مشرعة بحار الأنوار المجلد 1

هویة الکتاب

سرشناسه : محسنی ، محمداصف ، 1314 - ، شارح

عنوان و نام پديدآور : مشرعه بحار الانوار [محمدباقر مجلسی ]/ تالیف محمداصف محسنی

مشخصات نشر : قم : مکتبه عزیزی ، 1423ق . = 1381.

مشخصات ظاهری : ج 2

شابک : 964-91838-50-x (دوره ) ؛ 964-91838-1-7 (ج .1) ؛ 964-91838-2-5 (ج .2)

وضعیت فهرست نویسی : فهرستنویسی قبلی

يادداشت : عربی

یادداشت : کتابنامه به صورت زیرنویس

عنوان دیگر : بحار الانوار. شرح

موضوع : مجلسی ، محمدباقربن محمدتقی ، 1111 - 1037ق . بحار الانوار -- نقد و تفسیر

احادیث شیعه -- قرن 12

شناسه افزوده : مجلسی ، محمدباقربن محمدتقی ، 1111 - 1037ق . بحار الانوار. شرح

رده بندی کنگره : BP135 /م 3ب 30217 1381

رده بندی دیویی : 297/212

شماره کتابشناسی ملی : م 81-49186

محرر الرقمي: میثم حیدری

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

مشرعه بحار الانوار

تالیف محمداصف محسنی

قم : مکتبه عزیزی ، 1423ق . = 1381.

مشخصات ظاهری : ج 2

ص: 3

مشرعه بحار الانوار

تالیف محمداصف محسنی

مکتبه عزیزی ، 1423ق . = 1381.

مشخصات ظاهری : ج 2

ص: 4

مقدمة مؤلف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين و الصلاة و السلام علي سيّدنا و سيّد المرسلين و علي آله الطاهرين الخلفاء الراشدين و الاوصياء المرشدين و علي نوابهم حملة الدين و الفقهاء المجتهدين والمبلّغين العاملين و المؤلّفين الصالحين.

و بعد فمن الواضح الموسوعة الشريفة بحارالانوار للعلامة المتتبع و البحاثه المؤيد بتوفيق الله تعالي الشيخ محمد باقر المجلسي سلام الله عليه يوم ولد و يوم توفي ويوم يبعث حيا مشتملة علي معظم كليّات القائد الدينية و المذهبية و المعارف الاسلامية و الاُصول الاخلاقية. و علي ما صدر من ائمة اهل البيت - سلام الله عليهم أجمعين - في مختلف الامور.

هي كتاب لاغني لاحد من المحققين و المتكلمين و المؤلّفين و المروجين من الطائفة الإمامية. فانه لا نظير له فيما عندنا من الكتاب

ص: 5

الموجودة في الاحاديث المباركة في غير ما يتعلق بالاحاديث الواردة في الفقه، فان كتاب وسائل الشيعة اشمل و احسن منه. و أسهل و اكمل منه كتاب جامع الاحاديث كما لا يخفي علي الفضلاء.

و سيعلم من مقدمة الكتاب انه لابد لبحار الانوار من وضع مشرَعة تسهّل الامر علي الشاربة و الواردة و تنجيهم من الغرق و التهلكة.

اسأل الله التوفيق و السداد ثم القبول ثم جعله مفيداً لاهل الفضل والاصلاح اللهم بك و منك و لك و إليك.

ص: 6

مقدمة فيها أمور

1 - سألني أحد من السادة من أهل العلم في لندن عن موضوع الرجعة _ رجعة بعض ائمة اهل البيت بعد الموت في آخر الزمان _ علي ضوء الروايات المعتبره سنداً، ثم التمس منّي تأليف رسالة في ذلك.

والفقير و إن تعرض لها في مسقط رأسي قبل سنوات عديدة، في بعض كتبه المطبوعة فعلا، لكن وعدت السائل به وعداً مشروطاً، ولما رجعت إلي محل إقامتي (بلدة قم المشرفة) خطر ببالي أن أولّف تعليقة علي بحار الانوار و أميز بين الروايات المعتبرة و غير معتبرة حسب القواعد الرجالية المبحوث عنها في كتابي «بحوث في علم الرجال» لا سيما في الطبة الرابعة منه، حتي يسهل فهم المعارف الاسلامية و غيرها مما ورد فيها الروايات عن ائمة اهل البيت عليهم السّلام علي كثير من اهل العلم المتوسطين من جهة الروايات المعتبرة المتميزة من غير المتعبرة، فشرعت فيها مستعيناً و مستمداً من الله سبحانه و تعاي و تقدّس، جلّ جلاله و عمّ نواله و لا حول و لا قوة إلّا به.

2 - اكتب اولاً عنوان الباب و رقمه مع عدد الجزء و الصفحة، ثم اذكر الروايات المعتبرة سندا بالاشارة إلي اعدادها فقط و ان المذكورة برقم 5، 7 و 14 معتبرة سنداً مثلاً فان اكثر الروايات كتبت لها اعداد هندسية، فيعلم المراجع أن روايات الباب غير معتبرة سنداً سوي ما ذكرت بالأرقام المشار إليها.

ص: 7

وإذا لم يكن للرواية رقم، كما في الروايات المذكورة في اثناء الاستدلال أو المذكورة من كتاب واحد كالمناقب و غيره مثلا، اذكر رقم الصفحة.

3 - ربما أعامل مع رواية معاملة الرواية غير المعتبرة لكن لا لاحراز ضعف بعض رواتها أو جهالته، بل لاجل جهلي بحاله و عدم احرازه في كتب الرجال، فانها اقتصرت علي ذكره رواة الكتب الاربعة غالباً دون رواة سائر الكتب الحديثية فيشكل تمييزهم و معرفة حالهم من الضعف و الوثاقة و الجهالة(1) ولهذا العجز العلمي موارد في اجزاء الكتاب و منها الروايات المنقولة من كتب ابن طاووس و الشهيد رحمة الله باسنادهما إلي الشيخ او ابن محبوب اوغيره من الرواة و ارباب الكتب، و لم اعرف حال اسانيدهما.

4 - بعض الروايات المذكورة في بحار الانوار لها اسانيد غير معتبرة فحكمنا عليها بعدم الاعتبار ولكن ربما لها اسانيد معتبرة في احد الكتب الاربعة التي لاينقل عنها المؤلّف العلامة رحمة الله غالباً لشهرتها و لا اشير إلي هذه الجهة إنادرا و كذا يمكن ان يكون لها سند معتبر في مصدر آخر، بل في باب آخر من البحار، فحكمنا بعدم اعتبارها نسبي بلحاظ السندالمذكور في الباب و لا نريد عدم اعتبارها مطلقاً فلا تغفل.

ص: 8


1- . ولو ان احداً الّف كتابا رجالياً جمع فيه الرواة من مصادر بحار الانوار و مستدرك الوسائل ممن لم يذكرهم الرجاليون في مطولاتهم و مختصراتهم فقد رفع نقيصة مهمة من علم الرجال و ان لم تكن له ثمرة مهمة من جهة التوثيق لكن له ثمرة نفيسة، و يسهل معرفة الباحث بالراوي و يزول تردده في حكمه بجهالته مثلاً.

5 - اكثر الروايات المستخرجة و المنقولة في البحار غير معتبرة سنداً، كما ستعلم و لا وحشة من ذلك و لا بدعة فيه من المؤلّف، فانه دأب جميع المحدثين الاعاظم حتي ارباب الكتب المعتبرة و من تقدمهم كالبرقي و الصفار و علي بن إبراهيم و الحسين بن سعيد و غيرهم _ رحمهم الله رحمة واسعة _ بل لايوجد كتاب حديثي اقتصر علي المعتبرات _ سنداً و ان ادعي بعضهم أنّ روايات كتابه صحيحة بحسب اجتهاده.

و لنقل الروايات غير المعتبرة مفسدة وفائدتان:

أمّا الفائدة الاولي: فهي انه قد تصل غير المعتبرة إلي التواتر المعنوي أو الاجمالي(1) فيترتب عليه اثره فيؤخذ بالقدر المتفق عليه بين الروايات كما نشير إليه في بعض الابواب. و هو يجري في جملة من الابواب التي لم نشر إليه ايضاً فتفطن.

واما الثانية: فهي فرض احتفافها بقرينة موجبة للاطمئنان بصدورها، فيعتمد عليها لحجية الاطمئنان عند العقلاء كحجية العلم عند العقل، و الشرع لم يردع عنه؛ بل العرف يرونه علماً و ان كان في الواقع ظنا قوياً.

و أمّا المفسدة فهي اعتماد اكثر اهل العلم _ فضلاً عن غير أهل العلم _ علي متون الروايات و عدم الإلتفات إلي عدم اعتبار الأسانيد لضعف الرواة و كذبهم أو غلوهم او جهالتهم، بل جملة من العلماء المحيطين بعلم الرجال

ص: 9


1- . ذكرنا الفرق بينهما و كيفية الاستفادة من المتواتر الاجمالي في الشرعيات في آخر كتابنا (روح از نظر دين و عقل و علم روحي جديد ص 414 و ما بعدها).

و احوال الرواة _ كالمؤلّف العلّامة رحمة الله - لا يحبّون التصريح بعدم حجية الخبر الواحد الخالي القرينه مع عدم صدق جميع رواته، و يهملون قصوره السندي في مقام الاستدلال. و هذا يؤمنهم عجيب جداً و تري كثيراً من المبلغين و الكُتّاب المقلّدين يرون منقولات الغلاة والكاذبين و المجهولين اقوالاً لرسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم و اوصيائه الطاهرين و كأنها السنة القطعية و انها كالآيات القرآنية في الاعتبار و الاعتماد بمجرد وجودها في بحار الانوار او سائر الكتب فيروجونها علي المنابر و في الكتب و المجلّات و الصحف بتعابير فصيحة بليغة و بكلمات جذابة حلوة تؤثّر في نفوس القراء و المستمعين كالسحر، و لاسيما إذا كانت اوراق الكتاب و جلده و شكله جيدة حسنة مزينة فيعتقد عوام الناس من المسلمين و المؤمنين انها من حاق الدين و متن الشريعة و صادرة عن لسان رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم و الاوصياء الخلفاء عليهم السّلام. وما يؤمنهم انها لعلها من وضع الوضاعين و جعل الدجاليين و اختراعات الجاهلين! فكيف يعامل معها معاملة اقوال سيد المرسلين! (آللّٰهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اَللّٰهِ تَفْتَرُونَ ). (وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اَللّٰهِ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ ). (وَ لاٰ تَقُولُوا عَلَى اَللّٰهِ إِلاَّ اَلْحَقَّ ). (وَ تَقُولُونَ بِأَفْوٰاهِكُمْ مٰا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ).

و المأسوف عليه ان أمر التأليف و التبليغ في جملة من الموارد وقع بيد افراد لا يستحقونهما و إنّما هم يكتسبون بهما: فويل للّذين يكتبون الكتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً، فويل لهم مما كتّبت أيديهم و ويل لهم مما يكسبون.

و آل الأمر من جرّاء هذه المآساة إلي تشكيل ثقافة محرفة في المعارف

ص: 10

و الاخلاق بل في الفروع الاعتقادية، فرسخت في اذهان العوام و متوسطي أهل العلم بحيث سلبت جرءة الاصلاح عن جمع من الخواص خوفاً من ثورة العوام الذين انحرفوا بدورهم من سيطرة الخواص المتوسطين عليهم و عدم اهتمام الحوازات العلمية و المسؤلين الدينيين بتهذيب الروايات و تحرير المعارف الاسلامية و الشاملة.

و هذا هو خطر عظيم للدين و اهله، فانه لله و إنا إليه راجعون.

و لاجله اقدم الفقير علي كتابة هذه التعليقة و بناء هذه المشروعة حتييعلم اهل العلم المتوسطين ان في بحار العلامة المجلسي _ رضوان الله عليه _ مع كونها بحار الانوار جراثيم مضرة لشاربها و مواد غيرصحية لابد من الاجتناب عنهما، و اشياء مشكوكة و مشتبهة وجب التوقف فيها، و من يشرب من بحار انواره فليجيء إلي المشروعة فانها مناسب اللاستسقاء

اسقيك من بارد علي ظمأ

تخاله في الحلاوة العسلا

حتي من أراد ركوب السفينة الجارية في البحار فلابد ان يركبها من المشروعة حتييأمن من العثرة والله العاصم.

6 - استخرج بعض تلامذتي اسماء الكاذبين و المطعونين و الغلاة من فهرس النجاشي رحمة الله و كان قصدي ذكرها في هذا المقام تأكيد لما ذكرناه في البند الخامس، لكن بدا لي أن الامر _ وجود الضعاف في اسانيد الروايات _ اظهر من ان يحتاج إليتنبيه فانصرفت منه.

نعم اذكر في آخر المقدمة عدّة من قواعد كلية في المجهولين استفدتها من كتب الرجال اثناء مراجعتي إليها لاجل الفحص عن احوال الرواة وثاقة

ص: 11

و صدقاً و ضعفاً و جهالة. و هي تفيد الفضلاء إن شاء الله فائدة غير قليلة.

7 - يلزم للمتدينين ان لاينسبوا متون الروايات غير المعتبرة إلي النبي الاكرم صلّي الله عليه و آله و سلّم و ائمة عليهم السلام كما هو المتداول اليوم في لسان جمع من الطلاب، فيقولون: قال رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم و قال الصادق عليه السّلام مثلاً فانه افتراء محرم. آلله أذن لكم أم علي الله تفترون (فتأمّل) و أمّا في الروايات الموثوق بها لأجل القرينة او المتواترة، أو المعتبرة سنداً بصدق رواتها فالاظهر جواز النسبة، بل هو في المتواترة قطعي. و لبعض العلماء الشهداء رحمهم الله في الخيرة بحث و تفصيل.

فمن لايقدر علي مراجعة علم الرجال في حال الاسانيد أو لم يراجعها بالفعل لابد له في مقام التبليغ و مقام الكتابة و مقام الاستدلال والحكاية ان ينسب الرواية إلي مصدرها او مؤلفه أو يقول: نقل عن الامام كذا و كذا. أو روي كذا و كذا.

8 - ذهب جمع من العلماء الافاضل إلي عدم حجية الخبر الواحد الصحيح و الحسن الموثق في غير الفروعات الفقهية و ما يرتبط بالعمل.

لكن العمدة في حجيّة خبر الصادق هو بناء العقلاء و الروايات الكثيرة الموجبة للاطمئنان بصدور بعضها من المعصوم، و هذان الوجهان يعمان الاحكام الشرعية الكلية و الموضوعات الخارجية ذات احكام جزئية خلافاً لما عن المشهور من عدم ثبوت الموضوعات إلّا بالبينة. و الموضوعات المستنبطة. و المعارف الدينية و غيرها مما لم يعتبر في اثباتها العلم أو الاطمئنان، فيجوز البناء عليها سواء كان الاعتقاد الراجح به أو مجرد البناء

ص: 12

القلبي واجباً او جائزاً. لأجل الاخبار المعتبرة سنداً و ان كانت بطريق الاحاد كما فصلّنا بحثه في بعض كتبنا والله اعلم.

9 - لا نتعرض لمشكلة التعارض بين بعض الروايات الانادرا.

10 - وقع الاشتباه في ارقام بعض الابواب في بعض الاجزاء و ليس بمهم، وليكن توجه القراء إلي عناون الابواب من البحار.

11 - ربما وقع تحريفات في اسانيد الروايات و اسامي الرواة غير المعتبرة سنداً و لا اتعرض لها. و كذا إذا وقع تحريف في بعض كلمات متونها.

12 - إذا كان متون روايات الباب بحاجة إلي توضيح أو نقد. أتعرّض له لا محالة من دون اطالة. وقد اجيله إلي بعض كتبي الآخر. و ان لم تحتج إلي توضيح بنظري اقتصر علي بيان اعتبار الاسانيد و عدمه.

13 - لا أتعرض لروايات قد يذكرها المؤلف في اثنا استدلالاته من دون ذكر سند من الكافي و غيره، و قد يوصفها هو بالصحة و الاعتبار، نعم ربما راجعنا المصدر لتبين حال السند كما تعرف في بعض المقامات.

14 - إذا كان لمتن واحد ثلاثة أسانيد _ كما في جملة من روايات الصدوق رحمة الله في العيون، فلا يبعد الاعتماد عليه لبعد تواطوء رجال كل من الاسانيد الثلاثة علي كذب مطلب بعبارة واحدة.

و امّا إذا اختلفت المتون فالاعتماد علي مدلول روايات غير معتبرة، موقوف علي ايجاب كثرة الأسناد للاطمينان بصدق المدلول المشترك و المتفق عليه بينها. و حصول الاطمينان يختلف باختلاف ذهنية الاشخاص و كيفية الاسانيد و حال الرواة و تعدد المصادر كثرة و قلة، و اعتبار المصادر

ص: 13

و عدمه والله الموفق. و اما المرسلات المتعددة فيشكل الاعتماد عليها لاحتمال انتهائها إلي واحد أو اثنين فلاحظ.

15 - الروايات غير المعتبرة، إمّا غير معتبرة مصدراً و سنداً، و امّا سنداً فقط، و اما مصدراً فقط بان كان السند من صاحب الكتاب إلي الامام عليه السّلام معتبراً لكن المؤلّف نفسه كان مجهول الحال أو كان ثقة لكن نسبة الكتاب إليه غير ثابتة و أن نسخة الكتاب لم تصل إلي اصحاب الجوامع الموجودة كالوسائل و الوافي و بحار الانوار و مستدرك الوسائل مثلاً بامناولة و العنعنة المعتبرة المتصلة، بل وصلت إليهم بالوجادة.

و اليك قائمة ناقصة من هذه الكتب من مصادر بحار الانوار.

1 - كتاب علي بن جعفر عليه السّلام.

2 - محاسن البرقي.

3 - تفسير علي بن إبراهيم.

4 - بصائر الدرجات للصفار.

5 - كتاب الزهد للحسين بن سعيد.

6 - نوادر احمد بن محمد بن عيسي.

7 - قرب الاسناد للحميري.

8 - بعض كتب الصدوق كما اشارإليه العلامة المجلسي رحمة الله.

9 - أمالي الشيخ المفيد.

10 - أمالي الشيخ الطوسي.

فان نسخ هذه الكتب لم تصل إلي أرباب الجوامع الاربعة المشار إليها

ص: 14

بالسند المعتبر، علي أن في مثل التفسير الموجود المنسوب إلي القمي اشكال بآخر و هو جهالة مدوّنه الذي جمع بين روايات تفسير القمي و روايات أبي الجارود الزيدي.

و ان شئت ان تحيط بهذه العويصة المهمة و المشكلة العظمي علما و فهما فراجع البحث والخمسين في كتابنا بحوث في علم الرجال من ص 489 إلي ص 517. (الطبعة الرابعة).

وسيأتي سلب الاعتبار عن بعض مصادر اخري للبحار في هذه المشروعة ان شاءالله تعالي.

15 - مرّة اخرينؤكد للطلاب و الفضلاء _ و العلماء في غني بعلمهم عن هذا التأكيد _ بأن الوصول إلي الحقيقة، و التحفظ علي الحدود الدينية و الوظائف الشرعية من الزيادة و النقصيصة، الذي هو من أهمّ تكاليف المسلمين يوجبان الاقتصار علي الاحاديث المعتبرة سنداً و رفض المتون الواردة باسانيد ضعيفة و مشكوكة و شرف العلم و فطرة العالم يميلان إلي مراعاة الكيفية حتي بغض النظر عن الكمية و رفضها.

وانظروا بنظر الاعتبار إلي الكتب الاخلاقية المدوّنة الموجودة عندنا فقد مسخت الاخلاق الاسلامية فيها إلي حد ما باحتفافها بالشعارات العرفانية والنعرات الصوفية و مبالغات الاغبياء الجهلة و بالمزخرفات اليونانية، و زينوها بالروايات الضعيفة و المجهولة و نسبتها إلي الرسول الاكرم صلّي الله عليه و آله و سلّم و الائمة عليه السّلام نسبة قاطعة كالمتواترات!! فأثرت علي افكار المسلمين في الاقتصاد و الاجتماع و السياسة و الصنعة فتأخّروا عن موكب الحضارة واسروا

ص: 15

في شبكة استعمار الغربيين الملحدين فخسروا دينهم ودنياهم كما اشرنا اليه في كتابنا (روش جديد اخلاق اسلامي) المطوبع قبل سنين (ايام جهادنا ضد الماركسيين السوفياتيين).

فالاخلاق الاسلامية لابد و أن تؤخذ من الكتاب و الاحاديث المعتبرة من دون تسامح و تساهل في رفض غير المعتبرة وردها إلي من صدرت عنه.

و كذا الاقتصاد الاسلامي و السياسة الاسلامية و التاريخ الاسلامي و فضائل الرسول صلّي الله عليه وآله و سلّم و اوصيائه وطرح تخيلات الغلاة و العوام و المبالغين في كل أمر، فضلا عن الاقتصار عليهما في الحلال و الحرام و اصول الشريعة و فروع العقائد و المعارف الاسلامية.

و العالم المتعهد لا يخاف في هذه السبيل من مخالفته للعوام و الجاهلين و المبالغين و المقلدة و الكُتّاب الذين لا يحيطون بالدين علماًو فهماً حتي و ان كانوا من المشهورين. و الذين جاهدا فينا لنهدينهم سبلنا و ان الله لمع المحسنين.

16 - الاصول الرجالية التي بنينا عليها اعتبار الروايات المذكورة في البحار و استندنا إليها في الرد و القبول والجرح و التصديق، كلها مذكورة مفصلة في الطبعة الرابعة من كتابنا بحوث في علم الرجال. فمن أراد التحقيق فعليه بمطالعة ذلك الكتاب. والله الهادي.

17 - تحصلّت كليات في أسماء المجهولين و الرواة، (دون اسامي العلماء المذكورين في كتب الرجال) إتفاقاً في أثناء مراجعتي إلي كتب الرجال للفحص عن حال اسانيد روايات بحار الانوار من دون قصد في استيعاب هذه

ص: 16

الكلّيات. أظنها مفيدة للفضلاء المتوسطين في الجملة، و إليكم تفصيل هذه الحصيلة.

1 - كل إبراهيم بن شعيب مجهول.

2 - كل اسباط مجهول.

3 - كل اسحاق بن إبراهيم مجهول.

4 - كل اسماعيل بن عبدالله مجهول.

5 - كل ثابت و ثبيت مجهول.

6 - كل جارود مجهول سوي ابن المنذر.

7 - كل جبير مجهول.

8 - كل جهم و جبير مجهول.

9 - كل حسن بن إبراهيم مجهول.

10 - كل الحسين بن الحسن مجهول.

11 - كل حسين بن موسي مجهول.

12 - كل حفص بن عمرو، و ابن عمر مجهول.

13 - كل خضر مجهول سوي ابن عيسي.

14 - كل خطاب مجهول سوي ابن سلمة.

15 - كل خلاد مجهول.

16 - كلي ربيع مجهول إلّا ابن أبي مدرك.

17 - كل ربيعة مجهول إلّا ابن السميع علي وجه.

18 - كل السري مجهول سوي ابن عبدالله فانه مشترك.

ص: 17

19 - كل سعدان مجهول.

20 - كل صالح بن سعيد مجهول.

21 - كل عبد الاعلي سوي ابن علي مجهول.

22 - كل عبدالله بن بكير سوي حفيد اعين مجهول.

23 - كل عبدالله بن الحارث مجهول.

24 - كل عبدالله بن سليمان مجهول.

25 - كل عبدالله بن عبد الرحمن غير ثقة سوي حفيد عتبة.

26 - كل عبدالله بن عطاء مجهول.

27 - كل عبدالله بن عمرو مجهول.

28 - كل عبدالله بن القاسم غير ثقة.

29 - كل عبدالله بن الوليد مجهول غير السمّان.

30 - كل عبيدالله بن احمد غير حفيد نهيك مجهول(1).

31 - كل عطية مجهول.

32 - كل عقبة مجهول.

33 - كل علي بن الحسين مجهول سوي الهمداني و ابن بابويه.

34 - كل علي بن العباس مجهول.

35 - كل علي بن عبد العزيز مجهول سوي حفيد محمد.

36 - كل علي بن عيسي مجهول.

ص: 18


1- . باسم عبدالله بن احمد بن نهيك فانه ثقة.

37 - كل عيينة مجهول.

38 - كل غالب مجهول.

39 - كل قثم مجهول.

40 - كل كامل مجهول.

41 - كل محمد بن حسان مجهول.

42 - كل محمد بن حماد مجهول.

43 - كل محمد بن زيد مجهول.

44 - كل محمد بن زياد غير أبي عمير مجهول.

45 - كل محمد بن سليمان مجهول سوي رجلين(1).

46 - كل محمد بن سهل مجهول.

47 - كل محمد بن عبد العزيز مجهول.

48 - كل محمد بن عمران مجهول.

49 - كل محمد بن غالب مجهول.

50 - كل محمد بن الفضيل مجهول سوي حفيد غزوان الضبي.

51 - كل محمد بن مروان مجهول سوي الحناط.

52 - كل محمد بن موسي سوي ابي الفرج مجهول.

53 - كل محمد بن ميمون مجهول.

54 - كل محمد بن الوليد مجهول، غير الجبلي الخزاز.

ص: 19


1- . أحدهما معاصر العسكري عليه السّلام و هو محمد بن سليمان بن الجهم بن بكير. ثانيهما من اصحاب الصادق عليه السّلام روي عنه محمد بن زياد.

55 - كل محمد بن يوسف مجهول، سوي الصنعاني.

56 - كل مخلّد مجهول.

57 - كل مصادف مجهول.

58 - كل مغيرة مجهول او ضعيف.

59 - كل مفضل غير معتمد سوي ابن قيس بن رمانة.

60 - كل موسي بن عمر مجهول غير حفيد بن بزيع.

61 - كل منهال مجهول.

62 - كل مهندي مجهول.

63 - كل مهران مجهول.

64 - كل ميسر و مسيرة مجهول.

65 - كل نضر مجهول سوي ابن سويد و ابن محمد.

66 - كل نعمان مجهول.

67 - كل هاني مجهول.

67 - كل يحيي بن زكريامجهول الاحفيد الشيباني(1).

خاتمة المقدمة: ليعلم اهل التحقيق ان النسخة الموجودة عندي من بحار الانوار هي المطبوعة من قبل مؤسسة الوفاء ثم دار احياء التراث العربي في بيروت، طبعة ثانية عام 1983\1403 م و اما الأجزاء 29 و 30 و 31 فهي مطبوعة بدار الرضا ببيروت.

ص: 20


1- . هو ممن وقف علي معجزات صاحب الزمان عجل الله فرجه - وروي عنه ابن عقدة المتوفي 333.

الجزء الاول من البحار

اشارة

ذكر المؤلف رحمة الله في مقدمة كتابه فصولا:

الفصل الاول: في بيان الاصول و الكتب المأخوذ منها، واسمي فيه 360 كتابا من كتب الشيعة و أشار إلي جملة اخري من كتبهم في اثناء كلامه من دون ذكر اسمائهن و لم يذكر اسماء الكتب الاربعة (الكافي والفقيه و التهذيبين) مع نقله منها في بعض المقامات لشهرتها و وضوح امرها و تواترها بين الطائفة الإمامية (48 ج 1) فلا مانع من القول بانه رحمة الله نقل و استفاد في تأليف البحار من أربعمائة كتاب من كتب الشيعة.

واسمي اكثر من ثمانين كتاباً من كتب اهل السنة و اشار إلي جملة اخري منها في البحار من دون التسمية، فكأنه استفاد من مأة كتاب من كتب اهل السنة في مختلف العلوم الدينية و في علم اللغة العربية. فيبلغ مجموع الكتب التي راجعها خمسمأة كتاب أو ما يقاربها من العدد.

لكن المتأمل في الموسوعة المذكورة يدرك بسهولة أن معظم احاديثها ماخوذة من كتب معدودة فاستفادته في نقل الاخبار من غيرها قليلة. و لذا ذكر في الفصل الثالث (ص 46) بعد وضع الرموز لاكثر من ثمانين كتاباً: و انما لم نرمز لها - أي لسائر الكتب _ اما لذكرها بتمامها في محالها أو لقلة رجوعنا اليها لكون اكثر اخبارها عامية أو لكون حجم الكتاب قليلاً واخباره يسيرة أو لعدم اعتماد التام عليه أو لغير ذلك من الجهات و الاغراض (ص 48).

ص: 21

لكن بعض هذه الثمانين أيضاً قليل الفائدة في البحار كما لا يخفي.

و الفصل الثاني في بيان الوثوق علي الكتب المذكورة (في الفصل الاول) و اختلافها في ذلك أي درجات الوثوق و الضعف.

و هذا بحث مهم يختلف فيه الانظار و الآراء و لا يحتمل أن يتفق اهل العلم فيه حينا من الدهر و أن يصلوا إلي نظر واحد فييوم من الأيام.

فمن مفرط إلي مفرّط و معتدل واظن أن الأولين _ اي المائلين إلي الافراط و الحاكمين بحجية كل كتاب حديثي و بحجية كل حديث منسوب إلي النبي الاكرم صلّي الله عليه و آله و سلّم او الامام عليه السّلام هم الاكثرون، إمّا للسذاجة أو لقلّة العلم أو لشدة الاعتقاد و المحبّة و الإخلاص بمن ينتهي إليه سند الحديث من الرسول الاعظم و اوصيائه _ صلي الله عليه و عليهم _ فيصعب عليه تضعيفه ورده. أو لحصول الاطمئنان بصدور الخبر من النبي أو الامام من اسباب لا يحصل منا لغيرهم من المحققين.

و لا شك ان الكل يدعون لزوم التمسك بالاعتدال و الاجتناب عن التفريط و الافراط لكن الواقعية الخارجية ما قلنا.

و للفقير _ مع قلة علمه و فهمه _ كلام مختصر في هذا المقام الذييستحق من العلماء غاية الاهتمام و نهاية الشدة و الدقة به، مجتنبين عن العواطف المجردة من الدلائل، يذكره مع كمال الاختصار:

ان التأمّل في كلام العلامة المجلسي عليه الرحمة في الفصل الاول و الثاني من مقدمة بحاره يدرك بسهولة ان نسخ مصادر كتابه لم تصل إليه من مؤلّفيها باسانيد متصلة معتبرة، والالم يقع الكلام في تعيين مؤلف بعضها كما

ص: 22

صرح به ولم يتردد هو في تعيين مؤلّف بعضها الاخر.

و ان شئت فقل: أنّ المجلسي رحمة الله لم ينقل بالمناولة بل ينقل بالوجادة، أي أنه وقف علي المؤلفات في الأسواق و عند الاشخاص كمايظهر من كلامه و لعله لم يصل إليه نسخة كتاب واحد من مؤلفه بالمناولة المعتبرة بتوسط الثقاب والصادقينكما هو كذلك في مصادر وسائل الشيعة للحر العاملي رحمة اللهعلي ما يظهر من آخر الوسائل. و عليه فلا مجال للحكم بصحة الكتب بمجرد حدس بعض العلماء و بقطع النظر عن اقامة دليل و شواهد علي صحة النسخة الواصلة إلي المجلسي و الحر _ رحمهما الله تعالي _ حتي وان فرض شهرة الكتاب و صحة طريقهما إليه. فان شهرة الكتاب امر و صحة النسخة المخصوصة المخطوطة الواصلة إليهما في عصر فقدان المطابع و انحصار الاستنساخ بكتابة اليد التييمكن وقوع الزيادة و النقيصة و فيها عمداً أو سهواً، أمر آخر.

كما أن صحة الطريق إلي كتاب مؤلف امر و صحة انتساب النسخة الموجودة إليه أمر آخر، فان الاول إخبار مجردٌ عن فلان عن فلان بان فلاناً ألف كتاب كذا كما يظهر ذلك من جميع الاجازات و الأسناد في آخر بحار الانوار و كذا من فهرستي الشيخ والنجاشي في معظم منقولاتها. و الثاني بحث صغروي مصداقي وان هذه النسخة الموجودة تأليف فلان من غير زيادة و نقيصة و بينهما بون بعيد.

و عليه فاذا لم يثبت وصول نسخة كتاب إلي المجلسي أو الحر رحمهما الله تعالي فلا يعتبر ما فيه من الروايات والاخبار و ان صحت أسنادها من قبل

ص: 23

المؤلف إلي الإمام عليه السّلام، اذ لابد من احراز نسخة الكتاب إلي مؤلفه الثقة أيضا.

و هذا امر واضح و ان صار مغفولا عنه.

و هذا الامر فليكن ببال القراء المحققين اذ يترتب عليه ضعف روايات كثيرة تعد عند المشهور من المعتبرات. والله الهادي إلي الحق والصواب(1).

ثم إن العلامة المجلسي قال في اوائل بحاره (ص 3): ثم بعد الاحاطة بالكتب المتداولة تتبعت الاصول المعتبرة المهجورة التي تركت في الاعصار المتطاولة و الأزمان المتمادية، إما لاستيلاء سلاطين المخالفين و ائمة الظلال، او لرواج العلوم الباطلة بين الجهال.. او لقلّة اعتناء جماعة من المتأخرين بها، اكتفاءً بما اشتهر منها، لكونها اجمع واكفي واشفي.. فطففت أسأل عنها في شرق البلاد و غربها.. و لقد ساعدني علي ذلك جماعة من الاخوان ضربوا في البلاد لتحصيلها و طلبوها في الاصقاع و الاقطار طلباً حثيثاً، حتي اجتمع عندي بفضل ربي كثير منالاصول المعتبرة التي كان عليها معوّل العلماء في الاعصار الماضية.. فالفيتها مشتملة علي فوائد جمّة خلت عنها الكتب المشهورة المتداولة..

ثم إن المجلسي رحمة الله وصف في الفصل الثاني جملة من مصادر كتابه بالشهرة و المعروفية بل قال في اوله ص 26: ان اكثر الكتب التي اعتمادنا عليها

ص: 24


1- . و هذا الكلام يجرى فى الروايات التهذبيين ايضاً فى روايات الفقيه أيضاً و لابد لاهل التحقيق من مراجعة كتابنا بحوث فى علم الرجال الطبعة الرابعة حتى تتضح له حقيقية المقام بالتفصيل والله الهادى.

في النقل مشهورة معلومة الانتساب إلي مؤلفيها..

أقول: لكن شهرتها بحيث يوجب اطمينان الباحث بصحة جميع النسخ المخطوطة الواصلة إلي المجلسي محفوظة عن الزيادة و النقصان غير واضحة و حدس المجلسي رحمة الله لا يغني من الحق شيئاً. نعم لا بد فيه في حق جملة من الكتب الرائجة بين العلماء في جميع الاعصار كأكثر كتب الصدوق(1) و أمثاله، و الامر في نسخ الاصول المهجورة المتروكة في الاعصار المتطاولة و الازمان المتمادية علي حد تعبيره ؟ أصعب، اذ نسأل عنه بأيّ دليل اعتمدت علي تلك النسخ المجهولة المتروكة، و من اخبرك عن سلامتها من الزيادة و النقصان ؟

أليس النقل منها نقلاً بالوجادة و هو نقل مرسل غير معتبر عند المحققّين.

و المحقق _ بعد هذا الكلام في هذا المقام _ يحتاج إلي مراجعة الطبعة الرابعة من كتابنا بحوث في علم الرجال في البحث 44 و 52 ليتضح له الامر في

ص: 25


1- . قال المؤلّف رحمة الله فى 1:26: أن اكثر الكتب التى اعتمدنا عليها فى النقل مشهورة معلومة الانتساب إلى مؤلفيها ككتب الصدق رحمة الله فانها - سوى الهداية و صفات الشعية و فضائل الشيعة و مصادقة الاخوان و فضائل الاشهر - لا تقصر فى الاشتهار ان الكتب الأربعة.. و هى داخلة فى اجازاتنا... و ما ذكر موافق للاعتبار عقلائى و منه يظهر ان ما ذكر بعد الكتّاب فى حواشى البحار 85:62: ولو استشكل عهد بأن كتاب العلل غير ثابت نسبته إلى الصدوق رحمة الله أو قال: لا أقل انه غير مصرح فى الاجازات رواية، و ان سنده و جادة.. ليس بتصحيح و دعوى النقل بالوجادة حقة كما يعرف مما قلنا لكنّها غير مختصّة بالعلل بل يشمل غيره و العمدة هو شهرة نسخ الكتب بين الناس بحيث يطمئن من الدس والتنقيص و التزييد.

هذا الموضوع المهم باكثر من هذا.

إذا عرفت ذلك فيحسن ان نتعرض لبعض ما في هذا الفصل الثاني من المهمات.

قال (رض).. و كتاب قرب الاسناد من الاصول المعتبرة المشهورة و كتبناه من نسخة قديمة مأخوذة من خط الشيخ محمد بن ادريس، و كان عليها صورة خطه هكذا:

الاصل الذي نقلته منه كان فيه لحن صريح وكلام مضطرب، فصورته علي ما وجدته خوفاً من التغيير و التبديل، فالناظر فيه يمهّد العذر فقد بيّنت عذري فيه 1:27 البحار.

أقول: الفصل بين زمان تأليف الكتاب و زمان ابن ادريس كثير و لم يذكر ابن ادريس انه كيف وصلت اليه النسخة و وجود اللحن الصريح و الكلام المضطرب فيها يزيد في الترديد فانهما من قلة مبالاة النساخ و الكُتاب. فلا يعتمد علي احاديث الكتاب المذكور. و يؤيده انهم اختلفوا في مؤلفه و انه عبدالله بن جعفر أو ابنه محمد (ص 7) و ان كان كلاهما ثقتين لكنه يكشف عن تحقق جهالة في كيفية وصولها إلي اهل العلم.

و هنا امور آخر ينبغي ذكرها:

أولها البحث عن معرفة المجلسي المتوفي سنة 1110 او 1111 خط ابن ادريس المتوفي 598؟

ثانيها السؤال عن بقاء اللحن الصريح و الكلام المضطرب في قرب الاسناد الموجود و عدمه، فاذا لم يوجدا فيه (سواء بنقل المجلسي و الحر و او في

ص: 26

النسخة المطبوعة مستقلة) فمن هو المصلح لهما؟

ثالثها ان النجاشي ذكر في ترجمة الحميري أنه قدم الكوفة سنة نيف و تسعين و مأتين و سمع اهلها و صنف كتبا كثيرة يعرف منها كتاب الامامة... كتاب قرب الاسناد إلي الرضا عليه السّلام و كتاب قرب الاسناد إلي أبي جعفر بن الرضا عليه السّلام. كتاب قرب الاسناد إلي صاحب الامر عليه السّلام.

واما الشيخ الطوسي فقد اجمل في فهرسته و عدد من كتبه قرب الاسناد.

و النسخة المطبو عة الموجودة في الاسواق مشتملة علي قرب الاسناد إلي الصادق عليه السّلام من ص 4-84 و علي قرب الاسناد إلي أبي إبراهيم موسي بن جعفر عليه السّلام من ص 83 الي ص 147 و علي قرب الاسناد عن الرضا عليه السّلام من ص 148 إلي ص 175 و هي اخر الكتاب!

و هذا زيادة بلة في الطين.

قال رضي الله عنه و أمّا كتاب الاختصاص، فهو كتاب لطيف مشتمل علي احوال اصحاب النبي صلي الله عليه و آله و سلّم و الائمة عليه السّلام، و فيه اخبار غريبة و نقلته من نسخة عتيقة، و كان مكتوباً علي عنوانه: كتاب مستخرج من كتاب الاختصاص تصنيف أبي علي احمد بن الحسين بن احمد بن عمران رحمة الله لكن كان بعد الخطبة هكذا، قال محمد بن محمد بن النعمان حدثني ابو غالب أحمد بن محمد الزراري و جعفر بن محمد بن قولويه إلي آخر السند و كذا إلي آخر الكتاب يبتديء من مشائخ الشيخ المفيد(1).

ص: 27


1- - ليس من ابتدىء بهم الاحاديث كلهم من مشائخ الشيخ المفيد جزما و اليك ذكر جملة منهم من النسخة المطبوعة من قبل مؤسسة النشر السلامى. 1 - محمد بن الحسين عن محمد بن جعفر عن البرقى ص 2 و عن ابن الوليد ص 4 و ص 5. 2 - جعفر بن الحسين المؤمن فى جملة من الاسناد. 3 - احمد بن محمد بن يحيى ص 5، ص 11، 12، 73، 195، 196 و غيرها. 4 - على بن الحسين بن يوسف ص 10 على بن الحسن بن يوسف ص 194. 5 - محمد بن الحسن (اى ابن الوليد) ص 11، 13، 53، 54، 61، 62، 64، 66، 67، 68، 83، 84، 201، و غيرها مع المفيد لا يروى عنهم و هومن مشايخ الشيخ الصدوق. و مثله غيره. 6 - أحمد بن هارون و.. ص 15 و احمد بن هارون الفامى و جعفر بن الحسن (الحسين ظ) المؤمن ص 70 و ص 81. 7 - عبد الرحمن بن إبراهيم ص 33. 8 - ابو محمد بن الحسن بن حمزة الحسينى ص 22. 9 - جعفر بن محمد عن احمد بن شاذان ص 51. 10 - هارون بن موسى ص 15. 11 - حمدان بن الحسين النهاوندى ص 59. 12 - جعفر بن الحسين بن محمد بن عبدالله بن جعفر الحميرى ص 63. 13 - جعفر بن محمد بن قولويه ص 1 و 65 و 87 و غيره. 14 - محمد بن الحسن الشحاذ ص 65. 15 - الحسين بن احمد بن العلوى المحمدى. 16 - احمد بن على بن الحسين زنجويه 79. 17 - احمد بن محمد بن القاسم الكوفى المحاربى ابوالعباس. 18 - محمد بن احمد الكوفى الخزاز. 19 - ابوغالب احمد بن الزرارى. 20 - احمد بن الحسن ص 96. 21 - قاسم بن محمد الحمدانى ص 108. 22 - محمد بن جعفر بن أبى شاكر ص 112. 23 - ابوبكر محمد بن إبراهيم العلّاف بهمدان. 24 - محمد بن على بن شاذان ص 116. 25 - محمد بن على بن محمد بن الحسن ص 123. 26 - على بن زنجويه الدينورى ص 123 و 124. 27 - عبدالله ص 144. 28 - جعفر بن احمد بن عيسى بن محمد بن على 163. 29 - محمد بن احمد بن العلوى ص 207 و 213. 30 - على بن محمد الشعرانى ص 235. 31 - الحسين بن الحسن ص 248. 32 - على بن الحسين عن ابن الوليد ص 267. 33 - على بن إبراهيم الجعفرى. و فى الكتاب روايات مرسلة كثيرة يصعب فهم مشايخ المؤلف فى كل مورد لاحتمال الارسال فى كثير منها، ثم ان شئت الاطلّاع على مشائخ الشيخ المفيد فارجع إلى خاتمة المستدرك ص 520 ولاحظ ج (.) مقدمة بحار الانوار ص 107 إلى ص 110.

ص: 28

ص: 29

فالظاهر(1) أنه من مؤلفات المفيد رحمة الله ص 27.

أقول: مع الاجمال في كلمة (مستخرج) ان أحمد بن الحسين لم افز علي حاله عاجلاً واستظهار المجلسي ان مؤلف الكتاب هو الشيخ المفيد مجرد ظن غير حجة، وكان سيدنا الاستاد الخوئي _ علي ماببالي _ يقول شفاها ان في الكتاب قرائن تدل علي انه لغير المفيد رحمة الله و الفقير لم يعتمد علي رواياته _ في غير صراط الحق الذي ألفته في ايام شبابي _ و ليس الكلام هنا في صحة النسخة و عدمها، بل الكلام في نسبة اصل كتاب الاختصاص إلي الشيخ المفيد رحمة الله فان النجاشي لم يذكره في جملة مؤلفاته و لا الشيخ الطوسي _ رحمهما الله _ في فهرستيهما، و الاظهر عدم ثبوت انتسابه إلي المفيد رحمة الله حتي ان المحدث النوري بما له من الشوق المفرط إلي التوثيق و التصحيح، أيضاً ضعّف نسبته إليه(2).

ص: 30


1- - الاستظهار غير قوى لاحتمال ان المؤلف ينقل عن المفيد، فهو من تلامذة المفيد لا نفسه و ربما يؤيده كلام المؤلف بعد الخطبة: هذا الكتاب ألّفته و ألعجت فى جمعه و اسباغه و اقتحمته فنوناً من الاحاديث. قال محمد بن النعمان: حدثنى.. فان المناسب على تقدير كونه تأليف المفيد ان يقال قال محمد بن محمد بن النعمان هذا كتاب ألّفه... و حدثنى.. ثم انّه لم يذكر فى الكتاب اسم الشيخ المفيد الا فى هذا الموضع فقط. ثم قوله ألعجت على بناء المفعول من لعجه أى وقعت فى جمعه فى الألم والمشقة.
2- - لاحظ خاتمة المستدرك 3:294 أو كتابنا بحوث فى علم الرجال ص 498 الطبعة الرابعة ولاحظ حاشية 68:354 من البحار الباب 87 من البواب كتاب الايمان و الكفر و مكارم الاخلاق فان لمحشيها كلاماً حول تضعيف نسبة الاختصاص إلى المفيد رحمة الله.

الفصل الثالث في بيان الرموز التي وضعها للكتب المذكورة في صدر كل خبر، ليعلم انه مأخوذ من أي اصل.

أقول: وضع هذه الرموز ليس بمضر و ان كان غير حسن، و اما الرموز المصطلحة لاسامي الكتب الفقهية و غيرها في علم الفقه و الرموز المصطلحة لاسامي الكتب الرجالية في علم الرجال فهما اشتباه ربما يصعب فهمها علي العلماء فضلا عن الطّلاب، فلابد من تركه و ترك سائر العادات المؤذية.

و لا يعجبني ما ذكره المجلسي رحمة الله في الفصل الرابع (ص 48) أيضاً من اصطلاحاته التييصعب فهمها علي المراجعين. و كذلك تغييراته في اسماء الرواة. (ص 57) فقد اتعبني في بعض الموارد.

و ذكر في الفصل الخامس (ص 62) بعض ما لابد من ذكره مما ذكره اصحاب الكتب المأخوذ منها في مفتتحها.

ثم نقل أولا ما ذكره ابن شهر آشوب في اول مناقبه من تفصيل اسانيده إلي كتب الشيعة و اهل السنة.

و ثانيا ما ذكر في اول تفسير الامام العسكري _ صلوات الله عليه _.

و ثالثاً ما ذكره الصدوق في اول اكمل الدين.

و رابعا ما ذكره احمد بن علي الطبرسي في احتجاجه.

وخامسا ما كتبه الشيخ ابن قولويه في أوّل كتاب كامل الزّيارات

و سادساً ما وجده في مفتتح بعض النسخ القديمة في العيون مما ذكره الصدوق رحمة الله.

و سابعا ما هو مذكور في مفتتح كتاب سليم بن قيس.

ص: 31

تنبيه:

قبل الشروع في مقاصد الكتاب من الصفحة الآتية لابد من التفات القراء الكرام إلي أن اعتبار السند ليس علة تامة الصحة الصدور وجهة الصدور و صحة المتن. كما أنّ عدم اعتباره ليس علّة لكذب متنه و عدم صدوره، بل لعدم حجيته.

كتاب العقل و العلم و الجهل

أبواب العقل و الجهل

الباب 1: فضل العقل و ذم الجهل

أقول: ذكر المؤلّف العلامة رحمة الله فيه جملة من الآيات الكريمة و الروايات الشريفة.

اما الآيات فيستفاد منها حسن التعقل و قبح تركه أي فضلاً و ذماً تشريعياً كقول تعالي: (قَدْ بَيَّنّٰا لَكُمُ اَلْآيٰاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ). و قوله: (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ). و كقوله: (إِنَّ شَرَّ اَلدَّوَابِّ عِنْدَ اَللّٰهِ اَلصُّمُّ اَلْبُكْمُ اَلَّذِينَ لاٰ يَعْقِلُونَ ).

و قوله تعالي: (وَ يَجْعَلُ اَلرِّجْسَ عَلَى اَلَّذِينَ لاٰ يَعْقِلُونَ ).

و لا أدري هل مثل هذا الذم الشديد علي عدم التعقل يوجد في سائر الاديان و القوانين أم لا؟

و ربما يدل بعض الآيات علي فضل اللب (العقل) فضلاً تكوينيا في الانسان.

ص: 32

و اما الروايات منقولة التي تبلغ ثالثاً و اربعين، فلعلّها لا تتم سنداً الا رواية واحدة فانها ضعيفة بسندين و معتبرة بسندين آخرين ص 87 و 88 و رواها الكافي (1:87) أيضاً بسند معتبر و متنها: صديق كل إمريء عقله و عدوه جهله. و كأنّها تدل علي ذم الجهل و فضل العقل في الانسان تكويناً(1).

الباب 2: حقيقة العقل و كيفيته و بدو خلقه. (ص 96)

اورد فيه اربع عشرة رواية لا تصح منها إلي اوليها. نعم بعض الاحاديث المنقولة عن المحاسن معتبرة سنداً لكن نسخة المحاسن لم تصل إلي المجلسي مسلسلة و مناولة بل وجادة.

و اما المعتبرة فهي صحيحة محمد بن مسلم _ كما في امالي الصدوق _ عن الباقر عليه السّلام قال: لما خلق الله العقل، استنطقه، ثم قال له أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر. ثم قال: و عزتي و جلالي ما خلقت خلقاً هو احب إلي منك، و لا اكملّك(2) الا فيمن احب. أما اني إيّاك النهي، و اياك اُثيب.

ص: 33


1- . و اما متون الروايات غير المعتبرة فهى على قسمين: الأول ما تتفق عليه جملة منها و الثانى ما تختص ببعضها و الاوّل يطمئن بصدوره عن الإمام عليه السّلام و الثانى يبقى مشكوكاً. و هذا اصل كلى فيى جميع الابواب و الكتب. واعلم أيضاً أنّ اعتبار السند ليس علة تامة لصدور السند وجهة الصدور و صحة المتن كما أن عدم اعتباره ليس علة تامة لكذبه و عدم صدوره، بل غاية الاولى حجيّة الخبر إذا توفرت سائر الشروط و غاية الثانى عدم الحجيّة إذا لم تقارنه قرينة مفيدة للاطمئنان بصحته. و هذا ايضاً اصل فى جميع الابواب.
2- - فى الكافى: و لااكملتك أى بصيغة الماضى و من باب الإفعال.

و رواها الكليني في اول الكافي بزيادة جملة: و إياك اعاقب. قبل قوله و اياك أثيب و لعلّها سقطت عن نسخة الأمالي.

ثم العقل في اللغة: تعقل الاشياء و فهمها و في العرف العام يراد به قوة ادراك الخير و الشر و التمييز بينهما و التمكن من معرفة اسباب الامور في الجملة، و العقل بهذا المعني مناط التكليف و الثواب و العقاب كما ذكره المؤلف العلامة ص 99 و له مصطلحات اخر عند اهل المعقول.

و اعلم ان العقل بحسب الواقع ليس شيئاً مغايراً و مقابلا للعلم و الادراك العام وجداناً كما ربما يتخيله بعض العوام و من بحكمهم، بل هو قسم منه، ولا بأس باختصاص العقل بحسب الاصطلاح العام بادراك الضروريات و ما بحكمهما و اطلاق العلم علي ادراك النظريات مطلقاً او في الجملة. و لا مشاحة في الاصطلاح(1).

ص: 34


1- - قال الطبرسى فى مجمع البيان فى ذيل قوله تعالى: (أَ تَأْمُرُونَ اَلنّٰاسَ ...) البقرة 44: و العقل والفهم و العقل و الفهم و المعرفة و اللب نظائر. و ضد العقل، الحمق، و قال صاحب كتاب العين: العقل ضد الجهل يقال عقل الجاهل إذا علم.. و العقال الرباط، يقال عقلت البعير إذا شددت يده بالعقال. و العقل مجموع علوم لاجلها بمتنع الحى من كثير من المقبحات و يفعل كثيراً من الواجبات و إنما سميت تلك العلوم عقلا لانّها تعقل عن القبيح. و لا يوصف القديم تعالى بانه عاقل لانه لا يعقله شىء عن فعل القبيح و انما لا يختاره لعلمه بقبحه و بانه غنى عنه. و قال علىّ بن عيسى العقل هو العلم الذى يزجر عن قبيح الفعل. و من كان زاجره اقوى فهو اعقل.. و الفرق بين العقل و العلم. أن العقل قد يكمل لمن فقد بعض العلوم و لا يكمل العلم لمن فقد بعض عقله (1:214 و 215 انتشارات ناصر خسرو). اقول: نعم لم يطلق عليه تعالى أنه عاقل، لكن ما ذكر من الوجه غير واضح.

وفي المقام مباحث نافعة:

فمنها ان مقتضي قوله: الا فيمن احب. ان المراد بالعقل هو الادراك باحد المعنيين المتقدمين جزماً و المراد بالمحبوب هو الروح و النفس الناطقة.

و هي الكاملة و الناقصة عقلاً حسب اقتضاء النظام العام او مراتب الاستعدادات الخاصة الفردية.

وكون العقل أحب المخلوقات يستفاد من قصة آدم و سؤال الملائكة و جواب الله تعالي كما جاء القرآن الكريم، فان الذي رجّح او الزم ايجاده مع ان في ذريته من يفسد في الارض و يسفك الدماء هو علمه أو استعداده للعلم بالاسماء.

و يمكن ان يستشي منالاطلاق روح الانسان فانه احب من العلم و يستند في ذلك إلي قوله تعالي: (لَقَدْ خَلَقْنَا اَلْإِنْسٰانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ). و قوله: (ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبٰارَكَ اَللّٰهُ أَحْسَنُ اَلْخٰالِقِينَ )، و الاعتبار العقلييؤكده فان الجوهر المجرد احب تكوينا من العرض فلاحظ وتأمل.

لكن مقتضي قوله: «أما إني اياك آمر...» إلي آخره ان المراد به هو روح الانسان، بل و كذا مقتضي قوله: ما خلقت خلقا هو احب إليّ منك، كما قلناه آنفا.. لكن المتأمل في مجموع الحديث يرجح تأويل هذا(1) و اختيار الوجه الاول.

ص: 35


1- - ففى ذيل خبر هشام (البحار: 1:97) بك آخذ و بك اعطى وبك اثيب. و فى معتبرة الحسن بن الجهم المروى فى الكافى (1:27 و 28) و بك آخذ و بك اعطى.

و علي كل لابد من حمل الاستنطاق و الاقبال و الادبار علي المعاني الكنائية(1) علي جميع الاقوال فلاحظ.

و اما حمل العقل في هذه الرواية علي العقل الكلي المجرد المصطلح عند الفلاسفة علي تقدير تسليمه فهو غلط اذ ينفيه ذيل الحديث من قوله و لا أكمّلك إلي آخر الحديث.

و منها ان في بعض المرسلات عن النبي صلّي الله عليه و آله وسلّم أوّل ما خلق الله العقل (1:97 البحار) و كأنه مع ارساله ليس من طريقنا.

نعم في رواية سماعة ضعيفة بعلي بن حديد(2) (الكافي 1:21) عن الصادق عليه السّلام: إنّ الله عز وجل خلق العقل و هو أوّل خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره، فقال له ادبر، فادبر. ثم قال له: اقبل فاقبل... و الرواية طويلة. و كذا في رواية هشام الطويلة بنقل تحف العقول (1:158 البحار) و علي كل يصعب تصور كون العقل باحد المعنيين المتقدمين أوّل المخلوقات أو أول المخلوقات من الروحانيين(3).

ص: 36


1- - يحتمل ارادة المعنى المطابقى فى الاستنطاق على فرض ارادة الروح من العقل و تفسيره يقول تعالى (أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ ).
2- - ضعّف الشيخ فى التهذيبين جداً.
3- - تعرض المجلسى رحمة الله لنقل الاقوال فى اول ما خلقه الله تعالى فى 54:306 إلى ص 309 و قال: وروى الكلينى وغيره، باسانيدهم الكثيرة. عن أبى عبدالله (ع) قال: إن الله خلق العلم و هو أول خلق من الروحانيين. اقول لم أفز على هذه الرويات سوى رواية الكلينى المذكورة فى المتن الضعيفة سنداً حتى اعلم هل فيها معتبرة سنداً أم لا؟ و فى رواية معتبرة عن الباقر عليه السّلام كان كل شىء ماء و كان عرشه على الماء.. (54:98) و مقتضاها ان الماء اول مخلوق جسمانى، نعم مكانه مقدم عليه قهراً و لا اذكر عاجلا دليلاً معتبراً على اول المخلوقات والله العالم.

و منها ما ذكره المجلسي رحمة لله (1:100) بقوله: والذي ظهر لنا من تتبع الاخبار المنتمية إلي الائمّة الأبرار _ سلام الله عليهم _ هو ان الله خلق في كل شخص من اشخاص المكلفين قوّة و استعداد إدراك الاُمور من المضارّ و المنافع و غيرها، علي اختلاف كثير بينهم و أقلّ درجاتها مناط التكليف و بها يتميز عن المجانين، و باختلاف درجاتها تتفاوت التكاليف، فكلما كانت هذه القوة اكمل كانت التكاليف أشق و أكثر و تكمل هذه القوة في كل شخص بحسب استعداده بالعلم و العمل...

أقول: في كلامه أمران مهمان:

احدهما تفاوت التكاليف الشرعية حسب درجات القوة و استعداد الادراك. لكنه ممنوع، فان التكاليف الشرعية عامة شاملة لجميع المكلفين علي نحو و ان كانوا يختلفون في مراتب عقولهم و لايمكن لاحد أن يثبت مورداً يختلف فيه التكليف بتفاوت العقول و الاستعدادات إلّا في موارد تحصيل العلم حد الجتهاد و التخصص في جملة من العلوم المحتاج إليها الناس كالفقه و الكلام و الطب و تركيب الادوية و المهندسة و ممارسة بعض الصناعات التييفتقر إليها الناس فانهما تجبان كفاية علي ذوي الاستعدادات

ص: 37

دون غيرها. و لكن هذا غير مراد المجلسي رحمة الله.

نعم يمكن اختلاف المكلفين المنقادين و العاصيين في استحقاق زيادة الثواب و العقاب و قلّتهما بحسب زيادة العقول و ضعفها. بدعوي أنّ الثواب و العقاب يدوران مدار الانقياد و التجري وجوداً و عدماً، قلة و زيادة: و أنّ العقل و العلم يزيد في الانقياد و التجرّي كما أن الجهل و ضعف العقل يوجب ضعفهما.

و في ذيل رواية يزيد الرزاز الذي لم اقف علي حاله في الرجال، عن الصادق عن الباقر عليهما السّلام: إنّ الله تبارك و تعالييحاسب الناس علي قدر ما آتاهم من العقول في الدار الدنيا (البحار 1:106).

و في رواية غير معتبرة سنداً إنما يداق الله العباد في الحساب يوم القيامة علي قدر ما اتاهم من العقول في الدنيا (نفس المصدر).

و في رواية غير قوية سنداً عن أبي عبدالله عن آبائه عن رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم إذا بلغكم عن رجل حسن حاله فانظروا في حسن عقله، فانما يجازي بعقله. (المصدر السابق).

و الروايات غير المعتبرة التييمكن الاستشهاد بها كثيرة. بل يمكن الاستدلال عليه في الجملة ببعض الآيات الشريفة كقوله تعالي: (يَرْفَعِ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْعِلْمَ دَرَجٰاتٍ ) (المجادلة/ 1(1) فتأمل.

و بمعتبرة ابن الجهم المروية في الكافي (1:27) عن الرضا عليه السّلام قال: ذكر عنده اصحابنا و ذكر العقل، قال: فقال عليه السّلام: لا يعبأ باهل الدين ممن لا عقل له، قلت: جعلت ذاك،؛ إن ممن يصف هذا الامر قوماً لا بأس بهم عندنا،

ص: 38

و ليست لهم تلك العقول، فقال: ليس هؤلاء ممن خاطب الله. إنّ الله خلق العلق فقال له: اقبل فأقبل، و قال له: أدبرفأدبر، فقال: و عزتي و جلالي ما خلقت شيئاً احسن منك او احب إلي منك، بك آخذ و بك اُعطي.

و في رواية: يغفر للجاهل سبعون ذنباً قبل ان يغفر للعالم ذنب (الكافي 1:47).

و في صحيح جميل قال سمعت ابا عبدالله عليه السّلام يقول: إذا بلغت النفس ههنا _ و أشار بيده إلي حلقه _ لم يكن للعالم توبة ثم قرء: انما التوبة علي الله الذين يعملون السوء بجهالة. الكافي 1:47.

ثانيهما: اكتمال تلك القوة المشار إليها في كلامه بحسب الاستعداد بالعلم و العمل.

أقول: ان أراد به ان الاهتداء و قبول الهداية من الله تعالي بالعمل و الامتثال يوجب مزيد الهداية من الله تعالي فهو مسلم يدل عليه القرآن الكريم، بل يستفاد منه اضلال الفاسق المتمرد (وَ مٰا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ اَلْفٰاسِقِينَ اَلَّذِينَ ..) (البقره/ 26 و 2(7).

و كذا ان اراد استحكام الملكة بكثرة الممارسة فانه حسي (ثُمَّ كٰانَ عٰاقِبَةَ اَلَّذِينَ أَسٰاؤُا اَلسُّواىٰ أَنْ كَذَّبُوا بِآيٰاتِ اَللّٰهِ ..)

و ان اراد شيئاً آخر فلابد من تعيينه و اقامة الدليل عليه.

والباب الثالث من كتاب العقل والجهل في احتجاج الله تعالي علي الناس بالعقل و أنه يحاسبهم علي قدر عقولهم 105، و قد اشرنا إليه في الباب السابق.

ص: 39

والباب الرابع في علامات العقل و جنوده و فيه معان مفيدة للمتدينين و ان لم يكن لرواياته سند معتبر ص 106 و الباب الخامس و هو آخر ابواب كتاب العقل في النوادر 161. و فيه روايتان ثانيتهما معتبرة سنداً.

ابواب العلم و آدابه و انواعه

الباب 1: فرض العلم و وجوب طلبه و الحث عليه و ثواب العالم و المتعلم (1:162).

اورد المؤلّف رحمة الله فيه (1:162 إلي 196) آيات عديدة و روايات كثيرة، وصلت ارقامها إلي (112) و فيها قليل معتبر سنداً ثم ان بعض الآيات الواردة في هذا الباب لا يناسب عنوانه، و مقتضي اطلاق قوله تعالي: (فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (التوبة/ 12(3).

وجوب التفقه في العقايد و المعارف و الاخلاق و الاحكام الفرعية (الفقهية) للدين وجوباً كفائياً _ اجتهاداً او تقليداً. و الحوزات العلمية اليوم في شغل عن غير الفقه إلّا ما ندر. و علي كل؛ إليكم بعض المعتبرات:

1 - عن ثواب الاعمال للصدوق عن أبيه عن علي عن أبيه عن القداح عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عن ابائه عليهم السّلام قال: قال رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم: من سلك طريقاًيطلب فيه علما سلك الله به طريقاً إلي الجنة. و ان الملائكة لتضع

ص: 40

اجنحتها لطالب العلم رضا به(1) و انه ليستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الارض حتي الحوت في البحر(2)، و فضل العالم علي العابد كفضل القمر علي سائر النجوم ليلة البدر(3) و ان العلماء ورثة الانبياء، أنّ الانبياء لم يورثوا ديناراً و لا درهما(4) ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر. (ص 164). و للحديث سندان آخران في الامالي و بصائر الدرجات. و سندان في الكافي (1:34) ثم إنّ القداح لقب عبدالله بن ميمون الثقة كما يظهر من كلام النجاشي في ترجمته بوضوح و لقب أبيه ميمون الذي لم يوثق كما هو صريح كلام الشيخ في رجاله في ترجمته.

لكن السيد الاستاذ الخوئي _ قدس الله نفسه _ حصر اللقب في الاب و كأنه انكره للولد، و هذا منه عجيب و اعجب منه دعوي كون القدّاح في هذه الرواية أيضاً هو الوالد المجهول (معجم الرجل 24:151 و 152 و لاحظ 11:378 و 20:125 _ الطبعة الخامسة منه).

و الاظهر ان الوصف مشترك بينهما فلابد من الرجوع في موارد لم يذكر

ص: 41


1- - يمكن ان يكون وضع الاجنحة كناية عن حب الملائكة و رضاهم بطلب العلم، واطلاق الرواية يشمل العوام الذين يمشون إلى دور العلماء للسؤال عن بعض الاحكام الشرعية إلّا ان يدعى انصرافها عنهم.
2- - الجملة محتاجة إلى توجيه مقبول.
3- - من منظرنا لا بحسب الواقع فان النجوم اكثر نوراً من القمر بدرجات لا تعد عرفاً.
4- - غالبا و بمقدار معتد به او يقال مطلقاً و ان ورّثوا بعض الاموال لكنهم لم يوروثوا الدينار و الدرهم او الذهب والفضة.

فيها اسم احدهما إلي مميز، و من راجع سند هذه الرواية في الكافي (1:34) هان عليه التصديق بان الراوي هنا هو عبدالله الثقة دون ابيه المجهول وفاقاً للعلامة المؤلف (1:59 بحاره) حيث جعل القداح اشارة إلي عبدالله دون والده في جميع بحاره بل الاظهر فهم ذلك من نفس سند ثواب الاعمال كما نقلناه لاستبعاد ان يروي إبراهيم بن هاشم عمن روي عن السجاد عليه السّلام فان ميمونا من اصحابه و لم اذكر موردا رويفيه إبراهيم عن ميمون فتأمّل.

2 - صحيح أبي حمزة عن الباقر عليه السّلام قال: عالم ينتفع بعلمه افضل من سبعين الف عابد. (الكافي 1:33 _ البحار 2:8 نقلاً عن بصائر الدرجات و عن ثواب الاعمال 2:19).

اقول إن كان قوله ينتفع، مبنيا للفاعل فالمناسب للمقام ان يراد بانتفاع العالم بعلمه اصلاح نفسه و تعليم غيره و ارشاده بالحكمة و الموعظة الحسنة و المجادلة باللتي هي احسن.

و ان كان مبنياً للمفعول فالمراد انتفاع الناس بعلمه. و هل هو مخصوص بعلم الدين او مطلق العلوم النافعة للمسلمين ؟ فيه وجهان.

3 - و في صحيح عبدالله بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم فضل العلم احب إلي الله من فضل العبادة و افضل دينكم الورع ص 167.

4 - عن رسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم طلب العلم فريضة علي كل مسلم. ص 172.

أقول: للحديث الفاظ و اسانيد متعددة لم تصح واحدة منها. و ذكر العلامة جلال الدين السيوطي ان للحديث ثلاثين طريقا (من اهل السنة) و لم

ص: 42

يصح احد منها. و هذا اتفاق عجيب.

و علي كل تعدد طرقه عندنا و عندهم يوجب الوثوق بصدوره عن سيدنا رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم. بهذا المقدار. و اما اضافة كلمة و مسلمة. كما اشتهر فليست في رواياتنا و لا اذكرها في روايات اهل السنة(1) و ان لا يبعد شمول كلمة المسلم للمسلمة ايضاً.

و يعجبني جملتان في الحث علي تحصيل العلم من الروايات غير المعتبرة:

الاولي: ما نسب إلي امير المؤمنين عليه السّلام ايها الناس اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج من قول الزور فيه. و لا بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه، الناس أبناء ما يحسنون و قدر كل امريء ما يحسن، فتكلموا في العلم تبيّن أقداركم. 1:204.

الثانية ما نسب إلي الكاظم عليه السّلام: محادثة العالم علي المزبلة خير من محادثة الجاهل علي الزرابي. 1:205.

الباب 2: اصناف الناس في العلم و فضل حبّ العلماء (1:186)

ذكر فيه عشرين رواية:

منها معتبرة أبي خديجة المروية عن الخصال عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسي عن الوشاء عن احمد بن عائذ عن ابي خديجة عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: الناس يغدون علي ثلاثة: عالم و متعلم و غثاء، فنحن

ص: 43


1- - الا فى بعض كلمات الصوفية كما فى 2:32 من البحار.

العلماء و شيعتنا المتعلمون و سائر الناس غثاء ص 187.

و تؤكّد اسانيد اخري المذكورة في بصائر الدرجات. و قيل الغثاء بالضم و المد مايحمله السيل من القماش و كذا الغثاء بالتشديد.

أقول: ليس المراد بالعلم مطلقه قطعاً بل العلم بالدين الحق اصول و فروعه.

و منها معتبرة محمد بن مسلم و غيره _ و في السند محمد بن خالد البرقي الذي اُختلف فيه و نحن نحتاط في رواياته _ عن ابي عبدالله عليه الّلام قال: قال رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم: اغد عالماً أو متعلماً أو العلماء و لا تكون رابعاً فتهلك ببغضهم. ص 187.

و المراد بالعالم هنا من يشمل الكامل و المتوسط بخلاف الرواية الاولي حيث خصه الامام بالأئمة عليهم السّلام و رواه البرقي في محاسنه عن ابيه عن صفوان عن العلاء عن محمد عن الثمالي عن الصادق عليه السّلام من دون نسبة إلي رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم وفيه: واحب اهل العلم ص 194 و 195.

لكن نسخة المحاسن لم تصل إلي المجلسي بسند معتبر فلابد من احراز شهرة نسخها و تطابقها في تلك الاعصار.

بغض العلماء بمعارف الدين و فروعه يوجب بعد فاعله عن معرفة الدين فيوجب هلاكه، فيحتمل انه بنفسه منهي عنه شرعاً، بل هنا روايات معتبرة تدل علي حرمة بغض المؤمنين و قد افتي بها صاحب الجواهر في بحث العدالة من شروط الشاهد و تفضيل البحث ذكرناه. في كتابنا حدود الشريعة 1:122 ذيل عنوان التباغض و بغض المؤمنين في حرف الباء.

ص: 44

لكن في الحديث سؤال وهو ان حب العلماء من دون التعلم منهم لا يكفي للنجاة فلابد من توجيهه بوجه مقبول.

ثم ان المجلسي رحمة الله ذكر بعض متون أمير المؤمنين عليه السّلام و اسانيده ص 187 إلي ص 194.

و قال في ضمن كلامه: سيأتي هذا الخبر باسانيد جمة في باب الاضطرار إلي الحجة ص 189.

الباب 3: سؤال العالم و تذاكره و اتيان بابه ص 196.

أورد فيه قوله تعالي: فاسئلوا اهل الذكر انكنتم لا تعلمون. وسبع روايات غير معتبرة سنداً.

و نحن نتكلم حول الآية الكريمة في بحث الامامة. و علي كل، سؤال اهل الذكر عبارة اخري عن التعلم الذي حسنه و الزومه واضح مسلّم و لايحتاج اثبات حسنه إلي اقامة شواهد.

و في صحيح بريد و زرارة و محمد قالوا: قال أبوا عبدالله عليه السّلام لحمران بن اعين في شيء سأله: انما يهلك الناس لانهم لا يسألون (الكافي 1:40).

أقول: لم يكن في تلك الازمنة طريق إلي تعليم المسائل سوي سؤال السائلين في حال الانفراد و الاحتياط، لغلبة الطاغوت و قلة المؤمنين و الا لوجب علي الائمة عليهم السّلام نصب المبلغين و اعلام الناس بوظائفهم من دون سؤال.

لكن المعلوم من سيرة الائمة عدم الاعلام الابتدائي حتي بمقدار ميسور، بل سيأتي في بحث الامامة أن جواب السائلين غير واجب عليهم و قد

ص: 45

استدل الائمة عليهم السّلام علي ذلك بان الله امركم باسؤال و لم يامرنا بالجواب (في قوله تعالي: فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ ).

ولابد من رد هذه الروايات إلي من صدرت عنه فان بيان الاصول و الفروع هو وظيفة الامام و هل نصبه الله الا لهذا؟

و في صحيح ابن سنان عن الصادق عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلّم ان الله عز وجليقول: تذاكر العلم بين عبادي مما تحيي عليه القلوب الميتة إذا هم انتهوا إلي امري. (المصدر ص 41).

الباب 4: مذاكرة العلم و مجالسة العلماء و الحضور في المجالس العلم و ذم مخالطة الجهال. (1:198).

اقول لا اشكال في حسن العناوين الثلاثة و صحة العنوان الرابع عند العقلاء، و ما ذكره من الروايات الثمان و الثلاثين تؤيد العناوين و فيها مضامين جيدة مفيدة تنفع المبلغين و الخطباء في مقام الموعظة و الارشاد من دون نسبتها إلي قول الائمة عليهم السّلام الا ان يقال روي او نقل عن الامام كذا و كذا. إذ لم تصح اسانيدها. و نحن نذكر هنا بعض روايات الباب المعتبرة سنداً. و المعتبرة سنداً ما ذكرت برقم 3 و 6.

1 - ما عن امالي الصدوق عن محمد بن إبراهيم بنت اسحاق عن احمد بن محمد الهمداني عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه قال: قال الرضا عليه السّلام:

من جلس مجلساً يحيي فيه امرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب. (1:199).

ص: 46

بيان: احياء امرهم بذكر فضائلهم و نشر اخبارهم و حفظ آثارهم.

أقول: أما محمد فهو حسن لكثرة ترضية الصدوق عنه كما ادعاه السيد الداماد رحمة الله و قد احرزت جملة من مواردها في كلام الصدوق و سائر الرواة موثقون. لكن المشكلة ما نقله النجاشي عن علي بن الحسن بعد توثيقه و مدحه: لم يرو عن ابيه شيئا، قال: كنت اقابله و سني ثمان عشر سنة بكتبه، و لا افهم اذ ذاك الروايات و لا استحل أن أرويها عنه. وروي عن اخويه عن أبيهما.

و ذكر احمد بن الحسين رحمة الله انه رأي نسخة اخرجها ابو جعفر بن بابويه و قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن اسحاق الطالقاني قال حدثنا احمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي بن الحسين بن فضال عن أبيه عن الرضا عليه السّلام. و لا يعرف(1) الكوفيون هذه النسخة ولا رويت من غير هذا الطريق.

و اجاب عنه سيدنا الاستاذ الخوئي(2) رحمة الله بان الصدوق روي بهذا السند كثيراً، ثم ذكر جملة من الموارد. ثم قال: ان الصدوق قد روي عن علي بن الحسن عن أبيه بغير هذا الطريق ثم اشار إلي عدة من موارده. قال: فلا مناص من الالتزام إما بعدم صحة ما ذكره النجاشي أو بعدم صحة هذه الروايات. و الظاهر ان الالتزام بعدم صحة هذه الروايات أهون، فان مشايخ

ص: 47


1- - ظاهر كلام السيد الخوئى ان هذه الجملة من النجاشى لا من احمد الغضائرى. لاحظ معجم الرجال 12:362 الطبعة الخامسة.
2- - المصدر السابق.

الصدوق الذين ذكرناهم في هذه الروايات كلهم ضعاف(1) فلا يمكن رفع اليد باخبارهم عما حكاه النجاشي عن علي بن الحسن بن فاضل.

ومما يؤيد صحة قول النجاشي ان الروايات المزبورة كلها عن احمد بن محمد بن سعيد و هو من مشاهير المحدثين، فلو كانت له رواية عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه لكثر نقلها في الكتب الاربعة، و لم نظفر بذلك الا في موردين من التهذيب.

ثم بعد ذكر الموردين و احتمال سقوط الواسطة بين علي بن الحسن و أبيه قال: أو يقال ان علي بن الحسن لعدم فهمه الروايات لم يرو عن أبيه فيما يرجع إلي الحلال و الحرام لابتلائها بالمعارضات والمخصصات و المقيدات و نحو ذلك، فلابد من فهمها من قوة و استعداد. و أمّا روايته عنه فيما يرجع إلي امور آخر كالزيارات و ما يلحق بها فيكفي في فهمها ان يكون للانسان ثماني عشرة سنة. انتهي ملخصاً.

أقول: ما نقله النجاشي عن علي من عدم الستحلاله الرواية عن أبيه مرسل غير مسند، فكيف اعتمد الاستاذ علي مراسيل النجاشي فلعل الواسطة ضعيف. علي أن محمد بن إبراهيم بن اسحاق حسن كما عرفت و بقية الاسانيد مؤيدة لهذا السند و امثاله. فافهم.

و اما ما ذكره الاستاذ من التوجيه الاخير، ففيه ان الرواية غير العمليات

ص: 48


1- - وهم محمد بن ابراهيم بن احمد بن يونس و محمد بن بكران النقاش وأحمد بن الحسن (الحسين) القطان كما ذكره الاستاذ فى معجمه 12:363.

الاجتهادية كما هو واضح.

2 - ما عن العيون من رواية الصدوق عن القطان و النقاش والطالقاني عن احمد الهمداني عن علي بن الحسن بن فضال عن ابيه عن الرضا عليه السّلام قال قال الرضا عليه السّلام: من تذكر مصابنا فبكي و ابكي لم تبك عينه يوم تبكي العيون و من جلس مجلساً يحيي فيه امرنا لم يمت قلبه يوم تموت القلوب 1:200.

بيان: موت القلوب كناية عن شدة الدهشة و الغم و الحزن و الخوف.

أقول: يبعد جدا كذب المشائخ الثلاثة في نقلهم للصدوق رحمة الله علي ان الطالقاني _ و هو محمد بن إبراهيم بن اسحاق _ حسن.

3 - ما عن امالي الشيخ الطوسي بسنده المعتبر عن بكر بن محمد عن جعفر بن محمد عليه السّلام قال سمعته يقول لخيثمة: يا خيثمة اقرأ موالينا السلام و اوصهم بتقوي الله العظيم عز وجل و ان يشهد أحياؤهم جنائز موتاهم و أن يتلاقوا في بيوتهم فان لقياهم حياة امرنا. ثم رفع يده فقال رحم الله امرءاً احيا أمرنا. (1:200)

أقول: انا لا احكم بضعف نسبة الامالي إلي الشيخ، لكنني غير مطمئن بصحتها أيضاً. و عليه فيشكل الاعتماد علي روايات هذا الكتاب كلها.

و لاحظ كتابنا بحوث في علم الرجال الطبعة ص 512 حول هذا لموضوع. و علي كل هذه الروايات الثلاث غير مطابقة لعنوان الباب الا بتأويل و في الجملة، لان عمدة الغرض منها ترويج الامامة و اهل البيت عليهم السّلام.

الباب 5: العلم بغير علم (1:206)

فيه رواية معتبرة و هو ما عن خصال الصدوق عن ابن المتوكل عن

ص: 49

الحميري عن ابن عيسي عن ابن محجوب عن مالك بن عطية عن الثمالي عن علي بن الحسين عليه السّلام قال: لا حسب لقرشي ولا عربي إلّا بتواضع و لاكرام إلا بتقوي و لا عمل إلّا بنية و لا عبادة إلّا بتفقه. ألا و ان ابغض الناس إلي الله عز وجل من يقتدي بسنة إمام و لا يقتدي باعماله. 1:207.

أقول: في محمد بن عيسي نقاش ما والاظهر انّ ابن عطية هو الاحمسي الثقة دون الدغشي المجهول.

و يعجبني جملات من الروايات غير معتبرة:

الاولي: ما نسب إلي الصادق عليه السّلام: العامل علي غير بصيرة كالسائر علي غير الطريق، و لا يزيده سرعة السير من الطريق الا بُعداً. 1:206 و في رواية: كالسائر علي السراب بقيعة(1) 1:208.

الثانية ما نسب إلي أمير المؤمنين عليه السّلام: إيّاكم والجاهل المتعبدين و الفجار من العلماء فانهم فتنة كل مفتون.

الثالث: ما عنه صلّي الله عليه و آله وسلّم: من عمل علي غير علم كان ما يفسده اكثر مما يصلح 1:208.

الباب 6: العلوم التي امر الناس بتحصيلها و ينفعهم و فيه تفسير الحكمة. (1:209).

و في جملة من الروايات غير المعتبرة مدح ثلاث خصال: التفقه في

ص: 50


1- - السراب هو ما يرى فى الفلات من لمعان الشمس عليها وقت الظهيرة فيظن انه ماء يسرب أى يجرى. والبقيعة: القاع، و هو الارض المستوية.

الدين و البصر علي المصائب و حسن التقدير في المعاش. 1:210 و 213 و 221.

ثم إن المجلسي رحمة الله أورد في الباب اثنين و ستين خبراً، لم يصح أحد منها سوي واحد و هو صحيح زرارة و محمد بن مسلم و بريد حيث قال الصادق عليه السّلام فيه: و هل يسأل الناس عن شيء أفضل من الحلال و الحرام ؟ ص 213. و اما خبر الثمالي عن السجاد و الباقر عليهم السّلام: متفقه في الدين أشدّ علي الشيطان من عبادة الف عابد. 1:213.

فسنده و ان كان صحيحاً لكن مصدره بصائر الدرجات و لم تصل نسختها بسند معتبر إلي المجلسي رحمة الله فالاعتماد عليه مشكل.

و مثله خبر محمد عن الباقرين عليهم السّلام: لو أتيت بشاب من شباب الشيعة لا يتفقه لأدبته، قال: و كان أبو جعفر عليه السّلام يقول: تفقهوا و إلّا فانتم اعراب(1) 1:214 فان سنده لابأس به لكن نسخة المصدر _ و هومحاسن البرقي _ لم تصل إلي المجلسي رحمة الله بسند معتبر كما سبق.

و علي كل يعجبني ما نسب إلي الحسن المجتبي عليه السّلام: عجب لمن يتفكر في مأكوله، كيف لا يتفكر في معقوله ؟ فيجنب بطنه ما يؤذيه و يودع صدره ما يرديه: 1:218.

و ما نسب إلي النبي صلّي الله عليه وآله وسلّم: العلم اكثر من أن يحصي فخذ من كل شيء

ص: 51


1- - أى انتم فى الجهل بالاحكام الشرعية كالاعراب. الاعراب سكان البادية لاواحد له و يجمع على اعاريب.

احسنه 1:219 و لاحظ 2:96.

لكن هذا للعموم و اما للاختصاصيين فلابد لهم من الاكتفاء و الاكتناه و الانتهاء حسب القدرة.

ثم ان العلامة المجلسي رحمة الله استظهر من الاخبار أن الحكمة هي العلوم الحقة النافعة مع العمل بمقتضاها. و من المناسب مراجعة سورة الاسراء في معرفة جملة من مصاديق الحكمة (ذٰلِكَ مِمّٰا أَوْحىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ اَلْحِكْمَةِ 3(9).

الباب 7: آداب طلب العلم و احكامه 1:221.

أورد فيه آيتين و تسعة عشر خبراً فلك ان تأخذ بما تتفق عليه إذا اطمأنت نفسك بصدوره عن المعصوم عليهم السّلام.

ج 2: في العلم و العلماء و ما يلحق بهما و فيه بعض مطالب علمية

اشارة

الباب 8: ثواب الهداية و التعليم و فضلهم و فضل العلماء و ذم إضلال الناس (2:1).

أورد فيه المؤلف العلامة رحمة الله آيات من القرآن الكريم و اثنتين و تسعين خبراً إلي ص 25.

اما الآيات فيستفاد منها امور:

1 _ حرمة إضلال الناس عن سبيل الله و ابتغائها عوجاً. (هود / 18 و 19 إبراهيم / 3 و 30) بناء علي أن الصد (يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ ) يشمل الصد الذهني كالصد الخارجي العملي.

ص: 52

2 _ تحميل بعض اوزار الضلال بغير علم علي مضليهم يوم القيامة (النحل / 25).

3 _ أمر النبي الأكرم صلّي الله عليه و آله و سلّم بالدعوة إلي ربّه و إلي سبيل الله بالحكمة و الموعظة الحسنة.

4 _ بطلان قول من يعد متبعيه بحمل خطاياهم يوم القيامة، و انهم ليسوا بحاملين من خطاياهم من شيء. نعم ان الله يحمّل الظالمين بعض اوزار الضالين بغير علم كما اشرنا إليه.

5 _ أمر الله تعالي المؤمنين بالقول السديد الموجب لاصلاح الاعمال و غفران الذنوب.

6 _ تحسين قول من يدعو إلي الله و يعمل صالحا فهنيئاً للمبلغين والدعاة الصالحين.

7 _ الامر بتذكير المؤمنين أو المستضعفين بالذكري و مواصاتهم بالحق و الصبر.

و أما الاخبار فستة و عشرون منها منقولة من التفسير المنسوب إلي الامام الحسن العسكري أو إليه و إلي ابنه الحجة المهدي عجل الله تعالي فرجه.

وكأن المجلسي اعتمد عليه لاجل اعتماد الصدوقعليه (1:28) من البحار و كذا الحرّ العاملي في الوسائل فقد دافع عنه و ذكر طريقه إليه (30:187).

و أما السيد الاستاذ الخوئي فقد حكم بجهالة الطريق ثم بوضع التفسير المذكور، لما فيه من الاباطيل فلاحظ كلامه في معجم رجال الحديث 13:157 في ترجمة علي بن محمد بن سيار و 18:161 في ترجمة محمد بن

ص: 53

القاسم الاستر آبادي و 21:186 في ترجمة يوسف بن محمد بن زياد.

و الحق ان الاستر آبادي حسن و علي بن محمد و يوسف بن محمد مجهولان. و تمام الكلام في معجم الرجال و مستدرك الوسائل و غيرهما. و انا لا اعتمد علي التفسير المذكور.

و نتبرك بذكر بعض الروايات

1 _ موثقة عباد بن صهيب عن الصادق عليه السّلام: لا يجمع الله لمنافق و لا فاسق حسن السمت و الفقه و حسن الخلق أبدا. 2:15.

فاجتماع تلك الصفات في شخص دليل ايمانه و صلاحه.

و السند في البحار هكذا: لابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عبدالله عن ابن محبوب عن ابن صهيب يعني: رواه الصدق في خصاله عن جعفر ابن محمد بن مسرور عن الحسين بن محمد بن عامر (عمران) عن عبدالله بن عامر عن الحسن بن محبوب عن عباد بن صهيب. و الاول حسن و الاخير موثق علي الاقوي و البقية المتوسطة ثقات. و ليس غيرها معتبر سنداً.

2 _ حديث أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: من علّم خيراً فله بمثل أجر من عمل به. قلت: فان علّمه غيره يجري ذلك له ؟ قال: ان علّمه الناس كلهم جري له. قلت: فان مات ؟ قال: و ان مات 2:17.

و في السند محمد بن خالد البرقي الذي نحتاط في رواياته و البقية ثقات. لكن الاشكال في وصول نسخة مصدر الرواية و هو بصائر الدرجات _ إلي المجلسي بسند معتبر، بل الظاهر عدمه.

3 _ حديث محمد بن مسلم عن المحاسن عن الباقر عليه السّلام: من علّم باب

ص: 54

هدي كان له أجر من عمل به و لا ينقص اولئك من أجورهم، و من علّم باب ضلال كان له وزر من عمل به، و لا ينقص اولئك من أوزارهم. 2:19.

في السند محمد البرقي و المحاسن كالبصائر علي ما عرفت آنفاً.

4 _ و ايضاً عن المحاسن بسند معتبر عن فضيل: قلت لابي جعفر عليه السّلام قول الله في كتابه: و من احياها فكأنما احيا الناس جميعاً. قال من حرق و غرق. قلت فمن اخرجها من ضلال إلي هدي ؟ فقال: ذلك تأويلها الاعظم. (ص 20). و لا نعتمد علي روايات المحاسن لما عرفته.

5 _ مجالس المفيد عن احمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن معروف عن إبن مهزيار عن ابن محبوب عن الفضل بن يونس عن أبي الحسن موسي عليه السّلام قال قال لي: أبلغ خيراً و قل خيرا و لا تكون إمعة(1) قال و ما الإمعة ؟ قال: لاتقولن: أنا مع الناس و أنا كواحد من الناس، ان رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم قال ايها الناس انما هما نجدان: نجد خير و نجد شر، فما بال الشر أحب إليكم من نجد الخير. 2:21.

اقول لا يبعد البناء علي حسن حال احمد، شيخ المفيد و بقية رجال السند ثقات، لكن يظهر من المجلسي ان مجالس المفيد و اختصاصه ليسا مشتهران كسائر كتبه نعم قال: و كتاب المجالس وجدنا منه نسخاً عتيقة و القرائن تدل علي صحته 1:27 فالحكم بصحة نسبة الكتاب اليه نظري تابع للاجتهاد و وجود القرائن و يؤيد الخبر ما نقله ابن ادريس مرسلاً عن مشيخة

ص: 55


1- - قيل: مكسورة الالف مشددة الميم المفتوحة و العين غير المعجمة.

ابن محبوب عن الفضل (2:21) و نحن لا نعتمد علي روايات الكتاب إذا لم تنقل في غيرها لشك المجلسي في نسبته إلي مؤلفه، و قرائن المجلسي رحمة الله تنفع نفسه فقط و لم يذكرها حتي ننظر في قوتها و ضعفها و الله العالم(1).

الباب 9: استعمال العلم و الاخلاص في طلبه و تشديد الامر علي العالم. (2:26)

ذكر المؤلف جملة من الآيات و الروايات في هذا الباب.

والمستفاد من الآيات امور

1 _ الانكار علي امر الناس بالبر و نسيان النفس (البقرة 44)

2 _ امر معلمّي الكتاب او العالمين به و دارسيه بان يكونوا ربانيين. (آل عمران 79).

3 _ ذم الشعراء بانهم يقولون ما لا يفعلون. (الشعراء 224 إلي 226).

4 _ تبشير الذين يستمعون القول فيتعون احسنه و وصفهم بالاهتداء و العقل.

5 _ حرمة القول من دون الفعل. (الصف 2 و 3)

بحث تفسيري فقهي

مقتضي اطلاق قوله تعالي مخاطبا للمؤمنين لِمَ تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عندالله أن تقولوا ما لا تفعلون (الصف 2 و 3) حرمة جميع الصور المذكورة ذيلاً:

ص: 56


1- - و لاحظ كتابنا بحوث فى علم الرجال - الطبعة الرابعة ص 511.

1 _ أمر الناس بالواجبات و المستحباب و بترك المحرمات و المكروهات(1) مع عدم امتثالهما في افعال نفسه. و هذا هو المتقين من مصاديق الآية و يدل عليه قوله تعالي أَ تَأْمُرُونَ اَلنّٰاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ .. (البقره 4(4) و موردها الوعاظ او المرشدون غالباً.

2 _ ان يعد غيره _ مؤمنا او كافراً _ بعمل له او لغيره ثم لم يفعله، سواء قصد الوفاء حين الوعد ام لا، فضلا عما إذا قصد عدمه. سواء في الشرعيات أو في العاديات.

3 _ ان يقول لغيره قولان من دون وعد، ثم لم يفعله حتي و ان كان مباحاً او مكروهاً. كما إذا قال في مقام الحكاية انه يسافر غداً أو يأكل خبزاً فضلا عما قال: اُصلي بعد ذلك صلاة الليل. حتي إذا لم يصدق عليه الكذب كأن لم يكن ناويا خلافه حين الحكاية.

4 _ الصورة السابقة، لكن من دون مخاطب، كأن يقول مع نفسه لا قولا في النفس فقط، بل قولا باللسان، كما يتفق لكثير من الافراد في بعض الحالات.

5 - ترك الوفاء بالعهد و الوعد كليهما.

لكن الاتزام بحرمة الصورة الرابعة مشكل و لا اذكر فقيها أفتي بها و لا يبعد انصراف إطلاق الآيات عنها، كما أنه لاشك في حرمة القسم الاول و انما التردد في حرمة القسمين المتوسطين _ الثاني و الثالث. و اما الوفاء بالعهد

ص: 57


1- - أو النهى عنهما فانه داخل فى مراد الآية و مضمونها و ان لم يشمله لفظها.

و الوعد فلوجوبه دلائل اُخري غير هذه الآية فلعله لا ثمرة لشمول الآية له و لعدمه فافهم. نعم المنقول عن مشهور الفقهاء أو جمع كثير منهم عدم وجوب الوفاء بالوعد في غير فرض الكذب و إلّا حرم الوعد من جهته. و يمكن ان نفصّل بين الشرعيات و العاديات في القسم الثاني و الثالث، فنقول بالحرمة في الشرعيات دون العاديات منهما، بدعوي انصراف اطلاق الآية عن الاخيرة(1).

لا يقال مقتضي الآية سقوط وجوب الارشاد و وجوب الامر بالمعروف و النهي عن المنكر عن التارك، بل حرمتها، للانكار و لكونه مقتاً كبيراً و غضباً عظيماً؟

فانه يقال ليس العمل بما يقول للناس من الوظائف الشرعية شرطاً لوجوبه بل شرط لجوازه كالوضوء للصلاة فيجب تحصيل الشرط بوجوب مشروط و يستحب تحصيله في مورد المستحباب، كما في الطهارات الثلاث.

و في الأخير إليكم بعض احاديث الباب: (و ليس فيه خبر معتبر)

1 _ حديث الأزدي عن الصادق عليه السّلام ابلغ موالينا عنا السلام و اخبرهم انا لانغني عنهم من الله شيئاً الا بعمل، و إنهم لن ينالوا و لا يتنا الا بعمل أو ورع و ان أشد الناس حسرة يوم القيامة من وصف عدلاً ثم خالفه إلي غيره. 2:28.

أقول: مضمون الروايات مطابق للاعتبار، و سندها صحيح لكن مصدرها

ص: 58


1- - نعم الآية الثالثة الواردة فى حق الشعراء يشمل اطلاقها العاديات لكنها لا تدل على الحرمّة. ولاحظ كتابنا حدود الشريعة فى محرماتها 2:161.

و هو قرب الاسناد للحميري رحمة الله. غير واصل بسند معتبر، فلا يعتمد عليها.

2 _ حديث ابن زياد قال سمعت جعفر بن محمد عليهما السّلام و قد سئل عن قوله تعالي: قل فلله الحجة البالغة. فقال: ان الله تعالييقول للعبد يوم القيامة عبدي أكنت عالماً؟ فان قال: نعم، قال. له: أفلا عملت بما علمت ؟ و ان قال كنت جاهلاً، قال له: أفلا تعلمت حتي تعمل فيخصم. فتلك الحجة البالغة 2:29. السند معتبر لكن أمالي الشيخ الطوسي تقدم الكلام في نسبتها إليه لكن رواه جمع عن المفيد كما عن قبس المصباح (2:180).

الباب 10: حق العالم (2:40)

أورد المؤلف فيه بعض الآيات الواردة في قصة موسي عليه السّلام و العالم و عشرين رواية و فيها روايتان معتبرتان برقم 1 و 2.

1 _ ما رواه الصدوق في خصاله عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسي عن ابن محبوب عن عبدالله بن سنان عن الصادق عليه السّلام قال: اني لأرحم ثلاثة و حق لهم ان يرحموا: عزيز اصابته ذلة بعد العزة و غنّي اصابته حاجة بعد الغني و عالم يستخف به اُهله و الجهلة. 2:41.

و رواه في الامالي بسند آخر معتبر عنه عليه السّلام.

2 _ ما وراه في اماليه عن ابن المتوكل عن الحميري عن (ابن) ابي الخطاب عن ابن محبوب عن معاوية عن وهب قال: سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السّلام يقول: اطلبوا العلم و تزينوا معه بالحلم و الوقار و تواضعوا لمن تعلمونه العلم وتواضعوا لمن طلبتم منه العلم و لا تكونوا علماء جبارين فيذهب باطلكم بحقكم. (2:41)

ص: 59

الباب 11: صفات العلماء و أصنافهم (2:45)

اورد فيه ثلاث آيات و اربعين حديثا، و لم اجد فيها سنداً صحيحا فلابد من الاخذ بما يشترك فيه جملة من الروايات الموجبة للاطمينان بصدوره عن الامام عليه السّلام و انا اذكر لك بعض اصناف العلماء حسب الآيات والروايات المذكورة في الباب.

1 - العالم إما اعطاه الله علماً بتوسط الاكتساب أو بغيره (وَ عَلَّمْنٰاهُ مِنْ لَدُنّٰا عِلْماً) (الكهف/ 6(5).

كما في الانبياء و الاوصياء و الاولياء. فما اشتهر عند بعضهم من العلم اللدنّي فالظاهر انه نشأ من الآية التي ذكرناها.

2 _ العالم إمّا يخشي الله و اما لا يخشي (نعوذ بالله من هذه الحالة) و يعجبني جملة نسبت إلي أمير المؤمنين عليه السّلام: و حسبك من العلم ان تخشي الله و حسبك من الجهل ان تعجب بعلمك. 2:48.

3 _ العالم اماحليم و اما غير حليم، و تدل علي فضل جمع الحلم مع العلم جملة من الروايات و في خبر البزنطي 2:48 عن الرضا عليه السّلام ان من علامات الفقه الحلم و الصمت.

4 _ زلّة العالم كانكسار السفينة تغرق و تُغرِق 2:58.

5 _ الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله و لم يؤيسهم من روح الله و لم يؤمنهم من مكر الله. 2:56.

الباب 12: آداب التعليم. ص 59

ليست فيه رواية معتبرة سنداً.

الباب 13: النهي عن كتمان العلم و الخيانة و جواز الكتمان عن غير اهله

ص: 60

(2:59).

أورد فيه ستة آيات و اربعة و ثمانين خبراً غير معتبرة سوي السادسة و التاسعة.

و اما الآيات فيستفاد منها امور:

1 _ تحريم ما يوجب التباس بالباطل و ان لم يكن بكذب، بل بامر عدمي كالسكوت و نحوه ولا فرق حسب اطلاق آيتي الكتاب (البقرة / 42 و آل عمران / 71) بين العقائد والمعارف و الاحكام و غيرها، و لايبعد انصرافه إلي الامور الدينية. نعم يشكل ادعاء انصرافه إلي اللازم اعتقاده او عمله او تركه.

2 _ كتمان الحق، (البقرة 42 آل عمران 71)

3 _ كتمان البينات و الهدي بعد بينانهما للناس في الكتاب المجيد (البقرة/ 159).

4 _ كتمان مطلق ما انزل الله من الكتاب.

و لا يقيد الاخير وغيره بالقيد المذكور في الثالث (مِنْ بَعْدِ مٰا بَيَّنّٰاهُ لِلنّٰاسِ فِي اَلْكِتٰابِ ) اذ لا مفهوم له فيحرم كتمان البينات و الهدي الثابتتين بالسنّة و الادلّة المعتبرة الاخري. كما لايضر اختصاص الخطاب باهل الكتاب عموم الحكم للمسلمين، اذ لا يحتمل جواز لبس الحق او كتمانه لنا. و هذا _ اي حرمة كتمان الحق _ هو الاصل في المقام. و اما الاحاديث فإليكم بعضها:

1 _ ما رواه الصدوق رحمة الله في الخصال عن ابن الوليد عن الصفار عن

ص: 61

البرقي(1) عن ابيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال امير المؤمنين عليه السلام: قوام الدين باربعة: بعالم ناطق مستعمل له، و بغني لا يبخل بفضله علي اهل دين الله و بفقير لا يبيع آخرته بدنياه و بجاهل لا يتكبر عن طلب العلم، فاذا كتم العالم عمله و بخل الغني بماله و باع الفقير آخرته بدنياه و استكبر الجاهل عن طلب العلم، رجعت الدنيا إلي روائها القهقري، فلا تغرنكم كثرة المساجد و اجساد قوم مختلفة. قيل يا امير المؤمنين: كيف العيش في ذلك الزمان ؟ فقال: خالطوهم بالبرانية _ يعني في الظاهر _ و خالفوهم في الباطن، للمرء ما اكتسب و هو مع من احب، وانتظروا مع ذلك الفرج من الله عز وجل. 2:67.

أقول: سند الرواية صحيح او يصح العمل به و كلمة قوام الدين تدل علي وجوب استعمال العلم وحرمة كتمانه في الجملة. و مضمون الحديث عال.

2 _ ما رواه الكشي رحمة الله في رجاله عن حمدويه عن اليقطيني(2) عن يونس قال: قال العبد الصالح عليه السلام يا يونس ارفق بهم كلامك يدق عليهم. قال قلت انهم يقولون لي زنديق. قال.. 2:66.

3 _ ما في بصائر الدرجات عن محمد بن عيسي عن ابن فضال عن الحسين بن عثمان عن يحيي الحلبي عن ابيه عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال رجل و انا عنده: ان الحسن البصري روي ان رسول الله قال: من كتم علماً جاء

ص: 62


1- - تقدم أنّا نحتاط فى رواياته، و هو محمد بن خالد البرقى.
2- - الاحتياط فى رواياته حسن.

يوم القيامة ملجماً بلجام من النار. قال: كذب، ويحه فأين قول الله: و قال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا ان يقول ربي الله.. (2:70) و لاحظ 2:91.

أقول: حتي إذا سلمنا وصول نسخة البصائر إلي المجلسي المرحوم بطريق معتبر _ و لا نسلمه _ نرد الخبر إلي من صدر عنه، فان مؤمن آل فرعون لم يكتم علمه، بل اظهره بوجه لطيفو إنما كتم ايمانه تقية و هذا امر آخر.

و علي كل، ورد جملة من الاحاديث في لزوم الكتمان و حرمة الأذاعة و الافشاء، ووردت أخبار في الامر بالأظهار و البيان.

يقول المؤلف العلامة رحمة الله: و الذييظهر من جميع الاخبار إذا جمع بعضها من بعض أن كتمان العلم عن أهله و عمن لا ينكره و لا يخاف منه الضرر مذموم، و في كثير من الموارد محرّم و في مقام التقية و خوف الضرر أو الانكار و عدم القبول لضعف العقل أو عدم الفهم و حيرة المستمع لا يجوز اظهاره، بل يجب ان يحمل علي الناس ما تطيقه عقولهم و لا تأبي عنه أحلامهم. 2:73.

أقول: اظن ان السبب في النهي عن البيان امران:

احدهما خوف الائمة عليهم السّلام علي أنفسهم و عرضهم من الخلفاء و مسئوولي الحكومة و من مخالفيهم الغالبين حتي من الزيدية. و قد شدد الائمة عليهم السّلام علي اصحابهم في ذلك و أكدوا عليه، لكن اكثر الاصحاب لم يراعو ذلك و لم يكونوا اولي عزم و رشد. و ربما يخافون علي انفسهم وشيعتهم من الافشاء و الاذاعة.

ثانيهما عدم استعداد الناس لدرك المسائل العلمية فيوجب بيانها

ص: 63

تحريهم و اختلافهم فيما بينهم ثم اتهام القائل كما اتهموا يونس بالزندقة ثم تكذيب الرسول و رب العالمين كما ورد في بعض الروايات الضعيفة سنداً. (2:77).

و اعلم ان الامر الثاني باق و يبقي إلي قرون بين جميع الملل و اهل الاديان بدرجات مختلفة و لابد للعلماء الكاملين من السعي البليغ في التوعية و ايقاظ العقول و الافهام و التوسعة الثقافيه. كما ان الامر الاول ايضاً محقق لحد الآن بالنسبة إلي غير الائمة عليهم السّلام و القرآن و السنة و اجماع المسلمين علي وجوب التقية كما فصلناه في بعض كتبنا خلافاً لبعض الغفلة المتعصبين. لكن الايراد أو السؤال المهم متوجه إلي جملة من علمائنا منهم المؤلف العلامة حيث أورد في كتبه منها كتابه هذا _ البحار الانوار _ ما يضر بحال الشيعة نفساً و عرضاً و مالاً فلابدله من ارائة الجواب المقنع(1).

الباب 14: من يجوز اخذ العلم منه و من لا يجوز و ذم التقليد و النهي عن متابعة.. (2:81).

أقول: في هذا العنوان الذي نقل فيه عشرة آيات و ثمانية و ستين خبرا، مطالب خمسة.

الاول في تعيين من يجوز اخذ العلم منه و من لا يجوز؟ فأقول كل من ثبت وجوب اطاعته و حجية قوله كالنبي و من عينه النبي عموماً أو خصوصاً

ص: 64


1- - و لاسيما كتفسيره لضمائر التثنية فى جملة من الروايات صراحة مع عدم احتياج الناس إليه فهو اضرار وصب الوقود على البنزين بلا فائدة.

يجوز أخذ علم الدين عنه في الاعتقادات و الاعمال و قد ثبتت حجية فتاوي المجتهدين الجامعين للشرائط المعتبرة علي عوام الناس أيضاً. كما ثبت حجية رواية الثقات و الصادقين في الحسيات عن النبي و الاوصياء (سلام الله عليه و عليهم). و اما من لم يثبت حجية قوله في اخباره عن الله تعالي أو عن الانبياء و الاوصياء. فمجرد الشك فيه مساوق للقطع بعدم حجيته.

الثاني في ذم التقليد، فنقول ان الناس سوي جمع قليل من علمائهم الكاملين لا يقدرون علي اهتدائهم إلي الدين الحقيقي و النبي الواقعي في غير زمان حضور الانبياء و مشاهدة معجزاتهم. و التكليف بما لا يطاق باطل عقلاً و قرآنا. و لاسبيل لغالب الناس و معظمهم _ حتي اهل العلم المتوسطين إلي الحق الا التقليد و اتباع اهل العلم والاباء و الامهات و الاصدقاء و النظام الحاكم علي الافهام و المجتمعات، أو انكار الدين من أساسه مع الاعتقاد بوجود الله سبحانه كما ذهب إليه جماعات من الغربيين اليوم. أو مع عدم الاعتقاد بوجوده تعالي أيضاً كما ذهب إليه الملحدون اليوم في الشرق و الغرب.

ثم ان المتدينين إن اتفق دينهم الذي دانوا به اجتهاداً و استدلالاً او تقليداً و اتباعاً _ و للتقليد درجات متفاوتة _ تطابُقُه مع الواقع فهم معذرون و مستحقون للثواب و الاكرام و لو كانوا مقصّرين في البحث و التقليد، كما هو كذلك بالنسبة إلي جماعات كثيرة من أهل الحق اليوم و الامس و الغد.

و ان اتفق عدم تطابقه مع الواقع _ كما في المعظم الكثير _ فان كانوا

ص: 65

معاندين كما في جملة من معاصري الانبياء عليهم السّلام أو مقصرّين(1) في تحقيق الحق و اختياره فهم مسؤلون يوم القيامة. و ان كانوا قاصرين فلا شيء عليهم عقلاً و نقلاً، كما ذكرناه في محله.

اما عقلا فلقبح العقاب علي غير المقدور و اما نقلاٌ فلقوله تعالي: ليهلكمن هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و لما دل علي نفي الظلم عنه تعالي و لغير ذلك. و اما المنكرون للحسن و القبح العقليين و قولهم بخلود مطلق الكفار و لو كانوا قاصرين فلا يستحقون الجواب.

فالتقليد في اصول الدين و عقائده غير مذموم و لا بباطل بل هو امر لابد لغير المتبحرين الماهرين البالغين مقاماً شامخاٌ في العلم و قليل ما هم. و هو مبرء للذمة مطلقاً ان اصاب الواقع و في صورة القصور إن اخطأه.

و أما الآيات الناهية عن التقليد _ تقليد الآباء و الاحبار و امثالهم _ فتحمل علي فرض امكان تحصيل العلم بمشاهدة معجزات الانبياء و النبي الخاتم _ صلوات الله عليه و عليهم _ فكثيرون من معاصري الانبياء كانوا متمكنين من الوصول إلي الحق ولكنهم عاندوا او قصروا فخوطبوا (بتلك الآيات الناهية و الذامّة (وَ جَحَدُوا بِهٰا وَ اِسْتَيْقَنَتْهٰا أَنْفُسُهُمْ ).

ثم لابد هنا من النتبيه علي امر و هو ان جمعاً من الفقهاء ذكروا في كتبهم الفتوائية بطلان التقليد في اصول الدين. فان ارادوا من التقليد مجرد القبول من

ص: 66


1- - إذا فرض ان المقصر على فرض ترك تقصيره ايضا لا يصل إلى الحق ففى استحقاقه للعقاب و عدمه بحث طويل.

دون حصول الاطمئنان و الجزم فهو حق فان اصول المعارف لا يكفيها البناء القلبي، بل لابد من الاعتقاد الجزمي بها و إلّا لا يكون المكلف مؤمناً و ان كان مسلماً، فان الاسلام هو مجرد الإقرار، و الايمان هو الاعتقاد، و لاشك ان الايمان واجب تحصيله.

و ان ارادوا عدم كفاية الجزم الحاصل من التقليد في الايمان، فهو ممنوع و باطل و الا لحُكِم علي انفسهم بعدم الايمان في اكثر سني عمرهم!!

و تحقيق هذه المسألة مذكور في كتابنا صراط الحق في علم الكلام و هو اول تأليفي في النجف الاشرف ايام شبابي و قد طبع لحد الان مرتين.

الثالث: في النهي عن متابعة غير المعصوم في كل ما يقول.

أقول: لاشك في حجية قول المعصوم إذا فسرنا العصمة بترك المعصية عمداً و جهلا و سهواً. لكن قصر جواز المتابعة أو وجوبها علي المعصوم غير ثابت في القرآن و السنة القطيعة. و انما الثابت وجوب الاطاعة لله و لرسوله و لاولي الأمر و عنوان اهل بيتي و العترة و غير ذلك من العناوين الواردة فيهما.

فثبوت العصمة لهم خارجاً امر وكونها موضوعة لوجوب المتابعة امر آخر.

الرابع: في وجوب التمسك بعروة إتّباعهم عليهم السّلام.

أقول: معظم روايات الباب يدل علي هذا و علي النهي عن متابعة غيرهم بعد النبي صلّي الله عليه و آله و هذه الروايات بمجردها لا تثبت شيئاً و لم تكن حجة، لان حجية قول احد أو جماعة لا تثبت بوقله او قولهم اذ رؤساء جميع المذاهب و المسالك يدعون وجوب اتباعهم علي الناس فلابد لاثبات وجوب متابعة اهل البيت و الائمة الاثني عشر من اقامة دليل او دلائل قاطعة اخري في علم

ص: 67

الكلام ثم جعل هذه الروايات مؤيدة و مؤكدة.

