الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد الى اللَّحْد المجلد 2

هوية الکتاب

حقوق الطبع محفوظة

دار العلوم - بيروت، لبنان

الطبعة المُحقّقة الأولى

1429 ه_ - 2008م

مراجعة وتحقيق

السيد مصطفى

ابن السيد مُحَمّد كاظم القزويني

محررّ رقمي: مُحَمّد رادمرد

الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد الى اللَحْد الجُزء الثاني

بقلم

سماحة العلّامة الخطيب

السيّد مُحَمّد كاظم القزويني

ص: 1

اشارة

الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

مِن المَهْد إلى اللَحْد

ص: 2

حقوق الطبع محفوظة

دار العلوم - بيروت، لبنان

الطبعة المُحقّقة الأولى

1429 ه_ - 2008م

مراجعة وتحقيق

السيد مصطفى

ابن السيد مُحَمّد كاظم القزويني

ص: 3

الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

مِن المَهْد إلى اللَحْد

الجزء الثاني

بقلم

سماحة العلّامة الخطيب

السيد مُحَمّد كاظم القزويني

ص: 4

الإمام الجَواد و الدُعاء

دعاء الإمام الجَواد في قُنُوتِه

ذكرَ السيّد ابنُ طاووس في كتاب «مُهَج الدَعَوات» قنُوتات للأئمَّة الطاهرين، ابتداءاً مِن الإمام الثاني.. إلى الإمام الثاني عَشر (عَلَيهِم السَّلَامُ) وكُلّها تَدلُّ على مَعاني ومَفاهيم مُهِمَّة، وتَدلُّ - أيضاً - على مَدى إضطِهاد الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) و استيائهم مِنْ تِلْك العُصُور، و مِنْ تِلك الحكومات الّتي فَسَدَتْ وأَفسَدَتْ، وضَلَّتْ وأَضَلَّت.

و هذه القُنُوتات كانت ضمن تركة الشيخ مُحَمّد بن عُثمان، النائب الثاني للإِمام المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولها شرح مُفَصَّل، ونَقْتَطِف - هُنا - قُنوت الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

ص: 5

«مَنائِحُكَ مُتَتابعة، وأياديكَ مُتَوالِيَة، ونِعَمُكَ سابِغةَ، وشُكرُنا قَصير، وحَمْدُنا يَسير، وأنتَ بِالتَعَطُّف على مَنِ اعْتَرف جدير.

اللّهُمّ وقَد غَصَّ أهلُ الحَقِّ بالرِيق، و ارتَبَكَ أَهلُ الصِدق في المَضيق، و أنت. اللّهُمّ - بِعِبادِك و ذَوي الرَغبة إليكَ شَفيق، وبإجابة دُعائهِم وتَعجيل الفَرَج عَنْهُم حَقيق.

اللّهُمّ فَصَلِّ على مُحَمّد و آلِ مُحَمّد، و بادِرْنا مِنْكَ بِالعَون الَّذِي لا خِذلانَ بَعْدَه، والنَّصْرِ الَّذِي لا باطِلَ يَتَكئَّدُه، وأَتِحْ لَنا مِنْ لَدُنكَ مُتاحاً فَيّاحاً، يأمَنُ فيه وليُّك، ويَخيب فيهِ عَدُوُّك، ويُقامُ فيهِ مَعالِمُك، ويَظْهَرُ فيه أوامرك، وتَنْكفُّ (1) فيه عَوادي عِداتك.

اللّهُمّ بادِرنا مِنك بِدارَ الرَحْمَة، وبادِر أعداءَكَ مِن بأسِكَ بِدَارَ النَقِمَة.

اللّهُمّ أَعِنَّا، وأغِثنا، وارفَع نِقْمَتَكَ عَنَّا، واحِلَّها بِالقَومِ الظَّالِمِين».

ص: 6


1- و في نُسْخَةٍ : تَنْكشفُ.

و دَعا الإمامُ الجَواد في قُنُوته :

«اللّهُمّ أَنتَ الأَوّلُ بِلا اَولِيَّةٍ مَعْدُودة، والآخِرُ بِلا آخريَّةٍ مَحْدُودة، أنشَأتَنا لا لِعِلَّة اقتِساراً، واختَرَعْتَنا لا لحاجَةٍ اقتداراً، وابْتَدَعْتَنا بِحِكْمَتِكَ اختياراً، وبَلَوتَنا بِاَمرِكَ ونَهْيِكَ اختباراً، وأيَّدتَنا بالآلاتِ ومَنَحْتَنا بالأدوات، وكلّفْتَنا الطاقَة، وجَشَّمْتَنا الطاعَة، فأَمَرْتَ تَخييراً، ونَهَيتَ تَحذيراً، وخَوّلتَ كثيراً، وسأَلتَ يَسيراً، فَعُصِيَ اَمرُكَ فَحَلُمْتَ، و جُهِل قَدْرُكَ فَتَكرَّمت، فأنتَ رَبُّ العِزَّةِ والبَهاء، والعَظَمة والكِبرِياء، والإِحسانِ والنَعماء، والمَنّ والآلاء، والمِنَحِ والعَطاء، والإنجاز و الوفاء.

ولا تُحيط القُلُوبُ لَكَ بِكُنْهٍ، و لا تُدْرِكُ الأوهامُ لَكَ صِفَةٌ، ولا يشبهُكَ شيء مِنْ خَلْقِك، ولا يُمَثَلُ بِكَ شيء مِنْ صَنْعَتك.

تَبارَكْتَ أَنْ تُحَسَّ أو تُمَسَّ، أو تُدرِكُكَ الحَواسُّ الخَمس، وأنّى يُدْرِك مَخْلُوقٌ خالِقَه ؟! وتَعالیتَ - یا إلهي - عَمَّا يَقولُ الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كبيراً.

ص: 7

اللّهُمّ ادل لأوليائكَ مِن أعدَائكَ الظَّالِمِين، الباغِينَ الناكثينَ القاسطينَ المارقين، الَّذِين أضلّوا عِبادَك، وحَرِّفوا كتابَك، وبَدَّلُوا أحكامك، وجَحَدُوا حَقَّك، و جَلَسُوا مَجالِسَ أَوليائك.. جُراةً مِنْهُم عَلَيك، وظلماً مِنْهُمْ لأهلِ بَيتِ نَبيّك (عليهم سَلامُكَ وصَلَواتِكَ ورَحمَتُكَ وبَرَكاتِك) فَصَلُّوا وأَضَلُّوا خَلْقَك، وهَتَكُوا حِجاب سِتْركَ عن عِبادِكَ، واتَّخَذوا - اللّهُمّ - مالَكَ دُوَلاً، وعِبادَكَ خِوَلا.

و تَركُوا - اللّهُمّ - عالَمَ اَرْضِكَ فِي بَكْمَاء عَمْياء، ظَلماء، مُدلَهِمَّة، فاعيُنُهُم مَفْتُوحَة، وقلوبُهُمْ عَمِيئَة، ولَم تبق لَهُمْ - اللّهُمّ - عَلَيكَ مِنْ حُجَّة.

لَقَدْ حَذَرْت - اللّهُمّ - عَذابَكَ، وبَيَّنت نكالك، و وَعَدْتَ المُطيعين إحسانك، و قَدمَّتَ إليهم بالنُذُر، فآمنَتْ طائفة.

فايِّدِ - اللّهُمّ - الَّذِينَ آمَنُوا.. على عَدُوِّكَ وعَدُو أوليائكَ، فَاَصبَحُوا ظاهرين، و إلى الحَقِّ داعِين، وللإمامِ المُنْتَظَر القائم بالقِسْطِ.. تابعين.

ص: 8

و جَدِّد - اللّهُمّ - على أعدائك و أعدائهم نارَكَ و عَذابَكَ الَّذِي لا تَدفَعُهُ عن القوم الظَّالِمِين.

اللّهُمّ صَلِّ على مُحَمّد وآلِ مُحَمّد، وقَوِّ ضَعْفَ المُخْلِصِينَ لَكَ بِالمَحَبّة، المُشايعين لنا بالموالاة، المُتَّبعين لنا بالتصديق والعَمَل، المُؤازرينَ لَنا بالمُواساة فينا، المُحْيِينَ ذِكْرنا عِنْدَ اجتِماعِهِم، شُدَّ - اللّهُمّ - رُكَنَهُم، وسَدِّدْ لَهُمْ - اللّهُمّ - دينَهُمُ الَّذِي ارتضيتَهُ لَهُم، وأتمِم عليهِم نِعْمَتَكَ، وخَلَّصْهُمْ وَاستَخْلِصُهُمْ.

وسُدَّ - اللّهُمّ - فَقْرَهُمْ، والمُم – اللّهُمّ - شَعْثَ فاقتِهم، واغفر - اللّهُمّ - ذُنُوبَهُمْ وَخَطاياهُمْ، ولا تُزِغْ قُلُوبَهُم بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَهُم، ولا تُخَلّهم - أَي رَبِّ - بِمَعصِيَتِهِم، واحفظ لَهُم ما مَنَحْتَهُمْ بِهِ مِن الطهارة بولايةِ أوليائِك، والبَراءَة مِن أَعدائك، إنَّك سَميع مُجيب، وصلَّى اللّهُ عَلى مُحَمّد و آله الطَّيِّبين الطاهِرين» (1).

ص: 9


1- كتاب «مُهَج الدعوات» ص 59 - 60 من الطبعة القديمة، و ص 80 - 82 مِن الطبعة الحَديثة.

أيُّها القارىءُ الكريم، بَعْدَ الإنتِباه إلى هذه الجُمَلات و المَواضيع المَذكورة في هذا الدُعاء، يَظْهَرُ لَك - بِكُلِّ وضوح - بَعض ما كانَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُعانيه مِن ذلك المُجْتَمَع، فَتَراه يستَنصرِ اللّه (عَزّ وجَلٌ) ويَستَدفِعُ بِهِ الأَعداء، ويَذكُر بَعض جَرائمِهِم بِحَقِّ المُجتَمَع الإسلامي، وكأنَّ الإمام.. يَشْعُر بالخَطَر مُحيطاً بالشيعة، فَيَسأَلُ اللّه تَعالى أَنْ يَحْفَظَهُم من شَرِّ الأَعداء والظَّالِمِين.

عَوذة منِ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

رُويَ عن عَبد العظيم الحَسَنى، أن أبا جعفر مُحَمّد ابن علي الرضا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) كتَبَ هذه العَوذة لإبنه أبي الحَسَن علي بن مُحَمّد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و هُوَ صَبي في المَهْد، و كانَ يُعَوِّذه بها (1) و يَأمُرُ أَصحابه بها :

«بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، لا حَولَ و لا قُوَة إلّا بِاللّه العَلي العَظيم. اللّهُمَّ رَبَّ المَلائكة والرُوح

ص: 10


1- و في نُسْخَةٍ : وكانَ يُعَوِّذه بها يوماً فيوماً.

والنَبيّين والمُرسَلين، وقاهِرَ مَنْ في السَّماواتِ و الأَرَضين، وخالق كُلّ شيءٍ و مالِكه، كُفَّ عَنَّا بَأسَ اَعدائنا، و مَنْ اَرادَ بِنا سُوءاً من الجنّ والإنس، وأَعْمِ اَبصارَهُمْ وقُلوبَهُمْ، واجعَلْ بَينَنا وبَينَهُم حِجاباً و حَرَساً و مَدفَعاً، إنَّك ربُّنا، لا حَولَ و لا قُوّة لَنا إلا بِاللّه، عليهِ تَوَكَّلْنا و إليهِ أنبَنا وإليه المَصير.

ربَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةٌ لِلَّذين كَفَروا، واغفِر لَنا، رَبَّنا إنَّك أَنتَ العَزيزُ الحكيم، رَبَّنا عافِنا من كُلِّ سُوء، و مِنْ شَرِّ كُلِّ دابَّةٍ أَنتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِها، ومِنْ شَرِّ ما يَسْكُنُ في اللَيل والنهار، ومِنْ شَرِّ كُلِّ سُوء، و مِنْ شَرِّ كُلِّ ذي شَرَ.

ربَّ العالَمين، وإلهَ المُرسَلين، صَلِّ على مُحَمّد و آلِهِ اَجمَعین و اَوليائك، وخُصّ مُحَمّداً و آله أَجْمَعِين بِاَتمّ ذلك، و لا حَول و لا قُوّة إلّا باللّه العَليّ العَظيم.

بِسمِ اللّه و باللّه، أؤمِنُ بِاللّه، و بِاللّه اَعُوذ، وبِاللّه اَعتَصِم، وبِاللّه اَستَجير، وبِعِزَّةِ اللّه و مِنْعَتِهِ أمَتَنعُ مِنْ شياطين الإنسِ والجنّ، ومِنْ رَجِلِهِمْ وَخَيلِهِمْ وركضِهِم و عطفِهِم و رجعتِهِمْ وكيدِهِمْ، وشرّهم،

ص: 11

وشَرِّ ما ياتون به تحتَ الليلِ وتَحْتَ النّهار، مِنَ البُعْدِ والقُرْب، و مِنْ شَرِّ الغائب و الحاضرِ، والشاهِدِ والزائر، أحياءاً و أمواتاً، أعمىً و بَصِيراً، ومِنْ شَرِّ العامّة والخاصّة، ومِنْ شَرِّ نَفْس و وَسْوَسَتِها، ومِنْ شَرِّ الدناهش (1) و الحسّ واللَمسّ واللَبْس، ومِنْ عَينِ الجنّ والإنس، وبالإسم الَّذِي اهتَزَّ بِهِ عَرش بِلقيس.

وأُعيذ ديني و نَفسي وجَميع ما تَحُوطُهُ عِنايتي مِنْ شَرِّ كُلِّ صُورة و خيال، أو بَياض أو سَواد، أو تمثال، أو مُعاهَد أو غَيرِ مُعاهَد، مِمَّن يَسكُنُ الهَواءَ و السَحاب، و الظُّلُماتِ والنُّور، والظلّ والحَرُور، والبَرَّ والبُحُور، والسَهْل والوُعور، والخَرابَ والعِمران، والآكام و الآجام و الغياض، والكنائس والنَواويس، والفَلَوات والجبّانات، ومِنْ شَرِّ الصادرين و الواردين ممن يبَدو بِاللَيل ويَستَتِرُ بِالنَّهار (2)، و بالعَشيّ والإبكار، و الغُدُوِّ والآصال، والمُريبين و الأَسامرة والأَفاترة والفَراعنة والأَبالِسَة، ومِنْ جُنُودهم و اَزواجِهِمْ

ص: 12


1- الدناهش : قِيلَ : هِيَ جِنس مِنْ أجناس الجن.
2- و في نُسْخَةٍ : ويَنْتَشِرُ بِالنَّهار.

وعَشائرِهِمْ وقَبائِلِهِمْ، وَمِنْ هَمْزِهِمْ وَلَمْزِهِم ونَفْثِهِمْ، و وقاعهم وأَخْذِهِمْ، وسِحْرِهِمْ وضَربهِمْ وعَبَثِهِمْ وَلَمْحِهِمْ واحتيالهم واختلافهم، ومِنْ شَرِّ كُلِّ ذي شَرِّ، مِنَ السَحَرة و الغِيلان و أم الصِبيان وما ولَدوا وما وَردوا، و مِنْ شَرِّ كُلِّ ذي شرّ، داخلٍ و خارج، و عارض و مُعْتَرِض، وساكن و مُتَحَرِّك و ساكِن و مُتَحَرِّك، وضَرَبَانِ عِرْق و صُداعٍ وشَقيقة، وأم مِلدَم، والحُمّى والمثلثة، والرِبعِ والغِبّ و النافضة، والصالبة، والداخِلة و الخارِجَة، و مِنْ شَرِّ كُلِّ دابَّة أنتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِها، إنَّك على صِراط مُستَقيم، وصلَّى اللّهُ على نبيِّه مُحَمّد و آله الطاهِرين (1).

دُعاء الإمام الجَواد في أول ليلة رَجَب

رُوي عن أحمَد بن مُحَمّد بن عيسى، عن أبي جعفر [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :

ص: 13


1- كتاب «مُهَج الدعوات» ص 43 - 44 من الطبعة القديمة، وص 61 - 62 من الطبعة الحَديثة، طبع دار الكُتُب الإسلاميّة طهران، الطبعة الأولى عام 1416.

تَدعو في أوّل ليلةٍ من رَجَب، بَعْدَ صَلاة العشاء مِنْ الآخِرة، بهذا الدُعاء :

«اللّهُمّ إنّي أسألكَ بِإنَّك مَلِيكَ، وأنَّك على كُلِّ شيءٍ مُقْتَدِر (1) و أنَّك ما تَشاءُ مِنْ أَمْرِ يَكُنْ، اللّهُمّ إنِّي أَتَوَجَّهُ إليكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمّد نَبيِّ الرَحْمة، صَلَواتِكَ عليه و آله ؛ يا مُحَمّد، يا رسول اللّه إنّي اَتَوَجَّهُ إِلى اللّه رَبِّي و ربِّك.. لِيُنْجِحَ بِكَ طَلِبَتي.

اللّهُمّ بِنَبِيِّكَ مُحَمّد و بالأئمَّة مِنْ أَهلِ بَيْتِه أَنجِح طلِبَتي» ثُمّ تَسأل حَوائجك (2).

أعمال ليلة سبع وعشرين مِنْ رَجَب

عن مُحَمّد بن عفير الضبي، عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال :

«إِنَّ فِي رَجَب ليلة هِيَ خَيرٌ للناس مِمّا طَلَعَت

ص: 14


1- و في نُسْخَةٍ : «على كُلِّ شيءٍ قدي».
2- كتاب «إقبال الأعمال» للسيّد ابن طاووس، ص 628.

عليه الشَمس، وهِي لَيلةُ سبع و عِشرين مِنْه، نُبىء رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) في صبيحتها، وإنَّ للعامل فيها - أصلحَك اللّه - مِنْ شيعَتِنا.. مِثْل أَجْرِ عَمَلِ سِتّين سَنَة».

قيل : و ما العَمَل فيها ؟

قال : «إذا صَلَّيت العِشَاء الآخِرة، وأَخَذْتَ مَضْجَعَكَ ثمّ استَيقَظت أيّ ساعةٍ مِن ساعاتِ اللَيل، كانت قَبْلَ زواله [أي : قَبْل مُنْتَصَف الليل] أو بَعْدَه، صَلَّيت إثنتَي عشرة ركعة بإثنَتَي عشرة سُورة، من خِفاف المُفَصَّل (1) مِنْ بَعْديس (2) إلى الحَواميم (3)، فإذا

ص: 15


1- خِفاف المُفَصَّل : هِيَ السُور الّتي تُعَدُّ خفيفة.. لدى مُقايستِها مَعَ السُور الطوال، لكنَّها تُعَدِّ مُفصَّلة لدى مُقايسَتهِا معَ قصار السُور. المُحقّق.
2- هذا توضیح وتحديد ل_«خِفاف ال-مُفَصّل».
3- الحواميم : هِيَ السُّور الّتي تُبدا - بَعْدَ البسملة - بكلمة «حم» و هِي سُورة غافر، وفُصِّلت، والشُورى، والزخُرُف، والدُخان، والجانية، والأحقاف.. وكُلُها مُتوالية في القُرآن، حَسَب الترتيب المذكور هنا. المُحقّق.

فرغْتَ بَعْدَ كُلِّ شَفْع (1)، جَلَسْتَ بَعْدَ التَسْليم،

و قَرأتَ «الحَمد» سَبْعاً، و «المُعوّذتَين» سَبْعاً، و «قُلْ هُوَ اللّه أَحَد» سَبْعاً، و«قُلْ يا أَيُّها الكافرون» سَبْعاً، و «إنَّا أَنزَلنَاهُ» سَبْعاً، و «آية الكرسي» سَبْعاً وقلت - بَعْدَ ذلك - من الدُعاء :

«الحَمْدُ للّه الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ صاحِبَةٌ ولا ولداً، ولَمْ يَكُنْ لَه شَريكَ فِي المُلْكِ، و لَمْ يَكُنْ لَه ولي مِن الذلِّ و كبِّره تكبيراً.

اللّهُمّ إنِّي أسألُكَ بِمَعاقِدِ عِزّكَ على أركانِ عَرْشِكَ و مُنْتَهى الرحمة مِنْ كِتابك، وباسمك الأعظم الأعظَم الأعظَم، و بِذِكْرِكَ الأَجَلّ الأعلى، وبكلماتِك التامّات، الّتي تَمَّتْ صِدْقاً وعَدلاً، اَنْ تُصَلّي على مُحَمّد و آلِ مُحَمّد، و أَنْ تَفْعَلَ بي ما أنتَ أهلُه».

و ادعُ بِما شِئْتَ، فإنَّك لا تَدعو بشيء إلّا أُجِبتَ، ما لَمْ تَدْعُ بِمأثَمٍ أو قطيعةِ رَحِمٍ، أَو هَلاكِ قومٍ مُؤمنين ؛ وتُصبح صائماً، وإنَّه يُستَحَبُّ لَكَ صَومُه، فإنّه

ص: 16


1- أي : بَعْدَ كُلِّ ركعتين.

يُعادِلُ صَومَ سَنَة (1).

دعاء الإمام الجَواد في أول لَيلة من شهر رمضان

رُوي عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحَسَني (رَحِمَهُ اللّه) قال : صَلَّى أبو جعفر مُحَمّد بن علي الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) صَلاةَ المَغْرِب في ليلة رأى فيها هلالَ شَهر رمضان، فَلمّا فَرغَ مِن الصَلاة، ونَوى الصيام، رفَعَ يَدَيه فقال :

«اللّهُمّ يَا مَنْ يَمْلِكُ التَدْبير، وهُوَ على كُلِّ شيءٍ قدير، يا مَنْ يَعْلَم خائنة الأعين و ما تُخفي الصدور، ويُجِنُّ الضمير (2)، و هُوَ اللطيفُ الخبير.

ص: 17


1- كتاب «إقبال الأعمال» ص 670 - 671، فَصْل : في عَمَل لَيلَة 27 رجب.
2- يُجِنُ : يُخفي. الضمير : الوجدان، وهُوَ ما يَشعُر بِهِ الإنسانُ في قرارة نَفْسِه. المُحقّق.

اللّهُمّ اجْعَلْنا مِمَّنْ نَوى فَعَمِل، ولا تَجْعَلْنا مِمَّنْ َشقِي فَكسِل، ولا مِمَّنْ هُوَ على غَير عَمَلٍ يَتَّكِل.

اللّهُمّ صَبِّح أبداننا مِن العِلَل، وأعنّا على ما افتَرَضَت عَلَينا مِن العَمَل، حتّى يَنْقَضِيَ عَنّا شَهْرُكَ هذا و قَد أدَّينا مَفْرُوضَكَ فيهِ عَلينا.

اللّهمَّ أَعِنّا على صيامه، ووفِّقنا لقيامه ونَشّطنا فيه للصلاة، ولا تَحْجُبنا مِن القراءة، وسَهِّلْ لَنا فيه إيتاءَ الزكاة.

اللّهُمّ لا تُسَلّط عَلَينا وَصَباً، ولا تَعباً، ولا سَقَماً، ولا عَطَباً (1).

اللّهُمّ ارزُقنا الإفطارَ مِنْ رِزْقِكَ الحَلال.

اللّهُمّ سَهِّلْ لَنا فِيهِ ما قَسَّمْتَهُ مِنْ رِزقِك، ويَسِّرْ ما قدَّرتَه مِنْ أَمْرِك، واجْعَلْهُ حَلالاً طيباً، نَقِيّاً مِن

ص: 18


1- العَطب : التوقُّف عن إكمال أمر شرع فيه، لعُذر، أو لغَير عُذر. المُحقّق.

الآثام، خالِصاً مِن الآصار و الأَجرام (1).

اللّهُمّ لا تُطْعِمْنا إلا طيباً، غَيرَ خَبيث و لا حَرام، و اجعَلْ رِزقكَ لَنا حَلالاً، لا يَشُوبُه دَنَسٌ و لا أسقام.

يا مَنْ عِلْمُهُ بِالسِّرِّ كعلمه بالإعلان، يا مُتَفَضِّلاً على عِبادِه بالإحسان، يا مَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شيءٍ قدير و بِكُلِّ شيءٍ عَليمٌ خَبير.

اَلهِمْنَا ذِكْرَكَ، وجَنِّبْنَا عُسْرَكَ، وَأَنِلْنَا يُسْرَك واهدِنا للرَشاد، ووفَّقنا للسدَاد، واعصِمنا منَ البَلايا، وصُنّا مِن الأَوزار والخَطايا، يا مَنْ لا يَغْفِرُ عَظيمَ الذُّنوبِ غَيرُه، ولا يَكْشِفُ السُّوءَ إِلّا هُو، يا أرحَمَ الرَاحِمين، و أَكرَم الأَكرَمين.

صَلِّ على مُحَمّد و أهلِ بَيته الطَّيِّبين، واجعل صِيامَنا مقبولاً، وبالبرِّ والتَّقوى موصولاً، وكذلك فاجعَل سَعيّنا مَشْكُوراً، وحَوبَنا مَغْفُوراً، وقيامَنا مَبْرُوراً، و قُرآنَنا مرفوعاً، و دُعاءَنا مَسْمُوعاً، واهدنا

ص: 19


1- الآصار - جَمْعُ إصْر - : الثِقل، الذنب و العِبء الثَقيل و الأجرام - جَمْعُ جُرم - : الخطأ والذنب.

للحُسُنى، وجَنِّبْنا العُسْرى، ويَسِّرنا لليُسرى، و أَعل لَنا الدَرَجات، وضَاعِف لنا الحَسَنات، واقبَلْ مِنّا الصوم والصَلاة، واسمَعْ مِنّا الدَعَوات، واغْفِرْ لنا الخَطيئَات، وتَجاوَز عَنَّا السَّيِّئات، واجْعَلْنا مِنَ العاملين الفَائزين، ولا تجعَلْنا مِنَ المَغْضُوبِ عليهم ولا الضَالّين، حتّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضان عَنّا وقَد قَبلتَ فيه صِيامنا وقِيامنا، وزکَّيت فيهِ أعمالنا، وغَفَرْتَ فيهِ ذُنوبَنا، واجْزَلْتَ فيه مِنْ كُلِّ خَيرٍ نَصِيبَنا، فإنَّك الإلهُ المُجِيبُ الحَبيب، و الرَبُّ القريب، و أنتَ بِكُلِّ شيءٍ مُحِيط». (1)

دُعاء الإمام الجَواد في توحيد اللّه تَعالى

رُوي عن علي بن مَهْزیار، قال :

ص: 20


1- کتاب «إقبال الأعمال» للسيد ابن طاووس، ص 22 - 23 مِن الطبعة القَديمة، باب «الدُعاء بَعْدَ صَلاةِ المَغْرب أول ليلة مِنْ شَهْرِ رَمَضان» طبع دار الكتب الإسلاميّة، طهران - ايران، الطبعة الثانية عام 1390 ه_.

كتَبَ أَبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى رَجُلٍ - بخَطِّه و قَراتُه - فى دُعاء، كَتَب لَه أن يقول :

«يا ذا الَّذِي كانَ قَبْلَ كُلِّ شيء، ثُمّ خَلَقَ كُلَّ شيء، ثُمَّ يَبْقى، ويَفْنى كُلُّ شيء، و ياذا الَّذِي ليس في السَّماواتِ العُلى ولا في الأَرَضِينَ السُفْلَى، ولا فَوقَهُنَّ ولا بَينَهُنَّ وَلا تَحْتَهُنَّ.. إلهٌ يُعْبَدُ غَيره» (1).

***

و روى الشيخ المفيد في كتاب «المُقْنعة»، هذا الدُعاء، مَعَ اختِلافِ يَسير في بَعض الكلمات، وإليك نَصُّ ما ذكره.. في العنوان التالي :

دعاء الإمام الجَواد في شهر رمضان

رُويَ عن علي بن مَهْزیار، عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) إنَّه قال :

«يُستَحَب أَنْ تُكْثِرَ مِنْ أَنْ تَقول.. في كُلّ وقتظث مِنْ لَيل أو نهار، مِنْ اَوّل الشهر إلى آخِرِه (2) :

ص: 21


1- کتاب «بحار الأنوار» ج 3، ص 285، باب 12، حَديث 5.
2- أي : مِنْ أوّل شهر رمضان إلى آخر الشهر.

«يا ذا الَّذِي كانَ قَبْلَ كُلِّ شيء، ثُمَّ خَلَقَ كُلَّ شيء، ثُمَّ يَبْقى، ويَفْنى كُلُّ شيء، يا ذا الَّذِي ليس كمثله شيء، و يا ذا الَّذِي ليس في السّماواتِ العُلى ولا في الأرضينَ السُّفْلى، ولا فَوقَهُنَّ، ولا تَحْتَهُنَّ، ولا بَينَهُنَّ إِلهٌ يُعْبَدُ غَيره، لَكَ الحَمْدُ حَمْداً لا يَقوى على إحصائه إلَّا أنتَ، فَصَلِّ على مُحَمّد و آلِ مُحَمّد، صَلاةٌ لا يَقْوى على إحصائها إلّا أنتَ» (1).

مِنْ تَعقيبات صَلاة الصُبح

روي عن مُحَمّد بن الفرج، قال :

كتَبَ إِليَّ أبو جعفر ابن الرضا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) بهذا الدُعاء، وعَلَّمَنيه، وقال :

«مَنْ قالَ - في دُبُرِ صَلاة الفجر - لَمْ يَلْتَمِس حاجَةٌ إلاّ تَيَسَّرَتْ لَه، و كفاهُ اللّهُ ما اهَمَّه :

ص: 22


1- كتاب «المُقْنِعة» للشيخ المُفيد، ص 320، باب «القول والدُعاء عندَ الإفطار، وما يُسْتَحَب قوله في كلّ وقتٍ مِن عِنْدَ ليل أو نهار»، طبع المؤتمر العالمي.. لألفيَّة الشيخ المُفيد.

«بِسْمِ اللّهِ و باللّهِ، وصلَّى اللّهُ على مُحَمّد و آلِه، و أُفوِّضُ أمرِي إلى اللّه، إِنَّ اللّه بَصِيرٌ بِالعِباد، فَوَقاهُ اللّه سَيِّئات ما مَكَرُوا، لا إلهَ إلّا أنت، سُبْحإنَّك إِنِّي كُنْتُ مِن الظَّالِمِين، فاستَجَبْنا لَه ونَجَّيناهُ مِن الغَمِّ و كذلكَ نُنْجي المُؤمنين، حَسْبُنَا اللّه ونِعْمَ الوكيل فانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللّه وفَضْلٍ لَمْ يَمسَسهُم سُوء، ماشَاءَ اللّه لا حول ولا قوة إلّا بِاللّه العَلِيِّ العَظيم، ماشاءَ اللّه.. لا ما شاءَ الناس، ماشاء اللّه.. و إن كَرِه الناس.

حَسْبِيَ الرَبِّ مِنَ المَرْبوبين، حَسْبِيَ الخالِقُ مِنَ المَخْلُوقين، حَسْبي الرازق مِنَ المَرزوقين.

حَسْبِيَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ حَسْبي مُنْدُ قَطٌ، حَسْبِيَ اللّه الَّذِي لا إلهَ إلّا هُوَ، عليهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيم».

مِنْ تَعقيبات الصَلاة

و قالَ [ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ] : إذا إنصرفت مِنْ صَلَاةٍ مَكْتُوبة [ أي : واجِبَة ] فَقُلْ :

رَضِيتُ بِاللّه رَبِّاً، وبِمُحَمّد نَبِيّاً، وبالإسلامِ

ص: 23

دِيناً، وبِالقُرآن كِتاباً، وبِفُلانٍ و فُلانٍ أئمَّة (1).

اللّهُمّ وَليَّكَ فُلان (2) فاحفظهُ مِنْ بَين يَدَيْهِ ومِنْ خَلْفه، و عن يَمِينِه و عن شماله، ومِنْ فَوقِهِ و مِنْ تَحْتِه، و امدُدْ لَه في عُمُرِه، واجْعَلْهُ القائمَ بِأَمْرِك، و المُنْتَصِرَ لِدِينِكَ، واَرِهِ ما يُحِبُّ و ما تَقَرُّ بِهِ عَينُه..في نفسه و ذُريَّتِه، و في أهله وماله، وفي شيعته وفي عَدُوِّه.

و أرِهمْ مِنْهُ ما يُحذرون، وأرِهِ فِيهِمْ ما يُحِبُّ وتَقَرُّ بِهِ عَينُه، واشْفِ صُدُورَنا و صُدُورَ قَومٍ مُؤمنين».

***

قال : وكان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) يقول - إذا فرغ مِنْ صَلاتِه - :

«اللّهُمّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ و ما أَخَّرْتُ، و ما أَسْرَرْتُ و ما أَعْلَنْتُ، و إسرافي عَلى نَفْسي، و ما أنتَ أَعْلَمُ بِهِ

ص: 24


1- أي : تَذكُر أسماء الأئمَّة الإثني عشر (عَلَيهِم السَّلَامُ) كُلهم.
2- المَقصود من «وليك» هُوَ الإمام المَهدي، وتَذكُر بَدَل «فُلان» إسم الإمام المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

مِنِّي.

اللّهُمّ أنت المُقَدِّمُ وأنتَ المُؤَخَّر، لا إلهَ إلّا أنت، بِعِلْمِكَ الغَيب.. وبقُدرَتك على الخَلْقِ أَجْمَعِين، ما عَلِمْتَ الحَياةَ خيراً لي فاَحيِني، وتوفَّني إذا عَلمت الوَفاة خَيراً لي.

اللّهُمّ إني أسألُكَ خَشْيَتَكَ في السِرِّ والعَلانِيَة، وكَلِمَةَ الحَقِّ فِي الغَضَب والرِضا، والقَصْدَ في الفَقْرِ و الغِنى.

وأسألُكَ نَعِيماً لا يَنْقَد، وقُرَّة عَينِ لا تَنْقَطِع.

و أسالُكَ الرِضا بالقَضاء، وبَركةَ المَوتِ بَعْدَ العَيْش، و بَردَ العَيْش بَعْدَ المَوت، ولذَّة النَظَر إلى وَجْهك (1) و شوقاً إلى رُؤْيَتِكَ و لِقائِكَ، مِنْ غَيرِ ضَرَّاء مُضِرّة، ولا فِتْنَةِ مُضلَّة.

اللّهُمّ زَيَّنَا بِزِينَةِ الإيمان، واجْعَلْنا هُداةٌ مَهْدِيّين.

اللّهُمّ اهدنا فيمَن هَديتَ.

اللّهُمّ إني أسألُكَ عَزيمَةَ الرشاد، والثباتَ في

ص: 25


1- و في نُسْخَةٍ : ولذّة المَنْظَر.

الأمرِ والرُشد، وأسألكَ سُكْرَ نعْمَتِك، وحُسْنَ عافِيتَك، وأداءَ حَقّك، وأسألك - يا رَبِّ - قَلباً سَليماً، ولسَاناً صَادقَاً، واستَغْفِرُكَ لِما تَعْلَم، وأسألكَ خَيرَ ما تَعْلَم، وأعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما تَعْلَم، فإنَّك تَعْلَمُ.. ولا نَعْلَم، و أنتَ عَلّامُ الغُيُوب» (1).

توضیح : لا شَكٍّ أنّ هذا الدُعاء - بناءاً على الدقَّة في ضَبط كلماته - يَحْتَوي على بَعض الكلمات المُتَشَابِهَة، ولا بَأسَ بِذِكْر كلمةٍ تَمْهِيديَّة حَولَ معنى الكلمات المُتَشابهَة :

تُوجد في القُرآن الكريم آيات محكمات، و آیات مُتَشابهات، كما قال تَعالى : «هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ»(2)، وقَد قيل في معنى المُحكم و المُتَشابه أقوال، نَذكُرُ بَعضها :

ص: 26


1- کتاب «الكافي» ج 2، ص 547 - 549، كتاب الدُعاء، باب الدُعاء في أدبار الصلوات، حَديث 6.
2- سورة آل عمران، الآية 7.

المُحكم : ما عُلِمَ المُراد بِظَاهِرِه لِوضُوحِه، ولَمْ تُشتَبَه مَعانيه، و لا يَحتَمل التَاویل، كقوله تَعالى «إِنَّ اللّه لا يَظْلِمُ الناسَ شَيئاً» (1).

والمُتَشابه : ما لا يُعْلَمُ المُرَاد مِنْهِ بِظَاهِرِه، واشتُبِهَتْ معانيه، إلى أنْ يَفْتَرِنَ بِه ما يدلُّ على المُراد منه (2).

وهذا النَوع مِن الآيات.. لا يجوز الأخذ بظاهِرِها - لانَّ الإعتقاد بظاهِرِها كُفْر و ضَلال - ولا بُدَّ مِنْ تَأويلها و التَحقيق عن المُراد منها. مثل قوله تَعالى : «الرَّحْمنُ على العَرْشِ اسْتَوى» (3) «وَ جَاءَ رَبِّكَ» (4) و «كُلُّ شَيءٍ هالِكٌ إلّا وَجْهَه» (5) و «بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتَانِ» (6) و غَيرها

ص: 27


1- سورة يونس، الآية 44.
2- كتاب «مَجْمَع البيان في تفسير القُرآن» للشيخ الطبرسي، عِنْدَ تَفسير الآية رقم 7 مِنْ سُورة آل عِمران.
3- سورة طه، الآية 5.
4- سورة الفجر، الآية 22.
5- سورة القصص، الآية 88.
6- سورة المائدة، الآية 64.

من الآيات الّتي لابُدَّ مِنْ تَأويلها.

و كما في الآيات الكريمة، كذلك في الأَحاديث الشَريفة مُتَشابهات لابدَّ مِن تَاويلها، ولا يجوز الأخذ بظاهرها، ومِنْها بَعض كلمات الدُعاء.. المذكورة في هذا الحَديث، وخاصّة قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «... و لذَّة النظر إلى وَجْهِك، و شَوقاً إلى رُؤيَتِك ولِقائك، مِنْ غَيرِ ضَرَّاء مُضرّة». فَلا شكّ أنّه ليس المَقصود من الوَجه - هُنا - المعنى الظاهري الَّذِي هُوَ أَحَد الأعضاء، بَل المقصود هو الذات، فَقَوله تَعالى : «كُلُّ شيءٍ هَالِكٌ إلَّا وَجْهَهُ»مَعْناه : كُلُّ شيءٍ هالِكُ إلَّا اللّه، أي : ذاته سُبحانه.

و بَعْدَ أَن ثَبَت - بِالأدلَّة العقليَّة والشرعيَّة - أنَّ اللّه تَعالى ليسَ بِجِسم، يَكون النَّظر إلى ذاته سُبحانه مُمْتَنعاً و مُستحيلاً، عَقْلاً و شرعاً.

