاءُ) هداه (إِلى) سلوك (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 46 ) وهو صراط الإسلام الموصل دارالسلام .
(وَيَقُولُونَ) أولو المكر والمحال ادعاء (آمَنَّا) سدادا (بِاللَّهِ) الواحد الأحد (وَبِالرَّسُولِ) محمّد صلعم (وَأَطَعْنا) اللّه ورسوله أرادوا أوامرهما وأحكامهما (ثُمَّ يَتَوَلَّى) عمّا حكم اللّه ورسوله وهو الصدود (فَرِيقٌ) رهط (مِنْهُمْ) هؤلاء المكّار (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) الكلام وهو إعلام الإسلام والطوع (وَما أُولئِكَ) المكّار (بِالْمُؤْمِنِينَ) ( 47 ) سدادا ودعواهم مكر وولع .
ولمّا لدّ أهل المحال أهل الطرس لرمكاء ، وأراد مطو الطرس الورود صدد رسول اللّه صلعم لعلمه سداد حكمه ، وودّ أهل المكر روده أمم عالم أهل
----------
لتغليب العقلاء (يخلق الله ما يشاء) من حيوان وغيره على اختلاف الصور والطبائع بمقتضى حكمته (إن الله على كل شيء قدير) فيخلق ما يشاء .
(لقد أنزلنا آيات مبينات) هي القرآن (والله يهدي من يشاء) بتوفيقه لتدبرها (إلى صراط مستقيم) هو الإيمان المؤدي إلى الجنة .
(ويقولون ءامنا بالله وبالرسول وأطعنا) لهما (ثم يتولى فريق منهم) يعرض عن قبول حكمه (من بعد ذلك) القول منهم (وما أولئك) القائلون (بالمؤمنين) المعهودين المواطئة قلوبهم لألسنتهم (وإذا دعوا إلى الله
ص: 67
الطرس لوهمه حدل رسول اللّه صلعم ، وورد (وَإِذا) كلّما (دُعُوا إِلَى اللَّهِ) الواحد الأحد (وَرَسُولِهِ) محمد ( ص ) أراد رسوله وحده وأورده اسم اللّه إكراما ، وهو ككلامك راعه عمرو وكرّمه والمراد كرمه وحده (لِيَحْكُمَ) الرسول (بَيْنَهُمْ) عدلا (إِذا فَرِيقٌ) رهط (مِنْهُمْ) هؤلاء أهل المكر (مُعْرِضُونَ) ( 48 ) صدّاد درءا عمّا دعوا له ، والحاصل دهم صدودهم لعلمهم ما مع الرسول صلعم إلّا السداد المرّ والعدل المحّ .
(وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ) لا علاهم (الْحَقُّ) الحكم (يَأْتُوا إِلَيْهِ) الرسول (مُذْعِنِينَ) ( 49 ) سرّاعا طوّعا وهو حال .
(أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) عدول (أَمِ ارْتابُوا) وهموا وحاروا وطراهم إعوار ألوك الرسول (أَمْ يَخافُونَ) روعا (أَنْ يَحِيفَ) وهو الحدل (اللَّهُ) العدل (عَلَيْهِمْ) والمراد (وَرَسُولُهُ) وحده كما مرّ لا (بَلْ أُولئِكَ) الطّلاح (هُمُ) وحدهم (الظَّالِمُونَ) ( 50 ) الحدّال لا اللّه ورسوله لمّا أرادوا حدل ما معه دعواهم .
(إِنَّما) ما (كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ) للّه ورسوله سدادا (إِذا) كلما (دُعُوا إِلَى اللَّهِ) حاكمه (وَرَسُولِهِ) محمد ( ص ) (لِيَحْكُمَ) الحاكم وهو
----------
ورسوله) أي إلى الرسول وذكر الله تفخيما له وإيذانا بأن حكمه حكم الله (ليحكم) أي للرسول (بينهم إذا فريق منهم معرضون) عن الإتيان إليه إذا كان الحق عليهم (وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين) منقادين لعلمهم بأنه يحكم لهم (أفي قلوبهم مرض) كفر (أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله) في الحكم (بل أولئك هم الظالمون) أي لا يخافون حيفه بل الظلم صفتهم (إنما كان قول المؤمنين) بالنصب وعن علي رفعه (إذا دعوا إلى الله
ص: 68
الرسول محمّد ( ص ) ورووه لا معلوما ومعموله المصدر (بَيْنَهُمْ) عدلا كما أمر اللّه إلّا (أَنْ يَقُولُوا) كلامهم (سَمِعْنا) كلامه (وَأَطَعْنا) أمره (وَأُولئِكَ) أهل الإسلام (هُمُ) وحدهم (الْمُفْلِحُونَ) ( 51 ) سلّام دار الآلام ووصّال دارالسلام لا أهل المكر والردّ صراحا .
(وَ) كلّ (مَنْ يُطِعِ اللَّهَ) أوامره وأحكامه (وَرَسُولَهُ) أعماله وأحواله (وَيَخْشَ اللَّهَ) حدّه وإصره لمّا عمل السوء أوّلا (وَيَتَّقْهِ) اللّه لحاله العاطس (فَأُولئِكَ) الطوّع عمّال ما مرّ (هُمُ) وحدهم (الْفائِزُونَ) ( 52 ) سالموا الآلام وواصلوا آلاء دارالسلام .
(وَأَقْسَمُوا) عهد أولو المكر (بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) أمدها وكمالها كهو اللّه ، وهو مصدر وطرح عامله (لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ) رسول اللّه ولو أمر مرّا كالعماس وطرح المعامر والمراكد (لَيَخْرُجُنَّ) طوعا لأمره (قُلْ) لهم (لا تُقْسِمُوا) ودعوا الحلط ولعا (طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ) لرسول اللّه أصلح وأعود مما هو عملكم وهو الحلط ، أو هو محمول لمطروح ورووه معمولا لمطروح (إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ) عالم (بِما) عمل (تَعْمَلُونَ) ( 53 ) سرّا وهو ردّ الأمر .
----------
ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون) وعن الباقر (عليه السلام) أن المعني بها علي (عليه السلام) .
(ومن يطع الله ورسوله) فيما أمرا أو نهيا (ويخشى الله) لسالف ذنوبه (ويتقه) فيما يستقبل (فأولئك هم الفائزون) بالجنة (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) غايتها (لئن أمرتهم) بالخروج من ديارهم وأموالهم (ليخرجن قل لا تقسموا) كاذبين (طاعة معروفة) لا نفاق فيها أولى بكم من أيمانكم الكاذبة أو المطلوب منكم طاعة مفروضة لا نفاقية أو طاعتكم طاعة معروفة بأنها نفاقية (إن
ص: 69
(قُلْ) لهم محمد ( ص ) وأمرهم (أَطِيعُوا اللَّهَ) أوامره وأحكامه (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) محمد ( ص ) أعماله وأحواله (فَإِنْ تَوَلَّوْا) هو الصدود عمّا هو مأمور لكم (فَإِنَّما) ما (عَلَيْهِ) الرسول محمّد ( ص ) إلّا (ما حُمِّلَ) الرسول ، وحمّله اللّه وأمره وهو أداء الأوامر (وَ) ما (عَلَيْكُمْ) أهل المكر إلّا (ما حُمِّلْتُمْ) حمّلكم اللّه وأمركم وهو طوع الأوامر والأحكام (وَإِنْ تُطِيعُوهُ) محمّد رسول اللّه ( ص ) وأوامره (تَهْتَدُوا) سواء الصّراط (وَما عَلَى الرَّسُولِ) محمّد ( ص ) (إِلَّا الْبَلاغُ) الإعلام لكم (الْمُبِينُ) ( 54 ) الساطع ، وأدّاه كما أمر .
(وَعَدَ اللَّهُ) وعهد الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله سدادا (مِنْكُمْ) الكلام مع رول اللّه صلعم ورهطه كلهم ، أو معه ومع رهط معه وهو مصرح للموصول (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللواء أمر اللّه لهم (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ) اللّه كامل الطّول ، والحاصل هو محلّهم وهو حوار لعهد مطروح كما مرّ (فِي الْأَرْضِ) ملك الأعداء ومملّكهم ممالكهم (كَمَا اسْتَخْلَفَ) اللّه كامل العطاء وأحلّ وملّك (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) أهل الإسلام وهم
----------
الله خبير بما تعملون) فيعلم ما تضمرون .
(قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا) تتولوا عن الطاعة (فإنما عليه) على الرسول (ما حمل) من التبليغ (وعليكم ما حملتم) من طاعته (وإن تطيعوه تهتدوا) إلى الرشد (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) وقد بلغ فإن قبلتم فلكم وإلا فعليكم .
(وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض) بجعلهم خلفاء متصرفين فيها (كما استخلف الذين من قبلهم) أي بني إسرائيل
ص: 70
مسلموا الهود دور عدوّهم وممالكهم (وَلَيُمَكِّنَنَّ) اللّه العدل هو الإحكام (لَهُمْ) لأهل الإسلام (دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى) اللّه (لَهُمْ) والحاصل هو مسلّطهم وموسع ممالكهم (وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ) كرما ورحما (مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ) روعهم الأعداء (أَمْناً) سلاما وعمل اللّه كما وعدهم ، وللّه الحمد أوّلا وأمدا ، والكلام دالّ لصح ألوك الرسول صلعم لمّا هو إعلام لحصول أمر حصل أمام حصوله ، (يَعْبُدُونَنِي) أهل الإسلام ، وهو كلام رأسا معلّل لما مرّ ، أو حال والحال (لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) ما أصلا (وَ) كل (مَنْ كَفَرَ) ردّ الإسلام (بَعْدَ ذلِكَ) الوعد (فَأُولئِكَ) الملأ (هُمُ) وحدهم (الْفاسِقُونَ) ( 55 ) الكمّل طلاحا .
(وَأَقِيمُوا) أهل المكر والكلام موصول مع أمر الطوع والمراد أدّوا (الصَّلاةَ) كما أمر أداءها (وَآتُوا) أعطوا (الزَّكاةَ) أهلها (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) محمد صلعم كرّره مؤكدا لمّا هو ملاك الأمر وأصله (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ( 56 ) أمل الرحم .
(لا تَحْسَبَنَّ) رسول اللّه (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوك (مُعْجِزِينَ) اللّه عمّا
----------
بدل الجبابرة وقرىء ببناء المفعول (وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) وهو الإسلام (وليبدلنهم) بالتشديد والتخفيف (من بعد خوفهم) من أعدائهم أو عذاب الآخرة (أمنا) منهم أو منه (يعبدونني لا يشركون بي شيئا) حال من الواو (ومن كفر) بهذه النعم (بعد ذلك) الوعد الصادق (فأولئك هم الفاسقون) الخارجون إلى أقبح الكفر (وأقيموا الصلوة) عطف على أطيعوا (وءاتوا الزكوة وأطيعوا الرسول) كررت طاعته تأكيدا (لعلكم ترحمون) رجاء للرحمة .
ص: 71
أدركهم وأهلكهم (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء (وَمَأْواهُمُ) محلّهم ومعادهم (النَّارُ وَلَبِئْسَ) ساء (الْمَصِيرُ) ( 57 ) المعاد الساعور .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله سدادا (لِيَسْتَأْذِنْكُمُ) هو روم الحكم الرهط (الَّذِينَ مَلَكَتْ) اكرادهم (أَيْمانُكُمْ) ولو إماء (وَ) الأولاد (الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا) ما أدركوا (الْحُلُمَ) عصر الحلم (مِنْكُمْ) رهط الأحرار (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) لكل دور للمحدّد ، المراد (مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ) لمّا هو عصر طرح مكسو السمر (وَحِينَ تَضَعُونَ) هو الحطّ (ثِيابَكُمْ) كساكم (مِنَ الظَّهِيرَةِ) أمام الدلوك (وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) لمّا هو حال طرح مكسوّ السهر ، وهؤلاء الأعصار (ثَلاثُ عَوْراتٍ) أعصارها وأصلها عدم الصلاح للأمر ، وسمّوها لمّا لا صلاح للسدل معها (لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (وَلا عَلَيْهِمْ) هؤلاء المسطور حالهم (جُناحٌ) إصر
----------
(لا تحسبن) يا محمد صلی الله علیه و اله (الذين كفروا معجزين في الأرض) أي لا يحسبن الكفار أحدا معجزا لنا في الأرض أو لا تحسبن أنفسهم معجزين (ومأواهم النار ولبئس المصير) المرجع هي .
(يا أيها الذين ءامنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم) قد سبق الأمر بالاستئذان العام وهذا استئذان خاص (والذين لم يبلغوا الحلم منكم) من الأحرار يعم الذكور والإناث (ثلاث مرات) في اليوم والليلة (ومن قبل صلاة الفجر) لأنه وقت القيام من المضاجع وتبديل لبس الليل بلبس النهار (وحين تضعون ثيابكم) للقيلولة (من الظهيرة) بيان لحين (ومن بعد صلوة العشاء) بعد لأنه وقت تبديل لبس اليقظة بلبس النوم (ثلاث عورات لكم) أي هذه أوقات ثلاث والعورات الخلل (ليس عليكم ولا عليهم) أي المماليك والصبيان
ص: 72
ودرك حال الورود لا مع الحكم (بَعْدَهُنَّ) وراء الإعصار المسطور حكمها لمّا هم (طَوَّافُونَ) دوّار (عَلَيْكُمْ) للمصالح (بَعْضُكُمْ) دوّار (عَلى بَعْضٍ) وهو كلام مؤكّد للأول (كَذلِكَ) كما أعلم اللّه لكم ما مرّ (يُبَيِّنُ اللَّهُ) إعلاما (لَكُمُ الْآياتِ) الأحكام (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) عالم أحوالكم ومصالحكم ، العالم (حَكِيمٌ) ( 58 ) مراع للحكم والأسرار .
(وَإِذا) كلما (بَلَغَ) أدرك (الْأَطْفالُ) الأولاد (مِنْكُمُ) رهط الأحرار (الْحُلُمَ) عصر الحلم وأرادوا ورود دور أرهاط سواهم (فَلْيَسْتَأْذِنُوا) هؤلاء الأولاد كل حال للورود (كَمَا اسْتَأْذَنَ) رام الحكم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) وهم المسطور حالهم وحكمهم أمام ، أو المراد اللّاءوا وصلوا الحلم أمامهم والحاصل هم كأحرار سواهم ما حلّ لهم الورود مع عدم الحكم أصلا (كَذلِكَ) كما أعلمكم ما مرّ (يُبَيِّنُ اللَّهُ) إعلاما (لَكُمْ آياتِهِ) أوامره وأحكامه (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) واسع علمه (حَكِيمٌ) ( 59 ) مراع للحكم والمصالح ، كرّره مؤكدا لروم الحكم حال الورود .
(وَالْقَواعِدُ) اللّاء ما طمع العروك والولد لها لطول أعمارها ( مِنَ
----------
(جناح) في أن لا يستأذنوا (بعدهن) بعد هذه الأوقات، هم (طوافون عليكم بعضكم) طائف أو يطوف بعضكم (على بعض كذلك) التبيين (يبين الله لكم الآيات) الأحكام (والله عليم) بما يصلحكم (حكيم) فيما دبر لكم (وإذا بلغ الأطفال منكم) أيها الأحرار (الحلم فليستأذنوا) في جميع الأوقات (كما استأذن الذين من قبلهم) من الأحرار البلغ (كذلك يبين الله لكم ءاياته والله عليم حكيم) كرر تأكيدا .
(والقواعد من النساء) المسناة (اللاتي) قعدن من الحيض والولد (لا
ص: 73
النِّساءِ) حال (اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً) لما مرّ (فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ) إصر (أَنْ يَضَعْنَ) حال حلّطها (ثِيابَهُنَّ) كالرداء والمدرع (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ) حال عدم حصرها (بِزِينَةٍ) سرّ كسوار وما سواه مما حرم حسره (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ) وهو روم الورع ، والمراد كمال الورع وعدم حطّها لكساها (خَيْرٌ) أصلح (لَهُنَّ) مما هو عكسه وهو الحطّ (وَاللَّهُ سَمِيعٌ) لكلامها (عَلِيمٌ) ( 60 ) عالم لإسرارها .
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى) حواسه (حَرَجٌ) إصر ودرك (وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ) إصر ودرك (وَلا عَلَى الْمَرِيضِ) الأكسح (حَرَجٌ) إصر ودرك حال أكلهم طعام الأصحّاء مع حكمهم ، أو حال ركودهم وعدم عماسهم وحال أكلهم مع الأصحّاء (وَلا) إصر (عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا) حال أكلكم الطعام (مِنْ) مال (بُيُوتِكُمْ) أولادكم لمّا ولد المرء كسره وحكمه كحكمه وللمحه ما أورد الأولاد ، أو أعراسكم لمّا هما كالواحد ومحلّ الأهل كمحلّ
----------
يرجون نكاحا) لا يطمعن فيه لكبرهن (فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن) الظاهرة كالملحفة والرداء وأتى بالفاء لأن لام القواعد بمعنى اللاتي (غير متبرجات بزينة) غير مظهرات زينة خفية أمرن بسترها ولا يبدين زينتهن (وأن يستعففن) عن الوضع (خير لهن) منه (والله سميع) للأقوال (عليم) بالأحوال .
(ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج) نفي لتحرجهم من الأكل من بيوت تخلفهم الغزاة عليها أو من مؤاكلة الأصحاء خوف استقذارهم أو من إجابة من يدعوهم إلى الأكل من بيوت أقاربه (ولا على أنفسكم) حرج (أن تأكلوا من بيوتكم) بيوت عيالكم ويشمل بيوت الأولاد
ص: 74
الأهل (أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ) ولّادكم وولّاد ولّادكم (أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ) وأصولها (أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ) لوالد وأمّ أو لأحدهما (أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ) لوالد وأمّ معا أو لأحدهما (أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ) لحّا (أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ) لحّا (أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ) لحّا (أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ) كما مرّ (أَوْ ما) مال (مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ) ملك وكول وحلّ للمؤكّل أكل مال المؤكّل لهاء ما أحلّ اللّه له ، ورووه موحّدا (أَوْ) مال (صَدِيقِكُمْ) ودودكم حسّا وسرّا ، والحاصل حلّ لكم أكل طعام هؤلاء حال عدم ورودهم لو علم عدم كرههم ، أو هو حكم أوّل الإسلام وطرح الحال (لَيْسَ عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (جُناحٌ) إصر (أَنْ تَأْكُلُوا) حال أكلكم الطعام (جَمِيعاً) معا وهو حال (أَوْ أَشْتاتاً) صعاصع روحا مورده رهط ما أكلوا وحدهم أو رهط ما أكلوا إلا صعاصع (فَإِذا) كلما (دَخَلْتُمْ بُيُوتاً) لكم لا أهل وسطها (فَسَلِّمُوا) حّ (عَلى أَنْفُسِكُمْ) أمل ردّ الأملاك علاكم وحال حصول الأهل سلموا علاهم ، أو المراد كلما ورد أحدكم دورا مما مرّ للأكل سلّم لأهل الدور اللّاءوا السلام علاهم كالسلام علاكم
----------
كما يستفاد من الأخبار (أو بيوت ءابائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو ما ملكتم مفاتحه) جمع مفتح ما يفتح به أي وكلتم بحفظه من حائط ونحوه لغيركم أو بيوت مماليككم (أو صديقكم) هو للواحد والجمع قال الصادق (عليه السلام) هو والله الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل طعامه بغير إذنه (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا) مجتمعين أو متفرقين (فإذا دخلتم بيوتا) من هذه البيوت وغيرها (فسلموا على أنفسكم) على أهلها الذين هم منكم وعن الصادق (عليه السلام) هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ثم يردون
ص: 75
لوحودهم معكم إسلاما وأصلا (تَحِيَّةً) مصدر للمطروح أو ل « سلّموا » لوحودهما مدلولا (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) وأمره (مُبارَكَةً) لها عدل أوس كامل صدد اللّه حالا ومآلا (طَيِّبَةً) صدد السامع محصّلا لسروره (كَذلِكَ) كما أعلم اللّه لكم ما مرّ (يُبَيِّنُ اللَّهُ) إعلاما (لَكُمُ الْآياتِ) معالم الإسلام والأحكام ، كرّره مؤكدا إكمالا لاعلام الأحكام (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ( 61 ) صلاح الأمور وصلاحكم .
(إِنَّمَا) ما (الْمُؤْمِنُونَ) الكمّل إسلاما إلا (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (بِاللَّهِ) مولاهم وحده (وَرَسُولِهِ) محمّد ( ص ) أطاعوا رسوله (وَإِذا) كلّما (كانُوا مَعَهُ) مع الرسول (عَلى أَمْرٍ جامِعٍ) لمّ له أولاد آدم كالعماس واعداد عدده وما سواهما ممّا له حكم اللّم (لَمْ يَذْهَبُوا) هؤلاء أهل الإسلام (حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ) الرسول لكمال الطوع هو سؤال الحكم والمراد سؤاله مع حصوله (إِنَّ) الأمم المطواء (الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ) مرّ مدلوله الحال (أُولئِكَ) الأمم الصلحاء الطوّع (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِاللَّهِ) الواحد الأحد (وَرَسُولِهِ) محمّد ( ص ) كرّره مؤكّدا لسؤال الحكم إعلاما كحال المسلم ،
----------
عليه فهو سلامكم على أنفسكم (تحية من عند الله) مشروعة من لدنه (مباركة) لأنها دعاء بالسلامة من آفات الدارين (طيبة) تطيب بها النفس بالتواصل والثواب (كذلك يبين الله لكم الآيات) الدالة على كل ما يتعبدكم به (لعلكم تعقلون) معالم دينكم .
(إنما المؤمنون) الكاملون في الإيمان (الذين ءامنوا بالله ورسوله) بإخلاص (وإذا كانوا معه) مع الرسول (على أمر جامع) كالجمعة والأعياد والحروب، ووصف الأمر بالجمع مبالغة (لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين
ص: 76
والعادل المسلم رام الحكم وسأله لا محال والعادل رحل مع عدم الحكم (فَإِذَا) لما (اسْتَأْذَنُوكَ) راموا وسألوا حكمك (لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ) أمرهم (فَأْذَنْ) أحكم العود (لِمَنْ شِئْتَ) حكمه (مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ) سل اللّه محو آصار (لَهُمُ) لرهط راموا الحكم وسألوه ولولا ملاه لمّا طرحوا أمر الإسلام والمعاد لأمر الحال وحطامه (اللَّهَ) الأرحم (إِنَّ اللَّهَ) مولاكم (غَفُورٌ) محّاء للآصار (رَحِيمٌ) ( 62 ) واسع الرّحم .
(لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ) محمّد صلعم ورومه لكم لأمر (بَيْنَكُمْ) سهلا (كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) لمّا رومه وأمره لاسم علاكم طوعه ورده محصل لكم إصرا كاملا ، أو المراد أكرموه صدد الدعاء له وادعو رسول اللّه ( ص ) مع همس لا أمحمّد كدعاء أحدكم أحدا (قَدْ) للوكود (يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ) هو الدلوع ماصلا ماصلا (مِنْكُمْ) موسمكم (لِواذاً) سرّا وأصله الركوح والواو مع الدور مع المركح كما دار وهو حال (فَلْيَحْذَرِ) الرهط
----------
يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم) مهامهم (فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله) لعدم الاستئذان (إن الله غفور) للمؤمنين (رحيم) بهم .
(لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا) فإن إجابته فرض والرجوع بغير إذنه حرام فكيف يقاس دعاؤه إياكم على دعاء بعضكم بعضا أو لا تجعلوا نداءه كنداء بعضكم بعضا باسمه بل قولوا يا نبي الله يا رسول الله بتعظيم وتواضع وخفض صوت (قد يعلم الله الذين يتسللون منكم) يخرجون عن الجماعة بخفية (لواذا) أي ملاوذين يستتر بعضهم ببعض (فليحذر الذين
ص: 77
(الَّذِينَ يُخالِفُونَ) هو الصدود (عَنْ أَمْرِهِ) أمر اللّه أو رسوله صلعم (أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ) لأواء وكأداء ، أو هلاك وأهوال ، أو سطوا ملك حادل ، أو صداء روع (أَوْ يُصِيبَهُمْ) معادا (عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 63 ) مؤلم ، والكلام دال للسؤم مدلول الأمر .
(أَلا إِنَّ لِلَّهِ) ملكا وملكا وأسرا وعلما كل (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) عالم (الْأَرْضِ) الحطوط (قَدْ) للوكود (يَعْلَمُ) كل (ما أَنْتُمْ) أهل العالم ، أو أهل المكر (عَلَيْهِ) الإسلام المسدّ وردّه وسواه الحال (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ) أهل المكر كلّهم ، ورووه معلوما (إِلَيْهِ) اللّه لأوس الأعمال (فَيُنَبِّئُهُمْ) اللّه للمعاد (بِما) كل عمل (عَمِلُوا) الحال صلاحا أو طلاحا (وَاللَّهُ) كامل الطول (بِكُلِّ شَيْءٍ) عموما (عَلِيمٌ) ( 64 ) كامل علم .
----------
يخالفون عن أمره) يخالفون أمر الله أو رسوله بترك مقتضاه وأتى ب عن لتضمنه معنى الإعراض أو يصدون عن أمره (أن تصيبهم فتنة) محنة في الدنيا (أو يصيبهم عذاب أليم) في الآخرة .
(ألا إن لله ما في السموات والأرض) ملكا مختصا به (قد يعلم ما أنتم عليه) أيها المكلفون من الإخلاص والنفاق (ويوم يرجعون إليه) أي المنافقون (فينبئهم بما عملوا) من خير وشر والفاء لتلازم ما قبلها وما بعدها (والله بكل شيء عليم) ومنه أعمالهم.
ص: 78
ص: 79
ص: 80
( سورة الفرقان ) موردها أم الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
إعلام الحمد للّه لإرسال كلام اللّه ، وإعلاء طهره عمّا وهم العدّال وهو الولد والمعادل ، ولوم المآله العواطل ، واللوم لأهل العدول ووصمهم الرسل لأكلهم الطعام وسؤالهم لسداد الألوك ما هو محال حصوله ، وطرد العدّال حال الإصر ، وعلوّ أهل الإسلام معادا ، وكمال الهول لأهل الصدود ، وإعلام الأملاك لآصار أهل الصدود وعدم العود لأعمال أهل الطّلاح معادا .
والإعلام عما هو محلّ أهل الإسلام وسط دارالسلام . وصدع السماء للهول ، وإعلام سدم العدّال معادا ، وإعلاء أحوال الأمم الأول ، وإعلاء الآلاء لإرسال المطر ، وإعلام الصهر لأولاد آدم ودور السماء ، وإعلام إملاء أهل السداد كالحلم ، والردع عما كره كالعدل مع اللّه إلها سواه والعهد وهدر الدم ، والأمر للهود والصدود عما هو اللهو والولع ودعاء الأولاد .
ص: 81
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَبارَكَ) علا علوّا كاملا اللّه ، أو دام ، أو أمر درّه (الَّذِي نَزَّلَ) أرسل الكلام (الْفُرْقانَ) المعلم للأود والسداد الحاسم وسط الحلال والحرام ، وهو مصدر صار اسما لكلام اللّه (عَلى عَبْدِهِ) ورسوله محمّد صلعم (لِيَكُونَ) رسوله محمّد ( ص ) أو كلام اللّه المرسل (لِلْعالَمِينَ) صروع العالم (نَذِيراً) ( 1 ) مروّعا أو هو مصدر .
(الَّذِي) وهو محمول المطروح ، أو مصرّح للموصول الأول ، أو محمول لمطروح مدحا (لَهُ) ملكا وملكا وأسرا لا لسواه (مُلْكُ) عالم (السَّماواتِ) كلها (وَ) ملك عالم (الْأَرْضِ) كلها (وَلَمْ يَتَّخِذْ) أحدا (وَلَداً) كما وهم الهود ورهط روح اللّه (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ) معادل (فِي
----------
(25 سورة الفرقان سبع وسبعون آية مكية وقيل إلا )
(والذين لا يدعون - إلى - رحيما.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(تبارك الذي نزل الفرقان) تكاثر خيره أو تزايد أو تعالى عن كل شيء (على عبده) محمد (ليكون) محمد صلی الله علیه واله عبده أو الفرقان (للعالمين) أي الثقلين (نذيرا) مخوفا من العذاب .
(الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا) كما زعم النصارى أو
ص: 82
الْمُلْكِ) والأمر كما وهم رهط العدّال (وَخَلَقَ) أسر (كُلَّ شَيْءٍ) وحده (فَقَدَّرَهُ) سوّاه وعدّله أو حدّد لحصوله حدّا وأمدا (تَقْدِيراً) ( 2 ) وآما لما أراد ، وهو مصدر .
(وَاتَّخَذُوا) أعداء الإسلام (مِنْ دُونِهِ) سواه (آلِهَةً) والمراد دماهم (لا يَخْلُقُونَ) هؤلاء الإله (شَيْئاً) ما (وَهُمْ يُخْلَقُونَ) أسرهم اللّه آسر الكل أو صوّرهم ألهوهم ومطاوعوهم (وَلا يَمْلِكُونَ) دماهم (لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا) ردّه (وَلا نَفْعاً) كده (وَلا يَمْلِكُونَ) هؤلاء (مَوْتاً وَلا حَياةً) أراد إهلاك أحد وسلامه (وَلا نُشُوراً) ( 3 ) صعصاعا أراد إعطاء الحس والحراك وراء الهلاك ، وما حاله ما مرّ لا صلاح له للطوع .
(وَقالَ) الطّلاح (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا عمّا هو السداد (إِنْ) ما (هَذا) الكلام (إِلَّا إِفْكٌ) ولع (افْتَراهُ) سطّره محمّد ( ص ) (وَأَعانَهُ) أمدّه (عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ) رهط سواه وهم الهود لمّا حكوا صدده أحوال
----------
غيرهم (ولم يكن له شريك في الملك) كزعم بعض الوثنية والثنوية (وخلق كل شيء) أوجده على تقدير وتسوية (فقدره تقديرا) فهيأه لما يصلح له في الدين والدنيا أو فقدره للبقاء إلى أجل مسمى .
(واتخذوا من دونه ءالهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون) لأن عبدتهم ينحتونهم (ولا يملكون) لا يستطيعون (لأنفسهم ضرا) أي دفعه (ولا نفعا) أي جره (ولا يملكون موتا ولا حيوة) إماتة وإحياء (ولا نشورا) بعثا للأموات ومن هذا حاله كيف يتخذ إلها .
(وقال الذين كفروا إن هذا) أي القرآن (إلا إفك) كذب (افتراه) اختلقه (وأعانه عليه قوم ءاخرون) من أهل الكتاب وهو نظير (إنما يعلمه بشر) كما مر
ص: 83
الأمم وهو سطّرها لكم ، أو عدّاس وأعداله (فَقَدْ جاؤُ) هؤلاء الوصّام (ظُلْماً) حدلا (وَزُوراً) ( 4 ) ولعا وهو كلام اللّه لردّ أهل العدول والصدود .
(وَقالُوا) طلاحا وحسدا هو (أَساطِيرُ) أسمار الأمم (الْأَوَّلِينَ) وما سطّروه واحده أسطار أو أسطور أو سواهما (اكْتَتَبَها) رسمها ، ورووه لا معلوما (فَهِيَ) الأسمار (تُمْلى) الإملاء الطرح والدرس (عَلَيْهِ) محمّد ( ص ) (بُكْرَةً) طلوعا (وَأَصِيلًا) ( 5 ) مساء .
(قُلْ) محمّد ( ص ) (أَنْزَلَهُ) أرسل الكلام اللّه (الَّذِي يَعْلَمُ) علم السداد و (السِّرَّ) كل ما هو سرّ ما اطّلعه أحد إلا هو (فِي) عالم (السَّماواتِ) كلّها (وَ) عالم (الْأَرْضِ) طرّا والمراد هو كلام اللّه لا كلام محمّد ( ص ) ، أو أحد سواه لمّا هو حاو لأسرار ما اطّلعها أحد إلا اللّه عالم الأسرار كلها (إِنَّهُ) اللّه (كانَ) دواما (غَفُوراً) للآصار (رَحِيماً) ( 6 ) واسع الرحم وإلّا ما أمهلهم وسطاهم حالا لحد لهم المسطور .
(وَقالُوا) وصما (مال) رسم اللام وحده رسم الإمام ، وهو حكم لا
----------
في النحل لایة 103 منها (فقد جاءوا) فعلوا (ظلما) تكذيبهم الرسول (وزورا) هو كذبهم عليه (وقالوا أساطير الأولين) أي ما سطره المتقدمون (اكتتبها) كتبها لنفسه أو استكتبها (فهي تملى) تقرأ (عليه بكرة وأصيلا) عليه طرفي نهاره ليحفظها أو ليكتبها .
(قل أنزله الذي يعلم السر) الغيب (في السموات والأرض) لإعجازه بفصاحته وتضمنه لمصالح العباد في المعاش والمعاد وإخباره بما لا يعلمه إلا علام الغيوب (إنه كان غفورا رحيما) ولذا لم يعاجلكم بما تستحقونه .
ص: 84
حول له (هذا الرَّسُولِ) سمّوه رسولا إلهادا لأمره (يَأْكُلُ الطَّعامَ) كأكلكم (وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) كالعوام ، وهو حال وعاملها مدلول اسم الومء (لَوْ لا) هلّا (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْهِ) محمّد ( ص ) (مَلَكٌ فَيَكُونَ) الملك (مَعَهُ نَذِيراً) ( 7 ) مسددا لكلامه .
(أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ) محمّد ( ص ) (كَنْزٌ) مال (أَوْ تَكُونُ لَهُ) لمحمّد ( ص ) (جَنَّةٌ) لها أحمال (يَأْكُلُ مِنْها) أحمالها (وَقالَ الظَّالِمُونَ) أعداء الإسلام لأهل الإسلام ، أورده محلّ ما عاد لأحكام حد لهم وإعلامه (إِنْ) ما (تَتَّبِعُونَ) أهل الإسلام (إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً) ( 8 ) ممكورا ملموما .
(انْظُرْ) وأدرك (كَيْفَ ضَرَبُوا) أعلموا وصرّحوا (لَكَ الْأَمْثالَ) الأحوال وسمّوك مسحورا طورا ومسطّرا للولع طورا (فَضَلُّوا) سواء الصراط (فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا) ( 9 ) سلوك صراط مسد .
(تَبارَكَ) اللّه وعلا علوّا كاملا ، أو دام أوامر درّه (الَّذِي إِنْ شاءَ) أراد
----------
(وقالوا مال هذا الرسول) أي الزاعم أنه رسول وفيه تهكم (يأكل الطعام) كما نأكل (ويمشي في الأسواق) لطلب المعاش كما نمشي زعم أنه يجب أن يكون ملكا مستغنيا عن الأكل والتعيش ثم نزلوا عن ذلك فقالوا (لو لا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا) يصدقه ثم نزلوا عن ذلك فقالوا (أو يلقى إليه كنز) يغنيه عن طلب المعاش ثم نزلوا عن ذلك فقالوا (أو تكون له جنة) بستان (يأكل منها) ويرتزق كالدهاقين (وقال الظالمون) وضع موضع ضمير هم تسجيلا عليهم بالظلم فيما قالوا (إن) ما (تتبعون إلا رجلا مسحورا) سحر فغلب على عقله (أنظر كيف ضربوا لك الأمثال) أي قالوا فيك الأقوال النادرة (فضلوا) عن الرشد (فلا يستطيعون سبيلا) إليه أو إلى إبطال أمرك .
ص: 85
إعطاءك (جَعَلَ لَكَ) أعطاك حالا (خَيْراً مِنْ ذلِكَ) ممّا كلّموا وهو المال والأحمال ، أراد (جَنَّاتٍ) محال دوح وروح وسرور (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) دوحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء (وَيَجْعَلْ) اللّه كامل الطّول (لَكَ قُصُوراً) ( 10 ) صروحا .
(بَلْ كَذَّبُوا) هؤلاء الطّلاح (بِالسَّاعَةِ) الموعود ورودها أمدا وردّوك لعدم الأموال صددك ، ووهموا الإكرام إلّا لحطام الحال (وَأَعْتَدْنا) هو والإعداد واحد (لِمَنْ) لكل مرء (كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ) الموعود ورودها أمدا (سَعِيراً) ( 11 ) ساعورا .
(إِذا رَأَتْهُمْ) الساعور (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) طروح (سَمِعُوا) ح (لَها) للساعور (تَغَيُّظاً) وأد حردا ومورا كمور الحارد (وَزَفِيراً) ( 12 ) وادا كاملا ، أو سماع الحرد علمه وإدراكه .
(وَإِذا أُلْقُوا مِنْها) الساعور والكاسر والمكسور حال (مَكاناً) محلّا (ضَيِّقاً) محصورا (مُقَرَّنِينَ) مكردسا كل أحد مع السلاسل (دَعَوْا) رادّوا
----------
(تبارك) تكاثر خير (الذي إن شاء جعل لك) في الدنيا (خيرا من ذلك) مما قالوا (جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا بل كذبوا بالساعة) أي بل أتوا بأعجب من تكذيبك وهو تكذيبهم بالساعة (و أعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا) نارا شديدة الاستعار أو هو اسم لجهنم (إذا رأتهم من مكان بعيد) أي إذا كانت منهم بمرأى الناظر في البعد (سمعوا لها تغيظا) صوت تغيظ (وزفيرا) شبه صوت غليانها بصوت المغتاظ وزفيره أو يخلق لها حياة فترى وتغضب وتزفر وذلك لزبانيتها فنسب إليها على حذف مضاف (وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا) في مكان يضيق الزج في الرمح (مقرنين)
ص: 86
المعاد (هُنالِكَ) ح (ثُبُوراً) ( 13 ) هلكا والمراد كلامهم ومدعوّهم وا هلاكاه هلم الحال حالك .
وكلّموا ح . (لا تَدْعُوا) أهل الردّ (الْيَوْمَ) الحال (ثُبُوراً) هلاكا (واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً) هلاكا (كَثِيراً) ( 14 ) لمّا أصاركم صروع كل صرع هلاك لعسره .
(قُلْ) محمّد ( ص ) (أَ ذلِكَ) المسطور الموعد (خَيْرٌ) أصلح (أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) دارالسلام والدوام (الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) أولو الإسلام والورع ، وهو إلهاد لهم كما ألهدوا للرسول صلعم حالا (كانَتْ) الدار المعلوم حالها وسط اللوح أو علم اللّه (لَهُمْ) لأهل الورع (جَزاءً) أوس أعمال عملوها لدار الأعمال عدلا (وَمَصِيراً) ( 15 ) معادا .
(لَهُمْ) لأهل الورع (فِيها) دارالسلام كلّ (ما يَشاؤُنَ خالِدِينَ) حال للواو (كانَ) مرادهم أو وعدهم ما مرّ (عَلى رَبِّكَ) ومولاك كرما كالأمر اللّاسم لا مردّ له (وَعْداً) موعودا (مَسْؤُلًا) ( 16 ) مرادا ، أو أهلا للسؤال ، أو
----------
قرنت أيديهم إلى أعناقهم بالأغلال (دعوا هنالك) في ذلك المكان (ثبورا) هلاكا يقولون: وا ثبوراه (لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا) لكثرة أنواع عذابكم فكل نوع ثبور أو لدوامه فكل وقت ثبور .
(قل أذلك) المذكور من الوعيد وصفة السعير (خير أم جنة الخلد) أضيف إليه تنبيها على خلودها (التي وعد) أي وعدها (المتقون كانت لهم) في علمه تعالى لأن وعده في تحققه كالكائن (جزاء) على أعمالهم (ومصيرا) ومرجعا (لهم فيها ما يشاءون) من النعيم (خالدين) حال لازمة (كان) ما يشاءون (على ربك وعدا) موعودا واجبا عليه إنجازه (مسئولا) يسأله الناس بقولهم
ص: 87
سأله أهل الإسلام والأملاك .
(وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) أعداء الإسلام (وَ) مع (ما يَعْبُدُونَ) الحال (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه أراد دماهم ، أو عام (فَيَقُولُ) اللّه لهم (أَ أَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي) لدار الأعمال (هؤُلاءِ) الورّاد أراد أرهاطا أطاعوا دماهم وسواها (أَمْ هُمْ ضَلُّوا) وسهوا (السَّبِيلَ) ( 17 ) الصراط المسدّ صراط الإسلام .
(قالُوا) ألههم اللهم (سُبْحانَكَ) طهرا لك عما ساء إدلاؤه لك (ما كانَ) لدار الأعمال (يَنْبَغِي) صحاحا وحلالا (لَنا) وللعالم كلّه (أَنْ نَتَّخِذَ) ورووه لا معلوما (مِنْ دُونِكَ) سواك (مِنْ) مؤكد لمدلول « ما » (أَوْلِياءَ) أودّاء (وَلكِنْ مَتَّعْتَهُمْ) أموالا وأولادا وأعمارا وصحّا وسلاما (وَآباءَهُمْ) ولّادهم ورؤساءهم (حَتَّى نَسُوا) وأمهوا وسهوا (الذِّكْرَ) الادّكار أو ورّوا
----------
ربنا وآتنا ما وعدتنا والملائكة بقولهم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم أو من حقه أن يسأل .
(ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله) من الملائكة وعيسى وعزير والأصنام كأنه قيل ومعبوديهم (فيقول) للمعبودين تبكيتا وإلزاما للعبدة وقرىء بالنون (أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل) أي عنه ولم يقل أضللتم أم ضلوا لأن السؤال ليس عن الفعل لأنه متحقق وإلا لما توجه العتاب بل عن متوليه فلزم إيلاؤه حرف الاستفهام (قالوا سبحانك) تعجبا مما قيل لهم لأنهم ملائكة وأنبياء معصومون أو جمادات عجزة أو إيذانا بأنهم الموسومون بتسبيحه فكيف يليق بهم أن يضلوا عباده أو تنزيها لهم عن الأنداد (ما كان ينبغي لنا) يصح (أن نتخذ من دونك من أولياء) نتولاهم ونتعبدهم (ولكن متعتهم وءاباءهم) بأنواع النعم (حتى نسوا الذكر) تركوا ذكرك أو القرآن وتدبره (وكانوا
ص: 88
كلام اللّه وراءهم وطرحوا ما دعاهم الرسول صلعم له (وَكانُوا) صدد اللّه (قَوْماً بُوراً) ( 18 ) هلّاكا أو طلّاحا ، وهو مصدر سواء له الواحد وما سواه .
وح كلّم مع أعداء الإسلام (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ) ردّكم أعداء الإسلام (بِما تَقُولُونَ) والمراد ردّوا كلامكم ودعواكم (فَما تَسْتَطِيعُونَ) طوّاع المآله العواطل (صَرْفاً) صدّا وردّا للإصر (وَلا نَصْراً) إمدادا (وَ) كل (مَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ) أهل العالم أراد عدله أحدا مع اللّه (نُذِقْهُ) معادا (عَذاباً) ألما (كَبِيراً) ( 19 ) صعدا مداما .
(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ) محمّد ( ص ) أحدا (مِنَ) الملأ (الْمُرْسَلِينَ) الكمّل لإعلام صلاح العالم وهداهم (إِلَّا إِنَّهُمْ) مكسور لورود اللام (لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) والحاصل إلّا أكّالا للطعام (وَيَمْشُونَ) وروّادا (فِي الْأَسْواقِ) مواسم العوام ، والكلام حوار لكلام الأعداء المسطور أولا وردّ له ومسلّ لرسول اللّه صلعم (وَجَعَلْنا) لحكم ومصالح (بَعْضَكُمْ) آحادكم (لِبَعْضٍ) آحاد (فِتْنَةً) محكا وادّكارا أهل العسر لأهل الدّول ، وأهل الداء لأهل الصحّ ، وأهل السّؤدد لأهل عكسه ، أو الكل للكل لمحا لصروع الأطوار ورعاء لإدّراء
----------
قوما بورا) هالكين (فقد كذبوكم بما تقولون) في قولكم إنهم آلهة (فما تستطيعون) أي آلهتكم (صرفا) دفعا للعذاب عنكم (ولا نصرا) منعا لكم منه (ومن يظلم منكم) أيها المكلفون بشرك أو فسق (نذقه عذابا كبيرا) وهو النار ما لم يتب أو يعف عن الفسق .
(وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق) رد لقولهم مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة) ابتلاء كابتلاء الشريف بالوضيع
ص: 89
الأحوال ، أو المراد أصار اللّه الرسول محكا لأهل العالم لمّا أصاره معسرا أطاعه كل أحد أطاعه للّه ، ولو موسرا لأطاعه أمر أهل العالم للمال وسطوع علوّ الحال كما هو حال أهل العالم (أَ تَصْبِرُونَ) علاها أم لا ، والمراد الأمر وهو احملوا ما أحمّلكم كما أحمّلكم وإلّا أطاحكم الأهوال والهموم ، أو معلّل لمّا أمامه والحاصل أصار اللّه آحادا لآحاد محكا لعلم حالهم وحمّل ما حمّلهم كما حمّلهم (وَكانَ) دواما (رَبُّكَ) ماكلك ومصلح أمورك (بَصِيراً) ( 20 ) عالما لأحوال حامل المكاره وسواه .
(وَقالَ) الملأ (الَّذِينَ لا يَرْجُونَ) المراد الأمل والطمع أو الروع (لِقاءَنا) وصول دار السرور أو دار الهموم لردّهم المعاد ، أو المراد عدم طمعهم احساس اللّه (لَوْ لا) هلّا (أُنْزِلَ) أرسل (عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ) رسلا أو إعلاما لسداد محمّد صلعم ودعواه (أَوْ نَرى) اللّه (رَبَّنا) صراحا معلما لسداد ألوك محمّد صلعم وأمرا لطوعه (لَقَدِ) اللام ممهّد للعهد المطروح (اسْتَكْبَرُوا) علوا (فِي) أمر (أَنْفُسِهِمْ) لمّا أرادوا لها ما حصل لآحاد الرسل اللّاءوا هم أكمل أهل العالم حال أكمل أعصارها أو أسرّوا العلوّ والصدود عما السداد (وَعَتَوْا) عدوا حدّ الحدل (عَتَوْا) عدوا (كَبِيراً) ( 21 ) كاملا وأصلا
----------
(أتصبرون) ليظهر أنكم تصبرون على البلاء أو لا أو مستأنف بمعنى اصبروا (وكان ربك بصيرا) بالصواب فيما يبتلى به وغيره أو فيمن يصبر وغيره .
(وقال الذين لا يرجون) لا يأملون أو لا يخافون (لقاءنا) أي جزاءه (لو لا) هلا (أنزل علينا الملائكة) فيخبروننا بصدق محمد فيكونون رسلنا إلينا (أو نرى ربنا) فيأمرنا بتصديقه واتباعه (لقد استكبروا في أنفسهم) أظهروا الاستكبار عن الحق وهو الكفر في قلوبهم واعتقدوه (وعتو) وأفرطوا في
ص: 90
أصعد مصاعده لمّا أحسّوا الأعلام السواطع وصدّوا عمّاها ، وحاولوا لأرواحهم الطوالح ما سدّد صدده مطامح الأرواح الأطهار .
ادّكر (يَوْمَ يَرَوْنَ) ردّاد المعاد (الْمَلائِكَةَ) أملاك السام أو الإصر الورّاد صددهم (لا بُشْرى) لا إعلام سارّا ، وهو مصدر (يَوْمَئِذٍ) حال إحساسهم الأملاك ، أو هو مؤكّد للأوّل (لِلْمُجْرِمِينَ) حلّ محلّ لهم أو هو عام لهم ولأهل الآصار (وَيَقُولُونَ) الأملاك ، أو ردّاد المعاد كما عاودوا لدار الأعمال حال حلول مكروه أو إحساس عدوّ (حِجْراً) حراما أو والا ، وهو مصدر طرح عامله (مَحْجُوراً) ( 22 ) محرّما أو مؤولا ، وهو مؤكّد للأول ككلامهم هلك هالك .
(وَقَدِمْنا) المراد العمد والأمّ والعهد (إِلى ما) كل عمل صالح (عَمِلُوا) لدار الأعمال (مِنْ عَمَلٍ) كوصل رحم وإمداد مهموم وإكرام مكرّم (فَجَعَلْناهُ) عملهم الصالح (هَباءً) عصرا طلع مما هو لمع أحس وسط لمع اللامع الأكمل (مَنْثُوراً) ( 23 ) مصعصعا المراد حالهم كحال رهط عصوا ملكهم ، وهو همّ دورهم ومراكدهم وهدم مراسمها ومحا إعلامها .
----------
الظلم (عتوا كبيرا) بالغا الغاية .
(يوم يرون الملائكة) عند الموت أو في القيامة ونصب باذكر مضمرا (لا بشرى يومئذ للمجرمين) أي يمنعون البشرى ويومئذ تكرير وللمجرمين في موضع ضميرهم أو عام فيشملهم (ويقولون حجرا محجورا) أي يقول الكفرة حينئذ للملائكة هذه الكلمة استعاذة منهم كما كانوا يقولونها في الدنيا عند لقاء عدو ونحوه (وقدمنا) عمدنا (إلى ما عملوا من عمل) من الخير كصلة رحم وإعانة ملهوف وقرى ضيف (فجعلناه هباء) هو غبار يرى في شعاع الشمس
ص: 91
(أَصْحابُ الْجَنَّةِ) أهلها (يَوْمَئِذٍ) عصر المعاد (خَيْرٌ) أصلح مهد (مُسْتَقَرًّا) محلّ رسوّ وركود (وَأَحْسَنُ مَقِيلًا) ( 24 ) مآلا ومراحا والمراد مآلهم صدد الحور وحمل أحدهما للمصدر أو للحصر .
(وَ) ادّكر (يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ) كل سماء (بِالْغَمامِ) لطلوع الطحاء المحوّر (وَنُزِّلَ) أرسل مع الطحاء المسطور (الْمَلائِكَةُ) الأملاك الحمّل لطروس أعمال أولاد آدم (تَنْزِيلًا) ( 25 ) إرسالا .
(الْمُلْكُ) كله محكوم علاه (يَوْمَئِذٍ) عصر ورود الأملاك (الْحَقُّ) الواطد الصرّاح محمول أو المحمول (لِلرَّحْمنِ) للّه واسع الرّحم وحده ولا ملك حّ لسواه لطلوع الإلّ وهمود الكل حّ (وَكانَ) العصر المعهود (يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ) ردّاد الإسلام والمعاد وحدهم (عَسِيراً) ( 26 ) وعرا .
ورد عمل ملحد معهود - مراود رسول اللّه صلعم عموم الأعصار - طعاما ودعا العوام والسوّام ودعا رسول اللّه صلعم لطعامه ، ولمّا حطّوا الطعام ، وكلّمه الرسول : لا آكل طعامك إلّا حال إسلامك ، وأسلم وأكل الرسول صلعم طعامه ، وما ورد ودود المرء المعهود ح لرحله أولا ، ولمّا عاد ودوده ووصله ووصمه
----------
الخارج من الكوة (منثورا) متفرقا (أصحاب الجنة يومئذ) يوم القيامة (خير مستقرا) مكانا يستقر فيه (وأحسن مقيلا) مكانا يؤوي إليه للاسترواح بالازدواج والتمتع .
(ويوم تشقق) تتشقق (السماء بالغمام) بسبب خروج الغمام منها (ونزل الملائكة تنزيلا) في ذلك المكان بصحائف أعمال العباد (الملك يومئذ الحق للرحمن) الثابت له لزوال كل ملك يومئذ إلا ملكه (وكان) اليوم (يوما على الكافرين) لا المؤمنين (عسيرا) شديدا .
ص: 92
ولامه وكلّمه لا أصلك إلا حال عودك ووطاك حال كرد الرسول عاد عمّا الإسلام وأدركه راكعا دار الإمار ، وعمل كما أمره وعلّمه ، وحّ كلّم الرسول صلعم : لا أراك وراء أمّ الرّحم إلا ورأسك مصروم . وأسر عصر عماس ورده الأملاك للإمداد ، وأمر الرسول صلعم أسد اللّه لإهلاكه ، وأهلكه ، وكلّم الرسول ودوده عماس أحد وعاد أمّ الرّحم وهلك ، وأرسل اللّه اعلاما لسوء حاله .
(وَيَوْمَ يَعَضُّ) وهو الأرم وهو العطو مع الإرحاء (الظَّالِمُ) العادل مع اللّه إلها سواه عموما ، أو هو المعهود (عَلى يَدَيْهِ) حردا أو سدما وحسرا ، والحال (يَقُولُ يا) للإعلام والدعاء (لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ) لدار الأعمال وهو العطو (مَعَ الرَّسُولِ) محمّد صلعم (سَبِيلًا) ( 27 ) صراط سداد أو صراطا واحدا وهو الإسلام .
(يا وَيْلَتى) هلكا هلمّ الحال حالك والعصر عصرك (لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ) لما مرّ (فُلاناً) الودود المعهود أو المارد (خَلِيلًا) ( 28 ) ودودا .
واللّه (لَقَدْ أَضَلَّنِي) الودود (عَنِ الذِّكْرِ) ادكار اللّه أو كلام اللّه وطوعه ، أو الإسلام ، أو ادّكار الرسول ، أو لا إله اللّه محمّد رسول اللّه (بَعْدَ إِذْ) لمّا (جاءَنِي) مما وصّل اللّه (وَكانَ الشَّيْطانُ) الودود المردود ، أو المارد المطرود لمّا هو حامل له (لِلْإِنْسانِ) الملحد (خَذُولًا) ( 29 ) طارحا له لا
----------
(ويوم يعض الظالم على يديه) ندما وتحسرا أو عض اليدين كناية عن الغيظ والتحسر (يقول يا) للتنبيه (ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا) طريقا إلى الهدى (يا ويلتى) يا هلكتى احضري فهذا وقتك (ليتني لم أتخذ فلانا خليلا) أي من أضله (لقد أضلني عن الذكر) القرآن أو موعظة الرسول (بعد إذ جاءني) مع الرسول (وكان الشيطان) أي الخليل المضل أو إبليس أو كل متشيطن جني
ص: 93
ممدّ حال حلول اللّأواء والمهالك .
(وَقالَ الرَّسُولُ) محمّد حالا أو مآلا (يا رَبِّ) اللّهم (إِنَّ قَوْمِي) الحمس (اتَّخَذُوا) طلّاحا وعداء (هذَا الْقُرْآنَ) الكلام المرسل (مَهْجُوراً) ( 30 ) مطروحا صدّوه وما أسلموه ، أو طرحوه ولهوه كلّما سمعوه ووهموه أسمار الأول ، وهو كلام مهدّد .
(وَكَذلِكَ) كما حوّل رهطك أعداء لك (جَعَلْنا) أولا (لِكُلِّ نَبِيٍّ) مرء كامل معه صوارم المعود (عَدُوًّا) وهو الواحد والآحاد (مِنَ) الملأ (الْمُجْرِمِينَ) العدّال مع اللّه إلها سواه والمراد احمل المكاره كما حملوا (وَكَفى بِرَبِّكَ) اللّه (هادِياً) لك (وَنَصِيراً) ( 31 ) لك وصادا لعدوّك .
(وَقالَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) وساء إدرارهم هم الحمس ، أو الهود (لَوْ لا) هلّا (نُزِّلَ) أرسل (عَلَيْهِ) محمّد ( ص ) (الْقُرْآنُ) الكلام المرسل (جُمْلَةً واحِدَةً) معا كطرس رسول الهود وروح اللّه وداود (كَذلِكَ) هو ممّا كلام الأعداء والمراد عدل الطروس الأوّل ، وحّ الحوار هو المعلّل مع معلوله
----------
أو إنسي (للإنسان خذولا) يسلمه إلى الهلاك ثم يتركه ولا ينفعه (وقال الرسول) محمد صلی الله علیه واله يشكو قومه في الدنيا أو يوم القيامة (يا رب إن قومي) قريشا (اتخذوا هذا القرآن مهجورا) متروكا أو زعموا أنه هجر وهذيان أو هجروا فيه ولغوا أي مهجورا فيه.
(وكذلك) كما (جعلنا) لك عدوا من كفار قومك جعلنا (لكل نبي عدوا من المجرمين) الكافرين بأن لم نمنعهم من العداوة لهم فاصبر كما صبروا (وكفى بربك هاديا) إلى الاعتصام منهم (ونصيرا) لك عليهم .
(وقال الذين كفروا لو لا) هلا (نزل عليه القرآن) أنزله (جملة واحدة)
ص: 94
المطروح ، أو كلام اللّه وحوار لهم والمراد ما أرسل مصعصعا وردا وردا إلّا (لِنُثَبِّتَ) لأحكم (بِهِ) وروده كسرا كسرا (فُؤادَكَ) سوّارك للإدراك والدرس والحرس لعدم سطرك ودرسك أمام الإرسال ، ولو أرسل الكلّ معا لعسر علاك درسه ودركه وحرسه (وَرَتَّلْناهُ) وأورد ودرس علاك مع مهل ورود (تَرْتِيلًا) ( 32 ) مصدر مؤكد .
(وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ) سؤال هكر لهدم أمرك (إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ) الحوار المحكم الصّارم للعدوّ الحاسم لسؤاله (وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) ( 33 ) إعلاما أو مدلولا ممّا صدد العدوّ وهو السؤال .
هم (الَّذِينَ يُحْشَرُونَ) معادا أو هو معمول المطروح والمراد أهمّهم واسم الومء حّ أول كلام ، أو هو محكوم علاه واسم الومء مع محموله محمول له (عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى) دار الآلام (جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ) الأرهاط الطّلاح (شَرٌّ) أسوأ (مَكاناً) محلا هو دار الآلام (وَأَضَلُّ) أود (سَبِيلًا) ( 34 ) صراطا والحاصل محلّهم أسوأ وصراطهم أود ، ومحل الرسول صلعم أصلح وصراطه أعدل وأوسط .
----------
مجتمعا كالكتب الثلاثة (كذلك) نزل مفرقا (لنثبت به) لنقوي بتفريقه (فؤادك) على حفظه إذ كان أميا بخلاف الأنبياء الثلاثة (ورتلناه ترتيلا) نزلناه شيئا بعد شيء في نحو عشرين سنة أو أمرنا بترتيله أي تبيينه والتأني في قراءته (ولا يأتونك بمثل) بسؤال عجيب كالمثل في البطلان للقدح فيك (إلا جئناك بالحق) الراد له في جوابه (وأحسن تفسيرا) وبما هو أحسن بيانا أو معنى من سؤالهم (الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم) يسحبون إليها (أولئك شر مكانا وأضل سبيلا) ممن حقروا مكانه وضللوا سبيله .
ص: 95
(وَلَقَدْ) اللّام ممهّد للعهد المطروح (آتَيْنا) أولا (مُوسَى) الرسول (الْكِتابَ) الطوس المعهود (وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ) لوالد وأم أو لأمّ (هارُونَ) صدع للأوّل (وَزِيراً) ( 35 ) رداء وعصرا .
(فَقُلْنَا) لهما (اذْهَبا) رسلا (إِلَى الْقَوْمِ) ملك مصر وآله (الَّذِينَ) حلّوا مصر وسواده وهما راحا صددهم مع الدوال والأعلام ، وحّ (كَذَّبُوا) هؤلاء الرهط (بِآياتِنا) وردّوها (فَدَمَّرْناهُمْ) دمّره أهلكه إهلاكا هكرا ، وأصله كسر لا إصلاح له (تَدْمِيراً) ( 36 ) مصدر مؤكد أورد أول حالهما مع الرهط وأمدها لمّا هما المروم الأهمّ مما ادكارها .
(وَ) ادّكر (قَوْمَ) الرسول (نُوحٍ) أهل عصره ، أو الواو لوصله مع هم (لَمَّا كَذَّبُوا) ردّوا (الرُّسُلَ) رسولهم ورسلا مرّوا أمامه أو لمّا ردّوا رسولا واحدا وهو رسولهم لسمهم ردّ الكل لوجود مدعاهم ، أو إرسال الرسل عموما (أَغْرَقْناهُمْ) وأهلكهم الماء وهو حوار « لمّا » (وَجَعَلْناهُمْ) إهلاكهم أو حالهم الهكر (لِلنَّاسِ) وراءهم (آيَةً) علما للادّكار (وَأَعْتَدْنا) معادا هو والإعداد واحد (لِلظَّالِمِينَ) ردّاد الإسلام عموما ، أو اللام للعهد والمراد لهم أورده محلّ هم إلساما للحدل لهم (عَذاباً أَلِيماً) ( 37 ) مؤلما وراء ما وصلهم الحال .
(وَعاداً) رهط « هود » (وَثَمُودَ) رهط « صالح » ( وَأَصْحابَ الرَّسِّ)
----------
(ولقد ءاتينا موسى الكتاب) التوراة (وجعلنا معه أخاه هرون وزيرا) معينا في الدعوة (فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا) أي فرعون وقومه (فدمرناهم تدميرا) أهلكناهم إهلاكا (وقوم نوح لما كذبوا الرسل) نوحا ومن قبله (أغرقناهم) بالطوفان (وجعلناهم للناس آية) عبرة (وأعتدنا) هيأنا (للظالمين عذابا أليما) عام أو خاص في موضع الضمير تظليما له .
ص: 96
المحل الماكور للماء ، رسّ المحل أكره وكل مأكور رسّ ، والمراد رهط رسول صهره رسول الهود ، وهم لمّا طاوعوا دماهم أرسل اللّه رسولا لإصلاحهم وردّوه وهم حول الرسّ ، هلكوا مع دورهم لما هار الرسّ ، أو آسار رهط « صالح » أرسل اللّه لإصلاحهم رسولا وهم ردّوه وأهلكوه أهلكهم اللّه ودمّرهم ، أو رهط ردّوا رسولهم ورسّوه وسط الرسّ ، أو رهط سواها ، (وَقُرُوناً) أهل أعصار وأمما (بَيْنَ ذلِكَ) المسطور وهو « عاد » و « أهل الرسّ » (كَثِيراً) ( 38 ) ما علمها إلّا صدد اللّه أرسل لهم الرسل وردّوهم وأهلكوا واصطلموا .
(وَكُلًّا) كل أهل عصر مما مرّ عامله مطروح دلّ علاه (ضَرَبْنا) أولا (لَهُ الْأَمْثالَ) أحوال الأمم الأول طمع ادّكارهم وإسلامهم (وَكُلًّا) كل أهل عصر مرّ (تَبَّرْنا) هم أهلكوا (تَتْبِيراً) ( 39 ) إهلاكا .
(وَلَقَدْ) اللام مؤكد وممهد للعهد المطروح (أَتَوْا) مرّوا والمراد الحمس (عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ) أمطر أهلها ، وهؤلاء أمصار اسم أوسعها
----------
(وعادا) عطف على هم في وجعلناهم أو الظالمين إذ المعنى وعدناهم (وثمود) بالتنوين وعدمه (وأصحاب الرس) هو البئر الغير المطوية وكانت لعبدة أصنام فبعث إليهم شعيب فكذبوه فانهارت بهم وبدارهم أو قرية بفلج اليمامة وكان فيها بقية ثمود فقتلوا نبيهم فأهلكوا أو بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيبا النجار أو هم قوم رسوا نبيهم أو دفنوه في بئر أو أصحاب الأخدود أو أصحاب النبي حنظلة بن صفوان قتلوه فأهلكوا (وقرونا) أهل أعصار (بين ذلك) المذكور (كثيرا).
(وكلا ضربنا له الأمثال) بينا له القصص العجيبة فلم يعتبروا (وكلا تبرنا تتبيرا) كسرنا تكسيرا أي أهلكناهم .
ص: 97
وأعمرها « سدوم » وأهلها رهط « لوط » (مَطَرَ السَّوْءِ) مصدر ساء والمراد مطر العرامس (أَ) ما مرّوا (فَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها) وما أحسّوا إعلام الإصر والحدّ علاها ، والمراد مرّوا ورأوا مرارا (بَلْ كانُوا) صدّادا (لا يَرْجُونَ) هو الروع أو الطمع والأمل (نُشُوراً) ( 40 ) ردا للحال الأوّل للهلاك معادا ، والحاصل أعماهم الطلاح وردّ المعاد .
(وَإِذا) كلما (رَأَوْكَ) محمّد ( ص ) (إِنْ) ما (يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) إلّا محل إلهاد ولهو وكلامهم حّ (أَ هذَا) المرء هو (الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ) أرسله (رَسُولًا) ( 41 ) دعواه الألوك .
(إِنْ) مؤكّد لمّا أصله مكرّر الأمد كما دلّ علاه اللام (كادَ) أحمّ لسحره (لَيُضِلُّنا) لهو صاد (عَنْ) طوع (آلِهَتِنا) اللّواء أمر طوعها (لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا) لولا الإمساك والإصرار (عَلَيْها) طوعها لصد عما طوعها وردّ الأمر المسلوك (وَسَوْفَ) مؤكد للوعد (يَعْلَمُونَ) هؤلاء الأعداء (حِينَ يَرَوْنَ
----------
(ولقد أتوا) أو مر قريش (على القرية التي أمطرت مطر للسوء) الحجارة وهي سدوم من قرى قوم لوط (أفلم يكونوا يرونها) في مرورهم فيعتبرون (بل كانوا لا يرجون نشورا) لا يتوقعون بعثا لكفرهم ولذا لم يعتبروا أو لا يأملونه كما يأمله المؤمنون للثواب أو لا يخافونه (وإذا رأوك إن) ما (يتخذونك إلا هزوا) محل هزىء أو مهزوءا به يقولون (أهذا) استحقارا (الذي بعث الله رسولا) لم يقيدوه بزعمه بل أخرجوه في موضع الإقرار مع فرط إنكارهم استهزاء (إن) المخففة أي إنه (كاد ليضلنا) يصرفنا واللام فارقة (عن ءالهتنا) عن عبادتها ببذل جهده في دعائنا (لو لا أن صبرنا عليها) ثبتنا على عبادتها لصرفنا عنها (وسوف يعلمون حين يرون العذاب) عيانا في الآخرة وعيد يفيد أنه يلحقهم لا
ص: 98
الْعَذابَ) المؤلم صراحا (مَنْ) هو (أَضَلُّ) أسوأ (سَبِيلًا) ( 42 ) صراطا أهم أو أهل الإسلام .
(أَ رَأَيْتَ) اعلم محمد ( ص ) (مَنِ اتَّخَذَ) عطا وأصار (إِلهَهُ) مألوهه (هَواهُ) وأطاعه ، مورده مرء معهود أطاع عرمسا ولمّا احسّ عرمسا أملح أطاعه وطرح الأول (أَ) أمرك اللّه (فَأَنْتَ تَكُونُ) محمّد ( ص ) (عَلَيْهِ) ما عطا إلهه هواه وأطاعه (وَكِيلًا) ( 43 ) حارسا له عما هو عمله مسلّطا علاه ، لا وما أمرك إلا أداء الأحكام .
(أَمْ تَحْسَبُ) محمد ( ص ) (أَنَّ أَكْثَرَهُمْ) لا كلهم لمّا ماصلهم أسلم أو علم السداد وصدّه وردّه سمودا وعلّوا (يَسْمَعُونَ) سماع إدراك (أَوْ يَعْقِلُونَ) كلامك وهو أكمل وأصمل لو ما مما أمامه (إِنْ هُمْ) ما حالهم (إِلَّا كَالْأَنْعامِ) إلا كحال السوّام لعدم عود الإعلام السواطع والدوالّ الصوارم لهم كالسوّام (بَلْ هُمْ أَضَلُّ) أسوأ (سَبِيلًا) ( 44 ) صراطا لطوع السوّام لعهدها وعلمها عوده وعدم طوعهم لمولاهم وعهدهم وهو اللّه وعدم علمهم عوده .
----------
محالة وإن أخر (من أضل سبيلا) أخطأ طريقا أهم أم أنت .
(أرأيت) أخبرني (من اتخذ إلهه هواه) لطاعته له في دينه وقدم المفعول الثاني عناية به (أفأنت تكون عليه وكيلا) حافظا تجبره على الإسلام (أم تحسب أن أكثرهم يسمعون) سماع تفهم (أو يعقلون) يتدبرون ما نأتي به من الحجج وخص الأكثر إذ فيهم من يعقل (إن) ما (هم إلا كالأنعام) في عدم تفهم قولك وتدبر حججك (بل هم أضل سبيلا) منها لأنها تعرف المحسن إليها من المسيء وتطلب المنافع وتجنب المضار وهؤلاء لا يعرفون إحسان ربهم من إساءة الشيطان .
ص: 99
(أَ لَمْ تَرَ إِلى) عمل (رَبِّكَ) وطوله (كَيْفَ مَدَّ) دحا (الظِّلَّ) وأصاره ممدودا عمّ الرمكاء كلها وأحاط سطحها طرّها وسط عطاس العاطس الساطع والطلوع لا حرّ معه ولا دلس ، وهو أروح الأحوال وأعدل الأعصار (وَلَوْ شاءَ) أراد اللّه (لَجَعَلَهُ ساكِناً) راكدا دواما (ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ) ألمع اللوامع (عَلَيْهِ) الممدود (دَلِيلًا) ( 45 ) ولولاها ما علم هو .
(ثُمَّ قَبَضْناهُ) الممدود (إِلَيْنا) محل مراد (قَبْضاً يَسِيراً) ( 46 ) سهلا صدد ورود السعواء لإعدام أمور هولها وعلاها ، أو ماصلا ماصلا واما لطلوعها وعلوّها لمصالح أهل العالم .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) لمصالحكم (اللَّيْلَ) المدلهمّ (لِباساً) مدلسا كالمكسو (وَ) أصار (النَّوْمَ) الهكر المعطّل للحواس كلها إلّا الوهم والدهاء والحلم (سُباتاً) روحا لأعطالكم وحسما لأعمالكم أوساما
----------
(ألم تر) تنظر (إلى ربك) إلى صنعه (كيف مد الظل) بسطه من الفجر إلى طلوعها وهو أعدل الأحوال (ولو شاء لجعله ساكنا) لا يتقلص (ثم جعلنا الشمس عليه دليلا) إذ لا يعرف وجوده ولا يتفاوت إلا بطلوعها وحركتها وفيه التفات إلى التكلم (ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا) قليلا قليلا بحسب ارتفاع الشمس لمصالح جمة ولفظ ثم للتفاضل بين الأمور كان اللاحق أعظم مما قبله وقيل مد ظل السماء على الأرض حين خلقهما ولو شاء لجعله ثابتا على تلك الحال ثم خلق الشمس وجعلها دليلا مسلطا عليه يتبعها كما يتبع السائر الدليل يتفاوت بحركتها ثم قبضه تدريجا إلى غاية نقصانه أو قبضا سهلا عند قيام الساعة بقبض أسبأبه .
(وهو الذي جعل لكم الليل لباسا) ساترا بظلامه كاللباس (والنوم سبأتا)
ص: 100
لمّا هو حسم الحسّ والحراك وأصله الحسم (وَجَعَلَ النَّهارَ) ما وسط الطّلوع والدلوك (نُشُوراً) ( 47 ) عصر حراك للطعام والماء والكساء وما سواها .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) حرّك الهواء ، ورووه موحّدا والمراد الصرع (بُشْراً) إعلاما سارا لكم (بَيْنَ يَدَيْ) أمام (رَحْمَتِهِ) المطر لمّا الأوّل روح والأوسط طحاء والأمد مطر (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ) العلو (ماءً) مطرا (طَهُوراً) ( 48 ) كاملا طهره والطهور الطاهر كماء طهور طاهر واسم للمطهّر ومصدر مدلوله الأطهر ، وكلامهم هو الطاهر المطر سهو لو أرادوا إعلام مدلوله الأصل
(لِنُحْيِيَ بِهِ) المطر (بَلْدَةً) محلا (مَيْتاً) هالكا عدوا (وَنُسْقِيَهُ) الماء (مِمَّا خَلَقْنا) حال ما هل (أَنْعاماً) سوّاما كالأطوم (وَأَناسِيَّ) أولاد آدم (كَثِيراً) ( 49 ) عددهم .
(وَلَقَدْ صَرَّفْناهُ) الكلام المسطور وهو ادّكار إرسال الطحاء وإدرار الأمطار (بَيْنَهُمْ) ولد آدم والمراد كرّر وسط كلام اللّه وطروس سواه ، أو المطر
----------
راحة للأبدان بقطع الأعمال (وجعل النهار نشورا) منتشرا فيه للمعاش وغيره أو بعثا من النوم إذ هو واليقظة كالموت والبعث (وهو الذي أرسل الرياح) ووحدها ابن كثير (بشرا) بالباء أي مبشرات وقرىء بالنون أي منتشرة جمع نشور (بين يدي رحمته) قدام المطر (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) مطهرا لقوله ليطهركم به وهو اسم لما يتطهر به كالوقود لما يوقد به أو بليغا في الطهارة لأنه مطهر (لنحيي به بلدة ميتا) بالنبات وذكر بتأويل البلد (ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا) جمع إنسي أو إنسان وأصله أناسين قلبت النون ياء (ولقد صرفناه) أي المطر (بينهم) بين الناس في البلدان والأوقات والصفات من وابل وطل وغيرهما أو صرفنا ما ذكر من الدلائل في
ص: 101
وسط الأمصار والأعصار وصروع الأحوال كطلّ وما عداه (لِيَذَّكَّرُوا) طمع ادّكارهم وإدراكهم كمال طوله وحمدهم له (فَأَبى) كره (أَكْثَرُ النَّاسِ) عمومهم (إِلَّا كُفُوراً) ( 50 ) دسّا للآلاء وعدم إعداد لها ، أو ردّا لها وهموا هور لامع عما محاله وطلوع معاد له ممطر له .
ورد كل أحد علم الأمطار مما هور اللوامع وطلوعها صار ملحدا لا محال ، ولو علم هو لأسر اللّه وهور اللوامع وطلوعها علم وإمار له ما صار ملحدا .
(وَلَوْ شِئْنا) إرسال رسول لكل أهل مصر (لَبَعَثْنا فِي) أهل (كُلِّ قَرْيَةٍ) رسولا (نَذِيراً) ( 51 ) مروّعا أهلها ، وإرسالك وحدك للكل لسطوع علوّك وإعلاء إكرامك وروم كمال عدلك أحمد اللّه حاسما عمّا وراءه .
(فَلا تُطِعِ) أهواء (الْكافِرِينَ) أعداء الإسلام وهو حامد له ولأهل الإسلام كلهم (وَجاهِدْهُمْ بِهِ) اللّه وإمداده أو كلام اللّه ودوالّه أو عدم طوعهم أو ألوكك وحدك لعموم أهل العالم (جِهاداً كَبِيراً) ( 52 ) لا كلال معه ولا سأم إمّا هلاكهم معه أو إسلامهم ، أو لمّا عماسك حاو لصروع العماس لسدّك وحدك مسدّ الرسل لعموم إرسالك أهل العالم كلهم وعماسك معهم ، أو لمّا عماس الأدلّاء مع أهل الورة أكمل مما هو عماس السلاح مع الأعداء .
----------
القرآن وسائر الكتب (ليذكروا) ليتفكروا فيعرفوا سعة القدرة وحق النعمة به ويشكروا (فأبى أكثر الناس إلا كفورا) جحودا للنعمة فيقولون أمطرنا بنوء كذا (ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا) نبيا يخوف أهلها فيخف عليك أعباء الرسالة لكن خصصناك بعموم الدعوة إجلالا لك (فلا تطع الكافرين) فيما يدعونك إليه تهييج له (صلى الله عليه وآله وسلّم) (وجاهدهم به) بالقرآن أو بترك طاعتهم (جهادا كبيرا) يتحمل فيه المشاق بإقامة الحجج أو بجهاد جميع أهل القرى .
ص: 102
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي مَرَجَ) أرسل وأسال (الْبَحْرَيْنِ) مواصرا كل واحد لمطوه ومواصلا له أو كسا أحدهما مطوه ، والمراد داماء السماء وداماء الرمكاء هذا أحدهما (عَذْبٌ) رواء (فُراتٌ) كاملها محمّ للحلو حاسم للأوام (وَهذا) أحدهما (مِلْحٌ) مالح طعمه (أُجاجٌ) كامل الملوح أو مرّ ، ورووا ملح مكسور الوسط ككلم ولعلّ أصله مالح (وَجَعَلَ) أصار (بَيْنَهُما) الداماء الرواء والداماء الملح (بَرْزَخاً) سدّا واسطا رادّا لمماسهما مع سطوعه ، ورد المراد داماء الروم وأعداله والداماء الملح والسدّ الرمكاء وهو دالّ طول اللّه لروم سوس كل أصل الوصال ووجود الحال (وَحِجْراً) حدّا (مَحْجُوراً) ( 53 ) محدودا عما رآه الحواس .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي خَلَقَ) أسر وصوّر (مِنَ الْماءِ) ماء المرء وعرسه (بَشَراً) معدّلا (فَجَعَلَهُ نَسَباً) مرء صالحا لإدلاء الأولاد إلاه (وَصِهْراً) عرسا أهلا للصهار (وَكانَ) دواما (رَبُّكَ قَدِيراً) ( 54 ) واسع الألو كامل الطول لمّا أسر مما الماء مرء أو عرسا للولاد .
(وَيَعْبُدُونَ) أعداء الإسلام (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (ما) إلها (لا ينفعهم) حال طوعهم له (ولا يَضُرُّهُمْ) حال عدم الطوع أراد دماهم ، أو كل ما
----------
(وهو الذي مرج البحرين) خلاهما متلاصقين (هذا عذب فرات) بليغ العذوبة (وهذا ملح أجاج) شديد الملوحة أو مر (وجعل بينهما برزخا) حاجزا من قدرته يمنعهما التمازج (وحجرا محجورا وهو الذي خلق من الماء) الذي هو العنصر أو النطفة (بشرا فجعله نسبأ وصهرا) أي قسمين ذوي نسب أي ذكورا ينتسب إليهم وذوات صهر أي إناثا يصاهر بهن نحو (فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى) 39 / القیامة (وكان ربك قديرا) على كل شيء
ص: 103
ألّهوه وراء اللّه (وَكانَ الْكافِرُ) العدّ والمعهود أو الأعمّ (عَلى) ردّ امر اللّه (رَبِّهِ ظَهِيراً) ( 55 ) ممدّا للوسواس وأعداء اللّه ، أو مدحورا مطرودا لا محل له صدد اللّه ، وصار كأمر مطروح وراء .
(وَما أَرْسَلْناكَ) محمّد ( ص ) (إِلَّا مُبَشِّراً) لأهل الإسلام (وَنَذِيراً) ( 56 ) مروّعا لعدوّهم .
(قُلْ) لهم (ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أداء أوامر اللّه وإعلام أحكامه (مِنْ) مؤكد (أَجْرٍ) كراء (إِلَّا) عمل (مِنْ) مرء (شاءَ) أراد وعمد (أَنْ يَتَّخِذَ إِلى) اللّه (رَبِّهِ) المالك له (سَبِيلًا) ( 57 ) والحاصل الإسلام والورع .
(وَتَوَكَّلْ) وعوّل لدسع دعرهم (عَلَى) اللّه (الْحَيِّ الَّذِي) ما طرأه العدم و (لا يَمُوتُ) أصلا ودع وكول ما طرأه السام والعدم (وَسَبِّحْ) له وطهّره عمّا وصمه موصولا (بِحَمْدِهِ) الأهل له (وَكَفى بِهِ) اللّه (بِذُنُوبِ عِبادِهِ) كلهم (خَبِيراً) ( 58 ) عالما مطلعا ، لا علاك إسلامهم ولا صدودهم .
----------
أراده (ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم) بعبادته (ولا يضرهم) بتركها وهو الأصنام (وكان الكافر) أي جنسه أو أبو جهل (على ربهظه يرا) عزما للشيطان باتباعه .
(وما أرسلناك إلا مبشرا) لمن ءامن (ونذيرا) لمن كفر (قل ما أسألكم عليه) على تبليغ ما أرسلت به (من أجر إلا من شاء) إلا فعل من شاء (أن يتخذ إلى ربه) إلى ثوابه (سبيلا) بالتقرب إليه بالإيمان والطاعة أو منقطع أي ولكن من شاء فليفعل (وتوكل على الحي الذي لا يموت) في دفع المضار وجلب المنافع فإنه الكافي (وسبح بحمده) نزهه عما لا يليق به (وكفى به بذنوب عباده خبيرا) بها فيجازيهم .
ص: 104
(الَّذِي خَلَقَ) أسر وصوّر عالم (السَّماواتِ) كلها (وَالْأَرْضَ) عالمها عمومها (وَ) كل (ما) حلّ (بَيْنَهُما) كالدوح والكلاء والسوّام والهوام (فِي) لهاء (سِتَّةِ أَيَّامٍ) مع أسمارها لعدمهما حّ (ثُمَّ) لمّا أكمل العالم كله (اسْتَوى) كما هو أهل له (عَلَى الْعَرْشِ) محدّد الحدود أوسع الأكر محرّك الكل أمد العالم وهو السماء الأطلس ، هو (الرَّحْمنُ) واسع الرّحم أو هو محمول للموصول ، ورووه مكسور الأمد (فَسْئَلْ) ولد آدم ، ورووا سل (بِهِ) واسع الرّحم أو اسمه المسطور ، أو عمّا مرّ مما هو الأسر وما عداه (خَبِيراً) ( 59 ) عالما معلّما لك .
(وَإِذا) كلما (قِيلَ) وأمر (لَهُمُ) لأعداء الإسلام أمرهم محمّد ( ص ) (اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ) صلّوا للّه كامل الرحم وأودحوا له (قالُوا) حوارا (وَمَا الرَّحْمنُ) هل هو مرء دعواه الألوك ولعا هو اسمه أو سواه ، أو المراد ما مسمّاه أو ما مدلوله لمّا هو كلام الحمراء وما علموا مدلوله كما حكاه العلماء ، أو المراد ردّ مدلوله كما هو معاك الحكماء ، أو لمّا علموه اسما علما كاللّه مع وجود مسماهما أحالوه (أَ نَسْجُدُ) ركعا (لِما) إله (تَأْمُرُنا) محمد ( ص ) مع عدم
----------
(الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام) في قدرها (ثم استوى) بالنسبة إلى كل شيء أو استقام أمره أو استولى (على العرش) هو الجسم المحيط بالعالم شبه بسرير الملك (الرحمن) خبر محذوف أو بدل من ضمير استوى (فاسئل به خبيرا) فاسأل عن المذكور من الخلق والاستواء عالما وهو الله أو جبرئيل يخبرك به أو فاسأل عن الرحمن إن أنكروه ممن يخبرك من أهل الكتاب ليعرفوا أنه مذكور في كتبهم (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن) سؤال عن المسمى به، وجهلوا أنه من أسمائه تعالى أو عرفوه
ص: 105
علم له ، أو ما للمصدر ، لا ، (وَزادَهُمْ) أمرك المسطور لهم (نُفُوراً) ( 60 ) عرودا عمّا هو الإسلام .
(تَبارَكَ) علا علّوا كاملا اللّه (الَّذِي جَعَلَ) أصار وأحم (فِي السَّماءِ) صرعها (بُرُوجاً) حصصا معلوما أعلامها محدودا رسومها كالحمل والأسد والدلو ، وهؤلاء محالّ درار لوامع كالدور لركادّها ولها حال حلولها وأممها ، لها أحكام ورسوم (وَجَعَلَ فِيها) السماء (سِراجاً) أمّ اللوامع وأصلها ، ورووا كدرر والمراد اللوامع كلها (وَقَمَراً مُنِيراً) ( 61 ) لامعا سمرا مدارا للأمور والأعصار والأعمال ، ورووه كأسد .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) كرما ورحما (خِلْفَةً) واردا كل واحد وراء مطوء وسادّا مسدّه للعمل والورد (لِمَنْ) لكل أحد (أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ) اللّه أو آلاءه أو ما سواه مما هو ورده ، أو عمل سواه ورد موردها عمر لما أمه ورد السمر وسدم (أَوْ أَرادَ شُكُوراً) ( 62 ) حمدا للّه أوس آلاء أعطاه اللّه
----------
وجحدوا (أنسجد لما تأمرنا) للذي تأمرنا بالسجود له أو لأمرك لنا ولم نعرفه وقرىء بالياء (وزادهم) أي المقول وهو (اسجدوا للرحمن) (نفورا) عن الإيمان .
(تبارك الذي جعل في السماء بروجا) اثنا عشر معروفة (وجعل فيها سراجا) هي الشمس وكبار الكواكب (وقمرا منيرا) مضيئا بالليل .
(وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة) يخلف كل منهما صاحبه بقيامه مقامه أو بتعاقبهما أو يخالفه كيفا أو كما (لمن أراد أن يذكر) يتذكر (أو أراد شكورا) شكرا لله أي ليكونا وقتين للمتذكرين والشاكرين من فاته ورده في أحدهما فيعمله في الآخر أو داعين للمتفكرين في صنع الله إلى العلم بوجوده وقدرته وحكمته
ص: 106
وسطهما .
(وَعِبادُ) اللّه (الرَّحْمنِ) واسع الرّحم محكوم علاه محموله (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى) سطح (الْأَرْضِ) الرمكاء (هَوْناً) حال أو مصدر أراد مع رسل ومهل ، أو سهلا لا مرحا وسمودا (وَإِذا) كلما (خاطَبَهُمُ) كلّمهم (الْجاهِلُونَ) الأعداء الأعماء كلاما مكروها (قالُوا) لهم كلاما (سَلاماً) ( 63 ) سدادا لا إصر ولا ألم معه ، أو سلّموا سلاما وطرحوا الكلام معهم ، ورد الحكم ممحوّ محاه ورود حكم العماس وهو سهو لمّا طرح الكلام مع أهل الورة ممدوح محمود حكما وحلما .
والمراد هو (وَ) الملأ (الَّذِينَ يَبِيتُونَ) هو إمرار السمر (لِرَبِّهِمْ) للّه مولاهم (سُجَّداً) ركعا (وَقِياماً) ( 64 ) أرادهم مصلّو الأسمار دواما ، واحده كعالم أو مصدر حلّ محله .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ يَقُولُونَ) دعاء (رَبَّنَا) اللّهم (اصْرِفْ) ردّ (عَنَّا) أهل الإسلام (عَذابَ) ساعور (جَهَنَّمَ) وآلامها (إِنَّ عَذابَها كانَ) دواما (غَراماً) ( 65 ) هلاكا لاسما .
(إِنَّها) دار الآلام (ساءَتْ مُسْتَقَرًّا) محل رسوّ وركود
----------
وللشاكرين إلى شكره على نعمه فيهما .
(وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) أي هينين أو مشيا هينا أي بسكينة (وإذا خاطبهم الجاهلون) بما يكرهونه (قالوا سلاما) تسلما منكم ومتاركة لكم أو قولا يسلمون فيه من الإثم والإيذاء (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما) في الصلاة (والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما) لازما ومنه الغريم لملازمته، وصفوا بحسن السيرة مع الخلق والاجتهاد في طاعة الحق وهم مع ذلك فرقون من العذاب يسألون ربهم صرفه عنهم غير معتدين
ص: 107
(وَمُقاماً) ( 66 ) محل رموك ، وهو معلل للمعلل الأول أو كل واحد معلل للحكم الوارد أولا ، وهو كلام اللّه أو كلامهم حكاه اللّه .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ إِذا) كلما (أَنْفَقُوا) لإدرارهم وأعطوا ما عالوهم طعاما وكساء وما عداهما أداء لأوطارهم (لَمْ يُسْرِفُوا) ما عدوا حدّ الكرم وما أكلوا وما كسوا مرحا ، أو ما أعطوا للأمر المحرم وما أمصلوا (وَلَمْ يَقْتُرُوا) ما حصروا وما أمسكوا ، وهو عكس الأول ، (وَكانَ) عملهم (بَيْنَ ذلِكَ) المسطور ممّا العداء والإمساك (قَواماً) ( 67 ) وسطا عدلا ، وهو مصدر ، ورووه مكسور الأول ومدلوله لهاء الوطر لا حور ولا كور وردهم أودّاء محمّد صلعم وأرداءه ، وهم ما أكلوا طعاما للطعم والروح وما علسوا علسا للسرور وما كسوا كساء مهاها .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ) الواحد الأحد الصمد (إِلهاً آخَرَ) سواه (وَلا يَقْتُلُونَ) إهلاكا ما (النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ) إهلاكهما وهو المسلم والمعاهد (إِلَّا) إهلاكا موصولا (بِالْحَقِّ) لدعر أو إهلاك معصوم أو حدّ عهر أو طرح إسلام (وَلا يَزْنُونَ) أصلا كما هو حال عدوّهم (وَ) كل (مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) واحدا ممّا مرّ (يَلْقَ) هو الوصال (أَثاماً) ( 68 ) دركا وعدل إصر .
----------
بأعمالهم (إنها ساءت مستقرا ومقاما) موضع استقرار وإقامة هي .
(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) لم يجاوزوا الحد في النفقة ولم يضيقوا فيها أولم ينفقوا في المعاصي ولم يمنعوا الحقوق (وكان) إنفاقهم (بين ذلك) بين الإسراف والإقتار (قواما) من استقامة الطرفين (والذين لا يدعون مع الله إلها ءاخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله) قتلها (إلا بالحق) كقود أو حد (ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما) جزاء إثم أو إثما بإضمار الجزاء .
ص: 108
والمراد (يُضاعَفْ) هو الركو (لَهُ) لعامل واحدها (الْعَذابُ) اللّاواء والألم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) المعاد وما حال عامل الكل ، والحاصل أولم حدّا وراء حدّ ، ورد كلما عمل العادل مع اللّه إلها إصرا أولم للعدل والإصر معا (وَيَخْلُدْ) العامل المسطور ، ورووه لا معلوما (فِيهِ) اللأواء والألم (مُهاناً) ( 69 ) ملهدا مدحورا وهو حال .
(إِلَّا مَنْ تابَ) هاد وعاد عمّا عمل أوّلا وسدم (وَ) المراد (آمَنَ) أسلم لمحمّد صلعم (وَعَمِلَ) وراء الهود (عَمَلًا صالِحاً) مأمورا (فَأُوْلئِكَ) العوّاد (يُبَدِّلُ اللَّهُ) أرحم الرحماء (سَيِّئاتِهِمْ) أصارهم (حَسَناتٍ) أعمال صوالح ، والمراد محا أعماله الأول وأورد محلهّا أعمالهم الصوالح ، أو أعطاه أوس سوس الأعمال السوء سوس الأعمال الصوالح حالا ، أو أعطاه أوس عدل كل عمل سوء عدل عمل صالح معادا (وَكانَ اللَّهُ) كامل الرّحم دواما (غَفُوراً) دامسا للآصار (رَحِيماً) ( 70 ) سامحا للآلاء .
(وَ) كل (مَنْ تابَ) هاد وعاد وطرح المعارّ (وَ) أكّد الهود لمّا (عَمِلَ) عملا (صالِحاً) مأمورا (فَإِنَّهُ) معاده الموصول (يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ) الصمد (مَتاباً) ( 71 ) مصدر مؤكد أو للصرع والمراد هودا مودودا له معدما للإصر ومحصلا للسرور .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) الولع صدد الحكام لإحكام
----------
(يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا إلا من تاب وءامن وعمل صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) يمحوها بالتوبة أو بالتوفيق لأضداد ما أسلفوا أو بإبدال العذاب ثوابا (وكان الله غفورا) لمعاصي عباده (رحيما) منعما عليهم (ومن تاب) من ذنوبه بتركها والندم عليها (وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا) يرجع إليه بذلك مرجعا مرضيا دافعا للعقاب جالبا للثواب .
ص: 109
الادّعاء ، أو المراد عدم ورود محال الولع وأهله عموما أو اللهو وأهله سموما ورعا لمّا وارد محلّ الإصر لا حسّا مساهم لعامله ، (وَإِذا) كلما (مَرُّوا بِاللَّغْوِ) أهل اللهو والهراء الحراء للطرح كلاما أو ما سواه (مَرُّوا كِراماً) ( 72 ) صدّادا إكراما لإدرارهم وحرسا لها عمّا الطلاح .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ إِذا) كلما (ذُكِّرُوا) أعلموا (بِآياتِ) أعلام اللّه (رَبِّهِمْ) والمراد درس علاهم الكلام المرسل (لَمْ يَخِرُّوا) ما هاروا (عَلَيْها) الأعلام (صُمًّا وَعُمْياناً) ( 73 ) والمراد هاروا علاها سماعا وحساسا لها مع إدراك مدلولها وإسلام أحكامها أو إلهاء للآصار الدّال علاها اللّهو .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ يَقُولُونَ) دعاء (رَبَّنا) اللّهم (هَبْ) أعط واسمح (لَنا مِنْ أَزْواجِنا) الأعراس (وَذُرِّيَّاتِنا) الأولاد ، ورووا موحدا والمراد الصرع (قُرَّةَ أَعْيُنٍ) صرّها وسرورها ، والمراد أعراسا وأولادا طوّعا لك (وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ) أهل الورع (إِماماً) ( 74 ) وحدّه لمّا أصله مصدر أمّه أمّا وإماما ، أو المراد الصرع ، أو إصر كل واحد ، أو لمّا هم كدّر واحد لوحود صراطهم ووئام كلامهم ، أو واحده أمّ كرعاء واحده راع .
----------
(والذين لا يشهدون الزور) لا يحضرون محاضر الباطل أو لا يقيمون شهادة الكذب (وإذا مروا باللغو) بأهله وهو الساقط من قول أو فعل (مروا كراما) معرضين عنهم مكرمين بأنفسهم عن الخوض معهم فيه (والذين إذا ذكروا بآيات ربهم) القرآن أو الوعظ (لم يخروا عليها صما وعميانا) نفي للحال دون الفعل أي لم يكبوا عليها غير منتفعين بها كالصم والعميان بل أكبوا عليها وأعين لها متبصرين ما فيها (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) بأن نراهم مطيعين لك (واجعلنا للمتقين إماما) يقتدون بنا
ص: 110
(أُوْلئِكَ) الملأ المعلوم حالهم المسطور عملهم (يُجْزَوْنَ) معادا (الْغُرْفَةَ) المحالّ السوامك ، وحدّه لمّا أراد الصرع ، أو المراد العلو ، وورد هو اسم لدار السلام ، معلّلا (بِما صَبَرُوا) حال حلول مكاره الأعداء ، وورود إحمال الأهواء وأداء أوامر اللّه وطرح محارمه (وَيُلَقَّوْنَ فِيها) هؤلاء المحال (تَحِيَّةً) دعاء طول العمر (وَسَلاماً) ( 75 ) دعاء السلام والمراد دعاء الأملاك وسلامهم علاهم أو آحادهم لاحادهم .
(خالِدِينَ) حال (فِيها) هؤلاء المحالّ (حَسُنَتْ) هؤلاء المحالّ (مُسْتَقَرًّا وَمُقاماً) ( 76 ) محل ركود ورموك .
(قُلْ) محمّد ( ص ) لأهل الحرم (ما) للسؤال أو للإعلام (يَعْبَؤُا) هو العمل والعدّ (بِكُمْ رَبِّي) مالك الكل (لَوْ لا دُعاؤُكُمْ) معه إلها سواه أو طوعكم له لمّا علوّ ولد آدم وإكرامهم لطوع أمر اللّه والعلم لأحواله وإلّا ساووا مع ما سواهم ممّا أهل العالم (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ) الرسول (فَسَوْفَ يَكُونُ) الحدّ والإصر (لِزاماً) ( 77 ) لاسما وأصلا لكم لا محال ، وهو مصدر أورد محل الاسم ، ورووه كسلاما .
----------
في الدين بأن توفقنا للعلم والعمل، ووحد لدلالته على الجنس أو لإرادة كل واحد منا وفي قراءتهم (عليهم السلام) واجعل لنا من المتقين إماما .
(أولئك يجزون الغرفة) جنسها وهي أعلى منازل أهل الجنة (بما صبروا) بصبرهم على الطاعات وقمع الشهوات (ويلقون فيها تحية وسلاما) من الملائكة أو من بعضهم لبعض (خالدين فيها) بلا موت ولا زوال (حسنت مستقرا ومقاما قل ما يعبأ بكم ربي) ما يصنع أو لا يكترث بكم (لو لا دعاؤكم) عبادتكم له أو دعاؤه إياكم إلى الذين (فقد كذبتم) بما أعلمتكم به إذ خالفتم (فسوف يكون) جزاء تكذيبكم أو أثره (لزاما) لازما لكم في الآخرة.
ص: 111
ص: 112
ص: 113
ص: 114
( سورة الشعراء )
موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
ما هو مسلّ لرسول اللّه صلعم عمّا ردّه أهل العدول وما أسلموا له إسراعا ، وأحوال رسول الهود ومراء ملك مصر معه ، وأحوال السّحار ومكرهم معه أولا ، وطوعهم وإسلامهم له أمدا ، ورحل رسول الهود مع رهطه عمّا ركدوا وهو مصر ، وروم ملك مصر لهم ، ورحله مع رهطه إكساءهم ، وصدع الدماء ، وهلاك ملك مصر مع رهطه ، وسلام الرسول مع الرهط ، وأحوال رسول أوّاه ودعاءه لوالده الطالح ، وروم أهل الصدود المدد معادا عما أوملهم ، وأحوال أطول الرسل عمرا وإهلاك رهطه الطّلاح ، وأحوال هود وعدم طوع عاد لمّا أمروا ، أو أحوال صالح وإصر رهطه الطّلاح ، وأحوال رهط لوط وطلاحهم وهلاكهم ، وأحوال صهر رسول الهود وإهلاك رهطه .
وإرسال الملك الروح مع كلام اللّه ، وإعلاء أحوال الأمم الأول ، والأمر لرسول اللّه صلعم لهول أهل الأرحام ، ورحمه لأهل الإسلام ، ومعاد أهل الصدود الإصر والألم .
ص: 115
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(طسم) ( 1 ) وطس وحم رووها ممالا وهو سرّ اللّه مع رسوله ، أو اللّه أعلم لما أراد .
(تِلْكَ) الكلم اللاء أولها طسم أو كلام اللّه كلّه (آياتُ الْكِتابِ) المرسل (الْمُبِينِ) ( 2 ) المصرّح المعلم للصلاح والطلاح أو الساطع كماله
(لَعَلَّكَ) محمّد ( ص ) ، لعلّ للرحم ، (باخِعٌ) سادح كمال السدح مهلك (نَفْسَكَ) كمدا وهمّا (أَلَّا يَكُونُوا) أهل الحرم (مُؤْمِنِينَ) ( 3 ) لعدم إسلامهم لك أو كره عدم إسلامهم وروعه ، والحاصل أرحمك وأحطّ حمل همّك .
(إِنْ نَشَأْ) إسلامهم (نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ) لإعلام سدادك (مِنَ السَّماءِ
----------
(26 سورة الشعراء مائتان وسبع وعشرون آية مكية إلا والشعراء إلى آخرها.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(طسم تلك) الآيات (ءايات الكتاب المبين) السورة أو القرآن البين إعجازه أو المبين له (لعلك باخع نفسك) قاتلها (ألا يكونوا مؤمنين) من أجل أن لا يؤمنوا (إن نشأ ننزل عليهم من السماء ءاية) علامة ملجئة إلى الإيمان
ص: 116
آيَةً) علما ساطعا مركحا (فَظَلَّتْ) صار (أَعْناقُهُمْ) المراد أهلها أو رؤساءهم أو أرهاطهم (لَها) حال إحساسها لها (خاضِعِينَ) ( 4 ) طوّعا وما مرد أحد وما طلح .
(وَما يَأْتِيهِمْ) أهل الحرم (مِنْ) مؤكد (ذِكْرٍ) ادّكار أو كلام مرسل (مِنْ) اللّه (الرَّحْمنِ) واسع الرّحم (مُحْدَثٍ) كلمه أو سمعه أو إرساله (إِلَّا كانُوا) صاروا (عَنْهُ) لمّا سمعوه (مُعْرِضِينَ) ( 5 ) صدّادا أو أهل إصرار لما هم علاه .
(فَقَدْ كَذَّبُوا) ردّوه أو محمّد ( ص ) (فَسَيَأْتِيهِمْ) صراحا لمّا مسّهم إصر اللّه حال العماس أو معادا (أَنْبؤُا) أحوال (ما كانُوا) الحال (بِهِ) الهاء ل « ما » الموصول (يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 6 ) أهو سداد أو ولع ، وهو كلام موعد لهم ومروّع .
(أَ) ما ساروا (وَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ) هكر الرمكاء (كَمْ أَنْبَتْنا) أراد أمرا (فِيها) الرمكاء (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ) صرع (كَرِيمٍ) ( 7 ) سهد مهد محمود أعود لولد آدم والسوّام .
----------
(فظلت أعناقهم لها خاضعين) منقادين .
(وما يأتيهم من ذكر) قرآن (من الرحمن محدث) مجدد تنزيله (إلا كانوا عنه معرضين) إلا جددوا إعراضا عنه وكفرا به (فقد كذبوا) به حين أعرضوا عنه وجرهم التكذيب إلى الاستهزاء (فسيأتيهم أنباء ما) أخبار الشيء الذي (كانوا به يستهزءون) أي سيعلمون بأي شيء استهزءوا إذا مسهم العذاب يوم بدر أو يوم القيامة .