الخامس: جواز الرجوع إلي رواة الاخبار و الفقهاء الصالحين.

أقول: مورد الاول هو نقل الاحاديث المسموعة و مورد الثاني الانظار الحدسية في الفروعات النظرية العملية. و المراد بالجواز هو الجواز بالمعني الاعم الشامل للوجوب و الندب ايضاً. و الدليل علي كليهما بناء العقلاء و بعض النصوص الشرعية كما فصل في علم الاصول و الفقه و الله الهادي.

و في الأخير نذكر حديثاً معتبراً _ و هو المذكور برقم 19 من رجال الكشي عن محمد بن مسعود عن علي بن الحسن بن فضال عن العباس بن عامر و جعفر بن محمد بن حكيم عن ابان بن عثمان عن ابي بصير قال: سألت ابا جعفر عليه السّلام عن شهادة ولد الزنا تجوز؟ قال: لا. فقلت إن الحكم بن عتيبة يزعم انها تجوز. فقال اللهم لا تغفر له ذنبه ما قال الله للحكم انه ذكر لك و لقومك و سوف تسئلون «فليذهب الحكم يمناً و شمالاً، فوالله لايوجد العلم الا من اهل بيت نزل عليهم جبرئيل». 2:91.

و ليس في الباب غيره خبر معتبر.

الباب 15: ذم علماء السوء و لزوم التحرز عنهم (2:105).

أورد فيه خمس آيات و خمس و عشرين رواية.

اما الآيات فتقصم ظهر العلماء الضالين. كقوله تعالي: واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ... (الاعراف/ 175 _ 174) و قوله تعالي: (مَثَلُ اَلَّذِينَ حُمِّلُوا اَلتَّوْرٰاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهٰا كَمَثَلِ اَلْحِمٰارِ..) (الجمعة/ 4) و كقوله تعالي: (فَلَمّٰا جٰاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنٰاتِ فَرِحُوا بِمٰا عِنْدَهُمْ مِنَ اَلْعِلْمِ وَ حٰاقَ بِهِمْ مٰا

ص: 68

كٰانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ) (المؤمن/ 8(2).

تدلّ الآية الاولي علي امكان الإنحراف و السقوط و ان بلغ الانسان ما بلغ من الدرجات العالية، حتيينحط باتصافه كلبا! فالعالم الضال يشبه الكلب و الحمار. نعوذ بالله منه، و اما الآية الاخيرة فالمثقفون الملحدون في هذه الاعصار في اشد احتياج إلي التدبر فيها(1).

و بالجملة العلوم التجريبية و الانسانية و الاقتصاد و كل مظاهر الحضارة و حتي العلوم الدينية فضل و كمال مطلوب، لكنها لا تغني من راحة الحياة الدنيا، فضلاً عن الحياة الأبدية الآخرة و من اعتناق الدين و اتباع الشريعة السماوية في قبال هوي النفس.

روي الصدوق في خصاله عن أبيه عن الحميري عن هارون عن ابن زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عليهم السّلام أنّ علياً قال: إنّ في جهنم رحي تطحن، أفلا تسألوني ما طحنها؟ فقيل له: ما طحنها؟ قال العلماء الفجرة، و القراء الفسقة، و الجبابرة الظلمة و الوزراء الخونة، والعرفاء الكذبة.

و ان في النار لمدينة يقال لها الحصينة، أفلا تسألوني ما فيها؟ فقيل: و ما فيها يا أمير المؤمنين ؟ فقال فيها ايدي الناكثين. 1:107.

و رواه في ثواب الاعمال بتفاوت جزئي في السند، و العرفاء _ كما قيل _

ص: 69


1- - هذا بناء على رجوع الضمير المرفوع فى كلمة فرحوا و الضمير المجرور (عندهم) إلى الناس دون الانبياء كما هو المناسب للباب و قيل برجوعهما إلى الانبياء عليهم السّلام، و معنى حاق بهم عليهم السّلام حلّ بهم.

جمع عريف و هو القيم بامر القبيلة او الجماعة يلي امرهم و يعترف الامير منه احوالهم.

و هذه هي الرواية الصحيحة في الباب، و إليك جملتان من تلك الروايات غير المعتبرة.

(1) ان شر الشر شرار العلماء و خير الخير خيار العلماء.

(2) قصم ظهري عالم متهتك و جاهل متنسك، فالجاهل يغشّ الناس بتنسكه و العالم يغرّهم بتهتكه.

الباب 16: النهي عن القول بغير علم و الافتاء بالرأي و بيان شرائطه (2:111) أورد فيه أكثر من أربعين آية و خمسين رواية. لكن جملة من الآيات لا تناسب العنوان و لا كتاب العلم. و المناسبة الكاملة بين العناوين و الاحاديث لم تراع في جملة من الابواب. و إليك بعض الآيات و الروايات.

1 _ (قُلْ إِنَّمٰا حَرَّمَ رَبِّيَ اَلْفَوٰاحِشَ ... وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اَللّٰهِ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ ) (اعراف/ 3(2).

2 _ (أَ لَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثٰاقُ اَلْكِتٰابِ أَنْ لاٰ يَقُولُوا عَلَى اَللّٰهِ إِلاَّ اَلْحَقَّ ) (الاعراف/ 16(8).

3 _ (آللّٰهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اَللّٰهِ تَفْتَرُونَ ) (يونس/ 5(8).

4 _ (وَ لاٰ تَقُولُوا لِمٰا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ اَلْكَذِبَ هٰذٰا حَلاٰلٌ وَ هٰذٰا حَرٰامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اَللّٰهِ اَلْكَذِبَ ) (النّحل/ 11(6).

5 _ (وَ تَقُولُونَ بِأَفْوٰاهِكُمْ مٰا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ) (النور/ 1(5) و هذه الآية تذم او تحرم مطلق القول من غير علم ولو علي غير الله. ومثله اقتفاء

ص: 70

(اي اتباع) غير المعلوم لقوله تعالي: (وَ لاٰ تَقْفُ مٰا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ..) (الاسراء/ 3(6).

6 _ روي الصدوق عن أبيه عن علي عن ابيه(1) عن اليقطيني عن يونس عن ابن الحجاج قال قال لي ابو عبدالله عليه السّلام أياك و خصلتين فيهما هلك من هلك اياك ان تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم. 2:114 ورواه في الكافي عن علي عن اليقطيني المذكور و فيه: ففيهما.. (1:42).

7 _ عن علي عليه السّلام: لا يخاف عبد الا ذنبه، و لا يرجوا إلّا ربه و لا يستحي الجاهل إذا سئل عما لا يعلم ان يقول الله اعلم و لا يستحي احد إذا لم يعلم ان يتعلم و الصبر من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد (2:114 و 115). و له اسانيد مع اختلاف في بعض الكلمات. و لاجلها نقلناها.

8 _ في حسنة هشام قلت لابي عبدالله عليه السّلام: ما حق الله علي خلقه ؟ فقال: أن يقولوا ما يعلمون و يكفوا عما لا يعلمون، فاذا فعلوا ذلك أدّو إلي الله حقه. (الكافي 1:50).

و في الكافي ثلاث روايات معتبرة اخري (1:42) و لا حظها في (2:119) من البحار و العجب من جماعة كثيرة من اهل العلم أنّهم يعتمدون في تفسير الآيات الكريمة و في المعارف و في الافتاء علي الروايات الضعيفة او المجهولة كأنها سنة ثابتة عن رسول الله و أوصيائه _ صلي الله عليه و عليهم.

ص: 71


1- - كلمة عن أبيه زائدة فان عليا يروى عن اليقطينى بلا واسطة فالصحيح ما فى الكافى. والسند معتبر إن شاء الله تعالى.

و هو من ارادء انواع التقليد فانه تقليد عالم لراو جاهل و ربما كاذب!!

الباب 17: ما جاء في تجويز المجادلة و المخاصمة في الدين و النهي عن المراء (2:124).

أورد فيه آيات كريمة، احاديث كثيرة _ اكثر من ستين حديثا _ و قال (ص 127):

المراء الجدال و يظهر من الاخبار بان المذموم منه هو ما كان الغرض فيه الغلبة و اظهار الكمال و الفخر أو التعصب و ترويج الباطل و اما ما كان لاظهار الحق و رفع الباطل و دفع الشبه عن الدين و ارشاد المضلين فهو من اعظم اركان الدين..

أقول: لكن بعض الروايات ينهي عن مجادلة الناس في امر الإمامة و ان عارضه بعض آخر، و بعض الروايات جعل الأورعية في ترك المراء و ان كان محقاً و اطلاقه يشمل ما إذا كان الغرض تحصيل حقه.

و يشكل جمع مضامين هذه الاخبار المعتبرة و الضعيفة علي وجه يطمئن به النفس، و مقتضي القاعدة وجوب المجادلة عن الحق و لدفع الشبه في مقام هداية الناس مع إحتمال القبول و عدم توقع ضرر مهم. و في غيره ترك المراء و المجادلة مطلقاً لادائهما إلي بعض المحرمات الفقهية و الاخلاقية كما هو المجرب. ثم المستفاد من الآيات الشريفة:

1 _ ذم المحاجة فيما لا علم لصاحبها بالموضوع (ال عمران/ 65) (الحج/ 2، 8 _ 7).

2 _ ذم مجادلة الكفار اللجوج (في الاوثان والاصنام) (الاعراف 70).

ص: 72

3 _ ذم الجدال في الحق بعد ما تبين (الانفال/ 50).

4 _ حسن الجدال بالتي هي احسن (النحل/ 24).

5 _ ذمّ الجدال بالباطل لدحض الحق (الكهف/ 55).

6 _ الامر بجهاد الكافرين بالقران جهاداً كبيرا (الفرقان/ 51).

7 _ عدم مجادلة اهل الكتاب _ سوي الظالمين منهم _ إلّا بالتي هي احسن (العنكبوت/ 45).

و في معتبرة محمد قال سئل الصادق عليه السّلام عن الخمر، فقال: قال رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم: ان أوّل ما نهاني عنه ربيعز وجل عن عبادة الاوثان و شرب الخمر و ملاحاة الرجال.. (2:127).

بيان: الملاحاة: المقاولة و المخاصمة و المنازعة. و يحمل علي غير الواجب شرعاً.

و في معتبرة الحذاء عن الباقر عليه السّلام: يا زياد اياك و الخصومات، فانها تورث الشك و تحبط العمل و تردي صاحبها، و عسي ان يتكلم الرجل بالشيء لا يغفر له.. (المصدر).

احتمل المجلسي حمله علي التفكر في ذاته تعالي أو في كنه صفاته أو في مسألة القضاء و القدر و غيرها.

و في معتبرة عنبسة عن الصادق عليهم السّلام: اياكم والخصومة في الدين فانها تشغل القلب عن ذكر الله عز وجلو تورث النفاق و تكسب الضغائن و تستجير الكذب. (2:128).

و في صحيحة أبي ولاد عن الصادق عليه السّلام: كان علي بن الحسين عليه السّلام

ص: 73

يقول: المعرفة بكمال دين المسلم تركه الكلام فيما لا يعنيه و قلّة المراء و حلمه و صبره و حسن خلقه. (2:129).

نقل و نقد

في رواية حسيني بن المختار ناسباً إلي الصادق عليه السّلام يهلك اصحاب الكلام و ينجو المسلّمون ان المسلّمين هم النجباء (2:132).

متن الخبر كسنده ضعيف و لابد من ارجاع علمه إلي قائله، اذ معناه ان اهل التسليم لكل ما يسمعون اهل النجاة و النجابة. و اما المحققون و اهل المتعمّق فهم هالكون و هذا خلاف العقل و القرآن. علي ان المسلّمين غير منحصرين في اهل الحق و اتباع الائمة عليهم السّلام بل يكثرون في كل دين و مذهب و في مسالك إلحادية فهل هم اهل النجاة و النجابة ؟

و في رواية غير معتبرة اخري: ما لكم و لدعاء الناس أنه لا يدخل في هذا الامر الا من كتب الله عزّ وجل له (2:133) و قريب منه غيرها.

كتابة الله ليست في عرض الاسباب فلا منافاة بينها و بين دعاء الناس، علي انهما لو سلمت لبطلت ما ورد في الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و ما دل علي امر النبي بالدعاء إلي سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة و غيره. و هو كما تري.

نعم في كثير من الموارد لا يحتمل القبول للعناد و الغباوة و غيرهما من الاسباب لكنها لا تنحصر في الامر الامامة بل تجري في التوحيد و النبوة وحتي

ص: 74

في الفروع كما هو محسوس للمبلغين و المرشدين.

و في معتبرة الكشي عن الطيار قال: قلت لابي عبدالله عليه السّلام بلغني انك كرهت مناظرة الناس ؟ فقال اما كلام مثلك فلا يكره، من إذا طار يحسن ان يقع، و ان وقع يحسن ان يطير، فمن كان هكذا لا نكرهه. (2:136).

و في معتبرة اخري عنه عليه السّلام في حق الطيار بعد موته: رحمه الله و لقاه نضرة و سرورا فقد كان شديدة الخصومة عنا. (المصدر) والله سبحانه اعلم بافعاله و احكامه.

و المذكورة بارقام 4، 5، 6، 11، 39، 40، 41 بل 44 علي فرض كون حماد هو الثقة، معتبرة سنداً.

الباب 18: ذم انكار الحق و الاعراض عنه و الطعن علي اهله. (2:140)

ورد فيه جملة من الآيات و الروايات. و الامر واضح، نعم في الباب روايات حول الكبر و معناه و لابد من تحقيقه في غير المقام. و ليس في رواياته سند معتبر.

الباب 19: فضل كتابة الحديث و روايته (2:144)

اورد فيه سبعة و اربعين خبراً نذكر بعضها:

1 _ رواية العيون بالاسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم: اللهم ارحم خلفائي ثلاث مرات _ قيل له: يا رسول الله و من خلفاؤك ؟ قال: الذين ياتون من بعدي و يروون احاديثي و سنتي فيسلمونها من بعدي. (2:144).

2 _ في رواية ابي خالد القماط عن الصادق عليه السّلام في خطبته يوم مني:

ص: 75

نضر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها و بلّغها من لم يسمعها، فكم من حامل فقه غير فقيه و كم من حامل فقه إلي من هو افقه منه.. (2:148).

السند عندي و ان لم يصح لكن الرواية بطولها مشهورة و ذات اسانيد.

3 _ في صحيحة النجاشي عن الجعفر قال: عرضت علي أبي محمد صاحب العسكر عليه السّلام كتاب يوم و ليلة ليونس، فقال لي: تصنيف من هذا؟ فقلت: تصنيف يونس مولي آل يقطين. فقال: اعطاه الله بكل حرف نوراً يوم القيامة. (2:150).

و المعتبر من روايات الباب مضافاً إلي الروايتين المذكورتين صحيح الفضيل المذكور برقم 5.

الباب 20: من حفظ اربعين حديثاً. (2:153)

في حديث عن رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم من حفظ من امتي اربعين حديثا مما يحتاجون إليه من امر دينهم بعثه الله يوم القيامة عالماًَ فقيها. (المصدر).

للحديث بمختلف الفاظه اسانيد يوجب الاعتماد عليه و ان لم يصح واحد منها. يقول المؤلف العلامة: هذا المضمون مشهور مستفيض بين الخاصة و العامة، بل قيل انه متواتر.. (2:156) و هل المراد بالحفظ هو الحفظ في الذهن و الخاطر او الاعم منه ومن الحفظ في الدفاتر؟ فيه وجهان، لا يبعد دعوي الانصراف إلي الاول و ان كانت الحكمة تؤيد الثاني. و قد ألف جماعة كتباً في ذلك امتثالاً لهذا الحديث الشريف.

و علي كل ليست في الباب رواية معتبرة سنداً.

الباب 21: آداب الرواية (2:158)

ص: 76

أورد فيه قريباً من ثلاثين رواية.

منها ما نسب إلي علي عليه السّلام: و لا تحدث الناس بكل ما سمعت، فكفي بذلك كذباً، و لا ترد علي الناس كلما حدّثوك فكفي بذلك جهلاً. (2:160).

و منها ما نسب إليه أيضاً: إذا حدثتم بحديث فاسندوه إلي حدثكم، فان كان حقاً فلكم و ان كان كذباً فعليه. (2:161).

و منها صحيح محمد بن مسلم المروي في الكافي قال: قلت لأبي عبدالله عليه السّلام اسمع الحديث منك فازيد و انقص. قال: ان كنت تريد معانيه فلابأس. (2:164).

و يؤكده غيره. و ليس في الباب آخر معتبر سنداً.

أقول: غير خفي علي أهل الاستنباط ان للالفاظ مدخلاً كبيراً في استفادة مراد المتكلم، حتي أن التنكير و التحريف و التقديم و التأخير و سياق العبارة لها مدخلية في فهم المراد فضلاً عن زيادة الالفاظ و نقصها و تغيير العبارات، و هذا الامران فرض خفاؤه علي محمد بن مسلم فلن يخفي علي الامام عليه السّلام. هذا من جهة.

و من جهة اخري أنّ مجرد ارادة الراوي حتي إذا كان مجتهداً مثل الشيخ الطوسي و الشيخ الانصاري _ رضي الله عنهما _ فضلاً عن محمد بن مسلم وزرارة و بريد و نظرائهم من فضلاء الرواة (رحمهم الله) معني الحديث، لا يضمنه مع تغيير الالفاظ؛ غاية الامر انه بحسب نظر الراوي المغير للفظ لا يتغير به المعني، و هذا النظر نظر اجتهادي ليس بحجة علي غيره.

ورد الرواية المذكورة و الحكم بعدم جواز نقل الحديث بالمعني، من سفه

ص: 77

القول، فان الروايات قد نقلت بالمعني اعتماداً علي الرواية المذكورة و امثالها و قضي الامر الذي نبحث عنه. نعم إذا كنا في اوائل زمان الامام الصادق عليه السّلام يمكن ان نحكم برد علم الرواية إلي من صدرت عنه و نعمل بالقاعدة. و اما الآن فلاسبيل لنا إلّا من الالتزام باحد من أمرين.

1 _ الحكم بعد حجية ظهور الروايات من باب الظن الخاص بدليل بناء العقلاء عليهم و الالتزام بانسداد باب العلم و العلمي.

2 _ حجية حدس الرواة الفضلاء امثال محمد بن مسلم و غيره ممن اذن له في نقل الرواية بالمعني(1) فيه علي غيرهم من العلماء واهل الاستنباط إلييوم القيامة، اذ حفظ الاحاديث بالفاظها لم يكن ميسوراً فأذن الإمام عليه السّلام النقل بالمعني للضرورة.

و يمكن ان ننفي الالتزام بانسداد الباب العلمي في الفقه _ سواء بنحو الكشف او الحكومة او التبعيض في الاحتياط _ بسيرة اصحاب الائمة و عدم بيان الائمة احكام الانسداد و الحال أنّ اصحابها يعتمدون علي الظواهر حسب ارتكازهم العقلائي فلاحظ. فيتعين الامر في الوجه الثاني.

لكن قال سيدنا الاستاذ الحكيم رحمة الله حين ما كنت اقرء كتاب رسائل الشيخ في النجف الاشرف في جواب سؤالي عن هذا الموضوع: ان ظاهر قول الراوي: قال الصادق عليه السّلام كذا و كذا ان متن الرواية مقول الامام بالفاظه،

ص: 78


1- - و اما إذا فهمنا من الرواية الاذن العام لجميع الرواة فيصير حدس كل الثقاة و الصادقين من الرواة حجة.

و احتمال انه بالفاظ الراوي خلاف الظاهر فلا يعتني به، و عليه فالاصل هو البناء علي كون متون الاحاديث من الفاظالامام(1) الا ما ثبت كونها من الراوي، و الالتزام بعدم حجية ظواهر مثل هذه الروايات لمكان قلتها لا يوجب الالتزام بالانسداد الاصطلاحي.

و يمكن ان نؤكّده بأن الاذن انما ثبت بسند صحيح لخصوص محمد بن مسلم و لميكن مشهوراً شائعاً بين الرواة.

أقول: بل هنا روايات تدل علي جواز النقل بالمعني.

فمنها ما عن كتاب مدينة العلم عن... عن ابن المختار أو غيره رفعه قال: قلت لابي عبدالله عليه السّلام اسمع الحديث منك فلعلي لا ارويه كما سمعته، فقال: ان اصبت فيه فلا بأس. انما هو بمنزلة تعال و هلم واقعد واجلس. (2:161).

و منها ما عن كتاب حسين بن عثمان عن بعض اصحابه عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: إذا اصبت الحديث فاعرب عنه بما شئت. (المصدر).

و منها ما عن بعض اصحابنا يرفعه إلي أبي عبدالله عليه السّلام ما يقرب من سابقه (162).

و منها رواية الكافي عن داود بن فرقد قال قلت لأبي عبدالله إني أسمع الكلام منك فاريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجيء ذلك. قال فتتعمد ذلك ؟ قلت: لا. قال تريد المعاني ؟ قلت نعم قال: فلا بأس (164) و هذه الروايات

ص: 79


1- - إلى هنا جواب السيد الحكيم قدس سرُّه على ما ببالى.

و ان كانت باسرها ضعاف سندا، لكن لا دليل علي كذبها فلعها كلها صادقة و لعل رواة اخرين سألوا ذلك عن الائمّة و أذنوا لهم أيضاً في نقل الرواية بالمعني و لم تصل اسئلتهم إلينا فهولاء الناقلون لهذه الروايات قد اطلعوا علي جواز ذلك و المجموع يصير جماعة كثيرة فلابأس ان يدعي احد العلم الاجمالي بتغييرات في الروايات خصوصاً في الطوال منها و مع هذا العلم الاجمالي لا مجال للعمل باظاهر الذي أشار إليه السيد الحكيم قدس سرُّه.

يقول المؤلف العلامة: و قد ذهب جمهور السلف و الخلف من الطوائف كلها إلي جواز الرواية بالمعني، إذا قطع باداء المعني بعينه، لأنه من العلوم أن الصحابة و اصحاب الائمة عليهم السّلام لم يكونوا يكتبون الاحاديث عند سماعها و يبعد بل يستحيل عادة حفظهم جميع الالفاظ علي ما هي عليه و قد سمعوها مرة واحدة خصوصاً في الاحاديث الطويلة مع تطاول الازمنة. و لهذا كثيراً ما يروي عنهم المعني الواحد بالفاظ مختلفة و لم ينكر ذلك عليهم و لا يبقي لمن تتبع الاخبار في هذا شبهة. (2:164).

ما افاده متين. فالذهاب إلي حجية حدس الرواة بهذا المقدار غير بعيد و ان لم يقل بها احد علي ما أظن.

الباب 22: أن لكل شيء حدا و انه ليس شيء الا ورد فيه كتاب و سنة (2:162) أورد فيه آية و ثلاثة عشر خبرا غير معتبر سنداً اما الآية فهي قوله تعالي: (مٰا فَرَّطْنٰا فِي اَلْكِتٰابِ مِنْ شَيْ ءٍ ) (الانعام/ 3(7).

أقول: اما الجزء الاول من العنوان فهو واضح و قد دل عليه بعض الروايات من الباب. و اما الجزء الثاني فان اريد به ما يخطر في لسان بعض الجهال

ص: 80

ومن بحكمهم من ان القرآن فيه بيان كل شيء في الكون فهو خلاف الحس والعقل وان اريد أن كل شيء يفيد نجاة الانسان من عذاب الله تعالي و من الشقاء الاختياري في الدنيا و ما ينفع سعادة الاخرة فهو مذكور في القرآن و السنة فهو في الجملة لا مانع له، و عليه يناسب حمل الآية المذكورة ان اريد بالكتاب فيها القرآن و ان اريد به اللوح المحفوظ فهي خارجة عن محل البحث.

و أما الجزء الأخير من العنوان من علم الامام بجميع ما في الكتاب و السنة فيأتي بحثه في كتاب الامامة بشكل مبسوط.

فالعمدة هنا اثبات ان المعارف الدينية و الاحكام الشرعية في جميع ما يبتلي به الانسان إلييوم القيامة في حياته المتطورة المتغيرة مشرعة في الكتاب و السنة و هذا علي قسمين.

الاول ان يدعي وصول جميع الاحكام و المعارف إلي المكلفين فهذا كذب يكذبه الوجدان و يبطله الحس، بل المستنبطون للاحكام القفهية يعلمون انها ما من باب في الفقه _ حتي فيما يعم به الابتلاء كل يوم _ يستغني في جميع جوانبه و فروضه بالنصوص الواضحة دلالة و المعتبرة سنداً و الخالية عن العارض، بل حتي لو قلنا بحجية القياس الظني و أخواته.

الثاني ان يدعي وصول علوم تلك الامور الاعتقادية و العملية (من الاحكام التكليفية و الوضعية) إلي النبي و اوصيائه _ صلوات الله عليهم اجمعين _ فقط و اما الواصل إلي المكلفين فهو بعضها دون جميعها. و الظاهران هذا هو مقصود المؤلف العلامة رحمة الله.

و يمكن ان يستدل عليه بامور:

ص: 81

1 _ قوله تعالي: (اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَ رَضِيتُ لَكُمُ اَلْإِسْلاٰمَ دِيناً).

لكن إذا قيل بان المراد من اليوم المذكور هييوم غدير خم و نصب الوصي للنبي صلّي الله عليه و آله و سلّم و تشريع الإمامة و نيابة الرسالة فالاكمال يرجع إلي اصول الدين دون فروعه في العقائد و الاعمال و نظام الاجتماع و الاقتصاد و السياسة و سائر الشؤون الروحية و المادية.

الا ان يقال ان النبي علّم وصيه علياً كل شيء من الدين، فنصبه للامامة حجة لعلمه وقوله علي الناس بالالتزام، فذلك اليوم يوم الكمال الدين في الاصول و الفروع. و وصولها إلي الناس يتوقف علي مجرد فعل اختياري لهم، و هو السؤال فقط و قد امر به القرآن بقوله فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون... فلاحظ و تدبر. وانتظر تكميل البحث و توضيحه في ابواب علوم الائمة عليهم السّلام في كتاب الامامة(1).

2 _ (وَ نَزَّلْنٰا عَلَيْكَ اَلْكِتٰابَ تِبْيٰاناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً ) (النحل/ 8(9) و المراد بالكتاب، القرآن ظاهراً دون اللوح المحفوط بقرينة قوله: و نزّلنا عليك.

نعم المناسب حمل الشيء علي الشيء المفيد للمتدينين في دينهم

ص: 82


1- - و عمدة الاشكال على هذا الوجه ان الاحكام الشرعية الفقهية لم تصل إلينا معشر الموجودين فى عصر غيبة الامام عليه السّلام و لا نقدر على تحصيلها بوجه، و تقصير الموجودين فى حياة الأئمّة لا يتعلق بنا، واى فائدة لهذه الاحكام المخزونة عند الائمة: والمكلفون يحرمون منها فى اكثر من الف سنة و لعله فى الف مليون سنة.

و دنياهم، كما انه لابد من حمل التنزيل علي تنزيل الجوامع و الكليات دون التفاصيل و الجزئيات فانها غير منزلة في الكتاب كما هو محسوس مشهود.

و في رواية محمد بن مسلم قال سألته عن ميراث العلم ما بلغ ؟ أجوامع من العلم أم يفسر كل شيء من هذه الامور التييتكلم فيها الناس من الطلاق و الفرائض ؟ فقال ان عليا عليه السّلام كتب العلم كله و الفرائض. فلو ظهر امرنا لم يكن من شيء إلّا و فيه سنة يمضيها.

أقول: في هذه الروايات مطالب:

الاول ان معظم روايات هذا الباب و الباب التالي نقلها المؤلف من كتب لم تصل نسخها إليه بطريق معتبر، بل كتاب الاختصاص مجهول المؤلف أيضاً.

علي ان في سند هذه الرواية من هو مشترك.

الثاني ان سؤال الرواي ليس ناظراً إلي عموم العلم بل إلي مسائل الطلاق و الميراث أو مطلق المسائل الخلافية بين الامامية و مخالفيهم انذاك و ان الامام هل يعلمكلّيات تلك الامور أو جزئياتها مفصلاً؟ و الجواب ليس بظاهر _ ظهورا قويا _ في احد الوجهين.

الثالث في الرواية و أمثالها سؤال معضل، و هو أنه ما فائدة تلك الاحكام التي لم تصل إلي المكلفين في أكثر من أربعة عشر قرنا و ربما إلي الف قرن و انما تظهر و تصل إلي المكلفين حين ظهور المهدي عجل الله فرجه الشريف _ في مدة قليلة كما ذكرها الروايات ؟!

بل سيأتي في كتاب الإمامة و غيرها ما ينافي العلم التفصيلي المكتوب و هذا معضل ثان. و من الروايات، قول الصادق عليه السّلام في رواية بصائر

ص: 83

الدرجات: ما من شيء يحتاج إليه ولد آدم إلا و قد خرجت فيه السنة من الله و رسوله.. (2:169) لا بأس بالسند ظاهرا لكن مصدر الرواية فيه الاشكال السابق(1).

و منها ما نقل عن رسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم في حجة الوداع: ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار الا و قد نهيتكم عنه و امرتكم به (2:171)(2).

المتن هنا مضافاً إلي وهن سنده مجمل و المراد اني قد امرتكم بكل ما يقربكم إلي الجنة ويباعدكم من انار و نهيتكم عن كل ما يقربكم إلي النار و يبعدكم عن الجنة. و له سند معتبر كما اذكره من زمن قديم. و في ذيل موثقة سماعة (الكافي 1:57) انه سأل الكاظم عليه السّلام: أتي رسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم الناس بما يكتفون به في عهده ؟ قال نعم، و ما يحتاجون إليه يوم القيامة فقلت: فضاع من ذلك شيء؟ فقال: لا هو عند اهله.

و في ذيل صحيح زرارة عن الصادق عليه السّلام: ما احد ابتدع بدعة الا ترك بها سنة، (الكافي 1:58) و في صحيح حماد عنه عليه السّلام: ما من شيء الا و فيه كتاب أو سنة (المصدر 59).

و العمدة في غرض الباب _ أي عموم الحكم في كل شيء _ الوجه الأوّل، ثم الوجه الثاني إذا اريد من العموم، الاجمال دون التفصيل المفقود في

ص: 84


1- - و لها متن آخر فى ص 171 برقم 12 و فيه: الا وقد جرت فيه من الله و رسوله سنة عرفها من عرفها و انكرها من انكرها.
2- - و مثله ما عن على بسند غير معتبر: فكل خير يدنى إلى الجنة و يباعد إلى النار امركم به، وكل شر يدنى إلى النار و يباعد عن الجنة نهاكم عنه. (البحار الانوار 33:568).

التنزيل.

الباب 23: انهم عليهم السّلام عندهم مواد العلم و اصوله و لا يقولون شيئاً برأي و لا قياس، بل ورثوا جميع العلوم عن النبي صلّي الله عليه و آله وسلّم و انهم امناء الله علي اسراره. (2:172).

اورد فيه ثمانية عشر خبراً و مدلول اكثرها ان الائمة لا يحدثون بآرآئهم بل عن رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلم. و في هذه الروايات جزئيات اخري و حيث انها غير معتبرة سندا، اعرضنا عنها(1).

الباب 24: ان كل علم حق هو في أيدي الناس فمن اهل البيت عليهم السّلام وصل إليهم (179).

أورد المؤلّف رحمة الله فيه خبرين غير معتبرين سنداً.

الباب 25: إتمام الحجة و ظهور المحجة. (2:179)

اورد فيه المؤلف بعض الآيات و بعض الروايات غير المعتبرة سنداً.

و الحق ان اهل الباطل حتي في التوحيد فضلاً عن النبوة و الامامة علي طوائف.

الاولي: المعاندون، أي المنكرون عن علم و عمد، و هؤلاء في غير عصر

ص: 85


1- - فى صحيح قتيبة المروى فى الكافى (1:58): سأل رجل ابا عبدالله عليه السّلام عن مسألة فاجابه فيها. فقال الرجل ارأيت إن كان كذا و كذا ما يكون القول فيها؟ فقال له: مه ما اجبتك فيه من شىء فهو عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم لسنا من «أرأيت» فى شىء. و فى موثقة سماعة (الكافى 1:62) عن الكاظم عليه السّلام: أكل شىء فى كتاب الله و سنة نبيه صلّى الله عليه و آله و سلّم او تقولون فيه ؟! قال: بل كل شىء فى كتاب الله و سنة رسوله.

النبوة و الإمامة قليلون.

الثانية: المقصرون

الثالثة: الجاهلون القاصرون و هم الاكثرون حتي بين اهل العلم المتوسطين فالحجة لم تتم علي جميع الناس جزماً، بل علي القليلين و هم الطائفة الاولي و الثانية دون الطائفة الثالثة و هؤلاء لا يستحقون العقاب علي اصول اهل العدل و ان يترتب عليهم احكام الكفار في الدنيا حتي القتل.

فلاحظ بحث الجاهل القاصر في الجزء الأول من كتابنا صراط الحق. وحكم من لم تتم الحجة عليه في القيامة في مباحث العدل في الجزء الثاني منه.

الباب: 26: ان حديثهم صعب مستصعب او ان كلامهم ذو وجوه كثيرة و فضل التدبر في اخبارهم عليهم السّلام والتسليم لهم، و النهي عن رد اخبارهم (2:182).

أورد فيه آيات و مأة و ستة عشرة رواية

اما الآيات فيستفاد منها امور:

1 _ اشتراط التسليم لقضاء النبي الخاتم صلّي الله عليه و آله و سلّم عند المنازعة و المرافعة و عدم وجدان الحرج منه في النفس، في الايمان (النساء 64) و لا يبعد حمل الايمان علي الكامل منه او يراد عدم الانكار من التسليم و عدم الحرج و الله العالم.

2 _ عدم جواز التكذيب بما لم يحط بعلمه من امر الدين. (يونس 38).

3 _ ان اظهار السمع و الطاعة لحكم الله و رسوله، سبب الفلاح و علامة الايمان (الكهف 66، 77).

4 _ لاخيار لاهل الايمان في امورهم بعد قضاء الله و رسوله.

ص: 86

5 _ مدح زيادة الايمان و التسليم.

6 _ الصلاة علي النبي صلّي الله عليه و آله و سلّم و التسليم، و هو يحتمل الانقياد عملاً و اعتقاداً و يحتمل التحية (السلام عليه).

و اما الكلام حول احاديث الباب الكثيرة ففيه فصول:

الاولي في جملة من الروايات: ان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملك مقرب او نبي مرسل او عبد امتحن الله قلبه للايمان. او ما يقربه من العبارات و لاحظها برقم 1، 2، 7،(1) 21، 22، 23، 25، 26، 27،(2) 28، 30(3)، 31، 35، 40، 42،(4) 43، 44، 45، 46، 48، 49، 102، 106 واكثر هذه الروايات في بصائر الدرجات التي لم تصل نسختها بطريق معتبر علي ان اكثرها ضعيفة سنداً مع قطع النظر عن عدم ثبوت نسخة الكتاب بطريق معتبر، نعم بعضها معتبر سنداً قبل الصفار.

و اما ما نقله المؤلف عن غير بصائر الدرجات ككتب الصدوق و رجال الكشيو غيره فالظاهر أنه لا يوجد فيها سند معتبر كما لا يوجد ما يعتبر سنده في الكافي أيضاً 1:401.

و يمكن أن يقال ان مضمونه في الجملة صدر عن الامام لاجل كثرة الاسانيد و ان لم تثبت نسخة البصائر بسند معتبر. لكن متن الحديث محتاج

ص: 87


1- - و فيهما: لا يؤمن به الا ملك مقرب.
2- - و فيهما: لا يؤمن به الا ملك مقرب.
3- - و فيه لا يقر بامرنا إلّا.
4- - ولا يعرفه و لا يقربه و كذا فى لاحقه.

إليمزيد تأمل، اذ الانبياء غير المرسلين بليس باقل استعداداً و تدّيناً و ايماناً باالله و بالمعارف الدينية و المؤمنين الذين امتحن الله قلوبهم للايمان و لا من الملائكة المقربين. فكيف يحتمل حديثهم أو امرهم أو يعرفه او يقرّ به هذا المؤمن الممحتن قلبه للايمان دون انبياء الله غير الرسل ؟! و هذا لا جواب له عندي، و لم اجد من تعرض له! علي ان عدم اقرار الانبياء و الملائكة غير المقربين بالامر المذكور يوجب قدحاً و عظيماً فيهم و تأويله بعدم الاستعداد مع كونه قدحاً آخر لا ينفع لان الاقرار و الايمان بشيء تعبداً شيء و عدم فهمه بحقيقته شيء آخر فكيف لم يقرّ و لم يؤمن به ولم يعرفه و لم يحتمله غير الرسل و غير المقربين من الانبياء و الملائكة.

ثم ما هو هذا الامر و الحديث ؟ أهو الإمامة العظمي حتي إذا كانت فوق الرسالة كما يظهر من قوله تعالي للخليل الرسول عليه السّلام اني جاعلك للناس إماما أو الغرائب و العجائب(1) أو كمال التوحيد كما يدعيه السيد الطباطبائي(2) في حاشية البحار (2:185، 192) كل ذلك ليس مما يابي غالب المؤمنين عن الاقرار به، نعم مراتب التوحيد و معرفة الله سبحانه متفاوتة يتفاوت فيها العقول المؤمنة كما وكيفاً، لكن من مراتبها ما لا يعرفها النبي الخاتم صلّي الله عليه و آله و سلّم

ص: 88


1- - كما يظهر فى الجملة من قصة موسى و العالم المذكورة فى سورة الكهف.
2- - أظن ان مقصود هذا السيد الفيلسوف من حقيقة التوحيد هى الكثرة فى الوحدة و ان بسيطة الحقيقة كل الاشياء و ليست بشىء منها على ما فصله الحكيم الشيرازى فى اسفاره. و هو باعتقاد هذا السيد من المؤمنين الذين امتحن الله قلبهم للإيمان. لكنا ناقشناها فى الجزء الثانى من صراط الحق.

و اوصيائه عليهم السّلام ايضاً فانه تعالي غير متناه و غير ممكن الوجود محدود متناه و يستحيل احاطة المحدود بغير المحدود و عنت الوجوه للحيالقيوم. ما عرفناك حق معرفتك و علي كل تقدم الائمة من غير المرسلين من الانبياء بل من الملائكة المقربين في المعرفة ممكن لكن استفادة هذا المعني من الروايات المذكورة مشكلة جداً بل الارجح بنظري ارادة الامامة و مقاماتهم كما يظهر من المجلسي أيضاً 2:185. و لذا يشكل فهم عدم احتمال الانبياء و الملائكة و المؤمنين (غير من امتحن الله قلوبهم للايمان) لها و الاحسن ان نتوقف عن قبول هذه الروايات و ان نرد علمها إلي من صدرت عنه، فانها من المتشابهات، و لا يجوز اهانة الانبياء عليهم السّلام بقبول مضامين هذه الروايات لاسيما ببعضها فانها تنافي مقامهم و عصمتهم و ما تصدي له المؤلّف العلامة للجواب عنه ضعيف كما يعرف المحقق.

الثاني ورد في عدة من روايات الباب: ان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا مؤمن ممتحن، امتحن الله قلبه للايمان.

كما تراها بارقام 6، 34، 36، 39 و حملها المجلسي رحمة الله علي الامور الغربية التي لا يحتملها غيرهم عليهم السّلام و السيد الطباطبائي علي حقيقة التوحيد (2:192)

أقول: اسناد هذه الروايات الاربع ضعيفة مع الغض عن ضعف مصدر اكثرهم و هو نسخة بصائر الدرجات.

و قد فسره الامام العسكري عليه السّلام كما في رواية ضعيفة (الكافي 1:402) بان الملك لا يحتمله حتييخرجه إلي ملك غيره و النبي لا يحتمله حتي

ص: 89

يخرجه إلي نبي غيره و المؤمن لا يحتمله حتييخرجه إلي مؤمن غيره. وزاد في معاني الاخبار (البحار 2:184): إنّما معناه أن لا يحتمله في قلبه من حلاوة ما هو في صدره حتي يخرجه إلي غيره.

هذا المعني مع انه يخالفه صريح بعض الروايات الاخري، أرادته من هذه الجملات لا تليق باهل العلم فضلاً عن الائمة عليهم السّلام فاللازم ردها إلي قائلها و عدم اضاعة الوقت في بيان محتملاتها وردها.

الثالث اما الروايات الواردة في جزء ثان من العنوان المذكور (كلامهم ذو وجوه كثيرة) فلاحظها بارقام: 50، 51، 52، 53 و له اسانيد، 56، 57، 58، 59 و كلها من بصائر الدرجات و الاختصاص و خلاصتها ان الامام يتكلم بكلام فيه سبعون وجها و له المخرج من كلها.

أقول: الظاهر انه لدفع شبهة التناقض و الاختلاف المتوهم في كلامهم في مقام الاجوبة، وجه المخرج: التقية و فروض موضوعات الاحكام كما هو واضح لاهل الاستنباط فيمكن ان يحكم علي موضوع واحد باحكام مختلفة حسب فروضه و تعدد قيوده و افراده و اصنافه مثلاً. و ليس فيه شيء جديد خاص بالأئمة عليهم السّلام و في موثقة أبي بصير المروية في رجال الكشي (2:209 من البحار) قيل لابي عبدالله و انا عنده: أن سالم بن أبي حفصة يروي انك تتكلم علي سبعين وجهاً، لك من كلّها المخرج ؟ قال: فقال: ما يريد سالم مني.. و لقد قال إبراهيم إني سقيم، و الله ما كان سقيما و ما كذب. و لقد قال إبراهيم: بل فعله كبيرهم هذا، و ما فعله و ما كذب، و لقد قال يوسف انكم لسارقون. و الله ما كانوا سارقين و ما كذب.

ص: 90

الرابع في بيان جزء ثالث لعنوان الباب و هو فضل التدبر في كلامهم فيدل عليه روايات و هو واضح بل التدبر في كلام العلماء حسن جداً فضلاً عن التدبر في القرآن والسنة. و قد امر به القرآن الكريم ايضاً.

الخامس في جزء آخر منه و هو لزوم التسليم و قد دل عليه القرآن كما عرفت و تدل عليه روايات من الباب، فاذا ثبتت نبوة نبي و امامة امام من الله سبحانه فلابد من التسليم، لكنه لا ينافي التحقيق و السؤال و الاستعلام بعد الاستعلام كما ربما يظهر من بعض فضلاء الرواة و عندي انه مرغوب فيه حتي مع النبي الاكرم صلّي الله عليه و آله و سلّمالا إذا عارضه عنوان آخر في بعض المقامات.

و اما ما في بعض روايات الباب: ولو أن قوما عبدوا الله ووحّدوه، ثم قالوا لشيء صنعه رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم لو صنع كذا و كذا او وجدوا ذلك في انفسهم كانوا بذلك مشركين. فلابد من توجيهه بوجه مقوبل، فان مجرد التمني علي خلاف ما شرّع، ليس بحرام فضلا عن ايجابه الشرك.

الخامس في بيان الجزء الالخير من عنوان الباب و هو النهي عن رد أخبارهم.

اقول ان أراد المؤلف رحمة الله من الرد الرد علي الخبار حتي يرادف التكذيب و الانكار فهو حسب دلالة جملة من روايات الباب صحيح كما في ارقام 11، 12، 14، 16، 21، 28، 33 مثلاً و ان اراد الرد إلي الائمة عليهم السّلام فهو مأمور به في جملة من تلك الروايات.

و بالجملة إذا كان مدلول خبر مخالفاً للعقل أو النقل فلا نكذبه و لا ننكر صدوره عن الأئمة عليهم السّلام لانا لا ندري لأي جهة و باي داع صدر و ان يحتمل

ص: 91

عدم صدروه أيضاً، لكنا لا نعمل به و نرد علمه إلي من صدر عنه. و هل هذا واجب او هو محمول علي نوع من التأدب لضعف تلك الروايات سنداً و ان تأباه متونها الدالة علي الاول، فيه بحث. و علي كل هذه الروايات تشمل الاخبار المروية عن النبي الاكرم صلّي الله عليه و آله و سلّم بتوسط غير الشيعة، بل مقتضيما فيها من احتمال تكذيب الله فوق عرشه شمول حكمها للروايات المنقولة عن الانبياء عليهم السّلام بتوسطاتباعها الضالين الكافرين.

نعم لابد من تخصيص الروايات بما دل علي أن ما خالف قول ربنا لم نقله، زخرف و اضربه علي الجدار و امثالها، فالمخالف للقرآن جاز او وجب الرد عليه، جمعاً بين لطائفتين منها ان تمّتا سندا. فافهم جيداً.

الباب 27: العلة التي من اجلها كتم الائمّة عليهم السّلام بعض العلوم و الاحكام (2:212).

أورد فيه سبعة أخبار ضعيفة سنداً او مدركاً. نذكر اثنين منها:

1 _ عن الصادق عليه السّلام إن أبي نعم الاب، رحمة الله عليه، كان يقول: لو أجد ثلاثة رهط، استودعهم العلم و هم اهل لذلك لحدثت بما لا يحتاج فيه إلي نظر في حلال أو حرام و ما يكون إلييوم القيامة.. (2:212 و 213 من البحار).

بيان: فيه أي معه. إلي نظر أي ألي فكر و تأمل و في المنجد في تفسير الرهط: عدد يجمع من الثلاثة إلي العشرة و ليس فيه امرأة و لا واحد له من لفظه، و إذا اضيف إلي الرهط عدد كان المراد به الشخص و النفس نحو «عشرون رهطاً» اي شخصا.

ص: 92

2 _ عنه عليه السّلام لولا ان يقع عند غيركم كما وقع غيره لا عطيتكم كتابا لا تحتاجون إلي احد حتييقوم القائم.

أقول: لا خفاء علي الخبراء بامر الاحاديث في أنها غير وافية بفروع الاصول الاعتقادية و المعارف الاسلامية و بمسائل الاحلال و الحرام أي الاحكام التكليفية و الوضعية، حتي بعد جمعها في الجوامع الحديثية فضلاً عن زمان انتشارها عند احاد الرواة.

و يظهر للناظر أن في كثير من الروايات، كان السؤال من الناس فسيق الجواب حسب فروضهم، و لم يبين الائمة عليهم السّلام الاحكام ابتداء علي نحو القاعدة الكلية و الضابطة الجامعة. و تري روايات كثيرة في امور جزئية في حين ان الامور المهمة لا خبر واحد فيها واصعب من الكل تعارض الاخبار و تناقضها. كل ذلك واضح لا يحتاج إلي ذكر شاهد.

و من جانب آخر، لا إشكال في اهمية الدين و عبادة الله تعالي من كل شيء فان الله خلق الجن و الانس ليبعدون فيقع السؤال المهم عن عدم بيان كامل للدين اصولاً و فروعاً حتي لم تقع الاختلافات فيهما بين فقهاء الامامية بالخصوص في جميع ابواب الفقه و انجرار الأمر إلي اقوال و فتاوي عجيبة فضلاً عن الاختلافات الشاسعة بين علماء سائر المذاهب الاسلامية. و الامر في اتساع! بُعد!!

اما الرواية فلابد من ردها إلي قائلها لعلمنا بوجود ثلاثة اشخاص أو ثلاثين شخصاً صالحين لايداع العلم في زمان أمير المؤمنين فضلاً عن زمان الباقر عليه السّلام.

ص: 93

و اما الخبر الثاني فنقول اولاً بامكان ايداع الكتاب إلي رهط أمناء من الموجودين في زمان الصادق عليه السّلام كزرارة و محمد بن مسلم و بريد و امثالهم و امرهم باستنساخه ثم تسليم النسخ إلي اصحاب الكاظم ثم إلي من بعدهم حتي تصل إلي النواب الاربعة ثم الانتشار بين الشيعة مع ترويجها و الفات الشيعة إليها من قبل الكاظم إلي العسكري عليهم السّلام بما امكن، فتصبح الكتاب قطعيا.

و ثانياً بان التقية إذا كانت مانعة عن اعطاء كتاب كامل، فاي مانع من اعطاء كتاب متضمن لاكثر المسائل _ لالجميعها _ بذكر ضوابط كلية و قواعد عامة لحكم العقل بان ما لا يدرك كله لا يترك كله ؟

و اعلم أنّ السؤال لا يختص توجهه إلي ائمة الشيعة، بل يتوجه إلي النبي الاكرم صلّي الله عليه و آله وسلّم و انه لِمَ ترك الاملاء علي جماعة من اصحابه في الاصول و الفروع غير الموجودة في كتاب الله تعالي تكميلاً لدينه الخالد إلييوم القيامة في متن الزمان المتطور؟

و فوق ذلك السؤال متوجه إلي الله سبحانه تعالي، فكما ان عناية الله تعلقب بتكميل الكتاب و حفظه عن الضياع و التحريف، فلِمَ لم تتعلق بتكميل الشريعة و الاحكام الفرعيّة ؟

و لابد من التأمّل في جواب هذا السؤال و حلّ هذا الاشكال و ما أوتينا من العلم إلّا قليلاً.

الباب 28: ما ترويه العامة من اخبار الرسول صلّي الله عليه و آله و سلّم و ان الصحيح من ذلك عندهم و النهي عن الرجوع إلي اخبار المخالفين و فيه ذكر الكذابين (2:214).

ص: 94

اورد فيه أربعة عشر خبرا غير معتبرة سنداً تسعة منها من كتاب البصائر اولها: عن الباقر عليه السّلام: ان رسول الله أنال في الناس و انال وانال، و انا اهل البيت معاقل العلم و ابواب الحكم و ضياء الامر.

بيان: أنال أي اعطي وافاد في الناس العلوم الكثيرة، لكن عند اهل البيت عليهم السّلام معيار ذلك و الفصل بين ما هو حق أو مفتري و عندهم تفسير ما قاله الرسول صلّي الله عليه و آله و سلّم..

الباب 29: علل اختلاف الاخبار و كيفية الجمع بينها و العمل بها و وجوه الاستنباط و بيان انواع ما يجوز الاستدلال به. (2:219).

ذكر فيه آيات شريفة واثنين و سبعين خبراً، اما الآيات فيستفاد منها امور:

1 _ العمل بالظن سبب للاضلال (فيكون سببا للضلال طبعا).

2 _ ضلال كثير بأهوائهم بغير علم.

3 _ حرمة الافتراء علي الله لاضلال الناس بغير علم.

4 _ عدم حجية الظن و التخرص.

5 _ وجوب التفقه في الدين و انذار الناس وجوباً كفائيا.

6 _ حرمة اقتفاء غير المعلوم.

7 _ ذم تقليد الاباء من دون العلم والكتاب الإلهي.

8 _ عدم العلم بخبر الفاسق قبل التبين.

اما الروايات فلها معانٍ نذكر بعضها:

فمنها عدم حجية الحديث المخالف للقرآن و تدل عليه عدة من

ص: 95

الروايات. و المراد به التباين أو العموم من وجه، اذ لا شك في صدور الاحاديث المخالفة لعموم الآيات و اطلاقها حتي قيل ما من عام الا و قد خص.(1) و من هذه الروايات خبر الكافي عن محمد بن اسماعيل عن الفضل ابن شاذان عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم و غيره عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: خطب النبي بمني فقال ايها الناس ما جاءكم منييوافق كتاب الله فانا قلته و ما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله. (1:69).

و محمد بن اسماعيل لم يوثق لكنه شيخ اجازة فلو فرض شهرة كتب ابن شاذان في زمان الكليني بحيث يطمأن بسلامتها عن التحريف و التغيير صحت الرواية سنداً.

ومنها: أن موافقة القرآن شرط الحجّية الخبر الواحد، و هذا النوع لابد من توجيهه.

و منها ان موافقة القرآن مرجحة لأحد الخبرين المتعارضين علي الآخر و مخالفته مرجحة لمعارضه عليه. و لابد من محل الموافقة و المخالفة علي العموم و الخصوص كما تقرر في اُصول الفقه(2).

و منها ان الحديث ينسخ بعضه بعضا. و منها امور آخر و العمدة أنّ الاصل في المتعارضين الذي هو سقوطهما علي القاعدة هل هو باق او هو التخيير

ص: 96


1- - و قد اشتبه الامر على المحقق الهروى فى الكفاية و على المحقق الحلى فى المعارج فظنّا وحدة المخالفة فى حجية الحديث و فى ترجيحه فى فرض التعارض و ظاهر الروايات يساعدهما لكن لابد من الفرق الذى ذكرنا.
2- - و قد اشتبه الامر على المحقق الهروى فى الكفاية و على المحقق الحلى فى المعارج فظنّا وحدة المخالفة فى حجية الحديث و فى ترجيحه فى فرض التعارض و ظاهر الروايات يساعدهما لكن لابد من الفرق الذى ذكرنا.

بينهما شرعاً؟ أو فيه تفصيل ؟ روي الصدوق في معاني الاخبار عن الوليد عن الصفار عن الخشاب عن ابن كلوب عن اسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام ان رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم قال: ما وجدتم في كتاب الله عز وجلّ فالعمل به لازم و لا عذر لكم في تركه، و ما لم يكن في كتاب الله عز وجل و كان في سنة مني (و كانت فيه سنة مني خ) فلا عذر لكم في ترك سنتي، و ما لم يكن فيه سنة مني فما قال اصحابي فقولوا به: فانما مثل اصحابي فيكم كمثل النجوم بايها اخذ اهتدي و بأيّ اقاويل اصحابي اخذتم اهتديتم و اختلاف اصحابي لكم رحمة.

قيل يا رسول الله من اصحابك ؟ قال اهل بيتي. (4:220).

اقول انا في شك في صدور هذه الرواية لكن سندها موثق عند جمع و هو حجة شرعية و لا يسقطها الظن بخلافها. و إذا حملنا اهل البيت علي الائمة عليهم السّلام دلت الرواية باطلاقها علي التخيير بين الروايات المتعارضة حتي إذا كانتا من امام واحد، فان الاطلاق يثبت هذا التخيير. و الحق ان غياث بن كلوب مجهول كما ذكرناه في الرجال أخيرا(1).

و في الكافي عن علي عن أبيه عن عثمان بن عيسي و الحسن بن محبوب عن سماعة عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في امر، كلاهما يرويه، احدهما يأمر باخذه و الآخر ينهاه عنه، كيف يصنع ؟ قال يرجئه حتييلقي من يخبره، فهو في سعة حتييلقاه. (2:227).

ص: 97


1- - الطبعة الرابعة من بحوث فى علم الرجال.

قال الكليني: و في رواية آخر بايهما اخذت من باب التسليم و سعك.

أقول: الاخيرة مرسلة لا اعتبار بها و الاولي موثقة او حسنة.

يستفاد من جملتها الاخيرة (فهو في سعة) التخيير، الا ان يقال انه في سعة من الامر المختلف في حكمه الخبران و مقتضاه سقوط المتعارضين دون الاخذ باحدهما تخييراً. و يمكن ان يجاب عنه بان في التخيير بينهما سعة ثابتة و في السقوط سعة في الجملة فان المرجع بعد سقوط المتعارضين من عموم او اطلاق او اصل قد يقتضي السعة و دق يقتضي الضيق و الاحتياط. فاطلاق الرواية في الحكم بالسعة اوفق مع التخيير. ثم بعد ذلك وفقت علي كلام للسيد الاستاذ الخوئي و للسيد الصدر (رحمهما الله) يظهر حالهما مما قلنا و ما ذكره السيد الصدر غير قوي فلاحظ بحوث في علم الاصول 7:338 و ما بعدها.

فان قبلنا تمامية الاستدلال علي التخيير بهذين الخبرين و بغيرهما من الروايات الضعيفة سندا فلابد من تقييد اطلاقها بما رواه صاحب الوسائل (27:118) عن سعيد (سعد) بن هبة الله الراوندي في رسالة التي ألفها في احوال احاديث اصحابنا و اثبات صحتها عن محمد و علي ابني علي بن عبد الصمند عن أبيهما عن أبي البركات علي بن الحسين عن الصدوق عن أبيه عن سعد بن عبدالله عن ايوب بن نوح عن محمد بن أبي عمير عن عبد الرحمن بن ابي عبدالله قال: قال صادق عليه السّلام إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه و ما خالف كتاب الله فردوه فان لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما علي اخبار العامة، فما وافق اخبارهم فذروه و ما خلف اخبارهم فخذوه.

ص: 98

و قال في خاتمة الوسائل (30:184) و نروي كتاب الخرائج و الجرائح و كتاب قصص الانبياء لسعيد بن هبة الله الراوندي بالاسناد السابق عن العلامة الحسن بن مطهر عن.. الحسين بن ردة عن أحمد بن علي بن عبد الجبار الطبرسي (طوسي _ السيد الصدر) عن سعيد...

أقول: لكن هذه الرواية غير معتبرة سنداً.

اما اول فلان صاحب الوسائل لم يذكر سنده إليه و انما ذكر سنده إلي كتابين اخرين لابن هبة الله كما عرفت و علي فرض وحدة السند كما يقول السيد الصدر (بحوث في علم الاصول 7:351) فالسند غير قوي لعدم توثيق الحسين بن ردة و احمد بن علي بن عبد الجبار.

و العمدة في ضعف الرواية _ و ا ن فرضنا صحة كل ما ذكره السيد الصدر رحمة الله حول تصحيح السند _ جهالة كيفية وصول نسخة الرسالة إلي صاحب الوسائل و أنها هل وصلت إليها بسند معتبر أم لا؟ إذ صحة نسبة الكتاب إلي مؤلفه امر، و صحة وصول النسخة إلي بسند معتبر أم لا؟ إذ صحة نسبة الكتاب إلي مؤلّفه امر، و صحة وصول النسخة إلي امر آخر، كما سبق و فصلناه في كتابنا بحوث في علم الرجال _ الطبعة الرابعة _ و لاسيما ان هذه الرسالة صغيرة غير مشهورة فنسأل أين كانت هذه الرسالة _ أي نسخها لااسمها _ و من يضمن عدم التصرف فيها من الجاعلين و الواضعين و انا مطئن بعدم وصول النسخة إلي صاحب الوسائل بطريق معتبر، بل وصلت إليها بالوجادة من السوق و الافراد. و اما سند صاحب الرسالة إلي الصدوق فيظهر حاله مما ذكرنا في كتابنا بحوث في علم الرجال _ الطبعة الرابعة _ في البحث الثالث و الاربعين علي ان له موهناً آخر و هو عدم وجوده في كتب الصدوق. والا لنقلوه منها.

ص: 99

نعم هنا روايات دلت علي الترجيح بموافق القرآن و مخالفته، و بمخالفة العامة و موافقتها.

فمما دل علي الاولي: رواية المسمعي (2:234) و رواية ابن الجهم (جامع الاحاديث 1:314) و يمكن ان يقال ان الروايات دلت علي عدم حجية الخبر المخالف للقرآن و اطلاقها يشمل المخالفة بالعموم و القدر المتيقن خروج هذا المورد منها في فرض غير المتعارض وما فيه فهو داخل تحت المنع فتأمّل.

و تدل علي كلا الامرين علي الترتيب رواية عبد الرحمن و مقبولة عمر بن حنظلة (جامع الاحاديث 1:308) و تدل عليهما مرسلة الكافي (1:8) و مرسلة المفيد (الجامع الاحاديث 1:310) و رواية ابن أبييعفور علي وجه (1:314).

و مما دل علي الثانية خبر السري (2:235). و خبر الحسن بن الجهم المصدر. و خبر محمد بن عبدالله.

و مرفوعة الارجائي (237) و مرفوعة الغوالي (246) و خبر محمد بن عبدالله (جامع الاحاديث 1:321) و مرسلة الاحتجاج (322).

فالاحوط الترجيح بموافقة القرآن اولا و بمخالفة العامة ثانيا ثم التخيير فتأمّل. فإنّ الأرجح في المرتبة الثالثة هو التساقط حسب القاعدة دون التخيير.

الباب 30: من بلغه ثواب من الله علي عمل فاتي به (2:256).

المسلم من هذه الاخبار المسماة باخبار من بلغ، هو استحقاق الثواب دون اثبات الحكم أي الاستحباب، فالمناسب اتيان العمل برجاء المطلوبية إذا

ص: 100

بلغ الخبر بغير حجة شرعية، بل يمكن أن يقال ان هذه الاخبار لا نظر لها إلي كيفية البلوغ، و مقتضي القاعدة كون البلوغ الصحيح معتبرا عقلاً او شرعاً و روايات الباب الثلاثة كلها غير معتبرة.

الباب 31: التوقف عند الشبهات و الاحتياط في الدين. (2:258).

اورد فيه المؤلف سبعة عشر خبرا غير معتبر

لاشك في حسن الاحتياط قولا و عملا، و حرمة الفتوي من دون دليل شرعي. ثم الاحتياط اما حسن و اما واجب، كما في الشبهات الحكمية البدوية قبل الفحص. و كما في الشبهات القرونة بالعلم الاجمالي، علي ما فصّل كل ذلك في اصول الفقه حفظنا الله و جميع اهل العلم منالزلة و الانحراف وحب النفس و التسرع إلي للرئاسة.

الباب 32: البدعة و السنة و الفريضة و الجماعة والفرقة. و فيه ذكر قلّة أهل الحق و كثرة أهل الباطل. (2:261).

أورد فيه 28 خبرا معظمها او كلها فاقد للاسانيد المعتبرة فلابد من الاخذ بمضامينها المسلمة أو المشتركة لعدد من الروايات بحيث يطمئن بصدورها عن الإمام عليه السّلام.

الباب 33: باب ما يمكن ان يستنبط من الآيات و الاخبار من متفرقات مسائل اصول الفقه. (2:268)

اورد فيه آيات كثيرة واثنين و ستين خبرا.

ولااظن ما يستفاد منها من قواعد كلية جديدة غير ما قرروه لحد الآن تنفع في الفقه و الصوله، و إذا امكنت استفادة بعض القواعد من بعض الادلة،

ص: 101

فاظهارها محتاج إلي جرءة مفقودة.

ثم المعتبر من روايات الباب ما ذكرت بارقام 11، 13، 15، 16، 17، 22، 23، 25، 26، 27، 37، 38، 40، 41، 42، 47، 51، 53، 54، بسنديه و 55 كذلك و 56، 57، 58.

الباب 34: البدع و الرأي و المقائيس (2:283)

و فيه آيات و اربع و ثمانون رواية.

و حاصل الباب بطلان القياس في الشريعة و قد اصر عليه ائمة العترة و منع اتباعهم منه مطلقاً و لذا بطلانه ضروريا او قطعياً في الفقه الجعفري.

و ما حرمته مضافاً إلي بطلانه و لزوم الرجوع إلي الادلة الشرعية، ففيها نظر. و المذكورة فيه برقم 17، 33، 34 معتبرة سنداً.

الباب 35: غرائب العلوم من تفسير أبجد و حروف المعجم و تفسير الناقوس و غيرها (2:316)

أقول: الاحسن رد روايات الباب _ و هي ستة _ و نظائرها في مختلف الابواب إلي من صدرت عنه. و صرف الوقت فيما ينفع الدين أو الدنيا.

ج 3: في التوحيد و العبادة و الصفات السلبية

الباب 1: ثواب الموجدين و العارفين و بيان وجوب المعرفة و علته و بيان ما هو حق معرفته تعالي. 3:1)

اقول أورد فيه تسعة و ثلاثين خبرا غير معتبرة سنداً و اكثرها في ثواب

ص: 102

الموحدين و اظهار كلمة لا إله إلا الله.

واعلم أن في احاديث الشيعة و اهل السنة مشكلات وجهها علماء الطرفين بوجوه متفرقة حتييدفعوها عنها. و من جملة هذه المشكلات وعد الثواب الكثير علي بعض الاعمال علي نحو يستبعده العقل الديني، بل يستحيله حسب القواعد الدينية. كما في المقام، ففي بعضها ان الله أقسم بعزته وجلاله، ان لايعذب اهل توحيده بالنار ابدا. مع ان المسلّم في دين الاسلام ان الاعتقاد بالنبوة و العماد أيضاً شرط دخول في الجنة(1) و لا يكفيه مجرد الاعتقاد بالواحدانية. و في بعض روايات: ان من قرء الدعاء الفلاني فكأنما ختم القرآن مرات!! مع ان اكثر جملات ذلك الدعاء مذكورة في القرآن. و علي كل يمكن حل الاشكال في الباب ان التوحيد يقتضي دخول الموجد في الجنة، و من الظاهر المقتضي ليس كالعلة التامة في ضرورة ترتب المقتضي عليه بل هو يحتاج إلي وجود الشرط و فقد المانع. و هذا و ان كان توجيهاً، لكنه توجيه قريب. والله اعلم.

ص: 103


1- - فى رواية غير معتبرة: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: من شهد ان لا اله إلا الله فليدخل الجنة قال الراوى قلت فعلى م تخاصم الناس إذا كان من شهد أن لا اله الا الله دخل الجنة ؟! فقال: انه إذا كان يوم القيامة نسوها 3:13. اقول: اولا: ان النسيان المذكور لا ينبغى صدوره عن عاقل فضلاً عن حكيم عادل. و ثانيا: ان الموجب لدخول الجنة، هى الشهادة فى الحياة الدنيا لا فى الاخرة فنسيانها فيها لا يضر به. فالجواب غير صحيح.

تنبيه: نقل المجلسي جملات عن كتاب مصباح الشريعة ناسبا لها إلي الامام الصادق لكنها بتمامها تشهد بانها من احد اهل العلم بل من بعض الصوفية و المؤلّف ايضاً في شك في نسبتها إلي الامام عليه السّلام كما ذكره في مقدمة كتابه فالمأسوف عليه ذكرها في هذا الكتاب.

الباب 2: علة احتجاج الله عز وجل عن خلقه (3:15)

في الباب روايات غير معتبرتين سنداً، اوليهما ذات مضمون علمي دقيق و من غرر الاخبار و انما صدرها يحتاج إلي توجيه جزئي. و ثانيتها غير قابلة للاصلاح فلابد من رد علمها إلي قائلها.

الباب 3: إثبات الصانع و الاستدلال بعجائب صنعه علي وجوده وعلمه و قدرته و سائر صفاته (3:16)

أورد فيه آيات و روايتت كثيرة لكن بعض الآيات لم يستدل بها الله سبحان علي اثبات وجوده بل ذكر فيها بعض نعمه لعباده، و بعض الامور اكثر مؤنة من اثبات الصانع، او غير قابل للاثبات في تلك الازمان للكفار.

و بالجملة صلاحية الاستدلال بمصنوعاته المذكورة في القرآن شيء و استدلال تعالي بها علي وجوده امر آخر و الآيات المذكورة مختلفة من هذه الجهة فلاحظ.

و اما الروايات ففيها مطالب نافعة مرشدة إلي وجوده و معرفته تعالي و يحسن بالوعاظ و الخطباء و المؤلفين ان يستفيدوا منها في ارشاد الناس و تحكيم علاقتهم بصانعهم جلّ و علا كما ينبغي لهم ان يستفيدوا من العلوم التجريبية الّتي تدل ارقامها علي علمه و قدرته و عظيم حكمته المحيرة للعقول و تدبيره الجاذب لقلوب الناس إلي حبه تعالي و انا اذكر هنا خبرين قصرين

ص: 104

من تلك الاخبار:

1 _ صحيح هشام بن سالم قال سئل ابو عبدالله بم عرفت ربك ؟ قال بفسخ العزم الهم، عزمت ففسخ عزمي و هممت فنقض همي. (3:49).

2 _ في مرسلة: سئل امير المؤمنين عليه السّلام عن اثبات الصانع ؟ فقال: البعرة تدل علي البعير و الروثة تدل علي الحمير و آثار القدرم تدل علي المسير، فهيكل علوي بهذه اللطافة(1) و مركز سفلي بهذه الكثافة كيف لا يدلان علي اللطيف الخبيير (3:55) و المذكورة بارقام 7، 15، 21 معتبرة سنداً.

الباب 4: الخبر المشتهر بتوحيد المفضل بن عمر (3:57)

اقول الخبر مرسل و رواياه الأوّلان محمد بن سنان و المفضل ضعيفان او مجهولان خلافاً للمؤلّف العلامة وجماعة و وفاقاً لجماعة آخرين.

و علي كل الخبر الطويل المذكور فيه مباحث شريفة مفيدة في موضوع معرفة صانع العالم و ينبغي للمؤمنين الاستفادة منها.

الباب 5: الخبر المروي عن المفضل بن عمر في التوحيد المشتهر بالاهليجة. (3:152).

اظن من عبارات الخبر انه ليس من كلام الصادق عليه السّلام بل من كلام احد من العلماء و يحتمل أيضاً ان ذكر الطبيب الهندي و اهليلجته سيق بنحوالقصة حتييسهل مطالعة البحث العلمي الدقيق علي القراء و الله العالم.

الباب 6: التوحيد و نفي الشريك و معني الواحد و الاحد و الصمد (3:198)

ص: 105


1- - الكراة السامة مثل الأرض فى الكثافة و الفضاء ليس بجسم و لعل الطافة بمعنى آخر.

اورد المؤلف رحمة الله فيه آيات و روايات و دلائل عقلية علي التوحيد.

و اعلم ان الآيات تدل علي التوحيد الفاعلي و التوحيد العبادي، و الظاهر أنها لم يصرح بالتوحيد الذاتي (أي وحدة الواجب الوجود) و ان يستفاد من التوحيد الفاعلي و العبادي كما انه لم تتعرض لاستحالة الشريك، بل و لا لوجوب وجود الخالق و ليس الاعتقاد بهما واجباً فمن اعتقد بوجود الخالق و عدم الشريك له في الخلق فهو مسلم مؤمن و ان لم يعتقد و لم يلتفت إلي وجوب الاول و امتناع الثاني، نعم يشترط في تحقق الاسلام عدم عبادة غير الله، فمن عبد غير الله تعالي كالاصنام و الاوثان أو عبد الجن و الملك أو الانبياء و الاوليء فهو خارج عن الاسلام.

و البحث المهم بين المسلمين و الوهابيين هو تفسير العبادة و تعريفها اذ مجرد تعظيم الانبياء و الاوصياء و الشعائر ليس بحرام حتييكون شركا كما يتخيل هؤلاء الأغبياء الذين يعكفون علي ابواب سلاطين السعودية و يوهنون مقام خاتم المرسلين حفظ الله المسلمين من شرهم. بل تعظيم الانبياء و الاولياء حيا و ميتاً حسن و من يعظم شعائر الله فانها من تقوي القلوب، و الاستشفاع و التوسل كما يجوز بالاحياء اتفاقاً، يجوز بالاموات ايضاً لبقاء الارواح كما يدل عليه القرآن في آياته المتعددة. و الشهداء فضلا عن الانبياء و الرسل الذين هم فوق الشهداء بدرجات، احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتيهم الله و يستبشرون..

فالارواح الطاهرة الطيبة الكاملة يتمكنون من الوساطة بين العباد و ربهم في حال الحياة و الممات و زعم الارواح بعد الموت أو عجزها، من

ص: 106

الجهالة البينة. و من المخالفة مع القرآن.

وعلي كل العبادة التي تختص بالله تعالي و ترحم لغير الله، بل توجب خروج العابد عن الإسلام إذا عبد غيرالله تعالي باتفاق المسلمين قاطبة ليست بمعني مطلق التعظيم، لجوازه او استحبابه في بعض الموارد كتعظيم الوالدين و خفض جناح الذل لهما و تعظيم النبي صلّي الله عليه و آله و سلّم و توقيره و تعظيم شعائر الله كلها كالكعبة و المشاهد المشرفة و المساجد و امثالها و ليس من العبادة في شيء لغة و عرفاً.

و الوهابية الضالة الجاهلية _ لعنها الله و لعن الخرافات باجمعها في جانبي الافراط و التفريط كا لغلو و نصب _ اخترعت معني خالا للعبادة علي خلاف اللغة و الشرع، فذهبت إلي تكفير المسلمين. فهؤلاء يسلبون الاسلام عن المسلمين و الملاحدة، يبعّدون المسلمين عن الاسلام، و النتيجة واحدة و لاحظ كتابنا باللغة الفارسية _ توحيد اسلامي و نظري بر وهابيت _ و لابد لتحقيق معني العبادة المحرمة من تحقيق مستوعب في آيات القرآن الواجبة سهل الوصول فانها في الصلاة و السجدة و الركوع و الصيام و الزكاة و الحج و الخمس و نحو ذلك فافهم المقام.

ثم ان من جملة الآيات الدالة علي التوحيد آياتت الستدلالية علي التوحيد كقوله تعالي (قُلْ لَوْ كٰانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمٰا يَقُولُونَ إِذاً لاَبْتَغَوْا إِلىٰ ذِي اَلْعَرْشِ سَبِيلاً سُبْحٰانَهُ وَ تَعٰالىٰ عَمّٰا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً) (الاسراء / 42 و 4(3).

و قوله تعالي (أَمِ اِتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ اَلْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلاَّ

ص: 107

اَللّٰهُ لَفَسَدَتٰا) (الانبياء/ 21 و 22) و قوله تعالي: (مَا اِتَّخَذَ اَللّٰهُ مِنْ وَلَدٍ وَ مٰا كٰانَ مَعَهُ مِنْ إِلٰهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلٰهٍ بِمٰا خَلَقَ وَ لَعَلاٰ بَعْضُهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ سُبْحٰانَ اَللّٰهِ عَمّٰا يَصِفُونَ ) (المؤمنون/ 9(1).

و في صحيح هشام بن الحكم نقلاً عن توحيد الصدوق قال قلت لابي عبدالله عليه السّلام ما الدليل علي انه واحد؟ قال اتصال التدبير و تمام الصنع كما قل عز وجل: لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا (3:229).

و في رواية غير معتبرة: ثم يلزمك _ ان إدعيت الاثنين _ فلابد من رجفه بينهما حتييكونا اثنيت فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديماً معهما فيلزمك ثلاثة، و إن ادعيت ثلاثة لزمك ما قلنا في الاثنين حتييكون بينهم فرجتان فيكونوا خمسة ثم يتناهي في العدد إلي ما لا نهاية له في الكثرة.

أقول: سوق الآيات و الروايتين في قالبالاستدلال الاصطلاحي وبالين الملازمة محتاج إلي البحث، و كلي ميسر لما خلق لاجله.

و اما ادلة التوحيد التي تعرّض لها المؤلّف العلامة رحمة الله و غيره فأكثرها عندي قابلة للاعتراض فلاحظ كتابنا صراط الحق (ج 2) و الله و لي التوفيق.

تتمة: واعلم ان عبارات الخبر الاول (3:207) المروي عن أمير المؤمنين تشير إلي وضع الخبر المذكور و افترائه علي أمير المؤمنين فانها تشبه عبارات المتأخرين فلاحظ و تدبر.

ثم المذكورة من روايات الباب برقم 2، 9، 17، 19، 24 معتبرة سنداً.

الباب 7: عبادة الاصنام و الكواكب و الاشجار و النيرين و علة حدوثها و عقاب من عبدها أو قرب إليها قرباناً. (3:244).

ص: 108

والمذكورة برقم 6، 7 معتبرة سنداً.

الباب 8: نفي الولد و الصاحبة (254)

فيه ثلاث روايات غير معتبرة سنداً.

الباب 9: النهي عن التفكر في ذات الله تعالي و الخوض في مسائل التوحيد و اطلاق القول بانه شيء. (3:257).

أقول: التفكر في ذات الله و صفاته الذاتية لغو و غلط، اذ العقل لايصل اليها بالتفكر و اعمال النظر و التأمل فانه تعالي غير محدود و غير متناهٍ أولاً. و ليس بجسم و لا بعرض ثانياً فلاندركه و ليس له مادة و صورة فلاجنس له و لا فصل فلا يجيء في الذهن، و المعلوم لنا هو بعض المفاهيم الكلية كواجب الوجود و علة العلل و خالق الأشياء و العالم الحي القدير و امثال ذلك، فلا سبيل لمخلوق ممكن محدود إلي الاحاطة بالواجب المجرد غير المحدود و عنت الوجوه للحي القيوم.

و ما في معتبرة سليمان بن خالد قال: قال الصادق عليه السّلام: اياكم و التفكر في الله، فان التفكر في الله ال يزيد إلّا تيهاً(1). ان الله عز وجل لا تدركه الابصار ولا يوصف بمقدار (3:259) يحتمل الارشاد و المولوية.

و أما الخوض في مسائل التوحيد فقد حذّر عنه في معتبرة الحذاء (المصدر) و في صحيح حماد عن عبدالرحيم (261) و غيره و روايات المحاسن.

و يمكن حملها علي من يضل استعداده بل بري انحراف جماعة صرفوا

ص: 109


1- - تحيراً وضلالاً.

اعمارهم في المعقولات عن معتقدات علم الكلام و انظار علماء المذاهب. فلاحظ و تأمل.

و علي كل لا يبعد جواز التحقيق في المعارف الدينية مع مراعاة الخط الاحمر. و في رواية عن الجواد عليه السّلام: سئل: يجوز ان يقال لله: انه شيء فقال: نعم تخرجه من الحدين: حد التعطيل و حد التشبيه. و استدل علي الطلاق الشيء عليه في بعض الروايات بقوله تعالي: قل أي شيء اكبر شهادة قل الله شهيد بيني و بينكم. و انه شيء لا كالاشياء (ليش كمثله شيء).

فليكن هذا قطعياً لا يقبل الترديد. بل هو واجب في الجملة.

و نختم الباب بذكر حديثين آخرين من احاديثه.

1 _ حديث زرارة انه سمع الصادق عليه السّلام يقول: ان الله تبارك و تعالي خلو من خلقه و خلقه خلو منه وكل ما وقع عليه اسم شيء ما خلا الله عز وجل فهو مخلوق و الله خالق كل شيء (تبارك الذي ليس كمثله شيء) (3:263).

2 _ حديث ابن ابي نجران قال: سألت ابا جعفر الثاني عليه السّلام عن التوحيد فقلت أتوهم شيئاً؟

فقال: نعم غير معقول و لا محدود، فما وقع وهمك عليه من شيء فهو خلافه، لا يشبهه شيء و لا تدركه الاوهام، كيف تدركه الاوهام و هو خلاف ما يعقل و خلاف ما يتصور في الاوهام ؟ انما يتوهم شيء غير معقول و لا محدود (3:266).

و كلا الحديثين معتبر ظاهراً. و المذكورة برقم 3 و 4 علي وجه و 20 و 32 من رواياته معتبرة سنداً. و كذا القدر المتفق عليه منها.

ص: 110

الباب 10: ادني ما يجزي من المعرفة في التوحيد و انه لا يعرف الله الا به. (3:267)

في الجزء الاول من العنوان بحث مهم من الناحية الفقهية، ما هو الواجب من الاعتقاد في صفاته و الفعاله تعالي و بأي شيء يتصف الانسان بالاسلام فاذا نقص منه يصير كافرا و إنكار أي شيء يوجب الكفر؟ و روايات الباب مع الضعف في اسانيدها ليست في مقام الضابطة و التحديد و كل منها ذكر بعض الامور و لماستفد منها شيئاً مفيداً.

و لتحديد هذا المووضع لابد من مراجعة الفقه في بحث الارتداد من كتاب الطهارة.

و أما الجزء الثاني فهو غير صحيح لان القرآن مشحون بالاستدلال علي وجوده بمخلوقاته. أفي الله يشك فاطر السموات و الارض. نعم الطريق غير منحصر بالدليل الانّي بل هنا طريق آخر للايمان به تعالي و هو طريق شبه اللِم. (يا من دل علي ذاته بذاته) و اقوي منها طريق الالهام من طريق العبادات الشرعية (وَ اُعْبُدْ رَبَّكَ حَتّٰى يَأْتِيَكَ اَلْيَقِينُ ).

الباب 11: الدين الحنيف و الفطرة و صبغة الله و التعريف في الميثاق (3:276)

اقول في الباب مطالب و هوذو احاديث معتبرة كثيرة، كالمذكورة برقم 1، 5، 6، 7، 8، 10، 11 و 15.

الاول: ان الدين دي معرفة الله و توحيده فطري للانسان و يدل عليه قوله تعالي: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، فِطْرَتَ اَللّٰهِ اَلَّتِي فَطَرَ اَلنّٰاسَ عَلَيْهٰا...) (الروم/ 3(0)

و لعل نصب كلمة فطرة بتقدير اعني. أو ألزم و امثالهما. و يؤكده قوله

ص: 111

تعالي: (وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ .. أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ ..) بضميمة ما ورد في ذليه من صحيح زرارة (3:27(9) و غيره و تدل علي هذا المعني روايات معتبرة و غير معتبرة توجب الاطمينان بصدور المضمون المذكور من الامام.

الثاني: هل الفطرة المذكورة هي الفطرة العقل او فطرة القلب. و مرادي بالاول علم النفس الضروري بوجوده بعلي من طريق قانون العلية العامة. و مرادي بالثاني الميل العميق الروحي كحب الاولاد وحب النفس وحب المناظر و الاشياء الجميلة و نحو ذلك ؟ و علي الاول شواهد في الاخبار كقوله عليه السّلام في صحيح زرارة (278 ح 10) و لولا ذلك لم يعلموا من برهم و من رازقهم. وقوله عليه السّلام في صحيح ثان له: فعرّفهم واراهم صنعه.. كل مولود يولد علي الفطرة يعني علي المعرفة..

الثالث: انها بنحو المقتضي للايمان و ليست بعلّة تامة كما يدل عليه صحيح ابن سنان: فطرهم الله حين اخذ ميثاقهم علي التوحيد فقال ألست بربكم و فيهم المؤمن و الكافر (278 ح 7) فلاحظ. ولا شك ان كثيراً من الفطريات كذلك فتري الوالد قد يقتل ابنه فضلاً عن انه لا يحبه. و المريض قد لا يشتهي الطعام لمرض و لا يحب الصوت الحسن او الورد الجميل لمانع. فكفر اكثر الناس لا ينافي فطرية التوحيد، لعوامل مختلفة و علل متعددة كالشهوة و التلقين و متابعة الاباء و القاء الشبهة و نحو ذلك.

الرابع: في بعض الروايات غير المعتبرة عدت امامة امير المؤمنين و رسالة النبي الخاتم صلّي الله عليه و آله وسلّم في جنب التوحيد من الفطري. كأنه من وضع بعض الرواة و زياداتهم، اذ في اسناد بعضها من وصفوه بوضع الحديث. و لا

ص: 112

شك ان نبوة نبينا الخاتم صلّي الله عليه و آله و سلّم و امامة وصية عليه السّلام ليستا بفطريتين. وانما قبلنا همات بدلائل نقلية.

الخامس: في رواية معتبرة عن الصادق عليه السّلام تفسير الصبغة (الصبغة الله و من احسن من الله صبغة) بالاسلام.

الباب 12: إثبات قدمه تعالي و امتناع الزوال عليه (3:283)

أقول: في روايات الباب جملات يبعد كل البعد _ صدورها عن غير أمير المؤمنين صاحب نهج البلاغة و اولاده اوصياء النبي _ صلّي الله عليه و عليهم _ سواء صحت اسانيدها ام لم تصح كما هوو الظاهر وننقل هنا بعض الجملات:

يا امير المؤمنين متي كان ربك ؟ فقال له: ثكلتكم امك و متي لم يكن حتييقال: متي كان، كان ربي قبل القبل بلا قبل، و يكون بعد البعد بلا بعد، و لا غاية و لا منتهي لغايته، انقطعت الغايات عنه، فهو منتهي كل غاية.

فقال (اي عالم اليهود): أفنبي أنت ؟ فقال: ويلك انما انا عبد من عبيد محمد صلّي الله عليه و آله و سلّم.

الباب 13: نفي الجسم و التشبيه والحلول و الاتحاد و انه لا يدرك بالحواس و الاوهام و العقول و الافهام. (3:287).

كل ذلك مما لا شك فيه عقلا و احاديث الباب تدل علي نفيها او نفي اكثرها وعلي نفي تحديده و بعض امور آخر. و المذكورة من رواياته برقم 9، 13، 14، 42 معبّرة سنداً.

الباب 14: نفي الزمان و المكان و الحركة و الانتقال عنه تعالي و تأويل الآيات و الاخبار في ذلك (3:309).

ص: 113

أقول: في الباب مطالب كثيرة نذكر عدة منها:

1 _ لم يتيسر لي بعد تصور الزمان بما هيته و تصديقه علي نحو علمي او عقلي قاطع، و لم افهم انه موجود خارجي او امر اعتباري و انتزاعي ؟

2 _ الروايات الدالة علي نفي الزمان عنه تعالي كالادلة العقلية الاجمالية(1) ربما لا تخلو فهمها التفصيلي عن صعوبة فان بقاء الله لا يفهم الا بمعني امتداد وجوده من الماضي، و الزمان بأي معني كان لا يخلو من الامتداد أو هو هو، فاثبات البقاء له تعالي و سلب الزمان (اي الامتداد) عنه عند المحبوسين في سجن الزمان لا يخلو عن تناقض.

اللهم الا عند الكملين منهم فعن سيد الشهداء الحسين بن علي عليه السّلام في خطبة عالية له في التوحيد و معرفة الله تعالي: ليس عن الدهر قدمه (البحار 4:301).

بل وكذا الازلية و الابدية و السرمدية لا تفهم الا بالامتداد من جانب الماضي أو من الحال إلي آخر المستقبل او من جانب الماضي إلي آخر المستقبل. ولا يفهم من الزمان الا الامتداد.

فنحن بانون علي ان الواجب خارج عن الزمان و المكان و انه خالق الزمان لكن لا نفهم معني ذلك تفصيلاً، بل لو ثبت كون الزمان غير موجود خارجي نمنع كونه مخلوقاً لله تعالي اصالة.

3 _ مقتضي الحكم العقل و مدلول بعض الآيات و الروايات _ روايات

ص: 114


1- - لاحظ الجزء الثانى من كتابنا صراط الحق.

الباب و غيرها _ انه تعالي ليس و لا بجسماني فلا تعرضه لواحق الجمسية، فليس له زمان _ علي وجه مرّ _ و لا مكان بل هو خارج عن الجهات الست، و لا له حركة ولا سكون و لا إنتقال و امثالها.

لا نتفاءموضوعها عنه تعالي. و للامام علي عليه السّلام الذي هو بحق باب مد ينة علم النبي سلّي الله عليه و آله وسلّم _ كلمات بديعة عميقة في هذه الموضوعات علي ما في نهج البلاغة.

و السؤال المهم هنا وجود آيات كريمة دالة او مشعرة علي انه جسم و انه ذو اعضاء كاليدين و الاعين و الوجه و نسبة المجيء إليه تعالي و انه علي العرش استوي ان له صفات نفسانية كالغضب و الرضي. و من الجهل بمراده تعالي من هذه الظواهر نشأت المجسمة و خرافاتهم مثل ان له تعالي صورة و جسماً و مجيئاً و ذهاباً و فما واسناناً وضحكاً و ان المؤمنين بل كال الناس يرونه في المحشر و انه ينزل إلي السماء الدنيا و نصوصه الموجبة لجعل تلك الظواهر من المتشابهات. و الله العالم بافعاله و كلامه و احكامه و اسرارها و علي كل، لاجل هذه الآيات لم يحكم في فقه الشيعة علي المجسمة بالكفر الا ان يلتزموا بلوازم الجسمية كالحدوث والفناء.

وفي الختام نذكر هنا بعض روايات الباب و ان لم تصح اسانيدها فان الروايات المعتبرة سنداً في الباب قليلة كالمذكورة برقم 47، 21، 18، 10.

1 _ رواية ابي بصير عن الصادق عليه السّلام: ان الله تبارك و تعالي لا يوصف بزمان و لا مكان و لا حركة و لا انتقال و لا سكون، بل هو خالق الزمان و المكان

ص: 115

و الحركة و السكون و الانتقال تعالي عما يقول الظالمون علواً كبيراً. 3:309.

2 _ في رواية ابي جعفر سأل أبا عبدالله عليه السّلام عن قول الله عز وجل: و هو الله في السموات و الارض (الانعام 30).

قال: كذلك هو في كل مكان. قلت بذاته ؟ قال: ويحك ان الاماكن اقدار، فاذا قلت: في مكان بذاته لزمك ان تقول في اقدار وغير ذلك، و لكن هو بائن من خلقه محيط بما خلق علما و قدرة و إحاطة و سلطانا. و ليس علمه بما في الارض بأقلّ مما في السماء لا يبعد عنه شيء و الاشياء له سواء علماً و قدرة و سلطاناً و ملكاً و احاطة. (3:323).

اقول ذات يوم كنت اجيب اعتراضات الوهابية المتحجرة الضالة فيالمسجد الجرام فاذا جأوا برجل عرفوه انه عالمهم فغير البحث الدائر بيننا إلي انه تعالي جسم و كان يصرّ أن أقب منه انه تعالي في السماء! قلت أين السماء فاشار إلي فوقنا. قلت له ان هذا الفوق بعد اثنتي عشرة ساعة يصير تحتنا لمكان حركة الارض فالله تحتنا لا فوقنا! فبهت الذي جهل و لم اكن يؤمئذاك متوجهاً إلي الآية المذكورة في هذه الرواية حتي اذكرها له.

3 _ في رواية حماد ابن عمرو عنه عليه السّلام: كذب من زعم أن الله عز وجل في شيء اومن شيء أو علي شيء (327).

4 _ في رواية الجعفري عن الكاظم عليه السّلام: ان الله تبارك و تعالي كان و لم يزل بلا زمان و لا مكان و هو الآن كما كان لا يخلو منه مكان و لا يشتغل به مكان و لا يحل في مكان.. (المصدر).

5 _ في صحيح ابن الحجاج قال سألت ابا عبدالله عليه السّلام عن قول الله عز

ص: 116

وجل: الرحمن علي العرش استوي فقال: استوي من كل شيء فليس شيء اقرب إليه من شيء لم يبعد منه بعيد و لم يقرب منه قريب استوي من كل شيء. (337) ظاهر الرواية ان الاستواء بمعني المساواة في النسبة كما استظهره المجلسي من الاخبار، و ان العرش بمعني كل الاشياء و تضمين الاستواء ما يتعدي بعلي كلاستيلاء و الاستعلاء و الاشراف كما قال المؤلف (338) و الاحاديث الاخري ايضاً تؤكده. (336).

و الاحسن التوقف في معني العرش و جعله من المتشابهات كما ستعرف ذلك عند الكلام في العرش و الكرسي.

6 _ و في الرواية: ان الجسم محدود متناه والصورة محدودة متناهية، فاذا احتمل الحد احتمل الزيادة و النقصان و إذا احتمل الزيادة و النقاصان كان مخلوقاً.. قال: لا جسم و لا صورة و هو مصور الصورة لم يتجزأ و لم يتناه و لم يتزايد و لم يتناقص.. (302).

ج 4: تأويل بعض الآيات وبحث صفاته و أسمائه تعالي

ابواب تأويل الآيات و الاخبار الموهمة لخلاف ما سبق

الباب 1: تأويل قوله تعالي: خلقت بيدي و جنب الله و وجه الله و يوم يكشف عن ساق و امثالها (4:1).

أقول: إذا وجد حديث معتبر علي تأويل شيء من كلمات القرآن فنأخذ

ص: 117

به، والا فلابد من التوقف في التفسير و لا يجوز الاعتماد علي اقوال الرواة المجهولين او الضعفاء و تسميتها احاديث الأئمة فانه ضلالة و اضلال، الا إذا كثرت الروايات فاوجبت الاطمئنان بصدور المضمون. و في الباب ما صح سنده قليل كالمذكور رقم 4. نعم معني وجه الله ذات الله فالاضافة بيانية كما يدل عليه القرآن: (و يبقي وجه ربك ذو الجلال و الاكرام) حيث وصف الوجه بذي الجلال و الاكرام.

الباب 2: تأويل قوله تعالي: و نفخت فيه من روحي و روح منه و قوله صلّي الله عليه و آله و سلّم خلق الله آدم علي صورته (11).

الكلام فيه هو الكلام في سابقه بعينه نعم خبر خلق الله آدم علي صورته لم يثبت بالسند المعتبر حتي نحتاج إلي تأويله.

و اما الاول ففي صحيح محمدبن مسلم قال: سألت أبا جعفر عن قول الله عز وجل «وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي».

قال: روح اختاره الله و اصطفاه و خلقه و اضافه إلي نفسه و فضله علي جميع الارواح فامر فنفخ منه في آدم. (4:11).

أقول: لا يبعد ان يكون المنفوخ في جسد ادم هو الحياة و اما الروح فهو ليس في البدن و ليس بمنفوخ هو منفوخ منه، و قد حققت المقام في كتابنا المطبوع (روح از نظر دين و عقل و علم روحي جديد).

و في موثقة زرارة و الحلبي عن الصادق عليه السّلام: إن الله تباركت و تعالي أحد صمد ليس له جوف، و انما الروح خلق من خلقه، نصر و تأييد و قوة يجعله الله في قلوب الرسل و المؤمنين (4:14).

ص: 118

والظاهر ان هذا الروح بمعني التوفيق و نحوه لا بمعني النفس كما في الصحيح السابق.

الباب 3: تأويل آية النور. (4:15)

الكلام فيه كما سابقيه. ثم يمكن أن يكون المراد بالنور هو النور الحقيقي أي الوجود فهو موجود بذاته موجد لغيره كما ان النور الجسي ظاهر بنفسه و مظهر لغيره، و يمكن ان يراد بالنور النور الحسي فهو منور السموات و الارض و هو من الانعم العظيمة و يمكن ان يراد به الهداية فهو هادي السموات و الارض هداية تكوينية. و هادي الناس هداية تشريعية كما في الروايات غير المعتبرة، كل ذلك ممكن. لكن عقد القلب علي امر معين محتاج إلي دليل معتبر. و ليس في الباب رواية معتبرة.

الباب 4: معني حجزة الله عز وجل (ص 24)

في معتبرة الخزار _ و هي المعتبرة الوحيدة في الباب _ عن الرضا عليه السّلام قال: ان رسول الله آخذ بحجزة الله و نحن آخذون بحجزة نبينا وشيعتنا آخذون بحجزتنا. ثم قال: الحجزة النور (24 و 25)

لا يبعد ارادة الهداية التكوينية من النور المفسر به الحجزة التي هي موضع التكة من السراويل معقد الازار، و في المجاز الاعتصام بالشيء و التمسك به كما في المنجد.

الباب 5: نفي الرؤية و تأويل الآيات فيها (4:26)

في الباب روايات كثيرة جملة منها مشتملة علي المعاني العالية و الاستدلالات القويمة و جملة منها معتبرة سنداً مثل ما ذكر بارقام 5، 6، 11،

ص: 119

13،(1) 14، 15، 16، 19، 22 و فيها ما يتعين رده إلي قائله.

و جملة القول ان رؤية الله تعالي مستحيلة في الدنيا و الآخرة. و لا يظن بسليم العقل العالم ان ينكر استحالتها و هي مذهب علماء الامامية تبعاً الائمة العترة و المعتزلة و بعض الاشاعرة كفريد و جدي المصري صاحب دائرة معارف ا لقرن العشرين. و ذهب معظمهم إلي وقوع وؤيظ الله في الاخرة، لكن متكلموهم وجهوها بوجه حتي لا تكون ظاهرة البطلان كما يظهر من المواقف و شرحها وشرح المقاصد و شرح القوشجي علي التجريد و غيرها وعمدة السبب التي حملتها علي قبول هذه الطامة و أوقعتهم في هذه الورطة، هي الروايات الواردة عن رواة كاذبين و ضاعين علي رسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم فصارت جزءاً من دينهم و حمّلوها علي الناس ثم دافع عنها المجادلون في كتبهم و طبقوا الحقيقة علي عقائدهم بدل ان يطبقوا عقائدهم علي الحقيقة كما يفعله قليل من العلماء الكاملين الموفقين.

و علي كل مشكلة ابتلاء السنة النبوية بالجاهلين و القاصرين و بالمعاندين الوضاعين ليست مشكلة بحث الرؤية؛ بل هي مشكلة مسائل كثيرة في الاصول و الفروع و ليست مشكلة اهل السنة فقط، بل مشكلة جميع

ص: 120


1- - فى السند الدقاق و لم يوثق لكن السيد الداماد نقل كثرة ترحم الصدوق عليه و هى عندى امارة الحسن فقد اقبل حديثه لاجل ذلك و قد لم اذكر حديثه فى المعتبرات للترديد فى كثرة الترحم عليه.

الاديان و مشكلة جميع الديان و مشكلة جميع التاريخ علي طول الزمن و مشكلة جميع الشعوب العالمية مع حكوماتهم في عصرنا _ عصر الراديو و الاذاعة و عصر التلفزيون والكامپيوتر و عصر اينترنيت فيضلّون الشعوب بالوسائل الاعلامية الحديثة بالكذب و التزوير فوا أسفا علي هذا الانسان الذي هو اعظم كيداً و مكراً و تزويراً و تدليساً منابليس!

و نصيحتي للقراء الكرام من الشيعة و السنة ان لا يقبلوا كل رواية نقلت في كتب الاحديث و لا يكتبونه في مؤلفاتهم و لا يذكرونه للمسترشدين في مجالسهم، بل ينظرون إلي اسانيدها اولاً، ثم إلي عدم مخالفتها للعقل، ثم إلي عدم مخالفتها للقرآن الكريم، لكن الذين يقدرون علي هذه العمليات النظرية العلمية قليلون و إلي الله المشتكي.

و نصيحتي لبعض آخرين من القراء ألّا يتركون الروايات المعتبرة لاجل اقوال بعض الفلاسفة او لاجل وساوس الغربيين في اذاعاتهم و مجلاتهم فانهم أعداء ديننا و دنيانا. وكذلك جعلناكم أمة وسطا، فلابد من الاجتناب عن الافراط و التفريط.

أبواب الصفات

الباب 1: نفي التركيب و اختلاف المعاني و الصفات و انه ليس محلا للحوادث و التغييرات، و تأويل الآيات فيها و لفرق بين صفات الذات و صفات الافعال (4:62).

نفي التركيب و اختلاف المعاني و الصفات و انه ليس محلا للحوادث و التغييرات، و تأويل الآيات فيها والفرق بين صفات الذات و صفات الافعال (4:62).

ص: 121

اقول العمدة من هذه المطالب الخمسة المذكورة في العنوان، المطلب الثاني و هو نفي اختلاف المعاني و الصفات، فانه من اصول المعارف الدينية و اركان التوحيد.

ثم ان المراد نفي التعدد بحسب المصداق و الوجود لا بحسب المفاهيم اذ لا شك في تباين مفاهيم العلم و القدرة و الحياة والذات بينها و تعددها و اختلافها.

و في مقام اقوال و مذاهب للامامية والفلاسفة و المعتزلة و الاشعرية، فصلناها في صراط الحق (ج 2) و لابد للمحقق من مراجعته في هذا الباب و سابقه و غيرهما.

و الذييدل علي عينية الصفات بينها و مع الذات الواجبة _ تعالي شأنه _ في الجملة من الروايات، ما ذكر بارقام 1، 2، 11، 12، 14، 15، 16، 18، من هذا الباب و بارقام 16، 17، 18، 22 من الباب الثاني (ص 84 و ص 86) و برقم 3 من الباب الرابع ص 136 فهذه ثلاثة عشر خبراً و المعتبر منها سنداً قليل لكن مشتركاتها مما يطمئن بصدورها لكثرتها. و المعتبرة من روايات الباب ما ذكرت برقم 16 فقط.

يقول المؤلف العلامة: اعلم ان اكثر أخبار هذا الباب تدل علي نفي زيادة الصفات، أي علي نفي صفات موجودة زائدة علي ذاته تعالي(1) و اما

ص: 122


1- - وهذا القول المختار لمعظم الاشاعرة، يرجع بالدقة إلى قول الدهريين القائلين بان مبدء العالم لا عقل و لا شعور و لا اختيار له فى صدور افاعيله عنه.

كونهاعين ذاته تعالي بمعني انها تصدق عليها(1) أو انها قائمة مقام الصفات الحاصلة في غيره تعالي. أو انها امور اعتبارية غير موجودة. في الخارج واجبة الثبوت لذاته تعالي فلا نص فيها علي شيء منها، و ان كان الظاهر من بعضها أحد المعنيين الاولين ص 62.

أقول: اكثر الاخبار المشار إليها ظاهرة في عينية الصفات مع الذات. و لا يستفاد منها المعنيان الاخيران.

و اما المطلب الاول وهو نفي التركيب فتدل عليه مرسلة الاحتجاج المذكورة برقم (8) و لا يستفاد من غيرها الا بتوجيه و تعمل فكري. نعم العقل ينفي تركبه بجميع معانيه عنه تعالي.

وأما المطلب الثالث الثابت عند العقل. فيدل عليه ما ذكر بارقام 3، 5، 6، 7، 9، 10 و لا يضرّها ضعف اسانيدها بعد قضاء العقل باستحالة حلول الحوادث به تعالي.

و اما المطلب الرابع _ و هو تأويل آيات في المقام _ فقد أوّل النسيان بالترك اعتماداً علي قولهتعالي: و ما كان ربك نسياً. كما في الرقم (4) و اُوّل الغضب بالعقاب كما في الرقم (5) و (9) و (10) و (7) و فيه تأويل الرضا بالثواب و أوّل أسفه (فلما آسفونا) بأسف اولياء كما في الرقم 6.

أقول: لا شك ان الصفات الجسمية كالقرب و البعد و المجيء و غيرها

ص: 123


1- - البراهين العقلية تقتضى بالعينية كما قال بها الامامية و الحكماء و بعض المعتزلة و بعض الاشاعرة.

كالصفات النفسية مثل الرضا و الغضب و التأسف و غيرها منفية عنه تعالي بانتفاع موضوعيها و هما الجسم و النفس، لكن البناء علي التأويل يتوقف علي صحة الروايات المذكورة و ليس كذلك و ان كان المظنون أنّ معني الرضا و االغضب هوالعقاب و الثواب.

و أما المطلب الخامس فيدل عليه ما ذكره بالرقم (11) و ان كان ما برقم 13 ينافيه في الجملة. لكن لابد من تأويله. و قد تعرض للفرق بين الصفات الذاتية و الفعلية الصدوق رحمة الله في توحيده واوضحه المجلسي رحمة الله (ص 71) و لعلّ أوّل من تَعرض له هو ثقة الاسلامية الكيني رحمة الله في الكافي (1:111) و نحن ذكرناه في صراط الحق (ج 1) مفصلا.

الباب 2: العلم و كيفيته، و آيات الواردة فيه. (4:74)

أقول: الآيات الكثيرة التي اوردها تدل علي ان الله يعلم كل شيء موجود، فان كلمة «شيء» حتي في العمومات (بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ ) (عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ شَهِيدٌ) ظاهر او منصرف إلي شيء موجود غائباً كان عن حواسنا أو حاضراً فيها، كما ان كلمة الغيب كذلك و لا يشمل المعدوم ولو بالانصراف.

نعم الروايات الكثيرة و غير المعتبرة سنداً تدل علي انه تعالي عالم بمخلوقه قبل وجوده و استدل له في بعض الروايات غير المعتبرة بقوله تعالي: (وَ لَوْ رُدُّوا لَعٰادُوا لِمٰا نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكٰاذِبُونَ ) بقوله: (أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ ... قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ ). و بقوله تعالي: (لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلاَّ اَللّٰهُ لَفَسَدَتٰا). و العمدة هي الآية الاولي في اثبات

ص: 124

المطلب(1).

و اما انه كيف يعلم الشيء قبل وجوده فهو بحث طويل مفصل ذكرناه في صراط الحق، لكن ينبغي لأهل العلم أن لا يخوضوا فيه، فان علمه الواجب لا يعلم ككيفية بقية صفاته الواجبة فيقع في ضلالة بعيدة كما ضل كثير من الباحثين.

و في المقام آيات تدل علي حدوث العلم كقوله، ليعلم، لنعلم. و غيرهما و هي محتاجة إلي توجيه معقول و جواب مقنع مع التحفظ علي ظواهر الآيات.

ثمّ المعتبرة سنداً ما ذكرت برقم 17، 18، 19، 23، 25، 28، 29.

الباب 3: البداء و النسخ (4:92)

أورد فيه آيات و روايات و نظرات جزاه الله عن اهل العلم خير الجزاء.

و نحن نذكر بعض الآيات و الروايات توضيحاً للمقام.

1 _ لكل اجل كتاب يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الكتاب (الرعد 39 _ 38).

اقول المناسب بملاحظة ذكر الكتاب في الآيات الاولي و ذكر ام الكتاب في آخر الثانية و بملاحظ كلمة: يثبت حمل المحو و الاثبات علي الكتبي منهما دون الوجودي، والمحصل علي هذا، ان الله تعالي كتابين أحدهما أم الكتاب

ص: 125


1- - و كذا قوله تعالى: (إِنَّ اَللّٰهَ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلسّٰاعَةِ ). بل و قوله: (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ اَلسّٰاعَةِ ) على تردد. و قوله: (مٰا أَصٰابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي اَلْأَرْضِ وَ لاٰ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهٰا إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى اَللّٰهِ يَسِيرٌ) (الحديد/ 22) و امثاله.

إي اللوح المحفوظ من الزيادة و النقصان و الاختلاف ثانيهما كتاب المحو و الاثبات.

و في صحيح حفص بن البختري و هشام بن سالم و غيرهما عن أبي عبدالله عليه السّلام في هذه الآية (يَمْحُوا اَللّٰهُ مٰا يَشٰاءُ وَ يُثْبِتُ ) قال: فقال: و هل يمحو الله إلّا ما كان(1). و هل يثبت إلّا ما لم يكن (4:10(8).

2 _ (هُوَ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضىٰ أَجَلاً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ ) (الانعام/ 2) يظهر ان للانسان اُجلين. اُجلين مقضي و أجل مسمّي عند الله. و يسمي الاول عند جمع من المسلمين بالاجل المعلّق أيضاً. و في موثقة حُمران في الكافي (1:14(7): هما اجلان، أجل محتوم و أجل موقوف.

و تصويرهما: ان لزيد أجلا في سنة السبعين من عمره ان وصل ارحامه و تصدق علي الفقراء و برّ بوالديه مثلا، و ان قطع رحمه او لم يتصدق علي المساكين أو عاق والدينفلا يعمر أكثر من اربعين سنة. لكن الله تعالييعلم انه يعمل بالشرائط مثلاً فيكتب في اللواح المحفوظ أن اجله سبعون سنة لا يستأخرون و لا يستقدم منه ساعة. و هذا هو أجله المسمي و أما الثاني فهو اجله المقضي علي فرض ترك الشرائط. و إذا علم الله انه يترك الشرائط في حياته فالاربعون أجله المسمي و السبعون اجله المقضي. فالمحو و الاثبات يرجعان إلي لوح المحو و الاثبات دون ام الكتاب. و قال تعالي: (وَ مٰا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَ لاٰ يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ ).

ص: 126


1- - فى الكافى 1:147، الا ما كان ثابتاً.

3 _ في صحيح ابن سنان المروي في توحيد الصدوق عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه السّلام قال: ان الله علما خاصا و علما عاماً فاما العلم الخاص فالعلم الذي لم يطلع عليه ملائكته المقربين و انبياءه المرسلين. و أما علمه العام فانه علمه الذي أطلع عليه المقربون و انبياء المرسلين و قد وقع إلينا من رسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم ص. 85.

و تدل عليه روايات اخري أيضاً (4:84)

4 _ في صحيح ابن سنان (الكافي 1:148) عن الصادق عليه السّلام: ما بدا لله في شيء إلا كان في علمه قبل أن يبدو له.

و تؤكد مضمونه روايات. و هذا فليكن قطعيا مسلّما في المذهب.

و معني البداء ان الله يقدّم ما يشاء و يؤخر ما يشاء و ليس يده مغلولة كما زعم اليهود.

5 _ ليس في علمه تعالي بداء بالضرورة، و ليس في ما يخبر انبيائه علي سبيل الحتم بداء و لا فيما يفرق في ليلة القدر و الليلة المباركة من كل أمر حكيم، و الا لم يكن حكيماً محكما(1) و اما إذا لم يخبر نبيه علي سبيل الحتم او نظر النبي نفسه في لوح المحو و الاثبات فيمكن فيه البداء و عليه يحمل الخبران الاتيان:

7 _ صحيح أبي بصير المروي في الكافي (1:147): ان الله علمين علم

ص: 127


1- - لاحظ مرسلة العياشى رقم 44 فى 4:116، من البحار فانها ناصّة على ذلك ولكن سندها ضعيف.

مكنون مخزون، لايعلمه الا هو، من ذلك يكون البداء و علم علّمه ملائكته و رسله و انبيائه فنحن نعلمه.

أقول: الظاهر كلمة من ناشئة أي البداء ينشأ من هذا العلم لا انه يتحقق فيه فتبصر.

8 _ روي الكليني رحمة الله عن محمد بن اسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسي عن ربعي بن عبدالله عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول العلم علمان: فعلم عندالله مخزون لم يطلع عليه احداً من خلقه. و علم علّمه ملائكته و رسله، فما علمه ملائكته و رسله فانه سيكون، لا يكذب نفسه و لا ملائكته و لا رسل و علم عنده مخزون يقدم منه ما يشاء و يثبت ما يشاء (1:147).

أقول: محمد بن اسماعيل مجهول لم يوثق لكن جهالته لا تضر باعتبار السند اذ لا كتاب له فهو مجرّد شيخ اجازة للكليني فاذا فرضنا شهرة كتب الفضل و تعدد نسخها في زمانه إلي زمان الكليني بحيث يطمئن سلامتها عن الدس و التزوير صحت رواياته عن الفضل و الفضل حسب بعض النقول المذكور في الكشي توفي سنة 260 ه و الكليني توفي سنة 328 أو 329 فالفصل الزمني بينهما قليل.