إذن : لا بُدَّ مِنْ التاويل.. بِاَنْ نَقول : لَعَلَّ المَقْصود مِن النَّظر - هُنا - : هُوَ نَظر القَلب، كما قالَ الإمام مُحَمّد الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) «... بل لَمْ تَرَه العُيُون بِمُشاهَدة

ص: 28

الأبصار (1) ولكن راتَهُ القُلوبُ بِحقائقِ الإيمان...» (2).

ومَعنى «حَقائق الإيمان» هِيَ العقائد الحَقيقيّة الثابتة اليقينيَّة، كالتَصديق باللّه و بوَحدَانيّته والإعتقاد بِاَنَّ صِفاتِهِ عَينُ ذاته.

و قَد سُئِلَ الإمام علي أمير المُؤمنين (صَلَواتُ اللّه عليه) : هَلْ رأيت ربَّكَ حينَ عَبَدته ؟

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : وَيَلَك ! ما كُنْتُ أَعْبُدُ ربّاً لَمْ أرَه.

قال : وكيفَ رأيته ؟

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «... لا تُدرِكُهُ العُيُونُ في مُشاهَدة الأبصار، ولكن رأَتهُ القُلُوبُ بِحَقائق الإيمان» (3).

ونَفْس هذا الشرح والتَوضيح يَأْتي بالنسبة إلى

ص: 29


1- و في نُسْخَةٍ : بِمُشاهدة العيان.
2- کتاب «الكافي» ج 1، ص 97، كتاب التوحيد، باب في إبطال الرؤية، حَديث 5.
3- کتاب «الكافي»، ج 1، ص 98، كتاب التوحيد، باب في إبطال الرؤية، حَديث 6.

قَول الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «... وشوقاً إلى رُؤيتِك و لِقائك».

نَعَم.. يُحتَمَل أَنْ يَكون المقصود من الشوق إلى لقاء اللّه : هُوَ الشوق إلى المَوت المَشْفُوع بِالرَحمة و الرِضوان و بلوغ درجاتِ المُقَرَّبين.

إذَنْ، فَقَوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «النَظَر إلى وَجهك، و شوقاً إلى رُؤيَتِك ولِقائك»: كلمات مَجازيَّة لا حقيقيَّة، فَلا تُحْمَل على ظواهِرِها، بَلْ تُشير إلى مَعانٍ ِدقيقَةٍ يَفْهَمُها أُولوا الألباب.

دعاء يُقرا في الصباح والمساء

رُوي عن مُحَمّد بن الفضيل، قال :

كتَبْتُ إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَسأله أَنّ يُعَلِّمَني دُعاءاً، فكتَبَ إليَّ : تَقول - إذا أَصبَحْتَ و أمسَيت - : اللّه اللّه اللّه ربِّي، الرَحمن الرَحيم، لا أُشركُ بِهِ شيئاً.

ص: 30

و إِنْ زِدْتَ على ذلك فَهُوَ خَيرٌ لك (1)، ثُمَّ تَدْعُو بِما بَدا لك في حاجَتِك، فَهُوَ [آي : هذا الدُعاء نافِع ] لِكُلِّ شيء بإذن اللّه تَعالى، يَفْعَلُ اللّه ما يَشاء. (2)

دُعاء للخلاص من السجن

رُويَ عن علي بن مَهْزیار، قال : كَتَبَ مُحَمّد بنُ حَمزة الغنوي.. إليَّ، يَسألني أن اكتُبَ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في دُعاءٍ يُعَلِّمُه.. يَرْجُو بِهِ الفَرَج ؟

فكَتَب (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليَّ : «أما ما سألَ مُحَمّد بنُ حَمزة مِنْ تَعْليمه دُعاءاً يَرجو به الفَرَج، فقُل لَه : يَلْزَم :

«يا مَنْ يَكْفي مِنْ كُلِّ شيء، ولا يَكْفي مِنْهُ شيء إكفِني ما أهمَّني مِمّا أنا فيه».

ص: 31


1- لَعَلَّ المَعْنى : إذا قلت هذا القول.. اكثر من ثلاث مرات، كانَ أفضل و أكثر تأثيراً. المُحقّق.
2- کتاب «الكافي»، ج 2، ص 534، كتاب الدُعاء، باب القول عِنْدَ الإصباح و الإمساء، حَديث 36.

فإنّي أرجو أنْ يُكْفى ماهُوَ فيه من الغَمّ، إن شاءَ اللّه تَعالى».

فاَعلَمْتُه ذلك (1)، فَما أتى عليه إلّا قليل حتّى خَرَجَ مِن الحَبْس (2).

ص: 32


1- المَعْنى أن إبن مَهْزیار آخبَرَ مُحَمّد بن حَمزة بمَقالة الإمام و دُعائه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- کتاب «الكافي» ج 2، ص 560، كتاب الدُعاء، باب الدُعاء للكرب والهَمّ والحُزن و الخَوف، حَديث 14.

حرز الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

حِرْز الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1)

رُوي عن أبي نَصْر الهمداني (2) قال :

حَدَّثتَني حكيمة بنت مُحَمّد بن علي بن مُوسى بن جعفر، عَمَّةٌ أبي مُحَمّد الحَسَن بن علي [ العَسكري ] (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) قالت :

... قال الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) للمامون :

«عِنْدِي عِقْدٌ تُحَصِّنُ بِهِ نَفْسَكَ، وتُحْرَزُ بِهِ مِن

ص: 33


1- الحِرْز : الموضع الحَصِين، ومنه سُمِّي التَعويذ حرزاً، فَمَعْنى : «حِرْز الإمام الجَواد» هُوَ التَعويذ الَّذِي عَلَمَه الإمام الجَواد.. ليَكون كالحصن الحافظ للإنسان.
2- أقول : لا نَعْلَم إسم هذا الرَجُل، وإنّما ورَدت هذه الكُنية.. بالنِسبة إلى أفراد مُتعدّدين، تَجِد أسماءَهُم في كتاب «تَنْقيح المقال»، فإذن.. إسم الراوي غير معلوم. و في كتاب «المَناقِب» يَذكُر سَنَد هذا الحِرز هكذا : صَفوان بن يحيى قال : حدّثَني أبو نَصر الهمداني و إسماعيل بن مهران و خيران الأَسباطي، عن حكيمة بنت أبي الحَسَن القرشي، عن حكيمة بنت موسیٰ بن عبداللّه، عن حَكيمة بنت مُحَمّد بن علي بن مُوسى التَقي.

الشُرور و البَلايا والمَكارِه والآفات والعاهات، كما أنقَذَني اللّه مِنْك البارِحة ! ولو لَقِيتَ بِهِ جُيوش الروم والتُرك، واجتَمَعَ عَليك و على غَلَبَتِكَ أَهل الأرض جَميعاً.. ما تَهَيَّأ لَهُمْ مِنْك شيء.. بإذنِ اللّه الجَبّار و إِنْ أَحْبَبْتَ بَعَثْتُ بِهِ إِليك.. لِتَحْتَرِزَ بِهِ مِنْ جَميع ما ذكرتُ لَك.

قال : نَعَم، فاكتُب ذلك بِخَطَّك، وابْعَثْه إليَّ.

قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «نَعَمْ».

قال ياسر : فلمَّا أَصبَحَ أبُو جعفر، بَعَثَ إِلَيَّ فَدَعاني، فلمّا صِرْتُ إليه وجَلَسْتُ بَين يَدَيْهِ، دَعا برَقّ ظبيٍ (1) مِنْ أرض تهامة، ثمّ كتَبَ بخَطِّه هذا العِقد، ثمّ قال : يا ياسِر إحمِل هذا إلى أمير المُؤمنين !! و قُلْ لَه : حتّى يُصاغ لَه قصبة مِنْ فِضَّة (2) مَنْقُوش عليها ما اذكره بَعْدَه، فإذا أراد شَدَّه على عَضُده فليشدَّ على عَضُدِه الأيمَن، وليتوضّأ وضوءاً حَسَناً سابغاً،

ص: 34


1- رَقّ ظَبْي - بِفَتح الراء - : جِلد غَزال.
2- القَصبة : الأنبُوب.

وليُصَلَّ أربع ركعات، يَقْرا في كُلّ ركعة : فاتحة الكِتاب مَرَّة، وسَبْعَ مَرّات آية الكُرسي، وسَبْعَ مَرّات «شَهِدَ اللّه» (1) و سَبْعَ مَرّات «والشمس وضُحاها» و سَبْعَ مَرّات «و اللَيلِ إِذا يَغْشى» و سَبْعَ مَرّات : «قُلْ هُوَ اللّه أحد» فإذا فرغ مِنْها فَلْيَشُدَّه على عَضُدِه الأيمَن عندَ الشَدائد و النَوائب، يسلم - بحول اللّه وقوته - مِنْ كُلِّ شيء يخافه و يَحذره.

ويَنْبَغِي أَنْ لا يَكون طلوع القَمَر في بُرج العَقْرَب، ولو أنَّه غَزى اهل الرُوم و مَلِكهُمْ لَغَلَبَهُم بِإذن اللّه و بَركةِ هذا الحِرز.

و رُوي أنَّه لَمّا سَمِعَ المامون مِن أبي جعفر [ الجَواد ] في أمر هذ الحِرز و هذه الصِفات كُلّها، غَزى اَهلَ الرُّومِ، فَنَصَرَهُ اللّه تَعالى عليهِم، ومَنَحَ مِنْهُم مِن المَغْنَم مَا شاء اللّه، ولَمْ يُفارِق هذا الحِرز عِنْدَ كُلّ غَزاة و مُحاربة، وكانَ يَنْصُرُه اللّه (عَزَ و جَلّ) بِفَضْلِه، ويرزقه الفَتْحَ بِمَشيئَتِه، إنَّه وليُّ ذلك بحَوله وقُوّته.

ص: 35


1- الآية في سورة آل عمران، الآية 18.

و أمّا الحِرز :

«بسْمِ اللّه الرَّحمنِ الرَّحيم، الحَمدُ للّه ربِّ العَالَمين - إلى آخرها - ألمْ تَرَ أَنَّ اللّه سَخَّرَ لَكُمْ ما في الأرض، والفُلْكَ تَجْري في البَحْرِ بِاَمْرِه، ويُمْسِكُ السَماءَ أَنْ تَقَعَ على الأرض إلّا بإذنهِ، إِنَّ اللّه بِالنَّاسِ لَرَوْفُ رَحِيم، اللّهُمّ أنت الواحِدُ المَلِكُ الدَيانُ يَومَ الدين، تَفْعَلُ ما تَشاءُ بِلا مُغالبة، وتُعطي مَنْ تَشاءُ بِلامَنٌ، وتَفْعَلُ ما تَشاءُ وتَحْكُمُ ما تُريد، وتُداوِلُ الأيّام بَين الناس، وتُركبُهُمْ طَبَقاً عن طَبَق، اَساَلُكَ بِاسْمِكَ المَكْتُوبِ على سُرَادِقِ المَجْد، وأَساَلُكَ بِاسْمِكَ المَكْتُوبِ عَلى سُرَادِقِ السَرائر، السَابق، الفَائق، الحَسَنِ، الجَميل، النَضِير، رَبِّ المَلائكة الثَّمانِيَة والعَرْشِ الَّذِي لا يَتَحَرَّكَ، وأَسأَلُكَ بِالعَينِ الّتي لا تَنامُ، وبِالحَياةِ الّتي لا تَمُوت، وبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذِي لا يُطفَا، وبالإسْمِ الأكْبَرِ الأَكْبَر الأكبر، وبالإسْمِ الأَعْظَمِ الأَعْظَمِ الأَعظَمِ الَّذِي هُوَ مُحِيطٌ بِمَلَكُوتِ السَّماواتِ والأرْضِ، و بِالإسْمِ الَّذِي أَشْرَقَت بِهِ الشَّمْسُ، وأَضاءَ بِهِ القَمَر، وسُجِّرَتْ بِهِ البُحُورُ،

ص: 36

ونُصِبَتْ بِهِ الجِبالُ، وبالإسم الَّذِي قامَ بِهِ العَرْش و الكُرْسيّ، و باسْمِكَ المَكْتُوب على سُرَادِقِ العَرْش، و بالإسم المَكْتُوبِ عَلى سُرَادِقِ العَظَمة، و باسْمِكَ المَكْتُوبُ على سُرادِقِ البهاء، وباسمك المَكْتُوبُ على سُرادِقِ القُدرة، و باسْمِكَ العَزيز، وبِاَسْمائِكَ المُقَدَّسَاتِ المُكرَّمَاتِ (1) المَخْزُونَاتِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عندَك.

و أسألُكَ مِنْ خَيرِكَ خَيراً مِمّا أَرْجُو، وأَعُوذُ بِعِزَّتِكَ وقُدرتِكَ مِنْ شَرِّ ما أَخافُ وأَحْدَرُ، و ما لا أَحْذَر، يا صاحِبَ مُحَمّد يَومَ حُنَين، و يا صاحِبَ عليَّ يَومَ صِفّين، أنتَ يا رَبِّ مُبيرُ الجَبّارين، وقاصِمُ المُتَكبّرين، اَساَلُكَ بِحَقِّ طاها ويس و القُرآن العَظيمِ والفُرقانِ الحَكيمِ أَنْ تُصَلِّيَ على مُحَمّد و آلِ مُحَمّد و أَنْ تَشُدَّ بِهِ عَضُدَ صاحِب هذا العَقْد، وأَدْراً بِكَ في نَحْرِ كُلِّ جَبّارٍ عَنِيد، وكُلِّ شَيطان مَريد، وعَدُوٍّ شَديدٍ، وعَدُوّ مُنْكَر الأخلاق، واجعلهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ إِلَيكَ نَفْسَه، وفَوَّضَ إِليكَ اَمْرَه، وأَلجَأَ إليكَ ظَهرَهُ.

ص: 37


1- و في نُسْخَةٍ : المَكْنُونات.

اللّهُمّ بِحَقِّ هذه الأسماء الّتي ذكرتُها وقراتها، و أَنتَ أَعْرَفُ بِحَقِّها مِنِّي، واسألك يا ذا المَنِّ العَظيم، و الجُودِ الكريم، وليَّ الدَعَواتِ المُسْتَجاباتِ، والكلِمات التامّاتِ والأسماء النافِذات، وأسأَلُك يا نُورَ النَّهارِ، و يا نُورَ اللُيل، و يا نُورَ السَماواتِ والأرض ونُورَ النُّور، ونُوراً يُضيءُ بِهِ كُلُّ نُورٍ، يا عالِمَ الخَفِيّاتِ كُلّها، في البَرِّ والبَحْرِ والأَرْضِ والسَماءِ و الجِبال.

و أساَلُكَ يا مَنْ لا يَفْنى، ولا يَبيدَ ولا يَزولُ، ولا لَه شيءٌ مَوصُوفٌ، ولا إليهِ حَدٌ مَنْسُوبٌ، ولا مَعَهُ إِلهُ، و لا إلهَ سِواه، ولا لَه في مُلْكِهِ شَريكٌ، ولا تُضافُ العِزَّةُ إلّا إليهِ، لَمْ يَزِلُ بِالعُلُوم عالماً، وعلى العُلُوم واقِفاً، ولِلأُمورِ ناظماً، وبالكينُونيَّةِ عالِماً، ولِلتَدْبِيرِ مُحْكِماً، وبِالخَلْقِ بَصيراً، و بالأمورِ خَبيراً.

أنتَ الَّذِي خَشَعَتْ لَكَ الأصْواتُ، وضَلَّتْ فيكَ الأوهام، و ضاقَتْ دُونَكَ الأسباب، ومَلا كُلَّ شَيءٍ نُورُكَ و وَجِلَ كُلُّ شيءٍ مِنْكَ، وهَرَبَ كُلُّ شيءٍ إليكَ، وتَوَكَّلَ كُلُّ شيءٍ عَلَيْكَ، وأنتَ الرَفيعُ في جَلالِكَ، و اَنتَ

ص: 38

البهيُّ في جَمالِكَ، وأنتَ العظيمُ في قُدرتِكَ، وأنتَ الَّذِي لا يُدْرِكُكَ شَيء، وأنتَ العَلِيُّ الكبيرُ العَظيم، مُجيبُ الدَعَواتِ، قاضِي الحاجات، مُفَرِّجُ الكُرُباتِ، وليُّ النَّعَماتِ، يا مَنْ هُوَ في عُلوِّه دانٍ، و في دُنُوِّهِ عالٍ، و في إشراقِهِ مُنيرٌ، و في سُلْطانِهِ قَوِيّ، و في مُلْكِهِ عَزِيزٌ صَلِّ على مُحَمّد وآلِ مُحَمّد، واحْرُس صاحِبَ هذا العَقْدِ و هذا الحِرْز وهذا الكِتابِ بِعَينِكَ الّتي لا تَنامُ، و اكنُفْهُ بِرُكنك الَّذِي لا يُرامُ، وارْحَمْهُ بِقُدْرَتِكَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ مَرزُوقك.

بِسْمِ اللّه الرَّحْمنِ الرَّحيم، بِسْمِ اللّه وبِاللّه، الَّذِي لا صاحِبَةَ لَه ولا ولَدَ، بِسْمِ اللّه قَوي الشَان، عَظيم البُرْهانِ، شَديدِ السُلطان، ماشاء اللّه كانَ، وما لَمْ يَشَا لَمْ يَكُنْ، أَشْهَدُ أَنَّ نُوحاً رَسُولُ اللّه، وأَنَّ إبراهيمَ خليلُ اللّهِ، و أنَّ مُوسى كَليمُ اللّه و نَجِيَّهُ، وأَنَّ عيسى بن مَرْيَمَ (صَلَواتُ اللّه عليه و عليهم اجمَعين) روحُ اللّه وكَلِمَتُه، و أنَّ مُحَمّداً (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) خاتَمُ النَبيّين، ولا نَبيَّ بَعْدَه.

وأسألُكَ بِحَقِّ الساعَةِ الّتي يُؤتى فيها بإبليسَ

ص: 39

اللعِينِ يَومَ القِيامة، ويَقُولُ اللعين في تلكَ السَاعَة : و اللّه ما أنا إلَّا مُهَيِّجُ مَرَدَةٍ. اللّه نُورُ السَّماواتِ والأَرْضِ وهُوَ القاهِرُ وهُوَ الغَالِبُ، لَه القُدْرَةُ السابِقَةُ، و هُوَ الحكيمُ الخَبيرُ، اللّهُمّ وأَسأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الأَسْمَاءِ كُلها وصِفاتِها وصُوَرَها، وهِيَ :

وفي بَعض النسخ المعتبرة تكون بهذه الصورة :

ص: 40

سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ العَرْش و الكُرسيَّ، واسْتَوى عَلَيْهِ، أَساَلُكَ أَنْ تَصْرِفَ عَنْ صاحِب كِتابي هَذا كُلَّ سُوءٍ و مَحْذُورٍ، فَهُوَ عَبْدُكَ وابنُ عَبْدِك، وابنُ أَمَتِك و أنتَ مَولاهُ، فَقِهِ اللّهُمّ يَا رَبِّ - الأسواءَ كُلَّها، واقمَعْ عَنْهُ اَبصارَ الظَّالِمِين، والسِنَةَ المُعاندين والمُريدين لَه السُّوءَ والضَّرّ، وادفَعْ عَنْهُ كُلَّ مَحْذُورٍ و مَخُوف.

و أَيُّ عَبْدِ مِنْ عَبيدك، أو أمَةٍ مِنْ إمائِكَ، أَو سُلْطَانٍ مارِدٍ، أو شَيطانٍ أو شَيطانة، أو جنّي أو جِنّيةٍ، أو غُول أو غُولَةٍ، اَرادَ صاحِبَ كِتابي هذا بِظُلْمٍ أو ضُرٍ أَو مَكْرٍ أو مَكْرُوهِ أو کیدٍ أو خَديعةٍ، أو نِكايةٍ أو سعايةٍ أو فسادٍ أو غَرَقٍ أو اصطلامٍ أو عطبٍ أو مُغالَبةٍ أو غَدْرٍ أَو قَهْرِ أو هَتْكِ سِتْرٍ أو إقتدارٍ أو آفةٍ أو عاهَةٍ أو قتلٍ أو حرقٍ أو إنتقامٍ أو قطعٍ أو سِحْرٍ أو مَسخ أو مَرَضٍ أو سُقمٍ أو بَرَصٍ أو جُذامٍ أو بُؤسٍ أو آفةٍ أو فاقةٍ أو سَغَبٍ أو عَطشٍ أو وَسْوَسَةٍ أو نَقصٍ في دين أو مَعِيشَةٍ، فَاكْفِنِيهِ بِمَا شِئْتَ وكيفَ شِئتَ و أَنّي شئت، إنَّك عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وصلَّى اللّهُ على سَيّدِنَا مُحَمّد وآلِهِ أَجْمَعِينَ، وسَلَّمَ

ص: 41

تسليماً كثيراً، ولا حَول ولا قُوّة إلّا بِاللّه العَليِّ العَظيم، والحَمْدُ للّه رَبِّ العالمين».

فأمّا ما يُنقش على هذه القصبة.. مِنْ فِضَّةٍ غَير مَغْشُوشَة :

«يا مَشْهُوراً في السماوات، يا مَشْهُوراً في الأَرَضِينَ، يا مَشْهُوراً في الدنيا والآخرة، جَهَدَتِ الجَبابرةُ والمُلوكُ على إطفاء نُورِكَ وإحْمَادِ ذِكْرِكَ، فأبى اللّه إلا أَنْ يُتِمَّ نُورَك (1)، ويَبُوحَ بِذِكْرِكَ.. ولو كرِهَ المُشْرِكُون (2).

حِجابُ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

رَوى السيّد إبنُ طاووس - في كتاب «مُهَج الدعوات» - هذا الحِجاب (3) للإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و لَمْ يَذكُر سَنَدَه ولا راويه :

ص: 42


1- و في نُسْخَةٍ : «و أَبيت إلا أَنْ يَتُمَّ نُورُك».
2- کتاب «مُهَج الدعوات» للسيد ابن طاووس، ص 39 - 42 من الطبعة القديمة، و ص 57 - 60 من وص 57 - 60 من الطبعة الحَديثة.
3- الحجاب - هُنا - : حرز يُكتب فيه شيء ويُلبس، وقاية لصاحبه.. مِن تأثير السِلاح أو العَين، أو غَير ذلك.

«الخالِقُ أعظمُ مِنَ المَخْلُوقين، و الرازق أبسَطُ يَداً مِنَ المَرزوقين، ونارُ اللّه المُؤصَدة، في عَمَدٍ مُمَدَّدة، تكيدُ أفئدة المَرَدَةِ، وتَرُدُّ كيدَ الحَسَدِةِ.

بالأَقسام، بالأَحكام، باللَوحِ المَحفُوظ والحِجاب المَضروب، بِعَرْشِ رَبَّنا العَظيمِ، إحتجَبْتُ، واستَتَرْتُ، واستَجَرْتُ، واعْتَصَمْتُ.

وتَحَصَّنْتُ ب_«الم» وب_«کهیعص» وب_«طه» و ب_«طسم» و ب_«حم» وب_«حمعسق» وب_«ن» وب_«طسین» و ب_«ق والقُرآن المجيد» و «إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَو تَعْلَمُونَ عَظيم» و اللّه وَليّي و نِعْمَ الوكيل» (1).

و رُوي أيضاً هذا الحِرْز (2) للإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

«يا نُورُ یا بُرهان، یا مُبينُ یا مُنير، يا رَبِّ اكفِني

ص: 43


1- كتاب «مُهَج الدعوات» ص 300 مِن الطبعة القديمة، و ص 359 من الطبعة الحَديثة، بابِ حِجاب مُحَمّد بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).
2- الحِرز - بالكسر : المَوضع الحَصين، ومعناه - هُنا - : التَعويذ الحافِظ لِلإنسان مِن البَلايا و الأَخطار.

الشُرور، وآفاتِ الدُهُور، وأسألُك النّجاة يَومَ يُنْفَخُ في الصُور» (1).

ادعِيَة الوَسائل إلى المَسائل

إشارة:

رَويَ عن إبراهيم بن مُحَمّد بن الحارث النوفلي، قال : حَدِثني أَبي - وكانَ خادماً لمُحَمّد بن علي الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) - : لَمّا زوَّجَ المَأمونُ أبا جعفر مُحَمّد بن علي بن مُوسى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) إبنَتَه، كتَبَ [الإمامُ الجَواد ] إليه (2) : «إِنَّ لِكُلِّ زَوجَة صَداقاً مِنْ مالِ زَوجها، وقَد جَعَلَ اللّه أموالنا في الآخِرة، مُؤجَلَةٌ مَذخورة هُناك كما جعَلَ أموالكُمْ مُعَجَّلة في الدُّنيا، وكنَزَها هاهُنا.

و قَد أمهَرْتُ إبنَتَك : «الوَسائل إلى المسائل» و هِيَ مُناجاة دفَعَها إلي أبي، قال : دفَعَها إليَّ أبي : موسى،

ص: 44


1- كتاب «مُهَجِ الدَعَوات» ص 42 42 من الطبعة القديمة وص ص 60 من الطبعة الحَديثة، باب حِرز الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ
2- أي : إلى المامون.

قال : دفَعَها إلي أبي : جعفر [ الصادق ] قال : دفَعَها إليَّ مُحمّد [ الباقر ] أبي، قال : دفَعَها إليَّ علي بنُ الحُسَين : أَبي، قال : دفعها إلي الحسين أبي، قال : دفَعَها إليَّ الحَسَنُ أَخي، قال : دفَعَها إليَّ أميرُ المُؤمنين علي بن أبي طالِب (صَلَواتُ اللّه عليه)، قال : دفَعَها إليَّ رسول اللّه (صلى اللّه علیه و آله) قال : دفَعَها إليَّ جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : يا مُحَمّد، ربُّ العِزّة يُقرؤك السلام ويَقولُ لَك : هذه مَفاتيح كُنُوزِ الدُّنيا والآخِرة، فاجعَلْها وسائلَك إلى مَسائلِكَ، تَصِلُ إِلَى بُغْيَتِك (1) وتَنْجَح في طلبتِك، فَلا تُؤثِرها في حَوائج الدُّنيا.. فتُبْخَس بها الحَظّ مِنْ آخِرتِك.

وهِيَ عَشرُ وَسائل إلى عشر مَسائل، تُطرق بها اَبواب الرغبات فتُفتَح، وتُطلب بها الحاجات فتُنْجَح وهذه نُسختها:

ص: 45


1- البُغْيَة : الهدف والمَقْصود.

1 - المناجاة للإستخارة

«بسم اللّه الرحمن الرحيم (1) اللّهُمّ إِنَّ خِيَرتك فيما استَخَرتُك فيه (2) - تُنيلُ الرَغائب، وتُجْزِلُ المَواهِب، وتُغنِمُ المَطالِب، وتُطيِّبُ المَكاسِب و تَهْدي إلى أجمَلِ المَذاهِب، وتَسُوقُ إلى أحمَد العَواقِب، وتَقي مَخُوفَ النَوائب.

اللّهُمّ إني أستخيرك فيما عَزَمَ رأيي عليه، و قادَني عَقْلي إليه، فَسَهِّلْ - اللّهُمّ - فيهِ ما تَوعَّر، ويَسِّرْ مِنْهُ ما تَعَسَّر، واكفني فيه المُهِمَّ، وادفَع بِهِ عَنِّي كُلَّ مُلِمٍّ.

و اجعَل - يا رَبِّ - عَواقِبَهُ غُنْماً، و مَخُوفه سِلماً (3) و بُعْدَهُ قُرْباً، وجَدْبَهُ خَصْباً.

ص: 46


1- لَقَد اعتَمَدْنا - في نَقْل هذه المناجاة - على كتاب «مُهَج الدعوات» لِلسيّد إبن طاووس، وقَد ذكرها - أيضاً - الشيخ الكفعمي في كتاب «البَلَد الأمين» مَعَ فروق يسيرة في بَعض كلماتها، ومنها : أن كُلِّ مُناجاة تبتدأ بالبِسمِلة.
2- و في نُسْخَةٍ : فيما استَخيرك.
3- و في نُسْخَةٍ : وخَوفه سِلْماً.

و أَرسل - اللّهُمَّ - إجابتي (1) و أنجِحْ طَلِبَتي، و اقضِ حاجَتي، واقطَع عنّي عَوائقَها، وامنَع عنِّي بوائقَها.

و أعطِني - اللّهُمّ (2) - لِواءَ الظَفَر و الخِيرَة فيما استَخَرتُك، ووُفورَ المَغْنَم فيما دَعَوتُك (3) و عَوائدَ الإفضالِ فيما رَجَوتُك.

و اقْرُنه - اللّهُمّ - بِالنّجاح، وخُصَّه بِالصَلاح (4) و أَرِني أسبابَ الخِيرة فيه واضِحَة، وأعلامَ غُنْمِها لائحَة، واشدُد خِناقَ تَعسيرِها، وأنعِش صَريخَ تَکسیرِها (5).

وبَيِّن - اللّهُمّ - مُلْتَبَسَها، وأطلق مُحْتَبَسَها، ومَكِّنْ أُسَّها (6) حتّى تكون خيرةً مُقبلةً بِالغُنم،

ص: 47


1- و في نُسْخَةٍ : و أوشِك اللّهُمّ إجابتي.
2- و في نُسْخَةٍ : اللّهُمّ رَبِّ.
3- و في نُسْخَةٍ : وفَوز الغُنم فيما دَعَوتُك.
4- و في نُسْخَةٍ: وحُطه بِالصلاح.
5- و في نُسْخَةٍ : و انعِش صَريعَ تَيسُّرِها.
6- و في نُسْخَةٍ : مَكِّن أُسَّها فيه.

مزيلةَ لِلْغُرُمِ، عاجِلَةَ لِلنَّفْع (1) باقيّة الصُّنْع، إنَّك مَلِيءٌ بِالمَزيد (2) مُبتدىءٌ بِالجُود (3).

2 - المُناجاة بالإستقالة

2 - المُناجاة بالإستقالة (4)

اللّهُمّ إِنَّ الرَّجَاءَ لِسِعَةِ رَحمَتِكَ أَنطَقَني باستقالَتِك والأمَلَ لأناتِك ورِفْقِك.. شَجَّعَني على طلب أمإنَّك و عَفْوكِ، ولِي - يا رَبِّ - ذُنوبٌ قَد واجَهَتْها أَوجُهُ الإنتقام، وخَطايا قَد لاحَظتها أعيُنُ الإصطِلام، واستَوجَبْتُ بها - على عَدْلِك - اَليم العَذاب، و استَحْفَقْت باجتِراحِها مُبيرَ العِقابِ، وخِفْتُ تَعويقَها لإجابَتي، وردَّها إيّايَ عن قَضاءِ حاجَتي،

ص: 48


1- و في نُسْخَةٍ : عاجلةَ للنَفع.
2- و في نُسْخَةٍ : إنَّك وليُّ المَزيد.
3- و في نُسْخَةٍ تُوجد هذه الزيادة: قَبلَ استِحقاقه، وصَلِّ على مُحَمّد المَحمُود و آله الطاهِرين.
4- الظاهِر : أنّ مَعْنى الإستقالة - هُنا - : هُوَ طَلَبُ العَفْو مِنَ اللّه تَعالى، عَمّا ارتكبه الإنسانُ مِن جرائم و مُخالفات : و قُصُور في الطاعة.. أو تَقصير. المُحقّق.

بإبطالها لِطَلِبَتي، وقطعها لأسباب رَغبَتي، مِنْ أجلِ ما قَد أَنقَضَ ظَهرِي مِن ثِقلِها، وبَهَظَني مِنَ الإستقلالِ بِحَمْلِها، ثُمَّ تَراجَعْتُ - رَبِّ - إلى حِلْمِكَ عن الخاطئين، و عَفْوِك عن المُذنِبين، ورَحمَتِكَ لِلعاصين، فأَقبَلْتُ بِثِقَتي مُتَوكَّلاً عليك، طارِحاً نَفْسي بَين يَدَيك، شاكِياً بَثّي إليك، سائلاً (1) ما لا أستَوجِبُهُ مِنْ تَفريج الهم، ولا استَحِقُهُ مِنْ تَنْفيس الغَمِّ، مُستَقيلاً لَكَ إِيَّاي، واثقاً - مولاي – بِك.

اللّهُمّ فامنُنْ عَلَيَّ بِالفَرَج، وتَطَوَّلُ بِسُهُولَة المَخْرَج (2) وادلُلني بِرأفتِك على سَمْتِ المَنْهَج و أَزلِقْني (3) بقُدرَتك عن الطَريقِ الأعوَج، وخَلّصني مِنْ سِجن الكرب بإقالتِك، وأطلِق أَسري بِرَحْمَتِك وطُلْ عَلَيَّ (4) برضوانِك، وجُدْ عَلَيَّ بإحسانِك، و اَقِلْني عَثْرتي، وفَرِّج كُربتي، و ارحَم عَبرتي، ولا

ص: 49


1- و في نُسْخَةٍ : سائلاً - رَبِّ -.
2- و في نُسْخَةٍ : بِسَلامة المَخْرَج.
3- و في نُسْخَةٍ : واَزِلني.
4- و في نُسْخَةٍ : وتَطَوّل

تَحْجُب دَعوَتي، واشدُد بالإِقالة أَزري، وقَوِّ بِها ظَهري، وأَصلِح بِها أَمري، واَطِلْ بِها عُمري، و ارحَمْني يَومَ حَشْري، و وقتَ نَشري، إنَّك جَوادٌ كَرِيم، غَفُورٌ رَحِيم (1).

3 - المُناجاة بِالسَفَر

اللّهُمّ إِنِّي أُريدُ سَفَراً فَخِرْ لي فيه، وأَوضَح لي فيهِ سَبيلَ الراي وفَهِّمنِيه، وَافتَح عَزمِي بِالإستِقَامة، و اشمُلني في سَفَري بالسَّلامة، و أفِدني جَزيلَ الحَظِّ و الكرامة، واكلأني بحُسْن (2) الحِفظ و الحِراسة.

وجَنِّبْنِي - اللّهُمّ - وَعْثاء الأَسفار، وسَهِّل لي حُزُونَة الاَوعَار، واطوِ لي بِساطَ المَراحِل، وقَرِّبُ مِنِّي بُعْدَ نَأي المَناهِل، وباعِدني في المَسيرَ بَين خُطى الرَواحِل، حتّى تُقَرِّبَ نياطِ البعيد، وتُسَهِّلَ وُعُورَ الشَديد، ولقّني - اللّهُمّ - في سَفَري نُجْحَ طائرِ

ص: 50


1- و في نُسْخَةٍ تُوجَد هذه الزيادة : وصَلِّ على مُحَمّد و آله.
2- و في نُسْخَةٍ : بِحَريز الحِفظ.

الواقيَة، و هَبْني (1) فيهِ غُنْمَ العافيَة، وخفيرَ الإستقلال، ودليلَ مُجاوزَة الأَهوال، و باعثَ وُفورِ الكفاية، وسانِحَ خَفيرِ الولاية، واجعَلهُ - اللّهُمّ - سَبَبَ عَظيم السِلم، حاصِل الغُنم.

و اجعَلِ (2) الليلَ عَلَيَّ سِتْراً من الآفات، والنَّهارَ مانعاً من الهَلَكات، واقطَعْ عَنِّي قِطَعَ لُصُوصِهِ بِقُدرتِك، واحْرُسُني مِنْ وُحُوشِهِ بِقُوّتِك، حتّى تَكونَ السَلامةُ فيه مُصاحِبَتي (3) والعافيَةُ فيهِ مُقارنتي (4) واليُمْنُ سائقي، واليُسْرُ مُعانِقي، والعُسْرُ مُفارِقي والفَوزُ مُوافقي، والأمنُ مُرافقي.

إنَّك ذو الطَول والمَنِّ والقُوّة والحَول، و أنتَ على كُلِّ شيءٍ قدير، وبعبادِكَ بَصيٌر خَبير.

ص: 51


1- و في نُسْخَةٍ : وهَنَّئْني.
2- و في نُسْخَةٍ : واجعَل - اللّهُمّ رَبِّ -.
3- و في نُسْخَةٍ : صاحِبَتي.
4- و في نُسْخَةٍ : مُقاربتي.

4 - المُناجاة في طَلَب الرزق

اللّهُمّ اَرسِلْ عَلَيَّ سِجالَ رِزْقِكَ مِدْرَارا.

و امطِرْ عَلَيَّ سَحائب إفضالك غِزارا.

و أدِمٌ غَيثَ نَیلِكَ إِليَّ سِجالا.

و أَسْبِلْ مَزيدَ نِعَمِكَ عَلى خَلَّتي إسبالا.

و أَفقِرني بِجُودِك إليك، و أغنِني عَمَّنْ يَطلُبُ ما لديك.

وداوِ ِداءَ فَقْري بِدَواء فَضْلك.

و أنعِش صَرعَةَ عَيْلَتِي بِطُولِك (1).

و تَصَدّق على إقلالي بكثرة عَطائِك، وعلى اختلالي بكريمِ حِبائك.

و سَهِّلْ - رَبِّ - سَبيل الرزق إليَّ، و ثبِّت (2) قَواعِدَه لَدَيَّ، وبَجِّس لي عُيُونَ سِعَتِهِ بِرَحمَتِكَ (3) و فَجِّرْ أنهارَ رَغَدِ العَيش قِبَلي بِرأفَتِك (4) وأَجْدِبْ أَرضَ

ص: 52


1- و في نُسْخَةٍ وردت هذه الزيادة : واجبر كسر خلتي بنَولِك.
2- و في نُسْخَةٍ : واثبت.
3- و في نُسْخَةٍ : بِسعَةِ رَحمَتِكَ.
4- و في نُسْخَةٍ : برأفتِك و رَحمَتِك.

فَقْري، و أخصب جَدْبَ ضُرّي، واصْرِفْ عَنِّي في الرزق العَوائق، واقطَعْ عَنِّي مِن الضِيق العَلائق و ارمِني مِنْ سَهْم الرزق (1) - اللّهُمّ - بأخصَبِ سِهامِهِ، واحْبُني (2) مِنْ رَغَدِ العَيش باكثَرِ دَوامه، واكسُني – اللّهُمّ - سَرابيلَ السِعَة، وجَلابيبَ الدَعة.

فإنّي - يا ربِّ - مُنْتَظِر لإنعامِك بِحَذف المَضيق (3) ولِتَطَوُّلِكَ بِقَطعِ التعويق و لِتَفَضُّلِك بإزالةِ التَقتير، ولوُصول (4) حَبْلي بِكرَمِك بالتَيسير.

