سواطع الالهام في تفسير كلام الملك العلام المجلد 3

هویة الکتاب

سواطع الالهام في تفسير كلام الملك العلام

العلامة المحقق المدقق الشيخ أبولفيض الفيضي الناكوري ( 954 - 1004 ه - )

وبذيله ه

تفسير القرآن الكريم للعلامة المحقق السيد عبد الله شبر

المتوفى سنة 1242 ه

تقديم العلامة الدكتور السيد محمد بحر العلوم

صححه وراجعه وقدم له الدكتور السيد مرتضى الشيرازي أستاذ علوم القرآن والحديث في جامعة طهران

ص: 1

اشارة

حقوق الطبع محفوظة الطبعة الأولى 1996 م - 1417 ه

اسم الكتاب : سواطع الإلهام / ج 3

اسم المؤلف : الشيخ أبو الفيض الفيضي الناكوري

المحقق : د . سيد مرتضى آيت الله زاده شيرازي

الفلم والألواح الحساسة : بيان

المطبعة : ياران

الكمية : 1000 نسخة

السعر : 1000 تومان

الناشر : المحقق

ص: 2

سورة يونس

ص: 3

ص: 4

( سورة يونس )

موردها أمّ الرحم ، ومحصول مدلولها :

إعلاء أمر الألوك وأحكامه ، وسوء وهم أهل العدول مع رسول اللّه صلعم وكلام اللّه ، ولوم ودّاد العمر الماصل وحده ، ومدح أهل الإسلام لرومهم دارالسلام ، وسؤال العدّال ورود الإصر لهم إسراعا ، ووصم العدّال لكلام اللّه ووهمهم ولعه ، ودعاء اللّه العالم لدار السلام وطرد العدّال ودحورهم معادا ، ووصول العالم عدل أعمالهم الصوالح والطوالح معادا ، والسداد واحد وما عداه سوء وطلاح ، وإعلاء ردّ الأرواح للأعطال وإحصاء أعمالهم وعود إرسال كلام اللّه وأمر السرور مع الإسلام وكلام اللّه ، وإعلام ما هو مسلّ لرسول اللّه صلعم ، وإهلاك عدوّ اللّه ملك مصر مع رهطه وطمس أموالهم وسلام رهط رسول الهود ، وإعلاء إرسال محمّد رسول اللّه صلعم والأمر له لحمل مكاره الطلاح .

ص: 5

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(الر) اللّه أعلم ما أراد وأمالها رهط (تِلْكَ) هؤلاء الدوالّ (آياتُ ) أعلام (الْكِتابِ) الطرس (الْحَكِيمِ) ( 1 ) المحكم أو مودع الحكم .

(أَ كانَ) حال حصوله (لِلنَّاسِ) أهل الحرم (عَجَباً) هكرا (أَنْ) للمصدر (أَوْحَيْنا) إرسال الملك (إِلى رَجُلٍ) أحد (مِنْهُمْ) لإكرامهم وهو محمّد صلعم وأمره (أَنْ أَنْذِرِ) روّع (النَّاسَ) ردّاد آلام اللّه (وَبَشِّرِ) وسرّ الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا وأعلمهم (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ) مهد

----------

(سورة يونس مائة وتسع آيات مكية إلا)

( فإن كنت في شك الثلاث أو ومنهم من يؤمن الآية.)

بسم الله الرحمن الرحيم

(الر) روي معناه أنا الله الرءوف (تلك) أي هذه الآيات المنزلة (ءايات الكتاب) القرآن (الحكيم) المحكم أو الجامع للحكم .

(أكان) إنكار (للناس عجبا أن أوحينا) أي إيحاؤنا (إلى رجل منهم) محمد قيل قالوا إن الله لم يجد رسولا يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي طالب، وقيل تعجبوا من إرساله بشرا (أن) مفسرة أو مخففة (أنذر الناس) خوفهم بالعذاب (وبشر الذين ءامنوا أن) بأن (لهم قدم) سابقة (صدق) أي منزلة

ص: 6

(صِدْقٍ) أراد عدلا ملاحا معدّا (عِنْدَ رَبِّهِمْ) مالكهم ومصلحهم أوس ما عملوا (قالَ) الملأ (الْكافِرُونَ) عدّال أمّ الرحم (إِنَّ هذا) الطرس وما أورده الرسول صلعم لسحر ورووا (لَساحِرٌ) والمراد ح محمّد صلعم (مُبِينٌ) ( 2 ) محصحص .

(إِنَّ رَبَّكُمُ) مالككم هو (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ) أحمّ أوّلا وصوّر أمدا (السَّماواتِ) كلّها (وَالْأَرْضَ) وهما أصول العالم (فِي) لهاء (سِتَّةِ أَيَّامٍ) معلوم حدودها لكم (ثُمَّ) لمّا كمّلها (اسْتَوى) كما هو أهله (عَلَى الْعَرْشِ) محلّ اصراد الحكم (يُدَبِّرُ) اللّه كما هو مراده (الْأَمْرَ) أمر عالم الملك والأمر كما دعاه وحكمه ومصالحه (ما مِنْ) أحد (شَفِيعٍ) ممدّ لأحد حالا ما (إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ) اللّه (ذلِكُمُ) الممدوح (اللَّهُ) علا أمره (رَبَّكُمُ) مالككم ومصلحكم لا إله إلّا هو (فَاعْبُدُوهُ) وحدّوه وألهوه وحده (أَ فَلا تَذَكَّرُونَ) ( 3 ) المصالح والأسرار وهو الادّكار والدهاء .

(إِلَيْهِ) اللّه لا سواه (مَرْجِعُكُمْ) معادكم ومالكم وهو امّا مصدر أو اسم

----------

رفيعة بما قدموا أو شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (عند ربهم قال الكافرون إن هذا) القرآن المتضمن ذاك (لساحر مبين) بين وقرىء لسحر .

(إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام) في قدرهن ولم يخلقهن دفعة مع قدرته لحكم منها إثبات الاختيار وتعليم خلقه التثبت (ثم استوى على العرش) فسر في الأعراف (يدبر الأمر) يقدر وينفذه على مقتضى حكمته (ما من شفيع) يشفع لأحد عنده (إلا من بعد إذنه) رد لزعمهم شفاعة أصنامهم لهم (ذلكم) الموصوف بهذه الصفات (الله ربكم) لا إله ولا رب لكم غيره (فاعبدوه) وحده (أفلا تذكرون) تتفكرون وتتعظون .

ص: 7

محلّه (جَمِيعاً) طرّا وهو حال (وَعْدَ اللَّهِ) مصدر مؤكّد للكلام الأوّل لما هو وعد (حَقًّا) مصدر مؤكّد لوعد اللّه (إِنَّهُ) اللّه (يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) العالم أسرا (ثُمَّ يُعِيدُهُ) أسرا وراء أسره وإهلاكه (لِيَجْزِيَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ) عدله أو مع عدلهم وإسلامهم لمّا هو العدل أصلا (وَ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وألحدوا (لَهُمْ) حال حلولهم الساعور (شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ) ماء حارّ واصل أمد الحرّ (وَعَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم معلّل (بِما كانُوا) الحال (يَكْفُرُونَ) ( 4 ) عدولا وطلاحا .

(هُوَ اللّه) الَّذِي (جَعَلَ الشَّمْسَ) لمصالح أهل العالم (ضِياءً) لمعا لامعا ، وهو مصدر (وَ) حوّل (الْقَمَرَ نُوراً) لمعا ملمّعا والمراد له لمع (وَقَدَّرَهُ) وحدّد لكلّ واحد أو للطوس (مَنازِلَ) محالّ معلوما عددها كعوّاء

----------

(إليه) لا إلى غيره (مرجعكم جميعا) بعد الموت (وعد الله حقا) مصدران قدر فعلهما (إنه يبدؤا الخلق) يبتدىء به (ثم يعيده) بعد إفنائه (ليجزي الذين ءامنوا وعملوا الصالحات بالقسط) بعدله أو عدلهم أي إيمانهم (والذين كفروا لهم شراب من حميم) ماء من عين غير الحرارة (وعذاب أليم بما كانوا يكفرون) بسبب كفرهم أو بمقابلته وعدل عن أسلوب المقابلة إشعارا بأن الغرض بالذات من الإبداء والإعادة الإثابة والتعذيب واقع بالعرض ولشدة اعتنائه بالرحمة نسب الجزاء بها لنفسه بخلاف ضدها .

(هو) الله (الذي جعل الشمس ضياء) ذات ضياء (والقمر نورا) ذا نور قيل الذاتي ضوء والعرضي نور، فما في الشمس من ذاتها وما في القمر مكتسب (وقدره) أي كل واحد منهما من حيث المسير (منازل) ثمانية وعشرين أو

ص: 8

وسماك وسعود وسعد (لِتَعْلَمُوا) حال دورهما (عَدَدَ السِّنِينَ) الأعوام وأحوالها (وَالْحِسابَ) عدد المدد وإحصاء الأعصار وحدودها وكسورها (ما خَلَقَ اللَّهُ) أحكم الحكماء (ذلِكَ) ما مرّ (إِلَّا) موصولا (بِالْحَقِّ) ومؤاما للحكم والمصالح لا لهوا ولددا (يُفَصِّلُ) اعلم (الْآياتِ) إعلام الإلّ والألوّ (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ( 5 ) الأسرار والحكم .

(إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ) ودلسه (وَالنَّهارِ) ولمعه وورود كلّ واحد كسوء مطوه ولاء ، أو إكراء أحدهما ووكس مطوه (وَ) كلّ (ما) أملاك ومحالّ ودرار وأدوار وسواها (خَلَقَ اللَّهُ) العلّام (فِي السَّماواتِ) كلّها (وَ) دوح ومسل ماء وأطواد وسواها أودعها صعد (الْأَرْضِ) الرمكاء (لَآياتٍ) دوال إلّ وإعلام كمال علم وألوّ (لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) ( 6 ) المال والمعاد لما هو الحامل للدهاء والادّكار .

(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ لا يَرْجُونَ) أصلا (لِقاءَنا) للهوهم عمّا هو معلمه ودالّه وردّهم المعاد ، أو لسوء أسرارهم ، أو أملاكا كامل السعداء ، أو

----------

الضمير للقمر وخص بالذكر لظهور نزوله بها ولتعلق أكثر الأحكام به (لتعلموا) بذلك (عدد السنين والحساب) للأيام والشهور ومنافع دينية ودنيوية (ما خلق الله ذلك إلا) متلبسا (بالحق) لا باطلا تعالى عنه (نفصل) نبين وقرىء بالياء (الآيات لقوم يعلمون) فيتدبرونها .

(إن في اختلاف الليل والنهار) بالتعاقب والطول والقصر (وما خلق الله في السموات) من نيرات وملائكة وغيرها (والأرض) من أجناس الكائنات (لآيات) لوجوده ووحدته وعلمه وقدرته (لقوم يتقون) فيصدقون بها .

(إن الذين لا يرجون) لا يتوقعون (لقاءنا) بالبعث (ورضوا بالحياة

ص: 9

مدلوله الروع (وَرَضُوا) أوس دارالسلام (بِالْحَياةِ الدُّنْيا) ولووا الهالك الماصل ، وطرحوا المدام الكامل (وَاطْمَأَنُّوا) وهدءوا ولهوا (بِها) وأسّسوا محكما وأملوا أملا طروحا وحصروا هممهم لآمالها وصحاصحها (وَ) الملأ (الَّذِينَ هُمْ عَنْ) إدراك (آياتِنا) دوالّ الإلّ واعلامه (غافِلُونَ) ( 7 ) لكمال طلاحهم .

(أُولئِكَ) الأرهاط الطّلاح (مَأْواهُمُ النَّارُ) محلهم ومآلهم الساعور (بِما) أوس عمل (كانُوا) الحال (يَكْسِبُونَ) ( 8 ) .

(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ) لدار السلام أو لعلم الحكم والأسرار (رَبُّهُمْ) مالكهم ومصلحهم معلّلا (بِإِيمانِهِمْ) سداد إسلامهم (تَجْرِي) هو صدر كلام أو محمول وراء محمول (مِنْ تَحْتِهِمُ) أمامهم (الْأَنْهارُ) مسل الماء والعسل والدرّ والمدام (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ( 9 ) دار السالم وهو حال .

(دَعْواهُمْ) دعاءهم أو كلامهم (فِيها) دارالسلام (سُبْحانَكَ) علوّك وسمّوك ، وهو مصدر طرح عامله (اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ) أحادهم لآحاد أو اللّه أو الأملاك لهم (فِيها) دارالسلام (سَلامٌ وَآخِرُ) أمد (دَعْواهُمْ) هو دعاءهم

----------

الدنيا) من الآخرة لإنكارهم لها (واطمئنوا بها) سكنوا إليها (والذين هم عن ءاياتنا غافلون) لا يتدبرونها .

(أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون) من الكفر والمعاصي .

(إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم) للجنة (تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم).

(دعواهم) دعاؤهم (فيها سبحانك اللهم) نسبحك تسبيحا يا الله (وتحيتهم) من الملائكة أو فيما بينهم (فيها سلام وآخر

ص: 10

أو كلامهم (أَنِ) مطروح الاسم (الْحَمْدُ) كلّه حاصل (لِلَّهِ) أرحم الرحماء (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 10 ) مالكهم ومصلحهم .

ولمّا حاولوا الإصر مسرعا أرسل اللّه (وَلَوْ يُعَجِّلُ) إسراعا (اللَّهُ) المكرام (لِلنَّاسِ الشَّرَّ) السوء والإصر والمراد أهل أمّ رحم (اسْتِعْجالَهُمْ) كإسراع رودهم والمراد كإسراعه لهم (بِالْخَيْرِ) السداد والصلاح (لَقُضِيَ) لأكمل ، ورووه معلوما ، والمراد لأكمل اللّه (إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) أمد أعمارهم مسرعا واصطلموا وأهلكوا وما أمهلوا (فَنَذَرُ) ادع امهالا الملأ (الَّذِينَ لا يَرْجُونَ) أصلا (لِقاءَنا) أو كما أمل السعداء أو المراد الروع (فِي طُغْيانِهِمْ) طلاحهم ومرودهم (يَعْمَهُونَ) ( 11 ) عمه حار وما أحسّ مسلكا ودار .

(وَإِذا مَسَّ) وصل (الْإِنْسانَ) الطالح (الضُّرُّ) الداء والعسر (دَعانا) دعا اللّه لحسره وردّه (لِجَنْبِهِ) والمراد وركا وهو حال (أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) والمراد عموم الأحوال والأعصار (فَلَمَّا كَشَفْنا) رحما وكرما (عَنْهُ) الطالح (ضُرَّهُ) داءه وعسره (مَرَّ) للمسلك الأوّل أمام مسّ السوء وأمّه حال

----------

دعواهم أن) مفسرة أو مخففة (الحمد لله رب العالمين) يفتتحون كلامهم بالتسبيح ويختمونه بالتحميد .

(ولو يعجل الله للناس الشر) إذا دعوا على أنفسهم وأولادهم ضجرا (استعجالهم) أي كتعجيله لهم (بالخير) إذا استعجلوه (لقضي إليهم أجلهم) أي لأهلكوا ولكن يمهلهم (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا) لا يتوقعون البعث (في طغيانهم يعمهون) يتحيرون .

(وإذا مس الإنسان الضر) الجهد والبلاء (دعانا) لكشفه (لجنبه) أي مضطجعا (أو قاعدا أو قائما) أي في جميع حالاته (فلما كشفنا عنه ضره مر)

ص: 11

العسر وأسرّ كما عاود (كَأَنْ) مطروح الاسم (لَمْ يَدْعُنا إِلى) حسر (ضُرٍّ) داء وعسر (مَسَّهُ) وصله (كَذلِكَ) كما سوّل وموّه له (زُيِّنَ) سوّل (لِلْمُسْرِفِينَ) اللاؤا عدوا الحدّ ما إلحاد وصدود (كانُوا يَعْمَلُونَ) ( 12 ) والمسوّل هو المارد وسواسا .

(وَلَقَدْ) اللام مؤكّد (أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ) الأمم (مِنْ قَبْلِكُمْ) أهل الحرم (لَمَّا ظَلَمُوا) عدلوا مع اللّه إلها سواه (وَ) الحال (جاءَتْهُمْ) وردهم (رُسُلُهُمْ) لكلّ رهط رسول (بِالْبَيِّناتِ) الأعلام السواطع والدوال اللوامع (وَما كانُوا) وما صحّ لهم (لِيُؤْمِنُوا) لو عمّروا لما علم اللّه سوء أسرارهم وإصرارهم ، واللّام مؤكّد للإعلام (كَذلِكَ) كما أهلك هؤلاء الأمم (نَجْزِي) أهلك (الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) ( 13 ) أهل الطلاح وهو ممّا أوعده اللّه لأهل أمّ الرحم لردّهم الرسول صلعم وإصرارهم طلاحا وعدولا .

(ثُمَّ جَعَلْناكُمْ) أهل الحرم (خَلائِفَ) ملّاك أملاك هؤلاء الأمم (فِي الْأَرْضِ) ممالك الحرم (مِنْ بَعْدِهِمْ) هلاك هؤلاء الأمم الأوّل (لِنَنْظُرَ) لأدرك حاصلا كما هو معلوم أوّلا (كَيْفَ) لسؤال الحال عامله (تَعْمَلُونَ) ( 14 ) صالحا أو طالحا وأعاملكم لهاء أعمالكم .

----------

استمر على طريقته وكفره (كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك) التزيين (زين للمسرفين ما كانوا يعملون).

(ولقد أهلكنا القرون) أهل الأعصر السابقة (من قبلكم) يا أهل مكة (لما ظلموا) أشركوا (وجاءتهم رسلهم بالبينات) على صدقهم (وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين) المشركين .

(ثم جعلناكم خلائف) خلفاء (في الأرض من بعدهم) بعد القرون التي أهلكناها (لننظر كيف تعملون) خيرا أو شرا فيجازيكم به .

ص: 12

(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ) لأسماعهم وهولهم (آياتُنا) الكلام الكامل المرسل (بَيِّناتٍ) سواطع وهو حال (قالَ) الملأ (الَّذِينَ لا يَرْجُونَ) أصلا (لِقاءَنَا) أو كما أمل السعداء أو المراد الروع ، ولمّا سمعوا وصم دماهم ولوم طوعها كلّموا (ائْتِ بِقُرْآنٍ) كلام (غَيْرِ هذا) سواه ما وصم إلها لهم وما أوعد طوّعه (أَوْ بَدِّلْهُ) حوّله وحطّ كلام رحم محلّ كلام حرد وإصر وأمط وصم الإله (قُلْ) محمّد ( ص ) حوارا وردّا لهم (ما يَكُونُ) حلالا (لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ) أحوّله (مِنْ تِلْقاءِ) حرا (نَفْسِي) سواه أصلا وهو مصدر (أَنْ) ما (أَتَّبِعُ) أطاوع إلا أمرا (إِلَّا ما يُوحى) أوحاه اللّه وأعلمه وألهمه (إِلَيَّ) وهو معلّل للكلام الأوّل (إِنِّي أَخافُ) أروع (إِنْ عَصَيْتُ) اللّه (رَبِّي) المصلح لما احوّل (عَذابَ يَوْمٍ) موعود (عَظِيمٍ) ( 15 ) مهوّل .

(قُلْ) لهم (لَوْ شاءَ) أراد (اللَّهُ) عدم درسه (ما تَلَوْتُهُ) الكلام المرسل (عَلَيْكُمْ) لإسماعكم (وَلا أَدْراكُمْ) ولا أعلمكم اللّه ، ورووا اللّام مؤكّدا أوس لا (بِهِ) الكلام (فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ) أهل الحرم لا أعلم أمرا ولا علّم أحد ولا أرسم ولا أدرس طرسا إحساسا (عُمُراً) دهرا وأعواما مِنْ

----------

(وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات) واضحات (قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرءان غير هذا) لا يتضمن عيب آلهتنا (أو بدله) فاجعل مكانه آية تتضمن ذلك غيرها (قل ما يكون) ما يصح (لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي) فليس لي التصرف فيه بوجه (إني أخاف إن عصيت ربي) بتبديله (عذاب يوم عظيم) هو يوم القيامة .

(قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم) أعلمكم الله (به) على لساني وقرىء لأدراكم باللام (فقد لبثت) مكثت (فيكم عمرا) أربعين سنة (من قبله)

ص: 13

قَبْلِهِ) ورود كلام اللّه (أَ فَلا تَعْقِلُونَ) ( 16 ) كماله وإرسال اللّه له .

(فَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) وأحدل (مِمَّنِ افْتَرى) حال عمدا (عَلَى اللَّهِ) الملك السلام (كَذِباً) ولعا وهو ادّعاء السهماء والأولاد (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) كلامه المرسل (إِنَّهُ) الأمر (لا يُفْلِحُ) أصلا (الْمُجْرِمُونَ) ( 17 ) أولو الإلحاد والطلاح .

(وَيَعْبُدُونَ) هؤلاء الورّه طوعا (مِنْ دُونِ) أمر (اللَّهِ) الواحد الأحد (ما) مألوها عاطلا (لا يَضُرُّهُمْ) حال طرح طوعه (وَلا يَنْفَعُهُمْ) حال طوعه (وَيَقُولُونَ) ورها (هؤُلاءِ) الإله (شُفَعاؤُنا) كلّ الأحوال (عِنْدَ اللَّهِ) إله الكلّ (قُلْ) لهم رسول اللّه (أَ تُنَبِّئُونَ) إعلاما (اللَّهِ) العلّام (بِما) أمر وهو حصول السهماء للّه أو امدادهم لداه (لا يَعْلَمُ) اللّه عالم الكلّ لا (فِي السَّماواتِ) عالم العلو كلّه (وَلا فِي الْأَرْضِ) عالمكم أصلا ولو حصل لعلمه اللّه (سُبْحانَهُ) سلامه وهو مصدر طرح عامله طهّر اللّه حواه عمّا وهمه الورّه وأولو الإلحاد (وَتَعالى) علا علوّا كاملا (عَمَّا) مساو ومساهم

----------

قبل القرآن لا آتيكم بشيء (أفلا تعقلون) بذلك أنه ليس من قبلي .

(فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا) بزعمه الشريك والولد له تعالى (أو كذب بآياته) القرآن (إنه لا يفلح المجرمون) المشركون .

(ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم) إن لم يعبدوه (ولا ينفعهم) إن عبدوه (ويقولون هؤلاء) الأصنام (شفعاؤنا عند الله) في الدنيا أو في الآخرة إن بعثا (قل أتنبئون الله) أتخبرونه (بما لا يعلم) من أن له شريكا أو هؤلاء شفعاؤنا عنده أي لو صح ذلك لعلمه (في السموات ولا في الأرض) حال من العائد المقدر (سبحانه) تنزيها له (وتعالى عما يشركون) معه .

ص: 14

(يُشْرِكُونَ) ( 18 ) معه أو ما للمصدر .

(وَما كانَ النَّاسُ) كلّهم لعهد آدم أمام إهلاك ولده ولده ، أو لعهد أطول الرسل عمرا وراء هلاك رهطه الطّلاح (إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً) أهل طوع واحد وهو الإسلام (فَاخْتَلَفُوا) وصاروا مللا أو أود رهط وطلحوا وطاوعوا أهواءهم وسدّ رهط وأسلموا وطاوعوا الرسول (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ) اكراء حكمهم (سَبَقَتْ) صدر أوّلا (مِنْ رَبِّكَ) مالكك ومصلحك (لَقُضِيَ) الحكم (بَيْنَهُمْ) مسرعا (فِيما) حكم وأمر (فِيهِ) أوده وسداده (يَخْتَلِفُونَ) ( 19 ) طلاحا وصلاحا .

(وَيَقُولُونَ) أهل الحرم (لَوْ لا) هلّا (أُنْزِلَ) أرسل (عَلَيْهِ) محمّد رسول اللّه صلعم (آيَةٌ) سألوا ورودها لددا أو مراء (مِنْ رَبِّهِ) اللّه مصلح الكلّ كالعصا (فَقُلْ) لهم (إِنَّمَا الْغَيْبُ) ما علم السر وهو عدم إرسال ما سألوه الّا (لِلَّهِ) العلّام (فَانْتَظِرُوا) وارصدوا الإصر والحدّ أو ورود مسئولكم (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ) الملأ (الْمُنْتَظِرِينَ) ( 20 ) ورود الإصر لسوء أسراركم وردّكم الإسلام .

----------

(وما كان الناس إلا أمة واحدة) على الحق من عهد آدم إلى نوح أو على الكفر في فترة (فاختلفوا) تفرقوا إلى مؤمن وكافر (ولو لا كلمة سبقت من ربك) بتأخير الجزاء إلى يوم الفصل يوم القيامة (لقضي بينهم) في الدنيا (فيما فيه يختلفون) (بإهلاك الكفرة) .

(ويقولون لو لا) هلا (أنزل عليه آية من ربه) أي مما اقترحوه (فقل إنما الغيب لله) لا يعلمه إلا هو فلا ينزل إلا ما يعلم فيه صلاحا (فانتظروا) نزولها أو العذاب (إني معكم من المنتظرين) لهلاككم .

ص: 15

(وَإِذا أَذَقْنَا) كرما (النَّاسَ) أهل الحرم (رَحْمَةً) مطرا ووسعا وصحّا (مِنْ بَعْدِ) طعم (ضَرَّاءَ) همود وعسر وداء (مَسَّتْهُمْ) أعواما وكاد هلاكهم واصطلامهم مسّ وصل (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ) محال والحاصل دهم مكرهم (فِي) ردّ (آياتِنا) دوالّ الإلّ واعلام الألوّ (قُلِ) لهم (اللَّهُ) الملك العدل (أَسْرَعُ مَكْراً) عدل مكر (إِنَّ رُسُلَنا) الأملاك الكرام (يَكْتُبُونَ) كلّ (ما) عمل (تَمْكُرُونَ) ( 21 ) وما سواه .

(هُوَ) اللّه (الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ) أهل الطلاح (فِي) صعد (الْبَرِّ وَ) مراحل (الْبَحْرِ) المالح أو عامّ (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ) ركّادا (فِي الْفُلْكِ) رواحل الماء (وَجَرَيْنَ) رواحل الماء (بِهِمْ) رهط علوها (بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) سهو سهل مرورها وسط (وَفَرِحُوا) سرّ أهلها (بِها) السهو الوسط (جاءَتْها) رواحل الماء (رِيحٌ عاصِفٌ) صرصر سلط مرّها (وَجاءَهُمُ) وردهم وأحاطهم (الْمَوْجُ) حراك الماء وحوسه (مِنْ كُلِّ مَكانٍ) محلّ الداماء أو محلّ حراك الماء (وَظَنُّوا) علموا (أَنَّهُمْ) كلّهم (أُحِيطَ بِهِمْ) أهلكوا وسدّ مسالك سلامهم (دَعَوُا اللَّهَ) السلام (مُخْلِصِينَ لَهُ) للّه (الدِّينَ) الطوع والدعاء

----------

(وإذا أذقنا الناس رحمة) نعمة وخصبا (من بعد ضراء مستهم) شدة وجدب (إذا لهم مكر في ءاياتنا) بتكذيبها والقدح فيها (قل الله أسرع مكرا) مجازاة على المكر (إن رسلنا) الحفظة (يكتبون ما تمكرون) وقرىء بالياء .

(هو الذي يسيركم) يمكنكم من السير وقرىء وينشركم (في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك) السفن (وجرين بهم) التفات إلى الغيبة كأنه خوطب غيرهم للتعجب منهم (بريح طيبة) لينة (وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف) شديدة الهبوب (وجاءهم الموج من كل مكان) جهة (وظنوا أنهم أحيط بهم)

ص: 16

لكمال الهول وعهدوا واللّه (لَئِنْ أَنْجَيْتَنا) اللهم (مِنْ هذِهِ) الأهوال والكاداء (لَنَكُونَنَّ مِنَ) الملاء (الشَّاكِرِينَ) ( 22 ) أهل الإسلام لك .

(فَلَمَّا أَنْجاهُمْ) وسلّمهم اللّه وأوصلهم مرامهم سماعا لسؤالهم (إِذا هُمْ) أهل الطّلاح (يَبْغُونَ) دهم دعرهم وطلاحهم (فِي الْأَرْضِ) وسارعوا لما عاودوا دعرا موصولا (بِغَيْرِ الْحَقِّ) والمراد هدرا لا سدادا لا أهل الإسلام لهدمهم دور أهل العدول واصطلامهم مأكرهم وحسمهم مراسمهم ومعالمهم لما هو عدل وسداد (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما) ما (بَغْيُكُمْ) وحدلكم إلّا (عَلى أَنْفُسِكُمْ) لعود دركه لها (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) حطامها أو هو مصدر مؤكّد طرح عامله ، ورووه محمولا لمطروح (ثُمَّ) لمّا ورد هلاككم (إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ) معادكم ومالكم (فَنُنَبِّئُكُمْ) مآلا (بِما) عمل (كُنْتُمْ) الحال (تَعْمَلُونَ) ( 23 ) لأداء عدلكم .

(إِنَّما) ما (مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا) حالها إلّا (كَماءٍ) كحال مطر (أَنْزَلْناهُ) إرسالا (مِنَ السَّماءِ) عالم العلو (فَاخْتَلَطَ) حاس (بِهِ) الماء

----------

فلا مخلص لهم من الهلاك (دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه) الشدة (لنكونن من الشاكرين) المؤمنين .

(فلما أنجاهم) إلى البر (إذا هم يبغون) يظلمون (في الأرض بغير الحق) بالشرك والفساد (يا أيها الناس إنما بغيكم) ظلمكم كائن (على أنفسكم) لأن وباله عليها (متاع) بالرفع خبر محذوف وبالنصب مصدر، أي تمتعون متاع (الحياة الدنيا) الزائلة (ثم إلينا مرجعكم) في الآخرة (فننبئكم بما كنتم تعملون) بالجزاء به .

(إنما مثل الحياة الدنيا) أي صفتها في سرعة زوالها بعد إقبالها (كماء أنزلناه

ص: 17

(نَباتُ الْأَرْضِ) طرّها (مِمَّا) أحمال وطعام ودوح وكلاء (يَأْكُلُ النَّاسُ) أولاد آدم (وَالْأَنْعامُ) السّوام (حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ) الرمكاء والمراد سطحها (زُخْرُفَها) وصار لها صروع الصور كما للعرس (وَازَّيَّنَتْ) وحصل مهاهها (وَظَنَّ) علم (أَهْلُها) أهل الرمكاء (أَنَّهُمْ قادِرُونَ) أولو ألوّ وسطو (عَلَيْها) ومحصّلو مصالحها (أَتاها) وردها وأحاطها واصطلمها (أَمْرُنا) وهو الحكم المراد الإهلاك والإصر (لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها) احمالها وطعامها وكلاءها (حَصِيداً) كالمحصود أصلا (كَأَنْ) مطروح الاسم وهو « ها » (لَمْ تَغْنَ) وهو الحصول (بِالْأَمْسِ كَذلِكَ) كما أعلم ما مرّ (نُفَصِّلُ) أعلم (الْآياتِ) دوالّ الإلّ وإعلام الألوّ (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ( 24 ) مال الأمور .

(وَاللَّهُ) المالك (يَدْعُوا إِلى) الإسلام الموصل لآلاء (دارِ السَّلامِ) عمّا طرأها المكروه (وَيَهْدِي) كرما كلّ مَنْ أحد (يَشاءُ) إصلاحه (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 25 ) وهو الإسلام .

----------

من السماء فاختلط به) بسببه (نبات الأرض) بعضه ببعض (مما يأكل الناس والأنعام) من الحبوب والبقول والكلأ (حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت) زينتها من نباتها (وظن أهلها أنهم قادرون عليها) بالحصد ودفع الغلات (أتاها أمرنا) حكمنا وعذابنا (ليلا أو نهارا فجعلناها) أي زرعها (حصيدا) كالمحصود بآلة (كأن لم تغن بالأمس) لم تكن من قبل (كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) ليعتبروا بها .

(والله يدعو إلى دار السلام) السلامة أو دار الله أي الجنة (ويهدي من يشاء) بلطفه (إلى صراط مستقيم) موصل إليها وهو الإيمان .

ص: 18

(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) أسرارهم وأعمالهم وأسلموا (الْحُسْنى) دارالسلام (وَزِيادَةٌ) طول وهو إحساس اللّه كما رواه مسلم (وَلا يَرْهَقُ) وهو الإسرار (وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ) سواد (وَلا ذِلَّةٌ) دحور ولا لأواء ، أو المراد همّ وسوء حال (أُولئِكَ) المعلوم حالهم (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) أهل دارالسلام (هُمْ) لصوالح أعمالهم (فِيها) دارالسلام لا سواها (خالِدُونَ) ( 26 ) دوّام .

(وَ) الملأ (الَّذِينَ كَسَبُوا) عملوا الأعمال (السَّيِّئاتِ) كإلحاد وردّ الإسلام (جَزاءُ سَيِّئَةٍ) لهم (بِمِثْلِها) عدلها ولا اكراء (وَتَرْهَقُهُمْ) لطوالح أعمالهم (ذِلَّةٌ) دحور ولأواء (ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ) إصره (مِنَ) أحد (عاصِمٍ) رادّ لإصره (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ) إسرارا (وُجُوهُهُمْ) كلّها (قِطَعاً) كسورا ورووا موحّدا (مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) مسوّدا وهو حال (أُولئِكَ) المكروه حالهم (أَصْحابُ النَّارِ) أهلها (هُمْ فِيها) الساعور لا سواها (خالِدُونَ) ( 27 ) دوّام .

(وَ) ادّكر محمّد ( ص ) (يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ) أهل العالم صالحا وطالحا

----------

(للذين أحسنوا) المثوبة (الحسنى وزيادة) أضعافا مضاعفة أو ترك حسابهم بنعيم الدنيا. (ولا يرهق) يغشى (وجوههم قتر) سواد (ولا ذلة) هوان (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون).

(والذين) وللذين (كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها) بلا زيادة (وترهقهم ذلة ما لهم من الله) من سخطه (من عاصم) مانع (كأنما أغشيت) ألبست (وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون .

ويوم) واذكر يوم (نحشرهم) أي الخلق (جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم) الزموا مكانكم (أنتم) تأكيد للضمير ليعطف عليه (وشركاؤكم) أي

ص: 19

(جَمِيعاً) طرّا (ثُمَّ نَقُولُ) حردا وطردا (لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) مع اللّه إلها سواه السموا (مَكانَكُمْ أَنْتُمْ) مؤكّد (وَشُرَكاؤُكُمْ) مع اللّه وهم دماهم (فَزَيَّلْنا) صرم الوصل (بَيْنَهُمْ) وسطهم ووسط أهل الإسلام أو وسطهم ووسط دماهم (وَقالَ) لهم حالا أو كلاما (شُرَكاؤُهُمْ) دماهم ما مطاعكم إلّا أهواءكم الأوامر لكم ، وورد المراد روح اللّه والأملاك أو الوساوس وأوامرهم (ما كُنْتُمْ) أوّلا (إِيَّانا تَعْبُدُونَ) ( 28 ) طوعا أصلا .

(فَكَفى بِاللَّهِ) هدّكم اللّه الملك العدل (شَهِيداً) عالما مطّلعا (بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) لعلمه أحوال الكلّ (إِنْ) مطروح الاسم كما دلّ اللّام ومحموله (كُنَّا) دار الأعمال (عَنْ عِبادَتِكُمْ) طوعكم (لَغافِلِينَ) ( 29 ) عدّام العلم والإدراك .

(هُنالِكَ) العصر أو المحل (تَبْلُوا) وهو العلم (كُلُّ نَفْسٍ) لها صلاح أو طلاح (ما) عملا (أَسْلَفَتْ) أمسموع أم مردود وهو الإكلاء (وَرُدُّوا) كلّهم (إِلَى) أمر (اللَّهِ) العدل (مَوْلاهُمُ) ممدّهم ومالكهم (الْحَقِّ) الواطد المدام لا ما ادّعوه إلها مالكا ، ورووه معمولا ل « امدح » المطروح أو مصدرا مؤكّدا

----------

الأصنام (فزيلنا) قطعنا المواصلة (بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون) بل عبدتم أهواءكم أو ما شعرنا بعبادتكم لنا، وقيل الشركاء الشياطين، وقيل الملائكة .

(فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم) إن مخففة أي (إن كنا عن عبادتكم لغافلين) اللام فارقة .

(هنالك) في ذلك المكان (تبلوا كل نفس ما أسلفت) تختبر وتعلم ما علمت وقرىء تتلو من التلاوة (وردوا إلى الله) إلى حكمه (مولاهم) مالكهم (الحق) على الحقيقة والثابت (وضل) وبطل (عنهم ما كانوا يفترون)

ص: 20

طرح عامله (وَضَلَّ) محا ودرس (عَنْهُمْ) كلّ (ما كانُوا) أوّلا (يَفْتَرُونَ) ( 30 ) والمراد ما ادّعوا إلّه أو امداد ما ألهوه .

(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (مَنْ يَرْزُقُكُمْ) إرسالا للمطر (مِنَ السَّماءِ) العلو (وَالْأَرْضِ) أسرا للأحمال (أَمَّنْ) إله (يَمْلِكُ السَّمْعَ) الأسماع (وَالْأَبْصارَ) أسرا أو حرسا لها مددا طوالا (وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ) العالم (مِنَ الْمَيِّتِ) علما (وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) عكس الأوّل (وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ) أمر العالم كلّه عموما (فَسَيَقُولُونَ) حال سؤالك (اللَّهُ) هو (فَقُلْ) لهم (أَ فَلا تَتَّقُونَ) ( 31 ) السوء والإلحاد وادّعاء السهماء العواطل له طوعا .

(فَذلِكُمُ) الممدوح (اللَّهُ رَبُّكُمُ) مالككم ومصلحكم (الْحَقُّ) الواطد المدام إلّه (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ) الواحد (إِلَّا الضَّلالُ) والإلحاد وكلّ أحد عدا حدّه حصل له الطّلاح لا محال (فَأَنَّى) لسؤال المحلّ أو الحال (تُصْرَفُونَ) ( 32 ) عمّا هو السداد مع سطوع الدوالّ

(كَذلِكَ) كما أحكم

----------

يدعون أن له شركاء .

(قل من يرزقكم من السماء والأرض) بالمطر والنبات (أمن يملك السمع) أي خلق الأسماع (والأبصار ومن يخرج الحي من الميت) من النطفة والبيضة (ويخرج الميت) النطفة والبيضة (من الحي ومن يدبر الأمر) أمر العالم (فسيقولون الله) لوضوح ذلك بحيث لا يمكنهم إنكاره (فقل أفلا تتقون) عقابه فتوحدونه .

(فذلكم) الفاعل لهذه الأشياء (الله ربكم الحق) الثابت (فما ذا) إنكار أي ليس (بعد الحق) وهو عبادته (إلا الضلال) فمن أخطأه ضل (فأنى) فكيف (تصرفون) عن عبادته .

ص: 21

الحكم الأوّل وهو حصول الإلّ للّه (حَقَّتْ كَلِمَةُ) اللّه (رَبِّكَ) وأحكم وعده (عَلَى) الملأ (الَّذِينَ فَسَقُوا) مردوا وعدوا الحدّ وهو (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ( 33 ) سدادا للّه ورسوله أصلا أو هو كلام معلل والمراد لعدم إسلامهم .

(قُلْ) لهم (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) دماكم (مِنْ) أحد (يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) أسرا (ثُمَّ يُعِيدُهُ) للعدل ولأداء العدل (قُلْ) محمّدا ( ص ) وحاور سدادا لعدم سداد كلامهم (اللَّهُ) المالك (يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) العالم أسرا (ثُمَّ يُعِيدُهُ) العالم أسرا (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) ( 34 ) عمّا هو سواء الصراط .

(قُلْ) لهم (هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) من دماكم (مِنْ) أحد (يَهْدِي) أحدا (إِلَى) الأمر (الْحَقِّ) السداد إرسالا للرسل (قُلِ اللَّهُ) كامل العطاء (يَهْدِي) كلّ أحد أراد (لِلْحَقِّ) الأمر الأسد (أَ فَمَنْ يَهْدِي) كلّ أحد أراد (إِلَى) الأمر (الْحَقِّ) وهو اللّه (أَحَقُّ) حراء (أَنْ يُتَّبَعَ) طوعا (أَمَّنْ لا يَهِدِّي) هو أصلا (إِلَّا أَنْ يُهْدى) وهو حال أكارم مآلهم كالأملاك وروح اللّه (فَما) حصل (لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ( 35 ) ولعا وهو وهمهم اعدالا للّه

----------

(كذلك) كما حققت ألوهيته وربوبيته (حقت كلمت ربك على الذين فسقوا) كفروا (أنهم لا يؤمنون) سبق علمه بعدم إيمانهم اختيارا .

(قل هل من شركائكم من يبدؤا الخلق ثم يعيده قل الله يبدؤا الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون) تصرفون عن الأيمان .

(قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق) بنصب الحجج والتوفيق للنظر (قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق) وهو الله (أحق أن يتبع أمن لا يهدي) غيره أو لا يهتدي وقرىء بتسكين الهاء وتخفيف الدال وشددها الأكثر (إلا أن يهدى) وهذا وصف أشرف الشركاء كالمسيح والملائكة (فما لكم كيف تحكمون) بما لا يقبله عقل سليم .

ص: 22

وسهماؤه .

(وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ) كلّهم أو أهل الأدلّاء ممّا هم حال طوع دماهم أمرا (إِلَّا ظَنًّا) طاوعوا ولّادهم ووهموهم أهل السداد (إِنَّ الظَّنَّ) طوعه (لا يُغْنِي مِنَ) الأمر (الْحَقِّ) الأسدّ وهو العلم (شَيْئاً) ما (إِنَّ اللَّهَ) العلّام (عَلِيمٌ بِما) كلّ عمل (يَفْعَلُونَ) ( 36 ) وهو طوعهم الوهم وطرحهم السداد وهو موعد لهم .

(وَما كانَ) أصلا (هذَا الْقُرْآنُ) الكلام الكامل المرسل (أَنْ يُفْتَرى) ولعا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (وَلكِنْ) أرسله اللّه (تَصْدِيقَ) الطرس (الَّذِي) أرسل (بَيْنَ يَدَيْهِ) أوّلا كطرس الهود وطرس روح اللّه ، ورووه محمولا لهو المطروح (وَ) أرسل (تَفْصِيلَ) الأمر (الْكِتابِ) المرسوم والحكم المحكوم (لا رَيْبَ فِيهِ) ما هو محلّلا للإعوار أصلا مرسلا (مِنْ) اللّه (رَبِّ الْعالَمِينَ) ( 37 ) مالك صروع العالم ومصلحهم .

(أَمْ يَقُولُونَ) أولو الإلحاد (افْتَراهُ) سطره محمّد ( ص ) (قُلْ) لو صحّ دعواكم (فَأْتُوا) ردوا (بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) كمالا ومهاها (وَادْعُوا) للإمداد

----------

(وما يتبع أكثرهم إلا ظنا) من تقليد آبائهم (إن الظن لا يغني من الحق) من العلم الثابت (شيئا) مفعول به (إن الله عليم بما يفعلون) من الإشراك به فيجازيهم عليه .

(وما كان هذا القرءان أن يفترى) أي افتراء (من دون الله) من غيره (ولكن) كان أو أنزل (تصديق الذي بين يديه) من الكتب (وتفصيل الكتاب) تبيين ما كتب وأثبت من أمور الدين (لا ريب فيه من رب العالمين).

(أم يقولون افتراه) محمد صلی الله علیه واله (قل فأتوا بسورة مثله) في البلاغة على وجه الافتراء فإنكم مثل عرب فصحاء (وادعوا من استطعتم) لمعاضدتكم عليه (من

ص: 23

كلّ (مَنِ اسْتَطَعْتُمْ) دعاءه (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (إِنْ كُنْتُمْ) أهل العدول (صادِقِينَ) ( 38 ) لو صحّ سدادكم .

(بَلْ كَذَّبُوا) سارعوا الردّ (بِما) كلام (لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) مدلوله وأحكامه وأوامره وكماله أوّل ما سمعوه أمام الإدراك والدهاء (وَلَمَّا) لم (يَأْتِهِمْ) ما وصلهم (تَأْوِيلُهُ) مال مدلوله ومراده أو موعده (كَذلِكَ) كما عوّر هؤلاء الطّلاح (كَذَّبَ) عوّر الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) رسلهم امام ادراك اعلامهم السواطع حسدا وعداء وطوعا للولّاد (فَانْظُرْ) محمّد ( ص ) (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) مال حال الأمم (الظَّالِمِينَ) ( 39 ) ردّا لرسلهم وهو موعد لهم .

(وَمِنْهُمْ) هؤلاء الأعداء أهل الحرم (مَنْ) مرء (يُؤْمِنُ) سرّا لا حسّا لكمال العداء والحسد أو عسرا عاطسا (بِهِ) كلام اللّه أو الرسول صلعم (وَمِنْهُمْ مَنْ) مرء (لا يُؤْمِنُ) أصلا (بِهِ وَ) اللّه (رَبُّكَ أَعْلَمُ) أكمل علما (بِالْمُفْسِدِينَ) ( 40 ) أهل الحسد والعداء أو أهل الإصرار كلام مهدّد .

(وَإِنْ كَذَّبُوكَ) إصرارا (فَقُلْ) لهم (لِي) عدل (عَمَلِي وَلَكُمْ) أهل

----------

دون الله) أي غيره (إن كنتم صادقين) أنه افتراه .

(بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه) أي القرآن قبل أن يتدبروه ويعلموا ما فيه (ولما يأتهم تأويله) أي لم يقفوا على معانيه أو لم يأتهم عاقبة ما فيه من الوعيد (كذلك) التكذيب (كذب الذين من قبلهم) رسلهم (فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) فكذا عاقبة هؤلاء .

(ومنهم) من قومك (من يؤمن به) في المستقبل أو في نفسه لعدم تدبره (وربك أعلم بالمفسدين) من لم يؤمنوا .

ص: 24

الردّ (عَمَلُكُمْ) عدله وورد هو حكم محوّل محدود حدّه أمر العماس معهم (أَنْتُمْ بَرِيئُونَ) سلّام (مِمَّا) كلّ عمل (أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ) سالم (مِمَّا) كلّ عمل (تَعْمَلُونَ) ( 41 ) والحاصل كلّ مدرك وواصل عدل عمله .

(وَمِنْهُمْ) هؤلاء الطّلاح (مَنْ) ملأ (يَسْتَمِعُونَ) حال درسك واعلامك (إِلَيْكَ) وما هم وعّاء ولا سمّاعا لكلامك كالصم (أَ فَأَنْتَ تُسْمِعُ) الملاء (الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا) مع الصمم (لا يَعْقِلُونَ) ( 42 ) أمرا أصلا .

(وَمِنْهُمْ مَنْ) رهط (يَنْظُرُ) حال اعلامك الأدلّاء السواطع لسداد إرسالك (إِلَيْكَ) ولا إحساس لهم أصلا كالعدماء الحواس (أَ فَأَنْتَ تَهْدِي) الرهط (الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا) مع عماهم وعدم حواسهم (لا يُبْصِرُونَ) ( 43 ) احساس الإصرار .

(إِنَّ اللَّهَ) العدل ( لا يَظْلِمُ النَّاسَ) أولاد آدم (شَيْئاً) حدلا ما أو أمرا ما (وَلكِنَّ النَّاسَ) أهل العدول (أَنْفُسَهُمْ) لا سواهم (يَظْلِمُونَ) ( 44 ) لعملهم أعمالا حكمها طمس الأسرار ومحو الحواس .

----------

(وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم) لكل جزاء عمله (أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون).

(ومنهم من يستمعون إليك) إذا قرأت القرآن ولا يقبلون (أفأنت تسمع الصم) أي من هم كالصم في عدم الانتفاع بما تقرأه (ولو كانوا) مع صممهم (لا يعقلون) إن ضم إلى صممهم عدم تعقلهم .

(ومنهم من ينظر إليك) ويرى شواهد صدقك ولا يصدقك (أفأنت تهدي العمي) من هم كالعمي في عدم الاهتداء (ولو كانوا) مع العمي (لا يبصرون) لا يعتبرون بالبصائر .

(إن الله لا يظلم الناس شيئا) يمنعهم الانتفاع في الحجج (ولكن الناس أنفسهم يظلمون) بترك تدبرها .

ص: 25

(وَ) ادّكر (يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ) للعدل والحكم (كَأَنْ) مطروح الاسم وهو « هم » (لَمْ يَلْبَثُوا) ما حلّوا دار الأعمال أو عالم الرمس (إِلَّا ساعَةً) كسرا (مِنَ النَّهارِ) لهول ما رأوا (يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ) آحادهم آحادهم أوّل الحال والأمر وكلّما رأوا أهوالا مسمس علمهم وهو حال (قَدْ خَسِرَ) الأمم (الَّذِينَ كَذَّبُوا) طلاحا (بِلِقاءِ اللَّهِ) وصال اللّه وعدّ الأعمال وإعطاء الأعدال (وَما كانُوا) هؤلاء الأمم (مُهْتَدِينَ) ( 45 ) سواء الصراط .

(وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) محمّد ( ص ) (بَعْضَ) الإصر (الَّذِي نَعِدُهُمْ) حالا وحواره مطروح (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) أمام ورود إصرهم (فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ) معادهم ومالهم (ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ) مطّلع (عَلى) كلّ ما عمل (يَفْعَلُونَ) ( 46 ) وهو إلحادهم وردّهم الإسلام .

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ) رهط مرّوا وهلكوا (رَسُولٌ) أرسله اللّه لإعلام صلاحهم

----------

(ويوم يحشرهم) بالنون والياء (كأن) كأنهم لهول ما يرون (لم يلبثوا) في الدنيا والقبور (إلا ساعة من النهار) وحجة التشبيه حال منهم أو صفة يوم أي كأن لم يلبثوا قبله (يتعارفون بينهم) تعرف بعضهم بعضا إذا بعثوا ثم ينقطع التعارف للأهوال وهو حال مقدرة أو متعلق الظرف (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله) بالبعث (وما كانوا مهتدين) للصواب .

(وإما نرينك) في حياتك (بعض الذي نعدهم) من العذاب أو جواب الشرط محذوف أي فذاك (أو نتوفينك) قبل تعذيبهم (فإلينا مرجعهم) في الآخرة (ثم الله شهيد) مطلع (على ما يفعلون) فيجازيهم به وثم لترتيب مقتضى الشهادة وهو عقابهم على رجوعهم .

(ولكل أمة) من الأمم (رسول) يدعوهم إلى الله (فإذا جاء رسولهم) إلي

ص: 26

(فَإِذا جاءَ) وردهم (رَسُولُهُمْ) مع الإدلاء السواطع وردّوه (قُضِيَ) حكم (بَيْنَهُمْ) وسط الرسول ورهطه (بِالْقِسْطِ) العدل وسلم الرسول ومطاوعوه وهلك رهط ردّوه (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ( 47 ) إهلاكا أصلا .

(وَيَقُولُونَ) أولو الإلحاد والصدود (مَتى هذَا الْوَعْدُ) وعد الإهلاك وورود الإصر لهم (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الإسلام (صادِقِينَ) ( 48 ) كلاما ووعدا .

(قُلْ) لهم (لا أَمْلِكُ) أصلا (لِنَفْسِي ضَرًّا) ردّ داء أو عدم أو سواهما (وَلا نَفْعاً) كدّ صحّ ، أو ملاء ، أو سواهما (إِلَّا ما) أمرا (شاءَ اللَّهُ) وأراده لحكم ومصالح (لِكُلِّ أُمَّةٍ) رهط (أَجَلٌ) عصر معلوم لهلاكهم وإصرهم (إِذا جاءَ) حلّ وكمل (أَجَلُهُمْ) المحدود (فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً) ما (وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) ( 49 ) سعواء والحاصل الإكراء محال كالمهل .

(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (أَ رَأَيْتُمْ) اعلموا (إِنْ أَتاكُمْ) وصلكم وحلّكم (عَذابُهُ) إصر اللّه وحدّه كما هو مسئولكم (بَياتاً) سمرا حال ركودكم وسهوكم (أَوْ نَهاراً) حال رودكم ورومكم المصالح ، وحواره مطروح وهو حصل لكم السدم أو حواره (ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ) الإصر والحدّ كلّه الملأ

----------

فكذبوه (قضي بينهم بالقسط) بالعدل فيهلكون (وهم لا يظلمون) بعقوبة بغير ذنب .

(ويقولون متى هذا الوعد) بالعذاب (إن كنتم صادقين) فيه .

(قل لا أملك لنفسي ضرا) بدفع (ولا نفعا) بجلب (إلا ما شاء الله) أن أملكه فكيف أملك لكم تعجيل العذاب (لكل أمة أجل) مضروب لهلاكهم (إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).

(قل أرأيتم) أخبروني (إن أتاكم عذابه) عذاب الله (بياتا) ليلا (أو نهارا ما ذا) أي شيء (يستعجل منه) من العذاب (المجرمون) وضع موضع الضمير وجواب إن محذوف أي تندموا على

ص: 27

(الْمُجْرِمُونَ) ( 50 ) أهل الطلاح والإصر ، وكلّه مكروه ما هو حراء لسؤال الإسراع أو هو كلام مهوّل والمراد ما أهول ما سألوا .

(أَ ثُمَّ إِذا ما وَقَعَ) الإصر والحدّ وحلّ (آمَنْتُمْ) إسلاما (بِهِ) اللّه أو الإصر وكلّموا ح (آلْآنَ) حال حلول الإصر حصل إسلامكم (وَقَدْ كُنْتُمْ) أوّلا (بِهِ) الإصر (تَسْتَعْجِلُونَ) ( 51 ) حسلا ودحورا وردا .

(ثُمَّ قِيلَ) دحورا وطردا (لِلَّذِينَ ظَلَمُوا) حدلوا وألحدوا (ذُوقُوا) لحدلكم وطلاحكم (عَذابَ الْخُلْدِ) المؤلم دواما (هَلْ) ما (تُجْزَوْنَ) أهل العدول (إِلَّا) عدل (بِما) عمل (كُنْتُمْ) إصرارا (تَكْسِبُونَ) ( 52 ) دار الأعمال .

(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ) هو روم العلم وهم سؤال (أَ حَقٌّ) واطد (هُوَ) الإصر الموعود ، أو ادّعاء الإرسال (قُلْ) محمّد ( ص ) لهم (إِي وَ) اللّه (رَبِّي إِنَّهُ) الإصر والحدّ ، أو ما ادّعاه (لَحَقٌّ) وعد أسدّ ، أو ادّعاء أوطد وورد معادهما كلام اللّه (وَما أَنْتُمْ) أهل العدول والصدود (بِمُعْجِزِينَ) ( 53 ) رهط مملّص سالم

----------

استعجالهم .

(أثم إذا ما وقع) أي أبعد وقوع العذاب (ءامنتم به) بالله أو العذاب حين لا ينفعكم الإيمان والهمزة لإنكار التأخير (ءالآن) ويقال لكم الآن تؤمنون بالهمزة وبحذفها (وقد كنتم به تستعجلون) استهزاء .

(ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون).

(ويستنبئونك أحق هو) أي ما تعدنا به من البعث والعذاب أو ما جئت به من القرآن والشريعة (قل إي وربي إنه لحق) لا شك فيه (وما أنتم بمعجزين) بفائتين العذاب .

ص: 28

وهو مدرككم لا محال .

(وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ) هو الإلحاد وردّ الإسلام كلّ (ما) مال حصل الحال (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء (لَافْتَدَتْ) مدلوله إعطاء الحماء (بِهِ) المال كلّه لردّ الإصر للعصر الموعود للعدل والعدل (وَأَسَرُّوا) الرؤساء وكمّوا لعدم ألوّ الكلام لكمال هو لهم أو اعلموا (النَّدامَةَ) السدم والحسر (لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) المهوّل المدام (وَقُضِيَ) حكم (بَيْنَهُمْ) الاركاء وأهل الحدل (بِالْقِسْطِ) العدل (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ( 54 ) أمرا ما .

(أَلا) اعلموا (إِنَّ لِلَّهِ) ملكا وأسرا كلّ ما حلّ (فِي السَّماواتِ) كلّها (وَالْأَرْضِ) معا (أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ) العدل والإصر (حَقٌّ) حاصل واطد معادا لا محال (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أهل العالم (لا يَعْلَمُونَ) ( 55 ) حاله لوكس روعهم .

(هُوَ) اللّه لا سواه (يُحيِي) كلّ أحد أراد (وَيُمِيتُ) كلّ أحد أراد (وَإِلَيْهِ) أمره وحكمه لا سواه (تُرْجَعُونَ) ( 56 ) كلّكم حال ورود السام أو

----------

(ولو أن لكل نفس ظلمت) أشركت (ما في الأرض) من الأموال (لا افتدت به) من العذاب (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) أخفوها كراهة لشماتة الأعداء أو أخفاها رؤساؤهم عن الأتباع خوف ملامتهم (وقضي بينهم) بين الخلائق (بالقسط) بالعدل (وهم لا يظلمون) بالجزاء .

(ألا إن لله ما في السموات والأرض) يفعل به ما يشاء (ألا إن وعد الله) بالبعث والجزاء (حق) كائن لا محالة (ولكن أكثرهم لا يعلمون) لتركهم النظر المؤدي إلى العلم (هو يحيي) الخلق بعد كونهم أحياء (ويميت) الأحياء (وإليه ترجعون) بالبعث فيجازي كلا بعمله .

ص: 29

ردّ الأرواح للأعطال .

(يا أَيُّهَا النَّاسُ ) أهل الحرم (قَدْ جاءَتْكُمْ) وردكم (مَوْعِظَةٌ) طرس مروّع وسارّ وآر ورادع وواعد وموعد (مِنْ) اللّه (رَبِّكُمْ) مالككم ومصلحكم (وَشِفاءٌ) دواء (لِما) لداء حلّ (فِي الصُّدُورِ) الأرواح والأسرار وهو العمة والإعوار (وَهُدىً) هاد لكلّ عم للسداد (وَرَحْمَةٌ) عموما (لِلْمُؤْمِنِينَ) ( 57 ) له طرّا لما أرسل لإصلاحهم وإعلاء مراهصهم .

(قُلْ) لأهل الإسلام (بِفَضْلِ اللَّهِ) وكرمه وهو الإسلام (وَبِرَحْمَتِهِ) كلام اللّه (فَبِذلِكَ) العطاء الكامل (فَلْيَفْرَحُوا) سرور أهل المحامد والآلاء لما (هُوَ) كرمه ورحمه (خَيْرٌ) أصلح لكم عموما حالا ومآلا (مِمَّا) حطام (يَجْمَعُونَ) ( 58 ) حرصا .

(قُلْ) محمّد ( ص ) للأعداء (أَ رَأَيْتُمْ) اعلموا (ما أَنْزَلَ) أسر (اللَّهُ لَكُمْ) لمصالحكم (مِنْ رِزْقٍ) طعام وأكل (فَجَعَلْتُمْ) لكمال طلاحكم

----------

(يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة) في كتابه (من ربكم) يرغب في محاسن الأعمال ويزجر عن مساويها (وشفاء لما في الصدور) من أمراض الشكوك وسوء الاعتقاد (وهدى) إلى الحق (ورحمة للمؤمنين) لنجاتهم به من النار إلى الجنة .

(قل بفضل الله وبرحمته) بإنزال القرآن وتعلقت الباء بما يفسره (فبذلك فليفرحوا) أي إن فرحوا بشيء فيهما ليفرحوا (هو) أي ذلك (خير مما يجمعون) من عرض الدنيا .

(قل أرأيتم) أخبروني (ما أنزل الله) خلق (لكم من رزق) من الزرع والضرع بالمطر وجعله حلالا (فجعلتم منه حراما) كالبحيرة وغيرها (وحلالا

ص: 30

(مِنْهُ) ممّا أسر اللّه لكم (حَراماً وَحَلالًا) كما أمركم أهواءكم وآراءكم (قُلْ) لهم أورده مكرّرا مؤكّدا (آللَّهُ) المالك (أَذِنَ لَكُمْ) أمركم وحكمكم إحراما وإحلالا (أَمْ عَلَى اللَّهِ) العلام (تَفْتَرُونَ) ( 59 ) إحكاما للولع .

(وَما) للسؤال (ظَنُّ) الملأ (الَّذِينَ يَفْتَرُونَ) ورها (عَلَى اللَّهِ) كامل الطول (الْكَذِبَ) الولع (يَوْمَ الْقِيامَةِ) أما مولهم الإملاص والسلام ، أو الإصر والحدّ وهو موعد لهم (إِنَّ اللَّهَ) المكرام (لَذُو فَضْلٍ) وكرم (عَلَى النَّاسِ) لما أعطاهم الأحلام ورحمهم لإرسال الكلام وعلّمهم الحلال والحرام (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ) أهل العالم (لا يَشْكُرُونَ) ( 60 ) آلاءه .

(وَما تَكُونُ) رسول اللّه (فِي شَأْنٍ) أمر و « ما » للإعدام (وَما تَتْلُوا مِنْهُ) كلام اللّه (مِنْ قُرْآنٍ) ورد وكسر مرسل وهو اسم عامّ للكلّ والكسر (وَلا تَعْمَلُونَ) كلّكم أهل الإسلام طرّا (مِنْ عَمَلٍ) عملا ما (إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ) طرّا (شُهُوداً) رصداء (إِذْ تُفِيضُونَ) حال ورودكم وحلولكم (فِيهِ) العمل (وَما يَعْزُبُ) أصلا ، ورووه مكسور الوسط ، (عَنْ رَبِّكَ) العلّام (مِنْ) مؤكّد (مِثْقالِ) عدل (ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ) كلّها أوردها أوّلا

----------

قل الله أذن لكم) في التحليل والتحريم (أم على الله تفترون) بنسبة ذلك إليه .

(وما ظن الذين يفترون على الله الكذب) أي شيء ظنهم به (يوم القيامة) أيحسبون أنه لا يؤاخذهم (إن الله لذو فضل على الناس) بإنعامه إليهم وإمهالهم (ولكن أكثرهم لا يشكرون) نعمه .

(وما تكون في شأن) أمر (وما تتلوا منه) من الشأن أو الله (من قرءان ولا تعلمون) أنت وأمتك (من عمل إلا كنا عليكم شهودا) رقباء (إذ تفيضون فيه) تخوضون في العمل (وما يعزب) ما يغيب وما يبعد (عن ربك) عن علمه

ص: 31

لورود الكلام لإعلام حال أهلها (وَلا فِي السَّماءِ) عموما الحاصل لاح الكلّ لعلمه الكامل (وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ) ممّا مرّ (وَلا أَكْبَرَ) ممّا مرّ (إِلَّا) مسطور (فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ( 61 ) ساطع محصحص وهو اللوح المحروس المعصوم .

(أَلا) اعلموا (إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ) أودّاءه وطوّعه (لا خَوْفٌ) لا روع وهول (عَلَيْهِمْ) حالا (وَلا هُمْ) لصوالح أعمالهم (يَحْزَنُونَ) ( 62 ) مالا .

(الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَكانُوا) دواما (يَتَّقُونَ) ( 63 ) الآصار والمعارّ

(لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) رواهم الصوالح كما ورد وصحّحه الحاكم ، أو ودّ أهل العالم أو السمع أو احساس دارالسلام ودرك محامد المعاد حال إدراك السام (وَفِي الْآخِرَةِ) والمراد سلام الأملاك واعلامهم لهم ورود دارالسلام ، (لا تَبْدِيلَ) أصلا (لِكَلِماتِ اللَّهِ) أوامره وكلامه الواعد والموعد (ذلِكَ) حصول الإعلام السارّ حالا ومالا (هُوَ) وحده (الْفَوْزُ) حصول المسارّ ووصول المرام (الْعَظِيمُ) ( 64 ) الكامل .

----------

(من مثقال ذرة) وزن نملة صغيرة (في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر) بالفتح اسمان للا، والرفع على الابتداء (إلا في كتاب مبين) بين هو اللوح المحفوظ .

(ألا إن أولياء الله) أهل طاعته (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) يوم القيامة .

(الذين ءامنوا وكانوا يتقون) المعاصي .

(لهم البشرى في الحيوة الدنيا) هي ما بشر الله به المتقين في القرآن أو بشرى الملائكة عند الموت، وروي هي الرؤيا الحسنة يراها المؤمن أو ترى له (وفي الآخرة) بالجنة (لا تبديل لكلمات الله) لا خلف لعداته (ذلك) المذكور من البشرى (هو الفوز العظيم ولا يحزنك

ص: 32

(وَلا يَحْزُنْكَ) محمّد ( ص ) (قَوْلُهُمْ) ردّهم لك ومحالهم لإهلاكك وإهدار أمرك (إِنَّ الْعِزَّةَ) العلوّ والسطو (لِلَّهِ) مالك الملك ومرسل الرسل (جَمِيعاً) طرّا وهو حال والكلام كالمعلّل للردع (هُوَ) اللّه (السَّمِيعُ) لكلامهم لا سواه (الْعَلِيمُ) ( 65 ) لحالهم ومكرهم وهو معاملهم كأعمالهم .

(أَلا) اعلموا (إِنَّ لِلَّهِ) ملكا وأسرا كلّ (مَنْ) حلّ (فِي السَّماواتِ) كلّها (وَ) كلّ (مَنْ) حلّ (فِي الْأَرْضِ) طرّا وهم أولو العلم الأملاك والأرواح وأولاد آدم (وَما) للإعدام أو للسؤال أو للموصول (يَتَّبِعُ) الملأ (الَّذِينَ يَدْعُونَ) ادّعاء والعا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (شُرَكاءَ) سهماء مع اللّه وعدلاء عدلا وسدادا كما هو وهمهم (إِنَّ) ما (يَتَّبِعُونَ) أمرا (إِلَّا الظَّنَّ) الوهم المردود (وَإِنْ) ما (هُمْ إِلَّا) رهط (يَخْرُصُونَ) ( 66 ) ولعا وإلحاد .

(هُوَ) اللّه (الَّذِي جَعَلَ) كرما ورحما (لَكُمُ اللَّيْلَ) أسود (لِتَسْكُنُوا) لرواحكم وركودكم (فِيهِ) وأسر (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) له لمع وسطوع لإحساسكم المصامد والمصالح وهو اعلام لكمال طوله (إِنَّ فِي

----------

قولهم) تكذيبهم لك وغيره وقرىء بضم الياء من أحزن (إن العزة الله جميعا) استئناف معلل كأنه قيل لا تحزن لقولهم لأن الغلبة لله فينصرك عليهم (هو السميع) لقولهم (العليم) بعملهم فيجازيهم به .

(ألا إن لله من في السموات ومن في الأرض) خلقا وملكا (وما يتبع الذين يدعون من دون الله) يعبدون غيره (شركاء) له في الحقيقة (إن يتبعون) في اتخاذ الشركاء (إلا الظن وإن هم إلا يخرصون) يكذبون في ذلك .

(هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا) أن يبصر فيه فأسند إليه الإبصار مجازا (إن في ذلك لآيات) على وحدانيته (لقوم يسمعون) سماع تعقل .

ص: 33

ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) دوالّ إلّ وألوّ (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) ( 67 ) سماع علم ودهاء .

(قالُوا) الهود ورهط روح اللّه وسواهم اللاؤا ادّعوا الأملاك أولاد اللّه (اتَّخَذَ اللَّهُ) الأحد الصمد (وَلَداً سُبْحانَهُ) كلام مطهّر عمّا وصموا (هُوَ) اللّه (الْغَنِيُّ) عمّا ادّعوه وهو معلّل لطهره عمّا وصموه (لَهُ) ملكا وأسرا كلّ (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) كلّها (وَ) كلّ (ما) ركد (فِي الْأَرْضِ) عموما (إِنْ) ما (عِنْدَكُمْ) أهل العدول والطلاح (مِنْ سُلْطانٍ) دالّ (بِهذا) الادّعاء (أَ تَقُولُونَ) ولعا (عَلَى اللَّهِ) الملك السلام (ما) كلاما (لا تَعْلَمُونَ) ( 68 ) سداده .

(قُلْ) لهم رسول اللّه (إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يَفْتَرُونَ) عمدا (عَلَى اللَّهِ) السلام (الْكَذِبَ) الولع وادّعوا له ولدا (لا يُفْلِحُونَ) ( 69 ) أصلا وما هم السعداء .

هو أو لهم (مَتاعٌ) حمّ (فِي) الدّار (الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا) إله الكلّ (مَرْجِعُهُمْ) المعهود مالا (ثُمَّ نُذِيقُهُمُ) أطعمهم (الْعَذابَ) ألمه

----------

(قالوا) أي أهل الكتاب أو مشركو العرب (اتخذ الله ولدا) قال تعالى (سبحانه) تنزيها له عما قالوا (هو الغني) عن كل شيء (له ما في السموات وما في الأرض) ملكا وخلقا وعبيدا (إن) ما (عندكم من سلطان) حجة (بهذا) الذي قلتم (أتقولون على الله ما لا تعلمون) توبيخ على قولهم ذلك .

(قل إن الذين يفترون على الله الكذب) بنسبة الولد والشريك إليه (لا يفلحون) لا يفوزون بثواب لهم .

(متاع في الدنيا) يتمتعون به أياما قلائل (ثم إلينا مرجعهم) بالموت (ثم نذيقهم العذاب الشديد) بالنار (بما يكفرون)

ص: 34

(الشَّدِيدَ) المؤلم معلّلا (بِما كانُوا) الحال دار الأعمال (يَكْفُرُونَ) ( 70 ) ردّا وصدودا .

(وَاتْلُ) ادرس محمّد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) أهل الحرم (نَبَأَ) الرسول (نُوحٍ) أطول الرسل عمرا وهو (إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) المرسل لهم مهدّدا (يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ) عسر (عَلَيْكُمْ) لطلاحكم وسوء أسراركم (مَقامِي) طول العهد معكم (وَتَذْكِيرِي) لكم (بِآياتِ اللَّهِ) دوالّ إلّه وأعلام ألوّه (فَعَلَى اللَّهِ) لا سواه (تَوَكَّلْتُ) وكولا كاملا (فَأَجْمِعُوا) أحكموا (أَمْرَكُمْ) مرادكم وهو إهلاك الرسول المصلح لهم (وَشُرَكاءَكُمْ) مع السهماء (ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ) ومرادكم ومكركم (عَلَيْكُمْ غُمَّةً) همّا وكمدا أو مكموما (ثُمَّ اقْضُوا) أمركم وأدّوه (إِلَيَّ) واعلموه (وَلا تُنْظِرُونِ) ( 71 ) اطرحوا الإمهال .

(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) عداء وحسدا وحصل صدودكم عمّا أمر اللّه وأعلمكم (فَما سَأَلْتُكُمْ) أصلا (مِنْ أَجْرٍ) عدل وعطاء صاد لكم (إِنْ) ما (أَجْرِيَ)

----------

بكفرهم.

(واتل عليهم نبأ نوح) خبره (إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر) عظم (عليكم مقامي) إقامتي فيكم (وتذكيري) وعظي إياكم (بآيات الله) بحججه (فعلى الله توكلت) به وثقت (فاجمعوا أمركم) اعزموا على أمر تكيدونني به (وشركاءكم) أي مع شركائكم (ثم لا يكن أمركم عليكم غمة) مغطى أي أظهروه (ثم اقضوا إلي) امضوا لما في أنفسكم (ولا تنظرون) لا تمهلوني فإن الله يعصمني منكم .

(فإن توليتم) عن نصحي (فما سألتكم من أجر) ثواب عليه فيثقل عليكم فتولوا (إن أجري) ما ثوابي على أداء الرسالة (إلا على الله وأمرت أن أكون من

ص: 35

للإرسال والإعلام (إِلَّا عَلَى اللَّهِ) المرسل (وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ) معدودا (مِنْ) الملأ (الْمُسْلِمِينَ) ( 72 ) لأمره وحكمه .

(فَكَذَّبُوهُ) وأصرّوا ردّا (فَنَجَّيْناهُ) الرسول عمّا أهلكه الماء (وَمَنْ) حمل (مَعَهُ) حال مدّ الماء (فِي الْفُلْكِ) المدعوّ ودعا (وَجَعَلْناهُمْ) رهطا معه (خَلائِفَ) ملّاك محالّ الأعداء وممالكهم (وَأَغْرَقْنَا) الملأ (الَّذِينَ كَذَّبُوا) عوّروا طلاحا (بِآياتِنا) دوالّ الإلّ (فَانْظُرْ) محمّد ( ص ) (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) مال حال الملأ (الْمُنْذَرِينَ) ( 73 ) وهو مهدّد لرهط هوّلهم رسول اللّه صلعم ومسلّ له .

(ثُمَّ) لمّا مرّ دهر (بَعَثْنا) إرسالا (مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا) ك « هود » وصالح ولوط (إِلى قَوْمِهِمْ) كلّ واحد لرهط (فَجاؤُهُمْ) وردوهم واعلموهم (بِالْبَيِّناتِ) الدوالّ اللوامع والأعلام السواطع لدعواهم (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) وأصرّوا طلاحا (بِما كَذَّبُوا بِهِ) وردّوه (مِنْ قَبْلُ) أمام إرسال الرسل وهو السداد والحاصل ما حصل لهم حال ورود الرسل إلّا حسد وطلاح (كَذلِكَ) كما وسم أسرارهم وحصل لها صداء (نَطْبَعُ) أسم (عَلى

----------

المسلمين) المستسلمين لأمره .

(فكذبوه) تثبتوا على تكذيبه (فنجيناه) من الغرق (ومن معه في الفلك) السفينة وكانوا ثمانين (وجعلناهم خلائف) من المغرقين (وأغرقنا) بالطوفان (الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين) فليحذر غيرهم .

(ثم بعثنا من بعده) بعد نوح (رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به) أي أوائلهم وهم قوم نوح (من قبل) قبل بعث الرسل (كذلك نطبع على قلوب المعتدين) بالكفر وإسناد الطبع إليه تعالى مجاز عن

ص: 36

قُلُوبِ) الملأ (الْمُعْتَدِينَ) ( 74 ) حدود الطلاح .

(ثُمَّ بَعَثْنا) إرسالا (مِنْ بَعْدِهِمْ) هؤلاء الرسل . (مُوسى وَهارُونَ) معا (إِلى فِرْعَوْنَ) ملك مصر (وَمَلَائِهِ) رهطه (بِآياتِنا) دوالّ الإلّ وأعلام الألوّ (فَاسْتَكْبَرُوا) علوا وكرهوا الإسلام لهما (وَكانُوا) ملك مصر ورهطه (قَوْماً مُجْرِمِينَ) ( 75 ) عاودوا الآصار والمعارّ .

(فَلَمَّا جاءَهُمُ) الأمر (الْحَقُّ) الأسدّ مع رسولهم (مِنْ عِنْدِنا) وعلموه (قالُوا) لودّهم الأهواء وكمال مرودهم (إِنَّ هذا) الأمر (لَسِحْرٌ مُبِينٌ) ( 76 ) محصحص ساطع .

(قالَ) لهم (مُوسى) رسولهم (أَ تَقُولُونَ) حسدا وعداء (لِلْحَقِّ) الأمر الأسدّ (لَمَّا جاءَكُمْ) وردكم هو سحر وأعاد (أَ سِحْرٌ هذا) مؤكّدا للردّ (وَلا يُفْلِحُ) الملأ (السَّاحِرُونَ) ( 77 ) أصلا وهو كلام الرسول أو كلامهم .

(قالُوا) لرسولهم (أَ جِئْتَنا) رسولا (لِتَلْفِتَنا) للصدّ والردّ (عَمَّا) أمر وطوع (وَجَدْنا عَلَيْهِ) إصرارا (آباءَنا) الرؤساء وهو طوع دماهم أو طوع

----------

ترك قسرهم على الإيمان .

(ثم بعثنا من بعدهم) بعد أولئك الرسل (موسى وهرون إلى فرعون وملإيه بآياتنا) التسع (فاستكبروا) على الإيمان (وكانوا قوما مجرمين) عاصين (فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين) واضح .

(قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم) إنه لسحر (أسحر هذا) إنكار لما قالوا (ولا يفلح الساحرون) لا يظفرون بحجة فلو كان سحرا لبطل .

(قالوا أجئتنا لتلفتنا) تصرفنا (عما وجدنا عليه ءاباءنا) من الدين (وتكون لكما الكبرياء) الملك (في الأرض) أرض مصر (وما نحن لكما

ص: 37

ملك مصر (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ) العلوّ والملك (فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر (وَما نَحْنُ لَكُما) أصلا (بِمُؤْمِنِينَ) ( 78 ) سماعا وطوّاعا .

(وَقالَ فِرْعَوْنُ) وأمر عمّاله (ائْتُونِي) لردّ أمر الرسول (بِكُلِّ ساحِرٍ) ورووا سحّار (عَلِيمٍ) ( 79 ) ماهر .

(فَلَمَّا جاءَ) ورد (السَّحَرَةُ) سحار ممالكه للموعد وأمروا الرسول (قالَ لَهُمْ) أمرهم (مُوسى) الرسول (أَلْقُوا) اطرحوا كلّ (ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ) ( 80 ) طارحوه .

(فَلَمَّا أَلْقَوْا) طرحوا أصدادهم وهراواهم (قالَ) لهم (مُوسى ما) أمر وهو محكوم (جِئْتُمْ بِهِ) هو (السِّحْرُ) وهو محمول ، ورووا آلسّحرُ والمراد أهو السحر وح « ما » للسؤال (إِنَّ اللَّهَ) أحكم الحكماء (سَيُبْطِلُهُ) المراد الطمس والإهدار (إِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يُصْلِحُ ) أصلحه وطده وآده أو أماط دعره (عَمَلَ) الملأ (الْمُفْسِدِينَ) ( 81 ) الدعّار .

(وَيُحِقُّ) إحكاما (اللَّهُ) العدل (الْحَقَّ) العدل والسداد (بِكَلِماتِهِ) أوامره وأحكامه ومواعده ، ورووا موحّدا (وَلَوْ كَرِهَ) الملأ (الْمُجْرِمُونَ) ( 82 ) اعلاءه .

----------

بمؤمنين) بمصدقين .

(وقال فرعون ائتوني بكل ساحر) وقرىء سحار (عليم) حاذق في السحر (فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فلما ألقوا) حبالهم وعصيهم (قال موسى ما) الذي (جئتم به) هو (السحر إن الله سيبطله) سيمحقه (إن الله لا يصلح عمل المفسدين) لا يقويه (ويحق الله الحق بكلماته) يثبته بمواعيده (ولو كره المجرمون) ذلك .

ص: 38

(فَما آمَنَ) أحد (لِمُوسى) الرسول أوّل أمره (إِلَّا ذُرِّيَّةٌ) رهط (مِنْ) أولاد (قَوْمِهِ) الهاء إمّا للرسول أو لملك مصر (عَلى) مع (خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ) الملك الحادل (وَمَلَائِهِمْ) والمعاد هو الملك والمراد ملاء آله أو الأولاد أو أراد ملأ هؤلاء الرهط (أَنْ يَفْتِنَهُمْ) الملك (وَإِنَّ فِرْعَوْنَ) الطالح (لَعالٍ) عاد وداعر أو مكوّح (فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر (وَإِنَّهُ لَمِنَ) الملأ (الْمُسْرِفِينَ) ( 83 ) حدلا ودعرا وعلوّا وادّعاء للإلّ .

(وَقالَ مُوسى) الرسول لطوّعه لمّا أحسّ روعه لهم (يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ) سدادا (بِاللَّهِ) الواحد الأحد ودوالّ إلّه (فَعَلَيْهِ) لا سواه (تَوَكَّلُوا) كلوا أموركم له (إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) ( 84 ) لأوامره وأحكامه .

(فَقالُوا) حوارا للرسول (عَلَى اللَّهِ) الواحد الأحد لا سواه (تَوَكَّلْنا) ودعوا اللّهم (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا) إرسالا للمكاره (فِتْنَةً) محلّ محال ومكر (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ( 85 ) أهل الحدل والطلاح وهو وهمهم لو صلح وسد هؤلاء لما وصلهم المكاره .

----------

(فما ءامن لموسى إلا ذرية من قومه) كمؤمن آل فرعون وزوجته وماشطتها وجارية وزوجة (على خوف من فرعون وملإيهم) الضمير لفرعون على أن يراد به آله أو للقوم (أن يفتنهم) يعذبهم فرعون فيصرفهم عن دينهم وإفراد الضمير لأن الخوف من الملأ بسببه (وإن فرعون لعال) متكبر (في الأرض وإنه لمن المسرفين) المتجاوزين للحد في العتو بادعاء الربوبية .

(وقال موسى) لمن آمن به (يا قوم إن كنتم ءامنتم بالله فعليه توكلوا) به ثقوا (إن كنتم مسلمين) منقادين لحكمه .

(فقالوا على الله توكلنا) اعتمدنا (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين) لا

ص: 39

(وَنَجِّنا) إسلاما (بِرَحْمَتِكَ) وكرمك (مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) ( 86 ) حدلهم وسطوهم ومكرهم

(وَأَوْحَيْنا) إرسالا (إِلى) الرسول (مُوسى وَأَخِيهِ) المراد أمرا (أَنْ تَبَوَّءا) أعدّا (لِقَوْمِكُما) لحلول رهطكما (بِمِصْرَ بُيُوتاً) محال ركود أو طوع (وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ) هؤلاء (قِبْلَةً) مصلّاكم (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أدّوها سرّا روع الأعداء (وَبَشِّرِ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 87 ) سرّهم وأعلمهم امداد اللّه وإعلاء الأمر حالا وورود دارالسلام معادا .

(وَقالَ مُوسى) دعاء اللّهم (رَبَّنا) المالك (إِنَّكَ آتَيْتَ) الملك (فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ) ورهطه (زِينَةً) والمراد حلاهم وكساهم (وَأَمْوالًا) سوّاما وصروحا ومحالّ (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) العمر الماصل (رَبَّنا) كرّره مؤكّدا للإلحاح (لِيُضِلُّوا) سواهم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِكَ) صراط طوعك (رَبَّنَا اطْمِسْ) امح ورووا اطمس كأومر (عَلى أَمْوالِهِمْ) كلّها أو أهلكها وحوّل صورها (وَاشْدُدْ) أحكم الصداء والسواد (عَلى قُلُوبِهِمْ) أسرارهم (فَلا

----------

تسلطهم علينا فيفتتنوا بنا (ونجنا برحمتك من القوم الكافرين) من كيدهم .

(وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا) اتخذا (لقومكما بمصر بيوتا) للسكنى أو العبادة (واجعلوا بيوتكم قبلة) مصلى إذا منعكم فرعون الصلاة في مساجده (وأقيموا الصلوة) أديموها (وبشر المؤمنين) بالنصر والجنة خطاب لموسى أو لمحمد صلی الله علیه واله .

(وقال موسى ربنا إنك ءاتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا) اللام للعاقبة (عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم) امسخها (واشدد على قلوبهم) أي أهلكهم واخذلهم (فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم)

ص: 40

يُؤْمِنُوا ) حوار للدعاء وما دعا إلّا لما أعلمه اللّه عدم إسلامهم (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ) الحدّ (الْأَلِيمَ) ( 88 ) المؤلم وصار كما دعا وما أسلموا أمام إحساس الإصر ، ولمّا رأوا الإصر المؤلم أسلموا وما سلّمهم إسلامهم .

(قالَ) اللّه (قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما) دعاؤكما ومدعوّكما حاصل حال حلول موعده (فَاسْتَقِيما) أرسوا ودوما وأمسكا ما أمر كما اللّه وأوصلاه للعالم (وَلا تَتَّبِعانِّ) أصلا (سَبِيلَ) الملأ (الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ( 89 ) وهو إلحاح الدعاء لما رصد الرسول حلول مدعوّه أعواما عددها عدد موعده الكامل وهو عدد أوّل موعده .

(وَجاوَزْنا) رحما وكرما (بِبَنِي إِسْرائِيلَ) ومرّوا (الْبَحْرَ) المالح ووصلوا ساحله وسلموا (فَأَتْبَعَهُمْ) أدركهم (فِرْعَوْنُ) الملك (وَجُنُودُهُ) عساكره (بَغْياً) حدلا (وَعَدْواً) والمراد للحدل والعدو أو كلّ واحد حال ، ورووه « وعدوا » (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ) وصل ملك مصر (الْغَرَقُ) وعمّه الماء وحلّ هلاكه (قالَ آمَنْتُ) سدادا (أَنَّهُ) الأمر ، ورووه مكسورا (لا إِلهَ إِلَّا) اللّه (الَّذِي آمَنَتْ بِهِ) سدادا (بَنُوا إِسْرائِيلَ) رهط الرسول (وَأَنَا مِنَ )

----------

جواب الدعاء .

(قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما) فاثبتا على الدعوة قيل مكث فيهم بعد الدعاء أربعين سنة (ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) الجهلة في استعجال القضاء .

(وجاوزنا ببني إسرائيل) أي جوزناهم (البحر) حتى جاوزوه (فأتبعهم) لحقهم (فرعون وجنوده بغيا وعدوا) مفعول له أو حال (حتى إذا أدركه الغرق قال ءامنت أنه لا إله إلا الذي ءامنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) لم يؤمن

ص: 41

الملأ (الْمُسْلِمِينَ) ( 90 ) كرّر إسلامه طمعا لسماعه ودسّ الملك وملاء سائله حماء الداماء وكلّمه .

(آلْآنَ) حصل إسلامك (وَقَدْ عَصَيْتَ) اللّه (قَبْلُ) أوّل الأمر ومدد العمر (وَكُنْتَ) أوّلا (مِنَ) الملأ (الْمُفْسِدِينَ) ( 91 ) لصدّك وصدودك عمّا هو الإسلام والطوع للّه وحده .

(فَالْيَوْمَ) الحال (نُنَجِّيكَ) سلاما ، ورووه مع الحاء (بِبَدَنِكَ) عطلك لا مع الروح أو كاملا عمما أو مع درعك وهو حال (لِتَكُونَ لِمَنْ) لرهط (خَلْفَكَ) وراءك وهم طوّع الرسول وأرداءه أو سواهم لمّا سمعوا مال أمرك (آيَةً) أمارا وعلما للادّكار أو لعلم ولع دعواك الإلّ ، ولمّا هلك رماه الماء للساحل ورآه أهل مصر مطروحا وعلموه هالكا وراح وهمهم (وَإِنَّ) رهطا (كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) أهل الحرم (عَنْ آياتِنا) دوالّ الإلّ والإعلام الالوّ (لَغافِلُونَ) ( 92 ) لا علم ولا إدراك لهم أصلا .

(وَلَقَدْ بَوَّأْنا) كرما (بَنِي إِسْرائِيلَ) والمراد أحلّوا لمّا هلك عدوّهم

----------

إلا حين لم يقبل الإيمان فقيل له (ءالآن) آمنت (وقد عصيت قبل) بالكفر (وكنت من المفسدين) بالضلال والإضلال عن الإيمان .

(فاليوم ننجيك) بالتخفيف نلقيك على نجوة من الأرض وبالتشديد نخرجك ملاقيا على الماء (ببدنك) بجسدك خاليا من الروح أو بدرعك وكانت من ذهب يعرف بها (لتكون لمن خلفك) وراءك (آية) أي علامة تعرف بها أنك عبد مقهور أو عبرة وعظة (وإن كثيرا من الناس عن ءاياتنا لغافلون) لا يعتبرون بها .

(ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق) أنزلناهم منزلا محمودا وهو مصر أو

ص: 42

(مُبَوَّأَ صِدْقٍ) محلّا صالحا مودودا وهو مصر وما حوله (وَرَزَقْناهُمْ) رحما (مِنَ) المآكل (الطَّيِّباتِ) الحلال (فَمَا اخْتَلَفُوا) دام صلاحهم طرّا وأمسكوا أوامر اللّه (حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ) وردهم الطرس وعلموا مدلوله وأحكامه وأوّلوه كما أدّاه آراءهم وصاروا أرهاطا ، أو المراد علم سطوع محمّد ( ص ) وردّه رهط وأطاعه رهط (إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) مالك الكلّ (يَقْضِي) حكما عدلا (بَيْنَهُمْ) هؤلاء الأرهاط (يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود للعدل والعدل (فِيما) حكم (كانُوا) الحال (فِيهِ) الحكم (يَخْتَلِفُونَ) ( 93 ) إعلاما للصلاح وإهدارا للطلّاح .

(فَإِنْ كُنْتَ) رسول اللّه (فِي شَكٍّ) عمه إحماما أو الكلام مع الرسول والمراد سواه ، أو الكلام مع كلّ سامع (مِمَّا) أوامر الإسلام وأحكامه (أَنْزَلْنا) إرسالا (إِلَيْكَ فَسْئَلِ) علماء الهود (الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ) مع علم مدلوله وإدراك مرامه (الْكِتابَ) طرسهم المرسل لرسولهم (مِنْ قَبْلِكَ) أمام سطوعك ، وحاور رسول اللّه صلعم لا أهم ولا أسأل واعلم سداده (لَقَدْ جاءَكَ) الأمر

----------

الشام (ورزقناهم من الطيبات) اللذيذة (فما اختلفوا حتى جاءهم العلم) أي كانوا على الكفر فلما جاءهم العلم من جهة موسى وكتابه آمن فريق وكفر آخر وكانوا مقرين بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) حتى جاءهم القرآن أو معلومهم الذي اختلفوا في أمره (إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) بإنجاء المحق وتعذيب المبطل .

(فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك) من القصص فرضا أو من باب إياك أعني (فسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك) فإنه ثابت في كتبهم مطابق لما قصصنا (لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين) إذ لا مجال للشك فيه (ولا

ص: 43

(الْحَقُّ) الأسدّ وصار معلوما مدلّلا لك (مِنْ رَبِّكَ) إلهك (فَلا تَكُونَنَّ) أصلا (مِنْ) الملأ (المُمْتَرِينَ) ( 94 ) أهل الإعوار .

(وَلا تَكُونَنَّ) أصلا (مِنَ) الملأ (الَّذِينَ كَذَّبُوا) طلاحا (بِآياتِ اللَّهِ) دوالّ طوله (فَتَكُونَ) ح (مِنَ) الملأ (الْخاسِرِينَ) ( 95 ) حالا ومالا والمراد دم واحرس علمك وحالك وسدادك .

(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ) احكم (كَلِمَتُ) كلام (رَبِّكَ) إلهك مرسوم اللوح ومعلوم الأملاك وهو حكم هلاكهم مع الطلاح أو وعد احلالهم دار الساعور (لا يُؤْمِنُونَ) ( 96 ) أصلا لما علم اللّه عدم إسلامهم .

(وَلَوْ جاءَتْهُمْ) ورودا (كُلُّ آيَةٍ) سألوها (حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ) ألمه (الْأَلِيمَ) ( 97 ) المؤلم والمراد حال ورود السام أو حال حلول أحوال المعاد .

(فَلَوْ لا) هلّا والمراد ما (كانَتْ قَرْيَةٌ) ما المراد أهل مصر أهلكوا (آمَنَتْ) سدادا أمام حلول الحدّ والإصر (فَنَفَعَها) أهلها (إِيمانُها) إسلامهم وردّ اللّه إصرهم (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) الرسول وهم أهل أحد أمصار الموصل (لَمَّا) أرسل لهم الرسول وردّوه وألحدوا وأصرّوا طلاحا وعدولا ،

----------

تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين) خطاب له (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمراد غيره .

(إن الذين حقت) وجبت (عليهم كلمت ربك) لعنته أو وعيده (لا يؤمنون) مع قدرتهم على الإيمان (ولو جاءتهم كل آية) لرسوخهم في الكفر (حتى يروا العذاب الأليم فلو لا) فهلا (كانت قرية) من القرى المهلكة (ءامنت) قبل حلول العذاب بها (فنفعها إيمانها إلا) لكن (قوم يونس لما

ص: 44

وحرد رسولهم ووعدهم الإصر وطرحهم وراح ، وعلموا رواحه وراعوا حلول الحدّ والإصر وحولّوا كساهم وآسوا المسوح ودعوا وصاحوا عصر الهاء موعد رسول الهود و (آمَنُوا) أسلموا سدادا حال حلول الحدّ والإصر وهادوا ، وردّ كلّ واحد ما عطاه حدلا ، وعمدوا الصحراء وراحوا مع أهلهم وأولادهم وسوّامهم ، وصعصعوا وسط الإمام وأولادها وسمع دعاؤهم وإسلامهم أو هودهم ورحموا كما ورد (كَشَفْنا عَنْهُمْ) كرما ورحما (عَذابَ الْخِزْيِ) الدحور (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ) ممدودا (إِلى حِينٍ) ( 98 ) .

أمد أعمارهم وكمال مددهم (وَلَوْ شاءَ) أراد اللّه (رَبُّكَ) ملك العالم كلّه (لَآمَنَ) أسلم سدادا (مَنْ) أرهاط حلّوا (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء (كُلُّهُمْ) عموما (جَمِيعاً) معا (أَ فَأَنْتَ) محمّد ( ص ) (تُكْرِهُ) سطوا (النَّاسَ) أولاد آدم وما أراد اللّه إسلامهم (حَتَّى يَكُونُوا) هؤلاء (مُؤْمِنِينَ) ( 99 ) لك ولأوامرك .

(وَما كانَ ) ما صحّ (لِنَفْسٍ) ما (أَنْ تُؤْمِنَ) إسلامها (إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) روده أو علمه أو حكمه (وَيَجْعَلُ) اللّه (الرِّجْسَ) الإصر والحدّ أو الحرد أو الوسواس المارد مسلطا (على) الملأ (الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) ( 100 ) حدوده

----------

ءامنوا) حين رأوا أمارة العذاب (كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين) آجالهم .

(ولو شاء ربك) مشيئة قسر (لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) مع أنك لا تقدر عليه وهو تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) من تحسره وحرصه على إيمانهم .

(وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله) بلطفه وتوفيقه (ويجعل الرجس)

ص: 45

وأوامره وأحكامه .

(قُلِ) لأهل الحرم (انْظُرُوا) ادّكروا (ما) دالّ إلّ وعلم ألوّ (ذا) هو سطع (فِي السَّماواتِ) أدوارها وأحوالها (وَالْأَرْضِ) صروع أهلها وأحمالها وأطوادها وأكامها (وَما) لا أو للسؤال (تُغْنِي) هو الدسع (الْآياتُ) الدوال والأعلام (وَ) الرسل (النُّذُرُ) كلّهم (عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) ( 101 ) لا طمع لإسلامهم لما علم اللّه وحكم عدم إسلامهم .

(فَهَلْ) ما (يَنْتَظِرُونَ) هؤلاء الطّلاح حال ردّ أمرك أمرا (إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ) ملاحم الأمم (الَّذِينَ خَلَوْا) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (فَانْتَظِرُوا) ارسدوا حلوله (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ) الملأ (الْمُنْتَظِرِينَ) ( 102 ) وروده .

(ثُمَّ) لمّا حلّ الموعود (نُنَجِّي) سلاما (رُسُلَنا) وهو حال حكاها اللّه (وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا معهم (كَذلِكَ) كما سلّم الرسل ومسلموهم (حَقًّا) وطد وطودا (عَلَيْنا) كرما ورحما (نُنْجِ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 103 ) الرسول صلعم ورهطه لمّا ورد الإصر لهلاك العدّال .

----------

العذاب (على الذين لا يعقلون قل انظروا ما ذا) أي الذي أو أي شيء (في السموات والأرض) من الدلائل على الصانع (وما تغني الآيات والنذر) الحجج والرسل (عن قوم لا يؤمنون) لا يقبلونها ولا يريدون الإيمان .

(فهل) فما (ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم) أي مثل وقائعهم (قل فانتظروا) ذلك (إني معكم من المنتظرين) له .

(ثم ننجي رسلنا والذين ءامنوا كذلك) الإنجاء (حقا علينا ننجي المؤمنين قل يا أيها الناس) أي أهل مكة (إن كنتم في شك من ديني) وحقيقته (فلا أعبد

ص: 46

(قُلْ) لهم (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أهل الحرم (إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ) وهم (مِنْ) وطود (دِينِي) الإسلام وصحّه وسداده (فَلا أَعْبُدُ) دماكم وصوركم العواطل (الَّذِينَ تَعْبُدُونَ) طوعا لها (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (وَلكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ) الملك الواحد (الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ) هو مهلككم عطوا لأرواحكم (وَأُمِرْتُ) أمر اللّه (أَنْ أَكُونَ) دواما (مِنْ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 104 ) أهل الإسلام له .

(وَ) أمر (أَنْ أَقِمْ) سدّد (وَجْهَكَ) واطرح الركوح (لِلدِّينِ) الإسلام (حَنِيفاً) راكحا للإسلام وهو حال (وَلا تَكُونَنَّ) أصلا (مِنَ) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) ( 105 ) مع اللّه إلها سواه .

(وَلا تَدْعُ) المراد الطوع (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (ما) مالوها (لا يَنْفَعُكَ) حال الدعاء (وَلا يَضُرُّكَ) حال الإعراء (فَإِنْ فَعَلْتَ) ما مرّ (فَإِنَّكَ إِذاً) ح (مِنْ) الملأ (الظَّالِمِينَ) ( 106 ) أهل الحدل والصدود .

(وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ) العدل (بِضُرٍّ) عسر أو داء (فَلا كاشِفَ لَهُ) للعسر والداء أصلا (إِلَّا هُوَ) إلّا اللّه (وَإِنْ يُرِدْكَ) اللّه (بِخَيْرٍ) ملاء وصحّ

----------

الذين تعبدون من دون الله) أي الأصنام (ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم) بقبض أرواحكم وفيه تهديد (وأمرت أن أكون من المؤمنين) به .

(وأن أقم وجهك للدين حنيفا) مائلا إليه (ولا تكونن من المشركين ولا تدع) تعبد (من دون الله ما لا ينفعك) إن دعوته (ويضرك) إن تركته (فإن فعلت) فرضا أو من باب إياك أعني (فإنك إذا من الظالمين وإن يمسسك الله) يصيبك (بضر) شدة وبلاء (فلا كاشف) رافع (له إلا هو وإن يردك بخير) نعمة ورخاء (فلا راد) مانع (لفضله) الذي أرادك به (يصيب به) بالخير (من

ص: 47

(فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ) لمراده (يُصِيبُ) اللّه (بِهِ) السوء والصلاح (مَنْ) كلّ أحد (يَشاءُ) إكرامه أو دحوره (مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ) اللّه (الْغَفُورُ) المحّاء للآصار والمعارّ (الرَّحِيمُ) ( 107 ) المسح للالاء .

(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (يا أَيُّهَا النَّاسُ) أهل الحرم (قَدْ جاءَكُمُ) الأمر (الْحَقُّ) كلام اللّه أو رسوله (مِنْ رَبِّكُمْ) مالككم ومصلحكم ولا محلّ للادلاء والمراء لكم ح (فَمَنِ اهْتَدى) سار سواء الصراط وأسلم (فَإِنَّما) ما (يَهْتَدِي) للإسلام والطوع إلّا صلاحا (لِنَفْسِهِ وَمَنْ) كلّ أحد (ضَلَّ) سواء الصراط والحدّ (فَإِنَّما يَضِلُّ) دركا (عَلَيْها) لا سواها (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ) أهل الحرم (بِوَكِيلٍ) ( 108 ) حارس موكول له أمركم .

(وَاتَّبِعْ) محمّد ( ص ) وأطع وأعلم وأوصل كلّ (ما يُوحى) إرسالا (إِلَيْكَ وَاصْبِرْ) لإعلام الأحكام واحمل مكارههم (حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ) العدل لك إمدادا أو أمرا للعماس (وَهُوَ) اللّه (خَيْرُ الْحاكِمِينَ) ( 109 ) أصلح الحكّام وأعدلهم لما هو مطلع الاسرار وحده .

----------

يشاء من عباده وهو الغفور) لذنوبهم (الرحيم) بهم .

(قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم) رسوله وكتابه (فمن اهتدى) باتباعه (فإنما يهتدي لنفسه) لعود نفعه إليها (ومن ضل) عن اتباعه (فإنما يضل عليها) لعود وباله إليها (وما أنا عليكم بوكيل) بحفيظ وإنما علي البلاغ (واتبع ما يوحى إليك) بالامتثال (واصبر) على أذاهم (حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين).

ص: 48

ص: 49

سورة هود

ص: 50

( سورة هود ) موردها أمّ الرحم ومحصول مدلولها :

إعلام سرّ كلام اللّه المرسل ، وعلم اللّه لأسرار العالم ، والومء لأسر السماء الأطلس وأوّل حاله ، ولوم ودّاد العمر الماصل لا سواه ، ودحور أهل الحدل وطردهم ، وأحوال أهل الصدود وأهل الإسلام وأحوال هود الرسول وإهلاك رهط عاد وأحوال صالح الرسول ورهطه ، وأحوال لوط وإهلاك رهطه ، وإعلام الأملاك لرسول أوّاه حصول الولد له حال الهرم ، وأحوال رسول الهود وعدوّ اللّه ملك مصر ، وأحوال المعاد وأحوال السعداء والطلاح معادا ، والأمر للرسول صلعم لدوام الطوع وإعلام أحوال الأمم الأوّل ، وللركود الصدور وأحكامها ، والأمر لوكول الأمور كلّها للّه .

ص: 51

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(الر) اللّه أعلم ما أراد وهو محكوم محموله (كِتابٌ) مرسل أو هو محمول طرح محكومه (أُحْكِمَتْ) رصّع ورصّص (آياتُهُ) وسوره (ثُمَّ فُصِّلَتْ) أحكامه ومواعده ودوالّه (مِنْ لَدُنْ) صدد إله (حَكِيمٍ) مراع لحكم واسرار (خَبِيرٍ) ( 1 ) لمصالح الكلّ .

(أَلَّا تَعْبُدُوا) طوعا أحدا (إِلَّا اللَّهَ) الواحد الأحد وهو معلّل للكلام الأوّل أو صدر كلام (إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ) اللّه (نَذِيرٌ) مروّع لكلّ أحد عصاه وعدل معه إلها سواه (وَبَشِيرٌ) ( 2 ) سارّ لكلّ أحد أطاعه ووحّده .

----------

(سورة هود مائة وثلاث وعشرون آية مكية)

(وقيل إلا آية وأقم الصلاة )

بسم الله الرحمن الرحيم

(الر) مبتدأ (كتاب) خبره أو خبره محذوف (أحكمت آياته) أتقنت فلا خلل فيها في اللفظ والمعنى (ثم فصلت) بينت بالأحكام والمواعظ والقصص (من لدن) من عند (حكيم) في أفعاله (خبير) بمصالح خلقه .

(ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير) بالعقاب لمن كفر (وبشير) بالثواب لمن آمن (وأن استغفروا ربكم) من الشرك والمعاصي (ثم توبوا) ارجعوا

ص: 52

(وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا) اللّه (رَبَّكُمْ) مالككم ومصلحكم ووحّدوه (ثُمَّ تُوبُوا) هودوا (إِلَيْهِ) وطاوعوا أوامره (يُمَتِّعْكُمْ) الحال (مَتاعاً حَسَناً) عمرا ووسعا وآلاء ممدودا (إِلى) أصول (أَجَلٍ مُسَمًّى) محدود وهو السام (وَيُؤْتِ) اللّه مالا (كُلَّ ذِي فَضْلٍ) طول وطوع (فَضْلَهُ) طوله وكرمه وهو وعد للموحّد الواطد (وَإِنْ تَوَلَّوْا) صدّوا عمّا أمروا (فَإِنِّي) والمراد أعلمهم (أَخافُ عَلَيْكُمْ) لطلاحكم (عَذابَ يَوْمٍ) موعود (كَبِيرٍ) ( 3 ) طوال وهو المعاد ، أو المراد عصر العسر واللأواء .

(إِلَى اللَّهِ) لا سواه (مَرْجِعُكُمْ) مالكم ومعادكم وهو مصدر (وَهُوَ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) أراد (قَدِيرٌ) ( 4 ) كامل ألوّ .

(أَلا) اعلموا (إِنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (يَثْنُونَ) وهو الصدود والحول (صُدُورَهُمْ) لكمال طلاحهم (لِيَسْتَخْفُوا) لروم الأسرار (مِنْهُ) اللّه (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ) كرها لسماع كلام اللّه (ثِيابَهُمْ) كساهم (يَعْلَمُ) اللّه العلام كلّ (ما يُسِرُّونَ) سوءا (وَ) كلّ (ما يُعْلِنُونَ) طلاحا (إِنَّهُ) اللّه (عَلِيمٌ) كامل علم (بِذاتِ الصُّدُورِ) ( 5 ) الأسرار أو الأرواح وأحوالها .

----------

إليه بالطاعة أو أخلصوا التوبة واستقيموا عليها (يمتعكم متاعا حسنا) في الدنيا بطيب عيش وسعة زهق (إلى أجل مسمى) أي الموت (ويؤت) في الآخرة (كل ذي فضل) عمل صالح (فضله) جزاء فضله، أو الهاء لله أي ثوابه (وإن تولوا) تعرضوا (فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير) يوم القيامة .

(إلى الله مرجعكم) فيه (وهو على كل شيء قدير) ومنه الإثابة والتعذيب (ألا إنهم يثنون صدورهم) يطوونها على عداوة النبي (ليستخفوا منه) من الله أو النبي (ألا حين يستغشون ثيابهم) يتغطون بها (يعلم) أي الله (ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور) بمكنونات القلوب .

ص: 53

(وَما مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (دَابَّةٍ) كلّ ما سار مهلا (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء والمراد العموم (إِلَّا عَلَى اللَّهِ) المالك للكلّ الواسع الموسع (رِزْقُها) طعمها وأكلها وهو مدرهه كرما ورحما (وَيَعْلَمُ) اللّه (مُسْتَقَرَّها) مركده ومحلها حالا (وَمُسْتَوْدَعَها) مودعها أوّل الأمر كالأرحام وما عداها (كُلٌّ) كلّ واحد ممّا مرّ مسطور (فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ( 6 ) ساطع وهو اللوح المحروس .

والمراد علم اللّه العالم وهو كلام لإعلام عموم علمه .

(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي خَلَقَ) صوّر (السَّماواتِ) كلّها (وَ) صوّر (الْأَرْضَ) ما وسطهم معا (فِي) لهاء (سِتَّةِ أَيَّامٍ) أوّلها الأحد (وَكانَ عَرْشُهُ) أمام أسرهما محطوطا (عَلَى الْماءِ) والماء علو الهواء وهو كلام لإعلاء كمال طوله وأسرهما ورصّع مصالحهما (لِيَبْلُوَكُمْ) أهل العالم (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ) أصلح (عَمَلًا) وأطوع للّه وأورع عمّا حرّمه وأكمل علما وعملا وأسرع طوعا كلّ أحد أطاعه صار مكرّما وكلّ أحد عصاه صار مدحورا (وَ) اللّه (لَئِنْ قُلْتَ) محمّد ( ص ) لهم (إِنَّكُمْ) أهل العالم كلّكم (مَبْعُوثُونَ) للحكم والعدل (مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ) الهلاك (لَيَقُولَنَّ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا

----------

(وما من دابة في الأرض) تدب عليها (إلا على الله رزقها) معاشها تكفل به تفضلا منه (ويعلم مستقرها) منزلها ومسكنها (ومستودعها) في مماتها والرحم (كل) مما ذكر (في كتاب مبين) هو اللوح المحفوظ .

(وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام) مقدارها كما مر من الأحد إلى الجمعة (وكان عرشه على الماء) قبل خلقها والماء قائم بقدرة الله أو على متن الريح (ليبلوكم) متعلق بخلق (أيكم أحسن عملا) أصوبه (ولئن قلت) لهم (إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا إن هذا) القول (إلا سحر

ص: 54

عمّا أمروا (إِنْ) ما (هذا) الحكم أو كلام اللّه الملوح له (إِلَّا سِحْرٌ) كالسحر مكرا ومحلا ، ورووا ساحر وح المراد الرسول الحاكم له (مُبِينٌ) ( 7 ) ساطع .

(وَلَئِنْ أَخَّرْنا) إمهالا (عَنْهُمُ الْعَذابَ) الألم (إِلى) مرور (أُمَّةٍ) أعصار (مَعْدُودَةٍ) أماصل (لَيَقُولُنَّ) أولو العدول ولوعا (ما يَحْبِسُهُ) ما الصاد له وما الحاصر لوروده ، وهو كلام إلهاد وإلحاد وأورد ردّا لهم (أَلا) اعلموا (يَوْمَ يَأْتِيهِمْ) والإصر والحد (لَيْسَ) هو (مَصْرُوفاً) مصدودا مردودا (عَنْهُمُ) أهل معاص (وَحاقَ) حلّ وأحاط (بِهِمْ ما) إصر وحدّ (كانُوا) أوّلا (بِهِ) وروده (يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 8 ) ورها .

(وَلَئِنْ) اللام ممهّد للعهد (أَذَقْنَا) كرما (الْإِنْسانَ) العادل أو هو عام (مِنَّا رَحْمَةً) صحّا وسلاما ووسعا (ثُمَّ نَزَعْناها) سطوا (مِنْهُ) حوّلها وأوصل أوسها داء وهمّا وعسرا (إِنَّهُ لَيَؤُسٌ) حال وصول اللأواء (كَفُورٌ) ( 9 ) حال حصول السّرّاء .

----------

مبين) تمويه بين لا حقيقة له وقرىء ساحر والضمير للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) .

(ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة) أوقات قليلة قال الصادق (عليه السلام): هي أصحاب المهدي عدة أصحاب أهل بدر (ليقولن) استهزاء (ما يحبسه) يمنعه من الحلول (ألا يوم يأتيهم) العذاب (ليس مصروفا عنهم وحاق) نزل (بهم ما كانوا به يستهزءون) من العذاب .

(ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة) منحناه نعمة كصحة وسعة (ثم نزعناها) سلبناها (منه إنه ليئوس) شديد اليأس من رحمة الله (كفور) شديد الكفر به أو بالنعم .

ص: 55

(وَلَئِنْ) واللام كما مرّ (أَذَقْناهُ) ولد آدم (نَعْماءَ) سرّاء (بَعْدَ) وصول (ضَرَّاءَ) عسر (مَسَّتْهُ) المس الوصول (لَيَقُولَنَّ) ولد آدم (ذَهَبَ) راح وطاح الأحوال (السَّيِّئاتُ) اللواء ساء وصولها (عَنِّي إِنَّهُ) ولد آدم عموما أو الملحد (لَفَرِحٌ) مرح (فَخُورٌ) ( 10 ) عال سامد مصعر صادّ عما امر له حال وصول الآلاء والسرّاء .

(إِلَّا) الملأ (الَّذِينَ صَبَرُوا) حملوا المكاره والمعاسر (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) وحمدوا حال حصول المواد والسراء (أُولئِكَ) الملأ (لَهُمْ) لصوالح أعمالهم (مَغْفِرَةٌ) محو آصار ومعار (وَ) لهم (أَجْرٌ كَبِيرٌ) ( 11 ) ورود دارالسلام ودوام السرور .

(فَلَعَلَّكَ) محمّد ( ص ) (تارِكٌ) طارح (بَعْضَ) أداء كسر (ما يُوحى) إرسالا (إِلَيْكَ) روع ردّهم وهول عدولهم (وَضائِقٌ) حصر (بِهِ) درسه صددهم (صَدْرُكَ) كره (أَنْ يَقُولُوا) عداء وعدولا (لَوْ لا) هلا (أُنْزِلَ) أرسل وأورد (عَلَيْهِ) محمّد (كَنْزٌ) مال مدسوس للإعطاء (أَوْ) لولا (جاءَ) لإمداده وماع كلامه (مَعَهُ مَلَكٌ) وأورد ردّا لهم (إِنَّما) ما

----------

(ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء) بلاء وشدة (مسته ليقولن ذهب السيئات) الشدائد (عني) فلا تعود إلي (إنه لفرح) بطر (فخور) على الناس بما أعطي (إلا الذين صبروا) على الضراء استثناء من الإنسان العام باللام وإن حمل على الكافر فمنقطع (وعملوا الصالحات) شكرا للنعماء (أولئك لهم مغفرة) لذنوبهم (وأجر كبير) هو الجنة.

(فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك) فلا تبلغهم إياه لاستهزائهم به (وضائق به صدرك) بتلاوته عليهم كراهة (أن يقولوا لو لا) هلا (أنزل عليه كنز) ينفقه

ص: 56

(أَنْتَ) محمّد ( ص ) إلّا رسول (نَذِيرٌ) مروّع مؤدّ ما أمر اللّه أداءه لا مرسل ما سألوه (وَاللَّهُ) كامل الألوّ (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما (وَكِيلٌ) ( 12 ) مطلع لأحوالهم ومعامل معهم كأعمالهم عدلا .

(أَمْ يَقُولُونَ) أولو العدول (افْتَراهُ) الكلام وسطره محمّد ( ص ) (قُلْ) رسول اللّه ردّا لهم (فَأْتُوا) أوردوا (بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ) كل عدله كمالا وإلماء للإسرار والحكم (مُفْتَرَياتٍ) سطّرها علماؤكم وكمّل رهطكم (وَادْعُوا) لإمداد والإسعاد كلّ (مَنِ) أحد (اسْتَطَعْتُمْ) دعاءه (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (إِنْ كُنْتُمْ) رهط الأعداء (صادِقِينَ) ( 13 ) لو صح دعواكم سطره محمّد ( ص ) .

(فَإِلَّمْ) حصل سؤالكم للأعداء وح الكلام مع محمّد رسول اللّه وحده أو معه ومع أهل الإسلام أو حصل دعاؤكم للارداء وح الكلام مع الأعداء (يَسْتَجِيبُوا) هؤلاء الأعداء أو الأرداء (لَكُمْ) وما أوردوا مسئولكم أما أمدّوكم (فَاعْلَمُوا) أهل الإسلام أو رهط الأعداء (أَنَّما) ما (أُنْزِلَ) أرسل الكلام إلّا

----------

(أو جاء معه ملك) يصدقه (إنما أنت نذير) وما عليك إلا البلاغ (والله على كل شيء وكيل) حفيظ فيجازيهم بقولهم وفعلهم .

(أم) أم منقطعة والهمزة فيها للإنكار (يقولون افتراه) أي القرآن (قل فأتوا بعشر سور مثله) في الفصاحة والبلاغة وحسن النظم (مفتريات) مختلقات فإنكم عرب فصحاء مثلي تحداهم أولا بعشر ثم لما عجزوا بسورة (وادعوا من استطعتم من دون الله) أي غيره ليعينوكم على المعارضة (إن كنتم صادقين) أني افتريته .

(فإن لم يستجيبوا لكم) خطاب له (صلى الله عليه وآله وسلّم) على التعظيم أو للمؤمنين معه أو للمشركين واللام للمدعوين (فاعلموا) أيها المؤمنون أو المشركون (أنما أنزل) متلبسا

ص: 57

موصولا (بِعِلْمِ اللَّهِ) ما سطّره أحد (وَ) اعلموا (أَنْ) مطروح الاسم محموله (لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا هُوَ) اللّه الواحد الأحد (فَهَلْ أَنْتُمْ) ح (مُسْلِمُونَ) ( 14 ) واطدوا اسلام أو محصوله سدادا .

(مَنْ) كلّ أحد (كانَ) الحال (يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا) لا المعاد (وَزِينَتَها) سرّاءها (نُوَفِّ) أودّ عمما وكملا (إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ) عدل أعمالهم كعطاء صعلوك ووصل رحم وسواهما (فِيها) والعدل الصح والسودد والوسع والأولاد وما سواها (وَهُمْ) معطو العدل (فِيها) الحال (لا يُبْخَسُونَ) ( 15 ) أمرا أصلا وهم أهل العدول أو الولّاع .

(أُولئِكَ) محاولو سرّاء الحال هم الملأ (الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ) المراد ما عدلهم (فِي) الدار (الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ) لعطوهم عدل أعمالهم الحال كملا (وَحَبِطَ) طاح (ما) للموصول أو للمصدر (صَنَعُوا) عملوا أو عملهم (فِيها) دار الحال أو دار المال وح هو معمول للعامل الأوّل (وَباطِلٌ) هدر كلّ (ما) عمل (كانُوا) هؤلاء العدّال (يَعْمَلُونَ) ( 16 ) لعدم إحكام أساسه

----------

(بعلم الله) بمواقع تأليفه في علو طبقته أو بأنه حق من عنده (وأن) مخففة أي واعلموا أنه (لا إله إلا هو) لعجز غيره عن مثل هذا المعجز (فهل أنتم مسلمون) ثابتون على الإسلام أو داخلون فيه بعد قيام الحجة .

(من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) بأعماله البر (نوف إليهم أعمالهم فيها) جزاؤها بالصحة والسعة ونحوهما (وهم فيها) في الدنيا (لا يبخسون) لا ينقصون .

(أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط) بطل (ما صنعوا فيها) في الآخرة فلا ثواب لهم لأنهم لم يريدوا به وجه لله (وباطل ما كانوا يعملون) لأنه لا لغير الله .

ص: 58

إسلاما .

(أَ فَمَنْ) كلّ مرء مسلم أو المراد محمّد رسول اللّه صلعم ، أو مسلمو أهل الطرس كولد سلام وطوّعه (كانَ) أساس أمره مؤسسا (عَلى بَيِّنَةٍ) إعلام صادر (مِنْ) اللّه (رَبِّهِ) مالكه ومصلحه وهو الروع السالم أو كلام اللّه (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ) عدل وهو كلام اللّه المرسل أو ملك ممدّ مسدّد صادر (مِنْهُ) اللّه (وَمِنْ قَبْلِهِ) أمام كلام اللّه أو رسوله أو الملك المرسل له (كِتابُ مُوسى) رسول الهود ورد (إِماماً) مطاعا وهو حال (وَرَحْمَةً) كمرء مرّ حاله أوّلا كلّا (أُولئِكَ) الرهط الممدوح حالهم (يُؤْمِنُونَ بِهِ) كلام اللّه ومأواهم دارالسلام (وَ) كلّ (مِنْ) أحد (يَكْفُرْ بِهِ) كلام اللّه (مِنَ الْأَحْزابِ) أهل الملل (فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ) مأواه ومورده (فَلا تَكُ) محمّد ( ص ) أو الكلام مع كلّ أحد صلح الكلام معه (فِي مِرْيَةٍ) إعوار ووهم صدر (مِنْهُ) كلام اللّه أو الموعد (إِنَّهُ) كلام اللّه الكلام (الْحَقُّ) مرسلا (مِنْ رَبِّكَ) مالكك ومصلحك (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أراد أهل الحرم (لا يُؤْمِنُونَ) ( 17 ) له .

----------

(أفمن كان على بينة) حجة (من ربه) وهو النبي أو المؤمنون (ويتلوه شاهد منه) عنهم (عليهم السلام): الذي على بينة من ربه الرسول والشاهد منه علي وقيل: هو جبرائيل أو القرآن (ومن قبله) قبل القرآن (كتاب موسى) التوراة ويتلوه أيضا في التصديق (إماما) يؤتم به حال (ورحمة) لمن آمن به وخبر قوله (أفمن) محذوف أي كمن ليس كل (أولئك) الكائنون على بينة (يؤمنون به) بالقرآن أو بمحمد (ومن يكفر به من الأحزاب) فرق الكفار (فالنار موعده) مصيره (فلا تك في مرية) في شك (منه) من القرآن (إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون به) لتركهم النظر .

ص: 59

(وَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) أكمل حدلا وصدودا (مِمَّنِ افْتَرى) حاك وسطّر (عَلَى اللَّهِ) الملك العدل (كَذِباً) إله معه إلها سواه أو ادّعاه ولدا أو ردّ ما أرسله (أُولئِكَ) الرهط (يُعْرَضُونَ) مالا (عَلَى) اللّه (رَبِّهِمْ وَيَقُولُ) الأملاك (الْأَشْهادُ) الحرّاس الكرام الرسّام الحال أو الرسل أو المراد أهل الاطلاع أو مساحلهم وأعدالها ممّا هو حصحص أعطالهم (هؤُلاءِ) الملأ الولّاع (الَّذِينَ كَذَبُوا) سطّروا الولع (عَلَى) اللّه (رَبِّهِمْ) مالكهم ومصلحهم ، وادّعوا له ولدا وسهماء (أَلا) اعلموا أهل الاطّلاع (لَعْنَةُ اللَّهِ) طرده وحرده محكوم (عَلَى) الملأ (الظَّالِمِينَ) ( 18 ) لعدلهم مع اللّه إلها سواه وردّهم ما أرسله .

(الَّذِينَ يَصُدُّونَ) مصدره الصد أو الصدود (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) مسلك وصوله وهو الإسلام (وَيَبْغُونَها) الصراط أو أهلها (عِوَجاً) أودا ركوحا لصدهم وردهم الإسلام (وَ) الحال (هُمْ بِالْآخِرَةِ) الموعود ورودها للعدل والعدل (هُمْ) لا سواهم كرّر مؤكّدا لردّهم المعاد (كافِرُونَ) ( 19 ) رادّوها .

----------

(ومن) أي لا أحد (أظلم ممن افترى على الله كذبا) فنسب إليه شريكا أو ولدا (أولئك يعرضون على ربهم) يوم القيامة فيحبسون (ويقول الأشهاد) جمع شاهد أو شهيد وهم الملائكة أو الأنبياء أو أئمة الحق من كل عصر (هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين) بكذبهم على الله .

(الذين يصدون عن سبيل الله) دينه (ويبغونها عوجا) يطلبون لها الانحراف ويصفونها به (وهم بالآخرة هم كافرون) حال وكرر هم تأكيدا .

ص: 60

(أُولئِكَ) أهل الصدّ والرد (لَمْ يَكُونُوا) أصلا (مُعْجِزِينَ) اللّه (فِي الْأَرْضِ) كلّها لو أولمهم أو أراد إصرهم وعاملهم عدل أعمالهم (وَما كانَ) أصلا (لَهُمْ) لهؤلاء العدّال (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (أَوْلِياءَ) اودّاء وأرداء ردّاد لمكارههم وآلامهم لو أراد اللّه آلامهم حالا وهو أمهلهم للمال لما أراد دوام آلامهم (يُضاعَفُ) مالا (لَهُمُ الْعَذابُ) لصدهم الطوّاع عمّا هو أصلح لهم وهو الإسلام (ما كانُوا) أهل الطلاح (يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) سماع السداد وهو وما هو وال له معلّل لما مرّ (وَما كانُوا يُبْصِرُونَ) ( 20 ) السداد واعلامه لعماهم عمّا هو صراطه وعدم إدراكهم له لكمال كرههم وحسدهم .

(أُولئِكَ) الطلاح الملأ (الَّذِينَ خَسِرُوا) وكسوا (أَنْفُسَهُمْ) لما عطوا الطّلاح أوس الصلاح ، وطرحوا طوع اللّه وألّهوا ما سواه (وَضَلَّ) طاح (عَنْهُمْ) ما أمدّهم (ما) آراء وأوهام (كانُوا) دار الأعمال (يَفْتَرُونَ) ( 21 ) وهو ادّعاؤهم امداد الأملاك ودماهم وساهما أو طاح ما عملوا وحصّلوا أوس الصلاح لمّا لا حاصل له إلا الهمّ والسدم دواما .

(لا) ردّ لكلام أهل الطلاح ووهمهم والمراد ما الأمر كما وهموا

----------

(أولئك لم يكونوا معجزين) فائتين الله أن يعذبهم (في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء) أنصار يمنعونهم من عذابه (يضاعف لهم العذاب) بكفرهم ومعاصيهم (ما كانوا يستطيعون السمع) للحق لبغضهم له فكأنهم لم يستطيعوا سماعه (وما كانوا يبصرون) ما يدل عليه لتركهم تدبره .

(أولئك الذين خسروا أنفسهم) بتعريضها للعقاب السرمدي (وضل) ذهب (عنهم ما كانوا يفترون) من الشركاء لله (لا جرم) لا محالة أو حقا (أنهم

ص: 61

(جَرَمَ) حصل كلامهم ووهمهم (أَنَّهُمْ) أهل الطلاح (فِي الْآخِرَةِ) المعاد والمال (هُمُ) عماد أورد للحصر (الْأَخْسَرُونَ) ( 22 ) لا أحد أكملهم وكسا وهمّا أو هو ردّ لما وصل معه والمراد لا محال ، أو هو وما وصل معه وحّد أو صار أمرا واحدا مدلوله حصل .

(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا) هكعوا وعادوا (إِلى) اللّه (رَبِّهِمْ أُولئِكَ) أولو الإسلام والعمل الصالح والهكوع (أَصْحابُ الْجَنَّةِ) أهلها وعمّارها (هُمْ فِيها) لا سواها (خالِدُونَ) ( 23 ) راكدوها دواما .

(مَثَلُ) حال (الْفَرِيقَيْنِ) الصالح والطالح وهو محكوم والمحمول (كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ) وهو حال أهل الطّلاح لما هم ما رأوا صراط السداد وما سمعوا أوامر اللّه (وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ) وهو حال أهل الصّلاح لما هم رأوا مسلك السواء وسمعوا أحكام اللّه (هَلْ يَسْتَوِيانِ) رهط العدول ورهط الإسلام (مَثَلًا) حالا لا (أَ فَلا تَذَكَّرُونَ) ( 24 ) والمراد ادّكروا .

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) رسولا مدعوا (نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) للإصلاح والإكمال وكلّمهم (إِنِّي) مكسور الأوّل (لَكُمْ) رسول (نَذِيرٌ) مروّع (مُبِينٌ) ( 25 )

----------

في الآخرة هم الأخسرون) الأكثر خسارة من غيرهم .

(إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا) أخشعوا (إلى ربهم) واطمأنوا إليه (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون مثل الفريقين) الكفرة والمؤمنين (كالأعمى والأصم والبصير والسميع) من قبيل اللف والنشر (هل يستويان مثلا) تشبيها (أفلا تذكرون) بالتأمل في الأمثال .

(ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني) بأني بفتح الهمزة وكسرها (لكم نذير

ص: 62

اصدع لكم الصراط السواء .

وهو (أَنْ لا تَعْبُدُوا) إلها (إِلَّا اللَّهَ) سواه (إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) حال طوعكم إلها سواه (عَذابَ يَوْمٍ) موعود (أَلِيمٍ) ( 26 ) أهله أو مؤلم .

(فَقالَ الْمَلَأُ) الرؤساء الكرام سموا ملأ لما ملئوا الاسرار علوّا وكمالا ، أو لما هم ملاء أحلاما وآراء صوالح (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وردّوا الإسلام (مِنْ قَوْمِهِ) المرسل لهم (ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً) مرءا (مِثْلَنا) لا طول لك ولا حول أرادوا الحراء إرسال الملك أو ملك الملك .

(وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ) أطاعك أحد أصلا (إِلَّا) الرعاع (الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) لا علو لهم وهم مطاوعوك حال حصول (بادِيَ الرَّأْيِ) أوّله أو ساطعه لهم (وَما نَرى لَكُمْ) أرادوا الرسول وطوّعه (عَلَيْنا) أصلا (مِنْ فَضْلٍ) مال وعلوّ وعلم أهلكم لإرسال اللّه والطوع لكم (بَلْ نَظُنُّكُمْ) كلّكم (كاذِبِينَ) ( 27 ) ما سدّ ارسالك وما صلح طوع طوّعك .

(قالَ) الرسول (يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ) اعلموا (إِنْ كُنْتُ) سالكا (عَلى)

----------

مبين) للإنذار .

(أن) أي بأن أو أي (لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم) مؤلم .

(فقال الملأ) الأشراف (الذين كفروا من قومه ما نراك إلا بشرا مثلنا) لا تفضلنا بشيء يوجب طاعتك علينا (وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا) أخساؤنا الذين لا مال لهم ولا جاه (بادي الرأي) ظاهره بلا تعمق من البدو أو ابتدائه من البدء أي وقت حدوث ظاهر رأيهم أو أوله (وما نرى لكم علينا من فضل) تستحقون به أنت وأتباعك أن نتبعكم (بل نظنكم كاذبين) في دعوى الرسالة .

(قال يا قوم أرأيتم) أخبروني (إن كنت على بينة) حجة تصدق دعواي

ص: 63

صراط (بَيِّنَةٍ) علم واعلام (مِنْ رَبِّي) اللّه (وَآتانِي) اللّه (رَحْمَةً) ألوكا وإرسالا (مِنْ عِنْدِهِ) كرما ورحما (فَعُمِّيَتْ) عماها اللّه وكمّها (عَلَيْكُمْ) طرّا (أَ نُلْزِمُكُمُوها) احملكموها إكراها (وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) ( 28 ) معادوها ورادوها .

(وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ) أداء الأوامر والأحكام وهو معلوم مما مرّ (مالًا) كراء (إِنْ) ما (أَجرِيَ) أوس الأداء (إِلَّا عَلَى اللَّهِ) المرسل الآمر الحاكم لا آمل إلّا اللّه (وَما أَنَا) لسؤالكم الطرد (بِطارِدِ) لطمع إسلامكم الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا والكلام ردّ لهم لما سألوا طردهم (إِنَّهُمْ) هؤلاء الملأ (مُلاقُوا) اللّه (رَبِّهِمْ) واصلوه ولدّاد طاردهم صدده أو هم كمّل أهل الإسلام لا اطردهم (وَلكِنِّي أَراكُمْ) رهط الأعداء (قَوْماً تَجْهَلُونَ) ( 29 ) مال أمركم ومعاد حالكم أو حالهم صدد اللّه وإكرامه لهم .

(وَ) سألهم الرسول إعلاما لهم (يا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي) إمدادا وردّا للآلام (مِنَ اللَّهِ) مالك الأمر حالا ومالا لا طارد لحكمه ولا رادّ لما أراده (إِنْ طَرَدْتُهُمْ) أهل الإسلام كما هو مسئولكم مع كمال حالهم وسداد أسرارهم كما

----------

(من ربي وءاتاني) منه (رحمة) نبوة (من عنده فعميت) خفيت (عليكم) لقلة تدبركم فيها (أنلزمكموها) أنلجئكم على قبولها (وأنتم لها كارهون) لا تريدونها .

(ويا قوم لا أسألكم عليه) على التبليغ (مالا) أجرا (إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين ءامنوا) كما سألتموني (إنهم ملاقوا ربهم) فيكرمهم ويجازي طاردهم (ولكني أراكم قوما تجهلون) الحق وأهله أي في سؤال طردهم .

(ويا قوم من ينصرني من الله) يمنعني من عذابه (إن طردتهم أفلا

ص: 64

هو الحال والمراد لا ممد ح (أَ فَلا) هلّا (تَذَكَّرُونَ) ( 30 ) المراد ادّكروا .

(وَلا أَقُولُ لَكُمْ) ولعا (عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ) الملك واسمحكم ما هو مرامكم (وَ) لمّا كلّموه ما أطاعك أهل إسلامك إلّا حسّا لا سرّا ، حاور (لا) أكلّم (أَعْلَمُ الْغَيْبَ) ولا أطّلع أسرارهم ولا أرسد إلا ساطع أحوالهم (وَلا أَقُولُ) لكم (إِنِّي مَلَكٌ) مرسل (وَلا أَقُولُ) لا أحكم إلهادا ووئاما لكلامكم ومواكم (لِلَّذِينَ تَزْدَرِي) الهادا أو حسدا (أَعْيُنُكُمْ) لعسرهم وعدمهم أوردها لإعلام هم ما حسلوهم إلّا لما رأوا ساطع حالهم وما علموا علوّ أمرهم وما راعوا كمال حالهم (لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ) مالك الملك والأمر (خَيْراً) صلاحا حالا ومالا والحال ما أعدّه اللّه لهم مالا أكمل ممّا أعطاكم حالا (اللَّهِ) العلّام (أَعْلَمُ بِما) أسرار وأحوال أسرّوها (فِي أَنْفُسِهِمْ) أرواعهم (إِنِّي إِذاً) لو أكلّم أمرا ممّا هو موهومكم (لَمِنَ) الملأ (الظَّالِمِينَ) ( 31 ) عملا .

(قالُوا) لرسولهم (يا نُوحُ) صه (قَدْ جادَلْتَنا) دهرا (فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا) اللدد والمراء (فَأْتِنا) أورد (بِما) إصر وحدّ (تَعِدُنا) مددا (إِنْ كُنْتَ) رسولا (مِنَ) الرسل (الصَّادِقِينَ) ( 32 ) ألوكا أو وعدا .

----------

تذكرون) تتعظون .

(ولا أقول لكم عندي خزائن الله) مقدوراته أو خزائن رحمته (ولا) أقول إني (أعلم الغيب) حتى تستعظموا ذلك (ولا أقول إني ملك) بل أنا بشر مثلكم (ولا أقول للذين تزدري) تحتقر (أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا) فإنه يؤتيهم في الآخرة ثوابه وكفى به خيرا (الله أعلم بما في أنفسهم) من الإخلاص وغيره (إني إذا لمن الظالمين) إن قلت شيئا من ذلك .

(قالوا يا نوح قد جادلتنا) خاصمتنا (فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا) من

ص: 65

(قالَ) الرسول محاورا لهم (إِنَّما) ما (يَأْتِيكُمْ بِهِ) مسئولكم إلّا (اللَّهُ إِنْ شاءَ) إرساله حالا أو مالا (وَما أَنْتُمْ) أصلا (بِمُعْجِزِينَ) ( 33 ) اللّه ما لكم طول طرد إصره وحول ردّه حدّة .

(وَلا يَنْفَعُكُمْ) أهل اللدد والمراد (نُصْحِي) هو إعلام محلّ العمو للورع ومحلّ السداد للطوع (إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ) إعلام محلّ العمو ومحلّ السداد لما مرّ (لَكُمْ) لإصلاحكم (إِنْ كانَ اللَّهُ) عالم الحكم كامل الطول (يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) صدّكم وأعماؤكم عمّا هو السداد وإهلاككم ، ومدلول الكلام عموم أراد اللّه لطوالح الأعمال كما هو عامّ لصوالحها (هُوَ) اللّه (رَبُّكُمْ) مالككم ومصلحكم ومحوّلكم مؤامّ مراده (وَإِلَيْهِ) اللّه لا سواه (تُرْجَعُونَ) ( 34 ) مالا وهو معاملكم كأعمالكم .

(أَمْ يَقُولُونَ) أهل العدول طلاحا (افْتَراهُ) كلام اللّه وسطّره أوّل الرسل أو محمّد صلعم (قُلْ) لهم (إِنِ افْتَرَيْتُهُ) كما هو دعواكم ولعا وموهومكم ورها (فَعَلَيَّ) درك (إِجْرامِي) وأوسه ، وهو مصدر مدلوله كدّ الإصر (وَأَنَا بَرِيءٌ) سالم (مِمَّا) آصار ومعارّ (تُجْرِمُونَ) ( 35 ) طلاحا .

(وَأُوحِيَ) الملك (إِلى نُوحٍ) الرسول وكلّم (أَنَّهُ) الأمر ( لَنْ

----------

العذاب (إن كنت من الصادقين) في الوعيد (قال إنما يأتيكم به الله إن شاء) فتعجيله وتأخيره إليه لا إلي (وما أنتم بمعجزين) بفائتين الله (ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم) يخيبكم من ثوابه أو يهلككم (هو ربكم) مالككم (وإليه ترجعون) فيجازيكم بأعمالكم .

(أم) بل (يقولون) كفار مكة (افتراه) أي نبأ نوح (قل إن افتريته فعلي إجرامي) وباله (وأنا بريء مما تجرمون) ونسبة الافتراء إلي .

ص: 66

يُؤْمِنَ) أحد (مِنْ قَوْمِكَ) رهطك اللواء أرسلك اللّه لهم (إِلَّا مَنْ) مسلم (قَدْ آمَنَ) أسلم سدادا أوّلا وح (فَلا تَبْتَئِسْ) اطرح الهمّ والكمد معلّلا (بِما كانُوا) الحال (يَفْعَلُونَ) ( 36 ) الطلاح لإلمام عصر إهلاكهم وموعد اصطلامهم .

(وَاصْنَعِ الْفُلْكَ) واعمل الودع (بِأَعْيُنِنا) حال والمراد أعملها محروسا (وَوَحْيِنا) المراد الأمر أو إلهام عمله وهو ما علم عمله ، ولمّا أوحاه اللّه عمله كما هو المعمول الحال (وَلا تُخاطِبْنِي) واطرح الدعاء (فِي) أمر الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) أملا لردّ هلاكهم (إِنَّهُمْ) كلّهم لا محال (مُغْرَقُونَ) ( 37 ) حكم إهلاكهم ورسم اصطلامهم ، وح لا مسلك لدسع إهلاكهم ولو سأله داع .

(وَيَصْنَعُ) الرسول حال مرّ حكاها اللّه (الْفُلْكَ) المدعوّ ودعا (وَكُلَّما مَرَّ عَلَيْهِ) الرسول حال عمله الودع (مَلَأٌ) رهط (مِنْ قَوْمِهِ) المرسل لهم (سَخِرُوا مِنْهُ) الرسول وعمله الودع محلّا ولا ماء صدده ولا داماء أممه وهو الصحراء ، وألهدوا أمره وكلّموه وهم أوّلا الألوك له وادّعاه وصار الحال عمّالا للودع (قالَ) الرسول محاورا لهم (إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا) الحال (فَإِنَّا نَسْخَرُ

----------

(وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد ءامن فلا تبتئس) لا تحزن حزن بائس (بما كانوا يفعلون) فقد حان وقت الانتقام لك منهم .

(واصنع الفلك) السفينة (بأعيننا) برعايتنا وحفظنا (ووحينا) وتعليمنا (ولا تخاطبني في الذين ظلموا) كفروا بإمهالهم (إنهم مغرقون) لا محالة.

(ويصنع الفلك) أي كان يصنعه (وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه) لأنه كان يعملها في برية بعيدة من الماء (قال إن تسخروا منا فإنا نسخر

ص: 67

مِنْكُمْ) مآلا حال هلاككم وحال ورودكم الساعور (كَما تَسْخَرُونَ) ( 38 ) الحال حال عمل الودع .

(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ) مرء (يَأْتِيهِ) لطلاحه (عَذابٌ) إصر وحدّ (يُخْزِيهِ) داحر له وهو إصر الحال (وَيَحِلُّ) مكسور الحاء ومصدره الحلول وهو الورود (عَلَيْهِ) المرء (عَذابٌ) إصر وألم (مُقِيمٌ) ( 39 ) مداوم وهو إصر المعاد .

(حَتَّى) إعلام لأمد عمل الودع (إِذا جاءَ) ورد (أَمْرُنا) وحلّ عصر الإهلاك (وَفارَ) هدر ومار (التَّنُّورُ) سطح الرمكاء أو المحلّ المعهود المعلوم أصله العرمس عمل حوّاء وملكه أطول الرسل عمرا (قُلْنَا) للرسول أمرا (احْمِلْ فِيها) الودع (مِنْ كُلٍّ) كلّ صرع ورووا كل (زَوْجَيْنِ) ومدلولهما معا كلّ صرع أحاول (اثْنَيْنِ) للولاد أو هو معمول احمل وآما لما رووا (وَ) احمل (أَهْلَكَ) رحما عرسك وأولادك وأعراسهم (إِلَّا مَنْ) مرء (سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) وحكم هلاكه ورسم مردودا وهو ولده المعهود وامّ الولد لردّهما الإسلام (وَ) احمل كلّ (مَنْ آمَنَ) معك (وَما آمَنَ) أسلم سدادا

----------

منكم) إذا غرقتم (كما تسخرون) اليوم .

(فسوف تعلمون من) أي الذي (يأتيه عذاب يخزيه) يفضحه وهو الغرق (ويحل) ينزل (عليه عذاب مقيم) دائم في الآخرة .

(حتى إذا جاء أمرنا) بتعذيبهم (وفار التنور) ارتفع الماء منه عنهم (عليهم السلام) إن فور الماء من التنور كان ميعادا بينه وبين ربه في إهلاك قومه (قلنا احمل فيها) في السفينة (من كل) من كل نوع من الحيوان (زوجين) اثنين ذكرا وأنثى على قراءة التنوين وعلى الإضافة معناه من كل زوجين ذكر وأنثى من جميع أنواعهما احمل (اثنين) ذكرا وأنثى (وأهلك) واحمل أهلك وهم زوجته وبنوه (إلا من سبق عليه القول) الوعد بإهلاكه وهو ابنه كنعان (ومن ءامن) من غيرهم (وما

ص: 68

(مَعَهُ) الرسول (إِلَّا) رهط (قَلِيلٌ) ( 40 ) وهو أولاده سام وحام وواحد سواهما وأعراس الأولاد وعرس الرسول سواها ، ولمّا دهمهم الماء دعاهم الرسول لحلول الودع

(وَقالَ) لهم أمرا (ارْكَبُوا فِيها) الودع (بِسْمِ اللَّهِ) معمول لحال مطروح أو محمول لما هو وال له وهو (مَجْراها) حال رواحها وسلوكها (وَمُرْساها) حال رسّوها أو محلّها ، أو رسّوها وركودها ، أو المراد إرسالها وارساؤها ، وكلّما أراد الرسول رواح الودع وادّكر اسم اللّه راح وكلّما أراد رسوه وادّكر اسم اللّه رسا (إِنَّ) اللّه (رَبِّي لَغَفُورٌ) لأهل الإسلام (رَحِيمٌ) ( 41 ) مسلم لهم عما هو المهالك والمكاره ومول آلاء لهم .