و مما يؤيد شهرة كتبه قول النجاشي في حقه: و كان ثقة، أحد اصحابنا الفقهاء و المتكلمين، و له جلالة في هذه الطائفة و هو في قدره أشهر من أن نصفه..

أقول: فمن كان هكذا تصبح كتبه مشهورة بين الناس عادة.

ص: 128

9 _ أن وجود كل شيء إذا قيس إلي علته التامة فهو واجب لا يتخلف عنه، و إذا قيس إلي مقتضي الذي لا يوجب مقتضاه الا مع حصول الشروط و عدم الموانع فاذا لم يوجد الشرط او وجد المانع لم يؤثر المقتضي أثره، بل كان التأثير للمانع يتحقق البداء، بالنسبة إلي المقتضي الذييقتضي خلاف الذي تحقق لاجل المانع او فقد الشرط. هذا من جهة أخري ان علمه بالشيء ان كان من جهة علته التامة، فهذا لا بداء فيه. و ان كان من جهة مقتضيه يمكن ان يظهر خلاف ما كان ظاهراً منه بفقد شرط أو وجود مانع و هذا هو معني البداء كما ذكره بعض اهل المعقول(1).

10 _ البداء: بالفتح و المد ظهور الشيء بعد الخفاء و هذا المعنييستحيل في حقه عقلاً و باطل نقلا و المعقول في حقه تعالي اظهار ما خفي علي الناس علي وجه عرفته انفا و نتيجته تعلّق العبد بربه في كل امر.

و لذا ورد في صحيح هشام (4:107) عن الصادق عليه السّلام: ما عظم الله عزّ وجلّ بمثل البداء. و البداء الله ليس منحصراً برواياتنا بل ورد في روايات البخاري ايضاً. فلاحظ برقم 3277 من كتابه: عن أبي هريرة عن رسول الله عليه السّلام ان ثلاثة في بني اسرائيل: ابر ص واقرع و اعمي، بدالله ان يبتليهم...

ص: 129


1- - لا يقال: على هذا يمكن البداء فى علمه المخزون أيضاً قلت لا يصدق البداء ما لم يصل العلم إلى المخلوق، لان الله إذا علم شيئاً من طريق مقتضيه المقارن للمانع أو فقدان الشرط يعلم بعدم تحققه فأين البداء و الابداء و انما يصدقان بالنسبة إلى علم غيره تعالى بالشىء من قبل مقتضيه والغفلة عن وجود المانع او عدم الشرط فيقع غير مقتضاه فيتحقق البداء.

و فسر معلق البخاري بقوله: اراد ان يظهر ما سبق في علمه، فالبداء في حقه تعالي عندنا و عند اهل السنة بمعني الابداء فلا خلاف بين المسلمين في ذلك.

و اعلم أنّا ذكرنا في الجزء الاول من كتابنا صراط الحق تفصيلا مغائرا للمقام حول البداء و ملاحظته لا تخلو عن فائدة. ثم المذكورة بارقام 3، 15، 19، 20، 21، 22، 39 علي وجه و خبرا البزنطي في اول ص 115 علي وجه معتبرة سندا.

الباب 4: القدرة و الارادة. (4:134)

أورد فيه آيات و روايات و المعتبرة منها ما ذكرت بارقام 4، 8، 11، 13، 14، 20.

1 _ الاقوال المخالفة لقدرته تعالي صغروية ترجع إلي تخيل المقدور غير مقدور له تعالي كما ذكرناه في علم الكلام. و ما الكبري و هو أن كل ممكن مقدور له تعالي فلانزاع فيه.

2 _ متعلق علمه تعالي جميع الموجودات الوجبة والممكنة و استحالة المستحيلات، و متعلق قدرته خصوص الممكنات، فادخال الارض في البيضة من دون تكبير البيضة و تصغير الدنيا و ايجاد شريك الباري و اعدام الواجب الوجود و سلب الزوجية عن الاربعة و أمثال ذلك محال غير مقدور لله تعالي كما اشير إلي الاول في روايات الباب سوي رواية واحدة غير معتبرة أوّلها المجلسي رحمة الله بوجوه.

3 _ المهم المختلف فيه بين المتكلمين و الفلاسفة هو كيفية قدرته و تفسير

ص: 130

اختباره و لب الكلام ان المتفق عليه بين المتكلمين ان الله لا يجب عليه صدور الفعل كما لا يمتنع عليه تركه فهو متمكن من الفعل و الترك. و تفصيله في صراط الحق (ج 1).

4 _ ارادته تعالي لا ترجع إلي علمه خلافاً للفلاسفة و لكثير من المعتزلة و الامامية و في الواقع لا تعقل الارادة في حقه تعالي لانها القصد و هي صفة نفسية منتفية عنه بانتفاء موضوعها، لكن القرآن اثبت له ارادة، و الروايات المعتبرة و غير المعتبرة تفسيرها بنفس الايجاب و الفعل و الاحداث. و انها حادثة.

أقول: و مرجّحها العلم بالاصلح. و قد فصلناه في الجزء الاول من صراط الحق و اماما في الصحيح ابن اذينة عن أبي عبدالله عليه السّلام: خلق الله المشيئة بنفسها ثم خلق الاشياء بالمشيئة. (4:145).

فجعله المؤلف العلامة من غوامض الاخبار و ذكر لتأويله خمسة وجوهاً.

أقول: الارادة التكوينية _ حسب دلالة الروايات _ حادثة فمعناها الايجاد فكل شيء موجود بالايجاد، و أمّا الايجاد فهو لا يوجد بايجاد آخر و الا لدارت أو تسلسلت الايجادات بل الايجاد بنفسها يتحقق من الموجد و مرجحه فيه تعالي علمه. و هدا معني الرواية من دون حاجة إلي تأويل.

الباب 5: انه تعالي خالق كل شيء و ليس الموجد و المعدم الا الله تعالي و ان ما سواء مخلوق. (4:147).

أقول: هذا العنوان دان به الامامية فقط و غيرهم من المذاهب و المسالك

ص: 131

جعلوا لذاته لوازم غير مخلوقة و موجودة كما ذكرها السبزواري في شرح منظومة و العجب ان الاشاعرة المنكرين للعلية العامة أيضاً قائلون بصفاته الذتية زائدة عليذاته تعالي و لازمة لها. اللهم لا بعضهم الذين قالوا بعينية الصفات تبعا للامامية.

و لا قديم غير، بل كل ما سواه مخلوق محدث خلافاً للاشعريين في الصفات الزائدة علي الذات و خلافاً للفلاسفة في العقول المجردة بل في الافلاك الموهومة عند جمع منهم. و علي كل أورد فيه ا لمؤلف العلامه آيات و روايات لا تصح منها الا ثالثها فقط.

ثم ان عموم خالقية الحق حسب الآيات القرآنية غير مخصص بالنسبة إلي الفعالنا الاختيارية و هذا بحث شريف و سر عميق ذكرناه في كتابنا صراط الحق. و اما المعجزات فيمكن نسبة ايجادها إلي الله تعالي و يمكن نسبتها إلي نفسي النبي او الولي و لا اشكال في الاخير اذ النبي مثلا خالق و موجد غير مستقل في ذاته و صفاته و افعاله بل يحتاج إلي ربه حدوثا و بقاء و الخالق المستقل هو الله فقط.

الباب 6: كلامه تعالي و معني قوله تعالي: قل لو كان البحر... (4:150)

الروايات الاربع في الباب كلها ضعيفة سنداً.

ابواب اسمائه تعالي و حقائقها و صفاتها و معانيها

ص 153

و ليس في أبوابه الثلاثة شيء يفيد ذكره في هذا المختصر، نعم ينبغي

ص: 132

ذكر امرين.

1 _ ذهب جمع من البسطاء إلي ان الاسم عين المسمي و وردت بعض رواياتنا في رد هذا القول واليوم صرف الوقت فيه غلط، اذ كل واحد يفهم ان المعني سواء كان عرضا أو جوهراً أو مجردا غير اسمه.

2 _ في معتبرة الهروي عن الرضا عن أبيه عن آبائه عن علي عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم ان لله عز وجل تسعة و تسعين إسماً، من دعا الله بها استجاب له، و من احصاها دخل الجنة (4:187).

و عن الصدوق تفسير الاحصاء بالاحاطة و الوقوف علي معانيها و ان الاحصاء ليس عدها. و لم يذكر عليه دليلاً. و ان شرح اسماء اختارها. وفقنا الله للدعاء باسمائه الحسني ثم الرواية الثانية في بابها الاول و التاسعة في بابها الثاني و الثانية في بابها الثالث معتبرة سنداً.

الباب 4: جوامع التوحيد (4:212)

اورد فيه آيات كثيرة و روايات عديدة عن النبي الاكرم صلّي الله عليه و آله و سلّم وأمير المؤمنين و اوصيائهما العالمين _ سلام الله عليهم في معرفة الله و توحيده و تنزيهه و صفاته _ جل جلاله _

وانا اقول للقراء المحققين _ قولاً بعيداً عن المبالغة و العصبية و الغلو _ ان ما ورد الينا عن أميرالمؤمنين و اولاده ائمة العترة عليهم السّلام في هذه الموضوعات لا توجد في كلام ارباب الملل و الاديان و أئمة المذاهب الاسلامية و في لسان حكماء المشاء والإشراق. و علي المنكر ارائة خطبة و كلام من هؤلاء يشبه خطب و كلام ائمة العترة في معرفة الله و توحيده.

ص: 133

فهذه الخطب و الكلمات من اختصاص و ميزات هؤلاء اهل البيت و اوصياء خاتم النبيين و سيد المرسلين و هي أكبر معجزة للنبي الاكرم و حقيقة دين الاسلام و اقوي دليل علي كونهم اوصياء النبي و كون امامتهم امتداد لنبوة النبي الخاتم، لعن الله العصبية و الغرور و الغلوا، و رزقنا الله كمال العقل و سلامة الذوق.

فعلي الإلاهيين من افاضل البشر ان يتوجهوا إلي هذه الجواهر الغالية اليتيمة التي لا قيمة لها و لا نظير لها، كيف و هي من عيون الوحي و قنوات الإلهام و أين الفلسفة اليونانية القديمة و الفلسفة الغربية المعاصرة، بل و الحكمة الموسومة بالمتعالية من نهج البلاغه و الكلمات الصادرة من لسان باب مدينة علم النبي و حكمته ؟! نعم أين التراب من رب الارباب ؟

ثم ان اسانيد روايات الباب كلها لا تخلو عن ضعف او نقاش و خلل، لكن بعض متونها يصحح السند و الصدور، و قد سئل عن بعض العلماء ممن عاصرنا رحمة الله عن سند دعاء الصباح فاجاب يا من دلّ علي ذاته بذاته.

الباب 5: ابطال التناسخ (4:320)

و لعل العمدة في بطلان التناسخ رجوع ما بالفعل إلي ما بالقوة و ربما يرجع إليه القول بتقديم خلق الروح علي البدن بالفي عام كما في بعض روايات معتبرة و غير معتبرة و لاحظ بحثه في كتابنا المطبوع بالفارسية «روح از نظر دين و عقل و علم روحي جديد». و اما امتناعه من جهة الشرع فلانه ينافي المعاد و رجوع افراد الانسان إلي البرزخ و المحشر و الجنة و النار. كما اشار إليه في الروايات الثلاث الاولي من الباب. و ليس لها سند معتبر.

ص: 134

الباب 6: نادر (4:322)

اقول الرواية ضعيفة سندا و غير مفهومة متناً فان النفي ليس بشيء كما قاله زرارة، لا انه شيء مخلوق كما زعمه هشام. و ما في الرواية عكس الواقع.

ج 5: ما يتعلق بعدله تعالي

الباب 1: نفي الظلم و الجور عنه تعالي و ابطال الجبر و التفويض واثبات الامر بين الامرين و اثبات الاختيار والاستطاعة.

أورد فيه المؤلف المتتبع آيات و روايات و الثانية تبلغ في هذا الباب و الباب الثاني 113 خبرا كثرها بل معظمها ضغيفة سنداً لكن متون بعضها قابلة للاعتبار و فيها مطالب مفيدة. و نحن نذكر في الباب ما نراه مناسباً علي كمال من الاختصار:

1 _ الآيات الدالة علي ان الله لا يظلم عباده ناصة او ظاهرة _ ظهورا قويا _ علي تحقق مفهوم الظلم بين الخالق المالك و مخلوقات المملوكة، و صدق مصداق، فقبح الطلم عليه تعالي _ و علي كل عاقل _ حتي علي مذهب الاشاعرة المنكرين للحسن و القبح العقليين مما لا إشكال فيه في الشريعة الاسلامية، غاية الامر انه عند الاشعريين شرعي فقط و عند العقلاء المسلمين عقلي و شرعي.

نعم قد يتخيل بعض اهل المعقول و بعض الاشعريين بان الظلم عبارة عن

ص: 135

تصرف الفرد في غير ملكه، و الانسان _ مثلا _ مخلوق و مملوك لله تعالي، فادخل المؤمن المتقي في جهنم مثلا ليس بظلم عقلا، لانه تصرّف في ملكه، فالآيات النافية لظلمه علي عباده من القضية السالبة بانتفاء الموضوع.

واما تقبيح العقل قتل السيد عبده المملوك او تعذيبه له من غير دليل فهو من جهة محدودية ملكية الانسان علي عبده، و ملكية الله لاحد لها، بل هي مطلقة فلا يقبح العقل أي تصرف له في حقه.

أقول: لا يفرق العقل العملي فغي تقبيحه ايذاء الغير و ايلامه بين كونه مملوكاً و غير مملوك، و ليس معني الظلم التصرف في ملك الغير، بل هو تعريف الغصب إذا بدلنا الملك بالمال والاظهر جواز التصرف في ملك الغير في الجملة كاخذ حبة حنطة من شعير مثلا فانها مملوكة و ليست بمال عند العرف و العقلاء.

و علي الجملة صدق الظلم علي ايلام الخالق مخلوقه و ايذائه بلا وجه، ظاهر عند العقلاء و مفهوم من ظهور الآيات او صراحتها فوسوسة بعض فيه غلط.

و اما الجبر فهو صدور الفعل من احد من دون اختياره و ارادته، و التفويض صدور الفعل من الانسان _ و كل فاعل ممكن الوجود _ بمجرد ارادته و قدرته من دون احتياجه إلي إفاضة الرب. بل ربما قيل بعدم قدرة الرب علي فعل العبد و هو بديهي الفساد. و الامر بين الامرين صدور الفعل بارادة العبد واختياره و بافاضة من الله عليه في وجوده و ايجاده حدوثاً و بقاء.

و ما ذكره المؤلف العلامة رحمة الله في تفسير الامر بين الامرين (5:83) فهو اشتباه منه.

ص: 136

و إليك بمثل توضيحي: ارتعاش يد المرتعشي من الجبر، فانه يصدر بغير اختياره و حركات الاسد بعد فكه من السلسلة بالنسبة إلي الذي فكه من التفويض، فان الاسد لا يحتاج في فعله إليه، بل هو غير قادر علي الاسد بعد فكه، و انما كان قادراً عليه حين كونه مغلولاً عنده.

و شرب زيد من انبوبة رأسه بيد عمرو و له ان يجري الماء فيها و له ان يسد الماء منه، و الامر بين الامرين، فان زيداً في شربه يحتاج إلي عمرو و اجرائه الماء فيها و الا فهو لا يتمكن من الشرب، اذ مع اجراء عمرو ماء فيها معجزاً لزيد وسالبا لقدرته علي ترك الشرب، اذ مع اجراء الماء فلزيد ان يشربه و ان لا يشربه. فافهم المثال الجعفري: ان الله عزّ وجل لم يطع باكراه و لم يعص بغلبة و لم يمهل العباد في ملكه هو المالك لما ملّكهم، و القادر علي ما اقدرهم عليه.. (5:16).

فافعالنا كذواتنا مملوكة _ بالملكية التكوينية _ له تعالي حدوثا و بقاء فلا تفويض و حيث انه بتملكه تملكّنا فلا جبر و هو الذي اقدرنا فلسنا بعاجزين و إن شئت نقل: اتمليك ينفي التفويضو التملك ينفي الجبر.

و اما الادلة و تحقيق الاقوال و تحديد نصوص الكتاب و تصنيف الروايات فهي مذكورة في الجزء الثاني من كتابنا صراط الحق و الله الموفق ثم المعتبرة سنداً من رواياته ما ذكت برقم 1، 9 لكثرة الاسناد و 22، 54، 57،

ص: 137

58، 59،(1) 70 و 72، 84، 87 علي وجه و 104 و ليس في الباب الثاني (ص 68) رواية معتبرة.

باب 3: القضاء و القدر والمشيئة و الارادة و سائر اسباب الفعل (5:84)

اورد فيه آيات و روايات، و اكثر هذه الروايات ضعيفة سنداً.

أما الآيات فمنها قوله تعالي: ولكن الله يفعل ما يريد (البقرة 253) و قد سبق ان ارادته حسب الروايات بمعني الفعل و الايجاد والإحداث، و الآية لا تناسبه و الا لصار معناها ان الله يفعل ما يفعل. و إذا فسرنا الارادة علي القول المشهور _ العلم بالصلاح أو الاصلح _ لم يخالف الآيات. لكن لا نقول بقول المشهور بل يمكن حمل الارادة علي معناه الثاني الواقع في المرتبة الثانية من السباب فعله _ حسب دلالة روايات من الباب و هي المشيئة و الارادة و القدر و القضاء و قد بحثنا عن هذه الاسباب في الجزء الاول من صراط الحق لكنا الآن نري ضعف اكثر تلك الروايات التي كنا نحسبها معتبرة.

و في معتبرة أبي بصير قال: قلت لأبي عبدالله عليه السّلام: شاءو اراد و قدّر قضي ؟ قال: نعم قلت واحب ؟ قال: لا، قلت: و كيف شاء و اراد و قدر و قضي و لم يحب ؟ قال هكذا خرج الينا (الكافي 1:150).

و لعل في المجلس كان مانعاً عن بيان الفرق كما بين في بعض الروايات و علي كل الحب التكويني لا يتخلف عن الاربعة المذكورة و اما الحب التشريعي فهو يختلف عنها في مورد المعاصي من العباد.

ص: 138


1- - فيه ذم زرارة فلابد من تأويله للمعارض، و كذا فيما بعده برقم (72).

و في معتبرة اخري له: قال ابو عبدالله عليه السّلام: شاء واراد و لم يحب و لم يرض. قلت: كيف ؟ قال: شاء ان لا يكون شيء الا بعلمه، و اراد مثل ذلك، ولم يحب ان يقال له: ثالث ثلاثة، و لم يرض لعباده الكفر (5:90).

المراد من هذه المحبة و الرضا، هما التشريعيان و اما الجملة الاولي فلعلها من اشتباه الراوي في نقلها بالمعني لا بالالفاظ، فان المشيئة لا تتعلق الا بالمقدور الممكن، و تعلق علمه تعالي بكل شيء ضروري لا أثر للمشيئة فيه.

و في خبر يونس عن الرضا عليه السّلام في الكافي 1:157 و 158... يا يونس تعلم ما المشيئة ؟ قلت: لا، قال: هي الذكر الاول، فتعلم ما الارادة ؟ قلت: لا، قال: هي

ص: 139

العزيمة علي ما يشاء. فتعلم ما القدر؟ قلت: لا، قال: هي الهندسة و وضع الحدود من البقاء و الفناء، قال: ثم قال: و القضاء هو الابرام و اقامة العين.

أقول: في السند السماعيل بن مرار و هو مجهول، لكن رواه في التفسير المنسوب إلي القمي عن محمد بن عيسي بن عبيد عن يونس (5:116 البحار) و هذا السند لأباس به علي وجه، لكن التفسير المذكور لم يثبت بطريق معتبر كما ذكرناه في علم الرجال. و يمكن ان يكون السندان معا مما يعتمد عليه(1) و منه يظهر ان للارادة معنيين ارادة تكوينية بمعني الايجاد، و ارادة بمعنيالعزيمة علي ما يشاء قبل القدر و القضاء و لعلالمراد بالعزيمة ملاحظة الشيء مقروناً بمصلحة وجوده في الجملة و بالمشيئة مجرد ملاحظته و الله العالم و المراد بالقدر ملاحظة الشيء بجميع حدوده و بالقضاء انفاذه. و يمكن ان يكون الامور الاربعة في الكتابة دون العين فافهم جيداً.

و اعلم ان اكثر الروايات في الباب الا تخلو عن خلل أو ضعف في السانيدها و المعتبر منها قليل نحو ما ذكر برقم 10، 30، 31 علي وجه 36، 53، 54 مثلاً.

و في الختام ينبغي ذكر امرين آخرين:

1 _ القدر مقدم علي القضاء في اكثر الروايات و هو المطابق للاعتبار العقلي لتوقف القضاء و الانفاذ علي تحديد الشيء و تقديره، من كل وجهة، و لا يقع الشيء في الخارج إلّا كذلك.

لكن المشهور في الالسنة و حتي في بعض المسالك هو العكس (القضاء و القدر)، و رب شهرة لا أصل لها.

2 _ القدر يتعلق بجميع الاشياء حتي بافعال المكلفين و بجميع الاحكام الشرعية و اما القضاء فلاشك في تعلقه بافعال الله تعادلي. و ليس في القرآن ما يدل علي عموم تعلقه بكل شيء كتعلق القدر به (إِنّٰا كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقْنٰاهُ بِقَدَرٍ) و علي فرض تعلقه بافعال المكلفين الاختيارية فهما لا ينافيان الاختيار لتعلقهما بها من طريق اسبابها و عللها و منها ارادة المكلف و اختياره، فافهم.

الباب 4: الآجال (5:136)

أورد فيه آيات و روايات كلها غير معتبرة.

ص: 140


1- - وفى رواية غير معتبرة تفسير المشيئة بهمه بالشىء والارادة باتمامه على المشيئة. و القدر بالهندسة من الطول و العرض والبقاء. بحار 5:22 و ليونس رواية اخرى فلاحظ نفس المصدر.

إذ كان الأجل بمعني آخر الوقت كآخر وقت الحياة فهو فرد من القدر و إذا استعمل بمعني تمام الوقت فهو كغيره من الحوادث و الاشياء و علي كل، إفراده لا هميته. و لكل ذي حياة أجل و تقدم ان للانسان أجلان أجل محتوم و هو الأجل المسمي و اجل مقضي و قابل للزيادة و النقصان و فيه التقديم و التأخير، علي عكس ما ورد فيه صحيح ابن مسكان المروي في تفسير القمي الذي لم نعتمد عليه لجهالة مدونه (5:139 البحار) و يدل علي المختار بعض الآيات (نوح 4 و النحل 61 وحمعسق 14) و يظهر الاجل المسمي للملائكظ و غيرهم في ليلة القدر، و يؤيده صحيح ابي بصير و المروي في تفسير القمي (المصدر السابق) و يدل عليه قوله تعالي: فيها يفرق كل امر حكيم.

ثم إنّ الامة _ الشعب \و كل قوم \كل جماعة من الناس يشتركون في بلدة أو قرية او دين أو نحو ذلك _ كالفرد في ثبوت الاجل له في القرآن: لكل امة اجل (الاعراف 34 يونس 49).

الباب 5: الارزاق و الاسعار (ص 143)

أورد فيه آيات و روايات ضعيفة سوي واحدة مذكورة برقم (13)

و المستفاد من مجموع الآيات الكريمظ لا سيما من قوله تعالي: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ قُلِ اَللّٰهُ ) (سبأ/ 3(4) انه لا رازق سوي الله تعالي فالرازق كالخالق من الاوصاف الخاصة به فيشكل ان يسمي به المخلوق.

و لاشك في ان بعض المخلوقين يوصلون الرزق إلي بعضهم كالوادين يصلان الرزق _ أي مايصح انتفاع الحيوان به بالتغذي و التفس و التداوي

ص: 141

و غير ذلك _ إلي صغار الاولاد و كلخيرين يوصلونه إلي المرضي و الضعفاء من الانسان و الحيوان لكنهم ليوا بموجدين للرزق، بل عملهم تهية الرزق و ايصاله إلي المرزوق. فيفهم من هذا ان المراد من الرازق هو موجد الرزق و ان لم يوصله إلي المرزوق إلّا باسباب عادية.

لكن مقتضي كونه تعالي خير الرازقين (الحج 58 المؤمنين 72 سبأ 39) الطلاق الرازق علي هؤلاء الموصلين للرزق أيضاً فهم رازقون لكن الله خيرهم فانه موجدالرزق ثم المناسب في تفسير كونه تعالي (يَرْزُقُ مَنْ يَشٰاءُ بِغَيْرِ حِسٰابٍ ) (البقرة/ 122، آل عمران/ 37، النور/ 3(8) انه يرزق بعض مخلوقاته بغير اسباب عادية، لكن لا عموم فيه كما يظهر من الآيات.

و اما المواد الارتزاقية فهي تتكون في الارض غالباً حتي المياه التييمطرها السحاب من الجو (من مسافة 10 كيلومرات إلي 25 كيلو مترات) نعم بعض الاشعة يجيئنا من المجرات البعيدة و لا ندري حال المستقبل فان الله سخر لنا ما في السموات و الأرض.

و علي كل فالمناسب ان نفهم من قوله تعالي _ و هو العالم بكلامه و افعاله و احكامه _: و في السماء رزقكم و ما توعدون (الذاريات 22) ان تقدير رزقنا في السماء و كذا بعض مواد اُخري كالاشعة و غيرها.

واما قوله تعالي: (وَ لَوْ بَسَطَ اَللّٰهُ اَلرِّزْقَ لِعِبٰادِهِ لَبَغَوْا فِي اَلْأَرْضِ وَ لٰكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مٰا يَشٰاءُ إِنَّهُ بِعِبٰادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ) (حمعسق/ 2(7) ففيه سؤال و هو أن كثيراًمن الذين بسط الله لهم الرزق باغون في الأرض و افسدوا دينهم و دنيا غيرهم، و ان كان نظر الآية إلي المجموع دون الافراد فيجي سؤال آخر وهو أن أميركا

ص: 142

الشمالية و بلاد من اُوربا بسط الله لهم الرزق فبغو علي الشيرة في جميع الكرة الارضية وعتو عتوا كبيراً. و علي الافاضل القراء ارائة جواب معقول لدفع هذا السؤال.

و اما الاسعار فقد أرود فيها ثلاث روايات ضعيفة سنداً من الكافي علي أن الله وكل ملكاً بالاسعار يدبرها. (148 و 149).

و في الثمالي عن أبي جعفر عليه السّلام عن رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم في حجة الوداع: ألا أنّ الروح الأمين نفث في روعي انه لا تموت نفس حتي تستكمل رزقها فاتقوا الله و اجملوا في الطلب، و لا يحملنكم إستبطاء شيء من الرزق ان تطلبوه بشيء من معصية الله، فان الله قسم الارزاق بين خلقه حلالا و لم يقسمها حراماً فمن اتقي الله و صبر أتاه رزقه من حلّه. و من هتك حجاب ستر الله عز وجل و اخذه من غير حله، قص به من رزق الحلال و حوسب عليه (5:149).

و فقنا الله للاتعاظ و الاستفادة من هذا الحديث الشريف.

ثم ان المتكلمين اختلفوا في ان الحرام رزق او ليس برزق و لا معني لاطابة الكلام و ذكر الدلائل و نقدها فان الحرام رزق تكويني وليس برزق تشريعي.

الباب 6: السعادة و الشقاوة والخير و الشر وخالقهما و مقدرهما. (152).

أورد فيه بعض الآيات وعدة من الروايات المعتبرة غير المعتبرة

ص: 143

ونحن نتعرض للروايات المعتبرة(1) فقط. و لنذكر مقدمة مختصرة للباب في طي امرين.

1 _ المعقول من السعادة والشقاوة الشرعيتين هو كونهما صفتين انتزاعيتين من الطاعات والمعاصي غالبا، لا انهما صفتان متأصلتان كالرضا و الغضب و القدرة و العجز مثلاً. ومنه يظهر أن ادعاء ذاتية السعادة و الشقاوة للانسان امر لا يدعمه عقل و لا نقل فهو مغالطة، و قد ذكرنا في (صراط الحق ج 2) في جواب صاحب الكفاية رحمة الله ما يوضح المقام.

2 _ السعادة و الشقاوة و الخير و الشر غير الشرعية قد تكون اختيارية و قد تكون غير اختيارية كما إذا اصاب رأس انسان حجر من يد طفل اومن رأس جدار فكسره مثلا. او وقع حبه في قلب تاجر فوهبه الف دينار اردني مثلاً. و هذا الخير و السعادة والشر و الشقاوة كسائر الامور الغير الاختيارية تستند من طريق عللها واسبابها إلي مسبب الاسباب تعالي و تقدس. وقد تكون اختيارية فهي محكومة بحكمها من الاحكام الخمسة.

و اما الشرعية فهي لا تكون الا اختيارية فالمرءة إذا غلبها فاسق علي شرفها فزني بها كرها لا يكون هذا الزنا شراً و شقاوة لها شرعاً، بل لها الاجر، الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله و انا إليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و اولئك هم المهتدون. هكذا من منع من الصلاة و الحج و غيرهما كرهاً.

وكونها اختيارية لا ينافي كونها من الله سبحانه و تعالي علي اساس الامر بين الامرين فالله سبحانه فاعل بعيد و العبد سبب قريب و بهذا يفهم معني

ص: 144


1- - وان صحت اسانيدها قبل صاحب الكتاب إذ لم تصل نسخة الكتاب إلى المجلسى بوجه معتبر كالمحاسن للبرقى و قرب الاسناد للحميرى كما اشرت إليه فيما مضى.

الآيات القرآنية بسهولة حتي قوله تعالي: و ان تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله و ان تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا. ما اصابك من حسنة فمن الله و ما اصابك من سيئة فمن نفسك. (النساء 79 78).

اقول الآيات الاخيرة المفصلة يمكن ان يرجع تفصيلها بين استناد الحسنة إلي الله و السيئة إلي النفس، إلي اولوية عرفية فان استناد الحسنة إلي السبب البعيد عندهم _ لاسيما في مقام الامتنان _ شائعة بخلاف السيئة إليه و لذا عبر في بعض الروايات بان الله اولي من حسناتك و انت اولي بسيئاتك. فهذه الاولوية لا تنافي استناد الشر و الخير كليهما _ بلا فرق بينهما _ إلي الله و إلي العبد فان الافاضة فيهما من الله و اختيار العبد محفوظ فيهما فتفطن. و بعد هذا نرجع إلي احاديث الباب.

1 _ في صحيح الكناني اوحسنته عن الصادق عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم: الشقي من شقي في بطن امه.. (153).

أقول ليس مدلول الرواية ان كل شقي في الدنيا كان شقياً في بطن اُمه، بل المستفاد من ظهورها ان الشقي الكامل من شقي في بطن امه كولد الزنا و من انعقد نطفته من الغذاء المحرم او في نهار رمضان أو في الاحرام أو في الاعتكاف أو يخلق كثير الشهوة و امثال ذلك(1).

ص: 145


1- - ويمكن حمل الشقاوة على الدنيوية كصيرورته مجنونا او اعمى او ناقص الخلقة و نحو ذلك و هذا الاحتمال اصبح اليوم مسلماً فى علم الطب و الوراثة.

و هذه الشقاوة ليست بعلة تامة للمعصية لكنها مقتضية لها و لابد لصاحبها من تكلّف و مراقبة زائدة في مقام العبودية و لا شبهة أن اجره اكثر من غيره. فالرواية لا تستلزم جبر هؤلائ كما يخفي و بلحاظ هذا المورد _ نطفة الزنا مثلاً _ قيدنا انتزاعية الشقاوة بالغلبة في اول البحث.

و أمّا حمل الرواية علي ان الشقي من علمه الله و هو في بطن امه انه سيعمل اعمال الاشقياء و السعيد من علمه الله و هو في بطن امه انه سيعلم اعمال السعداء، كما في رواية ضعيفة سنداً عن الكاظم عليه السّلام (157) فهو خلاف ظاهر الحديث. نعم لو كان الحديث هكذا: الشقي شقي، في بطن امه كما نقله في كفاية الاصول كان قابلاً للحمل المذكور.

2 _ في صحيح منصور بن حازم المروي عن توحيد الصدوق عن أبي عبدالله عليه السّلام: إنّ الله عزّ وجل خلق السعادة و الشقاوة قبل ان يخلق خلقه. فمن علمه الل(1) ه سعيدا لم يبغضه أبدا. و ان عمل شرا ابغض عمله و لم يبغضه وان علمه شقياً لم يحبه أبداً، و ان عمل صالحاً احب عمله وابغضه اما يصير إليه، فاذا احب الله شيئاً لم يبغضه أبدا، و إذا بغض شيئاً لم يحبه أبدا.

أقول: الخلق بمعني التقدير و هو المراد من خلق السعادة و الشقاوة قبل خلق الخلق و لذا قال المؤلف أي قدّرهما بتقدير التكاليف الموجبة لهما.

و الظاهر أن كل من كان اكثر عمله صالحاً فهو سعيد و كل من كان كثير

ص: 146


1- - فى الكافى 1:152، فمن خلقه الله. و هو المنقول عن المحاسن. لكن سند الصدوق اقوى من سند الكافى و المحاسن غير معتبر.

الشر فهو شقي و يمكن التقسيم بلجاظ الايمان فالمؤمن سعيد و المسلم أو غيره شقي فلاحظ.

و يمكن ان يراد بالشقاوة و السعادة مراتب ظلمات الارواح و انوارها حسب استعدادها و ما يتركب منه النطفة من عليين و سجين. و لعله اقرب ممّا سبق. و الاولي رد الحديث إلي من صدر عنه. فان الشقاوة الشرعية و كذا السعادة الشرعية لا يعقل خلقهما قبل ايجاد المكلفين و صدور افعالهم الاختيارية. و اما إذا كان الخلق بمعني التقدير تابع للاعمال المبعّدة و المقربة لا انه علة لهما. فتأمّل.

علي ان منصور بن حازم _ الرواي الأول _ ليس من العلماء الذين يعتمد علي علمهم في فهم كلام الإمام عليه السّلام و تحفظهم ف ينقل الفاظه. فلعله نقلها بالمعني حسب فكره غير الثاقب.

3 _ في صحيح هشام في قول الله عز وجلّ : واعملوا ان الله يحول بين المرء و قلبه، قال الصادق عليه السّلام: يحول بينه و بين ان يعلم ان الباطل حق. (ص 158).

أقول: هناك مؤمنون متقون يعتقدون الباطل حقا. و ليسوا مصيبين في اعتقاداتهم دائماً نعم هو لطف و هداية ثانوية من الرب بالنسبة إلي بعض العباد في بعض الموارد.

تتمة: في صحيح معاوية بن وهب المروي في الكافي (1:154) قال سمعت أبا عبدالله عليه السّلام يقول: ان مما أوحي الله إلي موسي عليه السّلام وانزل عليه في التوراة: أنّي أنا الله لا إله إلّا أنا، خلقت الخلق و خلقت الخير و اجريته علي

ص: 147

يدي من احب، فطوبي لمن اجريته علييديه. و انا الله لا إله إلّا خلقت الخلق و خلقت الشر و اجريته علييدي من اريده، فويل لمن اجريته علييديه.

اقول و توكده ورايتان اخريتان في الكافي (نفس الباب) فالرواية من حيث السند قوية جدا ثم الظاهر ان الحب فيه حب تشريعي و ليس بتكويني لاستوائه فيمن يجري علييديه الخير و الشر، مع انه اختص فيه بمن يجري علييديه الخير. و عليه فالمحبوب شرعاً هو المومن الصالح و المراد الجاري علييديه الشر هو غير المؤمن الصالح فيكون المقصود بالخير و الشر هما الهدايات و الالطاف و الخذلان و الضلالة الثانوية كما قال تعالي: (وَ اَلَّذِينَ اِهْتَدَوْا زٰادَهُمْ هُدىً ...) و قال: (وَ مٰا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ اَلْفٰاسِقِينَ ) وقال: (مَنْ كٰانَ فِي اَلضَّلاٰلَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ اَلرَّحْمٰنُ مَدًّا) و قال: (وَ يَزِيدُ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ اِهْتَدَوْا هُدىً ) و غيرها من الآيات الدالة علي ذلك. فلا جبر و لا ظلم و اما بناء علي كون الحب و الارادة في الحديث تكوينيتين ليكون الشر و الخير البتدائيين لا ثانويين فلا إشكال في الرواية أيضاً فان اجرائه تعالي الخير و الشر علييدي الافراد لا ينافي سلب اختيارهما فالله فاعل بعيد و العبد فاعل قريب و اسناد الفعل إلي كليهما بناء علي الامر بين الامرين صحيح فلا تكن من الغافلين و المتحيرين.

و علي كل ينبغي ان تعلم ان الشر لا يخلقه الله بالاصالة، و انما هو موجود بالقياس إلي شيء آخر قال الله تعالي: و الله خالق كل شيء و قال: الذي احسن كل شيء خلقه. فكل شيء خلقه الله فهو حسن فإذا فرضنا ان الطوفان أو المرض شر فهو ليس في نفسه و بعنوان انه مخلوق، شر، لأن الشر

ص: 148

غير حسن بل هو شر بالنسبة إلي من يتضرر به فلاحظ و تأمل.

الباب 7: الهداية و الاضلال و التوفيق و الخذلان (ص 158)

أورد المؤلف العلامة فيه آيات كثيرة. و خمسين رواية. معتبرتها ذكرت برقم 1 و 23 و اعلم أن سبب خلق الانس و الجن هو عبادة الله في الدنيا و اطاعة احكامه ثم دخول الجنة و نيل درجاتها فعلة ايجادهم في الرحمة (إلّا من رحم ربك و لذلك خلقهم) و الرحمة يراد بها الهداية و الثواب. و علة انزال الكتب و ارسال الرسل أيضاً هي الهداية لا غير، كتاب انزلناه إليه لتخرج الناس من الظلمات إلي النور باذن ربهم. هدي للناس.

ثم ان من اهتدي بالهداية الاولية يزيد في هداية جزاء له في الدنيا، و من اعرض عنها و اعتدي فيضله علي سبيله الانتقام و الجزاء و هذا غير الاضلال الابتدائي القبيح علي الله الحكيم الهادي خالق الانسان للهداية ألا تري، ان قتل الانسان من كبائر المحرمات و من اقبح الفواحش لكنه جائز بل حسن انتقاما و انتصارا.

واما معني هذا الاضلال الانتقامي فهو مذكور في كتابنا صراط الحق (2:276).

قال الله تعالي: (إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاٰ يُؤْمِنُونَ ). ثم يقول في حق هؤلاء الكفار الذين لا يؤمنون بوجه: ختم الله علي قلوبهم و علي سمعهم و علي ابصارهم غشاوة... فالختم و الطبع و الغشاوة انتقام و جزاء.

قال تعالي: (بَلْ طَبَعَ اَللّٰهُ عَلَيْهٰا بِكُفْرِهِمْ ). و قال ذلك بانهم امنوا ثم

ص: 149

كفروا فطبع علي قلوبهم.

و قال تعالي: (يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَ يَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَ مٰا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ اَلْفٰاسِقِينَ ). ويقول في حق الذين امنوا: يخرجهم من الظلمات إلي النور. و الشواهد القرآنية في ذلك كثيرة.

إذا عرفت هذا المختصر يسهل عليك فهم جميع الآيات الواردة في الهداية و الاضلال و في التوفيق و الخذلان في كل القرآن كقوله: (إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلْكٰافِرِينَ وَ اَللّٰهُ لاٰ يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلْفٰاسِقِينَ ) و: من يشأ الله يضلله و من يشأ يجعله عليصراط مستقيم. و نقلب افئدتهم و أبصارهم كما لم يؤمنوا به أوّل مرة و نذرهم في طغيانهم يعمهون. كذلك يجعل الله الرجس علي الذين الا يؤمنون.

و اما توضيح البحث و تفاصيل المشاجرات الاشعرية و الاعتزالية و ما ذكره اصحابنا فهو مذكور في ما نقله المؤلّف العلامة من تفسير آيات الباب فلاحظ.

الباب 8: التمحيص و الاستدراج و الابتلاء و الاختبار (ص 210)

اورد فيه آيات و روايات و ما ذكر بارقام 4، 5، 6، 7، 12، و 14 معتبر سنداً و من اخوف الكلام ما عن نهج البلاغة: من وسّع عليه في ذات يده فلم ير ذلك استدراجاً فقد آمن مخوفاً، و من ضيق في ذات يده فلم ير ذلك استدراجا، فقد آمن مخوفاً، و من ضيق في ذات يده فلم ير ذلك اختيارا (اختبارا؟) فقد ضيع مأمولاً (220).

و يقول المعلق الفقير: اللهم انا نعوذ بك من الاستدارج و نستعينك عند التمحيص و الابتلاء و الاختبار. انت خالقنا و مدبرنا و ارحم الراحمين و ما كنا لنهتدي لو لا ان هدانا الله. اللهم لا تستدرجنا من حيث لا نعلم.

ص: 150

الباب 9: ان المعرفة منه تعالي. (220)

أورد فيه آيات غير دالة علي العنوان و روايات ضعاف سنداً دالة علي ان المعرفة والايمان ليستا من صنع العباد و قد ذكر المؤلّف العلامة اوجهاً لفهمها لكن الفقير لا يهتدي إلي تعقلها و تصديقها. والله العالم.

الباب 10: الطينة و الميثاق (225)

أورد فيه آيتان و سبعة و ستين خبرا اكثرها ضعيف الاسناد و المعتبرة منها ما ذكرت برقم 22، 27، 32، و إذا قلنا باعتبار المحاسن و التفسير المنسوب إلي القمي دخلت عدة اخري منها إلي حريم الصحة والاعتبار. و الخبير يطمئن بصدور جملة منها من الائمة عليهم السّلام فلابد من الاخذ بما اتفق عليه مداليل الروايات في موضوع الطينة.

أما الآياتان فاوليهما فوله تبارك و تعالي: و إذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم و اشهدهم علي انفسهم ألست بربكم قالوا بلي.. (الاعراف 172).

و هو لا يدل علي المصطلح من عالم الذر اولاً و لا علي اشهاد جميع ذرية آدم كما في صحيح زرارة (البحار 3:279) بل علي اشهاد ذرية بني آدم الصادقين عي اولاده في عصره أو بعد وفاته(1). لكن الروايات تدل علي كلا

ص: 151


1- - بل قوله تعالى حكاية عنهم: (أَوْ تَقُولُوا إِنَّمٰا أَشْرَكَ آبٰاؤُنٰا مِنْ قَبْلُ ) يدل على مسبوقية الذرية بآبائهم.

الامرين(1) و في لزوم قبول هذه الروايات بحث فان الخبر المخالف للقرآن ليس بحجة فتأمل في المقام.

ثم ان بحث الطينة ذكرناه مستوعبا و مفصلاً في الجزء الثاني من كتابنا صراط الحق و كذا في كتابنا (روح از نظر دين و عقل و علم روحي جديد)، فلا اري لتكراره هنا وجهاً و ان كا ن مهما و نافعاً.

و أما الميثاق فقد اخذ من النبيين واغلظ علي اولي العزم (نوح و إبراهيم و موسي و عيسي و محمد صلّي الله عليه و آله و عليهم اجمعين) فيه اي اخذ منهم ميثاقاً غليظاً (الاحزاب 7) بل اخذ الله الميثاق من اهل الكتاب و من بني اسرائيل بل من المسلمين، كل ذلك ظاهر من القرآن المجيد.

و نذكر هنا بعض الروايات المعتبرة سنداً.

1 _ في صحيح ابن اذينة عن أبي عبدالله عليه السّلام: كنا عنده فذكرنا رجلاً من اصحابنا فقلنا فيه حدّة(2) فقال: من علامة المؤمن ان تكون فيه حدة، قال: فقلنا له: ان عامة اصحابنا فيهم حدة، فقال: ان الله تبارك و تعالي في وقت ما ذراهم امر اصحاب اليمين _ وانتم هم _ ان يدخلوا النار فدخلوها فاصابهم وهج(3) فالحدة من ذلك الوهج، وامر اصحاب الشمال _ و هم مخالفوهم _ ان يدخلوا النار فلم يفعلوا فمن ثم لهم سمت و لهم وقار (ص 242).

ص: 152


1- - و كذا روايات اهل السنة كما فى تفسير الفخر الرازى.
2- - بأسه وما يعتبر به من الغضب.
3- - اى اتقاد النار.

أقول: مضمون الخبر مستبعد اذ جمع كثير من اصحابنا ليس لهم تلك الايمان و التقوي _ وجمع كثير من مخالفيهم لهم ذلك. و ليس كلهم في مسألة الامامة معاندين او مقصرين، بل معظمهم في عصر الغيبة من القاصرين.

علي ان موثقة عبدالله بن سنان تنافيه، و فيه: مهما رأيت من نزق اصحابك و خرقهم فهو مما اصابهم من لطخ اصحاب الشمال. و ما رأيت من حسن شيم من خالفهم و وقارهم فهو من لطخ اصحاب اليمين (ص 240).

قيل: الشيم جمع للشيمة و هي الخلق و الطبيعة. و النزق، الخفة في كل أمر، الخرق ضعف الرأي.

2 _ في موثقة زرارة قال: سألت ابا جعفر عليه السّلام عن قول الله عزّ وجلّ : «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ » قال ثبتت المعرفة و نسوا الوقت (الموقف) و سيذكرونه يوما، و لولا ذلك لم يدر احد من خالقه و لا من رازقه. (24(3).

اقول و لعله المراد بقوله تعالي: فطرة الله التي فطر الناس عليها... و لاحظ كتابنا (روح از نظر دين و عقل و علم روحي جديد).

الباب 11: من لا ينجبون من الناس و محاسن الخلقة و عيوبها اللتين تؤثران في الخلق (ص 276).

اورد فيه خمسة عشر خبرا معظمها ضعيف الاسانيد. و انا اظن _ والله اعلم _ ان الروايات المذكورة اواكثرها من وضع اعداء الائمة عليهم السّلام عليهم تنفيراً لتلك الجماعات منهم، أو من وضع الكذابين الذين ارادوا تقبيح هؤلاء الاصناف فأسفاً علي ابتلاء الاحاديث بهذه الامور. و يؤيد الاول انه لم يذم

ص: 153

فيها اهل الشام و بنو امية واهل الكوفة وبنو العباس وبنو مروان.

و ما يمكن اعتباره من روايات الباب هو المذكورة برقم 6 فان كل واحد من اسنادها وان كان غير معتبر لكن مجموعها ربما يكفي للاطمينان. و لابد من التوقف في متنها وارجاعه إلي من صدرت عنه. و برقم 11 بناء علي أن حمادا هو الثقة.

الباب 12: علة عذاب الاستيصال و حال ولد الزنا و علة الختلاف احوال الخلق (ص 281).

اورد فيه 6 آيات و 14 رواية و المذكورة برقم 1 و 7 معتبرة سنداً و الكلام فيها بذكر أمور:

1 _ اما علة الاستيصال فهي مذكورة في صحيحة الهروي عن الرضا عليه السّلام: لأي علة اغرق الله عزّ وجلّ الدنيا كلها (المقصود بها وجه الارض كلها) في زمن نوح عليه السّلام و فيهم الاطفال و فيهم من لا ذنب له ؟ فقال عليه السّلام ما كان فيهم الاطفال لأن الله عزّ وجلّ اعقم اصلاب قوم نوح و أرحام نسائهم اربعين عاماً.. و ما كان الله عزّوجلّ ليهلك بعذابه من لا ذنب له. و أما الباقون عن قوم نوح فاغرقوا لتكذيبهم نبي الله نوح. و سائرهم اغرقوا برضاهم بتكذيب المكذبين. و من غاب من (عن) امر فرضي به كان كمن شهده و آتاه (5:283) و قريب منه رواية ابن عباس (286).

أقول: انا في جملة من روايات عبدالسلام الهروي الذي وثقه النجاشي و لم يضعفه احد سوي بعض العامة، بل وثقه جمع منهم، في تحير واظن انه ينقلها بالمعني بتوضيح فصيح منه و الله العالم. و علي كل: الرواية بظاهرها مخالف

ص: 154

لقوله تعالي: (وَ اِتَّقُوا فِتْنَةً لاٰ تُصِيبَنَّ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ..) (الانفال/ 25).

و نحن نري ان تقصير معض الافراد في أمر الصحة يسبّب إبتلاء جماعات كثيرة من الجيران من الاطفال و الشيوخ و الشباب بامراض مؤذيه و تقصير بعضهم في الاقتصاد يوجب فقر اكثر الشعب و افراط بعض الزعماء الحمقي مثل هلتر و صدام و چنگيز المغول و بريجنف و داوُد الافغان و زعماء العرب اليوم و امثالهم كزعماء الاحزاب الماركسية الافغانية و موافقيهم و كزعماء عدة من الاحزاب الجهادية الافغانية و الطالبان الافغانيين و الباكستانيين اوجب بوار العباد و البلاد و هلاكهم و فسادها و فناء الحرث و الصنعة و اسباب الحياة.

و اما ما قيل من زيادة كلمة (لا) في الآيات (لا تصيبن!) و ما قيل من ان اصل «لا تصيبن» كان (لتصيبن) فتولد الالف عن اشباع الفتنة، فهو غير مسموع.

نعم العذاب الاخروي لا يبتلي به الا المستحق لا يضركم من ضل إذا اهتديتم. لكنه غير الآثار الوضعية في الدنيا، فانهنا تصل إلي الظالم و المظلوم و ان كان يستحق المظلوم عوضه حسب قوانين العدلية. اما انها «لتصيبن» قراءة امير المؤمنين و الباقر عليهما السلام فلم تثبت فان النقل عنهما مرسل.

و اما ولد الزنا ففي روايات الباب انه لا يدخل الجنة و في بعضها و انه لا خير فيه و في بشره و شعره و لحمه و دمه ولا في شيءمنه. و في معتبرة ابي خديجة انه لا يطيب ابدا و لا يقبل الله منه عملا. (286) و في روايات المحاسن

ص: 155

انه لا يدخل الجنة و في بعضها انه (علي فرض كونه مؤمنا) يبني له بيت في النار من صدر يرد عنه و هج جهنم و يؤتي برزقه (287).

و قال المجلسي رحمة الله اييبني له في صدر جهنم و الظاهر انه مصحف (صبر) بالتحريك و هو المجد. و في رواية الكافي غير المعتبرة: ان ولد الزنا يستعمل ان عمل خيرا جزي به و ان عمل شرا جزي به. و يقول المؤلّف العلامة بعده: هذا الخبر موافق للمشهور بين الامامية من ان ولد الزنا كسائر الناس مكلف باصول الدين و فروعه و يجري عليه الحكام المسلمين مع اظهار الاسلام و يثاب علي الطاعات و يعاقب علي المعاصي.

و نسب إلي الصدوق و السيد المرتضي و ابن ادريس رحمهم الله القول بكفره و ان لم يظهره و هذا مخالف لاصول اهل العدل..

أقول: لا يجب عقلا علي الله ادخال المطيعين حتي الانبياء عليهم السّلام في الجنة، لكن الاطلاقات الدالة علي انه تعالي لا يضيع اجر من احسن عملاً و انه يدخل المطيعين الجنة لا يقبل التقييد بهذه الاخبار غير المعتبرة فالاولي رد هذه الاخبار إلي من صدرت عنه. و اما قول الصدوق و المرتضي و ابن ادريس فعلي فرض صحة نسبته إليهم فهو باطل قطعاً. فالاقوي قول المشهور.

و أما علة اختلاف احوال الناس من جهة الاقتصاد فيقول سبحانه و تعالي: (نَحْنُ قَسَمْنٰا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي اَلْحَيٰاةِ اَلدُّنْيٰا وَ رَفَعْنٰا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجٰاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا..) (الزخرف/ 3(2) فلولا التفاوت لم يتحقق موضوع التسخير فلم يقم النظام كما لا يخفي. و اما علة اختلاف الناس في العقل و الفكر و في الجمال و قبح المنظر و في الابدان و القوي فهذا لا دليل

ص: 156

عقلي واضح عليه و لم اجد عليه دليلاً معتبرا نقلياً. فنقول ان الخالق المدبر حكيم والحكيم لا يفعل الا الصواب دو الاتم الاحسن. نعم ليس كل التفاوت بغير اختيار الانسان، بل اكثره من فعل الانسان وجهالته كما يبين العلم اليوم.

الباب 13: الاطفال و من لم يتم عليهم الحجة في الدنيا (288)

اما الثاني ففي روايات معتبرة مذكورة برقم 3، 14، 15، المؤيدة بروايات اخري انه يؤجج لهم نار فيؤمرون بالدخول فيها فمن دخلها كانت عليه بردا و سلاما و من عصاه سيق إلي النار كما في المذكور بالرقم 3 (يقال لهم ها انتم قد امرتكم فعصيتموني) و في الرقم 14، 15 و هل يمكن حملهما علي الثالث و الثانية والعشروين وان مردهم إلي النار؟ والله العالم. واما من قبل الخطاب و دخل النار فلا تصريح في واحد من الاحاديث المعتبرة انه يدخل الجنة، بل فيها ما نقلناه. نعم مقتضي الاعتبار العرفي و المفهوم من سياق الجميع دخولهما الجنة و النار فتأمل.

و هؤلاء الاطفال، و الشيخ الكبير الذي قد ادرك السن (النبي _ خ) ولم يعقل من الكبر والخرف(1) و الذي مات في الفترة بين النبيين و المجنون، و الابله الذي لا يعقل و المعتوه و لعله الابله، والابكم.

أقول: والمفهوم من المجموع أنّ المناط في كل هؤلاء عدم اتمام الحجة عليهم و عليه فيسهل إلحاق الجاهل القاصر بهؤلاء في الحكم المذكور أي الامتحان في القيامة و عندي ان اكثر الكفار و غير اهل الحق في عصر فقدان

ص: 157


1- - الذى فسد عقله من الكبر.

الانبياء و الائمة عليهم السّلام و غيبة خاتم الائمة عجل الله تعالي فرجه من القاصرين فليس لنا ان نحكم بخلودهم في النار. نعم يترتب عليهم في الدنيا الاحكام الشرعية _ تكليفية أو وضعية _ بلا فرق بين معاندهم ومقصرهم و قاصرهم و هذا امر آخر.

و الاطفال قد اختلفت فيهم الروايات.

ففي صحيح زرارة الذي رواه الكليني و الصدوق عن الباقر عليه السّلام: هل سئل رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم عن الاطفال فقال: قد سئل، فقال: الله اعلم بما كانوا عاملين(1).

ظاهر هذه الرواية انهم يجزون باعمالهم لو بقوا و عاشوا، ان خيرا فخير وا ن شرا فشر. لكن قال الباقر عليه السّلام فيه: يا زرارة هل تدري ما قوله: الله اعلم بما كانوا عاملين ؟ قلت: لا، قال الله عزّ وجل فيهم المشيئة، انه إذا كان يوم القيامة اتي بالاطفال و الشيخ الكبير.. و يؤجج نارا... (290).

ففسر قوله صلّي الله عليه و آله و سلّم بالعمل في المحشر و يدل عليه صحيح عبدالله بن سنان بمجموعه ايضاً (295).

لكن في رواية اخري صحيحة لزرارة عن ابي عبدالله.. يا زرارة هل تدري ما عني بذلك رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم قال: قلت: لا، (؟) فقال انما عني: كفوا عنهم و لا تقولوا فيهم شيئاً وردوا علمهم إلي الله(2) (292).

ص: 158


1- - هكذا رواه الكلينى بسند صحيح عن زرارة عن الباقر عليه السّلام (292).
2- - لعل فى المجلس مانعاً عن بيان حقيقة حالهم لكن اختلاف الروايات المعتبرة بينها حتى من راو واحد فى تفسير حديث نبوى مشهور كهذا يحكى عن ضعف كبير فى الروايات. ثم العجب ان زرارة علم مراد الحديث النبوى من الباقر عليه السّلام فكيف يقول للصادق لا؟!

و المستفاد من مجموع تلك الروايات انهم كغيرهم ممن لم تتم الحجّة عليهم في الدنيا.

ثم ان اطلاق الروايات يشمل اطفال الكفار و المؤمنين جميعاً لكن في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام ان الله تبارك و تعالييدفع إلي إبراهيم و سارة اطفال المؤمنين يغذو انهم بشجرة في الجنة لها اخلاف كاخلاف البقر في قصر من الدر فاذا كان يوم القيامة ألبسوا و اطيبوا و أهدوا إلي آبائهم فهم ملوك (؟) في الجنة مع آبائهم. و هو قول الله تعالي و الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم ذريتهم. (249).

أقول: توظيف روح إبراهيم عليه السّلام بهذا العمل بعيد إلّا ان يكون له مجرد نظارة و يباشر الاعمال الملائكة علي ان متن الحديث يصعب التصديق به إذ ارواح الاطفال في البرزخ لا في الجنة و انهم لا يحتاجون إلي اللبن الا ان تحمل شجرة الجنة علي الشجرة البرزخية و كذا الجنة و اللبن. ثم يحتمل ان كلمة ملوك محرفة شيء آخر و إلّا لا معني معقول لها.

يقول الطبرسي في تفسير الآيات الشريفة: يعني اولادهم الصغار و الكبار، لان الكبار يتبعون الآباء بايمان منهم، و الصغار يتبعون الآباء بايمان من الآباء. (البحار 5:288) لكن المستفاد من ظهور الآية لاجل كلمة (واتبعتهم) هو

ص: 159

الكبار فقط و لا يصدق الاتباع علي الثاني فان الاتباع فعل التابع و لا فعل للصغار، نعم لو قال الحقنا ذريتهم تبعاً لشملت او اختصت الآية بالصغار.

و عليه فالآية لا تقيد الاطفال في الروايات باطفال غير المؤمنين فلم يبق الا صحيح الحلبي الذي عرفت ما في متنه و الله اعلم.

و المعتبرة من روايات الباب ما ذكرت بارقام 3، 10، 11، 14، 15، 18، 20، 22.

باب 14: من رفع عنه القلم و نفي الحرج في الدين و شرائط صحة التكليف و ما يعذر فيه الجاهل و أنه يلزم علي الله التعريف.

أورد فيه آيات و روايات و المعتبرة منها ما ذكرت برقم 14 و 29 علي تردد في علي بن عطية.

و علي كل اكثر مطالب هذا الباب قد حقق في الفقه و اصوله و ليس عندي شيء جديد مفيد. نعم حديث رفع التسعة بحاجة إلي تفصيل و تحقيق و لعله محتاج إلي تأليف رسالة، والله الموفق.

الباب 15: علة خلق العباد و تكليفهم و العلة التي من اجلها جعل الله في الدنيا اللذات و الآلام و المحن (ص 309).

أقول: اذكر في هذا الباب من الآيات و الروايات المتنوعة روايتين معتبرتين رواية سماعة عن الصادق عليه السّلام: ان العبد إذا كثرت ذنوبه و لم يجد ما يكفرها به ابتلاء الله عزّ وجلّ بالخزي في الدنيا ليكفرها، فان فعل ذلك به و إلّا لأسقم بدنه ليكفرها به فان فعل ذلك و الا عذبه في قبره، ليلقي الله عزّ وجل يوم يلقاه و ليس شيء يشهد عليه بشيء من ذنوبه (315).

ص: 160

و رواية ابن زياد عن أبي عبدالله عليه السّلام عن أبيه عن رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم: لو لا ثلاث في ابن آدم ما طأطأ رأسه شيء: المرض و الفقر و الموت، وكلهم فيه و انه معهم لو ثّاب (316) و المعتبرات ثلاث مذكورة برقم 8، 9، 12.

الباب 16: عموم التكاليف (ص 318)

هل الكفار مكلفون بالفروع ؟ فيه بحث طويل ذكرناه في الجزء الثاني من كتابنا صراط الحق.

و مرسلة العياشي عن جميل متنها غير صحيح عندنا مضافاً إلي ارسالها. و ليست في الباب معتبرة.

الباب 17: ان الملائكة يكتبون اعمال العباد (5:319)

الآيات الواردة في الباب تدل علي عنون الباب ولا اشكال فيه. و اما الروايات.

الروايات فلعله لا توجد فيها سوي روايتين معتبرين برقم 17 و 19 نذكر احديهما:

قال رسول الله: اربع من كن فيه لم يهلك علي الله بعدهن إلا هالك: يهم العبد الحسنة فيعملها، فان هو لم يعملها كتب الله له حسنة بحسن نيته و ان هو عملها كتب الله عشراً، ويهم باسيئة ان يعملها، فان لم يعملها لم يكتب عليه شيء، و ان هو عملها أجّل سبع ساعات، و قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات و هو صاحب الشمال: لا تعجل عسي ان يتبعها يحسنة تمحوها، فان الله يقول: إنّ الحسنات يذهبن السيئات. أو الاستغفار، فان هو قال: استغفرالله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب و الشهادة العزيز الحكيم الغفور الرحيم ذوالجلال و

ص: 161

الاكرام واتوب اليه. لم يكتب عليه شيء وان مضت سبع ساعات و لم يتبعها بحسنة و الإستغفار قال صاحب الحسنات لصاحب السيئات: اكتب علي الشقي المحروم (326).

أقول: العقل يحكم بقبح التجري و نية السوء منه، لكن هذه الرواية المؤيدة لغيرها(1) تدل علي العفو فلا عقاب عليها و اما إذا ارتكب بعد نية السوء عملاً يراه محرماً و هو لم يكن بحرام واقعاً فهذا ما لا تشمله الرواية ظاهراً فلا يبعد أن يقال باستحقاق فاعله. العقاب بحكم العقل

الباب 18: الوعد و الوعيد و الحبط و التكفير (331)

اورد فيه ثلاثين آية و روايتين ضعيفتين اولهما ما نسب إلي رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم: من وعد الله علي عمل ثواباً فهو منجز له، و من اوعده علي عمل عقاباً فهو فيه بالخيار (234).

أقول: و هذا هو المشهور لكن المطابق للقاعدة العقلية ان خلف كليهما قبيح و كذب علي العالم بالخلف، بإذا أوعد الله علي ايصال عذاب كقوله: (كٰانَ عَلىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا). فخلفه كذب قبيح عليه تعالي، نعم إذا اوعده علي نحو الاستحقاق و الشأنية فهو لا ينافي العفو و التفضل و لكنه في الحقيقة ليس بخلف الوعيد و الإيعاد. و لعله مراد الرواية و القول المشهور(2).

ص: 162


1- - كصحيح جميل عن بكير - و هو حسن 6:18 و 19، نقلاً عن الكافى.
2- - وقال العلامة فى شرح التجريد ص 327 فى ذيل مسألة الاحباط: والايفاء بوعده و وعيده واجب.

و اما الاحباط و التكفير فالمنقول عن المشهور بين متكلمي الامامية خلافاً للمعتزلة بطلانهما و قالوا باشتراط الثواب والعقاب بالموافاة، بمعني أن الثواب علي الايمان مشروط بان يعلم الله منه انه يموت علي الايمان، و العقاب علي الكفر و الفسوق مشروط بان يعلم الله منه انه لا يسلم و لا يتوب و بذلك أوّلوا الآيات الدالة علي الاحباط و التكفير. (332).

قال المحقق الطوسي في قواعد العقائد (96): و اما الذييخلط عملاً صالحاً بعمل غير صالح قد اختلفوا فيه، فقالت التفضيلية من اهل السنة و غيرهم(1) عسي الله ان يعفو عنهم برحمته و بشفاعة نبيه صلّي الله عليه و آله و سلّم و إلا فيدخله جهنم و يعذبه عذاباً منقطعاً، ثم يرده إلي الجنة و يخلد فيها لكونها مؤمناً.

و قالت الوعيدية من المعتزلة ان صاحب الكبيرة ان لم يتب كان في النار خالداً. ثم اختلفوا فقال ابو علي الجبائي بالاحباط و هو انه إذا قدم علي كبيرة احبطت الكبيرة جميع حسناته و يكون معاقباً علي ذلك الذنب أبداً. وقال ابنه ابو هاشم بالموازنة و هو أن يوازن اعماله الصالحة و ذبوبه الكبائر و يكون الحكم للاغلب...

و قال في التجريد: والاحباط باطل لاستلزامه الظلم و لقوله تعالي: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) و لعدم الاولوية إذا كان الاخر ضعيفاً و حصول المتناقضين مع التساوي(2).

ص: 163


1- - قال العلامة الحلى فى شرحه (كشف الفوائد): من اهل السنة و الامامية.
2- - ص 327 كشف المراد فى شرح تجريد الاعتقاد.

أقول: و الاقوي بالنظر إلي الآيات صحة الاحباط و التكفير كليهما حتي في غير الاسلام و الارتداد و التوبة.

أما الثاني فلقوله تعالي: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبٰائِرَ مٰا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئٰاتِكُمْ ) (النساء/ 3(1).

و قوله (فَالَّذِينَ هٰاجَرُوا وَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيٰارِهِمْ وَ أُوذُوا فِي سَبِيلِي وَ قٰاتَلُوا وَ قُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئٰاتِهِمْ وَ لَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنّٰاتٍ ... ثَوٰاباً مِنْ عِنْدِ اَللّٰهِ ) (ال عمران/ 19(5).

و تدل عليه الآيات 13 من المائدة و 271 من البقرة و 29 من الانفال و 35 من الزمر (فلاحظ) و 5 من الطلاق. وتدل عليه ايضاً قوله تعالي: (إِنَّ اَلْحَسَنٰاتِ يُذْهِبْنَ اَلسَّيِّئٰاتِ ).

و اما احباط الثواب بغير الارتداد فيدل عليه ما ورد في حق بعض الصحابة: (وَ لاٰ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمٰالُكُمْ ) (الحجرات/ 2) و تأويل التفتازاني في شرح المقاصد باطل و مردود إليه(1).

و تدل عليه روايات وردت في شرب الخمر؛ و قد ادعي المؤلف العلامة (334) دلالة اخبار كثيرة عليه. و اما دعوي الاشتراط بالموافاة فهو غير ثابت. و تفصيل الكلام لا يناسب المقام.

ص: 164


1- - البحار 5:333.

ج 6: بقية العدل و ما يتعلق بالمعاد

اشارة

الباب 19: عفو الله تعالي و غفران و سعة رحمته و نعمه علي العباد (6:1)

أورد المؤلّف العلّامة فيه آيات كثيرة و روايات الها ما نقله الصدوق في عيونه عن مشايخه الثلاثة عن احمد الهمداني عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه قال: قال الرضا عليه السّلام في قول الله عزّ وجلّ : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ ، وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهٰا). رب يغفر لها (6:(3).

و هذا من الطف التأويل و اجمل الرحمة فكلمة اللام ليست بمعني علي كما قيل. لكن يشكل قبوله فان الخطاب في الآيات لبني اسرائيل المفسدين في الارض مرتين و سياق الآيات تابي عن مثل هذا التقدير. و اما السند فقد تقدم الاشكال عن بعضهم في رواية علي عن أبيه و لكنا رجحنا اعتباره و الله العالم و ليس غيره سند معتبر في الباب.

الباب 20: التوبة و انواعها و شرائطها (6:11)

أورد فيه آيات و روايات كثيرة و المعتبرة منها سنداً ما ذكرت بارقام 2، 11، 15، 22، 31، 69، 71، 72، 73، 74، علي وجه.

و نحن قد ذكرنا تفصيل البحث فيها في الجزء الثالث من كتابنا حدود الشريعة فلا نعيده ههنا و نسأل الله تعالي ان يتوب علينا قبل توبتنا، النتوب إليه ثم نسأله ان يتوب علينا، اييقبل توبتنا.

الباب 21 و 22: ليس فيهما رواية معتبرة سنداً.

الباب 32: علل الشرائع و الاحكام (58).

ص: 165

فيه فصول ثلاثة: الاولي فيما رواه الصدوق في عيونه و علله بسندين عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه السّلامخ من بيان علل بعض الاحكام الشرعية.

الفصل الثاني فيما رواه في علل الشرائع بسنده عن محمد بن سنان انه سأل الرضا عليه السّلام فذكر في جوابه علل بعض الاحكام.

و الفصل الثالث فيه روايات متفرقة ذكرت فيه علل بعض الاحكام الآخر.

أقول: أولاً اسانيد الروايات المشار إليها كلها ضعيفة غير قابلة للاعتماد. سوي رواية واحدة رواها الصدوق في علله بسند معتبر عن جميل انه سأل ابا عبدالله عليه السّلام عن شيء من الحلال و الحرام، فقال: انه لم يجعل شيء إلّا لشيء. (110).

و متنه مطابق لما ثبت في علم الكلام من تعلل افعاله و احكامه بالاغراض خلافاً للاشعرية و ليست الاغراض راجعة إلي ذاته تعالي بل هي زائدة علي ذاته خلافاً للفلاسفة في الجملة فلاحظ تفصيل البحث في كتابنا صراط الحق والعجب من مقلدي الاشعري في نفيهم الاغراض عن فعله مع دلالة جملة من الآيات الكريمة علي اثباته في جملة من الموارد، مع ان اكثرهم قائلون بالقياس وهو لا يصح الا علي القول بتبعية الاحكام للاغراض و العلل.

و اما من ناحية المتون فبعض ما ذكر فيها من العلل معقول و لكن جملة كثيرة منها كأنّها القيت إلي الاطفال و هي لا تناسب الامام و تأباه العقول. بل انها توهن اساس الشريعة في الحلال و الحرام و الواجب المسنون. فاللازم

ص: 166

عدم الاعتماد عليها وعدم ذكرها في المؤلفات و في القاء الخطابات علي الناس بعد ضعفها سندا و متناً. والله العالم.

ابوب الموت

الباب 1: حكمة الموت و حقيقته، و ما ينبغي ان يعبر عنه. (116).

و اولي الروايات معتبرة سنداً.

الباب 2: علامات الكبر... و تفسير ارذل العمر (118).

ليست فيه رواية معتبرة.

الباب 3: الطاعون و الفرار منه (6:120) المذكورة برقم 2 علي وجه و 4 معتبرة سنداً.

اقول ليس عندي ما ينبغي التنبيه عليه في هذه الابواب، غير ان الاظهر عندي جواز الفرار من الطاعون مطلقاً اعتمادا علي معتبرة ابان عن أبي الحسن عليه السّلام (121) و لم يثبت النهي عنه.

الباب 4: حُب لقاء الله و ذم الفرار من الموت. (6:124)

اقول لم يثبت استحباب حب الموت و كراهة الموت أو كراهة الفرار منه بدليل معتبر اذ لم اجده عاجلاً، بل معتبرة العقر قوفي برقم 19 ص 129 تدل علي عدم استحباب حب الموت و الفقر و البلاء فلاحظ.

نعم يجب الرضا بالقضاء عند المشهور(1) و لا اشكال في حسنه عندنا

ص: 167


1- - لاحظ بحثه فى الجزء الثانى من كتابنا صراط الحق.

فمن جهة أن الموت مقضي لله يحسن حبه. و بهذا العنوان يحسن حب الحياة أيضاً.

و اما لقاء الله فلا اشكال في استحباب حبه للمؤمن، فان العنوان المذكور لا يحتمل غير الحب لكن الكلام في لقاء الله، فانه بحقيقته غير معقول، و كوننا في الكرة الارضية احياء _ بالحياة الدنيا و الحياة الطيبة و في الرزخ و في المحشر يوم القيامة _ و في الجنة أو النار لا يغير النسبة بيننا و بينه تعالي فان ما سواه متساوي النسبة إليه لا قرب و لا بعد في حقه. و اما مجازاً فلقاء الله في القرآن (التوبة 77 و الاحزاب 44) مردد بين يوم الموت و يوم القيامة و لا اذكر عاجلاً نصا معتبراً انه الموت اويومها. و علي كل رزقنا الله لقاءه مع اقترانه بالرضا و ذلك الفوز العظيم ثم المذكورة برقم 19 معتبرة سنداً.

الباب 5: ملك الموت و احواله وكيفية نزعه للروح (6:139)

أورد فيه آيات و روايات. و فيه مطالب:

1 _ يجوز عقلاً و عرفاً نسبة الفعل إلي البعيد و المتوسط علي نحو ما يجوز إلي الفاعل القريب فتقول لمن القي الخشب في النار، أنت احرقته كما تقوله لمن امر بالقائه فيها كما يقال احرقته النار فالمتوفي للانفس اولا هو الله تعالي (الزمر 42) ثم ملك الموت (التنزيل 11) ثم الملائكة المأمورين بامر ملك الموت المأمور بامر الله (الانعام/ 11، و الاعراف/ 37، و النحل/ 28، 32) وهذا واضح و ذكر في الروايات أيضاً.

2 _ الحياة هي علاقة الروح بالبدن و الموت هو قطعها و قبض الروح و حقيقة ذلك مجهول لنا عقلاً و نقلاً. لاحظ كتابنا (روح از نظر دين و عقل و علم

ص: 168

روحي جديد).

3 _ في مرسلة العيايشي قال سألت أبا عبدالله عليه السّلام عن قول الله (إِذٰا جٰاءَ أَجَلُهُمْ فَلاٰ يَسْتَأْخِرُونَ سٰاعَةً وَ لاٰ يَسْتَقْدِمُونَ ) قال: هو الذي سمي لملك الموت في ليلة القدر (14(3).

اقول اظن متنه صحيحاً. لكن في مستندة مجهولة اخري في الكافي عن الصادق عليه السّلام: انما هي صكاك تنزل من السماء: اقبض نفس فلان بن فلان. (145) و لعله لا منافاة بينهما.

4 _ المذكورة برقم 3 و 4 علي وجه و 10 و 18 معتبرة سنداً.

الباب 6: سكرات الموت و شدائده و ما يلحق الكافر و المؤمن عنده (145)

قال الرضي رحمة الله في محكي تلخيص ال بيان: و المراد بسكرة الموت ههنا الكرب الذييتغشي المحتضر عند الموت فيفقد تمييزه و يفارق معه معقوله فشبه تعالي بالسكرة من الشراب الا ان تلك سكرة منعمة و هذه السكرة مؤلمة.

أقول: سكرة الموت للكافرين ضرب الملائكة وجوههم و ادبارهم (الانفال 50 و محمد 27) و علمهم بترك الاموال و الاولاد و فناء الحياة، فاذا كان المؤمن لم يحب الحياة الدنيا و مظاهرها و احب الله هان عليه الموت فان كان من المقربين فروح و ريحان و جنة النعيم و ان كان من اصحاب اليمين فسلام لك من اصحاب اليمين فينادي: يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضيه(1) جعلنا الله و اياكم منها.

و اما قوله تعالي: فلولا إذا بلغت الحلقوم و قوله كلا إذا بلغت التراقي. فلا دليل علي رجوع الضمير المرفوع إلي النفس و الروح فانها غير داخلة في

ص: 169


1- - بناء على ان الخطاب فيهما حين الموت دون يوم القيامة

الجسد، بل يحتمل رجوعه إلي الحياة الحاصلة من الروح و لعلها المنفوخة (و نفخت فيه من روحي) فتأمل جيداً.

في معتبرة ابن عطية عن الصادق عليه السّلام قال قال رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم: الموت كفارة لذنوب المؤمن (ص 151).

و في معتبرة ابن فضال عن الرضا عليه السّلام قال: لما حضرت الحسن بن علي الوفاة بكي فيل يابن رسول الله أتبكي و مكانك من رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم.. فقال: انما ابكي لخصلتين لهول المطلع، و فراق الاحبة (160).

و في معتبرة أبي بصير المروية في الكافي حول قوله تعالي: فلولا إذا بلغت الحلقوم.. انها إذا بلغت الحلقوم أري منزله في الجنة فيقول: ردوني إلي الدنيا حتي اخبر اهلي بما اري. فيقال له: ليس إلي ذلك سبيل (169).

و يبغي التنبيه علي ان اكثر روايات الباب كغيره فاقدة للاعتبار. سوي المذكورة برقم 7، 20، 22، 43.

الباب 7: ما يعاين المؤمن والكافر عند الموت و حضور الأئمة عليهم السّلام عند ذلك و عند الدفن وعرض الاعمال عليهم صلوات الله عليهم (6:173)

أورد فيه (56) خبرا من الصادر حديثية مختلفة متعددة عشرون منها

ص: 170

يدل علي رؤية المحتضر لبعض اهل البيت علي نحو التالي(1):

18 خبرا علي رؤية أمير المؤمين و 15 خبراً علي رؤية رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم و ستة اخبار علي رؤية الحسين و خمسة اخبار علي رؤية فاطمة _ سلام الله عليها و عليهم _ و بعض الاخبار علي رؤية الائمّة ثم ان هذه الاخبار تختلف من جهة اخري ففي جملة منها (11 خبرا) ان المحتضر يري، و في خمس روايات ان الرسول أو الامام أو الأئمة يحضرون أو يأتون المحتضر و في واحد منها: وجدني. و في آخر تعرفني. اثنا منه يدل علي التمثل فلاحظ الروايات المذكورة في الباب بارقام 5، 6، 7، 8، 9، 10، 12، 20، 25، 30، 40، 41، 42، 43، 44، 49، 50، 51، 52، 53. و مصادر هذه الروايات تفسير القمي و تفسير العياشي و مجالس المفيد و امالي الطوسي و الكافي و علل الشرائعوالمحاسن و امالي الصدوق و الكشي و جملة من كتب اخر فمن البعيد كذب جميع هذه الاخبار و ان فرض ضعف اسناد جميعها. بل لا يبعد اطمئنان النفس بصدور اصل القضية من الائمة عليهم السّلام. يؤكده بعض الاخبار المعتبرة سنداً كالمذكورة برقم 10، 48.

و هل رؤيتهم لجميع الناس أو لاصناف خاصة ؟ فيه وجهان و لا دليل قاطع علي الاول، و العلم عندالله تعالي رزقنا الله رؤيتهم عند الموت راضيين عنا.

ص: 171


1- - تحديد الروايات ليس بقطعى فيمكن فيه الزيادة و النقصان.

والمسلم من الروايات رؤية المحتضر، الرسول الاكرم صلّي الله عليه و آله و سلّم و مير المؤمنين كليهما أو احدهما و لوبالتمثل و اما الحضور عند الكل ففيه مشكل عقلي ذكرناه في كتابنا صراط الحق الذي ألفناه في أيام الشباب فلاحظ 3:432 إلي 450 فقد تعرضنا فيه لجميع جهات المسألة.

و ينبغي التنبيه علي امر و هو انهم _ صلوات الله عليهم _ سوي غائبهم المنتظر _ عجل الله فرجه _ ليسوا في اجسام كثيفة كاجسادنا و لا انهم ارواح مجردة إذ المجردات لا تري فهم في اجسام برزخية، و اما ان المحتضر وحده يراهم دون سائل الحاضرين فهو استبعاد عادي ليس بمعضلة عقيلة أو شرعية والله قادر علي كل شيء ممكن.

الباب 8: احوال البرزخي و القبر و عذابه و سائر ما يتعلق بذلك (6:202)

فيه آيات و روايات كثيرة و يلحق بهما ما أورده المؤلف العلامة في الباب التالي فيقرب الاحاديث من 150 حديثا و المعتبرة من روايات الباب 8، ما ذكرت بارقام 3، 4، 17، 18، 89، 95، علي وجه و 100، 101، 112، 113، 114، 119، 125 و من الباب 9 ما ذكرت برقم 1 و 14 مثلاً واعلم ان الكلام في هذين البابين في مطالب.

اولها: الحياة البرزخية في القرآن تختص بالشهداء (البقرة 154 و آل عمران 169 إلي 171) و ربما يستفاد من قوله تعالي: (وَ اَلَّذِينَ هٰاجَرُوا فِي

ص: 172

سَبِيلِ اَللّٰهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مٰاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اَللّٰهُ رِزْقاً حَسَناً وَ إِنَّ اَللّٰهَ لَهُوَ خَيْرُ اَلرّٰازِقِينَ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ ) (الحج/ 58 و 5(9) ان الهجرة في سبيل الله أيضاً توجب الرزق الحسن سواء المهاجر أو مات و من المعلوم ان المقتول في سبيل الله يرزق في البرزخ او لا فكذا من مات و لم يقتل لدلالة الآية علي ذلك. الا أن يقال ان الآية لم تفرض قتل المهاجر في سبيل الله فلا ملزم لحمل الرزق علي الرزق في البرزخ و لعله الرزق في الجنة.

نعم قوله تعالي: (جَنّٰاتِ عَدْنٍ اَلَّتِي وَعَدَ اَلرَّحْمٰنُ عِبٰادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كٰانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا لاٰ يَسْمَعُونَ فِيهٰا لَغْواً إِلاّٰ سَلاٰماً وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهٰا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا) (مريم/ 62 61). أيضاً ناظر إلي الجنات البرزخية فان جنات الاخرة ليست فيها شمس فلا يوم و لا ليل. قلت: اولا القرينة ظنية(1) و ثانياً يمكن اختصاص هذه الجنات بالشهداء و من هم فوقهم كالانبياء والاوصياء و من هو بمنزلتهم عندالله تعالي.

و هناك طائفة اخرييستفاد من الكتاب حياتهم البرزخية و هم من نصروا من يدعي الربوبية العليا لنفسه و استكبر و علا في الارض، و هم آل فرعون و يلحق بهم من هو في مرتبتهم ممن هم قبلهم أو بعدهم إلييوم القيامة.

قال الله تعالي: (وَ حٰاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ اَلْعَذٰابِ اَلنّٰارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهٰا غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ اَلسّٰاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ اَلْعَذٰابِ ) (المؤمن/ 45-46) و هذه الآية ظاهرة في ذلك و قال: (مِمّٰا خَطِيئٰاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نٰاراً) (نوح/ 2(5) و هذه تتحد مع سابقها ظاهراً.

ص: 173


1- - فى مجمع البيان: قال المفسرون: ليس فى الجنة شمس و لا قمر فيكون لهم بكرة و عشيا، والمراد انهم يؤتون برزقهم على ما يعرفونه عن مقدار الغداة و العشاء. و قيل كانت العرب إذا اصاب أحدهما الغداء والعشاء لعجبت به و كانت تكره الأكلة الواحدة فى اليوم فاخبر الله ان لهم فى الجنة رزقهم بكرة و عشيا على قدر ذلك الوقت (5 و 6:805).

ثم ان الكتاب مضافا إلي عدم دلالته علي الحياة البرزخية لغيرهما فيه آيات تنافي الحياة البرزخية و البحث حوله طويل لاحظه في كتابنا (الفوائد الدمشقية) و (روح از نظر دين عقل و علم روحي جديد).

ثانيها: وضع الجريدة مع الميت ينفع في رفع العذاب و يدل عليه صحيح زرارة وحريز و غيره (215) و العقل لا يفهم.

ثالثها: في صحيح ابان بن تغلب عن الصادق عليه السّلام: من مات ما بين زوال الشمس يوم الخميس إلي زوال الشمس من يوم الجمعة من المؤمنين اعاذه الله من ضغطة القبر (221).

و في صحيح ابي بصير الصادق عليه السّلام: يسأل و هو مضغوط (ص 260).

و في صحيح يونس قال سألته (؟) عن المصلوب يعذب عذاب القبر؟ قال: فقال: نعم الله عزّ وجلّ يأمر الهواء ان يضغطه (ص 266).

رابعها: الحياة البرزخية أمر و عذاب القبر وضغطته و سؤال الملكين (النكير و المنكر) فيه عن الميت أمور اخري، كما ان الحياة البرزخية امر و نعيم البرزخ و عذابه من بعد الموت إلي الحشر و البعث أمر آخر.

و العمدة في اثبات ثواب البرزخ و عذابه _ فضلا عن حياته _ الروايات الكثيرة التي بعضها معتبر سنداً و التي اورد اكثرها المؤلف العلامة رحمة الله في هذا الباب ذيل ارقام 1، 2، 11، 12، 13، 15، 22، علي وجه، 32، 33، 34، 48، 49، 55، 59، 65، 66، 68، 74، 76، 87، 88، 89، 90، 91، 92، 93، 114، 116، 117، 118، 119، 120، 121، 122، 123، 124، 125،

ص: 174

126، 127، و في الباب الآتي ذيل ارقام 1، 7، 8، 9، 11، 13، 14، 15، 17، 18. والمتتبع يجد روايات اخر في مختلف الابواب.

لا شك في كفاية هذه الاحاديث لاثبات الحياة البرزخية و لذاتها و آلامها بنحو الموجبة الجزئية، و أما استفادة الموجبة الكلية منها و انها ثابتة لكل فرد من الافراد الانسان فهي موقوفة علي اطمينان الباحث من الروايات و لا يخلو عن اشكال بعد ملاحظة اسانيدها و مضامينها و بعد ما يأتي من عدم عمومية السؤال في القبر، وما ورد من الخطاب للمسؤول في القبر بالنوم (نم نومة ليس فيها حلم(1) في اطيب ما يكون النائم) فلاحظ تفصيله فيما ذكر بارقام 20، 26، 27، 56، 104، 105، 106، 107، 108، 114 بل في 54 عبر بالموت في القبور لكنه ضعيف سنداً إلي الغاية. و لا حظ 128 ايضاً.

و الحق هو التوقف عن القول بالموجبة الكلية. والله اعلم بافعاله و احكامه.

خامسها: في صحيح الكافي عن حفص البختري عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: إن المؤمن ليزور أهله فيري ما يحب و يستر عنه ما يكره، و ان الكافر ليزور أهله فيري ما يكره و يستر عنه ما يحب قال: و منهم من يزور كل جمعة و منهم من يزور علي قدر عمله (256).

و تدل عليه جملة من الروايات الاخري للكافي لاتخلوا اسنادها من خلل وضعف لكنها مؤكّدة و مؤيدة. و يمكن ان يراد بهذا المؤمن من محض

ص: 175


1- - الحلم ما يراه النائم فى نومه من الشر.

الايمان محضا و بهذا الكافر من محض الكفر محضا. و يمكن ان يراد به الاعم منهما بناء علي ن هذا المقدار من العمل و السرور و الكره لا ينافي الإلهاء علي انه عمل موقت ليس بدائم فان الاهل الاقربين يفنون و لا تبقي علاقة للناس _ ظاهراً _ في زيارة الارحام البعيدة.

سادسها: في صحيح الكافي عن محمد بن مسلم قال ابو عبدالله عليه السّلام: لا يسأل في القبر إلا من محض الايمان محضاً او محض الكفر محضاً (ص 260 برقم 100).

و يؤيده روايتان اخريتان من الكافي، و انما جعلناهما مؤيدين لوجود سهل بن زياد في سند احديهما و وجود ابي بكر الحضرمي في سند ثانيتهما. و مثل الاولي رواية ثالثة للكافي.

و فيه منصور بن يونس و لم تثبت و ثاقته علي الاظهر.

و في ذيل الاولي و الثالثة: و اما ما سوي ذلك فيلهي عنه. و في ذيل الاول: و الاخرون يلهون عنه.

و للكافي رواية رابعة ضعيفة سندا و فيها: قلت فبقية هذا الخلق ؟ قال يلهون (يلهي) و الله عنهم ما يعبأبهم. (262).

فيمكن ان يقال بأنّ عذاب البرزخي لهذين الصنفين فقط (أي من محض الايمان محضاً ومن محض الكفر محضاً) و ليس المراد من اللهو عن البقية اعدامهم بل عدم الاعتناء بهم ثواباً و عقاباً، بل علي فرض تجرد النفوس لا

ص: 176

معني لا عدامها(1) و علي كل أنا لا أري المحققين في غني عن مراجعة كتاب (روح از نظر دين و عقل و علم روحي جديد) في أمثال هذه المقام.

فائدة: المعتبر من روايات الباب هي الاولي و الرواية الرابعة عشرة ذكرناهما في كتابنا (روح از نظر دين و عقل و علم روحي جديد).

الباب 10: ما يلحق الرجل بعد موته من الاجر (293)

في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام قال: ليس يتبع الرجل بعد موته من الاجر الا ثلاث خصال: صدقة اجراها في حياته، فهي تجري بعد موته إلي القيامة، صدقة موقوفة لا تورث، أو سنة هدي سنها و كان يعمل بها و عمل بها من بعده غيره، أو ولد صالح يستغفر له. (293).

و في خبر معاوية: قلت لأبي عبدالله عليه السّلام أي شيء يلحق الرجل بعد موته ؟ قال يلحقه الحج عنه و الصدقة عنه و الصوم عنه (294).

يمكن الاعتماد علي السند لكن المصدر لم يصل بطريق معتبر و هو نسخة المحاسن.

أقول: اما الحديث الاول ففقراته الاربعة محتاجة إلي التحديد، علي أن مقتضي حصرها عدم اجر في استغفار المؤمن له و ان كانوا من الاقارب و الاباء و الاجداد، مع ان الاستغفار للمؤمنين مأمور به. و عدم اجر في اتيان فرائضه

ص: 177


1- - نعم يشكل الحياة البرزخية للكافرين لانكارهم المكث البرزخى فى القيامة كما يظهر من القرآن فى عدة من آياته، اذ لو كانوا احياء طيلة القرون المتمادية كيف يقسمون على نفيه غير ساعة أو نحوها.

الفائتة منه سهواً أو عمداً كالصلاة و الصيام الحج و اداء ديونه الشرعية و اداء ديونه للناس، مع أنها واجبة بشروطها واتيان المستحباب و القربات له. نعم الرواية الاخيرة تخفف الاشكالات في الجملة.

و علي كل في الباب ثلاث روايات اخر يقرب مضمونها من الصحيح المذكور.

أبواب المعاد

الباب 1: أشراط الساعة وقصة يأجوج و مأجوج (6:295)

أورد المؤلف العلامة فيه آيات و روايات و نحن نشير إليهما في ضمن أمور:

1 _ نسب اهل السنة (صحيح مسلم 8:179 و غير هذا الكتاب) إلي رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم قوله:

لا تقوم الساعة حتي تكون عشر آيات: الدجال والدخان و طلوع الشمس من مغربها ودابة الارض ويأجوج و مأجوج و ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق و خسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، و نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلي المحشر تنزل معهم إذا نزلوا و تقبل معهم إذا اقبلوا (303).

أقول: وعاشرها نزول المسيح عيسي بن مريم عليه السّلام كما في الروايات اخر.

و روي الشيخ الطوسي في غيبة بسند ضعيف عن رسول الله صلّي الله عليه و آله وسّلم

ص: 178

عشرة قبل الساعة لا بد منها: السفياني و الدجال و الدخان و الدابة و خروج القائم و طلوع الشمس من مغربها و نزول عيسي و خسف بالمشرق و خسف بجزيرة العرب و نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلي المحشر (بحار الانوار 52:209).

و اعلم ان روآيات الباب سوي ما ذكر برقم 19 غير معتبرة سندا.

فلا بد من النظر إلي تلك العلامات من منظر آخر غير منظر روآيات الباب.

أما الدجال فالروآيات فيه منتشرة في معظم اجزاء بحار الانوار من الجزء الثاني إلي الجزء المائة و الثلث اكثر من سبعين موردا. و في الكافي مرتين (5:260 و 8:296) و كذا في الفقيه و في التهذيب ثلاث مرات احدهما في باب تحريم المدينة و فضلها في معتبرة ابن بكير عن ابي عبد الله عليه السّلام قال: ذكر الدجال، قال: فلم يبق منهل ألا و طئه الا مكة و المدينة، فان علي كل نقب من انقابها(1) ملكا يحفظها من الطاعون و الدجال.

و ليس في روآياتنا تفصيل حوله و حول خروج و اعماله و قتله الا ان عيسي ابن مريم عليه السّلام يقتله و لم اذكر سندا صحيحا له عاجلا، فالاحسن للمحقق الشيعي عدم رد وجوده وعدم قبول ما قيل في حقه. و اما ترسيمه في الصحاح

ص: 179


1- - النقب بضم النون الطريق فى الجبل و فى بعض النسخ: كل ثقب من اثقابها. و فى صحيح مسلم عن أبى هريرة عنه صلّى الله عليه و آله و سلّم: على انقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون و لا الدجال (باب صيانة المدينة كتاب الحج) و فى النفس من الروآية شىء فان الوهابيين اليوم مسلطون عليها مع انهم اخبث مع الدجال.

الستة من قبل الدجاليين الوضاعين فهو مشتمل التناقضات و الا كاذيب التي لا يقبلها الامن سفه نفسه و قدم علي عقله خيالات الغوغاء الحماقي.

2 _ الدخان، قال الله تعالي: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي اَلسَّمٰاءُ بِدُخٰانٍ مُبِينٍ ...) (الدخان 1(1) لكن من تأمل ما بعد الآية يفهم بسهولة أن الآية الكريمة لا تدل علي ان الدخان المذكور من اشراط الساعة و علامات القيامة.

3 _ طلوع الشمس من مغربها _ فقد ورد بعنوان كونه آية للقيامة في جملة من الروآيات غير المعتبرة من اجزاء البحار و ورد مرة واحدة في الكافي (5:10) و كذا في التهذيب و سنده في تفسير القمي معتبر لكن التفسير نفسه فيه اشكال سبق.

و فيه: إذا طلعت الشمس من مغربها. فكل من آمن في ذلك اليوم لا يفنعه ايمانه (313) و علي كل ليس هوبمعلوم و ن كان مظنونا.

4 _ دابظ الارض.

استدل عليها بقوله تعالي: (وَ إِذٰا وَقَعَ اَلْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنٰا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ اَلْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ اَلنّٰاسَ كٰانُوا بِآيٰاتِنٰا لاٰ يُوقِنُونَ (النّمل 8(2)

و هل هي حيوان أو انسان كامل فيه وجهان و ربما نتعرض له في المستقبل. و علي كل لا دلالة للآية علي انها من اشراط الساعة.

5 _ نزول عيسي عليه السّلام: القرآن لا يدل _ دلالة ظاهرة _ علي بقاء عيسي و كونه حياً بالفعل في السماء. و أما الروايات فعمدتها ما دلت علي نزوله وصلاته خلف الامام المهدي _ عجل الله تعالي فرجه _.

بقول المؤلف العلامة: الاخبار الدالة علي أن عيسي عليه السّلام ينزل و يصلي

ص: 180

خلف القائم (عج) كثيرة، و قد اوردتها الخاصة و العامة بطرق مختلفة و سيأتي بعضها في كتاب الغيبة.

(14:349) و لاحظ (52:181 الي 278)

أقول: من يطمئن بهذه الاخبار بذلك، فهو و ألا فله التوقف، اذ الانكار مع الشهرة المحققة عليه _ خارج عن طريقة الانصاف.

6 _ الخسف، يؤيده بعض الروايات.

7 _ و مثله النار الخارجة من قعر عدن. والله العالم.

8 _ السفياني، و تدل عليه روايات و في بعضها انه من المحتوم و انه من علامات ظهور المهدي (عجل الله تعالي فرجه) والله العالم. 9 _ طهرو القائم _ كما تدل عليه روايات الفريقين و قد ألفوا حوله كتباً مستقلة نعم ذهب الشيعة إلي بقاء حياته بعد تولده في سنة 255 ه و انه حي باق علي الارض لكننا لا نعرفه فهو غائب عنا و سيظهر حينما اراد الله ظهوره فيه و هذا من مسلمات مذهب الشيعة الامامية أو من ضرورياته و غيرهم ذهبوا إلي انه سيولد فيما بعد.

والمتيقن ان ظهوره قبل الساعة و اما انه من اشراطها ففيه بحث، و ذلك لعدم العلم بمدة بقائه و مقدار حكومته و حكومة من بعده والله يعلم.

10 _ يأجوج و مأجوج، المستفاد من آيات سورتي الكهف و الانبياء الواردة في قصتهما بقائهما خلف السد و فتحهما قبل النفخ في الصور.

وهذا غير محتمل في مثل زماننا و وضوح الارض بلدة بلدة و قرية قرية. نعم لا مانع من بقاء السد إلي الان تحت الارض مثلاً فانه كان شيئاً

ص: 181

صغيرا قابلاً للاختفاء تحت التراب و الحجارة بزلازل و عمليات طبيعية و اختيارية انسانية لكن محاصرة هذين القومين من الانسان أو الصنفين أو النوعين من الحيوان المفسدين في الارض غير ممكن و الا لعرفهم الناس.

و يمكن أن يقال أن خروج يأجوج و مأجوج انما هو من الشراط الساعة و علامات قرب القيامة لا من الحوادث الواقعة عند القيامة، و الاظهر في تعيينها هو المغول كما نسب إلي اكثر المفسرين و المؤخرين و قد اتفق هجوم التتار في النصف الاول من القرن السابع الهجري علي غربي آسيا و افرطوا في اهلاك الحرث و النسل في الصين و تركستان و ايران و العراق و الشام و قفقاز و غيرها من البلاد.

لكن في صدق كونه من اشراط الساعة شك و الله العالم.

و اعلم ان البحث حول يأجوج و مأجوج و موضع السد و تعيين ذي القرنين و سيع طويل و قد تعرض لنقله صاحب تفسير الميزان (ره) في تفسير سورة الكهف. و الله العالم.

11 - و من أشراط الساعة تخريب القري و البلدان او تعذيبها لقوله تعالي: (وَ إِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاّٰ نَحْنُ مُهْلِكُوهٰا قَبْلَ يَوْمِ اَلْقِيٰامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهٰا عَذٰاباً شَدِيداً كٰانَ ذٰلِكَ فِي اَلْكِتٰابِ مَسْطُوراً) (الاسراء/ 5(8).

الباب 2: نفخ الصور و فناء الدنيا و أن كل نفس تذوق الموت (6:316)

و المعتبرة من روآياته ما ذكرت برقم 14 فقط.

قد ذكرت بحثه حسب فهمي في كتابي (روح از نظر دين، عقل و علم روحي جديد).

ص: 182

فلا ملزم للتكرار. نعم لا بدهنا من كلمة و هي ان المؤلف العلامة ان اراد من فناء الدنيا فناء ما سوي الله تعالي كله فهذا ما لا يدل عليه ما أورده من الآيات و الروآيات، بل نفسه توقف فيه في آخر هذا الجزء ص 336 حيث قال:

و الحق انه لا يمكن الجزم باحد الجانبين لتعارض الظواهر فيها.. و اكثر متكلمي الامامية علي عدم الانعدام بالكلية، لا سيما في الاجساد..

أقول: يمكن ان يستدل عليه بقوله تعالي: (كُلُّ شَيْ ءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ ). (القصص 8(8) لكن الآية مطلقة لا تخص و قتا دون و قت. فيناسب حملها علي هلاكها الذاتي فان كل ممكن هلاك و لو كان محفوفا بالوجوبين.

سيه رويي ز ممكن درد و عالم

جدا هرگز نشد و الله اعلم

ج 7: ما يتعلق بالحشر و القيامة

الباب 3: اثبات الحشر و كيفيته و كفر من انكره. (ص 2)

أقول: أورد فيه آيات كثيرة و روآيات تبلغ إلي الواحدة و الثلاثين، المعتبرة منها ما ذكر برقم 1، 12، 20 و 21 فقط و أمّا ما ذكر برقم 3، 4، 8، 10، 14 فاسنادها معتبرة لكن مصادرها غير معتبرة عندنا و هي تفسير القمي و المحاسن و قرب الاسناد كما اشرنا إليه في المقدمة.

و ينبغي ان نذكر في الباب امورا:

1 _ المعاد الجسماني ثابت بضرورة الدين، بل نقل جمع انه متفق عليه

ص: 183

بين المليين قاطبة. و منكره خارج عن دائرة المسلمين.

2 _ الحشر بمعني الجمع و الانتقال و في اصطلاج المسلمين احياء الاموات من القبور و جمعهم و انتقالهم إلي المحشر. و اما قوله تعالي: (وَ إِذَا اَلْوُحُوشُ حُشِرَتْ ). فلابد يدل علي الحشر الاصطلاحييوم القيامة ليقتص بعضها عن بعض كما يقال و أيضا ليس فيه ما يدل علي حشر جميعها من ابتداء خلقها إلي القيامة، فلعل المراد جمع الوحوش الموجودة قبل القيامة بعد اختلال نظم الكرة الارضية في البراري و الصحاري لوحشتها عن علامات القيامة، و الله العالم بحقيقة الحال.

3 _ لا نعلم تعداد افراد الانسان الذين يحشرون في المحشر اذ لا نعلم مبدء وجود آدم علي كرة الارض و انه قبل ثمان آلاف سنوات او ثمانية ملايين اعوام مثلا، كما لا نعلم ان قيام الساعة انه بعد قرن او بعد ملايين قرون و انما علمها عند ربي لكن لا شك أنهم من الكثرة بحيث لا تكفي لا بدانهم جميع الكرة الارضية بسهولها و جبالها و براريها و بحورها فكيف يصح الحشر؟

بل و كيف الخروج من الارض بعد عجزها من حيث الكمية لتكوّن الناس منها؟

فان قلت: ليست الكرة الارضية هي المحشر، بل هي كرة اخري كما ان جهنم كرة، الجنات كرة او كرات أخري كما يستفاد من قوله تعالي: (يَوْمَ تُبَدَّلُ اَلْأَرْضُ غَيْرَ اَلْأَرْضِ وَ اَلسَّمٰاوٰاتُ وَ بَرَزُوا لِلّٰهِ اَلْوٰاحِدِ اَلْقَهّٰارِ) (إبراهيم 4(8).

و تبدل المسوات ربما يشير إلي و قوع المحشر خارج السماوات السبع: و عليه فيحمل انه كرة اكبر من كرة الارض بآلاف مرة، بل اكبر من كرة

ص: 184

المشتري بآلاف مرة بحيث تكفي لتكوّن ابدانهم.

قلت: نعم و كنا نحتمله من زمن إلي الامس! حيث التفت إلي قوله تعالي: (قٰالَ فِيهٰا تَحْيَوْنَ وَ فِيهٰا تَمُوتُونَ وَ مِنْهٰا تُخْرَجُونَ ) (الاعراف/ 25) و قوله تعالي: (مِنْهٰا خَلَقْنٰاكُمْ وَ فِيهٰا نُعِيدُكُمْ وَ مِنْهٰا نُخْرِجُكُمْ تٰارَةً أُخْرىٰ ) (طه 5(5) الا ان يقال بعدم العموم في الآية الاولي لا ختصاص الخطاب بادم عليه السّلام و حواء و ابليس لعنه الله بل و في الثانية أيضا فانها لا تدل علي حشر كل افراد الانسان من هذه الارض فلا حظ. و الجواب المعتمد الآن ما يقال اليوم بان الكرة الارضية لو تعصر بحيث لم يبق بين اجزائها الصغار خلاء انقلب حجمها إلي حجم تفاح بنفس الوزن السابق، فيمكن ان يخلق افراد الانسان حجمها إلي حجم تفاح بنفس الوزن السابق، فيمكن ان يخلق افراد الانسان حين الحشر لا من خمسين و ثمانين كيلو غرام بل من غرام أو نصف غرام مع اتساع الخلاء فيكفيهم نصف الكرة اومعظمها أو كلها. و الله قادر بالف و سيلة علي ما يريد كما انه قادر علي ايصال المحشورين تدريجا إلي كرة لمحشر أينما كانت بوسائل نعلم اليوم بعضها و سيحدث بعضها الآخر بعد غد و يعلمها الله كلها و كل ما امكنت منها وجدت بقدرة البشر أم لم توجد.

و الظاهر ان كرة المحشر ليست هي كرة الارض، لما مر من قوله تعالي: (يَوْمَ تُبَدَّلُ اَلْأَرْضُ غَيْرَ اَلْأَرْضِ ). ولا ينافيه قوله تعالي: (وَ مِنْهٰا نُخْرِجُكُمْ تٰارَةً أُخْرىٰ ). فان الآخراج لا يستلزم الحشر مكانا، فالناس يخرجون من هذه الارض كما عرفت ثم ينقلون إلي كرة كبيرة أخري هي المحشر.

4 _ انكار المؤلف العلامة علي امتناع اعادة المعدوم هو الصحيح فاني كل ما تأملت في ادلته حين الدرس و التدريس في ادوائر مختلفة لم يحصل لي

ص: 185

الظن منها، فلا ينبغي قبولها.

5 _ في معتبرة جميل عن الصادق عليه السّلام قال: إذا اراد الله عزوجل أن يبعث الخلق امطر السماء (علي الارض) اربعين صباحا فاجتمعت الاوصال و نبتت اللحوم (7:33).

أقول: فهم الروآية مبني علي اصول علمية ناظرة إلي نوعية المطر المذكور و ما يوجد بعد ذلك علي سطح الكرة الارضية بتفاعلات كيمياوية و فيزيائية و لعل الانسان يصل إلي فهمها في سيره العلمي فيما بعد و الله العالم بحقائق الامور(1).

6 _ في روآية ضعيفة سندا عن حفص بن غياث ان ابن ابي العوجاء _ و كان ملحدا _ سأل الصادق عن قوله تعالي: (كُلَّمٰا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنٰاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهٰا) هب هذه الجلود عصت فعذبت فما ذنب الغير (اي الاجزاء المبدلة ؟) قال ابو عبد الله عليه السّلام: و يحك هي هي و هي غيرها. قال اعقلني هذا القول. فقال له: أ رايت لو أن رجلا عمد إلي لبنة فكسرها ثم صبعليها الماء و جبلها ثم ردها إلي هيئتها الاولي ا لم تكن هي هي و هي غيرها فقال: بلي،

ص: 186


1- - مصدر الخبر امالى الصدوق. و رواه فى التفسير المسمى بتفسير القمى بنفس السند و المتن ثم زاد عليه بستة اسطر فيها فصة ارائة جبرئيل كيفية الحشر يوم القيامة النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فقوى ما فى نفسى من زمن بعيد من سوء ظن بمدون هذا الكتاب المجهول فى علم الرجال و انه يصل المتون بعضها ببعض و يظن الناظر انها روآية واحدة بسند واحد و ليس كذلك و الله العالم و الذى يسهل الخطب انالا نعتمد على روآيات هذا الكتاب كما سبق.

أمتع الله بك. (ص 39).

تمثيل الامام عليه السّلام _ علي تقدير صحة الروآية _ نعم التمثيل فلذا وقع مقنعا للملحد المذكور، و كثير من المسائل العامية في زماننا تشبه هذا السؤال في امر المعاد و كل ذلك مبني علي صدق العذاب علي الحراق الجسم و هو غلط جزما و ان كان شايعا اذ لا ادراك للجسم بما هو جسم و انما مدرك الألم و اللذة هوالروح، فلا ظلم علي احراق الاجزاء المبدلة و ان لم تكن نفس الاجزاء الاولية، و هذا و اضح، و لعل الامام عليه السّلام لم يرد اقناعه باثبات الروح لطول الكلام فيه و انما اقنعه من اقرب طريق. و اليوم علموا ان اجزاء الجسم لا تبقي، بل تتبدل في كل سبع سنوات، بل في كل ثانية بناء علي صحة الحركة الجوهرية.

7 _ في معتبرة أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السّلام: تنوقوا في الاكفان، فانكم تبعثون بها. (43) أي تجودوا فيها.

يدل الحديث علي حشر الناس مع اكفانها و هذا شيء بعيد و ينافيه ما دل علي حشر الناس حفاة عراة (101) بل ربما ينافيه قوله تعالي: (وَ لَقَدْ جِئْتُمُونٰا فُرٰادىٰ كَمٰا خَلَقْنٰاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ..) (الانعام/ 9(4) و الله العالم.

8 _ في موثقة عمار بن موسي عن ابي عبدالله عليه السّلام قال: سئل عن الميت يبلي جسده ؟ قال: نعم حتي لا يبقي (له) لحم و لا عظم الا طينته التي خلق منها، فانها لا تبلي(1) تبقي في القبر مستديرة حتييخلق منها كما خلق أول

ص: 187


1- - لاحظ بحث الطينة فى الجزء الخامس من البحار و فى الجزء الثانى فى كتابنا صراط الحق ان شئت.

مرة(1). (ص 43).

قال المؤلّف العلّامة: مستديرة اي بهيئة الاستدارة او متبدلة متغيرة في احوال مختلفة ككونها رميماً و ترابا و غير ذلك، فهي محفوظة في كل الاحوال.

و هذا مؤيد لما ذكره المتكلمون من أن تشخيص الانسان انما هو بالاجزاء الاصلية، و لا مدخل لسائر الاجزاء و العوارض فيه.

أقول: لابي هريرة روايتان في صحيح البخاري و رواية في صحيح مسلم(2) عن رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم.

1 _ «.. و يبلي كلَّ شيء من الانسان إلا عجب ذنبه، فيه يركب الخلق». (كتاب التفسير من البخاري برقم 4536).

2 _ «كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب، منه خلق و فيه يركب» (المصدر).

3 _ «ان في الانسان عظما لا تأكله الارض ابداء، فيه يركب يوم القيامة. قالوا: أي عظم هو يا رسول الله، قال: «عجب الذنب» (صحيح مسلم 8:92).

أقول: العجب _ بفتح العين و اسكان الجيم _ الاصل، أي أصل الذنب، و هو عظم لطيف في اسفل الذنب، و هو رأس العصعص كما قيل. و يقول السيوطي في شرحه علي سنن النسائي: زاد ابن ابي الدنيا في كتاب البعث عن

ص: 188


1- - لاحظ 10:186.
2- - وكم احببت ان تكون الاحاديث الثلاثة لثلاثة رجال من اصحاب رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم الثقاة لا من أبى هريرة. ثم اشتمال السند من بعدهم على الرواة الثقاة.

سعيد بن أبي سعيد الخدري: قيل: يارسول الله، و ما هو؟ قال: مثل حبة خردل(1).

ثم الجمع بين هذه الروايات الاربع و موثقة عمار ممكن بان تكون النطفة في عجب دنب الانسان فلاحظ.