و أَمطر - اللّهُمَّ - عَلَيَّ سَماءَ رِزقك بسِجال الدَيم، و أَغْنِني عنْ خَلْقِكَ بِعَوائِدِ النِعَم، وارْم مَقاتِلَ الإقتارِ مِنّي، واحْمِلْ كشف الضُّرِّ عَنِّي (5) على مَطايا الإعجال، و اضرِبْ عَنِّي الضِيق (6) بِسَيف الإستيصال،

ص: 53


1- و في نُسْخَةٍ : مِنْ سعة الرزق.
2- و في نُسْخَةٍ : و أَحيِني.
3- و في نُسْخَةٍ : الضيق.
4- و في نُسْخَةٍ : لوَصل.
5- و في نُسْخَةٍ : عُسف الضُرّ.
6- و في نُسْخَةٍ : الضَّرّ.

واتحِفني (1)- ربِّ - مِنْكَ بِسِعَةِ الإفضال، وامدُدني بِنُمُوِّ الأموال، واحرُسني مِنْ ضِيقِ الإقلال.

و اقبِض عَنِّي سُوءَ الجَدْب، وابسُط لي بساطَ الخَصْب، و اسْقِني مِنْ ماءِ رِزقِك غَدَقاً، وانهَج لي مِنْ عَمِيمِ بَذلِكَ طرقاً، وفاجئني بالثَروة و المال، و أنعِشني بِهِ مِن الإقلال، وصبّحني بالاستظهار، ومَسِّني بِالتَمَكَّنِ مِن اليَسار (2)، إنَّك ذو الطَولِ العَظيم، والفَضْلِ العَمِيم، والمَنِّ الجَسيم، وأنتَ الجَواد الكريم (3).

5 - المُناجاة بالإستِعاذة

اللّهُمَّ إني أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُلِمّاتِ نَوازِلِ البَلاء، و أهوالِ عَظائمِ الضَرّاء، فَاعِدْني - رَبِّ - مِنْ صَرْعَةِ البأساء، واحجُبني مِنْ سَطَواتِ البَلاء، ونَجِّنِي مِنْ

ص: 54


1- و في نُسْخَةٍ : و امحقه.
2- و في نُسْخَةٍ : ومَسني مِن اليَسار.
3- و في نُسْخَةٍ وردت هذه الزيادة : المَلِك الغَفُور الرحيم.

مُفاجاة النِقَمِ، وأَجِرْني (1) مِنْ زَوالِ النِعَمِ وَمِنْ زَلَلِ القَدَم.

واجعَلْني - اللّهُمّ - في حياطةِ عِزّك، وحِفاظِ حرزِكَ (2) مِنْ مُباغَتَةِ الدوائر، و مُعاجَلَةِ البَوادِر.

اللّهُمّ - رَبِّ - وأَرْضِ البَلاء فَاخْسِفَها، وعَرْصَةَ المِحَنِ فَارْجِفْها، وشَمْسَ النوائب فاكسِفها، و جِبال السُّوء فانسِفها، وكُرَبَ الدَهْرِ فَاكْشِفْها، و عَوائقَ الأُمورِ فَاصْرِفْها، و أَورِدني حِياضَ السَلامة و احمِلني على مَطايا الكرامة، واصحَبني بإقالِة العَثْرة، واشْمَلْني بِسَتْرِ العَورة.

و جُدْ عَلَيَّ - يا رَبِّ - بِآلائِك، وكشف بَلائك، ودفعِ ضرّائك.

و ادفَعْ عنّي كلاكِلَ عَذابِك واصْرِفْ عَنِّي أليمَ عِقابِك، و اَعِذْني مِنْ بَوائِقِ الدُّهور، وانقِذني مِنْ سُوءِ عَواقِبِ الأمور، واحْرُسُنِي مِنْ جَميع المَحْذُور، واصْدَعْ صَفَاةَ

ص: 55


1- و في نُسْخَةٍ : و احرُسني.
2- و في نُسْخَةٍ : في حمى عِزّك.. و حِياطة حِرزك.

البَلاءِ عَنْ أمري، واشْلُلْ يَدَهُ عَنِّي مَدَى عُمْري. (1)

إنَّك الرَبُّ المَجيد المُبدىء المُعِيدُ، الفَعَّالُ لِما تُريد.

6 - المُناجاة بطلَب التَوبَة

اللّهُمّ (2) إِنِّي قَصَدْتُ بإخلاص تَوبَةً نَصُوحاً، وتَثْبيت عَقْدٍ صَحيح، و دُعاءَ قَلْبٍ قَريح (3) و إعْلانَ قولٍ صَريحٍ.

اللّهُمّ فَتَقَبَّلْ مِنّي مُخلَص التّوبَةِ (4) و إقبال سَريعِ الأَوبَةِ، ومَصارعَ تَخَشُّع الحَوبَة (5).

و قابل - رَبِّ - تَوبَتي بِجَزيل الثواب، و كريم المآب، وحَطَّ العِقاب، وصَرْفِ العَذاب، وغُنْمِ الإياب، وسِتْرِ الحِجاب.

ص: 56


1- و في نُسْخَةٍ : مُدَةَ عُمْري.
2- و في نُسْخَةٍ : اللّهُمّ رَبِّ.
3- و في نُسْخَةٍ : قلب جريح.
4- و في نُسْخَةٍ : إنابة مُخلص التّوبَة.
5- و في نُسْخَةٍ : تَجَشع الحَوبَة.

وامْحُ - اللّهُمّ (1)- ما ثَبَتَ مِنْ ذُنُوبِي، واغْسِلْ بِقَبُولِها جَميع عُيُوبي، واجْعَلْها جالِيَةً لِقَلْبي (2)، شاخِصَةٌ (3) لَبَصِيرةِ لُبّي، غاسِلَةً لِدَرَني، مُطَهَّرَةٌ لنجاسَةِ بَدَني، مُصَحْحَةٌ فيها ضَميري، عاجلةً إلى الوفاءِ بِها بَصيرتي (4).

واقبل - يا رَبِّ - تَوبَتي، فَإِنَّها تَصْدُرُ (5) مِنْ إخلاص نِيَّتي، ومَحْضِ مِنْ تَصْحيحِ بَصيرتي، و احتِفالٍ في طوِيَّتي، واجتهادٍ في نَقاء سَريرتي، وتثبيتٍ لإنابَتي (6) مُسارعةٍ إلى أمرِك بِطاعَتي.

و اجلُ – اللّهُمّ (7) - بِالتّوبَةِ عَنِّي ظُلْمَةَ الإصرار،

ص: 57


1- و في نُسْخَةٍ : وامْحُ - اللّهُمّ رَبِّ – بالتّوبَة.
2- و في نُسْخَةٍ : لِرَين قلبي.
3- و في نُسْخَةٍ : شاحِذَةٌ.
4- و في نُسْخَةٍ : مصيري.
5- و في نُسْخَةٍ : فَإِنَّها بصدق.
6- و في نُسْخَةٍ : تَثْبيت إنابَتي.
7- و في نُسْخَةٍ : اللّهُمّ رَبِّ.

و امْحُ بِها ما قَدَّمْتُهُ مِنَ الأوزار، و اكسُني لِباسَ التَّقْوى، و جَلابيبَ الهُدى، فَقَدْ خَلَعْتُ رِيق المعاصي عَنْ جِلدي، ونَزَعْتُ سِرْبالَ الذُّنوبِ عَنْ جَسَدي، مُسْتَمْسِكا - رَبِّ - بِقُدْرَتِكَ، مُسْتَعِينا على نَفْسي بِعِزَّتِكَ، مُسْتَودِعاً تَوبَتي مِن النَكْثِ بِخَفْرتك، مُعْتَصِماً مِن الخِذلانِ.. بِعِصْمَتِك، مُقارناً به (1) لا حَول و لا قُوّة إلّا بِك.

7 - المُناجاة بِطَلَب الحج

اللّهُمّ ارزقني الحَجَّ الَّذِي افتَرَضْتَهُ على مَنِ اسْتَطَاعَ إليهِ سَبيلا.

و اجْعَل لي فِيه هَادياً و إليه دليلاً، وقَرِّبْ لِي بُعْدَ المَسالك، و أعِنِّي (2) على تأديَةِ المَناسِك، وحَرِّم بِإحرامي على النار جَسَدي، وزِدْ لِلسَفَرِ قُوَّتي (3)

ص: 58


1- و في نُسْخَةٍ : مُقِرّاً بِلا حَولَ.
2- و في نُسْخَةٍ: و أعِنِّي فيه.
3- و في نُسْخَةٍ : لِلسَفَر في زادي و قوَّتي.

وجَلَدي، و ارزُقني - رَبِّ - الوقوف بَين يَدَيك، و الإفاضَةَ إليك، وأظفرني بِالنُجْحِ بوافِرِ الربحِ (1) و اَصْدِرني - رَبِّ - مِنْ مَوقِفِ الحَجِّ الأَكْبَرِ إِلى مُزدَلَفَةِ المَشْعَر.

واجْعَلْها (2) زُلْفَةً إلى رَحْمَتك، وطريقاً إلى جَنَّتِك، وقِفْني (3) مَوقِفَ المَشْعَرِ الحَرام، و مَقامَ وقُوفِ الإحرام، وأهلني لِتَأْدِيَةِ المَناسِك، ونَحْرِ الهَدْيِ التَوامِك (4) بِدَمٍ يَثُجّ وأوداج تَمُجّ، وإراقَة الدِماءِ المَسْفُوحَة، والهدايا المذبُوحة (5) و فَري أوداجها على ما أَمَرْتَ، والتَنَفُّل بها كما وَسَمْت (6).

و أحْضِرْني - اللّهُمَّ - صَلاةَ العِيد، راجياً لِلوَعْدِ، خائفاً مِن الوَعيد، حالِقاً شَعرَ راسي و مُقَصِّراً،

ص: 59


1- وفي نُسْخَةٍ : و احبُني بوافِرِ الربح.
2- و في نُسْخَةٍ : واجْعَلها - رَبِّ -.
3- و في نُسْخَةٍ: وأوقِفني.
4- التّوامِك - جَمْع تامِك - : الناقة العَظيمة السَنام.
5- و في نُسْخَةٍ : مِن الهَدايا المذبُوحة.
6- و في نُسْخَةٍ : كما رَسَمت.

مُجْتَهِداً في طاعَتِكَ مُشَمِّراً، رامياً لِلْحِمار، بِسَبْعِ بَعْدَ سَبْعِ مِن الأحجار.

و اَدْخِلْني - اللّهُمّ - عَرصَةَ بَيتِك وعَقْوَتك، و مَحَلَّ اَمْنِك (1) وكعْبَتك، و مساكينك وسُؤّالك و مَحاويجك (2) و جُدْ عَلَيَّ (اللّهُمّ) بوافِرِ الآخر، مِن الإنكِفاء والنَّفْر.

واخْتِم - اللّهُمّ - مَناسِكَ حَجّي، وانقضاءِ عَجَّي، بِقَبُولٍ مِنْكَ لي، ورأفَةٍ مِنْكَ بي (3) يا أرحم الراحمين.

8 - المُناجاة بكشف الظلم

اللّهُمّ إِنَّ ظلمَ عِبادك قَد تَمَكَّنَ في بلادِك، حتّى اَماتَ العَدل، وقطعَ السُبُلَ، ومَحَقِّ الحَقِّ، وأبطَلَ الصِدقَ، وأَخْفى البرَّ، وأظهَرَ الشَّرَّ، وأخمَد التَقْوى (4)

ص: 60


1- و في نُسْخَةٍ : و أولجني مَحَلَّ.
2- و في نُسْخَةٍ : وسُؤَالِك و وفْدك ومحاويجك.
3- و في نُسْخَةٍ : مِنْكَ لي، يا غَفُورُ يا رحيم.
4- و في نُسْخَةٍ : وأَهْمَلَ التَّقْوى.

و أَزالَ الهُدى، و أَزاحَ الخَيرَ، وأثبَتَ الضَيرَ (1) و اَنمى الفَساد، و قوّى العِناد، وبَسَطَ الجَور، وعَدى الطَور.

اللّهُمّ - يا رَبِّ - لا يَكشف ذلك إلّا سُلطانك، ولا يُجيرُ مِنْهُ إِلّا امتِنإنُك.

اللّهُمّ - رَبِّ - فأبْتُرِ الظُّلْمَ، وبُثَّ حِبال الغَشْمِ، و أحمَد سُوق المُنْكَر، وأَعِزَّ مَنْ عَنْهُ يَنْزَجِر (2) واحْصُدْ شَأفَةَ أهلِ الجَور، والبِسْهُمُ الحَورَ بَعْدَ الكَور.

و عَجِّل - اللّهُمّ - إليهِمُ البيات، و أنزِلَ عَلَيْهِم المَثُلاتِ، و أَمتْ حَياةَ المُنْكَر (3) لِيُؤْمَنَ المَخُوف (4) ويَسْكُنَ المَلْهُوفُ، ويَشْبَعَ الجائعُ، ويُحْفَظ الضائعُ ويُؤوى الطَريدُ، ويَعُودَ الشَريدُ، ويُغْنى الفقيرُ، و يُجارَ المُسْتَجيرُ، ويُوَقرَّ الكبيرُ، ويُرْحَمَ الصَغيرُ،

ص: 61


1- و في نُسْخَةٍ : وبَتَّ الضير.
2- و في نُسْخَةٍ : مَنْ عَنْهُ زُجِر.
3- و في نُسْخَةٍ : المنكرات.
4- و في نُسْخَةٍ : لِيَامَن.

ويُعَزَّ المَظْلُومُ، ويُذَلَّ الظالِمُ (1) و يُقَرَّجَ المَغْمُومُ، و تَنْفَرِجَ الغَمَّاءَ، وتَسْكُنَ الدَهماء، ويَمُوتَ الإختلافُ، ويَحيى الإئتلاف، ويَعْلُوَ العِلْمُ، َويَشْمَلَ السِلم، ويُجْمَعَ الشَتاتُ، ويَقْوى الإيمانُ، ويُتْلَى القُرآن، إنَّك أَنتَ الدَيّان، المُنْعِمُ المَنّانُ.

9 - المُناجاة بِالشَّكْرِ للّه تَعالى

اللّهُمّ لَكَ الحَمْدُ (2) على مَرَدِّ نَوازِلِ البَلاء، و توالي سُبُوع النَعماء، ومُلِمّاتِ الضَرّاء، و كشفِ نَوائِبِ اللَأواء.

و لَكَ الحَمْدُ عَلى هَنيءِ عَطائِكَ، ومَحْمُودِ بَلائِك، و جليلِ آلائِك.

و لَكَ الحَمْدُ عَلى إحْسإنِك الكثيرِ، وخَيْرِكَ

ص: 62


1- وفي نُسْخَةٍ: الظَلُوم.
2- و في نُسْخَةٍ : الحَمْدُ - رَبِّ -.

الغَزير (1) وتَكْليفِكَ اليَسير، ودفْعِ العَسير (2).

و لَكَ الحَمْدُ - يا رَبِّ - على تَثْميرِكَ قَليلَ الشُكر، و إعطائِكَ وافِرَ الآخر، وحَطَّكَ مُنْقَلَ الوِزْر، و قَبولِكَ ضيق العُذر، و وَضعِكَ باهِضَ الإصر (3) وتَسهيلِكَ موضعَ الوَعْر، و مَنْعِكَ مُفْطِعَ الأمر.

و لَكَ الحَمْدُ على البَلاءِ المَصْرُوف، و وافِرِ المَعْرُوف، ودفْعِ المَخُوفِ، وإذلالِ العَسُوف.

و لَكَ الحَمْدُ على قِلَّةِ التكليف، وكثرةِ التَخفيف وتَقْويَةِ الضعيف، وإغاثَةِ اللَهيف.

و لَكَ الحَمْدُ على سِعَةِ إمهالك، ودوام إفضالك، و صَرْفِ إمحالِك، و حَميد أفعالِك (4) و توالي نَوالِك.

و لكَ الحَمْدُ على تاخيرِ مُعاجَلَةِ العِقاب، وترك

ص: 63


1- و في نُسْخَةٍ : وجُودِكَ الغزير.
2- و في نُسْخَةٍ : ودفْعِكَ العَسير.
3- و في نُسْخَةٍ : فادح الإصر.
4- و في نُسْخَةٍ : فعالك

مُغافَصَةِ العَذاب، وتسهيل طريقِ المَآب (1) و إنزالِ غَيث السَحاب (2).

10 - المُناجاة بِطلب الحَوائج

10 - المُناجاة بِطلب الحَوائج (3)

جَديرٌ (4) مَنْ أمَرتَهُ الدُعاء أَنْ يَدْعُوكَ، وَ مَنْ وَعَدْتَهُ بالإجابةِ أَنْ يَرْجُوك.

و لِيَ - اللّهُمّ - حاجَةٌ قَد عَجَزَتْ عَنْها حِيلَتي، وكلَّت فيها طَاقَتي، وضَعُفَتْ عن مَرامِها قُوَّتي، وسَوّلَت لي نَفْسِي الأمارةُ بالسُوءُ، وعَدوّيَ الغَرُورُ الَّذِي أنا مِنْهُ مُبْتَلَى، اَنْ اَرغَبَ إلى (ضعيف مِثْلي، و مَنْ هُوَ في النُّكُولِ شكلي، حتّى تَداركتني رَحْمَتُك، و بادَرتْني - بالتوفيق - رافتُك - ورَدَدْت عَلَيَّ عَقْلي

ص: 64


1- و في نُسْخَةٍ : طُرُق المآب.
2- و في نُسْخَةٍ وَرَدَتْ هذه الزيادة: إنَّك المنانُ الوهّاب.
3- و في نُسْخَةٍ : بِطَلب الحاجة.
4- و في نُسْخَةٍ : اللّهُمّ جدير.

بِتَطَوُّلِك، والهَمْتَني رُشدي بِتَفَضْلِكَ، وأَحْيَيْتَ - بالرجاءِ لَكَ - قَلبي، و اَزلتَ حُدْعَةٌ عَدُوّي عن لبّي، وصَحَّحْتَ بِالتَأميل فِكري، وشَرَحْت - بِالرّجاءِ لإسعافِك - صَدْري، وصَوَّرَت لِيَ الفَوزَ بِبُلُوغ ما رَجَوتُهُ، والوصول إلى ما أَمَّلْتُه، فَوقَفْتُ - اللّهُمّ رَبِّ - بَين يديك، سائلاً لك، ضارِعاً إليك، واثِقاً بك، مُتَوَكِّلاً عَلَيكَ في قَضاءِ حاجَتي، وتَحقيقِ أُمنِيَّتي و تصديقِ رَغْبَتي) (1).

اللّهُمّ وأَنجحها بِآيَمَنِ النّجاح (2) و اهْدِها سَبيلَ الفلاح، واشْرَحْ بِالرجاء لإسعافك صَدْري، ويَسِّر في أَسْبابِ الخَيرِ أَمري، وصَوِّر إليَّ الفوز بِبُلُوغ ما رَجَوتُهُ، بِالوصول إلى ما أَمَّلْتُه.

و وَفِّقْني - اللّهُمّ - في قضاء حاجتي بِبُلوغ أمنيَّتي وتصديقِ رَغْبَتي.

ص: 65


1- وَرَدَتْ هذه الزيادة الّتي بَين القوسين.. في كتاب «البلد الأمين» للشيخ الكفعمي.
2- و في نُسْخَةٍ : فأنجح اللّهُمّ حاجَتي بِآيَمَنِ النّجاح.

و أعِذْني - اللّهُمّ - بِكَرَمِكَ مِن الخَيْبَةِ والقُنُوط، و الأَناةِ (1) و التَثبِيط (2).

اللّهُمّ إنَّك مَليٌ بِالمَنائح الجزيلَةِ، وَفِيٌ بِها، و أنت على كُلِّ شيءٍ قَدير (3)، بِعِبادِكَ خَبيرٌ بَصير (4).

ص: 66


1- و في نُسْخَةٍ : الإناءَة. ولعلّ معناها - هُنا - : الكسَل والتَثاقُل.
2- و في نُسْخَةٍ وَرَدَتْ هذه الزيادة : بِهَني إجابتِك، و سابغ مَوهِبَتِك، إنَّك مَلي ولي، و على عِبادِكَ بِالمَنائحِ الجَزيلَةِ وفي.
3- و في نُسْخَةٍ وَرَدَتْ هذه الزيادة : وبِكُلِّ شيء مُحيط.
4- كتاب «مُهَجِ الدَعَوات» للسيد إبن طاووس، باب اَدعِيَة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ص 259 - 265 من الطبعة القديمة، و ص 309 - 317 من الطبعة الحَديثة.

الإمام الجَواد يُجيب على المسائل الفِقهيّة

اشارة

ص: 67

أَحكام الصَلاة

حُكْم إتمام الصَلاة في الحَرَمين

رُوي عن إبراهيم بن شيبة، قال :

كتَبْتُ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَسأَله عن إتمام الصَلاة في الحَرمين ؟ (1)

فَكَتَبَ إليَّ :

«كانَ رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله وسلّم) يُحِبُّ إكثار

ص: 68


1- أي : في المَسجِد الحرام بمكّة المُكرمة.. والمَسجِد النَّبَوِي بِالمَدينة المُنوَّرة، حَيث يَكون المُسافِر مُخَيّراً في صَلاته.. بَين أنْ يُصَلِّيها قَصْراً.. أو أن يُؤدِّيها تماماً. المُحقّق.

الصَلاة في الحَرَمين، فاكْثِرُ فيهِما و أتِمٌ» (1).

حكم الصَلاة خَلْفَ غَير الشيعي

رُوي عن إبراهيم بن شيبة، قال :

كتَبْتُ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن الصَلاة خَلْفَ مَنْ يَتَولى أمير المُؤمنين (2).. و هُوَ يَرى المَسْح على الخُفَّين [ في الوضوء ] أو [ الصَلاة ] خَلْفَ مَنْ يُحَرِّمُ المَسْح وهُوَ يَمْسَح؟ (3)

ص: 69


1- كتاب «الكافي» للشيخ الكليني، ج 4، 524، کتاب الحَج، باب «إتمام الصَلاة في الحرمين»، حَدیث 1.
2- يُحتَمَل أَنْ يَكون قصد الراوي من كلمة «أمير المُؤمنين» - هُنا - الحاكم العبّاسي.. المامون.. أو مَنْ كانَ حاكِماً حين سُؤال الراوي. و يحتمل أن يَكون قصد الراوي : مَنْ يعتقد بأن الإمام علي ابن أبي طالِب (عَلَيهِ السَّلَامُ) هُوَ الخليفة الرابع. المُحقّق.
3- لَعَلَّ المقصود هُوَ السؤال عن حُكْم الصَلاة خلف الشيعي.. المُتاثر بافكار المُخالفين لِمَذهَب أهل البَيت، بِسَبَبِ المُجالسة مَعَهُم. المُحقّق.

فَكَتَبَ : «إِنْ جامَعَكَ وإيَّاهُم مَوضِعُ.. فَلَمْ تَجِدْ بُدّاً من الصَلاة، فَأذَّنْ لِنَفْسِك وأَقِم، فَإِنْ سَبَقَكَ إِلى القِراءة فَسَبِّحْ (1)» (2).

***

تَوضيح الحَديث : إِنَّ بَعض المذاهب.. ترى جَواز المَسح على الخُفَّين - في الوضوء - بَدَلاً عن المَسح على الرِجلَين. ومِنَ الواضِح أنَّ هذا الوضوء باطل، لأنّ الواجِب هُوَ المَسْح على بَشَرة الرِجل.. ولَيس على الخُف أو الجُورب. قال اللّه تَعالى : «وَ امسَحُوا بِرُؤوسِكُمْ واَرجُلَكُمْ إلى الكَعبَينِ» (3) فإذا كانَ الوضوء باطلاً.. فالصَلاة باطلة أيضاً، لأنَّه رُويَ عَن رسولِ اللّه

ص: 70


1- أي : فإِنْ سَبَقَكَ إلى الفراغ من القراءة.. و أرادَ أن يَركع. المُحقّق.
2- كتاب «تهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 3، ص 276 باب 26 «فَضْل المساجد والصَلاة فيها و فضل الجَماعة و احكامها»، حَدیث 127.
3- سورة المائدة، الآية 6.

(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إنَّه قال : «لا صَلاة إِلَّا بِطَهُور» والوضوء - مَعَ المَسْح على الخُفَّين - لَيسَ طَهُوراً.

هذا بالنِسبة إلى الوضوء، وأمّا بالنسبة إلى الأذان، فَقَد كانَ بَعض الحُكّام قَد أمَرَ بحَذف بَعض فُصُول الأذان والإقامة، مِثْل (حَيَّ عَلى خَيرِ العَمَل) و لذلك فإنَّ هذا الأذان - الناقِص - لا يَتَرتّب عليه آثر.

مِنْ هُنا.. فَقَد أَمَرَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) إبراهيم بن شيبة بِالتَقيَّة، فَقال : «إِنْ جَامَعَكَ و إيَّاهُم...» أي : لو كُنتَ مَعَ أولئك.. و لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُصَلي في مكان آخر، فَصَلِّ مَعَهُمْ، مُفْرِداً لا جَماعة، وأَذَنْ لِنَفْسِك الأذان الكامِل و اقرا فُصُول الإقامة، لكن .. لا تَرفَعْ صَوتَك بالأذان والإقامة، وقِفْ مَعَهُمْ و اقرأ الحَمْد و السورة، فإن ركعَ إمامُ الجَماعة قَبْلَ أَنْ تَقْرأ الحَمْد و السورة.. أو قَبْلَ أَنْ تُكمل قراءَتَهما فَسَبِّحْ تَسبيحة واحدة واركع، فإِنَّ التَسْبِيحَة تَكونُ بدلاً عن الحَمد و السُورة عِندَ الضَرورة، مِثل التقيّة.

ص: 71

حُكم السُجود على الحَصيرة

رُوي عن علي بن الرَيّان، قال : كتَبَ بَعض أَصحابنا (1) - بيد إبراهيم بن عُقبة - إليه [أي : إلى الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)] يَساله عن الصَلاة على الخمرة المَدَنِيَّة (2).

فَكَتَبَ : «صَلِّ فيها ما كانَ مَعْمُولا بِخُيوطِه، ولا تُصَلِّ على ما كانَ بِسُيُوره» (3).

***

تَوضيح الحَديث : الخُمرة - بِضَمّ الخاء - : هِيَ حَصِيرة أو سَجّادة صَغيرة.. تُصنَع مِنْ خُوص النَخل وسُمِّيَتْ خُمرة.. لأنّ خيوطها مَسْتُورة بِسَعْفِها، أي : غير مُميّزة.. لأنَّها مصنوعة من نَفْس النوع ونَفْس

ص: 72


1- بَعض أَصحابنا : يعني بَعض الشِيعة.
2- المَقْصود هُوَ السؤال عن حُكْم السجود في الصَلاة.. على الخُمْرة المَدَنِيّة. المُحقّق.
3- كتاب «تهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 2، ص 306 باب 15، «في كيفيّة الصَلاة وصِفَتها، والمفروض مِنْ ذلك و المَسنون»، حَديث 94.

اللَون. و هِيَ على قِسمَين :

1 - ما تُنْسَجِ بِخُيوط مِنْ جِنْسِها.

2 - ما تُنْسَجِ بِخُيوطٍ مِنْ غَير جِنْسِها.. كالجِلْد،ويُقالُ لَها : السّير. وجَمْعُها : سُيُور.

لا تُصَلِّ إِلّا خَلْفَ مَنْ تَثق بدینه و أَمانته

رُوي عن أبي علي بن راشد، قال : قُلتُ لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - :

إِنَّ مُواليك قَد اختلفوا [في العقيدة ] (1) فأصَلّي خَلْفَهُم جَميعاً؟

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تُصَلِّ إِلَّا خَلْفَ مَنْ تَثق بِدینه و أَمانتِه (2).

ص: 73


1- مُواليك.. الموالين : جَمْعُ مَولى، و لكلمة المَولى مَعانٍ مُتعدّدة، مِنْها : المُحِب.. والتابع. والمَعْنى المَقْصُود هُنا : الشيعة.. أتباع مَذهَب أهل البَيت. المُحقّق.
2- کتاب «الكافي» ج 1، ص 104؛ و کتاب «تهذيب الأحكام» ج 3، ص 266، باب 25 «فَضْل المساجد والصَلاة فيها و فَضْل الجَماعة وأحكامها»، حَدیث 75.

حُكم الصَلاة في الملابس المُتَّخذة من الفرو

رُوي عن أبي علي بن راشِد، قال : قُلتُ لأَبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ): ما تقول في الفِراء، أيُّ شيء يُصَلّى فيه ؟ (1) .

قال : «أيُّ الفِراء» ؟

قلْتُ : الفَنَك والسِنجاب و السّمُّور (2).

قال : فَصَلِّ في الفَنَك و السنجاب، فأَما السَمُّور فَلا تُصَلِّ فيه.

ص: 74


1- لَقَد ثَبَت - بَين الفِقهاء - أنّه تَحرم الصَلاة فِي جِلد الحَيوان الَّذِي يَحرم أكلُه، و في شعره وفَرُوه، ويُستثنى مِنْ ذلك.. الموارد الّتي جاءَ النَّص الصحيح بِجَواز الصَلاة فيها. المُحقّق.
2- الفنّك : حيوان من فصيلة الثعالب، تُعتبر قروتُه مِنْ أجود أنواع الفِراء، السِنجاب : حَيوان أكبر من الفارة، شَعره في غاية النُعومة ويُتَّخَذَ مِنْ جِلْدِه الفراء، السَمُّور: حَيوان بَرِّي يَشبَه ابن عرس لكنه اكبر مِنْه، لونُه أحمر، مائل إلى السَواد، يُتَّخَذ مِنْ جِلْدِهِ الفِراء الثَمينة.

قُلْتُ : فالثَعالبُ يُصَلّى فيها ؟

قال : لا، ولكن تُلْبَس بَعْدَ الصَلاة.

قُلْتُ : أَصَلِّي في الثوب الَّذِي يليه ؟ (1)

قال : لا (2).

حُكم لبس الوبر

رُوي عن أبي تمامة، قال : قلتُ لأبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ بِلادنا باردة، فَما تَقول في لبس هذا الوبَر ؟

ص: 75


1- الثوب الَّذِي يليه : باَن يَكون الإنسان قَد لبس ثَوبَين أحدهما لاصِق بِجِسمه، والآخَرَ.. فَوقَ ذلك، ويَكون الثَوب الآخَر مَصنوعاً مِنْ فَرو السمّور أو الثَعالِب، فَفي هذه الحالة.. أيضاً لا تَجوز الصَلاة فيها.. رغم وجود ثَوب آخر يَفصِلَ بَين الجِسم والقرُو، ولَعَلَّ المَعْنى من «الثوب الَّذِي يليه» : هُوَ بِطانة مَلابس الفرو. المُحقّق.
2- كتاب «الكافي» ج 3، ص 410 ؛ و كتاب «تهذيب الأحكام» ج 2، ص 210، باب 11 «في ما يَجوز الصَلاة فيه مِن اللِباس والمكان.. و ما لا يجوز الصَلاة فيه مِنْ ذلك»، حَديث 30.

قال : إِلبَس مِنْها ما أُكِلَ وضُمِن (1)، (2).

حُكْم الفَرو الَّذِي يُشتَرى مِن السُوق

عن مُحَمّد بن الحسين الأَشعَري، قال : كتَب بَعض أَصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (صَلَواتُ اللّه عليه) : ما تقول في الفَرْو، يُشتَرى من السُوق ؟

فقال : «إذا كانَ مَضموناً فَلا باس» (3).

تَحديد وقت صَلاة الفَجر

عن الحصين بن أبي الحصين، قال:

كتَبْتُ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جُعلتُ فِداك

ص: 76


1- و المعنى : أن يَكون مأكول اللحم و مضمون التذكية.
2- کتاب «الكافي» ج 6، ص 450، كتاب الزي و التَجَمل، باب «لبس الصوف و الشعر و الوبر»، حَدیث 3.
3- كتاب «الكافي»، ج 3، ص 399، کتاب الصَلاة، باب اللباس الَّذِي تُكره الصَلاة فيه و ما لا تكره، حَدیث 7.

إختَلَفَ مُواليك في صَلاة الفجر، فَمِنْهُم مَنْ يُصَلّي إذا طَلَعَ الفَجْرُ الأول.. المُستَطيل في السَماء، ومِنْهُمْ مَنْ يُصَلّي إذا اعترض [الفجرُ ] في أسفل الأرض و استَبان.

و لَسْتُ أعرف أفضل الوقتين فأصلّي فيه، فَإِنْ رايت - يا مولاي جَعَلَني اللّه فداك - اَنْ تُعَلِّمَني أَفضَلَ الوقتين، و تُحِدّ لي كيفَ أصنَع مَعَ القَمَر، والفجر لا يَتَبَيَّن حتّى يَحْمَرّ و يصبح ؟

وكيفَ أصنَع مَعَ القَمَر ؟

وما حَدُّ ذلك في السَفَر والحَضَرِ ؟ فَعَلْت إن شاءَ اللّه.

فَكتب - بخَطِّه - (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «الفجر (رَحِمَكَ اللّه) الخَيطُ الأبيض، وليس هُوَ الأبيض صَعْداء (1) ولا تُصَلِّ في سَفَر ولا في حَضَر حتّى تَتَبَيَّنَه (رَحِمَك اللّه).

ص: 77


1- يَظهَر ضَوء في جانب المشرق بشكل عمودي قبلَ طلوع الفَجْر.. ثُمَّ يَزول، ويُقالُ لَه : الفجر الكاذب، ثم يظهر يَظْهَر في نَفْس المكان ضوء أفقي - أي : في عرض الأفق - ويصعد تدريجيّاً، وهُوَ الفجر الصادق، وهُوَ عَلامة دخول الصُبح و به تَجِبُ صَلاة الصبح والإمساك لِلصائم.

فَإنَّ اللّه لَمْ يَجْعَلْ خَلْقَه في شبهةٍ من هذا، فَقالَ تَعالى : «كُلُوا وَاشرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأَبْيَض مِنَ الخَيطِ الأَسوَد مِنَ الفَجْر» (1).

فالخَيطُ الأَبيض : هُوَ الفَجْر الَّذِي يَحْرُم به الأكل و الشُرب في الصِيام، وكذلك هُوَ الَّذِي يُوجب الصَلاة» (2).

مَنْ اتمَّ ركوعه لَمْ تَدخُله وَحْشة في القَبْر

رُويَ عن سعيد بن جناح، قال : كُنْتُ عِنْدَ أَبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في منزله بالمَدينة، فَقال - مُبتدءاً - : «مَنْ اتم ركوعَه (3) لَمْ تَدخُلُه وَحْشة في

ص: 78


1- سورة البقرة، الآية 187.
2- کتاب «تَهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 2، ص 36 - 37، باب 4 «في أوقات الصَلاة، وعلامة كُلّ وقت مِنْها» حَديث 66.
3- الظاهر أنَّ تمام الركوع.. يَكون بتوفير شروط صحّة الركوع، كالإنحناء بالمِقدار الواجب، والإستقِرار حِينَ التلفّظ بأذكار الركوع، والعَمَل بمُسْتَحبّاته. المُحقّق.

القَبر» (1).

وقت نافِلة الفَجر

رُوي عن علي بن مَهْزیار، قال : قَراتُ في كتاب رَجُل إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «الركعتان اللَتان قَبْلَ صَلاة الفجر، مِنْ صَلاة اللَيل هِيَ أَمْ مِنْ صَلاة النّهار؟ و في أي وقت أصلّيهما ؟».

فک

فكتَبَ - بخَطِّه - :

«احْشُهُما في صَلاة الليل حَشواً (2)» (3).

ص: 79


1- کتاب «الكافي» ج 3، ص 321، كتاب الصَلاة، باب الركوع، حَديث 7.
2- احْشُهُما : أدمِجهُما مَعَ ركعات صَلاة اللَيل. وكان الإجابة على السؤال الأول جاءَتْ واضحة.. مِن خِلال إجابة السوال الثاني. المُحقّق.
3- کتاب «تهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 2، ص 132، باب 7 «عَدَد فصول الأذان والإقامة و وصفهما»، حَدیث 278.

حُكم الصَلاة لِمَنْ لَه مَزرعة خارجَ البلد

رُوي عن عمران بن مُحَمّد، قال : قلتُ - لأَبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) - :

جعلت فداك، إنَّ لى ضَيعة على خَمْسة عَشَر مِيلاً (1) فَرُبما خَرَجْتُ إليها فَأَقِيم فيها ثلاثة أيّام.. أو خمسة أيّام.. أو سَبعةَ أيّام، فأتمُّ الصَلاة أم أقصِّر ؟

فقال : «قصِّر في الطريق (2)، و أَتمّ في الضَيعة (3)» (4).

ص: 80


1- خَمْسة عَشَر ميلاً : تعادل خمسة فراسخ، وهي تساوي ثلاثين كيلومتراً تقريباً، لأَنّ الفَرسَخ الواحد.. يُساوي سِتّة كيلومترات تقريباً. المُحقّق.
2- أي : إذا كنت في طريقك إلى الضيعة.. و أردت الصَلاة، فقَصِّرْ صَلاتك، أما إذا وَصَلت إلى الضيعة.. فصل صلاتك تماماً. المُحقّق.
3- إختَلَفَتْ فَتاوى الفِقهاء في مسالة قصر أو إتمام الصَلاة في الضيعة، وذلك لأن الروايات الواردة حَولَ هذا الموضوع.. مُختلفة في ظاهرها. فالواجب على الإنسان.. آن يعمل براي المرجع الديني الَّذِي يُقلّده المُحقّق.
4- كتاب «تَهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 3، ص 210 باب 23 «الصَلاة في السَفَر» حَديث 18.

حُكْم الصَلاة في الثَوب

الَّذِي عليه شَعْرُ جِلد الحِمار

رُويَ عن القاسم بن الصيقل، قال :

كتَبْتُ إلى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنِّي أعمَلُ أعْمادَ السُّيُوف مِنْ جِلْد الحُمُر الميّتة (1) فَيُصِيبُ ثِيابي (2)، فأُصَلّي فيها ؟

فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليَّ : «إِتَّخِذْ ثَوباً لِصَّلاتِكَ».

فكتَبْتُ إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كُنْتُ قَد كَتَبْتُ إلى أبيك (عَلَيهِ السَّلَامُ) بكذا و كذا، فَصَعُبَ عَلَيَّ ذلك (3) فَصِرْتُ اَعْمَلُها (4) مِنْ جُلُود

ص: 81


1- الحُمُر : جَمْع حمار.
2- أي : يَلْتَصِقُ بثيابي.. من شعر جلد الحمار. المُحقّق.
3- أي : تَبديل ثيابي.. ولبس الثوب المُخَصَّص للصلاة. المُحقّق.
4- أي : صِرْتُ أصنع أعماد السيوف. المُحقّق.

الحُمُر الوَحْشِيَّة الذكيّة (1).

فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليَّ : «كُل أعمالِ البِرّ بالصبر - يَرحَمُك اللّه - فإنْ كانَ ما تَعْمَل.. وَحْشيّاً ذكيّاً.. فلا بأس». (2)

حكم الصَلاة خلف المُنْحَرفِ عَقائديّاً

رُوي عن مُحَمّد بن خالد البَرقي، قال :

كتَبْتُ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أيَجوز - جعلت فداك - الصَلاة خَلْفَ مَنْ وقَفَ على أبيك و جدّك (صَلَواتُ اللّه عليهما) ؟

ص: 82


1- الذكيّة : المذبوحة على الطريقة الشرعيَّة. ونُذكِّر أنّ اكل لَحْم الحِمار.. مكروه شرعاً. المُحقّق.
2- كتاب «الكافي» للشيخ الكليني، ج 3 3، ص 407، کتاب الصَلاة، باب «الرَجُل يُصَلّي في الثوب وهُوَ غَير طاهر عالماً أو جاهلاً» حَديث 16.

فاجاب: «لا تُصَلِّ وراءَه» (1).

***

تَوضيح الحَديث : المَقصود مِنْ «مَنْ وقَفَ على أبيك» : هُم الواقفيّة الَّذِين تَوقَّفوا عن القول بإمامة الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) و المقصود من «وقَفَ على جَدّك» : هُم الفَطَحيّة الَّذِين تَوقَّفوا عن القَول بإمامة الإمام مُوسى الكاظِم (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و السَبَب (في نَهْي الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الصَلاة خَلْفَهُم) هُوَ : أنّ إمامَ الجَماعة يَجِب أَنْ يَكون سَليمَ العَقيدة، ولا شّك في فَساد عَقائد الفَطَحِيَّة والواقفيّة.

مَسالة فِقْهِيّة حَولَ قَضاء الصَلاة

رُويَ عن مُحَمّد بن الرَيّان، قال :

ص: 83


1- كتاب «تَهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 3، ص 28، باب 3 «أحكام الجَماعة و أقل الجَماعة...»، حَديث 10.

كتَبتُ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

«رَجُلٌ يَقْضي شيئاً مِنْ صَلاتِهِ الخَمسين (1) في المَسجِد الحرام أو في مَسجِد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) أو في مَسجِد الكوفة، أتحسَبُ لَه الركعة على تضاعُف ما جاءَ عن آبائك (عَلَيهِم السَّلَامُ) في هذه المَساجِد، حتّى يُجزاهُ إذا كانت عليه عشرة آلاف ركعة.. أنْ يُصَلِّيَ مائة ركعة ؟ أو أقَلّ أو أكثَر ؟ وكيفَ يَكون حالُه ؟

فَوقَّعَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «يُحْسَبُ لَه بِالضِعْف، فأمّا أَنْ يَكون تقصيراً من الصَلاة بحالِها فَلا يَفْعَل، هُوَ إلى الزيادة أقرب منه إلى النقصان» (2).

***

تَوضيح الحَديث : لَقَد وَرَدَتْ أَحاديث في فضل هذه المَساجد المذكورة، و أنّ كُلّ ركعة مِنَ الصَلاة - فِي أحَد

ص: 84


1- لعلَّ المَقْصود : الفرائض اليَوميّة مَعَ نَوافِلِها، حَيث يَكون عددُ مَجموعها خمسين ركعة تقريباً. المُحقّق.
2- كتاب «الكافي» ج 3 ص 455، کتاب الصَلاة، باب تَقديم النَوافل و تاخيرها و قَضائها وصلاة الضُحى، حَديث 19.

هذه المَساجِد - تُعادل أُلوفاً من الركعات في الثَواب، و هذا الرَجُل سَأَلَ مِن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ان الَّذِي عليه قضاء الف ركعة.. لَو صَلّى في مَسجِد - تُعادل كُلّ ركعة فيه مائة ركعة - عَشْرَ ركعات، هَلْ يَجزيه ذلك ؟

فاجابه الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأنّ الثَواب فَقَط.. هُوَ الَّذِي يَتَضاعَف، ويَبْقى الواجب عليه.. أنْ يَقْضى ما فاته من الصَلاة.. بِعَدَد ما فاته.

حُكم قراءة السُورة بِلا بسملة في الصَلاة

روي عن يحيى بن أبی عِمران، إنَّه قال :

كتَبْتُ إلى أبي جعفر [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

جُعلتُ فِداك، ما تَقول في رَجُل ابتدا ببِسم اللّه الرَحمن الرَحيم في صَلاتِهِ وَحده في أُمّ الكِتاب، فلَمّا صارَ إلى غَير أُمّ الكِتاب مِن السُورة ترَكها ؟ (1)

ص: 85


1- تركها: أي: تَركَ البسملة، بِاَنْ بَدا بقراءَة السوُرة الّتي بَعْدَ الحَمْد.. مِن دون أَن يَقرأ البسملة في بِدايتِها. المُحقّق.

فقال العبّاسي : ليسَ بِذلك باس ؟

فكتَبَ - بخَطِّه - : «يُعِيدُها – مَرّتين (1) - على رغم أَنفِه (2)».

حُكم الصَلاة في بَعض الجُلود

رُوي عن يَحيى بن أبي عِمران، أنَّه قال :

كتَبْتُ إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) في السِنجاب و الفنك (3) والخَزّ (4) وقلتُ : جُعِلْتُ فِداك أُحبّ أن لا تُجيبُني بالتقيَّة في ذلك.

ص: 86


1- أي : كتَبَ : يُعِيدُها.. يُعِيدُها.
2- أي : على رغم أنف العبّاسي. و العبّاسي هُوَ : هشام بن إبراهيم العبّاسي، وكان من المُنْحرفين عن الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).
3- المُراد هُوَ السُؤال عن حُكْم الصَلاة في جُلُود هذه الحَيوانات.
4- الخَزّ : إسمُ قماش ناعم.. يُؤخَذ مِنْ جِلْد حَيوان بَحري، يُسْتعمَل - غالباً - في موسم الشتاء، لِتَدفئتِه. المُحقّق.

فكتَبَ - بخَطِّه – إليَّ:

«صلِّ فيها» (1).

ص: 87


1- كتاب «مَنْ لا يحضره الفقيه» للشيخ الصدوق، ج 1، ص 262، باب ما يُصَلَّى فيه وما لا يُصَلّى فيه مِن الثياب وجَميع الانواع»، حَديث 808.

أحكام الخمس

يَجب الخُمْس بَعْدَ المَؤونة

رُوي عن أبي نَصْر، قال : كتَبْتُ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الخُمْس أخرِجُه قَبْلَ المَؤونة.. أو بَعْدَ المَؤونة ؟

فَكَتَبَ : «بَعْدَ المَؤونة (1)» (2).

ورُوي عن مُحَمّد بن الحَسَن الأَشعَري، قال :

كتَبَ بَعض أَصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) اخبِرني عن الخُمْس : أَعَلى جَميع ما يَستفيد الرَجُل.. مِنْ قليلٍ وكثيرٍ.. مِنْ جَميع الضُروب،

ص: 88


1- المؤونة : القُوت و النفقة.
2- کتاب «الكافي» للشيخ الكليني، ج 1، ص 545، کتاب الحُجّة، باب «الفَيء والأنفال و تفسير الخُمس...» حَديث 13.

و على الصناع، وكيفَ ذلك ؟

فكتَبَ - بخَطِّه - : «الخُمْس بَعْدَ المَؤونة» (1).

الإمام الجَواد.. يُعفي عن حَقّه

رُوي عن علي بن مَهْزیار، قال : قرأتُ في كتاب - لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - مِنْ رَجُلٍ يَسأَله أَنْ يَجْعَلَه في حِلّ مِنْ مأكلِه و مَشربه مِن الخُمس.

فكتَبَ - بخَطِّه - : «مَنْ أعوزَه شيءٍ مِنْ حَقّي، فَهُوَ في حِلّ (2)» (3).

ص: 89


1- کتاب «تَهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 4، ص 123، باب 35 «في الخُمس و الغنائم»، حَديث 9.
2- لَعَلَّ المَعْنى : مَنْ كانَ مُحتاجاً إلى شيء من مال الخمس.. مِنْ الَّذِي جَعَلَه اللّه تَعالى حقّاً للإمام الجَواد، فَهُوَ في حل، أي : يَجوز لَه التَصَرُّف في ذلك، وهُوَ حَلال له، لأنّ الإمام لَه الحَقِّ في هذا التَصَرُّف. المُحقّق.
3- كتاب «تَهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 4، ص 143، باب 39 «في الزيادات»، حَدیث 22.

أحكام الزكاة

مَسالة في الزكاة

رُوي عن مُحَمّد بن خالد البَرقي، قال :

كتبتُ إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

هَلْ يَجوز أن يُخْرَج ما يَجِب في الحَرث مِن الحنطة والشَعير، وما يَجِبُ على الذهَب مِن دَرَاهم بِقيمة مَا يَسوى، أَم لا يَجوز إلّا أنْ يُخْرج من كُلِّ شيء ما فيه ؟

فاجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «أيما تَيَسَّرَ يُخْرَج» (1).

***

ص: 90


1- كتاب «الكافي» للشيخ الكُليني، ج 3، ص 559، کتاب الزكاة، «باب الرَجُل يُعطي عن زكاته العِوَض»، حَدیث 1 ؛ و ذُكِرَ الحَديث - أيضاً - في كتاب «تهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 4، ص 95، باب 29 «الزيادات في الزكاة»، حَديث 5.

تَوضيح الحَديث : هَلْ يَجِب دفع الزكاة مِنْ نَفْس الأَشياء الّتي وَجَبَت فيها الزكاة.. أَمْ يَجوزُ دفع ما يُساوي ذلك من الثَمَن ؟

فكتَبَ الإمامُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يَدفَعُ الأَسهَل عليه.

ص: 91

احكام الحج

ما هُوَ أَفضل أقسام الحج ؟

رُويَ عن أحمَد بن مُحَمّد بن أبي نَصر، عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : «كان أبو جعفر [الباقر] يَقول : المُتَمَتّع بالعُمرة إلى الحَجّ أفضل مِن المُفْرِد السائق للهَدْي». وكان يقول : «لَيسَ يَدخُل الحاج بِشيء أفضَل من المُتعة» (1).

و رُويَ - أيضاً - عن أحمَد بن مُحَمّد بن أبي نَصْر، أنّه قال :

سألت أبا جعفر (علیه السلام) - في السَنَة الّتي حَجَّ فيها، وذلك في سَنَة اثنَتَي عشرة ومائتَين - فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِداك.. بِأَيِّ شيءٍ دَخَلْتَ مكّة ؟ مُفْرِداً أو مُتَمَتِّعاً ؟

ص: 92


1- کتاب «الكافي» ج 4، ص 291 «باب أصناف الحج» حَديث 5.

فَقال : مُتَمَعاً.

فَقُلْتُ لَه : أيّهما أفضَل : المُتَمَعِ بِالعُمرة إلى الحَجِّ، أو مَنْ أَفرد و ساقَ الهَدْي ؟

فَقال : كانَ أبو جعفر [ الباقر ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول : المُتَمَتُّع بالعُمرة إلى الحَج.. أفضل من المُفْرِد السائق لِلهَدي، وكانَ يَقول : لَيسَ يَدخُل الحاج بشيءٍ أفضَل مِن المُتعة. (1)

***

أيُّها القارىء الكريم

إنَّ الحَج على ثلاثة أقسام : 1- حَجَ التَمَتُّع، 2 - حَجَّ القِران، 3 - حَجّ الإفراد :

1 - أمّا حَجُّ التَمَتُّع : فَهُوَ أَنْ يُحْرِم الحاج مِنْ أَحَد المَواقيت، ويَدخُل مكّة، ويَطوف، ويُصَلِّي صَلاة الطَواف عِنْدَ مَقام إبراهيم، ويَسْعَى بَين الصَّفا و المَرْوة، ثمَّ يُقَصِّر، ويُحلّ مِن إحرامِه.

ص: 93


1- كتاب «الكافي» ج 4، ص 292، باب اصناف الحج، حَديث 11.

ثُمَّ يُحْرِم لِلحَجّ، ويَخرُج إلى عَرفات، ويَأتي بمَناسِك الحَجّ.. كما هي مذكورة في الكتب الفِقهيّة و هذا الحجّ يُقالُ لَه : حَجَّ التَمَتُّع.

2 - حَج الإفراد، و هذا القِسم والقِسم الثالث يَخُصّان أهلَ مكّة، ومَنْ كانت المَسافة بَين بَيته و بَين مكّة أقلّ مِن إثني عشر ميلاً مِنْ كُلِّ جانِب (1).

و هذا يُحْرِم مِنْ حَیث يَجوز لَه الإحرام، ثُمّ يَمُضي إلى عَرفات، وياتي بِمَناسِك الحَجّ.. و عليه عُمْرة مفردة.. بَعْدَ الفَراغ مِن الحَجّ والإحلال مِنه.

3 - حَجُ القِران، وهُوَ مِثْل حَجّ الإفراد، ولكنَّه يَتَمَيَّز عنه.. بأن القارن.. يَسُوق الهَدي عِنْدَ إحرامه، أي : يَصطحِب مَعَه الهَدْي مُنْذُ ساعة الإحرام.

والهَدْي : ما يُهدى إلى بَيتِ اللّه الحَرام، من الأضاحي، كالإبِل والبَقَر والغَنَم.

ص: 94


1- إثنا عَشَر ميلاً : يُساوي 16 فَرسَخاً شرعيّاً، وكُلُّ فَرسَخ .. يَقْرُبُ مِنْ خمسة ونِصف كيلومتراً.

مَسالة حَولَ التَظليل

رُويَ عن بكر بن صالح، أنَّه قال : كتَبتُ إلى أَبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إِنَّ عَمَّتي مَعي، وهِي زَميلَتي والحَرُّ يَشتَدّ عليها إذا أحرمَتْ، فَتَرى لي أن أُظَلِّلَ عَلَيَّ وعليها ؟

فَكَتَبَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «ظَلَّلْ عَلَيْها وَحْدَها» (1).

احكام سَفَر الحَجِّ.. لاَوّل مَرَّة

رُوي عن بَكر بن صالح، أنَّه قال : كتبت إلى أبي جعفر(عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ ابني معَي و قَد أَمَرتُه أَنْ يَحِجَّ عن أُمّي، اَيَجزي عنْها حَجّةَ الإسلام ؟ (2)

فَكَتَبَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «لا». و كانَ ابنُه صَرُورة،

ص: 95


1- کتاب «الكافي» ج 4، ص 352، باب الظلال لِلمُحْرِمِ، حَديث 12.
2- الظاهِر مِن السُؤال : هُوَ النيابة في حال حياتها، إِذْ مِن الثابت - فِقْهِيّاً - : أنَّ النيابة في الحج.. لا تجوز عن الحَيِّ .. إلا في حالات خاصّة. المُحقّق.

و كانت أمه صَرُورة (1).

***

تَوضيح : الصَرُورةِ - في باب الحَجّ - : يُقال : لِلّذي بَعْد، ومِثْلُه : امرأة صَرُّورة، وهِيَ الّتي لَمْ حجّ تَحِجٌ بَعْد.

لا يُقاس الدين.. بالعَقل

رُويَ عن الحُسَين بن مُسلم، عن أبي جعفر الثاني [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّه سُئِل : ما فَرقُ ما بَين الفسطاط وبَينَ ظِلّ المَحْمِل ؟

قال : «لا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَظلَّ في المَحْمِل، والفَرقُ بَينَهما.. اَنَّ المَرأة تَطْمَثْ في شهر رمضان، فَتَقْضي الصِيام، ولا تَقْضي الصَلاة».

ص: 96


1- كتاب «تَهذيب الاحكام» ج 5، ص 412، باب 26 في «الزيادات في فقه الحج»، حَديث 79.

فَقالَ السائل : صدقْتَ، جُعِلْتُ فِدَاك (1).

***

تَوضيح الحَديث : يَحْرُم على الرَجُل - في حالِ الإحرام - الإستِظلال في حالِ السّير، وليس في حالِ النُزول، كالجُلوس في الخَيمة.

و السائل يَسال : ما الفَرق بَين ظِلّ الخَيمة وبينَ ظلَّ المَحْمِل ؟ فَاجابه الإمام : إن هذه أحكام شرعيّة.. لا مجال للقياس فيها. فالصَلاة أَهمّ مِن الصَوم، و لكِنَّ المَرأة إذا حاضت في أيّام شَهر رَمضان.. يَجِب عليها قَضاء الصوم، لكن.. لا يجب عليها قَضاء الصَلاة.

كذلك الإستِظلال بظِلّ المَحْمِل (أَو أيّة وَسيلة نَقْليَّة) حَرام، و لكنّ الجُلوس في الخَيمة أو أيّ مَكان لَه سَقْف.. ليسَ بِحَرام.

ص: 97


1- كتاب «مَنْ لا يحضره الفقيه» للشيخ الصدوق، ج 2، ص 353، كتاب الحج، باب «الظلال لِلمُحرِم»، حَديث 2674.

أفضَل أقسام الحَجّ

رُوي عن علي بن حديد، قال : إنّ عليّ بن ميسّر كتَبَ إلى الإِمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَسأله :

عن رَجُل إعتَمَر في شَهر رَمضان، ثُمّ حَضَرَ المَوسِم، أيَحِجُّ مُفْرِداً لِلْحَجّ، أو يَتَمَتَّع، أيّهما أفضَل ؟

فكتب إليه : «يَتَمَتَّع أفضل». (1)

***

تَوضيح الحَديث : إِنَّ رَجُلاً ذَهَبَ إلى مكّة لأَداء العُمْرة في شَهر رَمضان، وبَقِيَ في مكّة إلى مَوسِم الحَجّ، فهَلْ يَحِجّ حَجّ الإفراد.. أو يختار حَجَّ التَمَتُّع ؟

فأَجَابَهُ (عَلَيهِ السَّلَامُ) بأَنَّ حَجَّ التَمَتُّع أفضل.

ص: 98


1- كتاب «الكافي»، ج 4، ص 292، كتاب الحَجّ، باب أصناف الحَجّ، الحَديث 8.

العُمْرة في شَهر رَمضان

أم البَقاء لإكمال الصيام ؟

رُوي عن علي بن حديد، قال : كنتُ مُقيماً بالمَدينة في شَهر رَمضان - سَنَة ثَلاث وعشرة ومائتَين - فَلمّا قَرُبَ [عيد] الفِطر، كتَبْتُ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَسأله عن الخُروج في عُمْرة شَهر رَمضان أَفضَل، أو أُقيم حتّى يَنْقَضي الشهر و أُتمّ صَومي ؟

فكتَبَ إليَّ كِتاباً قراته بخَطِّه : «سأَلت - رَحِمَكَ اللّه - عن أيّ العُمْرة أفضَل ؟ عُمْرةُ شَهرِ رمضان أفضَل. يَرحَمُك اللّه». (1)

المُخالف يُعيدُ حَجّه

رُوي عن على بن مَهْزیار، قال : كتب إبراهيم بن مُحَمّد بن عِمران الهمداني، إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 99


1- کتاب «الكافي» للشيخ الكليني، ج 4، ص 536، كتاب الحج باب «الشُهور الّتي تُستَحَبّ فيها العُمرة و...» حَديث 2.

إنِّي حَجَجْتُ و أنا مُخالف (1)، و كُنْتُ صَرورة (2) فَدَخَلْتُ مُتَمَتِّعاً بِالعُمْرة إلى الحَجّ ؟

فكتب إليه : «اَعِدْ حَجَّك» (3).

مَسالة حَول الحجّ عن المَيّت

كتبَ عمرو بن سعيد الساباطي إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يسأله عن رَجُلٍ أوصى إليه رَجُلٌ : أَنْ يَحِجَّ عَنْه ثلاثةُ رجال، فَيَحِلُّ لَه أَنْ يَاخُذ لِنَفْسِهِ حَجَّةٌ منها ؟ (4)

ص: 100


1- و أنا مُخالِف : أي : و أنا مُخالف لِمَذهَب أهل البيت، بَلْ كُنت على مذهب أتباع السقيفة. المُحقّق.
2- الصّرورة : الَّذِي يَحِجّ لأوّل مرّة.
3- كتاب «الكافي» ج 4، ص 275، كتاب الحج، باب «ما يُجزىء مِنْ حَجّة الإسلام وما لا يُجزىء»، حَديث 5.
4- أي : هَلْ يَجوز أنْ يَأخُذ الرّجُلُ المُوصى إليه.. حَجَّة، فَيَكون هُوَ احَد الرجال الثَلاثة. المُحقّق.

فَوقَّعَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) - بخَطِّه و قراته - (1) : «حِجَّ عنه إن شاءَ اللّه تَعالى، فإن لَكَ مِثْلَ اَجْره، ولا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِه شيء، إن شاءَ اللّه تَعالى». (2)

هكذا حَجَّ الإمام الجَواد

رُويَ عن القاسم بن الصيقل، قال : ما رأيتُ أَحَداً كانَ أشَدَّ تَشديداً فى الظِلّ.. من أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) كانَ يَامُرُ بِقَلْع القُبَّة (3) و الحاجِبَين (4) إذا أحرم. (5)

ص: 101


1- التوقيع - في المُصطلح القديم - : هُوَ كتابة الإجابة على : نَفْس وَرقة السؤال. المُحقّق.
2- كتاب «من لا يَحضُره الفقيه» للشيخ الصدوق، ج 2، حَدیث 1323.
3- قَلع القُبَة : إزالة قماش مظلة الهَودج. المُحقّق.
4- الحاجِبين - هُنا - : خَشَبَتا القُبَّة.. اللتين يُثَبَّت عليهما قِماش التَظليل. ولعلَّ المَقصود من «الحاجبين» : القماش الَّذِي يُظلل من جوانب و أطراف المَحْمِل. المُحقّق.
5- کتاب «الكافي» ج 4، ص 350 - 351، باب الظلال لِلمُحرِم - حَديث 3.

تَوضيح الحَديث : في مَذهَب أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) يَحْرُمُ على الرَجُل - في حالِ الإحرام - الإستِظلال في حال السَير، لا حال المَشي و النُزول.. كالجُلوس في الخَيْمَة، أو المَشْي في الخيمة أو المَنْزِل.

و معنى الإستِظلال هُوَ : أنْ يَكون بَينَه وبَينَ السَماء حاجِز، كيفَ ما كانَ ذلك الحاجِز.

مَتى يُحْرَمَ بِالصّبيُّ ؟

رُوي عن مُحَمّد بن الفضيل، قال :

سالت أبا جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن الصَبيِّ مَتى يُحْرَم به ؟

قال : «إذا اثغَرَ (1)» (2).

ص: 102


1- إختَلَفَ اللُغَويّون في هذه المادّة، فقيل : ثَغَر : إذا نَبَتَتْ أسنانُه، وقيل : إذا سَقَطَتْ أَسنانه، أي : الأَسنان اللّبنيّات.
2- كتاب «الكافي» ج 4، ص 276، كتاب الحج، باب «ما يُجزىء عن حَجّة الاسلام و ما لا يُجزىء»، حَديث 9.

الطواف نيابةً عن الأَوصياء

رُوي عن مُوسى بن القاسم، قال : قلتُ لأبي جعفر الثاني [الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) : قَد اردت أَن أَطوف عنك و عن أَبيك، فقيل لي : إنَّ الأوصياء لا يُطاف عنهم !!

فقال لي : بَلْ طُف ما أمكنك، فإنّ ذلك جائز.

ثُمّ قلتُ لَه - بَعْدَ ذلك بِثَلاث سنين - : إنّي كُنْتُ إستاذنتُك في الطواف عنك و عن أبَيك، فأَذِنتَ لي في ذلك، فَطفتُ عنكما ما شاء اللّه (1) ثُمّ وقَعَ في قَلْبي شيء فَعَمِلْتُ بِه.

قال : وما هُوَ ؟

قلتُ : طُفت يوماً عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ).

فقال - ثلاث مَرّات - : صلّى اللّه على رسول اللّه.

ثُمَّ اليَوم الثاني عن أَمير المُؤمنين، ثمّ طُفتُ اليَوم الثالث عن الحَسَن، و الرابع عن الحُسَين، و الخامِس عن عليّ بن الحُسَين، و السادس عن أَبي

ص: 103


1- أي : كثيراً.

جعفر مُحَمّد بن علي [ الباقر ] و اليَوم السابع عن جعفر ابن مُحَمّد، واليَوم الثامن عن أبيك موسى، و اليوم التاسع عن أبيك، واليوم العاشر عنك يا سَيّدي.

و هؤلاء الَّذِين أدينُ اللّه بولايتِهِم.

فقال [ الإمام ] : إذَنْ تُدين اللّه بالدين الَّذِي لا يَقبَل مِن العِباد غَيرَه.

قلتُ : ربَّما طُفتُ عن أُمِّك فاطمة، وربَّما لم أطُف.

فقال : «إستَكثِر مِن هذا، فإنَّه أفضل ما أنتَ عامِلُه إن شاءَ اللّه» (1).

سؤال المُستَبْصِر عن حَجِّه

رُوي عن أبي عبد اللّه الخُراساني، عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : قلتُ لَه : إني حَجَجْتُ و أنا مُخالف، وحَجَجْتُ حَجَتي هذه، وقَد مَنَّ اللّه

ص: 104


1- كتاب «الكافي» ج 4، ص 314، كتاب الحج، باب الطَواف و الحجّ عن الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)، حَدیث 2.

(عَزّوجَلٌ) عَلَيَّ بِمَعرفتِكُم، و عَلِمْتُ أنّ الَّذِي كُنْتُ فيه.. كانَ باطلاً، فَما تَرى في حَجَّتي ؟

قال : إجعَل هذه حَجّة الإسلام، وتِلك نافِلة (1).

***

أقول : إنّ الحَديث يَدلُّ على أنَّه كانَ مُنْحَرفاً، ثمّ اهتَدى، وصارَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 105


1- كتاب «مَنْ لا يَحضره الفقيه» ج 2، ص 430، باب ما جاء في الحَجّ قَبل المَعرفة، حَديث 2884.

أحكام الزواج

الشروط الأساسية للزواج

رُوي عن الحُسَين بن بَشّار الواسِطي، قال :

كتَبْتُ إلى أبي جعفر [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأَله عن النِكاح.

فَكَتَبَ إليَّ : «مَنْ خَطَبَ إليكُم فَرَضيتُم دينَه و أَمانتَه فَزَوِّجوه، إلّا تفعلوه تَكُنْ فِتْنَة في الأرض و فَساد كبير» (1).

لِمَنْ نُزَوِّجُ بَناتِنا ؟

رُوي عن علي بن مَهْزیار، قال :

ص: 106


1- كتاب «الكافي» ج 5، ص 347، كتاب النِكاح، باب آخر مِنْه، حَدیث 1.

كتب عليُّ بن أسباط إلى أبي جعفر [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) في أمر بَناتِه، وأنَّه لا يَجِدُ أَحَداً مِثْلَه. فكتَبَ إليه أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

«فَهِمْتُ ما ذكرتَ مِنْ أمر بَناتِك، وإنَّك لا تَجِد اَحَداً مِثْلَك، فَلا تَنْظُر في ذلك - رَحِمَك اللّه - فإنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) قال : إذا جاءَكُمْ مَنْ تَرْضَونَ خُلُقَه و دینَه فَزَوِّجُوه، إلَّا تَفعَلوه تَكُنْ فِتْنة في الأرض وفساد كبير».(1)

* **

تَوضيح الحَديث : إنّ على بنَ أَسباط كانَت لَه بنات قَد أدركْنَ سِنَّ الزَواج، و لكنَّه كانَ يَود أنْ يُزَوِّجَهُنَّ مِمَّنْ هُوَ مِثْلُه في المعرفة و كمال التشيُّع، ولهذا كانَ يُؤخِّرُ تَزويجهن، فنَهاهُ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن ذلك بقوله: «فَلا تَنْظُر في ذلك» أي : لا تَبْحَث عَمَّنْ هُوَ مثلك في الصِدق والوثاقة و كمال التشَيُّع، بَلْ زَوِّجُهُنَّ

ص: 107


1- کتاب «الكافي»، ج 5، ص 347، كتاب النکاح، باب آخر مِنْه، حَدیث 2.

ممَّنْ تَرْضى خُلُقه ودينه، فإذا كانَ الخاطِبُ حَسَنَ الخُلق و مُعْتَقِداً بالمَذهَب الحقّ، فَفيه الكِفاية.

وليس معنى هذا.. أَنْ يُزَوِّجَ الإنسان بَناتِه مِنْ غَير الشيعة، لأنَّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) قال : «إذا جاءَكُم مَنْ تَرْضَونَ خُلُقَه ودينه...» و من الواضِح اَنَّ المُنْتَمي إلى غَير مَذهَب أهل البَيت.. ليسَ على الحَقِّ.. ولا مَرضِيّاً عِنْدَ اللّه و رسوله.

لا تُصَعّب في موضوع الزَواج

رُوي عن علي بن مَهْزیار، قال : قرأت كتاب أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أبي شيبة الاصبهاني : «فَهِمْتُ ما ذكرت في أمر بَناتك، وإنَّك لا تجد أَحَداً مِثْلَك، فلا تَنْظُرْ في ذلك - يَرحَمُك اللّه - فإنّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) قال : إذا جاءكُم مَنْ تَرْضَونَ خُلُقَه و دینه فَزَوّجوه، إِنَّكُم إِلّا تَفْعَلُوا ذلك.. تَكُنْ فِتْنة في الأرض وفَساد كبير» (1).

ص: 108


1- كتاب «تَهذيب الأحكام» ج 7، ص 395، باب 33 «الكفاءة في النِكاح»، حَديث 4.

المُوافقة أو الرفض مِنْ حَقِّ المَرأة في الزواج

روى مُحَمّد بن الحَسَن الأَشعَري، قال : كتب بَعض بَني عَمِّي إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ما تقول في صَبيَّةٍ زَوَّجَهَا عَمُها، فَلَمّا كَبُرَتْ اَبَت التَزويج ؟

فكتَبَ - بخَطِّه - : «لا تُكْرَه على ذلك، والأمرُ أمرُها» (1).

تَزَوَّجي.. يَرحمك اللّه

رُوي عن مُحَمّد بن الحَسَن الأَشعَري، قال :

كتَب بَعض مَوالينا إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إِنَّ مَعي إمرأة عارفة، أحدَثَ زَوجُها.. فَهَرَبَ عن البِلاد، فَتَبِعَ الزَوج بَعض أهلِ المَرأة، فقال : إما طلَّقتَ، و إمّا رَدَدْتُك !

ص: 109


1- كتاب «الكافي» ج 5، ص 394، كتاب النكاح، باب استيمار البِكْر و مَنْ يَجب عليه استيمارها و مَنْ لا يَجِب عليها، حَدیث 7.

فطَلَّقَها، و مَضى الرَجُل على وَجْهِهِ، فَما تَرى لِلمرأة؟

فكتَبَ - بخَطِّه - : تَزوَّجي، يَرحَمُكِ اللّه (1).

الدين و الأخلاق.. شَرطان أساسِيّان

رُوي عن إبراهيم بن مُحَمّد الهمداني، قال :

كتَبْتُ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في التَزويج (2)، فأَتاني كتابُه بخَطِّه :

«قالَ رَسولُ اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : إذا جاءكُم مَنْ تَرضونَ خُلُقَه ودينه.. فَزَوِّجوه، إلَّا تَفْعَلوا تكون فِتنة في الأَرض وفَساد كبير».

ص: 110


1- كتاب «الكافي»، ج 6، ص 81، كتاب الطَلاق، باب طَلاق الغائب، حَديث 9.
2- الظاهِر أنَّه كانَ قَد جاءَ رجُل يَخطب إبنته أو إحدى قريباته اللواتي كانت لَه الولاية عليهن، فاستشار الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الموضوع، فأجابه الإمام بالجواب المذكور. المُحقّق.

أحكام الرضاع

ما يَحْرُمُ بالرِضاع من الزَواج

رُوي عن علي بن مَهْزیار، قال : سأَل عیسیٰ بن جعفر ابن عيسى.. أبا جعفر الثاني [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

إنَّ امرأةٌ أَرضَعَتْ لي صَبيّاً، فَهَلْ يَحِلُّ اَنْ اَتَزوَّجَ إبنَة زَوجها ؟

فقال لي : «ما أَجوَد مَا سَأَلت، مِنْ هَاهُنا يُؤتى اَنْ يقول الناس : حُرِمَتْ عليه امراتُه مِنْ قِبَل لَبَن الفَحْل، هذا لَبَن الفحل لا غيره.

فقلتُ لَه : إنّ الجارية ليست إبنة المَرأة الّتي أَرضَعَتْ لي، هي إبنة غَيرها ؟

فقال : «لَو كُنَّ عَشْراً مُتَفَرِّقات ما حَلَّ لَكَ مِنْهُنَّ

ص: 111

شيء، وكُنَّ في مَوضِع بَناتك». (1)

لا رِضاعَ بَعْدَ فطام

رُوي عن أبي خداش المهري، أنَّه قال : حَضَرْتُ مَجلِس موسیٰ [بن جعفر ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأتاه رَجُل فقال لَه :

جَعَلَني اللّه فداك، أُمُّ ولَد (2) لي أَرضَعَتْ جاريَةٌ لي بالغةٌ بِلَبَن إبني، أيَحِلُّ نِكَاحُها، أَمْ تَحْرم عَلَيَّ ؟

فقال أبو الحَسَن [ مُوسى بن جعفر ]: «لا رِضاعَ بَعْدَ فطام».

و سأَله عن الصَلاة [ لِلمُسافر ] في الحَرمَين [ المَسجِد الحرام والمَسجِد النبوي ] تُتَمُّ أمْ تُقصَّر ؟ قال : «إِنْ شئّت أتمِم، وإن شِئتَ قَصِّر».

قالَ لَه : الخِصِيُّ يَدخُل على النِساء؟

ص: 112


1- كتاب «الكافي» ج 5، ص 441، كتاب النكاح، باب صفة لَبَن الفحل، حَديث 8.
2- أمُّ ولَد : أي جارية.

فاعرَض [الإمام ] بِوَجْهِه.

قال [ أَبو خداش ] فحَجَجْتُ بَعْدَ ذلك، فَدَخَلْتُ على الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسألتُه عن هذه المَسائل، فأجابني بالجواب الَّذِي أجاب به موسی [بن جعفر ] (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وكُنْتُ جالساً [ في ] مَجلس أَبي جعفر [ الجَواد ] في هذا الوقت، فقلتُ - لأبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) - : جُعِلْتُ فِداك، أُمُّ ولَد لي أَرضَعَت جارية بالغة بِلَبَن إبني، أيحرم عَلَيَّ نكاحُها ؟

قال: لا رِضاع بَعْدَ فِطام. قلتُ : الصَلاة في الحَرَمين ؟ قال : إنْ شِئْتَ أتِمّ، وإِنْ شِئْتَ قَصر، وكانَ أبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُتِمّ.

قلتُ : الخِصِيُّ يَدخُل على النِساء ؟ فَحَولَ وَجْهَهُ، ثُمَّ استَدناني و قال : «و ما نقص منه إلّا الخناثة الواقعة عليه ؟» (1).

ص: 113


1- كتاب «إثبات الوصيّة» لِلمَسْعودي، ص 188، طَبع النجف الأشرف.

أحكام الأطعمة والأشربة

تَحْدِيد مَعْنى «الفُقّاع» المُحَرَّم شُربه

رُويَ عن عُثمان بن عيسى، قال : كتَبَ عُبيداللّه ابن مُحَمّد (1) الرازي إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إن رأيت أن تُفَسِّرَ لي الفُقّاع، فإنَّه قَد اشتُبِه علينا أمَكْرُوهُ هُوَ بَعْدَ غَلَيانه.. أَمْ قَبلَه ؟

فكتَبَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليه : «لا تَقْرَب الفُقّاع.. إلّا ما لَمْ تضر آنيَتُه (2) أو كانَ جَديداً».

فأَعادَ الكِتَاب إليه : إنّي كَتبتُ أسأَلُ عن الفُقّاع ما لَمْ يَغْلِ.

ص: 114


1- و في كتاب «الإستبصار» : كتب عبد اللّه بن مُحَمّد....
2- الإناء الضاري : الَّذِي أشرب بِالخَمْر، أي : تَشَبَّعَ بِبَلَل الخَمْر.

فأَتاني (1) : «أَنْ إشربهُ ما كانَ في إناء جَديد، أَو غَير ضار».

و لم أعرف حَدَّ الضراوة و الجديد (2)، و سأَل أَن يُفَسِّر ذلك له.. و هَلْ يَجُوزُ شُرب ما يُعمَل في الغضارة و الزُجاج والخَشَب و نَحْوَهُ مِن الأَواني ؟

فكتَبَ : «يُفْعَل الفُقّاع في الزُجاج و في الفَخّار الجَديد.. إلى قَدر ثَلاث عَملات (3) ثم لا تَعُدْ مِنْه بَعْدَ ثَلاث عَملات إلّا في إناءٍ جديد، والخَشَب مثل ذلك». (4)

***

ص: 115


1- هكذا وجدناه في المَصدَر، ولَعَلَّ الصحيح : فأتاه. المُحقّق.
2- لَعَلَّ الصحيح : ولم يُعرف حَدّ الضراوة و الجديد. المُحقّق.
3- أي : ثلاث مَرّات.
4- كتاب «تهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 9، ص 126، باب 2، الذبائح والأطعمة، حَديث 281.

تَوضيح الحَديث : الفُقّاع - على وَزْن رُمّان - : شَراب يُتَخَذ مِنْ ماء الشعير فَقَط، ويُسمّى - في زمانِنا ۔ البِيرة، وهُوَ خَمْرٌ مُسْكِر.. يَحْرُمُ شُرْبه.

وهُناك شراب آخر.. يُتَّخَذ من ماء الشَعير، ويُسْتَعمَلُ دَواءاً لِبَعض الأمراض، وذلك في علم الطب القديم، وهُوَغَير مُسكِر، وغَير حَرام، و الفارق بينه وبين الفُقّاع.. هُوَ في طريقة تَحضيره، فاللازم في الشَراب الَّذِي يُتَّخَذ للدواء.. أنْ لا يُترك على النار إلى درجة الغَلَيان، و أنْ لا يُترك في الإناء مُدَّة مديدة.. فإنَّ ذلك يُسَبِّبُ إخِتماره و انقِلابِه إِلى شَرَابٍ مُسْكِر.

و الراوي لهذا الحَديث.. يسأل عن الفُقّاع، هَلْ يَحْرم قَبْلَ الغَلَيان أَمْ بَعْدَه ؟

فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليه : أَنْ لا يَشْرب الفُقّاع إلّا الَّذِي وُضِعَ في إناء غير ضاري، أي : في إناء لَمْ تُصْنَع فيه الخَمْرة ثَلاث مَرّات، و بشرط أنْ لا يَغْلي، فحِينَئِذٍ لا مانع من شُربه.