(أولم يروا) ينظروا (إلى الأرض) وعجائبها (كم أنبتنا فيها من كل زوج)
ص: 117
(إِنَّ فِي ذلِكَ) الإلحاس أو كل واحد (لَآيَةً) علما لكمال ألوّ المجلس (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) أمرهم وسط علم اللّه وحكمه (مُؤْمِنِينَ) ( 8 ) أهل الإسلام .
(وَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ لَهُوَ) وحده (الْعَزِيزُ) المكوّح الكاسر للأعداء السامك حراه (الرَّحِيمُ) ( 9 ) راحم أهل الإسلام رحما واسعا .
(وَ) ادّكر محمّدا ( ص ) صدد رهطك (إِذْ) لما (نادى) دعا اللّه (رَبُّكَ مُوسى) الرسول حال إحساسه الساعور وأمره (أَنِ ائْتِ) رد رسولا (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ( 10 ) إدرارهم لعدم إسلامهم وأولاد إسرال لأسرهم لهم
(قَوْمَ فِرْعَوْنَ) معه (أَ لا) محرّص (يَتَّقُونَ) ( 11 ) اللّه ، ورووه مكسور الأمد .
(قالَ) رسول الهود (رَبِّ) اللهمّ (إِنِّي أَخافُ) أروع (أَنْ يُكَذِّبُونِ) ( 12 ) ردّهم وعدم إسلامهم .
(وَيَضِيقُ) حّ (صَدْرِي) همّا وسدما (وَلا يَنْطَلِقُ) حردا (لِسانِي) حال إحساس المحال وسماع المراء ، ومرومه رود الإمداد ومهد الإملاه وما هو
----------
صنف (كريم) محمود ذي فوائد وكل لإحاطة الأزواج وكم لكثرتها (إن في ذلك) الآيات أو كل واحد من الأزواج (لآية) على قدرة منبتها على إحياء الموتى (وما كان أكثرهم مؤمنين) لأنهم مطبوع على قلوبهم (وإن ربك لهو العزيز) القادر على عقوبتهم (الرحيم) بإمهالهم .
(و) اذكر (إذ نادى ربك موسى أن) بأن أو أي (ائت القوم الظالمين) بالكفر وتعذيب بني إسرائيل (قوم فرعون ألا يتقون قال) موسى (رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري) بتكذيبهم لي (ولا ينطلق لساني) المعقدة
ص: 118
ردّا للأمر (فَأَرْسِلْ) الملك (إِلى هارُونَ) ( 13 ) وإصره رسولا وردءا ممدّا .
(وَلَهُمْ) لأهل مصر (عَلَيَّ ذَنْبٌ) دركه وهو إهلاك واحدهم سمّاه إصرا وآمالهم (فَأَخافُ) حال الرّواح واحدا (أَنْ يَقْتُلُونِ) ( 14 ) أوسه أمام أداء الألوك ، ومراده وسع وصول المكروه لا ردّ أمر اللّه .
(قالَ) اللّه (كَلَّا) ردع له عمّا وهمه (فَاذْهَبا) كلاكما (بِآياتِنا) العصا وسواها (إِنَّا مَعَكُمْ) معكما إمدادا وإسعادا ومع ملك مصر علما وألوّا (مُسْتَمِعُونَ) ( 15 ) كلامكما وكلام الملك ، وهو محمول وراء محمول ، أو هو محمول وحده والأوّل لا مدلول له .
(فَأْتِيا فِرْعَوْنَ) ملك مصر (فَقُولا) له (إِنَّا) معا (رَسُولُ) اللّه (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 16 ) وحده لمّا أصله مصدر مدلوله الألوك أو لمّا أصارهما كرسول واحد لوحودهما أمرا وحكما ، أو المراد أولو رسول اللّه وألوكه أو كل واحد .
(أَنْ أَرْسِلْ) لإرم (مَعَنا بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ) ( 17 ) وح راحا
----------
أو لقصور فصاحته (فأرسل إلى هرون) أخي أي اجعله نبيا يعضدني في أمري (ولهم علي ذنب) هو قتل القبطي أي تبعة ذنب وهو القود (فأخاف أن يقتلون) به قبل التبليغ (قال كلا) ردع له عن الخوف وعدة بالدفع (فاذهبا بآياتنا إنا معكم) أريد به موسى وأخوه وفرعون (مستمعون) لما بينكما وبينه فننصر كما عليه .
(فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين) أفرد الرسول لأنه هنا مصدر وصف به كالرسالة أو لاتحادهما لوحدة مطلبهما وللأخوة أو أريد كل واحد منا (أن) بأن أو أي (أرسل معنا بني إسرائيل) خلهم يذهبوا معنا إلى الشام فأتياه
ص: 119
ووصلا واسطه ، وما حكم لهما الورود وعكما حولا ، وأعلم الحدّاد للملك صدد الواسط مرء مدّع للألوك وأمره الملك أورده لمّا ألّهو معه ، ووردا وأعلما ما أمرا .
و (قالَ) الملك الرسول (أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا) أراد محالّه ودوره (وَلِيداً) ولدا حسكلا (وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) ( 18 ) أعواما وما دام صدده كساه كساه وأعلاه وأحمله كراعه ، وسمّاه أهل مصر ولده كما دعاه .
(وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ) السّوءاء ، ورووه مكسور الأوّل (الَّتِي فَعَلْتَ) أراد إهلاك طهّائه (وَأَنْتَ) ح (مِنَ) الرهط (الْكافِرِينَ) ( 19 ) الآلاء لإهلاكك الطّهاء أو هو أول كلام ، وهو حال ، والمراد مما الرهط الصدّاد الردّاد إلّه أو إلاه لمّا عاد علاه عداء .
(قالَ) له الرسول (فَعَلْتُها إِذاً) ح (وَأَنَا مِنَ) الملأ (الضَّالِّينَ) ( 20 ) عما أعطاه اللّه ، وهو العلم والألوك أو أهل السهو أو الأمة .
(فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ) أهل مصر (لَمَّا خِفْتُكُمْ) إهلاككم أوسه (فَوَهَبَ لِي) اللّه (رَبِّي حُكْماً) ألوكا وعلما وطاح والعلة (وَجَعَلَنِي) اللّه (مِنَ) الكمّل (الْمُرْسَلِينَ) ( 21 ) أهل الطوع رأسا .
----------
فقالا له ذلك (قال) فرعون لموسى (ألم نربك فينا وليدا) طفلا قريبا من الولادة (ولبثت فينا من عمرك سنين) اثني عشر أو أكثر وكان يدعى ولده (وفعلت فعلتك التي فعلت) من قتل القبطي (وأنت من الكافرين) بنعمتي (قال فعلتها إذا) أي حينئذ (وأنا من الضالين) الجاهلين أي الفاعلين فعل ذوي الجهل أو الذاهلين عن مآل الأمر أو المخطئين أي لم أتعمد قتله أو الناسين (ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما) علما (وجعلني من
ص: 120
(وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها) هو عدّ الآلاء (عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ) مطروح الكاسر ، أو محمول لمطروح ، أو صدع لاسم الومء ، أو لمحموله (بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ) ( 22 ) أراد كلهم إلّا هو .
(قالَ) له (فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ) إله (الْعالَمِينَ) ( 23 ) كلهم ما هو وما صرعه .
(قالَ) له الرسول هو (رَبُّ) مالك (السَّماواتِ) كلها ومصلحها (وَالْأَرْضِ) معا (وَ) كلّ (ما) حلّ (بَيْنَهُمَا) عموما (إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ) ( 24 ) أهل علم كامل وهو علم الأمور كما هو الحراء لها ، أعلم الرسول مراسمه وأعلامه ، والسؤال عما هو صرعه وحدّه لمّا لا صرع له ولا حدّ ، ولا صراط لعلمه إلا علم أعماله وأحوال عالمه ، وحواره « أسلموا له وحده » .
(قالَ) الملك (لِمَنْ) ملأ (حَوْلَهُ) وهم رؤساء رهطه وكرامهم علاهم أساور الملوك (أَ لا تَسْتَمِعُونَ) ( 25 ) كلامه ، وحواره المردود لعدم وأمه السؤال ، ولعدم أسر ومالك مصلح لهما لداومهما .
(قالَ) الرسول هو (رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ) ولّادكم (الْأَوَّلِينَ )
----------
المرسلين وتلك) التربية (نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل) اتخذتهم عبيدا تذبح أبناءهم وتستحيي نساءهم .
(قال فرعون) تعنتا حين بلغه الرسالة (وما رب العالمين) الذي ادعيت أنك رسوله (قال رب السموات والأرض وما بينهما) أي خالق جميع ذلك (إن كنتم موقنين) بشيء قط فهذا أولى ما توقنون به (قال لمن حوله) من أشراف قومه تعجبا لهم (ألا تستمعون) جوابه لسؤالي عن حقيقته بذكر صفاته أو بنسبة الربوبية إلى غيري (قال ربكم ورب ءابائكم الأولين) انتقال إلى ما هو أظهر
ص: 121
( 26 ) كلهم عدل عمّا حاور أوّلا ، وأورد حوارا عداه ممّا لاعمه لصحه .
(قالَ) الملك للملإ (إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي) دعواه (أُرْسِلَ) أرسله اللّه (إِلَيْكُمْ) طرّا (لَمَجْنُونٌ) ( 27 ) مسّه اللّمم ، أسأله عمّا أمر وحاور عمّا سواه ، سمّاه رسولا إلهادا له .
(قالَ) الرسول هو (رَبُّ) مالك (الْمَشْرِقِ) المطلع (وَ) مالك (الْمَغْرِبِ) المدلك (وَ) مالك كلّ (ما) حلّ (بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) ( 28 ) الأمر كما هو أو أهل الأحلام ، وحواره مطروح وهو أسلموا له وحده لمّا ألسم وحار عدل وطرح المراء وهدّد وروّع كما هو معود اللّدود الممارئ .
و (قالَ) الملك للرسول (لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً) مألوها (غَيْرِي) موهوما لك (لَأَجْعَلَنَّكَ) واحدا (مِنَ) الرهط (الْمَسْجُونِينَ) ( 29 ) اللّاءوا أعلم حال مآصرهم ، ورد لكل واحد ممّا هم وحده مآصر طروح دركه أسود مدلهمّ ممّا هو مسمع أحد ولا مرآه لا امّلاص عماه أصلا .
(قالَ) له الرسول (أَ) هو معمولك (وَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ) علم ودالّ
----------
للناظر وأقرب إليه .
(قال) غيظا وتهكما (إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون) يجيب بما لم يطابق السؤال (قال رب المشرق والمغرب وما بينهما) الذي يجري النيرات من مشارقها إلى مغاربها على نظام مستقيم (إن كنتم تعقلون) علمتم ذلك (قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين) ممن عرفت حالهم في سجوني، كان يلقى الشخص في هوة عميقة فردا حتى يموت فهو أبلغ من لأسجننك (قال أولو) واو الحال وليت الهمزة أي أتفعل ولو (جئتك بشيء
ص: 122
للألوك ، والواو للحال (مُبِينٍ) ( 30 ) مصرّح للسداد أو ساطع سداده .
(قالَ) الملك للرسول (فَأْتِ) أورد (بِهِ) الدالّ المسطور (إِنْ كُنْتَ مِنَ) أهل الادّعاء (الصَّادِقِينَ) ( 31 ) كلاما وادّعاء ، وحواره مطروح دلّ علاه ما هو أمامه .
(فَأَلْقى) طرح (عَصاهُ) ملكه (فَإِذا هِيَ) عصاه (ثُعْبانٌ) طوط (مُبِينٌ) ( 32 ) طوال ساطع أمره لا أمر مموّه مصوّر ، وسحر والع لا سداد له .
(وَنَزَعَ) سلّ (يَدَهُ) ممّا هو مدسّها وهو كرد مكسوّه (فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ) لها لمع أكوح وأكمل ، طمس لمع الحواس وسدّ اطرار السماء (لِلنَّاظِرِينَ) ( 33 ) أهل الإحساس .
(قالَ) الملك (لِلْمَلَإِ) ورّاد (حَوْلَهُ إِنَّ هذا) المرء (لَساحِرٌ عَلِيمٌ) ( 34 ) ماهر أعلم وأكمل سحرا .
(يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ) إدلاعكم واطرادكم (مِنْ أَرْضِكُمْ) ممالككم (بِسِحْرِهِ فَما ذا تَأْمُرُونَ) ( 35 ) إهلاكه أو إصره لمّا كسره سطو الأعلام السواطع وحطّه عمّا ادّعاء الإلّ ، وحار آمر ملاءه وآصارهم أمراء ودرّه مأمورا وحاول إصلاحهم وإسعادهم ، والحال هم مملوكوه صدده وهو إلههم ، وأصله الإمار أو الأمر .
----------
مبين) بصدق دعواي وهي المعجزة (قال فأت به إن كنت من الصادقين) في دعواك (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين) بين الثعبانية (ونزع يده) من إبطه (فإذا هي بيضاء) ذات شعاع كالشمس (للناظرين) خلاف لونها من الأدمة (قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم) حاذق في السحر (يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه) أخر أمرهما
ص: 123
(قالُوا) الملأ حوله له (أَرْجِهْ وَأَخاهُ) أكر أمرهما أو إصرهما (وَابْعَثْ) أرسل (فِي الْمَدائِنِ) الأمصار (حاشِرِينَ) ( 36 ) لمّاما للسّحار
(يَأْتُوكَ) اللّمام (بِكُلِّ سَحَّارٍ) ورووه ساحر (عَلِيمٍ) ( 37 ) ماهر مكوّح علاه .
(فَجُمِعَ السَّحَرَةُ) سحّار ملكه كلهم (لِمِيقاتِ) عصر (يَوْمٍ مَعْلُومٍ) ( 38 ) محدود للسرور .
(وَقِيلَ) أمر (لِلنَّاسِ) كلهم (هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ) ( 39 ) للموعد والمراد ردوا إسراعا .
(لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ) طمع طوعهم ووئامهم (إِنْ كانُوا هُمُ) لا هو (الْغالِبِينَ) ( 40 ) أهل كوح علاه .
(فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ) للموعد (قالُوا لِفِرْعَوْنَ) الملك (أَ إِنَّ لَنا) رهط السحّار (لَأَجْراً) مالا وعطاء (إِنْ كُنَّا نَحْنُ) مؤكد (الْغالِبِينَ) ( 41 ) عدوّك .
(قالَ) لهم الملك (نَعَمْ) لكم حلو وعطاء ومال ، ورووه مكسور
----------
(وابعث في المدائن حاشرين) جامعين (يأتوك بكل سحار عليم) حاذق يفوق موسى بالسحر (فجمع السحرة لميقات يوم معلوم) لوقت موقت من يوم معين وهو وقت الضحى من يوم الزينة (وقيل للناس هل أنتم مجتمعون) حث لهم على الاجتماع أي بادروا إليه (لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين) غرضهم من الترجي على تقدير غلبتهم أن يستمروا على دينهم فلا يتبعوا موسى فكنوا عنه باتباع السحرة .
(فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم
ص: 124
الوسط ومدلولهما واحد (وَإِنَّكُمْ إِذاً) حّ (لَمِنَ) الملأ (الْمُقَرَّبِينَ) ( 42 ) صدد الملك .
(قالَ لَهُمْ) للسحّار (مُوسى) الرسول (أَلْقُوا) اطرحوا كل (ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) ( 43 ) مما هو سحركم ، أمرهم الطرح أوّلا لمّا أمره اللّه .
(فَأَلْقَوْا) طرحوا ورموا (حِبالَهُمْ) أمسادهم الطوال (وَعِصِيَّهُمْ) هراواهم (وَقالُوا) حال الطرح وعهدوا (بِعِزَّةِ) الملك (فِرْعَوْنَ إِنَّا) رهط السحّار (لَنَحْنُ) مؤكد (الْغالِبُونَ) ( 44 ) الحال .
(فَأَلْقى) الرسول (مُوسى عَصاهُ) وأعطاه اللّه الحسّ والحراك (فَإِذا هِيَ) العصا (تَلْقَفُ) هو اللّهم والسرط (ما يَأْفِكُونَ) ( 45 ) ما هم محوّلوه وموهموه أصلا .
(فَأُلْقِيَ) طرح (السَّحَرَةُ) كلهم والمراد هاروا سراعا كحال المطروح ، أو طرحهم اللّه (ساجِدِينَ) ( 46 ) للّه وحده .
(قالُوا) كلّهم ح (آمَنَّا) صدادا (بِرَبِّ) مالك (الْعالَمِينَ) ( 47 ) كلهم وملكهم .
----------
وإنكم إذا لمن المقربين) عندي (قال لهم موسى) بعد ما قالوا له إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين (ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون) جزموا بأن الغلبة لهم وأقسموا بعزته ثقة بأنفسهم إذا بذلوا جهدهم في السحر (فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون) يقلبونه بتمويههم فيخيلون أن حبالهم وعصيهم حيات تسعى (فألقي السحرة ساجدين) ألقاهم ما بهرهم من الحق حتى لم يتمالكوا أنفسهم أو الله بإلهامهم ذلك (قالوا ءامنا برب العالمين) ولئلا يتوهم إرادة فرعون به أبدلوا منه (رب
ص: 125
وهو اللّه (رَبِّ) الرسول (مُوسى وَ) ممدّه (هارُونَ) ( 48 ) الرسول والعالم كله .
(قالَ) الملك لهم (آمَنْتُمْ لَهُ) للرسول (قَبْلَ أَنْ آذَنَ) أحكم وآمر (لَكُمْ) إسلامه (إِنَّهُ) الرسول (لَكَبِيرُكُمُ) رأسكم (الَّذِي عَلَّمَكُمُ) أولا (السِّحْرَ) علمكم صرعا وأسرّ صرعا كاملا لمّا كوّحكم وعلّمكم السحر وواعدكم الوكل مكرا ، وما هو إلّا مكركم (فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ما أعاملكم ، واللام مؤكد لا للعهد ، (لَأُقَطِّعَنَّ) لأحسما لا محال وهو صدع للأوّل (أَيْدِيَكُمْ) عواملكم (وَأَرْجُلَكُمْ) حواملكم (مِنْ خِلافٍ) حوامل الاسئار والعوامل ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ وهو عكسه ، أو الكاسر معلّل والمراد لعدم وئامكم وطوعكم (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ) لأحملكم رؤوس أصول الدوح هلّاكا كلّكم (أَجْمَعِينَ) ( 49 ) لا أدع أحدا ، هدّد العوام لمّا ؟ ؟ ؟ له .
(قالُوا) السحّار (لا ضَيْرَ) عسر حّ (إِنَّا إِلى) اللّه (رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ) ( 50 ) عوّاد معادا لمّا إهلاكك وحمل مكارهك محّاء للآصار وموصل لدار السلام ، أو عوّاد هلّاك لا محال لواحد علل السام وإهلاككم أعودها .
(إِنَّا نَطْمَعُ) الطمع الأمل (أَنْ يَغْفِرَ لَنا) اللّه (رَبُّنا) أرحم الرحماء
----------
موسى وهرون قال) فرعون .
(ءامنتم له قبل أن ءاذن لكم) في ذلك (إنه لكبيركم) رئيسكم (الذي علمكم السحر) وتواطنتم على ما فعلتم (فلسوف تعلمون) وبال أمركم (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) من كل شق طرفا (ولأصلبنكم أجمعين) ليعتبر بكم .
(قالوا لا ضير) لا ضرر علينا في ذلك (إنا إلى ربنا منقلبون) إلى ثوابه راجعون بعد الموت أو مصيرنا ومصيركم إليه فيحكم
ص: 126
(خَطايانا) الآصار (أَنْ) مطروح الكاسر ، ورووه مكسور الأوّل (كُنَّا) الحال (أَوَّلَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 51 ) للّه ولرسوله مما رهطك .
(وَ) لمّا مرّ أعوام وحال أحوال (أَوْحَيْنا) الملك (إِلى مُوسى) الرسول وأمر (أَنْ أَسْرِ) رح سمراء ورووه سروكارم (بِعِبادِي) أولاد إسرال أهل الإسلام لمّا حلّ موعد الأعداء ومهلكهم (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) ( 52 ) مكسو الأعداء ملك مصر وعسكره لمّا أهلكهم حال ورودهم وسط الداماء ودلوعكم عمّاها .
ولمّا أحالوا لما أمرهم اللّه ودلعوا عمّا مصر سمرا ووصل الملك أمرهم ودلوعهم .
(فَأَرْسَلَ) الملك (فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ) الأمصار كلها (حاشِرِينَ) ( 53 ) لمّاما للعساكر مكلّما .
(إِنَّ هؤُلاءِ) الرسول ورهطه (لَشِرْذِمَةٌ) رهط (قَلِيلُونَ) ( 54 ) عددا وعددا .
----------
بيننا وبينك تعليل لنفي الضمير وكذا (إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن) لأن (كنا أول المؤمنين) في زماننا أو من رعية فرعون .
(وأوحينا إلى موسى) بعد سنين أقامها بينهم يدعوهم بالآيات إلى الحق فلم يجيبوا (أن) بأن أو أي (أسر بعبادي) بالقطع والوصل أي سر بهم ليلا (إنكم متبعون) يتبعكم فرعون وجنوده تعليل لأسر (فأرسل فرعون) حين أخبر بسراهم (في المدائن) قيل كان له ألف مدينة سوى القرى (حاشرين) للجنود فجمعوا فقال لهم (إن هؤلاء لشرذمة) طائفة (قليلون) جمع قليل أي هم أسبأط كل سبط منهم قليل استقلهم وكانوا ستمائة وسبعين ألفا بالنسبة إلى جيشه
ص: 127
(وَإِنَّهُمْ) لسوء عملهم (لَنا لَغائِظُونَ) ( 55 ) حمّال للأحاح والحرد وحصّار للصدور .
(وَإِنَّا لَجَمِيعٌ) كل (حاذِرُونَ) ( 56 ) عاملو الأمور وئاما للحلم أو كاملوا سلاح وأهل عدد وعدد ، ورووه مع الدال .
(فَأَخْرَجْناهُمْ) ملك مصر وعساكره (مِنْ) محالّهم لمصر (جَنَّاتٍ) حول داماء مصر لها أحمال (وَعُيُونٍ) ( 57 ) مسل ماء سحاح أوساط الدور ممّا الداماء .
(وَكُنُوزٍ) أموال أمر عددها أو دسوها أو سواطع ، وسمّاها لعدم أداء سهام أمر اللّه أداءها (وَمَقامٍ) محلّ (كَرِيمٍ) ( 58 ) .
الأمر (كَذلِكَ) كما مرّ ، أو هو مصدر للعامل الأوّل (وَأَوْرَثْناها) هؤلاء الأموال والدور (بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ) ( 59 ) أرهاط الرسول حال عودهم وهلاك عدوّهم .
(فَأَتْبَعُوهُمْ) أدركهم الأعداء (مُشْرِقِينَ) ( 60 ) ورّاد عصر الطلوع أو عمّارا للمطلع ، وهو حال .
----------
إذ كان ألف ألف ملك مع كل ملك ألف (وإنهم لنا لغائظون) فاعلون ما يغيظنا (و إنا لجميع حاذرون) من عادتنا الحذر والتيقظ .
(فأخرجناهم) به (من جنات) بساتين (وعيون) جارية فيها (وكنوز) أموال من ذهب وفضة (ومقام كريم) منازل حسنة ومجالس بهية
(كذلك) مصدر أي أخرجناهم مثل ذلك الإخراج أو صفة مقام أي مثل ذلك المقام الذي كان لهم أو خبر محذوف أي الأمر كذلك (وأورثناها بني إسرائيل) بعد إغراق فرعون وقومه (فأتبعوهم مشرقين) داخلين في وقت شروق الشمس
ص: 128
(فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ) أرهاط الرسول وعسكر الملك أحسّ كل واحد عدوّه وصار مؤاما له (قالَ أَصْحابُ مُوسى) روعا وهولا (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) ( 61 ) مدركو الأعداء لوصولهم والداماء أمام .
(قالَ) الرسول لأرهاطه (كَلَّا) ردع لهم عما راعوه وهو الإدراك لمّا وعدكم اللّه الإمداد والسلام (إِنَّ مَعِي) ارداء وإمدادا (رَبِّي) اللّه (سَيَهْدِينِ) ( 62 ) صراط السلام .
(فَأَوْحَيْنا) الملك حّ (إِلى مُوسى) وأمر (أَنِ اضْرِبْ) الدم (بِعَصاكَ الْبَحْرَ) الداماء الملح أو داماء مصر ولد منه العصا (فَانْفَلَقَ) اصدّع وصار كاكام لهاء عدد الأرهاط وأوساطها مسالك لكل رهط مسلك (فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ) ماء عال ، وهو مكسور الأول (كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) ( 63 ) الطوال الصاعد سدو السماء الراكد محلّه ، وورد كل رهط وسط كل طود وسلك المسالك .
(وَأَزْلَفْنا ثَمَّ) مصدع الماء العساكر (الْآخَرِينَ) ( 64 ) والمراد أوصل عسكر الملك صدد الداماء ، ووردوا مواردهم .
وأنجينا الرسول موسى (وَمَنْ) أرهاطا (مَعَهُ) كلهم
----------
(فلما تراءا الجمعان) حصل كل منهما بمرأى للآخر (قال أصحاب موسى إنا لمدركون) لملحقون (قال كلا) لن يدركونا (إن معي ربي) بصره وحفظه (سيهدين) سبيل النجاة كما وعدني (فأوحينا إلى موسى أن) بأن أو أي (اضرب بعصاك البحر) القلزم أو إساف فضربه (فانفلق) انشق فرقا بينها اثنا عشر مسلكا (فكان كل فرق كالطود العظيم) كالجبل الشامخ الراسي فسلك كل سبط مسلكا (وأزلفنا ثم) وقربنا هناك (الآخرين) فرعون وقومه حتى سلكوا مسلكهم (وأنجينا موسى ومن معه أجمعين) بإمساك البحر أن ينطبق حتى
ص: 129
(أَجْمَعِينَ) ( 65 ) معا مرّوا الداماء سهلا .
(ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) ( 66 ) سواهم وهم الملك وعسكره ، أحاطهم الداماء وهلكوا وسطها .
(إِنَّ فِي ذلِكَ) سلام أهل الإسلام وإهلاك عدوّهم (لَآيَةً) ادكارا وعلما هكرا (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) أهل مصر (مُؤْمِنِينَ) ( 67 ) للّه ولرسوله المسطور ، ورد ما أسلم إلّا عرس الملك وعرس سواها ومرء مسلم ممّا آل الملك .
(وَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ لَهُوَ) لا ما سواه (الْعَزِيزُ) مهلك الأعداء (الرَّحِيمُ) ( 68 ) مسلم الأودّاء .
(وَاتْلُ) ادرس محمد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) صدد طلّاح الحمس (نَبَأَ) حال (إِبْراهِيمَ) ( 69 ) الرسول .
(إِذْ) لمّا (قالَ لِأَبِيهِ) والده أو عمّه (وَقَوْمِهِ) رهط الرسول أو رهط والده (ما تَعْبُدُونَ) ( 70 ) سألهم مع علمه الأمر كما هو إعلاما لهم عدم صلاح دماهم للطوع .
(قالُوا) الوالد ورهطه له (نَعْبُدُ أَصْناماً) صورا والمراد دماهم أطالوا حوارهم إعلاء لإدرارهم لطوعها كما دلّ علاه . وصل (فَنَظَلُّ) المراد الدوام أو عصر أوله طلوع وأمده دلوك لمّا ألّهوها العصر المسطور لا السمر (لَها
----------
عبروا (ثم أغرقنا الآخرين) بإطباقه عليهم (إن في ذلك) المقصوص (لآية) عجيبة لمن تدبر (وما كان أكثرهم مؤمنين) بعد الإنجاء فعبدوا العجل وطلبوا رؤية الله (وإن ربك لهو العزيز) المنتقم من أعدائه (الرحيم) بأوليائه .
(واتل عليهم) على قومك (نبأ إبراهيم) خبره (إذ قال لأبيه) أي عمه آزر (وقومه ما تعبدون) سألهم للإلزام (قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين) عليه
ص: 130
عاكِفِينَ) ( 71 ) طوّعا .
(قالَ) الرسول لهم (هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ) دعاءكم (إِذْ) لمّا (تَدْعُونَ) ( 72 )
(أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ) حال طوعكم لهم (أَوْ يَضُرُّونَ) ( 73 ) لكم حال عدم طوعكم لهم
(قالُوا) له لا (بَلْ وَجَدْنا آباءَنا) الرؤساء (كَذلِكَ) العمل (يَفْعَلُونَ) ( 74 ) والأصلح وئامهم .
(قالَ) لهم (أَ) حصل لكم علم الأمر كما هو (فَرَأَيْتُمْ) حال (ما كُنْتُمْ) الحال (تَعْبُدُونَ) ( 75 ) طوعا .
(أَنْتُمْ) مؤكد (وَآباؤُكُمُ) الرؤساء (الْأَقْدَمُونَ) ( 76 ) الأوّل .
(فَإِنَّهُمْ) دماكم (عَدُوٌّ) أعداء وحده لسواء الواحد وما سواه له لمّا أصله مصدر (لِي) لا لهم (إِلَّا) اللّه (رَبَّ الْعالَمِينَ) ( 77 ) وهو الودود إلهه دواما وإلّا للوصل أو للحسم .
(الَّذِي خَلَقَنِي) وصوّر (فَهُوَ) لا سواه (يَهْدِينِ) ( 78 ) صراط السداد وممر دارالسلام .
(وَالَّذِي هُوَ) لا سواه (يُطْعِمُنِي) صروع الطعام (وَيَسْقِينِ) ( 79 )
----------
(قال هل يسمعونكم) يسمعون دعاءكم (إذ تدعون) وهو حكاية حال ماضية ليستحضروها لأن إذ للمضي (أو ينفعونكم) إذا عبدتموهم (أو يضرون) إن لم تعبدوهم (قالوا بل وجدنا ءاباءنا كذلك يفعلون) أضربوا عن جواب سؤاله وتمسكوا بالتقليد (قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وءاباؤكم الأقدمون) فإن الباطل لا ينقلب حقا لتقدمه (فإنهم عدو لي) أي أعداء لكم لتضرركم بعبادتهم أو لطاعتكم الشيطان بها (إلا رب العالمين) منقطع أي فإنه وليي أو متصل على تعميم المعبودين وإن في آبائهم من عبد الله (الذي خلقني فهو يهدين) لمصالح
ص: 131
الماء .
(وَإِذا) كلما (مَرِضْتُ) ومسّ الداء (فَهُوَ) لا سواه (يَشْفِينِ) ( 80 ) مماه .
(وَالَّذِي يُمِيتُنِي) لأمد العمر (ثُمَّ) وراء مرور دهر (يُحْيِينِ) ( 81 ) معاد للعدل والعدل .
(وَالَّذِي أَطْمَعُ) آمل (أَنْ يَغْفِرَ لِي) كرما (خَطِيئَتِي) وهو هصم للدّر وإعلام للأمم روم محو الآصار ، وورد أراد كلمه المعهود ورودها المعلوم صدورها وعددها حال مراء الأعداء (يَوْمَ الدِّينِ) ( 82 ) العدل .
(رَبِّ) اللّهم (هَبْ) أعط واسمح (لِي حُكْماً) وسط العالم أو علما كاملا أو عملا صالحا أو ألوكا (وَأَلْحِقْنِي) أوصل (بِالصَّالِحِينَ) ( 83 ) الكمّل اللّاءوا ما ساط صلاحهم إصر ولا لمم وهم الرسل .
----------
الدارين تدريجا مستمرا إلى أن ينعمني في جنته (والذي هو يطعمني ويسقين) لا غيره إذ خلق الغذاء وما يتوقف عليه الاغتذاء به (وإذا مرضت فهو يشفين) لم يقل أمرضني لحدوث المرض غالبا بإسراف الإنسان في مطعمه ومشربه وغيرهما وبتنافر طبائع الأخلاط ما لم يحفظها الله على نسبة مخصوصة بقدرته لتحصل الصحة ولأنه في مقام تعديد النعم ونسب الإماتة إليه في (والذي يميتني) لأن الموت لا يحس به فلا ضرر إلا في مقدماته وهي المرض ولأنه وصلة إلى الحياة الباقية (ثم يحيين) في الآخرة (والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) قاله تواضعا لله وهضما لنفسه إذ لا خطيئة له.
(رب هب لي حكما) علما إلى علم أو حكما بالحق بين الناس (وألحقني بالصالحين) وفقني لعمل أنتظم فيه من جملتهم أو أجمع بيني وبينهم في الجنة .
ص: 132
(وَاجْعَلْ لِي) أعط واسمح (لِسانَ صِدْقٍ) مدحا وادّكارا ملاحا وسط العالم ودام مراسمه ومحامده ما دار السماء ، أو ولدا له السّداد وهو محمّد رسول اللّه صلعم (فِي) الأمم (الْآخِرِينَ) ( 84 ) عهدا .
(وَاجْعَلْنِي) واحدا (مِنْ وَرَثَةِ) ملّاك (جَنَّةِ النَّعِيمِ) ( 85 ) دارالسلام .
(وَاغْفِرْ) الآصار والمعار (لِأَبِي) وأصره مسلما أهلا لها (إِنَّهُ) الوالد (كانَ مِنَ) الرهط (الضَّالِّينَ) ( 86 ) سواء الصراط وهو الإسلام ، لعلّ دعاءه لو وراء سام والده لمّا وهم إسلامه وإسراره روعا ممّا الملك ، أو لعدم ورود الحدّ عما دعاء أهل العدول ح .
(وَلا تُخْزِنِي) هو الدحور وصدع سدل الإكرام (يَوْمَ يُبْعَثُونَ) ( 87 ) أهل العالم كلهم ، أو أعداء الإسلام العدل والعدل .
(يَوْمَ لا يَنْفَعُ) لكمال عسره وهوله وحصره (مالٌ) ما (وَلا بَنُونَ) ( 88 ) أصلا أحدا وهو عكس الحال .
(إِلَّا مَنْ) كلّ مرء (أَتَى اللَّهَ) ورد المطلع (بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) ( 89 ) سالم مما ساء هو السالم لا داء له وروع الملحد دار .
----------
(واجعل لي لسان صدق في الآخرين) ذكرا جميلا في الذين يأتون بعدي إلى يوم الدين وقد أجابه فكل أمة تثنى عليه أو ولدا صادقا داعيا إلى أصل ديني وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (واجعلني من ورثة جنة النعيم) ممن يعطاها (واغفر لأبي إنه كان من الضالين) بأن توفقه للإيمان (ولا تخزني) تهني (يوم يبعثون) أي العباد (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) من الشرك وحب الدنيا متصل أي إلا مال من هذا نعته .
ص: 133
(وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ) دارالسلام أحلّها اللّه محلّا مواما (لِلْمُتَّقِينَ) ( 90 ) أهل السداد والورع وآصارها مراهم .
(وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) أحلّها اللّه محلّا مواما (لِلْغاوِينَ) ( 91 ) أهل العمو والحرم وهم أعداء الإسلام وآصارها مراهم .
(وَقِيلَ لَهُمْ) لأعداء الإسلام (أَيْنَ ما) دماكم اللّاءوا (كُنْتُمْ) لدار الأعمال (تَعْبُدُونَ) ( 92 ) طوعا .
(مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ) الحال درءا للسوء (أَوْ يَنْتَصِرُونَ) ( 93 ) لإدرارهم حال ورودهم الساعور معكم .
(فَكُبْكِبُوا) أركسوا ودهوروا وطرحوا أحدهم علو أحدهم (فِيها) الساعور (هُمْ) دماهم (وَالْغاوُونَ) ( 94 ) هؤلاء الطوّع .
(وَجُنُودُ) عساكر الوسواس المطرود (إِبْلِيسَ) أرداؤه أو طوّعه (أَجْمَعُونَ) ( 95 ) كلّهم .
(قالُوا) أهل العمو والحرم (وَ) الحال (هُمْ فِيها) الساعور (يَخْتَصِمُونَ) ( 96 ) مع دماهم لمّا أعطاهم اللّه الكلام ، أو مع رهط المارد .
(تَاللَّهِ) واللّه (إِنْ) مؤكّد مطروح الأمد كما دلّ اللام (كُنَّا) لدار
----------
(وأزلفت الجنة) قربت (للمتقين) ليروها فيزدادوا فرحا (وبرزت الجحيم) كشفت (للغاوين) ليزدادوا غما (وقيل لهم أينما كنتم تعبدون من دون الله) من الأصنام (هل ينصرونكم) بدفع العذاب عنكم كما زعمتم شفاعتهم (أو ينتصرون) بدفعه عن أنفسهم (فكبكبوا) ألقوا (فيها هم والغاوون) الآلهة وعبدتها بعضهم على بعض (وجنود إبليس) شياطينه أو أتباعه من الثقلين (أجمعون قالوا) أي العبدة (وهم فيها يختصمون) مع
ص: 134
الأعمال (لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ( 97 ) ساطع كالمحسوس .
(إِذْ) لمّا (نُسَوِّيكُمْ) طوعا ، وهو حال محكوّ (بِرَبِّ الْعالَمِينَ) ( 98 ) كلهم ، وهو واحد أحد لا عدّ له ولا معادل ، وهو كلام الطوع وأكّدوه مع الحلط .
(وَما أَضَلَّنا) سواء الصراط أولا (إِلَّا) الرؤساء (الْمُجْرِمُونَ) ( 99 ) اللاؤا أمروا للأعمال الطوالح ، أو المراد الوسواس وعسكره وكلّ أحد أسّس صراطه وسلكه ، وكولد آدم المعسد المهلك أوّلا .
(فَما لَنا) الحال أحد (مِنْ شافِعِينَ) ( 100 ) أو الكاسر مؤكد لا مدلول له كما لأهل الإسلام وهم الصلحاء الكمّل والأملاك .
(وَلا صَدِيقٍ) ودود سداد لمّا الأودّاء أحدهم لأحد عدوّ ح إلا أهل الورع (حَمِيمٍ) ( 101 ) أهمّه ما أهمّ ودوده ، أو سام الودّاد وحده لا الأوّل لمصوله معودا ، أو عدّ الأوّل ، أو هو مصدر سواء الواحد وما عداه له كالعدوّ .
(فَلَوْ) هو للودّ والطّمع (أَنَّ لَنا كَرَّةً) عودا واحدا لدار الأعمال (فَنَكُونَ) ح (مِنَ) الأمم (الْمُؤْمِنِينَ) ( 102 ) لك ولرسلك سدادا ، وهو حوار « لو » .
(إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) ادّكارا وإعلاما لأهل الأحلام (وَما
----------
الأصنام (تالله إن) المخففة (كنا لفي ضلال مبين) اللام فارقة (إذ نسويكم برب العالمين) في العبادة (وما أضلنا إلا المجرمون) رؤساؤنا أو الأولون الذين اقتدينا بهم (فما لنا من شافعين) كما للمؤمنين من النبيين وغيرهم (ولا صديق حميم) يهمه أمرنا (فلو أن لنا كرة) رجعة إلى الدنيا ولو في معنى التمني أو شرط حذف جوابه (فنكون من المؤمنين إن في ذلك) المقصوص
ص: 135
كانَ) أصلا (أَكْثَرُهُمْ) عموم رهطه (مُؤْمِنِينَ) ( 103 ) للّه سدادا .
(وَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ لَهُوَ) وحده (الْعَزِيزُ) المكوح المسرع للإصر المهلك للأعداء (الرَّحِيمُ) ( 104 ) المسلّم للأودّاء الممهل للإصر للحكم والمصالح .
(كَذَّبَتْ) ردّ (قَوْمُ نُوحٍ) أهل عصره ، ورد ولد عصر آدم (الْمُرْسَلِينَ) ( 105 ) رسل اللّه ، وما سلّموا إرسال الرسل أصلا ولعا ، أو لمّا ردّوا واحدا مما هم وهو رسولهم لسمهم ردّ الكلّ لوجود معس الكلّ ، أو لمّا كلّ رسول أمر للإسلام الرسل كلّهم .
(إِذْ) لمّا (قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ) أصلا ورحما لا إسلاما (نُوحٌ) أطول الرسل عمرا (أَ لا) محرّص (تَتَّقُونَ) ( 106 ) اللّه حال طوعكم دماكم .
(إِنِّي لَكُمْ) طرّا (رَسُولٌ أَمِينٌ) ( 107 ) معلومها وسطكم وصار كمحمّد ( ص ) وسط الحمس ، أو مودع أوامر اللّه وأحكامه ومؤدّ لها كما أمر وحكم .
(فَاتَّقُوا اللَّهَ) وأسلموا له ووحّدوه (وَأَطِيعُونِ) ( 108 ) اسمعوا ما آمركم .
(وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أداء الأوامر والأحكام والدعاء للسداد (مِنْ)
----------
(لآية) دلالة لمن اعتبر (وما كان أكثرهم) أكثر قوم إبراهيم (مؤمنين) به (وإن ربك لهو العزيز الرحيم)بتأخیرها للحکمة.
(كذبت قوم نوح المرسلين) بتكذيبه لاشتراكهم في الدعاء إلى التوحيد وقوم مؤنث معنى (إذ قال لهم أخوهم) نسبأ (نوح ألا تتقون) الله في الإشراك به (إني لكم رسول أمين) فيكم (فاتقوا الله وأطيعون) فيما آمركم من توحيده
ص: 136
مؤكّد (أَجْرٍ) كراء (إِنْ) ما (أَجْرِيَ) أراد عدل عمله (إِلَّا عَلى) اللّه كرما (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 109 ) وهو المرام .
(فَاتَّقُوا اللَّهَ) مولاكم (وَأَطِيعُونِ) ( 110 ) اسمعوا ما أعلمكم كرره مؤكّدا ، أو لمّا معلّل كلّ واحد وراء معلّل سواه .
(قالُوا) له (أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ) الحال (اتَّبَعَكَ) أطاعك الرهط (الْأَرْذَلُونَ) ( 111 ) الأحاسل الرعاع كالحوّال ، أو معدمو المال أو السؤال الحرصاء .
(قالَ) الرسول لهم (وَما) للسؤال (عِلْمِي بِما) أعمال (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 112 ) أراد لا أحاول علم ما عملوه ، أو إعلاء ما أسرّوه والمرام دعاءهم للإسلام .
(إِنْ) ما (حِسابُهُمْ) عدّ أعمالهم (إِلَّا عَلى) اللّه (رَبِّي) لمّا هو المطّلع علاها (لَوْ تَشْعُرُونَ) ( 113 ) الأمر كما هو لمّا صدر وصمكم لهم
(وَما أَنَا) أصلا (بِطارِدِ) طارح الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 114 ) للّه الواحد الأحد ورسوله .
(إِنْ) ما (أَنَا إِلَّا) رسول (نَذِيرٌ) مروّع مهدد لأهل الأحلام كلهم
----------
وطاعته (وما أسألكم عليه) على الدعاء والنصح (من) زائدة (أجر إن أجري إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون) كرر تأكيدا (قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون) الذين لا مال لهم ولا عز، من غير بصيرة، جعلوا اتباع هؤلاء مانعا من إيمانهم (قال وما علمي) وأي علم لي (بما كانوا يعملون) عن بصيرة أم لا وما علي إلا اعتبار الظواهر (إن) ما (حسابهم إلا على ربي) العالم ببواطنهم لا علي (لو تشعرون) ذلك لعلمتموه (وما أنا بطارد المؤمنين) تطييبا لنفوسكم
ص: 137
سواء الأحاسل والكرام وأولو العدم والمال (مُبِينٌ) ( 115 ) مصرح لأحكام اللّه ، أو ساطع هوله لمّا دل علاه الأدلّاء .
(قالُوا) له (لَئِنْ) اللام مؤكّد وموطّأ للعهد (لَمْ تَنْتَهِ) عما هو كلامك وعملك (يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ) الرهط (الْمَرْجُومِينَ) ( 116 ) اللّاءوا ردسوا وأهلكوا ، أو رموا ووصموا .
(قالَ) الرسول إعلاما لمّا دعا علاهم ، وهو ردّهم السداد لا هولهم وإلهادهم له ودعا ح (رَبِّ) اللهمّ (إِنَّ قَوْمِي) المرسل لهم (كَذَّبُونِ) ( 117 ) ردّوا .
(فَافْتَحْ) أحكم (بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً) حكما (وَنَجِّنِي) سلّم (وَ) سلّم (مَنْ مَعِيَ مِنَ) الأمم (الْمُؤْمِنِينَ) ( 118 ) لك وسمع دعاءه .
(فَأَنْجَيْناهُ وَ) كلّ (مَنْ) أسلم (مَعَهُ) لمّا رعرعوا (فِي الْفُلْكِ) الودع (الْمَشْحُونِ) ( 119 ) المملوّ .
(ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ) وراء سلامهم (الْباقِينَ) ( 120 ) ممّا أرهاطه وسوّام وهوّام ما رعرعوا الودع .
(إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) وادكارا لأهل الأحلام (وَما كانَ )
----------
طمعا في إيمانكم (إن) ما (أنا إلا نذير مبين) للإنذار بالحجة الواضحة .
(قالوا لئن لم تنته يا نوح) عما تقول (لتكونن من المرجومين) بالحجارة أو بالشتم (قال رب إن قومي كذبون) أراد أنه إنما يدعو عليهم لتكذيبهم الحق لا لإيذائهم له (فافتح) فاحكم (بيني وبينهم فتحا) حكما (ونجني ومن معي من المؤمنين) مما يحل بهم (فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون) المملوء (ثم أغرقنا بعد) بعد إنجائهم (الباقين) من قومه (إن في ذلك لآية) باهرة
ص: 138
أصلا (أَكْثَرُهُمْ) آمرهم (مُؤْمِنِينَ) ( 121 ) للّه ورسوله .
(وَإِنَّ رَبَّكَ) اللّه (لَهُوَ) وحده (الْعَزِيزُ) المكوّح المهلك للأعداء (الرَّحِيمُ) ( 122 ) المسلم للأودّاء .
(كَذَّبَتْ عادٌ) رهط أصله اسم والدهم والملأ (الْمُرْسَلِينَ) ( 123 ) ردّوا إرسال رأسا وما سلّموه أصلا ، أو لمّا ردّوا رسولهم لسمهم ردّ الكلّ لمّا مرّ .
(إِذْ) لمّا (قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ) أصلا ورحما الرسول (هُودٌ أَ لا) محرّص (تَتَّقُونَ) ( 124 ) اللّه .
(إِنِّي لَكُمْ) كلكم (رَسُولٌ أَمِينٌ) ( 125 ) معلومها وسطكم ، أو مودع الأوامر والأحكام ومؤدّ لها كما أمر وحكم .
(فَاتَّقُوا اللَّهَ) مولاكم (وَأَطِيعُونِ) ( 126 ) اسمعوا ما أمركم .
(وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أداء ما أمر اللّه وإعلامه (مِنْ) مؤكّد (أَجْرٍ) كراء (إِنْ) ما (أَجْرِيَ) أراد عدله (إِلَّا عَلى) اللّه (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 127 ) كلهم .
(أَ تَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ) محل عال ، أو صراط مسلوك ، أو لا (آيَةً) مؤسسا علما للسلّاك أو صرح الحمام (تَعْبَثُونَ) ( 128 ) حال علوّكم علاها ، والمراد
----------
(وما كان أكثرهم مؤمنين).
(وإن ربك لهو العزيز الرحيم)
(كذبت عاد المرسلين) أنث لمعنى القبيلة .
(إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون).
(إني لكم رسول أمين).
(فاتقوا الله وأطيعون).
(وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين) دل تصدير القصص بذلك على أن الغرض من البعثة الدعاء إلى توحيد الله وطاعته والأنبياء متفقون فيه وإن اختلفوا في بعض شرائعهم ولم يطلبوا به مطمعا دنيويا .
(أتبنون بكل ريع) مكان مرتفع (ءاية)
ص: 139
إلهادهم لأهل المرور ولهوهم معهم .
(وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ) مآصر الماء وسط الرمكاء ، أو صروحا ودورا سوامك (لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ) ( 129 ) طمع دوامكم وسط دار الأعمال .
(وَإِذا) كلما (بَطَشْتُمْ) هو السطو والعطو مع الصول (بَطَشْتُمْ) إهلاكا أو لدما (جَبَّارِينَ) ( 130 ) لا رحم لكم .
(فَاتَّقُوا اللَّهَ) حال عملكم السوء واطرحوه (وَأَطِيعُونِ) ( 131 ) اسمعوا ما آمركم وأدعوكم له .
(وَاتَّقُوا) اللّه (الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما) آلاء (تَعْلَمُونَ) ( 132 ) لسطوعها وأورد معدّدا لها .
(أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ) سوّام وسواها (وَبَنِينَ) ( 133 ) امر عددهم وصلوا معها لمّا هم أمدّوا الولاد حال حرسها .
(وَجَنَّاتٍ) محالّ دوح مع الأحمال والأوراد (وَعُيُونٍ) ( 134 ) مسل ماء وصهاء .
(إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) رهط الأعداء (عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ( 135 ) حالا
----------
علما للمارة (تعبثون) ببنائها إذ كانوا في أسفارهم يهتدون بالنجوم فيستغنون عنها أو يجتمعون إليها للعبث بمن يمر بهم أو بروج الحمام (وتتخذون مصانع) مأخذا للماء أو حصونا وقصورا مشيدة (لعلكم) كأنكم (تخلدون) أو ترجون الخلود فتحكمونها (وإذا بطشتم) بسوط أو سيف (بطشتم جبارين) مستعلين بالضرب والقتل بلا رأفة ولا تثبت (فاتقوا الله) في ذلك (وأطيعون) فيما أمركم به (واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون) من ضروب النعم (أمدكم بأنعام وبنين (وجنات وعيون) أجمل النعم أولا ثم فصل بعضها بما يعلمونه
ص: 140
ومآلا لهوله أو طوال ممدود مآلا لو أدرككم السام حال العدول والصدود .
(قالُوا) له لا إرعواء عمّا عمل الولّاد الرؤساء (سَواءٌ عَلَيْنا أَ وَعَظْتَ) إصلاحا (أَمْ لَمْ تَكُنْ) أصلا (مِنَ) الملأ (الْواعِظِينَ) ( 136 ) وكلامك مردود دواما .
(إِنْ) ما (هذا) الحال وهو هلاك رهط وولّاد رهط وعطو الصروح الأصاعد والدور السوامك وما عداها ، أو كلامك ومروّعك (إِلَّا خُلُقُ) معهود الأمم (الْأَوَّلِينَ) ( 137 ) أو ولعهم .
(وَما نَحْنُ) أصلا (بِمُعَذَّبِينَ) ( 138 ) لا لدار الأعمال ولا للمعاد لعدمه سرمدا .
(فَكَذَّبُوهُ) ردّوا رسولهم هودا (فَأَهْلَكْناهُمْ) أهلكهم الصرصر (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) وادّكارا (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) أمرهم (مُؤْمِنِينَ) ( 139 ) للّه ورسوله .
(وَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) مولاك (لَهُوَ) وحده (الْعَزِيزُ) المكوّح المهلك للأعداء (الرَّحِيمُ) ( 140 ) المسلّم للأودّاء .
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ) رهط صالح (الْمُرْسَلِينَ) ( 141 ) ردّوا إرسال الرسل
----------
(إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم) في الدنيا والآخرة .
(قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين) أصلا فلا نقلع عما نحن فيه لم يقابلوا أوعظت أم لم تعظ عدولا إلى الأبلغ (إن) ما (هذا) الذي جئتنا به (إلا خلق الأولين) اختلافهم وكذبهم أو ما خلقنا إلا خلقهم نحيا ونموت ولا بعث (وما نحن بمعذبين) كما تزعم (فكذبوه فأهلكناهم) بالريح بتكذيبهم (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم).
ص: 141
رأسا وما سلّموه أصلا ، أو لمّا ردّوا رسولهم لسمهم ردّ الكلّ لوحود دعواهم طرّا ، أو لمّا كلّ رسول أمر لإسلام كلهم كما مرّ .
(إِذْ) لمّا (قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ) أصلا ورحما (صالِحٌ) ألا محرّص (أَ لا تَتَّقُونَ) ( 142 ) اللّه مولاكم .
(إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) ( 143 ) مودع أوامر اللّه وأحكامه ومؤدّ لها كما أمر وحكم .
(فَاتَّقُوا اللَّهَ) وأسلموا له وحده (وَأَطِيعُونِ) ( 144 ) اسمعوا ما أمركم وأدعوكم .
(وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أداء أوامر اللّه وإعلامها لكم (مِنْ) مؤكّد (أَجْرٍ) كراء (إِنْ) ما (أَجْرِيَ) أراد العدل (إِلَّا عَلى) اللّه (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 145 ) طرّا .
(أَ تُتْرَكُونَ) رهط السوء (فِي ما) آلاء (هاهُنا) دار الأعمال (آمِنِينَ) ( 146 ) سلّاما الآلام والسام .
(فِي جَنَّاتٍ) محال دوح وأحمال وأوراد (وَعُيُونٍ) ( 147 ) صهاء ماء .
(وَ) صروع (زُرُوعٍ وَ) سكك (نَخْلٍ طَلْعُها) أول طالع حملها (هَضِيمٌ) ( 148 ) موصول وصل كسره مع كسر ، أو سهو سهل ، أو مدرك كامل ،
----------
(كذبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتتركون) إنكار (في ما هاهنا) من النعم (ءامنين) الزوال (في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم) لطيف صاف للطف طلع إناث النخل أو لين
ص: 142
أو محطوم مكسور لعدّ الحمل .
(وَتَنْحِتُونَ) هو السحل (مِنَ الْجِبالِ) الصّمّ (بُيُوتاً) دورا (فارِهِينَ) ( 149 ) مهارا أو أهل سرور .
(فَاتَّقُوا اللَّهَ) وأسلموا له (وَأَطِيعُونِ) ( 150 ) اسمعوا ما أمركم
(وَلا تُطِيعُوا) أصلا (أَمْرَ) الأرهاط (الْمُسْرِفِينَ) ( 151 ) أعداء اللّه عموما ، أو هم مهلكو عرمس صالح .
(الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) الرمكاء وهو عدم إسلامهم وحدلهم العالم (وَلا يُصْلِحُونَ) ( 152 ) وهو الإسلام والعدل .
(قالُوا) لصالح (إِنَّما) ما (أَنْتَ) صالح إلّا (مِنَ) الرهط (الْمُسَحَّرِينَ) ( 153 ) اللّاءوا سحروا سحرا أمرا وطاح أحلامهم .
(ما أَنْتَ) صالح (إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أكلا وعلسا ومصدا وسلحا أداء للوطر (فَأْتِ) هلمّ (بِآيَةٍ) لسداد أمرك (إِنْ كُنْتَ مِنَ) الرسل (الصَّادِقِينَ) ( 154 ) كلاما .
(قالَ) لهم صالح (هذِهِ ناقَةٌ) وراء ما سلّها اللّه مما العرمس لدعاء الرسول كما سألوا (لَها) وحدها (شِرْبٌ) سهم ماء (وَلَكُمْ) كلكم
----------
نضج وهو الرطب وأفرد النخل بالذكر لفضلها (وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين) حاذقين بنحتها أو بطرين وقرىء فرهين (فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين) لا تطيعوهم فنسب للأمر مجازا (الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون) أي فسادهم خالص عن الصلاح (قالوا إنما أنت من المسحرين) الذين سحروا كثيرا حتى لا يعقلوا (ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين) في دعواك (قال هذه ناقة لها شرب) نصيب من الماء (ولكم شرب
ص: 143
(شِرْبٌ) سهم ماء (يَوْمٍ مَعْلُومٍ) ( 155 ) لكم .
(وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ) لدم أو حسم ورد علس الكوماء ماءهم كلّه حال سهمها وما لها علس عصر سهمهم أو إهلاك (فَيَأْخُذَكُمْ) ح (عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ( 156 ) عسر .
(فَعَقَرُوها) أهلكوها والمهلك واحد مما هم وما سواه أمروه (فَأَصْبَحُوا) صاروا (نادِمِينَ) ( 157 ) سدّاما حال هلاكها روع حلول ألم وإصر لا هو داء أو صدد إحساس الإصر وهو ما عادلهم .
(فَأَخَذَهُمُ) مسّهم (الْعَذابُ) الموعود وهلكوا كلهم (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) وادّكارا (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) أمرهم (مُؤْمِنِينَ) ( 158 ) للّه ورسوله « صالح » ولو اسلم أمرهم ، أو ساووا أهل العدول لمّا دمروا وعصموا كما عصم الحمس عمّا عدله .
(وَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ لَهُوَ) وحده (الْعَزِيزُ) المكوّح المهلك للأعداء (الرَّحِيمُ) ( 159 ) كامل الرّحم المسلّم للأودّاء .
(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ) الرسول (الْمُرْسَلِينَ) ( 160 ) ردّوا إرسال الرسل رأسا وما سلّموه أصلا ، ولمّا ردّوا رسولهم لسمهم ردّ الكلّ لما مرّ .
(إِذْ) لمّا (قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ) أصلا ورحما (لُوطٌ أَ لا) محرّص (تَتَّقُونَ) ( 161 ) اللّه .
----------
يوم معلوم) فلا تجاوزوه إلى شربها (ولا تمسوها بسوء) كعقر وأذى (فيأخذكم عذاب يوم عظيم فعقروها) أسند فعل البعض إلى الكل لرضاهم (فأصبحوا نادمين) على عقرها حين عاينوا العذاب (فأخذهم العذاب) الموعود (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم).
(كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسول
ص: 144
(إِنِّي لَكُمْ) طرّا (رَسُولٌ أَمِينٌ) ( 162 ) معلومها وسطكم أو مودع المصالح والحكم والأوامر والأحكام ، ومؤدّ لها كما أمر اللّه وحكم .
(فَاتَّقُوا اللَّهَ) وأسلموا له (وَأَطِيعُونِ) ( 163 ) اسمعوا ما أمركم .
(وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أداء الأوامر والأحكام وإعلامها لكم (مِنْ) مؤكد (أَجْرٍ) كراء (إِنْ) ما (أَجْرِيَ) أراد العدل (إِلَّا عَلى) اللّه كرما (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 164 ) كلهم .
(أَ تَأْتُونَ الذُّكْرانَ) إكساءهم (مِنَ الْعالَمِينَ) ( 165 ) أولاد آدم مع عدّ الأعراس .
(وَتَذَرُونَ) هو الودع (ما) أعراسا أو احراحا لها (خَلَقَ لَكُمْ) لمساسكم (رَبُّكُمْ) مالككم ومصلحكم (مِنْ أَزْواجِكُمْ) أعراسكم (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ) ( 166 ) الحلال واصلوا الحرام .
(قالُوا) عداء وطلاحا لرسولهم (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) هو الارعواء عما هو عملك وهو الصدّ والردع (يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ) الرهط (الْمُخْرَجِينَ) ( 167 ) هو الإدلاع .
(قالَ) لهم لوط (إِنِّي لِعَمَلِكُمْ) السوء (مِنَ) الرهط (الْقالِينَ) ( 168 ) الكرّه الحرّد كمال الكره والحرد .
----------
أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين) من الناس مع كثرة الإناث فيهم أو من بين من ينكح من الحيوان اختصصتم بذلك (وتذرون ما خلق لكم ربكم بل أنتم قوم عادون) متعدون حد الحلال إلى الحرام (قالوا لئن لم تنته يا لوط) عن نهينا وتقبيح أمرنا (لتكونن من المخرجين) من بلدنا كأنهم كانوا يعنفون بمن
ص: 145
(رَبِّ) اللهم (نَجِّنِي) سلم (وَأَهْلِي مِمَّا) « ما » للمصدر (يَعْمَلُونَ) ( 169 ) حدّ عملهم وإصره .
وسمع دعاءه (فَنَجَّيْناهُ) لوطا (وَأَهْلَهُ) أهل داره وطوّعه (أَجْمَعِينَ) ( 170 ) ممّا حلّ رهطهم .
(إِلَّا عَجُوزاً) كردحا أراد عرسه المحمّ هلاكها لودّها عملهم وعدم إسلامها للوط (فِي) الرهط (الْغابِرِينَ) ( 171 ) وسط المصر أو الهلّاك لما ورد وصلها عرمس وسط الصراط وأهلكها .
(ثُمَّ) لمّا سلّم أهله (دَمَّرْنَا) دمّره أهلكه إهلاكا هكرا أو إهلاكا كاملا وأصله كسر لا إصلاح له (الْآخَرِينَ) ( 172 ) سواهم .
(وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ) الرهط المسطور (مَطَراً) عرامس (فَساءَ مَطَرُ) الرهط (الْمُنْذَرِينَ) ( 173 ) مطرهم .
(إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) إعلاما وادّكارا (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) أمرهم (مُؤْمِنِينَ) ( 174 ) للّه ورسوله لوط ولو أسلم أمرهم أو ساووا أهل العدول لسلموا عما وصلهم كالحمس .
(وَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ لَهُوَ) وحده (الْعَزِيزُ) المكوّح المهلك للأعداء
----------
يخرجونه (قال إني لعملكم من القالين) المبغضين (رب نجني وأهلي مما يعملون) من وباله (فنجيناه وأهله أجمعين) يشمل من آمن به لأنهم أهله (إلا عجوزا) هي امرأته (في الغابرين) الباقين في العذاب لرضاها بفعلهم وإعانتها لهم (ثم دمرنا الآخرين) أهلكناهم بالايتفاك (وأمطرنا عليهم مطرا) حجارة أتبعناهم إياها أو على شذاذهم فأهلكناهم بها (فساء مطر المنذرين) مطرهم واللام للجنس (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو
ص: 146
(الرَّحِيمُ) ( 175 ) كامل الرّحم المسلّم للأودّاء .
(كَذَّبَ أَصْحابُ) أهل (الْأَيْكَةِ) محلّ الكلاء الولاء والدوح الموصول اطرارها مما السدر والأراك والدوم (الْمُرْسَلِينَ) ( 176 ) ردّوا إرسال الرسل رأسا وما سلموه أصلا ، أو لمّا ردّوا رسولهم لسمهم ردّ الكلّ لمّا مرّ .
(إِذْ) لمّا (قالَ لَهُمْ) الرسول (شُعَيْبٌ أَ لا) محرّص (تَتَّقُونَ) ( 177 ) اللّه مولاكم .
(إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) ( 178 ) مودع أوامر اللّه وأحكامه ومؤدّ لها كما أمر وحكم .
(فَاتَّقُوا اللَّهَ) وأسلموا له (وَأَطِيعُونِ) ( 179 ) اسمعوا ما أمركم .
(وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أداء الأوامر والأحكام وإعلامها لكم (مِنْ) مؤكد (أَجْرٍ) كراء (إِنْ) ما (أَجْرِيَ) أراد العدل (إِلَّا عَلى) اللّه (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 180 ) كلّهم .
(أَوْفُوا الْكَيْلَ) أكملوه (وَلا تَكُونُوا مِنَ) الرهط (الْمُخْسِرِينَ) ( 181 ) اللّاءوا عملهم الوكس .
(وَزِنُوا) أرطلوا (بِالْقِسْطاسِ) المرطل (الْمُسْتَقِيمِ) ( 182 ) السواء العدل .
----------
العزيز الرحيم).
(كذب أصحاب الأيكة المرسلين) الأيكة الشجر الملتف وهي غيضة بقرب مدين يسكنها قوم بعث إليهم شعيب (إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أوفوا الكيل) أتموه (ولا تكونوا من المخسرين) الناقصين (وزنوا
ص: 147
(وَلا تَبْخَسُوا) هو الوكس (النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) أموالهم دراهمهم وسواها (وَلا تَعْثَوْا) هو المأس (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء (مُفْسِدِينَ) ( 183 ) طلّاحا إهلاكا للإدرار وعطوا للأموال الحرام وحسما للصّراط ، وهو حال مؤكد لمدلول عاملها .
(وَاتَّقُوا) اللّه (الَّذِي خَلَقَكُمْ) وصوّركم وعدل صوركم (وَالْجِبِلَّةَ) الأمم (الْأَوَّلِينَ) ( 184 ) عهدا .
(قالُوا) لرسولهم عداء (إِنَّما) ما (أَنْتَ) إلّا (مِنَ) الرهط (الْمُسَحَّرِينَ) ( 185 ) اللّاوا سحروا سحرا مكرا ، وطاح أحلامهم أو مكروا .
(وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ) أحد أولاد آدم (مِثْلُنا) أكلا للطعام وعلسا للماء ودكاسا ومصدا وسلحا وأداء للوطر ، وكلها لا حراء للإرسال .
(وَإِنْ) مؤكد مطروح الأمد كما دلّ علاه اللام (نَظُنُّكَ لَمِنَ) أهل الادّعاء (الْكاذِبِينَ) ( 186 ) كلاما حال دعواك الألوك .
(فَأَسْقِطْ) ادع اللّه لما طرح (عَلَيْنا كِسَفاً) كسرا (مِنَ السَّماءِ) المعهود أو الطحاء (إِنْ كُنْتَ مِنَ) الرسل (الصَّادِقِينَ) ( 187 ) كلاما وادّعاء للألوك .
----------
بالقسطاس المستقيم) بالميزان السوي بضم القاف وكسره (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) لا تنقصوهم حقوقهم (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) بالقتل وغيره حال مؤكدة (واتقوا الذي خلقكم والجبلة) ذوي الجبلة وهي الخلقة أي والخلائق (الأولين قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا) الواو يفيد أنه جمع بين وصفين منافيين للرسالة (وإن) المخففة (نظنك لمن الكاذبين) في دعواك واللام فارقة (فأسقط علينا كسفا) قطعة (من السماء إن
ص: 148
(قالَ) الرسول لهم (رَبِّي) الملك الحكم العدل (أَعْلَمُ) كامل العلم (بِما) كل عمل (تَعْمَلُونَ) ( 188 ) وما هو عدل أعمالكم وله الحكم والطول كلّما أراد إصركم وحدّكم عامل معكم وآما لأعمالكم ، وسلّط علاكم إصرا وحدّا أراده .
(فَكَذَّبُوهُ) رسولهم (فَأَخَذَهُمْ) مسّهم وأهلكهم (عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ) الرّكام المطلّ علاهم ركد أوّلا الأرواح عماهم وأحاطهم الحرّ ، وكاد إدرارهم هلاكا للحرّ ولاح لهم الركام ، وراموا المطروح أمطر الركام المطلّ علاهم ساعورا كما سألوا أوّلا (إِنَّهُ) الإصر الوارد علاهم (كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) ( 189 ) عسر صعد .
(إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) إعلاما وادّكارا لأهل الأحلام (وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ) أمرهم (مُؤْمِنِينَ) ( 190 ) اللّه ورسوله .
(وَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) مولاك (لَهُوَ) وحده (الْعَزِيزُ) المكوّح المهلك للأعداء (الرَّحِيمُ) ( 191 ) كامل الرّحم المسلّم للأودّاء ، وكرّر ما كرّر إحكاما لمدلول حال كلّ رسول وإرساء له وسط الصدور وإكمالا للردع واطراء للادّكار والإعلام .
----------
كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون) وبجزائه الذي استوجبتموه من كسف وغيره فينزلوه بكم (فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة) هي سحابة أظلتهم بعد حر شديد أصابهم سبعة أيام فأمطرت عليهم نارا فأحرقتهم (إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم) قص سبع قصص هذا آخرها تسلية لرسوله وتهديدا للمكذبين به بما أصاب الأمم بتكذيب الرسل .
ص: 149
(وَإِنَّهُ) الكلام المرسل (لَتَنْزِيلُ) اللّه ومرسله (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 192 ) صروع العالم كلهم .
(نَزَلَ) ورد (بِهِ) الكلام المرسل (الرُّوحُ الْأَمِينُ) ( 193 ) مودع الأسرار والحكم ، وهو ملك الرسل المعهود سمّاه روحا لمّا أصل الأملاك كلها الروح ، أو لمّا أصله روح اللّه المسموح لآدم ، أو هو اسم علم .
(عَلى قَلْبِكَ) علاك وأورد الروع لمّا هو محل الادّكار ، والمراد الادّكار وهو محلّ العلوم والصور أوّلا ، أو ما موادّه اللحم والدم وهو محلّها وسطا ، وأمد محلّها لوح الحس العامل وصلا وحدّا لا ركود له أصلا حال الدكاس وعدمه (لِتَكُونَ) محمّد ( ص ) (مِنَ) الرسل (الْمُنْذِرِينَ) ( 194 ) أهل العالم .
(بِلِسانٍ) كلام (عَرَبِيٍّ) محار لأولاد ماء السماء ، وهو كلام هود وصالح وإسماعيل وصهر رسول الهود ومحمّد صلعم (مُبِينٍ) ( 195 ) مسطع مصحّح عمّا حولّه العوامّ .
(وَإِنَّهُ) الكلام المرسل وادّكاره أو مدلوله (لَفِي زُبُرِ) طروس الرسل (الْأَوَّلِينَ) ( 196 ) اللّاءوا رحلوا أمامك .
(أَ) ما عملوا (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ) لأولاد ماء السماء (آيَةً) علما لعلمهم سداد محمّد ( ص ) ، أو صحّ كلام اللّه المرسل علاه (أَنْ يَعْلَمَهُ )
----------
(وإنه) أي القرآن المشتمل على هذه القصص وغيرها (لتنزيل رب العالمين) تقرير لحقيقتها وإشعار بإعجاز القرآن (نزل به الروح الأمين) عليه جبرئيل سمي روحا لأنه به يحيي الدين أو لأنه روحاني (على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين) بين المعنى (وإنه) أي ذكر القرآن (لفي زبر الأولين) كتبهم السماوية (أولم يكن لهم ءاية) على صحة القرآن أو صدق
ص: 150
محمّد ( ص ) أو كلام اللّه (عُلَماءُ بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ) ( 197 ) كولد سلام وأعداله .
(وَلَوْ نَزَّلْناهُ) الكلام المرسل كما هو (عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ) ( 198 ) واحد الحمراء واحده كأحمر .
(فَقَرَأَهُ) الكلام المرسل (عَلَيْهِمْ) أهل الحرم (ما كانُوا بِهِ) الكلام المسطور (مُؤْمِنِينَ) ( 199 ) سداد لكمال عدواهم وحسدهم وسمودهم
(كَذلِكَ) كما سلك عدم الإسلام حال درس واحد الحمراء ، أو الكلام المرسل علاه (سَلَكْناهُ) عدم الإسلام حال درس محمّد ( ص ) أو الكلام المرسل علاه (فِي قُلُوبِ) الأمم (الْمُجْرِمِينَ) ( 200 ) أهل السوء وعدم إسلامهم لحسدهم ووحر صدرهم .
(لا يُؤْمِنُونَ بِهِ) الكلام المرسل أصلا (حَتَّى يَرَوُا) إحساسا (الْعَذابَ الْأَلِيمَ) ( 201 ) المؤلم حالا كما هو حال الأمم الأول .
(فَيَأْتِيَهُمْ) الحدّ المؤلم حلولا وورودا (بَغْتَةً) دروء ودهما حالا أو
----------
محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (أن يعلمه علمؤا بني إسرائيل) كابن سلام وغيره أي علمهم ببعثه من كتبهم (ولو نزلناه) كما هو (على بعض الأعجمين) الذين لا يحسنون عربية أو بلغة العجم (فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين) عنادا أو أنفة من اتباع العجم قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) لو نزلنا القرآن على العجم ما آمنت به العرب وقد نزل على العرب فآمنت به العجم (كذلك سلكناه في قلوب المجرمين) أي مثل إدخالنا القرآن مكذبا به في قلوبهم بقراءتك عليهم وأسند إليه تعالى كناية عن تمكنه مكذبا به في قلوبهم كأنهم جبلوا عليه بدليل إسناد (لا يؤمنون به) إليهم (حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة) فجأة (وهم لا يشعرون) بمجيئه (فيقولوا)
ص: 151
مالا (وَ) الحال (هُمْ لا يَشْعُرُونَ) ( 202 ) حلوله .
(فَيَقُولُوا) ح حسرا وسدما (هَلْ) للسؤال (نَحْنُ مُنْظَرُونَ) ( 203 ) هو الإمهال والمراد أمهلوا ولو ماصلا .
(أَ) سلموا (فَبِعَذابِنا) وروده (يَسْتَعْجِلُونَ) ( 204 ) إلهادا ككلامهم أمطراه وحالهم حال ورود الإصر والحد روم الإمهال .
(أَ) حصل (فَرَأَيْتَ) حسّا والمراد أعلم (إِنْ مَتَّعْناهُمْ) أعطوا أموالا وأولادا وآلاء (سِنِينَ) ( 205 ) مددا مدادا ودهورا طوالا .
(ثُمَّ جاءَهُمْ ما) أصر وحدّ (كانُوا) أوّلا (يُوعَدُونَ) ( 206 ) .
(ما) للسؤال أو للإعدام (أَغْنى) صدّ وردّ ودرء (عَنْهُمْ) ما حلّهم (ما) أولاد وأموال وآلاء (كانُوا) أوّلا (يُمَتَّعُونَ) ( 207 ) أو « ما » للمصدر .
(وَما أَهْلَكْنا) أولا (مِنْ) مؤكد لمدلول « ما » (قَرْيَةٍ) أراد أهلها (إِلَّا لَها) لأهلها رسل كمّل (مُنْذِرُونَ) ( 208 ) مهدّد وأهلها حلول حدّ وإصر ما مرّ .
(ذِكْرى) أو هو مصدر للهول ، أو معلّل له ، أو للإهلاك ، أو حال ، أو مدح للهوّال والمراد أهل ادّكار (وَما كُنَّا) حال إهلاكهم (ظالِمِينَ) ( 209 ) علاهم لما عملوا أوّلا طوالح الأعمال وصاروا أهلا للهلاك وأعلموا أوّلا الحدّ الإهلاك
----------
ندما (هل نحن منظرون) لنؤمن .
(أفبعذابنا يستعجلون) توبيخ لهم بتهكم أي كيف يستعجله من إذا نزل به سأل النظرة (أفرأيت) أخبرني (إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون) لم يغن عنهم تمتيعهم في رفع العذاب (وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون) رسل تنذر أهلها بالحجج (ذكرى) تذكرة نصبت علة أو مصدرا ورفعت خبرا لمحذوف (وما كنا
ص: 152
لعملها وأهلكوا ، أو لعدم طرحهم لها ، وورد ردّا لكلام أهل العدول ما ادّعاه محمّد ( ص ) كلام اللّه هو كلام الوسواس وعسكره .
(وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ) الكلام المرسل لمحمّد صلعم وما أورده (الشَّياطِينُ) ( 210 ) الوسواس وطوّعه كما وهمه الأعداء .
(وَما يَنْبَغِي) هو الصلوح والحراء (لَهُمْ) ورودهم معه (وَما يَسْتَطِيعُونَ) ( 211 ) ما لهم الوّ للورود المسطور .
(إِنَّهُمْ) الوسواس وطوّعه (عَنِ السَّمْعِ) ككلام الأملاك (لَمَعْزُولُونَ) ( 212 ) هو الرّد والطرد ، والمراد ما لهم ألو السمع مما هو الأملاك لمّا إدرارهم ركس لا وئام لها معهم ، وكلام اللّه لعمومه الحكم والصالح .
(فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ) الواحد الأحد الصمد (إِلهاً آخَرَ) سواه كما دعوك (فَتَكُونَ) حال طوعك ما دعوك له معدودا (مِنَ) الأمم (الْمُعَذَّبِينَ) ( 213 ) معادا الكلام مع رسول اللّه صلعم ، والمراد هول سواه .
(وَأَنْذِرْ) روّع (عَشِيرَتَكَ) رهطك (الْأَقْرَبِينَ) ( 214 ) لك ممّا سواهم ، وهم أولاد والد والده وأولاد والد والد والده وما وراءهم ، وأعلمهم وروّعهم كما أمره اللّه ، لمّا صعد طودا سامكا ودعا أهل الأرحام الأحم ، وكلّم لا
----------
ظالمين) فنهلك غير الظالمين (وما تنزلت به الشياطين) كما زعم الكفرة أنه من جنس ما يلقي الشياطين إلى الكفار (وما ينبغي) لهم التنزل به (وما يستطيعون) ذلك (إنهم عن السمع) لكلام الملائكة (لمعزولون) ممنوعون بالشهب (فلا تدع مع الله إلها ءاخر فتكون من المعذبين) تهييج له (صلى الله عليه وآله وسلّم) ليزداد إخلاصا ولطف للمكلفين .
(وأنذر عشيرتك الأقربين) مبتدئا بهم الأقرب فالأقرب (واخفض
ص: 153
أملك لكم أمرا ما أسلموا ، رواه محمّد ومسلم .
(وَاخْفِضْ) حطّ (جَناحَكَ) وسهّل حراك (لِمَنِ اتَّبَعَكَ) أطاعك (مِنَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 215 ) لك سدادا أو هم أهل الوحود .
(فَإِنْ عَصَوْكَ) احمّاؤك وما أطاعوك (فَقُلْ) لهم (إِنِّي بَرِيءٌ) طاهر سالم (مِمَّا) عمل سوء (تَعْمَلُونَ) ( 216 ) وهو طوع إله سواه وما وراءه أو « ما » للمصدر .
(وَتَوَكَّلْ) عول (عَلَى) اللّه (الْعَزِيزِ) المكوّح المهلك للأعداء (الرَّحِيمِ) ( 217 ) كامل الرّحم المسلم للأوداء ، وكل أمورك كلّها له .
(الَّذِي يَراكَ) محمّد ( ص ) (حِينَ تَقُومُ) ( 218 ) سمر الأداء ما أمرك اللّه .
(وَتَقَلُّبَكَ) حولك (فِي) أداء أحكام ما أمرك اللّه أداءها مع (السَّاجِدِينَ) ( 219 ) اللّه وحده .
(إِنَّهُ) اللّه (هُوَ) وحده (السَّمِيعُ) لكلامك (الْعَلِيمُ) ( 220 ) لأعمالك وأحوالك طرّا .
(هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) أعلّمكم أهل الحرم (عَلى مَنْ) مرء (تَنَزَّلُ) علاه (الشَّياطِينُ) ( 221 ) الوسواس وطوّعه لإعلام الولع والمكر .
----------
جناحك) ألن جانبك (لمن اتبعك من المؤمنين) ويراد بالمؤمنين من صدقوا بألسنتهم (فإن عصوك) أي قومك (فقل إني بريء مما تعملون وتوكل على العزيز الرحيم) فوض أمرك إليه (الذي يراك حين تقوم) في التهجد (وتقلبك في الساجدين) وتصرفك في المصلين بالقيام والركوع والسجود والقعود حين تأمهم (إنه هو السميع) لقولك (العليم) نبأك .
ص: 154
(تَنَزَّلُ) أولو الوسواس (عَلى كُلِّ) مرء (أَفَّاكٍ) ولّاع (أَثِيمٍ) ( 222 ) طالح عامل للآصار ، وحال محمّد صلعم عكسه .
(يُلْقُونَ) أولو الوسواس أو الولع (السَّمْعَ) الحسّ لسماع كلام الأملاك ، أو كلام أهل الوسواس ، أو المسموع للأودّاء (وَأَكْثَرُهُمْ) أهل الوسواس ، أو الولّاع العمّال للآصار والمعار (كاذِبُونَ) ( 223 ) حال الإسماع لمصول دركهم ، أو حال أداء ما سمعوا لطلاحهم لمّا لمّوا الولع مع مسموعهم ، كما هو عملهم حال صعودهم السماء أمام سطوع محمّد صلعم ومولده ، وهو محال لحال محمّد صلعم لمّا هو رسول أعلم أسرارا لا عدّ له ولا إحصاء وكلها موام لمّا هو درّ الأمر .
(وَالشُّعَراءُ) كلهم وهو محكوم علاء محموله (يَتَّبِعُهُمُ) الأرهاط (الْغاوُونَ) ( 224 ) سواء الصراط ، أو مكلّمو كلامهم السواء وراووه ، أو واكسو الأحلام ، أو أهل الوسواس ، أو أعداء الإسلام ، وأمر طوّع محمّد عكسه لمّا هم ركع للّه رحماء وسطهم أهل الأحلام والإسلام لمّا ودّ لهم للكلام المسطور .
(أَ لَمْ تَرَ) أما حصل لك علم (أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ) صرع كلام ولع أو لهو (يَهِيمُونَ) ( 225 ) هام حار وراح لما أمر كلامهم أوهام لا وطود ولا رسوا كالوعد الوالع وإطراء المدح وأعدالها .
(وَ) علم (أنهم يقولون) وأو (ما) عملا (لا يَفْعَلُونَ) ( 226 )
----------
(هل أنبئكم على من تنزل الشياطين) تتنزل (تنزل على كل أفاك أثيم) كذاب فاجر (يلقون) أي الأفاكون (السمع) إلى الشياطين فيتلقون منهم (وأكثرهم كاذبون والشعراء يتبعهم الغاوون) باستحسان باطلهم وروايته عنهم ولا كذلك أتباع محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) ويقرره (ألم تر أنهم في كل واد يهيمون) يذهبون غير مبالين بما نطقوا من غلو في مدح وذم (وأنهم يقولون ما لا يفعلون) من
ص: 155
أصلا .
(إِلَّا) الرهط (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله محمّد صلعم (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) مدحوا رسول اللّه صلعم كولد مالك (وَذَكَرُوا اللَّهَ) الواحد الأحد الصمد ادّكارا (كَثِيراً) مع علم وإدراك لا سهو ولهو وآمرا ممّا مرّ وهو كلام السوء ، ولو كلّموا الكلام المعهود كلّموا لمدح اللّه عموم أعصار ومدح رسول اللّه صلعم والأودّاء له وصلحاء أهل الإسلام (وَانْتَصَرُوا) وعاملوا الأعداء كما عاملهم الأعداء ، وردّوا وصم وصّام رسول اللّه ووصموهم (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) أوصموا (وَسَيَعْلَمُ) الأمم (الَّذِينَ ظَلَمُوا) إدرارهم وعملوا سوء (أَيَّ مُنْقَلَبٍ) معاد ومصار ، وهو مصدر للصرع عامله (يَنْقَلِبُونَ) ( 227 ) مالا ، والكلام مروّع للعدّل والطّلاح كمال الهول .
----------
وعد كاذب وافتخار باطل وحديث مفترى (إلا) الشعراء (الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا) وكان شعرهم في الثناء على الله ومناجاته والحكمة والموعظة الحسنة ومدح النبي وآله ورثاهم (وانتصروا) من هجائهم من الكفار (من بعد ما ظلموا) بالاعتداء عليهم فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) أي مرجع يرجعون بعد الموت وفي (وسيعلم) وعيد وإطلاق (الذين ظلموا) وإبهام أي أشد ترهيب وأفظع تهويل.
ص: 156
ص: 157
ص: 158
( سورة النّمل )
موردها امّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
إعلام علو كلام اللّه وهداه لأهل الإسلام ، ولوم أهل الرّد ، وأحوال رسول الهود ، ووروده وسط واد مطهّر ، وحول عصاه صلّا ، وأحوال داود الرسول وولده وإكرام اللّه لهما ، وإعلامه كلام ما طار لولده ، وأحوال الهدهد وإعلامه حال رهط طوّع لمّا وراء اللّه ، وإرسال الهدهد لهم مع الطرس ، وورودهم صدد الحكل وإسلامهم له ، وأحوال صالح ومكر الرهط معه ، وأحوال لوط ورهط الطّلاح ، وسماع اللّه دعاء أهل الطوع واطّلاعه للأسرار ، وادّكار كلام مسلّ لرسول اللّه صلعم لصدود أهل الرّد عما أرسل ، وسطوع اعلام المعاد واعلام حال الأطواد لهول المعاد ، وإعطاء الأعدال والآلاء لأهل الإسلام والآصار والآلام لأهل الصدود ، وعدم ودّ الرسول صلعم لأهل العدول والأمر له لحمد اللّه .
ص: 159
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(طس) سرّ اللّه مع رسوله ، أو اسم للّه ، أو لكلم أو لها طس (تِلْكَ) الكلم (آياتُ الْقُرْآنِ) الكلام المرسل لمحمّد صلعم (وَكِتابٍ) ؟ ؟ ؟ والأول واحد مدلولا ، وهما اسما علم صدد رهط للطرس المرسل لمحمّد صلعم ؟ ؟ ؟ (مُبِينٍ) ( 1 ) معلم للحلال والحرام والمعلوم والحكم ، أو لكل امر لما ؟ ؟ ؟ ؟ الأمور كلها اطّلع علاها كل أحد رآه وأحسّه .
(هُدىً وَبُشْرى) ؟ ؟ ؟ الإسلام ، كلّ واحد حال عامله مدلول اسم الومء ، أو محمول لمطروح (لِلْمُؤْمِنِينَ) ( 2 ) أو أوّلهما للكلّ وحماداهما لهم سموما .
(الَّذِينَ يُقِيمُونَ) كما أمر اللّه (الصَّلاةَ) مداوموها أو مراعو أعمالها ومعدّلوها (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) سهم أموالهم أهلها (وَهُمْ) الواو للحال أو
----------
(27-سورة النمل ثلاث أو أربع وتسعون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(طس تلك) إشارة إلى آي السورة (ءايات القرآن وكتاب مبين) للحق من الباطل والكتاب اللوح أو القرآن (هدى وبشرى للمؤمنين) بالجنة (الذين
ص: 160
للوصول (بِالْآخِرَةِ) المعاد (هُمْ) وحدهم (يُوقِنُونَ) ( 3 ) هو العلم المحكم .
(إِنَّ) الأمم (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِالْآخِرَةِ) معاد الكلّ (زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ) أراد سوّل لهم أعمالهم السوءاء ورأوها صوالح ، أو الصوالح اللاء طرحوها وما عملوها حال ما أراهم أعدالها (فَهُمْ يَعْمَهُونَ) ( 4 ) عمه حار ودار .
(أُوْلئِكَ) العمّه (الَّذِينَ) أحم (لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ) الإهلاك والأسر لسوء أعمالهم وطلاحهم (وَهُمْ) عمّال السوء (فِي) الدار (الْآخِرَةِ هُمُ) وحدهم (الْأَخْسَرُونَ) ( 5 ) أعمالا وآمالا لمّا عدموا دارالسلام وحصّلوا دار الآلام .
(وَإِنَّكَ) محمّد ( ص ) (لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ) معطاه ومعلّمه (مِنْ لَدُنْ) إله (حَكِيمٍ) مراع للحكم والأسرار (عَلِيمٍ) ( 6 ) كامل علم .
ادّكر (إِذْ) لمّا (قالَ) رسول الهود (مُوسى لِأَهْلِهِ) عرسه وولده
----------
يقيمون الصلاة) بحدودها (ويؤتون الزكاة) بتمامها (وهم بالآخرة هم يوقنون) من تتمة الصلة والواو للحال أو للعطف وغير النظم إيذانا بكمال إيقانهم .
(إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم) القبيحة بتخلية الشيطان حتى زينها لهم (فهم يعمهون) يتحيرون فيها كمن ضل الطريق (أولئك الذين لهم سوء العذاب) أشده كالقتل والأسر ببدر (وهم في الآخرة هم الأخسرون) أشد الناس خسرانا لاستبدالهم النار بالجنة (وإنك لتلقى القرآن) تلقنه (من لدن حكيم عليم.
ص: 161
حال عمده مصر أرسلوا واركدوا (إِنِّي آنَسْتُ) هو الإحساس ناراً ساعورا طروحا ووعدهم (سَآتِيكُمْ) سأعود (مِنْها) الساعور (بِخَبَرٍ) علم صراط ممسمس (أَوْ آتِيكُمْ) أعود صددكم (بِشِهابٍ) رأس عود محدم ساطع (قَبَسٍ) مسعّر معطوّ مما الساعور ، وهو كدهر مصدر وكعدد اسم (لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) ( 7 ) طمع حصول الحرّ لكم ورواح الصر عماكم ، والصلا الساعور الساطع .
(فَلَمَّا جاءَها) وصلها (نُودِيَ) سطع الكلام المسموع (أَنْ) مؤكد مطروح الاسم أو هو للمصدر (بُورِكَ) طهّر أو أسعد (مَنْ) رسا أو سطح (فِي النَّارِ) محلها ، ورد هو لمع ساطع لا ساعور صدد امر العماء المراد الأملاك أو اللّه أو رسول الهود (وَمَنْ) املاك (حَوْلَها) أو هو محاول الساعور (وَسُبْحانَ اللَّهِ) هو أمد الكلام المسموع ، أو كلام الرسول لمّا دهاه الأمر الأمر (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 8 ) مولاهم طرّا .
(يا مُوسى إِنَّهُ) الأمر أو المكلم (أَنَا) محكوم علاه محموله (اللَّهُ) مالك الملك والأمر ، أو هو محمول لما هو أمامه ، واللّه مصرح لمدوله
----------
إذ قال موسى لأهله) لامرأته في مسيره من مدين إلى مصر (إني ءانست) أبصرت (نارا سآتيكم منها بخبر) عن الطريق وكان قد ضله وخوطبت بلفظ الجمع لما كنى عنها بالأهل (أو ءاتيكم بشهاب قبس) بشعلة نار مقبوسة (لعلكم تصطلون) رجاء أن تستدفئوا بها (فلما جاءها نودي أن) أي (بورك من في النار) من في مكانها وهو البقعة المباركة يعني الملائكة والشجر أو النور المتقد بها (ومن حولها) أي موسى أو الملائكة (وسبحان الله رب العالمين) مما نودي به تنزيه له تعالى عن التشبيه .
ص: 162
(الْعَزِيزُ) المكوّح المهلك للأعداء (الْحَكِيمُ) ( 9 ) الراصد للحكم والأسرار .
(وَأَلْقِ) اطرح (عَصاكَ) أمامك وح طرحها وأصارها اللّه صلّا وأعطاها الحسّ والحراك (فَلَمَّا رَآها) أحس الرسول العصا (تَهْتَزُّ) هو الحراك وهو حال الهاء (كَأَنَّها) حسا (جَانٌّ) صلّ حرك وهو حال (وَلَّى) عاد الرسول وراءه هولا (مُدْبِراً) حال مؤكّد لمدلول عمالها (وَلَمْ يُعَقِّبْ) ما عاد أو ما أحس وراءه ودعاه اللّه (يا مُوسى) أحل وعد و (لا تَخَفْ) دع روعها ، أو الروع عموما كما دلّ علاه (إِنِّي لا يَخافُ) أصلا (لَدَيَّ) الكمّل (الْمُرْسَلُونَ) ( 10 ) أمرا ما .
(إِلَّا مَنْ) رسول (ظَلَمَ) سها وعمل إصرا أمام الألوك ، والحاصل لم روعك الحال إهلاكك واحد أهل مصر أوّلا (ثُمَّ) سدم وعاد و (بَدَّلَ) عمل عملا (حُسْناً) صالحا وهو مصدر أورده إطراء (بَعْدَ) عمل (سُوءٍ) طالح (فَإِنِّي غَفُورٌ) لعمله السوء (رَحِيمٌ) ( 11 ) سامع لكلامه وهوده أرحمه وأمحو عمله السهو وأسمحه مأموله .
----------
(يا موسى إنه) أي الشأن (أنا الله العزيز الحكيم وألق عصاك) فألقاها (فلما رءاها تهتز) تتحرك (كأنها جان) حية خفيفة (ولى مدبرا ولم يعقب) ولم يرجع فقال تعالى (يا موسى لا تخف) منها أو مطلقا بدليل (إني لا يخاف لدي المرسلون) لعصمتهم عما يوجب عقوبة يخافونها وإن كانوا أخوف الناس هيبة لعظمته تعالى (إلا) لكن (من ظلم) نفسه من غيرهم بذنب أو منهم بترك الأولى وعلى هذا يجوز جعله متصلا (ثم بدل حسنا بعد سوء) توبة بعد ذنب أو ترك أولى (فإني غفور رحيم) أقبل توبته وأثيبه (وأدخل يدك في جيبك)
ص: 163
(وَأَدْخِلْ) أورد (يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) كرد مكسوّك (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) لها لمع أكمل ، وهو حال (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) داء وهو حال كالأوّل وعدّهما (فِي تِسْعِ آياتٍ) أعلام مرسلا معها (إِلى) ملك مصر (فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ) إله (إِنَّهُمْ) كلهم لمّ للإرسال (كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) ( 12 ) أهل عدول عدّوا حدود اللّه وألحدوا .
(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا) ورد صددهم الرسول معها (مُبْصِرَةً) سواطع لها لمع أصارها أهل إحساس إطراء لكمال لمعها وسطوعها (قالُوا) الملك وآله هذا المحسوس (سِحْرٌ مُبِينٌ) ( 13 ) ساطع معلوم أول الإحساس .
(وَجَحَدُوا بِها) ردّوها مسحلا وسموها سحرا (وَ) الحال (اسْتَيْقَنَتْها) علمها علما لا وهم معه (أَنْفُسُهُمْ) أرواحهم (ظُلْماً) حال للواو (وَعُلُوًّا) سمودا عما أسلموا لما أورده الرسول (فَانْظُرْ) محمّد ( ص ) (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) مال حال الرهط (الْمُفْسِدِينَ) ( 14 ) وهو
----------
طرف مدرعتك (تخرج بيضاء) ذات شعاع (من غير سوء) برص آيتان (في تسع ءايات) أي معها وهي الفلق والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والطمس والجدب ونقص الثمرات (إلى فرعون وقومه إنهم كانوا قوما فاسقين) علة الإرسال .
(فلما جاءتهم ءاياتنا مبصرة) واضحة كأنها تبصر وتهدي وأريد إبصار متأمليها للملابسة وعن السجاد (عليه السلام) مبصرة بفتحهما (قالوا هذا سحر مبين) بين (وجحدوا) وكذبوا (بها واستيقنتها أنفسهم) الواو للحال بإضمار قد (ظلما) لأنفسهم (وعلوا) ترفعا عن الإيمان (فانظر كيف كان عاقبة المفسدين) من الغرق عاجلا والنار آجلا .
ص: 164
إهلاكهم حالا وسعر هم مالا .
(وَلَقَدْ) اللام مؤكد (آتَيْنا) الرسول (داوُدَ) ولده الرسول (سُلَيْمانَ عِلْماً) علم الأحكام والحكم ، والحكم وسط العالم ، أو المراد العلم عموما وعلما وعلّماه (وَقالا) كلاهما أداء لمّا علاهما (الْحَمْدُ) حمد كلّ حامد وكلّ محمود سمّدا سرمدا ، وهو مصدر معلوم أو عكسه أو حاصل المصدر (لِلَّهِ) مالك الملك والأمر (الَّذِي فَضَّلَنا) سمح الألوك وطوع الأرواح وأهل الوسواس وأولاد آدم (عَلى) عالم (كَثِيرٍ) والمراد رهط ما أعطوا علما أصلا أو ما أعطوا لهاء علمها (مِنْ عِبادِهِ) ملكا وملكا (الْمُؤْمِنِينَ) ( 15 ) له ولأحكامه .
(وَوَرِثَ) ملك (سُلَيْمانُ) وحده لا أولاد والده سواه والده (داوُدَ) الألوك أو الملك أو العلم (وَقالَ) إعلاما لآلاء اللّه وإكراما لها ، ودعا لولد آدم للإسلام لادّكار علم ألوله وداله الصارم ، وهو علم كلام ما طار وما سواه مما أعطاه اللّه إعلاما لألوكه (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أهل العالم (عُلِّمْنا) علم اللّه كرما وإكراما له ولوالده أو له وحده ، وأورده كما هو معاود الملوك (مَنْطِقَ) إدراك صدح (الطَّيْرِ) كله كالهدهد والطاوس والحمام والصرد والوطواط والحداء وأم الحوار والحمك ، ورد لمّا صاح طاؤس أعلم الرسول مدلول كلامه عومل
----------
(ولقد ءاتينا داود وسليمان علما) أي علم أي نوع من العلم (وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين) ممن لم يؤت مثل علمها ودل على شرف العلم وأهله (وورث سليمان داود) ماله وملكه وقيل نبوته وعلمه بأن قام مقامه في ذلك دون سائر بنيه وهم تسعة عشر الأول مروي (وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير) أصواته وفهم معانيها وضمير علمنا له ولأبيه أو له
ص: 165
معك كما هو عملك ، ولمّا صاح هدهد اعلم مدلول كلامه روموا اللّه محو الآصار كلّه أهل آصار (وَأُوتِينا مِنْ) علم (كُلِّ شَيْءٍ) أو ما هو مسموح للرسل والملوك أو لأولاد آدم (إِنَّ هذا) الممسوح (لَهُوَ) وحده (الْفَضْلُ) والكرم (الْمُبِينُ) ( 16 ) المعلوم كلل أحد .
ورد محلّ مصعده وسط المعسكر الطوّال الواسع طوله كوسع العسكر مراحل وأصل المصعد الأحمر والطاوس وهو محل ركوده ، وحوله كراس أصلها الأحمر للرسل ، وكراس أصلها الطاوس للعماء ، وحولهم أولاد آدم ، وحولهم الأرواح وأهل الوسواس ، وما طار محلّه الهواء لحرسه مما الحرّ .
(وَحُشِرَ) لمّ (لِسُلَيْمانَ) حال رحله وعمده محلا (جُنُودُهُ) عساكره (مِنَ الْجِنِّ) الأرواح (وَالْإِنْسِ) أولاد آدم (وَالطَّيْرِ) كلّه (فَهُمْ) عساكره حال الرحل (يُوزَعُونَ) ( 17 ) مرعوّ أولهم عما السلوك لوهول ما كساءهم وإدراكهم روعا للاصّدّع .
وساروا (حَتَّى إِذا) لمّا (أَتَوْا) مرّوا (عَلى وادِ النَّمْلِ) واد هو محلّهم (قالَتْ نَمْلَةٌ) كسحاء أو رأسها لسواها (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا) ردوا ودسوا (مَساكِنَكُمْ) محالّكم (لا يَحْطِمَنَّكُمْ) الحطم الكسر (سُلَيْمانُ) الرسول الملك (وَجُنُودُهُ) عساكره (وَ) الحال (هُمْ لا يَشْعُرُونَ) ( 18 )
----------
على عادة الملوك وكذا (وأوتينا من كل شيء) يريد كثرة ما أوتي به (إن هذا لهو الفضل المبين) البين الظاهر (وحشر) وجمع (لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون) بحبس أولهم على آخرهم ليلاحقوا (حتى إذا أتوا على وادي النمل) واد بالشام أو الطائف كثير النمل والتعدي بعلى لأنهم أتوا من فوق أو لقطعهم الوادي من أتى على الشيء بلغ آخره (قالت نملة يا أيها النمل
ص: 166
حال عدم علمهم حالكم ولو علموا ما حطموكم .
وسمع الرسول كلامها (فَتَبَسَّمَ) أولا (ضاحِكاً) أمدا أو مدلولهما واحد ، وهو حال مؤكد لمدلول عامله سرورا (مِنْ قَوْلِها) كلامها المعلم لعدله أو هكرا لهولها وعلمها وإعلامها مصالحها (وَقالَ) دعاء (رَبِّ) اللّهم (أَوْزِعْنِي) ألهم وأولع وحرّص وأصله الحدّ ، والمراد حدّ كلّ الأمور إلّا (أَنْ أَشْكُرَ) احمد (نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) أراد الألوك والملك والعلم وهو إلاك (وَعَلى والِدَيَّ) معا لمّا إكرام الوالد إكرام لهما ، أو أراد ألوك والده وحوار الأطواد له وعمل الدروع ، وطهر أمّه وحولها عرس رسول وولادها له مع كماله وألوكه حمد لالاهما ، ووهم أهل الطرس أمّه عرس مرء أمّره داود وأصاره رأس عسكر أرسلهم للعماس أمل هلاكه طمعا لأهول عرسه ، ولمّا هلك أهلها وولد لهما الحكل ، وهو ولع مردود لا أصل له محال لحال الرسل .
(وَأَنْ أَعْمَلَ) عملا (صالِحاً تَرْضاهُ) محمودا صددك (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ) كرمك لا لصالح العمل (فِي) عداد (عِبادِكَ) أو دارالسلام مع هؤلاء (الصَّالِحِينَ) ( 19 ) الرسل والكمّل كلّهم .
(وَتَفَقَّدَ) الحكل وهو روم ما ودس ، أو المراد رصد (الطَّيْرَ) سطورها
----------
ادخلوامساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) بحطمكم كأنها عرفت عصمته عن الظلم (فتبسم ضاحكا من قولها) تعجبا من حذرها أو تحذيرها (وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي) أدرج ذكرهما لأن النعمة عليهما وبالعكس (وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) في جملتهم الجنة .