4 _ فسر مدّون التفسير المنسوب إلي علي القمي حرف (ق) بجبل محيط بالدنيا وراء ياجوج و مأجوج. قلت هذا الجبل المخالف للحس(2) كالعنقاء و جملة من المفاهيم المشهورة فلتكتب في كتب قصص الاطفال لا في الكتب الدينية المقدسة، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن!

الباب 4: اسماء القيامة.. (7:62).

أورد فيه آيات كثيرة و ثلاث و ستين رواية و ليس فيها ما يعتبر سندا فلابد جمع المشتركات بينها ان اطمئن بصدورها من الامام من كثرة المصادر و الرواة.

و اما الآيات فنذكر بعض ما يرجع إلي عنوان الباب:

1 _ احضار اعماله له. و هواما بذواتها و دركها ببعض الحواس علي خلاف من نظام الدنيا و اما باحضار جزائها و اما بصيرورتها ملكات نفسية.

ص: 189


1- - سنن النسائى 4:112، ولاحظ ص 262 و ص 263 نظرة عابرة إلى الصحاح الستة.
2- - إذا اريد من الدنيا كرة الارض.

2 _ مجيء الانسان فرادي من دون الاموال و الشفعاء (الانعام/ 94).

3 _ تشخيص الابصار فيه (إبراهيم/ 42).

4 _ تقرين المجرمين في الاصفاد سرابيلهم من قطران (إبراهيم/ 50).

5 _ نسف الجبال و ذرها قاعا صفصفا (طه/ 105 و 106) و كونها هباء منبثا.

6 _ خشوع الاصوات للرحمن فلا تسمع الا همساً (طه/ 107).

7 _ عدم نفع الشفاعة من دون إذن الرحمن.

8 _ طي السماء كطي السجل للكتب و هل المراد بالسماء هي كراتها او نفسها فيه بحث عميق.

9 _ وقوع زلزلة عظيمة. (الحج/ 2).

10 _ تقلب القلوب و الابصار (النور/ 37).

11 _ عدم نفع في معذرة الظالمين (الروم/ 57).

12 _ عدم حميم و شفيع مطاع للظالمين (المؤمن/ 18).

13 _ خروج الناس من قبورهم كجراد منتشر (القمر/ 7) ثم الاتيان افواجا (النبأ/ 33).

14 _ تقسيمهم إلي المقربين و اصحاب اليمين و اصحاب الشمال.

15 _ انشقاق السماء (الحاقة/ 15).

16 _ حمل ثمانية، عرش الرب (الحاقة/ 16).

17 _ اعطاء كتاب اهل الثواب بايمانهم و اعطاء كتاب اهل العقاب بشمالهم (الحاقة/ 18 و 24).

18 _ يوم تكون السماء كالمهم و تكون الجبال كالعهمن (المعارج/ 42) و مثل

ص: 190

كثيب مهيل (المزمل/ 17).

19 _ يبرق فيه البصر و يخسف القمر و جمع الشمس والقمر (القيامة/ 8 _ 6) و تطمس النجوم (المرسلات/ 35).

20 _ عدم الاذن (في بعض المواقف) للمكذبين في الاعذار (المرسلات/).

21 _ فتح السماء ابوابا (النبأ/).

22 _ قيام الروح و الملائكة صفا لا يتمكلمون الا من اذن له الرحمن (نباء/).

23 _ فرار المرء من أخيه و أمّه و ابيه و صاحبته و بنيه (عبس/ 33 إلي 35).

24 _ تكور الشمس و انكدار النجوم و تسير الجبال و تعطل العشار و حشر الوحوش و تسجّر البحار و تزويج النفوس و نشر الصحف و كشط السماء و تسعر الجحيم و تقرب الجنة. (كورت) و انتشار الكواكب و تفجر البحار (الانفطار/).

25 _ مد الارض و القائها ما فيها و تخليها منه، و تحديثها باخبارها (الزلزال) و اما انه ما هو السماء و كيف انشقاقها و انفطارها و ابوابها فهو بحث معقد جدا.

الباب 6: مواقف القيامة و زمان مكث الناس فيها و انه يؤتي بجهنم فيها (7:121)

اقول و فيه آيات و روايات لم تصح منها الا واحدة

و اما الآيات فمنها قوله: (وَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذٰابِ وَ لَنْ يُخْلِفَ اَللّٰهُ وَعْدَهُ وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّٰا تَعُدُّونَ ) (الحج/ 4(7).

وفي صدر الآية اشعار بان هذا اليوم هو يوم القيامة. و يحتمل التشبيه بلحاظ العذاب و منها قوله تعالي: (يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ مِنَ اَلسَّمٰاءِ إِلَى اَلْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كٰانَ مِقْدٰارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمّٰا تَعُدُّونَ ) (التنزيل/ (5) و لا يجري فيه

ص: 191

الحتمال التشبيه المذكور و لم يعلم انه أييوم كما لم يعلم اليوم في قوله تعالي: (تَعْرُجُ اَلْمَلاٰئِكَةُ وَ اَلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كٰانَ مِقْدٰارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) (المعارج/) فالآيات من المتشابهات و لا مجال للاعتماد علي الاقوال و الاخبار غيرالمعتبرة والله العالم.

و في روضة الكافي عن علي عن أبيه عن ابن اسباط عنهم عليهم السّلام قال: فيما وعظ الله عزّ وجل به عيسي عليه السّلام: يا عيسي اعمل لنفسك في مهلة من اجلك قبل ان لا تعمل لها و اعبدني ليوم كالف سنة مما تعدون... (128).

أقول: علي بن اسباط لم يدرك جميع الائمة حتييروي عنهم بلا واسطة و ليس في الخبر انه روي عن امام واحد فالسند غير واضح، و ليس في الرواية انه يوم الحشر و لعله يوم النار و هو لا ينافي خلود الكفار فيها لاحتمال لان لها اياماً غير متناهية، لكنه تكلف علي ان المناسب تشويق العابدين بالجنة الابدية وتخويفهم بالنار الخالدة لا بيوم المحشر. والله العالم.

الباب 7: ذكر كثرة أُمة محمد صلّي الله عليه و آله وسلّم في القيامة و عدد صفوف الناس... (7:130).

أقول: الروايات المذكورة كلها غير معتبرة سنداً. لكن لا شك في اكثرية أمة النبي الخاتم صلّي الله عليه و آله و سلّم من أمم سائر الانبياءحتي أمة متابعته أي المسلمين فضلا عن امة دعوته و هم جميع من في الارض من مبعثه إلييوم القيامة.

و في اكثرية امة رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم من جميع أمم الانبياء، بل من جميع

ص: 192

الناس قبل رسالته صلّي الله عليه و آله و سلّم وجهان من تصاعد النفوس بمرور الزمان(1) فتكون امته اكثر و من عدم علمنا بتعداد الانبياء و ابتداء خلق آدم عليه السّلام فلا تحرز الاكثرية و ما قيل في تاريخ الهبوط و تحديده بسبعة آلاف سنة أو ما يقرب منها و ما قيل من تعدد الانبياء ب: (12400) لا مدرك لهما.

الباب 8: احوال المتقين و المجرمين في القيامة (7:131)

أورد فيه آيات كثيرة و روايات تبلغ 148 و المعتبرة من روايات التي ذكر اسانيدها ما ذكرت بارقام 22، 65، 66، 85، 113 و نذكرهنا بعض الامور:

1 _ من جملة احوال المحشر: تبيض وجوه و تسود وجوه (نعوذ بالله من سواد الوجه في الدارين) و يطوقون ما بخلوا به، و المشركون يكذبون فيه (وَ اَللّٰهِ رَبِّنٰا مٰا كُنّٰا مُشْرِكِينَ !) و ان الجن يؤمئذ اكثر من الانس (يٰا مَعْشَرَ اَلْجِنِّ قَدِ اِسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ اَلْإِنْسِ ) علي وجه(2) و ان من اعرض في الدنيا عن ذكره تعالييحشر اعمي! و عليه فجميع الكفار المعرضين عن ذكره لا يبصرون، فلعل قراءة كتبهم بجارحة اخري غير العين لاختلاف شرائط تلك الكرة مع هذه الكرة و ان الدار الاخرة لهي الحيوان. و ان الله يجعل عمل الكفار هباء منثورا.

و ينزل الملائكة تنزيلا (الفرقان) و علي كل يظهر من الآية ان الاختراعات

ص: 193


1- - ففى عصرنا زاد عدد النفوس على ستة مليارات بإرادة الله و توفيقه الانسان فى مسير العلم و الطلب.
2- - و قيل: قد استكثرتم ممن اضللتموه من الأنس.

المفيدة للبشر لا أجر لمخترعيها إذا كانوا كفاراً كما لا اجر للحكام الكافرين إذا كانوا عدولاً محسنين. و يختم الله علي افواه الكافرين فتكلم ايديهم و تشهد ارجلهم، فتسائلهم (وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ يَتَسٰاءَلُونَ ) (الصافات/) إما بغير اللسان او يحمل علي تعدد الموقوف و ان كان بعيدا لا الظاهر من قوله تعالي: (اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلىٰ أَفْوٰاهِهِمْ )، انهم في تمام اليوم كذلك و كذا قوله تعالي: (وَ مَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيٰاءَ مِنْ دُونِهِ وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ عَلىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَ بُكْماً وَ صُمًّا) (الاسراء/ 9(7) و هذا اعم فانه يدل علي ان الضالين لا يبصرون باعينهم و لا يتكلمون بالسنتهم و لا يسمعون باذانهم فلا يلتفتون إلي الاشارة أيضاً.

و ان الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلاّ المتقين، جعلنا الله من اهل التقوي.

فان قلت المستفاد من قوله تعالي: (وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّٰ وٰارِدُهٰا كٰانَ عَلىٰ رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا) (مريم/ 7(1). دخول جميع المتقين و المجرمين في نار جهنم، و هذا مردود من الشرع فضلا من العقل.

قيل: ليس الورود بمعني الدخول بل معني الوصول و الاشراف عليها واستشهدوا بقوله تعالي: فلما ورد ماء مدين وجد.. لكن فيه ان الورود جاء بمعني الدخول كقوله تعالي فاوردهم النار و قوله و انتم لها واردون، علي انه لو كان بمعني الوصول والاشراف لكانت الآية تكرار لقوله تعالي قبل ذلك: ثم لنحضرنهم حول جهنم جثياً. والعمدة التي تدل علي كون الورد بمعني الدخول قوله تعالي بعد ذلك: و نذر الظالمين فيها جثيا. أي نتركهم، و لم يقل ندخلهم.

ص: 194

ثم ان من جعل الورود بمعني الدخول اجابوا عن الاشكال بوجهين: أولهما اختصاص الخطاب بالمشركين لكنه خلاف الظاهر جدا. ثانيهما صيرورة النار علي المؤمنين بردا و سلاماً.

اما قوله تعالي: (إِنَّ اَلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا اَلْحُسْنىٰ أُولٰئِكَ عَنْهٰا مُبْعَدُونَ لاٰ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهٰا). فيمكن ان يحمل علي جماعة معينة الاوصاف فلا ينافي العموم المستفاد من الآية المتقدمة في غير هؤلاء. فلاحظ و تأمل فان دفع الاشكال محتاج إلي جواب قوي.

و اما احاديث الباب التي اكثرها لا يخلو عن ضعف و نقاش في اسانيدها، فهي مشتملة علي مطالب مفيدة وفقنا الله تعاليلأن نكون من المتصفين بها. و نعوذ بالله من وسوسة النفس و الضلال و سوء الحال و متابعة الشيطان. و نتبرك بذكر رواية واحدة منقولة عن الكافي (2:80) و هي معتبرة اليماني عن الباقر عليه السّلام: كل عين باكية يوم القيامة غير ثلاث: عين سهرت في سبيل الله، و عين فاضت من خشية الله و عين غضت عن محارم الله. (195).

تتمة:

نقل المؤلف العلّامة في آخر الباب عن الشيخ البهائي _ رحمهما الله معا _ قوله في تجسم الاعمال: تجسم الاعمال في النشأة الاخروية قد ورد في احاديث متكثر من طرق المخالف و المؤالف... و نقل في ضمن كلامه بعض الآيات و الروايات و قال أن قوله تعالي: (فَالْيَوْمَ لاٰ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ لاٰ

ص: 195

تُجْزَوْنَ إِلاّٰ مٰا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) كالصريح في ذلك و مثله في القرآن كثير. و ورد في الاحاديث النبوية منه ما لا يحصي..

لكن المؤلف العلامة انكر ذلك و قال: القول باستحالة انقلاب الجوهر عرضا في تلك النشأة مع القول بامكانها في النشأة الآخرة قريب من السفسطة... و القياس علي حال النوم و اليقظة أشد سفسفطة، اذ ما يظهر في النوم انما يظهر في الوجود العلمي.. و اما الآيات و الاخبار فهي غير صريحة في ذلك.. (288 إلي 230).

أقول: دلالة الآيات و الاخبار علي تجسم الاعمال في الجملة غير قابلة للانكار و لا نحتاج إلي صراحة الدلالة بل تكفينا الظهورات.

و في معني تجسم الاعمال _ علي ما وجدته في أيام الشباب _ قولان: الاول ما ذكره الحكيم الشيرازي رحمة الله في اسفاره، و الثاني صيرورة الاعمال اجساماً في البرزخ و القيامة و رأيت كتابا ألفه بعض المحصلين حول تجسم الاعمال ذكر فيه الآيات والروايات و ببالي انه كتاب مفيد و المسألة علي ضوء الآيات و ما وصل إليه العلم التجربي محتاج تأليف رسالة.

و اما استحالة انقلاب الجوهر عرضا، فيمكن ان نمنعما بناء علي القول بصحة تبدل الطاقة (انرژي) بالمادة و عكسه كما يقوله العلم الحديث (الكيمياء).

و قد قلت للسيد الطباطبائي مؤلف تفسير الميزان رحمة الله في المشهد الرضوي في سفر جئت من افغانستان إلي المشهد لاجل طبع كتبي و سافر هو ايضاً من بلدة قم إلي المشهد: ان العلوم الحسية تمنع من تقسيم الموجود

ص: 196

الخارجي إلي جوهر و عرض فان العرض ان كان موجودا كالكيف و الكم و غيرهما. فهو صورة اخري عن المادة المنتشرة والا فهو امر اعتباري كما عن جمع من المتكلمين. و هذه اول مسألة من الامور العامة تخدشه العلوم.

الباب 8: ذكر الركبان يوم القيامة (230)

أورد فيه روايات يمكن الاعتماد علي سادستها و يمكن الاعتماد علي ما اتفقت الروايات المذكورة عليه.

الباب 9 انه يدعي الناس باسماء امهاتهم إلا الشيعة و ان كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة الانسب رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم و صهره. (237)

أقول: اما الاول فتدل عليه روايات غير معتبرة سنداً سوي اولياها و هي علي تقدير حصول الاطمئنان لمجموعها تقيد اطلاق معتبرة ابي ولاد (ص 238).

اما النسب فيدل علي انقطاعه قوله تعالي: (فَإِذٰا نُفِخَ فِي اَلصُّورِ فَلاٰ أَنْسٰابَ بَيْنَهُمْ ) و اما الاستثناء فلم اجد عاجلا ما يثبته بدليل معتبر و ان كان مظنونا.

الباب 10: الميزان (242)

أورد فيه آيات و رويات غير معتبرة، يبعد ان يكون المقصود بالميزان ما له لسان و كفتان باقسامه القديمة بل الموجودة إلي الآن في بعض القري و لا ما وجد بعد ذلك إلي أيامنا هذه، من الاقسام المتعددة و ما سيحدث بعد ذلك باذن الله تعالي.

بل لا يبعد ان يراد به الحساب بين الا

ص: 197

جزائهما حسب المقررات الشرعية و مقدار تمرد المكلف و انقياده في باب العقائد و الاعمال و الاخلاق و النيات. والله العالم.

الباب 11: محاسبة العباد و حكمه تعالي في مظالمهم و ما يسألهم عنه و فيه حشر الوحش. (ص 253)

أورد فيه آيات و روايات و في عنوان الباب ثلاثة موضوعات:

الاول محاسبة الغباد و تدل عليه آيات البقرة/ 284 و آل عمران/ 19 و الرعد/ 18 و 21 و الانبياء/ 2 و غيرها.

ثم المستناد من مجموع الآيات و اطلاقها تعلق الحساب او لزومه علي الله بالعقائد والنيات و الاخلاق (فتأمل) و الاعمال و ما اعطاه الله من النعيم _ سهله الله علينا بفضله و كرمه _ (إِنْ تُبْدُوا مٰا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحٰاسِبْكُمْ بِهِ اَللّٰهُ و لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ اَلنَّعِيمِ ، اِقْتَرَبَ لِلنّٰاسِ حِسٰابُهُمْ ).

و هذا الحساب لا يقتضي زمنا طويلاً كالف سنة مثلاً فان الله سريع الحساب و هو اسرع الحاسبين (آل عمران 19 و النور 39 والانعام 62) و يؤكده ان المؤمنين الذين يؤتون كتابهم بايمانهم يحاسبون حساباً يسيرا كما في الآية السابعة و التاسعة من سورة الانشقاق.

واما قوله تعالي: (وَ لاٰ يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ اَلْمُجْرِمُونَ ) و قوله: (فَيَوْمَئِذٍ لاٰ يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لاٰ جَانٌّ .. يُعْرَفُ اَلْمُجْرِمُونَ بِسِيمٰاهُمْ ). فقد نقل المؤلف العلامة (ص 27(8) اجوبته لدفع التنافي بينها و بين غيرها و هي غير مقتعة فلابد من التأمّل في ارائة جواب صحيح.

و اما النيات المجردة و التصورات الباطلة القهرية أو الاخيتارية ففي

ص: 198

حساب العباد بها، وجهان إذا لم يستلزم العقاب أو العتاب و الا فلا شبهة في عدم تعلقه بغير الاختيارية.

الثاني: إحياء الحيوانات في القيامة فاستدلوا له بآيتين:

1 _ قوله تعالي: (وَ مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي اَلْأَرْضِ وَ لاٰ طٰائِرٍ يَطِيرُ بِجَنٰاحَيْهِ إِلاّٰ أُمَمٌ أَمْثٰالُكُمْ مٰا فَرَّطْنٰا فِي اَلْكِتٰابِ مِنْ شَيْ ءٍ ثُمَّ إِلىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) (الانعام/ 3(8).

2 _ قوله تعالي: (وَ إِذَا اَلْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) (كورت/ (5).

و العمدة هي الآية الاولي فانها تشمل جميع الحيوانات أو معظمها.

أقول: الحيوانات اكثر من الانسان فحشرها يحتاج إلي كرة اكبر من كرة هي محشر الانسان بكثير، الا ان يكون الحشر تدريجاً. والله العالم.

لكن تقدم ان حشر الحيوانات بمعني جمع الحيوانات الموجودة قبل القيامة لا احيائها بعد موتها، لكن هذا الاحتمال بالنسبة إلي الآية الثانية لا بأس به دون الآية الاولي. إلّا ان يقال برجوع ضمير الجمع (ربهم) إلي العقلاء فتأمل.

الثالث: هل حشر بني آدم كلهم دفعي او تدريجي في المحشر؟ فيه وجهان و يمكن اقامة شواهد علي الاول كقوله تعالي: (إِنْ كٰانَتْ إِلاّٰ صَيْحَةً وٰاحِدَةً فَإِذٰا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنٰا مُحْضَرُونَ ) (يس/ 5(3).

و قوله: (وَ إِنْ كُلٌّ لَمّٰا جَمِيعٌ لَدَيْنٰا مُحْضَرُونَ ) (يس/ 32) و قوله: (وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يٰا مَعْشَرَ اَلْجِنِّ قَدِ اِسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ اَلْإِنْسِ .. يٰا مَعْشَرَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ) الي آخر الآيات (الانعام/ 130 _ 12(8)

ص: 199

و قوله تعالي: (فَيَوْمَئِذٍ لاٰ يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لاٰ جَانٌّ ) (الرحمن/ 39) فلاحظ. و قوله (قُلْ إِنَّ اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ لَمَجْمُوعُونَ إِلىٰ مِيقٰاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ) (الواقعة/ 49، 50) لكن فيه نظر يظهر مما قبل الآية و قوله تعالي: (هٰذٰا يَوْمُ اَلْفَصْلِ جَمَعْنٰاكُمْ وَ اَلْأَوَّلِينَ ) (المرسلات/ 3(8) و الله العالم.

و علي كل يمكن تعميم الحشر _ مضافاً إلي حشر الجن و الانس بل الحيوانات علي وجه _ إلي حشر من في السموات، فالحشر حشر الخلوقات باجمعها او حشر المخلوقات الحية، ويمكن ان يستدل عليه بقوله تعالي: (وَ هُوَ اَلَّذِي يَبْدَؤُا اَلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) (الروم/ 4(0).

و قوله: (وَ نُفِخَ فِي اَلصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ مَنْ فِي اَلْأَرْضِ إِلاّٰ مَنْ شٰاءَ اَللّٰهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرىٰ فَإِذٰا هُمْ قِيٰامٌ يَنْظُرُونَ ) (الزمر/ 6(8) سواء فسرنا المصعوق بالميت او بالمغشي عليه. و هو دليل علي حشر دواب الكرات السامية علي تقدير وجودها. والله العالم.

فائدة: واعلم ان قوله تعالي: (وَ مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي اَلْأَرْضِ وَ لاٰ طٰائِرٍ يَطِيرُ بِجَنٰاحَيْهِ إِلاّٰ أُمَمٌ أَمْثٰالُكُمْ ) ثم إلي ربهم يحشرون، يدل علي ان انواع الحيوانات كلها مكلفة بحسب حالهم و لهم رسل كما ان للجن رسلا. (يٰا مَعْشَرَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ) و ما قيل في تأويله نوع اجتهاد و يدل علي تكليفها اولاً قوله تعالي: (إِلىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ). بناء علي ان المراد به الحشر المصطلح دون مطلقه. اذ لولا الحساب والجزاء لم يكن وجه لحشرها فتأمّل.

و ثانيا ما دل علي أن لكل امة رسول و نذير، فالدواب و الطيور كل نوع

ص: 200

منها أمة لها رسول و نذير، وليس من ضعف هذا القول انه مختار التناسخية فانا ننظر إلي ما قال لا إلي من قال و لا يرد عليه شيء سوي دعوي انصراف ما دل علي عموم الرسول لكل أمة، عن الامم الحيوانية. هذا كله حول آيات الباب.

و اما الاخبار فالمعتبر منها قليل كمعتبرة الثمالي عن الباقر عليه السّلام عن رسول الله صلّي الله عليه وآله و سلّم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة من بين يدي الله حتييسأله عن اربع خصال: عمرك فيما افنيته ؟ و جسدك فميا ابليته ؟ و مالك من أين كسبته ؟ و أين وضعته ؟ و عن حبنا اهل البيت (ص 259).

للحديث اسانيد بين الخاصة و العامة فلاحظ الصواعق المحرقة لابن حجر المتحجر. و كالمذكور برقم 4 و 33.

الباب 12: السؤال عن الرسل و الأمم (7:277)

قال الله التعالي: (فَلَنَسْئَلَنَّ اَلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ اَلْمُرْسَلِينَ ) (الاعراف/ (6)

أقول: السؤال عن المرسلين اما عن اجابة الامم كما في قوله تعالي: يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم. (المائدة/ 109).

و اما عن الابلاغ، و أما عن اعمالهم و اما عن الكل والله العالم بمراده و علي كل المذكورة برقم 5 معتبرة علي تردد في الراوي الأول.

الباب 13: ما يحتج الله به (7:285) ليس فيه رواية معتبرة سنداً.

الباب 14: ما يظهر من رحمته تعالي في القيامة ص 286.

المذكور برقم 2 علي وجه و 3 معتبرة سندا.

ص: 201

الباب 15: الخصال التي توجب التخلص من شدائد القيامة و أهوالها (209)

فيه روايات ذات مطالب مفيدة بعضها كالمذكورة برقم 3 معتبر سنداً، نسئل الله رحمته و توفيقه لتحصيل الخصال الموجبة للتخلص من شدائد القيامة. و فيه روايات يطلب اعتبار اسانيدها في غير هذا الباب.

الباب 16: تطاير الكتب و انطاق الجوارح و سائر الشهداء في القيامة (7:306)

اما الاول فيدل عليه قوله تعالي: (وَ كُلَّ إِنسٰانٍ أَلْزَمْنٰاهُ طٰائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ كِتٰاباً يَلْقٰاهُ مَنْشُوراً اِقْرَأْ كِتٰابَكَ ) (الاسراء/ 14 _ 1(3).

و فسر الطائر بالعمل لوجه نقله المؤلف عن مجمع البيان. نعم اعمالنا معلولة لنفسنا لازمة لها و مشاهدة الكامپيوتر وانترنت في عصرنا تسهل تصور هذا الكتاب المنشور لكل انسان ويعطي كتاب الابرار بيمينهم و كتاب الفجار بشمالهم.

قرائة الكتاب لا تنافي عدم بصرهم كما نشاهد قرائة الاعمي في عصرنا من المصاحف بمرور يده علي الحروف البارزة، و الله قادر علي ذلك بالف سبب و قيل ان الختم علي الافواه بعد ارائه الكتب و انكارهم ما معاصيهم. (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اَللّٰهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمٰا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ).

الظاهر أن المراد به صحائف الاعمال المكتوبة بتوسط الملكين في الدنيا (القريب و العتيد) و يناسبه قوله تعالي و إذا الصحف نشرت. و قوله: يا وليتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا احصيها. و بالجملة المفهوم من هذا الكتاب هو ما يرجع إلي عقايد المكلف و اعماله سواء كان نفس تلك

ص: 202

الصحف أو غيرها.

و اما استعمال المؤلف كلمة التطاير فلم يفهم وجهه.

و أما الثاني (انطاق الجوارح) فيدل عليه قوله تعالي: (وَ قٰالُوا _ اي اعداء الله _ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنٰا قٰالُوا أَنْطَقَنَا اَللّٰهُ اَلَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْ ءٍ ) (السجدة/ 2(1).

هل هو _ أي النطق _ بالمعني المفهوم عندنا أو بمعني آخر؟ فيه وجهان.

و أما الثالث فالمستفاد من الكتاب العزيز ان علي كل أمة شهيدا من انفسهم، و الشاهد علي هذه الامة نبينا الاكرم صلّي الله عليه و آله و سلّم و حيث انه رحمة للعالمين لا خوف علينا منه ان شاء الله.

و نحن _ أو خصوص الصحابة الصالحين _ شهداء علي الناس (الحج/ 78).

و يشهد ايضاً الألسنة و الايدي و الارجل بالاعمال (النور 24) و كذا يشهد علي اعداء الله سمعهم و ابصارهم و جلودهم. (السجدة 21).

أقول: كيفية شهادة الجوارح مجهولة لنا و هل هي علي الكافرين وحدهم أو تشمل المؤمنين ايضاً و العمدة في القول الثاني آية النور فلاحظ.

و في صحيح معاوية بن وهب المروي في الكافي (2:430) قال سمعت أبا عبدالله عليه السّلام يقول: إذا تاب العبد توبة نصوحا احبه الله فستر عليه في الدنيا والآخرة. فقلت: كيف يستر عليه ؟ قال: ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب و يوحي إلي جوارحي: اكتمي عليه ذنوبه و يوحي إلي بقاع الارض: اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب، فيلقي الله حين يلقاه و ليس شيء يشهد

ص: 203

عليه بشيء من الذنوب. ص 318.

أقول: يفهم من الحديث اولاً: ان الملكين و الجوارح وبقاع الارض _ اي محل العمل _ من الشهداء.

و ثانياً: ان المؤمن ايضاً من المشهود عليه لهذه الاربعة.

الباب 17: الوسيلة و ما يظهر من منزلة النبي و اهل بيته صلوات الله عليهم في القيامة (326)

و في تفسير القمي رواية حول الوسيلة مفصلة و فيها لعلي عليه السّلام فضائل لكن سبق ان تفسير المذكور لم يصل بسند معتبر و مدونه مجهول و بقية روايات الباب ليس فيها معتبرة.

ج 8: ما بقي من امر العماد

الباب 18: اللواء.

و فيه 12 رواية و الروايات بمجموعها توجب الظن بان لرسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم يوم القيامة لواء و هو بيد أمير المؤمنين عليه السّلام و تؤكده المذكورة برقم 5 فانه لا يبعد اعتبارها لكونها ذات ثلاثة اسانيد.

الباب 19: انه يدعي فيه كل أناس بإمامهم (ص 7)

مقتضي اطلاق قوله تعالي: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنٰاسٍ بِإِمٰامِهِمْ ) ان الله سبحانه و تعالي: يدعو في المحشر كل جماعة من الناس بامامهم الذي ائتموا با عادلاً كان أو فاجراً كفرعو (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ اَلنّٰارَ)

ص: 204

فالملاك في جمعية الأناس هو الاقتداء بامام واحد، فاذا تعدد الائمة ولو في عصر واحد يدعون جماعة جماعة. ففي زمان غيبة الامام المهدي _ عجل الله تعالي فرجه _ يمكن ان يقال: يدعي المؤمن مع علمائهم او حكامهم و كذا غيرهم ظاهراً، لا معه عجل الله تعاليفرجه ابتداءاً فانه امام واجب الطاعة و يجب الاعتقاد به، لكنه ليس اماما بالفعل فان المؤمنين إنما يأتمون بعلمائهم حكماً و فتوي لا به، اذ لا حكم له و لا فتوي(1) إلاّ نادرا و لا تدبير له بين عموم الناس. فتأمل و علي كل يؤيد ظاهر الآيات الباب. بل لا يبعد الحكم باعتبار بعضها سنداً كالمذكورة برقم 2 علي وجه.

الباب 20: صفة الحوض و ساقيه صلوات الله عليه (8:16)

أورد فيه آية و ثلاث و ثلاثين رواية دالة علي ان في المحشر لرسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم حوضا ساقيا أمير المؤمنين عليه السّلام، و في جملة من الروايات انه نهر و يمكن كونه نهراً و حوضا معا و ليسا بما نعتي الجمع، و علي كل يبعد كل البعد عدم صدور كل هذه الروايات.

و علي كل انا اتوقع ان اسمع بفضل الله تعالي من أمير المؤمنين حين الارتحال إلي عالم القدس ان يقولي لي:

اسقيك من بارد علي ظمأ *** تخاله في الحلاوة عسلا

اقول للنار حين تعرض للعرض *** دعي لا تقربي الرجلا

دعيه لا تقربيه ان له *** حبلا بحبل الوصي متصلا(2)

ص: 205


1- - المراد بالفتوى هو بيان الاحكام الكلية لا معناه الاصطلاحى.
2- - الاشعار للسيد المحميرى قالها عن لسان أمير المؤمنين سلام الله عليه.

الباب 21: الشفاعة (8:29)

أورد فيه آيات و روايات. و الآيات الواردة في الشفاعة علي اقسام:

القسم الأول الآيات النافية للشفاعة كقوله: (اِتَّقُوا يَوْماً لاٰ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لاٰ يُقْبَلُ مِنْهٰا شَفٰاعَةٌ وَ لاٰ يُؤْخَذُ مِنْهٰا عَدْلٌ (1) وَ لاٰ هُمْ يُنْصَرُونَ ) (البقره/ 48) (و 12(3) و منها لكن فيها: ولا تنفعها شفاعة.

و لاحظ الآية 245 من البقرة و الآية 100 من الشعراء و قوله تعالي: (فَمٰا تَنْفَعُهُمْ شَفٰاعَةُ اَلشّٰافِعِينَ ) (المدثر/ 48) و لاحظ (الغافر/ 18) و (الروم/ 13) كل هذه الآيات سوي آية واحدة (البقرة/ 25(4) واردة في حق الكفار.

و لعل الآيات كما في القسم الثاني رداً علي المشركين الزاعمين الشفاعة لاصنامهم. والله العالم.

القسم الثاني الآيات النافية لشفاعة غير الله، كقوله: (لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لاٰ شَفِيعٌ ) (الانعام/ 512) و لاحظ (الانعام/ 70) و (السجدة/ 4) و (الزمر/ 43) و قوله: (قُلْ لِلّٰهِ اَلشَّفٰاعَةُ جَمِيعاً) (الزمر/ 4(4).

القسم الثالث الآيات الدالة علي شفاعة غير الله باذنه كقوله: (مٰا مِنْ شَفِيعٍ إِلاّٰ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ) (يونس/ 3) قوله: (يَوْمَئِذٍ لاٰ تَنْفَعُ اَلشَّفٰاعَةُ إِلاّٰ مَنْ أَذِنَ لَهُ اَلرَّحْمٰنُ ) (طه/ 109) و لا حظ (النجم/ 26) و قوله (لاٰ يَشْفَعُونَ إِلاّٰ لِمَنِ اِرْتَضىٰ ) 0 الانبياء/ 28) و قوله (مَنْ ذَا اَلَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّٰ بِإِذْنِهِ ) (البقرة/ 25(5).

ص: 206


1- - قيل: أى فدية.

القسم الرابع ما دل علي نفي ملكية الشفاعة كقوله: (لاٰ يَمْلِكُونَ اَلشَّفٰاعَةَ إِلاّٰ مَنِ اِتَّخَذَ عِنْدَ اَلرَّحْمٰنِ عَهْداً) (مريم/ 8(7).

و قوله: (وَ لاٰ يَمْلِكُ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ اَلشَّفٰاعَةَ إِلاّٰ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ ) (الزخرف/ 8(6).

يقول الطبرسي قدّس سرُّه في مجمع البيان في تفسير آية سورة مريم: أن ملك الشفاعة علي وجهين: أحدهما ان يشفع للغير، و الآخر ان يستدعي الشفاعة من غيره لنفسه فبين سبحانه أنّ هؤلاء لكفار لا تنفذ شفاعة غيرهم فيهم و لا شفاعة لهم لغيرهم و فسر العهد بالايمان.

أقول: المتقين من الآية هو الاحتمال الاول و لا ظهور لها في الثاني و تفسير العهد بالايمان غير مدلّل لي و لاحظ تفسير الميزان حول تفسير العهد.

ينبغي التنبيه علي امور:

1 - اعترض علي تشريع الشفاعة أو علي القول بها بوجوه اجيب عنها في المطولات منها تفسير الميزان في تفسير سورة (البقرة/ 48) و كلامه قابل للاستفادة.

2 - بعض الآيات واردة في الشفاعة التكوينية و الشافع فيها الملائكة و الاسباب الطبيعية تشفع للمسببات عند الله لرجوع لسلسلة الطولية إليه تعالي.

3 - المشفوع له هو من اذن له الرحمن و رضي له قولا (طه 109) ومن ارتضي الله دينه أو الشفاعة له (الانبياء 28) فابهمه الله تعالي.

ص: 207

و يمكن أن يقال كما قيل ان الشفاعة تنفع اصحاب اليمين المصلين الذين يطعمون المسكين و لم يخوضوا مع الخائضين و لم يكذبوا بيوم الدين لقوله تعالي كل نفس بما كسبت رهينة (لا تنفعها شفاعة الشافعين) الا اصحاب اليمين (فانها تنفعهم في بعض معاصيهم فليسوا في رهن اعمالهم فقط) في جنات يتسألون عن المجرمين ماسلكوكم في سقر قالوا لم نك من المصلين و لن نك نطعم المسكين و كنا نخوض مع الخائضين و كنا نكذب بيوم الدين حتي آتئنا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين. (المدثر: 38 إلي 48).

و تفصيل البحث في تفسير الميزان علي اشكال في بعض كلامه.

4 - مورد الشفاعة الكبائر، فان من اجتنبها تكفر عنه سيئاته.

5 - لا يبعد كون الشفاعة نافعة في جميع مواقف القيامة لاطلاق بعض الآيات خلافاً للسيدالطباطبائي رحمة الله في تفسير الميزان حيث استفاد من آيات المدثر اختصاصها بعذاب هنم لا في الآلام المتقدمة عليه.

و المتحصل انه لا شفاعة في القيامة (كما في القسم الأول) إلاّ لله تعالي (كما في القسم الثاني) و إلاّ لمن اذن الله له في الشفاعة كالملائكة (النجم 26 والانبياء 28) و الناس (مريم 87).

و اما المشفع له فهو من ارتضي الله دينه أو الشفاعة له. و لم يبين الله تعالي أوصافه في كتابه، كما لم يبين اوصاف الشافع من الناس الا باتخاذ عهد عند الله، هذا ما يستفاد من الكتاب الحكيم.

قال الطبرسي رحمة الله في تفسير الآية الاولي في مجمع البيان: إنّ الامة اجمعت علي أن للنبي صلّي الله عليه و آله و سلّم شفاعة مقوبلة، و ان اختلفوا في كيفيتها، فعندنا

ص: 208

هي مختصة بدفع المضار و اسقاط العقاب عن مستحقيه من مذنبي المؤمنين.

و قالت المعتزلة: هي في زيادة المنافع للمطيعين و التائبين دو العاصيين.

و هي ثابتة عندنا للنبي صلّي الله عليه و آله وسلّم و لا صحابه المنتجبين و للائمة من اهل بيته الطاهرين و لصالحي المؤمنين...

أقول: الروايات الكثيرة التي أوردها المؤلف العلامة في الباب تبلغ إلي ست و ثمانين و هي تدل عل شفاعة النبي الخاتم و الائمة بل و المؤمنين في المحشر، و العجيب اني لم أجد فيها رواية معتبرة سنداً و مصدراً، فأكثرها غير معتبرة سنداً و جملة منها غير معتبرة مصدراً كما أشرت في أول هذه التعليقة إلي هذا الموضوع، لكن لايصح طرح هذه الاخبار باجمعها و انكار شفاعة النبي الخاتم صاحب المقام المحمود صلّي الله عليه و آله و سلّم مع دلالة بعض الآيات (مريم 87) علي وقوع شفاعة الناس في القيامة و كذا انكار شفاعة أئمة العترة للشيعة غير ممكن. للاطمئنان بصدور جملة من تلك الروايات بل يدل بعضها غير المعتبر سنداً علي شفاعة الشيعة لغيرهم إذا احسنوا إليهم في الدنيا. و الله العالم.

و علي الشفاعة اعتراضات دفع بعضها العلامة رحمة الله ف شرح التجريد (ص 62) و دفعها السيدالطباطبائي في الميزان. ثم انه قسم الشفاعة بعض أهل السنة علي خمسة اقسام جعل بعضها مختصاً بالنبي الاكرم صلّي الله عليه و آله و سلّم (8:63).

الباب 22: الطراط (8:64)

قال الصدوق رحمة الله: اعتقادنا في الصراط انه حق و انه جسر جهنم و ان عليه ممر جميع الخلق.

ص: 209

أقول: و شبيه منه ما في شرح المواقف للشريف، و كأن المشهور عند المسلمين في معني الصراط، الجسر المنصوب علي متن جهنم، لكن الروايات الدالة عليه في الباب ضعيفة سنداً و ليست في الكثرة بحيث توجب الاطمينان به، و ليست لكمة (اعتقادنا) في كلام الشيخ الصدوق حاكياً عن اعتقاد الشيعة، بل هي تحكي عن اعتقاد شخصه، و كفي مخالفة الشيخ المفيد رحمة الله معه في هذا التفسير و حمله له علي معناه الغوي و هو الطريق (ص 271 نعم اعتراض عليه المؤلف العلامة بانه لا اضطرار في تأويل الظواهر الكثيرة و قال: و سنورد كثيراً من اخبار هذا الباب في باب أنّ أمير المؤمنين قسيم الجنة و النار (ص 71).

أقول: لكنا راجعنا الباب المذكور (39:193) فلم نجد فيها حجة شرعية أو ما يوجب الاطمينان بصدور بعضها فلا موجب لنا للجزم بالجسر المذكور و لا ننكر ايضاً، بل نقول والله العالم.

الباب 23: الجنة و نعيمها... (8:71)

أورد فيه آيات كثيرة و روايات كثيرة مكثرة من طرق الخاصة و العامة و لا يصح اسانيد اكثرها و لا يخلو مصادر جملة منها من المناقشة و المعتبر منها قليل جداً كالمذكورة برقم 6-68 بناء علي أن الواسطة المحذوقة بين الكشي و علي هو العياشي، 100، 103، 115، 145 إلاّ ان مدلولها المشترك يصح قبوله إذا دلت عليه جملة من الروايات ليطمئن بصدوره عن الائمة عليهم السّلام.

و نحن نذكر بعض الامور مختصرة في هذه التعليقة:

1 - يظهر من قوله تعالي: (وَ سٰارِعُوا إِلىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا اَلسَّمٰاوٰاتُ وَ اَلْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) (آل عمران/ 13(3) امور:

ص: 210

أولها: ان الفضاء لا ينتهي بفضاء السموات بل يمتد إلي ما لا يصل إليه عقولنا. و في سورة (الحديد/ 21): (سٰابِقُوا إِلىٰ مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ جَنَّةٍ عَرْضُهٰا كَعَرْضِ اَلسَّمٰاءِ وَ اَلْأَرْضِ ) و في كون السماء و السموات، مطلقا او السبع التي تكررت في القرآن المجيد او اقل الجمع و هو ثلاث سموات احتمالات.

فكرة الجنة أو كراتها وسيعة جدا و يصعب علي عقولنا تصور سعتها، لا سيما إذا قلنا بان جميع الكواكب المرئية او مطلقها من السماء الاولي. و لعل التشبيه لمجرد بيان السعة فلاحظ.

ثانيها: الجنة موجود بالفعل، كما تدل عليه الآيتان (لمكان كلمة أُعدّت) دلالة غير قوية لاستعمال صيغة الماضي في القرآن في المستقبل بحد لا يستهان به فافهم. و تدل عليه ايضاً صحيحة الهروي المذكور برقم 6 في هذا الباب.

ثالثها: الجنة ليست في الارض كما قد يتوهم و لا في السموات بل هي كرة أو كرات خارج السموات (لا تفتح لهم ابواب السماء و لا يدخلون الجنة)، والمحشر و النار أيضاً كرتان خارجها و توهم كون كرة النار تحت الارض يدفعه انه توهم عامي اذ ما نحسبه ما تحت الارض بالفعل يصير ما فوقها بعد اثنتي عشرة ساعة في كل يوم كما لا يخفي.

2 - لا منافاة بين عدم رؤية الشمس في الجنة (الدهر/ 13) و وجود الظل فيها (وَ دٰانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاٰلُهٰا). لانه لا يتوقف علي الشمس بل علي مطلق النور.

ص: 211

نعم يشكل الامر بينه و بين قوله تعالي: (وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهٰا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا) (مريم/ 62) و ما اجيب عنه مجرد جمع تبرعي لا دليل عليه من القرآن، فلاحظ الجواب في 8:9(0).

3 - نكتفي في تعريف الجنة بقوله تعالي: (وَ لَكُمْ فِيهٰا مٰا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَ لَكُمْ فِيهٰا مٰا تَدَّعُونَ ) (السجدة/ 31) (وَ فِيهٰا مٰا تَشْتَهِيهِ اَلْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ اَلْأَعْيُنُ وَ أَنْتُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ ) (الزخرف/ 71) (فَلاٰ تَعْلَمُ نَفْسٌ مٰا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) (التنزيل/ 1(7).

4 - قال بعض مشايخنا رحمة الله: بان الحور العين ما تنفع للرجال، تنفع اللنساء ايضاً، فلهن أيضاً في الجنة الالتذاذ بحور العين. و هذا شيء لم نقف علي قائل غيره و لا علي دليله.

5 - في خصال الصدوق عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن الخطاب عن محمد بن عبدالله بن هلال عن العلاء عن محمد عن أبي جعفر عليه السّلام: و الله ما خلت الجنة من ارواح المؤمنين منذ خلقها عزّ وجلّ . الخبر (ص 133).

اقول رجال السند ثقاة اتفاقاً سوي محمدبن عبدالله بن هلال فانه مهمل أو مجهول. لكن متن الخبر مطابق للاعتبار، اذ يمكن أن يقال علي ضوء العلوم الحديثة أن آدم ابا البشر ليس الول انسان وجد في الكون، بل لعله مسبوق بمليون آدم آخر، و لعلّه ليس بآدم أخير و سيخلفه ادم كثيرون، و لكل آدم و بنيه طلوع و غروب و برزخ و محشر و ثواب في الجنة و عقاب في النار.

لا يقال: الجنة و النار قد خلتا من بني آدم الأوّل من حين خلقه و خلقهم إلي موتهم و إلي إكمال برزخهم و اتمام محشرهم لا محالة. قلت لعلهما خلقتا

ص: 212

حين اتمام محشرهم فلم تخلوا منهم. و لاحظ الحديث بتمامه في ص 374.

6 - في صحيح ابن بصير المروي في روضة الكافي عن أبي عبدالله عليه السّلام: إنّ في الجنة نهراً حافتاه حور نابتات، فاذا مرّ المؤمن باحديهم فاعجبته اقتلعها فانبت الله عز وجل مكانها (ص 231).

أقول: قال الله تعالي: و ان الدار الاخرظ لهي الحيوان. و الخبر نموذج من وضع كرة الجنة.

و اعلم ان اهل الجنة غير مكلفين بشيئ فلا تكامل في حقهم، فلا شغل لم الا اللذة البدنية مثل الكفار في الحياة الدنيا ومثل هذه الحالة الخالية عن الهدف و التنوع أليست غير مرضية لطبع الانسان ؟ و جوابه ان هذا قياس الحياة الدنيا علي الحياة الطيبة العليا و هو بلا فارق، علي أن نفي التكامل غير مدلل و الله العالم و يحسن للقاريء مراجعة كتابنا المطبوع (روح از نظر دين و عقل و علم روحي جديد) والله الهادي.

الباب 24: النار... و حميمها و غساقها و غسلينها(1)... (8:222)

أورد فيه آيات كثيرة و روايات تبلغ مأة أو اكثر منها اعاذنا الله و جميع المؤمنين من آلام البعث و المحشر و من عذاب النار بفضله العميم انه ارحم الراحمين و اكرم الاكرمين. و هذه الآيات و الروايات تطفيء شهوة النفس و غضبها و توجب خشوع قلوب الناس لذكر الله جعلنا الله من اهل الاعتبار

ص: 213


1- - قيل الغساق ما يقطر من جلود اهل النار و الغسلين ما انغسل من لحوم اهل النار و دمائهم.

و الاتعاظ. و من افرد مؤلفا لتلك الآيات و الروايات او لترجمتها بلسان قومه فقد افاد المؤمنين فائدة كاملة. و نحن نذكر بعض الامور مختصرة:

1 - قوله تعالي: (كُلَّمٰا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنٰاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهٰا لِيَذُوقُوا اَلْعَذٰابَ ...) (النساء/ 5(6).

أقول: النار التي وقودها الناس و الحجارة تنضج به العظام فضلا عن اللحوم، فكيف تعرض الآية لخصوص نضج الجلود؟ فلابد من فهم سببه. و لو كان ذكرها من باب المثال كان الانسب ذكر اللحوم. وفسر بعضهم التبديل برد الاجزاء المحترقة إلي حالتها الأولي التي كانت غير محترقة و فسره بعض آخر بتجديد جلود غير الجلود التي احترقت كما في معتبرة ابي بصير عن الصادق عليه السّلام (ص 380) لكن مصدره و هو تفسير القمي غير معتبر. فأورد عليه بان الجلد المجدد لم يذنب فكيف يعذب ؟ فاجيب عنه بان ما يزاد لا يألم، و لا هو بعض لما يألم. أو بان المعذب الحي. و لا اعتبار بالاطراف و الجلود.

وفي رواية غير معتبرة عن الصادق عليه السّلام في جواب ملحد سأله عن الآية: و يحك هي هي، و هي غيرها. قال ألقني هذا القول. فقال له: أرأيت لو ان رجلاً عمد إلي لبنة فكسرها ثم صب عليها الماء و جبلها ثم ردها إلي هيئتها الاولي، ألم تكن هي هي و هي غيرها (10:219).

أقول: تتبدل خلايا الجسد في كل سبع سنوات بكاملها. كما في العلوم الحديثة، بل تتبدل بتبدل اللحظات و الدقائق بل الثواني بناء علي القول بالحركة الجوهرية، علي أن اجسام المكلفين لا يكفيها كرة الارض في

ص: 214

المحشر قطعاً. فيمكن أن يزاد من مواد الكرة الاخري فيها(1) و علي كل أولا لا يمكن عذاب الجسد الذي صدر المعاصي عنه، لأحد من هذه الوجوه الثلاثة أو الوجهين الاولين. و ثانياً ان الاشكال ضعيف فان العذاب و الثواب راجع إلي الروح و دركه اللذة و الألم منه دون البدن، فلا يتفاوت فيه بقاء الجسد و تبدله بكامله.

2 - قوله تعالي: (لَهٰا سَبْعَةُ أَبْوٰابٍ لِكُلِّ بٰابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ) (الحجر/ 44) (فَادْخُلُوا أَبْوٰابَ جَهَنَّمَ خٰالِدِينَ فِيهٰا) (النحل/ 2(9). الآيتان لا تدلان علي تعدد جهنم كتعدد الجنات، بل علي تعدد ابوابها، و علي كل قيل ان وضع الجنان علي العرض و وضع النيران بعضها فوق بعض، فاسفلها جهنم و فوقها لظي و فوقها الحطمة وفوقها سقر و فوقها الجحيم و فوقها السعير و فوقعا الهاوية. و لادليل معتبر علي ذلك و العمدة السؤال عن الله تعالي المنان بان لا يريها الله لنا.

3 - قوله تعالي: (إِنَّ جَهَنَّمَ كٰانَتْ مِرْصٰاداً لِلطّٰاغِينَ مَآباً لاٰبِثِينَ فِيهٰا أَحْقٰاباً لاٰ يَذُوقُونَ فِيهٰا بَرْداً وَ لاٰ شَرٰاباً إِلاّٰ حَمِيماً وَ غَسّٰاقاً) (النباء/ 21، 2(5) يصلح ان يكون قرينة لحمل الخلود المكرر في القرآن علي الازمام الكثيرة و ان ذلك الخلود نوع المبالغة لكن الطاغين أعم من الكفار و المسلمين و خلود للكفار المعاندين فتخص الآية بغير الكافرين جمعاً.

و قد وقع تحديد الاحقاب في رواية غير معتبرة برقم 7.

ص: 215


1- - تقدم وجه اخر فى ذلك.

و في المنجد: الحُقب ج حقاب والحُقُب ج أحقاب و أحقب: ثمانون سنة أو أكثر الدهر. النسة و السنون.

4 - (إِنَّ شَجَرَةَ اَلزَّقُّومِ طَعٰامُ اَلْأَثِيمِ ) (الدخان/ 4(3) إنّها شجرة تخرج في اصل الجحيم (قيل في قعر جهنم و اغصانها ترفع إلي دركاتها.

أقول: لا نعلم كيفية عالم الآخرة و شجرة النار.

5 - و في موثقة ابن بكير المروية في الكافي و ثواب الاعمال و عقاب الاعمال و غيرهما عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: ان في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له سقر، شكا إلي الله شدة حره و سأله أن يتفنس، فاذن له، فتنفس فاحرق جهنم. (249).

أقول: ذيله محتاج إلي تأويل مقبول، كأن يحم علي مجرد المبالغة.

و اما الروايات المعتبرة فهي مذكورة بارقام 8، 9، 38، 48 (علي وجه) 70، 78، و عند من يري صحة تفسير القمييصبح بعض الروايات الاخري أيضاً معتبرة.

الباب 25: الاعراف و اهلها و ما يجري بين أهل الجنة و أهل النار (8:329)

قال الله تعالي: و بينهما أي بين اصحاب الجنة واصحاب النار ظاهراً - حجاب (وَ عَلَى اَلْأَعْرٰافِ رِجٰالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمٰاهُمْ وَ نٰادَوْا أَصْحٰابَ اَلْجَنَّةِ أَنْ سَلاٰمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهٰا وَ هُمْ يَطْمَعُونَ (64) وَ إِذٰا صُرِفَتْ أَبْصٰارُهُمْ تِلْقٰاءَ أَصْحٰابِ اَلنّٰارِ قٰالُوا رَبَّنٰا لاٰ تَجْعَلْنٰا مَعَ اَلْقَوْمِ اَلظّٰالِمِينَ (74) وَ نٰادىٰ أَصْحٰابُ اَلْأَعْرٰافِ رِجٰالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمٰاهُمْ قٰالُوا مٰا أَغْنىٰ عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَ مٰا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (84) أَ هٰؤُلاٰءِ اَلَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاٰ يَنٰالُهُمُ اَللّٰهُ بِرَحْمَةٍ اُدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ لاٰ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَ لاٰ أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (94)

ص: 216

(الاعراف/ 46-49).

أقول: في الآية امور:

1 - ظاهر الآية ان الحجاب غير الاعرف و ليسا بمترادفين خلافاً لمن استظهر ترادفهما نعم يمكن ان يكون الاعراف المرتبة الفوقانية من الحجاب. و علي كل في المنجد العرفة (أي بضم الاول و سكون الثّاني) الحد بين الشّيئين ج عُرَف (بضم الأول و فتح الثاني) و قال ايضاً المعرفة ج عرف (اي مثل هيئة السابق) ما ارتفع من رمل او مكان.

أقول: الظاهر منه انّ الاعراف ليس بجمع فانه فسره بسور بين الجنة والنار في اعتقادهم! و يحتمل علي عدمه علمه به فيكون ان يكون الاعراف كالعُرفة بمعني الحد بين الشّيئين او بمعني ما ارتفع من مكان فالاعراف لعلها بمعني الحدود المرتفعة او احدهما و الله العالم.

ثم ان ظاهر الحال المكالمة بين اصحاب الجنّة و اصحاب النار و بينهما و بين رجال الاعراف تحمل علي الموجبة الجزئية لا علي ان جميعهم تكلموا مع جميعهم، كما ان الظّاهر من الآية او المتقين منها، أنّ المكالمة قبل الدّخول في الجنّة و النّار، علي انّا لو فرضنا رجال الاعراف في المحشر و فرضنا المؤمنين في الجنة و الكافرين في النّار و هي ثلاث كرات متباعدة - امكنت المكالمة بلا اشكال كما نري اليوم المذاكرة في لندن مثلاً و اطراف المكالمة في امريكا و آسيا مثلاً في الأذاعة و التّلفزيون.

2 - الكفار وجوهم مسودة و هم عمي و بكم و صم (وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ عَلىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَ بُكْماً وَ صُمًّا) (الاسراء/ 9(7) فتميز اصحاب الجنة و النار.

ص: 217

ظاهر لجميع المؤمنين من دون اختصاص برجال الأعراف مع ان ظاهر القرآن و تكريره معرفتهم بسيماء اصحاب الجنة و النار أن المعرفة المذكورة من مختصاتهم. و الذييخطر في ذهني من باب اللابدية ان معرفتهم بسيما أهل الجنة و النار و علامتهم لا تقتصر بسواد الوجه و بياضه و بالعمي و البصر و اخويهما المذكورين في الآية بل تجاوز معرفتهم من المقدار المحسوس إلي اعمال اهل الجنة و النار و اقوالهم في الجملة، والقرينة علي ذلك قولهم لهم: ما أغني عنكم جمعكم.. أقسمتم لا ينالهم الله.. و هذا مقام رفيع لهؤلاء رجال الاعراف.

3 - ظاهر قوله تعالي: لم يدخلوها و هم يطمعون انه بكلتا جملتيه متعلق باصحاب الجنة لا باصحاب الاعراف، اي ان اصحاب الجنة لم يدخلوها بعد ولكنهم يطمعون دخولها، كما قيل او لم يدخلوها عن طمع سابق لضعف اعمالهم و انما دخلوها بفضل الله تعالي علي قول آخر. و إذا قلنا أن اسم الاشارة (هؤلاء الذين) راجع إلي اصحاب الجنة المذكورين، تعين القول الأول و لعله الارجح و تسمية هؤلاء اصحاب الجنة الداخلين فيها بفضل الله باصحاب الاعراف كتسمية هؤلاء الرجال بذلك لا مانع منه(1).

4 - في ارجاع الضمير المجرور في (ابصارهم) و المرفوع في (قالوا) إلي

ص: 218


1- - و عليه يحمل صحيح زرارة فى الكافى 2:382 و 383، وكذا روايته الاخرى الطويلة فيه 2:402 و 403، مع ان سندها ضعيفة لكن الثانية لا تنطبق على ما قلنا كما يفهم من نقل موثقة زراره فى المتن.

اصحاب الاعراف أو إلي اصحاب الجنة وجهان ارجحهما الثاني للاقربية ولقوله تعالي بعد ذلك و نادي اصحاب اعراف، مكان ونادوا اذ لا وجه للاسم دون الضمير. و قولهم: ادخلوا الجنة.. دليل آخر علي مقام رجال الاعراف.

هذا ما هو الراجح عندي في المقام و الله اعلم بحقيقة الحال.

و في موثقة زرارة المروية في الكافي (2:408) قال: قال لي ابوجعفر عليه السّلام: ما تقول في اصحاب الاعراف ؟ فقلت: ما هم إلّا مؤمنون أو كافرون، إن دخلوا الجنة فهم مؤمنون و ان دخلوا الجنة كما دخلها المؤمنون، و لو كانوا كافرين لدخلوا النار كما دخلها الكافرون و لكنهم قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم فقصرت بهم الاعمال، و انهم لكما قال الله عزّ وجلّ . فقلت أمن أهل الجنة هم أو من أهل النار؟ فقال: أتركهم حيث تركهم الله. قلت أفترجئهم ؟ قال: نعم ارجئهم كما ارجئهم الله ان شاء ادخلهم الجنة برحمته و ان شاء ساقهم إلي النار بذنوبهم و لم يظلمهم إلي آخره.

أقول: صدر الموثقة قابل للانطباق علي الآية بنحو عرفته بحمل نفي الايمان علي نفي بعض مراتبه العالية. لكن ذيلها تنافي أو تعارض ذيل الآية اعني قوله: ادخلوا الجنة لا خوف عليكم.. اذ نهاية هؤلاء إلي الجنة بنفس القرآن و لم يرجئهم الله، فذيل الرواية يحمل علي احد الوجهين إما علي اشتباه الراوي في التلقي عن الامام عليه السّلام فكان كلامه عليه السّلام في المرجون لامر الله فطبقه الراوي علي أهل الاعراف سواً و إما علي اصطلاح من الامام علي تسمية قوم استوت حسناتهم و سيئاتهم باصحاب الاعراف من دون نظر إلي اطلاق القرآن

ص: 219

فلاحظ و تأمل.

و أمّا روايات الباب و هي اكثر من عشرين رواية - فلم يثبت اعتبار واحدة منها سنداً، نعم هي بمجموعها غير خارجة عن الآيات المباركة فانها تدل علي أنّ ائمة اهل البيت هم الرجال الواقفون علي الاعراف و هو قريب جدا.

الباب 26: ذبح الموت بين الجنة و النار و الخلود فيهما و علته (8:341)

أورد فيه المؤلف العلامة آيات واثني عشر خبرا و نذكر ما يتعلق بالباب في فصول:

1 - الموت عدم الحياة فيمن شأنه الحياة فما في خمسة من أخبار انه يذبح بصورة كبش بعد دخول المؤمنين إلي الجنة و دخول الكافرين النار ليس علي حقيقة، الذبح بل هو تمثيل ان صحت الاخبار للبقاء و ان الاحتراق لا ينافي الحياة عند القادر الحكيم.

2 - المنافي للخلود آيتان في القرآن الكريم؛ احديهما قوله تعالي لابثين فيها احقابا و قد تقدم الثاني قوله: (فَأَمَّا اَلَّذِينَ شَقُوا فَفِي اَلنّٰارِ لَهُمْ فِيهٰا زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ (106) خٰالِدِينَ فِيهٰا مٰا دٰامَتِ اَلسَّمٰاوٰاتُ وَ اَلْأَرْضُ إِلاّٰ مٰا شٰاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ (107) وَ أَمَّا اَلَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي اَلْجَنَّةِ خٰالِدِينَ فِيهٰا مٰا دٰامَتِ اَلسَّمٰاوٰاتُ وَ اَلْأَرْضُ إِلاّٰ مٰا شٰاءَ رَبُّكَ عَطٰاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (هود/ 106-10(8).

ولا يبعد ارادة السموات و الارض لكرتي الجنة و النار فهما لا تنافيان الخلود(1) و انما المهم في المنافاة له قوله: الا ما شاء ربك المؤكد في حق اهل

ص: 220


1- - و على فرض ارادة المسوات لكرة ارضنا الفعلية فلا يبعد كون ذكر هما كناية عن الدوام عرفاً.

النار بقوله: ان ربك فعال لما يريد. و في جملة من روايات الباب غير المعتبرة تخصيص الآية بالذين يخروجون من النار و يريده ان الموضوع في الآية هم الاشقياء كما أن الموضوع في آية الطاغون و هما اعم من الكفار فيشمل فساق الموحدين كالحجاج و الصدام و جمع كثير من الملوك و الرؤساء الظالمين و سائر الطغاة و الاشقاء الذين يدعون الاسلام.

لكن الاستثناء المذكور ورد في حق اهل الجنة ايضاً فلعل الاحسن حمله في الموردين علي بيان القدرة و عدم خروج خلودهما عن مشيئته النافذظ القاهرة. والله العالم.

و اعلم أن خلود الكافر في جهنم الذي اجمع المسلمون عليه (ص 350) من أهم المعضلات عند العقل العملي وان عقاب من عصي سبعين سنة ولو بكفر - دائماً ظلم، تعالي الله العادل الحكيم عنذلك وقداجيب عنه بوجوه:

منها ان العقاب علي نيات الكافرين علي دوام العصيان علي فرض خلودهم في الحياة الدنيا.

كما في رواية أبي هاشم (ص 347) لكنها ضعيفة سندا علي ان في حرمة نبة السوء يحثاً طويلاً.

و منها ان الله لا تتناهي عظمته فعصيانه يستلزم عقاباً غير محدود، الا تري أن عصيان رئيس الدولة قد يوجب الاعدام.

و منها ان الحسن و القبح العقلين باطلان. و هذا مذهب الاشاعرة و هو مقطوع البطلان. و منها الحسن و القبح مسلّمان لكنهما مما بين عليه العقلاء

ص: 221

لنظام معاشهم في الدنيا و لا مسرح لهما في نظام الآخرة. ولكن هذا ما لا نفهمه، لأن العقل يدرك قبح الظلم مطلقاً، والقرآن أيضاً اقرّه حتي في نظام الآخرة و أن الله لا يظلم في الآخرة. و القول بعد تحقق الظلم في حق المالك المطلق، بالنسبة إلي مملوكه ملكية تكوينية - أيضاً غير واضح.

و منها انكار المعاقب الخارجي و انما العقاب صورة اخري عن كفره و فسقه كما اوضحه صاحب نهاية الدراية من باب تجسم الاعمال لكننا فندناه في كتابنا صراط الحق.

و منها أن العقاب غير دائم بل ينقلب بعد استيفاء الحق إلي نوع لذة و انما الخلود هو مكث الكفار في جهنم و لا قبح فيه، كما ذكره في الاسفار تبعاً لغيره.

و هو أيضاً مخالف لاطلاق بعض الآيات الكريمة.

و منها غير ذلك مما ذكرناه في غير هذا المحل مع تضعيفه و الله العالم بحقيقة الحال و نؤمن بان الله حكيم و فعله متن الواقع الحق و لا نقيس فعله علي شيء بل نقيس الحق بفعله و هو لا يفعل خلاف العدل. و روايات الباب كلها غير معتبرة سندا.

الباب 27: الآخر في ذكر من يخلد في النار و من يخرج منها (8:351)

أورد فيه المؤلّف العلامة اكثر من اربعين رواية. اولها ما نقله الصدوق عن الهمداني عن علي عن أبيه عن ابن ابي عمير قال سمعت موسي بن جعفر عليه السّلام.

اقول في رواية ابن ابي عمير الثقة عن الكاظم خلاف اثبتها النجاشي في الجملة و انكرها الشيخ الطوسي و متنها أيضاً لا يخلو عن مناقشة والله العالم.

ص: 222

و المذكورة برقم 39 و 40 أيضاً معتبرة سنداً و مصدراً.

و في رواية ميسر عن الصادق عليه السّلام. اما والله لا يدخل النار منكم اثنان، لا والله ولا واحد.. (354).

أقول: للرواية و أمثالها معارضات اخري في الروايات. و مثل هذا الاختلاف موجود في الآيات ففي بعضها: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ...) و في بعضها: (إِنَّ اَللّٰهَ يَغْفِرُ اَلذُّنُوبَ جَمِيعاً). و النتيجة هو الرجاء و الخوف، الرجاء بعفوه و كرمه و الخوف من العذاب المترتب علي العصيان.

و في روايات الباب ما يدل علي بطلان اعمال الناصبي و دخوله النار.

و هو كذلك في غير القاصرين.

و اعلم ان المؤمنين الذين عملوا الصالحات و تابوا عن ذنوبهم حين تقبل التوبة منهم لا يدخلون النار و يدخلون الجنة، و هذا واضح.

ومرتكب الصغائر إذا اجتنبوا عن الكبائر ايضا مكفر عنهم ذنوبهم كما في القرآن الكريم فهم يدخلون الجنة أيضاً.

و أما مرتكب الكبائر فان استاهلوا العفو من الله أو الشفاعة من رسول الله و من اوصيائه صلوات الله عليهم - فلا يدخلون النار بل يذهبون إلي الجنة. و ان لم يستأهلوهما لكثرة ذنوبهم يدخلون النار إلي مدة محدودة ثم يخرجون ويدخلون الجنة لا يمانهم قطعاً.

و أمّا الكفار فان كانو من المعاندين و المقصرين فهم مخلدون في النار.

واما ان كانوا من القاصرين فلا يستحقون العقاب فضلاً عن الخلود بل يشكل استحقاق المقصرين إذا نظروا و فحصوا عن الحق ادّي نظرهم إلي

ص: 223

خلاف الواقع في علم الله تعالي، إذا الفحص و النظر امر طريقي لا موضوعية له و قد حققنا اقول في القاصر في مقدمة كتابنا صراط الحق لهلك من هلك عن بينة. خلافاً للمشهور من انكار القاصر و خلافاً لمعظم العامة حيث حكموا بخلود القاصر و هو باطل قطعاً.

و من هنا يظهر ان المخالفين في الامامة إذا كانو قاصرين لا يستحقون النار من جهة اعتقادهم فضلا عن الخلود فيها و اما المعاندين و المقصرون (اي غير من لو نظر لم يؤد نظره إلي الحق) علي قسمين قسم ارتكبوا الكبائر و قسم منهم ليسوا كذلك بل كانوا صالحين في مذهبهم.

اما الاول فلا مانع في دخولهم النار و هكذا الامر في القاصرين الفاسقين و اما خلودهم ففيه بحث، وعمدة البحث في القسم الثاني فهل انهم اهل النار؟ الظاهر انه كذلك لان الامامة من أهم الواجبات وهي من الاصول الاعتقادية، و انما الكلام في خلودهم و ظاهر الصدوق ذلك (365 و 366) و هو صريح المفيد رحمة الله وقال في كتاب المسائل: اتفقت الامامية علي أن من انكر امامة أحد الائمة و جحد ما اوجبه الله هو كافر ضال مستحق للخلود في النار... (366).

و عن العلامة الحلي رحمة الله في شرح الياقوت و أما دافعوا النص فقد ذهب اكثر اصحابنا إلي تكفيرهم. و من اصحابنا من يحكمبفسقهم خاصة. ثم اختلف اصحابنا في احكامهم في الاخرة. فالاكثر قالوا بتخليدهم، و فيهم من فال بعدم الخلود، و ذلك إما بان ينلقوا إلي الجنة و هو قول شاذ عندنا أولا إليهما أي إلي الجنة و النار - واستحسنه المصنف (ص 365).

وظاهر الشهيد الثاني هو القول بالخلود و السلامهم كما عليه الاكثر

ص: 224

بمعني جريان اكثر احكام المسلمين عليهم في الظاهر لا انهم مسلمون في نفس الامر. و قال: و لذا نقلوا الاجماع علي دخولهم النار.. (ص 368).

و ظهر الشيخ الطوسي في تلخيص الشافي ايضاً كفرهم حيث قال: و دفع الامامة كفر كما ان دفع النبوة كفر لان الجهل بهما علي حد واحد. (ص 368).

و قال العلامة في شرح التجريد: و اما مخالفوه في الامامة فقد اختلف قل علمائنا فيهم فمنهم من حكم بكفرهم لانهم دفعوا ما علم ثبوته من ضرورة و هو النص الجلي الدال علي امامته مع تواتره، و ذهب آخرون إلي انهم فسقة و هو اقوي (وفاقاً للمحقق الطوسي مؤلف التجريد).

ثم اختلف هؤلاء علي اقوال ثلاثة: احدها انهم مخلدون في النار لعدم استحقاقهم الجنة، الثاني قال بعضهم انهم يخرجون من النار إلي الجنة. الثالث: ما ارتضاه ابن نوبخت و جماعة من علمائنا انهم يخرجون من النار لعدم الكفر الموجب للخلود و لا يدخلون الجنة لعدم الايمان المقتضي لاستحقاق الثواب.

و اورد عليه المؤلف العلامة: القول بعدم خلودهم في النار نشأ من عدم تتبعهم للاخبار و الاحاديث الدالة علي خلودهم متواترة أو قريبة منها. نعم الاحتمالان الاخيران آتيان في المستضعفين منهم. (ص 365).

اقول المستفاد من كلامهم ان سبب الكفر و الخلود امور ثلاثة:

1 - دفع النص الثابت بالضرورة.

2 - انهم غير مستحق للجنة مع كونهم مكلفين وكل من كان كذلك فهو مخلد في النار.

ص: 225

3 - الامامة من اصول الدين فانكارها - ولو عن قصور - يوجب الكفر و إذا كان عن تقصير او عناد فيوجب الخلود.

4 - اتفاق الامامية او اجماعهم علي ذلك كما نقلناه عن كلماتهم.

أقول: اما الوجه الاول ففيه اولاً انه لم يثبت النص لجميع المخالفين قطعاً و لا علم لغير جماعة الحاضرين في غدير خم، و لغير العلماء المتبحرين المتتبعين، فالحجة غير تامة علي معظم المنكرين.

نعم مفروض الكلام في المعاندين و لا شبهة في كفر من عاند ورد قول الرسول حتي في المكروهات و المستحبات فضلا عما هو من الاعتقاديات. و ما كفر الجاهل المقصر فهو غير معلوم و ان كان معاقباً علي تقصيره.

و ثانيا ان انكار قول النبي صلّي الله عليه و آله و سلّم ان كان في مرحلة العمل فهو لا يوجب الكفر ضرورة و انما يوجب الكفر إذا انكره اعتقادا بعد فهمه يحيث يرجع إلي تكذيب النبي و لا اظن باحد ان يثبت الانكار الاعتقادي مع فهم المقصود في حق المخالفين سوي جمع قليل.

و اما السبب الثاني فلا دليل قاطع عليه و ادعاء الاجماع عليه من بعض المتكلمين جزاف و مبالغة. بل الدليل علي خلافه كما مر (5:88).

و اما الرابع فقد عرفت من العلامة رحمة الله الاختلاف، مع ان الاعتماد علي الاقوال في مثل هذه المقامات التي للعواطف و الاحاسيس تأثير عميق غير اختياري علي اهل جميع المذاهب مشكل جدا. فالعمدة هوالسبب الثالث وان شئت فقل هل اعتبار الامامة مثل اعتبار النبوة في الاسلام بحيث يحكم علي غير معتقدها بالكفر ولو عن جهل قصوراً فضلا عن المقصر؟ و علي الاول

ص: 226

يترتب الحكم بالخلود في فرض العناد و التقصير، فيه اشكال و تردد اذ قد يقال ان الامامة من اصول المذهب دون اصل الدين لترتب احكام الاسلام علي العامة. و بحثه طويل و الله العالم.

الباب 28: ما يكون بعد دخول أهل الجنة الجنة و أهل النار النار (ص 374)

فيه اربع روايات ضعيفة متعارضة ننقل هنا اولها و هي رواية محمد بن مسلم التي رجال سندها ثقاة سوي واحد فانه مهمل، قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: لقد خلق الله عزّ وجلّ في الارض منذ خلقها سبعة عالمين ليس هم من ولد آدم، خلقهم من اديم الارض فاسكنهم فيها واحدا بعد واحد مع عالمه ثم خلق الله عزّ وجلّ أبا هذا البشر...(1) لعلكم ترون انه إذا كان يوم القيامة و صير الله ابدان اهل الجنة مع ارواحهم في الجنة و صير ابدان اهل النار مع ارواحهم في النار إن الله تبارك و تعالي (لا يعبد خ ل) في قلاده و لا يخلق خلقا يعبدون (بلي والله ليخلقن الله خلقا من غير فحولة و لا أناث يعبدونه و يوحّدونه خ.) ويوحدونه و يعظمونه و يخلق لهم ارضا تحملهم و سماء تظلهم، أليس الله عزّ وجل يوقل: يوم تبدل الارض غير الارض و السموات. و قال الله عزّ وجلّ : أفعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق حديد. (374).

أقول: لم نذكر الرواية بعنوان الدليل، و الايتان المذكورتان في ذيلها لا تدلان علي متن الخبر ايضاً، و انما ذكرناه بعنوان الاحتمال، فان احتمال صدقها ربما يندفع به بعض الشبهات فلاحظ.

ص: 227


1- - الجملة المحذوفة فى الحديث فى باب الجنة و نقلناه برقم 5.

ج 9: حول الاحتجاجات

الباب 1: احتجاج الله تعالي علي ارباب الملل المختلفة في القرآن الكريم (9:2)

أورد المؤلف العلّامة في آيات كثيرة و نقل روايات كثيرة من التفسير المنسوب إلي العسكري عليه السّلام و التفسير المنسوب إلي القمي و كلاهما غير ثابت.

ثم الظاهر ان المجلسي رحمة الله اراد بالاحتجاج ما ذكره الله تعالي في حق الكفار أو خاطبهم علي نحو الاعتراض و الخصومة و اتمام الحجة عليهم. دون الاستدلال الفكري، لعدم انطباقه علي كثير من الآيات المذكورة.

الباب 2: احتجاج النبي صلّي الله عليه و آله و سلّم علي اليهود في مسائل شتي (9:283)

أورد فيه روايات ضعيفة الاسانيد. و فيها بعض مطالب مفيدة، و مطالب مجعولة باطلة و مطالب مشكوكة. و الله العالم.

و ينبغي ان يعلم أن اليهود كانت عندهم معلومات في الجملة لكونهم من اهل الكتاب، هذا من جهة، و من جهة اخري كانوا معاندين مجادلين و صاحبي طبع لجوج و لذا كثرت الاحتجاجات معهم في الكتاب العزيز و الروايات اكثر مع سائر اهل الاديان المنسوخة أو الملاحدة.

ص: 228

ج 10: حول الاحتجاجات أيضاً

ابواب احتجاجات أمير المؤمنين عليه السّلام

الباب 1: احتجاجه صلوات الله عليه، علي اليهود في انواع كثيرة من العلوم..

أقول: مضافا إلي عدم سلامة اسانيد الروايات، اكثر ما في متونها ليست من المسائل العلمية، بل تشبه المسائل الصبيانية فهي قرينة اما علي الخطأ الكفر اليهودي او جهالة الواضعين.

الباب 2: في احتجاجه (صلوات الله عليه) علي بعض اليهود بذكر معجزات النبي ص 28.

أقول: فيه رواية واحدة و هي مرسلة الاحتجاج و فيها بعض فضائل سيدنا رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم.

الباب 3: احتجاجه صلوات الله عليه - علي النصاري

فيه روايات معدودة غير معتبرة السند، و فيها بعض السؤالات المفيدة و بعض الاعاجيب.

و من جملة اسئلة الاسقف النجراني: أن لله جنة عرضها السموات و الارض، فأين تكون النار؟ و نسب إلي علي عليه السّلام انه اجاب:

إذا جاء الليل أين يكون النهار ص 58. و هذا الجواب لا يليق بامير المؤمنين و هو قرينة علي وضع الرواية، و جواب السؤال واضح لان كرة النار في صحة من الفضاء و لعلها بين كرة المحشر و كرات الجنة، و ليس الفضاء

ص: 229

منحصرا علي فضاء السموات و الارض والا لكان كرة الارض و المجرات كلها من الجنة!

الباب 4: احتجاجه عليه السّلام علي الطبيب اليوناني (10:70)

فيه قصة واحدة منقولة من التفسير المنسوب إلي الامام العسكري عليه السّلام ولكن نسبته إليه عليه السّلام غير ثابتة. علي أنّ من قرء القصة يظن بكذبها.

الباب 5: اسئلة الشامي عن أمير المؤمنين عليه السّلام في مسجد الكوفة.

فيه رواية ضعيفة مشتملة علي عدة اسئلة واجبته و بعض الاجوبة مخالفة للواقع و هي قرينة علي الوضع او الدس.

الباب 6: نوادر احتجاجاته عليه السّلام و بعض ما صدر عنه من جوامع العلوم (10:283).

أقول: لا ارضي بمثل هذه العناوين لمثل تلك الروايات المجهولة أو المجعولة المشتملة متونها عليبعض الاباطيل، فان نسبتها إلي امير المؤمنين موهنة لمقامه العلمي.

مثلا سئل عن المجرة في الرواية الاخيرة فاجاب عنه كما نسب إليه - و اما هذه المجرّة فابواب السماء، فتح الله علي قوم نوح ثم اغلقهم فلم يفتحها ص 89 و العلم الحديث فسر المجرة اليوم و لا مجال للتأويلات البعيدة فانها تناسب المذاهب الباطلة. وكذا اجيب في الرواية عن مسافة السماء و الارض بشيء مبتذل بعيد من شأن عالم فضلاً عن امام العلماء و لاحظ جواباً آخر منسوبا إليه في 9:122 و 123.

الباب 7: ما علّمه صلوات الله عليه من اربعمأة باب مما يصلح للمسلم..

ص: 230

(10:89)

اقول نقل رواية واحدة طويلة ضعيفة سندا و هي انفع من الروايات السابقة المنسوبة إليه، فانها مشتملة علي مطالب مفيدة.

الباب 8: ما تفضل صلوات الله عليه به علي الناس بقوله: سلوني قبل ان تفقدوني.. (ص 117)

أورد فيه سبعة أخبار لم يصح شيء منها سنداً

و أما المتون فليس فيها شيء مهما لنا و للاجيال القادمة.

نقل المؤلف العلامة عن ابن عبد البر في استيعابه و غيره: اجمع الناس كلهم علي انه لم يقل احد من الصحابة و لا احد من العلماء هذا الكلام.

أقول: ان كلام امير المؤمنين عليه السّلام: سلوني قبل ان تفقدوني، مهم لكن معاصروه لم يسألوا عنه ما يفيدهم و يفيدنا اليوم أسفا علي الناس ضاع عنهم علم باب مدينة علم النبي و اسرفوا علي انفسهم فقد سألوا عنه بعد استماع تلك الكلمة العرشية عن اشياء طفيفة. نعم سئل مرة بعد استدعائه من الناس كما في رواية ضعيفة سندا عن المسافة بين المشرق و المغرب و عن عمر الدنيا و عن مقدار لبث عرشه علي الماء قبل خلق الارض و السماء (ص 126) و كما في رواية ضعيفة أخري عن المحو الذييكون في القمر و عن قوس قزح و عن المجرة التي تكون في السماء (ص 122 و 123) فاجيب عنها في الروايتين بما لا يليق بعلم امير المؤمنين عليه السّلام ولو وصلت اجوبته عليه السّلام عن هذه السؤالات لكان مفخرة للمسلمين و المحبين كافتخار هم باصل تلك الكلمة الخالدة.

الباب 9: المناظرات الحسن و الحسين صلوات الله عليهما و احتجاجاتهما

ص: 231

(10:129)

أورد فيه روايات اوليها صحيحة السند لكن جواب الأسلة الاربعة المذكورة لا يليق بالحسن المجتبي عليه السّلام.

و نسب إليه عليه السّلام كلام آخر في رواية ضعيفة في جواب الحسن البصري حيث سأله عن القدر (الجبر و الاختيار) و هو كلام عميق جدا و لم ار له نظيرا في كلام غير أمير المؤمنين و الرضا عليهما السّلام و ستبعد صدوره عن غير ائمة العترة و إليك بعض الكلام المذكورة: و من حمل المعاصي علي الله فقد فجر، ان الله عزّ وجلّ لا يطاع باكراه و لايعصي بغلبة و لا يهمل العباد من الملكة (؟) و لكنه المالك لما ملكهم و القادر علي ما اقدهم، فإن إتمروا وا بالطاعة لن يكون عنها صادا مثبطا و ان ائتمروا بالمعصية فشاء أن يحول بينهم و بين ما ائتمروا به فعل، و ان لم يفعل فليس هو حملهم عليها.. 10:137.

و قد ذكرنا توضيحه في كتابنا صراط الحق الجزء الثاني حول تفسير الامر بين الامرين.

و الرواية الخامسة مع ضعف سندها، متنها مفيد، يثبت شجاعة الحسن عليه السّلام و فضاحة طاغية الشام.

الباب 10: مناظرات علي بن الحسين عليه السّلام.. 10:145

الباب 11: نادر في احتجاج اهل زمانه عليه السّلام

و فيه قصة لطيفة تدل علي بنوة الحسين للنبي صلّي الله عليه و آله و سلّم مستدلاً بالقرآن.

الباب 12: مناظرات محمد بن علي الباقر و احتجاجاته (10:149) فيه روايات و اعلم ان لاهل الكتاب في ذلك الحصر اسئلة معدودة

ص: 232

و بسيطة يسئلون علماء المسلمين و ائمة العترة عنها و هي مكررة في الرويات.

و الرواية الثانية مع قطع النظر عن عدم وصول نسخة مصدرها و هو بصائر الدرجات بسند معتبر إلي المجلسي صحيحة سندا، دالة علي عذاب قابيل بجسمه المادي في الهند و لابد من تأويلها. و في مناظراته مع العامة فوائد.

الباب 13: احتجاجات الصادق صلوات الله عليه، علي الزنادقة و المخالفين و مناظراته معهم (10:163) زيدت في عصر الصادق عليه السّلام مناظرات الزنادقة مضافاً إلي مناظرات اهل الكتاب و اهل المذاهب الاسلامية.

ثم ان الرواية الثانية ضعيفة و هي مرسلة الاحتجاج لكنها في الكافي مسندة نقل الكافي في جملة من الموارد متقطعاً عن علي عن أبيه عن عباس بن عمرو الفقيمي عن هشام بن الحكم(1) و نقله الصدوق في أبواب من توحيده (أبواب انه شيء و صفات الذات و رضاه و سخطه و الرد علي الزنادقة كما قيل).

و قيل: ان المؤلف العلامة لم ينقلها بتمامها تبعا للاحتجاج و اخرجها الكليني في اصول الكافي الجزء الاول منه.

أقول: الرواية مشتملة علي مناظرة طويلة مفيدة فهي بلحاظ متنها بعد جمعها قابلة للتوجه بل جعلها رسالة مفردة مترجمة بالسنة ثم نشرها، نافع.

و علي كلي نسبة الرواية إلي الامام غير ثابتة و متنها بين ما هو صحيح دقيق و بين ما هو غير ثابت و بين ما هو لا يليق بالامام. ثم الرواية الثالثة (194) ايضاً قطعة من هذه الرواية كما لا يخفي.

ص: 233


1- - الكافى 1:80 و 83 و 108 و 110.

فائدة: ذكر المحشي في هامش 10:203 عن الخطيب البغداي في تاريخ بغداد (433 13:323) اسماء العلماء الرّادين علي أبي حنيفة في مسائل مختلفة. و مخالفوه من علماء أهل السنة يبلغون اربعة و ثلاثين عالماً.

ثم في مناظراته (ع) لارباب المذاهب الاسلامية فوائد متعددة علمية، و يعرف منها تواضع هؤلاء في مقابل الامام الصادق عليه السّلام و ان يخالفوه في الاراء.

الباب 14: ما بين عليه السّلام من المسائل برواية في اصول الدين و فروعه برواية الاعمش(1) (10:222).

و هي رواية طويلة.

الباب 15: احتجاجات اصحابه عليه السّلام علي المخالفين (10:230)

و هو باب قصير فيه بعض المطالب الحلوة.

الباب 16: احتجاجات موسي بن جعفر عليه السّلام علي ارباب الملل و الخلفاء و بعض ما روي عنه من جوامع العلوم (10:234)

أورد فيه (17) خبرا بعضها من حيث المضمون مفيد.

الباب 17: ما وصل الينا من أخبار علي بن جعفر عن أخيه...

كأنّ المشهور بين المتأخرين أوفي خصوص اعصارنا هو صحة سند روايات علي بن جعفر عن أخيه الكاظم عليه السّلام و ذلك لصحة طريق المجلسي رحمة الله

ص: 234


1- - و هو سليمان بن مهران الاسدى الكاهلى الكوفى من اصحابه وثقه ابن حجر فى التقريب و السيد الاستاذ رحمة الله فى معجمه لكنه مجهول على الاقوى.

إلي الشيخ الطوسي و طريق الشيخ إلي علي بن جعفر. و كذا بنينا علي قبول هذا الاستدلال تبعاً لاساتيدنا و رجعنا عنه اخيرا و بنينا علي ضعفها، لأن صحة الطريق امر و وصول النسخة من المؤلّف إلي المجلسي مثلا أمر آخر و لا ربط بينهما و الاشتباه في ذلك أدّي إلي تصحيح روايات كثيرة ضعيفة. و تفصيل البحث في كتابنا بحوث في علم الرجال الطبعة الرابعة، و للبحث ثمرات كثيرة في الفقه.

الباب 18: احتجاجات اصحابه علي المخالفين (10:292)

فيه مناظرات مفيدة.

الباب 19: مناظرات الرضا علي بن موس صلوات الله عليه و احتجاجه علي ارباب الملل المختلفة و الاديان المتشنتة في مجلس المأمون و غيره (10:299)

أقول: كان المأمون العباسييحب العلم فازدهر العلم و العلماء في زمانه فاظهر الامام الرضا عليه السّلام علمه و ظهر مقامه، و يقال ان غرض المأمون من عقد مجلس المذاكرة اظهار عجز الرضا عليه السّلام عن اجوبة العلماء و الله العالم. وعلي كل ان اسانيد روايات الباب في البحار ضعيفة سنداً، لكن في متونها مطالب مفيدة جدا و مما ينبغي التوجه إليه ان اصرار الامام بناء علي صدور الروايات منه علي حدوث الارادة أمر مهم للمحققين في علم الكلام و قد حققناه في كتابنا صراط الحق (الجزء الأول). والمحقق لا يغني عن مطالعة هذه الحتجاجات.

و هنا سؤال محير آخر و هو ضبط المذاكرات و كيفية كتابة الاسئلة

ص: 235

والاجوبة ولم يشر إليه في مطلق الروايات الطوال، نعم قد ذكر في جملة من الروايات ان الرواة كتبوا ما قاله الامام او إستاذن الراوي عنه في الكتابة و الاملاء او ذكر الراوي كلاما يفهم منه انه كتب الرواية، لكن ضبط المذاكرات في المجالس امر مشكل و يشكل الاعتماد علي الروايات الطويلة حتي و ان صحت اسانيدها فضلاً عما إذا ضعفت. فافهم جيدا.

الباب 20: ما كتبه صلوات الله عليه للمأمون من محض الاسلام و شرائع الدين... (10:352)

أقول: اما الرواية الاولي فلها ثلاث اسانيد فيصح الاعتماد علي مجموعها إذا اوجبت الاطمينان بصدورها و ان كان واحد منها غير معتبر. والرواية جامعة مفيدة، وفقنا الله للعمل بها. و اما احتياج بعض فقراتها إلي التوجيه فهو جار في جملة من الروايات المعتبرة.

الباب 21: مناظرات اصحابه و أهل زمانه صلوات الله عليه (10:370)

أقول: فيه مناظرات ممتعة، لكن الأهم اليوم الحتيال في وحدة الامة المسلمة و تقريب الشيعة إلي اهل السنة و عكسه في مقابل الغرب الملحد و كلبهم في الشرق الصهاينة و الوهابية الضالة، حتييبقي الاسلام للمسلمين.

الباب 22 و الباب 23 و الباب 24: فيها مناظرات الامام التقي و الامام النقي و الامام العسكري باسانيد غير معتبرة و في متونها مطالب مفيدة. و أما الباب 25 ففيه فتاوي الصدوق في الاصول و الفروع و الاخلاق و لا يناسب كتاب الحتجاج بوجه.

واما الباب 26: الذي فيه احتجاجات علمائنا (رض) في زمن الغيبة (406)

ص: 236

ففيها مطالب مهمة معظمها من الشيخ المفيد رضوان الله عليه. رفع الله درجات علمائنا العالمين و وفقنا لخدمة الدين و المؤمنين.

خاتمة: نقل المفيد في اثناء مناظراته و احتجاجات بعض الاحاديث نذكر اثنتين منها:

1 - قوله الصادق عليه السّلام لمحمد بن النعمان: خاصموهم و بينوا لهم الهدي الذي انتم عليه و بينوا لهم ضلالتهم و باهلوهم في علي. 10:452.

رجال الرواية كلهم ثقات سوي أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد و لا يبعد حسنه.

أورده رداً علي من اعترض علي الامامية بأن أئمتهم يذمون استعمال المناظرة.

2 - ما نقله بسنده عن الصادق عن أبيه عن أبيه علي بن الحسين عن رسول الله صلّي الله عليه و آله و سلّم في بعض كلامه: انما هي اعمالكم ترد إليكم، فمن وجد خيرا فليحمد الله، و من وجد غير ذلك فلا يلومن إلاّ نفسه. (1:454).

ج 11: كتاب النبوة

اشارة

الباب 1: معني النبوة و علة بعثة الانبياء و بيان عددهم و اصنافهم و جمل احوالهم و جوامعهم صلوات الله عليهم اجمعين (11:1)

أورد المؤلّف العلّامة في آيات و سبعين رواية اكثرها غير معتبرة(1)

ص: 237


1- - المعتبر منها سندا مذكور بارقام: 23، 28، 39، 47.

توضيحا للامور الست المذكورة في العنوان نحن نذكر بعض المطالب في ضمن فصول:

1 - يظهر من قوله تعالي: (قُولُوا آمَنّٰا بِاللّٰهِ وَ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْنٰا وَ مٰا أُنْزِلَ إِلىٰ إِبْرٰاهِيمَ وَ إِسْمٰاعِيلَ وَ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ اَلْأَسْبٰاطِ) (البقرة/ 136) أن الاسباط أنبياء كما قبلهم و من بعدهم في الآية و يؤيده تكرار كلمة الاسباط في الآية الاخري (البقرة/ 14(0) بعد اسم يعقوب.

و في المجمع حول الآية بعد نقل نبوة الاسباط عن كثير من المفسرين أنهم كانو انبياء: و الذييقتضي مذهبنا انهم لم يكونوا انبياء باجمعهم لعدم عصمتهم لما فعلوا بيوسف.

أقول: و لما قالوا لابيهم. ثم نقل الطبرسي في مرسلة العياشي عن الباقر نفي نبوتهم (11:9).

و الظاهر من الاسباط أولاد يعقوب عليه السّلام و هم يوسف و إخوته الأحد عشر، و علي هذا الوجه(1) يمكن ان يقال بأحد الوجهين: الاول عدم منافاة بعض الذنوب قبل النبوة للنبوة، الثاني ان القرآن لا يدل علي نبوة جميع الأسباط و لا علي صدور المعصية الظلم بيوسف النبي و ابيهم يعقوب النبي و سوء الادب معه سلام الله عليهما - من جميع فلعل من اعطي لهم النبوة و انزل عليه الوحي من الاسباط غير من ارتكب الحرام منهم و اما المرسلة فهي

ص: 238


1- - خلافاً لبعض المفسرين حيث انكر كون الاسباط، أولاد يعقوب عليه السّلام وقال ان كلمة الاسباط بمعنى مطلق الجماعات.

مثل انكار الطبرسي لدلالة الآية علي نبوتهم غير مقبولة حتي و ان صحت سندها فضلا عن ارسالها وجهالة الراوي الأخير و هو سدير، و المتأمل في كلام الطبرسييفهم انه يميل إلي الوجه الثاني الذي ذكرناه. و هنا وجه ثالث يخطر بذهبي و هو ان المراد بالاسباط ليسوا اولاد يعقوب بلافصل بل من نسله و الاسباط اسم لا ولاده و لذريتهم كما يستفاد من قوله تعالي: (وَ مِنْ قَوْمِ مُوسىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ وَ قَطَّعْنٰاهُمُ اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبٰاطاً أُمَماً).. (الاعراف/ 159-16(0) فلاحظ.

2 - لا يسهل تفسير قوله تعالي: (وَ إِذْ أَخَذَ اَللّٰهُ مِيثٰاقَ اَلنَّبِيِّينَ لَمٰا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتٰابٍ وَ حِكْمَةٍ ) (آل عمران/ 8(1) سواء قرأناه بكسر اللام كما عن حمزة أو بفتحها كما عن الباقين و ان كان علي الثاني اشكل.

3 - يظهر من قوله تعالي: (حَتّٰى إِذَا اِسْتَيْأَسَ اَلرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جٰاءَهُمْ نَصْرُنٰا فَنُجِّيَ مَنْ نَشٰاءُ ...) (يوسف/ 110) استيلاء اليأس علي الرسل بحيث حصل لهم سوء الظن. و في معتبرة ابي بصير عن ابي عبدالله عليه السّلام: وكلّهم الله إلي انفسهم فظنوا ان الشيطان قد تمثل لهم في صورة الملائكة. (11:8(6).

أقول: لكن مصدر الرواية و هو التفسير المنسوب إلي القمي غير معتبر فلا يعتمد عليها. و لاحظ ما ذكره الطبرسي حول الآية و دفع الاشكال عنها (ص 85) و ربما يشير إلي بعض مضمون الآية قوله تعالي: (حَتّٰى يَقُولَ اَلرَّسُولُ وَ اَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتىٰ نَصْرُ اَللّٰهِ أَلاٰ إِنَّ نَصْرَ اَللّٰهِ قَرِيبٌ ) (البقرة/ 11(4).

4 - الذين يمكن أن يقال في قوله تعالي: (وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ

ص: 239

بِلِسٰانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اَللّٰهُ مَنْ يَشٰاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ ) (إبراهيم/ (4):

أولاً: أن الله ارسل كل رسول بلسان قومه من أجل الافادة و الاستفادة.

ثانياً: أن الضلالة و الهداية موقوفتان علي تبيين الرسل لاقوامهم ثم اطاعة و العصمية.

ثالثا: لم يبعث الله رسولا إلي غير قومه فضلا عن بعثه إلي جميع من في الارض كما مر من عدم تحقق الافادة و الاستفادة في غير هذه الصورة.

رابعاً: ان بعثة النبي الخاتم إلي جميع من في الارض كأنه نوع امتياز له صلّي الله عليه و آله و سلّم و استثناء في نظام النبوة، و لعله لعمله تعالي بحضارة البشر الرقية في تعلم اللغات و الترجمة و رواج المؤلفات و صيروة الكرة الارضية بمنزلة بلدة واحدة في ما بعد و تيسر الافادة و الاستفادة بين اصناف الناس بمختلف لغاتهم فتأمّل.

و ما تفوّه به بعض النصاري من دلالة الآية علي اختصاص رسالة النبي الخاتم صلّي الله عليه و آله و سلّم بالعرب غلط، فان الآية لا يشمل نبينا صلّي الله عليه و آله و سلّم فانها اخبرت عن فعل الله في الماضي (و ما ارسلنا) فهي منصرفة عنه صلّي الله عليهو آله و سلّم.

5 - جعل البعثة خاصة بالرجل أم شملت النساء أيضاً؟ اما الرسالة فالظاهر اختصاصها بالرجال لقومه تعالي: (وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ قَبْلِكَ إِلاّٰ رِجٰالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ ..) (النحل/ 4(3).

و ما قوله: (وَ مٰا أَرْسَلْنٰا قَبْلَكَ إِلاّٰ رِجٰالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ ..) (الانبياء/ (6) فلا يخلو دلالته علي المقام من نقاش لاحتمال نظارته إلي نفي كون الرسل من

ص: 240

جنس الملائكة، لا إلي اختصاصها بالرجال، كما يشير إليه ما بعد الآية: (وَ مٰا جَعَلْنٰاهُمْ جَسَداً لاٰ يَأْكُلُونَ اَلطَّعٰامَ ...

و اما النبوة فلا اجد دليلا علي اختصاصها بالرجال فلذا ذهب بعض النواصب القدماء إلي نبوة ام موسي عليه السّلام لقوله تعالي: (وَ أَوْحَيْنٰا إِلىٰ أُمِّ مُوسىٰ ) و هكذا يمكن اثبات الرسالة لبعض افراد الجن لقوله تعالي: (يٰا مَعْشَرَ اَلْجِنِّ وَ اَلْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيٰاتِي) (الانعام/ 13(0) و من أوّله فقد ارتكب خلاف الظاهر بلا دليل.

و اما الرسل من الحيوانات فيمكن يستدل عليه بقوله تعالي: (مٰا مِنْ دَابَّةٍ فِي اَلْأَرْضِ وَ لاٰ طٰائِرٍ يَطِيرُ بِجَنٰاحَيْهِ إِلاّٰ أُمَمٌ أَمْثٰالُكُمْ ). (الانعام/ 38) فانواع الطيور و الدواب امم، فليجعل هذا بمنزلة الصغري. و يجعل قوله تعالي: (لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ ) (يونس/ 47) وقوله: (وَ لَقَدْ بَعَثْنٰا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اَللّٰهَ ) (النحل/ 36) و قوله: (وَ إِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاّٰ خَلاٰ فِيهٰا نَذِيرٌ) (فاطر/ 24) بمنزلة الكبري فيستفاد منها أن لكل نوع من انواع الحيوانات من الدواب و الطيور (دون غيرهما كالحشرات) رسول و نذير له رسالة و انذار. و لا راد(1) للاستدلال سوي دعوي انصراف لفظ الامة إلي الانسان. و الله العالم.

6 - المستفاد من آيات قرآنية عدم نفوذ الدين و الشريعة السماوية بين الامم الانسانية حق نفوذه (يٰا حَسْرَةً عَلَى اَلْعِبٰادِ مٰا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ كٰانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ). و ان يكذّبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح و عاد و ثمود و قوم

ص: 241


1- - واما رده بضرورة الدين فهو قعقعة وافراط فى التكلم.

إبراهيم و قوم لوط و اصحاب مدين و كذب موسي.. قليل من عبادي الشكور. و همت كل امة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا با الحق. و الآيات القابلة للاستشهاد كثيرة.

و منه يظهر صحة اهلاك الكثير (المعاندين و المقصرين) لاجل تكامل القليل.

7 - يستفاد من قوله تعالي: (وَ إِذْ أَخَذْنٰا مِنَ اَلنَّبِيِّينَ مِيثٰاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْرٰاهِيمَ وَ مُوسىٰ وَ عِيسَى اِبْنِ مَرْيَمَ وَ أَخَذْنٰا مِنْهُمْ مِيثٰاقاً غَلِيظاً). (الاحزاب/ (7) نوع افضلية للخمسة المذكورة، لا سيما إذا رجع الضمير (واخذنا منهم) اليهم لا إلي جميع الانبياء.

و يدل علي افضليتهم بعض الروايات المعتبرة في الباب.

و مثله قوله تعالي: (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ اَلدِّينِ مٰا وَصّٰى بِهِ نُوحاً وَ اَلَّذِي أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ وَ مٰا وَصَّيْنٰا بِهِ إِبْرٰاهِيمَ وَ مُوسىٰ وَ عِيسىٰ أَنْ أَقِيمُوا اَلدِّينَ وَ لاٰ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) (حمعسق/ 1(3) بل تشير الآية إلي كونهم صاحب شرائع لحد الآن النكتة في اختصاص الوحي بالنبي الخاتم و اختصاص التوصية بالاربعة الباقية سلام الله عليهم اجمعين و علي كل: كون اولي العزم هؤلاء الخمسة مسلم لا شك فيه عندنا.

8 - العدالة الاجتماعية من الاهداف المهمة من النبوة كما يشير إليه قوله تعالي: (لَقَدْ أَرْسَلْنٰا رُسُلَنٰا بِالْبَيِّنٰاتِ وَ أَنْزَلْنٰا مَعَهُمُ اَلْكِتٰابَ وَ اَلْمِيزٰانَ لِيَقُومَ اَلنّٰاسُ بِالْقِسْطِ) و كذا آية البقرة (213). و الهدف الاول هو ايمان الناس بالله و عبادتهم له. و أما قوله تعالي: (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ لِئَلاّٰ يَكُونَ لِلنّٰاسِ

ص: 242

عَلَى اَللّٰهِ حُجَّةٌ بَعْدَ اَلرُّسُلِ ) (النساء/ 16(5) فهو غاية بالعرض.

9 - قال الصدوق رحمة الله في عقائده: اعتقادنا في عدد الانبياء انهم 12400 نبي و 124000 وصي، لكل نبي منهم وصي... (11:28).

أقول: يدل علي الاول جملة من الروايات غير المعتبرة كما في ارقام: 21، 24، 25، 43، 48، 61 و غيرها لكن في الرقم 67:144000 نبي و مثلهم اوصياء.. وفيرقم 67:320000 نبي و في رقم 22:8000 نبي منهم 4000 من بني اسرائيل.

و الاحسن عدم الاعتماد علي هذه الروايات و ان كان الاول مشهورا بين عوام الشيعة لاجل كلام الصدوق و نظرائه فعدد الانبياء غير معلوم.

و اما ان لكل نبي وصي فالظاهر انه باطل لان التي تحتمل النيابة و تحتاج اليها بعد عدم أصيل آخر هي الرسالة إلي الناس دون النبوة و لا يعقل للنيابة لها معني صحيح فالذييمكن له الوصي هو الرسول دون النبي غير الرسول كما يظهر بالتأمّل.

10 - و اما عدد المرسلين منهم ففي رواية أبي ذر (رحمه الله عن رسول الله صلّي الله عليه وآله و سلّم) ثلاث مائة و ثلاثة عشر جماغفيرا. والكلمة الاخيرة توجب اجمال التحديد و لا يفهم ان المرسلين 313 اشخاص أو جماعات ؟ و فيها أيضاً: الكتب المنزل 104 كتب انزل علي شيث 50 صحيفة و علي ادريس ثلاثين صيحفة و علي إبراهيم عشرين صحيفة. و انزل التوراة و الانجيل و الزبور و الفرقان (11:42) اقول لم يذكر صحف موسي عليه السّلام كما ذكرها

ص: 243

القرآن(1).

قلت: الرواية مع ضعف سندها ضعيفة من جهة المتن أيضاً إذا لا يحتمل انحصار عدد الرسل ب 313 لا سيما بملاحظة قوله تعالي لكل اُمة رسول. و يبعد جدا انحصار الصحف بما ذكر. فعدد الانبياء و الرسل و الكتب كلها مجهول.

11 - النبي، من يري في منامه و يسمع الصوت و لا يعاين الملك. و الرسول، من يسمع الصوت و لا يري و لا يعاين الملك كما في روايات منها صحيحة زرارة (11:41).

12 - معني اولي العزم كونهم اصحاب العزائم و الشرائع كما في معتبرة ابن فضال عن الرضا عليه السّلام: الانبياء و الرسل تابعون لشرائع هؤلاء العظماء صلوات الله عليهم اجمعين و في اخرها: و هم أفضل الانبياء و الرسل، و شريعة محمد صلّي الله عليه و آله و سلّم لا تنسخ إلييوم القيامة (11:34 و 35) و لاحظ الجزء الثالث من كتابي صراط الحق في مبحث النبوة.

الباب 2: نقش خواتيمهم و اشغاله و امزجتهم و احوالهم في حياتهم وبعد موتهم صلوات الله عليهم (11:62).

أورد المؤلّف العلامة فيه 29 حديثا المعتبر منها ما ذكر بارقام 7، 15، 17، 22، 23.

ففي موثقة عقبة عن الصادق عليه السّلام: ما بعث الله نبيا قط حتييسترعيه

ص: 244


1- - و عن ابن عباس انه ذكر آدم بدل شيت (21:43 برقم 48).

الغنم يعلمه بذلك رعية الناس (الرقم 7).

و في صحيح زياد بن أبي الحلال عن الصادق عليه السّلام: ما من نبي و لا وصي نبييبقي في الارض أكثر من ثلاثة أيام حتييرفع روحه و عظمه و لحمه إلي السماء. و إنما يؤتي مواضع آثارهم و يبلغونه من بعيد السلام و يسمعونهم في مواضع آثارهم من قريب. (11:67) و الله العالم.

الباب 3: علة المعجزة.. ص 70

أورد فيه خبران ضعيفان سندا.

الباب 4: عصمة الانبياء عليهم السّلام و تأويل ما يوهم خطأهم و سهوهم. (11:72)

نقل المؤلّف نظر الصدوق في عصمة الانبياء و الرسل و الائمة و الملائكة صلوات الله عليهم: انهم معصومون و مطهرون من كل دنس و انهم لا يذنبون ذنبا صغيراً و لا كبيرا... و من نفي عنهم العصمة في شيء من احوالهم فقد جهلهم(1).. ثم نقل ستؤ عشر خبرا لم يصح شيء منها سنداً و جملة منها مخالفة لفتوي الصدوق و اضطر المؤلف العلامة إلي تأويلها و لم يذكر خبرا يدل علي فتوي الصدوق و العمدة في عموم العصمة المذكورة علي ما يظهر من المؤلف هو اجماع الشيعة. و هو أمر مجهول جدا خالفه المفيد!! علي ان حجية الاجماع لاجل نظر الامام عليه السّلام ولا يمكن - عقلائيا - اثبات عصمة احد بقوله! و سيأتي بعض الكلام في مبحث الإمامة.

و أما ما نقله المؤلف من الادلة الكلامية علي عصمة الانبياء عليهم السّلام فشيء

ص: 245


1- - لعله يريد به ثبوت العصمة من أول اعمارهم إلى آخرها. والله العالم.

منها لا يتم و فصلنا القول فيه في الجزء الثالث من كتابنا صراط الحق في علم الكلام و هو اول تأليفي حين تعلمي في النجف الاشرف.

ابواب قصص آدم و حواء و اولادهما صلوات الله عليهما

الباب 1: فضل آدم و حواء علل تسميتهما و بعض اجوالهما و بدء خلقتهما و سؤال الملائكة في ذلك (11:97).

أورد فيه آيات و روايات تبلغ 57 و المعتبر منها برقم 4، 9 و كذا القدر المتفق عليه بين الروايات يوجب الاطمينان بصدور بعضها عن الامام عليه السّلام و هكذا في جميع الابواب و الكلام في الباب بذكر امور مختصرة:

1 - خلق الله آدم من تراب جعله طينا، ثم جعله حمأً مسنوناً (اي طينا اسود متغيراً منتا) ثم صلصالاً (اي اليابس الذي له صلصلة أي صوت. و الفخار: الخزف. و عليه فتنسجم الآيات لاواردة في خلق الانسان.

2 - أورد بعض الناس علي الملائكة إيراد بانهم اعتراضوا علي الله في خلق الانسان و اغتابوا بنسبة القتل والفساد و الغيبة من الكبائر و مدحوا انفسهم و انهم كاذبين كما يشير إليه قوله تعالي ان كانوا صادقين، بل قوله تعالي: الم أقل لكم. يدل علي انهم كانو مرتابين في علمه تعالي و انهم اعتذروا بقولهم: لا علم لنا إلاّ ما علّمتنا.

والعذر دليل الذنب، كل ذلك ينافي عصمتهم المتفق عليها و الجمع

ص: 246

عليها بين الشيعة واكثر العامة(1). ثم نقل المؤلف اجوبتها و فصل الكلام فيها. (11:124) اقول و فيما ذكروه ايرادا و جوابا نظر، و لات مجال لبسط الكلام هنا. و اما ادعاء المؤلّف الاجماع في جملة من المعارف و منها عصمة الملائكة فهو ممنوع اذ نقول له: من اين علمت آراء الطائفة الامامية ؟ و غير المؤلّفين اكثر من الذين ألفوا و بقيت كتبهم. و مجرد القول بشيء من عشرة من علماء الإمامية المشهورين لا يدل علي الاجماع اللغوي و الاصطلاحي، و الواقع ان الجماع غير حجة كما ققناه في محله. فلابد من اثبات عصمة كل معصوم من الرجوع إلي الادلة اللفظية بعيدا عن العواطف و الاحاسيس و النظر إلي مقدار دلالتها، سواء كان المعصوم نبياً أو إماماً أو ملائكة أو أي مخلوق آخر، و لا يجوز اظهار تأثير التلقين علي الذهن بكشل المجمع عليه! والبحث في المقام طويل.

3 - نسب مقاتل بن سليمان إلي الصادق عليه السّلام انه وجد في كتاب علي عليه السّلام ان رجلا آدم عليه السّلام عند هبوط كانت علي ثنية (اي منعطف) الصفا و رأسه دون أفق السماء و انه شكا ما بصيبه من حر الشمس! فصير طوله سبعين ذراعا بذراعه و جعل طول حواء 35 ذراعا بذراعها. (11:126 و 127).

و المتن كما ترييشتمل علي امرين عجيبين غريبين و هما من وضع مقاتل بن سليمان الزيدي البتري العامي، و أي داع لنقل مثل هذه الاخبار و صرف الوقت في الدفاع عنها و ذكر الاجوبة المتعددة التسعة فيها و مثل هذا

ص: 247


1- - حرمة الغيبة على الملائكة غير معلومة. و من الغفلة اسراء تكالفنا إلى الملائكة والجن و الحيوانات و سائر العقلاء.