(وَ) رعرعوها و (هِيَ) الودع (تَجْرِي بِهِمْ) المراد رواحها والحال هم مرعرعوها (فِي) أوساط (مَوْجٍ) مور وحراك ماء عال (كَالْجِبالِ) علوّا حال وصول الأرواح الصراصر (وَنادى) الرسول (نُوحٌ ابْنَهُ) ولده المحكوم هلاكه وورد ولد عرسه عما سواه (وَكانَ) ولده (فِي مَعْزِلٍ) مطرد (يا بُنَيَّ ) أسلم و (ارْكَبْ) الودع (مَعَنا) أهل الإسلام (وَلا تَكُنْ مَعَ) الملأ (الْكافِرِينَ) ( 42 ) المأمور هلاكهم .

(قالَ) الولد محورا للوالد رادّا للإسلام وطوع الوالد (سَآوِي) ساءل

----------

ءامن معه إلا قليل) قيل كانوا ثمانين وقيل أقل .

(وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها) أي قائلين بسم الله إجراؤها وإرساؤها حبسها أو وقتهما أو مكانهما (إن ربي لغفور رحيم) إذ نجانا من الغرق .

(وهي تجري بهم في موج كالجبال) في عظمها وارتفاعها (ونادى نوح ابنه) كنعان (وكان في معزل) عن نوح أو دينه (يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين) في الدين والتخلف (قال سآوي إلى جبل يعصمني من

ص: 69

(إِلى جَبَلٍ) طود عال (يَعْصِمُنِي مِنَ) إهلاك (الْماءِ قالَ) الرسول لولده العادل الرادّ لأمره (لا عاصِمَ) لا حارس (الْيَوْمَ مِنْ) وصول (أَمْرِ اللَّهِ) الساطع وحكمه الوارد (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) إلّا الراحم وهو اللّه ، أو لا عاصم إلّا محل رهط رحمهم اللّه وهم أهل الإسلام والمحلّ هو الودع ، أو المراد إلّا مرء رحمه اللّه وهو المعصوم لا سواه ، وأرسل اللّه إعلاما لحاله (وَحالَ) صار سدّا (بَيْنَهُمَا) الرسول وولده أو الطود وولد الرسول (الْمَوْجُ) الماء المرهوك السامك (فَكانَ) الولد المعهود هالكا (مِنَ) الملأ (الْمُغْرَقِينَ) ( 43 ) اللاؤا أحاطهم الماء وأهلكهم .

(وَ) لمّا هلك الأعداء وحصل المرام (قِيلَ) أمر (يا أَرْضُ ابْلَعِي) هو اللهم والسرط (ماءَكِ) أراد ماء أرسله الرمكاء لا ماء أرسله السماء (وَ) أمر السماء (يا سَماءُ أَقْلِعِي) أمسك ودع الأمطار (وَغِيضَ) وكس (الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ) وعمل ما وعد اللّه وهو إهلاك الأعداء وحرس أهل الإسلام (وَاسْتَوَتْ) رسا وهكع الودع (عَلَى) الطود (الْجُودِيِّ) وهو طود صدد الموصل (وَقِيلَ) دعاء للسوء (بُعْداً) هلاكا (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ( 44 )

----------

الماء) يمنعني من الغرق (قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم) إلا الراحم وهو الله أي لكن من رحمه الله بإيمانه فهو المعصوم (وحال بينهما الموج فكان) فصار (من المغرقين) قيل علا الماء تلال الجبال ثلاثين ذراعا .

(وقيل يا أرض ابلعي ماءك) اشربيه فشربته (ويا سماء أقلعي) أمسكي عن المطر فأمسكت (وغيض الماء) قل وغار (وقضي الأمر) وتم بهلاك من هلك ونجاة من نجا (واستوت) استقرت السفينة (على الجودي) جبل بالموصل (وقيل بعدا) هلاكا (للقوم الظالمين) قيل والآية حوت البلاغة بحسن نظمها

ص: 70

أعداء الإسلام .

(وَنادى) دعا (نُوحٌ) الرسول اللّه (رَبَّهُ) مالكه ومصلحه (فَقالَ) الرسول وسأل (رَبِّ) اللهم (إِنَّ ابْنِي) الهالك (مِنْ أَهْلِي) اللاؤا وعد سلامهم وعدم إهلاكهم (وَإِنَّ وَعْدَكَ) الوعد (الْحَقُّ) الأسد لا حول له وما حال الولد ولم هلك (وَأَنْتَ) اللهم (أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ) ( 45 ) أعلمهم وأعدلهم .

(قالَ) اللّه حوارا له (يا نُوحُ إِنَّهُ) الولد (لَيْسَ مِنْ) عداد (أَهْلِكَ) الموعود سلامهم وهم أهل الإسلام سرّا وحسّا ، أو ما هو أهلك إسلاما (إِنَّهُ) سؤالك عدم هلاكه أو ولدك الطالح الهالك (عَمَلٌ) ورووا عمل كسمع والمراد ح عمل عملا (غَيْرُ صالِحٍ) لكرهه الإسلام ، سرّا ورووا مكسور الراء (فَلا تَسْئَلْنِ) أصلا ما امرا (لَيْسَ لَكَ بِهِ) حلّ سؤاله (عِلْمٌ) وهو عدم هلاك ولدك (إِنِّي أَعِظُكَ) وأعلمك أصل الأمر كره (أَنْ تَكُونَ مِنَ) الملأ (الْجاهِلِينَ) ( 46 ) سؤال أمر ما علموه .

----------

وجزالة لفظها وبيان الحال بإيجاز بلا إخلال وبنيت الأفعال للمفعول لتعظيم الفاعل ويقينه إذ لا يقدر على هذه الأمور سوى الله .

(ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي) وقد وعدتني أن تنجيهم (وإن وعدك الحق) الذي لا خلف فيه (وأنت أحكم الحاكمين) أعدلهم .

(قال يا نوح إنه ليس من أهلك) الذين وعدت نجاتهم (إنه عمل غير صالح) أي ذو عمل أو جعل نفس العمل مبالغة أنه عمل (فلا تسئلن ما ليس لك به علم) مصلحة هو أم لا (إني أعظك أن تكون من الجاهلين) بأن تفعل خلاف الأولى .

ص: 71

(قالَ) الرسول ح (رَبِّ) اللّهم (إِنِّي أَعُوذُ) أمسك (بِكَ) كرمك ورحمك (أَنْ أَسْئَلَكَ) سؤالا أصلا ما أمرا (لَيْسَ لِي بِهِ) حل سؤاله (عِلْمٌ) علم حاله وماله (وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي) السؤال الصادر سهوا (وَتَرْحَمْنِي) حرسا عمّا أسألك حال السوء (أَكُنْ) ح (مِنَ) الملأ (الْخاسِرِينَ) ( 47 ) أحوالا وأعمالا .

(قِيلَ) أمر اللّه للرسول (يا نُوحُ اهْبِطْ) احدر وأحلل واطرح الودع موصولا (بِسَلامٍ) صادر (مِنَّا وَ) مع (بَرَكاتٍ) أمور مودود للكلّ حصولها والمراد المسار المروم ورودها (عَلَيْكَ) لك (وَعَلى أُمَمٍ) حاصل ولادها (مِمَّنْ) رهط اسلموا (مَعَكَ) وهم مسلموا أولادهم (وَ) ممّا ولد رهط أسلموا معك (أُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ) واسمح لهم حطاما حالا (ثُمَّ يَمَسُّهُمْ) معادا (مِنَّا عَذابٌ) إصر وألم (أَلِيمٌ) ( 48 ) مؤلم وهم أعداء الإسلام ، وورد رهط هود وصالح ولوط والإصر ما ورد لهم .

(تِلْكَ) الكلم وأحوال أطول الرسل عمرا كسر (مِنْ أَنْباءِ) أحوال (الْغَيْبِ نُوحِيها) أرسلها (إِلَيْكَ) وأعلمك محمّد ( ص ) (ما كُنْتَ) أوّلا (تَعْلَمُها) أصلا لا (أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ) طوّاعك وسواهم (مِنْ قَبْلِ هذا)

----------

(قال رب إني أعوذ بك) من (أن أسئلك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني) بالتوفيق (أكن من الخاسرين) قاله تخشعا لا لذنب .

(قيل يا نوح اهبط) أنزل من السفينة (بسلام) بسلامة أو بتحية (منا وبركات) وخيرات (عليك وعلى أمم ممن معك) وهم المؤمنون بك (وأمم سنمتعهم) في الدنيا فيكفرون (ثم يمسهم منا عذاب أليم) في الآخرة بكفرهم .

(تلك) أي قصة نوح هي (من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها

ص: 72

العصر أو الإعلام (فَاصْبِرْ) واحمل مكاره رهطك وأرصد مال أحوالك وأحوال عدوّك كما حمل ورصد رسول مرّ حاله وحال رهطه (إِنَّ الْعاقِبَةَ) المحمود حصولها حالا ومالا (لِلْمُتَّقِينَ) ( 49 ) أهل الورع عمّا حرّم اللّه .

(وَ) أرسل اللّه (إِلى) رهط (عادٍ أَخاهُمْ) أصلا ورحما رسولا مدعوّا (هُوداً قالَ) هود لهم (يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وحدّوه وطاوعوه وحده (ما لَكُمْ مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (إِلهٍ) مألوه (غَيْرُهُ) سواه ، ورووه مكسور الراء (إِنْ) ما (أَنْتُمْ) حال طوعكم سواه (إِلَّا) رهط (مُفْتَرُونَ) ( 50 ) لوهمكم سواه إلها .

(يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ) أصلا (عَلَيْهِ) أداء الأوامر والأحكام أو طوعكم للّه وحده (أَجْراً) كراء (إِنْ) ما (أَجْرِيَ) أوس أداء الأوامر والأحكام (إِلَّا عَلَى) اللّه (الَّذِي فَطَرَنِي) أسر وصوّر (أَ فَلا تَعْقِلُونَ) ( 51 ) المراد وصلاح الحال .

(وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا) اسألوا اللّه (رَبَّكُمْ) محو آصاركم ومعارّكم وأسلموه (ثُمَّ تُوبُوا) عودوا (إِلَيْهِ) اللّه وطاوعوه وحده وهودوا عمّا طوع

----------

أنت ولا قومك من قبل هذا) القرآن (فاصبر) على أذى قومك كما صبر نوح (إن العاقبة) المحمودة عاجلا وآجلا (للمتقين وإلى عاد) أرسلنا إلى عاد (أخاهم) نسبأ لا دينا (هودا قال يا قوم اعبدوا الله) وحده (ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون) على الله بجعلكم الأوثان شركاء (يا قوم لا أسألكم عليه) على دعائكم إلى التوحيد (أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني) خلقني (أفلا تعقلون) قولي فتعلمون أنه الحق .

(ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء) بالمطر وكانوا قد

ص: 73

سواه (يُرْسِلِ) اللّه (السَّماءَ) المطر (عَلَيْكُمْ) كرما (مِدْراراً) أمر الدرور كامل الحطوط وهو حال (وَيَزِدْكُمْ) اللّه (قُوَّةً) عددا وعددا والّا ومالا (إِلى) مع (قُوَّتِكُمْ) الحال ، وورد أمسك اللّه المطر وأرحام أعراسهم عمّا حصل حملها مددا طوالا ووعدهم هود الأمطار والولّاد لإسلامهم وهودهم (وَلا تَتَوَلَّوْا) صدودا وكرها عمّا أدعوكم له (مُجْرِمِينَ) ( 52 ) أهل إصرار للآصار .

(قالُوا) أهل الطلاح لرسولهم ولعا (يا هُودُ ما جِئْتَنا) لإعلام سداد دعواك (بِبَيِّنَةٍ) دالّ ساطع (وَما نَحْنُ) أصلا (بِتارِكِي) طوع (آلِهَتِنا) صدّادا (عَنْ) سماع (قَوْلِكَ) وهو حال أو المراد لكلامك (وَما نَحْنُ لَكَ) ولأوامرك وأحكامك هود (بِمُؤْمِنِينَ) ( 53 ) أهل إسلام رأسا .

(إِنْ) ما (نَقُولُ) كلاما (إِلَّا) كلاما (اعْتَراكَ) طرأك ومسّك (بَعْضُ آلِهَتِنا) أرادوا الوساوس أو دماهم (بِسُوءٍ) لمم وصرع لطلاح كلامك وسوء حالك (قالَ) هود ردّا لهم (إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ) العلّام (وَاشْهَدُوا) رهط الأعداء (أَنِّي بَرِيءٌ) سالم (مِمَّا) ما له (تُشْرِكُونَ) ( 54 ) طوعا معه

(مِنْ دُونِهِ) سواه (فَكِيدُونِي) وأمكروا رهط الأعداء ودماكم (جَمِيعاً) معا (ثُمَّ

----------

أجدبوا (عليكم مدرارا) كثير الدر (ويزدكم قوة إلى قوتكم) بالمال والنسل وكانوا قد عقمت نساؤهم (ولا تتولوا مجرمين قالوا يا هود ما جئتنا ببينة) بحجة تصدق دعواك (وما نحن بتاركي ءالهتنا) أي عبادتهم (عن قولك) لقولك أو بقولك (وما نحن لك بمؤمنين) بمصدقين .

(إن نقول) فيك (إلا) قولنا (اعتراك) أصابك (بعض ءالهتنا بسوء) بخبل لسبك إياها فصرت تهذي (قال إني أشهد الله واشهدوا) أنتم أيضا (أني بريء مما تشركون) به (من دونه) من آلهتكم التي تزعمونها خبلتني

ص: 74

لا تُنْظِرُونِ ) ( 55 ) امهالا ورصدا .

(إِنِّي تَوَكَّلْتُ) عمّا هو مكركم ووهمكم (عَلَى اللَّهِ) الواحد الأحد وهو إحكام للكلام الأوّل (رَبِّي وَرَبِّكُمْ) معا (ما مِنْ) مؤكّد لمدلول ما (دَابَّةٍ) ما له حراك وحسّ (إِلَّا هُوَ) اللّه (آخِذٌ) ممسك (بِناصِيَتِها) والمراد هو مالكها ومطاعها وهو معلّل للصدر (إِنَّ) اللّه (رَبِّي) دالّ (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 56 ) مسلك العدل والسداد وهاد لكل أحد أراد هداه .

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) أهل العدول صدودا وكرها (فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ) كما أمر اللّه كلّ (ما أُرْسِلْتُ) أرسل اللّه (بِهِ) إعلامه (إِلَيْكُمْ) والحاصل لا إملاه لكم لو حصل صدودكم (وَيَسْتَخْلِفُ) اللّه (رَبِّي) وراء إهلاككم دوركم وأموالكم (قَوْماً) طوّاعا له (غَيْرَكُمْ) سواكم (وَلا تَضُرُّونَهُ) اللّه مع صدودكم وعدو لكم (شَيْئاً) ما (إِنَّ) اللّه (رَبِّي) مالك الكلّ (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما (حَفِيظٌ) ( 57 ) حارس راع مطلع .

(وَلَمَّا جاءَ) ورد (أَمْرُنا) وهو الإصر والحدّ (نَجَّيْنا هُوداً) الرسول

----------

(فكيدوني) فاحتالوا في ضري (جميعا) أنتم وآلهتكم (ثم لا تنظرون) لا تمهلون .

(إني توكلت على الله ربي وربكم) وثقت به (ما من دابة إلا هو ءاخذ بناصيتها) أي مالكها وقاهرها (إن ربي على صراط مستقيم) على الحق والعدل .

(فإن تولوا) أي تتولوا أي تعرضوا (فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم) أديت ما علي وألزمتكم الحجة (ويستخلف ربي قوما غيركم) بعد إهلاككم (ولا تضرونه شيئا) بإهلاككم بإشراككم (إن ربي على كل شيء حفيظ) يحصي أعمالكم ويجازيكم بها.

ص: 75

(وَ) مع الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (مَعَهُ) مع هود (بِرَحْمَةٍ) وكرم (مِنَّا) لا لعلمهم أو المراد لإسلامهم (وَنَجَّيْناهُمْ) هودا ورهطه كرّره مؤكّدا (مِنْ) وصول (عَذابٍ) ألم وحدّ (غَلِيظٍ) ( 58 ) عسر وعر .

(وَتِلْكَ) الأرهاط (عادٌ) أو المراد أطلالهم ورسومهم دور عاد ومرامسهم ، والحاصل اسلكوا واحسّوا رسوم دورهم ومرامسهم وادّكروا ، وأرسل اللّه إعلاما لأحوالهم (جَحَدُوا) مروا (بِآياتِ رَبِّهِمْ) وردّوها (وَعَصَوْا رُسُلَهُ) رسل اللّه ، وهم لمّا عصوا رسولا واحدا صاروا كما عصوا رسله كلّهم ، لمّا أمر اللّه طوع الكلّ (وَاتَّبَعُوا) عداء وطاوعوا وأمسكوا (أَمْرَ كُلِّ) مرء (جَبَّارٍ) عال (عَنِيدٍ) ( 59 ) عاد مارد راد للسداد والمراد رؤساؤهم .

(وَأُتْبِعُوا) وأوصلوا (فِي هذِهِ) الدار (الدُّنْيا) والعمر الماصل (لَعْنَةً) طردا ودحورا ، وهو دعاء الكلّ طردهم ودحورهم أو إصر الصرصر (وَ) أوصل الطرد لهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) معادا لعدولهم وردّهم الإسلام (أَلا) اعلموا (إِنَّ عاداً) رهط (كَفَرُوا) صدّوا (رَبَّهُمْ) مالكهم ومصلحهم ومروا

----------

(ولما جاء أمرنا) عذابنا (نجينا هودا والذين ءامنوا معه) أربعة آلاف (برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ) وهو الريح التي أهلكت بها عاد أو المراد من عذاب الآخرة أيضا .

(وتلك عاد) إشارة إلى القبيلة وآثارهم (جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله) إذ من عصى رسولا فقد عصى الكل (واتبعوا) أي سفلتهم (أمر كل جبار عنيد) معرض عن الحق من رؤسائهم .

(وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة) أي أبعدوا عن رحمة الله في

ص: 76

آلاءه وما حمدوها (أَلا) اعلموا (بُعْداً) هلاكا (لِعادٍ) كرّر « ألا » مع إعلام عدولهم وسوءهم ودعاء هلاكهم مهوّلا لأمرهم ومحرّصا لرصد حالهم (قَوْمِ هُودٍ) ( 60 ) الرسول الا عاد إرم .

(وَ) أرسل اللّه (إِلى) رهط (ثَمُودَ أَخاهُمْ) رحما وأصلا رسولا مدعوّا (صالِحاً) ولمّا أرسل (قالَ) صالح لهم (يا قَوْمِ اعْبُدُوا) وحدّوا (اللَّهَ) واعملوا ما أمركم واطرحوا ما ردعكم (ما لَكُمْ مِنْ) مؤكّد « لما » (إِلهٍ) مألوه (غَيْرُهُ) سواه (هُوَ) اللّه (أَنْشَأَكُمْ) أسركم أوّلا والمراد أسر والدكم آدم (مِنَ الْأَرْضِ) الحماء الصلصال (وَاسْتَعْمَرَكُمْ) أعمركم دوركم أو أصاركم عمّار دور أو أطال أعماركم (فِيها فَاسْتَغْفِرُوهُ) واسألوه محو آصاركم وأسلموه (ثُمَّ تُوبُوا) هودوا (إِلَيْهِ) اللّه وطاوعوه لا سواه (إِنَّ) اللّه (رَبِّي قَرِيبٌ) ممّا أسر علما ورحما (مُجِيبٌ) ( 61 ) للداع لمّا دعاه .

(قالُوا) حاوروا لرسولهم ( يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ) أوّلا (فِينا) رهطك (مَرْجُوًّا) مأمولا للسؤدد والعلاء (قَبْلَ هذا) الادّعاء (أَ تَنْهانا) صالح (أَنْ نَعْبُدَ) كلّ ما إله (يَعْبُدُ) هو حال حكاها اللّه (آباؤُنا) الرؤساء ( وَإِنَّنا )

----------

الدارين (ألا إن عادا كفروا ربهم) أي به أو جحدوه (ألا بعدا) من رحمة الله أو هلاكا (لعاد قوم هود وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم) خلقكم (من الأرض) أي خلق أصلكم آدم منها (واستعمركم فيها) جعلكم عمارها وسكانها أو عمركم فيها من العمرى (فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب) برحمته (مجيب) للدعاء .

(قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا) القول والآن يئسنا من خيرك (أتنهانا أن نعبد ما يعبد ءاباؤنا) من الأصنام ولم نشك في أمرها (وإننا لفي

ص: 77

طرّا (لَفِي شَكٍّ) إعوار ووهم (مِمَّا) أمر (تَدْعُونا) معا (إِلَيْهِ) وهو طوع اللّه وحده وطرح طوع سواه (مُرِيبٍ) ( 62 ) محصل للإعوار موهم .

(قالَ) لهم صالح (يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ) اعلموا (إِنْ) أورده واما لإعوارهم وإلّا لا محلّ له لما علم صالح سدادا ما أورد (كُنْتُ) سالكا (عَلى) صراط (بَيِّنَةٍ) اعلام (مِنْ) اللّه (رَبِّي وَآتانِي) اللّه كرما (مِنْهُ) سماحه (رَحْمَةً) ألوكا (فَمَنْ) للسؤال (يَنْصُرُنِي) إسعادا (مِنْ) آلام (اللَّهِ) الواحد الأحد الملك الصمد (إِنْ عَصَيْتُهُ) اللّه كرها لما أمر أداءه (فَما تَزِيدُونَنِي) ح أمرا (غَيْرَ تَخْسِيرٍ) ( 63 ) طرد ودحور .

(وَيا قَوْمِ هذِهِ) العلكوم (ناقَةُ اللَّهِ) أرسلها اللّه (لَكُمْ) حال (آيَةً) علما لسداد الأمر وهو حال عامله مدلول الومء (فَذَرُوها) دعوها واطرحوها (تَأْكُلْ) الكلاء والدوح (فِي أَرْضِ اللَّهِ) ملكه وملكه (وَلا تَمَسُّوها) مسّا (بِسُوءٍ) ما (فَيَأْخُذَكُمْ) ح (عَذابٌ) إصر وحدّ (قَرِيبٌ) ( 64 ) مسرع

(فَعَقَرُوها) حسم أوصال حواملها أحدهم وأمره سواه (فَقالَ) لهم

----------

شك مما تدعونا إليه) من التوحيد (مريب) موجب للريبة .

(قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة) حجة (من ربي وءاتاني منه رحمة) نبوة (فمن ينصرني من الله) يمنعني من عذابه (إن عصيته) بترك التبليغ (فما تزيدونني) بما تقولون لي (غير تخسير) أن أنسبكم إلى الخسران .

(ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية) حال عاملها الإشارة ولكم حال منها (فذروها تأكل في أرض الله) عشبها وتشرب ماءها (ولا تمسوها بسوء) عقرا وغيره (فيأخذكم عذاب قريب) عاجل بعد ثلاثة أيام .

(فعقروها) العاقر قدار برضاهم فنسب إليها (فقال تمتعوا في داركم

ص: 78

صالح (تَمَتَّعُوا) واعمروا (فِي دارِكُمْ) مصركم أو المراد دار الحال (ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) لهلاككم وراها (ذلِكَ الوعد) وَعْدٌ أسدّ وأحكم (غَيْرُ مَكْذُوبٍ) ( 65 ) لا ولع ولا حول له .

(فَلَمَّا جاءَ) ورد وحلّ (أَمْرُنا) الإصر والحدّ الموعود لهم أو امر الإهلاك والاصطلام (نَجَّيْنا) الرسول (صالِحاً وَ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (مَعَهُ) مع صالح الرسول (بِرَحْمَةٍ) وكرم (مِنَّا وَ) هم سلموا (مِنْ خِزْيِ) دحور (يَوْمِئِذٍ) وحدّه وهو هلاكهم حال سماع عرك الملك أو المراد المعاد (إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) مالك العالم ومصلحه (هُوَ الْقَوِيُّ) كامل الطول وحده لا سواه لإكرام الأودّاء وإهلاك الأعداء عدلا (الْعَزِيزُ) ( 66 ) لا رادّ لحكمه ولا صادّ لأمره .

(وَأَخَذَ) الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) عدوا الحدّ وردّوا حكم الرسول (الصَّيْحَةُ) عرك الملك ولمّا صاحهم الملك وسمعوا (فَأَصْبَحُوا) صاروا (فِي دِيارِهِمْ) محالهم (جاثِمِينَ) ( 67 ) هلاكا .

(كَأَنْ) مطروح الاسم وهو « هم » (لَمْ يَغْنَوْا) ما ركدوا (فِيها) دورهم (أَلا) اعلموا (إِنَّ) رهط (ثَمُودَ كَفَرُوا) عدلوا وعصوا اللّه (رَبَّهُمْ) مالكهم (أَلا) كرّر مؤكّدا (بُعْداً) هلاكا (لِثَمُودَ) ( 68 ) ورووه مكسور

----------

ثلاثة أيام) وبعدها تهلكون (ذلك وعد غير مكذوب) فيه أو غير كذب .

(فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين ءامنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ) أي ونجيناهم من عذاب يومئذ أي إهلاكهم بالصيحة أو من فضيحتهم يوم القيامة (إن ربك هو القوي العزيز وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين) ميتين (كأن لم يغنوا) كأنهم لم يقيموا (فيها ألا إن ثمود

ص: 79

الدال .

(وَلَقَدْ جاءَتْ) وورد (رُسُلُنا) الروح مع ملك الأمواه والأمطار وملك الصور أو مع أملاك سواهما (إِبْراهِيمَ) الرسول (بِالْبُشْرى) الإعلام السار وهو اعلام حصول الولد أو هلاك رهط لوط (قالُوا) الأملاك للرسول دعاء له (سَلاماً) مصدر مؤكّد لعامله المطروح (قالَ) الرسول لهم أمركم (سَلامٌ) أو علاكم سلام ، ورووه « سلم » ومدلولهما واحد ك « حلّ » و « حلال » و « حرم » و « حرام » ، وورد المراد الصلح (فَما لَبِثَ) الرسول (أَنْ جاءَ) أورد أو ما كلاء وروده (بِعِجْلٍ) ولد الأطوم (حَنِيذٍ) ( 69 ) محسوس معدّ لأكل الرسول .

(فَلَمَّا رَأى) الرسول (أَيْدِيَهُمْ) الرسل الورّاد (لا تَصِلُ) مدّا (إِلَيْهِ) الطعام (نَكِرَهُمْ) راعهم الرسول (وَأَوْجَسَ) أدرك أو أسرّ (مِنْهُمْ) الورّاد (خِيفَةً) روعا وهولا (قالُوا) الأملاك له (لا تَخَفْ) دع الروع والهول (إِنَّا أُرْسِلْنا) أرسل اللّه (إِلى قَوْمِ لُوطٍ) ( 70 ) الرسول لإهلاكهم ، وعدم أكل الطعام لما لا أكل للملك .

----------

كفروا ربهم ألا بعدا لثمود).

(ولقد جاءت رسلنا) جبرئيل وميكائيل وإسرافيل، عن الصادق (عليه السلام): رابعهم كروبيل (إبراهيم بالبشرى) بالولد أو بهلاك قوم لوط (قالوا سلاما) سلمنا عليك سلاما (قال سلام) عليكم أو أمركم سلام حياهم بالأحسن لاسمية الجملة (فما لبث) فما توقف في مجيئه (أن جاء بعجل حنيذ) مشوي ظنهم أضيافا .

(فلما رءای أيديهم لا تصل) لا يمدونها (إليه نكرهم وأوجس) أضمر (منهم خيفة قالوا لا تخف إنا) ملائكة (أرسلنا إلى قوم لوط) لنهلكهم ولسنا

ص: 80

(وَ) الحال (امْرَأَتُهُ) عرس الرسول (قائِمَةٌ) وراء الحوال لسماع كلامهم ، أو صددهم لإعطاء الماء وما سواه (فَضَحِكَتْ) سرورا حال رواح الروع ، أو حال سماع هلاك أهل الطلاح ، أو لعدم علم رهط لوط لورود الإصر ، أو المراد حصل لها دم العروك (فَبَشَّرْناها) عرس الرسول (بِإِسْحاقَ) الولد المسعود (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ) محمول والمحكوم (يَعْقُوبَ) ( 71 ) أو عامله مطروح دلّ علاه العامل المسطور ، وورد الوراء ولد الولد .

(قالَتْ يا وَيْلَتى) هلكا هلمّ الحال حالك (أَ أَلِدُ) ولدا (وَ) الحال (أَنَا عَجُوزٌ) محال الولاد (وَهذا) المرء (بَعْلِي شَيْخاً) معمّرا أطول العمر معدوم الحرّ وهو حال عامله مدلول الومء ، ورووه محمولا لهؤلاء المطروح أو محمولا وراء محمول (إِنَّ هذا) الولاد وهو حصول ولد لهرم (لَشَيْءٌ) لأمر (عَجِيبٌ) ( 72 ) ما حسّه الدرك وما سمعه السمع .

(قالُوا) الأملاك لها (أَ تَعْجَبِينَ) عرس الرسول الكامل (مِنْ أَمْرِ اللَّهِ) العلّام وحكمه ، كلّا (رَحْمَتُ اللَّهِ) كرمه وورد هو الألوك (وَبَرَكاتُهُ) آلاءه وورد هو الأولاد (عَلَيْكُمْ) أ (أَهْلَ الْبَيْتِ) أهل مركد الألوك ، وهو معمول ل « امدح » (إِنَّهُ) اللّه (حَمِيدٌ) محمود مول للالاء مسرعا (مَجِيدٌ) ( 73 )

----------

ممن نأكل .

(وامرأته) سارة (قائمة) خلف الستر أو تخدمهم (فضحكت) فرحا بالأمن أو بهلاك قوم لوط وقيل أي حاضت (فبشرناها بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب) من بعده .

(قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز) ابنة تسع وتسعين (وهذا بعلي شيخا) ابن مائة حال عامله الإشارة (إن هذا لشيء عجيب) أن يولد ولد لهرمين .

(قالوا أتعجبين من أمر الله) من قدرته (رحمت الله وبركاته عليكم أهل

ص: 81

ساطع الكرم مكر للآلام .

(فَلَمَّا ذَهَبَ) راح (عَنْ إِبْراهِيمَ) الرسول (الرَّوْعُ) والهول المكموم (وَجاءَتْهُ) ورده (الْبُشْرى) الإعلام السارّ أوس الروع ، وهو إعلام حصول الولد له أحال (يُجادِلُنا) المراد مراءه الرسل لمّا أعلموه هلاك أهل المصر سألهم ولو آحادهم أهل الإسلام ومعهم لوط الرسول (فِي) أمر إهلاك (قَوْمِ لُوطٍ) ( 74 ) الرسول .

(إِنَّ إِبْراهِيمَ) الرسول (لَحَلِيمٌ) حمّال للمكاره أو محّاء لآصار الحادل (أَوَّاهٌ) أمر الأوه لهول اللّه أو روّاع (مُنِيبٌ) ( 75 ) عوّاد .

ولمّا أمر مراءه مع الرسل الورّاد كلّموه (يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ) اصدد (عَنْ هذا) المراء (إِنَّهُ) الأمر (قَدْ جاءَ) ورد وحلّ (أَمْرُ) اللّه (رَبِّكَ) وحكمه لهلاكهم (وَإِنَّهُمْ) رهط لوط (آتِيهِمْ) واردهم وواصلهم لا محال (عَذابٌ) حدّ وإصر (غَيْرُ مَرْدُودٍ) ( 76 ) لمراء أحد ولا لدعاء وما سواهما ، وودّعوا الرسول المعهود وأحالوا للوط .

(وَلَمَّا جاءَتْ) وصل (رُسُلُنا) الأملاك (لُوطاً) وأحسّهم أمار ملاح

----------

البيت) جعلت من أهل بيته لأنها ابنة عمه (إنه حميد مجيد فلما ذهب عن إبراهيم الروع) الخوف (وجاءته البشرى) بالولد (يجادلنا) أقيل يجادل رسلنا (في) شأن (قوم لوط) بقوله إن فيها لوطا (إن إبراهيم لحليم) ذو أناة (أواه) دعاء مترحم (منيب) رجاع إلى الله.

قالت الملائكة (يا إبراهيم أعرض عن هذا) الجدال (إنه قد جاء أمر ربك) بهلاكهم (وإنهم ءاتيهم عذاب غير مردود) مدفوع عنهم .

(ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم) اغتم بسببهم إذ جاءوا في صورة غلمان

ص: 82

الصور (سِيءَ) لوط وهم (بِهِمْ) وكمد وساء ورودهم لما وهمهم أولاد آدم وراع طلاح رهطه مع وكله (وَضاقَ) حصر لوط (بِهِمْ) الأملاك (ذَرْعاً) صدرا والحاصل حصر صدره لورودهم (وَقالَ هذا) العصر (يَوْمٌ عَصِيبٌ) ( 77 ) عسر وعر وأوردهم مأواه وأحلّهم داره وما علم أحد حالهم إلّا عرس لوط .

(وَ) لمّا علم الرهط حالهم لإعلامها (جاءَهُ) ورده (قَوْمُهُ) رهطه الطّلاح (يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) سراعا وأحاطوا داره وآصد لوط المورد (وَمِنْ قَبْلُ) أمام ورودهم (كانُوا) رهط لوط (يَعْمَلُونَ) الأعمال (السَّيِّئاتِ) ومردوا وعاودوا (قالَ) لهم لوط ( يا قَوْمِ هؤُلاءِ) وهو محكوم والمؤمؤله (بَناتِي هُنَّ) عماد والمحمول (أَطْهَرُ) احلّ (لَكُمْ) أوهلوها مع الإسلام ، أو لحلّ الأهول مع أعداء الإسلام أوّلا وهم حاولوا أهوالها أمام ورود الرسل وما أعطاها لهم لوط لطلاحهم ، أو المراد أعراسهم سمّاها لوط أولادا لما كلّ رسول والد أرهاطه (فَاتَّقُوا اللَّهَ) روعوه وألووها واطرحوا الرهط الورّاد (وَلا تُخْزُونِ) واطرحوا الدحور (فِي ضَيْفِي) أمرهم عملا للأمر المكروه (أَ لَيْسَ مِنْكُمْ )

----------

أضياف (وضاق بهم ذرعا) صدرا كناية عن فقد الحيلة في دفع المكروه (وقال هذا يوم عصيب) شديد.

(وجاء قومه) حين أعلمتهم امرأته بهم بتدخينها (يهرعون إليه) كأنهم يساقون سوقا (ومن قبل) قبل ذلك اليوم (كانوا يعملون السيئات) إتيان الذكور في أدبارهم (قال) لما هموا بأضيافه (يا قوم هؤلاء بناتي) فتزوجوهن وكانوا يخطبوهن فلا يجيبهم لعدم الكفاءة لا للكفر إذ ليس مانعا في شرعه، وقيل أراد نساءهم لأن كل نبي أبو أمته (هن أطهر لكم) أنظف وأحل (فاتقوا الله)

ص: 83

رهط الطلاح (رَجُلٌ) واحد (رَشِيدٌ) ( 78 ) صالح آمر للصلاح رادع عمّا هو الطلاح

(قالُوا) حوارا للوط (لَقَدْ عَلِمْتَ) لوط (ما لَنا) وطرّا (فِي بَناتِكَ مِنْ) مؤكد ل « ما » (حَقٍّ) وطر (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ) علما مصرّحا (ما) عملا (نُرِيدُ) ( 79 ) أرادوا اللواط .

(قالَ) لهم لوط (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ) لدسع طلاحكم (قُوَّةً) ألوّا وسطوا (أَوْ آوِي) أو اركح واعوّل (إِلى رُكْنٍ) ركح والمراد رهط (شَدِيدٍ) ( 80 ) محكم لا ماصعكم .

(قالُوا) الأملاك للوط لمّا رأوه مهموما (يا لُوطُ) ركحك محكم (إِنَّا رُسُلُ) اللّه (رَبِّكَ) دعهم وردّ المورد ولمّا ردّه لوط ووردوا طمس ملك الرسل حواسهم وأعماهم وعرّدوا وصاحوا هؤلاء سحار (لَنْ يَصِلُوا) أهل المصر أصلا (إِلَيْكَ) لوط (فَأَسْرِ) سر سمرا ، ورووا مع الوصل (بِأَهْلِكَ) كلّهم (بِقِطْعٍ) كسر (مِنَ اللَّيْلِ) ودع محلّ حرد اللّه (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ) كلّكم (أَحَدٌ) لما وراءه (إِلَّا امْرَأَتَكَ) لإحساسها لما وراءها ، أو أسر مع

----------

بإيثار الحلال على الحرام (ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد) يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.

(قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق) حاجة (وإنك لتعلم ما نريد) من إتيان الذكور (قال لو أن لي بكم قوة) منعة (أو ءاوي إلى ركن شديد) أو انضم إلى عشيرة تنصرني لدفعكم .

(قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك) بسوء وضرب جبرائيل بجناحه وجوههم فأعماهم (فأسر بأهلك بقطع) بطائفة (من الليل ولا يلتفت منكم

ص: 84

أهلك كلّهم إلّا عرسك (إِنَّهُ) الأمر (مُصِيبُها) واصل للعرس (ما) أصر (أَصابَهُمْ) وصل رهط الطلاح ، ولمّا سألهم لوط الموعد حاوروا (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ) موعد هلاكهم (الصُّبْحُ) لعلّه معلّل لأمر الإسراء وكلّمهم لوط أحاول أسرع وحاوروا (أَ لَيْسَ الصُّبْحُ) الموعد (بِقَرِيبٍ) ( 81 ) مسرع .

(فَلَمَّا جاءَ) ورد وصرد (أَمْرُنا) لإهلاكهم (جَعَلْنا) لطلاحهم (عالِيَها) صروح أمصارهم وصحاصح دورهم (سافِلَها) سمكها الملك الروح وصعّدها وأوصلها صدد السماء وحوّلها وعكسها وأركسها (وَأَمْطَرْنا) أمطار الطرد (عَلَيْها) أهلها (حِجارَةً) عمل هؤلاء العرامس (مِنْ سِجِّيلٍ) حماء صلد (مَنْضُودٍ) ( 82 ) مدارك أو ملوم معدّ للإصر .

(مُسَوَّمَةً) سوّمه أعلمه وعمل له علما ووسما ، والحاصل معلما كلّها للإصر والحدّ أو مرسوما اسم كلّ هالك سطح عرمس أهلكه (عِنْدَ) اللّه (رَبِّكَ) صدد حكمه (وَما هِيَ) العرامس أو الأمطار الهوالك (مِنَ) الملأ (الظَّالِمِينَ) أعداء الإسلام أو أمصارهم (بِبَعِيدٍ) ( 83 ) وهو كلام موعد مهدّد لأهل الحرم .

----------

أحد) إلى ورائه أو ولا يتخلف (إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم) فسألهم لوط تعجيل عذابهم فقالوا (إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب فلما جاء أمرنا) بالعذاب (جعلنا عاليها سافلها) أي مدينتهم (وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) معرب سنك كل، وقيل الآجر (منضود) متتابع بعضه على إثر بعض (مسومة) معلمة للعذاب (عند ربك) في قدرته (وما هي) أي الحجارة (من الظالمين) من أمتك (ببعيد) تهديد لقريش والتذكير لأنها حجر .

ص: 85

(وَ) أرسل اللّه (إِلى) أهل (مَدْيَنَ) أو أولاده وهو اسم مصرهم أو والدهم (أَخاهُمْ) أصلا ورحما رسولا مدعوّا موسوما (شُعَيْباً قالَ) الرسول لهم (يا قَوْمِ اعْبُدُوا) وحّدوا (اللَّهَ) وألّهوا إلها واحدا (ما لَكُمْ مِنْ) مؤكّد لمدلول ما (إِلهٍ) مألوه (غَيْرُهُ) سواه وهو مالك الكل وآسره (وَلا تَنْقُصُوا) طلاحا وروما للمال (الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) دعوا وكسهما حال الإعطاء وإكمالهما حال العطو (إِنِّي أَراكُمْ) أحسّكم (بِخَيْرٍ) وسع ومال لا عسر وعدم (وَإِنِّي أَخافُ) روعا كاملا (عَلَيْكُمْ) حال إصراركم طلاحا (عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) ( 84 ) عامّ لكم وكلكم محاط لألمه ، أو مهلك مصطلم حالا ، أو المراد إصر المعاد .

وأمرهم الرسول (وَيا قَوْمِ أَوْفُوا) أكملوا (الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) حال العطو والإعطاء (بِالْقِسْطِ) العدل (وَلا تَبْخَسُوا) هو الوكس (النَّاسَ) عموما (أَشْياءَهُمْ) أموالهم (وَلا تَعْثَوْا) هو الدعر الكامل كالإسلال وحسم الصراط (فِي الْأَرْضِ) ملك العدل (مُفْسِدِينَ) ( 85 ) حال مؤكّد .

----------

(وإلى مدين أخاهم) نسبأ (شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان) كانوا مع شركهم يطففون فأمرهم بالتوحيد وأنهاهم عن التطفيف (إني أراكم بخير) بسعة تغنيكم عن البخس أو بنعمة فلا تزيلوها به (وإني أخاف عليكم) إن لم تتوبوا (عذاب يوم محيط) لا يفلت منه أحد .

(ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط) بالعدل (ولا تبخسوا الناس أشياءهم) لا تنقصوهم حقوقهم المقدرة وغيرها (ولا تعثوا) لا تفسدوا (في الأرض مفسدين) بالشرك والبخس وغيرهما حال مؤكدة .

ص: 86

(بَقِيَّتُ اللَّهِ) ما أساره اللّه لكم حال العط والإعطاء مع العدل (خَيْرٌ) أصلح وأحوط (لَكُمْ) لا الوكس (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الوكس (مُؤْمِنِينَ) للّه وأوامره وأحكامه و (وَما أَنَا عَلَيْكُمْ) ولا لحرس أعمالكم (بِحَفِيظٍ) ( 86 ) راصد راع مسوطر ولم أومر إلّا أداء الأوامر والأحكام لا الإكراه .

(قالُوا) حوارا له وردّا لأمره (يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ) ورووا لا موحّدا (تَأْمُرُكَ) إكراها (أَنْ نَتْرُكَ) طرّا . طوع ما كلّ إله (يَعْبُدُ) طوعا حال حكاها اللّه (آباؤُنا) الرؤساء أولو الأحلام (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا) الأملاك طرّا (ما) عملا (نَشؤُا) إكراء ووكسا ، أرادوا هو أمر معطل موكول للمالك ما له داع سواه (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ) حمّال المكاره (الرَّشِيدُ) ( 87 ) سالك الصراط الاسدّ وهو كلام الهاد وماء ومعلّل لردهم سماع كلامه .

(قالَ) الرسول ( يا قَوْمِ أَ رَأَيْتُمْ) اعلموا (إِنْ كُنْتُ) سالكا (عَلى) صراط (بَيِّنَةٍ) اعلام (مِنْ) اللّه (رَبِّي) مالك الكلّ ومصلح الأمور (وَرَزَقَنِي) وأطعم (مِنْهُ) صدده وكرمه لا مع كدّ وكدح (رِزْقاً) مالا (حَسَناً) حلالا أو أراد الألوك هل صحّ طرح أداء الأوامر والأحكام مع وصول

----------

(بقية الله) ما أبقاه الله لكم من الحلال أو طاعته (خير لكم) مما تأخذون بالبخس (إن كنتم مؤمنين) شرط لخيريتها (وما أنا عليكم بحفيظ) أحفظ أعمالكم فأجازيكم بها أو أحفظكم منها وإنما أنا نذير .

(قالوا) تهكما (يا شعيب أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا) من الأصنام (أو أن نفعل) أي أو نترك فعلنا (في أموالنا ما نشاء) من البخس (إنك لأنت الحليم الرشيد) قالوا ذلك استهزاء أو أرادوا ضده .

(قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة) بيان وبصيرة (من ربي ورزقني منه

ص: 87

الآلاء (وَما أُرِيدُ) أصلا (أَنْ أُخالِفَكُمْ) وأروح (إِلى ما) عمل (أَنْهاكُمْ) ردعا (عَنْهُ) وأعمله (إِنْ) ما (أُرِيدُ) أمرا (إِلَّا الْإِصْلاحَ) لكم عدلا (مَا اسْتَطَعْتُ) ما دام الألوّ حاصلا لا ألوا حولا وطولا (وَما تَوْفِيقِي) لإدراك السدادا والصلاح (إِلَّا بِاللَّهِ) إمداده وكرمه (عَلَيْهِ) اللّه لا سواه (تَوَكَّلْتُ) لكلّ الأمور دواما (وَإِلَيْهِ) لا سواه (أُنِيبُ) ( 88 ) أعود كلّ حال وسعا وعسرا .

(وَ) أعلمهم الرسول وهوّلهم (يا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ) هو الكدّ والكدح (شِقاقِي) العداء ووحر الصدر (أَنْ يُصِيبَكُمْ) وصولكم وإدراككم ، وهو مصدر مأوّلا (مِثْلُ ما) حدّ وإصر (أَصابَ) وصل وأدرك (قَوْمَ نُوحٍ) وهو إهلاك الماء (أَوْ) عدل ما وصل (قَوْمَ هُودٍ) وهو الصرصر المهلك (أَوْ) عدل ما أدرك (قَوْمَ صالِحٍ) وهو الحراك المهلك (وَما قَوْمُ لُوطٍ) عهد هلاكهم أو مصرهم أو محلّ هلاكهم وداع له وهو ردّ أوامر اللّه (مِنْكُمْ) عصركم أو مصركم (بِبَعِيدٍ) ( 89 ) وروعوا وصول ما وصلهم لو ما روعكم وهو لكم

----------

رزقا حسنا) مالا حلالا وتقدير جواب الشرط أفأكفر نعمه (وما أريد أن أخالفكم) وأقصد (إلى ما أنهاكم عنه) فأرتكبه (إن أريد) بما آمركم به وأنهاكم عنه (إلا الإصلاح) لكم دينا ودنيا (ما استطعت) مدة استطاعتي (وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت) لا على غيره (وإليه أنيب) أرجع من النوائب أو في المعاد .

(ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي) لا يكسبنكم خلافي (أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح) من الغرق (أو قوم هود) من الريح (أو قوم صالح) من الرجفة (وما قوم لوط منكم ببعيد) فاعتبروا بهم (واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه

ص: 88

عما وصل سواهم .

(وَاسْتَغْفِرُوا) واسألوا اللّه (رَبَّكُمْ) محو آصاركم ومعارّكم وأسلموا (ثُمَّ تُوبُوا) عودوا (إِلَيْهِ) اللّه وحده وطاوعوه (إِنَّ) اللّه (رَبِّي رَحِيمٌ) محّاء لآصار أهل الإسلام (وَدُودٌ) ( 90 ) لهم لمّا هادوا .

(قالُوا) له (يا شُعَيْبُ) لا مدلول لكلامك ولا مال لمرامك ولا صلاح لأوامرك (ما نَفْقَهُ) كلاما (كَثِيراً مِمَّا) كلام (تَقُولُ) وحدك كطوع الإله الواحد وطرح الوكس حال الإعطاء (وَإِنَّا) طرّا (لَنَراكَ) علما وحسّا (فِينا ضَعِيفاً) محسولا لا إكرام لك أو لا حول لك (وَلَوْ لا رَهْطُكَ) حاصل (لَرَجَمْناكَ) وهو أسوأ صرط الإهلاك (وَما أَنْتَ) وحدك لولا رهطك (عَلَيْنا) إهلاكا (بِعَزِيزٍ) ( 91 ) كرّام .

(قالَ) الرسول محاورا لهم (يا قَوْمِ) السوء (أَ رَهْطِي أَعَزُّ) وأكرم (عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ) مالككم (وَاتَّخَذْتُمُوهُ) اللّه مالك الكلّ (وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا) مطروحا مأموها (إِنَّ) اللّه (رَبِّي بِما) كلّ عمل (تَعْمَلُونَ) طلاحا (مُحِيطٌ) ( 92 ) علما ومعاملكم كأعمالكم .

----------

إن ربي رحيم) بالتائبين (ودود) محب لهم أي مريد لمنافعهم .

(قالوا يا شعيب ما نفقه) نفهم (كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا) بدنا أو ذليلا (ولو لا رهطك) عشيرتك وحرمتهم (لرجمناك) بالحجارة أو لشتمناك (وما أنت علينا بعزيز) بل لعزة قومك .

(قال يا قوم أرهطي أعز عليكم من الله) فتتركون رجمي لأجلهم لا لله (واتخذتموه وراءكم ظهريا) كالمنبوذ خلف الظهر فنسيتموه (إن ربي بما تعملون محيط) لا يفوته شيء .

(ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف

ص: 89

(وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا) ما هو مرادكم رسّوا (عَلى مَكانَتِكُمْ) حالكم ومهلكم (إِنِّي عامِلٌ) كما هو أمر اللّه (سَوْفَ تَعْلَمُونَ) علما لا إعوار معه (مَنْ) مرأ أو هو للسؤال (يَأْتِيهِ عَذابٌ) إصر وحدّ (يُخْزِيهِ) داحر له ومهلك (وَمَنْ) مرء (هُوَ كاذِبٌ) ما ادّعاه (وَارْتَقِبُوا) ارصدوا مال الأمر ومعاده (إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) ( 93 ) راصد .

(وَلَمَّا جاءَ) صدر (أَمْرُنا) لإهلاكهم (نَجَّيْنا) كرما رسولا (شُعَيْباً وَ) مع الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (مَعَهُ بِرَحْمَةٍ) صادر (مِنَّا وَأَخَذَتِ) الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) عدلوا (الصَّيْحَةُ) صاح لهم الملك الروح (فَأَصْبَحُوا) صاروا (فِي دِيارِهِمْ) محالهم (جاثِمِينَ) ( 94 ) هلّاكا لا حراك معهم .

(كَأَنْ) مطروح الاسم محموله (لَمْ يَغْنَوْا) ما ركدوا (فِيها) دورهم مع الحسّ والحراك (أَلا) اعلموا (بُعْداً) هلاكا (لِمَدْيَنَ) أهله أو أولاده (كَما بَعِدَتْ) هلك (ثَمُودُ) ( 95 ) رهط صالح .

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) رسولا (مُوسى) موصولا (بِآياتِنا) إعلام الإلّ

----------

تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه) مر في الأنعام تفسيره (ومن هو كاذب وارتقبوا) انتظروا ما أعدكم به (إني معكم رقيب) منتظر .

(ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين ءامنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة) صاح بهم جبرئيل فماتوا (فأصبحوا في ديارهم جاثمين) صرعى على وجوههم موتى .

(كأن) كأنهم (لم يغنوا) لم يقيموا (فيها ألا بعدا لمدين) عن رحمة الله أو هلاكا لهم (كما بعدت ثمود) أهلكوا بصيحة أيضا لكن من تحتهم .

ص: 90

والالوّ (وَسُلْطانٍ) دالّ (مُبِينٍ) ( 96 ) ساطع كامل أراد العصا .

(إِلى فِرْعَوْنَ) ملك مصر (وَمَلَائِهِ) رهطه وطوّعه (فَاتَّبَعُوا) الملأ (أَمْرَ فِرْعَوْنَ) وهو ردّ الرسول أو حكمه وصراطه (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ) الملك وطوّعه (بِرَشِيدٍ) ( 97 ) هاد أو سادّ أو المراد ما أمره صالح محمود الأمد .

(يَقْدُمُ) الملك (قَوْمَهُ) وطوّعه (يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود للعدل والعدل (فَأَوْرَدَهُمُ) أحلّهم الملك (النَّارَ) دار الساعور وأورد اعلاما لحصوله حسما (وَبِئْسَ) ساء (الْوِرْدُ) المورد (الْمَوْرُودُ) ( 98 ) الساعور ، والكلام معلّل لعدم سداد أمره ، أو مصرّح له لما لا سداد الّا لما هو مسلم الأمد لمحموده .

(وَأُتْبِعُوا) أعطوا وهم الملك وطوّعه (فِي هذِهِ) الدّار (لَعْنَةً) طردا ودحورا (وَ) أعطوا (يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود طردا ودحورا (بِئْسَ) ساء (الرِّفْدُ) المدد أو العطاء (الْمَرْفُودُ) ( 99 ) الممدود أو المسموح ما أعطوا

(ذلِكَ) المسطور محكوم محموله (مِنْ أَنْباءِ) أحوال (الْقُرى)

----------

(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا) بمعجزاتنا (وسلطان مبين) العصا أو غيرها .

(إلى فرعون وملإيه فاتبعوا أمر فرعون) طريقه وهو الضلال وتركوا طريق موسى وهو الهدى (وما أمر فرعون برشيد) لأنه داع إلى الشر وصاد عن الخير .

(يقدم قومه) يتقدمه (يوم القيامة) إلى النار كما تقدمهم في الدنيا إلى الضلال (فأوردهم النار) عبر بالماضى لتحققه (وبئس الورد المورود وأتبعوا في هذه) الدنيا (لعنة ويوم القيامة) لعنة (بئس الرفد المرفود) العون المعان رفدهم وهو اللغتان .

(ذلك من أنباء القرى) المهلكة (نقصه عليك منها) أي القرى (قائم) على

ص: 91

الأمصار الهوالك (نَقُصُّهُ) مدروس (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) (مِنْها) الأمصار الهوالك (قائِمٌ) هلك أهله لا هو (وَحَصِيدٌ) ( 100 ) محصود ممحوّ رسمه وطلله مع أهله والكلام لا محلّ له .

(وَما ظَلَمْناهُمْ) حال الإهلاك (وَلكِنْ) هم (ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) وعملوا ما صار سرّا معلّلا لهلاكهم (فَما أَغْنَتْ) ما ردّ (عَنْهُمْ) هلاكهم (آلِهَتُهُمُ) دماهم وصورهم (الَّتِي يَدْعُونَ) طوعا حال مرّ حكاها اللّه (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (شَيْءٍ) امر ما (لَمَّا جاءَ) ورد وحلّ (أَمْرُ) اللّه (رَبِّكَ) حدّه وإصره (وَما زادُوهُمْ) حال طوعهم لهم (غَيْرَ تَتْبِيبٍ) ( 101 ) وراء إهلاك .

(وَكَذلِكَ) السطو (أَخْذُ) اللّه (رَبِّكَ) سطوه (إِذا أَخَذَ) اللّه (الْقُرى) أهلها لإصرارهم (وَ) الحال (هِيَ) الأمصار والمراد أهلها (ظالِمَةٌ) لا رادّ لحكمه ولا صادّ لأمره أو أوردها لإعلام ما هو سرّ السطو وهو عداؤهم (إِنَّ أَخْذَهُ) سطوه (أَلِيمٌ) مؤلم (شَدِيدٌ) ( 102 ) محكم لا إملّاص للمسطوّ حال سطوه ، وهو كلام مهوّل مهدّد لأهل الحرم وسواهم لحدلهم وعدوهم الحدّ .

----------

بنائه (وحصيد) دارس كالزرع المحصود (وما ظلمناهم) بإهلاكهم (ولكن ظلموا أنفسهم) بكفرهم الموجب له (فما أغنت) دفعت (عنهم ءالهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك) عذابه (وما زادوهم غير تتبيب) تخسير أو تدمير .

(وكذلك) أي مثل ذلك الأخذ (أخذ ربك إذا أخذ القرى) أي أهلها (وهي ظالمة) حال (إن أخذه أليم شديد) رجع لا يرد (إن في ذلك) أي يوم القيامة

ص: 92

(إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور وهو اعلام حال الأمم الهوالك (لَآيَةً) لعلما وادّكارا (لِمَنْ) لكلّ أحد (خافَ) راع (عَذابَ) الدار (الْآخِرَةِ) وعلم صحّه وحصوله مالا (ذلِكَ) العصر (يَوْمٌ) طوّال (مَجْمُوعٌ لَهُ) لإحصاء الأعمال وإعطاء العدل (النَّاسُ) كلّهم (وَذلِكَ) العصر (يَوْمٌ مَشْهُودٌ) ( 103 ) محسوس هول مطلعه واطلاعه عامّ للكلّ .

(وَما نُؤَخِّرُهُ) العصر الموعود (إِلَّا لِأَجَلٍ) حصول عهد (مَعْدُودٍ) ( 104 ) محدود معلوم للّه .

ادّكر (يَوْمَ يَأْتِ) العصر الموعود أو إعطاء أوس الأعمال أو اللّه وأمره ، ورووه لا مطروح الأمد (لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) أحد ما لإمداد أحد (إِلَّا بِإِذْنِهِ) أمر اللّه وحكمه (فَمِنْهُمْ) أهل المطّلع (شَقِيٌّ) مؤلم مكره (وَسَعِيدٌ) ( 105 ) سالم مكرم .

(فَأَمَّا) الملأ (الَّذِينَ شَقُوا) صاروا أهلا للساعور (فَفِي النَّارِ) ورودهم والحال (لَهُمْ) لأهل الساعور (فِيها) الساعور (زَفِيرٌ) عرك عال عسر (وَشَهِيقٌ) ( 106 ) عرك أرك وهو ردّ الهواء مع العرك للسرّ ، والأول ادلاعه

----------

(لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس) لما فيه من الحساب والجزاء (وذلك يوم مشهود) يشهده أهل السماء والأرض (وما نؤخره) أي اليوم (إلا لأجل معدود) متناه .

(يوم يأت) اليوم أو الجزاء (لا تكلم) تتكلم (نفس) بما ينفع كشفاعة وغيرها (إلا بإذنه فمنهم شقي) بسوء عمله (وسعيد) بحسن عمله (فأما الذين شقوا) بأعمالهم القبيحة (ففي النار لهم فيها زفير) صوت شديد (وشهيق) صوت ضعيف، ويقالان لأول الشهيق وآخره .

ص: 93

لإعلاء العرك والمراد إعلام عسر حالهم .

(خالِدِينَ) ركّادا (فِيها) الساعور (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) والمراد دواما لوهمهم دوامهما ، أو المراد سماء المعاد ورمكاؤه (إِلَّا) سواء (ما) عصر (شاءَ) أراد اللّه (رَبُّكَ) وهو عصر ما وراء دوامهما ، أو المراد إلّا أحدا أراد اللّه امّلاصه وهو المسلم الطالح حال وروده دارالسلام ، أو إلّا عصرا أراد اللّه إصدارهم عمّا هو الساعور وأولمهم لآلم سواها أو اللّه أعلم ما أراد (إِنَّ) اللّه (رَبُّكَ) مالكك ومصلحك (فَعَّالٌ) لا رادّ (لِما يُرِيدُ) ( 107 ) اللّه عمله .

(وَأَمَّا) الملأ (الَّذِينَ سُعِدُوا) وصاروا أهلا لدار السلام ، ورووه معلوما (فَفِي الْجَنَّةِ) حلولهم (خالِدِينَ) ركادا (فِيها) دارالسلام (ما دامَتِ السَّماواتُ) السمك (وَالْأَرْضُ) الرمكاء (إِلَّا) سواء (ما) عصر (شاءَ) أراد اللّه (رَبُّكَ) مصلح أمورك وهو عصر ما وراء دوامهما أو إلّا أحدا أراد اللّه وهو المسلم الطالح حال ما حلّ دارالسلام ، أو إلّا عصرا أراد اللّه

----------

(خالدين فيها ما دامت السموات والأرض) أي مدة دوامها في الدنيا أريد به التأييد (إلا ما شاء ربك) قيل إلا بمعنى سوى مثل لك ألف إلا ألفان سبقا أي سوى ما شاء ربك من الزيادة التي لا منتهى لها على مدتهما والمعنى خالدين فيها أبدا أو استثناء من خلودهم في النار لأن منهم فساق الموحدين وهم يخرجون منها ويصح الاستثناء بذلك لزوال حكم الكل بزواله عن البعض وهم المستثنى في الآتية إذ يفارقون الجنة وقت عذابهم وقد شقوا بعصيانهم وسعدوا بإيمانهم فجمعوا الوصفين باعتبارين (إن ربك فعال لما يريد) لا مانع له .

(وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا

ص: 94

وأوصلهم آلاء كوامل سواها كوصال اللّه كما دلّ (عَطاءً) مصدر مؤكّد لعامله المطروح والمراد أعطوا عطاء أو حال (غَيْرَ مَجْذُوذٍ) ( 108 ) مصروم له دوام .

(فَلا تَكُ) محمّد ( ص ) (فِي مِرْيَةٍ) وهم وعمه وراء ما أرسل لك أحوال هؤلاء وأعلم مآلهم (مِمَّا) حال صور (يَعْبُدُ) ها (هؤُلاءِ) الأعداء أو « ما » للمصدر وهو كلام مسلّ للرسول صلعم وموعد للأعداء (ما يَعْبُدُونَ) هؤلاء وهو أوّل كلام معلّل لردع مرّ (إِلَّا كَما) صور (يَعْبُدُ) ها (آباؤُهُمْ) أو « ما » للمصدر والمراد الّا كطوع ولّادهم وهو حال حكاها اللّه (مِنْ قَبْلُ) والمراد حالهم كحالهم وأهلك ولّادهم أسوأ الإهلاك (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ) لمكمّلوهم كولّادهم ومؤدّوهم (نَصِيبَهُمْ) سهمهم ممّا هو الإصر كاملا (غَيْرَ مَنْقُوصٍ) ( 109 ) موكوس وهو حال .

(وَلَقَدْ آتَيْنا) إكراما (مُوسَى الْكِتابَ) الأمر الرادع الهدوّ (فَاخْتُلِفَ فِيهِ) أسلم له رهط وردّه كما ادّارء رهطك لكلام أرسل لك (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ) كلام إمهالهم للعصر الموعود (سَبَقَتْ مِنْ) اللّه (رَبِّكَ) الأكرم (لَقُضِيَ) لحكم (بَيْنَهُمْ) أرهاط رسول كلّمه اللّه ، أو أرهاطك الحال عدلا واعلموا

----------

ما شاء ربك عطاء) نصب مصدرا (غير مجذوذ) مقطوع (فلا تك في مرية) في شك (مما يعبد هؤلاء) من الأوثان في أن عبادتها ضلال أو من عبادتهم في أنها تجر إلى النار (ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل) كالذي عبدوه من الأوثان أو كعبادتهم وسيحل بهم ما حل بآبائهم (وإنا لموفوهم) كآبائهم (نصيبهم) حظهم من العذاب (غير منقوص) حال أي تاما .

(ولقد ءاتينا موسى الكتاب) التوراة (فاختلف فيه) من مصدق به ومكذب كاختلاف قومك في القرآن فلا تحزن (ولو لا كلمة سبقت من ربك) بالإمهال إلى

ص: 95

وهمهم ولع دعواهم واصطلموا (وَإِنَّهُمْ) طلّاح رهطك (لَفِي شَكٍّ) وهم (مِنْهُ) كلام اللّه أو الإصر (مُرِيبٍ) ( 110 ) موهم .

(وَإِنَّ) مؤكّد عامل معموله كلّا ، أو مدلوله لا ومدلول لمّا إلّا وح ورد محلّ كلّا كلّ لما لا عمل له ح (كُلًّا) كلّ العوالم (لَمَّا) « ما » مؤكّد لا مدلول له ، واللّام مؤطّؤها عهد مطروح أو مؤكّد ، ورووا لمّا ك « أكلا » لمّا ومدلوله طرّا ، ولام (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) حوار العهد المطروح أو مؤكّد (رَبُّكَ) مالكك ومصلحك (أَعْمالَهُمْ) عدل أعمالهم (إِنَّهُ) اللّه (بِما) كلّ عمل (يَعْمَلُونَ) دواما (خَبِيرٌ) ( 111 ) عالم وهو معاملهم كأعمالهم .

(فَاسْتَقِمْ) محمّد ( ص ) وسدّ سدادا (كَما) كسداد (أُمِرْتَ) أمر اللّه لك (وَ) سدّ (مَنْ) مرء (تابَ مَعَكَ) عاد عمّا عمل أوّلا وهاد ومحص للّه السداد (وَلا تَطْغَوْا) عمّا أمر اللّه لكم ، ودعوا عداء حدود اللّه (إِنَّهُ) اللّه (بِما) كلّ عمل (تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ( 112 ) عالم علم الحسّ وهو معلّل لأوّل الكلام الآمر والرادع .

----------

يوم القيمة (لقضي بينهم) في الحال بإهلاك المبطل وإنجاء المحق (وإنهم) أي الكفرة (لفي شك منه) من القرآن (مريب) موقع للريبة .

(وإن كلا) المختلفين مصدقيهم ومكذبيهم (لما ليوفينهم) أي لمن الذين يوفيهم (ربك أعمالهم) أي جزاءها (إنه بما يعملون خبير) عالم بخفيه كجليه .

(فاستقم) على الدين والعمل به والدعاء إليه (كما أمرت) في القرآن (ومن تاب) من الشرك وآمن (معك ولا تطغوا) تتعدوا حدود الله (إنه بما يعملون بصير) فيجازيكم به .

ص: 96

(وَلا تَرْكَنُوا) دعوا الركوح (إِلَى) الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) حدلوا دراء ودادا (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) ساعور المعاد ح (وَ) الحال (ما لَكُمْ) طوّع أهل العدول (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (مِنْ) مؤكّد لمدلول « ما » (أَوْلِياءَ) أودّاء ورعاء (ثُمَّ) حال حلول الإصر (لا تُنْصَرُونَ) ( 113 ) ردّا له .

(وَأَقِمِ الصَّلاةَ) محمّد ( ص ) وأدّها كما أمر اللّه (طَرَفَيِ النَّهارِ) أوّله وهو عصر الطلوع وأمده وهو المساء (وَزُلَفاً) كسورا (مِنَ اللَّيْلِ) وهو أوّله (إِنَّ) الأعمال (الْحَسَناتِ) الصوالح (يُذْهِبْنَ) الأعمال (السَّيِّئاتِ) اللّمم ، وورد لمّا سأل امرؤ رسول اللّه عمّا مسّ عرس أحد سواه وما عهرها أرسلها اللّه (ذلِكَ) أمر السداد وما معه أو كلام اللّه (ذِكْرى) إعلام صلاح (لِلذَّاكِرِينَ) ( 114 ) لأهل الادّكار .

(وَاصْبِرْ) واحمل المكاره والعواسر لطوع اللّه (فَإِنَّ اللَّهَ) أرحم الرحماء (لا يُضِيعُ) أصلا (أَجْرَ) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 115 ) أعمالهم وأحوالهم .

----------

(ولا تركنوا) لا تميلوا (إلى الذين ظلموا) بمودة أو طاعة أو نصح (فتمسكم النار) بركونكم إليهم (وما لكم من دون الله) أي سواه (من أولياء) أنصار يدفعون عذابه عنكم (ثم لا تنصرون) أصلا .

(وأقم الصلاة طرفي النهار) أي صلاة الصبح وعشية أي المغرب أو العصر أو الظهرين إذ ما بعد الزوال عشاء (وزلفا من الليل) ساعات منه قريبة من النهار أي صلاة العشاء أو العشاءين (إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين واصبر) على الصلوات الخمس أو الطاعات أو على أذى قومك (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) الصابرين على الطاعة وترك المعصية .

ص: 97

(فَلَوْ لا) هلّا والمراد ما (كانَ مِنَ الْقُرُونِ) الأمم الهوالك اللاء مرّوا (مِنْ قَبْلِكُمْ) أوّلا (أُولُوا بَقِيَّةٍ) علم وصلاح (يَنْهَوْنَ) الطلاح (عَنِ الْفَسادِ) والطلاح (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء (إِلَّا) رهطا (قَلِيلًا مِمَّنْ) أرهاط (أَنْجَيْنا) هم (مِنْهُمْ) هؤلاء الأمم (وَاتَّبَعَ) الملأ (الَّذِينَ ظَلَمُوا) وطرحوا الردع (ما أُتْرِفُوا) أولوا وأعطوا (فِيهِ) الطلح والطرح والمرح والسؤدد والمال وطرحوا أمر الصلاح وردع الطلاح (وَكانُوا) رهطا (مُجْرِمِينَ) ( 116 ) أهل طلاح ومعاص ، وهو مع ما مرّ معلّل لإهلاكهم واصطلامهم .

(وَما كانَ) اللّه (رَبُّكَ) ولام (لِيُهْلِكَ) مؤكّد لمدلول « ما » (الْقُرى) الأمصار أراد أهلها (بِظُلْمٍ) حادلا لها وهو حال (وَ) الحال (أَهْلُها) رهط (مُصْلِحُونَ) ( 117 ) أو المراد ما أهلكها لعدول أهلها وعدم إسلامهم له ، والحال أهلها ما حدلوا أحدا سواه كمّا دلّ ما ورد الملك دام مع العدول ولا دوام له مع الحدل .

(وَلَوْ) علم الكلّ أهلا للصلاح و (شاءَ) أراد اللّه (رَبُّكَ) إصلاحهم كما علم (لَجَعَلَ) لحوّل اللّه (النَّاسَ) أولاد آدم كلّهم (أُمَّةً واحِدَةً) أهل

----------

(فلو لا) فهلا بمعنى النفي أي ما (كان من القرون) الأمم الماضية (من قبلكم أولوا بقية) أصحاب دين أو خير أو فضل (ينهون عن الفساد في الأرض إلا) لكن (قليلا من أنجينا منهم) نهوا عنه فأنجيناهم ومن بيانية (واتبع الذين ظلموا) بالفساد وترك النهي عنه (ما أترفوا) أنعموا (فيه) من اللذات (وكانوا مجرمين) كافرين .

(وما كان ربك ليهلك القرى بظلم) منه لها (وأهلها مصلحون) مؤمنون أو ما يهلكهم بشركهم وهم على النصفة فيما بينهم .

ص: 98

طوع واحد وهو الإسلام (وَلا يَزالُونَ) أهل العالم (مُخْتَلِفِينَ) ( 118 ) أهل ملل إسلاما وعدولا .

(إِلَّا مَنْ) رهطا (رَحِمَ) اللّه (رَبُّكَ) وعصمهم وصاروا أهل طوع واحد (وَلِذلِكَ) لسلوكهم مسالك وعدم وئامهم أو للرحم ، أو أهل الطلاح للطلاح وأهل الرحم للرحم (خَلَقَهُمْ) صوّر أولاد آدم أو معاده الموصول (وَتَمَّتْ) صرد (كَلِمَةُ رَبِّكَ) ممّا أوعد ، أو كلامه للأملاك وحكمه وهو (لَأَمْلَأَنَّ) مالا (جَهَنَّمَ) دار الآلام (مِنَ الْجِنَّةِ) أولاد الوسواس (وَالنَّاسِ) أولاد آدم والمراد طلّاحهما (أَجْمَعِينَ) ( 119 ) لا طلّاح أحدهما .

(وَكُلًّا) كلّ حال واعلام (نَقُصُّ) أدرس (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) (مِنْ) اعلام لمدلول (أَنْباءِ) أحوال (الرُّسُلِ ما) مصرّح ل « كلّا » لإعلام ما هو المراد (نُثَبِّتُ) أحكم (بِهِ فُؤادَكَ) سرّك وروعك (وَجاءَكَ) وردك (فِي هذِهِ) الأحوال وإعلامها الأمر (الْحَقُّ) الأسدّ (وَ) وردك

----------

(ولو شاء ربك) مشيئة حتم وجبر (لجعل الناس أمة واحدة) في الإيمان (ولا يزالون مختلفين) في الدين بين محق ومبطل (إلا من رحم ربك) لطف بهم لعلمه بأن اللطف ينفعهم فاتفقوا على الحق بلطفه (ولذلك خلقهم) أي للرحم أو لاتفاقهم في الإيمان أمة واحدة وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وقيل الإشارة إلى الاختلاف واللام للعاقبة (وتمت كلمة ربك) ووجب قوله أو مضى حكمه (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) بكفرهم .

(وكلا) أي كل نبإ ونصبه (نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك) (نقوي به قلبك أو نزيد ثباتك على التبليغ واحتمال أذى قومك وجاءك في هذه) السورة أو الأنبياء (الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين) خصوا بالذكر لأنهم

ص: 99

(مَوْعِظَةٌ) إعلام صلاح (وَذِكْرى) ادّكار كمال (لِلْمُؤْمِنِينَ) ( 120 ) أهل إسلام سدادا .

(وَقُلْ) محمّد ( ص ) (لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) وهم أهل الحرم وسواهم (اعْمَلُوا) ما هو مأمولكم (عَلى مَكانَتِكُمْ) حالكم وطوركم (إِنَّا عامِلُونَ) ( 121 ) كما أمر اللّه .

(وَانْتَظِرُوا) ارصدوا أدوار الدهر وأطواره (إِنَّا) معكم (مُنْتَظِرُونَ) ( 122 ) مال الأمر وإرسال الإصر لكم كما أرسل لطلّاح رهط مرّوا أمامكم .

(وَلِلَّهِ) لا سواه (غَيْبُ السَّماواتِ) علم أسرارها كلّها (وَ) علم اسرار (الْأَرْضِ) عموما (وَإِلَيْهِ) اللّه لا سواه (يُرْجَعُ) ورووه معلوما (الْأَمْرُ كُلُّهُ) وهو مآل أمرك وأمرهم لا محال (فَاعْبُدْهُ) وحده وأطعه وحده (وَتَوَكَّلْ) وعوّل دواما (عَلَيْهِ) اللّه ، وكل أمورك كلّها له (وَما) اللّه (رَبُّكَ) مالك العالم كلّه (بِغافِلٍ) لاه وساه (عَمَّا) عمل (تَعْمَلُونَ) ( 123 ) محمد ( ص ) وهو محص لأعمالك وأعمالهم ومؤدّ لأعدائك وأعدالهم معادا .

----------

المنتفعون بتدبرها (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم) حالتكم (إنا عاملون) على حالتنا (وانتظروا) عقوبة كفركم (إنا منتظرون) ثواب إيماننا .

(ولله غيب السموات والأرض) له وحده علم ما غاب فيهما (وإليه يرجع) يعود أو يرد بالبناء للفاعل أو للمفعول (الأمر كله فاعبده) وحده (وتوكل عليه) ثق به فإنه كافيك (وما ربك بغافل عما تعملون) بل هو محصيه ومجازيهم.

ص: 100

ص: 101

سورة يوسف

ص: 102

( سورة يوسف )

موردها أمّ الرحم ومحصول مدلولها :

إعلام ما أوّله والده ممّا رآه حال الدكاس ، وحدّ الوالد الولد عمّا إعلاء ما رآه لأولاده ، وحسد أولاد الوالد معه ومحالهم لطرده عمّا الوالد ، وحمل الوالد المكاره لعدم وصاله مددا طوالا ، والإعلام السارّ للمالك حال ما ورد الرس وأدركه وعطاه ممّا هم أولاد والده لدارهم كواسد أماصل ، ووروده معه مصر وسماع وروده عرس حارس أموال مصر وطوعها لعطوه ، وما رآه حال ما عرّد ممّا أراد عرس الحارس وإعلام الولد المعصوم حال طرّ مكسوه ولوم أهل المصر لها وإصره مأصر الملك ، وورود موّاه الملك ومؤكل طعام الماصر معه ودعاؤه لهما للإسلام ، ومأوّل لهما ممّا سألاه وسلام المواه وهلاك مؤكل الطعام وما وصّاه للمواه وهو ادّكاره له صدد الملك ، وما رآه الملك حال الدكاس وسؤاله العلماء الحكماء وإملاههم له عمّا أوّلوه ، وإعلامه مأوّل ما رآه الملك وروم الملك له وما سلمه أموال مصر ، وورود أولاد والده مصر لروم الطعام وعهد والدهم معهم وما وصّاه لهم لورود مصر ، وإدراكهم لمالك الطعام وإرساله لهم صدد والدهم وإرسالهم الوالد لرومه واعلاءه لهم سرّ ما عملوا معه ، وإرساله المكسوّ لوالده وورود والده مصر وحمده للّه لإعطاء الملك والسؤدد له أمد الأمر كما رآه ، وإعلام ما حكاه اللّه ممّا هو حاله كلّه ادّكار وإصلاح لأهل الأرواع والأحلام .

ص: 103

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(الر) سرّ اللّه مع رسوله صلعم (تِلْكَ) الكلم الحاصل إرسالها لك الحال (آياتُ الْكِتابِ) إعلام الطرس (الْمُبِينِ) ( 1 ) الساطع كمالها الطالع أمرها لأهل العلم والإدراك ، المعلم للهود ما سألوه لما ورد كلّم علماؤهم كرام أهل العدول سلوا محمّد ( ص ) لم راح أولاد إسرال عمّا هو مركدهم ووردوا مصر وسلوا حال ولد له صار ملكا لمصر .

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ) الطرس المرسل (قُرْآناً) حال (عَرَبِيًّا) سرده وعموم كلمه وهو حال (لَعَلَّكُمْ) أهل الحرم (تَعْقِلُونَ) ( 2 ) دوالّه ومدلوله ومرامه ، وهو معلّل لإرساله مع هؤلاء الأحوال .

(نَحْنُ نَقُصُّ) أحكو وأدرس (عَلَيْكَ) وأعلمك محمّدا ( ص )

----------

(12 سورة يوسف مائة وإحدى عشر آية مكية)

بسم الله الرحمن الرحيم

(الر تلك) أي الآيات (ءايات الكتاب المبين) السورة أو القرآن البين الإعجاز أو المبين له .

(إنا أنزلناه) أي الكتاب (قرءانا عربيا) بلغة العرب (لعلكم تعقلون) أنه

ص: 104

(أَحْسَنَ الْقَصَصِ) أملح الدرس والإعلام ، أو أروع المحكوّ والمدروس لمّا مورده أملح الموارد وهو الودّ وأحواله وأطواره مع الحكم والأسرار (بِما) هو للمصدر (أَوْحَيْنا) إرسالا (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (هذَا الْقُرْآنَ) المعلم للمحكو المدروس (وَإِنْ) مطروح الاسم محموله (كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ) إرسال الكلام المعلم (لَمِنَ) الملأ (الْغافِلِينَ) ( 3 ) الأعماء عمّا أحكوه .

ادّكر (إِذْ قالَ يُوسُفُ) سرّا (لِأَبِيهِ) والده (يا أَبَتِ) ورووا مع كسر الهاء (إِنِّي رَأَيْتُ) حال ركود الحواس (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) عدّ أسماءها رسول اللّه صلعم لمّا سأله أحد أهل الدوّ وهم أولاد والده لا أمّه إلا واحدا (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) هما والده ، وورد الواو لمدلول مع (رَأَيْتُهُمْ) كرّر مؤكّدا ، أو المراد إعلام حال رآهم معها ، أو هو أوّل كلام ورد حوارا للسؤال لعلّ والده سأله حالهم (لِي ساجِدِينَ) ( 4 ) ركّعا طوّعا وهو حال .

(قالَ) له والده (يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ) أصلا (رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ) لوالدك (فَيَكِيدُوا) ح (لَكَ) الإهلاك (كَيْداً) محالا ومكرا (إِنَّ الشَّيْطانَ) الوسواس الحسّاد (لِلْإِنْسانِ) عموما (عَدُوٌّ مُبِينٌ) ( 5 ) ساطع العداء .

----------

من عند الله أو تفهمونه (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا) بإيحائنا (إليك هذا القرءان) أي السورة أو الكل (وإن) مخففة (كنت من قبله لمن الغافلين) عما فيه من قصة يوسف أو الأعم .

(إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) كرر رأيت تأكيدا أو لأن إحداهما بصرية والأخرى من الرؤيا (قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين) فإنهم الكواكب والشمس والقمر أبوك وأمك خاف أن

ص: 105

(وَكَذلِكَ) كما أكرمك اللّه وأراك محسوسا ما مدلوله العلوّ والسؤدد والكمال (يَجْتَبِيكَ) اللّه (رَبُّكَ) مالكك ومصلحك للألوك والملك أو لأمور كرام واصله عطو المحّ والصرح (وَ) هو (يُعَلِّمُكَ) علما (مِنْ) مؤكّد (تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) مال مدراك العالم ومعاد رآهم أو المراد العلوم والحكم أو أحول الأمم الهوالك (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ) آلاه (عَلَيْكَ) إرسالا لك أو وصلا لآلاء الحال مع آلاء المال (وَعَلى آلِ) أولاد (يَعْقُوبَ) إرسالا لهم أو وصلا للآلاء مع الآلاء لما أصاروهم ملوكا ورسلا (كَما أَتَمَّها) أكملها (عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ) والد والد والدك (إِبْراهِيمَ) الودود (وَ) والد والدك (إِسْحاقَ) المسحوط (إِنَّ) اللّه (رَبُّكَ) مالكك ومصلحك (عَلِيمٌ) مطّلع أحوال العالم وعالم لمرء هو أهل الإكرام والإكمال (حَكِيمٌ) ( 6 ) مراع لحكم وأسرار .

(لَقَدْ كانَ) دواما (فِي) حال (يُوسُفَ وَ) حال (إِخْوَتِهِ) طرّا آياتٌ أعلام أسرار وأمار حكم (لِلسَّائِلِينَ) ( 7 ) لرهط سألوا حالهم وعلموها ، أو المراد اعلام ألوك محمّد صلعم وإرساله لرهط هود سألوها ، وأعلمهم رسول اللّه صلعم ما سألوه مع عدم سماع واعلام أحد له صلعم .

----------

يحسدوه فيغتالوه .

(وكذلك) الاجتباء بهذه الرؤية (يجتبيك ربك) يختارك للنبوة أو لحسن الخلق والخلق (ويعلمك من تأويل الأحاديث) تعبير الرؤيا أو معاني كتب الله (ويتم نعمته عليك) بالنبوة (وعلى آل يعقوب) بنيه يجعل النبوة فيهم (كما أتمها على أبويك) بالنبوة (من قبل) من قبلك (إبراهيم وإسحق إن ربك عليم) بمن يصلح للنبوة (حكيم) في صنعه .

(لقد كان في يوسف وإخوته) في خبرهم وهم أحد عشر (ءايات) عبر

ص: 106

ادّكر (إِذْ قالُوا) أولاد والده آحادهم لآحادهم (لَيُوسُفُ) اللّام مؤكّد لمدلول الكلام (وَأَخُوهُ) لوالده وأمّه (أَحَبُّ) أودّ وأكرم (إِلى أَبِينا) والد الكلّ (مِنَّا وَ) الحال (نَحْنُ عُصْبَةٌ) رهط آمر محكم (إِنَّ أَبانا) لودّه لهما (لَفِي ضَلالٍ) عمو وهم (مُبِينٍ) ( 8 ) معلوم ساطع لا علم له ، لأمور دار الحال وما أرادوا العمو عموما وإلّا لصاروا عدالا طلّاحا .

(اقْتُلُوا) أهلكوا (يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ) دعوه (أَرْضاً) مطروحا (يَخْلُ) ح (لَكُمْ) ممحوصا (وَجْهُ) ودّ (أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا) كلّكم (مِنْ بَعْدِهِ) إهلاكه أو طرحه (قَوْماً صالِحِينَ) ( 9 ) مع والدكم وصلح حالكم صدده ، أو رهطا صلحاء عوّادا هوّادا .

(قالَ قائِلٌ) أحد (مِنْهُمْ) هؤلاء الرهط (لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ) لسوء حال الإهلاك ودركه معادا لما هو إصر كامل (وَأَلْقُوهُ) اطرحوه (فِي غَيابَتِ الْجُبِّ) درك الرس وسواد سرّه (يَلْتَقِطْهُ) عطوا (بَعْضُ) الأرهاط (السَّيَّارَةِ) السلّاك (إِنْ كُنْتُمْ) لا محال (فاعِلِينَ) ( 10 ) مرادكم .

----------

عجيبة وقرىء ءاية (للسائلين) عن خبرهم (إذ قالوا) أي الإخوة (ليوسف وإخوته) لأبويه بنيامين (أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة) والحال أنا جماعة (إن أبانا لفي ضلال مبين) عن كوننا أنفع له .

(اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا) في أرض بعيدة والقائل شمعون (يخل لكم وجه أبيكم) عن شغله بيوسف (وتكونوا من بعده) بعد قتله أو طرحه (قوما صالحين) بالتوبة عما فعلتم أو في أمر دنياكم أو مع أبيكم (قال قائل منهم) يهوذا أو روبيل (لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب) قعر البئر المغيب ما فيه من الحس (يلتقطه) يأخذه (بعض السيارة) المسافرين (إن

ص: 107

ولمّا أحكموا أمرهم وردوا صدد والدهم و (قالُوا يا أَبانا) الراحم (ما) حصل (لَكَ) وما مسّك (لا تَأْمَنَّا عَلى) رصد (يُوسُفَ) وحرسه (وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ) ( 11 ) محاولو صلاح وسداد ورحماء .

(أَرْسِلْهُ) وودّعه (مَعَنا) طرّا (غَداً) للصحراء (يَرْتَعْ) هو الوسع أكلا وعلسا وسواهما (وَيَلْعَبْ) هو الدّد واللهو كالعدو وطرح السهام وسمو المصطاد (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ( 12 ) وصول مكروه .

(قالَ) لهم والدهم (إِنِّي لَيَحْزُنُنِي) هو الإهمام (أَنْ تَذْهَبُوا) رواحكم (بِهِ) لودّه (وَأَخافُ) روعا كاملا (أَنْ يَأْكُلَهُ) للصحراء (الذِّئْبُ) لما هو صحراء الصراح (وَ) الحال (أَنْتُمْ) كلّكم (عَنْهُ) حاله (غافِلُونَ) ( 13 ) وما هو حرسه لمّا ألهاكم أمر اللّهو .

(قالُوا) حوارا له واللّه (لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ) كما هو وهمك (وَ) الحال (نَحْنُ عُصْبَةٌ) رهط محكم له حول الدرء (إِنَّا إِذاً) ح (لَخاسِرُونَ) ( 14 ) أعمالا وأموالا .

ولمّا ألحّوا أرسله معهم وودّعهم (فَلَمَّا ذَهَبُوا) وراحوا (بِهِ) للصحراء

----------

كنتم فاعلين) للتفرقة .

(قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون) عاطفون عليه قائمون بمصالحه (أرسله معنا غدا) إلى الصحراء (يرتع) يتنعم ويأكل (ويلعب) بالرمي والاستباق (وإنا له لحافظون) حتى نرده إليك .

(قال إني ليحزنني أن تذهبوا به) وتغيبوه عني (وأخاف أن يأكله الذئب) وكانت أرضهم مذأبة (وأنتم عنه غافلون) مشغولون بشغالكم .

(قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة) ولم نمنعه منه (إنا إذا لخاسرون)

ص: 108

ووصلوا الرسّ (وَأَجْمَعُوا) وأحكموا أمرهم وهمّوا (أَنْ يَجْعَلُوهُ) طرحه (فِي غَيابَتِ) درك (الْجُبِّ) وحوار « لمّا » مطروح وهو عملوا ما عملوا عطوا مكسّوه واعروه ولطموه وأدلّوه ، ولمّا وصل وسط الرس طرحوه للهلاك ، وهار ووصل عرمسا وسط الماء ، ودعوه وحاورهم وأمل رحمهم وأرادوا ردسه وردعهم أوسطهم (وَأَوْحَيْنا) إرسالا (إِلَيْهِ) ح إسلاء له (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ) هو الإعلام مآلا حال ورودهم مصر وكلامهم معه وعدم علمهم له (بِأَمْرِهِمْ) عملهم (هذا) معك (وَهُمْ) حال الإعلام أو حال الإرسال والإسلاء (لا يَشْعُرُونَ) ( 15 ) حالك لعلوّ أمرك أو الإسلاء .

ولمّا علموا ما أرادوا وعادوا سحطوا حلّاما ومرسوا مكسوّه الدم وأمهوا وسهوا طرّه (وَجاؤُ) وردوا (أَباهُمْ) صدد والدهم (عِشاءً) مساء (يَبْكُونَ) ( 16 ) عمسا وهو حال .

(قالُوا) لمّا سمع عركهم وراع سألهم ما لكم (يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا) للصحراء (نَسْتَبِقُ) طرحا للسهام وعدوا (وَتَرَكْنا يُوسُفَ) راكدا (عِنْدَ مَتاعِنا) أرادوا كساهم (فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ) الأوس أرادوا أحد السراح عموما لا المعهود (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ) مسلّم مسدّد (لَنا) أصلا (وَلَوْ كُنَّا) رهطا

----------

عجزة ضعفاء فأرسله معهم (فلما ذهبوا به وأجمعوا) عزموا (أن يجعلوه في غيابت الجب وأوحينا إليه) في الجب إيناسا له (لتنبئنهم بأمرهم هذا) لتخبرنهم فيما بعد بصنعهم بك (وهم لا يشعرون) أنك يوسف إشارة إلى ما قال لهم حين دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون .

(وجاءوا أباهم عشاء يبكون قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق) نرمي أو نعدو (وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن) بمصدق (لنا ولو كنا

ص: 109

(صادِقِينَ) ( 17 ) لودّك له وراء الحد ولسوء وهمك .

(وَجاؤُ) أوردوا (عَلى) علو (قَمِيصِهِ) المكسوّ له (بِدَمٍ كَذِبٍ) وأروا دما والعا ، ولمّا رآه والده كلّم ما أحلم الأوس أكله وما طرّ مكسوه وعلم ولعهم (قالَ) الولد لهم (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ) موّه أو سهّل لكم (أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) إدّا (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) أملح وأصلح وهو إمساك المهموم ومسحله وما سواه وعدم إعلام الكره للعالم (وَاللَّهُ) هو (الْمُسْتَعانُ) المعوّل المروم إمداده وإسعاده (عَلى) حمل (ما) مكروه (تَصِفُونَ) ( 18 ) وهو هلاك ولده الودود وحمل مكاره آلامه ، وهم عملوه وولعوه أمام إرسالهم لو صحّ إرسالهم .

(وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ) رحّال أحالوا لمصر ووهموا الصراط وحلّوا صدد الرس (فَأَرْسَلُوا) الرحّال (وارِدَهُمْ) لورود الماء واسمه مالك (فَأَدْلى) الوارد وأرسل (دَلْوَهُ) لمّا ملأها ماء وأمسك الولد المطروح وعطا الدلو ودلّاها المالك وأحسّ مرءا ملاحا وحارو (قالَ) سرورا (يا بُشْرى) هلمّ وهام الحال حالك ، وأصلها الإعلام السار أو هو اسم مملوك للمالك دعاه للإمداد أو لمّا

----------

صادقين) لاتهامك لنا (وجاءوا على قميصه بدم كذب) وصف به مبالغة أو ذي كذب أي مكذوب فيه فإنه دم سخلة ذبحوها ولطخوه به وذهلوا أن يمزقوه فقال يعقوب كيف أكله ولم يمزق قميصه (قال بل سولت) زينت (لكم أنفسكم أمرا) فصنعتموه (فصبر جميل) لا جزع فيه أجمل أو فأمري صبر (والله المستعان على ما تصفون) على دفعه أو على الصبر عليه .

(وجاءت سيارة) مسافرون من مدين إلى مصر بعد إلقائه في الجب بثلاث سنين (فأرسلوا واردهم) من يرد الماء ليستقي لهم (فأدلى) أرسل في الجب (دلوه) فتعلق بها يوسف فلما رآه (قال يا بشرى) احضري فهذا أوانك (هذا

ص: 110

وصل رحله صاح لإعلام رهطه (هذا) الممعود (غُلامٌ) ولد حسكل وعلم الحسّاد وهم أولاد والده اللواء طرحوه الرس حاله وسعوا ووصلوا (وَأَسَرُّوهُ) أسرّوا أمره وأصاروه (بِضاعَةً) وكلّموا هو مملوك معرّد أو أولو الإسرار الوارد ومطاؤه ، وهو حال (وَاللَّهُ) عالم الأسرار (عَلِيمٌ بِما) كلّ عمل هم (يَعْمَلُونَ) ( 19 ) مع والدهم وولده .

(وَشَرَوْهُ) أعطوه وآسوه أو عطوه وأمسكوه (بِثَمَنٍ بَخْسٍ) واكس (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ) ماصل عددها (وَكانُوا) هؤلاء الرهط (فِيهِ) الولد المطروح (مِنَ) الملأ (الزَّاهِدِينَ) ( 20 ) أهل الكره لوحر صدرهم أولا أو لروع رواحه كما عرّد أوّلا لما سمعوه ووهموه ، ورحل هؤلاء الورّاد ووصلوا مصر وسلّمه المالك لحارس أموال مصر وأعطاه الحارس أوسه عدله مسكا وعدله أحمر وعدله طاؤسا أو سواها .

(وَقالَ) المالك (الَّذِي اشْتَراهُ) عطاه (مِنْ) أهل (مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ) المعهود اسمها (أَكْرِمِي مَثْواهُ) محلّه صددهم (عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) أداء للأوطار رصدا للمصالح وحرسا للأموال ولمّا أحسّه مكارم الأملاء وهو حصور

----------

غلام وأسروه) وأخذوه عن رفقتهم وقالوا ادفعوه لنا أهل الماء لنبيعه لهم أو أسره إخوته حين علموا به فقالوا هذا عبدنا أبق وسكت خوفا أن يقتلوه (بضاعة) حال (والله عليم بما يعملون) بسرهم أو بكيد إخوته .

(وشروه) أي باعوه أي إخوته أو اشتراه الرفقة منهم (بثمن بخس) ناقص أو زيوف (دراهم) بدل من ثمن (معدودة) قليلة عشرين أو ثمانية وعشرين (وكانوا) أي إخوته أو الرفقة (فيه من الزاهدين).

(وقال الذي اشتراه من مصر) العزيز (لامرأته) راعيل ولقبها زليخا (أكرمي مثواه) مقامه عندنا (عسى أن

ص: 111

كلّم (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) مكرّما (وَ) كما أحكم أمره أولا وودّد لمالكه أو ملك أمره أو سلم الهلاك وأوصل المصر (كَذلِكَ مَكَّنَّا) أحكم الأمر أمدا (لِيُوسُفَ) كرما ورحما وصار ملكا آمرا رادعا عادلا (فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر لوصوله ما وصل ولعدله وسط أهل مصر (وَلِنُعَلِّمَهُ) علما (مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) مال الكلم الحكم وأحوال أمم مرّوا أوّلا ، أو مال ما أحسّ أهل العالم حال الدكاس والمراد رآهم الصوالح (وَاللَّهُ) الملك (غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) كلّه لا رادّ له عمّا أراد (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أولاد آدم (لا يَعْلَمُونَ) ( 21 ) الأمر كما هو أو المراد الأمر كلّه للّه لا لسواه .

(وَلَمَّا بَلَغَ) وصل وأدرك (أَشُدَّهُ) كمال حوله وأوسط عمره (آتَيْناهُ) كرما (حُكْماً) وسط أهل العالم أو علما مع العمل (وَعِلْماً) إدراكا لأمور الإسلام أو علم مال رآهم (وَ) كما سمح له هو عدل صلاحه (كَذلِكَ نَجْزِي) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 22 ) لأحوالهم وأعمالهم وهو إعلام لصلاحه وورعه أوّل الأمر .

(وَراوَدَتْهُ) هو الرود والمراد المحال والمكر مع الرود (الَّتِي هُوَ)

----------

ينفعنا) في أمورنا (أو نتخذه ولدا) كان عقيما وتفرس فيه الرشد (وكذلك) كما جعلنا له مخرجا حسنا (مكنا ليوسف في الأرض) أرض مصر ليقيم العدل فيها (ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره) لا يغلبه شيء أو على أمر يوسف حتى بلغه ما قدر له (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ذلك .

(ولما بلغ أشده) كمال شدته وقوته (آتيناه حكما) بين الناس أو حكمة (وعلما) بتعبير الرؤيا وفقها في الدين (وكذلك) الجزاء له (نجزي المحسنين) في أعمالهم .

ص: 112

المملوك (فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ) والمراد رومها وصاله (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) كلّها (وَ) لمّا سدّ الموارد (قالَتْ) له (هَيْتَ) هلمّ وهو أمر (لَكَ) واللام لام إعلام المراد ، ورووه مكسور الهاء (قالَ) المملوك لها (مَعاذَ اللَّهِ) مصدر لعامل مطروح (إِنَّهُ) الآمر أو المالك أو اللّه (رَبِّي) الرأس والهمام أو الآسر (أَحْسَنَ) أكرم (مَثْوايَ) أمر لك ولا ألسه أهلا أو لما اصار المالك ودودا مكرما (إِنَّهُ) الأمر (لا يُفْلِحُ) هو السلام وحصول المرام (الظَّالِمُونَ) ( 23 ) العهّار أو الألاس .

(وَ) اللّه (لَقَدْ هَمَّتْ) همّها (بِهِ) هو رودها وصاله (وَهَمَّ) هو (بِها) وصالها همّ السوس مع الارعواء لا كهمّها وإلّا لما مدحه اللّه (لَوْ لا أَنْ رَأى) لولا إحساسه (بُرْهانَ رَبِّهِ) حاصل لواصلها وهو إحساسه والده رادعا آرما أو ملكا مكلما له همّك همّ الأعماء واسمك مرسوم مع أسماء الرسل أو مالكه وصوّر له والده ولطم صدره وراح هواه وعمل (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ) إكمالا له (عَنْهُ السُّوءَ) الألس (وَالْفَحْشاءَ) العهر (إِنَّهُ مِنْ) عداد (عِبادِنَا

----------

(وراودته التي هو في بيتها عن نفسه) طلبت منه أن يواقعها (وغلقت الأبواب) وكانت سبعة (وقالت هيت لك) اسم فعل أي هلم أو أقبل واللام للتبيين (قال معاذ الله) أعوذ به معاذا (إنه ربي) أي زوجك سيدي (أحسن مثواي) مقامي بإكرامي فلا أخونه في أهله أو الهاء لله أي خالقي رفع محلي فلا أعصيه (إنه لا يفلح الظالمون) بالخيانة أو الزنا .

(ولقد همت به) قصدت مخالطته (وهم بها) مال طبعه إليها لا القصد الاختياري والمدح لمن كف نفسه عن الفعل (لو لا أن رءا برهان ربه) أي لو لا النبوة المانعة من القبيح لهم ولكنه لم يهم لذلك (كذلك) أريناه البرهان

ص: 113

الْمُخْلَصِينَ) ( 24 ) للطوع أو الطوع للّه ، وهو مدلول ما رووه مكسور اللام وعرّد هو مسرعا وما سهل لها إلّا العدو وراءه .

وعدوا (وَاسْتَبَقَا) سارعا (الْبابَ) الموصد وراء الكلّ (وَقَدَّتْ) هو الطرّ والصدع (قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ) وراء (وَأَلْفَيا) أحسّا وأدركا (سَيِّدَها) أهلها راكدا (لَدَى الْبابِ) صدده أو عاطسا للورود ولمّا رآها أهلها مع الحرد (قالَتْ) إعلاما لطهرها وصلاحها (ما جَزاءُ مَنْ) ما عدل مرء (أَرادَ بِأَهْلِكَ) عرسك (سُوءاً) عهرا (إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ) إلّا الحصر والإصر (أَوْ عَذابٌ) حدّ (أَلِيمٌ) ( 25 ) مؤلم ولمّا راع السوء وحلّ له الدرء

(قالَ هِيَ) وحدها (راوَدَتْنِي) هو الرود والروم (عَنْ نَفْسِي) ولولاه لأسرّ أمرها وما أعلم حالها وما دحرها (وَشَهِدَ شاهِدٌ) ولد معصوم مأواه المهد (مِنْ أَهْلِها) وهو ولد عمّ لها أو ولد ولد لأمّ أمّها ، وكلّم مردّدا (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ) المكسوّ له (قُدَّ) طرّ وصدع (مِنْ قُبُلٍ) أمام (فَصَدَقَتْ) العرس (وَهُوَ) المملوك (مِنْ) الملأ

----------

(لنصرف عنه السوء والفحشاء) الخيانة والزنا (إنه من عبادنا المخلصين) دينهم لله على الكسر أو المختارين للنبوة على الفتح .

(واستبقا الباب) بادراه هو للهرب وهي لتمسكه فلحقته وجذبته (وقدت قميصه من دبر) من خلفه (وألفيا سيدها) وجدا زوجها (لدى الباب قالت) له (ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن) إلا سجن أي حبس (أو عذاب أليم) ضرب مؤلم (قال) يوسف (هي راودتني عن نفسي) طالبتني بالسوء (وشهد شاهد من أهلها) صبي في المهد ابن أختها أو ابن عمها وقيل رجل كان مع زوجها فقال (إن كان قميصه قد من قبل) من قدامه (صدقت وهو من

ص: 114

(الْكاذِبِينَ) ( 26 ) لما هو أحال للسوء ح وحصل الصدع حال درئها له .

(وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ) المملوك (قُدَّ) طرّ وصدع (مِنْ دُبُرٍ) وراء (فَكَذَبَتْ) العرس (وَهُوَ) المملوك (مِنْ) الملأ (الصَّادِقِينَ) ( 27 ) لمّا هو عرّد وحصل الصدع حال إمساكها له .

(فَلَمَّا رَأى) المالك (قَمِيصَهُ قُدَّ) صدع (مِنْ دُبُرٍ) وراء وعلم طهر حراه (قالَ) مهدّدا لعرسه (إِنَّهُ) كلامك أوّلا هو ما عدل مرء أراد لأهلك سوء أو المحال والمكر (مِنْ كَيْدِكُنَّ) الكلام لها ولأعدالها (إِنَّ كَيْدَكُنَّ) أعراس محال (عَظِيمٌ) ( 28 ) كامل محكم .

وكلّم المالك وأمره (يُوسُفُ أَعْرِضْ) ولّ وصدّ (عَنْ هذا) الأمر وأسرّه كره السطوع وكلّم معها أمرا لها (وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ) إصرك وسوئك (إِنَّكِ كُنْتِ) وحدك (مِنَ) الملأ (الْخاطِئِينَ) ( 29 ) عمّاد الآصار والمعار .

(وَقالَ نِسْوَةٌ) عرس الموّاه وعرس موكّل الطعام وعرس حارس السوّام وعرس موكّل الحصر وعرس الحدّاد (فِي الْمَدِينَةِ) مصر (امْرَأَتُ الْعَزِيزِ) أهله وعرسه وهو حارس أموال الملك (تُراوِدُ) هو الرود والروم ( فَتاها )

----------

الكاذبين) لدلالته على أنه قصدها فدفعته (وإن كان قميصه قد من دبر) من خلفه (فكذبت وهو من الصادقين) لدلالته على أنه فر وتعلقت به .

(فلما رءا قميصه قد من دبر قال إنه) أي الصنع (من كيدكن إن كيدكن عظيم) يا (يوسف أعرض عن هذا) الحديث ولا تذكره لئلا يفشو (واستغفري لذنبك) يا زليخا (إنك كنت من الخاطئين) ذكر تغليبا .

(وقال نسوة في المدينة) مصر (امرأت العزيز تراود فتاها عن نفسه) تدعو

ص: 115

مملوكها (عَنْ نَفْسِهِ) أملا لحصول مرادها (قَدْ شَغَفَها) طرّ وعاء أسّها ووصل الأسّ (حُبًّا) ودّا (إِنَّا لَنَراها) لسوء عملها الحال (فِي ضَلالٍ) هم وعمو (مُبِينٍ) ( 30 ) ساطع لودّها مملوكها .

(فَلَمَّا سَمِعَتْ) عرسه (بِمَكْرِهِنَّ) كلامها لا صراحا أو إعلامها السرّ مع ردعها لها الإعلام حال الاطلاع (أَرْسَلَتْ) رسلا (إِلَيْهِنَّ) للدعاء لها (وَ) لمّا أوردوها (أَعْتَدَتْ لَهُنَّ) هو والإعداد واحد (مُتَّكَأً) وسدا أو كلّ ما أعدّ للأكل كالأحمال واللحوم أو محلّ طعام (وَآتَتْ) أعطوا لأمرها (كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ) حال الركوع (سِكِّيناً) وهو معاود أهل عصرها كعمل الحمراء الحال (وَقالَتِ) له (اخْرُجْ) واطّلع (عَلَيْهِنَّ) هؤلاء الأعراس وطلع ولمع (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ) طالعا لامعا لامحا مدلا أروع مع مهاهه الأكمل ومرآه الأملح (أَكْبَرْنَهُ) حصل لها العمة والوله ودلّهها الودّ (وَقَطَّعْنَ) صرما أراد الكلم الكامل المولم (أَيْدِيَهُنَّ) ولها ودلها وسكرا وسال الدم مع عدم إحساس الآلام (وَقُلْنَ) إعلاما لحاله الأدّ الآمر لمّا حصل لها الصحو (حاشَ) طهرا (لِلَّهِ) المصوّر صورا ملاحا (ما هذا) المملوك مع كمال المهاة والورع (بَشَراً)

----------

عبدها إلى الفجور بها (قد شغفها حبا) تمييز أي دخل حبه شغاف قلبها أي غشاءه (إنا لنراها في ضلال مبين فلما سمعت بمكرهن) بتعبيرهن لها سمي مكرا لإرادتهن بذلك رؤية يوسف (أرسلت إليهن) ودعتهن في جملة أربعين امرأة (وأعتدت) أعدت (لهن متكئا) وسائد يتكئن عليها وقيل أترجا (وءاتت) أعطت (كل واحدة منهن سكينا) ليقطعن بها الفواكه واللحم (وقالت) ليوسف (اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه) أعظمنه وبهتن لجماله وقيل حضن (وقطعن أيديهن) جرحنها بالسكين للدهشة (وقلن حاش لله)

ص: 116

أصله الصلصال (إِنْ) ما (هذا) الأملح الأروع (إِلَّا مَلَكٌ) مصوّر (كَرِيمٌ) ( 31 ) مكرم ، ورووا ملك مكسور اللام واحد الملوك .

(قالَتْ) أهل المالك لها حال احساس ما حلّ لهؤلاء (فَذلِكُنَّ) المدله هو المملوك (الَّذِي لُمْتُنَّنِي) لو ما أسوأ ورها (فِيهِ) ودّه وهواه (وَ) اللّه (لَقَدْ راوَدْتُهُ) مرارا كما سمع العالم واللام موطّأ وممهّد للعهد (عَنْ نَفْسِهِ) للوصال (فَاسْتَعْصَمَ) ورع ورعا كاملا وما أطاع الأمر وما حصّل المراد أصلا (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ) المملوك (ما آمُرُهُ) الحال ومعاده (لَيُسْجَنَنَّ) دهرا (وَلَيَكُوناً) ح (مِنَ) الملأ (الصَّاغِرِينَ) ( 32 ) أهل الحسل والدحور وهم اللصوص وعماد الدماء والطّلاح .

ولمّا سمع كلام هؤلاء وهو أطع أمرها (قالَ رَبِّ) اللهم (السِّجْنُ) حلوله وركوده (أَحَبُّ) وأملح وأصلح (إِلَيَّ مِمَّا) عمل (يَدْعُونَنِي) هؤلاء (إِلَيْهِ) هو العهر (وَإِلَّا تَصْرِفْ) اللهم صدّا (عَنِّي) كرما (كَيْدَهُنَّ) محال هؤلاء ومكرها (أَصْبُ) أمل (إِلَيْهِنَّ) كما هو مأمور السوس ومدعوّه

----------

تنزيها له (ما هذا بشرا) إذ لم يعهد حسنه لبشر (إن هذا إلا ملك كريم) لجماله وعفته .

(قالت فذلكن) هذا هو الفتى (الذي لمتنني فيه) في حبه فقد رأيتن ما أصابكن برؤيته مرة فكيف ألام وأنا أشاهده دائما (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) امتنع طلبا للعصمة (ولئن لم يفعل ما ءامره ليسجنن وليكونا من الصاغرين) الأذلاء .

(قال) حين توعدنه ودعونه إلى أنفسهن (رب) يا رب (السجن أحب إلي مما يدعونني إليه) من الفاحشة (وإلا تصرف عني كيدهن) أي ضرره بالتثبت

ص: 117

(وَأَكُنْ) أصر (مِنَ) الملأ (الْجاهِلِينَ) ( 33 ) الأعمّاء اللواء لا حلم كاملا لهم أو لا عمل لهم مؤاما لعلمهم .

ولمّا ألمأ كلامه الدعاء أورد (فَاسْتَجابَ) حاور وسمع (لَهُ) اللّه (رَبُّهُ) إلهه ومالكه دعاءه (فَصَرَفَ) صدّ وردّ (عَنْهُ) كما دعاه (كَيْدَهُنَّ) محال هؤلاء ومكرها وأرساه وعصمه (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ) وحده وهو عماد أورد للحصر (السَّمِيعُ) لدعاء الداع (الْعَلِيمُ) ( 34 ) لحاله وحال هؤلاء .

(ثُمَّ بَدا) لاح (لَهُمْ) للمالك مع الأهل أمر وحكم (مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ) دوالّ ورعه وصلاحه كإعلام الولد المعصوم حاله وصدع مكسوّه عمّا وراءه وعدم طوعه لها وما عداها ، وعلموا طهر حراه والأمر المسطور هو (لَيَسْجُنُنَّهُ) لإعلام إملاه الحال وحسم لوم اللّوام واسدال السدل وراء كلام العوّام والسوّام (حَتَّى) مرور (حِينٍ) ( 35 ) دهر واصروه كما لاح لهم .

(وَدَخَلَ مَعَهُ) وأصر حال إصره (السِّجْنَ) مأصر الملك (فَتَيانِ) مملوكا الملك أحدهما موّاه الملك وأحدهما مؤكّل طعامه اصروهما لهورهما السمّ ولمّا أحسّاه مأوّلا لمدارك أهل المأصر ورآهم الصوالح محصاه و (قالَ أَحَدُهُما) هو الموّاه للمأوّل (إِنِّي أَرانِي) حال الدكاس وركود الحواس وهو

----------

على العصمة (أصب) أمل بطبعي (إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه) دعاءه (فصرف عنه كيدهن) بعضه بلطفه وتوفيقه لقمع الشهوة والصبر على السجن (إنه هو السميع) لدعاء من دعاه (العليم) بحاله .

(ثم بدا لهم) ظهر للعزيز وصحبه (من بعد ما رأوا الآيات) الدلائل على براءة يوسف كقد القميص ونطق الطفل وقطع اليدين ونحوها (ليسجننه حتى حين ودخل معه السجن فتيان) عبدان للملك ساقيه وخبازه اتهما بإرادة سمه

ص: 118

حال مرّ حكاها اللّه (أَعْصِرُ خَمْراً) كرما سمّاه مداما لمحا للمال ، أو هو اسم للكرم صدد رهط (وَقالَ) له (الْآخَرُ) وهو عامل الطعام (إِنِّي أَرانِي) حال الدكاس حال مرّ حكاها اللّه (أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي) سلالا مملوّا أعلاها (خُبْزاً) صروع طعام (تَأْكُلُ) معلا (الطَّيْرُ مِنْهُ) الطعام (نَبِّئْنا) أعلم (بِتَأْوِيلِهِ) مأوّله ومآله (إِنَّا نَراكَ مِنَ) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 36 ) علم المأوّل والمال أو أهل المأصر رحما وامدادا .

(قالَ) لهما (لا يَأْتِيكُما) الحال (طَعامٌ) ما (تُرْزَقانِهِ) الطعام كلامهما والمراد طعام أورد لهما حال الإصر (إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ) مأوّله ومآله ، والهاء للطعام والمراد إعلام صرعه وحاله أو لما رأوه حال الدكاس وسألوا ماله (قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما) مأوّله أو الطعام والكلام ح لإعلام حاله لهم لحصول مرامه وهو إسلامهم كما هو سلوك الرسل وأعدالهم كالعلماء حال الادّكار وإعلام الصلاح ، ولمّا سألاه ممّ حصل لك علم المأوّل والأسرار حاورهما (ذلِكُما) علم المأوّل والأسرار (مِمَّا) عداد علوم (عَلَّمَنِي) اللّه (رَبِّي) ألهمه وأوحاه ولم أعلمه كدّا وكدحا (إِنِّي تَرَكْتُ) أوّلا (مِلَّةَ )

----------

فسجنا فرأياه يعبر للناس رؤياهم (قال أحدهما) الساقي (إني أراني) في المنام (أعصر خمرا) عنبا سماه بما يئول إليه (وقال الآخر) الخباز (إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله) بتعبيره (إنا نريك من المحسنين) لتأويل الرؤيا أو إلى أهل السجن .

(قال لا يأتيكما طعام ترزقانه) في منامكما أو من أهلكما (إلا نبأتكما بتأويله) في اليقظة أو بصفته (قبل أن يأتيكما) تأويله أو الطعام (ذلكما) التأويل (مما علمني ربي) بوحي أو إلهام (إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله

ص: 119

صراط (قَوْمٍ) عماء (لا يُؤْمِنُونَ) إسلاما (بِاللَّهِ) الواحد الأحد الصمد والكلام معلّل لصدره أو هو أوّل كلام (وَهُمْ) هؤلاء الأعماء (بِالْآخِرَةِ) الموعود ورودها (هُمْ) مؤكّد (كافِرُونَ) ( 37 ) رادّوها وهم أهل مصر وسواهم .

(وَاتَّبَعْتُ) حسّا وسرّا هو أوّل كلام أو معلّل للصدر كما مرّ (مِلَّةَ) صراط (آبائِي) الكرام والد والد الوالد (إِبْراهِيمَ وَ) والد الوالد (إِسْحاقَ وَ) الوالد (يَعْقُوبَ) المهموم (ما كانَ) ما صحّ وما سد (لَنا) رهط الرسل (أَنْ نُشْرِكَ) العدول (بِاللَّهِ) الواحد الأحد (مِنْ) مؤكّد لمدلول ما (شَيْءٍ) ما لمّا عصم اللّه رهط الرسل (ذلِكَ) الإسلام للّه وحده والعلم والألوك (مِنْ فَضْلِ اللَّهِ) كرمه وطوله (عَلَيْنا) رهط الرسل (وَعَلَى النَّاسِ) كلّهم (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أهل العالم وهم أعداء الإسلام (لا يَشْكُرُونَ) ( 38 ) اللّه وعملهم العدول معه وصرّح دعاءهما للإسلام .

وكلّم (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) أهله اسمعا واعلما (أَ أَرْبابٌ) أماله (مُتَفَرِّقُونَ) أولو عدد (خَيْرٌ) أصلح وأسدّ لكما (أَمِ اللَّهُ) الإله (الْواحِدُ) الأحد (الْقَهَّارُ) ( 39 ) المكوّح أصلح وأسدّ ، ومعلوم اللّه أصلح وأسد .

( ما تَعْبُدُونَ )كلام لهما ولأهل مصر (مِنْ دُونِهِ) سواه (إِلَّا أَسْماءً)

----------

وهم بالآخرة هم) تأكيد (كافرون واتبعت ملة ءابائي) دينهم (إبراهيم وإسحق ويعقوب ما كان) ما جاز (لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك) التوحيد (من فضل الله علينا وعلى الناس) بعثنا لهدايتهم (ولكن أكثر الناس لا يشكرون) فضله (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون) شتى لا تضر ولا تنفع (خير أم الله الواحد) الذي لا ثان له (القهار) الغالب على الكل (ما تعبدون) يا أهل مصر

ص: 120

لا مدلول لها (سَمَّيْتُمُوها) دماكم (أَنْتُمْ) الحال (وَآباؤُكُمْ) الأول أوّلا (ما أَنْزَلَ) أرسل (اللَّهُ) إله الكلّ (بِها) هؤلاء الأسماء والمراد دعاؤها (مِنْ سُلْطانٍ) دالّ (إِنِ الْحُكْمُ) ما الحكم للطوع (إِلَّا لِلَّهِ) الواحد الأحد الصمد الآسر للكلّ والمالك لامره وأورد إعلاما لحكمه (أَمَرَ) اللّه للرسل لاعلامهم الكلّ (أَلَّا تَعْبُدُوا) أحدا (إِلَّا إِيَّاهُ) إلّا للّه وحده (ذلِكَ) الإسلام للّه وحده (الدِّينُ) الصراط (الْقَيِّمُ) الساد المحكم (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أعداء الإسلام (لا يَعْلَمُونَ )( 40 ) سداده وكلّمهما مأوّلا لرآهما .

(يا صاحِبَيِ السِّجْنِ) أهله (أَمَّا أَحَدُكُما) وهو الموّاه (فَيَسْقِي رَبَّهُ) مالكه وهو الملك (خَمْراً) مداما كما ماهه أوّلا (وَأَمَّا) المرء (الْآخَرُ) وهو مطو الطعام (فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ) كما أحسّ ورآه حال الدكاس (مِنْ) لحم (رَأْسِهِ) ولمّا سمعا كلامه عادا عمّا كلّما وكلّمهما (قُضِيَ) حكم وكمل (الْأَمْرُ) الحكم (الَّذِي فِيهِ) الحال (تَسْتَفْتِيانِ) ( 41 ) هو السؤال والأمر هو هلاك أحدهما وسلام مطوه .

----------

(من دونه) أي غير الله (إلا أسماء سميتموها أنتم وءاباؤكم) آلهة (ما أنزل الله بها) بعبادتها (من سلطان) حجة (إن الحكم إلا لله) فلا يستحق العبادة إلا هو (أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) المستقيم لا ما أنتم عليه من الشرك (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ذلك لتركهم النظر .

(يا صاحبي السجن أما أحدكما) أي الساقي فيرد إلى عمله بعد ثلاث (فيسقي ربه) سيده (خمرا) كعادته (وأما الآخر) أي الخباز فيخرج بعد ثلاث (فيصلب فيأكل الطير من رأسه) فقالا ما رأينا شيئا فقال (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) فهو حال بكما رأيتما أم لا .

ص: 121

(وَقالَ) المأوّل (لِلَّذِي ظَنَّ) علمه المأوّل (أَنَّهُ ناجٍ) سالمٌ (مِنْهُمَا) وهو الموّاه وأمره (اذْكُرْنِي) حال ورودك (عِنْدَ رَبِّكَ) مالكك وأمدح كما هو معلومك أملا للسلام (فَأَنْساهُ) ألهاه إمّا للمأوّل أو للموّاه (الشَّيْطانُ) الحسّاد المارد المطرود (ذِكْرَ) حاله ومدحه صدد (رَبِّهِ) مالكه أو ادكار اللّه مالكه ومصلحه لمّا وكل أمره لسواه (فَلَبِثَ) لما مرّ (فِي السِّجْنِ) مأصورا (بِضْعَ سِنِينَ) ( 42 ) أعواما عددها عدد أعوام محل مصر .

(وَقالَ الْمَلِكُ) ملك مصر صدد الملأ (إِنِّي أَرى) أحسّ حال الدكاس أمرا مهوّلا (سَبْعَ بَقَراتٍ) أطم (سِمانٍ) لحام دسام مصدرها روط صامل (يَأْكُلُهُنَّ) هؤلاء اللحام ألمم (سَبْعٌ عِجافٌ) لا لحم لها ولا دسم ، مصدرها هو الروط الصامل (وَ) أحس حال الركود (سَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ) أطر (وَ) أحسّ (أُخَرَ) سواها عددها مساو لعدد هؤلاء الأول (يابِساتٍ) كوامل صوامل حلّ حصادها وأحاط الصوامل الأول (يا أَيُّهَا الْمَلَأُ ) أراد كرام رهطه العلماء والحكماء (أَفْتُونِي) أحكموا ما لاح لكم (فِي رُءْيايَ) واعلموا مأوّلها ومآلها (إِنْ كُنْتُمْ) رهط العلماء (لِلرُّءْيا) مأوّلها

----------

(وقال للذي ظن) علم (أنه ناج منهما) وهو الساقي (اذكرني عند ربك) سيدك بأني حبست ظلما (فأنساه) أي الساقي (الشيطان ذكر ربه) أن يذكر لسيده أو أنسى يوسف ذكر الله حتى استعان بمخلوق (فلبث في السجن بضع سنين) سبعا بعد الخمس والبضع ما دون العشرة إلى الثلاثة .

(وقال الملك إني أرى) في منامي (سبع بقرات سمان يأكلهن سبع) أخر (عجاف) هزال (وسبع سنبلات خضر) قد انعقد حبها (وأخر) وسبعا أخر (يابسات) قد التوت على الخضر وغلب عليها (يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي

ص: 122

(تَعْبُرُونَ) ( 43 ) علماء وأصله ادّكار مآلها وأمد أمرها .

(قالُوا) الملأ للملك هؤلاء (أَضْغاثُ) أصلها العام والمراد أوهام (أَحْلامٍ) واحده حلم وهو المدرك حال الدكاس وركود الحواس (وَما نَحْنُ) طرّا (بِتَأْوِيلِ) هؤلاء (الْأَحْلامِ) الأوهام (بِعالِمِينَ) ( 44 ) أصلا .

(وَقالَ) الموّاه (الَّذِي نَجا) سلم (مِنْهُما) أهل الماصر (وَادَّكَرَ) حال المأوّل ومدحه للملك (بَعْدَ) مرور (أُمَّةٍ) دهر طوال ، ورووا مكسور الأوّل والمراد واحد الآلاء والمدلول ح وراء ما أعطاه اللّه السلام والآلاء ، ورووا أمه مع الهاء وهو لمّا أحكل مأوّل ما رآه الملك (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ) أعلمكم (بِتَأْوِيلِهِ) ومآله لما أعلم مأوّله (فَأَرْسِلُونِ) ( 45 ) له لا سأله معموله مطروح لإعلام الكسر ، ورووه كما هو الأصل .

وأرسلوا وورد صدده ودعاه (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ) الكامل سداده وصلاحه واطرأه لما علم أحواله اوّلا (أَفْتِنا) حاور واحكم (فِي) مأوّل (سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ) لحام دسام مصدرها مسل ماء صامل (يَأْكُلُهُنَّ) هؤلاء اللحام أطم (سَبْعٌ عِجافٌ) هو الك عسرا (وَ) مأوّل (سَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ) اطر (وَأُخَرَ) عددها مساو لعدد الأوّل (يابِساتٍ) كوامل وصل عصر

----------

إن كنتم للرؤيا تعبرون) اللام للبيان أو لتقوية الفعل لتأخره .

(قالوا أضغاث) تخاليط (أحلام) كاذبة (وما نحن بتأويل الأحلام) الكاذبة (بعالمين وقال الذي نجا منهما) أي الساقي (وادكر) أصله ادتكر قلبت تاؤه دالا وأدغمت أي تذكر شأن يوسف (بعد أمة) جملة من الحين (أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون) إلى من يعلمه فأتى يوسف فقال: (يوسف أيها الصديق) الكثير الصدق (أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع

ص: 123

حصادها أحاط الصوامل الأول علوّا (لَعَلِّي) أورد لعلّ لروعه الامه والسهو أو السام (أَرْجِعُ) أعود (إِلَى النَّاسِ) الملك وطوّاعه عالما لمأوّله (لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) ( 46 ) حالك وكمالك وعلمك أو مأوّلها وسرّها .

(قالَ) المأصور للرسول وهو الموّاه مأوّلا لمّا رآه الملك (تَزْرَعُونَ) أهل المصر المراد الأمر (سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) ولاء كما هو عملكم دواما أو كدّا محرك ، أو كدهر مصدر وهو حال ، أو مصدر لعامل مطروح وهو مأوّل الأطماء اللحام (فَما) كلّ طعام (حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ) دعوه كما هو (فِي سُنْبُلِهِ) واطرحوا دوسه روع أكل السوس (إِلَّا) طعاما (قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ) ( 47 ) أعوام المحل .

(ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ) مرور (ذلِكَ) الدهر وهو دهر الأكر وحصول الطعام أعوام (سَبْعٌ شِدادٌ) عسار وعار وهو مأوّل الهوالك عسرا (يَأْكُلْنَ) هؤلاء الأعوام والمراد أهلها أورده وآما للمأوّل له (ما) طعاما (قَدَّمْتُمْ) أكرا وإعدادا أعوام الأكر والحصول (لَهُنَّ) للأعوام العسار (إِلَّا) طعاما (قَلِيلًا

----------

سنبلات خضر وأخر يابسات) رآها الملك (لعلي أرجع إلى الناس) أي الملك ومن معه (لعلهم يعلمون) فضلك أو تأويلها .

(قال تزرعون سبع سنين دأبا) باجتهاد أو على عادتكم حال أي دائبين أو مصدر أي تدأبون دأبا وهذا تأويل البقرات السمان والسنبلات الخضر (فما حصدتم فذروه) فاتركوه (في سنبله إلا قليلا مما تأكلون) فدوسوه (ثم يأتي من بعد ذلك) أي السبع المخصبة (سبع شداد) مجدبات وهي تأويل العجاف واليابسات (يأكلن ما قدمتم لهن) أي تأكلون فيهن ما ادخرتم لأجلهن في السنين المخصبة من الحب وهو تأويل أكل العجاف السمان (إلا قليلا مما تحصنون)

ص: 124

مِمَّا ) طعام (تُحْصِنُونَ) ( 48 ) للأكر والمراد اللّم والدس والرمس .

(ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ) مرور (ذلِكَ) الدهر وهو دهر المحل (عامٌ) حول (فِيهِ) العام (يُغاثُ) هو الإمداد أو الأمطار (النَّاسُ) العالم (وَفِيهِ) العام المسطور (يَعْصِرُونَ) ( 49 ) الكرم للمدام والسمسم للحل وما سواهما .

(وَ) لما عاد الرسول وأعلمهم المأوّل كما سمع (قالَ الْمَلِكُ) وأمر (ائْتُونِي بِهِ) المأوّل وعد الرسول (فَلَمَّا جاءَهُ) صدده (الرَّسُولُ) واعلمه أمر الملك (قالَ) المأوّل للرسول (ارْجِعْ) عد (إِلى رَبِّكَ) الملك (فَسْئَلْهُ) الملك وكلّمه اسأل (ما بالُ) حال (النِّسْوَةِ) وما أمر الأعراس (اللَّاتِي قَطَّعْنَ) دلها وولها (أَيْدِيَهُنَّ) كلما كاملا (إِنَّ) اللّه (رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ) محال هؤلاء ومكرها (عَلِيمٌ) ( 50 ) علّام .

وعاد الرسول صدد الملك وأعلمه ما أمره المأوّل ، ودعا الملك هؤلاء الكوالم ودعا عرس مالك المأوّل وسأل و (قالَ) لهؤلاء (ما خَطْبُكُنَّ) هو الأمر (إِذْ) لمّا (راوَدْتُنَّ) هو الرود والروم (يُوسُفَ) المملوك المأصور

----------

تحرزون (ثم يأتي من بعد ذلك) الجدب في السبع (عام فيه يغاث الناس) يمطرون من الغيث أو ينقذون من القحط من الغوث (وفيه يعصرون) الثمار كالعنب والزيتون أو ينجون، والعصرة النجاة، وعن علي (عليه السلام): يعصرون أي يمطرون من وأنزلنا من المعصرات .

(وقال الملك ائتوني به) بالمعبر (فلما جاءه الرسول) ليخرجه (قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) سله أن يعرف حالهن ولم يذكر سيدته كرما وتأدبا (إن ربي) أي الله أو سيدي (بكيدهن عليم) فرجع وأخبر الملك فدعاهن .

ص: 125

(عَنْ نَفْسِهِ) هل أدرك له صور حال الرواد (قُلْنَ) معا (حاشَ) طهرا (لِلَّهِ) المصوّر ورعا كهو (ما عَلِمْنا عَلَيْهِ) أصلا ولو ماصلا (مِنْ سُوءٍ) إصر ولمم (قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ) عرس حارس أموال الملك مالك المأوّل (الْآنَ) الحال (حَصْحَصَ) سطع ولاح الأمر (الْحَقُّ) الساد (أَنَا) لا هو (راوَدْتُهُ) المملوك (عَنْ نَفْسِهِ) وهو معصوم طاهر حراه عمّا وصم (وَإِنَّهُ لَمِنَ) الملأ (الصَّادِقِينَ) ( 51 ) لسداد كلامه .

ولمّا سمع الرسول كلام هؤلاء كلّها وعاد وأعلمه الأمر والحال كلّم (ذلِكَ) الإعوار عمّا أمر الملك وروم سؤال هؤلاء الكوالم معمول (لِيَعْلَمَ) المالك أو الملك (أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ) المالك ولم أعمل مع أهل سوءا (بِالْغَيْبِ) وراءه وهو حال (وَ) لعلمه (أَنَّ اللَّهَ) العدل (لا يَهْدِي) ما هو مسدّدا (كَيْدَ) محال الملأ (الْخائِنِينَ) ( 52 ) ولا موصلا له كما له ، ولا لما حوول معه وهو مؤكّد ومعلّل لأوّل الكلام ومكمّل له .

لمّا أراد هصم درّه وكسرها لما ردع اللّه إعلاء أمرها وطهّر حراها ، وأراد إعلام كرم اللّه ورحمه لما عصمه السوء كلّم (وَما أُبَرِّئُ) ما أطهّر (نَفْسِي) عموم الأحوال أو الحال المعهود لصدور الهمّ المسطور ح سهوا لا عمدا (إِنَّ

----------

(قال ما خطبكن) شأنكن (إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء) هل بدا منه خيانة (قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق) ظهر (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) فعاد الرسول فأخبر يوسف بمقالتهن فقال (ذلك) الاستظهار للبراءة (ليعلم) العزيز (أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) لا ينفذه أو لا يهديهم بكيدهم .

(وما أبرىء نفسي) عن الميل الطبيعي (إن النفس) أي جنسها (لأمارة

ص: 126

النَّفْسَ) أراد صرعها (لَأَمَّارَةٌ) آمر أمرها (بِالسُّوءِ) وصول هواها (إِلَّا ما) درّ (رَحِمَ) اللّه وعصمها أو إلّا حال رحم (رَبِّي) وورد هو كلام عرس مالكه ومرادها ما أطهر الدرّ لما صدر أوّلا وهو هوره سوءا مع طهر حراه (إِنَّ) اللّه (رَبِّي غَفُورٌ) محّاء للآصار والمعارّ (رَحِيمٌ) ( 53 ) مول لآلاء وعاصم .

(وَ) لمّا لاح للملك طهر سره وصلاح حاله (قالَ) أمر (الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ) أوردوه (أَسْتَخْلِصْهُ) أمحصه وأحوّله صراحا (لِنَفْسِي) لا سواه وراح الرسول وأرسل الملك معه رهطا وكراعا وأرسل له كساء الملوك ، وورد صدده وكلّمه أطع الملك وأطاع ، وودّع أهل الماصر ودعا لهم اللهم امل لهم أساس الكرام وعلّمهم عموم الإعلام ورسم مورد المأصر هؤلاء محال اللأواء والكاداء وسرور الأعداء وادّكار الأودّاء ، وماص واطّهر وكسوه كساء الملوك وأحال وورد صدد الملك وسلّمه ودعاه (فَلَمَّا كَلَّمَهُ) الملك صراحا وسأله عمّا رآه وعلم دهاءه (قالَ) له الملك (إِنَّكَ الْيَوْمَ) الحال (لَدَيْنا مَكِينٌ) مكرّم عال (أَمِينٌ) ( 54 ) صالح كلّ الأمور والأموال موكول لك ، واعمل ما هو الأصلح وأمره أحو الطعام كالسمراء والحمّص والعدس اهراء ، وأكر ماكر أعوام

----------

بالسوء) بميلها الطبيعي إلى الشهوات (إلا ما رحم ربي) أي إلا من رحمه فعصمه أو إلا وقت رحمته (إن ربي غفور) لعباده (رحيم) بهم وقيل الحكاية لقول زليخا وهاء لم أخنه ليوسف .

(وقال الملك ائتوني به أستخلصه) أجعله خالصا (لنفسي) فأتاه الرسول فدعاه فودع أهل السجن وخرج واغتسل ولبس ثيابا جددا ودخل وسلم (فلما كلمه) وعرف فضله وعقله (قال إنك اليوم لدينا مكين) ذو قدرة وجاه (أمين) على أمرنا .

ص: 127

الوسع والحاصل ، واعكل المحصول واركمه كما هو لا مدوسا وهو هدّك ، ولأهل مصر أعوام المحل والكحط .

ولمّا حار الملك وسأله مدره هؤلاء الأمور وموكلها (قالَ) للملك (اجْعَلْنِي) مؤكّلا حاكما (عَلى خَزائِنِ) أموال (الْأَرْضِ) ممالك مصر وطعامها (إِنِّي حَفِيظٌ) حارس محوّط للأموال (عَلِيمٌ) ( 55 ) محص عالم العدد أو المصالح ومحال العطاء أو أعوام المحل ولعلّه لمّا علم الملك مؤمّرا له ومؤكّلا لمصالح أموره لا محال رام ما عمّ عوده لصلاح العالم .

(وَ) كما رحم وسلم وأكرم (كَذلِكَ مَكَّنَّا) كرما ورحما وسمح (لِيُوسُفَ) الحول والألوّ (فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر (يَتَبَوَّأُ) هو الحلول (مِنْها) ممالك مصر (حَيْثُ) كلّ محلّ (يَشاءُ) الحلول أوس الحصر والإصر أوّلا (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا) وهو الملك والوسع حالا ودارالسلام وسرورها مالا (مَنْ) كلّ أحد (نَشاءُ) وأما للحكم والمصالح (وَلا نُضِيعُ) عدلا (أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) ( 56 ) أعمالا لا حالا ولا معادا .

(وَلَأَجْرُ) الدار (الْآخِرَةِ خَيْرٌ) أصلح لعلوّه ودوامه (لِلَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا (وَكانُوا يَتَّقُونَ) ( 57 ) العدول وطوالح الأعمال كلّها ، وورد كلّله الملك وحطّ له محلّا مكلّلا مرصعا ورداءه حسامه وولّاه محلّ مالكه وحطّه

----------

(قال اجعلني على خزائن الأرض) في مصر (إني حفيظ) لها أو للحساب (عليم) بأمرها .

(وكذلك مكنا ليوسف في الأرض) أرض مصر (يتبوأ) ينزل (منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء) في الدارين (ولا نضيع أجر المحسنين) إلى أنفسهم وغيرهم (ولأجر الآخرة خير) من الدنيا (للذين ءامنوا وكانوا يتقون)

ص: 128

وهلك وملكه الملك عرسه أهولا ، وولد لهما أولاد وصار حاكما وحكم وعدل ، وودّه أهل الممالك ، وأسلم الملك ، وعموم عسكره وطوّعه .

ولمّا وصل أعوام المحل أعطاهم الطعام عاما أوّلا أوس الدراهم ومصح دراهمهم ، وعاما وراءه أوس حلاهم ودررهم ، وعاما وراءه أوس سوّامهم ، وعاما وراءه أوس المملوك والإماء ، وعاما وراءه أوس الدور والماكر ، وعاما سادسا أوس أولادهم ، وعاما وراءه أوس إدرارهم وملكهم كلّهم وحرّرهم كلّهم وردّ أملاكهم وما ملك أحدا أوس الدراهم وراء الحمل الواحد صاعا ، ومسّ أهل مولده ورهطه ما مسّ أهل مصر وهو المحل والسعار وأرسل والده أولاده للطعام لمّا سمعوا عمل ملك مصر .

(وَجاءَ) ووصل مصر (إِخْوَةُ يُوسُفَ) كلّهم إلّا ولد والده وأمّه (فَدَخَلُوا عَلَيْهِ) وردوا صدده (فَعَرَفَهُمْ) لمّا رآهم (وَ) الحال (هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ( 58 ) لمّا رأوه وهو كأس كساء الملوك أو لطول العهد ووهم الهلاك ، أو لما هو وراء السدل وكلّموه كلام أمصارهم وساء لهم عموسا ما أوردكم مصر وهم حاوروا رهط رعاء مسّهم المحل واللأواء ، وأعاد السؤال لعلّكم أعداء ورودكم لاطلاع أحوال مصر وسواده وحاوروا لا أولاد رسول مهموم لهلاك ولد مودود له وأمسك ولدا له لأمّ الهالك سلّوا .

ولمّا سمع أحوالك كلّم ملك مصر ملك صالح سامح روحوا وأدّوا له السلام وهو موصل لك السلام ، ولمّا سمع الملك كلامهم سحّ دمعه وهمل وأمر إحلالهم وإكرامهم وإطعامهم (وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ) أصلحهم وأعدّهم (بِجَهازِهِمْ )

----------

المعاصي .

(وجاء إخوة يوسف) غير بنيامين (فدخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون)

ص: 129

ما هو مصالح رحلهم وكالهم كاملا وأعطاهم الطعام كلّ واحد حملا ، وسألوا حملا لولد أمسكه والده لسلوه وأعطاهم حمله وأمسك أحدهم لداه مدرها (قالَ) أمر لهم (ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ) مسلّ لوالدكم (مِنْ أَبِيكُمْ) المهموم لأساله الأمر والحال واعلم سداد كلامكم (أَ لا تَرَوْنَ) صراحا (أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ) أكمّله ولا وكس (وَأَنَا خَيْرُ) الملأ (الْمُنْزِلِينَ) ( 59 ) للورّاد أورد الكلام محرّصا لعودهم .

(فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ) الولد المعهود (فَلا كَيْلَ لَكُمْ) ح (عِنْدِي) ولا طعام أصلا (وَلا تَقْرَبُونِ) ( 60 ) ردع

(قالُوا) وعدا (سَنُراوِدُ) حولا ومكرا (عَنْهُ) الولد (أَباهُ) والده الودود له (وَإِنَّا لَفاعِلُونَ) ( 61 ) العمل الموعود لا محال ، وورد أمره اللّه رومه لكمال عدله والده وعلوّ أمره حال طعمه كمال الهمّ ودركه حدّ الألم .

(وَقالَ) الملك (لِفِتْيانِهِ) الولداء مدلول واحده المملوك والمراد اللاؤا كالوهم (اجْعَلُوا) دسّوا (بِضاعَتَهُمْ) رأس مالهم وهو الأدم أو الدراهم وهو أصلح لحال الدس (فِي رِحالِهِمْ) واحده رحل وهو الوعاء (لَعَلَّهُمْ

----------

لم يعرفوه لبعد العهد إذ مدة مفارقتهم أربعون سنة (ولما جهزهم بجهازهم) أوقر لكل رجل بعيرا (قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم) بنيامين (ألا ترون أني أوفي الكيل وأنا خير المنزلين) المضيفين (فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون) نهي أو عطف على محل الجزاء .

(قالوا سنراود عنه أباه) نطلبه منه بجهدنا (وإنا لفاعلون) ذلك .

(وقال لفتيانه) لغلمانه وقرىء لفتيته (اجعلوا بضاعتهم) في ميرتهم وكانت ورقا أو نعالا وأدما (في رحالهم) أوعيتهم ردوها عليهم من حيث لا

ص: 130

يَعْرِفُونَها) اسطمّ ردّها أو رأس مالهم (إِذَا انْقَلَبُوا) عادوا (إِلى أَهْلِهِمْ) وحسروا رحالهم (لَعَلَّهُمْ) لعدم احلالهم إمساكها (يَرْجِعُونَ) ( 62 ) لردّها .

(فَلَمَّا رَجَعُوا) عادوا (إِلى أَبِيهِمْ) مع الطعام وأعلموه ما عمل الملك معهم (قالُوا يا أَبانا) أوعد الملك لو عكس الوعد لصدّ (مُنِعَ مِنَّا) أولادك (الْكَيْلُ) الطعام (فَأَرْسِلْ مَعَنا) لمصر (أَخانا) الموعود (نَكْتَلْ) الطعام (وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) ( 63 ) وصول السوء والمكروه ومداره ردّه .

(قالَ) والدهم لهم (هَلْ آمَنُكُمْ) ما أعلمكم وكلاء صلحاء رحماء (عَلَيْهِ) الحال (إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ) لوالده وأمّه (مِنْ قَبْلُ) أوّلا لوعدكم الحرس والحوط اوّلا كوعدكم الحال (فَاللَّهُ خَيْرٌ) أصلح وأكمل (حافِظاً) حارسا وهو حال ورووه مصدرا (وَهُوَ) اللّه (أَرْحَمُ) الملأ (الرَّاحِمِينَ) ( 64 ) آمل حوطه وحرسه له .

(وَلَمَّا فَتَحُوا) حسروا (مَتاعَهُمْ) رحالهم (وَجَدُوا) أدركوا وأحسّوا (بِضاعَتَهُمْ) دراهمهم أو أدمهم (رُدَّتْ) ردّها الملك (إِلَيْهِمْ) كلّهم

----------

يعلمون تفضلا أو خوفا أن لا يجد أبوه ما يعودون به (لعلهم يعرفونها إذ انقلبوا إلى أهلهم) وفتحوا متاعهم (لعلهم يرجعون) لإكرامنا لهم أو لعدم استحلالهم إمساكها .

(فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا: يا أبانا منع منا الكيل) بعد هذا إن لم نأته بأخينا (فأرسل معنا أخانا) بنيامين (نكتل) الطعام (وإنا له لحافظون قال هل ءامنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل) وقد ضمنتم حفظه وقد فعلتم ما فعلتم (فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين) يرحمني بحفظه .