(وتفقد الطير) وكانت تظله عن الشمس فوقعت نفحة منها على رأسه فنظر
ص: 167
(فَقالَ) الحكل حال عدم إحساسه الهدهد (ما) حصل (لِيَ) وما طرء (لا أَرَى الْهُدْهُدَ) المعهود واردا محلّه ، أو أصل الكلام ما للهدهد لا أراه حال ما سدّ إحساسه ودمسه (أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) ( 20 ) أم راح ، و « أم » للحسم والعدول عما وهم أوّلا لمّا لاح له عدمه .
واللّه (لَأُعَذِّبَنَّهُ) الهدهد (عَذاباً شَدِيداً) صعدا مؤلما وهو مرطه وطرحه وسط الحرّ ، أو إصره مع عدّوه ، أو اطراده (أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) لهول اعداله (أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ) دالّ معلم السداد إملاهه (مُبِينٍ) ( 21 ) ساطع .
(فَمَكَثَ) الهدهد عصرا (غَيْرَ بَعِيدٍ) طوال وعاد مسرعا لروع الحكل وركد محلا مؤاما له وسأله عمّا أحسه حال رواحه (فَقالَ) للحكل (أَحَطْتُ) علما وإدراكا (بِما) ملك (لَمْ تُحِطْ) علما وملكا (بِهِ) ألّهم اللّه الهدهد ، وكلّمه ما كلّمه لمّا حصل له هصم دره لعدم علمه ما علم الهدهد (وَجِئْتُكَ) صددك (مِنْ) رهط (سَبَإٍ) وأولاده وهو اسم والدهم الأسمك ، ورووا أمده لا مكسورا (بِنَبَإٍ) حكم عال (يَقِينٍ) ( 22 ) محكم .
(إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً) ولد ملكهم لمّا هلك صار ملكه لها ، وما ولد له
----------
فإذا موضع الهدهد خال أو احتاج إليه لأنه يرود له الماء لأنه يراه من بطن الأرض (فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين) فلم أره لغيبة (لأعذبنه عذابا شديدا) بنتف ريشه وتشميسه أو حبسه مع ضده في قفص (أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين) لعذره (فمكث) بالضم أو الفتح (غير بعيد) زمانا يسيرا .
(فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ) منونا اسم للحي أو أبيهم سبأ بن يشحب بن يعرب (بنبإ يقين) بخبر متيقن (إني وجدت امرأة تملكهم) أي
ص: 168
ولد سواها (تَمْلِكُهُمْ) أمرهم (وَ) الحال (أُوتِيَتْ) ما هو حراء لها (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) مروم للملوك ، وهو السلاح والعدد (وَلَها عَرْشٌ عَظِيمٌ) ( 23 ) طوال واسع عدد سواعد وسعه عدد كامل لموعد إعطاء الطرس لرسول الهود ، وطوله عدلاه ، وسمكه عدد أوّل الموعد ، وأصله الأحمر والطاوس مكلّا درّا علاه دور لكلّ دار واسط مسدود .
(وَجَدْتُها وَقَوْمَها) معا (يَسْجُدُونَ) طوعا (لِلشَّمْسِ) أكمل اللوامع (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (وَزَيَّنَ) سوّل (لَهُمُ الشَّيْطانُ) المارد (أَعْمالَهُمْ) الطوالح ورأوها صوالح كطوع ألمع اللوامع وما عداه مما هو أسوأ أعمالهم (فَصَدَّهُمْ) ردّهم وحرمهم (عَنِ السَّبِيلِ) سلوك سواء الصراط وهو صراط الوحود (فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ) ( 24 ) سواء الصراط وصدّهم أو سول لهم .
(أَلَّا يَسْجُدُوا) أولا مؤكد ورووا ألا وهلّا وهلّا (لِلَّهِ) الواحد الأحد (الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ) أصله مصدر ، والمراد المطر ولمع اللوامع والكلاء والطعام وما سواها ممّا هو مودّس مدسوس (فِي) عالم (السَّماواتِ) العلو
----------
ملكة لسبأ أو أهلها وهي بلقيس (وأوتيت من كل شيء) يحتاج إليه الملوك (ولها عرش) سرير (عظيم) بالنسبة إليها أو لأنه لم يكن لسليمان مثله وإن عظم ملكه وكان ثلاثين أو ثمانين ذراعا في مثلها عرضا وسمكا من ذهب وفضة مكللا بالجوهر (وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله) كانوا مجوسا يعبدونها (وزين لهم الشيطان أعمالهم) القبيحة (فصدهم عن السبيل) سبيل الحق (فهم لا يهتدون) إليه (ألا يسجدوا) فصدهم أن لا يسجدوا أو زين لهم أن لا يسجدوا بإبداله من (أعمالهم) أو لا يهتدون لأن يسجدوا (لله الذي يخرج الخبء) مصدر بمعنى المخبوء وهو ما خفي (في السموات والأرض)
ص: 169
كالمطر وما عداه (وَ) عالم (الْأَرْضِ) كالكلاء وما عداه (وَيَعْلَمُ) كلّ (ما) كلام وأمر (تُخْفُونَ وَ) کل (ما) أمر (تُعْلِنُونَ) ( 25 ) هؤلاء وسواهم .
(اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) وحده (رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) ( 26 ) أوسع الأكر محدّد الحدود ، وهو كله كلام الهدهد ألهمه اللّه إدراك وحوده ولسوم الركوع له وعدم صحّه لما سواه ، كما ألهمه ما سواه ممّا طار حكما وإسرارا وراء طور الحلم .
ولمّا كلام الهدهد كلّم الحكل للهدهد و (قالَ سَنَنْظُرُ) سأرصد (أَ صَدَقْتَ) كلاما (أَمْ كُنْتَ مِنَ) الرهط (الْكاذِبِينَ) ( 27 ) كلاما .
وسطر سطورا وطواها وحطّ المسك ووسمها ، وأمر الهدهد (اذْهَبْ بِكِتابِي) المسطور (هذا) المسلم لك (فَأَلْقِهْ) ارمه (إِلَيْهِمْ) رهطها معها (ثُمَّ تَوَلَّ) صدّ (عَنْهُمْ) واركد محلّا مواما مما هم لسماع كلامهم كما ما رأوك ولمّا أحسّوه (فَانْظُرْ) وأرصد حوارهم (ما) للسؤال (ذا يَرْجِعُونَ) ( 28 ) هو ردّ الحوار .
----------
كالنبات والمطر بل كلما يخرجه من العدم إلى الوجود (ويعلم ما تخفون وما تعلنون) ما يسرونه وما يظهرونه (الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم) لإحاطته بالعلم .
(قال سننظر) سنتأمل في أمرك (أصدقت أم كنت من الكاذبين) عدل عن أم كذبت مبالغة وللفاصلة ثم كتب كتابا وقال له (اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم) إلى الذين دينهم ما ذكرت واهتم بأمر الدين فلم يقل إليها (ثم تول) تنح (عنهم) متواريا قريبا منهم (فانظر ماذا يرجعون) أي بعضهم إلى بعض من
ص: 170
وعطا الهدهد الطرس وطار ووصل ، وطرح الطرس علو صدرها حال ركودها وو دس ، أو حال ورود الملأ علاها (قالَتْ) للملإ حال روعها (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ) طرح (إِلَيَّ كِتابٌ) مسطور (كَرِيمٌ) ( 29 ) سهد مهد محمود مدلوله ، أو موسوم لمّا ورد كرام الطرس المسطور وسمه ، أو مصدر اسم اللّه ، أو لمّا أرسله ملك كرام .
(إِنَّهُ) الطراس المسطور مرسل (مِنْ سُلَيْمانَ) الملك (وَإِنَّهُ) مدلوله (بِسْمِ اللَّهِ) الكامل اسما ورسما كلّ الكمال (الرَّحْمنِ) واسع الرّحم للكل سامحه ما هو أهله حالا (الرَّحِيمِ) ( 30 ) واسع الرّحم موصل أهل الطوع ما هم أهله معادا .
( أن ) لإعلام المراد أو للمصدر (لاتَعْلُوا) هو المسود وعدم الطوع (عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ( 31 ) أهل إسلام أو طوّعا .
(قالَتْ) حال درسها واسماعها لهم مدلوله (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي) حاوروا واحكموا (فِي أَمْرِي) الحال المهمّ الملم ، والمراد راعوه واعلموا آراءكم وعلّموا ما هو أصلح (ما كُنْتُ قاطِعَةً) هو الحسم والإصراد (أَمْراً)
----------
القول فألقاه في حجرها فلما قرأته (قالت) لأشراف قومها (يا أيها الملؤا إني ألقي إلي كتاب كريم) لكرم مرسله أو مضمونه أو لأنه كان مختوما (إنه) أي الكتاب أو عنوانه (من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين) منقادين أو مؤمنين وقد اشتمل مع إيجازه على تمام المقصود من إثبات الصانع وصفاته بالبسملة والنهي عن التكبر والأمر بالانقياد كل ذلك مع إظهار المعجز برسالة هدهد .
(قالت يا أيها الملؤا أفتوني في أمري) أجيبوني بما عندكم من الرأي (ما
ص: 171
حكما (حَتَّى تَشْهَدُونِ) ( 32 ) المراد الورود أو إعلام صلاح الأمر .
(قالُوا) حوار لها (نَحْنُ أُولُوا قُوَّةٍ) ألو وكمال أعطال وعدد أمر ، ورد عدد الرؤساء لهاء رهط عماس أرسل اللّه الأملاك لإمدادهم (وَأُولُوا بَأْسٍ) حمس وصول (شَدِيدٍ) صعد حال العماس (وَالْأَمْرُ) الحكم موكول (إِلَيْكِ) لا سواك (فَانْظُرِي) مال الأمر وصلاحه ما للسؤال (ذا تَأْمُرِينَ) ( 33 ) العماس أو الصلح وأمرك مطاع .
(قالَتْ) لهم روما للاصطلاح وردّا لمّا رواه وراموا وهو العماس (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا) كلما (دَخَلُوا قَرْيَةً) أو مصرا كوحا وكهرا (أَفْسَدُوها) هدموها (وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِها) رؤساءها وكرامها (أَذِلَّةً) وحسلوهم وأهلكوهم وأسروهم (وَكَذلِكَ) كما مرّ (يَفْعَلُونَ) ( 34 ) مرسلو المسطور والمراد هو معاود الملوك دواما ، أو هو كلام اللّه مع محمّد صلعم لإحكام أمرهم وسداد كلامها .
(وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ) الحال (إِلَيْهِمْ) رسلا (بِهَدِيَّةٍ) مال لآل ومسك ، وولدا صوّروا كصور إماء وإماء مصارها كصورهم (فَناظِرَةٌ) هو الرصد (بِمَ) عطوها أو ردّها وإعلام أحوالها أو إهمالها (يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) ( 35 )
----------
كنت قاطعة) قاضية (أمرا حتى تشهدون) تحضرون ملاطفة لهم ليقوموا معها (قالوا نحن أولوا قوة) بأجنادنا وعددنا (وأولوا بأس شديد) شجاعة ونجدة (والأمر إليك) مفوض (فانظري ماذا تأمرين) من حرب أو صلح (قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية) عنوة وقهرا (أفسدوها) خربوها (وجعلوا أعزة أهلها أذلة) أهانوهم بالقتل والأسر ونهب الأموال (وكذلك يفعلون) تقرير لما وصفتهم به أو تصديقا لها من الله تعالى (وإني مرسلة إليهم) رسلا (بهدية)
ص: 172
لعلمها معاود الملوك وسرورهم حال ورود المال وعدم سرور الرسل حال وروده ، والمراد هو عاط لها مع عدم إعلامه لحالها لو ملكا وراد لها معلما لحالها ولو رسولا ، ورأس رسلها ولد عمرو .
وأسرع الهدهد وأعلمه كلامه وأمر الحكل للأرواح ادحوا الأحمر والطاوس كالوطاء ، وحوطوا مطلا معمولا مما هما حوله وسطروا سمطا مما أولاد الأرواح وولد آدم والسّوام وما طار والهوام وما عداها (فَلَمَّا جاءَ) رسولها ولد عمرو ومعه رهطه أو مهداها سدد (سُلَيْمانَ قالَ) لهم (أَ تُمِدُّونَنِ بِمالٍ) مالكم (فَما) ألوك وملك ومال وآلاء (آتانِيَ اللَّهُ) كامل العطاء (خَيْرٌ) آمر وأعود (مِمَّا) ملك ومال (آتاكُمْ) أعطاكم لا وطر (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ) مهداكم (تَفْرَحُونَ) ( 36 ) لعدم علمكم آلاء المعاد ومساره .
(ارْجِعْ) وهو أمر للرسول أو للهدهد حاملا طرسا مسطورا سواه (إِلَيْهِمْ) ما أرسل ورهطها مع مهداهم (فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ) ولأعدو علاهم (بِجُنُودٍ) عساكر (لا قِبَلَ) لا حول ولا ألوّ (لَهُمْ بِها) لهؤلاء العساكر (وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ) لأدلعهم ولأطردهم (مِنْها) محالّهم ودورهم (أَذِلَّةً) احاسل لا إكرام لهم ولا ملك (وَ) الحال (هُمْ صاغِرُونَ) ( 37 ) أسراء وأهل
----------
أصانعه بها عن ملكي (فناظرة بم يرجع المرسلون) من حالة فأعمل بحسبه .
(فلما جاء) الرسول بما معه (سليمان قال) إنكارا (أتمدونن بمال فما ءاتاني الله) من النبوة والكمالات والقراءة (خير مما ءاتاكم) من حظ الدنيا (بل أنتم بهديتكم) بما يهدى إليكم (تفرحون) حبا لزيادة المال لقصر هممكم عليه (ارجع إليهم) بما جئت من الهدية (فلنأتينهم بجنود لا قبل) لا طاقة (لهم بها ولنخرجنهم منها) من سبأ (أذلة) بذهاب عزهم (وهم صاغرون) بأسر
ص: 173
عدم .
ولمّا عاد رسولهم مع مهداها وأعلمها ما أحسّ ، حصل لها علم ألوك الملك وعدم طولها لعماسه وأحال عسكرها معها وحال وصولهم محلّا مؤاما قالَ الملك الحكل لإراء ما سمّه اللّه له ، وهو الأمر الهكر الصارم للمعود لسداد ألوكه ، أو ممحّصا لحلمها وإدراكها له حال حراك الأحوال ، أو عطوا لمالها أمام إسلامها لمّا لا حلّ له عطو مالها وراء إسلامها (يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا) الرؤساء الكرام (أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها) المسدود وسط صروحها وحوله حرّاس (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي) أمام ورود هؤلاء (مُسْلِمِينَ) ( 38 ) طوّعا .
(قالَ عِفْرِيتٌ) طالع مارد (مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ) وأحطه أمامك (قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) محلّ حكمك وادّكارك وإعلامك العلم (وَإِنِّي عَلَيْهِ) حمله (لَقَوِيٌّ) كامل الحول والطول (أَمِينٌ) ( 39 ) موصله لك سالما كما هولا أعطو مماه ولا أوسه .
وكلّم الحكل أحاول أسرع (قالَ) الملك الروح ، أو ملك سواه أرسله اللّه حال كلام المارد ، أو الحكل درّه ردّا لكلامه ، أو ساطره وهو الأصح وصدده اسم اللّه الأكرم ، أو كلّمه ألهمه اللّه ، أو مطو رسول الهود ، أو مرء صالح اسمه أسطوس (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ) كامل (مِنَ الْكِتابِ) اللوح أو الطرس المرسل
----------
وإهانة إن لم يأتوا مسلمين إذ لا يحل له أخذهم إذا أسلمت .
(قال يا أيها الملؤا أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال عفريت) مارد قوي (من الجن أنا ءاتيك به قبل أن تقوم من مقامك) مجلسك للحكم ومدته نصف النهار (وإني عليه) على حمله (لقوي أمين) على ما فيه من جوهر وغيره (قال الذي عنده علم من الكتاب) الكتب المنزلة آصف بن برخيا
ص: 174
(أَنَا آتِيكَ بِهِ) أورده وأحطه أمامك (قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ) أمام عوده وراء إرساله ، والمراد أحسس وأرسل حسك سدوا ما أورده صددك أمام عوده الاك ، أو أمام عوده محسورا حال احساسك ممدودا (فَلَمَّا) أمره الساطر مدّ حواسه ومدّها ودعا الأمر وسطع أمام ردّ الحسّ و (رَآهُ مُسْتَقِرًّا) راكدا حاصلا (عِنْدَهُ) كما أراد (قالَ هذا) حصول المراد وسطوع المرام عصر أمصل مصل (مِنْ فَضْلِ) اللّه (رَبِّي) وكرمه الصراح (لِيَبْلُوَنِي) اللّه أراد لمّا محصّ الحال (أَ أَشْكُرُ) آلاءه (أَمْ أَكْفُرُ) ها (وَ) كلّ (مَنْ شَكَرَ) آلاء اللّه (فَإِنَّما) ما (يَشْكُرُ) آلاءه ، إلّا (لِنَفْسِهِ) لما عدله لها (وَ) كلّ (مَنْ كَفَرَ) آلاءه (فَإِنَّ) اللّه (رَبِّي غَنِيٌّ) عمّا الحمد (كَرِيمٌ) ( 40 ) مول لأهل الطلاح كما هو مول لأهل الصلاح .
(قالَ نَكِّرُوا لَها) حولوا (عَرْشَها) لمّا صار أعلاه أحطه وأوّله أمده (نَنْظُرْ) حوار للأمر (أَ تَهْتَدِي) صراط علمه أو الحوار السداد حال السؤال أو الإسلام اللّه والرسول حال احساس الأمر الصارم للمعاود (أَمْ تَكُونُ مِنَ)
----------
وزيره كان صديقا يعلم اسم الله الأعظم أو الخضر أو جبرئيل أو سليمان (أنا ءاتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك) الطرف تحريك الأجفان للنظر (فلما رءاه مستقرا) ساكنا (عنده قال) شكرا (هذا من فضل ربي ليبلوني) ليختبرني (أأشكر) نعمته (أم أكفر) بها (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه) لاستدامته لها به واستزادتها (ومن كفر فإن ربي غني) عن شكره وغيره (كريم) يعطيه مع كفره .
(قال نكروا لها عرشها) بتغيير هيئته اختبارا لعقلها (ننظر أتهتدي) لمعرفته أو للجواب الصائب أو للإيمان (أم تكون من الذين لا يهتدون فلما
ص: 175
الرهط (الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ) ( 41 ) الصراط .
(فَلَمَّا جاءَتْ) صدده (قِيلَ) لها (أَهكَذا) المحسوس (عَرْشُكِ قالَتْ) لكمال حلمها وإدراكها (كَأَنَّهُ) المحسوس (هُوَ) لا هو هو ولا ما هو هو لمّا المحلّ محلّ الإعوار لا الحسم ، أو هو لوام كلامهم مع علمها وحسمها (وَأُوتِينَا الْعِلْمَ) علم إسلامها اللّه وللرّسول أو علم الو وصحّ ما أرسله (مِنْ قَبْلِها) كلامها وعلمها ، أو أمام ورودها وهو كلام الحكل والملأ ، أو أمام الحال حال احساس أمر الهدهد والرسل وهو حّ كلامها (وَكُنَّا) أوّلا والحال (مُسْلِمِينَ) ( 42 ) للّه أهل الوحود أو لك طوعا لأمرك .
(وَصَدَّها) عما هو السداد وهو الإسلام (ما كانَتْ) أوّلا (تَعْبُدُ) طوعا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه والحاصل صدّها طوع ما وراء اللّه لمّا (إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ) رهط (كافِرِينَ) ( 43 ) وهو كلام الحكل ، أو كلام رأسا كلمه اللّه أراد مدحها ، أو المراد صدّها اللّه ، أو الحكل الحال عمّا هو طوع ما سواه وأصارها أهل إسلام طرح الكاسر وأوصل العامل .
(قِيلَ) أمر (لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ) هو سطح مدحوّ علو ماء مع سمك
----------
جاءت قيل أهكذا عرشك) تشبيها عليها (قالت كأنه هو) كانت حكيمة لم تقل هو لجواز كونه مثله (وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين) قول سليمان أي أوتينا العلم بالله وقدرته قبلها وكنا مخلصين له أو من كلامها أي أوتينا العلم بقدرة الله وصحة نبوة سليمان من قبل هذه المعجزة أو الحالة بما سبق من المعجزات (وصدها) قبل ذلك عن الإسلام (ما كانت تعبد من دون الله) أي عبادة الشمس أو صدها الله أو سليمان عن عبادتها (إنها كانت من قوم كافرين) نشأت بين أظهرهم (قيل لها ادخلي الصرح) القصر أو صحن الدار وكان من
ص: 176
عملها الحكل لمّا سمع عوارها ووصمها ، وهو كلام الأرواح حواملها كحوامل حمار لما أراد وأعدم أهوله لها روعا مماها لعلمها أحوالهم وأسرارهم لمّا أمّها مما هم (فَلَمَّا رَأَتْهُ) السطح المدحوّ (حَسِبَتْهُ لُجَّةً) ماء آمرا راكدا (وَكَشَفَتْ) كساءها (عَنْ ساقَيْها) لورودها ، والحكل راكد صدر الصرح وراءها وحواملها ملاحا (قالَ) لها (إِنَّهُ) الموهوم ماء (صَرْحٌ مُمَرَّدٌ) مملّس معمول (مِنْ قَوارِيرَ) ودعاها للإسلام (قالَتْ رَبِّ) اللّهم (إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) طوعا لسواك (وَأَسْلَمْتُ مَعَ) الرسول (سُلَيْمانَ لِلَّهِ) الواحد الأحد (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 44 ) أسرهم ومصلحهم .
ولمّا أراد الحكل أهولها وكره ما لحواملها عمل لامّراطه الأرواح الكلس وامّرط ما علاها وأهلها وودّها وسلّم لها ملكها وحصل له مماها الولد ، وورد ما أهلها وأهلها لملك عداه ومصح ملكها حال مصوح ملك الحكل والكمال لاله دام ملكه ولا مصوح له .
(وَلَقَدْ) اللام مؤكّد (أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ) اسم رهط (أَخاهُمْ) أصلا
----------
زجاج أبيض وأجري تحته ماء فيه سمك فجلس في صدره على سريره قصد به تهويل مجلسه (فلما رأته حسبته لجة) ماء غامرا (وكشفت عن ساقيها) لتخوضه فوجدها أحسن الناس ساقا وقدما إلا أنها شعراء فأمر الجن فعملت لها النورة (قال) لها (إنه صرح ممرد) مملس (من قوارير) من زجاج (قالت رب إني ظلمت نفسي) بعبادة الشمس (وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) فتزوجها وأقرها على ملكها وكان يزورها كل شهر مرة فيقيم عندها ثلاثة أيام .
(ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن) بأن (اعبدوا الله) وحده (فإذا
ص: 177
ورحما رسولا (صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وحدّوه (فَإِذا هُمْ) محكوم علاه محموله (فَرِيقانِ) مسلم وعدوّه (يَخْتَصِمُونَ) ( 45 ) حال إرساله لهم رهط أسلموه ورهط ردّوه .
(قالَ) الرسول « صالح » للأعداء (يا قَوْمِ لِمَ) لمّا (تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ) الإصر والحد الموعود (قَبْلَ الْحَسَنَةِ) الهود والإسلام (لَوْ لا) هلّا (تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ) ممّا هو عملكم أمام ورود الحدّ علاكم (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ( 46 ) أملا للرحم وسماع الهود .
(قالُوا) الرهط (اطَّيَّرْنا) هو عدّ أمر لا حوسا (بِكَ وَبِمَنْ) أسلم (مَعَكَ) لوصول الأعاسر وحلول المكاره حال دعواك الألوك (قالَ) صالح لهم (طائِرُكُمْ) حسومكم وسعدكم والمراد لمّهما وسرّهما (عِنْدَ اللَّهِ) مالككم وهو إحمامه أو عملكم المسطور صدد اللّه (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ) رهط (تُفْتَنُونَ) ( 47 ) كلّكم ممحّص أو مولم لمعارّكم .
(وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ) مصر رهط صالح (تِسْعَةُ رَهْطٍ) إدرار لا واحد له أورده صدعا لها لمحا للمدلول وهم رهط سعوا لإهلاك العرمس
----------
هم فريقان) مؤمن وكافر (يختصمون) في الدين (قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة) بالعذاب بقولكم ائتنا بما تعدنا (قبل الحسنة) قبل الثواب وقد مكنتم التوصل إليها بأن تؤمنوا (لو لا) هلا (تستغفرون الله) بأن تتوبوا فلا تعذبون (لعلكم ترحمون قالوا اطيرنا) تطيرنا أدغمت التاء في الطاء ووصل بهمزة أي تشاء منا (بك وبمن معك) وباتباعك وكانوا قد قحطوا (قال طائركم) سبب شؤمكم (عند الله) وهو قدره أو عملكم المثبت عنده (بل أنتم قوم تفتنون) تختبرون بالرخاء والشدة أو تعذبون (وكان في المدينة تسعة رهط) ميز به
ص: 178
(يُفْسِدُونَ) عملا لمعاص كحسمهم الدراهم وما سواه (فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) ( 48 ) أصلا وما عملهم إلا الدعر والطلاح .
(قالُوا) هؤلاء الرهط والحال (تَقاسَمُوا بِاللَّهِ) الكهّار أو هو أمر والمراد أمر أحدهم أحد للحط (لَنُبَيِّتَنَّهُ) صالحا هو الإهلاك سمرا (وَأَهْلَهُ) ولده وطوّعه (ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ) ملك دمه (ما شَهِدْنا) هو الورود (مَهْلِكَ) مكسور اللام (أَهْلَهُ) محلّ هلاكه ، أو عصره ، أو هلاكه ورووا مهلك كمسمع أراد الهلاك وهو حّ مصدر حسما ، ورووا مهلك مما أهلك وهو الإهلاك ، أو محلّه ، أو عصره (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) ( 49 ) كلاما .
(وَمَكَرُوا) رهط « صالح » (مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً) مصدر مؤكّد كالأول (وَهُمْ) أهل المكر (لا يَشْعُرُونَ) ( 50 ) أصلا مكرهم عمدهم إهلاك « صالح » سرّا ، ومكر اللّه إهلاكهم سرّا لمّا عمدوا إهلاكه حال وروده مصلّاه وراء المصر ، ودسوا وسط سلع طود ورصدوه وحطحط وهار عرمس ، وسدّ واسط السلع وهلكوا وأهلك اللّه أهلهم وراءهم وسلم صالحا وأهله .
----------
التسعة لأنه بمعنى الجمع وهو من الثلاثة إلى العشرة أي تسعة رجال (يفسدون في الأرض ولا يصلحون) ولا يخلطون إفسادهم بصلاح .
(قالوا) فيما بينهم (تقاسموا بالله) أمر أو خبر بدل أو حال بتقدير قد (لنبيتنه) بالنون على التكلم أي لنقتلن صالحا وقرىء بالتاء على خطاب بعضهم بعضا (وأهله) ليلا (ثم لنقولن) بالقراءتين (لوليه) لولي دمه (ما شهدنا مهلك أهله) بضم الميم مصدر أو زمان أو مكان من أهلك (و) الحال (إنا لصادقون) إذ الشاهد غير المباشر بزعمهم (ومكروا مكرا) بهذا التدبير (ومكرنا مكرا) بمجازاتهم بإهلاكهم (وهم لا يشعرون) بذلك (فانظر كيف
ص: 179
(فَانْظُرْ) محمّد ( ص ) (كَيْفَ) حال أو محمول (كانَ) صار (عاقِبَةُ) مآل (مَكْرِهِمْ) لإهلاك رسول اللّه (أَنَّا) ورووه مكسور الأوّل (دَمَّرْناهُمْ) دمره أهلكه إهلاكا هكرا أو كاملا وأصله كسر لا إصلاح له (وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ) ( 51 ) معا صاح علاهم الملك الروح أو الأملاك رموا علاهم العرامس وهم ما رأوهم والأملاك رأوهم .
(فَتِلْكَ) هؤلاء المحال (بُيُوتُهُمْ) دورهم (خاوِيَةً) هواء أو هورا وهو حال عاملها مدلول اسم الومء ، ورووه محمولا لمطروح معلّلا (بِما ظَلَمُوا) حدلهم وصدودهم (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور المعمول مع رهط صالح (لَآيَةً) علما وادّكارا (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ( 52 ) كمال ألو اللّه .
(وَأَنْجَيْنَا) صلاحا (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا له (وَكانُوا يَتَّقُونَ) ( 53 ) اللّه وحده وطرح أوامره .
(وَ) ادّكر (لُوطاً إِذْ) لمّا (قالَ) لوط (لِقَوْمِهِ) المرسل لهم (أَ تَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) مساس الولداء (وَ) الحال (أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) ( 54 ) سوءها وعدم صدورها أوّلا عصرا ما ، أو المراد إحساس أحدهم لأحدهم حال العمل السوء ، أو رسوم أمم هوالك عصوا اللّه وأهلكهم .
----------
كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية) خالية أو ساقطة حال عاملها الإشارة (بما ظلموا) بظلمهم (إن في ذلك لآية) لعبرة (لقوم يعلمون) فيعتبرون (وأنجينا الذين ءامنوا) صالحا ومن معه (وكانوا يتقون) الشرك والمعاصي (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة) اللواط (وأنتم تبصرون) تعلمون فحشها من بصر القلب والقبيح من العالم به أقبح (أئنكم لتأتون الرجال) بيان
ص: 180
(أَ إِنَّكُمْ) رهط الطلاح (لَتَأْتُونَ الرِّجالَ) اكساءهم (شَهْوَةً) لهواكم (مِنْ دُونِ النِّساءِ) احراحها اللّاء أسرّها اللّه لكم (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ) سوء (تَجْهَلُونَ) ( 55 ) عملكم عمل الأعماء مع علمكم أو هو المساء .
(فَما كانَ) أصلا (جَوابَ قَوْمِهِ) الطّلاح له (إِلَّا أَنْ قالُوا) إلّا كلام آحادهم لآحادهم (أَخْرِجُوا) أطردوا (آلَ لُوطٍ) لوطا وأهله وطوّعه (مِنْ قَرْيَتِكُمْ) سدوم أو ممالككم (إِنَّهُمْ) آل لوط (أُناسٌ) رهط (يَتَطَهَّرُونَ) ( 56 ) مما هو مكروه السوس كعملكم المعهود .
(فَأَنْجَيْناهُ) لوطا ممّا حلّ أعداءه (وَأَهْلَهُ) كله (إِلَّا امْرَأَتَهُ) عرسه (قَدَّرْناها) أحمّ عدّها (مِنَ) الرهط (الْغابِرِينَ) ( 57 ) الهلّاك .
(وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ) أعداء لوط (مَطَراً) عرامس مرسوما علاها أسماء هلاكها (فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) ( 58 ) اللاؤا ما أطاعوا اللّه ورسوله وما راعوا الأعلام وما ادّكروا مطرهم .
(قُلِ) محمّد ( ص ) أو لوط (الْحَمْدُ) حمد كلّ حامد وكلّ محمود ، وهو مصدر معلوم أو معادله أو حاصل المصدر حاصل (لِلَّهِ) مالك الملك والأمر مهلك الأعداء مسلّم الأودّاء أداء لمحامد آلاء أعطاها اللّه ، أو أوس هلاك
----------
الفاحشة (شهوة) علة تقرر قبحه (من دون النساء) اللاتي خلقهن لكم (بل أنتم قوم تجهلون) عاقبتها أو تفعلون فعل من يجهل فحشها (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) يتنزهون عن أفعالنا (فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين) الباقين في العذاب (وأمطرنا عليهم مطرا) هو الحجارة (فساء مطر المنذرين) مطرهم (قل) يا محمد (الحمد لله) على إهلاك كفرة الأمم الماضية ونصر
ص: 181
أمم طلّاح مروا (وَسَلامٌ) سلام اللّه وراد (عَلى عِبادِهِ) الكمّل (الَّذِينَ اصْطَفى) كرّمهم اللّه وعصمهم مما الآصار وسلّمهم عما الإهلاك (آللَّهُ) الواحد الأحد مالك الملك والأمر (خَيْرٌ) لطوّعه وأكرم (أَمَّا) أصله أم ما ، والمراد أم إله (يُشْرِكُونَ) ( 59 ) أهل الحرم مع اللّه الأكمل اسما ورسما وعملا وحكما ، وهو ردّ لأوهامهم وإلها لأحوالهم ، وإلّا لا صلاح لما الّهوه أصلا .
(أَمَّنْ) إله (خَلَقَ السَّماواتِ) مع أدوارها (وَالْأَرْضَ) مع أحوالها وهؤلاء أول العالم ، وهو عدول عمّا مرّ وهو سواءه مع الإله (وَأَنْزَلَ) أرسل (لَكُمْ) لمصالحكم (مِنَ السَّماءِ) المعصر والركام (ماءً) طرا (فَأَنْبَتْنا) كرما ورحما (بِهِ) الماء الواحد (حَدائِقَ) مع صروع دوح وورد وأحمال وطعوم وصور (ذاتَ بَهْجَةٍ) سرور ومهاه (ما كانَ) ما صحّ وما سهل (لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا) رعراعكم (شَجَرَها) لعدم طولكم علاه (أَ إِلهٌ) لا إله مساهم ، ورووه إلها وعامله مطروح (مَعَ اللَّهِ) أمدّه وأسعده (بَلْ هُمْ) الطّلاح (قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) ( 60 ) عدولا ساطعا عما هو السداد ، أو المراد عدلهم مع اللّه إلها سواه .
----------
رسله عليهم (وسلام على عباده الذين اصطفى) اختارهم حججا على خلقه (ءالله خير) لمن يعبده (أما يشركون) به يا أهل مكة من الأصنام لعبدتها إلزام لهم وتهكم بهم إذ لا خير فيما أشركوه أصلا (أمن) بل من (خلق السموات والأرض) التي هي أظهر الحسيات ومنشأ المنافع (وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به) التفت إلى التكلم تأكيدا لاختصاص الإثبات به (حدائق) بساتين محوطة (ذات بهجة) حسن ونضارة (ما كان لكم أن تنبتوا شجرها) أي
ص: 182
(أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) دحاها ومهّدها وسوّاها للركود (وَجَعَلَ خِلالَها) وسطها (أَنْهاراً) مسل الماء (وَجَعَلَ لَها) لوطودها وإحكامها أطوادا (رَواسِيَ) وأحكمها معها كالمسمار لعدم الحراك (وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ) الحلو والمالح (حاجِزاً) سادّا وصول أحدهما أحدا (أَ إِلهٌ) مساهم (مَعَ اللَّهِ) الواحد الأحد لا إله معه ممدا له (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ( 61 ) وجوده وعدم معادل له .
(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ) المعسر المهموم (إِذا دَعاهُ) ملحا وعال الأمر له (وَيَكْشِفُ السُّوءَ) المكروه العسر عموما (وَيَجْعَلُكُمْ) أولاد آدم (خُلَفاءَ الْأَرْضِ) ملوكها وحكامها وركّادها (أَ إِلهٌ) مألوه (مَعَ اللَّهِ) لا ممدّ له وهو معدوم المساهم والمساعد (قَلِيلًا) والمراد معدوما ما ؟ ؟ ؟ مؤكّد لا مدلول له (تَذَكَّرُونَ) ( 62 ) آلاءه لطوعكم دماكم .
----------
لم تقدروا عليه (أءله مع الله) يقدر على مثل ذلك أي لا إله معه (بل هم قوم يعدلون) به غيره أو عن الحق .
(أمن جعل) وما بعده بدل أمن خلق (الأرض قرارا) يستقر عليها الناس والدواب بثبوتها (وجعل خلالها) وسطها (أنهارا) جارية (وجعل لها رواسي) جبالا تثبتها لئلا تميد (وجعل بين البحرين) العذب والمالح (حاجزا) لهما أن يختلطا (أءله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون) الحق لعدم تدبرهم .
(أمن يجيب المضطر إذا دعاه) المكروب الذي ألجأه الضر إلى الله بشرائط الدعاء (ويكشف السوء) يزيل من عباده ما يسوؤهم (ويجعلكم خلفاء الأرض) أي فيها بتوارثكم سكناهم والتصرف فيها قرنا بعد قرن (أءله مع الله قليلا
ص: 183
(أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ) سواء الصراط حال سلوككم (فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) وسطوع مساو ومهالك (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ) لكم ورووه موحّدا (بُشْراً) إعلاما سارّا (بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) أمام المطر (أَ إِلهٌ) مطاع (مَعَ اللَّهِ) لا إله معه (تَعالَى) علا (اللَّهِ) الواحد الأحد (عَمَّا يُشْرِكُونَ) ( 63 ) معه علوّا كاملا .
(أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) أوّلا ومحاله الأرحام (ثُمَّ يُعِيدُهُ) مآل الأمر (وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ) عطاء (مِنَ السَّماءِ) المطر (وَالْأَرْضِ) محصولها (أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ) لا إله معه وما عمله إلّا اللّه الواحد (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (هاتُوا) أوردوا (بُرْهانَكُمْ) لدعواكم الولع وهو مع اللّه إله (إِنْ كُنْتُمْ) أهل العدول (صادِقِينَ) ( 64 ) كلاما وادّعاء .
(قُلْ) لهم (لا يَعْلَمُ) أصلا (مَنْ) كلّ أحد حلّ (فِي السَّماواتِ) كلّها (وَالْأَرْضِ) أراد أهل العالم كلهم (الْغَيْبَ) السرّ (إِلَّا اللَّهُ) العلّام أحاط
----------
ما تذكرون) أي تتذكرون نعمه تذكرا قليلا (أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر) بالنجوم وعلامات الأرض وظلماتهما ظلمات الليل فيهما أو مبهما أو مبهمات طرقهما (ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته) قدام المطر (أءله مع الله) الخالق (تعالى الله عما يشركون) به من المخلوق (أمن يبدأ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم من السماء والأرض) بالمطر والنبات (أءله مع الله) يفعل شيئا مما ذكر (قل هاتوا برهانكم) حجتكم على أن مع الله إلها (إن كنتم صادقين) في ذلك .
(قل لا يعلم من في السموات والأرض) من الملائكة والثقلين (الغيب إلا
ص: 184
علمه الكلّ (وَما يَشْعُرُونَ) هؤلاء الطّلاح (أَيَّانَ) اسم مدلوله السؤال ، ورووه مكسور الأوّل (يُبْعَثُونَ) ( 65 ) لا حصاء الأعمال .
(بَلِ) هل (ادَّارَكَ) ورووه ادّراك وءادراك وأدراك وأم أدرك ، والحاصل ما كمل (عِلْمُهُمْ) ودركهم (فِي) ورود (الْآخِرَةِ) كما وعد اللّه (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ) وهم وإعوار (مِنْها) ورودها معادا (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) ( 66 ) أرواحا وأسرارا دام عماهم .
(وَقالَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) لعماهم (أَ إِذا كُنَّا تُراباً) لورود السام (وَآباؤُنا) طرّا (أَ إِنَّا لَمُخْرَجُونَ) ( 67 ) مردودو الأرواح أمد الأمر .
(لَقَدْ وُعِدْنا هذا) المعاد مع أحواله (نَحْنُ وَآباؤُنا) كلّهم (مِنْ قَبْلُ) أمام وعد محمّد صلعم ، والحاصل وعدهم الرسل كلّهم (إِنْ) ما
----------
الله) متصل وأريد بمن فيهما من تعلق علمه بهما ولو إجمالا لا من فيهما حقيقة ليعلم الله وأولو العلم من خلقه بالتشكيك كالعالم والرحيم فليس فيه سوء أدب بإبهام التسوية بينه تعالى وبينهم أو منقطع ورفع مستثناه على لغة تميم والمعنى إن كان الله ممن فيهما ففيهما من يعلم الغيب لكنه ليس منهم فلا يعلمونه وفيه أن استثناء نقيض المقدم لا ينتج فلا يلزم من امتناع كونه تعالى ممن فيهما عدم علمه الغيب (وما يشعرون أيان) متى (يبعثون بل ادارك) تدارك وقرىء أدرك كأكرم أي انتهى وتكامل (علمهم في الآخرة) في شأنها أي حصل لهم بالحجج أسبأب استحكام العلم وتكامله بأن القيامة كائنة وهم ينكرونه وقيل وصفوا بالعلم تهكما بهم (بل هم في شك منها) مع تمكنهم من اليقين بتدبر حججها (بل هم منها عمون) عن إدراك حججها لعدم التدبر .
(وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وءاباؤنا أإنا لمخرجون) من القبور تقدير
ص: 185
(هذا) الوعد (إِلَّا أَساطِيرُ) أسمار الأمم (الْأَوَّلِينَ) ( 68 ) أعصارا لا أصل لها .
(قُلْ) لهم مهدّدا ومهوّلا (سِيرُوا) مرّوا (فِي الْأَرْضِ) محالّهم ومراكدهم (فَانْظُرُوا) وأعلموا (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) ( 69 ) مآل الردّاد الطّلاح لمّا أهلكوا واصطلموا .
(وَلا تَحْزَنْ) محمّد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) لعدم سماعهم كلامك وصدودهم إصرارا (وَلا تَكُنْ) أصلا (فِي ضَيْقٍ) حصر وهمّ صدر ورووه مكسور الأوّل (مِمَّا يَمْكُرُونَ) ( 70 ) مكرهم ومحلهم لك ، واللّه عاصمك و « ما » للمصدر .
(وَيَقُولُونَ) هؤلاء الطّلاح (مَتى هذَا الْوَعْدُ) وعد الإصر أو المعاد الموعود (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الإسلام (صادِقِينَ) ( 71 ) كلاما .
(قُلْ) لهم (عَسى) كاد (أَنْ يَكُونَ) لأمر اللّه (رَدِفَ لَكُمْ) أدرككم ووصلكم (بَعْضُ) الإصر (الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ) ( 72 ) حلوله ، وحصل لهم الهلاك والكسر للعماس المعهود .
----------
لعماهم (لقد وعدنا هذا نحن وءاباؤنا من قبل) قبل وعد محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (إن هذا إلا أساطير الأولين) أكاذيبهم التي سطروها (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين) تهديد لهم على الكفر بأن يصيبهم ما أصاب الكفرة قبلهم (ولا تحزن عليهم) حرصا على إيمانهم (ولا تكن في ضيق مما يمكرون) في ضيق صدر من مكرهم فأنا عاصمك منهم (ويقولون متى هذا الوعد) العذاب الموعود (إن كنتم صادقين) فيه .
(قل عسى أن يكون ردف لكم) لحقكم واللام زائدة أو ضمن ردف معنى
ص: 186
(وَإِنَّ رَبَّكَ) اللّه (لَذُو فَضْلٍ) رحم وعطاء (عَلَى النَّاسِ) إمهالا للآصار أو محوا لها (وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) لكمال طلاحهم (لا يَشْكُرُونَ) ( 73 ) مكارمه ومراحمه .
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ) علما كاملا (ما تُكِنُّ) هو الإسرار (صُدُورُهُمْ) أرواحهم أرواعهم وهو عداؤك (وَما يُعْلِنُونَ) ( 74 ) ما هم عاملوه حسّا ، والحاصل هو عالم السرّ والحس معامل معهم معادا كأعمالهم .
(وَما مِنْ غائِبَةٍ) سرّ حاصل (فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ) معا (إِلَّا) هو مسطور (فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ( 75 ) لوح محروس ساطع أحاط علمه الكلّ .
(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ) كلام اللّه المرسل (يَقُصُّ) إعلاما مصرّحا (عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ) الهود اللّاءوا أدركوا عصر محمّد رسول اللّه صلعم (أَكْثَرَ) المروم (الَّذِي هُمْ فِيهِ) سداده (يَخْتَلِفُونَ) ( 76 ) كلهم لعدم علمهم كأحوال المعاد روحا وعطلا وأمر روح اللّه وأمّه .
(وَإِنَّهُ) كلام اللّه (لَهُدىً) هاد لسواء الصراط (وَرَحْمَةٌ) راحم (لِلْمُؤْمِنِينَ) ( 77 ) لأهل الإسلام طرّا .
----------
أزف ودنا (بعض الذي تستعجلون) وقوعه وهو عذاب بدر (وإن ربك لذو فضل على الناس) ومنه تأخير عذاب الكفرة (ولكن أكثرهم لا يشكرون) فضله عليهم (وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم) تخفيه (وما يعلنون) يظهرونه فيجازيهم به (وما من غائبة في السماء والأرض) خافية فيهما وهما اسمان لما يغيب ويخفى كالذبيحة أو صفتان والتاء للمبالغة كالراوية (إلا في كتاب مبين) وهو اللوح .
(إن هذا القرءان يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون) كأمر
ص: 187
(إِنَّ رَبَّكَ) الحكم العدل (يَقْضِي) محاكما معادا (بَيْنَهُمْ) الهود وما سواهم (بِحُكْمِهِ) عدله ، ورووا حكمه والمراد أسراره ومصالحه (وَهُوَ الْعَزِيزُ) كامل السطو لا رادّ لحكمه (الْعَلِيمُ) ( 78 ) عالم سرّ حكمه .
(فَتَوَكَّلْ) عوّل محمّد ( ص ) (عَلَى اللَّهِ) وأهلك الأعداء واعل أمرك (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) ( 79 ) السداد الساطع وما صح اللوكول إلا لك .
(إِنَّكَ) وهو معلّل للأمر كالأوّل (لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) الكلام إرواعا وما لهم درك كلامك وحواسّهم صحاح (وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ) أهل الصمم (الدُّعاءَ) لإصلاحهم وإسلامهم (إِذا وَلَّوْا) وصدّوا (مُدْبِرِينَ) ( 80 ) والأصمّ لمّا صدّ ما أدرك أصلا لا كلاما ولا وما ، وهو مؤكّد لحال الصمم .
(وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ) إسرار (عَنْ ضَلالَتِهِمْ) سوء سلوكهم (إِنْ) ما (تُسْمِعُ) سماع طوع (إِلَّا مَنْ) علمه اللّه (يُؤْمِنُ) سدادا (بِآياتِنا) كلام اللّه المرسل (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) ( 81 ) سلم روعهم للّه الواحد .
(وَإِذا وَقَعَ) حصل (الْقَوْلُ) الكلام المعلم ، والمراد حصول مدلوله
----------
عزير وعيسى وغيرهما (وإنه لهدى ورحمة للمؤمنين) لمن آمن منهم ومن غيرهم (إن ربك يقضي بينهم) بين من آمن ومن كفر (بحكمه) بما يحكم به وهو عدله (وهو العزيز) فلا يغلب (العليم) بالقضاء بالحق (فتوكل على الله) ولا تكترث بهم (إنك على الحق المبين) البين والمحق أحق بأن يثق بنصر الله (إنك لا تسمع الموتى) شبهوا بالموتى لعدم تدبرهم ما يتلى عليهم كما شبهوا بالصم في (ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين) فهم حينئذ بعيد عن الأسماع (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم
ص: 188
وهو المعاد وأهواله (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الطّلاح كما أو عدوا والمراد سطوع اعلامه (أَخْرَجْنا لَهُمْ) لاعلاء طلاحهم (دَابَّةً) وهو أوّل إعلام المعاد (مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ) كلا ما ساطعا أو أصله الكلم (أَنَّ) ورووه مكسور الأوّل (النَّاسَ) هم الطّلاح (كانُوا) لطلّاحهم (بِآياتِنا) دوال الإسلام ممّا وعد وأوعد أو كلام اللّه (لا يُوقِنُونَ) ( 82 ) أصلا .
(وَ) ادّكر محمّد ( ص ) (يَوْمَ نَحْشُرُ) أردّ (مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ) مرّ عصرها (فَوْجاً) رهط الرؤساء (مِمَّنْ يُكَذِّبُ) حسدا وعداء (بِآياتِنا) الصحاح (فَهُمْ يُوزَعُونَ) ( 83 ) هو حصرهم لوصول طوعهم والمراد عدّ العدد .
(حَتَّى إِذا جاؤُ) وردوا محلّ السؤال وإحصاء الأعمال (قالَ) اللّه لهم مهدّدا (أَ كَذَّبْتُمْ) طلاحا (بِآياتِي) أوّل الحال (وَ) الحال (لَمْ تُحِيطُوا) أو الواو للوصل (بِها عِلْماً) ما أحاطها علمكم لكسل الآراء ووكس لأرواح
----------
مسلمون) مخلصون بالتوحيد .
(وإذا وقع القول عليهم) أي قرب وقوع المقول وهو ما وعدوه من البعث والعذاب (أخرجنا لهم دابة من الأرض) تضافرت الأخبار أن الدابة أمير المؤمنين ومعه عصا موسى وخاتم سليمان يسم المؤمن والكافر (تكلمهم) فيقول حاكية لقول الله (أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) أي بالقرآن أو بخروجها .
(ويوم نحشر من كل أمة) من للتبعيض (فوجا) جماعة (ممن يكذب بآياتنا) بيان للفوج وهم رؤساؤهم وقادتهم (فهم يوزعون) يحبس أولهم على آخرهم ليجتمعوا وفسرت في الأخبار بالرجعة وأما الحشر الأكبر فقوله (وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا) .
(حتى إذا جاءوا) الموقف (قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما) أي
ص: 189
(أَمَّا) أم (ذا) موصول (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ( 84 ) مما أمركم اللّه وراءه .
(وَوَقَعَ الْقَوْلُ) حلّ الإصر الموعود (عَلَيْهِمْ) طرّا معلّلا (بِما) للمصدر (ظَلَمُوا) عدلوا عما أمروا (فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ) ( 85 ) لعدم إسعاد مسحلهم للكلام للإصر أو لسطوع سداد الرسل وولعهم .
(أَ لَمْ يَرَوْا) أما علموا وما دروا (أَنَّا جَعَلْنَا) كرما ورحما (اللَّيْلَ) أسود (لِيَسْكُنُوا فِيهِ) لروحهم وهكرهم وإمساكهم عما كدحوا (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) أهلها لأعمالهم ومصالحهم وهو حال (إِنَّ فِي ذلِكَ) الأمر (لَآياتٍ) إعلاما للمعاد (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 86 ) الرسل وما أرسل لهم .
(وَ) ادّكر (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) أولا (فَفَزِعَ) للهول (مَنْ) حلّ (فِي السَّماواتِ وَمَنْ) ركد (فِي الْأَرْضِ) كلّهم (إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ) أراد اللّه هكوعه ووطد صدره عموما (وَكُلٌّ) كلهم (أَتَوْهُ) وردوا محلّ السؤال أو
----------
كذبتم بها بادىء الرأي غير متأمليها (أما ذا) أم أي شيء (كنتم تعملون) به وهو تبكيت إذ لم تعملوا سوى التكذيب (ووقع القول عليهم) غشيهم العذاب الموعود وهو النار بعد ذلك (بما ظلموا) بظلمهم بالتكذيب (فهم لا ينطقون) بعذر لعدمه وشغلهم بالنار (ألم يروا أنا جعلنا الليل) خلقناه (ليسكنوا فيه) بالنوم والدعة (والنهار مبصرا) أي ليتبصروا فيه (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) دلالات لهم على التوحيد والبعث والنبوة إذ تعاقب النور والظلمة إنما يتم بقدرة قاهر ويشبه النوم بالموت والانتباه بالبعث ولأن من جعل ذلك لبعض مصالحهم كيف يهمل ما هو مناط جميعها من بعث رسول إليهم .
(ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض) عند النفخة الأولى وعبر بالماضي لتحقق وقوعه (إلا من شاء الله) ممن ثبت قلبه وهم
ص: 190
صدد اللّه ، ورووه موحّدا للمح الكلّ (داخِرِينَ) ( 87 ) حسّالا أو طوّعا لأمر اللّه .
(وَتَرَى الْجِبالَ) الأطواد كلها حال عرك الصور (تَحْسَبُها) ورووه مكسور الوسط ، وهو حال (جامِدَةً) لا حراك لها (وَ) الحال (هِيَ) الأطواد (تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) مرورا مسرعا كامل الإسراع (صُنْعَ اللَّهِ) مصدر مؤكد لمدلول الأوّل ، وهو كوعد اللّه والمراد وعد اللّه وعدا (الَّذِي أَتْقَنَ) أحكم (كُلَّ شَيْءٍ) وسوّاه كما هو حر (إِنَّهُ) اللّه (خَبِيرٌ) عالم (بِما تَفْعَلُونَ) ( 88 ) أعداءه .
(مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) عمل عملا صالحا ، والمراد لا إله إلّا اللّه أو العمل الصالح عموما (فَلَهُ خَيْرٌ) حاصل (مِنْها) أوسا لها وهو دارالسلام أو أصلح ممّاها وهو أوسها دواما (وَهُمْ) أولو صوالح الأعمال (مِنْ فَزَعٍ) هول وروع (يَوْمَئِذٍ) معادا (آمِنُونَ) ( 89 ) أهل سلام .
(وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) أساء عمله وعدل مع اللّه سواه (فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ) اطرحوا معكوسا رؤوسهم (فِي النَّارِ) لمّا عكسوا أمر اللّه وكلموا
----------
جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وقيل الشهداء (وكل أتوه داخرين) صاغرين (وترى الجبال تحسبها جامدة) واقعة مكانها (وهي تمر مر السحاب) في السرعة وكذا الأجرام العظام إذا تحركت لا تكاد تظهر حركتها (صنع الله) أي صنع الله ذلك صنعا (الذي أتقن) أحكم (كل شيء) صنعه (إنه خبير بما تفعلون) فيجازيكم (من جاء بالحسنة فله خير منها) بالأضعاف وبأن العمل منقض والثواب دائم وخير منها الجنة (وهم من فزع يومئذ ءامنون ومن جاء بالسيئة) قيل بالشرك (فكبت وجوههم في النار) ألقوا
ص: 191
ح (هَلْ) ما (تُجْزَوْنَ) أهل الصدود (إِلَّا) عدل (ما) معاص (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ( 90 ) دار الأعمال وأعلم لهم وراء إعلام أحوال المعاد وما سواها .
(إِنَّما أُمِرْتُ) والآمر هو اللّه (أَنْ أَعْبُدَ) أطاوع وأوحّد (رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ) أم الرّحم (الَّذِي حَرَّمَها) عدّها حرما سالما ، وحرّم مصطادها وكلاءها ودوحها (وَلَهُ) أسرا وملكا (كُلُّ شَيْءٍ) معها وهو مالك العالم كلّه والمحرّم والمحلّل كما هو مراده (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ) دواما (مِنَ) الملأ (الْمُسْلِمِينَ) ( 91 ) اللّه موحّدا .
(وَأَنْ أَتْلُوَا) أدعو وأدرس دواما (الْقُرْآنَ) كلام اللّه المرسل لإصلاح الكلّ ولإدراك أسرار (فَمَنِ اهْتَدى) سلك سواء الصراط وعمل أحكامه (فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ) وصلاح هداه وأصله (وَمَنْ ضَلَّ) ساء سلوكه وطرح هداه (فَقُلْ) له (إِنَّما) ما (أَنَا) إلا رسول (مَنْ) الرسل (الْمُنْذِرِينَ) ( 92 ) للطلّاح وما صلح للرسول إلّا الإعلام .
(وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) حمد حامد آلاء لا إحصاء لها (سَيُرِيكُمْ) اللّه
----------
فيها منكوسين وعبر بالوجوه عن ذواتهم ويقال لهم (هل تجزون إلا ما كنتم تعملون) وعن علي (عليه السلام) في الآية الحسنة حبنا أهل البيت والسيئة بغضنا قل لهم .
(إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة) أي مكة (الذي حرمها) أي جعلها حرما ءامنا (وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين) المخلصين بالتوحيد (وأن أتلو القرآن) عليكم أدعوكم إلى ما فيه أو أتبعه (فمن اهتدى) بإجابته لي في ذلك (فإنما يهتدي لنفسه) لعود نفعه إليه (ومن ضل) بترك الإجابة (فقل إنما أنا من المنذرين) فما علي إلا الإنذار (وقل الحمد لله) على
ص: 192
إصلاحا لكم (آياتِهِ) أدلّاء طوله وسطوه حالا ومآلا (فَتَعْرِفُونَها) ولا حاصل لعملكم ح (وَما رَبُّكَ) العلّام (بِغافِلٍ) ساه (عَمَّا تَعْمَلُونَ) ( 93 ) أصلا وإمهالكم للمصالح والحكم .
----------
نعمة الرسالة وغيرها (سيريكم ءاياته) في الآخرة (فتعرفونها) يقينا أنها آية (وما ربك بغافل عما تعملون) بالياء والتاء وإنما يمهلهم لوقتهم.
ص: 193
ص: 194
ص: 195
ص: 196
( سورة القصص )
موردها أمّ الرّحم ومحصول مدلولها :
إعلام حول ملك مصر وإهلاكه الأولاد ، رسول الهود ، وودّ عرس الملك له ، وردّه للّام ، وإهلاكه المرء العادل ، ورحله لروع الأعداء ، ووصوله الرسّ وإرواؤه الماء ، وإعلاء إعلام ألوكه كحول العصا صلّا ، وإسعاد اللّه له مع الردء الرسول .
وإعلامه لمحمّد رسول اللّه صلعم عمّا مرّ أطوار الطور ، ومدح أهل إسلام أعطاهم اللّه الطرس ، وإهلاك الأمم الأوّل ، ومراء أهل العدول معادا ، أو إهلاك ولد عمّ رسول الهود وحدله وسموده للمال الامو ، ووعد اللّه للرسول صلعم العود لأمّ الرّحم ، وإعلام هلاك ما عدا اللّه ، والأمر والحكم كله للّه .
ص: 197
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(طسم) ( 1 ) طلسم الأسرار والعلوم .
(تِلْكَ) الدّوال والأعلام والكلم (آياتُ الْكِتابِ) المسطور (الْمُبِينِ) ( 2 ) للحلال والحرام .
وما وعد وأوعد (نَتْلُوا) أدرس وأرسل (عَلَيْكَ) أو المراد درس الملك مأمور (مِنْ نَبَإِ مُوسى) الرسول (وَفِرْعَوْنَ) ملك مصر (بِالْحَقِّ) والسداد وهو حال (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 3 ) لرهط معلوم إسلامهم .
(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا) عدل وعدا وسمد (فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر (وَجَعَلَ أَهْلَها) كلهم (شِيَعاً) أرهاطا كما أراد وأعدّ كل رهط لأمر وعمل
----------
(28 سورة القصص ثمان وثمانون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(طسم).(تلك) الآيات (ءايات الكتاب المبين) السورة أو القرآن البين إعجازه أو المبين له (نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون) بعض خبرهما (بالحق) محقين (لقوم يؤمنون) فإنهم المنتفعون به (إن فرعون علا في الأرض) أرض مصر (وجعل أهلها شيعا) فرقا يشيعونه
ص: 198
(يَسْتَضْعِفُ) حدلا وسطوا ، وهو حال ، (طائِفَةً مِنْهُمْ) وهم الهود للوهم والروع (يُذَبِّحُ) عداء (أَبْناءَهُمْ) لمّا ولدوا لسماعه طلاح ملكه وإهلاكه لمولود لهم (وَيَسْتَحْيِي) طرحا (نِساءَهُمْ) لإصلاح الأمور والأعمال (إِنَّهُ كانَ مِنَ) الرهط (الْمُفْسِدِينَ) ( 4 ) عملا ، وطلاح أمره ساطع لمّا لا رادّ لما حكم أهل الأحكام ، وصحّ إهلاكه وإلّا ما صلح إهلاك الأولاد وعمله لكمال ورهه .
(وَنُرِيدُ) عدلا وصلاحا حال حكاها اللّه (أَنْ نَمُنَّ) إكراما (عَلَى) الملأ (الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) وصاروا موارد العسر والكره (فِي الْأَرْضِ) محالّ مصر (وَنَجْعَلَهُمْ) رحما (أَئِمَّةً) رؤسا وملوكا (وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ) ( 5 ) ملكه وكل ما هو له .
(وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ) أسلطهم وأسمحهم علّوا وسطوا (وَنُرِيَ) إعلاما لمآل الأحوال (فِرْعَوْنَ) الملك (وَهامانَ) موكّل أمور ملكه (وَجُنُودَهُما) عساكرهما (مِنْهُمْ) هؤلاء الأعاسر (ما كانُوا يَحْذَرُونَ)
----------
في طاعته أو أصنافا في خدمته أو فرقا مختلفة متعادين لينقادوا له (يستضعف طائفة منهم) وهم بنو إسرائيل (يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم) يستبقيهن لأن كاهنا أخبره بأنه يولد في بني إسرائيل مولود يذهب ملكك على يده (إنه كان من المفسدين) بالقتل وغيره .
(ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض) من خلاصهم من بأسه في المال (ونجعلهم أئمة) مقدمين في الدارين (ونجعلهم الوارثين) لملك فرعون (ونمكن لهم في الأرض) أرض مصر والشام بتسليطهم فيها (ونري فرعون وهامان) وزيره (وجنودهما منهم) من بني إسرائيل (ما كانوا
ص: 199
( 6 ) ما هوّلوه وروّعوه وهو إعدام ملكهم وهلاكهم لمولود لهؤلاء .
(وَأَوْحَيْنا) رحما وكرما (إِلى أُمِّ مُوسى) إلهاما أو إعلام ملك كما أعلم لأم روح اللّه (أَنْ أَرْضِعِيهِ) ما صلح لك إمصاصه (فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ) الهلاك لاطلاع الملك (فَأَلْقِيهِ) طرحا (فِي الْيَمِّ) داماء مصر مع طرحه أوّلا وسط وعاء ألواح (وَلا تَخافِي) هلاكه (وَلا تَحْزَنِي) لسوء حاله وعدم وصاله (إِنَّا رَادُّوهُ) معاودوه وموصلوه (إِلَيْكِ) سالما سارعا (وَجاعِلُوهُ مِنَ) كمّل (الْمُرْسَلِينَ) ( 7 ) .
ولمّا هال أهله أمر الملك عملوا له وعاء ، وطلوه طلاء معهودا وسدّوا مسامّه ومهّدوه له وحطّوه وسطه وأصدوه ، وطرحوه داماء مصر واحدروه سمرا وسال معه الماء ، ووصل صرح الملك .
(فَالْتَقَطَهُ) الوعاء سحر السمر المسطور (آلُ) أرداء الملك (فِرْعَوْنَ) وحطّوه أمامه ، وردّوا واسطه الوعاء وادلعوا المولود ومراه لامع وهو ماصّ للدّر مصّا معهودا (لِيَكُونَ) المولود المدلع ، واللام لام المآل ، (لَهُمْ) للملك وآله (عَدُوًّا) مهلكا لهم (وَحَزَناً) كعدم ، ورووا كعدم ومدلولهما
----------
يحذرون) من ذهاب ملكهم وإهلاكهم على يد مولود منهم .
(وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه) ذلك (فألقيه في اليم) البحر أي النيل (ولا تخافي) ضيعته ولا غرقه (ولا تحزني) لفراقه (إنا رادوه إليك) سالما عن قريب (وجاعلوه من المرسلين) فأرضعته ثلاثة أشهر ثم ألح فرعون في طلب الولدان فوضعته في تابوت مطلي داخله بالقار ممهد له فيه وأغلقته وألقته في النيل ليلا (فالتقطه ءال فرعون) بتابوته فوضع بين يديه وفتح وأخرج منه موسى (ليكون لهم عدوا وحزنا) اللام للعاقبة .
ص: 200
واحد ، وهو مصدر أورد إطراء (إِنَّ) الملك (فِرْعَوْنَ وَ) وعماده (هامانَ) المطرود (وَجُنُودَهُما) عساكرهما (كانُوا) ملأ (خاطِئِينَ) ( 8 ) أهل آصار ومعار وأهلا للهلاك .
(وَ) لمّا أحسّه الملك وعرسه وودّاه وهم الأرداء إهلاكه (قالَتِ امْرَأَتُ) الملك (فِرْعَوْنَ) له هو (قُرَّتُ عَيْنٍ) روحها (لِي وَلَكَ) معا ، ورد كلّم الملك لك وحدك ولو كلّم كما هو كلام عرسه لهداه اللّه كما هداها (لا تَقْتُلُوهُ) هدرا (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) مآلا (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) لمّا هو أهل له (وَ) الحال (هُمْ) آله (لا يَشْعُرُونَ) ( 9 ) مال أمرهم معه .
(وَأَصْبَحَ) صار (فُؤادُ) روع (أُمِّ مُوسى) لمّا وصلها إدلاع الولد (فارِغاً) هواء عما سواه لدهم الهمّ وكمال الوله والدّله ، أو لا همّ لها لكمال وكولها وعولها وأملها كرم اللّه ورحمه وسداد وعده ولسماعها ودّهما له (إِنْ) مطروح الاسم كما دلّ اللام ومحموله (كادَتْ) أمّه (لَتُبْدِي بِهِ) ولادة لكمال
----------
(إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين) في كل أمر فليس خطؤهم في تربية عدوهم ببدع منهم (وقالت امرأت فرعون) هو (قرت عين لي ولك) مروي أنه قال لك لا لي ولو قال لي ولك لهداه الله كما هداها (لا تقتلوه) الجمع للتعظيم أو خاطبه وأعوانه (عسى أن ينفعنا) فإن فيه مخايل النفع وذلك أمارات من نوره وارتضاعه إبهامه لبنا وبرأ برص ابنتها بريقه (أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون) أنهم على خطإ في التقاطه .
(وأصبح فؤاد أم موسى) لما سمعت بالتقاطه (فارغا) من كل شيء سوى همه أو من العقل لدهشتها أو من الحزن لوثوقها بوعد الله (إن) المخففة يعني أنها (كادت لتبدي به) لتظهر بأنه ابنها جزعا وتضجرا (لو لا أن ربطنا على
ص: 201
الهمّ أو السرور (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا) لولا الإحكام وإعطاء الحمل وطرح الحصد (عَلى قَلْبِها) حاصل لمّا أطاع لها سوّارها (لِتَكُونَ) أمّه (مِنَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 10 ) لوعد اللّه .
(وَقالَتْ) أمّه (لِأُخْتِهِ) اسمها اسم أمّ روح اللّه (قُصِّيهِ) لعلم حاله وأصله كسو الرسم (فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ) محل طرح وهو حال دوام الملك (وَ) حال (هُمْ) آل الملك (لا يَشْعُرُونَ) ( 11 ) حالها .
(وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ) المولود (الْمَراضِعَ) كلها (مِنْ قَبْلُ) أمام ردّه لأمّه (فَقالَتْ) وداد ورحما (هَلْ أَدُلُّكُمْ) أسلككم (عَلى أَهْلِ بَيْتٍ) ورهط صلاح (يَكْفُلُونَهُ) الولد (لَكُمْ) كما هو مرادكم (وَهُمْ لَهُ) للولد أو للملك (ناصِحُونَ) ( 12 ) أولو صلاح .
وهم سمعوا كلامها وطاوعوها ، ولمّا أدراك الولد أمّه مصّ درّها وحصل ردّه كما وعد اللّه وهو كلامه (فَرَدَدْناهُ) سالما كما هو الموعود (إِلى أُمِّهِ) مسرعا (كَيْ تَقَرَّ) روحا (عَيْنُها) لوصل الولد (وَلا تَحْزَنَ) لعدم وصاله وسوء حاله (وَلِتَعْلَمَ) علم إحساس (أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ) وعهده (حَقٌّ) سداد لا
----------
قلبها) سكناه بالصبر (لتكون من المؤمنين) المصدقين بوعدنا وجواب لو لا دل عليه ما قبلها (وقالت لأخته) مريم (قصيه) اتبعي أثره وتعرفي خبره (فبصرت به عن جنب) عن بعد مجالسة (وهم لا يشعرون) أنها أخته أو لغرضها (وحرمنا عليه المراضع) منعناه أن يرضع منها جمع مرضع الرضاع أي مكانه أي الثدي (من قبل) قبل قصها أثره (فقالت) أخته حين رأت حنوهم عليه (هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم) بتربيته (وهم له ناصحون) بالقيام بأمره (فرددناه إلى أمه كي تقر عينها) بلقائه (ولا تحزن) لفراقه
ص: 202
كسر له ولا حول (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أهل الطلاح (لا يَعْلَمُونَ) ( 13 ) سداد وعده .
(وَلَمَّا بَلَغَ) وصل الولد (أَشُدَّهُ) حدود الكمال (وَاسْتَوى) روعه وعدل عمره وكمل حسه (آتَيْناهُ) إعطاء (حُكْماً) أمرا هو الألوك (وَعِلْماً) لمصالح الكلّ أو المراد علم الحكماء والعلماء (وَكَذلِكَ) كما عمل مع الأم وولدها (نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) ( 14 ) أهل الإسلام كلّهم .
(وَدَخَلَ) ورد (الْمَدِينَةَ) مصر (عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها) سرّا ما علمه أحد ، وهو حال روحهم وكراهم (فَوَجَدَ) أدرك (فِيها) مصر (رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا) وأحدهما (مِنْ شِيعَتِهِ) رهطه وطوّعه (وَهذا) سواه (مِنْ عَدُوِّهِ) أهل مصر والمراد إكراه العدوّ الأوّل لحمل مسعر مدعس الملك (فَاسْتَغاثَهُ) وحاول مدده المرء (الَّذِي) هو (مِنْ شِيعَتِهِ) رهطه وطوّعه (عَلى) المرء (الَّذِي) هو (مِنْ عَدُوِّهِ) أهل مصر ، وكلّم للعدوّ : دعه ، حاور
----------
(ولتعلم) عيانا (أن وعد الله) برده إليها (حق ولكن أكثرهم) أي الناس (لا يعلمون) حقيقة وعده .
(ولما بلغ أشده) كمال شدته وهو ثلاث وثلاثون أو الحلم (واستوى) أي تم في استحكامه وبلغ الأربعين (ءاتيناه حكما) نبوة (وعلما) بالدين (وكذلك) كما فعلنا له (نجزي المحسنين) بإحسانهم (ودخل) موسى (المدينة) مصر (على حين غفلة من أهلها) وقت القائلة أو ما بين العشاءين أو يوم عيدهم (فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته) إسرائيلي (وهذا من عدوه) قبطي يسخر الإسرائيلي بحمل حطب إلى مطبخ فرعون (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) طلب أن يغيثه بالنصر (فوكزه موسى) ضربه
ص: 203
العدوّ : دع وإلّا أحمل علاك ، (فَوَكَزَهُ) لكمه ولطمه (مُوسى) طولا (فَقَضى عَلَيْهِ) أهلكه ورمسه وسط الرول وسدم (قالَ هذا) الأمر السوء (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) المارد المطرود وسواسه ، وما أطاوعه عمدا (إِنَّهُ عَدُوٌّ) لولد آدم (مُضِلٌّ) لهم (مُبِينٌ) ( 15 ) ساطع العداء .
(قالَ) سادما (رَبِّ) اللّهم (إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي) مهلكا له (فَاغْفِرْ) أمح (لِي) الإصر (فَغَفَرَ) اللّه (لَهُ) ومحاه لصدوره سهوا لا عمدا ولسدمه وهوده (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ الْغَفُورُ) للاصار لا سواه (الرَّحِيمُ) ( 16 ) كامل الرّحم .
(قالَ رَبِّ) أعهد (بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) إكراما وهو سماع الدعاء ، وحوار العهد مطروح وهو لاعود وأهود (فَلَنْ أَكُونَ) حالا ومآلا (ظَهِيراً) ممدّا ومسعدا (لِلْمُجْرِمِينَ) ( 17 ) عمّال السوء .
(فَأَصْبَحَ) وأدراك السحر (فِي الْمَدِينَةِ) مصر (خائِفاً) مع الروع والهول لإهلاك العدوّ (يَتَرَقَّبُ) المكروه لعمله الصادر سهوا ، أو إمداد اللّه ، وهو حال ، (فَإِذَا) المرء (الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ) رام الإمداد (بِالْأَمْسِ) كما مرّ
----------
بجمع كفه (فقضى عليه) فقتله (قال هذا) أي الأمر الذي وقع القتل بسببه (من عمل الشيطان إنه عدو) للإنسان (مضل) له (مبين) بين الإضلال .
(قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي) ترك الأولى أو قاله انقطاعا إلى الله (فغفر له إنه هو الغفور) لعباده (الرحيم) بهم (قال رب بما أنعمت علي) من القوة (فلن أكون ظهيرا للمجرمين) أي فلن أستعملها إلا في مظاهرة أوليائك (فأصبح في المدينة خائفا يترقب) الأخبار وما يقال فيه (فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه) يستغيثه بصراخ إلى قبطي آخر (قال له موسى إنك لغوي
ص: 204
(يَسْتَصْرِخُهُ) هو روم الإمداد (قالَ لَهُ) لمرء رام المداد (مُوسى) حاردا ومهدّدا (إِنَّكَ لَغَوِيٌّ) سالك صراط سوء (مُبِينٌ) ( 18 ) ساطع وطلح أمر الأمس لعملك .
(فَلَمَّا أَنْ أَرادَ) الرسول (أَنْ يَبْطِشَ) سطوا (بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما) لمحاول المدد وللممدّ (قالَ) محاول المدد أو العدوّ روعا (يا مُوسى أَ تُرِيدُ) سطوا (أَنْ تَقْتُلَنِي) الحال (كَما قَتَلْتَ نَفْساً) امرأ (بِالْأَمْسِ) مع عدم إصره (أَنْ) ما (تُرِيدُ) أمرا (إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً) عامدا للإهلاك مهدرا للدماء مالك همّ المآل (فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر (وَما تُرِيدُ) أصلا (أَنْ تَكُونَ مِنَ) الملأ (الْمُصْلِحِينَ) ( 19 ) أهل الصلاح والإصلاح .
وسمع الملك أمره وأمر إهلاكه (وَجاءَ رَجُلٌ) مسلم وهو ولد عمّ الملك (مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) أمد مصر ، وهو محلّ الملك (يَسْعى) مسرعا ووصل و (قالَ يا مُوسى) اعلم واطّلع (إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ) أمر أحادهم أحادهم (بِكَ) لك (لِيَقْتُلُوكَ) أوس عملك (فَاخْرُجْ) ورح وصر وادسا
----------
مبين) من الغواية لكثرة مخاصمتك (فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما) لموسى والإسرائيلي (قال) الإسرائيلي ظانا أن يبطش به لوصفه إياه بالغواية (يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس) أو قاله القبطي إذ أحس مما قاله أنه القاتل للقبطي بالأمس لهذا الإسرائيلي (إن) ما (تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض) عاليا بالقتل والظلم (و ما تريد أن تكون من المصلحين) بين الناس فانتشر الحديث فبلغ فرعون فأمر بطلبه وقتله .
(وجاء رجل) هو مؤمن آل فرعون وهو ابن عمه (من أقصى المدينة يسعى) يسرع (قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك) الائتمار التشاور
ص: 205
حاردا (إِنِّي لَكَ مِنَ) الملأ (النَّاصِحِينَ) ( 20 ) أروم سلامك .
(فَخَرَجَ) وراح وحده (مِنْها) ولا ردء معه (خائِفاً) ممّا همّ الأعداء (يَتَرَقَّبُ) وصول عدوّ (قالَ) ملحا مهموما (رَبِّ نَجِّنِي) وسلّم (مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ( 21 ) رهط الملك .
(وَلَمَّا تَوَجَّهَ) وعمده (تِلْقاءَ مَدْيَنَ) وهو مصر سموه اسم مؤسسه وما ملكه ملك مصر وما علم الرسول صراطه (قالَ) أدعو (عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي) كرما ورحما (سَواءَ السَّبِيلِ) ( 22 ) وسطه وأسدّه .
وورد ملك وهداه (وَلَمَّا وَرَدَ) وصل (ماءَ مَدْيَنَ) وهو الرسّ (وَجَدَ) أدراك (عَلَيْهِ أُمَّةً) رهطا (مِنَ النَّاسِ) صروع الورّاد (يَسْقُونَ) سوامهم (وَوَجَدَ) أمرك (مِنْ دُونِهِمُ) سواهم (امْرَأَتَيْنِ) هما (تَذُودانِ) وهو الطرد والدسع ، ولمّا رآهما راح و (قالَ) لهما وسأل (ما خَطْبُكُما) ما حالكما وأمركم ومرادكما (قالَتا) له (لا نَسْقِي) السوّام (حَتَّى يُصْدِرَ
----------
(فاخرج إني لك من الناصحين) لك (فخرج منها) من المدينة (خائفا يترقب) الطلب (قال رب نجني من القوم الظالمين) دل على أن قتله القبطي لم يكن ذنبا وإلا لم يكونوا ظالمين بطلب القود .
(ولما توجه تلقاء مدين) قصد نحوها وهي قرية شعيب (قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل) وسطه (ولما ورد ماء مدين) وصل إليه وهو بئر لهم (وجد عليه) فوق شفيرة (أمة) جماعة وأصنافا (من الناس) يسقون مواشيهم (ووجد من دونهم) في مكان أسفل من مكانهم (امرأتين تذودان) تمنعان غنمهما عن الماء لئلا تزاحماهم (قال ما خطبكما) شأنكما تذودان (قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء) جمع راع يصرفوا مواشيهم عن الماء خوف
ص: 206
الرِّعاءُ) واحدها راع ورووا الرّعاء ، وهو لعدم ممدّ لهما (وَأَبُونا شَيْخٌ) هرم (كَبِيرٌ) ( 23 ) حالا أو عمرا ما رعاها .
(فَسَقى) سوّامهما إمدادا وإسعادا ورحما (لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى) عاد لكمال حرّ الهواء والسعار (إِلَى الظِّلِّ) لدار أو يمر وطال العسر (فَقالَ) دعاء اللّهم (رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ) كرما (إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ) طعام (فَقِيرٌ) ( 24 ) مؤمل داع .
(فَجاءَتْهُ إِحْداهُما) لرومه (تَمْشِي عَلَى) رسم (اسْتِحْياءٍ) مع إسدال كمّ .
درعها كما هو معهود العواصم الطواهر ، وهو حلّ محلّ الحال ، (قالَتْ) له (إِنَّ أَبِي) هرم مكرّم وصالح (يَدْعُوكَ) لداره (لِيَجْزِيَكَ) إصلاحا وإكراما (أَجْرَ ما) للمصدر (سَقَيْتَ) السوّام (لَنا) ولمّا سمع أطاع أمره ودّ له لا طمعا (فَلَمَّا جاءَهُ) ورد صدد والدهما (وَقَصَّ) إعلاما (عَلَيْهِ الْقَصَصَ) وأعاد ممّا مرّ وراءه ، وهو مصدر كالعلل (قالَ) والدها وهو مسلّ له (لا تَخَفْ) مما أرادوا (نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ( 25 ) الملك ورهطه
----------
مزاحمتهم (وأبونا شيخ كبير) لا يقدر أن يسقي فيضطر لإخراجنا فرحمهما (فسقى لهما) غنمهما وحذفت مفاعيل الخمسة لأن الغرض هو الفعل لا المفعول (ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير) طعام (فقير) ورجع البنتان إلى أبيهما شعيب فأخبرتاه الخبر فقال لإحداهما علي به (فجاءته إحداهما تمشي على استحياء) وهي التي تزوجها وهي الصغرى واسمها صفيراء وقيل الكبرى واسمها صفراء (قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) فأجابها (فلما جاءه وقص عليه القصص) من لدن ولادته
ص: 207
لمّا لا سطو لهم علاهم أصلا وأكرمه وأطعمه .
(قالَتْ إِحْداهُما) ولد أرسلها (يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) وهو أصلح لعمل الرعاء (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ) للعمل المسطور ، وهو معلّل للكلام الأوّل (الْقَوِيُّ) لعلمها مدّ الدلو المملو سهلا (الْأَمِينُ) ( 26 ) لمّا أمرهم المرور وراءه ولاء حال سلوكهما معا .
وعلم والدهما سداده وصلاحه وطوله (قالَ) الوالد له (إِنِّي أُرِيدُ) أروم (أَنْ أُنْكِحَكَ) أملكك وآهلك وهو وعد له للأهول (إِحْدَى ابْنَتَيَّ) لحا (هاتَيْنِ) والأمر أمرك (عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي) مصلحا مكملا (ثَمانِيَ حِجَجٍ) أعوام وهو مهرها (فَإِنْ أَتْمَمْتَ) طوعا أعواما (عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ) الكمال (وَما أُرِيدُ) أصلا (أَنْ أَشُقَّ) أحمل العسر (عَلَيْكَ) إكراها (سَتَجِدُنِي إِنْ شاء الله) أراد (من) الملا (الصَّالِحِينَ) ( 27 ) عملا وعهدا .
----------
إلى فراره خوفا من فرعون (قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين) فرعون وقومه فلا سلطان له بأرضنا (قالت إحداهما) وهي المرسلة (يا أبت استأجره) لرعي الغنم (إن خير من استأجرت القوي الأمين) حث بليغ على استئجاره إذ عللته بهما على جهة المثل ولم تقل لقوته وأمانته وجعلت خيرا اسما ودلت بالماضي على أنه أمر قد عرف منه .
(قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني) تكون أجيرا لي (ثماني حجج) سنين (فإن أتممت عشرا فمن عندك) فالإتمام تفضل منه ولا ألزمكه (وما أريد أن أشق عليك) بإلزامك العشرة أو بالمناقشة في استيفاء الأعمال (ستجدني إن شاء الله) للتبرك (من الصالحين) في حسن الصحبة والوفاء بالعهد (قال ذلك) الذي شارطتني عليه قد تم (بيني وبينك) لا
ص: 208
(قالَ) رسول الهود (ذلِكَ) العهد (بَيْنِي وَبَيْنَكَ) واطد مؤكد (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ) ممّا مرّ (قَضَيْتُ) كاملا (فَلا عُدْوانَ) للحدّ المحدود ولا إكراه (عَلَيَّ) أصلا (وَاللَّهُ) الملك العلّام (عَلَيَّ) كل (ما) عهد ووعد (نَقُولُ وَكِيلٌ) ( 28 ) مطلع .
وكمل الوعد وأهلّها كما هو مرسومهم ، وإعطاء والدها العصا لطرد المكروه والسوء ، وهو عصا آدم أصلها آس دارالسلام ، وصار هو أحد الرعاء محمود العمل مسعود الأمر (فَلَمَّا قَضى) أكمل (مُوسَى الْأَجَلَ) مدد الوعد (وَسارَ بِأَهْلِهِ) راح مع عرسه حدود مصر (آنَسَ) أحس (مِنْ جانِبِ الطُّورِ) اسم طود (ناراً) لمعا كالساعور (قالَ لِأَهْلِهِ) رهطه وطوّعه (امْكُثُوا) اهدوا عصرا (إِنِّي آنَسْتُ ناراً) لعلّها سعرها أحد (لَعَلِّي آتِيكُمْ) مسرعا (مِنْها بِخَبَرٍ) اطّلاع صراط (أَوْ جَذْوَةٍ) عود مسعر ، ورووه مكسور الأوّل ، (مِنَ النَّارِ) المحسوس لمعها (لَعَلَّكُمْ) لهوء الهوء (تَصْطَلُونَ) ( 29 ) أحماء .
(فَلَمَّا أَتاها) ورد صددها (نُودِيَ) دعاه اللّه (مِنْ شاطِئِ الْوادِ )
----------
تخرج عنه (أيما الأجلين) الثماني أو العشر (قضيت فلا عدوان علي) بطلب الزيادة عليه أو فلا أكون متعديا بترك الزيادة عليه (والله على ما نقول) من التشارط (وكيل) شهيد حفيظ .
(فلما قضى موسى الأجل) أوفى الأجلين (وسار بأهله) امرأته بإذن أبيها إلى الشام أو مصر (ءانس) بصر (من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني ءانست نارا لعلي ءاتيكم منها بخبر) عن الطريق وكان قد ضله (أو جذوة) قطعة أو شعلة (من النار لعلكم تصطلون) تستدفئون بها .
ص: 209
ساحله (الْأَيْمَنِ) لعلو حاله (فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) لسماعه كلام اللّه (مِنَ الشَّجَرَةِ) وسطها (أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ) الواحد الأحد (رَبُّ الْعالَمِينَ) ( 30 ) مالكهم .
(وَأَنْ أَلْقِ) اطرح (عَصاكَ) وطرحها وحوّلها اللّه صلا مهولا (فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ) حراكا (كَأَنَّها) العصا (جَانٌّ) صلّ إصلال حسّا (وَلَّى) صدّ (مُدْبِراً) معردا للهول (وَلَمْ يُعَقِّبْ) ما عاد ودعاه اللّه (يا مُوسى أَقْبِلْ) أحل وهلم (وَلا تَخَفْ) ودع الروع والهول (إِنَّكَ مِنَ) الملا (الْآمِنِينَ) ( 31 ) عمّا ساء وكره .
(اسْلُكْ) أورد (يَدَكَ فِي) وسط (جَيْبِكَ) درعك (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) لها لمع كلمع أكمل السعود (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) داء ومكروه (وَاضْمُمْ) أوصل (إِلَيْكَ) صدرك (جَناحَكَ) الممدود (مِنَ الرَّهْبِ) الهول الحاصل
----------
(فلما أتاها نودي من شاطىء) أتاه النداء من جانب (الواد الأيمن) لموسى (في البقعة المباركة) لأنها محل الوحي وتكليمه (من الشجرة) بدل اشتمال (أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين وأن ألق عصاك) فألقاها فصارت حية واهتزت (فلما رءاها تهتز) تتحرك (كأنها جان) حية سريعة (ولى مدبرا) هاربا منها (ولم يعقب) لم يرجع فنودي (يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين) من كل مخوف (اسلك يدك) أدخلها (في جيبك) طرف مدرعتك (تخرج بيضاء) ذات شعاع (من غير سوء) برص (واضمم إليك جناحك) يدك المبسوطة تتقي بها الحية خوفا منها أو بإدخالها في جيبك فالتكرير لغرض آخر وهو إخفاء الخوف عند العدو مع إظهار معجزة أخرى بخروجها بيضاء (من الرهب) من أجله أي إذا خفت فافعل ذلك شدا لنفسك (فذانك) أي العصا
ص: 210
ممّا لاح وسطح وهو حولها صلّا ، ورووه مكسور الرّاء ، (فَذانِكَ) العصا وما معها كلاهما (بُرْهانانِ) أرسلا لإعلاء حالك وإعلام إرسالك (مِنْ رَبِّكَ) ومرسلك (إِلى فِرْعَوْنَ) ملك مصر (وَمَلَائِهِ) رهطه (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً) رهطا (فاسِقِينَ) ( 32 ) أهل الحدل والصدود .
(قالَ) روعا (رَبِّ) اللّهم (إِنِّي قَتَلْتُ) إهلاكا (مِنْهُمْ) هؤلاء الطّلاح (نَفْساً) أحدا كما مرّ (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) ( 33 ) أوساله .
(وَأَخِي) اسمه (هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ) أسلم وأسلط (مِنِّي لِساناً) وكلامه أصلح وأكمل لإعلام الاحكام (فَأَرْسِلْهُ) رحما وكرما (مَعِي رِدْءاً) ممدا مساعدا وهو حال ورووه ردّا (يُصَدِّقُنِي) والمراد ردءا مسددا مصلحا مكملا لكلامه ، ورووه حوارا للأمر وهو « أرسله » (إِنِّي أَخافُ) لكمال طلاحهم (أَنْ يُكَذِّبُونِ) ( 34 ) ردا للالوك ولا إسعاد للمسحل .
(قالَ) اللّه له (سَنَشُدُّ) سأمسك وأساعد (عَضُدَكَ) وأحكم طولك وساعدك (بِأَخِيكَ) كما هو مرادك (وَنَجْعَلُ) إكراما (لَكُما سُلْطاناً) سطوا وطوّلا والحاصل أسلّطكما (فَلا يَصِلُونَ) الأعداء علوّا وأمرا (إِلَيْكُما) حالا ما (بِآياتِنا) لإعلامكما دوالّ الأعلاء والإرسال (أَنْتُما) كلاكما (وَمَنِ
----------
واليد (برهانان) حجتان نيرتان مرسلا بهما (من ربك إلى فرعون وملإيه إنهم كانوا قوما فاسقين) متمردين في الكفر .
(قال رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون) بها (وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا) معينا (يصدقني) ببيان الحجة ورفع الشبهة (إني أخاف أن يكذبون قال سنشد عضدك بأخيك) نقويك به قوة اليد وقوتها بشدة العضد (ونجعل لكما سلطانا) تسلطا وحجة (فلا يصلون
ص: 211
اتَّبَعَكُمَا) طاوعكما إعمالا وأو امر (الْغالِبُونَ) ( 35 ) علاهم أمرا وحكما .
(فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى) الرسول (بِآياتِنا) أوردها لهم (بَيِّناتٍ) سواطع (قالُوا) ردّا وطلاحا (ما هذا) كله (إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً) معمول لك وما هو مسدّد لإرسالك (وَما سَمِعْنا بِهذا) السحر أو ادّعاءك الإرسال أصلا (فِي) عهد (آبائِنَا الْأَوَّلِينَ) ( 36 ) لمّا هو عهد السحر وهو حال .
(وَقالَ) ورووه لا مع واو الوصل لمّا هو حوار لكلامهم وردّ لهم (مُوسى) لهم (رَبِّي أَعْلَمُ) عالم (بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى) مرء أهلّه اللّه للألوك (مِنْ عِنْدِهِ) سدادا (وَمَنْ تَكُونُ) حاصلا (لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ) صلاح المعاد ، ولو سحر وولع لمّا أهله للألوك وما هو مرسلا للساحر الوالع (إِنَّهُ) الأمر (لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) ( 37 ) أهل الحدل مآلا .
(وَقالَ فِرْعَوْنُ) لأهل مصر سمودا وعلّوا (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ) الرؤساء (ما عَلِمْتُ لَكُمْ) أراد ما لكم (مِنْ إِلهٍ) لإكرامكم وطوعكم (غَيْرِي) أو أراد لا
----------
إليكما) بسوء (بآياتنا) متعلق بمقدر أي اذهبا بها (أنتما ومن اتبعكما الغالبون).
(فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى) مختلق كسائر أنواع السحر أو سحر تعلمه ثم يفتريه على الله (وما سمعنا بهذا) السحر أو ادعاء النبوة (في ءابائنا الأولين) كائنا في زمنهم (وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده) فيصدقه بالمعجز (ومن تكون له عاقبة الدار) الدنيا أي عاقبتها المحمودة وهي الجنة فإنها المعتد بها (إنه لا يفلح الظالمون) لا يفوزون بخير.
(و قال فرعون) جهلا أو تلبيسا على قومه (يا أيها الملأ ما علمت لكم من
ص: 212
إله معلوم له سواه (فَأَوْقِدْ) سعّر (لِي يا هامانُ) وهو موكّل أمره مالا وملكا (عَلَى الطِّينِ) لإحكام الأساس وهو أول عامل له (فَاجْعَلْ) أسس ورصص (لِي صَرْحاً) صاعدا وسطحا سامكا (لَعَلِّي أَطَّلِعُ) اصعد والطلوع والاطلاع الصعود (إِلى إِلهِ مُوسى) وهم له محلّ عال (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ) أعلمه (مِنْ) الرهط (الْكاذِبِينَ) ( 38 ) لا سداد لدعواه .
(وَاسْتَكْبَرَ) سمد وعدا (هُوَ وَجُنُودُهُ) عساكره (فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر (بِغَيْرِ الْحَقِّ) والسداد (وَظَنُّوا) وهموا (أَنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ) ( 39 ) أمد الأمر ، ورووه معلوما .
(فَأَخَذْناهُ) سطوا وحردا (وَجُنُودَهُ) عساكره طرّا (فَنَبَذْناهُمْ) هو الطرح (فِي الْيَمِّ) داماء مصر (فَانْظُرْ) وأعلم محمّد ( ص ) (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) الرهط (الظَّالِمِينَ) ( 40 ) وهدّد رهطك وهوّلهم والسطو لك سمك اللّه أمرك .
(وَجَعَلْناهُمْ) الحال (أَئِمَّةً) رؤساء الطّلاح (يَدْعُونَ إِلَى) عمل أهل (النَّارِ) لإعلامهم ردّ الإسلام وأعمال السوء (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) المعهود
----------
إله غيري) نفي علمه به دون وجوده (فأوقد لي يا هامان على الطين) فاطبخ الآجر (فاجعل لي صرحا) قصرا عاليا (لعلي أطلع إلى إله موسى) توهما أو إيهاما لقومه أنه لو وجد لكان في السماء فيصعد إليه (وإني لأظنه من الكاذبين) في ادعائه إلها غيري وأنه رسول (واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق) إذ لا يحق التكبر إلا لله (وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون) ببناء الفاعل أو المفعول (فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم) طرحناهم في البحر (فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) بتكذيب الرسل (وجعلناهم أئمة) في الكفر
ص: 213
وروده (لا يُنْصَرُونَ) ( 41 ) لا مساعد لهم لطرد آصارهم أصلا .
(وَأَتْبَعْناهُمْ) لطلاحهم (فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً) طراد وصاروا كلّهم أهل الطرد والردّ لا وصول لرحم اللّه لهم ، أو طردهم الأملاك وأهل الإسلام (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ) الرهط (الْمَقْبُوحِينَ) ( 42 ) أهل الطرد أوّلهم سوء الصّور .
(وَلَقَدْ آتَيْنا) إعطاء (مُوسَى الْكِتابَ) كلام اللّه المرسل المسدّد (مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا) عدلا (الْقُرُونَ الْأُولى) كرهط هود وصالح ولوط (بَصائِرَ) سواطع دوالّ ولوامع أوامر وأحكام ، وهو حال ، (لِلنَّاسِ) كلّهم (وَهُدىً) لسواء الصراط (وَرَحْمَةً) لكل أحد طاوعه وعمله (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ( 43 ) لطمع ادّكارهم .
(وَما كُنْتَ) محمّد ( ص ) (بِجانِبِ) الطود (الْغَرْبِيِّ) وهو حدّ الطور (إِذْ قَضَيْنا) إرسالا (إِلى مُوسَى) الرسول (الْأَمْرَ) امر الألوك (وَما
----------
بالتسمية أو بمنع اللطف (يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة) إبعادا من الرحمة (ويوم القيامة هم من المقبوحين) المبعدين أو المشوهين الخلقة .
(ولقد ءاتينا موسى الكتاب) التوراة (من بعد ما أهلكنا القرون الأولى) قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم (بصائر للناس) أنوارا لقلوبهم يستبصر بها (وهدى) إلى طريق الحق (ورحمة) سببا لنيل الرحمة (لعلهم يتذكرون) إرادة أن يتذكروا (وما كنت بجانب الغربي) بجانب المكان أو الجبل أو الوادي الغربي من موسى (إذ قضينا) حين أوحينا (إلى موسى الأمر) أي رسالته وشريعته أي لم تحضر مكان أمرنا إليه (وما كنت من الشاهدين) للوحي إليه .
ص: 214
كُنْتَ ) ح (مِنَ) الملأ (الشَّاهِدِينَ) ( 44 ) لأمر إرساله .
(وَلكِنَّا أَنْشَأْنا) لمّا مرّ عهده (قُرُوناً) دهورا أو أمما (فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ) أهل الدهور (الْعُمُرُ) طال أعمارهم ودرس العلم وطمس السداد وحول الإعلام والأحكام (وَما كُنْتَ ثاوِياً) رامكا راكدا (فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) وهم صهره وأهل الإسلام (تَتْلُوا) درسا وهو حال (عَلَيْهِمْ آياتِنا) ممّا أعلّمك (وَلكِنَّا كُنَّا) كرما (مُرْسِلِينَ) ( 45 ) لك إعلاما للسداد .
(وَما كُنْتَ) أصلا (بِجانِبِ الطُّورِ إِذْ نادَيْنا) رسول الهود إعلاء لحاله وإكراما له وإعطاء للطرس كما مرّ (وَلكِنْ) علّمك اللّه وأرسلك (رَحْمَةً) للرّحم والكرم ، ورووه محمولا لمطروح ، (مِنْ رَبِّكَ) الراحم (لِتُنْذِرَ) عامله علّم المطروح أمامه (قَوْماً ما أَتاهُمْ) ما أرسل اللّه لهم (مِنْ نَذِيرٍ) مهوّل عمّا عملوا طلاحا (مِنْ قَبْلِكَ) عصرا أمامك (لَعَلَّهُمْ) رهطك (يَتَذَكَّرُونَ) ( 46 ) لأمرك وهولك .
(وَلَوْ لا أَنْ تُصِيبَهُمْ) هؤلاء الرهط (مُصِيبَةٌ) إصر ( بِما قَدَّمَتْ
----------
(ولكنا أنشأنا قرونا) مما بعد موسى (فتطاول عليهم العمر) أمد انقطاع الوحي فاندرست الشرائع فأوحينا إليك خبر موسى وغيره (وما كنت ثاويا) مقيما (في أهل مدين) شعيب ومن آمن به (تتلوا) تقرأ (عليهم ءاياتنا) المتضمنة لقصتهم (ولكنا كنا مرسلين) لك (وما كنت بجانب الطور إذ) حين (نادينا) موسى أن خذ الكتاب بقوة أو حين ناجيناه (ولكن) علمناك (رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك) رسول وشريعة وإن كان عليهم أنبياء وأوصياء حافظون لشرع الرسول السابق ظاهرون أو مستترون لامتناع خلو الزمان من حجة (لعلهم يتذكرون) يتعظون .
ص: 215
أَيْدِيهِمْ ) ممّا عملوا وساءوا ، وحوار لولا مطروح وهو ما أرسلك اللّه (فَيَقُولُوا) حال ورود الإصر اللهمّ (رَبَّنا لَوْ لا) هلا (أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا) للإصلاح والإعلام (فَنَتَّبِعَ آياتِكَ) المأمور إعلامها (وَنَكُونَ مِنَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 47 ) أهل الإسلام .
(فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ) كلام اللّه ، أو الرسول المسدّد (مِنْ عِنْدِنا) لإصلاحهم وإعلامهم الأوامر والحكام (قالُوا) أعداء الإسلام لددا ومراء (لَوْ لا) هلّا (أُوتِيَ) أرسل لمحمّد رسول اللّه صلعم (مِثْلَ ما أُوتِيَ) أرسل للرسول (مُوسى) وهو الطرس المرسل كلّه معا أو العصا أو ما سواها (أَ) أسلموا (وَلَمْ يَكْفُرُوا بِما) كلام (أُوتِيَ مُوسى) الرسول (مِنْ قَبْلُ) أمام الكلام المرسل لمحمّد صلعم (قالُوا) له مع الردء كلاهما ( سِحْرانِ
----------
(ولو لا أن تصيبهم مصيبة) عقوبة (بما قدمت أيديهم) من الكفر والمعاصي (فيقولوا) أي لو لا قولهم إذا عوقبوا بكفرهم (ربنا لو لا) هلا (أرسلت إلينا رسولا فنتبع ءاياتك ونكون من المؤمنين) الفاء جواب التخصيص أي إنما أرسلناك لقطع عذرهم فالقول وهو سبب الإرسال ولكن لما كانت العقوبة سببا للقول أدخلت لو لا إليها وعطف القول عليها بفاء السببية إيذانا بأنهم إنما ألجأهم إلى القول العقوبة لا غير (فلما جاءهم الحق من عندنا) أي الرسول المصدق بالقرآن المعجز (قالوا) تعنتا (لو لا) هلا (أوتي مثل ما أوتي موسى) من الكتاب جملة والعصا واليد وغيرها (أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل) أي أبناء جنسهم في الكفر والعناد من كفرة زمن موسى أو آبائهم إذ قيل كان للعرب أصل في أمته (قالوا ساحران) أي موسى وأخوه أو موسى ومحمد صلی الله علیه واله وقرىء سحران
ص: 216
تَظاهَرا) أمدّ كلّ واحد مطوه (وَقالُوا) طلاحا (إِنَّا بِكُلٍّ) كلّ واحد (كافِرُونَ) ( 48 ) أو المراد أهل الحرم ردّوا رسول الهود ومحمدا ، أو طرس الهود وكلام اللّه .
(قُلْ) لهم (فَأْتُوا بِكِتابٍ) سواهما صادر (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) إله الكلّ (هُوَ أَهْدى) وأصلح وأكمل (مِنْهُما) ممّا أرسل لرسول الهود والكلام المرسل الحال (أَتَّبِعْهُ) أطاوعه وأسلم له (إِنْ كُنْتُمْ) رهط الرّداد حال دعواكم سحرهما (صادِقِينَ) ( 49 ) كلما .
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا) ما سمعوا وما حاوروا (لَكَ) دعاءك (فَاعْلَمْ) محمّد ( ص ) (أَنَّما يَتَّبِعُونَ) هؤلاء الأعماء (أَهْواءَهُمْ) آراءهم وآمالهم ولا إملاه ولا أدلّاء لهم ح (وَمَنْ) لا أحد (أَضَلُّ) أسوأ (مِمَّنِ اتَّبَعَ) أطاع (هَواهُ) وأمّله (بِغَيْرِ هُدىً) وإعلام ، وهو حال مؤكد ، (مِنَ اللَّهِ) الملك المطاع . (إِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يَهْدِي) أصلا (الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ( 50 ) عمّال الآصار والمعار وطوّع الأهواء والآمال ما داموا أهل إصرار .