الخبر في البحار و غيره حتي في مثل الكافي غير عزيز و ياليتهم لم يذكروها أو لم يفصل المؤلف العلامة في الدفاع عنها، فانه اسراف في الوقت و المال.

4 - و بعد فان سؤال الملائكة، او اعتراضهم علي جعل آدم خليفة في الارض باق بحاله و لا يفهم عقولنا بان مجرد علم الانسان بالاسماء مع كفر معظم افراه و فسادهم وسفك دماء ملايين من المظلومين و انواع الفسوق يجعله صالحا لخلافة الله تعالي في الارض الا ان يراد ان المراد بالخلافة في الارض هو مجرد اعمارها كما نشاهد اليوم فان الانسان كان صالحا له بعلمه الكثير دون الملائكة أيضاً كذلك أم فهموه بعقولهم.

الباب 2: سجود الملائكة و معناه و مدة مكثه عليه السّلام في الجنة و انها أيه جنة كانت و معني تعليمه الاسماء. (130)

أورد لاثبات العناوين الخمسة المذكورة آيات و اكثر من ثلاثين رواية غير معتبرة سنداً أو مصدراً و نحن نذكر بعض ما يتعلق بالباب في ضمن امور:

1 - الظاهر ان مخالفة ابليس لامر الله بالسجود لادم كانت مخالفة عملية، لاستكباره في نفسه فأبي منالسجدة لا انه انكر حكومة الله و خالقيته مثلا(1) فالحكم بكفر ابليس مبني علي ثبوت بمجرد المعصية العملية الخالية عن

ص: 248


1- - المقصود انه لا يظهر من الآيات انكار الامر و المتقين مخالفته. الا ان يقال انه أبطل حكم الله تعالى بانه خير من آدم و لا يليق به ان يسجد لآدم عليه السلام و هذا يوجب الكفر الانسان ايضاً.

الانكار في شرعية الملائكة و اولاد الجان بخلاف شريعتنا حيث لا ملازمة بين الفسق و الكفر، نعم كل كفر فسق و ليس كل فسق بكفر. و يحتمل اتحاد الشريعتين و عدم صيرورة ابليس بترك السجدظ كافرا، و انما كان ابليس قبل ذلك كافرا لقوله تعالي: (وَ كٰانَ مِنَ اَلْكٰافِرِينَ ) (البقرة/ 34، 7(3) و دعوي ان كلمة (كان) بمعني (صار) خلاف الظاهر ولا يصار إليه الا بدليل مفقود. وهنا احتمال آخر و هو ان رد حكمه تعالي (امرا كان او نهيا) إذا توجه من قبله تعالي مباشرة إلي احد، يوجب الكفر وان كان عملا، لا اعتقادا و قبولا. و الاظهر ان ابليس لم يقبل امره تعالي لاجل انه مخلوق من النار و هو خير من آدم لكونه مخلوقا من الطين. وهذا الرد البنائي القلبييوجب كفره و ان لم يكن كافرا من قبل و ان اقترن باعتقاد حكومة الله و كونه خالقا رازقاً. فلاحظ.

2 - قوله تعالي: (وَ لَقَدْ خَلَقْنٰاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنٰاكُمْ ثُمَّ قُلْنٰا لِلْمَلاٰئِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ ) (الاعراف/ 11) فيه سؤالان أولهم التصوير مقدم علي الخلق فما هو وجه عكسه في الآية ؟ ثانيهما أنّ ذيل الآية (ثُمَّ قُلْنٰا) ان التصوير و الخلق يتعلقان بآدم عليه السّلام فما النكتة في خطاب ذريته وضمير الجمع المخاطب ؟ و ما اجيب عنه غير مقنع و لابد من ارائة جواب تام. نعم لو فسر الخلق بالتقدير يزول السؤال الاول.

3 - قوله تعالي: (مٰا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمٰا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ اَلْعٰالِينَ ) (ص/ 74) قرينة علي زيادة كلمة (لا) في آية الاعراف (12): (مٰا مَنَعَكَ أَلاّٰ تَسْجُدَ). و ذيلة يدل علي أن هناك طائفة كانوا اعلي قدرا من الملائكة المأمورين بالسجود و انه لا يليق السجود يهم لآدم و لذا لم يتعلق امر

ص: 249

السجود بهم. و يحتمل ان قوله (أم كنت من العالين) مجرد فرض ذكره الله لتكميل التوبيخ و التقريع.

4 - ابليس كان كافرا قبل عصيان و ليس من جنس الملائكة، بال من الجن ففسق عن أمر ربه (الكهف 5) و قد ادعي عليه تواتر الاخبار (ص 144) نعم هو كان مأمور به مع الملائكة لتصريح الله به (إذ امرتك).

نعم في صحيح زرارة عن الصادق عليه السّلام ان ما اعطاه الله ابليس من تسلطه علي آدم انما اعطاه لركعتين ركعهما في السماء في اربعة آلاف سنة (11:142) و هو ينافيي كفره السابق اذ لو كان كافرا كيف صلي لربه مثل هذه الصلاة، علي أن عبادة الكافر باطلة لا ثواب له لكن الرواية لا يعتمد عليها لضعف مصدرها و هو التفسير المنسوب إلي القمي كما تكررت الاشارة إليه علي ان كفر احد قد لا يمنع عن عبادته، و جملة من المرتدين يعبدون الله. و بطلان عبادة الكافر انما هو في شرعنا و لم يثبت في شريعة الجن، علي انه يمكن حمل العطاء المذكور علي غير الثواب و ان المسلم عدم ترتب الثواب علي عبادة الكافر لا مطلق الاثر و الأجر حتي في شريعة الجن.

5 - لا دليل علي افضلية النار علي التراب كما زعمه ابليس اولا و ثانيا انهجهل بشخصية ادم و انها بروحه الطاهرة التي امتدح الله به نفسه: (ثُمَّ أَنْشَأْنٰاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبٰارَكَ اَللّٰهُ أَحْسَنُ اَلْخٰالِقِينَ ). و هذا الروح إذا آمن و عمل عملا صالحا يصير خير البرية. ومنه يظهر النقص في علم ابليس لعنه الله وجهله بالروح، و قصر نظره إلي الجسم المحسوس فقط.

6 - روي الصدوق في خصاله بسند صحيح إلي ابن محبوب عن محمد

ص: 250

بن اسحاق عن الباقر عن آبائه عليهم السّلام عن رسول الله صلّي الله عليه و آله وسلّم: إنّما كان لبث آدم و حواء في الجنة حتي اخرجا منها سبع ساعات من ايام الدنيا حت ياهبطهما الله من يومهما ذلك. (11:142).

أقول: محمد بن اسحاق مجهول لم يوثقوه لكنه من علماء اهل السنة و صاحب السير و له علاقة باهل البيت و يبعد من عالم مثله ان يكذب في امر لا ينفعه فالحديث و ان لم يكن حجة لكنه مظنون الصدق.

7 - في حديث آخر للصدوق عن الحسن بن بشار عن الصادق عليه السّلام ان جنة آدم من جنان الدنيا يطلع عليها الشمس و القمر و.. (11:143) ورجال السند معتبر سوي عثمان بن عيسي الذي لم نقبل و ثاقته في كتابنا «بحوث في علم الرجال». و قد اختلف الانظار في أنها في الارض أو في السماء و علي الثاني هل هي الجنة التي دار الثواب ام غيرها و نقل عناكثر المفسرين واكثر المعتزلة انها دار الخلد و لا يخلو جملة من ادلة المتناز عين من ضعف. والحق انها في غير الارض لقوله تعالي: (قٰالَ اِهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَ لَكُمْ فِي اَلْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَ مَتٰاعٌ إِلىٰ حِينٍ ) (الاعراف/ 2(4).

و يبعد كونها جنة الخلد لا لوجوه ضعيفة ذكروها، بل لبعدها عن كرة الارض فانها جارجة عن مجرتنا فضالاً عن منظومتنا الشمسية، لكن العلوم الحديثية لا تؤيد وجود معمورة في المنظوم الشمسية حتي تكون جنة آدم فيها و ان كان الاعتبار العقلي المجرد عن االعلوم التجريبية يساعد علي كونها في منظومتنا الشمسية فمكان هذه الجنة غير معلوم لنا.

8 - الظاهر أنّ الله علّم آدم اسماء الاشياء كلها و عرض مسمياتها علي

ص: 251

الملائكة و سأل عنهم عن اسمائهم فلم يكونوا(1) يعلمونها فاعترفوا بجهلهم بها و سلموا خلافة آدم لكن لا يبعد ان يقال ان الله عرض عليهم مسميات الاسماء الموجودة انذاك الوقت لا جميع المسيمات التي توجد بعد ذلك إلييوم القيامة وإلي آخر الكون فان بعيد جدا.

9 - في رواية غير معتبرة عن الصادق يسأله أبوبصير: سجدت الملائكة لآدم عليه السّلام و وضعوا جباههم علي الارض ؟ قال: نعم تكرمة من الله تعالي. (11:139).

أقول: نحن نعترف بان الملائكة اجسام و ليسوا بمجردين لكن لا نعرف ترسيمهم و لا تعلم هللهم جباه ؟ فلا تعرف كيفية سجودهم و يمكن ان يكون سجودهم بوقوع ابدانهم علي الارض (فَقَعُوا لَهُ سٰاجِدِينَ ) ثم ان السجود لإحدٍ إمّا بقصد العبادة فهو يوجب الشرك في شرعنا واما لمجرد التعظيم فهو محرم علينا و ان يوجب الشرك، و سجود الملائكة لادم و سجود اخوة يوسف له - لم يكونا سجود عبادة و تألهٍ قطعاً و الظاهر انهم سجدوا لادم بامرالله تعالي لا انهم سجدوا لله وكان آدم قبلة كما قيل فإن الشرائع مختلفة؛ و الاحكام الفرعية تابعة للامر و النهي، ولا مجال ولا موجب بل ولا يجوز لتأويل ظاهر لآيات الدالة علي سجودهم لآدم عليه السّلام.

الباب 3: ارتكاب ترك الاولي و معناه و كيفيته قبول توبته والكلمات التي تلقّاها من ربه (11:155).

ص: 252


1- - او عرض نفس الاسماء على الملائكة و سألهم عن معانيها و هذا اوفق بالاعتبار.

أورد فيه آيات و اكثر من خمسين رواية غير معتبرة السند او المصدر، فان كان لروايات كثيرة منها قدر مشترك نؤخذ به للاطمئنان بصدوره عن الامام عليه السّلام. و الكلام في المقام في ضمن امور:

1 - ان الله سبحانه نهي آدم و حواء زوجته بعد دخولهما الجنة عن أكل شجرة معينة و قال لهما: (وَ لاٰ تَقْرَبٰا هٰذِهِ اَلشَّجَرَةَ فَتَكُونٰا مِنَ اَلظّٰالِمِينَ ) (البقرة/ 35 و الاعراف/ 19) فازلهما الشيطان و وسوس لهما فأكلا منها فاخرجهما مما مكانا فيه، و بدت لهما سوآتهما(1). و عند ذلك (قٰالاٰ رَبَّنٰا ظَلَمْنٰا أَنْفُسَنٰا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنٰا وَ تَرْحَمْنٰا لَنَكُونَنَّ مِنَ اَلْخٰاسِرِينَ ).

و علي كل إلي ما ذكرنا يرجع قوله تعالي: (وَ عَصىٰ آدَمُ رَبَّهُ ) فغوي أي خالف نهيه فضلّ او خاب. ثم اجتباه ربه فتاب عليه و هدي قال اهباطا منها جميعاً... فامّا يأتينكم مني هدي فمن اتبع هداي فلا يضل و لا يشقي. (طه/ 121-12(3).

فهذه الآيات بظهورها بل بصراحتها اثبتت لآدم أبي البشر معصية و مخالفة عن عمد، و اماقوله تعالي: (وَ لَقَدْ عَهِدْنٰا إِلىٰ آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (طه/ 11(5) فليس معناه صدور المخالفة نسيانا لا عصيانا و عن غير عمد، بل لابد من حمل النسيان علي الترك، فان الشيطان في مقام

ص: 253


1- - بدو سوآت بدنهما لاجل نزع لباسهما عنهما كما يظهر من قوله تعالى: (يَنْزِعُ عَنْهُمٰا لِبٰاسَهُمٰا لِيُرِيَهُمٰا سَوْآتِهِمٰا) (الاعراف/ 27) فمن آثار الاكل من الشجرة انتزاع اللباس فبدت سوآتهما لا ان سوآتهما لم تبدل من قبل و انما بدءت من الأكل كما قد يترآى من روايات الباب فتأمّل فيها.

الوسوسة (قٰالَ مٰا نَهٰاكُمٰا رَبُّكُمٰا عَنْ هٰذِهِ اَلشَّجَرَةِ إِلاّٰ أَنْ تَكُونٰا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونٰا مِنَ اَلْخٰالِدِينَ ) (الاعراف/ 2(0).

و حيث ان المؤلف العلّامة رحمة الله كمشهور علماء الشيعة يري عصمة الانبياء من مطلق الذنوب حتي قبل النبوة عبر عن المعصية بترك الاولي تنزيلاً لها من الحرام لا إلي الكراهة. بل إلي المباح الذي كان تركه أولي و عندي ان هذا التنزيل من تطبيق القرآن علي المذهب، مع ان الصحيح هو العكس.

بل المجلسي مع جموده علي الروايات خالفها ايضاً و أوّلها كما يظهر من الباب وغيره. و نحن لا نوافقه علي ذلك وانما نذهب إلي العصمة بمقدار يدل الدليل عليه و لا نعتمد علي المشهورات لمجرد شهرتها بين العلماء. ولاحظ ج 3 منكتابنا صراط الحق و الله الموفق.

نعم في خصوص المقام امر لابد من لفت النظر إليه و هو التعبّد و التكليف الشرعي الراجع إلي الانسان ربما هو في هذه الكرة الارضية، و لا دليل علي توجهه إليه في الجنة مثلاً.

و يشير إليه قوله تعالي كما سبق: (قُلْنَا اِهْبِطُوا مِنْهٰا جَمِيعاً فَإِمّٰا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً ).

و هذا التكليف هو ملاك الشقاوة و السعادة والقرب و البعد و الستحقاق الجنة و النار فليس نهيه تعالي عن اكل الشجرة المعينة للتعبد و التكليف الشرعي، بل هو صدر لمصلحة آدم انذاك. و ان شئت فقل انه نهي ارشادي محض غير مولوي. و الدليل عليه آيات سورة طه: (فَقُلْنٰا يٰا آدَمُ إِنَّ هٰذٰا عَدُوٌّ

ص: 254

لَكَ وَ لِزَوْجِكَ فَلاٰ يُخْرِجَنَّكُمٰا مِنَ اَلْجَنَّةِ فَتَشْقىٰ * إِنَّ لَكَ أَلاّٰ تَجُوعَ فِيهٰا وَ لاٰ تَعْرىٰ * وَ أَنَّكَ لاٰ تَظْمَؤُا فِيهٰا وَ لاٰ تَضْحىٰ ). و وقع آدم و زوجته باكل الشجرة المنهية في مشقة الجوع و العطش و حرارة الشمس الشديدة و في مشقة تحصيل اللباس لنفسه و لزوجته. و لا شك ان احتراز الانسان عن تحمل هذه المشقة ليس بواجب في الاسلام، و لعله كذلك في جميع الشرائع بل لا يمكن الاجتناب عنها لمعظم افراد الانسان فتأمل. فالتعليل بالمشقة اظهر قرينة علي عدم صدور النهي عن تكليف شرعي مولوي فالاكل منهما لم يكن بحرام و لا بمكروه وانما كان سبب لخروج آدم منها سريع و إلّا أخبر الله ملائكته قبل ذلك بأنّ ادم خليفة الله في كرة الارض لا في تلك الجنة، فآدم و حواء ظلما نفسهما بتفويت الاستراحة المؤقتة في الجنة و لو لم يأكل لمكثا في الجنة مدة محدودة كان لابد لهما بعدها من النزول إلي الارض، ارض البلاء والاختبار و تكامل النفس و كسب رضي الرحمن او سخطه نعوذ باالله منه.

2 - الظاهر من الآيات و كذا من الروايات ان حواء لم يكن له تأثير في زلة آدم بل الشيطان ازلهما معا. فلكل منهما مسؤولية متساوية.

3 - هل محل نزولهما أولاً هو الصفا (لآدم) و المروة (لحواء) او جبل في سرنديب الهند (سيريلانكا) ثم ذهابهما إلي مكة ؟ فيه وجهان و لكل من الوجهين روايات غير معتبرة في هذا الباب و لا حقه و ان كان مقتضي رواية صحيحة قوية عن الرضا عليه السّلام. ان آدم عليه السّلام هبط علي أبي قبيس و فيه: والناس يقولون بالهند.. (11:213).

4 - في بعض الروايات ان شغل آدم في الارض الحرث و الرعي.

ص: 255

الباب 4: كيفية نزول آدم عليه السّلام منالجنة وحزنه علي فراقها وما جري بينه و بين أبليس لعنه الله (204)

أورد فيه واحداً و ثلاثين خبرا اكثرها غير معتبر. سوي ما ذكر برقم 5، 23 و 27.

الباب 5: تزويج آدم جواء و كيفيته بدء النسل منهما و قصة قابيل و هابيل و سائر أولادهما. (11:218)

أورد فيه المؤلف الآيات المشتملة علي قصة قابيل و هابيل و انهما فعلا فعالً يتقرب به إلي الله فتقبّل من أحدهما فقط، فقتله الآخر، و لم يعلم ما يصنع بجثّه المقتول فبعث الله غرابا يبحث في الارض و علّمه الدفن، و اما ان قابيل كيف علم القتل فلعله علمه من قتل بعض الحيوانات بعضا، و اما أنه كيف علم كيفية القتل، ففي بعض الروايات غير المعتبرة ان الشيطان علّمه.

و اما اصل النزاع بين الاخوين فقد اختلف روايات الباب فيه، والله العالم.

و اما الروايات فهي اكثر من اربعين رواية و معظمها أو كلها ضعيفة سنداً او مصدراً و بين عدّة منها تعارض و تصادم و لا ملزم بل و لا مجوز لتأويلها من غير دليل، بل بما يوجب إهانة الإمام عليه السّلام و نحن نذكر بعض ما يتعلق بالمقام:

1 - ظاهر قوله تعالي: (وَ خَلَقَ مِنْهٰا زَوْجَهٰا) أنّ حواء خلقت من آدم و قيل انها ابتدعت و حمل الآية علي ان زوجها خلق من جنسها و نوعهها كما في قوله تعالي: (وَ اَللّٰهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوٰاجاً) و كقوله: (رَسُولاً مِنْهُمْ و قوله لَقَدْ جٰاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ )، لكن القول الاول منسوب إلي المشهور

ص: 256

بين أهل السنة مؤرخيهم و مفسريهم (11:222) و لا يخلو عن وجه لقوله تعالي: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وٰاحِدَةٍ )، إذا لو خلقت حواء مستقلة لم يستقيم هذا بل المتعين التعبير ب خلقكم من نفسين. و اما روايات الباب فليس فيها ما يعتمد عليه.

وهنا روايات اُخر تدعم ما اخترنا علي خلاف مختار المؤلّف رحمة الله، كصحيح غياث (جامع الاحاديث 18:438 وسائل 14:42)(1) و صحيح محمد بن قيس (الفقه 4:238 و 239) و الروايات الضعيفة تؤيدهما. نعم يعارضها صحيحة زرارة (الفقيه 3:239 و 240). لكنها صحيحة حسب وعد الصدوق في المشيخة و لا يبعد ضعفها فانه رواها في علله (كما في البحار 11:220) بسند ضعيف عن زرارة فتأمل، و مخالفة للقرآن النافي لابتداع خلقها و متن الرواية ايضاً فيه مناقشة.

ثم علي المختار هل هي خلقت من بقية طينة آدم او من جسده و الاول يرجع إلي الخلقة الابتدائية. و علي الثاني فهل هي خلقت من بدن آدم بعد حلول النفس به أو قبله و علي الاول في حالة النوم أو في حالة اليقظة، و كيف جبر وامتلي مكان الطينة المأخوذة من بدن آدم ؟ ليس علي احد الوجوه دليل واضح.

ص: 257


1- - عند التصحيح راجعنا الوسائل و جامع الاحاديث فعلمنا اشتباهنا فى ذكر ارقام الصفحة فلابد من تتبع آخر لتصحيح الارقام و غياث بن كلوب ضعيف عدلنا من القول باعتبار رواياته كما ذكرناه فى كتابنا بحوث فى علم الرجال الطبعة الرابعة و اما غياث بن إبراهيم فهو ثقة.

2 - مقتضي طبع الحوادث تزويج بنات آدم ببنيه بأي وجه اتفق، و لا مانع طبعا و شرعا و نقلاً، أما الطبع فانه يختلف حسب تربية الانسان، وكم فرق بين الانسان الابتدائي القريب من الحيوان، و الانسان اليوم و لا يبعد تفاوتهما في اكثر الامور الطبيعة، علي ان في كون النفرة عن تزويج المحارم من طبع الانسان بحث، اذ يمكن ان ننسبها إلي التلقين و تأثير الدين كما يدل عليه عادة المجوس و بعض الاقوام في الغرب اليوم. و اما الشرع فلا دليل علي أن الله حرم المحارم في عصر آدم عليه السّلام و لا أقل من اول عصره. والشرائع الإلهية في الامم مختلفة. و اما النقل فروايات الباب مع تعارضها و اختلافها في ذلك ضعاف سندا فلا عبرة بها. نعم للصدوق في الفقيه رواية رواها عن زرارة (3:240) ان الله نزل حوراء من الجنة اسمها نزلة و امر ادم ان يزوجها من شيث. ثم انزل.. حوراء من الجنة اسمها منزلة و أمر آدم ان يزوجها من يافث(1). و في بعض روايات الباب ان احدي الانثيين من الجن.

أقول: كل ذلك ينافي قوله تعالي: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وٰاحِدَةٍ ). اذ علي هذا خلقنا من آدم و من الحوراء أو من الجن و هو كما تري. علي ان قبول ولادة الانسان من الجن أو من الحوراء لا يخلو عن تعسر(2) الا ان يحال الامر إلي قدرة الله تعالي تعبدا و لا شك في امكانه.

ص: 258


1- - لرواية حسب وعد الصدوق فى المشيخة صحيحة لكنها لا تخلو عن اشكال فانه رواها مفصلة فى علل بسند ضعيف فلعله نقلها فى الفقيه مختصرة فلاحظ البحار 11:223.
2- - فانها من الاجسام اللطيفة و الانسان جسم كثيف فيشكل تصور المقاربة و الحمل و الولادة.

الباب 6: تأويل قوله تعالي: وجعلا له شركاء فيما آتهما (11:249)

أقول: ليس في اجوبة الباب ما يندفع به ما يستفاد من الآية و لبعض المعاصرين جواب آخر ذكره في كتابه عقائدنا ص 348 إلي 355 فلاحظ فإذا رأيته مقنعا و كافياً فخذه.

الباب 7: ما أوصي إلي آدم عليه السّلام

ليست فيه رواية معتبرة.

الباب 8: عمر آدم و وفاته و وصيته إلي شيث و قصصه عليهم السّلام ص 258

أورد فيه عشرين رواية بعضها معتبر كالمذكورة برقم 1، 2، 3 و نذكر بعض ما يتعلق به:

1 - مدلول جميع الروايات ان وصي آدم ابنه هبة الله (شيث) و هو الذي صلي علي أبيه و جبرئيل اقتدي به كما في صحيح ابن سنان علي المشهور - عن الصادق عليه السّلام (11:260) و لم أجد بين الروايات التي تذكر نبوته رواية معتبرة.

و ما عمر ادم عليه السّلام فلم يثبت مقداره بدليل معتبر. وورد في موضوع عمره و عمر داود عليهما السّلام روايتان معتبرتان متعارضتان (209 208) و تعارض الروايات المعتبرة عند الشيعة و السنة ربما يوجب سلب الاعتماد عن الاخبار و ان كانت حجة تعبدية لا مناص عنها.

يقول المجلسي رحمة الله في حقهما: هذان الخبران مع اختلافهما مخالفان لما هو المشهور عند متكلمي الامامية من نفي السهو عنهم مطلقاً، بل اجمعوا عليه، و المخالف كالصدوق رحمة الله حيث جوز الاسهاء معروف. ص 259.

ص: 259

أقول: نفي مطلق السهو عنهم عليهم السّلام مجرد بناء من جمع لا يدعمه عقل و لا شرع.

و في رواية انه عليه السّلام دفن في جبل أبي قبيس و في رواية اخري ان نوحا حمله في السفينة و دفنه في النجف الأشرف (الغري).

تنبيه مهم و بحث عام:

لم يعلم آدم بدليل معتبر كما لم يعلم عمر شيث (هبة الله) و لم يعلم الفصل بينه و بين ادريس الذي عنونه في البحار بعد شيث بلافصل ولم يعلم مقدار عمر ادريس ايضاً. و لا عبرة باقوال المؤرخين المسلمين و غيرهم و لا اعتماد علي الروايات غير المعتبرة و لا عبرة بالتوراة و الانجيل فان كلها مرسلات و هكذا الحال في حق معظم من الانبياء المذكورين في الروايات و التواريخ. و نحن نقطع بعدم وصول التاريخ المتصل المتسلسل عن تلك الاعصار، و ليس الانبياء المذكورين في بحار الانوار و غيره من الكتب سلام الله علي نبينا و آله و عليهم متتابعين تتابعاً متصلاً بحسب الزمان اولاً فان الله لم يقصص كل الرسل علينا بل قص بعضهم كما صرح به في القرآن و لم يدلنا دليل علي مقدار اعمارهم ثانيا.

فلا نعلم تاريخ هبوط آدم عليه السّلام بوجه من خلال التواريخ الاسلامية و لا من القرآن و السنة لكن مع ذلك يشكل التوفيق بين المفهوم و ان كان غير قطعي من تاريخ الانبياء عليهم السّلام و ما يذكره علماء العصر من امتداد عمر

ص: 260

الانسان إلي مئات ألف سنين فلابد من الالتزام بتعدّد أو ادم، كما في بعض الروايات غير المعتبرة و انه قد مضي هذا آدم، الف الف آدم. و الكلام في المقام طويل.

الباب 9: قصص ادريس عليه السّلام (11:270)

و له قصة لطيفة لكنها لم تثبت بسند معتبر، و القرآن اثبت نبوته (انه كان صديقا نبيا) و اما رسالته فهي غير ثابتة بدليل معتبر. و في روايات ان بيته في موضع مسجد السهلة. و هو قبال جامع الكوفة اليوم و روايات الباب كلها غير معتبرة سندا.

ابواب قصص نوع علي نبينا و آله و عليه السلام

الباب 1: مدة عمر و ولادة و وفاته و علل تسميته و نقش خاتمه و جمل احواله عليه السّلام. (11:285)

و فيه روايات منها صحيحة هشام بن سالم عن الصادق عليه السّلام قال: عاش يبعث، و ألفي سنة و خمسمائة سنة، منها ثمانمأة سنة و خمسون سنة قبل أن يبعث، و ألف سنة الخمسين عاماً و هو في قومه يدعوهم، و مائتا عام في عمل السفينة، و خمسمائة عام بعدما نزل من السفينة و نضب الماء (أي غار في الأرض) فمصر الامصار، و اسكن ولده البلدان، ثم ان ملك الموت جاءه و هو في الشمس فقال السلام عليك، فردّ عليه نوح عليه السّلام و قال له: ما حاجتك يا ملك الموت ؟! فقال: جئت لا قبض روحك، فقال له: تدعني أدخل من

ص: 261

الشمس إلي الظل ؟ فقال له: نعم فتحول نوح عليه السّلام ثم قال: يا ملك الموت فكان ما مربي في الدنيا مثل تحوّلي من الشمس إلي الظل فامض لما امرت به. قال فقبض روحه. (286 11:285).

أقول: اولاً ان الله قادر علي كل شيء و ثانيا ان طبيعة افراد البشر حسب شروط البيئة و ظروف المعيشة مختلفة لكن مع ذلك انا اتوقف في مدة عمر نوح بمثل هذه الرواية المؤيدة ببعض روايات اخري في هذا الباب و الباب الاتي. بل تعدي بعضهم وجعل الآية الكريمة (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّٰ خَمْسِينَ عٰاماً) من المتشابهات و الله العالم. و ليس غير تلك الرواية رواية معتبرة في الباب.

الباب 2: مكارم الخلاقه و ما جري بينه و بين ابليس و احوال اولاده.. (11:190)

أورد فيه آية و تسعة اخبار المعتبر منها ما ذكر برقم اعلي وجه و 2 و 8.

الباب 3: بعثته عليه السّلام علي قومه و قصة الطوفان (11:294)

أورد فيه آيات و روايات اكثرها ضعيفة سنداً أو مصدرا و المعتبر منها ما ذكر بارقام 13، 25، 26، 30، و في الباب امور:

1 - ان جملة من الناس في زمانه يعبدون الاصنام و قالوا: لا تذرن آلهتك و لا تذرن ودا و لاسواعا و لا يغوث و يعوق و نسراً. و هذا من احد الموانع لدعوة نوح إلي عبادة الله و المانع الثاني اعتقاد الناس بان النبي و رسول الله لا يكون بشراً مثلهم (هود 27 وغير ذلك). و المانع الثالث فقر المتدينين الذين استجابوا دعوته و امنوا بربهم (قٰالُوا أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اِتَّبَعَكَ

ص: 262

اَلْأَرْذَلُونَ ) (الشعراء/ 11(1).

و هذه الموانع لا تخص دعوة نوح فقط بل دعوة جل الانبياء او كلهم و الاصنام محسوسة و الله معقول و انسان اليوم اكثر استيناسا بالمحسوس فضلاً عن الانسان الاوّلي. رابعاً: ليس للاصنام تكليف مخالفة لهوي الناس و لا رسول لها يخالف عاداتهم المأنوس بها و هناك مانع خامس لدعوة الانبياء و هو البعث و احياء الموتي بعد صيروة الأبدان رميماً.

و هذه الموانع الخمسة باقية إلي اليوم يوم تسلط الانسان علي البحار و الفضاء و الكراة يوم القنابل الذرية و الهيدروجنية و النايترونية، يوم التلفيزيون و انترنت. و لا يتوقع زوالها أو تخفيفها زوالها أو تخفيفها في المستقبل.

2 - لا يبعد القول بان قوم نوح اكثر غباوة وسفها من غيرهم لتعرّفهم في البداوة و الجهالة، اذ مع دعوة نوح في ألف سنة الخمسين عاماً لم يهتدوا حتي أوحي الله إلي نوح: (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاّٰ مَنْ قَدْ آمَنَ ) (مٰا آمَنَ مَعَهُ إِلاّٰ قَلِيلٌ ).

3 - سأل نوح نجاة ابنه الكافر من الغرق فاجابه الله تعالي بما تقشعر منه الجلود و هو عبرة لجميع العباد في جميع الامصار و الاعصار: (إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ ) (هود/ 46) و قال لبنيه في ضمن كلام: (وَ لَوْ شٰاءَ اَللّٰهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى اَلْهُدىٰ فَلاٰ تَكُونَنَّ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ ) (الانعام/ 3(5).

4 - في معتبرة علل الشرائع عن الهروي عن الرضا عليه السّلام: لما هبط نوح إلي الارض كان هو و ولده و من تبعه ثمانين نفسا، فبني حيث نزل قرية، فسمّاها قرية الثمانين، لانهم كانوا ثمانين (11:322).

ص: 263

الباب 4: قصة هود عليه السّلام وقومه عاد (11:343)

الموانع الخمسة لدعوة نوح عليه السّلام محققة في قوم عاد و هم أمة هود عليه السّلام كما يظهر من الآيات، و المعتبرة من الروايات ما ذكرت برقم 3 و 6.

الباب 5: قصة شداد و إرم ذات العماد. (11:366)

ذكر فيه بعض القصص المجهولة، و أي حسن لذكرها؟

الباب 6: قصة صالح و قومه ثمود - (11:370)

اورد فيه آيات و روايات بعضها كالمذكور برقم 3 معتبر.

يظهر من حال إرَم و من حال قوم ثمود تقدم الانسان في البناء و نحت البيوت في الجبال كما يستفاد من قوله تعالي: (اَلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهٰا فِي اَلْبِلاٰدِ). و قوله: (تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهٰا قُصُوراً وَ تَنْحِتُونَ اَلْجِبٰالَ بُيُوتاً). و كذا في الحرث و الزرع كما قال تعالي: (أَ تُتْرَكُونَ فِي مٰا هٰاهُنٰا آمِنِينَ فِي جَنّٰاتٍ وَ عُيُونٍ وَ زُرُوعٍ وَ نَخْلٍ طَلْعُهٰا هَضِيمٌ ...)

ج 12: ما يتعلق بابراهيم و بنيه

ولوط و ذي القرنين و يعقوب و يونس و يوسف و ايوب و شعيب عليه السّلام أبواب قصص إبراهيم عليه السّلام

الباب 1: علل تسميته و سنه و فضائله و مكارم أخلاقه و سننه... (12:1)

أورد فيه المؤلف العلامة فيه آيات و روايات اكثرها غير معتبرة سنداً، و إبراهيم الخليل ثاني انبياء اولي العزم بعد نوح عليهم السّلام (اولوا العزم ارباب

ص: 264

الشرائع العامة). ولا اذكر في القرآن آية تشير إلي كونه ذا شريعة. و اما إبراهيم فغاية ما اذكر قوله تعالي: (فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرٰاهِيمَ ) (آل عمران/ 9(5).

و كونه ذا صحف (النجم و الاعلي)، و لا يظهر منها ما يثبت به شريعت العامة.

في صحيح البختري عن الصادق عليه السّلام: كان الناس لايشبون فابصر إبراهيم عليه السّلام شيبا في لحيته. فقال: يا رب ما هذا؟ فقال: هذا وقار. فقال رب زدني وقارا. (12:8) يظهر منه تغيير طبيعة الانسان (الرجل) علي الارض تدريجا. و هي الوحيدة المعتبرة سنداً في الباب.

الباب 2: قصة ولادته عليه السّلام إلي كسر الاصنام و ما جري بينه و بين فرعونه و بيان حال ابيه (12:14)

فيه آيات و روايات (38 خبرا) و المعتبر منها ما ذكرت برقم 30 و 37 و نشير إلي بعض مطالب الباب:

1 - ان ابا إبراهيم عليه السّلام بدلالة جملة من الآيات المذكورة في الباب كان كافرا يعبد الاصنام و من الغريب ان القرآن المجيد ذكر إسمه و هو آزر.

وعن الطبرسي في مجمع البيان اصحابنا يقولون ان آزر كان جد إبراهيم لامه أو كان عمه من حيث صح عندهم ان اباء النبي صلوات الله عليه إلي آدم كلهم كانوا موحدين واجتمعت الطائفة علي ذلك. ثم قواه بما ذكره الزجاج من عدم الخلاف بين النسابيين ان اسم أبي إبراهيم تارخ و من الملحدة من جعل هذا طعنا في القرآن.

و يقول المؤلّف العلامة (12:49) بدلالة الاخبار المتوترة علي اسلام

ص: 265

آباء النبي صلّي الله عليه و آله و سم من طرق الشيعة(1) وزاد: فالاخبار الدالة علي انه كان اباه حقيقة محمولة علي التقية.

و استدلوا عليه ببعض الآيات و الوجوه الاخري فلاحظ حواشي إحقاق الحق الطبعة الجديدة.

2 - الظاهر من قوله تعالي: (وَ مٰا كٰانَ اِسْتِغْفٰارُ إِبْرٰاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاّٰ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهٰا إِيّٰاهُ فَلَمّٰا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّٰهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرٰاهِيمَ لَأَوّٰاهٌ حَلِيمٌ ) (التوبة/ 11(4).

انه تبرء عن ابيه في حياته. و لعل المراد بالموعدة هو قوله ابيه له: و اهجرني مليا (مريم/ 46) أي اتركني قليلاً حتي اتفكر في الدين و لذا قال إبراهيم له: قال سلام عليك سأستغفر لك ربي انه كان بي حفيا.

و عليكل قول إبراهيم و اغفر لابي انه كان من الضالين. ربما يدل او يشعر باستغفار إبراهيم لابيه بعد موته، فيتعارض مع الآية السابقة. لكنه يدفع بان سياق الآيات فى سورة الشعراء (69-86) يدل على ان دعاء إبراهيم فى حياة أبيه فلا تعارض بين الآيات فدقق النظر.

3 - قوله تعالى: فنظر نظرة فى النجوم فقال: انى سقيم: لا يدل على كذب إبراهيم لا سيما إذا اراد بعض مراتبه الخفيفة. لكن فى صحيح حجر عن الصادق عليه السّلام: قال ابو جعفر و الله ما كان سقيما و ما كذب (12:44) فلابد من حمل السقم على معنى مجازى كفقدان الكمالات الّتى تكتسبها إبراهيم

ص: 266


1- - لاحظ هذه الاخبار فى الجزء 15 من البحار فى تاريخ النبى الاكرم صلّى الله عليه و آله و سلّم.

بالطاعات و القربات فى مستقبل أيّامه مثلا.

نع اعتراضوا عليه عليه السّلام بقوله تعالى: بل فعله كبيرهم هذا. فنسب فعله إلى اكبر الاصنام. قلت: لا ضير فيه لان الكذب ليس بحرام مطلقاً بل يصير جائزا فى موارد كما ذكر فى الفقه، منها حفظ النفس و دفع الشر و لعله كذلك فى شريعة إبراهيم أو اوسع من شرعنا. و لا يبعد و الله العالم - انه عليه السّلام لم يكن بصدد الاخبار بل نسب الفعل إليه بداع الاستهزاء و الدليل عليه امران:

الاول قوله قبل هذا: و تالله لاكيدن أصنامكم بعد ان تولوا مدبرين... فقد اوعد المشركين بصراحة و انه يورد على اصنامهم ما لا يحبون، فكيف يستقيم له مع صريح قوله انكاره بعد ذلك.

الثانى جزم الكفار بذلك كما يدل عليه قولهم: حرقوه... و كأنهم علموا بارادة إبراهيم و انه يعجزهم (فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كٰانُوا يَنْطِقُونَ ) فان امره إياهم باسؤال ليس بداع البعث، بل بداع التعجيز أو الاستهزاء، و هذا من قوة قبله و عمق اعتقاده بالحق، فاين الكذب ؟ ً

4 - من المعجزات المهمة تكوين الله تعالى النار التى القوا فيها إبراهيم عليه السّلام بردا و سلاماً عليه، فانها عجيبة، لكن و اعجب منها انها لن تنفع التقوية الدين و تشويق الناس إلى عبودية رب العالمين شيئاً يذكر فى التاريخ، كما فى معجزة شق القمر. بل اخرجه نمرود بن كنعان و هو حاكم العصر فى ذلك البلد - من حدود مملكته، و كأنه لم يحدث شىء و الناس فرحون بنصرة آلهتهم!! و لا شك فى تقصير الناس فى دوامه على الغى غير أن هذه المعجزة لو اقترنت بامور، امكنت ان تكون مقوية للدين و هداية الناس و لم تصر حادثة

ص: 267

شخصية لنجاة إبراهيم عليه السّلام فقط كشق القمر حيث انتجت لافحام المشركين المعاندين فقط. و الله العالم بطبائع مخلوقه و احوالهم و من كل ذلك يفهم امران:

الف: المعجزات الكونية لاتؤثر فى تدين الناس، تأثيراً مهماً بشكل عام كما يحسبها الافكار الناقصة الضعيفة السائلة عن العلماء لِمَ لا يرجع بعض الاموات من قبورهم إلى الاحياء حتى يخبرهم بما وقع لهم فى البرزخ ؟ و قد شاهد الناس معجزات عيسى و موسى و إبراهيم و نوح و غيرهم ومعجزات نبينا الخاتم صلّى الله عليه و آله و سلّم و أكدر عليهم و لم يؤمنوا إلا قليل ؟

ب: ان اثبات النبوات و تحكيم الشرائع فى اوساط الناس انما تحققا حسب الموازين العادية و طاقة الانبياء البشرية و ان قارنت احيانا بمعجزات إليهة، حتى ان مثل دين الاسلام لم يصل خبره إلى جميع من فى الكرة فى ايام حياة النبى الخاتم صلّى الله عليه و آله و سلّم و لعله فى حياة اوصيائه و خلفائه، فضلا عن اثباته و اتمام الحجة عليهم، و انا احسب ان معاوية بن ابى سفيان الجبار الاموى اكثر تأثيرا من النبى الاكرم صلّى الله عليه و آله و سلّم أو مثله أو أدون منه بقليل، و هذا الحسبان حاصل لكل من تعميق فى الصحاح الستة و رواية الرواة للاحاديث المنسوبة إلى النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم و ان شئت تقريب هذا الحسبان، فقل: ان الرواة الكاذبين فى الاحاديث المروية الفقدوا و اخفوا كثيراً من الحقائق الدينية و عوّضوها باباطيلهم و ساعدتهم سذاجة المحدثين المخلصين و لم يشأ الله بمشيئة تكوينية قاهرة - ردعهم و سدهم عن إضلال الناس و تحريف الدين من فوق الاسباب الطبيعية و فى اعصارنا الحكام الطغاة كاستالين و خلفائه و مثل اتاترك

ص: 268

و اتباعه كالناصر و انور السادات و مبارك و بور قيبة و من يتلوهم فى مصر و بعث العراق و تونس و السورية و هكذا يضلون الناس و يخرجهم من النور إلى الظلمات و لا رادع لهم، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات. فلعلك باخع نفسك على آثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا. و ان كان كبر عليك اعراضهم فان استطعت ان تبتغى نفقاً فى الارض أو سلماً فى السماء فتأتيهم بآية و لو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين.

فافهم ذلك ان كنت من اهله.

5 - من المطالب المهمة فى تاريخ إبراهيم عليه السّلام قوله تعالى فى حقه: (وَ كَذٰلِكَ نُرِي إِبْرٰاهِيمَ مَلَكُوتَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ لِيَكُونَ مِنَ اَلْمُوقِنِينَ * فَلَمّٰا جَنَّ عَلَيْهِ اَللَّيْلُ رَأىٰ كَوْكَباً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي فَلَمّٰا أَفَلَ قٰالَ لاٰ أُحِبُّ اَلْآفِلِينَ * فَلَمّٰا رَأَى اَلْقَمَرَ بٰازِغاً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي فَلَمّٰا أَفَلَ قٰالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ اَلْقَوْمِ اَلضّٰالِّينَ * فَلَمّٰا رَأَى اَلشَّمْسَ بٰازِغَةً قٰالَ هٰذٰا رَبِّي هٰذٰا أَكْبَرُ فَلَمّٰا أَفَلَتْ قٰالَ يٰا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّٰا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ ). (الانعام/ 75-7(9).

و ظاهر هذه الآيات يدل على ان إبراهيم قبل بلوغه لم يكن مؤمنا بالله تعالى و لما خرج من الغار قبل بلوغه (كما يفهم من صحيحة ابى بصير 12:41) رأى كوكبا فحسبه ربه و آمن به ثم آمن بالقمر ثم آمن بالشمس ثم رجع عنها إلى الله تعالى. و هذا بعيد عن الانبياء فضلا عن مثل الخليل. و انه كان طيلة عشرة سنوات أو ثلاثة عشرة سنة لم يكن مؤمنا بالله و هذه الحالة و ان لم تتصف بالكفر، فانه بمعنى الانكار و لم يكن إبراهى منكرا لوجود الله ولكنها حالة عدم ايمان و هى أسوء من حالة ارتكاب المعصية التى انكرها الامامية

ص: 269

و قالوا على ما هو المشتهر - بعصمة الانبياء من اول العمر.

و لعل احسن الأجوبة فى المقام ان قول إبراهيم بربوبية الكوكب و القمر و الشمس لم يكن عن تصديق بل عن تصور مجرد(1) و انه كان مؤمنا بخالقه حسب عقله، و لما خرج من الغار و رأى شيئاً منوّراً فى السماء تصور انه ربه الذى يعتقده و هذا خطأ تصورى فى تشخيص المصداق ثم تكرر الاشتباه فى حق القمر و الشمس و دام هذا الخطأ إلى ست و ثلاثين ساعة أو اقل أو اكثر أو إلى اثنتى عشرة ساعة بناء على طلوع القمر بعد أفول الكوكب كما هو كذلك فى ليالى النصف الاخير من الشهر القمرى حتى اوصله عقله إلى خالقه خالق السموات و الارض. هذا هو الجواب الارجح و ان لم يدل عليه دليل قاطع والله العالم.

و على كل الآية تدل على انه لم يفهم حركة الارض و لم يفهم انه لم يافل الكوكب بل الآفل نفسه و سطح الارض عن ضوء الكوكب و القمر و الشمس فتأمل. ولو كان رأى السموات و الارض ببصره لم يقل ذلك، و لعل الاحسن فى تفسير الملكوت ما ذكره الطبرسى فى مجمعه فلاحظ. والملكوت كالجبروت مصدر كالملك و الجبران و الجبر يفيد التوكيد ظاهرا.

الباب 3: ارائته عليه السّلام ملكوت السموات و الارض و سؤاله احياء الموتى

ص: 270


1- - و يمكن أيضاً انه من باب التسليم و المماشاة مع الخصم لاجل اصلاحه و يدل عليه قوله: (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي...) حيث عبر بصيغة الماضى و انه قبل ذلك وجه إلى خالق السموات و الارض فتأمل.

و الكلمات التى سأل ربه... (12:56)

أورد المؤلّف العلامة فيه آيات و روايات اكثرها ضعيفة سنداً أو مصدراً و المعتبر منها مذكور بارقام 6، 13، 27 و نحن نذكر بعض المطالب المتعلقة بالباب مختصرة.

1 - قال الله تعالى: (وَ إِذِ اِبْتَلىٰ إِبْرٰاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمٰاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قٰالَ إِنِّي جٰاعِلُكَ لِلنّٰاسِ إِمٰاماً قٰالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قٰالَ لاٰ يَنٰالُ عَهْدِي اَلظّٰالِمِينَ ) (البقرة/ 12(4).

الخليل كان نبيا رسولاً؛ بل كان من أولى العزم الخمسة المفضلين على سائر الانبياء و اعطاء الامامة له ليس فى اوائل عمره حتى تنطبق الامامة على النبوة أو الرسالة، بل فى كبره كما يظهر من قوله (من ذريتى) بضميمة قوله: (اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ اَلَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى اَلْكِبَرِ إِسْمٰاعِيلَ وَ إِسْحٰاقَ ) فالامامة وصلت إليه بعد الرسالة. فان كانت الامامة أدون من الرسالة يلزم تنزيل مقام إبراهيم و الآية تدل على عكسه، و ان كانت اعلى منها فما هى(1)؟ و لعلها الامامة الثابتة لاوصياء النبى الخاتم صلّى الله عليه وآله و سلّم لكن فى الروايات الواردة فى حق الامام انه يسمع الصوت و لا يرى الشخص و الرسول يرى الشخص، فاعطاء الامامة بهذا المعنى لا يمكن للرسول. و هذا السؤال ذكرناه فى الجزء الثالث من صراط الحق الذى الّفناه فى أيام شبابنا فى النجف الاشرف ولم افز على جوابه لحد الان و ما اوتينا من العلم الا أقل من القليل.

ص: 271


1- - و ما ذكره فى مجمع البيان فى معنى الامامة فهو ثابت للرسالة أيضاً.

2 - عرفت فى الباب السابق حمل ارائة الملكوت على الاحاطة العلمية فى الجملة دون رؤية البصرية، على أن رؤية السموات بكاملها ان لم تكن ممتنعة فهى مستبعدة بحسب فهمنا جداً لبعدها عنا بملايين سنوات نورية وسعتها و كثرتها.

الباب 4: جمل احواله و وفاته عليه السّلام (12:76)

فيه روايات بعضها معتبر كالمذكورة برقم 8، لكن يظهر من كلمة (فبلغنا) ان ذلك و ما بعدها ليست من قول الامام فلاحظ و برقم 10

الباب 5: أحوال أولاده و ازواجه صلوات الله عليهم و بناء البيت (12:82)

المعتبر من روايات الباب ما ذكر بارقام 57، 52، 48، 33، 32، 29، 28، 25، 24، 23، 20، 19، 17، 12، 11، 9 والبقية غير معتبرة سنداً أو مصدراً.

الباب 6: قصة الذبح و تعيين الذبيح (12:121)

أورد فيه آيات و روايات، و المعتبر منها ذكر برقم 3، 4، 12، 17 و الامر بالذبح لهو البلا المبين لإبراهيم عليه السّلام و اما الذبيح فهو مردد بين اسحاق و اسماعيل، و المشهور ببننا هو الثانى.

الباب 7: قصص لوط عليه السّلام و قومه (12:140)

فيه آيات و روايات بعضها كرقم 1، 7، 12، 13، 15، 33 معتبرة. و نذكر بعض الامور المتعلقة بالباب.

1 - اللواط سماه القرآن فاحشة و خباثة، و قال تعالى: (وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ اَلْخَبٰائِثَ ) و قال: (وَ يَنْهىٰ عَنِ اَلْفَحْشٰاءِ وَ اَلْمُنْكَرِ). فيكون اللواط حراماً على

ص: 272

هذه الامة أيضاً، و الغرض ان حرمة اللواط ثابت بالقرآن و السنة، لا بالسنة فقط. وليس سبب الحرمة تكثير النسل حتى يقال ان كثرة النسل اليوم غير مطلوبة بل مضرة للمجتمع الانسانى بل هو حرام مطلقا.

2 - واعلم انى اتوقف من الافتاء اللائط و الملوط و ان كان اللائط محصناً فان ما دل عليه و ان كان معتبراً سنداً و عمل بها المشهور، لكنه مخالف للآية الكريمة: وَ اَلَّذٰانِ يَأْتِيٰانِهٰا مِنْكُمْ فَآذُوهُمٰا (النساء 1(6) فان الايذاء و القتل متبائنان عرفا و لا حجية للروايات إذا خالفت القرآن بالتباين فتأمل و تكميل الكلام فى الفقه. الا ان تقييد الآيته بغير المحصن

3 - و قال ابراهيم ان فيها لوطا قالوا نحن اعلم بمن فيها.. لم افهم النّكتة فى هذا الجواب غير المناسب لمقام خليل الله الكريم حيث ادعى الملائكة اعلميتهم منه عليه السّلام الا ان يقال ان هذا الجواب كان مأمورا به من جانب الله تعالى.

4 - ضَرَبَ اَللّٰهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَ اِمْرَأَتَ لُوطٍ..) (التحريم/ 1(0)

اقول تدل الآية و غيرها على جواز نكاح الكافرات للمؤمنين و كذا جاز للمسلمة تزويج الكافر كما قصة زوجة فرعون (آسية) فى بعض الشرائع السابقة و الاقوى جواز نكاح الكافرات الكتابية دواما و انقطاعا فى مذهبنا و حرمة المشركات و حرمة تزويج غير مسلمان على المسلمة.

5 - قوم لوط اول قوم انحرف طبعهم إلى خلاف طبيعة، و فى عصرنا اصبح العمل المذكور معترفاً به رسميا فى عدة من الدول الغربية و كان معمولاً

ص: 273

به بين فساق المسلمين.

6 - عن الصادق عليه السّلام فى قول لوط عليه السّلام: هؤلاء بناتى هنّ اطهر لكم. عرض عليهم التزويج (12:171)

الباب 8: قصص ذى القرنين (12:172)

أورد فيه آيات و روايات و قصصاً و نحن نذكر بعض ما يتعلق بالمقام.

1 - لم يذكر المؤلف رحمة الله ما يتعلق بيأجوج و مأجوج من قوله تعالى فى سورة الانبياء و انما اكتفى بما فى سورة الكهف، و لعله رحمة الله فى جملة من الابواب لم يستوعب الآيات المتعلقة بها و نحن اشرنا إلى تعينهما فى الباب الاول من ابواب المعاد.

2 - لو كنت فى خدمة المؤلف العلامة رحمة الله لشوّرت عليه بان يترك القصص المنقولة باسم التأريخ و بدعوى القراءة فى بعض كتب الله!! فانها كلا او غالبا من وضع القصاصين و كذب الفاسقين و نقلها فى مثل كتاب بحار الانوار يوهن مقامه و كيف يرضى و نرضى بذكرها فى جنب الآيات القرآنية و الروايات المنقولة عن النبى و الأئمة عليهم السّلام فهذا اشتباه من هذا المحدث الجليل كما ان اعتماده على الروايات الضعيفة كجملة من الاصوليين و الاخباريين اشتباه آخر منه رحمة الله و محدثوا اهل السنة اكثر اشتباها من محدثينا فى نقل الاخبار الخرافية و الروايات الموضوعة باسم الاحاديث النبوية فلاحظ الكتاب القيم: نظرة عابرة إلى الصحاح الستة. و ليس فى الباب رواية معتبرة سوى المذكورة برقم 17.

و على كل اكثر القصص الخرافية حول يأجوج و مأجوج والدجال

ص: 274

المظلوم(1)! والعنبر و أمثال ذلك، مخالفة للعقل و تشتمل على المتعارضات و المبالغات السفهية من قبل عبيد البطون و الشهرة و قد ساعدت سذاجة المحديثين فى ادخال تلك الخرافات و الاباطيل فى الثقافة الدينية و التواريخ الاسلامية فانا الله و إنا إليه راجعون.

3 - الظاهر من القرآن ان ذا القرنين ملك متمكن و مقتدر وآتاه الله من كل شىء سببا و وسيلة و انه بلغ مغرب الشمس و مطلعها، و انه عبد صالح و ان الله تعالى تكلمه و انه بنى سدا لدفع تجاوز يأجوج و مأجوج و لم يأخذ من الناس اجراً. و قيل انه اسكندر اليونانى بل هو المنقول عن اكثر اهل السير و المعروف من عمل السكندر فى التأريخ انه كان ظالماً سفاكاً و لاجله حاول محمد فيد و جدى فى كتابه القيم دائرة معارف القرن العشرين التصرف فى ظواهر الآيات و ان القرآن لا يدل على حسنه و صلاحه، لكن يرد عليه ان تطبيق ذى القرنين على الاسكندر المذكور غير مدلل فلا تنافى بين التأريخ و القرآن. و قيل انه شمر بن عمير الحميرى عن اليمن، و قيل غير ذلك.

4 - اختلفوا فى نبوة ذى القرنين و عدمها، فقيل انه نبى و عمدة دليله ان الله تكلم معه فى سورة الكهف: (قُلْنٰا يٰا ذَا اَلْقَرْنَيْنِ إِمّٰا أَنْ تُعَذِّبَ وَ إِمّٰا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً)

و سياق الكلام يدل على كرامته عند الله تعالى و فى رواية غير معتبرة انه نبى (12:181) و فى روايتين غير معتبرتين انه غير نبى و لا ملك (12:178

ص: 275


1- - ظلم عليه الرواية الكذابة و المحدثون الغفلة! فلاحظ صحيح مسلم تجد صدق ما قلنا.

180) و العمدة صحيحة أبى بصير عن الباقر عليه السّلام: ان ذا القرنين لم يكن نبياً، لكنه كان عبدا صالحا احب الله فاحبه الله و ناصح الله فناصحه الله، امر قومه بتقوى الله فضربوه على قرنه فغاب عنهم زمانا. ثم رجع إليهم فضربوه على قرنه الآخر و فيكم من هو على سنة. (12:194).

5 - فى قصة ذى القرنين بعض اسئلة محتاجة إلى الجواب المقع والله العالم.

الباب 9: قصص يعقوب و يوسف على نبينا وآله و عليهما الصلواة و السلام (12:216)

أورد فيه آيات و روايات و لعلها اكثر من (150) رواية و المعتبر منها ما ذكر برقم 26، 33، 48، 54 و من تصدى لجميع المشتركات بين روايات كثيرة يطمئن منها بصدورها من الامام عليه السّلام فقد استفاد من الروايات الضعاف كثيراً، و كل ميسر لما خلق لاجله.

ثم ان المجلسى تعرض لدفع اسئلة متوجهة إلى الباب من 12:321 إلى 339 و نحن نذكر سؤالين منها:

1 - لِمَ أسرف يعقوب عليه السّلام فى الحزن و التهالك و ترك التماسك حتى ابيضت عيناه من البكاء و هذا لا يليق بشأن الانبياء و مقامهم مقام التصبر و تحمل الاثقال، و لاجله عظمت منازلهم وارتفعت درجاتهم. و بعض العرفاء مات عدة من ابنائه فى يوم واحد فقال الحمدالله انى مسلم مسلم. و ما اجاب عنهالسيد المرتضى فى كتابه الانبياء (46) ليس بشىء يقبل و الظاهر انه ايضاً يقنع به، فانه قال فى آخر كلامه: و قد يعدل كثير من الانبياء عليهم السّلام عن

ص: 276

كثير من المندوبات! (12:325).

واجات عنه المؤلف العلامة بان محبة المقربين لاولادهم و اقربائهم ليست من جهة الدواعى النفسانية و الشهوات البشرية، بل تجردوا عن جميع ذلك و اخلصوا حبهم و ودهم و ارادتهم لله، فهم ما يحبون سوى الله تعالى و حبهم لغيره تعالى انما يرجع إلى حبهم له.. (ص 325).

أقول: انه مجرد خطابة لا يدعمها دليل و لم ينقل ان يعقول عليه السّلام بكى للجائعين و المظلومين يوماً واحدا ولكنه بكى لابنه طول دهره و ما ادعاه من تجرد الانبياء من الدواعى البشرية و الميول الانسانية مجرد مبالغة جزما. فان خاتمهم صلّى الله عليه و آله و سلّم بك على موت إبراهيم كما نقل و لم ينقل بكائه على موت ابن احد من اصحابه الاخيار.

و على كل اصل البكاء و الحزن لا اشكال و لا نقص لاتصاف الانبياء عليهم السّلام به كما لا إشكال فى اكلهم و نومهم و قضاء حاجتهم. ولولا حزنهم على المصائب لم يكن لهم اجر عليها.

و انما الكلام فى كثرة الحزن و دوامه كما فى حزن يعقوب عليه السّلام و لابد له من جواب مقنع.

2 - لم سجد يعقوب و اولاده ليوسف ؟

أقول: للسؤال جهتان ؟

الاولى: لا يجوز السجود لغير الله تعالى مطلقاً، فكيف سجدوا؟ الثانية: اللائق بالسجود التعظيمى هو الابن الشاب يوسف لابيه الشيخ الوالد يعقوب عليهما السّلام دون العكس.

ص: 277

اما الجهة الاولى فهو ممنوع فان حرمة مطلق السجود لغير الله انما ثبت فى الشريعة الاسلامية.

و اما فى شريعة إبراهيم عليه السّلام فلا دليل عليه فلعل السجود لغير الله تعالى لا على جهة التأله، كان غير ممنوع، نعم لا شك فى ان سجود غير تعالى على نحوالتأله موجب للشرك و لا تجوّز شريعة، و سجود يعقوب اقوى دليل على جوازه فى شريعة.

و أما الجهة الثانية فالظاهر عدم المجال للرد و النقد لبعد الواقعة عنّا، بما لها من المناسبات و الملابسات و الدواعى عن زماننا انه لِمَ لم يسجد الولد لوالده فان التواضع من الابن احسن و اولى للاب من العكس ؟

الباب 10: قصص ايوب عليه السّلام (12:332)

اقول ليس فيه امر يذكر هنا و العمدة فى الباب ابتلاء ايوب بالامراض و ذهاب المال و الاهل ثم كشف الله عنه ما به من ضر واتاه اهله و مثلهم معهم، و هذا امر لم يتفق لغير ايوب عليه السّلام لنبى آخر ظاهرا والله العالم و اما روايات الباب فالمعتبر منها المذكورة برقم 4 و 16.

الباب 11: قصص شعيب (12:373)

أورد فيه آيات و روايات و العمدة أن اهل مدين أو قبيلة مدين الذين بعث اليهم شعيب عليه السّلام لم يكونوا امناء فى الكيل والميزان بل يبخسون الناس اشياءهم يظهر ذلك من الآيات الكريمة فكانوا اهل خيانة.

ص: 278

ج 13: ما يتعلق بموسى و هارون و خضر و يوشع و حزقيل

واسماعيل و إلياس و ذى الكفل و لقمان و الشموئيل عليهم السلام

أبواب قصص موسى و هارون عليهم السّلام

الباب 1: نقش خاتمها(1) و علل تسميتهما و فضائل و سننهما (13:1)

أورد المؤلّف العلامة فيه آيات و روايات و نحن نشير إلى بعض الامور

1 - لم يصح شىء من روايات الباب سنداً و مصدراً.

2 - وصف القرآن موسى بكونه مخلصا (بفتح اللام) و قد تكلمنا حوله فى كتابنا (روح..)

3 - قال تعالى: (كِتٰابُ مُوسىٰ إِمٰاماً وَ رَحْمَةً ). المتبادر إلى الذهن رجوع الامام و الرحمة إلى الكتاب دون موسى عليه السّلام.

4 - فى صحيح ابى بصير فى التفسير المنسوب إلى القمى عن الصادق أنّ بنى اسرائيل كانوا يقولون: ليس لموسى ما للرجال. و كان موسى إذا اراد الاغتسال ذهب إلى موضع لا يراه فيه احد من الناس و كان يوما يغتسل على شط نهر و قد وقع ثيابه على صخرة فامر الله الصخرة فتباعدت عنه حتى نظر بنواسرائيل إليه فعلموا انه ليس كما قالوا. فانزل الله: يا ايها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرّاه مما قالوا.. (8 13).

ص: 279


1- - لا يفهم وجه الاهتمام بنقش الخاتم حتى يذكر فى العناوين.

أقول: رواه ابوهريرة عن النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم و نحن نرد الخبر إلى قائله اذ لا يقبله الارتكاز فانه اهانة بالنبى العظيم و إعتماد المؤلف العلّامة على الخبر بدعوى انه حسن كالصحيح، ضعيف فان مصدر الخبر غير واصل اليه بطريق معتبر و هو تفسير القمى على ان مدونه ايضاً مجهول كما مر.

أورد فيه آيات و روايات و كلاما طويلاً عن عرائس المجالس للثعلبى و قد نقل عنه اشياء اخرى فى تواريخ الانبياء عليهم السّلام و غيرهم. و لن تصح من روايات الباب الا ما نقله برقم 5 و 9 و الاخير روى صدره الصدوق فى اكمال الدين بسند صحيح عن ابان بن عثمان عن أبى الحصين عن ابى بصير عن ابى جعفر عليه السّلام (13:38) و ابو الحصين ان كان زحر بن عبدالله فهو ثقة بتوفيق النجاشى.

و هنا اشكال آخر فى الرويات الطويلة، كيف ضبطها الرواة ؟ و ان صحت اسانيدها، ففى بعض المقامات يقطع بان معظم كلماتها من غير الامام كما فى نقل دعاء عرفة من الامام الحسين عليه السّلام إذ لم يكن الراوى بصدد ضبط الحديث فى ذلك اليوم حتى يهيأ القرطاس والدواة، و ثانيا لا يمكن للكتاب العاديين ان يسرعوا فى كتابة الالفاظ حسب تلفظ اللافظ و هذا مجرّب محسوس. و اما حفظ تلك الدعاء الطويل بتمامه فهو ايضاً غريب.

نعم إذا ثبت كتابه الراوى و املاء اللافظ عليه فهذا مقبول، و اما ثبوت كلام اللافظ باحتمال الاملاء و الكتابة فى تلك الازمنة ففيه تردد. و كذا ثبوته

ص: 280

باحتمال قوة حفظ الراوى وقد يكون بعض الخبر الطويل من الامام و سائر ابعاضه من الراوى و تفسيره وهذا الاحتمال كان يخطر ببالى من قديم الزمان فى روايات التفسير المنسوب إلى القمى و الله العالم بامر الحديث.

و اما ثبوت حالات الانبياء و معاصريهم من الكتب التاريخية للمسلمين فاحتمال اتصال سلسلة الرواة إلى زمان الانبياء عليهم السّلام مقطوع العدم و نهاية الامر احتمال انتهاء السلسلة إلى اصحاب النبى من رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فمثل تلك التواريخ مجرد احتمالات لاقيمة علمية لها.

الباب 3: معنى قوله تعالى فاخلع نعليك... (12:64)

روايات الباب الخمس كلها ضعيفة سوى الرواية الاولى عن الصادق عليه السّلام: قال الله عزّ وجلّ لموسى عليه السّلام فاخلع نعليك. لانها كانت من جلد حمار ميت.

الباب 4: بعثة موسى و هارون صلوات الله عليهما - على فرعون و احوال فرعون و اصحابه و غرقهم و ما نزل عليهم من العذاب قبل ذلك و ايمان السحرة و احوالهم (13:67)

و اورد فيه آيات كثيرة وواحد و ستين خبرا اكثرها غير معتبر، و بعضها كما فى رقم 25 و 27 معتبر.

الباب 5: احوال مؤمن آل فرعون و امرأة فرعون (13:157)

جعلنا الله من الذين يحفظون ايمانهم فى مقابل فراعنة اعصارهم، و سلام على آسية زوجة فرعون و سلام على مؤمن آل فرعون و سلام على الماشطة و سلام على كل مقاوم و مجاهد فى سبيل الله فى مقابل الاعداء

ص: 281

و النفس الأمارة التى هى اعدى الاعداء. و لا تجد فى الباب رواية معتبرة سندا.

الباب 6: خروجه عليه السّلام من الماء مع بنى اسرائيل و احوال التيه (13:165)

أورد فيه كما فى سابق آيات وروايات. فاللازم فى البابينالاقتصار على الآيات المذكورة فيها فقط لضعف جميع رواياتها سندا اومصدراً كالاختصاص المجهول مدونه و مثل قصص الانبياء اذ مع عدم ثبوته بالسند المعتبر انه لم يطبع إلّا فى هذه السنوات الاخيرة، و فى رواياته إشكال اخر و هو عدم وجود تلك الروايات فى كتب الصدوق، و هذا سؤال معضل، و احتمال نقلها من فم الصدوق أو من اوراقه الخارجة عن كتبه بعيد جداً. و اما سند الراوندى إلى الصدوق فليس سنداً واحداً بل يبلغ إلى عشرين سندا تقريباً و فصلناه فى كتابنا بحوث فى علم الرجال، و بعضها معتبر و بعضها مجهول.

الباب 7: نزول التوراة و سؤال الرؤية و عبادة العجل و ما يتعلق بها (13:195)

أورد فيه آيات كثيرة و روايات اكثر من خمسين لم يصح منها الا ما ذكر برقم 20 و برقم 50 فلابد من امعان النظر فى تلك الروايات و الأخذ بمشتركاتها التى اطمئن القلب بصدورها عن الائمة لكثرة رواياتها. و فى الباب بعض الامور:

1 - قال (أى موسى عليه السّلام) يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا الا تتبعين أفعصيت أمرى قال يبنؤم لا تأخذ بلحيتى و لا برأسى انى خشيت ان تقول فرقت بين بين اسرائيل..

أقول: كل ذلك لايمان موسى بربه و عدم رضاه بعصيان قومه و لعدم

ص: 282

علمه بالموضوعات الخارجية و لشدة طبعه، وكلهذه لا تنافى مقامه و عصمته، و لا تجعل الانبياء فوق البشر.

و فى صحيح الحارث المروى فى رجال الكشى عن الصادق عليه السّلام... ان موسى بن عمران اختار من قومه سبعين رجلا، فلما اخذتهم الرجفة كان موسى اول من قام منها فقال: يا رب اصحابى، فقال يا موسى انى أبدّلك عنهم خيراً. قال رب انى وجدت ريحهم وعرفت اسماءهم، قال ذلك ثلاثاً. فبعثهم الله انبياء. (13:243).

أقول: و ما دل على ان السبعين طلبوا رؤية الله ضعيف سنداً. و فى قصة بنى اسرائيل قصص عجيبة غريبة و القرآن اعتنى بشأنهم اكثر من غيرهم و قيل ان اسم موسى عليه السّلام ذكر فى القرآن مائة ونيفاً و ثلاثين مرّة، و على كل انهم كانوا قوم سوء لايماثلهم الاشرار فهم من اعظم الاشرار و تفضيلهم على العالمين بالالطاف الإلهية لاينفع فى اصلاحهم و تقريبهم إلى الحق.

الباب 8: قصة قارون (13:249)

أورد فيه سبعة آيات وعدة روايات ضعيفة سندا.

الباب 9: قصة ذبح البقرة (13:259)

فيه آيات و روايات و الاعتماد على الآيات فقط و اما الروايات فالمعتبر منها ما ذكر رقم 2.

الباب 10: قصة موسى عليه السّلام حين لقى الخضر و سائر القصص الخضر عليه السّلام و احواله. (13:278)

أورد فيه اكثر من 20 آية و من 50 رواية. و المعتبر منها 11، 30، 51.

ص: 283

ثم أنّ العالم اسند عيب السفينة إلى نفسه (فأردت أن اعيبها) و نسب بلوغ الغلامين اشدهما إلى رب موسى عليه السّلام (فاراد ربك ان يبلغا اشدهما)، واما المتوسط اى الغلام المقتول فقال: فخشينا ان يرهقهما طغيانا و كفراً فاردنا ان يبدلهما ربهما خيراً منه زكوة..

و هذا هو محل السؤال من جهتين من جهة نسبة الخشية إلى نفسه و إلى الله تعالى والله لا يخشى شيئاً(1) و من تشريك نفسه مع الله فى تدبير الكون و كونه مأمورا لمثل هذه القضايا لا ينفى حسن التأديب فى استناد الفعل إليه تعالى فقط فان ارادته هى المعيار.

و العمدة فى الاشكال استناد بدل الرب إلى ارادة نفسه و ارادة الله و هذا غير معقول فان فعل الله لا يقع مراداً لارادة ممكن الوجود وما أوتينا من العلم إلا قليلا لا نقدر معه على دفع هذا السؤال.

الباب 11: ما ناجى به موسى عليه السّلام ربه و ما اوصى إليه من الحكم و المواعظ و ما جرى بينه و بين ابليس لعنه الله و فيه بعض النوادر (13:323).

أورد فيه المؤلف المتتبع العلامة رحمة الله شكر الله سعيه آيات و روايات تبلغ ثمانين رواية.

أقول: اكثر الروايات غير معتبرة سندا أو مصدراً و جملة منها معتبرة كالمذكورة بارقام 20، 21، 27، 28، 29، 30 على وجه هذه الاربعة 37،

ص: 284


1- - ولذا أوّل بعض المفسرين الخشية بالتحذر بدليل نفيها حتى عن الانبياء (وَ لاٰ يَخْشَوْنَ أَحَداً..) لكن هذه الآية لا ينفى مثل هذه الخشية فى الآية المتعلقة بالمقام.

66، 73 ولكن كثير من الروايات الغير المعتبرة ذات متون نافعة و مفيدة للاتعاظ أولا و الوعظ ثانيا، فالمبلغون من أهل العلم يستفيدون منها لانفسهم و لاصلاح الناس، لكن، ليس لهم ان يقولوا على المنابر و فى المجالس ان الامام الصادق عليه السّلام قال كذا و كذا أو قال الله تعالى لموسى عليه السّلام كذا و كذا او قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم كذاو كذا او قال موسى كذا و كذا أو فعل موسى كذا و كذا، او قال جبرئيل او ملك كذا و كذا، فان استناد قول أو عمل إلى احد، لايصح الا بالعلم أو الاطميئنان أو حجة شرعية. و فى غير هذه الفروض الثلاث لابد ان يقول: فى رواية، او: نقل عن الامام انه قال كذا و كذا او ذكر المجلسى رحمة الله فى بحاره رواية تقول كذا وكذا و امثال هذه التعابير.

الباب 12: وفاة موسى و هارون عليهما السّلام و موضع قبرهما و بعض احوال يوشع بن نون عليه السّلام (13:363).

فيه روايات المعتبر منها ما ذكر برقم 9 و 11.

الباب 13: تمام قصة بلعم و باعور... (13:388).

الباب 14: قصة حزقيل عليه السّلام

ليس فيه خبر يعتمد عليه بخصوصه.

الباب 15: قصص اسماعيل الذى سماه الله صادق الوعد... (13:388)

فيه روايات و المعتبر منها ما ذكر برقم 6.

الباب 16: قصة إلياس و اليسع عليهم السّلام (13:392)

الباب 17: قصة ذى الكفل عليه السّلام (13:404)

الباب 18: قصص لقمان و حكمه

ص: 285

لا رواية معتبرة فى هذه الابواب الثلاثة.

فى الباب نصائح نافعة للانسان و لا بأس الانتفاع بها للنفس و لارشاد المؤمنين من دون استناد إلى قوم لقمان رحمة الله، بل بالاستناد إلى روايات نقلها عنه.

نعم ما نقله فى القرآن عنه يصح نقلها عن لقمان.

الباب 19: قصة شمويل عليه السّلام و طالوت و جالوت و تابوت السكينة (13:435)

اقول الشموئيل هو إسماعيل بالعربيه و قيل: الموجود فى العهد بن صموئيل و هو شموئيل ثم إنّ المؤلف العلامة أورد آيات و روايات فى الباب المعتبرة سندا منها ما ذكر برقم 1، 6، 7، 9، 18، 19، 20.

و اما السكينة فالظاهر ان الصحيح فى تفسيرها ما فى صحيح محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السّلام قال: السمكينة الايمان (13:443) و غيره من التفاسير المذكورة فى الروايات المعتبرة لابد من تأويلها بوجه حسن. و روايات السكينة، مذكورة فى الباب. والله أعلم وهو الموفق للسداد و الصواب. اللهم منك و إليك و بك و لك.

ج 14: ما يتعلق بداؤد و سليمان... ألى عيسى و شمعون

ويونس و اصحاب الكهف و جرجيس و خالد بن سنان

الباب 1: عمره و وفاته و ما أعطاه الله... (14:1)

أورد فيه المؤلّف العلّامة رحمة الله آيات و روايات المعتبرة منها ما ذكرت

ص: 286

برقم 13 و رقم 20 على فرض و 26.

الباب 2: قصة داؤد عليه السلام واوريا و ما صدر عنه من ترك الأولى و ما جرى بينه و بين حزقيل عليه السّلام.

فيه آيات و روايات و المذكورة برقم 3 معتبرة، و البقية ضعيفة سنداً و مصدراً.

الباب 3: ما أوحى إليه عليه السّلام و صدر عنه من الحكم (14:33)

أورد فيه المؤلّف رحمة الله آية و روايات ذات متون نافعة جداً و اذا اراد المبلّغون نقلها للناس من دون استناد الى الله والى داؤد النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم لكانت مفيدة وفقنا الله للعلم و العمل الصالح و ابعدنا عن الكبر و الغفلة و العناد و الجهل.

و بعض الروايات معتبرة الاسانيد كالمذكورة برقم 5 على اشكال فى النهدى.

الباب 4: قصة اصحاب السبت (14:49)

فيه آيات و روايات غير معتبرة سنداً.

ابواب قصص سليمان بن داود عليه السّلام

الباب 5: فضله و مكارم اخلاقه و جُمل احواله (14:65)

نقل فيه آيات و روايات و لعله لا رواية صحيحة سنداً فيها!

الباب 6: معنى قول سليمان عليه السّلام: (هَبْ لِي مُلْكاً لاٰ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي)، (14:8(5)

أورد فيه روايتين ضعيفتين سنداً مجملتين دلالة، كما ان الاجوبة المنقولة من الباحثين ايضاً ضعيفة. كما ان ما اجاب به بعض المفسرين

ص: 287

الاخرين ايضاً غير مقنع. نعم المناسب بمقام سليمان الروحانى ان يحمل الاحد فى كلامه على غير الصالحين المرضيين لله، لكن السؤال بعد باقٍ إلّا بارتكاب تأويل آخر.

الباب 7: قصة مروره عليه السّلام بوادى النمل (14:90)

المستفاد من آيتى سورة النمل (19 17) أن النملة التى حذرت النمل من سليمان و جنود كانت ذات علم بسليمان و جنوده أولاًف و انهم يحطمون النمل و هم لا يشعرون ثانياً، و ان النمل يتفاهمون بينهم ثالثاً.

و اما ما أورد المؤلّف المعلّامة من روايات فهى ضعيفة و اما قصصه المنقولة فهى غير لائقة بمثل كتابه بحار الانوار.

الباب 8: تفسير قوله تعالى: (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَ اَلْأَعْنٰاقِ ) و قوله عزوجل: (وَ أَلْقَيْنٰا عَلىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنٰابَ ) (14:9(5)

أقول: لا الآيات المذكورة فى سورة صل الله عليه و آله و سلّم فى حد نفسها ظاهرة فى معنى و لا هناك حديث معتبر يفسرها. والله العالم.

الباب 9: قصته مع بلقيس (14:109)

أورد فيه آيات من سورة النمل (44 20) و روايات معتبرتها ما نقل عن كامل الزيارات عن ابيه عن سعد عن ابن عيسى عن الاهوازى عن النضر عن يحيى الحلبى عن ابن خارجة عن ابى بصير عن ابى عبدالله عليه السّلام قال: ان صاحب سليمان تكلم باسم الله الاعظم فخسف ما بين سرير سليمان و بين العرش من سهولة الارض و حزونتها حتى التقت القطعتان فاجتر العرش. قال سليمان: يخيل إلى أنه خرج من تحت سريرى. قال: ودحيت فى اسرع من

ص: 288

طرفة العين. (14:115).

ثم ان فى الآيات دلالة على نطق الهدهد و دركه و احاطته و استحقاقه للعذاب، و على عدم علم الانبياء بالامور الخارجية كلها (أَحَطْتُ بِمٰا لَمْ تُحِطْ بِهِ ). إلّا أن يقال انه مجرد إدعاء من الطائر المذكور نشأ من جهله، و لعل سليمان عليه السّلام كان محيطا ببلقيس و بملكها. فانه يقال: قوله عليه السّلام سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين. يدل على صدق الهدهد.

ثم انه لايعلم مسير بلقيس بعد اسلامها، هل تزويجت هى بسليمان أو بغيره ام لا؟ و هل رجعت الى منصبها و مقامها فى اليمن أو لا؟

الباب 10: ما أوحى إليه و صدر عنه من الحكم (14:130)

أورد فيه المؤلّف العلّامة آيتين و روايات و المعتبر منها ما ذكر برقم 3 و 4. ففى الاولى منهما و هو صحيح زرارة عن الباقر عليه السّلام فى قول الله تبارك و تعالى: (وَ دٰاوُدَ وَ سُلَيْمٰانَ إِذْ يَحْكُمٰانِ فِي اَلْحَرْثِ ) قال: لم يحكما انما كانا يتناظران (فَفَهَّمْنٰاهٰا سُلَيْمٰانَ ).

و توضيحه: ان قول الله تعالى: (يَحْكُمٰانِ ) عنى: ارادا ان يحكما. و هذا استعمال شائع و لا بعد فيه.

و اما الوجه فى هذا فهو الانبياء لا يحكمون بخلاف حكم الله الواقعى باجتهاد مثلاً و انكلا القولين حكم الله الواقعى، لكن قول سليمان حكم ناسخ و قول داود حكم نسخ بالفعل و فهّمه الله سليمان.

و تدل عليه حسنة احمد بن عمر الحلبى قال: سألت أبا الحسن عليه السّلام عن قول الله تعالى: (وَ دٰاوُدَ وَ سُلَيْمٰانَ ...) قال: كان حكم داود عليه السّلام رقاب الغنم،

ص: 289

و الذى فهم الله تعالى سليمان ان يحكم لصاحب الحرث باللبن و الصوف ذلك العام كله.

و الحديثان كلاهما العلّامة المؤلّف عن الفقيه.

الباب 11: وفاته عليه السّلام و ما كان بعده (14:135)

أورد فيه آيتين و روايات بعضها كالمذكور برقم 2 و 7 معتبر.

الباب 12: قصة قوم سبأ و أهل الثرثار (14:143)

أورد المؤلّف العلّامة فيه خمس آيات و ثلاث روايات غير معتبرة.

الباب 13: قصة اصحاب الرس و حنظلة (14:148)

فيه ثلاث آيات و جملة من الروايات ثانيتها معتبرة سنداً، و هى رواية طويلة. و فى الروايات الطويلة يتوجه النظر الى كيفية ضبطها من قبل الرواة فإن وجدت قرينة على الكتابة و الاملاء حين الالقاء و التلقى فهو، و إلّا فيدور الامر بين الكتابة و نقل الحديث بالمعنى، و وثاقة الراوى لا ترجح الاحتمال الاول لجواز الثانى، و لا شك ان نقل كلام الامام أو غير الامام بالمعنى يوجب تغيير الالفاظ و تفاوت المعنى من حيث لا يشعر الراوى. و هذا فليكن واضحاً، فلابد من الاحتياط مع الروايات الطويلة و ان صحت اسانيدها.

الباب 14: قصة شعيا و حيقوق عليهما السّلام (14:161)

أورد فيه روايات ثلاثة غير معتبرة. و عليه فلم تثبت نبوّة شعيا و حيقوق بنص معتبر سنداً، و لا ضير فيه فانه لا يجب تحصيل العلم بنبوة الانبياء المتقدمين باعيانهم على المسلمين، و انما الواجب الايمان بنبوة الانبياء و الرسل فى الجملة و من حصل العلم بنبوته من القرآن المجيد و الاحاديث.

ص: 290

و فى وجوب الاعتقاد بنبوة من ثبتت نبوته بالخبر الواحد المعتبر سنداً بحث لان النبوة من اصول الدين و مثلها لا يثبت بخبر الواحد و يدفعه أن نبوة أحد من الأنبياء السالفين بعينه ليست من اصول ديننا و انما هى من الفروعات الجزئية الاعتقادية فهى تثبت بخبر الواحد، لكن فى وجوب البناء القلبى عليها مع ذلك بحث و الله العالم.

الباب 15: قصص زكريا و يحيى عليهما السّلام (14:163)

أورد فيه آيات و روايات اكثر من اربعين روايات و المعتبرة منها المذكورة برقم 2.

نكتة: من الظاهر الفضيلة عيسى بن يحيى سلام الله على نبينا و آله و عليهما - فانه من اولى العزم من الرسل كما مر، لكن السؤال فى تفاضل سلاميهما بعضهما على الاخر، فان يحيى عليه السّلام سلم عليه الله تعالى بقوله: (وَ سَلاٰمٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ (1) وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) و عيسى عليه السّلام سلم على نفسه بقوله: (وَ اَلسَّلاٰمُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) و يمكن ان نقول بالفضيلة تسليم الله على شخص، ويمكن العكس. بناء على حكاية تسليم عيسى عن علو منصبه و اختياره، و ليس سلام عيسى على نفسه مجرد دعاء اذ لا معنى له بالنظر الى يوم الولادة، بل هو اخبار صرف، كما أنّ

ص: 291


1- - هل يمكمن ان نجعل لفظ الموت دليلاً على كذب الروايات غير المعتبرة سنداً الدالة على قتل يحيى عليه السّلام و لاسيما مع ملاحظة قوله تعالى فى حق نبينا صلّى الله عليه و آله و سلّم: (أَ فَإِنْ مٰاتَ أَوْ قُتِلَ ). فيه وجهان.

سلام يحيى ايضاً كذلك فيحمل السلام فى الموردين الاخيرين فيهما ايضاً على الاخبار؛ اخبار الله و اخبار عيسى. اللهم انا نسألك ان تجعل السلام علينا يوم نموت و يوم نبعث احياء، و على كل لا مرجح قوى لاحد الاحتمالين على الآخر.

ابواب قصص عيسى و امه و ابويها

الباب 16: قصص مريم و بعض احوالها صلوات الله عليها - واحوال ابيها عمران (14:191)

أورد المؤلّف العلّامة فيه آيات و روايات. و المعتبرة منها ما ذكرت برقم 7 و 15، و فيه مطالب:

الاول: تحيرت مريم سلام الله عليها - من بشارة الملائكة بابنها عيسى عليه السّلام و قالت (رَبِّ أَنّٰى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَ لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) فاجابها الله سبحانه: (كَذٰلِكِ اَللّٰهُ يَخْلُقُ مٰا يَشٰاءُ إِذٰا قَضىٰ أَمْراً فَإِنَّمٰا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ).

فمن الجهة العلمية يمكن ذلك بخلق حيوان منوى و ايصاله الى بويضة شهرية لها ثم تعليق الروح بها.

ويمكن ذلك باخذ شىء من جلد مريم و ادخلها فى بويضتها الشهرية و يسمى هذا العمل فى عصرنا بالاستنساخ كما فصّلنا بحثه فى كتابنا الفقه و مسائل طبية لاسيما فى الجزء الثانى منه. و ما بالنظر الى قدرة الله سبحانه و علمه فهو ممكن و هين بالف وسيلة و وسيلة.

الثانى: اخبر الله تعالى مريم ان إبنها عيسى رسول الى بنى اسرائيل

ص: 292

(آل عمران/ 50) يظهر منه ان شرائع اولى العزم و ان كانت جامعة يحسب ازمنتها، لكنها غير عامة لجميع البشر فى تلك الاعصار، فشريعة عيسى خاصة ببنى اسرائيل و اما غيرهم فلا ادرى هل لهم شريعة و نبى فى ذلك العصر ام لا؟ و هو بحث مهم.

و الظاهر ان موسى عليه السّلام ايضاً بعث الى فرعون و بنى اسرائيل فقط أو مع زيادة قوم فرعون، لا الى جميع الناس. بل لا دليل على عموم نبوة احد من الأنبياء سوى خاتمهم صلّى الله عليه و عليهم - حتى نوح خلافاً لبعض المفسرين، و الاعتبار العقلى يساعد ذلك لفقدان الارتباط فى تلك الاعصار بين الامكنة المتباعدة.

و فى عصرنا - عصر الانترنت و الطائرات التى سرعتها تفوق سرعة الصوت - لم تنم الحجة على كثير من الكفار فى اصقاع العلم مع عولمة الدين الاسلامى و ارساله رسوله صلّى الله عليه و آله و سلّم الى الناس كافة، و انه نذير للبشير. فكيف باعصار مظلمة استولت الجهالة والغباوة على أهلها، فاقدين لوسائل الارتباط و عدم دين شامل. فكثير من أفراد الانسان او معظمهم اما كانوا غير مكلفين بدين اصلاً او لم تتم الحجة عليهم، ولو كان من كل قرية رسولاً فى كل زمان لبلغتنا أخبارهم و وصلتنا آثارهم و لارتقى عددهم الى ملايين.

الثالث: اخبر عيسى بقوله: (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ اَلطِّينِ كَهَيْئَةِ اَلطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اَللّٰهِ وَ أُبْرِئُ اَلْأَكْمَهَ وَ اَلْأَبْرَصَ وَ أُحْيِ اَلْمَوْتىٰ بِإِذْنِ اَللّٰهِ وَ أُنَبِّئُكُمْ بِمٰا تَأْكُلُونَ وَ مٰا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ) (آل عمران/ 5(0).

كل هذه المقامات الرفيعة و العالية من استعداد الروح الانسانى

ص: 293

و عبوديته لله تعالى و استحيى انا ان أسأل الله تعالى الفوز ببعض هذه المقامات، فانى ابقيت نفسى على حالها، بل انزلتها الى الحالة الحيوانية الرديئة و لا حول و لا قوّة إلّا بالله.

ثم المراد بالخلق (أَخْلُقُ لَكُمْ ) صنع شكل الطائر من الطين ثم إحياءه، و الاولى ليس بشىء والعمدة هو الثانى و هو الاحياء بالنفخ و هو من قوة روح عيسى عليه السّلام ولا علم لنا بكيفية. نعم ان قلنا بان حياة الحيوانات من تعلق نفوسها بابدانها كالانسان فنحمل النفخ على ربط نفس الطير ببدنها، بل قيل أنّ لنفوس الحيوانات نحواً من التجرد والله العالم.

و اعلم ان الخلق و هو ايجاد موجود ممكن الوجود لا من شىء على قسمين: أولهما: بالاستقلال و هو مختص بواجب الوجود ويستحيل لغيره. و ثانيهما: باذن الله تعالى و هو ممكن لغيره إن ثبت بدليل معتبر عقلى كافعالنا الاختيارية، أو نقلى كتدبير الملائكة ولعل هذا القسم هو المراد من قوله تعالى: (فَتَبٰارَكَ اَللّٰهُ أَحْسَنُ اَلْخٰالِقِينَ ).

الباب 17: ولادة عيسى عليه السّلام (14:206)

فيه آيات و روايات تجاوزت عن الثلاثين، معتبرتها ما ذكر برقم 13، 24، 25 و 31 و فى الاول منها و هى حسنة الوشاء: قال الرضا عليه السّلام: ليلة 25 من ذى القعدة ولد فيها إبراهيم عليه السّلام و ولد فيها عيسى بن مريم... (14:214).

الباب 18: فضله، رفعة شأنه و معجزاته... (14:230)

أورد فيه آيات و روايات تبلغ ستة و خمسين خبراً و المعتبر منها ما ذكر برقم 28، 50 و 52.

ص: 294

الباب 19: ما جرى بينه عليه السّلام و بين ابليس لعنه الله (14:270)

ليس فيه خبر معتبر.

الباب 20: حواريه و اصحابه... (14:272)

فيه آيات و روايات، و المعتبر منها ما ذكر برقم 2، 7 و 10.

الباب 21: مواعظ و حكمه و ما أوحى إليه... (14:283)

أقول: فى الباب مواعظ نافعة وفقنا الله والقراء الكرام الى العمل بها ثم ارشاد المؤمنين بها، بعنوان ما نقل عن عيسى عليه السّلام من دون الجزم بنسبتها إليه عليه السّلام فان المعتبر من اسانيد روايات الباب واحد أو اثنان و العمدة ما نقله من الكافى برقم 14 عن على بن ابراهيم عن ابيه عن على بن اسباط عنهم عليهم السّلام.

والظاهر من ضمير الجمع هم موسى بن جعفر و على بن موسى و محمد بن على عليهم السّلام. فانه روى عنهم كما يظهر من معجم الرجال. و هذا السند معتبر على المشهور أو على قول الكل ورواه الصدوق فى اماليه عن ابن المتوكل عن الحميرى عن ابن ابى الخطاب عن اسباط عن على بن أبى حمزة عن ابى بصير عن ابى عبدالله الصادق عليه السّلام و عليه فيمكن ان يكون الضمير راجعاً الى على و ابى بصير و ابى عبدالله عليه السّلام و حيث ان على بن أبى حمزة ضعيف على الاقوى يسقط السند عن الاعتبار. نعم اذا ثبتت جملة: «عليهم السلام» فى نسخة الكافى بخط الكلينى فلا يبعد ترجيح الاحتمال الاول لكن الآن فالسند فيه الحتمالان: الارسل و تعدد السند والله أعلم.

الباب 22: تفسير الناقوس (14:334)

ص: 295

والرواية المذكورة فيه ضعيفة سنداً و قد تكررت ايضاً.

الباب 23: رفعه الى السماء (14:335)

فيه آيات و روايات.

و اعلم انه لا رواية معتبرة سنداً فى الباب تدلعلى حياة عيسى عليه السّلام اليوم و لا اظن وجود روايات دالة عليها بحد يوجب اطمئنان النفس بحياته عليه السّلام فعلاً، و المحقق لا يعتمد على الشهرة و الاقوال. نعم قال المؤلّف العلّامة رحمة الله: والاخبار الدالة على ان عيسى عليه السّلام ينزل و يصلى خلفه عجل الله فرجه - كثرة و قد أوردتها الخاصة و العامة بطرق مختلفة و سيأتى بعضها فى كتاب الغيبة (14:349)

قلت: ان افادت تلك الاخبار سكون النفس بحياته فهو و إلّا فلا تقبلها على انه لا ملازمة بين نزوله و حياته حين ظهور المهدى عليهما السّلام وحياته من قبل الى ذلك العصر عقلاً لكنّها ثابتة عرفاً وارتكازاً فلاحظ.

و قال ايضاً (14:345): المشهور بين المفسرين ان الضمير فى قوله تعالى: (وَ إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسّٰاعَةِ فَلاٰ تَمْتَرُنَّ بِهٰا) راجع الى عيسى عليه السّلام.

أقول: و هو إن صحّ فلا يدل على قوله: ان نزول عيسى من اشراط الساعة يعلم به قربها على انه نقل قولاً آخر و هو رجوع الضمير الى القرآن.

واعلم ان مقتضى قوله: (وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مٰا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّٰا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ اَلرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ) انه توفاه الله فى الدنيا كغيره. واما قوله تعالى: (يٰا عِيسىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رٰافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا..) فلا يدل على كون الرفع و التطهير بعد احيائه من الموت فضلاً عن كون التوفية بعد

ص: 296

الرفع ثم احيائه ثانياً بل كل ذلك تصرف فى الآيات و تكلف بلا وجه فلا نقبله.

نعم فى استعمال كلمة الرفع فى حقه: (وَ رٰافِعُكَ ..)، (بَلْ رَفَعَهُ اَللّٰهُ إِلَيْهِ ) نوع إشعار بحياته عليه السّلام بعد وفاته، و ان امكن ارادة رفع روحه فقط من دون جسده لكنه عام فى جميع الانبياء و الصلحاء مع انه لم يستعمل فى حق غيره سوى ادريس عليه السّلام، (وَ رَفَعْنٰاهُ مَكٰاناً عَلِيًّا) و موت ادريس ليس بمتفق عليه فان بعض الباحثين قال بحياته لاجل هذه الكلمة و لا شىء احسن و احوط من ان نقول فى حق عيسى عليه السّلام و بقائه الى حين ظهور المهدى عجل الله فرجه: والله العالم.

ثم إن فى الآيات الواردة فى حقه عليه السّلام امران ينبغى ان نشير اليهما:

1 - قوله تعالى: (وَ جٰاعِلُ اَلَّذِينَ اِتَّبَعُوكَ فَوْقَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا إِلىٰ يَوْمِ اَلْقِيٰامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ..) (آل عمران/ 5(5).

2 - قوله تعالى: (وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ اَلْكِتٰابِ إِلاّٰ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) (النساء. 15(9).

اما الاول فيتحمل ان يكون المقصود من الذين اتبعوا عيسى عليه السّلام هم خصوص من آمن بعيسى من أمته فقط، إلى حين ان يتوفاه الله، والمراد بالذين كفروا، اليهود و غيرهم ممن لم يؤمنوا به، لكن ينافيه توقيته بيوم القيامة، اذ الفوقية المعنوية لهم عليهم باقية بعد يوم القيامة، والفوقية الجتماعية و نحوها لم تثبت لهم، وان اريد بالفوقية، الفوقية بالحجة، فنقول بعدم بقائها الى يوم القيامة بعد فناء الطرفين و لا أقل بعد فناء الذين اتبعوه، على ان الفوقية بالحجة لا تتقد بزمان.

ص: 297

و هنا احتمال ثانٍ و هو ان يراد بالمتابعين مطلق الذين اتبعوه ولو كان اتباعهم باطلاً على مطلق من كفر به، و مدلول الآية حينئذ تفوق النصارى المؤمنين بعيسى على اليهود و غيرهم تفوقاً ظاهرياً كما هو المحسوس فى هذه الاعصار. و ربما يؤيده تفسير سياق الآيتين التاليتين لهذه الآية. ولكن لا يساعده لفظ الآية (اتبعوك) حيث لم يعبر المضارع و اسم الفاعل، على ان الاتباع منصرف الى الاتباع الواقعى دون الخيالى الباطل.

وهنا احتمال ثالث و هو ارادة النصارى مع المسلمين فانهم يتبعون عيسى اتباعاً واقعياً فوعد الله تعالى عيسى بانه يجعلهم قول الذين كفروا به، ولكن يظهر مما سبق ضعفه، على أن المسلمين لا يتبعون عيسى بل يتبعون الخاتم صلّى الله عليه و آله و سلّم فتفسير الآية محتاج الى مزيد تأمل.

و امّا الثانى: فقد اختلفوا فى مرجع الضمير فى كلمة موته، فقيل أنه المبتدء الحذوف اعنى: «أحد» (اى: وان احد من اهل الكتاب) و قيل انه عيسى عليه السّلام، و لعل الانسب بعموم الآية هو القول الاول. و ان كل احد من اهل الكتاب حين موته يؤمن بعيسى ايمان اضطرار لا ينفع صاحبه لما يشاهده من الآثار. و أمّا إن ارجعنا الضمير الى عيسى فيخص اهل الكتاب المذكورين فى الآية بخصوص الحاضرين فى زمان نزوله، و هو خلاف الظاهر، واشكل منه ان التخصيص المذكور من تخصيص الاكثر المستهجن فلاحظ.

ثم الآية على الاحتمال المرجوع وهو الضمير الى عيسى تدل على عدم موت عيسى عليه السّلام و ان التوفية ليست بمعنى الموت، بل بمعنى اخذه من اليهود، أو تدل على احيائه بعد ان توفاه الله كما هو أحد الاقوال.

ص: 298

الباب 24: ما حدث بعد رفعه... و قصص وصيه شمعون (14:345)

فيه آية و ثلاث و عشر رواية و المعتبر منها ما ذكر برقم 6 و 7 و فى الاخير بعقوب بن شعيب و وثاقته مبنية على انه الميثمى. و فيه: كان بين عيسى عليهالسّلام و بين محمد خمسمأة عام... (14:347).

أقول: هذا العام الهجرى 1421 و العام الميلادى 2000 و التفاوت 579 هذا اذ اريد من الفصل بينهما الفصل بين ميلاد عيسى و هجرة نبينا الخاتم، و اما اذ اريد ميلادهما أو بعثتهما فيختلف الحال و يزيد التفاوت بالسنة القمرية بمرور الزمان كما لا يخفى. و ظاهر الخبر هو بيان الفصل بين ولادة خاتم النبيين و وفاة عيسى أو ولادته عليه السّلام و الاول ارجح و هو غير قابل للزيادة. و على كل إثبات وصية شمعون محتاج الى دليل معتبر.

الباب 25: قصص ارميا و دانيال و غزير و بخت نصر (14:351)

فيه آيات و روايات و قصص والمعتبر من الروايات ما ذكر برقم 18 و 19.

الباب 26: قصص يونس و ابيه متى (14:379)

أورد المؤلّف العلّامة رحمة الله فيه آيات و روايات منها ما ذكر بارقام 4، 5 و 12 و الاخيرة مرسلة العياشى عن ابى عبيدة الطويلة (14:392) التى رواها فى قصص الانبياء باسناد عن الصدوق بسند المعتبر عن ابى عبيدة (14:399) و لا تبعد كفاية المجموع لاعتبار الرواية لكن يشكل بأقصرية متن القصص من متن تفسير العياشى، كما اشار اليه العلّامة المجلسى. فلا وجه لاعتبار المتن الطويل بل خصوص المتن الصغير.

على انا ذكرنا سابقاً لزوم الاحتياط فى الروايات الطويلة.

ص: 299

الباب 27: قصة اصحاب الكهف والرقيم (14:407)

لا رواية معتبرة فيه سنداً و مصدراً فلابد من الاكتفاء بالآيات و ما يفهم منها.

الباب 28: قصة اصحاب الاخدود (14:438)

و الامر فيه كما فى السابقه.

الباب 29: قصة جرجيس عليه السّلام (14:445)

فيه قصة! ولم اجد عاجلاً دليلاً على نبوة جرجيس فضلاً عن احواله و حال امته.

الباب 30: قصة خالد بن سنان العبسى عليه السّلام (14:448)

لم تثبت نبوة خالد بدليل معتبر، نعم لو ثبتت و ثاقة بشير النبال أو صدقه امكن اثبات نبوته.

الباب 31: ما ورد بلفظ نبى من الانبياء... و فيه ذكر نبى المجوس (14:451)

أورد فيه آيات و روايات ربما تبلغ الى اربعين. و المعتبر منها ما ذكر بارقام 22، 32، 36.

الباب 32: نوادر اخبار بنى اسرائيل (14:486)

فيه آيات و روايات اكثرها غير معتبرة.

الباب 33: بعض احوال ملوك الارض (14:513)

فيه آيتان و خمس روايات غير معتبرة سنداً أو مصدراً.

وقد تم كتاب النبوة و قصص الانبياء سوى نبينا الخاتم صلى الله عليه و آله و عليهم و المعتمد فى تعيين الانبياء ما ذكر السمائهم فى القرآن أو فى

ص: 300

الروايات المعتبرة على وجه و قليل ما هم و اما ما ذكر اسمائهم فى الروايات غير المعتبرة فلا نقول بنبوتهم و لا ننكرها بل نتوقف فى امرهم و لا نعتنى بالشهرة.

ج 15: ما يتعلق بالنبى الخاتم صلّى الله عليه و آله و سلّم

أبواب تاريخ نبينا صلّى الله عليه و آله و سلّم

الباب 1: بدء خلقه و ما جرى له فى الميثاق، و بدء نوره و ظهوره صلّى الله عليه و آله و سلّم من لدن آدم عليه السّلام و بيان حال آبائه... و قصة الفيل... (15:2)

أورد فيه آيات و روايات كثيرة ربما تزيد على المائة، و تنبغى الإشارة فى هذا الباب الى امور:

1 - الروايات الاولى الدالة على تقدم نوره أو روحه و تسبيحه و تهليله ضعيفة سنداً متعارضة متدافعة بينها فى مقدار تقدم نوره على خلق العالم و آدم بحيث يتعذر الجمع بينها و جملة منها ظاهرة فى تعدد نوره و روحه، و لا يعلم معنى نوره زائدا على الروح و البدن(1) و جملة من الروايات تدل على وحدتهما.

ثم لا يعلم معنى القاء النور فى صلب آدم حتى صلب عبدالمطلب، كما

ص: 301


1- - إلّا يراد به الجسم الخاص بذلك المقام، و ان الروح لم يكن بغير جسم ابداً، و فى بعض الروايات شبح نور و فى رواية ضعيفة تفسير الاشباح بظل النور، اى ابدان نورانية بلا ارواح (15:25).

لا يعلم معنى افتراق النور فى صلب عبدالله و ابى طالب.

و فى بعضها: ان الله خلق ماء تحت العرش... فلما خلق آدم نقل ذلك الماء فى صلبه حتى صار فى صلب عبدالمطلب ثم شقه الله نصفين (15:13)

و هذا و ان كان متصوراً لكن لا تصدق عليه هوية النبى و وصية صلى الله عليهما و آلهما.

و بالجملة متون هذه الروايات الضعيفة المتدافعة مشتملة على بعض امور غير مفهمومة، إمّا لعلوها عن فهمنا و إمّا لكونها من تصرف الجاهلين.

2 - فى رواية ضعيفة سنداً عن الصادق عليه السّلام: اما عملت ان الله تبارك و تعالى بعث رسول الله صلّى الله عليه و آله وسلّم و هو روح الى النبياء و هم ارواح قبل الخلق بالفى عام... انه دعاهم الى توحيد الله وطاعته واتباع امره... (15:14).

أقول: ربما يساعد الاعتبار العقلى متنه لكن ينافيه قوله تعالى: (وَ كَذٰلِكَ أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنٰا مٰا كُنْتَ تَدْرِي مَا اَلْكِتٰابُ وَ لاَ اَلْإِيمٰانُ وَ لٰكِنْ جَعَلْنٰاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشٰاءُ مِنْ عِبٰادِنٰا..) (الشورى/ 52)، و قوله تعالى: (وَ وَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدىٰ ) على وجه. بل الآيتان تنافيان ما دل على تسبيح روحه صلّى الله عليه و آله و سلّم قبل خلقه فى هذا العالم فتأمل.

3 - نقل المؤلّف العلّامة رحمة الله قصة طويلة (15:26-104) من كتاب الانوار للشيخ ابى الحسن البكرى اُستاذ الشهيد الثانى رحمه الله - حول بدء خلقه صلّى الله عليه و آله و سلّم الى انتقال نوره فى صلب ابيه عبدالله الى امه آمنة بنت وهب سلام الله عليهم اجمعين - و قال بعد نقلها: انما أوردت هذا الخبر مع غرابته و ارساله للاعتماد على مؤلفه و اشتمال على كثير من الآيات و المعجزات التى

ص: 302

لا تنافيها سائر الاخبار، بل تؤيدها و الله تعالى يعلم.

أقول: أولاً: هذا الكلام عجيب، فان وثاقة أحد لا تجبر ارسال خبره و لا ترفع غرابته، و مجرد عدم تنافيه مع سائر الاخبار لا ينفعه شيئاً، و مثل هذا المسامحات ربما تبدل الثقافة الدينية بعض التبدل و توسّع الارضية للمبالغات.

و ثانياً: انه اشتبه فى كون مؤلّف الانوار استاذ الشهيد الثانى، بل هو رجل آخر الشعرى كما عن ابن تيمية المتوفى سنة 727 و عن السمهودى ان سيرة ابى الحسن البكرى البطلان و الكذب والشهيد الثانى الستشهد فى 966 ه - ولاحظ تفصيل البحث فى هامش بحار الانوار (15:26) و لاحظ الذرية (2:409) و اعيان الشيعة (9:33-37).

و ثالثاً: ان المطالع المتعمق ربما يطمئن بكذب جملة من مطالب القصة، و انها مبالغات عامية خيالية لا تليق بالكتب العلمية، لاسيما مع نسبة بعضها الى الله تعالى و ملائكة، فى كتاب اُعدّ لنقل احاديث الرسول و أوصيائه عليهم السّلام و كان ينبغى للمؤلّف رحمة الله ذكرها فى كتاب آخر لا فى مثل هذا الكتاب.

4 - يقول العلّامة المؤلّف رحمه الله: اتفقت الامامية رضوان الله عليهم على ان والدى الرسول و كل اجداده الى آدم عليه السّلام كانوا مسلمين، بل كانوا من الصديقين، إما انبياء مرسلين أو اوصياء معصومين، و لعل بعضهم لم يظهر الاسلام تقية (15:117).

أقول: الاجماع كحكم العقل مفقود فى المقام و دلالة قوله تعالى: (اَلَّذِي يَرٰاكَ حِينَ تَقُومُ وَ تَقَلُّبَكَ فِي اَلسّٰاجِدِينَ ) عليه غير واضحة، و اثباته من التاريخ المعتبر غير ممكن. فالعمدة فى اثباته الاحاديث المتعبرة سنداً ولاحظ

ص: 303

ادلة المثبتين فى هامش البحار (15: من ص 118 الى ص 122). و اما الروايات المشار اليها فلاحظها فى هذا الباب و غيره و الله الموفق للسداد.

و على كل يدل على ذلك صحيح اسحاق بن غالبفى الكافى (1:444 و 445) و نقله فى البحار (16:319) ايضاً.

5 - فى رواية غير معتبرة عن اميرالمؤمنين عليه السّلا: و الله ما عبد أبى ولا جدى عبد المطلب و لا هاشم و لا عبد مناف صنماً قطّ. قيل فما كانو يعبدون ؟ قال: كانوا يصلوا الى البيت على دين ابراهيم متمسكين به... (15:144).

أقول: بعض الآثار تؤكد على انهم كانوا على دين ابراهيم عليه السّلام و لعله لا توجد قرينة على ان النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم أو أحداً من بنى هاشم كانوا على دين عيسى عليه السّلام كما يتوقع ذلك من كون عيسى من اولى العزم من الرسل و شريعته ناسخة لشريعة موسى الناسخة لشريعة ابراهيم الناسخة لشريعة نوح صلوات الله عليهم و على نبينا الخاتم و آله اجمعين.

و يمكن ان يقال: ان شريعة عيسى و ان كانت ناسخة لشريعة موسى و غيرها لكن الظاهر ان موسى و عيسى سلام الله عليهما بعثا الى بنى اسرائيل خاصة كما يستفاد من القرآن المجيد فلم تنسخ شريعة ابراهيم فى نبى اسماعيل و انما نسخت فى بنى اسرائيل فافهم ذلك جيداً.

6 - المعتبر من روايات الباب الكثيرة ما ذكر بارقام 68، 84، 87، 88، 89، 97، و غيرها فلابد من أخذ المشتركات بينها على وجه يطمئن بصدورها كتقدم روحالنبى على الخلقة آدم عليه السّلام و نسله خلافاً لمن ذهب الى كون الارواح جسمانية الحدوث و روحانية البقاء.

ص: 304

الباب 2: البشائر بمولده و نبوته من الانبياء و الاوصياء... و ذكر بعض المؤمنين فى الفترة (15:174)

ذكر فيه المؤلّف العلّامة آيات و ستين رواية و المعتبر منها ما ذكر بارقام 6، 8، 49، 53.

الباب 3: تاريخ ولادته صلّى الله عليه و آله و سلّم و ما يتعلق بها... (15:248)

ذكر المؤلّف فيه روايات غير معتبرة سنداً سوى ما ذكر برقم 29 و ذكر قصصاً من القاصين.

و اما تاريخ مولده صلّى الله عليه و آله و سلّم فقد اختلف فيه اقوال اهل السنة بكثير كما يظهر من الباب متناً و هاشماً و من (18:190 و 204 و 205) لكن المشهور بينهم اليوم 12 ربيع الاول، كما ان المشهور ببننا 17 ربيع الاول، ولم اجد فى الباب رواية معتبرة تثبته، و المشهورات لا ينبغى الاعتماد عليها، اذ رب مشهور لا اصل له و لاسيما ان المسلمين لم يعتنوا بايام الشهر و الاسبوع بل بالسنوات فى نقل تواريخهم فى القرنين الاولين من التاريخ الاسلامى حق الاعتناء، فلذا وقع الاختلاف حتى فى مولد النبى و مبعثه و يوم وفاته كما وقع الاختلاف فى مواليد الائمة و وفاتهم و فى غير ذلك. ولا اعتماد على اقوال العلماء فى اثبات ذلك حتى مع قطع النظر عن تضاربها، و هذا فليكن ببال القراء المحققين فى جميع المقامات.