(ولما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم قالوا يا أبانا ما نبغي) أي

ص: 131

(قالُوا) لوالدهم (يا أَبانا ما نَبْغِي) كلاما و « ما » للإعدام أو لروم العلم (هذِهِ) الدراهم أو الأدم (بِضاعَتُنا) رأس المال (رُدَّتْ) ردّها الملك (إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا) أرادوا عودهم مع الطعام للأهل (وَنَحْفَظُ) دواما عمّا كره وساء حال الرواح والعود (أَخانا) المودود لك (وَنَزْدادُ) ح (كَيْلَ) حمل (بَعِيرٍ) واحد (ذلِكَ) حمل الواحد (كَيْلٌ يَسِيرٌ) ( 65 ) سهل للملك لكمال سماحه ، أو هو كلام والدهم عدّ حمل الواحد ماصلا وما سامح إرسال الولد أملا للطعام السهل .

(قالَ) لهم والدهم (لَنْ أُرْسِلَهُ) الولد المروم إرساله لمصر (مَعَكُمْ) أصلا (حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً) عهدا (مِنَ اللَّهِ) أراد حلطهم المؤكّد وعهدهم المحكم وحواره (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) وهو ردّه له كلّ حال (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) إلّا حال هلاككم طرّا أو وكلكم معا وهم سمعوا ما كلّم وعهدوا كما أراد (فَلَمَّا آتَوْهُ) والدهم (مَوْثِقَهُمْ) عهدهم المعهود (قالَ) والدهم (اللَّهِ) الملك العدل (عَلى ما) كلام (نَقُولُ) وهو روم العهد وإعطاؤه (وَكِيلٌ) ( 66 ) حارس مطّلع .

----------

شيء نطلب من إحسان الملك زيادة على هذا (هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا) نحمل لهم الميرة أي الطعام (ونحفظ أخانا ونزداد كيل) وقر (بعير) لأجله (ذلك كيل يسير) أي كيل البعير سهل على الملك أو ما جئنا به قليل لا يكفينا فنحتاج إلى الرجوع للمضاعفة والزيادة .

(قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله) عهدا (لتأتنني به إلا أن يحاط بكم) إلا أن تهلكوا أو تغلبوا حتى لا تطيقوا ذلك (فلما ءاتوه موثقهم) عهدهم (قال الله على ما نقول وكيل) شاهد حافظ فأجابهم إلى إرساله معهم .

ص: 132

وأرسله معهم وأوصاهم (وَقالَ) لهم (يا بَنِيَّ ) رهط الأولاد (لا تَدْخُلُوا) حال وصولكم مصر معا (مِنْ بابٍ واحِدٍ) واحد موارد مصر وله موارد روع وصول مكروه لهم لكمال صورهم وعلوّ أمرهم (وَادْخُلُوا) كلّكم (مِنْ أَبْوابٍ) موارد مصر (مُتَفَرِّقَةٍ) كره وصول ما مرّ (وَما أُغْنِي) أردّ (عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ) حكمه وروده وأمره (مِنْ) مؤكّد (شَيْءٍ) أحمّه لو أراد اللّه لكم سوء وما الرادّ للسوء إلا رحمه (إِنِ الْحُكْمُ) ما الحكم (إِلَّا لِلَّهِ) وحده (عَلَيْهِ) لا سواه (تَوَكَّلْتُ) كلّ حال (وَعَلَيْهِ) لا سواه (فَلْيَتَوَكَّلِ) الملأ (الْمُتَوَكِّلُونَ) ( 67 ) وهو وكول الأمور كلها للّه مع العول .

(وَلَمَّا دَخَلُوا) مصر (مِنْ حَيْثُ) كما (أَمَرَهُمْ) وأوصاهم أوّلا (أَبُوهُمْ) أراد روحا ، وحوار « لمّا » مطروح وهو عملوا كما أمرهم (ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ) ورودهم روحا (مِنَ اللَّهِ) حكمه وأمره (مِنْ) مؤكّد (شَيْءٍ) أصلا لما مسّهم ما ساءهم مع ورودهم روحا ، وهو هور الإسلال ودحورهم وإمساك واحدهم أوس الصواع المدسوس وسط رحله واكراؤهم والدهم (إِلَّا حاجَةً) وطرا (فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ) والدهم (قَضاها) أدّاها وعملها ووصاها وأعلمها (وَإِنَّهُ) والدهم (لَذُو عِلْمٍ) علم كلّ ما حكم اللّه واراده حاصل لا

----------

(وقال يا بني لا تدخلوا) مصر (من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة) خاف عليهم العين (وما أغني) أدفع (عنكم من الله من شيء) قدر لكم (إن الحكم إلا لله) لا راد لقضائه (عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون).

(ولما دخلوا من حيث أمرهم أبوهم) أي من أبواب متفرقة (ما كان يغني عنهم) دخولهم كذلك (من الله) من قضائه (من شيء) تصديق ليعقوب (إلا) لكن (حاجة في نفس يعقوب قضاها) أي شفقة في نفس يعقوب أبداها (وإنه لذو علم)

ص: 133

محال ولا ردّ له (لِما عَلَّمْناهُ) إرسالا وإلهاما و « ما » للمصدر (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) وهم أعداء الإسلام (لا يَعْلَمُونَ) ( 68 ) إلهام اللّه للكمّل .

(وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ) ووردوا صدده وكلّموه أورد الموعود وأحلّهم وأكرمهم آوى لمّ (إِلَيْهِ أَخاهُ) وآكله (قالَ) له (إِنِّي أَنَا أَخُوكَ) لوالدك وأمّك (فَلا تَبْتَئِسْ) دع الكمد والهمّ معلّلا (بِما) عمل (كانُوا) أوّلا (يَعْمَلُونَ) ( 69 ) وهو الحسد وأمره الإسرار ، وعمدا دسّ الصاع وسط رحله وهوره الإسلال وإمساكه رود ركوده صدده دهرا .

(فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ) أعدّهم مصالحهم وكالهم كملا (بِجَهازِهِمْ) حمّهم (جَعَلَ) دس ، ورووه مع واو الوصل وح حوار « لمّا » مطروح وهو أمهلهم وراحوا (السِّقايَةَ) مموه الملك ، وهو الصواع حوّله صاعا لإكرام الطعام ، وهو كالطاس وأصله الطاوس أو الأحمر (فِي رَحْلِ) وعاء (أَخِيهِ ثُمَّ) لمّا أمهلهم ورحلوا ومرّوا وأحالوا مصرهم امر الملك وأرسل ولداءه وأدركوا وأمسكوا و (أَذَّنَ) كرّر الإعلام (مُؤَذِّنٌ) معلم مكرّر (أَيَّتُهَا الْعِيرُ) الرواحل مع الأحمال والمراد ملّاكها ومطاوها (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) ( 70 ) صدد العالم

----------

ففعله وقوله عن علم (لما علمناه) من أجل تعليمنا إياه (ولكن أكثر الناس) هم المشركون (لا يعلمون) ما ألهم الله أولياءه .

(ولما دخلوا على يوسف ءاوى) ضم (إليه أخاه) بنيامين (قال إني أنا أخوك فلا تبتئس) تحزن (بما كانوا يعملون) بنا .

(فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية) هي مشربة من ذهب أو فضة جعلت صاعا للكيل (في رحل أخيه) ثم انطلقوا (ثم أذن مؤذن) نادى مناد (أيتها العير) القافلة (إنكم لسارقون) روي ما سرقوا وما كذب يوسف وإنما عنى

ص: 134

لسطوع إسلالكم مالا أو صدد مرء ما علم الأمر كما هو ، أو لعلّه كلّمه وما أمره الملك .

(قالُوا) سألوا (وَ) الحال (أَقْبَلُوا) أحالوا (عَلَيْهِمْ) أهل الإعلام ما للسؤال (ذا) موصول (تَفْقِدُونَ) ( 71 ) هو الإعلام وهو إحساس امر معدوما .

(قالُوا) رهط الملك (نَفْقِدُ صُواعَ) صاع ، ورووه صاع وصوع (الْمَلِكِ) ملك مصر (وَلِمَنْ) كراء مرء (جاءَ بِهِ) الصواع وحصّله طعام طلعه (حِمْلُ بَعِيرٍ) واحد (وَأَنَا بِهِ) أداء الحمل (زَعِيمٌ) ( 72 ) مدره وهو كلام المعلم .

(قالُوا) مطاء الرحال (تَاللَّهِ) حلط مدلوله الهكر مما هاروهم (لَقَدْ عَلِمْتُمْ) ولا حال حرس الرواحل وكعمها وسدّ رءوسها كره أكلها الماكر والطعام ، وحال ردّ رأس المال المدسوس كلّها وسط الرحال أوّلا (ما جِئْنا) صدد الملك (لِنُفْسِدَ) للسوء والدعر (فِي الْأَرْضِ) ممالك مصر (وَما كُنَّا) أصلا (سارِقِينَ) ( 73 ) أمرا .

(قالُوا) ولداء الملك (فَما) للسؤال (جَزاؤُهُ) الهاء للصواع ، والمراد ما عدل إسلاله (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الرحال حال ادّعاء الصلاح (كاذِبِينَ) ( 74 )

----------

سرقتهم يوسف من أبيه وقيل هو استفهام .

(قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون) أي شيء ضل لكم (قالوا نفقد صواع الملك) صاعه (ولمن جاء به حمل بعير) طعاما (وأنا به زعيم) كفيل .

(قالوا تالله لقد علمتم) بما رأيتم من أمانتنا (ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين) قط (قالوا فما جزاؤه) أي السارق أو السرق (إن كنتم كاذبين)

ص: 135

ولاح إسلالكم الصواع .

(قالُوا) حاورهم حاملوا الطعام (جَزاؤُهُ) محكوم محموله (مَنْ) مرء (وُجِدَ) الصواع مدسوسا (فِي رَحْلِهِ) والمراد حوله مملوكا حولا كاملا وأورد (فَهُوَ) اللص (جَزاؤُهُ) الصواع لا سواه كما هو عمل والدهم وآله مؤكّدا للحكم (كَذلِكَ) العدل (نَجْزِي) الملأ (الظَّالِمِينَ) ( 75 ) اللصوص وردّوهم صدد الملك لإحساس رحالهم وحلّها وحسرها .

(فَبَدَأَ) المعلم أو الملك (بِأَوْعِيَتِهِمْ) ورحالهم وحلّها وأحسها (قَبْلَ) حلّ (وِعاءِ) رحل (أَخِيهِ) لوالده وأمّه وإحساسه دسعا لهور المكر والمحال (ثُمَّ) حلّ وعاءه (اسْتَخْرَجَها) الصواع وحصّلها (مِنْ وِعاءِ) رحل (أَخِيهِ) لوالده وأمّه ، ورووا « إعاء » مكسور الأوّل محل « وعاء » ، كما رووا « وعاء » ، ولمّا لاح إسلالهم ركسوا رؤوسهم وو صمّوه ورموه (كَذلِكَ) المحال والمكر (كِدْنا) علّم المكر والمحال (لِيُوسُفَ) وأصله العمل صالحا أو طالحا والمراد كما عملوا معه أوّلا عمل معهم أمدا (ما كانَ) الملك (لِيَأْخُذَ أَخاهُ) لوالده وأمّه مملوكا (فِي دِينِ الْمَلِكِ) حكم ملك مصر ، أراد ملك

----------

بتبرئكم (قالوا جزاؤه) مبتدأ والخبر (من وجد في رحله) أي جزاء السرق استرقاق من وجد في رحله هو شرع آل يعقوب وقوله (فهو جزاؤه) مؤكد أي فالاسترقاق جزء السرق (كذلك) الجزاء (نجزي الظالمين) بالسرقة فردوا إلى يوسف بالتفتيش .

(فبدأ بأوعيتهم) ففتشها (قبل وعاء أخيه) إزالة للتهمة (ثم استخرجها) أي السقاية أو الصواع لأنه يذكر ويؤنث (من وعاء أخيه كذلك) الكيد (كدنا ليوسف) علمناه الاحتيال في أخذ أخيه (ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك)

ص: 136

الملوك لما حكمه حلؤ اللّص أو عطو ماله وهو عدلا ما أسلّ حالا ما (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) إلّا حال حكمه وإلهامه للملك أراد حال سؤاله لهم وحوارهم له ما هو عملهم (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ) مراهص علم (مَنْ نَشاءُ) اعلاءه (وَفَوْقَ كُلِّ) ماسور (ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) ( 76 ) أعلم ممّا أمامه أو وراء العلماء كلهم عالم كامل العلم وهو اللّه .

(قالُوا) حاملو الطعام (إِنْ يَسْرِقْ) هو الحال (فَقَدْ سَرَقَ) وألس (أَخٌ لَهُ) لوالده وأمّه (مِنْ قَبْلُ) أوّلا أرادوا إسلاله الطعام لإعطاء أهل العسر ، وإسلاله وكسره مصوّرا مألوها لوالد أمّه أو سواهما (فَأَسَرَّها) ما كلّموا ودسّها (يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ) روعه (وَلَمْ يُبْدِها) ما أعلمها (لَهُمْ قالَ) سرّا (أَنْتُمْ) رهط الحساد (شَرٌّ) أسوأ (مَكاناً) لا هما لاسلالكم ودود والدكم وحدلكم له (وَاللَّهُ) العلّام (أَعْلَمُ) كامل علم (بِما) عمل (تَصِفُونَ) ( 77 ) كلامكم

----------

حكم ملك مصر لأن حكمه الضرب وتغريم ضعف ما سرق لا الاسترقاق (إلا أن يشاء الله) لكن بمشيئة الله أخذه بدين أبيه أي لم يتمكن من أخذه إلا بمشيئة الله بإلهامه أن سأل إخوته ما جزاؤه وجوابهم بشرعهم (نرفع درجات من نشاء) بالعلم كما رفعنا درجته (وفوق كل ذي علم عليم) حتى ينتهي إلى الله .

(قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) وذلك أن عمة يوسف كان تحضنه وتحبه فأراد أبوه انتزاعه منها فشدت منطقة أبيها على وسطه تحت ثيابه وبعثت به إلى أبيه وقالت سرق المنطقة فوجدت عليه وكان الحكم أن يدفع إليها فأخذته (فأسرها يوسف في نفسه) أي تلك المقالة (ولم يبدها) لم يظهرها (لهم قال) في نفسه (أنتم شر مكانا) منزلة فيما فعلتم (والله أعلم بما تصفون) وهو يعلم أنه لم يسرق .

ص: 137

وولعكم ، أو ما موصول .

(قالُوا) للملك (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) هو اسم مدح لملك مصر العادل (إِنَّ لَهُ أَباً) والدا (شَيْخاً) هر ما (كَبِيراً) معمّرا أو مكرّما ودودا له وهو مسلّ له أوس ولده الهالك (فَخُذْ أَحَدَنا) مملوكا أو مأصورا (مَكانَهُ) محلّه (إِنَّا نَراكَ مِنَ) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 78 ) عموما وأكرم كما هو معاودك .

(قالَ) الملك (مَعاذَ اللَّهِ) مصدر طرح عامله (أَنْ نَأْخُذَ) أحدا (إِلَّا مَنْ) مرءا (وَجَدْنا) الحال (مَتاعَنا) أراد الصواع مدسوسا (عِنْدَهُ) وما كلّم الملك إلّا مرء أسلّ كره الولع (إِنَّا إِذاً) ح (لَظالِمُونَ) ( 79 ) صددكم لما عملكم حول اللصّ مملوكا لا سواه .

(فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا) علموا عدم حصول مأمولهم وهو سماع الملك كلامهم وإملاههم (مِنْهُ) الملك وسماعه سؤالهم (خَلَصُوا) عرطسوا وحردوا رهطا (نَجِيًّا) مسارّا مؤامرا وحده لمّا هو مصدر سواء للواحد وما سواه ، وكلّموا ما كلامكم لوالدكم واملاهكم معه (قالَ كَبِيرُهُمْ) عمرا ، أو دهاء وعلما ، أو سؤددا (أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ) والدكم (قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ) حال سؤالكم إرساله معكم (مَوْثِقاً) عهدا (مِنَ اللَّهِ) الملك العدل (وَمِنْ قَبْلُ )

----------

(قالوا يا أيها العزيز إن له أبا شيخا كبيرا فخذ أحدنا مكانه) بدله (إنا نراك من المحسنين) إلى الناس وإلينا (قال معاذ الله) نعوذ به معاذا من (أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده) لم يقل من سرق تحرزا من الكذب (إنا إذا) إن أخذنا بريئا بمجرم (لظالمون).

(فلما استيئسوا منه) يئسوا من إجابة يوسف (خلصوا) اعتزلوا (نجيا) متناجين (قال) لهم (كبيرهم) سنا هو يهوذا أو شمعون أو روبيل (ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من الله ومن قبل ما فرطتم في

ص: 138

أوّلا (ما) مؤكّد (فَرَّطْتُمْ) هو الألوّ ، أو « ما » للمصدر والمراد وحصل ألوكم وعدم رصدكم العهد أوّلا ، أو للموصول (فِي) أمر (يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ) لا أدع (الْأَرْضَ) ممالك مصر أصلا (حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) أراد امر العود (أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي) وهو حكم العود ، أو السام ، أو العماس مع أهل المصر وملكهم أو ردّه (وَهُوَ) اللّه (خَيْرُ) الملأ (الْحاكِمِينَ) ( 80 ) أصلحهم وأعدلهم وأحكمهم .

(ارْجِعُوا) عودوا (إِلى أَبِيكُمْ) وهو كلام أعلاهم وأعلمهم ، أو كلام المؤرك المهور (فَقُولُوا) له (يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ) ولدك الحسكل (سَرَقَ) لاح إسلاله الصواع (وَما شَهِدْنا) علاه (إِلَّا بِما) إسلال (عَلِمْنا) لما أحسّ صراحا إصدار الصواع المدسوس وسط رحله (وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ) حال إعطاء العهد (حافِظِينَ) ( 81 ) ولو علم ح إسلاله مالا ما عهد رصده .

(وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) مصر (الَّتِي كُنَّا فِيها) المراد أرسل رسولا لأهلها واسألهم الأمر (وَ) اسأل (الْعِيرَ) الرواحل مع الأحمال والمراد مطاؤها وهم

----------

يوسف) قصرتم في أمره وما زائدة أي مصدرية عطف على مفعولي تعلموا (فلن أبرح الأرض) لن أفارق أرض مصر (حتى يأذن لي أبي) في الرجوع إليه (أو يحكم الله لي) يقضي لي بالخروج (وهو خير الحاكمين) فتخلف يهوذا وقال (ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق) في الظاهر (وما شهدنا) عليه (إلا بما علمنا) وشاهدنا من إخراج الصاع من رحله (وما كنا للغيب حافظين) أي لم نعلم حين أعطيناك الموثق أنه سيسرق أو لم نعلم باطن الأمر أنه سرق أو دس الصاع في رحله .

(واسئل القرية التي كنا فيها) هي مصر أي أرسل إلى أهلها واسألهم عن

ص: 139

رهط مواصر لوالدهم (الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها) معها (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) ( 82 ) كلاما .

ولمّا عادوا صدد الوالد وأعلموه الحال والأمر كما أمرهم أعلاهم ، وهو مؤكّد ورد محلّ العهد (قالَ) الوالد لهم (بَلْ سَوَّلَتْ) موّه وسهّل (لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) مرادا لكم وإلّا ممّ علم الملك عدل اللصّ حوله مملوكا لولا حكمكم وإعلامكم له (فَصَبْرٌ) وعدم لوم (جَمِيلٌ) صالح محمود وهو محكوم والمحمول احمد أو هو محمول طرح محكومه (عَسَى اللَّهُ) أطمع اللّه وآمله (أَنْ يَأْتِيَنِي) اللّه (بِهِمْ) هؤلاء الرهط وهم أعلاكم والمورّك المهور والأوّل الموهوم هلاكه (جَمِيعاً) معا (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ) وحده (الْعَلِيمُ) كلّ الأحوال والسّرّاء واللأواء (الْحَكِيمُ) ( 83 ) الراصد للحكم والأسرار .

(وَتَوَلَّى) والدهم (عَنْهُمْ) لما أوردوه (وَقالَ) حال كمال الكمد والهمّ (يا أَسَفى) حسرا وهمّا هلم الحال حالك والعصر عصرك (عَلى يُوسُفَ) الودود وسمّاه لا سواه لطول عهد رواحه وكمال همّه لكمال ودّه له (وابيضت عيناه) محا وطمس سوادهما وحصل احورار كدر والمراد عماه أو

----------

ذلك (والعير) واسأل أهل القافلة (التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون) في خبرنا فرجعوا إليه وقالوا له ما قال أخوهم (قال بل سولت) زينت (لكم أنفسكم أمرا) فصنعتموه (فصبر جميل) بتقدير مبتدإ أي فأمري صبر أو خبر أي أجمل (عسى الله أن يأتيني بهم جميعا) بيوسف وإخوته (إنه هو العليم) بحالنا (الحكيم) في صنعه .

(وتولى) أعرض (عنهم) لتهييجهم حزنه (وقال يا أسفى) أحضر هذا وقتك والألف بدل ياء الإضافة (على يوسف) تأسف عليه دون أخويه لأن مصيبته أصل كل مصيبة أو لتحققه حياتهما دون حياته (وابيضت عيناه من

ص: 140

الإحساس السهل الماصل (مِنَ الْحُزْنِ) كمال الهمّ والكمد ودوام همل دمعه وعدم صموله ، وهو محمود والمكروه العرك المحرّم ولطم الصدور وصدع الكساء وطرّها (فَهُوَ كَظِيمٌ) ( 84 ) مهموم مملو كمدا وحردا لأولاده ممسك له وسط الروع .

(قالُوا) له أولاده (تَاللَّهِ) عهد مدلوله الهكر لا (تَفْتَؤُا) وهو الأمة والسهو والمراد دواما (تَذْكُرُ يُوسُفَ) ودّا (حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً) كمدا مطلّ الهلاك وهو مصدر أصلا سواء له الواحد وما سواه ، ورووه مكسور الراء (أَوْ تَكُونَ مِنَ) الملأ (الْهالِكِينَ) ( 85 ) اللاؤا هلكوا .

(قالَ) لهم والدهم (إِنَّما) ما (أَشْكُوا) ادّكر (بَثِّي) هو همّ كامل مؤدّاه الإعلام والصدع لكماله وعسر حمله (وَحُزْنِي) وهو الكمد السهل والمراد همّ ولده الودود وكمد سواه أو أراد ما أعلمه وما أسرّه الّا (إِلَى اللَّهِ) لا سواه (وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ) إعلام اللّه وإلهامه أو رحمه وكرمه (ما لا تَعْلَمُونَ) ( 86 ) .

----------

الحزن) الموجب لكثرة البكاء الماحق سوادهما قيل عمي وقيل ضعف بصره (فهو كظيم) مكظوم أي مملوء حزنا وغيظا .

(قالوا تالله تفتؤ) لا تفتأ ولا تنفك (تذكر يوسف حتى تكون حرضا) مشرفا على الموت أو ذائبا من الغم أو دنفا فاسد العقل وهو مصدر تصلح للواحد وغيره (أو تكون من الهالكين) الموتى .

(قال إنما أشكوا بثي) هو الهم الذي لا يصبر عليه حتى يبث (وحزني إلى الله) لا إليكم (وأعلم من الله) من رحمته وقدرته أو من إلهامه (ما لا تعلمون) من حياة يوسف وصدق رؤياه .

ص: 141

ورد وأحس ملك السام ، وسأله هل أدلع روح ولده الودود ، حاوره لا واللّه وعلمه الدعاء وسرّ ، وحصل له أمل وصاله ، أو أراد ما حصل مأوّل ما رآه الولد أوّلا وهو حاصل لا محال ، وعلم عدم هلاكه ودعا أولاده وهو (يا بَنِيَّ ) وأمرهم (اذْهَبُوا) روحوا (فَتَحَسَّسُوا) روموا الإحساس والعلم والإعلام (مِنْ) أحوال (يُوسُفَ) الودود (وَ) أحوال (أَخِيهِ) الممسك هورا (وَلا تَيْأَسُوا) هو حسم الأمل (مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) رحمه العام وكرمه الواسع ، ورووا روح اللّه محلّ روح اللّه (إِنَّهُ) الأمر (لا يَيْأَسُ) أحد (مِنْ رَوْحِ اللَّهِ) رحمه وكرمه العامّ (إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) ( 87 ) أولو العدل والطلاح .

ولمّا أمرهم والدهم الرحل رحلوا وعمدوا مصر (فَلَمَّا) وصلوا مصر و (دَخَلُوا) وردوا (عَلَيْهِ) ملك مصر (قالُوا) له (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ) هو اسم مدح لملك مصر العادل كما مرّ (مَسَّنا) وصل وأحاط (وَأَهْلَنَا) معا (الضُّرُّ) العسر والسعار (وَجِئْنا) صددك (بِبِضاعَةٍ) رأس مال (مُزْجاةٍ) كاسد مردود لوكسه ، والمراد الدراهم الكواسد أو سواها (فَأَوْفِ) أكمل وأعط (لَنَا الْكَيْلَ) عمما (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا) أرادوا عامل وساهل ولو رأس مالهم كاسدا مردودا أو أرادوا ردّ الممسك هورا أو سألوها لعدم حرامها علاهم ( إِنَّ

----------

(يا بني اذهبوا فتحسسوا) فتفحصوا (من يوسف وأخيه) اطلبوا خبرهما (ولا تيأسوا من روح الله) من رحمته وفرجه (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون فلما دخلوا عليه) على يوسف (قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر) الجوع (وجئنا ببضاعة مزجاة) رديئة هي المقل أو مدفوعة يدفعها كل تاجر لرداءتها أو قلتها (فأوف) أتم (لنا الكيل وتصدق علينا) بالمسامحة

ص: 142

اللَّهَ) العدل (يَجْزِي) الملاء (الْمُتَصَدِّقِينَ) ( 88 )

ولمّا سمع الملك كلامهم رحمهم وسال دمعه وحسر السدل و (قالَ) لهم (هَلْ عَلِمْتُمْ ما) عملا (فَعَلْتُمْ) أوّلا (بِيُوسُفَ) وهو لكمه ولطمه وإعطاؤه للمالك ولد دعر أوس دراهم كواسد معلوم عددها (وَأَخِيهِ) وهو اصاركم واحدا عمّا ولد والده وأمّه وحد لكم له (إِذْ) حال (أَنْتُمْ جاهِلُونَ) ( 89 ) مال أمره .

ولمّا علموه (قالُوا) له ركودا للعلم (أَ) للسؤال ورووا (إِنَّكَ) إعلاما (لَأَنْتَ) محكوم محموله (يُوسُفُ) المعهود (قالَ) محاورا لهم أو مسدّدا لكلامهم (أَنَا يُوسُفُ) ملك مصر (وَهذا أَخِي) للأمّ والولد (قَدْ مَنَّ اللَّهُ) الأكرم (عَلَيْنا) لما سلّم وأكرم ولمّ معه (إِنَّهُ) الأمر (مَنْ يَتَّقِ) اللّه أو العمل السوء (وَيَصْبِرْ) أداء للأوامر وطرحا للروادع وحملا للمكاره (فَإِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يُضِيعُ) أصلا (أَجْرَ) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 90 ) أعمالهم وأحوالهم لا حالا ولا معادا .

----------

والإغماض عن الرديء أو برد أخينا (إن الله يجزي المتصدقين) لا يضيع أجرهم فرق لهم ثم باح بمكتومه .

(قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف) من القبيح (وأخيه) من إفراده عن شقيقه وإذلاله (إذ أنتم جاهلون) قبحه لغرة الصبا، تلقين لهم بالعذر وحث على التوبة (قالوا أإنك لأنت يوسف) استفهام تقرير وقرىء على الخبر (قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا) بكل خير أو بالجمع (إنه من يتق) الله (ويصبر) على البلاء وعن المعاصي (فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) بالتقوى والصبر وضع موضع الضمير .

ص: 143

(قالُوا) له (تَاللَّهِ) واللّه (لَقَدْ آثَرَكَ) أكرمك (اللَّهُ عَلَيْنا) أو أعطاك العلم والحلم والملك والورع (وَ) الحال (إِنْ) مطروح الاسم أو مدلوله ما ومدلول اللام الّا (كُنَّا لَخاطِئِينَ) ( 91 ) عمّال الإصر عمدا أو الّا عمّاله عمدا .

ولمّا أملهوا أمهوا (قالَ) الملك لهم (لا تَثْرِيبَ) لا لوم ولا عوار (عَلَيْكُمُ) أراد لا ألومكم (الْيَوْمَ) الحال معمول لعامل ورد أمامه أو وراءه ولمّا محا إصرهم دعا لهم روما لروح أسرارهم وأرواعهم (يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ) آصاركم (وَهُوَ) اللّه (أَرْحَمُ) الملأ (الرَّاحِمِينَ) ( 92 ) كلّهم .

وسألهم حال والدهم وأعلموا عماه لدوام همل الدموع وأعطاهم مكسوه وأمرهم (اذْهَبُوا) روحوا (بِقَمِيصِي) المكسوّ هذا وورد هو ما كساه الروح والد والد والده حال طرحه وسط الساعور ووصل له (فَأَلْقُوهُ) حطّوه (عَلى وَجْهِ أَبِي) العادم للحسّ (يَأْتِ) أراد حوله (بَصِيراً) أو وروده صدد حال الاحساس ، وكلّم أحدهم احمل مكسوّ السرّاء والصحّ كما حمل مكسوّ اللواء والداء وحمله ، وهو حاسر الحوامل والرأس وأوصله لوالده (وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ) أوردوا أعراسكم وأولادكم وملككم (أَجْمَعِينَ) ( 93 ) طرّا .

(وَلَمَّا فَصَلَتِ) هو الدموع (الْعِيرُ) الرواحل مع الأحمال والمراد

----------

(قالوا تالله لقد ءاثرك الله) فضلك (علينا) بحسن الخلق والخلق (وإن) مخففة (كنا لخاطئين) آثمين بصنعنا بك .

(قال لا تثريب) توبيخ (عليكم اليوم) الذي هو مظنة فغيره أولى (يغفر الله لكم) دعاء لهم (وهو أرحم الراحمين) فينعم بالمغفرة وغيرها .

(اذهبوا بقميصي هذا) وهو المتوارث الذي كان في تعويذه (فألقوه على وجه أبي يأت) بعد (بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين ولما فصلت العير)

ص: 144

أهلها واركوا مصر ومحالّه (قالَ أَبُوهُمْ) لولد ولده ورهط حوله (إِنِّي لَأَجِدُ) أحس (رِيحَ يُوسُفَ) روحه (لَوْ لا أَنْ) للمصدر (تُفَنِّدُونِ) ( 94 ) وهو وكس حلم حصل لكمال الهرم ، وحوار « لولا » مطروح ، وحاصل الكلام لولا علمكم وهمكم الوله والدّله لحصل لكم علم سداد الكلام .

(قالُوا) له أولاد أولاده (تَاللَّهِ) عهد حلط مدلوله الهكر (إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ) وكسك عمّا السداد وسهوك (الْقَدِيمِ) ( 95 ) لودّه وادكاره وأمل وصاله مع طول عهده وهم وهموا هلاكه .

(فَلَمَّا أَنْ) مؤكّد (جاءَ) وصل (الْبَشِيرُ) ومعه مكسوّه (أَلْقاهُ) طرحه (عَلى وَجْهِهِ) والده (فَارْتَدَّ) عاد (بَصِيراً) وهو حال (قالَ) الوالد لولد ولده ورهط حوله (أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ) أوّلا (إِنِّي أَعْلَمُ) أدرك (مِنَ اللَّهِ) رحمه العام وكرمه الواسع هو كلام مصدّر أو معمول لعامل أمامه ما اسرارا وحكما (لا تَعْلَمُونَ) ( 96 ) أصلا .

(قالُوا) له (يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ) اسأل اللّه المحو ( لَنا ذُنُوبَنا ) الآصار

----------

خرجت من مصر (قال أبوهم) لمن عنده (إني لأجد ريح يوسف) وصلها الله إليه من مسيرة عشرة أو أكثر (لو لا أن تفندون) الفند ضعف الرأي وجواب لو لا محذوف أي لصدقتموني .

(قالوا) له (تالله إنك لفي ضلالك القديم) بعدك عن الصواب بإفراطك في حبه ورجاء لقائه .

(فلما أن) زائدة (جاء البشير) يهوذا (ألقاه) طرح البشير أو يعقوب القميص (على وجهه) وجه يعقوب (فارتد) عاد (بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون) من حياة يوسف وكشف الشدة (قالوا يا أبانا

ص: 145

والمعار (إِنَّا كُنَّا) ملأ (خاطِئِينَ) ( 97 ) عمّال الآصار والمعار عمدا .

(قالَ) واعدا لهم (سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ) سحرا وسواه روما لعصر سماع الدعاء (لَكُمْ) لمحو أعمالكم السوءاء (رَبِّي) اللّه (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ) وحده (الْغَفُورُ) محّاء السوء (الرَّحِيمُ) ( 98 ) السامع للدعاء .

وورد لمّا أرسل ملك مصر لوالده وأولاده وأهله رواحل وأموالا ومصالح الرحل ، أحالوا لمصر وعطسهم ملك مصر وملك الملوك والعسكر ورؤساء مصر وكرامه وأهل مصر طرّا (فَلَمَّا دَخَلُوا) الوالد وأهله (عَلى) ولده (يُوسُفَ آوى) لمّ (إِلَيْهِ) واحلّ صدده (أَبَوَيْهِ) والده وأمّه ، أو عرس والده سواها ، وواصلوا وحصل الرّوح والسرور (وَقالَ) لهم (ادْخُلُوا مِصْرَ) حلّوه (إِنْ شاءَ اللَّهُ) حلولكم مصر (آمِنِينَ) ( 99 ) الملوك أو المحل وصروع المكاره ووردوا مصر وحلّ محلّا مسموكا كما هو معاود الملوك .

(وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ) وأكرم والده مع عرسه وأحلّهما (عَلَى الْعَرْشِ) صدده (وَخَرُّوا) هار الوالد مع الأهل والأولاد (لَهُ) للملك (سُجَّداً) ركّعا أو المراد

----------

استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين) فيما فعلنا .

(قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم) روي أخره إلى السحر ليلة الجمعة .

(فلما دخلوا على يوسف) قيل استقبله يوسف والملك وأهل مصر ودخلوا في مكان خارج مصر (ءاوى إليه أبويه) أباه وخالته تزوجها أبوه بعد أمه فسميت أما للوجهين (وقال ادخلوا مصر إن شاء الله ءامنين) من كل مكروه وتعلقت المشيئة بالدخول المكيف بالأمن .

(ورفع أبويه) معه (على العرش) على سرير الملك (وخروا له سجدا)

ص: 146

مدلوله المعلوم لحلّه ح ولاح مأوّل ما رآه أوّلا ، ورووا الهاء للّه والواو للوالد وأهله وأولاده (وَقالَ) لوالده (يا أَبَتِ هذا) ركوع الكلّ وهكوعهم (تَأْوِيلُ) مأوّل (رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) أوّلا (قَدْ جَعَلَها) أصارها اللّه (رَبِّي حَقًّا) سدادا (وَقَدْ أَحْسَنَ) اللّه (بِي) عمله وأكرم (إِذْ) لمّا (أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ) محلّ العسر والهمّ (وَجاءَ بِكُمْ) أوردكم (مِنَ الْبَدْوِ) الصحراء لما هم أهل السوّام ساروا وسطها معها للماء والكراء (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ) آسد (الشَّيْطانُ) المدحور المطرود (بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) وعلّم الحسد (أَنْ) اللّه (رَبِّي لَطِيفٌ) مراع كامل أو سمح (لِما) امر أو حدّ (يَشاءُ إِنَّهُ) اللّه (هُوَ) وحده (الْعَلِيمُ) أحوال العالم ومصالحه (الْحَكِيمُ) ( 100 ) المحوّط للحكم والأسرار .

ولمّا مرّ دهر وأدرك والده السام أوصاه والده حمله ورمسه صدد والده ، ورحل هو ورمسه كما أوصاه وعاد لمصر ولمّا مرّ دهر وكمل أمره وعلم عدم دوامه وودّ ملك الدوام كلّم (رَبِّ) للهم (قَدْ آتَيْتَنِي) هو الإعطاء (مِنَ

----------

كان سجودهم لله طاعة وشكرا أو ليوسف تحية وإعظاما وقرىء وخروا لله ساجدين (وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا) وكان بعد رؤياه وتأويلها ثمانون سنة أو أربعون (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن) ولم يذكر الجب لأنه نوع تثريب (وجاء بكم من البدو) البادية وكانوا سكنوها لمواشيهم (من بعد أن نزغ الشيطان) أفسد (بيني وبين إخوتي) بالحسد (إن ربي لطيف لما يشاء) في تدبيره (إنه هو العليم) بالمصالح (الحكيم) في التدبير .

(رب قد ءاتيتني من الملك) بعضه (وعلمتني من) أي بعض (تأويل

ص: 147

الْمُلْكِ) ملك مصر (وَعَلَّمْتَنِي) علما (مِنْ تَأْوِيلِ) علم مال (الْأَحادِيثِ) الطروس واعلامه للعالم ، أو المراد رآهم الصوالح (فاطِرَ) آسر (السَّماواتِ) كلّه ومودع اسرارها وحكمها (وَ) أسر (الْأَرْضِ) مع مصالحها (أَنْتَ وَلِيِّي) مالك الأمر كلّه (فِي) الدار (الدُّنْيا) دار الأعمال (وَ) الدار (الْآخِرَةِ) دار الأعدال (تَوَفَّنِي) أعط الروح (مُسْلِماً) كاملا أو مسلّما لك الأمور أو ممحّصا لك الإسلام والأعمال (وَأَلْحِقْنِي) أوصل (بِالصَّالِحِينَ) ( 101 ) الرسل الكرام أراد ولّاده ومهله أو أعمّ .

وسمع اللّه دعاءه وعطا روحه ، وكره أهل مصر رمسه محلا لرهط معهود ، وحصل لهم اللدد وهمّوا العماس وأصاروه وسط ألواح مرمر ، ورمسوه أصعد داماء مصر املا لعموم رسوم صلاحه ووصولها الكلّ .

(ذلِكَ) المورد أوّلا الكلام مع محمّد رسول اللّه صلعم وهو محكوم محموله (مِنْ أَنْباءِ) أحوال (الْغَيْبِ) عالم السرّ (نُوحِيهِ إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (وَما كُنْتَ) أوّلا (لَدَيْهِمْ) صدد هؤلاء الأولاد (إِذْ) لمّا (أَجْمَعُوا) أحكموا (أَمْرَهُمْ) وواطئوا وهمّوا سوء للولد الودود للوالد (وَ) الحال (هُمْ يَمْكُرُونَ) ( 102 ) لطرحه وسوءه .

----------

الأحاديث) الرؤيا أو الكتب (فاطر السموات والأرض) أي خالقهما (أنت وليي) متولي أمري (في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين) في ثوابهم .

(ذلك) المقصوص (من أنباء الغيب) ما غاب عنك يا محمد (نوحيه إليك وما كنت لديهم) عند إخوة يوسف (إذ أجمعوا أمرهم) عزموا على أن يكيدوه (وهم يمكرون) به أي لم تحضرهم فتعلم نبأهم وإنما علمته

ص: 148

(وَما أَكْثَرُ النَّاسِ) أراد العموم أو أهل امّ الرحم (وَلَوْ حَرَصْتَ) محمّد ( ص ) لحصول إسلامهم (بِمُؤْمِنِينَ) ( 103 ) لك حسدا وعداء .

(وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ) أداء الأوامر والأحكام ، أو إعلام المرسل وهو كلام اللّه (مِنْ) مؤكّد (أَجْرٍ) كراء (إِنْ) ما (هُوَ) الكلام المرسل أو أداء الأوامر والأحكام (إِلَّا ذِكْرٌ) إعلام وروع وادّكار (لِلْعالَمِينَ) ( 104 ) صروع العالم ، ورووا مكسور اللام .

(وَكَأَيِّنْ) كم (مِنْ آيَةٍ) علم معلم سواء الصراط (فِي السَّماواتِ) وأدوارها وأحوالها وأحكامها (وَالْأَرْضِ) الرمكاء (يَمُرُّونَ) مرور علم أو مرور حوامل (عَلَيْها) الإعلام أو الرمكاء حال احساس الإعلام (وَ) الحال (هُمْ) ولد آدم (عَنْها) الاعلام والدوّال (مُعْرِضُونَ) ( 105 ) عادوها وعادلوها وعادموا ادّكار والمراد رسوم الأمم الهوالك واطلال دورهم .

وأرسل لاعلام حال العدّال أو أهل الطرس أو رهط اعلموا إسلامهم واسرّوا ردّه (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ) الواحد الأحد حالا ما (إِلَّا وَ) الحال (هُمْ) كسواهم (مُشْرِكُونَ) ( 106 ) مع اللّه إلها سواه كدماهم .

----------

من جهة الوحي.

(وما أكثر الناس ولو حرصت) على إيمانهم واجتهدت في دعائهم (بمؤمنين وما تسئلهم عليه) أي القرآن (من أجر) جعل تأخذه منهم (إن هو) ما القرآن (إلا ذكر) عظة (للعالمين وكأين) وكم (من آية) دلالة (في السموات والأرض) دالة على توحيد الله وقدرته (يمرون عليها) يشاهدونها (وهم عنها معرضون) لا يتفكرون فيها .

(وما يؤمن أكثرهم بالله) في اعترافهم بإلهيته وربوبيته (إلا وهم مشركون)

ص: 149

(أَ فَأَمِنُوا) سلموا وأراحوا (أَنْ تَأْتِيَهُمْ) كأداء (غاشِيَةٌ) أمرها الإلماء والعموم (مِنْ) صروع (عَذابِ اللَّهِ) العدل (أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ) الموعود ورودها للعدل والعدل (بَغْتَةً) دهما ودروء (وَ) الحال (هُمْ لا يَشْعُرُونَ) ( 107 ) عصرها أمام حلوله .

(قُلْ) محمّد ( ص ) لهم (هذِهِ) الصراط (سَبِيلِي) وهو (أَدْعُوا) العالم (إِلَى) طوع (اللَّهِ) وحده والإعداد للمعاد وورد هو حال (عَلى) مع (بَصِيرَةٍ) دالّ لا مع (أَنَا) مؤكّد (وَ) كلّ (مَنِ اتَّبَعَنِي) أطاع كما امر اللّه (وَسُبْحانَ اللَّهِ) اطهّره ممّا وهمه أهل العدول (وَما أَنَا مِنَ) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) ( 108 ) مع اللّه إلها سواه .

(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) أمام عصرك عموما (إِلَّا) رسلا (رِجالًا) لا أملاكا ، وهو ردّ لكلامهم لو أراد اللّه الإرسال لأرسل أملاكا (نُوحِي) ما هو الأصلح (إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) الأمصار لمّا هم أعلم وأحلم وأهل الدوّ أعماء لدّ (أَ) عموا (فَلَمْ يَسِيرُوا) أهل الحرم (فِي الْأَرْضِ) سطح الرمكاء

----------

بعبادتهم غيره أو بجحد القرآن ونبوة محمد أو بطاعة الشيطان في المعاصي أو بنحو قولهم لو لا فلان لهلكت، روي أنه شرك طاعة لا شرك عبادة .

(أفأمنوا أن تأتيهم الساعة بغتة) فجأة (وهم لا يشعرون) بإتيانها بعلامة متقدمة (قل هذه) الدعوة إلى الإيمان (سبيلي) سنتي (أدعوا إلى الله) إلى دينه (على بصيرة) كائنا على حجة بينة (أنا) تأكيد للمستكن (ومن اتبعني) عطف عليه (وسبحان الله) تنزيها له عما أشركوا (وما أنا من المشركين) شيئا .

(وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا) لا ملائكة (نوحي إليهم من أهل القرى) الأمصار لأنهم أعلم وأعقل من أهل البدو (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف

ص: 150

(فَيَنْظُرُوا) دهاء وعلما (كَيْفَ كانَ) صار (عاقِبَةُ) مال الملأ (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) أوّلا وهو إهلاكهم حال ردّهم الرسل (وَلَدارُ) الحال السعواء (الْآخِرَةِ) الموعود ورودها أمدا للعدل والعدل (خَيْرٌ) أصلح (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) اللّه أو العدل معه وأسلموا له (أَ) أحاطكم عماكم (فَلا تَعْقِلُونَ) ( 109 ) ما مرّ أهل الحرم .

(حَتَّى) أمد لمطروح مدلول لكلام مرّ وهو إمهالهم مددا طوالا (إِذَا) لمّا (اسْتَيْأَسَ) حسم الأمل (الرُّسُلُ) عمّا اسعدوا أو أسلم أممهم (وَظَنُّوا) الرسل (أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) ولعهم ادرارهم وعد الإمداد ، أو أممهم وعد الإسلام ، أو وهم الأمم وولعهم الرسل دعاء الإسلام والهول لعدمه ، أو وهم الأمم حرّم الرسل ما وعدوا وهو الإمداد ، ورووه مكرّر الوسط والمراد علم الرسل ردّهم الأمم (جاءَهُمْ) ورد الرسل وأهل الإسلام ووصلهم (نَصْرُنا) هو الإمداد دروءا (فَنُجِّيَ) سلّم أو أسلّم (مَنْ نَشاءُ) له السلام وهم الرسل ومسلموهم (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا) الإصر والحدّ (عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) ( 110 ) أهل الآصار

----------

كان عاقبة الذين من قبلهم) من مكذبي الرسل فيعتبروا بهم (ولدار الآخرة خير للذين اتقوا) الله (أفلا تعقلون) يتفكرون بعقولهم ليعلموا ذلك وقرىء بالياء .

(حتى إذا استيئس الرسل) غاية لما دل عليه وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا أي أمهلنا مكذبيهم كما أمهلنا مكذبيك حتى يئس الرسل من إيمانهم (وظنوا أنهم قد كذبوا) أيقن الرسل أن قومهم كذبوهم تكذيبا لا إيمان بعده وخففه الكوفيون أي أيقن الرسل أن قومهم أخلفوهم وعدهم بالإيمان أو ظن الأعم أن الرسل كذبوهم فيما أخبروهم به من النصر عليهم أو ظنوا أن الرسل أخلفوا ما وعدوه من النصر (جاءهم نصرنا فنجي) بنونين مضارعا وبنون ماضيا مجهولا (من نشاء)

ص: 151

والمعار .

ولمّا أرسل لإهلاكهم (لَقَدْ كانَ) دواما (فِي قَصَصِهِمْ) الرسل وأممهم أو ملك مصر وأولاد والده (عِبْرَةٌ) اعلام للصلاح والسداد (لِأُولِي الْأَلْبابِ) لأهل الأحلام (ما كانَ) كلام اللّه (حَدِيثاً) كلاما (يُفْتَرى) مسطّرا لسواه كما وهم العدّال (وَلكِنْ تَصْدِيقَ) مسدّد صرع الطرس المرسل (الَّذِي) مرّ (بَيْنَ يَدَيْهِ) أوّلا (وَتَفْصِيلَ) معلم (كُلِّ شَيْءٍ) حكم عموما (وَهُدىً) هدوّا للسداد علما وعملا (وَرَحْمَةً) سلاما (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 111 ) للّه ورسله سدادا وسهم سواهم الصد والصدود والحسد والعداء .

----------

المؤمنين (ولا يرد بأسنا) عذابنا (عن القوم المجرمين) المشركين .

(لقد كان في قصصهم) أي الرسل أو يوسف وإخوته (عبرة لأولي الألباب) عظة لذوي العقول (ما كان) القرآن (حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه) ما تقدمه من الكتب (وتفصيل) بيان (كل شيء) يحتاج إليه في الدين (وهدى ورحمة) بيانا ونعمة (لقوم يؤمنون) خصوا بالذكر لأنهم المنتفعون.

ص: 152

ص: 153

سورة الرّعد

ص: 154

( سورة الرعد )

موردها أمّ الرحم ، ومحصول أصول مدلولها .

إعلام أدلّاء الوحود لأسر السّماء والرّمكاء وإصدار المسل والدّوح والأحمال ، وإعلام ما هدّد اللّه أهل العدول وأوعدهم ، وأسر الأولاد وسط أرحام الأمّ لكمال المدد ووكسها ، واطلاع اللّه لأسرار أهل العالم ممّا كلّموا وعملوا ، وإعلاء السّدّ مع الرّعد والأمطار ، وردّ أهل العدول ، وورود كلام اللّه وأداء العهد وكسره ، وورود الملك مع السّلام لأهل دارالسّلام ، وما سلّاه اللّه لأهل الإسلام لإرسال رحمه ، وإعلاء أمدهم وركودهم دارالسّلام دواما ، ومعاد أهل العدول وهو السّاعور وركود ألوك محمّد صلعم لورود الطّروس .

ص: 155

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(المر) اللّه أعلم ما أراد وهو سرّ اللّه مع رسوله (تِلْكَ) الكلم المعلوم حدودها (آياتُ الْكِتابِ) كلام اللّه الأكرم الأحكم الأهمّ الأعمّ (وَالَّذِي أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (مِنْ رَبِّكَ) مالكك ومصلحك ، وهو كلام اللّه كلّه ، ومحلّه الكسر أو محكوم ومحموله (الْحَقُّ) الأمر المؤكّد المرسل سدادا (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أهل الحرم (لا يُؤْمِنُونَ) ( 1 ) لإرساله سدادا .

(اللَّهُ) محكوم والمحمول (الَّذِي رَفَعَ) سمك حال الأسر (السَّماواتِ) كلّها (بِغَيْرِ عَمَدٍ) واحده عماد أو عمود ، ورووه عمد كرسل وهو حال (تَرَوْنَها) الهاء إمّا للسّماء والمراد لا عمد لها كما هو محسوسكم ، أو للعمد ومدلوله ح لا عمد لها حسّا (ثُمَّ) لمّا أكمل السّماء ودحا الرّمكاء

----------

(13 سورة الرعد ثلاث وأربعون آية مكية أو مدنية)

بسم الله الرحمن الرحيم

(المر) مروي معناه أنا الله المحيي المميت الرازق (تلك) الآيات هي (ءايات الكتاب) القرآن أو السورة (والذي أنزل إليك من ربك) أي القرآن (الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) بحقيقته لتركهم تدبره .

(الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها) استيناف أي وأنتم ترون

ص: 156

(اسْتَوى) كما هو حراء حراؤه (عَلَى الْعَرْشِ) محرّك الكلّ أوسع الأكر محدّد الحدود ما وراءه هواء ولا ملاء (وَسَخَّرَ) للمصالح والحكم (الشَّمْسَ) علم اللمع (وَالْقَمَرَ) علم الدلس (كُلٌّ) كل واحد ممّا هما (يَجْرِي) عوما والسماء له كالماء للسمك أو دورا لدور محلّه (لِأَجَلٍ) أمد (مُسَمًّى) محدود محكوم وهو العصر الموعود للعدل وإحصاء الأعمال (يُدَبِّرُ) اللّه (الْأَمْرَ) أمر ملكه (يُفَصِّلُ) أراد الإعلام (الْآياتِ) الأعلام والدّوال أواسط طرس أرسلها لإصلاح العالم (لَعَلَّكُمْ) أهل الحرم (بِلِقاءِ) وصال اللّه (رَبِّكُمْ) مالككم ومصلحكم وورودكم حراه أمدا لإحصاء الأعمال (تُوقِنُونَ) ( 2 ) هو العلم المحكم .

(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي مَدَّ) مهّد (الْأَرْضَ) ودحاها (وَجَعَلَ) أسر (فِيها) الرّمكاء أطوادا (رَواسِيَ) محاكم رسا رسوّا حصد واسمهرّ (وَ) أسر وأسال (أَنْهاراً) مسل ماء (وَمِنْ كُلِّ) صروع (الثَّمَراتِ) الأحمال (جَعَلَ) أسر اللّه (فِيها) الرّمكاء (زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) الأسود والأحمر والملح والحلو وسواها (يُغْشِي) اللّه وهو الكسو (اللَّيْلَ) المدلهمّ (النَّهارَ) اللّامع

----------

السموات كذلك أو صفة لعمد ويصدق بأن لا عمد أصلا وروي فثم عمد ولكن لا ترون (ثم استوى على العرش) بالتدبير (وسخر الشمس والقمر) ذللهما لمنافع خلقه (كل) منهما (يجري لأجل مسمى) إلى وقت مضروب هو يوم القيامة (يدبر الأمر) أمر ملكوته على مقتضى حكمته (يفصل الآيات) ينزلها مفصلا أو يبين دلائل وحدانيته (لعلكم بلقاء ربكم توقنون) لكي تتأملوا فتعلموا أن من قدر على هذه الأمور قادر على البعث .

(وهو الذي مد الأرض) بسطها لمنافع خلقه (وجعل فيها رواسي) جبالا

ص: 157

(إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) أعلاما ودوالّ (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ( 3 ) لرهط عملهم الرّصد والدّهاء .

(وَفِي الْأَرْضِ) الرّمكاء (قِطَعٌ) محال اصّدّع أحوالها (مُتَجاوِراتٌ) مواصر كلّ واحد لمطوه (وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ) كروم (وَزَرْعٌ) ماكر ، وحدّه لمّا هو مصدر أصلا ورووه مكسورا (وَنَخِيلٌ) طوال (صِنْوانٌ) أصلها واحد (وَغَيْرُ صِنْوانٍ) دوح لكلّ واحد أصل (يُسْقى) ما مرّ (بِماءٍ واحِدٍ) صرعه (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها) الكروم وسواها (عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ) الحمل أحدها حلوّ وأحدها مرّ ، ورووه الأكل محلّ الأكل (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) أعلاما ودوالّ (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ( 4 ) لرهط لهم دهاء كامل وإدراك صالح .

----------

ثوابت (وأنهارا) قرنت بالجبال لأنها أسبأب لتفجرها (ومن كل الثمرات) من أنواعها (جعل فيها زوجين) صنفين (اثنين) كالحلو والحامض والليل والنهار ونحوها (يغشي الليل النهار) يلبسه بظلمته وترك العكس للعلم به (إن في ذلك) المذكور (لآيات) دلالات على وحدانيته (لقوم يتفكرون) فيها .

(وفي الأرض قطع متجاورات) بقاع متلاصقات مختلفات لكل قطعة كيفية ليست للأخرى منها طيبة وسبخة وسهلة وحزنة واختلافها مع اشتراكها في الأرضية وعوارضها إنما يكون بتخصيص قادر مختار عليم حكيم (وجنات) بساتين (من أعناب وزرع ونخيل صنوان) جمع صنو وهي نخلات أصلها واحد (وغير صنوان) متفرقة الأصول (يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل) في الثمر طعما ولونا وشكلا وهو من دلائل قدرته تعالى (إن في ذلك) المذكور (لآيات لقوم يعقلون) يتدبرون بعقولهم .

(وإن تعجب) يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) في تكذيبهم (فعجب) حقيق بالعجب

ص: 158

(وَإِنْ تَعْجَبْ) محمّد ( ص ) ممّا كلّموا واعلموا ، وهو ردّهم العود أمدا (فَعَجَبٌ) حر للهكر (قَوْلُهُمْ) كلامهم ، وهو محكوم والأوّل محموله ، وكلامهم هو (أَ إِذا كُنَّا) مآلا (تُراباً) هالكا (أَ إِنَّا) ح (لَفِي خَلْقٍ) أسر (جَدِيدٍ) معاد (أُولئِكَ) الرّدّاد للعود الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) وعاملوا سوءا (بِرَبِّهِمْ) مالكهم ومصلحهم ، وأكملوا الردّ لما ردّوا ألوّه لأسرهم معادا (وَأُولئِكَ) الرّدّاد (الْأَغْلالُ) والسّلاسل أو أعمالهم الطّوالح (فِي أَعْناقِهِمْ) مالا وهو كلام موعد ، أو المراد إصرارهم (وَأُولئِكَ) الرّدّاد (أَصْحابُ النَّارِ) أهل السّاعور (هُمْ) وحدهم (فِيها) السّاعور لا سواها (خالِدُونَ) ( 5 ) دواما كرّر الومء إعلاما لكمال الأمر .

ولمّا سأل أهل الحرم رسول اللّه صلعم ورود الإصر والحدّ إلهادا لأمره أرسل اللّه (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ) ورها (بِالسَّيِّئَةِ) الإصر والحدّ (قَبْلَ الْحَسَنَةِ) الرّحم (وَ) الحال (قَدْ خَلَتْ) هو المرور (مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ) حدود أمم هوالك وآصار رهط هم أعدالهم وعمّال أعمالهم ، والمراد صروع هلاكهم (وَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) إلهك ومالكك (لَذُو مَغْفِرَةٍ) رحم ومحو آصار ، أو إمهال وإهمال (لِلنَّاسِ عَلى) مع (ظُلْمِهِمْ) إدرارهم وسوء عملهم ، ومحلّه

----------

(قولهم) في إنكار البعث (أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد) فإنهم مع إقرارهم بابتداء الخلق أنكروا الإعادة وهي أهون (أولئك الذين كفروا بربهم) لجحدهم قدرته على البعث (وأولئك الأغلال في أعناقهم) يوم القيامة أو أريد كفرهم (وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) دائمون .

(ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) بالعذاب قبل الرحمة استهزاء (وقد خلت) مضت (من قبلهم المثلات) جمع مثلة بفتح الميم وضم الثاء أي

ص: 159

الحال ، والمراد حدّالا لأدرارهم ولولا رحم اللّه ومحوه الآصار لاصطلم أهل الرّمكاء كلّهم (وَإِنَّ رَبَّكَ) مالك الكلّ وإلهه (لَشَدِيدُ الْعِقابِ) ( 6 ) لرهط عصوه وعدلوا معه دماهم أو لكلّ أحد أراد مسلما أو عادلا .

(وَيَقُولُ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا أوامر اللّه وأحكامه (لَوْ لا) هلّا (أُنْزِلَ) أرسل (عَلَيْهِ) محمّد ( ص ) (آيَةٌ) علم معلم سداده كحول العصا طوطا وإعطاء الإحساس للأكمه (مِنْ رَبِّهِ) مالكه ومصلحه حوور لرسول اللّه صلعم وأمر (إِنَّما) ما (أَنْتَ) محمّد ( ص ) إلّا رسول (مُنْذِرٌ) مروّع مهوّل سوء المال كرسل سواك لامر لإعلام سألوها عداء (وَلِكُلِّ قَوْمٍ) رسول (هادٍ) ( 7 ) داع مر لعلم مرسل معه مطاوعا لأحوال رهطه لا مسؤول ملحّ عداء .

(اللَّهُ) العلّام (يَعْلَمُ ما) موصول أو للمصدر (تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى) وحاله وماله ومودعه ومركده (وَما) عصرا أو دما أو حملا ، أو ما للمصدر (تَغِيضُ) هو الوكس (الْأَرْحامُ) واحده رحم مكسور الأوّل كورد ، أو مكسور الوسط كوعر وعاء الولد (وَما) كما مرّ (تَزْدادُ) الأرحام (وَكُلُّ شَيْءٍ) مأسور (عِنْدَهُ) صدد اللّه محدود (بِمِقْدارٍ) ( 8 ) حدّ معلوم دواما ،

----------

عقوبات أشباههم في التكذيب فهلا يعتبرون بها (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) أنفسهم (وإن ربك لشديد العقاب) لمن استحقه .

(ويقول الذين كفروا لو لا) هلا (أنزل عليه آية من ربه) كالناقة والعصا إذ لم يعتدوا بمعجزاته (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) كل إمام هاد للقرن الذي هو فيهم وعن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أنا المنذر وعلي الهادي .

(الله يعلم ما تحمل كل أنثى) من ذكر أو أنثى (وما تغيض) تنقص

ص: 160

وحاصله الكلّ محاط علمه كلّا وكسرا .

هو (عالِمُ) عالم (الْغَيْبِ) السّرّ (وَ) عالم عالم (الشَّهادَةِ) الحسّ (الْكَبِيرُ) أمره (الْمُتَعالِ) ( 9 ) الطّاهر عمّا وهمه الوهّام ومدحه الأوهام .

(سَواءٌ) صدد إدراكه الكامل ومحاط لعلمه العام وهو محمول (مِنْكُمْ) طرّا وهو حال والمحكوم علاه (مَنْ) كلّ أحد (أَسَرَّ الْقَوْلَ) عموما (وَمَنْ) كلّ أحد (جَهَرَ بِهِ) أعلم الكلام (وَمَنْ) كلّ أحد (هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ) دلسه وسواده المدلهم (وَ) كلّ أحد هو (سارِبٌ) سار (بِالنَّهارِ) ( 10 ) اللّمع الكلام موصول مع ما أمامه موكّل لكمال علمه وعمومه .

(لَهُ) الهاء للموصول وحاصله للمسرّ والمعلم أرهاط أملاك (مُعَقِّباتٌ) روّاد وعوّاد عودا عودا ، أو لما هم محرّرو طروس أعماله وراء عمله (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) أمامه (وَمِنْ خَلْفِهِ) وراءه والمراد أطره كلّها أو أعماله أماما ووراء (يَحْفَظُونَهُ) ممّا ساءه وهو مسّ الأرواح أو سواه (مِنْ أَمْرِ اللَّهِ )

----------

(الأرحام) هو كل حمل دون تسعة أشهر (وما تزداد) على التسعة بعدد أيام التي رأت الدم في حملها، وقيل ما تنقصه وما تزداده من مدة الحمل وخلقته وعدده أو من دم الحيض (وكل شيء عنده بمقدار) بقدر وحد لا يتعداه .

(عالم الغيب والشهادة الكبير) العظيم (المتعال) من كل شيء يقهره أو عما لا يجوز عليه وقرىء المتعالي بالياء .

(سواء منكم) في علمه (من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل) مستتر بظلمته (وسارب) سالك في سربه بفتح السين أي طريقه (بالنهار) يراه الناس .

(له) للمسر والجاهر والمستخفي والسارب (معقبات) ملائكة يتعاقبون في

ص: 161

لمّا أمر اللّه حرسهم ، أو امر اللّه حرده حال عمل السّوء وحرسهم له ح دعاءهم له لمحو إصره (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لا يُغَيِّرُ ما) طلحا وإلّا موصولا (بِقَوْمٍ) ما (حَتَّى يُغَيِّرُوا ما) حالا ملاحا موصولا (بِأَنْفُسِهِمْ) عملا للرّوادع (وَإِذا أَرادَ اللَّهُ) الملك العدل (بِقَوْمٍ) ما حال عملهم السّوء (سُوْءاً) حدّا وإصرا (فَلا مَرَدَّ لَهُ) لا رادّ له أصلا (وَما لَهُمْ) لرهط أراد اللّه سوءهم (مِنْ دُونِهِ) سواه (مِنْ) مؤكّد (والٍ) ( 11 ) لأمرهم دارئ لإصرهم أو محال .

(هُوَ) اللّه (الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ) اللّمع المسرع (خَوْفاً) لروع هور السّاعور (وَطَمَعاً) لأمل الأمطار أو كلّ واحد حال للمع المسطور اطراء ، أو أراد أهل روع وطمع ، أو روّاعا وطمّاعا وح كلّ واحد حال لكم (وَيُنْشِئُ) هو الأسر (السَّحابَ) اسم صرع وواحده مع الهاء (الثِّقالَ) ( 12 ) الملاء ماء .

----------

حفظه (من بين يديه ومن خلفه) من جوانبه أو مما قدم وأخر من عمله (يحفظونه) من المهالك أو يحفظون أعماله (من أمر الله) من أجل أمره أو بأمره أي كائنة بأمره وفي قراءتهم (عليهم السلام) له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله (إن الله لا يغير ما بقوم) من عاقبة ونعمة (حتى يغيروا ما بأنفسهم) من الطاعة بالمعصية (وإذا أراد الله بقوم سوءا) عذابا أو بلاء (فلا مرد) لا مدفع (له) من أحد (وما لهم من دونه من وال) يلي أمرهم ويرد السوء عنهم .

(هو الذي يريكم البرق خوفا) من الصواعق أو للمسافر أو لمن يضره المطر (وطمعا) في المطر أو لمن ينفعه أو للحاضر حالان من البرق بإضمار ذا أو من المخاطبين أي خائفين وطامعين أو علتان أي إخافة وإطماعا أو إرادة خوف وطمع (وينشىء السحاب الثقال) بالماء .

(ويسبح الرعد بحمده) هو ملك موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق

ص: 162

(وَيُسَبِّحُ) اللّه (الرَّعْدُ) اسم ملك موكّل للسّدّ أو عركه والمراد ح مطوه ، أو سامعو الرّعد أملا للمطر موصولا (بِحَمْدِهِ) والمراد والحمد للّه (وَالْمَلائِكَةُ) مطهّروه كالرّعد (مِنْ خِيفَتِهِ) روع اللّه أو روع الرّعد (وَيُرْسِلُ) اللّه (الصَّواعِقَ) ساعور السّدّ (فَيُصِيبُ) اللّه (بِها مَنْ يَشاءُ) إهلاكه الحال مسلما أو سواه (وَ) الحال (هُمْ) أعداء الإسلام (يُجادِلُونَ) وهو كمال اللّدد والمراء (فِي اللَّهِ) لما ولّعوا رسول اللّه صلعم لمّا أعلمهم كمال علم اللّه وألوّه ، وأسره لهم معادا كما أسرهم أوّلا وإحصاء أعمالهم وإعطاء أوسها لهم مآلا (وَهُوَ) اللّه (شَدِيدُ الْمِحالِ) ( 13 ) الألوّ والأدّ والسّطو والحدّ والحول ، أو المعامل مع الماكر كمكره لكلامهم محلّه لمّا كاده ، ولعلّ أصله المحل ورووه المحال ، موردها ما ورد أرسل رسول اللّه امرأ لعدو ودعاه للإسلام ، وكلّم العدوّ ما اللّه أصله الأحمر أو الطّاؤس أو الصّاد ، وأرسل اللّه لإهلاكه ساعور السّماء وهلك .

(لَهُ) للّه (دَعْوَةُ الْحَقِّ) كلام السّداد وهو لا اله الّا اللّه (وَ) دماهم (الَّذِينَ يَدْعُونَ) إلها (مِنْ دُونِهِ) سواه أو المراد العدّال اللّاءوا دعوا دماهم إلها (لا يَسْتَجِيبُونَ) دماهم (لَهُمْ) للعدّال (بِشَيْءٍ) ممّا هو مرامهم (إِلَّا )

----------

السحاب كما روي أو سامعوه متلبسين بحمده أو يدعو الرعد إلى تسبيحه وحمده لما فيه من الآيات (والملائكة من خيفته) أي الله (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء) فتحرقه (وهم يجادلون) أي الكفار مع مشاهدتهم هذه الآيات يخاصمون النبي (في الله) في توحيده وقدرته على البعث (وهو شديد المحال) الكيد لأعدائه أي الأخذ أو النقمة .

(له دعوة الحق) أي كلمته وهي لا إله إلا الله أو الدعوة المجابة فإنه يجيب

ص: 163

حوارا أو سماعا (كَباسِطِ) كحوار أو كسماع الماء لمرء مدّ (كَفَّيْهِ) ودلّاهما (إِلَى الْماءِ) ماء الرّسّ وهو داع للماء (لِيَبْلُغَ) الماء (فاهُ) علوّا وطموحا ممّا هو محلّه (وَما هُوَ) الماء (بِبالِغِهِ) مدركه وواصله وهو حال أعداء الإسلام حال الدّعاء لدماهم (وَما دُعاءُ) الملاء (الْكافِرِينَ) دماهم أو طوعهم لها (إِلَّا فِي ضَلالٍ) ( 14 ) هلاك لا عود له .

(وَلِلَّهِ) لا لسواه (يَسْجُدُ) كلّ (مَنْ) حلّ (فِي السَّماواتِ) كلّها (وَالْأَرْضِ) عموما (طَوْعاً) وهم الأملاك وأهل الإسلام حال العسر والرّوح وهو حال أو معلّل (وَكَرْهاً) وهم أعداء الإسلام حال العسر ووصول الآلام ، وهو حال أو معلّل كالأوّل (وَظِلالُهُمْ) كلّهم حالها كحالهم أو المراد طوعهم لما أراد اللّه لهم أرادوا أو كرهوا (بِالْغُدُوِّ) أوّل الطّلوع ، وورد هو مصدر (وَالْآصالِ) ( 15 ) واحده أصل وواحد الأصل كواحد كرام ، وهو وسط العصر والدّلوك والمراد الدّوام وعموم الأعصار .

----------

من دعاه أو دعوة المدعو الحق وهو الله (والذين) أي الأصنام الذين (يدعون) يعبدهم المشركون (من دونه) أي غيره (لا يستجيبون لهم بشيء) من مطالبهم (إلا كباسط) إلا استجابة كاستجابة باسط (كفيه إلى الماء) يدعوه (ليبلغ فاه) بانتقاله من مكانه إليه (وما هو ببالغه) ولن يبلغ فاه لأنه جماد لا يشعر فكذا آلهتهم (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) ضياع .

(ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا) كالملائكة أو المؤمنين (وكرها) كالكفرة المكرهين بالسيف وهما حالان أو علتان (وظلالهم) بتبعيتهم أو أريد خضوعهم لنفوذ مشيئته فيهم (بالغدو والآصال) بالبكر والعشيات أي دائما ظرف ليسجد أو حال لظلالهم .

ص: 164

(قُلْ) رسول اللّه لرهطك واسألهم (مَنْ رَبُّ) آسر (السَّماواتِ) كلّها (وَ) آسر (الْأَرْضِ) ومالك أمرهما معا (قُلْ) لهم حال عدم حوارهم (اللَّهُ) لما لا حوار له سواه أو المراد علّمهم الحوار (قُلْ) لهم (أَ) عما أحلامكم (فَاتَّخَذْتُمْ) وراء حصول العلم لكم هو آسر العالم كلّه ومالكه (مِنْ دُونِهِ) سواه (أَوْلِياءَ) أودّاء وأرداء وإلها أراد دماهم (لا يَمْلِكُونَ) دماكم هؤلاء ولو (لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً ) ما ( وَلا ضَرًّا) ما والسّؤال للوصم والعوار (قُلْ) لهم (هَلْ يَسْتَوِي) المرء (الْأَعْمى) العادم الحواسّ (وَالْبَصِيرُ) كاملها والمراد المسلم وعدّوه ، وورد المراد إله ساه عمّا هو أحوالكم وإله مطّلع لها (أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ) الأدلاس (وَالنُّورُ) اللّمع والمراد ملل الأعداء وأهل الإسلام لا (أَمْ جَعَلُوا) وعلموا (لِلَّهِ) الواحد الأحد (شُرَكاءَ) عدلاء (خَلَقُوا) أسروا (كَخَلْقِهِ) كما أسر اللّه (فَتَشابَهَ) مسمس (الْخَلْقُ) مأسور اللّه ومأسور العدلاء وعوص علمهما (عَلَيْهِمْ) وعلموهم أهلا للطّوع وأطاعوهم لا (قُلْ) لهم (اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) لا مساهم له أسرا ولا معادل له طوعا (وَهُوَ) اللّه (الْواحِدُ) الأحد (الْقَهَّارُ) ( 16 ) وما عداه كلّه مأسور له .

----------

(قل من رب السموات والأرض) خالقهما أو مدبرهما (قل الله) مجيبا عنهم إذ لا جواب غيره (قل) تبكيتا لهم (أفاتخذتم من دونه) أي غيره (أولياء) جمادات تعبدونها (لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا) فضلا عن غيرهم (قل هل يستوي الأعمى والبصير) المشرك والموحد (أم هل تستوي الظلمات والنور) الشرك والتوحيد (أم) بل (جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه) صفة شركاء (فتشابه الخلق) خلق الله وخلقهم (عليهم قل الله خالق كل شيء) لا خالق سواه فلا شريك له في العبادة (وهو الواحد) المتوحد في الربوبية

ص: 165

وأرسل اللّه لاعلام حال السّداد والأود (أَنْزَلَ) أرسل الواحد الكهّار وهو اللّه (مِنَ السَّماءِ) السّدّ والمعصر (ماءً) مطرا (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ) واحدها واد وهو مسلّ الماء الآمر (بِقَدَرِها) والحاصل سال كلّ واد مع ماء هو طلعه وملاءه ، أو المراد طلع ولهاء علم اللّه إصلاحه للممطور (فَاحْتَمَلَ) سمك (السَّيْلُ زَبَداً) هو ما علا سطح الماء كالحسك وما سواه (رابِياً) طامحا (وَمِمَّا) كلّ مهل (يُوقِدُونَ عَلَيْهِ) مسعرا (فِي النَّارِ) كالأحمر والطّاؤس والصّاد والرّصاص (ابْتِغاءَ) روم صروع (حِلْيَةٍ) كالحادور والسّوار والكرم (أَوْ) روم (مَتاعٍ) صروع وعاء رحلا ورموكا وممّا محمول محكوم علاه (زَبَدٌ) ما علا سطحه لمّا ماع (مِثْلُهُ) كما هو للمدّ (كَذلِكَ) المسطور (يَضْرِبُ) هو الاعلام (اللَّهُ) العلّام (الْحَقَّ) الأمر الأسدّ (وَ) الأمر (الْباطِلَ) أراد حالهما وأمرهما الهكر (فَأَمَّا الزَّبَدُ) ما علا سطح الماء أو المهل (فَيَذْهَبُ جُفاءً) مطروحا هالكا ممحوّا ، وهو حال (وَأَمَّا) ماء أو محّ (ما يَنْفَعُ النَّاسَ) العالم (فَيَمْكُثُ) عصرا (فِي الْأَرْضِ) لمصالحهم

----------

(القهار) لكل شيء .

(أنزل من السماء ماء) مطرا (فسالت أودية) أي مياهها (بقدرها) في الصغر والكبر (فاحتمل السيل زبدا) وهو الأبيض المنتفخ على وجه الماء (رابيا) عاليا عليه (ومما يوقدون عليه في النار) من الفلزات كالذهب والفضة والنحاس والحديد (ابتغاء حلية) طلب زينة (أو متاع) ينتفع به كالأواني وغيرها (زبد مثله) أي من هذه الأشياء زبد مثل زبد السيل هو خبثها (كذلك) المذكور (يضرب الله الحق والباطل) أي مثلهما فالصافي المنتفع به من الماء والفلز مثل الحق والزبد المضمحل منهما مثل الباطل (فأما الزبد) من

ص: 166

(كَذلِكَ) الإعلام المسطور (يَضْرِبُ) إعلاما (اللَّهُ) العلّام (الْأَمْثالَ) ( 17 ) الأحوال وصورها إعلاما للصّلاح والطّلاح .

(لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا) أطاعوا وأسلموا (لِرَبِّهِمُ) مولاهم وصمدهم (الْحُسْنى) دارالسّلام (وَ) الملأ (الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا) ما أطاعوا وما أسلموا (لَهُ) لمولاهم وصمدهم (لَوْ أَنَّ لَهُمْ) ملكا (ما) أموال وأملاك (فِي الْأَرْضِ) الرّمكاء (جَمِيعاً) طرّا (وَمِثْلَهُ) عدل ما مرّ موصولا (مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ) الكلّ وأعطوا كلّه واصاروه حماءهم (أُولئِكَ) الطّلّاح (لَهُمْ) لسوء أعمالهم (سُوءُ الْحِسابِ) وهو إحصاء أعمالهم كلّها مع عدم طرحها ومحوها ولو ماصلا (وَمَأْواهُمْ) محلّهم ومعادهم (جَهَنَّمُ) دار السّاعور (وَبِئْسَ الْمِهادُ) ( 18 ) الوطاء الممهّد دار السّاعور .

(أَ فَمَنْ يَعْلَمُ) علما محكما (أَنَّما أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (مِنْ رَبِّكَ) مولاك ومصلحك (الْحَقُّ) وأسلم له (كَمَنْ هُوَ أَعْمى) عم أسّه لا (أَنَّما) ما (يَتَذَكَّرُ) وهو والادكار واحد الّا (أُولُوا الْأَلْبابِ) ( 19 )

----------

السيل والفلز المذاب (فيذهب جفاء) حال أي مرميا به باطلا (وأما ما ينفع الناس) من الماء والفلز (فيمكث في الأرض) يبقى دهرا (كذلك يضرب الله الأمثال) للحق الباقي والباطل الفاني .

(للذين استجابوا لربهم) لدعوته فآمنوا به المثوبة (الحسنى والذين لم يستجيبوا له) مبتدأ خبره (لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به أولئك لهم سوء الحساب) المناقشة فيه ولا يغفر لهم ذنب وروي هو أن لا يقبل لهم حسنة ولا يغفر لهم سيئة (ومأواهم جهنم وبئس المهاد) الفراش هي .

ص: 167

الأحلام الكوامل الملاء .

(الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ) المعهود أوّلا أمام أسرهم ، أو المراد كلّ عهد عهد اللّه علاهم وسط طروسه (وَلا يَنْقُضُونَ) هو الكسر طرحا للأوامر والأحكام (الْمِيثاقَ) ( 20 ) ما أحكموه وسمعوه وأطاعوه أوّلا .

(وَ) الملأ (الَّذِينَ يَصِلُونَ ما) إسلاما أو رحما أو سواهما أو هو عامّ للأوامر والوصل كلّها (أَمَرَ اللَّهُ بِهِ) معاده ما (أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ) اللّه (رَبَّهُمْ) مولاهم ومالكهم المراد مهدّده وموعده عموما (وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) ( 21 ) والعدّ وهو عدّ الأعمال كلّها مع عدم طرح عمل ما .

(وَ) الملأ (الَّذِينَ صَبَرُوا) حال حلول المكاره (ابْتِغاءَ) روم (وَجْهِ) اللّه (رَبِّهِمْ) لا سواه (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) ادّوها وداوموها (وَأَنْفَقُوا) أعطوا كما أمر اللّه (مِمَّا) أموال واملاك (رَزَقْناهُمْ سِرًّا) لا عالم له إلّا اللّه وحده (وَعَلانِيَةً) حسّا (وَيَدْرَؤُنَ) الدّرء الرّدّ (بِالْحَسَنَةِ) الحلم ،

----------

(أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق) فيتبعه (كمن هو أعمى) لا يعلمه أو لا يتبعه إنكار أن يتوهم تشابههما (إنما يتذكر) يتعظ ويعتبر (أولوا الألباب) ذوو العقول .

(الذين يوفون بعهد الله) ما ألزمهم إياه عقلا أو سمعا أو ما أخذه عليهم في عالم الذر (ولا ينقضون الميثاق) ما وثقوه بينهم وبين الله أو بينه وبين العباد تأكيد أو تعميم بعد تخصيص (والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل) من الإيمان بالرسل والرحم وحقوق الخلق (ويخشون ربهم) أي عقابه (ويخافون سوء الحساب) المداقة والاستقصاء فيه .

(والذين صبروا) على البلاء والتكاليف (ابتغاء وجه ربهم) طلب رضاه لا

ص: 168

أو الكلام الحلو ، أو الإعطاء ، أو الوصل ، أو الهود (السَّيِّئَةَ) اللّدد ، أو الكلام المرّ ، أو الرّدّ والحرم ، أو الحسم ، أو الإصر (أُولئِكَ) الملأ الممدوح (لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ) ( 22 ) مال دارالسّلام المحمود ، أو مال دار الأعمال ومعاد أهلها وهو دارالسّلام .

(جَنَّاتُ عَدْنٍ) ركود ورموك ، أو هو محكوم محموله (يَدْخُلُونَها) هم كلّهم (وَمَنْ صَلَحَ) أسلم ، ورووا صلح ككرم (مِنْ آبائِهِمْ) ولّادهم وامامهم (وَأَزْواجِهِمْ) أعراسهم (وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أولادهم ولو وكس أعمالهم إكراما لهم (وَالْمَلائِكَةُ) عدّاس أهل دارالسّلام (يَدْخُلُونَ) مع هداو (عَلَيْهِمْ) حال ركودهم (مِنْ كُلِّ بابٍ) ( 23 ) موارد دارالسّلام والحال كلامهم لهم .

(سَلامٌ عَلَيْكُمْ) أهل دارالسّلام (بِما) أوس ما (صَبَرْتُمْ) حال حلول المكاره أو حال أداء الأوامر العسار والأحكام الوعار اوّلا (فَنِعْمَ عُقْبَى) مال (الدَّارِ) ( 24 ) المحمود مالكم .

----------

رياء وسمعة (وأقاموا الصلاة) يمكن شمولها النفل وكذا (وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية) في الطاعة (ويدرءون بالحسنة السيئة) يدفعونها بها أو يمحونها بها أو يقابلونها بها إذا أسيء إليهم (أولئك لهم عقبى الدار) العاقبة الحميدة في الدار الآخرة .

(جنات عدن) إقامة (يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم) يلحقون بهم وإن لم يعملوا كعملهم كرامة لهم (والملائكة يدخلون عليهم من كل باب) من أبواب الجنة أو القصور أو الهدايا قائلين .

(سلام عليكم) تهنئة بالسلامة (بما صبرتم) بسبب صبركم (فنعم عقبى الدار) ما

ص: 169

(وَ) الملأ (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ) عملهم الكسر (عَهْدَ اللَّهِ) المعهود أوّلا كما مرّ ، أو عام (مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) إحكامه وأمهه (وَيَقْطَعُونَ) عملهم الحسم ما إسلاما أو رحما أو سواهما أو هو عامّ للأواصر والوصل كلّها كما مرّ (أَمَرَ اللَّهُ بِهِ) معاده ما (أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ) عملهم الدّعر والسّوء (فِي الْأَرْضِ) وهو ردّ الإسلام وعمل معاص سواه (أُولئِكَ) الملأ المعلوم حالهم (لَهُمُ اللَّعْنَةُ) الطّرد والدّحور حالا (وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) ( 25 ) إصر دار الآلام مالا أو مال دار الأعمال الملوم .

(اللَّهُ) وحده هو (يَبْسُطُ الرِّزْقَ) لا سواه وهو موسّعه (لِمَنْ) لكلّ أحد (يَشاءُ) وسعه كرما (وَيَقْدِرُ) الأكل لكلّ أحد ، مراده عسره عدلا (وَفَرِحُوا) أهل الحرم مرحا حراما (بِالْحَياةِ الدُّنْيا) ما وصلوه حالا (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) العمر الملهد مرصودا (فِي) ملاط (الْآخِرَةِ) العمر المدام وهو حال (إِلَّا مَتاعٌ) ( 26 ) أمر سهل لا دوام له لا رسو .

(وَيَقُولُ) أهل الحرم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الأوامر والأحكام (لَوْ لا) هلّا (أُنْزِلَ) أرسل (عَلَيْهِ) محمّد ( ص ) (آيَةٌ) علم معلم ألوكه كما راموا

----------

أنتم فيه .

(والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) ما وثقوه به (ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض) بالظلم والكفر (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار) عذاب النار أو سوء العاقبة فيها .

(الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) يوسعه ويضيقه (وفرحوا) أي الكفرة بطرا (بالحيوة الدنيا) بما أوتوه فيها (وما الحيوة الدنيا في الآخرة) في جنبها (إلا متاع) يتمتع به ويزول .

ص: 170

(مِنْ رَبِّهِ) مولاه ومرسله كالعصا لرسول الهود والعرمس لصالح (قُلْ) لهم (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (يُضِلُّ) سواء الصّراط (مَنْ يَشاءُ) عموه ولو حال إحساس الأعلام وسطوع الدّوالّ (وَيَهْدِي) اللّه (إِلَيْهِ) سواء الصّراط وهو الإسلام كرما (مَنْ أَنابَ) ( 27 ) كلّ أحد هاد وعاد عمّا ساء .

وهم الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) له سدادا (وَتَطْمَئِنُّ) هو الهكوع والرّسوّ (قُلُوبُهُمْ) سرارهم (بِذِكْرِ اللَّهِ) وعده أو كلامه أو ادكاره دواما (أَلا) اعلموا (بِذِكْرِ اللَّهِ) الودود (تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) ( 28 ) الكمّل .

(الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) والموصول محكوم محموله (طُوبى) مصدر ككلامك سلام لك وسلاما لك ولام (لَهُمْ) للإعلام أو سدر دارالسّلام المطلّ لها عمما محلّ أصلها دار محمّد رسول اللّه صلعم ووصل كلّ دار أكلها وحملها طعمها حاو للطّعوم كلّها ، أو المراد سرور لهم وروح (وَحُسْنُ مَآبٍ) ( 29 ) معاد لدار السّلام .

(كَذلِكَ) كما أرسل الرّسل أوّلا (أَرْسَلْناكَ) محمّد ( ص ) (فِي

----------

(ويقول الذين كفروا لو لا) هلا (أنزل عليه آية من ربه) كالناقة والعصا (قل إن الله يضل من يشاء) يخذله بسوء فعله وعدم اعتداده بالآيات المنزلة (ويهدي إليه من أناب) رجع عن العناد إلى الانقياد .

(الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله) أنسا وثقة به أو بالقرآن (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) لإزالته الشكوك الموجبة للاضطراب .

(الذين ءامنوا وعملوا الصالحات) مبتدأ وخبره (طوبى لهم) أي طيب عيش أو فرح أو غبطة أو شجرة في الجنة أصلها في دار النبي وعلي وفرعها على أهل الجنة - کما

ص: 171

أُمَّةٍ) سماط وأرهاط (قَدْ خَلَتْ) هو المرور (مِنْ قَبْلِها) والحاصل مرّ أمامها (أُمَمٌ) أرسلوا لإصلاحهم وما هو أوّل إرسال لك لإصلاحها وإرسالك (لِتَتْلُوَا) لدرسك (عَلَيْهِمُ) صددهم الكلام (الَّذِي أَوْحَيْنا) إعلاما للصّلاح (إِلَيْكَ وَ) الحال (هُمْ) أو هو كلام رأسا (يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) الكامل الرّحم العامّ آلاؤه الواسع رحمه للكلّ ورد موردها طلّاح أمّ رحم لكلامهم وما هو لمّا أمروا طوعه (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (هُوَ) مدعوّ ما مرّ وموسومه اللّه (رَبِّي لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا هُوَ) لا معادل له (عَلَيْهِ) وحده (تَوَكَّلْتُ) هو وكول الأمور مع العول (وَإِلَيْهِ) اللّه لا سواه (مَتابِ) ( 30 ) المعاد والمال للكلّ .

ولمّا سأل الحمس إلحاحا رسول اللّه صلعم ادرس كلام اللّه وحوّل أطواد الحرم وأصدع سطح الرّمكاء ، وأسل مسل الماء للدّوح والكروم والماكر ، وأعد الولّاد الهلّاك لإعلامهم سداد الوكك أرسل اللّه (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً) هو اسم سواه للكلّ وللكسر (سُيِّرَتْ) حوّل واصطلم (بِهِ) درسه (الْجِبالُ) كما هو مسئولكم (أَوْ قُطِّعَتْ) صدع (بِهِ الْأَرْضُ) سطح الرّمكاء (أَوْ كُلِّمَ بِهِ) الدّهم (الْمَوْتى) وحصل لهم حال درسه الحسّ والحراك والكلام لما أسلموا

----------

استفاضت به الاخبار-(وحسن مآب) مرجع .

(كذلك) كما أرسلنا الرسل قبلك (أرسلناك في أمة قد خلت) مضت (من قبلها أمم) فهي آخر الأمم وأنت آخر الرسل (لتتلوا) لتقرأ (عليهم الذي أوحينا إليك) أي القرآن (وهم يكفرون بالرحمن) البليغ الرحمة العميم النعمة حيث قالوا وما الرحمن حيث أمروا بالسجود له (قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت) في أموري (وإليه متاب) توبتي أي رجوعي .

ص: 172

لما علم اللّه عدم إسلامهم ، وح حوار لو مطروح ، وورد حواره ما مرّ أمامه (بَلْ لِلَّهِ) الواحد الأحد (الْأَمْرُ) الطّول والألوّ لأمر العالم (جَمِيعاً) كلّه لا لسواه ، ولمّا أراد أهل الإسلام حصول ما ألحّوه طمع إسلامهم أرسل اللّه (أَ) ما لاح لأهل الإسلام كمال حول اللّه ورصده للاسرار والحكم (فَلَمْ يَيْأَسِ) ما علم الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) سدادا (أَنَّ) مؤكّد مطروح الاسم محموله (لَوْ يَشاءُ اللَّهُ) إسلام أولاد آدم (لَهَدَى النَّاسَ) سواء الصّراط وأسلموا (جَمِيعاً) طرّا (وَلا يَزالُ) أهل الحرم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام (تُصِيبُهُمْ) هو الإدراك والوصول (بِما صَنَعُوا) عملهم السّوء وردّهم الإسلام دهماء (قارِعَةٌ) عملها الدّكّ والصّدع والمراد وصول العواسر كالإهلاك وأسر الأولاد وسطو الأموال ، أو عسكر أهل الإسلام (أَوْ تَحُلُّ) الدّهماء ، أو هو كلام مع الرّسول صلعم لما حلّ مع عسكره صدد دورهم محلّا (قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) الحرم (حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ) هلاكهم أو السّعواء أو عطوك ممالكهم ودورهم

----------

(ولو أن قرءانا سيرت به الجبال) أزيلت عن مواضعها (أو قطعت به الأرض) شققت أنهارا وعيونا (أو كلم به الموتى) بعد إحيائهم وجواب لو محذوف أي لكان هذا القرآن أو لما آمنوا لفرط عنادهم قيل قالوا له إن كنت نبيا فسير لنا جبال مكة واجعل لنا فيها أنهارا وعيونا لنزرع وأحي لنا أمواتنا ليكلمونا فيك فنزلت (بل لله الأمر جميعا) لا لغيره فهو القادر على ذلك (أفلم ييأس الذين ءامنوا) فلم يعلموا سمي العلم يأسا لأنه سببه إذ من علم شيئا يئس من خلافه وقيل المعنى أفلم يقنطوا (أن) مخففة (لو يشاء الله لهدى الناس جميعا) إلى الجنة لكنه كلفهم لينالوها باستحقاق أو لو يشاء إلجاءهم لألجأهم (ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا) من الكفر (قارعة) داهية تقرعهم

ص: 173

(إِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) ( 31 ) لا حول لموعده ولا ولع لكلامه .

(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ) ألهدوا وردّوا (مِنْ قَبْلِكَ) كما عاملوا معك وهو كلام مسلّ للرّسول وموعد لأهل الرّدّ والعدول (فَأَمْلَيْتُ) الإملاء الإمهال والطّرح دهرا (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام دهرا طوالا (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) أولموا واصطلموا (فَكَيْفَ كانَ) لهم ح (عِقابِ) ( 32 ) الإصر والحدّ ، أعامل أعدائك كما عملوا .

(أَ فَمَنْ) إله (هُوَ قائِمٌ) راصد مطّلع (عَلى كُلِّ نَفْسٍ) عموما عالم (بِما) عمل صالح وطالح (كَسَبَتْ) وهو اللّه ، والموصول محكوم علاه طرح محموله وهو كإله مصوّر ما له حول ولا طول ولا علم ولا اطّلاع لا دلّ علاه (وَجَعَلُوا) أصاروا وادّعوا (لِلَّهِ) الواحد الأحد (شُرَكاءَ) عدلاء ورها ووهما أراد دماهم (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (سَمُّوهُمْ) أسماءهم له ، والحاصل أعلموه أسماءهم ودحرصوا ، أو المراد أدحصوا أحوالهم هل هم أهل

----------

من الجدب والأسر والقتل (أو تحل) القارعة (قريبا من دارهم) فيخافونها أو تحل أنت بجيشك قريبا من دارهم مكة (حتى يأتي وعد الله) القيامة أو فتح مكة (إن الله لا يخلف الميعاد).

(ولقد استهزىء برسل من قبلك) تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) (فأمليت للذين كفروا) أمهلتهم ملاوة أي مدة والملوان الليل والنهار (ثم أخذتهم) أهلكتهم (فكيف كان عقاب) عقابي لهم فكذا آخذ من استهزأ بك .

(أفمن هو قائم) حفيظ (على كل نفس بما كسبت) من خير وشر وهو الله والخبر محذوف أي كمن ليس كذلك من الأصنام أو لم يوحدوه (وجعلوا لله شركاء) استيناف أو عطف على الخبر المقدر أخيرا (قل سموهم) استحقار لهم

ص: 174

لموهومكم (أَمْ تُنَبِّئُونَهُ) اللّه وهو الإعلام (بِما) معادل (لا يَعْلَمُ) اللّه له (فِي الْأَرْضِ) كلّها لما هو معدوم وإلّا لعلمه اللّه العلّام علا عمّا وهموا (أَمْ) وهمكم وادّعاؤكم عدلاء له (بِظاهِرٍ) سهل مموّه لا أصل له (مِنَ الْقَوْلِ) أم للعدول عمّا مرّ أوّلا وهو سمّوهم كالأم الأوّل (بَلْ زُيِّنَ) سول (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام (مَكْرُهُمْ) للإسلام لعدولهم وعملهم السّوء (وَصُدُّوا) ورووا معلوما والمراد هم صدّوا دهما (عَنِ السَّبِيلِ) صراط أوامر اللّه وأحكامه ، كما رووا صدّوا مكسور الصّاد لما أصله صددوا وأعطوا كسر الدّال الأوّل للصّاد ، ورووه صدّ (وَ) كلّ (مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ) سواء الصّراط (فَما لَهُ مِنْ) مؤكّد (هادٍ) ( 33 ) موصل للمرام .

(لَهُمْ) لهؤلاء المكّار (عَذابٌ) كامل (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) حالا وهو الإهلاك والأسر وسواهما (وَلَعَذابُ) الدّار (الْآخِرَةِ) دار الآلام (أَشَقُّ) أعسر وأوعر وأوكد ممّا مرّ (وَما لَهُمْ) أصلا (مِنَ اللَّهِ) حدّه وألمه (مِنَ) مؤكّد أحد (واقٍ) ( 34 ) حارس رادّ لسوئهم وممّا هو مدروس علاكم .

(مَثَلُ) حال (الْجَنَّةِ) دارالسّلام (الَّتِي وُعِدَ) الملأ (الْمُتَّقُونَ)

----------

أي ليس لهم اسم يستحقون به الإلهية (أم) بل (تنبئونه بما لا يعلم في الأرض) أي بشركاء لا يعلمهم (أم) بل تسمونهم شركاء (بظاهر من القول) بزعم باطل لا حقيقة له (بل زين للذين كفروا مكرهم) شركهم (وصدوا) أعرضوا أو صرفوا غيرهم وضم الكوفيون الصاد أي صرفوا (عن السبيل) طريق الحق (ومن يضلل الله) يخذله بسوء اختياره (فما له من هاد).

(لهم عذاب في الحيوة الدنيا) بالقتل والأسر (ولعذاب الآخرة أشق) أشد (وما لهم من الله) من عذابه (من واق) دافع .

ص: 175

ورودها وحلولها أو محمولها (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدّرّ والعسل والمدام (أُكُلُها) مأكولها أو حملها (دائِمٌ) لا ما صح (وَظِلُّها) كالأكل حاصل دواما (تِلْكَ) دارالسّلام (عُقْبَى) مال الملأ (الَّذِينَ اتَّقَوْا) العدل مع اللّه (وَعُقْبَى) مال الملأ (الْكافِرِينَ) اللّاءوا ردّوا أمر اللّه (النَّارُ) ( 35 ) دواما .

(وَ) الملأ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) المرسل وهم مسلمو الهود ورهط روح اللّه وكولد سلام وسواه أو المراد كلّهم (يَفْرَحُونَ بِما) كلام (أُنْزِلَ) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) لوامه طرسهم (وَمِنَ) الأعداء (الْأَحْزابِ) اللّاءوا معمعوا واطّردوا واصطلحوا عداء لك (مِنَ) رهط (يُنْكِرُ) ورها (بَعْضَهُ) كلام اللّه كأحكام ما واءم مدلولها مدلول أحكام طروسهم ، أو واءم لمدلول ما حوّلوه مع أمه سواه كسواها ورهط رادّ لكلّه (قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (إِنَّما أُمِرْتُ) ما أمر اللّه وما أرسل إلّا (أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ) الواحد الأحد (وَلا أُشْرِكَ) أعدل (بِهِ) معه أحدا وأوحّده (إِلَيْهِ) وحّده (أَدْعُوا) الكل (وَإِلَيْهِ) سموما (مَآبِ) ( 36 ) المعاد والمال وهو

----------

(مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها) ثمرها (دائم) باق (وظلها) كذلك لا ينسخه شمس (تلك) الجنة (عقبى) مآل (الذين اتقوا) الله (وعقبى الكافرين النار والذين ءاتيناهم الكتاب) أي من أسلم منهم (يفرحون بما أنزل إليك) لموافقته كتابهم أو المراد المسلمون (ومن الأحزاب) الذين تحزبوا عليك بالعداوة من المشركين وكفرة أهل الكتاب (من ينكر بعضه) وهو ما خالف أحكامهم (قل إنما أمرت) بما أنزل إلي (أن) بأن (أعبد الله ولا أشرك به إليه أدعوا) لا إلى غيره (وإليه مآب) مرجعي .

ص: 176

دعواكم وكلامكم ومساعد طروسكم ولم ردّكم أوامره وأحكامه .

(وَكَذلِكَ) الإرسال (أَنْزَلْناهُ) الكلام المصطع الكامل (حُكْماً عَرَبِيًّا) سرده وكلمه عموما وهو حال (وَ) اللّه (لَئِنِ اتَّبَعْتَ) محمّد ( ص ) (أَهْواءَهُمْ) أهواء الأعداء وآراءهم وأحكامهم إحماما (بَعْدَ ما جاءَكَ) وصلك (مِنَ الْعِلْمِ) علم وحود اللّه وكمال ألوّه مع الأعلام اللّوامع والدوالّ السّواطع ، أو علم المحوّل لأحكام طروسهم (ما لَكَ) ح (مِنَ اللَّهِ) حرده وحكمه (مِنَ) مؤكّد أحد (وَلِيٍّ) ممدّ ومساعد (وَلا واقٍ) ( 37 ) واع حارس رادّ للسّوء وهو حاسم لأطماعهم .

ولمّا وصم الأعداء رسول اللّه صلعم وكلّموا هو مولع الأهوال والولاد وسألوا إلحاحا ورود الأعلام والدّوالّ وسألوا سرّ محو الحكم وعدم دوامه ورد .

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا) كراما (مِنْ قَبْلِكَ) ارسالك أكرم الرّسل (وَجَعَلْنا لَهُمْ) أعطوا (أَزْواجاً) أعراسا (وَذُرِّيَّةً) أولادا كما هم لك وحالك كحالهم (وَما كانَ) ما صح وما وسع (لِرَسُولٍ) ما (أَنْ يَأْتِيَ) وروده (بِآيَةٍ) علم ودال كما سأله رهطه (إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ) أمره وحكمه (لِكُلِّ أَجَلٍ) عهد وعصر وأمد (كِتابٌ) ( 38 ) هو حكم مرسوم مأمور كما دعاه الحكم

----------

(وكذلك) الإنزال (أنزلناه) أي القرآن (حكما) حكمة أو يحكم بين الناس (عربيا ولئن اتبعت أهواءهم) فيما يدعونك من ملتهم (بعد ما جاءك من العلم) بنسخها (ما لك من الله من ولي) ناصر (ولا واق) دافع عقوبته من باب إياك أعني .

(ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية) فلا معنى لتعييرهم لك بكثرة النساء (وما كان لرسول أن يأتي بآية) مقترحة عليه (إلا بإذن الله)

ص: 177

والمصالح .

(يَمْحُوا اللَّهُ ما) حكما (يَشاءُ) محوه (وَيُثْبِتُ) حكما مرادا عدم محوه (وَعِنْدَهُ) صدد اللّه (أُمُّ الْكِتابِ) ( 39 ) أصله وهو لوح مرسوم حاو للكلّ الممحوّ وسواه .

(وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ) محمّد ( ص ) الحال (بَعْضَ) الأمر (الَّذِي نَعِدُهُمْ) وهو إرسال إصرهم وحدّهم (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) أمام حلول موعدهم (فَإِنَّما) ما (عَلَيْكَ) إلّا (الْبَلاغُ) الأداء والإعلام لا سواه (وَعَلَيْنَا) مالا (الْحِسابُ) ( 40 ) الإحصاء والعدل ولم كمدك وهمّك حدّ حكمه أمر الحسام ولسوم العماس مع العدّال .

(أَ) ما سار أهل الحرم (وَلَمْ يَرَوْا) علما وإدراكا (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) أعمد ممالك الأعداء (نَنْقُصُها) أملّكها أهل الإسلام (مِنْ أَطْرافِها) أو وكسها هلاك أهلها أو هلاك العلماء (وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ) لا رادّ أحد ، وهو حال (لِحُكْمِهِ) ومراده والحاصل حكمه صادر وارد لا محال (وَهُوَ) اللّه (سَرِيعُ

----------

ومشيئته (لكل أجل) وقت (كتاب) حكم مكتوب على الخلق ما يوجبه تدبيرهم .

(يمحو الله ما يشاء) مما كان ثابتا من رزق وأجل وسعادة وشقاوة (ويثبت) ما يشاء منها مما لم يكن (وعنده أم الكتاب) أصله وهو اللوح المحفوظ الذي لا يتغير ما فيه .

(وإن ما) إن الشرطية أدغمت في ما الزائدة (نرينك بعض الذي نعدهم) من العذاب في حياتك (أو نتوفينك) قبل ذلك (فإنما عليك البلاغ) فحسب (وعلينا الحساب) والجزاء .

(أولم يروا أنا نأتي الأرض) نقصد أرض الشرك أو الأعم (فننقصها من

ص: 178

الْحِسابِ) ( 41 ) العدّ مالا وراء إهلاكهم وإصرهم حالا لما أحاط علمه كلّ أمر .

(وَقَدْ مَكَرَ) الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) مع الرّسل كما هم ماكروك والمكر رود المكروه سرّا وأصار اللّه مكرهم كلا مكر حال لمح مكره ، وكلّم (فَلِلَّهِ) لا سواه (الْمَكْرُ) مكرهم (جَمِيعاً) طرّا والمراد هو مؤدّ لهم عدل مكرهم ، أو ما مكرهم كمكره لما هو (يَعْلَمُ ما) كلّ عمل (تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ) دواما (وَسَيَعْلَمُ) الملأ (الْكُفَّارُ) ردّاد الإسلام ورووا موحّدا ومصدرا والمراد ح أهله (لِمَنْ) للسؤال (عُقْبَى) مال (الدَّارِ) ( 42 ) دارالسّلام أو دار الأعمال المحمود الممدوح ألهم أم للرّسول ورهطه .

(وَيَقُولُ) لك رؤساء الهود أو أهل الحرم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا أمر اللّه (لَسْتَ مُرْسَلًا) للّه (قُلْ) لهم رسول اللّه (كَفى بِاللَّهِ) اللّه (شَهِيداً) عالما مطّلعا مسدّدا (بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) مصردحا للسّداد (وَمَنْ) حصل ورووه مكسور الأوّل (عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) ( 43 ) اللّوح وهو اللّه أو المراد الملك المسل للرّسل أو علم كلام اللّه أو علم طرس الهود وهو ح ولد سلام ورهطه .

----------

أطرافها) بالفتوح على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو بموت العلماء كما روي أو بإذهاب أهلها (والله يحكم) في خلقه (لا معقب لحكمه) لا راد له (وهو سريع الحساب) للعباد .

(وقد مكر الذين من قبلهم) برسلهم (فلله المكر جميعا) أي يملك جزاء المكر (يعلم ما تكسب كل نفس) من خير وشر (وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار) لهم أم للرسول والمؤمنين .

(ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل) لهم (كفى بالله شهيدا بيني وبينكم) بإظهار المعجزات الشاهدة بصدقي (ومن عنده علم الكتاب) أو الإحاطة بالقرآن وهو علي (عليه السلام) والأئمة كما استفاض، وعن الصادق (عليه السلام): إيانا عنى.

ص: 179

ص: 180

سورة إبراهيم

ص: 181

ص: 182

( سورة إبراهيم ) موردها أمّ الرحم ومحصول أصول مدلولها :

إعلام سداد كلام اللّه وأدلّاء الألوك وإرسال كلّ رسول لمسحل رهطه ، وما عامل الأمم الأوّل مع الرّسل ، ووكول الرّسل أمورهم للّه حال ما هدّدوهم ، ولوم أهل العدول إصرا وحدّا وحئول أعمالهم هدرا معادا وعودهم الحدّ وسلام أهل دارالسّلام ، ووطود أهل الإسلام مع السّداد حال سؤالهم املاك المرمس ، والأمر لهم لأداء ما صلّوا والطّوع وإعلاء كرمه لهم لإعطاء آلاء لا أمد لها ، ودعاء رسول عامر للحرم لسلام الحرم وأمّ رحم ، وما هدّد اللّه لأهل الحدل والعداء وعود مكر أهل المكر لهم وحئول أحوال السّماء والرّمكاء معادا وحصول أهل العدول مطاء المارد المطرود إصرا وحدّا ، وورود كلام اللّه ادّكار لأهل الأرواع والأحلام .

ص: 183

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(الر) سرّ اللّه مع رسوله ، أو اللّه أعلم ما أراد (كِتابٌ) محمول طرح محكوم علاه (أَنْزَلْناهُ) أرسل الطّرس المسطور (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (لِتُخْرِجَ النَّاسَ) كلّهم (مِنَ الظُّلُماتِ) صروع الطّلاح وملل السّوء (إِلَى النُّورِ) الإسلام (بِإِذْنِ) اللّه (رَبِّهِمْ) مولاهم وأمره وحكمه وروده والمراد (إِلى صِراطِ) اللّه (الْعَزِيزِ) المكوّح (الْحَمِيدِ) ( 1 ) المحمود .

هو (اللَّهِ) وهو كلام رأسا ورووه مكسورا (الَّذِي لَهُ) ملكا وأسرا كلّ ما حلّ (فِي السَّماواتِ) طرّا (وَ) كلّ (ما) ركد (فِي الْأَرْضِ) كلّها (وَوَيْلٌ) هلاك كلام حسر وكمد وهو عكس الواو وهو السّلام وهو مصدر (لِلْكافِرِينَ) أعداء الإسلام (مِنْ) وصول (عَذابٍ شَدِيدٍ) ( 2 ) عسر وعر صعد .

----------

(14 سورة إبراهيم اثنتان وخمسون آية مكية)

(إلا ألم تر إلى الذين بدلوا الآيتين.)

بسم الله الرحمن الرحيم

(الر كتاب) هذا القرآن أو السورة كتاب (أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) من الضلال إلى الهدى (بإذن ربهم) بأمره (إلى صراط) طريق (العزيز الحميد الله الذي له ما في السموات وما في الأرض) خلقا وملكا (وويل للكافرين من عذاب شديد الذين يستحبون الحيوة الدنيا) يؤثرونها

ص: 184

وهم (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ) هو الودّ الكامل (الْحَياةَ الدُّنْيا) العمر الملهد المحسول (عَلَى الْآخِرَةِ) عمرها المكرّم (وَيَصُدُّونَ) الدّهم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) صراط أمره وودّه وهو الإسلام (وَيَبْغُونَها) لها طرح اللّام وأوصل وهو الرّود والرّوم (عِوَجاً) أودا وعولا ، أو الموصول محكوم علاه محموله (أُولئِكَ) الطّلاح عمّه (فِي ضَلالٍ) رواح ومرور (بَعِيدٍ) ( 3 ) طروح عمّا هو المرام والسّداد .

(وَما أَرْسَلْنا) أصلا (مِنْ) مؤكّد (رَسُولٍ إِلَّا) محاورا (بِلِسانِ قَوْمِهِ) كلامهم ومحاورهم ، وورد الهاء لمحمّد رسول اللّه صلعم والمراد ما أرسل اللّه طرسا إلّا مساعدا لكلام رهطه صلعم والملك المرسل ، أو الرّسل أدّوا مدلوله مع كلام واءم لكلام أرهاطهم وردّه (لِيُبَيِّنَ) الرّسول (لَهُمْ) ما هو مرسل معه وله كره كلامهم أدلّاء ومراء ما لا ما ورد رسول سارّ ولا مروّع (فَيُضِلُّ اللَّهُ) عمّا هو سواء الصراط (مِنْ) كلّ أحد (يَشاءُ) العمو عملا لما هو معدّ له أو اللّه عموه (وَيَهْدِي) اللّه (مِنْ) كلّ أحد (يَشاءُ) السّداد عملا لما هو معدّ له أو اللّه هداه (وَهُوَ) اللّه (الْعَزِيزُ) لا رادّ لامره ولا صادّ لحكمه (الْحَكِيمُ) ( 4 ) الرّاصد للحكم والأسرار معامل مع كلّ ما هو أهله .

----------

(على الآخرة ويصدون) الناس (عن سبيل الله) دينه (ويبغونها عوجا) يطلبون لها زيغا فحذفت اللام وأوصل الفعل (أولئك في ضلال بعيد) عن الحق .

(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) بلغتهم (ليبين لهم) ما أتى به فيفهموه ويفهموه غيرهم (فيضل الله) يخذل (من يشاء) ممن أعرض عنه (ويهدي) بلطفه (من يشاء) ممن تدبر وتعقل (وهو العزيز الحكيم) الغالب

ص: 185

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) أوّلا (مُوسى بِآياتِنا) الأعلام اللّوامع والدّوالّ السّواطع وأمر (أَنْ أَخْرِجْ) سلّ وسلّم (قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ) ملل الطّلاح (إِلَى النُّورِ) الإسلام (وَذَكِّرْهُمْ) وروّعهم وأعلمهم (بِأَيَّامِ اللَّهِ) آلاء اللّه علاهم ، أو معامعه وحدوده وآصاره للأمم الهوالك كعاد ورهط لوط ورهط صالح (إِنَّ فِي ذلِكَ) الرّوع والإعلام (لَآياتٍ) أعلاما ودوالّ (لِكُلِّ) أحد (صَبَّارٍ) حمّال للمكاره (شَكُورٍ) ( 5 ) لآلاء اللّه .

(وَ) ادّكر (إِذْ قالَ) امر (مُوسى) رسول الهود (لِقَوْمِهِ) الهود (اذْكُرُوا) ادّكروا وراعوا (نِعْمَةَ اللَّهِ) آلاءه (عَلَيْكُمْ) أعطاكم كرما (إِذْ) لمّا (أَنْجاكُمْ) حرسكم وسلّمكم (مِنْ) سوء (آلِ) طوع (فِرْعَوْنَ) وعسكره والحال هم (يَسُومُونَكُمْ) سامه رامه (سُوءَ الْعَذابِ) الحدّ السّوء (وَ) أورد الواو لما أراد عمّا هو أمامه وهو سوء الحدّ ما سواء السّدح والإسار المسطور كلّ واحد وراء الواو ومحلّا طرح الواو عمّا هو كلام عدله أصار السّدح والإسار صدعا لسوء الحدّ (يُذَبِّحُونَ) هو السّدح (أَبْناءَكُمْ) الحساكل ح (وَيَسْتَحْيُونَ) هو الآسار عامرا (نِساءَكُمْ) للعدس (وَفِي ذلِكُمْ) حرسكم

----------

المدبر بحكمته .

(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا) المعجزات التسع (أن) أي بأن أو أي (أخرج قومك من الظلمات) الكفر (إلى النور) والإيمان (وذكرهم بأيام الله) بنعمه وبلائه في الأيام العظام (إن في ذلك) التذكير (لآيات لكل صبار) على بلائه (شكور) لنعمائه .

(وإذ) اذكر إذ (قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب) بالاستعباد وغيره (ويذبحون أبناءكم

ص: 186

أو سومكم (بَلاءٌ) الّا وعسر (مِنْ رَبِّكُمْ) مولاكم وهو اللّه (عَظِيمٌ) ( 6 ) كامل أو صعد .

(وَ) ادّكروا أو هو ممّا كلّمه رسول الهود لرهطه (إِذْ) لمّا (تَأَذَّنَ) أعلم اللّه (رَبُّكُمْ) مولاكم ومصلحكم (لَئِنْ) اللّام موطّأ للعهد لما مرّ (شَكَرْتُمْ) الآلاء كحرسكم عمّا مرّ وما سواه وما حصل إسلامكم وطوعكم وصلاحكم (لَأَزِيدَنَّكُمْ) آلاء مع آلاء حوار للعهد (وَ) اللّه (لَئِنْ) واللّام موطّأ للعهد كما مرّ (كَفَرْتُمْ) الآلاء وما حصل طوعكم وإسلامكم وصلاحكم (إِنَّ عَذابِي) لكم (لَشَدِيدٌ) ( 7 ) عسر وعر وهو حرم الآلاء حالا وولاء الآلام مالا ، وهو حوار للعهد .

(وَقالَ مُوسى) لرهطه (إِنْ تَكْفُرُوا) آلاء اللّه (أَنْتُمْ) مؤكّد (وَمَنْ) أولاد آدم وأعدالهم اللّاءوا حلّوا (فِي الْأَرْضِ) الرّمكاء (جَمِيعاً) طرّا (فَإِنَّ اللَّهَ) مالك الملك والأمر وأسر العالم (لَغَنِيٌّ) كامل سواء له صلاحكم وطلاحكم وحمدكم له وعدمه (حَمِيدٌ) ( 8 ) محمود أهل للحمد ولو طرح حمده الحمّاد مما هو مأسور له ومدار درك الطّلاح ومآله ادراركم لما حرّموا الصلاح حالا والآلاء مالا وصاروا أهلا للآلام .

----------

ويستحيون نساءكم) يستبقونهن للخدمة (وفي ذلكم) الإنجاء أو العذاب (بلاء) نعمة أو ابتلاء (من ربكم عظيم).

(وإذ تأذن) أي أعلم (ربكم لئن شكرتم) نعمي بالإيمان والطاعة (لأزيدنكم) نعما (ولئن كفرتم) جحدتم النعم بالكفر والمعاصي (إن عذابي لشديد) صرح بالوعد وعرض بالوعيد كما هي عادته تعالى .

(وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا) لن تضروا إلا أنفسكم

ص: 187

(أَ لَمْ يَأْتِكُمْ) أما وصلكم أوسط الأمم وح هو رأس كلام ، أو هو كلام رسول الهود لهم (نَبَؤُا) الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ) أطول الرّسل عمرا (وَعادٍ) رهط هود (وَثَمُودَ) رهط صالح (وَ) الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ بَعْدِهِمْ) هؤلاء الأمم الأوّل (لا يَعْلَمُهُمْ) لعدّ عددهم (إِلَّا اللَّهُ) العلّام (جاءَتْهُمْ) الأمم الأول وأمما وراءهم (رُسُلُهُمْ) رسل اللّه اللّاءوا أرسلهم لهم (بِالْبَيِّناتِ) الأعلام اللّوامع والدّوال السّواطع (فَرَدُّوا) اصاروا وأوردوا (أَيْدِيَهُمْ) هكرا (فِي أَفْواهِهِمْ) أو ارموها حرودا (وَقالُوا) للرّسل (إِنَّا كَفَرْنا بِما) كلّ حكم (أُرْسِلْتُمْ بِهِ) وهما وادّعاء (وَإِنَّا) معا (لَفِي شَكٍّ) عمه ووهم (مِمَّا) كلّ حكم (تَدْعُونَنا إِلَيْهِ) لسماعه وأمهه (مُرِيبٍ) ( 9 ) موهم محصّل للإعوار .

(قالَتْ) لهم (رُسُلُهُمْ) إعلاما (أَ فِي اللَّهِ) السّاطع دوالّه اللّامع إعلامه (شَكٌّ) ووهم (فاطِرِ السَّماواتِ) وأهلها وأدوارها (وَ) أسر (الْأَرْضِ) وأهلها وأحوالها إلّاه ووحوده معلوم أوّل الإدراك ولو سها أهل السّهو

----------

(فإن الله لغني) عن شكركم (حميد) محمود في الملأ الأعلى .

(ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم) لا يعلم عددهم لكثرتهم (إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات) بالدلائل على صدقهم (فردوا أيديهم في أفواههم) عضوها على الرسل غيظا أو وضعوها عليها أمرا للرسل بالسكوت أو استهزاء بهم كمن غلبه الضحك أو وضعوا أيدي الرسل على أفواههم أو أريد بالأيدي النعم وهي ما نطقت به الرسل من الحجج أو ردوا حججهم من حيث جاءت بأن كتبوها (وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به) بزعمكم (وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه) من الدين (مريب) موجب للريب .

ص: 188

(يَدْعُوكُمْ) اللّه لطوعه وطوع الرّسل (لِيَغْفِرَ) اللّه (لَكُمْ مِنْ) مؤكّد (ذُنُوبِكُمْ) آصاركم ومعارّكم أو أورد الكاسر لإدلاع معارّ العالم وآصارهم (وَيُؤَخِّرَكُمْ) إمهالا وإهمالا لكم (إِلى) مرور (أَجَلٍ) عهد (مُسَمًّى) محدود ووصل أمده وهو السّام (قالُوا) الأمم للرسل (إِنْ) ما (أَنْتُمْ) رهط الرّسل ادّعاء (إِلَّا بَشَرٌ) أولاد أدم (مِثْلُنا) أكلا وعلسا لا أملاك لا وطر الأكل والعلس لهم (تُرِيدُونَ) وهما لا أمرا (أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا) مآله (كانَ يَعْبُدُ) ها (آباؤُنا) الرّؤساء العلماء الحكماء أرادوا دماهم (فَأْتُونا بِسُلْطانٍ) دالّ (مُبِينٍ) ( 10 ) ساطع مسؤول معهود لو صحّ دعواكم ، وسؤالهم للمراء وإلّا أورد الرّسل أعلاما سواطع وادلّاء حواسم .

(قالَتْ) حوارا (لَهُمْ) للأمم (رُسُلُهُمْ إِنْ) ما (نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ) أولاد آدم (مِثْلُكُمْ) أكلا وعلسا ، والحاصل كلامكم الأوّل مسلّم (وَلكِنَّ اللَّهَ) كامل الطّول (يَمُنُّ) كرما ورحما (عَلى) كلّ (مَنْ يَشاءُ) إرساله وإكماله (مِنْ عِبادِهِ) لا كما هو وهمكم لا كمال ولا ألوك لأحد أولاد آدم (وَما كانَ) ما صحّ (لَنا) رهط الرّسل (أَنْ نَأْتِيَكُمْ) أرهاط الأمم (بِسُلْطانٍ) دالّ وعلم (إِلَّا

----------

(قالت رسلهم أفي الله شك) رفع بالظرف والهمزة للإنكار (فاطر السموات والأرض) خالقها (يدعوكم) إلى توحيده (ليغفر لكم من ذنوبكم) بعضها وهو حقه لسقوطه بالإسلام لا المظالم (ويؤخركم) بلا مؤاخذة (إلى أجل مسمى) وقت الموت (قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا) لا تفضلونا بما يوجب إيثاركم علينا (تريدون أن تصدونا عما كان يعبد ءاباؤنا) من الأصنام (فأتونا بسلطان مبين) حجة واضحة لم يعتدوا بما جاءوا به من المعجزات واقترحوا غيرها .

(قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم) كما قلتم (ولكن الله يمن على من

ص: 189

بِإِذْنِ اللَّهِ) أمره وحكمه (وَعَلَى اللَّهِ) لا سواه (فَلْيَتَوَكَّلِ) هو وكول الأمور كلّها له مع العول (الْمُؤْمِنُونَ) ( 11 ) له .

(وَما) صحّ ، أو ما للسؤال والمراد ما حصل (لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ) عدم الوكول والعول (عَلَى اللَّهِ) الواحد الأحد (وَ) الحال (قَدْ هَدانا) أعلم اللّه وعلّم (سُبُلَنا) علّم كلّ واحد صراطه للوكول والعول والسّداد والصلاح (وَ) اللّه (لَنَصْبِرَنَّ) هو حصر الدّرّ وعدم اللّوم حال مسّ المكاره والعواسر صدد أحد سواء اللّه وهو معاك أهل السّلوك ومعاك الكمّل (عَلى ما آذَيْتُمُونا) سوءكم وعسركم (وَعَلَى اللَّهِ) لا ما سواه (فَلْيَتَوَكَّلِ) الملأ (الْمُتَوَكِّلُونَ) ( 12 ) وأولو همم عوال والمراد الرّسو .

(وَقالَ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا رسلهم (لِرُسُلِهِمْ) صراحا واللّه إمّا (لَنُخْرِجَنَّكُمْ) رهط الرّسل ادّعاء (مِنْ أَرْضِنا) الأمصار وسوادها (أَوْ لَتَعُودُنَّ) المراد الورود لما لا عود للرّسل لو واءموهم ، أو المراد أصل العود والكلام ح مع الرّسل وأرهاطهم ، وكوّح الأرهاط علاهم (فِي مِلَّتِنا) والمراد أحدهما حاصل لا محال إمّا إدلاعكم واطرادكم ، أو عودكم (فَأَوْحى

----------

يشاء من عباده) بالنبوة (وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله) بأمره وليس ما اقترحتم في وسعنا وإنما هو متعلق بمشيئته تعالى (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) في أمورهم .

(وما لنا ألا نتوكل على الله) لا عذر لنا في ذلك (و) الحال أنه (قد هدانا سبلنا) الموصلة أي معرفته (ولنصبرن على ما ءاذيتمونا) فإنه تعالى يكفيناكم (وعلى الله فليتوكل المتوكلون) فإنه يكفيهم .

(وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا)

ص: 190

إِلَيْهِمْ) الرّسل (رَبُّهُمْ) مولاهم وإلههم وأعلمهم (لَنُهْلِكَنَّ) لأهلك واصطلم لا محال ولا إعوار (الظَّالِمِينَ) ( 13 ) أعداءكم .

(وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ) أمصارهم وأساودها (مِنْ بَعْدِهِمْ) هلاكهم واصطلامهم (ذلِكَ) الإمداد وإملاك الأمصار مع أساودها (لِمَنْ خافَ) هال (مَقامِي) وروده صدد اللّه صراحا (وَخافَ) هال (وَعِيدِ) ( 14 ) ما أوعد اللّه إصرا أو إصر اللّه الموعود لأهل العدول ، وهو مطروح الأمد ، ورووه كما هو الأصل .

(وَاسْتَفْتَحُوا) سأل الرّسل إمداد اللّه وأرداءه ، أو أهل العدول ، أو كلاهما لم سأل كلّ ردء اللّه وإمداده لأهل السّداد وإهلاكه لأهل الدعر والطلاح (وَخابَ) والمراد أمدّ ح لهم ، أو لأهل السّداد اللّاءوا هم الرّسل ووكس وحرم عما (كُلُّ جَبَّارٍ) عال مارد (عَنِيدٍ) ( 15 ) عدوّ للسّداد وهم أرهاطهم اللّاءوا ردّوهم .

(مِنْ وَرائِهِ) أمامه (جَهَنَّمُ) مورده ومأواه (وَيُسْقى) حال الإواء (مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ) ( 16 ) هو ماء الكلم المصحامّ والمراد ماء مسوك أهل

----------

حلفوا أن يخرجوهم إلا أن يصيروا كفرة مثلهم (فأوحى إليهم) إلى الرسل (ربهم لنهلكن الظالمين) الكافرين .

(ولنسكننكم الأرض) أرضهم (من بعدهم) في الخبر من آذى جاره أورثه الله داره (ذلك) الموعود به (لمن خاف مقامي) في الحساب أو قيامي عليه رقيبا (وخاف وعيد) أي عقابي وقرىء بالياء وصلا .

(واستفتحوا) طلب الرسل من الله الفتح على الكفار والحكم بينهم أو سأله الكفار نصر المحق على المبطل (وخاب كل جبار عنيد) أي فأفلح الرسل

ص: 191

السّاعور وأحراح العواهر وأسرار العهار .

(يَتَجَرَّعُهُ) هو الحسو لمّا هو مرّ مكروه الطّعم والرّوح (وَ) لما مرّ (لا يَكادُ) العدوّ المارد (يُسِيغُهُ) هو الحدر واللّهم والسرط (وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ) وصله وعلله كالآلام (مِنْ كُلِّ مَكانٍ) كلّ طرره أو كلّ كسر عطله أو المراد لو صحّ الهلاك ح لأهلكه كلّ ألم ممّا وصله (وَما هُوَ) المارد المسطور (بِمَيِّتٍ) هالك ولو هلك لأراح (وَمِنْ وَرائِهِ) أمامه (عَذابٌ) ألم (غَلِيظٌ) ( 17 ) أعسر رمما أمامه وهو وصول الألم دواما أو حالا ومالا ممّا هو مدروس علاكم .

(مَثَلُ) حال الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) وساءوا (بِرَبِّهِمْ) مولاهم وهو اللّه (أَعْمالُهُمْ) الصّوالح كوصل رحم وسماح مال ، وهو كلام رأسا إحماما لسؤال أحد سأل ما حالهم وحوور أعمالهم (كَرَمادٍ) رمدد أو أعمالهم كرماد محمول للأوّل ، أو محموله كرماد وأعمالهم مصرح للمحكوم (اشْتَدَّتْ بِهِ) الرّماد وأطاحه وصعصعه (الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) كامل مرّ أرواحه (لا يَقْدِرُونَ) أعداء الإسلام (مِمَّا) كلّ أعمال (كَسَبُوا) عملوا أوّلا (عَلى

----------

وخسر الجبارون (من ورائه جهنم) أي أمامه وهو من الأضداد يصلاها (ويسقى من ماء صديد) ماء يسيل من فروج الزناة في النار من القيح والدم (يتجرعه) يشربه جرعة جرعة (ولا يكاد يسيغه) لا يقارب أن يزدرده لشؤمه (ويأتيه الموت) أي أسبأبه (من كل مكان) من جسده أو من كل جهة (وما هو بميت) فيستريح (ومن ورائه) أمامه (عذاب غليظ) هو الخلود في النار أو من بعدها عذاب أشد منه .

(مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح) ذرته (في يوم

ص: 192

شَيْءٍ ) ما والمراد لا عدل لهم مالا (ذلِكَ) سلوك صراط لا حاصل له إلّا الهلاك مع وهم سداده (هُوَ) لا سواه هو عماد أورد للحصر (الضَّلالُ) الأكمل (الْبَعِيدُ) ( 18 ) الطروح عمّا هو السّداد .

(أَ لَمْ تَرَ) أما حصل لك العلم كلام مع كلّ أحد أو مع الرسول صلعم والمراد رهطه (أَنَّ اللَّهَ) المسطاع الكامل (خَلَقَ السَّماواتِ) كلّها (وَ) أسر (الْأَرْضَ) معا (بِالْحَقِّ) السّرّ والأمر (إِنْ يَشَأْ) لحكم ومصالح محوكم وطمسكم وإعدامكم (يُذْهِبْكُمْ) كلّكم أهل العالم (وَيَأْتِ بِخَلْقٍ) عالم (جَدِيدٍ) ( 19 ) أوسكم ومحلّكم .

(وَما ذلِكَ) محوكم وأسر عالم سواكم أوسكم (عَلَى اللَّهِ) الكامل الألوّ (بِعَزِيزٍ) ( 20 ) عسر أو محال لما له طول أسر المعدوم واعدام المحصول ، ولعدله لسم الإسلام روعا وطمعا .

(وَبَرَزُوا) لاحوا واصحروا وسطعوا معادا (لِلَّهِ) الواحد الأحد (جَمِيعاً) معا (فَقالَ الضُّعَفاءُ) آراء وهم الرّعاع والعوام (لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) علوا وعصوا وهم رؤساؤهم (إِنَّا) رهط العوامّ (كُنَّا) أوّلا (لَكُمْ تَبَعاً) طوّعا (فَهَلْ أَنْتُمْ) رهط الرّؤساء (مُغْنُونَ) ردّاد (عَنَّا) رهط الطّوّع

----------

عاصف) شديد الريح (لا يقدرون مما كسبوا) عملوا في الدنيا (على شيء) أي لا ينتفعون به يوم القيامة (ذلك) أي عملهم (هو الضلال البعيد) عن الحق أو عن النفع .

(ألم تر) أيها السامع (أن الله خلق السموات والأرض بالحق) والحكمة (إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز) صعب .

(وبرزوا لله) عبر بالماضي لتحققه أي يبرزون من قبورهم يوم القيامة لحكمه

ص: 193

(مِنْ عَذابِ اللَّهِ) إصره وحدّه (مِنْ) مؤكّد (شَيْءٍ) ولو ماصلا (قالُوا) الرّؤساء للرّعاع والعوامّ (لَوْ هَدانَا اللَّهُ) أوّلا (لَهَدَيْناكُمْ) ح أرادوا دعاءهم للسّداد والحال (سَواءٌ عَلَيْنا) وعلاكم وح هو كلام الرّؤساء أو هو كلامهما معا (أَ جَزِعْنا) معا وهو اللّوم وإعلام المكروه (أَمْ صَبَرْنا) وهو عدم اللوم وحمل المكروه (ما لَنا) طرّا (مِنْ) مؤكّد (مَحِيصٍ) ( 21 ) معرّد ومحلّ سلام لدوام الآلام .

(وَقالَ الشَّيْطانُ) الوسواس (لَمَّا قُضِيَ) كمل (الْأَمْرُ) أمر المعاد وأورد أهل السّاعور السّاعور وادّاركوا صدده ولاموه وأحلّ دارالسّلام أهلها (إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ) أوّلا المعاد والعدل (وَعْدَ الْحَقِّ) السّداد وأوصلكم ما وعد (وَوَعَدْتُكُمْ) عدم المعاد والعدّ والعدل (فَأَخْلَفْتُكُمْ) أراد سطوع ولع كلامه (وَما كانَ) أصلا (لِي عَلَيْكُمْ) معا (مِنْ) مؤكّد (سُلْطانٍ) كوح وحول وألوّ وأكرهكم (إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ) للأود والطلاح (فَاسْتَجَبْتُمْ) هو السّمع والطّوع (لِي) مع حولكم وألوّكم (فَلا تَلُومُونِي) رهط السّوء (وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ) لطوعكم ما دعاكم للسّوء وعدم طوعكم أسركم لمّا دعاكم للصلاح

----------

(جميعا) مجتمعين (فقال الضعفاء) الأتباع (للذين استكبروا) عن الإيمان وهم قادتهم المتبوعون انا كنا لكم تبعا فهل أنتم (إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء قالوا لو هدانا الله) إلى طريق الخلاص من العقاب (لهديناكم سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص) مفر ومنجى .

(وقال الشيطان لما قضي الأمر) فرغ منه ودخل السعداء الجنة والأشقياء النار (إن الله وعدكم وعد الحق) بالبعث والجزاء فوفى لكم (ووعدتكم) خلاف ذلك (فأخلفتكم) الوعد (وما كان لي عليكم من سلطان) تسلط وقهر

ص: 194

والسّداد (ما أَنَا) الحال (بِمُصْرِخِكُمْ) ممدّكم ومسلّمكم (وَما أَنْتُمْ) أصلا (بِمُصْرِخِيَّ) إمدادا وإسعادا (إِنِّي) الحال (كَفَرْتُ) هو الرّدّ (بِما) ما للمصدر (أَشْرَكْتُمُونِ) أراد عدلهم له مع اللّه (مِنْ قَبْلُ) دار الأعمال وطوعهم له ولأمره حال ما أمرهم لطوع دماهم ، أو هو معمول للعامل الأوّل ، وما موصول مدلوله اللّه ، وما عاد مطروح أراد ردّه للّه وأمره أمام طوعهم له وهو ردّه أمر اللّه حال ما امره لطوع آدم ، وكلّم اللّه إعلاما لحكمهم ومالهم (إِنَّ) الملأ (الظَّالِمِينَ) إدرارهم وهم أعداء الإسلام أعدّ (لَهُمْ عَذابٌ) صعد (أَلِيمٌ) ( 22 ) مؤلم أو هو كلام الوسواس معادا حكاه اللّه رحما لأهل السّماع .

ولإعلام أحوال أهل الإسلام أرسل اللّه (وَأُدْخِلَ) أحلّ الأمم (الَّذِينَ آمَنُوا) للّه ورسله (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) ومحّصوها له (جَنَّاتٍ) محالّ دوح مع الأحمال وروح وسرور (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدّرّ والعسل والمدام (خالِدِينَ) حلّالا (فِيها) هؤلاء المحالّ سرمدا (بِإِذْنِ) أمر وحكم (رَبِّهِمْ) إلههم ومولاهم (تَحِيَّتُهُمْ) دعاء اللّه والأملاك لهم ، أو دعاء آحادهم لآحادهم (فِيها) هؤلاء

----------

فأجبركم (إلا أن دعوتكم) لكن دعائي إياكم إليه بالوسوسة (فاستجبتم لي) باختياركم (فلا تلوموني) بدعائي لكم (ولوموا أنفسكم) حيث أجبتم ويدل على الاختيار وفيه رد على الجبرية والأشاعرة (ما أنا بمصرخكم) بمغيثكم (وما أنتم بمصرخي) بمغيثي بفتح الياء وكسرها (إني كفرت بما أشركتمون من قبل) بإشراككم إياي مع الله في الدنيا (إن الظالمين لهم عذاب أليم) من قوله أو ابتداء وعيد من الله تعالى .

(وأدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار

ص: 195

المحالّ (سَلامٌ) ( 23 ) وهو مصدر .

(أَ لَمْ تَرَ) أما حصلك الإحساس محمّد ( ص ) (كَيْفَ ضَرَبَ) أعلم وصرّح (اللَّهُ) العلّام (مَثَلًا) حالا هكرا صرّح (كَلِمَةً طَيِّبَةً) المراد لا إله الّا اللّه ، وهو معمول لمطروح والمراد اصارها (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) وهما مع العامل صدع لإعلام الحال الهكر ، أو أوّلهما صدع للحال الهكر وحماداهما مدح له ومحمول لمطروح (أَصْلُها ثابِتٌ) راس (وَفَرْعُها) أعلاها طامح (فِي السَّماءِ) ( 24 ) العلوّ .

(تُؤْتِي أُكُلَها) حملها (كُلَّ حِينٍ) دواما أو كلّ عصر سمّه اللّه لأكلها وحملها (بِإِذْنِ) حكم (رَبِّها) مولاها ومصلحها (وَيَضْرِبُ اللَّهُ) أحكم الحكماء (الْأَمْثالَ) الأحوال الأهكار (لِلنَّاسِ) أولاد آدم (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) ( 25 ) طمعا لحصول ادّكارهم وإسلامهم لسطوع المراد معها ، وآصارها له كالأمر المحسوس .

----------

خالدين فيها بإذن ربهم) بأمره (تحيتهم فيها) من الملائكة أو فيما بينهم (سلام ألم تر كيف ضرب الله مثلا) كيف بينه جعل (كلمة طيبة) كلمة التوحيد أو ما دعا إلى الحق (كشجرة طيبة) النخلة أو شجرة في الجنة أو شجرة بهذا الوصف وإن لم نشاهدها، وعن الباقر (عليه السلام) إنها النبي وفرعها علي وغصنها فاطمة وثمرها أولادها وورقها شيعتنا (أصلها ثابت) في الأرض (وفرعها) رأسها (في السماء تؤتي أكلها كل حين) يعطي ثمرها كل ستة أشهر أو كل سنة أو كل وقت (بإذن ربها) بأمره (ويضرب الله الأمثال) يبينها (للناس لعلهم يتذكرون) يتعظون بتدبرها .

(ومثل كلمة خبيثة) هي كلمة الكفر أو ما دعا إلى الباطل (كشجرة خبيثة)

ص: 196

(وَمَثَلُ) حال (كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ) وهو العدول وردّ الإسلام (كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) لا صلاح لها كالحمل والعكس وما سواهما (اجْتُثَّتْ) هو الاصطلام (مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ) سطحها (ما لَها مِنْ قَرارٍ ) ( 26 ) رسوّ وركود .

(يُثَبِّتُ اللَّهُ) أرحم الرّحماء الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (بِالْقَوْلِ) الكلام (الثَّابِتِ) الواطد وهو لا إله الّا اللّه محمّد رسول اللّه (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) دار الكدّ والأعمال أمام السّام (وَفِي الْآخِرَةِ) دار الآلاء والإكرام حال حوارهم لأملاك المرمس (وَيُضِلُّ اللَّهُ) عدلا الملأ (الظَّالِمِينَ) أعداء الإسلام لعمههم حال حوارهم للأملاك (وَيَفْعَلُ اللَّهُ) رصدا للأسرار والحكم (ما يَشاءُ) ( 27 ) عمله .

(أَ لَمْ تَرَ) أما حصلك الإحساس محمّد ( ص ) (إِلَى) الحمس (الَّذِينَ بَدَّلُوا) حوّلوا واصاروا (نِعْمَتَ اللَّهِ) حمدها (كُفْراً) ردّا وأوردوه محلّ الحمد وهو ردّهم رسول اللّه وأوامره (وَأَحَلُّوا) أوردوا (قَوْمَهُمْ) طوّعهم (دارَ الْبَوارِ) ( 28 ) دار الهلاك .

----------

الحنظل أو الكشوت أو ما لا ينتفع بها، وعن الباقر (عليه السلام): إنها بنو أمية (اجتثت) اقتلعت جثتها (من فوق الأرض ما لها من قرار) استقرار .

(يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت) أي بكلمة التوحيد المتمكنة في قلوبهم بالحجة (في الحيوة الدنيا وفي الآخرة) أي في القبر أو في الموقف (ويضل الله الظالمين) لا يثبتهم في الدارين بظلمهم وكفرهم (ويفعل الله ما يشاء) من تثبيت المؤمن وتخلية الكافر وكفره.

(ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله) أي شكرها (كفرا) فوضعوها موضعه أو بدلوا نفسها كفرا أي سلبوها فاعتاضوا عنها بالكفر، وفي الصافي نحن والله نعمة

ص: 197

(جَهَنَّمَ) إعلام لمراد الدّار وما وراءه حال ، أو معمول لمطروح صرّحه (يَصْلَوْنَها) هو الورود (وَبِئْسَ الْقَرارُ) ( 29 ) المركد دار الهلاك .

(وَجَعَلُوا) ووهم هؤلاء الحمس (لِلَّهِ) الواحد الأحد (أَنْداداً) أعدالا (لِيُضِلُّوا) الدّهم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِهِ) صراط أوامر اللّه وروادعه (قُلْ) محمّد ( ص ) لهم (تَمَتَّعُوا) اطلحوا وأعطوا هواكم (فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ) معادكم ومالكم (إِلَى) ورود (النَّارِ) ( 30 ) دار الآلام .

(قُلْ) مر محمّد ( ص ) (لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا صلّوا كما أمر اللّه وأعطوا كما حكم ، وح معمول الأمر مطروح أحلّ جواره محلّه وهو (يُقِيمُوا الصَّلاةَ) المأمور أداؤها ، أو هو أمر طرح لامه لما دلّ الأمر الأوّل ومعمول له (وَيُنْفِقُوا) لأهل العسر ولو ماصلا (مِمَّا) أموال (رَزَقْناهُمْ) إعطاء (سِرًّا) ما اطّلعه أحد (وَعَلانِيَةً) حسّا اطّلعه أهل العالم ، والأحوط الأصلح إعلاء الإعطاء المأمور وإسرار ما سواه ، وكلاهما حال أو مصدر (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ) أمام حلول عصر موعود (لا بَيْعٌ فِيهِ) العصر

----------

الله وبنا يفوز من فاز (وأحلوا قومهم) أتباعهم (دار البوار) الهلاك (جهنم يصلونها) يدخلونها (وبئس القرار) المقر هي .

(وجعلوا لله أندادا) أمثالا (ليضلوا) بفتح الياء وضمها (عن سبيله) عن دينه (قل تمتعوا) في دياركم أمر تهديد (فإن مصيركم إلى النار) ما لكم إلى الخلود فيها .

(قل لعبادي الذين ءامنوا) مقول قل محذوف دل عليه جوابه أي قل لهم أقيموا الصلاة وأنفقوا (يقيموا الصلوة وينفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية من قبل

ص: 198

الموعود (وَلا خِلالٌ) ( 31 ) وداد أصلا .

(اللَّهُ) هو وحده (الَّذِي خَلَقَ) أسر وصوّر واللّه محكوم والموصول محموله (السَّماواتِ) كلّها (وَالْأَرْضَ) معا (وَأَنْزَلَ) وأدرّ وأرسل (مِنَ السَّماءِ) السدّ والمعصر (ماءً) مطرا (فَأَخْرَجَ بِهِ) الماء (مِنَ الثَّمَراتِ) صروع الأحمال (رِزْقاً) مطعوما ومكسوّا ، وهو حال أو الأوّل حال وهو مطوها ، أو المراد مدلول المصدر لا المطعوم والمكسوّ وح هو معلّل أو مصدر لعامله مدلولا (لَكُمْ) أولاد آدم (وَسَخَّرَ) اللّه (لَكُمْ) لمصالحكم وأوطاركم (الْفُلْكَ) رواحل الماء (لِتَجْرِيَ فِي) حال مدّ (الْبَحْرِ) الملح أو هو عامّ ووكسه (بِأَمْرِهِ) حكمه وأراده (وَسَخَّرَ) أعدّ اللّه (لَكُمْ) لمصالحكم (الْأَنْهارَ) ( 32 ) مسل الماء .