(وَلَقَدْ وَصَّلْنا) كرما (لَهُمُ الْقَوْلَ) وصّل اللّه لهداهم كلما وحكما لمّا
----------
مبالغة أو ذو سحر أو كتاباهما (تظاهرا) تعاونا بالسحر أو الكتابان بتقوية كل للآخر والإسناد مجازي (وقالوا إنا بكل) منهما أو بكتابهما (كافرون قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما) من الكتابين (أتبعه إن كنتم صادقين) في قولكم (فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم) لا الحجة (ومن أضل) أي لا أضل (ممن اتبع هواه بغير هدى) حال أي ممنوع الألطاف (من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين) لا يلطف بهم لظلمهم (ولقد وصلنا لهم القول) أنزلنا عليهم القرآن متصلا بعضه في إثر بعض ليتصل الذكر أو متواصلا
ص: 217
وعد وأوعد ، أو المراد إرسال كلام اللّه وصلا وولاء (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ( 51 ) لصلاح مآلهم وسلام معادهم .
(الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) الطرس المرسل وهم مسلمو الهود ورهط روح اللّه (مِنْ قَبْلِهِ) كلام اللّه المرسل لمحمّد صلعم (هُمْ) أهل الطرس (بِهِ) كلام اللّه المرسل لمحمّد ( ص ) (يُؤْمِنُونَ) ( 52 ) لعلمهم سداد محمّد صلعم .
(وَإِذا يُتْلى) كلام اللّه (عَلَيْهِمْ) رهط أسلموا (قالُوا آمَنَّا بِهِ) سدادا وهو كلام اللّه ولا إعوار (إِنَّهُ الْحَقُّ) الأسدّ الأصح أرسل (مِنْ رَبِّنا) لإصلاح الكل وهو معلّل للإسلام له (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ) أمام إرساله (مُسْلِمِينَ) ( 53 ) لعلمهم سداده أوّلا .
(أُولئِكَ) أهل الطرس (يُؤْتَوْنَ) إعطاء (أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ) لإسلامهم طرسهم وكلام اللّه المرسل لمحمّد صلعم ، أو لإسلامهم كلام اللّه أمام إرساله ووراء إرساله (بِما صَبَرُوا) لوطودهم ورسوهم كل حال ، و « ما » للمصدر أو للموصول ، (وَ) الحال (يَدْرَؤُنَ) هو الدسع والردّ (بِالْحَسَنَةِ) العمل
----------
حججا وعبرا ومواعيد (لعلهم يتذكرون) إرادة أن يتعظوا .
(الذين ءاتيناهم الكتاب من قبله) قبل القرآن (هم به يؤمنون) نزلت في مؤمني أهل الكتاب أو في أربعين من مسلمي النصارى أقدموا من الحبشة ومن الشام (وإذا يتلى عليهم) القرآن (قالوا ءامنا به إنه الحق من ربنا) تعليل يبين موجب إيمانهم به (إنا كنا من قبله مسلمين) بيان لأن إيمانهم به متقادم قبل نزوله إذ وجدوا ذكره في كتبهم (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا) بصبرهم على الإيمان بالكتابين أو بالقرآن قبل نزوله وبعده أو على الإيمان وأذى
ص: 218
الصالح (السَّيِّئَةَ) العمل السوء أو المراد الحلم والحرد (وَمِمَّا) مال (رَزَقْناهُمْ) كرما وعطاء (يُنْفِقُونَ) ( 45 ) كما أمرهم اللّه وصلح لحالهم .
(وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ) لوم الأعداء (أَعْرَضُوا) صدّوا وعدلوا (عَنْهُ) ما حاوروهم (وَقالُوا) للأعداء (لَنا أَعْمالُنا) الحلم والسلم والإسلام (وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ) اللوم والحسد والصدود (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) كلام أوردوا لطرحهم ووداعهم سلما وسلاما عمّا هم معه (لا نَبْتَغِي) ولاء (الْجاهِلِينَ) ( 55 ) وأعمالهم .
ولمّا أردك عمّ رسول اللّه صلعم أهوال السام ، وورد رسول اللّه صلعم صدده ، وهو أمر رهطه طاوعوا محمّدا واسلموا له لمّا هو أسدّ كلاما واصعد أمرا ، وسمعه رسول اللّه ولامه لأمره رهطه للإسلام وإصراره للصدود والردّ ، وحاوره ، أعلم سدادك واكره لوم العوامّ ، أرسل اللّه (إِنَّكَ) محمّد ( ص ) (لا تَهْدِي) أصلا (مَنْ) كل أحد (أَحْبَبْتَ) هداه وإسلامه ولا حول لك (وَلكِنَّ اللَّهَ) هاد (يَهْدِي) كرما (مَنْ يَشاءُ) صلاحه (وَهُوَ) اللّه (أَعْلَمُ) عالم (بِالْمُهْتَدِينَ) ( 56 ) الصلحاء لهداه .
ولمّا صدّ رهط وما طاوعوا أو امر رسول اللّه صلعم إملاها لروع طردهم العدّال وطرح دورهم ولهم رموك الحرم وحوله ، أرسل اللّه (وَقالُوا) رهط
----------
الكفرة (ويدرءون بالحسنة السيئة) يدفعون بالطاعة المعصية أو بالحلم الجهل (ومما رزقناهم ينفقون) في فرض ونفل (وإذا سمعوا اللغو) السفه (أعرضوا عنه) حلما (وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم) متاركة لهم أو كلمة حلم (لا نبتغي الجاهلين) لا يزيد مخالطتهم (إنك لا تهدي من أحببت) لا تقدر على اللطف المقرب له إلى الإيمان (ولكن الله يهدي من يشاء) بلطفه
ص: 219
الأعداء (إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى) مسلك السداد (مَعَكَ) كما هو أمرك (نُتَخَطَّفْ) هو المعد والمعل والمراد صول الأعداء وسطوهم لهم (مِنْ أَرْضِنا) الحرم ، وأرسل اللّه ردا لهم (أَ) أهملوا (وَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ) ولم أحلّهم (حَرَماً) محلّا مكرما (آمِناً) أهله مكاره الأعداء وكوح اللصوص وعطوهم أموالهم (يُجْبى) هو اللمّ أو الحمل (إِلَيْهِ) الحرم (ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) كلّ حدّ (رِزْقاً) لهم ، وهو مصدر طرح عامله أو حال (مِنْ لَدُنَّا) كرما وعطاء ، ولو أسلموا ما حصل لهم إلّا كمال السلام (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) هؤلاء العدّال (لا يَعْلَمُونَ ) ( 57 ) لطلاح صدرهم ووكس دركهم ، ولو علموه أمر اللّه لعلموا الروع والسلام ممّا أمّره وأراده .
(وَكَمْ أَهْلَكْنا) عدلا (مِنْ) أهل (قَرْيَةٍ) حالهم كحالكم وسعا وسلاما (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) ما حمدوا آلاء اللّه ممّا أمره وعدلوا ، ودمّرهم اللّه وأهلكهم (فَتِلْكَ) الأطلال (مَساكِنُهُمْ) دورهم ومحالّهم أحسوها ادّكارا (لَمْ تُسْكَنْ) حال (مِنْ بَعْدِهِمْ) هلاكهم (إِلَّا قَلِيلًا) والحاصل ما حلّها وما
----------
(وهو أعلم بالمهتدين) القابلين للطف (وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا) نستلب منها بسرعة (أولم نمكن لهم حرما ءامنا) ذا أمن بحرمة البيت فهم آمنون فيه والعرب يتغاورون حولهم (يجبى) يجلب (إليه ثمرات كل شيء) من كل بلد (رزقا من لدنا) هذا وهم كفرة فكيف يسلبوا الأمن إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة الإسلام (ولكن أكثرهم لا يعلمون) لا يتأملون ليعلموا ذلك .
(وكم أهلكنا من قرية) أي أهلها (بطرت معيشتها) أي كانوا مثلكم في الأمن وسعة الرزق فبطروا فأهلكناهم (فتلك مساكنهم) خربة (لم تسكن من
ص: 220
ركدها إلّا الراحل ومار الصراط عصرا ماصلا (وَكُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ) ( 58 ) لمحالهم ، والمراد صاروا كلهم هلّاكا وله الدوام والملك سرمدا ، وهو كلام مهدّد لأهل أم الرّحم .
(وَما كانَ رَبُّكَ) الملك العدل (مُهْلِكَ) أهل (الْقُرى) دواما (حَتَّى يَبْعَثَ) إرسالا (فِي أُمِّها) أصلها ، ورووه مكسور الأول ، (رَسُولًا) لإعلاء الأدلّاء واعلام الأوامر والأحكام ، والمراد أمّ الرحم ومحمّد رسول اللّه صلعم (يَتْلُوا) درسا (عَلَيْهِمْ) لحسم المراء والإملاء (آياتِنا) كلام اللّه المرسل لهداهم (وَما كُنَّا) أصلا (مُهْلِكِي الْقُرى) إصرا (إِلَّا وَ) الحال (أَهْلُها ظالِمُونَ) ( 59 ) مصرو الحدل والطلاح .
(وَما أُوتِيتُمْ) إعطاء (مِنْ شَيْءٍ) مال وملك (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا) وسرور العمر الماصل وصلاحه ولا دوام له (وَزِينَتُها) المموه مرآها (وَما عِنْدَ اللَّهِ) المالك للكل (خَيْرٌ وَأَبْقى) أدوم (أَ فَلا تَعْقِلُونَ) ( 60 ) ما له الهلاك عمّا له الدوام .
(أَ) طاح العلم والعدل (فَمَنْ وَعَدْناهُ) كرما (وَعْداً حَسَناً) موعدا
----------
بعدهم إلا قليلا) من السكنى للمارة يوما أو ساعة (وكنا نحن الوارثين) لها منهم (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها) في أصلها التي هي توابعها (رسولا يتلوا عليهم ءاياتنا) لإلزام الحجة وفيه التفات (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) بالكفر وتكذيب الرسل .
(وما أوتيتم من شيء) من أعراض الدنيا (فمتاع الحيوة الدنيا وزينتها) تتمتعون به وتتزينون به أيام حياتكم الفانية (وما عند الله) وهو ثوابه (خير) في نفسه من ذلك (وأبقى) لأنه سرمد (أفلا تعقلون) ذلك فتؤثروا الخير الباقي .
ص: 221
محمودا وهو دارالسلام (فَهُوَ) الموعود له (لاقِيهِ) مدركه لا محال لما لا كسر لو عده (كَمَنْ) مرء (مَتَّعْناهُ) إعطاء (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) وهو مورد الهموم والإكدار ومحلّ العلل والآلام (ثُمَّ هُوَ) المرء (يَوْمَ الْقِيامَةِ) معادا (مِنَ الْمُحْضَرِينَ) ( 61 ) لإحصاء الأعمال وإعداد الآصار .
(وَ) ادّكر (يَوْمَ يُنادِيهِمْ) اللّه (فَيَقُولُ) مهدّدا لهم (أَيْنَ شُرَكائِيَ) كما هو وهمهم السوء (الَّذِينَ كُنْتُمْ) دار الأعمال (تَزْعُمُونَ) ( 62 ) هؤلاء سهماء .
(قالَ) الملأ (الَّذِينَ حَقَّ) صلح ولسم (عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) الكلام الموعد ؟ ؟ ؟ رهط الوسواس المارد أو رؤساء أهل العدول والطلاح ، اللهمّ (رَبَّنا هؤُلاءِ) الملأ (الَّذِينَ) هم الطوّع (أَغْوَيْنا) هم وسلكوا سوء الصراط (أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا) لا اكراه لهم (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا) سرّا (إِيَّانا يَعْبُدُونَ) ( 63 ) لما طاوعوا آمالهم والّهوا أهواءهم .
----------
(أفمن وعدناه وعدا حسنا) وهو الثواب الباقي (فهو لاقيه) مدركة لا محالة (كمن متعناه متاع الحيوة الدنيا) المنغص بالآلام (ثم هو يوم القيامة من المحضرين) للنار أي لا يستويان .
(ويوم) واذكر يوم (يناديهم) الله (فيقول) توبيخا لهم (أين شركائي الذين كنتم تزعمون) تزعمونهم شركائي (قال الذين حق) وجب (عليهم القول) الوعيد أي مقتضاه وهو العذاب (ربنا هؤلاء) مبتدأ (الذين أغوينا) خبره (أغويناهم) بالوسوسة فغووا باختيارهم غيا (كما غوينا) مثل غينا باختيارنا ولم نقرهم على الغي (تبرأنا إليك) منهم (ما كانوا إيانا يعبدون) وإنما كانوا يعبدون أهواءهم (وقيل ادعوا شركاءكم) من جعلتموه شركاء لله
ص: 222
(وَقِيلَ) للطاح (ادْعُوا) روموا (شُرَكاءَكُمْ) دماكم السهماء للّه كما هو وهمكم لدسع الآصار (فَدَعَوْهُمْ) لإمدادهم وإسعادهم وصاحوهم (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) دعاءهم (وَرَأَوُا) الرؤساء وطوّعهم (الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) ( 64 ) أوّل الأمر ، وحوار « لو » مطروح وهو لما رأوه معادا ، وورد لو للأمل والطمع المحال .
(وَ) ادّكر (يَوْمَ يُنادِيهِمْ) اللّه مهدّدا لأهل الصدود (فَيَقُولُ) اللّه (ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) ( 75 ) لهداكم .
(فَعَمِيَتْ) لكمال الهول (عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ) الأدلّاء أو الكلم عموما (يَوْمَئِذٍ) معادا (فَهُمْ) هؤلاء العدل (لا يَتَساءَلُونَ) ( 66 ) أحدهم أحدا حوار السؤال .
(فَأَمَّا مَنْ تابَ) هاد وآل عمّا عدل (وَآمَنَ) أسلم (وَعَمِلَ) عملا (صالِحاً) كما هو المأمور (فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ) الملأ (الْمُفْلِحِينَ)
----------
(فدعوهم فلم يستجيبوا لهم) دعاءهم (ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون) إلى إله الحق لما رأوه أو لعلموا أن العذاب حق أو تمنوا لو كانوا مهتدين .
(ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) تبكيت بتكذيبهم الرسل (فعميت عليهم الأنباء يومئذ) فصارت الأخبار كالعمى عليهم لا يهتدي إليهم فعجزوا عن الجواب (فهم لا يتساءلون) لا يسأل بعضهم بعضا عنه لدهشتهم إذ الرسل تذهل عن جواب مثل هذا السؤال فنكله إلى علمه تعالى فما ظنك بالضلال (فأما من تاب) من الشرك (وءامن وعمل صالحا) شفع الإيمان بالعمل (فعسى أن يكون من المفلحين) يومئذ وعسى وجوب من الله أو ترج من التائب .
ص: 223
( 67 ) كما وعد اللّه مآلا .
(وَرَبُّكَ) المالك (يَخْلُقُ ما يَشاءُ) كما هو الأصلح (وَيَخْتارُ) ما هو مراده لا مكره ولا رادّ له (ما) للإعدام (كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) وله الأمر لا لسواه (سُبْحانَ اللَّهِ) طهرا حراه عمّا وهمه الأعماء (وَتَعالى) علا علوّا كاملا (عَمَّا) الإله اللّاءوا (يُشْرِكُونَ) ( 68 ) معه أو عدلهم معه سواه و « ما » موصول أو للمصدر .
(وَرَبُّكَ) اللّه (يَعْلَمُ) كلّ (ما تُكِنُّ) هو الإسرار (صُدُورُهُمْ) أو المراد ؟ ؟ ؟ وحسدهم رسول اللّه صلعم (وَ) كلّ (ما يُعْلِنُونَ) ( 69 ) أو المراد ملاومهم رسول اللّه صلعم ، وكلامهم هلّا أرسل سواه .
(وَهُوَ) الأهل ؟ ؟ ؟ (اللَّهُ) لا سواه (لا إِلهَ) مألوه أصلا (إِلَّا هُوَ) اللّه وهو مؤكّد للكلام الأوّل (لَهُ) لا لسواه (الْحَمْدُ) كلّه (فِي) الدار (الْأُولى) دار الأعمال (وَ) الدار (الْآخِرَةِ) دارالسلام لمّا هو مول للالاء كلها حالا ومآلا ، وأهل الإسلام كما حمدوه حالا (وَلَهُ)
----------
(وربك يخلق ما يشاء ويختار) ما يشاء (ما كان لهم الخيرة) ليس لأحد من خلقه أن يختار عليه بل له الخيرة عليهم لعلمه بالمصالح (سبحان الله وتعالى عما يشركون) عن إشراكهم الحامل لهم أن يختاروا عليه ما لا يختار، وفيه رد على من جعل الإمامة باختيار الخلق (وربك يعلم ما تكن صدورهم) من عداوتك (وما يعلنون) من طعنهم فيك أو الأعم منهما (وهو الله) المعبود بالحق (لا إله إلا هو) لا معبود بحق غيره (له الحمد في الأولى) في الدنيا على نعمه الشاملة لخلقه (و) في (الآخرة) في الجنة على توفيقهم لما يوجب دخولها وءاخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين (وله الحكم) بين العباد خاص به (وإليه
ص: 224
وحده (الْحُكْمُ) الأمر (وَإِلَيْهِ) وحده (تُرْجَعُونَ) ( 70 ) معادا .
(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (أَرَأَيْتُمْ) اعلموا (إِنْ جَعَلَ اللَّهُ) لحكم وأسرار (عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ) المدلهم (سَرْمَداً) مداما وأصله السرد وهو الولاء (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) الموعود أمدا (مَنْ) هل (إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ) الواحد الأحد (يَأْتِيكُمْ) ح (بِضِياءٍ) لمع ، لا (أَ) طراء لكم الصمم (فَلا تَسْمَعُونَ) ( 71 ) سماع ادّكار .
(قُلْ) لهم (أَرَأَيْتُمْ) اعلموا (إِنْ جَعَلَ اللَّهُ) طولا وحكما (عَلَيْكُمُ النَّهارَ) اللامع (سَرْمَداً) دواما (إِلى) ورود (يَوْمِ الْقِيامَةِ) المعهود سطوعه (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ) الملك العدل (يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ) لروح الحواس وإصلاح الأرواح (أَ) دعاكم عماكم (فَلا تُبْصِرُونَ) ( 72 ) حكمه ومصالحه .
(وَمِنْ رَحْمَتِهِ) وكرمه (جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ )
----------
ترجعون) بالبعث .
(قل أرءيتم) أخبروني (إن جعل الله عليكم الليل سرمدا) دائما من السرد أي المتابعة (إلى يوم القيامة) بحبس الشمس تحت الأرض (من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون) سماع تعقل (قل أرءيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة) بحبسها فوق الأرض (من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه) للاستراحة من نصب العمل وقرن بالضياء أفلا تسمعون وبالليل (أفلا تبصرون) ولأن الضياء أكثر منافع من الظلام والسمع أكثر مدارك من البصر ومن ثم لم يصف الضياء بما يقابل وصف الليل (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه) في الليل (ولتبتغوا من فضله) في النهار بالكسب
ص: 225
لحصول الروح (وَلِتَبْتَغُوا) ما أعدّ لكم (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه كدحا وعملا (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( 73 ) آلاء اللّه وسطها .
(وَ) ادّكر (يَوْمَ يُنادِيهِمْ) اللّه كرّره مهوّلا لأهل الصد والعدول (فَيَقُولُ) اللّه (أَيْنَ شُرَكائِيَ) السّهماء (الَّذِينَ كُنْتُمْ) دار الأعمال (تَزْعُمُونَ) ( 74 ) هؤلاء السهماء للّه .
(وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ) رهط (شَهِيداً) عادلا وهو رسولهم لإعلاء حال الأمم (فَقُلْنا) لهم (هاتُوا) أوردوا (بُرْهانَكُمْ) لسداد أعمالكم وعلّلوا ما هو دعواكم (فَعَلِمُوا) أدركوا ح (أَنَّ الْحَقَّ) والسداد (لِلَّهِ) لا مساهم له أحد (وَضَلَّ) طاح وطمس (عَنْهُمْ) أهل الصدود (ما كانُوا يَفْتَرُونَ ) ( 75 ) أوّلا وهو ادعاء السهماء له .
(إِنَّ قارُونَ) اسم لمرء (كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى) وهو ولد عمّه (فَبَغى عَلَيْهِمْ) حدلا وعداء أو علوّا ووسعا للمال والأولاد (وَآتَيْناهُ) كرما وسماحا
----------
(ولعلكم تشكرون) ولإرادة شكركم على نعمه .
(ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون) كرر توبيخهم به إيذانا بأن لا شيء أسخط لله من الإشراك به (ونزعنا) أخرجنا (من كل أمة شهيدا) وهو نبيهم يشهد عليهم بما كان منهم (فقلنا) لهم (هاتوا برهانكم) على صحة ما كنتم عليه (فعلموا) حينئذ (أن الحق) في الإلهية (لله) وحده (وضل) غاب (عنهم ما كانوا يفترون) من الباطل (إن قارون كان من قوم موسى) ممن آمن به وكان ابن خالته أو ابن عمه (فبغى) تكبر (عليهم) بكثرة ماله وولده أو ظلمهم حين ولاه فرعون عليهم قبل ذلك (وءاتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه) جمع مفتح بالكسر وهو ما يفتح به
ص: 226
(مِنَ الْكُنُوزِ) الأموال (ما) موصول (إِنَّ مَفاتِحَهُ) السرد حملها (لَتَنُوأُ) وهو الإصر (بِالْعُصْبَةِ) الرهط (أُولِي الْقُوَّةِ) أهلها (إِذْ قالَ لَهُ) للمرء الحادل (قَوْمُهُ) هم أهل الإسلام ، وورد هو الرسول لإصلاح حاله (لا تَفْرَحْ) لمالك ووسعك (إِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يُحِبُّ) الرهط (الْفَرِحِينَ) ( 76 ) للحطام لمروره مسرعا .
(وَابْتَغِ) اسأل ورم (فِيما آتاكَ) أعطاك (اللَّهُ) مسامحا (الدَّارَ الْآخِرَةَ) الموعود سطوعها وأعط أموالك ، وحصّل صلاح معادك (وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ) سهمك (مِنَ) مال (الدُّنْيا) وهو ما حصل معه صلاح المعاد (وَأَحْسِنْ) للصلحاء العدماء عطاء وسماحا (كَما أَحْسَنَ اللَّهُ) وسمح (إِلَيْكَ) كرما (وَلا تَبْغِ الْفَسادَ) الطلاح سمودا وعلوا (فِي الْأَرْضِ) لعمل اصار ومعاص (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لا يُحِبُّ ) الرهط (الْمُفْسِدِينَ) ( 77 ) الطّلاح كلّهم لسوء أعمالهم .
(قالَ) الموسع لهم (إِنَّما) ما (أُوتِيتُهُ) المال إلا (عَلى عِلْمٍ)
----------
الغلق أو بالفتح وهو الخزانة (لتنوء بالعصبة) تثقل الجماعة الكثيرة (أولي القوة) وعدتهم قيل عشرة وقيل أربعون وقيل ستون (إذ قال له قومه لا تفرح) بطرا بمالك وسرورا بزخارف الدنيا (إن الله لا يحب الفرحين) تعليل للنهي (وابتغ) اطلب (فيما ءاتاك الله) من المال (الدار الآخرة) بإنفاقه في سبيل الله الموصلة إليها (ولا تنس) تترك (نصيبك من الدنيا) وهو أن تنال بها آخرتك أو اللذات المباحة (وأحسن) إلى الناس أو بشكر الله (كما أحسن الله إليك) في إنعامه عليك (ولا تبغ) تطلب (الفساد) أي الظلم والبغي (في الأرض إن الله لا يحب المفسدين) بغاة الفساد .
ص: 227
لكمال علم (عِنْدِي) وهو أعلم رهطه (أَ) ما سمع (وَلَمْ يَعْلَمْ) الموسع السامد (أَنَّ اللَّهَ) كامل الطول (قَدْ أَهْلَكَ) أعدم (مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ) الأمم (مَنْ هُوَ أَشَدُّ) وأحكم (مِنْهُ) الموسع (قُوَّةً) سطوا (وَأَكْثَرُ جَمْعاً) للمال أو رهطا وعددا (وَلا يُسْئَلُ) معادا لحصول العلم وهو عالم الكلّ (عَنْ ذُنُوبِهِمُ) وسوء أعمالهم (الْمُجْرِمُونَ) ( 78 ) الطّلاح لسطوع أحوالهم وإعلامهم .
(فَخَرَجَ) الموسع (عَلى قَوْمِهِ) مع رهطه (فِي زِينَتِهِ) الكساء الحمر مع حلاه (قالَ) الملأ (الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا) هم أهل الإسلام كلّموا أملا للوسع كما هو مرسوم ولد آدم ، أو أهل العدول والرد (يا لَيْتَ لَنا) مالا ووسعا (مِثْلَ ما) مال (أُوتِيَ قارُونُ) حالا (إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) ( 79 ) سهم كامل للمال .
----------
(قال إنما أوتيته) أي المال (على علم) حال أي على استحقاق له لعلمي الذي فضلت به على الناس وهو علمه بوجوه المكاسب أو بالكيمياء أو بالتوراة وكان أعلمهم بها (عندي) أي الأمر كذلك في رأيي وفي ظني (أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون) الأمم (من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا) للمال أي هو يعلم ذلك من التوراة وغيرها فلا يغتر بقوته وكثرة ماله فإن الله يهلكه كما أهلكهم (ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون) استعلاما لعلمه تعالى بها .
(فخرج على قومه في زينته) قيل خرج على بغلة شهباء عليها سرج من ذهب وعليه الأرجوان ومعه أربعة آلاف في زيه (قال الذين يريدون الحيوة الدنيا) من ضعيفي المؤمنين وقيل كانوا كفارا (يا) للتنبيه (ليت لنا مثل ما أوتي قارون) غبطة لا حسدا إذ تمنوا مثله لا عينه (إنه لذو حظ) بخت
ص: 228
(وَقالَ) لهم الملأ (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) عماء الإسلام (وَيْلَكُمْ) أصله الدعاء للهلاك والمراد الردع والرّد عمّا كره وساء وهو معمول عامل مطروح (ثَوابُ اللَّهِ) وهو ورود دارالسلام معادا (خَيْرٌ) ممّا أعطاه اللّه حالا (لِمَنْ آمَنَ) أسلم (وَعَمِلَ صالِحاً) أصلح أعماله (وَلا يُلَقَّاها) الكلام المسطور أو دارالسلام أو الإسلام والعمل الصالح (إِلَّا) الملا (الصَّابِرُونَ) ( 80 ) هم أمسكوا سرهم وحسّهم عما ساء وأطاعوا أوامر اللّه وأحكامه .
(فَخَسَفْنا بِهِ) لكمال طلاحه (وَبِدارِهِ الْأَرْضَ) سطوا وحردا (فَما كانَ لَهُ) للموسع (مِنْ فِئَةٍ) رهط أرداء (يَنْصُرُونَهُ) رحما لدسع اصار اللّه (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ) ( 81 ) أهل الإملاص ممّا حلّهم .
(وَأَصْبَحَ) صار الملأ (الَّذِينَ تَمَنَّوْا) ودّوا وهووا (مَكانَهُ) ملكه وملكه (بِالْأَمْسِ) عصرا مرّ مواما (يَقُولُونَ) لمّا رأوا هلاكه وعلموا السداد (وَيْكَأَنَّ) مرصّع ممّا مدلوله الهكر وما مدلوله الوهم ، أو ممّا مدلوله السدم وما مدلوله الوكود (اللَّهَ) أحكم الحكماء (يَبْسُطُ الرِّزْقَ) موسع المال والملك
----------
(عظيم) من الدنيا (وقال الذين أوتوا العلم) بأحوال الدارين (ويلكم) هلاكا لكم كلمة زجر (ثواب الله) في الآخرة (خير لمن ءامن وعمل صالحا) مما أوتي قارون بل مما في الدنيا (ولا يلقاها) أي الكلمة التي قالها العلماء والثواب لأنه بمعنى المثوبة أو الجنة (إلا الصابرون) على الطاعة وعن المعصية (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة) أعوان (ينصرونه من دون الله) يمنعونه من عذابه (وما كان من المنتصرين) الممتنعين منه (وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس) من قريب (يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده
ص: 229
(لِمَنْ) لكل أحد (يَشاءُ) وسعه (مِنْ عِبادِهِ) عموما (وَيَقْدِرُ) وهو حاصره لكل أحد مراد حصره وعسره (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ) الراحم (عَلَيْنا) والحاصل لولا رحمه حاصل (لَخَسَفَ) اللّه ، ورووه لا معلوما ، (بِنا) الرمكاء لصدور الردّ المكروه (وَيْكَأَنَّهُ) مرّ مدلوله (لا يُفْلِحُ) الأمم (الْكافِرُونَ) ( 82 ) أعداء الإسلام وردّاد الرسل وما وعد لهم معادا .
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) المسموع حالها المعلوم أمرها ، والمراد دارالسلام واسم الومء محكوم علاه محموله (نَجْعَلُها) أحكمها وأرسمها (لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ) أصلا (عُلُوًّا) سموا عدوا وحدلا (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء (وَلا فَساداً) عمل معاص أو إهلاك أحد أو دعاء لطوع إله سواه (وَالْعاقِبَةُ) المحمود حالها (لِلْمُتَّقِينَ) ( 83 ) إصر اللّه العمال للأعمال الصوالح .
كلّ (مَنْ جاءَ) المعاد (بِالْحَسَنَةِ) العمل المأمور (فَلَهُ) عدل (خَيْرٌ) أكمل (مِنْها) كرما ورحما (وَ) كلّ (مَنْ جاءَ) المعاد (بِالسَّيِّئَةِ) العمل المردود (فَلا يُجْزَى) الرهط (الَّذِينَ عَمِلُوا) الأعمال (السَّيِّئاتِ)
----------
ويقدر) يوسع لا لكرامة ويضيق لا لهوان بل بحسب الحكمة، قيل وي للتعجب وكان للتشبيه أي ما أشبه الحال بأن الله يبسط وقيل ويك بمعنى ويلك أي ويك اعلم أن الله (لو لا أن من الله علينا) فلم يعطنا مثله (لخسف بنا) كما خسف به (ويكأنه لا يفلح الكافرون) لنعمة الله أو به وبرسله (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض) تكبرا وقهرا (ولا فسادا) بغيا وظلما (والعاقبة) المحمودة (للمتقين) المعاصي .
(من جاء بالحسنة فله خير منها) فسر في آخر النمل (ومن جاء
ص: 230
صدد اللّه (إِلَّا) عدل (ما) عمل (كانُوا) دار الأعمال (يَعْمَلُونَ) ( 84 ) طلاحا .
(إِنَّ) اللّه (الَّذِي فَرَضَ) أرسل (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) (الْقُرْآنَ) الكلام المرسل أو أمرك درسه وإعلامه للعالم وعمل أوامره وأحكامه (لَرادُّكَ) مسرعا أو وراء الهلاك (إِلى مَعادٍ) أمّ الرّحم مولدك وهو محلّ محمود وعدك وروده سطوا وعلوّا لإعلاء أمرك وسطوع الإسلام وأهله ، أو العصر الموعود أمدا للعدل والعدل ، ولمّا وعد لرسوله الردّ للمعاد امر (قُلْ) لهم اللّه (رَبِّي أَعْلَمُ) كامل علم (مَنْ جاءَ بِالْهُدى) وهو محمّد رسول اللّه صلعم (وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ( 85 ) وكلّ صادّ طالح ساء مسلكه ، وهو مؤكّد للوعد الأوّل .
(وَما كُنْتَ) محمّد ( ص ) أوّلا (تَرْجُوا أَنْ يُلْقى) المراد الإرسال (إِلَيْكَ الْكِتابُ) كلام اللّه المرسل وما أرسل (إِلَّا رَحْمَةً) وعطاء (مِنْ رَبِّكَ) الراحم الأكرم لك (فَلا تَكُونَنَّ) أصلا (ظَهِيراً) ممدا وردءا
----------
بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات) وضع موضع فلا يجزون تقبيحا لحالهم بتكرير نسبة السيئة إليهم (إلا ما كانوا يعملون) إلا مثله وحذف المثل مبالغة في المماثلة (إن الذي فرض عليك القرآن) أوجب تلاوته وتبليغه وامتثال ما فيه (لرادك إلى معاد) عظيم الشأن في الرجعة أو في البعث أو هو مكة ورده إليها يوم الفتح (قل ربي أعلم من جاء بالهدى) وما يستوجبه (ومن هو في ضلال مبين) وما يستوجبه .
(وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتاب) القرآن (إلا) لكي ألقي إليك (رحمة من ربك) أو متصل إذ المعنى وما ألقي إليك إلا رحمة منك (فلا تكونن
ص: 231
(لِلْكافِرِينَ) ( 86 ) دمّرهم اللّه .
(وَلا يَصُدُّنَّكَ) الصدود العدول ، ورووا ما أصله أصد (عَنْ) سماع (آياتِ اللَّهِ) وعملها والمراد كلام اللّه (بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ) وراء عصر الإرسال هلاك (وَادْعُ) ورم ولد آدم (إِلى) طوع أو أمر (رَبِّكَ) الواحد الأحد (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) ( 87 ) لإسعادهم .
(وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ) الأحد (إِلهاً آخَرَ) ولا مساهم له ورد الكلام مع الرسول صلعم والمراد أهل الإسلام (لا إِلهَ) حد للطوع (إِلَّا هُوَ) الواحد الصمد (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ) طار له العدم (إِلَّا وَجْهَهُ) والمراد هو اللّه وله الدوام ، وورد المراد علم العلماء (لَهُ الْحُكْمُ) والأمر العالم وهو الحاكم كما أراد (وَإِلَيْهِ) وحده (تُرْجَعُونَ) ( 88 ) معاد الإحصاء صوالح الأعمال وطوالحها والعمل معكم عدلا ، ورووه معلوما .
----------
ظهيرا) معينا (للكافرين) على مرادهم وهو وما بعده تهييج (ولا يصدنك) أي الكافرون عن آيات الله عن تلاوتها واتباعها (بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك) إلى توحيده وعبادته (ولا تكونن من المشركين) بإعانتهم .
(ولا تدع مع الله إلها ءاخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه) إلا ذاته وعنهم (عليهم السلام) إلا وجهه الذي يؤتى منه وهو حججه ونحن وجهه، فالمراد بالهلاك ما يجر إلى الضلال والعذاب (له الحكم) القضاء النافذ (وإليه ترجعون) للجزاء.
ص: 232
ص: 233
ص: 234
( سورة العنكبوت )
موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
الوصاء لطلوع الوالد والأمّ ، ولوم أهل الولع ، وهول لوط رهطه الطّلاح وردعهم عمّا لاطوا وعملوا السوء ، وإهلاك اللّه لهم ، وردع ما صلّوا عمّا عملوا سوء ومكروها ، وإعلام المسلك الصالح للمراء مع الأعداء ، وروم أهل الصدود ورود انصر إسراعا ، واعلام هلاك كلّ أحد ، والوعد لأهل الإسلام لالاء المعاد وإعلاء هلاك الدار الحال ، ووراء المعاد لإهلاك ولا عدم ، وإعلام علو الحرم المكرّم وامداد اللّه لأهل الطوع والإسلام .
ص: 235
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ألم) (1) المطموس مدلوله سرّا وصدرا لمحمّد رسول اللّه صلعم .
(أَحَسِبَ) وهم (النَّاسُ) ولد آدم (أَنْ يُتْرَكُوا) طرحهم وسراحهم (أَنْ يَقُولُوا) حسّا وسرّا (آمَنَّا) للّه ولرسوله وللمعاد وسواهم (وَ) الحال (هُمْ لا يُفْتَنُونَ) ( 2 ) والحاصل أو هموا سراحهم سلاما أمام وصولهم المعاسر والمكاره .
(وَلَقَدْ فَتَنَّا) محصّ الأمم (الَّذِينَ) مروا (مِنْ قَبْلِهِمْ) وأوصلوا صروع الكأداء (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ) حال وصول الكأداء الملأ (الَّذِينَ صَدَقُوا) وأسلموا سدادا وصاروا صلحاء وليعلمن اللّه الملأ (الْكاذِبِينَ) ( 3 )
----------
(29 سورة العنكبوت تسع وستون آية مكية وقيل إلا عشرا من أولها)
بسم الله الرحمن الرحيم
(الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم لا يفتنون) أي حسبوا تركهم غير ممتحنين لقولهم آمنا (ولقد فتنا الذين من قبلهم) امتحناهم فهي سنة جارية في الأمم (فليعلمن الله الذين صدقوا) في إيمانهم أي ليتعلق علمه به موجودا (وليعلمن الكاذبين) في إيمانهم أي ليتعلق
ص: 236
الولّاع الطّلاح الردّاد لما أمر اللّه ، والمراد العلم حال الحصول لعموم أصل العلم الكلّ .
(أَمْ حَسِبَ) وهم الرهط (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) طوالح الأعمال (أَنْ يَسْبِقُونا) إملاصهم ممّا الحكم العدل (ساءَ ما) حكما (يَحْكُمُونَ) ( 4 ) أو ساء الحكم حكمهم .
(مَنْ كانَ يَرْجُوا) وهو الأمل أو الروع (لِقاءَ اللَّهِ) معادا والمراد وصول ما وعده اللّه وأوعد (فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ) المعهود المسدّد (لَآتٍ) وارد كما هو الموعود لا محال (وَهُوَ) اللّه (السَّمِيعُ) للكلام (الْعَلِيمُ) ( 5 ) للمرام .
(وَمَنْ جاهَدَ) كدّ للعماس (فَإِنَّما) ما (يُجاهِدُ) إلّا (لِنَفْسِهِ) لحصول صلاح مآله لا لصلاح اللّه (إِنَّ اللَّهَ) المالك للكلّ (لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) ( 6 ) وصلاح أعمالهم ، وما أمر وردع إلّا للرحم والصّلاح لهم .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) حصّلوا
----------
علمه به موجودا فيه، وعن علي والصادق (عليهما السلام) فليعلمن من الإعلام أي ليعرفنهم الناس أو ليسمهم بعلامة يعرفون بها كبياض الوجوه وسوادها .
(أم) بل (حسب الذين يعملون السيئات) الكفر والمعاصي (أن يسبقونا) أن يفوتونا فنعجز عن الانتقام منهم (ساء ما يحكمون) حكمهم هذا (من كان يرجو لقاء الله) يأمل الوصول إلى ثوابه أو يخاف العاقبة من الموت والبعث والجزاء (فإن أجل الله) الوقت الموقت للقائه (لآت) فليسارع إلى ما يوجب الثواب ويبعد من العقاب (وهو السميع) للأقوال (العليم) بالأفعال (ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه) لأن فائدته لها (إن الله لغني عن العالمين) وعن طاعتهم وإنما كلفهم لمنفعتهم .
ص: 237
صوالح الأعمال (لَنُكَفِّرَنَّ) وهو الدس والمحو (عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) طوالح أعمالهم للإسلام والهود (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ) معادا (أَحْسَنَ) أحمد عدل العمل (الَّذِي كانُوا) حال سدادهم وإسلامهم (يَعْمَلُونَ) ( 7 ) وهو أداء الأوامر كما هو .
(وَوَصَّيْنَا) حكمه حكم الأمر مدلولا (الْإِنْسانَ) وهو سعد (بِوالِدَيْهِ حُسْناً) عملا محمودا (وَإِنْ جاهَداكَ) الوالد والأمّ (لِتُشْرِكَ بِي) عصرا ما (ما) مألوها (لَيْسَ لَكَ بِهِ) سداده وصحّه (عِلْمٌ) أورد عدم العلم وأراد عدم المعلوم (فَلا تُطِعْهُما) لعمل الحرام وأطعهما لأمر الحلال (إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ) معادكم أمد الأمر (فَأُنَبِّئُكُمْ) أعلمكم حال أداء عدل عمل الأوامر والأحكام (بِما) عمل (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ( 8 ) ممّا صلح وطلح .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) حصّلوا صوالح الأعمال (لَنُدْخِلَنَّهُمْ) لأوردهم لا محال (فِي) الملأ (الصَّالِحِينَ) ( 9 ) والصلاح أكمل المحامد والمكارم لأهل الإسلام وهو
----------
(والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم) السابقة من الكفر والمعاصي بالإيمان والعمل (ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون) بأحسن جزائه (ووصينا الإنسان بوالديه حسنا) أمرناه بإيلائهما فعلا ذا حسن أو ما هو في ذاته حسن مبالغة أو قلنا له أحسن بهما حسنا (وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) في ذلك إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (إلي مرجعكم) بركم وفاجركم (فأنبئكم بما كنتم تعملون) بالجزاء عليه (والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين) في جملتهم أو في مدخلهم إلى الجنة .
ص: 238
مدعوّ الرسل أو المراد لاوردهم إسلاما لا محال مورد الصلحاء وهو دارالسلام .
(وَمِنَ النَّاسِ) الأعداء (مَنْ يَقُولُ) حسّا وولعا (آمَنَّا) إسلاما (بِاللَّهِ) الواحد (فَإِذا أُوذِيَ) مسّه ألم (فِي) صراط (اللَّهِ) لإسلامهم (جَعَلَ) علم وعدّ (فِتْنَةَ النَّاسِ) ألم أهل العدول ولومهم للإسلام (كَعَذابِ اللَّهِ) وإصره وطرح الإسلام وحصل له الروع (وَلَئِنْ جاءَ) لأهل الإسلام (نَصْرٌ) مال وعطاء (مِنَ) كرم (رَبِّكَ) وسماحه (لَيَقُولُنَّ) طمعا للمال (إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) طوعا لكم أعطوا السهام (أَ) حصر علم اللّه (وَلَيْسَ اللَّهُ) الملك العلّام (بِأَعْلَمَ) والحاصل هو أعلم (بِما) سرّ وساو وصلاح وطلاح (فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) ( 10 ) طرّا وصدور هؤلاء الولّاع مملوّ السوء والطلاح .
(وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ) أعمال الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَلَيَعْلَمَنَّ) أحوال الرهط (الْمُنافِقِينَ) ( 11 ) وحالهما ساطع للّه وكلاهما سواء له علما وهو واعد لأهل الإسلام ، وموعد لأهل الولع والمكر .
(وَقالَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) وصدّوا عمّا أمروا (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وأمروهم (اتَّبِعُوا) طاوعوا (سَبِيلَنا) سلوكا واطرحوا طوع محمّد
----------
(ومن الناس من يقول ءامنا بالله) بلسانه (فإذا أوذي في الله) أذاه الكفار (جعل فتنة الناس) أذاهم له صارفا عن الإيمان (كعذاب الله) الصارف عن الكفر (ولئن جاء نصر من ربك) فتح لكم (ليقولن إنا كنا معكم) في الدين تقية ولتشركوهم إن غنمتم، والتوحيد والجمع للفظ من ومعناها (أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين) من إيمان ونفاق (و ليعلمن الله الذين ءامنوا) بإخلاص (وليعلمن المنافقين) فيجازي الحزبين .
ص: 239
صلعم (وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) اصاركم ومعارّكم لو سطح عدم سداده ، وهو كلام رؤساء الحمس لأهل الإسلام (وَ) الحال (ما هُمْ) الأعداء (بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ) ما هم حمّالا لطوالحهم (مِنْ شَيْءٍ) أصلا (إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) ( 12 ) كلاما ووعدا .
(وَلَيَحْمِلُنَّ) هؤلاء الأعداء معادا (أَثْقالَهُمْ) أحمال آصارهم (وَأَثْقالًا) لسواهم (مَعَ أَثْقالِهِمْ) مع عدم وكس آصارهم (وَلَيُسْئَلُنَّ) الطّلاح وطوّعهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) معادا (عَمَّا) عمل (كانُوا يَفْتَرُونَ) ( 13 ) للطلاح
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) إكراما (نُوحاً) رسولا (إِلى قَوْمِهِ) لإصلاحهم (فَلَبِثَ) طال عمره (فِيهِمْ) ودعاهم لطوع اللّه وحده (أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) كاملا ، وورد هو أطول الرسل عمرا ، وهو كلام مسلّ لرسول اللّه صلعم عمّا أوصله الأعداء وأولموه (فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ) أحاطهم الماء ، وهو كلّ مكروه عمّ الكلّ (وَهُمْ) كلّهم (ظالِمُونَ) ( 14 ) عدلوا عمّا أمروا .
(فَأَنْجَيْناهُ) الرسول (وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ) أولاده ساما وحاما
----------
(وقال الذين كفروا للذين ءامنوا اتبعوا سبيلنا) ديننا (ولنحمل خطاياكم) بذلك إن كانت (وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء) و(إنهم لكاذبون) في ضمانهم حملها (وليحملن أثقالهم) أوزارهم أنفسهم (وأثقالا) آخر (مع أثقالهم) وهي أوزار من أضلوه من غير أن ينقص من وزره شيء (وليسألن يوم القيامة) تقريعا (عما كانوا يفترون) من الكذب .
(ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه) على رأس أربعين (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) يدعوهم إلى الله ولا يجيبونه (فأخذهم الطوفان وهم
ص: 240
واعراسهما وسواهم معدودا وحملهم معه (وَجَعَلْناها آيَةً) علما وإعلاما (لِلْعالَمِينَ) ( 15 ) لادّكارهم .
(وَ) ادّكر (إِبْراهِيمَ) الرسول ، ورووه محكوما علاه محموله مطروح (إِذْ قالَ) ودعا (لِقَوْمِهِ) طرّا (اعْبُدُوا اللَّهَ) وحّدوه وطاوعوه (وَاتَّقُوهُ) روعوا إصره (ذلِكُمْ) الطّوع والروع (خَيْرٌ لَكُمْ) ممّا هو عملكم (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ( 16 ) صلاحكم وطلاحكم .
(إِنَّما) ما (تَعْبُدُونَ) لسوء درككم (مِنْ دُونِ اللَّهِ) الواحد الأحد إلّا (أَوْثاناً) إلها عواطل (وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً) ولعا ولهوا لمّا سمّوا كلّ واحد إلها وادّعوا إمدادهم صدد اللّه (إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ تَعْبُدُونَ) طوعا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (لا يَمْلِكُونَ) هؤلاء العواطل (لَكُمْ) أهل العدول (رِزْقاً) والمالك هو اللّه وحده لا دماكم ، وهو مصدر والمراد أصله والمأكول وأعداله (فَابْتَغُوا) روموا واسألوا (عِنْدَ اللَّهِ) لا ما سواه (الرِّزْقَ) كله (وَاعْبُدُوهُ) وحّدوه وطاوعوه (وَاشْكُرُوا لَهُ) لاعطاء الآلاء (إِلَيْهِ) اللّه
----------
ظالمون) بكفرهم (فأنجيناه) أي نوحا (وأصحاب السفينة) من ركبوا معه فيها وهم ثمانون أو أقل وعاش بعد ذلك ستين (وجعلناها) أي السفينة أو القصة (ءاية للعالمين) يعتبرون بها .
(وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم) من شرككم (إن كنتم تعلمون) الخير والشر (إنما تعبدون من دون الله أوثانا) جمادات (وتخلقون إفكا) تكذبون كذبا (إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا) لا يقدرون أن يرزقوكم شيئا من الرزق (فابتغوا عند الله الرزق) كله
ص: 241
(تُرْجَعُونَ) ( 17 ) معادا ، ورووه معلوما .
(وَإِنْ تُكَذِّبُوا) رسولكم (فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ) رسلهم (مِنْ قَبْلِكُمْ) ورأوا ما رأوا (وَما) لسم (عَلَى الرَّسُولِ) المسدد (إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) ( 18 ) الإعلام الساطع .
(أَ) عموا (وَلَمْ يَرَوْا) والمراد رأوا وعلموا (كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ) المالك (الْخَلْقَ) أوّلا (ثُمَّ يُعِيدُهُ) كما صوّر وأسر (إِنَّ ذلِكَ) ما صوّر أوّلا وأعاد أمدا (عَلَى اللَّهِ) كامل الطول (يَسِيرٌ) ( 19 ) ماصل وسهل .
(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (سِيرُوا) اسلكوا (فِي) سطح (الْأَرْضِ) كما هو سلوك أهل العلم والحال (فَانْظُرُوا) واعلموا (كَيْفَ بَدَأَ) اللّه (الْخَلْقَ) مع صروع أحوالهم وأطوار أعمالهم (ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ) ورووه مع المد (الْآخِرَةَ) معادا (إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) ممّا أسر وأعاد (قَدِيرٌ) ( 20 ) كامل طول .
----------
فإنه المالك له (واعبدوه) وحده تأدية له (واشكروا له) استزادة لفضله أو استعدوا للقائه بهما فإنكم (إليه ترجعون وإن تكذبوا) تكذبوني (فقد كذب أمم من قبلكم) رسلهم فلم يضروهم بل ضروا أنفسهم فكذا أنتم (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) التبليغ البين .
(أولم يروا) بالياء والتاء (كيف يبديء الله) بضم أوله يبدأ (الخلق) من العدم (ثم يعيده) كما أبدأه (إن ذلك) المذكور من الإبداء والإعادة (على الله يسير) إذا أراده كان (قل سيروا في الأرض) حكاية قوله تعالى لإبراهيم أو محمد (فانظروا كيف بدأ الخلق) للمواليد الثلاثة وغيرها (ثم الله ينشىء النشأة الآخرة) بعد الأولى (إن الله على كل شيء قدير) فيقدر على
ص: 242
(يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) إصره (وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ) رحمه (وَإِلَيْهِ) اللّه (تُقْلَبُونَ) ( 21 ) وهو مردّكم ومعادكم أمدا .
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) إلهكم عمّا أدرككم (فِي الْأَرْضِ) الموسع سطحها (وَلا فِي السَّماءِ) الأوسع دورها (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (مِنْ وَلِيٍّ) مولاكم لإمدادكم (وَلا نَصِيرٍ) ( 22 ) لعولكم وإصركم لما حلّ لكم .
(وَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ) أدلّاء طوله وكماله ، أو طروسه (وَلِقائِهِ) معادا (أُولئِكَ يَئِسُوا) حرموا (مِنْ) وصول (رَحْمَتِي) دارالسلام (وَأُولئِكَ) الردّاد (لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 23 ) مولم لكمال طلاحهم .
(فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) لمّا دعاهم للإسلام (إِلَّا أَنْ قالُوا اقْتُلُوهُ) كلّم أحدهم لأحد حسدا وعداء (أَوْ حَرِّقُوهُ) وسعّروه (فَأَنْجاهُ اللَّهُ) الملك السلام (مِنَ النَّارِ) ومكروهها لمّا طرحوه وأعدم حرّها (إِنَّ فِي ذلِكَ )
----------
النشأتين (يعذب من يشاء) تعذيبه (ويرحم من يشاء) رحمته (وإليه تقلبون) تردون (وما أنتم بمعجزين) الله عن إدراككم لو هربتم عن حكمه (في الأرض) الفسيحة (ولا في السماء) التي هي أفسح منها ولو تحصنتم في أعماق الأرض أو في القلاع الذاهبة في السماء (و ما لكم من دون الله من ولي) يمنعكم منه (ولا نصير) يدفع عنكم عذابه .
(والذين كفروا بآيات الله) دلائله أو كتبه (ولقائه) البعث (أولئك يئسوا من رحمتي) لإنكارهم البعث والجزاء أو يئسون منها يوم القيامة وعبر بالماضي لتحققه (وأولئك لهم عذاب أليم) مؤلم (فما كان جواب قومه) قوم إبراهيم (إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه) فألقوه في النار (فأنجاه)
ص: 243
عملهم وسلامه (لَآياتٍ) أعلام لكمال طوله (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 24 ) لمحامد مآلهم .
(وَقالَ) الرسول لرهطه (إِنَّمَا) « ما » للمصدر أو موصول (اتَّخَذْتُمْ) طوعا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (أَوْثاناً) مآله (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) لودادكم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) والعمر الماصل (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود وروده (يَكْفُرُ) ردّا (بَعْضُكُمْ) المطاع (بِبَعْضٍ) أطاعه (وَيَلْعَنُ) طردا (بَعْضُكُمْ) المطواع (بَعْضاً) إماما ورأسا (وَمَأْواكُمُ) معادكم ومحلكم (النَّارُ) لا سواها (وَما لَكُمْ) حال ورودكم المسعر (مِنْ ناصِرِينَ) ( 25 ) لإمدادكم .
ولمّا سلّم الرسول اسلم له لوط كما ورد (فَآمَنَ) أسلم (لَهُ لُوطٌ) الرسول ، وهو أوّل مرء أسلم له أحد رهطه وأهل أرحامه (وَقالَ) الرسول للوط (إِنِّي مُهاجِرٌ) مراحل (إِلى) أمر (رَبِّي) الواحد الأحد والأمر أمره (إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ) كامل السطو لا سواه (الْحَكِيمُ) ( 26 ) كامل الحكم .
----------
فنجاه (الله من النار) بجعلها بردا وسلاما عليه (إن في ذلك) في إنجائه (لآيات) منها منعه من حرها وسرعة إخمادها مع عظمها وجعل مكانها روضا وعدم تضرره بالرمي (لقوم يؤمنون) لأنهم المتفكرون فيها .
(وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحيوة الدنيا) أي لتوادوا بينكم لاجتماعكم عليها (ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) أي يقوم التعادي والتلاعن بين العبدة أو بينهم وبين أوثانهم ويكونون عليهم ضدا (ومأواكم النار وما لكم من ناصرين) يدفعونها عنكم (فآمن له لوط) هو ابن أخته وأول مؤمن به (وقال إني مهاجر) من قومي (إلى ربي) إلى حيث أمرني ربي (إنه هو العزيز) في
ص: 244
(وَوَهَبْنا) كرما ورحما (لَهُ إِسْحاقَ) ولدا (وَيَعْقُوبَ) ولد ولد (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ) أولاده (النُّبُوَّةَ) الألوك والإكمال (وَالْكِتابَ) صرع الطرس المرسل (وَآتَيْناهُ) إعطاء (أَجْرَهُ فِي) الدار (الدُّنْيا) المدح العامّ والاسم الساطع ووداد أهل الملل له ، أو الولد الصالح (وَإِنَّهُ فِي) الدار (الْآخِرَةِ لَمِنَ) الملأ (الصَّالِحِينَ) ( 27 ) والصلاح أحمد المكارم وأكرمها .
(وَ) ادّكر (لُوطاً) الرسول (إِذْ قالَ) مهدّدا (لِقَوْمِهِ) رهطه الطّلاح (إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ) اللواط (ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ) ما لاط أحد أمامكم وما مرّ مساهم لعملكم السوء وأمركم المعكوس (مِنَ الْعالَمِينَ) ( 28 ) أصلا .
(أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ) مسّا ومصدا (وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) إهلاكا وعطو مال كما هو عمل حسّام الصراط ، أو مسلك الولد ، أو العام (وَتَأْتُونَ فِي
----------
سلطانه (الحكيم) في صنعه .
(ووهبنا له إسحق) ولدا (ويعقوب) نافلة من هرمين ولذا خصا بالذكر (وجعلنا في ذريته النبوة) فكل نبي بعده منهما (والكتاب) أي جنسه فيعم الكتب الأربعة (وءاتيناه أجره في الدنيا) وهو الذرية الطيبة وثناء كل الأمم عليه (وإنه في الآخرة لمن الصالحين) أولي الدرجات العلا .
(ولوطا) عطف على إبراهيم (إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة) الفعلة الشنعاء (ما سبقكم بها من أحد من العالمين إنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل) باعتراض المارة بالقتل وأخذ المال أو بالفاحشة أو تقطعون سبيل النسل بإتيان الرجال دون النساء (وتأتون في ناديكم) هو المجلس ما دام
ص: 245
نادِيكُمُ ) محلّكم ومأواكم العمل (الْمُنْكَرَ) كالإسماع واللّهو المحرّم كطرح الحصا وسواه (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ) لكلام رسولهم (إِلَّا أَنْ قالُوا) كلامهم (ائْتِنا بِعَذابِ اللَّهِ) إصره الموعود (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) ( 29 ) أهل السداد وعدا ، أو ادّعاء للألوك .
(قالَ) الرسول دعاء (رَبِّ انْصُرْنِي) وأورد الإصر والهلاك (عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) ( 30 ) رهط الطلاح .
(وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا) الأملاك (إِبْراهِيمَ) الرسول (بِالْبُشْرى) لولود الولد (قالُوا) للرسول (إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ) اسمها سدوم (إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ) ( 31 ) اصرار وهو معلّل لإهلاكهم .
(قالَ) الرسول (إِنَّ فِيها لُوطاً) وهو رسول صالح ما صلح للإهلاك (قالُوا) الأملاك (نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها) أرادوا لوطا (لَنُنَجِّيَنَّهُ) لوطا (وَأَهْلَهُ) كلّهم (إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ) الرهط (الْغابِرِينَ) ( 32 ) مع دوام
----------
أهله فيه (المنكر) كالضراط أو اللواط وكشف العورة وغير ذلك (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا) استهزاء (ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين) في استفحاش ذلك (قال رب انصرني على القوم المفسدين) بقبائحهم وسنها في الناس .
(ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى) بالبشارة بإسحق ويعقوب بعده (قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية) وهي سدوم (إن أهلها كانوا ظالمين) بالكفر والمعاصي (قالوا إن فيها لوطا) جدال لهم بأن فيها من لا يظلم إشفاقا عليه (قالوا نحن أعلم بمن فيها) أخبر بحاله أو حال قومه (لننجينه) بالتخفيف والتشديد (وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين)
ص: 246
الآلام والآصار .
(وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا) الأملاك (لُوطاً) الرسول (سِيءَ بِهِمْ) ساءه ورودهم لعداء الرهط وطلاحهم (وَضاقَ) لوط (بِهِمْ ذَرْعاً) وحصر صدره ووسعه لإصلاح أمرهم (وَقالُوا) لمّا رأوا علم الهمّ والرّوع (لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ) لهلاكهم وصر مسرورا وسارّا لأهلك (إِنَّا مُنَجُّوكَ) مسلّموك (وَأَهْلَكَ) كلّهم (إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ) الطّلاح (الْغابِرِينَ) ( 33 ) أهل الآصار والآلام .
(إِنَّا مُنْزِلُونَ) إرسالا (عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً) إصرا (مِنَ السَّماءِ) عالم العلو (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) ( 34 ) لطلاحهم وعدولهم عمّا أمر اللّه ورسوله .
(وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها) سدوم (آيَةً بَيِّنَةً) أطلال دورهم أو الماء الأسود (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ( 35 ) مآل الأمور ومعاد الأحوال .
----------
الباقين في العذاب .
(ولما أن) زيدت للتأكيد (جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) اغتم بسببهم إذ جاءوا في صورة غلمان أضياف فخاف عليهم قومه (وضاق بهم ذرعا) صدرا كناية عن فقد الطاقة (وقالوا لا تخف ولا تحزن) فنحن رسل ربك (إنا منجوك) بالتخفيف والتشديد (وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون) بالتخفيف والتشديد (على أهل هذه القرية رجزا) عذابا (من السماء بما كانوا يفسقون) بسبب فسقهم.
(ولقد تركنا منها آية بينة) هي آثار المنازل الخربة أو قصتها أو بقية الحجارة والماء الأسود (لقوم يعقلون).
ص: 247
(وَ) أرسل اللّه (إِلى) أهل (مَدْيَنَ) اسم مصر (أَخاهُمْ شُعَيْباً) الرسول (فَقالَ) مهدّدا (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وحّدوه وطاوعوه (وَارْجُوا) أمّلوا وارصدوا (الْيَوْمَ الْآخِرَ) وآلاءه ومسارّه مع صوالح الأعمال ، أو المراد روعوه وأهواله (وَلا تَعْثَوْا) وهو أصل الطلاح (فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) ( 36 ) عمّادا للطلاح .
(فَكَذَّبُوهُ) وما سدّدوا كلامه وما سمعوا أوامره طوعا (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) الحراك أو عرك الملك المرسل ، والمراد أهلكوا (فَأَصْبَحُوا) صاروا (فِي دارِهِمْ) مصرهم أو دورهم ومحالهم ومراكدهم (جاثِمِينَ) ( 37 ) هلّاكا .
(وَ) أهلك اللّه عاداً رهط هود (وَثَمُودَ) رهط صالح (وَقَدْ تَبَيَّنَ) لاح (لَكُمْ) أهل أمّ الرّحم هلاكهم (مِنْ) رسوم (مَساكِنِهِمْ) وأطلال دورهم لمّا حصل مروركم محالهم (وَزَيَّنَ) سوّل (لَهُمُ الشَّيْطانُ) المارد المطرود (أَعْمالَهُمْ) ضروع اصار ومعاص (فَصَدَّهُمْ) وأعماهم
----------
( وإلى مدين) وأرسلنا لهم (أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر) واعملوا ما ترجون به ثوابه فأقيم الرجاء مقام سببه أو خافوه (ولا تعثوا) تعتدوا (في الأرض مفسدين) حال مؤكدة (فكذبوه فأخذتهم الرجفة) الزلزلة أو صيحة جبرائيل (فأصبحوا في دارهم جاثمين) صرعى على وجوههم .
(وعادا) وأهلكنا عادا (وثمود) بالصرف وتركه بمعنى الحي أو القبيلة (وقد تبين لكم من مساكنهم) بعضها أو إهلاكهم من جهتها عند مروركم بها (وزين لهم الشيطان أعمالهم) كفرهم ومعاصيهم (فصدهم عن السبيل) سبيل
ص: 248
(عَنِ السَّبِيلِ) السواء المأمور سلوكه وهو الإسلام والطوع للّه ورسله (وَكانُوا) وسط أوهامهم (مُسْتَبْصِرِينَ) ( 38 ) أهل العلم والدرك .
(وَ) أهلك (قارُونَ) وهو موصول مع عاد (وَفِرْعَوْنَ) ملك مصر (وَهامانَ) كلّهم (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى) رسول اللّه (بِالْبَيِّناتِ) دوالّ إرساله وإعلام كماله (فَاسْتَكْبَرُوا) سمدوا (فِي الْأَرْضِ) طلاحا وحدلا (وَما كانُوا سابِقِينَ) ( 39 ) اللّه والمراد ما اسطاعوا الإمّلاص وأدركهم أمر اللّه .
(فَكُلًّا) كلهم (أَخَذْنا) سطوا (بِذَنْبِهِ) وعمله السوء (فَمِنْهُمْ) هؤلاء الطّلاح (مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ) إهلاكا (حاصِباً) صرصرا ممطرا للحصا ، أو ملكا رماها لهم كرهط عاد ولوط (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) وصار هالكا كرهط صالح (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) وهو ولد عمّ رسول الهود (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) ماء وداماء وهو رهط أطول الرسل عمرا وملك مصر مع عسكره وطوّعه (وَما كانَ اللَّهُ) العدل (لِيَظْلِمَهُمْ) والمراد إصره مع عدم عملهم السوء (وَلكِنْ كانُوا) هؤلاء الردّاد (أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ( 40 )
----------
الحق (وكانوا مستبصرين) متمكنين من النظر ولكن لم ينظروا .
(وقارون) وأهلكنا قارون ولعله قدم لنسبه (وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين) فائتين أمرنا بل أدركهم (فكلا) من المذكورين (أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا) ريحا عاصفا فيها حصباء كقوم لوط (ومنهم من أخذته الصيحة) كثمود ومدين (ومنهم من خسفنا به الأرض) كقارون (ومنهم من أغرقنا) كقوم نوح وفرعون وقومه (وما كان الله ليظلمهم) بالإهلاك (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) بالإشراك .
ص: 249
طلاحا وإطلاحا .
(مَثَلُ) الملأ (الَّذِينَ اتَّخَذُوا) عطوا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (أَوْلِياءَ) وهم دماهم (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) لا مدار له (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ) أوهاها (لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ) مؤسّس الهوامّ (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ( 41 ) أصول أحوالهم لعلموا وهاء أعمالهم .
(إِنَّ اللَّهَ) العلّام (يَعْلَمُ) كلّ (ما) للموصول أو للمصدر أو للسؤال (يَدْعُونَ) طوعا (مِنْ دُونِهِ) سواه (مِنْ شَيْءٍ) ملك أو ولد آدم سواه (وَهُوَ الْعَزِيزُ) كامل السطو لا مساهم له (الْحَكِيمُ) ( 42 ) محكم الأمر .
(وَتِلْكَ الْأَمْثالُ) والحكم (نَضْرِبُها) أعلّمها كرما ورحما (لِلنَّاسِ) طرّا (وَما يَعْقِلُها) مصالحها (إِلَّا) الملأ (الْعالِمُونَ) ( 43 ) لأسرار الكلام .
(خَلَقَ اللَّهُ) كامل الطول (السَّماواتِ) وأدوارها (وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) للحكم والمصالح (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) علما دالّا لكمال ألوّه
----------
(مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء) أصناما يلجئون إليها أي في وهن ما اعتمدوه في دينهم (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا) تأوي إليه من نسجها الذي هو في غاية الوهن (وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت) يضمحل بأدنى سبب ولا يقيها حرا ولا بردا كذلك الأصنام لا تنفع عبدتها فدينهم أوهن الأديان (لو كانوا يعلمون) أن هذا مثلهم لندموا.
(إن الله) أي قل لهم إن الله (يعلم ما يدعون) الذي تعبدونه (من دونه من شيء وهو العزيز) في سلطانه (الحكيم) في صنعه (وتلك الأمثال نضربها للناس) تفهيما لهم (وما يعقلها) يعقل فائدتها (إلا العالمون) المتدبرون .
ص: 250
(لِلْمُؤْمِنِينَ) ( 44 ) لدركهم السالم المسلّم وعلمهم المصحّح الكامل .
(اتْلُ) ادرس محمّد ( ص ) (ما أُوحِيَ) أرسل (إِلَيْكَ) لإصلاح الكل (مِنَ الْكِتابِ) كلام اللّه المسدّد الكامل (وَأَقِمِ الصَّلاةَ) دوامها كما أمرك اللّه (إِنَّ الصَّلاةَ) ما دام المرء مداوما لها (تَنْهى) ردعا (عَنِ الْفَحْشاءِ) كالعهر أو لحصول الرّوع لمداومها (وَالْمُنْكَرِ) ما ردعه الإسلام والروع السالم والحلم الكامل (وَلَذِكْرُ اللَّهِ) ادّكاركم للّه حال أداء المأمور المسطور ، أو ادّكار اللّه لكم كرما ورحما (أَكْبَرُ) وأحمد ممّا هو عملكم الصالح (وَاللَّهُ) العلّام (يَعْلَمُ) كل (ما تَصْنَعُونَ) ( 45 ) وهو العمل المعلوم المسطور وسواه كالأعمال الصوالح ، وهو معاملكم كما هو عملكم .
(وَلا تُجادِلُوا) مراء (أَهْلَ الْكِتابِ) معهم وهم معاهدوكم (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) كالحلم حال حردهم (إِلَّا) الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) عادوا رسول اللّه صلعم وأهل الإسلام ، أو كسروا العهود وأو ادّعوا الولد
----------
(خلق الله السموات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين اتل ما أوحي إليك من الكتاب) لنفسك وعلى الناس (وأقم الصلاة) بشروطها (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) بكونها سببا للانتهاء عن المعاصي لتذكيرها الله وإيراثها في القلب خوفه (ولذكر الله) إياكم برحمته (أكبر) من ذكركم إياه بطاعته أو الصلاة أكبر من سائر الطاعات (والله يعلم ما تصنعون) من خير وشر فيجازيكم (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي) بالخصلة التي (هي أحسن) كمقابلة الخشونة باللين والغضب بالحلم (إلا الذين ظلموا منهم) بالاعتداء أو العناد أو نبذ الذمة أو قولهم بالولد (وقولوا) في
ص: 251
والمعادل للّه وحّ لسم المراء والعماس معهم (وَقُولُوا) للرهط الأوّل (آمَنَّا) سدادا (بِالَّذِي أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْنا) وهو كلام اللّه (وَأُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكُمْ) أراد طروسهم المعلوم ورودها للرسل (وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ) اللّه (واحِدٌ) لا معادل ولا مساهم له (وَنَحْنُ) طرا (لَهُ) لا لما سواه (مُسْلِمُونَ) ( 46 ) طوع لأوامره وروادعه .
(وَكَذلِكَ) كالإرسال للرسل (أَنْزَلْنا) إرسالا (إِلَيْكَ) لإصلاح العالم (الْكِتابَ) المسدّد للطروس كلّها أصولا (فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) وهو طرس الهود والمراد علمه كولد سلام ورهط أسلم معه ، أو أهل طرس مرّ عهدهم أمام رسول اللّه صلعم (يُؤْمِنُونَ) سدادا وصلاحا (بِهِ) طرس الرسول محمّد صلعم (وَمِنْ هؤُلاءِ) أهل أم رحم ، أو أهل طرس أدركوا عصر رسول اللّه صلعم (مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) كلام اللّه ، أو رسوله (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) مع سطوع دوالّها (إِلَّا) الرهط (الْكافِرُونَ) ( 47 ) المصمّم صدودهم وحسدهم .
(وَما كُنْتَ) أصلا (تَتْلُوا) درسا (مِنْ قَبْلِهِ) كلام اللّه (مِنْ كِتابٍ)
----------
المجادلة بالتي أحسن (ءامنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له) وحده (مسلمون) مطيعون .
(وكذلك) الإنزال (أنزلنا إليك الكتاب) القرآن مصدقا لسائر الكتب المنزلة (فالذين ءاتيناهم الكتاب يؤمنون به) كابن سلام أو أمثاله أو من تقدم زمن النبي من أهل الكتاب (ومن هؤلاء) من أهل مكة أو ممن عاصره (صلى الله عليه وآله وسلّم) من أهل الكتاب (من يؤمن به وما يجحد بآياتنا) مع وضوحها (إلا الكافرون) المصممون على الكفر (وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا
ص: 252
مسطور مما أرسله اللّه (وَلا تَخُطُّهُ) أصلا (بِيَمِينِكَ) كما هو حال أهل الدرس والرسم (إِذاً) لو صحّ درسك ورسمك (لَارْتابَ) ووهم أهل الطرس (الْمُبْطِلُونَ) ( 48 ) سمّاهم لمّا ردّوا ألوكه ، ورووا ما حصر الرسول محمّد صلعم إلّا وهو سطر ودرس .
(بَلْ هُوَ) كلام اللّه المرسل (آياتٌ) اعلام (بَيِّناتٌ) سواطع (فِي صُدُورِ) الملأ (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) صدور العلماء والحرّاس (وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) السواطع (إِلَّا) الرهط (الظَّالِمُونَ) ( 49 ) الكامل حدلهم وعدواهم لسطوعها لهم .
(وَقالُوا) الأعداء (لَوْ لا) هلّا (أُنْزِلَ) أرسل (عَلَيْهِ) محمّد ( ص ) آياتٌ ورووا موحّدا (مِنْ رَبِّهِ) عموما كالعرمس لصالح والعصا لرسول الهود والطعام المعدّ لروح اللّه وسواها (قُلْ) لهم (إِنَّمَا الْآياتُ) كلّها (عِنْدَ اللَّهِ) وهو مرسلها كما هو مراده أرسل لما أراد وما أملك أمرا لأورد ما أورد (وَإِنَّما) ما (أَنَا) إلّا (نَذِيرٌ) لأهل معاص (مُبِينٌ) ( 50 ) معلم أحوالهم .
(أَ) لدّوا وأصرّوا (وَلَمْ يَكْفِهِمْ) أهل أم رحم علما لسداد ألوكك لو
----------
تخطه بيمينك إذا) أي لو كنت تقرأ وتخط (لارتاب المبطلون) الذين شأنهم الإبطال أي كفرة مكة وقالوا لعله جمعه من كتب الأولين أو أهل الكتاب وقالوا الذي في كتبنا أنه أمي (بل هو) أي القرآن (ءايات بينات في صدور الذين أوتوا العلم) يحفظونه عن التحريف وهم النبي وآله (وما يجحد بآياتنا) الواضحة (إلا الظالمون) بالعناد والمكابرة .
(وقالوا لو لا أنزل عليه ءايات من ربه) كناقة صالح وعصا موسى ومائدة عيسى (قل إنما الآيات عند الله) ينزلها كما يشاء (وإنما أنا نذير مبين) للإنذار
ص: 253
راموا السداد وطرحوا الحسد والعداء (أَنَّا أَنْزَلْنا) إرسالا (عَلَيْكَ الْكِتابَ) كلام اللّه المسدّد (يُتْلى عَلَيْهِمْ) دواما لماله دوام ولا دوام لما سواه ودارسوه علماء أسرار الكلام وأطواره (إِنَّ فِي ذلِكَ) الكلام (لَرَحْمَةً) عطاء كاملا (وَذِكْرى) إصلاحا (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 51 ) رهط همّهم الإسلام لا العداء والحسد .
(قُلْ) رسول اللّه (كَفى بِاللَّهِ) وحده (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) عالما الأمر أراد سداد ما ادّعاه وإرسال كلام اللّه له وولعهم وصدودهم (يَعْلَمُ) اللّه (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) أسرار عالم العلو (وَالْأَرْضِ) عالم الرهص وهو عالم ؟ ؟ ؟ ومطّلع السداد والولع (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (بِالْباطِلِ) وهر ما حرّم إسلامه وطوعه (وَكَفَرُوا بِاللَّهِ) وكلامه (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) ( 52 ) أعمالا ؟ ؟ ؟ كلام ورد مورد العدل .
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ) محمّد ( ص ) (بِالْعَذابِ) كما سألوا إمطار إصر السماء (وَلَوْ لا أَجَلٌ) لكلّ رهط أو لكلّ إصر (مُسَمًّى) سمّاه اللّه وأحكمه
----------
بما أوتيت من الآيات (أولم يكفهم) آية بالغة (أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم) على الدوام فهو آية ثابتة لا تزول بخلاف سائر الآيات (إن في ذلك) الكتاب المعجز المستمر (لرحمة وذكرى) نعمة وعظة (لقوم يؤمنون) به .
(قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا) بصدقي أو صدقني بالمعجزات أو بتبليغي ومقابلتكم بالتكذيب (يعلم ما في السموات والأرض) فيعلم حالي وحالكم (والذين آمنوا بالباطل) بإلهية غير الله (وكفروا بالله) منكم (أولئك هم الخاسرون) في صفقتهم حيث اشتروا الباطل بالحق .
(ويستعجلونك بالعذاب) استهزاء (ولو لا أجل مسمى) لعذابهم
ص: 254
مسطور اللوح مرصود العهد ، وهو المعاد أو حال ورود السام (لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) حالا (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ) الإصر عهدا معلوما موسوما لوروده (بَغْتَةً) دهما (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) ( 53 ) وروده .
(يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ) أعاده مؤكّدا (وَ) الحال (إِنَّ جَهَنَّمَ) دار الآلام (لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) ( 54 ) مآلا أو أحاطهم العمل الطالح حالا وهو موصلها .
(يَوْمَ يَغْشاهُمُ) هو العرو (الْعَذابُ) الآلام والأسواء (مِنْ فَوْقِهِمْ) رؤوسهم (وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) والمراد الحدود كلها (وَيَقُولُ) اللّه أو ملكه المأمور لهم (ذُوقُوا) وأصلوا عدل (ما) أعمال (كُنْتُمْ) لدار الأعمال (تَعْمَلُونَ) ( 55 ) وهو لإكمال المهم .
(يا عِبادِيَ) ملكا وملكا (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله سدادا (إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ) لكم ولطوعكم (فَإِيَّايَ) سموما (فَاعْبُدُونِ) ( 56 )
----------
(لجاءهم العذاب) عاجلا (وليأتينهم بغتة) فجأة (وهم لا يشعرون) بإتيانه (يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) بناء على تجسم الأعمال والظاهر ولكن لا يظهر أثرها في هذا العالم بل في الآخرة أو كالمحيط بهم لإحاطة الكفر واللام للجنس فتعمهم حكمة أو للعهد بوضع الظاهر موضع الضمير إشعارا بموجب الحكم (يوم يغشاهم العذاب) ظرف لمحيطة (من فوقهم ومن تحت أرجلهم) يغطيهم مبتدئا من الجهتين (ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون) أي جزاءه .
(يا عبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة) فهاجروا عن أرض لم يتيسر لكم فيها العبادة إلى أرض يتيسر فيها (فإياي) نصب بما يفسره (فاعبدون)
ص: 255
وارحلوا المحالّ صوالح ودور سوالم لإعلاء الطوع والأعمال الصوالح ودعوا عكسها .
وموردها مسلمو الحرم أمرهم اللّه الرحل لمصر الرّسول أو المراد ماصعوا أعداء اللّه أو روموا الأكل والطعام (كُلُّ نَفْسٍ) روح (ذائِقَةُ) طعم (الْمَوْتِ) المرّ العسر لا محال (ثُمَّ إِلَيْنا) مآلا (تُرْجَعُونَ) ( 57 ) للعدل والدرك .
(وَ) الأمم (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللواء أمر اللّه (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) هو الإحلال (مِنَ الْجَنَّةِ) دار السرور (غُرَفاً) صروحا ودورا (تَجْرِي) اطرادا (مِنْ تَحْتِهَا) صدد هؤلاء الصروح ؟ ؟ ؟ (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدّر والعسل والمدام (خالِدِينَ) حال (فِيها) هؤلاء للحال دواما سرمدا (نِعْمَ أَجْرُ) العلماء والصلحاء والعوامّ (الْعامِلِينَ) ( 58 ) كما أمر اللّه دارالسلام .
وهم (الَّذِينَ صَبَرُوا) حملوا المكاره وأدّوا الأعمال العواسر وطرحوا المحارم (وَعَلى) اللّه (رَبِّهِمْ) مولاهم لا سواه (يَتَوَكَّلُونَ) ( 59 ) .
----------
والفاء جواب شرط مقدر أي إن لم تخلصوا للعبادة لي في الأرض فأخلصوها في غيرها (كل نفس ذائقة الموت) واجدة كربه (ثم إلينا ترجعون) بعده للجزاء (والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم) لننزلنهم (من الجنة غرفا) أعالي وقرىء لنثوينهم من الإثواء الإقامة (تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين) أجرهم .
(الذين صبروا) على أذى الكفر والبليات ومشقة الهجرة أو الطاعات (وعلى ربهم) لا غيره (يتوكلون) في المهمات .
ص: 256
ولمّا أمرهم اللّه الرحل وراعوا العدم وهلاك المال أرسل اللّه (وَكَأَيِّنْ) كم (مِنْ دَابَّةٍ) اسم عام لكلّ ما له حسّ وحراك (لا تَحْمِلُ) لو كلها وحصرها أو لعدم إمساكها الأكل لحال أمامها (رِزْقَهَا) أكلها وطعمها (اللَّهُ) المكرم (يَرْزُقُها) ما أحمّ لها (وَإِيَّاكُمْ) أولاد آدم ما أحم لكم (وَهُوَ) اللّه (السَّمِيعُ) لكلامكم (الْعَلِيمُ) ( 60 ) عالم أسراركم .
(وَلَئِنْ) اللام مؤكّد (سَأَلْتَهُمْ) محمّد ( ص ) هؤلاء العدّال (مَنْ خَلَقَ) صوّر (السَّماواتِ) كلها (وَالْأَرْضَ) عموما مع وسعها (وَسَخَّرَ) طوّع (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) مع كمالهما (لَيَقُولُنَّ) هؤلاء الأعداء هو (اللَّهُ) وحده (فَأَنَّى) ممّ (يُؤْفَكُونَ) ( 61 ) هو الصّد عما هو أمر مسدّ وهو وجود الإله مع علمهم .
(اللَّهُ) كامل العطاء (يَبْسُطُ) كرما ورحما (الرِّزْقَ) موسعه (لِمَنْ يَشاءُ) وسعه (مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) هو الإحصار وعدم الوسع (لَهُ) لكلّ أحد
----------
(وكأين) وكم (من دابة لا تحمل رزقها) لضعفها عن حمله أو لا تدخره (الله يرزقها) مع ضعفها (وإياكم) مع قوتكم على الكسب والحمل لا يرزق الكل إلا هو لأنه المسبب لأسبأب رزقهم، قيل لما أمروا بالهجرة فقال بعضهم كيف نقدم بلدة لا معيشة لنا فيها فنزلت (وهو السميع) لقولكم (العليم) بسركم .
(ولئن سألتهم) أي أهل مكة (من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله) مقرين بأنه الفاعل لذلك (فأنى يؤفكون) يصرفون عن توحيده مع إقرارهم بذلك (الله يبسط الرزق) يوسعه (لمن يشاء من عباده ويقدر) يضيق (له) بعد البسط فالأمران لواحد أو ويقدر لمن يشاء
ص: 257
مراد حصره (إِنَّ اللَّهَ) الموسع والمحصر (بِكُلِّ شَيْءٍ) معلوم وأحواله (عَلِيمٌ) ( 62 ) واسع علم .
(وَلَئِنْ) اللام مؤكّد (سَأَلْتَهُمْ) محمّد ( ص ) لإعلاء حالهم (مَنْ نَزَّلَ) أرسل (مِنَ السَّماءِ) العلو ماءً مطرا (فَأَحْيا بِهِ) الماء (الْأَرْضَ) وأصار مع الطّراء وحرّكها كلاء وحوّلها مما له حسّ وحراك (مِنْ بَعْدِ مَوْتِها) همودها وصمولها (لَيَقُولُنَّ) هؤلاء الأعداء هو (اللَّهُ) لا سواه (قُلِ) محمّد ( ص ) (الْحَمْدُ) كلّه حاصل (لِلَّهِ) لما هو مول للآلاء ، أو الحمد للّه لمّا عصمك ، أو لإعلاء أمرك ودعواك لمّا كلّموا مساعدا لكلامك ، أو لإرسال الماء للإطراء (بَلْ أَكْثَرُهُمْ) الأعداء (لا يَعْقِلُونَ) ( 63 ) لسوم ما لسم كلامهم ، أو مدلول « الحمد للّه » .
(وَما هذِهِ الْحَياةُ) العمر (الدُّنْيا) الملهد (إِلَّا لَهْوٌ) هو كل ما راعك وألهاك ماصلا ومصح (وَلَعِبٌ) لإسراع مرورها وعدم كرورها (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ) الموعود ورودها أمدا .
(لَهِيَ الْحَيَوانُ) العمر المدام لا سواه ، وهو مصدر مسمّاه أهل العمر
----------
على وضع الهاء موضعه مبهمة مثله فليسا لواحد (إن الله بكل شيء عليم) يعلم موضع البسط والتقتير .
(ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله) فكيف يشركون به الجماد (قل الحمد لله) على ما وفقك لتوحيده أو على إلزامهم الحجة (بل أكثرهم لا يعقلون) أن إقرارهم به مبطل لشركهم (وما هذه الحيوة الدنيا) الحقيرة (إلا لهو ولعب) إلا كما يلهو ويلعب الصبيان ساعة ثم يتفرقون (و إن الدار الآخرة لهي الحيوان) لهي دار الحياة الحقيقية الأبدية أو
ص: 258
(لَوْ كانُوا) هؤلاء (يَعْلَمُونَ) ( 64 ) أمرهما ومآل حالهما ، وهما دار الأعمال ودار الأعدال ، وحوار « لو » مطروح وهو لمّا ردّوا أحسلهما وأسرعهما هلاكا .
(فَإِذا) كلّما (رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ) وأحاطهم الصرصر (دَعَوُا اللَّهَ) وحده وما دعوا معه سواه (مُخْلِصِينَ) كأهل الإسلام (لَهُ) اللّه (الدِّينَ) والعمل (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ) سلمهم اللّه (إِلَى الْبَرِّ) وسلموا (إِذا هُمْ) لكمال طلاحهم (يُشْرِكُونَ) ( 65 ) مع اللّه سواه وعادوا لحالهم السوء .
(لِيَكْفُرُوا) اللّام معلّل لإسرار آلاء اللّه أو لام الأمر أو لام المآل (بِما) إلّا (آتَيْناهُمْ) أعطوا (وَلِيَتَمَتَّعُوا) والمراد المهدّد ادّاركهم لطوع دماهم ودادهم له (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ( 66 ) مآل حالهم ودرك عملهم وسوء معادهم حال ورود الآصار والآلام .
(أَ) عموا (وَلَمْ يَرَوْا) أهل الحرم (أَنَّا جَعَلْنا) مصرهم (حَرَماً) محروسا معصوما (آمِناً) أهله لا هول لهم ولا روع ولا هلاك لهم ولا أسر (وَيُتَخَطَّفُ) هو المعد (النَّاسُ) سواهم أسرا وإهلاكا (مِنْ حَوْلِهِمْ) حول الحرم (أَ) أركسوا (فَبِالْباطِلِ) العاطل وهو الوسواس أو دماهم (يُؤْمِنُونَ)
----------
جعلت حياة مبالغة (لو كانوا يعلمون) ذلك ما آثروا الحياة عليها .
(فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين) أي الدعاء لا يدعون إلا إياه إذ لا يكشف الشدائد سواه (فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) عادوا إلى الشرك (ليكفروا بما ءاتيناهم) من نعمة الإنجاء (وليتمتعوا) بعكوفهم على أصنامهم (فسوف يعلمون) غب ذلك (أولم يروا أنا جعلنا) بلدهم مكة (حرما ءامنا) أهله من القتل والأسر والنهب (ويتخطف الناس من حولهم) بالتغاور قتلا وأسرا ونهبا دونهم (أفبالباطل) أبعد هذه النعمة وغيرها
ص: 259
سدادا (وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ) محمّد ( ص ) والإسلام (يَكْفُرُونَ) ( 67 ) ورها أو حسدا .
(وَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) أسوأ حدلا (مِمَّنِ افْتَرى) سطر (عَلَى اللَّهِ) الواحد الأحد (كَذِباً) ولعا ووهم للّه معادلا (أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ) محمّد ( ص ) والكلام المرسل له (لَمَّا جاءَهُ) سمعه ، أورد لمّا لإعلام عدم إعمالهم حواسّ العلم والإدراك وإسراعهم للولع أوّل ما سمعوه (أَ لَيْسَ فِي) دار الآلام (جَهَنَّمَ مَثْوىً) محلّ ومورد (لِلْكافِرِينَ) ( 68 ) والمراد دار الآلام ومأواهم وموردهم .
(وَ) الكمّل (الَّذِينَ جاهَدُوا) أعداء اللّه (فِينا) لإعلاء أمر الإسلام وردّوا أهل الإلحاد وأدّوا الأوامر والأحكام مع حصول وساوس الوسواس (لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) صرط الكمال والوصول (وَإِنَّ اللَّهَ) العدل (لَمَعَ) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 69 ) أعمالهم إمدادا وإكراما حالا وإعطاء ومحو آصار معادا .
----------
بالصنم (يؤمنون وبنعمة الله يكفرون) بإشراكهم به .
(ومن أظلم) أي لا أظلم (ممن افترى على الله كذبا) بادعاء شريك له (أو كذب بالحق) الرسول أو الكتاب (لما جاءه) من غير تثبت ولا ترو (أليس في جهنم مثوى للكافرين والذين جاهدوا فينا) في حقنا ما يجب جهاده من النفس والشيطان وحزبه (لنهدينهم سبلنا) سبل الجنة أو سبل الخير بزيادة اللطف والذين اهتدوا زادهم هدى أو والذين عملوا بما علموا لنهدينهم إلى ما لا يعلمون (وإن الله لمع المحسنين) بالنصر والعون.
ص: 260
ص: 261
ص: 262
( سورة الرّوم )
موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
عماس الروم وسطوهم أمدا ، ولوم أهل الصدود لرومهم وودّهم العمر الماصل ، وأحوال الأمم الأوّل ، وإعلام ورود المعاد ، وأدلاء الوحود ، وإعلاء حال المسم وعدّوه ، وأحكام أهل الإسلام للإسلام ، والأمر لإعطاء الأهل وأهل الأرحام وودّهم ، وعدّ آلاء المعاد لإعطاء الأموال المأمور ، أداؤها ، وإعلام سطوع الطّلاح وسط الصحراء والداماء ، وإعلام أعلام المعاد ، وإرسال المطر لإصلاح العالم وسطوع اعلام الرحم والكرم واصرار أهل العدول ، وأسر اللّه العالم اركاء و ؟ ؟ ؟ وعود العالم وراء الهلاك ، وكلام مسلّ لرسول اللّه صلعم حال وصول مكروه الأعداء .
ص: 263
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ألم) ( 1 ) سرّ اللّه مع رسوله .
(غُلِبَتِ) ورووه معلوما (الرُّومُ) ( 2 ) رهط معلوم هم أهل طرس سطاهم أعداءهم ، وهم حدّال لا طرس لهم .
(فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) أكمل المحال أمما لممالك أولاد ماء السماء (وَهُمْ) الروم (مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ) كوح الأعداء علاهم ، ورووه كعدو وهو مصدر كالأول (سَيَغْلِبُونَ) ( 3 ) أعداءهم ، ورووه عكس المعلوم .
(فِي بِضْعِ سِنِينَ) أعوام أماصل ، لمّا ماصع الروم - وهم أهل طرس - أعداءهم ولا طرس لهم ، وكوّحهم أعداءهم ، وسرّ أعداء رسول اللّه صلعم الّلاءوا ولا طرس لهم وهم أهل امّ الرحم ، وكلّموا مع أهل الإسلام أعداء الروم عوام لا
----------
(30 سورة الروم ستون أو تسع وخمسون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(الم غلبت الروم) وهم النصارى غلبتهم فارس المجوس (في أدنى الأرض) أرض العرب منهم وهي أطراف الشام أو أدنى أرضهم من عدوهم وهي الجزيرة (وهم من بعد غلبهم سيغلبون) فارس (في بضع سنين) هو ما بين
ص: 264
طرس لهم ، وملكوا الروم وعمّا ماصل أعداءكم أرادوا إدراركم وكوّحوكم وح حصل لأهل الإسلام همّ ، أرسل اللّه لسلوّ أهل الإسلام ، وهو مما أعلم سداد إرساله صلعم لمّا أعلم أمام الحصول وحصل كما أعلم (لِلَّهِ) وحده (الْأَمْرُ) والحكم (مِنْ قَبْلُ) أوّلا (وَمِنْ بَعْدُ) أمدا وحال كوح الأعداء وحال كوح الروم ، ورووه مكسورا كالأوّل (وَيَوْمَئِذٍ) وحال حلول ما وعد اللّه وهو كوح الروم (يَفْرَحُ) الملأ (الْمُؤْمِنُونَ) ( 4 ) للّه ورسوله محمّد صلعم سدادا .
(بِنَصْرِ اللَّهِ) إمداده أهل الطرس وردّه أعداءهم ، أو هو إعلاء سداد أهل الإسلام لمّا أعلموا سطو الروم (يَنْصُرُ) اللّه كلّ (مَنْ يَشاءُ) إمداده عصرا لهؤلاء وعصرا لهؤلاء (وَهُوَ) اللّه (الْعَزِيزُ) المهلك للأعداء (الرَّحِيمُ) ( 5 ) الممدّ للأودّاء .
(وَعْدَ اللَّهِ) مصدر مؤكّد لمدلولهم ، ولمّا هو وعد اللّه وحاصله وعد اللّه أهل الإسلام وعدا (لا يُخْلِفُ اللَّهُ) أرحم الرّحماء (وَعْدَهُ) وعد إمداد الروم وردّ الأعداء (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أهل الحرم (لا يَعْلَمُونَ) ( 6 ) وعده
----------
الثلاث والعشر (لله الأمر من قبل ومن بعد) قبل غلبهم لفارس وهو حين غلبوا وبعد غلب فارس إياهم وهو حين يغلبون أي كونهم مغلوبين أولا وغالبين آخرا ليس إلا بأمر الله (ويومئذ) يوم تغلب الروم (يفرح المؤمنون بنصر الله) المؤمنين بإظهار صدق نبيهم فيما أخبر به أو بتولية بعض الظالمين بعضا ووافق ذلك يوم نصر المؤمنين ببدر فنزل به جبرئيل ففرحوا بالنصرين (ينصر من يشاء) بمقتضى الحكمة (وهو العزيز) بخذلانه لمن يشاء (الرحيم) بنصره لمن يشاء (وعد الله) مصدر مؤكد لنفسه لأن ما سبق في معنى وعد (لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون) صحة وعده لجهلهم به .
ص: 265
وسداد وعده لعدم إدراكهم ما مرّ .
(يَعْلَمُونَ) أمرا (ظاهِراً) معلوما أوّل الإدراك (مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) صدد اللّه (وَهُمْ عَنِ) الدار (الْآخِرَةِ) وإدراك أحوالها وأسرارها وأسرار دار الأعمال ومصامدها (هُمْ) مؤكد لهم ، أو محكوم محموله (غافِلُونَ) ( 7 ) والكلّ محمول لا هم الأوّل .
(أَ) سدّ صراط علمهم (وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) ما راعوا وما رووا (فِي أَنْفُسِهِمْ) سرّا (ما خَلَقَ اللَّهُ) ما صوّر (السَّماواتِ) كلّها (وَالْأَرْضَ) معا (وَ) كل (ما) هو حاصل (بَيْنَهُما) السماء والرمكاء (إِلَّا) وصّالا (بِالْحَقِّ) الأمر المسدّ والحكم العدل والسّر المحكم (وَأَجَلٍ) أمد (مُسَمًّى) محدود معلوم ، وهو عصر عدّ الأعمال وإعطاء الأعدال (وَإِنَّ) رهطا (كَثِيراً) عددا (مِنَ النَّاسِ) أولاد آدم (بِلِقاءِ) اللّه (رَبِّهِمْ) وعود الأعطال والأرواح وعدّ الأعمال والأحوال وإعطاء الأعدال (لَكافِرُونَ) ( 8 ) ورها أو حسدا .
----------
(يعلمون ظاهرا من الحيوة الدنيا) أي مكاسبها (وهم عن الآخرة) التي هي الغرض منها (هم غافلون) (أ ولم يتفكروا في أنفسهم) ظرف نحو تفكر في قلبه أو صلة أي في أمرها فإنها أقرب شيء إليهم وفيها ما في العالم الأكبر من عجائب الصنع (ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى) ينتهي بقاؤها إليه (وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم) بلقاء جزائه والبعث (لكافرون) جاحدون لعدم تفكرهم .
ص: 266
(أَ) رمكوا وعموا (وَلَمْ يَسِيرُوا) ما ساروا (فِي) صعد (الْأَرْضِ) الرمكاء ومهامهها (فَيَنْظُرُوا) ح (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) مآل طلّاع الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) ودمّروا كعاد ورهط « صالح » ، والمراد ساروا ورأوا أعلامهم وأورد لإعلام حالهم (كانُوا) الأمم الأوّل (أَشَدَّ) أكمل (مِنْهُمْ) أهل الحرم (قُوَّةً) أعطالا وعددا (وَأَثارُوا) أكروا (الْأَرْضَ وَعَمَرُوها) هؤلاء لأمم (أَكْثَرَ) مدح مصدر مطروح (مِمَّا) ما للمصدر (عَمَرُوها) أهل الحرم (وَجاءَتْهُمْ) الأمم الأول (رُسُلُهُمْ) اللّاءوا أرسلوا لهم (بِالْبَيِّناتِ) الأعلام السواطع وما أسلموا أهلكوا (فَما كانَ اللَّهُ) الملك العدل (لِيَظْلِمَهُمْ) حال إهلاكهم (وَلكِنْ كانُوا) أوّلا (أَنْفُسَهُمْ) لا سواها (يَظْلِمُونَ) ( 9 ) لمّا عملوا ما أصارهم أهلا للإهلاك .
(ثُمَّ كانَ) صار (عاقِبَةَ) مآل الأمر (الَّذِينَ أَساؤُا) أعمالهم وأحوالهم (السُّواى) الساعور أو أسوأ الأحوال لحلولهم معاد أسوأ المحالّ وهو مصدر أورد للمدح (أَنْ كَذَّبُوا) لردّهم وعدم إسلامهم (بِآياتِ) طول (اللَّهِ) لملك المكوّح (وَكانُوا بِها) هؤلاء الأعلام (يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 10 )
----------
(أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة) كعاد وثمود (وأثاروا الأرض) قلبوها للزرع واستحداث الأنهار والآبار وغيرها (وعمروها أكثر مما عمروها) من عمارة أهل مكة وهو تهكم بهم إذ لا إثارة لهم ولا عمارة أصلا مع تباهيهم في الدنيا التي عمدة ما يتباهى به أهلها الإثارة والعمارة (وجاءتهم رسلهم بالبينات) بالحجج الواضحات (فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) بتدميرهم (ثم كان عاقبة الذين أساءوا) العقوبة (السوأى) تأنيث أسوأ أو مصدر وصف به (أن كذبوا بآيات الله
ص: 267
ورها وطلاحا .
(اللَّهُ) مالك الملك والأمر (يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) هو مصوّرهم أولا (ثُمَّ يُعِيدُهُ) وراء الهلاك (ثُمَّ إِلَيْهِ) محلّ عدّ الأعمال وإعطاء الأعدال (تُرْجَعُونَ) ( 11 ) معادا .
(وَيَوْمَ تَقُومُ) المراد الحصول والحلول (السَّاعَةُ) الموعود ورودها أمدا (يُبْلِسُ) هو حسم الطمع أو العمة ، ورووه لا معلوما (الْمُجْرِمُونَ) ( 12 ) أعداء الإسلام .
(وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ) لهؤلاء الأعداء معادا (مِنْ شُرَكائِهِمْ) الّلاءوا عدلوهم مع اللّه وألّهوهم سواه (شُفَعاءُ) أولو إمداد (وَكانُوا) أعداء الإسلام ح (بِشُرَكائِهِمْ) ألههم (كافِرِينَ) ( 13 ) ردّادا .
(وَيَوْمَ تَقُومُ) المراد الحصول والحلول (السَّاعَةُ) الموعود ورودها أمدا (يَوْمَئِذٍ) ح (يَتَفَرَّقُونَ) ( 14 ) أهل العالم أولو الإسلام وأعداءهم كما دلّ .
(فَأَمَّا) السعداء (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللواء أمر اللّه (فَهُمْ) هؤلاء السعداء
----------
وكانوا بها يستهزءون الله يبدأ الخلق) ينشئهم (ثم يعيده) بالبعث (ثم إليه ترجعون) التفات إلى الخطاب وقرىء بالياء .
(ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون) يسكنون حيرة ويأسا (ولم يكن لهم من شركائهم) من أشركوهم بالله (شفعاء) يخلصونهم كما زعموا (وكانوا بشركائهم كافرين) جاحدين (ويوم تقوم الساعة يومئذ) تأكيد (يتفرقون) أي المؤمنون والكافرون (فأما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة)
ص: 268
(فِي رَوْضَةٍ) دارالسلام (يُحْبَرُونَ) ( 15 ) هو السرور المهلّل للرّواء الساطع رسمه ، والمراد الإكرام ، أو اعطاءهم حلاهم والسماع لدار السلام .
(وَأَمَّا) الطلحاء (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) أعلام الألوّ ودوالّ الإلّ (وَلِقاءِ) الدار (الْآخِرَةِ) موعود الأرواح والأعطال (فَأُولئِكَ) الطلحاء (فِي الْعَذابِ) دار الآلام (مُحْضَرُونَ) ( 16 ) ورّاد وركّاد دواما .
ولمّا وعد وأوعد أورد ما هو موصول للموعود ومسلّم مما هو موعد وهو (فَسُبْحانَ اللَّهِ) مصدر مطروح العامل والمراد طهّروه عمّا ساء أدلّاؤه له أو صلّوا للّه (حِينَ تُمْسُونَ) حال الإمساء (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) ( 17 ) أمام الطلوع .
(وَلَهُ) وحده (الْحَمْدُ) كلّه (فِي السَّماواتِ) عالم العلو وهو حال (وَالْأَرْضِ) عالم الرهص (وَعَشِيًّا) وعصرا (وَحِينَ تُظْهِرُونَ) ( 18 ) دلوكا .
----------
أرض ذات خضرة وماء وهي الجنة (يحبرون) يسرون سرورا يتهللون له (وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون) لا يفارقونه (فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون) أمر بلفظ الخبر أي نزهوه تعالى وأثنوا عليه في هذه الأوقات لظهور قدرته وتجدد نعمته فيها وخص التسبيح بالمساء والصباح لأظهرية آثار القدرة فيهما والحمد بالعشي وهو آخر النهار والظهيرة وهي وسطه لأكثرية تجدد النعم فيهما .
(يخرج الحي من الميت) كالإنسان من النطفة والطائر من البيضة
ص: 269
(يُخْرِجُ) اللّه (الْحَيَّ) ولد آدم أو المسلم (مِنَ الْمَيِّتِ) ماء الوالد أو العادل (وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) عكس الأوّل (وَيُحْيِ) اللّه (الْأَرْضَ) كلاء ودوحا (بَعْدَ مَوْتِها) همودها وصمولها (وَكَذلِكَ) كإسلال الكلاء (تُخْرَجُونَ) ( 19 ) كلكم معادا ، ورووه معلوما .