و من العجب ان المشهور بيننا ولادة الامام الحسن عليه السّلام فى 15 رمضان و ولادة الحسين عليه السّلام فى الثالث من شعبان مع ورود رواية معتبرة سنداً ان الفصل بين ولادة الحسن و الحسين عليهما السّلام أقل الحمل و عشرة أيام كما تأتى

ص: 305

فى محلها.

خاتمة: قال العلّالمة المؤلّف: ظاهر أخبار المولد السعيد ان الشهب لم تكن قبله، و انما حدثت فى هذا الوقت وهو خلاف المشهور... (15:330)

أقول: لا حجية و لا اعتماد على ظواهر روايات ضعيفة و ليست هى كثيرة توجب الاطمئنان بصدورها عن النبى الاكرم صلّى الله عليه و آله و سلّم أو الائمة عليهم السّلام.

الباب 4: منشأه و رضاعه و ما ظهر من اعجازه عند ذلك الى نبوة صلّى الله عليه و آله و سلّم (15:331)

فيه منقولات مرسلة و روايات ضعيفة، المعتبر ما ذكر بارقام 7، 9 و 90، و لا يبعد كون حليمة مرضعة له صلّى الله عليه و آله و سلّم أيضاً ثابت من التاريخ.

ج: 16: تزوجه صلّى الله عليه و آله و سلّم بخديجة و فضائله و اخلاقه

اشارة

الباب 5: تزوجه صلّى الله عليه و آله و سلمّم بخديجة رضى الله عنها و فضائلها و بعض احوالها (16:1)

فيه جملة من الروايات أوليهما معتبرة السند ان فرضنا الاطمئنان بصحة نسخة امالى الشيخ الطوسى الواصلة الى العلّامة المجلسى رحمة الله و هى تكفى لفضل خديجة ام المؤمنين وجدة الائمة الهادية سلام الله عليها و على بعلها و أولادها و ذريتها. لكن صحة النسخة المذكورة غير محروزة.

و أورد المؤلّف العلّامة فى الباب قصصاً تاريخية حماسية حول تزوجه صلّى الله عليه و آله و سلّم بها و قد أورد فى أول الباب روايات ثلاثة فى فضل خديجة

ص: 306

و مريم بنت عمران و فاطمة بنت محمد صلّى الله عليه و آله و سلّم و آسية بنت مزاحم زوجة فرعون. و قلت فى ذلك فى شبابى:

آسيه، مريم، خديجه، فاطمة

است مختار زنان كامله

و على كل لاشك فى فضل خديجة و كونها أول مسلمة آمنت بالنبى صلّى الله عليه و آله و سلّم حتى قبل ان اظهر على عليه السّلام ايمانه، كما هو ظاهر الحال، كما لاشك فى فضل بنتها الصديقة الطاهرة و فضل مريم و آسية سلام الله عليهن.

و اما ان أموالها نفعت الاسلام أو مسلمين فهذا مما لم اجد عليه دليلاً عاجلاً، و العمدة فى نشر الاسلام القرآن و مكارم الاخلاق النبى: (وَ لَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ اَلْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) و سيف اميرالمؤمنين و جهاد المجاهدين من الصحابة رضى الله عنهم - و اما تأثير معجزاته فيه فالظاهر أنه قليل، و الله العالم.

ثم انه صلّى الله عليه و آله وسلّم تزوج بها و هو فى خامس و عشرين من عمره ظاهراً، و خديجة قد زوجت برجل أو برجلين قبله، وقيل انها فى اربعين من عمرها، واكتفى بها الى ان ماتت سلام الله عليها(1) و لم يتزوج النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم بعدها إلّا فى المدينة بعد الخمسين من عمره، و هذا من الواضحات التاريخية، و هو بمجرد يبطل اتهام بعض المعاندين بان نبى الاسلام كان رجلاً شهوايناً فان

ص: 307


1- - فى صحيح الحلبى عن الصادق عليه السّلام: إنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم لم يتزوج على خديجة. الكافى 5:391).

اكثر الشهوة الى 53 من السن، و بعده تنكسر الشهوة و تضعف، فيكون تعدد زوجاته بعد ذلك لاغراض اجتماعية اخرى سوى الشهوة، على ان الشهوة من كمال الانسان، و انما المذموم افراطه فيها، و الناس فيها على درجات مختلفة، و مما يثبت ذلك أيضاً انه لم يتزوج ببكر غير عائشة مع امكانه له صلّى الله عليه وآله و سلّم و انما تزويج بالارامل لعلل انسانية اسلامية مذكورة فى المطولات، فلا تكن من الجاهلين.

الباب 6: اسمائه صلّى الله عليه و آله و سلّم و عللها و معنى كونه صلّى الله عليه و آله و سلّم امياً و انه كان عالماً بكل لسان... (16:82)

أورد فيه آيات و روايات اكثر من سبعين، المعتبر منها ما ذكر بارقام 3، 29، 31، 37، 47، 48، 49، 55، 56، 65 و متنه محتاج الى تأويل.

الباب 7: فى معنى كونه صلّى الله عليه و آله و سلّم يتيماً وضالاً وعائلاً... (16:136)

فيه آيات و روايات غير معتبرة سوى أوليها على وجه.

الباب 8: أوصافه صلّى الله عليه و آله و سلّم فى خلقته و شمائله و خاتم النبوة (16:144)

فيه روايات كلها أو معظمها غير معتبرة فلابد من الاخذ بالمشتركات.

الباب 9: مكارم اخلاق و سيره و سنته صلّى الله عليه و آله و سلّم... (16:194)

فى آيات و روايات اكثر من مائة و ستين و المعتبر منها سنداً ما ذكر بارقام 1، 2، 4، 36، 43، 45، 47، 48، 50، 52، 54، 57، 59، 62، 64، 65، 87، 93، 102، 103، 106، 109، 111، 115، 119، 140، 151، 153، 156، 157، 159 و بعض روايات اُخر و فى الباب روايات اخرى

ص: 308

مرسلة كثيرة.

فائدة مهمة:

واعلم ان ادعاء النبوة و الرسالة من محمد بن عبدالله العربى القرشى الهاشمى المكى ثم المدنى صلّى الله عليه و آله و سلّم... اما ما يطابق الواقع و ان الله ارسله الى الناس و أمره يهدايتهم اليه و الى طاعته و اما انه يخالفه، و على الثانى فالادعاء المذكور اما نشأ من جنونه و سفهه أو من استيلاء الجن عليه و إما لطمع فى الاموال أو حصول الرئاسة. و اما لاعتقاده وحبه باصلاح الناس لمجرد رأفته بهم بما يفهمه و يعقله و لاشق آخر يحتمل.

و الاول هو المطلب و الثانى و هو استناد الادعاء الى الجنون أو السفه أو استيلاء الجن عليه - لا ينسجم مع عقله و حكمته وكلماته و اقواله و افعاله و قرآنه كما هو واضح مشهود، و الثالث و هو طمع المال و الجاه - لا يناسب اخلاقه كما يثبت ذلك باحاديث هذا الباب التى ربما تبلغ مائتى حديث ولو اراد احد ان يجمع كل ما يتعلق بهذا الباب من الروايات الحاكية عن اخلاقه و اعماله من طريق الشيعة و اهل السنة و غير المسلمين لاصبح كتابا مستقلاً، و الرابع لا يناسب تحمله على اذى قومه، كما يأتى فى باب مبعثه (18:148) و غيره فانه كان غير قابل للتحمل كماً و كيفاً. و لا داعى للعاقل الى فناء حياته وحرمانه و حرمان اهله من الاكل و الشرب و الراحظ و اقباله على اذية نفسه بما لا يطيقها غالب الافراد. و من فصل هذا الدليل الدال على نبوته صارت رسالة مفردة.

ص: 309

لا يقال ان امامة الاوصياء من اهل البيت متوقفة على نبوته فلو ثبتت نبوته باقوالهم لدارت.

فانه يقال لسنا ننظر الى امامتهم فى ذلك و ايضاً ليست الروايات بمنحصرة عنهم، بل رووا ذلك عن الصحابة أيضاً كما اشرنا اليه و المحقق الخبير يطمئن من جميع الآثار باخلاقه المنافية لجمع المال و الرئاسة. فاغتنم.

الباب 11: فضائله و خصائصه صلّى الله عليه و آله و سلّم... (16:299)

أقول: الروايات الدالة على المطلوب فيه كثيرة، بل يكفى لاثبات فضائله القرآن و آياته المذكورة فيه، و اما الروايات المذكورة برقم 21، 39، 47، 50 و 7 فهى معتبرة سنداً و هذه المعتبرات سنداً بمفردها تكفى لفضله صلّى الله عليه و آله و سلّم فضلاً عن الروايات الكثيرة المقطوعة صدوراً، و مثل هذا الباب، الباب 12 بل هو من تتمته وليس فى خبر معتبر سنداً.

ج 17: ما يتعلق بالنبى الأكرم صلّى الله عليه و آله و سلّم أيضاً

اشارة

الباب 13: وجوب طاعته وحبه والتفويض اليه صلّى الله عليه و آله و سلّم (17:1)

أورد فيه آيات و روايات تبلغ 29 خبراً وفيه مطالب:

1 - تدل على وجوب اطاعته جملة من الآيات الشريفة، فالأخذ بامره و الانتهاء بنهيه و اجبان على كل مكلف، نعم الامر باطاعة الله و رسوله إرشادى كما قرر فى اصول الفقه، و انما الواجب الامور الخاصة التى امر بها الله و رسوله، و هذا مما لاشك فيه فى دين الاسلام و ان لم يكن النبى معصوماً مع

ص: 310

انه لا ينطق عن الهوى.

2 - مقتضى الروايات الكثيرة التى فيها ما هو معتبر سنداً كما فى ارقام 1، 2، 3 ان الله تعالى فوض الى نبيه التشريع و تدبير الخلق، ففى صحيح ابى اسحاق (17:3): ان الله عزوجل أدّب نبيه على محبته فقال: (وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (1)، ثم فوّض اليه. و فى مصحح فضيل بن يسار: ان الله عزوجل أدّب نبيه فاحسن ادبه فلما اكمل له الادب، قال: (وَ إِنَّكَ لَعَلىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ )، ثم فوّض اليه امر الدين و الامة ليسوس عباده... وان رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم كان مسدداً موفقاً مؤيداً بروح القدس لا يزلّ و لا خطئ فى شىء مما يسوس به الخلق فتأدب بآداب الله (17:4 و (5).

أقول: التفويض إليه فى تدبير الناس لا يخصه، بل هو يجرى فى حق أوصيائه عليهم السّلام أيضاً و ليس من خصائصه فكل رئيس شرعى حتى الفقيه الجامع الشرائط - بل يمكن الحاق المأذون من قبله به يفوض اليه تدبير الناس والا للغت الحكومة(2) و انما المهم هو تفويض امرالدين و تشريع الحكم

ص: 311


1- - يظهر منه ان المراد بالتأديب المبنى على حب الله و هو تزكية الخلاقه صلّى الله عليه و آله و سلّم.
2- - نعم يظهر من القرآن ان الله سبحانه ارشد نبيه فى جملة من موارد تدبير الناس الى احسن الوجه وهذا من لطف الله فى حق نبيه كقوله تعالى: (عَبَسَ وَ تَوَلّٰى أَنْ جٰاءَهُ اَلْأَعْمىٰ وَ مٰا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكّٰى..) و قوله: (وَ لاٰ تَطْرُدِ اَلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدٰاةِ وَ اَلْعَشِيِّ ) و قوله تعالى: (عَفَا اَللّٰهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَكَ اَلَّذِينَ صَدَقُوا وَ تَعْلَمَ اَلْكٰاذِبِينَ ). ثم ان هذه الآيات الرادعة له عن بعض الامور، من جهة اخرى تدل على نبوته و صدق كلامه كجملة من آيات اخرى تثبت نبوته كقوله تعالى: (فَلاٰ تَكُونَنَّ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ ) (الانعام/ 35). و قوله: (وَ لاٰ تَجْعَلْ مَعَ اَللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ فَتُلْقىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً) و قوله: (وَ لَوْ لاٰ أَنْ ثَبَّتْنٰاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَأَذَقْنٰاكَ ضِعْفَ اَلْحَيٰاةِ وَ ضِعْفَ اَلْمَمٰاتِ ) و قوله: (وَ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِي... أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ اِتَّقِ اَللّٰهَ وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اَللّٰهُ مُبْدِيهِ وَ تَخْشَى اَلنّٰاسَ وَ اَللّٰهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشٰاهُ )

فانه موقوف على العلم بالملاكات من المصال و المفاسد و كيفية طبائع الناس و اقتضاء نفوسهم ثم طهارة النفس من دنس الاهواء المختلفة المكتنفة بالفرد من التعلقات غير الراجعة الى الله تعالى.

فتفويض الاحكام اليه صلّى الله عليه و آله و سلّم يكشف عن علمه و طهارته بهذا الوجه و هو مقام عظيم و قد صرح فى الخبرين بالامر الثانى، بل يمكن الستفادة الامر الاول (اى العلم) من الخبر الثانى.

3 - مقتضى قول الصادق عليه السّلام فى صحيح أبى اسحاق: و ان النبى الله فوض إلى على و ائمتنه، الحاق على بالنبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فى ذلك، نعم لا تصريح فى الرواية بانه تفويض امر الدين أو تدبير الناس و ان كان قضية الاطلاق، الاول و المتيقن هو الثانى و الاول - تفويض التشريع - محتاج إلى دليل قوى.

و اما تفويض التشريع الى سائر الاوصياء فليس فى روايات الباب خبر معتبر سنداً و ظاهر دلالة عليه و انتظر ما يأتى فى كتاب الامامة. و ما قوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ اَلْأَمْرِ شَيْ ءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ ...) (آل عمران/ 12(8) فهو لا يرتبط بالامرين المتقدمين. بل العموم المنفى راجع الى الامور

ص: 312

الآخرة أو الى افعاله تعالى أو الى مطلق الحوادث الكونية أو نحو ذلك.

4 - مقتضى قول الصادق عليه السّلام فى صحيح فضيل: و سنّ رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم صوم شعبان و ثلاثة أيام من كل شهر مثلى الفريضة، فاجاز الله عزوجل له ذلك... (17:5) ان المستحب من الصوم هو ذلك و هو مثلا شهر رمضان اى شهر شعبان كله و ثلاثة ايام فى كل شهر سوى رمضان و شعبان.

5 - الروايات الاربعة الاخيرة تدل على حسن محبته صلّى الله عليه و آله و سلّم لكن اسانيدها ضعيفة و استفادة الوجوب منها أيضاً مشكلة و يمكن ان نستدل عليه بقوله تعالى: (قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ ) بطريق أولى.

و بقوله التعالى: (قُلْ إِنْ كٰانَ آبٰاؤُكُمْ وَ أَبْنٰاؤُكُمْ وَ إِخْوٰانُكُمْ وَ أَزْوٰاجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوٰالٌ اِقْتَرَفْتُمُوهٰا وَ تِجٰارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسٰادَهٰا وَ مَسٰاكِنُ تَرْضَوْنَهٰا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهٰادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتّٰى يَأْتِيَ اَللّٰهُ بِأَمْرِهِ وَ اَللّٰهُ لاٰ يَهْدِي اَلْقَوْمَ اَلْفٰاسِقِينَ ) (التوبة/ 2(4) فانهم.

و على كل لا شك ان حبه صلّى الله عليه و آله و سلّم من لوازم الايمان به و لا ينفك عنه. جعلناالله من المحبين له.

الباب 14: آداب العشرة معه صلّى الله عليه و آله و سلّم و تفخيمه و توقيره فى حياته و بعد وفاته صلّى الله عليه و آله و سلّم (17:15).

فيه آيات و روايات و فى الآيات كفاية لاحترامه و تفخيمه فدقق النظر فيها صلى الله عليه و آله و سلم ما دامت السماوات و الارض. و الروايات غير معتبرة سنداً سوى عاشرتها.

الباب 15: عصمته و تأويل بعض ما يوهم خلاف ذلك. (17:34)

ص: 313

الباب منعقد لدفع ما يوهم خلاف عصمته من الآيات الكريمة و ليس فى الآيات ما يثبت عصمته صلّى الله عليه و آله و سلّم سوى قوله تعالى: (وَ مٰا يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوىٰ إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ ) فانه يعصمه من ترك بيان الوحى زيادة و نقصية و انه لا يتكلم عن هو نفسه بل يتكلم فى الدين استناداً الى وحى ربه. و نحن بحثنا عن العصمة فى كتابنا صراط الحق (الجزء الثالث) و ليست فى الباب رواية معتبرة سنداً.

الباب 16: سهوه و نومه صلّى الله عليه و آله و سلّم عن الصلاة (17:97)

أورد فيه المؤلّف ثلاث آيات و سبع عشرة رواية. و فيه امور:

1 - الآية الاولى تدل على صحة انساء الشيطان و ايقاعه على النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم: (وَ إِمّٰا يُنْسِيَنَّكَ اَلشَّيْطٰانُ فَلاٰ تَقْعُدْ بَعْدَ اَلذِّكْرىٰ مَعَ اَلْقَوْمِ اَلظّٰالِمِينَ ) (الانعام/ 68) و متعلق الانساء فى الآية ظاهراً وجوب الاعراض المصرح فى الآية، فلاحظ. كما ان الآية الثانية: (وَ اُذْكُرْ رَبَّكَ إِذٰا نَسِيتَ ...) ايضاً تدل على صحة صدور النسيان منه، نعم الآية الثالثة تخبر عن نف نسيانه القرآن المجيد إلّا ما شاء الله.

2 - يظهر من صاحب مجمع البيان (17:98) انه لا فرق فى جواز التقية بين النبى و الامام بعد بيان التكليف و عدمه قبل بيانه، و هذا قول وجيه. و قال: و اما النسيان و السهو فلم يجوزهما عليهم فى ما يؤدونه عن الله تعالى، فأما ما سواه فقد جوزوا - اى جوزت الامامية - عليهم ان ينسوه أو يسهو عنه ما لم يؤدّ ذلك الى اخلال بالعقل. واستغفربه المؤلّف و انه لم يرَ من الاصحاب من جوز عليهم السهو مطلقاً فى غير التبليغ وانما جوّز الصدوق و شيخه الاسهاء

ص: 314

من الله لنوع من المصلحة و لم يرَ من صرح بتجويز السهو الناشئ من الشيطان عليهم.

و ما ذكره المجلسى ليس بمدلّل، و الظاهر ان الطبرسى تبع السيد المرتضى فى ذلك و يأتى كلام السيد المذكور فى ما بعد (17:119) و قد اسند القرآن النسيان الى موسى فى قوله (لاٰ تُؤٰاخِذْنِي بِمٰا نَسِيتُ ) و قال أيضاً: (فَإِنِّي نَسِيتُ اَلْحُوتَ وَ مٰا أَنْسٰانِيهُ إِلاَّ اَلشَّيْطٰانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ) (الكهف/ 63 و 7(3).

3 - مقتضى روايات معتبرة كالمذكورة بارقام 1، 2، 3، 10، 11، 13 و 17 ان النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم سهى فى صلاته و سلّم فى ركعتين. و تؤكدها روايات اخرى ضعيفة سندا(1) ً وفى رواية ضعيفة سنداً انه صلى الظهر خمساً. وفى رواية ضعيفة اخرى (17:103) انه صلّى الله عليه و آله و سلّم رقد عن صلاة الصبح حتى مطلعت الشمس و تدل عليه معتبرة الاعرج (17:104 و 106).

ثم ان الشهيد رحمة الله فى الذكر نقل صحيح زرارة الدالة على نوم النبى عنصلاة الصبح حتى طلعت الشمس ثم قال: ولم اقف على راد لهذا الخبر من حيث توهم القدح فى العصمة (17:107). و قال البهائى: و هو يعطى تجويز الاصحاب صدور ذلك و امثاله عن المعصوم وللنظر فيه مجال واسع (17:108).

و حيث أنا ذكرنا هذه المباحث فى الصراط الحق فلا نرى ملزماً فى

ص: 315


1- - و التنافضات المذكورة فى روايات اهل السنة غير موجودة فى رواياتنا.

البحث عنها ههنا.

الباب 17: علمه صلّى الله عليه و آله و سلّم و ما دفع اليه من الكتب و الوصايا و آثار الانبياء عليهم السّلام و من دفعه اليه و عرض الاعمال عليه و عرض امته عليه و انه يقدر على معجزات الانبياء عليه و عليهم السلام (17:130)

فيه اكثر من ستين رواية و المعتبر منها ما ذكر بارقام 4، 9، 16، 17 و 25، فلابد من الاخذ بالقدر المشترك من روايات يعلم بصدور بعضها من الائمة عليهم السّلام و فى مقام مطالب:

1 - تدل جملة من الروايات على عرض اعمال الامة عليه صلّى الله عليه و آله و سلّم و فى روايات انه فى كل صباح، و فيه سؤال يخطر بالبال و هو ان مشاهدة اعمال المكلفين، بل خصوص المسلمين المكلفين (مئات الملايين من الاشخاص) أو مطالعتها لا يمكن فى 24 ساعة للنبى الاكرم و عليه فيلغو عرضها نعتاده، بل بطريق برزخى لا نعرفه، كذا عرضها فلاحظ.

أو تعرض الاعمال عليه بحيث لو شاء الاطلاع على اعمال بعض الافراد لقدر عليه لا انه يطلع عليها فعلاً وهذا هو المناسب للاعتبار العقلى.

2 - فى جملة من الروايات غير المعتبرة ان امته مثلت له فى الطين (فى ارقام 56 الى 62) و قال المؤلّف رحمة الله: فى الطين. حال عن الفاعل، اى لم يخلق بدنى بعد و لم انتقل الى صلب آدم ايضاً، أو عن المفعول، و الاول أوفق كما سيأتى. و لعله ما نقله عن العياشى مرسلاً عنه صلّى الله عليه و آله و سلّم ان أمتى عرض علىّ فى الميثاق... (17:154)، و على كل لم افهم بيان المجلسى و لم افهم كيفية هذا

ص: 316

التمثيل و الله العالم.

3 - فى روايات غير معتبرة (برقم 15، 52، 53، 54) اذا كان ليلة الجمعظ وافى رسول الله العرض ووافى الائمة عليهم السّلام معه، ووافينا معهم، فلاترد ارواحنا الى ابداننا إلّا بعلم مستفاد ولو لا ذلك لانفدنا.

أقول: بمعناها بعض روايات اُخر (53 و غيرها) و ربما تدل على جواز الخلع بعد اللبس فلاحظ، و اما الجملة الاخيرة المكررظ فى الروايات المعتبرة و غير المعتبرة (ولو لا ذلك - ما يزدادون لأنفدنا) فلم افهمها.

4 - فى موثقة ابن بكير عن الصادق عليه السّلام: كان آخر أوصياء عيسى بن مريم عليه السّلا رجل يقال له ابى (17:141) و هو اخر من أتاه سلمان الفارسى و قاله له: ان صاحبك (اى النبى الخاتم صلّى الله عليه و آله و سلّم) الذى (تطلبه) قد ظهر بمكة فاتجه إليه سلمان كما فى رواية (17:141).

5 - قال العلّامة المؤلّف رحمة الله: قد تقدمت الاخبار المستفيضة فى كتاب العلم فى ان النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم و الائمة عليهم السّلام لا يتكلمون الا بالوحى ولا يحكمون فى شىء من الاحكام بالظن و الرأى و الاجتهاد و القياس، و هذا من ضروريات دين الامامية... (17:155).

أقول: دعوى الضرورة تستلزم خروج من انكره من المذهب و هو مشكل ثم العمدة فى اثبات هذا المدعى قوله تعالى: (وَ مٰا يَنْطِقُ عَنِ اَلْهَوىٰ إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ ) و سائر الادلة مخدوشة. والله العالم.

الباب 18: فصاحة و بلاغته صلّى الله عليه و آله و سلّم (17:156)

أقول: لاشبهة فى فصاحة النبى الاكرم و بلاغته و ما ادعاء المؤلّف: و ما

ص: 317

نقل عنه من الخطب و جوامع الكلم لا يقدر على التكلم بواحدة منها انس و لا جان و هى فوق طاقة الانسان و دون كلام الرحمن (17:158).

فان اراد فصاحته صلّى الله عليه و آله و سلّم فوق طاقة الانسان فلابد له من اثباته ولا يمكن و جميع اهالى المذاهب و الاديان يبالغون فى تعظيم و تجليل اربابها، لكن المبالغة ان اثرت انما تؤثر فى تضعيف الحقائق و الواقعيات، فلا يجوز ارتكابها بوجه و على كل ليست فى الباب رواية معتبرة سنداً.

ابواب معجزاته صلّى الله عليه و آله وسلّم

الباب 1: اعجاز المعجزات القرآن الكريم و فيه بيان حقيقة الاعجاز و بعض النوادر (17:159)

فى الباب آيات كريمة و روايات لم تصح اسانيدها سوى حديث ابى عبيدة الحذاء المذكور برقم 11 نقلاً عن الكافى. و فى هذا الباب من اهم ابواب الكتاب و فيه سند الاسلام و اثبات حقيته وكونه ديناً سماوياً إلهياً، و ان شئت فقل ان هذا الباب اساس بحار الانوار و مفتاح السنة و قوام النبوة إثباتاً و اصل الامامة و سائر النقليات.

و اعلم ان الدين الخالد يحتاج الى معجزات خالدة، حتى تتم الحجة على البشر فى كل زمان و مكان فيسعد بالطاعة، و يشقى بالمعصية، و إلّا لكان المكلف جاهلاً قاصراً معذوراً غير متصف بالسعادة أو الشقاوة.

والمعجزات المقطوعة الزائلة اكثرها لم تثبت بالتواتر، بل لم تثبت بالقطع فلا تكون حجة على الاجيال المتأخرة عن زمان صدورها و هو زمان

ص: 318

حياة النبى الخاتم و مقامه و مجلسه صلّى الله عليه و آله و سلّم بل جملة منه مشكوكة، نعم صدور المعجزة عنه صلّى الله عليه و آله وسلّم فى الجملة معلومة لاهل التتبع و ثابتة بالتواتر الاجمالى، ولكن ليس كل مكلف قادر على التتبع و التعمق.

و اما القرآن الكريم فهو و اصل باكثر من التواتر، اى هو وصل الينا بالضرورة على حد سائر الضروريات، فاذا ثبت اعجازه ثبت ان للاسلام معجزة خالدة.

ثم ان الآيات التى نقلها المؤلّف العلّامة رحمة الله فى هذا الباب على ثلاثة أنواع:

منها: عدم كونه معجزة و انما عدها معجزة من يبالغ فى اثبات الدين بكل حشيش حبّاً للدين و اصلاح الناس، لكن التجاوز عن الحقيقة فى كل امر على كل حال قبيح مذموم.

و قسم منها كانت معجزة لكن الاستدلال بها للناس فى هذا العصر، بل فى الادوار المتقدمة علينا غير مقنع و غير نافع.

و قسم منها معجزة خالدة لنا و للاجيال القادمة، و لابد للمحققين من الدقة فى الآيات المنقولة فى الباب و نحن نذكر بعضها(1).

منها قوله تعالى: (إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا سَوٰاءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ

ص: 319


1- - لايقال الآيات من قول الله من قول الرسول صلّى الله عليه و آله و سلّم فانه يقال مع هذا الفرض القرآن من أوله الى آخره معجزة للرسول و لدينه و لا يحتاج الى اثبات دلالة الآية على شىء آخر يعدّ معجزاً.

لاٰ يُؤْمِنُونَ ). و منها قوله تعالى: (وَ إِذٰا خَلاٰ بَعْضُهُمْ إِلىٰ بَعْضٍ قٰالُوا أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِمٰا فَتَحَ اَللّٰهُ عَلَيْكُمْ ) الآيتان من القسم الثانى فانهما لمكان اخبارهما بالغيب معجزة عند المؤمنين، ولكن لا يمكن الاحتجاج بهما، لا مكان ان يقول المخاطب ان النبى لكونه عاقلاً فهما، علم حدساً. ان هؤلاء الأفراد لا يؤمنون و ان انذرهم مادام حياتهم. كما انه يتيسر لكل قائم بامر الناس من موافقيه و مخالفيه فهم قولهم فى بيوتهم حول القضايا الجارية اليومية، فلا يتم الاحتجاج بالآية الثانية و قس عليها نظائرهما و اشباعهما و ما يقاربهما.

منها قوله تعالى: (وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ اَلذِّلَّةُ وَ اَلْمَسْكَنَةُ ) الآية خاصة باليهود الماضين لا الحاضرين أو الجميع و لا تشمل اليهود فى المستقبل، و عليه فالآية اخبار عما وقع خارجاً وقوعاً حسياً، فهى من القسم الاول و انها ليست بالمعجزة، و قس عليها نظائرها(1).

و منها قوله: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ اَلذِّلَّةُ أَيْنَ مٰا ثُقِفُوا إِلاّٰ بِحَبْلٍ مِنَ اَللّٰهِ وَ حَبْلٍ مِنَ اَلنّٰاسِ وَ بٰاؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اَللّٰهِ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ اَلْمَسْكَنَةُ ) (آل عمران/ 11(2).

و اليهود لحد الآن انما يقومون بجناياتهم بحبل الغرب و لاسيما اميركا ولو لا مساعدة اميركا فى الحرب الواقعة عام 1967 لانهزموا بعد انهدام خط بارلون.

و منها قوله تعالى: (لَقَدْ صَدَقَ اَللّٰهُ رَسُولَهُ اَلرُّؤْيٰا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرٰامَ إِنْ شٰاءَ اَللّٰهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لاٰ تَخٰافُونَ ..) (الفتح/ 2(7). فتأمل. و الآيتان من القسم الثالث.

ص: 320


1- - و من هذا القسم قوله تعالى: (وَ أَلْقَيْنٰا بَيْنَهُمُ اَلْعَدٰاوَةَ وَ اَلْبَغْضٰاءَ إِلىٰ يَوْمِ اَلْقِيٰامَةِ ) فان التجربة القطيعة شاهدة بوجود العداوة بين ارباب الاديان المختلفة و المذاهب المتفاوتة و ستدوم الى يوم القيامة. بل فى الآية سؤال أو سؤالان يحتاجان الى الجواب.

و منها قوله تعالى (وَ اَللّٰهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اَلنّٰاسِ ) الآية معجزة للنبى الاكرم صلّى الله عليه و آله و سلّم فان الله اخبره بسلامته و عصمته من الناس و امره بتبلغ ما انزل اليه من ربه و لم يضره و لم يقتله احد على تبليغ رسالة، و اما قتله فى آخر عمره فلا تنفيه الآية، بل مقتضى قوله: (أَ فَإِنْ مٰاتَ أَوْ قُتِلَ اِنْقَلَبْتُمْ عَلىٰ أَعْقٰابِكُمْ ) جوازه فموته بالسم لا ينافى عصمته من شر الناس على ان نزول آية العصمة فى حجة الوداع متأخرة عن زمان تسممه باللحم المسموم من قبل اليهودية.

و منها قوله تعالى: (سَيُهْزَمُ اَلْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ اَلدُّبُرَ).

و منها قوله: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اَللّٰهِ بِأَفْوٰاهِهِمْ وَ اَللّٰهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكٰافِرُونَ هُوَ اَلَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدىٰ وَ دِينِ اَلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى اَلدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ ) (الصف/ 8-9) و قريب منه ما فى سورة البراءة/ 32 و 3(3).

و منها قوله: (الم غُلِبَتِ اَلرُّومُ فِي أَدْنَى اَلْأَرْضِ وَ هُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ ). و قوله تعالى: (إِنَّ اَلَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لَرٰادُّكَ إِلىٰ مَعٰادٍ) على الوجه. و قوله: (إِنَّ شٰانِئَكَ هُوَ اَلْأَبْتَرُ) ولاحظ تفصيل هذه الآيات فى التفاسير.

و من معجزاته صلّى الله عليه و آله و سلّم: انه كان رجلاً اميّاً عاش بين قوم جاهلين فاسدين فاتى بكتاب هوبين ايدينا الى اليوم.

ص: 321

قال الله تعالى: (قُلْ لَوْ شٰاءَ اَللّٰهُ مٰا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَ لاٰ أَدْرٰاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَ فَلاٰ تَعْقِلُونَ ) (يونس/ 16)، و قال: (وَ مٰا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتٰابٍ وَ لاٰ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَرْتٰابَ اَلْمُبْطِلُونَ ) (العنكبوت/ 4(8).

و منها ما دلّ على التحدى بالقرآن و هذا التحدى بقى الى اليوم و هو من القرن الواحد و العشرين قال: (وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّٰا نَزَّلْنٰا عَلىٰ عَبْدِنٰا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ (1)وَ اُدْعُوا شُهَدٰاءَكُمْ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ لَنْ تَفْعَلُوا) (البقرة/ 23-2(4).

و قال: (أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَرٰاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَ اُدْعُوا مَنِ اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ ) (يونس/ 3(8).

و قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ اِفْتَرٰاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيٰاتٍ وَ اُدْعُوا مَنِ اِسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اَللّٰهِ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ ) (هود/ 1(3).

و قال تعالى: (قُلْ لَئِنِ اِجْتَمَعَتِ اَلْإِنْسُ وَ اَلْجِنُّ عَلىٰ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هٰذَا اَلْقُرْآنِ لاٰ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كٰانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الاسراء/ 8(8).

و قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لاٰ يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كٰانُوا صٰادِقِينَ ) (الطور/ 33-3(4).

و يشكل اثبات الترتب بين هذه الآيات بان يقال ان القرآن تحدى باتيان مثله ثم باتيان عشر سور ثم سورة، بل لعله غرض القرآن بالمجموع انه لا يمكن التحدى للانسان و ان استعان من الجن أيضاً ان يأتى بمثل القرآن أو

ص: 322


1- - اى مثل ما نزلنا أو من مثل محمد لم يتعلم بل كان اميّاً.

بمثل جملة من سورة أو جملة معتد بها من آياته أو بمثل سورة منه كسورة البقرة أو يونس مثلاً.

و اما الايتان بمثل سورة الكوثر و العصر و امثالهما فالظاهر عدم الحدى به، بل الظاهر تيسره للفضلاء فتأمل.

ثم المراد - ظاهراً من التحدى - بالمثل إيتان ما هو مثله فى مثله فى المحتوى الموجود فى مداليل الآيات و فى الالفاظ و فى الفصاحة و البلاغة.

و قال بعض الفضلاء إما ان يكون القرآن مساوياً لكلام سائر الفصحاء أو زائد عليه بما لا ينقض العادة أو بما ينقضها، والاولان باطلان، لانهم مع كونهم ائمة الفصاحة تحدّوا بسورة منه مجتمعين أو منفردين ثم لم يأتوا بها، مع انهم كانوا متهالكين فى ابطال امره حتى بذلوا النفس و الاموال. فيتعين القسم الثالث.

و أيضاً: ان بلغت السورة المتحدى بها فى الفصاحة الى حد الاعجاز فقد حصل المقصود والا فامتناعهم عن المعارضة مع شدة دواعيهم الى توهين امره معجز، فعلى التقدير يحصل الاعجاز. النتهى.

واعلم أن لنا كتاباً الّفناه فى شبابنا وطبعنا باسم (قرآن يا سند اسلام) و فصلنا الكلام هناك فلا حاجة الى التكرار والله الؤيد.

و هذا الوجه والوجه السابق عليه عمدة الوجوه فى الباب والله يهدى من يشاء.

تنبيه: و لابد للمحق من مراجعة الباب 15 (من ص 121 الى ص 174) فى الجزء 89 من البحار فانه مرتبط بهذين البابين.

ص: 323

و على كل أنما ينفع هذا الباب أو الوجهان الاخيران من له يد فى العربية و التاريخ الاسلامى الى حد ما، لاكل مكلف فى شرق الارض و فى غربها، و انا اعتقد أنّ منكرى النبوة معظمهم من الجاهلين القاصرين، و قليل منهم من المقصرين و الشاذ منهم من المعاندين، فهم معذورون يوم القيامة، و ان شئت فقل ان دلائل النبوة نظرية و لا تكفى فى زماننا لجميع اصناف المكلفين فهم كافرون محكومون باحكام الكفر الوضعية، و اما استحقاقهم للعقاب يوم القيامة فهو غير الثابت فضلا عن استحقاقهم للخولد و ذلك لقصورهم و عدم اتمام الحجة عليهم و الله سبحانه يقول (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ).

فان قلت: خلق الله الجن و الانس لعبادته كما صرح به فى كتابه، فيلغوا خلق الجاهل القاصر تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا.

قلت مع نقضه بالمعاند و المقصر: أولاً ان العبادة علة غائية لنوع الانسان لا لكل فرد فرد والا لغى خلق المجانين و الاطفال الذين يموتون قبل البلوغ و كثير من افراد انواع الحيوانان و النباتات تتلف قبل الوصول الى اهدافها و غاياتها و تفصيل هذا الموضوع مذكور فى الجزء الاول من صراط الحق.

و ثانياً: ان الملائكة سألوا الله تعالى: (أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ ... قٰالَ إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ وَ عَلَّمَ آدَمَ اَلْأَسْمٰاءَ كُلَّهٰا... قٰالَ يٰا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمٰائِهِمْ فَلَمّٰا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمٰائِهِمْ قٰالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضِ ...) (البقرة/ 33 3(0).

ويفهم من مجموع هذه الآيات المشتملة على سؤال الملائكة و جوابه

ص: 324

تعالى ان الهدف من جعل الانسان خليفة فى الارض ليس مجرد الايمان و العمل الصالح حتى لا يخلق الفاسد و سفاك الدماء و اطلاق الكلام (مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ اَلدِّمٰاءَ ...) يشمل الكافر و غيره و عليه فيمكن ان يقال ان عمارة الارض بالعلم كعبادة الله علة للخلق، فافهم فانه دقيق ولم ارَ من ذكره.

الباب 2: جوامع معجزاته صلّى الله عليه و آله و سلّم و نوادرها (17:225)

أورد المؤلّف العلّامة فيه روايات مشتملة على كثير من معجزات صلّى الله عليه و آل و سلّم نقلها من قرب الاسناد و التفسير المنسوب الى الامام العسكرى عليه السّلام و من الخرائج و المناقب و الكافى.

اما ما نقله عن الكافى فهو ضعيف سندا و ما نقله عن المناقب و الخرائج فهو مرسل و اما التفسير المذكور المنسوب الى الامام فكاتبه مجهول و انا اظن بوضعه و لا يعتد به والعمدة الرواية الطويلة المشتملة على معجزات كثيرة، المتقولة من قرب الاسناد للحميرى الثقة و سند الرواية صحيح لانها عن الحسن بن ظريف عن معمر عن الرضا عن ابيه موسى عليه السّلام ذكرها و هو طفل خماسى بامر أبيه عليه السّلام لليهود السائلين عن معجزات نبينا صلّى الله عليه و آله و سلّم فانصفوا بعد استماعها فاسلموا. فان بيانها من طفل خماسى من نسله و ابن وصيه السادس الامام الصادق عليه السّلام معجزة اخرى للنبى الاكرم، و عمدة التردد انما هى فى نسبة النسخة من قرب الاسناد الموجودة عند المجلسى فانها لم تحرز وصولها اليه سند معتبر كما اشرنا اليه فى أوائل الكتاب و ذكرناه فى الطبعة الرابعة فى كتابنا (بحوث فى علم الرجال).

ص: 325

و يمكن ان يقال انه لا يحتمل اختلاق جميع المعجزات الكثيرة فى هذا الباب، فاذا صحت احداها تثبت نبوته و رسالته صلّى الله عليه و آله وسلّم.

الباب 3: ما ظهر له صلّى الله عليه و آله و سلّم شاهداً على حقيته من المعجزات السماوية (17:347)

و فيه معجزات كثيرة متعلقة بالامور العلوية اشهرها شق القمر، و دلالة الآية الكريمة عليه و ان كانت غير واضحة غير أن الروايات الواردة من طريق الشيعة و اهل السنة توكدها، والعمدة دعوى اتفاق المفسرين عليه، والاهم منها شهرة وقوعها بين المسلمين عوامهم و خواصهم، و دونه فى الشهرة رد الشمس لاميرالمؤمنين عليه السّلام بين الشيعة سواء فى حياته أو حياة النبى الاكرم صلّى الله عليه و آله وسلّم و تدل عليه روايات من الفريقين.

ورد الشمس فى الحقيقة تدوير كرة الارض الى الوراء ولكن المحسوس هو رد الشمس.

الباب 4: معجزاته صلّى الله عليه و آله و سلّم فى اطاعة الارضيات من الجمادات و النباتات له و تكلمها معه (17:363)

فيه أيضاً معجزات كثيرة فاذا صح بعضها فقد ثبت المطلوب و ان لم يعتبر سند كل واحدة واحدة من الروايات، لكن كذب كلها غير محتمل.

الباب 5: ما ظهر من اعجازه صلّى الله عليه و آله و سلّم فى الحيوانات بانواعها... (17:390)

فيه معجزات ولعل اشهرها سد الغار - حين الهجرة الى المدينة - بنسيج العنكبوت دفعاً لشر مشركى قريش مكة، فلو صح واحدة منها لا ثبت

ص: 326

رسالته صلّى الله عليه و آله و سلّم و يبعد كل البعد كذب جميع المذكورات فى الباب.

ج 18: بقية معجزات و بعثته و هجرته

اشارة

الباب 6: معجزات فى استجابة دعائه فى احياء الموتى و التكلم معهم و شفاء المرضى و غيرها... (18:1)

أورد المؤلّف العلّامة المتتبع خمسين معجزة لا يحتمل كذب جميعها فاذا صحت بعضها ثبت المطلوب. و ان شئت فقل أنا نثبت المطلوب من طريق التواتر الاجمالى فهو فلا يضر ضعف اسناد كل رواية رواية و هذا واضح، ثم المذكور برقم 47 معتبرة سنداً.

الباب 7: وفيه ما ظهر من اعجاز صلّى الله عليه و آله و سلّمفى بركة اعضائه الشريفة و تكثير الطعام و الشراب (18:23)

الكلام فى كالكلام فى الباب السابق، و فيه اكثر من ثلاثين معجزة. و فيه بعض المكررات.

الباب 8: معجزاته صلّى الله عليه و آله و سلم فى كفاية شر الاعداء (18:45)

أورد فيه آيات و روايات دالة على معجزات كثيرة و الكلام فيه كما فى سابقيه.

الباب 9: معجزات صلّى الله عليه و آله و سلّم فى استيلائه على الجن و الشياطين و ايمان بعض الجن به (18:76)

و الاحسن الاقتصار فيه على الآيات دون روايات الباب.

ص: 327

الباب 10: فى الهواتف من الجن و غيرهم بنبوته صلّى الله عليه و آله و سلّم (18:90)

والاحسن اهمال هذا الباب فانّ ما فيه مشكوك أو مظنون الكذب.

الباب 11: معجزاته فى اخباره صلّى الله عليه و آله و سلّم بالمغيبات. (18:105)

هذا الباب مثل الباب الاول (من ابواب معجزاته 17:159) فى الاهمية اذ فيه عدد كثير من اخباره بالغيب و من تأملها يقطع بصحة جملة منها من باب التواتر الاجمالى أو المعنوى فتثبت نبوته صلّى الله عليه و آله و سلّم فالله يرحم العلّامة المؤلّف حيث اتحف اهل العلم بتتبعه و تعبه احسن تحفة فمن اكمل الباب ثم قام بترجمته و ترجمة الباب الاول بلغة قومه و لغة عالمية اليوم و أودعها انترنت فقد خدم الاسلام و المسلمين. و لعل المذكورة برقم 37 معتبرة سنداً و كذا لا توجد فى الباب 12، رواية معتبرة.

ابواب احواله صلّى الله عليه و آله و سلّم من البعثة الى نزول المدينة

الباب 1: المبعث و اظهار الدعوة و ما لقى صلّى الله عليه و آله و سلّم من القوم... (18:148)

أورد فيه آيات كثيرة و روايات عددها تسع و ثمانين؛ و اذا اضيفت عليها الروايات غير المرقومة زيدت عدد الروايات، كما هو كذلك فى عدة من الابواب الاخرى، و المعتبر منها ما ذكر بارقام 3، 4، 26، 85، و فى غيرها يؤخذ القدر المشترك من روايات يطمئن بصدور بعضها، و من جملة المشتركات التى تثبت منها و من غيرها بحد القطع انه صلّى الله عليه و آله و سلّم أوذى من المشركين فى مكة إذية شديدة كثيرة، لكنه لم يضعف و لم يهن فى اداء رسالته.

و كان ينبغى للمؤلّف تقديم الباب الآتى على هذا الباب.

ص: 328

و فى الباب امور نشير الى بعضها:

1 - بيّن الله تعالى الغرض من بعث رسوله فى ثلاث آيات أنه تلاوة الآيات على الناس و تزكيتهم و تعليمهم الكتاب و الحكمة (البقرة/ 151 و آل عمران/ 164 و الجعة/ 2).

أقول: ذكر الله فى أوائل سورة الاسراء جملة من مصاديق الحكمة كعدم الشرك و عدم عبادة غير الله و الاحسان بالوالدين و ايتاء ذى القربى و المسكين و ابن السبيلو عدم التبذير و القول الميسور لمن يعرض عنه و عدم جعل اليد مغلولة الى العنق و عدم بسطها كل البسط و عدم قتل الاولاد خشية الاملاق و عدم الزنا و عدم قتل النفس المحرمة و عدم الاسراف فى القصاص و عدم القرب الى مال اليتيم إلّا بالتى هى احسن و الوفاء بالعهد و إيفاء الكيل و الميزان و عدم اتباع ما لا يعلمه و عدم المشى مرحاً، فان الله بعد النهى عن تلك الامور قال: (ذٰلِكَ مِمّٰا أَوْحىٰ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ اَلْحِكْمَةِ ..) (الاسراء/ 3(9).

و على كل يمكن ان يكون عطف التزكية و التعليم على تلاوة الآيات من عطف التفسير و ان كانا اعم منها فانهما يشملان السنة الزائدة على الكتاب أيضاً.

و يؤيد عطف التفسير ذكر الكتاب؛ فان الظاهر منه القرآن دون الكتاب اذ تعليم الكتابة ليس من اهداف النبوة، كما ان تعليم العلوم التجريبية و الطبيعية و الانسانية ليس منها. و يحتمل أن تكون التلاوة المذكورة مقدمة للتزكية و التعليم.

2 - المتحمل فى كلمة الاظهار فى قوله تعالى: (هُوَ اَلَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ

ص: 329

بِالْهُدىٰ وَ دِينِ اَلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى اَلدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْمُشْرِكُونَ ) (التوبة/ 3(3) هو الاظهار و الغلبة بالحجة دون الغلبة الخارجية سواء تحققت بعد ظهور المهدى (عجل الله تعالى فرجه) ام لم تتحقق لعدم دليل عليها.

و اما انتشار الاسلام فى البلاد الواسعة و تدين به بمليار واحد أو اكثر فى زماننا فهو ليس من غلبة الاسلام على جميع الأديان، فانها موجودة ولها اتباع كثيرون.

3 - فى صحيح عبيدالله الحلبى انه صلّى الله عليه و آله و سلّم مكث رسول الله بمكة بعدما جاءه الوحى.... ثلاثة عشرة سنة منها ثلاث سنين مختفياً خائفاً لا يظهر حتى امره الله ان يصدع بما امر به. و فى صحيح محمد الحلبى: اكتتم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بمكة مختفياً خائفاً خمس سنوات (18:177)، و فى صحيح محمد بن مسلم كصحيح عبيدالله الحلبى فى ثلاث سنين و هو أنسب بالاعتبار.

أقول: خوفه صلّى الله عليه و آله و سلّم لم يخص بزمان الاختفاء بل صار اشد منه فى زمان الاظهار.

4 - فى جملة من الروايات (18:189) و (94:35 و ما بعدها) ان مبعثه فى يوم 27 رجب. و فى رواية انه فى شهر رمضان و تلك الروايات و ان لم يكن فيها خبر صحيح السند يشكل ردها بعد اعتضادها بالشهرة العملية بين الامامية و ادعاء اتفاق الامامية عليه من العلّامة المجلسى (18:190).

ولكن من الظاهر أو المطمئن به ان بعثة النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم انما هى بآية من القرآن كقوله تعالى: (اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ) أو قوله: (يٰا أَيُّهَا اَلْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ) أو بكليمها مترتباً.

ص: 330

و من المصرح به فى القرآن ان القرآن انزل فى شهر رمضان فيتنج ان المبعث فى ليلة من شهر رمضان فيقع التنافى بين الامورين، و يمكن ان يقال فى رفع التنافى ان للقرآن نزولين نزولاً دفعياً فى شهر رمضان و نزولاً تدريجياً فى تمام مدة نبوته صلّى الله عليه و آله و سلّم (23 سنة).

و بالجملة: فنزوله التدرجى ابتدء من المبعث الى يوم موت النبى أو قتله صلّى الله عليه و آله و سلّم و نزوله الدفعى تحقق فى ليلة واحدة من رمضان.

أما نزوله فى شهر رمضان فيدل عليه قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضٰانَ اَلَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ هُدىً لِلنّٰاسِ وَ بَيِّنٰاتٍ مِنَ اَلْهُدىٰ وَ اَلْفُرْقٰانِ ) (البقرة/ 18(5).

و أما نزوله فى ليلة منه فيدل عليه قوله تعالى: (حم وَ اَلْكِتٰابِ اَلْمُبِينِ إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبٰارَكَةٍ إِنّٰا كُنّٰا مُنْذِرِينَ ) و قوله تعالى: (إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ).

و اما نزوله التدريجى فهو قطعى، بل لا يعبد كونه ضرورياً، و يدل عليه مضافا الى وضوحه و كونه مفهوماً من كثير من الآيات القرآنية، قوله: (وَ قٰالَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لاٰ نُزِّلَ عَلَيْهِ اَلْقُرْآنُ جُمْلَةً وٰاحِدَةً كَذٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤٰادَكَ وَ رَتَّلْنٰاهُ تَرْتِيلاً) (الفرقان/ 32) و قوله: (وَ قُرْآناً فَرَقْنٰاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى اَلنّٰاسِ عَلىٰ مُكْثٍ وَ نَزَّلْنٰاهُ تَنْزِيلاً) (الاسراء/ 10(6).

يقول الصدوق و هو شيخ المحدثين - اعتقادنا فى ذلك ان القرآن نزل فى شهر رمضان فى ليلة القدر جملة واحدة فى البيت المعمور ثم نزل من البيت المعمور فى مدة عشرين سنة (هكذا) و إن الله اعطى نبيه العلم جملة واحدة، ثم قال له (وَ لاٰ تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) (طه/ 11(4) و قال

ص: 331

عزوجل: (لاٰ تُحَرِّكْ بِهِ لِسٰانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ) الى قوله: بيانه. (18:25(0).

يقول المؤلّف العلّامة فى مقام الدفاع عن الصدوق ممّا أورد عليه شيخ الشيعة، الشيخ المفيد رحمهم الله جميعا - و ورد فى بعض الروايات ان القرآن نزول فى أول ليلة من شهر رمضان(1) و دل بعضها على ان ابتداء نزوله فى المبعث، فجمع بينها بان فى ليلة القدر نزل القرآن جملة من اللوح الى السماء الرابعة(2) لينزل من السماء الرابعة الى الارض بالتدريج ونزل فى أول ليلة من شهر رمضان جملة القرآن على النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم ليعلم هو، لا ليتلوه على الناس ثم

ص: 332


1- - روى الصدوق فى اماليه عن احمد بن على ابراهيم عن ابيه عن جده عن ابى المغيرة عن عمرو الشامى عن الصادق عليه السّلام: و قلب شهر رمضان ليلة القدر و نزل القرآن فى أول ليلة من شهر رمضان... (94:11) و احمد بن على و عمرو الشامى مجهولان.
2- - و رواه فيه عن العطار عن سعد عن الاصبهانى عن المنقرى عن حفص قال: قلت للصادق عليه السّلام... كيف انزل القرآن فى شهر رمضان و انما انزل القرآن فى مدة عشرين سنة أوله و آخره ؟... كيف انزل القرآن فى شهر رمضان و انما انزل القرآن فى مدة عشرين سنة أوله و آخره ؟ فقال عليه السّلام انزل القرآن جملة واحدة فى شهر رمضان الى البيت العمور ثم انزل من البيت المعمور فى مدة عشرين سنة (94:11). اقول: سند الرواية ضعيف بقاسم بن محمد الاصفهانى، بل بسلمان بن داؤد المنقرى بزعم المؤلّف العلّامة فى محكمى و جيزته و ان كان عندنا ثقة بتوثيق النجاشى. و على كل كلتا الروايتان ضعيفتان مع ان ظاهر الثانية نفى نزول القرآن فى أول ليلة من شهر رمضان و لابد من نفيه لانه مخالف لنزوله فى ليلة القدر المصرح به فى القرآن و الرواية ذكر ليلة القدر و لم تتعرض لنزوله فيها بل ذكر نزوله فى أول ليلة فلنطرح حتى و ان فرضنا اعتبارها سنداً مع انها غير معتبرة، و يعارضها رواية القمى أيضاً لكنها ضعيفة أيضاً (94:12)، و مثل رواية حفص مرسلة ابراهيم (94:25).

ابتدأ نزوله آية آية و سورة سورة فى المبعث أو غيره ليتلوه على الناس، و هذا الحمع مؤيد بالاخبار، و يمكن الجمع بوجوه اُخر سيأتى تحقيقها فى باب ليلة القدر و غيره (18:253 و 254).

أقول: هذا الجمع من الصدوق و المجلسى رحمهما الله - ضيف بضعف ما استدل له من الروايات سنداً، و علم النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم بالآيات قبل نزولها غير ثابت و ما استدل له الصدوق من الآيتين ضعيف لعدم دلالتهما عليه بل لهما احتمال آخر كما هو مذكرو فى التفاسير(1) بل علم النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم بالقرآن قبل النزول التدريجى مضافا الى عدم ثبوته - مدفوع بالآيات المتضمنة لعتابه صلّى الله عليه و آله و سلّم و قوله تعالى: (عَفَا اَللّٰهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ )، و قوله تعالى: (عَبَسَ وَ تَوَلّٰى أَنْ جٰاءَهُ اَلْأَعْمىٰ ..)، و قوله تعالى: (فَلاٰ تَكُونَنَّ مِنَ اَلْجٰاهِلِينَ ) (الانعام/ 35). اذ لا يحتمل اقدامه مع علمه بالواقع على ما يوجب عتابه - و لا يقول بما يوجب نزوله قوله (مَا اَللّٰهُ مُبْدِيهِ ) و قس عليه غيره.

و على كل التنافى انما هو بين الآيات الدالة على نزول القرآن فى شهر رمضان الظاهرة فى نزول تمامه أو تمام الكتاب فيه، و بين ما دل و ما نعلمه خارچاً من نزوله فى 23 سنة.

و طريق الجمع بينهما رفع اليد عن ظهور الطائفة الاولى عن نزول تمامه

ص: 333


1- - الظاهر ان مدلول الآيتين هو الاحتمال الأوّل من الاحتمالات الثلاثة المذكورة فى كلام الطبرسى (18:245) و مجمع البيان: 32/7.

فيه، و نحملها على ابتداء نزوله فيه، و هذا جمع عرفى معقول.

على ان الظهور المذكور ممكن المنع. فان القرآن (المذكورة فى آية البقرة: أُنْزِلَ فِيهِ اَلْقُرْآنُ ) و الكتاب (فى أول سورة الدخان) يصدقان على البعض و الكل و ليسا بظاهرين فى تمام الآيات القرآنية، كما نعرفه نحن اليوم و ليست آيتا البقرة و الدخان بآخر ما نزلتا على النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم و الظاهر ان الضمير فى سورة القدر (إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ ) راجع الى القرآن أو الكتاب، فمعنى نزول القرآن ليلة القدر يصدق بنزول بعضه أيضاً كما يصدق بنزول كله و القول بكل منهما ليس مخالفاً للظاهر، فنختار الاول و هو عين ابتداء نزول القرآن فى ليلة القدر. والله أعلم.

و خلاصة الكلام:

أولاً: تعدد نزول القرآن مرتين كما هو المشهور غير ثابت، سواء قلنا بنزله الاول فى البيت المعمور أو على قلب النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم أو بكليهما، كما يظهر من المجلسى رحمة الله.

ثانياً: فرض علم النبى الاكرم صلّى الله عليه و آله و سلّم بالقرآن قبل نزوله التدريجى مقرون بمشكلة اخرى و هى منافات لآيات داله على عتابه صلّى الله عليه و آله و سلّم و لقوله تعالى: (وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ اَلْغٰافِلِينَ ) و نحوه.

ثالثاً: اذا فرضنا بعثه صلّى الله عليه و آله و سلّم بآية أو آيات قرآنية فالمبعث فى شهر رمضان لا محالة، و اما اذا لم نفرضه كذلك فلا مانع من وقوعه فى شهر رجب، لكنه بعيد.

ص: 334

رابعاً: ان قول المجلسى صعيف سواء قال بتقديم رجب الذى فيه مبعثه على رمضان الذى انزل القرآن فى أوله أو بتأخره عنه و سواء قال بتقدم رمضان الذى انزل القرآن فى ليلة قدره فى البيت المعمور على رمضان الذى نزل القرآن فى أول ليلته على قلب النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم أو قال بتأخره و ان كان الثانى اشد بعداً، بل لعله لا قائل به و بين وحدة رمضان الذى نزل القرآن فى أوله مرة و فى ليلة قدره اخرى و تعدده.

خامساً: لا مانع منذكر القرآن بتمامه قبل نزول التدريجى فى اللوح المحفوظ (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) و منه يظهر امكان نزوله فى السماء الدنيا أو فى السماء الرابعة قبل نزوله على النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم ان دلّ دليل معتبر عليه اثباتاً خلافاً لبعض المفسرين المعاصرين رحمة الله و الشيخ المفيد و بعض اهل السنة وهذا المفسر اخترع فى المقام قولاً آخر و هو ان النازل فى ليلة القدر و ليلة المباركة هو حقيقة الكتاب المبين على قلب رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم دفعة و النازل تدريجاً فى مدة الدعوة النبوية هو القرآن المفصل و القرآن فى مرتبة التنزيل بالنسبة الى كتاب المبين بمنزلة اللباس من المتلبس و بمنزلة المثال من الحقيقة.

و لا حظ كلامه بطوله فى تفسيره(1) ولا اظن اثباته بدليل مقنع. نعم لا مانع من تعليم الله سبحانه نبيه اصول المعارف الراجعة الى التوحيد، بل و اصول وظائف واتجاهاته، ولكنها لا يصدق عليها الكتاب و القرآن حتى يقال أنه

ص: 335


1- - الميزان: 2:18.

المراد من انزل الكتاب و القرآن فى شهر رمضان.

فان قلت: للنزول الدفعيمانع قوى، فان جملة من الآيات تحكى و تخبر عن حدوث قضايا و وقوع حوادث قبل زمان الاخبار، فلو فرض تقدم الاخبار عليها لزوم الكذب، كقوله تعالى: (عَبَسَ وَ تَوَلّٰى أَنْ جٰاءَهُ اَلْأَعْمىٰ ..)، و قوله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اَللّٰهُ قَوْلَ اَلَّتِي تُجٰادِلُكَ فِي زَوْجِهٰا..)، و امثالهما غير عزيزة فى القرآن.

قلت: نمنع كونه مستلزم للكذب اذا كان ايجاد تلك الالفاظ بقصد انها يقال فى المستقبل و بعد تحقق معانيها لاسيما من عالم الغيب الخارج من الزمان و المكان:

لا مكانى كه در او نور خداست

ماضى و مستقبل و حالش بكجا است

سادساً: يحمل العموم فى قوله تعالى: (وَ نَزَّلْنٰا عَلَيْكَ اَلْكِتٰابَ تِبْيٰاناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً وَ بُشْرىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ) (النحل/ 8(9) على الاشياء المؤثرة فى تقرب الانسان بالحق تعالى أولاً، و على تبيان الامور الكلى دون تفصيل الجزئيات ثانياً.

سابعاً: فى الصحيح عن الباقر عليه السّلام حول قوله تعالى: (إِنَّمٰا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هٰادٍ): المنذر رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و على الهادى... فى كل زمان إمام منا يهديهم الى ما جاء به رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم (18:19(0).

أقول: لاشك انه صلّى الله عليه و آله و سلّم هاد (وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلىٰ صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (الشورى/ 5(2) إلّا ان تحمل الهداية على الايصال الى المطلوب و يؤيده

ص: 336

بعض آيات اُخر، لكن ينافيه قوله: (وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هٰادٍ) فان هؤلاء الهداة لا يصلون اقوامهم الى المطلوب بل عملهم ارائة الطريق، و قال التعالى: (إِنَّكَ لاٰ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لٰكِنَّ اَللّٰهَ يَهْدِي مَنْ يَشٰاءُ ...).

قال بعض المفسرين: و ليس اليك شىء من ذلك، انما انت هاد تهديهم من طريق الانذار... و الآيظ تدل على ان الارض لا تخلو من هادٍ يهدى الناس الى الحق اما نبى أو منذر و اما هادٍ غيره يهدى بامر الله.

أقول: هذا مما لا بأس به فى نفسه لكنه تغافل عن ظهور الآية فى تغاير المنذر و الهادى و حصر كونه فى المنذر، إلّا ان يقال ان الحصر راجع الى نفى قدرته على آية معجزة من ربه كما طالبها الكفار فى صدر الآية: (وَ يَقُولُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لاٰ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ) و اثبات الهادى لكل قوم لا ينافى هدايته لامته، فلا اشكال فى الآية. فتامل.

الباب الآخر 2: فى كيفية صدور الوحى و نزول جبرئيل عليه السّلام... و انه صلّى الله عليه و آله و سلّم هل كان قبل البعثة متعبداً بشريعة ام لا؟ (18:244)

أورد فيه المؤلّف العلّامة آيات و روايات، و المعتبر منها سنداً ما ذكر بارقام 17، 22، 23، 25، 27 وكلها منقولة من الكافى، ونذكر بعض ما يلزم ذكره:

1 - (وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اَللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مٰا يَشٰاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ).

(و كذلك أوحينا إليك من أمرنا ما كنت تدرى ما الكتاب و لا الايمان ولكن جعناه نوراً نهدى به من نشاء من عبادنا و انك لتهدى الى

ص: 337

صِرٰاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (الشورى/ 51 و 5(2).

فى الآيتين مطلبان:

الاول: فى ان تكلمه تعالى مع البشر على اقسام ثلاثة: أولها الوحى بلا حجاب و بلا واسطة كالقذف فى الروع و الالقاء فى الروح، و يمكن ان نعدّ منه ما يراه الانبياء فى المنام فانه بلا حجاب جسمانى أيضاً اذا لم يكن بواسطة ملك. خلافاً لمن جعله من القسم الثانى.

ثانيها: التكلم مع حجاب كتكلمه مع موسى عليه السّلام من الشجرة.

و ثالثها: بواسطة رسول كجبرئيل - فيوحى الى النبى باذن الل(1) ه.

واما علم الرسول الملك فلعله أيضاً باحد تلك الوجوه الثالثة حتى ينتهى الى ما فى اللوح المحفوظ.

و فى صحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه السّلام:... تأتى مقام جبرئيل و هو تحت الميزاب، فانه كان مكانه اذا استأذن على نبى الله صلّى الله عليه و آله و سلّم (18:262).

وعلى استئذان جبرئيل منه صلّى الله عليه و آله و سلّم روايات اخرى ضعيفة سنداً تؤيد هذه الرواية، فيفهم منه ان الغشية التى كانت تأخذ النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم كانت عند مخاطبة الله النبى بغير رسول كما فى بعض الروايات غير المعتبرة أيضاً (18:160 و غيرها و ص 271).

ص: 338


1- - تفسير الآية الاولى بما ذكرنا مجرد و تطبيق اجتهادى و ليس بظاهر من الفاظ الآية، والله العالم بمراده.

و اعلم انه وردت فى كيفية الوحى روايات فى الباب و حيث انها ضعيفة سنداً لم نعتمد عليها، و ربما يأتى فى كتاب الامامة ما ينفع المقام، و هذا مقصد مهم يهتم العقل بمعرفته لكنه لا سبيل اليه من النصوص المعتبرة الدينية(1).

المطلب الثانى: أن مقتضى الآية الثانية النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم قبل إحياء الروح اليه كان لا يدرى الكتاب و الايمان كغيره من اهل مكة، و هو ينافى الروايات الضعيفة المتقدمة الدالة على تهليل روحه و تسبيحه دهراً طويلاً فى العالم السابق و لا يبقى معه مجالاً للبحث عن تعبده بدين قبل نبوته و يؤيده بعض الآيات فى الجملة. كقوله: (وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ اَلْغٰافِلِينَ ) (يوسف/ 3) و قوله: (مٰا كُنْتَ تَعْلَمُهٰا أَنْتَ وَ لاٰ قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هٰذٰا) (هود/ 4(9).

و حمله بعض المفسرين المعاصرين رحمة الله على عدم دراية الكتاب و الايمان تفصيلاً، فان الذين اعطاه الله بعد ايحاء الروح هو العلم التفصيلى، فهذا لا ينافيه عمله بالايمان و الكتاب اجمالاً، و هذا جواب لا بأس به ان وجدت علهى قرينة معتمدة، و لم اجدها.

واعلم ان الآية: (أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنٰا) تحتمل وجهين:

الاول: ان يراد بالروح القرآن لاحيائه نفوس الناس لكنه يبعده عدم مناسبة القيد (مِنْ أَمْرِنٰا) له. و كذا يبعده ذكر الكتاب بعد ذالك بدل الضمير

الثانى: ان يراد به الروح المشار اليه فى القرآن كقوله: (يَوْمَ يَقُومُ اَلرُّوحُ وَ اَلْمَلاٰئِكَةُ )، و قوله: (تَنَزَّلُ اَلْمَلاٰئِكَةُ وَ اَلرُّوحُ )، أو روحانى آخر مثله و

ص: 339


1- - ولاحظ صحيح الاحول (18:266).

شبهه و يبعّده استلزامه تفسير الايحاء بالارسال حينئذٍ، و لعله لا مرجّح لاحد الوجهين على الآخر بحسب اللفظ. و اما بحسب بعض الروايات المعتبرة و غير المعتبرة المنقولة من الكافى (18:264 الى 266) يحسن اختيار الاحتمال الثانى، ففى صحيح ابى بصير قال: سألت أبا عبدالله عليه السّلام عن قول الله تبارك و تعالى: (وَ كَذٰلِكَ أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنٰا مٰا كُنْتَ تَدْرِي مَا اَلْكِتٰابُ وَ لاَ اَلْإِيمٰانُ )، قال: خلق من خلق الله اعظم من جبرئيل و ميكائيل كان مع رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يخبره و يسدّده و هو مع الائمة من بعده (18:265) و لاحظ اصول الكافى (1:27(3).

ثم ان نبينا كان حين بعثه الله رسولاً نبيّاً كما يستفاد من صحيح الاحول (18:266) و لا اجد فى الروايات المعتبرة عاجلاً وقت ارسال الله الروح الى محمد صلّى الله عليه و آله و سلّم وانه فى اى وقت من عمره ؟ نعم نقل عن على عليه السّلام فى نهج البلاغة:

«ولقد قرن الله به صلّى الله عليه و آله و سلّم من لدن كان فطيماً اعظم ملك من ملائكته ليسلك به طريق المكارم و محاسن اخلاق العالم ليله و نهاره» (18:271).

لكن يشكل ذلك باستلزام انه صلّى الله عليه و آله و سلّم كان عالماً بالكتاب من هذا الوقت. و يحتمل ان ارساله حين اعطاء الرسالة و يشهد له قوله: (وَ لٰكِنْ جَعَلْنٰاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشٰاءُ ..) فان هداية الناس بالروح أو بالكتاب يناسب حال الرسالة دون حال النبوة، لكن لازم هذا القول انه صلّى الله عليه و آله و سلّم لا يدرى الكتاب و الايمان الى حين الرسالة، و الالتزام به يصعب على المسلمين و لذا وجهه بعضهم بالدراية التفصيلية كما تقدم.

تذنيب: اعلم ان علماء الخاصة و العامة اختلفوا فى أنّ النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم هل

ص: 340

كان قبل بعثته متبعداً بشريعة ام لا؟

نقل المؤلّف العلّامة الاقوال و دلائلها (18: من ص 271 الى ص 281).

والمعلق الفقير يذكر خلاصة ما يترحج بنظره فى ضمن امور:

1 - هل النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم بعد بلوغه كان مهملاً أو مكلفاً بتكليف شرعى ؟

يبعد الاول من مثله مع استعداده و كونه يصبح هادياً مرشداً للناس الى يوم القيامة و بتدبر حول الموضوع ربما يحصل الاطمئنان بالوجه الثانى.

2 - و عليه فهل هو متعبد بشريعة خاصة به انزلها الله عليه أو متعبد بشريعة من مضى و من هو صاحب تلك الشريعة ؟

الظاهر انه ابراهيم الخليل عليه السّلام دون عيسى فان عيسى بعث الى بنى اسرائيل دون بنى اسماعيل كما اشرنا اليه فيما مضى(1) فشريعة ابراهيم بقيت فى بنى اسماعيل الى بعثة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ولم تنسخ بشريعة عيسى و انما نسختها فى بنى اسرائيل شريعة موسى، فشريعة عيسى لم تكن ناسخة لشريعة ابراهيم مطلقاً فلاحظ و تأمّل.

3 - وعلى كل السؤال المطروح على طاولة البحث: هل النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم كان متعبداً بشريعة ابراهيم عليه السّلام أو بشريعة خاصة بنفسه ؟ و أورد عليه بلزوم افضلية ابراهيم من رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم لفضل المتبوع على التابع و لا عكس.

و فيه انه لا دليل عليه و انما الممنوع ترجيح المرجوح على الراجح، و هذا انما يتحقق فى فرض حياة الفردين فيجعل الله مرجوحها متبوعاً و

ص: 341


1- - فى الصفحة (304) من هذه الكتاب

راجح تابعاً. و اما فى مثل المقام فيمكن ارجحية التابع من المتبوع الذى قضى نحبه، و ثانياً: ان المسلم افضلية رسول الله على ابراهيم بعد رسالته و اما قبلها بل قبل نبوته فليس عليها دليل قاطع.

4 - بل يمكن ان يستدل على تعبده بشريعة ابراهيم بقوله تعالى: (ثُمَّ أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ أَنِ اِتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرٰاهِيمَ حَنِيفاً) (النمل/ 11(3).

لكن يتوقف الاستدلال المذكور على تحقق الايحاء باتباع ملة ابراهيم قبل رسالة، و احرازه مشكل.

5 - فان قلت الايحاء مستلزم للرسالة فيكون الاتباع من شريعته.

قلت: أولاً: ان اتباع ملة ابراهيم ظاهر فى المتابعة و على جهة العمل بملته لا على جهة شرعه.

و ثانياً: ان الايحاء اعم من الرسالة و المتيقن انه مستلزم للنبوة و كم من نبى تابع لولى العزم، فالنبوة لا تنافى المتابعة للرسل.

6 - و منه ينقدح ضعف ما قاله المؤلّف من انه كان نبياً و النبى مكلف بشريعته اذ فيه أولاً ان الكبرى غير مسلمة كما عرفت و ثانياً الصغرى و ان كانت مقبولة لكن لم اجد دليلاً مقبولاً على تحقق نبوته حين بلوغه فضلاً عما قبله بل يحتمل صيرورته صلّى الله عليه و آله و سلّم نبياً حين بلوغه خمس و ثلاثين سنة فالاحسن ان يقال و الله اعلم.

الباب 3: اثبات المعراج و معناه و كيفيت و صفته و ما جرى فيه و وصف البراق (18:282)

أورد فيه المؤلّف المتتبع رحمة الله خمس عشرة آية و اكثر من مأة و عشرين

ص: 342

رواية و المحقق يمكن استخراج بعض المطالب و من الروايات سواء صحت اسانيدها - كما فى ارقام 14، 15، 18، 48، 54، 59 على الأرجح و 64 على وجه و 66، 74. ام لم تصح كغيرها، اذا اتفقت عليه بمقدار يطمئن بصدور بعضها عن الائمة عليهم السّلام. و على كل نحن نشير الى بعض ما يتعلق بالباب:

1 - اصل المعراج ورد فى القرآن و السنة و تسالم عليه المسلمون، و يمكن ان نستدل على كونه جسمانياً أولا بكلمة العبد المنصرف الى الروح و البدن، فذهابه الى البيت المقدس ليس بالروح فقط. و اما الدليل على كون عروجه الى السماء بالجسم فتشير اليه كلمة (الفوائد)، و كلمة (اَلْبَصَرِ) و كلمة (فَاعْبُدْهُ )، المذكورة فى آيات سورة النجم (17 1(0) و قبله المسلمون و لا عبرة بمخالفة من خصوا عروجه بروحه صلّى الله عليه و آله و سلّمفانهم شواذ.

لكن انصراف العبد الى الروح و البدن يصلح مؤيداً لا دليلاً يعتمد عليه و حمل الفؤاد على الروح دون العضو المادى محتمل(1) فالعمدة هى كلمة (اَلْبَصَرِ) فى آيات القرآن لاثبات المعراج الجسماى و ما فى تفسير الميزان (19:3(2)، مطبعة اسماعيليان) من ان المراد بالابصار رؤيته بقلبه لا بجارحة العين فان... تاويل و ترك للظاهر من دون دليل فلا نقبله.

اللهم إلّا أن يجعل آيات النجم غير ظاهرة فى المعراج بقطع النظر عن الشهرة الخارجية و انها من المتشابهات لتطرق الاحتمالات فيها.

ص: 343


1- - الكلام حول هذا الحمل طويل الذيل لاحظ كتابنا (روح از نظر دين و عقل و علم روحى جديد).

و هنا احتمال آخر نسب فى تفسير الميزان الى جمع و هو ان يكون الاسراء الى المسجد الاقصى جسمانياً ثم بعد ذلك الى سدرة المنتهى و ما بعدها روحانياً، ولعل المشهور بين المسلمين هو كونهما معاً جسمانياً، لكن ذهاب انسان بجسمه و روحه ثم رجوعه فى ليلة واحدة من الكرة الارضية الى السماوات مع الصلوات فى اماكن من الارض و الكرات السامية و التكلم مع الله والمؤمنين و دخول الجنان و مشاهدة تمثلات برزخية كما فى الروايات الكثيرظ بعيدة جداً، بل مجرد طى مسافة سنوات نورية أو ملايين سنوات نورية بعد فرض خروج جنة المأوى عن مجرتنا، بل عن السماوات(1) و فرض كون النجوم و الكواكب المحسوسة من السماء الدنيا (إِنّٰا زَيَّنَّا اَلسَّمٰاءَ اَلدُّنْيٰا بِزِينَةٍ اَلْكَوٰاكِبِ ) فى ليلة واحدة بعيدة.

لا أقول انه مستحيل عقلاً حتى و ان صح نظرية انشتاين فى تحديد سرعة النور و عدم تحقق سرعة حركة الاجسام ازيد منه، فان الله قادر على اسراء احد بجسمه و روحه بالف وسيلة غير ما فرضه انشتاين و امثاله و علماء الفيزياء و العلوم الحديثة، بل اقول انه مستبعد.

و هنا شىء آخر و هو فرض عدم تجرد الروح من البدن فى جميع النشئات و أنها فى كل نشئة لها بدن، بل قيل ان له بدن خاص حتى فى الحياة الدنيا حين تعلقه بهذا البدن الكثيف المادى و قد ذكرنا بعض الكلام فيه فى

ص: 344


1- - كما يستفاد من قوله تعالى: (جَنَّةٍ عَرْضُهَا اَلسَّمٰاوٰاتُ وَ اَلْأَرْضُ ) و تحقيق هذا الموضوع و سائر ما يتعلق بالمقام فى بعض كتبنا الاُخر باللغة الفارسية.

كتابنا بالفارسية (روح از نظر دين و عقل و علم روحى جديد).

و عليه فيمكن ان يقال انه صلّى الله عليه و آله و سلّم عرجه الى فوق السماوات بروحه و بدنه الخاص اللطيف على مصطلح بعض الاخبار أو مصطلح علماء العلم الروحى الجديد. و الكن ممكن والله العالم. بل هذا هو الانسب بملاحظة تكلمه مع الانبياء و الملائكة فى السماوات، فان اجسامهم لطيفة.

و أما الدلائل المذكورة فى تفسير الرازى لاثبات جسمانية المعراج فكله اليوم صبيانية و عذره فى ايرادها جهله بالعلوم الحديثة التى يعرفها اليوم طلاب المدارس المتوسطة! فلا معنى لنقلها وردها فانها اضاعة العمر فى امر ابطلته العلوم الحديثة بطلاناً واضحاً.

2 - فى صحيح ابى بصير عن الصادق عليه السّلام... فقال (اى جبرائيل): إمضه فوالله لقد وطئت مكاناً ما وطئه بشر و ما مشى فيه بشر قبلك (18:306).

تدل الصحيحة على افضليته صلّى الله عليه و آله و سلّم من جميع البشر، كما ان صحيح معاوية يدل على فضيلة كبيرة لشيعة اميرالمؤمنين و الائمة عليهم السّلام (18:307).

3 - فى رواية الكافى المجهولة على الارجح بالكاهلى عن الصادق عليه السّلام: لما اسرى برسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم اتاه جبرئيل بالبراق فركبها فاتى بيت المقدس فلقى من لقى من اخوانه من الانبياء صلوات الله عليهم ثم رجع فحدث اصحابه... (18:310)

أقول: تدل الرواية كبعض روايات اخرى على ان معراجه صلّى الله عليه و آله و سلّم انتهى بالوصول الى بيت المقدس و عروجه الى سدرة المنتهى فما فوقهم انما هو

ص: 345

معراج ثان فلاحظ ما ينافيها من بعض روايات اخرى.

4 - اذا جمع جميع ما ورد فى البراقى ربما يستفاد منه ان البراقى ليس بحيوان، بل هو ماكنة و مركبة فضائية معقدة كما ذكرناه فى كتابنا (حل 66 سؤال دينى) الذى الفناه فى شبابنا.

و عن الصدوق بالاسانيد عن الرضا عن آبائه عليهم السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ان الله سخر لى البراق، و هى بدابة من دواب الجنة، ليست بالقصير و لا بالطويل، فلو ان الله تعالى اذن لها لجالت الدنيا و الآخرة فى جرية واحدة... (18:316).

أقول: كل واحد من الاسانيد الثالثة و ان كان غير معتبر لكن يبعد كذب كلها، فلاحظ. و يمكن انه جسم لطيف، بل هو المتعين اذا قلنا بانهصلّى الله عليه و آله و سلّم صعد بجسمه اللطيف.

5 - يستفاد من معتبرة الصدوق فى اماليه عن الصادق عليه السّلام طهارة المشركين و انهم ليسوا بنجس فان رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم شرب من مائهم و لم يتعرض لها الفقهاء على ما اعلم عاجلاً، و تدل على انتهاء المعراج بالوصول الى بيت المقدس ثم رده الى مكة (18:336)، فلاحظ.

6 - تدل معتبرة زرارة عن الباقر عليه السّلام أولاً ان رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم رأى نار جهنم و ثانياً على انها فى السماء دو الأرض (18:341).

7 - اطول رواية

ص: 346

معتبرة سنداً و مصدراً، ودت فى معراجه صلّى الله عليه و آله و سلّم روايط الكافى و العلل نقلها المؤلّف فى (الباب 66 ص 354) و اما الرواية الطويلة المفصلة فى تفسير القمى على فرض كونها رواية واحدة - فهى و ان كانت معتبرة سنداً لكن سبق ان نسبة التفسير الى القمى الشتباه وعلى فرض صحة النسب فنسخته لم تثبت للمجلسى رحمة الله بسند معتبر.

8 - فى صحيحة البزنطى عن الرضا عليه السّلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: لما اسرى بى الى السماء بلغ بى جبرئيل مكاناً لم يطأه جبرئيل قط، فكشف لى فارانى الله عزوجل من نور عظمته ما احب. (18:369).

أقول: اياك ان تفهم من نور الله، النور الحسى كنور الشمس، فانه من فهم العوام البسطاء الغافلين و المفهوم منه هو اعطاء المعرفة الربانية له حسب استعداده الوسيع رزقها الله لنا حسب استعدادنا، ثم الحديث يدل على ترقى جبرئيل أيضاً و انه وصل الى مكان لم يصله فيما سبق.

9 - فى بعض الروايات انه صلّى الله عليه و آله و سلّم صلى الصلاة اليومية كلها فى السماء، و لا ينافى هذا - ان صح - كون عروجه فى ليلة واحدة فان الكرات فى لياليها و ساعاتها و ايامها و ساعات ليلها و نهارها مختلفة و حركاتها حول شمسها أو شموسها أيضاً مختلفة، بل كرة الارض أيضاً كذلك، ففى كل لحظة لها باعتبار اماكنها - طلوع و زوال و غروب.

10 - المستفاد من بعض الروايات غير المعتبرة ان له مراكب فى هذا العروج و هى البراقى و البرقة و الرفرف. و فى بعض المراحل ذهب او صعد بدفع النور (ثم زخنى فى النور زخا) ثم ان عروج النبى الخاتم الى السماوات أو فوقها ربما يشير الى ان عصره صلّى الله عليه و آله و سلّم عصر الفناء و عصر فتح السماء و صعود الانسان بقدرة علمه الى الكرات السامية. و سوف يشهد الانسان فى مستقبله خروج بعض افراد الانسان من النظام الشمسى بما يؤتيهم الله من العلم

ص: 347

و الصنة كما قال: (لاٰ تَنْفُذُونَ إِلاّٰ بِسُلْطٰانٍ ) والله العالم.

الباب 4: الهجرة الى الحبشة و ذكر بعض احوال جعفر عليه السّلام والنجاشى رحمة الله (18:410)

و فيه آيات و روايات مشتملة على مطالب جيدة و المعتبرة منها سنداً ما ذكرت برقم 9 فقط.

ج 19: من دخول الشِعب الى غزوة بدر

الباب 5: دخوله الشعب و ما جرى بعده الى الهجرة و عرض نفسه على القبائل و بيعة الانصار و موت ابى طالب و خديجة رضى الله عنهما (19:1)

و فى هذا الباب إشارة الى مصائبه و مصاعبه مما لاقاه من المشركين الجاهلين المعاندين التى تبكى العين و تجرى الدمع و تحرق القلب. فجزاك الله يا رسول الله عنا خير الجزاء و ما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله بك و بصبرك على المكاره وتحملك الأذى. و فى الباب بعض امور:

فمنها: أنّ على كل مسلم حقاً لأبى طالب سلام الله عليه - فان الله حفظ نبيّه صلّى الله عليه و آله و سلّم به و هو مسبب الاسباب و فدى بنفسه و حماه بكل ما استطاع مع شدة الاخلاص و الحب.

و فى صحيح عبيد عن الصادق عليه السّلام لما توفى ابوطالب رضى الله عنه نزل جبرئيل على رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فقال: يا محمد اخرج من مكة، فليس لك بها ناصر، و ثارت قريشى بالنبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فخرج هارباً حتى جاء الى جبل بمكة

ص: 348

يقال له: الحجون فصار إليه. (19:14).

لكن جميعاً من المسلمين كفّروه، بدل ان يحترموه و يعظّموه. حتى لا يفضل على ابى قحافة و خطاب و أظنه من صنع النظام الأموى الذى اسسه معاوية. و قيل: انه توفى بعد البعثة بتسع سنين و ثمانية اشهر و ذلك بعد خروجه من الشعب بشهرين و له سبع و اربعين سنة و ستة اشهر و ايام و قيل له ست و اربعين سنة و ثمانية اشهر و اربعة و عشرين يوماً (19:14 و 15).

و هذا الشعب اسوء من السجن و اكثر اذى و مشقة على بنى هاشم الذين كانوا مع النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم طلية سنتين أو ثلاث سنين أو اربع سنين.

ومنها: ان خديجة زوجة النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم هى الأخرى التى بذلت مالها و نفسها للنبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فى سبيل الاسلام، و كأنّ مصائب الشعب قصّرت حياتها فتوفيت بعد خروجها منه بعد وفاة ابى طالب بقليل (اى بثلاث ايام أو بستة اشهر) أو خمسة و ثلاثين ليلة(1).

و يقال: أنّ الموال خديجة سلام الله عليها - نفعت النبى و غيره فى الشعب و فى مؤنة هجرته الى المدينة، و يقال انه صلّى الله عليه و آله و سلّم قال:

«ما نفعنى مال قط (مثل) ما نفعنى مال خديجة». و قيل أيضاً: كان رسول الله يفك من مال خديجة الغارم و العانى و يحمل الكل ويعطى فى النائبة و يرفد فقراء اصحابه اذ كان بمكة و يحمل من اراد الهجرة... و كان صلّى الله عليه و آله و سلّم ينفق منه ما شاء فى حياتها ثم

ص: 349


1- - و فى صحيح الثمالى عن سعيد بن المسيب عن السجاد عليه السّلام: و مات ابوطالب رضى الله عنه بعد موت خديجة بسنة (19:117).

ورثها هو و ولدها (19:63) و الله العالم بهذه الاقوال.

ومنها: ان قصة سفره الى الطائف و ما أصابه فيه ثم عوده الى حدود مكة و خوفه من دخولها من دون جوار أحد من المشركين مبكية للعيون محرقة للقلوب فانا الله و إنا اليه راجعون.

ومنها: فرج الله لنبيه و لدينه بهداية جمع من أهل المدينة حيث أسلموا بمكة ثم صاروا انصار دين الله و انصار رسوله فاسلم فى العام الاول ستة و فى العام الثانى اثنا عشر و خروج فى العام الثالث فى الموسم ثلاثة و سبعون رجلاً و امرأتان فبايعوا رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم على شروط. (19:25).

ومنها: ما نقل انه بعدما توفيت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون، فقال يا رسول الله ألا تتزوج ؟ قال: من ؟ قالت: ان شئت بكراً و ان شئت ثيباً. قال: فمن البكر؟ قالت: بنت ابى بكر، قال: و من الثيب ؟ قالت: سودة بنت زمعة، قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول. قال: فاذهبى فاذكريهما علىّ ، فذهبت إلى ابويهما و خطبتهما فقبلا و تزويجهما. (19:23).

أقول: ننقل مطالب الباب و ليس لها اسانيد معتبرة لكنها مظنونة من طريق التاريخ و مع ذلك عهدتها على قائليها و ناقليها.

الباب 6: الهجرة و مبادئها و مبيت على عليه السّلام على فراش النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم و ما جرى بعد ذلك الى دخوله المدينة (19:28)

أورد فيه آيات و روايات و نحن نذكر بعض ما يتعلق به:

1 - الهجرة واجبة على المسلمين حفظاً لدينهم، و تفصيل البحث مذكور فى كتابنا حدود الشريعة و كتابنا بالفارسية (توضيح مسايل جنگى)، كما انه

ص: 350

يحرم السفر و الاقامة ببلاد تضرّ بدين المسلم و أولاده وزوجاته، كاقامة جماعة كثيرة من المسلمين ببلاد الغرب اليوم، و المسألة الثانية اهم من المسألة الاولى فى عصرنا.

2 - لم تثبت الحياة البرزخية لغير المقتولين فى سبيل الله فى القرآن المجيد؛ نعم تحمل الحياة المذكورة فى حق من مات من المهاجرين (وَ اَلَّذِينَ هٰاجَرُوا فِي سَبِيلِ اَللّٰهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مٰاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اَللّٰهُ رِزْقاً حَسَناً..) (الحج/ 5(8) بناء على كون الزرق الحسن أنما هو فى البرزخ فان تم ذلك لسهل اثباتها للمؤمنين مطلقاً، لكنه مجرد احتمال و فى القرآن آيات تنفى الحياة البرزخية للكفار سوى ائمة الكفر فلاحظ تفصيله فى كتابنا (فوائد مشقى در تفسير موضوعى) و كتابنا (روح از نظر دين و عقل و علم روحى جديد).

3 - من اشد الاوامر عليه صلّى الله عليه و آله و سلّم قوله: (وَ اِصْبِرْ عَلىٰ مٰا يَقُولُونَ وَ اُهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) و قوله: (وَ دَعْ أَذٰاهُمْ ) و للملغين و علماء الدين به اسوة حسنة فى ذلك.

4 - الموافق للاعتبار ان مشركى مكة لم يقدموا على قتل النبى النهار فى المسجد الحرام و زقاق مكة لاجل الناس و مسلمى مكة و بنى هاشم و بعض من يميل الى النبى أو يخافون قتله و كذا لم يقدروا عليه فى بيته فى النهار و فى أول الليل لنفس العلة، و ما نقل من منع الى لهب اقدامهم عليه قبل طلوع الفجر أو طلوع الشمس لم يثبت، بل هو مخالف للاعتبار.

ثم الظاهر ان منام النبى كان على السطح أو فى محل يشاهد من خارج البيت و من هنا لزم مبيت احد تحت فراش نومه صلّى الله عليه و آله و سلّم لحسبان المشركين

ص: 351

المحاصرين للبيت و المترصدين لقتله فى عسق الليل وجوده فى فراشه، ولو شاهدوا فقدانه فى منامه لفحصوا عنه صلّى الله عليه و آله و سلّم و لم يتمكن من الفرار و لاجله أمر علياً ان ينام فى فراشه و يلتحف ببردته حتى حسبوا وجوده فى منامه و سكنوا فى اماكنهم حتى نصف اليل مثلاً، وفى هذه المدة تمكن النبى من الخروج و الذهاب الى جانب جبل الحجون (فى العتيبية) ثم الى الغار، او اما خروجه من بيته فهل هو قبل محاصرة البيت والجلوس فى اطرافه ام بعدها فهذا غير ثابت، و ان كان فى بعض المنقولات انه صلّى الله عليه و آله و سلّم خرج بعدها على نحو المعجزة، و فوق العادة (19:54 و 61). والله العالم.

و على كل فعن الغزالى فى كتابه احياء العلوم: فانزل الله عزوجل: (وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغٰاءَ مَرْضٰاتِ اَللّٰهِ وَ اَللّٰهُ رَؤُفٌ بِالْعِبٰادِ) (البقرة/ 20(7). و تدل عليه جملة من روايات الباب. و أنها نزلت فى حقّ على عليه السّلام.

5 - قيل انه صلّى الله عليه و آله و سلّمهاجر من مكة فى أول ليلة من شهر ربيع الاول سنة ثلاث عشرة... و فى ليلة الرابع منه كان خروجه من الغار متوجهاً الى المدينة، و قيل: دخل صلّى الله عليه و آله و سلّم المدينة فى الحادى عشر من شهر ربيع الاول.

6 - والمعتبر من روايات الباب صحيح معاوية بن عمار المنقول من الكافى برقم 41 و فيه معجزة للنبى الاكرم صلّى الله عليه و آله و سلّم لكنها لا تفيد اثبات نبوته، حتى و ان وصلت الينا بتواتر عن الصادق أو غيره من الائمّة عليهم السّلام، لان حجية كلامهم موقوفه على امامتهم و هى متوقفة على النبوة المتوقفة على المعجزة عقلاً. فافهم جيداً. نعم هو خبر عن الثقات يفيد الظن بمدلوله.

الباب 7: نزوله صلّى الله عليه و آله و سلّم المدينة وبناؤه المسجد و البيوت و جمل أحواله الى

ص: 352

شروعه فى الجهاد (19:104)

أورد قيه قصصاً تاريخية و روايات منها صحيح الثمالى عن سعيد بن مسيب عن السجاد عليه السّلام المشتمل على جملة من الامور المناسب للباب. و سعيد و ان لم يوثق لكنه لمكانته المشهورة يبعد منه الكذب البعد (19:115 و 117)، ثم المذكور برقم 3، 4، 6 أيضاض معتبر سنداً. و اليك بعض الامور القابلة للتنبيه:

1 - عن المناقب: و دخل المدينة يوم 12 ربيع الاول و قيل 11 منه و هى السنة الاولى من الهجرة، فردّ التاريخ الى المحرم، و نقلبعضهم عن الطبرى فى تاريخه (2:110) باسناده عن ابى شهاب أن النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم لما قدم المدينة و قدمها فى شهر ربيع الاول أمر بالتاريخ، ثم قال: فذكر أنهم كانوا يؤرخون بالشهر و الشهرين الى ان تمت السنة.

أقول: الظاهر انه ينفى ما يقال: ان أول من أمر بالتاريخ عمر بن الخطاب، و أمّا ان ايهما يعتمد عليه فلا سلبيل إليه لعدم و ثاقة الناقلين لكليهما.

الباب 8: نوادر الغزوات و جوامعها و ما جرى بعد الهجرة الى غزوة بدر الكبرى و فيه غزوة العشيرة و بدر الاولى و النخلة (19:133)

أورد فيه الآيات الكثيرة الواردة فى الجهاد و روايات معتبرتها ما ذكر برقم 1، 17، 20 ف 22، 24، 36، 39.

و قالوا جميع ما غزى بنفسه صلّى الله عليه و آله و سلّم 26 غزوة و عدد سراياه ست و ثلاثون (36) سرية. قيل ان جميع غزواته و حروبه كانت دفاعية غير هجومية، و ان الاسلام لم يشرع الجهاد الابتدائى. و هو قول ضعيف. و اذا كانت

ص: 353

خلقة الانسان لعبادة ربه و اذا كانت المؤمنون بالدين و العاملون به مخلدين فى الجنة و اذا كان الكافرون المعاندون و المقصرون مخلدين فى النار كما يراه القرآن الكريم فأىّ اشكال فى وجوب الجهاد لانجاء الانسان من العذاب الدائم فى الآخرة و من عذاب الجاهلية و الحيوانية فى الدنيا.

الباب 9: تحول القبلة (19:195)

فى بعض الآيات و بعض الروايات، معتبرتها صحيح الحلبى المذكور برقم 5 سأل الصادق عليه السّلام هل كان رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم يصلى الى بيت المقدس ؟ قال: نعم، فقلت: فكان يجعل الكعبة خلف ظهره ؟ فقال اما اذا كان بمكة فلا، و اما اذا هاجر الى المدينة فنعم، حتى حول الى الكعبة. (19:200).

قلت: النسخ بحسب مقام الاثبات، و إلّا فهو من الموقت بحسب الزمان ثبوتاً و النسخ فى الشرعيات كالبداء فى التكوينيات مستحيل فى حقه تعالى. و هنا سؤال آخر و هو انه لو فرض بقاء النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم الى زماننا بل الى مأة سنة هل لا ينسخ بعض احكام اُخر؟ ربما يطمئن المحقق الخبير بالجواب المثبت ولو من جهة تقديم الاهم على المهم، ولكن ليس معنى ذلك جواز تغيير الاحكام للعلماء، فان حلال محمد حلال الى يوم القيامة و حرامه حرام الى يوم القيامة.

الباب 10: غزوة بدر الكبرى (19:202)

ذكر فيه آيات و روايات و قضايا تاريخية مفصلة و متعلقة بغزوة بدر و ذكر تفسير الآيات كما فى سائر الابواب و المعتبر من الروايات ما ذكره بارقام 41، 45، 46، 47.

ص: 354

و لا شىء مهم بقى من المؤلّف ينبغى ذكره لكنه انبه على بعض امور جزئية: 1 - كان للمسلمين فى هذه الغزوة فرسان و سبعين بعيراً و ستة أدرع و ثمانية سيوف، وكان المسلمون 313 رجلاً، و الكفار الف رجل أو ما يقرب منه، و هذا يظهر جلياً ضعف المسلمين من جهة الآلات الحربية، و كأن الذى أوجب نصرهم هو ايمانهم و تسليمهم لله و لرسول ثم توفيق الله و انزاله الملائكة لهم. فليس حفظ الدين و نصر المؤمنين موقوفاً على الاسباب دائماً فذلتنا اليوم مستندة الى ضعف ايماننا فانالله و إنا اليه راجعون.

2 - اصحاب النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فى هذه الغزوة كسائر الغزوات و الحالات و كسائر الناس، على درجات مختلفة من الفكر و التعهد و الاخلاص.

و فى نقل مرسل ان رسول لما اخبرهم ان العير قد جازت و ان قريشاً قد اقبلت لتمنع عيرها و ان الله قد امرنى بمحاربتهم فجزع اصحاب رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فقال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم اشيروا علىّ فقام ابوبكر: يا رسول الله انها قريش و خيلاؤها ما آمنت منذ كفرت و لا ذلت منذ عزت و لم نخرج على هيئة الحرب. فقال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم اجلس. فقال اشيروا علىّ : فقام عمر فقال مثل مقالة ابى بكر. فقال: أجلس. ثم قام المقداد فقال: يا رسول الله انها قريش و خيلاؤها و قد آمنا بك و صدقناك و شهدنا ان ما جئت به حق من عندالله، والله لو امرتنا ان نخوض جمر الغضا و شوك الهراس(1) لخضنا معك، و لا نقول لك

ص: 355


1- - المجر: النار المتقدّة، الغضا: شجر من الاثل خشبه من اصلب الخشب و جمره يبقى زمناً طويلاً لا ينطفئ، والهراس: شجر كبير الشوك. (19:217).

كما قالت بنواسرائيل لموسى: «فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقٰاتِلاٰ إِنّٰا هٰاهُنٰا قٰاعِدُونَ » ولكنا نقول: اذهب انت و ربك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون. فجزاه النبى خيراً.

و قال سعد بن معاذ: بابى انت و أمى يا رسول الله انا قد آمنا بك و صدقناك و شهدنا انّ ما جئت به حق من عند الله، فمرنا بما شئت، وخذ من اموالنا ما شئت و اترك منه ما شئت، و الذى اخذت منه أحب الى من الذى تركت، و الله لو امرتنا ان نخوض هذه البحر لخضنا معك. (19:248).

أنا لا أدرى صحة هذه الاقوال، و لست فى مقام ذم الاولين و مدح الآخرين، و انما بصدد بيان ان الثورة الاسلامية لا تتقوم إلّا بفكرة و عزيمة و اخلاص دون تحليل سياسى و تجزئة فكرية و قد جربنا ذلك فى جهادنا فى افغانستان فى حلقة الحركة الاسلامية، فلابد من قائد راسخ العقيدة و صاحب الامانة و لابد من اتباع واجدى حب و عمل جد، فغزوة بدر لا خصوصية لها و انما مفتاح النصر و الغلبة، المفقودة فى كثير من الاعصار و الافراد و الاحزاب هو عقيدة مقداد و عزيمة سعد بن معاذ.

ج 20: فى غزواته صلّى الله عليه و آله و سلّم

الباب 11: ذكر جمل غزواته و احواله صلّى الله عليه و آله و سلّم بعد غزوة بدر الكبرى الى غزوة احد (20:1)

فيه قصص تاريخية و توجد فيه رواية معتبرة.

ص: 356

الباب 12: غزوة احد و حمراء الاسد (20:14)

أورد فيه آيات كثيرة و روايات و قصصاً تاريخية متعلقة بالغزوتين المذكورتين، و المعتبر من الروايات ما ذكره بارقام 1، 7، 12، 32، 38 و يمكن تصحيح بعض الروايات المنقولة من ارشاد المفيد من ص 79 الى ص 90 فتأمل.

و نحن نشير الى بعض الامور اشارة عابرة:

1 - قوله تعالى: (وَ لِيَعْلَمَ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ آمَنُوا)، و قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ وَ لَمّٰا يَعْلَمِ اَللّٰهُ اَلَّذِينَ جٰاهَدُوا مِنْكُمْ وَ يَعْلَمَ اَلصّٰابِرِينَ ) و نظائرها وهى كثيرة - تدل على علم حادث لم له سوى علمه القديم.

و هى من الآيات المعضلات التى تطلب الجواب المقنع بقرينة لفظية من القرآن(1) و لاحظ كتابنا صراط الحق (1: باب علمه تعالى) و الآن نقول والله العالم.

2 - فى مرسلة: و كان عمرو بن قيس(2) قد تأخّر اسلامه، فلمّا بلغه ان رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فى الحرب أخذ سيفه و ترسه و أقبل كالليث العادى يقول: أشهد ان لا اله إلّا الله و ان محمداً رسول الله ثم خالط القوم فاستشهد.... فقال رجل: يا رسول الله ان عمرو بن ثابت قد اسلم و قتل فهو شهيد؟ قال: إى والله

ص: 357


1- - يعنى لا يجوز تأويل الآيات حسب الاذواق و الافكار. بل لابد من ارائة قرينة شرعية على التأويل.
2- - قيل لعل الصحيح عمرو بن ثابت.

شهيد، ما رجل لم يصل لله ركعة دخل الجنة غيره. (20:56).

3 - فى موثقة زرارة عن الباقر عليه السّلام... فقلت له: يرويلنا انه كسرت رباعيته ؟ فقال (الباقر): لا، قبضه الله سليماً، ولكنه شجّ فى وجهه فبعث عليا فأتاه بماء فى حجفة فعافه (اى كرهه) رسول الله ان يشرب منه و غسل وجهه (20:74).

أقول: فى قبول الرواية فى انكارها كسر رباعيته صلّى الله عليه و آله و سلّم تردد و ان كان ما دل عليه غير معتبر سنداً ولكن كسرها مشهور بين المسلمين والله العالم.

4 - عن زيد بن ثابت بسند غير معتبر: لما كان يوم احد بعثنى رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فى طلب سعد بن الربيع، و قال لى: اذا رأيته فاقرأه منى السلام و قل له كيف تجدك ؟ قال: فجعلت اطلبه بين القتلى حتى وجدته بين ضربة بسيف وطعنة برمح و رمية بسهم، فقلت له: ان رسول الله... فقال: سلم على رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و قول لقومى الانصار: لا عذر لكم عندالله ان وصل الى رسول الله و فيكم شفر(1) يطرف وفاضت نفسه (20:74).

هكذا ينبغى الاخلاص لرسول الله و بهذا ظفر المسلمون فى ترويج الدين الاسلامى.

5 - قيل: و كانت امرأة قتل ابوها و زوجها و اخوها مع رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فدنت من رسول الله و المسلمون قيام على رؤسه فقالت لرجل أحىّ رسول الله ؟ قال: نعم. قالت: استطيع ان انظر اليه ؟ قال: نعم. فاوسعوا لها فدنت منه

ص: 358


1- - واحد اشفار العين.

و قالت: كل مصيبة جلل بعدك، ثم انصرفت. (20:98).

6 - فى صحيح الكافى عن على بن الحكم عن الحسين (المجهول الذى لم يثبت و ثاقته) عن الصادق عليه السّلام لما انهزم الناس يوم أحد عن النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم... و بقى معه على عليه السّلام و سماك بن خرشة ابو دجانة رحمة الله فدعاه النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فقال: يا ابا دجانة انصرف و انت فى حل من بيعتك، فأمّا علىّ فهو أنا و أنا هو، فتحول و جلس بين يدى النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم و بكى و قال: لا والله و رفع رأسه الى السماء و قال: لا والله، لاجعلت نفسى فى حل من بيعتى، انى بايعتك، فإلى من انصرفت يا رسول الله ؟ الى زوجة تموت أو ولد يموت أو دار تخرب و مالى يفنى و أجل قد اقترب، فرقّ له النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فلم يزل يقاتل حتى اثخنته الجراحة، و هو فى وجه و على فى وجه، فلما اسقط احتمله على عليه السّلام فجاء به الى النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فوضعه عنده فقال: يا رسول الله أوفيت ببيعتى ؟ قال: نعم، و قال النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم له خيرا. (20:108).

و قديماً ما، كان للجهاد و الايثار اشخاص و للحكومة و الرئاسة افراد، و كذلك اليوم و فى المستقبل و بهذا تنحرف الثورات.

7 - فى صحيح ابان عن الصادق عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: إنّ منادياً نادى فى السماء يوم احد:

«لا سيف إلّا ذو الفقار و لا فتى إلّا على». (20:112).

و هو لرسول الله اعطاه علياً فى احد بعد كسر سيفه كما فى بعض الروايات.

الباب 13: غزوة الرجيع و غزوة معونة (20:147)

أقول: ى بعد كل البعد بعث سبعين رجلاً للدعوة ثم يبعد قتلهم إلّا واحداً

ص: 359

و اظن ان الحق قول من عدهم بضعة و عشرين رجلاً رحمهم الله.

الباب 14: غزوة بنى النضير (20:157)

أقول: بنى نضير و بنى قريظة و بنى قينقاع ثلاثة بطون من اليهود، كان بينهم و بين رسول الله عهد و مدة، لكن اليهود لطبيعة لهم نقضوا عهدهم فكفى الله شرهم عن المسلمين فأمّا بنونضير فأجلاهم الله من اطراف المدينة الى اماكن بعيدة كاذرعات من الشام، و كخيبر، و اما بنو قريظة فاهلكهم بايدى المجاهدين بعد غزوة الاحزاب، و نحن فى ايامنا بعد غزوة أحد ننتظر حلول قوله تعالى: (وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنٰا)، باليهود.

الباب 15: غزوة ذات الرقاع و غزوة عسفان (20:174)

و ذكر ابن الاثير فى كامله قصة عجبية لانصارى فى حبه بالصلاة يظهر منها كمال دينه (20:177) وفقنا الله لاكمال ديننا و ما نقله من الكافى (20:179) برقم 6 معتبرة سنداً.

الباب 16: غزوة بدر الصغرى و سائر ما جرى فى تلك السنة الى غزوة الخندق (20:280)

الباب 17: غزوة الاحزاب و بنى قريظة (20:186)

أورد فيه المؤلّف المتتبع فيه آيات و أحاديث و حكايات تاريخية و المعتبر من الاحاديث ما ذكر برقم 10 على وجه و 21.

1 - و مما يعجبنى تصديقه ما نقل عن ابى بكر بن عياش: ضرب على ضربة ما كان فى الاسلام اعز منها، يعنى ضربة عمرو بن عبدود، و ضُرب على ضربة ما كان فى الاسلام اشأم منها، يعنى ضربة ابن ملجم عليه لعنة الله

ص: 360

(20:206).

أقول: ورد فى حق الاولى: ضربة على يوم الخندق افضل من عبادة امتى أو من عبادة الثقلين. و قيل فى حق الثانية:

يا ضربة من شقى ما أراد بها

إلّا ليهدم للاسلام أركانا

2 - و عن سلمان بن صرد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم حين اُجلى عنه الاحزاب: «والآن تغزوهم و لا يغزونا» فكان كما قال صلّى الله عليه و آله و سلّم فلم يعزوهم قريش بعد ذلك، و كان هو يغزوهم حتى فتح الله عليهم مكة (20:209).

أقول: هذه المقالة حق و ان لم يثبت سنده من طريقنا.

3 - عن الرضا عليه السّلام باسانيد ثلاثة لا يبعد الاعتماد على مجموعها، عن آبائه عن على عليه السّلام قال كنا مع النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فى حفر الخندق اذ جاءته فاطمة و معها كسيرة (كِسرة خ اى قطعة) من خبز فدفعتها الى النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فقال النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم ما هذه الكسيرة ؟ قالت قرصا (قرص) خبزته للحسن و الحسين جئتك منه بهذه الكسيرة. فقال النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم أما انه أول طعام دخل فم ابيك منذ ثلاث (20:245). مثل هذه الافعال و السلوك اشد تأثيراً من شق القمر.

4 - قال ابو الهذيل: و قد سأله سائل ايّما أعظم منزلة عند الله على ام ابى بكر فقال يا ابن اخى: والله لمبارزة على عمروا يوم الخندق تعدل اعمال المهاجرين و الانصار و طاعتهم كلها فضلاً عن ابى بكر وحده وقد روى عن حذيفة بن اليمان ما يناسب هذا، بل ما هو ابلغ منه، نقله ابى الحديد فى شرح نهج البلاغه (20:273).

الباب 18: غزوة بنى المصطلق فى المُريسيع و سائر الغزوات و الحوادث الى

ص: 361

غزوة الحديبية (20:281)

أقول: و مما يلفت نظر الباحثين حماية جماعة من الانصار لعبد الله بن اُبى، لا بتقديم جانبه على جانب رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بل نحو الاستشفاع عنده صلّى الله عليه و آله و سلّمبعفوه و إيقائه و عدم التعرض له، و هذا لم يكن لائقاً بمسلم فان الدين فوق القومية.

الباب 19: قصة الإفك (20:309)

لا أدرى ان الآيات الواردة فى الافك، وردت فى إفك عائشة كما فى روايات اهل السنة أو فى افك مارية زوجة اخرى للنبى صلّى الله عليه و آله و سلّم كما فى بعض روايات الشيعة، والله اعلم.

وعلى كل ان من تعمق فى الصحاح الستة و غيرها يدرك بتجربته اموراً نذكر امرين منها:

1 - تاثير معاوية فى تزويج أهدافه باسم الاحاديث النبوية بتوسط هواة الأمويين و اجراء بلاطهم، فهنيئاً له فى الدنيا تذكر فضائله الموهومة بدل جناياته الخطرة و شهرت اكاذيبه باسم احاديث رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم.