(وَسَخَّرَ لَكُمُ) لمصالحكم (الشَّمْسَ) للحرّ وما سواه (وَالْقَمَرَ) للصرّ وما سواه (دائِبَيْنِ) كلّ واحد عامل كادح ، أو مدلوله الدّوام كما عاوداه (وَسَخَّرَ لَكُمُ) لمصالحكم (اللَّيْلَ) للرّكود (وَالنَّهارَ) ( 33 ) للحراك .

(وَآتاكُمْ) أعطاكم (مِنْ كُلِّ) ورووه كلّ والمراد كلّ امر (ما سَأَلْتُمُوهُ) ولعلّ المراد أعطاكم طلع مصالحكم وما هو حراء لسؤلكم حصل

----------

أن يأتي يوم لا بيع) لا افتداء (فيه) بمال (ولا خلال) أي صدقة نافعة .

(الله الذي خلق السموات والأرض وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا) طعاما ولباسا وهو مفعول أخرج (لكم سخر لكم الفلك) السفن (لتجري في البحر بأمره) بإرادته إلى مقاصدكم (وسخر لكم الأنهار) العذبة لانتفاعكم .

(وسخر لكم الشمس والقمر دائبين) جاريين لا يفتران لمصالحكم (وسخر لكم الليل) لسبأتكم (والنهار) لمعاشكم .

(وءاتاكم من كل ما

ص: 199

سؤالكم ، أو لا وما للموصول أو للمصدر (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ) آحادها أو صروعها (لا تُحْصُوها) والإحصاء عدّها عمما وإدراك أمدها (إِنَّ الْإِنْسانَ) الطالح (لَظَلُومٌ) للالاء لإهماله الحمد ، أو لدره لما حرمها عمّا وصلها الآلاء والإعطاء (كَفَّارٌ) ( 34 ) كامل الرّدّ لها .

(وَ) ادّكر (إِذْ قالَ) دعا اللّه (إِبْراهِيمُ) وكلّم (رَبِّ) اللّهمّ (اجْعَلْ) حوّل وأصر (هَذَا الْبَلَدَ) الحرام (آمِناً) سالما أهله وورّاده وسمع اللّه دعاءه وحرّم إهلاك وارده ولو سعواء وحدله وحرّم سطو مصطاده وإهلاكه وصرم الكلاء (وَاجْنُبْنِي) واحرس دواما (وَبَنِيَّ) أراد أولاده أصلا لا أولاد أولاده (أَنْ نَعْبُدَ) كالأعماء (الْأَصْنامَ) ( 35 ) الصّور .

(رَبِّ) اللّهمّ (إِنَّهُنَّ) هؤلاء الصّور (أَضْلَلْنَ كَثِيراً) صار طوعها محصّلا لعمودهم (مِنَ النَّاسِ) أولاد آدم (فَمَنْ) كلّ أحد (تَبِعَنِي) وصار مسلما ووحّدك دواما (فَإِنَّهُ) المطاوع لكمال ودّه وكسر (مِنِّي وَ) كلّ (مَنْ عَصانِي) وما أسلم (فَإِنَّكَ) أرحم الرّحماء حال هوده أو هو كلامه امام علمه سوء مال العدل مع اللّه أو اصارا سواه (غَفُورٌ) لآصاره ومعارّه

----------

سألتموه) شيئا (وإن تعدوا نعمة الله) أي أنعامه (لا تحصوها) لا تطيقوا عدها لعدم تناهيها (إن الإنسان لظلوم) كثير الظلم للنعمة بترك شكرها أو لنفسه بالمعاصي (كفار) شديد الكفران أو ظلوم في الشدة يجزع كفار في النعمة يمنع (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد) مكة (ءامنا) ذا أمن لمن فيه (واجنبني وبني) عن (أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرا من الناس) بعبادتهم لهن (فمن تبعني) على ديني (فإنه مني) أي بعضي لشدة اختصاصه

ص: 200

(رَحِيمٌ) ( 36 ) مول للالاء والمراهص .

(رَبَّنا) اللّهمّ (إِنِّي أَسْكَنْتُ) طوعا لأمرك (مِنْ ذُرِّيَّتِي) ولدا مع أمّه وأولاده (بِوادٍ) لامّ رحم (غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) صامل سواحله لا اكر صدده ولا سواه (عِنْدَ بَيْتِكَ) محلّ طوعك (الْمُحَرَّمِ) حرّم اللّه هدمه وعدم إكرامه وإلهاده وإلحاده وآصار ما حوله حرما لإكرامه وحرسه حال مدّ الماء عصر أطول الرّسل عمرا وحال ما أراد الملوك أهل كمال الكوح والطّول هدمه (رَبَّنا) إحلال الأولاد صدده (لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ) لطوعك وأداء أوامرك (فَاجْعَلْ) أمر (أَفْئِدَةً) سورا أراد أمما (مِنَ النَّاسِ) أولاد آدم (تَهْوِي) هو الإسراع ودّا (إِلَيْهِمْ) الأولاد (وَارْزُقْهُمْ) أعطهم وأوصلهم (مِنَ الثَّمَراتِ) إهمال الأمصار الطّروح (لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) ( 37 ) آلاء وسمع اللّه دعاءه وحمل الملك محلّا معهودا واداره حول المحلّ المحرّم مرارا وحطّه صدده .

(رَبَّنا) اللّهمّ (إِنَّكَ تَعْلَمُ) كلّ (ما نُخْفِي) ولو ماصلا (وَ) كلّ (ما نُعْلِنُ) سواء (وَما يَخْفى عَلَى اللَّهِ) العلّام (مِنْ) مؤكّد للعموم (شَيْءٍ)

----------

بي (ومن عصاني فإنك غفور رحيم).

(ربنا إني أسكنت من ذريتي) بعضها وهو إسماعيل ومن ولد منه قال الباقر (عليه السلام) نحن بقية تلك العترة وكانت دعوة إبراهيم لنا (بواد غير ذي زرع) هو وادي مكة (عند بيتك المحرم) الذي حرمت التعرض له أو منعت منه الطوفان (ربنا ليقيموا الصلاة) عند بيتك (فاجعل أفئدة من الناس تهوي) تحن وتميل (إليهم) قيل لو قال أفئدة الناس لازدحمت عليه فارس والروم ولحجت اليهود والنصارى (وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون) لك فأجاب الله دعاءه .

(ربنا إنك تعلم ما نخفي) ما نسر (وما نعلن) نظهر (وما يخفى على الله

ص: 201

حاصل (فِي الْأَرْضِ) عالم الرّهص (وَلا) حاصل (فِي السَّماءِ) ( 38 ) عالم العلو وهو كلام الرّسول المسطور أو كلام اللّه .

(الْحَمْدُ) المحامد كلّها (لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ) سمح (لِي عَلَى) مع (الْكِبَرِ) الهرم والكاسر والمكسور حال أورده إعلاما لأكمل الآلاء وإعلاء لأسطع الأعلام لما ادّعاه وهو ألوك اللّه (إِسْماعِيلَ) ولد وعدد عمر والده عدد أسماء اللّه (وَإِسْحاقَ) ولد ، وعدد عمر والده امر ممّا مرّ وحصول الولد حال طول العمر ووصوله حدّ الهرم علم لكمال أمره وألوكه (إِنَّ) اللّه (رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ) ( 39 ) محاوره ككلامهم سمع الملك كلامه حاوره .

(رَبِّ) اللّهمّ (اجْعَلْنِي) أصر (مُقِيمَ الصَّلاةِ) معدّلا لها دواما (وَ) رهطا (مِنْ ذُرِّيَّتِي) رام ودعا صلاح كسر ممّا هو أولاده لا كلّهم لما أعلمه اللّه طلاح رهط ممّا هم (رَبَّنا) اللّهمّ كرّره مؤكّدا (وَتَقَبَّلْ) اسمع (دُعاءِ) ( 40 ) المسطور .

(رَبَّنَا) اللّهمّ (اغْفِرْ لِي) الآصار والمعارّ (وَلِوالِدَيَّ) آدم وحوّا أو هو كلامه أمام علمه عدم إسلام والده دواما ووحر صدره للّه ، وورد اسلام أمّه (وَلِلْمُؤْمِنِينَ) أهل الإسلام (يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ) ( 41 ) عصر حلول العدّ

----------

من شيء في الأرض ولا في السماء) من قول إبراهيم أو تصديق من الله لإبراهيم.

(الحمد لله الذي وهب لي على الكبر) مع كبر السن واليأس من الولد (إسماعيل) ولد وله تسع وتسعون سنة (وإسحق) ولد وله مائة واثنتا عشرة (إن ربي لسميع الدعاء) مجيبه (رب اجعلني) بلطفك (مقيم الصلوة ومن ذريتي) اجعل منهم من يقيمها ولم يدع للكل لإعلام الله أن فيهم كفارا (ربنا وتقبل دعاء) بالياء وبدونها (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم

ص: 202

وحصول العدل .

(وَلا تَحْسَبَنَّ) محمّد ( ص ) والمراد دم كحالك الحال عالما لعلم اللّه أحوال أهل الحدل وعدم السّهو له عمّا عملوا ، أو الكلام مع كلّ أحد وهم سهو اللّه لأعمالهم لا مع رسول اللّه ، أو هو مسلّ لكلّ محدول ومهدّد لكلّ حادل ما أراد اللّه إعلام مدلوله لرسوله (اللَّهَ) العلّام (غافِلًا عَمَّا) عمل (يَعْمَلُ) الملأ (الظَّالِمُونَ) والمراد أهل الحرم (إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ) ما أمهلهم اللّه وما أوصلهم الحدّ والإصر الّا (لِيَوْمٍ) عسر (تَشْخَصُ) هو الطّموح عمها وعدم اللّمح (فِيهِ الْأَبْصارُ) ( 42 ) لهول الحال وما رأوه .

(مُهْطِعِينَ) سرّاعا لسماع دعاء الدّاع أو لورود السّاعور اهطع أحال مسرعا أو أحال وأدام الإحساس وهو حال (مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) سمّاك الرؤوس للسّماء (لا يَرْتَدُّ) هو العود (إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ) حسّهم (أَفْئِدَتُهُمْ) سورهم (هَواءٌ) ( 43 ) لا دهاء لها ولا علم ما حلّها إلّا الهواء .

(وَأَنْذِرِ) روّع محمّد ( ص ) (النَّاسَ) أولاد آدم (يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ) سرّا وحسّا وهو العصر الموعود للعدل والعدل ، أو عصر السّام لما هو

----------

الحساب) يثبت كالقائم على رجله أي يقوم أهله له .

(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم) يؤخر عقابهم (ليوم تشخص فيه الأبصار) أبصارهم فلا تستقر أو لا تنطبق للرعب من هول المطلع (مهطعين) مسرعين وينظرون في ذل وخشوع (مقنعي رءوسهم) رافعيها إلى السماء (لا يرتد إليهم طرفهم) لا يغمضون عيونهم بل هي شاخصة دائما (وأفئدتهم هواء) قلوبهم خالية من العقل للدهشة والفزع أو خالية من الخير .

(وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب) هو يوم القيامة أو يوم الموت (فيقول

ص: 203

أوّل اعصار الامهم (فَيَقُولُ) ح الأمم (الَّذِينَ ظَلَمُوا) ردّوا الإسلام (رَبَّنا) اللّهمّ أعد لدار الإعمال و (أَخِّرْنا) أمهل (إِلى أَجَلٍ) أمد وحدّ (قَرِيبٍ) وعهد ماصل لهاء ما صلح للإسلام والطّوع (نُجِبْ) أرادوا السّمع والطّوع وهو حوار الأمر (دَعْوَتَكَ) إرسالا للرّسل (وَنَتَّبِعِ) كما هو المأمور (الرُّسُلَ) رسلك ولمّا كلّموه حوور لهم (أَ وَلَمْ تَكُونُوا) رهط الأعداء (أَقْسَمْتُمْ) هو الحلط والعهد (مِنْ قَبْلُ) أوّلا حال حلول دار الأعمال وحوار الحلط (ما لَكُمْ) وراء السّام (مِنْ) مؤكّد (زَوالٍ) ( 44 ) حال سواء العدم ومرادهم ردّ العود كما هو الموعود .

(وَسَكَنْتُمْ) هو الحلول أو الرّكود (فِي مَساكِنِ) محال الأمم (الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) ردّوا الإسلام (وَتَبَيَّنَ) لاح وحصحص (لَكُمْ) حالهم سماعا وصراحا (كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ) أهلكوا واصطلموا (وَضَرَبْنا لَكُمُ) لإعلامكم (الْأَمْثالَ) ( 45 ) أحوالهم وما عاملوا وعوملوا .

(وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ) أراد المكر الكامل وهو ما عملوا لإعلاء مللهم السّوء وإهدار الإسلام (وَعِنْدَ اللَّهِ) الملك العدل (مَكْرَهُمْ) علمه أو عدله

----------

الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب) ردنا إلى الدنيا وأمهلنا إلى أمد من الزمان قريب (نجب دعوتك) بالتوحيد (ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل) في الدنيا (ما لكم من زوال) عنها إلى الآخرة (وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم) بالكفر والتكذيب من الأمم الماضية (وتبين لكم) بتواتر أخبارهم ومعاينة آثارهم (كيف فعلنا بهم) من صنوف العقوبات (وضربنا لكم الأمثال) بينا لكم صفات ما فعلوا وفعل بهم (وقد مكروا مكرهم) جهدوا في إبطال أمر الرسل أو أمر محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) والمراد قريش (وعند الله مكرهم) أي عمله

ص: 204

واما لمكرهم (وَإِنْ) ما (كانَ مَكْرُهُمْ) ولو كمل (لِتَزُولَ مِنْهُ) مكرهم (الْجِبالُ) ( 46 ) أو ولو عملوا مكرهم لهدّ الأطواد أراد أوامر محمّد رسول اللّه صلعم أو ولو مكرهم لكماله هادما للأطواد .

(فَلا تَحْسَبَنَّ) محمّد ( ص ) (اللَّهَ) المكوّح العدل (مُخْلِفَ) مهدر (وَعْدِهِ رُسُلَهُ) الكرام ، وأصل الكلام رسله وعده لما ورد الرّسل معمولا أوّلا لا الوعد أورده أولا إعلاما لعدم اهدار وعده أصلا سموما مع الرّسل (إِنَّ اللَّهَ) هو وحده (عَزِيزٌ) مكوّح لا رادّ لأمره ولا مهاكر (ذُو انتِقامٍ) ( 47 ) للأرداء .

وادّكر (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) أو معمول لمصدر أمامه المراد حوّل آكامها ودوحها وأطوادها ، أو حوّل درّها (وَالسَّماواتُ) والمراد حول طوسها وإمحاء لوامعها وصدعها ، أو حول درّها (وَبَرَزُوا) أصحر أهل العالم ولا حوا (لِلَّهِ الْواحِدِ) الأحد (الْقَهَّارِ) ( 48 ) .

----------

أو جزاؤه (وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال) إن نافية واللام لتأكيد النفي أي مكرهم أضعف من أن يزيل ما هو كالجبال الثابتة وهو دين الرسل أو دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو مخففة أي وإن الشأن كان مكرهم العظيم معدا لذلك ولذا قرىء بفتح اللام ورفع نزول.

(فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله) قدم ثاني المفعولين ليعلم أنه لا يخلف وعده مطلقا فكيف يخلف رسله (إن الله عزيز) غالب لا يغالب (ذو انتقام) من الكفرة (يوم تبدل الأرض غير الأرض) ظرف للانتقام أو منصوب باذكر مقدرا (والسموات) وتبدل السموات غيرها، عنهم (عليهم السلام) تبدل الأرض خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب (وبرزوا) من قبورهم (لله) لمحاسبته (الواحد) الذي لا نظير له (القهار) لكل ما سواه .

ص: 205

(وَتَرَى) محمّد ( ص ) الأمم (الْمُجْرِمِينَ) أعداء الإسلام (يَوْمَئِذٍ) للعصر الموعود وهو المعاد (مُقَرَّنِينَ) وصل حادهم مع آحادهم (فِي الْأَصْفادِ) ( 49 ) الأسر والأداهم والسّلاسل

(سَرابِيلُهُمْ) كساهم (مِنْ قَطِرانٍ) طلاء معلوم أسواء مروّح حارّ ، أصله ماء دوح معهود صرعها (وَتَغْشى) هو العلو (وُجُوهَهُمُ النَّارُ) ( 50 ) وهؤلاء الأحوال والأعمال علمها .

(لِيَجْزِيَ اللَّهُ) العدل أو الكاسر مع المكسور معمول لما مدلوله صحروا ولا حوا (كُلَّ نَفْسٍ) كلّ واحد (ما) عملا طالحا أو صالحا (كَسَبَتْ) أوّلا (إِنَّ اللَّهَ) العلّام (سَرِيعُ الْحِسابِ) ( 51 ) عدّ الأعمال وأداء الأعدال للأعمال .

(هذا) الكلام المرسل أو ما مرّ (بَلاغٌ) مرسل لأداء الأحكام وإعلامها (لِلنَّاسِ) كلّهم (وَلِيُنْذَرُوا) أهل الطّلاح أو هو عامّ (بِهِ) الكلام المسطور (وَلِيَعْلَمُوا) حال علم دواله (أَنَّما هُوَ) اللّه (إِلهٌ واحِدٌ) أحد صمد لا معادل

----------

(وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد) في القيود مشدودين مع الشياطين أو يقرن بعضهم ببعض أو يقرن أيديهم وأرجلهم إلى ورائهم (سرابيلهم) قمصهم (من قطران) دهن أسود لزج منتن تشتعل فيه النار بسرعة أو من صفر مذاب متناه حره (وتغشى وجوههم النار) تعلوها خصت بالذكر لأنها أعز الأعضاء وأشرفها فعبر بها عن الكل .

(ليجزي الله كل نفس) متعلق ببرزوا (ما كسبت) إن خيرا فخير وإن شرا فشر (إن الله سريع الحساب) إذ لا يشغله شيء عن شيء .

(هذا) أي القرآن أو السورة (بلاغ) كفاية (للناس) لينصحوا (ولينذروا

ص: 206

له ولا مساهم (وَلِيَذَّكَّرَ) هو والادّكار واحد (أُولُوا الْأَلْبابِ) ( 52 ) أولو الأحلام والعلوم .

----------

به) بهذا البلاغ (وليعلموا) بتأمل دلائله (أنما هو) أي الله (إله واحد وليذكر) يتذكر أي يتعظ (أولوا الألباب) ذوو العقول.

ص: 207

ص: 208

سورة الحجر

ص: 209

ص: 210

( سورة الحجر )

موردها أمّ الرحم ومحصول أصول مدلولها :

إعلام سداد كلام اللّه وأدلّاء الألوك وحرس اللّه كلامه مما حوّلوه ، وإرسال السّدّ والماء كرما ورحما وعلم اللّه لأحوال أهل الطّوع أولا وأمدا ، وإعلاء الحكم لأسر آدم وأمر الأملاك لطوعه ، وعدم طوع المارد له سمودا وحئوله أهلا للطّرد ، وحصص الدّرك لأهل العمو ، وأحوال أهل دارالسّلام والإعلام لأهل العالم لرحمه ومحو أصارهم وما هدّدهم إصرا وحدّا ، وإعلاء أحوال آل لوط الرّسول وسكرهم مسلك العمو ، وهلاك أهل الصّلد وما صلّله اللّه لرسوله محمّد صلعم لحمل مكاره الأعداء ، ولوم أهل الرّدّ لكلام اللّه وإعلاء العهد لسؤال المعاد .

والأمر للرّسول لإعلاء ألوكه وإرساله وإسراره لإهلاك أعداء الإسلام ، وما وصّاه اللّه للرّسول للطّوع .

ص: 211

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(الر) اللّه أعلم ما أراد ، أو هو سرّ اللّه مع رسوله (تِلْكَ) هؤلاء الكلم والمراد ما أرسل (آياتُ الْكِتابِ) الكامل كلام اللّه (وَقُرْآنٍ) كامل (مُبِينٍ) ( 1 ) ساطع كماله ، أو معلّم للسّداد والصّلاح والكمال .

(رُبَما) أمرا ما أو ماصلا ما وما حادّ لعمل ما معه (يَوَدُّ) للدّله وكمال الرّوع ومصول الصّحوح ، الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام وعصوا الرّسل ، أمرا محالا ح وهو (لَوْ كانُوا) هؤلاء الأمم (مُسْلِمِينَ) ( 2 ) للّه ولرسله وودّهم الإسلام حال حلول السّام ، أو المعاد لمّا رأوا أحوالهم وأحوال أهل الإسلام ، أو لمّا رأوا دلوع أهل الإسلام عمّا السّاعور .

----------

(15 سورة الحجر تسع وتسعون آية مكية )

بسم الله الرحمن الرحيم

(الر تلك) الآيات (ءايات الكتاب) أي القرآن والإضافة بمعنى من أو السورة (وقرءان مبين) أي آيات الجامع لكونه كتابا وقرآنا مبينا للحق من الباطل ونكر تفخيما (ربما) بالتخفيف والتشديد وما كافة أو نكرة موصوفة (يود) يتمنى (الذين كفروا) يوم القيامة إذا صاروا إلى النار وصار المسلمون إلى الجنة

ص: 212

(ذَرْهُمْ) دع أعداءك واحسم طمع إسلامهم ، أو المراد أصل الأمر وورودها أمام أمر العماس مع الأعداء (يَأْكُلُوا) كأكل السّوامّ (وَيَتَمَتَّعُوا) هو عطو الأهواء (وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) طول الأمل عمّا أمروا وعلّموا ، ألهاه حوّله لهوا وصدّه (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ( 3 ) سوء علمهم ومآل أمرهم .

(وَما أَهْلَكْنا) أوّلا (مِنْ) مؤكّد (قَرْيَةٍ) مصر أراد أهلها حالا ما (إِلَّا وَ) الحال (لَها) لأهلها (كِتابٌ) أمد مسطور وسط اللّوح (مَعْلُومٌ) ( 4 ) محدود لهلاكها .

(ما تَسْبِقُ) هو المهل (مِنْ) مؤكّد (أُمَّةٍ) ما (أَجَلَها) المعلوم المحدود لهلاكها (وَما يَسْتَأْخِرُونَ) ( 5 ) سعواء عمّا مرّ وهو الأمد المحدود لهلاكها ، والحاصل كلاءه محال كمهله .

(وَقالُوا) أعداء الإسلام لك محمّد ( ص ) (يا أَيُّهَا) المرء (الَّذِي نُزِّلَ) أرسل وأوردوه لمّا أرادوا وهما وادّعاء (عَلَيْهِ الذِّكْرُ) الكلام المرسل (إِنَّكَ) لا إعوار (لَمَجْنُونٌ) ( 6 ) ملموم ممسوس ، والمراد كلامك ككلامه لدعواك إرسال اللّه كلامه علاك ، وهو ككلام ملك مصر لرسول الهود لمّا دعاه

----------

(لو كانوا مسلمين ذرهم) دعهم (يأكلوا ويتمتعوا) بدنياهم (ويلههم) يشغلهم (الأمل) الطويل الكاذب عن الإيمان (فسوف يعلمون) وبال ما صنعوا إذا حل بهم.

(وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم) أجل مضروب بهلاكها كتب في اللوح (ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون) يتأخرون عنه والتذكير باعتبار المعنى .

(وقالوا) للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) تهكما (يا أيها الذي نزل عليه الذكر) القرآن في زعمه

ص: 213

للإسلام .

(لَوْ ما) هلّا (تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ) لإعلام سداد دعواك أو للإهلاك حال ردّ دعواك ، لو رصّع مع لا وما لعدم أمر ولحصول سواه ، أو لما صار محرّصا ، وهل رصّع مع لا وهو محرّص لا سواه (إِنْ كُنْتَ مِنَ) الرّسل (الصَّادِقِينَ) ( 7 ) كلاما وادّعاء ، وورد ردّا لهم .

(ما نُنَزِّلُ) ما أورد وما أرسل (الْمَلائِكَةَ) حالا ما (إِلَّا) حال الإلماء (بِالْحَقِّ) وهو الألوك ، أو الإصر والحدّ ، أو المراد ما أرسل الأملاك إلّا لحكم ومصالح (وَما كانُوا) الأعداء (إِذاً) حال ورود الأملاك مع الحدّ أو ما عداه (مُنْظَرِينَ) ( 8 ) مماهل وما أمهل حدّهم ودركهم حال حلول الأملاك معه .

(إِنَّا) أراد حراه المطهّر (نَحْنُ) مؤكّد أو عماد (نَزَّلْنَا الذِّكْرَ) الكلام المرسل (وَإِنَّا لَهُ) كلام اللّه أو رسول اللّه دواما (لَحافِظُونَ) ( 9 ) الحول والوكس والإكراء ، أو عمّا همّه الأعداء حسدا وعداء .

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا) رسلا (مِنْ قَبْلِكَ) أوّلا (فِي شِيَعِ) سمط (الْأَوَّلِينَ) ( 10 ) وأرهاطهم .

(وَما) للحال لا ورود لها إلّا لما مدلوله الحال ، أو ما مرّ عصرها وهو

----------

(إنك لمجنون) إذ تدعي أنه نزل عليك (لو ما) هلا (تأتينا بالملائكة) ليشهدوا بصدقك أو ليعاقبونا على تكذيبك (إن كنت من الصادقين) في دعواك .

(ما ننزل الملائكة) وقرىء بالتاء مبنيا للفاعل والمفعول (إلا بالحق) بمقتضى الحكمة (وما كانوا إذا) أي حين نزولهم (منظرين) ممهلين (إنا نحن نزلنا الذكر) القرآن وأكد لأنه رد لإنكارهم (وإنا له لحافظون) عند أهل الذكر واحدا بعد واحد إلى القائم أو في اللوح وقيل الضمير للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) .

ص: 214

محمّ لها (يَأْتِيهِمْ) لإصلاحهم وردّ طلاحهم وهو حال حكاها اللّه (مِنْ) مؤكّد (رَسُولٍ) ما (إِلَّا كانُوا) هؤلاء الأوّل حال ورود الرّسول (بِهِ) الرّسول (يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 11 ) كما هو عملهم معك وهو كلام مسلّ للرّسول صلعم .

(كَذلِكَ) كما أورد وأحلّ السّوء والطّلاح أرواع هؤلاء (نَسْلُكُهُ) أورد السّوء وأحلّه (فِي قُلُوبِ) الملأ (الْمُجْرِمِينَ) ( 12 ) أهل السّوء والطلاح والمراد أهل الحرم .

(لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِهِ) الرّسول أو الحدّ والدّرك المرسل ، أو كلام اللّه أو اللّه ، وهو حال (وَقَدْ خَلَتْ) مرّ (سُنَّةُ) اللّه وهو إحلال الحدّ والدّرك وإرساله لإهلاك الأمم (الْأَوَّلِينَ) ( 13 ) حال ردّهم الرّسل الكرام وهؤلاء أعدالهم ، وهو كلام موعد .

(وَلَوْ) أعطوا ما سألوا وألحّوا و (فَتَحْنا عَلَيْهِمْ) لإحساسهم الأملاك أو ورودهم (باباً) واحدا (مِنَ السَّماءِ) الأوّل (فَظَلُّوا) صار الأملاك أو الأعداء (فِيهِ) الواسط (يَعْرُجُونَ) ( 14 ) هو العلوّ والصّعود ، ورووه مكسور الرّاء .

----------

(ولقد أرسلنا من قبلك) رسلا (في شيع الأولين) فرقهم (وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزءون) كما استهزأ هؤلاء بك وهو تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) (كذلك) أي كما أنزلنا الذكر أو كما سلكنا دعوة الرسل في قلوب الشيع (نسلكه) ندخل الذكر أي القرآن (في قلوب المجرمين) مشركي قومك .

(لا يؤمنون به) حال من الهاء في نسلكه أي غير مؤمنين به (وقد خلت سنة الأولين) أي مضت سنة الله فيهم من إهلاكهم بتكذيبهم رسلهم وهؤلاء مثلهم (ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه) في الباب (يعرجون) يصعدون

ص: 215

(لَقالُوا) لكمال العداء والحسد (إِنَّما سُكِّرَتْ) سدّ وعمّه (أَبْصَرْنا) الحواسّ سحرا ، وصوّر لها الصور والأوهام وما حصل لها إدراك الأملاك كما هم (بَلْ نَحْنُ) طرّا (قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) ( 15 ) سحرهم محمّد ( ص ) والحاصل لو أعطوا ما راموا لصدّوا وما هادوا .

(وَلَقَدْ جَعَلْنا) أسرا (فِي السَّماءِ) الأسمك الأطلس ، أو محاطه الأوّل (بُرُوجاً) صروحا للحرس ، أو محالّ للّوامع معلوما عددها كالحمل والأسد والدّلو ، أو لوامع (وَزَيَّنَّاها) السّماء صورا (لِلنَّاظِرِينَ) ( 16 ) مال الأمور وهم أولو الأحلام الكوامل .

(وَحَفِظْناها) السّماء (مِنْ) صعود (كُلِّ شَيْطانٍ) موسوس (رَجِيمٍ) ( 17 ) مدحور ومطرود .

(إِلَّا مَنِ) ماردا (اسْتَرَقَ) وأسلّ (السَّمْعَ) المسموع معلا وسرّا (فَأَتْبَعَهُ) أدرك الموسوس المسلّ (شِهابٌ) سعر ساعور صاهد (مُبِينٌ)

----------

إليها أو تصعد الملائكة وهم يرونهم .

(لقالوا إنما سكرت أبصارنا) سدت عن الأبصار (بل نحن قوم مسحورون) سحرنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم).

(ولقد جعلنا في السماء بروجا) اثنى عشر دالة باختلاف طباعها وخواصها مع تساويها في الحقيقة على صانع حكيم (وزيناها) بالكواكب (للناظرين) نظر اعتبار بل لكل ناظر إليها (وحفظناها من كل شيطان رجيم) فلا يدخلونها ولا يطلعون على حالها (إلا) لكن (من استرق السمع) خطفه منها (فأتبعه شهاب مبين) شعلة نار ظاهرة لمن يراها ويقال للكوكب .

ص: 216

( 18 ) ساطع أهلكه أو ألمه .

(وَالْأَرْضَ) عامله مطروح دلّ علاه (مَدَدْناها) مدّها دحوها سطح الماء (وَأَلْقَيْنا) حال حراكها كالمور (فِيها) الرّمكاء والأطواد (رَواسِيَ) رسا حصد واسمهرّ ووطد (وَأَنْبَتْنا) كرما ورحما (فِيها) الرّمكاء والأطواد (مِنْ) مؤكّد (كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ) ( 19 ) معلوم الطّلع محدود اللّهاء كالكركم والأحمر والطّاؤس والصّاد والرّصاص وسواها ، أو مرصود سرّه محدود حدّه الصالح كما هو مدعوّ الحكم والاسرار لا إكراء ولا وكس ، أو ما عدّه أولو الأحلام رعراعا .

(وَجَعَلْنا لَكُمْ) لمصالحكم (فِيها مَعايِشَ) مطاعم والمراد الأحمال وصروع الطّعام (وَمَنْ) مملوكا وأهلا وولدا وطوّعا وسوّاما اللّه مطعمه (لَسْتُمْ لَهُ) معاده الموصول (بِرازِقِينَ) ( 20 ) سمّاح لطعامهم .

(وَإِنْ) ما (مِنْ) مؤكّد (شَيْءٍ) مأسور (إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ) صروع أحواله وهو محاط العلم والحكم مع أحواله كلّها ، أو المراد للّه طول لأسر أعدال مأسور أسره وحصّله ، أو المراد سهل أسر كلّ مأسور صدد اللّه (وَما نُنَزِّلُهُ) وما

----------

(والأرض مددناها) بسطناها (وألقينا فيها رواسي) جبالا ثوابت (وأنبتنا فيها) في الأرض (من كل شيء موزون) بميزان الحكمة أو مناسب كقولهم كلام موزون أو ما يوزن من معدن ونبات (وجعلنا لكم فيها معايش) ما تعيشون به من المطاعم والملابس (ومن لستم له برازقين) عطف على (معايش) ويراد به العبيد والأنعام والدواب فإنما رازقهم الله ومن لتغليب العقلاء أو على محل لكم ويراد به العيال والخدم وغيرهم أي أعشناكم وإياهم (وإن من شيء إلا عندنا خزائنه) أي القدرة على إيجاده متضاعفا إلى ما لا نهاية له والخزائن تمثيل

ص: 217

أرسله لعالم الأسر (إِلَّا بِقَدَرٍ) حدّ (مَعْلُومٍ) ( 21 ) محدود كما هو مدعوّ المصالح والأسرار ومراد الواحد الأحد .

(وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ) صروعها ، ورووه موحّدا (لَواقِحَ) حوامل والمراد ورودها مع سدّ ومعصر ماطر (فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ) السدّ والمعصر (ماءً) مطرا (فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) وحوّل المطر وردا لكم (وَما أَنْتُمْ) أولاد آدم طرّا (لَهُ) للمطر (بِخازِنِينَ) ( 22 ) حرّاصا ، حاصل الكلام إعلام طوله وإعدام حولهم .

(وَإِنَّا لَنَحْنُ) لا مع إمداد أحد (نُحْيِي) كلّ أحدا حاول (وَنُمِيتُ) كلّ أحد أحاول (وَنَحْنُ الْوارِثُونَ) ( 23 ) حال هلاك العالم كلّه ، والحاصل له الدّوام والملك وحده ولما عداه طرؤ العدم والهلاك .

(وَلَقَدْ عَلِمْنَا) أوّلا الأمم (الْمُسْتَقْدِمِينَ) ولادا أو هلاكا أو إسلاما أو للطوّع أو للعماس (مِنْكُمْ) أولاد آدم (وَلَقَدْ عَلِمْنَا) أوّلا الأمم

----------

لاقتداره تعالى (وما ننزله) نوجده (إلا بقدر معلوم) تقتضيه الحكمة .

(وأرسلنا الرياح) وقرىء الريح (لواقح) ملقحات للسحاب أو الشجر أو لاقحات أي حوامل للسحاب أو الماء (فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه) جعلناه لكم سقيا (وما أنتم له بخازنين) أي ليس عندكم خزائنه أو لا تقدرون على حفظه في العيون والآبار (وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون) الباقون بعد فناء الخلق .

(ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين) متقدمي الخلق زمانا ومتأخريهم أو من تقدم في الخبر ومن أبطأ عنهم من الأموات والأحياء أو الأعم من الجميع .

ص: 218

(الْمُسْتَأْخِرِينَ) ( 24 ) ولادا أو هلاكا أو إسلاما أو للطّوع أو للعماس .

(وَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) إلهك ومولاك (هُوَ) لا سواه (يَحْشُرُهُمْ) لامّ لهم لا محال وممحص لأعمالهم وموصل لهم عدلهم (إِنَّهُ) اللّه (حَكِيمٌ) مراع للحكم والأسرار (عَلِيمٌ) ( 25 ) واسع العلم .

(وَلَقَدْ خَلَقْنَا) أوّلا (الْإِنْسانَ) الأوّل وهو آدم (مِنْ صَلْصالٍ) حصحص سوّط معه الماء ، صامل كلّما صدم صلّ حاصل (مِنْ حَمَإٍ) حصحص سوّط معه الماء حال وصار أسود لطول عصر السّوط (مَسْنُونٍ) ( 26 ) مصوّر أوّله حصحص لا سواه ووصله الماء وصار حصحصا مسوّطا مع الماء ، ومرّ عصر وصار حمأ ، ومحص وصار محّا ، وصو وصمل وصار صلصالا ، وح صحّ كلّ ما ورد لإعلام أصل آدم .

(وَالْجَانَّ) والدهم الأوّل كادم لأولاده ، أو هو الوسواس المارد ، أو أعمّ وعامله مطروح دلّ علاه (خَلَقْناهُ) والدهم الأوّل (مِنْ قَبْلُ) أمام آدم (مِنْ نارِ السَّمُومِ) ( 27 ) ساعور الحرّ الكامل الصّارد وسط المسام .

----------

(وإن ربك هو يحشرهم) للجزاء لا يقدر على ذلك سواه (إنه حكيم) في أفعاله (عليم) بكل شيء .

(ولقد خلقنا الإنسان) آدم (من صلصال) طين يابس إذا نقر صلصل أي صوت (من حمإ) طين متغير أسود (مسنون) مصبوب أي أفرغ صورة كما يفرغ الجواهر المذابة (والجان) أبا الجن (خلقناه من قبل) قبل آدم (من نار السموم) نار الريح الحارة النافذة في المسام أو نار لا دخان لها فمن قدر على ابتداء خلق الثقلين من العنصرين وإفاضة الحياة عليهم قدر على إعادتهم وإحيائهم مرة أخرى .

ص: 219

(وَ) ادّكر (إِذْ) لمّا (قالَ) اللّه (رَبُّكَ) الملك الصّمد (لِلْمَلائِكَةِ) عموما أو أهل محلّ معهود (إِنِّي خالِقٌ) أسر ومصوّر (بَشَراً) مأسورا كاملا معدّا لحصول أصول الأسماء الكوامل وسطوع لوامع الإلّ (مِنْ صَلْصالٍ) حصحص مسوّط مع الماء صامل كلّما دك صلّ حاصل (مِنْ حَمَإٍ) حصحص مسوّط مع الماء صار أسود للماء (مَسْنُونٍ) ( 28 ) مصوّر .

(فَإِذا سَوَّيْتُهُ) كمّل وعدل وأعدّ لإرسال الرّوح (وَنَفَخْتُ) وأرسل وأورد (فِيهِ) المصوّر (مِنْ) مؤكّد (رُوحِي) المرسل سمّاه روحه إكراما لادم وسمح الحسّ والحراك والكلام والعلم والإدراك (فَقَعُوا) هوروا ، وهو أمر وحوار (لَهُ) لإكرامه (ساجِدِينَ) ( 29 ) ركّعا .

(فَسَجَدَ) وركع لادم (الْمَلائِكَةُ) أداء لأمر اللّه (كُلُّهُمْ) طرّا (أَجْمَعُونَ) ( 30 ) معا .

(إِلَّا إِبْلِيسَ) المارد المطرود ، وهو مأمور الرّكوع مع الأملاك معدود معهم ، وما ركع ، أو هو واحد الأملاك وح (أَبى) كره (أَنْ يَكُونَ) كلام رأسا حوار لسؤال هلّا ركع (مَعَ) الأملاك (السَّاجِدِينَ) ( 31 ) الرّكّع لادم .

(قالَ) اللّه سأل وهو أعلم للحكم والأسرار (يا إِبْلِيسُ ما) حصل (لَكَ) وما طراك حال (أَلَّا تَكُونَ) حال مرّ عصرها حكاها اللّه ، أو ما ردّك وح

----------

(وإذ) واذكر إذ (قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون فإذا سويته) عدلت صورته وأتممته (ونفخت فيه من روحي) النفخ إجراء الريح في تجويف جسم وإضافته إليه تعالى للتشريف (فقعوا له) لتكريمه (ساجدين) لله تعالى (فسجد الملائكة كلهم أجمعون) الملائكة تأكيد ثان للمبالغة في الشمول (إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين قال يا إبليس ما لك

ص: 220

لا مؤكّد لا مدلول لها ، أو ما وطرك وما مرومك وح الكاسر مطروح (مَعَ) الأملاك (السَّاجِدِينَ) ( 32 ) الرّكع لادم إكراما وسلاما له .

(قالَ) المارد المطرود (لَمْ أَكُنْ) ما حلّ وما صحّ (لِأَسْجُدَ) اللّام مؤكّد لمدلول الإعدام (لِبَشَرٍ) عطل ملهد (خَلَقْتَهُ) اللّهمّ (مِنْ صَلْصالٍ) حصحص سوّط مع الماء صامل حاصل (مِنْ حَمَإٍ) حصحص مسوّط مع الماء صار أسود (مَسْنُونٍ) ( 33 ) مصوّر وهو احسل الموادّ والسّاعور أكرمها وأصعدها عدّه أوكس صرعا وأصلا .

(قالَ) اللّه له (فَاخْرُجْ مِنْها) السّماء أو دارالسّلام أو سماط الأملاك (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) ( 34 ) مطرود .

(وَإِنَّ عَلَيْكَ) امارد (اللَّعْنَةَ) مدعوّ أو مارد علاك الطّود والدّحور ممدود (إِلى) ورود (يَوْمِ الدِّينِ) ( 35 ) العدل .

(قالَ) المطرود سؤالا ودعاء (رَبِّ) اللّهمّ (فَأَنْظِرْنِي) أمهل وأهمل (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) ( 36 ) آدم وأولاده للعدل والعدل .

(قالَ) اللّه (فَإِنَّكَ) لسماع مدعوّك وإعطاء سؤالك (مِنَ) الطّلاح (الْمُنْظَرِينَ) ( 37 ) حدّا ودركا وورود سام .

----------

ألا تكون مع الساجدين قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمإ مسنون) لأنه جسماني وأنا روحاني عارض النص بالقياس الباطل .

(قال فاخرج منها) من الجنة أو السماء (فإنك رجيم) مطرود أو مرجوم بالشهب (وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين) إما يراد به التأبيد عرفا أو أنه يعذب بعده بما ينسى معه اللعن .

(قال رب فأنظرني) أخرني (إلى يوم يبعثون) استنظره إلى وقت لأموت

ص: 221

(إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ) عصر الصور الأوّل (الْمَعْلُومِ) ( 38 ) المحدود كما هو مسئولك وهو عصر هلاك العالم كلّه ، أو العصر المعلوم المحدود لعمرك .

(قالَ) المارد (رَبِّ) اللّهمّ اعهد واحلط (بِما) المصدر (أَغْوَيْتَنِي) والمراد ردّك وطردك وحواره (لَأُزَيِّنَنَّ) أسوّل (لَهُمْ) أعمالا طوالح وأوهمها وأصوّرها لهم صوالح (فِي الْأَرْضِ) دار المكر والطّلاح (وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ) وأحوّلهم سلّاك مراحل العمو (أَجْمَعِينَ) ( 39 ) معا .

(إِلَّا عِبادَكَ) السّوامّ (مِنْهُمُ) آدم وأولاده (الْمُخْلَصِينَ) ( 40 ) طهّرهم اللّه ممّا أعمل وأمكر ومحّصوا الطّوع له وهم أهل الإسلام ، وهو مدلول مكسور اللّام كما رواه رهط كلّما ورد .

(قالَ) اللّه (هذا) الصّراط وهو صراط المحص والطّوع (صِراطٌ) مودود (عَلَيَّ) رصده وحوطه وحرسه (مُسْتَقِيمٌ) ( 41 ) لا أود له ، أو هو

(إِنَّ عِبادِي) اللّاءوا طهّرهم اللّه أو محّصوا الطّوع له ، أراد أهل الإسلام (لَيْسَ لَكَ) المارد (عَلَيْهِمْ) لحطوط طورك وعلوّ طورهم (سُلْطانٌ) كوح وحول

----------

فيه لئلا يموت فلم يجبه إليه بل (قال) له (فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) إلى النفخة الأولى أو وقت أجلك المسمى وقيل يوم القيامة .

(قال رب بما أغويتني) نسب الإغواء إليه تعالى على طريقة الأشاعرة والجبرية (لأزينن لهم) المعاصي (في الأرض) في الدنيا (ولأغوينهم أجمعين) بالدعاء إلى الضلال حتى يضلوا (إلا عبادك منهم المخلصين) بكسر اللام أي أخلصوا دينهم لله وبفتحها أي أخلصتهم لطاعتك .

(قال) تعالى (هذا) أي الإخلاص (صراط علي مستقيم) أي على أن أراعيه أو على رضواني مروره (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) تسلط (إلا

ص: 222

(إِلَّا) كلّ (مَنِ اتَّبَعَكَ) أطاعك (مَنِ) الأمم (الْغاوِينَ) ( 42 ) سلّاك مسالك العمو والطلاح .

(وَإِنَّ) دار الآلام (جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ) لموعد طوّعك ، أو لموعد السّلّاك مسالك العمة ومعدّ لهم معك والمال واحد (أَجْمَعِينَ) ( 43 ) معا مؤكّد أو حال وعامله موعد .

(لَها) لدار الآلام (سَبْعَةُ أَبْوابٍ) أدراك كما هو عدد أهلها (لِكُلِّ بابٍ) درك (مِنْهُمْ) الطلحاء وهو حال (جُزْءٌ) سهم (مَقْسُومٌ) ( 44 ) محدود معلوم ورد أعلاها لأهل إسلام عصوا اللّه وأولموا وسطها لهاء آصار عملوها ، ووراءه للهود ، ووراءه لرهط روح اللّه ، ووراءه لطوّع اللّوامع ، ووراءه لطوّع السّاعور ، ووراءه لرهط عدلوا مع اللّه إلها سواه ، وأمدها لرهط طلح سرّهم وصلح مسحلهم .

(إِنَّ) الملأ (الْمُتَّقِينَ) العدل مع اللّه إلها سواه ، أو الآصار والمعارّ حلولهم (فِي جَنَّاتٍ) محالّ دوح مع الأحمال وروح وسرور (وَعُيُونٍ) ( 45 ) مسل ماء ودرّ وعسل ومدام ، ورووا مكسور الأوّل وكلام الأملاك معهم

----------

من اتبعك من الغاوين) فإنه باختياره جعل لك على نفسه سلطانا والاستثناء منقطع إن أريد بالعباد المخلصون ومتصل إن عمم .

(وإن جهنم لموعدهم) أي إبليس ومن اتبعه (أجمعين) تأكيد للضمير (لها سبعة أبواب) أطباق أسفلها جهنم ثم لظى ثم الجحيم ثم الهاوية ثم السعير وقيل قسم قرار جهنم سبعة أقسام لكل قسم بابه (لكل باب منهم) من الأتباع (جزء مقسوم) مقرر على حسب مراتبهم في المتابعة .

(إن المتقين) للشرك والمعاصي (في جنات وعيون) هي الأنهار من ماء

ص: 223

حال ورودها .

(ادْخُلُوها) ردوا دارالسّلام (بِسَلامٍ) سلاما عما كره وساء أو مع سلام والمراد سلّم علاكم الأملاك أو سلموا وردوا (آمِنِينَ) ( 46 ) كلّ مكروه وهو حال كالأوّل .

(وَنَزَعْنا) وسلّ كلّ (ما) رسا أوّلا (فِي صُدُورِهِمْ) وأسرارهم (مِنْ غِلٍّ) كدر سرّ كوحر صدر وحسد ، والمراد طهّر صدورهم ممّا ساء وأعطوا الوداد والولاء (إِخْواناً) حال (عَلى سُرُرٍ) دوّار معهم (مُتَقابِلِينَ) ( 47 ) سرمدا لا مدركا أحدهم أحدا وراء مطوه وهو حال كالأوّل .

(لا يَمَسُّهُمْ) مسّه وصله حال وراء حال ، أو هو أوّل كلام وصدره (فِيها) دارالسّلام (نَصَبٌ) عسر وكلال وحصور (وَما هُمْ) أهل دارالسّلام (مِنْها) دارالسّلام (بِمُخْرَجِينَ) ( 48 ) سرمدا لمّا كمال الآلاء مع الدّوام .

ولمّا أكمل الكلام الواعد والموعد أورد (نَبِّئْ) أعلم (عِبادِي) الكمّل (أَنِّي أَنَا) لا مع أحد (الْغَفُورُ) محّاء الآصار والمعار (الرَّحِيمُ)

----------

وخمر وعسل ولبن أو منابع (ادخلوها) بتقدير القول (بسلام) بسلامة من الآفات (ءامنين) من كل مخوف .

(ونزعنا) في الجنة (ما في صدورهم من غل) حقد كان في الدنيا (إخوانا) حال منهم وكذا (على سرر متقابلين) لا يرى بعضهم قفا بعض لدوران الأسرة بهم (لا يمسهم فيها نصب) تعب (وما هم منها بمخرجين) أبدا وذلك تمام النعمة .

(نبىء) خبر (عبادي أني أنا الغفور) للمؤمنين (الرحيم) بهم (وأن

ص: 224

( 49 ) كامل المراحم وواسعها .

(وَأَنَّ عَذابِي هُوَ) وحده (الْعَذابُ الْأَلِيمُ) ( 50 ) المؤلم وهو حاصل الكلام الأوّل كلّه الواعد والموعد .

(وَنَبِّئْهُمْ) وأعلمهم (عَنْ) الأملاك الكرام (ضَيْفِ) أصله مصدر سواء له الواحد وما سواه (إِبْراهِيمَ) ( 51 ) الرّسول ووالدك الأكرم .

(إِذْ) لمّا (دَخَلُوا) الاملاك (عَلَيْهِ) دروءا (فَقالُوا) حال وصولهم (سَلاماً) مصدر طرح عامله (قالَ) الرّسول للأملاك (إِنَّا مِنْكُمْ) رهط الورّاد (وَجِلُونَ) ( 52 ) روّاع لورودكم دهما لا مع الأمر والإعلام ، أو لعدم أكلكم الطّعام .

(قالُوا) له (لا تَوْجَلْ) ودع الرّوع (إِنَّا) رسل اللّه (نُبَشِّرُكَ) هو الإعلام السّارّ (بِغُلامٍ) ولد (عَلِيمٍ) ( 53 ) حال إدراكه الكمال وهكر الرّسول ممّا اعلموا .

و (قالَ) لهم (أَ بَشَّرْتُمُونِي) أراد إعلام الولد (عَلى) مع (أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ) الهرم وهو حال الوهاء والوكس وعدم الولاد (فَبِمَ) سؤال هكر (تُبَشِّرُونَ) ( 54 ) رهط الأملاك .

----------

عذابي) لمستحقيه (هو العذاب الأليم) الآيتان تقرير لما مر من الوعد والوعيد (ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه فقالوا) الملائكة سلمنا (سلاما قال إنا منكم وجلون) خائفون لدخولهم بلا إذن وامتناعهم من الأكل (قالوا لا توجل) لا تخف (إنا نبشرك بغلام عليم) وهو إسحق .

(قال أبشرتموني على أن مسني الكبر) حال أي مع مسه إياي قاله بالنظر إلى خرق العادة لا شكا في قدرته تعالى وكذا قوله (فبم) فبأي شيء (تبشرون قالوا

ص: 225

(قالُوا) الأملاك له (بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ) السّداد ، أو أمر اللّه وحكمه (فَلا تَكُنْ مِنَ) لملأ (الْقانِطِينَ) ( 55 ) حسّاملّ الأمل ممّا أعلمك .

(قالَ) الرّسول (وَمَنْ) لا (يَقْنَطُ) أصلا ، ورووه مكسور الوسط (مَنْ) وصول (رَحْمَةِ) اللّه (رَبِّهِ إِلَّا) الملأ (الضَّالُّونَ) ( 56 ) أعداء الإسلام اللّاءوا ما أدركوا صراط اللّه وما علموا وسع كرمه ورحمه .

(قالَ) الرّسول لهم وسألهم لمّا علم عدم إرسالهم لإعلام حصول الولد لحصول الإعلام مع الواحد (فَما خَطْبُكُمْ) أمركم ولم إرسالكم (أَيُّهَا) الأملاك (الْمُرْسَلُونَ) ( 57 ) الكرام .

(قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا) أرسل اللّه الملك العدل (إِلى قَوْمٍ) رهط لوط (مُجْرِمِينَ) ( 58 ) عمّال الآصار والمعارّ كلّهم لإهلاكهم .

(إِلَّا آلَ لُوطٍ) الرّسول المراد أهله ومسلمو رهطه (إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ) مسلّموهم ممّا أعدّ للأعداء (أَجْمَعِينَ) ( 59 ) معا .

(إِلَّا امْرَأَتَهُ) عرس لوط لهلاكها لمّا (قَدَّرْنا) أوّلا (إِنَّها) لسوء عملها

----------

بشرناك بالحق) بما يقع البتة أو بوجه هو حق وهو أمر الله القادر أن يخلق بشرا من غير الأبوين فكيف من هرمين (فلا تكن من القانطين) الآيسين .

(قال ومن) أي لا (يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) الجاهلون قدرته وسعة رحمته .

(قال فما خطبكم أيها المرسلون قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين) أي قوم لوط (إلا آل لوط) استثناء منقطع من قوم لتقيدهم بالأجرام أو متصل من الضمير في مجرمين أي إلى قوم أجرم كلهم إلا آل لوط منهم (إنا لمنجوهم أجمعين) متصل بآل لوط كالخبر لكن إن انقطع الاستثناء واستيناف إن اتصل .

(إلا امرأته)

ص: 226

(لَمِنَ) الملأ (الْغابِرِينَ) ( 60 ) الطّلاح الهلّاك .

(فَلَمَّا) أحال و جاءَ ورد (آلَ لُوطٍ) صدد لوط والال الدّرّ أو الرّهط الأملاك (الْمُرْسَلُونَ) ( 61 ) لإهلاك رهطه العدّال .

(قالَ) لوط لهم (إِنَّكُمْ) الرّهط الورّاد (قَوْمٌ مُنْكَرُونَ) ( 62 ) لا أعلمكم لما وردوكم لعلّه لسوء .

(قالُوا) له (بَلْ جِئْناكَ) لما أرسل اللّه (بِما) موعد وإصر (كانُوا) رهطك (فِيهِ) حلوله (يَمْتَرُونَ) ( 63 ) هو الإعوار .

(وَ) أكّدوا كلامهم وإعلامهم وأكروا (أَتَيْناكَ) لما أرسل اللّه (بِالْحَقِّ) علم حلول الموعد مؤكّدا ومسدّدا (وَإِنَّا لَصادِقُونَ) ( 64 ) كلاما وإعلاما لا إعوار .

(فَأَسْرِ) ورووا أسر ومدلولهما واحد وهو رح وارحل سمرا (بِأَهْلِكَ) ورووا سر أمر سار وهو الرّواح سمرا ، أو لا مراد الكلّ رح مع أهلك (بِقِطْعٍ) كسر (مِنَ اللَّيْلِ) العاطس (وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ) المراد رح اكساءهم لحسلهم مسرعا واطلاع أحوالهم (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ) أهلك معك (أَحَدٌ) كره احساس

----------

استثناء من آل لوط أو من ضمير هم (قدرنا) أي قضينا (إنها لمن الغابرين) الباقين مع المهلكين .

(فلما جاء ءال لوط المرسلون قال) لهم لوط (إنكم قوم منكرون) أي إني أنكركم خاف أن يطرقوه بشر(قالوا بل جئناك بما) يسرك وهو العذاب الذي (كانوا فيه يمترون) يشكون حين توعدتهم (وأتيناك بالحق) بعذابهم المتقين (وإنا لصادقون) في قولنا .

(فأسر) بالقطع والوصل (بأهلك بقطع) بطائفة (من الليل واتبع

ص: 227

أحوالهم ورحمهم علاهم والحسر ، أو لعدم طوله إحساس ما وراءه وهو الهول ، أو لوصوله ما وصلهم ، أو المراد طرح الوكود لمرام (وَامْضُوا) ومروا (حَيْثُ) محلا (تُؤْمَرُونَ) ( 65 ) أمركم اللّه وروده وحلوله وهو مصر أو سواه .

(وَقَضَيْنا إِلَيْهِ) لوط (ذلِكَ الْأَمْرَ) وأعلم لوط الأمر المعهود وهو (أَنَّ) ورووها مكسورا وح هو أوّل كلام (دابِرَ) أصل (هؤُلاءِ) الرّهط أو أمدهم والمراد أوّلهم وأمدهم (مَقْطُوعٌ) مصطلم مهلك (مُصْبِحِينَ) ( 66 ) حال .

(وَ) لمّا سمع أهل سدوم وهم رهط لوط ورد صدد لوط مرد ملاح وهم الأملاك (جاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ) سدوم (يَسْتَبْشِرُونَ) ( 67 ) طمعا لحصول مرامهم وسوء عملهم ، وهو حال .

(قالَ) لوط لهم (إِنَّ هؤُلاءِ) الورّاد (ضَيْفِي) هو مصدر سواء له الواحد وما سواه (فَلا تَفْضَحُونِ) ( 68 ) عملا للمكروه معهم .

(وَاتَّقُوا اللَّهَ) وروعوا حرده حال عمل السّوء وحمل الرّكس ( وَلا

----------

أدبارهم) سر خلفهم لتعلم حالهم وتسوقهم (ولا يلتفت منكم أحد) لا ينظر وراءه لئلا يرى عذابهم فيفزع أو لا يتخلف فيعمه العذاب (وامضوا حيث تؤمرون) بالمضي إليه وهو الشام أو مصر (وقضينا إليه) أي أوحينا إليه مقضيا (ذلك الأمر) يفسره (أن دابر هؤلاء مقطوع) أي يستأصلون عن آخرهم (مصبحين) داخلين في الصبح .

(وجاء أهل المدينة يستبشرون) بالملائكة طمعا فيه إذ كانوا في صور مرد حسان (قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون) بفضيحتهم (واتقوا الله) فيما حرم

ص: 228

تُخْزُونِ) ( 69 ) روما للعمل المحرّم معهم .

(قالُوا) للوط (أَ وَلَمْ نَنْهَكَ) أوّلا (عَنِ الْعالَمِينَ) ( 70 ) إحلالهم سدوم أو إطعام أحدهم .

(قالَ) لوط لهم (هؤُلاءِ) أولاد الرّهط (بَناتِي) أو أراد أولاده لحلّ الأهول مع الأعداء ح وأهلوها (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) ( 71 ) مرادكم وما أمركم .

(لَعَمْرُكَ) محمّد ( ص ) ، أو لوط وح هو كلام الأملاك ، وعمر كدهر وعمر كحمو وعمر كمرد واحد مدلولا ، واللّام لام الحلط ، وهو محكوم طرح محموله (إِنَّهُمْ) هؤلاء الرّهط (لَفِي سَكْرَتِهِمْ) سهوهم أو سوء عملهم (يَعْمَهُونَ) ( 72 ) عمه حار ودار وح سماعهم لكلامك محال ، أو المعاد رهط الحمس .

(فَأَخَذَتْهُمُ) رهط لوط (الصَّيْحَةُ) الهادّ صاح لهم الملك المدعوّ روحا (مُشْرِقِينَ) ( 73 ) حال أوّل الطّلوع وأوّل ورود الدّرك وراء السّحر .

(فَجَعَلْنا) عدلا (عالِيَها) أمصارهم (سافِلَها) سمكها الملك وأوصلها السّماء وحوّلها وعكسها ، وأرسلها وطرحها (وَأَمْطَرْنا) طردا

----------

(ولا تخزون) بسببهم أو تخجلوني فيهم .

(قالوا أولم ننهك عن العالمين) عن أن تضيف منهم أحدا أو أن تجير أحدا (قال هؤلاء بناتي) من الصلب أو أراد نساءهم كما مر في هود (إن كنتم فاعلين) قضاء الوطر فتزوجوهن (لعمرك) قسمي أقسم تعالى بحياة النبي وقيل هو قول الملائكة للوط (إنهم لفي سكرتهم) ضلالتهم (يعمهون) يتحيرون .

(فأخذتهم الصيحة) الهائلة (مشرقين) في حال شروق الشمس (فجعلنا

ص: 229

(عَلَيْهِمْ) أهلها (حِجارَةً) عرامس حصولها (مِنْ سِجِّيلٍ) ( 74 ) حصحص مسوّط مع الماء معرمس .

(إِنَّ فِي ذلِكَ) الإصر وإرساله (لَآياتٍ) دوالّ وأعلاما (لِلْمُتَوَسِّمِينَ) ( 75 ) أهل الادّكار أو العلماء طلّاع الأسرار ، أو أهل الدّهاء والأحلام .

(وَإِنَّها) أمصار رهط لوط والمراد رسومها (لَبِسَبِيلٍ) وسط صراط (مُقِيمٍ) ( 76 ) ساطع لا دارس معلوم للحمس حال رودهم .

(إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) وادّكارا (لِلْمُؤْمِنِينَ) ( 77 ) أهل الإسلام عموما أو الكمّل .

(وَإِنْ) مطروح الاسم كما دلّ اللّام ومحموله (كانَ) أوّلا أَصْحابُ (الْأَيْكَةِ) الدّوح الرّكّام وهم رهط رسول صهره رسول الهود (لَظالِمِينَ) ( 78 ) أعداء الإسلام لردّهم رسولهم .

(فَانْتَقَمْنا) إهلاكا (مِنْهُمْ) وسلّط علاهم الحرّ إعصارا ولاح لهم معصر وأملوا روحا وهار علاهم السّاعور وهلكوا (وَإِنَّهُما) سدوم ومحلّ الدّوح

----------

عاليها سافلها) بأن رفعها جبرائيل وقلبها (وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) طين متحجر (إن في ذلك لآيات للمتوسمين) المتفرسين الذين ينظرون الأشياء بنورانية فيعرفونها (وإنها) أي قراهم (لبسبيل مقيم) ثابت يسلكه المارة ويرون آثارهم .

(إن في ذلك لآية) لعبرة (للمؤمنين وإن) إنه (كان أصحاب الأيكة) الشجر الملتف وهو غيضة بقرب مدين وهم قوم شعيب كانوا يسكنونها (لظالمين) بكفرهم (فانتقمنا منهم) بإهلاكهم بالحر والظلة وهي سحابة

ص: 230

(لَبِإِمامٍ) وسط صراط (مُبِينٍ) ( 79 ) ساطع هو ممرّ الحمس المعلوم لهم .

(وَلَقَدْ كَذَّبَ) ردّ (أَصْحابُ الْحِجْرِ) واد محلّ رهط صالح رسولهم صالحا ، ولمّا ردّوا رسولا واحدا لسمهم ردّ (الْمُرْسَلِينَ) ( 80 ) كلّهم لوجود مدّعاهم ، أو المراد صالح ومسلمو رهطه .

(وَآتَيْناهُمْ) وأروا (آياتِنا) دوالّ الألوّ أراد العرمس وعلسها الماء كلّه لدورها وأمر درّها أو أعطوا الطّرس المرسل لرسولهم أو المراد سواطع الإعلام عموما (فَكانُوا) رهط صالح (عَنْها) الإعلام والدّوالّ أو أحكام الطّرس المرسل (مُعْرِضِينَ) ( 81 ) صدّادا .

(وَكانُوا يَنْحِتُونَ) هو السّحل (مِنَ الْجِبالِ) الأطواد (بُيُوتاً) للحلول والركود (آمِنِينَ) ( 82 ) الهور ، أو ورود اللّصوص وصدعها للسّمّ ، أو هدم الأعداء لها لحصدها وحلول الإصر والدّرك لكمال سهوهم ، أو لوهمهم حرس الأطواد لهم .

(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ) الهادّ المهلك (مُصْبِحِينَ) ( 83 ) كسوء السّحر .

----------

استظلوا بها من الحر فأحرقتهم بصاعقة (فإنهما) أي سدوم والأيكة أو الأيكة ومدين لدلالة الأيكة عليها لأنه بعث إليهما (لبإمام مبين) بطريق واضح وسمي إماما لأنه يؤم وكذا اللوح .

(ولقد كذب أصحاب الحجر) واد بين المدينة والشام وهم ثمود كانوا يسكنونه (المرسلين) لأن تكذيبهم صالحا تكذيب لسائر الرسل لمجيء الكل بالتوحيد (وءاتيناهم ءاياتنا) الناقة وما فيها من المعجزات (فكانوا عنها معرضين) لا يعتبرون بها (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا ءامنين) من خرابها وسقوطها عليهم أو من العذاب (فأخذتهم الصيحة مصبحين) داخلين في

ص: 231

(فَما أَغْنى) صدّ وردّ (عَنْهُمْ) الدّرك المرسل لهلاكهم ما إحكام محالّ ولمّ الأموال وإعداد العدد (كانُوا يَكْسِبُونَ) ( 84 ) طول أعمارهم .

(وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ) كلّها (وَالْأَرْضَ) عموما (وَما) كلّ (بَيْنَهُما) صرع السّماء وصرع الرّمكاء (إِلَّا) أسرا موصولا (بِالْحَقِّ) والسّداد وما هما مع ما وسطهما أهلا لأهل السّوء والطلاح دواما والأصلح ح إهلاك الدعّار (وَإِنَّ السَّاعَةَ) الموعود ورودها للعدل والعدل ، سمّاها سعواء لحصولها دهما أو لعدّها صدد اللّه كسعواء (لَآتِيَةٌ) لا محال واللّه معامل مع ردّادك كأعمالهم (فَاصْفَحِ) محمّد ( ص ) وصدّ (الصَّفْحَ) الصّدود (الْجَمِيلَ) ( 85 ) الملاح واطرح إكراههم ، وورد هو حكم محدود حدّه أمر العماس مع الأعداء ، أو عاملهم كما عامل أولو حلم وح ما حدّ حكمه .

(إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ هُوَ) وحده (الْخَلَّاقُ) للكلّ وله أمرك وأمرهم ، ورووا كعالم (الْعَلِيمُ) ( 86 ) واسع العلم ومطّلع لحالك وحالهم وحاكم عدلا .

(وَلَقَدْ آتَيْناكَ) محمّد ( ص ) إعلاما والمراد الحمد للّه كما رواه الإمام محمّد ومسلم أو سورا والمراد الطوال أو سهاما (سَبْعاً مِنَ) لإعلام المراد أو مدلولها الكسر (الْمَثانِي) لدرسها مكرّرا حال أداء المأمور المعهود أو لمّا كرّر

----------

الصباح (فما أغنى) دفع (عنهم) العذاب (ما كانوا يكسبون) من نحت القصور وجمع المال .

(وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق) إلا متلبسة بالحكم والأغراض الصحيحة (وإن الساعة لآتية) فيجازي كلا بعلمه (فاصفح الصفح الجميل) أعرض عن قومك إعراضا بحلم قيل نسخ بآية السيف وقيل هو في حقوقه فلا نسخ (إن ربك هو الخلاق) الكثير الخلق (العليم) بخلقه وتدبيرهم .

ص: 232

كلمها ومواعدها وروادعها وادّكارها أو لمّا مدلولها مدح اللّه الواحد (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) ( 87 ) طلعه صدد اللّه .

(لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) طموح راكح آمل وآسل (إِلى ما) حمّ ومال وملك (مَتَّعْنا بِهِ) الحمّ (أَزْواجاً) صروعا (مِنْهُمْ) أعداء الإسلام كالهود ورهط روح اللّه وطوّع السّاعور (وَلا تَحْزَنْ) ودع السّدم والحسر (عَلَيْهِمْ) لعدم إسلامهم ، أو لما أعطوا أملاكا وأموالا (وَاخْفِضْ) وسهّل ومهّد (جَناحَكَ) حراك (لِلْمُؤْمِنِينَ) ( 88 ) معك وهم أولو عدم وعسر وارحمهم وآله عمّا مرّ .

(وَقُلْ) لهم حال عدم إسلامهم (إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ) أروّعكم حلول الدّرك والحدّ حال عدم إسلامكم (الْمُبِينُ) ( 89 ) السّاطع .

وأرسل لك (كَما أَنْزَلْنا) أوّلا (عَلَى) أهل الطّرس (الْمُقْتَسِمِينَ)

----------

(ولقد ءاتيناك سبعا) هي الفاتحة وقيل السور السبع الطوال (من المثاني) بيان للسبع وهي من الثناء لأنها يثني على الله أو من التثنية لأنها تثنى تلاوتها أو ألفاظها (والقرءان العظيم) من عطف الكل على الجزء، وعنهم (عليهم السلام) نحن المثاني التي أعطاها الله نبيه، أقول وجهه أن أسماءهم بعد إسقاط المكرر سبع وأنهم ثاني الثقلين .

(لا تمدن عينيك) لا تنظرن نظر راغب (إلى ما متعنا به أزواجا منهم) أصنافا من الكفار فإنه حقير بالنسبة إلى ما أوتيته من القرآن وغيره فإنه المؤدي إلى النعيم الباقي (ولا تحزن عليهم) إن لم يؤمنوا (واخفض جناحك) ألن جانبك (للمؤمنين وقل إني أنا النذير) للخلق من عذاب الله (المبين) للإنذار بالحجج .

ص: 233

( 90 ) وهم الملأ

(الَّذِينَ جَعَلُوا) أصاروا (الْقُرْآنَ) المرسل لك أو طر هسم (عِضِينَ) ( 91 ) كسورا سدادا وولعا وسحرا وسمرا وسواهما ، أو أطاعوا كسرا وردّوا كسرا .

(فَوَ) اللّه (رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح واحدا واحدا معادا (أَجْمَعِينَ) ( 92 ) معا .

(عَمَّا كانُوا) دار الأعمال (يَعْمَلُونَ) ( 93 ) ردّا وطلاحا وأعامل معهم عدلا كأعمالهم .

(فَاصْدَعْ) صرّح الأود والسّداد (بِما) أحكام وأوامر للموصول ، أو للمصدر (تُؤْمَرُ) أمرك اللّه وادّها (وَأَعْرِضْ) صدّ (عَنِ) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) ( 94 ) مع اللّه إلها سواه .

(إِنَّا كَفَيْناكَ) أمر الرّهط (الْمُسْتَهْزِئِينَ) ( 95 ) وهم العاص والأسود والأسود سواه وما سواهم عادوا رسول اللّه صلعم وعدوا الحدّ وأهلكهم اللّه .

(الَّذِينَ يَجْعَلُونَ) ورها (مَعَ اللَّهِ) الواحد الأحد (إِلهاً آخَرَ) سواه (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ( 96 ) حالا أو معادا مال أمرهم .

----------

(كما أنزلنا) متعلق بآتيناك أي أنزلنا عليك القرآن كما أنزلنا (على المقتسمين) وهم أهل الكتاب (الذين جعلوا القرءان عضين) أجزاء حيث آمنوا ببعض وكفروا ببعض (فوربك لنسألنهم أجمعين) أي المقتسمين أو جميع المكلفين (عما كانوا يعملون) فيجازيهم عليه .

(فاصدع بما تؤمر) اجهر به أو فرق بين الحق والباطل (وأعرض عن المشركين) لا تبال بهم ولا تلتفت إليهم (إنا كفيناك المستهزءين) بإهلاكهم وكانوا خمسة أو ستة من أشراف قريش أهلك كل منهم بآية (الذين يجعلون مع

ص: 234

(وَلَقَدْ نَعْلَمُ) حاصلا (أَنَّكَ) محمّد ( ص ) (يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما) كلام (يَقُولُونَ) ( 97 ) وهو إلهادهم أمرك ، أو الكلام المرسل ، أو عدلهم مع اللّه إلها سواه .

(فَسَبِّحْ) موصولا (بِحَمْدِ) اللّه (رَبِّكَ) أو إل لكرمه أوصل أو طهّره عمّا وهموا حامدا له (وَكُنْ مِنَ) الملأ (السَّاجِدِينَ) ( 98 ) للّه .

(وَاعْبُدْ) وألّه وأطع اللّه (رَبَّكَ) دواما (حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) ( 99 ) الهلاك والسّام .

----------

الله إلها آخر فسوف يعلمون) سوء عاقبتهم .

(ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) من تكذيبك والطعن في القرآن .

(فسبح) متلبسا (بحمد ربك وكن من الساجدين) المصلين وكان (صلى الله عليه وآله وسلّم) إذا أفزعه أمر فزع إلى الصلاة .

(واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) الموت لأنه متيقن أي اعبده ما دمت حيا.

ص: 235

ص: 236

سورة النحل

ص: 237

ص: 238

( سورة النّحل )

موردها امّ الرّحم ومحصول مدلولها :

الهول لورود المعاد وأدلّاء الوجود ، وإعلام آلاء لا إحصاء لها وأحكام الرّمكاء مع الأطواد ، والرّدّ لأهل الرّدّ وإعطاء عدل مكر أهل المكر ، وطرد الأملاك حال ورود السّام للطلّاح ، وإعلام حال أهل الصّدود وسلامهم حال ورود السّام للصلحاء ، وإعلاء حال الرّسل الأول والأمم الأول ، وإعلام رحل الرّسول صلعم لمصره وأهل الرّحل معه ، ولوم أهل العدول لوأدهم الأولاد ، وإعلام أسماء اللّه ، وإرساله المطر لإصلاح العالم ، وإعلام مصالح العسل ، وإعلاء حال أهل الإسلام وأهل الرّدّ ، وإمساك ما طار وسط الهواء ، ولوم أهل الرّدّ ، وإعلام إصرهم ، وأمر العدل وردع كسر العهد ، وردّ المارد المطرود عمّا أسلم ، وإرسال كلام محوّل لكلام مرسل أوّلا لحكم ومصالح ، وإحلال إعلاء الردّ حال الإكراه والرّوع ، وإعلام الإحرام والإحلال ، وأمر الإمساك حال العسر واللّأواء ، ووعد الإمداد والإسعاد لأهل الإسلام والرّوع .

ص: 239

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

لمّا حاولوا وسألوا ورود ما وعدوا مسرعا ردّا وإلهادا ووهموا لو صحّ ورود الإصر لأسعدهم دماهم ودسعوا إصرهم ورد .

(أَتى) ورد وحلّ (أَمْرُ اللَّهِ) أراد أحمّ حلوله ، والأمر السّعواء أو إهلاك اللّه وإصره لهم (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) دعوا سؤاله ردّا وإلهادا أمام عصره ، ولمّا لسم ما مرّ عطوهم للّه عدلاء ورد (سُبْحانَهُ) طهرا له (وَتَعالى) وعلا اللّه علوّا كاملا (عَمَّا) عدلاء (يُشْرِكُونَ) ( 1 ) مع اللّه الواحد الأحد .

----------

(16 سورة النحل مائة وثمان وعشرون آية مكية إلا )

(( وإن عاقبتم) إلى آخرها وقيل أربعون من أولها مكية والباقي مدنية.)

بسم الله الرحمن الرحيم

(أتى أمر الله) الموعود به وهو يوم القيامة وعبر بالماضي لتحققه (فلا تستعجلوه) قبل وقته (سبحانه وتعالى عما يشركون) تنزه عن إشراكهم

ص: 240

(يُنَزِّلُ) اللّه (الْمَلائِكَةَ) ملك الألوك (بِالرُّوحِ) الإعلام والإلهام أو كلام اللّه (مِنْ أَمْرِهِ) حكمه (عَلى) كلّ (مَنْ يَشاءُ) إرساله (مِنْ عِبادِهِ) وهم الرّسل (أَنْ) للصّدع أو للمصدر (أَنْذِرُوا) روّعوا أعداء الإسلام وأعلموهم (أَنَّهُ) الأمر (لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا أَنَا) والمراد لا معادل ولا مساهم (فَاتَّقُونِ) ( 2 ) وروعوا .

(خَلَقَ) اللّه (السَّماواتِ) كلّها (وَ) أسر (الْأَرْضَ) معا (بِالْحَقِّ) السّداد أو الحكم والاسرار (تَعالى) علا اللّه علوّا كاملا (عَمَّا) عدلاء (يُشْرِكُونَ) ( 3 ) الاعماء مع اللّه أراد دماهم .

(خَلَقَ) اللّه (الْإِنْسانَ) أراد العدوّ الرّادّ للمعاد (مِنْ نُطْفَةٍ) عطل لا حسّ لها ولا حراك ، وأصاره محكما ورعرعه وأصلحه وكمّله (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ) كامل لدد ومراء مع اللّه كامل الطّول (مُبِينٌ) ( 4 ) ساطع لدده أصل الكلام .

(وَ) أسرّ (الْأَنْعامَ) السّوام العلكوم والأطوم وما سواهما ، طرح العامل لما دلّ له (خَلَقَها) أسرّها (لَكُمْ) أولاد آدم (فِيها) السّوام (دِفْءٌ) ما هو داسع الصّرد ، والمراد مصالح الاصطلاء كالكساء والرداء (وَمَنافِعُ )

----------

(ينزل الملائكة بالروح) بالوحي أو القرآن فإنه حياة القلوب (من أمره) بإرادته (على ما يشاء من عباده) أن يخصه بالرسالة (أن أنذروا) خوفوا الكفرة بالعقاب وأعلموهم (أنه لا إله إلا أنا فاتقون) خافوا مخالفتي .

(خلق السموات والأرض بالحق) بمقتضى الحكمة (تعالى عما يشركون) به من خلقه (خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم) منطيق يجادل عن نفسه (مبين) لحجته (والأنعام) الإبل والبقر والغنم (خلقها لكم) لانتفاعكم (فيها دفء) ما يستدفأ به من البرد من لباس ونحوه (ومنافع) من نسل ودر وركوب

ص: 241

كالأولاد والدرّ وحمل الأحمال (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) ( 5 ) اللحوم والدّسوم .

(وَلَكُمْ فِيها) السّوام (جَمالٌ) مهاه وكمال (حِينَ تُرِيحُونَ) حال ردّها للمراح مساء (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) ( 6 ) حال إرسالكم لها مسارحها للسّوم سحرا .

(وَتَحْمِلُ) السّوام (أَثْقالَكُمْ) أحمالكم وورد أعطالكم (إِلى بَلَدٍ) طروح (لَمْ تَكُونُوا) حال عدمها (بالِغِيهِ) وصّالا له (إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) الكاداء والكدّ هو مكسورا وكدهر وهو واحد مدلولا ، وورد حماداهما مصدر مدلوله الصّدع والأوّل مدلوله الصّدع مع الهاء (إِنَّ) اللّه (رَبَّكُمْ) إلهكم ومولاكم ومصلح أموركم (لَرَؤُفٌ) كامل مراحم لما رحمكم لأسر الحوامل (رَحِيمٌ) ( 7 ) واسعها .

(وَ) أسرّ (الْخَيْلَ) الكراع (وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ) الحمر (لِتَرْكَبُوها) لحمل أعطالكم علاها (وَزِينَةً) وكمالا ومهاها ، ولمّا عدّ مصالح الكراع وما عدّ معها الأكل علم حلّ لحمها وهو معاك رهط كالإمام الأكمل والحكم ومالك ، أو ما حوول الإحصاء وعدّ الآلاء كلّها وح حلّ أكل لحومها ولما رواه محمّد ومسلم وهو معاك عطاء وأحمد ، ورووا مع عدم الواو وهو مصدر حلّ محلّ الحال أو

----------

(ومنها تأكلون) ما يؤكل منها كاللحوم والألبان وقدم الظرف للفاصلة .

(ولكم فيها جمال) زينة (حين تريحون) تردونها إلى مراحها بالعشي (وحين تسرحون) ترسلونها إلى مرعاها بالغداة (وتحمل أثقالكم) أحمالكم (إلى بلد لم تكونوا بالغيه) بأنفسكم فضلا عن أثقالكم (إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم) بكم حيث أنعم بها (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) ولتتزينوا بها

ص: 242

معلّل (وَيَخْلُقُ) اللّه (ما) عالما حالا أو وسط دارالسّلام والسّاعور (لا تَعْلَمُونَ) ( 8 ) أصلا .

(وَعَلَى اللَّهِ) لا سواه عطاء وكرما (قَصْدُ) مصدر (السَّبِيلِ) إعلاء سواء الصّراط الموصل للسّداد ، والمراد هداه والدّعاء له إعلاما للدّوالّ (وَمِنْها) الصّراط (جائِرٌ) راكح عمّا السّداد (جائِرٌ) راكح عمّا السّداد (وَلَوْ شاءَ) أراد اللّه إصلاحكم (لَهَداكُمْ) أولاد آدم (أَجْمَعِينَ) ( 9 ) معا سواء الصّراط .

(هُوَ) اللّه (الَّذِي أَنْزَلَ) أرسل (مِنَ السَّماءِ) السّدّ والمعصر ماءً مطرا (لَكُمْ) لمصالحكم أو حاصل لكم طرّا (مِنْهُ) الماء (شَرابٌ) محسّو (وَمِنْهُ شَجَرٌ) دوح وكلاء (فِيهِ تُسِيمُونَ) ( 10 ) سوّامكم سام الكلام رعاه واسامة مالكه أرعاه .

(يُنْبِتُ) اللّه (لَكُمْ) لمصالحكم (بِهِ) الماء (الزَّرْعَ) للطّعام (وَالزَّيْتُونَ) لأدام والمهاة (وَالنَّخِيلَ) السّواطع (وَالْأَعْنابَ) الكروم للأحمال (وَ) ماصلا (مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) وكلّ الأحمال محلّها دارالسّلام

----------

زينة (ويخلق ما لا تعلمون) من أنواع الحيوانات وغيرها أو مما أعد في الجنة أو النار .

(وعلى الله قصد السبيل) بيان الطريق المستقيم المفضي إلى الحق (ومنها جائر) ومن السبل ما هو مائل عن القصد (ولو شاء) مشيئة حتم (لهداكم أجمعين) أو لهداكم إلى الجنة تفضلا (هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب) ما تشربونه (ومنه شجر) ينبت بسببه (فيه تسيمون) ترعون أنعامكم (ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات

ص: 243

(إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) وادّكارا (لِقَوْمٍ) كامل (يَتَفَكَّرُونَ) ( 11 ) مال الأمور .

(وَسَخَّرَ) وسهّل اللّه (لَكُمُ) لمصالحكم (اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) وأعدّهما لركودكم وحراككم (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) أعدّهما للحر والصّرّ واللّمع (وَالنُّجُومُ) كلّها أعدّها لأسرار وأحكام كما أورده العلماء الحكماء (مُسَخَّراتٌ) حال لكلّ أو مصدر ، وورد محمولا لما ورد أمامه محمّا وهو إعلام لعموم الحكم وراء سمومه (بِأَمْرِهِ) إحمامه وحكمه (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) اعلاما ودوالّ (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ( 12 ) الأسرار والأحكام .

(وَ) سهّل لكم كلّ (ما ذَرَأَ) أسر (لَكُمْ) كالدّوح والأحمال والسّوام (فِي الْأَرْضِ) الرّمكاء (مُخْتَلِفاً) حال (أَلْوانُهُ) صروعه كاحمر وأسود ومصحاما ومحوّرا (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) علما ودالّا (لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) ( 13 ) معاودهم الادّكار .

----------

إن في ذلك) المذكور (لآية) على وحدانيته وقدرته (لقوم يتفكرون) في صنعه المحكم العجيب .

(وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره) حال من جميعها أي أعدها لمنافعكم حال كونها مسخرة لحكمه وقرىء برفع الشمس وما بعدها مبتدأ وخبره مسخرات (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) يتدبرون (وما ذرأ) وسخر (لكم) ما خلق (في الأرض) من حيوان ونبات ومعدن (مختلفا ألوانه) مع اتحاده جنسا أو نوعا أو صنفا (إن في ذلك لآية لقوم يذكرون) إن ذلك إنما يصدر من قادر حكيم .

ص: 244

(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي سَخَّرَ) وسهّل لكم (الْبَحْرَ) المالح (لِتَأْكُلُوا مِنْهُ) الدّاماء الملح (لَحْماً طَرِيًّا) هو السّمك (وَتَسْتَخْرِجُوا) ورودا (مِنْهُ حِلْيَةً) ما هو مهاه وكمال أراد اللّؤلؤ (تَلْبَسُونَها) أعراسكم سامح لما مهاهها لهم (وَتَرَى) حسّا (الْفُلْكَ) رواحل الدّاماء (مَواخِرَ) صوادع للماء حال رودها (فِيهِ) الدّاماء أصل الكلام لادّكاركم (وَلِتَبْتَغُوا) ولرحلكم ورومكم عطاء مالا ووسعا (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه (وَلَعَلَّكُمْ) حال علمكم الآلاء (تَشْكُرُونَ) ( 14 ) اللّه .

(وَأَلْقى) اللّه ووطد (فِي الْأَرْضِ) أطوادا (رَواسِيَ) محاكم (أَنْ) لا (تَمِيدَ) الرّمكاء أو كره حراكها (بِكُمْ) ما درمك وحرك حراكا كاملا ، ورد لمّا أسر اللّه الرّمكاء وحصل لها المور وكلّم الأملاك ما هو مركد أحد أحكمها اللّه مع الأطواد ، وما علم الأملاك ممّ أسرها اللّه (وَ) أسر وأسال وسطها (أَنْهاراً) مسل ماء كداماء مصر وداماء دارالسّلام (وَ) أصار لكم (سُبُلًا) صرطا (لَعَلَّكُمْ) حال رحلكم (تَهْتَدُونَ) ( 15 ) لمراحلكم ورحالكم .

----------

(وهو الذي سخر البحر) هيأه لانتفاعكم به ركوبا وأكلا أو لبسا (لتأكلوا منه لحما طريا) هو السمك (وتستخرجوا منه حلية تلبسونها) هي اللؤلؤ والمرجان (وترى الفلك) السفن (مواخر فيه) جواري تمخر الماء أي تشقه بصدرها (ولتبتغوا) تطلبوا (من فضله) تعالى بركوبه للتجارة (ولعلكم تشكرون) الله .

(وألقى في الأرض رواسي) جبالا ثوابت (أن تميد بكم) كراهة أن تضطرب (و) جعل فيها (أنهارا وسبلا) طرقا (لعلكم تهتدون) لمقاصدكم أو إلى توحيده تعالى .

ص: 245

(وَ) أصار لكم (عَلاماتٍ) معالم صرط ودوالّه كالدّوح ومسل الماء والوهاد والطّود والسّهل (وَبِالنَّجْمِ) سمرا عموما أو سموما (هُمْ) الحمس أو أولاد آدم (يَهْتَدُونَ) ( 16 ) لمصامدهم لما صاروا لأوطارهم أو ودعهم صحراء وداماء .

(أَ فَمَنْ) إله (يَخْلُقُ) ما هو مراده وهو اللّه (كَمَنْ لا يَخْلُقُ) أصلا المراد دماهم لا (أَ فَلا تَذَكَّرُونَ) ( 17 ) ما مرّ .

(وَإِنْ تَعُدُّوا) إحصاء (نِعْمَةَ اللَّهِ) الاه أراد صرعها (لا تُحْصُوها) الإحصاء عدّ الكلّ ، والحاصل إحصاؤكم لها عسر وأداء محامدها ح محال لكم لا محال (إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ) محاء للاصار والمعارّ (رَحِيمٌ) ( 18 ) واسع الرّحم .

(وَاللَّهُ) العلّام (يَعْلَمُ) دواما كلّ (ما) إسرار (تُسِرُّونَ) طلاحا (وَ) كلّ (ما) أعمال (تُعْلِنُونَ) ( 19 ) كلام موعد .

----------

(وعلامات) تستدلون بها على الطرق من جبل ونحوه نهارا (وبالنجم) أي الجنس أو الثريا أو الفرقدان أو الجدي أو بنات نعش (هم) أي السائرة الدال عليهم ذكر السبيل (يهتدون) إلى الطرق وروي بالجدي يهتدى إلى القبلة، وعن الصادق (عليه السلام) نحن العلامات والنجم رسول الله .

(أفمن يخلق) هذه الأشياء وهو الله (كمن لا يخلق) شيئا وهو الأصنام (أفلا تذكرون) ذلك فتوحدوا الله (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) لا تحصروا عددها فضلا عن شكرها (إن الله لغفور) لتقصيركم في شكرها (رحيم) حيث لم يقطعها بتقصيركم (والله يعلم ما تسرون وما تعلنون) من نية وعمل وفيه توبيخ ووعيد على إشراكهم بعالم السر والعلن جمادات لا يشعرون .

ص: 246

(وَ) دماكم (الَّذِينَ يَدْعُونَ) إلها (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (لا يَخْلُقُونَ) هؤلاء العواطل (شَيْئاً) ما (وَهُمْ) دماكم (يَخْلُقُونَ) ( 20 ) أسرهم اللّه أو صوّرهم مصوّروهم .

(أَمْواتٌ) لا روح لهم (غَيْرُ أَحْياءٍ) لا إحساس لهم ولا حراك مؤكّد (وَما يَشْعُرُونَ) دماكم (أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) ( 21 ) عصر معاد طوّعهم للعدل والعدل والإله هو الأسر العالم للكلّ وعلم ممّا مرّ .

(إِلهُكُمْ) الأهل للطّوع والأول (إِلهٌ) مألوه للكلّ (واحِدٌ) أحد لا معادل له أصلا ، ولا اسما ولا رسما وهو اللّه (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِالْآخِرَةِ) السّعواء الموعود ورودها أمدا (قُلُوبُهُمْ) لسوء أسرارهم (مُنْكِرَةٌ) دواما لوحود الإله ، وهو إعلام لما هو داع لإصرارهم وراء سطوع السّداد (وَ) الحال (هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) ( 22 ) عمّا أمروا وهو الإسلام .

----------

(والذين يدعون) تعبدونهم (من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون) هم (أموات غير أحياء) تأكيد (وما يشعرون) أي الأصنام (أيان يبعثون) وقت بعثهم وبعث عبدتهم فكيف يعبدون وإنما يعبد الخالق الحي العالم بالغيب .

(إلهكم) المستحق للعبادة (إله واحد) لا إله معه (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة) للوحدانية (وهم مستكبرون) عن قبول الحق (لا جرم) حقا (أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون) فيجازيهم به (إنه لا يحب المستكبرين) عن التوحيد أو كل متكبر .

ص: 247

( لا جَرَمَ) لا محال (أَنَّ اللَّهَ) العلّام (يَعْلَمُ) علما لا إعوار معه كلّ ما عمل وأمر (يُسِرُّونَ وَ) كلّ (ما) عمل وأمر (يُعْلِنُونَ) أو سرّهم وحسّهم ومعامل معهم عدلا كأعمالهم ، وهو كلام موعد (إِنَّهُ) اللّه (لا يُحِبُّ) الملأ (الْمُسْتَكْبِرِينَ) ( 23 ) عمّا أمروا ، وهم أعداء الإسلام .

(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) لهؤلاء الأعداء وسألهم أحد (ما) للسّؤال (ذا) هو موصول (أَنْزَلَ) أرسل اللّه (رَبُّكُمْ) لمحمّد صلعم (قالُوا) حاوروا هو (أَساطِيرُ) أسمار الأمم (الْأَوَّلِينَ) ( 24 ) صدّا للدّهم .

(لِيَحْمِلُوا) مالا (أَوْزارَهُمْ) آصارهم ومعارّهم (كامِلَةً) عمما ما حطّ ماصلها (يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود ورودها للعدل والعدل (وَمِنْ) للموصول والكسر (أَوْزارِ) معار الملأ (الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) الحال (بِغَيْرِ عِلْمٍ) لما هم دعو الأحماء للعمه وطاوعوهم وساهموهم إصرا وهو حال (أَلا) اعلموا (ساءَ ما) حملا (يَزِرُونَ) ( 25 ) مدلوله الحمل حملهم المسطور .

----------

(وإذا قيل لهم) لمقيمي طرق مكة لصد الناس والقائل الوافدون عليهم أو المسلمون (ما ذا) أي شيء (أنزل ربكم) وما الذي أنزله (قالوا أساطير الأولين) أي المنزل في زعمكم أكاذيب الأولين .

(ليحملوا) أي كانت عاقبة أمرهم حين قالوا ذلك إضلالا للناس أن حملوا (أوزارهم) ذنوبهم (كاملة يوم القيامة) لا تخفف من عقابهم شيء (ومن) وبعض (أوزار الذين يضلونهم) شاركوهم في إثم ضلالهم لأنهم دعوهم إليه فاتبعوهم (بغير علم) أي جاهلين كونهم ضلالا ولا عذر لهم بجهلهم إذ كان عليهم الفحص ليميزوا المهتدي من الضال (ألا ساء ما يزرون) بئس شيء يحملونه حملهم هذا .

ص: 248

(قَدْ مَكَرَ) الملأ (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) أوّلا وعمّروا صرحا سامكا لصعودهم السّماء لعماس أهلها (فَأَتَى اللَّهُ) عمد عمدا هو أهله (بُنْيانَهُمْ) صرحهم (مِنَ الْقَواعِدِ) العمد ، أرسل اللّه صرصرا وصعصع الصّرع وهدمه (فَخَرَّ) هار (عَلَيْهِمُ السَّقْفُ) السّطح السّامك (مِنْ فَوْقِهِمْ) وهلكوا كلّهم (وَأَتاهُمُ الْعَذابُ) وردهم الحدّ (مِنْ حَيْثُ) محلّ (لا يَشْعُرُونَ) ( 26 ) امام وروده لا وهم لهم لحلوله ولا طمع ، وهو حال حكاها اللّه .

(ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود ورودها للعدل والعدل (يُخْزِيهِمْ) طردا أو إحلالا لهم دار الآلام (وَيَقُولُ) اللّه للأملاك اسألوهم (أَيْنَ شُرَكائِيَ) الموهوم لكم إله (الَّذِينَ كُنْتُمْ) رهط طلّاح دار الأعمال (تُشَاقُّونَ) أهل الإسلام وهو اللّدد والعداء ، ورووه مكسور الأمد (فِيهِمْ) أمرهم (قالَ) الرّسل وعلماء أممهم اللّاءوا دعوهم للإسلام وهم عادوهم وما سمعوا كلامهم ، أو الأملاك (الَّذِينَ أُوتُوا) أعطوا (الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ) الحسل وعدم الإكرام (الْيَوْمَ) الحال (وَالسُّوءَ) الدّرك والحدّ حال (عَلَى) الأمم (الْكافِرِينَ) ( 27 ) ردّاد الإسلام .

----------

(وقد مكر الذين من قبلهم فأتى الله) أي أمره (بنيانهم من القواعد) الأساس (فخر عليهم السقف من فوقهم) أي وكانوا تحته (وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) لا يحتسبون .

(ثم يوم القيامة يخزيهم) يفضحهم أو يدخلهم النار (ويقول) توبيخا لهم (أين شركائي) بزعمكم (الذين كنتم تشاقون) تعادون المؤمنين (فيهم قال الذين أوتوا العلم) الأنبياء والعلماء والملائكة (إن الخزي اليوم والسوء) الذل والعذاب (على الكافرين) يقولونه شماتة بهم .

ص: 249

(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ) هو عطو أرواحهم (الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) لردّهم الإسلام (فَأَلْقَوُا السَّلَمَ) الصّلح أو الطّوع ، وطاعوا وأعملوا عكس ما عملوا لما أحسّوا إعلام ورود السّام أو السّعواء وكلامهم ح (ما كُنَّا) أوّلا (نَعْمَلُ مِنْ) مؤكّد (سُوءٍ) عدل مع اللّه ، وردّ علاهم أولو العلم وحاوروهم ، أو اللّه ، أو الأملاك (بَلى إِنَّ اللَّهَ) العلام (عَلِيمٌ) واسع علم (بِما) كلّ عمل (كُنْتُمْ) أوّلا (تَعْمَلُونَ) ( 28 ) ومعاملكم كأعمالكم .

(فَادْخُلُوا) أراد كلّ رهط (أَبْوابَ جَهَنَّمَ) موردها المعدّ له ، أو المراد ادراك دار السّاعور (خالِدِينَ) دواما (فِيها) الإدراك (فَلَبِئْسَ) ساء (مَثْوَى) محلّ الأمم (الْمُتَكَبِّرِينَ) ( 29 ) عمّا أمر اللّه دار الآلام .

(وَقِيلَ) سؤالا (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) العدل مع للّه إلها سواه (ما) للسّؤال (ذا) هو موصول (أَنْزَلَ) أرسل اللّه (رَبُّكُمْ) إلهكم ومولاكم لمحمّد صلعم (قالُوا) حوارا أرسل (خَيْراً) صلاحا وسدادا (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا) أسرارهم وأسلموا وأعمالهم ومحصوها للّه (فِي هذِهِ) الدّار (الدُّنْيا) حال (حَسَنَةٌ) عمر امرؤ (وَلَدارُ) الحال (الْآخِرَةِ) دار

----------

(الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) بكفرهم (فألقوا السلم) استسلموا عند الموت قائلين (ما كنا نعمل من سوء) كفر فتكذبهم الملائكة (بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون) فيجازيكم (فادخلوا أبواب جهنم) على حسب منازلكم في دركاتها (خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين) هي .

(وقيل للذين اتقوا) هم المؤمنون (ماذا أنزل ربكم قالوا) أنزل (خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة) كرامة معجلة (ولدار الآخرة) أي ثوابهم

ص: 250

السّلام والمراد عدلهم حال حلولها (خَيْرٌ) أملح وأمرأ مما مر (وَلَنِعْمَ دارُ) الأمم (الْمُتَّقِينَ) ( 30 ) عمّا حرّم اللّه دارالسّلام .

(جَنَّاتُ عَدْنٍ) محمول لمطروح (يَدْخُلُونَها) حال (تَجْرِي) اطّرادا (مِنْ تَحْتِهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدّر والرّاح والعسل (لَهُمْ) لصوالح أعمالهم (فِيها) دارالسّلام (ما يَشاؤُنَ) وهو صروع الآلاء والآمال (كَذلِكَ) كما مر (يَجْزِي اللَّهُ) كرما ورحما (الْمُتَّقِينَ) ( 31 ) العدول والطلاح .

(الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ) هو عطو الأرواح (الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ) أطهارا عمّا عمل أعداء الإسلام ، أو أهل سرور لإعلام الأملاك لهم ورودهم دارالسّلام ، أو لعطو أرواحهم وإحال إدرارهم للّه (يَقُولُونَ) الأملاك لهم لمّا وردهم السّلام (سَلامٌ عَلَيْكُمْ) لا مكروه لكم وراء ، وأمروا معادا (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) دارالسّلام معلّلا (بِما كُنْتُمْ) أوّلا (تَعْمَلُونَ) ( 32 ) للّه .

(هَلْ) ما (يَنْظُرُونَ) هؤلاء الأعداء المارّ أحوالهم أمرا (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ) إلّا ورود الأملاك لعطو أرواحهم (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ) اللّه (رَبِّكَ) وهو

----------

في الآخرة (خير) منها وهو وعد للذين اتقوا أو من قولهم تفسير الخير (ولنعم دار المتقين) هي (جنات عدن) إقامة خبر محذوف أو المخصوص بالمدح أو مبتدأ خبره (يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون) النكتة في تقديم فيها الدلالة على أن الإنسان لا يجد كل ما يريده إلا فيها (كذلك) الجزاء (يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين) طاهرين من الشرك أو طيبة وفاتهم لا صعوبة فيها (يقولون) لهم عند الموت (سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون هل ينظرون) ما ينتظر الكفار (إلا أن تأتيهم الملائكة) لتوفيهم (أو يأتي أمر ربك) القيامة أو العذاب المعجل

ص: 251

الحرّ المصطلم أو السّعواء (كَذلِكَ) كما عدل هؤلاء مع اللّه إلها سواه وردّوا الرّسل (فَعَلَ) عدل الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) أوّلا ووصلهم ما وصلهم (وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ) العدل لمّا دمّرهم (وَلكِنْ كانُوا) أوّلا (أَنْفُسَهُمْ) وحدها (يَظْلِمُونَ) ( 33 ) لمّا عملوا سوءا أصارهم أهلا للهلاك .

(فَأَصابَهُمْ) وصلهم (سَيِّئاتُ ما) درك أعمال سوداء (عَمِلُوا) أوّلا (وَحاقَ) وأحاط (بِهِمْ ما) حدّ وإصر (كانُوا) أوّلا (بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 34 ) والحاصل أحاطهم واصطلمهم ما ألهدوه .

(وَقالَ) أهل الحرم (الَّذِينَ أَشْرَكُوا) مع اللّه إلها سواه إلهادا وردّا للإرسال والأوامر والأحكام (لَوْ شاءَ) أراد (اللَّهُ) الواحد الأحد الصلاح والسّداد وعدم عدل أحد معه (ما عَبَدْنا) طوعا (مِنْ دُونِهِ) سواه (مِنْ) مؤكّد (شَيْءٍ) إله (نَحْنُ) مؤكّد (وَلا آباؤُنا) الولاد والرّؤساء (وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ) سواه (مِنْ) مؤكّد (وَلا آباؤُنا) الولاد والرؤساء ولا (كَذلِكَ) العمل والمراء (فَعَلَ) الأمم (الَّذِينَ) مرّوا (مِنْ قَبْلِهِمْ) عدلوا

----------

(كذلك) كما فعل هؤلاء (فعل الذين من قبلهم) كذبوا رسلهم قد مروا (وما ظلمهم الله) بتدميرهم (ولكن أنفسهم يظلمون) بسوء عملهم .

(فأصابهم سيئات ما عملوا) جزاؤها (وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون) من العذاب أو جزاء استهزائهم .

(وقال للذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء) كأنهم كانوا جبرية أو أشعرية (كذلك فعل الذين من

ص: 252

مع اللّه إلها سواه وردّوا رسلهم وماروهم وحرّموا الحلال (فَهَلْ) ما (عَلَى) الرّهط (الرُّسُلِ) الّلاءوا أرسلوا لإعلام الأحكام (إِلَّا الْبَلاغُ) أداء ما أمر أداؤه (الْمُبِينُ) ( 35 ) السّاطع أمره اللّامع سداده وما علاهم هداهم .

(وَلَقَدْ بَعَثْنا) أوّلا (فِي كُلِّ أُمَّةٍ) رهط (رَسُولًا) معلما ما هو السّداد وهو (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ) وحدوه (وَاجْتَنِبُوا) ودعوا (الطَّاغُوتَ) كلّ ما إله ممّا سواه أو الوسواس ، والمراد طوعه (فَمِنْهُمْ) هؤلاء الأمم (مَنْ) رهط (هَدَى اللَّهُ) هداهم اللّه وأسلموا (وَمِنْهُمْ مَنْ) رهط (حَقَّتْ) لسم (عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) لما علم اللّه سوء أحوالهم وعدم إسلامهم وما أراد هداهم (فَسِيرُوا) وارحلوا ودوروا رهط خمس (فِي) صعد (الْأَرْضِ) الرّمكاء (فَانْظُرُوا) وأحسّوا (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ) مال الأمم (الْمُكَذِّبِينَ) ( 36 ) رسلهم كعاد ورهط صالح لمّا أهلكهم اللّه وهدم دورهم .

----------

قبلهم) فنسبوا إليه مشيئة ما فعلوه من شرك ونحوه كما مر في الأنعام (فهل على الرسل إلا البلاغ المبين) للحق وتنزيه الله عن الظلم .

(ولقد بعثنا في كل أمة رسولا) كما بعثنا في هؤلاء (أن) أي بأن أو أي (اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) أي عبادته (فمنهم من هدى الله) لطف به لأنه من أهله فآمن أو هداه إلى الجنة بإيمانه أو حكم بإيمانه (ومنهم من حقت عليه الضلالة) أي ثبت عليه الخذلان لعلمه بتصميمه على الضلال أو حكم بضلاله أو أضله عن الجنة أو وجب عليه العذاب (فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين) للرسل والحجج .

ص: 253

(إِنْ تَحْرِصْ) محمّد صلعم (عَلى هُداهُمْ) مع علم اللّه عدم هداهم ما هدوا لمّا لا إلّو لك ولا حول علاه (فَإِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يَهْدِي) ورووه لا معلوما وح هو محمول ومحكومه (مَنْ يُضِلُّ) كلّ أحد مراد عدم هداه لمّا علم سوء حاله (وَما لَهُمْ) أصلا (مَنْ) ملأ (ناصِرِينَ) ( 37 ) أرداء ردّاد لآلامهم وآصارهم .

(وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ) الحكم العدل (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) أمد حولهم وحدّ الوهم علاها (لا يَبْعَثُ اللَّهُ) معادا كلّ (مَنْ يَمُوتُ) الحال وأرسل اللّه ردّا لهم (بَلى) اللّه أسرهم ومصوّرهم كما عمل اوّلا وعد اللّه ما مرّ (وَعْداً عَلَيْهِ) اللّه ولسم حصوله وعدمه محال ووطده (حَقًّا) وطدا كلّ واحد مصدر مؤكّد مطروح عامله (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أهل الحرم (لا يَعْلَمُونَ) ( 38 ) سدادا وعده أو المعاد .

(لِيُبَيِّنَ) معلّل اللّام ما مرّ أوّلا وهو الأسر معادا (لَهُمُ) للهلاك أهل الإسلام والأعداء الأمر (الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ) وهو سوّهم مالا وسرور أهل

----------

(إن تحرص على هداهم) أي إيمانهم (فإن الله لا يهدي من يضل) لا يلطف بمن يخذل أو لا يهتدي من يخذله (وما لهم من ناصرين) يمنعونهم من العذاب .

(وأقسموا بالله جهد أيمانهم) مجتهدين فيها (لا يبعث الله من يموت بلى) يبعثهم وعد ذلك (وعدا عليه) إنجازه حقه (حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون) صحة البعث لجهلهم وجه الحكمة فيه أو لتوهمهم امتناعه .

(ليبين لهم) الحق (الذي يختلفون فيه) فيميز المحق من المبطل بالثواب

ص: 254

الإسلام (وَلِيَعْلَمَ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الرّسل (أَنَّهُمْ) هؤلاء الطّلاح (كانُوا) أوّلا لمّا ردّوا عود الأرواح مع الاعطال (كاذِبِينَ) ( 39 ) كلاما .

(إِنَّما) ما (قَوْلُنا) الكلام والأمر (لِشَيْءٍ) ما معدوم (إِذا أَرَدْناهُ) حصوله إلّا (أَنْ نَقُولَ لَهُ) للمعدوم (كُنْ) صر حاصلا (فَيَكُونُ) ( 40 ) حاصلا كما أمر ، ورووه حوارا للأمر .

(وَ) الملأ (الَّذِينَ هاجَرُوا) الدّور والأحمّاء (فِي اللَّهِ) للّه روما لودّه ، وهم رسول اللّه صلعم ورهطه (مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) حدلهم أهل لحرم ورحلوا وحادوا ، وعمد رهط مصار السّود أوّلا وعادوا لمصر الرّسول صلعم ، ورهط عمدوا مصر الرّسول أوّلا ، أو المراد رهط إسلام حصروا وأولموا وراء رحل رسول اللّه صلعم وهم عمّار ورهط معه (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) أحلّهم (فِي) الدّار (الدُّنْيا) دارا (حَسَنَةً) أراد مصر رسول صلعم آواهم أهله وأمدّوهم ، أو مدح لمصدر العامل المسطور (وَلَأَجْرُ) الدّار (الْآخِرَةِ) الموعود حلولها أمدا والعدل المعدّ لهم معادا (أَكْبَرُ) أكرم لدى اللّه ممّا أعطاه لهم الحال (لَوْ كانُوا) أعداء الإسلام أو أهل الرّحل للّه الحال (يَعْلَمُونَ) ( 41 ) ما أعدّ لأهل الإسلام

----------

والعقاب (وليعلم الذين كفروا أنهم كانوا كاذبين) في نفيهم البعث .

(إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) فالبعث والحشر لا يتوقف إلا على أمره .

(والذين هاجروا في الله) في سبيله (من بعد ما ظلموا) بالأذى (لنبوئنهم) لننزلنهم (في الدنيا حسنة) مباءة حسنة وهي المدينة (ولأجر الآخرة) ثوابها (أكبر) مما نعطيهم في الدنيا (لو كانوا يعلمون) أي الكفار ما للمهاجرين من خير الدارين لوافقوهم أو المهاجرون ما أعد لهم لزاد اجتهادهم .

ص: 255

معادا لطاوعوهم وواطئوهم أو لأكروا كدّهم وكدحهم .

وهم (الَّذِينَ) أو احاولوا اللّاءوا (صَبَرُوا) وكلاهما مدح ، والمراد حملوا مكاره الرّحل وودعوا حرم اللّه المودود صدد الكلّ عموما وصددهم سموما ، لمّا هو محطّ رأسهم ومولدهم وأعطوا أرواحهم لود اللّه (وَعَلى) اللّه (رَبِّهِمْ) وحده (يَتَوَكَّلُونَ) ( 42 ) هو وكول الأمور كلّها للّه مع العول .

ولمّا كلّم الحمس ما اللّه مرسلا أحد ولد أدم أرسل اللّه (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) محمّد ( ص ) رسلا (إِلَّا رِجالًا) أولاد آدم لا أملاكا (نُوحِي إِلَيْهِمْ) موسّطا للأملاك (فَسْئَلُوا) مرهم اسألوا حال إعواركم (أَهْلَ الذِّكْرِ) أهل الطّرس أراد علماءهم ، هل أرسل اللّه أولاد آدم أم ما سواهم (إِنْ كُنْتُمْ) أهل الحرم (لا تَعْلَمُونَ) ( 43 ) ما مرّ .

أرسلوا (بِالْبَيِّناتِ) الدّوالّ اللّوامع السّواطع لإعلاء الرّسل ، وهو حوار لسؤال مدموس وهو مع ما أرسلوا (وَالزُّبُرِ) الطّروس (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (الذِّكْرَ) الكلام الكامل (لِتُبَيِّنَ) إعلاما (لِلنَّاسِ) عموما (ما نُزِّلَ )

----------

(الذين صبروا) على الأذى والهجرة (وعلى ربهم) لا غيره (يتوكلون) فيكفيهم أمورهم .

(وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي) بالنون والياء (إليهم) لا ملائكة رد لإنكارهم كون الرسول بشرا بأن هذا هو السنة مستمرة على مقتضى الحكمة (فسئلوا أهل الذكر) أهل العلم من كانوا أو أهل الكتاب أو أهل القرآن، وعنهم (عليهم السلام) نحن أهل الذكر (إن كنتم لا تعلمون) ذلك فيعلمونكم .

(بالبينات) متعلق بمقدر أي أرسلناهم بالمعجزات (والزبر) الكتب (وأنزلنا إليك الذكر) القرآن (لتبين للناس ما نزل إليهم) فيه من الشريعة

ص: 256

أرسل اللّه (إِلَيْهِمْ) ممّا أمروا وردعوا ووعدوا وأوعدوا (وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) ( 44 ) لإدراكهم ما مر .

(أَ) عهد اللّه السّلام (فَأَمِنَ) وسلم الأعداء (الَّذِينَ مَكَرُوا) رسول اللّه صلعم المكور (السَّيِّئاتِ) أراد مكرهم لإهلاكه ، أو اطراده ، أو اسره ، أو صدّ طوّعه عمّا أسلموا ، وهم اللّاءوا مكروا لهلاك الرّسل (أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ) الملك العدل (بِهِمُ الْأَرْضَ) كما عامل ملأ الهود (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ) المؤلم دروءا (مِنْ حَيْثُ) سدو (لا يَشْعُرُونَ) ( 45 ) كما عامل رهط لوط .

(أَوْ يَأْخُذَهُمْ) الحدّ والإصر (فِي) حال (تَقَلُّبِهِمْ) رودهم رحلهم وعودهم (فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) ( 46 ) اللّه والمراد لا امّلاص لهم .

(أَوْ يَأْخُذَهُمْ) الحدّ والإصر (عَلى تَخَوُّفٍ) وكس لأموالهم وإدرارهم ماصلا ماصلا ، أو روّعهم وروده ووصله كما ورد رهطا امامهم وأهلكوا ، وهو حال (فَإِنَّ) اللّه (رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ) كامل المراحم (رَحِيمٌ) ( 47 ) واسعها لما أمهلكم .

----------

والأحكام (ولعلهم يتفكرون) فيه فيعلمون ما هو الحق (أفأمن الذين مكروا السيئات) أي المكرات السيئات بالرسول من إرادة حبسه أو قتله أو إخراجه (أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون) من جهة لا يتوقعونه كقوم لوط أو قد وقع يوم بدر (أو يأخذهم في تقلبهم) في أسفارهم أو بالليل والنهار (فما هم بمعجزين) بفائتين الله (أو يأخذهم على تخوف) وهم يتخوفون بأن أهلك غيرهم فتوقعوا البلاء أو على تنقص شيئا فشيئا حتى يفنوا (فإن ربكم لرءوف رحيم) حيث لم يعجل النقمة .

ص: 257

(أَ) عموا (وَلَمْ يَرَوْا) وما أحسّوا (إِلى ما) موصول (خَلَقَ اللَّهُ مِنْ) لإعلام مدلول ما (شَيْءٍ) كدوح وطود (يَتَفَيَّؤُا) هو الرّكوح والعود (ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ) صرعه (وَالشَّمائِلِ) واحده كمداد (سُجَّداً) ركعا (لِلَّهِ) الواحد الأحد طوعا أو كرها ، وهو حال (وَ) الحال (هُمْ داخِرُونَ) ( 48 ) مؤدّو أمره ، أحلّوا محلّ أهل الأحلام .

(وَلِلَّهِ) وحده (يَسْجُدُ) طوعا أو كرها (ما) أحلّ (فِي السَّماواتِ) كلّها (وَما) ركد (فِي الْأَرْضِ) معا (مِنْ) اعلام لمراد ما حلّهما (دابَّةٍ) كلّ ما له حسّ وحراك (وَ) سموما (الْمَلائِكَةُ) أعادهم مع علمهم ممّا مرّ إكراما لهم ، أو اعلام لمراد ما حلّ الرّمكاء ، أو المراد ممّا ما له حراك وسط الرّمكاء وح المراد أملاك السّماء كررهم إكراما لهم أو أملاك الرّمكاء (وَهُمْ) الأملاك (لا يَسْتَكْبِرُونَ) ( 49 ) عمّا أمرهم اللّه .

----------

(أولم يروا) وقرىء بالتاء (إلى ما خلق الله من شيء) له ظل كشجر وجبل (يتفيؤا ظلاله) يتميل والفيء والظل بعد الزوال وأصله الرجوع (عن اليمين والشمائل) جمع شمال أي عن جانبي ذوات الظلال وإفراد اليمين وجمع الشمائل لعله للفظ ما ومعناه كافر إذ الضمير في ظلاله وجمعه في (سجدا لله) حال من الظلال أي منقادة لأمره في تقلبها وكذا (وهم داخرون) صاغرون لما فيهم من التسخير ودلائل التدبير وجمع بالواو لأن الدخور للعقلاء .

(ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض) ينقاد لأمره وإرادته (من دابة) بيان لما فيهما على أن في السماء خلقا يدبون والملائكة، من عطف الخاص على العام للتفخيم أو بيان لما في الأرض (والملائكة) تعيين لما في السموات تفخيما وما لتغليب ما لا يعقل لكثرته (وهم) أي الملائكة (لا يستكبرون) عن عبادته .

ص: 258

والحال (يَخافُونَ) الأملاك (رَبَّهُمْ) إلههم ومولاهم (مِنْ فَوْقِهِمْ) المراد هو عال لهم سطوا وح هو حال ، أو المراد روعهم لإرسال الإصر علاهم ممّا علوهم (وَيَفْعَلُونَ) دواما كلّ (ما يُؤْمَرُونَ) ( 50 ) أمر مأمور للّه .

(وَقالَ اللَّهُ) لأهل العالم (لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ) مدلوله الصّرع والعدد المعهود ، ولمّا أراد العدد وحده أورد (اثْنَيْنِ) مصرحا لمّا هو المراد الأهمّ ومؤكّدا للمرام (إِنَّما هُوَ) اللّه (إِلهٌ) ولمّا وهم أراد الصّرع أورد (واحِدٌ) مؤكّد مصرّحا للمراد (فَإِيَّايَ) وحده (فَارْهَبُونِ) ( 51 ) روعوا .

(وَلَهُ) ملكا وأسرا كلّ (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) كلّها (وَالْأَرْضِ) معا (وَلَهُ الدِّينُ) الطّوع أو العدل (واصِباً) لا سما مداوما لمّا هو الإله وحده ، وهو حال (أَ فَغَيْرَ اللَّهِ) الواحد الأحد (تَتَّقُونَ) ( 52 ) ولا إله سواه ، والسّؤال للرّدّ أو اللّوم .

----------

(يخافون ربهم من فوقهم) أي غالبا عليهم بالقهر (ويفعلون ما يؤمرون) به (وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين) تأكيد يؤذن بمنافاة الاثنينية للإلهية (إنما هو إله واحد) أكد تنبيها على لزوم الوحدة للإلهية (فإياي فارهبون) فخافوني لا غيري التفات من الغيبة إلى التكلم للمبالغة في الترهيب .

(وله ما في السموات والأرض) ملكا وخلقا (وله الدين واصبا) حال عاملها له أي له الطاعة دائمة أو الجزاء دائما أي الثواب والعقاب (أفغير الله تتقون) تخشون ولا يقدر على النفع والضر غيره .

ص: 259

(وَ) كلّ ما حلّ (بِكُمْ مِنْ) لإعلام مدلول ما (نِعْمَةٍ) إلّا وهو الصّحّ والوسع والسّرور (فَمِنَ اللَّهِ) مصدر الكلّ صدوره وحصوله (ثُمَّ إِذا) لمّا (مَسَّكُمُ) وصلكم (الضُّرُّ) الدّاء والعدم والمحل (فَإِلَيْهِ) وحده (تَجْئَرُونَ) ( 53 ) هو إعلاء العرك مع الدّعاء وروم المدد .

(ثُمَّ إِذا كَشَفَ) حسر وأماط (الضُّرَّ) الدّاء والعدم والمحل (عَنْكُمْ) أولاد آدم ، أو أهل الطلاح (إِذا) درءا (فَرِيقٌ) رهط (مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ) إلههم ومولاهم الواحد الأحد (يُشْرِكُونَ) ( 54 ) إلها سواه وعدلهم .

(لِيَكْفُرُوا بِما) إلّا وهو حسر السّوء (آتَيْناهُمْ) كرما ورحما وأورد موعدا ومهدّدا (فَتَمَتَّعُوا) أعطوا أهواكم أو اداركوا لطوع دماكم (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) ( 55 ) مال عملكم .

(وَيَجْعَلُونَ) أعداء الإسلام (لِما لا يَعْلَمُونَ) حاله أراد دماهم أو للأله اللّاءوا لا علم لهم أو لعدم علمهم ، وح المصار له مطروح وهو لدماهم (نَصِيباً) سهما (مِمَّا) ماكر وسوّام (رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ) واللّه (لَتُسْئَلُنَّ) مالا وهو موعد لهم (عَمَّا كُنْتُمْ) الحال (تَفْتَرُونَ) ( 56 ) وهو وهمهم دماهم أهلا للطّوع أو

----------

(وما بكم من نعمة فمن الله ثم إذا مسكم الضر) كمرض وفقر (فإليه تجأرون) تضجون بالاستغاثة والدعاء لا إلى غيره (ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون ليكفروا بما ءاتيناهم) من النعمة كأنهم قصدوا بالشرك كفرانها (فتمتعوا) بما أنتم فيه أمر تهديد (فسوف تعلمون) سوء عاقبتكم (ويجعلون لما) للأصنام التي (لا يعلمون) أنها لا تضر ولا تنفع (نصيبا مما رزقناهم) من الحرث والأنعام (تالله لتسئلن) توبيخا وفيه التفات من الغيبة (عما كنتم تفترون) بدعوى إلهيتها والتقرب إليها .

ص: 260

ادّعاؤهم هو أمر اللّه وحكمه .

(وَيَجْعَلُونَ) الولّاع (لِلَّهِ) الصّمد الأطه (الْبَناتِ) أرادوا الأملاك (سُبْحانَهُ) طهرا له عمّا وهموا (وَلَهُمْ) سموما (ما) أولادا (يَشْتَهُونَ) ( 57 ) أو ما محكوم علاه ولهم محموله .

(وَإِذا بُشِّرَ) أعلم (أَحَدُهُمْ) عموما (بِالْأُنْثى) ولادها (ظَلَّ) صار (وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) دهماؤه دهماء مهموم (وَ) الحال (هُوَ) المعلم (كَظِيمٌ) ( 58 ) مملوّ همّا وكدّا .

(يَتَوارى) هو الودس (مِنَ الْقَوْمِ) رهطه (مِنْ سُوءِ ما) ولد (بُشِّرَ) أعلم (بِهِ) وهو مردّد للأوهام والآراء (أَ يُمْسِكُهُ) الولد المعلم (عَلى) مع (هُونٍ) وحسل (أَمْ يَدُسُّهُ) الولد المعلم (فِي) هوم (التُّرابِ) الحصحص والمراد الوأد (أَلا) اعلموا (ساءَ ما) حكما (يَحْكُمُونَ) ( 59 ) حكمهم المسطور ، وهو حوال الولد المكروه للّه والولد المولود لهم .

----------

(ويجعلون لله البنات) بقولهم الملائكة بنات الله (سبحانه) تنزيها له عن قولهم (ولهم ما يشتهون) أي البنون .

(وإذا بشر أحدهم بالأنثى) بولادتها (ظل) صار (وجهه مسودا) متغيرا من الغم (وهو كظيم) ممتلىء غيظا فكيف تجعلون البنات له تعالى .

(يتوارى من القوم) يختفي من قومه مخافة العار (من سوء ما بشر به) عنده مفكرا ماذا يصنع به (أيمسكه على هون) أيتركه على هوان وذل (أم يدسه) يخفيه بدفنه (في التراب) حيا وهو الوأد وذكر الضمير للفظ ما (ألا ساء) بئس (ما يحكمون) حكمهم هذا حيث جعلوا ما هذا محله عندهم لربهم المتنزه عن الأولاد .

ص: 261

(لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِالْآخِرَةِ) السّعواء الموعود ورودها أمدا (مَثَلُ) حال (السَّوْءِ) وهو ودّ الولد المعهود وكره عكسه وأوده روع العدم (وَلِلَّهِ) الملك الصّمد (الْمَثَلُ) الحال (الْأَعْلى) الأملح الأودّ وهو علوّه عمّا هو حال ما سواه عموما (وَهُوَ) اللّه (الْعَزِيزُ) المكوّح الصّارد أمره (الْحَكِيمُ) ( 60 ) الرّاصد للحكم والاسرار حال إمهاله لأهل المعارّ .

(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ) العدل (النَّاسَ) أولاد آدم (بِظُلْمِهِمْ) ردّهم للإسلام ومعارّهم (ما تَرَكَ) اللّه (عَلَيْها) الرّمكاء (مِنْ) مؤكّد (دَابَّةٍ) كلّ ما له حسّ وحراك وأهلكها كلّها لحسوم حدل الحدّال ، أو المراد ممّاها ما لها حدل ، أو كلّ أحد عدل مع اللّه ما سواه إصرارا (وَلكِنْ) اللّه (يُؤَخِّرُهُمْ) سطوهم (إِلى) كمال (أَجَلٍ) عهد (مُسَمًّى) محدود معلوم هو عهد كلّ أحد سمّاه لأعمارهم أو لإصرهم ، أو عهد داع له حكم اللّه أو السّعواء (فَإِذا جاءَ) كمل (أَجَلُهُمْ) عهدهم ومصح كلّه (لا يَسْتَأْخِرُونَ) هو روم الكلّاء ولو (ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) ( 61 ) هو روم المهل ولو سعواء ، والحاصل

----------

(للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء) الصفة السوء وهي الحاجة إلى الأولاد (ولله المثل الأعلى) كالتفرد والغنى والجود (وهو العزيز الحكيم ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم) بعصيانهم (ما ترك عليها) على الأرض بقرينة الناس والدابة (من دابة) تدب عليها فيهلك الظلمة عقوبة لهم وغيرهم بشؤمهم أو أهلك الآباء بظلمهم لبطل نسلهم ولهلكت الدواب المخلوقة لهم أو من دابة ظالمة (ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى) هو منتهى أعمارهم أو القيامة ليتوالدوا (فإذا جاء أجلهم لا يستئخرون) عنه (ساعة ولا يستقدمون) عليه فيؤاخذون حينئذ .

ص: 262

كلاءهم محال كمهلهم .

(وَيَجْعَلُونَ) أهل السّوء والحدل (لِلَّهِ) الملك الصّمد (ما) أولادا وعدلاء وأحسل أموال (يَكْرَهُونَ) لأدرارهم (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ) مع ما مرّ الكلام (الْكَذِبَ) الولع وهو (أَنَّ لَهُمُ) الدّار (الْحُسْنى) مالا وورد لردّ كلامهم (لا جَرَمَ) لا محال (أَنَّ لَهُمُ النَّارَ) مالا (وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) ( 62 ) مسهوّ أمرهم ومطروح كلّهم لدار السّاعور دواما ، ورووا مكسور الرّاء ومدلوله ح عداء الحدّ .

(تَاللَّهِ) واللّه (لَقَدْ أَرْسَلْنا) رسلا (إِلى أُمَمٍ) مرّوا (مِنْ قَبْلِكَ) محمّد ( ص ) (فَزَيَّنَ) سوّل وموّه (لَهُمُ الشَّيْطانُ) المارد (أَعْمالَهُمْ) الطوالح وأراها لهم صوالح وردّوا الرّسل (فَهُوَ) المارد (وَلِيُّهُمُ) مطوهم (الْيَوْمَ) دار الأعمال أو حال ما سوّل أو دار الآلام ، وهو علاهما حال حكاه اللّه ممّا مرّ أو رصد (وَ) أعدّ (لَهُمُ) دار الاعدال (عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 63 ) مؤلم .

----------

(ويجعلون لله ما يكرهون) لأنفسهم من البنات والشركاء في الرئاسة وإهانة الرسل ورديء المال (وتصف ألسنتهم الكذب) مع ذلك وهو زعمهم (أن لهم الحسنى) عند الله أي الجنة إن صح البعث (لا جرم) حقا (أن لهم النار) لا الحسنى (وأنهم مفرطون) مقدمون إلى النار .

(تالله لقد أرسلنا) رسلا (إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم) القبيحة فأصروا عليها (فهو وليهم اليوم) متولي أمورهم في الدنيا أو ناصرهم في القيامة (ولهم عذاب أليم) في القيامة .

ص: 263

(وَما أَنْزَلْنا) إرسالا (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) (الْكِتابَ) الطّرس المرسل (إِلَّا لِتُبَيِّنَ) إلّا لإعلامك (لَهُمُ) أولاد آدم الأمر (الَّذِي اخْتَلَفُوا) هؤلاء (فِيهِ) وهو أمر الطّوع وأحوال المعاد وأحكام الأعمال كالحرام والحلال (وَ) الّا (هُدىً وَرَحْمَةً) طرح اللّام لما هما عملا المرسل (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 64 ) للّه سدادا .

(وَاللَّهُ) لا سواه (أَنْزَلَ) أدرّ (مِنَ السَّماءِ) المعصر والرّكام ماءً مطرا (فَأَحْيا) اللّه (بِهِ) الماء (الْأَرْضَ) طرّاها وأصارها محلّ دوح وكلاء (بَعْدَ مَوْتِها) همودها وهدوّها (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) اعلاما لأمر المعاد (لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) ( 65 ) سماع دهاء وادّكار .

(وَإِنَّ لَكُمْ) أهل العالم (فِي) أحوال (الْأَنْعامِ) السّوام (لَعِبْرَةً) وادّكارا وهو (نُسْقِيكُمْ) أسر لعلسكم (مِمَّا) مأكول مودع (فِي بُطُونِهِ) معده وحدّ الهاء لما معاده واحد (مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ) عكر المأكول المراد ما للسّوس درؤه (وَدَمٍ) محّ المأكول وطعام العطل ومساده (لَبَناً) درّا (خالِصاً) ممحوصا صراحا لا مكروها طعمه ولا مرأه ولا سواهما (سائِغاً )

----------

(وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم) للناس (الذي اختلفوا فيه) من التوحيد والعدل والأحكام والبعث (وهدى ورحمة لقوم يؤمنون والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض) بالنبات (بعد موتها) يبسها (إن في ذلك لآية) دالة على التوحيد والبعث (لقوم يسمعون) سماع اعتبار .

(وإن لكم في الأنعام لعبرة) لاعتبارا (نسقيكم مما في بطونه) أي الأنعام فإن لفظه مفرد ومعناه جمع كالرهط (من) ابتدائية تتعلق بنسقيكم (بين فرث ودم لبنا خالصا) لا يشوبه لون ولا رائحة ولا طعم من الفرث والدم (سائغا

ص: 264

سهل المرور لممرّه وهو السّاعل (لِلشَّارِبِينَ) ( 66 ) له .

(وَ) آسر لعلسكم معصورا (مِنْ ثَمَراتِ) أحمال (النَّخِيلِ وَ) أحمال (الْأَعْنابِ) الكروم أو أصل الكلام وممّا مرّ حمل (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً) مداما أصله مصدر سكر سكرا وسكرا ووردها حال حلّ المدام ، والسّكر هو المعصور المعهود أو الطّعم أو ما سدّ السّعار (وَرِزْقاً حَسَناً) كالإدام الممدوح أو أوس هؤلاء الأحمال (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) أمرا معلما لألوّ اللّه وإلّه (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ( 67 ) الحكم والمصالح .

(وَأَوْحى) اللّه (رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) وألهمها (أَنِ) لإعلام المراد أو للمصدر (اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ) عموما (بُيُوتاً) محالا ، ورووه مكسور الأوّل (وَمِنَ الشَّجَرِ) محالّ (وَمِمَّا يَعْرِشُونَ) ( 68 ) أهل العالم لك أو لهم ، والحاصل كلّ ما هم مؤسّسوه ، ورووه مكسور الرّاء .

----------

للشاربين) سهل الجواز في حلوقهم (ومن ثمرات النخيل والأعناب) خبر محذوف أي ثمر صفته (تتخذون منه سكرا) مصدر سمي به الخمر وفيه إشعار بتحريمها بوصف قسيمها بالحسن (ورزقا حسنا) كالتمر والزبيب والدبس والخل فلا تكون هي حسنة فليست بحلال فالآية جامعة بين العتاب والمنة، وقيل السكر الأشربة الحلال والرزق الحسن المأكول اللذيذ (إن في ذلك لآية لقوم يعقلون).

یستعملون عقولهم بالنظر والتامل في آیاته تعالی- .

(وأوحى ربك إلى النحل) ألهمها (أن اتخذي من الجبال بيوتا) يأوين إليها للتعسيل (ومن الشجر ومما يعرشون) يرفعون من سقف وكرم والبعضية لأنها لا تبني بكل جبل وشجر وما يعرش بل فيما يوافقها من ذلك .

ص: 265

(ثُمَّ كُلِي) ما هو مرادك (مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) الأحمال مرّها وحلوها (فَاسْلُكِي) لمّا حصل الأكل المراد لك السّلوك الورود أو المرور (سُبُلَ) سرط اللّه (رَبِّكِ) اللّوا ألهمك لعمل العسل أو لعودك لمحالّك (ذُلُلًا) سهالا سهّلها اللّه لك وهو حال سرط اللّه أو طوعا لما أمرك اللّه وهو ح حال المأمور للسّلوك (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ) محسّو وهو العسل (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) أصحم وأحمر ومحوّر وأسود (فِيهِ) العسل وحده أو حال سوطه مع ما سواه كما صرّحه الحكماء ورد معاده كلام اللّه (شِفاءٌ) دواء (لِلنَّاسِ) لعللهم كلّها لو علم صروع أحوالها وطلع ما هو دواء العلل ، أو المراد دواء لآحاد العلل لا كلّها (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآيَةً) أمرا معلما الحكم والاسرار (لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ( 69 ) أحوالها أملا لحصول اطّلاع أسرار أودعها اللّه وألهمها .

(وَاللَّهُ) كامل الطّول (خَلَقَكُمْ) أوّلا (ثُمَّ) حال مصوع أعماركم (يَتَوَفَّاكُمْ) هو عطو الرّوح حساكل ورعارع وكهولا (وَمِنْكُمْ مَنْ) آحاد

----------

(ثم كلي من كل الثمرات) التي تشتهيها (فاسلكي سبل ربك) طرقه التي ألهمك في عمل العسل أو اسلكي ما أكلت في مسالك ربك التي تحيله فيها بقدرته عسلا (ذللا) جمع ذلول أي مذللة حال من السبل أو من فاعل اسلكي أي منقادة لما أمرت به (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه) أصفر وأحمر وأبيض وأسود (فيه شفاء للناس) منفردا ومع غيره وقيل التنكير للتبعيض وقيل للتعظيم (إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) في صنعه تعالى .

(والله خلقكم) أوجدكم (ثم يتوفاكم) كلا بأجله (ومنكم من

ص: 266

(يُرَدُّ) عودا (إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) وأحسله وأدّمه وهو عمر الهرم أسوأ الأعمار كلّها (لِكَيْ لا يَعْلَمَ) المردود لأحسله (بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) وراء ما عمله أوّلا الحاصل حوّل حاله كحال ولد أمام حلمه أمها وسهوا وسوء ادراك (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ) واسع العلم لأحوال الكلّ وكمّ الأعمار (قَدِيرٌ) ( 70 ) كامل طول سهل له الإعدام وعكسه .

(وَاللَّهُ) العدل (فَضَّلَ بَعْضَكُمْ) موّلهم وأصارهم ملاكا أهل الدوّل وأهل إطعام وكسو لهم ولما عداهم (عَلى بَعْضٍ) صعلكهم وأصارهم ملكا وصار حالهم عكس ما مرّ (فِي الرِّزْقِ) المال ومصالح دار الأعمال (فَمَا) الرّهط (الَّذِينَ فُضِّلُوا) موّلوا وهم الملاك (بِرَادِّي رِزْقِهِمْ) ما أعطوا مالا أو سواه (عَلى ما) رهط (مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَهُمْ) الملّاك ورهط ملك لهم (فِيهِ) ما أعطوا (سَواءٌ) واللّه مول لهم كلّهم (أَ) هم عدّال مع اللّه إلها سواه (فَبِنِعْمَةِ اللَّهِ) إلّاه وحده (يَجْحَدُونَ) ( 71 ) ورها .

----------

يرد إلى أرذل العمر) أردأه أي الهرم والخرف (لكي لا يعلم بعد علم شيئا) ليصير كالطفل في النسيان (إن الله عليم) بتدبير خلقه (قدير) على ما يشاء من تصريفهم .

(والله فضل بعضكم على بعض في الرزق) فأغنى بعضا وأفقر بعضا (فما الذين فضلوا) من الموالي (برادي رزقهم على ما ملكت أيمانهم) بجاعلي ما رزقناهم رزقا لمماليكهم أي لم يرزقوهم وإنما ينفقون عليهم رزقهم الذي جعله الله عندهم (فهم فيه) فالموالي والمماليك في الرزق (سواء) في أنه من الله تعالى أو معناه فما هم بجاعلي ما رزقناهم شركة بينهم وبين مماليكهم حتى يتساووا فيه ولم يرضوا بذلك وهم يشركون عبيدي معي في الإلهية (أفبنعمة الله يجحدون) حيث يشركون به غيره وقرىء بالتاء .

ص: 267

(وَاللَّهُ جَعَلَ) أصار (لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ) صرعكم (أَزْواجاً) أعراسا ، أو المراد أسر حوّاء ممّا آدم واصاره أصلها (وَجَعَلَ) أصار (لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ) معكم (بَنِينَ) أولادا (وَحَفَدَةً) أولاد أولاد أو أصهارا أو أولاد عرس للأهل الأوّل ، أو المراد هو الأوّل وصحّ الوصل لعدم وحودها مدلولها (وَرَزَقَكُمْ) وأطعمكم (مِنَ الطَّيِّباتِ) الأطهار سوسا وكلّ الأطهار محلّها وموعدها دارالسّلام (أَ فَبِالْباطِلِ) العاطل الهالك (يُؤْمِنُونَ) وهو مدد دماهم أو ما سوّل لهم الوسواس إحرام حام وما سواه المارد المطرود (وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ) الإسلام أو محمّد صلعم أو ما أحلّ لهم (هُمْ) لا سواهم (يَكْفُرُونَ) ( 72 ) وما عملهم إلّا العكس .

(وَيَعْبُدُونَ) أعداء الإسلام (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (ما) إلها (لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً ) أكلا صادرا (مِنَ السَّماواتِ) عالم العلو (وَالْأَرْضِ) عالم الرّهص أو إعطاء ممّها (شَيْئاً) ماصلا مطرا أو سواه ، وهو معمول لما مرّ محمّا له أو صدع له (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) ( 73 ) إلههم ملك أكل أصلا لكمال

----------

(والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا) من جنسكم لتسكنوا إليها (وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) أولاد أولاد أو أعوانا أو أختانا على البنات أو ربائب والحفد الإسراع في العمل (ورزقكم من الطيبات) المستلذات أي بعضها إذ كلها إنما تكون في الجنة (أفبالباطل) الأصنام وتحريم الحلال (يؤمنون وبنعمة الله) التي عددها (هم يكفرون) حيث أشركوا به غيره .

(ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا) من مطر ونبات (ولا يستطيعون) لا يقدرون على شيء وهم الأصنام .

ص: 268

وكلهم أو هؤلاء الأعداء والحال لهم حسّ وحراك ، وما حال ما لا حسّ له ولا حراك .

(فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ) الواحد الأحد (الْأَمْثالَ) لما مدلولها الملامح واللّه لا معادل له ، والحاصل دعوا دعاء العدلاء معه أصلا (إِنَّ اللَّهَ) العلّام (يَعْلَمُ) أصل الأمر وهو عدم المعادل (وَأَنْتُمْ) رهط الأعماء لا (تَعْلَمُونَ) ( 74 ) الأمر كما هو .

(ضَرَبَ اللَّهُ) صرّح وأعلم (مَثَلًا) حالا هكرا (عَبْداً) للّه (مَمْلُوكاً) لسواه (لا يَقْدِرُ) المملوك (عَلى شَيْءٍ) لعدم ملكه (وَمَنْ) مرءا حرّا (رَزَقْناهُ) كرما ورحما (مِنَّا رِزْقاً حَسَناً) ومولّ مالا أمرا (فَهُوَ) المرء الحرّ (يُنْفِقُ) دواما (مِنْهُ) ماله (سِرًّا وَجَهْراً) وحسّا ، وهو مصدر كالأوّل حلّا محلّ الحال وهو حال اللّه الملك الصّمد ، والأوّل حال دماهم ورد هو حال المسلم والعدوّ الطالح (هَلْ يَسْتَوُونَ) رهط الحرّ والمملوك المعلوم حالهما ، لا (الْحَمْدُ) كلّه (لِلَّهِ) الواحد الأحد وحده (بَلْ أَكْثَرُهُمْ) أهل الحرم (لا يَعْلَمُونَ) ( 75 ) عود الحمد كلّه للّه وحده .

----------

(فلا تضربوا لله الأمثال) لا تجعلوا له أشباها في الإلهية (إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون) ذلك .

(ضرب الله مثلا) لنفسه وما يشرك به (عبدا مملوكا لا يقدر على شيء) عاجز عن التصرف وهذا مثل الأصنام (ومن) نكرة موصوفة أي وحرا (رزقناه منا رزقا حسنا) مالا وافرا (فهو ينفق منه سرا وجهرا) أي يتصرف فيه كيف شاء وهو مثله تعالى (هل) لا (يستون الحمد لله) لا يستحقه سواه (بل أكثرهم لا يعلمون) اختصاص الحمد به .

ص: 269

(وَضَرَبَ) أعلم (اللَّهُ) عالم الكلّ (مَثَلًا) حالا هكرا لإعلام حال المسلم وعدوّه حال الإله الكامل المعلوم والموهوم حال (رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ) حال الولاد (لا يَقْدِرُ عَلى) إعلام (شَيْءٍ) أمر ما لأحد ولا إدراكه لو علّمه أحد (وَهُوَ) المولود المعلوم (كَلٌّ) عسر حصر وحمل (عَلى مَوْلاهُ) مالك أموره ومؤكّل أحواله (أَيْنَما) كلّ محلّ (يُوَجِّهْهُ) مولاه لأمر ومهمّ هو الإرسال ، ورووه لا معلوما (لا يَأْتِ) الكلّ المسطور (بِخَيْرٍ) صلاح وسداد (هَلْ يَسْتَوِي هُوَ) الكلّ وهو مؤكّد (وَمَنْ) مرء مصطع مدرك للأمور معلم للأسرار (يَأْمُرُ) العالم (بِالْعَدْلِ) والسّداد وهو حاو لصروع الكمال كلّه (وَ) الحال (هُوَ) مارّ وسالك (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 76 ) سواء ومسلك صالح .

لا ، (وَلِلَّهِ) وحده (غَيْبُ) عالم (السَّماواتِ) علم أسرارها طرّا (وَ) عالم (الْأَرْضِ) كلّا أو المراد علم المعاد لعدم علمه لأهلها (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ) الموعود ورودها أمدا اسراعا (إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ) ردّه ولمعه (أَوْ هو) الأمر أقرب مما مر وهو اللمح (إن الله) مالك الأمور كلّها (عَلى)

----------

(وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم) ولد أخرس (لا يقدر على شيء) من نطق وتدبير لأنه لا يفهم ولا يفهم (وهو كل على مولاه) ثقل على ولي أمره (أينما يوجهه) يرسله في حاجة (لا يأت بخير) بنجح (هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل) من هو فصيح فهم نافع للناس يحثهم على العدل (وهو على صراط مستقيم) وهو مثل له تعالى وللأصنام أو للمؤمن والكافر .

(ولله غيب السموات والأرض) يختص به علم ما غاب عن الخلق فيهما (وما أمر الساعة) أمر إقامتها في قدرته (إلا كلمح البصر) كرد الطرف (أو هو أقرب) منه في السرعة والسهولة وأو للتخيير أو بمعنى بل (إن الله على

ص: 270

أسر (كُلِّ شَيْءٍ) وإعدامه (قَدِيرٌ) ( 77 ) كامل إلو وحول .