(وَمِنْ آياتِهِ) إعلام إلّه وألوّه (أَنْ خَلَقَكُمْ) أصلكم ووالدكم آدم (مِنْ تُرابٍ) حصحص وماء وهواء وساعور (ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ) آدم وأولاده (بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) ( 20 ) اطرار الرمكاء لروم طعمكم وأكلكم .
(وَمِنْ آياتِهِ) اعلام إلّه وألوّه (أَنْ خَلَقَ) صور (لَكُمْ) لمصالحكم وحصولحم (مِنْ) صرع (أَنْفُسِكُمْ) لا سواها (أَزْواجاً) اعراسا (لِتَسْكُنُوا) هو الصور والركوح (إِلَيْها) الأعراس (وَجَعَلَ) اللّه (بَيْنَكُمْ) وأعراسكم (مَوَدَّةً) ودادا (وَرَحْمَةً) وحاما أو مساسا وولدا (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) إعلاما ودوالّ (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ( 21 ) الحكم والأسرار .
----------
(ويخرج الميت) النطفة والبيضة (من الحي ويحيي الأرض) بالنبات (بعد موتها) يبسها (وكذلك) الإخراج (تخرجون) من قبوركم أحياء (و من ءاياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا) خلق حواء من ضلع آدم أو من فضل طينته وسائر النساء من نطف الرجال أو من سائر جنسكم (لتسكنوا إليها) لتألفوها (وجعل بينكم) بين الرجال والنساء أو أشخاص النوع (مودة ورحمة) بالزواج لا لسابقة معرفة أو رحم (إن في ذلك) المذكور (لآيات) على قدرته وحكمته (لقوم يتفكرون) فيه .
ص: 270
(وَمِنْ آياتِهِ) أعلام إله وألوّه (خَلْقُ السَّماواتِ) عالم العلو (وَالْأَرْضِ) عكسه مع وسعهما (وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ) ادّارء كلامكم وصروعه لمّا علم كلّ صرع كلاما وادّارء (وَأَلْوانِكُمْ) كالسواد والإحودار (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) إعلام الوّ (لِلْعالِمِينَ) ( 22 ) واحده عالم أو عالم مكسور اللام .
(وَمِنْ آياتِهِ) إعلام ألوّه وإله (مَنامُكُمْ) روح حواسكم وهو مصدر (بِاللَّيْلِ) سمرا (وَالنَّهارِ) عكسه (وَابْتِغاؤُكُمْ) رومكم الطعم (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) صروع إعلام (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) ( 23 ) سماع إدراك .
(وَمِنْ آياتِهِ) إعلام ألوّه (يُرِيكُمُ) المراد المصدر وهو الإراءة (الْبَرْقَ) ساعور الطهاء (خَوْفاً) روم روعكم ورود الساعور ، أو عدم المطر
----------
(ومن ءاياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم) لغاتكم بأن علم كل أناس لغة أو ألهمهم وضعها أو كيفيات نطقكم التي يمتاز بها كل شخص عن غيره (وألوانكم) من بياض وسواد وغيرهما (إن في ذلك لآيات للعالمين) الثقلين والملائكة وقرىء بكسر اللام أي أولي العلم .
(ومن ءاياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله) نومكم في الوقتين للاستراحة وطلب معاشكم فيهما أو نومكم بالليل وطلبكم بالنهار فلفه لكن فصل بين الفعلين بالوقتين إيذانا بصلاحية كل منهما للآخر عند الحاجة وإن خصوا بأحدهما ويوافقه الآيات المتضمنة له (إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون) سماع تدبر.
(ومن ءاياته يريكم البرق خوفا) من الصاعقة وللمسافر (وطمعا) في
ص: 271
(وَطَمَعاً) روم طمعكم المطر ، أو كل واحد حال أراد روّاعا وطمعا (وَيُنَزِّلُ) اللّه (مِنَ السَّماءِ) العلو (ماءً) مطرا (فَيُحْيِي) اللّه (بِهِ) الماء (الْأَرْضَ) والمراد حصول الكلاء والأحمال (بَعْدَ مَوْتِها) همودها (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) صروع أعلام (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ( 24 ) أهل الأحلام والعلوم .
(وَمِنْ آياتِهِ) أعلام ألوّه ودوال إله (أَنْ تَقُومَ) المراد السموك والرسوّ (السَّماءُ) ولا عمد لها (وَالْأَرْضُ) ولا موكوء لها (بِأَمْرِهِ) حكمه (ثُمَّ) ؟ ؟ ؟ حلول المعاد (إِذا دَعاكُمْ) اللّه للعود (دَعْوَةً) دعاء واحدا أهل المرامس هلمّوا (مِنَ الْأَرْضِ) المرامس معمول دعاكم لا معمول المصدر (إِذا أَنْتُمْ) كلّكم (تَخْرُجُونَ) ( 25 ) سمعا لدعاء الداع .
(وَلَهُ) للّه ملكا وملكا كلّ (مَنْ) حلّ (فِي) عالم (السَّماواتِ) العلو (وَ) عالم (الْأَرْضِ) الرهص (كُلٌّ) كلّهم (لَهُ) للّه (قانِتُونَ) ( 26 ) طوّع وسمّع لأمره .
(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي يَبْدَؤُا) وهو الأسر أوّلا (الْخَلْقَ) أهل العالم كلّهم
----------
المطر وللحاضر (وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) يتفكرون بعقولهم ليعلموا قدرة مدبرها وحكمته .
(ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره) بإرادته بغير عمد (ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون) عطف على أن تقوم بتأويل مفرد أي من آياته قيامهما ثم خروجكم من القبور إذا دعاكم دعوة واحدة يا أهل القبور اخرجوا .
(وله من في السموات والأرض) ملكا وخلقا (كل له قانتون) منقادون
ص: 272
(ثُمَّ يُعِيدُهُ) هو الأسر وراء الهلاك معادا (وَهُوَ) الأسر معادا (أَهْوَنُ) أسهل (عَلَيْهِ) اللّه صددكم أو معاد الهاء العالم (وَلَهُ) للّه وحده (الْمَثَلُ) الحال والمدح ، وورد هو كلام لا إله إلّا اللّه (الْأَعْلى) الأطهر (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَالْأَرْضِ) عالم الرهص (وَهُوَ) اللّه (الْعَزِيزُ) أهل الطول الكامل (الْحَكِيمُ) ( 27 ) الراصد للحكم والأسرار .
(ضَرَبَ) أعلم اللّه (لَكُمْ) لإصلاحكم (مَثَلًا) حالا معطوّا (مِنْ) أحوال (أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ) رهط الأحرار (مِنْ ما) ولداء (مَلَكَتْ) هؤلاء (أَيْمانُكُمْ مِنْ) مؤكّد للسؤال (شُرَكاءَ) عدلاء لكم (فِي ما) أموال وأملاك (رَزَقْناكُمْ) كرما ورحما (فَأَنْتُمْ) رهط الأحرار والولداء (فِيهِ) العطاء المسطور (سَواءٌ) حكم الأحرار كحكم الولداء (تَخافُونَهُمْ) رهط الأحرار ولداءكم روعا حال لمعمول « سواء » (كَخِيفَتِكُمْ) كروعكم (أَنْفُسِكُمْ)
----------
لفعله بهم (وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده) بعد إهلاكهم (وهو) أي الإعادة والتذكير على معنى أن يعيد (أهون عليه) من البدء بالقياس على أصولكم وإلا فهما سواء في السهولة وقيل أهون بمعنى هين وقيل الهاء للخلق (وله المثل) الوصف (الأعلى) الذي ليس لغيره مثله من الوحدانية والقدرة والحكمة (في السموات والأرض) نطقا ودلالة (وهو العزيز) في ملكه (الحكيم) في صنعه .
(ضرب لكم مثلا) منتزعا (من أنفسكم) التي هي أقرب شيء منكم (هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم) من الأموال (فأنتم) وهم (فيه سواء) لا فضل بينكم وبينهم مع كونهم بشرا مثلكم (تخافونهم) أن تنفردوا بتصرف فيه (كخيفتكم أنفسكم) أمثالكم من الأحرار
ص: 273
آحادكم آحادا والحاصل هو مكروه لكم وما حال مالك الأحرار والولداء كلهم وما أسوأ عدلكم معه سواه طوعا (كَذلِكَ) الإعلام (نُفَصِّلُ) أعلم (الْآياتِ) الأعلام والدوالّ (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ( 28 ) الأسرار والمصالح .
(بَلِ اتَّبَعَ) أطاع الأمم (الَّذِينَ ظَلَمُوا) عدلوا مع اللّه إلها سواه (أَهْواءَهُمْ) آراءهم (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أعماء والعالم لمّا طاوع هواه عصرا ما ردعه علمه ، وهو حال ، (فَمَنْ) لا أحد (يَهْدِي) سواء الصراط (مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ) سواء الصراط (وَما لَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح (مَنْ) مؤكد (ناصِرِينَ) ( 29 ) أرداء .
(فَأَقِمْ) سوّ (وَجْهَكَ) وعدّله (لِلدِّينِ) وسدّده له (حَنِيفاً) حال للمأمور أمسكوا (فِطْرَتَ) أو عامله مطروح صرّحه ما ورد وراءه (اللَّهِ) أراد الحال (الَّتِي فَطَرَ) أسر اللّه (النَّاسَ) آدم وأولاده (عَلَيْها) الحال ورد أراد العهد الأوّل ( لا تَبْدِيلَ) لا حول (لِخَلْقِ اللَّهِ) أحكم الحكماء (ذلِكَ)
----------
أي لا ترضون بذلك فكيف تشركون بالله مماليكه في الإلهية (كذلك) التفصيل (نفصل الآيات) نبينها (لقوم يعقلون) يتدبرون بعقولهم (بل اتبع الذين ظلموا) أشركوا (أهواءهم بغير علم) جاهلون يهيمون كالبهائم (فمن يهدي من أضل الله) أي لا هادي لمن خذله ولم يلطف به (و ما لهم من ناصرين) مانعين مما استوجبوا من الخذلان .
(فأقم وجهك) قومه (للدين حنيفا) مائلا إليه ثابتا عليه (فطرة الله) خلقته نصب بتقدير الزموا (التي فطر الناس عليها) وهي قبولهم لدين الإسلام إذا خلوا وما فطروا عليه لم يختاروا غيره كما قال (صلى الله عليه وآله وسلّم) كل مولود يولد على الفطرة (لا تبديل لخلق الله) أي ما ينبغي أن تبدل تلك الفطرة (ذلك) هو (الدين
ص: 274
المأمور (الدِّينُ) المسلك (الْقَيِّمُ) العدل السواء (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أولاد آدم لعماهم وعدم ادراكهم (لا يَعْلَمُونَ) ( 30 ) الأمر كما هو .
(مُنِيبِينَ) عوّادا عما سواه وهو حال (إِلَيْهِ) اللّه (وَاتَّقُوهُ) اللّه (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أدّوها لأعصارها (وَلا تَكُونُوا) أصلا (مِنَ) الأمم (الْمُشْرِكِينَ) ( 31 ) مع اللّه إلها سواه .
المراد (مِنَ) الأمم (الَّذِينَ فَرَّقُوا) صعصعوا (دِينَهُمْ) صراط رسولهم وأصاروه صرطا كما دعا أهواءهم وآراءهم ، أو طرحوا الإسلام (وَكانُوا) صاروا (شِيَعاً) أرهاطا لكلّ رهط إمام مطاع لهم وموصول ومؤسّس لمسلكهم (كُلُّ حِزْبٍ) رهط (بِما) أمر ووهم (لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) ( 32 ) أولو سرور لوهمهم ولع صراطهم سدادا وطلاحهم صلاحا .
(وَإِذا) كلّما (مَسَّ) وصل (النَّاسَ) أولاد آدم (ضُرٌّ) عسر كأداء ومحل (دَعَوْا) اللّه (رَبَّهُمْ) مولاهم (مُنِيبِينَ) عوّادا عمّا سواه (إِلَيْهِ) اللّه (ثُمَّ إِذا) رحمهم اللّه و (أَذاقَهُمْ) أوصلهم (مِنْهُ) صدده (رَحْمَةً) سلاما وسلّمهم ممّا مسّهم (إِذا فَرِيقٌ) رهط (مِنْهُمْ) أهل الإسلام (بِرَبِّهِمْ) مولاهم وهو اللّه (يُشْرِكُونَ) ( 33 ) سواه طوعا .
----------
القيم) المستقيم (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ذلك لعدم تفكرهم (منيبين) راجعين (إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من الذين) بدل (فرقوا دينهم) باختلافهم بأهوائهم (وكانوا شيعا) فرقا كل فرقة تشيع إماما (كل حزب بما لديهم فرحون) بظن أن ما عندهم الحق .
(وإذا مس الناس ضر) شدة (دعوا ربهم منيبين) راجعين (إليه) عن غيره (ثم إذا أذاقهم منه رحمة) خلاصا من الشدة (إذا) فجائية (فريق منهم
ص: 275
(لِيَكْفُرُوا) لام معلّل أو لام الأمر الموعد (بِما) آلاء (آتَيْناهُمْ) أعطوا وسمحوا (فَتَمَتَّعُوا) أمر موعد (فَسَوْفَ) مؤكّد للوعد (تَعْلَمُونَ) ( 34 ) درك حالكم ومآل أمرهم .
(أَمْ أَنْزَلْنا) إرسالا (عَلَيْهِمْ) أوّلا (سُلْطاناً) دالّا ومعلّما ومصرّحا أو المراد ملك معه علم ساطع (فَهُوَ) الدّال والمعلّم المصرّح (يَتَكَلَّمُ) المراد الإعلام أو الكلام (بِما) للمصدر أو موصول (كانُوا بِهِ) اللّه أو الأمر الداع (يُشْرِكُونَ) ( 35 ) ورها وطلاحا .
(وَإِذا) كلّما (أَذَقْنَا النَّاسَ) أولاد آدم (رَحْمَةً) مطرا أو وسعا أو صحا (فَرِحُوا) مرحوا (بِها) لوصولها (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) محل أو عسر أو داء معلّل (بِما) أعمال (قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) عملوا ومعاص عصوا (إِذا هُمْ) لوصول عسرهم (يَقْنَطُونَ) ( 36 ) دهم حسم طمعهم عمّا هو رحم اللّه وكرمه ، ورووه مكسور الوسط .
(أَ) عموا (وَلَمْ يَرَوْا) ما علموا (أَنَّ اللَّهَ) أحكم الحكماء (يَبْسُطُ الرِّزْقَ) موسع الأكل والطعم (لِمَنْ يَشاءُ) وسعه (وَيَقْدِرُ) محصر الأكل والطعم لكل أحد مراد حصره وعدم وسعه كما دعاه الحكم والإسرار ، وما لهم
----------
بربهم يشركون) في مقابلة رحمته (ليكفروا بما ءاتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون) عاقبة أمركم (أم) بل (أنزلنا عليهم سلطانا) حجة (فهو يتكلم) تكلم دلالة (بما كانوا به يشركون) بإشراكهم وصحته (وإذا أذقنا الناس رحمة) نعمة (فرحوا بها) بطرا (وإن تصبهم سيئة) شدة (بما قدمت أيديهم) بسبب ذنوبهم (إذا هم يقنطون) من الرحمة (أولم يروا) يعلموا (أن الله يبسط الرزق) يوسعه (لمن يشاء ويقدر) يضيقه لمن يشاء بحسب المصالح (إن في
ص: 276
حمدوا حال الوسع وما راموا صلاح المعاد حال العسر وحمل المكاره كأهل الإسلام (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) صروع إعلام (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 37 ) للّه ورسوله سدادا .
(فَآتِ) أعط (ذَا الْقُرْبى) أهل الرّحم (حَقَّهُ) وأكرمه وصل رحمه (وَ) أعط (الْمِسْكِينَ) المرمد سهمه المأمور (وَ) أعط (ابْنَ السَّبِيلِ) المار سهمه المحدود المأمور له الكلام مع رسول اللّه صلعم ومع كلّ أحد له الوسع والمآل (ذلِكَ) إعطاء سهامهم وأداء حصصهم (خَيْرٌ) أصلح (لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ) حال إعطاء هؤلاء (وَجْهَ اللَّهِ) لا سواه (وَأُولئِكَ) الملأ (هُمُ) وحدهم (الْمُفْلِحُونَ) ( 38 ) السعداء الكمّل لمّا حصلوا ممّا أعطاهم اللّه حالا دارالسلام وآلاءه ومسارّه .
(وَ) كلّ (ما آتَيْتُمْ) أكّال الرّماء ورووه لا مع المدّ (مِنْ) مال (رِباً لِيَرْبُوَا) للإكراء (فِي أَمْوالِ النَّاسِ) هؤلاء الأكّال (فَلا يَرْبُوا) معطاكم (عِنْدَ اللَّهِ) لمّا هو محرّم أو المراد الرباء الحلال والحاصل لا إكراء لمعطاكم صدد اللّه
----------
ذلك لآيات) على قدرته وحكمته (لقوم يؤمنون) بها (فأت ذا القربى حقه) أقربائك فرضهم من الخمس وعن الصادق (عليه السلام) لما نزلت أعطى (صلى الله عليه وآله وسلّم) فاطمة فدكا (والمسكين وابن السبيل) حقهما من الزكاة (ذلك خير للذين يريدون) بمعروفهم (وجه الله) جهة التقرب إليه لا جهة أخرى (وأولئك هم المفلحون) الفائزون بالنعيم الباقي .
(وما ءاتيتم من ربا) زيادة محرمة في المعاملة أو عطية يطلب بها أكثر منها وقرىء بالقصر أي ما جئتم به من ربا (ليربوا) ليزيد (في أموال الناس) أكلة الربا (فلا يربوا) فلا يزكوا (عند الله) بل يمحقه
ص: 277
وهو مهداكم لروم أوس آمر (وَما آتَيْتُمْ) أهل الوسع (مِنْ زَكاةٍ) عطاء مأمور (تُرِيدُونَ) حال الإعطاء (وَجْهَ اللَّهِ) وحده لا أمرا سواه (فَأُولئِكَ) معطو ما أمر اللّه كما أمر (هُمُ) وحدهم (الْمُضْعِفُونَ) ( 39 ) أولو ركوّ الأعدال .
(اللَّهُ) محكوم علاه محموله (الَّذِي خَلَقَكُمْ) أوّلا (ثُمَّ رَزَقَكُمْ) الأكل والطعم (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) حال إكمال أعماركم (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) معادا لعدّ الأعمال وإعطاء الأعدال واسألهم (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) دماكم وسواها الّلاءوا هم عدلاء اللّه صددكم (مَنْ يَفْعَلُ) طولا (مِنْ ذلِكُمْ) العمل المسطور وهو الأسر أوّلا وأمدا والإطعام والإهلاك (مِنْ) مؤكد (شَيْءٍ) وما ردّوا الحوار لوكلهم وعدم ألوهم وأورد اللّه ردّا لهم (سُبْحانَهُ) مصدر مؤكّد لعامله المطروح (وَتَعالى) علا علوّا كاملا (عَمَّا) « ما » للمصدر أو موصول (يُشْرِكُونَ) ( 40 ) مع اللّه الواحد الأحد سواه .
(ظَهَرَ) حلّ (الْفَسادُ) المحل وعدم الإمطار وهلاك أولاد آدم والسوّام ووكس كل أمر (فِي الْبَرِّ) الصحراء والدوّ (وَالْبَحْرِ) الداماء ورد المراد أمصار السواحل وأمصار الداماء (بِما) أعمال ومعاص (كَسَبَتْ) هو العمل
----------
ولا يثيب المكافىء (وما ءاتيتم من زكاة تريدون وجه الله) لا غيره (فأولئك هم المضعفون) من الثواب .
(الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم) أي هو فاعل بهذه الأفعال التي لا يقدر على شيء منها غيره (هل من شركائكم) ممن أشركتموهم به من الأصنام وغيرها (من يفعل من ذلكم) المذكور (من شيء) حتى تجوز عبادتكم لها (سبحانه وتعالى عما يشركون) به (ظهر الفساد في البر والبحر)
ص: 278
(أَيْدِي النَّاسِ) والمراد ما عملوا (لِيُذِيقَهُمْ) اللّه الحال عدلا اللّام معلّل أو للأمد (بَعْضَ) درك كسر العمل (الَّذِي عَمِلُوا) ودرك كلّه وأصل لهم معادا (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ( 41 ) عمّا عاودوه وهو العمل السوء .
(قُلْ) محمّد ( ص ) لهم (سِيرُوا) دوروا (فِي) صعد (الْأَرْضِ) وصحاراها (فَانْظُرُوا) وأدركوا (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) الأمم الهوالك (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلُ) أمامكم (كانَ أَكْثَرُهُمْ) هؤلاء الأمم (مُشْرِكِينَ) ( 42 ) مع اللّه إلها سواه .
(فَأَقِمْ) عدّل وسدّد (وَجْهَكَ) كلّك (لِلدِّينِ) للمسلك (الْقَيِّمِ) عدل السواء المسدّ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ) المراد الحلول (يَوْمٌ لا مَرَدَّ) هو مصدر مدلوله الردّ (لَهُ مِنَ اللَّهِ) موصوله وعامله « مردّ » لمّا هو مصدر أو ما أمامه (يَوْمَئِذٍ) حال حلول عصر معهود (يَصَّدَّعُونَ) ( 43 ) أهل العالم اصّدّع صار كسرا .
كلّ (مَنْ كَفَرَ) وردّ أمر اللّه (فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) درك ردّه وهو الساعور (وَ)
----------
كالقحط والموتان وكثرة المضار ومحق البركات (بما كسبت أيدي الناس) بسبب ذنوبهم أو ظهر الشر والظلم بكسبهم إياه (ليذيقهم بعض الذي عملوا) بعض وباله عاجلا (لعلكم يرجعون) يتوبون .
(قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل) من تدميرهم بسوء فعلهم (كان أكثرهم مشركين) أي كان سوء عاقبتهم لشركهم (فأقم وجهك للدين القيم) البليغ الاستقامة (من قبل أن يأتي يوم لا مرد له) لا يرده أحد (من الله يومئذ يصدعون) يتصدعون أي يتفرقون إلى الجنة والنار (من كفر فعليه) لا على غيره (كفره) أي وباله وهو النار (ومن عمل صالحا
ص: 279
كلّ (مَنْ) أسلم و (عَمِلَ) عملا (صالِحاً) مأمورا (فَلِأَنْفُسِهِمْ) وحدها (يَمْهَدُونَ) ( 44 ) المهد مهده سوّاه وسهّله وأعدّه .
(لِيَجْزِيَ) اللّه الأمم (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللّواء أمر اللّه (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه (إِنَّهُ) اللّه لا (يُحِبُّ) الأمم (الْكافِرِينَ) ( 45 ) أعداء الإسلام وهو إرساء وراء إرساء طردا وعكسا .
(وَمِنْ آياتِهِ) إعلام ألوّه (أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ) أرواح الطلوع والدلوك والإسار وعكسه ، ورووه موحّدا والمراد ح الصرع (مُبَشِّراتٍ) وإرسالها لإعلام المطر (وَلِيُذِيقَكُمْ) اللّه (مِنْ رَحْمَتِهِ) درور المطر وحصول الوسع ، أو المراد روح حاصل مع حصوله (وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ) حال حراكها وسط الداماء (بِأَمْرِهِ) وحكمه (وَلِتَبْتَغُوا) طمعا (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( 46 ) آلاء اللّه .
(وَلَقَدْ) اللام مؤكد (أَرْسَلْنا) لإعلام الأوامر والأحكام (مِنْ قَبْلِكَ)
----------
فلأنفسهم) لا لغيرها (يمهدون) منزلا في الجنة (ليجزي الذين ءامنوا وعملوا الصالحات من فضله) زيادة على ثوابهم الواجب لهم أو من عطائه وهو ثوابهم (إنه لا يحب الكافرين) أي يجازيهم بالعقوبة على كفرهم .
(ومن آياته أن يرسل الرياح) الجنوب والصبا والشمال وهي للرحمة وأما الدبور فللعذاب (مبشرات) بالغيث (وليذيقكم) عطف على معنى مبشرات أي ليبشركم وليذيقكم (من رحمته) وهي الغيث المسبب عنها أو الخصب التابع له أو الروح الحاصل بهبوبها (ولتجري الفلك بأمره) بإرادته (ولتبتغوا من فضله) تجارة البحر (ولعلكم تشكرون) هذه النعمة فتوحدونه .
ص: 280
محمّد ( ص ) (رُسُلًا) كراما (إِلى قَوْمِهِمْ) أرهاطهم (فَجاؤُهُمْ) الرسل أممهم (بِالْبَيِّناتِ) الأعلام السواطع وأسلم لهم رهط وردّهم رهط (فَانْتَقَمْنا) عدلا (مِنْ) الأمم (الَّذِينَ أَجْرَمُوا) عصوا وردّوا الرسل والمراد أهلكوا واصطلموا (وَكانَ حَقًّا) لاسما (عَلَيْنا) كرما ورحما (نَصْرُ) الأمم (الْمُؤْمِنِينَ) ( 47 ) للرسل والمراد سلامهم مع الرسل .
(اللَّهُ) هو (الَّذِي يُرْسِلُ) لإصلاح العالم (الرِّياحَ) والمراد هو محرّكها ورووه موحّدا (فَتُثِيرُ) الأرواح (سَحاباً فَيَبْسُطُهُ) اللّه (فِي السَّماءِ) العلو (كَيْفَ يَشاءُ) عاما وساما ودوّارا وراكدا (وَيَجْعَلُهُ) اللّه (كِسَفاً) كسورا (فَتَرَى) محمّد ( ص ) (الْوَدْقَ) المطر (يَخْرُجُ) المراد الدرور (مِنْ خِلالِهِ) وسطه (فَإِذا أَصابَ) اللّه (بِهِ) المطر (مَنْ يَشاءُ) صلاحه (مِنْ عِبادِهِ) أراد أمصارهم وصحاراهم (إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) ( 48 ) دهم سرورهم وروحهم لحصول الوسع .
(وَإِنْ كانُوا) أهل هؤلاء الأمصار (مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ) أمام درور المطر (عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ) كرّر مؤكّدا ورد معاد الهاء المطر أو الإرسال
----------
(ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات) فكذبوهم (فانتقمنا من الذين أجرموا) بالإهلاك (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) بالحجة والبرهان أو في الرجعة (الله الذي يرسل الرياح) وقرىء الريح (فتثير سحابا) تهيجه (فيبسطه في السماء) في جهتها (كيف يشاء) من قلة وكثرة وغيرهما (ويجعله كسفا) قطعا متفرقة (فترى الودق) المطر (يخرج من خلاله) من مخارجه (فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون) يفرحون (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله) كرر تأكيدا وقيل الهاء
ص: 281
(لَمُبْلِسِينَ) ( 49 ) حسّام طمع وأمل .
(فَانْظُرْ) محمّد ( ص ) (إِلى آثارِ) ورووه موحّدا (رَحْمَتِ اللَّهِ) المطر (كَيْفَ يُحْيِ) اللّه (الْأَرْضَ) والمراد حصول الكلاء وصروع الأحمال (بَعْدَ مَوْتِها) همودها (إِنَّ ذلِكَ) الإله المعلوم الممدوح وهو اللّه (لَمُحْيِ الْمَوْتى) الهلّاك معادا (وَهُوَ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مراد (قَدِيرٌ) ( 50 ) كامل طول .
(وَلَئِنْ) اللام مؤكّد ووطاء للعهد (أَرْسَلْنا رِيحاً) محصّلا للكلاء والأحمال (فَرَأَوْهُ) محصّلها (مُصْفَرًّا) مصحامّا وراء اسوداده (لَظَلُّوا) لصاروا حوار عهد سدّ مسدّ حوار ما ورده لام العهد (مِنْ بَعْدِهِ) ما مرّ وهو حوله مصحامّا (يَكْفُرُونَ) ( 51 ) وصلاحهم الحمد حال السرّاء والحمل للمكاره حال اللأواء ، وهم لكمال طلاحهم طرحوا الصلاح .
(فَإِنَّكَ) محمّد ( ص ) (لا تُسْمِعُ) كلاما مصلحا (الْمَوْتى) هلاك الأرواع أو كالهلّاك (وَلا تُسْمِعُ) أصلا ولو حكما وهو الومء (الصُّمَّ
----------
للإرسال (لمبلسين) لابسين .
(فانظروا إلى ءاثار رحمت الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك) أثر المطر من النبات والخصب (لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير) ومنه إحياء الموتى (ولئن أرسلنا ريحا) ضارة (فرأوه) أي الأثر وهو النبات (مصفرا) وقيل الهاء للسحاب لا أنه إذا أصفر لم يمطر (لظلوا) لصاروا جواب سد مسد الجزاء (من بعده) بعد أن رأوه مصفرا (يكفرون) ذمهم بأنهم إذا حبس عنهم المطر قنطوا ولم يستغفروا وإذا أمطروا فرحوا ولم يشكروا .
(فإنك لا تسمع الموتى) شبهوا بهم في عدم تدبرهم وبالصم في (ولا
ص: 282
الدُّعاءَ) المراد أصله أو الكلام (إِذا) كلّما (وَلَّوْا) عادوا (مُدْبِرِينَ) ( 52 ) وحوّلوا مرآهم .
(وَما أَنْتَ) محمّد ( ص ) (بِهادِ الْعُمْيِ) أرواعهم (عَنْ ضَلالَتِهِمْ) عدم صدادهم (إِنْ) ما (تُسْمِعُ) كلام الصلاح (إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ) سدادا (بِآياتِنا) كلها (فَهُمْ مُسْلِمُونَ) ( 53 ) طوّع لإعلام اللّه .
(اللَّهُ) هو (الَّذِي خَلَقَكُمْ) صوّركم (مِنْ ضَعْفٍ) ماء وأصل واه (ثُمَّ جَعَلَ) اللّه (مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ) وكل وعدم أولوّ (قُوَّةً) أراد حال إدراك الكمال الحلم (ثُمَّ) أدار الحال و (جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) وكمال ألوّ (ضَعْفاً وَشَيْبَةً) أراد حال الهرم (يَخْلُقُ) اللّه (ما) عولا وطولا وحورا وكورا (يَشاءُ) لحكم وأسرار (وَهُوَ) اللّه (الْعَلِيمُ) عالم أحوالهم (الْقَدِيرُ) ( 54 ) الكامل طوله وحوله .
(وَيَوْمَ تَقُومُ) المراد الحلول (السَّاعَةُ) سمّاها ما مرّ لحلولها أمدا ولا
----------
تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين) فإنهم حينئذ أبعد عن الإستماع (وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم) أي ما تبعدهم عنها بالهدى (إن) ما (تسمع) سماع قبول (إلا من يؤمن بآياتنا) ممن علمه الله أنه يصدق بها (فهم مسلمون) منقادون لأمره .
(الله الذي خلقكم من ضعف) أي ابتدأكم أطفالا ضعافا أو خلقكم من النطفة (ثم جعل من بعد ضعف قوة) أي قوة الشباب أو تعلق الروح (ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة) أي في حال الشيخوخة والهرم وقرىء بفتح الضاد في الثلاث وبضمها (يخلق ما يشاء) من ضعف وقوة وشيبة (وهو العليم) بكل شيء (القدير) على ما يشاء .
ص: 283
سعراء وراءها أو دهما (يُقْسِمُ) الأمم (الْمُجْرِمُونَ) أعداء الإسلام (ما لَبِثُوا) ما ركدوا للمرامس أو لدار الأعمال هو حوار العهد (غَيْرَ ساعَةٍ) لهول المطّلع وطول الركود ، أو لأمههم وسهوهم عصر الركود (كَذلِكَ) الصدّ (كانُوا) لدار الأعمال (يُؤْفَكُونَ) ( 55 ) هو الصدّ عمّا هو مسدّ .
(وَقالَ) الأملاك والرّسل وأهل الإسلام (الَّذِينَ أُوتُوا) أعطاهم اللّه (الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ) الإسلام لمّا أمر اللّه ، واللّه (لَقَدْ لَبِثْتُمْ) أرهاط الأعداء (فِي كِتابِ اللَّهِ) علم اللّه مسطور اللوح أو حكم اللّه وأمره أو كلام اللّه (إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ) والمعاد ردّوا كلامهم واطلعوهم وأعلموهم الأمر كما هو ووصموهم وهو (فَهذا) الحال (يَوْمِ الْبَعْثِ) والمعاد المردود صددكم (وَلكِنَّكُمْ) لكمال حسدكم وطلاحكم (كُنْتُمْ) لدار الأعمال ( لا تَعْلَمُونَ) ( 56 ) سداده .
(فَيَوْمَئِذٍ) حال حصول ما مرّ (لا يَنْفَعُ) الأمم (الَّذِينَ ظَلَمُوا) وعادوا الإسلام (مَعْذِرَتُهُمْ) كلامهم لدرء الإصر (وَلا هُمْ
----------
(ويوم تقوم الساعة) القيامة (يقسم المجرمون ما لبثوا) في القبور أو في الدنيا أو فيما بين فنائها والبعث وهو وقت انقطاع عذابهم (غير ساعة) يستقصرون مدة لبثهم بالنسبة إلى مدة عذاب الآخرة أو ينسونها (كذلك) الصرف عن الصدق (كانوا يؤفكون) يصرفون في الدنيا (وقال الذين أوتوا العلم والإيمان) من الملائكة وغيرهم (لقد لبثتم في كتاب الله) في علمه أو اللوح أو ما كتبه أي أوجبه أو القرآن من قوله ومن ورائهم برزخ (إلى يوم البعث) الذي أنكرتموه (ولكنكم كنتم لا تعلمون) وقوعه لعدم النظر (فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم) بالياء والتاء (ولا هم يستعتبون)
ص: 284
يُسْتَعْتَبُونَ ) ( 57 ) ولا هم رهطا مأمورا لهم الهود والعمل المحمود .
(وَلَقَدْ) اللّام مؤكّد (ضَرَبْنا) المراد الإعلام (لِلنَّاسِ) أهل الحرم (فِي هذَا الْقُرْآنِ) الكلام المرسل (مِنْ) مؤكّد (كُلِّ مَثَلٍ) حال ومحكوّ كحال طلّاح أهل المطّلع وكلامهم وعدم سماع إملاههم (وَلَئِنْ) اللام مؤكّد (جِئْتَهُمْ) أهل الحرم (بِآيَةٍ) علم ودالّ (لَيَقُولَنَّ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام لكمال عدواهم (إِنْ) ما (أَنْتُمْ) أرادوا الرسول وأهل الإسلام (إِلَّا) ملأ (مُبْطِلُونَ) ( 58 ) أولو ولع وسوء .
(كَذلِكَ) السدّ (يَطْبَعُ) المراد السّد (اللَّهُ) الملك العدل (عَلى قُلُوبِ) الأمم (الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ( 59 ) الأمر كما هو وهم أعداء الإسلام .
(فَاصْبِرْ) محمّد ( ص ) واحمل مكارههم (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ) وعد إمدادك وإعلاء الإسلام (حَقٌّ) معمول لا محال (وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ) هو الدعاء للإسراع والحمل علاه والمراد إسراع دعاء حلول حدّ الإصر كلام الرهط (الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) ( 60 ) المعاد وعملهم السوء .
----------
لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى رضا الله .
(ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل) منبه على التوحيد والبعث وصدق الرسول (ولئن جئتهم بآية) من القرآن أو مما اقترحوه (ليقولن الذين كفروا) عنادا (إن أنتم إلا مبطلون) أصحاب أباطيل (كذلك) الطبع (يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون) الحق لتركهم النظر أي يمنعهم ألطافه لعلمه بأنها لا تجدي فيهم (فاصبر) على أذاهم (إن وعد الله) بنصرك وإعلاء دينك (حق) منجز لا محالة (ولا يستخفنك) لا يحملنك على الخفة والضجر (الذين لا يوقنون).
ص: 285
ص: 286
ص: 287
ص: 288
( سورة لقمان )
موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
الإعلام السارّ لأهل الإسلام لإرسال كلام اللّه ، والأمر لأداء ما أمر أداءه ، واللّوم لرهط كلامهم لهو وسماعهم لهو ، ولوم أهل الصدود لصدّهم عمّا هو السداد ، وأحوال مرء صالح أعطاه اللّه علم الحكم ، والوصاء لطوع الوالد والأمّ ، وإعلام المرء الصالح لولده ما هو الصلاح والسداد وإعلام إكمال الآلاء ، وكلم كلام اللّه دأماء لا ساحل له ، وأدلاء ورود المعاد ، ولوم العدّال لرومهم السداد حال ورود الآصار وصدودهم حال وصول الوسع ، وهول العالم لوصولهم العسر ، وأهوال المعاد وإعلام عدم علم أمور ما علمها أحد إلّا اللّه الواحد الأحد .
ص: 289
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ألم) ( 1 ) سرّ اللّه مع رسوله .
(تِلْكَ) الكلم (آياتُ الْكِتابِ) المرسل (الْحَكِيمِ) ( 2 ) مملوّ الحكم والأسرار .
(هُدىً وَرَحْمَةً) كلّ واحد حال والعامل مدلول الومء ، ورووه محمولا طرح محكوم علاه وهو « هو » (لِلْمُحْسِنِينَ) ( 3 ) أعمالهم أراد عمّال صوالح الأعمال .
وهم (الَّذِينَ يُقِيمُونَ) المراد الأداء (الصَّلاةَ) لأعصارها (وَيُؤْتُونَ) هو الإعطاء (الزَّكاةَ) السهم المأمور إعطاءه أهله (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) المعاد (هُمْ) مكرّر مؤكد (يُوقِنُونَ) ( 4 ) .
(أُولئِكَ) العمّال وهو محكوم علاه محموله (عَلى هُدىً) معلوم
----------
(31 سورة لقمان ثلاث أو أربع وثلاثون آية مكية وقيل إلا ثلاثا من ولو أنما في الأرض.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(الم تلك) الآيات (ءايات الكتاب الحكيم) المحكم أو ذي الحكمة (هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم بالآخرة هم
ص: 290
(مِنْ) اللّه (رَبِّهِمْ) مولاهم (وَأُولئِكَ) العمّال (هُمُ) وحدهم (الْمُفْلِحُونَ) ( 5 ) السعداء الكمّل لمّا لهم علم واطد وعمل صالح .
(وَمِنَ النَّاسِ) أولاد آدم (مِنَ) مرء طالح (يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) أسمار الملوك الأول وأسطارهم الصحاصح أو السمود واللهو كلّ ما ألهاك عمّا هو صلاحك ولهو الكلام الكلام اللهو (لِيُضِلَّ) لصدهم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) صراط وصوله وهو الإسلام ، أو المراد لصدّهم عمّا درسوا كلام اللّه وسمعوه (بِغَيْرِ عِلْمٍ) حال (وَيَتَّخِذَها) الصراط (هُزُواً) أمرا ملهدا (أُولئِكَ) أولو اللهو (لَهُمْ) معادا (عَذابٌ) ألم (مُهِينٌ) ( 6 ) داحر لطردهم السّداد وسماعهم اللهو .
(وَإِذا) كلّما (تُتْلى عَلَيْهِ) مالك اللهو (آياتُنا) الكلام المرسل (وَلَّى) عاد (مُسْتَكْبِراً) عمّا أمره اللّه وهو إدراك مرادها وعلم مدلولها وسماعها وهو حال (كَأَنْ) مطروح الاسم محموله (لَمْ يَسْمَعْها) ما سمعها وهو حال ، والمراد حاله كحال عادم سماعها (كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ) معا (وَقْراً) حملا وهو حال (فَبَشِّرْهُ) أعلمه إعلاما ملوّحا سطح المسك ( بِعَذابٍ أَلِيمٍ )
----------
يوقنون) بيان للمحسنين وكرر هم تأكيدا (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون) فسر في البقرة الایة 5.
(ومن الناس من يشتري لهو الحديث) ما يلهي عن الخير كالغناء والأكاذيب والمضاحك وفضول الكلام (ليضل) الناس (عن سبيل الله) دينه (بغير علم) ولا بصيرة حيث يشتري الباطل بالحق (ويتخذها) أي السبل (هزوا) سخرية (أولئك لهم عذاب مهين) ذو إهانة (وإذا تتلى عليه ءاياتنا ولى مستكبرا) متكبرا (كأن لم يسمعها) مشبها من لم يسمعها (كان في أذنيه وقرا) مشبها
ص: 291
( 7 ) مؤلم .
(إِنَّ) الصلحاء الَّذِينَ آمَنُوا أسلموا للّه ورسوله سدادا وَعَمِلُوا الأعمال الصَّالِحاتِ اللّواء أمر اللّه لَهُمْ معادا جَنَّاتُ النَّعِيمِ ( 8 ) محال الآلاء والسرور .
خالِدِينَ دواما وهو حال ل « لهم » فِيها هؤلاء المحالّ وَعْدَ اللَّهِ مصدر مؤكد لمدلول لهم آه ، ومدلوله وعدهم اللّه وح الوعد مؤكّد للوعد حَقًّا مصدر مؤكّد لسواه ومدلوله الرسوّ وهو مؤكد للوعد ومؤكدهما لهم آه وَهُوَ اللّه الْعَزِيزُ الداحر المهلك للأعداء الْحَكِيمُ ( 9 ) الراصد للحكم حال إكرام الاودّاء .
خَلَقَ اللّه السَّماواتِ كلّها بِغَيْرِ عَمَدٍ واحده عماد أو عمود تَرَوْنَها والحاصل لا عمد لها أصلا وحسّا وَأَلْقى أحكم اللّه فِي سطح الْأَرْضِ أطوادا رَواسِيَ حواصد ومحاكم كره أَنْ تَمِيدَ ما دحرك ورهوك بِكُمْ أولاد آدم وَبَثَّ صعصع فِيها سطحها وهورها (مِنْ) مؤكّد (كُلِّ دابَّةٍ) اسم عام لكلّ ما له حسّ وحراك (وَأَنْزَلْنا) كرما ورحما (مِنَ السَّماءِ) العلو (ماءً) مطرا (فَأَنْبَتْنا) رعرع (فِيها مِنْ) مؤكّد
----------
الأصم (فبشره بعذاب أليم) أعلمه به والبشارة تهكم .
(إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم خلق السموات بغير عمد ترونها) فسر في الرعد (وألقى في الأرض رواسي) جبالا ثوابت كراهة (أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا) التفات إلى التكلم (من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل
ص: 292
(كُلِّ زَوْجٍ) صرع (كَرِيمٍ) ( 10 ) سهد مهد محمود .
(هذا) ما مرّ (خَلْقُ اللَّهِ) مأسوره وحده (فَأَرُونِي) رهط الأعداء (ما ذا خَلَقَ) الإله (الَّذِينَ) هم مطاعوكم (مِنْ دُونِهِ) سواه لحصول الطوع والعدل لهم مع اللّه ، والمراد ما أسروا ولو ماصلا (بَلِ) الأمم (الظَّالِمُونَ) أعداء الإسلام (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ( 11 ) معلوم أوّل الإدراك .
(وَلَقَدْ) اللام مؤكّد (آتَيْنا لُقْمانَ) اسم عالم أدرك « داود » الرسول ، وعلّمه داود العلم والحكم وحكم أمام سطوع داود ، ولمّا أرسل داود رسولا أمسك وما حكم وادّارء العلماء هل هو رسول معه صوارم المعود أم عالم الحكم ؟ وهو معاك العلماء كلّهم إلّا رهطا (الْحِكْمَةَ) سداد الكلام والعمل أو إكمال الروح وكدّ العلوم والأعمال الأكامل (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) وهو عام للحمد والعلم والعمل (وَمَنْ يَشْكُرْ) اللّه (فَإِنَّما) ما (يَشْكُرْ) إلّا (لِنَفْسِهِ) لعود عدله لها وهو دوام الآلاء (وَمَنْ كَفَرَ) آلاءه (فَإِنَّ اللَّهَ) مالك الملك والأمر (غَنِيٌّ) عمّا حمده أحد (حَمِيدٌ) ( 12 ) محمود للعوالم كلّها ، أو أهل للحمد ولو ما حمده العالم .
----------
زوج كريم) صنف ذي منافع (هذا) الذي ذكر (خلق الله) مخلوقة (فأروني ماذا خلق الذين من دونه) أي آلهتكم حتى أشركتموها به (بل الظالمون في ضلال مبين) وضع الظاهر موضع المضمر إيذانا بالعلة .
(ولقد ءاتينا لقمان) ابن باعور ابن أخت أيوب أو خالته وعمر حتى أدرك داود (الحكمة) تشمل العقل والعلم والعمل به والإصابة في القول (أن) لأن أو أي (أشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه) لعود نفعه إليها (ومن كفر فإن الله غني) عن الشكر (حميد) حقيق بالحمد وإن لم يحمدوا (وإذ قال لقمان لابنه
ص: 293
(وَ) ادّكر (إِذْ) لمّا (قالَ لُقْمانُ) عالم الحكم (لِابْنِهِ وَ) الحال (هُوَ يَعِظُهُ) ولده (يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ) أحدا (بِاللَّهِ) وأسلم ووحّد ، ورد عدل ولده مع اللّه إلها سواه ، ولمّا ردعه الوالد وكرّر ردعه أسلم (إِنَّ الشِّرْكَ) عدل أحد مع اللّه (لَظُلْمٌ) حدل (عَظِيمٌ) ( 13 ) كامل .
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) ولد آدم (بِوالِدَيْهِ) والده وأمّه (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ) حال حلوله الرحم (وَهْناً) مصدر مؤكد طرح عامله الحال محلّ الحال مركوّا (عَلى وَهْنٍ) وكلّما راع الحمل أمر حمله ، ورووه محرّك الهاء كالأوّل (وَفِصالُهُ) حسم ملحه (فِي) كمال (عامَيْنِ) وموصّاه (أَنِ اشْكُرْ) أحمد وأعمل (لِي وَلِوالِدَيْكَ) والدك وأمّك (إِلَيَّ الْمَصِيرُ) ( 14 ) معادك وعدّ أعمالك .
(وَإِنْ جاهَداكَ) أمراك وحملاك وأكرهاك (عَلى أَنْ تُشْرِكَ) عدلك (بِي ما) إلها (لَيْسَ لَكَ بِهِ) صحّ إله (عِلْمٌ) أصلا (فَلا تُطِعْهُما) أمرهما أصلا (وَصاحِبْهُما) وأمطهما (فِي) الدار (الدُّنْيا) دوام عمرك وعمرهما مطوّا (مَعْرُوفاً) معلوما ممّا أمر اللّه معمولا لأهل الكرم والحلم ووصل الرّحم
----------
وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله) قيل كان كافرا فما زال به حتى أسلم (إن الشرك لظلم عظيم) لأنه تسوية بين أشرف الموجودات وأخس المخلوقات.
(ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا) تهن وهنا (على وهن) ضعفا فوق ضعف إذ كلما ازداد الحمل ازدادت ضعفا (وفصاله في عامين) وهما مدة رضاعه (أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير) فأجازيك بعملك (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم) أريد بنفي العلم به نفيه أي ما ليس بشيء يعني الأصنام (فلا تطعهما) في ذلك (وصاحبهما في الدنيا معروفا) شرعا
ص: 294
(وَاتَّبِعْ) أطع وأسلك (سَبِيلَ) صراط (مَنْ أَنابَ) عاد (إِلَيَّ) أراد صراط أهل الإسلام (ثُمَّ إِلَيَّ) محلّ عدّ الأعمال (مَرْجِعُكُمْ) معادك ومعادهما (فَأُنَبِّئُكُمْ) أعلمكم (بِما) كلّ عمل (كُنْتُمْ) الحال (تَعْمَلُونَ) ( 15 ) وأعامل كلّ واحد كعمله إسلاما وردّا .
(يا بُنَيَّ إِنَّها) السوءاء (إِنْ تَكُ) السوءاء (مِثْقالَ) لهاء (حَبَّةٍ) وحدها (مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ) السوءاء ، ورووه مكسور الوسط (فِي صَخْرَةٍ) صمّاء (أَوْ فِي السَّماواتِ) العالم الأسمك (أَوْ فِي الْأَرْضِ) العالم الأحطّ (يَأْتِ بِهَا) السوءاء (اللَّهُ) معادا ومعامل مع عاملها مطوها (إِنَّ اللَّهَ) الملك العلّام (لَطِيفٌ) وأصل علمه كلّ سرّ (خَبِيرٌ) ( 16 ) عالم أصله ومرساه .
(يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ) أدّها لأعصارها لإكمالك (وَأْمُرْ) كل أحد (بِالْمَعْرُوفِ) المعلوم المأمور (وَانْهَ) وادرأ (عَنِ الْمُنْكَرِ) الأمر والعمل المردود لإكمال ما سواك (وَاصْبِرْ عَلى) كلّ (ما) مكروه (أَصابَكَ) وصلك ومسك حال الأمر والردع (إِنَّ ذلِكَ) ما أمر لك (مِنْ عَزْمِ
----------
وعرفا (واتبع سبيل من أناب) رجع (إلي) بالطاعة (ثم إلي مرجعكم) جميعا (فأنبئكم بما كنتم تعملون) بعمله .
(يا بني إنها) أي الخصلة من الإساءة والإحسان (إن تك مثقال) زنة (حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض) في أخفى موضع كجوف الصخرة أو أعلاها كالسموات أو أسفله كالأرض (يأت بها الله) يحضرها فيحاسب عليها (إن الله لطيف) نافذ القدرة (خبير) بكل خفي .
(يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك)
ص: 295
الْأُمُورِ ) ( 17 ) ممّا أمر اللّه وأكّد وحكم وأحكم .
(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ) صعّره أماله علوّا ولواه سمودا (لِلنَّاسِ) عموما كما هو عمل أهل السمود (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ) صرطها (مَرَحاً) مصدر حلّ محلّ الحال أو مصدر مؤكد طرح عامله والمرح المطواء (إِنَّ اللَّهَ) الملك الودود (لا يُحِبُّ) أصلا (كُلَّ مُخْتالٍ) مار مرحا (فَخُورٍ) ( 18 ) مصعّر لاو مرده والكلام معلل للردع .
(وَاقْصِدْ) اعمد الوسط واعدل (فِي مَشْيِكَ) مرورك (وَاغْضُضْ) كس (مِنْ صَوْتِكَ) وسهّل كلامك (إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ) أكرهها وأدّمها (لَصَوْتُ الْحَمِيرِ) ( 19 ) الحمر .
(أَ لَمْ تَرَوْا) أما حصل لكم علم (أَنَّ اللَّهَ) مولاكم (سَخَّرَ) طوّع (لَكُمْ) وسهّل كلّ (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو كالطوس والطحاء (وَ) كلّ ما ركد (فِي الْأَرْضِ) عالم الرّهص كالدأماء والمسل
----------
من المصائب في ذلك أو مطلقا (إن ذلك من عزم الأمور) من معزوماتها التي عزمها الله (ولا تصعر خدك للناس) لا تمله عنهم تكبرا من الصعر داء يلوي عنق البعير وقرىء تصاعر (ولا تمش في الأرض مرحا) تمرح مرحا أو لأجل المرح وهو البطر (إن الله لا يحب كل مختال فخور) علة النهي والمختال مقابل الماشي مرحا والفخور للمصعر خده وعكس الترتيب للفاصلة (واقصد في مشيك) توسط فيه بين الدبيب والإسراع بسكينة ووقار (واغضض) أقصر واخفض (من صوتك إن أنكر الأصوات) أقبحها (لصوت الحمير) الحمار ونهاقه مثلان للذم .
(ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات) من النيرات لمنافعكم (وما في
ص: 296
والسوام (وَأَسْبَغَ) أكمل ورووه مع الصاد (عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ) آلاءه ورووه موحّدا (ظاهِرَةً) ما هو معلوم حسّا كالسمع والمسحل والحواس (وَباطِنَةً) ما هو معلوم مع الدوالّ كالروع والحلم والعلم (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ) مرء طالح (يُجادِلُ) ممار (فِي اللَّهِ) وجوده وكماله (بِغَيْرِ عِلْمٍ) محصّل مدلّل (وَلا هُدىً) معلم رسول (وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) ( 20 ) أرسله اللّه .
(وَإِذا) كلّما (قِيلَ لَهُمُ) أمروا (اتَّبِعُوا) طاوعوا واسمعوا (ما) أحكاما وأوامر (أَنْزَلَ اللَّهُ) أرسلها (قالُوا) لا (بَلْ نَتَّبِعُ) طوعا كل (ما) حكم (وَجَدْنا عَلَيْهِ) الحكم (آباءَنا) أهل الأحلام (أَ) هم مطاعوكم (وَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ) الوسواس (يَدْعُوهُمْ) هؤلاء الطّلاح أو ولّادهم والحاصل ولو حال دعاء الوسواس لهم (إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) ( 21 ) آلامها .
(وَمَنْ يُسْلِمْ) أسلمه أصاره سالما صراحا للّه (وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ) الواحد الأحد (وَ) الحال (هُوَ مُحْسِنٌ) للعمل والمراد عامل عمل صالح (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ) أمسك (بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) المحلّ الأحكم والمسد المسلم
----------
الأرض) من الحيوان وغيره (وأسبغ) أوسع وأتم (عليكم نعمه ظاهرة وباطنة) محسوسة ومعقولة أو معلومة قال الباقر (عليه السلام): الظاهرة النبي وما جاء به والباطنة ولايتنا أهل البيت (ومن الناس من يجادل في الله) في توحيده (بغير علم) أخذ عن حجة (ولا هدى) عن رسول (ولا كتاب منير) أنزل الله بل بالتقليد (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه ءاباءنا) ذمهم على التقليد (أولو) إنكار أي أيتبعونه والحال لو (كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير) إلى ما يوجبه .
(ومن يسلم وجهه إلى الله) يفوض أمره إليه وعدي باللام لتضمنه معنى
ص: 297
(وَإِلَى اللَّهِ) مورد حكمه (عاقِبَةُ) مآل (الْأُمُورِ) ( 22 ) كلّها ، واللّه معامل معه كرما ورحما كعمله .
(وَمَنْ كَفَرَ) ما أسلم مرآه للّه (فَلا يَحْزُنْكَ) محمّد ( ص ) (كُفْرُهُ) عدم إسلامه (إِلَيْنا) سموما (مَرْجِعُهُمْ) معادهم حالا ومآلا (فَنُنَبِّئُهُمْ) أعلمهم (بِما) كلّ عمل (عَمِلُوا) وأعاملهم كأعمالهم إهلاكا وإصرا (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ) واسع علم (بِذاتِ الصُّدُورِ) ( 23 ) أسرار صدور الكل ومعامل كأعمالهم .
(نُمَتِّعُهُمْ) أصلحهم وأمهّلهم عصرا (قَلِيلًا) وأسمحهم ما هو أعود لهم (ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ) أركحهم (إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) ( 24 ) صعد عسر .
(وَلَئِنْ) اللّام مؤكّد (سَأَلْتَهُمْ) لإعلاء السداد (مَنْ خَلَقَ) وصوّر (السَّماواتِ) عالم العلو (وَالْأَرْضَ) عالم الرهص (لَيَقُولُنَّ) كلّهم هو (اللَّهُ) الواحد الأحد الملك الصمد (قُلِ) محمّد ( ص ) (الْحَمْدُ) كلّه حاصل (لِلَّهِ) وحده لوامهم مع أهل الإسلام وردّهم وهمهم العاطل ، وهو العدل مع اللّه إلها سواه (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ( 25 ) لسوم ما لسم
----------
أخلص (وهو محسن) لعمله (فقد استمسك بالعروة الوثقي) المحكمة وهو تمثيل للمعلوم بالمحسوس (و إلى الله عاقبة الأمور) مصيرها (ومن كفر فلا يحزنك) يغمك (كفره) فإنه لا يضرك (إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا) بالعقاب عليه (إن الله عليم بذات الصدور) بما فيها كغيره فيجازي عليه (نمتعهم) في دنياهم زمانا (قليلا ثم نضطرهم) في الآخرة (إلى عذاب غليظ) شديد ثقيل عليهم (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) مقرين بأنه خالقها (قل الحمد لله) على إلزامهم الحجة (بل أكثرهم لا
ص: 298
كلامهم .
(لِلَّهِ) ملكا وملكا كلّ (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) عالم (الْأَرْضِ) الرهص ولا أهل للطوع سواه (إِنَّ اللَّهَ هُوَ) وحده (الْغَنِيُّ) عمّا هو عمل العالم وهو الحمد أو سواه (الْحَمِيدُ) ( 26 ) الأهل للحمد مع عدم حمد أحد .
(وَلَوْ أَنَّ) كل (ما) حصل (فِي الْأَرْضِ) كلّها (مِنْ شَجَرَةٍ) صرعها (أَقْلامٌ وَ) الحال (الْبَحْرُ) الأعمّ مع وسعه مداد (يَمُدُّهُ) مداده حال رسم كلم اللّه (مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) مملوّ كلّها مدادا (ما نَفِدَتْ) هو المصوح (كَلِماتُ اللَّهِ) مع مصوح المداد (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ) كامل طول (حَكِيمٌ) ( 27 ) مراع للحكم والأسرار .
(ما خَلْقُكُمْ ) كلكم أوّلا (وَلا بَعْثُكُمْ) أسركم معادا (إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) إلّا كأسر واحد لكمال ألوّه (إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ) كل مسموع أو كلام أهل الصدود لردّ المعاد (بَصِيرٌ) ( 28 ) راء كلّ محسوس أو أعمال العدّال
----------
يعلمون) لزومها لهم (لله ما في السموات والأرض) ملكا وخلقا (إن الله هو الغني) على الإطلاق (الحميد) بالاستحقاق (ولو) ثبت (أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله) الدالة على علمه وحكمه بكتبها بتلك الأقلام بذلك المداد لعدم تناهيها وجمع القلة يشعر بأن ذلك لا يفي بقليلها دون كثيرها (إن الله عزيز) لا يعجزه شيء (حكيم) لا يخرج عن علمه وحكمته شيء (ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة) كخلقها وبعثها في قدرته فيكفي فيه إرادته (إن الله سميع بصير) لكل مسموع ومبصر .
ص: 299
ومعامل معهم كأعمالهم .
(أَ لَمْ تَرَ) أما حصل لك محمّد ( ص ) علم (أَنَّ اللَّهَ) كامل الطول (يُولِجُ اللَّيْلَ) مورده (فِي النَّهارِ) لعهد الحرّ (وَيُولِجُ النَّهارَ) مورده (فِي اللَّيْلِ) لعهد الصرّ ، والحاصل اللّه واكس كل واحد ومطوّل مطوه (وَسَخَّرَ) طوّع اللّه وسهّل (الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) معا (كُلٌّ) كل واحد (يَجْرِي) المراد الدور (إِلى) حلول (أَجَلٍ) أمد (مُسَمًّى) معلوم محدود لكلّ واحد وهو المعاد (وَأَنَّ اللَّهَ) مولاكم (بِما) كلّ عمل (تَعْمَلُونَ) الحال (خَبِيرٌ) ( 29 ) عالم .
(ذلِكَ) المسطور وهو وسع علمه وعموم الوّه وما سواه كلّه معلّل (بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ) وحده (الْحَقُّ) الحاصل المحكم اله والوه (وَأَنَّ) كلّ (ما يَدْعُونَ ) طوعا (مِنْ دُونِهِ) سواه هو وحده (الْباطِلُ) المعدوم المردود إله وألوّه (وَأَنَّ اللَّهَ) الأهل للطوع والإل (هُوَ) وحده (الْعَلِيُّ) السامك أمره (الْكَبِيرُ) ( 30 ) الكامل حكمه .
(أَ لَمْ تَرَ) محمّد ( ص ) (أَنَّ الْفُلْكَ) صرعها (تَجْرِي) المراد المرور (فِي الْبَحْرِ) الملح وسواه (بِنِعْمَتِ اللَّهِ) وكرمه وهو مسهّل الأرواح ومطوّع
----------
(ألم تر أن الله يولج الليل) يدخله (في النهار ويولج النهار في الليل) فينقص من كل ما يزيد في الآخر (وسخر الشمس والقمر كل) منها (يجري) في فلكه (إلى أجل مسمى) إلى وقت معلوم (وأن الله بما تعملون خبير ذلك) المذكور من قدرته (بأن الله هو الحق) بسبب أنه الثابت (وأن ما يدعون من دونه الباطل) الزائل (وأن الله هو العلي) على كل شيء (الكبير) عن أن يعد له شيء (ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله) بفضله ورحمته (ليريكم من
ص: 300
الماء (لِيُرِيَكُمْ) اللّه (مِنْ آياتِهِ) أعلامه ودوالّه (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) صروع أعلام (لِكُلِّ صَبَّارٍ) حمال للمكاره (شَكُورٍ) ( 31 ) حامد عامل عالم أو المراد أهل الإسلام .
(وَإِذا) كلّما (غَشِيَهُمْ) أهل الصدود وعلاهم وعراهم (مَوْجٌ) مور الماء (كَالظُّلَلِ) كالأطواد (دَعَوُا اللَّهَ) سامع الدعاء (مُخْلِصِينَ) حال (لَهُ) للّه (الدِّينَ) الدعاء وطاح أهواءهم ودماهم وصلح وطهر أرواعهم وأسرارهم (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ) سلّمهم اللّه وأوصلهم (إِلَى الْبَرِّ) الساحل (فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) واطد وراكد وسط صراط الإسلام ، وما عاد للطلاح أو سار وسط الإسلام والردّ ومعاد للإسلام كما هو حاله أوّلا (وَما يَجْحَدُ) ردّا (بِآياتِنا) أعلام الألوّ والآلاء كسلامهم ممّا مرّ (إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ) عال (كَفُورٍ) ( 32 ) لآلاء اللّه .
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) أهل الحرم (اتَّقُوا) اللّه (رَبَّكُمْ) مولاكم وروعوه (وَاخْشَوْا) روعوا (يَوْماً لا يَجْزِي) المراد الردّ والدرء (والِدٌ) راحم (عَنْ
----------
آياته) الدالة على تفرده بالإلهية والقدرة والحكمة (إن في ذلك لآيات) دلالات (لكل صبار) على بلائه (شكور) لنعمائه .
(وإذا غشيهم) أي الكفار (موج كالظلل) هو ما يظل من جبل أو سحاب أو غيرهما (دعوا الله مخلصين له الدين) الدعاء لا يدعون سواه (فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد) متوسط في الكفر منزجر بعض الانزجار أو ثابت على الطريق القصد وهو الإيمان (وما يجحد بآياتنا) ومنها الإنجاء من البحر (إلا كل ختار) غدار شديد الغدر (كفور) لنعم الله .
(يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزى والد عن ولده) لا يغني
ص: 301
وَلَدِهِ) سوءا ما (وَلا مَوْلُودٌ) ولد هو موصول مع والد أو محكوم علاه محموله (هُوَ جازٍ) رادّ (عَنْ والِدِهِ) المودود (شَيْئاً) سوءا ما (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ) وعد المعاد وإعطاء الأعدال (حَقٌّ) حاصل لا محال . (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ) هو المكر (الْحَياةُ الدُّنْيا) عمّا أمر اللّه وهو الإسلام (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ) حلمه وإمهاله (الْغَرُورُ) ( 33 ) الوسواس المدحور المطرود ، أو العمر الماصل ، أو الأمل .
(إِنَّ اللَّهَ) الملك العلّام (عِنْدَهُ) وحده (عِلْمُ) عصر حلول (السَّاعَةِ) المعاد (وَيُنَزِّلُ) اللّه (الْغَيْثَ) المطر الممدّ لأهل العالم لعصر معلوم ؟ ؟ ؟ صدده (وَ) هو وحده (يَعْلَمُ) كلّ (ما) حمل (فِي الْأَرْحامِ) حاله وكسا وكمالا وصرعه (وَما تَدْرِي) دراه علمه (نَفْسٌ) ما (ما) للسؤال (ذا تَكْسِبُ) هو العمل (غَداً) أو وراءه وهو معلوم للّه وحده (وَما تَدْرِي نَفْسٌ) ما (بِأَيِّ أَرْضٍ) محلّ (تَمُوتُ) وهو معلوم للّه وحده (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ) وسع علمه الكلّ (خَبِيرٌ) ( 34 ) عالم أسرار كما هو عالم سواه .
----------
عنه شيئا فيه (ولا مولود هو جاز عن والده شيئا) وغير النظم تأكيدا لعدم نفع المولود (إن وعد الله) بالبعث والجزاء (حق) لا خلف فيه (فلا تغرنكم الحيوة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) الشيطان بأن يمنيكم المغفرة فيجرئكم على الذنوب .
(إن الله عنده علم الساعة) علم وقت قيامها (وينزل الغيث) بوقته المعين له في علمه (ويعلم ما في الأرحام) أذكر أم أنثى تام أم ناقص (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا) من خير وشر ويعلمه الله (وما تدري نفس بأي أرض تموت) ويعلمه الله (إن الله عليم خبير).
ص: 302
ص: 303
ص: 304
( سورة السّجدة )
موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
إرسال كلام اللّه وهو أكمل الرسل وأكرمهم صلعم ، وأسر السماء والرمكاء والعالم كلّه ، وعطو ملك الأرواح أرواح ولد آدم ، وطرد أهل الطلاح معادا وورودهم الساعور ، وإعلام علوّ الطوع سمرا ، وإعلاء حال أهل الطوع كرما وعلوّا ، وكلام مسلّ للرسول صلعم لإعلام أحوال الرسل وأدلّاء الوحود ، والأمر للرسول صلعم للصدّ عمّا عدلوا وردّوا للإسلام .
ص: 305
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ألم) ( 1 ) اللّه أعلم ما أراد ، أو هو سرّ اللّه مع رسوله .
(تَنْزِيلُ) إرسال (الْكِتابِ) كلام اللّه المرسل لمحمّد صلعم وهو محكوم علاه (لا رَيْبَ) لا وهم (فِيهِ) وهو محمول أوّل (مِنْ) اللّه (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 2 ) مولاهم محمول سواه .
(أَمْ يَقُولُونَ) الأعداء عداء وحسدا (افْتَراهُ) سطّر الكلام محمّد ( ص ) لا (بَلْ هُوَ) كلام اللّه (الْحَقُّ) الأمر المحكم مرسلا (مِنْ) اللّه (رَبِّكَ) مالك الكلّ وملكهم (لِتُنْذِرَ) محمّد ( ص ) (قَوْماً) أولاد ماء السماء (ما) للإعلام (أَتاهُمْ) ما وردهم (مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (نَذِيرٍ) رسول مروّع أهوال المعاد (مِنْ قَبْلِكَ) أمامك أمما (لَعَلَّهُمْ) أولاد ماء السماء (يَهْتَدُونَ)
----------
(32 سورة السجدة ثلاثون أو تسع وعشرون آية مكية والظاهر ثلاثون آية.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك) رسول بشريعة ولا يدل على نفي وجود حجة لعدم خلو الزمان منه
ص: 306
( 3 ) سواء الصراط لهولك لهم .
(اللَّهُ) هو (الَّذِي خَلَقَ) صوّر (السَّماواتِ) كلها (وَالْأَرْضَ) صرعها (وَ) كل (ما) حلّ (بَيْنَهُما فِي) لهاء (سِتَّةِ أَيَّامٍ) أولها الأحد (ثُمَّ اسْتَوى) كما هو أهله وحراءه (عَلَى الْعَرْشِ) السماء الأطلس (ما لَكُمْ) أهل الحرم لو حصل لكم الطّلاح والصدود (مِنْ دُونِهِ) سواه (مِنْ) مؤكّد (وَلِيٍّ) ممدّ وهو اسم ما (وَلا شَفِيعٍ) رادّ لإصركم (أَ) أحاطكم السهو (فَلا تَتَذَكَّرُونَ) ( 4 ) الأمر المسطور .
(يُدَبِّرُ) اللّه (الْأَمْرَ) الحكم (مِنَ السَّماءِ) العلو (إِلَى الْأَرْضِ) الرهص دوام دار الأعمال (ثُمَّ يَعْرُجُ) الأمر هو الصعود ورووه لا معلوما (إِلَيْهِ) اللّه (فِي يَوْمٍ) محدود (كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ) عام (مِمَّا) أعوام (تَعُدُّونَ) ( 5 ) أهل العالم الحال ، وهو عصر المعاد لكمال هوله وعسر مطلعه .
(ذلِكَ) المصوّر وهو اللّه عالِمُ عالم الْغَيْبِ السرّ (وَ) عالم (الشَّهادَةِ) الحس (الْعَزِيزُ) الداحر للأعداء (الرَّحِيمُ) ( 6 ) وسع رحمه
----------
(لعلهم يهتدون) بإنذارك (الله الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام) مقدارها (ثم استوى على العرش) فسر في الأعراف (ما لكم من دونه) إذا جاوزتم رضاه (من ولي) ينصركم (ولا شفيع) يشفع لكم (أفلا تتذكرون) تتعظون بذلك .
(يدبر الأمر) أمر الدنيا مدة أيامها فينزله (من السماء إلى الأرض ثم يعرج) يرجع الأمر كله (إليه) بعد فنائها (في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون) في الدنيا (ذلك عالم الغيب والشهادة) ما غاب عن الخلق وما حضر
ص: 307
الأودّاء .
(الَّذِي أَحْسَنَ) أكمل (كُلَّ شَيْءٍ) مأسور (خَلَقَهُ) كرما ورحما (وَبَدَأَ) صدر (خَلْقَ الْإِنْسانِ) آدم (مِنْ طِينٍ) ( 7 ) حصحص مسوط ماء .
(ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ) أولاده (مِنْ سُلالَةٍ) دم مصومد حاصل (مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) ( 8 ) ملهد واه .
(ثُمَّ سَوَّاهُ) آدم وعدّله وأكمله (وَنَفَخَ) أرسل (فِيهِ) آدم (مِنْ رُوحِهِ) أصاره حرّاكا حسّاسا (وَجَعَلَ لَكُمُ) أولاد آدم (السَّمْعَ) الأسماع للسماع (وَالْأَبْصارَ) الحواس للإحساس (وَالْأَفْئِدَةَ) الأرواع للعلم والإدراك (قَلِيلًا ما) ما مؤكّد (تَشْكُرُونَ) ( 9 ) آلاءه .
(وَقالُوا) ردّاد المعاد (أَ إِذا ضَلَلْنا) هو الودس ، ورووه مع كسر اللام كما رووه مع الصاد أصله صلّ اللحم (فِي الْأَرْضِ) والمراد حولهم حصحصا (أَ إِنَّا) ح (لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) وهو المعاد (بَلْ هُمْ) لطلاحهم وعدم
----------
(العزيز) المنيع في ملكه (الرحيم) بعباده (الذي أحسن كل شيء) أحكمه وأتقنه أو علم كيف يخلقه (خلقه) بدل اشتمال من كل شيء (وبدأ خلق الإنسان) آدم (من طين ثم جعل نسله من سلالة) صفوة انسل من الصلب (من ماء مهين) حقير أي النطفة (ثم سواه) قومه وأتم تصويره (ونفخ فيه من روحه) إضافة تشريف (وجعل لكم) عدل إلى الخطاب تنبيها على جسامة نعم الجوارح (السمع) أي الأسماع (والأبصار والأفئدة) القلوب (قليلا ما تشكرون) ما زائدة أي شكرا قليلا .
(وقالوا أإذا ضللنا في الأرض) غبنا فيها بالدفن أو بأن صرنا ترابا مخلوطا
ص: 308
سدادهم (بِلِقاءِ) اللّه (رَبِّهِمْ) مالكهم (كافِرُونَ) ( 10 ) .
(قُلْ) لهم (يَتَوَفَّاكُمْ) المراد العطو عمما وكملا والمراد سلّ الأرواح (مَلَكُ الْمَوْتِ) سالّ الأرواح (الَّذِي وُكِّلَ) وكّله اللّه (بِكُمْ) سلّ أرواحكم وإحصاء مدد أعماركم (ثُمَّ إِلى) اللّه (رَبِّكُمْ) مولاكم (تُرْجَعُونَ) ( 11 ) معادا لإحصاء الأعمال وإعطاء الأعدال .
(وَلَوْ تَرى) الكلام مع رسول اللّه صلعم ، أو مع كلّ أحد (إِذِ الْمُجْرِمُونَ) أعداء الإسلام وردّاد المعاد (ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ) مركسوها (عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِمْ) مالك أمورهم لكمال الحسر والسدم وكلامهم ح (رَبَّنا) اللّهم (أَبْصَرْنا) سداد وعدك أوّلا أو ما وعد (وَسَمِعْنا) سداد كلام الرسل (فَارْجِعْنا) أعد لدار الأعمال (نَعْمَلْ) ح عملا (صالِحاً) مأمورا لك وهو الإسلام والطّوع للّه وحده (إِنَّا) كلّا (مُوقِنُونَ) ( 12 ) الحال وحوار « لو » مطروح مراد وهو لسطح لك أمر أمر ، أو « لو » للأمل المحال حصوله .
(وَلَوْ شِئْنا) صلاح الكلّ (لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها) للإسلام والطوع (وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ) الوعد (مِنِّي) وهو (لَأَمْلَأَنَّ) معادا دار الآلام
----------
بترابها (أءنا لفي خلق جديد) نبعث (بل هم بلقاء ربهم) بالبعث (كافرون) جاهدون (قل يتوفاكم) بقبض أرواحكم لا يبقى منها شيئا أو منكم أحدا (ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون) للجزاء .
(ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم عند ربهم) خجلا وندامة قائلين (ربنا أبصرنا) صدق وعدك (وسمعنا) منك تصديق رسلك (فارجعنا) إلى الدنيا (نعمل صالحا إنا موقنون) الآن فما ينفعهم ذلك وجواب لو لرأيت أسوأ حال والمضي فيها وفي إذ لتحقق الوقوع ولا مفعول ل ترى لأنها بصرية .
ص: 309
(جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ) الأرواح (وَالنَّاسِ) أولاد آدم (أَجْمَعِينَ) ( 13 ) معا .
وكلام وكلاء الساعور معهم ح (فَذُوقُوا) أصلوا الإصر والألم معلّلا (بِما نَسِيتُمْ) سهوكم (لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا) وعدم إسلامكم للّه وحده (إِنَّا نَسِيناكُمْ) المراد إهمالهم وطرح رحمهم ودوام آلامهم (وَذُوقُوا) أصلوا (عَذابَ الْخُلْدِ) المدام معلّلا (بِما) أعمال (كُنْتُمْ) لدار الأعمال (تَعْمَلُونَ) ( 14 ) وهو ردّ الإسلام كرّر الأمر مؤكّدا .
(إِنَّما) ما (يُؤْمِنُ) إسلاما (بِآياتِنَا) الكلام المرسل إلّا الأمم (الَّذِينَ إِذا) كلّما (ذُكِّرُوا) أعلموا (بِها خَرُّوا) هاروا (سُجَّداً) روعا عمّا وصلهم آصار اللّه وآلامه (وَسَبَّحُوا) للّه وصّالا (بِحَمْدِ) اللّه (رَبِّهِمْ) مولاهم (وَ) الحال (هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) ( 15 ) عمّا أمرهم اللّه وهو الإسلام والركوع له .
(تَتَجافى) هو العلو (جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) الموارك (يَدْعُونَ)
----------
(ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها) بالقسر والإلجاء (ولكن) بنينا الأمر على الاختيار فلذلك (حق القول مني) وعيدي (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) باختيارهم نسيان العاقبة وترك التفكر فيها كما يفيده (فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم) جازيناكم بنسيانكم أو تركناكم من الرحمة (وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون) من الكفر والمعاصي .
(إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا) وعظوا (بها خروا سجدا) خشية وتواضعا لله (وسبحوا) نزهوه عما لا يليق به متلبسين (بحمد ربهم) شكرا على نعمه (وهم لا يستكبرون) عن عبادته (تتجافى) ترتفع وتتنحى (جنوبهم عن المضاجع) الفرش ومواضع الاضطجاع للتهجد أي صلاة الليل
ص: 310
اللّه (رَبَّهُمْ) مولاهم (خَوْفاً) روع الإصر (وَطَمَعاً) أمل الرّحم (وَمِمَّا) أموال وأملاك (رَزَقْناهُمْ) أعطوا (يُنْفِقُونَ) ( 16 ) إعطاء لطوع اللّه وحصول وداده .
(فَلا تَعْلَمُ) أصلا (نَفْسٌ) ما لا ملك ولا مرسل (ما) للموصول أو للسؤال (أُخْفِيَ) أسرّ وأعدّ (لَهُمْ) لروحهم وسرورهم (مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) روح حواسّ (جَزاءً) مصدر مؤكد طرح عامله معلّلا (بِما) أعمال (كانُوا) الحال (يَعْمَلُونَ) ( 17 ) أطاح العدل .
(أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً) مسلّما للّه ورسله سدادا وعاملا عملا صالحا (كَمَنْ كانَ فاسِقاً) رادّا للإسلام (لا يَسْتَوُونَ) ( 18 ) أهل الإسلام وأهل الإلحاد .
(أَمَّا) الصلحاء (الَّذِينَ آمَنُوا) اسلموا للّه ورسوله سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللّواء أمر اللّه (فَلَهُمْ) معادا (جَنَّاتُ الْمَأْوى) معاد أرواح الكمّل (نُزُلًا) هو المعدّ للوارد وصار عاما معلّلا (بِما) أعمال (كانُوا) الحال (يَعْمَلُونَ) ( 19 ) أو « ما » للمصدر .
----------
(يدعون) داعين (ربهم خوفا) من عذابه (وطمعا) في رحمته (ومما رزقناهم ينفقون) في سبيل الخير وقيل نزلت في الذين لا ينامون حتى يصلون العتمة (فلا تعلم نفس) لا ملك ولا نبي (ما) الذي أو أي شيء (أخفي) أذخر (لهم من قرة أعين) مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (جزاء بما كانوا يعملون أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا) إنكار بمعنى النفي (لا يستوون) عند الله وجمع لمعنى من .
(أما الذين ءامنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى) يأوون إليها أو هي نوع من الجنان (نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما
ص: 311
(وَأَمَّا) الطّلاح (الَّذِينَ فَسَقُوا) عدوا عمّا أمرهم اللّه (فَمَأْواهُمُ) معادهم ومحلهم (النَّارُ كُلَّما أَرادُوا) أهل الساعور (أَنْ يَخْرُجُوا) الدلوع (مِنْها) الساعور (أُعِيدُوا) ردّوا (فِيها) لدوام الآلام والمراد إعلام دوام آصارهم (وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا) أصلوا (عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ) لدار الأعمال (بِهِ تُكَذِّبُونَ) ( 20 ) ورها وطلاحا .
(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ) لأطعمهم لا محال (مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) الأسهل الأسر والمحل والداء والهمّ (دُونَ) أمام (الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) ألم دار الساعور (لَعَلَّهُمْ) لعلّ طعّام الألم الأسهل (يَرْجِعُونَ) ( 21 ) عمّا هو معاودهم .
(وَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) وأسوأ (مِمَّنْ ذُكِّرَ) أعلم (بِآياتِ) اللّه (رَبِّهِ) الكلام المرسل (ثُمَّ أَعْرَضَ) صدّ (عَنْها) وما راعاها مع سطوعها (إِنَّا مِنَ) الأمم (الْمُجْرِمِينَ) أعداء الإسلام (مُنْتَقِمُونَ) ( 22 ) عدلا .
(وَلَقَدْ) اللام مؤكّد (آتَيْنا) الرسول (مُوسَى الْكِتابَ) المعلوم اسمه (فَلا تَكُنْ) محمّد ( ص ) (فِي مِرْيَةٍ) وهم (مِنْ لِقائِهِ) الرسول
----------
أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها) فسر في الحج (وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) مصائب القتل والأسر والقحط وروي في الرجعة (دون العذاب الأكبر) قبل عذاب الآخرة (لعلهم) أي لعل من بقي منهم (يرجعون) يتوبون قيل فأخر الوليد بن عقبة عليا علیه السلام يوم بدر فنزلت الآيات .
(ومن) أي لا أحد (أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها) فلم يتدبرها (إنا من المجرمين منتقمون ولقد ءاتينا موسى الكتاب) كما آتيناك (فلا تكن في مرية) في شك (من لقائه) من لقائك الكتاب نحو (وإنك لتلقى القرآن)
ص: 312
الطرس أو اللّه معادا ، أو إحساسك له سمر الصعود ، أو حال ورود المعاد (وَجَعَلْناهُ) الرسول أو طرسه (هُدىً) هدوّا (لِبَنِي إِسْرائِيلَ) رهطه .
(وَجَعَلْنا مِنْهُمْ) رهطه (أَئِمَّةً يَهْدُونَ) ( 23 ) العوام سواء الصراط ، وهو أداء أحكام الطرس وأوامره (بِأَمْرِنا لَمَّا) ورووه لما (صَبَرُوا) حملوا مكاره الأعداء وعملوا الأعمال العواسر (وَكانُوا بِآياتِنا) دوالّ إلالّ وأعلام الألوّ ورد المراد طرسهم (يُوقِنُونَ) ( 24 ) سدادا .
(إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) مولاك (هُوَ) وحده (يَفْصِلُ) هو الحكم (بَيْنَهُمْ) أهل العالم الرسل وأممهم ، أو أهل الإسلام وأهل الصدود (يَوْمَ الْقِيامَةِ) المعاد (فِيما) حكم (كانُوا) الحال (فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) ( 25 ) وهو أمر الملل .
(أَ) حاروا (وَلَمْ يَهْدِ) اللّه سواء الصراط (لَهُمْ) لأهل الحرم (كَمْ أَهْلَكْنا) حردا (مِنْ قَبْلِهِمْ) هؤلاء الطّلاح (مِنَ الْقُرُونِ) الأمم لصدودهم (يَمْشُونَ) حال ل « لهم » (فِي مَساكِنِهِمْ) مراحلهم ومحالّهم (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) صروع أعلام (أَ) صمّوا (فَلا يَسْمَعُونَ) ( 26 ) سماع
----------
أو من لقائك موسى ليلة الإسراء (وجعلناه) أي كتاب موسى (هدى لبني إسرائيل وجعلنا منهم أئمة يهدون) الناس إلى ما فيه من الدين (بأمرنا) إياهم به أو بتوفيقنا (لما صبروا) على الدين أو عن الدنيا (وكانوا بآياتنا يوقنون إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة) فيميز المحق من المبطل (فما كانوا فيه يختلفون) من أمر الدين .
(أولم يهد لهم) يبين لقريش الله أو ما دل عليه (كم أهلكنا) أي كثرة من أهلكناه (من قبلهم من القرون) الأمم بكفرهم (يمشون في مساكنهم) ويرون
ص: 313
ادّكار وإدراك .
(أَ) عموا (وَلَمْ يَرَوْا) حسّا (أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ) المطر كرما ورحما (إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ) العراء (فَنُخْرِجُ بِهِ) الماء (زَرْعاً) مع الطعام (تَأْكُلُ مِنْهُ) أصله (أَنْعامُهُمْ) سوّامهم (وَأَنْفُسُهُمْ) ومأكولهم الطعام (أَ) عموا (فَلا يُبْصِرُونَ) ( 27 ) كمال طوله وكرمه .
(وَيَقُولُونَ) ردّا لأهل الإسلام (مَتى هذَا الْفَتْحُ) الحكم وسط الكلّ وهو المعاد ، أو المدد لأهل الإسلام حالا (إِنْ كُنْتُمْ) الحال (صادِقِينَ) ( 28 ) كلاما وادعاء .
(قُلْ) لهم (يَوْمَ الْفَتْحِ) والحكم والإمداد (لا يَنْفَعُ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام (إِيمانُهُمْ) إسلامهم سدادا (وَلا هُمْ) ح (يُنْظَرُونَ) ( 29 ) هو الإمهال .
(فَأَعْرِضْ) وصدّ (عَنْهُمْ) واطرح همّ ردّهم (وَانْتَظِرْ) أرصد حلول حدّ الإصر والامداد (إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ) ( 30 ) حلول حوال الدهر ، أو هلاككم وهو حكم ورد أمام أمر العماس .
----------
آثارهم في أسفارهم (إن في ذلك لآيات) لعبر (أفلا يسمعون) سماع اعتبار (أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز) التي جرز بناؤها أي قطع وأذهب لا ما لا ينبت بدليل (فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم) كالعصف (وأنفسهم) كالحب (أفلا يبصرون) فيعلمون كمال قدرتنا .
(ويقولون متى هذا الفتح) النصر أو الفصل بالحكومة بيننا وبينكم (إن كنتم صادقين) في إتيانه (قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون) وهو يوم القيامة (فأعرض عنهم) تكرما (وانتظر) الغلبة عليهم (إنهم منتظرون) الغلبة عليك.
ص: 314
ص: 315
ص: 316
( سورة الأحزاب )
موردها مصر رسول اللّه صلعم ، ومحصول أصول مدلولها :
أمر الرسول صلعم للورع وعدم حصول الروع المكرّر لصدر واحد .
ورسول اللّه صلعم كالوالد لأهل الإسلام وأعراسه صلعم كأمامهم ، وإعلام عهد الرسل والسؤال عمّا هو سداد أهل السداد ، ولوم أهل العدول سرّا لا مسحلا ، وردّ أهل الصدود مع وهمهم وهمّهم ، وعدّ آلاء المعاد لأهل الإسلام ، وأحوال أهول رسول اللّه صلعم عرس مرء ادّعاه رسول اللّه ولده وراء ما سرّحه ، وإعلام عدم إرسال رسول وراء محمّد رسول اللّه صلعم ، وأحوال الأهول والسراح والعدد وردع أرداء رسول اللّه صلعم عما وردوا دور رسول اللّه صلعم مع عدم الإعلام ، وردع أهول أعراسه صلعم وعدم حلّه لأحد وراء رحله لدار السرور والوصول والوام مع الأملاك حال الدعاء والسلام للرسول صلعم ، وهول رهط أوصلوا مكروها لرسول اللّه صلعم ، وهول أهل الولع والمكر لطلاح كلامهم وطرد العدّال وسط الساعور ، والردع عمّا أولم أحد رسول اللّه صلعم والأمر للكلام المسدّد ، وإصر أهل الولع والمكر وهود أهل الإسلام .
ص: 317
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) الرسول محمّد ( ص ) (اتَّقِ اللَّهَ) أدم الورع (وَلا تُطِعِ) الأمم (الْكافِرِينَ) أعداء الإسلام حسّا ، أو المراد أهل الحرم (وَالْمُنافِقِينَ) أعداء الإسلام سرّا والمراد رهط أسلموا مسحلا وهم أهل مصر الرسول صلعم (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَلِيماً) وسع علمه الكلّ (حَكِيماً) ( 1 ) مراصدا للحكم والمصالح .
(وَاتَّبِعْ) أطع كل (ما يُوحى) كل ما هو مرسل (إِلَيْكَ) لإصلاحك وإصلاح الكلّ (مِنْ رَبِّكَ) والمراد الكلام المرسل (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (بِما) أعمال (تَعْمَلُونَ) الحال (خَبِيراً) ( 2 ) عالما .
(وَتَوَكَّلْ) عوّل (عَلَى اللَّهِ) وكل أمورك كلها له (وَكَفى بِاللَّهِ) اللّه
----------
(33 سورة الأحزاب ثلاث وسبعون آية مدنية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها النبي) نداء تعظيم (اتق الله) اثبت على تقواه (ولا تطع الكافرين والمنافقين) قالوا له ارفض ذكر آلهتنا وندعك وربك فنزلت (إن الله كان عليما) بالصواب (حكيما) في التدبير (واتبع ما يوحى إليك من ربك) أي القرآن (إن الله كان بما تعملون خبيرا وتوكل على الله) في أمرك (وكفى بالله
ص: 318
(وَكِيلًا) ( 3 ) حارسا لك موكولا له الأمور .
(ما جَعَلَ اللَّهُ) أصلا (لِرَجُلٍ) ما (مِنْ) مؤكد لمدلول « ما » (قَلْبَيْنِ فِي) صدر (جَوْفِهِ) وهو ردّ لواهمها (وَما جَعَلَ) اللّه .
(أَزْواجَكُمُ) أعراسكم (اللَّائِي تُظاهِرُونَ) هو كلام المرء لعرسه عرسه كمطا أمّه (مِنْهُنَّ) هؤلاء الأعراس (أُمَّهاتِكُمْ) وما حرّمها اللّه كما حرّمها (وَما جَعَلَ) اللّه (أَدْعِياءَكُمْ) هو مدعووكم ومسمّوكم أولادا (أَبْناءَكُمْ) أولادكم أصلا (ذلِكُمْ) دعاءكم أحدا ولدا أو كلّ ما مرّ (قَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ) وهو ردّ لكلامهم ووصمهم رسول اللّه صلعم لمّا أهل الرسول عرس مرء دعاه ولدا أهل محمد عرس ولده (وَاللَّهُ) الحكم العدل (يَقُولُ) مداما الأمر (الْحَقَّ) المسدّ (وَهُوَ) اللّه لا سواه (يَهْدِي) كلّ أحد مراد هداه (السَّبِيلَ) ( 4 ) صراط السداد .
----------
وكيلا) حافظا .
(ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) لأنهما إن اتحدا في الفعل فأحدهما فضلة لا حاجة إليها وإن اختلفا فيه اتصف الشخص بالضدين في وقت واحد (وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم) والظهار قول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر أمي (وما جعل أدعياءكم) جمع دعي وهو من يدعي ابنا لغير أبيه (أبناءكم) إذ كانوا يسمون زيد بن حارثة: ابن محمد، ونفي القلبين وأمومة المظاهرة تمهيدا لذلك أي كما لم يجعل قلبين في جوف ولا زوجة أما لم يجعل الدعي ابنا لمن تبناه، والغرض رفع قالة الناس عنه (صلى الله عليه وآله وسلّم) حين تزوج زينب بعد أن طلقها زيد بن حارثة أنه تزوج امرأة ابنه (ذلكم) النسب (قولكم بأفواهكم) لا حقيقة له (والله يقول الحق وهو يهدي السبيل) سبيل الحق .
ص: 319
(ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ) ولّادهم (هُوَ) دعاءهم لولّادهم (أَقْسَطُ) أعدل (عِنْدَ اللَّهِ) الملك العدل وهو معلّل ل « ادعوهم » (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ) أسماءهم (فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ) الإسلام (وَمَوالِيكُمْ) أولاد أعمامكم (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (جُناحٌ) إصر (فِيما) كلام (أَخْطَأْتُمْ بِهِ) أمام ورود الردع أو وراءه سهوا والحاصل هو ممحوّ لكم (وَلكِنْ) كلّ (ما) كلام (تَعَمَّدَتْ) هو العمد (قُلُوبُكُمْ) معدود مرسوم له إصر وعدل (وَكانَ اللَّهُ) دواما (غَفُوراً) لمّا صدر أوّلا أمام ورود المحرّم (رَحِيماً) ( 5 ) وسع رحمه كلّكم .
(النَّبِيُّ) الرسول محمّد صلعم (أَوْلى) أكمل أمما (بِالْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) لدعاء الرسول لإصلاحهم حالا ومآلا ودعاء الأهواء لعكسه (وَأَزْواجُهُ) ؟ ؟ ؟ كلّها (أُمَّهاتُهُمْ) كامامهم والمراد أهولها حرام كأهولها وإكرامها مأمور كاكرامها (وَأُولُوا الْأَرْحامِ) الأحمّاء (بَعْضُهُمْ) أهل الأرحام (أَوْلى) أوصل (بِبَعْضٍ) وهو حكم ماح ومحوّل لحكم معمول صدر الإسلام وهو إعطاء حصص مال الهلّاك لأهل الرحل وأهل الإسلام عموما
----------
(ادعوهم لآبائهم) انسبوهم إليهم (هو أقسط) أعدل (عند الله فإن لم تعلموا ءاباءهم فإخوانكم) فهم إخوانكم (في الدين ومواليكم) وأولياؤكم فيه فقولوا: أخي ومولاي (وليس عليكم جناح) إثم (فيما أخطأتم به) من ذلك قبل النهي أو لسبق اللسان (ولكن ما) أي فيما (تعمدت قلوبكم) الجناح (وكان الله غفورا) للمخطىء (رحيما) بالعفو عن العامد إن شاء .
(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) في أمور الدين أو الدنيا (وأزواجه أمهاتهم) كأمهاتهم في التحريم (وأولوا الأرحام) ذوو القرابات (بعضهم أولى
ص: 320
(فِي كِتابِ اللَّهِ) حكمه أو اللوح أو ما أمر اللّه لا الرحّال وأهل الإسلام (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أهل الرموك (وَالْمُهاجِرِينَ) سواء (إِلَّا) حال (أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ) الأودّاء أمرا (مَعْرُوفاً) معلوما ممّا أمر اللّه مودودا لأهل الكرم وهم الوصاء (كانَ ذلِكَ) رواح ملك الإسلام والرحل (فِي الْكِتابِ) اللوح المحروس أو كلام اللّه المرسل أو المراد طرس الهود (مَسْطُوراً) ( 6 ) مرسوما .
(وَ) ادّكر (إِذْ) لمّا (أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ) الكمّل كلّهم (مِيثاقَهُمْ) عهدهم حال حلولهم مصره (وَمِنْكَ) محمّد ( ص ) (وَمِنْ نُوحٍ) أطول الرسل عمرا (وَإِبْراهِيمَ) أمامكم (وَمُوسى) رسول الهود (وَعِيسَى) روح اللّه (ابْنِ مَرْيَمَ) والمعهود اعلام الأوامر والأحكام للعالم ودعاءهم لوحود اللّه وطوعه والإسلام له (وَأَخَذْنا) ح (مِنْهُمْ مِيثاقاً) عهدا (غَلِيظاً) ( 7 ) مؤكدا مع الحلط وعمل ما عمل .
(لِيَسْئَلَ) اللّه الصلحاء (الصَّادِقِينَ) وهم الرسل (عَنْ صِدْقِهِمْ)
----------
ببعض) في الإرث نسخ التوارث بالهجرة والموالاة في الدين (في كتاب الله) في حكمه أو اللوح المحفوظ أو القرآن (من المؤمنين والمهاجرين) أي الأقارب بالقرابة أولى بالإرث من المؤمنين بالإيمان والمهاجرين بالهجرة (إلا) لكن (أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) بوصية جائز (كان ذلك) المذكور (في الكتاب) اللوح أو القرآن (مسطورا) مثبتا .
(وإذ) واذكر إذ (أخذنا من النبيين ميثاقهم) عهودهم بتبليغ الرسالة (ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم) خصوا بالذكر لفضلهم وقدم نبينا لأفضليته (وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) شديدا أو مؤكدا باليمين (ليسئل) الله
ص: 321
وسدادهم (وَأَعَدَّ) سهّل (لِلْكافِرِينَ) ردّاد هؤلاء (عَذاباً أَلِيماً) ( 8 ) مؤلما .
(يا أَيُّهَا) الصلحاء (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله سدادا (اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ) آلاه (عَلَيْكُمْ إِذْ) لمّا (جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) عساكر لعهد الأكر حول مصر الرسول (فَأَرْسَلْنا) وسلّط (عَلَيْهِمْ) حردا (رِيحاً) صرصرا (وَجُنُوداً) عساكر أملاك (لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللَّهُ) دوّاما (بِما) أعمال (تَعْمَلُونَ) الحال أو ح (بَصِيراً) ( 9 ) عالما علما كالحس والمارد أصله .
(إِذْ) لمّا (جاؤُكُمْ) أعداء الإسلام (مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) حولكم (وَإِذْ) لمّا (زاغَتِ) هو الركوح (الْأَبْصارُ) الحواس (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ) هولا وروعا (الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ) ح (بِاللَّهِ) الواحد الأحد (الظُّنُونَا) ( 10 ) صروع الأوهام كالطمع وعدمه .
(هُنالِكَ) ح (ابْتُلِيَ) محّص الملأ (الْمُؤْمِنُونَ) اللّه سدادا
----------
(الصادقين عن صدقهم) الأنبياء عن تبليغ الرسالة (و أعد للكافرين عذابا أليما)کانه المومنین و اعد للکافرین.
(يا أيها الذين ءامنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود) من الكفار (فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها) ملائكة (وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاءوكم) بدل من إذ جاءتكم (من فوقكم ومن أسفل منكم) من أعلى الوادي ومن أسفله (وإذ زاغت الأبصار) مالت عن مقرها دهشا وشخوصا (وبلغت القلوب الحناجر) فزعا إذ عند شدته تنتفخ الرئة فيرتفع القلب إلى الحنجرة وهي منتهى الحلقوم (وتظنون بالله الظنونا) المختلفة فظن المخلصون النصر وأن الله مبتليهم فخافوا أضعف الاحتمال والمنافقون وضعفة القلوب ما حكى عنهم .
ص: 322
(وَزُلْزِلُوا) حرّكوا (زِلْزالًا شَدِيداً) ( 11 ) كاملا .
(وَ) ادّكر (إِذْ يَقُولُ) الملأ (الْمُنافِقُونَ) أعداء الإسلام سرّا (وَ) الرهط (الَّذِينَ) رسا (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) وهم وعمه (ما وَعَدَنَا اللَّهُ ) الواحد الأحد (وَرَسُولُهُ) محمد ( ص ) والمراد وعد الإمداد (إِلَّا) وعدا (غُرُوراً) ( 12 ) مكرا هدرا .
(وَ) ادّكر (إِذْ قالَتْ طائِفَةٌ) رهط (مِنْهُمْ) أعداء الإسلام سرّا (يا أَهْلَ يَثْرِبَ) هو اسم مصر الرسول (لا مُقامَ) لا مرمك ولا محلّ (لَكُمْ فَارْجِعُوا) عودوا لمأواكم وهو مصر الرسول صلعم كلّموهم حال حلولهم سلع طود للعماس ، أو المراد عودوا لردّ الإسلام واطرحوه لحصول السلام (وَيَسْتَأْذِنُ) هو روم الحكم (فَرِيقٌ) رهط (مِنْهُمْ) هؤلاء الطّلاح (النَّبِيَّ) الرسول محمّدا ( ص ) للعود (يَقُولُونَ) هؤلاء الرهط (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) دور لا حصد لها ، ورووه مكسور الواو (وَ) الحال (ما هِيَ) دورهم (بِعَوْرَةٍ) دور لا حصد لها (إِنَّ) ما (يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) ( 13 ) دحلا ورواحا وطرحا
----------
(هنالك ابتلي المؤمنون) اختبروا فتبين المخلص الثابت من غيره (وزلزلوا) أزعجوا (زلزالا شديدا) من الفزع .
(وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض) ضعف يقين (ما وعدنا الله ورسوله) بالنصر والفتح (إلا غرورا) وعدا باطلا (وإذ قالت طائفة منهم) ابن أبي وأضرابه (يا أهل يثرب) هي المدينة أو أرضها (لا مقام) موضع قيام (لكم) هاهنا (فارجعوا) إلى منازلكم في المدينة وكانوا مع النبي خارجها (ويستأذن فريق منهم النبي) للرجوع (يقولون إن بيوتنا عورة) غير حصينة (وما هي بعورة) بل حصينة (إن) ما (يريدون) بذلك (إلا فرارا) من القتال .
ص: 323
للعماس .
(وَلَوْ دُخِلَتْ) المصر (عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها) حدودها (ثُمَّ سُئِلُوا) سألهم الورّاد (الْفِتْنَةَ) العدل مع اللّه والعماس مع أهل الإسلام (لَآتَوْها) أعطوها ورووه لا مع المدّ والمراد لو ردوها وعملوها (وَما تَلَبَّثُوا) هو عكس الإسراع (بِها) والمراد إعطاؤها (إِلَّا يَسِيراً) ( 14 ) ماصلا .
(وَلَقَدْ كانُوا) هؤلاء الطلحاء (عاهَدُوا اللَّهَ) مولاهم والمراد عاهدوا رسول اللّه (مِنْ قَبْلُ) أوّلا وهو عصر عماس أحد لمّا راعوا وعادوا وعهدوا وعدم عودهم كما دلّ (لا يُوَلُّونَ ) أصلا (الْأَدْبارَ) الأكساء (وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ) معهوده (مَسْؤُلًا) ( 15 ) إكماله وكسره .
(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (لَنْ يَنْفَعَكُمُ) أصلا (الْفِرارُ) الدحل (إِنْ فَرَرْتُمْ) روعا (مِنَ الْمَوْتِ) الهلاك (أَوِ الْقَتْلِ) الهلاك (وَإِذاً) حال دحلكم (لا تُمَتَّعُونَ) وراء دحلكم (إِلَّا) عصرا (قَلِيلًا) ( 16 ) .