ص: 116

تَحديد النَبيذ المُحرَّم شرُبُه

رَوی ابراهیم بن أَبي البلاد الكوفي، حَديثاً عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَذكُرُهُ مُلخصاً، قال :

دَخَلْتُ على أبي جعفر ابن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)...

و دَعا بِطَبَق زبيب، فاكلتُ و عطشتُ، فاستَقيتُ ماءاً، فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا جارية إسقِيهِ مِنْ نَبيذي (1).

فجاءتْني بِنَبيذٍ مَريس (2) في قَدَحِ صِفر، فَشَربتُه، فَوجَدتُه أحلى من العَسَل !!

فقال لي : هذا تَمْرُ مِنْ صَدقة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) يُؤخذ غَدْوةً (3) فيُصَبُّ عليه الماء.. فتَمْرسُه

ص: 117


1- النَبذ : الطرح، يُقال : نَبَذتُ التَمْر، أي : تَرَكْتُ عليه الماء ليصير نَبيذاً، وقَد كانَ المُتعارف - في ذلك الزمان - أن يُنْبَذ التمر في الماء المالح.. ليطيب ذلك الماء ويحلو طَعمه.
2- مَرَسَ التَمْر : دلَكه في الماء و سَحَقَه حتّى تَتَحلَّلَ أَجزاؤه، فقوله : «نبيذ مريس» أي : ماءً تَحلَّلَ فيه التّمر.
3- غَدوة : صَباحاً.

الجاريَة (1) و اَشرَبُه على أثر الطعام، وسائر نَهاري، فإذا كانَ اللَيل أخذتْه الجاريَة فسَقَتْه أهلَ الدار.

فقُلْتُ لَه : إنّ أهلَ الكوفة لا يَرْضُونَ بِهذا.

فقال : ومانَبيذهُم؟

قلت: يُؤخذ العَمْر فَيُنَقَّى (2) و يُلقى عليه القعوة.

قال : و ما القعوة ؟

قلتُ : الدازي (3).

فقال : و ما الدازي ؟

قلتُ : حَبّ يُؤتى بِه مِن البَصْرة، فيُلْقى في هذا النَبيذ، حتّى يَغْلي ويُسْكِر، ثُمَّ يُشْرَب.

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هذا حَرام. (4)

ص: 118


1- أي : تُدلكه و تَسْحَقُه في الماء.
2- يُنَقَّى : تُسْتَخرَج مِنْه النواة.
3- و في نُسْخَةٍ : الداذي.
4- كتاب «الكافي» ج 6، ص 416، حَديث 5، كتاب الأشربة، باب «النَبيذ».

أحكام الأَموات

السِقط يُدفَن بِدَمِه

رُوي عن مُحَمّد بن الفُضَيل، قال : كتَبْتُ إلى أبى جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن السِقط كيفَ يُصنّع بِه؟

فكتَبَ إِليَّ : السِقْط يُدفَن بِدَمِه فِي مَوضِعِه (1).

***

أقول : هذا.. فيما إذا كانَ عُمره أقلّ مِن أَربعة أَشهُر.

ص: 119


1- کتاب «تهذيب الأحكام» ج 1، ص 329، باب تلقین المُحْتَصَر و توجيههم...، حَدیث 129.

أحكام الحُدود

حُكم الزنا مَعَ المَرأة الميّتة

رُوي عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أَبيه قال : لَمّامات ابو الحسن الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَجَجْنا فدَخَلْنا على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قَد حَضَرَ جَمْعُ من الشيعة.. مِنْ كُلِّ بَلَد، ليَنظُروا إلى أَبي جعفر.

فَدَخَلَ عَمَّه عبد اللّه بن موسى، و كانَ شيخاً كبيراً نَبيلاً، عليه ثِياب خَشِنَة.. وبَينَ عَينَيهِ سَجّادة (1)فَجَلَس.

و خَرَج أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الحُجرة، و عليه قَميصُ قَصَب، و رِداء قصَب (2) و نُعْل جُدُد بَيضاء.

ص: 120


1- بَين عَينَيه سَجّادة : كِناية عن أَثَر السُجود على جَبهَتِهِ.
2- أي : مَصْنوع مِنْ نَبات الأرض، مثل الكتّان.

فَقامَ عبد اللّه فاستَقْبَلَه، وقبَّل ما بَين عَينَيه وقامَ الشيعة، وقعَدَ أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) على كُرسىّ، ونَظَرَ الناسُ بَعضهُمْ إلى بَعض وقَد تَحَيَّروا لِصِغَر سِنّه.

فانتَدَبَ رَجُلٌ مِن القوم، فقال - لِعَبْد اللّه - : أصلَحَكَ اللّه، ما تقول في رَجُلٍ أَتَى بَهِيمة ؟ (1)

فقال عبد اللّه : تُقطَع يَمينُه ويُضْرَبَ الحَدّ !

فَغَضِبَ أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ نَظَرَ إليه وقال: يا عَمَّ، إتقِ اللّه، إنَّه لَعَظيمٌ أَنْ تَقِفَ يَومَ القِيامة بَين يَدَي اللّه (عَزّ وجلّ)، فَيَقول : لِمَ أَفتَيتَ الناس بما لا تَعْلَم ؟!

فقال عَمُّه : اَستَغفِرُ اللّه يا سيّدي، أليس قالَ هذا اَبوك ؟

فقال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّما سُئِلَ عن رَجُلٍ نَبَشَ قَبْرَ امرأةٍ فَنَكحهَا.

ص: 121


1- أي : نَكحَ حيواناً.

فقال أبي : «تُقْطَع يَمينُه لِلنَبش، ويُضْرَب حَدّ الزِنا، فإِنَّ حُرْمَة المَيِّتة.. كحُرمةِ الحَيَّة (1)».

فقال : صَدقتَ يا سيّدي، وأنا أستَغْفِرُ اللّه. فَتَعَجَّبَ الناسُ.. وقالوا: يا سيّدنا ءتاذنُ لَنا اَنْ نَسْألك ؟

قال: «نَعَم..» إلى آخر الحَديث. (2)

***

أقول : ويُروى هذا الحَديث بِصُورة أخرى - أيضاً -.

ص: 122


1- أي : إنّ حُرمة المراة بَعْدَ مَماتها.. كحُرمتِها في حال حَياتها.
2- کتاب «الإختصاص» للشيخ المفيد، ص 102، حَديث مُحَمّد بن علي بن مُوسى الرضا (عَلَيهِم السَّلَامُ) و عَمّه عبد اللّه بن موسى.

أحكام النذر

لو نَذر الذِهاب إلى مكان

رُوي عن علي بن مَهْزیار، قال : كتَب رَجُلٌ مِنْ بَني هاشم إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

إنّي كنتُ نَذَرَتْ نَدْراً مُنْذُ سَنَتَين : أَنْ أَخرج إلى ساحِلٍ مِنْ سَواحِلِ البَحْر إلى ناحِيَتِنا مِمّا يُرابط به المُتَطَوِّعة نَحْو مرابطهم بجَدّة و غَيرها منْ سَواحل البَحْر. أفتَرى - جُعِلْتُ فداك - أنّه يلزمني الوفاء أو لا يَلزمني ؟ أو أفتَدي الخُروج إلى ذلك المَوضع بِشيء مِنْ اَبواب البرّ، لأصير إليه إن شاءَ اللّه تَعالى ؟

فكتَبَ - إليه بخَطِّه، و قرائُه - :

«إنْ كانَ سَمِعَ مِنْكَ نَدْرَك أَحَدٌ مِن المُخالفين فالوفاء بِه إن كُنتَ تَخاف شنعة (1)، وإلّا فاصرِف ما نَويتَ

ص: 123


1- و في نُسْخَةٍ : إِنْ كُنْتَ تَخاف شنيعة.

من ذلك في أبواب البِرِّ. وفَّقَنا اللّه وإياك لِما يُحِبُّ و يُرضى» (1).

****

تَوضيح الحَديث : إِنَّ رَجُلاً مِنْ بَني هاشم نَذَرَ للّه تَعالى أَنْ يَخرُج إلى المُرابطة (2) ثُمَّ عَدَل عن رأيه وقَرَّر أنْ يَدفَع مالاً في سَبيلِ اللّه مُقابلَ نَذره، و كتب إلى الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَسأله عن جَواز ذلك.

فاجابه الإمام : بِانّ ذلك يجوز إذا لَمْ يَعْلَم بِنَذْرِه اَحَدٌ مِن المُخالِفين المُنْحَرِفين عن أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وإلّا فَعَلَيه الوفاء، خَوفاً مِنْ أَنْ يُهَرّج ذلك المُنْحَرِف ضِدّه، ويُوقِعَه في البلاء ويَسْعَى به إلى السُلطة الغاشِمة.

ص: 124


1- كتاب «تَهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 6، ص 126، باب 56، حَديث 4.
2- المُرابطة : هِيَ المُلازمة والمُحافظة على حفظ ثُغُور البلد منْ شَرِّ العَدُوِّ، والمَقْصُود من الثُغور - هُنا - : هِيَ المَواضع الّتي يُخاف مِنْها هجوم العدُوّ، وهِيَ الحُدود الّتي تَفْصِلُ بَين دَولَتَين، أو بَين بلاد المُسلمين وبلاد الكفّار.

أَحكام القَرض

إقبِض مالَك مِمّا في يَدَيك

رُوي عن علي بن مَهْزیار قال : أَخبَرَني إسحاق بن إبراهيم : أنّ مُوسى بن عبد المَلِك كَتَبَ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَسأله عن رَجُل دفَعَ إليه مالاً ليَصرفَه في بَعض وُجوه البِرِّ، فَلَمْ يُمْكِنْه صَرفَ ذلك المال في الوَجه الَّذِي اَمَرَه بِه، و قَد كانَ لَه علیه مال بِقَدَر هذا المال.

فَسَأَل : هَلْ يجوز لي أن أقبض مالي.. أو اردَّه عليه و اقتَضيه ؟

فَكَتَبَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليه : إقبِض مالَك مِمّا في يَدَيَك (1)

***

ص: 125


1- كتاب «تهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 6، ص 348 - 349، باب 93، المكاسب، حَديث 105.

تَوضيح الحَديث : إِنَّ الرجل الَّذِي دفَعَ المال.. كانَ مديوناً لمُوسى بن عبد الملك، فَسَأَل مُوسى من الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هَلْ يَجوزُ لي اَنْ اَسْتَوفِيَ دَيني مِنْ مالِ الرَجُل.. الموجود عِنْدي، (مادامَ لا يُمكن لي صَرف المال.. في المَجالِ الَّذِي عَيَّنَهُ صاحِبُ المال) أَمْ يَجِب عَلَيَّ أن أرجع المال إلى الرَجُل المُدين.. ثُمّ - بَعْدَ ذلك - أطالِبُه بِالدَين ؟

فاَجابَه الإمام : أنّه يَجوز لَه أن يَستوفي دَينَه مِن المال الموجود عِنْدَه.

ص: 126

أحكام الوصيّة

رَجُلٌ مات ولَمْ يُوصِ

رُويَ عن مُحَمّد بن إسماعيل بن بزيع، قال : إنّ رَجُلاً مِن أَصحابنا مات، ولَمْ يُوصِ، فَرُفِعَ أمرُه إلى قاضي الكوفة، فَصَيَّرَ - القاضي - عبد الحميد بن سالم.. القيِّم بماله (1)، وكانَ - الميّت - رَجُلاً [ قَد ] خَلَفَ ورثَةً صِغاراً، ومَتاعاً و جَواري، فَباعَ عبدُ الحميد المَتاع، فَلَمّا أراد بَيع الجَواري ضَعُف قَلْبُه في بَيعِهِن و لَمْ يَكُن المَيِّت صَيَّر إليه وصِيَّتَه، وكانَ قِيامُه بِها بأمر القاضي، لأنَّهُنَّ فُروج.

قالَ مُحَمّد (بن إسماعيل) : فَذكرت ذلك لأبي جعفر(علیه السلام) فَقُلْتُ :

جُعِلْتُ فِداك، يَموتُ الرَجُل مِن أَصحابنا، فَلا

ص: 127


1- أي : قَيِّماً على أموال ذلك المَيّت. المُحقّق.

يُوصي إلى أحد، ويُخلف جواري، فَيُقيمُ القاضي رَجُلاً مِنّا لِبَيعِهِن ؟ اَو يَقُومُ بِذلك رَجُل مِنّا.. فَيضْعُف قلبه لأنهُنَّ فُروج، فَما تَرى في ذلك ؟

فقال : «إنْ كانَ القَيِّمُ مِثْلَك ومِثْلَ عَبد الحَميد فلا بأس» (1).

الحَجّ مِن الثُلث

رُوي عن مُحَمّد بن الحَسَن بن أبي خالد، قال : سأَلتُ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رَجُل أوصى أنْ يُحَجَّ عَنْه، مُبهَماً (2).

ص: 128


1- کتاب «تَهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 9، ص كتاب الوصايا، باب 20 في الزيادات، حَديث 25.
2- أي : إنَّه لَمْ يَذكر في وصيَّته أنّه حَجّ واجِب أم مُستَحَب، لأنّ الواجب يُدفَع من أَصل المال، أما المُستَحَب.. فيُدفَع من الثُلث.

قال : «يُحَجٌ عنه ما بَقِيَ مِنْ ثُلثِه شيء (1)» (2).

رَجُلٌ اَوصى أَنْ يُعْطى عَمّه كُلِّ سَنَة شيئاً

رُويَ عن مُحَمّد بن عُمَر الساباطي، قال :

سالت أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن رَجُلٍ أوصى إليَّ و أمَرَني أن أُعطِى عَماً لَه في كُلِّ سَنَة شيئاً، فَماتَ العَمّ ؟

فكتَبَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اَعطِهِ وَرَثَتَه (3).

ص: 129


1- أي: يُعطى عنه الحجّ.. فيما إذا بَقي من ثُلث ماله...ما يَكْفِي لِلْحَجّ. المُحقّق.
2- کتاب «تهذيب الأحكام»، ج 9، ص 226، باب 18 «وصيّة الإنسان لِعَبْدِه و عتقه له»، حَدیث 39.
3- كتاب «الكافي» ج 7، ص 13، كتاب الوصايا، باب «مَنْ أوصى بِوَصيَّةٍ فَمات المُوصى لَه قَبل المُوصي، أو ماتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضها»، حَدیث 2.

أحكام الوقف

رُوي عن علي بن سُليمان النوفلي، قال : كتَبْتُ إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) أسأله عن أرض أوقَفَها جدّي على المُحتاجين مِنْ وُلد فُلان بن فُلان، الرّجُل يَجْمَع القَبيلة، وهُم كثير مَتفرّقون في البِلاد (1)، و في وُلدِ المُوقِف حاجَة شَديدة، فسألوني أَن اَخُصَّهُم بهذا دُونَ سائر وُلدِ الرَجُل الَّذِي فيه الوقف ؟

فاجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «ذكرت الأرض الّتي أوقَفَها جَدُّكَ على نَفَرٍ مِنْ وُلد فُلان، وهِيَ لِمَنْ حَضَرَ البلد الَّذِي فيه الوقف، وليس لك أَنْ تَتَّبِعَ مَنْ كانَ غائباً» (2).

ص: 130


1- أي : هَلْ يَجِب علي أن أبحث عن كُلِّ مَنْ هُوَ مِنْ وُلد فُلان ابن فُلان.. رَغْمَ إنتِشارِهِم في بلاد مُتعددة، و وجود أفراد محتاجين.. مِنْ ذُريَّة الرَجُل الَّذِي أوقف الأرض؟ المُحقّق.
2- کتاب «تهذيب الأحكام» ج 9، ص 133، باب الوقوف و الصدقات، حَدیث 10.

التصرُّف الحَرام.. في وارداتِ الوقف

رُوي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، قال : كُنْتُ عِنْدَ أبي جعفر الثاني [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذ دَخَلَ عليه صالح بن مُحَمّد بن سَهْل، وكانَ يَتَولَّىٰ لَه الوقْف ب_«قُم» فقال : يا سيّدي إجعَلْني في عشرة آلاف درهم في حِلّ، فإنّي أنفقتُها.

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَه : «أنت في حِلٌ». فَلَمّا خَرَجَ صالح، قال أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أَحَدُهم يَثِب على أموال حقّ آل مُحَمّد (1) و اَيتامهم و مَساكينهم و فُقَرائهم وأَبناء سَبيلهم.. فَيَأخُذه، ثُمَّ يَجيء فَيَقول : إجعَلْني في حِلّ، أتراه ظنَّ أنّي اقول : لا أفعل ؟! واللّه لَيَسأَلنَّهم اللّه يَومَ القِيامة عن ذلك سُؤالاً حَثيثاً (2).

***

ص: 131


1- وثَبَ على المال : استولى عليه ظلماً.
2- کتاب «الكافي» ج 1، ص 548، كتاب الحُجّة، باب الفَيء والأنفال، حَدیث 27.

تَوضيح الحَديث : المُستفاد من هذا الحَديث أنّ أوقافاً في مَدينة قُم - في ايران - كانت مَوقوفة على آلِ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و كانَ صالح بن مُحَمّد بن سَهْل يَتَولّى أمور تلك الأوقاف، و كانَ عليه أنْ يُرسل الأموال - المُستَخْلَصة من تلك الأوقاف - إلى الإمام مُحَمّد الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) لِيَصرفها في مَواضِعِها و مَواردها.

ولكنَّ الرَجُل صَدَرَتْ مِنْه خِيانة، فَتَصَرَّفَ في عشرة آلاف درهم، ثُمّ جَاءَ يَستَحِلَّ مِن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و من الواضح أنّ الإمام أحَلَّ لَه حَياءاً.. لا مِنْ طيب قلبِه، وقَد ثَبَتَ أنّ : «الماخوذ حياءاً كالماخوذ غَصْباً فَيَكون الرَجُل غَاصِباً لِتِلْكَ الأموال، ويُحاسِبُه اللّه تَعالى يَومَ القِيامة على تلك التَّصَرُّفات المُحَرَّمة.

ص: 132

أحكام الإرث

رُوي عن الحُسَين بن الحَكَم، عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) في رَجُلٍ ماتَ.. و ترك خالتَيه و مَواليه (1) ؟

قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «أُولُوا الأَرحام بَعضهُمْ أولى بِبَعض» (2) المال بَين الخالتين (3)». (4)

كيفَ يُوزّع ميراثَ الزَوجة ؟

رُوي عن صَفوان بن يحيى، عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في زوج و اَبَوَين : «إِنَّ لِلزَوج النِصف، ولِلأُم

ص: 133


1- أي : تَركَ خالتين و غِلمان.
2- سورة الأنفال، الآية 75.
3- أي : يُقَسَّم المال بَين الخالتين.
4- كتاب «الكافي» ج 7، ص 120، كتاب المواريث، ميراث ذَوي الأرحام، حَديث 7.

الثُلُث كاملاً، وما بَقِيَ فَلِلأَب» (1)

***

تَوضيح الحَديث : إنّ امرأة ماتَت.. وتَركت زَوجاً و أَبوَين، فكيفَ يُقَسَّم الإرث بَينَهُم ؟ فَأَجاب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لِلزَوج النِصف.

مَسالة حَولَ الإرث

رُويَ عن العبّاس بن المعروف، قال :

كانَ لِمُحمّد بن الحَسَن بن أبي خالِد غُلامٌ لَمْ يَكُن به باس، عارف، يُقال لَه مَيمُون، فَحَضَرَة المَوت (2)، فأوصى إلى أبي الفَضل : العبّاس بن مَعروف بِجَميع مِیراثه وتَركته.. أَن اجعَله دَراهم و ابعَث بها إلى أبي

ص: 134


1- كتاب «تَهذيب الأحكام» ج 9، ص 284، باب 26 «ميراث الوالدين مَعَ الأزواج»، حَديث 8.
2- أي : حَضَرَ الغُلامَ المَوتُ، أي : صارَ في حالة الإحتضار، وهي: الساعات الّتي تَسْبِقُ مُفارقة الروح للجَسَد. المُحقّق.

جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و ترك أهلاً حاملاً و إخوة قَد دخلوا في الإسلام، و أُمّاً مجوسيّة.

قال : فَفَعَلْتُ ما أوصى به، وجَمَعْتُ الدَراهم، و دفَعْتُها إلى مُحَمّد بن الحَسَن، و عَزَمَ رأيي أنْ أكتُبَ إليه [ أي : إلى الإمام ] بتفسير ما أوصى به [ الغُلامِ المَيِّت] إليّ، و ما تَركَ المَيِّت من الوَرَثة.

فَأَشارَ عَلَيَّ.. مُحَمّد بن بشير - وغَيرُه مِن أَصحابنا - أَنْ لا اكتُب بالتفسير، ولا أحتاج إليه، فإنَّه يعرف ذلك من غَير تَفْسيري.

فَابَيتُ إلّا أن اكتب إليه بذلك على حَقَّه و صِدقِه، فَكَتَبْتُ وحَصِّلْتُ الدراهم و أوصلتها إليه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فَامَرَه أَنْ يَعْزِلَ مِنْها الثُلُث يَدقَعُها إليه (1) ويَردّ

ص: 135


1- أي : إلى الإمام.

الباقي على وَصيَّه، يَردُّها على ورثَتِه (1) .

الزَواج بامرأةٍ بَعْدَ الزنا

رُوي عن مُحَمّد بن الحسن الأَشعَري، قال :

كتَب بَعض أَصحابنا إلى أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَعي.. يَسأله عن رَجُلٍ فَجَر بإمرأةٍ، ثُمّ إنَّه تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الحَمْل، فجاءَتْ بولدٍ هُوَ أشبَه خَلْقِ اللّه به ؟

فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) - بخَطِّه و خاتمه - : «الولَدُ لغَيَّة (2)، لا يُورث» (3).

ص: 136


1- کتاب «تهذيب الأحكام»، ج 9، ص 198، باب 11 «الوَصيّة بالثُلُث و أقلّ مِنْه و اكثر»، حَدیث 12.
2- ولَد غَيَّة، أي : ولَد زنا.
3- کتاب «تَهذيب الأحكام» ج 9، ص 343، باب 33 في ميراث ابن المُلاعنة، حَديث 17.

مَسالة فِقهِيّة حولَ الإرث

رُويَ عن علي بن مَهْزیار، قال : كتَبَ مُحَمّد بن حَمزة العَلَوي إلى أَبي جعفر الثاني [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

مَولى لك (1) أَوصى إليَّ بمائة درهم، وكُنتُ سَمِعْتُه يَقول : كُلِّ شيء هُوَ لي فَهُوَ لِمَولاي. وماتَ وتركها ولَمْ يَامُر فيها بشيء، وله إمرأتان.

أمّا إحداهما فب_«بغداد» و لا أعرف لَها مَوضِعاً الساعة، والأخرى ب_«قم»، ما الَّذِي تأمرني في هذه المائة درهم ؟

فكتب إليه : «أنظُرْ أَنْ تَدفَعَ مِنْ هذه الدَراهم إلى زَوَجَتَي الرَجُل حَقّهما، وحَقُّهما من ذلك : الثُمن إن كانَ لَه ولَد، فإنْ لَمْ يَكُنْ لَه ولَد فالرُبع، وتَصَدَّق على مَنْ تَعْرِف آن لَه إليه حاجَة، إن شاءَ اللّه (2)» (3).

ص: 137


1- أي : عَبْد أَعتَقَه الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- لَقَد أَمَرَه الإمام (عليه السلام أنْ يَتَصَدِّق بالباقي، لأنّ الباقي مال الإمام، يَتَصَرِّف فيه كيفَ يَشاء.
3- کتاب «تَهذيب الأحكام»، ج 9، باب 27 «في ميراث الأزواج» حَديث 19.

أحكام العِتق والولاء

أَنتَ حُرِّ لِوَجْهِ اللّه

رُوي عن عبد الجَبّار بن المُبارك النَاوندي، قال :

أَتيت سيّدي - سَنَة تسع و مائتَين - فَقُلْتُ لَه : جُعِلْتُ فِداك، إنّي رويتُ عن آبائك : أنّ كُل فتحٍ فُتِحَ بضَلال.. فَهُوَ لِلإمام.

فَقال : نَعَم.

قلْتُ : جُعِلْتُ فِداك، فإنَّه أَتَوا بي مِنْ بَعض الفتوح الّتي فُتِحَتْ على الضَلال، وقَد تَخَلَصْتُ - من الَّذِين مَلكوني - بِسَبَبٍ مِن الأسباب، وقَد أَتيتُك مُستَرقّاً مُستَعبداً.

فَقال : قَد قَبلْتُ.

فَلَمّا حَضَرَ خُروجي إلى مكّة، قُلْتُ : جُعِلْتُ فِداك

ص: 138

إنّي قَد حَجَجْتُ، وتَزَوَّجْتُ، ومَكْسَبِي مِمّا يَعطِفُ عَلَيَّ إخواني، لا شىء لي غيره، فَمُرني بِأمرِك.

فقال لي : إنصرف إلى بلادِك، وأنتَ مِنْ حَجِّك وتزويجِك و كسبِك في حِلٍ.

فَلَمّا كانَ سَنَة ثلاث عشرة ومائتين.. أتَيتُه، فَذكرْتُ لَه العبوديّة الّتي أُلزمتُها (1) فقال : اَنتَ حُرِّ لوجه اللّه.

فَقُلْتُ : جُعلت فِداك، أكتُب لي عهدة.

فقال : تُخرَج إليك غداً، فَخَرَجَ إِلَيَّ - مَعَ كُتُبي - كتاب فيه :

بِسمِ اللّهِ الرَحمن الرَحيم.

مِنْ مُحَمّد بن علي الهاشِمي العَلَوي

لعبد اللّه بن المُبارك (2)، فَتاه، إنّي أعتَقْتُك

ص: 139


1- و في نُسْخَةٍ : التَزَمَتُها.
2- إنّ عبد الجَبّار بن المُبارك النَهاوندي كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و الكتاب الَّذِي كتبه الإمام الجَواد إنَّما كتَبَه لِعَبد اللّه بن المبارك، و عبد اللّه بن المُبارك كانَ مِن أَصحاب الإمام السجاد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و مِن المُستَبْعَد أنْ يَعيش الرّجُل إلى زمان الإمام الجَواد. فالظاهر أنَّه وقَعَ تباه من الرَاوِي أو مِن المُؤلفين.. في نقل كتاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) والصحيح: «لِعَبدالجبار بن المُبارك» لا لعبد اللّه بن المُبارك.

لِوجَهِ اللّه و الدار الآخِرة، ولا رَبَّ لَكَ إلا اللّه، وليس عَليكَ سَيّد (1) و انتَ مَولايَ و مَولى عَقِبِي مِنْ بَعْدِي.

وكتب في المُحَرَّمَ سَنَة ثلاث عشرة ومائتين، ووقَّع فيه مُحَمّد بن علي بِخَطّ يَدِهِ، وخَتَمَه بخاتمه.

***

أيُّها القارىء الكريم

هُنا مَسألة فِقهِيّة تَرتَبط بِالعِتق والولاء، نَذكُرُها تَوضيحاً لِهذا الحَديث.. مَعَ رعاية الإختِصار :

الجِهاد على أقسام :

اَحَدُها : الجِهاد الإبتِدائي، وهُوَ جِهاد المُشركين

ص: 140


1- السيّد - هُنا - : المالِك. و في نُسْخَةٍ : لَيسَ عَلَيكَ سَبيل.

لِدَعوتِهِم إلى الإسلام، و هذا القِسْم يَجِبُ بِشَرط أمرِ الإمام المعصوم (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو نائبِه الخاص المَنْصُوب لِلجِهاد.

و غَنائمُ هذه الحَربَ يَكون خُمْسها للإمام، ويُقَسَّم الباقي بَين المُقاتِلين.

وأمّا الحُروب الّتي قام بها الأَمويّون والعبّاسيّون، فحَيث إنَّها لَمْ تَكُنْ بِأمر الإمام العادل و لا نائبه الخاص المَنْصوب للجِهاد، فَتَكون باطِلاً و ضَلالاً، وتَكونُ الغَنائم كُلها للإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا للمُقاتِلين.

و قَد رُوي أن مُعاوية بن وهَب سَالَ من الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : السَريَّة يَبْعَثُها الإمام، فَيُصيبون غَنائم، كيفَ يُقَسَّم ؟

قال : إن قاتلوا عليها مَعَ أمير أمَّرَه الإمامُ عليهم، أخرجَ مِنْهَا الخُمْس للّه ولرسوله، وقُسِّمَ بَينَهُم (1)أربَعة أخماس، و إنْ لَمْ يَكونوا قاتلوا عليها المُشركين، كانَ كُلّ ما غَنِمُوا لِلإمام، يَجعَلُهُ حَيث أَحَب.

ص: 141


1- أي : بَين المُقاتلين.

و روي - أيضاً - عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال:

«إذا غزا قوم بغير إذن الإمام.. فَعَنِمُوا كانتِ الغَنيمة كُلّها لِلإمام، و إذا غَزَوا بأمر الإمام فَغَنَموا كانَ لِلإمام الخُمس».

و كلام عبد الجبّار ابن المُبارك حَيث قال : «إنّي رُويتُ عن آبائك أنّ كُلَّ فَتْحِ فُتِحَ بِضَلال فَهُوَ لِلإمام» يُشير إلى الحَديثَين المَذكورينَ، وقَد صَدّقه الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ذلك.

وأمّا قولُه : «وقد تَخَلَصْتُ من الَّذِين ملكوني بِسَبَب من الأسباب» فَإِنَّ مِنْ جُملة أسباب التَحَرُّرُ هِيَ المُكاتبة، وهِيَ أَنْ يُكاتِب الرّجُل عَبْدَه على مال يُؤدّيه بالأقساط، فَإذا اداه فَهُوَ حُرٌ.

و مَعْنى قوله : «وقد أتيتُكَ مُستَرِقَاً مُستَعْبِداً» أي : أتَيتُك أطلبُ مِنْكَ أَنْ تَتَّخِذني عبداً مَمْلوكاً، لأنّه كانَ مِنْ جُملة الغنَائم فَهُوَ مِلك للإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 142

فَوافقَ الإمامُ على ذلك، وقالَ لَه : «قَد قَبِلْتُ».

و حَيث إنّ العبد المَملوك لا يَقدِر على شيء إلّا بإذن مَولاه، و كانَ هذا الرجُلُ.. قَد حَجَّ وتَزوّج بِغَير إذن مَولاه، ولِهذا أَجاز الإمامُ جَميع تَصَرُّفاته من الحجّ و الزَواج و المَكسب، و في سَنَة ثلاث عشرة ومائتَين اعتقه الإمام لوَجهِ اللّه تَعالى.

و كتَبَ لَه الإمامُ كِتاباً، وعَبَّر عَنْه ب_«فَتاه» إشارة إلى الحَديث النَبويّ المَروي : «لا يقول أَحَدَكُم : «عَبدي و أمَتي، و لكِنْ فَتاي و فتاتي» أي : غُلامي و جاريَتي.

و مَعْنى قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «وليس عليك سيّد» أي : ليس عليك مالِكُ.

و أمّا قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «و أنتَ مَولايَ و مَولى عَقِبي مِنْ بَعْدي»، فالظاهر أنّه إشارة إلى ولاء العِتق و مَعْناه : إنّ العبد إذا اعتَقَه مَولاه كانَ إرثه لِمَنْ أَعتَقَه إِنْ لَمْ يَكُنْ لَه وارث، و يَقومُ ورثة المُعْتِق مقام أبيهم بَعْدَ مَوته في ولاء الإرث.

ص: 143

معاناة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ حُكّام زَمانه

مُعاناته من المَامون العبّاسي

بِالرَغم من أن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) كانَ صِهْراً لِخَليفة ذلك الزَمان، وذلك يَقْتَضي أن تَكون حَياتِه حَياة راحَة و رفاه و رخَاء و غِنى، إلّا أنَّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَمْ يَكُن سعيداً بذلك، لأنَّه كانَ يَعيش بَين الأَعداء الأَلدّاء و الحُسّاد الأشدّاء.. الَّذِين كانوا يَنزَعِجونَ مِنْ وجوده (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فالخُلفاء لا يُعْجِبُهم الإمام الجَواد، لأَنه لا يَنْسَجِم مَعَهُم في الفِكْر والعقيدة و العَمَل، فالإمام الجَواد مِثالُ

ص: 144

القُدْس و التَقوى والوَرع، يَتَجَسَّد فيه الإسلامُ الصَحيح، و الدين النَزيه، بينما الخُلفَاء كانوا لا يَعرِفون شيئاً سِوى المَلذّات، ولا يهتمّون إلّا بإشباع رغَباتهم و نَزَواتهم و شهواتهم، من الجَواري و الغِلمان والمُغَنّيات، و السُكر المُتَواصِل لَيلاً ونهاراً، وبذلِ الأموَال للشُعراء الَّذِين كانوا يُسْرِفون في مَدْح الخُلَفاء، ويَتَجاوَزُونَ حُدود الغُلوّ و الكِذب !!

أو للمُضحكين الَّذِين كانوا يُضحِكون الخليفة بأَزيائهم أو قصَصِهم أو هجائهم بَعضهم بَعضاً.

و أمّا القُضاة وفقهاء البِلاط العبّاسي، فكانوا أيضاً لا يَرْتاحُون مِنْ وُجود الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فهذا كبيرُهُم : يَحْيى بن اكثَم - الَّذِي كانَ قاضي القضاة، ومعنى ذلك أنَّه أعلَمُ الناس بالفِقه والقَضاء، وهُوَ الَّذِي كانَ يَنْصِب القضاة في البِلاد الإسلاميّة - كانَ يَصغُر و تَتَضاءَل شخصيّته أمام عَظَمة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَل و يَظهر جَهلُه حِينما يُوَجّهُ الإمام إليه مَسالة فقهيّة، و تَعلوه علامةُ الإرتباك و العَجز و الإضطراب، و يَخجَل

ص: 145

أمامَ الناس.

فَهَلْ يَرتاح هذا و أَمثاله مِن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) الَّذِي كانَ أعلم أهل الأرض في ذلك العَصر ؟!

ومِن الطبيعي أنَّ هؤلاء الحُسَاد ما كانوا يَسْكُتونَ أمام تلك الفضائل الّتي كانَ الإمام الجَواد يمتاز بها، ولا يتركون المُشاغبات و المُضايقات ضدّ الإمام، و لِهذا تَرى الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَضيق ذَرْعاً مِنْ تِلْك الظُروف فيَقول : «الفَرَجُ بَعْدَ المَامون بثلاثين شَهْراً».

إنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَعْتَبرُ المَوت فَرَجاً و راحةً له.. مِنْ تِلْكَ الحَياة المَحفُوفَة بالمَكاره، ويُخبر الناس أنّه يَموتُ بَعْدَ انقضاء سَنَتَين ونِصف على موت المامون.

مُحاولة لتشويه سمعة الإمام الجَواد

رُوي عن مُحَمّد بن الرَيّان، قال :

إحتالَ المأمون على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِكُلِّ حِيلَة، فَلَمْ يُمْكِنْه في شيء، فلمّا اعتَلَّ و اَرَادَ أَنْ يَبْني

ص: 146

عليه ابنَته (1) دفَعَ إلى مائتي وصيفة - أجمل ما يَكُنَّ - إلى كُلّ واحدة مِنْهُنَّ جاماً فيه جَوهَر، يَسْتَقْبِلْنَ أبا جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) إذا قَعَد في موضع الأخيار (2).

فلَمْ يَلْتَفِت (عَلَيهِ السَّلَامُ) إليهِنَّ. و كانَ رَجُلٌ يُقالُ لَه : مُخارِق، صاحِبَ صَوت وعُودٍ وضَرب، طويل اللِحية، فَدَعاهُ المامون، فقال [ مُخارق ]: یا امیرَ المُؤمنين.. إن كانَ في شيء في أمر الدُنيا فأنا أكفِيكَ أمرَه.

فقَعَدَ بَين يَدَي أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَشَهِقَ «مُخارق» شَهْقَة إجتَمَعَ عليه أهلُ الدار (3)، وجَعَلَ يَضْرب بِعُودِهِ ويُغَنّي، فلمّا فَعَلَ ساعة.. و إذا أبو

ص: 147


1- أي : أراد المامون أنْ يزفّ ابنته إلى الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- و في نُسْخَةٍ : في موضع الأختان، والاختان - جَمْعُ خَتَن - : وهُوَ - هُنا - زَوج البِنت.
3- المُراد مِن الشَهْقة - هُنا - : صَوت رفيع.. من المُطرب و بكيفيّة خاصّة، قَبْلَ الشروع بِالغِناء. المُحقّق.

جعفر لا يَلْتَفت يميناً ولا شِمالاً (1).

ثُمَّ رفَعَ [ الإمامُ ] إليه رأسَه، وقال : إتّقِ اللّه يا ذا العُثْنُون !

فسَقَط المِضراب مِنْ يَدِه والعُود، فَلَمْ يَنْتَفِع بِيَدَيه إلى أن مات !!! فَسَأله المامون [ يوماً ] عَن حاله ؟

قال : لَمّا صاحَ بي أبو جعفر.. فَزِعْتُ فَزعةً لا أفيق منها أبداً. (2)

****

اَيُّها القارىء الكريم

أنظر إلى المامون.. كيفَ كانَ يَقوم بمحاولات عَديدة.. لِتَشويه سُمْعَة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و الحَطّ مِنْ مَكانته في أعيُن الناس ؟!

ص: 148


1- أي : لا يَعْبَاً بالمُطرِب.. و لا يَتَفاعَل اَبَداً مَعَ غِنائه، ولا ينظر إلى الوَصائف الجَميلات.. اللَواتي حَولَه! المُحقّق.
2- كتاب «الكافي» ج 1، ص 494، كتاب الحُجَّة، باب مَولد أبي جعفر مُحَمّد بن علي الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حَديث 4.

إنَّني لا أتعَجَّب من المامون، فهُوَ شيطان يُريد أن يُحَقِّق أهدافه الدَنيئة، ولكِنَّني أَتَعَجَّب مِمَّنْ يَعتَبِره من الشيعة، ويُطوِّقُه بهالةٍ من القداسة والنزاهة.