(وَاللَّهُ) واسع المراحم كامل الحلم (أَخْرَجَكُمْ) كرما ورحما (مِنْ بُطُونِ) أرحام (أُمَّهاتِكُمْ) ورووه مكسور الأوّل (لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً ) والحاصل أسركم أعماء وما أعطاكم العلم والإدراك اوّلا وهو حال (وَجَعَلَ) أصار اللّه (لَكُمُ السَّمْعَ) الأسماع لسماع الأمور (وَالْأَبْصارَ) لإحساس الأحوال (وَالْأَفْئِدَةَ) الأرواع لإدراك العلوم (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( 78 ) آلاءه .

(أَ لَمْ يَرَوْا) أما وصل إدراكهم (إِلَى الطَّيْرِ) حال صعودها (مُسَخَّراتٍ) طوعا لما طار لما أسر لها ما طار معها ، وهو حال (فِي جَوِّ) وسط (السَّماءِ) والرّمكاء وهو الهواء الحالّ وسطهما (ما يُمْسِكُهُنَّ) ممّا هو الهور والحطوط (إِلَّا اللَّهُ) عام الرّحم (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) إعلام إلوّ ودوالّ إل (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ( 79 ) للّه وحده سدادا .

(وَاللَّهُ) كامل الطّول (جَعَلَ) أصار (لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ) محالّكم

----------

كل شيء قدير) ومنه إقامة الساعة وإحياء الخلق (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) جملة حالية (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون) لكي تشكروا على ذلك .

(ألم يروا) بالياء وتاء الخطاب (إلى الطير مسخرات) مذللات للطيران بأجنحتها (في جو السماء) الهواء البعيد من الأرض (ما يمسكهن) عن السقوط (إلا الله) بقدرته (إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) ومن جملة الآيات خلقها بحيث يمكنها الطيران فيه وإلهامها بسط الجناح وقبضه وإمساكها .

(والله جعل لكم من بيوتكم سكنا) موضعا تسكنون فيه مما يتخذ من الحجر

ص: 271

(سَكَناً) محلّا للرّكود كدور المدر والعرمس (وَجَعَلَ) أصار (لَكُمْ) لركودكم وروحكم (مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ) مسوكها (بُيُوتاً) محالّ الأدم (تَسْتَخِفُّونَها) للحمل (يَوْمَ ظَعْنِكُمْ) رحلكم (وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ) ركودكم (وَمِنْ أَصْوافِها) لأصول الحمل (وَأَوْبارِها) للكوم (وَأَشْعارِها أَثاثاً) رهاطا كالمهد والكساء والرّداء (وَمَتاعاً) مالا وحطاما وأصلا (إِلى حِينٍ) ( 80 ) محدود لرمّه .

(وَاللَّهُ) لا سواه (جَعَلَ) أصار (لَكُمْ) رحما (مِمَّا خَلَقَ) كالدّوح والرّكام والسّطوح (ظِلالًا) لحرسكم سوء الحرّ (وَجَعَلَ) أصار (لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ) الأطواد (أَكْناناً) أسدالا لرموككم (وَجَعَلَ لَكُمْ) أعطاكم اللّه (سَرابِيلَ) دروعا ورعلا (تَقِيكُمُ) هؤلاء (الْحَرَّ) والصّرّ (وَ) أعطاكم (سَرابِيلَ) دروعا (تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ) عماسكم ردّا لسلاح

----------

والمدر (وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا) القباب من الأدم أو ما يعم المتخذة من الشعر والصوف والوبر فإنها من جلودها لنباتها عليها (تستخفونها) للحمل والنقل (يوم ظعنكم) بوقت رحلتكم (ويوم إقامتكم) في مكان تنزلون فيه لا يثقل عليكم ضربها (ومن أصوافها) أي الضأن (وأوبارها) أي الإبل (وأشعارها) أي المعز (أثاثا) فراشا وأكسية (ومتاعا) تمتعون به (إلى حين) تبلى فيه أو إلى موتكم .

(والله جعل لكم مما خلق) من الشجر والأبنية وغيرها (ظلالا) تقيكم حر الشمس جمع ظل (وجعل لكم من الجبال أكنانا) كالكهوف والغيران جمع كن (وجعل لكم سرابيل) قمصانا من النبات وغيره (تقيكم الحر) أي والبرد وخص بالذكر الأهم (وسرابيل) دروعا وجواشن (تقيكم بأسكم)

ص: 272

عدوّكم (كَذلِكَ) كإكمال هؤلاء الآلاء اللواء عدّدها اللّه (يُتِمُّ) اللّه (نِعْمَتَهُ) ورحمه حالا اسرا ملا هو صلاحكم (عَلَيْكُمْ) أهل الحرم (لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ) ( 81 ) للّه وحده ، ورووه ممّا سلم والمراد سلامكم عمّا الكلوم لكسو الدّروع .

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) صدّوا عمّا أمروا وهو الإسلام ما أهمك (فَإِنَّما) ما وسم (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) إلّا (الْبَلاغُ) الأداء للأوامر والأحكام (الْمُبِينُ) ( 82 ) السّاطع وهو أمام أمر العماس .

(يَعْرِفُونَ) الطّلاح الأعداء (نِعْمَتَ اللَّهِ) آلاه عموما كلاما أو حال حصول الكاداء أو سموما وهو إرسال محمّد صلعم (ثُمَّ يُنْكِرُونَها) عملا لما ألهوا ما عدا اللّه أو روعا أو حال وصول السّرّاء عداء وحسدا (وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ) ( 83 ) آلاه عموما .

(وَ) ادّكر (يَوْمَ نَبْعَثُ) أسر وأدعو (مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ) أرسل لها داع كامل

----------

حربكم أي الطعن والضرب (كذلك) كما أنعم عليكم بهذه النعم (يتم نعمته عليكم) في الدنيا بتدبير أموركم (لعلكم تسلمون) تتفكرون في نعمه فتوحدونه وتطيعونه .

(فإن تولوا) أعرضوا عن الإيمان فلا لوم عليك (فإنما عليك البلاغ المبين) وقد بلغت (يعرفون نعمة الله) يعترفون بأنها من عنده (ثم ينكرونها) بإشراكهم أو عرفوا نبوة محمد ثم أنكروها عنادا (وأكثرهم الكافرون) المنكرون عنادا وذكر الأكثر لأنه يستعمل في الكل أو أن بعضهم لم يقم عليه الحجة كالمجنون وغير البالغ .

(ويوم) واذكر أو خوفهم يوم (نبعث من كل أمة

ص: 273

ممهّده الأمور الصّوارم للمعود (شَهِيداً) لها وعلاها وهو رسولهم لعلمه صلاحها وطلاحها (ثُمَّ لا يُؤْذَنُ) للإملاه (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام (وَلا هُمْ) ردّاد الإسلام (يُسْتَعْتَبُونَ) ( 84 ) مروم عودهم المأمور اللّه ومودوده المراد ما أمر لهم حصّلوا وداد مولاكم مع الطّوع لما المعاد ما هو دار الأعمال .

(وَإِذا رَأَى) صراحا الرهط (الَّذِينَ ظَلَمُوا) عدلوا وما أسلموا (الْعَذابَ) إصر السّاعور (فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ) وراء ورودها دواما (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) ( 85 ) لا إمهال لهم حال إحساسه أمام ورودهم .

(وَإِذا رَأَى) الأمم (الَّذِينَ أَشْرَكُوا) مع اللّه إلها سواه (شُرَكاءَهُمْ) عدلاءهم اللّاءوا عدلوهم مع اللّه (قالُوا) اللّهم (رَبَّنا هؤُلاءِ) العدلاء (شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا) لدار الأعمال (نَدْعُوا) لهم إلها (مِنْ دُونِكَ) سواك (فَأَلْقَوْا) الإله (إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ) وحاوروهم (إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ) ( 86 ) كلاما وادّعاء وهو دعاؤكم سواه إلها ولا إله سواه .

----------

شهيدا) هو نبيها أو إمام زمانها يشهد لها أو عليها يوم القيامة (ثم لا يؤذن للذين كفروا) في الاعتذار (ولا هم يستعتبون) لا يطلب منهم العتبى أي الرجوع إلى رضا الله .

(وإذا رءا الذين ظلموا) أشركوا (العذاب) النار (فلا يخفف عنهم) العذاب (ولا هم ينظرون) يمهلون (وإذا رءا الذين أشركوا شركاءهم) الأصنام والشياطين (قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا) نعبدهم (من دونك) فحملهم بعض عذابنا (فألقوا إليهم القول) أي أنطقهم الله فقالوا لهم (إنكم لكاذبون) في قولكم إننا شركاء الله وإنكم عبدتمونا وإنما عبدتم أهواءكم .

ص: 274

(وَأَلْقَوْا) أعداء الإسلام (إِلَى اللَّهِ) العدل (يَوْمَئِذٍ) دار العدل والعدل (السَّلَمَ) الإسلام لأمر اللّه وحكمه مع كرههم وردّهم لدار الأعمال (وَضَلَّ) وطاح وهلك (عَنْهُمْ) الأعداء كلّ (ما كانُوا) أوّلا (يَفْتَرُونَ) ( 87 ) لهم الإلّ أو إمدادهم لهم .

(الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام وولّوا (وَصَدُّوا) العالم وحوّلوهم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) صراط أوامره وأحكامه وهو الإسلام (زِدْناهُمْ عَذاباً) لصدّهم (فَوْقَ الْعَذابِ) المعدّ لهم لردّهم الإسلام (بِما) للمصدر (كانُوا) أوّلا (يُفْسِدُونَ) ( 88 ) لردّهم وصدّهم .

(وَ) ادّكر (يَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ) أرسل لها رسول داع مع الأمور الصّوارم للمعود (شَهِيداً عَلَيْهِمْ) ولهم (مِنْ أَنْفُسِهِمْ) صرعم ورهطهم (وَجِئْنا بِكَ) محمّد ( ص ) (شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ) رهطك ولهم (وَ) الحال (نَزَّلْنا) رحما (عَلَيْكَ الْكِتابَ) الكامل (تِبْياناً) إعلاما عامّا (لِكُلِّ شَيْءٍ)

----------

(وألقوا) أي المشركون (إلى الله يومئذ السلم) أي استسلموا لحكمه (وضل) بطل (عنهم ما كانوا يفترون) أن آلهتهم تشفع لهم (الذين كفروا وصدوا) الناس (عن سبيل الله) دينه (زدناهم عذابا) لصدهم (فوق العذاب) لكفرهم (بما كانوا يفسدون) بإفسادهم بالصد .

(ويوم نبعث في كل أمة شهيدا عليهم من أنفسهم) هو نبيهم أو إمام زمانهم (وجئنا بك) يا محمد (شهيدا على هؤلاء) أي أمتك شهيدا قال الصادق (عليه السلام) نزلت في أمة محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) خاصة في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد شاهد علينا (ونزلنا عليك الكتاب) القرآن (تبيانا) بيانا (لكل شيء) من

ص: 275

أمور الإسلام وأحكامه كلّها (وَهُدىً) إعلاما لسواء الصّراط (وَرَحْمَةً وَبُشْرى) وإعلاما سارّا (لِلْمُسْلِمِينَ) ( 89 ) وهو إعلام ورود دارالسّلام .

(إِنَّ اللَّهَ) العدل (يَأْمُرُ) كم (بِالْعَدْلِ) وسط الأمور أو السّداد وطرح الحدل دواما (وَالْإِحْسانِ) أداء الأوامر والأحكام مع لمح اطّلاع اللّه كما ورد (وَإِيتاءِ) إعطاء (ذِي الْقُرْبى) الرّحم وهو وصل الرّحم (وَيَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ) العهر وما عدا حدود اللّه (وَالْمُنْكَرِ) المردود أمرا وحلما (وَالْبَغْيِ) الحدل سمّه مع علمه ممّا مرّ أعلاما لكمال طلاحه (يَعِظُكُمْ) أمرا وردعا وهو حال (لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ( 90 ) طمع ادّكاركم .

(وَأَوْفُوا) طرّا (بِعَهْدِ اللَّهِ) أراد عهد رسول اللّه صلعم ، وعهد الرّسول هو عهد اللّه ، وورد هو الإسلام للّه (إِذا) كلّما (عاهَدْتُمْ) رسول اللّه (وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ) العهود أو احلاط العهود (بَعْدَ تَوْكِيدِها) أحكامها مع ادّكار

----------

أمور الدين تفصيلا أو إجمالا محالا إلى الحجة المقرون به (وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين) خاصة .

(إن الله يأمر بالعدل) التوحيد والإنصاف بين الخلق (والإحسان) أداء الفرائض أو التفضل على الناس أو ما يعم كل خير (وإيتاء ذي القربى) إعطاء الأقارب أو قرابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) (وينهى عن الفحشاء) ما قبح من الفعل والقول أو الزنا (والمنكر) ما أنكره الشرع (والبغي) الظلم والكبر (يعظكم) بالأمر بالخير والنهي عن الشر (لعلكم تذكرون) أي تتعظون عن ابن مسعود هذه أجمع آية في القرآن للخير والشر .

(وأوفوا بعهد الله) وهو كل ما يجب الوفاء به وقيل البيعة للرسول (إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها) توثيقها باسم الله تعالى

ص: 276

اسم اللّه أكّد ووكد كلاهما كلام مصطع والأصل الواو (وَ) الحال (قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ) العلّام (عَلَيْكُمْ) أهل الإسلام (كَفِيلًا) مطلعا راصدا أو مدرها (إِنَّ اللَّهَ) العلّام (يَعْلَمُ) دواما كلّ (ما تَفْعَلُونَ) ( 91 ) إكمالا للعهد أو كسرا له .

(وَلا تَكُونُوا) كسرا للعهد (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ) إحكام (أَنْكاثاً) واحده كعدل مكسورا وهو المكسور مسده وهو حال ، والحال (تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ) عهودكم أو احلاطكم (دَخَلًا) طلاحا ومكرا ، وهو حال (بَيْنَكُمْ) للمح (أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ) أراد رهط الحمس (هِيَ أَرْبى) أمر عددا ومالا وهما محكوم علاه ومحمول (مِنْ أُمَّةٍ) أراد ملأ أهل الإسلام ومعودهم كلّما والوا رهطا ورأوا أعداءهم أكوح كسروا ولاء هؤلاء ووالوا أعداءهم (إِنَّما) ما (يَبْلُوكُمُ اللَّهُ) العلّام وما محصّكم اللّه إلّا (بِهِ) الأمر لأداء العهود أو العدّ رصدا لصالحكم وطالحكم أو كسركم العهد وإكماله (وَلَيُبَيِّنَنَّ) اللّه (لَكُمْ) كلّكم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود وروده كلّ (ما) أمر (كُنْتُمْ) الحال (فِيهِ

----------

(وقد جعلتم الله عليكم كفيلا) شهيدا بالوفاء (إن الله يعلم ما تفعلون) من نقض ووفاء (ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها) ما غزلته (من بعد قوة) إحكام له وفتل (أنكاثا) حال أو مفعول ثان لنقضت جمع نكث وهو ما ينكث فتله ومعناه تشبيه الناقض بمن فعلت ذلك أو بريطة بنت عمرو القرشية وكانت خرفاء هذا شأنها (تتخذون أيمانكم دخلا) غدرا ومكرا وهو ما يدخل في الشيء للفساد (بينكم أن) أي لأن (تكون أمة هي أربى من أمة) جماعة هي أكثر من جماعة كانوا إذا رأوا في أعادي حلفائهم شوكة نقضوا عهدهم وخالفوا أعاديهم فنهوا عنه (إنما يبلوكم الله به) يختبركم بالأمر بالوفاء أو بكونهم أربى لينظر أتفون لله مع قلة المؤمنين أم تغدرون لكثرة قريش (وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه

ص: 277

تَخْتَلِفُونَ) ( 92 ) وهو أمر العهد وسواه .

(وَلَوْ شاءَ) أراد (اللَّهُ) هداكم طرّا (لَجَعَلَكُمْ) كلّكم (أُمَّةً واحِدَةً) طوعا وإسلاما (وَلكِنْ يُضِلُّ) اللّه (مَنْ يَشاءُ) عموه لمّا علم أوّلا سوء حاله (وَيَهْدِي) اللّه كلّ (مَنْ يَشاءُ) هداه لمّا علم أوّلا صلاح حاله (وَلَتُسْئَلُنَّ) مالا سؤال لوم (عَمَّا) كلّ عمل (كُنْتُمْ) الحال (تَعْمَلُونَ) ( 93 ) وهو معاملكم كأعمالكم .

(وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمانَكُمْ) عهودكم أو احلاطكم (دَخَلًا) ولعا ومكرا (بَيْنَكُمْ) كرّره مؤكّدا (فَتَزِلَّ) ح (قَدَمٌ) مركلكم عمّا هو السداد والمراد مراكلكم (بَعْدَ ثُبُوتِها) رسوّها (وَتَذُوقُوا السُّوءَ) الحدّ والإصر حالا معلّلا (بِما صَدَدْتُمْ) لصدودكم أو لصدّكم سواكم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) صراط الإسلام (وَلَكُمْ) مآلا (عَذابٌ عَظِيمٌ) ( 94 ) عسر .

----------

تختلفون) بإثابة المحق وتعذيب المبطل.

(ولو شاء الله) مشيئة إلجاء (لجعلكم أمة واحدة) مهتدين (ولكن يضل من يشاء) يخذله بسوء اختياره (ويهدي من يشاء) بلطفه لأنه من أهله (ولتسألن) تبكيتا (عما كنتم تعملون) فتجازون به .

(ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم) كرر تأكيدا (فتزل قدم) أي أقدامكم عن طريق الحق (بعد ثبوتها) عليه وهو مثل لمن وقع في بلاء بعد عافية (وتذوقوا السوء) العذاب في الدنيا (بما صددتم عن سبيل الله) أي بصدكم عن الوفاء أو بصدكم غيركم عنه لأنه يقتدي بسنتكم (ولكم عذاب عظيم) في الآخرة قال الصادق (عليه السلام) هذه الآيات في ولاية علي وما كان من قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) سلموا عليه بإمرة المؤمنين .

ص: 278

(وَلا تَشْتَرُوا) هو العطو (بِعَهْدِ) كم رسول (اللَّهِ) أوس كسر العهود (ثَمَناً) حطاما ومالا (قَلِيلًا) ملهدا (إِنَّما) كلّ ما أعدّ لكم (عِنْدَ اللَّهِ) هو إمداد الحال وعدل المال أوس الصلاح (هُوَ) وحده (خَيْرٌ) وأصلح (لَكُمْ) ممّا سواه (إِنْ كُنْتُمْ) الحال (تَعْلَمُونَ) ( 95 ) ما مرّ .

كلّ (ما) معارّ (عِنْدَكُمْ) وهو حطام دار الأعمال (يَنْفَدُ) أمدا (وَ) كلّ (ما عِنْدَ اللَّهِ) وهو رحمه وكرمه باقٍ دواما لا مصوح لها (وَلَنَجْزِيَنَّ) واسمح مالا الأمم (الَّذِينَ صَبَرُوا) حملوا مكاره العهود وأكملوها وعملوا عواسر أوامر الإسلام (أَجْرَهُمْ) عدلهم معلّلا (بِأَحْسَنِ ما) أعمال (كانُوا) الحال (يَعْمَلُونَ) ( 96 ) عموما أو عدل أكمل مما عملوا .

كلّ (مَنْ عَمِلَ) عملا (صالِحاً مِنْ) لإعلام مراد الموصول وهو العموم (ذَكَرٍ) ما (أَوْ أُنْثى) ما (وَ) الحال (هُوَ) العامل (مُؤْمِنٌ) مسلم للّه كما أمره (فَلَنُحْيِيَنَّهُ) العامل للعمل الصالح موسرا أو معسرا (حَياةً طَيِّبَةً) حالا أو مالا (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ) عمّال الصوالح (أَجْرَهُمْ) معلّلا (بِأَحْسَنِ ما) عمل (كانُوا) الحال (يَعْمَلُونَ) ( 97 ) وهو الطوع لأوامر اللّه .

----------

(ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا) تستبدلوا به عرضا يسيرا من الدنيا تنقضوه لأجله (إنما عند الله) من الثواب على الوفاء بالعهد (هو خير لكم) من عرض الدنيا (إن كنتم تعلمون) ذلك فأوفوا .

(ما عندكم) من الدنيا (ينفد) يفنى (وما عند الله) من الثواب (باق) لا ينقطع (ولنجزين) بالياء والنون (الذين صبروا) على مشاق التكذيب (أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) من الطاعة .

(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

ص: 279

(فَإِذا) كلّما (قَرَأْتَ) محمّد ( ص ) (الْقُرْآنَ) الكلام المرسل أراد رود درسه (فَاسْتَعِذْ) وأمسك (بِاللَّهِ) إله الكلّ (مِنَ) وساوس (الشَّيْطانِ) المارد (الرَّجِيمِ) ( 98 ) المطرود .

(إِنَّهُ) المارد أو الأمر (لَيْسَ لَهُ) للمارد (سُلْطانٌ) كوح وحول (عَلَى) الكمّل (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله (وَعَلى) اللّه (رَبِّهِمْ) » وحده (يَتَوَكَّلُونَ) ( 99 ) وهم الرداد لوساوسه .

(إِنَّما) ما (سُلْطانُهُ) وحوله وملكه إلّا (عَلَى) العوام (الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ) طوعا له (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ) اللّه وحده أو للمارد وحمله (مُشْرِكُونَ) ( 100 ) إلها سواه .

(وَإِذا) كلّما (بَدَّلْنا) لمصالح وأسرار (آيَةً) مدلولها الأحكام والأوامر (مَكانَ) محلّ (آيَةً) مدلولها أحكام وأوامر سواها (وَاللَّهُ) الملك العلّام (أَعْلَمُ بِما) مصالح (يُنَزِّلُ قالُوا) الأعداء للرسول (إِنَّما) ما (أَنْتَ) إلّا (مُفْتَرٍ) مسطر ولّاع (بَلْ أَكْثَرُهُمْ) لكمال طلاحهم (لا يَعْلَمُونَ) ( 101 ) حكم الحوال وأسراره .

----------

(فإذا قرأت القرءان) أي أردت قراءته (فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان) تسلط (على الذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون) فإنهم لا يطيعونه (إنما سلطانه على الذين يتولونه) يطيعونه (والذين هم به) بسببه أو بالله (مشركون).

(وإذا بدلنا آية مكان آية) بالنسخ لمصالح العباد (والله أعلم بما ينزل) بمصالحه بحسب الأوقات (قالوا) أي الكفار (إنما أنت مفتر) على الله تأمر بشيء ثم تنهى عنه (بل أكثرهم لا يعلمون) فوائد النسخ .

ص: 280

(قُلْ) لهم (نَزَّلَهُ) وأرسل معه (رُوحُ الْقُدُسِ) وهو الملك المرسل الحامل لكلام اللّه (مِنْ) اللّه (رَبِّكَ) موصولا (بِالْحَقِّ) السداد (لِيُثَبِّتَ) اللّه الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا له سدادا (وَهُدىً) هدوا أو لصدع سواء الصراط (وَبُشْرى) ومعلما سارّا أو للاعلام السار (لِلْمُسْلِمِينَ) ( 102 ) للطوع لاحكامه كما أمر اللّه .

(وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ) الأعداء (يَقُولُونَ) ولعا (إِنَّما) ما (يُعَلِّمُهُ) محمّدا ( ص ) الكلام إلّا (بَشَرٌ) مملوك لعامر أو لما سواه أسلم ، وورد ردّا لهم (لِسانُ) كلام المرء (الَّذِي يُلْحِدُونَ) ألحد مال ، وألحد المرمس ولحده وهو ملحد وملحود أماله ، والحاصل كلامهم السوء (إِلَيْهِ) وهو ما معلمه إلا أحد أولاد آدم أ (أَعْجَمِيٌّ وَهذا) الكلام المرسل وهو كلام اللّه (لِسانٌ عَرَبِيٌّ) مصطع (مُبِينٌ) ( 103 ) ساطع كماله .

(إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِآياتِ اللَّهِ) دوالّ إلّه وإعلام ألوّه ، أو كلام اللّه (لا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ) أصلا ما داموا أهل طلاح وإصرار

----------

(قل نزله روح القدس) جبرئيل (من ربك) متلبسا (بالحق ليثبت الذين ءامنوا) به على إيمانهم (وهدى وبشرى للمسلمين ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه) القرآن (بشر) هو عائش غلام حويطب بن عبد العزى قد أسلم وكان صاحب كتب وقيل بلعام كان قينا بمكة روميا نصرانيا وقيل سلمان الفارسي (لسان) لغة (الذي يلحدون إليه) يميلون قولهم عن الاستقامة إليه (أعجمي) غير بين (وهذا) القرآن (لسان عربي مبين) ذو فصاحة وبيان فكيف يعلمه أعجمي .

(إن الذين لا يؤمنون بآيات الله) أي بأنها من عنده (لا يهديهم الله) إلى

ص: 281

(وَلَهُمْ) مآلا (عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 104 ) مؤلم هدّدهم اللّه لردّهم كلام اللّه وراء ما أماط وهمهم وردّ وصمهم .

(إِنَّما) ما (يَفْتَرِي الْكَذِبَ) إلّا الملأ (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِآياتِ اللَّهِ) أم المرسل لما هم ما راعوا إصرا رادعا لهم (وَأُولئِكَ) الملأ (هُمُ) وحدهم (الْكاذِبُونَ) ( 105 ) الكاملو الردّ والطّلاح أو معودهم الولع والردّ .

كلّ (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ) الواحد الأحد (مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ) إسلامه له (إِلَّا مَنْ) مرءا (أُكْرِهَ) لردّ الإسلام (وَ) الحال (قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ) مسمهر وراس (بِالْإِيمانِ) الإسلام له ك « عمّار » وورد الحمس أكرهوا عمارا ووالده وأمّه للعود عمّا الإسلام وآلموهم ، وكلّم عمّار ما أرادوا ، وأهلك والده مع إصر صعد ، وما كلّما ما حاولوا ، وادّكروا للرسول علاه السلام عوده ، وكلّمهم ردعا لهم عمّار ملأه اللّه إسلاما وسوّط الإسلام مع لحمه ودمه ، ولمّا ورد عمار صدده علاه السلام مطروا دموعه مسح رسول اللّه علا السلام دموعه رحما وكرما ، وأمره ما لك عدلهم لو عادوا لك ، وما عمله والداه أكمل وأملح لمّا إهلاك الدرّ للاسلام إعلاء له ، والموصول محكوم علاه طرح محموله وهو حلّ علاهم حرد دلّ علاه

----------

الجنة ولا يثيبهم (ولهم عذاب أليم) بكفرهم بالقرآن (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله) فإنهم لا يخشون عقابا (وأولئك هم الكاذبون) في قولهم إنما أنت مفتر أو الكاملون في الكذب لا أنت .

(من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره) على كلمة الكفر فقالها (وقلبه مطمئن بالإيمان) ثابت عليه

ص: 282

(وَلكِنْ) كلّ (مَنْ شَرَحَ) وسع (بِالْكُفْرِ صَدْراً) وراعه ردّ الإسلام (فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ) حرد وارد (مِنَ اللَّهِ) الملك العدل (وَلَهُمْ) مآلا (عَذابٌ عَظِيمٌ) ( 106 ) كامل صعد .

(ذلِكَ) ورود الحرد لهم أو الصدود عمّا الإسلام معلّل (بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا) ودّوا ولووا (الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى) الدار (الْآخِرَةِ) الموعود حصولها أمدا (وَأَنَّ اللَّهَ) العدل (لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) ( 107 ) الصدّاد عمّا أمر اللّه ما دام مودودهم الصدود .

(أُولئِكَ) الرهط (الَّذِينَ طَبَعَ) سدّ (اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) ومحا دهاءهم (وَسَمْعِهِمْ) أسماعهم وأصمّهم (وَأَبْصارِهِمْ) حواسهم وأعماهم (وَأُولئِكَ) الرهط (هُمُ) لا سواهم (الْغافِلُونَ) ( 108 ) كامل السهو عمّا أمروا .

----------

(ولكن من شرح بالكفر صدرا) فتحه أي طابت نفسه به (فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) أكره قريش جماعة على الإرتداد منهم عمار وأبواه فقتلوا أبويه وأعطاهم عمار بلسانه ما أرادوا مكرها فقال قوم كفر عمار فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كلا إنه مليء إيمانا من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه فأتاه عمار يبكي فمسح عينيه وقال إن عادوا لك فعد لهم فنزلت (ذلك) الوعيد لهم (بأنهم استحبوا الحياة الدنيا) آثروها (على الآخرة وأن) وبسبب أن (الله لا يهدي القوم الكافرين) يخذلهم بكفرهم .

(أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم) أسند إليه تعالى الطبع مجازا عن منعهم اللطف حين أبوا قبول الحق وأعرضوا عنه (وأولئك هم الغافلون) عما يراد بهم .

ص: 283

(لا جَرَمَ) لا محال (أَنَّهُمْ) كلّهم (فِي) الدار (الْآخِرَةِ هُمُ) لا سواهم (الْخاسِرُونَ) ( 109 ) لمّا أطاحوا أعمارهم ومالهم الساعور دواما .

(ثُمَّ إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا) رحلوا لمصر الرسول صلعم (مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا) أولموا وأكرهوا روما لردّهم الإسلام كعمّار ، ورووه معلوما والمراد صدّوا أهل الإسلام وأكرهوهم لردّ الإسلام ، كما ردّ الإسلام مملوكا أحد أكرهه لردّ الإسلام ، وأسلما وطرحا دار الحرم ورحلا (ثُمَّ جاهَدُوا) الأعداء (وَصَبَرُوا) وحملوا مكاره العماس أو مكاره الأوامر وعواسره (إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها) الأعمال المعلوم عددها كرّر الكلام لطول عهد ادّكاره (لَغَفُورٌ) لما عملوا (رَحِيمٌ) ( 110 ) واسع رحم .

ادّكر (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ) كل أحد (تُجادِلُ) ردّا للسوء والمراد الاملاه (عَنْ نَفْسِها) لا هم لها سواها (وَتُوَفَّى) هو الأداء كملا (كُلُّ نَفْسٍ) كل أحد عدل (ما عَمِلَتْ) أوّلا (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) ( 111 ) وكسا وإكراء .

(وَضَرَبَ) صرّح (اللَّهُ مَثَلًا) حالا هكرا (قَرْيَةً) الحرم أو سواها

----------

(لا جرم) حقا (أنهم في الآخرة هم الخاسرون ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا) عذبوا كعمار بالنصرة وثم لتباعد هؤلاء من أولئك وقرىء بالمعلوم أي فتنوا غيرهم ثم أسلموا وهاجروا (ثم جاهدوا وصبروا) على المشاق (إن ربك من بعدها) بعد الفتنة (لغفور) لهم (رحيم) بهم .

(يوم تأتي كل نفس تجادل) تحاج (عن نفسها) ذاتها لا يهمها غيرها (وتوفى كل نفس ما عملت) أي جزاءه (وهم لا يظلمون) في ذلك .

(وضرب الله مثلا قرية) بدل أي أهلها قيل هي مكة وقيل غيرها (كانت

ص: 284

والمراد أهلها (كانَتْ آمِنَةً) سالما أهلها عمّا الإهلاك والأسر (مُطْمَئِنَّةً) ما مسّها حوال الداهر (يَأْتِيها) دواما (رِزْقُها) الطعام والكلاء (رَغَداً) واسعا (مِنْ كُلِّ مَكانٍ) محلّ ومصر (فَكَفَرَتْ) أهلها (بِأَنْعُمِ) آلاء ، واحده كمرد (اللَّهُ) الواحد الأحد (فَأَذاقَهَا) أطعم أهلها (اللَّهُ) العدل (لِباسَ الْجُوعِ) ما دهمهم ممّا السعار والمحل العام (وَالْخَوْفِ) الروع معلّلا (بِما) عمل (كانُوا) اوّلا (يَصْنَعُونَ) ( 112 ) ورد اصاروا طهور سلاحهم الطعام والرمام اللوا وصلها السعر وهو كلام مصطع سطع كماله لكلّ ماهر .

(وَلَقَدْ جاءَهُمْ) أهل أمّ الرّحم (رَسُولٌ) كامل (مِنْهُمْ) محمّد صلعم (فَكَذَّبُوهُ) ردّوه (فَأَخَذَهُمُ) أحاطهم (الْعَذابُ) المحل والروع (وَ) الحال (هُمْ ظالِمُونَ) ( 113 ) مصروا الحدل .

ورد لمّا محلوا أرسل رسول اللّه صلعم لهم طعاما ، وأرسل اللّه (فَكُلُوا مِمَّا) طعام (رَزَقَكُمُ) وأعطاكم (اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً) طاهرا سوسا أو عمّا كره

----------

آمنة) من المخاوف (مطمئنة) قارة بأهلها (يأتيها رزقها رغدا) واسعا (من كل مكان) ناحية (فكفرت بأنعم الله) جمع نعمة (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) استعير الذوق لإدراك أثر الشدة واللباس لما غشيهم منها وأوقع الإذاقة عليه نظرا إلى المستعار له وهو الإدراك أي عرفها الله على أثر لباس الجوع والخوف (بما كانوا يصنعون) بصنعهم .

(ولقد جاءهم) أي أهل مكة (رسول منهم) محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (فكذبوه فأخذهم العذاب) الجوع بالقحط والخوف من الغارات أو ما نالهم ببدر (وهم ظالمون فكلوا مما رزقكم الله) من الغنائم وغيرها (حلالا طيبا) لذيذا

ص: 285

(وَاشْكُرُوا) واحمدوا (نِعْمَتَ اللَّهِ) آلاه (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ) وحده (تَعْبُدُونَ) ( 114 ) طوعا .

ولمّا أمرهم أكل الحلال عدّد علاهم ما حرّم وردعهم الإحرام والاحلال عموا وأهواء وكلّم (إِنَّما) ما (حَرَّمَ) اللّه (عَلَيْكُمُ) أصلا إلّا (الْمَيْتَةَ) أكلها ، المراد كلّ ما هلك لا مع السحط (وَالدَّمَ) الماسل حال السحط (وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) ودسمه (وَ) كلّ (ما أُهِلَّ) دعا السادح (لِغَيْرِ) اسم (اللَّهِ) الواحد الأحد (بِهِ) معه أراد حال سدحه ، والحاصل سدح لسواه (فَمَنِ اضْطُرَّ) كلّ أحد أدركه العدم ، وأحاطه السعار ، وما أدرك إلّا حراما مما مرّ كلّه (غَيْرَ) حال (باغٍ) حادل محاط سعار سواه ، وحدله أكله وحده لا معه (وَلا عادٍ) سداد الروح أو السعار (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ) لهم ما صدر (رَحِيمٌ) ( 115 ) أحلّهم أكله حال العسر .

(وَلا تَقُولُوا لِما) لمأكول (تَصِفُ) له (أَلْسِنَتُكُمُ) حلالا وحراما (الْكَذِبَ) الكلام الوالع وهو هذا المأكول (حَلالٌ) أحلّه اللّه (وَهذا) المأكول كحام وسواه (حَرامٌ) حرّمه اللّه (لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ) الملك السلام (الْكَذِبَ) واللام للمال والمصار (إِنَّ) الملأ (الَّذِينَ يَفْتَرُونَ) عمدا (عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) هو كلامهم أحلّه اللّه أو حرّمه (لا

----------

(واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون)تخصونه بالطاعة.

(إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم) فسر في البقرة «الایة 173»والحصر إضافي بالنسبة إلى ما حرموه على أنفسهم .

(ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا

ص: 286

يُفْلِحُونَ) ( 116 ) دواما وهو وصول المرام لهم .

(مَتاعٌ) حاصل الولع أو عمرهم لدار الأعمال حطام (قَلِيلٌ) ماصل هالك مسرعا (وَلَهُمْ) مآلا (عَذابٌ أَلِيمٌ) ( 117 ) مؤلم .

(وَعَلَى) الرهط (الَّذِينَ هادُوا) وهم الهود (حَرَّمْنا) أوّلا كلّ (ما قَصَصْنا) إعلاما (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) (مِنْ قَبْلُ) أوّلا (وَما ظَلَمْناهُمْ) لما حرّم لهم ما مرّ وحملوا العواسر (وَلكِنْ كانُوا) أوّلا (أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ( 118 ) لما عملوا طوالح واصرّوا .

(ثُمَّ إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) مالكك (لِلَّذِينَ عَمِلُوا) العمل (السُّوءَ بِجَهالَةٍ) عدم علم ، وهو حال (ثُمَّ تابُوا) هادوا (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) العمل السوء (وَأَصْلَحُوا) عملهم (إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ) كرّر الكلام لطول عهد ادّكاره

----------

يفلحون) لا ينالون خيرا .

(متاع قليل) أي لهم أو متاعهم متاع زائل (ولهم عذاب أليم) في الآخرة (وعلى الذين هادوا) اليهود (حرمنا ما قصصنا عليك من قبل) في الأنعام وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر (وما ظلمناهم) بالتحريم (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) بمعاصيهم الموجبة لذلك .

(ثم إن ربك للذين عملوا السوء) المعاصي (بجهالة) أي جاهلين بالله وبعقابه (ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا) عملهم (إن ربك من بعدها) أي التوبة (لغفور) لهم (رحيم) بهم .

(إن إبراهيم كان أمة) وذلك أنه كان على دين لم يكن عليه أحد غيره أو مؤتما به في الخير (قانتا لله) مطيعا له (حنيفا) مائلا إلى الدين القيم (ولم يك من المشركين) قط (شاكرا لأنعمه) جمع قلة أي قليلها فضلا عن كثيرها

ص: 287

(مِنْ بَعْدِها) الهود (لَغَفُورٌ) لهم السوء (رَحِيمٌ) ( 119 ) واسع الرحم .

(إِنَّ إِبْراهِيمَ) ودود اللّه ورسوله (كانَ) وحده (أُمَّةً) لكماله ، أو وحده مسلما ، أو سواه أعداء ، أو إماما (قانِتاً) مطواعا (لِلَّهِ) وحده ولأوامره (حَنِيفاً) راكحا للطوع الكامل أو عمّا سواه (وَلَمْ يَكُ) كما وهم الأعداء (مِنَ) الأمم (الْمُشْرِكِينَ) ( 120 ) مع اللّه إلها سواه .

(شاكِراً لِأَنْعُمِهِ) حامدا لآلاء اللّه والحال (اجْتَباهُ) اللّه وكمّله لإعطاء الألوك (وَهَداهُ إِلى) سلوك (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ( 121 ) سواء عدل وهو الإسلام الكامل .

(وَآتَيْناهُ فِي) الدار (الدُّنْيا حَسَنَةً) ألوكا وأموالا وأولادا أو سمعا وعلاء صدد أهل المل كلّها ، أو عمرا طوالا (وَإِنَّهُ فِي) الدار (الْآخِرَةِ لَمِنَ) الملأ (الصَّالِحِينَ) ( 122 ) أهل دارالسلام كما سأله .

(ثُمَّ) لإكرامه وإعلام أكمل ما أعطاه اللّه ، وهو سلوك رسول اللّه علاه السلام صراطه (أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (أَنِ اتَّبِعْ) أطع (مِلَّةَ) مسلك

----------

(اجتباه) اصطفاه (وهداه إلى صراط مستقيم) التوحيد (وءاتيناه) التفات (في الدنيا حسنة) الرسالة والخلة والثناء الحسن عند سائر أهل الأديان (وإنه في الآخرة لمن الصالحين) أهل الجنة (ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا) في الدعاء إلى التوحيد (وما كان من المشركين) كرر ردا على قريش وأهل الكتاب في زعمهم أنهم على دينه .

(إنما جعل السبت) فرض تعظيمه (على الذين اختلفوا فيه) على نبيهم وهم اليهود إذ أمروا بتعظيم الجمعة فأبوا إلى السبت فالزموه وشدد عليهم فيه أو إنما جعل وبال السبت أي المسخ على الذين اختلفوا فيه فحرموا الصيد فيه ثم

ص: 288

الرسول (إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) راكحا وهو حال (وَما كانَ مِنَ) الملأ (الْمُشْرِكِينَ) ( 123 ) مع اللّه إلها سواه ، كرره ردّا للهود ورهط روح اللّه لمّا وهموا وهما كاسدا .

(إِنَّما) ما (جُعِلَ السَّبْتُ) وما رسم إكرامه وطرح المصطاد وسطه إلّا (عَلَى) الرهط (الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ) وهم الهود أمروا إكرام عصر سواه ، وصدّوا وكرهوا المأمور وعطوا للإكرام العصر المسطور اسمه إلّا رهطا ماصلا (وَإِنَّ) اللّه (رَبَّكَ لَيَحْكُمُ) حكما عدلا (بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) هؤلاء الطّلاح (فِيما) مر معهود أو عام (كانُوا فِيهِ) معاده (يَخْتَلِفُونَ) ( 124 ) والحكم أداء عدل المطواع وسطو الصاد الكاره .

(ادْعُ) محمّد ( ص ) أهل العالم (إِلى) سلوك (سَبِيلِ) اللّه (رَبِّكَ) وهو الإسلام (بِالْحِكْمَةِ) الكلام المرسل أو الدالّ المصرح المصحح لسداد المعدم للوهم والإعوار (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) الكلام السهل الحلو الأعود للادّكار (وَجادِلْهُمْ) ومارهم (بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) صرط المراء وهو الدعاء مع الدوالّ والكلام الحلو السهل (إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ هُوَ) وحده (أَعْلَمُ) عالم (بِمَنْ) كلّ أحد (ضَلَّ عَنْ) سلوك (سَبِيلِهِ) صراطه السواء وهو الإسلام (وَهُوَ) اللّه (أَعْلَمُ) عالم (بِالْمُهْتَدِينَ) ( 125 ) سواء الصراط .

----------

أحلوه بما احتالوا له (وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) بإثابة المطيع وتعذيب العاصي .

(ادع) الثقلين (إلى سبيل ربك) دينه (بالحكمة) بالحجج الكاشفة عنه (والموعظة الحسنة) الأقوال المقبولة المقنعة في الترغيب والترهيب (وجادلهم بالتي هي أحسن) طرق المناظرة كالرفق واللين في النصح (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) فهو مجازيهم.

ص: 289

(وَإِنْ عاقَبْتُمْ) الأعداء موردها ما ورد لمّا أهلك الأعداء عمّا رسول اللّه صلعم وصرموا عطله ، ورآه رسول اللّه صلعم وعهد ، وكلّم لا صرما آمرا مما هو أوسك (فَعاقِبُوا) الأعداء (بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) وراعو العدل (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ) إمساكا عمّا أمركم أحلامكم وسوسكم (لَهُوَ) الإمساك (خَيْرٌ) وأصلح (لِلصَّابِرِينَ) ( 126 ) ممّا سواه وأمسك رسول اللّه صلعم عمّا عهد .

(وَاصْبِرْ) محمّد ( ص ) عموما (وَما صَبْرُكَ) حاصلا (إِلَّا بِاللَّهِ) إمداده (وَلا تَحْزَنْ) ودع الحسر والكمد (عَلَيْهِمْ) الأعداء حال عدم إسلامهم حرصا لاسلامهم أو معادهم أهل الإسلام وما عمل معهم لمّا وصلوا لمرامهم (وَلا تَكُ) محمّد ( ص ) (فِي ضَيْقٍ) حصر وعسر (مِمَّا يَمْكُرُونَ) ( 127 ) لك واللّه ممدّك ومسعدك علاهم .

(إِنَّ اللَّهَ) العدل (مَعَ) الملأ (الَّذِينَ اتَّقَوْا) السوء والمعارّ إسعادا وإمدادا (وَالَّذِينَ هُمْ) لا سواهم للّه (مُحْسِنُونَ) ( 128 ) أعمالهم وأسرارهم وأحوالهم .

----------

(وإن عاقبتم) أي أردتم عقوبة جان قصاصا (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) من دون زيادة (ولئن صبرتم) عن المؤاخذة (لهو) الصبر (خير للصابرين) من العقوبة .

(واصبر) أيها النبي (وما صبرك إلا بالله) بتوفيقه (ولا تحزن عليهم) على المشركين حرصا على إيمانهم أو على قتلى أحد (ولا تك في ضيق مما يمكرون) في ضيق صدر من مكرهم .

(إن الله مع الذين اتقوا) معاصيه (والذين هم محسنون).

ص: 290

ص: 291

سورة الإسراء

ص: 292

( سورة الإسراء )

موردها أمّ الرّحم وورد مصر رسول اللّه علاه السلام ، ومحصول أصول مدلولها :

إسراء اللّه لرسوله سمرا معهودا ، واعلاءه له علو السماء كلّها ، وإعطاء الطرس لرسول الهود هدوّا ، وإعلام اللّه دوام حمد أطول الرسل عمرا له ، ودعر حال الهود ، وعود عود صوالح الأعمال وطوالحها لعاملها ، وإصار دار الساعور مآسر العدّال ، وكلام اللّه المرسل هدوّا لمّا هو أسدّ وأسلم وأسر السمر ومعادله وصدع الحكم والمصالح لدور أكمل الطوالح ومطوه ، والسام الطالع لكل أحد .

ودرس طروس أعماله معادا ، وإعلام الحكم والمصالح لإرسال الرسل ، ولوم أمم مرّوا ولعدولهم وادّكار رهط أرادوا عدل دار الاعدال ، ورهط أرادوا حطام دار الأعمال آحاد ولد آدم علو آحادهم ، وحصّر اللّه الطوع علاه ، وإكرام الولاد والأحمّاء والردع عمّا عدو الحدود وسط الأمور ، ولوم إمساك المال ، والردع عمّا إهلاك الأولاد وإهلاك الدرّ حدلا ، وأكل أموال حساكل لا والد لهم ، والسمود وسؤال اللّه عما اعمال السمع والحواس ، والروع وردّ العدّال ولو مهم وسدّ مسامعهم وأرواعهم عمّا سماع كلام اللّه وادّكاره ، وحمد كل مأسور للّه ، ودعاء اللّه لأهل العالم معادا وحوارهم له ، وصدع طول آحاد الرسل علو آحادهم ، وروم أهل الإسلام إحمام اللّه وإهلاك الأمصار وأهلها امام السعواء ، وإصار ما رآه الرسول حال الهكر ممحصا لولد آدم ، وعدول المارد عمّا أمر ممّا طوع آدم علاه

ص: 293

السلام ، وإصاره مسلّطا علاهم ، وعدّ الآلاء لهم وإكرامهم ، ودعاء كل أحد مع طرسه وامامه معادا ، وهمّ أهل العدول لحوال الرسول علاه السلام عمّا أوحاه اللّه ، والأمر لأداء ما صلّوا اعصارها ، وأمر الرسول لطوعه سمرا وراء سهره عمّا هكره ، ووعد اللّه للرسول علاه السلام محلّا محمودا ، وروم الرسول ورود المرمس ودلوعه عمّاه محمودا ، وإرسال كلام اللّه دواء لأهل الإسلام ورحما لهم ، وصدع صدود أهل العالم حال ما أعطاهم اللّه الآلاء عمّا ادّكار اللّه وطوعه ، وصدور أعمالهم وآما لأحوالهم والسؤال عمّا الروح وعدم الحوار عمّاه ووكول أمره للّه ، ووكل أهل العالم عمّا أوردوا مطو كلام اللّه ، وروم أهل العدول المحال عمّا الرسول علاه السلام ، وصدع أحوالهم السوء معادا ، وأدلّاء ألوك رسول الهود وإعلامه ومراء ملك مصر معه ، والحكم وسط إرسال كلام اللّه مصعصعا وطهر اللّه عمّا المساهم والولد .

ص: 294

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(سُبْحانَ) اللّه هو مصدر ، أو اسم للمصدر أو علم له وعامله مطروح أحلّ محلّ عامله وسدّ مسدّه ، وصار مدلوله الطهر الكامل (الَّذِي) أرسل الملك صدر محمّد صلعم ومعه هطاهط دارالسلام (أَسْرى) الإسراء الرحل سمرا (بِعَبْدِهِ) محمّد رسول اللّه صلعم روحه وعطله معا سهرا وهو كلام آمر العلماء ، أو روحه لا عطله دكاسا وهو كلام رهط ، والأوّل أصحّ لمّا لا طول للحالم ، وأورد (لَيْلًا) مع علمه ممّا مرّ ، وهو الإسراء مؤكّدا (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) المراد الحرم كلّه ، أو المركع الحرام وهو حول الحمساء (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) الأطرح لعدم المركع وراءه ح ، أو لعدّ المراحل وسطهما (الَّذِي بارَكْنا) إرسالا للرسل وسمحا للمسل ، وإعطاء للأحمال والأكل

----------

(17- سورة الإسراء مائة وإحدى عشر آيات مكية)

(وقيل إلا وإن كادوا ليفتنونك الثمان آيات.)

بسم الله الرحمن الرحيم

(سبحان الذي أسرى بعبده) محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (ليلا) ظرف للإسراء وفائدته مع أن الإسراء لا يكون إلا بالليل - تقليل مدة الإسراء وأنه أسري به في بعض الليل مسيرة أربعين ليلة (من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) بيت المقدس

ص: 295

(حَوْلَهُ) وواركه وصعد سماء سماء ، وأحسّ ما أحسّ ، وسلّم علاه الرسل والكمّل كلّهم ودعوا له صلعم ، وأمّهم وصلّوا وراءه وصار إمامهم ، واركهم وصعد الأطلس ووصل محلا لا محلّ للمحلّ وكلّمه اللّه وسمع كلامه ورآه وهو الأصحّ المعوّل ، واسراءه (لِنُرِيَهُ) محمدا صلعم (مِنْ آياتِنا) دوالّ الإلّ وإعلام الألوّ وسداد الألوك (إِنَّهُ) اللّه (هُوَ ) وحده (السَّمِيعُ) لكلام الكلّ (الْبَصِيرُ) ( 1 ) عالم الأعمال والأحوال .

(وَآتَيْنا) الواو لوصل الكلام أو للحال (مُوسَى) رسول الهود (الْكِتابَ) الطرس المرسوم المعلوم (وَجَعَلْناهُ) طرسه (هُدىً) هدوا (لِبَنِي إِسْرائِيلَ) رهطه ، وردعوا (أَلَّا تَتَّخِذُوا) أو لعدم عطوهم (مِنْ دُونِي وَكِيلًا) ( 2 ) إلها موكولا له أموركم ، أو أمورهم .

(ذُرِّيَّةَ) أولاد أو أحاول أولاد (مَنْ) رهط (حَمَلْنا) هم الودع (مَعَ نُوحٍ) أطول الرسل عمرا (إِنَّهُ) الرسول الطوّال العمر ، أو رسول الهود (كانَ عَبْداً) للّه كاملا (شَكُوراً) ( 3 ) سرّاء وكأداء .

(وَقَضَيْنا) وحكم حكم مؤكّدا (إِلى بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ)

----------

لبعد ما بينهما (الذي باركنا حوله) في الدين والدنيا يجعله مقر الأنبياء ومهبط الوحي وحفه بالأشجار والأنهار وفيه التفات (لنريه من ءاياتنا) العجيبة في السموات والأرض وما بينهما (إنه هو السميع البصير وءاتينا موسى الكتاب) التوراة (وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا) أن مفسرة أو زائدة (من دوني وكيلا) تكلون إليه أمركم.

(ذرية من حملنا مع نوح) إذ الناس كلهم منه (إنه كان عبدا شكورا) كثير الشكر (وقضينا) أوحينا (إلى بني إسرائيل في الكتاب) التوراة (لتفسدن في

ص: 296

وأعلموا (فِي الْكِتابِ) المرسل لرسولهم (لَتُفْسِدُنَّ) حوار عهد مطروح مراد (فِي الْأَرْضِ) ممالككم (مَرَّتَيْنِ) أولاهما عدم طوع أحكام الطرس ، وإهلاك رسول ، وإحصار رسول سواه مهدّد مروّع لكم حلول الإصر والحدّ ، وحماداهما إهلاك رسول هو ولد الرسول المهلك أوّلا ، وهمّ إهلاك روح اللّه (وَلَتَعْلُنَّ) عمّا أمر اللّه ، أو المراد حدلهم وكوحهم أهل الصلاح (عُلُوًّا) سمودا ، أو حدلا وكوحا (كَبِيراً) ( 4 ) كاملا .

(فَإِذا جاءَ) حلّ (وَعْدُ) موعود ، إصر (أُولاهُما) ودركها وحدّها (بَعَثْنا عَلَيْكُمْ) لكمال طلاحكم (عِباداً لَنا) ملوكا وأمراء المراد سلطوا علاكم (أُولِي بَأْسٍ) سطو وصول (شَدِيدٍ) عسر (فَجاسُوا) داروا ورادوا لرومكم (خِلالَ) أوساط (الدِّيارِ) وأهلكوا علماءكم ، وأسروا أرهاطا ، وهدموا مصلّاكم ، ورووا حاسوا مع الحاء ومدلولهما واحد (وَكانَ) إرسال الدرك (وَعْداً) موعودا (مَفْعُولًا) ( 5 ) معمولا لا محال .

(ثُمَّ) لمّا مرّ دهر وحصل هودكم وعودكم (رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ) العود

----------

الأرض مرتين) أولهما قتل شعيا وثانيهما قتل زكريا ويحيى (ولتعلن علوا كبيرا) بالاستكبار عن طاعة الله وظلم الناس .

(فإذا جاء وعد أوليهما) وعد عقاب أولى المرتين (بعثنا عليكم عبادا لنا) بختنصر وجالوت أي خليناهم وإياكم (أولي بأس) بطش في الحرب (شديد فجاسوا) ترددوا يطلبونكم (خلال الديار) وسطها فقتلوا كباركم وسبوا صغاركم وأحرقوا التوراة وخربوا المسجد (وكان وعدا مفعولا) كائنا لا خلف فيه .

(ثم رددنا لكم الكرة) الدولة (عليهم) على المبعوثين بتسخير بعض ملك

ص: 297

الواحد والمراد الكوح والحول والطول وحصول الملك والدول (عَلَيْهِمْ) أولاك الإعطاء وهو إهلاك داود لملكهم كما مرّ أو سواه (وَأَمْدَدْناكُمْ) كرما ورحما (بِأَمْوالٍ) إعطاء أموال (وَبَنِينَ) إعطاء أولاد (وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ) مما هو عددكم أوّلا (نَفِيراً) ( 6 ) رهطا .

وأعلمكم (إِنْ أَحْسَنْتُمْ) العمل وحصل طوعكم (أَحْسَنْتُمْ) العمل طوعا (لِأَنْفُسِكُمْ) لا سواها لما عدله لها (وَإِنْ أَسَأْتُمْ) العمل (فَلَها) الدرك ، أورد اللام واما للأوّل (فَإِذا جاءَ) حلّ (وَعْدُ) موعود إصر (الْآخِرَةِ) حماداهما سلّط الأمراء والملوك علاكم كما سلطوا أوّلا ، طرح لمّا دلّ المسطور أوّلا علاه (لِيَسُوؤُا) أعداءكم إهلاكا وأسرا لكم ، ورووه موحدا ومعاده ح اللّه أو الوعد (وُجُوهَكُمْ) المراد أهلها ، وأوردها لسطوع الهمّ أوّلا علاها (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) الأطرح لهدمه (كَما دَخَلُوهُ) وهدموه (أَوَّلَ مَرَّةٍ) كما مرّ (وَلِيُتَبِّرُوا) هو الإهلاك (ما) كلّ أمر (عَلَوْا) كاحوا علاه أو عصر علوّهم (تَتْبِيراً) ( 7 ) إهلاكا وسلّط اللّه ملكا أهلك أرهاطا وأسر

----------

الفرس لكم فردكم إلى الشام واستولى على أتباع بختنصر أو بتسليط داود على جالوت فقتله (وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا) عددا .

(إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) لأن ثوابه لها (وإن أسأتم فلها) العقوبة وذكر اللام ازدواجا وروي فلها رب يغفر (فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم) أي بعثناهم ليجعلوا وجوهكم ظاهرة فيها آثار المساءة (وليدخلوا المسجد) بيت المقدس فيخربوه (كما دخلوه أول مرة وليتبروا) ليهلكوا (ما علوا) ما غلبوا عليه أو مدة علوهم (تتبيرا) وذلك بعد أن قتلوا يحيى وبقي

ص: 298

أولادهم ، وأعلمكم الطرس المرسل لكم أمام ورود الإصر .

(عَسى) اللّه (رَبُّكُمْ) مالككم (أَنْ يَرْحَمَكُمْ) حال هودكم ، وهادوا ورحمهم (وَإِنْ عُدْتُمْ) لمعارّكم (عُدْنا) وعادوا لمّا ردّوا إرسال محمّد صلعم وهمّوا إهلاكه ، وسلّط اللّه علاهم الروم أو محمّدا صلعم (وَجَعَلْنا) عدلا (جَهَنَّمَ) دار الآلام (لِلْكافِرِينَ) كلّهم (حَصِيراً) ( 8 ) محصرا وماصرا .

(إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ) الكلام المرسل (يَهْدِي) الكل (لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) الصرط وأعدلها وأسدّها كوحود اللّه والإسلام للرسل والعمل لطوعه (وَيُبَشِّرُ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) للّه سدادا (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ) الأعمال (الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ) مالا (أَجْراً) عدلا (كَبِيراً) ( 9 ) وهو دارالسلام .

(وَ) معلم (أَنَّ) الملأ (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِالْآخِرَةِ) السعواء الموعود حصولها أمدا (أَعْتَدْنا) هو والإعداد واحد (لَهُمْ عَذاباً) إصرا (أَلِيماً) ( 10 ) مؤلما وهو دار الساعور .

----------

دمه يغلي فسلط الله عليهم الفرس فقتلوا منهم ألوفا وسبوا ذراريهم وخربوا بيت المقدس .

(عسى ربكم أن يرحمكم) بعد المرة الثانية إن تبتم (وإن عدتم) إلى الفساد (عدنا) إلى عقوبتكم وقد عادوا بتكذيب محمد فسلط عليهم بقتل قريظة وإجلاء النضير وضرب الجزية (وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) سجنا ومحبسا .

(إن هذا القرآن يهدي للتي) للطريقة التي (هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا وأن الذين لا يؤمنون بالآخرة أعتدنا) هيأنا (لهم عذابا أليما ويدع الإنسان بالشر) على نفسه وأهله ضجرا (دعاءه)

ص: 299

(وَيَدْعُ الْإِنْسانُ) حال حصره (بِالشَّرِّ) له ولأهله ولده وماله (دُعاءَهُ) لهم (بِالْخَيْرِ) حال عدم حصره (وَكانَ) دواما (الْإِنْسانُ عَجُولًا) ( 11 ) معلا مسرعا دعاء لكلّ موهومه ، وورد المراد آدم .

(وَجَعَلْنَا) كرما ورحما (اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) إدرارهما أو درّاهما (آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا) المحو الطمس (آيَةَ اللَّيْلِ) هو الطوس ومحوه محو لمعه (وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً) لها لمع كامل (لِتَبْتَغُوا) حال حصول اللمع (فَضْلًا) أكلا (مِنْ) اللّه (رَبِّكُمْ) كدّا وكدحا (وَلِتَعْلَمُوا) حال علمها (عَدَدَ السِّنِينَ) الأعوام (وَالْحِسابَ) عدد الأعصار ومواسم الأعمال (وَكُلَّ شَيْءٍ) مروم هو معمول عامل مطروح مراد دلّ علاه ما هو وراءه لا محال (فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا) ( 12 ) وأعلم اعلاما مصرّحا .

(وَكُلَّ إِنسانٍ) كلّ واحد ، معمول لمطروح صدعه المسطور كالأوّل

----------

كدعائه له (بالخير وكان الإنسان) أي جنسه (عجولا) بالدعاء بالشر لم ينتظر عاقبته .

(وجعلنا الليل والنهار ءايتين) دالتين على قدرتنا وعلمنا (فمحونا آية الليل) الآية التي هي الليل أي طمسنا نورها بالظلام (وجعلنا آية النهار) الآية التي هي النهار (مبصرة) مضيئة أو متبصرا فيها وقيل بتقدير مضاف أي جعلنا نيري الليل والنهار ءايتين ومحو القمر بجعله غير ذي شعاع ترى الأشياء به أو بالكلف الذي فيه وهو مروي روي لو لم يكن لما عرف الليل من النهار (لتبتغوا) في النهار (فضلا من ربكم) بالتصرف في وجوه معاشكم (ولتعلموا) بهما (عدد السنين والحساب) للأوقات (وكل شيء) تحتاجون إليه من أمر الدين والدنيا (فصلناه تفصيلا) بيناه تبيينا .

ص: 300

(أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ) عمله وما أحمّ له وعلاه (فِي عُنُقِهِ) محلّ الكروم (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود حصولها (كِتاباً) مرسوما وسطه عمله (يَلْقاهُ) هو راء له (مَنْشُوراً) ( 13 ) محورا لا مكورا وهو عكس لواه وطواه ، وهو حال .

وهو مأمور ح (اقْرَأْ) وادرس (كِتابَكَ) طرس عملك ، أو مرسومك وسط درّك (كَفى بِنَفْسِكَ) درّك (الْيَوْمَ) الحال (عَلَيْكَ) لإعلام عملك الصالح والطالح (حَسِيباً) ( 14 ) عادا .

كلّ (مَنِ اهْتَدى) سواء الصراط (فَإِنَّما) ما (يَهْتَدِي) سواء الصراط إلّا إصلاحا (لِنَفْسِهِ) لمّا عدله له (وَ) كلّ (مَنْ ضَلَّ) وما أحسّ سواء الصراط (فَإِنَّما) ما (يَضِلُّ) إلّا (عَلَيْها) لمّا إصره علاها (وَلا تَزِرُ) وهو المحل درّ (وازِرَةٌ) عمله الإصر والسوء (وِزْرَ) حمل درّ (أُخْرى) سواها ، والحاصل ما أحد حامل لحمل سواه (وَما كُنَّا) دواما (مُعَذِّبِينَ) أحدا حالا أو مالا (حَتَّى نَبْعَثَ) له (رَسُولًا) ( 15 ) معلّما للأوامر والأحكام .

(وَإِذا) كلّما (أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ) عدلا (قَرْيَةً) أهلها (أَمَرْنا) إرسالا للرسل أمر طوع ، أو مدلوله الردع (مُتْرَفِيها) ملوكها ورؤساءها ( فَفَسَقُوا )

----------

(وكل إنسان ألزمناه طائره) عمله من خير وشر (في عنقه) لزوم الطوق في عنقه (ونخرج له يوم القيامة كتابا) وهو صحيفة عمله (يلقاه منشورا) ويقال له (اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) محاسبأ ولقد أنصفك من جعلك حسيب نفسك .

(من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) فتلزمهم الحجة (وإذا أردنا أن نهلك قرية) أي أهلها بعد قيام الحجة عليهم، وإذا دنا وقت إهلاكهم (أمرنا

ص: 301

عدوا عمّا أمروا ، أو عملوا ما ردعوا (فِيها فَحَقَّ) ووطد (عَلَيْهَا) أهلها (الْقَوْلُ) الوعد الموعود للإصر (فَدَمَّرْناها) أهلكوا (تَدْمِيراً) ( 16 ) إهلاكا .

(وَكَمْ) أراد أمرا (أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ) الأمم الأوّل (مِنْ بَعْدِ) أطول الرسل عمرا (نُوحٍ) كعاد ورهط صالح (وَكَفى بِرَبِّكَ) إلهك ومولاك (بِذُنُوبِ عِبادِهِ) طرّا (خَبِيراً) علّاما لأسرارها (بَصِيراً) ( 17 ) علّاما لسواطعها .

(مَنْ كانَ يُرِيدُ) أوس عمله الدار (الْعاجِلَةَ) دار الأعمال وحدها (عَجَّلْنا لَهُ) للعامل المسطور (فِيها) دار الأعمال (ما) طلعا (نَشاءُ) إعطاؤه لا ما هو مادة (لِمَنْ نُرِيدُ) لا لكلّ عامل (ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ) للعامل لطلاحه في الدار الآخرة (جَهَنَّمَ) دار الآلام (يَصْلاها) دار الآلام ، وصلاؤها ورودها أو إحساس حرّها (مَذْمُوماً) ملوما (مَدْحُوراً) ( 18 ) مطرودا لا رحم له .

----------

مترفيها) متنعميها أي رؤساءها بالطاعة، وخصوا لأن غيرهم تبع لهم (ففسقوا فيها) فتمادوا في العصيان والخروج عن الظلمة (فحق عليها القول) بالوعيد بانهماكهم في المعاصي (فدمرناها تدميرا) أهلكنا أهلها وخربناها .

(وكم) كثيرا (أهلكنا من القرون) الأمم بيان لكم (من بعد نوح) كعاد وغيرهم (وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا) عالما ببواطنها وظواهرها (من كان يريد العاجلة) الدنيا بعمله (عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد) التعجيل له (ثم جعلنا له جهنم يصلاها) يدخلها (مذموما) ملولا (مدحورا) مطرودا من رحمة الله .

ص: 302

(وَ) كلّ (مَنْ أَرادَ) الدّار (الْآخِرَةَ) الموعود ورودها أمدا (وَسَعى) عمل (لَها) للدار المعهود حالها (سَعْيَها) عملها المحصل لها (وَ) الحال (هُوَ مُؤْمِنٌ) مسلم للّه وحده كما أمره (فَأُولئِكَ) الملأ الصلحاء (كانَ) دواما (سَعْيُهُمْ) عملهم (مَشْكُوراً) ( 19 ) محمودا مسموعا للّه .

(كُلًّا) كل واحد ، معمول ما هو وراءه وهو (نُمِدُّ) والمراد أمدّ (هؤُلاءِ) الملأ (وَهَؤُلاءِ) الملأ وهما محاولو دار الأعمال ومحاولو دار الأعدال (مِنْ عَطاءِ) اللّه (رَبِّكَ) معطاه حالا والعطاء اسم له (وَما كانَ عَطاءُ) اللّه (رَبِّكَ) لدار الأعمال (مَحْظُوراً) ( 20 ) مردوعا حالا ولو عصوا .

(انْظُرْ) وراع (كَيْفَ فَضَّلْنا) عطاء ومالا ووسعا وكمالا (بَعْضَهُمْ) رهطا (عَلى بَعْضٍ) رهط (وَلَلْآخِرَةُ) الدار الموعود ورودها أمدا (أَكْبَرُ) أكرم (دَرَجاتٍ) مراهص لأهل الإسلام (وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا) ( 21 ) ممّا عداها وهو دار الأعمال وأصلح ح عمدها والعمل لها .

(لا تَجْعَلْ) الكلام مع رسول اللّه صلعم ، والمراد رهطه أو مع كلّ أحد

----------

(ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها) حق السعي لأجلها بفعل ما أمر به وترك ما نهي عنه (وهو مؤمن) إذ لا نفع للعمل بدون الإيمان (فأولئك كان سعيهم مشكورا) مقبولا عند الله مثابا عليه .

(كلا) كل واحد من الفريقين (نمد) نعطي (هؤلاء وهؤلاء) بدل من كلا (من عطاء ربك) رزقه (وما كان عطاء ربك محظورا) ممنوعا في الدنيا من مؤمن ولا كافر .

(أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض) في الرزق والجاه (وللآخرة أكبر) أعظم (درجات وأكبر تفضيلا) من الدنيا (لا تجعل مع الله إلها ءاخر فتقعد)

ص: 303

(مَعَ اللَّهِ) الواحد الأحد (إِلهاً) مألوها (آخَرَ) سواه (فَتَقْعُدَ) ح (مَذْمُوماً) ملوما (مَخْذُولًا) ( 22 ) لا ممدّ لك .

(وَقَضى) أمر وحكم اللّه (رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا) أحدا أصلا (إِلَّا إِيَّاهُ) اللّه ، والحاصل أمركم طوعكم له وحده (وَ) إكرامكم وعملكم (بِالْوالِدَيْنِ) الأمّ والوالد (إِحْساناً) إكراما لهم (إِمَّا) ما مؤكّد (يَبْلُغَنَّ) وصولا (عِنْدَكَ الْكِبَرَ) والوكل والهرم وصار كلّا (أَحَدُهُما) الأمّ أو الوالد (أَوْ كِلاهُما) الأمّ والوالد معا (فَلا تَقُلْ لَهُما) حصرا (أُفٍّ) كلم معمول لإعلام الحصر وهو مصدر ومدلوله هلاكا وسوء ورووه مع كسر واحد (وَلا تَنْهَرْهُما) ودع ردعهما (وَقُلْ لَهُما) وكلّمهما (قَوْلًا) كلاما (كَرِيماً) ( 23 ) ملاحا سهلا لا وعرا .

(وَاخْفِضْ) وحطّ ومهّد وسهّل (لَهُما جَناحَ الذُّلِّ) الكرم والرحم (مِنَ الرَّحْمَةِ) لكمال الرحم لهما وادع لهما حال إسلامهما (وَقُلْ رَبِّ) اللهم (ارْحَمْهُما) وأصلحهما (كَما) رحما (رَبَّيانِي) وأصلحا (صَغِيراً)

----------

فتصير (مذموما) على لسان العقلاء (مخذولا) لا ناصر لك .

(وقضى ربك) أمر أمرا جزما (ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين) وأن تحسنوا (إحسانا) عظيما (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف) فلا تضجر منهما عن الصادق (عليه السلام) أدنى العقوق أف ولو علم الله شيئا أهون منه لنهى عنه (ولا تنهرهما) لا تزجرهما بإغلاظ (وقل لهما قولا كريما) جميلا رفيقا .

(واخفض لهما جناح الذل) الإضافة البيانية أي جناحك الذليل (من الرحمة) من الرقة عليهما (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) كرحمتهما

ص: 304

( 24 ) حال الوكل .

(رَبُّكُمْ) مولاكم (أَعْلَمُ) عالم (بِما) صلاح أو طلاح معهما (فِي نُفُوسِكُمْ) وأرواحكم (إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ) طوعا للّه (فَإِنَّهُ) اللّه (كانَ) حدواما (لِلْأَوَّابِينَ) العوّاد لطوّعه (غَفُوراً) ( 25 ) لهم ما صدر سهوا .

(وَآتِ) وأعط (ذَا الْقُرْبى) الرحم (حَقَّهُ) لو محروما لا مال له وهو وصل الرحم والإكرام ، وورد المراد أولو أرحام الرسول صلعم (وَ) أعط (الْمِسْكِينَ) ما هو أهله (وَ) أعط (ابْنَ السَّبِيلِ) ما هو أهله (وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) ( 26 ) وهو إعطاء المال لمحلّ العطاء ولا محلّه ، أو إعطاؤه للإصر .

(إِنَّ) الملأ (الْمُبَذِّرِينَ) لمّا ملكوا (كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ) لمّا أطاعوهم ومرّوا لممرّهم (وَكانَ الشَّيْطانُ) المراد صرعه (لِرَبِّهِ) إلهه ومالكه وهو اللّه (كَفُوراً) ( 27 ) ردّاد .

(وَإِمَّا) ما مؤكّد (تُعْرِضَنَّ) محمّد ( ص ) (عَنْهُمُ) هؤلاء محالّ

----------

لي بتربيتهما إياي صغيرا فإني عاجز عن مكافاتهما .

(ربكم أعلم بما في نفوسكم) من بر وعقوق (إن تكونوا صالحين) طائعين له (فإنه كان للأوابين) التوابين عن تقصير صدر منهم في حق الوالدين (غفورا) لتقصيرهم أو لذنب كل تائب .

(وءات ذا القربى حقه) من صلة الرحم بالمال والنفس، وعن أهل البيت المراد به قرابة الرسول (والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا) بالإنفاق في غير طاعة الله (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) أتباعهم وعلى سنتهم في الإسراف (وكان الشيطان لربه كفورا) شديد الكفر فكذا متبعه المبذر .

(وإما تعرضن عنهم) عن ذي القربى والمسكين وابن السبيل إذ لم تجد ما

ص: 305

العطاء ، كره ردّهم عطاءك لمصوله (ابْتِغاءَ) روم (رَحْمَةٍ) مال وعطاء ، أو المراد عدم المال أحلّ روم المال محلّه (مِنْ رَبِّكَ) اللّه (تَرْجُوها) وهو حال (فَقُلْ) ح (لَهُمْ) لهؤلاء الأرهاط (قَوْلًا) كلاما (مَيْسُوراً) ( 28 ) سهلا لا وعرا وهو وعد العطاء ، أو الدعاء لهم لحصول الوسع والمال .

(وَلا تَجْعَلْ) أصلا (يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى) مع (عُنُقِكَ) ودع الإمساك (وَلا تَبْسُطْها) عطاء (كُلَّ الْبَسْطِ) وحاول وسطهما وهو الكرم (فَتَقْعُدَ) حال الإمساك كملا (مَلُوماً) وحال السماح عمما (مَحْسُوراً) ( 29 ) محصورا ما صح المال أو سادما .

(إِنَّ رَبَّكَ) اللّه الواسع العطاء الراصد للمصالح والحكم (يَبْسُطُ) أراد إعطاء الوسع (الرِّزْقَ) والعطاء أراد عدم إعطاء الوسع لكل أحد أراد (لِمَنْ يَشاءُ) وسعه (وَيَقْدِرُ) العطاء لكل أحد أراد عدم وسعه (إِنَّهُ) اللّه (كانَ) دواما (بِعِبادِهِ) أحوالهم وأسرارهم (خَبِيراً بَصِيراً) ( 30 ) عالما مدركا .

(وَلا تَقْتُلُوا) أهل الحدل والطّلاح (أَوْلادَكُمْ) إهلاكهم أولادهم

----------

تعطيهم (ابتغاء رحمة من ربك ترجوها) لطلب رزق منه تنتظره أن يأتيك فتعطيهم منه (فقل لهم قولا ميسورا) لينا أي عدهم وعدا جميلا أو ادع لهم باليسر مثل يرزقنا الله وإياكم .

(ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك) لا تقبضها عن الإنفاق كل القبض (ولا تبسطها) فيه (كل البسط فتقعد) فتصير (ملوما) بالإسراف عند الله وغيره (محسورا) نادما أو منقطعا بك أو عريانا .

(إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) يوسعه ويضيقه بمشيئته بحسب المصلحة (إنه كان بعباده خبيرا بصيرا) عالما بسرهم وعلنهم وما يصلحهم من وسعة وتقتير .

ص: 306

وأدهم لها (خَشْيَةَ) روع (إِمْلاقٍ) عسر وعدم مال (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ) أولادكم (وَإِيَّاكُمْ) معا (إِنَّ قَتْلَهُمْ) إهلاكهم وأدهم (كانَ) دواما صدد اللّه (خِطْأً) إصرا (كَبِيراً) ( 31 ) أمرا .

(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) العهر هو ردع عمّا هو موصله وداع له كالمسّ ومطوه ، ورووه ممدودا ومدلولهما واحد (إِنَّهُ) العهر (كانَ) صدد اللّه دواما (فاحِشَةً) سوداء وراء الحدّ (وَساءَ سَبِيلًا) ( 32 ) هو .

(وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ) عموما (الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ) العدل إهلاكها دواما (إِلَّا بِالْحَقِّ) إلّا حال ردّ الإسلام عودا ، أو حال العهر أو حال إهلاك أحد معصوم عمدا حدلا (وَ) كلّ (مَنْ قُتِلَ) أهلك (مَظْلُوماً) محرّما إهلاكه لا إصر له محلّل لدمه (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ) مالك دمه وأمره (سُلْطاناً) حولا وكوحا (فَلا يُسْرِفْ) مالك أمره (فِي الْقَتْلِ) إهلاكا لسواء المهلك أو لرهط حال وحود المهلك (إِنَّهُ) مالك الدم أو المهلك الأوّل ، أو مهلك مالك الدم حدلا وهو معلّل للردع (كانَ مَنْصُوراً) ( 33 ) مردا ممدا لمّا أحلّ اللّه دم المهلك اسلاء له ومحوا لوحر صدره ، أو لمّا أحلّ الدم أوس دمهوما أهدره ، أو لمّا أحلّ

----------

(ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) مخافة فقر (نحن نرزقكم وإياهم إن قتلهم كان خطأ كبيرا) إثما عظيما (ولا تقربوا الزنى) نهى عن قربه مبالغة في النهي عنه (إنه كان فاحشة) ظاهر القبح (وساء سبيلا) وبئس طريقا .

(ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) كالقود والردة وحد المحصن (ومن قتل مظلوما) بغير حق (فقد جعلنا لوليه سلطانا) تسلطا على القاتل (فلا يسرف) الولي بتجاوز الحد (في القتل) بالمثلة أو قتل غير القاتل (إنه كان منصورا) من الله بإيجاب القصاص .

ص: 307

دم مالك دم الأوّل أوس دم مرء هو مهلكه حدلا أو حدّه .

(وَلا تَقْرَبُوا) أصلا (مالَ) الولد (الْيَتِيمِ) الهالك والده حال عدم إدراكه الحلم (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الصرط ، المراد حرسه (حَتَّى يَبْلُغَ) الولد المسطور (أَشُدَّهُ) كمال إدراكه (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ) عهد أوامر اللّه وأحكامه ، أو هو عام (إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا) ( 34 ) مروما أداؤه أو مسؤولا عامله مآلا .

(وَأَوْفُوا الْكَيْلَ) أكملوه (إِذا) كلّما (كِلْتُمْ) لسواكم ودعوا وكسه (وَزِنُوا) دوما (بِالْقِسْطاسِ) وهو معلم حمل الدراهم وسواها ، وهو كلام أهل الروم حاوره أولاد ماء السماء ككلامهم (الْمُسْتَقِيمِ) العدل السواء (ذلِكَ) العمل (خَيْرٌ) حالا (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) ( 35 ) مآلا .

(وَلا تَقْفُ) ودع السلوك كسوء (ما) أمر (لَيْسَ لَكَ بِهِ) حصوله وعدم حصوله (عِلْمٌ) ما والحاصل دع إعلام أمر ما هو معلوما لك (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ) والحواس كلّها (وَالْفُؤادَ) الروع (كُلُّ أُولئِكَ) الأمور (كانَ عَنْهُ

----------

(ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي) بالخصلة التي (هي أحسن) لحفظه وتثميره (حتى يبلغ أشده) يصير بالغا رشيدا (وأوفوا بالعهد) إليكم من الله أي تكاليفه أو بما عاهدتموه غيره (إن العهد كان مسئولا) عنه ناكثة أو مطلوبا من العاهد أن يفي به .

(وأوفوا الكيل) أتموه (إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم) بالميزان السوي (ذلك خير وأحسن تأويلا) مآلا ومرجعا (ولا تقف) تتبع (ما ليس لك به علم) في العقائد والأعمال (إن السمع والبصر والفؤاد) القلب (كل أولئك) الأعضاء (كان عنه مسئولا).

ص: 308

مَسْؤُلًا) ( 36 ) أهله أو معاد العامل .

(وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) وهو كمال السرور ، والمراد مرحا مكسور الراء ورووا « مرحا » وهو حال (إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ) هو السم الصارد (الْأَرْضِ) دوسا ووطأ وهو معلّل للردع (وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ) الأطواد (طُولًا) ( 37 ) وهو حال .

(كُلُّ ذلِكَ) المسطور (كانَ سَيِّئُهُ) طالحه لا صالحه (عِنْدَ) اللّه (رَبِّكَ مَكْرُوهاً) ( 38 ) مردودا لا محمودا .

(ذلِكَ) المسطور كلّه (مِمَّا أَوْحى) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) اللّه (رَبُّكَ) مالكك (مِنَ الْحِكْمَةِ) العلم المحكوم صحّه المعلوم سداده صدد الحلم (وَلا تَجْعَلْ) معادلا (مَعَ اللَّهِ) الواحد الأحد (إِلهاً آخَرَ) سواه (فَتُلْقى) ح (فِي جَهَنَّمَ) دار السوء (مَلُوماً) موصولا (مَدْحُوراً) ( 39 ) مطرودا لا رحم لك .

(أَ) حصل لكم علاء (فَأَصْفاكُمْ) وسمّكم ولواكم وأكرمكم اللّه

----------

(ولا تمش في الأرض مرحا) ذا مرح أي مختالا (إنك لن تخرق الأرض) تشقها بكبرك حتى تبلغ آخرهما (ولن تبلغ الجبال طولا) بتطاولك فكيف تختال وأنت بهذه المثابة (كل ذلك) المذكور (كان سيئه) المنهي عنه منه (عند ربك مكروها ذلك) المذكور (مما أوحى إليك ربك من الحكمة) الكلام المحكم الذي لا دخل فيه للفساد (ولا تجعل مع الله إلها آخر) كرر إيذانا بأن التوحيد رأس الحكمة وملاكها (فتلقى في جهنم ملوما) لنفسك أو غيرها (مدحورا) مطرودا من رحمة الله .

(أفأصفاكم) إنكار لقولهم الملائكة بنات الله أي أخصكم (ربكم بالبنين)

ص: 309

(رَبُّكُمْ) أهل الحرم (بِالْبَنِينَ) الأولاد الكرام صددكم ، وهو كلام مع رهط وهموا الأملاك أولادا إكراها للّه (وَاتَّخَذَ) اللّه لحراه (مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً) أولادا اكراها صددكم لا (إِنَّكُمْ) أهل الحرم (لَتَقُولُونَ) ولعا (قَوْلًا) كلاما (عَظِيماً) ( 40 ) إدّا إمرا .

(وَلَقَدْ صَرَّفْنا) كرما ورحما الأمر المسطور طرح للعلم وهو مراد ، والمراد أعلم اعلاما مكرّرا (فِي هذَا الْقُرْآنِ) الكلام المرسل لهم (لِيَذَّكَّرُوا) لادّكارهم ورعوهم (وَما يَزِيدُهُمْ) الإعلام المكرّر للأعداء (إِلَّا نُفُوراً) ( 41 ) وكرها عمّا هو السداد .

(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (لَوْ كانَ مَعَهُ) مع اللّه (آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ) وهما (إِذاً) ح (لَابْتَغَوْا) لحاولوا (إِلى) اللّه (ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا) ( 42 ) مسلكا للعداء ، أو للطوع لو كلهم ، وهو حوار ل « لو » .

(سُبْحانَهُ) طهرا له (وَتَعالى) علا وسما (عَمَّا يَقُولُونَ) هؤلاء العدّال وهما (عُلُوًّا كَبِيراً) ( 43 ) سمّوا كلاما .

----------

الذين هم أشرف الأولاد (واتخذ) لنفسه (من الملائكة إناثا) بناتا (إنكم لتقولون قولا عظيما) بنسبة الأولاد إليه ثم بتفضيل أنفسكم عليه ثم بجعل أشرف الخلق أخسهم .

(ولقد صرفنا) كررنا الدلائل والعبر (في هذا القرآن ليذكروا) يعتبروا (وما يزيدهم إلا نفورا) عن الحق نسب إليه مجازا أي ازدادوا نفورا عند زواله (قل لو كان معه ءالهة كما يقولون إذا لابتغوا) طلبوا (إلى ذي العرش سبيلا) بالمغالبة فعل الملوك بعضهم ببعض أو بالتقرب إليه (سبحانه) تنزيها له (وتعالى عما يقولون) بالتاء والياء (علوا كبيرا) تعاليا متباعدا عن صفات الممكنات .

ص: 310

(تُسَبِّحُ لَهُ) للّه (السَّماواتُ السَّبْعُ) وما وراءها (وَالْأَرْضُ وَ) كلّ (مَنْ) حلّ (فِيهِنَّ) عموما (وَإِنْ) ما (مَنْ) مؤكّد (شَيْءٍ) ماسور (إِلَّا يُسَبِّحُ) للّه (بِحَمْدِهِ) كلاما مصطعا (وَلكِنْ) أولاد آدم (لا تَفْقَهُونَ) لكدر أرواعكم (تَسْبِيحَهُمْ) أو لما هو كلام سواكم صرعا وعدم وئامه لكلامكم أو لعسر الإدراك (إِنَّهُ) اللّه (كانَ) دواما (حَلِيماً) ممهلا لكم (غَفُوراً) ( 44 ) لآصاركم ومعارّكم .

(وَإِذا) كلّما (قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) الكلام المرسل (جَعَلْنا) لحكم ومصالح (بَيْنَكَ) محمّد ( ص ) (وَبَيْنَ) الأعداء (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) سدادا (بِالْآخِرَةِ) السعواء الموعود حصولها أمدا (حِجاباً) سدلا وسدّا (مَسْتُوراً) ( 45 ) مدسوسا لا مدركا .

(وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) أرواع الأعداء (أَكِنَّةً) أسدالا كره (أَنْ يَفْقَهُوهُ) الكلام المرسل (وَفِي آذانِهِمْ) مسامعهم (وَقْراً) صمما سادّا للسمع (وَإِذا) كلّما (ذَكَرْتَ) اللّه (رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ) الكلام المرسل (وَحْدَهُ) وحد وحدا كوعد وعدا ، وهو مصدر سادّ مسدّ الحال ومدلوله واحدا

----------

(تسبح له) بالتاء والياء (السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده) ينزهه عما لا يليق بشأنه بلسان الحال والمقال (ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما) من عقوبتكم (غفورا) لمن تاب.

(وإذا قرأت القرءان جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا) ساترا أو ذا ستر أو مستورا عن الحس (وجعلنا على قلوبهم أكنة) أغطية (أن يفقهوه) كراهة أن يفقهوه (وفي ءاذانهم وقرا) صمما فلا يسمعونه مثل نبو قلوبهم ومسامعهم عن قبوله وأسند إليه تعالى إيذانا بتمكنه منهم كالجبلة

ص: 311

(وَلَّوْا) عادوا أو صدّوا (عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) ( 46 ) مصدر مدلوله الصدود ، أو حال واحده كراكع .

(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما) حال (يَسْتَمِعُونَ) الكلام المرسل طرحه لحصول العلم (بِهِ) حال وإعلام لما ، أو معلّل للسمع والمراد سماعهم مكر ومحال لا كدّ وصر ، واعلم (إِذْ) لمّا (يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (وَإِذْ هُمْ نَجْوى) سرار والمراد أولو سرار ، واعلم (إِذْ يَقُولُ) الأعماء (الظَّالِمُونَ) إدرارهم حال سرارهم (إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً) ( 47 ) ممكورا ملموما سحر ووصله المم .

(انْظُرْ) محمّد ( ص ) (كَيْفَ ضَرَبُوا) صرّحوا (لَكَ الْأَمْثالَ) سمّوك طورا ساحرا وطورا مسحورا وطورا سواهما (فَضَلُّوا) عمّا هو السداد وحاروا وداروا (فَلا يَسْتَطِيعُونَ) دواما (سَبِيلًا) ( 48 ) مسلكا للسلام .

(وَقالُوا) ردّاد العود مالا (أَ إِذا كُنَّا) أمدا (عِظاماً) لا لحم ولا مسك لها (وَرُفاتاً) كسّارا حطاما (أَ إِنَّا) ح (لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً) مصدر أو حال

----------

(وإذا ذكرت ربك في القرءان وحده) بدون ذكر آلهتهم (ولوا على أدبارهم نفورا) جمع نافر أو مصدر أي نفرة .

(نحن أعلم بما يستمعون به) بسببه من الهزء (إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى) ظرفان لأعلم (إذ يقول الظالمون) في تناجيهم (إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) سحر فذهب عقله أو مخدوعا .

(أنظر كيف ضربوا لك الأمثال) شبهوك بمسحور وساحر وشاعر وكاهن ومجنون (فضلوا) بذلك عن الحق (فلا يستطيعون سبيلا) إليه أو إلى الطعن فيك .

ص: 312

(جَدِيداً) ( 49 ) معادا .

(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً) ( 50 ) لما هو أحكم مما مرّ .

(أَوْ خَلْقاً) سواهما (مِمَّا يَكْبُرُ) حوله عمّا هو حاله (فِي صُدُورِكُمْ) علمكم كالسماء والرمكاء لا وهم كلّكم معاد مالا ومصار كما هو الحال (فَسَيَقُولُونَ) سؤال كره وردّ (مَنْ يُعِيدُنا) وراء الهلاك (قُلِ) لهم اللّه (الَّذِي فَطَرَكُمْ) وآسركم (أَوَّلَ مَرَّةٍ) حال عدمكم (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) هكرا ومكرا (رُؤُسَهُمْ) والمراد هم محرّكوها (وَيَقُولُونَ) ردّا (مَتى هُوَ) الأسر معادا (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ) هو (قَرِيباً) ( 15 ) وروده وحلوله .

(يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) الداع لعدّ الأعمال وهو عصر المعاد (فَتَسْتَجِيبُونَ) كلّكم (بِحَمْدِهِ) حمّادا اللّه لكمال حوله وهو حال (وَتَظُنُّونَ) سدرا وعمها

----------

(وقالوا) إنكارا للبعث (أإذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا قل) لهم (كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم) يعظم عندكم عن قبول الحياة فضلا عن العظام الرفات فإن الله لا يعجز عن إحيائكم (فسيقولون من يعيدنا) يحيينا (قل الذي فطركم) خلقكم (أول مرة) فإن من قدر على البدء فهو على الإعادة أقدر (فسينغضون إليك) يحركون نحوك (رءوسهم) تعجبا واستهزاء (ويقولون متى هو) أي البعث (قل عسى أن يكون قريبا) فإن ما هو آت قريب .

(يوم يدعوكم) من قبوركم على لسان إسرافيل عند النفخة الثانية (فتستجيبون بحمده) تجيبون حامدين له أو مطاوعين لبعثه مطاوعة الحامد له

ص: 313

(إِنْ) ما (لَبِثْتُمْ) دار الأعمال أو المرامس (إِلَّا) ركودا أو عصرا (قَلِيلًا) ( 52 ) عدده .

(وَقُلْ لِعِبادِي) أهل الإسلام (يَقُولُوا) للأعداء الكلم (الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الكلم وأملحها (إِنَّ الشَّيْطانَ) العدو (يَنْزَغُ) هو الدعر والوسواس وإعلام المراد واللدد (بَيْنَهُمْ) حسدا (إِنَّ الشَّيْطانَ) المطرود (كانَ) دواما هو وأولاده ، أو المراد الصرع (لِلْإِنْسانِ) عموما (عَدُوًّا مُبِيناً) ( 53 ) عداؤه والكلام الأملح .

هو (رَبُّكُمْ) مولاكم وإلهكم (أَعْلَمُ) عالم (بِكُمْ) وأحوالكم (إِنْ يَشَأْ) رحمكم (يَرْحَمْكُمْ) لهداكم للإسلام والهود (أَوْ إِنْ يَشَأْ) إصركم (يُعَذِّبْكُمْ) إهلاككم حدّالا (وَما أَرْسَلْناكَ) محمّد ( ص ) (عَلَيْهِمْ) هؤلاء الطّلاح (وَكِيلًا) ( 54 ) راصدا لأعمالهم وموكولا لك أمرهم ، وما إرسالك إلّا للإعلام وأداء الأوامر والأحكام ، واطرحهم ودارهم مع أهل الإسلام ، وهو حكم محدود حدّه حكم العماس .

(وَرَبُّكَ أَعْلَمُ) عالم (بِمَنْ) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو

----------

(وتظنون إن لبثتم) في الدنيا أو في البرزخ (إلا قليلا) لهول ما ترون .

(وقل لعبادي) المؤمنين (يقولوا) للكفار الكلمة (التي هي أحسن) ألين (إن الشيطان ينزغ بينهم) يفسد بينهم بسبب الغلظة فتشتد النفرة (إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم) بفضله (أو إن يشأ يعذبكم) بعدله (وما أرسلناك عليهم وكيلا) فتقرهم على الإيمان وما عليك إلا البلاغ .

ص: 314

(وَالْأَرْضِ) عالم الرهص وما هو وسطهما وأحوالهم وما كلّ واحد أهل له (وَلَقَدْ فَضَّلْنا) إكراما (بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) والرسل أحوالا وإملاء لا أموالا وأملاكا ، كرسول الهود كلاما ومحمّد صلعم أسراء دلّ علاه (وَآتَيْنا داوُدَ) المرسل (زَبُوراً) ( 55 ) طرسا معهودا سطر وسطه إكرام اللّه محمّدا صلعم ورهطه .

(قُلِ) لهم (ادْعُوا) الإله (الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) عموا ، عامل مطروح معمولاه وهما هم وإلها (مِنْ دُونِهِ) سواه كالأملاك وروح اللّه (فَلا يَمْلِكُونَ) هؤلاء الإله (كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ) كالداء والمحل والعدم (وَلا تَحْوِيلًا) ( 56 ) ولا ردّه ووصله لسواكم .

(أُولئِكَ) الإله (الَّذِينَ يَدْعُونَ) الأعداء ادّعاء ، معموله مطروح مراد وهو هم (يَبْتَغُونَ) محمول محكومه ما مرّ أمامه (إِلى) اللّه (رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ) الصدد مع الطوع ومحاول الصدد (أَيُّهُمْ) موصول إعلام لمدلول الواو ، والمراد ما هو (أَقْرَبُ) أوصلهم للّه (وَيَرْجُونَ) أملا (رَحْمَتَهُ) رحم اللّه (وَيَخافُونَ) روعا (عَذابَهُ) وحرده كسواهم (إِنَّ عَذابَ) اللّه (رَبِّكَ

----------

(وربك أعلم بمن في السموات والأرض) فيخص كلا منهم بما يليق به وفيه رد لإنكار قريش أن يكون يتيم أبي طالب نبيا (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض) كإبراهيم بالخلة وموسى بالكلام (وءاتينا داود زبورا قل ادعوا الذين زعمتم) أنهم آلهة (من دونه) كالملائكة والعزير والمسيح (فلا يملكون كشف الضر عنكم) كالقحط والمرض (ولا تحويلا) له عنكم إلى غيركم .

(أولئك الذين يدعون) أي يدعونهم آلهة (يبتغون) يطلبون (إلى ربهم الوسيلة) بالقربة بالطاعة (أيهم) هو (أقرب) إليه (ويرجون رحمته

ص: 315

كانَ) دواما (مَحْذُوراً) ( 57 ) مهولا مروعا للكلّ الرسل والأملاك وسواهم .

(وَإِنْ) ما (مِنْ) مؤكّد (قَرْيَةٍ) مصر أراد أهلها (إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوها) مهلكو أهلها إرسالا للسام (قَبْلَ يَوْمِ الْقِيامَةِ) الموعود للعدل والعدل (أَوْ مُعَذِّبُوها) حدّ للإصر إهلاكا وأسرا وإرسالا لصروع اللأواء (عَذاباً شَدِيداً) عسرا أو هو للأمصار الطوالح والهلاك للصوالح (كانَ ذلِكَ) الحكم المسطور (فِي الْكِتابِ) اللوح المحروس المعصوم (مَسْطُوراً) ( 58 ) مرسوما معمولا لا محال .

(وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ) والحاصل وما طرح الإرسال (بِالْآياتِ) دوالّ سدادك وإعلام صحّ ألوكك اللواء رامها الأعداء (إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا) وردّها الأمم (الْأَوَّلُونَ) عهدا كعاد ورهط صالح حال إرسالها لسؤالهم وإلحاحهم وأهلكوا واصطلموا ، وأرسل الدوال اللاء رامها أهل الحرم لردّوها وصاروا أهلا للهلاك ، والحال حكم إمهالهم لإكمال أمرك لإسلامهم أو لإسلام أولادهم (وَآتَيْنا ثَمُودَ) رهط صالح (النَّاقَةَ) لمّا سألوا وألحّوا (مُبْصِرَةً) ساطعا حالها وكمالها (فَظَلَمُوا بِها) وردّوها وأهلكوا كما هو محسوس صادركم

----------

ويخافون عذابه) كسائر عباده فكيف تزعمونهم آلهة (إن عذاب ربك كان محذورا) حقيقا بأن يحذر .

(وإن) وما (من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة) بالموت (أو معذبوها عذابا شديدا) بالقتل وغيره (كان ذلك في الكتاب) اللوح المحفوظ (مسطورا) مكتوبا .

(وما منعنا أن نرسل بالآيات) التي اقترحها قريش (إلا أن كذب بها الأولون) لما اقترحوها وأرسلنا إليهم وأهلكناهم وكذا هؤلاء (وءاتينا ثمود الناقة

ص: 316

وواردكم ولصدد حدودها حدودكم (وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ) المراد لا أرسلها (إِلَّا تَخْوِيفاً) ( 59 ) وحولا لأهل العالم حلول الحدّ والإصر .

(وَ) ادّكر (إِذْ قُلْنا لَكَ) محمّد ( ص ) (إِنَّ) اللّه (رَبَّكَ أَحاطَ) علما وألوّا (بِالنَّاسِ) الحمس كلّهم وأدهمّ وأعلمهم ما هو مأمور الأداء ، ودع روعهم واللّه عاصمك وممدّك (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ) صراحا وسهرا سمر الإسراء ، أو هو حلم سطو أهل الإسلام الأعداء ولعلّ اللّه أراه مصارعهم دكاسا ، ولمّا وورد رسول اللّه صلعم ماء محل معهود كلّم أحسّ مصرع كلّ عدوّ وسمعه الحمس وولّعوه (إِلَّا فِتْنَةً) ومحكا (لِلنَّاسِ) أهل الحرم لما ولعوها ، وعاد رهط أسلموا لمّا سمعوها وردّوا الإسلام (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) كلام اللّه آصارها اللّه محكّ أحوالهم لمّا سمعوا حصولها وسط دار الآلام وعوّروا وعلموه محالا ، وورد المراد الوسواس المارد ، أو الحكم ، ورووه محكوما مطروح المحمول (وَنُخَوِّفُهُمْ) وأروّعهم إعلاما لأهوال المال وإرسالا لمكاره الحال (فَما يَزِيدُهُمْ) الهول (إِلَّا طُغْياناً) عدوا (كَبِيراً) ( 60 ) كاملا .

----------

مبصرة) آية واضحة تبصر من تأملها (فظلموا) أنفسهم بها بعقرها أو فكفروا (بها وما نرسل بالآيات) المعجزات (إلا تخويفا) للعباد من عذابنا ليؤمنوا .

(وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس) علما وقدرة فهم في قبضته فبلغهم ولا تخشهم فهو عاصمك منهم (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك) عيانا ليلة الإسراء أو في المنام إذ رأى بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك (إلا فتنة للناس) امتحانا لهم (والشجرة الملعونة في القرآن) عطف على الرؤية وهي بنو أمية (ونخوفهم فما يزيدهم) ذلك (إلا طغيانا كبيرا) عتوا عظيما .

ص: 317

(وَ) ادّكر (إِذْ قُلْنا) أمرا (لِلْمَلائِكَةِ) أملاك الرمكاء ، أو عموما وهم أملاك الرمكاء والسماء (اسْجُدُوا) اركعوا (لِآدَمَ) ركوع إكرام (فَسَجَدُوا) ركعوا إكراما لادم كلّهم معا (إِلَّا إِبْلِيسَ) والد الأرواح ، ولمّا كلّمه اللّه ما صدّك الإكرام لادم (قالَ) المارد حوارا (أَ أَسْجُدُ) أركع وأكرم وأطاوع (لِمَنْ) مرء (خَلَقْتَ طِيناً) ( 61 ) حال للموصول ، والمراد هو أصله .

(قالَ أَ رَأَيْتَكَ) معموله مؤكّد لا محلّ له ، والمراد أعلم حال (هذَا) المؤدم (الَّذِي كَرَّمْتَ) أمرا لإكرامه وطوعه لم وممّ إكرامه وإعلاءه (عَلَيَّ) واللّه (لَئِنْ أَخَّرْتَنِ) اللام موطأ الحلط المطروح (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) العصر الموعود أمدا (لَأَحْتَنِكَنَّ) لاصطلم (ذُرِّيَّتَهُ) أولاده مكرا ومحالا كلّها (إِلَّا) ملأ (قَلِيلًا) ( 62 ) معصوما لك .

(قالَ) اللّه طردا له (اذْهَبْ) مرّ لأمرك ومرادك ممهلا للعصر الموعود (فَمَنْ تَبِعَكَ) أطاعك (مِنْهُمْ) وسلك مسلكك (فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ) عدلك وعدلهم معا ، أو الكلام مع طوّعه (جَزاءً) مصدر طرح عامله أو حال (مَوْفُوراً) ( 63 ) مكمّلا .

----------

(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس) فسر في البقرة (قال أأسجد لمن خلقت طينا) من طين .

(قال أرأيتك هذا) مفعول أول إذ لا محل لكاف الخطاب (الذي كرمت علي) والمفعول الثاني مقدر أي أخبرني عن هذا الذي فضلته علي بأمري بتعظيمه لم فضلته (لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته) لاستأصلنهم بالإغواء (إلا قليلا) منهم .

(قال) تعالى له (اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم) أنت وهم (جزاء موفورا) مكملا .

(واستفزز) استخف واستنزل (من استطعت منهم

ص: 318

(وَاسْتَفْزِزْ) حرّك كلّ (مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ) أولاد آدم (بِصَوْتِكَ) وسواسك أو سمودك (وَأَجْلِبْ) وصح (عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ) أهل كراعك (وَرَجِلِكَ) وأهل حواملك والحاصل عساكرك كلّهم ، أو المراد كامل الآصار وواكسوها (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ) الحرام كالرماء والإسلال (وَالْأَوْلادِ) كالأولاد العهر (وَعِدْهُمْ) الوعود الصحاصح كإمداد العدلاء مع اللّه مالا وعدم إسراع الهود لطول الأمل وردّ أمر المعاد (وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ) المارد دواما (إِلَّا غُرُوراً) ( 64 ) مكرا ومحلا والأمر مهدّد .

(إِنَّ عِبادِي) كمّل أهل الإسلام (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ) اطّلاحهم أصلا (سُلْطانٌ) حول وألوّ (وَكَفى بِرَبِّكَ) مولاك وإلهك (وَكِيلًا) ( 65 ) حارسا لهم سوءك .

(رَبُّكُمُ) هو (الَّذِي يُزْجِي) هو الإحدار والإرسال (لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ) حال مدّ الماء وحطوطه (لِتَبْتَغُوا) مالا وأكلا (مِنْ فَضْلِهِ) وكرمه (إِنَّهُ) اللّه (كانَ) دواما (بِكُمْ) طرّا (رَحِيماً) ( 66 ) واسع الرحم .

----------

بصوتك) بدعائك إلى الشر (وأجلب عليهم بخيلك) فرسانك (ورجلك) اسم جمع للراجل أي أجمع عليهم كيدك وأعوانك (وشاركهم في الأموال) المكتسبة من الحرام والمنفقة فيه (والأولاد) من الزنا (وعدهم) الباطل كنفي البعث أو شفاعة آلهتهم روما (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا) باطلا يزينه لهم .

(إن عبادي) الخلص أو مطلقا (ليس لك عليهم سلطان) تسلط إلا من اتبعك باختيار (وكفى بربك وكيلا) حافظا من شرك لمن التجأ إليه .

(ربكم الذي يزجي لكم الفلك) يجريها (في البحر لتبتغوا من فضله) بالتجارة (إنه كان بكم رحيما) حيث سخرها لكم (وإذا مسكم الضر) خوف

ص: 319

(وَإِذا) كلّما (مَسَّكُمُ) وصلكم وأحاطكم (الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ) روع الهلاك (ضَلَّ) وطاح كلّ (مَنْ تَدْعُونَ) إلها (إِلَّا إِيَّاهُ) إلّا اللّه وحده ، وما مدعوّكم ح إلّا هو لمّا مسّكم سوء لا حاسر له سواه (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ) سلّمكم اللّه وأوصلكم (إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) عمّا هو عملكم ، وهو دعاءه وحده (وَكانَ الْإِنْسانُ) صرعه (كَفُوراً) ( 67 ) ردّادا للالاء وواهما للعدلاء ، وهو كالمعلّل لصدودهم .

(أَ) عهدكم اللّه السلام (فَأَمِنْتُمْ) مكره وهو (أَنْ يَخْسِفَ) اللّه وهو الإسرار وسط الحصحص واصلا (بِكُمْ) وهو حال (جانِبَ الْبَرِّ) السواحل والصعد (أَوْ يُرْسِلَ) اللّه (عَلَيْكُمْ) لإهلاككم هواء (حاصِباً) معه حصاء والحاصل الحدود كلها محكوم حكمه ومأمور أمره سواء (ثُمَّ) لمّا حلّ اصطلامكم (لا تَجِدُوا لَكُمْ) لإمدادكم (وَكِيلًا) ( 68 ) حارسا ورداء ممدّا ورادّا لإصره .

(أَمْ أَمِنْتُمْ) سلاما (أَنْ يُعِيدَكُمْ) اللّه (فِيهِ) الدماء (تارَةً أُخْرى) عودا (فَيُرْسِلَ) هو (عَلَيْكُمْ) لإهلاككم (قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ) صرصرا أو

----------

الغرق (في البحر ضل) غاب عن أوهامكم (من تدعون) تعبدون من آلهتكم فلا تدعون (إلا إياه) إذ لا يكشف الضر سواه (فلما نجاكم) من الغرق (إلى البر أعرضتم) عن توحيده (وكان الإنسان كفورا) للنعم (أفأمنتم) إنكار عطف على مقدر أي أنجوتم فأمنتم حتى أعرضتم (أن يخسف بكم جانب البر) أي يقلبه وأنتم عليه (أو يرسل عليكم حاصبا) ريحا ترميكم بالحصى والمعنى أن القادر على إغراقكم في البحر قادر على إهلاككم في البر (ثم لا تجدوا لكم وكيلا) حافظا منه (أم أمنتم أن يعيدكم فيه) في البحر (تارة أخرى) بأن يحوجكم إلى

ص: 320

كاسرا لرواحل الماء (فَيُغْرِقَكُمْ) ح (بِما كَفَرْتُمْ) صدودكم حال سلامكم و « ما » للمصدر (ثُمَّ) حال حلوله (لا تَجِدُوا لَكُمْ) لإمدادكم (عَلَيْنا بِهِ) الإهلاك (تَبِيعاً) ( 69 ) محاولا للعدل عمّا عمل معكم أو ممدا .

(وَلَقَدْ كَرَّمْنا) إكراما (بَنِي) أولاد (آدَمَ) علما وحلما ورسما واسما وكلاما وإعلاما ورصدا لأمر الحال والمعاد وعطو الطعام (وَحَمَلْناهُمْ) وأعطوا حوامل (فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) معا (وَرَزَقْناهُمْ) طعاما وأكلا (مِنَ) المآكل (الطَّيِّباتِ) الأطهار (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى) دهم (كَثِيرٍ) عدده والمراد الكل (مِمَّنْ) أملاك وسواهم أو مدلوله ما (خَلَقْنا) كالسوام والهوام (تَفْضِيلًا) ( 70 ) .

ادّكر (يَوْمَ نَدْعُوا) لعدّ الأعمال (كُلَّ أُناسٍ) وصلاء (بِإِمامِهِمْ) رسولهم ، أو رأسهم طوعا ، أو طرسهم ، أو مسلكهم والمراد دعاءهم .

اطوّع هود ، اطوّع صالح ، اطوّع محمّد ( ص ) وسواهم .

أو أأهل مسلك هود مسلك صالح أأهل مسلك محمّد صلعم .

أو المراد طروس الأعمال ودعاءهم ح أأهل طرس الصلاح ، أأهل طرس

----------

ركوبه فتركبوه (فيرسل عليكم قاصفا) كاسرا شديدا (من الريح فيغرقكم بما كفرتم) بكفركم (ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا) تابعا مطالبا بثاركم أو دافعا عنكم .

(ولقد كرمنا بني آدم) بالعقل والنطق واعتدال الخلق وتسخير الأشياء لهم وغير ذلك (وحملناهم في البر والبحر) على الدواب والسفن (ورزقناهم من الطيبات) المستلذات (وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا) والكثير ما عدا جنس الملائكة أو خواصهم (يوم ندعوا كل أناس بإمامهم) نبيهم أو كتاب

ص: 321

الطلاح أو واحده أمّ والسر إكرام روح اللّه وعدم دحور أولاد العهر (فَمَنْ) كلّ أحد مدعوّ (أُوتِيَ كِتابَهُ) طومار أعماله (بِيَمِينِهِ) وهم السعداء أولو العلم والإدراك (فَأُولئِكَ) الملأ السعداء (يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ) طروس أعمالهم روحا وسرورا (وَلا يُظْلَمُونَ) أصلا ولو (فَتِيلًا) ( 71 ) ماصلا .

(وَ) كلّ (مَنْ كانَ فِي هذِهِ) الدار (أَعْمى) روعا (فَهُوَ فِي) الدار (الْآخِرَةِ أَعْمى) روعا كما هو حاله الحال (وَأَضَلُّ) اطرح (سَبِيلًا) ( 72 ) ممّا هو حاله الحال .

ولمّا سأل رسول اللّه صلعم رهط إحرام وأدلهم كما أحرم أمّ الرحم وألحوا ورد (وَإِنْ) مطروح الاسم كما دلّ اللام (كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ) مكرا أراد حوله راكحا (عَنِ) الأمر والردع والوعد ومطوه (الَّذِي أَوْحَيْنا) إرسالا (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (لِتَفْتَرِيَ) عمدا (عَلَيْنا غَيْرَهُ) المرسل (وَإِذاً) لو حصل عملك كما أرادوا (لَاتَّخَذُوكَ) مكرا (خَلِيلًا) ( 73 ) ودودا .

----------

أعمالهم، وعنهم (عليهم السلام): إمام زمانهم وأن الأئمة إمام هدى وإمام ضلالة (فمن أوتي كتابه) كتاب عمله (بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم) فرحا بما يرون فيه وجمعوا باعتبار معنى من (ولا يظلمون فتيلا) لا ينقصون من حقهم قدر ما في شق النواة .

(ومن كان في هذه) أي الدنيا (أعمى) القلب عن الحق (فهو في الآخرة أعمى) عن طريق الجنة أو أعمى العين فلا يقرأ كتابه وقيل هو للتفضيل (وأضل سبيلا) وأبعد طريقا عن الحق .

(وإن) مخففة أي الشأن (كادوا) قاربوا (ليفتنونك) يستنزلونك واللام فارقة (عن الذي أوحينا إليك) من الأحكام (لتفتري علينا غيره) غير ما

ص: 322

(وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ) ولولا الإحكام لك والحرس (لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ) هو الركوح (إِلَيْهِمْ) مكرهم لكمال ولعهم ومكرهم (شَيْئاً) ركوحا (قَلِيلًا) ( 74 ) طلعه

(إِذاً) لو حصل ركوحك ماصلا لكمال إلحاحهم ومكرهم (لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ) إصر (الْحَياةِ وَضِعْفَ) إصر (الْمَماتِ) المراد عدلا ما هو إصر سواه حالا ومعادا (ثُمَّ) حال حلول الإصر (لا تَجِدُ لَكَ) لإمدادك (عَلَيْنا نَصِيراً) ( 75 ) ممدّا رادّا للإصر .

ولمّا كلّم الهود ارحل وسر واعمد ممالك الطهر محلّ الرسل ورد (وَإِنْ) مطروح الاسم كما دلّ اللام ومحموله (كادُوا) أهل الحرم (لَيَسْتَفِزُّونَكَ) هو الإطراد حسدا ومكرا (مِنَ الْأَرْضِ) الحرم (لِيُخْرِجُوكَ مِنْها) ممالك الحرم (وَإِذاً) لو أطردوك (لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ) لمحالهم (إِلَّا) عصرا (قَلِيلًا)

----------

أوحينا إليك (وإذا) لو اتبعت مرادهم (لاتخذوك خليلا) وليا لهم (ولو لا أن ثبتناك) على الحق بالعصمة (لقد كدت تركن) تميل (إليهم شيئا) ركونا (قليلا) لكن عصمناك فلم تقارب الركون فضلا عن أن تركن إليهم .

(إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات) ضعف عذاب الدنيا وضعف عذاب الآخرة أي مثل ما يعذب غيرك في الدارين (ثم لا تجد لك علينا نصيرا) دافعا عنك .

(وإن) مخففة (كادوا) أي أهل مكة (ليستفزونك) ليزعجونك (من الأرض) أرض مكة (ليخرجوك منها وإذا) لو أخرجوك (لا يلبثون خلافك) فيها وقرىء خلفك (إلا قليلا) زمانا يسيرا وقد كان ذلك وهو قتلهم ببدر بعد

ص: 323

( 76 ) عدده لإصراع إهلاكهم .

(سُنَّةَ) مصدر مؤكّد طرح عامله أو اسم حلّ محلّ المصدر (مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا) لعهد مرّ (قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا) أراد المعود كلّ رهط أطردوا رسولهم إهلاكهم (وَلا تَجِدُ) محمّد صلعم دواما (لِسُنَّتِنا) الأمر المعود دواما (تَحْوِيلًا) ( 77 ) ردّا وحوالا .

(أَقِمِ الصَّلاةَ) أدّها وكمّلها (لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) حطوطها أو ودسها وراء الرمكاء (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) دلسه وادلهمامه (وَ) صلّ (قُرْآنَ) أصله الدرس والمراد العمل المعهود سمّاه لما هو أصله كالركوع (الْفَجْرِ) أوّل الطلوع (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) ( 78 ) لأملاك السمر وأملاك العاطس وهو عصر صعود هؤلاء وورود هؤلاء .

(وَمِنَ اللَّيْلِ) كسره (فَتَهَجَّدْ) واسهر وصلّ (بِهِ) الكلام المرسل (نافِلَةً) لا (لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ) اللّه (رَبُّكَ) معادا (مَقاماً) محلا

----------

هجرته بسنة (سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا) أي كسنتنا في رسلنا من إهلاك من أخرجهم (ولا تجد لسنتنا تحويلا) تبديلا .

(أقم الصلاة لدلوك الشمس) زوالها من الدلك لأن الناظر إليها يدلك عينيه ليتبينها واللام بمعنى الوقت (إلى غسق الليل) ظلامه وهو وقت العشاءين، وعنهم (عليهم السلام): دلوكها زوالها ففيما بينه إلى غسق الليل وهو انتصافه أربع صلوات (وقرءان الفجر) صلاة الصبح وتسميتها قرآنا لتضمنها له كتسميتها ركوعا وسجودا (إن قرءان الفجر كان مشهودا) يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار (ومن الليل) بعضه (فتهجد به) فدع الهجود للصلاة بالقرآن (نافلة لك) خاصة زيادة على الفرائض أو فضيلة لك تخصك (عسى أن يبعثك ربك) يقيلك في الآخرة

ص: 324

(مَحْمُوداً) ( 79 ) ممدوحا مودودا ، وهو محلّ سؤال محو الآصار لأهل العالم ، وهو معاك رهط ودالهم وممدّهم ما ورد أو محل إعطاء لواء الحمد .

(وَقُلْ) اللهم (رَبِّ أَدْخِلْنِي) المرمس (مُدْخَلَ صِدْقٍ) وطهر وعدم معارّ ، وهو مصدر أو دعاء (وَأَخْرِجْنِي) للمطّلع (مُخْرَجَ صِدْقٍ) وإكرام وعدم ملام ، وهو مصدر أو دعاء ، أو ورد لمّا أمره اللّه الرحل والمراد ح إحلال المصر المعهود وادلاع الحرم أو هو عام لكلّ امر ومحل (وَاجْعَلْ) وأصر (لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً) سطوا وحولا (نَصِيراً) ( 80 ) ممدّا حال المراء أو ممدّا للإسلام أراد كلاما أو ملكا .

(وَقُلْ) حال ورود الحرم (جاءَ الْحَقُّ) الإسلام (وَزَهَقَ) وطاح وهلك (الْباطِلُ) العدل مع اللّه وورد كلام اللّه وهلك المارد المطرود (إِنَّ الْباطِلَ كانَ) دواما (زَهُوقاً) ( 81 ) هالكا .

(وَنُنَزِّلُ مِنَ) لإعلام مراد ما (الْقُرْآنِ) الكلام الكامل المسل (ما هُوَ شِفاءٌ) دواء لإدواء الأرواح (وَرَحْمَةٌ) وروح للهموم ومحو للمعار والأوصام

----------

(مقاما محمودا) يحمدك فيه الأولون والآخرون وهو مقام شفاعة .

(وقل رب أدخلني) فيما حملتني من الرسالة بأدائها أو من مكة أو عند البعث (مدخل صدق) إدخالا مرضيا (وأخرجني) من أعباء الرسالة بأدائها أو من مكة عند البعث (مخرج صدق) إخراجا لا أرى فيه مكروها (واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) قوة تنصرني بها على أعدائك أو ملكا أقهر به العصاة فنصره بالرعب من مسيرة شهر .

(وقل جاء الحق) الإسلام (وزهق الباطل) الشرك (إن الباطل كان زهوقا) مضمحلا زائلا (وننزل من القرءان ما هو شفاء) من الأمراض الروحانية كالعقائد

ص: 325

(لِلْمُؤْمِنِينَ) له (وَلا يَزِيدُ) الكلام المسل الملأ (الظَّالِمِينَ) أعداء الإسلام (إِلَّا خَساراً) ( 82 ) وكس رأس مال واحلاسا لردّهم له .

(وَإِذا) كلّما (أَنْعَمْنا) صحّا ووسعا ، أو إرسالا لكلام اللّه (عَلَى الْإِنْسانِ) الملحد (أَعْرَضَ) صدّ وما حمد (وَنَأى) مال (بِجانِبِهِ) وصعّر مراه مرحا (وَإِذا) كلّما (مَسَّهُ) وصله (الشَّرُّ) العدم والعسر (كانَ) صار (يَؤُساً) ( 83 ) حاسما لأمل روح اللّه ورحمه .

(قُلْ) لهم (كُلٌّ) كل واحد مسلم أو سواه (يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) مسلكه وممرّه المعادل لحاله سدادا أو عموا (فَرَبُّكُمْ) اللّه (أَعْلَمُ) كامل العلم (بِمَنْ هُوَ أَهْدى) أسدّ (سَبِيلًا) ( 84 ) صراطا وممرّا .

(وَيَسْئَلُونَكَ) الهود (عَنِ الرُّوحِ) ملاك الحسّ والحراك وعماده ما هو وما أصله ، ورد كلّم الهود الحمس وأمروهم سلوا رسول اللّه صعلم الملك المعهود وأهل السلع وهم أهل اسلام وصلاح ، ودعوا ملكهم وأولادهم

----------

الفاسدة والأخلاق الذميمة والجسمانية ببركة تلاوته للاستشفاء (ورحمة للمؤمنين) خصوا بالذكر لأنهم المنتفعون به (ولا يزيد الظالمين إلا خسارا) لكفرهم به .

(وإذا أنعمنا على الإنسان) بالصحة والغنى (أعرض) عن ذكرنا (ونأى بجانبه) بعد بنفسه عنه وثنى عطفه مستكبرا وقرىء ناء على القلب أو بمعنى نهض (وإذا مسه الشر) كمرض أو فقر (كان يئوسا) قنوطا من روح الله .

(قل كل) من المؤمن والكافر (يعمل على شاكلته) خليقته التي تخلق بها أو طريقته التي اعتادها (فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا) أوضح طريقا وأصوب دينا .

ص: 326

ودعورهم وراموا السلع وأصاروه محلهم لأطاع اللّه ، والروح لو صرّح الكلّ أو طرحه لعلم ما هو رسولا ، ولو صرّح كسرا وطرح كسرا لعلم هو رسول .

ولمّا سألوه صرّح لهم أمر الملك المسطور وأهل السلع المسطور حالهم وأهمل امر الروح ، ولمّا رأوا حواره واما لسؤالهم ومرامهم سدموا وسألوا : أهو مأسور أم لا ؟ وح ما ورد وراء الأمر حوار له وورد الروح الملك المرسل أو رهط كرام للأملاك أو كلام اللّه (قُلِ) لهم (الرُّوحِ) المسؤول (مِنْ أَمْرِ) اللّه (رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ) أهل العالم عموما (مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا) علما (قَلِيلًا) ( 85 ) أو هو كلام مع الهود .

(وَلَئِنْ) اللام موطّأ العهد المطروح (شِئْنا) محو الكلام المرسل (لَنَذْهَبَنَّ) ما هو محلّه وهو الصدر والطرس وهو حوار العهد (بِالَّذِي أَوْحَيْنا) إرسالا (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (ثُمَّ) حال محوه (لا تَجِدُ) ممدّا (لَكَ بِهِ) حرسه وأعاده (عَلَيْنا وَكِيلًا) ( 86 ) حارسا رادّا محوّلا له مدّكرا

----------

(ويسألونك عن الروح) التي يحيى بها بدن الإنسان (قل الروح من أمر ربي) حصل بإرادته المعبر عنها ب كن بلا مادة أو حدث بتكوينه على أن سؤالهم عن قدمه وحدوثه أو بعلمه الذي استأثر به لما قيل أن اليهود قالوا لقريش سلوه عن الروح فإن أجاب فليس نبيا وإن أبهم كما في التوراة فهو نبي وقيل الروح القرآن من أمر ربي من وحيه، وعنهم (عليهم السلام): الروح خلق أعظم من جبرائيل وميكائيل يكون مع النبي والأئمة يسددهم (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) وفوق كل ذي علم عليم .

(ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك) أي القرآن بأن نمحوه من الصدور والمصاحف (ثم لا تجد لك به علينا وكيلا إلا رحمة من ربك) متصل كأن

ص: 327

مسطورا (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ) اللّه (رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ) كرم اللّه ورحمه (كانَ) دواما (عَلَيْكَ كَبِيراً) ( 87 ) لمّا أرسله وأدام حرسه لك .

ولمّا كلّم ملحد لو أحاول وأعمد لأرصع وأكلّم كلاما معادلا له ورد (قُلْ لَئِنِ) اللام موطاها العهد المطروح (اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ) كلّهم (وَالْجِنُّ) كلّهم معا وواءموا وواطئوا (عَلى أَنْ يَأْتُوا) كلّهم (بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ) الكلام المرسل المصطع الكامل (لا يَأْتُونَ) لو كلهم وعدم ألوّهم وهو حوار العهد المطروح (بِمِثْلِهِ) الكلام المرسل (وَلَوْ كانَ) صار (بَعْضُهُمْ) هؤلاء كلّهم (لِبَعْضٍ ظَهِيراً) ( 88 ) ردءا ممدّا .

(وَلَقَدْ صَرَّفْنا) ردّد وكرّر (لِلنَّاسِ) لإعلامهم (فِي هذَا الْقُرْآنِ) الكلام المرسل (مِنْ) مؤكّد كُلِّ مدلول هو معادل (مَثَلٍ) لمهاهه وكماله (فَأَبى) كره سماعه وردّه (أَكْثَرُ النَّاسِ) أهل الحرم وما حمدوا (إِلَّا كُفُوراً) ( 89 ) ردّا .

(وَ) لما كرهوا أو لاح عدم ألوّهم (قالُوا) عمها وعداء لرسول اللّه

----------

رحمته تعالى تتوكل بالرد أو منقطع أي ولكن رحمة من ربك أبقته عليك (إن فضله كان عليك كبيرا) بإرسالك وإنزال القرآن وإبقائه عليك وغير ذلك .

(قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرءان) في الفصاحة والبلاغة (لا يأتون بمثله) وفيهم الفصحاء والبلغاء (ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) معينا نزلت ردا لقولهم لو نشاء لقلنا مثل هذا .

(ولقد صرفنا) كررنا وبينا (للناس في هذا القرءان من كل مثل) ليعتبروا (فأبى أكثر الناس إلا كفورا) جحودا وسوغ الاستثناء معنى النفي .

(وقالوا) اقتراحا (لن نؤمن لك حتى تفجر) بالتشديد والتخفيف (لنا من

ص: 328

صعلم (لَنْ نُؤْمِنَ) أصلا (لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ) هو الصدع (لَنا مِنَ الْأَرْضِ) محالّ الحرم (يَنْبُوعاً) ( 90 ) مسل ماء لا حسم له

(أَوْ تَكُونَ لَكَ) ملكك (جَنَّةٌ مِنْ) صروع (نَخِيلٍ وَعِنَبٍ) كرم (فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ) مسل الماء (خِلالَها) وسطها (تَفْجِيراً) ( 91 ) مصدر مؤكد لمدلول العامل .

(أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ) وهما وادّعاء (عَلَيْنا كِسَفاً) كسورا ، ورووا كسدر ومدلولهما واحد (أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ) مولاك (وَالْمَلائِكَةِ) الكرام (قَبِيلًا) ( 92 ) مدره صح كلامك أو مصارحا ، وهو حال اللّه وحال الأملاك مطروح ، أو رهطا وح هو حال الأملاك .

(أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ) محلّ (مِنْ زُخْرُفٍ) أحمر (أَوْ تَرْقى) هو الصعود (فِي السَّماءِ) العلو (وَلَنْ نُؤْمِنَ) أصلا (لِرُقِيِّكَ) صعودك وحده (حَتَّى تُنَزِّلَ) إرسالا (عَلَيْنا كِتاباً) مرسوما مسطورا (نَقْرَؤُهُ) مسدّدا لألولكك (قُلْ) لهم (سُبْحانَ) اللّه (رَبِّي) هكرا ممّا سألوه (هَلْ) ما (كُنْتُ إِلَّا بَشَراً) أحد أولاد آدم (رَسُولًا) ( 93 ) كالرسل كلهم وما أروا

----------

الأرض) أرض مكة (ينبوعا) عينا ينبع ماؤها (أو تكون لك جنة) بستان (من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها) وسطها (تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا) حال كقطع لفظا ومعنا (أو تأتي بالله والملائكة قبيلا) كفيلا بما تدعي أو مقابلة وعيانا أو يكون لك بيت من زخرف) ذهب (أو ترقى في السماء) مراقيها (ولن نؤمن لرقيك) لو فعلته (حتى تنزل علينا) منها (كتابا) يصدقك (نقرؤه قل سبحان ربي) تعجبا من تحكمهم أو تنزيها له منه (هل) ما (كنت إلا بشرا رسولا) كسائر الرسل (وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى) الحجج البينة (إلا أن قالوا) إلا قالوا إنكارا (أبعث الله بشرا

ص: 329

رهطهم إلّا ما أراه اللّه لهم لا ما هو مسئولهم عداء وحسدا .

(وَما مَنَعَ النَّاسَ) أهل الحرم (أَنْ يُؤْمِنُوا) الإسلام (إِذْ) لمّا (جاءَهُمُ) وصلهم (الْهُدى) الرسول ، أو الكلام المرسل (إِلَّا أَنْ قالُوا) إلّا كلامهم (أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً) أحد أولاد آدم ، وهو حال لرسولا (رَسُولًا) ( 94 ) وما أرسل ملكا والحاصل إلّا مسماس وإعوار طرء صدورهم ، وهو ردّهم إرسال أحد أولاد آدم .

(قُلْ) لهم (لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ) عالم الرهص أوس أولاد آدم (مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ) كأولاد آدم لا صعود السماء لا سمّاع كلام أهلها وعالمو ما أمر علمه (مُطْمَئِنِّينَ) ركادا وهو حال (لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ) لهداهم (مِنَ السَّماءِ) عالم العلو (مَلَكاً رَسُولًا) ( 95 ) هدوّا وإعلاما لهم ، و « ملكا » حال لرسولا .

(قُلْ) لهم (كَفى بِاللَّهِ) اللّه (شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) عالما لأحوال الرسول والمرسل لهم (إِنَّهُ) اللّه (كانَ) دواما (بِعِبادِهِ) الرسل والأمم (خَبِيراً) عالما لأسرارهم (بَصِيراً) ( 96 ) عالما لسواطعهم ومعامل معهم كاعمالهم ، وهو كلام مسلّ للرسول صلعم وموعد ومهدّد لأعداء الإسلام .

----------

رسولا) وهلا بعث ملكا .

(قل) جوابا لهم (لو كان في الأرض ملائكة يمشون) كالبشر (مطمئنين) قاطنين (لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا) إذ لا بد من تجانس الرسل للمرسل إليهم ليمكنهم إدراكه أو التلقي منه وأما إرسال الملك إلى النبي فلتمكنه من ذلك لقوة نفسه (قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم) على صدقي بإظهار المعجز الدال عليه (إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ومن يهدي الله) لطفه أو يحكم

ص: 330

(وَ) كلّ (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ) كرما ورحما سواء الصراط (فَهُوَ) لا سواه (الْمُهْتَدِ) سواءه (وَ) كل (مَنْ يُضْلِلْ) اللّه وما هو عاصمه وساوس الوسواس (فَلَنْ تَجِدَ) محمّد ( ص ) (لَهُمْ) لهؤلاء الطّلاح (أَوْلِياءَ) أودّاء وأرداء (مِنْ دُونِهِ) سواه (وَنَحْشُرُهُمْ) لعدولهم وردّهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) معاد الكلّ رحّالا (عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً) حواسهم (وَبُكْماً) عدماء الكلام (وَصُمًّا) عدماء السمع كما هو حالهم دار الأعمال (مَأْواهُمْ) محلّهم مالا (جَهَنَّمُ) دار الهلاك (كُلَّما خَبَتْ) همد أوامها (زِدْناهُمْ سَعِيراً) ( 97 ) إحداما .

(ذلِكَ) الإصر المكروه (جَزاؤُهُمْ) عدلهم معلّل (بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا) دوالّ الإلّ وإعلا الألوّ وردّوا المعاد وراء الهلاك (وَقالُوا) ورها (أَ إِذا كُنَّا عِظاماً) لا رمّ لها ولا لحم (وَرُفاتاً) كسارا حطاما (أَ إِنَّا) ح (لَمَبْعُوثُونَ) عودا (خَلْقاً جَدِيداً) ( 98 ) معادا .

(أَ) ورهوا (وَلَمْ يَرَوْا) وما علموا (أَنَّ اللَّهَ) كامل الطول (الَّذِي

----------

بهديه (فهو المهتد) وقرىء بالياء (ومن يضلل) يمنعه اللطف أو يحكم بضلاله (فلن تجد لهم أولياء من دونه) يهدونهم (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم) يسحبون عليها أو يمشيهم الله عليها بقدرته (عميا) لا يرون ما يسرهم (وبكما) لا ينطقون بما ينفعهم (وصما) لا يسمعون ما يمنعهم وقيل يحشرون من الموقف إلى النار موفى الحواس (ومأواهم جهنم كلما خبت) سكن لهبها بإفنائهم (زدناهم سعيرا) تلهبا واشتعالا بهم بإعادتهم .

(ذلك جزاؤهم بأنهم كفروا بآياتنا وقالوا) إنكارا للبعث (أإذا كنا عظاما ورفاتا أءنا لمبعوثون خلقا جديدا أولم يروا) يعلموا (أن الله الذي خلق

ص: 331

خَلَقَ) وصوّر (السَّماواتِ) وأهلها (وَالْأَرْضَ) وأهلها (قادِرٌ) آل مكوّح (عَلى أَنْ يَخْلُقَ) عالما (مِثْلَهُمْ) معادلا لهم صورا وأعطالا (وَجَعَلَ) واحمّ (لَهُمْ) لهلاكهم أو عودهم (أَجَلًا) حدّا محدودا لا (رَيْبَ) ولا وهم (فِيهِ) حصوله وحلوله (فَأَبَى) وكره (الظَّالِمُونَ) أعداء الإسلام وما ودّوا (إِلَّا كُفُوراً) ( 99 ) ردّا له مع سطوع الأدلّاء .

(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) (لَوْ أَنْتُمْ) عامله مطروح دلّ علاه (تَمْلِكُونَ) وكولا (خَزائِنَ رَحْمَةِ) اللّه (رَبِّي) مالك الملك والأمر (إِذاً) ح (لَأَمْسَكْتُمْ) الإمساك عدم الإعطاء (خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ) روع المصوح والعدم (وَكانَ الْإِنْسانُ) صرعه (قَتُوراً) ( 100 ) ممسكا حصرا .

(وَلَقَدْ آتَيْنا) إعطاء (مُوسى) الرسول لمّا أرسل للهود (تِسْعَ آياتٍ) دوالّ وإعلام (بَيِّناتٍ) سواطع كالعصا والعسا والدم والدماء والطور المسموك (فَسْئَلْ) وأمر له اسأل ملك مصر إرسال (بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ) وأمر السؤال (إِذْ) لمّا (جاءَهُمْ) ورد صدد الملك المسطور وسأله ما أمر

----------

السموات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم) أي يعيدهم فالقادر على الأعظم قادر على الأدون (وجعل لهم أجلا لا ريب فيه) هو الموت أو البعث (فأبى الظالمون إلا كفورا) جحودا للحق .

(قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي) رزقه وسائر نعمه (إذا لأمسكتم) بخلا (خشية الإنفاق) خوف النفاد بالإنفاق (وكان الإنسان قتورا) بخيلا .

(ولقد ءاتينا موسى تسع ءايات بينات) هي العصا واليد واللسان والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم وقيل الحجر والطمس بدل اليد واللسان وقيل السنون ونقص الثمرات بدل البحر واللسان (فاسئل بني

ص: 332

وسؤاله (فَقالَ لَهُ) للرسول (فِرْعَوْنُ) ملك مصرح (إِنِّي) لكمال العلم (لَأَظُنُّكَ) لأعلمك (يا مُوسى مَسْحُوراً) ( 101 ) سحر لك أحد وحصل لك ألوله وألدّ له .

(قالَ) الرسول للملك (لَقَدْ عَلِمْتَ) سرّا (ما أَنْزَلَ) أرسل (هؤُلاءِ) الأعلام (إِلَّا) اللّه (رَبُّ السَّماواتِ) مالكها (وَ) مالك (الْأَرْضِ) معا (بَصائِرَ) سواطع حواسر وأعماك وحر الصدر والحسد ، وهو حال (وَإِنِّي) لكمال العلم (لَأَظُنُّكَ) لو حصل إصرارك وراء علمك سداد الإعلام والأدلّاء (يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً ) ( 102 ) مردودا مصدودا عمّا هو الصلاح أو هالكا .

(فَأَرادَ) الملك عداء وحسدا (أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ) اطراد الرسول ورهطه (مِنَ الْأَرْضِ) ممالك مصر ، وعسكر مع رهطه علاهم وعردوا لو كلهم ومصولهم ، وأدركهم واركحهم ساحل الداماء ، واركوا الداماء وسار الملك مع العسكر صرطهم ووسط الداماء (فَأَغْرَقْناهُ) الملك واراه الماء (وَمَنْ) عسكرا (مَعَهُ جَمِيعاً) ( 103 ) طرّا وأحاطه مكره وطلاحه .

----------

إسرائيل) عما جرى لموسى وفرعون (إذ جاءهم) وعن الآيات ليظهر للمشركين صدقك (فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا) سحرت فخولط عقلك .

(قال لقد علمت) يا فرعون (ما أنزل هؤلاء) أي الآيات (إلا رب السموات والأرض بصائر) حججا تبصرك صدقي ولكنك تعاند (وإني لأظنك يا فرعون مثبورا) هالكا أو مصروفا عن الخير (فأراد) فرعون (أن يستفزهم) يزعج موسى وقومه بالنفي أو القتل (من الأرض) أرض مصر (فأغرقناه ومن

ص: 333

(وَقُلْنا) للرسول (مِنْ بَعْدِهِ) هلاك الملك أومر (لِبَنِي إِسْرائِيلَ) رهطك (اسْكُنُوا) حلّوا (الْأَرْضَ) ممالك مصر ولدوا وولّدوا (فَإِذا جاءَ) حلّ (وَعْدُ) موعد السعواء (الْآخِرَةِ) حصولا (جِئْنا بِكُمْ) معهم للعدل والعدل رهطا (لَفِيفاً) ( 104 ) معا .

(وَبِالْحَقِّ) وحده (أَنْزَلْناهُ) الكلام المرسل (وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) وصل كما أرسل (وَما أَرْسَلْناكَ) محمّد ( ص ) (إِلَّا مُبَشِّراً) سارّا لأهل الإسلام ورود دارالسلام (وَنَذِيراً) ( 105 ) مروّعا لأهل العدول والرّد ورود الساعور .

(وَقُرْآناً) كلاما مرسلا معمول العامل المطروح دلّ علاه (فَرَقْناهُ) أرسل مصعصعا اعصارا (لِتَقْرَأَهُ) درسا (عَلَى النَّاسِ) المرسل لهم (عَلى مُكْثٍ) هل ورسل لمّا هو أسهل للحرس والإدراك (وَنَزَّلْناهُ) الكلام المرسل (تَنْزِيلًا) ( 106 ) أرسل ماصلا ماصلا لحكم ومصالح .

(قُلْ) لأهل الحرم (آمِنُوا) أسلموا سدادا (بِهِ) كلام اللّه المرسل (أَوْ لا تُؤْمِنُوا) كلام مهدّد لهم (إِنَّ) الهود (الَّذِينَ أُوتُوا) أعطوا (الْعِلْمَ)

----------

معه جميعا) جمعا عارضناه بنقيض مراده .

(وقلنا من بعده لبني إسرائيل أسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة) أي قيام الساعة (جئنا بكم لفيفا) مختلطين أنتم وهم للحكم والجزاء .

(وبالحق أنزلناه وبالحق نزل) أي ما أردنا بإنزال القرآن إلا تركيز الحق في مركزه وما نزل إلا بالدعاء إلى الحق (وما أرسلناك إلا مبشرا) من أطاع بالجنة (ونذيرا) من عصى بالنار (وقرءانا فرقناه) أنزلناه مفرقا نجوما في نحو عشرين سنة أو فرقنا به الحق من الباطل فحذفت الجار (لتقرأه على الناس على مكث) بالضم مهل وتثبت كي يسهل فهمه وحفظه (ونزلناه تنزيلا) منجما على حسب المصالح .

ص: 334

المأمور الكامل وهو طرسهم (مِنْ قَبْلِهِ) وروده والمراد مسلموهم (إِذا) كلّما (يُتْلى عَلَيْهِمْ) الكلام المرسل لك (يَخِرُّونَ) هو الهور (لِلْأَذْقانِ سُجَّداً) ( 107 ) إكراما لأمر اللّه أو حمدا لا عطاء ما وعده ، وهو حال .

(وَيَقُولُونَ) علما (سُبْحانَ) اللّه (رَبِّنا) عمّا هو وكس وهو كسر الوعد (إِنْ) مطروح الاسم كما دلّ اللّام محموله (كانَ وَعْدُ) موعود اللّه (رَبِّنا) وهو إرسال محمد صلعم وإرسال الكلام الكامل له (لَمَفْعُولًا) ( 108 ) معمولا لا محال .

(وَيَخِرُّونَ) هو الهور (لِلْأَذْقانِ) والحال (يَبْكُونَ) روعا وهولا (وَيَزِيدُهُمْ) سماع الكلام المرسل (خُشُوعاً) ( 109 ) لمحا لكمال اللّه .

ولمّا سمع ملحد طالح دعاء رسول اللّه مع صروع الأسماء ، وكلّم عدل الرسول مع اللّه سواه ودعواه وحود الإله ، أرسل اللّه (قُلِ) لهم (ادْعُوا اللَّهَ) وسمّوه اللّه (أَوِ ادْعُوا) وسمّوه (الرَّحْمنَ) وادعوا اسما هو مرادكم وحرله

----------

(قل ءامنوا به أو لا تؤمنوا) تهديد (إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم) القرآن (يخرون للأذقان) يسقطون على وجوههم (سجدا) تذللا وخضوعا لله تعالى (ويقولون سبحان ربنا) تنزيها له عن خلف الوعد (إن) مخففة (كان وعد ربنا) بإنزاله وبعث محمد في كتبنا (لمفعولا) منجزا واللام فارقة (ويخرون للأذقان) كرر إيذانا بتكرير الفعل منهم ولتقييد الثاني بالحال وهي (يبكون) من خوف الله (ويزيدهم) القرآن (خشوعا) لين قلب وتواضع لله تعالى .

(قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن) نزلت حين قال المشركون وقد سمعوه (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول: يا الله يا رحمان نهانا أن نعبد إلهين وهو يدعو إلهين أو قالت اليهود إنك لتقل ذكر الرحمن وقد أكثره الله في التوراة (أياما) أي هذين

ص: 335

(أَيًّا ما) ما مؤكّد كلّ أحدهما (تَدْعُوا) اللّه معه ملح دعاؤكم دلّ علاه (فَلَهُ) لمسماهما (الْأَسْماءُ الْحُسْنى) كما ورد كاللّه والملك والسلام والمصور والحكم والعدل والواسع والودود والواحد والأحد والصمد والأوّل ومالك الملك وسواها (وَلا تَجْهَرْ) إعلاء (بِصَلاتِكَ) درسك لها ، موردها ما رووا كلّما درس رسول اللّه صلعم الكلام المرسل لأداء المأمور - وهو عمل له ركوع ومعادله - وسمعه الأعداء لهّوا ورموا واسمعوا اللّه والكلام والرسول (وَلا تُخافِتْ) هو الإسرار (بِها) درسه لها (وَابْتَغِ) واعمد (بَيْنَ ذلِكَ) المسطور وهو الإسرار وعكسه (سَبِيلًا) ( 110 ) صراطا وسطا .

(وَقُلِ الْحَمْدُ) كلّه والمراد حمد كلّ أحد وحمده (لِلَّهِ) الواحد الأحد (الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ) أصلا (وَلَداً) كما وهم الهود ورهط روح اللّه (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ) أحد (شَرِيكٌ) مساهم (فِي الْمُلْكِ) كما وهم الأعداء (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ) أحد (وَلِيٌّ) ممد مسلم (مِنَ الذُّلِّ) والوكل والمراد لا وكل لهم (وَكَبِّرْهُ) اللّه وامدحه كلّ مدح كمال وعلوّ (تَكْبِيراً) ( 111 ) لمّا هو عال عمّا وهموه كالولد والعرس والمساهم والوكل والوكس ، وله الكمال كلّه أصلا ولسواه وصلا .