(قُلْ) لهم (مَنْ) للسؤال (ذَا) هو (الَّذِي يَعْصِمُكُمْ) عصمه حرسه (مِنَ اللَّهِ) ممّا أراد اللّه إرساله لكم وهو الأسر (إِنْ أَرادَ) اللّه ( بِكُمْ
----------
(ولو دخلت) المدينة أو بيوتهم (عليهم من أقطارها) نواحيها أي لو دخلها هؤلاء العساكر أو غيرهم بنهب وسبي (ثم سئلوا الفتنة) الشرك وقتال المسلمين (لأتوها) لأعطوها (وما تلبثوا بها) بالفتنة أو المدينة (إلا) زمانا (يسيرا ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار) عند فرارهم بأحد أن لا يفروا (وكان عهد الله مسئولا) عن الوفاء به (قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت) حتف الأنف (أو القتل) إذ لا بد لكم من أحدهما (وإذا) وإن نفعكم الفرار فرضا (لا تمتعون) بالدنيا (إلا) تمتيعا أو زمانا (قليلا قل من ذا الذي
ص: 324
سُوءاً) إهلاكا أو كسرا (أَوْ) لا موصل مكروه لو (أَرادَ) اللّه (بِكُمْ رَحْمَةً) سرورا (وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ) أصلا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (وَلِيًّا) ودودا مصلحا لهم (وَلا نَصِيراً) ( 17 ) ممدّا رادّا للسوء .
(قَدْ يَعْلَمُ) دواما (اللَّهُ) عالم الكلّ (الْمُعَوِّقِينَ) العوّاد عمّا أمرهم الرسول (مِنْكُمْ) وهم أعداء الإسلام سرّا (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ) أصلا وهم ركّاد مصر رسول اللّه صلعم (هَلُمَّ) ردوا (إِلَيْنا) ودعوا محمّد ( ص ) (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ) العماس (إِلَّا) وردوا أو عصرا (قَلِيلًا) ( 18 ) .
(أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) أهل إمساك وروع ، وهو حال لمعمول عامل العماس (فَإِذا) كلّما (جاءَ الْخَوْفُ) روع الأعداء وروع رسول اللّه صلعم (رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ) حسّا (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) حواسّهم (كَالَّذِي) كإحساس أو كدور إحساس مرء (يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) عواسره وهو رواح الحس والحراك (فَإِذا ذَهَبَ) ماط (الْخَوْفُ) والروع وسلموا وحصّلوا الأموال (سَلَقُوكُمْ) لدموكم أو ألموكم ، وأصله السطو (بِأَلْسِنَةٍ
----------
يعصمكم) يمنعكم (من الله إن أراد بكم سوءا) ضرا (أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا) ينفعهم (ولا نصيرا) يدفع الضر عنهم .
(قد يعلم الله المعوقين منكم) المبطئين عن الرسول (والقائلين لإخوانهم هلم) أقبلوا (إلينا) وبين في الأنعام (ولا يأتون البأس) القتال (إلا) إتيانا أو زمانا (قليلا) رياء وتثبيطا (أشحة) بخلاء (عليكم) بالمعاونة والنفقة في سبيل الله (فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت) سكراته (فإذا ذهب الخوف) وحيزت الغنائم (سلقوكم) خاصموكم (بألسنة حداد) ذربة طلبا للغنيمة (أشحة على
ص: 325
حِدادٍ) كلاما (أَشِحَّةً) حال (عَلَى الْخَيْرِ) مال الأعداء (أُولئِكَ) الأعداء (لَمْ يُؤْمِنُوا) للّه ورسوله سدادا (فَأَحْبَطَ) أهلك ومحا (اللَّهُ) وأهدر (أَعْمالَهُمْ) الصوالح (وَكانَ ذلِكَ) المحو والإهدار (عَلَى اللَّهِ) كامل الطول (يَسِيراً) ( 19 ) سهلا .
(يَحْسَبُونَ) لعدم ودّهم للعماس (الْأَحْزابَ) أرهاط الأعداء (لَمْ يَذْهَبُوا) ما راحوا للحرم وما كسروا (وَإِنْ يَأْتِ) عودا (الْأَحْزابَ) أرهاط الأعداء (يَوَدُّوا) المراد الأمل (لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ) حلّال (فِي) محال (الْأَعْرابِ) أهل الدوّ والمراد معهم (يَسْئَلُونَ) كلّ وارد (عَنْ أَنْبائِكُمْ) أحوالكم مع الأعداء (وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ) معكم الحال وما عادوا لمصر رسول اللّه (ما قاتَلُوا) الأعداء (إِلَّا قَلِيلًا) ( 20 ) روع عار .
(لَقَدْ كانَ) دواما (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ) محمّد صلعم (أُسْوَةٌ) ورووه مكسور الأوّل ومدلولهما واحد (حَسَنَةٌ) وئام محمود (لِمَنْ) لكلّ أحد (كانَ يَرْجُوا اللَّهَ) هو الروع أو الأمل (وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) أهواله وأحواله
----------
الخير) الغنيمة (أولئك لم يؤمنوا) باطنا (فأحبط الله أعمالهم) الباطلة أي أظهر بطلانها (وكان ذلك) الإحباط (على الله يسيرا) هينا (يحسبون) أي هؤلاء لجبنهم (الأحزاب لم يذهبوا) منهزمين وقد ذهبوا فانصرفوا إلى المدينة خوفا (وإن يأت الأحزاب) كرة أخرى (يودوا) يتمنوا (لو أنهم بادون في الأعراب) خارجون إلى البدو وكائنون في الأعراب (يسئلون عن أنبائكم) أخباركم (ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا) رياء .
(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) أي هو قدوة يحسن التأسي به في الثبات في الحرب وغيره (لمن كان يرجوا الله) يأمل ثوابه ويخاف عقابه (واليوم
ص: 326
(وَذَكَرَ اللَّهَ) وحده ادّكارا (كَثِيراً) ( 21 ) حال الروع والأمل والعسر والسرور .
(وَلَمَّا رَأَ) صراحا الملأ (الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ) أرهاط والأعداء (قالُوا هذا) كسر الأعداء وإمداد أهل الإسلام (ما) أمر (وَعَدَنَا اللَّهُ) كرما (وَ) أعلمه (رَسُولُهُ) محمّد ( ص ) (وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) وعدهما وعلموا حصول الإمداد لهم حالا ، وورودهم دارالسلام معادا (وَما زادَهُمْ) حصول الموعود أو ما رأوا (إِلَّا إِيماناً) كمال إسلام للّه (وَتَسْلِيماً) ( 22 ) لأمره .
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) عدادهم (رِجالٌ) كمّل (صَدَقُوا) عملوا (ما) عملا (عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) وهو رسوّهم مع الرسول صلعم وعماسهم مع الأعداء لإعلاء الإسلام (فَمِنْهُمْ) هؤلاء عمّال المعهود (مَنْ قَضى) أكمل (نَحْبَهُ) عهده أراد هلك أو أهلك (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) كمال العهد والهلاك حال عماس الأعداء (وَما بَدَّلُوا) العهد وما حوّلوه (تَبْدِيلًا) ( 23 ) ما .
(لِيَجْزِيَ اللَّهُ) الملك العدل (الصَّادِقِينَ) عملا وكلاما (بِصِدْقِهِمْ) وسدادهم وهو أداء عهدهم (وَيُعَذِّبَ) اللّه (الْمُنافِقِينَ) عدلا ( إِنْ شاءَ )
----------
الآخر وذكر الله كثيرا) أي المقتدي بالرسول هو الراجي المواظب على الذكر (ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله) في الوعد (وما زادهم) ما رأوا (إلا إيمانا) بوعد الله (وتسليما) لأمره (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) من الثبات مع الرسول (فمنهم من قضى نحبه) نذره قاتل حتى قتل كحمزة (ومنهم من ينتظر) الشهادة كعلي (وما بدلوا) العهد (تبديلا) كما بدل المنافقون (ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء) إذا لم يتوبوا (أو يتوب عليهم)
ص: 327
أراد آلامهم لو هلكوا مع طلاحهم وما هادوا (أَوْ يَتُوبَ) اللّه (عَلَيْهِمْ) لو هادوا وعادوا (إِنَّ اللَّهَ) أكرم الكرماء (كانَ) دواما (غَفُوراً) لكل صالح هوّاد آصاره (رَحِيماً) ( 24 ) موسّعا للآلاء .
(وَرَدَّ) درء (اللَّهُ) أرهاط الأعداء (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام (بِغَيْظِهِمْ) حردهم ووحر صدرهم ، وهو حال ، (لَمْ يَنالُوا) ما وصلوا (خَيْراً) وهو كسرهم وسطوهم أهل الإسلام ، وهو حال وراء حال (وَكَفَى اللَّهُ) المكرام عسكر (الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) وأرسل الأملاك والصرصر ، وأهلك أعداءهم (وَكانَ اللَّهُ) دواما (قَوِيًّا) كامل حول (عَزِيزاً) ( 25 ) مهلكا للأعداء .
(وَأَنْزَلَ) أحلّ اللّه (الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ) أمدّوا أرهاط الأعداء وساعدوهم (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) رهط الهود (مِنْ صَياصِيهِمْ) أطمهم ومعاصمهم (وَقَذَفَ) طرح اللّه (فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) الروع ورووه محرّك الوسط كدسر (فَرِيقاً) رهطا معمول عامله (تَقْتُلُونَ) وهم حسمهم وأولو عماسهم (وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً) ( 26 ) وهم الأولاد والأعراس .
(وَأَوْرَثَكُمْ) ملّككم (أَرْضَهُمْ) ممالكهم (وَدِيارَهُمْ) محالهم
----------
إن تابوا (إن الله كان غفورا رحيما) لمن تاب .
(ورد الله الذين كفروا) أي الأحزاب (بغيظهم لم ينالوا خيرا) ظفرا (وكفى الله المؤمنين القتال) بعلى والريح والملائكة (وكان الله قويا) على ما يريد (عزيزا) غالبا على أمره .
(وأنزل الذين ظاهروهم) وعاونوا الأحزاب (من أهل الكتاب) قريظة (من صياصيهم) حصونهم (وقذف في قلوبهم الرعب) الخوف (فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم) مزارعهم (وديارهم) قلاعهم (وأموالهم)
ص: 328
(وَأَمْوالَهُمْ) أملاكهم (وَ) ملككم (أَرْضاً) أمصارا (لَمْ تَطَؤُها) لروم العماس كأمصار الروم أو عام (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مراد (قَدِيراً) ( 27 ) كامل طول وحول .
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ ) الرسول محمّد ( ص ) (قُلْ لِأَزْواجِكَ) أعراسك حال رومها المال (إِنْ كُنْتُنَّ) الحال (تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا) الأموال والأملاك (وَزِينَتَها) مهاهها (فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ) هو إعطاء المحمّم وراء السراح (وَأُسَرِّحْكُنَّ) سرّحها أرسلها (سَراحاً) إرسالا (جَمِيلًا) ( 28 ) محمودا مأمورا لا مكروها سوءا .
(وَإِنْ كُنْتُنَّ) الحال (تُرِدْنَ اللَّهَ) موادّ وصوله ومسارّ ودّه (وَرَسُولَهُ) محمّدا ( ص ) (وَالدَّارَ الْآخِرَةَ) دارالسلام (فَإِنَّ اللَّهَ) المكرام (أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ) عوامل صوالح الأعمال (مِنْكُنَّ) أعراس الرسول (أَجْراً) عدلا (عَظِيماً) ( 29 ) دارالسلام ، ولمّا ورد ما مرّ وأعلمها الرسول صلعم مراد كلها دارالسلام .
(يا نِساءَ النَّبِيِّ) أعراس الرسول محمّد ( ص ) (مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ) عمل سوء وأصل حدّ السوء (مُبَيِّنَةٍ) ساطع معلوم سوءها
----------
من صامت وناطق (وأرضا لم تطئوها) خيبر أو فارس والروم (وكان الله على كل شيء قديرا) فيفعل ما شاء .
(يا أيها النبي قل لأزواجك) وكن تسعا وسألنه ثياب زينة وزيادة نفقة فنزلت (إن كنتن تردن الحيوة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة) أي الجنة (فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) نعيم الجنة (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة)
ص: 329
(يُضاعَفْ لَهَا) لعرس معمولها السوء (الْعَذابُ) والأم (ضِعْفَيْنِ) المراد عدلا ألم سواها (وَكانَ ذلِكَ) ركوّ الآلام (عَلَى اللَّهِ) كامل الطول (يَسِيراً) ( 30 ) سهلا .
(وَمَنْ يَقْنُتْ) أراد الطّوع دواما (مِنْكُنَّ) أعراس رسول اللّه صلعم (لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) محمّد وادّكار اسم اللّه للإكرام دلّ علاه (وَتَعْمَلْ) عملا (صالِحاً) مأمور (نُؤْتِها) معادا (أَجْرَها) عدل عملها (مَرَّتَيْنِ) المراد عدلا عدل ما سواها ، أو طورا لطوع أمر اللّه وطورا لروم مراد الرسول صلعم (وَأَعْتَدْنا) هو والإعداد واحد مدلولهما (لَها رِزْقاً كَرِيماً) ( 31 ) واسعا مداما وهو دارالسلام .
(يا نِساءَ النَّبِيِّ) محمّد ( ص ) (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ) كرهط واحد أصله وحد وهو الواحد سواء له الواحد وما سواه لحلوله محلّ العموم (مِنَ) أرهاط (النِّساءِ) كلّها أصلا (إِنِ اتَّقَيْتُنَّ) عدم وئام أمر اللّه ورسوله ، أو المراد روم الورع (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) الكلام هو ردع عما الكلام السهل السهد المهد حال حوار أحد كما هو كلام العواهر (فَيَطْمَعَ) ح هو حوار الردع المرء (الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) داء ودعر وسوء (وَقُلْنَ) لكل أحد (قَوْلًا
----------
ظاهر قبحها (يضاعف لها العذاب ضعفين) أي مثلي عذاب غيرهن إن الذنب منهن أقبح لزيادة النعمة ونزول الوحي في بيوتهن وليس العالم كغيره (وكان ذلك على الله يسيرا ومن يقنت منكن) يدم على الطاعة (لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين) مثلي أجر غيرهن (وأعتدنا لها رزقا كريما) في الجنة زيادة (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) كجماعة واحدة من جماعات النساء في الفضل (إن اتقيتن) معصية الله ورسوله (فلا تخضعن بالقول)
ص: 330
مَعْرُوفاً) ( 32 ) سهدا مهدا محمودا معلوما ممّا أمر اللّه .
(وَقَرْنَ) هو الرسوّ والهدء ، ورووه مكسور الأوّل وهو الرسل والمهل وعدم الإسراع أو الادارك (فِي بُيُوتِكُنَّ) لا الدور والمحال (وَلا تَبَرَّجْنَ) هو المطواء والمرح ، أو إعلاء المهاة (تَبَرُّجَ) أهل (الْجاهِلِيَّةِ) عهد عدم العلم (الْأُولى) العود وهو عهد ولّاد رسول سمّاه اللّه أوّاها ، أو ما وسط آدم وأطول الرسل عمرا ، أو عهد داود والحكل ، أو عهد مرّ أمام سطوع الإسلام (وَأَقِمْنَ) طرّا (الصَّلاةَ) كما أمر اللّه (وَآتِينَ الزَّكاةَ) أهلها كما حكم أوردهما وحدهما أوّلا لمّا هما أصل سواهما الموصل له وعمّ أمدا (وَأَطِعْنَ اللَّهَ) أمره وحكمه (وَرَسُولَهُ) محمّدا ( ص ) (إِنَّما) ما (يُرِيدُ اللَّهُ) إلّا (لِيُذْهِبَ) كرما ورحما (عَنْكُمُ) معا (الرِّجْسَ) الركس والإصر ، أعار الركس للإصر وأورد ما لاءمه وهو الطهر (أَهْلَ الْبَيْتِ) أهل محلّ الألوك ، والمراد أعراس الرسول علاه السلام وأولاده والأهل والآل واحد (وَيُطَهِّرَكُمْ) ممّا مرّ وهو ركس المعارّ (تَطْهِيراً) ( 33 ) وهو كلام معلّل مكرّه للمعارّ ومودّد للأوامر .
----------
كالمربيات (فيطمع الذي في قلبه مرض) ريبة (وقلن قولا معروفا) حسنا غير لين (وقرن في بيوتكن) بالكسر من قرن يقرن وقرىء بالفتح وهو لغة فيه (ولا تبرجن) لا تظهرن زينتكن للرجال (تبرج الجاهلية الأولى) تبرجا مثل تبرج النساء الجاهلية القديمة وهو زمان ولادة إبراهيم أو ما بين آدم ونوح والأخرى ما بين عيسى ومحمد وقيل الأولى جاهلية الكفر والأخرى جاهلية الفسق في الإسلام وروي أنها صفراء بنت شعيب خرجت على يوشع (وأقمن الصلوة وءاتين الزكوة وأطعن الله ورسوله) في أوامره ونواهيه (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) الذنب (أهل البيت) بيت
ص: 331
(وَاذْكُرْنَ ما) كلاما (يُتْلى) هو الدرس (فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ) كلامه المرسل (وَالْحِكْمَةِ) كلام الرسول أو مدلول الكلام المرسل (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (لَطِيفاً) عالم الأسرار (خَبِيراً) ( 34 ) عالم أصول الأمور .
ورد لمّا كلّم رسول اللّه صلعم أعراسه ، ادّكر اللّه صلاح الأرهاط وما ادّكر صلاح الأعراس أمالها صلاح ادّكره اللّه ، أو لمّا أرسل اللّه اعلام أعراس الرسول كلّم الرسول أعراس أهل الإسلام ما أرسل اللّه لها علما ، أرسل اللّه (إِنَّ) الملأ (الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) أهل السلم والصلح مع الأعداء لا مع وحر صدر ، أو أهل الإسلام الطوّع لحكم اللّه كلاما وعملا ، أو وكّال أمورهم للّه (وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) للّه ورسوله محمّد ( ص ) والأوامر والأحكام والمعاد وأحوالها وأهوالها ، وما سواها ممّا هو مسدّ (وَالْقانِتِينَ وَالْقانِتاتِ) أهل الطوع أو الدعاء (وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقاتِ) عهدا ووعدا أو ساوا وعملا (وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ) حال حلول المكاره ، أو حال أداء الأوامر والأعمال العواسر (وَالْخاشِعِينَ وَالْخاشِعاتِ) أهل الطوع للّه حسّا وسرّا ، أو أهل الروع (وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ) الأموال كما أمر اللّه (وَالصَّائِمِينَ
----------
النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) نداء أو مدح (ويطهركم) من جميع المآثم (تطهيرا) أجمع المفسرون على نزولها في أهل العباء، وبه روايات مستفيضة (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) من القرآن الجامع بين الأمرين (إن الله كان لطيفا) في تدبير خلقه (خبيرا) بمصالحه (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين) الدائمين على الطاعة (والقانتات والصادقين والصادقات) في قولهم وفعلهم (والصابرين والصابرات) على البلاء والطاعات (و الخاشعين) المتواضعين (والخاشعات
ص: 332
وَالصَّائِماتِ) عصرا مأمورا (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ) أسرارهم (وَالْحافِظاتِ) أحراحها ممّا حرّم اللّه كاللوط والعهر .
(وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ) ادّكارا أو عصرا (كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) اللّه طرحه لمّا دلّ الأول علاه ، وهو الحمد ودرس كلام اللّه وكدّ العلم (أَعَدَّ اللَّهُ) كامل الرحم (لَهُمْ) ولها (مَغْفِرَةً) لآصارهما ومعارهما (وَأَجْراً) أوس الأعمال الصوالح (عَظِيماً) ( 35 ) واسعا .
(وَما كانَ) ما صحّ (لِمُؤْمِنٍ) مسلم ما (وَلا مُؤْمِنَةٍ) ما (إِذا) كلّما (قَضَى) حكم (اللَّهُ وَ) حكم (رَسُولُهُ) محمّد ( ص ) والمراد حكم الرسول صلعم أورد اسم اللّه للإكرام وإعلام ما هو حكمه هو حكم اللّه (أَمْراً) ما (أَنْ يَكُونَ لَهُمُ) ولها صحّ لهم لعموم المعاد لوروده وراء الإعدام (الْخِيَرَةُ) الرود والحكم (مِنْ أَمْرِهِمْ) عكس أمر اللّه ورسوله (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ) مولاه (وَرَسُولُهُ) محمّدا ( ص ) (فَقَدْ ضَلَّ) وما أحسّ سواء الصراط (ضَلالًا مُبِيناً) ( 36 ) معلوما أول الأمر .
موردها ما ورد أراد رسول اللّه صلعم إملاك روعاء مسلما دعاه ولدا
----------
والمتصدقين والمتصدقات) بما فرض عليهم أو الأعم (والصائمين والصائمات) المفروض أو الأعم (والحافظين والحافظات) عن الحرام (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات) بقلوبهم وألسنتهم (أعد الله لهم مغفرة) لذنوبهم (وأجرا عظيما) على طاعتهم .
(وما كان) ما صح (لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون) بالياء والتاء (لهم الخيرة) أن يختاروا (من أمرهم) خلاف مختار الله ورسوله وفيه رد على من جعل الإمامة بالاختيار (ومن يعص الله فقد ضل ضلالا
ص: 333
وأعلمها وولد ولدها ، وكرها لمّا علما الأمر لمّا وهما أوّلا ما أرادها الرسول إلا لدرّه ، وحال سماعهما أمر اللّه المرسل لطوع حكم الرسول صلعم أطاعا وما كرها ، وأملكها الرسول له ، ولما مرّ دهر أحسها الرسول وراعه حالها وودّها ولسر ما كرهها أهلها ، وأمر الرسول وأعلم أحاول أسرّحها ، وأمره الرسول أمسك وهو مدلول (وَ) ادّكر (إِذْ تَقُولُ) محمّد ( ص ) (لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ) وأصاره مسلما ، والإسلام أكرم الآلاء (وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) وهو مرء أسره رهط وملّكه رسول اللّه صلعم أمام الألوك وحررّه ودعاه ولدا (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) عرسك (وَاتَّقِ اللَّهَ) ودع سراحها أو كرهها (وَ) الحال (تُخْفِي) هو الإسرار (فِي نَفْسِكَ) روحك (مَا) مراما (اللَّهُ مُبْدِيهِ) معلمه وهو سراحه لها ، أو ودّها (وَ) الحال (تَخْشَى النَّاسَ) لومهم وكلامهم أهل الرسول عرس ولده (وَ) الحال (اللَّهُ أَحَقُّ) أهل (أَنْ تَخْشاهُ) لا العالم الأعماء (فَلَمَّا قَضى) أدرك (زَيْدٌ) ولدك ادعاء (مِنْها وَطَراً) وسرحها أو كرهها وأكمل مراده وملّها (زَوَّجْناكَها) وورد علاها الرسول صلعم وما رصد
----------
مبينا وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) بالتوفيق للإسلام (وأنعمت عليه) بالعتق وهو زيد بن حارثة كان من سبي الجاهلية اشتراه النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قبل مبعثه وأعتقه وتبناه (أمسك عليك زوجك) زينب (واتق الله) في مفارقتها ومضارتها (وتخفي في نفسك ما الله مبديه) وهو نكاحها إن طلقها أو ما أعلمك الله من أنه سيطلقها وتتزوجها (وتخشى الناس) أن يعيروك به (والله أحق أن تخشاه) والعتاب على الأخفاء مخافة الناس وإظهار ما يخالف ضميره في الظاهر إذ كان الأولى أن يصمت أو يقول: أنت وشأنك (فلما قضى زيد منها وطرا) حاجة وطابت منها نفسه
ص: 334
حكمها ، وأطعم أهل الإسلام درمكا ولحما إطعاما عامّا ، وما أولم الرسول صلعم أصلا كما أولم ح (لِكَيْ لا يَكُونَ) أصلا معمول عامل أمامه (عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام كلّهم (حَرَجٌ) عسر وإصر (فِي) أهول (أَزْواجِ) أعراس (أَدْعِيائِهِمْ) أولادهم ادعاء (إِذا) كلّما (قَضَوْا) هؤلاء الأولاد (مِنْهُنَّ) أعراسهم (وَطَراً) وأدركوا مرادهم ، أراد سرّحوها (وَكانَ) دواما (أَمْرُ اللَّهِ) مراده و (مَفْعُولًا) ( 37 ) معمولا لا محال والمراد أملاكها رسول اللّه صلعم .
(ما كانَ) أصلا (عَلَى النَّبِيِّ) محمّد صلعم (مِنْ) مؤكد لمدلول « ما » (حَرَجٍ) حصر وإصر (فِيما فَرَضَ) أحلّ (اللَّهُ) وأمره (لَهُ) لمحمّد ( ص ) وهو أهولها وما حدّ له وهو عدد الأعراس (سُنَّةَ اللَّهِ) اسم سادّ مسدّ المصدر طرح عامله مؤكد لكلام مرّ (فِي) الرسل (الَّذِينَ خَلَوْا) مرّوا (مِنْ قَبْلُ) وسّع اللّه علاهم وأحلّ لهم أهول أعراس وسرار وراء الحدّ المحدود لسواهم (وَكانَ) دواما (أَمْرُ اللَّهِ) المراد علمه (قَدَراً مَقْدُوراً) ( 38 ) إحماما محمّا حاصلا وحكما مصمّما معمولا .
وهم (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ) حال حكاها اللّه (رِسالاتِ اللَّهِ) أوامره
----------
وطلقها وانقضت عدتها (زوجناكها) وكانت تفتخر بأن الله تولى نكاحها، وعن أهل البيت زوجتكها (لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله) الذي يريده (مفعولا) مكونا كتزويج زينب .
(ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله) قسم أو أوجب (له سنة الله) سن نفي الحرج سنة (في الذين خلوا من قبل) من الأنبياء ووسع لهم في النكاح (وكان أمر الله قدرا مقدورا) قضاء مقضيا (الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه
ص: 335
وأحكامه ، ورووه موحدا (وَيَخْشَوْنَهُ) اللّه حال محكوّ كالأول (وَلا يَخْشَوْنَ) هؤلاء الرسل (أَحَداً) ملكا وروحا أو ولد آدم (إِلَّا اللَّهَ) حال عمل ما أحلّ اللّه لهم (وَكَفى بِاللَّهِ) اللّه (حَسِيباً) ( 39 ) عالم أعمال العالم ومعاملهم معادا كأعمالهم .
(ما كانَ) أصلا (مُحَمَّدٌ) رسول اللّه (أَبا أَحَدٍ) معدود (مِنْ رِجالِكُمْ) وصال كمال الأحلام (وَلكِنْ رَسُولَ اللَّهِ) وكلّ رسول والد رهطه اللاسم علاهم إكرامه (وَخاتَمَ) ورووه مكسور الوسط (النَّبِيِّينَ) أمدهم لا رسول وراءه ، وروح اللّه حال وروده كواحد علماء الإسلام عمله ما أمر محمّد رسول اللّه صلعم (وَكانَ اللَّهُ) دواما (بِكُلِّ شَيْءٍ) عموما (عَلِيماً) ( 40 ) ولعلمه المصالح أصار محمدا ( ص ) أمدهم .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله محمّد سدادا (اذْكُرُوا اللَّهَ) مولاكم (ذِكْراً كَثِيراً) ( 41 ) عاما لعموم الأحوال واحمدوا وهلّلوا .
(وَسَبِّحُوهُ) طهّروه ، أو صلّوه ، أو المراد ما هو أصله وسمّه لعلوّه (بُكْرَةً) طلوعا (وَأَصِيلًا) ( 42 ) مساء سمّهما لإكرامها .
----------
ولا يخشون أحدا إلا الله) قيل تعريض بعد تصريح (وكفى بالله حسيبا) كافيا للمخاوف أو محاسبأ (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) فليس أبا زيد فلا يحرم عليه نكاح مطلقته (ولكن رسول الله) والرسول أبو أمته في وجوب تعظيمهم له أو نصحه لهم وليس بينه وبينهم ولادة وزيد منهم (وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما) ومنه أنه لا نبي بعده .
(يا أيها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) على كل حال وبكل ما هو أهله .
ص: 336
(هُوَ) اللّه (الَّذِي يُصَلِّي) هو الرحم (عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ) والمراد دعاءهم لهم ككلامهم اللهمّ صلّ آه ، أو المراد روم صلاح حالهم وأمرهم (لِيُخْرِجَكُمْ) لدوام سلّكم (مِنَ الظُّلُماتِ) ملل أعداء الإسلام (إِلَى النُّورِ) الإسلام والطوع (وَكانَ) اللّه دواما (بِالْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام كلّهم (رَحِيماً) ( 43 ) واسع الرحم .
(تَحِيَّتُهُمْ) هو دعاء طول العمر ، والمراد دعاء اللّه لهم (يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ) اللّه وهو عصر المعاد (سَلامٌ) علاكم ، أو المراد دعاء الأملاك وسلامهم ، أو المراد هم سلماء لا مكاره لهم ولا آلام (وَأَعَدَّ) اللّه (لَهُمْ) أوس أعمالهم (أَجْراً كَرِيماً) ( 44 ) دارالسلام .
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ) محمّد ( ص ) (إِنَّا أَرْسَلْناكَ) رسولا لأهل العالم كلهم (شاهِداً) عدلا عاملا معلما سدادهم وأودهم وصلاحهم وطلاحهم ، وهو حال (وَمُبَشِّراً) سارّا لأهل الإسلام ، وورود دارالسلام (وَنَذِيراً) ( 45 ) مروّعا لأهل الرّد والصدود ورود دار الآلام .
----------
(وسبحوه بكرة وأصيلا) أول النهار وآخره .
(هو الذي يصلي عليكم) يرحمكم (وملائكته) يطلبون لكم الرحمة والمغفرة (ليخرجكم من الظلمات) عن الجهل بالله (إلى النور) إلى معرفته أو من الكفر إلى الإيمان (وكان بالمؤمنين رحيما) يشعر بإرادة الرحمة من الصلاة (وتحيتهم يوم يلقونه) عند الموت أو البعث أو في الجنة (سلام) بشارة بالسلامة من كل شر (وأعد لهم أجرا كريما) هو الجنة .
(يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا) على أمتك بطاعتهم ومعصيتهم (ومبشرا) للمطيع بالجنة (ونذيرا) للعاصي بالنار (وداعيا إلى الله) إلى
ص: 337
(وَداعِياً إِلَى) طوع (اللَّهِ بِإِذْنِهِ) أمره وحكمه (وَسِراجاً مُنِيراً) ( 46 ) لا معا هدوّا .
(وَبَشِّرِ) الأمم (الْمُؤْمِنِينَ) وسرّهم وأعلمهم (بِأَنَّ لَهُمْ) معادا (مِنَ اللَّهِ) كامل العطاء (فَضْلًا) وكرما أراد عدلا (كَبِيراً) ( 47 ) واسعا وهو دارالسلام ، أو كرما علا كلّ الأمم ، أو علا أوس أعمال كلّ الأمم .
(وَلا تُطِعِ) محمّد ( ص ) أهواء (الْكافِرِينَ) وآراء أعداء الإسلام (وَالْمُنافِقِينَ) أهل المكر والمحال وأدم حالك الصالح (وَدَعْ أَذاهُمْ) سوءهم لك واحمل مكروههم ، أو سوءك لهم وح هو محوّل ومحدود (وَتَوَكَّلْ) عوّل (عَلَى اللَّهِ) وكل أمورك كلها له وحده (وَكَفى بِاللَّهِ) اللّه (وَكِيلًا) ( 48 ) حارسا وممدّا أو موكولا .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله (إِذا) كلّما (نَكَحْتُمُ) أصله السّر والمراد الأهول (الْمُؤْمِناتِ) للّه ورسوله (ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ) أمام المسّ والوصال (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ) لطهر أرحامها (مِنْ) مؤكد لمدلول « ما » (عِدَّةٍ) أعصار رصد (تَعْتَدُّونَها )
----------
توحيده وطاعته (بإذنه) بأمره أو بتيسيره (وسراجا منيرا) تتجلى به ظلمات الضلال (وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا) زيادة على ما يستحقونه من الثواب (ولا تطع الكافرين والمنافقين) تهييج له (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ودع أذاهم) إيذاءهم إياك وأعرض عنه أو إيذاءك إياهم بقتل أو ضرر حتى تؤمر به (وتوكل على الله) فهو كافيك (وكفى بالله وكيلا) مفوضا إليه الأمور .
(يا أيها الذين ءامنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) تجامعوهن (فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) تستوفون عددها
ص: 338
هو الإحصاء وإكمال العدد (فَمَتِّعُوهُنَّ) حمموها وأعطوها حمّا ومالا حال عدم احمام المهر وادّكاره ، وأعطوها صرع مسمّاها حال ادّكار المهر وإحمامه (وَسَرِّحُوهُنَّ) ح (سَراحاً جَمِيلًا) ( 49 ) محمودا ودعوا إمساكها سوءا
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ) محمّد ( ص ) (إِنَّا أَحْلَلْنا) كرما ورحما (لَكَ) المكلّم سامّ ، والحكم كلّه عام إلّا ما صرّح سمومه (أَزْواجَكَ) أعراسك (اللَّاتِي آتَيْتَ) هو الإعطاء للحال والإحمام والادّكار (أُجُورَهُنَّ) مهورها والمهر كراء الحر (وَما مَلَكَتْ) أمره وكرده (يَمِينُكَ مِمَّا) إماء (أَفاءَ اللَّهُ) أصارها حلالا (عَلَيْكَ) وملّككها وأسرها عسكرك ، أو أهداها لك ملك (وَبَناتِ عَمِّكَ) أعمامك (وَبَناتِ عَمَّاتِكَ) أولاد أولاد والد والدك (وَبَناتِ خالِكَ) وحدّه كما وحّد العمّ وأراد الواحد وما وراءه (وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ) دار الأعداء هو مدح الكلّ (مَعَكَ) والمراد كما هو عملك ورحلك لا سواها (وَ) أحلّ اللّه (امْرَأَةً مُؤْمِنَةً) للّه ورسوله (إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها) مع عدم روم مهر (لِلنَّبِيِّ) محمّد ( ص ) (إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ) محمّد ( ص ) (أَنْ
----------
(فمتعوهن) أي إذا لم تفرضوا لهن مهرا إذ مع فرضه لا يجب لها المتعة كما مر في البقرة الایة 136 (وسرحوهن) خلوا سبيلهن إذ لا عدة لكم عليهن (سراحا جميلا) من غير إضرار .
(يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي ءاتيت أجورهن) مهورهن (وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك) قيل كانت الهجرة شرطا في الحل ثم نسخ (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي) أي وأحللنا لك امرأة مؤمنة تهب لك نفسها بلا مهر إن اتفق ذلك (إن أراد النبي أن يستنكحها) يطلب نكاحها
ص: 339
يَسْتَنْكِحَها) أهولها ولا مهر لها وصرح لك إحلال ما أحلّ لك (خالِصَةً) صروحا ، وهو مصدر مؤكّد كما صار معلوما لك ، أو حال والمراد لا مع مهر (لَكَ) محمّد ( ص ) (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) كلّهم لمّا لسمهم المهر ولو ما سمّوا حال الأهول (قَدْ عَلِمْنا ما) أمورا وأحكاما (فَرَضْنا) ها (عَلَيْهِمْ) أهل الإسلام (فِي) أمر (أَزْواجِهِمْ) أعراسهم كعدم حلّ أهولها إلّا صدد مالك أمرها حال عدم وصولها حدّ الحلم والعدول والمهر (وَ) أمر ما إماء (مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) ملكوها أوس مال ، أو أهداها أحد وأحلّ لك ما أحلّ (لِكَيْلا يَكُونَ) أصلا (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) (حَرَجٌ) حصر وعسر (وَكانَ) دواما (اللَّهُ) كامل العطاء والرحم (غَفُوراً) لحارس الأحكام آصاره ومعاره (رَحِيماً) ( 50 ) موسّعا للأمر .
(تُرْجِي) هو الإكراء أو السراح كلّ (مَنْ) عرس (تَشاءُ) اكراءها ممّا هو دورها ، أو سراحها (مِنْهُنَّ) أعراسك (وَتُؤْوِي) هو اللمّ والكعام ، أو الإمساك (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) كلّ (مَنْ تَشاءُ) لمّها (وَ) كلّ (مَنِ ابْتَغَيْتَ)
----------
(خالصة لك من دون المؤمنين) إيذان بأنه مما خص به لنبوته وباستحقاقه الكرامة لأجلها (قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم) من الأحكام في العقد الدائم والمنقطع (وما ملكت أيمانهم) من الإماء بشراء وغيره أنه كيف ينبغي أن يفرض (لكيلا يكون عليك حرج) ضيق في باب النكاح متصل بخالصة وبينهما اعتراض لبيان أن المصلحة اقتضت مخالفة حكمه لحكمهم في ذلك (وكان الله غفورا) لمن يشاء (رحيما) بالتوسعة لعباده .
(ترجي) تؤخر (من تشاء منهن) من أزواجك فلا تضاجعها (وتؤوي) تضم (إليك من تشاء) وتضاجعها أو تطلق من تشاء وتمسك من تشاء (ومن
ص: 340
هو الروم ، والمراد الدعاء للكعام (مِمَّنْ عَزَلْتَ) هو الطرح والسراح (فَلا جُناحَ) لا إصر ولا درك (عَلَيْكَ) ح (ذلِكَ) وكول الأمر لك (أَدْنى) أكمل أمما (أَنْ تَقَرَّ) ورووه لا معلوما (أَعْيُنُهُنَّ) لروح حواسّها سواء لطمع الكلّ ح (وَلا يَحْزَنَّ) أصلا حال الطراح لأمل العود (وَيَرْضَيْنَ بِما) سهم (آتَيْتَهُنَّ) كما هو مرادك (كُلُّهُنَّ) مؤكد (وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما) أمرا (فِي قُلُوبِكُمْ) وهو ودّ الأعراس لا سواء (وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَلِيماً) عالم أحوال الصدور وأسرارها (حَلِيماً) ( 51 ) مهلا للحدّ والدرك .
(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) أهولها (مِنْ بَعْدُ) وراء أعراس صدرك (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ) ولا الأوس (بِهِنَّ) كلّها أو إحداها أو سواهما (مِنْ) مؤكّد للإعدام لحصول العموم (أَزْواجٍ) أعراس والمراد سراحها وأهول ما سواها (وَلَوْ أَعْجَبَكَ) راعك (حُسْنُهُنَّ) مهاهها وطراءها (إِلَّا ما) كهداء (مَلَكَتْ يَمِينُكَ) لحلّها لك وملك وراءها كهداء أهداها ملك وولد لها ولد وهلك
----------
ابتغيت) طلبت (ممن عزلت) تركتها (فلا جناح عليك) في ذلك كله (ذلك) التفويض إلى مشيئتك (أدنى) أقرب إلى (أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما ءاتيتهن) لاستوائهن في هذا الحكم (كلهن) تأكيد من فاعل يرضين (والله يعلم ما في قلوبكم) فلا تسروا ما يسخطه (وكان الله عليما) بخلقه (حليما) لا يعاجل بالعقوبة (لا يحل) بالياء والتاء (لك النساء) المحرمات في سورة النساء (من بعد) بعد النساء اللاتي أحللناهن لك بالآية السابقة (ولا أن تبدل بهن من أزواج) منع من فعل الجاهلية كان الرجلان منهم يتبادلان فينزل كل منهما عن زوجته للآخر (ولو أعجبك حسنهن) حسن المحرمات عليك (إلا) لكن (ما ملكت يمينك) فيحل وقيل لا يحل لك
ص: 341
(وَكانَ اللَّهُ) دواما (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما (رَقِيباً) ( 52 ) راصدا مطّلعا .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ) محمّد ( ص ) (إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ) إلّا حال حكم الورود والدعاء (لَكُمْ إِلى طَعامٍ) عرس أو سواه (غَيْرَ) حال (ناظِرِينَ) رصّاد (إِناهُ) ادراك الطعام ، أو عصره وسعواء أكله (وَلكِنْ إِذا) كلّما (دُعِيتُمْ) لطعام (فَادْخُلُوا) رحال الرسول صلعم (فَإِذا طَعِمْتُمْ) عمما (فَانْتَشِرُوا) ودّعوا وروحوا صاصع لأوطاركم وأعمالكم ورحالكم (وَلا مُسْتَأْنِسِينَ) روّام الأهل (لِحَدِيثٍ) لكلام أحدكم أحدا ، أو لكلام أهل محلّه وسماعه (إِنَّ ذلِكُمْ) رسوكم (كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ) محمدا ( ص ) (فَيَسْتَحْيِي) الرسول محمّد ( ص ) (مِنْكُمْ) اطرادكم (وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ) أعلام (الْحَقِّ) الأمر المسدّ (وَإِذا) كلّما (سَأَلْتُمُوهُنَّ) أعراس الرسول صلعم (مَتاعاً) معارّا أو مراما
----------
النساء بعد التسع وهن في حقه كالأربع في حقنا، وعن الصادق (عليه السلام) إنما عنى اللاتي حرمن عليه في آية النساء ولو كان الأمر كما يقولون لكان قد حل لكم ما لم يحل له (وكان الله على كل شيء رقيبا) حفيظا .
(يا أيها الذين ءامنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) إلا وقت الإذن أو إلا مأذونا لكم (إلى طعام) فادخلوا حينئذ (غير ناظرين إناه) منتظرين إدراكه مصدر أنى يأني أي لا تدخلوا قبل نضجه فيطول لبثكم (ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا) بالخروج (ولا مستأنسين لحديث) يحدث بعضكم بعضا عطف على ناظرين أو مقدر بلا تمكثوا (إن ذلكم كان يؤذي النبي) لتضيقكم عليه وعلى أهله المنزل (فيستحي منكم) أن يخرجكم (والله لا يستحي من الحق) أي لا يترك بيان الحق وهو إخراجكم (وإذا سألتموهن) أي
ص: 342
سواه (فَسْئَلُوهُنَّ) المرام (مِنْ وَراءِ حِجابٍ) سدل (ذلِكُمْ) السؤال وراء السدل (أَطْهَرُ) وأورع (لِقُلُوبِكُمْ) أهل الإسلام (وَقُلُوبِهِنَّ) أعراس الرسول صلعم ممّا ساء ووسوس المارد المطرود (وَما كانَ) ما صحّ وما حلّ (لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا) سؤكم (رَسُولَ اللَّهِ) محمّدا ( ص ) (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ) ولا أهول أعراسه (مِنْ بَعْدِهِ) وراء هلاكه (أَبَداً) أصلا (إِنَّ ذلِكُمْ) المسطور (كانَ عِنْدَ اللَّهِ) إصرا (عَظِيماً) ( 53 ) محرّما وهو إكرام اللّه لرسوله .
(إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً) ممّا مرّ وهو سوء الرسول صلعم ، أو أهول أعراسه (أَوْ تُخْفُوهُ) أمرا ممّا مرّ (فَإِنَّ اللَّهَ) الملك العلّام (كانَ) دواما (بِكُلِّ شَيْءٍ) عموما (عَلِيماً) ( 54 ) معاملا كما هو عملكم .
ولمّا ورد أمر السدل وحار الولّاد والأولاد والأحماء وما دروا إحلال لهم كلامها أم لا ؟ أرسل اللّه (لا جُناحَ) لا إصر (عَلَيْهِنَّ) أعراس الرسول (فِي) عدم إسدالها الأسدال أمام (آبائِهِنَّ) وعدم ودسها صددهم (وَلا أَبْنائِهِنَّ) لحّا (وَلا إِخْوانِهِنَّ) لوالد وأمّ أو لأحدهما (وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ) لحّا وهم
----------
نساء النبي (متاعا) مما يحتاج إليه (فاسألوهن) المتاع (من وراء حجاب) ستر (ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) من خواطر الريبة (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله) بشيء حيا وميتا (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) بعد وفاته أو فراقه ومن دخل بها أو غيرها (إن ذلكم) الإيذاء والنكاح (كان عند الله) ذنبا (عظيما إن تبدوا شيئا) في نكاحهن (أو تخفوه) في قلوبكم (فإن الله كان بكل شيء عليما) فيجازيكم به وفيه تهديد بليغ .
(لا جناح عليهن في ءابائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا
ص: 343
لوالد وأمّ أو لأحدهما (وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ) كما مرّ وما أورد العمّ ولد والد الأمّ لمّا هما كالوالد والأمّ (وَلا نِسائِهِنَّ) أعراس أهل الإسلام لا أعراس أهل الطرس ، أو عامّ (وَلا ما) إماء وأولادها ، أو إماء وحدها وهو الأصحّ (مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) حال إحساسها والكلام معها (وَاتَّقِينَ اللَّهَ) حرده حال عدم أداء ما أمر اللّه ، أو حال ورود ما وراء أرهاط مرّ ادّكارهم (إِنَّ اللَّهَ كانَ) دواما (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما (شَهِيداً) ( 55 ) راصدا مطلعا .
(إِنَّ اللَّهَ) مالك الملك والأمر (وَمَلائِكَتَهُ) كلّهم (يُصَلُّونَ) وهو روم إعلاء إكرامه (عَلَى النَّبِيِّ) محمّد صلعم (يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله (صَلُّوا) ادعوا اللّهم صلّ (عَلَيْهِ) محمّد ( ص ) (وَسَلِّمُوا) ادعوا اللهم سلّم آه ، أو طاوعوا لأمره وحكمه (تَسْلِيماً) ( 56 ) مصدر مؤكّد أراد صلّوا وسلّموا أوّل ما سمع اسمه ، أو كلّما ادّكر اسمه .
(إِنَّ) الأعداء (الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ) وهو دعواهم للّه ولدا ومساهما (وَرَسُولَهُ) وهو ردّه ، أو المراد عمل ما كرهاه ممّا العدول وردّ الألوك ، أو أراد
----------
أبناء أخواتهن) أن لا يحتجبن به عنهم ولم يذكر العم والخال لأنهما كالوالدين أو الأخوين (ولا نسائهن) أي المؤمنات أو كل النساء (ولا ما ملكت أيمانهن) من الإماء أو ما يعمها والعبد كما مر في النور الایة 31 (واتقين الله) فيما كلفتنه (إن الله كان على كل شيء شهيدا) لا يغيب عنه شيء .
(إن الله وملائكته يصلون على النبي) يثنون عليه ويعظمونه (يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) ومفادها وجوب الصلاة والسلام عليه في الجملة ويحتمل وجوبها في التشهد والتسليم عليه في حياته أو أريد به الانقياد لأمره (إن الذين يؤذون الله ورسوله) بارتكاب ما لا يرضيان به من كفر ومعصية
ص: 344
ردّ رسوله أورد اسم اللّه لإكرامه (لَعَنَهُمُ اللَّهُ) دحرهم وطردهم وحرمهم الرحم (فِي) الدار (الدُّنْيا) دار الأعمال (وَ) الدار (الْآخِرَةِ) دار الأعدال (وَأَعَدَّ) اللّه (لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) ( 57 ) داحرا وهو الساعور .
(وَ) الوصّام (الَّذِينَ يُؤْذُونَ) المراد وصم العهر (الْمُؤْمِنِينَ) الصلحاء (وَالْمُؤْمِناتِ) الصوالح (بِغَيْرِ مَا) عمل (اكْتَسَبُوا) عملوا (فَقَدِ احْتَمَلُوا) حمّلوا (بُهْتاناً) ولعا مدلّها (وَإِثْماً) إصرا (مُبِيناً) ( 58 ) ساطعا معلوما أوّل الأمر ورد موردها أسد اللّه لمّا وصمه أهل المكر ، أو أهل العهر الّلاءوا داروا حول الأعراس لروم العهر مع كرهها .
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ) محمّد ( ص ) (قُلْ) ومر (لِأَزْواجِكَ) أعراسك (وَبَناتِكَ) أولادها (وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ) أعراس أهل الإسلام كلّها (يُدْنِينَ) هو الإرسال ، ولام الأمر مطروح مراد (عَلَيْهِنَّ) مراها وملاطها كسرا (مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) مدلول واحدها هو مكسوّ موار للكلّ وهو الملأ حال دلوعها لأوطارها (ذلِكَ) الإرسال (أَدْنى) أكمل معلام (أَنْ يُعْرَفْنَ) لإدراك أحوالها وحرارها (فَلا يُؤْذَيْنَ) كما هو حال الإماء لحصول علم حرارها ح (وَكانَ اللَّهُ) دواما (غَفُوراً) لعملها أوّلا وهو عدم الإرسال (رَحِيماً)
----------
(لعنهم الله في الدنيا والآخرة) أبعدهم عن رحمته (وأعد لهم عذابا مهينا) ذا إهانة وهو النار (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا) بغير ذنب يوجب إيذاءهم (فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) بينا .
(يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) يرخين على وجوههن وأبدانهن بعض ملاحفهن الفاضل من التلفع (ذلك أدنى) أقرب إلى (أن يعرفن) أنهن حرائر (فلا يؤذين) بتعرض أهل
ص: 345
( 59 ) لمّا أمرها الإرسال وعلّمها مكارم الأمور .
واللّه (لَئِنْ) لام حلط (لَمْ يَنْتَهِ) مارعا (الْمُنافِقُونَ) معلمو الإسلام ومسرّو عكسه عمّا هو عملهم وولعهم (وَ) الرهط (الَّذِينَ) رسا (فِي قُلُوبِهِمْ) وصدورهم (مَرَضٌ) وهم أو عهر (وَالْمُرْجِفُونَ) محرّكو السوء والولع ومسمّعوهما ، وهم رهط سمعوا ولعا سوء أحوال عساكر إسلام راحوا لعماس الأعداء (فِي الْمَدِينَةِ) مصر رسول اللّه صلعم (لَنُغْرِيَنَّكَ) لأسلّطك وهو حوار العهد (بِهِمْ) علاهم أو المراد لأمرك إهلاكهم (ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ) لا ركود ولا رموك لهم معك (فِيها إِلَّا) عصرا (قَلِيلًا) ( 60 ) لدلوعهم وراءه مسرعا .
(مَلْعُونِينَ) دواما وهو حال (أَيْنَما) كلّ محلّ (ثُقِفُوا) أدركوا أو أحسّوا (أُخِذُوا وَقُتِّلُوا) أهلكوا (تَقْتِيلًا) ( 61 ) إهلاكا كاملا .
(سُنَّةَ اللَّهِ) اسم حلّ محلّ مصدر مؤكّد طرح عامله (فِي) اسطم الأمم (الَّذِينَ خَلَوْا) مرّوا (مِنْ قَبْلُ) أمام الحال (وَلَنْ تَجِدَ) محمّد ( ص ) أصلا
----------
الريبة لهن كتعرضهم للإماء (وكان الله غفورا رحيما) بإرشاده إلى ما فيه المصالح .
(لئن لم ينته المنافقون) عن نفاقهم (والذين في قلوبهم مرض) ضعف إيمان أو فجور عما لهم فيه (والمرجفون في المدينة) بأخبار السوء كقولهم قتل سراياكم وأتاكم عدوكم من الرجفة الزلزلة سمي بها الخبر الكاذب لتزلزله (لنغرينك بهم) لنأمرنك بقتالهم وإجلائهم (ثم لا يجاورونك فيها) في المدينة (إلا) زمانا (قليلا ملعونين أينما ثقفوا) وجدوا (أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله) أي سن الله ذلك سنة (في الذين خلوا من قبل) من الأمم الماضية في
ص: 346
(لِسُنَّةِ اللَّهِ) ومعوده (تَبْدِيلًا) ( 62 ) حولا والمراد ما هو محوّلا لمعوده ، أو لا محوّل له أحد .
(يَسْئَلُكَ) محمّد ( ص ) (النَّاسُ) أهل الحرم ردّا وعداء (عَنِ السَّاعَةِ) عصرها وموعد حلولها (قُلْ) لهم (إِنَّما) ما (عِلْمُها) إلّا (عِنْدَ اللَّهِ) وحده ما أطلعه أحدا لا ملكا ولا مرسلا (وَما يُدْرِيكَ) ما معلمك موعدها (لَعَلَّ السَّاعَةَ) موعدها (تَكُونُ) أمرا (قَرِيباً) ( 63 ) مواما .
(إِنَّ اللَّهَ) العدل (لَعَنَ) الأمم (الْكافِرِينَ) أعداء الإسلام (وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً) ( 64 ) ساعورا .
(خالِدِينَ) حال (فِيها) الساعور (أَبَداً) دواما سرمدا (لا يَجِدُونَ) لهم (وَلِيًّا) ودودا حارسا (وَلا نَصِيراً) ( 65 ) ردءا ممدا رادّا لإصرهم .
ادّكر (يَوْمَ تُقَلَّبُ) هو الحول كحول اللحم حال الطهو (وُجُوهُهُمْ) كرام محالّهم أو كلّهم (فِي النَّارِ) ساعور المعاد (يَقُولُونَ) حسرا وسدما وهو حال (يا لَيْتَنا أَطَعْنَا) لدار الأعمال (اللَّهَ) إله الكلّ (وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا)
----------
منافقيهم المرجفين للمؤمنين (ولن تجد لسنة الله تبديلا) عما جرت عليه .
(يسئلك الناس عن الساعة) متى تقوم استهزاء أو امتحانا (قل إنما علمها عند الله) استأثر به (وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا) شيئا قريبا أي توجد في وقت قريب (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا) نارا تلهب (خالدين) مقدرا خلودهم (فيها أبدا لا يجدون وليا) يمنعهم منها (ولا نصيرا) يدفعها عنهم (يوم تقلب وجوههم في النار) تصرف من جهة إلى جهة أو من حال إلى حال أو تنكس رءوسهم (يقولون يا) للتنبيه (ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا) فلا
ص: 347
( 66 ) رسوله المسدّ .
(وَقالُوا) العوام : اللّهم (رَبَّنا إِنَّا) رهط العوام (أَطَعْنا) لدار الأعمال (سادَتَنا) الرؤساء (وَكُبَراءَنا) الأهرام ، أو العلماء (فَأَضَلُّونَا) هؤلاء (السَّبِيلَا) ( 67 ) صراط الإسلام .
(رَبَّنا) اللهمّ (آتِهِمْ) وأوصلهم (ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ) المراد عدلا ما مسّهم إصرار وألما لطلاحهم وإطلاحهم (وَالْعَنْهُمْ) واطردهم (لَعْناً) طردا (كَبِيراً) ( 68 ) كاملا .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) للّه ورسوله سدادا (لا تَكُونُوا) مع رسولكم محمّد ( ص ) (كَالَّذِينَ آذَوْا) آلموا ووصموا الرسول (مُوسى) وكلّموا هو آدر لأطهره وموص عطله مع سواه مكسوّا لا كسواه عملهم الأطهر حال العروّ (فَبَرَّأَهُ) طهّره (اللَّهُ مِمَّا) وصم وعوار (قالُوا) لمّا حطّ رعله علو مرداس للاطهر لوحوده وعدّد المرداس ورسا وسط ملأ الوصّام ، وأدركه الرسول ورأوه صحاحا سالما لا آدر كما وهموا (وَكانَ) الرسول المسطور (عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً) ( 69 ) مكرّما مسموع الدعاء ، وممّا آلموا ووصموا محمّدا رسول اللّه صلعم كلامهم عداء وحسدا حال إحصاصه رهطا حصصهم
----------
نعذب .
(وقالوا) أي الأتباع منهم (ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا) وهم قادتهم في الكفر (فأضلونا السبيلا) سبل الحق (ربنا ءاتهم ضعفين من العذاب) مثلي عذابنا إذ ضلوا وأضلوا (والعنهم لعنا كبيرا) عدده .
(يا أيها الذين ءامنوا لا تكونوا) مع نبيكم (كالذين ءاذوا موسى فبرأه الله مما قالوا) أي مضمونه وهو رميهم إياه ببرص فأظهر الله لهم براءته واتهامهم له بقتل هارون (و كان عند الله وجيها) ذا جاه وقدر .
ص: 348
وسهامهم ، هو إحصاص مراء ما هو للّه وحرد الرسول وكلّم آلموا رسول الهود آمر ممّا آلموا أراد له وحمل رواه محمّد ( ص ) .
(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله سدادا (اتَّقُوا اللَّهَ) روعوا حرّده (وَقُولُوا) للكلّ (قَوْلًا) كلاما (سَدِيداً) ( 70 ) لا إله إلّا اللّه أو عدلا سواه .
(يُصْلِحْ) اللّه هو حوار الأمر (لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) وأحوالكم (وَيَغْفِرْ) هو (لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) اللمم وسواها (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ) أوامره وأحكامه (وَرَسُولَهُ) أحواله وأعماله (فَقَدْ فازَ) سعد ووصل السلام وسلم الآلام (فَوْزاً عَظِيماً) ( 71 ) كاملا .
(إِنَّا عَرَضْنَا) أولا (الْأَمانَةَ) طوع اللّه وأداء الأوامر والأحكام (عَلَى السَّماواتِ) كلّها (وَالْأَرْضِ) عموما (وَالْجِبالِ) كلّها حال إعطاء العلم والإدراك لها (فَأَبَيْنَ) هؤلاء كلّها (أَنْ يَحْمِلْنَها) لكمال عسرها (وَأَشْفَقْنَ) هو الروع (مِنْها) مع كمال آد هؤلاء وحصدها (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) آدم حال إحساسه لها مع عدم الأمر له (إِنَّهُ) آدم (كانَ) حال حمله لها مع عدم الأمر
----------
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله) في إيذاء رسوله وغيره (وقولوا قولا سديدا) قاصدا إلى الحق (يصلح لكم أعمالكم) يتقبلها أو يوفقكم بلطفه للأعمال الصالحة (ويغفر لكم ذنوبكم) باستقامتكم بالقول والعمل (ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) ظفر ببغيته .
(إنا عرضنا الأمانة) هي الطاعة المعلق بها الفوز فإنها واجبة الأداء كالأمانة (على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها) أي هي لعظمتها بحيث لو عرضت على هذه العظام وكان لها شعور لأبين حملها (وأشفقن) خفن (منها
ص: 349
(ظَلُوماً) لدّره لما حمّله أمرا عسرا (جَهُولًا) ( 72 ) ما أدرك ما له ودركه والحمل ، أو ما مرّ كلّه معمول .
(لِيُعَذِّبَ) واللّام معلّل أو لام الأمد (اللَّهُ) العدل الأمم (الْمُنافِقِينَ) كلهم (وَالْمُنافِقاتِ) كلّها (وَ) الأمم (الْمُشْرِكِينَ) مع اللّه إلها سواه كلّهم (وَالْمُشْرِكاتِ) مع اللّه إلها سواه كلّها لعدم أداء هؤلاء كلّهم الأوامر والأحكام (وَيَتُوبَ اللَّهُ) أرحم الرحماء (عَلَى) الأمم (الْمُؤْمِنِينَ) للّه ورسوله سدادا كلّهم (وَالْمُؤْمِناتِ) للّه ورسوله سدادا لأداء هؤلاء كلّهم الأوامر والأحكام (وَكانَ اللَّهُ) دواما (غَفُوراً) لأهل الإسلام آصارهم ومعارّهم (رَحِيماً) ( 73 ) واسع العطاء لهم .
----------
وحملها الإنسان) مع ضعفه أي جنسه باعتبار الغالب (إنه كان ظلوما) حيث لم يؤدها (جهولا) بعظمة شأنها أو أريد بالأمانة ما يعم الطاعة الطبيعية والاختيارية .
(ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات) الخائنين الأمانة (ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات) المؤدين للأمانة (وكان الله غفورا) للمؤمنين (رحيما) بهم.
ص: 350
ص: 351
ص: 352
( سورة سبأ )
موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
إعلام أدلّاء الوحود ، وإرسال محمّد رسول اللّه صلعم ، وإعلام سداد داود وولده وهلاكهما ، والأدلاء لردّ طوّع المآله العواطل ، وأحوال الأمم الأوّل مع رسلهم ، وودّ أهل الصدود العود لدار الأعمال .
----------
ص: 353
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ) حمد كلّ حامد وكلّ محمود ، وهو مصدر المعلوم أو عكسه أو حاصل المصدر كلّه حاصل (لِلَّهِ) الآسر للحامد ، والحمد (الَّذِي لَهُ) ملكا وملكا كلّ (ما) حلّ (فِي) عالم (السَّماواتِ) كلّها (وَ) كلّ (ما) حلّ (فِي) عالم (الْأَرْضِ) طرّا وما هو حاصل وسطهما (وَلَهُ) وحده (الْحَمْدُ) كلّه (فِي) دار الأعمال لإعطاء ما هو صالح للأحوال طواها للمح الأمد ، وهو معمول « الحمد » والدار (الْآخِرَةِ) دار الأعدال لإعطاء ما هو أوس الأعمال وما سواه كرما (وَهُوَ) وحده (الْحَكِيمُ) الراصد للحكم والأسرار (الْخَبِيرُ) ( 1 ) عالم أحوال العالم .
(يَعْلَمُ) اللّه دواما كلّ (ما يَلِجُ) هو الورود (فِي الْأَرْضِ) كلّها كالماء
----------
(34 سورة سبأ أربع أو خمس وخمسون آية مكية وقيل إلا آية ويرى الذين أوتوا العلم.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله الذي له) لا لغيره (ما في السموات وما في الأرض) من نعمة وغيرها فهو المنعم المختص بكل كماله (وله الحمد) في الدنيا وله الحمد (في الآخرة) خصت تفضيلا لها على الزائلة (وهو الحكيم) في تدبيره (الخبير) بخلقه (يعلم ما يلج في الأرض) من مطر وكنز وميت (وما يخرج
ص: 354
والمال والهلاك (وَ) كلّ (ما يَخْرُجُ مِنْها) كالكلاء والأحمر والطاوس والرصاص والصاد (وَ) كلّ (ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) العلو كالأمطار والأملاك والطروس (وَ) كلّ (ما يَعْرُجُ) هو الصعود (فِيها) للسماء كالأملاك والدّعاء والأعمال (وَهُوَ) وحده (الرَّحِيمُ) واسع العطاء للأودّاء والأعداء (الْغَفُورُ) ( 2 ) لهم معارّهم لا للأعداء .
(وَقالَ) الأعداء (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا المعاد (لا تَأْتِينَا) أصلا (السَّاعَةُ) الموعود ورودها أمدا (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (بَلى) ما الأمر إلّا ورودها ، وهو ردّ لكلامهم وإحكام لمّا ردّوه (وَ) اللّه (رَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ) السعواء الموعود ورودها أمدا ، وهو حوار الحلط (عالِمِ) عالم (الْغَيْبِ) السرّ وعالم عالم الحسّ ، ورووه محمولا لمطروح وهو « هو » ورووا علّام (لا يَعْزُبُ) هو الودس ، ورووه مكسور الوسط (عَنْهُ) علمه (مِثْقالُ) لهاء (ذَرَّةٍ) حمك (فِي) عالم (السَّماواتِ) العلو (وَلا فِي) عالم (الْأَرْضِ) الرهص (وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ) الحمك (وَلا أَكْبَرُ) مما مرّ (إِلَّا) مسطورا (فِي كِتابٍ) لوح (مُبِينٍ) ( 3 ) معصوم محروس .
(لِيَجْزِيَ) لها الأمم معلوله وعامله ما مدلوله الورود (الَّذِينَ آمَنُوا)
----------
منها) من حيوان ونبات ومعدن (وما ينزل من السماء) من ملك ووحي ونعمة ونقمة (وما يعرج فيها) من ملك وعمل وأبخرة (وهو الرحيم) بإمهال العصاة (الغفور) لمن شاء من الموحدين .
(وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة) إنكار لمجيئها (قل بلى) رد لقولهم (وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب) لا يغيب (عنه مثقال ذرة) زنة أصغر نملة (في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر) رفعا بالابتداء لا بالعطف على مثقال لقوله (إلا في كتاب مبين) بين هو اللوح (ليجزي الذين
ص: 355
أسلموا اللّه ورسوله سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللّواء أمر اللّه (أُولئِكَ) الأمم الصلحاء (لَهُمْ) وحدهم (مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ) أكل وطعام (كَرِيمٌ) ( 4 ) محمود مدام حال حلولهم دارالسلام .
(وَ) الأمم (الَّذِينَ سَعَوْا) عدوا وكدّوا (فِي) ردّ (آياتِنا) الكلام المرسل (مُعاجِزِينَ) وهّاما الوكل وعدم الألوّ (أُولئِكَ) الأمم الطّلاح (لَهُمْ) وحدهم (عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ) إصر سوء (أَلِيمٌ) ( 5 ) مؤلم ، ورووه مكسورا .
(وَيَرَى) المراد العلم الأمم (الَّذِينَ أُوتُوا) أعطاهم اللّه (الْعِلْمَ) والمراد مسلمو أهل الطرس كولد سلام ورهطه ، أو أهل الإسلام كلّهم (الَّذِي أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكَ مِنْ) اللّه (رَبِّكَ) وهو الكلام المرسل (هُوَ) عماد (الْحَقَّ) المسدّ (وَيَهْدِي) اللّه أو الكلام المرسل (إِلى صِراطِ) اللّه (الْعَزِيزِ) المهلك للأعداء (الْحَمِيدِ) ( 6 ) المحمود المسلّم للأودّاء والمراد صراط الإسلام .
(وَقالَ) الحمس (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا رسول اللّه محمدا صلعم أحاد لآحادهم (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ) هو محمّد ( ص ) (يُنَبِّئُكُمْ) هو الإعلام
----------
ءامنوا وعملوا الصالحات) علة لمجيئها (أولئك لهم مغفرة ورزق كريم) في الجنة (والذين سعو في ءاياتنا) بالإبطال (معاجزين) مسابقين لنا ظانين أن يفوتونا (أولئك لهم عذاب من رجز) سيىء العذاب (أليم ويرى) يعلم (الذين أوتوا العلم) من الصحابة أو مؤمني أهل الكتاب أو الأعم منهما (الذي أنزل إليك من ربك) القرآن (هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد) .
( وقال الذين كفروا) بعضهم لبعض (هل ندلكم على رجل) أي
ص: 356
(إِذا مُزِّقْتُمْ) طحطحكم اللّه وصعصعكم وكسركم (كُلَّ مُمَزَّقٍ) كلّ طحطاح وصعصاع ، وهو مصدر (إِنَّكُمْ) كلّكم ح (لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) ( 7 ) معاد .
(أَفْتَرى) أسطر محمّد ( ص ) (جِنَّةٌ) لمم والاس ومسّ (بَلِ) كامل الحلم صاح مسدّ ، ردّ لكلامهم وإحكام لكلامه ، والأمم (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) أصلا (بِالْآخِرَةِ) السعواء الموعود ورودها أمدا (فِي الْعَذابِ) حال حلولها (وَالضَّلالِ) الحال (الْبَعِيدِ) ( 8 ) الكامل لمّا لا عود معه للإسلام .
(أَ) عموا (فَلَمْ يَرَوْا إِلى ما) أحاطهم (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أمامهم (وَما) أحاطهم (خَلْفَهُمْ) وراءهم (مِنَ السَّماءِ) العلو (وَالْأَرْضِ) الرهط وهم محاطوهما (إِنْ نَشَأْ) إهلاكهم (نَخْسِفْ) أرد (بِهِمُ الْأَرْضَ) والمراد أوردهم هور الرمكاء (أَوْ نُسْقِطْ) أطرح (عَلَيْهِمْ كِسَفاً) كسرا (مِنَ السَّماءِ) الأوّل لطلاحهم وردّهم الرسل (إِنَّ فِي ذلِكَ) المحسوس ومدلوله (لَآيَةً) إعلاما (لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) ( 9 ) هو
----------
محمد (ينبئكم) يخبركم بأمر عجيب (إذا مزقتم كل ممزق) فرقت أوصالكم كل تفريق وعامل إذا ما دل عليه (إنكم لفي خلق جديد) أي تبعثون (أفترى على الله كذبا) استغنى بهمزة الاستفهام عن همزة الوصل (أم به جنة) جنون يخيل له ذلك فيهذي به واحتج بمقابلتهم إياه بالافتراء مع عدم اعتقادهم صدقه على ثبوت واسطة بين الصدق والكذب ورد بأن الكذب أعم من الافتراء (بل الذين لا يؤمنون بالآخرة في العذاب والضلال البعيد) عن الحق (أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم) ما أحاط بجوانبهم (من السماء والأرض) فيستدلون بهما على قدرته (إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا) قطعة (من السماء) لكفرهم (إن في ذلك) الذي يرونه (لآية) لدلالة (لكل
ص: 357
العود والهود .
(وَلَقَدْ) اللام مؤكّد (آتَيْنا داوُدَ) الرسول (مِنَّا فَضْلًا) ألوكا وطرسا وملكا عرسا ملاحا ، وأمر الأطواد (يا جِبالُ أَوِّبِي) هو العود ، أو الرحل ، أو ادّكار اللّه ، أو المحس (مَعَهُ) مع داود (وَ) أدعو (الطَّيْرَ) لادّكار اللّه معه (وَأَلَنَّا لَهُ) لداود (الْحَدِيدَ) ( 10 ) وسهّل له كالوحل والموم لكمال أده مع عدم الساعور وإعمال معمل الحدّاد .
وأمر (أَنِ) هو لإعلام المراد ، أو للمصدر (اعْمَلْ) أسرد دروعا (سابِغاتٍ) كوامل وساعا (وَقَدِّرْ) اسلك الوسط (فِي السَّرْدِ) وهو حوك الدروع (وَاعْمَلُوا) الواو « لداود » وأهله عملا (صالِحاً) مأمورا محمودا (إِنِّي بِما) كل عمل (تَعْمَلُونَ) لدار الأعمال (بَصِيرٌ) ( 11 ) عالم علم الإحساس ومعامل معكم كأعمالكم معادا .
(وَ) سهّل اللّه (لِسُلَيْمانَ) ولد داود (الرِّيحَ) وطوّعه له (غُدُوُّها) رحلها صرعا (شَهْرٌ) مرحوله (وَرَواحُها) رحلها مساء (شَهْرٌ) مرحوله
----------
عبد منيب) راجع إلى ربه .
(ولقد ءاتينا داود منا فضلا) على غيره بالنبوة والكتاب (يا جبال أوبي) ارجعي (معه) التسبيح وذلك إما بخلق صوت فيها أو ببعثها له على التسبيح إذا تفكر فيها أو يسري معه حيث سار (والطير) عطف على محل جبال أي ودعوناها تسبح معه (وألنا له الحديد) فصار في يده كالشمع يعمل به ما شاء (أن) أمرناه بأن أو أي (اعمل سابغات) دروعا تامات وهو أول من عملها (وقدر في السرد) في نسجها بحيث تتناسب حلقها (واعملوا صالحا) أي أنت وأهلك (إني بما تعملون بصير) فأجازيكم به .
(ولسليمان) وسخرنا له (الريح غدوها شهر ورواحها شهر) بالغداة
ص: 358
(وَأَسَلْنا) كالماء (لَهُ) لولد داود هو « الحكل » (عَيْنَ الْقِطْرِ) الصاد (وَ) طوّع اللّه له (مِنَ الْجِنِّ) الأرواح (مَنْ يَعْمَلُ) ما هو مأمور الحكل (بَيْنَ يَدَيْهِ) أمامه (بِإِذْنِ) اللّه (رَبِّهِ) أمره وحكمه (وَمَنْ يَزِغْ) هو العدول ، ورووه لا معلوما (مِنْهُمْ) الأرواح (عَنْ أَمْرِنا) له وهو أمر طوع الحكل (نُذِقْهُ) أطعمه (مِنَ) مؤكّد (عَذابِ السَّعِيرِ) ( 12 ) ساعور المعاد أو الحال .
(يَعْمَلُونَ) الأرواح ، حال حكاها اللّه ، (لَهُ) للحكل كل (ما يَشاءُ) عمله (مِنْ مَحارِيبَ) محالّ سوامك صراط صعودها السلّم (وَتَماثِيلَ) صور صاد للاملاك والرسل وما سواهما لحلّها لعهده وعدم حرمها ح (وَجِفانٍ) كئوس (كَالْجَوابِ) كمحالّ الماء الطوال (وَقُدُورٍ راسِياتٍ) رواس لمحالها لكمال وسعها (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ) وطاوعوا للّه وأدّوا ما أمر لكم (شُكْراً) له أوس ما أعطاكم ، أو ارحموا أهل الكاداء والعسر ، وسلوا اللّه الصح والسلام ، وهو إمّا معلّل والمراد اعملوا له وأطاعوه حمدا ، أو مصدر مؤكّد أو حال (وَقَلِيلٌ) محمول (مِنْ عِبادِيَ) كلّهم (الشَّكُورُ) ( 13 ) للّه لما
----------
والعشي مسيرة شهر (وأسلنا له عين القطر) النحاس المذاب (ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه) بأمره (ومن يزغ) يعدل (منهم عن أمرنا) له بطاعته (نذقه من عذاب السعير) النار في الآخرة أو في الدنيا يضربه ملك بسوط من نار فيحرقه (يعملون له ما يشاء من محاريب) أبنية رفيعة وقصور منيعة (وتماثيل) صور الملائكة والأنبياء ليقتدى بهم، وعن الصادق (عليه السلام) أنها صور الشجر وشبهه (وجفان) صحاف جمع جفنة (كالجواب) جمع جابية حوض كبير تبعد عن الجفنة ألف رجل (وقدور راسيات اعملوا ءال داود شكرا وقليل من عبادي الشكور) المجتهد في أداء الشكر بجنانه ولسانه وأركانه .
ص: 359
أعطاه ، والعامل كما أمر مع الحمد .
(فَلَمَّا قَضَيْنا) المراد الحكم (عَلَيْهِ) الحكل (الْمَوْتَ) وحلّ السام وهلك (ما دَلَّهُمْ) آل داود أو الأرواح (عَلى مَوْتِهِ) هلاك الحكل (إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) إلّا دود عمله الصرم ، ورووا الراء محركا (تَأْكُلُ) حال حكاها اللّه (مِنْسَأَتَهُ) عصا الحكل (فَلَمَّا) أكل العصا وركّ (خَرَّ) هار الحكل (تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ) علم الأرواح كلّهم علما ساطعا وراء مسماس الأمر صدد عوامهم ورعاهم (أَنْ) مطروح الاسم (لَوْ كانُوا) هؤلاء الأرواح حال هلاك الحكل (يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ) الأمر الوادس والسرّ كما وهموا (ما لَبِثُوا) حال هلاكه (فِي الْعَذابِ) الكاداء والعمل العسر (الْمُهِينِ) ( 14 ) الداحر لوهمهم عدم هلاكه .
(لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ) رهط أولاد ماء السماء ، وهو أصلا اسم والد عال لهم (فِي مَسْكَنِهِمْ) محلّ ركودهم وهو مصرهم ، ورووه مكسور الوسط كما رووه لا موحّدا والمراد محالّهم ودورهم (آيَةٌ) علم كمال الألوّ والمراد (جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) لهم أو لواد لهم وأمر الرسل مروهم (كُلُوا) ما هو مرادكم
----------
(فلما قضينا عليه) على سليمان (الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض) مصدر يقال أرضت الخشبة بالبناء للمفعول أرضا أي أكلتها الأرضة (تأكل منسأته) عصاه (فلما خر تبينت الجن) علمت (أن لو كانوا يعلمون الغيب) كما يزعمون لعلموا موته ولو علموه (ما لبثوا) بعده سنة (في العذاب المهين) العمل الشاق .
(لقد كان لسبأ في مسكنهم) باليمن (ءاية) دالة على كمال قدرة الله وسبوغ نعمه (جنتان عن يمين وشمال) جماعتان من البساتين جماعة عن يمين بلدهم وجماعة عن شماله، كان كل جماعة لتداينها جنة واحدة (كلوا من رزق ربكم
ص: 360
(مِنْ رِزْقِ) عطاء اللّه (رَبِّكُمْ) مالككم ومصلح أموركم (وَاشْكُرُوا) احمدوا (لَهُ) للّه أوس ما أعطاكم هؤلاء المحالّ والدور (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ) واسع حمل دوحها صالح حصحصها لصروع الطعام ، طاهر صعدها ممّا هو مولم كالهوام والسّوام والحمك (وَ) اللّه (رَبٌّ) مالك مصلح (غَفُورٌ) ( 15 ) كل أحد حمد آلاءه .
(فَأَعْرَضُوا) عمّا أمروا وردّوا وما حمدوا (فَأَرْسَلْنا) حردا (عَلَيْهِمْ) لإهلاكهم (سَيْلَ الْعَرِمِ) الأمر العسر ، أو المطر العام ، أو هو سدّ ممسك للماء أراد حلّ واد لهم ممسوك أهلك دوحهم وأموالهم (وَبَدَّلْناهُمْ) لهم (بِجَنَّتَيْهِمْ) أوسهما (جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ) مأكول وهو الحمل (خَمْطٍ) مرّ مكروه أو هو الأراك وح المراد أكله (وَأَثْلٍ) دوح لا أكل لها (وَشَيْءٍ) كسر (مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) ( 16 ) عدده .
(ذلِكَ) الحول (جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا) أوس طلاحهم وعدم حمدهم (وَهَلْ) ما (نُجازِي) عدلا معادلا لما مرّ (إِلَّا الْكَفُورَ) ( 17 ) الكامل طلاحا وصدودا ، ورووا ما مدلوله ما المسطوّ إلا هو .
----------
واشكروا له) نعمته (بلدة) هذه بلدة (طيبة) نزهة (ورب غفور فأعرضوا) عن الشكر (فأرسلنا عليهم سيل العرم) سيل المطر الشديد أو الجرذ لأنه نقب سكرا عملته بلقيس لمنع الماء أو واد أتى السيل منه أو المسناة التي يمسك الماء جمع عرمة وهي الحجارة المركومة (وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي) تثنية ذوات مفرد على الأصل ولامه ياء (أكل) ثمر (خمط) هو كل نبت فيه مرارة أو كل شجر لا شوك له أو الأراك (وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور) معطوفان على الأكل لا على خمط إذ لا أكل للأثل وهو الطرفاء وتقليل السدر لطيب ثمرة وهو النبق (وجعلنا بينهم
ص: 361
(وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ) وسط رهط مسطور (وَبَيْنَ الْقُرَى) ووسط الأمصار (الَّتِي بارَكْنا فِيها) وسع طعام أهلها وآلاءها وأموالها (قُرىً) أمصارا (ظاهِرَةً) ولاء سواطع للحواس أو للسلّاك لحصولها وسط الصراط (وَقَدَّرْنا فِيهَا) هؤلاء الأمصار الأواسط (السَّيْرَ) وأحمّ لها لهاء معلوم صالح لسلوك كل أحد سهل له ، وأمروا (سِيرُوا) ارحلوا ، أمروا وكلّموا لمسحل الكلام ، أو لا أمر ولا كلام أصلا ولمّا صلحوا له صاروا كما أمروا (فِيها) الأمصار الأواسط (لَيالِيَ) أسمارا (وَأَيَّاماً) كما هو مرادكم (آمِنِينَ) ( 18 ) سلّما لا روع لكم ولا هول .
(فَقالُوا) دعوا (رَبَّنا) اللّهم (باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا) حوّلها مراحل لمّا ساروا طوالا ، ومسّهم الطلح ملّوا السّرّاء وراموا الكدّ والكاداء كالهود ، وسألوا اللّه المهامة وسط أمصارهم (وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) حدلوا ادرارهم لمّا سألوا العسر (فَجَعَلْناهُمْ) لمّا مرّ (أَحادِيثَ) أسمارا لأمم وراءهم (وَمَزَّقْناهُمْ) صعصعوا (كُلَّ مُمَزَّقٍ) صعصاعا كاملا (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) صروع أعلام (لِكُلِّ صَبَّارٍ) حمّال للمكاره ورع عما كره اللّه (شَكُورٍ)
----------
وبين القرى التي باركنا فيها) بالماء والشجر وهي قرى الشام التي يتجرون إليها (قرى ظاهرة) متواصلة من اليمن إلى الشام (وقدرنا فيها السير) بحيث يقيلون في قرية ويبيتون في أخرى إلى انقطاع سفرهم وقلنا (سيروا فيها ليالي وأياما) متى شئتم من ليل أو نهار (ءامنين) من المخاوف والمضار .
(فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا) إلى الشام سألوه أن يجعلها مفاوز ليتطاولوا على الفقراء ركوب الرواحل وحمل الزاد (وظلموا أنفسهم) بالكفر والبطر (فجعلناهم أحاديث) لمن بعدهم واتخذهم مثلا يقولون تفرقوا أيدي سبأ (ومزقناهم كل ممزق) فرقناهم في البلاد كل تفريق (إن في ذلك)
ص: 362
( 19 ) للآلاء ، أو المراد لكلّ مسلم .
(وَلَقَدْ) اللام مؤكّد (صَدَّقَ) أصار مسدّا (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الأرهاط (إِبْلِيسُ) المدحور المطرود (ظَنَّهُ) ووهمه والمراد وهمه طوع أولاد آدم له كما ورد مكرّرا (فَاتَّبَعُوهُ) أطاعوه (إِلَّا فَرِيقاً مِنَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 20 ) للّه ورسوله .
(وَ) الحال (ما كانَ لَهُ) للمدحور المطرود (عَلَيْهِمْ) ملأ أطاعوه (مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (سُلْطانٍ) سطو وكوح وصول (إِلَّا لِنَعْلَمَ) علم حصول المعلوم (مَنْ يُؤْمِنُ) سدادا (بِالْآخِرَةِ) الدار الموعود ورودها أمدا (مِمَّنْ هُوَ مِنْها) الدار الموعود ورودها (فِي شَكٍّ) وهم (وَرَبُّكَ) مالكك (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما (حَفِيظٌ) ( 21 ) راصد مطّلع .
(قُلِ) محمّد ( ص ) لأعداء الحرم (ادْعُوا) الإله (الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) إلها (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه روما لإمدادكم كما هو دعواكم الحدد ، وحاور اللّه إعلاما لما هو الحوار وحده ، وأرسل (لا يَمْلِكُونَ) ألهكم (مِثْقالَ) لهاء (ذَرَّةٍ) سوء أو سرور (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَلا فِي) عالم
----------
المذكور (لآيات لكل صبار) عن المعاصي (شكور) على النعم (ولقد صدق عليهم) أي بني آدم أو أهل سبأ (إبليس ظنه) في ظنه أو يظن ظنه (فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين وما كان له عليهم من سلطان) تسلط بوسوسة (إلا لنعلم) علما يترتب عليه الجزاء (من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك) إلا ليتميز المؤمن من الشاك فيجازي كلا منهما (وربك على كل شيء حفيظ) رقيب .
(قل) لكفار مكة (ادعوا الذين زعمتم) زعمتموهم آلهة (من دون الله لا يملكون مثقال ذرة) من خير وشر (في السموات ولا في الأرض) ذكرا تعميما
ص: 363
(الْأَرْضِ) الرهص (وَما لَهُمْ) لألهكم (فِيهِما) عالم العلو وعالم الرهص (مِنْ) مؤكّد (شِرْكٍ) ملكا ملكا وأسرا (وَما لَهُ) للّه (مِنْهُمْ) ألههم (مِنْ) مؤكّد (ظَهِيرٍ) ( 22 ) ردء ممدّ .
(وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) دعاء السلام والإمداد (عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ) حكم اللّه ، ورووه لا معلوما ، (لَهُ) وهم رصّاد للحكم (حَتَّى إِذا فُزِّعَ) حسر الروع والحول ، ورووه معلوما ، (عَنْ قُلُوبِهِمْ) أهل الدعاء والمدعوّ لهم وصدر الحكم (قالُوا) سأل آحادهم آحادهم (ما ذا) هو (قالَ) أمر اللّه (رَبُّكُمْ قالُوا) أمر (الْحَقَّ) الأمر المسدّ ، وهو حكم الدعاء لمرء هو أهل له ، ورووه محمولا لمطروح (وَهُوَ) اللّه (الْعَلِيُّ) السامك أمره (الْكَبِيرُ) ( 23 ) الكامل حكمه .
(قُلْ) محمّد ( ص ) لهم واسألهم (مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ) المطر (وَالْأَرْضِ) الطعام (قُلْ) حال وكلهم وعدم حوارهم (اللَّهُ) وحده لمّا لا حوار سواه (وَإِنَّا) أهل الإسلام (أَوْ إِيَّاكُمْ) رهط الأعداء ( لَعَلى هُدىً)
----------
للنفي أو لأن آلهتهم منها سماوية كالملائكة والكواكب ومنها أرضية كالأصنام (وما لهم فيهما من شرك) شركة (وما له منهم من ظهير) معين على شيء (ولا تنفع الشفاعة عنده) رد لقولهم في آلهتهم هؤلاء شفعاؤنا عند الله (إلا لمن أذن له) أن يشفع أو أذن أن يشفع له (حتى إذا فزع) كشف الفزع (عن قلوبهم) بالإذن وقيل الضمير للملائكة (قالوا) قال بعضهم لبعض (ماذا قال ربكم) في الشفاعة (قالوا الحق) أي قال القول الحق وهو الإذن بها لمن ارتضى (وهو العلي) بقهره (الكبير) بعظمته .
(قل من يرزقكم من السموات والأرض) إلزاما لهم فإن تلعثموا (قل الله) إذ لا جواب غيره ولا يسعهم إنكاره (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال
ص: 364
سواء صراط (أَوْ فِي ضَلالٍ) وعدم علم وسداد (مُبِينٍ) ( 24 ) معلوم أوّل الإدراك .
(قُلْ) لهم (لا تُسْئَلُونَ) أصلا (عَمَّا أَجْرَمْنا) هو المام الإصر (وَلا نُسْئَلُ عَمَّا) عمل (تَعْمَلُونَ) ( 25 ) أصلا .
(قُلْ يَجْمَعُ) معادا (بَيْنَنا) أولاد آدم طرّا أهل الإسلام وأهل الصدود (رَبُّنا) العدل (ثُمَّ يَفْتَحُ) هو الحكم (بَيْنَنا) وسط الكلّ (بِالْحَقِّ) الحكم المسدّ (وَهُوَ الْفَتَّاحُ) الحاكم (الْعَلِيمُ) ( 26 ) واسع العلم .
(قُلْ) لهم (أَرُونِيَ) اعلموا (الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ) هو الوصل (بِهِ) اللّه (شُرَكاءَ) عدلاء معه طوعا (كَلَّا) ردع لهم ، والحاصل ارعووا عما هو وهمكم ودعوا دعواكم (بَلْ هُوَ) الأمر أو معاده (اللَّهُ الْعَزِيزُ) المكوّح الواحد الأحد (الْحَكِيمُ) ( 27 ) الراصد للحكم والمصالح .
(وَما أَرْسَلْناكَ) محمّد ( ص ) (إِلَّا كَافَّةً) إرسالا عاما أو صادّا ، وهو مصدر أو حال ممّا مرّ أمامه لا ممّا وراءه (لِلنَّاسِ) كلهم (بَشِيراً) سارّا لأهل الصلّاح (وَنَذِيراً) مروّعا لأهل الطلاح (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أهل الحرم
----------
مبين) والإبهام إنصاف من الخصم وتلطف به مبكت له وهو أبلغ من التصريح بمن هو على هدى ومن هو في ضلال (قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون) فيه زيادة إنصاف (قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح) يحكم (بيننا بالحق) فيدخل المحقين الجنة والمبطلين النار (وهو الفتاح) الحاكم (العليم) بالحكم بالحق .
(قل أروني) أعلموني (الذين ألحقتم به شركاء) في استحقاق العبادة (كلا) ردع لهم (بل هو الله العزيز) الغالب بقدرته (الحكيم) في تدبيره فلا إله غيره (وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا) إلا رسالة عامة (ولكن أكثر
ص: 365
(لا يَعْلَمُونَ) ( 28 ) الأمر والحامل لهم عدم علمهم .
(وَيَقُولُونَ) طلاحا وورها (مَتى هذَا الْوَعْدُ) الموعود وهو المعاد المعلوم ممّا مرّ (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ( 29 ) كلاما وإعلاما ، وهو كلام مع رسول اللّه صلعم وأهل الإسلام .
(قُلْ لَكُمْ) كلّكم (مِيعادُ) وعد أو عصر وعد (يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ) حال حلوله (عَنْهُ) ولو (ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) ( 30 ) ولو سعواء ، والحاصل اكراؤهم محال كالأكلاء .
(وَقالَ) أهل الحرم (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا (لَنْ نُؤْمِنَ) أصلا (بِهذَا الْقُرْآنِ) الكلام المرسل لمحمّد ( ص ) (وَلا بِالَّذِي) أرسل (بَيْنَ يَدَيْهِ) والمراد طروس الرسل الأول ، أو المعاد ودارالسلام ودار الآلام (وَلَوْ تَرى) محمّد ( ص ) أو الكلام ح كلّ راء (إِذِ الظَّالِمُونَ) أعداء الإسلام (مَوْقُوفُونَ عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِمْ) لمحلّ عدّ الأعمال ، وحوار « لو » مطروح مراد وهو لحصل لك احساس أمر هكر (يَرْجِعُ) هو الردّ حال أو محمول وراء محمول (بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ) الكلام واللوم والمراد (يَقُولُ) العوام
----------
الناس لا يعلمون) ذلك لتركهم النظر (ويقولون متى هذا الوعد) البعث والجزاء (إن كنتم صادقين) فيه يا معاشر المؤمنين (قل لكم ميعاد يوم) مصدر أو اسم زمان إضافته بيانية (لا تستأخرون عنه ساعة ولا تستقدمون) وهو يوم القيامة سألوا تعنتا فأجيبوا بالتهديد (وقال الذين كفروا) من أهل مكة (لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه) أي تقدمه كالتوراة والإنجيل المتضمن للبعث أو صفة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) .
(ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم) للحساب (يرجع بعضهم إلى بعض القول) يجادلون (يقول الذين استضعفوا) الأتباع (للذين
ص: 366
(الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) آراء وأحلاما وأحكاما وهم الطوّع (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) علوّا وهم الرؤساء (لَوْ لا أَنْتُمْ) لولا دعاءكم للإلحاد وصدّكم عمّا هو السداد لدار الأعمال (لَكُنَّا) ح (مُؤْمِنِينَ) ( 31 ) للّه ورسله سدادا .
(قالَ) الرؤساء (الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) علوّا (لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) وهم العوام ردّا لكلامهم (أَ نَحْنُ صَدَدْناكُمْ) لدار الأعمال (عَنِ الْهُدى) والسداد (بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ) وردكم السداد لا (بَلْ كُنْتُمْ) وحدكم (مُجْرِمِينَ) ( 32 ) أهل آصار مع الإصرار .
(وَقالَ) العوام (الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) أحلاما وأحكاما (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) وهم الرؤساء (بَلْ) دام (مَكْرُ) كم ودعاءكم للإلحاد ساع (اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) ولاء والمراد ما الصاد عمل الآصار مع الإصرار والصاد مكركم دواما كما حكوا ، ورووه مكر مصدرا ومكر ، ومكرّ أصله الكرور (إِذْ تَأْمُرُونَنا) دواما (أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ) الواحد الأحد (وَنَجْعَلَ لَهُ) للّه (أَنْداداً) عدلاء (وَأَسَرُّوا) الرؤساء والعوامّ وهو الإسرار والإعلاء (النَّدامَةَ) الحسر والسدم لعدم إسلامهم (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) دار الآلام (وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ) والسلاس (فِي
----------
استكبروا) القادة (لو لا أنتم) صددتمونا عن الإيمان (لكنا مؤمنين) بالله (قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن) إنكار أي ما نحن (صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم قوما مجرمين) بإعراضكم عن الهدى (وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار) رد لإضرابهم أي لم يصدنا إجرامنا بل مكركم بنا ليلا ونهارا صدنا (إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا) شركاء وأضيف مكر إلى الظرف اتساعا (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) أخفاها الفريقان خوف الفضيحة أو أظهروها فإنه للضدين (وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا) وضع موضع الضمير إيذانا بموجب الجعل
ص: 367
أَعْناقِ ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الرسل (هَلْ) ما (يُجْزَوْنَ) هؤلاء كلّهم (إِلَّا) عدل (ما) عمل (كانُوا) لدار الأعمال (يَعْمَلُونَ) ( 33 ) ردّا وطلاحا .
(وَما أَرْسَلْنا) أصلا (فِي قَرْيَةٍ) ما (مِنْ) رسول (نَذِيرٍ) مروّع (إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها) رؤساءها الملاء لرسلهم (إِنَّا بِما) كلّ ما (أُرْسِلْتُمْ) ادّعاء (بِهِ كافِرُونَ) ( 34 ) وهو كلام مسلّ لرسول اللّه ممّا أوصله رهطه الطلاح ردّا وعداء .
(وَقالُوا) هؤلاء الأعداء (نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا) وأملاكا (وَأَوْلاداً) لا أهل ؟ ؟ ؟ (وَما نَحْنُ) أصلا (بِمُعَذَّبِينَ) ( 35 ) كما هو دعواكم لما لا إصر أصلا .
(قُلْ) ردّا لو ؟ ؟ ؟ (إِنَّ) اللّه (رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ) موسّعه (لِمَنْ يَشاءُ) وسعه (وَيَقْدِرُ) هو الحصر لكلّ أحد مراد حصره (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أهل الحرم (لا يَعْلَمُونَ) ( 36 ) ما مرّ .
(وَما أَمْوالُكُمْ) وأملاككم (وَلا أَوْلادُكُمْ) عموما (بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ) أهل الإسلام (عِنْدَنا زُلْفى) أمما مصدر (إِلَّا) كلّ (مَنْ آمَنَ) أسلم للّه
----------
(هل يجزون إلا ما كانوا يعملون) إلا جزاء عملهم .
(وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها) رؤساؤها المتنعمون خصوا بالذكر لأنهم أصل في العناد وهو تسلية للنبي (إنا بما أرسلتم به كافرون وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا) فنحن أكرم عند الله منكم (وما نحن بمعذبين) لذلك (قل) رد عليهم (إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) يوسعه ويضيقه بحسب المصالح لا لكرامة وهوان (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ذلك (وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى) قربى أي تقربا (إلا) لكن (من
ص: 368
ورسوله سدادا (وَعَمِلَ) عملا (صالِحاً) مأمورا (فَأُولئِكَ) الملأ الصلحاء (لَهُمْ) معادا (جَزاءُ الضِّعْفِ) عدل الركوّ والمراد العدل المركوّ (بِما) أوس أعمال (عَمِلُوا) لدار الأعمال (وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ) الصروح ومحالّ دارالسلام ، ورووا موحّدا (آمِنُونَ) ( 37 ) كلّ هول ومكروه .
(وَ) الأعداء (الَّذِينَ يَسْعَوْنَ) طلاحا (فِي) إهدار (آياتِنا) الكلام المرسل (مُعاجِزِينَ) وهّاما الوكل للّه (أُولئِكَ) الأعداء الطّلاح (فِي الْعَذابِ) إصر دار الآلام (مُحْضَرُونَ) ( 38 ) سمدا سرمدا .
(قُلْ إِنَّ) اللّه (رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ) موسّع الأكل (لِمَنْ يَشاءُ) وسعه (مِنْ عِبادِهِ) ملكا وملكا (وَيَقْدِرُ) هو الحصر (لَهُ) لكلّ أحد مراد حصره (وَ) كلّ (ما أَنْفَقْتُمْ) هو الإعطاء (مِنْ شَيْءٍ) مال وعطاء (فَهُوَ) اللّه (يُخْلِفُهُ) هو الأوس حالا ومآلا (وَهُوَ) اللّه (خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ( 39 ) أكملهم وأوسعهم عطاء .
(وَ) ادّكر (يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) الأعداء (جَمِيعاً) الرؤساء والطوّع (ثُمَّ
----------
ءامن وعمل صالحا) أو استثناء من مفعول يقربكم أي ما يقرب أحدا إلا المؤمن الصالح المنفق ماله في البر والمعلم ولده للخير أو من فاعله بحذف مضاف (فأولئك لهم جزاء الضعف) أي يجازوا الضعف إلى العشر وأكثر من إضافة المصدر إلى مفعوله (بما عملوا وهم في الغرفات ءامنون) من كل مكروه .
(والذين يسعون في ءاياتنا) بالإبطال (معاجزين) مسابقين لنا ظانين أن يفوتونا أو معجزين مثبطين عن الخير (أولئك في العذاب محضرون قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له) لشخص واحد في حالين وما سبق لشخصين فلا تكرير (وما أنفقتم من شيء) في الخير (فهو يخلفه) عاجلا وآجلا (وهو خير الرازقين) لأنه الرازق حقيقة وغيره واسطة (ويوم يحشرهم
ص: 369
يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ) الأعداء (إِيَّاكُمْ) لا سواكم (كانُوا) لدار الأعمال (يَعْبُدُونَ) ( 40 ) أم سواكم .
(قالُوا) الأملاك (سُبْحانَكَ) مصدر مؤكّد طرح عامله (أَنْتَ) اللّهمّ (وَلِيُّنا) هو الودود (مِنْ دُونِهِمْ) سواهم (بَلْ) هؤلاء (كانُوا) لدار الأعمال (يَعْبُدُونَ الْجِنَّ) رهط الوسواس المارد المطرود لمّا سمعوا كلامهم وأطاعوا أمرهم ، أو وردوا أوساط دماهم وألهّوا معها ، أو صوّر أهل الوسواس لهم صور رهط أرواح وأعلموهم هؤلاء صور الأملاك (أَكْثَرُهُمْ) أولاد آدم أو الأعداء والمراد ح كلّهم (بِهِمْ) الأرواح (مُؤْمِنُونَ) ( 41 ) مسلموهم ومسدّدو كلامهم .
(فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ) أصلا (بَعْضُكُمْ) مألوه ما (لِبَعْضٍ) إله ما (نَفْعاً) سرورا ودعاء رحم (وَلا ضَرًّا) سوء ومكروها لمّا لا حكم ولا ملك ح لأحد إلا اللّه الواحد الأحد (وَنَقُولُ) ح (لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) حدلوا (ذُوقُوا) أدركوا (عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ) لدار الأعمال (بِها) الساعور (تُكَذِّبُونَ) ( 42 ) ورها .
(وَإِذا) كلّما (تُتْلى عَلَيْهِمْ) صددهم (آياتُنا) الكلام المرسل (بَيِّناتٍ) سواطع والدارس محمّد صلعم (قالُوا) أهل العدول (ما هذا)
----------
جميعا) المشركين (ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون) توبيخا للمشركين (قالوا سبحانك) تنزيها لك عن الشريك (أنت ولينا) الذي نواليه (من دونهم بل كانوا يعبدون الجن) الشياطين بطاعتهم لهم في عبادتهم لنا (أكثرهم بهم مؤمنون) مصدقون فيما يزينون لهم (فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا) إذ الأمر فيه لله وحده خطاب للملائكة والكفرة (ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون) عنادا .
ص: 370
أرادوا محمّدا صلعم (إِلَّا رَجُلٌ) مسطّر للولع وساحر (يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ) صدّكم (عَمَّا) أله (كانَ) أوّلا (يَعْبُدُ آباؤُكُمْ) الرؤساء (وَقالُوا ما هذا) أرادوا الكلام المرسل لمحمّد ( ص ) (إِلَّا إِفْكٌ) ولع (مُفْتَرىً) مسطر (وَقالَ) هؤلاء (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا (لِلْحَقِّ) الكلام المرسل أو الإسلام ، أو أمر الألوك كلّه (لَمَّا جاءَهُمْ) صددهم وعرطسوا (أَنْ) ما (هذا) الكلام (إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) ( 43 ) معلوم أوّل الإدراك .
وأرسل اللّه ردّا لهم (وَما آتَيْناهُمْ) وما أرسل لهم (مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (كُتُبٍ) طروس مدلولها صحّ معاكهم (يَدْرُسُونَها) مع عمل مدلولها وعلم دوالّها (وَما أَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ) هؤلاء الأعداء لا الأمم اللاؤا مرّوا أمامهم (قَبْلَكَ) محمّد (مِنْ) مؤكّد للإعلام (نَذِيرٍ) ( 44 ) رسول .
وممّ ردّهم أمرك (وَكَذَّبَ) الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) الرسل كما ردّوا رسولهم (وَما بَلَغُوا) هؤلاء (مِعْشارَ ما) طرس وطول عمر وعدّ مال وإعلام دوالّ (آتَيْناهُمْ) الأمم الأول (فَكَذَّبُوا) ردّوا (رُسُلِي) لهم
----------
(وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قالوا ما هذا) أي محمد (إلا رجل يريد أن يصدكم عما كان يعبد ءاباؤكم) بالدعاء إلى اتباعه (وقالوا ما هذا) أي القرآن (إلا إفك) كذب (مفترى) على الله (وقال الذين كفروا للحق) أي القرآن (لما جاءهم إن هذا إلا سحر مبين) بين وفي التصريح بكفرهم وحصرهم الحق في السحر مبادهة لمجيئه بلا تأمل أبلغ إنكار وتعجيب .
(وما ءاتيناهم من كتب يدرسونها) تصحح لهم الإشراك (وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير) يأمرهم به فلا مستند لهم سوى التقليد والعناد (وكذب الذين من قبلهم) كما كذبوا (وما بلغوا) أي هؤلاء (معشار ما ءاتيناهم) عشر ما أعطيناهم أولئك من القوة والنعمة والتعمير أو ما بلغ أولئك عشر ما آتينا هؤلاء
ص: 371
(فَكَيْفَ كانَ) ح (نَكِيرِ) ( 45 ) الإصر والإهلاك ، والمراد هو حاصل محلّه .