2 - نفوذ عائشة و ابى هريرة و انس فى كتب الاحاديث و اعتماد المحدثين عليهم اكثر من اعتمادهم على غيرهم من الرواة، و لا ادرى أن الاختلاق من هؤلاء الثالثة أو من من الذين رووا عنهم، و ان كان المظنون فى حق الثانى - اى اباهريرة - انه من نفسه و انه كان يتجر بالدين، و لاحظ كتاب (نظرة عابرة الى الصحاح الستة) تجد صدق الدعوى. و أما السيدة فهى تدعى و تقول ما تشاء كالقصاصات، تقص هى من ابتداء الوحى عليه صلّى الله عليه و آله و سلّم و كيفية

ص: 362

بعثته صلّى الله عليه و آله و سلّم، وهى غير موجودة على الكرة الأرضية! و لا احد يتوقف فيما تنقل عنه، و شيخ المضيرة فى صحبة سنتيه يلفق و ينسج من كل شىء بلا استيحاش بعد أمنه فى ظل الدولة الاموية. و حماية سلاطينها، و لابد لاهل التحقيق من مراجعة كتاب (نظرة عابرة الى الصحاح الستة) و على هذا فيشكل الاعتماد على رواياتهم. والله يهدى من يشاء الى الحق.

الباب 20: غزوة الحديبية وبيعة الرضوان و عمرة القضاء و سائر الوقائع (20:317).

فيه آيات و روايات و مطالب تاريخية مفيدة و المعتبر من الاحاديث ما ذكر بارقام 1، 2، 13.

الباب 21: مراسلاته صلّى الله عليه و آله و سلّم الى ملوك العجم و الروم و... الى غزوة خيبر (20:3779

روايات الباب تدل على انه صلّى الله عليه و آله و سلّم مبعوث الى جميع الناس دون العرب خاصة كما توهم، وهى تحكى عن اخلاقه صلّى الله عليه و آله و سلّم فى كتابة الكتاب و اختصاره على مجرد اتمام الحجة، و اعتماده بالنفس، و لا سند معتبر لواحدة منها، لكن لا مجال لردها بعد شهادة الحال بها فى الجملة.

ج 21: غزواته و نزول سورة البرائة و المباهلة و حجة الوداع

اشارة

الباب 22: غزوة خيبر و فدك و قدوم جفعر بن ابى طالب عليهما السّلام (21:1)

فيه آيات و روايات و مطالب تاريخية، و المعتبر من الروايات ما ذكر

ص: 363

بارقام 10، 18، 20، 33، 34، و سلام على فاتح خيبر الكرار غير الفرار و قديماً ما قيل لا سيف إلّا ذوالفقار و لا فتى إلّا على.

الباب 23: ذكر الحوادث بعد غزوة خيبر الى غزوة مؤتة (21:41)

و فيه بعض حالاته منها تزويجه بام حبيبة بنت ابى سفيان و لعلها المؤمنة المخلصة الوحيدة بين بنى امية الفجرة المشركين ذلك اليوم(1). و فيه بيان وفاة بنته زينب عليهما السلام و فيه ذكر مارية و ابراهيم ابن رسول الله و بيان اسلام عمرو بن العاص و خالد بن الوليد، وفيه وقوع عمرة القضاء و تزوجه بميمونة بنت الحارث، و ليس فى الباب رواية معتبرة سنداً.

الباب 24: غزوة مؤتة و ما جرى بعدها الى غزوة ذات السلاسل (21:50)

و المعتبر من روايات الباب ما ذكر برقم 6 و 9.

1 - قيل ان عدد المجاهدين فى غزوة مؤتة ثلاثة آلاف بقيادة جعفر و زيد بن الحارثة و عبدالله بن رواحة على الترتيب على فرض الشهادة، و قيل: و لما نزلوا معان (و هو من المملكة الاردنية اليوم على حدود السعودية و قد بت فيه ليلة فى سفرى الاول الى الحج من العراق) فبلغهم ان هرقل ملك الروم قد نزل بمأرب (مأرب بلاد الازد باليمين) فى مائة الف من الروم و مائة الف من المستعربة، و لقوا جموع الروم بقرية من قرى البلقاء يقال لها شرف ثم انحاز

ص: 364


1- - دخل ابوسفيان على بنته ام حبيبة فى المدينة، فذهب ليجلس على الفراش فأهوت الى الفراش فطوته، فقال: يا بنية ارغبة بهذا الفراش عنى ؟! قال: نعم، هذا فراش رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ما كنت لتجلس عليه و انت رجس مشرك. نقل ذلك عن كتاب ابان عن عيسى بن عبدالله القمى عن الصادق عليه السّلام. (21:126).

المسلمون الى موتة فوق الاحساء.

أقول: و سواء صحعدد جيش الكفار ام لا فالتفاوت بين الطرفين كان كثيراً جداً. و هل هذه الحرب بالنسبة الى المسلمين كانت دفاعية أو هجومية لا دليل معتبر عندنا على احدهما. و يقول بعض الفضلاء المحللين نقلاً عن الواقدى عن ربيعة بن عثمان عن عمر بن الحكم: بعث رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم الحارث بن عمير الأزدى فى سنة ثمان الى ملك بصرى بكتاب، فلما نزل مؤتة عرض له شرجبل بن عمرو الغسانى... فأمر به فاوثق رباطاً ثم قدمه فضرب عنقه صبراً. و بلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فاشتد عليه و ندب الناس... و خرجوا فعسكروا... (21:58).

2 - يظهر من هذا - ان صح - أنّ جميع غزاته صلّى الله عليه و آله و سلّم لم يكن بامر السماء، و ان شئت فقل ان الوحى لاينزل فى كل شىء و لم يكن امره بيد النبى بل هو تابع لإرادة الله تعالى. و بعبارة اخرى: ليس علم الانبياء و المرسلين و الاوصياء كعلم الله تعالى فى تعلقه بكل شىء فانه و ان كان ممكناً باذن الله تعالى لكنه غير واقع كما يستفاد من مجموع الروايات، و هذا فليكن ببال الناظر المحقق فى جميع حالات الانبياء و الاوصياء.

3 - شجاعة جعفر: قيل قطعت يداه قبل ان يستشهد و قد ابدله الله من يديه جناحين فهو يطير بهما فى الجنة. ولابان بن عثمان كتاب فى التاريخ، و يقول الشيخ و النجاشى فى فهرستيهما: و اكثروا الحكاية عنه فى اخبار الشعراء و النسب و الايام. و يقول النجاشى: و له كتاب حسن كبير يجمع المبتدأ و المغازى و الوفاة و الردة... و يقول الطوسى: و ما عرفت من مصنفاته إلّا كتابه

ص: 365

الذى يجمع المبدأ (المبتدأ) و المبعث والمغازى و الوفاة و السقيفة و الردة.

وهما و ان لم يوثقاه لكن الكشى عدّه من اصحاب الاجماع و كفى به توثيقاً و موثقاً. لكن نسخة الكتاب لم تصل الى المجلسى بطريق معتبر و ان نقل عنه فى بحاره كثيراً، و على كل ففيه عن الفضيل بن يسار الثقة عن الباقر عليه السّلام: اصيب يومئذٍ جعفر و به خمسون جراحة: خمس و عشرين منها فى وجهه. (21:56).

و فى موثقة الكافى عن الصادق عليه السّلام: بينا رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فى المسجد اذ خفض له كل رفيع و رفع له كل خفيض حتى نظر الى جعفر يقاتل الكفار، قال فقتل. فقال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم: قتل جعفر، و أخذه المغص فى بطنه. اى وجع بطن رسول الله أسفاً على جعفر. (21:58).

4 - روحية الجهاد عند المسلمين: نقل بعضهم انه لما اقبل اصحاب مؤتة تلقاهم رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و المسلمون معه فجعلوا يحثون عليهم التراب و يقولون يا فرار فررتم فى سبيل الله!! فقال رسول الله: ليسوا بفرار ولكنهم الكرار إن شاء الله.

أقول: و بهذه الروحية نشروا الاسلام فى كثير من الكرة الارضية.

و فى الباب روايات فى فضيلة جعفر عليه السّلام و فى اشارة الى حديث العنبر و هو خرافة اختراعها الرواة الكاذبون، فلاحظ تفصيله فى صحيح مسلم. و لاحظ (نظرة عابرة الى الصحاح السنة).

الباب 25: غزوة ذات السلاسل (21:66)

سلام على فاتحها و قائدها الذى ليلة هذا اليوم (20 رمضان 1421) ليلة

ص: 366

وفاته و شهادته و ليس فى الباب سند معتبر.

الباب 26: فتح مكة (21:91)

والمعتبر من الروايات الباب ما ذكر بارقام 23، 26، 27.

قيل: و كان فتح مكة فى العشرين من شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة.

أقول: واليوم أيضاً يوم العشرين منه سنة 1421 منها، رزقنا الله الشهادة فى سبيله و يا ليتنا كنا مع الشهداء فى ركاب رسول الله فنفوز فوزاً عظمياً.

1 - فى رواية عن الرضا عليه السّلام دخل رسول الله يوم فتح مكة و الاصنام حول الكعبة و كانت ثماثمائة و ستين صنماً، فجعل يطعنها بمخصرة فى يده و يقول: جاء الحق و زهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقا، جاء الحق و ما يبدئ الباطل و ما يعيد فجعلت تكب لوجهها. (21:116).

أقول: المستفاد من القرآن الكريم أن مخالفة الناس لرسول الله لعلل؛ فمنها: ان الله غير محسوس و الاصنام محسوسة و كانت حواس الناس أقوى من عقولهم الضعيفة.

ومنها: الاستبعاد من المعاد الجسمانى.

ومنها: مشكلة التكاليف المخالفة لهوى الناس.

ومنها: الحسادة على اشخاص الرسل و الاعتراف بفضلهم و حاكميتهم و ما منع الناس ان يومنوا اذ جاءهم الهدى إلّا أن قالوا ابعث الله بشيراً رسولا.

ومنها: انسهم باتباع طريقة الآباء، و قد تقدم هذا البحث فيما سبق أيضاً.

2 - لم يقتل ابوسفيان و ابنه معاوية، بل انتفعا بمأة مأة ابل بعد ذلك من الغنائم تأليفاً للقلب و نفعهما مجرد اقرارهما بالوحدانية و الرسالة و لم يدخل

ص: 367

الايمان قلب ابى سفيان اصلاً، ولو قتل ابوسفيان و ابنه معاوية لكن للاسلام تاريخ غير تاريخه الفعلى لكن رسول الله - و هو رحمة للعالمين - عفى عنهما فى الدينا.

3 - وفى رواية عن الصادق عليه السّلام كان الفتح فى سنة ثمان و براءة فى سنة تسع و حجة الوداع فى سنة عشر. (21:121).

لطيفة حول القدرة و العجز

قال عبدالله بن ابى امية لرسول الله فى مكة: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الارض ينبوعاً أو تكون لك جنة من نخيل و عنب فتفجر الانهار خلالها تفجيراً أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتى بالله و الملائكة قلبيلا دو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى فى السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه. فطلب هذا المشرك المتكبر المعاند الجاهل عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم وهو ضعيف فى مكة، المعجزات الستة دليلاً على نبوته، فلما قوى امره و دخل مكة بافواج و جنود من المهاجرين و الانصار استقبله هذا القائل المغرور قليل العقل فسلم على رسول الله فلم يرد عليه السلام فاعرض عنه و لم يجبه بشىء وكانت اخته ام سلمة مع رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فدخل اليها، فقال يا أختى ان رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم قد قبل السلام الناس كلهم ورد اسلامى!! فليس يقبلنى كما قبل غيرى! فلما دخل رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم على ام سلمة قالت: بابى انت و امى يا رسول الله سعد بك جميع الناس إلّا من بين قريش و العرب،... فقال: ان اخاك كذبنى تكذيباً لم يكذّبنى احد من الناس هو الذى

ص: 368

قال لى: لن نؤمن لك حتى تفرج... قالت ام سلمة: ألم تقل: ان الاسلام يجب (اى يقطع و يمحو) ما كان قبله ؟ قال: نعم فقبل رسول الله اسلامه كما عن تفسير المنسوب الى القمى. (21:114).

فنعمت القدرة لاجل تطبيق الحق و الصد عن الخرافات و الحماقات، لكن الله سبحانه و تعالى بحكمته حوّل القدرة الى الظلمة و يقول (يٰا حَسْرَةً عَلَى اَلْعِبٰادِ مٰا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ كٰانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ).

و حينما دخلنا كابول عاصمة بالادنا غالبين على الشيوعية الملحدة و استولى المجاهدين على السلطة جائنى بعض الايام أحد المسؤلين فى الحركة الاسلامية و قال انا وجدنا اربعة آلاف ظرف مملوءة بالخمر. فقلت: اتلفها فرأيت الليل فى التلفيزيون ان دبابة من دبابات السوفيات المغتنمة ساقها بعض مجاهدونا عليها و اتلفت كلها. ولولا القدرة و كان شغلنا مقتصراً على الامر بالمعروف و النهى عن المنكر على المنابر لم نقدر على منع الناس من شربها فى اربع سنوات، أو طيلة العمر.

من اخلاق رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم

فى صحيح حريز عن الصادق عليه السّلام لما قدم رسول الله مكة يوم افتتحها، فتح باب الكعبة فأمر بصور فى الكعبة فطمست ثم اخذ بعضادتى الباب فقال: لا إله إلّا الله وحده لا شريك له صدق وعده و نصر عبده و هزم الاحزاب وحده. ماذا تقولون و ماذا تظنون ؟ قالوا: نظن خيراً و نقول خيراً أخ كريم و ابن أخ كريم و قد قدرت (لم يقولوا قائدنا و زعيمنا أو رسول ربنا) قال: فانى اقول كما

ص: 369

قال اخى يوسف: (لاٰ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اَلْيَوْمَ يَغْفِرُ اَللّٰهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ اَلرّٰاحِمِينَ )... (21:13(5).

و فى صحيح معاوية بن عمار من دون اسناد الى الصادق عليه السّلام قال رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ان اللهن حرم مكة يوم خلق السماوات و الارض و هى حرام الى ان تقوم الساعة لا تحل لاحد قبلى و لا تحل لاحد بعدى و لم تحل لى إلّا ساعة من نهار. (21:135 و 136).

و ذلك فان رسول الله دخلها بلا احرام فى فتح مكة مع السلاح و الظاهر ان الحلية شملت من معه صلّى الله عليه و آله و سلّم جميعاً وهم عشرة آلاف انسان.

الباب 27: ذكر الحوادث بعد الفتح الى غزوة حنين (21:139)

و فى الباب صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر عليه السّلام تبين بعث خالد بن الوليد الى بنى المصطلق و فساده فيهم ثم بعث على و اصلاحه بعض ما افسده و ارضاء الناس عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و قوله صلّى الله عليه و آله و سلّم له: يا على انما انت منى بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبى بعدى.

و فيه بعث بعض الاصحاب فى هدم بعض الاصنام فى اماكن مختلفة، فانهدم العزى و سواع و مناة فى السنة الثامنة من الهجرة.

الباب 28: غزوة حنين و الطائف و أوطاس و سائر الحوادث الى غزوة تبوك (21:146)

فيه آيات و روايات و قصص تاريخية، فالمعتبر من الروايات سنداً ما ذكر رقم 11، 16، و نذكر بعض الامور:

1 - السكينة فى قوله تعالى: (ثُمَّ أَنْزَلَ اَللّٰهُ سَكِينَتَهُ عَلىٰ رَسُولِهِ وَ عَلَى

ص: 370

اَلْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً...) هى الوقار و سكون النفس و اعتمادها بالله تعالى و هى من الايمان و زيادته ظاهراً و أمّا ما فى الروايات من تفسيرها بريح من الجنة تخرج طيبة، لها صورة كصورة وجه الانسان (21:12(1) فلابد من توجيه بوجه معقول.

واما الجنود فالظاهر أنها الملائكة لكن قيل ان الملائكة نزلوا يوم حنين لتقوية قلوب المؤمنين و تشجيعهم و لم يباشروا القتال يومئذ و لم يقاتلوا إلّا يوم بدر كما فى مجمع البيان، و هذا غير بعيد، فان المعجزات كالضرورات تقدر بقدرها، والله العالم.

2 - وفاء الانصار: قيل قسم رسول الله غنائم حنين فى قريش خاصة و اجزل القسمة للمؤلفة قلوبهم كابى سفيان صخر بن حرب و عكرمة بن ابى جهل و معاوية بنابى سفيان و جماعة آخرين و جعل للانصار شيئا قليلاً. فغضب قوم من الانصار لذلك، وهذا الغضب ليس لضعف ايمانهم بل لطبيعتهم البشرية فبلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فجمعهم و تكلّم معهم بكلمات نورانية مذكورة فى الكتاب فارتفعت اصواتهم بالبكاء وقام شيوخهم و ساداتهم اليه فقلّبوا يديه و رجليه، ثم قالوا رضينا باللهو عنه و برسوله و عنه، و هذه اموالنا بين يديك، فان شئت فاقسمها على قومك... (21:159).

أقول: و هذا اقصى اخلاص الانصار و وفائهم لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فى حياته، لكن ربما يظهر من صحيحة زرارة ما يضعف مقامهم.

3 - يقال ان زينب اكبر بناته صلّى الله عليه و آله و سلّم و أوّل من تزوجت منهن، تزويجها ابن خالتها ابو العاص بن الربيع قبل النبوة، فولدت له علياً و امامة، اما على

ص: 371

فمات فى ولاية عمر و اما امامة فماتت سنة خمسين، والله العالم.

الباب 29: غزوة تبوك و قصة العقبة (21:185)

وليس فى رواية معتبرة سنداً، نعم لاباس باخذ القدر المشترك بين روايات ان كان.

1 - شدد القرآن الامر على المنافقين و المختلفين فى غزوة تبوك كما يعلم ذلك من سورة التوبة لقوة الدولة الاسلامية بعد فتح مكة و ما والاها، فلابد من تضعيفهم ثم محوهم من المجتمع الاسلامى.

2 - المؤامرة الصادرة من المنافقين و قيل و هم اثنا عشر رجلاً - لقتل خاتم النبيين صلّى الله عليه و آله و سلّم و هو رئيس الدولة الاسلامية، شىء عجيب يحكى عن قوة جماعة المؤامرين و اطمئنانهم باستيلائهم على السلطة بعد شهادة النبى الاكرم لابرفض الاسلام وحفظ ظواهر الدين بمقدار يسمح لهم بالحكومة. و كان هذا خطراً من المنافقين اكبر من خطر المشركين و الكافرين ان صح النقل و العجب من حلم النبى وصبره و عدم اصدار امره بقتل المنافقين و طرد النقل و العجب من حلم النبى و صبره و عدم اصدار امره بقتل المنافقين و طرد جمع منهم الى خارج المدينة و عزلهم عن المجتمع الاسلامى. بل امر حذيفة على ما نقل بكتمان اسماء المؤامرين و افشاء مؤامرتهم. هذا عجيب آخر.

و قيل فى حقهم نزلت آيات من سورة التوبة (64-74) و يقال ان المؤامرة الدنية كانت متوجهة الى قتله صلّى الله عليه و آله و سلّمبتنفير ناقته. والله العالم.

وهنا الحتمال آخر اقل استبعاداً و هو ان المنافقين المعاندين قصدوا قتل النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم لشدة العدواة و العناد فقط من دون قصد الاستيلاء على السلطة و

ص: 372

الدولة بل من دون تخطيطه لعاقبة امرهم وكان عملهم فلتة من فلتات الجاهلية!!

3 - (اَلثَّلاٰثَةِ اَلَّذِينَ خُلِّفُوا حَتّٰى إِذٰا ضٰاقَتْ عَلَيْهِمُ اَلْأَرْضُ بِمٰا رَحُبَتْ وَ ضٰاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَ ظَنُّوا أَنْ لاٰ مَلْجَأَ مِنَ اَللّٰهِ إِلاّٰ إِلَيْهِ ثُمَّ تٰابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا).

فهو سانحة روحية من احسن السوانح من جهة سلوك المسلمين العام من الكفاح المنفى فى قبال المتخلفين حتى لم يكلمهم اهلهم و زوجاتهم و من جهة ايمان المتخلفين انفسهم و تقبيح وجدانهم عملهم و عزمهم الجدى على رجوعها الى الله تعالى، كل ذلك من تأثير الدين فى نفوس المسلمين ببركة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم.

4 - بلغ ايمان جمع من اصحابة بالله و برسول و بالجنة و النار مبلغاً لا يعمله إلّا الله. فالمهاجرون جرون و الانصار الذين اتبعوه من ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم انه بهم رؤوف رحيم.

و عن جابر الانصارى يعنى عسرة الزاد و عسرة الظهر و عسرة الماء اقول و عسرة حرارة الهواء. سبحان الله من مقاومة المؤمنين المجاهدين فى مقابل عسرة كل شىء شكر الله صبر هؤلاء السادة التقياء البررة السابقين و جزاهم الله عنا جزاء حسناً كثيراً.

و قيل: كان العشرة من المسلمين يخرجون على بعير بعتقبونه بينهم، يركب الرجل ساعة ثم ينزل، فيركب صاحبه كذلك، و كان زادهم الشعير

ص: 373

المسوس و التمر المدود و الاهالة السنخة(1) و كان النفر منهم يخرجون ما معهم من التمرات بينهم، فاذا بلغ الجوع من احدهما أخذ التمرة فلاكها حتى يجد طعمها ثم يعطيها صاحبه فيمصها ثم يشرب علهيا جرعة من ماء، كذلك حتى يأتى على آخرهم، فلا يبقى من التمرة إلّا النواة... (21:203).

5 - استخلف النبى فى هذه الغزوة اميرالمؤمنين فى المدينة، قيل لانه علم سوء نية الاعراب و كثير من اهل مكة و من حولها ممن غزاهم وسفك دمائهم، فاشفق ان يطلبوا المدينة اذا بعد عنها الى ارض الروم و علم صلّى الله عليه و آله و سلّم انه لايقوم مقامه فى إرهاب العدو وحراسة المركز الاسلامى إلّا اميرالمؤمنين عليه السّلام، و فى هذا السفر قال له قوله المعروف المكرر: ألا ترضى ان تكون منى بمنزلة هارون من موس إلّا أنه لا نبى بعدى، كما نقله الشيعة و اهل السنة. (لاحظ الحديث فى ص 232-233).

6 - فى التفسير المنسوب الى القمى: و كان سبب غزوة تبوك ان الصيافة (اى الذين يمترون فى الصيف) كانوا يقدموا المدينة من الشام معهم الدانوك و الطعام فاشاعوا فى المدينة ان الروم قد اجتمعوا يريدون غزو رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فى عسكر عظيم وان هر قل قد سار فى جنوده و جلب معهم غسّان و جذام و فهرا و عاملة و قد قدم عساكره البلقاء و نزل هو حمص، فامر رسول

ص: 374


1- - ساس وسوس الطعام وقع فيه السوس فهو المسوس... وقع فيه الدود فهو المدود... كلى شىء من الادهان مما يؤتدم به اهالة... و قيل: هو ما اذيب ما الالية و الحشم. وقيل: الدسم الجامد. و النسخة: المتغيرة الريح. (21:203 الهامش).

الله صلّى الله عليه و آله و سلّم اصحابه التهيؤ الى تبوك و هى من بالاد البلقاء و بعث الى قبائل حوله و الى مكة و الى من اسلم من خزاعة و مزينة وجهينة فحثهم على الجهاد و امر رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّمبعسكره فضرب فى ثنية الوداع.

و ذكر فى خطبته جملات قيمة متينة يبعد صدورها عن غيره فهى مظنون الصدور منه صلّى الله عليه و آله و سلّم وان نقلت مرسلة هنا (21:211). بل لها سند معتبر فى غير هذا المقام.

7 - و عن الواقدى: و كان الناس بتبوك. مع رسول الله ثلاثين الفا منهم عشرة آلاف فارس (21:218).

و فى نقل: انهم خمسة و عشرون الف رجل سوى العبيد و التباع (21:218 و 232 و 234) وزادت المسلمون فى تسع سنوات بهذا الزيادة عنهم فى غزوة بدر و هى الغزوة الكبرى كان المسلمون فيها ثلاث مائة و ثلاثة عشر رجلاً مع فرسين وثمانية سيوف!!

8 - قيل رغّب رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم المسلمين فى المواساة و تقوية الضعيف فجهز جماعة اناساً من اهل الضعف باموالهم، و قيل أيضاً تهيأ رسول الله لغزوة الروم فى رجب و قدم تبوك فى شعبان و اقام بقية شعبان و اياماً من شهر رمضان، و بعث فيه بعض اصحابه الى جهات فاصابوا غنائم واتاه فيه صاحب إيلية فاعطاه الجزية.

9 - ومات المنافق المشهور عبدالله بن اُبى بعد رجوع رسول الله من غزوة تبوك. و قد آذى رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و خالفه كثيراً و صبره عليه نوع جهاد منه صلّى الله عليه و آله و سلّمفى هذه السنوات الممتدة فى المدينة المنورة.

ص: 375

10 - أقتم النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم بتبوك شهرين و ظهر خبر دنو هرقل و جنوده الى أدنى الشام لقتال النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم كذباً، كما قيل فلم تقع حرب و لا نزاع فرجع البى صلّى الله عليه و آله و سلّم الى المدينة، و ان صح هذا فهو يدل أيضاً على فقدان الوحى فى كل مسألة وكل مورد. و قد يدعى أنّ هرقل بعث رجلاً اليه صلّى الله عليه و آله و سلّم ينظر الى صفاته وعلاماته و الى حمزة فى عينيه والى خاتم النبوة بين كتفيه، فوعى اشياء من صفات النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم فذكرها لهرقل فدعى قومه الى التصديق به فابوا عليه واسلم هو سراً منهم و امنتع من قتال النبى فلم يؤذن النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم لقتاله فرجع.

أقول: هذ الحرب فى حرب ثانية مع الروم فى حدود تبوك اشتهرت أولاهما بغزوة مؤتة و ثانيتهما بغزوة تبوك، وقد قادها رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بنفسه دون الاولى حيث قادها ابن عمه جعفر ثم زيد بن حارثة بعد شهادة جعفر ثم عبدالله بن رواحة بعد شهادتهما، حسب بعض الروايات خلافاً للمحدثين و المؤرخين من العامة حيث قدموا زيداً على جعفر فى القيادة و كلتا الغزوتين شديدة على المسلمين من جهات وان كانت الثانية لم توجب تلف النفوس، نعم لو نجحت مؤامرة المنافقين فى قتل النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم على بعض الاقوال والروايات غير المعتبرة لكان ضررها اعظم من قتل جميع المسلمين و ان كانوا ثلاثين ألف.

فاسلمون لم يغلوا على النصارى فى حياة النبى الاكرم و ان تحملوا المصاعب الكثيرة فى سبيلها، نعم صالح نصارى نجران النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم باعطاء الجزية خوفاً من المباهلة و تبعاتها كما سيأتى تفصيلها عن قريب، فالفرق بين

ص: 376

اليهود و النصارى فى ذلك العصر فى امور ثلاثة:

فى القلة و شدة العداء و الخيانة و قرب المكان و الكثرة و عدم الخيانة و الاضرار و بعد المكان، و كان اليهود على الاول و النصارى على الثانى، فضربت الذلة و المسكنة على اليهود دون النصارى، و اليهود اليوم و فى عصرنا كذلك (و نحن اليوم فى انتفاضة ثانية لمسلمى فلسطين منذ شهرين) و نحن بانتظار تحقق وعده تعالى: (وَ إِنْ عُدْتُمْ عُدْنٰا) ولن يخلف الله وعده.

نعم يمكن أن حدث لغزوتى الروم أثر فى نفوس المسلمين فاستولوا بعد وفاة نبيهم صلّى الله عليه و آله و سلّم على مستعمراتهم و تصرفوا فيالشام و الاردن و فلسطين و طردوا الروم عنها، بل حملوا على مركز الروم الشرقية و دفن ابو ايوب الانصارى - وهو من اصحاب رسول الله - هناك غازياً، بل استولى الاتراك المسلمون بعد قرون على كل بلادهم و فتحوا قسطنطنية (اسلامبول \ استنبول) و هى بيد المسلمين الى اليوم، و ان كانت حكومتهم وجيشهم بعد تسلط مصطفى كمال (اتاتورك) الى يومنا الحادية و اكثر مسؤولين ملحدين. لكن الشعب مسلمون و اكثرهم متدينون، (وَ تِلْكَ اَلْأَيّٰامُ نُدٰاوِلُهٰا بَيْنَ اَلنّٰاسِ ).

و قال بعض المؤرخين: فى سياق حوادث السنة التاسعة: و فيها قدم على رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم كتاب ملوك حمير مقدمه من تبوك، ورسولهم اليه باسلامهم الحارث بن عبد كلال و نعيم بن (عبد) كلال وغيرهما (21:366).

أقول: ان صح هذا فهو أيضاً من آثار غزوتى تبوك أو احداهما.

قيل: ثم أمر رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم اسامة بن زيد فى السنة الحادية عشرة و امر الناس باتهيؤ لغزو الروم لاربع ليال بقين من صفر سنة احدى عشرة و قال

ص: 377

لاسامة: سر الى موضع مقتل ابيك و أوطئهم الخيل فقد وليتك هذا الجيش... وحرّق عليهم، فان اظفرك الله بهم فاقلل اللبث فيهم... فلم يبق احد من وجوده المهاجرين و الانصار إلّا انتدب.

اقول لكن رسول الله توفى قبل حركة الجيش... و فى ربيع الآخر سار اسامة فشن عليهم فقتل من اشرف له و سبى من قدر عليه و قتل قاتل ابيه و روجع الى المدينة (21:410 و 411).

أقول: ان صح ما نقل عن النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم كان المقصود من الحرب مجرد الانتقام دون تصرف البلاد و ترويج الاسلام.

الباب 30: قصة ابى عامر الراهب و مسجد ضرار و فيه ما يتعلق بغزوة تبوك (21:252)

فيه آيات و مطالب و روايات و المعتبر منها ما ذكر برقم 2 فقط.

أقول: المجتمع الذى بناه رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بمساعدة الهية فى المدينة كان مجتمعاً اسلامياً و من شأن هذا المجتمع ان يعيش فيه المؤمنون والمنافقون معاً، فان الاسلام هو مجرد الاقرار بالوحدانية و الرسالة و عدم الاعلان بالمخالفة و الانكار على رسول الله سواء اعتقدوا بالله و رسوله فى نفسهم ام لا.

فكان اكثر الناس مؤمنين على اختلاف درجاتهم فى الايمان و الاخلاص و التقوى، و كان جمع منهم مسلمين اى فاقدين للاعتقاد الجازم مع بنائهم على الاسلام اصولاً و فروعاً على ظن أو شك.

و كانت جماعة على النكار ظنى أو جزمى لوجود الله أو لرسالة رسوله فقط، ولكن اقروا بالاسلام خوفاً من المسلمين أوحياء من عشيرتهم أو

ص: 378

تسهيلاً لمعاشهم و لغير ذلك من الاسباب و العلل، و من هؤلاء عدة معاندون و متجاسرون كانوا يعلنون عدائهم للمسلمين أو للاسلام فى بعض الاحيان بل ينقصون رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و يؤذونه و كانوا بصدد مؤامرة لقلب النظام الاسلامى و قتل رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم صلّى الله عليه و آله و سلّم و يؤذونه و كانوا بصدد مؤامرة لقلب النظام الاسلامى و قتل رسول الله كما يظهر ذلك من قصة غزوة تبوك فى الفصل السابق و من بناء مسجد بهدف الاضرار و الكفر و التفريق بين المؤمنين. (التوبة/ 110 107) و مما نقل فى هذا الفصل.

فاصبح من الضرورى تحديد حرية المنافقين و دفع خطرهم عن المؤمنين و المسلمين و النظام الاسلامى و حاكم الدولة و هو رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم، و ايجاد ضغط روحى عليهم و تخريب مركزهم و ان سموه مسجداً مكراً و اغراء للمؤمنين، و لم يكن الغرض محو المنافقين من بلاد المسلمين بل لعله لم يكن ميسواً لكثرتهم و لعدم اثبات النفاق على جميع المنافقين بسهولة و لعلاقة جمع من المسلمين و ضعفاء الايمان باقربائهم و عشيرتهم كما يستفاد من الاحاديث و التواريخ بسهولة، بل بقيت الى يومنا هذا فى كثير من البلاد أو فى كل بلاد مسلمين والكافرين باسماء مختلفة و مقادير متفاوتة.

فمن زعم ان النفاق انتهى فى اخريات حياة النبى الاكرم فقد انكر ضروريات التاريخ تعصبا أو جهلا. و على كل شدد القرآن و رسول الله على المنافقين بعض التشديد فى اخريات حياته الشريفة المباركة و كان امرا لازما للاسلام و المسلمين.

الباب 31: نزول سورة براءة و بعث النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم عليا بها... (21:264)

ص: 379

من المعلوم عدم الاعتراف الاسلام بالشرك و مظاهره و سننه فبعد فتح مكة و حاكمية الاسلام عليها و كسر اصنامها (360 صنما) و انهزام الكفر و الشرك و ضعفهما لابد منالسد العملى و محوهما مهما امكن و الغاء مشروعية المعاهدات معهم على ضوء أوضاع جديدة حادثة بنفع الاسلام.

فاعلن الله أولاً براءة الله و رسوله من المشركين مطلقا بقوله تعالى: (وَ أَذٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى اَلنّٰاسِ يَوْمَ اَلْحَجِّ اَلْأَكْبَرِ أَنَّ اَللّٰهَ بَرِيءٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ ) و الحج الاكبر يوم النحر كما فى صحيحى معاوية و ذريح (18:27(2).

و ثانيا: إلغاء جميع المعاهدات مع المشركين المتعاهدين بقوله تعالى: (بَرٰاءَةٌ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى اَلَّذِينَ عٰاهَدْتُمْ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ ).

و ثالثا: استثناء من عاهدهم المسلمون من المشركين الذين لم ينقصوا المسلمين شيئاً ولم يظاهروا عليهم أحداً من البند الثانى فانه يجب على المسلمين اتمام عهدهم الى مدتهم المقررة بقوله تعالى: (إِلاَّ اَلَّذِينَ عٰاهَدْتُمْ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَ لَمْ يُظٰاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ اَللّٰهَ يُحِبُّ اَلْمُتَّقِينَ )، و اما قوله تعالى: (إِلاَّ اَلَّذِينَ عٰاهَدْتُمْ عِنْدَ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ فَمَا اِسْتَقٰامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اَللّٰهَ يُحِبُّ اَلْمُتَّقِينَ )، فهل هو مخصص للمشركين فى الآية السابقة بالذين عاهدهم المسلمون عند المسجد الحرام أو الآية السابقة باقية على اطلاقها و هذه الآية مختصة بموردها ففيه وجهان و لا يخلو الوجه الاول من قرب.

و يستفاد من هذا الاستثناء و سائر الآيات ان البند الثانى مختص بغير

ص: 380

المتلزمين بعهدهم كل الالتزام فقوبلوا بنبذ عهدهم.

و رابعا: امهال المشركين اربعة اشهر و لعله من يوم اعلان البراءة، بقوله تعالى: (فَسِيحُوا فِي اَلْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ)، فان لم يتوبوا فيها فهم مهدودون

بالعذاب الاليم، (وَ بَشِّرِ اَلَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذٰابٍ أَلِيمٍ ).

و خامسا: الامر بقتل المشركين بعد انقضاء الاشهر الحرم بقوله: (فَإِذَا اِنْسَلَخَ اَلْأَشْهُرُ اَلْحُرُمُ فَاقْتُلُوا اَلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ اُحْصُرُوهُمْ وَ اُقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تٰابُوا وَ أَقٰامُوا اَلصَّلاٰةَ وَ آتَوُا اَلزَّكٰاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اَللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )، قيل: و هذه الآية ناسخة لكل آية وردت فى الصلح و الاعرض.

سادسا: وجوب إجارة المشرك و حفظه اذا استجار النبى لاستماع القرآن و دلائل الاسلام ثم ابلاغه مأمنه سواء اقتنع و اسلم ام بقى على كفره، بقوله: (وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ اِسْتَجٰارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّٰى يَسْمَعَ كَلاٰمَ اَللّٰهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاٰ يَعْلَمُونَ ).

سابعاً و ثامنا: اعلان على عليه السّلام: لا تدخل الكعبة إلّا نفس مؤمنة و لا يطوف بالبيت عريان. ولا يجتمع مومن و كافر فى المسجد الحرام بعد عامه هذا، و من كان بينه و بين رسول الله عهد فعهده الى مدته، و من لم يكن له عهد فأجله اربعة اشهر (21:267).

رواه بعض العامة عن على عليه السّلام لكن الخير تقدم فى ضمن بيان الآيات و الثالث داخل فى الاول الذى يدل عليه قوله تعالى: (فَلاٰ يَقْرَبُوا اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرٰامَ بَعْدَ عٰامِهِمْ هٰذٰا) و اما الثانى فهو مشهور و مذكور فى بعض روايات آخر بل لا يبعد كونه مسلما.

ص: 381

فالبنود التى اعلنت كانت ثمان و بهذه البنود قضى على الشرك فى شبه الجزيرة ولله الحمد أولا و آخرا، و لا إله إلّا الله و لا نعبد إلّا اياه مخلصين له الدين ولو كره المشركون.

تتمة: اعلم ان آيات البراءة لا يستفاد من مجموعمها الغاء تشريع المعاهدات و المصالحات والمهادنات مع الكفار و المشركين حتى اذا كانوا ملتزمين بما يعاهدهم المسلمون و كانت فى مصلحة الاسلام و المسلمين فلا تغفل. ثم المعتبرة سنداً من روايات الباب ما ذكرت برقم 1 و 2 فقط.

الباب 32: المباهلة و ما ظهر فيها من الدلائل و المعجزات (21:276)

فيه ثلاث آيات و روايات من طريق الشيعة و السنة، و نشير الى بعض الامور المتعلقة بالباب:

1 - آية المباهلة تدل على فضيلة عظيمة لاهل البيت اعنى بهم عليا وفاطمة و ابنيهما الحسنين، لعن الله العصبية الحمقاء ان منعت عن الاعتراف بها.

2 - قبل نصارى نجران خوفا من المباهلة الجزية على انفسهم و كانت كمّيات كبيرة من المال و قبولهم اياهم ببركة اهل البيت عليهم السّلام كما يظهر من روايات الباب.

3 - الروايات المروية من طريق اهل السنة فى فضل أهل البيت مقرونة بالقرينة العامة الدالة على صحتها، فان علماء اهل السنة كسائر العقلاء لا يرتكبون جعل الاحاديث فى اثبات فضائل من لا يحبونهم حبا كثيرا، كما ان الشيعة لا يكذبون فى اثبات الفضائل للصحابة.

ص: 382

فلا يضر ضعف الروايات الواردة من طريقنا سنداً لاثبات تفصيل الواقعة بعد ورود وروايات اهل السنة.

4 - آية المباهلة تجعل عليا نفس النبى الخاتم الافضل من جميع النبيين، فهل يصح الاستدلال بها على افضليّة على على جميع الانبياء كما عن جماعة من الشيعة ؟ يقول الرازى فى تفسيره الكبير رداً عليها: انعقد الاجماع على أنّ النبى افضل ممن ليس بنبى و اجمعوا على ان عليا ليس بنبى.

ومنع المؤلّف العلّامة (21:284) الاجماع المذكور على افضلية النبى عمن ليس بنبى بان اكثر علماء الامامية بل كلهم قائلون بان ائمتنا افضل من سائر الانبياء سوى نبينا صلّى الله عليه و آله و سلّم.

أقول: اجماع الرازى ممنوع حتى اذا فرضنا حجية اجماع خصوص الاشعريين أو اهل السنة فان هذا العنوان (اى افضلية النبى من غير النبى مطلقا) غير مذكور فى كلمات اهل السنة أو الاشاعرة و على المدعى اثباتها و لا يقدر عليه جزما ولو فرضنا ان القرآن صرح بكون عمر مثلا نفس النبى هل يطمئن الرازى بان قومه لا يفضلونه على الانبياء عليهم السّلام لاسيما مع روايتهم عنه صلّى الله عليه و آله و سلّمبان علماء امتى افضل من علماء بنى اسرائيل. فلعن الله العصبية الحمقاء.

و اما نسبة المؤلّف العلّامة الفضيلة الائمة على جميع الانبياء الى جميع علماء الامامية فمحل نظر أو منع و لا اقل انها مشكوكة و غير ثابتة و لا يقدر المجلسى رحمة الله على اثباتها، فهى نوع مبالغة، لم تكن صدورها متوقعا منه و انه واقف على اختلاف الاقوال و نقل اختلاف علمائنا فى ذلك فى كلام شيخ الطائفة

ص: 383

الشيخ المفيد رحمة الله. و ان شئت تفصيل البحث فعليك بمراجعة الجزء الثانى من كتابنا صراط الحق (389) الطبعة الثانية.

5 - نقل ابن طاووس رحمة الله فى اقباله من ص 496 الى ص 513 قصة طويلة تتعلق بوفد نصارى نجران و قبولهم الجزية مكان المباهلة، نقلها المؤلّف فى بحاره (21: ص 296 الى ص 325) و قال فى أولها:

روينا بالاسانيد الصحيحة و الروايات الصريحة الى ابى المفضل محمد بن عبدالمطلب الشيبانى رحمه الله و من اصل كتاب الحسن بن (محمد بن) اسماعيل بن اشناس من كتاب عمل ذى الحجة فيما رويناه بالطريق الواضحة عن ذوى الهمم الصالحة... قالوا لما فتح النبى صلّى الله عليه و آله و سلّممكة...

أقول: لا احتمال احتمالاً عقلائياً ان القصة بطولها خالية من المبالغات و التخليلات، بل لا يبعد عدم مطابقة كثيرها للواقع، على ان النجاشى نقل عن جل اصحابنا تضعيف ابى المفضل و كذلك الشيخ نقله عن قوم و ان اكثر الرواية عنه.

و اما الحسن بن محمد بن اسماعيل فهو الاخر المجهول الذى لم يذكره احد بخير و انما عده النورى فى مستدركه من مشائخ الشيخ الطوسى رحمة الله على ان الرواية غير معتبرة اذ لم يذكر ابن الطاووس اسماء الرواة بعد هذين الرجلين الى النبى و اذا كان الخبر من دون توسط احد من الائمة فاحراز صحة مضامينه محتاج الى علم لا محالة، فاسفا على كتب الحديث من هذه القصص الخيالية.

تتمة: ى قول السيد ابن طاووس رحمة الله فى كتابه سعد السعود: رأيت فى

ص: 384

كتاب تفسير ما نزل من القرآن فى النبى و اهل بيته تأليف محمد بن العباس بن مروان انه روى خبر المباهلة من احد و خمسين طريقا عمن سمّاه من الصحابة و غيرهم، ثمّ ذكر اسماء جمع كثير. (21:350).

الباب 33: غزوة عمر بن معدى كرب (21:356).

فيه شجاعة على و مقامه عند البى صلّى الله عليه و آله و سلّم و عداوة خالد لعلى عليه السّلام و ليس فيه رواية معتبرة سنداً.

الباب 34: بعث اميرالمؤمنين عليه السّلام الى اليمن (21:360)

و فيه مطالب: و ان لم يكن فيه رواية معتبرة سنداً.

الباب 35: قدوم الوفود على رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و سائر ما جرى الى حجة الوداع (21:364)

قيل بعد اسلام عروة بن مسعود الثقفى الطائفى و شهادته ثم اسلام جمع من ثقيف، ضربت الى رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و فود العرب فدخلوا فى دين الله افواجاً...

و قيل ان عبدالله بن ابى بن سلول مات فى السنة التاسعة. أقول: وهو لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بمنزلة معاوية لعلى بن ابى طالب عليه السّلام.

الباب 36: حجة الوداع، وعدد حجه و سائر الوقائع الى وفاته صلّى الله عليه و آله و سلّم (21:378)

1 - أورد المؤلّف فى أول الباب روايات معتبرة متعلقة بالحج، مالمذكورة بارقام 1، 2، 3، 4، 6، 13، 16، 17، 19، 25، 28، 29، 35، 39 معتبرة سنداً.

ص: 385

2 - فى معتبرة معاوية عن الصادق عليه السّلام: لم يدخل الكعبة رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم إلّا يوم فتح مكة. و فى صحيح اسماعيل عن ابى الحسن عليه السّلام: دخل النبى الكعبة فصلى فى زواياها الاربع، صلى فى كل زاوية ركعتين. (21:380).

3 - فى صحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام: ان رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم اقام بالمدينة عشر سنين لم يحج، ثم انزل الله عزوجل عليه: (وَ أَذِّنْ فِي اَلنّٰاسِ بِالْحَجِّ ..) و الرواية طويلة. (21:39(0).

4 - و فى صحيح غياث عن جعفر عليه السّلام: لم يحج النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم بعد قدومه المدينة إلّا واحدة، و قد حج بمكة مع قومه حجات. (21:399).

5 - و فى صحيح معاوية عنه عليه السّلام: اعتمر رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم ثلاثة عمر متفرقات، عمرة فى ذى القعدة أهلّ من عسفان و هى عمرة الحديبية و عمرة أهلّ من الجحفة و هى عمرة القضاء و عمرة أهلّ من الجعرانة بعد ما رجع من الطائف من غزوة حنين. (21:400).

بيان: قال المؤلّف العلّامة: المراد هنا العمر التى لم تكن مع الحج، لكن ظاهر اكثر اخبارنا انه لم يععمر فى حجة الوداع... (21:400).

6 - و فى الباب اسلام فروة و استقامته و صبره حتى السجن و القتل و الصلب (21:408 و 409)، قيل و توفى فى العاشرة ابراهيم بن رسول الله فى شهر ربيع الاول و قد ولد فى ذى الحجة سنة ثمان.

7 - قيل: لما رجع رسول الله من حجه طارت الاخبار بانه قد اشتكى فوثب الاسود باليمن و مسيلمة باليمامة و كان الاسود كاهن يشعبذ ويرى

ص: 386

الناس الاعاجيب فأخذ الصنعاء فكتب رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم الى اناس ان يحاولوه غيلة و اما مصادمة، يحاولوه فقتلوه بمساعدة زوجته قتله فيروز فخار خوار ثور، فابتدر الحرس الباب و قالوا ما هذا؟ قالت زوجته: النبى يوحى اليه!!

و اما مسيلمة بن حبيب فكان يقال له رحمن اليمامة، لانه كان يقول ان الذى يأتينى اسمه رحمن، و قدم على رسول الله فيمن اسلم ثم ارتد لما رجع الى بلده، و لما توفى رسول الله بعث ابوبكر خالد بن الوليد اليه وكان عدد بنى حنيفة يومئذ اربعين الف و اشترك ابودجانة و وحشى فى قتله، و يقول وحشى قتلت خير الناس و شر الناس حمزة و مسيلة. (21:411-413).

و قد نقلوا عن مسيلمة قصصا و الله اعلم بصحتها و اختراعها من قبل بعض المسلمين المتعصبين و يبعد ان يكون عدد مقاتلى بنى حنيفة اربعين الفا و هذه الكثرة لم تتيسر لرسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم طيلة عمره فكيف له.

ج 22: ما يتعلق به و اهله و أولاده و اصحابه و امته و ارتحاله صلّى الله عليه و آله و سلّم

اشارة

الباب 37: ما جرى بينه و بين اهل الكتاب و المشركين بعد الهجرة و احوال اصحابه صلّى الله عليه و آله و سلّم (22:1)

أورد فيه آيات كثيرة و روايات و المعتبر سنداً ما ذكر برقم 32، 61، 69، 70، 89، 92، 97، 99، 102 على وجه، 104، 112، 117، 119، 121، 128، 137 و فى الباب مطالب متنوعة و مفيدة.

ص: 387

أبواب ما يتعلق به صلّى الله عليه و آله و سلّم و أولاده و ازواجه و عشائر و اصحابه و امته و...

الباب 1: عدد أولاد النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم و احوالهم و فيه بعض احوال ام ابراهيم (22:101) فيه روايات متعددة معتبرتها سنداً ما ذكرت برقم 24.

و هل البنات سوى فاطمة الصديقة - بناته من خديجة اما لسان له صلّى الله عليه و آله و سلّم ؟ ليس عليه دليل واضح معتبر، و إن كان القول بكونهن ربائبه صلّى الله عليه و آله و سلّم اكثر احتياجاً الى الدليل و بالجملة جزئيات ما يتعلق باولادة غير ثابته لقلة الروايات و ضعف ما وصلت الينا و لتعارضها مع ذلك فى بعض مداليلها.

الباب 2: جمل احوال ازواجه صلّى الله عليه و آله و سلّم و فيه قصة زينب و زيد (22:170)

أورد فيه المؤلّف التتبع العلّامة رحمة الله اكثر آيات سورة الاحزاب فانها وردت فيهن و أورد فيه 55 حديثاً والمعتبر منها مصدراً و سنداً ما ذكر بارقام 4، 8، 28، 33، 34، 39، 40، 41، 42، 43، 48، 54، 55.

و نحن نشير الى بعض ما يتعلق بالباب:

1 - انه صلّى الله عليه و آله و سلّم تزوج فى خامس و عشرين من عمره بخديجة سلام الله عليها و يقال انها كانت قبله عند عتيق بن عائذ المخزومى فولدت له جارية، ثم تزويجها ابوهالة الاسدى فولدت له هند بن ابى هالة، ثم تزوجها رسول الله و ربى ابنها (22:200) يقال انها كانت ذات اربعين سنة حين تزوجها و بقى رسول الله معها 24 سنة و شهراً فتوفاها الله فى 65 من عمرها تقريباً، و معنى ذلك ان رسول الله مضى من عمره خمسون سنة مع زوجة واحدة ليست بشابة، و ذلك يدل على عدم حرصه على النساء دلالة واضحة.

ص: 388

ثم انه صلّى الله عليه و آله و سلّمتزويج بعائشة و هى شابة باكرة جميلة يحبها رسول الله رغم سوء خلقها كشابة جميلة مبتلاة بضراتها و ليس فى بيتها مال و متاع، ولكن بعد ذلك تزويج صلّى الله عليه و آله و سلّم بنساء كبيرات و ارامل، و هذا يشهد على ان داعيه الى الزواج ليس مجرد الشهوة الجنسية بل لااقل من اغراض اجتماعية و اخلاقية اخرى معها.

فما اتهمه صلّى الله عليه و آله و سلّم النصارى فى تعدد زوجاته من انه كثير الشهوة كأنه نشأ من عصبية دينية و عداوة بغيض عصمنا الله منها.

على انه لو فرضنا انه كثير الشهوة و تزويج بالنساء لمجرد الشهوة، فاى نقص فى الامرين حتى يحتاج المسلمون الى الدفاع عنه، فان كثرة الشهوة كجملة من الغرائز و الصفات الروحية غير اختيارية للانسان لا يستحق الفرد بها مدحاً أو ذماً، فانها من فعل الخالق فى دائرة الاسباب و المسببات و العلية العامة. كما انه لا مانع عقلاً و اخلاقاً و عرفاً من تكثير الزواج لاجل غريزته، مع انه خير زوجاته بين البقاء معه و التسريح الجميل فاخترن الله و رسوله حباً له، إلّا ما قيل فى حق واحدة منهن انها اختارت الفراق فذهبت الى ما ارادت ولم يمنعها النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم.

و انما وظيفة الانسان ضبط غرائز فى حدود القانون و الاجتناب عن التعدى و الافراط و التفريط، و عدم ترك وظائفه الاجتماعية و الاخلاقية، و لم تشغل زوجاته فكر النبى و لا وقته و لا منعت اهدافه العظيمة و ايثاره و جهاده قطعاً.

2 - المفهوم من قوله تعالى: (لاٰ يَحِلُّ لَكَ اَلنِّسٰاءُ مِنْ بَعْدُ وَ لاٰ أَنْ تَبَدَّلَ

ص: 389

بِهِنَّ مِنْ أَزْوٰاجٍ وَ لَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاّٰ مٰا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَ كٰانَ اَللّٰهُ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ رَقِيباً) (الاحزاب/ 5(2).

انه حرم الله على رسوله الزواج عند نزول الآية و انه كان عقيب اعتزالهن بعد تخييرهن بين البقاء معه أو فراقهن من رسول الله و اختيارهن البقاء معه صلّى الله عليه و آله و سلّم لا زائدة على التسع و لا طلاق بعضهن و التزوج باخرى مكانها، فجواز تعدد الزواجات لم يدل بدوام حياته، بل نسخ و ارتفع و اما ما فى صحيح الحلبى (22:206) و رواية ابى بصير (22:207) ورواية اخرى لابى بصير (22:209) و رواية الحضرمى (22:208) من ارجاع عدم الحلية الى المحارم من الامهات و غيرهن فهو خلاف ظاهر الآية و لاسيما قوله (مِنْ بَعْدِ).

و قوله: (وَ لاٰ أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ ..) فلا نقبله. و الروايات اذا خالفت القران تسقط عن الحجية.

3 - فى رواية لا يخلو سندها من مناقشة بل و منع عن الرضا عليه السّلام: كان رسول الله له بضع (فصرره المجلسى بالجماع) اربعين رجلاً و كان عنده تسع نسوة و كان يطوف عليهن فى كل يوم و ليلة. (22:211).

و شبيه هذا الخبر ما نقله اهل السنة فى صحاحهم، ولكن من ادعى الاطمئنان ببطلان الرواية لم يكن بملوم، و لا مردود، و ليس معنى كون النبى صلّى الله عليه و آله و سلّم افضل من غيره كونه بطلاً فى اكله و جماعه و صوته و جماله، و هذا من تخيلات الجاهلين.

و فى ذيل صحيح هشام بن سالم الطويلة... فاعطى رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فى المباضعة من تلك الاكلة قوة اربعين رجلاً، فكان اذا شاء نساءه كلهن

ص: 390

فى ليلة واحدة (22:225).

و هذه الرواية و ان كانت اخف من سابقتها، اذ ليس فيها انه يطوف عليهن فى كل ليلة و يوم!! إلّا انها مع ذلك بعيدة أيضاً والله العالم.

كيف ولو طاف عليهن فى كل يوم و ليلة لاشتهر و بان و حيث لا فلا.

4 - قال الباقر عليه السّلام فى موثقة زرارة: ثم دعاهن فخيّرهن فاخترنه، فلم يك شيئاً، و لو اخترن انفسهن كانت واحدة بائنة... (22:212)، و فى رواية اخرى لزرارة عنه عليه السّلام: خيّر رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم نساءه فاخترنه فكان ذلك طلاقاً (22:214)(1).

و فى موثقة محمد بن مسلم قال قلت لابى عبدالله عليه السّلام: انى سمعت اباك يقول ان رسول الله خير نسائه فاخترن الله و رسول فلم (ولم) يمسكهن على طلاق، ولو اخترن انفسهن لبن، فقال: ان هذا حديث كان يرويه

ص: 391


1- - فى سند الرواية بحث طويل معقد اذ رواها الشيخ عن على بن الحسن و طريقه اليه ذو بحث طويل ذكرناه فى كتابنا (بحوث فى علم الرجال).

ابى عن عائشة و ما للناس و الخيار... (22:212).

و قال: (اى الامام الصادق عليه السّلام) أيضاً فى موثقة عيص... ولو اخترن انفسهن لطلّقهن... (المصدر السابق).

هاتان الطائفتان من الاخبار متعارضتان فى كون التخيير طلاقاً بائناً ام لا، ولسنا نبحث عنه فان مكانه الفقه، و اهل السنة أيضاً مختلفون فيه.

و انما المقصود بالبحث هنا قول الصادق عليه السّلام: ان هذ حديث كان يرويه ابى عن عائشة. اذ المفهوم منه فى بدء النظر امران: أولهما تضيعف الحديث و وهنه بدليل بدليل كونه عنها. ثانياً: رواية الباقر حديثاً عن الرواة و الصحابة و الزوجات.

الامر الاول: مسلم عند الشيعة، فانهم لا يعتمدون على روايات عائشة و حق لهم فى ذلك ولاحظ مبحث ازواجه صلّى الله عليه و آله و سلّم فى كتاب (نظرة عابرة الى الصحاح الستة) حتى تحكم بعدم وثاقتها.

وانما الخطب فى الامر الثانى فانه يدل على أن الائمة عليهم السّلام قد يروى عن الرواة و الصحابة، ولا تنحصر رواتهم عن آبائهم عن اجدادهم عن جدهم الاول رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فاذا ارسلوا الرواية عن رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم فهى محتملة للوجهين، نقلها عن آبائهم أو عن كتاب على عليه السّلام أو مصحف فاطمة، وعن الرواة الصحابة، و الثانى غير حجة قبل احراز وثاقة الوسائط، و مع الاحتمال تسقط جميع المرسلات عن الحجية، و هذا مما يرفضه السلوك الشيعى كما هو الظهر من الشمس، ولم اجد لاحد من اصحابنا كلاما و نظراً حول ذلك. و هذا المقام لابد من الاهتمام به وارائة حل واضح قوى لمشكلته.

و الذى يخطر ببالى عاجلا ان يقال ان الباقر عليه السّلام لعله انما روى حديثها لا للشيعة بل لاهل السنة المعتقدين بعائشة أو كان فى مجلسه مع زرارة و محمد بن مسلم من يتقى منه فذكره تقية و الله اعلم.

لكن هنا شىء يدعمه بعض الشواهد الظنية نذكره هنا بمناسبة ما للمقام، و هو ان الباقر عليه السّلام اكثر مسامحة و اكثر جرءة و الصادق عليه السّلام اكثر شدة و ليس الائمة عليهم السّلام كلهم يتساوون فى جميع صفاتهم النفسية.

ص: 392

ففى صحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام: ان ابى كان أجرأ على أهل المدينة منى (أول باب 6 من ابواب الصرف 18:178)، و لاحظ صحيحه الآخر فى (18:198 باب 15 ح 5 من الوسائل) و اظن شهادة بعض روايات اخرى أيضاً على هذا التفاوت بينهما لكن لا اذكر عاجلاً محلها.

الباب 3: أحوال ام سلمة رضى الله عنها (22:221)

و المعتبر من روايات ما ذكر برقم 7 عن الكافى.

الباب 4: احوال عائشة و حفصة (22:227)

لعل افرادهما بباب لآيات فى سورة التحريم وردت فيهما على ما فى التفاسير.

1 - قال المؤلّف رحمة الله ان قوله تعالى: (ضَرَبَ اَللّٰهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَ اِمْرَأَتَ لُوطٍ كٰانَتٰا..) (التحريم/ 10). صريح فى كفر عائشة و حفصة... (22:232)، ثم نقل عن صاحب الكاشف (4:457 و 45(8) كلامه فى تفسير الآية مؤيداً لكلامه.

أقول: دلالة الآية على كفرهما ممنوعة و إلّا لبطل نكاحهما و حرمت عليه صلّى الله عليه و آله و سلّممباشرتهما، نعم الكفر فى الاسلام يبطل العقد دون شريعة نوح و شريعة ابراهيم عليه السّلام، فلابد من القول باسلامها.

واعلم ان عائشة كانت شديدة العداوة لعلى و فاطمة، و قد ذكر ابن ابى الحديد المعتزلى اسبابها و نقل كلاماً معقولاً من شيخه ابى يعقوب بن اسماعيل اللمعانى و قال فى اخره: هذه خلاصة كلام ابى يعقوب و لم يكن يتشيع و كان شديداً فى الاعتزال إلّا فى المتفضيل كان بغدادياً فلاحظ كلامهما المفيد.

ص: 393

(22:235-238).

و اعلم ان السيدة عائشة كانت فصيحة فطنة و كان زوجها يحبها لشبابها و جمالها و تغيرت اخلاقها فى بيت فيه ضرات متعددة مختلفة الافكار تنازعا فى البقاء! و كان لها شجاعة و جرأة و قوة قلب ربما لا توجد فى النساء، بل فى اكثر الرجل حتى فى عصرنا عصر حرية النساء و سلطتهن على الرجال.

فكانت هى القطب فى حرب الجمل، و عليها تدور رحاها. ولم يقع فيها فتور بقتل الزبير و طلحة و كانت راكبة على جملها و تشاهد القتل وسفك الدماء و قطع الايدى و الارجلو الرؤوس و كانت فى كل لحظة فى معرض القتل ولكنها قاومت حتى عقر جملها و سقطت فانتهت الحرب!

و كان الشيخان يعظمان موقفها حتى ان عمر كتب اسمها فى قائمة المتسحقين بعد اسم عباس عم النبى و كان يعطيها عشرة آلاف فى السنة على ما ذكروه، و اما عثمان فاشتغل عنها ببنى امية فغضبت عليه، و كانت توهنه بلا خوف و وجل. و ليست احدى زوجاته صلّى الله عليه و آله و سلّم فى موقفها أو مكانتها الاخلاقية والاجتماعية فكانت تخالف الشيخ عثمان و حكومته الاموية مخالفة سياسية، و هدفها سقوط الدولة و اقامة دلوة اخرى بقيادة الزبير أو طلحة أو احد من الرجال التابعين لها و لامرها و لما سمعت بقتل عثمان و خلافة من هو اسوء عندها من عثمان بدلت سلوكها و نظرها وهتافها من دون حياء و انفعال من الناس، فاصبحت من حماة عثمان و انه قتل مظلوماً و انه كذا و كذا.

فقادت المخالفين لخلافة اميرالمؤمنين عليه السّلام و اثبتت جدارتها و اظهرت استعدادها للامور السياسية و الاجتماعية و كان لكلامها موقعاً فى نفوس عوام

ص: 394

الناس الهمج الرعاع. فلم تكتفِ بالمخالفة السياسية بل بارزت بالكفاح المسلح و قتلت فى البصرة آلافاً من المسلمين ناسية الله و رسوله و اسلامها و ضميرها و قد صغت قلبها و قلب صاحبتها من قبل كما اخبر به القرآن على ما فى التفاسير و الروايات.

ثم ان للسيدة شأنا فى الكتب الحديثية و الصحاح الستة كشأن ابى هريرة، و لها آراء و اقوال تنسب اكثرها الى رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم بل هى تخبر و تحدث عن ايام رضاعها أو قبل ولادتها فتذكر تفاصيل البعثة و بدء الوحى والنبوة، كما فى أول كتاب البخارى و كثير من المسلمين يقبلون رواياتها من دون ان يسألوها عن منبعها و انها كيف علمتها (جو طالع ز خر و ار هنر به) نعم ال نطمئن بان كل ما نسب اليها فى كتب الحديث منها و لعل جملة منها مما كذب عليها و هذا غير بعيد والله العالم و هو العدل الحكم يوم يقوم الحساب.

الباب 5: احوال عشائره و اقربائه و خدمه لاسيما حمزة و جعفر... (22:247)

فيه 65 رواية، و المعتبرة منها ما ذكرت بارقام 4 على اشكال و 7 و 10 و 18 على وجه و 23 على اشكال فى وثاقة السكونى و 36، 39، 63.

و مما اشتركت عليه جملة من الروايات التى لايبعد الاطمئنان بصدور بعضها فضيلة حمزة و جعفر وعلى و فاطمة و الحسنين و المهدى سلام الله عليهم. على ان بعض الاحاديث المعتبرة وردت فى فضيلة حمزة و جعفر (22:280:281) و اما الخمسة الباقية فهم اغنياء عن اثبات فضائلهم بروايات الباب.

ص: 395

الباب 6: فى قصة صديقه صلّى الله عليه و آله و سلّم قبل البعثة (22 ك 292)

ليست فيه رواية معتبرة سنداً.

الباب 7: صدقاته و أوقافه صلّى الله عليه و آله و سلّم (22 ك 295)

المذكورة برقم 3 و 5 على وجه و 6 معتبرة سنداً.

الباب 8: فضل المهاجرين و الانصار و سائر الصحابة... (22:310)

اقول فيه روايات و المذكورة برقم 2 و 8 على وجه معتبرة لكن متنها غير خالٍ عن الاشكال، ففى معتبرة هشام عن الصادق عليه السّلام: كان اصحاب رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم اثنتى عشر الفاً ثمانية آلاف من المدينة و الفان من أهل مكة و الفان من الطلقاء لم يدر فيهم قدرى و لا مرجئى لا حرورى و لا معتزلى و لا صاحب رأى، كانوا يبكون الليل و النهار و يقولون اقبض ارواحنا من قبل ان نأكل خبز الخير. (22:305). ذيل الخبر باطلاقه غير محتمل و لعله سقط من متنه شىء(1) و إلّا لابد من ارجاعه الى من صدر عنه.

و فى موثقة اسحاق عنه عليه السّلام... فانما اصحابى فيكم كمثل النجوم بايها اخذ اهتدى، و باى اقاويل اصحابى اخذتم اهتديتم و اختلاف اصحابى لكم رحمة، فقيل يا رسول الله: و من اصحابك، قال اهل بيتى. (22:307).

و فيه أولاً: ان فى الصاحبة المنافقين و المرتدين كما تدل عليه روايات البخارى و غيره. و ثانياً: ليس اكثر اصحابه من المجتهدين فلا معنى للارجاع اليهم. و ثالثاً: مفهوم الصحابة ليس بمجمل حتى يحتاج الى سؤال و تفسيره

ص: 396


1- - اى بين قوله من الطلاق و قوله لم يدر، سقطت جملة أو جملات.

باهل البيت غريب. و ما اجبنا عنه فى بعض كتبنا مرجوح، فالاحسن رد الخبر الى من صدر عنه. و الاظهر ان السند بغياث بن كلوب غير معتبر كما اشرنا اليه فى الطبعة الرابعة من كتابنا (بحوث فى علم الرجل).

الباب 9: قريش و سائر القبائل ممن يحبّه رسول الله صلّى الله عليه و آله و سلّم و يبغضه (22:313) و فيه اربع روايات ثالثتها معتبرة.

الباب 10: فضائل سلمان و ابى ذر و مقداد و عمار رضى الله عنهُ و فى فضائل بعض اكابر الصحابة (22:315)

أورد فيه المؤلّف المتتبع رحمة الله خمسة و ثمانين خبراً و نحن نشير الى بعض ما يتعلق بالباب اشارة مختصرة. و المعتبرة منها سنداً ما ذكر برقم 27، 78 و 80 و القدر المتفق عليه بين الروايات و ان قسمت بثلاثة اقسام:

1 - جلالة هؤلاء الاربعة اصبحت اليوم مسلمة عند الشيعة، كان ان عدالتهم عند اهل السنة لقولهم بعدالة الصحابة أو اصالة العدالة فيهم مسلّمة.

و اما اثبات خصوصيات فضائلهم فلابد من احراز صحة الاحاديث الدالة عليها أو احراز كثرتها حتى أوجبت الاطمئنان بصدقها، و الثانى القوى من الاول فانه وثوق شخصى و الاول يفيد الوثوق النوعى.

و قد ثبت بطرق مختلفة فى روايات الباب ان الله امر بحب على و سلمان و ابى ذر و المقداد، و قتل عمار دليل على ان معاوية و جنده فئة باغية داعية الى النار كما رواه البخارى، و لاحظ ما ورد فيه من طريقنا برقم 29 و 30.

2 - فى جملة من روايات الباب غير المعتبرة ان سلمان محدث و فى بعضها: كان على محدثاً (بوزن مقدس) و كان مسلمان محدثاً.

ص: 397

و فى رواية غير معتبرة سنداً: انه كان محدثاً عن امامه، لا عن ربه لانه لا يحدث عن الله عزوجل إلّا الحجة (22:349).

أقول: لكن لمريم و لام موسى ان تحدثا عن ربهما. و يعارضه أيضاً رواية ابى بصير عن الصادق عليه السّلام: كان والله على عليه السّلام محدثاً و كان سلمان محدثاً. قلت: اشرح لى. قال: يبعث الله إليه ملكاً ينقر فى اذينه فيقول: كيت و كيت (22:350).

أقول: رجال السند كلهم ثقاة غير الحسين بن المختار فانه و ان وثقه المفيد رحمة الله لكن نحن لا نعتمد على توثيقاته فانه مع جلالته وعلمه و عظمته كان فى خصوص توثيقاته متسامحا، لكن الرواية القوى سنداً من الكل، و بالجملة تحديث الملائكة لسلمان مظنون لكن لم اجد حديثا معتبراً سنداً يدل عليه إلّا أن يوجب الروايات المتعددة اطمئناناً به.

3 - عن تفسير العياشى فى نقل مرسل من حنان بن سدير عن ابيه عن الباقر عليه السّلام: كان الناس اهل ردّة بعد النبى إلّا ثلاثة... ثم عرف اناس بعد يسير (22:333).

و فى رواية ابى بصير قال: قلت لابى عبدالله عليه السّلام: ارتد الناس إلّا ثلاثة: ابوذر و سلمان و المقداد؟ قال: فقال ابو عبدالله عليه السّلام: فأين ابوساسان و ابو عمرة الانصارى (22:352).

ليس فى سند الرواية من يتوقف لاجله، بل كلهم ثقاة سوى شيخ الكشى اعنى به محمد بن اسماعيل فانه لم يوثق، لكنن الظاهر انه شيخ اجازة لكتب

ص: 398

شيخه الفضل بن شاذان أو لكتب محمد بن ابى عمير، فاذا فرضنا اشتهارها فى زمان الكشى لم تضر جهالته بصحة الرواية.

ثم الارتداد كما فى موثقة الحارث النضرى أيضاً و فى ذيلها: اى والله هلكوا إلّا ثلاثة، ثم لحق ابو ساسان و عمار و شتيرة و ابو عمرة فصاروا سبعة. (22:352) يحمل على الارتداد من الامامة لا عن الاسلام لقرائن اخرى.

روايات الارتداد مذكورة فى كتاب الكشى و قد تكلمنا حولها فى كتانا المطبوع (عدالة الصحابة) على ضوء الكتاب و السنة و العقل، فلا حاجة الى تكرار البحث هنا.

4 - و فى رواية غير معتبرة سنداً عن السجاد عليه السّلام و قد ذكرت التقية يوماً عنده: والله لو علم ابوذر ما فى قلب سلمان لقتله. و لقد آخى رسول الله بينهما، فما ظنكم بسائر الخلق... (22:343).

الباب 11: كيفية اسلام سلمان رضى الله عنه و مكارم الخلاقه... (22:355)

فى الباب ثلاثين رواية فيها فضائل سلمان رضى الله عنهُ لا يحتمل كذب جميعها فيؤخذ بمشتركاتها على اما اشرنا اليه غير مرة.

الباب 12: كيفية اسلام ابى ذر رضى الله عنهُ و سائر احواله الى وفاته... (22:393)

أورد فيه المؤلّف واحداًو خمسين خبرا، و فيه فضائل لابى ذر فيؤخذ بمشتركات روايات تطمئن بصدور بعضها، على ان ما ذكر برقم 9، 13 و 32 معتبر سنداً.

ثم ان موقف ابى ذر فى مقابل عثمان و معاوية انما هو فى تقسيم بيت

ص: 399

المال دون الغاء الملكية الشخصية و تثبيت الاشتراكية كما زعم جمع من كتّاب اهل السنة جهلاً أو تجاهلاً.

كما ان تبعيده و موته فى البربذة بتلك الحالة الغربية المؤسفة محزنان و مبكيان و قد بكيت عليه مرارا على قبره فى الربذة و فى امكنة اخرى.

تفسير جملة:

فى ذيل رواية زيد الشحام عنه صلّى الله عليه و آله و سلّم: إن عينى تنامانو لاينام قلبى (22:411).

أقول: الظاهر من هذه الجملة التى رواها الشيعة و اهل السنة(1) ان روحه صلّى الله عليه و آله و سلّم الطاهرة تدرك فى حال النوم. و هذا شىء لم يقع تحت تجربتنا و لا نفهمه تفصيلاً، و هل ان ادراكه للاشياء كادراكه فى اليقظة تماماً أو بينهما فرق، و ربما علم الروح الجديد ينفع ذلك فلاحظ كتابنا (روح از نظر دين و عقل و علم روحى جديد).

الباب 13: احوال مقداد و ما يخصه من الفضائل و فيه فضائل بعض الصحابة. (22:437)

الباب 14: فضائل امته، و ما اخبرصلّى الله عليه و آله و سلّم بوقوعه فيهم و نوادر احوالهم (22:441) المذكورة برقم 3، 7 و 8 معتبرة سنداً.

ص: 400


1- - فلاحظ بعض اجزاء بحار الانوار مثل: (9:66 و 16:299 و 17:121 و 22:27 و 61:212 و 76:189 و لاحظ 87:27.

أبواب ما يتعلق بارتحاله الى عالم البقا...

ال باب 1: وصيته صلّ الله عليه و آله و السلم عند قرب وفاته و قيه تجهيز جيش اسامة و بعض النوادر (455:22) أورد مؤلف فيه 48 رواية من مصادر متعدة و نحن نشير الى بعض يتعلق بها:

في بعض الروايات ان رسول الله صل الله عليه و آله و سلّم سال علياً: أتنجز عداة محمد و تقتضى دينه و تأخذ تراثه، فقبله علي فاقبضه رسول الله صل الله عليه و آله و سلّم اشياء من ماله. (22:456 و 459 و 460)

أقول: ان صحت الروايات فمعناه المصالحة أو تمليك اعيان مشروطة بانجاز عدته و أداء ديونه. فاطلاق الارث عليها مجازي فعلي وارث علمه لا وارث ماله الّا على النحو المجاز و انما وارثه بنته و زوجاته صل الله عليه و آله و سلّم

في بعض الروايات ان رسل الله حدث عليا الف باب فى مرضه تحث ثوبه يفتح كل حديث الف جديث (برقم 9)

وفى بعض الف باب من الحلال و الحرام و مما كان و ما هو كائن الى يوم القيامة، كل باب منهاى فتح الف باب (فذلك الف الف باب اي مليون باب) حتى علم علم المنايا و البايا و فصل الخطاب برقم 10 و لاحظ ارقام 11، 12، 13 و 15.

و في رواية بشير الدهان عن علي عليه السلام، حدثني بباب بفتح الف باب، كل باب منهاى فتح الف باب (برقم 14) و لاحظ روايته الخرى برقم 16.

ص: 401

و فى موثقة الحارث (و هى المعتبرة الوحيدة من الروايات الواردة في الموضوع هنا، بل من جميع روايات الباب) عن الصادق عليه السلام... و أما اكبابي عليه فانه علّمنى الف حرف الحرف بفتح الف حرف.. (برقم 17)

المفهوم عرفاً أن ذكر عدد الاف المجرد الكثرة دون التحديد الدقيق و انه ليس ب 99 و 1001 فانه بعيد، و المعقول عندي من الفتح و النفتاح هو كون الالف الذى علمه رسول الله صل الله عليه و آله و سلّم كليات منها تطبيقا و استباطا مسائل كثيرة. لكن تعليم الف باب في حال مرضه و فى وقت مختصر كان المعلم رسول الله صل الله عليه و آله و سلّم و المتعلم اميرالمؤمنين عليه السلام ان لم يكن بممتنع عدة فهو مشكل يصعب تصوره بحسب المتعاد عندنا.

فلابد لمن وفقه الله لدرك هذه الامور من الارائة حل معقول. مجمل الجواب ان التعليم المذكور ليس بطريق عادي.

3 - من عجب الحال انه لا رواية عند الشيعة و لو بسند ضعيف تروة ما قاله عمر و من تبعه صل الله عليه و آله و سلّم في مرضه بعد رد امره باتيان القرطاس و الدواة: ان الرجل يهجرا و قد غلبه الوجع (كلتا الجملتين بمعنى واحد) حسبنا كتاب الله كما نقله اهل السنة في صحاحهم و كتبهم.

جملة من الروايات الباب منقولة من كتاب الوصية لعيسى بن المستفاد الضرير نقلهل عن موسى بن جعفر عليه السلام لكن عيسى إمّا غير قابل للاعتماد كما يستفاد من كلام النجاشى أو هو مجهول. على ان نسخة كتابه لم تصلب سند معتبر لى ابن طاووس كما اشرنا الى اصل هذا الكلام في أول هذه التعليقة، فلا اعتماد على هذه الروايات، و ما قيل فى اعتبارها (ص 495)

ص: 402

ضعيف موهون.

الباب 2: وفاته و غسله و الصلاة و دفنه صل الله عليه و آله و سلّم (22:503)

أورد فيه المؤلف الممتبع العلّامة رحمة الله سبعين رواية بعضها معتبرا سندا كالمذكورة برقم 41، 43، 47 و 63 و اكثرها غير معتبر.

و هل النبى صل الله عليه و آله و سلّم مات أو مضى مسموما و مقتولا؟ القرآن ابهمه فى قوله و خطابه لا صحابه صل الله عليه و آله و سلّم (أفان مات أو قتل اتقيلبتم اعقابكم) و تدل بعض الروايات المتقدمة و المذكورة في هذا الباب بارقام 21، 2، 23 على انه صل الله عليه و آله و سلّم مضى مسموما، روحي و ارواح العالمين بله الفداء.

و لا حديث معتبر يدل على تاريخ وفاته، و يكفة في تعظيم شعائر الله ما اشتهر بيننا - معاشر الشيعة - من اقامة العزاء في 28 صفر، ليس فيه حكم الزامي يجب الاحتياط لأجله.

نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها مع الزفرات

لا خبر يعدك في الحياة و أنما أبكى مخافة ان تطول حياتي

الباب 3: غرائب احواله و ما ظهر عند ضريحه صل الله عليه و آله و سلّم (55:22)

و الرواية الاخيرة التى يختم بها هذا الجزء، بل يختم بها تاريخ النبى الخاتم صل الله عليه و آله و سلّم صحيحة معتبرة.

الفرق بين الوحي و الالهام

ثم المستفاد من الروايات غير المعتبرة الواردة فى الباب ما يلهمه الله الائمة عليه السلام انما يبلغه اولا رسول الله صل الله عليه و آله و سلّم و روحه الطاهرة ثم الى

ص: 403

الامام بعده، هكذا حتى يبلغه الى الامام الاخير، و لو وجدت حديثا معتبراً على ذلك في كتاب الامامة و غيرها فاحكم بهذا الفرق بين الوحى و الالهام و بالله الاعتصام.

لا يقال: الرواية المذكورة برقم 10 صحيحة سنداٌ، فانا نقول نعم لكن مصدرها، و هو (بصائر الدرجات و الاختصاص) لم تصل نسختاهما الى المجلسي رحمة الله بسند معتبر، بل هو ينقل عنهما وجادة بل الثاني لم يعرف مؤلفه فكيف يعتمد عليه.

و قد اتفق للمؤلّف العظيم و المحدث الجليل المجلسى رحمة الله الفراغ من هذا للمجلد (المجلد السادس الذي ينتهي بالجزء 22 حسب الطبعة الحديثة) في عشرين مضين من رمضان سنة 1084 من الهجرة مع وفور الاشغال و الاختلال البال.

و قد اتفق فراغ المعلق الفقير العاجز قليل البضاعة مما كتبه و علّقه لحد الآن في سبعة و عشرين من رمضان المبار سنة 1431 من الهجرة المنورة (1379/10/4 ش) في بلدة قم مع قلة الاشغال و استراحة البال و الحمد الله على كل حال اللهم اغفر و ارحم المؤلف العّلامة(1) و جميع العلماء و المحققين و جملة الشريعة و الشهداء و جميع المؤمنين و المؤمنات و المسلمين

ص: 404


1- . و من العجيب الاتفاق ان اليوم يوم الوفاة المؤلّف العلّامة: فانه توفي ما قيل 27 من شهر رمضان سنة 1110 و قد ولد في سنة 1037، فكان عمره حين تاليف هذا الجزء من البحار 47 عاما و له مؤلفات عدبدة مفيدة. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

و المسلمات و وفقنا لاكبر قدر لخدمة دينك و عبادك في بلادك يحق محمد و آله صلواتك عليه و عليهم اجمعين.

ج 23: جمل أحوال الائمة و الآيات النازلة فيهم

اشارة

الباب 1: الاضطرار الى الحجة و أن الارض لا تخلو من حجة (1:23)

فيه آيتان و 118 رواية و جملة منها منقولة من بصائر الدرجات للصفار الثقة و من الاختصاص باسناد معتبرة لكن نسختي الكتابين لم تصلا الى المجلسى بسند معتبر، بعبارة ادق ان وصولهما اليه لم يثبت بسند معتبر متصل، بل الظاهر انه ينقل عنهما وجادة، و لم يعلم انهما فيالفصل الطويل بين البرقي و مولف الاختصاص و المجلسي رحمهم الله أين كانتا و ما مر عليهما؟ و هل سلمتا الزيادة و النقصان أم لا؟ و هذا السؤال أو الاعتراض يجري في صحة كتب اخرى كغيبة النعماني و أمالي المفيد و الطوسي و تفسير القمي و كتاب المحاسن للبرقي، على ان مولف الختصاص أيضا غير المعلوم و ان نسبه المؤلّف الى المفيد يليكنه لا دليل معتبر عليها، و قد فصّلنا القول في ذلك في كتابنا (بحوث في علم الرجال - الطبعة الرابعة) و على كل فى الباب امور:

1 - المعتبرة من الرواية الباب ما ذكرت بارقام 8، 9، 18، 26، 27، 29، 31، 31، 32 و 34 على وجه 35، 37، 41، 46، 54، 58، 62، 63، 65، 67، 68، 74، 75، 76 و 77 على وجه 84 و 86 على وجه و 90 و المظنون صدور 91 عن علي عليه السلام.

ص: 405

الوجه الاول من الوجوه الاربعة في كلام الطبرسي فى تفسير قوله تعالى: (إِنَّمٰا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هٰادٍ) (اي انما انت منذر و هاد لكل قوم، يعطف هاد على منذر) و ان ان مطابقا الاعتبار لكنه خلاف ظاهر فتأمل. بل ظاهر الآية الوجه الرابع (بأن اريد بالهادي كل داع الى الحق) لكنه مخالف ظاهر الآية الوجه الرابع (بأن اريد بالهادي كل داع الى الحق) لكنه مخالف للاعتبار، اذ النبى منذر و هاد و لا معنى لسلب الهداية عنه بل هو اعظم الهادين و أولهم في هذه الامة. كما ان جميع المرسلين منذرون و مبشرون.

و بالجملة: لم اجد لتفسير الآية ما تطمئن به النفس، و الروايات تؤيد الوجه الرابع مقصّرة الهادي في الائمة عليهم السلام و لعله من باب التطبيق و الجري دون حصر المفهوم.

2 - في صحيح السراج قال: قلت لابى عبدا الله عليه السلام: تبقى الارض بلا عالم حىّ ظاهر يفرغ (يفزع) اليه الناس فى حلالهم و حرامهم ؟ فقال ليپپ: اذن لا يعبد الله يا ابا يوسف (21:23).

أقول: المراد مطلق العالم فالمتن ظاهر و لاحظ ما ذكر برقم 22 وان اريد به الامام عليه السلام ينتقض بالعصر الغيبة. و في صحيح بصير عنه عليه السلام: ان الله لا يدع الارض ألّا و فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان (المصدر) و يدل عليه أو تأيده جملة من الاحاديث.

فالارض لا تخلو من عالم و قضية الحكمة وجود العلماء بقدر اتمام الحجة، فلا يكفى عالم واحد فى محل من الارض لا يصل اليه جماعات من المؤمنين و لكن حتى اليوم هناك فرى بعيدة ليس لهم عالم موصوف في هذه الروايات، و ربما يقع في شبكة الوهابية و النصرانية و الماركسية

ص: 406

لعنها الله.

3 - في صحيحة احمد بن عمر قال: قلت للرضا عليه السلام: انا روينا عن ابي عبد الله انه قال: ان الارض لا تبقى بغير الامامفيها؟ فقال: معاذ الله، لا تبقى ساعة، اذاً لساخت (25:23). و لاحظ 24 ايضا.

قال المؤلّف العلّامة: يقال ساخت قوامه في الارض، اي دخلت و غابت و لا يبعد ان يكون سوخ الارض كناية عن رفع نظامها و هلاك اهلها (21:23).

أقول: سوخ الارض بلا امام ورد ايضا في ارقام 20، 30، 39، 40، 42 و 43 و فيه: لو خلت الارض طرفة عين من حجية لساخت باهلها و سنده ضعيف. 55 و 56 و فيه: لماجت باهلها كما يموج البحر باهله. 59 و فيه: و لو خلت بغير الامام. و في رواية: قال النبى صل الله عليه و آله و سلّم: النجوم امان لاهل السماء، و اهل بيتي امان لاهل الارض، فاذا ذهبت النجوم اتى اهل السماء ما يكرهون، و اذا ذهب اهل بيتى اتى اهل الارض ما يكرهون (41:23) و سندها غير معتبر، لكن رواها اهل السنة بسندهم و هم لا يكذبون لفضل اهل بيت. و متنها مذكور في الصواعق المحرمة لابن حجر المتحجر.

و اعلم اريد من هذه الروايات و مايشابهها في المدلول و هو غير قليل ان الامام واسطة في الايصال الفيض، فلا اشكال فيها في زمان الحضور و الغيبة، و هو واضح، و لا وجه للتعدي عن الائمة الى المجتهدين و العلماء الاعاظم و ان كان امرا ممكنا، و ان اريد جهة تشريع و تبيين المعارف و الاحكام، فلابد من

ص: 407

التعدي الى العلماء المجهتدين القادرين على استنباط الاحكام الظاهرية من أدلتها حتى لا تنقض الروايات بعصر الغيبة التي امتدت اكثر ألف سنة و ربما تمتد الى آلاف أو ملايين السنين. فان المؤمنين لم تنفعوا و لا ينتفعون من امامهم الغائب - عجل الله تعالى فرجه - في الاصول و الفروع، و ما يقال بخلاف ذلك فهو تخيل و توهم و لعب بالعقول.

فمعنى امامته علينا في كرة الارض انه _ عجل الله فرجه - لو ظهر و امر و نهى و يجب علين اتباعه، و يجب علينا الرجوع اليه في امر الدين و سياتي بعض الكلام فيه فى محلة المناسب.

5 - في ذيل صحيحة ابي عبدة(1) عن الصادق عليه السلام... فانه لن يهلك منا إمام قط إلّا من بعده من يعلم مثل علمه، و يسير مثل سيرته و يدعو الى مثل الذة دعا اليه، فانه لم يمنع الله ما اعطى داود ان اعطى سليمان افضل منه (41:23).

أقول: الجملة الاخيرة ربما تشير الى اعلمية اللاحق من السابق و هو غير ثابت، و إلّا لا صبح العسكري عليه السلام اعلم من اميرالمؤمنين و هدا مما لم يقل به احد، بل هومخالف لما دل على أنّ الذي يقاض على اللاحقف فهو يفاض أولا على روح السابق ثم منه على الاحق فاللاحق.

لكن هذا بالنسبة الى العلوم التي تقاض من قبل الله، و اما العلوم التي

ص: 408


1- . صحة الرواية مبنية على اتحاد فضيل المرادى و فضيل الاعور كما ضنه الشيخ الطوسى و أيده السيد الخويى فى المعجم جاله.

تحصل بالحواس من الخارج فيمكن ان يقال أن ولي العصر - عجل الله تعالى فرجه - اكثر علما من جميع الائمة فانه شاهد في القرون و المتمادية من القرن الثامن الى اوائل من القرن الواحد و العشرين تقدم الانسان فى العلوم و الصناعات و تحول المجتعمات و كثرة العادات، إلّا ان يقال أن ارواح الانبياء و الاوصياء ليست كارواح الناس في عدم ادراك ما يجرى و يتحقق بين الاحياء على سطح الارض، فهو عالمون باذن الله تعالى بما يجرى، و الله العالم.

6 - في صحيح الهشام بن سالم عن يزيد الكناسي الذي في وثاقته وجهان عن الباقر عليه السلام: ليس تبقى الارض يا ابا خالد يوما واحدا بغير حجة الله على الارض، لم يبق منذ خلق الله آدم و اسكنه الارض (43:23)

أقول المناسب حمله على فرض صحة صدوره من الامام عليه السلام على جهة التكوين و اشتراط الافاضة بوجود الامام، اذ بلحاظ التشريع لم تتم حجة الله على جميع من في الارض إلّا في بعض الاعصار الاولية، فان وجود الانبياء في قرية لم يصر حجة على اهل القرى البعيدة الذين لم يعلموا بهم، بل أوصياء نبينا صلى الله عليه و آله و عليهم كانوا في تقية شديدة، و لم تتم الحجة بهم على نساء المدينة و جملة من رجالهم فضلا على الذين اسلموا في ايران و السند و الهند و آسيا الوسطى و افرقيقة الذين لم يسمعوآ من الغديزير و من الاوصياء اسما.

و اليوم - يوم الاذاغة و التلفاز و الانترنت - اكثر الكفار و اهل المذاهب غير الحقع قاصرون غير مقصرين، فافهم ذلك و لا تكن من الغافلين.

ص: 409

و اما ما نقل عن كميل عن اميرالمؤمنين عليه السلام: اللهم لا تخلي الارض من دائم بحجة اما ظاهر مشهور أو خائف مغمور لئلا تبطل حجج الله و بيناته. (49:23). فيحمل صدره على فرض الصدور عنه عليه السلام، على الموجبة الجزئية، ضرورة ان القائم حجة على من وصل اليه خبرة، لا مطلقا و على جميع نوع الانسان في جميع كرة الارض، و اما ذيله فهو محتاج الى توجيه حسن لم يصل فهمي اليه، حتى تثبت الملازمة بين وجود القائم المعقور الخائف و عدم بطلان الحجج و البينات و الله يهدي من يشاء.

الباب 2: في اتصال الوصية و ذكر الاوصياء من لدن آدم الى آخر الدهر (23) الاوصياء مخالفة للاعتبار العقلي، اذ بناء على عدم خلو الارض من نبي أو وصي و اتصال الوصية في طول حياة الانسان يكثر عدد الانبياء و الاوصياء - سواء أكانو انبياء ام يكونو انبياء - مما فيها بكثير، و مجمل القول انّه لو فرضنا أتمام الحجة من قبل الله تعالى على جميع التاس في اكتاف الارض لبلغ عدد انبياء و أوصيائهم الف الف أو اكثر لا سيما اذا صح ما يقول علم طبقات الارض من امتداد حياة الانسان الى ثلاثين أو خمسين الف سنة، بل يدعي بعض علماء هذا العلم انّ عمر الانسان يص الى سنة ملابين عاما، و هذه الاقوال و ان لم تثبت و ان لم تثبت عندنا يقاطع لكنها لا سبيل الى تكذيب فانه جهالة و غرور.

و من كل ما ذكرنا يظهر ان عدد الانبياء و الرسل مجهول ثقلا و عقلا، و المسلم القران قص جملة منهم، و الروايات لا عبرة بها حتى و ان

ص: 410

كانت خالية عن اشكال و الايراد فى متوفها.

الباب 3: ان الامامة لا تكون لا تكون إلّا بالنص و يجب على الاامام النص على من بعده (66:23)

أورد فيه المؤلف لّف العلّامة خمس و عشرين رواية فافدة لشروط الاعتماد عليها سندا أو مصدرا، و لنشر الى بعض ما يناسب الباب:

1 - ربما يقال الروايات لا تكون في عنوان الباب و امثاله حجة و ان تواترث عن الائمة عليه السلام، اذ لا معنى للتعبد بقول من يدعي منصبا لنفسه أو يدعى انحصاره فى حقه، فانه حو من الدور الباطل و كذا لا معنى لقبول ادعاء احد انه معصوم، فانه امر نظري لا تكلفي لاثباته وثاقة المدعى بل و لا عدالته، فعصمة الائمة عليه السلام لابد و ان تثبت بالدلائل العقلية و آيات قرآنية كآية التطيهر و نحوها، و لا معنى لاثباتها بالاجماع و الضرورة المذهبية أيضا.

و ملخص هذا القول ان من يدعي شئا من قبل الله سبحانه و تعالى و انه حكم كذا أو قال كذا لابد له من اثباته من العقل و البينة الواضحة نبيا كان أو اماما و لا معنى لقبولع قوله تعبدا و مجردا عن البرهان و ان كان تقيا صالحا صادقا كاملا. و هذا القول محتاج الى بحث.

2 - وجوب النص على الامام مطلقا غير مدلّل، اذ مع أقامة الدليل و اظهار المعجزة من الامام اللاحق لا يجب النص عليه من الامام السابق، هذا بحسب النظر، و اما بحسب العمل فلم يقدر اكثر الائمة عليه السلامعلى التنصيص الشامل العام لمكام التقية الشديدة من الحكومات الظالمة و الغاصبة، لذا وقع بعد فوت كل امام أو بعد وفاته عدة من الائمة الاثنيي عشر اختلاف و نزاع بين الشيعة

ص: 411

فشذ و بقى على الصراط من بقى، و من العجب ان مثل زرارة لم يكن يعرف وصى الامام الصادق عليه السلام بعد فوته و بقي متحيرا فما ظن بهشام بن سالم و اضرابه. بل ربما يتقون من بنى هاشم كما يظهر من قضة عيسى بن زيد.

3 - اختلاف بني هاشم بينهم هو المانع الآخر في الامر التنصيص و اتمام الحجة، فان اتفاقهم على فرد بعينه من ذرية رسول الله و اتخاذه أماما و سيدا مطاعا كان له اثر بليغ بين عوام الناس، لكن اختلافهم فكرا و عملا أوهن امر الامامة، و موضع الزيدية لم يكن باخف من موضع بني عباس أو بني امية من الائمة الاثنى عشر و لو استولوا على السلطة و الحكومة لقتلوا الامام الصادق عليه السلاماذا اقتضاء الحال، و من قرأ مقاتل الطابيين و بعض روايات الكافي، هان عليه تصديق ما قلنا.

4 - تحقيق المقام و بيان على نصب الامام على الله تعالى لا على الناس مذكور في كتابنا (صراط الحق 190:3، الطبعة الثانية).

أورد فيه الموّلف المتتبع اربعين رواية لا يعذر الناس بترك الولاية... (76:23) و غيبة النعماني و الكشي و التفسير المنسوب الى القمي و قرب الاسناد و أمالي الشيخ و عللل الشرايع و العيون و ثواب الاعمال و بصائر الدرجات و كمال الدين و الاختصاص و كنز الكراكجي باسانيد غير معتبرة و بعضها معتبر، و لاشك في حصول العلم يصدر بعضها من الامام عليه السلام.

و و جوب بمعرفة الامام يكشف عن كون الامامة من اصول الدين و العمدة في اثباته هو ما نقل عن رسول الله صل الله عليه و آله و سلّم بالافاظ مختلفة: من مات

ص: 412

و هو لا يعرف امامه مات ميتة جاهلية.

اما من طريق الشيعة فلاحظ روايت الباب الحاضر مثلا، و اما من طريق مكتب الخلفاء فد نقله

(من مات و لم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية) التفتازاني في شرح عقائد عمر النسفي و الحميدي في الجمع بين الصحيحين و الهندي في كنز العمال (181:1) و صاحب مجمع الزوائد (223:5 و 2224) و لاحظ بعض متون الرواية في صراط الحق (94:3) و البحار (199:23 و 200). و هناك روايات تدعم الرواية بمضامينها المختلفة فلاحظ نموذجا منها في الجزء 3:203 من كتابنا صراط الحق. و في الاخير لاحظ مصادر الحديث المذكور (من مات..) في 331:29 و مابعدها من البحار.

و مقتضى كون الامامة من اصول الدين و ان الجاهل بامامه يموت موتة جاهلية: ان المخاف كافر سواء كان قاصرا و مقصرا أو معاندا، و ليس الامر كذلك، فان ائمة اهل البيت أو لا عاشروا مخالفيهم و اكلوا من طعامهم و اشتروا ذبائحهم و عاملوا معه معاملة الحلال و تزوجوا ببناتهم و زوجت بعض بنات الائمة مثل سكينة و فاطمة بنتي الامام الحسين ببعض المخالفين أو الاعداد على ما في مقاتل الطالبين.

بالجملة: السيرة القطيعة قائمة على المعاملة المخالفين في غير نصابهم مثل معاملة المسلمين، و في بعض الروايات المعتبرة دخول المخالفين الصالحين غير النصاب في الجنة و بفضله تعالى و هذا ينافى كفرهم، فكيف التوفيق ؟ و المشهور في الالسنة انهم بحكم المسلمين في الدنيا تسهيلاعلى الشيعة في حياتهم و في الاخرة فيحكم عليهم بالعذاب و الخلود.

ص: 413

أقول: و هذا الكلام لا يخلو من تعصب و نظر سوء كما هو الشائع بين اهل الاديان و المذاهب قديما و حديث و من أشد هذه العداوات و العصبيات عصبية الفرقة الضالة الوهابية القائمة اليوم الحكومة آل سعود على اشرف الاماكن الاسلامية طهرها الله من ارجاسهم، فانهم عملاء اميركا، فقد قال سفير السودان في كابل يوما زارني [حينما كنت مترجما لمجلس القيادة الاسلامية و منشياء له]: ان الحكومة السعودية هم الذين يعاونون نصارى الجنوب علينا بالسلاح و الاموال و جناياتهم مفصلة في كتب مبسوطة منتشرة في المكتبات العامة في الاسواق.

و على كل ما اشتهر في لسان جمع من علمائنا من ان المخالفين بحكم المسلمين، اي انهم كفار لكن حكم شرعا بطهارتهم و بصحة التزويج و التزويج و اكل ذبائحهم لمجرد التسهيل على الشيعة في هذه الحياة، يرده ما دل على دخول صالحيهم اذا لم يكونوا من النصاب فى الجنة و بخالفه ما يفهم من جملة من الروايات الواردة في اسلامهم و قد ذكرناها أول كتابنا (عدالة الصحابة المطبوع مع كتابنا بحوث في علم الرجال الطبعة الثالثة).

و هنا قول آخر و هو ان الامامة من الاصول، لكن لا من الاصول الدينية كالتوحيد و النبوة و المعاد، بل من الاصول المذهبية، و المخالف قاصرا و مقصرا و معاندا خارج عن المذهب و ان لم يخرج عن الدين الاسلامي، لكنه مخالف لقوله صل الله عليه و آله و سلّم النقول السابق:

(من مات و لم يعرف امام زمان مات ميتة جاهلية) ألّا ان يدفع بانه مقتضى الجمع بين الادلة من السيرة و بعض الاذلة اللفيظة المختلفة اعتبار الاعتقاد

ص: 414

بالامامة في الاسلم في فرض العلم بنصب الامام دون الفرض الجهل و الشك، و يشهد له بعض ما ورد فى سبب صبر اميرالمؤمنين من تحصيل حقه، و المقام محتاج الى تأمل عقلي أو نقلى بعيد عن الاحساس و العاطفة.

الباب 5: ان من انكر واحدا منهم فقد انكر الجميع (95:23)

أورد المؤلف رحمة الله فيه ست الروايات اوليها معتبرة سندا.

الباب 6: ان الناس لا يهتدون الا بهم و انهم الوسائل بين الخلق و بين الله و انهلا يدخل الجنة ألّا من عرفهم (23:99)

فيه عشر روايات، لعله لا توجد فيها معتبرا سندا.

الباب 7: فضائل اهل بيت عليه السلام، و النص عليهم جملة من خبر الثقلين و السفينة و باب حطة و غيرها (104:23)

أورد المؤلّف المتتبع 119 خبرا تثبيت العنوان، و في المقام المور نشير الى بعضها:

1 - في الباب و الروايات منقولة بطرق من اهل السنة والشيعة عن رسول الله صل الله عليه و آله بعضها متواترا و لا اقل انها مقطوعة الصدور، و هي تدل على فضائل اهل بيت وجوب اتباعهم، رفليست هى بمروية عن الائمة فقط عن رسول الله صل الله عليه و آله و سلّم حتى يقال انها دورية و ان العقلاء لايقبلون وجوب متابعة احد و امامته و فضائله المهمة من قوله و نقله و ان كان ثقة و ان كان ثقة صادقا و عادلا، مع القطغع النظر عن تلك والروايات و الاحاديث.

فمنها حديث السفينة و له اسانيد كثيرة في كتب اهل السنة كما يظهر الصواعق المحرقة لابن حجر، و من هذا الباب، و من كتاب الغدير

ص: 415

و المراجعات و غيرها، فصدور اصل حديث عن النبى صل الله عليه و آله مطمئن به و ان اختلفت الروايات فى بعض كلماته فعن ابى ذر - آخذا بحلقة باب الكعبة: سمعت رسول الله صل الله عليه و آله و سلّم يقول: انما مثال اهل بيتى فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق... (105:23).

يدل الحديث على الوجوب متابعهم فانها وسيلة للنجاة عن المعصية الله و عذابه. و حرمة التخلف عنهم بالمخالفة و التمرد و ترك اقوالهم، فانه يوجب الغرق و السقوط في العذاب، ففي جميع الاصول غير قطيعة و الفروع النظرية مقابلها و لا يجوز للناس تقليد هؤلاء المجتهدين و العمل بهذا الاجتهاد المخالف لنظرهم، و كفى بهذا فخرا و فظيلة لاهل بيت.

فان قلت: لفظ اهل بيت ظاهر في ازواجه و من في بيت علي بن ابي طالب عليه السلام و هو صهره و صاحب بيت مستقل عن بيته صل الله عليه و آله و سلّم.

قلت: نعم لكن المراد باهل بيت النبى ليس ازواجه و أولاده و خدمه، بل المراد بهم من ذكرهم الله في آية التطيهر و ورود ذكرهم في روايات الطرفين حتى ان ام سلمة - ام المؤمنين رضي الله عنها - ليست منهم من النبى صل الله عليه و آله و سلّم كما ورد في بعض الروايات. و من جاء بهم النبى صل الله عليه و آله و سلّم لمباهلة نصارى نجران.

و لعله احد من علماء الاسلام الحديث على زوجاته، اذ لم اجد لحد الآن بوجوب متابعة فقط و عدم جواز متابعة

ص: 416

غيرهن من العلماء، و ليس فيهن من تصلح للامامة و المتبوعة في امور الدين كما لا يخفى.

ثم المعلوم - بقرينة خارجي - ان المراد باهل البيت هو اميرالمؤمنين و الحسنين اذ لم يظهر من فاطمة - سلام الله عليها - امر و لا نهي و لا تعليم للنساء و للجميع، كم ان المستفاد من الجمع بين الروايات لزوم الترتيب فى الحسن ثانيا ثم الحسين ثالث. و اما شمول الحديث لسائر الائمة فغير ظاهر، بل الظاهر عدمه لعدم صدق اهل البيت عليهم، فلابد من الحاقهم بهم من اقامة دليل من الخارج.

و منها قوله صل الله عليه و آله و سلّم: من مات و لم يعرف اام زمانه مات مية جاهلية، و لولا حجية كلامهم لا يعرف للحديث معنى، و لاحظ مصادره في (256 الهامش) و لاحظ (23:76 و 95 بحا الانوار).

ومنها: حديث الثلقين المتواتر و قد الف بعض السادة المحققين المتتبعين في جمع طرق، و بيان متونه المختلفة و مدلول كتابا كبيرا فلاحظ بعض اجزاء كتاب (عبقات الانوار) شكر الله مساعية و تحمل مصاعب التتبع و التدبر. فعن مسند احد بن حنبل، باسناد عن ابي سعى الخدري قال: قال رسول الله صل الله عليه و آله و سلّم:

«اني تركت فيكم الثقلين، ما أن تمسكهم بهما لن تظلّوا بعدي و احدهما اكبر من الآخر، كتاب الله ممدود من السماء والى الارض، و عترتى اهل بيتى، ألا و أنهما لن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض «(103:23) وعترتى اهل بتى، ألا و أنهما لن تفرقا حتى يردا علىّ الحوض» (106:23)

يستفاد من الرواية عليما يبدو لي عجلا أمور:

ص: 417

1 - ان متابعة اهل بيت كمتبعة القرآن تنفي الظلالة.

2 - لابد من تمسك بهما معا.(1)

3 - أن القرآن اكبر من اهل بيت، لابد آن يكون كذلك فان مقام النبى و الامام من جهة كونهما مبلغا لكلام الالهي و القانو الشرعي، و الدين مر ضروري لحياة نوع الانسان فى الكرة الارضية.

4 - حقيقة اهل بيت في الاصول و الفروع عند الاحراز الاختلاف و تعيّن الضلالة في تمسك بفتاوى و آراء مخالفيهم واعدائهم.

و لقائل ان يقول ان اثبات شىء لا ينفى ما عداء كما هو المشهور و في الالسن. و المتفقين من الحديث عدم الجواز التمسك بغير اهل البيت عند احراز محالفة و أيهم مهع آراء اهل بيت لا في فرض الشك فى الخلاف، فيجوز احتمل اعملية بعضهم من بعضهم اذا شك في اختلاف فتاويهم و لم يحرزه.

أقول: هذا لا بأس به اذا وجد دليل عام أو مطلق يثبت حجية اقوال جميع العلماء، على أنّ العموم و الاطلاق أنما يفيدان في صدر الاسلام واليوم فانصار اهل بيتى مخالفيهم متميزة غالبا فنقل الثمرة.

ظاهر قوله صل الله عليه و آله و سلّم:

«لن تظلوا بعدى» عدم الضلالة عن الواقع، فيدل على عصمة اهل بيت، فيكون اجماعهم حجة بطريق أولى، فأنّ مدلول الحديث حجة قول كل واحد منهم. و يحتمل ارادة الاهتداء الى مطلق الحكم

ص: 418


1- . لاحظ مقدمة جامع الاحاديث الجزء الاول حجية اقوال الائمة عليه السلام.

الظاهري سواء كان مطابقا لللواقع لا كما في قوله تعالى: «فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ ». و قوله تعالى: «فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا...»، و كما فى الرواية مرسلة غير معتبرة....

فللعوام ان يقلّدوه. فلا يدل على عصمتهم، بل عى حجية اقوالهم و آرائهم.

و يبعد هذا الاحتمال ظاهر قوله: و انهما ا يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. فلاحظ.

5 - الذيل يدل على عدم استقلال من القرآن و اهل البيت في كفاية الاهتداء به فلا معنى للقول بانه حسبنا كتاب الله أو حسبنا العترة. و انما التمسك بكليهما و لو مستقلا يوجب الأمن من الضلالة.

6 - قوله عليه السلام في كثير من المتون الحديث: فانظروا كيف تخلفونة فيهم أو فيها أو في عترتتي، يدل على لزوم حفظ مقامهم و تعظيمهم احترامهم على جميع الصحابة و غيرهم.

7 - الثقل الاكبر هو القرآن، فالحديث الدال على التمسك الناس به أو على وجوبه يبطل نظر جماعة من المحدثين و الاخباريين من عدم حجية ظواهر القرآن مع قطع النظر عن تفسير الائمة (,)... بل هو يدل على حجية ظواهره كحجية نصوصه بعد التتبع عن القرينة، و مثل الحديث الروايات الواردة في عدم حجية الحديث المتباين للقرآن.

8 - الثقل الاصغر هو عترة رسول الله و اهل بيته، فيتجه السؤال بطبيعة الحال الى تفسير العترة و تعيين مصدق اهلى بيت و انهم جميع اهل بيت أو بعضهم ؟

ص: 419

أقول: اما الثانى فليس المراد منهم جميع من في بيوته صل الله عليه و آله و سلّم من أمهات المؤمنين و خدمهم و حواشيهم. انهم أولا باهل التمسك بهم في امر الدين، اصوله و معارفه و حلاله و حرامه. و ثانيا انهم ماتوا و انقرضوا و لم يبقوا باعيانهم و باوصيائهم و بتعاليمهم و رواياتهم ألّا قليلا، و المناسب للاعتبار ان هؤلاء اهل بيت هم الذين اذهب اليه عنهم الرجس و طهركم تطهيرا، و هم الذين جاء بهم رسول الله لمباهلة النصارى.

هم اربعة علي و الحسن و الحسين و فاطمة و هؤلاء لم يبرز اختلف بينه في بيان اصول الدين و فروعه. و لا نزاع في لمر الدنيا، فكان الحكم حكم علي في حاته ثم حكم الحسن في حياته و ثم حكم الحسين حتى شهادته، و اما فاطمة فلم يكن لها حكم ايام حياتها، لكن استمسك بقولها مستمسك كان مأمونا من اضلالة، و على هذا فالمراد باهل بيت كل واحد منهم ولو بالترتيب و التمسك به مانع من ظلالة مستمسكه، لا جميعهم من حيث المجموع، و يترتب عليه ان قول واحد منهم بمنزلة الاجماع في الحجيي.

اما العترة، فمن ابن الاعرابي انها قطاع (قطع) المسك الكبار في النافجعة و تصغيرها عتيرة، و العترة شجرة تنبت على باب وجار الضب، و تصغيرها عتيرة، و العترة ولد الرجل و ذريته من صلبه (148:23) و للعترة اخرى (149:23).

و عن السيد المرتضى في الشافى: عترة الرجل فى اللغة هم نسله كولده و ولد ولده، و فى اهل اللغة من وسّع فقال: ان عترة الرجل هم ادنى قومه

ص: 420

أليه فى النسب(1) (157:23)

أقول: و عليه فيمكن شمول الحديث لفاطمة و الحسن و الحسن و أولادهما لكن لا لمطلق أولاد فاطمة و أولاد الحسنين بل بخصوص التسعة من أولاد الحسن بقرينة قوله صل الله عليه و آله و سلّم: في الروايات كثيرة المروية من طريق اهل السنة و الشيعة: الخلفاء بعدى اثنتا عشر كلهم من قريش... لكن تعقيب كلمة اهل بيتى لكملة عترتى يمنع من شمول العترة لغير اهل البيت.

و من الواضح عدم شمول العترة لاميرالمؤمنين عليه السلام نقول: نلحقه بالحسنين في وجوب التمسك به بدلائل كثيرة منها الروايات المفسرة لاهل البيت المذكورة في آية التطيهر بعلي و فاطمة و الحسنين عليه السلام فقط.