----------

الاسمين (تدعوا) تسموا فهو حسن (فله) أي للمسمى بهما (الأسماء الحسنى) الدالة على صفات الجلال والإكرام وهذان منها (ولا تجهر بصلاتك) لا ترفع بها صوتك شديدا بحيث لا تعد مصليا (ولا تخافت بها) بحيث لا تسمع أذنيك فلا تعد قارئا (وابتغ بين ذلك) الجهر والمخافتة (سبيلا) وسطا .

(وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك) الألوهية (ولم يكن له ولي) يواليه (من الذل) من أجل ذل به ليدفعه بموالاته أي لم يذل فيحتاج إلى ناصر (وكبره تكبيرا) عظمه تعظيما وكان (صلى الله عليه وآله وسلّم) يعلم أهله هذه الآية.

ص: 336

ص: 337

سورة الكهف

ص: 338

( سورة الكهف )

موردها أمّ الرّحم ومحصول مدلولها :

إعلام إرسال كلام اللّه سدادا وعدلا ، وما هو مسلّ لرسول اللّه صلعم ، وأحوال أهل السلع ، وأمر الركود للرسول صلعم مع أهل العسر والعدم ، والهول لأهل العدول ، والوعد لأهل الإسلام ، وإعلاء حال المسلم والصالح ، وحال العمر الماصل ، واعلام أهوال المعاد ، ودرس طروس الأعمال ، وعدم طوع المارد أمر اللّه ، ومراء أهل الطلاح مع أهل الصلاح والسداد ، والهول لأهل الأمم الأول لطلاحهم وأحوال رسول الهود مع أعلم أهل الرمكاء وما مرّ وسطهما ، وأحوال ملك الروم المالك للرّمكاء كلّها ، ورحله أطرار العالم ومحلّ الطلوع والدلوك ووسط السد ، وعدم العود لأعمال أهل الصدود ، وحسم الام أهل الإسلام وكلم كلام اللّه داماء علوم لا أمد لها .

ص: 339

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(الْحَمْدُ) الأكمل الأعمّ (لِلَّهِ) المحمود كلّ حال (الَّذِي أَنْزَلَ) أرسل إكراما وإصلاحا للكلّ (عَلى عَبْدِهِ) ورسوله محمّد صلعم (الْكِتابَ) الأسدّ الأوطد (وَ ) الحال (لَمْ يَجْعَلْ) اللّه (لَهُ عِوَجاً) ( 1 ) أودا وادّارء .

أرسله (قَيِّماً) عدلا ووسطا ، أو سمسارا للطروس الأوّل ومصححا لها ، أو مصلحا وهو حال مؤكّد (لِيُنْذِرَ) الطرس ، أو محمّد صلعم أهل الصدود (بَأْساً) إصرا (شَدِيداً) عسرا صادرا (مِنْ لَدُنْهُ) اللّه وهو الاصطلام حالا ، أو الآلام مآلا ، (وَيُبَشِّرَ) الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) سدادا (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ) الأعمال (الصَّالِحاتِ) أمرا وحكما (أَنَّ) اللّه أعدّ (لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) ( 2 ) هو دار

----------

(18 سورة الكهف مائة وعشرة آيات مكية إلا واصبر نفسك الآية.)

بسم الله الرحمن الرحيم

(الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) القرآن (ولم يجعل له عوجا) باختلال الألفاظ وتناقض المعنى .

(قيما) مستويا لا تناقض فيه أو قيما بمصالح العباد أو على الكتب مصدقا لها وانتصابه بمقدر أي جعله قيما أو على الحال من الكتاب (لينذر) كفار قريش (بأسا) عذابا (شديدا من لدنه) صادرا من عنده

ص: 340

السلام .

(ماكِثِينَ) ركودا وهو حال مؤكد (فِيهِ) العدل الملاح (أَبَداً) ( 3 ) سمدا سرمدا .

(وَيُنْذِرَ) الهود ورهط روح اللّه (الَّذِينَ قالُوا) ولعا وادّعاء (اتَّخَذَ اللَّهُ) الواحد الأحد أحدا (وَلَداً) ( 4 )

(ما لَهُمْ) لهؤلاء الولّاع (بِهِ) الولد ، أو عطوه ، أو الكلام المسطور (مِنْ) مؤكّد (عِلْمٍ) أصلا لعدمه (وَلا لِآبائِهِمْ) أمامهم السّلاك ومسلكهم (كَبُرَتْ) ساء سوء كاملا ما كلّموا طلاحا (كَلِمَةً تَخْرُجُ) هو الصدور (مِنْ أَفْواهِهِمْ) والصادر هو الهواء الحامل لها والمراد هو كلامهم المسطور (إِنْ) ما (يَقُولُونَ) ح (إِلَّا) كلاما (كَذِباً) ( 5 ) محالا مدلوله .

(فَلَعَلَّكَ) محمّد ( ص ) (باخِعٌ) مهلك ، وأصله السدح الكامل (نَفْسَكَ) ومدلوله الردع ، والمراد دع الحسر والسدم (عَلى آثارِهِمْ) رسوم حواملهم حال صدودهم وعودهم (إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا) سدادا (بِهذَا الْحَدِيثِ )

----------

(ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا) هو الجنة بدليل (ماكثين فيه أبدا) لا إلى نهاية .

(وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا) كرر الإنذار مخصصا بهم لعظم كفرهم وحذف المنذر به لسبق ذكره (ما لهم به من علم) وإنما صدر عن جهل وتقليد (ولا لآبائهم) القائلين به من قبلهم (كبرت) عظمت مقالتهم هذه أو الضمير مبهم يفسره (كلمة) وهي تمييز (تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا).

(فلعلك باخع) قاتل (نفسك على آثارهم) بعد توليهم عنك (إن لم يؤمنوا بهذا الحديث) القرآن (أسفا) على إيمانهم .

ص: 341

الكلام المرسل (أَسَفاً) ( 6 ) كمدا وحسرا وهو كمال الهم .

(إِنَّا جَعَلْنا) أمرا وحكما (ما) كلّ أمر ملاح (عَلَى الْأَرْضِ) الرمكاء كالكلاء والدوح ومسلّ الماء (زِينَةً) مهاها وطراء وكمالا (لَها) للرمكاء وأهلها (لِنَبْلُوَهُمْ) لأمحّص أهلها (أَيُّهُمْ) هو (أَحْسَنُ عَمَلًا) ( 7 ) وأطوع للّه وهو مسل لرسول اللّه صلعم .

(وَإِنَّا لَجاعِلُونَ) مالا كلّ (ما) سطع (عَلَيْها) ممّا مرّ وسواه (صَعِيداً) حصحصا (جُرُزاً) ( 8 ) أملس هالكا ، أو صاملا ، أو هواء .

(أَمْ حَسِبْتَ) هو الحدس والوهم (أَنَّ) الكمّل (أَصْحابَ الْكَهْفِ) السلع (وَالرَّقِيمِ) اللوح المرسوم وسطه أسماؤهم وحالهم ، أو هو اسم مصرهم ، أو اسم طودهم (كانُوا) علما (مِنْ آياتِنا) أو الكاسر والمكسور حال والمحمول (عَجَباً) ( 9 ) هكرا وأورد اطراء .

ادّكر (إِذْ) لمّا (أَوَى) صار (الْفِتْيَةُ) الرعارع الصلحاء أكارم الروم لروع الملك الحادل (إِلَى الْكَهْفِ) وأصاروه مأواهم (فَقالُوا) دعوا وسألوا

----------

(إنا جعلنا ما على الأرض) ومن المواليد الثلاثة وغيرها (زينة لها) لأهلها (لنبلوهم) لنختبرهم (أيهم أحسن عملا) فيه وهو الأزهد فيه ومن لا يغتر به (وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا) أرضا مستوية (جرزا) لا نبات فيها .

(أم) بل (حسبت أن أصحاب الكهف) هم فتية هربوا من ملكهم إلى كهف وكان جبارا عاتيا (والرقيم) هو لوح من رصاص رقم فيه حديثهم وأسماؤهم أو اسم الوادي أو الجبل الذي فيه كهفهم أو قريتهم (كانوا من آياتنا عجبا) أي ما كانوا عجبا فإن خلق السموات والأرض وما فيهن أعجب .

(إذ أوى) التجأ (الفتية إلى الكهف) هربا بدينهم من دقيانوس وقد ادعى

ص: 342

(رَبَّنا) اللهم (آتِنا) أعط كرما (مِنْ لَدُنْكَ) حراك (رَحْمَةً) محوا للاصار وإعلاء للمراهص وسلاما مما أراد العدو (وَهَيِّئْ) وأعد وأصلح (لَنا مِنْ أَمْرِنا) وهو الرحل وطرح المصر (رَشَداً) ( 10 ) سدادا .

(فَضَرَبْنا) الأسدال الروادع لسماع الكلام (عَلَى آذانِهِمْ) وكاحهم الدكاس والركود (فِي الْكَهْفِ) مأواهم (سِنِينَ) أعواما (عَدَداً) ( 11 ) لها عدد لعدّها صدد العالم ، أو لمصولها صدد اللّه .

(ثُمَّ بَعَثْناهُمْ) وسهروا (لِنَعْلَمَ) حاصلا كما علم أوّلا (أَيُّ الْحِزْبَيْنِ) هما رهطا هم اللاؤا ادّارءوا ، كلّم رهط الركود ماصل معدود ، وكلّم رهط طال الركود ، واللّه أعلم كم عدده ، أو المراد رهطا سواهم ، هو (أَحْصى) علم وأحاط (لِما لَبِثُوا) مأواهم (أَمَداً) ( 12 ) حدّا .

(نَحْنُ نَقُصُّ) أدرس وأحكو (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) (نَبَأَهُمْ) وحالهم (بِالْحَقِّ) والسداد (إِنَّهُمْ) أهل السلع (فِتْيَةٌ) رعارع صلحاء كمّل (آمَنُوا) أسلموا سدادا (بِرَبِّهِمْ) ومولاهم وهو اللّه (وَزِدْناهُمْ) وأعطوا طولا (هُدىً) ( 13 ) علما واطدا .

----------

الربوبية وكانوا من خواصه ويسرون الإيمان (فقالوا ربنا ءاتنا من لدنك رحمة) مغفرة ورزقا وأمنا (وهيىء لنا من أمرنا رشدا) نكون به راشدين (فضربنا على ءاذانهم) ألقينا عليهم النعاس (في الكهف سنين عددا) ذوات عدد (ثم بعثناهم) أيقظناهم (ليعلم) ليظهر معلومنا أو لنعلم واقعا ما علمنا أنه سيقع (أي الحزبين) المختلفين في مدة لبثهم من الكتابيين والمؤمنين (أحصى) فعل ماض أي ضبط (لما لبثوا) للبثهم حال من المفعول وهو (أمدا) غاية .

(نحن نقص عليك نبأهم بالحق) بالصدق (إنهم فتية) شباب (ءامنوا

ص: 343

(وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) وأودوا وأحكموا أرواعا ، وألهموا السداد وحمل المكاره (إِذْ قامُوا) صدد الملك الحادل المسوطر لمّا دعاهم لطوع دماه ، أو طرحوا الأهل والمال للإسلام سرّا ورسوا ووطدوا (فَقالُوا رَبُّنا) اللّه (رَبُّ السَّماواتِ) عالم العلو (وَالْأَرْضِ) عالم الرهص معا (لَنْ نَدْعُوَا) دواما (مِنْ دُونِهِ) سواه (إِلهاً) ما واللّه (لَقَدْ قُلْنا إِذاً) لو حصل دعاء سواه علاما (شَطَطاً) ( 14 ) مواركا للحدّ .

(هؤُلاءِ) محكوم (قَوْمُنَا) اعلام للمراد (اتَّخَذُوا) محموله (مِنْ دُونِهِ) سواه (آلِهَةً) هم ألهوها وهو اعلام مدلوله الرد (لَوْ لا) هلا (يَأْتُونَ) هؤلاء (عَلَيْهِمْ) طوعهم (بِسُلْطانٍ) دال (بَيِّنٍ) ساطع (فَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) أسوأ عملا (مِمَّنِ افْتَرى) وسطّر (عَلَى اللَّهِ) الواحد الأحد (كَذِباً) ( 15 ) وهو العدل مع اللّه .

وكلّم آحاد هؤلاء الرعارع لاحادهم (وَإِذِ) لمّا (اعْتَزَلْتُمُوهُمْ) هؤلاء الرهط (وَ) كلّ (ما يَعْبُدُونَ) طوعا (إِلَّا اللَّهَ) الواحد الأحد أو ما للمصدر أو

----------

بربهم وزدناهم هدى) بالتثبت .

(وربطنا على قلوبهم) قويناها بالألطاف فأظهروا الحق وصبروا على المشاق (إذ قاموا) بين يدي دقيانوس أو خلف المدينة (فقالوا ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا شططا) قولا ذا شطط أي بعد مفرط عن الحق أن دعونا إلها غيره .

(هؤلاء) مبتدأ (قومنا اتخذوا من دونه ءالهة لو لا) هلا (يأتون عليهم) على عبادتهم (بسلطان بين) بحجة ظاهرة (فمن) أي لا أحد (أظلم ممن افترى على الله كذبا) بنسبة الشريك إليه .

(وإذ اعتزلتموهم) خطاب بعضهم لبعض (وما يعبدون) ومعبوديهم (إلا

ص: 344

للإعدام (فَأْوُوا) واركحوا (إِلَى الْكَهْفِ) وأعطوه مأواكم (يَنْشُرْ لَكُمْ) اللّه (رَبُّكُمْ) والمراد هو موسّع لكم (مِنْ رَحْمَتِهِ) وكرمه حالا ومالا (وَيُهَيِّئْ) هو الإعداد والإصلاح (لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ) طوعكم وإسلامكم أو عمركم (مِرْفَقاً) ( 16 ) ملاكا وعصاما ، وهو كلام أعلمهم رسولهم ، أو كلّموه لكمال وكولهم وعولهم وأملهم كرم اللّه ورحمه .

(وَتَرَى) محمّد ( ص ) ، أو الكلام مع كلّ أحد (الشَّمْسَ) لو حصل إحساسك لهم (إِذا) كلّما (طَلَعَتْ تَزاوَرُ) هو الركوح (عَنْ كَهْفِهِمْ) لعدم وصول الحرّ (ذاتَ الْيَمِينِ) حراه (وَإِذا) كلّما (غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ) أصله الصرم والمراد الطرح والعدول (ذاتَ الشِّمالِ) حراه (وَهُمْ) ركود (فِي فَجْوَةٍ) محل واسع هو موصل روح الهواء (مِنْهُ) السلع (ذلِكَ) ما عاملهم اللّه ، وهو حرسهم وعدم وصول الحرّ لهم (مِنْ آياتِ اللَّهِ) اعلام كماله ودوالّ ألوّه كلّ (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ) سواء الصراط (فَهُوَ الْمُهْتَدِ) سواءه لا سواه ولا رادّ له (وَ) كلّ (مَنْ يُضْلِلْ) اللّه له (فَلَنْ تَجِدَ) أصلا (لَهُ) لإمداده (وَلِيًّا)

----------

الله) فإنهم كانوا يعبدونه والأصنام (فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته) يبسطها لكم في الدارين (ويهيىء) يسهل (لكم من أمركم مرفقا) ما ترتفقون به أي تنتفعون .

(وترى الشمس) لو رأيتها (إذا طلعت تزاور) تميل عنه (عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم) تقطعهم وتجوزهم (ذات الشمال) فلا تصيبهم فتؤذيهم لأن باب الكهف كان مستقبلا للقطب الشمالي فتميل عنهم طالعة وغاربة أو لأن الله أمالها عنهم (وهم في فجوة منه) متسع من الكهف ينالهم النسيم (ذلك) المذكور (من آيات الله) دلائل قدرته (من يهد الله) بلطفه

ص: 345

ودودا وردءا (مُرْشِداً) ( 17 ) للصراط ، والحاصل لا هدوّ له .

(وَتَحْسَبُهُمْ) كلام لكلّ أحد ، ورووه مكسور الوسط (أَيْقاظاً) سهّادا (وَ) الحال (هُمْ رُقُودٌ) لا سهر لكم (وَنُقَلِّبُهُمْ) ورووه مصدرا مطروح العالم مساعدا للعامل الأوّل (ذاتَ الْيَمِينِ) وراء مرور دهر (وَذاتَ الشِّمالِ) وراء مرور دهر (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ) ممهّد (ذِراعَيْهِ) وهما ساعداه (بِالْوَصِيدِ) الركح ، حال مرّ عصرها حكاها اللّه (لَوِ اطَّلَعْتَ) اطّلاع إحساس (عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ) هو العود أو الصدود (مِنْهُمْ فِراراً) مصدر مؤكّد أو حال (وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) ( 18 ) روعا ملاء الصدر لمّا كساهم اللّه الكمال ، أو لطول أعطالهم .

(وَكَذلِكَ) وكما حوّلوا ركودا ودكاسا (بَعَثْناهُمْ) سهروا (لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ) حالهم وعصر ركودهم (قالَ) سأل (قائِلٌ مِنْهُمْ) رأسهم سواه

----------

(فهوالمهتد) كأهل الكهف (ومن يضلل) يخذله (فلن تجد له وليا مرشدا وتحسبهم أيقاظا) ترى أعينهم مفتوحة أو لتقلبهم (وهم رقود) نيام (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) لئلا تأكلهم الأرض (وكلبهم) واسمه قطمير كلب راع مروا به فتبعهم فطردوه فقال أنا أحب أولياء الله فناموا حتى أحرسكم (باسط ذراعيه) حكاية حال ماضية ولذا عمل (بالوصيد) بفناء الكهف أو العتبة أو الباب لم ينم ولم يقم وقيل هو مثلهم في النوم والتقلب (لو اطلعت عليهم) ورأيتهم (لوليت منهم فرارا) هربت منهم (ولملئت منهم رعبا) خوفا لهيبة ألبسهم الله إياها أو لعظم إجرامهم وانفتاح عيونهم .

(وكذلك) كما أنمناهم بقدرتنا (بعثناهم) أيقظناهم (ليتساءلوا بينهم) عن مدة لبثهم فيعرفوا صنع الله بهم فيزدادوا يقينا (قال قائل منهم كم لبثتم قالوا

ص: 346

(كَمْ) عصرا (لَبِثْتُمْ) وسطه (قالُوا) حوارا له (لَبِثْنا) وسطه (يَوْماً) كاملا عمما (أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) لمّا وردوه حال الطلوع ، وسهروا حال الدلوك ، ولمّا رأوا حول أحوالهم (قالُوا رَبُّكُمْ) اللّه (أَعْلَمُ بِما) عصر (لَبِثْتُمْ) وسطه ، وورد هو كلام آحادهم ردّا لكلام الرهط الأوّل (فَابْعَثُوا) وأرسلوا (أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ) وهو الطاوس (هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ) طرسوس (فَلْيَنْظُرْ) المرسل (أَيُّها) أهلها هو (أَزْكى) أحلّ وأطهر وآمر وأعدّ (طَعاماً) ما (فَلْيَأْتِكُمْ) لمرسل المسطور (بِرِزْقٍ) طعام (مِنْهُ) مالك الطعام (وَلْيَتَلَطَّفْ) هو روم المحال للسلام (وَلا يُشْعِرَنَّ) هو الإعلام (بِكُمْ) وحالكم (أَحَداً) ( 19 ) عموما .

(إِنَّهُمْ) معادهم أحد لعموم مدلوله ، أو أهل المصر المعلوم ممّا مرّ (إِنْ يَظْهَرُوا) هو العلوّ والكوح ، أو العلم والاطلاع (عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ) هو الردس وهو أسوأ الإهلاك أو الإهلاك (أَوْ يُعِيدُوكُمْ) إكراها (فِي مِلَّتِهِمْ) السوءاء (وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً) حال العود لطوعهم (أَبَداً) ( 20 ) سمدا سرمدا .

----------

لبثنا يوما أو بعض يوم) ظنا منهم إذ لا ضبط للنائم (قالوا ربكم أعلم بما لبثتم) وقيل دخلوا الكهف غدوة وبعثوا عصرا فظنوه يومهم أو الذي بعده فترددوا فيهما فلما رأوا تغير أحوالهم قالوا هذا ثم أخذوا في فهم آخر وقالوا (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه) الورقة الفضة مضروبة أم لا (إلى المدينة فلينظر أيها) أي أهلها (أزكى طعاما) أحل وأطيب (فليأتكم برزق منه وليتلطف) في التخفي لئلا يعرف (ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا) يطلعوا (عليكم يرجموكم) يقتلوكم بالرجم (أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا) إن عدتم في ملتهم .

ص: 347

(وَكَذلِكَ) كما سهدوا (أَعْثَرْنا) رهطهم وأهل الإسلام والمراد أعلموا وأطلعوا (عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا) أولو العلم والاطلاع (أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ) العدل المسارّ والآلام (حَقٌّ) عدل وارد حاصل لا محال (وَأَنَّ السَّاعَةَ) الموعود ورودها أمدا ، وسمّاها سعواء لورودها وحلولها دهما إعلام لمصول عصرها صدده ، أو الاسراع عد الأعمال كلّها حال حلولها (لا رَيْبَ) ولا وهم (فِيها) حصولها وحلولها واطلعوا (إِذْ يَتَنازَعُونَ) أهل عصرهم ، وهم أهل الإسلام وأعدائهم (بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) أمر هؤلاء الكمّل الركاد ، وهو كلام رهط اولائك الرعارع : هلكوا ، وكلام رهط : هم ركدوا كما ركدوا أوّلا ، أو المراد ادّارء أهل العالم لأمر المعاد وسداده .

لمّا ورد ساء رهط روح اللّه وعدوا الحدود والأحكام ، وطلح ودعر ملوكهم ، وألّهوا الصور العواطل ، وأكرهوا لطوعها سواهم ، وملك ملك حادل ملحد رهوك مكره ، واكره ملاءه وكرام رهطه للعدول وهددهم الإهلاك ، وكرهوا وردّوا إلّا الإسلام ودوامه وعرّدوا ، ومرّوا ممرّا راءهم عوّاء عوا عواء وطاوعهم وطردوه ، وأعطاه اللّه الكلام وكلّم : ما مرادكم أودّ اودّاء اللّه اركدوا أحرسكم ، أو مرّوا ممرّا رآهم راع معه عوّاء أدركهم وواطأهم إسلاما ، ووردوا سلعا واسعا وكروا ممدودا طوالا ، ومرّ دهر وملك مصرهم ملك مسلم صالح ، وادّارء أهل ممالكه للمعاد ، أسلم رهط للمعاد وردّه رهط ، وحار الملك وورد مركده وآصد

----------

(وكذلك) كما أنمناهم وبعثناهم (أعثرنا) أطلعنا (عليهم) أهل المدينة (ليعلموا) أي المطلعون عليهم (أن وعد الله) بالبعث (حق) فإن من قدر على إنامتهم وإيقاظهم قدر على الموت والبعث (وأن الساعة) القيامة (لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم) أمر دينهم من بعث الأرواح فقط أو مع الأجساد

ص: 348

واسطه والماء مسحا وآصار الرماد وطاءه ومهاده ، وسأل اللّه إعلام أصل الأمر وألحّ وسهر هؤلاء الركاد ، وأرسلوا واحدا للطعام كما مرّ ، وورد مرسلهم المصر للطعام ومعه دارهم دهر أوّل وهاده أهل المصر وكلّموه أدرك مالا مدسوسا ، وأو صلوه للملك وحكا حاله وحال رهطه صدد الملك ، واصمعدّ الملك وأهل المصر معه لاطلاع حال رهطه وأحسّوهم ، وحمدوا اللّه لما أراهم إمارا دالّا لأمر المعاد ، ودعوا للملك وعادوا لمراكدهم ، ووكروا وهلكوا ، وطرح الملك علاهم كساه ، وعمل لكلّ واحد وعاء أحمر وراءهم حال دكاسه كرّاها للأحمر ، وأصارها مما سواه واسّس واسطه مركعا (فَقالُوا) أعداء الإسلام (ابْنُوا) وأسّسوا (عَلَيْهِمْ) لإعلام محلّهم ومركدهم ، أو حولهم (بُنْياناً) محكما حرسا لهم (رَبُّهُمْ) اللّه (أَعْلَمُ بِهِمْ) حالهم هو كلام اللّه ردّا لكلامهم ، أو لام أهل المراء واللّدد و (قالَ) أهل الإسلام وملكهم (الَّذِينَ غَلَبُوا) وعلوا (عَلى أَمْرِهِمْ) أمر هؤلاء الكمّل ، وصاروا أهلا لرصّ محل علاهم (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ) واسط محلّهم (مَسْجِداً) ( 21 ) أرادوا مصلّاهم .

(سَيَقُولُونَ) أهل عصرك رهط روح اللّه والهود وأهل الإسلام ، والمراد أحادهم هم (ثَلاثَةٌ) أولاد آدم (رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) ورد هو كلام الهود ، أو أحد رهط روح اللّه (وَيَقُولُونَ) آحادهم هم (خَمْسَةٌ) أولاد آدم (سادِسُهُمْ

----------

أو أمر الفتية فقيل ماتوا وقيل ناموا (فقالوا) أي الكفار (ابنوا عليهم) حولهم (بنيانا) يسترهم من الناس (ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم) أمر الفتية وهم المؤمنون (لنتخذن عليهم مسجدا) يصلي فيه بنوه في جهة باب الكهف .

(سيقولون) أي المتنازعون في عدهم هم (ثلاثة رابعهم كلبهم) قاله

ص: 349

كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ) والمراد لحدسهم الأود وهو كلام رهط روح اللّه طرّا ، أو كلام أحدهم (وَيَقُولُونَ) أهل الإسلام لإعلامهم رسول اللّه صعلم هم (سَبْعَةٌ) أولاد آدم (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) والكلام موم لصحّ كلامهم لمّا دلّ علاه واو الحكم (قُلْ) محمّد ( ص ) (رَبِّي) اللّه (أَعْلَمُ) كامل العلم (بِعِدَّتِهِمْ) عددهم (ما يَعْلَمُهُمْ) عددهم (إِلَّا) رهط (قَلِيلٌ) وعدّ العلماء أسماءهم وادّارءوا (فَلا تُمارِ) محمّد ( ص ) أهل الطرس (فِيهِمْ) أحوالهم (إِلَّا مِراءً ظاهِراً) ماصلا ، وهو درس ما أرسل اللّه وحده والمراء روم إعلام سهو دسّه أحد مع الكلام (وَلا تَسْتَفْتِ) هو روم حكم صار (فِيهِمْ مِنْهُمْ) أهل الطرس (أَحَداً) ( 22 ) سؤال عداء وعمس ، أو عدل وصلاح لمّا أعلمك اللّه أمرهم ولا علم لهم أصلا .

وسأله أهل الحرم حالهم ، وحاورهم سأعلمكم وما كلّم لو أراده اللّه ، وأرسل اللّه (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ) عمل معهود لك (إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ) العمل (غَداً) ( 23 ) عسرا عاطسا حالا ما ، (إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ) إلّا حال ادّكارك أراد

----------

اليعقوبية من نصارى نجران (ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) قاله النسطورية منهم (رجما بالغيب) ظنا فيما غاب عنهم مفعول له أو مصدر يرجع إلى القولين (ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم) هو قول المؤمنين علموه من النبي لرد الأولين ولزيادة الواو وهو مروي عن علي (عليه السلام) (قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) كالنبي وأوصيائه (فلا تمار فيهم) لا تجادل في شأن الفتية (إلا مراء ظاهرا) وهو أن تتلوا عليهم ما أوحي إليك بلا تعنيف (ولا تستفت فيهم منهم أحدا) لا تسأل أحدا من أهل الكتاب عنهم فإن فيما أوحينا إليك كفاية .

(ولا تقولن لشيء) لأجل شيء تعزم (إني فاعل ذلك غدا) أي فيما

ص: 350

اللّه (وَاذْكُرْ) اللّه (رَبَّكَ) أو أراد اراده أو إصره (إِذا) كلّما (نَسِيتَ) ادّكاره ، أو إصره ، أو عمل ما أمر اللّه لك ، وادّكاره حال الأمة كادّكاره أوّلا ما دام المحلّ واحدا (وَقُلْ عَسى) كاد (أَنْ يَهْدِيَنِ) اللّه (رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا) الأمر المأمور (رَشَداً) ( 24 ) صلاحا وسدادا .

(وَلَبِثُوا) ركودا (فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) صدد أهل الطرس لمّا هو مدار عددهم (وَ) صدد أولاد ماء السماء (ازْدَادُوا) ركودا أعواما (تِسْعاً) ( 25 ) لمّا مدار عددهم دور الطرس أو كلاهما كلام اللّه .

(قُلِ) ردّا لمرء ورد صددك وما رآك ووهم عددهم امر أو امصل (اللَّهُ أَعْلَمُ) لا سواه (بِما لَبِثُوا) حال دكاسهم (لَهُ) للّه (غَيْبُ) علم أسرار (السَّماواتِ) وسواطعها (وَ) علم أسرار (الْأَرْضِ) وسواطعها وعلم ما

----------

يستقبل (إلا أن يشاء الله) إلا متلبسا بمشيئته قائلا إن شاء الله (و اذكر ربك) أي مشيئته مستثنيا بها (إذا نسيت) الاستثناء ثم ذكرته وروي ولو بعد سنة أو المعنى اذكره بالتسبيح والاستغفار إذا نسيت الاستثناء أو اذكره إذا اعتراك نسيان ليذكرك المنسي ولعل الخطاب من باب إياك أعني (وقل عسى أن يهدين) بالياء وبدونها (ربي لأقرب من هذا) من بناء أهل الكهف (رشدا) أي لما هو أظهر منه دلالة على نبوتي وقد فعل .

(ولبثوا في كهفهم) نياما (ثلاثمائة) بالتنوين وبدونه (سنين) بدل وأضافها بعض على وضع الجمع موضع الواحد (وازدادوا تسعا) تسع سنين وإنما فصل لأن اللبث ثلاثمائة بسني الشمس وزيادة التسع بسني القمر وروي سأل يهودي عليا (عليه السلام) عن ذلك فأخبره بما في القرآن فقال في كتبنا ثلاثمائة فقال (عليه السلام) ذلك بسني الشمس وهذا بسني القمر (قل الله أعلم بما لبثوا) فخذوا بما أخبر به ودعوا قول أهل الكتاب (له غيب السموات والأرض أبصر

ص: 351

هو وسطهما وهو أعلم لا سواه (أَبْصِرْ بِهِ) اللّه ، والمراد ما أراه لكلّ محسوس وما أعلمه (وَأَسْمِعْ) وما أسمعه لكلّ مسموع (ما لَهُمْ) لطلّاح الحمس ، أو لأهل السماء والرمكاء (مِنْ دُونِهِ) سواه (مِنْ مؤكّد) وَلِيٍّ ردء ممدّ (وَلا يُشْرِكُ) اللّه (فِي حُكْمِهِ) معه (أَحَداً) ( 26 ) ورووه ردعا والمراد ح ردع كل أحد عمّا عدل مع اللّه أحدا سواه .

(وَاتْلُ) ادرس كل (ما أُوحِيَ ) أرسل (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (مِنْ كِتابِ) للّه (رَبِّكَ) ودع سماع كلامهم (لا مُبَدِّلَ) لا محوّل أو لا عاكس ولا رادّ (لِكَلِماتِهِ) كلامه الواعد والموعد سواه (وَلَنْ تَجِدَ) دواما (مِنْ دُونِهِ) سواه (مُلْتَحَداً) ( 27 ) أوالا ومصعما ومعادا لو حصل همّك له .

ولمّا سأل رؤساء الأعداء رسول اللّه صعلم اطرد هؤلاء الحسّال ، ومرادهم معسرو أهل الإسلام كعمّار لورود الكرام صددك ، أرادوا إدرارهم أرسل اللّه (وَاصْبِرْ) أمسك (نَفْسَكَ مَعَ) الرحماء الكمّل كعمّار (الَّذِينَ يَدْعُونَ) اللّه (رَبَّهُمْ) مولاهم دواما (بِالْغَداةِ) حال الطلوع (وَالْعَشِيِّ) المساء ، أو المراد كلّ الأعصار (يُرِيدُونَ) أوس عمرهم (وَجْهَهُ) وصول اللّه وطوعه لا حطاما هالكا (وَلا تَعْدُ) عداه عدوا وعداء واركه وورّاه ، أو هو العود والصدود

----------

به) أي بالله (وأسمع) به صيغتا تعجب أي ما أبصره وأسمعه والهاء فاعل والباء زائدة (ما لهم) لأهل السموات والأرض (من دونه من ولي) يتولى أمورهم (ولا يشرك في حكمه) في قضائه (أحدا) منهم .

(واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته) لا أحد يقدر على تبديلها (ولن تجد من دونه ملتحدا) ملجأ (واصبر نفسك) احبسها (مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) في عامة أوقاتهم.

ص: 352

(عَيْناكَ) ردع لهما ، والمراد مطوهما وهو الرسول صلعم (عَنْهُمْ) هؤلاء الأعاسر ، والحال (تُرِيدُ زِينَةَ) طراء (الْحَياةِ الدُّنْيا) ومهاهها (وَلا تُطِعْ) أصلا (مَنْ) أحدا (أَغْفَلْنا قَلْبَهُ) حوّل لهوا (عَنْ) سماع (ذِكْرِنا) الكلام المرسل (وَ) أهلك درّه لمّا (اتَّبَعَ) طاوع (هَواهُ) وعدل مع اللّه إلها سواه (وَكانَ أَمْرُهُ) كلّه (فُرُطاً) ( 28 ) عداء للحد .

(وَقُلِ) له (الْحَقُّ) ما صدر (مِنْ) اللّه (رَبِّكُمْ) كالإسلام وكلام اللّه لا ما دعاه هواكم ، أو هو حال والأوّل محمول المطروح وهو « هو » والمعاد الإسلام أو كلام اللّه (فَمَنْ) كل أحد (شاءَ) أراد الإسلام (فَلْيُؤْمِنْ) له (وَ) كلّ (مَنْ شاءَ) الصدود (فَلْيَكْفُرْ) وهو كلام مهدّد (إِنَّا أَعْتَدْنا) هو والإعداد واحد (لِلظَّالِمِينَ) أهل العدول والصدود (ناراً أَحاطَ) ودار (بِهِمْ) حولهم (سُرادِقُها) هو ما أحاطها أو هو ما علاها (وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا) لكمال الأوام وهو

----------

(يريدون وجهه) رضاه (ولا تعد عيناك عنهم) لا تجاوزهم نظرك إلى غيرهم من الأغنياء الكفرة الذين دعوك إلى طردهم حتى يؤمنوا (تريد زينة الحياة) حال من الكاف أي مريدا مجالسة الأشراف طمعا في إيمانهم (الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه) نسبناه إلى الغفلة أو وجدناه غافلا (عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) متقدما على الحق .

(وقل) الدين (الحق) حصل (من ربكم) أو هذا القرآن الحق منزلا من ربكم (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) تهديد لهم يفيد أنه تعالى لا ينفعه إيمانهم ولا يضره كفرهم (إنا أعتدنا للظالمين) الكافرين (نارا أحاط بهم سرادقها) فسطاطها شبه به النار المحيطة بهم أو دخانها ولهبها أو حائط من نار (وإن يستغيثوا) من العطش (يغاثوا بماء كالمهل) كالنحاس المذاب أو

ص: 353

روم المدد (يُغاثُوا) هو الإمداد (بِماءٍ) كدر اسود (كَالْمُهْلِ) العكر حار (يَشْوِي الْوُجُوهَ) حال أممه لكمال حرّه (بِئْسَ) ساء (الشَّرابُ) هو (وَساءَتْ) الساعور (مُرْتَفَقاً) ( 29 ) محلّا .

(إِنَّ) الأمم (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) لواء أمر اللّه (إِنَّا لا نُضِيعُ) عدلا (أَجْرَ) كلّ (مَنْ أَحْسَنَ) أصلح ولو (عَمَلًا) ( 30 ) واحدا .

(أُولئِكَ) الأمم الصلحاء أعدّ (لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ) محالّ دوح وأحمال وصهاء ومسل ماء (تَجْرِي) دواما (مِنْ تَحْتِهِمُ) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الدرّ والعسل والماء والمدام (يُحَلَّوْنَ) هؤلاء الأمم (فِيها) دارالسلام (مِنْ) مؤكّد (أَساوِرَ) واحد واحده سوار (مِنْ ذَهَبٍ) أحمر (وَيَلْبَسُونَ ثِياباً) كساء (خُضْراً) وصحما (مِنْ سُنْدُسٍ) ملاح (وَإِسْتَبْرَقٍ) مصومد (مُتَّكِئِينَ) وهو حال (فِيها) دارالسلام (عَلَى الْأَرائِكِ) السرر مع الإسدال والكساء كما للعرس (نِعْمَ الثَّوابُ) دارالسلام

----------

كدردي الزيت (يشوي الوجوه) لحره (بئس الشراب) هو (وساءت) النار (مرتفقا) متكأ مقابل حسنت مرتفقا .

(إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) منهم (أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور) جمع أسورة وهي جمع سوار (من ذهب ويلبسون ثيابا خضرا) وهي أبهى الألوان من (سندس) ما رق من الديباج (وإستبرق) ما غلظ منه (متكئين فيها على الأرائك) كهيئة الملوك جمع أريكة وهي سرير في الحجلة وهي بيت زين للعروس (نعم الثواب) الجنة (وحسنت) الأرائك (مرتفقا) متكأ .

ص: 354

وآلاءها (وَحَسُنَتْ) دارالسلام أو السرور (مُرْتَفَقاً) ( 31 ) محلّا للروح .

(وَاضْرِبْ) صرّح (لَهُمْ) لأعداء الإسلام وأهل الإسلام (مَثَلًا) حالا هكرا (رَجُلَيْنِ) مسلم وعدوّ له (جَعَلْنا) كرما ورحما (لِأَحَدِهِما) وهو العدوّ (جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ) كروم (وَحَفَفْناهُما) وحوّطهما اللّه (بِنَخْلٍ) دوّر حولهما (وَجَعَلْنا بَيْنَهُما) وسطهما مملوّا (زَرْعاً) ( 32 ) لطعامه .

(كِلْتَا) محكوم (الْجَنَّتَيْنِ) معا (آتَتْ) محمول وحدّه لوحود المحكوم (أُكُلَها) حملها (وَلَمْ تَظْلِمْ) إحداهما (مِنْهُ) الحمل (شَيْئاً) حملا ما (وَفَجَّرْنا) هو الصدع (خِلالَهُما) وسطهما (نَهَراً) ( 33 ) ماسلا دواما .

(وَكانَ لَهُ) لمالكهما معهما (ثَمَرٌ) صروع أموال كالأحمر والطاوس وسواهما (فَقالَ لِصاحِبِهِ) المسلم (وَ) الحال (هُوَ) مالكهما عاط ملاط مطوه المسلم وسار معه (يُحاوِرُهُ) حاور الكلام رادّه وحار عاد ، والمراد مرحه ومطواؤه (أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا) وملكا (وَأَعَزُّ) وأكرم (نَفَراً) ( 34 )

----------

(و اضرب لهم مثلا) للكافر والمؤمن (رجلين) بدل وهما أخوان من بني إسرائيل كافر ومؤمن ورثا من أبيهما مالا فاشترى الكافر به ضياعا وعقارا وتصدق المؤمن به (جعلنا لأحدهما جنتين) بستانين (من أعناب) كروم (وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا) فهما جامعتان للفواكه والأقوات والمنافع المتواصلة .

(كلتا الجنتين ءاتت أكلها) ثمرها (ولم تظلم) تنقص (منه شيئا) بل أدته تماما (وفجرنا خلالهما) وسطهما (نهرا) يسقيهما بسهولة ويزيدهما نضارة (وكان له) مع جنته (ثمر) أموال مثمرة نامية (فقال لصاحبه) المؤمن (وهو

ص: 355

سوادا ورهطا أو أولادا .

(وَدَخَلَ) معه (جَنَّتَهُ) وحدّها لوحودها لكمال الأمم (وَ) الحال (هُوَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) لسوء روعه علما وإدراكا (قالَ) لطول أمله وكمال أمهه (ما أَظُنُّ ) أهم (أَنْ تَبِيدَ) هلاك (هذِهِ) الدار (أَبَداً) ( 35 ) سمدا سرمدا .

(وَما أَظُنُّ) ما أهم (السَّاعَةَ) الموعود ورودها أمدا (قائِمَةً) حاصلا ورودها (وَ) اللّه (لَئِنْ رُدِدْتُ) مالا ومعادا (إِلى) اللّه (رَبِّي) كما هو وهمك (لَأَجِدَنَّ) لأحسّ وأدرك لا محال (خَيْراً مِنْها) الدار (مُنْقَلَباً) ( 36 ) مالا ومردّا .

(قالَ لَهُ) للعدوّ (صاحِبُهُ) المسلم (وَ) الحال (هُوَ) لمسلم (يُحاوِرُهُ) العدوّ والحوار ردّ الكلام (أَ كَفَرْتَ) حال وهمك عدم ورود المعاد (بِالَّذِي خَلَقَكَ) أصلك وأسّس أساسك ، ورصع والدك الأوّل (مِنْ تُرابٍ ثُمَّ) لما مرّ أطوار ودحور وأعصار أسرك (مِنْ نُطْفَةٍ) ماء سهك (ثُمَّ سَوَّاكَ) وعدك وأصارك (رَجُلًا) ( 37 ) كاملا .

----------

يحاوره) يراجعه الكلام (أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا) رهطا أو خدما أو ولدا .

(ودخل جنته) بصاحبه يريه ما فيها ويفاخره وأفرد الجنة لأنها في حكم الواحدة لتواصلهما (وهو ظالم لنفسه) بكفره (قال ما أظن أن تبيد) تفنى (هذه) الجنة (أبدا) اغترارا بما هو فيه (وما أظن الساعة قائمة) كائنة (ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيرا منها منقلبا) مرجعا أقسم على ذلك اعتقادا أنه إنما أعطاه الله ذلك لاستحقاقه له فهو يجده حيث كان .

(قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب) لأنه مادة أصله آدم أو النطفة (ثم من نطفة) نطفة مادته القريبة (ثم سواك) عدلك وكملك

ص: 356

(لكِنَّا) مسلم موحّد وأعلم وأكلّم (هُوَ) الأمر والحال (اللَّهُ) الواحد الأحد (رَبِّي) لا سواه (وَلا أُشْرِكُ) سمدا سرمدا (بِرَبِّي) اللّه (أَحَداً) ( 38 ) ما .

(وَلَوْ لا) هلّا (إِذْ) لمّا (دَخَلْتَ جَنَّتَكَ) وراعك حالها وطراءها ومهاها (قُلْتَ) الأمر ما موصول (شاءَ) أراد (اللَّهُ) عمّرها أو لا (لا قُوَّةَ) ولا حول أصلا (إِلَّا بِاللَّهِ) مالك الملك والأمر (إِنْ تَرَنِ) إلهادا (أَنَا) عماد أو مؤكّد (أَقَلَّ) ورووه محمولا لما هو أمامه (مِنْكَ مالًا وَوَلَداً) ( 39 ) معا ، وحواه .

(فَعَسى) كاد اللّه (رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ) حالا أو مالا للإسلام (خَيْراً) أمر (مِنْ جَنَّتِكَ) وحدّها لما مرّ (وَيُرْسِلَ) حردا لإلحادك (عَلَيْها) دارك (حُسْباناً) ساعورا (مِنَ السَّماءِ) العلو (فَتُصْبِحَ صَعِيداً) صرداحا (زَلَقاً) ( 40 ) أملس .

(أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها) الماسل (غَوْراً) طاهسا (فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ) للماء

----------

(رجلا) إشارة إلى أن القادر على البدء أقدر على الإعادة (لكنا) لكن أنا حذفت الهمزة وأدغمت النون في النون (هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا (ولو لا) وهلا (إذ دخلت جنتك) وأعجبت بها (قلت ما شاء الله) أي الأمر ما شاء الله أو ما شاء كائن (لا قوة إلا بالله) اعترافا بأنك إنما عمرتها بالله لا بقوتك (إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك) عاجلا أو آجلا (ويرسل عليها حسبأنا من السماء) جمع حسبأنة سهم صغير يعني الصواعق أو مصدر بمعنى الحساب أي الحكم بتخريبها أو عذاب حساب ما كسبت (فتصبح صعيدا زلقا) أرضا ملساء يزلق عليها القدم (أو يصبح ماؤها

ص: 357

(طَلَباً) ( 41 ) روما للحول والردّ .

(وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) أصله أحاطه العدوّ دار حوله وملكه ، والمراد الإهلاك (فَأَصْبَحَ) صار الملحد (يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ) سدما وحسرا (عَلى ما) مال (أَنْفَقَ) وأهلك (فِيها) عمرها (وَ) الحال (هِيَ) كرومها (خاوِيَةٌ) هو الهور (عَلى عُرُوشِها) عمده لهورها أوّلا (وَ) الحال (يَقُولُ) أوها يا للإعلام (لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ) ولم أعدل (بِرَبِّي) اللّه (أَحَداً) ( 42 ) ولم أردّ أمره .

(وَلَمْ تَكُنْ) ح (لَهُ) للملحد (فِئَةٌ) رهط أرداء (يَنْصُرُونَهُ) دسعا للإصر ، أو ردّا لما طاح وهلك (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (وَما كانَ) أصلا (مُنْتَصِراً) ( 43 ) مردءا ممدّا .

(هُنالِكَ) المحل والحال (الْوَلايَةُ) الإمداد كلّه ، ورووه مكسور الواو والمراد ح الملك كلّه حاصل (لِلَّهِ) الواحد الأحد (الْحَقِّ) الواطد وحده (هُوَ) للّه (خَيْرٌ) مما سواه (ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً) ( 44 ) مآلا للصلحاء ، ورووه

----------

غورا) غائرا (فلن تستطيع له طلبا) حيلة ترده بها .

(وأحيط بثمره) أهلكت أمواله وخبأت من أحاط به العدو أهلكه (فأصبح يقلب كفيه) تحسرا وندما (على ما أنفق فيها) في عمارها (وهي خاوية) ساقطة (على عروشها) دعائم كرومها سقطت وسقط عليها الكروم (ويقول) يا قوم (ليتني لم أشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة) جماعة (ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا) ممتنعا بقوته .

(هنالك) في ذلك المقام أو يوم القيامة (الولاية) بفتح الواو النصرة وبكسرها الملك (لله الحق) وحده (هو خير ثوابا) من ثواب غيره (وخير

ص: 358

محرّك الوسط ومدلولهما واحد .

(وَاضْرِبْ) صرّح (لَهُمْ) لرهطك (مَثَلَ) حال (الْحَياةِ الدُّنْيا) صدد اللّه هو (كَماءٍ) مطر ، أو هو معمول للأمر كالأوّل ، أو مدلوله إصر (أَنْزَلْناهُ) إدرارا (مِنَ السَّماءِ) العلو (فَاخْتَلَطَ) دلع وأمر (بِهِ) دروره (نَباتُ الْأَرْضِ) دوحها وكلاءها (فَأَصْبَحَ) صار دوحها وكلاءها (هَشِيماً) صاملا حطاما كسارا (تَذْرُوهُ) مطحطحه (الرِّياحُ) صروعها وروه موحّدا (وَكانَ اللَّهُ) كامل الطول دواما (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مراد له الأسر والإهلاك (مُقْتَدِراً) ( 45 ) مكوّحا .

(الْمالُ) كلّه (وَالْبَنُونَ) الأولاد كلّهم (زِينَةُ) كمال (الْحَياةِ الدُّنْيا) الملحد أمرها ومهاها وما هو حمّ المعاد (وَ) الكلم أو الأعمال (الْباقِياتُ) أحمالها (الصَّالِحاتُ) صدد اللّه (خَيْرٌ) ممّا مرّ كلّه (عِنْدَ) اللّه (رَبِّكَ ثَواباً) عدلا (وَخَيْرٌ أَمَلًا) ( 46 ) عموما للكلّ .

----------

عقبا) عاقبة للمؤمنين .

(واضرب لهم مثل الحياة الدنيا) صفتها هي (كماء أنزلناه من السماء فاختلط به) فالتفت بسببه (نبات الأرض) أو امتزج الماء بالنبات (فأصبح هشيما) كسر مهشوما (تذروه الرياح) تطيره وتذهبه شبهت بنبات أخضر بالماء فيبس فتفتت فأذهبته الرياح (وكان الله على كل شيء مقتدرا) قادرا .

(المال والبنون زينة الحيوة الدنيا) يتزين بهما (والباقيات الصالحات) الطاعات لله الباقي ثوابها وفسرت بصلاة الخمس ومودة أهل البيت والتسبيحات الأربع (خير عند ربك ثوابا) من المال والبنين (وخير أملا) لنيل فاعلهما ما يأمله فيها .

ص: 359

(وَ) ادّكر (يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ) أحوّلها كلّه حصحصها (وَتَرَى) ورووه لا معلوما (الْأَرْضَ) كلّها (بارِزَةً) سواء ، لا آكام ولا وهد ولا أطواد (وَحَشَرْناهُمْ) الهلّاك كلّهم لإحصاء الأعمال وإعطاء الأعدال (فَلَمْ نُغادِرْ) ولم أدع (مِنْهُمْ) الهلاك (أَحَداً) ( 47 ) هالكا .

(وَعُرِضُوا عَلى) اللّه (رَبِّكَ صَفًّا) سطرا كلّ رهط سطر والكلام لهم ح (لَقَدْ جِئْتُمُونا) للمعاد (كَما خَلَقْناكُمْ) آحاد لا مال ولا ولد معكم (أَوَّلَ مَرَّةٍ) لكلام لردّاد المعاد (بَلْ زَعَمْتُمْ) وهما (أَلَّنْ نَجْعَلَ) أصلا (لَكُمْ مَوْعِداً) ( 48 ) للمعاد .

(وَوُضِعَ الْكِتابُ) وأعطوا طروس الأعمال (فَتَرَى) الأمم (الْمُجْرِمِينَ) أهل العدول والطلاح (مُشْفِقِينَ) روّعا (مِمَّا) آصار (فِيهِ) الطرس (وَيَقُولُونَ) هكرا وعمها وولها (يا وَيْلَتَنا) هلكا هلمّ الحال حالك وهو مصدر (ما لِهذَا الْكِتابِ) صرع الطرس (لا يُغادِرُ) هو الودع

----------

(ويوم نسير الجبال) في الجو كالسحاب أو نذهب بها فنعدمها (وترى الأرض بارزة) لا يسترها جبل ولا غيره أو بارزة ما في بطنها (وحشرناهم) جمعناهم إلى الموقف وجاء ماضيا لتحققه (فلم نغادر) نترك (منهم أحدا) من الأولين والآخرين (وعرضوا على ربك صفا) مصطفين لا يحجب بعضهم بعضا (لقد جئتمونا) بتقدير القول (كما خلقناكم أول مرة) لا شيء معكم من المال والولد (بل زعمتم ألن نجعل لكم موعدا) للبعث .

(ووضع الكتاب) جنسه أي صحائف الأعمال في الأيمان والشمائل أو هو كناية عن الحساب (فترى المجرمين مشفقين) خائفين (مما فيه) من السيئات (ويقولون يا ويلتنا) هلكنا دعاء على أنفسهم بالهلاك (مال هذا الكتاب)

ص: 360

والطرح سواء (صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً) ممّا عمل أوّلا (إِلَّا أَحْصاها) عدّها وأحاطها وحصرها (وَوَجَدُوا) كلّ (ما عَمِلُوا) أو عدل كلّ ما عملوه (حاضِراً) مسطورا أو محسوسا (وَلا يَظْلِمُ) اللّه (رَبُّكَ) العدل (أَحَداً) ( 49 ) وكسا لمسارّه ، أو إكراء لآلامه ، أو سطرا لعمل ما عمل .

(وَ) ادّكر (إِذْ قُلْنا) أمرا (لِلْمَلائِكَةِ) كلّها ، أو أملاك الرمكاء (اسْجُدُوا) اركعوا إكراما (لِآدَمَ) المصور (فَسَجَدُوا) كلّهم معا وركعوا له (إِلَّا إِبْلِيسَ) المارد المطرود لما (كانَ مِنَ الْجِنِّ) صرعهم (فَفَسَقَ) عدا وعدل (عَنْ أَمْرِ) اللّه (رَبِّهِ) وما طاوع له لطرح إكرام آدم (أَ) عمّكم الورة (فَتَتَّخِذُونَهُ) أولاد آدم (وَذُرِّيَّتَهُ) وأولاده كالأعور والمسوط والداسم ، أو طوّعه (أَوْلِياءَ) أرداء أودّاء حكّاما (مِنْ دُونِي) وراء اللّه آسركم ومالككم (وَ) الحال (هُمْ) المارد وأولاده أو طوّعه (لَكُمْ عَدُوٌّ) أعداء ، وحّده لسواء الواحد وسواه له (بِئْسَ) ساء (لِلظَّالِمِينَ) أعداء الإسلام (بَدَلًا) ( 50 ) أوس اللّه هو وأولاده .

(ما أَشْهَدْتُهُمْ )ما أطلعوا (خَلْقَ السَّماواتِ) عالم العلو

----------

تعجبا من شأنه (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا) مكتوبا كأنهم فعلوه تلك الساعة (ولا يظلم ربك أحدا) لا يزيد عقاب مسيء ولا ينقص ثواب محسن .

(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس) ذكر القصة تقريرا للتشنيع على أهل الكبر بأنه من سنن إبليس (كان من الجن ففسق عن أمر ربه) خرج عن طاعته (أفتتخذونه وذريته) بنيه وأتباعه (أولياء من دوني وهم لكم عدو) وأنا لكم ولي (بئس للظالمين بدلا) من الله إبليس وأتباعه (ما

ص: 361

(وَالْأَرْضِ) عالم الرهص (وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) ولا أحدهم أسر أحد (وَما كُنْتُ) دواما (مُتَّخِذَ) العالم (الْمُضِلِّينَ عَضُداً) ( 51 ) أرداء أودّاء .

(وَ) ادّكر (يَوْمَ يَقُولُ) اللّه للعدّال (نادُوا) وادعوا (شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) هماء وإمدادهم لكم والمراد ما إله مما سواه ، أو المارد ورهطه (فَدَعَوْهُمْ) وحاولوا إمدادهم (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا) ما حاوروا لهم وما ردّوا (لَهُمْ) حوارا وما أسعدوهم (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ) الطوّع ودماهم (مَوْبِقاً) ( 52 ) مهلكا وهو الساعور ، أو هلاكا وهو العداء .

(وَرَأَى) وأحسّ الأمم (الْمُجْرِمُونَ) أولو الطلاح (النَّارَ) دارها (فَظَنُّوا) لموا (أَنَّهُمْ) كلّهم (مُواقِعُوها) ورّادها (وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها) ورودها (مَصْرِفاً) ( 53 ) معدلا .

(وَلَقَدْ صَرَّفْنا) كرّر وردّد (فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ) الكلام المرسل (مِنْ) مؤكّد (كُلِّ مَثَلٍ) حال هكر (وَكانَ الْإِنْسانُ) الملحد دواما (أَكْثَرَ

----------

أشهدتهم) أي إبليس وذريته (خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم) لم أستعن بهم على ذلك (وما كنت متخذ المضلين عضدا) أعوانا في الخلق فكيف تطيعونهم .

(ويوم يقول) الله للمشركين وقرىء بالنون (بادوا شركائي) أضيف على زعمهم توبيخا (الذين زعمتم) أنهم شركاء ليشفعوا لكم (فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم) بين الكفار وآلهتهم (موبقا) مهلكا يعم جميعهم من وبق هلك أو جعلنا توصلهم الدنيوي هلاكا في الآخرة (و رأى المجرمون النار فظنوا) أيقنوا (أنهم مواقعوها) واقعون فيها (ولم تجدوا عنها مصرفا) معدلا .

(ولقد صرفنا) بينا (في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان) الكافر

ص: 362

شَيْءٍ جَدَلًا) ( 54 ) مراء ولددا والحاصل لدده أمّر كلّ أمر .

(وَما مَنَعَ النَّاسَ) أهل الحرم (أَنْ يُؤْمِنُوا) إسلامهم سدادا (إِذْ) لمّا (جاءَهُمُ الْهُدى) الرسول أو الكلام المرسل (وَيَسْتَغْفِرُوا) اللّه (رَبَّهُمْ) الأكرم محو آصارهم (إِلَّا) روم (أَنْ تَأْتِيَهُمْ) دهما أو حسّا (سُنَّةُ) الأمم (الْأَوَّلِينَ) وهو الإهلاك المحمّ لهم (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ) إصر المعاد (قُبُلًا) ( 55 ) صراحا وحسا أو صروعا ، وهو حال .

(وَما نُرْسِلُ) الكمّل (الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ) لأهل الإسلام ، والمراد إعلامهم ورود دارالسلام (وَمُنْذِرِينَ) لأهل الإلحاد سوء دار الآلام (وَيُجادِلُ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الرسل (بِالْباطِلِ) وهو كلامهم لو أراد اللّه لأرسل أملاكا أو سواه (لِيُدْحِضُوا) هو الإهدار (بِهِ) المراء واللّدد (الْحَقَّ) الأمر الواطد وهو الأولوك (وَاتَّخَذُوا آياتِي) الكلام المرسل (وَما) موصول (أُنْذِرُوا) روّعوا وهو الساعور ، أو ما للمصدر (هُزُواً) ( 56 ) محلّا له .

----------

(أكثر شيء جدلا) خصومة بالباطل وهو تمييز (وما منع الناس أن يؤمنوا) من الإيمان (إذ جاءهم الهدى) الدلالة البينة (ويستغفروا ربهم إلا) طلب (أن تأتيهم سنة الأولين) من الإهلاك (أو يأتيهم العذاب) بالسيف أو في الآخرة (قبلا) عيانا أو بضمتين جمع قبيل أي أنواعا .

(وما نرسل المرسلين إلا مبشرين) للمطيعين (ومنذرين) للعاصين (ويجادل الذين كفروا بالباطل) من إنكار إرسال البشر ونحوه (ليدحضوا به الحق) ليبطلوا أو يزيلوا بجدالهم الحق (واتخذوا ءاياتي) أي القرآن (وما أنذروا) من النار (هزوا) استهزاء.

ص: 363

(وَمَنْ) لا أحد (أَظْلَمُ) وأسوأ (مِمَّنْ ذُكِّرَ) علّم الصلاح (بِآياتِ) اللّه (رَبِّهِ) الكلام والمرسل (فَأَعْرَضَ) وصدّ (عَنْها) وما ادّكر (وَنَسِيَ) أمه مال (ما قَدَّمَتْ يَداهُ) وهو الإلحاد والمعارّ (إِنَّا جَعَلْنا) وهو معلّل لصدهم وامههم (عَلى قُلُوبِهِمْ) أرواعهم (أَكِنَّةً) أطرا كره (أَنْ يَفْقَهُوهُ) الكلام المرسل (وَفِي آذانِهِمْ) مسامعهم (وَقْراً) صمما والحاصل لا ادراك لهم ولا سماع (وَإِنْ تَدْعُهُمْ) محمّد (إِلَى الْهُدى) وسواء الصراط وهو الإسلام أو الكلام المرسل (فَلَنْ يَهْتَدُوا) سواء الصراط (إِذاً) حال حصول الأطر والصمم (أَبَداً) ( 57 ) سمدا سرمدا .

(وَرَبُّكَ) اللّه (الْغَفُورُ) محاء الآصار والمعار (ذُو الرَّحْمَةِ) والكرم والإمهال (لَوْ يُؤاخِذُهُمْ) اللّه الحال (بِما كَسَبُوا) وهو إلحادهم وعداؤهم مع رسول اللّه صلعم (لَعَجَّلَ) لا أوصل (لَهُمُ) الحال (الْعَذابَ) المصطلم (بَلْ لَهُمْ) لإصرهم وحدّهم (مَوْعِدٌ) وهو العصر الموعود أمدا (لَنْ يَجِدُوا) أصلا (مِنْ دُونِهِ) سواه (مَوْئِلًا) ( 58 ) مسلما ، وأل سلم .

----------

(و من أظلم ممن ذكر بآيات ربه) بالقرآن (فأعرض عنها) ولم يتعظ بها (ونسي ما قدمت يداه) ما عمل من الكفر والمعاصي (إنا جعلنا على قلوبهم أكنة) أغطية (أن يفقهوه) كراهة أن يفهموا القرآن (وفي ءاذانهم وقرا) صمما فلا يسمعونه مثل لنبو قلوبهم ومسامعهم عن قبوله وأسند إليه تعالى إيذانا بتمكنه منهم كالجبلة (وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا) وقد وقع ما أخبر به فماتوا كفارا .

(وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب) في الدنيا (بل لهم موعد) وهو يوم القيامة (لن يجدوا من دونه موئلا) منجى وملجأ .

ص: 364

(وَتِلْكَ) محكوم (الْقُرى) الأمصار والمراد أهلوها وهم عاد ورهط صالح وأعدالهم ، والمحمول (أَهْلَكْناهُمْ) واصطلموا (لَمَّا ظَلَمُوا) حدلا كحدل أهل الحرم ، وهو ردّ الرسول والمراء وصروع الآصار (وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ) لإهلاكهم أو عصر هلاكم ورووا لمهلكهم (مَوْعِداً) ( 59 ) عصرا معلوما محدودا أو هو مصدر .

(وَ) ادّكر (إِذْ) لمّا (قالَ مُوسى) الرسول ، ورد لمّا ملك الرسول ملك مصر وهلك عدوّه ، سأل اللّه اعلم أهل الرمكاء ، وأومأ لدرّه ، ولامه اللّه ، وأعلمه أمرا هو أعلم وأعلمه محلّه ومأواه وهو ساحل الداماء ، ورام الرسول وصوله وإحساسه ، وسأل اللّه علمه وإمارة ، وأمره اللّه احمل معك سمكا وسر محلّ رواح السمك محلّه ، وعمد كما أمره اللّه وكلّم (لِفَتاهُ) مملوكه أو عادسه (لا أَبْرَحُ) وأدوم راحلا ، أو ارحل طرح لما دلّ علاه الحال والكلام (حَتَّى أَبْلُغَ) أصل (مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) محلّ وصال داماء الروم ومطوه ، وهو المحلّ الموعود لوصال الرسول مع الأعلم الأكمل ، أو المراد محلّ وصال الرسول والأعلم الأكمل سماهما داماء لما كلّ واحد داماء العلم (أَوْ أَمْضِيَ) أمّر وأرحل (حُقُباً) ( 60 ) دهرا طوالا لوصوله لو طرح .

----------

(وتلك القرى) أي أهلها كعاد وثمود وغيرهم (أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا) وقتا معلوما .

(وإذ) أذكر إذ (قال موسى لفتاه) يوشع بن نون سمي فتاه لأنه كان يتبعه ويخدمه (لا أبرح) لا أزال أسير حذف الخبر لدلالة حال السفر عليه أو لا أزول عما أنا عليه من السير (حتى أبلغ مجمع البحرين) ملتقى بحري فارس والروم (أو أمضي حقبا) أسير دهرا طويلا (فلما بلغ مجمع بينهما) موضع اجتماع

ص: 365

(فَلَمَّا) سارا و (بَلَغا) وصلا (مَجْمَعَ بَيْنِهِما) وهو المحلّ الموعود للوصال (نَسِيا) أمها (حُوتَهُما) سمكهما المحمول معهما (فَاتَّخَذَ) السمك (سَبِيلَهُ) ممرّه (فِي الْبَحْرِ) الداماء (سَرَباً) ( 61 ) مسلكا ، ورد أصار اللّه وسط الداماء صدعا طوالا لا صاردا ، وأمسك الماء وركّد وسار كالسّم وراح السمك ، أو هو مصدر مطروح عامله .

(فَلَمَّا جاوَزا) سارا ومرّا عصرا ، وأركا موصل الماء (قالَ) الرسول (لِفَتاهُ) مملوكه أو عادسه (آتِنا) وأورد (غَداءَنا) مأكول الطلوع (لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا) الصعد هذا المعمول الحال (نَصَباً) ( 62 ) كلالا وملالا .

(قالَ) مملوكه أو عادسه (أَ رَأَيْتَ) أعلم ما دهاك وردأك (إِذْ) لمّا (أَوَيْنا) حصل الوصول (إِلَى الصَّخْرَةِ) المعهود محلّها (فَإِنِّي نَسِيتُ) ح (الْحُوتَ) السمك المحمول (وَما أَنْسانِيهُ) ورووه مكسور الهاء (إِلَّا الشَّيْطانُ) الموسوس (أَنْ أَذْكُرَهُ) لك وهو مصرّح لما مرّ أماه وهو الهاء (وَاتَّخَذَ) السمك (سَبِيلَهُ) ممرّه (فِي الْبَحْرِ) ممرّا (عَجَباً) ( 63 ) هكرا

----------

البحرين (نسيا حوتهما) تركاه أو ضل عنهما أو نسي موسى تعرف حاله ويوشع أن يحمله (فاتخذ) الحوت (سبيله في البحر سربا) مسلكا قيل أمسك الله جري الماء من الحوت فصار كالكوة لا يلتئم .

(فلما جاوزا) ذلك المكان بالسير إلى وقت الغداء من ثاني يوم (قال لفتاه ءاتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) تعبا (قال أرأيت) ما وقع (إذ أوينا إلى الصخرة) بذلك المكان (فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) بدل اشتمال (واتخذ سبيله في البحر عجبا) سبيلا يتعجب منه موسى

ص: 366

وهو مصر مطروح عامله ، أو مدح مصدر مطروح لعامل مرّ أمامه .

(قالَ) له (ذلِكَ) رواح السمك (ما) أمر (كُنَّا نَبْغِ) لما هو علم وصول المرام كما وعد اللّه (فَارْتَدَّا) عادا (عَلى آثارِهِما) روسم حواملهما (قَصَصاً) ( 64 ) مصدر طرح عامله حال ، ووصلا المحل المروم .

(فَوَجَدا) وأحسّا (عَبْداً) كاملا (مِنْ عِبادِنا) الكمّل (آتَيْناهُ رَحْمَةً) ألوكا ، أو علما ، أو طول عمر (مِنْ عِنْدِنا) إكراما (وَعَلَّمْناهُ) إلهاما (مِنْ لَدُنَّا) لا مع وسوط أحد (عِلْماً) ( 65 ) علم الأسرار والحكم .

(قالَ لَهُ) للكامل المسطور (مُوسى) الرسول (هَلْ أَتَّبِعُكَ) أدور معك وأمطوك وأعدسك (عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا) علوم (عُلِّمْتَ) علمك اللّه (رُشْداً) ( 66 ) علما هدوّا ، وسأله روما لإكراء العلم ، ورووه محرك الوسط .

(قالَ) له (إِنَّكَ) مع كمال علمك (لَنْ تَسْتَطِيعَ) أصلا (مَعِيَ صَبْراً) ( 67 ) عدم رد وسؤال .

----------

وفتاه وقيل مصدر أضمر فعله ختم به كلامه أو أجابه موسى تعجبا من ذلك وقيل اتخذ موسى سبيل الحوت عجبا .

(قال) موسى (ذلك) أي فقد الحوت (ما كنا نبغ) لأنه علامة لمن تطلبه (فارتدا على ءاثارهما) رجعا في الطريق الذي جاءا فيه يقتصان (قصصا فوجدا عبدا من عبادنا) هو الخضر (ءاتيناه رحمة) نبوة (من عندنا) أو ولاية (وعلمناه من لدنا علما) من علم الغيب .

(قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن) بدون الياء وبها (مما علمت رشدا) علما فأرشد (قال إنك لن تستطيع معي صبرا) وقرىء بفتح ياء معي في الثلاث أي يشق عليك لأن كلا منا يعلم ما لا يعلمه الآخر وموكل بأمر لا يطيقه

ص: 367

(وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما) حكم هو عكس الساطع (لَمْ تُحِطْ بِهِ) الحكم (خُبْراً) ( 68 ) علما لسرّه ، وعلمك اللّه علما لا أعلمه ، وعلّم مطوك أراد درّه علما ما هو معلومك .

(قالَ سَتَجِدُنِي) حال حصول الحكم المسطور (إِنْ شاءَ) أراد (اللَّهُ صابِراً) طارحا للردّ والسؤال (وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً) ( 69 ) ما معكوسا مردودا حسّا أو سرّا .

(قالَ) له (فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي) كما هو معمودك (فَلا تَسْئَلْنِي) أوّلا ، وروه محرّك اللّام مؤكّدا (عَنْ شَيْءٍ) مردود صددك (حَتَّى أُحْدِثَ) أصرّح (لَكَ) أوّلا (مِنْهُ) الأمر المسطور (ذِكْراً) ( 70 ) سرّا وأمرا مصحّحا .

(فَانْطَلَقا) وحدهما ومرّ ساحل الداماء (حَتَّى إِذا) لمّا (رَكِبا فِي السَّفِينَةِ) كلّم أهلها هما لصوص ، وكلّما مالكها رواءهما كرواء الرسل ، وحملهما وما طمع أوس الحمل ، ولمّا وسطوا الداماء (خَرَقَها) سلّ الأعلم الأكمل لوحا ممّا هو موصل الماء وأراد الرسول سدّه (قالَ) له (أَ خَرَقْتَها) عدوا (لِتُغْرِقَ أَهْلَها) لورود الماء (لَقَدْ جِئْتَ) الحال (شَيْئاً) عملا وأمرا (إِمْراً) ( 71 ) إدّا مردودا .

----------

الآخر (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا) وظاهره منكر عندك ولا تعلم باطنه (قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) تأمرني به (قال فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شيء) تنكره (حتى أحدث لك منه ذكرا) أبتدئك بتفسيره .

(فانطلقا) يمشيان على الساحل (حتى إذا ركبا في السفينة) التي مرت بهما (خرقها) الخضر بأن قلع لوحا منها بفأس (قال) موسى (أخرقتها لتغرق

ص: 368

(قالَ) الأعلم الأكمل له (أَ لَمْ أَقُلْ) أوّلا (إِنَّكَ) مع كمال علمك الأحكام (لَنْ تَسْتَطِيعَ) أصلا (مَعِيَ صَبْراً) ( 72 ) حال إحساسك الأسرار والحكم .

(قالَ) الرسول إملاها (لا تُؤاخِذْنِي) كرما (بِما) عهد (نَسِيتُ) رصده وما سلّم لك (وَلا تُرْهِقْنِي) هو الرهك (مِنْ أَمْرِي عُسْراً) ( 73 ) كأداء وعامل السهل وسامح .

(فَانْطَلَقا) سارا لمّا وأركا الداماء (حَتَّى إِذا) لمّا (لَقِيا) ووصلا وسط الممرّ (غُلاماً) ولدا حسكلا ما أدرك الحلم لهوا مع الحساكل أملحم رواء (فَقَتَلَهُ) سدحه ، أو اصطلم رأسه ، أو صدمه وأهلكه (قالَ) له (أَ قَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً) لا إصر لها وما أدرك حدّ الأمر والكمال (بِغَيْرِ) إهلاك (نَفْسٍ) ما (لَقَدْ جِئْتَ) الحال (شَيْئاً) عملا وامرا (نُكْراً) ( 74 ) مردودا مكروها محرّما ، ورووه محرك الوسط ك « دسر » .

(قالَ) الكامل المكمّل العالم لأسرار اللّه مطو رسول الهود المكرّم المودود (أَ لَمْ أَقُلْ) ولم أوص (لَكَ) أوّلا أورد لك إعلاء للحرد لطرحه وما وصّاه له ، ووسما لمصول وطود الرسول ورسوّه لما كرر السؤال والردّ علاه

----------

أهلها لقد جئت شيئا إمرا) عظيما منكرا (قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني) تكلفني (من أمري عسرا) مشقة بل عاملني باليسر والمسامحة .

(فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما) يلعب مع الصبيان (فقتله) أضجعه فذبحه أو اقتلع رأسه بيده أو ضربه برجله فمات (قال أقتلت نفسا زكية) طاهرة من الذنوب (بغير نفس) بغير قود وقرىء زاكية (لقد جئت شيئا نكرا) منكرا (قال

ص: 369

(إِنَّكَ) مع كمال علمك الأوامر والأحكام (لَنْ تَسْتَطِيعَ) ما لك ألوّ أصلا (مَعِيَ صَبْراً) ( 75 ) وطودا وإمساكا حال إحساسك أمرا هكرا له الحكم والاسرار .

(قالَ) الرسول له (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ) سرّ (شَيْءٍ بَعْدَها) الحال (فَلا تُصاحِبْنِي) وودّع ورح ح وحدك لما (قَدْ بَلَغْتَ) الحال (مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) ( 76 ) مصححا للوداع لحصول الردّ والسؤال ، وكسر العهد مكرّرا .

(فَانْطَلَقا) الرسول ومطوه كلاهما (حَتَّى إِذا) لمّا (أَتَيا) وردا (أَهْلَ قَرْيَةٍ) مصر معهود ، ورد هو أحد أمصار الروم (اسْتَطْعَما) سألا الطعام (أَهْلَها) دسعا للوطر لكمال السعار (فَأَبَوْا) أهلها وكرهوا (أَنْ يُضَيِّفُوهُما) إحلالهما وإطعامهما (فَوَجَدا) كلاهما وأحسّا (فِيها جِداراً) طوالا (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ) مطلا للهور وأصله الكسر ورووه مع الصّاد (فَأَقامَهُ) هدمه

----------

ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا) زاد فيه على ما قبله تأكيدا لتكرر الإنكار منه (قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني) من قبلي (عذرا) في مفارقتك .

(فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية) هي أنطاكية أو أيلة وعن الصادق (عليه السلام) هي ناصرة (استطعما أهلها) سألاهم الطعام ضيافة وكرر الأهل لئلا يلزم خلو الصفة من ضمير الموصوف إذ استطعما صفته وجملة قال جواب ولم يحذف من الأول فيقال أتيا قرية إشعارا بأن المقصود إتيان الأهل لا القرية ويمكن أن يقال تكرير الأهل للتصريح بأن من استطعماه من أهل القرية لا الغرباء الموجودين فيها تنصيصا على قبح فعلهم أو المراد بالأهل الثاني غير الأول (فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض) يقرب أن يسقط استعيرت الإرادة للمشارفة

ص: 370

وأسّسه ، أو سواه وعمّره مصلحا له ، أو دعمه ، أو مسّه ومسحه وح رسا (قالَ) الرسول لمطوه (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ) عملك أوس إصلاحه (أَجْراً) ( 77 ) كراء وحلوا لمساس السعار .

(قالَ) للرسول وحاوره (هذا) السؤال الأمد ، أو الحسم الموعود ، أو العصر (فِراقُ) وهو مصدر (بَيْنِي وَبَيْنِكَ) والمراد عصر الوداع ، أو داع له (سَأُنَبِّئُكَ) أمام الوداع أعلاما (بِتَأْوِيلِ) مال وسرّ ما عمل (لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ) حال إحساسه (صَبْراً) ( 78 ) إمساكا ورسّوا لمّا هو أمر ردّه حكم كلام اللّه سطوعا وإعلاء .

(أَمَّا السَّفِينَةُ) الدسراء المسلول لوحها والمكسور دسارها (فَكانَتْ) ملكا (لِمَساكِينَ) أهل عدم وعسر وعور أعطال ، وما لهم مال سواها وعطوا محصل عملها (يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) كراء (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) أصمها أكسرها وأعوّرها (وَكانَ وَراءَهُمْ) لو عادوا ، أو أمامهم لو رسوا (مَلِكٌ) صالح ملحد حادل ولد كركر (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ) سواء (غَصْباً) ( 79 )

----------

بميلانه (فأقامه) رفعه بيده فقام أو نقضه وبناه (قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا) جعلا نسد به جوعنا حيث لم يضيفونا .

(قال هذا فراق بيني وبينك) أي هذا الإنكار سبب الفراق أو هذا وقته (سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت لمساكين) عشرة خمسة زمنى وخمسة (يعملون في البحر) يتكسبون فيه بالسفينة (فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك) قدامهم أو خلفهم ورجوعهم عليه (يأخذ كل سفينة) صحيحة (غصبا) قيل مقتضى الظاهر أن تتأخر (فأردت أن أعيبها) عن (وكان وراءهم) لأن إرادة التعقيب سبب عن خوف الغصب لكنه قدم

ص: 371

مصدر للصراع .

(وَأَمَّا الْغُلامُ) الولد المهلك (فَكانَ أَبَواهُ) والده وأمّه (مُؤْمِنَيْنِ) أهل الإسلام (فَخَشِينا) وروعه لمّا أعلمه اللّه ، وورد هو كلام اللّه حكاه مطو رسول الهود ، والمراد العلم أو الكره (أَنْ يُرْهِقَهُما) والده وأمّه لودّهما له (طُغْياناً) عدوا (وَكُفْراً) ( 80 ) صدودا للّه أو لالاء اللّه وإلحادا .

(فَأَرَدْنا) كره ما مرّ (أَنْ يُبْدِلَهُما) اللّه (رَبُّهُما) ولدا (خَيْراً) أكمل (مِنْهُ) الهالك (زَكاةً) ورعا وصلاحا (وَأَقْرَبَ) أوصل (رُحْماً) ( 81 ) وإكراما لهما ، ورووا « رحما » ك « أطم » ومدلولهما واحد ، وأعطاهما اللّه أوسه ولدا صالحا كما وعد .

(وَأَمَّا الْجِدارُ) الملمّ للهور (فَكانَ) ملكا (لِغُلامَيْنِ) أصرم ومطوه (يَتِيمَيْنِ) هلك والدهما (فِي الْمَدِينَةِ) المصر المعهود (وَكانَ) مدسوسا (تَحْتَهُ كَنْزٌ) مال أحمر وطاؤس ، وورد طروس العلم ، وورد لوح سطر وسطه كلم لادّكار أهل العالم وإصلاحهم وأمده لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه ( ص )

----------

لأن السبب مجموع الأمرين خوف الغصب ومسكنة الملاك فرتبه على أقوى الجزءين وعقبه بالآخر على جهة التتميم .

(وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين) وقرىء وهو طبع كافرا وقرىء فكان كافرا وأبواه مؤمنين (فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا) باتباعهما له بحبهما له وقيل فخشينا قول الله أي فعلمنا أو كرهنا (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة) طهارة وصلاحا (وأقرب رحما) رحمة بأبويه قال الصادق (عليه السلام) أبدلهما الله جارية فولدت سبعين نبيا .

(وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما) من

ص: 372

(لَهُما وَكانَ أَبُوهُما) الطروح (صالِحاً) وحرسا مع مالهما لصلاحه (فَأَرادَ) اللّه (رَبُّكَ) مصلحك ومالكك (أَنْ يَبْلُغا) كلاهما (أَشُدَّهُما) حلمهما وكمالهما وصلاحهما (وَيَسْتَخْرِجا) ح (كَنزَهُما) مالهما المرموس (رَحْمَةً) مصدر ك « أراد » لمّا مدلوله رحمهما ، أو لمّ له أو حال ، أو معمول لمطروح ، والمراد عمل (ما) عمل رحما (مِنْ) اللّه (رَبُّكَ) راحمك ومالكك ومصلح أحوالك (وَما فَعَلْتُهُ) ما مرّ كلّه (عَنْ أَمْرِي) العمل الروع والحلم وحدهما وما هو إلّا إلهام اللّه (ذلِكَ) المسطور (تَأْوِيلُ) سرّ (ما) عمل (لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ) حال إحساسه (صَبْراً) ( 82 ) رسّوا وإمساك درّك عما هو السؤال .

(وَيَسْئَلُونَكَ) رسول الهود الهود أو طلّاح دار الحرام محمّد ( ص ) وصدادهما (عَنْ) حال (ذِي الْقَرْنَيْنِ) ملك الروم وعدله ، أو هو ملك أهل الرماء كلّهم سمّوه لعموم ملكه المطلع والمدلك ، أو للكم رهطه أحد رأسه حال طوع اللّه لمّا دعاهم للإسلام وهلاكه ، أو لإعطاء اللّه الروح له عصرا طوالا عودا وعودا ، أو لكرم والده وأمّه ، لطول عمره ، أو لعلمه علم الأحكام والأوامر وعلم الأسرار والحكم ، أو لوروده المدلك والمطلع ، وهو رسول كامل مكمّل معه أمور

----------

ذهب وفضة وروي من كتب العلم وروي لوح من ذهب فيه كلمات علم (وكان أبوهما صالحا) فحفظنا بصلاحه (فأراد ربك أن يبلغا أشدهما) أي الحلم وإيناس الرشد (ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري) بل بأمر الله (ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا) أي تستطع حذفت التاء تخفيفا .

(ويسئلونك) أي اليهود أو قريش (عن ذي القرنين) عن علي (عليه السلام) كان عبدا صالحا أحب الله فأحبه فأمر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه فغاب ثم

ص: 373

صوارم للمعود ، أو ملك مسلم صالح وهو الأصح ، أو امرئ صالح ما هو رسول ولا ملك أو ملك (قُلْ) لهم (سَأَتْلُوا) سأدرس وسأحكو (عَلَيْكُمْ) رهط السؤال (مِنْهُ) حال الملك ، وورد معاد الهاء اللّه (ذِكْراً) ( 83 ) ماصلا .

(إِنَّا مَكَّنَّا) سهّل اللّه (لَهُ) أمره أو اللام لا مدلول له ، وسمح ألوّا وحولا (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء كما أراد (وَآتَيْناهُ) كرما ورحما (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) مروم له لا محال (سَبَباً) ( 84 ) أمرا موصلا له للمروم كالعلم والألوّ والمسلك وما سواها

(فَأَتْبَعَ) سلك (سَبَباً) ( 85 ) مسلكا لوصول المدلك

(حَتَّى إِذا) لمّا (بَلَغَ) وصل (مَغْرِبَ الشَّمْسِ) محلّ دلوكها ، والمراد حدّ المعمور وأحسّ ماء كدرا (وَجَدَها) أحسّها ووهمها (تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ) مسل ماء (حَمِئَةٍ) مسوط مع حماء أسود ، لعلّه وصل ساحل الدماء ورآها لعدم مطمح حاسه ومطره إلّا الماء (وَوَجَدَ) أدرك (عِنْدَها) المسل (قَوْماً) أهل مصر لا رعل لهم ، وكساهم مسوك المصطاد واصرامه ، وطعامهم ما رماه الداماء وهم أهل إلحاد وصدود (قُلْنا) إرسالا له أو إلهاما له أو لرسول عصره ( يا ذَا الْقَرْنَيْنِ )

----------

رجع فدعاهم فضربوه على قرنه الآخر وقيل لأنه ملك فارس والروم أو المشرق والمغرب أو كان له قرنان أي ضفيرتان أو انقرض في وقته قرنان (قل سأتلوا عليكم منه ذكرا إنا مكنا له) أمره (في الأرض وءاتيناه من كل شيء) يحتاج إليه (سببا) طريقا يوصله إلى مراده (فأتبع سببا) فاتخذ طريقا نحو المغرب (حتى إذا بلغ مغرب الشمس) أي آخر العمارة من جانب المغرب (وجدها تغرب في عين حمئة) ذات حمئة وهي الطين الأسود وقرىء حامية أي حارة ولعلها جمعت الوصفين فلا تنافي بين القراءتين وغروبها في بحر العين وهو البحر المحيط في رأي العين (ووجد عندها قوما) كفارا (قلنا يا ذا القرنين إما أن

ص: 374

أحد ما أمر معمول لك لا محال (إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ) إما إهلاكهم حال كرههم الإسلام وإصرارهم للطلاح (وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ) أو أسرك لهم ، أو هداهم وإعلامهم أوامر وروادع (حُسْناً) ( 86 ) أمرا محمودا ، أو إسلاما وصلاحا .

(قالَ) الملك (أَمَّا) كلّ (مَنْ ظَلَمَ) وعدل مع اللّه إلها سواه ، وما هاد وما أسلم (فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ) إهلاكا (ثُمَّ يُرَدُّ إِلى) اللّه (رَبِّهِ) معاد الكل (فَيُعَذِّبُهُ) اللّه (عَذاباً نُكْراً) ( 87 ) مكروها صعدا ما عهد معادله .

(وَأَمَّا) كلّ (مَنْ آمَنَ) أسلم سدادا (وَعَمِلَ) عملا (صالِحاً) مأمورا محمودا (فَلَهُ) مالا (جَزاءً) أوسا لأعماله ، وهو حال أو مصدر لعامل مطروح الدار (الْحُسْنى) دارالسلام (وَسَنَقُولُ لَهُ) للموحد الصالح (مِنْ أَمْرِنا) ما هو مأموره (يُسْراً) ( 88 ) أمرا معلوما سهلا أو كلاما ملاحا ، وروه ك « دسر » .

(ثُمَّ أَتْبَعَ) سلك (سَبَباً) ( 89 ) مسلكا مراحل لوصول المطلع .

(حَتَّى إِذا) لمّا (بَلَغَ) وصل (مَطْلِعَ الشَّمْسِ) محلّ طلوعها حسا ،

----------

تعذب) القوم بالقتل بكفرهم (وإما أن تتخذ فيهم حسنا) بالهداية إلى الإيمان وقيل بالأسر .

(قال أما من ظلم) بالإصرار على كفره (فسوف نعذبه) في الدنيا (ثم يرد إلى ربه) في الآخرة (فيعذبه عذابا نكرا) منكرا غير معهود (وأما من ءامن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى) فعلته الحسنى أو الإضافة بيانية وقرىء بالتنوين منصوبا حالا (وسنقول له من أمرنا) بما تأمرنا به (يسرا) ذا يسر أي تأمره بما يسهل عليه .

(ثم أتبع سببا) أخذ طريقا نحو المشرق (حتى إذا بلغ مطلع الشمس

ص: 375

أو حدّ المعمور ، ورووه مطلع مصدرا (وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ) عاد لا رعل لهم ولا محلّ ، مأواهم هوم الرمكاء حال الطلوع لكمال الحرّ ح ومعودهم الدولع حال سموكها (لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ) لرهط مرّوا (مِنْ دُونِها سِتْراً) ( 90 ) أمرا الملك المسطور .

(كَذلِكَ) كما مرّ وهو علوّ المحلّ ووسع الملك ، أو المراد أمره وسطهم كأمره وسط أهل المدلك (وَقَدْ أَحَطْنا بِما) عساكر وعددا وسواها (لَدَيْهِ) الملك (خُبْراً) ( 91 ) علما والمراد ما علمه إلا اللّه لأمره .

(ثُمَّ أَتْبَعَ) سلك (سَبَباً) ( 92 ) مسلكا ومراحل وراءهما .

وسار (حَتَّى إِذا) لمّا (بَلَغَ) وصل (بَيْنَ السَّدَّيْنِ) هما طودا محل معهود سدّ الملك المسطور وسطهما ، ورووا واحده ك « درّ » ، ومدلولهما واحد ، ورد هو لمّا عمله ولد آدم والأوّل لمّا أسره اللّه وورد عكسه ، (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما) أمامهما (قَوْماً) أعماء (لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ) هو العلم والإدراك (قَوْلًا) ( 93 ) مراما ما لمصول إدراكهم .

(قالُوا) هؤلاء الأعمّاء مع وسوط واحد ، أو كلّم اللاؤا أمامهم وراءهم

----------

وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا) من لباس ولا بناء لأنهم لم يعلموا صنعة البيوت أو لأن أرضهم لا تحمل بناء ولهم أسراب يغيبون فيها عند طلوع الشمس ويظهرون عند غروبها (كذلك) أي أمر ذي القرنين كما حكينا (وقد أحطنا بما لديه) من الجند والعدة والأسبأب (خبرا) علما .

(ثم أتبع سببا) طريقا ثالثا آخذا من الجنوب إلى الشمال (حتى إذا بلغ بين السدين) وهما جبلان بمنقطع أرض الترك سد الإسكندر ما بينهما (وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا) لغرابة لغتهم (قالوا) بترجمان (يا ذا

ص: 376

(يا ذَا الْقَرْنَيْنِ) اسمع الحال (إِنَّ يَأْجُوجَ) المراد الرهط ، وأصله اسم والدهم (وَمَأْجُوجَ) وهم رهط كالأوّل وهو اسم والدهم ، وكلاهما طوال الأعطال كاملو الألوّ والحول ، وهم أولاد آدم لا حوّاء ، ولمّا أصلهم ماء آدم حال الحلم الممسمس المسوط مع الحصحص (مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) لعطوهم الأموال وسطوهم الدهم وحدلهم حال دلوعهم (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) عطاء ومالا لكمال علمك وإدراكك ، وعموم ملكك وحولك ، ورووه ك « طمار » وكلاهما واحد ورد هو للرمكاء والأوّل مصدر (عَلى أَنْ تَجْعَلَ) لدرء حدلهم ودعرهم (بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) ( 94 ) ما هو سادّ لمسلكهم ورادّ لوصولهم ودعرهم ، وروه « سدا » .

(قالَ) الملك لهم (ما) مال وملك وعطاء (مَكَّنِّي) أعطاه اللّه (فِيهِ) المال والملك (رَبِّي) المصلح للعالم للحكم والمصالح (خَيْرٌ) أمرّ وأكمل ممّا هو عطاؤكم (فَأَعِينُونِي) أمدّوا (بِقُوَّةٍ) وصل أو عمّال (أَجْعَلْ) أصر وأرصص (بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) ( 95 ) سدّا ركاما مركوما أو سدّا محكما

(آتُونِي) لحال (زُبَرَ الْحَدِيدِ) كسوره وأعدّوها للسدّ وح أوردوا العمال

----------

القرنين إن يأجوج ومأجوج) قبيلتان من ولد يافث بن نوح (مفسدون في الأرض) بالقتل والنهب والإتلاف قيل يأكلون الناس وما دب (فهل نجعل لك خرجا) شيئا نخرجه من مالنا وقرىء خراجا (على أن تجعل بيننا وبينهم سدا) حاجزا فلا يخرجون علينا .

(قال ما مكني) بنونين بلا إدغام أو به (فيه ربي) من المال والملك (خير) مما تجعلونه لي من الخرج (فأعينوني بقوة) بما أتقوى به من عمل أو آلة (أجعل بينكم وبينهم ردما) حاجزا حصينا متراكبا بعضه على بعض (ءاتوني

ص: 377

وأعطوا كسوره لهم وأمر العمّال لمّا أسسوا ورصصوها وعكموها (حَتَّى إِذا) لمّا ساوى ملاء (بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) هما طودا محلّ معهود ، أو ملاطاهما وأصار دعسه العرامس وكسوره وملاطه مهل الصاد ، أو الرصاص وحطوا الأكوار ، ورووا واحده ك « دسر » وك « أسد » ومدلول الكلّ واحد وهو العدول (قالَ) الملك للعمّال (انْفُخُوا) وسط الأكوار واحموه (حَتَّى إِذا) لمّا (جَعَلَهُ) ملاء الوسط ناراً كالساعور (قالَ آتُونِي) مهل صاد أو رصاصا ، ورووه لا مع المد موصولا مع الأوّل (أُفْرِغْ) أسل (عَلَيْهِ) ملاء الوسط (قِطْراً) ( 96 ) مهل صاد ، أو رصاصا وعملوا كما أمره وصار طودا صلدا سامكا مسهما .

(فَمَا اسْطاعُوا) الأعداء الطّلاح ، ورووه مع الصاد (أَنْ يَظْهَرُوهُ) علوّ السدّ صعودا لما صار أسمك أملس (وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ) للسدّ (نَقْباً) ( 97 ) صدعا لاسمهراره وصموله .

(قالَ) الملك (هذا) السدّ إعطاء الألوّ علاه (رَحْمَةٌ) إل (مِنْ) اللّه (رَبِّي فَإِذا جاءَ) ورد وحلّ (وَعْدُ) اللّه (رَبِّي) موعده أو موعوده والمراد

----------

زبر الحديد) قطعة على قدر الحجارة التي يبنى بها (حتى إذا ساوى بين الصدفين) بين جانبي الجبلين بنضد الزبر جعل الفحم بينها (قال انفخوا) بالمنافخ في النار في الحديد فنفخوا (حتى إذا جعله) الحديد (نارا) كالنار (قال ءاتوني أفرغ عليه قطرا) نحاسا مذابا (فما اسطاعوا) بحذف التاء استثقالا (أن يظهروه) يعلوه لارتفاعه وملاسته (وما استطاعوا له نقبا) خرقا لصلابته وثخنه قيل كان ارتفاعه مائتي ذراع وثخنه خمسين .

(قال) ذو القرنين (هذا) أي السد أو الإقدار عليه (رحمة) نعمة (من

ص: 378

وعد دلوعهم ، أو وعد السعواء (جَعَلَهُ) أصار اللّه السدّ (دَكَّاءَ) ورووه دكّا مصدرا أراد مدكوكا ممهّدا سواء أملس (وَكانَ وَعْدُ) اللّه (رَبِّي) وموعوده (حَقًّا) ( 98 ) حاصلا لا محال وهو أمد كلام الملك الصالح .

(وَتَرَكْنا) هو كلام اللّه (بَعْضَهُمْ) آحادهم (يَوْمَئِذٍ) حال دلوعهم (يَمُوجُ) هو المور والمسماس (فِي بَعْضٍ) آحاد لعدّهم (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) لحلول السعواء (فَجَمَعْناهُمْ) مع سواهم لمحلّ واحد للإحصاء وإعطاء أوس الأعمال (جَمْعاً) ( 99 ) مؤكّد .

(وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ) وأورد دار الآلام (يَوْمَئِذٍ) ح (لِلْكافِرِينَ) أعداء الإسلام كلهم (عَرْضاً) ( 100 ) مؤكّد .

(الَّذِينَ كانَتْ) أوّلا (أَعْيُنُهُمْ) حواسهم (فِي غِطاءٍ) سدل وسمدور (عَنْ ذِكْرِي) ادّكار إعلام الألّ والطول (وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) ( 101 ) لكلام اللّه أو أصلا لإكراء صمم مسامعهم .

(أَ) أهمل (فَحَسِبَ) ووهم ، ورووه اسما الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا)

----------

ربي) على عباده (فإذا جاء وعد ربي) بخروج يأجوج ومأجوج (جعله دكاء) مدكوكا مسوى بالأرض (وكان وعد ربي حقا) كائنا البتة (وتركنا بعضهم يومئذ) جعلنا بعض يأجوج ومأجوج يوم خروجهم (يموج) يختلط (في بعض) كموج البحر لكثرتهم أو بعض الخلق الجن والإنس يختلط ببعض (ونفخ في الصور فجمعناهم) أي الخلائق للجزاء (جمعا وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا) أبرزناها لهم (الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري) عن آياتي التي يعتبر بها (وكانوا لا يستطيعون سمعا) أي يعرضون عن استماع ذكري والقرآن ذكر له فكأنهم صم عنه .

ص: 379

عدلوا وصدّوا (أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي) الأملاك وروح اللّه وسواهم (مِنْ دُونِي) وحدهم (أَوْلِياءَ) أودّاء وأرداء وحكّاما وإلها ما هو محمسا ولا أولمهم علاه ، كلّا (إِنَّا أَعْتَدْنا) هو والإعداد واحد (جَهَنَّمَ) دار السوء (لِلْكافِرِينَ) هؤلاء وسواهم (نُزُلًا) ( 102 ) محلّا ومأكولا وطعاما معدّا لهم كالمعدّ للوارد .

(قُلْ) لهم (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ) أعلّمكم (بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا) ( 103 ) وآمالا هم الهود ورهط روح اللّه ، أو علماؤهم وعمّار صوامعهم ، أو أهل الأهواء ، أو أعداء الإسلام كلّهم .

(الَّذِينَ ضَلَّ) وطاح (سَعْيُهُمْ) وهدر عملهم لصدودهم (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) لمّا حوّلوا طرسهم وردّوا محمّدا رسول اللّه صلعم (وَهُمْ) لكمال ورههم (يَحْسَبُونَ) وهما (أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) ( 104 ) عملا لسمودهم ووهمهم سدادهم .

(أُولئِكَ) المعلوم حالهم الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ساءوا وردّوا (بِآياتِ) اللّه (رَبِّهِمْ) المصلح للعالم والمالك للكلّ ، أراد الكلام المرسل ، أو الدوال السواطع لوحود اللّه والإرسال (وَلِقائِهِ) العود وعدّ الأعمال ووصول المسار والآلام معادا (فَحَبِطَتْ) طاح وهدر (أَعْمالُهُمْ) ومحاه اللّه (فَلا

----------

(أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي) الملائكة وعيسى وعزير (من دوني أولياء) آلهة (إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا) أي هيأناها لهم كالشيء المهيا للضيف .

(قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا) بطل عملهم لكفرهم وعجبهم (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) عملا (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم) بدلائله من القرآن وغيره (ولقائه) بلقاء

ص: 380

نُقِيمُ لَهُمْ) كلّهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) الموعود ورودها للعدل وإعطاء العدل للأعمال (وَزْناً) ( 105 ) طلعا ولهاء أو مرطل أعمالهم .

الأمر (ذلِكَ) المسطور المعلم (جَزاؤُهُمْ) أوس أعمالهم وهو محكوم محموله (جَهَنَّمُ) دار الهلاك معلّلا (بِما كَفَرُوا) الحادهم وصدودهم (وَاتَّخَذُوا) وعطوهم (آياتِي) دوالّ وحود الإلّ وإعلام الإلوّ (وَرُسُلِي) الكمّل (هُزُواً) ( 106 ) محلّا له .

(إِنَّ) الأمم (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسله سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللواء أمر اللّه (كانَتْ لَهُمْ) وسط علم اللّه (جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ) وسط دارالسلام وأعلاها (نُزُلًا) ( 107 ) محلّا أو مأكولا معدّا .

(خالِدِينَ) حال (فِيها) هؤلاء المحال الكرام (لا يَبْغُونَ) هو الروم والرود (عَنْها) هؤلاء المحال (حِوَلًا) ( 108 ) عودا ورحلا لسواها ، أو أوسا ، أو حولا .

ولمّا ورد ما أعطاكم اللّه علما إلّا ماصلا ، كلّم الهود عداء وحسدا أرسل اللّه الطرس المعلّم أرادوا طرسهم ، وكلّ رهط أعطاهم اللّه الطرس المعلّم ، وأعلمهم الأسرار والحكم أعطاهم صلاحا وامرا وعلماء كاملا أرسل اللّه (قُلْ) محمّد

----------

جزائه (فحبطت أعمالهم) بطلت بكفرهم (فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) لا نجعل لهم قدرا بل نهينهم ونعاقبهم (ذلك) المذكور من حبط أعمالهم ونحوه (جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا ءاياتي ورسلي هزوا) مهزوءا بهما .

(إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات كانت لهم) في علم الله (جنات الفردوس نزلا) منزلا(خالدين فيها لا يبغون) يطالبون (عنها حولا) تحويلا إلى غيرها إذ لا أطيب منها (قل لو كان البحر) أي ماؤه (مدادا) يكتب به

ص: 381

( ص ) (لَوْ كانَ الْبَحْرُ) الملح والمراد ماءه (مِداداً لِكَلِماتِ) اللّه (رَبِّي) دوالّ حكمه وإعلام اسرار ، أو علومه وآحاد معلومه ، أو آلاء دارالسلام وآلام دار الساعور ، أو كلامه لحصو كلامه دواما سمدا سرمدا (لَنَفِدَ) ومصح (الْبَحْرُ) الملح والمراد ماءه (قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ) اللّه (رَبِّي) أمام مصوحها (وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ) الداماء الملح ماء (مَدَداً) ( 109 ) إكراء وكوارا ، ورووا « مدادا » مكسور الأوّل .

(قُلْ) لهم (إِنَّما) ما (أَنَا) إلّا (بَشَرٌ) ولد آدم (مِثْلُكُمْ) موردها كلام مرء معهود كلّم مع رسول اللّه صلعم أعمل العمل للّه لو اطلع علاه أحد حصل سرور ، أم كلام مرء كلّم صدد رسول اللّه ( ص ) أسمح المال واصل الرحم ولا أعمل ما أعمل الّا للّه ، ولو مدح أحد حصل سرور (يُوحى) هو الإرسال (إِلَيَّ) اللّه موح (أَنَّما إِلهُكُمْ) ولد آدم (إِلهٌ واحِدٌ) أحد لا مطو له ولا معادل ، والحاصل ما أمر اللّه لكم إلّا وحود الإله طوعا (فَمَنْ كانَ) كلّ أحد (يَرْجُوا) هو الأمل والروع (لِقاءَ) اللّه (رَبِّهِ) أراد العود وعدّ الأعمال (فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً) محمودا مأمورا للّه (وَلا يُشْرِكْ) أصلا (بِعِبادَةِ) اللّه (رَبِّهِ) إلهه ومولاه (أَحَداً) ( 110 ) أمرا ومراما ما ، والكلام حاو لصراح العلم والعمل .

----------

(لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي) فإنها لا تنفد لعدم تناهيها كعلمه (ولو جئنا بمثله) أي البحر (مددا) زيادة فيه لنفد ولم تنفد هي .

(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي إنما إلهكم إله واحد) أي يوحى إلي وحدانية الإله (فمن كان يرجو لقاء ربه) يأمل لقاء جزائه بالبعث (فليعمل عملا صالحا) خالصا لله (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) عن الصادق (عليه السلام) الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكية الناس.

ص: 382

ص: 383

سورة مريم

ص: 384

( سورة مريم )

موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :

سماع دعاء رسول سمحه اللّه الولد حال الهرم ، وإعطاء علم الطرس لولده المسموح ، وأحوال روح اللّه وأمّه وولادة مع عدم الوالد له ، وإعلام أهوال المعاد وهول رسول أوّاه لوالده الطالح ومراه معه ، وأحوال رسول الهود ، وسداد وعد إسماعيل الرسول ، وأحوال رسل سواهم ، ولوم العالم السوء ، وإعلاء أحوال أهل دارالسلام ، وطرد العدّال معادا ، وردّ أهل الصدود لسمودهم ، وأحوال الماله العواطل ، وطوعهم أمد الأعصار ، وإعلام حال أهل دارالسلام ودار الساعور وادعاء أهل العدول للّه ولدا ومساهما ، وهول الطّلاح لآصار الأمم الأول .

ص: 385

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(كهيعص) ( 1 ) هو اسم اللّه الأكرم الأكمل ، أو اسم لكلم هو أولها ، أو اسم لكلام كله ، أمال رهط الهاء وحدها ، ورهط ما وراءها وحده ، ورهط لهما معا .

(ذِكْرُ) هو محمول لمطروح مدلوله الوماء ، أو هو محمول لما أمامه لو اسما لكلام اللّه طرّا كله أو سهمه بالمعهود ، ورووه أمرا ككرّم كما ورووه كعدل (رَحْمَتِ) اللّه الراحم وإكرام (رَبِّكَ) إلهك ومولاك ومصلحك الإكرام (عَبْدَهُ) لكامل المكمل المطاوع له (زَكَرِيَّا) ( 2 ) ورووه ممدودا رحمه .

(إِذْ) لمّا (نادى) دعا اللّه (رَبَّهُ) الإكرام (نِداءً) دعاء (خَفِيًّا) ( 3 ) سرا كما هو المأمور وسط السمر لمّا هو ومعادله سواء صدد اللّه ، وهو

----------

(19 سورة مريم ثمان وتسعون آية مكية )

بسم الله الرحمن الرحيم

(كهيعص) روي معناه أنا الكافي الهادي الولي الصادق الوعد (ذكر رحمت ربك) خبر كهيعص إن أول بالسورة والقرآن أو خبر محذوف أي هذا ذكر رحمة ربك (عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفيا) سرا لأن الدعاء الخفي أقرب للإجابة .

ص: 386

أسرع سماعا وأمّر ودادا واطرح اسماعا للمأمور ، أو لروع اللّوم لوصوله الهرم والمراد .

(قالَ) ودعا (رَبِّ) اللهم (إِنِّي وَهَنَ) حسر وأكهم ، ورووه مكسور الوسط (الْعَظْمُ) كله وسمّه لمّا هو عمود العطل وأساده ، ولمّا هو أحكمه واصمله وما وراءه حال إكهامه أسوأ حالا ، ووحّده رودا للصدع وروما لوصول الإكهام والوهاء للرّمام كلها واحدا واحدا (مِنِّي) الحال (وَاشْتَعَلَ) واحدم (الرَّأْسُ شَيْباً) واحورارا وأحاول دعاءك (وَلَمْ أَكُنْ) أوّلا (بِدُعائِكَ) أرحم الرحماء (رَبِّ) اللّهم (شَقِيًّا) ( 4 ) معورا مردود الدعاء ، وآمل سماع الدعاء الحال كما سمع أوّلا .

(وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ) عمل الأحماء كأولاد العم وأهل الأرحام كلهم ، وهم أسوأ رهطه أعمالا وهو طرح الإسلام وردّه (مِنْ وَرائِي) حال الهلاك ، ورووه محصورا (وَكانَتِ) دواما (امْرَأَتِي عاقِراً) لا ولودا (فَهَبْ) واسمح وأعط (لِي مِنْ لَدُنْكَ) حراك ورحمك وكمال طولك (وَلِيًّا) ( 5 ) ولدا موكولا له أمرك .

(يَرِثُنِي) ورووه حوارا للأمر (وَيَرِثُ مِنْ آلِ) أولاد (يَعْقُوبَ)

----------

(قال رب) يا رب (إني وهن) ضعف (العظم مني) خص لأنه أساس البدن وأصلب ما فيه (واشتعل الرأس شيبا) شبه الشيب في بياضه بالنار وانتشاره في الشعر باشتعالها (ولم أكن بدعائك رب شقيا) خائبا بل عودتني الإجابة .

(وإني خفت الموالي) الذين يلوني في النسب وهم بنو عمه (من ورائي) بعد موتي أن يرثوا مالي فيصرفوه فيما لا ينبغي إذ كانوا أشرارا (وكانت امرأتي عاقرا) لا تلد (فهب لي من لدنك وليا) ابنا (يرثني ويرث) وقرىء

ص: 387

الوالد الأكرم العلم والألوك والملك (وَاجْعَلْهُ) الولد المسموح (رَبِّ) اللهم (رَضِيًّا) ( 6 ) مودودا محمودا لك كلاما وعملا .

وسمع اللّه دعاءه ، وأعلمه حصول الولد ، وأمر الأملاك لمّا دعوه (يا زَكَرِيَّا) أحل واسمع (إِنَّا نُبَشِّرُكَ) أعلمك إعلاما سارّا (بِغُلامٍ) ولد كما هو سؤلك (اسْمُهُ يَحْيى) سماه اللّه إكراما له ، وهو وعد لسماع الدعاء (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ) لولدك (مِنْ قَبْلُ) أولا أصلا أحدا (سَمِيًّا) ( 7 ) مساهما ومعادلا له اسما .

ولمّا أعلمه الأملاك حصول ولد له (قالَ) المسرور له لما أحكل علاه الأمر سؤالا عما هو صراط حصوله (رَبِّ) اللهم (أَنَّى) ممّ (يَكُونُ لِي) الحال (غُلامٌ) ولد لحّ (وَكانَتِ) دواما (امْرَأَتِي عاقِراً) لا ولودا (وَ) الحال (قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ) الهرم (عِتِيًّا) ( 8 ) حدّا وأمدا ، ورووه مكسور الأول .

(قالَ) اللّه أو الملك المرسل للإعلام السار ، الأمر (كَذلِكَ) كما هو معلم لك أو كما هو كلامك (قالَ رَبُّكَ) مولاك وهو كلام رأسا ، أو المكسور مع عامله معمول له وهو وماء لأمر مرموس مراده وما وراءه إعلام للمراد و

----------

ويرثني وأرث (من ءال يعقوب واجعله رب رضيا) مرضيا عندك .

(يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا) لم نسم قبل أحدا بيحيى وقيل مثلا (قال) تعجبا من خرق العادة (رب أنى) كيف (يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا) يبسا وجفافا قيل كان له تسع وتسعون ولامرأته ثمان وتسعون .

(قال) الله أو الملك (كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم

ص: 388

(هُوَ) أسر ولد لهرم وردح العمر ، ورووا وهو مع الواو (عَلَيَّ هَيِّنٌ) سهل لا عسر (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ) أولا (وَلَمْ تَكُ) أمام أسرك (شَيْئاً) ( 9 ) ما أو حاصلا .

(قالَ) ودعا (رَبِّ) اللهم (اجْعَلْ لِي) لعلم حصول حمله (آيَةً) إمارا وعلما (قالَ) اللّه له (آيَتُكَ) إمار حصول الحمل (أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ) وكلك وعدم ألوّك الكلام كله إلّا حمد اللّه (ثَلاثَ لَيالٍ) ولاء (سَوِيًّا) ( 10 ) كامل العطل سالم المسحل لا داء لك ، وهو حال وطراه الوكل وما إلا الكلام وعلم الحمل .

(فَخَرَجَ) الرسول المسرور (عَلى قَوْمِهِ) المأموم له (مِنَ الْمِحْرابِ) مصلاه ، وهو المركع ومعودهم عكمهم لدلوعه وحلة الواسط (فَأَوْحى) أومأ (إِلَيْهِمْ) لمّا حصر الكلام (أَنْ) هو للمصدر أو لصدع الأمر الموموء (سَبِّحُوا) صلّوا وطهّروا مالككم ومولاكم (بُكْرَةً) وسط السحر والطلوع (وَعَشِيًّا) ( 11 ) عصرا وآصالا .

ولمّا ولد الولد الموعود وحال أحوال أمره اللّه (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ) المرسل لرسول الهود (بِقُوَّةٍ) همك وحول وألوّ (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ) علم

----------

تك شيئا) موجودا (قال رب اجعل لي ءاية) علامة لوقت الحمل (قال ءايتك ألا تكلم الناس) لا تقدر على تكليمهم (ثلاث ليال سويا) سليما بلا آفة وتدخل الأيام كما في آل عمران ثلاثة أيام (فخرج على قومه من المحراب) المصلى (فأوحى) أومأ (إليهم) أو كتب في الأرض (أن سبحوا) صلوا أو نزهوا الله (بكرة وعشيا) طرفي النهار .

(يا يحيى) أي فوهبنا له يحيى وقلنا (خذ الكتاب) التوراة (بقوة) بجد

ص: 389

الطراس المرسل لرسول الهود ، أو الألوك (صَبِيًّا) ( 12 ) لأعوام مواصل وأمام حلم ، وأحكم اللّه حلمه وعلمه أول عمره ، وأصاره رسولا ، وهو حال .

(وَحَناناً) ورحما (مِنْ لَدُنَّا) علاه أو المراد أعطاه اللّه رحما للوالد والأم وما سواهما (وَزَكاةً) طهرا وصلاحا وما عمد إصرا ، أو عطاء أعطاه اللّه لوالده وأمّه ، أو المراد أعطاه طولا وألوّا للإعطاء لولد آدم (وَكانَ تَقِيًّا) ( 13 ) مسلما ورعا مطواعا .

(وَبَرًّا بِوالِدَيْهِ) مصلحا لأحوال والده وأمّه ومسعدا وممدا لهما ومطاوعا لحكمهما (وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً) مرحا مصعرا (عَصِيًّا) ( 14 ) للوالد والأم أو للّه عاملا للآصار والمعار .

(وَسَلامٌ) سلام اللّه (عَلَيْهِ) وسلم المكاره والوساوس دواما (يَوْمَ وُلِدَ) ما مسّه الوسواس المارد (وَيَوْمَ يَمُوتُ) ما لمسه عمه المرمس ودلهه (وَيَوْمَ يُبْعَثُ) لعدّ الأعمال وإعطاء الأعدال ، وما وصله إصر الساعور وهو له (حَيًّا) ( 15 ) معادا عطله الهالك مع الحس والحراك والروح .

(وَاذْكُرْ) محمّد ( ص ) (فِي الْكِتابِ) الكامل المرسل لك حال

----------

(وءاتيناه الحكم) النبوة أو فهم التوراة (صبيا) ابن ثلاث سنين (وحنانا من لدنا) ورحمة منا عليه أو على العباد (وزكوة) عملا زاكيا أو زكيناه بالثناء منا عليه أو صدقة منا على أبويه أو على الناس (وكان تقيا) مطيعا لم يهم بخطيئة (وبرا بوالديه ولم يكن جبارا) متكبرا (عصيا) عاصيا لربه (وسلام عليه) من الله (يوم ولد) من عبث الشيطان به (ويوم يموت) من عذاب القبر (ويوم يبعث حيا) من هول المطلع والنار .

(واذكر في الكتاب) القرآن (مريم) قصتها (إذ انتبذت) اعتزلت (من

ص: 390

(مَرْيَمَ إِذِ) لمّا (انْتَبَذَتْ) هو الحرود والوحود (مِنْ أَهْلِها) رهطها (مَكاناً) محلا (شَرْقِيًّا) ( 16 ) لدارها أو لدار اللّه الأطهر .

(فَاتَّخَذَتْ) المراد الأسدال (مِنْ دُونِهِمْ) أمامهم (حِجاباً) سدلا لمصول كساها ، أو عطلها وراءه ، أو لعطو لحمك (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها) ح (رُوحَنا) الملك المدعوّ روحا وأدلاء للّه إكرام له (فَتَمَثَّلَ) لاح (لَها) الملك المرسل (بَشَراً) أمرد أملح (سَوِيًّا) ( 17 ) كامل العطل لأهلها معه وسماع كلامه .

ولمّا لاح ملكا لها أمره وحاله ، وعسر لها سماع كلامه (قالَتْ) للروح (إِنِّي أَعُوذُ) أمسك وأركح (بِالرَّحْمنِ) اللّه واسع الرحم لكمال صلاحها (مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) ( 18 ) ورعا راحما ، وحواره مطروح دلّ علاه ما هو أمامه أو لا حوار له .

(قالَ) لها الرّوح (إِنَّما) ما (أَنَا) إلّا (رَسُولُ) اللّه (رَبِّكِ) أرسل (لِأَهَبَ) لاسمح (لَكِ) كما أمر اللّه (غُلاماً) ولدا (زَكِيًّا) ( 19 ) طاهرا صالحا لا إصر له ، أو امرا مسعودا حالا ومالا .

(قالَتْ) له (أَنَّى) ممّ (يَكُونُ لِي غُلامٌ) ولد (وَ) الحال (لَمْ

----------

أهلها مكانا شرقيا) في مكان نحو المشرق من بيت المقدس أو من دارها (فاتخذت من دونهم حجابا) سترا يسترها لتفلي رأسها أو تغتسل (فأرسلنا إليها روحنا) جبرئيل (فتمثل لها بشرا سويا) في صورة شاب تام الخلق (قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا) تتقي الله وترتدع بالاستعاذة فإني عائذة به منك أو فاتعظ بتعوذي .

(قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا) طاهرا من الأدناس أو ناميا

ص: 391

يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) أهل (وَلَمْ أَكُ) أصلا (بَغِيًّا) ( 20 ) عملها العهر .

(قالَ) اللّه أو الملك المرسل : الأمر (كَذلِكِ) كما هو معلّم لك ، أو كما هو كلامك وهو عدم المساس والعهر (قالَ) اللّه (رَبُّكِ هُوَ) إعطاء الولد للأم وحدها (عَلَيَّ) لكمال الحول والألوّ (هَيِّنٌ) سهل (وَ) أعمله (لِنَجْعَلَهُ) الولد أو العمل المسطور ، أو المراد لإعلام كمال الألوّ ولأصاره (آيَةً) علما دالا لكمال العلوّ والطول (لِلنَّاسِ) طرّا (وَرَحْمَةً مِنَّا) لأهل الإسلام (وَكانَ) إعطاءه لك كما مرّ (أَمْراً مَقْضِيًّا) ( 21 ) محموما مسطورا وسط اللوح .

ولمّا أحس الروح أهلها أرسل الروح لكرد درعها ووصل الروح رحمها (فَحَمَلَتْهُ) الولد المسموح (فَانْتَبَذَتْ) هو الحرود والوحود (بِهِ) الولد المحمول وهو حال (مَكاناً) محلّا (قَصِيًّا) ( 22 ) طروحا مما هو محل أهلها وراء الطود ، أو أمد الدار وحلولها محلا طروحا لروع اللوم .

(فَأَجاءَهَا) وأركحها (الْمَخاضُ) ألم الولاد ، ورووا مكسور الأول وكل واحد مصدر (إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) أصلها والسر إطعامها حملها وأكلها لمّا هو طعام الامام حال ولادها ، واللام إمّا للعهد أو للصرع (قالَتْ) حصرا مما

----------

على الخير أو نبيا (قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر) بالحلال (ولم أك بغيا) زانية (قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا) لمن يؤمن به (وكان) خلقه (أمرا مقضيا) في علم الله .

(فحملته) بأن نفخ في جيب درعها فأحست بالحمل (فانتبذت به) تنحت بالحمل (مكانا قصيا) بعيدا من أهلها حياء منهم وكان مدة حملها تسع ساعات وقيل ساعة وسنها عشر سنين أو ثلاث عشرة (فأجاءها المخاض) ألجأها الطلق (إلى جذع النخلة) ساقها لتستند إليها وكانت نخرة لا رأس لها

ص: 392

مسّها ووصلها هولا مما لامها ولد آدم (يا) اللّه أو رهط أو هو لعموم الإعلام والدّعاء (لَيْتَنِي مِتُّ) مكسور الأول ، ورووه معادلا له (قَبْلَ هذا) الحال (وَكُنْتُ نَسْياً) اسم أو مصدر ، ورووه مكسور الأوّل (مَنْسِيًّا) ( 23 ) أمرا مطروحا ملهدا لا معلوما ولا مدّكرا ، ورووه مكسور الأول .

(فَناداها) دعاها الروح أو ولدها (مِنْ) ورووه موصولا (تَحْتِها) أم الولد أو الدوح المعهود راما لسلوها (أَلَّا تَحْزَنِي) للوحود وعدم الطعام والماء واللوم (قَدْ جَعَلَ) لك اللّه (رَبُّكِ) إلهك الحارس لك (تَحْتَكِ) صددك أو مأمور أمرك مسلا وركودا (سَرِيًّا) ( 24 ) مسل ماء ، أو روح اللّه وح أصله السرو .

وورد صدع روح اللّه ، أو الملك الرمكاء ولاح ماؤها وسال ، وحصل للدوح المسطور طراء وادراك الأحمال وكلم لها (وَهُزِّي) هو الحراك (إِلَيْكِ) حال السعار (بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) أصله ورد لا طراء ولا حمل ولا رأس .

لها ، وأسر اللّه لحراكها رأسا وطراء وحملا وسلاها اعلاما لطوله وسطوه وطهرها ، والكاسر مؤكد (تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً) والمراد هور أكله (جَنِيًّا) ( 25 ) له طراء .

----------

(قالت) استحياء من الناس أن يتهموها (يا) للتنبيه (ليتني مت قبل هذا) الأمر (وكنت نسيا) بالكسر ما من حقه أن ينسى وقرىء بالفتح (منسيا) متروكا لا يذكر .

(فناداها من تحتها) عيسى أو جبرئيل (ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا) جدولا ضرب عيسى برجله أو جبرئيل فظهر ماء يجري وقيل شريفا وهو عيسى (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) طريا (فكلي) من

ص: 393

(فَكُلِي) أكلها (وَاشْرَبِي) ماء الحمل أو المسل (وَقَرِّي) إحساسا للولد المودود الصالح ، ورووه مكسور الأول (عَيْناً فَإِمَّا) ما مؤكد (تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ) أولاد آدم (أَحَداً) مرامه سؤال حال ولدك (فَقُولِي) له (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ) للّه واسع الرحم (صَوْماً) إمساكا للمسحل عما هو عمله وهو الكلام ، أو المراد هو الصوم المأمور وهم صاموا أكلا وعلسا وكلاما ، وحدّه رسول اللّه صلعم وصار ممحوّا ومحولا (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ) العصر المحدود (إِنْسِيًّا) ( 26 ) ولد آدم .

(فَأَتَتْ بِهِ) مع ولدها حال طهرها (قَوْمَها) والحال (تَحْمِلُهُ) ولدها ، ولمّا رأوه معها (قالُوا) رهطها لها لوّاما (يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) ( 27 ) هكرا وأمرا مردودا .

(يا أُخْتَ هارُونَ )الرسول ردء رسول الهود ، أو هو مرء صالح سواه أو طالح رموها عره ، أو أصاروا حالها كحاله صلاحا أو طلاحا (ما كانَ) أصلا (أَبُوكِ) والدك (امْرَأَ سَوْءٍ) عاهرا (وَما كانَتْ) أصلا (أُمُّكِ بَغِيًّا) ( 28 )

----------

الرطب (واشربي) من السري (وقري عينا) بالأكل والشرب والتسلية بما فيها من المعجزات المنزهة لها (فإما ترين من البشر أحدا) يسألك عن ولدك (فقولي إني نذرت للرحمن صوما) إمساكا عن تكليم الأناسي (فلن أكلم اليوم إنسيا) بعد إخباري بنذري وقيل أخبرتهم به بالإشارة .

(فأتت به قومها تحمله قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا) منكرا عظيما إذ ولدت من غير زوج (يا أخت هرون) هو رجل صالح كان في زمانهم شبهوها به تهكما أو طالح شبهوها به أو أخو موسى لأنها من ولده وكان بينهما ألف سنة (ما كان أبوك امرأ سوء) زانيا (وما كانت أمك بغيا) زانية فكيف أتيت بولد .

ص: 394

عملها العهر ، وممّ لك الولد .

(فَأَشارَتْ) لهم (إِلَيْهِ) الولد ومرادها أمرهم كلّموه (قالُوا) لها (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ) ولدا (كانَ) حصل أو صار أو دام أو لا مدلول له (فِي الْمَهْدِ) المعهود (صَبِيًّا) ( 29 ) وما عهد ولد وسط المهد كلّمه حالم ، وهو حال أو محمول .

(قالَ) المولود المكرّم لهم (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) مملوكه ومطاوعه ، وهو ردّ لادّعاء رهطه إله (آتانِيَ) اللّه (الْكِتابَ) الطرس المرسل المعهود ، وهو كله كلام المهد والمراد حكم ورسم وسط اللوح إعطاء الرس ، أو أصار ما هو للحصول كالحاصل ، وورد أكمل اللّه حلمه وأصاره رسولا وأعطاه الطرس أمام عصر الحلم (وَجَعَلَنِي) كرما (نَبِيًّا) ( 30 ) رسولا كاملا ممطوّ صوارم المعود ورسولا مكمّلا .

(وَجَعَلَنِي مُبارَكاً) مسعودا امر سدادا ، أو عوادا معلّما للصلاح (أَيْنَ ما) كل محل (كُنْتُ) الألوك والسعد والسداد (وَأَوْصانِي) وأمر (بِالصَّلاةِ) صرعها عموما (وَ) أداء (الزَّكاةِ) لو ملك مال ، أو المراد ما طهّر العطل ، أو الروح عمّا أساءه (ما دُمْتُ حَيًّا) ( 31 ) سالما حراكا .

(وَ) أصار (بَرًّا) مطاوعا ، ورووا مكسور الأول ، ورووا كسر الأول مع كسر الرّاء (بِوالِدَتِي) الأمّ (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً) مرحا مصعرا (شَقِيًّا )

----------

(فأشارت إليه) إلى عيسى أن كلموه ليجيبكم (قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله) ردا على من يزعم ربوبيته (ءاتاني الكتاب) الإنجيل (وجعلني نبيا وجعلني مباركا) نفاعا معلما للخير (أين ما كنت وأوصاني) أمرني (بالصلوة والزكوة ما دمت حيا وبرا) وجعلني بارا (بوالدتي

ص: 395

( 32 ) عامل معاص ، أو مولما لها ورادّا لأمرها .

(وَالسَّلامُ) سلام اللّه ، واللام للصرع أو للعهد (عَلَيَّ) لا للأعداء (يَوْمَ وُلِدْتُ) عصر الولاد المحدود (وَيَوْمَ أَمُوتُ) أهلك (وَيَوْمَ أُبْعَثُ) أعاد (حَيًّا) ( 33 ) مع الحس والحراك .

ولإعلام حاله ورد (ذلِكَ) المسطور المعلوم حاله ، وهو محكوم محموله (عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ) لا كما وهم الأعداء الأعماء هو إله ، أو ولد اللّه ، وأكلّم (قَوْلَ الْحَقِّ) الكلام الأسدّ مصدر مؤكد ، ورووه محمولا مطروح وهو هو أو محمولا وراء محمول أو صدعا للمحمول الأول أو مدحا له (الَّذِي فِيهِ) الكلام المسطور أو أمر الولد المعصوم (يَمْتَرُونَ) ( 34 ) هو الإعوار والوهم أو المراء والادّارء لمّا كلام رهطه هو ولد اللّه ، وكلام الهود هو ساحر .

(ما كانَ) ما صحّ وما حلّ (لِلَّهِ) الواحد الأحد الملك الصمد (أَنْ يَتَّخِذَ) عطوه (مِنْ) مؤكد لمدلول ما (وَلَدٍ) ما روح اللّه أو سواه (سُبْحانَهُ) اطّهر حراه عما وهمه الأعماء وهو عطوه الولد (إِذا) كلما (قَضى) أراد اللّه (أَمْراً) أسره (فَإِنَّما) ما (يَقُولُ لَهُ) إلّا (كُنْ) صر حاصلا أو احصل (فَيَكُونُ) ( 35 ) حاصلا ح سواء روح اللّه وسواه .

----------

ولم يجعلني جبارا) متكبرا (شقيا) عاصيا لله (والسلام) من الله (علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا) مر تفسيره -الایة 15 من نفس السورة .

(ذلك) الذي وصفناه هو (عيسى ابن مريم) لا ما تصفه النصارى (قول الحق الذي فيه يمترون) يشكون فقالت اليهود ساحر وقالت النصارى ابن الله (ما كان لله أن يتخذ من ولد) زيدت من لتأكيد النفي (سبحانه) تنزيها له عن ذلك (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) من ذلك خلق عيسى من غير أب .

ص: 396

(وَإِنَّ اللَّهَ) هو مكسور الأول ، وح هو كلام روح اللّه ، ورووه ما سواه (رَبِّي وَرَبُّكُمْ) إله الكلّ ومولاهم (فَاعْبُدُوهُ) وحدّوه أو ألّهوه هذا المسطور (صِراطٌ) مسلك (مُسْتَقِيمٌ) ( 36 ) لا أود له مود موصل لدار السلام

(فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ) الأرهاط المعلوم أسماءهم (مِنْ بَيْنِهِمْ) الهود ورهطه أو رهطه أو أهل العالم : أهو ساحر ، أو ولد اللّه ، أو إله ، أو واحد الإله المحدود وعددهم ، أو مملوك اللّه ورسوله وهو كلام رهط ملكاء (فَوَيْلٌ) هلاك أو حدّ صعد (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ألحدوا وصدّوا (مِنْ مَشْهَدِ) مصدر أو محل أو عصر (يَوْمٍ عَظِيمٍ) ( 37 ) هو له ، وإحصاءه الأعمال وأوسه وآمالها وهو المعاد .

(أَسْمِعْ بِهِمْ) ما أسمعهم (وَأَبْصِرْ) وما أراهم هو هكر ، والمراد أسماعهم واحساسهم (يَوْمَ يَأْتُونَنا) مالا حراء للهكر وراء ما صمّوا وعموا حالا (لكِنِ الظَّالِمُونَ) أولو العدول والآصار والمعارّ لما ودعوا السماع والاحساس عصرا عاداه لهم (الْيَوْمَ) الحال (فِي ضَلالٍ) طلاح وعدم سداد (مُبِينٍ) ( 38 ) ساطع معلوم .

----------

(وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم) فسر في آل عمران الایة 51.

(فاختلف الأحزاب من بينهم) اليهود والنصارى أو فرقهم فمن قائل هو الله ومن قائل ابنه وآخر ثالث ثلاثة أو عبده ونبيه (فويل للذين كفروا) بقولهم في عيسى (من مشهد يوم عظيم) من حضورهم يوم القيامة وهوله العظيم أو وقت حضورهم أو مكانهم فيه .

(أسمع بهم وأبصر) أي ما أسمعهم وأبصرهم (يوم يأتوننا) في الآخرة (لكن الظالمون) أقيم مقام الضمير إيذانا بالعلة (اليوم) أي

ص: 397

(وَأَنْذِرْهُمْ) روّعهم محمّد ( ص ) والمراد ملحد والحرم (يَوْمَ الْحَسْرَةِ) السّدم الحاصل للطلحاء للسوء والصلحاء لمصول العمل الصالح (إِذْ) هو معمول لها أو صدع لما هو امامها (قُضِيَ) أكمل (الْأَمْرُ) أمر الأعمال عدّها وأوسها ورحل كل رهط ، وورد محله المحدود له دارالسلام أو دار الآلام (وَ) الحال (هُمْ) الحال (فِي غَفْلَةٍ) سهو وعدم ادّكار (وَ) الحال (هُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ( 39 ) له أصلا .

(إِنَّا نَحْنُ) مؤكد (نَرِثُ) أملك (الْأَرْضَ) كلها (وَ) أملك كل (مَنْ عَلَيْها) وهم أولو الأرحام وسواهم حال إهلاكهم (وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) ( 40 ) عودا وردّا للعدل وأوس الأعمال .

(وَاذْكُرْ) ادّكر محمّد ( ص ) والعم لرهطك (فِي الْكِتابِ) الكلام المرسل لك (إِبْراهِيمَ) حاله مع والده (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً) كامل سداد وامر صلاح لمّا هو مسلّم لكل الرسل وعموم الطروس (نَبِيًّا) ( 41 ) رسولا .

(إِذْ) لمّا (قالَ لِأَبِيهِ) والده أو عمّه (يا أَبَتِ) وهو أحد الّاه دماهم

----------

في الدنيا (في ضلال مبين وأنذرهم) خوف كفار مكة (يوم الحسرة) يوم القيامة بتحسر المسيء فيه هلا أحسن العمل (إذ قضي الأمر) فرغ من الحساب أو أدخل قوم الجنة وقوم النار (و) إذ (هم في غفلة وهم لا يؤمنون) حال متعلقة بأنذرهم يعطي التعليل.

(إنا نحن نرث الأرض ومن عليها) من العقلاء وغيرهم بأن نهلكهم فلا يبقى فيها مالك ولا ملك غيرنا (وإلينا يرجعون) يردون للجزاء .

(واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا) مبالغا في الصدق أو كثير التصديق للحق (نبيا) لله (إذ قال لأبيه) آزر وهو عمه أو جده لأمه (يا أبت لم

ص: 398

وهو مكسور الأمد (لِمَ تَعْبُدُ ما) مصوّرا (لا يَسْمَعُ) كلاما أصلا (وَلا يُبْصِرُ) محسوسا (وَلا يُغْنِي) هو الصد والرد أو الإسعاد والإمداد والعود (عَنْكَ شَيْئاً) ( 42 ) مكروها أو مودودا ما .

(يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي) أرسل اللّه (مِنَ الْعِلْمِ) الكامل (ما) علم (لَمْ يَأْتِكَ) ما أعطاك اللّه (فَاتَّبِعْنِي) وأطع ما أمرك (أَهْدِكَ) الحال (صِراطاً) مسلكا (سَوِيًّا) ( 43 ) وسطا عدلا سواء .

(يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) دع طوع وساوسه وما سوّل (إِنَّ الشَّيْطانَ) صرعه (كانَ) دواما (لِلرَّحْمنِ) للّه آمر الرحم (عَصِيًّا) ( 44 ) آمر معاص ومعلوم المطاوع لعاص عاص ، وكل عاص لهلاك الآلاء وورد الآلام حراء .

(يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ) أروع أو أعلم لو دام طلاحك وما حصل إسلامك (أَنْ يَمَسَّكَ) الحال أو معادا (عَذابٌ) إصر وسوء (مِنَ الرَّحْمنِ) اللّه واسع الرحم (فَتَكُونَ) ح (لِلشَّيْطانِ) للمارد المطرود (وَلِيًّا) ( 45 ) ممدا أو مطوا حال وروده دار الآلام .

(قالَ) له والده (أَ راغِبٌ) صاد وهو محمول محكومه (أَنْتَ عَنْ )

----------

تعبد ما لا يبصر ولا يغني عنك) لا يكفيك (شيئا) من جلب نفع ودفع شر (يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا) طريقا مستقيما (يا أبت لا تعبد الشيطان) أي لا تطعه في عبادة الأصنام فتكون كمن عبده (إن الشيطان كان للرحمن عصيا) كثير العصيان (يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن) ذكر الخوف ونكر العذاب مجاملة أو تجويزا للتوبة (فتكون للشيطان وليا) لاحقا في اللعن أو قرينا في النار .

ص: 399

طوع (آلِهَتِي) لوصمك ولومك لها ولطوعها (يا إِبْراهِيمُ) سماه ودعاه مورد اسمه لكمال حرده (لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ) عما هو عملك وهو وصمها ولومها (لَأَرْجُمَنَّكَ) لأردسك ، أو أكلّمك كلاما هراء ورع ما أعلم لك (وَاهْجُرْنِي) ورح (مَلِيًّا) ( 46 ) دهرا طوالا .

(قالَ) لوالده (سَلامٌ) أصله أسلمك سلاما والمراد لا أوصلك مكروها وهو سلام وداع أو رحم (عَلَيْكَ) والد (سَأَسْتَغْفِرُ) سأدعو (لَكَ) لمحو آصارك وإسلامك وسدادك وهو دك (رَبِّي) اللّه (إِنَّهُ) اللّه (كانَ) دواما (بِي حَفِيًّا) ( 47 ) راحما أو مكرّما سامعا للدعاء .

(وَأَعْتَزِلُكُمْ) أدعكم وأحردكم وأحد وأعرطسكم (وَ) كل (ما تَدْعُونَ) إلها (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (وَأَدْعُوا) وأأله اللّه (رَبِّي) الراحم (عَسى) للطّمع (أَلَّا أَكُونَ بِدُعاءِ) اللّه السامع المكرم (رَبِّي شَقِيًّا) ( 48 ) مطرودا مردودا أسوأ حال كما هو حالكم حال طوعكم دماكم .

(فَلَمَّا) وحدوا (اعْتَزَلَهُمْ) رحلا (وَ) كل (ما يَعْبُدُونَ) ورها (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه وراح (وَهَبْنا لَهُ) أوس رهط ودعهم ، وهم رهط الأعداء ولدا

----------

(قال أراغب أنت عن ءالهتي يا إبراهيم لئن لم تنته) عن التعرض لها (لأرجمنك) بالحجارة أو بالشتم (واهجرني مليا) دهرا طويلا (قال سلام عليك) سلام توديع ومهاجرة أي لا أصيبك بمكروه (سأستغفر لك ربي) بأن يوفقك لما توجب مغفرته (إنه كان بي حفيا) بارا لطيفا .

(وأعتزلكم وما تدعون) أجانبكم وما تعبدون (من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي) بعبادته (شقيا) خائبا مثلكم في دعاء الأصنام (فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله) بالهجرة إلى الشام (وهبنا له إسحق

ص: 400

(إِسْحاقَ وَ) ولد ولد (يَعْقُوبَ) أوردهما لمّا هما دوحا الرسل وأساساهم (وَكُلًّا) كل واحد (جَعَلْنا نَبِيًّا) ( 49 ) رسولا .

(وَوَهَبْنا لَهُمْ) له ولولده ولولد ولده (مِنْ رَحْمَتِنا) الألوك والأموال والأولاد (وَجَعَلْنا لَهُمْ) لهؤلاء الكرام (لِسانَ صِدْقٍ) مدحا ومحامد أو دعاء رحم (عَلِيًّا) ( 50 ) كاملا أو علما وسط أهل الملل كلهم أعصارا لا حول لهم لحول دول وملل .

(وَاذْكُرْ) ادّكر محمّد ( ص ) لرهطك وأعملهم (فِي الْكِتابِ) المرسل لك حال (مُوسى) الرسول (إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً) ممحصا مسلما مما كره ، ورووه مكسور اللام ومدلوله ح موحدا للّه طوعه ، أو مسلما أمره للّه وحده حاسما عما سواه ، ومآلهما واحد (وَكانَ رَسُولًا) أرسله اللّه لإعلام أوامره وأحكامه ومعه طرس (نَبِيًّا) ( 51 ) معلما لها معه طرس أولا .

(وَنادَيْناهُ) الرسول سمرا (مِنْ جانِبِ الطُّورِ) طود وسط مصر ومصر صهره (الْأَيْمَنِ) له حال مروره وعوده لمصر (وَقَرَّبْناهُ) وسمك محله وأكرم (نَجِيًّا) ( 52 ) مسارّا مع اللّه لا وسط وسطهما وأسمع الكلام ، أو

----------

ويعقوب) عوضا عن من فارقهم (وكلا) منهما أو منهم (جعلنا نبيا ووهبنا لهم) للثلاثة (من رحمتنا) نعم الدين والدنيا (وجعلنا لهم لسان صدق عليا) ثناء حسنا رفيعا في جميع أهل الأديان عبر باللسان عما يوجد به .

(واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا) أخلص عبادته أو نفسه لله وحده (وكان رسولا) من الله إلى الناس (نبيا) أخر لتأخر الإنباء عن الإرسال وللفاصلة .

(وناديناه) بيا موسى إني أنا الله (من جانب الطور) جبل بالشام (الأيمن) الذي يلي يمين موسى أو الميمون من اليمن (وقربناه) تقريب كرامة

ص: 401

صاعدا علو عوالم السماء كلها ، وهو حال .

(وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا) رحما وكرما (أَخاهُ) المدعو (هارُونَ نَبِيًّا) ( 53 ) حال أراد سمح ألوكه لادره لمّا هو أمام الرسول المسطور حاله .

(وَاذْكُرْ) ادكر محمّد ( ص ) لرهطك وأعلمهم (فِي الْكِتابِ) لمرسل لك حال (إِسْماعِيلَ) ولد ودود اللّه وهو الأصحّ (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ) ما وعد أحدا إلّا عمل كما وعد وأكمل وعده ، وعكم حولا مرء وعده عكم عوده (وَكانَ رَسُولًا) لرهط معهود هم أصهاره (نَبِيًّا) ( 54 ) مروّعا سارّا .

(وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ) رهطه عموما أو أهل داره (بِالصَّلاةِ) كما أمر اللّه « وآمر أهلك » آه (وَالزَّكاةِ) حال ملك لهاء مال معهود ، سمّاهما لما هما أمّا الأعمال الصوالح كلها (وَكانَ عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِ) إلهه ومولاه (مَرْضِيًّا) ( 55 ) مودودا محمودا ممدوحا لصلاح كلامه وعمله .

(وَاذْكُرْ) ادّكر محمّد ( ص ) لرهطك وأعلمهم (فِي الْكِتابِ) المرسل لك حال (إِدْرِيسَ) أول مرسل وراء آدم وولده ، وأول راسم للسطور وأوّل

----------

(نجيا) مناجيا (ووهبنا له من رحمتنا) من أجل نعمتنا أو بعضها (أخاه) أي مؤازرة أخيه إجابة لدعوته واجعل لي وزيرا من أهلي (هرون نبيا).

(واذكر في الكتاب إسماعيل) ابن إبراهيم (إنه كان صادق الوعد) إذا وعد شيئا وفى به وقد وقع الصبر على الذبح فوفى وروي أنه إسماعيل بن حزقيل انتظر من وعده سنة حتى أتاه وهو في مكانه (وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلوة والزكوة) يبدأ بإصلاح من هو أقرب إليه لأنه الأهم وأنذر عشيرتك الأقربين - قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقيل أهل أمته (وكان عند ربه مرضيا) في أفعاله وأقواله .

ص: 402

مرّوا لعلم العدد ، وأول راطل ، وأول عامل سلاح أرسله اللّه طروسا عدده اللام (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً) آمر السداد (نَبِيًّا) ( 56 ) معلما لأوامر والأحكام .