(قُلْ) لهم (إِنَّما) ما (أَعِظُكُمْ) أصلحكم إلّا (بِواحِدَةٍ) والمراد (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ) روما لمحامد اللّه ومواده لا للعداء والحسد (مَثْنى) رهطا رهطا حال (وَفُرادى) واحدا واحدا (ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا) لعلمكم (ما بِصاحِبِكُمْ) محمّد ( ص ) (مِنْ جِنَّةٍ) الاس ولمم ومسّ حامل لدعواه (أَنْ) ما (هُوَ) محمّد ( ص ) (إِلَّا) رسول (نَذِيرٌ) مروّع (لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ) أمام (عَذابٍ) ألم (شَدِيدٍ) ( 46 ) عسر معادا لعمل معاص .
(قُلْ) لهم ما موصول (سَأَلْتُكُمْ) أوس أداء الأحكام (مِنْ أَجْرٍ) كراء (فَهُوَ) الكراء (لَكُمْ) والمراد لا أسألكم (إِنْ) ما (أَجْرِيَ) المراد العدل (إِلَّا عَلَى اللَّهِ) مالك الملك والأمر (وَهُوَ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما (شَهِيدٌ) ( 47 ) راصد مطّلع .
(قُلْ إِنَّ) اللّه (رَبِّي يَقْذِفُ) المراد الإلهام والإعلام (بِالْحَقِّ) الأمر المسدّ (عَلَّامُ) ورووه علّام (الْغُيُوبِ) ( 48 ) الإسرار ورووه مكسور الأوّل .
----------
من الدلالة (فكذبوا رسلي فكيف كان نكير) إنكاري عليهم بالتدمير فليحذر هؤلاء مثله .
(قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله) تهموا بالأمر له مجانبين الهوى (مثنى وفرادى ثم تتفكروا) في أمر محمد فتعلموا (ما بصاحبكم من جنة) جنون (إن هو إلا نذير لكم بين يدي) قدام (عذاب شديد) في القيامة (قل ما سألتكم من أجر) على التبليغ (فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء شهيد) مطلع يعلم صدقي (قل إن ربي يقذف بالحق) يلقيه إلى أنبيائه أو يرمي به الباطل فيدمغه (علام الغيوب قل جاء الحق) الإسلام (وما يديء
ص: 372
(قُلْ) محمّد ( ص ) (جاءَ الْحَقُّ) الإسلام أو كلام اللّه (وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ) الإلحاد والولع أو هو اسم الوسواس (وَما يُعِيدُ) ( 49 ) والحاصل هلك الولع أو الوسواس ولا رسم له ولا حكم .
(قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ) عمّا هو مسدّ (فَإِنَّما أَضِلُّ) ما أدركه إلّا (عَلى نَفْسِي) وحدها (وَإِنِ اهْتَدَيْتُ) سواء الصراط (فَبِما) علم وحكم (يُوحِي إِلَيَّ) اللّه (رَبِّي إِنَّهُ) اللّه (سَمِيعٌ) للدعاء (قَرِيبٌ) ( 50 ) للكلّ ومعامل معهم معادا كأعمالهم .
(وَلَوْ تَرى) محمّد ( ص ) أو كلّ راء (إِذْ فَزِعُوا) راعوا للمعاد أو صدد السام ، وحوار « لو » مطروح مراد ، (فَلا فَوْتَ) لا عصر ولا معرّد لهم (وَأُخِذُوا) عطوا (مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) ( 51 ) وهو المطّلع أو سطح الرمكاء ، وأرسلوا للساعور أو المرامس .
(وَقالُوا) حال إحساس الآلام (آمَنَّا) سدادا (بِهِ) محمّد ( ص ) (وَأَنَّى) ممّ (لَهُمُ التَّناوُشُ) عطر الإسلام عطوا سهلا ، ورووه مع الواو (مِنْ
----------
الباطل وما يعيد) أي يزهق الكفر ولم يبق له أثر لا بدءا ولا إعادة (قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي) أي وبال إضلالي عليها (وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي) من الهدى تفضلا (إنه سميع) للأقوال (قريب) لا تخفى عليه الأحوال .
(ولو ترى إذ فزعوا) عند الموت أو البعث أو يوم بدر لرأيت فظيعا (فلا فوت) فلا يفوتوننا (وأخذوا من مكان قريب) من ظهر الأرض إلى بطنها أو من الموقف إلى النار وعنهم (عليهم السلام) هو جيش السفياني بالبيداء يخسف بهم من تحت أقدامهم (وقالوا ءامنا به) بمحمد أو القرآن (وأنى) ومن أين (لهم التناوش) تناول الإيمان بسهولة (من مكان بعيد) فإنه في دار التكليف وهم في
ص: 373
مَكانٍ بَعِيدٍ) ( 52 ) عمّا هو محلّ عطوه وهو دار الأعمال .
(وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ) محمّد ( ص ) أو الإصر والألم (مِنْ قَبْلُ) لدار الأعمال أو أمام ورود الإصر (وَيَقْذِفُونَ) المراد الكلام (بِالْغَيْبِ) والمراد كلامهم للرسول صلعم ساحر وللكلام المرسل سحر (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) ( 53 ) عمّا هو السداد .
(وَحِيلَ) سدّ (بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما) إسلام وهود (يَشْتَهُونَ) والمراد سماع الإسلام والهود (كَما فُعِلَ) عمل (بِأَشْياعِهِمْ) والمراد عدلاءهم إلحادا وطلاحا (مِنْ قَبْلُ) أمامهم (إِنَّهُمْ كانُوا) أوّلا (فِي شَكٍّ) وهم لأمر الرسل والمعاد (مُرِيبٍ) ( 54 ) موهم لهم ومحصّل للوهم .
----------
دار الآخرة (وقد كفروا به من قبل) في وقت التكليف (ويقذفون بالغيب) يرجمون بما غاب علمه عنهم من نفي البعث ونحوه (من مكان بعيد) من جهة بعيدة عن حال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلّم) وحال الآخرة (وحيل بينهم وبين ما يشتهون) من نفع الإيمان في الآخرة (كما فعل بأشياعهم من قبل) بأمثالهم من كفرة الأمم قبلهم (إنهم كانوا في شك مريب) موجب للريب.
ص: 374
ص: 375
ص: 376
( سورة فاطر )
موردها أمّ الرحم ، ومحصول أصول مدلولها :
أصار الأملاك رسلا وصدع أسرهم ، وإعلام ما حلّ اللّه ممّا أواسط الرحم لا ممسك له وما أمسك لا مرسل له ، والأمر لادّكار آلاء اللّه وإعلامهم عداء المارد لروعهم مما أراد لهم ، وإسلاء الرسول صلعم ، وإرسال الأرواح لحصول السدّ وحلول المطر وسؤال الكوح والكمال عمّا له الكمال والكوح وهو اللّه وصعود الكلم الطاهر إلاه ، وأسر ولد آدم أطوارا وادّكار ما أودع اللّه الداماء ممّا راع مهاهه وهو اللؤلؤ وما سواه ، وأسر السمر والملأ واطالهما ووكسهما ووكل دماهم وألههم عمّا هو حكم الالّ .
وإعلام اللّه واسع العطاء كامل الطول وهم كلّهم عالوا ، وإرساء ما هو دالّ إعطاء العمر معادا ، وطول كلام اللّه المرسل وعلوّ درسه وحولهم صروعا لعمل كلام اللّه حادل وماهل وما دار وسطهما ، وورود أهل الإسلام دارالسلام والأعداء دار الآلام ، وركودهم وسطهما دواما وصدع مآل العدول والردّ وهو السوء والهلاك ، وإمساك اللّه السماء والرمكاء كرما ورحما ، وإهلاك المكر السوء أهله ، وإعلام لو عطاء اللّه ولد آدم لأعمالهم السواء ما امّلص أحد ممّا أصره .
ص: 377
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(الْحَمْدُ) هو مصدر المعلوم أو اللّامعلوم أو حاصل المصدر والمراد حمد كلّ حامد وكلّ محمود حاصل (لِلَّهِ) وحده إعلام للعالم (فاطِرِ) آسر عالم (السَّماواتِ وَ) آسر عالم (الْأَرْضِ) طرّا (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ) مرسلهم (رُسُلًا) وسط اللّه وسط رسله والصلحاء الكمّل لمّا أوصلوهم ما أوصلوهم اعلام اسره (أُولِي أَجْنِحَةٍ) سواعد (مَثْنى) لرهط (وَثُلاثَ) لرهط (وَرُباعَ) لرهط ولعلّه ما أراد الحصر (يَزِيدُ) اللّه (فِي الْخَلْقِ) الأملاك وسواهم (ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ) مالك الكلّ وملكه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مراد (قَدِيرٌ) ( 1 ) كامل طول .
----------
(35 سورة الملائكة خمس أو ست وأربعون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله فاطر السموات والأرض) مبتدعهما والفطر الشق كأنه شق منهما العدم (جاعل الملائكة رسلا) إلى أنبيائه (أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع) ينزلون بها ويعرجون (يزيد في الخلق) في الملائكة وغيرهم (ما يشاء) من حسن الوجه والصوت (إن الله على كل شيء قدير ما يفتح الله للناس
ص: 378
(ما يَفْتَحِ اللَّهُ) كرما (لِلنَّاسِ) أولاد آدم (مِنْ) واسط (رَحْمَةٍ) أكل ومطر وسلام وصحّ وعلم وألوك (فَلا مُمْسِكَ لَها) أصلا (وَما يُمْسِكْ) اللّه مما مرّ (فَلا مُرْسِلَ لَهُ) أحد (مِنْ بَعْدِهِ) وراء إمساكه (وَهُوَ) اللّه (الْعَزِيزُ) المكوّح إرسالا وإمساكا (الْحَكِيمُ) ( 2 ) الراصد للحكم والأسرار .
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) أهل الحرم أو المراد العموم (اذْكُرُوا) مسحلا وروعا (نِعْمَتَ اللَّهِ) إلاه (عَلَيْكُمْ) والمراد إحلالهم الحرم وسلامهم سوء الأعداء أو ما سواه (هَلْ مِنْ) مؤكّد (خالِقٍ) هو محكوم علاه (غَيْرُ اللَّهِ) سواه ، ورووه مكسور الراء ومحموله (يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ) المطر (وَالْأَرْضِ) الأكل والطعام لا (لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا هُوَ) وحده (فَأَنَّى) مما (تُؤْفَكُونَ) ( 3 ) هو الصّد .
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) محمّد ( ص ) والمراد ردّ أوامره وأحكامه (فَقَدْ كُذِّبَتْ) معلّل لحوار مطروح (رُسُلٌ) ردّهم أممهم اللاؤا مرّوا (مِنْ قَبْلِكَ) أمام عهدك (وَإِلَى اللَّهِ) وحده (تُرْجَعُ الْأُمُورُ) ( 4 ) كلّها معادا ، وهو كلام مهدّد لهم ومسلّ للرسول صلعم ، ورووه معلوما .
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) أهل الحرم (إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ) أراد وعد العود وإعطاء
----------
من رحمة) كرزق وصحة وعلم ونبوة (فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم) في فعله .
(يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم) احفظوا وأدوا حقها بشكر مولاها قولا وعملا واعتقادا (هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض) إلا الله (لا إله إلا هو فأنى تؤفكون) فمن أين تصرفون عن توحيده فتشركون منحوتكم به (وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك) فاصبر كما صبروا تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) (وإلى الله ترجع الأمور) فيجازي الصابرين والمكذبين .
ص: 379
العدل (حَقٌّ) حاصل لا محال (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) آلاءها وسروها وطراءها (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ) كرمه وحلّه وامهاله (الْغَرُورُ) ( 5 ) الوسواس ، ورووه كورود وهو ح مصدر .
(إِنَّ الشَّيْطانَ) الوسواس المطرود (لَكُمْ) أولاد آدم (عَدُوٌّ) كامل (فَاتَّخِذُوهُ) أعطوه وأعلموه (عَدُوًّا) وروعوا مكره ودعوا صراطه واسلكوا صراط أوامر اللّه (إِنَّما) ما (يَدْعُوا) الوسواس (حِزْبَهُ) طوّعه إلّا (لِيَكُونُوا) طوّعه (مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ) ( 6 ) أهل الساعور .
الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام وأطاعوا الوسواس لمّا دعاهم (لَهُمْ) معادا (عَذابٌ) ألم (شَدِيدٌ) مؤلم (وَ) الصلحاء (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله سدادا ، وما أطاعوا المارد وما سمعوا دعاءه (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللّواء أمر اللّه (لَهُمْ) معادا (مَغْفِرَةٌ) لآصارهم (وَأَجْرٌ) عدل (كَبِيرٌ) ( 7 ) واسع ، وهو إعلام حال طوع الوسواس وردّاده .
(أَ) طاح العدل ومسمس الأمر وحلّ الورة (فَمَنْ) موصول محكوم علاه (زُيِّنَ) سوّل (لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) وموّه (فَرَآهُ) سوء العمل (حَسَناً) محمودا ، والحوار مطروح وهو كمرء هداه اللّه ، دلّ علاه (فَإِنَّ اللَّهَ) الملك
----------
(يا أيها الناس إن وعد الله) بالبعث وغيره (حق فلا تغرنكم الحيوة الدنيا) فيلهيكم التمتع بها عن الآخرة (ولا يغرنكم بالله الغرور) الشيطان بأن يجرئكم على عصيان الله (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) ولا تطيعوه واحذروه (إنما يدعو حزبه) أتباعه (ليكونوا من أصحاب السعير) النار المسعرة (الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر كبير) وعيد لحزبه ووعد لحزب الله .
(أفمن زين له سوء عمله) زينه له الشيطان فغلب هواه على عقله (فرءاه
ص: 380
العدل (يُضِلُّ) سواء الصراط كلّ (مَنْ يَشاءُ) عدم هداه (وَيَهْدِي) سواء الصراط كلّ (مَنْ يَشاءُ) هداه (فَلا تَذْهَبْ) وهو الهلاك (نَفْسُكَ) روحك (عَلَيْهِمْ) المسوّل لهم لحصول (حَسَراتٍ) صروع حسر لعدم إسلامهم (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ) واسع علم (بِما) عمل (يَصْنَعُونَ) ( 8 ) ومعاملهم كأعمالهم ، وهو موعد ومهدّد لهم لورود الإصر لسوء عملهم .
(وَاللَّهُ) هو (الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ) ورووه موحّدا (فَتُثِيرُ) الأرواح حال حكاها اللّه (سَحاباً) ماطرا (فَسُقْناهُ) الطحاء (إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ) هامد وهو عرّوه وعدم الكلاء والدوح له (فَأَحْيَيْنا) لإصلاح العالم (بِهِ) المطر (الْأَرْضَ) صعده (بَعْدَ مَوْتِها) همودها وعرّوها (كَذلِكَ) العود (النُّشُورُ) ( 9 ) عود الأرواح والأعطال .
كلّ (مَنْ كانَ) الحال (يُرِيدُ الْعِزَّةَ) والكمال (فَلِلَّهِ) وحده (الْعِزَّةَ) والكمال (جَمِيعاً) حالا ومآله (إِلَيْهِ) اللّه وحده (يَصْعَدُ الْكَلِمُ) الكلام (الطَّيِّبُ) الطاهر وهو لا إله إلّا اللّه أو سواه (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ) المأمور (يَرْفَعُهُ) أصعد الكلم الطاهر العمل الصالح لمّا ما سمع عمل صالح إلّا ممّا
----------
حسنا) وخبر من كمن اهتدى يهدي الله بدلالة (فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء) يخذل من لا ينفعه اللطف ويلطف بمن ينفعه (فلا تذهب) تهلك (نفسك عليهم) على المزين لهم (حسرات) اغتماما بكفرهم وغيهم (إن الله عليم بما يصنعون) فيجازيهم به .
(والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا) تهيجه (فسقناه) التفات إلى التكلم يفيد الاختصاص (إلى بلد ميت فأحيينا به) بمائه (الأرض بعد موتها) يبسها (كذلك النشور) أي مثل إحياء الأرض إحياء الأموات .
(من كان يريد العزة فلله العزة جميعا) أي فليطلبها من عنده بطاعته لأنها له كلها (إليه يصعد الكلم الطيب) هو التوحيد (والعمل الصالح يرفعه
ص: 381
موحّد أو عكسه لمّا هو مسدّد للإسلام ومؤكّد له ، أو أصعد اللّه العمل الصالح واعلاءه سماعه ، أو أصعد العمل الصالح عامله (وَ) الرهط (الَّذِينَ يَمْكُرُونَ) المكور (السَّيِّئاتِ) إهلاك الرسول صلعم أو اطراده أو حصره (لَهُمْ) معادا (عَذابٌ) إصر (شَدِيدٌ) ألم (وَمَكْرُ أُولئِكَ) الرهط الطّلاح (هُوَ) وحده (يَبُورُ) ( 10 ) هو الهلاك .
(وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ) والدكم آدم (مِنْ تُرابٍ) حصحص (ثُمَّ) أسركم (مِنْ نُطْفَةٍ) ماء (ثُمَّ جَعَلَكُمْ) أصاركم (أَزْواجاً) صروعا (وَما تَحْمِلُ) حملا (مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (أُنْثى وَلا تَضَعُ) حملا (إِلَّا بِعِلْمِهِ) حال والمراد ؟ ؟ ؟ له حالها (وَما يُعَمَّرُ) هو الإكراء (مِنْ) عمر (مُعَمَّرٍ) طوال العمر ، والمراد ؟ ؟ ؟ سمّاه معمّرا للمح المآل (وَلا يُنْقَصُ) ورووه معلوما (مِنْ عُمُرِهِ) عمر المعمر (إِلَّا فِي كِتابٍ) لوح محروس معصوم ، أو هو علم اللّه ، أو طرس العمل (إِنَّ ذلِكَ) إحصاءه أو إكراءه ووكسه (عَلَى اللَّهِ) كامل الطول (يَسِيرٌ) ( 11 ) سهل .
(وَما يَسْتَوِي) أصلا (الْبَحْرانِ) أراد إعلاء حال المسلم وعدوّه هذا أحدهما (عَذْبٌ) حلو (فُراتٌ) رواء أو كامل الحلو أو كاسر للأوام
----------
والذين يمكرون) المكرات (السيئات) بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) (لهم عذاب شديد) جزاء مكرهم (ومكر أولئك هو يبور) يبطل ولا ينفذ .
(والله خلقكم من تراب) بخلق آدم منه (ثم من نطفة) بخلق نسله منها (ثم جعلكم أزواجا) ذكورا وإناثا (وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر) ما يزاد في عمر من يطول عمره (ولا ينقص من عمره إلا في كتاب) اللوح أو علمه تعالى (إن ذلك) المذكور (على الله يسير) هين .
(وما يستوي البحران هذا عذب فرات) شديد العذوبة (سائغ شرابه)
ص: 382
(سائِغٌ) سهل المرور للساعل (شَرابُهُ) ماءه (وَهذا) أحدهما (مِلْحٌ أُجاجٌ) كامل أو مرّ (وَمِنْ كُلٍّ) كل واحد (تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) هو لحم السمك (وَتَسْتَخْرِجُونَ) ممّا مرّ وهو الداماء الملح أو كلاهما (حِلْيَةً) لؤلؤا أو ما سواها (تَلْبَسُونَها) أراد أعراسكم (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ) كلّ (مَواخِرَ) صوادع للماء حال الرواح (لِتَبْتَغُوا) هو الروم (مِنْ فَضْلِهِ) اللّه المال (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( 12 ) اللّه أوسه ، أورد لعلّ لمحا لما دعاه الحال حسّا .
(يُولِجُ) اللّه (اللَّيْلَ) كسره (فِي النَّهارِ) للطول (وَيُولِجُ) اللّه (النَّهارِ) كسره (فِي اللَّيْلِ) للطول (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) طوّعهما لحكمه وأمره (كُلٌّ) كلّ واحد (يَجْرِي) المراد الدور (لِأَجَلٍ) أمد (مُسَمًّى) محدود معلوم وهو عهد المعاد أو أمد دوره (ذلِكُمُ) المعلوم حاله ممّا مرّ وهو محكوم علاه محموله (اللَّهُ رَبُّكُمْ) مولاكم محمول وراء محمول (لَهُ) وحده (الْمُلْكُ) والأمر لا مساهم له ولا معادل (وَ) دماكم (الَّذِينَ تَدْعُونَ) طوعا كدعاء اللّه (مِنْ دُونِهِ) سواه (ما يَمْلِكُونَ) لكم ولا لهم (مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (قِطْمِيرٍ) ( 13 ) أراد لهاء لحاء حمل معلوم .
----------
في الحلق هنيء (وهذا ملح أجاج) شديد الملوحة وهذا مثل للمؤمن والكافر (ومن كل) منهما (تأكلون لحما طريا) هو السمك (وتستخرجون) من الملح أو منهما (حلية تلبسونها) هي اللؤلؤ والمرجان (وترى الفلك فيه) في كل منهما (مواخر) تمخر الماء أي تشقه بجريها (لتبتغوا من فضله) بالركوب للتجارة (ولعلكم تشكرون) الله على ذلك .
(يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى) هو منتهى دوره أو مدته أو يوم القيامة (ذلكم) الفاعل لهذه الأشياء (الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير)
ص: 383
(إِنْ تَدْعُوهُمْ) دعاء ما (لا يَسْمَعُوا) أصلا (دُعاءَكُمْ) لمّا لا حسّ ولا حراك ولا علم لهم (وَلَوْ سَمِعُوا) احماما (مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ) ما حاوروكم لعدم دعواهم لهم الإل كما هو دعواكم لهم (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) وعدّ الأعمال ودحص الأحوال (يَكْفُرُونَ) كلّهم (بِشِرْكِكُمْ) عدلكم لهم مع اللّه (وَلا يُنَبِّئُكَ) أحوال الحال والمآل (مِثْلُ خَبِيرٍ) ( 14 ) عالم .
وهو اللّه (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أولاد آدم (أَنْتُمُ الْفُقَراءُ) عدماء الأموال والأملاك وأهل الأوطار ، أورد اللام لمّا أراد حصر العدم والوطر علاهم وعدم سراهم كلا عدم .
(إِلَى اللَّهِ) كلّ حال (وَاللَّهُ هُوَ) وحده (الْغَنِيُّ) عمّا أسر (الْحَمِيدُ) ( 15 ) المحمود كلّ أعماله .
(إِنْ يَشَأْ) إهلاككم و ؟ ؟ ؟ (يُذْهِبْكُمْ) كلكم للعدم (وَيَأْتِ) أوسكم ومحلّكم (بِخَلْقٍ) رهط أو عالم (جَدِيدٍ) ( 16 ) سواكم أطوع للّه .
(وَما ذلِكَ) الإعدام والأوس (عَلَى اللَّهِ) كامل الألو (بِعَزِيزٍ) ( 17 ) محال وعسر .
(وَلا تَزِرُ) هو الحمل (وازِرَةٌ) أحد عامل الإصر (وِزْرَ) إصر
----------
قشر نواة (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا) فرضا (ما استجابوا لكم) لأنهم لا يملكون شيئا (ويوم القيامة يكفرون بشرككم) بإشراككم أي يبرءون من عبادتكم إياهم (ولا ينبئك) يخبرك بحقيقة الحال (مثل خبير) بما يخبرك وهو الله العليم بالحقائق .
(يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله) في كل حال (والله هو الغني) عن كل شيء (الحميد) المستحق للحمد (إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد) لكم (وما ذلك على الله بعزيز) بصعب (ولا تزر وازرة) لا تحمل نفس آثمة
ص: 384
(أُخْرى) سواه (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ) أحد مودّ لعدّ الآصار والمعارّ أحدا (إِلى) حمل (حِمْلِها) آصارها ومعارّها وإمدادها (لا يُحْمَلْ مِنْهُ ) حملها (شَيْءٌ) ما (وَلَوْ كانَ) المدعوّ (ذا قُرْبى) رحم للدّاع كالوالد والولد ، ورووه مع الواو وهو ح اسمه ومحموله مطروح وحاصله عدم إمداد أحد أحدا ح ، وحاصل الأوّل كمال عدل اللّه وهو عدم عطو أحد أوس أحد (إِنَّما) ما (تُنْذِرُ) محمّد ( ص ) إلّا الملأ (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ) اللّه (رَبَّهُمْ) مولاهم (بِالْغَيْبِ) حال السرّ لا اطلاع لأحد علاه ، أو وادسا كلّ واحد عمّا حدّه ، أو وادسا حدّه عمّاهم (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) أداموها (وَمَنْ تَزَكَّى) هو الطّهر والمراد أداء الأوامر وطرح الروادع (فَإِنَّما) ما (يَتَزَكَّى) إلّا (لِنَفْسِهِ) لما عدله لها (وَإِلَى اللَّهِ) لا سواه (الْمَصِيرُ) ( 18 ) المعاد وهو وعد لأهل الطّهر .
(وَما يَسْتَوِي) أصلا (الْأَعْمى) وهو حال عدوّ الإسلام (وَالْبَصِيرُ) ( 19 ) وهو حال المسلم ، أو عادم العلم والعالم .
(وَلَا الظُّلُماتُ) ملل السوء (وَلَا النُّورُ) ( 20 ) الإسلام .
(وَلَا الظِّلُّ) السداد أو دارالسلام (وَلَا الْحَرُورُ) ( 21 ) الولع أو دار الآلام والحرور الهواء الحارك الحارّ كالسموم .
----------
(وزر) نفس (أخرى وإن تدع) نفس (مثقلة) بالوزر (إلى حملها) إلى وزرها أحدا ليحمل بعضه (لا يحمل منه شيء ولو كان) المدعو (ذا قربى) قرابة .
(إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب) غائبين عن عذابه أو عن الناس في خلواتهم (وأقاموا الصلاة ومن تزكى) تطهر من الآثام (فإنما يتزكى لنفسه) إذ نفعه لها (وإلى الله المصير) فيجازي بالعمل (وما يستوي الأعمى والبصير) الكافر والمؤمن (ولا الظلمات) الكفر (ولا النور) الإيمان (ولا
ص: 385
(وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ) أهل الإسلام (وَلَا الْأَمْواتُ) أعداء الإسلام ، وأورد لا مؤكّدا لمدلول الإعدام (إِنَّ اللَّهَ) مالك الملك والأمر (يُسْمِعُ) كلّ (مَنْ يَشاءُ) إسماعه وهداه (وَما أَنْتَ) محمّد ( ص ) (بِمُسْمِعٍ) رهطا حالهم لكمال سوءهم كحال (مَنْ) رهط (فِي الْقُبُورِ) ( 22 ) والمراد أعداء الإسلام .
(إِنْ) ما (أَنْتَ) محمّد ( ص ) (إِلَّا) رسول (نَذِيرٌ) ( 23 ) مروّع ، وما عملك إلّا الأداء والإعلام لا الإسماع .
(إِنَّا أَرْسَلْناكَ) محمّد ( ص ) رسولا أو إرسالا موصولا (بِالْحَقِّ) والسداد (بَشِيراً) سارّا واعدا (وَنَذِيراً) مروعا موعدا (وَإِنْ) ما (مِنْ) مؤكّد (أُمَّةٍ) أهل عصر (إِلَّا خَلا) مرّ (فِيها) رسول أو عالم (نَذِيرٌ) ( 24 ) مروّع لهم درك الطلاح وسوء مآل الإلحاد ، وسارّ لأهل الصلاح طرحه لمّا دلّ معادله علاه ، ودام رسوم الروع وسط عصر روح اللّه ومحمّد رسول اللّه ( ص ) .
ولمّا احمّ دروس الروع أرسل محمد رسول اللّه صلعم (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) أهل الحرم محمّد ( ص ) (فَقَدْ كَذَّبَ) الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ )
----------
الظل ولا الحرور) الجنة والنار وتكرير لا لزيادة تأكيد النفي (وما يستوي الأحياء ولا الأموات) مثل للمؤمنين والكفار (إن الله يسمع من يشاء) ممن هو أهل (وما أنت بمسمع من في القبور) أي الكفار المشابهين للموتى (إن) ما (أنت إلا نذير) .
( إنا أرسلناك بالحق) محقين أو محقا أو إرسالا متلبسا بالحق (بشيرا) لمن أطاعك (ونذيرا) لمن عصاك (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) وصي ينذرها ويفيد عدم خلو الزمان من حجة (وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم
ص: 386
رسلهم (جاءَتْهُمْ) هؤلاء الأمم ، وهو حال ، (رُسُلُهُمْ) اللاؤا أرسلوا (بِالْبَيِّناتِ) السواطع المعلوم كمالها أوّل الإدراك لسداد دعواهم (وَبِالزُّبُرِ) الطروس (وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ) ( 25 ) كطرس رسول الهود وطرس روح اللّه وطرس داود ، والحاصل احمل مكارههم كما حملوا .
(ثُمَّ) لمّا صاروا أهلا للإهلاك (أَخَذْتُ) سطوا الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا رسولهم (فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) ( 26 ) إهلاكهم ، والمراد هو حال محلّه .
(أَ لَمْ تَرَ) أما حصل لك محمّد ( ص ) علم (أَنَّ اللَّهَ) مولاك (أَنْزَلَ) أرسل كرما ورحما (مِنَ السَّماءِ) العلو (ماءً) مطرا (فَأَخْرَجْنا بِهِ) الماء المرسل (ثَمَراتٍ) أحمالا (مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) كأحمر واصحم وأسود ، أو المراد صروعها (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ) صرط والمراد أهل صرط ، ورووه كدسر وككرم (بِيضٌ وَحُمْرٌ) وسود وصحم (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) كمالا وعدم كمال (وَ) عرامس (غَرابِيبُ) مؤكّد لما وراءه أورد أمامه لكمال الوكود (سُودٌ)
----------
جاءتهم رسلهم بالبينات) بالمعجزات المصدقة لهم (وبالزبر) كصحف إبراهيم (وبالكتاب المنير) كالتوراة والإنجيل أو أريد بهما واحد والعطف لاختلاف الوصفين (ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير) إنكاري بتدميرهم .
(ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا) التفات إلى التكلم (به ثمرات مختلفا ألوانها) أصنافها أو هيئتها من صفرة وحمرة وغيرهما (ومن الجبال جدد) جمع جدد الخطة والطريقة أي خطط وطرائق (بيض وحمر مختلف ألوانها) بالشدة والضعف (وغرابيب) عطف على جدد أي ومنها شديدة السواد لا خطط فيها وهي تأكيد لمضمر يفسره (سود) إذ التأكيد متأخر
ص: 387
( 27 ) كامل سوادها .
(وَمِنَ النَّاسِ) أهل المعمور كلّهم (وَالدَّوَابِّ) كلّ ما له حسّ وحراك سهل (وَالْأَنْعامِ) السّوام وما سواها (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) احورارا وسوادا وما سواهما (كَذلِكَ) كما مرّ وهو ادّارء الأحمال والأطواد (إِنَّما) ما (يَخْشَى اللَّهَ) وسطوه وحرده (مِنْ عِبادِهِ) كلّهم (الْعُلَماءُ) علماءه لا الأعماء كأهل الحرم ورووا اللّه والعلماء والمارد ح إكرام اللّه لهم (إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ) مهلك للأعداء (غَفُورٌ) ( 28 ) للأودّاء آصارهم ، كلام معلّل للسوم الروع .
(إِنَّ) الرهط (الَّذِينَ يَتْلُونَ) دواما هو الدرس (كِتابَ اللَّهِ) المرسل لمحمّد صلعم (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) أداموها (وَأَنْفَقُوا) أعطوا (مِمَّا) أموال وأملاك (رَزَقْناهُمْ) كرما ورحما (سِرًّا) دسّا (وَعَلانِيَةً) حسّا (يَرْجُونَ) حال أداء الأعمال روم عدل للطوع وهو محمول الموصول (تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) ( 29 ) هو الكساد أو الهلاك .
(لِيُوَفِّيَهُمْ) اللّه ، اللّام معلل لمدلول ما مرّ وهو عملوا ما عملوا ، أو هو للإمد (أُجُورَهُمْ) أعدال أعمالهم (وَيَزِيدَهُمْ) ما هو مراده (مِنْ فَضْلِهِ )
----------
عن المؤكد (ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك) كاختلاف الثمار والجبال (إنما يخشى الله من عباده العلماء) العارفون به لا الجهال وفي الحديث أعلمكم بالله أخوفكم له وقصد حصر الفاعلية فقدم المفعول (إن الله عزيز) في انتقامه من أعدائه (غفور) لزلات أوليائه .
(إن الذين يتلون كتاب الله) يقرءون القرآن أو يتبعونه بالعمل بما فيه (وأقاموا الصلوة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية) المسنون والمفروض (يرجون تجارة) كسب ثواب بذلك خبر إن (لن تبور) لن تكسد ولن تهلك (ليوفيهم أجورهم) ثواب أعمالهم المذكورة (ويزيدهم من فضله) على ما
ص: 388
وكرمه (إِنَّهُ) اللّه (غَفُورٌ) لآصارهم ومعارّهم (شَكُورٌ) ( 30 ) لأعمالهم معلّل لما مرّ .
(وَالَّذِي أَوْحَيْنا) إرسالا (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (مِنَ الْكِتابِ) المرسل (هُوَ الْحَقُّ) المسدّ (مُصَدِّقاً) مسدّدا حال مؤكد (لِما) طروس (بَيْنَ يَدَيْهِ) أمامه (إِنَّ اللَّهَ) المكرام (بِعِبادِهِ) وأحوالهم (لَخَبِيرٌ) عالم سرّ (بَصِيرٌ) ( 31 ) عالم حسّ والمراد علمك وأحسّ أحوالك ورآك أهلا لإرسال الطرس الدالع عمّا طول كلّ مأسور المسدد للطروس الأوّل .
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا) المراد حكمه وراك (الْكِتابَ) الكلام المرسل لك محمّد ( ص ) الملأ (الَّذِينَ اصْطَفَيْنا) هم (مِنْ عِبادِنا) وهم طوّعه الوسط (فَمِنْهُمْ) هؤلاء الطوّع (ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) مكره لها صال للمكاره ماصل العمل (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) عامل عمّ أحواله (وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) عالم عامل معلم للصلاح ، والكلّ أهل الإسلام وحالّوا دارالسلام (بِإِذْنِ اللَّهِ) روده أو أمره أو علمه (ذلِكَ) إعطاء الطرس لهم (هُوَ) وحده (الْفَضْلُ) الكرم
----------
استحقوه (إنه غفور) لسيئاتهم (شكور) لحسناتهم .
(والذي أوحينا إليك من الكتاب) جنسه (هو الحق مصدقا) حال مؤكدة أي أحقه مصدقا (لما بين يديه) لما تقدمه من الكتب (إن الله بعباده لخبير بصير) عالم بالبواطن والظواهر (ثم أورثنا الكتاب) عبر بالماضي لتحققه (الذين اصطفينا من عبادنا) وهم علماء الأمة أو جميعها، عنهم (عليهم السلام): هي لنا خاصة (فمنهم) من عبادنا أو ممن اصطفينا (ظالم لنفسه) راجح السيئات (ومنهم مقتصد) متساوي الحسنات والسيئات (ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله) راجح الحسنات وقيل الظالم صاحب الكبيرة والمقتصد صاحب الصغيرة والسابق المعصوم وقيل الظالم الجاهل والمقتصد المتعلم والسابق العالم، وعن الصادق (عليه السلام): الظالم منا من لا يعرف حق الإمام والمقتصد
ص: 389
(الْكَبِيرُ) ( 32 ) الكامل .
(جَنَّاتُ) ورووه مكسورا (عَدْنٍ) ركود ورمومك ، وهو محكوم محموله (يَدْخُلُونَها) هؤلاء الأرهاط ، ورووه لا معلوما ، (يُحَلَّوْنَ فِيها) هؤلاء المحالّ الكرام (مِنْ أَساوِرَ) واحد واحده سوار (مِنْ ذَهَبٍ) أحمر (وَلُؤْلُؤاً) ورووه مكسورا (وَلِباسُهُمْ) مكسوّهم (فِيها) هؤلاء المحال (حَرِيرٌ) ( 33 ) صراح .
(وَقالُوا الْحَمْدُ) مصدر المعلوم أو اللّامعلوم أو حاصل المصدر والحاصل حمد كلّ حامد وكلّ محمود حاصل (لِلَّهِ) الواحد الأحد (الَّذِي أَذْهَبَ) أماط (عَنَّا الْحَزَنَ) هول السام ، أو الساعور ، أو هموم دار الأعمال ، أو روع وسواس المارد المطرود (إِنَّ) اللّه (رَبَّنا لَغَفُورٌ) للآصار والمعار مع عدّها (شَكُورٌ) ( 34 ) للأعمال مع مصولها .
(الَّذِي أَحَلَّنا) أمدا (دارَ الْمُقامَةِ) دار الرموك مصدر (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه (لا يَمَسُّنا) أصلا حال حكاها اللّه (فِيها) دار الرموك (نَصَبٌ) كدح وحسور (وَلا يَمَسُّنا) أصلا (فِيها) دار الرموك (لُغُوبٌ) ( 35 ) كلال
----------
من يعرف حقه والسابق الإمام، وقدم الظالم لكثرة أفراده (ذلك هو الفضل الكبير) إشارة إلى الإيراث والسبق .
(جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور) بعضها (من ذهب) بيان (ولؤلؤا) أي مكلل بلؤلؤ (ولباسهم فيها حرير وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن) الهم للدين والدنيا (إن ربنا لغفور) للذنوب (شكور) للطاعات (الذي أحلنا دار المقامة) أي الإقامة (من فضله) من عطائه وتفضله بتكليفنا مما استوجبنا به ذلك (لا يمسنا فيها نصب) تعب (ولا يمسنا فيها لغوب) تعب وإعياء إذ لا تكليف .
ص: 390
وملال ولو ماصلا .
والأمم (وَالَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام (لَهُمْ) معادا (نارُ) دار الآلام (جَهَنَّمَ لا يُقْضى) السام سواء السام الأوّل (عَلَيْهِمْ) أهل دار الآلام (فَيَمُوتُوا) هو حوار « لا » والحاصل لا إسلام لهم (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ) أهلها ماصل (مِنْ عَذابِها) ولو لمح حسّ (كَذلِكَ) كما أعطوا العدل (نَجْزِي) عدلا (كُلَّ كَفُورٍ) ( 36 ) رادّ للإسلام كامل طلاحا .
(وَهُمْ) هؤلاء الردّاد (يَصْطَرِخُونَ) هو العول (فِيها) دار الآلام وكلامهم (رَبَّنا) اللّهم (أَخْرِجْنا) سلّم وأعد لدار الأعمال (نَعْمَلْ) حوار الأمر عملا (صالِحاً غَيْرَ) عمل السوء (الَّذِي كُنَّا) لدار الأعمال (نَعْمَلْ) والكلام معهم ح (أَ) حصر أعماركم (وَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ) لم أعطكم (ما) عمرا (يَتَذَكَّرُ فِيهِ) العمر كلّ (مَنْ تَذَكَّرَ) صلح للادّكار (وَجاءَكُمُ) الرسول (النَّذِيرُ) المروّع درك الأعمال الطوالح محمّد ( ص ) ، أو الكلام المرسل ، أو الهرم ، أو الحلم ، أو هلاك الأهل والأحمّاء (فَذُوقُوا) وأصلوا الآلام (فَما لِلظَّالِمِينَ) أعداء الإسلام (مَنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (نَصِيرٍ) ممد رادّ لآلامهم
----------
(والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى) لا يحكم (عليهم) بموت (فيموتوا) يستريحوا (ولا يخفف عنهم من عذابها) شيء (كذلك) الجزاء (نجزي كل كفور) شديد الكفر (وهم يصطرخون فيها) يستغيثون بصراخ أي صياح قائلين: (ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل) نحسبه صالحا فقد تحقق الآن لنا خلافه فيقال لهم توبيخا (أولم نعمركم ما) عمرا (يتذكر فيه من تذكر) روي أنها ستون وقيل أربعون وقيل ثماني عشر (وجاءكم النذير) الرسول أو الكتاب أو الشيب أو العقل أو موت الأهل (فذوقوا فما للظالمين من نصير) يدفع العذاب عنهم .
ص: 391
(إِنَّ اللَّهَ) مولاكم (عالِمُ) عالم (غَيْبِ السَّماواتِ) العلو (وَ) عالم عالم (الْأَرْضِ إِنَّهُ) اللّه (عَلِيمٌ) واسع العلم (بِذاتِ الصُّدُورِ) ( 38 ) أسرارها هو معلل للعلم الأوّل .
(هُوَ) اللّه (الَّذِي جَعَلَكُمْ) أولاد آدم (خَلائِفَ) ملّاكا وملوكا (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء (فَمَنْ) كلّ أحد (كَفَرَ) ألحد وساء عمله (فَعَلَيْهِ) وحده (كُفْرُهُ) درك إلحاده وسوء عمله (وَلا يَزِيدُ) الأمم (الْكافِرِينَ) أعداء الإسلام (كُفْرُهُمْ) إلحادهم وطلاحهم (عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِمْ) مآلا (إِلَّا مَقْتاً) عداء كاملا (وَلا يَزِيدُ) الأمم (الْكافِرِينَ) ردّاد الإسلام (كُفْرُهُمْ) عملهم السوء معادا (إِلَّا خَساراً) ( 39 ) هلاكا وإحلاسا ووكسا .
(قُلْ) لهم (أَ رَأَيْتُمْ) اعلموا (شُرَكاءَكُمُ) عدلاءكم (الَّذِينَ تَدْعُونَ) هؤلاء (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (أَرُونِي) اعلموا مؤكّد (ما) للسؤال ذا (خَلَقُوا) عدلاءكم (مِنَ الْأَرْضِ) صعدها ومحالّها (أَمْ لَهُمْ) للعدلاء (شِرْكٌ) مع اللّه ، وهو مصدر (فِي) أسر (السَّماواتِ) كسورها وأدوارها
----------
(إن الله عالم غيب السموات والأرض) ولا يخفى عليه شيء (إنه عليم بذات الصدور) بمضمراتها فغيرها أولى بأن يعلمه .
(هو الذي جعلكم خلائف في الأرض) جمع خليف أي تخلفون من قبلكم في التصرف فيها أو يخلف بعضكم بعضا (فمن كفر فعليه كفره) وبال كفره (ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا) أشد البغض (ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا) للآخرة .
(قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله) أي أصنامكم التي أشركتموها بالله تعالى (أروني ماذا خلقوا من الأرض) بدل اشتمال من (أرأيتم) أي أخبروني أي شيء منها خلقوه (أم لهم شرك) شركة مع الله (في السموات)
ص: 392
وأحوالها (أَمْ آتَيْناهُمْ) طوّع العدلاء (كِتاباً) مرسلا (فَهُمْ) هؤلاء الطوّع (عَلى بَيِّنَةٍ) علم دالّ معلوم (مِنْهُ) مصحح لعملهم لا (بَلْ إِنْ) ما (يَعِدُ) الأمم (الظَّالِمُونَ) أعداء الإسلام (بَعْضُهُمْ) وهم الرؤساء (بَعْضاً) وهم العوام (إِلَّا غُرُوراً) ( 40 ) ومكرا ، وهو ادّعاءهم الإسعاد والإمداد ودسع الآصار لدماهم .
(إِنَّ اللَّهَ) أحكم الحكماء (يُمْسِكُ السَّماواتِ) كلّها مع عدم عمدها وإمساكها حوال سوسها حارسا لها (وَالْأَرْضَ) مع عدّ أحمالها ، أو المراد ما مرّ كره (أَنْ تَزُولا) الهور (وَلَئِنْ زالَتا) إحماما (إِنْ أَمْسَكَهُما) ما أمسكهما (مِنْ) مؤكّد للإعدام (أَحَدٍ) سواه (مِنْ بَعْدِهِ) وراء إمساكه (إِنَّهُ) اللّه (كانَ) دواما (حَلِيماً) ممهلا لأهل الآصار والمعار لمّا أمسكهما وما عدّهما (غَفُوراً) ( 41 ) آصارهم ومعارّهم .
(وَأَقْسَمُوا) أهل الحرم (بِاللَّهِ) مالك الملك والأمر (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) مصدر والمراد حلطا كاملا مؤكدا ، أو حال ، واللّه (لَئِنْ جاءَهُمْ) رسول لأمه علم الحلط (نَذِيرٌ) مروّع لهم المعاد والمآل (لَيَكُونُنَّ) حّ حوار الحلط
----------
في خلقها (أم ءاتيناهم) أي الأصنام أو المشركين (كتابا فهم على بينة) حجة (منه) بأنا جعلناهم شركاء (بل إن يعد الظالمون بعضهم) أي الرؤساء (بعضا) أي الأتباع (إلا غرورا) باطلا بقولهم الأصنام تشفع لهم .
(إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا) كراهة زوالهما أو يمنعهما من الزوال (ولئن زالتا إن) ما (أمسكهما من أحد من بعده) بعد الله أو بعد زوالهما (إنه كان حليما) لا يعاجل بالعقوبة (غفورا) للذنوب (وأقسموا) أي قريش قبل بعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) حين سمعوا أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم (بالله جهد أيمانهم) غاية جهدهم فيها (لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى
ص: 393
(أَهْدى) أسدّ (مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ) الهود ورهط روح اللّه وسواهم ، أو هو ككلامهم واحد الآحاد المراد أكملها (فَلَمَّا جاءَهُمْ) رسول (نَذِيرٌ) مروّع محمّد ( ص ) (ما زادَهُمْ) المروّع أو وروده (إِلَّا نُفُوراً) ( 42 ) كرها .
(اسْتِكْباراً) علوّا عمّا أمر اللّه معلّل عامل أمامه ، أو حال (فِي الْأَرْضِ) الرّمكاء (وَمَكْرَ) العمل (السَّيِّئِ) عدل إله مع اللّه وسواه (وَلا يَحِيقُ) هو الحلول والورود (الْمَكْرُ السَّيِّئُ) المحرّم (إِلَّا بِأَهْلِهِ) وهو الماكر (فَهَلْ) ما (يَنْظُرُونَ) المراد الرصد حال ردّ إرسالك (إِلَّا سُنَّتَ) الأمم (الْأَوَّلِينَ) وهو إهلاكهم حال ردّهم الرسل (فَلَنْ تَجِدَ) محمّد ( ص ) (لِسُنَّتِ اللَّهِ) معاوده وعمله دواما (تَبْدِيلًا) ردّا (وَلَنْ تَجِدَ) محمّد ( ص ) (لِسُنَّتِ اللَّهِ) عمله المكرّر وهو إهلاك الأعداء حال ردّهم رسله (تَحْوِيلًا) ( 43 ) حولا عمّا حدّ لها ، أو إرسالا لسواهم .
(أَ) ركدوا (وَلَمْ يَسِيرُوا) وما ساروا أو المراد هلّا ساروا (فِي الْأَرْضِ) ممالكها صحاراها وصعدها ومهامهها (فَيَنْظُرُوا) ادّكارا (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) مآل الأمم (الَّذِينَ) ردّوا الرسل (مِنْ قَبْلِهِمْ) والمراد
----------
الأمم) اليهود والنصارى وغيرهم (فلما جاءهم نذير) هو محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ما زادهم إلا نفورا) تباعدا عن الهدى (استكبارا في الأرض) مفعول له أو بدل من نفورا (ومكر السيىء) مصدر أضيف إلى صفة معموله أي وإن مكروا المكر السيىء (ولا يحيق) يحيط (المكر السيىء إلا بأهله) وهو الماكر (فهل ينظرون) ينتظرون (إلا سنت الأولين) سنة الله فيهم من تعذيبهم بتكذيبهم (فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا) فلا يبدل بالعذاب غيره ولا يحول إلى غير مستحقه .
(أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) مما
ص: 394
احساس رسوم دورهم وإعلام هلاكهم ودمارهم (وَكانُوا) هؤلاء الأمم الواو للحال والمؤكد مراد (أَشَدَّ) أكمل (مِنْهُمْ) أهل الحرم (قُوَّةً) صورا وأعطالا وعددا ومع ما مرّ أهلكهم اللّه حال ردّهم الرسل ، وهم ما اسطاعوا ردّ آصارهم (وَما كانَ اللَّهُ) الملك العام ملكه (لِيُعْجِزَهُ) اللّام مؤكّد والمراد السلام والإمّلاص (مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (شَيْءٍ) حاصل (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَلا فِي الْأَرْضِ) عالم الرهص (إِنَّهُ) اللّه (كانَ) دواما (عَلِيماً) عالم الأمور كلّها (قَدِيراً) ( 44 ) كامل طول وحول .
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ) الملك العدل (النَّاسَ) أولاد آدم (بِما) معاص (كَسَبُوا) عملوا (ما تَرَكَ) اللّه (عَلى ظَهْرِها) سطح الرمكاء (مِنْ) مؤكد للإعدام (دَابَّةٍ) ما له حسّ وحراك ، أو المراد أولاد آدم وحدهم كما دلّ (وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ) اللّه لحكم وأسرار (إِلى أَجَلٍ) أمد (مُسَمًّى) محدود معلوم وهو المعاد (فَإِذا جاءَ) حلّ (أَجَلُهُمْ) أمد أعمارهم المحدود ، أو أمد المعاد (فَإِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (كانَ بِعِبادِهِ) وأحوالهم وأعمالهم (بَصِيراً) ( 45 ) عالما كالحسّ ومعاملا عدلا وموصلا لأهل الإسلام أعدالهم ولأهل الإلحاد آلامهم .
----------
يشاهدونه من آثار إهلاكهم (وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه) ليسبقه ويفوته (من شيء في السموات ولا في الأرض إنه كان عليما) بكل شيء (قديرا) على ما يشاء (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا) من الذنوب (ما ترك على ظهرها) ظهر الأرض (من دابة) نسمة تدب عليها بشؤمهم (ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى) هو يوم القيامة (فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا) فيجازيهم بأعمالهم.
ص: 395
ص: 396
ص: 397
ص: 398
( سورة يس )
موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :
وكود كلام اللّه والإرسال وإعلام الأدلّاء لردّ أهل الطّلاح وإعلاء حال ردّاد الرسل وإسلام أحدهم وردعه عمّا عملوا طلاحا وإهلاكهم وردسهم رادعهم حال الردع ، ودور السماء ، وطرد العدّال حال ورود السام ، وحسرهم حال ورود السعواء وسرور أهل الطوع وسط دارالسلام ، والأدلّاء لورود المعاد ، وإعلاء كمال ملكه كلّ الأحوال .
ص: 399
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يس) ( 1 ) سرّ اللّه مع رسوله ، أو هو اسم الرسول صلعم ورهط أمالوه .
(وَالْقُرْآنِ) الكلام المرسل لمحمّد ( ص ) والواو للحلط ، أو للوصول (الْحَكِيمِ) ( 2 ) المحكم كلمه وسوره .
(إِنَّكَ) محمد ( ص ) حوار الحلط (لَمِنَ) الكمّل (الْمُرْسَلِينَ) ( 3 ) لصلاح العالم .
سالك (عَلى صِراطٍ) مسلك وممرّ محمول سواء الأوّل (مُسْتَقِيمٍ) ( 4 ) عدل وهو الإسلام صراط الرسل أمامك .
(تَنْزِيلَ) اللّه (الْعَزِيزِ) المكوّح المدله أوهام الأعداء ، ورووه محمولا لمطروح وهو « هو » ومكسورا (الرَّحِيمِ) ( 5 ) الهدوّ أحلام أهل الوداد .
----------
(36 سورة يس اثنتان أو ثلاث وثمانون آية مكية وقيل إلا آية وإذا قيل لهم أنفقوا.)
بسم الله الرحمن الرحيم
(يس) اسم النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقيل يا إنسان وقيل يا سيد (والقرءان الحكيم) المحكم أو الجامع للحكم (إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم) هو التوحيد (تنزيل العزيز الرحيم) بالرفع خبر محذوف والنصب بتقدير أعني .
ص: 400
أرسلك اللّه (لِتُنْذِرَ قَوْماً) حمسا (ما أُنْذِرَ) ما روّع (آباؤُهُمْ) أصلا أعصار عدم ورود رسول ، أو ما موصول معمول سواء معمول أوّل لعامل مرّ (فَهُمْ) الحمس (غافِلُونَ) ( 6 ) أهل سهو ولهو .
(لَقَدْ) اللّام مؤكّد (حَقَّ) رسا (الْقَوْلُ) وعد ملك دار الآلام (عَلى أَكْثَرِهِمْ) الحمس (فَهُمْ) الموعود ورودهم الساعور (لا يُؤْمِنُونَ) ( 7 ) أصلا لعلم اللّه عدم إسلامهم .
(إِنَّا جَعَلْنا) الحال أو المعاد (فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا) أسرا (فَهِيَ) الأسر وصّال (إِلَى الْأَذْقانِ) لحاهم (فَهُمْ) لعسر الحال (مُقْمَحُونَ) ( 8 ) سامكو رؤوسهم والمارد عدم إسلامهم .
(وَجَعَلْنا) لكمال طلاحهم وصدودهم (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) أمامهم (سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ) وراءهم (سَدًّا) ورووه سدّا كأس ومدلولهما واحد ، وهو معمول أولاد آدم ، والأوّل المأسور كالطّود ، والحاصل أحاطهم السدّ (فَأَغْشَيْناهُمْ) حواسّهم كلّها (فَهُمْ) لما مرّ (لا يُبْصِرُونَ) ( 9 ) سواء
----------
(لتنذر قوما ما أنذر ءاباؤهم) لم ينذرهم في الفترة رسول بشريعة وإن كان فيها أوصياء لامتناع خلو الزمان من حجة أو الذي أو شيئا أنذر به آباؤهم (فهم غافلون) ولذا أرسلت إليهم .
(لقد حق القول) بالعذاب (على أكثرهم فهم لا يؤمنون) باختيارهم (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا) مثلوا في تصميمهم على الكفر وإعراضهم عن الإيمان بمن غلت أعناقهم (فهي) أي فالأيدي المدلول عليها بالغل مجموعة (إلى الأذقان) جمع ذقن مجمع اللحيين (فهم مقمحون) مرفوعة رءوسهم لا يستطيعون حفظها .
(وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا
ص: 401
الصراط .
(وَسَواءٌ عَلَيْهِمْ) هو محمول ما وراءه وهو الروع وعدمه (أَ أَنْذَرْتَهُمْ) محمد ( ص ) درك أعمالهم السوءاء (أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ) والحاصل هو لك لهم وعدمه سواء (لا يُؤْمِنُونَ) ( 10 ) أصلا .
(إِنَّما) ما (تُنْذِرُ) محمّد ( ص ) هؤلاء محصّلا للمرام إلّا (مَنِ اتَّبَعَ) أطاع (الذِّكْرَ) الكلام المرسل وعمل أوامره وردّ روادعه (وَخَشِيَ) اللّه (الرَّحْمنَ) مع وسع رحمه (بِالْغَيْبِ) راعه وما رآه ، أو أمام حلول آصاره وورد أهواله (فَبَشِّرْهُ) أعلمه إعلاما سارّا (بِمَغْفِرَةٍ) لآصاره ومعارّه (وَأَجْرٍ) عدل (كَرِيمٍ) ( 11 ) واسع مدام هو دارالسلام .
(إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ) معادا (الْمَوْتى) الهلّاك لعدّ الأعمال وإعطاء الأعدال (وَنَكْتُبُ) وسط اللوح المحروس المعصوم (ما) كلّ عمل (قَدَّمُوا) عملوا لدار الأعمال صوالح وطوالح (وَآثارَهُمْ) كعلم علموه وطرس رصّصوه وأساس حدل أسّسوه وأعدالها (وَكُلَّ شَيْءٍ) عامله مطروح دلّ علاه (أَحْصَيْناهُ) هو العدّ الكامل (فِي إِمامٍ) طرس أصل (مُبِينٍ) ( 12 ) ساطع هو اللوح .
----------
يبصرون) مثلوا في تعاميهم عن الدلائل الواضحة بمن منعهم سدان أن يبصروا قدامهم وخلفهم (وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) فسر في البقرة (إنما تنذر) ينفع إنذارك (من اتبع الذكر) القرآن تدبره وعمل به (وخشي الرحمن بالغيب) من أمر الآخرة (فبشره بمغفرة وأجر كريم إنا نحن نحيي الموتى) للبعث (ونكتب ما قدموا) من الطاعات والمعاصي (وءاثارهم) ما اقتدي بهم فيه بعدهم من حسنة وسيئة (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) هو علي (عليه السلام) أو اللوح المحفوظ .
ص: 402
(وَاضْرِبْ) أعلم (لَهُمْ مَثَلًا) حالا هكرا (أَصْحابَ) حال أهل (الْقَرْيَةِ) المعلوم اسمها ومحلّها (إِذْ) لمّا (جاءَهَا) أهلها (الْمُرْسَلُونَ) ( 13 ) رسل روح اللّه .
(إِذْ) لمّا (أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ) أهلها (اثْنَيْنِ) ماروص ومطوه ، أو سواهما وهما صحّحا الأكمه كروح اللّه (فَكَذَّبُوهُما) أهلها عداء وحسدا (فَعَزَّزْنا) هما آداهما اللّه (بِثالِثٍ) رسول سواهما (فَقالُوا) الرسل كلّهم لهم (إِنَّا) رهط الرسل (إِلَيْكُمْ) وحدكم (مُرْسَلُونَ) ( 14 ) لإصلاحكم وإعلامكم السداد .
(قالُوا) أهلها للرسل (ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ) أولاد آدم (مِثْلُنا) أكلا للطعام وعلسا للماء (وَما أَنْزَلَ) أرسل اللّه (الرَّحْمنُ) واسع الرحم (مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (شَيْءٍ) ما (إِنْ) ما (أَنْتُمْ إِلَّا) أهل دعاء (تَكْذِبُونَ) ( 15 ) ولّاع .
(قالُوا) الرسل لهم اللّه (رَبُّنا) مالك الكلّ ومصلحه (يَعْلَمُ) وهو سادّ مسدّ العهد مؤكد كالعهد (إِنَّا) معا (إِلَيْكُمْ) وحدكم (لَمُرْسَلُونَ) ( 16 ) للإصلاح والإعلام .
(وَما عَلَيْنا) أصلا (إِلَّا الْبَلاغُ) الأداء والإعلام (الْمُبِينُ) ( 17 ) الساطع مع الأدلّاء والأعلام ، وعلم سدادهم إعطاء الإحساس للأكمه وإعطاء
----------
(واضرب لهم مثلا أصحاب القرية) أنطاكية (إذ جاءها المرسلون) رسل عيسى (إذ أرسلنا إليهم اثنين) صادق ومصدق (فكذبوهما فعززنا بثالث) قوينا (فقالوا) أي الرسل للكفرة (إنا إليكم مرسلون قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء) رسالة (إن أنتم إلا تكذبون) في دعواكم (قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون) زيد تأكيدا لزيادة إنكارهم (وما علينا
ص: 403
الروح للهالك .
(قالُوا) أهلها لهم (إِنَّا تَطَيَّرْنا) هو عدّ أمر لا حوسا (بِكُمْ) الرسل لعدم الإمطار حال ورودكم (لَئِنْ) اللّام لام علم العهد (لَمْ تَنْتَهُوا) هو الارعواء عمّا هو دعواكم (لَنَرْجُمَنَّكُمْ) مسّه وصله (مِنَّا) أهلها (عَذابٌ) ألم (أَلِيمٌ) ( 18 ) مؤلم لا ما هما لا ما حوار الحلط .
(قالُوا) الرسل لهم (طائِرُكُمْ) حسومكم (مَعَكُمْ) وهو عملكم السوء (أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ) روّعكم الرسل ، طرح الحوار وهو صدر كلامكم السوء (بَلْ أَنْتُمْ) أهل السوء (قَوْمٌ) ملأ (مُسْرِفُونَ) ( 19 ) عادو حدّ السوء لعدلكم مع اللّه إلها سواه .
(وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ) أمدها (رَجُلٌ) مسلم لهؤلاء الرسل وداره أمد المصر (يَسْعى) هو العدو الكامل لمّا سمع ردّهم الرسل ، وسأل الرسل :
أمراكم الكراء أوس أداء الأوامر والأحكام واعلامها ؟ حاوروا : لا (قالَ) لأهلها (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا) طاوعوا (الْمُرْسَلِينَ) ( 20 ) رسل اللّه .
(اتَّبِعُوا) طاوعوا سدادا (مَنْ) رسولا (لا يَسْئَلُكُمْ) أوس أداء الأوامر والأحكام (أَجْراً) كراء (وَهُمْ) الرسل (مُهْتَدُونَ) ( 21 ) سواء
----------
إلى البلاغ المبين) البين بالحجج الواضحة (قالوا إنا تطيرنا) تشاء منا (بكم) إذا دعيتم كذبا وحلفتم عليه (لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم قالوا طائركم) شؤمكم (معكم) بكفركم (أإن ذكرتم) وعظتم وجواب إن مقدر كتطيرتم (بل أنتم قوم مسرفون) متجاوزون الحد في الكفر .
(وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) يعدو وهو حبيب النجار (قال يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا) تأكيد للأول بوصف يوجب اتباعه وهو (من لا
ص: 404
الصراط وهو صراط وصول اللّه علا اسمه .
(وَما) الرادّ والرادع (لِيَ) ولم (لا أَعْبُدُ) لا أوحّد اللّه وأطاوعه وحده (الَّذِي فَطَرَنِي) صوّر وأسر وعدل (وَإِلَيْهِ) اللّه وحده امرا وحكما (تُرْجَعُونَ) ( 22 ) مآلا وهو موصلكم أعدال أعمالكم ، أراد وحّدوه وطاوعوا رسله كما أوحّده وأطاوع رسله .
(أَ أَتَّخِذُ) وأطاوع (مِنْ دُونِهِ) مما سواه (آلِهَةً) كما هو عملكم وهو ردّ لهم عما أطاعوا دماهم (إِنْ يُرِدْنِ) اللّه (الرَّحْمنُ) كامل الرحم (بِضُرٍّ) سوء ومكروه ما (لا تُغْنِ) صدّا وردّا (عَنِّي شَفاعَتُهُمْ) دعاءهم وإسعادهم ، والحاصل لا رادّ للسوء إلا اللّه لا دماهم (شَيْئاً) ما صلا ممّا أراده اللّه (وَلا يُنْقِذُونِ) ( 23 ) إمداد وأرداء .
(إِنِّي إِذاً) لو أطاوع سواه (لَفِي ضَلالٍ) حول سلوك وعدم إحساس صراط (مُبِينٍ) ( 24 ) ساطع معلوم لكلّ أحد أوده .
ولمّا دعا رهطه وهم أرادوا ردسه أسرع وأدرك الرسل وكلّم لهم (إِنِّي آمَنْتُ) إسلاما كاملا (بِرَبِّكُمْ) مصلحكم ومولاكم وحده (فَاسْمَعُونِ) ( 25 ) اسمعوا الإسلام .
ولمّا ردس وأهلك (قِيلَ) أمر له ، والآمر هو اللّه (ادْخُلِ الْجَنَّةَ) رد
----------
يسئلكم أجرا) على النصح (وهم مهتدون) إلى الحق (وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون أأتخذ من دونه ءالهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم) التي زعموها (شيئا ولا ينقذون) من ذلك الضر (إني إذا) إن عبدت غيره (لفي ضلال مبين) بين (إني ءامنت بربكم) الذي خلقكم (فاسمعون) اسمعوا قولي (قيل ادخل الجنة) وذلك بعد موته أو قتله، بشره الرسل به أو حين هموا بقتله فرفع إلى الجنة حيا وحذف المقول للعلم به كأنه قيل
ص: 405
دارالسلام ، ورد لمّا أراد الرهط ردسه وهمّوا إهلاكه صعّده اللّه وأورده اللّه دارالسلام ، وما ردس ، واعدامه حال إعدام السماء ولمّا ورد دارالسلام وأحسّ آلاءها (قالَ) إعلاما (يا لَيْتَ قَوْمِي) أراد رهطا ردسوه وأهلكوه (يَعْلَمُونَ) ( 26 ) علما مصلحا لهم .
(بِما غَفَرَ لِي) اللّه (رَبِّي) إكراما ، و « ما » للمصدر ، وللموصول (وَجَعَلَنِي) كرما ورحما (مِنَ) الملأ (الْمُكْرَمِينَ) ( 27 ) صدده وإكرامه إعطاءه دارالسلام وآلاءها .
(وَما) للإعدام (أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ) رهطه (مِنْ بَعْدِهِ) هلاكه أو صعوده (مِنْ) مؤكّد لعموم الإعدام (جُنْدٍ) عسكر (مِنَ السَّماءِ) لإهلاكهم (وَما كُنَّا) أصلا (مُنْزِلِينَ) ( 28 ) عسكر السماء لإهلاك رهطه وما هو إلا لإمداد محمّد رسول اللّه ( ص ) لكمال إكرامه .
(إِنْ) ما (كانَتْ) آصارهم (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) صاحها ملك وهو الروح (فَإِذا هُمْ) كلّهم (خامِدُونَ) ( 29 ) هلّاك ما سلم أحدهم وصاروا كالرماد .
(يا حَسْرَةً) سدما وهمّا هلمّ الحال حالك (عَلَى) هؤلاء (الْعِبادِ) الطّلاح وأعمالهم السوءاء وأحوالهم الطوالح (ما يَأْتِيهِمْ) ولد آدم وهو إعلام
----------
ما قال في الجنة (قال يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي) بغفرانه أو بالذي غفره (وجعلني من المكرمين) تمنى علمهم بحاله ليرغبوا في مثله .
(وما أنزلنا على قومه من بعده) بعد موته أو رفعه (من جند من السماء) ملائكة لإهلاكهم كما أنزلناهم لنصرك (وما كنا منزلين) ما صح في حكمنا إنزالهم أو ما أنزلناهم لإهلاك أحد (إن) ما (كانت) العقوبة (إلا صيحة واحدة) صاح بهم جبرائيل (فإذا هم خامدون) ميتون كأنهم كانوا نارا
ص: 406
للحال المحسور مآلها (مِنْ رَسُولٍ) هاد لهم (إِلَّا كانُوا) لكمال ورههم وطلاحهم (بِهِ) الرسول (يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 30 ) حسدا ولددا ، والمراد إعلام لمّ هلاكهم .
(أَ لَمْ يَرَوْا) أما علم أهل أمّ رحم ، والمراد علموا (كَمْ) آمرا (أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ) أمام أله أمّ الرّحم (مِنَ الْقُرُونِ) الأمم (أَنَّهُمْ) الهلّاك ، ورووه مكسور الأوّل (إِلَيْهِمْ) أهل أمّ رحم (لا يَرْجِعُونَ) ( 31 ) لا عود لهم أصلا .
(وَإِنْ) ما أو مطروح الاسم كما دلّ اللام (كُلٌّ) كلّهم (لَمَّا) إلّا أو ما مؤكّد (جَمِيعٌ لَدَيْنا) معادا (مُحْضَرُونَ) ( 32 ) معا لإحصاء الأعمال وإعطاء عدلها .
(وَآيَةٌ) علم دالّ (لَهُمُ) لأهل أمّ رحم لعود أرواحهم (الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ) لا ماء لها ولا طراء ولا ورد لها كلاء (أَحْيَيْناها) إمطارا وطرورا هو أوّل كلام أورد لإعلام ما مرّ ، والمراد إدرار السماء وإرسال الماء لحصول الكلاء والأوراد والطعوم (وَأَخْرَجْنا مِنْها) حال إرسال الماء (حَبًّا) عموما (فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) ( 33 ) كالسمراء والحمّص والعدس .
----------
فصاروا رمادا (يا حسرة على العباد) احضري فهذا وقتك (ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون) بيان أنهم أحقاء بأن تتحسر عليهم الملائكة والثقلان بسبب استهزائهم الموجب لإهلاكهم .
(ألم يروا) ألم يعلم أهل مكة (كم أهلكنا قبلهم) كثيرا (من القرون) الأمم (أنهم إليهم لا يرجعون وإن كل لما) إن المخففة واللام فارقة وما زائدة وقرىء بالتشديد بمعنى إلا، وإن نافية (جميع) خبر كل أي مجموع (لدينا محضرون) للحساب .
(وءاية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا) جنسه (فمنه
ص: 407
(وَجَعَلْنا فِيها) سطحها (جَنَّاتٍ) حوامل دوح وأحمال (مِنْ) صروع (نَخِيلٍ) سطور (وَأَعْنابٍ) كروم أحلاها اللّه (وَفَجَّرْنا) اسأل اللّه (فِيها) لموهها (مِنَ الْعُيُونِ) ( 34 ) موارد الماء ومصادره .
(لِيَأْكُلُوا) ما أحلّ لهم (مِنْ ثَمَرِهِ) حمل ما مرّ أو اللّه (وَما) للموصول والمراد ممّا (عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) كمعصور الكروم وسواه ، أو « ما » للاعدام والمراد هو مأسور اللّه لا معمولهم (أَ) أحاطهم الورة (فَلا يَشْكُرُونَ) ( 35 ) آلاء اللّه وهو أمر مدلولا .
(سُبْحانَ) اللّه (الَّذِي خَلَقَ) صوّر وعدل (الْأَزْواجَ) الصروع (كُلَّها مِمَّا) إعلام للصروع (تُنْبِتُ الْأَرْضُ) كالسرح والدوح والودس واللعاع (وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ) الأولاد (وَمِمَّا) عوالم (لا يَعْلَمُونَ ) ( 36 ) حالها ولا اطّلاع ولا مسلك لإدراكه لهم وما علمه إلا اللّه .
(وَآيَةٌ) علم كامل (لَهُمُ) لكلّهم (اللَّيْلُ) الدامس وأطواره (نَسْلَخُ) حرصا والمراد المحو والحسر (مِنْهُ النَّهارَ) اللامع وعاد كما هو
----------
يأكلون) قدم الجار إيذانا بأنه معظم القوت (و جعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب) من أنواعهما وخصا بالذكر لكثرة منافعهما (وفجرنا فيها من العيون) بعضهما (ليأكلوا من ثمره) ثمر المذكور من الجنات (وما عملته أيديهم) منه كالدبس ونحوه أو ولم تعمله أيديهم وإنما هو بخلق الله (أفلا يشكرون) إنكار لترك الشكر أي فليشكروا نعمه .
(سبحان الذي خلق الأزواج) الأصناف (كلها مما تنبت الأرض) من أزواج النبات (ومن أنفسهم) من الذكور والإناث (ومما لا يعلمون) من أزواج لم يروها ولم يسمعوا بها .
(وءاية لهم الليل نسلخ منه) نزيل ونفصل عن مكانه (النهار) استعير من
ص: 408
الأصل (فَإِذا هُمْ) أهله (مُظْلِمُونَ) ( 37 ) واردو دمس .
(وَ) علم لهم (الشَّمْسُ) أصل اللوامع وأكمل السعود (تَجْرِي) مرورا (لِمُسْتَقَرٍّ لَها) لحدّ محدود لها وهو أمد أدوارها لمّا كمل العام ، أو لوسط السماء ، أو لأمد أمرها وهو عصر هلاك العالم (ذلِكَ) الدور المحدود (تَقْدِيرُ) اللّه (الْعَزِيزِ) ملكا وأمرا (الْعَلِيمِ) ( 38 ) العالم لكلّ معلوم .
(وَالْقَمَرَ) معمول لمطروح صرّحه (قَدَّرْناهُ) المراد دوره ولمعه وسط (مَنازِلَ) معهود أسماءها معلوم أعدادها كالعوّا والسماك والسعد وسعد السعود وما سواها (حَتَّى عادَ) أمد محالّه وصار (كَالْعُرْجُونِ) كالعود المصوّح المحرّد ، ورووه مكسور الأوّل (الْقَدِيمِ) ( 39 ) المحول المدرك حولا .
(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها) ما صحّ وما سهل لها (أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) لمّا سار مسرعا ، أو المراد عدم طمسها لمعه لمّا صحّ لكلّ واحد لمع معهود وسطو محدود (وَلَا اللَّيْلُ) أصلا (سابِقُ النَّهارِ) سطوا ولمعا ولا حصول لأحدهما إلّا حال رواح مطوه (وَكُلٌّ) كلّهم (فِي فَلَكٍ) سماء (يَسْبَحُونَ) ( 40 )
----------
سلخ الجلد (فإذا هم مظلمون) داخلون في الظلام (والشمس تجري لمستقر لها) لمنتهى دورها (ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه) من حيث سيره (منازل) ثمانية وعشرين ينزل كل ليلة منزلا منها (حتى) يتم الدور في ثماني وعشرين ليلة من كل شهر حتى (عاد) في آخر منازله للرائي (كالعرجون القديم) كالعذق العتيق في الدقة والتقوس والاصفرار وفي الأخبار ما كان لستة أشهر (لا الشمس ينبغي) يتأتى (لها أن تدرك القمر) في سرعة سيره لإخلال ذلك بالنظام (ولا الليل سابق النهار) لا يدخل في وقته بل يتعاقبان، وفي الرضوي: النهار قبل الليل واستدل بالآية (وكل) من الشمس والقمر والسيارات
ص: 409
دوّار لكلّ واحد مدار معلوم .
(وَآيَةٌ) علم طول (لَهُمْ) لإعلامهم المعاد (أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ) أولادهم وكل أحد همّ حمله أو ولّادهم (فِي الْفُلْكِ) وهو معمول أطول الرسل عمرا (الْمَشْحُونِ) ( 41 ) المملوّ أو المراد حمل الأرحام .
(وَخَلَقْنا لَهُمْ) لمصالحهم (مِنْ مِثْلِهِ) عدل ما مرّ (ما يَرْكَبُونَ) ( 42 ) كالرحول والداعر .
(وَإِنْ نَشَأْ) إهلاكهم (نُغْرِقْهُمْ) أهلكهم وسط الداماء (فَلا صَرِيخَ) لا ممدّ (لَهُمْ) لهؤلاء أو لا عدواهم (وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) ( 43 ) ما لهم وصول الساحل لإمر ما .
(إِلَّا رَحْمَةً) إلّا لرحم صادر (مِنَّا) لهم (وَمَتاعاً) عمرا (إِلى حِينٍ) ( 44 ) عهد هلاكهم .
(وَإِذا) كلّما (قِيلَ) أمر (لَهُمُ) لهؤلاء الأعداء (اتَّقُوا) روعوا (ما) إصرا (بَيْنَ أَيْدِيكُمْ) أمامكم مرّ أوّلا للأمم الهوالك (وَما خَلْفَكُمْ) إصر المعاد ، أو إصركم عموما مرّ أوّلا أوّلا (لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) ( 45 ) طمعا
----------
(في فلك يسبحون) يسيرون نزلت منزلة من تعقل أو لها أنفس تعقل .
(وءاية لهم أنا حملنا ذريتهم) وقرىء ذرياتهم أي صبيانهم ونسائهم (في الفلك المشحون) المملوء (وخلقنا لهم من مثله) مثل الفلك (ما يركبون) من الإبل فإنها سفن البر أو من السفن الصغار والكبار المعمولة بتعليمنا (وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ) مغيث (لهم ولا هم ينقذون) من الغرق (إلا رحمة منا ومتاعا) أي لا نخلصهم إلا لرحمتنا لهم وتمتيعنا إياهم (إلى حين) آجالهم .
(وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم) وقائع الأمم الماضية وأمر الساعة أو ما تقدم من ذنوبكم وما تأخر أو عذاب الدنيا وعذاب الآخرة أو
ص: 410
لرحم اللّه ، وحواره مطروح وهو عدلوا وما أدركوا مراحمه .
(وَما تَأْتِيهِمْ مِنْ) مؤكّد للعموم (آيَةٍ) علم دالّ هاد لإعلاء الإسلام معدود (مِنْ آياتِ رَبِّهِمْ) أعلام اللّه وحده (إِلَّا كانُوا عَنْها) سماعها (مُعْرِضِينَ) ( 46 ) حسدا ومسلكهم العدول دواما .
(وَإِذا قِيلَ) أمر (لَهُمْ) لأعداء أهل الإسلام (أَنْفِقُوا) اسمحوا وأعطوا لأهل العسر (مِمَّا) أموال (رَزَقَكُمُ اللَّهُ) أعطاكم اللّه (قالَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) صدّوا وعدلوا عمّا أمروا (لِلَّذِينَ آمَنُوا) الملأ أهل الإسلام علوّا ولهو (أَ نُطْعِمُ) الطعام (مَنْ) رهطا (لَوْ يَشاءُ اللَّهُ) إطعامه (أَطْعَمَهُ) أعطاه طعاما وما أطعمه لمّا لا صلاح لإطعامه (إِنْ) ما (أَنْتُمْ) أهل الإسلام (إِلَّا) همّاكا (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ( 47 ) حول سلوك ساطع ، وهو كلام الأعداء لأهل الإسلام ، أو كلام أهل الإسلام للأعداء ، أو كلام اللّه لهؤلاء الأعداء .
(وَيَقُولُونَ) الأعداء لأهل الإسلام (مَتى هذَا الْوَعْدُ) ما هو موعودكم ومعادكم (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الإسلام (صادِقِينَ) ( 48 ) كلاما وادّعاء .
----------
عكسه (لعلكم ترحمون) لتكونوا راجين رحمة الله وجواب إذا أعرضوا بدلالة (وما تأتيهم من ءاية من ءايات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) لا يتفكرون فيها .
(وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله) من ماله على خلقه (قال الذين كفروا) مشركو قريش وقد استطعمهم فقراء المؤمنين أو منكرو الصانع (للذين ءامنوا) استهزاء بهم (أنطعم من لو يشاء الله أطعمه) في زعمكم (إن أنتم إلا في ضلال مبين) إذ أمرتمونا بما ينافي معتقدكم .
(ويقولون متى هذا الوعد) بالبعث (إن كنتم صادقين) فيه فأجابهم
ص: 411
ومرادهم الردّ وهو كلام للرسول وأهل الإسلام كلّهم .
(ما يَنْظُرُونَ) ما هم رصّادا (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) للصور صاحها الملك أوّلا (تَأْخُذُهُمْ) دهما (وَ) الحال (هُمْ يَخِصِّمُونَ) ( 49 ) معاملو أمورهم مع اللدد المراء ، أو معادوهم ولا علم لهم لورودها أصلا .
(فَلا يَسْتَطِيعُونَ) حّ (تَوْصِيَةً) لأمورهم مع أحد لدهم المعاد (وَلا إِلى أَهْلِهِمْ) أعراسهم وأولادهم ودورهم (يَرْجِعُونَ) ( 50 ) المراد لا عود لهم لإدراكهم السام حال سماعها .
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) صاح الملك مكرّرا لعود الأرواح (فَإِذا هُمْ) أهل المرامس (مِنَ الْأَجْداثِ) المرامس (إِلى) اللّه (رَبِّهِمْ) مالكهم ومولاهم (يَنْسِلُونَ) ( 51 ) هو الإسراع والعدو .
(قالُوا) الأعداء (يا وَيْلَنا) هلكا هلمّ الحال حالك ، وهو مصدر (مَنْ بَعَثَنا) أعاد (مِنْ مَرْقَدِنا) المرمس (هذا) العود ما للمصدر أو الموصول (وَعَدَ) اللّه (الرَّحْمنُ) وعدا سدادا للعدل والعدل (وَصَدَقَ) الملأ (الْمُرْسَلُونَ) ( 52 ) الرسل كلّهم كما وعدوا وأوعدوا وهو كلام الملك ، أو الصلحاء ، أو الطّلاح .
----------
تعالى (ما ينظرون) ينتظرون (إلا صيحة واحدة) وهي النفخة الأولى (تأخذهم وهم يخصمون) يختصمون في أمورهم ومعاملاتهم في غفلة عنها (فلا يستطيعون توصية) بشيء (ولا إلى أهلهم يرجعون) من أسواقهم بل يموتون حيث تأخذهم .
(ونفخ في الصور) نفخة ثانية للبعث (فإذا هم من الأجداث) القبور (إلى ربهم ينسلون) يسرعون (قالوا) أي الكفار منهم (يا ويلنا) هلاكنا (من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون إن) ما (كانت إلا صيحة
ص: 412
(إِنْ) ما (كانَتْ) ما صاح الملك مكرّرا (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) كررها الملك لإعطاء الأرواح (فَإِذا هُمْ) آدم وأولاده (جَمِيعٌ) كلّهم (لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) ( 53 ) لإحصاء الأعمال .
(فَالْيَوْمَ) الموعود المعهود (لا تُظْلَمُ نَفْسٌ) أحد (شَيْئاً) ممّا هو عملها واللّه معاملهم عدلا (وَلا تُجْزَوْنَ) أهل المعاد (إِلَّا) عدل (ما) عمل (كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ( 54 ) صلاحا أو طلاحا .
(إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ) أهلها هم أولو صوالح الأعمال (الْيَوْمَ) حال ورودهم دارالسلام (فِي شُغُلٍ) كامل كمسّ الحور والسماع وأكل الطعام وحسو المدام (فاكِهُونَ) ( 55 ) أولو الروح والسرور .
(هُمْ) أهل دارالسلام (وَأَزْواجُهُمْ) أعراسهم الأول أو الحور (فِي ظِلالٍ) حال (عَلَى الْأَرائِكِ) السرر أو المهد (مُتَّكِؤُنَ) ( 56 ) مرحا .
(لَهُمْ) لأهل دارالسلام (فِيها) دارالسلام (فاكِهَةٌ) صروع حمل (وَلَهُمْ) كلّ (ما) للموصول أو للمصدر (يَدَّعُونَ) ( 57 ) مدعوّهم ومأمولهم أصله الدعاء أو ادّع أو دعواهم ما هو حراهم .
(سَلامٌ) لهم سلام اللّه ورووا سلاما لمّا هو المصدر أو للحال ،
----------
واحدة) قيل يدل على أنها نفخة ثالثة (فإذا هم جميع لدينا محضرون) في موقف الحساب ويقال لهم حينئذ (فاليوم لا تظلم نفس شيئا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون) إلا جزاءه .
(إن أصحاب الجنة اليوم في شغل) سرور وملاذ (فاكهون) أي ناعمون (هم وأزواجهم في ظلال) لا تصيبهم الشمس جمع ظل أو ظلة (على الأرائك) السرر في الحجال (متكئون لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون) لأنفسهم افتعال من الدعاء أو يتداعونه أو يتمنونه (سلام) بدل من ما أو خبر
ص: 413
والحاصل لهم مرادهم مصاصا (قَوْلًا) مصدر مؤكد طرح عامله (مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) ( 58 ) مالك وكامل رحم والمراد هو اللّه مسلم لهم والملك واسط ، أو لا إكراما لهم .
(وَامْتازُوا) احردوا عمّاهم رهط الإسلام (الْيَوْمَ) دورا وسرورا (أَيُّهَا) الأمم (الْمُجْرِمُونَ) ( 59 ) لكم حال ولأهل الإسلام حال .
(أَ لَمْ أَعْهَدْ) ألم أرسل (إِلَيْكُمْ) رسلا ولم أوصكم وعهد لمّا وصّاه والمراد آمركم ، ورووا اعهدوا (يا بَنِي آدَمَ) أولاده عموما لإرسالكم الرسل والكلام (أَنْ) لإعلام المراد ، أو للمصدر (لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) ودعوا سلوك صراطه أراد دماهم وأورده لمّا هو الآمر الموسوس المسوّل (إِنَّهُ) الوسواس (لَكُمْ) أولاد آدم (عَدُوٌّ مُبِينٌ) ( 60 ) لاح للكلّ عداؤه .
(وَ) ألم أعهدكم و ؟ ؟ ؟ (أَنِ اعْبُدُونِي) وحّدوا وطاعوا (هذا) ما عهد (صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) ( 61 ) سواء لا أود له .
(وَلَقَدْ أَضَلَّ) الوسواس وحوّل المسالك (مِنْكُمْ) أولاد آدم (جِبِلًّا) أسرا والمراد مأسورا ومصورا ، رواه « عاصم » و « سهل » (كَثِيراً) ولا علم لكم (أَ) طاح أحلامكم (فَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) ( 62 ) ما هو عمله معكم .
----------
محذوف أو مبتدأ حذف خبره أي ولهم سلام (قولا) يقال لهم (من رب رحيم وامتازوا اليوم أيها المجرمون) انفردوا عن المؤمنين وذلك عند اختلاطهم بهم في المحشر أو اعتزلوا عن كل خير أو تفرقوا في النار .
(ألم أعهد إليكم يا بني آدم) آمركم على ألسنة رسلي (أن لا تعبدوا الشيطان) لا تطيعوه (إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني) وحدي (هذا) أي ما عهدت إليكم أو عبادتي وحدي (صراط مستقيم) نكر تعظيما (ولقد أضل منكم جبلا) أي خلقا (كثيرا أفلم تكونوا تعقلون) عداوته وإضلاله .
ص: 414
(هذِهِ) الدار (جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) ( 63 ) أوعدكم اللّه أوّلا
(اصْلَوْهَا الْيَوْمَ) ردوها صلاء معلّلا (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) ( 64 ) لعدولكم .
(الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ) لكلامهم ممّا هو ادّعاءهم العاطل وولعهم الوالع (وَتُكَلِّمُنا) حّ (أَيْدِيهِمْ) كلاما مصرّحا حال إحصاء الأعمال (وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ) وما سواهما عدلا اعلاء للسداد (بِما) كل عمل (كانُوا) هؤلاء الطّلاح (يَكْسِبُونَ) ( 65 ) كما هو عملها وسلوكها أوردهما لمّا أمر عملهما .
(وَلَوْ نَشاءُ) الطمس (لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) أراد محوها وعماها (فَاسْتَبَقُوا) سارعوا (الصِّراطَ) وأرادوا سلوكه الموعود لهم (فَأَنَّى يُبْصِرُونَ) ( 66 ) الصراط .
(وَلَوْ نَشاءُ) حول صورهم (لَمَسَخْناهُمْ) لحوّل صورهم (عَلى مَكانَتِهِمْ) محلّهم ودارهم (فَمَا اسْتَطاعُوا) ح (مُضِيًّا) أمامهم ، ورووه مكسور الأوّل (وَلا يَرْجِعُونَ) ( 67 ) وراءهم أو أراد لا سلوك لهم ورودا وصدودا .
(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ) أطل عمره (نُنَكِّسْهُ) أراده وأعكسه (فِي الْخَلْقِ)
----------
(هذه جهنم التي كنتم توعدون اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون) بسبب كفركم (اليوم نختم على أفواههم) نمنعها النطق (وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) بإنطاق الله إياها (ولو نشاء لطمسنا على أعينهم) لأعميناهم طمسا (فاستبقوا الصراط) أي الطريق المعتاد لهم (فأنى) فكيف (يبصرون) أي لا يبصرون (ولو نشاء لمسخناهم) قردة وخنازير أو حجارة (على مكانتهم) مكانهم لا يبرحونه (فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون) لا يقدرون على ذهاب ولا مجيء (ومن نعمره) نطل عمره (ننكسه) نقلبه من النكس وشدد من التنكيس (في الخلق) بانتقاض بنيته وضعف قوته (أفلا
ص: 415
وصار هرما (أَ) طاح أحلامهم (فَلا يَعْقِلُونَ) ( 68 ) طوله الساطع .
والأعداء لمّا وهموا كلام اللّه وهما مموّها وأمرا محالا أرسل اللّه (وَما عَلَّمْناهُ) محمّدا ( ص ) (الشِّعْرَ) هو ردّ لأوهامهم (وَما يَنْبَغِي لَهُ) للرسول وما هو مسهّل له (إِنْ) ما (هُوَ) ما علم وهو كلام اللّه المرسل (إِلَّا ذِكْرٌ) إعلام لهداكم (وَ) ما هو إلّا (قُرْآنٌ) مسطور لوح مرسل سماء (مُبِينٌ) ( 69 ) ساطع لإعلام الأوامر والأحكام .
(لِيُنْذِرَ) الكلام أو الرسول (مَنْ كانَ حَيًّا) روعه أو مدركا محسّا وهم أمرا الإسلام (وَيَحِقَّ الْقَوْلُ) كالم الإصر ووعد السوء لسوما (عَلَى) الرهط (الْكافِرِينَ) ( 70 ) إصرارا وهم أصلاد كما لا روح لهم .
(أَ) عموا (وَلَمْ يَرَوْا) ما رأوا وما علموا (أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ) لمصالحهم (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا) مما حمله اللّه وحده لا ممدّ ولا مساعد له حال عمله (أَنْعاماً) كالرحول والرعل والداعر والرعال (فَهُمْ لَها) للسوّام وسواها (مالِكُونَ) ( 71 ) ملّكها اللّه لهم وأعطاهم حكم الملّاك .
(وَذَلَّلْناها) طوّعها اللّه (لَهُمْ) لأمورهم (فَمِنْها رَكُوبُهُمْ) كالكراع
----------
يعقلون) أن من قدر على ذلك قادر على البعث (وما علمناه) أي النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) (الشعر) بتعليم القرآن المباين له لفظا ومعنا رد لقولهم إنه شاعر (وما ينبغي) يتأتى (له إن هو إلا ذكر) عظة (وقرآن مبين) للأحكام والدلائل (لينذر) القرآن أو النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) (من كان حيا) متعقلا لا غافلا كالميت أو مؤمنا فإنه المنتفع بالإنذار (ويحق القول) بالعذاب (على الكافرين) قوبل بهم الحي لأنهم في عداد الموتى (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا) استعير عمل الأيدي للتفرد بالعمل (أنعاما) إبلا وبقرا وغنما (فهم لها مالكون) متملكون أو ضابطون قاهرون (وذللناها) سخرناها لهم (فمنها ركوبهم ومنها يأكلون)
ص: 416
والداعر (وَمِنْها يَأْكُلُونَ) ( 72 ) لحومها .
(وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ) كالصرم والكساء (وَمَشارِبُ) محالّ حسو الدرّ أو هو مصدر (أَ) أحاطهم السوء (فَلا يَشْكُرُونَ) ( 73 ) اللّه وآلاءه .
(وَاتَّخَذُوا) أطاعوا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (آلِهَةً) دماهم الهوها (لَعَلَّهُمْ) لعلّ هؤلاء الطّلاح (يُنْصَرُونَ) ( 47 ) مما أوعدهم اللّه كما وهموا ، والمراد لعلّ دماهم ممدّوهم ومسعدوهم .
والأمر لا كما وهموا لما (لا يَسْتَطِيعُونَ) دماهم (نَصْرَهُمْ) إمداد رهط ألهوهم (وَهُمْ) الطّلاح (لَهُمْ) لدماهم (جُنْدٌ) أرداء وعسكر (مُحْضَرُونَ) ( 75 ) معهم الدرك أو أعدّوا لحرسهم .
(فَلا يَحْزُنْكَ) محمّد ( ص ) (قَوْلُهُمْ) للّه أو لك (إِنَّا نَعْلَمُ) علما كاملا (ما يُسِرُّونَ) أسرارهم وهو الحسد واللدد والمراء (وَما يُعْلِنُونَ) ( 76 ) صدودهم وعطوهم دماهم واعمل معهم كأعمالهم عدلا ، وهو كلام مسلّ لرسول اللّه صلعم .
(أَ) ما أعمل الحلم (وَلَمْ يَرَ) ما علم (الْإِنْسانُ) وهو العاص أورد أحواله (أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ) ماء معهود مروح مكروه معلوم أوّل أمره وصار
----------
اللحم والجبن (ولهم فيها منافع) كالجلود وما نبت عليها (ومشارب) من لبنها (أفلا يشكرون) الله المنعم بذلك (واتخذوا من دون الله ءالهة) فوضعوا الشرك مكان الشكر (لعلهم ينصرون) رجاء أن يعضدوهم أو يمنعوهم من العذاب (لا يستطيعون نصرهم وهم لهم) لآلهتهم (جند محضرون) معدون لحفظهم وخدمتهم أو محضرون معهم في النار (فلا يحزنك قولهم) الباطل في الله أو فيك (إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون) فنجازيهم به (أولم ير الإنسان) يعلم المنكر للبعث (أنا خلقناه من نطفة) ثم نقلناه حالا فحالا حتى أكملنا عقله
ص: 417
أصلد (فَإِذا هُوَ) العاص (خَصِيمٌ) عدوّ وألدّ (مُبِينٌ) ( 77 ) لطوالح أعماله .
(وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا) أمرا هكرا (وَنَسِيَ خَلْقَهُ) أوّل أمره وصدر أطواره (قالَ) العاص إعلام للأمر الهكر ورد عطا ما رمّ وكسره ، وسأل رسول اللّه صلعم (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ) معادا مع رمّها (وَ) الحال (هِيَ رَمِيمٌ) ( 78 ) وهو كالرمام .
(قُلْ) له رسول اللّه (يُحْيِيهَا) اللّه (الَّذِي أَنْشَأَها) صوّرها وأسرها (أَوَّلَ مَرَّةٍ) حال عدمها (وَهُوَ) اللّه (بِكُلِّ خَلْقٍ) مأسور مصوّر (عَلِيمٌ) ( 79 ) ماهر أوّلا وأمدا .
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ) لمصالحكم (مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ) لورود الماء (ناراً) لكمال طوله وعلّمكم إصدارها (فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) ( 80 ) الساعور مع عداء الماء .
(أَ وَلَيْسَ) اللّه (الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ) وسوّاها مع أدوارها
----------
(فإذا هو خصيم مبين) ومن قدر على ذلك كيف لا يقدر على الإعادة (وضرب لنا مثلا) أمرا عجيبا وهو نفي قدرته تعالى على إحياء الموتى (ونسي خلقه) من النطفة (قال من يحيي العظام وهي رميم) بالية (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) فإنه على إعادتها أقدر (وهو بكل خلق) مخلوق (عليم) فيعلم تفاصيله وأجزاءه المتفرقة في البقاع والسبأع وغيرها فيجمع الأجزاء الأصلية للآكل والمأكول (الذي جعل لكم من الشجر الأخضر) المرخ والعفار أو كل شجر إلا العناب (نارا) يحك بعضه ببعض غصنين رطبين فتنقدح النار (فإذا أنتم منه توقدون) متى شئتم فمن قدر أن يودع النار في جسم رطب يقطر منه الماء المضاد لها فتستخرج منه عند الحاجة قادر على البعث (أوليس الذي خلق
ص: 418
(وَالْأَرْضَ) ودحاها مع أطوارها (بِقادِرٍ) كامل طولب (عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) ولد آدم أصولا وأحوالا ، والمارد ردّ أعطالهم وإعطاء أرواحها معادا (بَلى) له طول (وَهُوَ) اللّه (الْخَلَّاقُ) آسر الكلّ (الْعَلِيمُ) ( 81 ) واسع العلم .
(إِنَّما أَمْرُهُ) ما أمره وحكمه (إِذا) كلّما (أَرادَ شَيْئاً) أسره إلّا (أَنْ يَقُولَ لَهُ) حكما (كُنْ) صر مأسورا (فَيَكُونُ) ( 82 ) حالا كما أمر وما هو محال له .
(فَسُبْحانَ) اللّه (الَّذِي بِيَدِهِ) أمره وحكمه (مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) ملكه وهو مالك الكلّ لا سواه (وَإِلَيْهِ) اللّه وحده (تُرْجَعُونَ) ( 83 ) للعدل والعدل وهو معادكم أمدا ومآلا .
----------
السموات والأرض) مع عظمهما (بقادر على أن يخلق مثلهم) في الصغر أي يعيدهم (بلى وهو الخلاق العليم) بكل شيء (إنما أمره) شأنه (إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء) بقدرته عليه (وإليه ترجعون) في الآخرة فيجازي كلا بعمله.
ص: 419
ص: 420
ص: 421
ص: 422
( سورة الصّافّات )
وموردها أمّ الرّحم ، صدد الكلّ وحاصل أصول مدلولها :
إعلام سمط الطوّع وأدلّاء الوحود ، وادّكار طرد الوسواس مع اللوامع ، والهاد أهل الحدل معادا ، وإكرام أهل الطوع دارالسلام ، وسطو اللّه أهل العدول إصرا ، ودعاء أطول الرسل عمرا إهلاك أرهاطه العدّال وسماع اللّه له ، وحال اسمهرار الرسول الأوّاه لسحط ولده وطوع ولده له ، وسرّ الرسول المسطور لحصول ولده حال هرمه .
وعدّ الآلاء لرسول الهود وردء له علاهما السلام ، واملاصهما عمّا السدم الكامل وإعطاءهما الطرس ، وادّكار كلام رسول ادّكره اللّه وراء رسول الهود علاهما السلام حال ما دعا رهطه ، وهلاك رهط لوط علاه السلام ، وحال رسول سرطه السمك ، وادّكار طلاح اسرار أهل العدول لإصار الولد للّه علا علوّا ، وادّكار مراهص الأملاك وسمطهم محل الطوع ، وادّكار أسماء اللّه للرسل عليهم السلام ، ومدح اللّه درّه المطهر مع الكوح والكمال .
ص: 423
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَ) الملك (الصَّافَّاتِ) مصاعد السماء أو الهواء لأداء ما أمرهم اللّه ، والواو للعهد (صَفًّا) ( 1 ) وهو مصدر مؤكّد .
(فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) ( 2 ) الأملاك الطرّاد لأهل الوساوس والردّاع الطّلاح عمّا عملوا .
(فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) ( 3 ) الأملاك الدرّاس لكلام اللّه صدد الرسل ، أو المراد مصلّو أهل الإسلام وردّاع المحارم ودرّاس كلام اللّه المرسل .
(إِنَّ إِلهَكُمْ) أهل أمّ الرحم (لَواحِدٌ) ( 4 ) صمد لا عدل له .
وهو (رَبُّ السَّماواتِ) مع علوها (وَالْأَرْضِ) مع وسعها (وَما بَيْنَهُما) وهو الهواء (وَ) هو (رَبُّ الْمَشارِقِ) ( 5 ) مطالع الطوالع كلّها .
----------
(37 سورة الصافات مائة وإحدى أو اثنتان وثمانون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(والصافات صفا) قسم بالملائكة الصافين تعبدا أو بنفوس الصافين في الصلاة أو في الدعاء إلى الله (فالزاجرات زجرا) للسحاب يسوقونه أو الناس عن المعاصي بالإلهام (فالتاليات ذكرا) لكتب الله أو القرآن أو آلائه وأحكامه (إن إلهكم لواحد) جواب القسم (رب السموات والأرض وما بينهما ورب
ص: 424
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا) حلاها أراد السماء الأوّل المحاط (بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) ( 6 ) ولمعها .
(وَحِفْظاً) مصدر طرح عامله أو معلّل (مِنْ) صعود (كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) ( 7 ) مطرود مردود عاص لما أمر .
(لا يَسَّمَّعُونَ) المراد (إِلَى) كلام (الْمَلَإِ الْأَعْلى) رهط أملاك السماء ولهم اطلاع أسرار اللوح (وَيُقْذَفُونَ) مردوسو كلّ ملك رام طارد لها (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) ( 8 ) اطرار السماء حال الصعود .
(دُحُوراً) مصدر دحره طرده أو للدحر أو حال ، ورووه دحورا طرودا ، أو مصدر كالولوع (وَ) أعدّ (لَهُمْ) معادا (عَذابٌ واصِبٌ) ( 9 ) ألم سرمد لا أمد له ، أو عسر .
وما لهم سماع كلام الملك (إِلَّا مَنْ) مارد موسوس (خَطِفَ الْخَطْفَةَ) علم ممّا كلّم الملك سارعا (فَأَتْبَعَهُ) وصله وأدركه (شِهابٌ) لردسه (ثاقِبٌ) ( 10 ) لامع .
----------
المشارق) للشمس لها كل يوم مشرق أو لكل النيرات ولم يذكر المغارب لدلالتها عليها.
(إنا زينا السماء الدنيا) القريبة منكم (بزينة الكواكب) بضوئها أو بها والإضافة بيانية (وحفظا) برمي الشهب (من كل شيطان مارد) خبيث (لا يسمعون إلى الملأ الأعلى) الملائكة (ويقذفون) بالشهب (من كل جانب) من جوانب السماء (دحورا) طردا (ولهم) في الآخرة (عذاب واصب) دائم (إلا من خطف الخطفة) من كلام الملائكة (فأتبعه شهاب) هو ما يرى ككوكب انقض (ثاقب) مضيء كأنه يثقب الجو بضوئه.
ص: 425
(فَاسْتَفْتِهِمْ) طلّاح أمّ رحم واسألهم مهدّدا (أَ هُمْ) هؤلاء الأعداء (أَشَدُّ) أصلد وأحكم (خَلْقاً) ممّا سواهم (أَمْ مَنْ) مأسور (خَلَقْنا) كالملك والسماء والطود (إِنَّا خَلَقْناهُمْ) أصلهم آدم (مِنْ طِينٍ) حماء صلصال (لازِبٍ) ( 11 ) لاسم رهل .
(بَلْ عَجِبْتَ) محمّد ( ص ) مما عملوا ، أو ممّا وهموا وهو عدم المعاد (وَ) هم (يَسْخَرُونَ) ( 12 ) ممّا هو عملك ، أو أمر المعاد ووروده .