في معتبرة غياث بن ابراهين عن الصادق عليه السلام عن آياته عن مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتى» من العترة ؟ فقال: أنا و الحسن و الحسين و الائمة التسعة من ولد الحسين، تاسعم مهديهم و قائمهم، لا يفارقون كتاب الله و لا يفارقهم حتى يردوا على رسول الله صل الله عليه و آله و سلّم حوضه

ص: 421


1- . كما عن نهاية: عترة الرجل اخص اقارية (151:23) و قال فى المنجد: العترة: ولد رجل و ذريته أ <عشيرته ممن مضى، القطعة من المك الخالص الريقة العذبة (و فسره بالزعفران و بنئات عطرى أيضا)

(147:23) نقل عن اكمال الدين و العيون و معاني الاخبار للصدوق عليه السلام

تتمة للحديث:

و اعلم الله انه وقع البحث في افضلية الائمة على القران و بالعكس، و المراد بالافضلية فى غير هذا المقام هو اكمل كمالا و اكثر ثواب و تقربا عند الله، و هي بهذين االتفسرين لا تجري في المقام و القرآن لا يوصف بواحد منهما.

نعم هي بمعنى الأهم و الاتقع يمكن ان تقع محلا للبحث و حديث الثقلين بروايات الصحابة (لاحظ روايات الباب بارقام: 7، 11، 15، 21، 33، 64، 72، 73، 76، 107، 113، 114) يدل على ان القرآن اكبر (7، 15، 21، 33، 73، 76، 107، 113) أو اطول (64) من العترة.

و ذا في بعض روايات شيعة (61، 80، 92، 101) ذكرت اكبرية القرآن و هو مطابق للاعتبار كما تقدم.

لكن اذا لم تثبيت اكبرية القرآن فى احاديثنا و فرضنا ثبوت وساطة الائمة في افاظة الخالق على الناس تكوينا، فلا يبعد ان يقال بافضلية الانبياء و الاوصياء الطاهرين على الكتب المنزلة، فان كانت مطالب الكتب آيات الله فهولاء المصطفون أيضا كلمات الله فهم اهم، و الله عالم، ثم كثرة الروايات تثبت مطالب مهمة و ان كانت المعتبرات قليلة كالمذكورة برقم 101 و 110 مثلا.

ص: 422

ابواب الآيات النازلة فيهم عليه السلام

الباب 8: ان آل يس آل محمد صل الله عليه و آله و سلّم (167:23)

ليس فيه رواية معتبرة سندا.

الباب 9: انهم عليه السلام الذكر و انهم المسؤولون... (23:172)

أورده المؤلف فيه ثلاث آيات و خمس و سنين رواية. اكثر الروايات اما ضعيفة سندا و ضعيفة مصدرا و المعتبر منها قليل جدا كالمذكورة برقم 18 و لنذكر بعض ما يتعلق بالباب:

ظاهر قوله تعالى: «وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ قَبْلِكَ إِلاّٰ رِجٰالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنٰاتِ وَ اَلزُّبُرِ» (النحل / 43 و 4(4).

و قوله تعالى: (وَ مٰا أَرْسَلْنٰا قَبْلَكَ إِلاّٰ رِجٰالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاٰ تَعْلَمُونَ ) (الانبياء/ (7).

المراد و لو بالانصراف بهل الذكر علماء اهل كتاب و العالمين بالكتب المنزلة سواءكانوا مسلمين أو غيرهم كما هو قضية الاطلاق، و المنصرف الى الذهن أيضا ان مورد السؤال هو خصوص موضوع رسالة الرجال و بعثتهم من قبل الله تعالى، كما يحتمل ل الامر بالسؤال متوجه الى شاكين غير المعتقدين بصدق الرسول و الوحى، دون المؤمنين و الله العالم(1).

و منه يظهر في جملة من الروايت غير المعتبرة في االباب كرواية ة ايابن مسلم قال قلت له: ان من عندنا يزعمون ان قول الله (فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ..)

ص: 423


1- . مقوله بالبينات و الزبر (اى بالدلة و الكتب) متعلق بقوله ارسلنا ظاهرا.

انهم اليهود و النصارى. قال: إذن يدعونهم اى دينهم... (180:23) فان مورد السؤال خصوص تحقق رسالة رجال من البشر دون غيرها من الامور و ان المخاطبين... و الله العالم - هم المشركون و المنافقون و المنكرون لرسالة الانسان من قبل الله تعالى.

في جملة الرويات و منها صحيح البزنطى - المعقول من الكافي - وجوب المسألة على الناس دون وجوب الجواب على الائمة استنادا الى الآية المذكورة (فَسْئَلُوا أَهْلَ اَلذِّكْرِ..) حيث أوجبت السؤال دون الجواب، لكن قبوله مشكل، فان منصب الامامة كمنصب النبوة لبيان المعارف و الاحكام و ما يريد الله اتيانه من عباده و لولا وجوبه على النبي و الوصي للغى نصبهما و سكوت هذه آلآية عن ايجاب الجواب ليس دليلا على نفيه حتى على فرض ارداة الائمة من اهل الذكر بعد دلالة آيات على ايجاب تبليغ ما انزل على النبى بالفاظ مختلفة و لو ابتدء فضلا عما كان مسبوقا بالسؤال فلاب من توجيه هذه الروايات كما وجهها المؤلف العلّامة رحمة الله (174:2(3).

لكن واقع الامر ان النبى الاكرم صل الله عليه و آله و سلّم و الائمة عليه السلام لم يبنوا على وجوب بيان الامور الدينية و ألّا لذكروا الاحكام ابتدءا من دون سؤال سائل على حسب الاهمية و كثرة الابتلاء و ليس الامر كذلك، لان كثيرا من الروايات تدل على اننهم ذكروا في جواب اسئلة السائلين، و كثير من الروايات متعلقة بامور غير مهمة.

و كان بوسع النبي صل الله عليه و آله و سلّم و الائمة اغناء الفقه الاسلامي من الفقه الفعلي المحشون بالآراء المختلفة و الفتاوى الضعيفة، و كأن المشيئة الالهية لم

ص: 424

ترد ذلك لمصلحة لا تعلمها، فلا يدل بنائهم العملي على عدم وجوب بيان الاحكام عليهم فتفطن.

والخلاصة ان هنا امورا:

1 - ان الدين للانسان من اهم ضرورياته. و لذا شرع الله لهم الشرائع و الديان من اول وجوده الى آخر حياته في الكرة الارضية. ولو في بعض الاماكن لا في مكان فيه الانسان.

2 - كل شىء له حكم من الاحكام الخمسة و هذا لابد من تبيينه من قبل الله بواسطة رسوله.

3 - و ليس للناس حق في التشريع و التفنين و على الرسول تبليغ ما انزل اليه و على الائمة بيانه و تفسيره ألّا على القول بالتويض فللرسول انشاء بعض الاحكام و قد اشرنا اليه سابقا.

4 - ان حفظ الدى اهم من نفوس المكلفين و لاجله شرع الجهاد دفعا و ترويجا للدين.

5 - تبيلغ ما انزل واجب على النبة و أوصيائه بحيث ان لم يبلغ بعضه فكانه ما بلغ رسالته كلا.

6 - ترى فى كثير من الامور في حياة الانسان المتطورة اليوم فقد الاحكام الشريعة، بل نرى النقض الفاشى في العبادانت المخترعة الشرعية كما الاحكام الشريعة، بل نرى النقض الفاشي فى العبادات المخترعة الشرعية كما يظهر لمن لاحظ الروايات في الكتب الحديثة أو في كتاب العروة الوثقى و حواشيها الكثيرة المتهافته المتباينة فى كثير الفروع الفقهية الحاكية عن

ص: 425

فقد مدارك معتبرة مضبوطة تصلح للاستباط و الاجتهاد. مع ان مقتضى القاعدة ان ترك أو شرط يبطل المامور به الواقعي كالصلاة مثلا، و معه تتكامل النفس و ان كان امتثاله بالحكم الظاهري مسقط للعقاب.

7 - لم يكن هذا النقض امرا نظريا لم يلتفت النبى صل الله عليه و آله و سلّم و الائمة عليه السلام حتى اذا انكرنا عصمتهم و قبلنا انهم في الغفلة و الاشتباه، فان عدم توجه ارباب الشريعة بتكميل فروع العقائد و الفقه امر واضح النتيجة.

و ما في عدة الرويات من وجود جميع الاحكام عند الائمة عليه السلام لا ينفع المقام، اذ لا ثمرة لتلك الاحكام المخزونة عندهم لغيرهم من افراد الانسان، على ان احتواء الجامعة المحفوظة عند الائمة على جميع الاحكام الفقهية غير ممكن، فان مقدارها محدود في الروايات، بل لا يكفي لبيان القواعد الكلية و عدة من الفروع، و كون الجامعة و كتب اخرى عندهم من قبيل السيدي و ديسكيت الكومبيوتر، يدفعه انه مجرد احتمال موهوم و قد رأى زرارة الجامعة في حياة الاما الباقر بمعية الامام الصادق عليه السلام و قرأ ما فيها، كما تأتى رواياته فيما بعد، و هى جلد حيوان كتب فيه جملة من الاحكام.

فلابد ان يكون هنا ما يخالف انظارنا و آرائنا بعض تلك المواضع و لا ادري موضعه فبالاجمال هنا خلل في بعض ما نراه مسلما و لا نقدر على تعيننه. والله العالم.

الباب 10: انهم اهل علم القرآن و الذين اوتوه و المنذرون و الراسخون في العلم (18823)

ص: 426

أقول: الروايات في هذه الابواب (ابواب الآيات النازلة فيهم عليه ا 0 لسلام) على اقسام: فمنها: انها من باب الحصر المفهومي و انه لا مفهوم للاية الائمة عليه السلام و هذا القسم لعله قليل جدا. ومنها:» انه من باب مطلق و التطبيق و الجرة و بيان بعض افراد، و هذا القسم لعله غير كثير. ومنها: انه من باب التطبيق و الجري و بيان بعض الفرد الاكمل و لعله الكثير.

و اما روايات الباب و هي 54 رواية فمعظمها ضعيف سندا أو مصدرا. فلابد من لاخذ بمشتركاتها و ماله قرينة. و قريب منه ما يجرى في الباب التالي و هو:

الباب 11: انهم عليه السلام آيات الله و بيناته و كتابه (206:33)

و ليست فيه رواية معتبرة.

الباب 12: ان من اصطفاه الله من عباده و أورثه كتابه هم الائمة... (212:23)

فيه ثلاث آيات و خمسون رواية غير معتبرة سندا، فلابد من الاخذ بالقدر مشترك فيه، و لعل أظهر الاحتمالات - مع قطع النظر عن روايات الباب - في قوله تعالى: «ثُمَّ أَوْرَثْنَا اَلْكِتٰابَ اَلَّذِينَ اِصْطَفَيْنٰا مِنْ عِبٰادِنٰا فَمِنْهُمْ ظٰالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سٰابِقٌ بِالْخَيْرٰاتِ بِإِذْنِ اَللّٰهِ ذٰلِكَ هُوَ اَلْفَضْلُ اَلْكَبِيرُ» (فاطر/ 3(2).

أن المراد (بعبادنا) المسلمون و الظالم من اصحاب الشمال ئ المقتصدين اصحاب اليمين و السابق من السابقين (اَلسّٰابِقُونَ اَلسّٰابِقُونَ أُولٰئِكَ اَلْمُقَرَّبُونَ ) و يحتمل ان ما في روايات الباب انما هو من باب التطبيق و بيان

ص: 427

الفرد الاكمل اي الامام و بيان مطلق الفرد كما هو في الظالم.

الباب 13: ان مودتهم اجر الرسالة و سائر ما نزل في مودتهم (228:23)

أورد فيه المؤّلف آيتين و اكثر من ثلاثين رواية، و نحن قد ذكرنا بحثا حول قوله تعالى: (قُلْ لاٰ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبىٰ ) في بعض كتبنا الاخرى فلا لزوم لتكراره هنا.

القول الأخير: أن روايات الباب تعين وجوب مودة علي و فاطمة و الحسنين. و هذه الروايات من طريق فريقين. فلا خلل فيها، اي في مجموعها سوى جهة الصدور.

الباب 14: في تأويل قوله تعالى: (وَ إِذَا اَلْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ ) (254:2(3)

روايات الباب غير معتبرة و متونها غير خالية عن النقاش.

الباب 15: تأويل الوالدين و الوالد و الارحام و ذوي القربى بهم عليه السلام (257:23) و فيه روايات غير معتبرة.

الباب 16: ان امانة في القرآن الامامة (273:23)

فيه آيتان و ثلاثون حديثا، و المعتبرة سندا ما ذكرت برقم 20.

الباب 17: وجوب طاعتهم، و انهم أولو الامر و انهم الناس المحسودون (283:23)

فيه اربع آيات و 65 رواية معظمها ضعيف سندا أو مصدرا و المذكورة برقم 13، 51، 60 معتبرة سندا فقط، فلابد من الاخذ بامشتركات التى يطمئن بصدورها من الامام عليه السلام. و أمّا ما دل على ان المراد بالناس في قوله تعالى: «أَمْ يَحْسُدُونَ اَلنّٰاسَ

ص: 428

عَلىٰ مٰا آتٰاهُمُ اَللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ ..) هم الائمة عليه السلام فهو مسلم من باى التطبيق حتى و ان لم ترد به رواية.

و اما ادعاء الحصر المفهومي فهو غير ثابت و لضعف ما دل عليه سندا (الرقم 5) أو مصدرا (الرقم 7).

و أما قوله تعالى: «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنٰازَعْتُمْ فِي شَيْ ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اَللّٰهِ وَ اَلرَّسُولِ ..) (النساء/ 5(9)

فالمناسب ان المراد باولى الامر المفروضين صل الله عليه و آله و سلّم حضور الرسول و حياته صل الله عليه و آله و سلّم و صل الله عليه و آله و سلّم ارجاع التنازع الى خصوص الرسول صل الله عليه و آله و سلّم من فوض رسول الله اليهم منصبا و مقاما لإدارة الناس و اصلاح الامور وقيادة الجيوش و الحروب، فكل من تثبيت ولايته شرعا على مسلمين، سواء كانت ولاية عامة أو خاصة، على أوصاف هؤلاء اولي الامر فلابد ان يؤخذ من ادلة اخرى و ليست الآية في مقام بيانها، فروايات الباب الدالة على كون الائمة عليه السلام اولى الأمر من باب الجرة و التطبيق و بيان اكمل الافراد(1)، و هذا مسلم فانا علمنا بادلة اخرى انهم اولوالامر، و لا نستدل بروايات الباب على ولاية امرهم حتى يقال انه شبع دور و لا اقل ان العقلاء لا يقبلت قول احد و ان كان ثقة و صاحب عدالة

ص: 429


1- . ما دل على الانحصار غير معتبر السند (29:23) و ان صح سنده من تأويله، فان فرض وجود أولى الامر فى حياة الرسول ينفي فرض الانحصار بالائمة عليه السلام.

على لاستحقاق الولاية العامة.

و أما ذكره جمع من علماء الشيعة من ان الله أوجب طاعة اولي الامر بنحو مطلق على نحو اطاعة الله و رسله و لا يجوز ان يوجب الله طاعة احد على الاطلاق ألّا من ثبتت عصمته و أمن منه الغلط و الامر بالقبيح. و جلّ الله سبحانه ان يأمر بطاعة من يعصيه أو بلانقياد للمختلفين للقول و الفعل. فليس يفيد الاطمئنان بانحصار اولي الامر بالمعصومين، اذ يجوز اطاعة الحاكم و القاضى و اطاعة الامارة الظنية و اطلاعة المؤذن الثقة و امام الجماعة و نحو ذلك، مع احتمال الخطأ اكتفاء بالحكم الظاهرى، و اما فرض عصيان اولي الامر و امرهم بالمعصية فهو يستثنى من وجوب الاطاعة بدليل مخصص جمعا بين الادلة، و لذا اعطاهم رسوا الله صل الله عليه و آله و سلّم أو امير المؤمنين عليه السلام منصبا و قيادة و ولاية امر، بمعصومين، و لم يتوهم عقلاء ذلك الزمان وجوب اطاعتهم فى المعصية.

ثم ان ظاهر الآية أو اطلاقها ان اولي الامر في حياته الرسول اذا تنازعوا مع الناس أو تنازع الناس معهم لابد من رد التنازع الى الرسول في و ان كانوا من ولاة الولايات و قضائها، فاذا انهم المحكوم عليه [من المدعي أو المدعي عليه] القاضي بظلم لا ينفذ حكم القاضي و لابد من رد اتنزاع الى الرسول صل الله عليه و آله و سلّم فهل هذا الاطاق محكم أو مفيد فيه بحث لا ثمرة عملية له في زماننا.

و لكن لا شك ان حكم اولي الامر بعد الرسول صلالله عليه وآله وسلم نافذ على الناس و لهم كلمة اخيرة في حل النزلع حفظا للنظام فهم أوصياء الرسول صلالله عليه وآله وسلم و

ص: 430

القائمون ومقامه. و أما قوله تعالى: (وَ لَوْ رَدُّوهُ إِلَى اَلرَّسُولِ وَ إِلىٰ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ اَلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) (النساء/ 8(3) فهو من الامور الامنية فلا يكون قرينة على تقدير كلمة اوليالامر بعد امة الرسول في آخر الآية المتقدمة لعموم الطاعة في تلك الآية في جميع الامور. فلاحظ و تأمل.

و في صحيح ابي بصير عن ابي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل: «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اَللّٰهَ وَ أَطِيعُوا اَلرَّسُولَ وَ أُولِي اَلْأَمْرِ مِنْكُمْ )، قال: الائمة من ولد علي و فاطمة الى يوم القيامة... (288:2(3).

و اذا حملته على بيان المصاديق فلاتنفي الرواية ولاية الحاكم الشرعي في زمان الغيبة و ان لم يكن من ذرية فاطمة سلام الله عليها. نعم ولايته في طول ولاية الامام الغائب لا في عرضه و ولاية الفقيه مترشحة من ولاية الامام. ثم ان بعض روايات هذا الباب - و كذا سائر الابواب - محتاج الى بحث و تحقيق لكننا اهملنا، مخالفة اطالة الكتاب، على ان كلا ميسر لما خلق لاجله. و الله الموفق.

الباب 18: انهم انوار الله و تأويل آيات النور فيهم عليهم السلام (304:23)

أورد فيه اثنتى و اربعين رواية غير معتبرة سندا و مصدرا أو سندا، و يعلم الحال فيه مما ذكرناه في البواب السابقة.

الباب 19: رفعة بيوتهم في حياتهم و بعد وفاتهم (ع.... (325:23)

روايات الباب غير معتبرة سندا و هي تسع عشرة.

الباب 20: عرض الاعمال عيهم و انهم الشهداء على الخلق (333:23)

أورد المؤلف فيه آيات و 75 رواية معظمها أو كلها غير معتبرة سندا لكن

ص: 431

لها قدر مشترك فيؤخذ به اذا اطمأن بصدوره من الائمة عليهم السلام.

و هل عرض الاعمال بارائة الاعمال نفسها أو بارائة كتابتها؟ فيه وجهان، ظاهر قوله تعالى: (فَسَيَرَى اَللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ ...)، (وَ قُلِ اِعْمَلُوا فَسَيَرَى اَللّٰهُ عَمَلَكُمْ وَ رَسُولُهُ وَ اَلْمُؤْمِنُونَ .)، هو الاول و به يتم و يتضح مفهوم شهادته كما في آيات و روايات الباب، لكن ارائة العمل أو كتابته للرسولصل الله عليه و آله و سلماذا فرضنا صدوره من سنة الاف ملابين بل و من مليار انسان الرسولصل الله عليه و آله و سلم كل يوم أو الرسولصل الله عليه و آله و سلم كل اسبوع ربما لا يسعه الوقت و ان فرض تجرد الروح الرسولصل الله عليه و آله و سلم بدن برزخي، و اما قلنا بان الروح مجرد حتى عن الجسم البرزخي و كونه خارجا عن المكان و الزمان و ان معنى عرض العمل رؤيته باذن الله و قدرته مباشرة كرؤية فهذا و ان كان ممكنا لكنّه ى نافيه حرف السين الداخل على الفعل (و سيرى، فسيرى). و ما في روايات الباب من توقيت العرض بوقت خاص الرسولصل الله عليه و آله و سلم الاسبوع، على ان اطلاق الايتين أو ظهورهما يشمل حياة الرسولصل الله عليه و آله و سلم و من المعلوم ان ذهنه الشريف لم يكن مستغرقا برؤيته اعمال العباد دائما بالضرورة لاشتغاله بالناس و بااهل و بالعبادات و ما يجرة عليه في المدينة و خارجها، و الذة لا يشغله شأن هو الله تعالى فقط.

و اما اذا حملنا عرض الاعمال نحو الاجمال و انه صل الله عليه و آله و سلم لو اراد ان يعلم عل احد يمكنه ذلك بسهولة فلا يرد عليه شيء من المحذور و الله العالم بحقائق الامور. ثم دلالة الآية الكريمة السابقة على المطلوب لا تخلو من مناقشة لعدم ظهورها في المقام لاحتمال اختصاص مدلولها بالمخاطبين أو الموجودين الرسول صل الله عليه و آله و سلم حيات.

ص: 432

و أما ملاك شهادة الامة الوسط على الناس كما في قوله تعالى: (وَ كَذٰلِكَ جَعَلْنٰاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدٰاءَ عَلَى اَلنّٰاسِ وَ يَكُونَ اَلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً). اذا لم نقيدهم بالائمة عليهم السلام، فهو مجعول عندنا، اذ لا يظهر للشهادة من دون علم باعمالهم معنى صحيح إلّا أن يراد بها شهادة المؤمن على الكفار الذين يعم كفرهم و اعتقادهم الباطل أو بضميمة ما شاهده من معاصيهم و الله العالم.

الباب 20(1): تأويل المؤمنين و الايمان و المسلمين و الاسلام بهم و بولايتهم عليه السلام و الكفار و المشركين... باعدائهم (354:23)

أورد فيه مأة رواية و المذكورة برقم 39، 50 و 68 معتبرة سندا. و لك ان تقسم الروايات الى عدة اقسام يوجب كل قسمة، الاطمئنان بصدور القدر المشترك فيها من الامام عليه السلام، فتأخذ به و لعل الغالب فيها كون التتفسير من الباب الجرة و التطبيق.

الباب 21: الرسول صل الله عليه و آله و سلم تأويل قوله (انما اعطكم بواحدة) (391:23)

و المذكورة برقم 39، 50 و 68 معتبرة سندا.

ج 24: في بقية الآيات النازلة فيهم عليهم السلام

من جملة مصادر هذا الباب كتاب ما رمز له بالكنز و هو رمز لكنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة معا كما هو مصرح في آخر الاجزاء.

ص: 433


1- . انه اباب 21 لكن في البحار المطبوع عده 20 مكررا.

قال المؤلف العلّامة رحمة الله في أوائل بحار، (13:1) و كتاب تأويل الآيات الظاهرة الرسول صل الله عليه و آله و سلم فضائل العترة الطاهرة للسيد الفاضل العلّامة الزكي شرف الدين على الحسيني الاستر الآبادى المتوطن في الغري مؤلف كتاب لغروية في شرح الدين الجعفرية تلميذ الشيخ... على بن عبدالعالي الكراكي، واكثره مأخوذ من تفسير الشيخ الجليل محمد بن العباس علي بن مروان بن الماهيار.

و كتاب كنز جامع الفوائد و هو مختصر عن كتاب تأويل آلاياته أو لبعض من تأخر عنه. ورأيت فيبعض نسخة ما يدل على ان مؤلفع الشيخ علي (علم: بتح العين و اللام، خ) بن سيف بن منصور.

وقال في الفصل اللاحق (31:19 و كتاب تأويل الآيات و كتاب كنز جاع الفوائد، رأيت جمعا من المتأخرين رووا عنهما، و مؤلفهما في غاية الفضل و الدبانة.

أقول اما محمد بن العباس بن علي بن مروان بن اماهيار ابو عبد الله البزاز المعروف بابن الجحام فذكر النجاشي فى ترجمته بعد تكرار لفظ الثقة في حقه و عد كتبه: و قال جماعة من اصحبنا انه (كتاب ما نزل من القرآن في اهل البيت) كتاب لم يصنف في معناه مثله، و قيل انه الف ورقة.

يظهر بوضوح منه ان النجاشى لم تصل اليه نسخة الكتاب و لم يرها، و لا يظهر من الشيخ أيضا انه ورآها، بل اخبروه باسم الكتاب فقط.

و أما مولف كتاب كنز جامع الفوائد فهو مجهول عند العلّامة المجلسي كما يظهر من كلام هائل فلا معنى لوصفه اياه بالفضل و الديانة قبلنا وصف الفضل بملاحظة كتابه فلا تقبل وصف ديانته ئ كأنه مبنة على وحدة مولف

ص: 434

الكتابين كما احتمله أولا.

و لم افز عاجلا على حال الحسينى و على بن سيف بن منصور.

و النتيجة: بعد جهالة طريق نسخة تاب محمد بن العباس و جهالة عليين - رحمهم الله - عدم اعتبار الروايات المذكورة الرسول صل الله عليه و آله و سلم الكتابين المرموزين لهما بالكنز. و اللخ اعلم.

الباب 23: أنهم عليهم السلام الابرار و المتقون و السابقون... (1:24)

أورد فيه 25 رواية غير معتبرة. لكن الالتزام بجملة من متونها من باب الجري و التطبيق لا باس به.

الباب 24: أنهم عليهم السلام السبيل و الصراط... (9:24)

أورد فيه 65 رواية معظمها غير معتبر و الحال فيه كما الرسول صل الله عليه و آله و سلم سابقة.

و فيحسنة هشام عن ابي عبد الله عليه السلام قال: هذا طراط علي مستقيم. الظاهر وفاقا للمؤلف اضافة صراط الى علي دون كونه صرفا و هذا أحسن من قراءة السبعة بان تكون كلك تابه فلا تقبل وصف ديانته ئ كأنه مبنة على وحدة مولف الكتابين كما احمة علي مركبة من حرف الجر و ضمير المتكلم فلاحظ (23:24).

الباب 25: في أن الاستقامة انما هي على الولاية (25:24)

الباب 26: ان ولايتهم الصدق و انهم الصادقون و الصديقون... (30:24)

الحال فيهما كما في الباب 23.

الباب 27: في تأويل قوله تعالى: (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ ) (40:2(4) فيه اربع روايات أوليهما معتبرة.

الباب 28: ان الحسنة و الحسنى الولاية (41:24)

ص: 435

فيه ثلاث و عشرون رواية غير معتبرة، و الحال فيه الرسول صل الله عليه و آله و سلم الباب 23.

الباب 29: انهم نعمة الله و الولاية شكرها (48:24) الحال فيه كما في سوابقه.

الباب 30: انهم النجوم و العلامات و فيه بعض غرائب التأويل... (67:24) فيه 32 رواية غير معتبرة و الله يعلم كم صدر منها الائمة عليهم السلام:

و اعلم ان من هذا الباب (30) الى الباب (66) في (304:22) روايات كثيرة نقلها المؤلّف المتتبع العلّامة من مصادر متعددة مجهولة و معتبرة في ذكر آيان كثيرة في حق الائمة عليهم السلام لم نروجها ملزما لتفصيل عناوين الابواب و الكلام على كل منها بانفراده.

بل نشير الى مجموع الابواب المذكورة و هي 37 باب ببعض الامور:

1 - و ما يعتبر سندا اكثره منقول من مصادر غير معتبرة و المعتبر سندا و مصدرا قليل جدا. و قد عرفت جريان هذا الامر في جميع هذه الابواب الست و السنين، بل فى كثير من اجزاء البحار و بتفاوت.

2 - اذا كان مدلول رواية أو روايات شمول آية و آيات لهم عليهم السلام على نحو الجرى و التطبيق و لم يفرض فيه مشكلة شرعا و عقلا فنأخذ بها و نقول به من دون استناد ذلك الى الائمة في فرض عدم اعتبراها سندا أو مصدرها تجنيا عن الافتراء بما لا يعلم.

و اما كان مدلولها الشمول بنحو الحصسر، فلان قول به اوّل اذا اعتبرت الرواية مصدرا و سندا، أو حصل الوثوق بالصدور من كثرتها.

ص: 436

3 - هنا روايت لا يرضي الطبع السليم بمداليها، بل يشمئز بها، فالنتعين رد علمها الى من صدرت منه، و لا وجه التكليف و التشجيم في التأويلات الفاقدة للدليل، كما صنع المؤلّف المتتبع رحمة الله فنحن مخالفون لسلوكه في هذا و امثاله.

4 - الخبر الواخد اذا خالف ظواهر الكتاب يطرح و ان صح سنده فضلا عما اذا لم يعتبر سنده في حد نفسه، فلا مجال للتأويل و التوجيه.

5 - الروايات الدالة على تحريف القرآن لا نقبلها، لا سيما اذا كانت اسانيدها غير معتبر و لا مجال لاحتمال كونها مطابقة لمصحف الائمة عليهم السلام

6 - جملة من الروايات - مضافا الى ضعف اسانيدها - متعارضة، و التعارض يوجب سقوط المعتبرات من الحجة فضلا عن غير المعتبرات.

7 - ربما يظهر من المؤلّف العلّامة رحمة اللهالاطمئنان بصدور جميع الروايات أو بحجية كلها، كما ذهب اليه المحدثون كلهم أو معظمهم أو جمع منهم، و هو نظر ضعيف.

8 - قد يقال ان كثرة الروايات الدالة على ورود جملة من الآيات في حق الائمة عليه السلام تفيد عكس النتيجة المتوقعة منها اذ يحتمل ان الجاعلين أو الجاعل الواحد اراد اثبات جعللهبكثرة الجعل! فان كل شيئ اذا جاوز حده يرجع الى نقيضه، و هذا القول يحتاج الى تأمل عميق.

9 - و مما يزيد في الطين بلّة ان في اسناد جملة من الروايات في هذه الابواب، بل المطلق ابواب الامامة، الذين اتهموا بالغو في حق الائمة ريال و النقل من مثلهم عجيب من المحدثين المتقين حتى الكليني رضى الله عنه في الكافي

ص: 437

فكيف الاعتماد عليه من مثل المجلسى رحمة الله، و ملاهما - النقل و الاعتماد - مما لاينبغى من المحققين.

10 - الواقع ان كون نصب الائمة من قبل اللع و كون الامامة منصبا أليها من جهة، و كون الائمة مقهور بن مضطهدين مظلومين من اعدائهم من جهة اخرى أوجبا اقبال العقل و القلب (العاطفة) معا إاليهم فمهدت الارضية للوضع و الدس قليلا، و الائمة عليهم السلام بدورهم اكدوا على ابعاد الامامة اكثر من تأكيدهم على غيرها. لكن حذروا اتباعهم م كذب الكاذبين.

الباب 67: جوامع تأويل ما نزل فيهم عليهم السلام و نوادرها (305:24)

أورد المؤلف فيه 123 و جمة رواية و جملة قليلة منها معتبرة سندا كالمذكورة برقم 64، 77 و 110 مثلا و نحن نتعرض لبعض الامور:

1 - روى اميرالمؤمنين عليه السلام: نزل القرآن ارباعا: ربع فينا، و ربع فى عدونا، و ربع سنن و امثال، و ربع فرائض و احكام، و لنا كرائم القران (305:24) و فسر الكرائم بالمحاسن.

و في رواية غير معتبرة اخرى عنه عليه السلام: القرآناربعة ارباع: ربع فينا، و ربع في اعدائنا (عدونا خ) و ربع فرائض و احكام و ربع حلال و حرام و انا كرائم القرآن (المصدر السابق).

في ثالثة غير معتبرة عن ابى جعفر عليه السلام: ان القرآن نزلا أثلاثا: فثلى فينا، و ثلث في عدونا، و ثلث فرائض و احكام. (328:24).

قول أولا: الروايات الثلاث متعارضة بينها، و هيغير معتبرة سندا. و ثانيا لم يفهم الفرق بين الاحكام و الحرام و الحلال كما في الثانية و ثالثا: ان

ص: 438

تحديد ما ورد ما ورد في الائمة و اعدائهم و في الاحكام التكليفة و الوضيعة، و في التوحيد غيره محتاج الى مراجعة القرآن بعد تصنيف الموضوعا و هو بحث طويل. و على كل لعل المراد بضمير الجمع المجرور (فينا، عدونا) جميع الانبياء و الوصياء و اعدائهم من زمن آدم عليه السلام الى المهدى دون خصوص الائمة عليهم السلام على تقدير صدور الروايات عنهم. و على كل التقسيم الثلاثي أو الرباعي المذكور في هذه الروايات الضعيفة غير جيد و نحنذكرنا في بعض كتبنا بالفارسية (مسائل كابل) تصنيف الموضوعات لقرانية الى اقشام كثيرة، لكن لم نولقق لحساب الآيات الواردة فيها.

2 - المذكورة برقم (6) مرسلة مخالفة للقران ظاهرا فلابد من رده امت دون توجيه و ترمم.

ذكر المؤلّف وجهين في تفسير قوله تعالى: (وَ مٰا تَشٰاؤُنَ إِلاّٰ أَنْ يَشٰاءَ اَللّٰهُ رَبُّ اَلْعٰالَمِينَ ). (306:2(4) لكن فيه وجه ثالث يكون منطبقا على جميع الناس من دون اختصاص بالائمة عليهم السلام ذكرناه في صراط الحق و غيره من بيان الامر بين الامريم الذي خفي على المؤلّف حيث فسر بشيء ضعيف كما نبئنا عليه في صراط الحق الجزء الثاني.

3 - نقل المؤلف العلّامة رحمة الله عن روضة الكافة اربع روايات بارقان 17، 18، 19 و 94 في بيان الآيات الواردة في حق الائمة عليهم السلامو فيسندها علي بن العباس الذيقال النجاشى في حقهرمي بالغلو و غمز عليه، ضعيف جدا... كما انه روي برقم 16 رواية عن الكافي أيضا و في سندها محمد بن

ص: 439

سليمان عن ابييه و هو ايضا رمي بالغلو.

و اغرض منذكر هذا تنبيه القاري على ذلك و انه لا ينبغي قبول كل رواية و لو كانت في الكافي. و ما قيل ان المناقشة في اسانيد روايات الكافة حرفة العاجز نجيبه بان الاغماض عن ضعف اسناد الكافي من خوف اعاجز.

4 - فيرواية طويلة ضعيفة عن الكافي زيادات على الفاظ القرآن يذكرها الامام و يسأل الرواي في اربعة مواضع منها بان هذا تنزيل ؟ فيجيبه الامام بنعم، لكن في الرابع اختلاف نسخة (336:24)

أقول: الرواية ضعيفة لا يعتمد عليهاو وعلى فرض صحتها فهي لا تدل على نقص القرآن و وقوع التحريف فيه، فان كل قرآن و ان كان منزلا لكن ليس كل منزل بقرآن كما ذكرناه في محله.

ج 25: فيه خلق الائمة طينة روحا و علامات الامام و شروطه و عصمتهم ونفي الغلو في حقهم و غير ذلك

اشارة

الباب 1: بدوا ارواحهم و انوارهم و طينتهم و انهم عليهم السلام من نور واحد (1:25) فيه 46 رواية لم يصح سند واحدة منها! و جملة منها متعارضة فتصدى المؤلّف لفرط اعتقاده بصحة كل ما نسب الى الائمة عليهم السلام لرفع تعارضها بامور غير واضحة و لا دليل عليها من خارج. (25:25)

و هذا النوع من الجمع الشرعي باطل لا قيمة له بحسب الموازين العلمية المقررة في علم اصول الفقه.

ص: 440

فان وجد قدر مشترك بين الاخبار الكثيرة عددا و مصدرا بحيث اطمأن بصحة صدورها فهو و إلا فلابد من التوقف فيها، و لا يحصل اطمئنان عادة بكثرة روايات مذكورة في كتاب واحد الاحتمال وضعها من قبل واضع واحد.

و في رواية غير معتبرة سندا و مصدرا عن الثمالى عن السجاد عليه السلام...

اتظن ان الله لم يخلق خلقا سواكم ؟ بلى و الله خلق الله الف الف آدم و الف الف عالم، و انت و الله في آخر تلك العالم (25:25)

و تدل عليه رواية جابر أيضا و هذه الروايات ربما تصلح شاهدا مقبولا بين ما يقول بعض العلوم الحديثة - علم طبقات الارض - من عمر الانسان على الكرة الارضية الى ملابين السنين و مايظن من خلق آدم عليه السلام قبل آلاف سنة تقريبا.

و في رواية غير معتبرة اخرى: لولاك و لولا على و عترتكما... ما خلقت الجنة و النار و لا المكان و لا الارض و لا السماء و لا الملائكة و لا خلقا يعيدني... (19:25) اقول لا يثبت هذا المطلب المهم بروايات غير معتبرة سندا و لا اعتقاد على المرسلات ثم ان من المشكلات عندي قوله تعالى: «كَلاّٰ إِنَّ كِتٰابَ اَلفُجّٰارِ لَفِي سِجِّينٍ وَ مٰا أَدْرٰاكَ مٰا سِجِّينٌ كِتٰابٌ مَرْقُومٌ »

اذ لا يستفاد شىء جديد من قوله: «و ما اداك...» فانه يفهم من نفس كتاب الفجار انه مرقوم على ان ظرف الكتاب و الذيل بقول هو عينه كتاب الفجار انه مرقوم على ان سجين ظرف الكتاب و الذيل يقول هو عينه و هو كما ترى، نعم اذا قدرنا كلمة كتاب (و ما ادراك ما كتاب سجين) زال التعارض الاخير و بقة الاشكال الاول بحاله و ما قاله المؤلّف (10:25) و ما ذكره الرسول صل الله عليه و آله و سلم تفسير الميزان (ج 20) لا تقنع به النفس و الله الهادي و المستفاد من

ص: 441

الكتاب و روايات الطينة، و بعض روايات الباب انه لابد من تفسير العليين و السجين بمكان عال و مكان محبس و سجن ثم التصرف في قوله تعالى: «كِتٰابٌ مَرْقُومٌ » بشاهد و دليل.

الباب 2: احوال ولادتهم و انعقاد نطفهم و احوالهم الرسول صل الله عليه و آله و سلمالرحم و عند الولادة... و فيه بعض غرائب علومهم و شؤونهم عليهم السلام. (36:25)

فيه 22 رواية كلها غير معتبرة، و عمدة مصدرها الدرجات للصفار الثقة التي لم تصل الى المجلسى بسند معتبر و لا دليل على سلامتها من التغيير و التبديل كما مرت الاشارة اليه.

لكن كما لا تصح الاعتماد عليها لا معنى لتكذيب جميع ما في الروايات، فانه كالتصديق محتاج الى دليل موثق به، فلابد من التوقف، لا سيما ابتلاء بعض الروايات بالتعارض الذي لا ينفع بما ذكره المؤلّف. (40:25).

و العمدة عدم علمنا بالمقدار الواقع في مطالب هذه الرايات و امثالها متميزا مضافات الرواة و بعض الغلاة الواقع في اسانيد بعضها، كما لا يوافق على رد كلها.

الباب 3: الارواح التي فيهم و انهم مؤيدون بروح القدس و نور (إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ) (47:2(5)

أورد فيه المؤلّف 74 رواية حول العناوين الاربعة المذكورة و كلها غير معتبرة سندا، و عمدة هذه الروايات هي بصائر و التفسير

ص: 442

المنسوب الى القمي و ما يرمز بكنز جامع الفوايئد و تاويل الآيات الظاهرة معا، و كتاب الاختصاص، و هذه المصادر لم تصل نسخها بسد معتبر من مولّفيها الى المجلسى رحمة الله على ان مدون التفسير رجل مجهول جمع احاديث تفسير القمي و تفسير ابي جارود. و قد مر الكلام حول مولفي كنز جامع الفوائد و تاويل الآيات الظاهرة في أول شرح الجزء 24 من البحار قريبا.

كما أن المؤلّف الاختصاص ايضا مجهول على الاقوى، و بالجملة هذه المصادر غير موثوق بها فلا يعتمد - كل الاعتماد - على احاديثها، لبطلان الاعتماد على مجرد الاحتمال، و في الباب روايات قليلة عن مصادر معتبرة لكن اسانيدها غير معتبرة، و نحن نذكر بعض ما يتعلق بالبابك

هل الروح من نوع الاملائكة و ان كان افضلهم أو يغايره حقيقة و ان يشابها في بعض الصفات ؟ ليس في القرآن كقوله تعالى: «تَنَزَّلُ اَلْمَلاٰئِكَةُ وَ اَلرُّوحُ ». و قوله: «يَوْمَ يَقُومُ اَلرُّوحُ وَ اَلْمَلاٰئِكَةُ صَفًّا»، و قوله: «تَعْرُجُ اَلْمَلاٰئِكَةُ وَ اَلرُّوحُ إِلَيْهِ ». و قوله تعالى: «يُنَزِّلُ اَلْمَلاٰئِكَةَ بِالرُّوحِ ، ما يدل على احد الوجهين المذكورين، و لا يتعين كون الباء (بالروح) للسييية لاحتمال كونها للمصاحبة، و تخصيص الروح بالذكر لاجل رئاسته و علوه.

و اما روايات الباب ففي الباب بعضها انه ملك اعظم جبرئيل و ميكائيل... و في بعضها انه غيرها(1) و في بعضها انه خلق اعظم من جبرئيل... و هو يحتمل

ص: 443


1- . الكافى 273:1. البحار 34:25 و لاحظ في بعض روايات الباب أيضا.

الوجهين، لكن روايات الباب ضعيفة، نعم في الكافي في صحيح ابي بصير حول قوله تعالى: «وَ كَذٰلِكَ أَوْحَيْنٰا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنٰا..» خلق من خلق الله عزوجل اعظم من جبرئيل و ميكائيل، كان مع رسولصل الله عليه و آله و سلميخبره و بسدده و هو مع الائمة من بعده(1).

و في صحيحته الاخرى حول قوله: «وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلرُّوحِ قُلِ اَلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي»، قال خلق أعظم من جبرئيل و ميكائيل، كان مع رسول اللهصل الله عليه و آله و سلمو هو مع الائمة و هو من الملكوت(2).

و في صحيحة الثالث الظاهر اتحاده مع الثاني، و الفرق بالسند فقط، زيادة: لم يكن مع احد من مضى غير محمد صل الله عليه و آله و سلم و هو مع الائمة بسددهم... و بتفاوت آخر.(3)

و لولا هذه الروايات لقلتنه الروح الامين، فانه مطاع ثنأمين لكن بملاحظة الروايات انه أعظم من جبرئيل و غير روح القدس أيضا. فان الله أيد عيسى بن مريم عليه السلام بروح القدس (البقرة / 87 و 203، المائدة/ 110)

و الصحيح نفي كونه غير محمد صل الله عليه و آله و سلمو الظاهر من سورة النحل (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ اَلْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ ...) (النحل/ 10(2) ان روح القدس هو جبرئيل كما فهمه الطبرسى و غيره من المفسرين.

ص: 444


1- اصول الكافي 274:1
2- اصول الكافي 273:1
3- . المصدر السابق.

و على كل لم تعلم حقيقة هذا، الروح و انه من نوع الملائكة أو لا و المستفاد من القرآن و هو الظاهر من الروايت أو صريحا انهه اعظم الاملائكة، لكن الصحيح انه لا ليل على ان الروح الذي مع الائمة عليهم السلام هو الروح المذكور مع الملائكة في القرآن.

و من جميع ذلك ظهر الاشكال في عنوان المؤلّف (و انهم مؤيدون بروح القدس) كما لا يخفى و قد اعتمد فيه على بعض روايات الباب، فان روح القدس ظاهرا هو جبرئيل و الروح المؤيد فوقه روح القدس أيد الله به عيسى و ذلك مخصوص بالخاتم صل الله عليه و آله و سلمحسب الصحيح الثالث المتقدم آنفا.

و اما اذا انكرنا هذا الظهور فيمكن ان يقال ان روح القدس هو اسم الروح المؤيد لهم عليهم السلام لكن المقام مع ذلك غير خال من التعارض و قد التفتاليه ورام نفيه باحد الوجهين فلاحظ. (67:25). و كلاهما مجرد احتمال غير قابل للاعتماد و لو في الباب اربع روايات معتبرة واضحة مطابقة لآيات القرآن لكان انفع و احين من اربع و سبعين رواية موجودة في الباب.

1 - في روايات - على اختلاف الفاظها في الجملة - ان في الانبياء خمسة ارواح: روح القدس و روح الايمان و روح القوة و روح الشهوة و روح البدن، و في بعض الروايات روح الحياة مكان الاخيرة.

في المؤمن اربعة بحذف روح القدس، و في اصحاب المشمئة ثلاثة ارواح بحذف روح الايمان، و قد ذكر في روايت، افعال هذه الارواح.

يحتمل ان يكون اضافة الروح الى ما اضيف اليه، بيانية كخاتم فضة،

ص: 445

ففي الانبياء قداسة و ايمان و شهوة و بدن و في المؤمنين اربعة منها وفي الكافرين ثلاثة، و ان ابيت عن هذه الكلام في روح القدس فلا مانع منه في الاربعة الباقية لكن الكلام في صدور الروايات.

2 - فيروايات الائمة عليهم السلاميحكمون بحكم آل داود فاذا ورد علهم شيء ليس عندهم يأخذونه من روح القدس، و في بعض الروايات زيادة: و ألهمنا الله الهاما. (56:25 و 57).

الظاهر ان حكم آل داود هو القضاء من دون بيته و من دون الاستناد الى الامارات كالاقرار و الحلف و غيرهما بل بالواقع. كما فسر المجلسى رحمة الله أيضا بذلك لكه محل نظر لانه كان حكم داود في ابتداء الامر ثم أمر بالبينة و الحلف. فهو ليس بحكم داود مطلقا فظلا عن كونه حكم آل داود. و في رواية «حكم داود» و هذا اقل اشكالا على ان الحكم بينالشّكّ المترافعين بحسب الواقع لم ينقل عنهم عليهم السلام و اميرالمؤمنين عليه السلام و ان حكم بغير بينة لكنه استخرج الحكم الواقعي من لطيف الحيل و هو المعمول به اليوم في المحاكم العالمية الراقبة بتفاوت في الخصوصيات.

3 - الالهام المذكور - حسب هذه الروايات غير المعتبرة - ليس منحصرا في الموضوعات و مورد القضاء بل يشمل الاحكام أيضا، و انا أقول: والله العالم.

4 - و اما الروايات الدالة على نزول ليلة القدر فيهم من الكافي و البصائر و غيرهما فهي غير معتبرة و ان كان مدلولها مهما، و كذا ما دل على العنوان الثالث فاه ضعيف.

ص: 446

الباب 4: احوالهمعليهم السلامفي السن (100:25) الرواية الرابعة من الروايات الباب الستة معتبرة صحيحة.

ابواب علامات الامام و صفاته و شرائطه و...

الباب 1: الائمة من قريش... (104:25)

في صحيح مسلم ممن كتاب الامارة، باسانيذ متعددة... الخلفاء بعدي اثنتا عشر كلهم من قريش. بالفاظ متفاوته. و روايات الباب الثلاث غير معتبرة.

الباب 2: انه يكون امامان في زمان واحد إلّا واحدهما صامت (105:25)

المذكور برقم 2 و 3 معتبر سندا من روايات اباب السبع.

ما نقله عن علل الفضل برقم 1 مرسل سندا و ضعيف متنا لا يبع و اضعه كان رجلا غير عارف بمقام الامام.

ادعى المجلسي رحمة الله تواتر الاخبار على رجة النبة و الائمة عليهم السلام (108:25) و سأتي بحثه الرسول صل الله عليه و آله و سلم ان شاء الله.

ادعى المؤلّف أيضا الاخبار الكثيرة الدالة على ان لكل المؤمنين موتا وقتلا مات في تلك الحياة يقتل في الرجعة، و ان قتل في تلك الحياة يموت في الرجعة (108:25) /!! لكنه احتمال غير ثابت.

الباب 3: عقاب من ادعى الامامة بغير حق أو رفع راية (110:25) فيه 18 رواية ثامتها معتبرة، و في روايتين غير معتبرتين برقم 15 و 17: كل راية قبل راية (قيام) القائم صاحبها طاغوت.

ص: 447

مع ضعف سندهم قاصران عن الدلالة على حرمة الدفاع عن الدين في زمان الغيبة كما فعلنا في افغانستان و على حرمة القيام لا صلاح الدين كما فعل مسلموا ايران ضد نظامهم اللا اسلامي، و قاصران عن نفي تشريع الجهاد في زمان الغيبة، فهو واجب في كل زمان كما حققناه في كتبنا الفقهية.

الباب 4: جامع في صفات الامام و شرائط الامامة (115:25)

فيه آيتان و 37 رواية و المعتبر ذكر برقم 1 على اشكال و 7، 9، 25، 29، 33 و 35 و بعض الاسانيد الى دقة اكثر.

1 - في رواية ابن فضال عن الرضا عليه السلام ذكر جملة من علامات الامام (116:25) ظاهر السند كونه موثقا لكن تقدم قول النجاشي ان عليا لم يرو عن ابيه الحسن بن فضال و على قوله السند مسائل و اما المتن فقبول كل ما فه مشكل كقوله: و لا يكون ظل(1)، و قوله و تكون رائحته اطيب من رائحة المسك و يرى من خلقه كم ا يرى من بين يديه. و بعض العلامات الاخرى اذ لو كانت تلك العلامات فيهم لظهرت و ساعت و حيث لا، فلا.

و اما قوله و تكون عنده الجامعة و هي صحيحة طولها سبعون ذراعا فيها جميع ما يحتاج اليه ولد آدم فتصديقه مشكل، لعدم تسير جميع هذه العلوم في ما يقل عن 35 مترا فلاحسن رد الرواية الى من صدرت منه.

ص: 448


1- ذكر ذلك رواية اخرى مذكورة برقم 12 أيضا. و قال الصدوق (قده): و انما لا يكون له فيء لانه من مخلوق من نور الله عزو جل (141:25) و يرده المخلوق من نور الله روحه دون جسمه.

2 - قال في (118:25) و جميع الائمة الاحد عشر بعد النبيصل الله عليه و آله و سلمقتلوا، منهم بالسيف و هو اميرالمؤمنين بعد النبيصل الله عليه و آله و سلم و الحسين عليه السلام و الباقون قتلوا بالسم.

أقول: المسلم قتل الحسن المجتبى و الكاظم عليهم السلام بالسم اما بقية الائمة فقتلهم غير مدلل و الله عالم.

3 - وفي معتبرة و يكلم الناس بكل لسان و لغة (141:25).

أقول المدعى محتاج الى روايات معتبرة و لم يرد ما يدل على تكلم النبيصل الله عليه و آله و سلمبغير العربية و هو افضل من الائمة عليهم السلام. وللصدوق كلام على بعض فقرات هذه الواية و للمجلسى اصلاح للاشكال.

4 - في رواية غير معتبرة سندا - و لعلها من بعض الرواة - الاستدلال على وجوب اعلمية الامام و اشجعية و كونه اسخيو معصوما (164:25 و 165). لكن استدلال غير واضح بل مقتضاه كونه شجاعا عالما بالشريعة و عادل اذا ملكة عدالة، و لعل هذا الكلام يجري في جملة من الروايات. و اما ثبوت هذه الصفات تعبدا فلا بأس به اذا دل عليه احاديث معتبرة.

و في صحيح هشام و حفص عن الصادق عليه السلام: قيل له: باي شيء يعرف الامام ؟ قال: بالوصية الظاهرة و بالفضل ان الامام لا يستطيع أحد ان يطعن عليه في فم و لا فرج، فيقال كذاب و يأكل اموال الناس و ما اشبه هذا.

ص: 449

(166:25).

و في آخر الباب حديث طويل مرسل (169:25-175) في اوصاف الامام، و جملة من جملاته تشهد بانه من جملاته تشهد بانه كلام بعض اهل العلم نسبها الى اميرالمؤمنين ترويجا لتوهمه و نظره، العجب من المجلسى رحمة الله انه يقبل كا كلام منسوب الى احد من الائمة عليهم السلام ثم الوعاظ و المبلغين يعتمدون عليه لانه مذكور في بحاره!!

الباب الآخر 4: في دلالة الامامة... و فيه قصة حبابة الوالبية (175:25) و لا يبعد اعتبار الرواية الثانية بطريق غيبة الشيخ رحمة الله فلاحظ.

الباب 5: عصمتهم و لزوم عصمة الام عليه السلام (119:25)

الشيعة الامامية حيث ذهبوا الى وجوب نصب الامام عى الله تعالى كوجوب نصب الانبياء، و على الاقل عندهم ان أوصياء رسولالله صل الله عليه و آله و سلمالاثنتى عشر من ائمة اهل بيت عليهم السلام انما عينوا من قبل اللهتعالى، فرسول اللهصل الله عليه و آله و سلم نصب عليا في حجة الوداع بغدير خم و هو عيّن و نصب ابنه الحسن، و هكذا. فليس للناس صنع في نصبهم كالانبياء، قالو بعصمتهم من قديم و اقدم استدلال على عصمة الامام على ما رأيته هو استدلال هشام بن حكمم من فضلاء اصحاب الامام الصادق عليه السلام ذكره في جواب تلميذه الفاضل الثقة الشهير محمد بن ابي عمير (192:25) و هذا الاستدلال و ان استحسنه هذا العالم الكبير غير انه عندي ضعيف، لكنه يعطة لنا فكرة العصمة الشيعة و الدفاع عنها من بكرة ايهم.

و اجمع هو نقل تسالم علاء الشيعة من الشيخ القدامي الشهير

ص: 450

شمس المحدثينن و قطب الرواة الحسين بن سعيد الاهوازى، فقد نقل المؤلّف العلّامة قوله: لا خلاف بين علمائنا في انهم معصومون عن كل قبيح مطلقا و انهم يسمون ترك المندوب ذنبا و سيئة بالنسبة الى كمالهم(1).

ثم جاء الصدوق و المرتضى و الطوسى رحمة الله فذكروا براهين فنية على عصمة الامام فاشتهرت بين الشيعة فجاء بعدهم علماء آخرون اكدوا عليها منهم العلّامة المؤلّف، فكان لكامه نفوذا فاصبت من المسلمات.

و ربما يقال كما عن بعض اهل التحقيق في عصرنا ان اعظم مشكلة في اثبات حصة من العصمة المطلقة و هي نفي الجهل السهو في الاحكام هو وجود الروايات الكثيرة المتعارضة و المتبانية و المختلفة و هي المشكلة الرئيسة في استنباط الاحكام الفقهية. و النفس مطمئنة بصدور هذه المتعارضات منهم عليهم السلام و ما قيل في وجه صدورها(2) منهم عليهم السلاملا تنفع بها النفس، و كذا ما اصر عليه المحدث البحراني في حدائقه من استناد جميع ذلك

ص: 451


1- . الظاهر الجملة الاخيرة اشارة الى ما ورد من الروايات الدالة على صدور الذنب عنهم فنها تنافى عصمتهم فقد روى هذا الشيخ (الحسين بن سعيد) بسن غير معتبر عن الصادق عليه السلام: انا لنذنب و نسىء نتوب الى الله متابا (207:25) فقيل ان اقرارهم بالذنب لتعليم غيرهم الاستغفار و الاعتراف و التوبة. و قيل صدر تواضعا و استكانة و انه لولا لطفه و عنايته تعالى لصدر عنهم الذنوب، و قيل النوب عندهم ترك المندوب أو فعل المكروه (حسنات الابرار سيئات المقربين) كما ذكره الحسين بن سعيد و اختاره الفاضل الاريلي في كشف الغمة و ارتضاءالمؤلّف العلامة كما يأتى.
2- . لاحظ هذه الوجوه في كتابنا حدود الشريعة 24:3 و 26.

الى تقية و لو في المستقبل.

و في الحقيقة هذا يراد على علمهم عليهم السلام و لبحثه مكان آخر.

و اعلم ان ما وصل الينا في الموضوع من الروايات لا تنحصر بروايات الباب لما سبق في الاجزاء أو الابواب السابقة من بعض الروايات، و الظاهر استفادة ذلك مما ياتي من الاجزاء و الابواب اللاحقة أيضا.

و اما روايات الباب فهي بين ما لا يدل على العصمة و بين ما يدل عليهما و كلها غير معتبرة سندا، هذا أولا.

و ثانيا: كل ما يدل عليها حتى اذا جمعت من سائر الابواب ففي قاصرة عن اثبات المراد و اثبات اليقين به لقتلها عددا.

و ثالثا: ان اثبات فرد أو جماعة باقوال هؤلاء و ان كانوا عدولا اتقياء امر مخالف لسيرة العقلاء. و كان بامكان كل ارباب الذاهب الباطلة ادعاؤها لمتبعهم. فلابد لاثبات عصمة الائمة من استدلال بالقرآن و بالبراهين العلقية القطعية و بالروايات الثبوته الواردة من طرق اهل السنة أو الشيعة اذا عرفت صدقها اي صدق الروايات المذكورة. و لا يمكن اثباتها باجماع علماء الامامية أو الشهرة و الارتكاز و نحو ذلك لما سبق.

لا يقال العترة حجة للحاديث الواردة من رسولالله صل الله عليه و آله و سلمكما جمعها السيد البروجردي رحمة الله في أوائل جامع الاحاديث، سواء ثبت امامتهم ام لا، فالاخبارهم بعصمتهم حجة.

فانه يقال: المسلم تلك الاحاديث حجة اقوالهم في الاحكام الشرعية دون عصمتهم فان بناء العقلاء لا يساعد على استفادة الاخير منها.

ص: 452

ألا ترى قول التقاة حجة و لا يقبل قولهم في اثبات عدالتهم فضلا عن عصمتهم.

اما القرآن فاستدل ببعض آياته و قد ذكرناها في كتابنا صراط الحق الجزء الثالث و قد الفناه في دورة شبابنا.

والعمدة في الدلالة آيتان:

احدهما: قوله تعالى: (قٰالَ إِنِّي جٰاعِلُكَ لِلنّٰاسِ إِمٰاماً قٰالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قٰالَ لاٰ يَنٰالُ عَهْدِي اَلظّٰالِمِينَ ) و تقريب الاستدلال طول مذكور في (صراط الحق 43:3-9(6). لكن القدر المتقين منها ثبوت العدالة للامام دون العصمة فراجعه.

ثانيتهما: آية التطهير مذكور في صراط الحق و سنخ لى أخيرا اشكال في الاستدلال بها، و هو أنّ الحكم بكون الارادة في قوله تعالى: (إِنَّمٰا يُرِيدُ اَللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ اَلرِّجْسَ ...) ارادة تكوينية لا تشريعية، موقوف على تعلقها بفعل الله، و الحال انه غير معلوم فان الفعول به لقوله (يريد) غيرمذكور، و قوله ليذهب لا يدل على ان المفعول المراد هو اذهاب الرجس كما كنا نتوهمه في الزمن السابق، و لعله العرف المشهور بيننا، بل المفعول محذوف مقدر، و هذا المفعول ان كان فعلا اختياريا من افعال اهل بيت لصبحت الارادة تشريعية. وزان قوله تعالى: (لٰكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَ لِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ ) (المائدة/ 6) اي ليطهركم بالتيمم و قوله: (وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ اَلسَّمٰاءِ مٰاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ) (الانفال/ 1(1) اي ليطهركم بالماء بغسلكم مثلا لا بغير فعلكم لا

ص: 453

يقال ان الضمير في (ليذهب) راجع الى الله تعالى: فاذهاب الرجس من فعله لا من فعلهم، قلت: لا بأس بنسبة الفعل الاختياري الصادر من المخلوق الى الله بناء على الامر بين الامرين لان فعله طول فعلنا لا في عرضه كما ان كون التيمم و الغسل الصادرين منا لا ينافي نسبة التطهير اليه تعالى.

و ان كان المفعول به المراد، فعل الله الارادة تكوينية لا محالة، فلابد من اقامة الدليل على انه - أي المفعول المحذوف - فعلنا أو فعله تعالى، و الاستدلال عل العصمة موقوف على هذه النكتة.

و يمكن يقال كملة (انما) الدالة على الحصر لا يناسب الاردة التشريعية فان الله طلب عن جميع المكلفين ترك الرجس اي فعل المحرمات و ترك الواجبات، و هي تصلح قرنة لكون الارادة تكونية خاصة باهل البيت، فتكون الآية في قوة تعالى في حق مريم عليه السلام: (إِنَّ اَللّٰهَ اِصْطَفٰاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اِصْطَفٰاكِ عَلىٰ نِسٰاءِ اَلْعٰالَمِينَ ) (آل عمران/ 4(2). حيث ان ظاهرها - و الله اعلم كون التطهير تكوينا.

على كل: الآية مختصة بالحسن و الحسين و فاطمة و على و خاتم النبيين صل الله و آله و سلم و عليهم و لا تشمل بقية اهل البيت، فضلا عن آل البيت.

و اعلم ان المستفاد من الروايات الواردة في فضائل الائمة و مقاماتهم في الاجزاء السابقة و اللاحقة و في هذا الجزء تثبيت العصمة و ان لم ترد فيها بعنوانها رواية، فمن لاحظ اخبار الطنية و اخبار تقدم ارواحهم و عبادتها قبل الدنيا و علومهم و فضائلهم هان له التصديق بعصمتهم في الجملة، لكن عرفت

ص: 454

انه لابد من استدلال فيها بغير رواياتهم فنقول انه لابد من الاهتمام بالروايات المروية بطريق اهل السنة حتى يطمئن بها.

فمنها: حديث الثقلين و ذيله:

«انهما لن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض».

ومنها

: «علي مع الحق و الحق مع علي»، استدل به بعض اهل السنة على عصمته عليه السلام، كالشهرستانى فى ملله و نحله.

ومنها: قوله صل الله عليه و آله و سلم

: «الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنة و ابوهما خبر منهما».

ومنها: قوله صل الله عليه و آله و سلم

فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.

فسيادة هؤلاء علياهل الجنة و فيهم الانبياء و مريم الطاهرة عليهاالسلام و العدول يناسب العصمة دون العدالة.

ومنها: قوله صل الله عليه و آله و سلم:

«فاطمة بضعة مني فمن اغضبها اغضبني».

و له الفاظ اخر كما في نظرة عابرة الى الصحاح السنة ص 173 و 175.

ومنها: الروايات الكثيرة الواردة من طريق الصحابة و رواة اهل السنة و من غير طريق الائمة الدالة على ان الائمة الاثنى عشر مطهرون و معصومون، فلاحظ هذه الروايات الكثيرة في الباب 31:41 من بحار الانوار. و بالجملة من تتبع الأحاديث الواردة في كتب أهل السنة التى تدل بالتزام على عصمة أهل البيت أو آل بيت و الائمة، و جمعها في رسالة مستقلة فقد خدم المذهب خدمة مفيدة. والله الموفق.

و اما ما استدل الصدوق لاثباتها بكلام طويل (195:25) فهو عقيم. و كأنه رحمة الله لم بلتفت الى ان اكثر الآيات فاقدة عن الروايات المعتبرة الرافعة

ص: 455

لمحتملاتها مع وجود الائمة عليهم السلام الى 260 فقد أوقع نفسه فيما لا مناص له عنه! و اما ما نقله المؤلّف عنه و في (300:25) فهو مجرد ادعاء و ليس بتدليل.

كما ما ذكره الاريلي في كشف الغمة في كلامه الطويل من ان الائمة تكون أوفاتهم مشغولة بالله تعالى و قلوبهم مملوءة به و خواطرهم متعلقة بالملأ الاعلى و مقلبون بكلهم وعليه تعالى، فمتى انحطوا عن تلك الرتبة الى الاشغال بالمأكل و المشرب و التفرغ الى النكاح غيره من المباحات عدوه ذنبا فتوى فاقد للدليل و لابد من ارائة روايات معتبرة على ذلك من دون الاكتفاء بمجرد الاحتمال ان صح سند الروايت المنافية لها.

الباب 6: معنى آل محمد و اهل بيته و عترته و رهطه و عشيرته و ذريته صلوات الله عليهم اجمعين (213:25)

فيه 26 رواية: و المعتبر منها نقله برقم 10، 20 و هي رواية طويلة نافعة للفرق بين الآل و الامة.

في ص 243 الى 246 قصة بين الحجاج السفاك و يحى بن يعمر حول كون الحسنين عليهم السلام ابناء رسول الله صل الله عليه و آله و سلم.

الباب 7: كل نسب و سبب منقطع ألّا رسول الله و سببه صل الله عليه و آله و سلم (246:25) لا توجد فيه رواية معتبرة سندا.

الباب 8: ان الائمة ذرية الحسين.... (249:25)

ص: 456

مقصود الباب اصح ضروريا في تلك الأزمنة، و ورود الروايات فيه في زمن الائمة لوجهين: احدهما سؤال عوام الناس ذلك من الائمة و ثانيهما الرد منهم عليهم السلام على المعترضين على انتقال الامامة من الحسين الى ولده دون ولد الحسن. و بنو الحسن لهم سلوك شديد و لعل كثيرا من شباب بني هاشم يميلون الى الكفاح والثورة و لم يكونوا مفيد بن بنظر الائمة عليهم السلام فلاحظ مقاتل الطالبين. و على في الباب 25 رواية و المعتبر ما ذكر برقم 1 على وجه، 2، 6، 7 و 8 و العمدة ان استدلال على العنوان بآية أولوية اولي الارحام في الروايات غير واضح و دفاع المؤلّف العّلامة عنه غير مقنع و الاحتمالات لا تزيل المشكلات.

الباب 9: نفى اللغلو في النبي و الائمة صلوات الله عليه و عليهم؛ و بيان معاني التفويض و ما لا ينبغي ان ينسب اليهم (261:25) فيه عشرة آيات و 94 رواية في الغلو، و 25 رواية الرسولصل الله عليه و آله و سلمفي نفي التفويض و المعتبر من الطائفة الاولى ما ذكر بارقام 3، 10، 40، 41، 48، 58، 60، 40، 71، 79 و 85.

1 - تدل الآيات على بطان اتخاذ غير الله تعالى من الانبياء و الملائكة آلهة و كفر من اعتقد عيسى بن مريم أبنا لله و انه لا شريك به في الخلق و ان له الاحياء و الاانة.

في القرآن نهي اهل الكتب الغلو في دينهم، مرة في سورة النساء: (يٰا أَهْلَ اَلْكِتٰابِ لاٰ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَ لاٰ تَقُولُوا عَلَى اَللّٰهِ إِلاَّ اَلْحَقَّ ) و اخري في

ص: 457

المائدة (قُلْ يٰا أَهْلَ اَلْكِتٰابِ لاٰ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ اَلْحَقِّ ...)

و هو ملاك البحث، فكل شيء لم يثبت بدليل معتبر في حق احد و قال به قائل فهم غلو اي زيادة و تجاوز عن احد الثابت شرعا وو ان شئت فقل انه غى الحق و انه قول على الله بغير الحق. و لا فرق في حرمة و قبحه بين اهل الكتاب و المسلمى و غيرهم. فالغلو لا يختص بالقول بربوبية المخلوق ونبوة غير الحق و انه قول على الله بغير الحق. و لا فرق في حرمته و قبحه بين اهل الكتاب و المسلمين و غيرهم. فالغلو لا يختص بالقول بربوبية المخلوق و نبوة غير النبي كما يبدو من جملة من روايت الباب، نعم هما من أقوى مصاديق الغلو لاتمامه و كماله، و لعله مراد الروايات المذكورة.

2 - في الباب روايات بالفاظ مختلفة نحو: اياكم و الغلو فينا، قولوا انا عبيد مربوبوين، و قولوا ما شئتم (برقم 15، 20، 30، 45) فهو غير ثابت بسند معتبر، و عنددي انه مظنون الوضع فلابد من رد علمه الى من صدر عنه.

3 - لابد من سلب الالوهية و الربوبية أو صفات الله المختصة به تعالى و افعاله المختصة كعلم الغيب من دون اعلام الله تعالى و الاحياء و الرزق و الامانة و نحو ذلك من كل من سوى الله تعالى.

و اعلم احياء الانسان و رزقه و امانته و خلقة و امثال ذلك على قسمين فانها تصدر من انسان مستقلا و إمّا باقدار من الله تعالى و الاول محال لغير واجب الوجوب و ان كان نبيّا مرسلا، أو ملكا مقرّبا و الثاني ممكن لكنه محتاج الى دليل مقود.

في رواية معتبرة يقول اراوي للامام: انهم يزعمون انك تعلم الغيب، فقال سبحان الله، ضع يدك على رأسي فوالله ما بقيت في جسدي شعرة و لا

ص: 458

في رأسي ألّا قامت... لا والله ما هي ألّا رواية(1) عن رسول الله صل الله عليه و آله و سلم (293:25).

و في رواية فيه واحد مجهول: قال الرواي للصادق عليه السلام ان المفضل بن عمر بقول انكم تقدرون ارزاق العباد؟ فقال: و الله ما يقدر ارزاقنا ألّا الله.... لعنه الله و برئ منه و من الغلو القول بتعلق علم الانبياء و الاوصياء بكل شىء. فان هذا تنفيه الاخبار المثبتة للعلم لهم فضلا عن الاخبار النافية كما ذكرنا في كتابنا صراط الحق و ما ور من عليهم بما كان و ما يكون لا ينافي ذلك، لانه لا يفيد الموجبة الكلية.

و من الغلو ايضا القول في حق غير الله لا يشغله عن شأن، نعم ليس كل غلو يوجب الكفر بل بعضه يوجب الفسق بالكذب و بعضه باطل كما اذا اعتقد ان فلانا ياكل خمسين كيلو غراما أو بجامع خمسين امرأة في ليلة أو تسعى كما بعض روايات البخارة في حق سليمان النبى عليه السلام، فمثل هذا باطل غير موجب للكفر.

قال سيدنا الاستاذ الحكيم فى مستمسكه (383:1) و هو اي الاجماع على نجاسة الغلاة واضح جدا لو اريد منهم (من الغلاة) من يعتقد الربوبية في اميرالمؤمنين عليه السلام أو احد الائمة... لانه انكار لله تعالى و اثبات لغيره فيكون كفرا بالذات فليلحقه حكمه من النجاسة.

ص: 459


1- ما فى البحار خطأ و الرواية فى المصدر - رجال الكشى 857:2 - «.... إلّا وراثة ع... و هذا موافق لامالى المفيد نقل مجلسى رحمة الله الرواية عنه في 103:26

و اما لو اريد منهم يعتقد حلوله تعالى فيهم أو في احدهم... فالنجاسة مبنية على ان انكار الضروري كفر تعبدي، فان لم يثبت شكل الحكم بها (اي النجاس) و كذا الحال لو اريد من الغلو تجاوز الحد في صفات الانبياء و الائمة عليهم السلام مثل اعتقا انهم خالقون أو رازقون أو لا يغفلون أو لا يشغلهم شأن عن شأن أو حو ذلك الصفات... فالنجاسة في مثل ذلك أيضا مبنية على الكفر بانكار الضروري.

و دعوى القطع بعدم الكفر بمثل ذلك غير واضحة، و كأن وجهها انكار كون مثل ذلك انكارا للضرورى و لكنها كما ترى. لوضوح كون اختصاص الصفات المذكورة به جل شأه ضروريا في الدن، نعم ما لم يبلغ اختصاصه حد الضرورة فالدعوى المذكورة في محلها.

أقول: في رواية غير معتبرة عن الرضا عليه اسان ان الله تبارك و تعالى فوض الى نبيه امر دينه. فاما الخلق و الرزق فلا، و في رواية غير معتبرة اخرى عنه عليهم السلام: الغلاة كفار و المفوضة مشركون (238:25)

و عن الصدوق رحمة الله: اعتقادنا في الكفار و المفوضة انهم بالله جل و جلاله و انهم شر م اليهود و النصارى و المجوس و... (342:25).

عن المفيد رحمة الله بعد تعريف الغلاة بانهم الذين نبوا اميرالمؤمنين و الائمة ذريته عليهم السلام الى الالوهية و النبوة. و وصفوهم الفضل في الدين و الدنيا الى ما تجاوزا فيه الحد و خرجوا عن القصد و هم ضلال كفار حكم فيهم اميرالمؤمنين صلوات الله عليه بالقتل و التحريق بالنار و قضت الائمة عليهم السلام عليهم بالكفر و الخروج عن الاسلام. (345:25)

ص: 460

4 - و الارجح ان يقال تعريف النفيد للغلاة اصح من غيره ذكرناه سابقا و اما إكفار الغلاة فلم يثبت تعبدا من الروايات المذكورة في الباب لضعف اسانيدها، فالصحيح ما اختاره السيد الاستاذ الحكيم في مستمسكه، و ان الغلو ان رجع الى انكار واجب الوجود أو نبوة خاتم المرسلين صل الله عليه و آله و سلمأو انكار المعاد فهو موجب لكفر الغالي، و ان رجع الى انكار شيء من الضروريات الدنية كاحداث نبوة جديدة و اثبات الوحي بعد النبي الخاتم صل الله عليه و آله و سلمو تفويض امر الخلق و الرزق و نحو ذلك الى الائمة عليهم السلام فالحكم فالكفر و عدمه مبني على انكار الضروري هل هو بنفسه موجب للكفر أو من جهة تكذيب النبي صل الله عليه و آله و سلم و المسألة محررة في الفقه و الخلاف فيها معروف. و ان رجع الى غيرهما كالقول بان الائمة يعلمون كل شيء مثلا بالفعل بتعليم الله غير ذلك مما يتقول بها بعض عوام الناس أومن في حكمهم. فهذا امر باطل و لكنه لا يوجب فسق قائله المشتبه فضلا عن كفره و اسهاء النبي الذي اختلفت فيه من هذا الباب. ولا حرج على احد من الطرفين و الله الهادي العاصم.

و مما ذكرنا كله يظهر النظر في ما ذكره المؤلّف العّلامة و تفصيل الكلام معه يوحب تطويل التعليقة عن حدها. و لاحظ صراط الحق و سائر كتبنا في تفاصيل التفويض و غيره.

الباب 11: نفى السهو عنهم عليهم السلام

فيه ثلاث روايتها معتبرة سندا و كن متنها لاجل ذيلها مجمل. و المؤلّف العلّامة نقل اجماع الامامية على عصمة الانبياء و الائمة عليهم السلام

ص: 461

من الذنوب الصغيرة و الكبيرة عمدا و خطأ و نسيانا قبل النبوة و الامامة و بعدهما، بل من وقت وولادتهم الى ان يلقو الله تعالى. و نسب الخلاف الى الصدوق و ابن الوليد و انهما جوّزا الاسهاء من الله في غير ما يتعلق بالتبيلغ و بيان الاحكام. (351:25)

أقول: اكثر علماء الشيعة لم يكن لهم مؤلفات أو مؤلفات رائجة (مطبوعة أو غير مطبوعة) فكيف تحرز اقوالهم، قبل بلوغهم لا يتصور في حقهم ذنب كبيرأو صغير فنفي الذنب عنهم قبله خارج عن محل البحث.

و على كل يشكل اثباته و بعض الورايات المعتبرة أيضا على خلافه كما ذكرناه في بعض تألفاتنا.

ومنه يظهر الاشكال السهو المتعلق بغير واجبات و المحرمات فان المؤلّف و ان اتدل على نفيه لكنه جعل المسألة في غاية الاشكال الدلالة كثير من الاخبار و اليات على صدور السهو عنهم عليهم السلام فلاحظ كلامه (351:25) و لاحظ الجزء الثالث من كتابنا طراط الحق).

الباب 12: انه جرى من افضل لرسولالله صل الله عليه و آله و سلم و انهم في الفضل سواء (354:25)

أورد المؤلّف المتتبع فيه 33 رواية غير معتبرة متعارضة في تساويهم في الفضل و عدمه ففي بعضها انهم في الفضل سواء و في بعضها سواء و في بعضها ان رسول الله و اميرالمؤمنين صلوات الله وعليهما و آلهما، افضل و بعض الائمة افضل من بعض و ان بعضهم اعلم من بعض.

فما في العنوان غريب من المؤلّف لما عرف من تعارض الروايات فيه،

ص: 462

و لا اظنبه اقول بتساوي مع غيره في بعض روايات الباب النبي و اميرالمؤمنين متساويان في فضل، و مصدر اكثر الروايت ضعيف و الاظهر ان يقال انهم كالرسل متفاوتون في الفضل بحسب العلم و العمل فبعضهم افضل من بعض.

و لا شك خاتم المرسلينصل الله عليه و آله و سلمافضل من الائمة عليهم السلام و ما يترآى منه في التساوي في الفضل، يطرح أو يأوّل ان صح سنده، كما ان اميرالمؤمنين بعدخ افضل من سائر الائمة عليهم السلام، لا يبعد افضلية الحسنين - سيدي شباب اهل الجنة - من غيرهم لهذا الحديث و لبعض الآيات و الاحاديث الواردة في فضل الاهل و العترة فافهم. و بعد ذلك لا وجه به على افضلية البعض على بعضهم الاخر. و ان كان الباقران لا سيما الصادق عليه السلام اكثر تأثيرا في الدين و تحكيم الايمان و ايضاح الشريعة فمقتضي الاعتبار افضيتهما بمعنى اكثر ثوابا كما ان مقتضى الاعتبار افضلية ولى العصر عليه السلام بمعنى اكثر علماء و عملا فتأمل و التوقف في غير المقطوع افضل و أحوط. و للكراجكي كلام حول تفاضل الائمة عليهم السلام نقلة المؤلّف في (362:25) و اما وجوب طاعتهم فهو من لوازم امامتهم و لا يحتاج الى دليل خاص. و الظاهر ان جميع النبيين و الوصيين فيه سواء.

الباب 13: غرائب افعالهم و احوالهم و وجوب التسليم لهم في جميع ذلك (362:25) فيه 44 رواية غيير معتبرة سندا.

ص: 463

و اما وجوب التسليم لهم في جميع ذلك كما ذكر المؤلّف في العنوان و في ذيله بقوله: التسليم في كل ما روي من اقوال اهل البيت... فيه تفصيل، فإنّ ما روي عنهم اذا كان مخالفا للعقل أو القرآن أو الاجماع أو دليل قاطع كالسيرة فلابد من رد علمه الى من صدر عنه، و لا يجوز قبوله فضلا عن وجوبه. و ان لم يكن كذلك فان كان سنده صحيحا و لم يكن معارضا بدليل مثله فلا وجه لرده أو تركه اذا لم يكن قبوله دوريا مثلا.

و اما اذا لم يعتبر سنده سواء كان ضعيفا أو مجهولا فلا يجب، بل لا يجوز قبوله فانه من قول الرواة الفاسقين أو المجهول خلافا لجماعة من اهل العلم منهم المؤلّف العلّامة رحمة الله، نعم لا يصح تكذيبه و طرحه، بل نرد علمه الى من صدر منه و ليس بحجة.

ج 26: في علومهم و سائر و فضائلهم

اشارة

الباب 14: النادر في معرفتهم بالنورانية و فيه ذكر جمل من فضائلهم (1:26) فيه روايتان طويلتان من كتاب عتيق مجهول، و قال المؤلّف في اخر الباب: و انما افردت لهذه الاخبار بابا لعدم صحة اسانيدها و غرابة مضامينها.

أقول: مضافا الى ضعف سندهما فيهما بعض القرائن على وضعهما و لم ينبغ نقلهما في الكتاب. فان جمعا من اهل المنبر و القلم يذكرهما للشيعة بعنوان كلام اميرالمؤمنين عليه السلام فتصبح مضامينها بمرور الزمن من معتقدات الشيعة و جزأ مذهبهم كما اتفق ذلك في جملة من المسائل.

ص: 464

ابواب علومهم عليهم السلام.

الباب 1: جهات علومهم و ما عدهم من الكتب و انه ينفر في آذانهم و ينكت في قلوبهم (18:26) فيه 149 رواية مصدر معظم روايات الباب هو بصائر الدرجات للصفار الثقة رحمة الله و تقدم ان النسخة الموجودة عند المؤلّف، و لو كانت الروايات من مصادر اليه بالسند المعتبر المتصل عن المؤلّف، و لو كانت الروايات من مصادر متعددة لكانت موجبة للقطع بمشتركاتها، لكنها ليست كذلك بالفعل، لاحتمال التحريف من قبل فرد واحد و لو كان بعيدا على انها في بعض خصوصياتها و جزئياتها تتباين و تتعارض. نعم توجد بعض مضامينها في الكافي باسانيد معتبرة و ضعيفة فلاحظ (239:1)

ثم ان المستفاد من مجموع الروايات ان منابع علومهم عليهم السلام اشياء:

1 - الجفر الابيض و هو كتب الانبياء السابقين عليهم السلام(1).

2 - مصحف فاطمة سلام الله عليها و هو اكبر م القرآن، و فيه جملة من الوقائع النبى التي تقع في المستقبل، و افترى بعض المعاندين انه قرآن و زعمه باطل.

3 - الجامعة و هي سبعون ذراعا، املاء رسول الله و خط اميرالمؤمنين - صلوات الله عليهما - و فيه جميع الاحكام حتى ارش الخدش.

4 - الكتاب الذي فيه اسماء شعيتهم الذي فيه اسماء شيعتهم و اعدائهم كما في الباب 7 من هذه الابواب ان تمت رواياته سندا و لاحظ الباب 10 ايضا.

ص: 465


1- . في مقابل الجفر الاحمر الذي فيه السلاح.

5 - ما يستفاد من القرآن المجيد و بطون الآيات.

6 - العلم الحادث و هو النفر فى الاذن(1) و الكنت في القلب، الظاهر ان هذا النحو من الهام يصل الى روح رسول الله صل الله عليه و آله و سلمأولا، ثم الى روح اميرالمؤمنين حتى يصل الى امام العصر حتى لا يكون اخرهم اعلم من السابقين(2)، و الاسماع بتوسط روح القدس الذي مر بحثه و قلنا لا ندري انه من نوع الملائكة ام لا.

و يقول المجلسى في الباب (19) انه ليس منهم. ور بما يكون الالهام يشكل الرؤيا في المنام من دون روية الملك على قول الشيخ المفيد (85:26) لكن جملة من الروايات تنفي الهام الامام في النوم.

و هذا القسم الاخير اي المفاض عليهم من الله تعالى، الهاما بتوسط الملك أو بدونه هو اشرف العلوم بحسب الاعتبار العلقي و دلالة الروايات.

الظاهر ان الكمية العظمى من العلم الحادث يتعلق بالموضوعات الخارجية و ببعض مراتب المعارف الالهية و بتفاصيل الاحكام الشرعية ضرورة ان الجامعة - و طولها سبعون ذراعا في عرض الاديم مثل فخذ الفالج كما في الكافي (241:1) لا تشمتل على جميع المسائل الفقهية المحتاج اليها

ص: 466


1- . يسمعون الصوت و لا يرون الشخص، و على كل في خير صحيح عن الصادق عليه السلام و لله ان عندي الكتابين فيهما نسبية كل نبي و كل ملك يملك الارض... (الكافي 242:1)
2- . هذا من أحد الفوارق بين الوحي و اللهام: فاذا وصل النبى فهو وحى و اذا وصل الى الامام بامر من النبى صل الله عليه و آله و سلمفهو الهام فلاحظ.

الانسان في طول حياته المتحولة، خلافا لظاهر بعض الروايات(1) و الله اعلم.

الباب 2: انهم محدثون و مفهمون... و الفرق بينهم بين الانبياءصل الله عليه و آله و سلم (66:26)

فيه 47 رواية و المعتبر منها ما ذكر برقم 40 و 41.

لكن عمدة مقصود الروايات انهم مفهّمون و محدثون (بفتح الدال) التى تحدثهم الملائكة و هذا هو ما تقدم في الباب السابق من العلم الحادث فهي تؤكده.

و اما الفرق بين النبوة و الامامة فبالاجمال ان الائمة عليهم السلام ليسوا بانبياء بلا شبهة لقوله تعالى: «وَ لٰكِنْ رَسُولَ اَللّٰهِ وَ خٰاتَمَ اَلنَّبِيِّينَ .) و للحديث المتواتر بين المسلمين:

«انت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي) باختلاف في بعض الكلمات. و لروايات خاصة متفرقة في الباب و رواية في الباب 18 (50:27) بل المسألة مسلمة أو ضرورية.

انما الكلام في الفرق بينهما تفصيلا و نحن قد ذكرناه في الجزء الثالث من كتابنا صراط الحق ص 170 الى 187 فلاحظ و تأمل.

و يمكن ان نذكر في مقام الفرق بينها أمور على خلاف ما سبق في كتبنا المتقدمة المطبوعة في الجملة.

أوله: مدرك الائمة في بيان الاحكام الشرعية هو كتاب الجامعة فقط، أو مع زيادة كتاب الديات التي كتبها اميرالمؤمنين الى امرائه و رؤوس اجناده

ص: 467


1- . ولاحظ كلام المجلسي في المقام (20:26 و 21) من البحار.

كما في الكتب الاربعة(1) و بعض الاحكام الاخرى التي وصلت اليهم من رسول الله صل الله عليه و آله و سلم و ليس لهم منبع اخر غير هذه.

و يناسب هذا الوجه قوله تعالى: «اَلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ » اي اعطاكم العقائد و الحرام و الحلال بقدر صالح لكم و نصب لرسولكم خليفة فاكمل الله اليوم دينكم. و كان ما اعطى الله رسوله من الاحكام الفقهية كاملا لدين الناس في تلك الازمان فتأمل فانه لا يخلو عن بعد. فالاولى حمل اكمال الدين على اكمال الاصول الكلية.

ثانيها: اختصاص العلم الحادث ببعض الامور تكوينة و الموضاعات الخارجية للاحكام دون نفس الاحكام الشرعية و دون العقائد الواجبة على الناس.

ثالثها: العلم الحادث و هو الهام - كالهام ام موسوى و ذي القرنين و صاحب سليمان و صاحب موسى كما في بعض الروايات - لا بتوسط الملائكة فضلا عن رئيسهم المطاع و هوجبرئيل عليه السلام بل بتوسط روح القدس وهو ليس من نوع الملائكة، و لذا كان ينزل جبرئيل عليه صل الله عليه و آله و سلم من قبل الله، و كان روح القدس يسدده و يؤيده كما في بعض الروايات و كأنه فرق اخر بين الوحي و الالهام، جبرئيل يجىء بامر من قبل الله تعالى، و اما روح القدس فتسديده و تاييده و ان كان باذن الله في المجموع لكنه بفكر الروح و عقلة قتأمل.

ص: 468


1- . الكافي 330:7.

على ان العلم الحادث لا يصل الى الامام ابتداء بل بعد عرضه من قبل الروح على روح رسول الله صل الله عليه و آله و سلم ثم الائمة الاموات عليهم السلامثم على الامام الحي، كما تدل عليه روايات تقدمت و روايات كثيرة من بصائر الدجات في الباب الآتى.

يدل عليه قوله تعالى: (وَ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى اَلْغَيْبِ وَ لٰكِنَّ اَللّٰهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ ...) فالغيب الخاص بالله تعالى لا يعلّمه لله إلّا المجتبى و المرتضى من الرسول و الائمة ليسوا برسل قطعا فلا يصل علم الغيب اليهم من الله ابتداء، و انما الواصل اليهم من رسول الله صل الله عليه و آله و سلم.

فاذا سلمنا ن هذه الامور الثلاثة و تمت دليلت فقد ظهر الفرق بين الرسالة و الامام فان رسولالله صل الله عليه و آله و سلمأوحى الله بتوسط جبرئيل القرآن و الشريعة و الامام لا يوحى اليه بشئ من الله سبحانه و انما وظف الله روحا يسدده لا من جانب الله بل من جانبه لكن باذن الله فلا جامع بين الامامة و الرسالة.. به تنحل مشكلة الفرق بين الرسل و أوصيائهم اجمعين. و به تنحل مشكلة اخرى أيضا و هي الفرق بين الامام و النبي غير الرسل أيضا كما لا يخفى.

و تقدم في باب النبوة انا لا نعقل مفهوما صحيحا لوصاية الانبياء، فغير الرسل من الانبياء لا نعقل لهم أوصياء أو خلفاء اذ لا معنى لان أوحى الله الى احد نبابة عن نبي و ليس للنبوة غير الرسول وظيفة رسالة حتى يقوم وصية نيابة عنه بتبليغ الناس، فافهم جيدا.

الباب 3: انهم عليهم السلام يزدادون و لوذلك لنقد ما عندهم و ان ارواحهم تعرج الى

ص: 469

السماء في ليلة الجمعة (86:26)

فيه 13 روآية غير معتبرة.

و ليس المراد من النفاد الزوال حتى يحتاج الى توجيه المؤلّف (89:26) بل المتبادر الى الذهن عدم الكفاية علمهم لحل الاسئلة و المشاكل اليومية من دون العلم الحادث.

الباب 4: انهم عليهم السلام لا يعلمون الغيب و معناه (98:26)

فيه 12 آية و ست روايات، و كأنه أول باب تكون آياته ضعف رواياته. ونذكر ما عندي في طي فصول:

1 - الآيات المذكورة على خمسة وجوه:

فمنها: ما يدل على اختصاص الغيب بالله تعالى.

و منها: ما يد لعل يسلب علم الغيب عن بعض الانبياء كنوح و خاتم المرسلين صل الله عليه و آله و سلم وعن غير الله تعالى: (قل لا يعلم من الرسول صل الله عليه و آله و سلم السماوات و الارض الغيب ألّا الله)

ومنها: ما يدل على تعليم بعض الرسل دون الجميع خلافا لمن فهم عموم الرسل و دون النبيين غير الرسل كقوله: (وَ مٰا كٰانَ اَللّٰهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى اَلْغَيْبِ وَ لٰكِنَّ اَللّٰهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشٰاءُ ). و قوله: (عٰالِمُ اَلْغَيْبِ فَلاٰ يُظْهِرُ عَلىٰ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاّٰ مَنِ اِرْتَضىٰ مِنْ رَسُولٍ ). فلا يعلم النبييون و بعض الرسل الغيب إلّا تلك الرسل. فافهمه جيدا.

ومنها: ما يظهر ان سيد الرسل لا يعلم الغيب كله حتى بتعليم الله كالآيات النافية لعلمه و كقوله: (وَ لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ اَلْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ

ص: 470

اَلْخَيْرِ وَ مٰا مَسَّنِيَ اَلسُّوءُ ) و الآية خير دليل على انه لا مخلوق يعلم الغيب كله، و انما يعلم بعض الرسل بعض الرسل الغيب باعلام الله تعالى و اظهاره.

ومنها: ما يدل على اختصاص العلم بامور خمسة بالله و هو قوله: (إِنَّ اَللّٰهَ عِنْدَهُ عِلْمُ اَلسّٰاعَةِ وَ يُنَزِّلُ اَلْغَيْثَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي اَلْأَرْحٰامِ وَ مٰا تَدْرِي نَفْسٌ مٰا ذٰا تَكْسِبُ غَداً وَ مٰا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اَللّٰهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)

و تدل عليه جملة من الروايات الباب و عليه جماعة، لكن الروايات غير معتبرة و الاقوال لا عبرة بها. و الاآية لا دلالة لها على نفي علم الغير بالخمسة المذكورة. و نحن نعلم اليوم من في الارحام. نعم علمنا من آيات اخرى ان علم الساعة مختص بالله تعالى، و الآية تدل على نفي علم الانسان بمكسوبه. بمحل موته في المستقبل و الاول واضح و الثاني محمول على الاحوال الانسان من الملائكة و البشير لا يعلمون مكسوبه و لا ارض موته فهذا انما لا تذل عيه الآية البتة. و غير خفي انا نعلم اليوم ما في الارحام بامراضه و بكونه ذكرا أو انثى و نعلم زمان نزول الغيث في الجملة.

2 - يستحيل تعلق العلم بالغيب فان العلم اما حصولى يحصل بارتسام صورة الشيء في العقل و القوة المدركة، و اما حضوري يحصل بحضور وجود الشيء، قلابد من وجود شيء حاضرا بوجوده أو بصورته يمتنع العلم به. و هذا واضح في علم الانسان و من هو مثله في نحو الادراك.

فمن ادعى منهم االغيب لنفسه أو لغيره فقد جعله ربا واجبا، فان علم

ص: 471

الغيب ينحصر بالله تعالى الخارج علمه الذاتي الواجب عن الحصولى و الحضوري، و لا فرق في استحالة علم الغيب للانسان بين الرسل حتى سيد المرسلين و خاتم النبيين و غيرهم لوحدة حكم الامثال فيما يجوز و ما لا يجوز.

و هذا هو الوجه الصحيح في عدم اطلاقعالم الغيب غير الله تعالى من انبياء و الاوصياء و لعله هو مقصورة المفيد رحمة الله من ان الوصف بذلك انما يستخفه من علم الاشياء بنفسه لا يعلم مستفاد، هذا لا يكون إلّا الله عزو جل. و على قولي هذا. جماعة من اهل ألّا من شذّ عنهم من المفوضة و من انتمى اليهم من الغلاة (104:26)

و سيأتي توضيح قوله: لا بعلم مستفاد في الفصل الآتي و قبله الطبرسي في مجمع البيان، لكن غيّر العبارة و قال: و انما يستحق الوصف بذلك من يعلم جميع المعلومان... هذا الادعاء ممنوع.

3 - مفهوم الغيب مفهوم نسبي قاله زيد الزوجته في بيته مثلا، ليس من علم الغيب لهما، ولكنه من علم الغيب لجبرانه، و تعيى ما في كيس احدا أو صندوق علم الغيب لغيره لا له هكذا.

و عليه فلا يتصور العلم بالغيب لله تعالي إلّا بالقياس الى غيره من الجاهلين، كما أنّ قولنا اظهر و الغيب لبعض رسله، أو علمه أو اعطاء علم الغيبو ما اشبهها من العبارات مسامحة و تجوّز على الحقيقة.

فان النبي اذا اخيره الله صار الشيء له مشهودا، كما آن زيدا اذا اخبر بكرا بما أكله في اليل انقلب الى الشهود، فلا النبي يعلم

ص: 472

الغيب باخبار الله لا بكر يعلم الغيب باخبار زيد ألّا على نحو المجاز و باعتبار كون الشيء قبل اخبار الله تعالى كان غيبا للنبي صل الله عليه و آله و سلم، فافهم البحث فانه مفيد، فان اراد الشيخ المفيد و من تبعه و من سبقه هذا فهو و إلّا فلا يمكناتمامه بدليل.

قال يحيى لابي الحسن عليه السلام: جعلت فداك انهم يزعمون انك تعلم الغيب، فقال: سبحان الله ضع يدك على رأسي، فوالله ما بقيت شعرة فيه و لا في جسدى إلّا قامت! ثم قال: لا والله ما هي إلّاوراثه عن رسول الله صل الله عليه و آله و سلم (103:26). فقولنا: ان الانبياء و الرسل و الاوصياء يعلمون الغيب، نعني به أولا ان الله اخيرهم و علمهم الغيب لا انهم يعلمون من قبل ذواتهم، فان هذا محال لهم.

و ثانيا: انما نطلق بعد ما علمهم الله شيئا بلحاظ انه كان غيبا بالنسبة بهم في ما مضى و باعتبار انه غيب فعلا بالنسبة الى سائر الناس الذين لم يعلمهم الله تعالى.

فاذا بينه الرسول لامته أو لخواصهم أو لوصيه فقط زال وصف الغيب عنه بالنسبة اليهم أو اليه فقد صار مشهودا و لم يصح اطلاق الغيب عليه إلّا بلحاظ ما سبق أو بالنسبة الى الجاهلين به فافهم المقام جيدا.

الباب 5: انهم عليهم السلام خزان الله على علمه و حملة عرشه (105:26)

فيه اربع عشرة رواية منقولة من بصائر الدرجات، و حيث ان معنى عرشه غير واضح لنا كل الوضوح فلا يفهم معنى جملة بالوضوح.

الباب 6: انهم عليهم السلام لا يحجب عنهم علم السماء و الارض... و انه عرض

ص: 473

عليهم ملكوت السماوات و الارض و يلعون علم ما كان و ما يكون الى يوم القيامة (109:26)

و لعل الاحسن حمل روايت الباب على الموجبة الجزئية و ان فرضت صحة اسانيدها. و لا وجه للحمل على موجبة الكلية. و انهم يعلمون كل ما كان و كل ما يكون تفصيلا، فان هذا بنفيه حتى الروايات المثبتة لعلومهم و إلّا لم يعقل للزيادة معنى و اي فاودة معها للعلم الحادث، كما انه من المحتمل اراءة فهم مالكية الله على السماوات و الارض من ارائة ملوكتها، فابراهيم علم بعقله و بتوفيق ربه ان الاصنام لا اثر لها و الله هو مالك السماوات و الارض، لا ان ابراهيم راى بعينه ما في السماوات و الارض و هكذا يحتمل في حق الائمة عليهم السلام فافهم و روايات الباب غير معتبرة و الله العالم.

الباب 7: انهم عليهم السلام يعرفون الناس بحقيقة الايمان و بحقيقة النفاق، و عندهم كتاب فيه اسماء اهل الجنة و اسماء شيعتهم و اعدائهم.... (117:26)

روايت غير معتبرة و ما ذكر برقم (2) سنده محرف، فلابد من مراجعة المصدر، و اما الكتاب المشتمل على اسماء جميع الشيعة فهو يزيد عن مل بعير و بعير كما لا يخفى. ألّا بحمل على اسماء من في زمانهم، و حمل الكتاب على ما يشبع السيدي و ديسكت الحديثين تاباه الروايات.

و في الباب روايات تدل على تقدم خلق الارواح بالقي عام في الجملة، و لاحظ (160:1) و ما بعده من الكافي أيضا.

الباب 8: ان الله يرفع للامام عمودا ينظر به الى اعمال العباد (26:)

روايات الباب معظمها من بصائر الدرجات و هي غير معتبرة و في

ص: 474

خصوصياتها معتارضة انه توهم متوهم منها ان الائمة عليهم السلام ينظرون الى جميع الاعمال في البلاد فمعناه انهم لا يشغلهم شأن عن شأن و هو من صفات الله تعاى و خارج عن القدرة البشر و ان اريد به النظر في الجملة فهو ممكن لكن لا اثباته بهذه الروايات مشكا و الله العام.

الباب 9: لا يحجب عنهم شيء... و انهم يعلمون... علم المنايا و البايا و فصل الخطاب و المواليد... (137:26)

معظم روايات الباب من البصائر و هي 43 رواية.

الباب 10: عندهم كتب فيها اسماء الملوك... (155:26) فه سبع روايات من البصائر.

الباب 11: ان مستقى العلم من بيتهم... (157:26)

فيه خمس روايات و بعضها مكرر كما في غيره الابواب

الباب 12: عندهم جميع علوم الملائكة و النبيين... و ان كل امام يعلم جميع علم امام الذي قبله... (159:26)

قيه 63 رواية بعضها معتبر كالمذكور برقم 5 على وجه، و في رواية (رقم 6): ان الله تبارك و تعالى نقول: (وَ مٰا مِنْ غٰائِبَةٍ فِي اَلسَّمٰاءِ وَ اَلْأَرْضِ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ ) صم قال جلّ و عزّ: (أَوْرَثْنَا اَلْكِتٰابَ اَلَّذِينَ اِصْطَفَيْنٰا مِنْ عِبٰادِنٰا).

فنحن الذين اصطفانا الله، فقد اورثنا علم هذا القرآن الذي فيه تبيان كل شيء. (162:26)

مبنى الاستدلال في الرواية اتحاد الكتاب المبين و الكتاب المورث و هو غير واضح لاحتمال ارادة اللوح المحفوظ من الاول و القرآن من الثاني.

ص: 475

تنبيه: الاصل في قضاء و أوصيائه هو الحكم بحسب الظاهر و باقامة البينة و الاقرار و الحلف لقوله صل الله عليه و آله و سلمو انما اقضى بينكم بالبينات و اليمان... و يمكن اثبات الحق بحبل تكشف الواقع قطيعا، كما هو المنقول عن علة عليه السلام و يجوز الحكم لهم و لكل حاكم شرعي بعلمه، فما ذكره المفيد رحمة الله هو الاظهر خلافا لطائفيتين اخريتين من الاصحاب (177:22)

خاتمة الباب: في رواية (برقم 60) لمن تخلو الارض من رجل يعرف الحق. فاذا رادوا، و اذا نقصوا منه قال قد نقصوا، و اذا جاءوا به صدقهم، و لو يكن ذلك كذلك لم يعرف الحق من الباطل.

أقول: مضافا الى ضعف سنده، متنه غير صحيح اذ ليس في زمان الغيبة على طوله من حذّر الناس من الزيادة و النقيصة، و ارشدهم الى محض الحق.

الباب 13: عندهم عليهم السلام كتب الانبياء عليهم السلام... 0180:26)

تقدم بعض مضامين الروايات أو نفسها في الاجزء السابقة، و هي 27 رواية من بصائر الدرجات و مر الكلام فيه غير مرة.

الباب 14: انهم عليهم السلام يعلمون جميع الالسن و اللغات و يتكلمون بها (190:26)

فيه سبع روايات أولها معتبرة سندا و أنا كجماعة من الامامية و على رأسهم الشيخ المفيد رحمة الله متوقف في ذلك. اقول و الله العالم. و في الرواية المعتبرة الولى بقول الرواى: و كان الامام افصح الناس و اعلمهم بكل لسان و لغة....

ص: 476

فترى فيه المبالغة الرواي يقسم بما لا علم له، فانه و ان راى الامام يتكلم ببعض اللغات مع اهلها في الجملة لكنه لم يره يتكلم بكل الغات و لم يثبت له عليما افصحيته في كل الالسنة من اهاليها، فالحب اداه الى امبالغة. و بعض روايات الباب - كالاخيرة - غيرقابل للتصديق حيث اثبت لمدينة سبعين مليون لغة! و شيء آخر و هو اني لا اذكر عاجلا رواية تحكى عن الرسولخاتم صل الله عليه و آله و سلم انه تكلم بلغة اخرى مع الناس و كان احوج اليها لهداية الناس الى دين الله. اما ما ذكره المجلسي المرحوم ردا على الشيخ المفيد فهو من مبالغات المحدثين.

الباب 15: انهم اعلممن الانبياء عليهم السلام (194:26)

فيه اثنتا عشرة رواية غير معتبرة سندا أو مصدرا أو سندا و مصدرا، لكن تؤيد عنئوان الباب روايات اخرى.

الباب 16: ما عندهم من سلاح رسول الله صل الله عليه و آله و سلم و آثاره و آثار الانبياء صلوات الله عليهم (201:26) فيه 48 رواية و الحال فيها كما في الباب السابق. عنوان لا يبعد ثبوته.

الباب 17: انه اذا قيل في رجل شيء فلم يكن فيه و كان في ولده أو ولد ولده... (223:26)

فيه خمس روايات، أولها عن الكافي عن محمد بن اسماعيل عن الفضل... عن حماد... عن ابراهيم..

أقول: رجال السند ثقات سوى الاول فانه مجهول على الاظهر لكن الظاهر انه (محمد بن اسماعيل) شيخ اجازة لا شيخ رواية اذ لم يذكر له كتاب،

ص: 477

فاذا فرضنا ان كتب الفضل في زمان الكلينيي و الكشي رحمهم الله مشهورة كان توسط لابن اسماعيل لمجرد اتصال السند و طرد الارسال فلا تضر جهالة مثله باعتبار السند، و لهذا ثمرة مهمة في اعتبار روايات كثيرة في الكافي. و ثانيتها عن القرب الاسناد عن احمد بن محمد بن عيسى عن الزنطيي عن الرضا عليه السلام و السند صحيح لكن في وصول نسخة المصدر - اي قرب المؤلّف، بل حصّلها المجلسى بحث من السوق و من الافراد فنقل منها وجادة. و لذا وقع الاختلاف في مولفه بين كونه عبد الله أو ابنه محمد كما سبق.

ابواب سائر فضائلهم و مناقبهم و غرائب شؤونهم عليهم السلام

الباب 1: ذكر ثواب فضائلهم و حياتهم و إدخال السرور عليهم و النظر اليهم (227:26) فيه 11 رواية عمدتها الرواية الاولى.

الباب 2: فضل انشاد الشعر في مدحهم و قبة بعض النوادر (230:26)

فيه ثمان روايات عمتها ثالثتها: من قال فينا بيت شعر بين الله بيتا في الجنة (231:26)

الباب 3: عقاب من كتم شيئا من فضائلهم أو جلس في مجلس يعابون فيه. (231:26)

ليس فيه سوى منقولات من التفسير المنسوب الى العسكري عليه السلام و النسبة غير ثابتة، بل جملة من متونه دليل على كذبها.

الباب 4: النهى أخذ فضائلهم عن مخالفيهم (239:26)

ص: 478

لا يبعد حمل النهي على اقتران فضائل منقولة منهم بعض الاغراض الفاسدة كما يظهر من الرواية. فلو خلت منها كان نقله واجبا كفاية فانها اكبر برهان عاى حقيقة المذهب، و افحام النواصب على ان فيه رواية واحدة غير معتبرة.

الباب 5: جوامع مناقبهم و تفائسهم عليه السلام.

فيه 54 رواية و المعتبرة مها سندا ما ذمر برقم 2، 4، 18، 20، 44، بل 3 و 5 على وجه و اما المذكور برقم 41، 42 و 43 فالرسول صلي لله عليه وآل هو سلم منا سبتها للباب ضعيفة.

الباب 6: تفضيلهم عليه السلام على الانبياء و على جميع الخل و اخذ ميثاقهم عنهم و عن الملائكة و عن سائر الاخلاق... (267:26)

أورد المؤلّف المتتبع رحمة الله فيه 88 رواية و المعتبرة منها قليلة كالمذكورة برقم 3 و 5 مثلا، و قال (297:26) و الاخبار في ذلك اكثر من ان تحصى، و انما أوردنا في هذا الباب قليلا منها و هي ذلك اكثر من ان تحصى، و انما أوردنا في هذا الباب قليلا منهاو هي متفرقة في الابواب لا سيما في و عليه عمدة الامامية.

عن الصدوق رحمة الله في عقائده: و يجب ان يعتقد ان الله عزوجل لم يخلق خلقا من محمدصل الله عليه و آله و سلم و الائمة عليهم السلام و انهم احب الخلق الى الله و اكرمهم و أولهم اقرارا به. و يعتقد ان الله تعالى خلق جميع ما خلق (جميع الخلق) له و لاهل بيته عليهم السلام و انه لولاهم ما خلق السماء و لا الارض و لا الجنة و لا النار و لا آدم و لا حواء و لا الملائكة و لا شيئا مما خلق صلوات الله اجمعين (297:26)

أقول: اما المسألتان الاخيرتان فاثباتهما بالروايات الموجبة للاطمئنان

ص: 479

مشكل فليرد علمها الى الله تعالى. واما المسألة الاولى فقد نقل الشيخ المفيد رحمة الله نسبتها الى قطع قوم من اهل الامامة. و نقل عن فريق منم فضل الائمة عليهم السلام على جميع الانبياء سوى اولى العزم منهم عليهم السلام و عن فريق آخر انهم قطعوا بفضل الانبياء كلهم على سائر الائمة عليهم السلام الى ان قال: و لا على الائمة و الاخبار عن الائمة الصادقين عليهم السلام أيضا من بعد و في القرآن مواضع تقوي العزن عليما قاله الفريق الاول في هذا المعنى، و انا ناظر فيه (298:26) و لاحظ الجزء الثالث من كتابنا صراط الحق و الله العام.

الباب 7: ان دعاء الانبياء استجب بالتوسل و... و بهم... (319:56)

فيه 16 رواية كلها غير معتبرة و في بعض اسانيده الضعفاء و المتهمون بالغلو، و بعضها متعارض مع البعض الاخر في بعض خصوصيات، و لوتمت لدلت ان استجابة دعاء بعض الانبياء بهم عليهم السلام لاكلهم، فالصحيح ان يقال و الله العالم.

الباب 8: فضل النبي و اهل بيته - صلوات الله عليهم - على الملائكة و شهادتهم بولايتهم (335:26)

فيه 24 رواية غير معتبرة، لكن افضيلة النبياء عن خاتمهم صلى الله عليه و عليهم بل افضلية الاوصياء عليهم، لا تحتاج الى كثرة الروايت، بل ما ذكره المؤلّف نقلا عن الصدوق من استدلاله ببعض الآيات على ذلك كاف لها (247:26)

و في رواية غير معتبرة: قال جبرئل: يا محمد ان انتهاء حدي الذي

ص: 480

وضعني الله عزوجل فيه الى هذا المكان. فان تجاوزاته احترقت اجنحتي بتعدي حدود ربي جلّ جلاله: فرخّ بى في التورزخة حتى انتهيت الى حيث ما شاء الله من علو ملكه... (227:26) و في نسخة فزجّ بي ربّي زجة في النور.

و المعنى واحد تقريبا الجملة الاولى في معنى الجملة المشهورة في اقواه الناس: لو دنوت ائملة لاحترقت:

كه گر يك سر موى برتر برم فروغ تجى بسوزد پرم

و في كون ذلك علي الحقيقة أو كونه كتابة عن عجزه و اتهاء استعداده وجهان و الجملة الثانية تدل على ان البراق خصص لمرحلة و الرفرف لمرحلة من السير في القضاء، و بعد ذلك نقله الله بتوسط النور و امواجه. هذه مسألة جديدة قبل انها دراسة اليوم في انتقال الجيوش المحاربين الى الهات من اماكن بعيدة بدقائق محدودة و ماتدري نفس ماذا تكسبغدا؟!

الباب 9: ان الملائكة تاتيهم و تطأ فرشهم و أنهم يرونهم عليهم السلام (351:26) فيه 26 رواية غير معتبرة سندا.

ص: 481

ص: 482

فهرس المحتويات

الصورة

ص: 483

الصورة

ص: 484

الصورة

ص: 485

الصورة

ص: 486

الصورة

ص: 487

الصورة

ص: 488

الصورة

ص: 489

الصورة

ص: 490

الصورة

ص: 491

الصورة

ص: 492

الصورة

ص: 493

الصورة

ص: 494

الصورة

ص: 495

الصورة

ص: 496

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.