مُعاناة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المُعْتَصِم العبّاسي

رُوي عن مُحَمّد بن أحمَد المروزي، عن أبيه، أَنَّه دَخَلَ على ابن أبي دُؤاد (1) وهُوَ في مَجْلسه، و حَوله أَصحابه، فَقالَ لَهُمْ إبن َأبي دؤاد : يا هؤلاء، ما تَقولون في شيءٍ قالَهُ الخليفة البارحة ؟

فقالوا : وما ذلك ؟

قال : قالَ الخَليفة : ما تَرى العلائية (2) تَصْنَع إِنْ

ص: 149


1- هُوَ : القاضي الَّذِي ذكرناه في أوائل الكتاب.
2- العليائيّة و العلياوية : فرقة كافرة.. تعتقد بربوبية الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و الظاهر أنّ إبن أبي دؤاد.. شَبَّهَ الشيعة الإمامية بتِلك الفِرقة، لأنَّهم يعتقدون بإمامة الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

أخرجنا إليهم أبا جعفر سَكْراناً، مُنَشَّئاً، مُضَمَّخاً بِالخَلُوق ؟ (1)

قالوا : إذنْ تَبْطِلُ حُجَّتُهُم، وتَبْطِلُ مَقالَتُهُم !!

قالَ [ مُحَمّد بنُ أحمَد ] : إنَّ العلائية يُخالِطوني كثيراً، ويُفْضُونَ إِليَّ بِسِرِّ مَقالتِهِم، ولَيسَ يُلزمُهُمْ هذا الَّذِي جَرى.

فقال ابن أبي دؤاد : و من اين قُلْتَ ؟

قلتُ: إِنَّهُمْ يَقولون : لا بُدَّ - في كُلِّ زَمان و على كُلِّ حال - للّه في أَرضِهِ مِنْ حُجَّةَ، يَقْطَعُ العُذْر بَينَه وبَينَ خَلْقه.

قلتُ : فإنْ كانَ في زَمَانِ الحُجَّة مَنْ هُوَ مِثْلُه او فَوقَه في النسب والشَرَف، كانَ أَدلّ الدلائلِ على الحُجَّة،

ص: 150


1- الإنشاء : الحالة الّتي تَعْتَري شارب الخمر في بداية سُكره. المُضَمَّخ : الملطَّخ، والمقصود - هُنا - المُلطَّخ بالطيب، كأَنَّه يَقْطُرُ مِنْه العِطر. الخَلُوق : العِطر المصنوع من الزَعفران. المُحقّق

لِصِلَة السُلطان مِنْ بَين أهلِه و ولُوعه بِه (1).

قال : فَعَرضَ إبنُ أَبي دؤاد هذا الكلام على الخَليفة فَقال : ليَس إلى هؤلاء القَوم حِيلَة، لا تُؤذُوا أبا جعفر (2).

***

أيُّها القارىء الكريم

إنَّ هذا الحَديث يَحتاجُ إلى شيء من الشرَح و التَوضيح، لِعَدَم وضوح بَعض الكلمات فيه، وإليك الشَرح والتَوضيح :

الظاهِر من هذا الحَديث.. أنَّ مُحَمّد بن أحمَد بن حَماد - راوي الحَديث - كانَ يَستَعمل التقيّة، ويَحْضَر مَجالس العبّاسيين، و مَجالِسَ عُمَلائهم، ويَتَبَيَّن لنا أنَّ المُعتصِم العبّاسي كانَ قَد خَطَّط للمُؤامرة ضِدَّ

ص: 151


1- و في نُسْخَةٍ : كانَ اَدل الدلائل على الحُجّة : قَصْدُ السُلطان لَه.. مِنْ بَين أَهْلِه و نوعه.
2- کتاب «رجال الكشّي» ص 560، الجزء السادس، حَديث 1058 و كتاب بحار الأنوار ج 50، ص 94، باب 28، حَدیث 7.

الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) تشويها لِسُمْعَتِه، وتَدنيساً لِقِداسَتِهِ.

و أرادَ القاضي إبن أبي دؤاد أَنْ يَجِسَّ نَبْضِ المُجتَمَع لِيَعرِفَ رُدُودَ الفِعْل عِنْدَ تَنْفيذ هذه المؤامرة، ومَدى تأثيرها في نُفوس الشيعة المُعتقدين بإمامة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فاستَشارَ أَصحابه حَول هذه الخُطَّة المُدبَّرة مِنْ قِبَل المُعتَصِم، وقال لَهُمْ : ما تَصْنَعُ العَلائية (ويقصد بذلك : الشيعة) إذا أَخرجنا لَهُمُ الإمامَ الجَواد سكراناً ؟!

من الواضح أنَّه مِن المُحالِ المُسْتَحِيلِ المُمْتَنِع أَنْ يَقَع ما قَصَدَه الخليفة العبّاسي الخبيث.. حَولَ إخراج الإمام الجَواد بحالة السُكر.

و لَعَلَّ الخليفة كانَ يَظُنُّ و يَتَصَوَّر أنَّه يَسْتَطيع اَنْ يُحضِرَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويَسْقيه الخَمْر قسراً و جَبْراً، بِأَنْ يَجتَمِعَ على الإمام الجَواد جماعة مِنْ أولئك السَفَلَة، ويَصُبُوا الخَمْر في فَم الإمام..

ص: 152

بِالعُنْف والقُوّة مَثَلاً، ثُمّ يَظهَر أثر الخَمْر و هُوَ السُكر (على حَدَ زَعْم ذلك الخبيث) فيُخْرجونَ الإمام الجَواد (صَلَواتُ اللّه عليه) سَكْراناً في نَشوة الخَمْر ! (لَعَنَهُمُ اللّه و لَعَنَ أفكارهم).

كُلُّ ذلك تَشويها لِقُدسِيَّة الإمام والإمامة، وتَشنيعاً لِلمَذهَب التابع لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ)

فَكانَ الجَواب مِن أَصحاب ابن أبي دؤاد (الأغبياء) : اَنَّ هذا العَمَل إِذا تَحقَّق، فَسَوفَ يَنْهارُ المَذهَبُ الشيعي، ويَبطُل إعتقادُهُم بِعِصْمَة الأئمَّة الطاهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ولكِنَّ مُحَمّد بن أحمَد (راوي الحَديث) أَجابَ إبن أبي دُؤاد.. بِاَنّ هذه المُوامَرة فاشِلَة مِنْ ذاتها، وفاسِدة مِنْ أساسها، وتكون النَتيجة مَعكوسَة.. علَى فَرض تَنفِيذها، لأنَّ الشيعة يَعتقدون بأنّه لابدَّ مِن وجود الإمام الَّذِي يَكون حُجَّة للّه في أرضِه، و أدلُّ دليلٍ و علامةٍ على تَعيين و تحَديد ذلك الحُجَّة : هُوَ اَنَّ السُلطان يقصُده بأنواع الأَذى، ويُحاربُه بشتّى الطُرُق والأساليب و هذه المُحاولة و الخطة الّتي يُريدُ السُلطانُ

ص: 153

تَنْفيذها.. سَتَكون دليلاً على إمامة الإمام الجَواد، وليس طريقاً على إبطال إمامتِه.

فلمّا أخبَرَ القاضي إبن أبي دؤاد المُعتَصِمَ بذلك، قال المُعتَصِم : لَيس إلى هؤلاء القَوم حِيلَة، لا تُؤذوا أَبا جعفر.

ص: 154

الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُخبِر عن الإمام مِنْ بَعْدِهِ

رُويَ عن الصقر بن دلف، قال : سَمِعْتُ أبا جعفر مُحَمّد بن علي الرضا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يقول : «إنّ الإمام بَعْدي : إبني علي، أمَرُه أمري، وقولُه قَولي، وطاعتُه طاعَتی» (1).

و رُوي عن مُحَمّد بن إسماعيل بن بَزيع، قال : قال لي ابو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «يُفضى هذا الأمر إلى أبي الحَسَن.. و هُوَ إبْنُ سَبْع سنين » (2).

ص: 155


1- كتاب «إكمال الدين»، ج 2، ص 378، الباب 36، حَديث 3.
2- يُفضى، أي : يَصل. هذا الأمر : يَعْني الإمامة. المقصود مِنْ أبي الحَسَن : هُوَ الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ثُمّ قال : «نَعَم، واقل مِنْ سَبْعَ سِنِين.. كما كانَ عيسى ابن مريم ] (1)

***

رَوى المَسعودي في كتابه «إثبات الوصية» :

اَنَّ مُحَمّد بن عُثمان الكوفي.. سَأَلَ مِن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنْ حَدَثَ بِك - و أعوذُ باللّه - حادِث فإلى مَنْ ؟

فقال [ الإمام ] : إلى إبني هذا، يعني أبا الحَسَن [ الهادي ].

ثُمّ قال : «أما إنَّها سَتَكونُ فَتْرة».

قلت : فإلى أين ؟

فقال : إلى المَدينة

قلتُ : أَيّ مَدينة ؟

ص: 156


1- كتاب «إثبات الهداة» للشيخ مُحَمّد بن الحَسَن الحُرّ العاملي، ج 3، ص 356، باب 28 : النصوص على إمامة أبي الحسن الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قال : هذه المَدينة، مَدينة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ) و هَلْ مَدينة غَيرها ؟ (1).

***

رُويَ عن إسماعيل بن مهران، قال : لَمّا خرج أبو جعفر [ الإمام الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) من المَدينة إلى بغداد - في الدفعة الأولى مِنْ خَرْجَتَيه (2) - قُلْتُ لَه - عند خروجه - : جُعِلْتُ فِداك، إنّي أخاف عليك في هذا الوَجْه، فَإِلى مَن الأمر بَعدك ؟

فَكَرَّ بِوَجْهِهِ إليَّ ضاحكاً، وقال : ليسَ الغَيبة حَيث ظننت في هذه السنة (3).

فَلَمّا أُخرِجَ بِه الثانية إلى المُعْتَصِم... صِرتُ

ص: 157


1- كتاب «إثبات الوصيّة» للمسعودي، ص 193.
2- الدفعة الأولى : المَرّة الأولى. خَرجَتيه: سَفرتيه. والمُستفاد مِن هذا الخبر أنَّه كانَ للإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أكثَر مِنْ سَفْرة إلى بغداد، وقَد تَخَلَلَت السَفْرتَين.. إقامة مُدة زمنيّة في المَدينة المُنوَّرة. المُحقّق.
3- المَقْصود مِنْ «الغيبة» - هُنا - : الوفاة.

إليه فَقُلْتُ لَه : جُعِلْتُ فِداك، أنت خارج فَإِلى مَنْ هذا الأمر من بعدك ؟

فبكى حتّى اخْضَلَّتْ لِحِيتُه، ثُمَّ التَفَتَ إِليَّ فقال : عِنْدَ هذه يُخافُ عَلَيَّ، الأمر بَعْدي إلى إبني : علي (1).

ص: 158


1- كتاب (الكافي) ج 1، ص 323، باب «الإشارة و النص على أبي الحَسَن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ)»، حَدیث 1.

وفاة وشهادة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

مِنَ الواضح الَّذِي لا شك فيه.. أنّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَمْ يَمُتْ حَتْفَ أنفه، ولَمْ يَذكُر اَحَدٌ من المؤرخين أنّ الإمام أُصيبَ بِمَرَضٍ أو داءٍ عُضال أودى بِحَياتِه، بَلْ مِن الصَحيح أن نقول : بانّ المؤرّخين و المُحَدِّثين - إلّا النادِر مِنْهُمْ - قَد إتَّفَقَتْ كلمَتُهُم على أنّ الإمام الجَواد.. قضى نَحْبَه مَسْمُوماً.

وقد اختَلَفَتْ كلماتهُمُ في كيفيّة دَسّ السُمّ إليه و لكِنَّهُم أَجمَعُوا على أنّ المُعْتَصِم هُوَ السَبَب الرئيسي لِهذه الجَريمة النَكراء، و الجِناية العَظيمة.

ونَحْنُ نَستَعْرِض الأقوال المُتَعَدِّدة، ثُمَّ نَنظر إلى أَن يَنْتَهي بِنا الكلام:

ص: 159

القول الأول

في كيفيّة قَتْل الإمام الجَواد

رَوى العلّامة المَجلِسي في كتاب «بحار الأنوار» عن العيّاشي، عن زرقان (1) قال :

رَجَعَ إبن أبي دؤاد ذاتَ يَوم مِنْ عِنْدِ المُعْتَصِم..وهُوَ مُغْتَم، فقلتُ لَه في ذلك ؟

فقال : ودَدتُ اليَوم أَنّي قد مُتُّ مُنْذُ عِشرين سَنَة.

قلتُ لَه : ولِمَ ذاك ؟

قال : لِما كانَ مِنْ هذا الأسود أبي جعفر مُحَمّد بن علي بن موسى.. اليوم، بَين يَدَي أمير المُؤمنين.

قلتُ لَه : وكيفَ كانَ ذلك ؟

قال : إنّ سارقاً أقرَّ على نَفْسه بالسَرِقَة، وسأَلَ الخَليفةَ تَطهيرَه بإقامة الحَدّ عليه.

ص: 160


1- زرقان : لَقَب مُحَمّد بن الحُسَين الزيات، كما احْتَمَلَه بَعض الأعلام، و صاحب ابن أبي دؤاد و صَديقه الحَميم.

فَجَمَعَ لذلك الفِقهاء في مَجْلِسه، وقَد احضَرَ مُحَمّد بن علي [أيّ : الإمام الجَواد ] فسألنا عن القَطع في أي موضع يَجِب أَنْ يُقْطَع ؟ (1)

فقلتُ: مِن الكُرسُوع (2)

قال [ المُعْتَصِم ] : و ما الحُجَّة في ذلك ؟ (3)

قلتُ : لأنَّ اليَد هِيَ الأصابع و الكفّ إلى الكُرسُوع، لقول اللّه في الّتيمم : «فامسَحُوا بِوجُوهِكُم و أیدیكُمْ» (4) و اتَّفَق معى ذلك قوم (5).

و قالَ آخَرون : بَلْ يَجِب القطع مِن المِرفَق.

ص: 161


1- أيّ : من أيّ موضع مِن اليَد يَجِب قَطع يد السارق ؟
2- الكُرسُوع : طرف الزند الَّذِي يلي الخنصر، وهُوَ المفصل بَين الساعد و الكفّ.
3- أي : ما الدليل على ذلك ؟
4- سورة النِساء، الآية 43.
5- هكذا وجدناه في كتاب «بحار الأنوار»، ولَعَلَّ الصحيح : و اتَّفَقَ مَعي في ذلك قوم. أي : جماعة من الفِقهاء الحاضرين.

قال [ المُعْتَصِم ] : و ما الدليل على ذلك ؟

قالوا : لأنّ اللّه لَمّا قال : «وَ أَيْدِيكُم إِلَى المَرَافِقِ» في الغَسل.. دلّ ذلك على اَنَّ حَدَ اليَد هُوَ المِرفَق.

قال [ ابنُ أَبي دؤاد ] : فالتَفَتَ [ المُعْتَصِم ] إلى مُحَمّد بن علي، فقال : ما تقول في هذا يا أبا جعفر ؟

فقال : قَد تَكلَّم القوم فيه يا أمير المُؤمنين !!!

قال : دَعْني مِمّا تَكلَّموا به، أيّ شيء عِندك ؟

قال : أعفِني عن هذا يا أَمير المُؤمنين !!

قال : أقسمتُ عليك باللّه لما أخبرت بِما عِندك فيه.

فقال : أما إذا أَقسَمْتَ عَلَيَّ بِاللّه، إنّي أقول : إنَّهُم أخطاوا فيه السُنَّة، فإنّ القطع يَجب أن يَكون مِنْ مِفْصَل أصول الأصابع، فيُترك الكفّ.

قال [ المُعْتَصِم ] : و ما الحُجّة في ذلك ؟

قال [ الإمام ] : قَولُ رسولِ اللّه : «السُجود على سَبْعة

ص: 162

أعضاء : الوَجه واليَدَين والرُكبَتَين والرِجلَين»، فإذا قُطِعَتْ يَده من الكُرْسُوع أو المرفق.. لَمْ تَبْقَ لَه يَدٌ يَسْجُدُ عليها، وقال اللّه تبارك وتَعالى : «و اَنَّ المَساجِدَ للّه» يَعْني بِه هذه الأَعضاء السَبعة الّتي يُسجد عليها «فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللّه اَحَداً» و ما كانَ للّه لَمْ يُقْطَع.

قال [ إبن أبي دؤاد ] : فاعجَبَ المُعْتَصِمَ ذلك، و أمَرَ بِقَطع يَد السارق مِن مِفْصَل الأَصابع دون الكفّ.

قالَ ابنُ أَبي دؤاد : قامت قيامتي، وتَمَنَّيتُ أنّي لَمْ أَكُ حَيّاً !!

قال زرقان : قال ابنُ أبي دؤاد : صِرْتُ إلى المُعْتَصِم بَعْدَ ثالثة، فقلتُ : إِنّ نَصيحة أمير المُؤمنين عَلَيَّ واجبة، و أنا أكلّمُه بِما أَعلم أنّي اَدخُلُ بِه النار !!

قال [ المُعْتَصِم ] : وما هُوَ ؟

قلت : إذا جَمَعَ أمير المُؤمنين في مَجْلِسِه فُقَهاءَ رَعيَّته وعُلَماءَهم لأمر واقع مِنْ أمور الدين، فسَألَهُم عن الحكم فيه.. فأَخبَروه بِما عِنْدَهُم مِن الحُكْم في

ص: 163

ذلك، وقَد حَضَرَ مَجْلِسَه أَهلُ بيته و قُوّاده و وزراؤه و كُتّابُه، وقَد تَسامَعَ الناسُ بذلك.. مِن وَراء بابِه.

ثُمّ لم يَتْرُك أقاوِيلَهُمْ كُلّهم.. لِقَول رَجُلٍ يَقولُ شَطْرُ هذه الأمة بإمامتِه، ويَدَّعون أنّه أولى مِنْه بِمَقامِهِ، ثُمَّ يَحكُم بِحُكْمِه دونَ حُكم الفِقهاء ؟!

قالَ [ إبن أبي دؤاد ] : فَتَغَيَّر لَونُه، وانتَبَه لِما نَبَّهتُه له، وقال :

«جَزَاك اللّه عن نَصيحتك خَيراً...» (1).

***

أقول : إنّ هذا الخَبَر يَعكِس لنا حَقائق، ويَكشِف لَنا أموراً لا بَأس بِالإشارة إليها :

1 - المُستوى الثِقافي الديني الَّذِي كانَ فُقَهاء ذلك اليَوم.. يَعيشونَه مِنْ جَهْلٍ مُطبق، وعَدَمَ المُبالات بالحُدود الإلهيّة، و إصدار الفَتاوى المُنْبَعِثَة عن الظَنّ

ص: 164


1- كتاب بحار الأنوار، ج 50، ص 5، باب مَولده ووفاته و أسمائه و ألقابه (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَديث 7.

و الحَدس والهَوى.

و لا أعلم هَلْ كانت الحُدود مُعَطَّلة في ذلك الزمان، فَما كانَ أولئك القُضاة الجُهّال يَعلَمون مِنْ أينَ تُقْطَع يَد السارق ؟!

أو أنّهم كانوا يَقطعون أَيدي الناس - حَسَب أهوائهم و مُيولهم - مِن الزَند أو المِرفَق ؟؟ و لَعَلَّ بَعضهُم كانَ يُعجِبُه أَنْ يُفتي بقطع يد السارق من تحت إبطيه إحتياطاً !! لأنّ كلمة (اليَد) تُطلق على هذا العُضو كُلّه !

أما كانَ هؤلاء يستطيعونَ أَنْ يَسألوا عن سُنَّة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) في أنّ حُكْم قطع يَد السارق.. من أيّ مَوضعٍ كانَ ؟!

فَهَلْ كانت هذه السُنَّة - من قانون الحدود - مَجهولة عنْدَ فُقهاء الشياطين في ذلك العَصر ؟!

و على كُلِّ تَقدير : فَقَد اختلفوا في مَجْلِس المُعْتَصِم، واضطَرَبَتْ أقوالُهُم في هذه المَسالة.

ص: 165

2 - كانَ المُعْتَصم المسكين - المُدَّعى لخلافة رَسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) - أَجهَلَهُم بِهذه الأحكام.

فَلَمْ يَعلَم بِقَولِ مَنْ يَأخُذ ؟ و مِنْ أَيِّ مَوضِع يَقْطَع يَدَ ذلك السارق الأحمق.. الَّذِي جاء إلى السُرّاق واللُصوص.. وطَلِبَ مِنْهُم قَطعَ يَدِهِ و تطهيره مِن الذنب ؟!

و أخيراً يَطلب المُعْتَصِم من الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ يُخْبِرَه عن حُكْم اللّه و عن سُنَّة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في قَطع يَد السارق.

فَيَعْتَذِر الإمام ويطلب من المُعْتَصِم إعفاءَه عن الإجابة، لأنَّه يَعْلَم أنّ أولئك العُلَماء (عُلَماء السوء) تَهيجُ فيهم رذيلة الحِقْد والحَسَد، إذا ظَهَرَ جَهْلَهُم بالأحكام.. في ذلك المَجلس الغاصّ برجال الدَولة و شَخصيّاتهم، وتُهدَر كرامتُهُمْ وتَنْهار مَعْنويّاتهُمْ ويَسْمَلُهُمْ خِزْيِ الجَهْل.

ولكن المُعْتَصِم أقسم على الإمام باللّه تَعالى أن يُخْبِرَه بِالحُكْم الإلهي ؛ فَيُجيب الإمام على ضَوء الكتاب

ص: 166

والسُنّة، ويَأخُذ المُعْتَصِم بِقَول الإمام الجَواد و يَامُر بقَطع يَد السارق مِن أُصول الأصابع.

3 - تَقومُ القِيامة على ابن أبي دؤاد، ويَتَمَنَّى أنَّه مات قَبْلَ ذلك اليوم بعِشرين سَنة !!

نَعَمْ.. هكذا ثَقُلَ عليه الحق، وهكذا إنزَعَجَ مِنْ حُكْم اللّه تَعالى، وتَكوّنَت عِندَه عُقدة الحقارة النَّفْسيّة، فحاول أن يَقوم بجناية و هُوَ يَعْلَم أنَّه يَخْسَر الدين و الآخرة، ويكتسب غَضَبَ اللّه تَعالى و عَذابه الأَليم في الآخِرة، فذهَبَ إلى المُعْتَصم للمُشاغَبة ضِدّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

***

ایُّها القارىء الكريم

لَنا أَنْ نَتَساءل :

اما كانَ ابن أبي دؤاد يَعْرِفُ المُعْتَصِم و يَعْلَم مُوبقاته مِنْ خُمُورٍ لا تَنْقَطِع.. و سُكر مُتَواصِل لَيلاً و نَهاراً ؟!

أَما كانَ يَرى ويُشاهِد حَفَلات المُعْتَصِم و سَهراته

ص: 167

المَشفوعة بالأَغانى والمُنكرات ؟!

فَها هُوَ الآن.. يَدخُل على المُعْتَصِم لِيَقول لَه : إنّ نَصيحة أمير المُؤمنين واجِبَة !! و «أنا أُكلِّمه بما أَعلم أنّي اَدخُلُ بِه النار» !!

أنظُرْ إلى العِناد و الجُحُود.

أنظر إلى تَعَطَّل الوِجدان و مَوتِ الضمير.

إنَّه يَعتبر المُشاغَبَة و السعاية ضدّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَصيحة وحُبّاً للخير، يُقَدِّمُها إلى المُعْتَصِم، ويُغريه بِقَتل الإمام الجَواد الَّذِي كانَ إماماً وحُجّة للّه على عباده.

وتَجِد.. أنّ المُعتَصِم يَشكره على هذه النَصيحة الّتي - واللّه - تُعتَبَر جَريمة و جِناية وفَضيحة ويَعزم عَلى قَتل ابن رسول اللّه وذُريّته الطاهِرة : الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و أخيراً.. نَفَّدَ المُعْتَصِم خُطَّته، ودَسَّ السُمّ إلى الإمام الجَواد عن طريق زوجته أمّ الفضل، أو عن طريق أحَد عُمَلائه الَّذِين كانوا مِنْ زُملاء ابن أَبي دؤاد.. في المَبدا

ص: 168

والعَقيدة.

و قَتَلوا ابن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) في رَيعان شَبابه و غَضارة عُمره.

إنّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قُتِلَ صَحِيةٌ لأَجْلِ حُكْمِ شَرعي مِنْ أَحكام اللّه تَعالى !

قتل.. لأنَّه بَيَّن قانوناً واحداً من قَوانين الإسلام، فَكانَ هذا جزاءُه مِنْ ذلك المُجْتَمَع الساقِط، و مِنْ أولئك الأَرجاس.

فلْيَهْنا المُعْتَصِم و ابن أبي دؤاد و يَحيى بنُ اكثَم - و نُظراؤهم من أقطاب الجِناية و نَماذج الخِزي - بِقَتْلِ آلِ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) الَّذِين أوجَبَ اللّه مَودّتُهم.. وجَعَلَها أَجْراً لِرسالة رسوله العَظيم.

ص: 169

القول الثاني

في كيفيّة قَتْل الإمام الجَواد

لَقَد ذكرنا - في بَعض فُصُول هذا الكِتاب - قِصَّة السارق الَّذِي اختَلَفَ فُقَهاء البِلاط العبّاسي في قَطع يَدِه، و أنّ القاضي ابن أبي دؤاد دَخلَ على المُعتَصِم يَنْصَحُه، ويلومُه على الأخذ بِقَول الإمام الجَواد، وتَرك أَقوالِ الفِقهاء.

والآن.. نَذكُر تَكمِلة الخَبَر:

فأَمَرَ [ المُعْتَصِم] في اليوم الرابع، فُلاناً مِنْ كتاب وزرائه.. بِأَنْ يَدعوه [ أي : يَدْعو الإمامَ الجَواد ] إلى مَنْزِلِه، فَدَعَاه، فأَبى أَنْ يُجِيبَه، وقال : قَد عَلِمْتَ أنّي لا أحضَرُ مَجالِسَكُم !

فقال : إني إنَّما ادعوك إلى الطعام، و أحب أن تَطأ ثِيابي (1)، و تَدْخُلَ مَنْزِلي فأتَبرّك بذلك، فَقَد اَحَبَّ فُلان بن فُلان [ مِنْ وُزراء المُعْتَصِم ] لِقاءَك

ص: 170


1- تَطأ ثيابي : أي : تَضَع قَدَمَك على فِراشي حتّى أتبَرّك بِذلك !!

فَسار [ الإمام ] إليه، فلَمّا طعم مِنْه.. اَحَسّ بالسُمّ،، فَدَعَا بِدابَّتِه، فسأله ربُّ المَنْزِل أَنْ يُقِيم، فقال الإمام : «خُروجي مِنْ دارِك.. خَيرٌ لك».

فَلَمْ يَزل يَومَه ذلك و ليله في خِلْفةٍ (1) حتّى قُبِضَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) (2).

القولُ الثالث

في كيفيّة قَتل الإمام الجَواد

و ذكرَ إبنُ شهر آشوب - في كتاب «المناقب» :-

«لمّا بُويعَ المُعْتَصِم، جَعَلَ يَتَفَقَّد أحواله (3) فكتَبَ إِلى عَبْد المَلِك الزيات أنْ يُنْفِذ [ أي : يَبْعَث ] إليه التَقيّ [ أي : الإمام الجَواد ] و أُمَّ الفَضْل.

ص: 171


1- الخِلقَة: الهيضة و الإسهال.. على أَثَر التّسَمُّم.
2- کتاب «تفسير العيّاشي» ج 1، ص 319، حَدیث 109، عِنْدَ تَفْسير الآية 38 من سورة المائدة.
3- أي : أحوال الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فأَنفَذَ ابنُ الزَيّاتُ.. عليَّ بنَ يَقطين إليه، فَتَجَهَّز (1)، و خَرَجَ إلى بغَداد، فاكرَمَه وعَظَمَه، وأنفَذَ [ المُعْتَصِمُ] اشناس (2) بالتُحَف إليه وإلى أمّ الفَضل.

ثُمّ أَنفَدَ إليه شراب حُمّاض الأُترج (3) تَحْتَ خَتْمِه على يدي اشناس وقال [ اشناس ] : إنّ أمير المُؤمنين [أي : المُعْتَصِم ] ذاقَه قَبْلَ أحمَد بن أبي دؤاد، و سَعد بن الخضيب، وجَماعة مِن المَعروفين، و يأمُرك أَن تَشْرَب مِنْها بِماء الثَلج، وصُنِعَ في الحال.

فقال [ الإمام ] : «أشربُها باللَيل».

قال [ اشناس ] : إنَّها تَنْفَع بارداً، وقَد ذابَ الثَلْج.

ص: 172


1- أي : إستعَدّ الإمام للسَفَر.
2- اشناس : قائد تُركي مِنْ قواد المُعْتَصِم العبّاسي
3- حُمّاض - على وَزْن رمان - : نبت حامض، لَه ورد احمَر، ويقال لَه - بالفارسيّة - : رِيواس. وهُوَ على أقسام، وقسمٌ مِنْه يُقال لَه : حماض الأُترج. كما في كتاب (لُغت نامه دهخدا).

و أصَرَّ على ذلك، فَشَرِبَها....» (1).

القَول الرابع

في كيفيّة قتل الإمام الجَواد

جاءَ في كتاب «عُيُون المُعجزات» : «... ثمّ إنّ المُعْتَصِمِ جَعَلَ يَعْمل الحِيلَة في قتل أبي جعفر [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و أشَار على إبنَة المَامون : زَوجَتِه [ أي : زَوجَة الإمام ] بأن تَسُمَّه، لأنّه وقَفَ (2) على إنحرافها عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) و شدّة غيرتها عليه، لِتَفْضِيله أمّ أبي الحَسَن (الهادي) عليها، ولأنَّه لم يُرزَقٌ مِنْها (3) وَلداً.

فاجابَته إلى ذلك، و جَعَلَتْ سُمَّا فِي عِنَبِ رازِقيّ

ص: 173


1- كتاب «المَناقِب» لإبن شهر آشوب، ج 4، ص 384، باب إمامة أبي جعفر الثاني، في عِلْمِه (عَلَيهِ السَّلَامُ).
2- وقفَ : عَلِمَ واطَّلَعَ.
3- أي : مِنْ أُمّ الفضل.

ووَضَعَتْه بَين يَدَيه، فلمّا أكل منْه نَدَمَتْ، و جَعَلَتْ تَبكي !!

فقالَ [ الإمام ] : ما بكاؤك ؟ واللّه لَيَضربَنَّكِ اللّه بِعُقرٍ (1) لا يَنْجَبِر، وبَلاء لا يَنْسَتِر.

فَماتَت بِعِلَّة في أعْمَض المواضع مِنْ جَوارحِها، صارَت ناصُوراً (2)، فأنَفَقَت مالَها، وجَميع ما مَلَكته على تلك العِلَّة، حتّى احتاجت إلى الإستِرفاد (3). (4)

***

و هُناك قولٌ خامِس.. في كيفيّة دَسّ السُمّ إلى الإمام الجَواد.. مِنْ ناحِيَة زَوجته أمّ الفَضْل، ولا داعِيَ لِذِكْرِهِ.

***

ص: 174


1- العُقر : الجُرح.
2- الناصُور - أو : الناسُور - : عِلَّة أَو قُرْحَة في أسافل البَدَن.
3- الإستِرفاد : الإستِعطاء.
4- كتاب «عُيون المعجزات» للشيخ حسين بن عبد الوَهّاب ص317، «باب إمامة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

وقد رُويَ عن الإمام الرضا - في حَديث لَه عن مَقْتَل ولَده الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) - أنّه قال : «يُقْتَل غَصْباً، فَيَبْكي لَه وعليه أهلُ السَماء، ويَغْضب اللّه تَعالى على عَدُوِّه وظالمه، فَلا يَلْبَث إلا يَسيراً، حتّى يُعَجِّل اللّه به إلى عَذابه الأَليم، وعِقابه الشَديد...» (1).

***

تاريخ وفاة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

اختَلَفَتِ الأقوال في تاريخ وفاته، والمَشْهُور أنَّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) تُوفّي في آخِر يَومٍ مِنْ شَهْر ذي القعدة، سَنَة مائتَين و عِشرين من الهِجرة، و عُمره خَمسة و عِشرون سَنَة، وأشهُر و أيّام. (2)

ص: 175


1- کتاب «عُيون المُعجزات» : ص 301، باب «إمامة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)».
2- كتاب «إعلام الورى باعلام الهُدى» ص 329، الباب الثامن، الفَصل الأوّل.

ماذا بَعدَ وفاة الإمام الجَواد ؟

إنطفَى كوكبُ الإمامة.. في سَماءِ العِلْم و الشرف والعَظَمة.

فارقَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحَياة وهُوَ في رَيَعان شَبابه، و غضارة عُمره !

إنتَهَتْ تِلْكَ الحَياة المُشْرِقَة المباركة.

إستَراحَ إبن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) من هذه الحياة الممزوجة بالمكاره والآلام، وتَحَقَّقَتْ أمنيَّة المُعْتَصِم و مَنْ يَدُور في فَلَكِه من الحاسِدِين و الحَاقِدين و الجُناة المُجرِمين، الَّذِين كانوا يَنْزَعِجُون مِن وُجود الإمام الجَواد، ويَعتَبِرُونَه المُنافِس الوَحيد الَّذِي يَمْلِك القُلُوب، وتَهْوي إليه النفوس.

وكيفَ لا يَكون كذلك وهُوَ مُحاط بِهالة القِداسة والنَزاهة والعِصمة والطَهارة ؟!

ص: 176

قانون «الإمام لا يُصَلّي عليه إلّا الإمام»

إنَّ مِمّا ثَبَتَ عِنْدَ الشيعة، وصارَ جُزءاً من مُعتَقَداتهم - على ضَوء الأَحاديث الشَريفة - هُو : أنّ الإمام [ المَعْصوم ] لا يُغَسلُه إلا الإمام، و لا يُصلّي عليه إلّا الإمام.

وقَد ذكرنا بَعض ما يرتَبط بِهذا الموضوع في كُل من كتاب «فاطمة الزَهراء مِن المَهْد إلى اللَحْد» و «الإمام المَهدي مِن المَهْد إلى الظُهور».

و لَمّا فارق الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) الحَياة.. قامَ ولَده الإمام علي الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِتَغسيله وتَكفينه والصَلاة عليه.

ص: 177

و السُؤال : كيفَ تَحَقَّق ذلك، و الإمام الهادي كانَ - يَومَذاك - في المَدينة المُنوَّرة، والإمام الجَواد قَضى نَحْبَه في بَغداد، وبينَ البَلدتَين اكثر مِنْ ألفَي کیلومتر؟

الجَواب : إِنَّ اللّه تَعالى مَنَحَ أولياءه قُدرة المُعْجِزة و خَرق العادة، وقَد مَرَّ عليك بَحث حَولَ طيِّ الأرض، و أنّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) إستَخدَم هذه القُدرة، فَقَطعَ المسافات الطويلة - من الشام إلى الكوفة.. ثُمّ إلى المَدينة المُنوَّرة ثُمّ إلى مكّة المُكَرمة ثُمّ عَاد إلى الشام -، كُلُّ ذلك في ليلَةٍ واحِدة.

و ذكرنا - أيضاً - أن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَضَرَ من المَدينة المُنوَّرة إلى خُراسان عِنْدَ وفاة والده الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) و ذلك عن طريق طي الأرض، ولَمّا سأَله اَبو الصَلت.. عن كيفيّة دخوله الدار و الأَبواب مُغْلَقَة، قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «الَّذِي جاءَ بي مِن المَدينة في هذا الوقت.. هُوَ الَّذِي اَدخَلَني الدار و الباب مُغلَق...».

و نفس هذه القدرة مُتاحة للإمام الهادي (عَلَيهِ

ص: 178

السَّلَامُ) فَلا شَكٍّ أنّه حَضَرَ في بغداد عن طريق طيِّ الأرض وغَسَّلَ أباه، وصلّى عليه في جَوَ مِن الكِتمان والإستِتار، ثمّ عاد إلى المَدينة المُنوَّرة.

و ذكر المَسْعودي - في كتاب مُروج الذهب - أنّ الواثق إبن المُعْتَصِمِ العبّاسي، هُوَ الَّذِي صَلَّى على جِنازة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فإنْ صَحٌ هذا القول.. فإنَّما هُوَ على الظَاهِر، أي : أنّ الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هُوَ الَّذِي تَولّى تَغسيل أبيه والصَلاة عليه، مِن دون أَن يَعْرِفه أَحد، و في كِتمان شَديد، ولكنّ الواثِق العَبّاسي صَلَّى على جَنازة الإمام بِمرأى مِن الناس.

هذا اَوّلاً.

و ثانياً : إنّ صَلاة الواثق العبّاسي على جنازة الإمام إنَّما كانتْ لِتَغْطِيَة الجَريمة، فالكثير من الحُكومات تَقوم بإغتِيال الشَخصيّات سرّاً، ثمّ تُقيم العَزاء و تُعْلن الحداد عليها جَهْراً، كُلّ ذلك مُحاولة لِتَغْطِيَة الجَريمة والتَبَرِّي مِنْها، وهكذا العبّاسيون، ومِنْهُم المُعْتَصِم، تراه يَامُر بِدَسّ السُمّ إلى الإمام الجَواد

ص: 179

(عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ يَأمر إبنَه الوَاثِق لِيُصَلّي على جنازة الإمام، ويُحاول - بهذا - أنْ يَدفَع عن نَفْسِه تُهمَة إغتيال الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) !!

و جاءَ في كتاب «الإمام الصادق و المذاهب الأَربعة» :

«... حاول المُعْتَصِم أنْ يُدفَنَ الإمام سِرّاً، ولا يَسْمَح لأحدٍ في تَشييع جنازته، ولكنّ الشيعة خَرَجوا بِذلك الَموكب المُهيب، الَّذِي يربُو عَددُهُم على إثني عَشَر ألفاً، و السُيوف على عَواتقِهِم، فَشَيَّعُوا جنازة الإمام (عَلَيهِ السَّلَامُ) رغم مُعارضة السُلطَة» (1).

ص: 180


1- كتاب «الإمام الصادق و المذاهب الأربعة»، للكاتِب- المُعاصر، المُحقّق، الأستاذ أسَد حَيدَر، ج 1، ص 226.

الإمام الهادي يُخْبِر عن إستِشهاد والدِهِ

لَقَد أخبَرَ الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) الناس - و هُوَ في المَدينة المُنوَّرة - عن إستِشهاد والدِه الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و وَفاته في بَغداد.

يَقول هارون بن الفَضل : رأيت أبا الحَسَن [ الهادي ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) في اليوم الَّذِي تُوفّيَ فيه أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقال : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، مَضى أبو جعفر.

فقِيل لَه : وكيفَ عرفتَ ذلك ؟

قال : تَداخَلَني ذِلَّة للّه، لَمْ أكُن أعرفها (1).

ص: 181


1- كتاب «بَصائر الدرجات»، صفحة 467، باب «في [ أَنَّ ] الإمام مَتى يُعلَم أنَّه إمام»، حَديث 3.