(وَ) طورهم (إِذا) كلّما (ذُكِّرُوا) اعلموا إعلاما مصلحا لهم (لا يَذْكُرُونَ) ( 13 ) ما حصل لهم الادّكار أصلا .
(وَإِذا رَأَوْا آيَةً) علما معلما لسداد كلامك وعلوّ حالك (يَسْتَسْخِرُونَ) ( 14 ) لسوء دركهم ووكس حلمهم .
(وَقالُوا) حال إحساسها (إِنْ) ما (هذا) المحسوس (إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) ( 15 ) ساطع سواه .
(أَ إِذا مِتْنا) وحسم الأعمار (وَكُنَّا) لمرور دهور وإعصار هلاكا (تُراباً) للمرامس (وَعِظاماً) رماما (أَ إِنَّا) ح (لَمَبْعُوثُونَ) ( 16 ) عوّاد كما هو أصل الحال .
----------
(فاستفتهم) سل قومك محاجة (أهم أشد خلقا أم من خلقنا) من الملائكة والسموات والأرض وما فيهما أو قبلهم من الأمم (إنا خلقناهم من طين لازب) ملتصق (بل عجبت) من إنكارهم (ويسخرون) من تعجبك (وإذا ذكروا) وعظوا بشيء (لا يذكرون) لا يتعظون (وإذا رأوا آية) كانشقاق القمر وغيره (يستسخرون) يستهزءون بها.
(وقالوا) فيها (إن هذا إلا سحر مبين) بين (أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون) بالغوا في إنكار البعث بتبديل الفعلية وهي أنبعث أإذا متنا
ص: 426
كرّروا السؤال وأكّدوا الردّ (أَ وَآباؤُنَا) الهلّاك ورووه لا محرّك الواو (الْأَوَّلُونَ) ( 17 ) مرّ عهدهم .
(قُلْ) لهم رسول اللّه (نَعَمْ) لكلّكم معاد ، ورووه مكسور الأوّل (وَ) الحال (أَنْتُمْ داخِرُونَ) ( 18 ) دحّار .
ولمّا ورد المعاد (فَإِنَّما) ما (هِيَ) إلّا (زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) صاحها الملك مكرّرا وأصلها ممّا صاح راع للرّحول مهدّدا (فَإِذا هُمْ) أهل المرامس لمّا عادوا وأعطاهم اللّه أرواحهم (يَنْظُرُونَ) ( 19 ) روّاء لسوء أعمالهم ، أو رصّاد لحلول الآصار .
(وَقالُوا) الطّلاح (يا وَيْلَنا) وهو وارد حال الهلاك هذا العصر (يَوْمُ الدِّينِ) ( 20 ) الموعود لإحصاء الأعمال وإعطاء أعدالها .
هذا (يَوْمُ الْفَصْلِ) للصالح والطالح ، وهو كلام الأملاك لهم (الَّذِي كُنْتُمْ) دار الأعمال (بِهِ تُكَذِّبُونَ) ( 21 ) وروده مآلا .
(احْشُرُوا) أمر اللّه للأملاك الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) عدلوا مع اللّه إلها سواه (وَأَزْواجَهُمْ) أرداؤهم وطوّعهم أو أعراسهم الطوالح العوادل ، والواو لمدلول « مع » وورد الواو للوصل (وَما كانُوا) أوّلا (يَعْبُدُونَ) ( 22 ) أراد
----------
بالاسمية وتقديم إذا وتكرير الهمزة (أوآباؤنا الأولون) عطف على محل اسم إن أو ضمير مبعوثون (قل نعم) مبعوثون (وأنتم داخرون) صاغرون.
(فإنما هي زجرة) البعثة صيحة (واحدة فإذا هم ينظرون) أحياء أو ينتظرون ما يفعل بهم (وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين) والجزاء (هذا يوم الفصل) الحكم (الذي كنتم به تكذبون) ويقول تعالى للملائكة (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم) أشياعهم عابد الوثن مع عبدته وعابد النجم مع عبدته أو قرناؤهم من الشياطين أو نساؤهم اللاتي على دينهم (وما كانوا يعبدون
ص: 427
دماهم أو أهل الوساوس طرّا .
(مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (فَاهْدُوهُمْ) دلوهم واطردوهم (إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) ( 23 ) لسلوكها وورودها .
(وَقِفُوهُمْ) احصروهم وأمسكوهم (إِنَّهُمْ) كلّهم (مَسْؤُلُونَ) ( 24 ) عمّا علموا وعملوا
(ما) الحال (لَكُمْ) وما عراكم وهو إعلام للمسئول (لا تَناصَرُونَ) ( 25 ) لا ممدّ أحدكم لأحد كحالكم أوّلا .
(بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ) ( 26 ) طوّع كمال الطوع أو أسلم أحدهم أحدا .
(وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ) آحادهم (عَلى بَعْضٍ) آحادهم ، وهم الرؤساء والطوّع (يَتَساءَلُونَ) ( 27 ) عمّا لاح لهم .
(قالُوا) الطوّع للرؤساء (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ) أعواما (تَأْتُونَنا) للطلّاح (عَنِ الْيَمِينِ) ( 28 ) وهو السطو والطول ، أو العهد المؤكّد للصلاح .
(قالُوا) الرؤساء للطوّع (بَلْ لَمْ تَكُونُوا) أصلا (مُؤْمِنِينَ) ( 29 ) أهل اسلام أوّلا وما عملكم إلّا العدول .
(وَما كانَ) أوّلا (لَنا عَلَيْكُمْ) رهط الطوّع (مِنْ سُلْطانٍ) أمر وسطو
----------
من دون الله) من الأوثان (فاهدوهم إلى صراط الجحيم) سوقوهم إلى طريقها (وقفوهم) حبسوهم قبل دخولها (إنهم مسئولون) عن عقائدهم وأعمالهم، وروي عن ولاية علي (عليه السلام ما لكم لا تناصرون) لا ينصر بعضكم بعضا (بل هم اليوم مستسلمون) منقادون أو متسالمون أسلم بعضهم بعضا وخذله (وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) يتلاومون (قالوا) أي الأتباع للمتبوعين (إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين) عن جهة النصيحة والنفع فتبعناكم أو عن القوة والغلبة (قالوا) أي المتبوعين (بل لم تكونوا مؤمنين) ما أضللناكم وإنما كنتم ضالين مثلنا (وما كان علينا لكم من سلطان) تسلط فنجبركم على
ص: 428
أو إكراه (بَلْ كُنْتُمْ) دواما (قَوْماً طاغِينَ) ( 30 ) رهط عدّال .
(فَحَقَّ) لسم (عَلَيْنا) معا (قَوْلُ) اللّه (رَبِّنا) إصره الموعد (إِنَّا لَذائِقُونَ) ( 31 ) لآصاره كما أعد وأعدّ .
(فَأَغْوَيْناكُمْ) المراد اسلاكهم صراط الأود ودعاءهم لردّ الإسلام (إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) ( 32 ) سلّاك مسالك الأود .
(فَإِنَّهُمْ) الرؤساء والطوّع كلّهم (يَوْمَئِذٍ) المعاد (فِي الْعَذابِ) المولم (مُشْتَرِكُونَ) ( 33 ) سواء وسهماء .
(إِنَّا كَذلِكَ) كعمل مرّ (نَفْعَلُ) معادا (بِالْمُجْرِمِينَ) ( 34 ) العدّال كلّهم .
(إِنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (كانُوا) أوّل الأمر (إِذا قِيلَ لَهُمْ) الكلام الطاهر وهو (لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) وحده لا معادل له (يَسْتَكْبِرُونَ) ( 35 ) عمّا أمروا ، والمراد هم لمّا سمعوا كلام السداد سمدوا وعدلوا .
(وَيَقُولُونَ) آحادهم آحادا (أَ إِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا) أرادوا دماهم (لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ) ( 36 ) أرادوا محمّدا رسول اللّه صلعم .
ردّ اللّه كلامهم (بَلْ جاءَ) محمّد ( ص ) لهم (بِالْحَقِّ) السداد والصلاح
----------
الكفر (بل كنتم قوما طاغين) مختارين للطغيان (فحق علينا) جميعا (قول ربنا) وعيده كآية لأملأن جهنم أو هو (إنا لذائقون) العذاب (فأغويناكم) فدعوناكم إلى الغي (إنا كنا غاوين) فأجبنا أن تكونوا مثلنا (فإنهم) جميعا (يومئذ في العذاب مشتركون) لاشتراكهم في الغي.
(إنا كذلك) الفعل (نفعل بالمجرمين) بالمشركين لقوله (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون) عن قبوله (ويقولون أإنا لتاركوا ءالهتنا لشاعر مجنون) لقول محمد (صلی الله علیه واله) (بل جاء بالحق) الثابت بالبرهان
ص: 429
(وَصَدَّقَ) كلام الملأ (الْمُرْسَلِينَ) ( 37 ) الرسل كلّهم .
(إِنَّكُمْ) أهل العدول (لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ) ( 38 ) لمدركو الإصر المولم لعدولكم .
(وَما تُجْزَوْنَ) معادا (إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ( 39 ) ما هو مساو لعملكم لا حور ولا كور له .
(إِلَّا عِبادَ اللَّهِ) الكمّل (الْمُخْلَصِينَ) ( 40 ) عمّا سواهم وهم رهط أمر اللّه عطاءهم .
(أُولئِكَ) هؤلاء الكمّل (لَهُمْ) دواما (رِزْقٌ مَعْلُومٌ) ( 41 ) طعمه ودوامه الأكلهم .
(فَواكِهُ) وهو ما أكل للروح لا لحرس الأطلال لأحكامها سرمدا (وَهُمْ مُكْرَمُونَ) ( 42 ) أكرم اللّه إكراما كاملا وهم
(فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ( 43 ) أو هو حال ، وهم
(عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) ( 44 ) إكمالا للسرور وهو حال .
(يُطافُ عَلَيْهِمْ) أهل دارالسلام (بِكَأْسٍ) وهو الراح أو وعاؤه والملاح مدوّر كئوسهم (مِنْ) مدم (مَعِينٍ) ( 45 ) مطرد كاطّراد الماء .
----------
(وصدق المرسلين) به بمطابقته لهم فيه (إنكم لذائقوا العذاب الأليم) التفات إلى الخطاب (وما تجزون إلا ما كنتم تعملون) إلا جزاءه.
(إلا عباد الله المخلصين) استثناء منقطع وما بعد إلا في معنى مبتدأ خبره (أولئك لهم رزق معلوم) وقته أو صفته أو لخدامهم يأتونهم به قبل أن يسألوهم إياه (فواكه وهم مكرمون) فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة إلا أكرموا به (في جنات النعيم على سرر متقابلين يطاف عليهم بكأس من معين) من خمر طاهرة
ص: 430
كأس (بَيْضاءَ) كالدّر والدرّ لا كدر لها (لَذَّةٍ) لا مرّ كراح العهد الأوّل (لِلشَّارِبِينَ) ( 46 ) وهم أهل الإسلام .
(لا فِيها) الراح (غَوْلٌ) طلاح وصداع (وَلا هُمْ) أهل الإسلام (عَنْها) المدام (يُنْزَفُونَ) ( 47 ) سكرا والحاصل لا إسكار لها .
(وَعِنْدَهُمْ) لدورهم حور (قاصِراتُ الطَّرْفِ) حواصر اللمح عواصم الطموح ألّا لمّلاكها (عِينٌ) ( 48 ) لها وسع الملامح .
(كَأَنَّهُنَّ) صورا (بَيْضٌ) للهودع (مَكْنُونٌ) ( 49 ) مكموم ما وصله حصحص ولا كدر .
(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ) آحاد أهل دارالسلام (عَلى بَعْضٍ) آحادهم (يَتَساءَلُونَ) ( 50 ) عمّا مرّ أول الحال .
(قالَ قائِلٌ) أحد (مِنْهُمْ) أهل دارالسلام لمولاه (إِنِّي كانَ لِي) دار الأمر (قَرِينٌ) ( 51 ) ردء ما أسلم للمعاد .
(يَقُولُ) هكرا مهدّدا (أَ إِنَّكَ لَمِنَ) الملأ (الْمُصَدِّقِينَ) ( 52 ) للمعاد
(أَ إِذا مِتْنا) أراد أولاد آدم كلّهم (وَكُنَّا) هلاكا (تُراباً) للمرامس (وَعِظاماً) رماما (أَ إِنَّا) كرّر وأكّد (لَمَدِينُونَ) ( 53 ) محصو أعمال
----------
جارية (بيضاء لذة) لذيذة (للشاربين لا فيها غول) فساد كما في خمر الدنيا (ولا هم عنها ينزفون) يسكرون (وعندهم قاصرات الطرف) قصر طرفهن على أزواجهن (عين) واسعات العيون (كأنهن) في الصفاء (بيض مكنون) بيض النعام المصون من الغبار.
(فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون) عن المعارف وما جرى بينهم في الدنيا (قال قائل منهم إن كان لي قرين) جليس في الدنيا (يقول) توبيخا (أإنك لمن المصدقين) بالبعث (أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمدينون)
ص: 431
ومعاملو عدل وآم لها ردّا للمعاد .
(قالَ) أحد أهل دارالسلام لأهلها (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) ( 54 ) أحوال أهل الساعور لأطلعكم حال الردء الرادّ للمعاد ، وحاوروه لا ولك علمهم .
(فَاطَّلَعَ) المسلم (فَرَآهُ) مولاه (فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) ( 55 ) وسطها
(قالَ) له وصما (تَاللَّهِ) واللّه (إِنْ) مؤكّد مطروح الاسم محموله (كِدْتَ) كاد سؤالك (لَتُرْدِينِ) ( 956 الإرداء الإهلاك .
(وَلَوْ لا نِعْمَةُ) اللّه (رَبِّي) حرسا وعصما والحاصل لولا هداه للإسلام (لَكُنْتُ) الحال (مِنَ) الأمم (الْمُحْضَرِينَ) ( 57 ) معك وسط الدرك .
(أَ) لأهل الإسلام دوام (فَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ) ( 58 ) أصلا أرادوا دوامهم وهو كلام أهل دارالسلام .
(إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى) و ؟ ؟ ؟ أدركهم دار الأعمال ، والمراد لا سام لأهل دارالسلام ولا ألم لهم ، ولهم دوام العمر وكمال السرور (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) ( 59 ) لا إصر لهم ، وهو أمد كلامه لمولاه .
(إِنَّ هذا) الأمر (لَهُوَ) لا سواه (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ( 60 ) الوصول الكامل والمراد الواسع .
----------
مجزيون (قال) ذلك القائل لجلسائه (هل أنتم مطلعون) إلى النار فأريكم ذلك القرين (فاطلع) عليه (فرءاه) أي قرينه (في سواء الجحيم) في وسطه (قال تالله إن كدت لتردين) لتهلكني بإغوائك وإن مخففة واللام فارقة (ولو لا نعمة ربي) باللطف والعصمة (لكنت من المحضرين) معك فيها (أفما نحن بميتين) أي أنحن مخلدون فما من شأننا الموت (إلا موتتنا الأولى) التي في الدنيا (وما نحن بمعذبين) على الكفر (إن هذا لهو الفوز العظيم) من قوله
ص: 432
(لِمِثْلِ هذا) الأمر (فَلْيَعْمَلِ) الملأ (الْعامِلُونَ) ( 61 ) لا للأهواء والآلاء والأموال ، وهو كلام اللّه لهم أو كلامهم للسرور وإعلام الآلاء .
(أَ ذلِكَ) المعلوم المعدّ لأهل دارالسلام وهو كلام اللّه لهم (خَيْرٌ نُزُلًا) أصح طعاما ، وهو حال (أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) ( 62 ) المعدّ أكلها لأهل الساعور أراد حملها المرّ مكروه الطعم
(إِنَّا جَعَلْناها فِتْنَةً) إصرا وألما (لِلظَّالِمِينَ) ( 63 ) أعداء الإسلام ، ردّ لهم لوهم وهموا صهود الساعور الدوح .
(إِنَّها شَجَرَةٌ) مرّ طعمها (تَخْرُجُ) أصلها (فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) ( 64 ) محطّها
(طَلْعُها) حملها (كَأَنَّهُ) لسوء مرآه (رُؤُسُ الشَّياطِينِ) ( 65 ) أسوأ الصور كرها وهولا .
(فَإِنَّهُمْ) أهل الساعور (لَآكِلُونَ) مآلا (مِنْها) طلعها (فَمالِؤُنَ مِنْهَا) طلعها (الْبُطُونَ) ( 66 ) المعد ملاء أسوأ لكمال سعارهم .
(ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ) لأهل الدرك (عَلَيْها) أكلها (لَشَوْباً) لمداما وهو مصدر
----------
أو قول الله تصديقا له (لمثل هذا فليعمل العاملون) يدل على جواز العبادة لنيل الثواب والخلاص عن العقاب.
(أذلك) المذكور (خير نزلا) تمييز وهو ما يعد للنازل من ضيف وغيره (أم شجرة الزقوم) نزل أهل النار وهي شجرة مرة منتنة بتهامة وقيل لا وجود لها في الدنيا (إنا جعلناها فتنة للظالمين) اختبارا لهم في الدنيا فإنهم حين سمعوا أنها في النار قالوا النار تحرق الشجر فكيف ينبته جهلا بقدرة الله أو عذابا لهم في الآخرة (إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم) في قعر جهنم وفروعها ترفع إلى دركاتها (طلعها) حملها (كأنه رءوس الشياطين) في القبح شبه بمنجل أو بحيات لها أعراف أو رءوس قباح تسمى شياطين (فإنهم لآكلون منها) من طلعها (فمالئون منها البطون) لشدة جوعهم أو جبرهم على أكلها (ثم إن لهم عليها) بعد الأكل إذا عطشوا (لشوبا من حميم) لشراب من غساق
ص: 433
صار اسما (مِنْ حَمِيمٍ) ( 67 ) ماء حارّ حسّام للأمعاء ، وهو لطول أوامهم .
(ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ) موردهم ومآلهم (لَإِلَى الْجَحِيمِ) ( 68 ) الدرك .
(إِنَّهُمْ) رهط الحمس (أَلْفَوْا) أدركوا (آباءَهُمْ) ورؤساءهم (ضالِّينَ) ( 69 ) سلّاك مسالك السوء ، والكلام معلّل لآلامهم .
(فَهُمْ) طلّاح أمّ رحم (عَلى آثارِهِمْ) رسوم ولّادهم (يُهْرَعُونَ) ( 70 ) الإهراع الإسراع الكامل .
(وَلَقَدْ ضَلَّ) طلح (قَبْلَهُمْ) أمام رهطك (أَكْثَرُ) الأمم (الْأَوَّلِينَ) ( 71 ) عهدا .
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) لإعلام مصالحهم (فِيهِمْ) رسلا (مُنْذِرِينَ) ( 72 ) أهوال المعاد .
(فَانْظُرْ) أدرك محمّد ( ص ) (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) ( 73 ) مآل الأمم الطّوالح وهم هوّلوا وأهلكوا طرّا .
(إِلَّا عِبادَ اللَّهِ) الكمّل (الْمُخْلَصِينَ) ( 74 ) هم محصوا إسلامهم عمّا أكدر ، والمراد سلموا وما هلكوا كما هلك أعداءهم .
(وَلَقَدْ نادانا) دعا رسول (نُوحٌ) وسأل إهلاك رهطه وسمع دعاءه وأهلك أعداءه (فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) ( 75 ) السامع دعائه لإهلاك رهطه ،
----------
أو صديد مشوبا بماء حميم (ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم) يشعر بخروج الحميم عنها وأنهم يوردونه ثم يردون إليها.
(إنهم ألفوا ءاباءهم ضالين فهم على ءاثارهم يهرعون) يسرعون (ولقد ضل قبلهم) قبل قومك (أكثر الأولين ولقد أرسلنا فيهم منذرين) رسلا مخوفين (فانظر كيف عاقبة المنذرين) من المهالك والعذاب (إلا عباد الله المخلصين) دينهم لله.
(ولقد نادانا نوح) بربي انصرني ونحوه (فلنعم المجيبون) له نحن.
ص: 434
واللّام حوار واللّه .
(وَنَجَّيْناهُ) الرسول سالما (وَأَهْلَهُ) أعراسه وأولاده وطوّعه إلّا عرسا وولدا واحدا (مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) ( 76 ) همّ الماء وعلوّه أو مكاره رهطه .
(وَجَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ) أولاده (هُمُ) لا سواهم (الْباقِينَ) ( 77 ) وهلك سواهم ، وأولاده سام أولاده الروم وحام أولاده السود وما عداهما والكلّ أولادهم .
(وَتَرَكْنا) سرمدا (عَلَيْهِ) الرسول (فِي) الأمم (الْآخِرِينَ) ( 78 ) كلاما محمودا .
وهو (سَلامٌ عَلى) الرسول (نُوحٍ) دعائهم له كرّمه اللّه وأدام سلامه أو سلام اللّه (فِي الْعالَمِينَ) ( 79 ) كلّهم ولا أحد إلّا مسلّمه .
(إِنَّا كَذلِكَ) كإكرام رسول مرّ أحواله ، وهو معلّل لما عمل معه (نَجْزِي) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 80 ) الصلحاء الكمّل .
(إِنَّهُ مِنْ) عداد (عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) ( 81 ) أهل الإسلام الكمّل وهو أكمل محامده .
(ثُمَّ أَغْرَقْنَا) الأرهاط (الْآخَرِينَ) ( 82 ) كلّهم وهم طلّاح رهطه .
----------
(ونجيناه وأهله من الكرب العظيم) الغرق أو أذى قومه (وجعلنا ذريته هم الباقين) فالناس كلهم من بنيه الثلاثة إذ مات من عداهم وأزواجهم من أهل السفينة (وتركنا) أبقينا (عليه في الآخرين) من الأمم (سلام على نوح) من الله أو ثناء (في العالمين) ثابت فيهم يسلمون عليه إلى يوم القيامة (إنا كذلك) الجزاء (نجزي المحسنين) أي استحق هذا الجزاء بإحسانه (إنه من عبادنا المؤمنين ثم أغرقنا الآخرين) كفار قومه.
ص: 435
(وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ) رهط طاوعه أصول الإسلام (لَإِبْراهِيمَ) ( 83 ) الرسول ، وما أرسل اللّه وسطهما رسولا إلّا « هود » و « صالح »
(إِذْ) معمول لمطروح وهو ادّكر (جاءَ) حال وروده (رَبَّهُ) الأحد الصمد (بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) ( 84 ) سرّ سالم ممّا ساء وكره إسلاما .
(إِذْ قالَ لِأَبِيهِ) والده (وَقَوْمِهِ) رهطه وصما لمآلهم ما للسؤال (ذا تَعْبُدُونَ) ( 85 ) ورها والمراد دماهم .
(أَ إِفْكاً) أولعا (آلِهَةً دُونَ اللَّهِ) الواحد الأحد (تُرِيدُونَ) ( 86 ) طوعا ، ورد الكلام معكوسا لورود المعمول أوّلا عما هو عامله .
(فَما ظَنُّكُمْ) حال طوعكم لدماكم وطرحكم طوع اللّه (بِرَبِّ الْعالَمِينَ) ( 87 ) كلّهم وهو صلح لطوعكم لما هو مالككم لا دماكم ، أو ما وهمكم أمأمولكم عدم الإصر مع صدودكم عمّا أمركم اللّه .
ولمّا أراد رهطه وروده معهم عصرا معهودا للسرور (فَنَظَرَ) أحسّ (نَظْرَةً فِي النُّجُومِ) ( 88 ) أو طرس علمها وأراهم إحساسه لها وأوهمهم علمها
(فَقالَ) حوار لهم (إِنِّي سَقِيمٌ) ( 89 ) الروع لسوء أعمالكم
----------
(وإن من شيعته) ممن شايعه في الإيمان وأصول الشريعة (لإبراهيم) وكان بينهما ألفان وستمائة وأربعون سنة وكان بينهما هود وصالح (إذ جاء ربه بقلب سليم) من الشك والشرك، خالص لله (إذ قال لأبيه وقومه) بدل من الأول أو ظرف لجاء أو سليم (ما ذا) ما الذي أو أي شيء (تعبدون) إنكار (أإفكا آلهة دون الله تريدون) إفكا مفعول له أو حال أي آفكين وآلهة مفعول به لتريدون (فما ظنكم برب العالمين) حتى عبدتم غيره وأمنتم عقوبته.
(فنظر نظرة في النجوم) في أجرامها لعلامة يستدل بها أو إيهاما لهم أنه يعتمدها فإنهم كانوا منجمين (فقال إني سقيم) أي سأسقم لأمارة منها أو سقيم
ص: 436
وعدولكم أو المراد سأعل حال ورود السام .
(فَتَوَلَّوْا) عادوا وعرّدوا (عَنْهُ مُدْبِرِينَ) ( 90 ) هوّلا وروّاعا لما هو داء مسر وطرحوه محلّ دماهم .
(فَراغَ) مال الرسول وراح (إِلى آلِهَتِهِمْ) دماهم سرّا (فَقالَ) لهوا وإلهادا لدماهم (أَ لا تَأْكُلُونَ) ( 91 ) الطعام المورود صددكم وما سمع حوارهم وسألهم
(ما) حصل (لَكُمْ) وما عراكم (لا تَنْطِقُونَ) ( 92 ) لا كلام لكم ولا حوار .
(فَراغَ) مال وحال (عَلَيْهِمْ) دماهم كرها والهادا (ضَرْباً بِالْيَمِينِ) ( 93 ) وطردا صلدا لها وكسرهم ووصل الحال طوّعهم ، أو عادوا ورأوا كسرهم .
(فَأَقْبَلُوا) أحالوا (إِلَيْهِ) الرسول الكاسر لها (يَزِفُّونَ) ( 94 ) وهو الإسراع .
(قالَ) الرسول مهدّدا لهم (أَ تَعْبُدُونَ) مع سلام أحلامكم (ما تَنْحِتُونَ) ( 95 ) ما هو معمولكم ومصوّركم .
(وَاللَّهُ) الآسر للكل (خَلَقَكُمْ) صوّركم وعدلكم (وَ) صوّر (ما)
----------
القلب لكفركم أو سأموت مثل إنك ميت (فتولوا عنه مدبرين) هاربين خوفا من العدوى.
(فراغ) مال في خفية (إلى ءالهتهم) وكان عندها طعام زعموها تأكل أو تبارك فيه (فقال) لها استهزاء (ألا تأكلون) منه (ما لكم لا تنطقون) بجواب (فراغ عليهم ضربا باليمين) باليد اليمنى لأنها أقوى أو بالقوة (فأقبلوا إليه يزفون) يسرعون (قال) توبيخا لهم: (أتعبدون ما تنحتون) من الحجارة وغيرها أصناما (والله خلقكم وما تعملون) أي جوهره.
ص: 437
صورا (تَعْمَلُونَ) ( 96 ) لها أراد دماهم أو « ما » للمصدر والمراد أعمالكم أو معمولكم .
(قالُوا) الملك وعسكره (ابْنُوا) أسّسوا ورصّصوا (لَهُ) لصهوده وإهلاكه (بُنْياناً) محكما مملوّ العود (فَأَلْقُوهُ) اطرحوه (فِي الْجَحِيمِ) ( 997 الساعور المسعر .
فَأَرادُوا بِهِ طرحه كَيْداً مكرا لصهوده فَجَعَلْناهُمُ أعداءه الْأَسْفَلِينَ ( 98 ) عملا ، وسلم الرسول وحطّ أمرهم وصار الساعور له وردا وسلاما .
(وَقالَ) رسولهم لمّا صدر سالما (إِنِّي ذاهِبٌ) سالك راحل (إِلى) محلّ أمر اللّه (رَبِّي) وهو هاد للصراط السواء (سَيَهْدِينِ) ( 99 ) لمصالح الحال والمعاد ورحل الرسول .
ولمّا وصل ممالك الطهر دعا (رَبِّ) اللهمّ (هَبْ) أعط (لِي) ولدا مسعودا (مِنَ) الملأ (الصَّالِحِينَ) ( 100 ) أعمالا وأحوالا .
وسمع دعاءه (فَبَشَّرْناهُ) وسرّ (بِغُلامٍ) حصول ولد (حَلِيمٍ) ( 101 ) كامل حلم أو حلم .
(فَلَمَّا بَلَغَ) أدرك الوالد (مَعَهُ) مع ولده وهو حال (السَّعْيَ) للمهام
----------
(قالوا ابنوا له بنيانا) واملئوه حطبا وأضرموه بالنار (فألقوه في الجحيم) في النار العظيمة (فأرادوا به كيدا) تدبيرا في إهلاكه حين ألزمهم الحجة (فجعلناهم الأسفلين) المقهورين.
(وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين) إلى ما فيه صلاحي في الدارين قال (رب هب لي) ولدا (من الصالحين فبشرناه بغلام حليم) يكون حليما وأي حليم حيث عرض عليه الذبح فقبل (فلما بلغ معه السعي) أي يسعى معه في
ص: 438
والأعمال (قالَ) الوالد له (يا بُنَيَّ) اسمع (إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ) مرارا رهوا (أَنِّي أَذْبَحُكَ) مأمورا وهو للرسل كما أوحاه اللّه (فَانْظُرْ) أدرك (ما ذا تَرى) ما صلاحك (قالَ) ولده له (يا أَبَتِ افْعَلْ) اعمل (ما تُؤْمَرُ) وأسرع كما أمرك اللّه ودع الإمهال (سَتَجِدُنِي) حال السحط (إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ) الملأ (الصَّابِرِينَ) ( 102 ) حال حلول المكاره أمرا وحكما .
(فَلَمَّا أَسْلَما) كلاهما وطاوعا لأمر اللّه (وَتَلَّهُ) صرعه (لِلْجَبِينِ) ( 103 ) وحطّ رأسه للسحط ولمّا أراد ما أمر دار السطام وسلم ولده .
(وَنادَيْناهُ) إكراما له (أَنْ يا إِبْراهِيمُ) ( 104 ) الرسول
(قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) لهمّك المصمم وعملك كما هو المأمور وحصل لهما السرور وحمد اللّه (إِنَّا كَذلِكَ) كسلامك وسلام ولدك مما كره (نَجْزِي) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 105 ) الطوّاع الحمّاد حال حلول الصواكم
(إِنَّ هذا) الأمر (لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) ( 106 ) محّصه اللّه لإعلاء حاله .
(وَفَدَيْناهُ) ولده المأمور سحطه (بِذِبْحٍ) وعل (عَظِيمٍ) ( 107 ) لام
----------
أموره (قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) من الرأي شاوره في أمر حتم ليوطن نفسه عليه فيهون (قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين) على بلاء الله (فلما أسلما) استسلما لأمر الله أو سلم الأب ابنه والابن نفسه (وتله للجبين) صرعه عليه وهو أحد جانبي الجبهة وقيل كبه على وجهه باستدعائه كيلا يراه فيرق له (وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) بما فعلت من مقدمات الذبح وقيل إنه أمر المدية على حلقه فلم تقطع (إنا كذلك نجزي المحسنين) أي جزيناهما بذلك بإحسانهما (إن هذا) التكليف بالذبح (لهو البلاء المبين) الابتلاء البين (وفديناه بذبح عظيم) بكبش أملح سمين كان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة.
ص: 439
أحد رسام وسط دار السلام كلاءها وهو ما أورده الملك وصار حماء لولد آدم .
(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ) الرسول محامد (فِي) الأمم (الْآخِرِينَ) ( 108 ) عهدا ممد الدهر .
(سَلامٌ) سلام اللّه (عَلى) رسوله (إِبْراهِيمَ) ( 109 ) دواما
(كَذلِكَ) كما مرّ ممّا أعطاه اللّه (نَجْزِي) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 110 ) الأصالح الأعمال والأحوال
(إِنَّهُ مِنْ) عداد (عِبادِنَا) الكمّل (الْمُؤْمِنِينَ) ( 111 ) لما رآه .
(وَبَشَّرْناهُ) كرما وسمحا (بِإِسْحاقَ) ولوده (نَبِيًّا) رسولا وهو حال معدودا (مِنَ الصَّالِحِينَ) ( 112 ) حال وردوها للمدح .
(وَبارَكْنا عَلَيْهِ) حالا ومآلا وكرّم أولاده إرسالا وألوكا (وَعَلى إِسْحاقَ) ولده وحوّل أولاده رسلا (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما) أولادهما (مُحْسِنٌ) مسلم صالح (وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ) عاد لحدود الإسلام (مُبِينٌ) ( 113 ) عدوله وحدله .
(وَلَقَدْ مَنَنَّا) وهو إعطاء الآلاء (عَلى مُوسى) رسول الهود (وَ) ردء له (هارُونَ) ( 114 ) ألوكا وإرسالا .
(وَنَجَّيْناهُما) كرما (وَقَوْمَهُما) رهطها وطوّعهما مِنَ الْكَرْبِ
----------
(وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين) فسر مثله.
(وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحق) أفضنا عليهما بركات الدين والدنيا ومن ذلك جعل الأنبياء من نسلهما (ومن ذريتهما محسن) بالإيمان والطاعة (وظالم لنفسه) بالكفر (مبين) بين الظلم.
(ولقد مننا على موسى وهرون) بالنبوة وغيرها (ونجيناهما وقومهما
ص: 440
الْعَظِيمِ الهمّ الكامل العسر وهو سطو الأعداء وعلوّهم .
(وَنَصَرْناهُمْ) إعلاء (فَكانُوا) صاروا (هُمُ الْغالِبِينَ) ( 116 ) ملك مصر ورهطه حال ورودهم .
(وَآتَيْناهُمَا) إكراما (الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ) ( 117 ) الطرس الساطع مدلوله والمعلوم أوامره وأحكامه .
(وَهَدَيْناهُمَا) معا (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ( 118 ) صراط أهل الإسلام وهو مسلك الوصول .
(وَتَرَكْنا) دواما (عَلَيْهِما) كمال المحامد (فِي) الأمم (الْآخِرِينَ) ( 911 ) عهدا .
أو هو (سَلامٌ) سلام اللّه (عَلى مُوسى) رسول اللّه (وَهارُونَ) ( 120 ) سرمدا
(إِنَّا كَذلِكَ) كاكرامهما (نَجْزِي) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 121 ) عمّال الصوالح
(إِنَّهُما مِنْ) كمّل (عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) ( 122 ) أهل الإسلام الكامل .
(وَإِنَّ إِلْياسَ) هو أحد أولاد لردء رسول الهود أرسل وراءه ، ورووا ادراس محلّه (لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) ( 123 ) رسول أرسله اللّه لإصلاح لارهط .
(إِذْ قالَ) مهدّدا (لِقَوْمِهِ) لرهطه الطّلاح (أَ لا تَتَّقُونَ) ( 124 ) اللّه
----------
من الكرب العظيم) تسلط فرعون أو الغرق (ونصرناهم فكانوا هم الغالبين) على فرعون وقومه (وءاتيناهما الكتاب المستبين) البين وهو التوراة (وهديناهما الصراط المستقيم) الطريق الموصل إلى الحق (وتركنا عليهما في الآخرين سلام على موسى وهرون إنا كذلك نجزي المحسنين إنَّهما من عبادنا المؤمنين) فسر مثله.
(وإن إلياس لمن المرسلين) هو من ولد هرون أخي موسى وقيل هو إدريس (إذ قال لقومه ألا تتقون) الله.
ص: 441
وما أوعد .
(أَ تَدْعُونَ) ألوها وطوّعا (بَعْلًا) هو علم أحد دماهم (وَتَذَرُونَ) طرحا (أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) ( 125 ) إله الكلّ وطوّعه وهو مصوّركم ولا مصوّر سواه .
(اللَّهَ رَبَّكُمْ) مصوّركم ومصلحكم (وَرَبَّ آبائِكُمُ) وولّادكم (الْأَوَّلِينَ) ( 126 ) ممّا مرّ عهدهم والمراد وحدّوه وطاوعوا أوامره .
(فَكَذَّبُوهُ) عوّروه وردّوه وما سمعوا أوامره (فَإِنَّهُمْ) أعداءه (لَمُحْضَرُونَ) ( 127 ) موارد الآصار ومهالك الأعمار أهلكهم اللّه محلّا ووردوا ساعورا .
(إِلَّا عِبادَ اللَّهِ) الكمّل (الْمُخْلَصِينَ) ( 128 ) عمّا ساء وهم أسلموا وأطاعوا أمره وما ردّوه
(وَتَرَكْنا) دواما (عَلَيْهِ) الحمد الكامل (فِي) الأمم (الْآخِرِينَ) ( 129 ) عهدا .
أو هو كلام (سَلامٌ) سلام اللّه (عَلى إِل ْياسِينَ) ( 130 ) هو ورهطه الصلحاء ورووا « آل » محلّ « إل » .
(إِنَّا كَذلِكَ) كإكرامه (نَجْزِي) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 131 ) عمّال الصوالح .
(إِنَّهُ مِنْ) أكامل (عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ) ( 132 ) لما أمر اللّه .
----------
(أتدعون) تعبدون (بعلا) اسم صنم من ذهب (وتذرون) تتركون (أحسن الخالقين الله ربكم ورب ءابائكم الأولين) وقرىء بنصب الثلاثة بدلا (فكذبوه فإنهم لمحضرون) في العذاب (إلا عباد الله المخلصين) منقطع أو استثناء من فكذبوه (وتركنا عليه في الآخرين سلام على إلياسين) لغة في إلياس أو جمع له يراد هو ومن تبعه وقرىء ءال ياسين أي آل محمد وهو مروي (إنا كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين).
ص: 442
(وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ) الكمّل (الْمُرْسَلِينَ) ( 133 ) أرسله اللّه لإصلاح رهطه ادّكر
(إِذْ نَجَّيْناهُ) لوطا (وَأَهْلَهُ) وأولاده (أَجْمَعِينَ) ( 134 ) إِلَّا عَجُوزاً عرسا له
(فِي الْغابِرِينَ) ( 135 ) الهلّاك
(ثُمَّ دَمَّرْنَا) أهلك الرهط (الْآخَرِينَ) ( 136 ) سواهم وحوّل أمصارهم ودورهم .
(وَإِنَّكُمْ) رهط الحمس (لَتَمُرُّونَ) مرورا مكرّرا (عَلَيْهِمْ) دورهم حال رحلكم (مُصْبِحِينَ) ( 137 ) ورّاد أسحار .
(وَبِاللَّيْلِ) مساء والمراد كلاهما (أَ) طاح أحلامكم (فَلا تَعْقِلُونَ) ( 138 ) حال مروركم ما رأوا مآل الأمر .
(وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ) الكمّل (الْمُرْسَلِينَ) ( 139 ) أرسله اللّه لإصلاح أهل موصل ، وهم عوّروه وهو دعا إهلاكهم ورام الآصار وأوعدهم ، وطال العهد ، وما أهلكوا ، ورحل روعا وصمد الداماء كما أرسل اللّه ادّكر
(إِذْ أَبَقَ) طرح رهطه وراح سرّا (إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) ( 140 ) المملوّ .
ودعا رهطه وهو مكموم (فَساهَمَ) أهله وأسهم معهم وطرح السهام (فَكانَ) صار الرسول (مِنَ) الملأ (الْمُدْحَضِينَ) ( 141 ) لمّا لاح اسمه وورد الماء كما أمره اللّه .
----------
(وإن لوطا لمن المرسلين) (إذ نجيناه وأهله أجمعين) (إلا عجوزا في الغابرين)(ثم دمرنا الآخرين) فسر سابقا (وإنكم) يا قريش (لتمرون عليهم) في منازلهم في أسفاركم إلى الشام (مصبحين) داخلين في الصباح (وبالليل) أي نهارا وليلا (أفلا تعقلون) ما أصابهم تعتبرون.
(وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق) هرب (إلى الفلك المشحون) المملوء فركبه فقيل: فيها عبد آبق تظهره القرعة (فساهم) فقارع (فكان من المدحضين) المغلوبين بالقرعة فقال: أنا الآبق ورمى بنفسه في البحر.
ص: 443
(فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ) سرطه السمك (وَ) الحال (هُوَ مُلِيمٌ) ( 142 ) وارد لوم لطرحه الرهط وسلوكه السوء وصار السمك مأمور لحرسه كالأمّ لولده المحمول .
(فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ) الملأ (الْمُسَبِّحِينَ) ( 143 ) للّه وسط السمك
(لَلَبِثَ) لطال ورسا (فِي بَطْنِهِ) السمك ، والحاصل لصار السمك مرمسا له (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ( 144 ) أهل العالم معادا
(فَنَبَذْناهُ) وهو الطرح (بِالْعَراءِ) محلّا لا ماء ولا كلاء له (وَ) الحال (هُوَ سَقِيمٌ) ( 145 ) كالولد حال ولوده
(وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ) الرسول (شَجَرَةً) لروحه وحرسه (مِنْ) صرع (يَقْطِينٍ) ( 146 ) هو أسرع طرورا ومدّا وصعودا ، وكمل طلله وصحّ .
(وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ) وهم رهط أسلموا له أمام ما سرطه السمك (أَوْ) هم (يَزِيدُونَ) ( 147 ) ممّا عدّ لمحا .
ولمّا سمعوا وروده صدّر الملك مع رهطه (فَآمَنُوا) أسلموا له وكمّلوا إسلامهم (فَمَتَّعْناهُمْ) أولادا وأموالا (إِلى حِينٍ) ( 148 ) عهد حسم أعمارهم .
----------
(فالتقمه الحوت) ابتلعه (وهو مليم) آت بما يلام عليه من ترك الأولى بذهابه بلا إذن من ربه (فلو لا أنه كان من المسبحين) المصلين أو الذاكرين أو في بطن الحوت يقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) ميتا ويحشر منه أو حيا (فنبذناه) ألقيناه من بطنه (بالعراء) المكان الخالي من نبت يستره من يومه أو بعد ثلاثة أيام أو أكثر (وهو سقيم) كفرخ لا ريش عليه (وأنبتنا عليه شجرة من يقطين) القرع فغطته بأوراقها (وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون) أريد وصفهم بالكثرة في رأي الرائي أي إذا رآهم قال: هم مائة ألف أو أكثر، وروي يزيدون ثلاثين ألفا (فآمنوا فمتعناهم إلى حين) إلى آجالهم.
ص: 444
(فَاسْتَفْتِهِمْ) أسال عدّال صلاح أمر رسوله مهدّدا لهم (أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ) مع كرههم لها (وَلَهُمُ) ما هو مرادهم وهم (الْبَنُونَ) ( 149 ) وهو كما مرّ أوّلا ردّا لكلامهم الأملاك أولاد اللّه .
(أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ) كما هم وهموا (إِناثاً وَ) الحال (هُمْ) أهل أم رحم (شاهِدُونَ) ( 150 ) رأوهم ومطّلعو حالهم حال أسرهم ، والحاصل ما الأمر كما هم وهموا .
(أَلا) أعلم (إِنَّهُمْ) طلّاح صلاح (مِنْ إِفْكِهِمْ) ولعهم (لَيَقُولُونَ) ( 151 )
(وَلَدَ اللَّهُ) أولادا (وَإِنَّهُمْ) كلّهم (لَكاذِبُونَ) ( 152 ) كلاما وادّعاء لما لا ولد ولا والد ولا معادل له أصلا .
(أَصْطَفَى) اللّه ورووه مكسور الأوّل (الْبَناتِ) الواها مع ما كرهما كلّ أحد (عَلَى الْبَنِينَ) ( 153 ) مع ما ودّهم الكلّ ، وهو كلام مهدّد لردّ وهمهم العاطل .
(ما) الحال (لَكُمْ) وما دعاكم (كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ( 154 ) حكما مردودا
(أَ) طمس اللّه علوم اسراركم (فَلا تَذَكَّرُونَ) ( 155 ) اللّه الصمد ولا ولد له .
(أَمْ لَكُمْ) لكلامكم للّه ولد (سُلْطانٌ مُبِينٌ) ( 156 ) دالّ ساطع
----------
(فاستفتهم) سل قومك توبيخا (ألربك البنات) إذ قالوا: الملائكة بنات الله (ولهم البنون) تلك إذا قسمة ضيزى (أم خلقنا الملائكة إناثا وهم شاهدون) خلقنا إياهم فيؤنثونهم (ألا إنهم من إفكهم ليقولون)(ولد الله) بقولهم: الملائكة بناته (وإنهم لكاذبون) في قولهم (أصطفى) بهمزة الاستفهام الإنكاري وحذف همزة الوصل تخفيفا (البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون) بما لا يقبله عقل ولا عاقل (أفلا تذكرون) تنزهه عن ذلك.
ص: 445
أرسله اللّه لكم لإعلام مدّعاكم .
(فَأْتُوا) هلمّوا (بِكِتابِكُمْ) وأوردوا طرسكم المرسل الدال العدل وأروه (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الولع (صادِقِينَ) ( 157 ) لو سدّ كلامكم وصحّ دعواكم .
(وَجَعَلُوا) هؤلاء الطّلاح (بَيْنَهُ) اللّه الواحد الصمد (وَبَيْنَ الْجِنَّةِ) لما ادّعوها أمّ الملك ، أو الأملاك سماهم لورودهم سرّا (نَسَباً) وهو وهمهم الأملاك أولاده (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ) الأملاك (إِنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (لَمُحْضَرُونَ) ( 158 ) موارد الإصر ومهالك الساعور لسوء أعمالهم وطلاح وعلمهم .
(سُبْحانَ اللَّهِ) طهّر اللّه ودرّه (عَمَّا يَصِفُونَ) ( 159 ) له وهو ادّعاء الولد والعرس له .
(إِلَّا عِبادَ اللَّهِ) الكمّل (الْمُخْلَصِينَ) ( 160 ) هم رهط وحدوه وطاوعوه كمال الطوع ، والحاصل لا ورود لهم موارد الإصر ومسالك الهلاك أصلا .
(فَإِنَّكُمْ) أهل صلاح (وَما تَعْبُدُونَ) ( 161 ) دماكم كالودّ والسواع
----------
(أم لكم سلطان مبين) حجة بينة على ما تقولون (فأتوا بكتابكم) المتضمن لحجتكم (إن كنتم صادقين) في قولكم (وجعلوا بينه وبين الجنة نسبأ) أي الملائكة لاجتنانهم عن العيون وقيل: قالوا إن الله صاهر الجن فحدث الملائكة .
(ولقد علمت الجنة إنهم) أي الكفرة خاصة أو مع الجنة (لمحضرون) في العذاب (سبحان الله عما يصفون) بقولهم (إلا عباد الله المخلصين) منقطع من تصفون أو محضرون أو متصل منه إن عم ضمير هم وما بينهما اعتراض.
ص: 446
وكل ما هو مألوهكم .
(ما أَنْتُمْ) كلّكم ودماكم (عَلَيْهِ) اللّه (بِفاتِنِينَ) ( 162 ) أهل الأرداء والإهلاك والإطلاح .
(إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) ( 163 ) واردها ورووه صال والحاصل لا إسلاك لكم أحدا إلّا أهل الساعور المعلوم للّه اصلاءهم أوّلا لسوء أعمالهم .
(وَما مِنَّا) رهط الملك أحد هو كلام الملك حكاه اللّه وهو الأصحّ (إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) ( 164 ) محلّ معهود مأمور مصاعد السماء ما حال حوله أحد .
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) ( 165 ) لأداء الأوامر ودعاء أهل الإسلام حول السماء
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) ( 166 ) للّه عمّا وصموه
(وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ) ( 167 ) عدّال الحمس أوّلا .
(لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً) طرسا (مِنَ) طروس الأمم (الْأَوَّلِينَ) ( 168 ) عهدا والمراد عدلها .
(لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ) الكمّل (الْمُخْلَصِينَ) ( 169 ) الطوّع له ولما
----------
(فإنكم) أيها الكفرة خاصة أو مع الجنة (وما تعبدون) من الأصنام (ما أنتم عليه) على الله (بفاتنين) بمغوين أحدا (إلا من هو صال الجحيم) إلا من سبق في علمه أن يصلى النار بسوء اختياره (وما منا) أحد: هو قول الملائكة (إلا له مقام معلوم) من الطاعة لا يتجاوزه (وإنا لنحن الصافون) في العبادة والطاعة (وإنا لنحن المسبحون) المنزهون الله عن السوء، وقيل هو قول النبي أي ما منا معاشر المؤمنين إلا له مقام معلوم في الجنة وإنا لنحن الصافون في الصلاة المقدسون لله (وإن كانوا ليقولون) أي كفار مكة وإن مخففة واللام فارقة (لو أن عندنا ذكرا) كتابا (من الأولين) من كتبهم المنزلة عليهم.
ص: 447
أرسله .
(فَكَفَرُوا بِهِ) الطرس المرسل وهو كلام اللّه الأعدال الأسدّ وما أسلموه مع كمال سطوعه وعلوّ دواله ومدلوله (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ( 170 ) مآل أعمالهم السوءاء .
هدّدهم اللّه (وَلَقَدْ سَبَقَتْ) أوّلا (كَلِمَتُنا) موعد العلوّ والسطو حال ورودهم ملاحم العماس ومعارك الأعداء (لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) ( 171 ) رهط الرسل .
وهو
(إِنَّهُمْ) الرسل (لَهُمُ) لا أعداءهم (الْمَنْصُورُونَ) ( 172 ) ساعدهم اللّه
(وَإِنَّ جُنْدَنا) طوّع الرسل وعسكر الإسلام (لَهُمُ الْغالِبُونَ) ( 173 ) إسعادا وإمدادا ولهم العلوّ مآلا .
(فَتَوَلَّ) أعدل محمّد ( ص ) (عَنْهُمْ) طلّاح أمّ رحم (حَتَّى حِينٍ) ( 174 ) عهد ماصل أمهلوا .
(وَأَبْصِرْهُمْ) أدرك سوء حالهم وأحسّ معادهم أو أعلمهم مآلهم (فَسَوْفَ) للوعد (يُبْصِرُونَ) ( 175 ) مددك أو مآل أعمالهم وهو كلام مهدّد لهم .
(أَ) أحاطهم السوء (فَبِعَذابِنا) الإصر المعدّ الموعد لهم
----------
(لكنا عباد الله المخلصين) العبادة (فكفروا به) بالذكر (فسوف يعلمون) عاقبة كفرهم.
(ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين) أي وعدنا لهم ويفسره: (إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون) عاجلا وآجلا (فتول) أعرض (عنهم حتى حين وأبصرهم) وما يحل بهم من العذاب (فسوف يبصرون) ما وعدناك به من النصر والثواب فقالوا متى هذا العذاب فنزل.
ص: 448
(يَسْتَعْجِلُونَ) ( 176 ) وروده .
(فَإِذا نَزَلَ) ورد الإصر أو الرسول (بِساحَتِهِمْ) سحسح دورهم والمراد رهطهم (فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) ( 177 ) رهط هوّلهم الرسل وصدّوا عمّا أمروا .
(وَتَوَلَّ) اعدل محمّد ( ص ) (عَنْهُمْ) الطّلاح وأمهلهم (حَتَّى حِينٍ) ( 178 ) عهد أمر العماس
(وَأَبْصِرْ) حالهم (فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) ( 179 ) حالك كرّره مؤكّدا مهدّدا لهم وسلّاه صلعم .
(سُبْحانَ) اللّه (رَبِّكَ) مالكك ومصوّرك (رَبِّ الْعِزَّةِ) والعلوّ ولا علوّ إلّا له (عَمَّا يَصِفُونَ) ( 180 ) عمّا وهمه الأعداء وهو ادّعاء الولد والعرس والمساهم له .
(وَسَلامٌ) سلام اللّه (عَلَى) الملأ (الْمُرْسَلِينَ) ( 181 ) لإصلاح الكلّ أراد الرسل عموما .
(وَالْحَمْدُ) الاعمّ الأكمل (لِلَّهِ) الملك المالك (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 182 ) لإهلاكه الأعداء وإسعاده أهل الولاء .
----------
(أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم) بفنائهم (فساء) فبئس (صباح المنذرين) صباحهم أي غارتهم بالعذاب إذ عادة العرب أن يغيروا صباحا (وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون) كرر تأكيدا لتسليته (صلى الله عليه وآله وسلّم) وتهديدهم، أو الأول لعذاب الدنيا والثاني لعذاب الآخرة (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) بنسبة الولد والشريك إليه (وسلام على المرسلين) المبلغين عن الله دينه (والحمد لله رب العالمين) على ما أنعم.
ص: 449
ص: 450
ص: 451
ص: 452
( سورة ص )
موردها أمّ الرحم صدد الكلّ ، ومحصول أصول مصامدها :
سمود أهل العدول عمّا سلوك صراط سداد اللّه ، وطوع كلامه وسماعه ، وهكرهم لألوك محمّد علاه السلام لمّا هو ممّا هم ، ووصمهم له هو ساحر ولاع وسموم ملك السماء والرمكاء للّه وحده ، وسطوع أهوال المعاد ، وصدع سمر هكرك « داود » علاه السلام ، وإعلام أحوال « الحكل » ورومه لدرّه ملكا لا حراء لأحد وراءه .
وادّكار أحوال رسول مسّه المارد ووسوسه حال ما وصله الداء والألم ، والسام اللّه رسولا أواها وأولاده ادّكار المعاد ، وصدع مهاه مآل ركّاد دارالسلام ، وكلام الطّلاح العمة أحدهم مع أحد ، ووكل أهل الساعور وادّكار أحوال الوسواس المطرود مع « آدم » و « حوّا » علاهما السلام ، وهول العدّال لودّهم الرسل .
ص: 453
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(ص) سرّ اللّه مع رسوله ، أو هو أوّل اسمه الصمد ، أو هو اسم لما هو أوّله وصدره ، أو اللّه أعلم ما أراد ، ورووا صاد مكسور الدال لما هو أمر (وَالْقُرْآنِ) كلام اللّه المرسل (ذِي الذِّكْرِ) ( 1 ) العلوّ ما الأمر كما وهمه الأعداء .
(بَلِ) هؤلاء (الَّذِينَ كَفَرُوا) صدّوا وردّوا الإسلام (فِي عِزَّةٍ) علوّ وسمود عمّا أمروا (وَشِقاقٍ) ( 2 ) مراء وعداء للّه ورسوله .
(كَمْ) أمما (أَهْلَكْنا) إهلاكا سوء مصطلما (مِنْ قَبْلِهِمْ) أمام رهطك (مِنْ قَرْنٍ) أمم مرّ عهدهم (فَنادَوْا) دعوا وصاحوا حال ورود الآصار (وَلاتَ) أصله « لا » وصل له « الهاء » للوكود واسم « لا » (حِينَ مَناصٍ) ( 3 )
----------
(38 سورة ص ست أو ثمان وثمانون آية مكية)
بسم الله الرحمن الرحيم
(ص) روي أنه عين ينبع من تحت العرش يقال لها ماء الحياة وروي أنه اسم من أسماء الله أقسم به وقيل صدق محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (والقرآن ذي الذكر) الشرف أو العظة وجواب القسم محذوف أي إنه لمعجز أو إن محمدا لصادق (بل الذين كفروا في عزة) حمية وتكبر عن الحق (وشقاق) خلاف وعداوة للرسول (كم) أي كثير (أهلكنا من قبلهم من قرن) تهديد لهم (فنادوا ولات حين مناص) أي ليس الحين حين مفر.
ص: 454
عصر والحال لا عصر لهم لمّا حلّهم الإصر .
(وَعَجِبُوا) هؤلاء الحمس الصدّاد (أَنْ جاءَهُمْ) رسول (مُنْذِرٌ) مهوّل مهدّد (مِنْهُمْ) واحدهم هو محمّد ( ص ) رأسهم (وَقالَ) الرهط (الْكافِرُونَ) عدّال أمّ رحم (هذا) محمّد ( ص ) (ساحِرٌ) لمّا هو مورد أرواع الأمور (كَذَّابٌ) ( 4 ) ولّاع محّاح كلاما وادّعاء .
(أَ جَعَلَ) محمّد ( ص ) (الْآلِهَةَ) مع عدّها (إِلهاً واحِداً) لا مساهم ولا عدل له كما دلّ كلامه « لا إله إلا اللّه » ، والإله الواحد للعالم كلّه مع عدّه محال وهو موهومهم المردود (إِنَّ هذا) الأمر (لَشَيْءٌ) لأمر (عُجابٌ) ( 5 ) أروع كالمحال .
ورد لمّا أسلم « عمر » ورد الحمس صدد عمّ رسول اللّه صلعم والد « أسد اللّه » الكرّار وكلّموا : صر حاكما عدلا وامر محمّد ( ص ) دع وصم الإله وأمر الحمس دعوا محمّدا وإلهه وهو حكّم عدل ، وأعلم الرسول عمّه ما راموه وحاوره الا أدعوهم لما هو عماد أولاد ماء السماء وملاكهم لممالك الحمراء ، وسألوه : ما هو ؟ وحاور : لا إله إلا اللّه ، وآسوا وراحوا وهو مدلول
(وَانْطَلَقَ) راح اسراعا (الْمَلَأُ) رؤساء الحمس دار عمّ محمّد ( ص ) (مِنْهُمْ) رهط الحمس لمّا سمعوا لا إله إلّا اللّه وهو حال وكالموا (أَنِ امْشُوا) روحوا (وَاصْبِرُوا) داموا (عَلى آلِهَتِكُمْ) طوع دماكم (إِنَّ هذا) الأمر (لَشَيْءٌ) لأمر (يُرادُ) ( 6 ) أراد اللّه وروده ووصوله الحمس ولا مردّ له .
----------
(وعجبوا أن جاءهم منذر منهم) من جنسهم .
(وقال الكافرون) وضع موضع وقالوا تسجيلا (هذا ساحر) في إظهار الخوارق (كذاب) على الله (أجعل الآلهة إلها واحدا) بحصره الألوهية في واحد (إن هذا لشيء عجاب) مفرط في العجب (وانطلق الملأ) الأشراف (منهم) يقول بعضهم لبعض: (أن امشوا واصبروا على ءالهتكم) على عبادتها
ص: 455
(ما سَمِعْنا بِهذا )المسموع (فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ) أمد الملل ، وهو رهط روح اللّه وهم ما وحدوه ، أو رهط حمس وولّادهم ألّهوا دماهم (إِنْ) ما هذا الأمر وهو وحود الإله وحصول المعاد (إِلَّا اخْتِلاقٌ) ( 7 ) ولع أورده محمد ( ص ) .
(أَ أُنْزِلَ) أرسل (عَلَيْهِ) محمّد ( ص ) (الذِّكْرُ) كلام اللّه (مِنْ بَيْنِنا) ولا حول له ولا طول ومرادهم ما هو أكرم الحمس وإمامهم ، أرسل اللّه لردّهم (بَلْ هُمْ) هؤلاء الحسّاد (فِي شَكٍّ) إعوار (مِنْ ذِكْرِي) كلام اللّه المرسل (بَلْ لَمَّا) لم (يَذُوقُوا عَذابِ) ( 8 ) المولم ولمّا أحسوه علموا حاله وأسلموه ولا حاصل لعلمهم وإسلامهم ح .
(أَمْ عِنْدَهُمْ) لهم (خَزائِنُ) صروع (رَحْمَةِ) اللّه (رَبِّكَ) مولاك (الْعَزِيزِ) كامل السطو (الْوَهَّابِ) ( 9 ) واسع العطاء ، والمراد ما هم ملّاكها ولو ملكوها لأعطوا الألوك لكلّ أحد أرادوا .
(أَمْ لَهُمْ) ملكهم (مُلْكُ السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) ملك (الْأَرْضِ) عالم الأمر (وَ) ملك (ما) عالم (بَيْنَهُما) وسطهما ولو ملكوها
----------
(ما سمعنا بهذا) الذي يقوله (في الملة الآخرة) ملة عيسى فإن آباءنا النصارى تثلث أو الذي أدركنا عليه آباءنا أو ما سمعنا بالتوحيد (إن هذا إلا اختلاق) كذب اختلقه (أأنزل عليه الذكر) القرآن (من بيننا) وليس بأعظم منا رئاسة وشرفا (بل هم في شك من ذكري) من القرآن لتركهم النظر (بل لما يذوقوا عذاب) أي لو ذاقوه لزال شكهم وصدقوا ولم ينفعهم حينئذ (أم) بل (عندهم خزائن رحمة ربك) التي من جملتها النبوة (العزيز) الغالب (الوهاب) ما يشاء لمن يشاء فيخصون بها من شاءوا (أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما
ص: 456
(فَلْيَرْتَقُوا) مرهم اصعدوا (فِي الْأَسْبابِ) ( 10 ) لصعود السماء وأعطوا الألوك كما هو مرادكم .
هؤلاء (جُنْدٌ ما) عسكر معدود (هُنالِكَ) مصارعهم (مَهْزُومٌ) مكسور (مِنَ الْأَحْزابِ) ( 11 ) الأرهاط وهم صدّوا عمّا أمرهم الرسل وهلكوا .
(كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ) أمام أهل أمّ رحم (قَوْمُ نُوحٍ) رسولهم (وَ) ولّع عادٌ هودا (وَفِرْعَوْنُ) رسوله (ذُو الْأَوْتادِ) ( 12 ) ملك الملك الواسع ، أو العسكر الواطد سمو الأحكام أحادهم أحادا ، أو لإعلاء السوار والعمود وإحكام أهل الإصر ومدّهم وإحكام المسمار إهلاكا لهم .
(وَثَمُودُ) وهم رهط صالح (وَقَوْمُ لُوطٍ) رسولهم لوطا (وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ) رسولهم وهم رهط رسول هو رسول هو صهر رسول الهود (أُولئِكَ) الردّاد للرسل هم (الْأَحْزابُ) ( 13 ) الأرهاط المكسور عسكرهم .
(إِنْ) ما (كُلٌّ) كلّهم (إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ) لمّا دعوهم للإسلام ، ولمّا
----------
(إن هذا) الأمر (لشيء) من نوب الدهر (يراد) بنا فلا يدفع فليرتقوا) أي إن زعموا ذلك فليصعدوا (في الأسبأب) في المعارج الموصلة إلى السماء فيأتوا بالوحي إلى من اختاروا.
(جند ما) هم جند حقير فما مزيدة للتحقير (هنالك) يوم بدر أو الخندق أو الفتح (مهزوم) عما قريب (من الأحزاب) من جملة الكفار المتحزبين على الرسل وأنت غالبهم فلا تبال.
(كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد) ذوي الجموع الكثيرة المقوية لملكه كما يقوي الوتد الشيء أو ذو الملك الثابت وقيل كان نبذ أربعة أوتاد لمن يعذبه ويشد إليها يديه ورجليه (وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة) الغيضة وهم قوم شعيب (أولئك الأحزاب) المتحزبون على الرسل.
ص: 457
ولّع كلّ رهط رسولهم صار كما ولّع الرسل كلّهم ، أو أراد رهط واحد ولّع رسولا واحدا (فَحَقَّ) حلّ ولم (عِقابِ) ( 14 ) الإصر لعملهم .
(وَما يَنْظُرُ) رصدا (هؤُلاءِ) رهطك أورد هؤلاء لإلهادهم (إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً) صاحها الملك أوّلا لإهلاكهم (ما لَها) لورودها (مِنْ فَواقٍ) ( 15 ) عود ومردّ .
(وَ) حسّاد الحمس (قالُوا) اللّهم (رَبَّنا عَجِّلْ) اسرع (لَنا قِطَّنا) سهم الإصر الموعد أو طرس الأعمال كما أوعده محمّد ( ص ) (قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ) ( 16 ) إحصاء الأعمال وإعطاء الأعدال وهو معاد الكلّ .
(اصْبِرْ) محمّد ( ص ) وهو كلام مسلّ له (عَلى ما) كلام مكروه (يَقُولُونَ) لك حسدا وعداء ودع حصر الصدر واعصم سرّك (وَاذْكُرْ عَبْدَنا) الرسول (داوُدَ ذَا الْأَيْدِ) كامل الطول إسلاما أو عماسا (إِنَّهُ أَوَّابٌ) ( 17 ) عوّاد صوّام .
(إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ) الأطواد طوعا له وأسارها اللّه (مَعَهُ) مع داود لمّا
----------
(إن كل) منهم (إلا كذب الرسل فحق عقاب) فوجب لذلك عقابي لهم.
(وما ينظر هؤلاء) أي قومك أو الأحزاب المذكورون (إلا صيحة) نفخة (واحدة ما لها من فواق) توقف مقدار فواق وهو ما بين الحلبتين أو رجوع لأن الواحدة تكفي أمرهم (وقالوا) مستهزئين (ربنا عجل لنا قطنا) قسطنا من العذاب الموعود أو الجنة (قبل يوم الحساب).
فقال تعالى (اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود) فقد ابتلي أيضا (ذا الأيد) القوة في العبادة يقوم نصف الليل ويصوم يوما ويفطر يوما (إنه أواب) رجاع إلى مرضاة الله (إنا سخرنا الجبال معه
ص: 458
أراد حراكها (يُسَبِّحْنَ) للّه سطوعا وهو حال (بِالْعَشِيِّ) العصر (وَالْإِشْراقِ) ( 18 ) حال الطلوع .
(وَ) وطوّع اللّه له (الطَّيْرَ) عموما (مَحْشُورَةً) ركوما رهطا رهطا (كُلٌّ) كل الطود وما طار (لَهُ) لداود أو كلّ للّه (أَوَّابٌ) ( 19 ) هوّاد أوّال .
(وَشَدَدْنا) أحكم اللّه (مُلْكَهُ) حرسا وعسكرا (وَآتَيْناهُ) داود (الْحِكْمَةَ) الألوك أو كمال العلم مع العمل (وَفَصْلَ الْخِطابِ) ( 20 ) الكلام الساطع المصرّح للمرام ، أو الحكم العدل .
(وَهَلْ أَتاكَ) ووصلك (نَبَأُ الْخَصْمِ) كلام الأعداء وهم ملك وردوا صدده (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) ( 21 ) صعدوا سوره أو علوا صدر مصلّاه
(إِذْ دَخَلُوا) وردوا (عَلى) رسول اللّه (داوُدَ) دهما وما رآهما إلّا وهما أمامه (فَفَزِعَ) راع (مِنْهُمْ) لصعودهم السرور وورودهم والحرّس حول داود (قالُوا) لداود (لا تَخَفْ) أصلا ودع الروع (خَصْمانِ) وهما رهطا ملك
----------
يسبحن) بتسبيحه (بالعشي والإشراق) الرواح والصباح (والطير محشورة) مجموعة عليه تسبح معه (كل) من الجبال والطير (له أواب) رجاع إلى طاعته والتسبيح معه (وشددنا ملكه) قويناه بإلهيته والجنود كان يحرس محرابه كل ليلة ثلاثون ألف رجل (وءاتيناه الحكمة) النبوة والإصابة في الأمور (وفصل الخطاب) الكلام البين الدال على المقصود بلا التباس أو القضاء بالبينة واليمين أو قيل أما بعد وهو أول من تكلم بها.
(وهل أتاك نبؤا الخصم) ألم يأتك وقد أتاك الآن فتنبه له (إذ تسوروا المحراب) صعدوا سور الغرفة (إذ دخلوا على داود ففزع منهم) لدخولهم عليه في يوم احتجابه بلا إذن من غير الباب (قالوا لا تخف خصمان) نحن
ص: 459
(بَغى) حدل وعدل (بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) لأمر داع ، وهو كلام موم لحال داود (فَاحْكُمْ) داود (بَيْنَنا) حكما موصولا (بِالْحَقِّ) العدل (وَلا تُشْطِطْ) هو العداء والعدول (وَاهْدِنا إِلى) سلوك (سَواءِ الصِّراطِ) ( 22 ) وسط المسلك وهو العدل .
وكلّم أحدهما مصوّرا للحال (إِنَّ هذا) المرء (أَخِي) المراد الردء (لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) أراد عدد أعراس داود ، ورووا مكسور الأوّل (وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) لا سواها (فَقالَ أَكْفِلْنِيها) أعطها واملّكها (وَعَزَّنِي) سطا وكوّح (فِي الْخِطابِ) ( 23 ) المراء أو الكلام .
(قالَ) داود لمّا سمع دعواه وعلم حدل مطوه واللّه (لَقَدْ ظَلَمَكَ) حدلك وهمطك مطوك (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) مع وحدها (إِلى نِعاجِهِ) مع عدّها .
وما ورد أحسّ داود عرس مرء وراعه مهاهها وسأل أهلها سراحها أو هلك أهلها ورهط لعماس ، وما كمد داود كمده لسواه وملك عرسه هواه ، كما دلّ مدلول كلام أسد اللّه الكرّار كلّ أحد رواكم حال داود كما رواه العوام أحدّه (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ) السهماء والأرداء (لَيَبْغِي
----------
فريقان متخاصمان (بغى) تعدى (بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط) تجر في الحكم (واهدنا إلى سواء الصراط) وسطه أي العدل.
(إن هذا أخي) في الدين أو الخلطة (له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة) وهو تمثيل أي له نساء كثير ولي امرأة واحدة (فقال أكفلنيها) وعسر اجعلني كافلها أي ملكنيها (وعزني في الخطاب) غلبني في الحجاج (قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء) الشركاء (ليبغي
ص: 460
بَعْضُهُمْ) آحادهم حدلا (عَلى بَعْضٍ) آحاد (إِلَّا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) صوالح الأعمال وطرحوا محارم اللّه وهم ما عدوا أحدا (وَقَلِيلٌ ما) مؤكّد (هُمْ) وهم ما صل ولمّا سمعا كلامه صعد السماء (وَظَنَّ) علم (داوُدُ) الرسول (أَنَّما فَتَنَّاهُ) محّصه اللّه لوداد عرسه وما صوّر إلّا حاله (فَاسْتَغْفَرَ) اللّه (رَبَّهُ) سأله محو آصاره (وَخَرَّ) صرع (راكِعاً) هاكعا للّه (وَأَنابَ) ( 24 ) عاد وهاد .
(فَغَفَرْنا لَهُ) لداود (ذلِكَ) اللّمم (وَإِنَّ لَهُ) لداود (عِنْدَنا لَزُلْفى) الوصول وكما العطاء (وَحُسْنَ مَآبٍ) ( 25 ) معاد وهو دارالسلام .
(يا داوُدُ) الرسول (إِنَّا جَعَلْناكَ) إكراما وإعلاء (خَلِيفَةً) ملكا وحاكما (فِي الْأَرْضِ) محلّ الرسل لإصلاح أمور أهل العالم (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ) أولاد آدم (بِالْحَقِّ) العدل كما هو أمر اللّه وحكمه (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى) الأمل حكما (فَيُضِلَّكَ) هواك (عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) صراط السداد ومسلك وصول اللّه (إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يَضِلُّونَ) طلاحا (عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) صراط وصوله ودوال سلوكه وهو الإسلام أعدّ (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) إصر عسر
----------
بعضهم على بعض إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم) ما زائدة لتأكيد القلة (وظن داود أنما فتناه) اختبرناه بتلك الحكومة (فاستغفر ربه وخر راكعا) ساجدا (وأناب) ناب.
(فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى) لقربة قبل ذلك وبعده (وحسن مآب) في الجنة روي كانت خطيئته في رسم الحكم من المسارعة إلى قوله لقد ظلمك قبل أن يسأل البينة من المدعي ويقول للمدعى عليه: ما تقول.
(يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) في إقامة الدين وتدبير أمر الناس (فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى) تهيج له أو من باب إياك أعني (فيضلك عن سبيل الله) وهو طريق الحق (إن الذين يضلون عن سبيل الله
ص: 461
معلّلا (بِما) للمصدر (نَسُوا) أمههم (يَوْمَ الْحِسابِ) ( 26 ) لأعمالهم .
(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ) مع أدوارها (وَالْأَرْضَ) مع أسرارها (وَما بَيْنَهُما) عالما وسطهما مع أطواره (باطِلًا) عاطلا وللكلّ حكم ومصالح (ذلِكَ) أسر الكلّ معطّلا مهملا (ظَنُّ) هؤلاء (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا ووهمهم ، وهم أهل أمّ رحم (فَوَيْلٌ) واد أو هلاك (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) صدّوا عمّا أمروا (مِنَ النَّارِ) ( 27 ) ساعور الدرك لوهمهم الكدر .
(أَمْ نَجْعَلُ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا لما أمر اللّه (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) صوالح الأعمال (كَالْمُفْسِدِينَ) أهل العدول الطّلاح (فِي الْأَرْضِ) ؟ ؟ ؟ ما سواهما (أَمْ نَجْعَلُ) الأمم (الْمُتَّقِينَ) الصلحاء (كَالْفُجَّارِ) ( 28 ) طلّاح أهل الإسلام ، والأمر لا كما هو وهمهم .
وهو (كِتابٌ) المراد كلام اللّه (أَنْزَلْناهُ) مرسلا (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) إرسالا مصلحا (مُبارَكٌ) اواد (لِيَدَّبَّرُوا) لما رأوا (آياتِهِ) دوالّه (وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) ( 29 ) لادّكار أهل الأحلام .
(وَوَهَبْنا) كرما (لِداوُدَ) الرسول الولد الصالح الكامل (سُلَيْمانَ)
----------
لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) بسبب نسيانهم إياه وهو ضلالهم عن السبيل.
(وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا) لا لغرض أو عبثا (ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) أقيم الظاهر مقام المضمر للتصريح بكفرهم وإشارة إلى العلة.
(أم) بل (نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض) استفهام إنكار للتسوية بين الفريقين لتأكيد نفي خلقها باطلا وكذا (أم نجعل المتقين كالفجار) كرر الإنكار باعتبار وصفين آخرين يمتنع من الحكيم التسوية بينهما.
(كتاب) هذا كتاب (أنزلناه إليك مبارك ليدبروا ءاياته) ليتأملوها
ص: 462
الرسول (نِعْمَ الْعَبْدُ) داود أو ولده وهو الأصحّ وصار ملكا مطاعا للأحمر والأسود (إِنَّهُ أَوَّابٌ) ( 30 ) عوّاد أوال واللّه مآله ومعاده .
(إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ) لإحساسه (بِالْعَشِيِّ) العصر (الصَّافِناتُ) الكراع (الْجِيادُ) ( 31 ) السرّاع لها عدو صالح حال سلوكها واطرادها .
وطال العهد ومرّ العصر وما صلّاه وصار مهموما (فَقالَ) الرسول (إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ) المال والكراع ، والمارد لواه (عَنْ ذِكْرِ) اللّه (رَبِّي) المأمور أداءه (حَتَّى تَوارَتْ) أكمل السعود (بِالْحِجابِ) ( 32 ) المراد دلوكها وكمال الدمس أمر للأملاك .
(رُدُّوها) أكمل السعود (عَلَيَّ) لأداء العصر ، وهم ردّوها له وصلّاه أو امر رهط العدس ردّوا الكراع (فَطَفِقَ) الرسول لمّا ردّوها ومسح الحسام (مَسْحاً بِالسُّوقِ) حواملها (وَالْأَعْناقِ) ( 33 ) أكرادها والمراد حسمها ، والحاصل سطحها وسمح لحمها لأهل العسر ، وأعطاه اللّه أوسها ما هو أصلح وأسرع وهو الروح المطواع لأمره ، وورد مسحها ومسّها مدحا
----------
(وليتذكر أولوا الألباب) وليتعظ ذوو العقول فيؤمنوا (ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب) رجاع إلى الله في مرضاته (إذ عرض عليه بالعشي) بعد الظهر (الصافنات) الصافن من الخيل القائم على ثلاث وطرف الحافر الرابعة (الجياد) جمع جواد وهو السريع في الجري (فقال إني أحببت) أردت (حب الخير) أي الخيل سماها خيرا لأنه معقود بنواصيها كما في الخبر (عن ذكر ربي) عن أمري إياي بحبها وارتباطها أو عن الصلاة (حتى توارت) أي الشمس بدلالة العشي عليها (بالحجاب) بحجاب الأفق أي غربت أو حتى غابت الخيل عن بصره حين أجريت (ردوها) أي الشمس (علي) أيها الملائكة الموكلون بها فردت فصلى كما ردت ليوشع وعلي (عليهما السلام) (فطفق مسحا بالسوق والأعناق) جعل يمسح سوقها وأعناقها بيده حبابها وقيل مسحها
ص: 463
للكراع وهكرا لها .
(وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) عمل معه عمل الممحص (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً) لا روح له والمراد ولد أعطاه اللّه وأراد الأعداء إهلاكه وعلّمه الرسول ، وأمر الرّكام لحرسه ولسده ، وطرح الولد هالكا صدده لعدم وكوله للّه المالك للكلّ وسدم عمّا عمل (ثُمَّ أَنابَ) ( 34 ) عاد وهاد .
و (قالَ) دعا (رَبِّ) اللهمّ (اغْفِرْ لِي) لإصر صدر (وَهَبْ) أعط (لِي مُلْكاً) كاملا واسعا وراء الملك المعود لأهل العالم (لا يَنْبَغِي) ما هو صالح (لِأَحَدٍ) أصلا (مِنْ بَعْدِي) أراد سواه (إِنَّكَ) اللّهم (أَنْتَ) لا سواد (الْوَهَّابُ) ( 35 ) كامل السماح وسأله لإعداء أمره وإحكام ألوكه لا للحسد .
وسمع اللّه دعاءه ، وأطاعه الكلّ كما صرّح (فَسَخَّرْنا) كرما وعطاء (لَهُ الرِّيحَ) الأرواح كلّها (تَجْرِي) حال (بِأَمْرِهِ) وحكمه (رُخاءً) سهوا وهو حال (حَيْثُ أَصابَ) ( 36 ) عمد وأراد .
----------
بالسيف أي ذبحها وتصدق بلحمها وقيل وسم سوقها وأعناقها فجعلها في سبيل الله.
(ولقد فتنا سليمان) امتحناه (وألقينا على كرسيه جسدا) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أن سليمان قال لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل واحدة فارسا يجاهد في سبيل الله ولم يقل إن شاء الله فطاف عليهن فلم تحمل إلا واحدة بشق رجل ولو قال إن شاء الله لجاهدوا فرسانا (ثم أناب) رجع منقطعا إلى الله (قال) انقطاعا أو لخلاف الأولى (رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي) لا يكون (لأحد من بعدي) أي غيري وروي لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول إنه مأخوذ بالغلبة والجور (إنك أنت الوهاب فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء) لينة أي في وقت وعاصفة في آخر أو مطيعة (حيث أصاب) أراد.
ص: 464
(وَ) طوّع اللّه له (الشَّياطِينَ) العمّال (كُلَّ بَنَّاءٍ) مؤسس للدور والصروح (وَغَوَّاصٍ) ( 37 ) ورّاد الداماء لإصدار اللؤلؤ ، وهو مصدره أوّلا .
(وَآخَرِينَ) مرداء (مُقَرَّنِينَ) أحكمهم اللّه ووصل آحادهم مع آحادهم (فِي الْأَصْفادِ) ( 38 ) السلاسل .
هذا الملك والمال والوسع والعلوّ (عَطاؤُنا) لك (فَامْنُنْ) أعط مما أعطاك اللّه لأمور الصلاح (أَوْ أَمْسِكْ) العطاء (بِغَيْرِ حِسابٍ) ( 39 ) لا إحصاء لك إعطاء وردّا ، أو المراد هو عطاء لا عدّله ولا إحصاء .
(وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) الوصول (وَحُسْنَ مَآبٍ) ( 40 ) معاد ومآل .
(وَاذْكُرْ) محمّد ( ص ) (عَبْدَنا) الكامل (أَيُّوبَ) الرسول (إِذْ نادى) دعا اللّه (رَبَّهُ) إلهه (أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ) أدرك الموسوس المارد المسلط (بِنُصْبٍ) ألم وداء (وَعَذابٍ) ( 41 ) إصر عسر ، وهو كلامه حكاه اللّه ، وصار الرسول مهلك المال والأولاد ومكروه العطل ، وما سلم إلّا روعه ومسحله ، وما حمل مكارهه إلا عرسه ، وطرحه الأحمّاء كلّهم عهدا طوالا محلّا مكروها .
----------
(والشياطين) عطف على الريح (كل بناء) أبنية (وغواص) في البحر يستخرج اللؤلؤ (و آخرين مقرنين) بعضهم على بعض (في الأصفاد) جمع صفد وهو القيد والوثاق (هذا عطاؤنا) أي قلنا له هذا الذي أعطيناك من الملك والتسليط (فامنن أو أمسك) أعط من شئت وامنع من شئت (بغير حساب) ولا حرج عليك (وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب) في الجنة مع ما له من الملك في الدنيا.
(واذكر عبدنا أيوب) من ولد عيص بن إسحق وزوجه ليا بنت يعقوب أو رحمة بنت إفرائيم بن يوسف (إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب) بتعب (وعذاب) ألم.
ص: 465
ولمّا طال داءه ووعر حاله وساء أمره دعا وسمع دعاءه أمر له (ارْكُضْ) اردس (بِرِجْلِكَ) صردحا وردس وسأل الماء وأو ماه الملك هذا الماء (مُغْتَسَلٌ) طهّر عطلك (بارِدٌ) صالح لإصلاحه (وَشَرابٌ) ( 42 ) للعلس وماص عطله وحسا الماء وراح علله وصحّ
(وَوَهَبْنا لَهُ) أعاد اللّه له (أَهْلَهُ) وأولاده الهلّاك والمراد أعاد أرواحهم (وَ) أعطاه (مِثْلَهُمْ) عدد الأهل والأولاد (مَعَهُمْ) مع الأهل والأولاد الهلّاك (رَحْمَةً) عطاء (مِنَّا وَذِكْرى) ادّكارا وإصلاحا (لِأُولِي الْأَلْبابِ) ( 43 ) أهل الأحلام لحملهم المكاره ورصدهم السلام .
(وَ) أمر له (خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً) كمكسح العود (فَاضْرِبْ بِهِ) عرسك (وَلا تَحْنَثْ) طرحا لعهدك وهو عهد ردس الدرر لعرسه حال الداء ، ولمّا صح حلّل اللّه عهده سهلا (إِنَّا وَجَدْناهُ) المراد علم اللّه (صابِراً) حاملا للمكاره حال ورود الآلام والعلل (نِعْمَ الْعَبْدُ) هو (إِنَّهُ أَوَّابٌ) ( 44 ) عوّاد أوّل .
----------
( ا ركض) أي قيل له اضرب (برجلك) الأرض فضربها فنبعت عين فقيل (هذا مغتسل) ما تغتسل به (بارد وشراب) تشرب منه فاغتسل واشرب فبرأ ظاهره وباطنه (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم) بأن ولد له ضعف ما هلك أو أحياهم ولد له مثلهم (رحمة منا وذكرى) عظة (لأولي الألباب) ليصبروا كما صبر (وخذ بيدك ضغثا) حزمة من حشيش ونحوه (فاضرب به) زوجتك ضربة واحدة وكان قد حلف أن يضربها مائة جلدة لإبطائها عليه أو لقول أنكره (ولا تحنث) بترك ضربها حلل الله يمينه بذلك (إنا وجدناه صابرا) على البلاء (نعم العبد) أيوب (إنه أواب) إلى الله بالانقطاع
ص: 466
(وَاذْكُرْ) ادّكر محمد ( ص ) (عِبادَنا) الرسل الكمّل ، ورووه موحّدا (إِبْراهِيمَ) الرسول (وَإِسْحاقَ) الرسول (وَيَعْقُوبَ) الرسول (أُولِي الْأَيْدِي) الأعمال الصوالح (وَالْأَبْصارِ) ( 45 ) أهل الأحلام والعلوم .
(إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ) عما وصمهم (بِخالِصَةٍ) عمل ممحّص وحال سالم عمّا كدر وهو (ذِكْرَى الدَّارِ) ( 46 ) ادّكار دارالسلام لوصول اللّه ولمح مرآه ، وهو مطمح الرسل ومرادهم طرّا .
(وَإِنَّهُمْ) هؤلاء الرسل (عِنْدَنا لَمِنَ) الأرهاط (الْمُصْطَفَيْنَ) أعلاهم اللّه حالا وعلما وعملا (الْأَخْيارِ) ( 47 ) الكمّل .
(وَاذْكُرْ) ادّكر محمّد ( ص (إِسْماعِيلَ) الرسول (وَالْيَسَعَ) الرسول (وَذَا الْكِفْلِ) الرسول ، وورد هو مرء صالح وما هو رسولا (وَكُلٌّ) كلّهم (مِنَ) الملأ (الْأَخْيارِ) ( 48 ) الكمّل
(هذا) كلّ ما أرسل (ذِكْرٌ) محمود وأعلم ما أعدّ لهم معدا كما أرسل (وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ) أهل الورع والصلاح (لَحُسْنَ مَآبٍ) ( 49 ) معاد .
----------
إليه.
(واذكر عبادنا إبراهيم وإسحق ويعقوب أولي الأيدي) القوة في الطاعة (والأبصار) البصيرة في الدين أو أولو العلم والعمل لأن أكثر الأعمال باليد وأقوى مبادىء المعرفة البصر.
(إنا أخلصناهم بخالصة) جعلناهم خالصين لنا بسبب خصلة خالصة لا شوب فيها هي (ذكرى الدار) تذكرهم للدار الحقيقية وهي الآخرة والعمل لها.
(وإنهم عندنا لمن المصطفين) المختارين (الأخيار واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل) عن الباقر (عليه السلام) أنه نبي مرسل سمي به لتكفله بصيام نهاره وقيام ليله والقول بالحق فوفى به (وكل) أي كلهم (من الأخيار هذا) المذكور من أحوالهم (ذكر) شرف لهم أو نوع من الذكر (وإن للمتقين لحسن مآب) مرجع في الآخرة.
ص: 467
وهو (جَنَّاتِ عَدْنٍ) دار ركود ورموك وهو علم (مُفَتَّحَةً) حال (لَهُمُ) لأهل الصلاح (الْأَبْوابُ) ( 50 ) الموارد لورودهم .
(مُتَّكِئِينَ) السرور وهو حال ل « لهم » (فِيها) سرورا وروحا (يَدْعُونَ) حال (فِيها) دارالسلام (بِفاكِهَةٍ) أحمال كالمطاعم (كَثِيرَةٍ) لا إحصاء لها (وَشَرابٍ) ( 51 ) علس ماء ودرّ وراح رواء لا أمد له .
(وَعِنْدَهُمْ) حور (قاصِراتُ الطَّرْفِ) مواسك اللمح ورعا (أَتْرابٌ) ( 52 ) عمرها مساو مع أعمار ملّاكها .
(هذا) المعلوم (ما تُوعَدُونَ) ما وعدكم اللّه (لِيَوْمِ الْحِسابِ) ( 53 ) إحصاء الأعمال وهو كلام الأملاك لهم وكلامهم سرورا
(إِنَّ هذا) العطاء الكامل (لَرِزْقُنا) الموعود (ما لَهُ) أصلا (مِنْ نَفادٍ) ( 54 ) حسم وأمد .
الأمر (هذا) أو هو كما علم (وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ) أعداء أهل الإسلام (لَشَرَّ مَآبٍ) ( 55 ) أسوأ معاد .
وهو دار الساعور (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) إصلاء أسوأ وهو حال (فَبِئْسَ الْمِهادُ) ( 56 ) ساء محال هدئهم دار الآلام .
----------
(جنات عدن مفتحة لهم الأبواب) لا يقفون حتى تفتح (متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب) أي يتحكمون في ثمارها وشرابها فإذا قالوا لشيء منها أقبل حصل عندهم (وعندهم قاصرات الطرف) على أزواجهن (أتراب) جمع ترب وهو اللدة أي لدات أو قرينات لهم في السن (هذا) المذكور (ما توعدون ليوم الحساب) لأجله (إن هذا لرزقنا ما له من نفاد) انقطاع.
(هذا) أي الأمر هذا أو خذ هذا أو هذا للمؤمنين (وإن للطاغين لشر مآب جهنم يصلونها) يدخلونها (فبئس المهاد) الفراش الممهد هي (هذا)
ص: 468
(هذا) الإصر (فَلْيَذُوقُوهُ) لسم إحساسه هو (حَمِيمٌ) ماء حار (وَغَسَّاقٌ) ( 57 ) ممّا أصدّ كلمهم وأسال ، وورد هو ماء كامل صرّه .
(وَ) لهم إصر (آخَرُ مِنْ شَكْلِهِ) عدل الإصر الأوّل عسرا وألما (أَزْواجٌ) ( 58 ) صروع وأطوار .
(هذا فَوْجٌ) رهط (مُقْتَحِمٌ) وارد حال (مَعَكُمْ) وسط الدرك كما وردوا مسالك السوء وسلكوا صرط الطلاح معكم ، والمراد رهط الطوّع مع الرؤساء ، وهو كلام أهل الدرك آحادهم مع آحاد حكاه اللّه ، أو كلام الملك الموكّل للساعور (لا مَرْحَباً) وسعا وهو دعاء الرؤساء للطوّع دعاء السوء (بِهِمْ) لهؤلاء الطوّع (إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) ( 59 ) حالوها وواردوها .
(قالُوا) الطوّع للرؤساء (بَلْ أَنْتُمْ) رهط الرؤساء (لا مَرْحَباً بِكُمْ) المراد دعاءكم حراء لكم (أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ) الإصر (لَنا) أرداء (فَبِئْسَ الْقَرارُ) ( 60 ) ساء المركد الساعور .
(قالُوا) الطوّع (رَبَّنا) اللهم (مَنْ قَدَّمَ) حرص (لَنا هذا) الصراط
----------
أي العذاب هذا أو مفعول فعل يفسره (فليذوقوه) أو مبتدأ خبره (حميم) ماء شديد الحرارة (وغساق) ما يغسق أي يسيل من صديد أهل النار (وآخر) ومذوق آخر (من شكله) من مثل الحميم والغساق في الشدة (أزواج) أنواع (هذا فوج) جمع (مقتحم) داخل بشدة (معكم) النار فيقول القادة (لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار) داخلوها مثلنا.
(قالوا) أي الأتباع (بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم) أحق بما قلتم أنتم (قدمتموه) أي العذاب (لنا) بحملكم إيانا على العمل الذي هذا جزاؤه (فبئس القرار) المقر لنا ولكم جهنم (قالوا) أيضا (ربنا من قدم لنا هذا
ص: 469
السوء (فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً) كرّر آلامه وآصاره (فِي النَّارِ) ( 61 ) الدرك .
(وَقالُوا) رؤساء الطّلاح وهم أهل الدرك (ما) الحال (لَنا لا نَرى رِجالًا) أرامل أهل الإسلام كعمّار (كُنَّا نَعُدُّهُمْ) مددا وأعمارا (مِنَ) رهط الْأَشْرارِ ( 62 ) الأحاسل اللّاء لا صلاح لهم كما هو وهمهم .
(أَتَّخَذْناهُمْ) أعاسر أهل الإسلام (سِخْرِيًّا) لهوا وهم ما وردوا الساعور (أَمْ زاغَتْ) مال (عَنْهُمُ) هؤلاء الأرامل (الْأَبْصارُ) ( 63 ) عمّا رأوا وهم واردو الساعور .
(إِنَّ ذلِكَ) ما مرّ (لَحَقٌّ) سداد حاصل لا محال وهو (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) ( 64 ) لددهم ومراءهم لمّا كالموا وحاوروا .
(قُلْ) رسول اللّه لعدّال صلاح (إِنَّما) ما (أَنَا) إلا رسول (مُنْذِرٌ) أهولكم المعاد وأهواله وأعلّمكم أمور إصلاحكم (وَما مِنْ إِلهٍ) مألوه صالح للطوع (إِلَّا اللَّهُ الْواحِدُ) لا عدل له وحّدوه وطاعوا أوامره (الْقَهَّارُ) ( 65 ) للكلّ .
----------
فزده عذابا ضعفا في النار) مضاعفا بأن تزيد على عذابه فيصير ضعفين (وقالوا) أي أهل النار (ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار) يعنون المؤمنين أو فقراءهم الذين يسترذلونهم وعن الصادق (عليه السلام) يعنونكم معشر الشيعة لا يرون والله واحدا منكم في النار (أتخذناهم سخريا) استفهام إنكار على أنفسهم (أم زاغت عنهم الأبصار) فلم نرهم (إن ذلك) المحكي عنهم (لحق) واجب الوقوع وهو (تخاصم أهل النار) بعضهم لبعض (قل إنما أنا منذر) مخوف بالعذاب (وما من إله إلا الله الواحد القهار) لكل شيء.
ص: 470
(رَبُّ السَّماواتِ) مالك عالم العلو ومصلحه (وَ) مالك (الْأَرْضِ) دار الأوامر والروادع (وَ) مالك (ما) حلّ (بَيْنَهُمَا) وسطهما له ملك العوالم كلّها (الْعَزِيزُ) له دوام السطو والعلوّ (الْغَفَّارُ) ( 66 ) محّاء الآصار لكلّ أحد أراد .
(قُلْ) رسول اللّه لهم (هُوَ) ما أعلّمكم أو هو كلام اللّه وورد هو إعلام أحوال آدم الوارد وراءه (نَبَأٌ عَظِيمٌ) ( 67 ) إعلام عال أمركم اللّه .
(أَنْتُمْ) أعداء الإسلام (عَنْهُ) سماعه (مُعْرِضُونَ) ( 68 ) عدّال صدّاد لطلاح صدوركم وسوء أوهامكم .
(ما كانَ لِي) أصلا (مِنْ عِلْمٍ) ما (بِالْمَلَإِ الْأَعْلى) عالم العلو وهو عالم الملك (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) ( 69 ) حال إكرام آدم وهو عالم ما مرّ ، وما علمه أحد وما سلك مسلك أهل العلم ما سمع وما درس علم ما هو إلّا ما أوحاه اللّه .
(إِنْ) ما (يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما) ورووه مكسور الأول (أَنَا نَذِيرٌ) رسول مروّع لطلاح لإصلاحهم (مُبِينٌ) ( 70 ) ساطع معلوم سداده وما أوامر إلّا له وحده وهو مدلول الأوامر كلّها .
----------
(رب السموات والأرض وما بينهما العزيز) الغالب على أمره (الغفار) لذنوب من يشاء (قل هو) ما أنبئتم به من التوحيد والنبوة والبعث أو القرآن (نبأ عظيم أنتم عنه معرضون) لا تنظرون في حججه (ما كان لي من علم بالملأ الأعلى) أي الملائكة (إذ يختصمون) يتقاولون فإنبائي بتقاولهم لا يكون إلا عن وحي وشبه بالتخاصم لأنه سؤال وجواب وإذ ظرف ل علم (إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين
ص: 471
(إِذْ قالَ) اللّه (رَبُّكَ) محمّد ( ص ) موسّطا لملك إعلاء لعلوّ حال آدم ( ص ) (لِلْمَلائِكَةِ) لرهط الملك (إِنِّي خالِقٌ) مصوّر (بَشَراً) مكرما هو آدم (مِنْ طِينٍ) ( 71 ) حماء صلصال .
(فَإِذا سَوَّيْتُهُ) عدّل وكمّل (وَنَفَخْتُ فِيهِ) آدم المصوّر (مِنْ رُوحِي) وصار حساسا عالما وإكرام الرواح لإكرام آدم (فَقَعُوا) اصرعوا وهو أمر (لَهُ) للّه (ساجِدِينَ) ( 72 ) طوعا أو لآدم لإكرامه لا لما سواه وهو حلال ح ، أو المراد اركعوا لآدم ركّعا .
(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ) أهل السماء لآدم لأمر اللّه وطوعه (كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) ( 73 ) معا عصرا واحدا .
(إِلَّا إِبْلِيسَ) المارد المطرود وهو رأس أهل الصدود والعدول (اسْتَكْبَرَ) سمد وطمع ؟ ؟ ؟ العلوّ ، وما سمع امر اللّه (وَ) هو (كانَ) أولا كما علم اللّه أو صار (مِنَ) الملأ (الْكافِرِينَ) ( 74 ) العدّال لعدوله عمّا أمره اللّه .
(قالَ) اللّه مهدّدا له ومكرما لآدم (يا إِبْلِيسُ) المارد (ما مَنَعَكَ) صدّك (أَنْ تَسْجُدَ) إكراما (لِما) آدم (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) أورده لإكرام آدم والمراد كمال طوله (أَسْتَكْبَرْتَ) الحال وهو سؤال مهدّد (أَمْ كُنْتَ مِنَ)
----------
إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته) عدلته (ونفخت فيه من روحي فقعوا له) تكرمة (ساجدين) لله (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) تأكيدان (إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين) فسر في البقرة (قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) بنفسي بلا توسط سبب والتنبيه تشعر بمزيد العناية بخلقه (أستكبرت) طلبت الكبر من غير استحقاق (أم كنت من العالين) المستحقين للتفوق.
ص: 472
الرهط (الْعالِينَ) ( 75 ) أولا ودام علوك وسمودك .
و (قالَ) المارد المطرود (أَنَا خَيْرٌ) أكرم (مِنْهُ) آدم (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ) ولها كمال العلوّ واللمع والسطوع (وَخَلَقْتَهُ) آدم (مِنْ طِينٍ) ( 76 ) صلصال وهو كدر محطوط مأكول لها .
(قالَ) اللّه للمارد لمّا ادّعاه المارد (فَاخْرُجْ) مسرعا (مِنْها) دارالسلام أو السماء وصور الملك وحوّله اللّه عما صور وأسود (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) ( 77 ) مطرود وصار مردودا لطرح أمره .
(وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي) هو الطرد عما صلح (إِلى يَوْمِ الدِّينِ) ( 78 ) المعاد وإعطاء أعدال الأعمال والمراد الدوام .
(قالَ) المارد (رَبِّ) اللّهم (فَأَنْظِرْنِي) أمهل (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ( 79 ) أراد دوام العمر .
(قالَ) اللّه له سمعا لسؤاله (فَإِنَّكَ مِنَ) الملأ (الْمُنْظَرِينَ) ( 80 ) كمل إمهالك .
(إِلى) وصول (يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) ( 81 ) معلوم اللّه وهو عصر هلاك الكلّ .
(قالَ) المارد لمّا حصل الإمهال (فَبِعِزَّتِكَ) سطوك وعلوّك وهو عهد (لَأُغْوِيَنَّهُمْ) لا طلح أولاد آدم (أَجْمَعِينَ) ( 82 ) كلّهم .
(إِلَّا عِبادَكَ) الكمّل الصلحاء (مِنْهُمُ) أولاد آدم
----------
(قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين) فسر في الأعراف الایة 12 (قال فاخرج منها فإنك رجيم وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين)(قال رب فأنظرني
إلى يوم يبعثون قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) فسر في الحجر (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين)
ص: 473
(الْمُخْلَصِينَ) ( 83 ) عمّا كدر محّصهم اللّه لطوعه وعصمهم عمّا طلحوا ، أو محّصوا أرواعهم للّه وهو مدلول ما ، ورووا مكسور اللام .
(قالَ) اللّه (فَالْحَقُّ) السداد للّه (وَالْحَقَّ أَقُولُ) ( 84 ) لا أكلّم إلا السداد .
(لَأَمْلَأَنَّ) ملاء كاملا (جَهَنَّمَ) المسعر كلّها (مِنْكَ) ورهطك (وَمِمَّنْ تَبِعَكَ) طاوعك (مِنْهُمْ) أولاد آدم وما طاوع الرسل (أَجْمَعِينَ) ( 85 ) كلّهم لا أطرح أحدهم .
(قُلْ) رسول اللّه لهؤلاء الطّلاع (ما أَسْئَلُكُمْ) أرومكم (عَلَيْهِ) كلام اللّه أو أداء ما أومر (مِنْ أَجْرٍ) مال وكراء (وَما أَنَا) أصلا (مِنْ) الملأ (الْمُتَكَلِّفِينَ) ( 86 ) أهل الادّعاء والولع .
(إِنْ) ما (هُوَ) كلام اللّه (إِلَّا ذِكْرٌ) إعلام مصلح (لِلْعالَمِينَ) ( 87 ) للأحمر والأسود .
(وَ) اللّه (لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ) مدلوله مما وعدكم اللّه وأوعدكم (بَعْدَ حِينٍ) ( 88 ) وهو المعاد ، أو عصر السام ، أو حال حصول الإسلام هددهم اللّه .
----------
الذين أخلصتهم لطاعتك أو أخلصوا دينهم لك (قال فالحق) أي أحق الحق (والحق) مفعول (أقول) أو الأول بنزع حرف القسم ويراد به اسم الله وقرىء بالرفع مبتدأ أي الحق قسمي أو خبر أي أنا الحق وجواب القسم (لأملأن جهنم منك) من جنسك وهم الشياطين (وممن تبعك منهم) من الناس (أجمعين) تأكيد للجنسين.
(قل ما أسألكم عليه من أجر) على تبليغ الوحي والقرآن (وما أنا من المتكلفين) المنتحلين لما لا حجة عليه من النبوة والقرآن (إن هو إلا ذكر) عظة (للعالمين) للثقلين (ولتعلمن نبأه) خبر صدقه (بعد حين) بعد الموت أو يوم القيامة.
ص: 474