(وَرَفَعْناهُ) أول الرسل المسطور (مَكاناً عَلِيًّا) ( 57 ) سامكا وهو الألوك والإحمام لدى اللّه أو السماء السادس ، أو سماء سواه وراءه محمد رسول اللّه صلعم حال صعوده السمر المعهود ، أو دارالسلام ورد لمّا أطعم طعم الهلاك المرّ ، وسمح الحس والحراك ، وأورد دارالسلام وراء ما أورد دار الساعور لرومه كلها ، رام ملك الهلاك دلوعه وما دلع ، وحكم اللّه للملك دعه لما ورد لأمر اللّه

(أُولئِكَ) الرسل المعلوم حالهم ، المورد اسما هم وهو محكوم علاه (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ) أكرمهم حالا ومالا (مِنَ النَّبِيِّينَ) الكمّل والكاسر لإعلام المراد (مِنْ ذُرِّيَّةِ) أولاد (آدَمَ) كأول الرسل وراء آدم وولده (وَمِمَّنْ) أولاد أرهاط (حَمَلْنا) هم الودع (مَعَ نُوحٍ) أطول الرسل عمرا ، وهم رسل عدا أول الرسل الصاعد علو السماء كودود اللّه لما أصله سام ولد أطول الرسل عمرا (وَمِنْ ذُرِّيَّةِ) أولاد ودود اللّه (إِبْراهِيمَ) كولده المسدوح وولد له سواه وولد ولده (وَ) أولاد (إِسْرائِيلَ) هو اسم ولد ولد ودود اللّه

----------

(واذكر في الكتاب إدريس) هذا جد أبي نوح ويسمى هرمس وهو أول من خط بالقلم وخاط الثياب (إنه كان صديقا نبيا ورفعناه مكانا عليا) هو شرف النبوة وسمو القدر وقيل السماء الرابعة أو السادسة وقيل الجنة بعد أن قبض روحه في الرابعة وأحيي .

(أولئك) المذكورين من زكريا إلى إدريس (الذين أنعم الله عليهم) بالنعم الدينية والدنيوية (من النبيين من ذرية آدم) كإدريس (وممن حملنا) في السفينة (مع نوح) وهو إبراهيم من ذرية سام (ومن ذرية إبراهيم) أي إسماعيل

ص: 403

كرسول الهود والردء له وروح اللّه والرسول المسطور أولا وولده (وَمِمَّنْ هَدَيْنا) هم لمكاره الإسلام والسداد (وَاجْتَبَيْنا) هم عما عداهم لعلوم الأسرار والحكم والألوك (إِذا) كلما (تُتْلى عَلَيْهِمْ) صددهم هو محمول اسم الومء أو الموصول مدحا له أو رأس كلام لو هو محمولا له (آياتُ) طروس اللّه (الرَّحْمنِ) واسع الرحم (خَرُّوا) هادوا (سُجَّداً) طوعا واملا (وَبُكِيًّا) ( 58 ) أهل دموع روعا والمراد اعملوا كعملهم

(فَخَلَفَ) حصل وورد (مِنْ بَعْدِهِمْ) وراء هؤلاء الكمّل (خَلْفٌ) أولاد سوء وهم الهود ورهط روح اللّه (أَضاعُوا) طرحوا (الصَّلاةَ) المأمور أداؤها ، أو ما أدّوها حال عصرها (وَاتَّبَعُوا) أطاعوا (الشَّهَواتِ) الأهواء كعلس المدام الحرام ، وإحلال أهول المحارم المحرم دواما وما سواها (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ) هو الوصول أو الصلاء (غَيًّا) ( 59 ) عما هو صراط دارالسلام أو سوء أو عدل سوء ، وورد هو واد وسط دار الآلام أعد لمصرّ العهر وعلس الراح وآكل الرّماء ومولم الوالد والأمّ ومعلم الولع لد الحكّام .

(إِلَّا مَنْ تابَ) عاد وهاد عما عمل (وَآمَنَ) أسلم سدادا (وَعَمِلَ )

----------

وإسحق ويعقوب (وإسرائيل) أي ومن ذرية إسرائيل ويعقوب أي موسى وهرون وزكريا ويحيى وعيسى ويفيد أن ولد البنت من الذرية (وممن هدينا) أي ومن حملتهم (واجتبينا) واخترنا (إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا) حالان جمع ساجد وباك وأصل بكى بكوي قلبت الواو ياء وأدغمت وكسر ما قبلها، قيل لعل المراد بالآيات الكتب المنزلة عليهم .

(فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة) بتركها أو تأخيرها عن وقتها (واتبعوا الشهوات) فيما حرم عليهم (فسوف يلقون غيا) شرا أو جزاء غي أو

ص: 404

عملا (صالِحاً) مأمور اللّه (فَأُولئِكَ) العواد الصلحاء (يَدْخُلُونَ) معادا ، ورووه لا معلوما (الْجَنَّةَ) دارالسلام (وَلا يُظْلَمُونَ) أصلا (شَيْئاً) ( 60 ) ولو ماصلا أراد .

(جَنَّاتِ عَدْنٍ) علم لمدلول الركود أو علم لسطح دارالسلام لما هو محل الركود (الَّتِي وَعَدَ) اللّه (الرَّحْمنُ) واسع الرحم (عِبادَهُ) أهل الهود والإسلام الأعمال الصوالح (بِالْغَيْبِ) حال (إِنَّهُ) الأمر أو اللّه (كانَ وَعْدُهُ) موعوده وهو دارالسلام (مَأْتِيًّا) ( 61 ) لأهلها الموعود لم وهم واردوها لا محال .

(لا يَسْمَعُونَ) أهل دارالسلام (فِيها) دارالسلام (لَغْواً) ولعا أو هراء أو لهوا وكلاما مطروحا (إِلَّا سَلاماً) كلاما سالما مما هو وصم ووكس لهم ، أو سلام الأملاك ، أو آحادهم لاحادهم (وَلَهُمْ) لأهلها (رِزْقُهُمْ) أكلهم (فِيها) دارالسلام (بُكْرَةً) طلوعا (وَعَشِيًّا) ( 62 ) مساء والمراد لهاؤهما

----------

غيا عن طريق الجنة، أو هو واد في جهنم (إلا) لكن (من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة) ببناء المعلوم والمجهول (ولا يظلمون) ينقصون (شيئا) من ثوابهم (جنات عدن التي وعد الرحمن عباده بالغيب) حال أي غائبين عنها أو غائبة عنهم (إنه كان وعده) أي موعوده (مأتيا) بمعنى آت أي وموعوده الجنة يأتيها أهلها (لا يسمعون فيها لغوا) قولا لا طائل تحته (إلا) لكن يسمعون (سلاما) من الملائكة عليهم أو من بعضهم على بعض أو الاستثناء متصل أي إن كان للتسليم لغوا فلا يسمعون سواه (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) أي على قدرهما في الدنيا إذ لا نهار فيها ولا ليل بل ضوء ونور، وقيل أريد دوام الرزق.

ص: 405

وطلعهما لما لا سمر وعكسه لدار السلام ومعلاء طلعهما إسدال الأسدال لطلع السمر وحسرها لطلع عكسه ، أو المراد الدوام والدرور .

(تِلْكَ) الدار (الْجَنَّةُ) دارالسلام (الَّتِي نُورِثُ) أملكها (مِنْ عِبادِنا) كل (مَنْ كانَ تَقِيًّا) ( 63 ) ورعا مسلما أوسا لأعمالهم ومحصولا لأكداحهم ، ورد ملك أهل الورع محالا ومراكد حلّوها أهل الساعور لو أطاعوا أكراء لإكرامهم .

ولمّا عوّه الملك الروح دهرا ، وما ورد صدد الرسول صلعم حال ما سأله الأعداء أحوال أهل السلع وملك الروم والروح ورصده الرسول لإعلامها وكلّم الأعداء ، ودعه إلهه وسأله رسول اللّه صلعم لمّا ورده ما ردعك الورود مسرعا ، أرسل اللّه (وَما نَتَنَزَّلُ) ما أرد لمما وهو كلام الملك حكاه اللّه (إِلَّا بِأَمْرِ) اللّه (رَبِّكَ) مولاك ومصلحك وهو مالك الأمور كلها (لَهُ) للّه مولاك كل (ما بَيْنَ أَيْدِينا) أمام والمراد أمور المعاد (وَ) كل (ما خَلْفَنا) وراء والمراد أمور دار الأعمال ، أو المراد أمام محلّه وراءه (وَ) كل (ما بَيْنَ ذلِكَ) المسطور (وَما كانَ) أصلا اللّه (رَبُّكَ نَسِيًّا) ( 64 ) أمها وهو عالم كل حراك ورسو كل حال ولمح ، أو مودعا وطارحا لك كما وهموا ، وعدم ورود الروح صددك لحكم

----------

(تلك الجنة التي نورث) نعطي ونملك كما يملك الوارث مال مورثه (من عبادنا من كان تقيا) بطاعته (وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا) من الأماكن أو الأزمنة الماضية والآتية (وما بين ذلك) من المكان والزمان الذي نحن فيه أوله ما يستقبل من أمور الآخرة وما مضى من أمور الدنيا وما بين النفختين (وما كان ربك نسيا) ناسيا تاركا لك أي إنما تأخر النزول لعدم الأمر به لا لترك الله لك كقوله تعالى (ما ودعك ربك وما قلى).

ص: 406

ومصالح رآها هو .

(رَبُّ) مالك عالم (السَّماواتِ) كلها (وَ) عالم (الْأَرْضِ) الرمكاء (وَما) عالم (بَيْنَهُما) وسط السماء الرمكاء ، والمراد عالم السّكاك (فَاعْبُدْهُ) وأدم طوعه (وَاصْطَبِرْ) واصل واحمل مكاره الحسود (لِعِبادَتِهِ) حال طوع إلهك المحمود (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ) للّه (سَمِيًّا) ( 65 ) مساهما له اسما .

(وَيَقُولُ الْإِنْسانُ) صرعه أو المعهود الراد للمعاد (أَ إِذا ما) ما مؤكد ورووا مطروح الأول (مِتُّ) ورمّ العطل (لَسَوْفَ) اللام مؤكد (أُخْرَجُ) أعاد (حَيًّا) ( 66 ) كما هو الحال الحال .

لا وردّ اللّه علاه وأرسل (أَ) وره وطاح حلمه (وَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ) أصله وحاله ، وهو (أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ) أولا (وَلَمْ يَكُ) أمامه (شَيْئاً) ( 67 ) ولو أعمل دهاءه وروّأ لعلم المعاد لمّا له مواد وهو أسهل ، والأول أعسر لمّا هو أسر أمر معدوم لا مواد له .

(فَوَ) اللّه (رَبِّكَ) إلهك وهو عهد إحكاما للأمر وإكراما للرسول وإعلاء لحاله

----------

(رب السموات والأرض وما بينهما) خبر محذوف (فاعبده واصطبر لعبادته) أي واصبر عليها وعدي باللام لتضمنه معنى الثبات للعبادة (هل تعلم له سميا) أي ليس له مثل ولا شريك له في اسمه فإن الصنم إن سمي إلها لم يسم الله قط.

(و يقول الإنسان) أي جنسه أو المنكر للبعث (أئذا ما مت لسوف أخرج حيا) من القبر أو من حال الموت وقدم الظرف مصدرا بهمزة الإنكار لأن المنكر كون ما بعد الموت وقت الحياة (أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) كائنا فيستدل بالابتداء على الإعادة (فوربك لنحشرنهم) أي منكري

ص: 407

(لَنَحْشُرَنَّهُمْ) ردّاد المعاد أو المراد الأعمّ (وَالشَّياطِينَ) معهم مسلسلا كل واحد مع مطوه ، أو المراد أصل الواو (ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ) طرّا (حَوْلَ جَهَنَّمَ) دار الآلام حوّاطا لها (جِثِيًّا) ( 68 ) هوّارا لمّا دهمهم هول المطلع ، أو حسلا لهم ، أو لعدم طولهم لمّا عراهم العسر ، ورووه كعلوّ .

(ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ) لادلعا (مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ) رهط طاوع ملحدا رأسا (أَيُّهُمْ) هو (أَشَدُّ) أكمل إصرا ، وورد المراد رؤساء أهل العدول (عَلَى) اللّه (الرَّحْمنِ) واسع الرحم (عِتِيًّا) ( 69 ) مرودا وسمودا ولأطرحا وسط الساعور وردّ الأمر مرودا اطرح وسط الساعور ووراءه ما هو أحطّ مرودا وعلاه ، أو أطرح الكل معا وسط محلهم الحراء لهم .

(ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ) الأمم اللّاءوا (هُمْ أَوْلى) أولادهم وأحراهم (بِها) دار الآلام (صِلِيًّا) ( 70 ) ورودا .

(وَإِنْ) ما (مِنْكُمْ) أحد مسلم أو صاد (إِلَّا وارِدُها) وأصلها وحالّها ، وهو الأصحّ لمّا صرحه الرسول ورد صار الساعور للمسلم صرا وسلاما كما هو لودود اللّه ، أو محمها أو مارّ الصراط الممدود علاها ، أو ورد المسلم مسّ حمّاها الحال أو الهور حولها (كانَ) ورودهم (عَلى) اللّه (رَبِّكَ حَتْماً) لاسما

----------

البعث (والشياطين) مقرونين بهم (ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا) على الركب لما يدهشهم من الهول (ثم لننزعن) لنميزن (من كل شيعة) فرقة (أيهم أشد على الرحمن عتيا) أي الأعتى فالأعتى فنلقيهم فيها (ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها) أحق بجهنم (صليا) دخولا.

(وإن) وما (منكم) أحد (إلا واردها) واصلها ومشرف عليها وقيل داخلها فلا يبقى بر ولا فاجر إلا ويدخلها فتكون بردا وسلاما على المؤمنين وعذابا

ص: 408

ألسمه اللّه وعدا أو عهدا (مَقْضِيًّا) ( 71 ) محكوما معمولا لا محال .

(ثُمَّ نُنَجِّي) الأمم (الَّذِينَ اتَّقَوْا) الإلحاد ودعوا المحارم والأهواء وأسلموا (وَنَذَرُ) وأدع الأمم (الظَّالِمِينَ) ردّاد الإسلام (فِيها) دار الهلاك (جِثِيًّا) ( 72 ) هوّارا وهو إعلام لحلول الكل .

(وَإِذا) كلما (تُتْلى عَلَيْهِمْ) أهل الإسلام وأهل الصدود (آياتُنا) الكلام المرسل (بَيِّناتٍ) سواطع وإعلام دوال ، حال مؤكدا (قالَ) الحمس (الَّذِينَ كَفَرُوا) والحال سرّحوا لحاهم وسوّلوا كساهم (لِلَّذِينَ آمَنُوا) وهم أولو عدم وصل رؤوسهم الحصحص وكساهم الدسم (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ) أهل الإسلام وأهل الرد (خَيْرٌ مَقاماً) محلا ومركدا (وَأَحْسَنُ) أملح (نَدِيًّا) ( 73 ) موسما .

والحاصل لمّا وكلوا عما صادوا كلام اللّه صادوا أهل الإسلام أموالا ودورا وكساء ، وما أعطاهم اللّه الحال وأعلوا إدرارهم لمصول أحلامهم ، وح ردّهم اللّه وكلّم (وَكَمْ) آمرا (أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ) أمامهم (مِنْ) لاعلام مدلول كم (قَرْنٍ) مسماه كل أهل عصر لمّا هم أمام أهل عصر وراءهم (هُمْ أَحْسَنُ) أملح (أَثاثاً) رهاطا أو وطاء (وَرِءْياً) ( 74 ) رواء وكما أهلكوا لإلحادهم أهلك

----------

لازما على الكافرين (كان على ربك حتما مقضيا) واجبا أوجبه على نفسه وقضى بأنه يكون (ثم ننجي) بالتشديد والتخفيف (الذين اتقوا) الشرك (ونذر الظالمين) بالشرك على حالهم (فيها جثيا) على الركب.

(وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات) ظاهرات الإعجاز أو الحجج (قال الذين كفروا للذين ءامنوا أي الفريقين) أي نحن أم أنتم (خير مقاما) موضع قيام أو إقامة (وأحسن نديا) مجلسا (وكم) وكثيرا (أهلكنا قبلهم من قرن) أهل عصر

ص: 409

هؤلاء لصدودهم .

(قُلْ) كل (مَنْ كانَ) مدسوسا (فِي الضَّلالَةِ) الإلحاد والصدود (فَلْيَمْدُدْ لَهُ) اللّه (الرَّحْمنُ) واسع الرحم والعطاء (مَدًّا) لدار الأعمال ، وهو أمر مدلوله الاعلام والمراد أمهله وطوّل عمره وهو حوار للموصول (حَتَّى) أمد المد أو كلام الحمس العدال (إِذا رَأَوْا) أحسوا (ما يُوعَدُونَ) الأمر الموعود (إِمَّا الْعَذابَ) حالا كالإهلال والأسر (وَإِمَّا السَّاعَةَ) الموعود ورودها أمدا للعدل والعدل وسوءه (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً) محلا (وَأَضْعَفُ) اركّ (جُنْداً) ( 75 ) عسكرا وأرداؤهم أمّ أهل الإسلام وأرداؤهم أولاد الوسواس المطرود ، وأرداء أهل الإسلام الأملاك أراد علمهم عكس ما وهموا .

(وَيَزِيدُ اللَّهُ) المكرام الملأ (الَّذِينَ اهْتَدَوْا) وأسلموا (هُدىً) رسوّا لسواء الصراط ، أو علما واطدا وادكارا لكرمه ورحمه (وَ) الأعمال (الْباقِياتُ) لعاملها والمراد أعمال المعاد (الصَّالِحاتُ) كلها أو اللّواء أمر اللّه (خَيْرٌ عِنْدَ) اللّه (رَبِّكَ ثَواباً) عدلا ممّا راع أهل الإلحاد (وَخَيْرٌ

----------

(هم أحسن أثاثا) أي متاعا وزينة (ورئيا) ومنظرا من الرؤية .

(قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا) أي يمده بطول العمر والتمتع استدراجا له (حتى إذا رأوا ما يوعدون) غاية المد وتفصيل الموعود (إما العذاب) بالقتل والأسر (وإما الساعة) أي القيامة ودخولهم النار فيها (فسيعلمون من هو شر مكانا) أهم أم المؤمنون (وأضعف جندا) أعوانا مقابل ل أحسن نديا .

(ويزيد الله الذين اهتدوا هدى) بالتوفيق (والباقيات الصالحات) الطاعات

ص: 410

مَرَدًّا) ( 76 ) معادا ومالا .

(أَ فَرَأَيْتَ) الحاصل وراء ادكار حال أولالك صرح حال الملحد (الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا) وردّها وهو العاص (وَقالَ) للمسلم المعهود المحاول ما لا له علاه : لا إلّا حال ردّك محمّدا ( ص ) ، ولمّا حاوره المسلم واللّه لا أردّه أصلا حالا ولا مالا ، كلّم العاص المردود الراد للمعاد (لَأُوتَيَنَّ) معادا لو صح كلامك (مالًا) أمرّا (وَوَلَداً) ( 77 ) وح أوصلك مالك ورووا ولدا واحده ولد كأسد وأسد أو مدلولهما واحد ، وورد ردّا له .

(أَطَّلَعَ الْغَيْبَ) أعلم السر المحصور للواحد الأحد الصمد ، ووصل حاله مصاعد علمه ، وأدرك إعطاء ما ادّعاه (أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ) اللّه (الرَّحْمنِ) واسع الرحم (عَهْداً) ( 78 ) للإعطاء ، وورد العهد العمل الصالح .

(كَلَّا) ردع والحاصل هو واهم والأصلح له الارعواء (سَنَكْتُبُ) سأصرح له وسم (ما) كلام أو هو للمصدر (يَقُولُ) وهما (وَنَمُدُّ لَهُ) أطول

----------

الباقي ثوابها وفسرت بالصلوات الخمس ومودة أهل البيت والتسبيحات الأربع (خير عند ربك ثوابا وخير مردا) عاقبة ومنفعة يرد إليها مما تمتع به الكفار من النعم الزائلة التي يفتخرون بها والخير هنا لمجرد الزيادة.

(أفرأيت الذي كفر بآياتنا) أي أخبر بقصة هذا الكافر عقيب قصة أولئك وهو العاص بن وائل (وقال) لخباب بن الأرت حين طالبه بدين وقال له تبعث بعد الموت (لأوتين) على تقدير البعث كما تزعم (مالا وولدا) فأقضيك ثمة (أطلع الغيب) أشرف على علم الغيب المتفرد به الله تعالى حتى علم أن يؤتى مالا وولدا (أم اتخذ عند الرحمن عهدا) عهد الله إليه أن يؤتيه ذلك وقيل العهد العمل الصالح أو كلمة الشهادة (كلا) ردع وزجر له (سنكتب ما يقول) إذ

ص: 411

للعاص مده وأمدّه واحد (مِنَ الْعَذابِ) ما هو أهل له (مَدًّا) ( 79 ) كما مدّ الصدود الولع ، أورد المصدر مؤكدا لكمال حرده .

(وَنَرِثُهُ) أملك وأعطوا حال هلاكه ، وما أوصله مآلا مدلول (ما يَقُولُ) وهما وادعاء ، وهو المال والولد (وَيَأْتِينا) معادا (فَرْداً) ( 80 ) وحده لا مال له ولا ولد ، أو طارحا لما كلّم وادّعاه .

(وَاتَّخَذُوا) أهل الإلحاد والصدود (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (آلِهَةً) صورا ألّهوها والمراد دماهم (لِيَكُونُوا) ما ألّهوهم (لَهُمْ) لأهل الإلحاد (عِزًّا) ( 81 ) أرداء ردّادا لاصارهم ووصلا لد اللّه .

(كَلَّا) ردع لهم عما وهموا ، ورووا كلّا والأصل كلّ وهمهم كلّا ، ورووا كلّا وعامله مطروح مراد صدعه (سَيَكْفُرُونَ) أهل الإلحاد أو مألوهوهم (بِعِبادَتِهِمْ) المراد ردّها وعدم الأمة (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ) دماهم أو طوعهم (ضِدًّا) ( 82 ) عكس ما هم علاه الحال ، أو عكس ما وهموهم أو أعداء

----------

الحفظة يكتبونه (ونمد له من العذاب مدا) تزيده بذلك عذابا فوق عذاب كفره (ونرثه) بإهلاكه (ما يقول) من المال والولد (ويأتينا) يوم القيامة (فردا) لا مال له ولا ولد .

(واتخذوا) أي كفار مكة (من دون الله ءالهة) أصناما يعبدونها (ليكونوا لهم عزا) شفعاء يعتزون بهم (كلا) ردع (سيكفرون بعبادتهم) تجحد الآلهة عبادتهم وتكذبهم كقوله تعالى فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون أو ستجحد الكفرة أنهم عبدوها ويقولون والله ربنا ما كنا مشركين (ويكونون) أي آلهة (عليهم ضدا) أي أعداء وأعوانا في عذابهم أو ضد العز وهو الذل .

ص: 412

وأرداء .

(أَ لَمْ تَرَ) محمّد ( ص ) (أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ) والمراد أو صدوا وسلّطوا (عَلَى) الأمم (الْكافِرِينَ) أعداء الإسلام (تَؤُزُّهُمْ) هم محرّكوهم وموسدوهم ومسوّلوهم (أَزًّا) ( 83 ) مصدر مؤكد .

(فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) لدعاء حلول الإصر مسرعا (إِنَّما نَعُدُّ) الأعصار والأعمار أو الأعمال (لَهُمْ عَدًّا) ( 84 ) أمده محل إصرهم .

ادّكر (يَوْمَ نَحْشُرُ) الأمم (الْمُتَّقِينَ) أهل الإسلام (إِلَى) اللّه (الرَّحْمنِ) واسع الرحم (وَفْداً) ( 85 ) ورّادا رصّادا للإكرام كرسل وردوا الملوك كل مرعرع رواحل رحالها أحمر .

(وَنَسُوقُ) الأمم (الْمُجْرِمِينَ) أهل الإلحاد كالسوام (إِلى جَهَنَّمَ) دار السوء (وِرْداً) ( 86 ) أوّاما وأصله مصدر مدلوله ورود الماء أورد للأوّام لمّا لا ورد للماء إلّا للأوّام .

(لا يَمْلِكُونَ) أهل الصلاح والطلاح وهو حال (الشَّفاعَةَ) الإمداد

----------

(ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين) خلينا بينهم وبينهم كما يقع لمن خلى بين الكلب وغيره أرسله عليه (تؤزهم أزا) تعزيهم أو تحثهم على المعاصي بالتسويلات (فلا تعجل عليهم) بطلب هلاكهم (إنما نعد لهم) الأيام والأنفاس (عدا) وما دخل تحت العدد كأنه قد نفد (يوم نحشر المتقين) نجمعهم (إلى الرحمن) إلى دار كرامته ولعل العدول من قوله إلينا لما في لفظ الرحمن المولى النعم من الإشارة (وفدا) وافدين، عن علي (عليه السلام) ركبانا على نوق رحالها من ذهب .

(ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا) نحثهم على السير إليها واردين عطاشا كالإبل

ص: 413

وهو حال (إِلَّا) كل (مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ) اللّه (الرَّحْمنِ) واسع الرحم (عَهْداً) ( 87 ) أسلم ، كما ورد كل أحد كلّم لا إله إلا اللّه صار له صدد اللّه عهد ، أو المراد إلّا أحد أمره اللّه الراحم للإمداد .

(وَقالُوا) الهود ورهط روح اللّه واهمو الأملاك أولاد اللّه (اتَّخَذَ) اللّه (الرَّحْمنُ) واسع الرحم (وَلَداً) ( 88 ) .

وأرسل اللّه ردّا لهم ، واللّه (لَقَدْ جِئْتُمْ) رهط العدّال (شَيْئاً) كلاما (إِدًّا) ( 89 ) هكرا مردودا .

(تَكادُ السَّماواتُ) كلها (يَتَفَطَّرْنَ) مرارا (مِنْهُ) كلامهم (وَتَنْشَقُّ) مدلول مصدرهما واحد وهو الأصدع (الْأَرْضُ) الرمكاء (وَتَخِرُّ) هو الهور (الْجِبالُ) الأطواد (هَدًّا) ( 90 ) كسرا أو صدما أو هدما لهول كلامهم ، أو حرد اللّه لولا حلمه لدمّر العالم لمحا ، وهو مصدر طرح عامله أو حال أو معلّل .

(أَنْ دَعَوْا) لما سمّ ا (لِلرَّحْمنِ) للّه الواحد الأحد والمراد هدّها دعاءهم للّه الراحم (وَلَداً) ( 91 ) .

(وَما يَنْبَغِي) هو الحراء وهو الصحّ (لِلرَّحْمنِ) للّه كامل الرحم (أَنْ

----------

التي ترد الماء (لا يملكون الشفاعة) أي الناس المعلوم من القسمين (إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا) إلا من استظهر بالإيمان والعمل الصالح أو بكلمة الشهادة أو إلا من وعده أن يشفع كالأنبياء والمؤمنين .

(وقالوا اتخذ الرحمن ولدا) الضمير لليهود والنصارى ومن زعم أن الملائكة بنات الله (لقد جئتم) التفات للتسجيل عليهم بالجرأة على الله (شيئا إدا) منكرا (تكاد السموات) وقرىء بالياء (يتفطرن منه) يتشققن (وتنشق الأرض وتخر الجبال) تسقط عليهم (هدا) كسرا وهدما (أن دعوا للرحمن ولدا) منصوب

ص: 414

يَتَّخِذَ) عطوه (وَلَداً) ( 92 ) ما .

(إِنْ) ما (كُلُّ مَنْ) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) عالم (الْأَرْضِ) الرهص ولو روح اللّه أو سواه ، وكل محكوم علاه محموله (إِلَّا آتِي) اللّه (الرَّحْمنِ) وحدّ المحمول لمحا لكل (عَبْداً) ( 93 ) مملوكا له مودحا مطاوعا وهو حال

(لَقَدْ أَحْصاهُمْ) اللّه وأحاطهم علمه وحصرهم طوله (وَعَدَّهُمْ) حصرهم أعطالا وأرواحا وأعمالا (عَدًّا) ( 94 ) مصدر مؤكد .

(وَكُلُّهُمْ آتِيهِ) وارد صدد اللّه (يَوْمَ الْقِيامَةِ) أمدا (فَرْداً) ( 95 ) لا مال له ولد ولا ردء له ولا ممدّ .

(إِنَّ) الأمم (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) للواء أمر اللّه (سَيَجْعَلُ لَهُمُ) اللّه (الرَّحْمنُ وُدًّا) ( 96 ) صدده وصدد الصلحاء والأملاك وأهل السماء كلهم .

----------

بنزع الخافض علة لتكاد أو لهدا أو مجرور بدل من هاء منه (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا) أي لا يليق به اتخاذ الولد .

(إن كل من في السموات والأرض) أي ما منهم أحد (إلا ءاتي الرحمن عبدا) مقرا بالعبودية خاضعا ذليلا ومنهم عزير وعيسى والملائكة (لقد أحصاهم) أحاط بهم علما وقدرة (وعدهم عدا) بعلمه فلا يخفى عليه شيء من أحوالهم (وكلهم ءاتيه يوم القيامة فردا) لا مال له ولا نصير و(لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم 18:48.)

(إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) عن ابن عباس أنها في علي فما من مؤمن إلا في قلبه محبة وقيل إنه عامة في جميع المؤمنين جعل الله لهم المحبة في قلوب الصالحين (فإنما يسرناه) أي القرآن

ص: 415

(فَإِنَّما يَسَّرْناهُ) وما سهل كلام اللّه (بِلِسانِكَ) كلامك المعهود إلّا (لِتُبَشِّرَ) والإعلام السار (بِهِ) الكلام المرسل الملأ (الْمُتَّقِينَ) أهل الإسلام (وَتُنْذِرَ) هو الهول (بِهِ) الكلام المرسل (قَوْماً لُدًّا) ( 97 ) واحده الدّ وهو كامل المراء ، والمراد أهل الحرم .

(وَكَمْ) امرا (أَهْلَكْنا) اصطلموا (قَبْلَهُمْ مِنْ) لإعلام مدلول كم (قَرْنٍ) هو اسم أهل كل عصر لمّا هم أمام أهل عصر وراءهم ، وهو كلام مهدّد لهم (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ) الإحساس الاسداء أو العلم أو ادراك راء وأصله ادراك الحواس (مِنْ) مؤكد (أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ) ورووه لا معلوما أصله اسمع (لَهُمْ) للأمم الهوالك (رِكْزاً) ( 98 ) همسا ، لا ، والمراد هلكوا كلهم لمّا وردهم إصر اللّه ما أحس أحد ولا سمع كلامهم .

----------

(بلسانك) بأن أنزلناه بلغتك (لتبشر به المتقين) للشرك والكبائر بالجنة (وتنذر به قوما لدا) جمع ألد أي شديد الجدال بالباطل .

(وكم) أي كثير (أهلكنا قبلهم من قرن) أي أمة من الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) وتهديد للكفرة (هل تحس) تبصر (منهم من أحد) من مزيدة (أو تسمع لهم ركزا) صوتا خفيا فكما أهلكناهم نهلك هؤلاء.

ص: 416

ص: 417

سورة طه

ص: 418

( سورة طه )

موردها أم الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :

إعلام عدم إرسال كلام اللّه لكدح الرسول صلعم ، وعسره وإرساله لاعلام أهل الروع ، وأحوال رسول الهود ووروده وسط واد مطهر ، وإرساله لملك مصر ورهطه الطّلاح وإعلام ما عمل ملك مصر مع الرسول وموعده لإعلاء السحر ولم السحار ، وإسلام السحار للرسول ، وإهلاك ملك مصر لهم لإسلامهم ، وسلام رهط الرسول ، وورود الرسول مع رهطه الطور ، ومكر الساحر وعطوه ولد الأطوم إلها وراء رحله ، وعود الرسول ، وحرده للردء لطلاح الرهط ، وإعلام ورود المعاد وكسر الأطواد وهدمهم هولا .

وأحوال آدم وسهوه ، ومكر الوسواس المارد معه ، وإصر سهو كلام اللّه وراء علمه وحرسه .

وردع الرسول صلعم عما أحس أحوال أهل الصدود وأموالهم وعدم حصول الأدلّاء والمراء لأهل الصدود وراء إرسال كلام اللّه ، وإعلام العدّال لرصد الأمر للعماس معهم .

ص: 419

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(طه) ( 1 ) اللّه أعلم ما أراد ، وأوّله رهط ، ورووا طه أمرا للرسول صلعم وأصله طاء أو طاءها ، وورد مدلوله مرء .

(ما أَنْزَلْنا) محمول طه لو علما لكلام اللّه أو لمّا هو أوله ، أو حوار له لو عهدا أو مدعوّا له ، أو هو رأس كلام (عَلَيْكَ) محمّد ( ص ) (الْقُرْآنَ لِتَشْقى) ( 2 ) لهمّك لطلاحهم أو للكدّ والكدح وصلاء الكاداء سمرا .

(إِلَّا) أرسل (تَذْكِرَةً) معلما أو إعلاما للصلاح ، وإلّا للحسم (لِمَنْ) لكل أحد (يَخْشى) ( 3 ) اللّه .

----------

(20 سورة طه مائة وخمسة وثلاثون آية مكية)

بسم الله الرحمن الرحيم

(طه) روي هو اسم من أسماء النبي معناه يا طالب الحق الهادي إليه وقيل معناه يا رجل.

(ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) لتتعب بالعبادة وقيام الليل على ساق أو بالحزن على كفر قومك وقيل هو رد لقول الكفرة إنك لتشقى بترك ديننا (إلا تذكرة) استثناء منقطع أي لكن تذكيرا (لمن يخشى) الله فإنه المنتفع به .

ص: 420

أرسل (تَنْزِيلًا) إرسالا (مِمَّنْ) اله (خَلَقَ الْأَرْضَ) عالم الرهص والحصحص (وَالسَّماواتِ الْعُلى) ( 4 ) عالم العلو .

هو (الرَّحْمنُ) واسع الرحم ، ورووه مكسورا (عَلَى الْعَرْشِ) أصله مركد الملك (اسْتَوى) ( 5 ) كما هو حراه أو المراد ملك أو همّ .

(لَهُ) للّه ملكا وملكا وأسرا كل (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) كل (ما) حلّ (فِي) عالم (الْأَرْضِ) الرمكاء (وَ) كل (ما) حلّ (بَيْنَهُما) عالم العلو وعالم الرهص (وَ) كل (ما) حل (تَحْتَ الثَّرى) ( 6 ) هو الحصحص مع الماء وهو أمد صروع الرمكاء ، أو هو العرمس الحاصل وراء صروع الرمكاء كلها .

(وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ) ادّكار اللّه أو الدعاء (فَإِنَّهُ) اللّه (يَعْلَمُ السِّرَّ) أسرارك كله وَ ما هو (أَخْفى) ( 7 ) وهو مدسوس الصدر .

----------

(تنزيلا ممن خلق الأرض والسموات العلى) اقتصر عليها لأن الحس لا يتجاوزها بعد الأرض (الرحمن على العرش استوى) من كل شيء فليس شيء أقرب إليه من شيء أو استقام أمره واستولى أو قصده أي أقبل على خلق (له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما) من المخلوقات ملكا وتدبيرا (وما تحت الثرى) هو التراب الندي وهو ما جاور البحر من الأرض فما تحته هو سائر طبقاتها وما فيها من المعادن وغيرها .

(وإن تجهر بالقول) بذكر الله ودعائه فهو غني عن جهرك (فإنه يعلم السر) ما أسررته إلى غيرك (وأخفى) منه ما خطر ببالك أو السر هذا وأخفى الغيب الذي لا يخطر ببال، وعنهم (عليهم السلام) السر ما أخفيته في نفسك وأخفى ما خطر ببالك ثم أنسيته .

ص: 421

(اللَّهُ) الواحد الأحد الصمد (لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا هُوَ) وحده (لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ( 8 ) أسماء الكمال ردّ لكلامهم مع رسول اللّه مدّعوك اله لمّا سمعوا أسماءه .

(وَهَلْ أَتاكَ) وردك محمّد ( ص ) (حَدِيثُ مُوسى) ( 9 ) الرسول وحاله ، والمراد احمل المكاره كما حمل .

ادّكر (إِذْ) لمّا ودّع والد عرسه ورحل وسار والال ، وولد له وسط الصراط صدد الطّور ولد ، وما أحس الصراط للدّلس وحار ، واصّدّع سوّامه ولا ماء وصلد ردسه و (رَأى) أحس (ناراً) ساعورا وهما وهو لمع لا ساعور (فَقالَ) ح (لِأَهْلِهِ) عرسه وما معها (امْكُثُوا) أرسوا (إِنِّي آنَسْتُ) هو إحساس أمر مأهول (ناراً لَعَلِّي) للطمع أورده لمّا لا علم له حسما (آتِيكُمْ) موردكم عودا (مِنْها) الساعور حسا (بِقَبَسٍ) عود مسعّر (أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) ( 10 ) هدوّا دالّا لسواء الصراط .

(فَلَمَّا أَتاها) الساعور أحسها وحدها وما أحس صددها أحدا ، ورد كلما حاولها عرد الساعور وكلّما ودّعها أحمّ الساعور ، وح (نُودِيَ) كلّم (يا مُوسى) ( 11 )

----------

(الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى وهل أتاك حديث موسى إذ رءا نارا) حين استأذن شعيبا في المسير إلى أمه فخرج بأهله فأضل الطريق في ليلة مظلمة مثلجة وتفرقت ماشيته فلاحت له النار من بعيد (فقال لأهله امكثوا إني ءانست نارا) أبصرتها (لعلي ءاتيكم منها بقبس) بشعلة أقتبسها بعود ونحوه (أو أجد على النار هدى) هاديا يهدي الطريق .

ص: 422

(إِنِّي) مكسور الأوّل ، ورووه إمار المصدر (أَنَا) مؤكد اللّه (رَبُّكَ) إلهك ومولاك ، ورد لمّا وسوس لعله كلام المارد ردّ الموسوس وعلمه كلام اللّه حسما لما سمعه مع كل عطله لا لمسمع وحده اماما ووراء وعلوا ومعادلا له (فَاخْلَعْ) اطرح ودع (نَعْلَيْكَ) لمّا هما ممّا صدم حمار ، أو كراع هالك لا طهر له ، أو للهصم وكسر الدرّ وح طرحهما وراء الواد أو المراد طرح الأهل والمال (إِنَّكَ بِالْوادِ) هو الوهد وسط الأطواد والآكام (الْمُقَدَّسِ) المطهر أو المسعود (طُوىً) ( 12 ) اسم علم لواد معهود ، ورووه مكسور الطاء .

(وَأَنَا) اللّه (اخْتَرْتُكَ) هو عطو المحّ والمراد أصاره رسولا (فَاسْتَمِعْ) اسمع (لِما) حكم معمول للأمر ، أو لعامل امامه (يُوحى) ( 13 ) لك أو ما للمصدر .

(إِنَّنِي أَنَا) مؤكد (اللَّهُ لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا أَنَا) الواحد الأحد (فَاعْبُدْنِي) وحّد وأطع (وَأَقِمِ) أدّ (الصَّلاةَ) المأمور أداءها (لِذِكْرِي) ( 14 ) لادّكار اللّه روعا ومسحلا ، أو لادكار اللّه لها وأمرها وسط الطروس ، أو لادّكرك مدحا ، أو لادّكار اللّه وحده لا لما عداه ، أو لاعصار ادكار اللّه ، أو لادّكارها لو أمه أداءها عصرها .

----------

(فلما أتاها نودي يا موسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس) المطهر والمبارك (طوى) عطف بيان للوادي أو كثنى مصدر، المقدس أي قدس مرتين (وأنا اخترتك) للرسالة (فاستمع لما يوحى) إليك .

(إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلوة لذكري) لتذكرني فيها أو لأذكرك بالثناء أو لأني ذكرتها وأمرت بها أو لذكري خاصة لا تشوبها بغيره أو لأوقات ذكري أي لمواقيت الصلاة أو لذكر صلاتي وهو مروي (إن الساعة ءاتية)

ص: 423

(إِنَّ السَّاعَةَ) الموعود ورودها أمدا (آتِيَةٌ) لا محال (أَكادُ) أحاول أو احمّ أو لا مدلول له (أُخْفِيها) أسرّها أو أعلمها (لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ) حال حلولها لمّ لورود السعواء أو لإعلامها (بِما تَسْعى) ( 15 ) هو العمل وما للمصدر .

(فَلا يَصُدَّنَّكَ) الكلام مع رسول الهود والمراد رهطه (عَنْها) إسلامها ، أو العمل لها كل (مَنْ لا يُؤْمِنُ) سدادا (بِها وَاتَّبَعَ) وأطاع (هَواهُ) وردّها (فَتَرْدى) ( 16 ) ح وهو الهلاك .

(وَما) محكوم علاه محموله (تِلْكَ) أو هو موصول وصله (بِيَمِينِكَ) والكل محمول لما أو هو حال عامله مدلول اسم الومء ، والسؤال لردّ الأمة أو للركود أو للأهول وطرد الهول حال الكلام (يا مُوسى) ( 17 ) كرّره لإكراء الأهول والإعلام .

(قالَ) اللهم (هِيَ عَصايَ) ملكا (أَتَوَكَّؤُا) أعول (عَلَيْها) حال الرحل والسور (وَأَهُشُّ) اعصوا وأحطّ (بِها) العصا الدوح وما علاه (عَلى غَنَمِي) لأكلها (وَلِيَ فِيها) العصا (مَآرِبُ) أو طار (أُخْرى) ( 18 ) سواها

----------

لا محالة (أكاد أخفيها) أريد إخفاءها لتأتي بغتة أو أكاد أظهرها من أخفاه أزال خفاءه (لتجزى كل نفس بما تسعى) متعلق بآتية أو أخفيها (فلا يصدنك عنها) عن الإيمان بالساعة أو عن الصلاة (من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى) فتهلك .

(وما تلك) سؤال تقرير ليقع المعجز بها بعد التثبت فيها (بيمينك) حال معنى تلك أو صلتها (يا موسى قال هي عصاي أتوكؤا) أعتمد (عليها) إذا مشيت أو أثبت (وأهش) أخبط ورق الشجر (بها) ليسقط (على غنمي)

ص: 424

كحمل الطعام والمطهر والكساء لدسع الحرّ ، وحول طررها دلوا صدد روم الماء ، وطولها لهاء طول الرسّ ، وطرد الهوامّ والأعداء لمّا سطعوا وما سواها .

(قالَ) اللّه له (أَلْقِها) اطرحها (يا مُوسى) ( 19 ) .

(فَأَلْقاها) طرحها (فَإِذا هِيَ) العصا (حَيَّةٌ تَسْعى) ( 20 ) هو المرور مسرعا .

(قالَ) اللّه له لمّا راع وعدّد ، لمّا رآها صلّا مسرعا أكل الدوح والعرمس (خُذْها) عصاك (وَلا تَخَفْ) أصلا (سَنُعِيدُها) سأردّها (سِيرَتَهَا الْأُولى) ( 21 ) حالها الأوّل .

(وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ) ملاطك وسلّها (تَخْرُجْ) ح (بَيْضاءَ) عكس حالها الأول لها لمع ، وهو حال (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) داء ووصم (آيَةً أُخْرى) ( 22 ) لصلح ألوكك وهو حال ، أو عامله مطروح وهو أعط .

----------

فترعاه (ولي فيها مآرب) جمع مأربة مثلث الراء أي حاجات (أخرى) كحمل الزاد والأدوات في السفر بها وإلقاء الكساء عليها للاستظلال به ووصل الرشاء بها إذا قصر وطرد السبأع بها.

(قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسعى) اسم يعم الصغير وهو الجان والعظيم وهو الثعبان، قيل صارت حية صفراء دقيقة ثم كبرت فالتعبير عنها بالجان والثعبان نظرا إلى الحالين، وقيل كانت في شخص الثعبان وسرعة الجان (قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى) حالتها السابقة .

(واضمم يدك إلى جناحك) تحت العضد (تخرج بيضاء) تضيء كشعاع الشمس على خلاف لونها من الأدمة (من غير سوء) مرض وقبح كناية عن البرص (آية أخرى) معجزة ثانية (لنريك من ءاياتنا الكبرى).

ص: 425

(لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا) إعلام الألوّ (الْكُبْرى) ( 23 ) لسداد ألوكك .

(اذْهَبْ) رسولا (إِلى فِرْعَوْنَ) ملك مصر وملأ معه ، وادعه للطوع والإسلام (إِنَّهُ طَغى) ( 24 ) عدا حد السوء وسمد ووهم إله .

(قالَ رَبِّ) اللهم (اشْرَحْ) وسع (لِي صَدْرِي) ( 25 ) لحمل أحمال الألوك ، وهو آكد مما طرح اللام مع معمولها

(وَيَسِّرْ) سهل (لِي أَمْرِي) ( 26 ) لأوصله

(وَاحْلُلْ) واطمس (عُقْدَةً مِنْ لِسانِي) ( 27 ) سدا حصل حال وصول الساعور رأس المسحل ، ورد أطمسها اللّه ومحاكما لها ، وهو كلام آمر العلماء ،

(يَفْقَهُوا) هو الإدراك والعلم (قَوْلِي) ( 28 ) حال أداء الأحكام .

(وَاجْعَلْ) واعط (لِي وَزِيراً) ممدّا معوّلا (مِنْ أَهْلِي) ( 29 ) أراد رهطه .

(هارُونَ) وهو علم (أَخِي) ( 30 ) لحّا .

(اشْدُدْ) أد واحكم (بِهِ أَزْرِي) ( 31 ) هو المطا أو الاد ،

(وَأَشْرِكْهُ)

----------

(اذهب إلى فرعون) وادعه إلي (إنه طغى) تجبر في كفره .

(قال رب اشرح لي صدري) وسعه لتحمل أعباء الرسالة وذكر لي إبهاما للمشروح أولا ثم بينه يذكر الصدر تأكيدا (ويسر لي أمري) للقيام بهذا الخطب العظيم (واحلل عقدة من لساني) حصلت من جمرة أدخلها فاه وهو طفل لما أمر فرعون بقتله لأنه حمله فأخذ لحيته فشقها فقالت آسية إنه صبي لا يميز بين الدرة والجمرة فأحضرتا لديه فأخذ الجمرة ووضعها في فمه (يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلى هرون أخي) يعاضدني في التبليغ وكان أسن منه وأفصح وألين (اشدد به أزري) ظهري على الدعاء (وأشركه في أمري) أي

ص: 426

وإصره مساهما (فِي أَمْرِي) ( 32 ) الألوك والإكمال ،

(كَيْ نُسَبِّحَكَ) أطهرك معه عما هو مكروه (كَثِيراً) ( 33 ) مصدر ،

(وَنَذْكُرَكَ) ادّكار (كَثِيراً) ( 34 )

لعموم الأحوال والأعصار ، (إِنَّكَ) اللهم (كُنْتَ) دواما (بِنا) معا (بَصِيراً) ( 35 ) عالما .

وسمع اللّه دعاءه و (قالَ) له (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ) مسئولك كالأكل مدلوله المأكول ، ورووه مع الواو (يا مُوسى) ( 36 ) إكراما لك .

(وَلَقَدْ مَنَنَّا) هو إعطاء الآلاء (عَلَيْكَ) أمام (مَرَّةً أُخْرى) ( 37 ) سواها .

(إِذْ) لمّا (أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ) إلهاما ، أو حال كراها ، أو اعلاما لملك علّمها لا إرسالا ، أو إرسالا لرسول عصرها عصر ولاد هالك وروعها هلاكك كهلاك أولاد سواك (ما يُوحى) ( 38 ) ما لا أدرك إلا لإعلام اللّه أو ما هو حراء إعلامه لكمال أمره .

وهو (أَنِ اقْذِفِيهِ) هو الطرح (فِي التَّابُوتِ) وعاء الألواح (فَاقْذِفِيهِ) معه (فِي الْيَمِّ) داماء مصر (فَلْيُلْقِهِ) هو أمر مدلوله الأعلام (الْيَمِّ) الداماء

----------

الرسالة (كي نسبحك) تسبيحا (كثيرا ونذكرك) ذكرا (كثيرا) فإن التعاون يتزايد به الخير (إنك كنت بنا بصيرا) بأحوالنا عالما فإليك فوضنا أمرنا .

(قال قد أوتيت سؤلك يا موسى) أي مسئولك (ولقد مننا) أنعمنا (عليك مرة أخرى إذ أوحينا إلى أمك) إلهاما أو مناما أو على لسان ملك أو نبي في عصره لما ولدتك وخافت أن يقتلك فرعون في جملة من يولد (ما يوحى) ما يجب أن يوحى لعظم شأنه أو ما لا يعلم إلا بالوحي (أن اقذفيه) ضعيه (في التابوت فاقذفيه في اليم) البحر يعني النيل (فليلقه اليم بالساحل) أي بشاطئه

ص: 427

(بِالسَّاحِلِ) سموه ساحلا لسحل الماء له (يَأْخُذْهُ) ح مرء هو (عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ) وهو ملك مصر وح عمل كما أمر اللّه ، ولمّا سلّه الملك وراءه وعرسه ودّاه كمال الودّ ، وما رآه أحد إلا ودّه ، وهو مراد (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً) ودّا كاملا (مِنِّي) وطرح الودّ علاك لودّ أهل العالم لك (وَلِتُصْنَعَ) لا صلاحك ورووه امرا (عَلى عَيْنِي) ( 39 ) أراد مرآه .

(إِذْ) لمّا (تَمْشِي أُخْتُكَ) لاطلاع أحوالك حال كرهك الدرّ (فَتَقُولُ) لآل الملك حال ما حاولوا إمصاصك الدرّ وعدم مصك درّ أحد (هَلْ أَدُلُّكُمْ) الحال (عَلى مَنْ) مرء (يَكْفُلُهُ) هو مسرهده ومصلحه ، وسمعوا كلامها وحال ورود أمّه مصّ درّها (فَرَجَعْناكَ) مسرعا (إِلى أُمِّكَ) كما هو الموعود (كَيْ تَقَرَّ) حال وصولك (عَيْنُها) الأم لإحساسك (وَلا تَحْزَنَ) الأم لطرحك (وَقَتَلْتَ نَفْساً) ملحدا عدوّا للإسلام وطراك الهمّ (فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ) همّ الإهلاك أوسا لإهلاك العدوّ ، أو همّ هول عطو اللّه ما أهلك درّا (وَفَتَنَّاكَ) وأو صلك الكاداء (فُتُوناً) مصدر أو المراد صروحا (فَلَبِثْتَ

----------

أمر معناه الخبر (يأخذه) جواب فليلقه (عدو لي) في الحال (وعدو له) في المال وهو فرعون وكرر عدو مبالغة (وألقيت عليك محبة مني) يحبك من رآك حتى أحبك فرعون (ولتصنع على عيني) تربي وأنا راعيك وحافظك .

(إذ تمشي أختك) مريم لتعرف خبرك فرأتهم يطلبون له مرضعة (فتقول هل أدلكم على من يكفله) فقالوا نعم فجاءت بأمه فقبل ثديها (فرجعناك إلى أمك) لما وعدنا إنا رادوه إليك (كي تقر عينها) برؤيتك (ولا تحزن) بفراقك (وقتلت نفسا)هو القبطي وخفت القصاص (فنجيناك من الغم) بالأمن منه (وفتناك فتونا) واختبرناك اختبارات متعددة على أنه جمع فتن

ص: 428

سِنِينَ) عددها العدد الكامل (فِي أَهْلِ مَدْيَنَ) مصر عرسك ، وولد لك أولاد (ثُمَّ جِئْتَ) هو الوصول (عَلى قَدَرٍ يا مُوسى) ( 40 ) عهد أحمّه اللّه ، أو موعد للإرسال وهو أعوام عددها موعده للطرس .

(وَاصْطَنَعْتُكَ) وهو عطو المحّ (لِنَفْسِي) ( 41 ) والمراد الإرسال .

(اذْهَبْ أَنْتَ) مؤكد (وَأَخُوكَ) معا (بِآياتِي) دوالّ الإلّ والألو والألوك (وَلا تَنِيا) هو الكسل والألو ، ورووه مكسور الأوّل للوام (فِي ذِكْرِي) ( 42 ) أداء الأوامر والأحكام .

(اذْهَبا) أعاده لعموم الأول وصرّح المرسل له الحال وهو (إِلى فِرْعَوْنَ) ملك مصر ح (إِنَّهُ طَغى) ( 43 ) عد الحدّ لادّعاء الإلّ .

(فَقُولا لَهُ) للملك المسطور (قَوْلًا لَيِّناً) سهلا لا وعرا هول حمل ورهه العداء والسطو علاكما ، أو إكراما له لمّا له علاك وهو إصلاحك لأول عمرك وأمام حلمك ، أو عداه كمالا لعطله لا هرم وراءه ، أو ملكا مداما لا أمد له إلا الهلاك (لَعَلَّهُ) لمّ لأمر أمامه موصولا ، أو للأمر الأوسط (يَتَذَكَّرُ) طمع ادّكاره وإدراكه السداد (أَوْ يَخْشى) ( 44 ) اللّه والحاصل وطمع رعوه .

----------

(فلبثت سنين) عشرا (في أهل مدين) عند شعيب بعد هجرتك إليها وهي على ثمان مراحل من مصر (ثم جئت على قدر يا موسى) على وقت قدرته لإرسالك أو نوحي إلى الأنبياء وهو ابن أربعين سنة (واصطنعتك لنفسي) اخترتك لرسالتي وإقامة حجتي .

(اذهب أنت وأخوك بآياتي) التسع أو التي في العصا واليد (ولا تنيا) تفترا أو تقصرا (في ذكري) بتسبيح ونحوه أو في تبليغ رسالتي (اذهبا إلى فرعون) أمر لهما والأول لموسى فلا تكرار (إنه طغى) بكفره (فقولا له قولا لينا لعله

ص: 429

(قالا) اللهم (رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ) سطوه الحال وهو مدلول (أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا) أو عدوه الحد وهو مدلول (أَوْ أَنْ يَطْغى) ( 45 ) .

(قالَ) اللّه لهما (لا تَخافا) وروحا (إِنَّنِي مَعَكُما) إمدادا وحارسكما ككلامك اللّه معك (أَسْمَعُ) كلامكم (وَأَرى) ( 46 ) أعمالكم .

(فَأْتِياهُ) الملك المرسل له (فَقُولا) له (إِنَّا) معا (رَسُولا) اللّه (رَبِّكَ) لك (فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ) سرّحهم ودع إكراهكم (وَلا تُعَذِّبْهُمْ) حملا للمكاره وإهلاكا لأولادهم أمام أحلامهم (قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ) علم دال وحدّها لما المرام إعلاء دعواهما لا صدع الأدلّاء (مِنْ رَبِّكَ) لسداد الألوك (وَالسَّلامُ) مما كره (عَلى مَنِ اتَّبَعَ) أطاع (الْهُدى) ( 47 ) سواء الصراط ، والحاصل سلّم حالا ومآلا كلّ أحد أسلم أو المراد سلام الأملاك معادا .

(إِنَّا قَدْ أُوحِيَ) أرسل (إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ) حالا ومالا (عَلى) كل (مَنْ كَذَّبَ) رد الرسل (وَتَوَلَّى) ( 48 ) صدّ عما أمره .

----------

يتذكر) يتعظ (أو يخشى) العقاب .

(قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا) أي يعجل عقوبتنا قبل إظهار الحجة من فرط تقدم (أو أن يطغى) يتكبر علينا أو يزداد كفرا (قال لا تخافا إنني معكما) بالحفظ والنصرة (أسمع) قوله (وأرى) فعله فأدفع شره عنكما .

(فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل) أطلقهم (ولا تعذبهم) باستعمالهم الأعمال الشاقة وقتل ولدانهم (قد جئناك بآية من ربك) بحجة تصدق دعوانا والمراد جنسها فلا ينافي تعددها (والسلام على من اتبع الهدى إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب) بما جئنا به

ص: 430

ولمّا وردا صدده وأوصلا ما أمرا أداءه (قالَ) لهما الملك (فَمَنْ رَبُّكُما) إلهكما (يا مُوسى) ( 49 ) سماه وحده لمّا هو الأصل ألوكا أو لمّا علمه طمطما وأراد إلسامه .

(قالَ) له المسؤول (رَبُّنَا) اللّه (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ) مأسور (خَلْقَهُ) حاله الحراء له (ثُمَّ هَدى) ( 50 ) علّم كل واحد مما له حسّ وحراك صراط مطعمه ومماهه وممسه وما سواها .

(قالَ) له الملك الحدل (فَما بالُ) حال (الْقُرُونِ) الأمم (الْأُولى) ( 51 ) لهوالك كرهط هود ولوط وصاحل اللّاءوا ألّهوا دماهم .

(قالَ) الرسول (عِلْمُها) علم حالهم حاصل (عِنْدَ) اللّه (رَبِّي) ما علمه إلا هو مرسوم (فِي كِتابٍ) محروس هو اللوح المعصوم وهو معاملهم كما عملوا (لا يَضِلُّ) هو الوهم (رَبِّي وَلا يَنْسى) ( 52 ) أمرا وهو الأمة .

هو (الَّذِي جَعَلَ) أصار (لَكُمُ الْأَرْضَ) الرمكاء (مَهْداً) وطاء اسم

----------

(وتولى) أعرض عنه فأتياه وقالا له ما أمرا به .

(قال فمن ربكما يا موسى) خصه بالنداء لأنه الأصل ولتربيته له .

(قال ربنا الذي أعطى كل شيء) من المخلوقات (خلقه) صورته التي هو عليها المطابقة لكماله الممكن له أو أعطى خليقته كل شيء يحتاجون إليه (ثم هدى) دله على جلب النفع ودفع الضر اختيارا أو طبعا .

(قال فما بال القرون الأولى) ما حال الأمم الماضية كقوم نوح وعاد وثمود من السعادة والشقاوة تهب بالحجة فصرف الكلام عنها (قال) موسى (علمها) أي علم حالهم مثبت (عند ربي في كتاب) هو اللوح المحفوظ (لا يصل ربي) لا يخطىء شيئا (ولا ينسى) لا يذهل عن شيء .

ص: 431

لما مهد وأصله مصدر ، ورووا مهادا ومدلولهما واحد أو الأوّل واحد له (وَسَلَكَ) حصل وسهل (لَكُمْ فِيها) الرمكاء (سُبُلًا) صرطا وسط أطوادكم وصحاراكم لسلوككم وحصول مصالحكم (وَأَنْزَلَ) أدرّ (مِنَ السَّماءِ) العلو (ماءً) مطرا (فَأَخْرَجْنا بِهِ) الماء (أَزْواجاً) صروعا (مِنْ نَباتٍ) هو مصدر ، والمراد الصادر والواحد وما سواه سواء له (شَتَّى) ( 53 ) ادّارء طعومها وأرواحها وصورها ومصالحها كسر صلح لأولاد آدم وكسرا لسوّامهم .

(كُلُوا) مالكم (وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) سوّامكم مالها (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) إعلاما ودوالا (لِأُولِي النُّهى) ( 54 ) الأحلام الروادع عما هو الولع وسوء العمل .

(مِنْها) الرمكاء (خَلَقْناكُمْ) لما الحصحص أول مواد أعطالكم ، أو لمّا هو أصل أوّل أصولكم آدم أو والدكم آدم (وَفِيها) الرمكاء (نُعِيدُكُمْ) حال الهلاك لما وسطها مرمسكم (وَمِنْها) وسطهما (نُخْرِجُكُمْ) أسلّكم (تارَةً

----------

(الذي جعل لكم الأرض مهدا) فراشا وقرىء مهادا (وسلك) جعل (لكم فيها سبلا) طرقا تسلكونها (وأنزل من السماء ماء) مطرا (فأخرجنا به) التفت إلى التكلم على الحكاية لقول الله إيذانا باختصاصه بانقياد الأشياء المختلفة لأمره (أزواجا) أصنافا (من نبات شتى) جمع شتيت كمرضى لمريض أي متفرقات في الألوان والطعوم والمنافع .

(كلوا وارعوا أنعامكم إن في ذلك) المذكور (لآيات) لعبرا (لأولي النهى) لذوي العقول جمع نهيه سمي بها العقل لنهيه عن القبيح (منها) أي الأرض (خلقناكم) فإنها أصل خلقة أبيكم آدم والنطف التي خلقتم منها (وفيها نعيدكم) إذا أمتناكم (ومنها نخرجكم) إذا بعثناكم (تارة أخرى) كما

ص: 432

أُخْرى) ( 55 ) حال العود .

(وَلَقَدْ أَرَيْناهُ) ملك مصر (آياتِنا) إعلام الكمال والألوّ والألوك (كُلَّها) مؤكد لعموم صروعها ، أو لا حادها المعهود ورودها كالعصا وصدع الدّاماء والعرمس والعسا والدّم وسمك الطّور (فَكَذَّبَ) ردّها ووهمها سحرا لكمال العداء والحسد (وَأَبى) ( 56 ) كره السداد وسماعه لسموده .

(قالَ) ملك مصر للرسول (أَ جِئْتَنا) رسولا ادّعاء (لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا) مصر ولحصول الملك لك (بِسِحْرِكَ يا مُوسى) ( 57 ) أراد علم مكرك ومحالك .

(فَلَنَأْتِيَنَّكَ) لأعاملك (بِسِحْرٍ مِثْلِهِ) كسحرك (فَاجْعَلْ) وحدّ (بَيْنَنا وَبَيْنَكَ) لما مرّ (مَوْعِداً) مصدر والمراد محل موعد (لا نُخْلِفُهُ) موعدا (نَحْنُ) مؤكد (وَلا أَنْتَ مَكاناً) طرح كاسره (سُوىً) ( 58 ) عدلا وسطا سواء طول صراطه للكل وهو كحطم ، ورووه مكسور الأوّل .

(قالَ) الرسول (مَوْعِدُكُمْ) عهد وعدكم (يَوْمُ الزِّينَةِ) والسرور وهو لهم كل عام (وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ) أهل مصر (ضُحًى) ( 59 ) عصر سطوع

----------

أخرجناكم حين ابتدأنا خلقكم .

(ولقد أريناه) بصرنا فرعون (ءاياتنا كلها) التسع (فكذب بها) عنادا (وأبى) قبولها (قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا) مصر وتستولي عليها (بسحرك يا موسى) نسبه إلى السحر تلبيسا على قومه (فلنأتينك بسحر مثله) يقابله (فاجعل بيننا وبينك موعدا) وعدا (لا نخلفه نحن ولا أنت مكانا سوى) وسطا تستوي مسافته إلينا وإليك .

(قال موعدكم يوم الزينة) وكان يوم عيد يتزينون فيه ويجتمعون وإنما عينه

ص: 433

اللمع لما هو عصر كمال الاحساس .

(فَتَوَلَّى) صدّ (فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ) مكره والمراد أولو مكره وهم السّحار ووصل سحرهم (ثُمَّ أَتى) ( 60 ) ورد معهم الموعد .

(قالَ لَهُمْ) للسحار (مُوسى) المرسل للإكمال وإعلام الأسرار (وَيْلَكُمْ) أو صلكم اللّه الهلاك (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ) أعلامه ودواله (كَذِباً) ولعا وهو وهمهم لها سحرا (فَيُسْحِتَكُمْ) حوار للردع ومدلول مصدره الإهلاك والاصطلام أو السدح (بِعَذابٍ) ألم صعد (وَقَدْ خابَ) وهلك كل (مَنِ افْتَرى) ( 61 ) سطّر ولعا .

(فَتَنازَعُوا) السحار (أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ) ادّارءوا عصر ما سمعوا كلامه ، كلّم رهط : هو ساحر ، وكلّم رهط : ما هو ساحر وما كلامه ككلام أهل السحر (وَأَسَرُّوا) دسوا (النَّجْوى) ( 62 ) السرار والكلام وأمروا وهو مصدر أو اسم .

(قالُوا) وسطهم وهو صدع لأسروا (إِنْ) مطروح الأمد كما دل اللام ،

----------

ليعلم الحق من الباطل على رءوس الأشهاد (وأن يحشر الناس) أي يجتمع أهل مصر (ضحى) فينظرون في أمرنا (فتولى فرعون) انصرف (فجمع كيده) أي أسبأب كيده من السحرة وآلاتهم (ثم أتى) الموعد .

(قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا) بإشراك أحد معه (فيسحتكم بعذاب) فيستأصلكم به (وقد خاب) خسر (من افترى) على الله كذبا كفرعون (فتنازعوا أمرهم بينهم) أي السحرة في أمر موسى حين قال ويلكم الآية فقالوا ما هذا بقول ساحر (وأسروا النجوى) الكلام بينهم بأن موسى إن غلبنا اتبعناه والضمير لفرعون وقومه ويفسر النجوى .

ص: 434

أو هو للإعدام واللّام مدلوله إلّا ، ورووا أصله وح هو مطروح الاسم أو اسمه (هذانِ) ومراد وأرهاط معهم أعطوه حكم عصا كل حال ، ورووه كما هو الأصل والمراد الرسول وردؤه كلاهما (لَساحِرانِ) عاملا السحر دواما (يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ) إدلاعكم (مِنْ أَرْضِكُمْ) مصر (بِسِحْرِهِما) المعلوم لهما (وَيَذْهَبا) هو الرواح (بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى) ( 63 ) صراطكم الأكمل أو أهل صراطكم وهم أولاد ولد ولد ودود اللّه لمّا هم أهل العلم أو رؤساكم وكرامكم .

(فَأَجْمِعُوا) أحكموا كلّكم ، ورووه كاعلموا (كَيْدَكُمْ) مكركم أو لمّوا مصالح سحركم (ثُمَّ ائْتُوا) الموعد (صَفًّا) لما هو أهول ورودهم اعداد لا عدوّ لا إحصاء لهم ، ومع كل عصا ومسد وردوا علاهما ورودا واحدا ، وهو حال ، (وَقَدْ أَفْلَحَ) وصل المرام والمراد (الْيَوْمَ) الحال كل (مَنِ اسْتَعْلى) ( 64 ) علا وكاح .

(قالُوا) السحار (يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ ) عصاك أولا (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ) رهط السحار (أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) ( 65 ) عصاه وما معه .

----------

(قالوا إن هذان لساحران) على لغة جعل المثنى كالمقصور أو الاسم ضمير الشأن محذوف أو إن بمعنى نعم أو إن مخففة واللام بمعنى إلا (يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى) بدينكم الأفضل كإظهارهما دينهما وقيل الطريقة أشراف القوم أي بأشرافكم بصرف وجوههم إليهما (فأجمعوا كيدكم) أحكموه واجعلوه مجمعا عليه (ثم ائتوا صفا) مصطفين (وقد أفلح اليوم من استعلى) فاز من غلب .

(قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى) راعوا الأدب في

ص: 435

(قالَ) الرسول لهم (بَلْ أَلْقُوا) أمسادكم وهراواكم وح طرحوا ما معهم (فَإِذا حِبالُهُمْ) أمسادهم (وَعِصِيُّهُمْ) هراواهم أصله عصو واعل ، وصار كما هو محسوسك (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ) الرسول (مِنْ سِحْرِهِمْ) مكرهم (أَنَّها) هراواهم وأمسادهم أصلال (تَسْعى) ( 66 ) هو المرور مسرعا .

(فَأَوْجَسَ) أحسّ وأسرّ (فِي نَفْسِهِ خِيفَةً) روعا وهولا (مُوسى) ( 67 ) حال إحساس مكرهم .

(قُلْنا) له (لا تَخَفْ) موهومك ودع الروع (إِنَّكَ أَنْتَ) عماد (الْأَعْلى) ( 68 ) المكوّح معلل للردع .

(وَأَلْقِ ما) عصا حاصلا (فِي يَمِينِكَ) الحال (تَلْقَفْ) هو السرط واللّهم (ما صَنَعُوا) عملوا وسوّلوا وموّهوا (إِنَّما) ما موصول أو للمصدر (صَنَعُوا) سوّلوا ولمّعوا وموّهوا (كَيْدُ ساحِرٍ) وحّد ساحرا لرود الصرع ورووه سحر (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ) صرعه (حَيْثُ أَتى) ( 69 ) كلّما عمل

----------

التخيير (قال بل ألقوا) مقابلة لأدبهم وعدم احتفال بكيدهم وجودا بما مالوا إليه من البدء (فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى) قيل لطخوها بالزئبق فلما حميت الشمس تحرك بحرها فخيل إليه أنها تسعى (فأوجس) فأضمر (في نفسه خيفة موسى) من أن يشك الناس فلا يتبعوه أو للطبع البشري .

(قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى) الغالب (وألق ما في يمينك) أبهم تصغيرا للعصا وتهوينا لأمر السحرة أي ألق العويد الذي معك أو تعظيما لها (تلقف) تتلقف (ما صنعوا إنما صنعوا) إن الذي افتعلوه (كيد ساحر) أفرد لقصد الجنس ونكر لتنكير الكيد (ولا يفلح الساحر) أي جنسه (حيث أتى) أين

ص: 436

السحر ، وطرح الرسول عصاه وحصل ما وعد اللّه .

(فَأُلْقِيَ) طرح (السَّحَرَةُ) والحاصل هاروا طوعا هورا كاملا وطرحوا رؤوسهم (سُجَّداً) للّه وحده ، ورد رأوا دارالسلام ومحالهم وسطها حال هورهم للّه وسمكوا رؤوسهم (قالُوا آمَنَّا) سدادا (بِرَبِّ هارُونَ) أورده أوّلا إما لطول عمره أو لرءوس الإعلام (وَمُوسى) ( 70 ) إلههما ومولاهما .

(قالَ) الملك للسّحار (آمَنْتُمْ) ورووه ممدودا (لَهُ) للرسول (قَبْلَ أَنْ آذَنَ) آمر (لَكُمْ) الإسلام (إِنَّهُ) الرسول (لَكَبِيرُكُمُ) رأسكم أو معلمكم أو أعلمكم (الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) والمكر وعملكم وهو إسلامكم مكر ومحال (فَلَأُقَطِّعَنَّ) لأحسما (أَيْدِيَكُمْ) عواملكم (وَأَرْجُلَكُمْ) حواملكم (مِنْ خِلافٍ) حوامل الآسار وعوامل معادله (وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ) لأحملكم أعوادا سوامك لهلاككم سعارا وأوّاما (فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) أصولها والمراد علاها أوردها لا ما سواها لطولها (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا) اله مصر أو اله الرسول أو الرسول هو (أَشَدُّ) أصعد (عَذاباً) حدّا (وَأَبْقى) ( 71 ) أدوم

----------

كان فألقاها فتلقفت فحققوا أنه ليس سحرا.

(فألقي السحرة سجدا) لله تعالى، ألقاهم تحقق الحق لهم (قالوا ءامنا برب هرون وموسى) أخر للفاصلة قيل رأوا في سجودهم منازلهم في الجنة .

(قال) فرعون (ءامنتم له) أي لموسى (قبل أن ءاذن لكم) في ذلك (إنه لكبيركم) رئيسكم أو أستاذكم (الذي علمكم السحر) وتواطأتم على ما فعلتم (فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) حال أي مختلفات الأيدي اليمنى والأرجل اليسرى (ولأصلبنكم في جذوع النخل) شبه تمكن المصلوب بالجذع بتمكن المظروف بالظرف (ولتعلمن أينا) يعني نفسه وموسى أو رب موسى

ص: 437

حدا .

(قالُوا) السحار للملك (لَنْ نُؤْثِرَكَ) ما رهط السحار مسلما ومطواعا وودودا لك أصلا (عَلى ما جاءَنا) وصل (مِنَ الْبَيِّناتِ) دوال سداد الرسول (وَ) الإله (الَّذِي فَطَرَنا) أسر وصوّر الواو للوصل أو للعهد (فَاقْضِ) أحكم واعمل كل ما عمل (أَنْتَ قاضٍ) حاكم وعامل له (إِنَّما) ما (تَقْضِي) الّا (هذِهِ) طرح كاسره (الْحَياةَ الدُّنْيا) ( 72 ) الحال هو كالمعلل لأوله والممهد لما وراءه ، ورووه لا معلوما .

(إِنَّا آمَنَّا) سدادا (بِرَبِّنا) اللّه (لِيَغْفِرَ) اللّه (لَنا) حالا ومالا (خَطايانا) كعدل إله مع اللّه (وَما) موصول (أَكْرَهْتَنا) أكرهه لأمر حمله لعمله (عَلَيْهِ) علما وعملا لمراء الرسول (مِنَ السِّحْرِ) المحرّم علمه وعمله ، وهو لإعلام مراد ما ورد كلّموا ملك مصر لمراء رسول الهود حال كراه ولمّا أراهم حارسا له العصا كلّموه ما هو ساحر (وَاللَّهُ خَيْرٌ) عدلا لكل أحد أطاعه (وَأَبْقى) ( 73 ) حدا لكل أحد عصاه ، وهو ردّ لكلام ملك مصر المسطور .

----------

(أشد عذابا وأبقى) وأدوم .

(قالوا لن نؤثرك) نختارك (على ما جاءنا من البينات) المعجزات الظاهرة (والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض) أي صانع أو حاكم به (إنما تقضي) تصنع أو تحكم لسلطانك (هذه الحيوة الدنيا) أي فيها ونصير إلى النعيم الباقي في الآخرة .

(إنا ءامنا بربنا ليغفر لنا خطايانا) من الشرك والمعاصي (وما أكرهتنا عليه من السحر) أي تعلمه وعمله في معارضة المعجزة (والله خير) منك ثوابا للمطيع (وأبقى) عقابا للعاصي .

ص: 438

(إِنَّهُ) الأمر كل (مَنْ يَأْتِ) معادا أو حال ورود السام (رَبَّهُ) مولاه (مُجْرِماً) إدا للاسلام (فَإِنَّ لَهُ) للرادّ (جَهَنَّمَ) الساعور دواما (لا يَمُوتُ فِيها) لا روح عدم وهلاك له أصلا (وَلا يَحْيى) ( 74 ) مع روح .

(وَ) كل (مَنْ يَأْتِهِ) اللّه معادا (مُؤْمِناً) مسلما سدادا (قَدْ عَمِلَ) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللواء أمر اللّه (فَأُولئِكَ) الرهط الصلحاء (لَهُمُ) وحدهم (الدَّرَجاتُ) المراهص (الْعُلى) ( 75 ) السوامك .

والمراد (جَنَّاتُ عَدْنٍ) ركود دواما (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدرّ والعسل والمدام (خالِدِينَ) دواما (فِيها) هؤلاء المحال (وَذلِكَ) المسطور (جَزاءُ) كل (مِنْ) مرء (تَزَكَّى) ( 76 ) اطّهر وورع وأسلم ، وهؤلاء الأعلام كلام السّحار حكاه اللّه أو كلام اللّه .

(وَلَقَدْ أَوْحَيْنا) إرسالا للملك (إِلى مُوسى) لما حوول إهلاك عدوّه (أَنْ أَسْرِ) هو الرواح سمرا (بِعِبادِي) ودع ممالك مصر ، ولمّا حصل وصولك الدّاماء (فَاضْرِبْ) عصاك الدّاماء وأصر (لَهُمْ) لمرورهم (طَرِيقاً) ممرّا (فِي الْبَحْرِ) الملح (يَبَساً) صاملا ، وأصله مصدر أورد إطراء (لا

----------

(إنه) أي الشأن (من يأت ربه مجرما) كافرا (فإن له جهنم لا يموت فيها) فيستريح (ولا يحيى) حياة ممتعة (ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات) الفرائض قيل والنوافل (فأولئك لهم الدرجات العلى جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى) تطهر من الذنوب .

(ولقد أوحينا إلى موسى) يعد سنين أقامها بينهم يدعوهم إلى الله ولا يجيبوه (أن أسر بعبادي) ليلا من مصر (فاضرب) اجعل أو تبن (لهم)

ص: 439

تَخافُ دَرَكاً ) درك عدوّك ومكروهه حال المأمور ، ورووه حوارا للأمر (وَلا تَخْشى) ( 77 ) عدو الماء هو أوّل كلام ، أو الأول حوارا للأمر .

(فَأَتْبَعَهُمْ) أدركهم ووصلهم (فِرْعَوْنُ) ملك مصر (بِجُنُودِهِ) معهم أو آصار الملك درّه مع عساكره ، أو عساكره وهو معهم وراءهم لمّا راح الرسول مع رهطه أول السمر وأعلم الملك وهمّ دركه (فَغَشِيَهُمْ) واراهم والمعاد هو والعسكر أو العسكر وحده (مِنَ الْيَمِّ) الدّاماء الملح (ما غَشِيَهُمْ) ( 78 ) ما وراهم والمراد واراهم ما لا عالم له إلا اللّه .

(وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ) لمّا دعا (قَوْمَهُ) للعمو وورّطهم (وَما هَدى) ( 79 ) ما هداهم وأرداهم .

(يا بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ) إكراما (مِنْ عَدُوِّكُمْ) ملك مصر ورهطه لإهلاكه (وَواعَدْناكُمْ) رسولكم ورؤساءكم وكمّلكم اللاؤ مع الرسول حال الرعاد (جانِبَ الطُّورِ) حراه (الْأَيْمَنَ) لهم حال مرورهم ، ورووه مكسورا للمح كسر الطور (وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ) حال ورودكم الصرماء (الْمَنَّ) هو طلّ حدر مما السماء وورد دوحا ، أو عرمسا وصار حلوا كالعسل

----------

بالضرب بعصاك (طريقا في البحر يبسا) يابسا (لا تخاف دركا) أي آمنا أن يدرككم فرعون (ولا تخشى) غرقا .

(فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم) أي علاهم (من اليم) من البحر (ما غشيهم) إيجاز بليغ أي غشيهم ما سمعته ولا يعلم كنهه إلا الله (وأضل فرعون قومه) عن الحق (وما هدى) رد لقوله وما أهديكم إلا سبيل الرشاد (يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم) فرعون (وواعدناكم جانب الطور الأيمن) لنؤتي موسى التوراة بيانا لما تحتاجون إليه (ونزلنا عليكم) في

ص: 440

وصمل صمول العلك (وَالسَّلْوى) ( 80 ) لحمه المحموس .

وأمروا (كُلُوا) ما راعكم (مِنْ طَيِّباتِ) حلال (ما رَزَقْناكُمْ) مع حلولكم الصرماء (وَلا تَطْغَوْا) هو عداء الحدّ (فِيهِ) الهاء معاده ما والمراد عدم حمده أو إعطاءه للإصر (فَيَحِلَّ) ح (عَلَيْكُمْ غَضَبِي) هو الحرد المراد الإصر والحدّ (وَ) كل (مَنْ يَحْلِلْ) هو الحلول والورود ، ورووه مكسور الأول ومدلول مصدره اللسوم (عَلَيْهِ غَضَبِي) الإصر والحدّ (فَقَدْ هَوى) ( 81 ) هلك أو هار وسط الساعور أو هار هورا لا سلام وراءه .

(وَإِنِّي لَغَفَّارٌ) واسع محو الآصار (لِمَنْ) لكل أحد (تابَ) هاد عمّا عمل (وَآمَنَ) أسلم سدادا ووحّد اللّه وأطاع ما أمره (وَعَمِلَ) عملا (صالِحاً) مأمور وأدّاه عمما (ثُمَّ اهْتَدى) ( 82 ) رسا وداوم ما مرّ وهو الهود والإسلام والعمل الصالح .

ولمّا أمّ الرسول الموعد وأسرع وطرح رهطا معه وراءه معلا لسماع كلام اللّه وأمرهم إدراكه سأله اللّه (وَ) كلّمه (ما) للسؤال (أَعْجَلَكَ) أصارك معلا مسرعا (عَنْ قَوْمِكَ) رهطك (يا مُوسى) ( 83 ) .

----------

التيه (المن والسلوى) أي الترنجبين والطير السماني (كلوا) بتقدير القول (من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه) بترك شكره وتعدي حدود الله فيه (فيحل عليكم غضبي) بكسر الحاء أي يجب (ومن يحلل عليه غضبي) بكسر اللام أي يجب وضمها الكسائي من حل يحل نزل (فقد هوى) هلك أو سقط في النار (وإني لغفار لمن تاب) من الكفر (وءامن) بالله ورسله (وعمل صالحا) أدى الفرائض (ثم اهتدى) استمر على ما ذكر، وعن الباقر (عليه السلام) ثم اهتدى إلى ولايتنا أهل البيت .

ص: 441

(قالَ) اللّهمّ (هُمْ أُولاءِ) ولاء ورّاد (عَلى أَثَرِي) أراد وراءه وكلّم أملاها (وَعَجِلْتُ) هو الإسراع (إِلَيْكَ) اللهم (رَبِّ لِتَرْضى) ( 84 ) روما لحمدك وودادك .

(قالَ) اللّه له (فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ) اللّاءوا ردأك رأسهم وإمامهم ، والمراد محّصوا (مِنْ بَعْدِكَ) رواحك ووداعك لهم (وَأَضَلَّهُمُ) الساحر (السَّامِرِيُّ) ( 85 ) وعمل لهم إلها وأمرهم طوعه والهوا كما أمرهم .

(فَرَجَعَ مُوسى) مما هو موعده حال إكمال العدد الموعود وعطو الطرس (إِلى قَوْمِهِ) المعهود (غَضْبانَ) حاردا (أَسِفاً) كامل الحرد ، أو مكمودا مهموما لما عملوا .

ولمّا ورد صددهم (قالَ) الرسول لهم (يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ) اللّه (رَبُّكُمْ) إعطاء طرس هاد لكم (وَعْداً حَسَناً) مسدا (أَ) عراكم الورة (فَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ) عهد ورود الطرس ، أو أراد عصر دلوعه وطرحه لهم

----------

(وما أعجلك عن قومك يا موسى) سؤال عن سبب عجلته عنهم إلى ميعاد أخذ التوراة فيه إنكار لها فقدم جواب الإنكار لأهميته (قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى) طلبا لزيادة رضاك .

(قال) تعالى (فإنا قد فتنا قومك) امتحناهم بتشديد التكليف لما أخرج لهم العجل فألزمناهم النظر ليعلموا أنه ليس بإله (من بعدك) بعد انطلاقك منهم (وأضلهم السامري) بالدعاء إلى عبادة العجل فعبدوه.

(فرجع موسى إلى قومه) بعد أخذ التوراة (غضبان) عليهم (أسفا) حزينا لضلالهم (قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا) أي صدقا أن يعطيكم التوراة (أفطال عليكم العهد) زمان مفارقتي إياكم (أم أردتم أن يحل) يجب

ص: 442

(أَمْ أَرَدْتُمْ) لعملكم العمد السوء المردود وهو عطوهم ولد الأطوم إلها (أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ) طرّا (غَضَبٌ مِنْ) اللّه (رَبُّكُمْ) مولاكم (فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي) ( 86 ) وهو وعد دوام الإسلام .

(قالُوا) وحاوروا له (ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ) وعد دوام الإسلام (بِمَلْكِنا) الألوّ والعمد (وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً) إحمالا (مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ) أهل مصر وحلاهم وسعر الساحر المسطور الساعور (فَقَذَفْناها) حلاهم وسط ساعوره وماع وحصل كولد الاطوم (فَكَذلِكَ) المسطور (أَلْقَى) طرح الساحر (السَّامِرِيُّ) ( 87 ) ما معه والمراد حلاهم ، أو حصحص محل وطاء هطاهط الملك المدعو روحا .

(فَأَخْرَجَ) الساحر المسطور (لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً) لحما ودما (لَهُ خُوارٌ) عرك كعرك الأطوم (فَقالُوا) الساحر وطوّعه هذا المعمول

----------

(عليكم غضب من ربكم) بعبادتكم العجل (فأخلفتم موعدي) وعدكم إياي بالإقامة على ديني وباللحاق لي .

(قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا) بالفتح والكسر والضم لغات من مصدر ملك أي بأن ملكنا رأينا إذ لو ملكناه ولم بغلبنا كيد السامري لما أخلفناه (ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم) أثقالا من حلي القبط استعاروها منهم لأجل عيد لهم فبقيت عندهم وقبل هي ما ألقاه البحر على الساحل بعد إغراقهم فأخذوه (فقذفناها) ألقينا في النار بأمر السامري قال وهي حرام فألقوها (فكذلك) كما ألقينا (ألقى السامري) ما منعه منها .

(فأخرج لهم عجلا) صاغه من الحلي المذابة (جسدا) بدل منه لحما وذنبا أو جسما بلا روح (له خوار) صوت العجل (فقالوا) أي السامري ومن

ص: 443

(إِلهُكُمْ وَإِلهُ) رسولكم (مُوسى) وأطاعهم أمرهم وألّهوه إلا معدود (فَنَسِيَ) ( 88 ) أمه الرسول إلهه وراح صدد الطور لرومه وهو كلام الساحر ، أو أمه الساحر إلهه ومولاه والحد وهو ح حلام اللّه .

(أَ) طراءهم العمة (فَلا يَرَوْنَ) علما ( أن ) مؤكد مطروح الاسم (لا يَرْجِعُ) هو الرد والمراد عدم ردّ إلههم (إِلَيْهِمْ) طوعه (قَوْلًا) حوارا (وَلا يَمْلِكُ) إلههم المسطور لهم (لَهُمْ ضَرًّا) سوءا (وَلا نَفْعاً) ( 89 ) سرورا .

(وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ) لطوّعه (هارُونُ مِنْ قَبْلُ) أمام عود الرسول ، أو أمام كلام الساحر (يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ) محصّكم اللّه (بِهِ) ولد الأطوم ، دعوا طوعه (وَإِنَّ رَبَّكُمُ) اللّه (الرَّحْمنُ) واسع الرحم لا هو (فَاتَّبِعُونِي) أسلموا ووحّدوا اللّه (وَأَطِيعُوا أَمْرِي) ( 90 ) ودعوا طوعه .

(قالُوا) له (لَنْ نَبْرَحَ) أصلا (عَلَيْهِ) طوعه (عاكِفِينَ) ركادا دواما ورموكا (حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) ( 91 ) وح عرطس ردء الرسول وحرد رهطه .

ولمّا عاد الرسول كلّم ردؤه و (قالَ يا هارُونُ ما) للسؤال (مَنَعَكَ) صدك (إِذْ) لمّا (رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا) ( 92 ) وأطاعوا إلها معمولا مسوّلا .

----------

تبعه (هذا إلهكم وإله موسى فنسي) أي فتركه موسى هنا وذهب يطلبه أو ترك السامري الإيمان (أفلا يرون) يعلمون (أن) أنه (لا يرجع إليهم قولا) لا يرد عليهم جوابا (ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ولقد قال لهم هرون من قبل) قبل عود موسى (يا قوم إنما فتنتم) امتحنكم الله أو أضلكم السامري (به وإن ربكم الرحمن) لا غيره (فاتبعوني) في عبادته (وأطيعوا أمري) بلزومها .

(قالوا لن نبرح عليه عاكفين) على عبادته مقيمين (حتى يرجع إلينا موسى

ص: 444

(أَلَّا تَتَّبِعَنِ) الإدراك والوصول أراد إدراكه له للموعد ، أو لما طرحك الطوع وهو عماس الأعداء والكوح علاهم ولا وصل ، أو المراد ما دعاك لعدم الإدراك أو الطوع (أَ) طوّع درّك للسوء (فَعَصَيْتَ أَمْرِي) ( 93 ) ما أمر لك وهو إصلاحهم وعطا الرسول رأس الردء وألحاه حردا للّه حال ما رآهم ألّهوا ولد الأطوم .

(قالَ) له ردؤه (يَا بْنَ أُمَّ) ووالد وعلاه آمر العلماء وأورد الأمّ وحدها روما للرحم ، أو ولد أمّ وحدها ، ورووه مكسور الأمد (لا تَأْخُذْ) حردا (بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) مسرعا واسمع ما أمله وأورد املاهه وهو (إِنِّي خَشِيتُ) روعا (أَنْ تَقُولَ) لو موصع الأعداء (فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي) أولاد (إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ) هو الرصد والحوط (قَوْلِي) ( 94 ) أراد أمره له أصلح كما مرّ .

(قالَ) الرسول للساحر (فَما خَطْبُكَ) ما أمرك الحامل لكلامك المردود وما حملك لعملك الملوم الحسوم (يا سامِرِيُّ) ( 95 )

----------

قال) موسى لما رجع (يا هرون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا) بعبادة العجل (ألا تتبعن) أن تلحقني أو تتبعني في قتالهم بمن أطاعك إذ لو كنت فيهم لقاتلتهم ولا زائدة (أفعصيت أمري) إقامتك فيهم أو ترك مجاهدتهم .

(قال يبنؤم) بالكسر والفتح وكانا لأب وأم (لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) أخذ بلحيته وذؤابته يجره فعل الغضبان بنفسه (إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل) لو فارقت أو قاتلت بعضهم ببعض (ولم ترقب قولي) لك اخلفني في قومي وأصلح فإن الإصلاح كان فيما فعلت .

(قال فما خطبك) شأنك الذي حملك على ما صنعت (يا سامري قال

ص: 445

(قالَ) وحاور (بَصُرْتُ) المراد الإحساس أو العلم (بِما) أمر (لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) ما أحسوه أو ما علموه ، ولمّا سأله الرسول ما هو ، حاور وردك الروح مرعرعا هطاهط الحس والحراك وأعلم كل أمر طرح حصحص حامله علاه صار له روح ودم ولحم (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً) حصحصا ، ورووهما مع الصاد (مِنْ أَثَرِ) هطاهط (الرَّسُولِ) الرّوح ولعلّه ما سمّاه لعدم علمه اسمه (فَنَبَذْتُها) الحصحص وسط المصوّر وصار له روح ودم ولحم (وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ) موّه وسهّل واعلم (لِي نَفْسِي) ( 96 ) وما دعا داع .

(قالَ) الرسول له (فَاذْهَبْ) وطح وارحل مطرودا (فَإِنَّ لَكَ فِي) عهد (الْحَياةِ) كلها (أَنْ تَقُولَ) لكل أحد أراد مسماسك مع عدم علمه لحالك (لا مِساسَ) لا أمسّك ولا أدعك للمسّ ، وحرم اللّه مسماسه أهل العالم وما مس أحدا ولا مسه أحد إلّا حمّا معا ، وهو حاصل الحال وسط أولاده ، وورد لمّا أراد الرسول إهلاكه حدّه اللّه لسماحه ، ورووا لا مساس كطمار وهو علم للمس (وَإِنَّ لَكَ) لإصرك وحدك (مَوْعِداً) وعده اللّه وراء ما حدّك حالا

----------

بصرت بما لم يبصروا به) علمت ما لم يعلموه أو رأيت ما لم يروه (فقبضت قبضة من أثر الرسول) من تراب موطىء جبرائيل أو موقع حافر فرسه (فنبذتها) ألقيتها في جوف العجل والحلي (وكذلك سولت) زينت (لي نفسي) وحدثتني أن آخذ القبضة وألقاها فيه .

(قال فاذهب) طريدا (فإن لك في الحيوة) أي ما دمت حيا (أن تقول) لمن لقيته (لا مساس) أي لا تمسني وكان إذا مسه أحدهم ومن مسه أخذته الحمى فصار يهيم في البرية وحيدا يتحامى الناس ويتحامونه (وإن لك موعدا) بعذابك (لن تخلفه) لن يخلف الله إياه في الآخرة وقرىء بكسر اللام أي

ص: 446

(لَنْ تُخْلَفَهُ) ما اللّه محولا موعده ورووه معلوما حاملا لما معاده اللّه (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ) مألوهك (الَّذِي ظَلْتَ) ورووه مكسور الأول (عَلَيْهِ) طوعه (عاكِفاً) مداوما (لَنُحَرِّقَنَّهُ) أولا (ثُمَّ) حال هلاكه (لَنَنْسِفَنَّهُ) المراد طرح رماده (فِي الْيَمِّ) الداماء (نَسْفاً) ( 97 ) مصدر مؤكد .

(إِنَّما) ما (إِلهُكُمُ) مألوهكم إلّا (اللَّهُ) الواحد الأحد الصمد (الَّذِي لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا هُوَ) وحده (وَسِعَ) أحاط ، ورووا وسّع مكرّر الوسط (كُلَّ شَيْءٍ) صح علمه (عِلْماً) ( 98 ) لا ولد أطوم معمول مصور أهلكه الساعور .

(كَذلِكَ) كما درس علاك حال رسول الهود (نَقُصُّ) أحكو وأدرس (عَلَيْكَ) كسرا (مِنْ أَنْباءِ) أحوال (ما) رسل وأمم (قَدْ سَبَقَ) مرّ عهدها أولا (وَقَدْ آتَيْناكَ) هو الإعطاء (مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً) ( 99 ) كلاما كاملا .

معلما أحوال مهلكم ، أو مدحا كاملا وعلوّا عاما وسط أهل العالم .

كلّ (مَنْ أَعْرَضَ) وصدّ (عَنْهُ) الكلام المرسل (فَإِنَّهُ) الصاد وحّده لمحا للدّال (يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) والعود (وِزْراً) ( 100 ) حملا كاملا لاهدا

----------

لن تخلف الوعد إياه (وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا) ظللت على عبادته مقيما (لنحرقنه) بالنار (ثم لننسفنه في اليم نسفا) نذريه في البحر (إنما إلهكم) المستحق للعبادة (الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما) تمييز محول عن الفاعل أي وسع علمه كل شيء .

(كذلك) كما قصصنا عليك قصة موسى (نقص عليك من أنباء) أخبار (ما قد سبق) مضى من الأمور والأمم تبصرة لك وتكثيرا لمعجزاتك (وقد ءاتيناك من لدنا ذكرا) أعطيناك من عندنا قرآنا فيه ذكر ما يحتاج إليه في الدنيا والدين (من

ص: 447

ودركا .

و (خالِدِينَ) حال ما وحّده لمحا للمدلول (فِيهِ) الدرك وهو عدل عمله وحمله (وَساءَ) الحمل (لَهُمْ) لام لهم لإعلام المراد (يَوْمَ الْقِيامَةِ) عود الأرواح لأعطالهم (حِمْلًا) ( 101 ) حملهم .

(يَوْمَ) صدع للأوّل (يُنْفَخُ) لعود الأرواح (فِي الصُّورِ) مودع الأرواح حال الهلاك ، ورووا الصور كالصرد والمراد الأعطال (وَنَحْشُرُ) أرسل لدار الآلام الأمم (الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ) ح (زُرْقاً) ( 102 ) هو احورار الحواس وطموس الحس وهو حال .

(يَتَخافَتُونَ) هو السرار (بَيْنَهُمْ) لهول الأمر (إِنْ) ما (لَبِثْتُمْ) لدار الأعمال أو المرامس (إِلَّا) أسمارا (عَشْراً) ( 103 ) .

(نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ) وهو عدد عصر ركودهم دار الأعمال أو المرامس ، والمراد ما الأمر كما كلّموا (إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ) أعدلهم (طَرِيقَةً) كلاما أو حالا وعملا أو أعلمهم (إِنْ) ما (لَبِثْتُمْ) لدار الأعمال أو مرامس ( إِلَّا

----------

أعرض عنه) عن الذكر (فإنه يحمل يوم القيامة وزرا) حملا ثقيلا من الإثم أي عقوبته (خالدين فيه) في الوزر (وساء لهم يوم القيامة حملا) تمييز يفسر المضمر المبهم في ساء والمخصوص بالذم محذوف أي ساء حملا وزرهم (يوم ينفخ في الصور) قرن مخصوص (ونحشر المجرمين) المشركين (يومئذ زرقا) عيونهم والزرقة أبغض ألوان العيون إلى العرب أو عميا إذ الأعمى تزرق عينه (يتخافتون) يتسارون من شدة الهول (بينهم إن لبثتم إلا عشرا) ليالي في الدنيا استقصارا لمدة لبثهم فيها لزوالها ودوام عذابهم أو في القبور .

(نحن أعلم بما يقولون) فيه ذلك ومدة لبثهم في النار أقرب من العشر (إذ

ص: 448

يَوْماً ) ( 104 ) واحدا .

(وَيَسْئَلُونَكَ) محمّد ( ص ) (عَنِ) مآل أمر (الْجِبالِ) الأطواد كلها ما حالها حال حلول الموعد ، سألوا الرسول ما عمل لأطواد عصر المعاد ، وورد ما ورد السؤال والمراد لو سألوك (فَقُلْ) لهم (يَنْسِفُها) هو حطمها وكسرها الكامل واصارها كالرّمل وإرسال الهواء لحارك علاها (رَبِّي) اللّه حال حلول السعواء (نَسْفاً) ( 105 ) مصدر مؤكد .

(فَيَذَرُها) محال الأطواد أو الرمكاء (قاعاً) مهمها (صَفْصَفاً) ( 106 ) ملساء سواء .

( لا تَرى فِيها عِوَجاً) وهادا (وَلا أَمْتاً) ( 107 ) أكاما .

(يَوْمَئِذٍ) ح (يَتَّبِعُونَ) الهلّاك كلهم (الدَّاعِيَ) دعاء الداع للرمام والصروم واللحوم ، وهو الملك الموكل للصور (لا عِوَجَ) لا أود (لَهُ) للمدعوّ ولا عدول (وَخَشَعَتِ) هدأ (الْأَصْواتُ) كلها (لِلرَّحْمنِ) واسع الرحم هولا وروعا (فَلا تَسْمَعُ) عركا (إِلَّا هَمْساً) ( 108 ) هو عرك حراك الحوامل .

----------

يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما ويسئلونك عن الجبال) ما حالها في القيامة (فقل ينسفها ربي نسفا) يجعلها كالرمل ثم يطيرها بالرياح (فيذرها) فيدع أماكنها أو الأرض المعلومة من الجبال (قاعا) أملس (صفصفا) مستويا (لا ترى فيها عوجا) انخفاضا (ولا أمتا) ارتفاعا .

(يومئذ) يوم إذ نسفت الجبال (يتبعون الداعي) إلى المحشر وهو إسرافيل بالنفخ أو بقوله هلموا إلى العرض على الرحمن (لا عوج له) لا يميل عنه أحد (وخشعت الأصوات للرحمن) سكنت لعظمته (فلا تسمع إلا همسا) صوتا

ص: 449

(يَوْمَئِذٍ) ح (لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ) الإمداد والدعاء (إِلَّا) امداد (مَنْ أَذِنَ) أمر وحكم (لَهُ) اللّه (الرَّحْمنُ) واسع الرحم (وَرَضِيَ) اللّه (لَهُ قَوْلًا) ( 109 ) كلامه للإمداد لمّا له علوّ حال وصعود محل لد اللّه ، أو كلامه حالا وهو لا إله إلّا اللّه .

(يَعْلَمُ) اللّه كل (ما) حصل (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أمامهم (وَ) كل (ما) هو حاصل (خَلْفَهُمْ) وراءهم أو المراد عكسه (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ) اللّه أو معاده ما (عِلْماً) ( 110 )

(وَعَنَتِ) طاوع وأودح (الْوُجُوهُ) أهلها عموما أو المراد رهطه الطلاح (لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ) المصلح ، والحاصل أسلموا لأمره وأطاعوه وصاروا اساره (وَقَدْ خابَ) حسم الأمل كلّ (مَنْ حَمَلَ) عمل (ظُلْماً) ( 111 ) وعدل مع اللّه إلها سواه .

(وَ) كل (مَنْ يَعْمَلْ) عملا (مَنْ) الأعمال (الصَّالِحاتِ وَ) الحال (هُوَ) العامل (مُؤْمِنٌ) مسلم مطواع (فَلا يَخافُ) ورووه ردعا (ظُلْماً) ردّ

----------

خفيا وهو صوت وطإ الأقدام (يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن) إلا شفاعة من أذن له أو لا ينفع أحدا إلا من أذن أن يشفع له (ورضي له قولا) في الشفاعة لمكانه عند الله أو أرضى لأجله قول الشافع له في حقه .

(يعلم ما بين أيديهم) ما كان في حياتهم (وما خلفهم) بعد مماتهم (ولا يحيطون به علما) لا يحيط علمهم بمعلوماته وبذاته .

(وعنت الوجوه للحي القيوم) خضعت له خضوع العاني أي الأسير في يد من قهره (وقد خاب) خسر (من حمل ظلما) أي شركا (ومن يعمل من الصالحات) بعض الطاعات (وهو مؤمن) إذ لا يصح طاعة غيره (فلا يخاف ظلما) بزيادة سيئاته (ولا هضما) ينقص من حسناته .

ص: 450

عدل عمل (وَلا هَضْماً) ( 112 ) كسر عدل ووكسه .

(وَكَذلِكَ) الإرسال المسطور أولا (أَنْزَلْناهُ) كلام اللّه المصطع المرسل علاك (قُرْآناً) كلاما (عَرَبِيًّا) سرده (وَصَرَّفْنا) وكرر (فِيهِ) الكلام المرسل علاك (مِنَ الْوَعِيدِ) الكلام الموعد المهدد كعدو الماء ووداد الملك وحراك الرّمكاء وحول الصور (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) الآصار والمعارّ (أَوْ يُحْدِثُ) الكلام المرسل (لَهُمْ ذِكْراً) ( 113 ) علما وادّكارا أو علوا .

(فَتَعالَى) علا علوّا كاملا (اللَّهُ) درّا وأحوالا وأسماء (الْمَلِكُ) الحراء لطمع ما وعده وروع ما أوعده (الْحَقُّ) الأهل للملك أو الواطد العدل (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ) درسه أو أداء أحكامه وإعلامه (مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى) هو الأداء كملا (إِلَيْكَ) محمّد ( ص ) (وَحْيُهُ) ألوكه وورد المراد ردع اعلام ما لا علم لمدلوله أمام ورود ما صرّحه وأعلم مدلوله (وَقُلْ) وادع اللّهمّ (رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) ( 114 ) والحاصل سل علما وراء ما حصل لك أوّلا .

(وَ) اللّه (لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ) وامر ورع السمراء أو حمل سواه

----------

(وكذلك) كما أنزلنا ما ذكر (أنزلناه) أي القرآن (قرءانا عربيا) كله (وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون) المعاصي (أو يحدث) القرآن (لهم ذكرا) عظة بعقوبات الأمم الماضية فيتعظون (فتعالى الله) ارتفع عن مماثلة المخلوقين (الملك) النافذ تصرفه في ملكوته (الحق) الذي يحق له الملك أو الثابت (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه) لا تعجل بقراءته قبل أن يفرغ جبرئيل من إبلاغه، كان (صلى الله عليه وآله وسلّم) يساوقه في القراءة حرصا عليه أو في تبليغ ما كان مجملا قبل أن يأتيك بيانه (وقل رب زدني علما) إلى ما علمتني أو قرآنا فإنه كلما نزل عليه شيء منه زاد به علمه .

ص: 451

وعدم أكله (مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ) أمه العهد وسها طرح الأمر (وَلَمْ نَجِدْ) هو العلم أو عكس العدم (لَهُ) لادم (عَزْماً) ( 115 ) عمد الإصر أو رسّوا محكما ولعله أول أمره لمّا ورد لو عدل أحلام أولاد آدم مع حلم آدم لعلا حلمه .

(وَ) ادّكر (إِذْ) لمّا (قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ) أملاك الرمكاء أو كلهم (اسْجُدُوا) اركعوا إكراما (لِآدَمَ) المصور (فَسَجَدُوا) اركعوا إكراما له (إِلَّا إِبْلِيسَ) والد الأرواح ما ركع له (أَبى) ( 116 ) علا وسمد وصدّ .

(فَقُلْنا) لآدم (يا آدَمُ إِنَّ هذا) المردود الكاره لإكرامك (عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ) عرسك حواء (فَلا يُخْرِجَنَّكُما) مكرا ومحالا وهو ردع للمارد ، والمراد ردعهما عما هو وسط للإدلاع (مِنَ الْجَنَّةِ) محل الروح والسرور (فَتَشْقى) ( 117 ) ح آدم وحده لرءوس الإعلام ولمّا هو الأصل .

(إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ) أصلا (فِيها) دارك (وَلا تَعْرى) ( 118 ) ما دام محلك .

(وَأَنَّكَ) ورووه مكسور الأول (لا تَظْمَؤُا) أصلا (فِيها) دارك الحال (وَلا تَضْحى) ( 119 ) هو وصول الحرّ ، والحاصل دوام الطعام والمكسو

----------

(ولقد عهدنا إلى ءادم) أمرناه بالكف عن الأكل بالشجرة (من قبل) قبل زمانك يا محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (فنسي) ما أمر به من الكف (ولم نجد له عزما) ثباتا وتصلبا فيما أمر به أو عزما في العود إلى الذنب أو على الذنب لأنه لم يتعمده .

(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى) فسر في البقرة - الایة 34- (فقلنا يا ءادم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) تتعب في كسب المعاش وخص بإسناد الشقاء إليه لأن الاكتساب وظيفة الرجل ولرعاية الفاصلة (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمؤا فيها ولا

ص: 452

والماء .

(فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ) آدم (الشَّيْطانُ) العدو المارد (قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى) مأكول أو أكله أحد دام ملكه وسلم الهلاك ، وهو مدلول (شَجَرَةِ الْخُلْدِ) والدوام (وَمُلْكٍ لا يَبْلى) ( 120 ) هو المصوح .

(فَأَكَلا) آدم وحواء (مِنْها) حملها (فَبَدَتْ) لاح (لَهُما سَوْآتُهُما) كسوء كل واحد وأمامه (وَطَفِقا) أحالا إسراعا (يَخْصِفانِ) هو الحوص والإلحام (عَلَيْهِما) معا (مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) دارالسلام (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ) ردّ أمره وأكل ما ردعه (فَغَوى) ( 121 ) عما هو سواء الصراط .

(ثُمَّ اجْتَباهُ) أصاره مواما له لما حمله للهود (رَبُّهُ) مولاه (فَتابَ) عاد ورحم (عَلَيْهِ) وسمع هوده ودعاءه (وَهَدى) ( 122 ) هداه سواء الصراط .

(قالَ) اللّه لادم وحواء ، أوله والمارد المطرود (اهْبِطا) وحطا (مِنْها)

----------

تضحى) ألا تعطش ولا يصيبك حر الشمس إذ لا شمس في الجنة .

(فوسوس إليه الشيطان) أنهى إليه وسوسة وبيانها (قال يا ءادم هل أدلك على شجرة الخلد) أي التي من أكل منها خلد ولم يمت (وملك لا يبلى) لا ينقطع (فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة) فسر في الأعراف (وعصى ءادم ربه) خالف أمره الندبي فإن تارك النفل والإرشاد يسمى عاصيا (فغوى) خاب من ثوابه أو مما رجاه من الخلد .

(ثم اجتباه ربه) اختاره للرسالة (فتاب عليه) قبل توبته (وهدى) إلى حفظ أسبأب العصمة (قال اهبطا منها جميعا) خطاب لآدم وحواء بما اشتملا

ص: 453

دارالسلام (جَمِيعاً) مع الأولاد المعد أصولهم (بَعْضُكُمْ) أولادكم (لِبَعْضٍ) سواه (عَدُوٌّ) ممار حاسد ماكر (فَإِمَّا) ما مؤكد (يَأْتِيَنَّكُمْ) أولاد آدم (مِنِّي هُدىً) طرس ورسول (فَمَنِ اتَّبَعَ) أطاع (هُدايَ) الطرس والرسول (فَلا يَضِلُّ) المطاوع سواء الصراط حالا (وَلا يَشْقى) ( 123 ) مالا .

(وَ) كل (مَنْ أَعْرَضَ) صدّ وعدل (عَنْ ذِكْرِي) الكلام المرسل وما أسلم له أو دعاء السداد (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً) عمرا (ضَنْكاً) حصرا لا موسّعا مالا أو طعاما حراما أو عملا سوء ، أو المراد حصر المرمس أواصره ودركه (وَنَحْشُرُهُ) المه (يَوْمَ الْقِيامَةِ) عود الأرواح لأعطالها الأول (أَعْمى) ( 124 ) حواسه أو سواره ، والأوّل أصح لما دلّ علاه .

(قالَ) اللّهمّ (رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي) الحال (أَعْمى) أمالهما رهط ، ورهط أمالوا الأوّل وحده (وَقَدْ كُنْتُ) لدار الأعمال (بَصِيراً) ( 125 ) سالم الحسّ .

(قالَ) اللّه له الأمر (كَذلِكَ) عمل معك كما هو عملك وصدع عمله (أَتَتْكَ) لدار الأعمال (آياتُنا) الكلام المصطع (فَنَسِيتَها) أراد عدم

----------

عليه من الذرية (بعضكم لبعض عدو) للتظالم في أمر المعاش (فإما يأتينكم مني هدى) شريعة وبيان (فمن اتبع هداي فلا يضل) في الدنيا (ولا يشقى) في الآخرة .

(ومن أعرض عن ذكري) أي القرآن وسائر كتب الله (فإن له معيشة ضنكا) ضيقة (ونحشرهم يوم القيامة أعمى) القلب أو البصر (قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا) في الدنيا أو عند البعث قيل يخرج من قبره بصيرا فيعمى في حشره (قال كذلك أتتك ءاياتنا) دلائلنا (فنسيتها) تركتها وأعرضت

ص: 454

الإسلام لها (وَكَذلِكَ) كما هو عملك (الْيَوْمَ تُنْسى) ( 126 ) أراد عدم إعطاء الحس والسلام له .

(وَكَذلِكَ) كما أوصل العدل للصاد الراد (نَجْزِي) أوصل العدل كل (مَنْ أَسْرَفَ) عدل مع اللّه إلها سواه وأورط درّه مورط داماء الأهواء (وَلَمْ يُؤْمِنْ) وما أسلم سدادا (بِآياتِ) اللّه (رَبِّهِ) الكلام المرسل وردّها (وَلَعَذابُ) الدار (الْآخِرَةِ) دار الآلام (أَشَدُّ) أعسر وأصمل مما مر ، وهو عسر العمر وعدم الاحساس ، أورد كلام اللّه والصدود ممّا الإسلام (وَأَبْقى) ( 127 ) أدوم .

(أَ) عموا (فَلَمْ يَهْدِ) اللّه أو الرسول (لَهُمْ) لأهل الحرم أو مدلول (كَمْ) آمرا (أَهْلَكْنا) اصطلاما (قَبْلَهُمْ) أمام عهدهم (مِنَ) لإعلام مدلول كم (الْقُرُونِ) الأمم الأول ، والحال (يَمْشُونَ) لأوطارهم وهو حال ك « لهم » (فِي مَساكِنِهِمْ) دورهم ومحالهم كعاد ورهط صالح ورهط لوط والمراد إحساسهم رسوم هلاكهم وهو إهلاك الأمم الأول (إِنَّ فِي ذلِكَ) المسطور (لَآياتٍ) إعلاما ودوالّ (لِأُولِي النُّهى) ( 128 ) أهل الأحلام .

----------

عنها (وكذلك) كما تركتها (اليوم تنسى) تترك في العذاب أو العمى (وكذلك) الجزاء (نجزي من أسرف) أشرك (ولم يؤمن بآيات ربه ولعذاب الآخرة أشد) من عذاب الدنيا وعذاب القبر (وأبقى) وأدوم .

(أفلم يهد لهم) يبين لهم لقريش الله أو الرسول أو ما دل عليه (كم أهلكنا قبلهم من القرون) أي إهلاكنا كثيرا من الأمم الماضية المكذبة للرسل كعاد وثمود (يمشون) حال من ضمير لهم (في مساكنهم) ويرون آثار هلاكهم فيعتبروا (إن في ذلك لآيات) لعبرا (لأولي النهى) لذوي العقول .

ص: 455

(وَلَوْ لا كَلِمَةٌ) كلام إمهالهم وعدم إهلاكهم واصطلامهم الحال (سَبَقَتْ) صدر أولا (مِنْ) اللّه (رَبِّكَ) الراحم العالم للحكم والمصالح (لَكانَ) إهلاكهم واصطلامهم (لِزاماً) لا سما لهم الحال وهو مصدر أورد محل الاسم اطراء (وَ) لولا (أَجَلٌ) أمد (مُسَمًّى) ( 129 ) محدود لأعمارهم أو لإصرهم وحدّهم لأهلكوا واصطلموا كما أهلك واصطلم الأمم الأول .

(فَاصْبِرْ) محمّد ( ص ) (عَلى ما) كلام ولوم وسوء (يَقُولُونَ) لك وهو حكم محدود حدّه حكم العماس (وَسَبِّحْ) صلّ أو طهّر عمّا كره ووصم (بِحَمْدِ) اللّه (رَبِّكَ) مولاك وهو حال والمراد حامدا للّه (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) ماصلا والمراد ما صلّوا أمام الطّلوع (وَقَبْلَ غُرُوبِها) والمراد العصر وما هو أمامه ، أو العصر وحده (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) ساعة واحده كمعا أو كعلو (فَسَبِّحْ) صلّ ما عداها أو ما عداهما وما عدا ما هو امام العصر (وَأَطْرافَ النَّهارِ) حدوده والمراد ما أمام الطلوع وراء الدلوك ماصلا كرّرهما مؤكدا أو

----------

(ولو لا كلمة سبقت من ربك) بتأخير عذابهم إلى الآخرة (لكان) الأخذ العاجل (لزاما) لازمهم (وأجل مسمى) عطف على كلمة أي لو لا العدة بتأخير عذابهم وأجل مضروب لهم وهو الآخرة أو يوم بدر للزمهم الأخذ العاجل أو على مستكين كان أي لكان الأخذ العاجل وأجل مسمى لازمين لهم .

(فاصبر على ما يقولون) من تكذيبك (وسبح بحمد ربك) صل متلبسا بحمده (قبل طلوع الشمس) صلاة الفجر (وقبل غروبها) صلاة العصر والظهرين (ومن ءاناء الليل) أي ساعاته (فسبح) صل العشاءين وقدم الظرف اهتماما للصلاة فيه لأنها أشوق والبال فيه أجمع (وأطراف النهار) صلاة الظهر لأن أول وقتها نهاية النصف الأول وبداية النصف الثاني وجمع لأمن اللبس أو

ص: 456

المراد ما عمل اطوّعا أو حدود صدعه والمراد ما هو أمام العصر (لَعَلَّكَ تَرْضى) ( 130 ) لعدّ العدل ورووه لا معلوما .

(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) مدّهما الإحساس عصرا طوالا وعدم ردّهما ودّا للمحسوس (إِلى ما) مال (مَتَّعْنا بِهِ) المال (أَزْواجاً) صروعا (مِنْهُمْ) الأعداء والمراد ملأهم (زَهْرَةَ) مهاه (الْحَياةِ الدُّنْيا) العمر الملهد (لِنَفْتِنَهُمْ) لأمحصهم حالا أو أوّلهم مالا (فِيهِ) الهاء ك « ما » الموصول (وَرِزْقُ) اللّه (رَبِّكَ) حلاله لهاء الوطر ، أو ما أعطاك مما الألوك والسداد ، أو عدله المعدّ لك وهو دارالسلام (خَيْرٌ) أملح وأصلح (وَأَبْقى) ( 131 ) أدوم مما أعطوا مالا لمّا لا حسم له أصلا .

(وَأْمُرْ أَهْلَكَ) طوّعك أو اعراسك وأولادك (بِالصَّلاةِ) ورد كلما وصل أهل الرسول صلعم عسر وعدم أمرهم صلّوا ودرسها (وَاصْطَبِرْ عَلَيْها) داوم علاها (لا نَسْئَلُكَ) أصلا (رِزْقاً) لا حدّ (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) وسواك أصلح سرك لأمر المعاد واطرح همّ ما سواه (وَالْعاقِبَةُ) صلاحها أو الأمد المحمود

----------

تكرير صلاتي الصبح والعصر اعتناء بهما (لعلك ترضى) بما يعطيك ربك في الدارين .

(ولا تمدن عينيك) لا تنظرن (إلى ما متعنا به أزواجا منهم) أصنافا من الكفار (زهرة الحيوة الدنيا) زينتها وبهجتها (لنفتنهم فيه) لنختبرهم أو لنعذبهم به (ورزق ربك) ما وعدك به في الآخرة أو ما رزقك من العلم والنبوة (خير) مما متعهم به في الدنيا (وأبقى) وأدوم .

(وأمر أهلك) أهل بيتك (بالصلوة واصطبر عليها) حافظ عليها (لا نسئلك) لا نكلف (رزقا) لنفسك ولا لأهلك (نحن نرزقك) وإياهم

ص: 457

(لِلتَّقْوى) ( 132 ) لأهل الورع والصلاح .

(وَقالُوا) أعداء الرسول محمّد صلعم لددا ومراء لا سدادا وعدلا (لَوْ لا) هلا (يَأْتِينا) محمّد ( ص ) (بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ) علم لسداد ألوكه وحوور لهم (أَ) ما سمعوا علما (وَلَمْ تَأْتِهِمْ) لهؤلاء الأعداء (بَيِّنَةُ) صدع ما أرسل (فِي الصُّحُفِ) الطروس (الْأُولى) ( 133 ) لمّا صدعه كلام اللّه ، والمراد أحوال أمم أهلكوا واصطلموا لمّا وصموا الرسول وردّوهم ، أو المراد ما وردهم مصحّح الطروس الأول العدل وهو كلام اللّه .

(وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ) أولاد ماء السماء (بِعَذابٍ) حدّ مولم (مِنْ قَبْلِهِ) محمّد الرسول صلعم أو كلام اللّه (لَقالُوا) معادا اللهم (رَبَّنا لَوْ لا) هلا (أَرْسَلْتَ إِلَيْنا) معلما هدوّا (رَسُولًا) معه كلام مرسل وإعلام السداد (فَنَتَّبِعَ) ح هو حوار لولا (آياتِكَ) المرسل معها (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ) إهلاكا وأسرا حالا (وَنَخْزى) ( 134 ) لورود الآلام مآلا ، ورووا كل واحد لا معلوما .

(قُلْ) لهم (كُلٌّ) مسلم وعدوّ (مُتَرَبِّصٌ) راصد لمآل الأمر

----------

(والعاقبة) المحمودة (للتقوى) لأهلها .

(وقالوا لو لا) هلا (يأتينا) محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (بآية من ربه) مقترحة لم يعتدوا بما أتى به من الآيات (أولم يأتهم) بالياء والتاء (بينة ما في الصحف الأولى) بيان ما في سائر الكتب المنزلة يعني القرآن لتضمنه أصول ما فيها من العقائد والأحكام .

(ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله) قبل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو القرآن (لقالوا) يوم القيامة (ربنا لو لا) هلا (أرسلت إلينا رسولا فنتبع ءاياتك) المرسل بها (من قبل أن نذل) في المحشر أو في الدنيا بالقتل والأسر (ونخزى) في جهنم (قل

ص: 458

(فَتَرَبَّصُوا) ارصدوا المال (فَسَتَعْلَمُونَ) معادا (مَنْ) للسؤال (أَصْحابُ الصِّراطِ) سلّاكه (السَّوِيِّ) المسد الأعدل ، ورووه السواء والمراد الوسط الكامل ورووه السوء (وَمَنِ) للسؤال أو للموصول (اهْتَدى) ( 135 ) سواء الصراط أهل الإسلام أم أعداءهم .

----------

كل) منا ومنكم (متربص) منتظر عاقبة الأمر (فتربصوا) تهديد (فستعلمون من أصحاب الصراط السوي) الدين المستقيم (ومن اهتدى) لطريق الحق نحن أم أنتم.

ص: 459

ص: 460

سورة الأنبياء

ص: 461

ص: 462

( سورة الأنبياء )

موردها أمّ الرّحم ، ومحصول أصول مدلولها :

اعلام إحصاء الأعمال معادا ، أو لوم أهل العدول لصدّهم وردّهم المعاد وأحكام الألوك ، وسطو أهل السداد ، وإعلام أدلّاء الوحود وطوع الأملاك وأسر اللّه السماء والرمكاء لكمال الألوّ ، ودور السماء ، وإهلاك العالم ، وحرس اللّه العالم .

وأحوال الرسول الأوّاه وهداه ، وردّه للمآله العواطل وطوّعهم ، وهمّهم إهلاكه لردّه ، وسلامه عما أرادوا ، وأحوال لوط الرسول ورهط السواء ، وأحوال أطوال الرسل عمرا وإهلاك رهطه ، وحكم داود الرسول وأحوال ولده ، ودعاء رسول ملهوم السمك ، وصلاح أمّ روح اللّه ، وإعلام هلّاك الأمصار وطرد المآله وطوّعهم ، وعلوّ أهل الإسلام ، وإعلام أحوال رهط محمد رسول اللّه صلعم للرسل الأول ، وإرسال محمّد صلعم مع الرحم والكرم ، وإعلام الألوك للكل سواء ، وروم أمر اللّه كما واءم الحكم والمصالح .

ص: 463

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(اقْتَرَبَ) أحمّ (لِلنَّاسِ) أولاد آدم والمراد أعداء الإسلام ، واللام وصل له أو مؤكد لوصل (حِسابُهُمْ) العصر الموعود لعدّ أعمالهم وعدلهم وإعطاء الآلام لهم مواما لأعمالهم وهو عصر المعاد (وَهُمْ) أعداء الإسلام (فِي غَفْلَةٍ) لهو وسهو ، وهو محمول لهم كما هو وال له أو حال عامله (مُعْرِضُونَ) ( 1 ) عما هو مسلمهم وهو الإسلام والعمل الصالح ، أو المراد ردّه ودهمه .

(ما يَأْتِيهِمْ مِنْ) مؤكد للمدلول ما (ذِكْرٍ) كلام مرسل لصحوهم وادّكارهم (مِنْ) اللّه (رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ) إرساله عصرا عصرا وماصلا ماصلا ، أو المراد كلمه (إِلَّا اسْتَمَعُوهُ) الكلام المرسل (وَ) الحال (هُمْ يَلْعَبُونَ) ( 2 )

----------

(21 سورة الأنبياء مائة واثنتا عشرة آية مكية)

بسم الله الرحمن الرحيم

(اقترب للناس حسابهم) وصف بالقرب لأن كل آت قريب ولأن ما بقي من الدنيا أقل مما ذهب (وهم في غفلة) عنه (معرضون) عن التأهب له (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث) تنزيله شيئا فشيئا (إلا استمعوه وهم يلعبون)

ص: 464

هو اللّهو لكمال أمههم وصدودهم .

(لاهِيَةً) المراد السهو ، وهو حال عامله محمول الحال الأوّل أو عامله ، ورووه محمولا وراء محمول لهم (قُلُوبُهُمْ) عمّا أمروا وهو إدراك مدلوله (وَأَسَرُّوا) دسوا (النَّجْوَى) الكلام هم (الَّذِينَ ظَلَمُوا) حدلوا وأسرّوا محمول له أورد أمامه ، والمراد أرهاط مرّ حالهم ، وأصله هؤلاء أسرّوا أورد الموصول محل هؤلاء لإعلاء هؤلاء حدلهم وإعلامه أو معمول لعامل مطروح ومصرّح ك « واو » أسرّوا ، والكلام المسرّ هو (هَلْ) ما هذا الرسول أرادوا محمدا صلعم (إِلَّا بَشَرٌ) أحد أولاد آدم (مِثْلُكُمْ) وما هو رسولا وكل ما عمل سحر (أَ) طراكم الور (فَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَ) الحال (أَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) ( 3 ) السحر ومرادهم الردع عما وردوا صدد الرسول صلعم لسماع كلام اللّه .

(قالَ) لهم محمّد ( ص ) ورووه أمرا (رَبِّي) اللّه (يَعْلَمُ الْقَوْلَ) سرّا وحسا حاصلا (فِي السَّماءِ) عالم العلو (وَالْأَرْضِ) عالم الحطّ (وَهُوَ) اللّه (السَّمِيعُ) لما كلّموه (الْعَلِيمُ) ( 4 ) لمّا دسّوه .

----------

يستهزءون به حال من الواو وكذا (لاهية قلوبهم) غافلة عن تدبره أو حال من واو يلعبون (وأسروا النجوى) بالغوا في إخفائها أو أخفوا التناجي به فلم يتفطن له (الذين ظلموا) بدل من واو أسروا أو ذم مرفوع أو منصوب بتقديرهم أو أعني (هل هذا إلا بشر مثلكم) بدل من النجوى أو مفعول لقالوا منصوب أي هو ليس بملك فليس برسول فما يأتي به سحر (أفتأتون السحر) فتحضرونه وتقبلونه (وأنتم تبصرون) ترون أنه بشر أو تعلمون أنه سحر .

(قال ربي يعلم القول) كائنا (في السماء والأرض) فيعلم ما أسروه (وهو السميع) لأقوالهم (العليم) بأحوالهم .

ص: 465

(بَلْ قالُوا) سرّا هو (أَضْغاثُ) عام (أَحْلامٍ) أمور لا سلك لها رآها حال كراه (بَلْ) أسرّوا (افْتَراهُ) سطّره محمّد ( ص ) ووهم الإرسال (بَلْ) أسرّوا (هُوَ) محمد (شاعِرٌ) كسواه (فَلْيَأْتِنا) محمّد ( ص ) (بِآيَةٍ) علم لسداد ألوكه (كَما) علم (أُرْسِلَ) معه الرسل (الْأَوَّلُونَ) ( 5 ) وصرّحوه كالعصا والعرمس .

وأرسل ردّا لهم (ما آمَنَتْ) حال حلول إصر سألوا وروده عداء (قَبْلَهُمْ) أهل الحرم الردّاد للمعاد (مِنْ) مؤكّد (قَرْيَةٍ) أهلها (أَهْلَكْناها) أهلها لعدم إسلامهم حال ورود ما سألوا (أَ) لو أرسل ما سألوا إلحاحا (فَهُمْ) أهل الحرم (يُؤْمِنُونَ) ( 6 ) للرسول ، لا ، وح أهلكوا وما أراد اللّه إهلاكهم وما أرسل ما سألوا إلحاحا .

(وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ) محمّد ( ص ) (إِلَّا رِجالًا) أولاد آدم لا ملكا كما وهموا ، وهو ردّ لكلامهم (نُوحِي إِلَيْهِمْ) الأحكام والأوامر (فَسْئَلُوا) وأمرهم اسألوا (أَهْلَ الذِّكْرِ) علماء الهود ورهط روحا للّه ، هل الرسل الأوّل

----------

(بل قالوا أضغاث أحلام) تخاليط أباطيل رآها في النوم (بل افتراه) اختلقه من نفسه (بل هو شاعر) فما أتى به شعر (فليأتنا بآية كما أرسل الأولون) كالناقة والعصا .

(ما ءامنت قبلهم من قرية) أي أهلها (أهلكناها) بتكذيب الآيات المقترحة عند مجيئها (أفهم يؤمنون) أي لا يؤمنون لو أتيتهم بها وإذا لم يؤمنوا استحقوا الإهلاك كمن قبلهم فلم نجبهم إبقاء عليهم .

(وما أرسلنا قبلك إلا رجالا) لا ملائكة جواب لقولهم (هل هذا إلا بشر مثلكم) (نوحي إليهم) بالياء والنون (فاسئلوا أهل الذكر) أهل الكتاب

ص: 466

الأملاك أو أولاد آدم (إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ( 7 ) ما مرّ .

(وَما جَعَلْناهُمْ) الرسل (جَسَداً) وحّده لمحا للصرع ، أو لمّا أصله المصدر ( لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) كما وهموا أرادهم أكلوا الطعام كمحمد ( ص ) (وَما كانُوا) الرسل (خالِدِينَ) ( 8 ) دار الأعمال كما هو وهمهم .

(ثُمَّ صَدَقْناهُمُ) الرّسل (الْوَعْدَ) وعد سلامهم (فَأَنْجَيْناهُمْ) سلّموا مما حل لأرهاطهم وما أهلكوا (وَ) كلّ (مَنْ نَشاءُ) سلامه وهم أهل الإسلام ، حال حكاها اللّه (وَأَهْلَكْنَا) الأمم (الْمُسْرِفِينَ) ( 9 ) اللّاءوا عدوا حدّ الإسلام وحدلوا .

(لَقَدْ أَنْزَلْنا) أرسل اللّه (إِلَيْكُمْ) رهط الحمس (كِتاباً) كلاما مرسلا لمحمّد صلعم (فِيهِ ذِكْرُكُمْ) علاءكم لمّا هو ككلامكم (أَ) ولو حصل عملكم أو إعلام حالكم ومآلكم (فَلا تَعْقِلُونَ) ( 10 ) علاءكم وما هو معل لكم ، أو ما هو حاو لحالكم ومآلكم .

----------

لوثوقكم به أو أهل القرآن، وعنهم (عليهم السلام) نحن أهل الذكر والذكر الرسول (إن كنتم لا تعلمون) ذلك فإنهم يعلمونه .

(وما جعلناهم) أي الرجال (جسدا) أجسادا على إرادة الجنس (لا يأكلون الطعام) بل جعلناهم أجسادا يأكلونه (وما كانوا خالدين) بل يموتون فهم أبشار مثلك لخلوهم من خاصتي الملائكة عدم الطعم والخلود على اعتقادهم (ثم صدقناهم الوعد) بالإنجاء والنصر (فأنجيناهم ومن نشاء) ممن آمن بهم (وأهلكنا المسرفين) المكذبين لهم .

(لقد أنزلنا إليكم) يا قريش (كتابا فيه ذكركم) شرفكم أو ما يوجب حسن الذكر لكم إن تمسكتم به (أفلا تعقلون) فتؤمنون به .

ص: 467

(وَكَمْ) آمرا معمول (قَصَمْنا) هو الكسر والمراد الإهلاك (مِنْ) أهل (قَرْيَةٍ) مصر (كانَتْ) أهلها (ظالِمَةً) رهطا حادلا (وَأَنْشَأْنا) أسر اللّه (بَعْدَها) إهلاك أهلها (قَوْماً) رهطا (آخَرِينَ) ( 11 ) وحلّوا محالهم .

(فَلَمَّا أَحَسُّوا) أدرك الرهط المهلك وعلموا علم حس (بَأْسَنا) الإصر والحدّ (إِذا هُمْ) أهل الهلاك (مِنْها) المصر ومحالهم (يَرْكُضُونَ) ( 12 ) هو الصدود مسرعا ، وأصله رمح المرعرع مطاه وكلّمهم الملك أو أهل الإسلام .

لا (تَرْكُضُوا) سراعا أو هو كلام أحدهم مع أحد (وَارْجِعُوا) عودوا (إِلى ما) حال (أُتْرِفْتُمْ) أطلحكم اللّه ووسع ما لكم (فِيهِ وَمَساكِنِكُمْ) محالكم ودوركم (لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ) ( 13 ) عما حلكم وأموالكم أو مالا وحماء ، أو أمراء وحكما سألكم ممالككم وطوّاعكم أموركم ، أو إما لسؤال المهام وأمر صواكم الدهر كما هو حالكم أولا .

(قالُوا) لمّا رأوا الحد والإصر وعلموا عدم الإمّلاص (يا) للإعلام (وَيْلَنا) هلكا هلمّ الحال حالك (إِنَّا كُنَّا) أوّلا (ظالِمِينَ) ( 14 ) عمال الآصار والمعارّ .

----------

(وكم قصمنا) أهلكنا (من قرية) أي أهلها (كانت ظالمة) كافرة (وأنشأنا بعدها قوما ءاخرين) مكانهم (فلما أحسوا بأسنا) أدرك أهل القرية عذابنا بحواسهم (إذا هم منها) من القرية (يركضون) يهربون مسرعين (لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم) نعمتم (فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون) عن أعمالكم أو يسألكم الناس شيئا من دنياكم (قالوا) ندما حين عاينوا العذاب (يا ويلنا) هلكنا (إنا كنا ظالمين) بتكذيب الرسل .

ص: 468

(فَما زالَتْ تِلْكَ) الكلم (دَعْواهُمْ) دعاءهم ومما محكوم ومحمول (حَتَّى جَعَلْناهُمْ) لطلاحهم وعدولهم (حَصِيداً) كالمحصود (خامِدِينَ) ( 15 ) همادا كهمود الساعور والمراد هلاكا ، وهو حال .

(وَما خَلَقْنَا) وما أسر اللّه (السَّماءَ) عالم العلو (وَالْأَرْضَ) عالم الرّهص (وَ) كل (ما) وسط (بَيْنَهُما) عالم العلوّ وعالم الحطّ (لاعِبِينَ) ( 16 ) هو عمل داع له الورة وعدم العلم ولا رسو له ، وهو حال

(لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً) عرسا أو ولد كما وهم رهط روح اللّه (لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا) الحور أو الملك (إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ) ( 17 ) له ولم أرده ولم أعلمه ولا وطر ، وحواره مطروح دلّ علاه ما أمامه .

(بَلْ نَقْذِفُ) هو الطرح (بِالْحَقِّ) الإسلام ، أو كلام اللّه (عَلَى الْباطِلِ) العدول أو المارد (فَيَدْمَغُهُ) هو الكسر الواصل أمّ الرأس (فَإِذا هُوَ) العدول أو المار (زاهِقٌ) هالك (وَلَكُمُ) أهل الحرم (الْوَيْلُ) الإصر الصعد

----------

(فما زالت تلك) الدعوى (دعواهم) يدعون بها ويرددونها (حتى جعلناهم حصيدا) كالزرع المحصود (خامدين) موتى لا يتحركون كما تخمد النار أي أهلكناهم بالعذاب أو بقتل بخت نصر لهم .

(وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين) عابثين بل خلقناهما لغرض صحيح ومنافع للخلق دينية ودنيوية (لو أردنا أن نتخذ لهوا) ما يتلهى به قيل هو الولد وقيل الزوجة (لاتخذناه من لدنا) من قدرتنا أو من عندنا أي من الملائكة والحور لا من الإنس (إن كنا فاعلين) ذلك (بل نقذف بالحق على الباطل) الذي من جملته اللهو (فيدمغه) فيعلوه واستعير لذلك القذف وهو الرمي بنحو الحجر والدمغ وهو إصابة الدماغ بالشجة تصويرا لإذهاب الباطل الحق للمبالغة (فإذا هو زاهق) مضمحل (ولكم) أيها الكفرة (الويل) الهلاك

ص: 469

(مِمَّا) وهو للمصدر أو موصول (تَصِفُونَ) ( 18 ) اللّه وهو الولد أو العرس .

(وَلَهُ) ملكا وأسرا كل (مَنْ) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو كلّه (وَالْأَرْضِ) عالم الحطّ كلّه (وَمَنْ عِنْدَهُ) علاه وحالا لا محلّا وهم الأملاك (لا يَسْتَكْبِرُونَ) أصلا (عَنْ عِبادَتِهِ) طوع اللّه (وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) ( 19 ) عما أطاعوا اللّه وهو الكلال والملا .

(يُسَبِّحُونَ) للّه (اللَّيْلَ وَالنَّهارَ) دواما (لا يَفْتُرُونَ) ( 20 ) أصلا هو الكسل وهو حال .

(أَمِ اتَّخَذُوا) هؤلاء الورة (آلِهَةً) حصّالا (مِنَ الْأَرْضِ) عالم الرهص (هُمْ) الإله (يُنْشِرُونَ) ( 21 ) الهلاك والمراد إعطاء الحس والحراك وهو مال دعواهم وما ادّعوه صراحا لمّا صرّحوا ردّ المعاد ، وما أسلموا له ، والحاصل لا ما الأمر كما وهموا .

(لَوْ كانَ فِيهِما) عالم السماء وعالم الرّمكاء (آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ) سواه

----------

(مما تصفون) الله به .

(وله من في السموات والأرض) ملكا وخلقا (ومن عنده) أي الملائكة المقربون منه بالشرف لا بالمسافة (لا يستكبرون) يترفعون (عن عبادته ولا يستحسرون) لا يعيون منها (يسبحون الليل والنهار) ينزهونه دائما (لا يفترون) عن التسبيح فهو لهم كالنفس لنا لا يشغلهم عنه شاغل .

(أم اتخذوا ءالهة) كائنة (من الأرض) الحجر أو غيره (هم ينشرون) يحيون الموتى إذ من لوازم الإلهية القدرة على كل ممكن وأورد الضمير المخصص للإنشاء بهم مبالغة في التهكم (لو كان فيهما) أي السموات والأرض (ءالهة إلا الله) غير الله وصف بإلا حين تعذر الاستثناء لعدم دخول ما بعدها فيما

ص: 470

(لَفَسَدَتا) لطرا لهما العدم الهلاك وما داما مددا طوالا ، لحصول الادّارء حال عدّ الحاك وعدم وحوده كما هو المعاود ، أو لمّا حصلا ومحل صدعه علم الكلام (فَسُبْحانَ اللَّهِ) طهرا له (رَبِّ الْعَرْشِ) السماء الأطمس أوسع الأكر محدّد الحدود (عَمَّا) مساهم وعرس وولد (يَصِفُونَ) ( 22 ) الأعداء اللّه .

( لا يُسْئَلُ) اللّه مالك الملك (عَمَّا) كل عمل (يَفْعَلُ) لمّا هو المالك للكلّ والأسر لهم (وَهُمْ) أولو العلم أو روح اللّه والملك (يُسْئَلُونَ) ( 23 ) عما هو عملهم لمّا كلهم ملك له .

(أَمِ) أ (اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ) سواه (آلِهَةً) أمرهم اللّه طوعهم لا ، كرّره لكمال الردّ وإعلاء لأمرهم وإعلاء لكمال عماهم (قُلْ) لهم (هاتُوا) أو ردّوا (بُرْهانَكُمْ) الدال لدعواكم ، والحاصل لا دالّ لدعواهم حلما لما مرّ ولا سماعا مما أرسل اللّه لمّا لا رسول ولا كلام مرسلا إلا وحّده كما أعلمه (هذا) الكلام المرسل (ذِكْرُ مَنْ) رهط (مَعِيَ) الحال (وَذِكْرُ مَنْ) أمم مرّ عهدهم (قَبْلِي) أوّلا ما أمر اللّه أحدا أصلا طع إله سواه

----------

قبلها ولإفادته لزوم الفساد لوجود آلهة دونه ومفهومه عدم لزومه لوجودها معه وهو خلاف المراد (لفسدتا) سواء توافقا أم تخالفا أما الثاني فظاهر وأما الأول فلأن تأثير كل منهم فيه يمنع تأثير الآخر فيه مرة أخرى لاستحالته (فسبحان الله رب العرش) الحاوي لأجزاء العالم (عما يصفون) من الشريك والصاحبة والولد (لا يسئل عما يفعل) لأن كل ما يفعله حكمة أو صواب (وهم) أي الآلهة والعباد (يسئلون) عن أفعالهم .

(أم اتخذوا من دونه ءالهة) كرر استفظاعا لكفرهم (قل هاتوا برهانكم) على ذلك عقلا ونقلا (هذا ذكر من معي) عظة أمتي وهو القرآن (وذكر من قبلي) من

ص: 471

(بَلْ أَكْثَرُهُمْ) أهل العالم (لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ) اللّه واحدا أحدا أو كلام اللّه الدال لوحوده ، ورووه محمولا لمطروح وهو « هو » (فَهُمْ) عدماء العلم وأعداء الإسلام (مُعْرِضُونَ) ( 24 ) صدّاد عمّا وحّده وأوصلهم لطوع الرسول صلعم .

وأرسل مؤكدا (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) محمّد ( ص ) (مِنْ) مؤكد لمدلول « ما » (رَسُولٍ) ما (إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ) الرسول (أَنَّهُ) الأمر لا (إِلهَ) مألوه (إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) ( 25 ) وحدّوا .

(وَقالُوا) هؤلاء الورة (اتَّخَذَ) اللّه (الرَّحْمنُ) واسع الرّحم (وَلَداً) وأرادوا الأملاك (سُبْحانَهُ) طهر حراه عما وهموا (بَلْ) هم (عِبادٌ مُكْرَمُونَ) ( 26 ) لا أولاد .

(لا يَسْبِقُونَهُ) الأملاك اللّه (بِالْقَوْلِ) الكلام لمحا لأمره (وَهُمْ) الأملاك (بِأَمْرِهِ) اللّه لمّا أمرهم لا ما سواه (يَعْمَلُونَ) ( 27 ) دواما .

----------

الأمم وهو سائر كتب الله ليس فيها أن مع الله إلها، بل فيها ما ينفيه ولو كان له شريك لأتت رسله وكتبه تترى ولا خبر عن شريكه وصح إثبات التوحيد بالنقل لعدم توقف البعثة عليه (بل أكثرهم لا يعلمون الحق) أي توحيد الله لتركهم النظر (فهم معرضون) عن الحق لعدم تمييزهم بينه وبين الباطل .

(وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه) بالياء والنون (أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) فوحدوني (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا) قالوا الملائكة بنات الله (سبحانه) تنزيها له عن ذلك (بل عباد مكرمون) لديه (لا يسبقونه بالقول) لا يقولون إلا ما يقوله (وهم بأمره يعملون) في أقوالهم وأفعالهم .

ص: 472

(يَعْلَمُ) اللّه كل (ما) حصل (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أمامهم (وَ) كل ما هو حاصل (خَلْفَهُمْ) وراءهم والمراد ما عملوه وما هم عاملوه ، وهو معلل لما مرّ وممهّد لما هو وال له وهو (وَلا يَشْفَعُونَ) الأملاك لأحد (إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) حكم اللّه له الإمداد وودّه (وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ) روعه وهوله (مُشْفِقُونَ) ( 28 ) روّاع حلول الإصر والحدّ .

(وَ) كلّ (مَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ) الأملاك أو هم ما سواهم (إِنِّي إِلهٌ) مألوه (مِنْ دُونِهِ) سواه (فَذلِكَ) المكلّم (نَجْزِيهِ) ورود دار الآلام (جَهَنَّمَ كَذلِكَ) كما أوصل له عدله (نَجْزِي) الأمم (الظَّالِمِينَ) ( 29 ) اللّاءوا عدلوا مع اللّه إلها سواه .