و عن رَجُلٍ كانَ أخاً للإمام الجَواد من الرضاعة، أنّ الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كانَ جالِساً بَين جَماعة إذ بَكى بُكاءاً شَديداً، ثُمّ دَخَلَ المَنْزِل فارتَفَعَ الصِياح والبُكاء مِن المَنْزِل، ثُمّ خَرَجَ فَسَألوه عن البُكاء ؟

فقال : إنّ أبي قَد تُوفّي الساعة.

فقِيلَ لَه : بِما عَلِمْت ؟

قال : قَد دَخَلَني مِنْ إجلالِ اللّه ما لَمْ أَكُنْ أَعرِفه قَبْلَ ذلك، فعَلِمْتُ أَنَّه قَد مَضى.

قال الراوي : فتَعَرَّفنا ذلك الوقت مِن اليَوم والشَهر (1) فإذا هُوَ مَضى في ذلك الوقت (2).

و عن الحَسَن بن علي الوشّا، قال :

جاءَ المولى أبو الحسن علي [ الهادي ] بن مُحَمّد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) مَذعُوراً حتّى جَلَسَ في حِجر أُمّ موسى،

ص: 182


1- أي : ضَبَطنا الوقت و سَجَّلْناه.
2- کتاب «بَصائر الدرجات»، صفحة 467، باب «في [اَنَّ ] الإمام مَتى يُعلَم أنّه إمام»، حَديث 2.

عَمِّةِ أَبيه، فقالت : مالَك ؟

فقالَ لَها : ماتَ أَبي الساعة.

فقالت : لا تَقُل هذا.

فقال : هُوَ - واللّهِ - كما أقولُ لك.

فكُتِبَ الوقتُ واليَوم، فَجاء - بَعْدَ أيّام - خَبَرُ وفاته (عَلَيهِ السَّلَامُ) و كانَ كما قال (1).

ويَقْتَضي - هُنا - اَنْ نَتَحَدّث عن عِلْم الإمام - بِصُورة عامّة - لكنّ الموضوع يتطلَّبُ الشَرح والتَفصيل، لذلك نُرجيء البَحث إلى كتاب «الإمام الهادي مِن المَهْد إلى اللَحْد» إن شاءَ اللّه تَعالى.

ص: 183


1- كتاب «عُيُون المُعجزات» للشيخ حسين بن عبدالوهّاب، ص 321.

مَرقَدُ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

حِينَما كانَ الإمام مُوسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بغداد، إشتَرى أَرضاً في مقابر قُرَيَش لِيُدفَنَ فيها بَعْدَ وفاته، ولَمّا قضى الإمامُ نَحْبَه دُفن فيها. (1).

و في نَفْس البُقعة دُفِنَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) خَلْفَ قَبْر جَدّه الإمام مُوسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و هذه البُقعة الطاهِرة، والمقام الشَريف - الَّذِي

ص: 184


1- کتاب «الدرّ النَظيم في مَناقب الأئمَّة اللَهاميم» لِلفاضل الفَقيه يوسف بن حاتم الشامي العاملي، ص 671، فصل في ذِكْر وفاة الكاظِم (عَلَيهِ السَّلَامُ) و سَبَبها و موضع قَبْره، طبع مُؤسّسة النشر الإسلامي، التابعة لجماعة المُدرّسين بقُم المُقدّسة، الطبعة الأولى عام 1420 ه_ ق، يَنقُل ذلك عن كتاب «دلائل الإمامة» ص 148.

دُفن فيه الإمامان (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) - لَه تاريخ طَويل، حافِل بِالمَصائب و المَآسي، ونَحْنُ نَذكُر بَعض ما جَرى، بِصُورة مُوجَزة، و التفاصيل مذكورة في كتاب «الكامل» لإبن الأثير، و غيره :

بَعْدَما دُفِنَ الإمامُ الجَواد عِنْدَ قَبْر جَدَه الإمام مُوسى الكاظِم، و انقَضَتْ فَتْرة غَير مَعْلُومة - عِندنا - بُنِيَ على قَبرِهما بناء.

وسُمِّيت البُقعة ب_«الكاظِمين» و كانَ الزائرون مِن الشيعة يَزورون الإمامَين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) مِنْ مَسجِد كانَ هُناك، أو مِنْ وَرَاء حِجاب آخَر، خَوفاً من المُناوئين.

وبَعْدَ انقضاء مُدَّةِ زَمَنِيَّة.. لا نَعْلَم مِقدارها.. بُنيت المَساكن والبُيوت.. حَولَ تِلك البقعة المُقدّسة، حتّى صارَت قَرية مِن قُرى بَغداد (1).

ووَضَعُوا على القَبرَين ضَريحَين، بَعْدَ هَدْم البِناء السابِق و تَجديده.

ص: 185


1- أمَا اليَوم فَقَد صارَت مَدينة كبيرة ذات شهرة عَظيمة، وتُسَمّى ب_«الكاظِمية» زادَها اللّه شرفاً.

و في أيّام حُكْم الدَيالمة.. إرتَفَعَ الخَوف، وكثُرَ إزدحام الزُوّار من الشيعة، وكثُرت البُيوت و المَساكِن، حَولَ مَرقَد الإمامين الطاهِرين.

و في سنة 336 هجريّة.. أمَرَ مُعِزّ الدولة أحمَد بن بُوَيه بتجديد عِمارة المَرقَدَين، وتَجديد الصَريحَين، و تَزيين المَقام، و بَنى أمامَ المَقام صَحْناً واسِعاً، رَفيع الجُدران.

وعَيَّنَ جُنُوداً و عَساكر لِخِدْمَة المَقام و حِراسَتِه و تامين سَلامة الزوّار.. من الأخطار المُحْتَمَلَة، فَكانَ الناس يَقْصُدونَ المَقام.. أفواجاً أفواجاً، وكثُر المُجاوِرُون للمقام، وازدهَرَت المَدينة.

و في أيّام الحُكّام البُوَيهِيّين إزداد المَقامُ شُهرةٌ عِنْدَ أهلِ العِراق، وازداد عَدد الزُوّار.

و في سنة 369 ه_، أضاف عَضُدَ الدّولة فى تَعْمير المَشْهَد الشَريف، مِن الداخل و من الخارج.

و في سَنَة 443 ه_ وقَعَتْ فِتْنة عظيمة في بَغداد بَين الشيعة والسُنّة، لأسباب تافِهَة، وأخيراً هَجَمَ أهلُ

ص: 186

السُنّة على مَشهَد الإمامين، ونَهَبُوا ما فيه من التُحَف و النَفائس، و في اليوم الآخر أحرَقوا المَشْهَد، فاحتَرقَ الضَريحان والقُبّتان !!

و في اليوم الآخَر أرادوا حَفرَ قَبر الإمام مُوسى بن جعفر والإمام مُحَمّد الجَواد.. لِنَقْلِهِما إلى مَقبرة أحمَد بن حَنْبَل، ولكنّ اللّه تَعالى حال دونَ ذلك، فَفَشَلُوا وانقَلَبُوا خائبِين.

وبَينَ كُلِّ فَترة وأخرى كانت الفِتَن تَثُور بَين الشيعة والسُنّة في بغداد.. حَولَ كلمة «حَيَّ على خير العَمَل» في الأذان (1) وكلمة «الصَلاة خَيْرٌ مِن النّوم»

ص: 187


1- كانت كلمة «حَيَّ على خَيرِ العَمَل» مِنْ فُصول الأذان والإقامة و جُزءاً مِنْهُما في عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) و في حكومة أبي بكر، وشَطرٍ مِنْ حُكومة عُمَر بن الخطّاب، ثُمَّ اسقَط عُمَر هذا الفصل من الأذان والإقَامة، وقال : «ثلاث كُنَّ على عَهْد رَسول اللّه و أنا أنهى عَنْهُنَّ وأَحَرِّمُهُنَّ وأعاقب عليهِنَّ : مُتعة النِساء ومُتعة الحَجّ وحَيَّ عَلى خَيرِ العَمَل»-كما جاءَ هذا في كتاب «شرح التَجريد» لِلقُوشجي -. ومِنْ بَعْد عُمَر.. جاءَ البَعض وتَبِعُوه في إسقاط وحَذف هذه الكلِمة، أما أئمَّة أهلِ البَيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) - و اتباعُهُم فَقَد ثَبَتُوا على الإلتزام بهذا الفصل في الأذان والإقامة. و قَد واجَة عُمَر رَفضاً مِنْ بَعض المُسلمين، فاعتبروا إسقاط هذا الجزء من الأذان : بِدعة فِي الدين، وخروجاً عن سُنّة رسول اللّه، و مِنْهُم عَبد اللّه بن عُمَر، فَقَد كانَ يَقول في الأذان : حَيَّ على خَيرِ العَمَل، كما في كتاب «السيرة الحَلَبيّة» ج 2، ص 98، باب الأذان ؛ و ايضاً في كتاب «السُنَن الكبرى» لِلبَيهَقي، المُتوفّى عام 458 ه_، 1، ص 424، کتاب الصَلاة، باب «ما رُوي في حَيَّ على خَيرِ العَمَل»، طبع لبنان، بیروت، دار المعرفة، سَنَة 1413 ه_، 1992 م. و حِينَما انتقلت السلطة إلى خليفة رسول اللّه : الإمام علي أمير المُؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) أمر بإعادة هذا الجزء إلى أَمَرَ الأذان، كما كانَ في عهد رسول اللّه. وكانَ لَه مُؤذن إسمه : عامِر ابن نباح، و كانَ يقول - في الأذان - حَيَّ عَلى خَيرِ العَمَل، فإذا رآه الإمام.. قالَ لَه - مُشَجِّعاً - : مَرْحَباً بالقائلين عدلاً***و بالصَلاة مَرحَباً و أهلاً كما في كتاب «مَنْ لا يَحْضُره الفقيه» ج 1، ص 288، حَدیث رقم 890، باب الأذان والإقامة. و إن تسأل : لماذا اسقَط عُمَر هذا الجزء من الأذان والإقامة ؟ الجواب : نَفْس هذا السؤال ساله مُحَمّد بن أبي عُمَير من الإمام أبي الحَسَن (لَعَلَّه الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)). فقالَ لَه الإمام : تُريد العِلة الظاهرة أو الباطِنَة ؟ قال : أُريدهما جَميعاً. فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «أَمّا العِلَّة الظاهرة : فَلِئَلاً يَدَع الناسُ الجِهاد إتكالاً على الصَلاة، وأمّا [ العِلّة ] الباطِنَة : فإِنّ خير العمل : الولاية، فأرادَ مَنْ أَمَرَ بِشَرك «حَيَّ على خير العَمَل» «مِن الأذان أنْ لا يَقَع حَتْ عليها ودعاء إليها». كتاب «وسائل الشيعة» ج 2، ابواب الأذان والإقامة. ولهذا فَقَد تَمَسَّكَ أئمَّة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) بهذا القَصْل مِن الأذان.. إقتداءاً بِرَسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) وإحياءاً لِسُنّتِه وإماتة لِلبِدَع الحادثة، وقَد صارَ هذا الجزء شعاراً لأهلِ البيت و شيعتهم، طِوالَ التاريخ.

ص: 188

و غير ذلك (1)، فكانت الأحقاد تُصَبُّ على مَرقد الإمامين

ص: 189


1- قالَ العلّامة البَحّاثة الكبير السيّد عبد الحُسَین شرف الدين (أعلى اللّه مَقامَه) - في كتاب النصّ و الإجتهاد - : «إنَّا تَتَبَّعْنا السنن المُختصة بفُصُول الأذان والإقامة على عَهْد رَسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فَلَمْ يَكُنْ فيها : «الصَلاة خيرٌ مِن النَوم» بَلْ لَمْ يَكُنْ هذا الفصل على عَهْد آبي بَكْر - كما يَعْلَمُه جَهابذة السنن و نقَدَة الحَديث - وإنَّما أَمَرَ بِهِ عُمَرَ بَعْدَ مُضيّ شَطْرٍ مِنْ خِلافتِه...». و ذكرَ مالك بن أنس - إمام المالكيّة - في كتابه المُوطّا : «... إنّ المُؤدِّن جاءَ إِلى عُمر بن الخَطّاب يُؤذنه بِصَلاة الصُبْح، فَوَجَدَه نائماً، فقال : الصَلاة خيرٌ من النَوم. فامَرَه عُمَر أَنْ يَجْعَلَها في نداء الصُبح». و جاءَ في شرح المُوطّا للزرقاني :... إن عُمَر قال لِمُؤذنه : إذا بَلَغْتَ «حَيَّ على الفلاح» في الفجر فَقُلْ : الصَلاة خَيرٌ من النوم، الصَلاة خير من النوم !! و في كتاب «روضة المُتقين» لِوالد العلّامة المَجلسي ج 2، ص 227 : و روى أبو بصير عن أَحَدِهما [ الإمام الباقر و الإمام الصادق (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ] أنّه قال : «إِنَّ بِلالاً كانَ عَبْداً صالحاً، فقال : لا أُؤذّن لاَحَدِ بَعْدَ رَسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ). فَتُرِك - يَومَئِذٍ - حَيَّ عَلى خَيرِ العَمَل». قالَ المَجْلِسي الأول : وكان وجه ترك بلال الأذان : تَرك هذه الكلمة، لأنّ عُمَر كانَ يُبالِغ في تركها لمصلحة الجهاد. حتّى روى العامّة أنّه كانَ يُباحِث مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) في تركها، و يُجاب بانّها وحيٌ مِن اللّه، وليس مِنّي.

ص: 190

الكاظِمين، مِنْ نَهْبٍ وهَدْمِ و إحراق، وشَتم لاذع (1).

ثمّ جُدّدَ البناء في سَنَة 446 ه_.

وفي سنة 490 ه_ قامَ أبو الفضل الأسعد بن مُوسى القُمّي - أحد وزراء المَلك شاه السَلجوقي - بِتَعْمير المَشْهَد، وبَنى الروضة المُقدّسة بناءاً مُحكم الأساس ووَضَعَ صندوقَين من الساج على القَبرَين الشَريفين، و بَنى ماذنتَين رفيعَتَين حَولَ الروضة.

و في سَنَة 517ه_ ثارَ المُخالِفُون و هَجَمُوا على المَشْهَد الشَريف، وقلعُوا الأَبواب، ونَهَبوا ما وَجَدُوا من قَناديل الذَهب والفِضّة والمُعلّقات والنَفائس، و خَرَّبوا ما وَصَلَتْ إليه أيديهم من الزينة، كُلُّ ذلك في أيّام المسترشِد العبّاسي.

و في سَنَة 575ه_ ماتَ المُستَضيء بِاَمرِ اللّه العبّاسي و قامَ إبنُه الناصِرِ لِدينِ اللّه - وكان من المُوالين للأئمَّة المَعْصومين (عَلَيهِم السَّلَامُ) - فَشَرَعَ ببناء المَشْهَد

ص: 191


1- كتاب «الكامل في التاريخ» لابن الأثير، ج 9، ص 418 - 420، و ص 561، وص 575 – 578.

الشَريف و تَعمِيره، وتَزيين الصندوق، وبِناء الرَواق و المَآذن، و تَوسيع الصَحن و السَاحة، وبِناء الحُجُرات في أطراف المَشْهَد الشَريف و جوانَبه.

و في أيّام الظاهِر بامرِ اللّه - إبن الناصرِ لدينِ اللّه العبّاسي - وقَعَ حَريق عظيم في المَشْهَد الشَريف، فاحتَرق الأثاث و الفرش والمَصاحف والكُتُب، وسَرَت النار إلى الصندوق و الضَريح و القُبّة الشَريفة.

فأمَرَ الظاهِر بأمر اللّه.. وزيرَهَ بِتَعْمير المَشْهَد و في أثناء التعمير مات الظاهر، وقامَ إبنُه المُستَنْصِر باللّه.. فاكمَلَ التَعْمِير.

و في خِلال تلك السنوات.. كانَ نَهْرُ رِجْلَة يَتَفايَض ماؤه، بصورة مكررة و يُغرق البُيوت و المَحَلّات في بغداد، وتَصل الفَيَضانات إلى المَشْهَد الشَريف، فَكانت الأضرار كثيرة، و الخسائر فادِحَة.

و في سَنَة 966 ه_ قام الشاه إسماعيل الصفوي بِتَجديد عمارة المَشْهَد مِنْ أساسه، و بَنى القُبَّتَين الشَريفتَين.. بِهَنْدسَةٍ مِعماريَّةٍ جميلةٍ رائعة،

ص: 192

و عَوّضَ المَنارتيَن باربَع مَناثر، وبَني المَسجِد المَعروف بالجامع الصَفوي.. في شمالِ الرَوضة، وقامَ بِخدمات و إنجازات جَليلة أخرى.

و في سَنَة 1047 ه_ دَخَلَ السُلطان العُثماني مُراد الرابع، فَنَهَبَ جُنُودُهُ مَدينةَ بغداد، وهَجَمُوا على الرَوضة الكاظِميّة المُقَدَّسة، ونَهَبُوا ما فيها من النَفائس.. مِن قَناديل الذَهب والفضَّة وغَيرها.

و في سَنَة 1211 ه_ أَمَرَ السُلطان مُحَمّد شاه القاجار بتذهيب القُبَّتَين الشَريفتَين و تَذهيب رؤوس المَنائر الشَريفة، وأمَرَ بِتَذهيب الأيوان الصغير، وأمَرَ بِفَرش أرض الرواق.. و أرض الروضة.. بِحَجَر الرُخام الأَبيض، وأَضاف إلى مَساحة الصَحن الشَريف.. بَعض البُيوت المُجاورة.. الّتي تمَّ شراؤها.

و في سَنَة 1287 ه_ اَمَرَ السُلطان ناصر الدین شاه بِنَصْب ضريحٍ فِضّي على الضَريح الفُولاذي السابق.. الَّذِي كانَ موضوعاً على القَبرَين الشَريفين.

و في سَنَة 1293 ه_ قامَ فَرْهاد میرزا - عَمُّ ناصرِ الدين

ص: 193

شاه - بِبناء الصَحن و تَجديد عمارته، فَهَدَمَ البُنْيان السابق، واشتَرى عَدَداً من البيوت المُجاوِرة، و أضافها إلى مساحة الصَّحْن المُقَدَّس، وبَنى في أطرافه الحُجُرات الكثيرة، وزيَّنَ جَميع الجُدران بالحجر القاشاني الفاخر وفَرَشَ أَرضَ الصَحن بالرُخام الثَمين.

ويُناسب - في هذا المجال - أَنْ نَذكر ما أَنشَدَه الشيخ البهائي (رَحِمَهُ اللّه) بِشَأن مرقد الإمامَين الكاظِمين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).. يَقول :

ألا یا قاصد الزَوراء عَرّج***على الغَرْبي مِنْ تِلك المَغاني

و نَعْلَيك اخلَعَنْ واخضَعْ خُشوعاً***إذا لاحَتْ لَدَيكَ القُبَّتان

فَتَحْتَهُما - لَعَمْرُكَ - نارُ موسیٰ***و نُورُ «مُحَمّد» يَتَلالَآنِ

ومِنَ اللازم علينا أن نقول : لَقَد بُنِيَّ هذا الصَرح الشَريف، وشُيّد هذا المقام الأقدس.. بأجمَل بِناء،

ص: 194

و أبهی آياتِ الفَنّ المِعماري، والجَمال الهندسي، لَه منظر رائع، ومرأى تَبْتَهِجُ مِنْه النُفُوس، وتَنْشَرحُ منه الصدور، ويَشْعُر الزائر - حين دُخوله الرَوضة - بِالهَيبة و الخُشوع و الرُوحانيّة.

وتُفْتَح أبواب المقام و الروضة.. مِنْ قَبْلِ طلوع الفَجْر، وتَبْقى مَفْتُوحَة إلى ساعات من الليل، والمُسلِمُونَ - على اختلاف جنسياتهم و قومياتهم - يَتَقَربون إلى اللّه تَعالى بزيارة هذا المَشْهَد المُقَدَّس ويَقْصُدونَه أفواجاً أفواجاً، مِنَ المُدن العراقيّة، ومن الدول الإسلاميّة، بل وغير الإسلاميّة الّتي يَقْطُنُها المُسْلِمون الشيعة.

ويُحيطون بالضَريح المُقَدَّس المَنْصُوب على قبر الإمامين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، ويَتَبَرِّكُونَ بِه بالتقبيل والإلتزام - كما هي سيرَة المُسلمين مُنْدُ عَهْد الصحابة (1) ويتكلمونَ عِنْدَ قبرهما بِنَصٍّ مَأثور

ص: 195


1- روى الحاكمُ النيسابوري في كتاب «مُستدرك الصَحيحَين» ج 4، ص 515 : أنّ مروان بن الحكم جاءَ يَوماً إلى مَسجِد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فَوَجَدَ رَجُلاً واضعاً وَجْهَه - اَو جَبهَتَه - على القبر الشَريف، فَغَضِبَ وأَخَذَ برقبة الرَجُل و قال لَه : هَلْ تَدْري ما تَصنَع ؟! فَرفَعَ الرَجُل رأسَه، وإذا هُوَ أبو أيوب الأنصاري، فقال لِمَروان : «نَعَمْ إنِّي لَمْ آتِ الحَجَر، إنَّما جِنْتُ رَسول اللّه و لَمْ آتِ الحَجَر....». مِنْ هُنا نَعْرِف أنّ التَبَرُّك بقُبور أولياء اللّه كانت ظاهرة مُنتَشرة عِنْدَ الصّحابة، ونَعْرِف - أيضاً - انَّ المَنْع من التوسُّل والتَبرُّك بقُبور أَولياء اللّه.. إنّما هُوَ مِنْ بِدَع بَني أميّة وضَلالاتهم.

يَشتَمِل على الشهادة لهما بالإمامة.. والخلافة لِرَسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و الإشادةبشخصيّتهما العَظيمة وفَضائلهما الكريمة، و مَواقفهما المَجيدة في نشر دين اللّه و إحياء سُنن رَسولِ اللّه.. و مُحاربة الباطل و أهلِه، وما لاقَياه مِن الأذى و الإضطِهاد على يد أعداء اللّه الظَّالِمِين.

و قَد صارت الروضة المُقدّسة مركزاً لذكر اللّه والصَلاة وتلاوة القُرآن والدُعاء والإبتِهال إلى اللّه

ص: 196

سُبحانه، وغير ذلك من العِبادات، و ما ذاكَ إلا لشرافة المكان و قُدسيّة المدفون فيه.

ويَقُومُ الخُطباء والشعراء.. بإلقاء الخطب والقصائد المُشْتَمِلة على فَضْل أهل البيت و مکارم أخلاقهم وعَظيم مَنْزلَتهم عِنْدَ اللّه تَعالى، ثم يَخْتِمُونَها بِذِكْر جانب مِنْ مَصائبِهِم الأليمة.

وتَمتاز لَيلَةُ الجُمُعة - مِنْ كُلِّ أُسبوع - بِكثرة الزائرين و المُصلّين و الذاكرين، ويشتَدّ الزحام في يَوم 25 مِنْ شَهْر رجَب، حَيث يُصادف ذِكْرى إستشهاد الإمام الكاظِم (عَلَيهِ السَّلَامُ) و آخِر يَوم مِنْ شَهر ذي القعدة حَيث يُصادف ذكرى إستِشهاد الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و هكذا الوفُود الرسميّة - الّتي تزور العراق، مِنْ مُلُوك ورؤساء و غَيرهم - تحَظى بالمُثُول أمَام هذَين المَرقَدين الشَريفين.

و أربابُ الحَوائج يَتَوافَدُونَ إلى الرَوضة المُباركة، ويَرفَعُونَ حَوائِجَهُم إلى اللّه تَعالى، ويَستَشفَعُونَ بالإمام مُوسى بن جعفر الكاظِم والإمام مُحَمّد الجَواد

ص: 197

(عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في قَضاء حَوائجهم إلى اللّه (عَزّ وجَلَّ) و الحَوائج تُقضى، والمَشاكِل تَنْحَلّ، والهُمُوم تَزول و الصُعُوبات تَسهل بإذن اللّه تَعالى.

و قَد اشتُهِرَ الإمام مُوسى بن جعفر (علیه السلام) ب_ِ«باب الحَوائج»، و هكذا عُرِف الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ب_«باب المراد»، ويُعَبَّر عنهما بالكاظِمين أو الجَوادين.

و تُقام صَلوات الجَماعة في هذا الصَحن المُقَدَّس، و داخل الرَوضة الشَريفة، ويُدفن الأَموات في الحُجُرات المُحيطة بالصَحن الشَريف، و في الصحن أيضاً.

و خِلال هذه القُرون.. دُفِنَ في جوار هذَين المَرقَدَين الشَريفين.. جَماعة من العُظماء، أمثال : الشيخ المُفيد مُحَمّد بن مُحَمّد بن نُعمان، والشَيخ خواجه نَصير الدين الطُوسي، و غَيرهما من أكابر الشخصيّات و أعاظم العُلَماء و الأشراف و الأعيان.

و أختِمُ هذا البَحْث بِكَلِمَتَين فيهما عِبرة وتَبْصِرة وتذكرة:

الأولى : قَد قرَاتَ - في هذا الكتاب - ما جَرى على الإمام

ص: 198

الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) طِيلة حَياته، مِن ظُلْمٍ واضطهاد.. مِنْ قِبَلِ المَأمون والمُعْتَصِم، وفُقَهاء البلاط العبّاسي، وقُضاة الجَور، ونُظَرائهم مِنْ فاقدي الضمائر، إلى أنْ قَتَلُوه بالسُمّ.

ثُمّ َقرأت ما جَرى على قَبْرِه الشَريف، وقَبْر جَدّه الإمام موسیٰ بن جعفر (علیه السلام) مِن النَهْب والهَدْمِ والحَرق، و أنواع الإهانة، بصُورة مُكرّرة، على مَرّ القُرون و الأَجيال.

و في خِلال 800 سَنَة كانَ هذا المرقد هدفاً لسِهام الأعداء، فَبَينَ كُلِّ مُدَّةٍ وأخرى كانَ يَقومُ بَعض رِجالات الشيعة - مِنْ آل بويه و السَلاجِقَة، وبَعض العبّاسيين و سَلاطین ایران - بِتَشيِيد المَرقَد، وتَزيينه بالقَناديل و المُعَلّقات، والسَتائر الثَمينة، وأنواع الفُرش الّتي لا يُمكن تثمينُها، وإهداء المَصاحِف النفيسة النادرة.

ولكنّ جَميع هذه الجُهُود و الهَدايا و الإنجازات كانت تقع طُعمة للحَريق أو النَهب مِنْ بَعض الأشرار، فالقَوم أبناءُ القوم، فكانَّهُم توارثوا العِداء والحِقْدَ

ص: 199

خَلَفاً عن سَلف، وجِيلاً بَعد جِيل، كرامةً لرسول اللّه بَعْدَ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) الَّذِي يعتبِرونَه نَبيّهُم ويَزعمون أَنَّهُم مِنْ أُمَّتِه !!

وهُمْ يَقْرؤونَ قَولَه تَعالى : «قُلْ لا أَسالَكُم عَلَيه أَجْراً إِلَّا المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى» (1) فَهذه المودّة الّتي جَعَلَها اللّه أجراً لِرسِالة نبيّه مُحَمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) !!

بَعْدَ هذا كُلّه، عرفت ما قام به الحاقِدُونَ ضِدّ أهل بَيت رَسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ).

فَلَقَد حاربُوهُم أحياءاً و أمواتاً، وقاموا بما قاموا ضدّ مراقِدِهِم و مشاهِدهِم.. ولا يَزال الحَبْل مَمْدُوداً حتّى اليَوم.

وبَينَ كُلِّ فَتْرة وأخرى تَنْزِل إلى الأسواق الكُتُب المَسْمُومة، المَليئة بالحِقْد و العِداء لآلِ رسول اللّه ولشيعتِهِم، باَقلامِ أُناسٍ مُستَاجَرين مُرتَزِقَة، أو مندفعين بدافع البُغْض الموروث. ولكن.. «يُريدُونَ

ص: 200


1- سورة الشورى، الآية 23.

اَنْ يُطْفِوْا نُورَ اللّه بِأَفْوَاهِهِم، ويَابَى اللّه إلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَه وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ» (1).

و لَيتَ شِعري لِماذا هذا النشاط المَسْعُور ؟!

و هَلْ تَنْسَجِمُ هذه الأعمال.. مَعَ الإسلام الَّذِي يَعتَنِقُه هؤلاء المَناوؤن ؟ !

وهَلْ يَعْتَقِد هؤلاء بِيَوم الحساب، والجَزاء، والوقوف بَين يَدَي اللّه تَعالى ؟!

و بماذا يُجيبُونَ رَسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) - يَومَ القِيامة - لو سَأَلَهُم عَمّا كتبُوا ضِدّ أهل بَيتِه الأَطهار وشيعتِهِم، وعَمّا اكتَسَبُوا مِن الجَرائم والمَخازي ؟!!

أَنَا مَا أَدري، و لَعَلَّهُم يَدْرون !!

***

الكلمة الثانية : هذا مَرقَد الإمام الجَواد، المَظلوم المُضطَهَد، المَقْتُول بِالسُمّ.. فأينَ قَبْرُ المُعْتَصِم العبّاسي ؟!

ص: 201


1- سورة التوبة، الآية 32.

و أينَ قَبْرأُمّ الفضل قاتلة الإمام الجَواد ؟!

و أَين قُبور يَحيى بن اكثَم و أحمَد بن أبي دؤاد، و نُظَرائهم مِن المُجْرِمِين الجُناة.. الَّذِين حكموا على العِباد والبِلاد، و مَلَكُوا الشَرق والغَرب، و أَراقوا آلاف الأَطنان مِنْ دِماء الأَبرياء، وامْتَصُّوا دِماءَ الشُّعُوب. و سَلَبُوهُمْ حتّى مِنْ حُقوق الحَياة، وبَذلوا قُصارى جُهودهم لِسَحْق كُلِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُم، وقاموا بِجَميع المُحاولات لِتَثْبِيتِ قَواعِدِ عُروشهم ؟؟؟!

فأَين هم الآن ؟ أينَ ؟ أينَ ؟

فَهَلْ يَعْلَم أَحَدٌ این دُفنُوا ؟!

و هَلْ يَزورُ قُبورَهُم أَحَد ؟!

وهَلْ يَتَرحم عليهِمْ أَحَد ؟!

وهَلْ تَركُوا الذِكْر الحَسَن حتّى يَذكُرهم الناس بالخير ؟!

«إنَّ هَذِهِ تَذكِرَة، فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبيلاً» (1).

ص: 202


1- سورة المزمل، الآية 19.

دُعاء و ثَناء

«اللّهُمّ صَلِّ على مُحَمّد بن علي بن موسى، عَلَم التقى، و نُورِ الهُدى، ومَعْدِنِ الوفاء، وفَرْعِ الأَزكياء، و خَليفَةِ الأوصياء، و أَمينك على وَحْيِك.

اللّهُمّ فَكما هَدَيْتَ بِه مِن الضلالة، واستَنْقَذْتَ بِه مِنَ الحَيْرة، وأرشَدتَ بِه مَنِ اهْتَدى، وزكَيْتَ بِهِ مَنْ تَزكَّىٰ، فَصَلِّ عليه أفضَل ما صَلَّيتَ على أَحَدٍ مِنْ أوليائك، إنَّك عَزيزٌ حَكيم»(1).

ص: 203


1- هذا النصّ.. مَرويّ عن الإمام الحَسَن العَسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) ضِمْنَ دُعاء طويل، فيه الصَلاة على كُلّ واحِدٍ مِن المعصومين الأربعة عَشَر، بدءاً بالنبيّ الكريم.. وانتهاء بالإمام المَهدي (عَلَيهِم السَّلَامُ). كتاب «مِصْباحُ المُتَهَجد»، للشيخ الطوسي، ص 404، فصل في أعمال الجُمُعة، رقم 131. المُحقّق.

النَثر و القَريض في رِحاب الإمام الجَواد

إِنَّ كُلَّ مَنْ يُراجع الأَحاديث الواردة في تفسير بَعض الآيات القُرآنية و سَبَب نُزولها، يَنْكَشِف لَه - بِكُلِّ وضُوح - أَنّ القُرآن الكريم.. قَد احتَوى على مَجموعة كبيرة مِن الآيات.. في مَدح اهل البَيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) تَنْزِيلاً.. أو تَاوِيلاً، بِصُورة خاصّة.. أو بِصُورة عامّة.

فَهُناك آيات نَزلَت في شأن الإمام أمير المُؤمنين علي ابن أبي طالِب (عَلَيهِ السَّلَامُ) بِصُورة خاصّة، وهُناك آيات نَزلت في شأن اهل البيت بصُورة عامّة.

ولَسنا - الآن - بِصَدَه سَرد تِلك الآيات، وبَيان الأَحاديث المَرويّة في تَفسيرها و تأويلها، و إنَّما المقصُود :

ص: 204

اَنّ اللّه تَعالى هُوَ الَّذِي أثنى على آلِ رسول اللّه (صَلَواتُ اللّه عليهم) و في مَدْح اللّه تَعالى إيَّاهُم.. غنىً و كفايةً عن مدح المَخلوقين إيّاهُم.

ولكِن.. حَياة الأئمَّة الطاهرين - الزاخِرة بآياتِ العَظَمة، المَليئَة بالفضائل والمكارم.. و في جَنْبِها المَآسي و المَصائب - هي الّتي تُوقِ الضَمائر السَليمة، وتُهَيّج النُفُوس الطاهِرة، وتَهُزّ القُلُوب العامرة بولاء أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) فَتَظهر آثار الولاء، وآيات المودة على السِنَة مُحِبّيهم وشِيعَتِهِم، و تَجْرِي مِنْ رؤوس أَقلامهِم نظماً ونَثراً.

و انطِلاقاً مِن هذه الأَسباب والدَواعي، فَقَد تَأَسَّسَتْ مِئاتُ الآلاف من المجالس والاجتِماعات لِهذا الغَرَض، و قامَ الخُطباء و الشُعراء.. يَنْثُرون باقاتِ الوِلاء والمَوَدّة ويُعَطَّرون المَحافِل بِذِكر المَناقِب و الفَضائل.. في. شتّى البِلاد، وبِمُختَلَف اللُغات !

وهكذا تَفَتَّحَت القَرائح، وجادَت بالقَصائد، و تكوّنت دَواوينُ الشِعر والشُعراء، على مرّ القُرون،

ص: 205

و في مُختَلَف المُسْتَويات، فكانت آيات في فنّ القَريض، و إبداعاً في الأدَب الراقي، وحدائق ذاتَ بَهْجَةِ.. تَطرَب مِنْها النُفُوس، وتُشحَنُ مِنْها القلوب.. حَيَويّة و مَعْنَويّة.

ويَشعُرُ الإنسان وكأنَّه يَعيش في عالم الرُوحانيّات، مُبتعداً و مُنْخَلعاً عن المادّيات، فَيَزولُ الصدا عن القلوب، وتَجري الدُموع، دُموعُ العاطفة والولاء.

و كانَ هُناك قوّة جاذبيّة تجذب النفوس من الظلمات إلى النُور، و من الأسفل إلى الأعلى، فتَتَخَفَّف الآلام النَّفْسيّة، وتَنْحَلَّ العُقد الروحية، ويَحْصَل تَبَدُّل في جَميع أرجاء وجود الإنسان، فَهُناك الهِداية و الإعتِدال والإستِقامة، والتّوبَة، والإلتحاق بمواكب أولياء اللّه و مُحاولة الإقتداء بهم، والإستضاءة بأنوارِهِم، وتَطبيق تعليماتهم.. في شَتّى مجالات الحَياة.

و حَياةُ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَشْحُونَة بِهذه المُؤثّرات الرُوحيَّة و العاطفيّة.. و الوِلائيّة و النُورانيّة. إِنَّ التَحَدُّث عن حَياة الإمام الجَواد.. يَتَفاعَلُ مَعَ النُفوس

ص: 206

ويَثْمِرُ الثَّمَرات الطيِّبة.

وهُنا نَقْتَطِف بَعض ما ورد في حَقِّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَثْراً و نَظماً :

مِنْ بَديع النثر :

لَقَد أَجادَ العلّامة الأَديب، علي بن عيسى الإربلي (رَحِمَهُ اللّه) حَيث قال :

الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كُلّ أحواله جواد، وفيه يَصْدُق قَولُ اللُغوي : جَوادٌ مِن الجودة.. من أجواد، فاقَ النَاس بِطَهارة العُنْصُر، وزكاء الميلاد، وافتَرعَ قُلَّة العلاء.. فَما فازَ به احَد و لا کاد.

مجدُه عالي المَراتب، ومكانتُه الرفيعة تَسْمُو على الكواكب، ومَنْصَبُه يَشْرُف على المناصب، إذا آنَسَ الوَفد ناراً قالوا : لَيتَها نارُه، لا نارُ غالِب.

لَهُ إلى المعالي سُمُوّ، وإلى الشَرَف رَواح و غُدُوّ، و في السيادة إغراق و غُلوّ، و على هام السِماك إرتفاع وعُلُوّ، ومِنْ كُلِّ رذيلة بعد، و إلى كُلِّ فَضِيلة دُنُوّ.

ص: 207

تَتَاَرجُ المَكارِمُ مِنْ أعطافِه، ويَقْطَرُ المَجْدُ مِنْ أطرافه، و تُروى أخبارُ السَماح عَنه و عن أَبنائه و أَسلافه، قطُوبى لِمَنْ سَعى في وِلائه، والوَيلُ لِمَن رَغِبَ في خِلافِه.

إذا اقتُسِمَتْ غَنائمُ المَجْدِ والمَعالي و المَفاخِر كانَ لَه صفاياها، وإذا امتطيتْ غَواربُ السُؤدَد.. كانَ لَه أَعلاها و أَسماها.

يُباري الغيث جُوداً وعَطيّة، ويُجاري الليث نَجدةً وحِميّة، ويبذّ السير سيرة رضيّة، مرضيّة سريّة.

إذا عُدّدَ آباؤه الكرام، و ابناؤه (عَلَيهِم السَّلَامُ) نظم اللثالي الأفراد في عَدّه، وجاءَ بِجُماع المكارم في رَسْمه و حَدّه، وجَمَعَ اشتات المعالي فيه، و في آبائه مِنْ قَبْلِه، و في أَبنائه مِنْ بَعْدِهِ، فَمَنْ لَه أبٌ كابيه او جدٌّ كجدِّه ؟!

فَهُوَ شَريكَهُمْ في مَجْدِهم، وهُم شركاؤه في مَجْدِه وكما مَلأوا أيديَ العفاة بِرِفْدِهِم، ملأ أيديَهُم بِرِفْدِه...

ص: 208

بِهِمْ إِنتّضَحَتْ سُبُلُ الهُدى، وبِهِمْ سُلِمَ مِنَ الرَدَى و بِحُبِّهِم تُرجى النّجاة و الفَوز غداً، وهُم أهلُ المَعروف و أُولوا النَدى.