(أَ) وره (وَلَمْ يَرَ) ما علم ، وروه لا مع الواو الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلا (أَنَّ السَّماواتِ) كلها (وَالْأَرْضَ) معا (كانَتا) كلاهما (رَتْقاً) سدّا ولا ما موصولا وحده لمّا هو مصدر (فَفَتَقْناهُما) هو الصدع (وَجَعَلْنا) المراد الأسر أو أصله (مِنَ الْماءِ) المعلوس أو ماء الأصول

----------

(يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) أي ما عملوا وما هم عاملون (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) أن يشفع له (وهم من خشيته) من مهابته (مشفقون) وجلون (ومن يقل منهم) من الملائكة فرضا وقيل عنى إبليس لأنه دعي إلى طاعته (إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم) والتعذيب ينافي النبوة (كذلك) الجزاء (نجزي الظالمين) المشركين .

(أولم ير الذين كفروا) يعلموا (أن السموات والأرض كانتا رتقا) ذواتي رتق أو مرتوقتين أي ملتصقتين (ففتقناهما) بالمطر والنبات (وجعلنا من الماء

ص: 473

(كُلَّ شَيْءٍ) مأسور (حَيٍّ) له حس وحراك والحاصل واصل كله الماء أو المراد لولا الماء لمّا دام الكل وهلك (أَ فَلا يُؤْمِنُونَ) ( 30 ) مع سطوع الدوالّ والإعلام .

(وَجَعَلْنا) كرما ورحما (فِي) سطح (الْأَرْضِ) أطوادا (رَواسِيَ) رواكد رسا وطد كره (أَنْ تَمِيدَ) الرمكاء ، لماد مال ورهوك (بِهِمْ) أهلها (وَجَعَلْنا فِيها) الرمكاء أو الأطواد (فِجاجاً) صرطا وساعا وهو حال (سُبُلًا) الك للسلّاك (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) ( 31 ) الأمصار المروم وصولها والمصالح المصمود حصولها .

(وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً) سطحا (مَحْفُوظاً) محروسا عما ورد رهط المارد أو لا هدّ له أو لا عماد له (وَهُمْ) الأعداء (عَنْ آياتِها) أعلام السماء ودوالّها كالطوس وسواه (مُعْرِضُونَ) ( 32 ) صدّاد .

----------

كل شيء حي) خلقنا منه كل حيوان لفرط حاجته إليه وقلة صبره عنه أو صيرنا كل شيء حي بسبب من الماء لا بد له منه وقيل بشمول الحي للنبات أيضا (أفلا يؤمنون) وقد لزمتهم الحجة .

(وجعلنا في الأرض رواسي) جبالا ثوابت كراهة (أن تميد) تتحرك (بهم وجعلنا فيها) في الأرض أو الرواسي (فجاجا) طرقا واسعة (سبلا) بدل (لعلهم يهتدون) إلى مقاصدهم في الأسفار أو إلى وحدانية الله بالاعتبار (وجعلنا السماء سقفا) للأرض في النظر (محفوظا) عن السقوط بقدرته أو الشياطين بالشهب (وهم عن ءاياتها) أوضاعها وأحوالها الدالة على الصانع (معرضون) لا يتفكرون فيها .

ص: 474

(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ) الدلس للركوح (وَالنَّهارَ) اللمع للعمل والكد (وَالشَّمْسَ) اللامع الأكمل (وَالْقَمَرَ) المطاوع لمعه للمعها والحال (كُلٌّ) كل واحد ممّا مرّ والمراد صرع الطوالع أو اللامع الأكمل وما رواءه (فِي فَلَكٍ) سماء أو مدور محله السماء (يَسْبَحُونَ) ( 33 ) هو عدم الماء والمراد المرور أو الدور إسراعا ، والواو لهما للمح المطالع أو لصرع الطوالع ولمّا لعوم عمل أهل العلم .

(وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ) ما (مِنْ قَبْلِكَ) محمّد ( ص ) (الْخُلْدَ) دوام العمر دار الأعمال عمّروا سرمدا (أَ فَإِنْ مِتَّ) محمّد ( ص ) (فَهُمُ) الأعداء (الْخالِدُونَ) ( 34 ) دواما .

(كُلُّ نَفْسٍ) كل ما له عطل وروح (ذائِقَةُ الْمَوْتِ) صال طعم السام المرّ (وَنَبْلُوكُمْ) أمحصكم وأعاملكم عمل الممحص (بِالشَّرِّ) العدم والعسر (وَالْخَيْرِ) المال والوسع (فِتْنَةً) روما لإحساس أحوالكم ، وهو مصدر مؤكد ، (وَإِلَيْنا) للعدل والعدل (تُرْجَعُونَ) ( 35 ) معادا .

----------

(وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل) من الشمس والقمر والنجوم (في فلك) أي جنسه (يسبحون) أي يسرعون بسرعة كالسابح في الماء جمع جمع العقلاء تشبيها بهم أو لما قيل أنهم ذوو أنفس ناطقة .

(وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) أي البقاء في الدنيا نزلت حين قالوا إن محمدا سيموت (أفإن مت فهم الخالدون) والفاء في الشرط لتعلقه بما قبله والهمزة لإنكار جملة الجزاء أي فهم أيضا يموتون فلا يشمتوا بموته (كل نفس ذائقة الموت) تقرير للإنكار (ونبلوكم) نختبركم (بالشر والخير) بالمحن والمنح (فتنة) ابتلاء مصدر من غير لفظه (وإلينا ترجعون) فنجازيكم .

ص: 475

(وَإِذا) كلما (رَآكَ) محمّد ( ص ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وردّوا الإسلام (إِنْ) ما (يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) ملهودا مردودا (أَ هذَا) المرء (الَّذِي يَذْكُرُ) ادّكار وصم وسوء (آلِهَتَكُمْ) دماكم (وَ) الحال (هُمْ بِذِكْرِ) اللّه وحوده أو إرساله الرسول أو كلامه (الرَّحْمنِ) واسع الرحم لهم (هُمْ) مؤكد (كافِرُونَ) ( 36 ) ردّاد لا سمّاع .

(خُلِقَ الْإِنْسانُ) صرعه أو عدّال سألوا إسراع الآصار أو العادل المعهود (مِنْ عَجَلٍ) إسراع سوس ورد أرسله اللّه لمّا سأل الأعداء أأحدهم المعهود ورود الحدّ إسراعا (سَأُرِيكُمْ) رهط الأعداء (آياتِي) الآصار والآلام (فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) ( 37 ) دعوا سؤال ورودها إسراعا ، وأراهم اللّه هلاكهم لعماس معهود كما وعدهم .

(وَيَقُولُونَ) سؤالا وردّا (مَتى هذَا الْوَعْدُ) وعد ورود الحد أو المعاد (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ( 38 ) كلاما ووعدا أرادوا الرسول صلعم وطوعه .

وأرسل اللّه لردّهم (لَوْ يَعْلَمُ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) وأعدوا (حِينَ لا يَكُفُّونَ) هو الردّ والصدّ (عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ) ساعور المعاد ( وَلا عَنْ

----------

(وإذا رءاك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا) مهزوءا به يقولون (أهذا الذي يذكر ءالهتكم) أي يعيبها (وهم بذكر الرحمن) بتوحيده أو بكتابه (هم كافرون) جاحدون كرر (هم) تأكيدا أو لبعد الخبر بحيلولة صلته (خلق الإنسان من عجل) لفرط عجله في الأمور كأنه خلق منه (سأريكم ءاياتي) وهو القتل في الدنيا والعذاب في الآخرة (فلا تستعجلون) فيها وقد أراهم القتل ببدر .

(ويقولون متى هذا الوعد) وعد القيامة (إن كنتم صادقين) فيه (لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون) أي لو يعلمون الوقت الذي لا يدفعون (عن

ص: 476

ظُهُورِهِمْ ) أصلا (وَلا هُمْ) ح (يُنْصَرُونَ) ( 39 ) ردّا لمكروههم ، وحوار « لو » مطروح وهو لما اسرعوه .

(بَلْ تَأْتِيهِمْ) السعواء (بَغْتَةً) دروء ودهما مصدر أو حال (فَتَبْهَتُهُمْ) هو الكوح دروء (فَلا يَسْتَطِيعُونَ) ح (رَدَّها) صدّها (وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) ( 40 ) هو الإمهال للهود أو الإملاه كما أمهلوا دار الأعمال .

(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ) كرام كمّل مرّوا (مِنْ قَبْلِكَ) أمامك (فَحاقَ) حلّ وأحاط (بِالَّذِينَ سَخِرُوا) إلهادا (مِنْهُمْ) الرسل عدل ما عمل (كانُوا) أولا (بِهِ) العمل (يَسْتَهْزِؤُنَ) ( 41 ) وهو كلام مسلّ للرسول ومهدد للأعداء

(قُلْ) لهم محمّد ( ص ) واسألهم (مَنْ) والمراد لا أحد (يَكْلَؤُكُمْ) كلاءه حرسه وعصمه (بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ) دواما (مَنْ) حلول إصر اللّه (الرَّحْمنِ) واسع الرحم (بَلْ هُمْ) أعداء

----------

وجوههم النار ولا عن ظهورهم) لإحاطتها بهم من كل جانب (ولا هم ينصرون) يمنعون منها فيه وهو الوقت الذي استعجلوا به بقولهم متى هذا الوعد وجواب لو محذوف أي لما استعجلوا (بل تأتيهم) القيامة أو النار (بغتة) فجأة (فتبهتهم) فتحيرهم أو تغلبهم (فلا يستطيعون ردها) عنهم (ولا هم ينظرون) لا يمهلون بعد إمهالهم في الدنيا .

(ولقد استهزىء برسل من قبلك) تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) (فحاق) حل (بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون) من العذاب أو جزاء استهزائهم فكذا يحيق بمن استهزأ بك .

(قل من يكلؤكم) يحفظكم (بالليل والنهار من الرحمن) من بأسه (بل هم

ص: 477

الإسلام (عَنْ ذِكْرِ) اللّه (رَبِّهِمْ) مولاهم وحارسهم (مُعْرِضُونَ) ( 42 ) صدّاد ورها .

(أَمْ لَهُمْ) لأعداء الإسلام (آلِهَةٌ) إله سواه (تَمْنَعُهُمْ) حراس لهؤلاء الأعداء (مِنْ دُونِنا) وراء حرس اللّه (لا يَسْتَطِيعُونَ) دماهم (نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ) أصلا (وَلا هُمْ) أهل العدول أو دماهم (مِنَّا يُصْحَبُونَ) ( 43 ) السلام أو الإمداد .

(بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ) ألوا آلاء وأعطوها وأمهلوا (وَآباءَهُمْ) ولّادهم ورؤساءهم الأول (حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ) كلهم (الْعُمُرُ) المعهود المحدود لهم ومكرهم طول أعمارهم (أَ) عملوا (فَلا يَرَوْنَ) صراحا (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) رمكاء أعداء الإسلام ، المراد العهد والروم (نَنْقُصُها) أحصرها وأكسها وأكوح علاهم (مِنْ أَطْرافِها) والمراد أملّكها وأسلّط علاها محمدا الرسول صلعم وطوعه (أَ) عكس الأمر (فَهُمُ الْغالِبُونَ) ( 44 )

----------

عن ذكر ربهم) أي القرآن أو المواعظ (معرضون) لا يلتفتون إليه فضلا عن أن يخافوا بأسه (أم لهم آلهة تمنعهم) من العذاب (من دوننا) من غيرنا (لا يستطيعون) أي الآلهة استئناف لبيان عجزهم (نصر أنفسهم) فكيف ينصرونهم (ولا هم منا يصحبون) بالنصر أو من عذابنا يجارون فكيف يجيرون وقيل ضمير هم للكفرة .

(بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر) فاغتروا بذلك وحسبوا أنه بسبب ما هم عليه (أفلا يرون أنا نأتي الأرض) نقصد أرض الشرك أو الأعم منها (ننقصها من أطرافها) بفتحها على الرسول أو بتخريبها وموت أهلها وروي بموت العلماء (أفهم الغالبون) أي ليسوا غالبين بل نحن الغالبون .

ص: 478

لا أهل الكوح رسول اللّه وطوّعه .

(قُلْ) لهم (إِنَّما) ما (أُنْذِرُكُمْ) أهولكم إلّا (بِالْوَحْيِ) إعلام اللّه وإلهامه (وَلا يَسْمَعُ) الملأ (الصُّمُّ) المسدود أسماعهم (الدُّعاءَ) الكلام (إِذا ما) كلّما (يُنْذَرُونَ) ( 45 ) وهم لطرحهم عمل ما سمعوه كالصّم .

(وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ) وصلهم (نَفْحَةٌ) ماصل (مِنْ عَذابِ) اللّه (رَبِّكَ) إلهك ومولاك (لَيَقُولُنَّ) لدعوا حسرا وهلاكا (يا وَيْلَنا) هلكا هلمّ وأسرع الحال حالك (إِنَّا كُنَّا) أوّلا (ظالِمِينَ) ( 46 ) حال الصدود .

(وَنَضَعُ الْمَوازِينَ) لرطل الأعمال وعلم كمّه (الْقِسْطَ) العدل ، وحّد لمّا هو مصدر أورد اطراء (لِيَوْمِ الْقِيامَةِ) لأهله أو اللام لام العصر (فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ) ما (شَيْئاً) عملا أو علما أو هو مصدر (وَإِنْ كانَ) العمل أو الحدل (مِثْقالَ) لهاء (حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا) ورووا همع المدّ وهو الإعطاء (بِها) مرطولها (وَكَفى بِنا حاسِبِينَ) ( 47 ) هو الحدّ والإحصاء ، والمراد العلم والحرس .

----------

(قل إنما أنذركم بالوحي) بما أوحي إلي (ولا يسمع) بالياء والتاء (الصم الدعاء إذا ما ينذرون) أي هم لتصاممهم وعدم التفاتهم إلى الإنذار كالصم (ولئن مستهم نفحة) أقل أثر (من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا) هلاكنا (إنا كنا ظالمين) بتكذيب محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) .

(ونضع الموازين القسط) العدل وصف بالمصدر مبالغة أو ذوات العدل (ليوم القيامة) لأهله أو فيه (فلا تظلم نفس شيئا) من حقها أو من الظلم (وإن كان) العمل (مثقال) زنة (حبة من خردل أتينا بها) أحضرناها وأنث ضمير مثقال لإضافته إلى الجنة (وكفى بنا حاسبين) عالمين أو محصين .

ص: 479

(وَلَقَدْ آتَيْنا) الرسول (مُوسى وَ) ردأه (هارُونَ) الرسول (الْفُرْقانَ) الكلام المعلم للسداد والأود والحلال والحرام ، وورد المراد الإمداد أو صدع الداماء (وَضِياءً) موصلا لسواء الصراط ، ورووه لا مع الواو ح هو حال (وَذِكْراً) إعلاء أو ادّكارا (لِلْمُتَّقِينَ) ( 48 ) أهل الورع .

(الَّذِينَ يَخْشَوْنَ) اللّه (رَبَّهُمْ) مولاهم (بِالْغَيْبِ) السر والوحود وهو حال (وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ) أهوالها (مُشْفِقُونَ) ( 49 ) روّاع .

(وَهذا) الكلام المرسل (ذِكْرٌ مُبارَكٌ) آمر مسعود كامل الصلاح عام السداد (أَنْزَلْناهُ) لمحمّد صلعم (أَ) أعمالكم الحسد والعداء (فَأَنْتُمْ لَهُ) لإرساله (مُنْكِرُونَ) ( 50 ) ردّاد .

(وَلَقَدْ آتَيْنا) والدك الأكرم (إِبْراهِيمَ) الرسول (رُشْدَهُ) هداه (مِنْ قَبْلُ) مامك ، أو أمام رسول الهود ، أو أمام إدراكه الحلم (وَكُنَّا بِهِ) حال أو هداه (عالِمِينَ) ( 51 ) علاما أولا هو أهل له .

ادّكر (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ) اللّاءوا أطاعوا دماهم (ما هذِهِ

----------

(ولقد ءاتينا موسى وهرون الفرقان) التوراة الفارقة بين الحق والباطل (وضياء) يستضاء بها (وذكرا للمتقين) عظة بها أو ذكر ما يحتاجون إليه (الذين يخشون ربهم بالغيب) حال أي غائبا عن حواسهم أو غائبين عن الناس أو في خلواتهم (وهم من الساعة) من أحوالها (مشفقون) خائفون .

(وهذا) أي القرآن (ذكر مبارك) كثير الخير (أنزلناه) على محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) (أفأنتم له منكرون) استفهام توبيخ .

(ولقد ءاتينا إبراهيم رشده) هداه والنبوة (من قبل) قبل موسى وهرون أو قبل بلوغه (وكنا به عالمين) أي بأنه أهل لما أتيناه (إذ قال لأبيه وقومه ما هذه

ص: 480

التَّماثِيلُ) الصور (الَّتِي أَنْتُمْ لَها) لطوعها (عاكِفُونَ) ( 52 ) أهل ركود ورموك .

(قالُوا) له (وَجَدْنا آباءَنا) الأول لمّا سمع أحوالهم (لَها) للصور (عابِدِينَ) ( 53 ) طوّعا والصراط صراطهم .

(قالَ) الرسول لهم (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ) أورده مؤكدا (وَآباؤُكُمْ) رؤساءكم الأول معا عمّها طهّسا (فِي ضَلالٍ) عدم وصول صراط سداد (مُبِينٍ) ( 54 ) ساطع .

(قالُوا) له (أَ جِئْتَنا بِالْحَقِّ) السداد (أَمْ أَنْتَ مِنَ) الملأ (اللَّاعِبِينَ) ( 55 ) أهل اللهو .

(قالَ) لهم ما دماكم أهل إل لكم (بَلْ رَبُّكُمْ) آسركم ومصلح أحوالكم ومولاكم اللّه (رَبُّ السَّماواتِ) مالكها كلها (وَ) مالك (الْأَرْضِ) الرّمكاء معا (الَّذِي فَطَرَهُنَّ) الصور أو السماء أو الرمكاء (وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ )

----------

التماثيل) الصور الممثلة (التي) لا تضر ولا تنفع تحقير لها وتوبيخ لهم (أنتم لها عاكفون) أي على عبادتها مقيمون وعدي باللام لتضمنه معنى العبادة أو للاختصاص .

(قالوا وجدنا ءاباءنا لها عابدين) فاقتدينا بهم (قال لقد كنتم أنتم وءاباؤكم في ضلال مبين) ظاهر لعدم استناد الجميع إلى حجة (قالوا أجئتنا بالحق) بالجد فيما تقوله (أم أنت من اللاعبين) فيه .

(قال بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهن) خلقهن، أضرب عما قالوا بإثبات دعواه بالحجة وهن للسماوات والأرض أو التماثيل وهو أدخل في تضليلهم وإلزامهم الحجة (وأنا على ذلكم) الذي ذكرته

ص: 481

المسطور واحد (مِنَ) الأمم (الشَّاهِدِينَ) ( 56 ) أهل الاطّلاع .

(وَ) كلّم سرا (تَاللَّهِ) أصله واللّه (لَأَكِيدَنَّ) لأكسرا لا محال سمّاه مكرا لمّا كاد طوّعها (أَصْنامَكُمْ) دماكم (بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا) هو العود (مُدْبِرِينَ) ( 57 ) لها وسمعه واحدهم .

ولمّا عادوا لوسم سرورهم عمد دماهم وكسرهم (فَجَعَلَهُمْ) أصارهم (جُذاذاً) كسارا حطاما ، ورووه مكسور الأوّل (إِلَّا) واحدا (كَبِيراً) مكرّما (لَهُمْ) وأصار المكسر كرمه (لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ) مكرّمهم أو كاسرهم أو اللّه ووحوده (يَرْجِعُونَ) ( 58 ) طمع عودهم وإحساسهم حالهم وحاله ، وسؤاله وعلمهم عدم الطول لهم ، وعدم صلوحهم للطوع لهم .

وعادوا ورأوا حالهم (قالُوا) كلّ (مَنْ فَعَلَ) عمل هذا العمل (الظَّالِمِينَ) ( 59 ) إدرارهم لعمله السوء مع الكرام المأمور إكرامهم .

(قالُوا) المراد واحدهم السامع لكلامه سرّا ( سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ )

----------

(من الشاهدين) المحققين له (وتالله لأكيدن أصنامكم) لأدبرن في كسرها (بعد أن تولوا) إلى عيدكم (مدبرين) عنها قاله سرا فسمعه رجل فأفشاه (فجعلهم) بعد ذهابهم إلى عيدهم (جذاذا) قطاعا قطعا وقرىء بالكسر (إلا كبيرا لهم) لم يكسره وعلق الفأس في عنقه (لعلهم إليه يرجعون) إلى إبراهيم رجاء ذلك لتفرده بسب آلهتهم فيبكتهم بقوله: بل فعله كبيرهم أو إلى الكبير فيسألونه عن الكاسر كما يرجع إلى الرب في المشاكل فيعلمون جهلهم .

(قالوا) بعد رجوعهم (من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين) بجرأته عليها أو بتعريض نفسه للقتل (قالوا) أي بعضهم (سمعنا فتى يذكرهم) يعيبهم

ص: 482

الإله سوء ووصما (يُقالُ لَهُ) والمراد اسمه (إِبْراهِيمُ) ( 60 ) لعله كسرهم ،

(قالُوا) الملك وملأه (فَأْتُوا بِهِ) أوردوه (عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ) صراحا (لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ) ( 61 ) طمع إعلامهم عمله أو كلامه أو طمع علمهم حاله صدد الحدّ .

ولمّا أوردوه (قالُوا) له (أَ أَنْتَ فَعَلْتَ هذا) العمل (بِآلِهَتِنا) المأمور إكرامهم (يا إِبْراهِيمُ) ( 62 ) أم سواك .

(قالَ) لهم لا (بَلْ فَعَلَهُ) المسؤول (كَبِيرُهُمْ هذا) المحسوس لمّا هو وإكرامكم له حامل للعمل المسطور (فَسْئَلُوهُمْ) العامل (إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ) ( 63 ) أهل كلام .

(فَرَجَعُوا) عادوا (إِلى أَنْفُسِهِمْ) وأحلامهم ورأوا سداد كلامه (فَقالُوا) كلّم أحدهم أحدا لإدرارهم (إِنَّكُمْ أَنْتُمُ) عماد أورد للحصر (الظَّالِمُونَ) ( 64 ) لا هو لوكل إلهكم .

----------

(يقال له إبراهيم قالوا فأتوا به على أعين الناس) أي مرئيا مشهودا (لعلهم يشهدون) بقوله أو فعله أو يحضرون عقابه (قالوا) له بعد إحضاره (أأنت فعلت هذا بإلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون) أي إن كانوا ينطقون فكبيرهم فعل وإلا فلا فما نطقوا وما كذب إبراهيم وقيل أسند الفعل إليه لتسببه له لأن غيظه لزيادة تعظيمهم له أو للتقرير لنفيه مع تبكيت بطريق التعريض أو حكاية لما يلزمهم كأنه قال ما تنكرون أن يفعله كبيرهم (فرجعوا إلى أنفسهم) إلى عقولهم (فقالوا) أي بعضهم لبعض (إنكم أنتم الظالمون) بعبادة ما لا ينطق أو بسؤال إبراهيم .

ص: 483

(ثُمَّ نُكِسُوا) أركسهم اللّه (عَلى رُؤُسِهِمْ) وردّهم لعدولهم وكلّموا ، واللّه (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ) الصور الإله (يَنْطِقُونَ) ( 65 ) ولم أمرك سؤالهم

(قالَ) الرسول لهم (أَ فَتَعْبُدُونَ) كمال الطوع (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه ما إلها (لا يَنْفَعُكُمْ) حال طوعكم لهم (شَيْئاً) كطعام وماء وما سواهما (وَلا يَضُرُّكُمْ) ( 66 ) حال طرحكم طوعهم .

(أُفٍّ) سوء وهلاكا ودواما (لَكُمْ) وهو مصدر ، ولام لكم لام الإعلام (وَلِما) كل إله (تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (أَ) أحاطكم الورة (فَلا تَعْقِلُونَ) ( 67 ) عدم صلوحه للإلّ ولا أهل له إلّا اللّه الواحد الأحد .

(قالُوا حَرِّقُوهُ) اصهدوه لمّا هو أهول الحدود والآلام (وَانْصُرُوا) أمدّوا (آلِهَتَكُمْ) المأمور إمدادهم (إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) ( 68 ) الإمداد ولمّوا المسعر مددا طوالا ، وسعّروا الساعور ، وأسروه وأحكموا أساره ، وأصاروه وسط مطرح .

ولمّا رموه وحدر للساعور ، وسأله الملك الروح حال الحدور هل لك وطر ؟ حاور أما إلاك لا ، وح كلّمه الملك سل آسرك ومصلحك ، حاور له لا وطر

----------

(ثم نكسوا على رءوسهم) انقلبوا إلى الجدال بعد استقامتهم بالتفكر فقالوا (لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) فكيف تأمرنا بسؤالهم وهذا اعتراف بما هو حجة عليهم.

(قال أفتعبدون من دون الله) أي بدله (ما لا ينفعكم شيئا) إن عبدتموه (ولا يضركم) إن تركتموه (أف) صوت المتضجر بمعنى نتنا وقبحا (لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون) بقبح فعلكم (قالوا) حين ألزمهم الحجة (حرقوه وانصروا ءالهتكم) بحرقه (إن كنتم فاعلين) ناصريها .

ص: 484

له للسؤال مع علمه للحال

(قُلْنا يا نارُ كُونِي) المراد الحول (بَرْداً) صرّا (وَسَلاماً) لا هلاكا ، وورد هو مصدر طرح عامله (عَلى إِبْراهِيمَ) ( 69 ) المطروح .

وورد لمّا حلّ الساعور ما صهد الساعور إلّا أساره (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً) مكرا ومحالا وهو الإهلاك (فَجَعَلْناهُمُ) الملأ (الْأَخْسَرِينَ) ( 70 ) عملا ومرادا .

وأرسل لهم عسكر الإصر والحدّ وأكل لحومهم وطعم دماءهم وأهلكهم (وَنَجَّيْناهُ) الرسول المسطور (وَلُوطاً) وهو ولد عمّ الرسول (إِلَى الْأَرْضِ) الأمصار (الَّتِي بارَكْنا) أمر صلاحها وأحمالها (فِيها لِلْعالَمِينَ) ( 71 ) صروع العالم .

(وَوَهَبْنا لَهُ) ولدا مدعوّا (إِسْحاقَ وَ) ولد ولد مدعوّا (يَعْقُوبَ نافِلَةً) مصدر العامل المسطور ، أو المراد ولد الولد وهو ح حال (وَكُلًّا) كل واحدهم (جَعَلْنا صالِحِينَ) ( 72 ) أهل الطوع والكمال أو الألوك .

----------

(قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) أي أبردي بردا لا يضره فلم تحرق إلا وثاقه وزال حرها فجلس في روضة ومعه جبرئيل (وأرادوا به كيدا) هو تحريقه (فجعلناهم الأخسرين) فيما أرادوا به لانقلابه عليهم .

(ونجيناه ولوطا) من قرية كوثى (إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) بالخصب والسعة والمنافع الدينية وهي الشام فإن أكثر الأنبياء بعثوا فيها (ووهبنا له) لإبراهيم حين سأل ولدا (إسحق ويعقوب نافلة) عطية حال منهما أو زيادة على ما سأل وهو ولد الولد فيختص بيعقوب (وكلا) من الثلاثة (جعلنا صالحين) للنبوة أو وفقناهم للصلاح أو حكمنا بصلاحهم .

ص: 485

(وَجَعَلْناهُمْ) كلهم (أَئِمَّةً) رؤساء (يَهْدُونَ) أولاد آدم (بِأَمْرِنا) الإعلام والإلهام (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ) أولاد آدم (فِعْلَ) الأعمال (الْخَيْراتِ) الصوالح (وَإِقامَ الصَّلاةِ) ادعاءها وإكمالها (وَإِيتاءَ) إعطاء (الزَّكاةِ) لأهل العسر وسلّاك الصراط وسواهما (وَكانُوا لَنا) سموما (عابِدِينَ) ( 73 ) طوّاعا .

(وَلُوطاً) عامله مطروح دلّ علاه (آتَيْناهُ حُكْماً) وسط أهل اللدد أو علم الأمور أو الألوك (وَعِلْماً) إدراكا كاملا حراء للرسل (وَنَجَّيْناهُ) لوطا (مِنَ الْقَرْيَةِ) سدوم والمراد أهلها (الَّتِي كانَتْ) أهلها أولا (تَعْمَلُ) الأعمال (الْخَبائِثَ) اللوط وردس الحصا للمارّ وسواهما (إِنَّهُمْ) أهل السدوم (كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ) مصدر ساء (فاسِقِينَ) ( 74 ) عمّا أمر اللّه ، والكلام معلل لصدره .

(وَأَدْخَلْناهُ) لوطا (فِي) أهل (رَحْمَتِنا) أو دار الرّحم والمراد دارالسلام (إِنَّهُ) لوطا (مِنَ) الملأ (الصَّالِحِينَ) ( 75 ) أهل كمال الورع ، وهو

----------

(وجعلناهم أئمة) يقتدى بهم (يهدون) الناس إلى الحق (بأمرنا) لهم بذلك (وأوحينا إليهم فعل الخيرات) أي أن يفعل (وإقام الصلوة) وأن تقام وحذف تاء إقامة تخفيفا (وإيتاء الزكوة) وأن تؤتى وعطف الخاص على العام للأفضلية (وكانوا لنا عابدين) مخلصين للعبادة .

(ولوطا ءاتيناه حكما) فصلا بين الناس أو حكمة أو نبوة (وعلما) بما يحتاج إلى العلم به (ونجيناه من القرية) سدوم (التي كانت تعمل) أي أهلها (الخبائث) من اللواط وغيره (إنهم كانوا قوم سوء فاسقين) حال من قوم أو خبر ثان .

(وأدخلناه في رحمتنا) في أهلها أو الجنة (إنه من الصالحين و) اذكر

ص: 486

معلّل للصدر .

(وَ) ادّكر (نُوحاً) أطول الرسل عمرا (إِذْ) لمّا نادى دعا اللّه هلاك رهطه (مِنْ قَبْلُ) أمام هؤلاء اللّاءوا مرّ ادكارهم (فَاسْتَجَبْنا لَهُ) دعاءه وأهلكوا (فَنَجَّيْناهُ) مما أطاحهم (وَأَهْلَهُ) إسلاما اللّاءوا رعرعوا معه الورع (مِنَ الْكَرْبِ) الهمّ والكمد (الْعَظِيمِ) ( 76 ) وهو الماء المهلك أو دعر رهطه .

(وَنَصَرْناهُ) حرس وعصم (مِنَ الْقَوْمِ) سوءهم ودعرهم (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) دوالّ ألوكه وإعلام سداده (إِنَّهُمْ) هؤلاء الردّاد (كانُوا) لدورهم (قَوْمَ سَوْءٍ) مصدر ساء (فَأَغْرَقْناهُمْ) كلّهم (أَجْمَعِينَ) ( 77 ) معا لمّا لمّوا ردّ إعلام السداد ودوالّ الألوك وأسوأ الأعمال ولعلّهما ما ألمّهما رهط إلا وأهلكهم اللّه .

(وَ) ادّكر (داوُدَ وَ) ولده (سُلَيْمانَ) حالهما (إِذْ يَحْكُمانِ) كلاهما حال حكاها اللّه (فِي الْحَرْثِ) الأكر أو الكرم (إِذْ نَفَشَتْ) هو الإملّاص سمرا لا مع راع والمراد الأكل (فِيهِ) الأكر والكرم (غَنَمُ الْقَوْمِ) المعهود (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ) لحكمهما أو أرادهما وما حكما له وعلاه

----------

(نوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له) دعاءه (فنجيناه وأهله) من معه في الفلك (من الكرب العظيم) الغرق وأذى قومه (ونصرناه) متعناه أو جعلناه منتصرا أي منتقما (من القوم الذين كذبوا بآياتنا) الدالة على صدقه (إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين) بالطوفان .

(وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث) الزرع والكرم (إذ نفشت فيه غنم القوم) رعته ليلا (وكنا لحكمهم شاهدين) لحكم الحاكمين والخصوم عالمين

ص: 487

(شاهِدِينَ) ( 78 ) .

ورد حكم داود وملك السوام لمالك المأكول ، وحكم ولده وملّك له درّها وولدها ، وأمر لمالك السوام إصلاح الأكر والكرم ، وحدّ لهما حدّا وهو عود المأكول لحاله الأوّل .

(فَفَهَّمْناها) الحال (سُلَيْمانَ) ولده (وَكُلًّا) كل واحد داود وولده ، عامله مطروح دلّ علاه (آتَيْنا حُكْماً) وسط أهل العالم أو ألوكا (وَعِلْماً) إدراكا لأمور الإسلام (وَسَخَّرْنا) طوّع اللّه (مَعَ داوُدَ) المسطور (الْجِبالَ) الأطواد (يُسَبِّحْنَ) هو حال أو حوار لسؤال ورد وصدع لحال طوع الأطواد مع داود (وَالطَّيْرَ) معه كالاطواد (وَكُنَّا فاعِلِينَ) ( 79 ) أعدال ما مرّ مع الرسل ولو طرأكم الهكر .

(وَعَلَّمْناهُ) داود (صَنْعَةَ لَبُوسٍ) عمل الدرع (لَكُمْ) معمول ك « علّم » (لِتُحْصِنَكُمْ) الدروع (مِنْ بَأْسِكُمْ) عماسكم مع الأعداء (فَهَلْ أَنْتُمْ) أهل الحرم (شاكِرُونَ) ( 80 ) الآلاء الكلام أمر مدلولا .

----------

حكم داود بالغنم لأهل الحرث وقال سليمان ينتفع أهل الحرث بدرها ونسلها وصوفها ويقوم أهلها على الحرث حتى يعود كما كان ثم يترادان وحكمهما بوحي من الله والثاني ناسخ للأول (ففهمناها) أي الحكومة (سليمان وكلا) منهما (ءاتينا حكما) حكمة أو نبوة (وعلما) بأمور الدين (وسخرنا مع داود الجبال يسبحن) ينزهن الله بإنطاقه إياها أو بلسان الحال (والطير وكنا فاعلين) لمثل ذلك وإن استغربتموه (وعلمناه صنعة لبوس) أي الدرع لأنها تلبس وكانت صفائح فحلقها وسردها (لكم لتحصنكم) أي داود أو اللبوس بالياء والتاء والنون (من بأسكم) حربكم بالسلاح (فهل أنتم شاكرون) نعمي .

ص: 488

(وَ) طوع اللّه (لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) هو المرور مع الإسراع وهو حال (تَجْرِي بِأَمْرِهِ) حكمه (إِلى الْأَرْضِ) الأمصار (الَّتِي بارَكْنا فِيها) أمرّ اللّه ماءها وأكلها (وَكُنَّا) دواما (بِكُلِّ شَيْءٍ) عموما (عالِمِينَ) ( 81 ) وعمالا مع الكل ما هو أهله .

(وَ) طوع له (مِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ) هو ورود الماء والوصول محطه وأمده لادّلاع الدّرر وما سواها (لَهُ) لحكمه ولأمره (وَيَعْمَلُونَ) له (عَمَلًا دُونَ ذلِكَ) سواه كرصّ الدور والمحال (وَكُنَّا لَهُمْ) لهؤلاء العمال (حافِظِينَ) ( 82 ) حرّاسا عما هو مدعو سوسهم .

(وَ) ادّكر (أَيُّوبَ) حمّال اللّاءوا (إِذْ) لمّا نادى دعا اللّه (رَبَّهُ) مولاه (أَنِّي) ورووه مكسورا (مَسَّنِيَ) وصل (الضُّرُّ) الداء والكاداء (وَأَنْتَ) اللّهمّ (أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ( 83 ) أكملهم وأعمّهم رحما وأهل للرحم ارحم وسهّل .

(فَاسْتَجَبْنا لَهُ) دعاءه (فَكَشَفْنا) كرما (ما) وصل (بِهِ مِنْ ضُرٍّ) داء

----------

(ولسليمان) وسخرنا له (الريح عاصفة) شديدة الهبوب في عملها طيبة في نفسها كما قال رخاء أو يختلف حالها حسب إرادته (تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها) وهي الشام (وكنا بكل شيء عالمين) فلا نفعل إلا ما تقتضيه الحكمة (ومن الشياطين من يغوصون له) في البحر فيخرجون جواهره (ويعملون عملا دون ذلك) سوى الغوص من البناء وغيره (وكنا لهم حافظين) أن يمتنعوا عليه أو يفسدوا ما عملوا .

(وأيوب إذ نادى ربه) لما ابتلي بالضر والمرض (أني مسني الضر) الجهد والشدة (وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له) نداء (وكشفنا ما به من ضر)

ص: 489

وكأداء (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ) أولاده الأول الهلاك أعطاهم اللّه الحس والحراك ، أو ولد له أولاد عددهم مساو لعددهم (وَمِثْلَهُمْ) عددا وعدادا (مَعَهُمْ) وولد له أولاد سواهم عددهم مساو لعددهم (رَحْمَةً) له (مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى) ادكارا (لِلْعابِدِينَ) ( 84 ) لحمال المكاره .

(وَ) ادّكر (إِسْماعِيلَ) الرسول (وَإِدْرِيسَ) الرسول (وَذَا الْكِفْلِ) هو السهم سمّاه لمّا أعطاه اللّه سهما كاملا ، وهو عدلا عمل رسل عصره واوسه (كُلٌّ) كل واحد مما هؤلاء (مِنَ) الملاء (الصَّابِرِينَ) ( 85 ) الحمّال للمكاره والحمّاد للّه وحده .

(وَأَدْخَلْناهُمْ فِي) أهل (رَحْمَتِنا) الألوك أو آلاء دارالسلام (إِنَّهُمْ) كلّهم (مِنَ الصَّالِحِينَ) ( 86 ) الكمّل صلاحا ، وهم الرسل لمّا صلاحهم معصوم عما وصله كدر الدعر والطّلاح .

(وَ) ادّكر (ذَا النُّونِ) السمك (إِذْ) لمّا (ذَهَبَ) مرّ (مُغاضِباً) لرهطه وهو حال ورد لمّا ملّ وكلّ لطول ما دعا رهطه وكرههم الإسلام ودوام

----------

بإذهاب مرضه (وءاتيناه أهله ومثلهم معهم) بأن ولد له ضعف ما هلك أو أحياهم وولد له مثلهم (رحمة) كائنة (من عندنا) عليه (وذكرى للعابدين) ليصبروا كما صبر فيثابوا كما أثيب .

(وإسماعيل وإدريس وذا الكفل) قيل هو إلياس وقيل يوشع وقيل رجل صالح وليس بنبي وعن الباقر (عليه السلام) أنه نبي مرسل (كل) من المذكورين (من الصابرين) على بلاء الله وطاعته وعن معصيته (وأدخلناهم في رحمتنا) من النبوة ونعم الآخرة (إنهم من الصالحين) عملا .

(وذا النون) صاحب الحوت يونس بن متى (إذ ذهب مغاضبا) لقومه أي

ص: 490

عدولهم وإصرارهم رحل مع عدم حكم اللّه ورعرع الداماء (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ) لا أحصر أو لا أحكم (عَلَيْهِ) الحد ولهمه السمك (فَنادى) دعا (فِي الظُّلُماتِ) الدلس الكامل أو دلس السمر والداماء والسمك ورد لهم السمك اللّهم له سمك أطول (أَنْ) مطروح الاسم ومحموله (لا إِلهَ) مألوه (إِلَّا أَنْتَ) وحدك أطهر (سُبْحانَكَ) اللّهم (إِنِّي كُنْتُ) حال الحرد مع عدم الحكم (مِنَ) الملأ (الظَّالِمِينَ) ( 87 ) لادرارهم .

(فَاسْتَجَبْنا لَهُ) دعاءه (وَنَجَّيْناهُ) سلم (مِنَ الْغَمِّ) همّ الإدلاس والوحود أو همّ الإصر (وَكَذلِكَ) كما سلّم هو (نُنْجِي) أسلم الملأ (الْمُؤْمِنِينَ) ( 88 ) للّه وللرسول عصر ما دعوا اللّه حال حلول الهموم ورامو مدده .

(وَ) ادّكر (زَكَرِيَّا) الرسول (إِذْ) لمّا نادى دعا اللّه (رَبَّهُ) وكلّم (رَبِّ) اللّهمّ (لا تَذَرْنِي فَرْداً) وحدا لا ولد له مالكا لمّا هو ملكه (وَأَنْتَ) اللّهمّ (خَيْرُ) الملأ (الْوارِثِينَ) ( 89 ) ملّاك الأملاك حال الهلاك لملكك الكل حال هلاك الكلّ ، وح لا همّ لولا اعطاؤك الولد .

----------

غضبان عليهم لما كان منهم وهاجر قبل أن يؤذن له (فظن أن لن نقدر عليه) نضيق عليه بشدة أي نقضي عليه ما قضيناه من حبسه ببطن الحوت (فنادى في الظلمات) ظلمة الليل والبحر وبطن الحوت (أن لا إله إلا أنت سبحانك) عما لا يليق بك (إني كنت) في ذهابي بلا إذن (من الظالمين) أنفسهم بترك الأولى (فاستجبنا له ونجيناه من الغم) ببطن الحوت بأن قذفه إلى الساحل بعد ثلاثة أيام أو أكثر (كذلك) كما نجيناه (ننجي المؤمنين) برغمهم .

(وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا) بلا ولد يرثني (وأنت خير الوارثين)

ص: 491

(فَاسْتَجَبْنا) كرما ورحما (لَهُ) دعاءه (وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى) ولدا (وَأَصْلَحْنا لَهُ) للرسول (زَوْجَهُ) عرسه مع عدم صلاحها وحرودها ، أو للولاد حال عدم صلاحها له وحصل لهما الولد مع عدم صلاحهما له (إِنَّهُمْ) هؤلاء الرسل الكمّل السطور أحوالهم ، والكلام معلّل لما مرّ (كانُوا) كل واحد لعهده (يُسارِعُونَ) مسرعا (فِي) الأعمال (الْخَيْراتِ) الصوالح (وَيَدْعُونَنا) هؤلاء الكمّل (رَغَباً) أملا للرحم (وَرَهَباً) روعا حلول سوط إصر وحدّ وكل واحد مصدر حلّ محلّ الحال (وَكانُوا لَنا) سموما (خاشِعِينَ) ( 90 ) طوّعا روّعا دواما .

(وَ) ادّكر (الَّتِي أَحْصَنَتْ) هو الحرس (فَرْجَها) حرّها مما حرّم اللّه وهو العهر ، أو ممّا هو حلال وحرام ، أراد أمّ روح اللّه (فَنَفَخْنا فِيها) رأس درعها أو ولدها المحاط لها (مِنْ رُوحِنا) المكرم وحصل له الحمل ، وهو ولدها روح اللّه (وَجَعَلْناها وَابْنَها) روح اللّه أراد حالهما وللمحه وحّد (آيَةً) علما دالا (لِلْعالَمِينَ) ( 91 ) سواء الصراط وهو صراط كمال الألوّ

----------

الباقي بعد فناء خلقك .

(فاستجبنا له ووهبنا له يحيى) ولدا (وأصلحنا له زوجه) بجعلها ولودا بعد عقمها أو بتحسين خلقها وكان سيئا (إنهم) أي زكريا وأهله ومن ذكر من الأنبياء (كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا) راغبين في ثوابنا وراهبين من عقابنا (وكانوا لنا خاشعين) خاضعين .

(والتي أحصنت فرجها) من حلال وحرام أي مريم (فنفخنا فيها من روحنا) من جهة روحنا جبرئيل حيث نفخ في جيبها فحملت بعيسى (وجعلناها وابنها) أي حالهما حيث ولدته من غير أب (آية للعالمين) دالة

ص: 492

لحصول الولد لا مع الوالد .

(إِنَّ هذِهِ) أراد الوحود أو الإسلام (أُمَّتُكُمْ) صراط طوعكم أهل الكلام (أُمَّةً واحِدَةً) حال مؤكد ، ورووا محمولا كالأوّل (وَأَنَا) اللّه (رَبُّكُمْ) إلهكم ومولاكم (فَاعْبُدُونِ) ( 92 ) وحدّوا .

(وَتَقَطَّعُوا) رهط (أَمْرَهُمْ) وادّارءوا (بَيْنَهُمْ) والمراد الهود ورهط روح اللّه وأعدالهم وصاروا أرهاطا (كُلٌّ) كلهم أو كل رهط (إِلَيْنا راجِعُونَ) ( 93 ) معادا ومعامل كعمله .

(فَمَنْ) كلّ أحد (يَعْمَلْ) عملا واحدا (مِنَ) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللّواء أمر اللّه (وَ) الحال (هُوَ مُؤْمِنٌ) مسلم مسد للّه ورسله (فَلا كُفْرانَ) لا ردّ أصلا (لِسَعْيِهِ) لعمله (وَإِنَّا لَهُ) لعمله (كاتِبُونَ) ( 94 ) أمرا وحكما .

(وَحَرامٌ) ورووه حرم مكسور الحاء وحرم ككسر (عَلى) أهل

----------

على كمال قدرتنا (إن هذه) أي ملة الإسلام (أمتكم) ملتكم التي يجب أن تكونوا عليها (أمة واحدة) حال أي مجتمعة غير متفرقة (وأنا ربكم) لا غيري (فاعبدون) وحدي .

(وتقطعوا) التفت من الخطاب إلى الغيبة تقبيحا لفعلهم إلى غيرهم (أمرهم بينهم) جعلوا أمر دينهم قطعا متفرقة فتفرقوا فيه (كل) كل الفرق (إلينا راجعون) فنجازيهم .

(فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه) فلا جحود استعير لمنع الثواب كالشكر لإعطائه ونفي جنسه مبالغة (وإنا له) لسعيه (كاتبون) في صحيفته فنجزيه به (وحرام) ممتنع (على قرية أهلكناها) قدرنا إهلاك أهلها

ص: 493

(قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها) أهلها (أَنَّهُمْ) أهلها (لا) مؤكد (يَرْجِعُونَ) ( 95 ) والمراد محال هودهم أو عودهم لدار الأعمال ، أو مراد والمراد محال عدم عودهم مآلا للعدل ، أو حرام علاهم ما مرّ وهو العمل الصالح وعدم ردّ العمل لمّا لا عود لهم لدار الأعمال ولا هود وأكّده ورووه مكسورا .

(حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ) رهط وهو اسم والدهم (وَمَأْجُوجُ) رهط كالأوّل والمراد دكّ سدهما امام السعواء (وَهُمْ) كلهم ح (مِنْ كُلِّ حَدَبٍ) محل عال (يَنْسِلُونَ) ( 96 ) هو الاسراع .

(وَاقْتَرَبَ) صار محمّا (الْوَعْدُ) الموعود (الْحَقُّ) الحاصل لا محال والمراد السعواء (فَإِذا) للدهم (هِيَ) الحال (شاخِصَةٌ) هو العلو والسموك (أَبْصارُ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) ردّوا الإسلام لهول ما هم صالوه وواردوه ، وكلامهم ح (يا وَيْلَنا) هلكا هلمّ الحال حالك وهو وارد مورد الحال (قَدْ كُنَّا) لدار الأعمال (فِي غَفْلَةٍ) لهو (مِنْ هذا) العصر العسر (بَلْ كُنَّا) مع ما مرّ (ظالِمِينَ) ( 97 ) إلّاه إله سواه وردّاد للرسل .

----------

(أنهم لا يرجعون) أي ممتنع عليهم عدم رجوعهم للجزاء أو رجوعهم إلى الدنيا على زيادة لا أو تعليل .

(حتى إذا فتحت) بالتخفيف والتشديد (يأجوج ومأجوج) أي سدهما أو تأنيث الفعل لأنهما قبيلتان (وهم) أي يأجوج ومأجوج أو الخلق (من كل حدب) نشز في الأرض (ينسلون) يسرعون .

(واقترب الوعد الحق) أي القيامة (فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا) قائلين (يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا) الأمر (بل كنا ظالمين) لأنفسنا بعبادة الأوثان وترك النظر .

ص: 494

(إِنَّكُمْ) كلّكم أهل الحرم (وَما) إلها (تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه أراد دماهم والوسواس المارد وأرداءه (حَصَبُ) مسعار دار الآلام (جَهَنَّمَ) ورووا الطاء محل الصاد ومدلولهما واحد (أَنْتُمْ لَها) لدار الآلام (وارِدُونَ) ( 98 ) صالوها دواما أو مطلّوها .

(لَوْ كانَ هؤُلاءِ) دماهم (آلِهَةً) كما وهموا وادّعوا ( ما وَرَدُوها) دار الآلام (وَكُلٌّ) كلّ إله موهوم وإلهه (فِيها خالِدُونَ) ( 99 ) ورّاد دواما لا إملاص لهم أصلا .

(لَهُمْ) لإلههم وطوّعهم (فِيها زَفِيرٌ) آه وعول (وَهُمْ فِيها) لصممهم أو هولهم (لا يَسْمَعُونَ) ( 100 ) كلاما أو أمرا سارّا لهم .

(إِنَّ) الأمم (الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ) أوّلا (مِنَّا) الحال (الْحُسْنى) كرسل اللّه والأملاك (أُولئِكَ) الأمم (عَنْها) دار السوء (مُبْعَدُونَ) ( 101 )

----------

(إنكم وما تعبدون من دون الله) أي غيره من الأوثان والشياطين فإنهم عبدوهم بطاعتهم لهم (حصب جهنم) محصوبها وهو ما يحصب فيها أي يرمى يعني وقودها (أنتم لها واردون) داخلون .

(لو كان هؤلاء) المعبودون (ءالهة) كما زعمتم (ما وردوها) إذ دخولها ينافي الألوهية (وكل) من العبدة والمعبودين (فيها خالدون) دائمون .

(لهم فيها زفير) تنفس بشدة ونسب إلى الكل تغليبا لغير الجماد (وهم فيها لا يسمعون) ما يسرهم أو شيئا لشدة العذاب، قيل لما نزلت قال ابن الزبعرى قد عبد عزير وعيسى والملائكة فهم في النار فقال النبي إنما عبدوا الشياطين التي أمرتهم بذلك ونزل (إن الذين سبقت لهم منا) الخصال (الحسنى) وهي العدة بالجنة أو السعادة أو التوفيق للطاعة ومنهم المذكورون (أولئك عنها مبعدون

ص: 495

موردها لمّا ورد كل إله موهوم مسعار ساعور المعاد كما مرّ ، لدّ الأعداء وكلّموا لو صحّ كلام محمّد ( ص ) لسم ورود الأملاك وروح اللّه دار السوء دواما مع صلاحه وسلامهم وآما .

(لا يَسْمَعُونَ) هؤلاء الصلحاء (حَسِيسَها) عركها (وَهُمْ) كلّهم (فِي مَا) آلاء (اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ) سرّها حصولها (خالِدُونَ) ( 102 ) ركاد ودوّام .

(لا يَحْزُنُهُمُ) هو السوء والإهمام (الْفَزَعُ) الهول (الْأَكْبَرُ) الأحكم الأعسر (وَ) الحال (تَتَلَقَّاهُمُ) هو الوصول (الْمَلائِكَةُ) لإعلام سرورهم وكلامهم لهم هذا العصر (يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ) لدار الأعمال (تُوعَدُونَ) ( 103 ) إعطاء الآلاء .

ادّكر (يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ) صرعها أراد أكور لوامعها وأمحو رسومها (كَطَيِّ السِّجِلِّ) الطومار أو الملك ، ورووه كالدلو (لِلْكُتُبِ) للرسوم والمصامد أو لطروس الأعمال ، ورووه موحّدا والمراد المصدر والمسطور

----------

لا يسمعون حسيسها) حال من ضمير مبعدون (وهم فيما اشتهت أنفسهم) من الملاذ (خالدون) أبدا.

(لا يحزنهم الفزع الأكبر) النفخة الأخيرة أو الانصراف إلى النار أو إطباقها على أهلها (وتتلقاهم الملائكة) تستقبلهم بالتهنئة قائلين (هذا يومكم) وقت ثوابكم (الذي كنتم توعدون) في الدنيا .

(يوم) مقدر باذكر أو ظرف لا يحزنهم أو تتلقاهم (نطوي السماء) طيا (كطي السجل) الطومار (للكتب) لأجل الكتابة أو لما كتب فيه، وقرىء للكتاب أي للمعاني المكتوبة فيه، وقيل السجل ملك يطوي كتب بني آدم إذا ماتوا

ص: 496

(كَما) للمصدر ، أو لطرد العمل ، أو موصول وهو معمول لما هو امامه حال أو عصر له أو سواهما ، أو معمول لعامل مطروح صدعه ما وراءه (بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ) أسر (نُعِيدُهُ) الأول أو الهاء للموصول ، والمراد المعاد كالأسر أولا ، أو المعاد كالمأسور أولا ، والحاصل هما صدد طول اللّه سواء (وَعْداً) مصدر مؤكد لمدلول الكلام الأوّل لمّا هو وعد مدلولا أو عامله مطروح (عَلَيْنا) حاصلا معمولا لا محال كلأمر اللاسم (إِنَّا كُنَّا) دواما (فاعِلِينَ) ( 104 ) الموعود لا محال ، واعملوا صوالح الأعمال لسلام الأهول .

(وَلَقَدْ كَتَبْنا) أولا (فِي الزَّبُورِ) طرس داود أو صرع الطرس والمراد الطروس الأوّل (مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ) طرس رسول الهود ، أو اللوح المعصوم (أَنَّ الْأَرْضَ) ممالك إرم أو دارالسلام (يَرِثُها) مالا (عِبادِيَ الصَّالِحُونَ) ( 105 ) رهط محمّد ( ص ) ، أو عام لكل مسلم صالح .

(إِنَّ فِي هذا) الكلام المرسل (لَبَلاغاً) ملاك وصول المرام وهو دارالسلام (لِقَوْمٍ) رهط (عابِدِينَ) ( 106 ) طوّع أو أهل وحود .

----------

(كما بدأنا أول خلق نعيده) قدرتنا على الإعادة كقدرتنا على الإبداء (وعدا) وعدناه وعدا وهو يؤكد ما قبله (علينا) إنجازه (إنا كنا فاعلين) ما وعدنا .

(ولقد كتبنا في الزبور) جنس أي الكتب المنزلة (من بعد الذكر) أي أم الكتاب وهو اللوح وقيل الزبور كتاب داود والذكر التوراة (أن الأرض) أرض الجنة أو الدنيا (يرثها عبادي الصالحون) المطيعون أو أمة محمد بالفتوح، وقال الباقر (عليه السلام) هم أصحاب المهدي .

(إن في هذا) المذكور (لبلاغا) لكفاية أو لوصلة إلى البغية (لقوم عابدين)

ص: 497

(وَما أَرْسَلْناكَ) محمّد ( ص ) (إِلَّا رَحْمَةً) كرما وهو حال أو معلل له (لِلْعالَمِينَ) ( 107 ) عموما لمّا إرساله لإصلاح أهل الإسلام والعدول لسلامهم حول الصور ولهم الرمكاء ورود الإصر العام أو المراد أهل الإسلام .

(قُلْ) لهم (إِنَّما) هو لطرد العمل وحصر الحكم أو المحكوم أو موصول ومدلول الأول « ما » (يُوحى إِلَيَّ) لإعلام أمر الإله ووحوده إلّا (إِنَّما) ما (إِلهُكُمْ) مألوهكم الّا (إِلهٌ واحِدٌ) أحد (فَهَلْ أَنْتُمْ) أهل الحرم (مُسْلِمُونَ) ( 108 ) طوع لمّا أوحاه اللّه ومدلوله الأمر والمراد اسلموا .

(فَإِنْ تَوَلَّوْا) صدّوا وردّوا الإسلام (فَقُلْ) لهم (آذَنْتُكُمْ) ما أمر اللّه أو العماس معكم وهو الإعلام (عَلى سَواءٍ) أراد كلّكم وهو حال (وَإِنْ أَدْرِي) ما أدرك ولا أعلم (أَ قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما) أصر أو عصر معاد (تُوعَدُونَ) ( 109 ) والحاصل لا عالم له إلا اللّه .

(إِنَّهُ) اللّه (يَعْلَمُ الْجَهْرَ) المعلم (مِنَ الْقَوْلِ) الكلام والعمل عموما (وَيَعْلَمُ) كل (ما) كلام أو عمل (تَكْتُمُونَ) ( 110 ) لطلاحه كالعداء

----------

لله بإخلاص (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) للملائكة والثقلين البر في الدارين والفاجر في الدنيا .

(قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون) منقادون لذلك (فإن تولوا) عن ذلك (فقل ءاذنتكم) أعلمتكم بالحرب أو بما كلفتم (على سواء) مستوين أنتم في الإيذان أو أنا وأنتم في علمه أو إيذانا على سواء (وإن) وما (أدري أقريب أم بعيد ما توعدون) من نصر المسلمين أو البعث .

(إنه يعلم الجهر من القول) منكم ومن غيركم (ويعلم ما تكتمون) تسرونه أنتم وغيركم فيجازيكم به .

ص: 498

والحسد وهمّ السوء لأهل الإسلام وهو معاملكم واما لأعمالكم .

(وَإِنْ) ما (أَدْرِي لَعَلَّهُ) العصر الموعود وإهماله (فِتْنَةٌ) محك (لَكُمْ) لأعمالكم وأحوالكم (وَمَتاعٌ) حم وحطام (إِلى حِينٍ) ( 111 ) عمد أعماركم .

(قالَ) محمد رسول اللّه ( ص ) ودعا ، ورووه أمرا (رَبِّ اللهم) احْكُمْ أراد وسطه ووسطه أهل الرحم (بِالْحَقِّ) العدل أو العصر لهم والإمداد علاهم وأراهم اللّه ما وعدهم لأحد وسواه (وَرَبُّنَا) اللّه (الرَّحْمنُ) واسع الرحم (الْمُسْتَعانُ) المسؤول مدده (عَلى ما) أمر وكلام (تَصِفُونَ) ( 112 ) وهو ادعاءهم الكوح لهم ، وردّ اللّه آمالهم وأعراهم وأمدّ رسوله وأهل الإسلام واللّه اعلم .

----------

(وإن) وما (أدري لعله) أي تأخير ما توعدون أو إبهام وقته أو نعيم الدنيا (فتنة) امتحان (لكم) ليظهر صنيعكم (ومتاع إلى حين) تمتيع إلى انقضاء آجالكم .

(قال رب احكم) بيني وبين مكذبي (بالحق وربنا الرحمن) ذو الرحمة البالغة (المستعان) المسئول المعونة (على ما تصفون) من شرككم وكذبكم على الله بنسبة الولد إليه وعلى رسوله بأنه ساحر وعلى القرآن بأنه سحر.

ص: 499

ص: 500

سورة الحج

ص: 501

ص: 502

( سورة الحج )

موردها أمّ الرّحم ومحصول أصول مدلولها :

وصاء العالم للورع والطوع ، وإعلام هول حراك المعاد والأدلّاء لورود المعاد ، وردّ الأرواح للأعطال ، ومراء أهل الطلاح مع أهل الصلاح والسداد ، واللّوم لأهل الولع والمكر لعدم إحكامهم للإسلام ، ووصم المآله له العواطل وطوّعهم ، واعلام إمداد رسول اللّه صلعم ومراء العادل والمسلم لوحود اللّه .

وإعلام الرسول صلعم لأداء مراسم الحرم المكرّم وإكرام إعلامه ومعالمه والسحط المأمور حال الموسم ، وإعلام الآلاء لدسع الطّلاح والرس المعطل ، وسهو رسول اللّه وأمهه حال درس كلام اللّه ، وإعلام صروع الأدلّاء لورود المعاد ووكل المآله له العواطل وطوعهم ، وإرسال الرسول ملكا وأولاد آدم والأمر لأهل الإسلام لصروع الطوع وأمر الإمساك مع حرس اللّه .

ص: 503

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(يا أَيُّهَا النَّاسُ) ولد آدم (اتَّقُوا) روعوا اللّه (رَبَّكُمْ) مولاكم ، أراد إصره وحدّه ، وطاوعوا أوامره وروادعه (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ) الحراك المحكم المسرع للرمكاء أمام الطّلوع المعكوس ، أحد أعلام وصول السعواء (شَيْءٌ) أمر (عَظِيمٌ) ( 1 ) وروده ، والكلام معلل لصدره .

(يَوْمَ تَرَوْنَها) أولاد آدم (تَذْهَلُ) هو اللّهو والسهو (كُلُّ مُرْضِعَةٍ) ولدا لهولها (عَمَّا) للمصدر أو موصول (أَرْضَعَتْ) أولا (وَتَضَعُ) هو الحطّ (كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ) كل حامل (حَمْلَها) محمولها وهو ولدها للهول (وَتَرَى) الكلام مع كل أحد صالح للكلام (النَّاسَ) كلهم (سُكارى) كأهل

----------

(سورة الحج ثمان وسبعون آية )

(مكية إلا آيات أو مدنية إلا آيات.)

بسم الله الرحمن الرحيم

(يا أيها الناس اتقوا ربكم) بفعل الطاعات وترك المعاصي (إن زلزلة الساعة) تحريكها للأشياء أو تحريك الأشياء فيها، قيل هي زلزلة تتقدم الساعة فأضيف إليها لأنها من أشراطها (شيء عظيم) فظيع .

(يوم ترونها) أي الزلزلة (تذهل كل مرضعة عما أرضعت) أي هولها بحيث لو ألقمت المرضعة الرضيع ثديها أنزعته من فمه ونسيته لدهشتها (وتضع كل ذات حمل حملها) جنينها (وترى الناس سكارى) من شدة الفزع وأفرد بعد

ص: 504

السكر روعا وهولا (وَما هُمْ بِسُكارى) أسكرهم المدام (وَلكِنَّ عَذابَ اللَّهِ) الملك العدل (شَدِيدٌ) ( 2 ) عسر صعد هالهم وأطار أحلامهم ، وورد ردّا يرادّ المعاد وواهم كلام اللّه اسمار الأوّل والأملاك أولاد اللّه .

(وَمِنَ النَّاسِ) أولاد آدم (مِنَ) مرء ومورده معهود ، ومدلوله عام له ولأعداله (يُجادِلُ) لددا وحسدا (فِي اللَّهِ) كلامه وأملاكه .

(بِغَيْرِ عِلْمٍ) حال (وَيَتَّبِعُ) حال المراء أو عموم الأحوال (كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) ( 3 ) عاد داعر مصر .

(كُتِبَ) حكم اللّه (عَلَيْهِ) المارد المصرّ (أَنَّهُ) الأمر (مَنْ تَوَلَّاهُ) أطاعه ودّه وأمدّه (فَأَنَّهُ) المارد المسطور محمول أو حوار ، ورووه إمار المصدر مطروح المحكوم علاه وهو أمره ، ورووه مكسورا كالأوّل (يُضِلُّهُ) عما هو سواء الصراط (وَيَهْدِيهِ) مسلكا (إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) ( 4 ) الساعور .

(يا أَيُّهَا النَّاسُ) أهل الحرم (إِنْ كُنْتُمْ) الحال (فِي رَيْبٍ) وهم وعمه (مِنَ الْبَعْثِ) المعاد وعود الأرواح لأعطالها الأول ، ورووه محرك

----------

جمعه لأن الزلزلة يراها الكل والسكر إنما يراه كل واحد من غيره (وما هم بسكارى) من الشراب (ولكن عذاب الله شديد) فأفزعهم بحيث أزال عقولهم .

(ومن الناس من يجادل في الله) في شأنه ويعم كل مجادل وإن نزل في النضر بن الحارث وكان جدلا يقول الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين وينكر البعث (بغير علم) برهان (ويتبع كل شيطان مريد) متجرد للفساد .

(كتب عليه) على الشيطان في علم الله (أنه) أي الشأن (من تولاه) تبعه (فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) بدعائه إلى ما يوجبه .

(يا أيها الناس إن كنتم في ريب) في شك (من البعث

ص: 505

الوسط (فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ) والدكم الأوّل آدم (مِنْ تُرابٍ) ممّا صلصال حماء (ثُمَّ) صار هو أصلكم وحصل ولادكم (مِنْ نُطْفَةٍ) ماء سوّار (ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ) دم مصومد (ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ) لحم ماصل لهاء ما عللك (مُخَلَّقَةٍ) صوّرها اللّه وأكملها ، أو سوّاها ملساء لا وصم لها وهو أصل مرء لا وصم له الحال (وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) ما صوّرها أو أهارها وما أكملها ، أو ما سواها كما مرّ وهو أصل ما له وصم وعار الحال (لِنُبَيِّنَ) كمال الألوّ (لَكُمْ) وإعوار العود كما أحاول (وَنُقِرُّ) الولد (فِي الْأَرْحامِ) واحده الرحم (ما) ولدا (نَشاءُ) ركوده ورسوّه (إِلى أَجَلٍ) أمد (مُسَمًّى) محدود معلوم وهو المولد وما لا أراد اللّه رسوه وحصوله اطرحه الأرحام (ثُمَّ) حال حلول الأمد (نُخْرِجُكُمْ) مما هو مرساكم وهو الرحم (طِفْلًا) حال وحدّه لمّا أراد الصرع ، أو كل واحد ، أو لمّا هو مصدر أصلا (ثُمَّ) أسرهدكم وأصلحكم وأحرسكم (لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) كمال أحلامكم وطولكم (وَمِنْكُمْ مَنْ) ولد (يُتَوَفَّى) روحه عطوا أمام إدراكه الكمال ، أو حاله أو وراءه ، ورووه معلوما

----------

فإنا خلقناكم) أي فنظركم في بدء خلقكم يزيل ريبكم فإنا خلقنا أصلكم آدم أو ما يتكون منه المني (من تراب ثم) خلقنا نسله (من نطفة) مني (ثم من علقة) دم جامد (ثم من مضغة) لحمة قدر ما يمضغ (مخلقة وغير مخلقة) تامة الخلق وغير تامة الخلق أو مصورة (لنبين لكم) بالتخطيط وغير مصورة بتقليبكم قدرتنا فإن من قدر عليه أولا قدر على إعادتكم ثانيا (ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى) هو وقت وضعه (ثم نخرجكم طفلا) حال ووحد إرادة للجنس أو كل واحد منكم (ثم) نربيكم شيئا فشيئا (لتبلغوا أشدكم) كمال قوتكم جمع شدة كأنعم لنعمة وهو من ثلاثين سنة إلى أربعين أو الحلم (ومنكم من يتوفى) عند بلوغ الأشد أو قبيله

ص: 506

(وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ) وراء إدراك الكمال (إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) أحسله وهو الهرم لحوله ح كلّا لا علم له ، ورووه العمر كالحمر (لِكَيْلا يَعْلَمَ) المردود المسطور (مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ) كامل (شَيْئاً) أمرا ما لطروّ السهو وكوحه (وَتَرَى الْأَرْضَ) الرّمكاء (هامِدَةً) همودها صمولها وحمامها وهدؤها أو دروسها (فَإِذا) كلما (أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ) المطر (اهْتَزَّتْ) هو الحراك (وَرَبَتْ) هو السموك والعلو (وَأَنْبَتَتْ مِنْ) مؤكد (كُلِّ زَوْجٍ) صرع (بَهِيجٍ) ( 5 ) ملاح سار للمحس .

(ذلِكَ) العمل المسطور معلل (بِأَنَّ اللَّهَ) الواحد الأحد (هُوَ) وحده (الْحَقُّ) الحاصل لا مما محصّل المحصل لما سواه أو الأهل للكمال (وَأَنَّهُ) اللّه كما عمّر الرّمكاء (يُحْيِ الْمَوْتى) الهلاك كلها (وَأَنَّهُ) اللّه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) مراد له (قَدِيرٌ) ( 6 ) كامل ألوّ وطول .

(وَأَنَّ السَّاعَةَ) الموعود ورودها للعدل والعدل (آتِيَةٌ) لا محال (لا رَيْبَ) لا وهم (فِيها) لمّا حول الأمور علم الهلاك (وَأَنَّ اللَّهَ) الملك العدل (يَبْعَثُ) معادا كل (مَنْ) رمسوا (فِي الْقُبُورِ) ( 7 ) عالم الوسط لما وعده

----------

(ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) أردئه وهو الهرم والخرف (لكيلا يعلم من بعد علم شيئا) ليصير كالطفل في النسيان وسوء الفهم (وترى الأرض هامدة) دارسة يابسة من همد الثوب بلي (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت) تحركت بالنبات (وربت) انتفخت (وأنبتت من كل زوج) بعض كل صنف (بهيج) حسن نضر .

(ذلك) المذكور من أحوال الإنسان والأرض (بأن الله هو الحق) بسبب أنه الثابت المحق للأشياء (وأنه يحيي الموتى) بقدرته (وأنه على كل شيء قدير وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور)

ص: 507

وله طوله ولا عدول عما وعده .

(وَمِنَ النَّاسِ) أولاد آدم (مِنَ) مرء (يُجادِلُ) حسدا وطلاحا (فِي اللَّهِ) أسماء اللّه وإعلام كماله (بِغَيْرِ عِلْمٍ) ما كرّره مؤكّدا (وَلا هُدىً) دالّ معه (وَلا كِتابٍ) مرسل (مُنِيرٍ) ( 8 ) له لمع معه .

(ثانِيَ) مصعّر (عِطْفِهِ) ملاطه أسارا أو سواه ، وهو حال (لِيُضِلَّ) العالم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) صراط أوامره وأحكامه وهو الإسلام (لَهُ) للطالح المسطور (فِي) الدار (الدُّنْيا) دار الأعمال (خِزْيٌ) إصر وحدّ وهو ما وصله حال عماس الرسول معه (وَنُذِيقُهُ) عدلا (يَوْمَ الْقِيامَةِ) عود الأرواح لأعطالها الأوّل (عَذابَ) الساعور (الْحَرِيقِ) ( 9 ) والكلام معه ح .

(ذلِكَ) ما وصلك معلّل (بِما) عمل (قَدَّمَتْ) عمل أوّلا (يَداكَ) لدار الأعمال (وَأَنَّ اللَّهَ) الملك العدل (لَيْسَ بِظَلَّامٍ) عامل حدل ولو ماصلا أورده وآما (لِلْعَبِيدِ) ( 10 ) أصلا .

----------

هذان سببان غائيان لخلق الإنسان وما يتعيش به فإنه إنما خلق وكلف لجزاء الآخرة ولا يصل إليه إلا ببعثه في الساعة وما سبق من حقيته تعالى وإحياء الموتى وعموم قدرته فأسبأب فاعليته لذلك .

(ومن الناس من يجادل في الله بغير علم) كرر تأكيدا أو الأول في الأتباع وهذا من المتبوعين (ولا هدى) ولا دلالة عقلية معه (ولا كتاب منير) ذي نور أي ولا حجة سمعية من جهة الوحي (ثاني عطفه) متكبرا أو معرضا عن الحق وثني العطف كناية عن التكبر والإعراض عن الشيء (ليضل) الناس (عن سبيل الله) دينه (له في الدنيا خزي) بوقعة بدر (ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق) النار محرقة (ذلك) أي يقال له يوم القيامة ذلك الخزي والعذاب (بما قدمت يداك) من الكفر عبر بهما لأنها آلة لأكثر الأفعال (وأن الله ليس بظلام للعبيد) فيأخذ بغير جرم والمبالغة لكثرة العبيد .

ص: 508

(وَمِنَ النَّاسِ) أولاد آدم (مِنَ) مرء (يَعْبُدُ اللَّهَ) الواحد الأحد (عَلى حَرْفٍ) ركح وملاط للإسلام لا وسط ، وهو له كالراكد ركح العسكر لو أحسّ كوح عسكره رسا وإلّا راح وطار ، وهو حال .

وموردها أهل دوّ وردوا مصر رسول اللّه ، كلّما صح عطّل واحدهم وحصل لهطاهطه مهر ملاح ولعرسه ولد سواء وأمر ماله وسوّامه عدّ الإسلام أمرا مسعودا ، ولو عكس الأمر عدّه حسوما وعاد لإلحاده كما ورد ، (فَإِنْ أَصابَهُ) وصله (خَيْرٌ) صح ومال وولد سواء (اطْمَأَنَّ) رسا وحمد (بِهِ) ما وصله (وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ) داء وكأداء عطل ومال (انْقَلَبَ) عاد (عَلى وَجْهِهِ) وطرح الإسلام (خَسِرَ) المرء الدار (الدُّنْيا) دار الأعمال وهو حال (وَ) الدار (الْآخِرَةَ) دار الأعدال والمراد هلاك الحال وإصر المعاد المدام (ذلِكَ) الوكس حالا ومآلا (هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) ( 11 ) الساطع .

(يَدْعُوا) المرء المرهوك العمة (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه ما إلها (لا يَضُرُّهُ) حال ردّه (وَما) إلها (لا يَنْفَعُهُ) حال طوعه (ذلِكَ) طوع إله علم حاله (هُوَ) وحده (الضَّلالُ) عدم سلوك سواء الصّراط (الْبَعِيدُ) ( 12 )

----------

(ومن الناس من يعبد الله على حرف) طرف من الدين مضطربا فيه كالقائم على طرف جبل وباقي الآية بيان هذا المجمل (فإن أصابه خير) نعمة ورخاء (اطمأن به وإن أصابته فتنة) محنة وبلاء (انقلب على وجهه) عاد إلى كفره (خسر الدنيا) بفقد عصمته (والآخرة) بدخول النار بكفره (ذلك هو الخسران المبين) البين .

(يدعو) يعبد (من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه) أي جمادا عاجزا عن الضر والنفع (ذلك) الدعاء (هو الضلال البعيد) عن الرشد .

ص: 509

الطّروح عما هو السداد .

(يَدْعُوا) المرء المسطور (لَمَنْ) اللام مؤكد إله (ضَرُّهُ) حال طوعه (أَقْرَبُ) لما حكمه الإهلاك حالا والإصر مالا (مِنْ نَفْعِهِ) وهو الإمداد والإسعاد صدد اللّه كما وهموا لو عمل احماما (لَبِئْسَ) ساء (الْمَوْلى) الممد المساعد هو (وَلَبِئْسَ) ساء (الْعَشِيرُ) ( 13 ) المطو هو .

(إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (يُدْخِلُ) الأمم (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللّواء أمر اللّه (جَنَّاتٍ) محال دوح وروح وصروح وحور وسرور (تَجْرِي) دواما (مِنْ تَحْتِهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدّر والعسل والمدام (إِنَّ اللَّهَ) مالك الملك والأمر (يَفْعَلُ) كل (ما يُرِيدُ ) ( 14 ) عمله كلام واحد لطوّع اللّه كل حال .

كلّ (مَنْ كانَ يَظُنُّ) ورها (أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ) الرسول (اللَّهُ) المرسل للرسل ، والهاء للموصول والمراد ح عدم إعطاء المأكول وما سواه له (فِي) الدار (الدُّنْيا) دار الأعمال (وَ) الدار (الْآخِرَةِ) دار الأعدال (فَلْيَمْدُدْ

----------

(يدعو لمن ضره) بكونه معبودا من إيجابه عذاب الدارين (أقرب من نفعه) الذي زعمه من الشفاعة واللام معلقة ليدعو لتضمنه معنى الزعم وهو قول باعتقاد (لبئس المولى) الناصر (ولبئس العشير) الصاحب .

(إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار إن الله يفعل ما يريد) من نفع المؤمن المطيع وضرر المنافق العاصي لا يعجزه شيء (من كان يظن أن لن ينصره الله) الهاء لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) أو ل من ويراد بالنصر الرزق في الدنيا والآخرة (في الدنيا والآخرة فليمدد

ص: 510

بِسَبَبٍ) صدّ (إِلَى السَّماءِ) سماء هو مأواه وهو سطحه ، أو المراد السماء العهود (ثُمَّ لْيَقْطَعْ) هو السادّ وهو إحكام الصّد حول الكرد ، وسمّاه صدما لحسمه الروح ، أو المراد حسم الصراط للوصول علو السماء والكدّ لحصول المأكول ، ورووه مكسور اللّام (فَلْيَنْظُرْ) هو (هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ) مكره لعدم امداد الرسول أو روم المأكول (ما) امرا (يَغِيظُ) ( 15 ) أو ما موصول أو للمصدر أو المراد سوءه والحاصل لا صراط له إلا هو .

(وَ) كما أرسل دوالّ المعاد (كَذلِكَ) الإرسال (أَنْزَلْناهُ) الكلام الكامل المسطع أراد كلامه كله آياتٍ أعلاما ودوالّ وهو حال (بَيِّناتٍ) سواطع مدلولا (وَأَنَّ اللَّهَ) أحكم الحكماء ، وهو معلّل واللام مطروح ، والمراد وأرسله اللّه مصرحا لهداه (يَهْدِي) سواء الصراط كل (مَنْ يُرِيدُ) ( 16 ) هداه له .

----------

بسبب) بحبل (إلى السماء) سماء بينه يشد فيه وفي عنقه (ثم ليقطع) أي ليختنق من قطع اختنق أي ليجتهد في دفع غيظه أو جزعه بأن يفعل فعل المغتاظ أو الجازع بنفسه وقيل فليمدد حبلا إلى السماء المظلة ثم ليقطع المسافة إليها فيجهد في دفع نصره أو نيل رزقه (فلينظر) فليتفكر (هل يذهبن كيده) صنعه ذلك (ما يغيظ) غيظه .

(وكذلك) الإنزال لما سبق (أنزلناه) أي القرآن (ءايات بينات) ظاهرات (وأن) ولأن (الله يهدي) يوفق أو يثبت على الهدى (من يريد) توفيقه أو تثبيته .

ص: 511

(إِنَّ) الأمم (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا اللّه ورسوله (وَ) الرهط (الَّذِينَ هادُوا) صاروا هودا (وَالصَّابِئِينَ) هم صرع مما أسلموا لروح اللّه (وَالنَّصارى) رهط روح اللّه (وَالْمَجُوسَ) طوّع الساعور (وَ) الأمم (الَّذِينَ أَشْرَكُوا) مع اللّه إلها سواه (إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (يَفْصِلُ) هو الحكم (بَيْنَهُمْ) كلهم (يَوْمَ الْقِيامَةِ) عود الأرواح لأعطالها الأول ، والمراد هو معامل معهم واما لأعمالهم ، وما لمهم وما أحلّهم محلا واحدا وما عمل معهم عملا واحدا (إِنَّ اللَّهَ) الواسع علمه (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) عموما مسرّا أو مصرّحا (شَهِيدٌ) ( 17 ) عالم مطّلع علم صراح وهو أكمل هولا .

(أَ لَمْ تَرَ) أما حصل لك محمّد ( ص ) علم (أَنَّ اللَّهَ) مالك الملك والأمر (يَسْجُدُ) المراد الطوع (لَهُ) للّه كل (مَنْ) حلّ (فِي السَّماواتِ) عالم العلو (وَ) كل (مَنْ) حلّ (فِي الْأَرْضِ) عالم الرّهص (وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ) كلها (وَالشَّجَرُ) صرعه (وَالدَّوَابُّ) أهل الحس والحراك (وَ) رهط (كَثِيرٌ) معدود (مِنَ النَّاسِ) أولاد آدم ، وهو معمول عامل أمامه أو محكوم علاه ومحموله مطروح دلّ علاه محمول (وَ) عدد (كَثِيرٌ) مما مرّ أو أولاد آدم (حَقَّ) لسم ، ورووه مصدر العامل مطروح (عَلَيْهِ

----------

(إن الذين ءامنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة) يميز بينهم في أحوالهم ومحالهم (إن الله على كل شيء شهيد) مطلع عليم به (ألم تر) تعلم (أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض) ينقاد لقدرته وتدبيره (والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب) أن عمت من غير العقلاء فإفراد هذه بالذكر لظهورها (وكثير من الناس) عطف عليه (وكثير حق عليه

ص: 512

الْعَذابُ) المدام وهم أهل العدول (وَ) كل (مَنْ يُهِنِ اللَّهُ) لمّا أصاره أهل العدول (فَما لَهُ) للمحسول (مَنْ) مؤكد (مُكْرِمٍ) مسعد ، ورووه مكرم وهو مصدر ومدلوله ح الإكرام (أَنَّ اللَّهَ) مالك الكل (يَفْعَلُ) كل (ما) عمل (يَشاءُ) ( 18 ) إكراما وإسعادا أو سواه .

(هذانِ) أهل الإسلام وأعداءهم (خَصْمانِ) كل واحد عدوّ لمطوه (اخْتَصَمُوا) ادّارءوا (فِي) اللّه (رَبِّهِمْ) صراطه وأحكامه وسلك كل مسلكا (فَالَّذِينَ) الأمم الّلاءوا (كَفَرُوا) ردّوا الإسلام (قُطِّعَتْ) أحمّ (لَهُمْ) لأعطالهم (ثِيابٌ) كساء (مِنْ نارٍ) ساعور المعاد (يُصَبُّ) مالا (مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ) علاهم ، ورووا رؤوسهم وروسهم (الْحَمِيمُ) ( 19 ) الماء الحارّ ، وهو حال لهم أو محمول وراء محمول للموصول .

(يُصْهَرُ) صهره أماعه ، وهو حال عما أمامه موصولا أو عمّاهم ( بِهِ)

----------

العذاب) بإبائه أن يسجد طاعة قيل (وكثير) تكرير للسابق مبالغة في كثرة من حق عليه العذاب (ومن يهن الله) يشقه بالعقاب (فما له من مكرم) مسعد بالثواب (إن الله يفعل ما يشاء) من إهانة وإكرام .

(هذان) الجمعان من المؤمنين والكفار أهل الملل الخمس (خصمان اختصموا) جمع نظر إلى المعنى (في ربهم فالذين كفروا) في دينه قيل نظر في ستة تبارزوا ببدر علي وحمزة وعبيدة من المسلمين وعتبة وشيبة والوليد من المشركين وقيل في المسلمين واليهود حين قال كل منهما نحن أحق إن الله يفصل بينهم بقوله (قطعت لهم) قدرت على تقاديرهم (ثياب من نار) نيران تشملهم كالثياب (يصب من فوق رءوسهم الحميم) الماء المغلي قيل لو تقطعت منه قطعة على الجبال لأذابتها (يصهر) يذاب (به

ص: 513

الماء الحار (ما) أمعاء ودعس (فِي بُطُونِهِمْ) للكمال حرّه (وَالْجُلُودُ) ( 20 ) مسوكهم .

(وَ) أعد (لَهُمْ) لسوط رؤوسهم أو لدكها (مَقامِعُ) أسواط أو مداكّ (مِنْ حَدِيدٍ) ( 21 ) محكم .

(كُلَّما أَرادُوا) همّوا وعمدوا (أَنْ يَخْرُجُوا) سلّاما (مِنْها) الساعور (مِنْ غَمٍّ) همّ مسّهم ودلعوا (أُعِيدُوا) ردّوا وأهووا (فِيها) كهرا وورد لمّا عصاهم سعر الساعور ورماهم لاعلاها هروا مع الأسواط وهووها (وَ) الكلام معهم ح (ذُوقُوا) أطعموا وأصلوا (عَذابَ) الساعور (الْحَرِيقِ) ( 22 ) المصومد المهلك .

(إِنَّ اللَّهَ) الحكم العدل (يُدْخِلُ) معادا الأمم (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا سدادا للّه ورسوله (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللّواء أمرها اللّه (جَنَّاتٍ) محال دوح وروح وصروح وحور وسرور (تَجْرِي) دواما (مِنْ تَحْتِهَا) دوحها وصروحها (الْأَنْهارُ) مسل الماء والدّر والعسل والمدام (يُحَلَّوْنَ) هؤلاء الأكارم (فِيها) هؤلاء المحال (مِنْ) مؤكّد (أَساوِرَ) واحد واحده سوار (مِنْ ذَهَبٍ) احمر أو طاؤس (وَلُؤْلُؤاً) رصّع معه

----------

ما في بطونهم) من الأحشاء (والجلود) فباطنهم كظاهرهم في التأثر به (ولهم مقامع من حديد) يضربون بها والمقمعة ما يقمع به أي يدرع (كلما أرادوا أن يخرجوا منها) من النار (من غم) يأخذ بأنفاسهم فقاربوا الخروج (أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق).

(إن الله يدخل الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار) هذه حال الخصم الآخر (يحلون فيها) يلبسون حليا (من أساور) جمع أسورة وهي جمع سوار ومن ابتدائية (من ذهب) بيان لها (ولؤلؤا

ص: 514

(وَلِباسُهُمْ) كساهم (فِيها) هؤلاء المحال (حَرِيرٌ) ( 23 ) صراح .

(وَهُدُوا) ودلّوا الحال (إِلَى الطَّيِّبِ) الطاهر (مِنَ الْقَوْلِ) الكلام وهو لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه ، أو الإعلام السّار لهم حال ورودهم دارالسلام أو سلام اللّه (وَهُدُوا) دلّوا وأصلوا (إِلى صِراطِ) اللّه (الْحَمِيدِ) ( 24 ) الحامد أو المحمود للعالم وهو الإسلام أو صراط دارالسلام .

(إِنَّ) الرهط (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا (وَ) مع مرّ (يَصُدُّونَ) رسول اللّه وسواهم (عَنْ) سلوك (سَبِيلِ اللَّهِ) الدور حول الودع والإسلام وطوع اللّه أو هو حال (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) المحرّم المكرّم (الَّذِي جَعَلْناهُ) مطاعا (لِلنَّاسِ) طرّا (سَواءً) وروده محمولا لما وراءه (الْعاكِفُ) الراكد الرامك ، ورووه مكسورا صدعا لمكسور أمامه (فِيهِ) الحال دواما (وَالْبادِ) الوارد ، ومحمول الموصول الأوّل مطروح دلّ علاه محمول (وَ) كل (مَنْ يُرِدْ فِيهِ) الحرم وهو ممّا طرح معموله للعموم وهو مرادا ما (بِإِلْحادٍ) حال أو معمول والكاسر مؤكد (بِظُلْمٍ) عمل عمل محرّم أو مكروه وهو حال وراء

----------

ولباسهم فيها حرير وهدوا إلى الطيب من القول) كلمة التوحيد أو قول الحمد لله أو القرآن (وهدوا إلى صراط الحميد) دين المحمود وهو الله أو طريق المحل المحمود وهو الجنة .

(إن الذين كفروا ويصدون) عطف على الماضي لقصد الاستمرار أو حال من واو كفروا (عن سبيل الله) عن طاعته (والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء) بالرفع خبر مبتدإ (العاكف فيه) المقيم (والباد) الطارىء (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) حالان مترادفان والباء فيهما للملابسة والإلحاد عدول عن القصد وترك مفعول يرد ليعم أي من يرد فيه أمرا ما ملابسا للعدول عن

ص: 515

حال ، أو معمول لإلحاد معلّل له ، أو صدع له مع أعاد الكاسر (نُذِقْهُ) ماصلا (مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) ( 25 ) مؤلم .

(وَ) ادّكر محمّد ( ص ) (إِذْ) لمّا (بَوَّأْنا) المراد الإعلام (لِإِبْراهِيمَ) إمامكم (مَكانَ) محل أسّ (الْبَيْتِ) الحرام المسموك حال عداء الماء لعهد أطول الرسل عمرا وامر (أَنْ لا تُشْرِكْ بِي) أصلا (شَيْئاً) ما (وَ) أمر (طَهِّرْ بَيْتِيَ) الحرام مما هو محرّم أو مكروه (لِلطَّائِفِينَ) الدوار حوله (وَالْقائِمِينَ) أهل الرموك وسط أم الرحم (وَالرُّكَّعِ) واحده راكع (السُّجُودِ) ( 26 ) كما أمروا .

(وَأَذِّنْ) ادع وصح (فِي النَّاسِ) عموما وأعلمهم (بِالْحَجِّ) المأمور ، ورد صعد طودا ودعا أهل العالم أسّس اللّه محلّا حراما وأمركم أمّه وعمده والدور حوله ، وسمع دعاءه وحاوره كل مرء أحمّ وصوله له ، وورد هر كلام مع محمّد رسول اللّه صلعم وأمر له عام الوداع وحوار الأمر (يَأْتُوكَ) أهل العالم (رِجالًا) أهل حوامل وهو حال (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) لطول ما سار (يَأْتِينَ) صدده ، ورووه مع « الواو » (مِنْ كُلِّ فَجٍّ) صراط

----------

القصد والظلم (نذقه من عذاب أليم) جواب من.

(وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت) أي واذكر إذ بيناه له ليبينه (أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي) من الأوثان (للطائفين) حوله (والقائمين) المقيمين عنده أو القائمين في الصلاة (والركع السجود) المصلين جمع راكع وساجد .

(وأذن) ناد (في الناس بالحج) بالأمر به روي أنه صعد أبا قبيس فقال: أيها الناس حجوا بيت ربكم (يأتوك رجالا) مشاة جمع راجل (وعلى كل ضامر) بعير مهزول أي ركبانا (يأتين) صفة كل ضامر لأنه بمعنى الجمع (من كل فج

ص: 516

(عَمِيقٍ) ( 27 ) طروح .

(لِيَشْهَدُوا) هو الورود (مَنافِعَ لَهُمْ) أموالا أو أعمالا أو عامّ (وَيَذْكُرُوا) حال السحط (اسْمَ اللَّهِ) مولاهم (فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ) معلوم حدودها (عَلى ما رَزَقَهُمْ) أعطاهم اللّه (مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) كالأطوم (فَكُلُوا) لحما (مِنْها) هؤلاء السّوام المراد حلّ الأكل لا أصل الأمر (وَأَطْعِمُوا) أعطوا لحمها المراد أصل الأمر (الْبائِسَ) المعسر (الْفَقِيرَ) ( 28 ) المعدم للمال .

(ثُمَّ لْيَقْضُوا) حال الإحلال (تَفَثَهُمْ) المراد محو أركاسهم أو صرم السوادل والإحداد وسواهما ، أو أعمال المحل الحرام كلها (وَلْيُوفُوا) هو الإكمال (نُذُورَهُمْ) عهودهم وأوامرهم (وَلْيَطَّوَّفُوا) هو لإكمال الحلّ أو للوداع (بِالْبَيْتِ) حول المحلّ (الْعَتِيقِ) ( 29 ) المؤسس أولا لأهل العالم ، أسّسه آدم وسمك حال عداء الماء لعهد أطول الرسل عمرا ، وأعاده أمام أهل

----------

عميق) طريق بعيد (ليشهدوا) ليحضروا (منافع لهم) دينية ودنيوية (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) هي أيام النحر الأربعة أي ليسموا الله فيها (على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) أي على ذبح ونحر ما رزقهم من الإبل والبقر والغنم هدايا أو ضحايا، وعن الصادق (عليه السلام) هو التكبير بمعنى عقيب خمس عشرة صلاة أولها ظهر العيد (فكلوا منها وأطعموا البائس) من مسه بؤس أي ضر (الفقير) المحتاج .

(ثم ليقضوا تفثهم) ليزيلوا شعثهم بقص الشارب والظفر وحلق الشعر والغسل إذا أحلوا (وليوفوا نذورهم) ما نذروا من البر في حجتهم (وليطوفوا) طواف الزيارة والنساء أو الوداع أو ما يعمها (بالبيت العتيق) القديم لأنه أول بيت وضع أو الكريم وروي أنه المعتق من الغرق ومن تسلط الجبابرة .

ص: 517

الإسلام ، أو المكرّم المحروس ما هدمه الماء حال العداء ولا عدوّ عمد هدمه ، وما ملكه الملّاك العدّال ، وهو مدار أهل الرمكاء .

كالمحدّد للحدود ، وهو السماء الأطلس مدار أهل عالم العلو وأوامر أمّ المحل الحرام أوّلها الإحرام و 2 ركود كداء و 3 الدور حول الحمساء .

الأمر (ذلِكَ) المسطور وهو محمول لمطروح أو عكسه أو معمول للمطروح (وَ) كل (مَنْ يُعَظِّمْ) هو الإكرام (حُرُماتِ اللَّهِ) أحكامه وطوعه ، أو المراد الحرم وأحكام أمّه والودع الحرام والمعلم الحرام والعصر الحرام والمصر الحرام ، الرمكع الحرام ، أو كل ما حرّمه اللّه وإكرامها ورعها (فَهُوَ) الإكرام (خَيْرٌ) أصلح (لَهُ) مما سواه (عِنْدَ) اللّه (رَبِّهِ) المصلح له حالا المكرم له معادا (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ) أهل الإسلام (الْأَنْعامُ) أكلها كلها (إِلَّا) وراء (ما يُتْلى) إحرامه (عَلَيْكُمْ) والمراد أعلمكم اللّه الحلال والحرام وحدّ الحدود دعوا إحلال الحرام كأكل الهالك وإحرام الحلال كحام وسواه ، أو أحلّ لكم حال إحرامكم أكل لحومها كلها إلا المدروس علاكم وهو المصطاد حال الإحرام (فَاجْتَنِبُوا) دعوا أهل الإسلام (الرِّجْسَ) المكروه (مَنْ) لإعلام المراد (الْأَوْثانِ) الإله العواطل (وَاجْتَنِبُوا) دعوا (قَوْلَ الزُّورِ) ( 30 ) كلام الولع .

----------

(ذلك) أي الأمر ذلك المذكور (ومن يعظم حرمات الله) أحكامه وما لا يحل هتكه من جميع التكاليف أو ما يتعلق بالحج (فهو) أي تعظيمها (خير له عند ربه) ثوابا (وأحلت لكم الأنعام) كلها أكلا (إلا ما يتلى عليكم) تحريمه في حرمت عليكم الميتة الآية ونحوها (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) من بيانية (و اجتنبوا قول الزور) هو الكذب أو شهادة الزور أو الغناء أو قول: هذا حلال وهذا حرام .

ص: 518

(حُنَفاءَ) عدلاء عما كره اللّه وحرمه وأهل إسلام وطوع (لِلَّهِ) وحده (غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ) إلها سواه ، وهما حالا الواو (وَ) كل (مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ) إلها سواه (فَكَأَنَّما خَرَّ) هار (مِنَ السَّماءِ) العلو لمّا هار مما له علوّ وهو الإسلام (فَتَخْطَفُهُ) هو المعد والمعل وهو العطو المسرع (الطَّيْرُ) كل ما طار (أَوْ تَهْوِي) هو الهور (بِهِ) العادل مع اللّه إلها سواه (الرِّيحُ) الصرصر (فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) ( 31 ) طروح والحاصل كحال مرء حسم أمل سلامه .

الأمر (ذلِكَ) أو هو محكوم والأمر محموله (وَ) كل (مَنْ يُعَظِّمْ) هو الإكرام ، والمراد الإصلاح (شَعائِرَ اللَّهِ) اعلامه والمراد السّوام المرسل كلها للسدح حول الحرم (فَإِنَّها) إكرامها وإصلاحها (مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) ( 32 ) أعمال أهل الورع الأرواع .

(لَكُمْ فِيها) هؤلاء السّوام (مَنافِعُ) الدّر والحمل علاها وعلوها وما سواهما حالا ومالا (إِلى أَجَلٍ) أمد (مُسَمًّى) محدود معلوم وهو عصر سدحها (ثُمَّ مَحِلُّها) مكسور الحاء محل حل سدحها ( إِلَى الْبَيْتِ

----------

(حنفاء لله) موحدين له (غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء) أي فقد أهلك نفسه هلاك من سقط منها (فتخطفه الطير أو تهوي به الريح) تأخذه بسرعة فترفعه قطعا من حواصلها وقرىء بالتشديد أي تسقطه (في مكان سحيق) بعيد وأو للإباحة في التشبيهين (ذلك) أي الأمر ذلك (ومن يعظم شعائر الله) دينه أو مناسك الحج أو الهدايا (فإنها) فإن تعظيمها ناشىء (من تقوى القلوب) أي قلوبهم .

(لكم فيها منافع) درها وظهرها (إلى أجل مسمى) وقت نحرها (ثم محلها) مكان حل نحرها (إلى البيت العتيق) أي ما يقرب منه، قيل هو الحرم كله وعندنا أنه في الحج مني وفي العمرة المفردة مكة بالجزورة .

ص: 519

الْعَتِيقِ) ( 33 ) المؤسس أولا أو المكرم أراد صدده وهو الحرم كله .

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ) لكل أهل طوع مرّوا أمامكم (جَعَلْنا مَنْسَكاً) سدحا روما للأمم والطّوع ، وهو مصدر ، ورووه مكسور الوسط وهو أسم محل السدح (لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ) مولاهم لا ما سواه (عَلى ما رَزَقَهُمْ) أعطاهم (مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ) السّوام حال سدحها (فَإِلهُكُمْ) مألوهكم (إِلهٌ) مألوه (واحِدٌ) أحد (فَلَهُ) وحده (أَسْلِمُوا) طاوعوا (وَبَشِّرِ) محمّد ( ص ) الملأ (الْمُخْبِتِينَ) ( 34 ) أهل الطّوع .

(الَّذِينَ) الموصول مع وصله صدع لهم (إِذا) كلما (ذُكِرَ اللَّهُ) وحده (وَجِلَتْ) راع (قُلُوبُهُمْ) هولا (وَالصَّابِرِينَ) أهل الحلم وحمل المكاره (عَلى ما) مكروه (أَصابَهُمْ) مسهّم ووصلهم (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) لأعصارها (وَمِمَّا) أموال وأملاك (رَزَقْناهُمْ) أعطوا (يُنْفِقُونَ) ( 35 ) هو الإعطاء .

----------

(ولكل أمة) من الأمم (جعلنا منسكا) قربانا أو متعبدا وقرىء بالكسر أي مكان نسك (ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) عند ذبحها ويفيد اختصاص القربان بها (فإلهكم إله واحد) لا شريك له فلا تذكروا على ذبائحكم إلا اسمه (فله أسلموا) انقادوا (وبشر المخبتين) الخاضعين الخاشعين (الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) لهيبته (والصابرين على ما أصابهم) من المصائب (والمقيمي الصلاة) في أوقاتها (ومما رزقناهم ينفقون) في سبيل الخير .

ص: 520

(وَالْبُدْنَ) العلاكم والعرامس وحدها ، أو مع الأطاوم وهو معمول عامل مطروح صرّحه (جَعَلْناها لَكُمْ) أهل الإسلام (مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ) أعلام الإسلام (لَكُمْ) أهل الإسلام (فِيها) هؤلاء السّوام (خَيْرٌ) صلاح حالا ومآلا (فَاذْكُرُوا) أهل الإسلام (اسْمَ اللَّهِ) وحده (عَلَيْها) حال السدح (صَوافَّ) رواكد وهو حال للهاء (فَإِذا وَجَبَتْ) هار مع عدم الحراك (جُنُوبُها) المراد أدركها السّام (فَكُلُوا) ح اللحم (مِنْها) لو طراءكم الرود والمراد حلّ الأكل لا أصل الأمر (وَأَطْعِمُوا) أعطوا لحمها المراد أصل الأمر (الْقانِعَ) الطامع أهل السؤال ، أو ما لا سؤال له ورعا مع عسره (وَ) أطعموا (الْمُعْتَرَّ) أهل السؤال أو المعلم لعدمه وما لا سؤل له (كَذلِكَ) كما أمر لكم سدحها وهو محمول لمطروح وهو الأمر (سَخَّرْناها) كلها (لَكُمْ) أهل الإسلام مع كمال حولها (لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ( 36 ) الآلاء .

(لَنْ يَنالَ) هو الوصول (اللَّهَ) ودّه (لُحُومُها) المراد ملّاكها ومطعموها لأهل العسر (وَلا دِماؤُها) السحاء حال السدح (وَلكِنْ يَنالُهُ) اللّه

----------

(والبدن) الإبل (جعلناها لكم من شعائر الله) أعلام دينه (لكم فيها خير) نفع ديني ودنيوي (فاذكروا اسم الله عليها) عند نحرها (صواف) قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن (فإذا وجبت جنوبها) سقطت إلى الأرض أي ماتت بالنحر (فكلوا منها وأطعموا القانع) الذي يقنع بما يعطى (والمعتر) المعترض بسؤال أو بدونه (كذلك) التسخير أي هكذا (سخرناها لكم) مع ضخمها وقوتها فتقودونها وتحبسونها ثم تنحرونها (لعلكم تشكرون) نعمتنا عليكم .

(لن ينال الله) لن يصعد إليه (لحومها ولا دماؤها ولكن يناله) يصعد إليه

ص: 521

(التَّقْوى) الورع الصادر (مِنْكُمْ) والمراد أهل الورع ووصوله له حمده له ، وإعطاءه العدل (كَذلِكَ) كما أمر اللّه لكم سدحها (سَخَّرَها) اللّه لهؤلاء السّوام (لَكُمْ) للسدح كرره لمّا ادّكروا ، أو لمّا علّله معه وهو (لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ) لدعاء اسمه (عَلى ما هَداكُمْ) دلّكم لمعالم الإسلام ومراسم المحلّ الحرام (وَبَشِّرِ) الملأ (الْمُحْسِنِينَ) ( 37 ) وسرّ أهل الوحود والطوع للّه .

(إِنَّ اللَّهَ) الملك العدل (يُدافِعُ) هو الدرء الكامل (عَنِ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وحملوا مكاره الأعداء (إِنَّ اللَّهَ) العدل (لا يُحِبُّ) أصلا (كُلَّ خَوَّانٍ) ما أودعه اللّه ورسوله (كَفُورٍ) ( 38 ) لا حامد لآلاء اللّه ، وهو معلّل لما أمامه .

(أُذِنَ) حكم العماس ، ورووه معلوما وح المراد أمر اللّه (لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ) المراد أهل الإسلام ، ورووه معلوما (بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) حدلهم الأعداء

----------

(التقوى منكم) الموجبة لإخلاص العمل لله وقبوله منه (كذلك سخرها لكم) كرر ليعلل بقوله (لتكبروا الله على ما هداكم) أرشدكم لإعلام دينه ومناسك حجه (وبشر المحسنين) أي الموحدين (إن الله يدافع) وقرىء يدفع والأول للمبالغة (عن الذين ءامنوا) كيد المشركين (إن الله لا يحب كل خوان) لله بإشراكه (كفور) جحود لنعمه أي لا يرضى عنهم .

(أذن) وقرىء بالبناء للفاعل أي الله (للذين يقاتلون) المشركين وحذف المأذون فيه لدلالته عليه (بأنهم) بسبب أنهم (ظلموا) وهم المؤمنون كان المشركون يؤذونهم بضرب وغيره فيتظلمون إلى النبي فيقول لهم اصبروا فإني لم

ص: 522

وهو أوّل ما أرسل للعماس مع الأعداء (وَإِنَّ اللَّهَ) مولاهم (عَلى نَصْرِهِمْ) إمداد أهل الإسلام (لَقَدِيرٌ) ( 39 ) كامل ألوّ وهو وعد لسطوهم وعلوّهم .

وهم (الَّذِينَ أُخْرِجُوا) أطردوا أو هو صدع للموصول الأوّل أو معمول لمطروح (مِنْ دِيارِهِمْ) محالهم المراد الحرم (بِغَيْرِ حَقٍّ) داع لطردهم وما أطردوا (إِلَّا أَنْ يَقُولُوا) إلّا لكلامهم (رَبُّنَا اللَّهُ) وحده (وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ) أحكم الحكماء (النَّاسَ) أولاد آدم (بَعْضَهُمْ) أهل الردّ والصدود (بِبَعْضٍ) أهل الإسلام والطوع (لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ) مطاوع الطوع وأهل الورع (وَبِيَعٌ) معامر رهط روح اللّه (وَصَلَواتٌ) معامر الهود (وَمَساجِدُ) معامر أهل الإسلام (يُذْكَرُ فِيهَا) هؤلاء المحال (اسْمُ اللَّهِ) الواحد الأحد ادّكارا (كَثِيراً) أو عصرا آمرا (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ) العدل كل (مَنْ يَنْصُرُهُ) إسلامه أو أهله (إِنَّ اللَّهَ) واعد المدد (لَقَوِيٌّ) كامل ألوّ (عَزِيزٌ) ( 40 ) حدد حماه .

----------

أومر بالقتال حتى هاجروا فأنزلت (وإن الله على نصرهم لقدير) عدة لهم بالنصر (الذين أخرجوا من ديارهم) مكة (بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) أي بغير موجب سوى التوحيد الموجب للإقرار لا الإخراج، قال الباقر (عليه السلام) نزلت في المهاجرين وجرت في آل محمد أخرجوا أو أخيفوا (ولولا دفع) وقرىء دفاع (الله الناس بعضهم ببعض) بنصر المسلمين على الكفار (لهدمت) بالتشديد والتخفيف (صوامع) للرهبان (وبيع) كنائس للنصارى (وصلوات) كنائس لليهود سميت بها لأنه يصلي فيها (ومساجد) للمسلمين (يذكر فيها اسم الله كثيرا) صفة للأربع أو للمساجد خصت بها تشريفا وقيل الكل أسماء للمساجد (ولينصرن الله من ينصره) بنصر دينه وقد أنجز وعده (إن الله لقوي) على النصر (عزيز) لا يغالب .

ص: 523

(الَّذِينَ) وهو مصرّح للموصول الأوّل (إِنْ مَكَّنَّاهُمْ) أعطوا آلاء وملكوا (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء وامدّوا ، وورد المراد رهط محمد رسول اللّه صلعم (أَقامُوا) أدّوا (الصَّلاةَ) كما أمروا (وَآتَوُا الزَّكاةَ) أعطوها كما علّموا (وَأَمَرُوا) وسطهم (بِالْمَعْرُوفِ) الأمر المعلوم حكما (وَنَهَوْا) ردعوا (عَنِ) الأمر (الْمُنْكَرِ) المردود المحرّم والمكروه (وَلِلَّهِ) وحده (عاقِبَةُ) معاد (الْأُمُورِ) ( 41 ) كلّها وأداء العدل كرما وعدلا وهو وكود للوعد الأوّل ،

(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ) محمّد ( ص ) أهل الحرم ، وهو كلام مسلّ للرسول صلعم والحاصل دع الهمّ لو ردّوك وما أسلموك (فَقَدْ كَذَّبَتْ) ردّ (قَبْلَهُمْ) أمام رهطك (قَوْمُ نُوحٍ) له (وَعادٌ) رسولهم هودا (وَثَمُودُ) ( 42 ) رسولهم صالحا

(وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ) له (وَقَوْمُ لُوطٍ) ( 43 ) له .

(وَأَصْحابُ) أهل (مَدْيَنَ) لرسولهم (وَكُذِّبَ) وردّ ملك مصر وملأه (مُوسى) وردأه (فَأَمْلَيْتُ) هو الإمهال (لِلْكافِرِينَ) أعداء الرسل والمراد أمهلوا وما أهملوا (ثُمَّ) لمّا حلّ موعدهم (أَخَذْتُهُمْ) سطوا واصطلموا وأحاط وأهلك رهط أطول الرّسل عمرا الماء ، وعادا الصرصر ورهط صالح

----------

(الذين إن مكناهم في الأرض) وصف للذين أخرجوا أو بدل ممن ينصره، قال الباقر (عليه السلام) نحن هم (أقاموا الصلوة وآتوا الزكوة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر) جواب الشرط وهو وجوابه صلة للذين (ولله عاقبة الأمور) لا يملكها في الآخرة سواء (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين) تسلية له (صلى الله عليه وآله وسلّم) عن تكذيب قومه (وكذب موسى) غير النظم لأن القبط كذبوه لا قومه (فأمليت للكافرين) أمهلتهم وأخرت عقوبتهم (ثم أخذتهم) بالعذاب

ص: 524

الواد والهاد ، ورهط والدكم الأكرم عسكر الكهر ، ورهط لوط الأركاس وأمطار العرامس ، وأعداء رسول الهود الداماء (فَكَيْفَ كانَ) حال ردّهم الرسل (نَكِيرِ) ( 44 ) وهو مصدر ، والمراد إهلاك اللّه لهم محل ما أعطاهم الآلاء .

(فَكَأَيِّنْ) كم (مِنْ) مؤكد (قَرْيَةٍ) مصر (أَهْلَكْناها) أهلها (وَ) الحال (هِيَ) أهلها (ظالِمَةٌ) أهل طلاح وردّ لما أمرهم اللّه (فَهِيَ) دورها (خاوِيَةٌ) هو الهور (عَلى عُرُوشِها) سطوحها أو سررها (وَ) كم (بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) أراد الرسّ عطّلها أهلها وهلكوا ، عطّله أهدر عمله (وَ) كم (قَصْرٍ) صرح (مَشِيدٍ) ( 45 ) سامك ومرصّص .

والمراد مصر ورده صالح الرسول مع رهط أهل إسلام ، وهلك صالح وأمر الرهط وطال علاهم العهد ، ولمّا صاروا أهل عدول وألهّوا دماهم ، وأرسل اللّه لهم رسولا كاملا هدوّا مع علم دال لسداده ، وأهلكوه وأهلكهم اللّه كلهم وعطّل رسّهم وهدم صرحهم .

(أَ) عوهّو (فَلَمْ يَسِيرُوا) أهل الحرم وما داروا (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء لا حساس مصارع الأمم الطوالح الهوالك ، ولو ساروا لرأوا أو ساروا ورأوا وهلّا اعملوا أحلامهم (فَتَكُونَ لَهُمْ) ح (قُلُوبٌ) أرواع (يَعْقِلُونَ) ما

----------

(فكيف كان نكير) إنكاري عليهم بالانتقام منهم بتكذيبهم.

(فكأين) فكم (من قرية أهلكناها) وقرىء أهلكتها (وهي ظالمة) أي أهلها بالكفر حال (فهي خاوية على عروشها) أي ساقطة حيطانها على سقوفها أو خالية مع بقاء سقوفها (وبئر معطلة) متروكة بموت أهلها (وقصر مشيد) مجصص أو مرفوع هلك أهله (أفلم يسيروا في الأرض) ليعرفوا حال المكذبين قبلهم فيعتبروا (فتكون لهم قلوب يعقلون بها) ما أصاب أولئك بتكذيبهم

ص: 525

ورد الأمم الأول (بِها) الأرواع (أَوْ آذانٌ) مسامع (يَسْمَعُونَ) الكلام المسدّد وأحوال هؤلاء الأمم (بِها) مسامعهم (فَإِنَّها) الحال (لا تَعْمَى الْأَبْصارُ) الحواس عما الاحساس (وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ) والأرواح (الَّتِي) حصولها (فِي الصُّدُورِ) ( 46 ) عمّا امر اللّه وهو الدهاء وإدراك الحكم والإسرار ، ودلّ الكلام محل الحلم والعلم هو السّوار لا الرأس كما ادعاه الحكماء .

(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ) محمّد ( ص ) وهو سؤال الورود مسرعا (بِالْعَذابِ) الإصر والحدّ أمام عصره المحدود له (وَلَنْ يُخْلِفَ) أصلا (اللَّهُ) أرحم الرحماء (وَعْدَهُ) ما وعده وارد حاصل لا محال (وَإِنَّ يَوْماً) واحدا مما حدّها اللّه وأحمّها لإصرهم وحدّهم (عِنْدَ) اللّه (رَبِّكَ) مولاك (كَأَلْفِ سَنَةٍ) معدود (مِمَّا) أعوام (تَعُدُّونَ) ( 47 ) لطول أعصار الآلام أو المراد أصله .

(وَكَأَيِّنْ) كم (مِنْ) مؤكد (قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ) الإملاء الإمهال (لَها) لأهلها (وَ) الحال (هِيَ) أهلها (ظالِمَةٌ) ألوا عدول وطلاح عدلكم ، والحاصل أمهلوا وما أهملوا (ثُمَّ) لمّا حلّ العصر المحدود لإهلاكهم واصطلامهم

----------

(أو ءاذان يسمعون بها) أخبار إهلاكهم سماع تدبر (فإنها لا تعمى الأبصار) الهاء للقصة أو مبهم يفسره الأبصار وفاعل تعمى ضميره (ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) قيد بالصدور تأكيدا ورفعا للتجوز .

(ويستعجلونك بالعذاب) الذي أوعدوه (ولن يخلف الله وعده) بإنزاله وقد أنجزه يوم بدر (وإن يوما) من أيام عذابهم (عند ربك) في الآخرة (كألف سنة مما تعدون) في الدنيا وقرىء بياء الغيبة .

(وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها) المراد أهلها وعطف

ص: 526

(أَخَذْتُها) أحاط أهلها الهلاك واصطلموا (وَإِلَيَّ) سموما (الْمَصِيرُ) ( 48 ) معاد الكل ولا إملاص لأحد .

(قُلْ) محمّد ( ص ) (يا أَيُّهَا النَّاسُ ) أهل الحرم (إِنَّما) ما (أَنَا لَكُمْ) إلّا (نَذِيرٌ) مروّع معلم أهول المعاد (مُبِينٌ) ( 49 ) إعلامه وسداده ، ما أورد معه ما هو معادل له وهو ما مدلوله الإعلام السارّ لمّا الكلام مع أعداء الإسلام ، أو هو مطروح مراد والحاصل وسار لأهل الإسلام ومعلم لهم مراهصهم معادا .

(فَالَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله وأسدّوا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللّواء أمر اللّه (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) ممّا أساءوا (وَرِزْقٌ) أكل (كَرِيمٌ) ( 50 ) مكرّم دارالسلام .

(وَ) أهل الطلاح (الَّذِينَ سَعَوْا) للردّ (فِي آياتِنا) الكلام المرسل (مُعاجِزِينَ) طمّاع الكوح والمكر مع أهل الإسلام وصّاما لها لمّا سمّوها سحرا وأسمارا (أُولئِكَ) أهل الطلاح (أَصْحابُ الْجَحِيمِ) ( 51 ) أهل الساعور وورد هو أسم درك .

----------

السابق بالفاء لأنه بدل من فكيف كان نكير وهذا بالواو لسوقه لبيان وقوع العذاب بهم وإن أمهلوا كالجملتين قبله (وإلى المصير) مرجع الكل.

(قل يا أيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين) لما أنذركم به (فالذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة) لذنوبهم (ورزق كريم) بنعيم الجنة فإنه أفضل رزق (والذين سعوا في ءاياتنا) القرآن بالإبطال (معاجزين) مسابقين لنا ظانين أن يفوتونا أو يتم كيدهم (أولئك أصحاب الجحيم) النار .

ص: 527

(وَما أَرْسَلْنا) لإعلام الأوامر والأحكام لأهل العالم (مِنْ قَبْلِكَ) أمام عهدك محمّد ( ص ) (مِنْ) مؤكد ك « ما » (رَسُولٍ) مرء كامل مأمور له أداء الأوامر والأحكام له طرس أرسله اللّه معه وإعلام لإرساله (وَلا نَبِيٍّ) مرء كامل مأمور لإعلام أوامر رسول أمامه وأحكامه حارسا ومسدّدا لصراطه ، ما أمر أداءها رأسا ولا له طرس مرسل معه ، وله إعلام لإرساله أو هو أعمّ (إِلَّا إِذا تَمَنَّى) درس الكلام المرسل (أَلْقَى) ساط (الشَّيْطانُ) المارد (فِي أُمْنِيَّتِهِ) درسه كلاما مردودا مودودا لأهل الأهواء والآراء العواطل ، والمراد درسه الكلام المردود حال درس رسول اللّه صلعم كلام اللّه إعلاما للسماع المسموع كلّه كلام اللّه ، وعاودوا سماع كلامه المردود لعهدهم ككلامه لعماس أحد إلا هلك محمد ( ص ) (فَيَنْسَخُ) هو المحو (اللَّهُ) للحال (ما) كلاما (يُلْقِي الشَّيْطانُ) المارد المراد إعلامه ما هو كلام الوسواس المطرود (ثُمَّ) لمّا أعلم كلام المارد الوسواس (يُحْكِمُ اللَّهُ) المراد حوطه وحرسه (آياتِهِ) كلامه مما ساطه المردود (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) واسع علمه الكلام المرسل ومكر المارد المردود وأحوال أولاد آدم (حَكِيمٌ) ( 52 ) مراع للحكم والمصالح .

(لِيَجْعَلَ) اللّه معلل للكلام الاوّل (ما) كلاما (يُلْقِي الشَّيْطانُ) مكرا

----------

(وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي) وعنهم (عليهم السلام) أو محدث بفتح الدال هو الإمام يسمع الصوت ولا يرى الملك (إلا إذا تمنى) بقلبه منية (ألقى الشيطان في أمنيته) ووسوس إليه فيها بالباطل يدعوه إليه (فينسخ الله ما يلقي الشيطان) فيبطله ويزيله بعصمته وهدايته إلى ما هو الحق (ثم يحكم الله ءاياته) يثبت دلائله الداعية إلى مخالفة الشيطان (والله عليم حكيم) في تدبيره .

(ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة) الدال على ظهور الملقى للناس بخلاف

ص: 528

(فِتْنَةً) محكا ولأواء (لِلَّذِينَ) اسمهرّ (فِي قُلُوبِهِمْ) السود (مَرَضٌ) داء الطلاح وهم أرهاط أسلموا مع مكر ووهم (وَ) الأعداء (الْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ) العدّال مع اللّه إلها سواه (وَإِنَّ) الرهط (الظَّالِمِينَ) إدرارهم وهم أعداء الإسلام أراد ما مرّ حالهما أورده محلّ ما عاد إعلاما لحدلهم وإحكاما له (لَفِي شِقاقٍ) طلاح وعداء (بَعِيدٍ) ( 53 ) طوّال أو مراء مع الرسول ورهطه طروح عما أمره اللّه وما هو السداد .

(وَلِيَعْلَمَ) أهل الإسلام وهم (الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أعطوا علم أوامر اللّه وإسلامه وكلامه (أَنَّهُ) الكلام المرسل (الْحَقُّ) واردا (مِنْ) اللّه (رَبِّكَ) مالك الكل (فَيُؤْمِنُوا) سدادا ح (بِهِ) الكلام المرسل أو اللّه (فَتُخْبِتَ) هو الهكوع والرسوّ (لَهُ) للكلام (قُلُوبُهُمْ) ودّا وروعا (وَإِنَّ اللَّهَ) المكرام (لَهادِ) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وأسدّوا (إِلى صِراطٍ) مسلك (مُسْتَقِيمٍ) ( 54 ) سواء لمّا أسلموا لكلامه كله سطح مراده ، أو لا وأوّلوا ما لا سطوع لمراده كما هو حراء له ، أو أسلموا له وما أوّلوه كما هو الأحوط .

----------

الأول لخفاء تمني القلب فكيف يكون امتحانا (للذين في قلوبهم مرض) شك ونفاق (والقاسية قلوبهم) المشركين (وإن الظالمين) أي الحزبين وضع موضع ضميرهم إيذانا بظلمهم (لفي شقاق) خلاف (بعيد) عن الحق أو عن الرسول وبيعته (وليعلم الذين أوتوا العلم) بتوحيد الله وحكمته (أنه) أي القرآن (الحق) الذي لا يأتيه الباطل منزلا (من ربك فيؤمنوا به) يثبتوا على إيمانهم أو يزدادوا إيمانا (فتخبت) تخشع وتطمئن (له قلوبهم وإن الله لهاد الذين ءامنوا إلى صراط مستقيم).

ص: 529

(وَلا يَزالُ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) وردّوا الإسلام (فِي مِرْيَةٍ) وهم (مِنْهُ) الكلام المرسل أو الصراط السواء أو الرسول (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ) سامهم أو المعاد أو إعلامه (بَغْتَةً) دهما (أَوْ يَأْتِيَهُمْ) دهما (عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) ( 55 ) سوء للأعداء لا روح لهم ، أو عسر هو عصر المعاد ، أو عصر عماس الرسول معهم ، أو واحد أحاد لا عدل له لعماس الملك وسطه معهم إمدادا لأهل الإسلام وح المراد عصر العماس .

(الْمُلْكُ) كله (يَوْمَئِذٍ) حال رواح وهمهم (لِلَّهِ) الواحد الأحد ولا مساهم له (يَحْكُمُ) اللّه (بَيْنَهُمْ) وسط أهل الإسلام والأعداء (فَالَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا للّه ورسوله وأسدّوا (وَعَمِلُوا) الأعمال (الصَّالِحاتِ) اللّواء أمر اللّه ركّاد (فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ( 56 ) دور الدوح والصروح والروح والسرور .

(وَ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا وردّوا الإسلام (وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) الكلام المرسل (فَأُولئِكَ) الأمم أعدّ (لَهُمْ عَذابٌ) وألم (مُهِينٌ) ( 57 ) عسر لعدولهم .

----------

(ولا يزال الذين كفروا في مرية) شك (منه) من القرآن (حتى تأتيهم الساعة) القيامة (بغتة) فجأة (أو يأتيهم عذاب يوم عقيم) لا خير فيه كالريح العقيم لا تأتي بخير .

(الملك يومئذ) أي يوم القيامة (لله) وحده (يحكم بينهم) بين المؤمنين والكافرين (فالذين ءامنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم عذاب مهين) لهم لشدته.

ص: 530

(وَ) أهل الإسلام (الَّذِينَ هاجَرُوا) رحلوا وطرحوا الأحمّاء ودورهم (فِي سَبِيلِ) أوامر (اللَّهِ) وهو الإسلام (ثُمَّ قُتِلُوا) أهلكهم الأعداء (أَوْ ماتُوا) هلكوا هلاك وطاء ، أهلكهم اللّه كما هو المعاود (لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ) أرحم الرحماء (رِزْقاً) أكلا (حَسَناً) مداما هو دارالسلام وآلاءها (وَإِنَّ اللَّهَ) مالك الكلّ (لَهُوَ) وحده (خَيْرُ الرَّازِقِينَ) ( 58 ) كلهم وأكرمهم وأوسعهم وأدومهم لا ملال له ولا كلال .

(لَيُدْخِلَنَّهُمْ) اللّه كرما (مُدْخَلًا) موردا (يَرْضَوْنَهُ) محمودا مودودا لهم والمراد دارالسلام (وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ) أحوال الهلاك وآمال الرحّال الرصّاد عماسا وأحوال ما معهم العماس وهم الأعداء (حَلِيمٌ) ( 59 ) ممهّل للأعداء .

الأمر (ذلِكَ) المحكو المدروس علاك (وَمَنْ) كل مسلم (عاقَبَ) ماصع الأعداء (بِمِثْلِ ما) عماس (عُوقِبَ) المسلم المسطور (بِهِ) والمراد العماس وسط المحرّم (ثُمَّ بُغِيَ) حدل (عَلَيْهِ) وموصع أو أطرد (لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ) العدل لا محال والمراد لسمه إمداده رحما وكرما (إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ) محّاء

----------

(والذين هاجروا في سبيل الله) في طاعته من مكة إلى المدينة أو من أوطانهم في سرية (ثم قتلوا) في الجهاد (أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا) نعيم الجنة (وإن الله لهو خير الرازقين) لانتهاء كل رزق إليه (ليدخلنهم مدخلا) بالضم وفتحه نافع مصدر أو اسم مكان (يرضونه) هو الجنة (وإن الله لعليم) بأحوالهم (حليم) لا يعجل العقوبة .

(ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به) جازى من ظلمه بمثل ما ظلمه به (ثم بغي عليه) عاوده الظالم بالظلم (لينصرنه الله) على الباغي (إن الله لعفو

ص: 531

للاصار والمعار (غَفُورٌ) ( 60 ) ما عملوا وسط المحرّم والحراء لهم عدم العماس معهم وسطه وحمل ما أوصلوهم .

(ذلِكَ) الإمداد معلل (بِأَنَّ اللَّهَ) عدل كامل الحول لمّا (يُولِجُ اللَّيْلَ) مورده (فِي النَّهارِ) لعصر الحرّ (وَيُولِجُ النَّهارَ) مورده (فِي اللَّيْلِ) لعهد الصرّ (وَأَنَّ اللَّهَ) العلام (سَمِيعٌ) سماع لكلام المولم والمولم (بَصِيرٌ) ( 61 ) لأحوالهما وأعمالهما لكمال الطول والعلم .

(ذلِكَ) المسطور وهو كمال الطول والعلم معلل (بِأَنَّ اللَّهَ) الواحد الأحد (هُوَ) وحده ، هو عماد أورد للحصر (الْحَقُّ) المحكم (وَأَنَّ ما) الها (يَدْعُونَ) المراد الطوع ، ورووه لا معلوما (مِنْ دُونِهِ) سواه وهو دماكم (هُوَ) وحده ، هو عماد أورد للحصر (الْباطِلُ) الهالك العاطل (وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ) وحده (الْعَلِيُّ) السامك الكامل (الْكَبِيرُ) ( 62 ) الملهد كل ما سواه .

(أَ لَمْ تَرَ) أما حصل لك علم (أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ) أرسل وأدرّ (مِنَ السَّماءِ) العلو ماءً مطرا مدرارا (فَتُصْبِحُ) المراد الحول (الْأَرْضُ) الرمكاء مع سوادها وصمولها أوّلا (مُخْضَرَّةً) مصحما سطحها مدهامّا كلاءها

----------

غفور ذلك) النصر (بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) بسبب أنه القادر الذي من قدرته إدخال كل من الملوين في الآخر بالزيادة والنقصان (وأن الله سميع) للأقوال (بصير) بالأفعال .

(ذلك) الوصف بالقدرة والعلم (بأن الله) بسبب أنه (هو الحق) الثابت الإلهية المستلزمة للقدرة والعلم (وأن ما يدعون) يعبدون (من دونه هو الباطل) الزائل (و أن الله هو العلي الكبير ألم تر) استفهام تقرير (أن الله أنزل من السماء ماء) مطرا (فتصبح الأرض مخضرة) بالنبات أتى بالمضارع إيذانا ببقاء

ص: 532

(إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ) راحم مرعرع لأكل العالم وكلاء سوّامهم ، أو واصل علمه أو رحمه لكل أمر (خَبِيرٌ) ( 63 ) عالم أسرارهم ومصالح كل مأسور .

(لَهُ) للّه أسرا وملكا وملكاكل (ما) حلّ (فِي السَّماواتِ) كلها (وَ) كل (ما) ركد (فِي الْأَرْضِ) الرمكاء والمراد كل العالم (وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ) وحده (الْغَنِيُّ) عما سواه لا وطر له ولو هلك الكلّ (الْحَمِيدُ) ( 64 ) أوداءه الودود لهم أو الحراء والأهل للحمد .

(أَ لَمْ تَرَ) أما حصل لك علم (أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ) طوّع وسهل (لَكُمْ) أولاد آدم كل (ما) حل (فِي الْأَرْضِ) أراد السوّام للرعراع (وَ) طوع لكم (الْفُلْكَ) وسهله والحال (تَجْرِي) لمرادكم كما هو مرادكم (فِي الْبَحْرِ) حال المد والوكس (بِأَمْرِهِ) أمر اللّه وحكمه (وَيُمْسِكُ) اللّه (السَّماءَ) لا سوسها كما وهم الحكماء كره (أَنْ تَقَعَ) هورها (عَلَى الْأَرْضِ) الرمكاء لسلامكم وعدم هلاككم (إِلَّا بِإِذْنِهِ) أمره وروده معادا كما أعلمه اللّه مرارا (أَنَّ اللَّهَ) مالك الملك وآسره (بِالنَّاسِ) كلهم (لَرَؤُفٌ) كامل الرحم (رَحِيمٌ) ( 65 ) واسعه لما سهّل الرواحل وأمسك السماء ومهّد إعلام السداد ومسالكه .

----------

أثر المطر مدة طويلة (إن الله لطيف) في أفعاله (خبير) بتدبير خلقه (له ما في السموات وما في الأرض) ملكا وخلقا (وإن الله لهو الغني الحميد ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض) من البهائم وغيرها ذللها لمنافعكم (والفلك) عطف على ما (تجري في البحر بأمره) حال منها (ويمسك السماء أن) من أن أو كراهة أن (تقع على الأرض) بأن طبعها على الاستمساك (إلا بإذنه) بمشيئته (إن الله بالناس لرءوف رحيم) حيث فعل بهم ما فيه منافع الدارين .

ص: 533

(وَهُوَ) اللّه (الَّذِي أَحْياكُمْ) أسركم وصوّركم وعمّركم (ثُمَّ) حال حلول موعد سامكم (يُمِيتُكُمْ) واحد واحدا أو معا (ثُمَّ) حال حلول موعد العود (يُحْيِيكُمْ) للعدل وإعطاء أعدال الإعمال (إِنَّ الْإِنْسانَ) العادل عما هو السداد (لَكَفُورٌ) ( 66 ) للالاء مع سطوعها .

(لِكُلِّ أُمَّةٍ) أهل طوع (جَعَلْنا مَنْسَكاً) مكسور الوسط محل سدح وما للأمم والطوع ، ورووه مصدرا كمسمع (هُمْ) وحدهم (ناسِكُوهُ) عاملوه (فَلا يُنازِعُنَّكَ) الأعداء (فِي الْأَمْرِ) أمر الإسلام أو أمر السدح لمّا كلّموا ما أهلك اللّه أصلح للأكل مما هو مسد وحكم (وَادْعُ) العالم (إِلى) سلوك سبيل اللّه (رَبِّكَ) صراط إسلامه وطوعه (إِنَّكَ) محمّد ( ص ) (لَعَلى هُدىً) طوع (مُسْتَقِيمٍ) ( 67 ) مسد سواء .

(وَإِنْ جادَلُوكَ) ماروك وردّوا الإسلام (فَقُلِ) لهم (اللَّهُ أَعْلَمُ) علّام (بِما) كل عمل (تَعْمَلُونَ) ( 68 ) دواما ومعاملكم كعملكم ، وهو حكم محوّل مطروح حال ورود أمر العماس .

(اللَّهُ) الحكم العدل (يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ) حكما عدلا (يَوْمَ الْقِيامَةِ) عصر المعاد (فِيما) كل عمل وأمر (كُنْتُمْ) الحال (فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) ( 69 )

----------

(وهو الذي أحياكم) بعد أن كنتم أمواتا جمادا (ثم يميتكم) عند آجالكم (ثم يحييكم) بعد بعثكم (إن الإنسان) أي المشرك (لكفور) جحود .

(لكل أمة جعلنا منسكا) شريعة أو متعبدا (هم ناسكوه) عاملون به أو فيه (فلا ينازعنك) أي بقايا الأمم (في الأمر وادع إلى ربك) دينه (إنك لعلى هدى مستقيم وإن جادلوك) بعد لزوم الحجة (فقل الله أعلم بما تعملون) من المراء وغيره فيجازيكم به (الله يحكم بينكم) أيها المؤمنون والكافرون (يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون) بإثابة المحق وتعذيب المبطل .

ص: 534

ردّا وسماعا .

(أَ لَمْ تَعْلَمْ) أما حصل لك علم (أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ) كل (ما) حلّ (فِي السَّماءِ) عالم العلو (وَ) عالم (الْأَرْضِ) الرهص والمراد ما ودس علاه أعمالكم ، والحال معلوم صدد علماء اللّه هو عالم الكلّ (إِنَّ ذلِكَ) السطور كلّه مسطور (فِي كِتابٍ) هو اللوح المحروس (إِنَّ ذلِكَ) علم ما مرّ (عَلَى اللَّهِ) العلام (يَسِيرٌ) ( 70 ) سهل .

(وَيَعْبُدُونَ) أعداء الإسلام طوعا (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (ما) إلها (لَمْ يُنَزِّلْ) اللّه (بِهِ) لسداده (سُلْطاناً) دالّا (وَما) إلها (لَيْسَ لَهُمْ بِهِ) لسداده (عِلْمٌ) دال حلم (وَما لِلظَّالِمِينَ) العدال مع اللّه إلها سواه (مِنْ نَصِيرٍ) ( 71 ) ردء ممدّ لمسلكهم أو رادّ للإصر .

(وَإِذا) كلما (تُتْلى) هو الدرس (عَلَيْهِمْ) الأعداء (آياتُنا) الكلام المرسل (بَيِّناتٍ) سواطع وهو حال (تَعْرِفُ) محمّد ( ص ) (فِي وُجُوهِ) الملأ (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا الأمر (الْمُنْكَرَ) هو الكلوح والكره لكمال

----------

(ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض) ومنه أمر هؤلاء (إن ذلك في كتاب) هو اللوح المحفوظ (إن ذلك) العلم به وكتبه في اللوح (على الله يسير) لاستواء نسبة ذاته إلى المعلومات والمقدورات (ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا) حجة على صحة عبادته (وما ليس لهم به علم وما للظالمين) بالشرك (من نصير) يمنعهم من العذاب .

(وإذا تتلى عليهم ءاياتنا) من القرآن (بينات) ظاهرات الدلالة على الحق (تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر) الإنكار لهم أي أثره من العبوس

ص: 535

حسدهم وطلاحهم ، وهو مصدر (يَكادُونَ) هؤلاء الكلّاح (يَسْطُونَ) السطو السور والعطو كهرا سطا سطوا حمل وسار ، أو أعلم حالا مهوّلا (بِالَّذِينَ) أهل الإسلام اللّاءوا (يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ) صددهم (آياتُنا) الكلام المرسل (قُلْ) لهم (أَ) طراكم الحسد وساءكم سماع كلام اللّه (فَأُنَبِّئُكُمْ) أعلمكم (بِشَرٍّ) أكره وأسوأ (مِنْ ذلِكُمُ) سطوكم علاهم أو ممّا مسّكم وهو الكره والحصر هو (النَّارُ) ورود الساعور معادا ، ورووه مكسورا (وَعَدَهَا) الساعور وهو كلام رأسا أو محمول لما ورد امامه أو حال (اللَّهُ) الأمم (الَّذِينَ كَفَرُوا) عدلوا (وَبِئْسَ) ساء (الْمَصِيرُ) ( 72 ) المعاد الساعور .

(يا أَيُّهَا النَّاسُ) أهل الحرم (ضُرِبَ) أعلم لدعواهم للّه مساهما معادلا (مَثَلٌ) حال هكر (فَاسْتَمِعُوا) سماع دهاء وإدراك (لَهُ) للحال الهكر أو لصدعه (إِنَّ) دماكم (الَّذِينَ تَدْعُونَ) إلها (مِنْ دُونِ اللَّهِ) سواه (لَنْ يَخْلُقُوا) هؤلاء كلهم (ذُباباً) الحاصل محال أسرهم له مع ما هو محسول (وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) لأسره إحماما (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ) مع كمال وكله (شَيْئاً) ملهدا ممّا معهم وهو العطر والعسل (لا يَسْتَنْقِذُوهُ) كلّهم الممعود

----------

(يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم ءاياتنا) يبطشون بهم (قل أفأنبئكم بشر من ذلكم) من غيظكم على التالين أو ما كره إليكم من القرآن (النار) أي هو النار (وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير) هي .

(يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له) وتدبروه وهو (إن الذين تدعون من دون الله) يعبدونهم غيره وهم الأصنام (لن يخلقوا ذبابا) مع حقارته (ولو اجتمعوا له) لخلقه (وإن يسلبهم الذباب شيئا) مما عليهم من طيب وزعفران إذ كانوا يطلونهم به فيأتي الذباب فيأكله (لا يستنقذوه منه) لعجزهم فالعاجز

ص: 536

(مِنْهُ) الماعد المسطور (ضَعُفَ) ركّ (الطَّالِبُ) والمحاول وهو الإله العاطل أو أهل العدول (وَالْمَطْلُوبُ) ( 73 ) الماعد أو مألوه أهل العدول .

(ما قَدَرُوا) هؤلاء الأعداء (اللَّهَ) ما أكرموه أو ما علموه أو ما مدحوه لمّا ألّهوا سواه وأطاعوه وسمّوه اسمه (حَقَّ قَدْرِهِ) إكرامه أو علمه أو مدحه ورد موردها رهط هود كلّموا أسر اللّه عالم السماء وكلّ وأراح للعصر المعهود (إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ) محال كلاله (عَزِيزٌ) ( 74 ) حدد حماه .

(اللَّهُ يَصْطَفِي) أصله عطو المح (مِنَ الْمَلائِكَةِ) صدعهم (رُسُلًا) للإرسال كالروح وملك الأمطار وملك الصور (وَمِنَ النَّاسِ) رسلا كمحمّد صلعم وروح اللّه (إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ) لكلامهم أرسل له الكلام أو لكلام الرسل (بَصِيرٌ) ( 75 ) مدرك للأهل وعدم الأهل أو أحوال الأمم ردّا وسماعا .

(يَعْلَمُ) اللّه كل (ما) حصل (بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أمامهم (وَ) كل (ما) هو حاصل (خَلْفَهُمْ) وراءهم أو ما عملوا وما هم عاملوه أو ما أعلوه وما ورّوا (وَإِلَى اللَّهِ) وحده (تُرْجَعُ) معادا (الْأُمُورُ) ( 76 ) كلها .

----------

عن ذلك كيف يشارك الخالق القادر على كل شيء (ضعف الطالب والمطلوب) العابد والمعبود أو الذباب والصنم أو عكسه (ما قدروا الله حق قدره) ما عرفوه حق معرفته إذ أشركوا به ما يعجز عن ذب الذباب عن نفسه (إن الله لقوي) قادر (عزيز) غالب فكيف يشاركه العاجز المغلوب لأضعف خلقه .

(الله يصطفي من الملائكة رسلا) إلى أنبيائه بالوحي (ومن الناس) رسلا إلى سائرهم (إن الله سميع) للأقوال (بصير) بالأحوال (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) ما مضى وما غير من أحوالهم (وإلى الله) إلى علمه أو تدبيره (ترجع الأمور) كلها .

ص: 537

(يا أَيُّهَا) الملأ (الَّذِينَ آمَنُوا) أسلموا وأسدّوا (ارْكَعُوا) للّه وحده (وَاسْجُدُوا) له لا لسواه أو المراد صلّوا (وَاعْبُدُوا) اللّه (رَبَّكُمْ) مولاكم وحدّوه أو ألّهوه أو ادعوه (وَافْعَلُوا) واعملوا العمل (الْخَيْرَ) الأصلح المأمور كوصل الأرحام ومكارم الإملاء (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ( 77 ) أمل حصول المراد وطمع وصول دارالسلام .

(وَجاهِدُوا) أعداء الإسلام وماصعوهم (فِي اللَّهِ) لإمداد إسلامه (حَقَّ جِهادِهِ) وهو عدم روع لوم اللّوام أو اعملوا للّه كما هو أهله أو كلّموا صدد الأمراء أهل الحدل كلام السداد (هُوَ) اللّه (اجْتَباكُمْ) لواكم للإسلام وإمداده أو هداكم (وَما جَعَلَ) اللّه (عَلَيْكُمْ) أصلا (فِي الدِّينِ) الإسلام (مِنْ حَرَجٍ) حصر وسهّل علاكم حال العسر كعدم الصوم للراحل والهرم وكالمسح مع الحصحص وسواه حال عدم الماء ، أمسكوا وطاوعوا (مِلَّةَ أَبِيكُمْ) والدكم أولاد ماء السماء المدعوّ (إِبْراهِيمَ) الرسول

----------

(يا أيها الذين ءامنوا اركعوا واسجدوا) أي صلوا (واعبدوا ربكم) بكل ما تعبدكم به (وافعلوا الخير) كصلة الرحم ومكارم الأخلاق (لعلكم تفلحون) أي راجين للفوز بنعيم الجنة غير قاطعين به متكلين على أعمالكم (وجاهدوا في الله) لوجهه بخلاف النفس والهوى في طاعته وبقتال الكفرة لإقامة دينه (حق جهاده) أي جهادا حق الجهاد فيه بأن تخلصوه لوجهه أو تستفرغوا وسعكم فيه (هو اجتباكم) اختاركم لدينه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) أي ضيق لا مخرج منه بل جعل التوبة والكفارات ورد المظالم والرخص في الضرورات مخرجا من الذنوب أو لم يكلفكم ما لا تطيقون أو يصعب عليكم (ملة أبيكم إبراهيم) نصب على الإغراء والاختصاص أو بنزع

ص: 538

(هُوَ) اللّه وهو الأصح لمّا رووا محله اللّه أو والدكم المسطور (سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) الطوّع (مِنْ قَبْلُ) أمام الكلام المرسل لمحمد صلعم (وَفِي هذا) الكلام المرسل (لِيَكُونَ الرَّسُولُ) محمد معادا (شَهِيداً عَلَيْكُمْ) هو أعلمكم وأوصلكم ما أمر اللّه عالم أحوالكم (وَتَكُونُوا) أولاد ماء السماء (شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) رسلهم أعلموهم ما أمرهم اللّه إعلامه (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) أدّوها وداوموا (وَآتُوا الزَّكاةَ) أعطوها وسلوها كما أمر إعطاؤها (وَاعْتَصِمُوا) أمسكوا (بِاللَّهِ) لا الأعمال الصوالح وعولوا علاه (هُوَ) اللّه وحده (مَوْلاكُمْ) مالككم ومصلحكم ومالك أموركم كلها (فَنِعْمَ الْمَوْلى) الممد ومالك الأمر هو (وَنِعْمَ النَّصِيرُ ) ( 78 ) الممد لكم هو لا إله سواه وكل أمر هالك إلا حراه .

----------

الخافض (هو سماكم المسلمين من قبل) قبل القرآن في الكتب السابقة (وفي هذا) القرآن والضمير لله أو لإبراهيم (ليكون الرسول شهيدا عليكم) يوم القيامة بأنه بلغكم أو بطاعتكم أو عصيانكم (وتكونوا شهداء على الناس) بتبليغ رسلهم إليهم (فأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة واعتصموا بالله) وثقوا به (هو مولاكم) ناصركم ومتولي أموركم (فنعم المولى ونعم النصير).

ص: 539

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.