كُلُّ المَدائِحِ دُونَ إستحقاقهم، و كُلُّ مَكارم الأخلاق مَاخوذة مِن كريم أَخلاقهم، وكُلّ صِفاتِ الخَير مَخلوقة في عُنْصُرهم الشَريف و أعراقهِم، فالجَنَّة في وصالهِمْ، و النارُ في فِراقِهم.

و هذه الصفات تصدق على الجَمْع مِنْهُم و الواحد، وتَثْبُتُ للغائب مِنْهُم والشاهد، وتَتَنزّل على الولَد مِنْهُمْ والوالِد.

حُبُّهُم فريضة لازمة، ودولتُهُمْ باقِيَة دأئمَّة، و أَسواقُ سُؤدَدِهِم قأئمَة، وثُغُورٌ مُحِبّيهم باسِمَة، و كفاهُمْ شَرَفاً : أَنّ جَدَّهم مُحَمّد، و آباهُم علي، وأُمَّهُم فاطمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

ص: 209


1- كتاب «كشف الغمة في معرفة الأئمَّة»، للإريلي، المُتَوفّى عام 693 ه_، الجزء الثاني، ج 2، ص 370 - 371، باب «ذِكْر الإمام التاسع، في مناقبه و فضائله (عَلَيهِ السَّلَامُ)»، طبع المَطبعة العِلميّة.. قم - ايران عام 1381ه_.

قَصيدة رائعَة

ولِلشاعر القَدير، المَرحوم السيّد صالح القزويني النَجَفي، قصيدة رائعَة في رِثاء الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقول :

و نَصَّ الرضا آنّ الجَواد خَليفتي***عليكم، بِأَمرِ اللّه يَقْضي ويَحْكُمُ

هُوَ ابْنُ ثَلاثٍ، كلَّم الناس هادياً***كما كانَ في المهد المسيحُ يُكلّمُ

سَلُوه، يُجِبْكُم، وانظروا خَتْمَ كتفِهِ***فَفي كتْفِه خَتْمُ الإمامة يُخْتَمُ

وكمْ لَكَ يابنَ المُصطفى بانَ مُعْجِزٌ***بِهِ كُلُّ آنفٍ مِنْ أعاديكَ مُرْغَمُ

وصاهَرَكَ المامون لَمّا بَدَتْ لَهُ***مَعاجِزك اللاتي بها الناسُ سَلَّمُوا

ص: 210

أَسَرَّ - امتحاناً - صَيدَ بازٍ بِكَفِّهِ***فاخبَرتَهُ عَمَّا يُسِرُّ ويَكْتُمُ

و أَرشى العِدا «يحيى بن أكثَمَ» خُفْيَةً***وظَنُّوابِما يَأتيه إنَّك تُفْحَمُ

فأَخجَلْتَ «يَحيى» في الجواب مُبيِّناً***عن الصيدِ يُرديهِ امْرُوٌ وهُوَ مُحْرِمُ

و أنتَ أَجَبْتَ السائلين مسائلاً***ثلاثين ألفاً، عالماً لا تُعَلَّمُ

أَقمْتَ، وقَوَّمَتَ الهُدى بَعْدَ سادةٍ***أَقاموا الهُدَى مِنْ بَعْدِ زَيغٍ وقَوَّموا

فَطُوسٌ لَكُمْ، و الكرحُ شَجُواً، و كربلا***وكوفانُ تَبكي، والبَقيعُ وزَمزَمُ

وكم أبرَموا أمراً، وكادوا وكِدتَهُمْ***بِنَقْضِكَ ما كادوك فيه و ابرَمُوا

ص: 211

وكمْ قَد تَعَطَّفْتُمْ عليهِم تَرَحُّما***فَلَمْ يَعْطفُوا يَوماً عليكُمْ ويَرحَموا

فَما مِنْكُمُ قَد حَرَّمَ اللّه حَلَلُوا***ومالَكُمُ قَد حَلَلَ اللّه حَرَّمُوا

وجَدُّهُمُ لَو كانَ أوصى بِقَتْلِهِمْ***إليكم، لما زِدتُّم على ما فَعَلْتُمُ

قَصَمْتُم مِنَ الدين الحنيفي حَبْلَهُ***و عُرْوَته الوثقى الّتي لَيسَ تُفْصَمُ

و سَمَّتْهُ أُمُّ الفَضل عن أَمْرِ عَمِّها***فويلٌ لها مِنْ جَدِّه يَومَ تَقْدِمُ !

قضى مِنكُمُ كرباً، وعاش مُروّعاً***ولا جازعٌ مِنْكُمْ، ولا مُتَرَحّمُ

على قِلَّةِ الأيّام والمَكْثِ لَمْ يَزَلْ***بِكُمْ، كُلَّ يَومٍ يُسْتَضامُ ويُهْضَمُ

ص: 212

فَيا لقَصِير العُمر، طالَ لِمَوتِهِ***على الدين والدُنيا البُكا و التَالُّمُ

مَضَيتَ، فَلا قَلْبُ المكارم هاجِعُ***عليك، ولا طَرْفُ المَعالي مُهَوَّمُ

ولا مَربَعُ الإيمانِ والهَدْي مُربِعٌ***ولا مُحكمُ الفُرقانِ والوَحْيِ مُحْكمُ

بِفَقْدِكَ قَد الكلْتَ شِرْعَةَ أحمَد***فَشِرْعَتُهُ الغَرّاء بَعْدَك ايِّمُ

عَفا بَعْدكَ الإسلام حُزناً، وأطفِئَت***مَصابيحُ دينِ اللّه، فالكونُ مُظْلِمُ

فَيا لَكَ مَفقوداً، ذَوَتْ بَهْجَةُ الهُدى***لَهُ، وهَوَتْ مِنْ هالَةِ المَجْدِ أَنجُمُ

يَمِيناً ! فما للّه إلاكَ حُجَّةٌ***يُعاقِب فيهِ مِنْ يَشاءُ ويَرْحَمُ

ص: 213

وليسَ لأَخذِ الثارِ إِلَّا مُحَجَبٌ***بِهِ كُلُّ رُكْنِ لِلضَلالٍ يُهَدَّمُ

قَصيدة أخرى

ولِلمرحوم آية اللّه الشيخ مُحَمّد حسين الغَروي الإصفهاني قَصيدة في مَدح الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ورِثائه.. نَقْتَطِف مِنْها مايلي:

هُوَ الجَواد لا إلى نِهايَة***وَجُودُهُ غاية كُلّ غايَة

و بابُ ابواب المُرادِ بابه***والحِرْزُ مِنْ كُلِّ البَلا حِجابُه

كَهْفُ الوَرَى وغَوتُ كُلِّ مُلْتَجي***في الضيق والشدّة بابُ الفَرَج

عَينُ الرضا، لابدَّ مِنْها فيهِ***هُوَ إذنْ سِرُّ الرضا : أَبيهِ

ص: 214

بَلْ هُوَ كالكاظِم في مَراتِبِة***فإنَّ كظَمَ الغَيظِ جُودُ صاحِبة

يُمَكِّلُ الصادق فيما وَعَدا***إذ صادقُ الوَعد جَوادٌ ابدا

يُمَثِّلُ الباقِرَ في المكارم***فإِنَّ نَشْرَ العِلم جُودُ العالم

يُمَثِّلُ السَجَادَ في فَضائلة***فإِنَّ بَذل الجهد جُودُ باذِلِه

وليس كالشهيد مِنْ جَوادِ***بِالنَّفْس و الأموال والأولادِ !

و مَنْ كَعَمِّهِ الزكي المُجتَبى***فإنَّهُ الكريمُ في آلِ العَبا

***

حتى إذا لَمْ تَبقَ مِنْه باقِيَه***جادَ بِأنفس النُفوس الراقِية

ص: 215

جادَ بِنَفْسِهِ سَمِيماً ظاميا***نالَ مِنَ الجُودِ مَقاماً سامِيا

و العُروة الوثقى الّتي لا تَنْفَصِمْ***تَقَطَّعَتْ ظُلْماً بِسُمِّ المُعْتَصِم

قَضیٰ شَهيداً وهوَ في شَبابِهِ***دُسَّ إليهِ السُمَّ في شرابهِ

أفطرَ عن صيامِهِ بِالسُمّ !***فانقَطرَتْ مِنْهُ سَماءُ العِلْمِ

وانشَقَّتِ السَّمَاء بِالبُكاءِ***عَلَى عِمَادِ الاَرضِ والسَماءِ

وانطمَسَتْ نُجُومُها حَيث خَبا***بَدْرُ المَعالي شَرَفاً ومَنْصِبا

وانتَشَرَتْ كواكِبُ السُعُودِ***عَلَى نِظامِ عالمِ الوُجُودِ

ص: 216

و كادت الأَرضُ لَه تَمِيدُ***بأهلها، إذ فُقِدَ العَمِيدُ

قضیٰ بَعيدَ الدارِ عَنْ بِلادِهِ***و عن عياله و عَن اولادِهِ

تَبكي عَلى غُربَتِه الأملاكُ***تَنُوحُ في صَريرها الأفلاكُ

تَبْكِيهِ حُزْناً أعيُنُ النُّجُومِ***تَلْعَنُ قاتِليهِ بِالرُّجُومِ

و ناحَتِ العُقولُ و الأرواحُ***بَل ناحَت الأطفالُ والأشباحُ

صُبَّتْ عَلَيهِ اَدمُعُ المَعالي***هُدَّتْ لَه أطوادُها العوالي

بَكت لِرَبَّانيّها العُلُومُ***ناحَت على حافِظِها الرُسُوم

ص: 217

قضى شهيداً، وبَكاهُ الجُودُ***کانّهُ بِنَفْسِهِ يَجُودُ

يَبْكي عَلى مُصابِهِ مِحْرابَهُ***كأَنَّهُ أَصابَهُ مُصابَهُ

تَبكي الليالي البيض بالضراعة***سُوداً إلى يَوم قيام الساعةَ

***

تَعْساً و بُؤساً لابنَة المَأْمونِ***مِنْ غَدْرِهَا، لِحِقْدِهَا المَكْنُونِ

فإنَّها سِرُّ أبيها الغادرِ***مُشْتَقَّة مِنْ أسوأ المَصادر

قد نال مِنْهَا مِنْ عَظائمِ المِحَنْ***ما لَيسَ يُنسى ذِكْرُهُ مَدَى الزَمَنْ

ص: 218

فَكَمْ سَعَت إلى أبيها الخائن***بِهِ، لما فيها مِنَ الضَغائن

حتّى إذا تَمَّ لَها الشقاء***اتَتْ بِما اسْودَّ بِهِ القَضاءُ

سَمَّتْهُ غِيْلَةٌ بِأَمْرِ المُعْتَصِمِ***والحِقْدُ داءٌ هُوَ يُعْمِي ويُصِمْ

وَيَلٌ لَها مِمّا جَنَتْ يَداها***و في شقاها تَبِعَتْ آباها

بَلْ هِيَ أَشقى مِنْه، إذ ما عرفت***حَقَّ وليِّها، ولا بِهِ وَفَتْ

ولا تَحَنَّنَتْ عَلَى شَبابِ***ولا تَعَطَّفَتْ عَلَى اغْتِرابِهِ

ص: 219

تَبَّتْ يَداها و يَدا أبیها***مُصِيبَةٌ جَلَّ العَزاء فيها (1)

قصيدة ثالثَة

وللعَلّامة البحّاثة، المرحوم الشيخ جعفر النَقدي، قصيدة في مدح الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ورِثائه :

نَفَتْ عن مُقْلَتي طِيبَ الرُّقادِ***أَحاديث الصَبابة في سُعاد

إلى أن يقول :

لَكُمْ غَزَلي ومَدْحي في إمامي***أبي الهادي «مُحَمّد الجَواد»

ص: 220


1- كتاب «الأنوار القُدْسِيَّة» للشيخ مُحَمّد حسين الغَرَوي الإصفهاني، ص 91 - 95، طبع مُؤسّسة الوفاء، بيروت لبنان، عام 1402 ه_، المُوافق لعام 1982م.

هُوَ البَرُّ التَقيّ، حِمى البرايا*** و غَيثُ المُجْتَدِي، غَوثُ المُنادي

إمامٌ، اَوجَبَ البارى وِلاهُ***وطاعَتَهُ على كُلِّ العِبادِ

دلیل بَني الهداية، خيرُ داعٍ*** إلى رَبِّ السَماء، وخيرُ هادي

إمامُ هُدى، مَقامُ عُلاهُ أَصْحَتْ***بهِ الأملاك رائحَةً غَوادي

تُقَبِّلُ مِنْه أَرضاً، قَد أَنافت***بِرِفْعَتِها على السَبع الشِداد

مِنَ الغُرّ الألى فيهِمْ تَجَلَّتْ***لرُوّاد الهُدَى سُنَنُ الرَشاد

و مَنْ فِي فَضْلِهِمْ طوعاً و كُرْهاً***قد اعترف المُوالي و المُعادي

ص: 221

بِهِمْ كُتُبُ السَّمَا نَطقَتْ، وكمْ مِنْ***حَديثٍ جاءَ مِنْ أهلِ السدادِ

و قَبْلَ وجودهم قَد كانَ يَدْعُو***بهم «قِسُّ بنُ ساعِدَة الأيادي»

تَخَذْتُ وِلاءَهُمْ ديناً لانّي***رأيتُ ولاءِهُم خيرَ العتادِ

وهُمْ حِصني إذا ما نابَ خَطبٌ***وهُمْ مَعْنى انتجاعي و ارتيادي

ومِنْهُمْ نِعْمَتِي، وهُم رجائي***وهُمْ ذُخْري الطريف مَعَ التِلادِ

إذا ما سُدَّتِ الأَبواب فاقصُد***«جواد» بني الهُدى، بابَ المُراد

ترى باباً، بِهِ الحاجاتُ تُقضى***و مُنْتَجَعاً، خَصِيبَ المُسْتَرادِ

ص: 222

و مَولى فيهِ تَلْتَجىء البرايا***لدى الجلّى و في السَنَة الجماد

لِطُلّاب الحوائج مِن نَداه***تَزاحَمَت العوائدُ والبَوادي

عَلى وفّاده كالغَيثِ تَهمى***يَداهُ، مَدى الزمان بِلا نَفادِ

بحارُ عُلُومِهِ، عِلْمُ البَرايا***لدى زخّارها شِبهُ الثماد

رأى دينَ المُهَيْمِنِ مِنْهُ شَهْماً***كريم الذبِّ عَنْهُ والذِياد

فَكانَ بِظِلِّهِ في خَيرِ أَمنٍ***بِهِ لَمْ يَخْشَ غائلة الأعادي !

وكمْ ظَهَرَتْ لَه مِنْ مُعْجِزاتٍ***رآهنَّ الحَواضِرُ والبَوادي !

ص: 223

وما ارتَدَعُوا بَنُو العبّاس عَمَّا***قُلوبُهُمْ حَوَتهُ مِنْ عِنادِ

فَسامُوهُ الأذى حَسَداً بِبَغْي***لَهُمْ قَد فاقَ شَرّاً بَغْيَ «عادِ»

ودَسَّ لِقَتْلِهِ سُمّاً دُعافاً***زنيمٌ، ليسَ يُؤْمِنُ بِالمَعادِ

فأَغْضَبَ رَبَّهُ فيما جَناهُ***و ارضیٰ «أحمَد بْنَ أَبِي دُوَّادِ»

وباتَ الطُهرُ، والأحشاءُ مِنْهُ***بها نارُ الأسى ذاتُ اتّقادِ

كانَ فُؤادَه - و السُمُّ فِيهِ -***تقطِّعُهُ ظبى بيضٍ حِدادِ

تُقَلَّبُهُ السُّجُون عَلى بِساط***مِنَ الأَسقام، دامي القَلب صادي

***

ص: 224

ءَأمّ الفَضْلِ، لا قُدّستِ رُوحاً***ولا وُفِّقْتِ يا بِنْتَ الفَسادِ

حکیتِ «جُعَيدةٌ» في سُوءِ فِعْلِ***فَخَصْمُكَ «أحمَد» يَومَ التَنادِ

أمِثْلُ «ابن الرضا» يَبْقى ثلاثاً***رَهينَ الدار، في كُرَبَ شِداد ؟!

ويقضي فَوقَ سَطح الدارِ فَرْداً***و أنت من الغِوايَة في تَمادي ؟!

***

افِتْيانَ العُلَى مِنْ آلِ فِهْرٍ***و ابطال الوَغى، يَومَ الجَلادِ

و أبناءَ المَواضي والَعوالي***و فُرْسانَ المُطَهَّمَةِ الجِيادِ

ص: 225

هَلُمُّوا بالمُسَوَّمَةِ المُذاكي***لدَرك الثار، ضابِحَةً عوادي

علیها كُلُّ مِغْوارٍ جَسُورٍ***يَزِينُ حُسامَه طولُ النَجادِ

فإنَّ دماءَكُمْ ضاعَتْ جُباراً***لدى : «الطُلَقاء» مِنْ باغٍ وعادي

و فِعْلُ (بَني نَثِيلَةٌ) فَاقَ شَرّاً***فعالَ «أميَّةِ» و «بَني زياد»

***

سَقى الزوراء غَيثٌ مُسْتَمرٌ***و عاهَدَ اَرضها صَوبُ العهادِ

رُبی ارجائها أعلى مقاماً***و أَزهی من رُبا «ذات العِماد»

ص: 226

بِقَبْرِ ابن الرضا و أبیهِ حَقٌّ***لو فاخَرَتْ كُلَّ البِلادِ

هُما كَهْفُ النّجاة لمَنْ رَمَتْهُ**لياليه بداهيَةٍ تآدِ

كريما مَحْتِدٍ، مَنْ كانَ مِثْلي***يَؤُدُّهُما فَمِنْ كرَمَ الوِلاد

فَما زالَتْ قُبُورُهُما قُصُوراً***مُشَيَّدةٌ، رَفِيعاتِ العِمادِ

و ما بَرِحَتْ وُجُوهُ بَني البغايا***باقلامي يُسَوِّدُها مِدادي

***

ص: 227

أولاد الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

كان لَه (عَلَيهِ السَّلَامُ) من الذكور إثنان : الإمام علي الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و مُوسى - المعروف بالمُبَرقَع - و مِن البَنات : فاطمة و أمامَة. وقيل : حَكيمة وخديجة و أُمّ كلثوم.

أمّا الإمام علي الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَسَوف نَذكر بَعض ما يرتبط به في كتاب (الإمام الهادي مِن المَهْد إلى اللَحْد) إن شاءَ اللّه.

و امّا مُوسى - المَعروف بالمُبَرقَع - فَهُوَ الإبن الثاني للإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و جَدُّ السادة الرَضَويّة، المُنتَشِرين في كثير من البلاد الإسلاميّة، وخاصّة في ایران و العراق و الهند و باكستان.

ص: 228

و يوجَد - في بَعض الكُتُب المُتداولة - خَبَرٌ مَروىّ عن يعقوب بن ياسر، يمُسُّ بكرامة مُوسى المُبَرقع ويُشَوِّهُ سُمْعَتَه، و لكنّ الراوي مجهول، فَلا اعتماد على قوله، ولا عبرة بحَديثِه.

وقَدْ الَّفَ الشيخ ميرزا حُسَين النوري (عليه الرحمة) كتاباً سَماه (البَدْرِ المُشَعْشَع.. في أحوال ذُريَّة مُوسى المُبَرقَع) زيَّفَ فيه ذلك الخَبَر، وذكر بَعض الأدلّة على استقامة مُوسى المُبَرقَع و اعتداله.

ويُقال : إنَّه كانَ جميل الوجه.. بِدَرجَة عالية من الحُسن و الجمال، بحَيث إنّ الناس - رجالاً ونساءاً - كانوا يُطِيلون النظر إليه، فَكانَ يُبَرقِعُ وَجْهَهُ (1) حتّى يَسْتَريح مِنْ كثرة نَظَر الناس إليه.

ونَكْتَفي بهذا المقدار.. في ذِكْر حَياة مُوسى المُبَرقَع، و التَفاصيل مَوجودة في كُتُب التَراجِم و عِلم الرجال.

ص: 229


1- البُرقع : ما يُسْتَربه الوجه، وفيه ثقبان أمام العَينَين لِلرؤية.

بَناتُ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

إختَلَفت الأقوال في عَدَدَ بَنات الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و أسمائهنّ، فَقَدْ ذكر الشيخُ المُفيد في كتاب (الإرشاد) عَدَدَ بَناته إثنَتَين : فاطمة وأمامة.

و ذكر ابنُ شهر آشوب في (المناقب) عن ابن بابويه انّهُنّ : حكيمة و خديجَة وأُمّ كلثوم.

و ذكرَ ضامن بن شَدقم، في كتابه: (تُحْفَة الأزهار في ذِكْر نَسَب أولاد الأئمَّة الأطهار) أَنَّ بَنات الإمام الجَواد كُنْ اَربَعاً : فاطمة، خديجة، أُمّ كلثوم، حكيمة.

أمّا السيّدة حكيمة فَسَنذكرها في قأئمَة النِساء مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 230

وأمّا بقيّة البَنات، فَقَد اختَلَفَت الأَقوال في مَحَلَّ دَفنهنَّ، فهُناك قول بأنَّهُنَّ دُفنَّ في مَدينة «قُم» في جِوار السيّدة فاطمة (المَعصومة) (عَلَيهَا السَّلَامُ)، و هذا القول مُعارض بأقوال أخرى، و هكذا سكتَ التاريخ عن تَراجم حَياتِهِن، مِنْ زَوَاجِهِن وأولادهن.. و ما شابه ذلك، و هُناك قول مشكوك فيه : إنهنَّ لَمْ يَتَزوّجن، لأسبابٍ مَجهولةٍ عِندنا.

ص: 231

ص: 232

أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

من الواضح أن اللّه تَعالى قَد كَلَّفَ عِباده بتكاليف، واَمَرَهم بأوامرَ تَرْتَبِط بدينهم ودنياهم وآخِرَتهم.

و من المُتَّفَق عليه بَين اكثريّة المُسلمين أنّ الرسول الأعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «إنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب اللّه و عِترَتي : أهلَ بَيتي، وإنَّهما لَنْ يَفتَرِقا حتّى يردا عَلَيَّ الحوض، وإنّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا ما إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِما». (1)

ص: 233


1- کتاب «صحیح مسلم»، ج 4، ص 1873، کتاب فضائل الصحابة، باب 4، حَديث 36 ؛ كتاب «مُستَدرك الصحيحين» للحاكم النيسابوري، ج 3، ص 109، كتاب معرفة الصحابة. وغَيرها من المَصادر الكثيرة.

و جاءَ في بَعض الأَحاديث أنّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أضاف قوله : «فَلا تَقدِموهُما فَتَهْلَكوا، ولا تُقَصِّروا عنهما فتَهلَكوا، ولا تُعلِّموهُمْ فَهُمْ أَعلَمُ مِنْكُم» (1).

فَتَرى اَنَّ الرَسولَ الأقدس (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قَد جَعَلَ عِتْرَته و اهلَ بيته (و هُم الأئمَّة الإثنا عَشَر، لا كُلّ مَن يَنْتَمي إلى الرسول بِنَسَبٍ أَو سَبَب) عِدْلَ القُرآن و أَمَرَ أُمَتَه أن يتمَسّكوا بهما معاً، لا بالقُرآن وَحده، ولا بالعِترة،وَحْدَهَا، بَلْ يَتَمَسَّكوا بالقُرآن والعِترة مَعاً.

فالقُرآن يُعَرِّف العِترة، والعترة تُفَسِّرُ القُرآن، و تُوَضّحُ كلّ ما يَحتاج إلى تفسير أو تَوضيح.. أو شَرح أو بَيان، و تُحِلُّ مُشکلاتِ القُرآن و مُبْهَماته و مُتَشابهاته.

ولَمْ يَكْتَف الرسولُ الأطهر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بِهذا، بَلْ إِنَّه َواصَلَ حَديثه قائلاً : «وإِنَّكُمْ لَنْ تَضِلُّوا ما إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِما»، وهذا ضَمانٌ مِنْ رَسولِ اللّه.. لأُمَّتِه، أَنَّهُمْ لا يَضِلُّونَ.. ولا يَنْحَرِفون عن الصِراط المُستَقيم.. إذا هُمْ تَمَسَّكوا بالقُرآن والعِتْرَة مَعاً.

ص: 234


1- كتاب «مَجْمَع الزوائد» للهيثمي، ج 9، ص 163.

ولا يوجَد في قاموس الإسلام ضَمان كهذا الضَمان ! و مفهوم ذلك : أَنَّ مَنْ لا يَتَمسك بالقُرآن أو بالعِترة.. فَهُوَ غَير مَضْمُون الهِدايَة، بَلْ إِنَّ الضلال والإنحِراف .. واردٌ بالنِسبة إليه.

يُضافُ إلى هذا.. أنَّه كما أن القُرآن لا يأتيه الباطل مِنْ بَين يَدَيه ولا مِنْ خَلْفِه، وكُلُّه حَقّ وصِدق، كذلك العِتْرة (و هُمْ أئمَّة أهل البيت) مَامونُون مِنَ الخَطَا، مَعْصُومون مِنَ الزلل.. في أفعالهِمِ و أقوالِهِم، وهُمْ اَعلَمُ هذه الأمة بالقُرآن و الفِقه، وبِكُلّ ما يَحتاج إليه الناس. يعلمون أحكام اللّه الواقعيّة الحقيقيّة، ولا يُفْتُونَ بالظنّ أو الوَهم.. أو الحَدس أو القِياس أو اتّباع الهَوى.

ولكنَّ اكثريّة الأمّة الإسلاميّة نَبَذَتْ كلامَ نَبِيّها الأعظم.. وَرَاءَ ظَهْرِها، وخالفت الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في تلك الوصايا المُؤكّدة.. حَولَ القُرآن والعِترة، فأخَذوا تَفسير القُرآن من غَير العترة، و أخذوا الأحكام الإسلاميّة من أفرادٍ لم يَكونوا من الدين،

ص: 235

و نَحَتُوا المَذاهب الأربعة والأئمَّة الأربعة، وأَخَذوا عَقائدهم و أَحكامهُم مِنْ أولئك، ولَمْ يَعْتَرِفُوا بإمامة أئمَّة أهل البيت.. الَّذِين نَصَّ عليهم الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) بَلْ أَخَذوا العِلْمَ مِن الكذّابين و الوَضّاعين والسَفّاكين المَهتوكين، المُنْحَرِفينَ عن الصِراط المُستَقيم، أمثال : أبي هريرة، وسَمرة بن جندب، والمُغيرة بن شعبة، و عمران بن حطّان. سُرّاق الدين، و لُصُوص العِلم، الَّذِين مَلأوا صَفَحات التاريخ.. بِمَخازيهم و جِناياتِهم و افتراءاتهم على رسول اللّه و آله الأَطهار (عَلَيهِم السَّلَامُ).

و من الواضح أنَّ الشيعة المُخْلِصين - الَّذِينَ لَمْ تَتَلاعَب بِهِم الأهواء، و لَمْ يَمِيلُوا مَعَ كُلِّ ريح، ولَمْ تُؤثِّر فيهم الدَعايات المُضلّة - قَد ثَبَتُوا على عَقائدهم و وِلائهم لأَهل البَيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) و لَمْ يَنْحَرفوا قَيْدَ شَعرة، فكانوا ياخُذون مَعالِم دينهِم من المَنابع العذبة.. و مِنْ مَعادِن الحِكْمَة والمعرفة، تَراحِمَة وحي اللّه، و خُزّانِ عِلْمِه و أمَناءِ شريعته، وهُمْ أَهلُ البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) بدءاً بالإمام علي أمير المُؤمنين

ص: 236

(عَلَيهِ السَّلَامُ) - باب مَدينة عِلْم الرسول و خَليفَته و وزیره و آخیه و وصيِّه و المُفَضَّل لَدَيه - إلى أبنائه الأئمَّة المعصومين الأحَدَ عَشَر (عليهم الصَلاة و السلام).

يَقولُ الشاعر:

إِذا شِئْتَ أَنْ تَبْغِي لِنَفْسِكَ مَذْهَباً***يُنَجِّيكَ يَومَ الحَشْر مِنْ لَهَب النارِ

فَدَعْ عَنْك قول الشافعي و مالكٍ***و أحمَد و النُّعْمان او کعب احبارِ

و والِ أناساً ذِكْرُهُمْ وحَديثهُمْ:***رَوَى جَدُّنا عَنْ جَبرئيل عن الباري

فإنّ اللّه تَعالى فَرَضَ على عِبادِهِ أَنْ يَسالوا أهلَ الذِّكْر.. عن معالم دينهم، و أحكام شريعتهم، والرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أيضاً أمَرَ أُمَتَه بِالتَمَسُّك بالكتاب والعِترة.

ولهذا كانَ الشيعة يَأخُذون العقائد الإسلاميّة و الأحكام الشرعيّة عن الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) و يَكْتُبُون

ص: 237

أَحاديثَهُم، و رواياتهم في شتّى المَواضيع.

وربَّما وَجَدوا الشَدائد و الصُعوبات لأجل الوُصول إلى الإمام وتعلُّم الأحكام مِنْه، وذلك بِسَبَب الرقابة المُشَدَّدة (مِنْ قِبَل السلطات) على الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) و على شيعتهِم.

وبالرَغم مِنْ هذه الظُروف الصَعْبَة، والمَوانع و الحَواجِز، فَقَدْ تَخَرجَ مِن جامعة أهل البَيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) رِجال، يُعتَبَرون مَفاخِرَ التاريخ، و نَوابِغَ الكون و نَوادرَ الحَياة ؛ مِنْ عُلَماء و فُقَهاء.. ومُحَدِّثين و مُفَسِّرين.. و عُبّاد و زُهّاد.. و مُؤلّفین و کیماویّین وغَيرهم.

فَقَدْ الّفَ مُحَمّد بنُ أَبِي عُمير أربعاً وتسعين كتاباً.

و عليُّ بن مَهْزیار.. خَمْساً وثلاثين كِتاباً.

والفَضْلُ بنُ شاذان.. مائة و ثَمانين كِتاباً.

ويُونُس بنُ عبد الرحمن.. أكثر من ثَلاثمائة کِتاب.

ص: 238

و مُحَمّد بنُ أحمَد بن ابراهيم.. أكثَر مِنْ سَبعين كتاباً.

فهذه اكثر مِن سِتمائة وسَبعين كتاباً.. لِخَمسة مِن أَصحاب الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ). يُضاف إلى هذا.. الأُصول الأربعمائة، وهِيَ اربعمائة كتاب جُمعت في عصر الإمام الباقر و الإمام الصادق و الإمام الكاظِم (عَلَيهِم السَّلَامُ) و هِيَ مَجمُوعَة من إجاباتِهِم على المَسائل الّتي كانَ الناسُ يَسالونَهُم عَنْها.

و لا تسأل عن مصير تلك الكُتُب، من العَواصِف الّتي مَرَّتْ بها خلال تِلك القُرون، و المكتبات الّتي حكم عليها بالإعدام حَرْقاً أو غَرقاً أو دَفناً، فَتَلفَ الكثير مِنْ تِلْك الكنوز، ومَنابِع الثَروات الفِكْريّة والعلميّة!

و مِنْ جُمْلَة أولئك الرجال.. هُم أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) الَّذِين عاصَروا الإمام، وكوَّنوا العلاقات اللازمة بَينَهُم وبَيْنَ الإمام الجَواد، من : الحُضُور عنْدَه، و الإرتِواء مِن نَمِير عِلمِه، أو الإنتِفاع

ص: 239

منْه .. عن طريق المراسلة والمُكاتبة مَعَه.

فاخذوا الأحكام الدينيّة من الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) - باعتباره الخليفة الشرعي التاسع لرسول اللّه - فَكانوا يَسأَلونَه عن الحلال والحرام، بَلْ و يَفْزَعُون إليه في كلِّ ما دَهَمَهُم مِن المَكارِه، ويَستَنْجِدُونَ بِه ويَتَوَسَّلُونَ به في حَوائجِهِم ومشاكلهِم، و غير ذلك مِنْ شَتّى القَضايا و الأُمور.

وقَد قَرأتَ - في هذا الكتاب - أسماءَ اكثر هؤلاء الأَصحاب.. في بداية الأَحاديث الّتي رووها عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و يُوجَد - في كُتُب التراجم - أَسماء جَماهير كثيرة مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) الَّذِين ساعَدَهم الحَظّ والتَوفيق للتشَرُّف بِصُحْبَة الإمام الجَواد وتعلم الأحكام الشرعية مِنه.

ونَجِدُ عَدَداً غَير قليل من هؤلاء - بالرغم مِنْ شَرَف صُحْبَتهم للإمام - لَمْ يُروَ عَنْهُم شيء من الأَحاديث، أو بالأحرى : لا يوجَد شيء مِن أَحاديثهم في مَوسوعات

ص: 240

الكُتُب المتداولة في زماننا هذا.

ولكنَّ شيخ الطائفة الشيخ الطوسي (رحمه اللّه) (1) قَد ذكر اسماءَ جَمَاعَة، وعَدَّهُم مِن أَصحاب الإمام الجَواد

ص: 241


1- هُوَ الشيخ الأجل : أبو جعفر مُحَمّد بن الحَسَن بن علي الطوسي (رِضوان اللّه عليه) عَظيم الفِقهاء وكبيرُ العُلَماء، جَليلُ القَدْر، عَظيمُ المَنْزلة، وُلِدَ عام 385ه_ في مَدينة طوس - في اقليم خراسان بايران - وفي شبابه هاجَرَ إِلى العِراق و واصَلَ دراستَه العِلميّة على يَد أبطَال الفِقه عُظَماء العِلم، كالشيخ المفيد والسيّد المُرتَضى وغَيرهما. وقَدْ تَوفّرَتْ في شخصيّته مُقومّات المَرجعية والقِيادة، فَصارَ المَرجع الأعلى والقُدوة المُثلى للشيعة، وعُرِف ب_(شيخ الطائفة) (َظراً إلى رِئاسته العامّة وشَخصيّته العلميّة. هذا.. وقَد كتَ وقَد كتب في جَميع العُلوم والمَعارف، وله مَوسوعات في الحَديث والفِقه والأُصول والتُفسير والرِجال و غَيرها. ومن كتبه : الفهرست، وقَد ذكر فيه آسماء رواة الأَحاديث وما يَرتَبِطُ بِهِم.. من الجرح و التعديل.. والتوثيق والتضعيف تُوفّي (رحمه اللّه) في النجف الأشرف عام 460 ه_ ودفن رَحِمَه هُناك.

(عَلَيهِ السَّلَامُ) مَعَ خُلُوّ كُتُب الحَديث عن أَحاديث بَعض هؤلاء، ولَعَلَّ السَبَب و السرّ في ذلك.. هُوَ انّ الشيخ الطوسي وَجَدَ في كُتُب الأَحاديث المَوجُودة في عَصْره أسماء هؤلاء و الأَحاديث الّتي رَوَوها عن الأئمَّة، ثُمّ تَلِفَتْ تِلْكَ الكُتُب - و ما اكثرها - فَذَهَبَت الأَحاديث و لَمْ يَبْقَ مِنْ بَعض الرُواة إلّا الإسم فَقَط.

فَإنّ المكتبات العظيمة الّتي صارَتْ طعمة للحريق على أيدي المُجرمين.. تُعْتَبر في طليعة المآسي العلميّة، ومِنْ أهمّ الخسائر الفِكريّة، و حتّى الشيخ الطوسى نَفْسَه أحَرقوا مَكْتَبَته الّتي كانت من أضخَم المَكْتَبات !!

أعُودُ إلى حَديثي عن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأقول :

إنّ بَعض هؤلاء الأَصحاب ادرك الإمام الجَواد وبَعض الأئمَّة الَّذِين قبله أو بَعض الأئمَّة الَّذِين بَعْدَه، وبَعضهم بَلَغَ في التقوى والفضيلة دَرَجَة يُغْتَبَط بِها، ومَنْزلةٌ لا ينقَضي التعجُّب مِنْها «واللّه يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ

ص: 242

يَشَاء» (1) وبَعضهم كانَ يَسأل الإمام عن طريق الكتابة و المُراسَلة، فَيُجيبُه الإمام.

و مِمّا يُؤسف لَه أن بَعض هؤلاء الأَصحاب جَرَفَهُم التيّارُ العَقائدي المُنْحَرف، فَكانَتْ لَهُم مَواقف مُخْزيَة، وانحرافات عَجيبة، كما حَدَثَ كُلّ هذا في أَصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) إذ مِنْهُم مَنْ ثَبَتُوا على الإسلام، ومِنْهُم مَن ارتدّوا على أدبارهم القَهقرى، ومِنْهُم مَنْ غَيَّرَ وبَدَّلَ الأحكام الإسلاميّة و السُّنّة النبويّة !

و لا بأس أنْ نَذكْرَ أَسماء مَنْ عَشَرْنا عليهم مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). ممّن ذكرَهُمْ عُلماءُ الرجال و اربابُ التّراحِم.

و قَد ذكرنا - في فصول هذا الكتاب - بَعض الأَحاديث الّتي رَووها عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). مَعَ ذِكْر إسم الرّجُل الَّذِي يَرْوي عن الإمام.. مُباشرة.

ص: 243


1- سُورة البقرة، الآية 105.

مصادر البحث

أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

عن أَصحاب الإمام الجَواد

يَجب أن لا ننسى بان العلّامة الَجليل والبَحّاثة القَدير، والرِجالي العَبْقَري آية اللّه الشيخ عبداللّه المامقاني (عليه الرَحمة) - مُؤلّف المَوسُوعَة الرجالية المُسَمَّاة ب_(تنقيح المقال في عِلْم الرجال) - قَد جَمَعَ فأوعى، و ذكر أسماء مَنْ عَشَرَ عليهم من رواة الأَحاديث مِن أَصحاب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و أَصحاب الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) و غَيرهم من الفِقهاء و المُحَدِّثين.

ولَعَمْري : إنّه أتعَبَ نَفْسَه، وأَراحَ مَن بَعْدَهُ مِن المؤلّفين، و رُوّاد العِلم والمَعرفة، وقَد استَخرجتُ أسماء أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن ذلك السِفر الجَليل.

ولَمْ اَستَغْنِ عن المَوسُوعَة الرِجاليّة المُسَمّاة ب_(مُعْجَم رجال الحَديث) لآية اللّه السيّد أبي القاسم الخوئي (دام ظِلّه)، وغَيرها مِن الكُتُب الرجاليّة، لِلمؤلّفين المُعاصرين.. وغير المُعاصِرين.

ص: 244

كما و أَنَّني حاولتُ أَن اكتشف أسماء بَعض الأَصحاب الَّذِين لَمْ يُسَجِّل ذِكْرُهُمْ.. في كُتُب عِلْم الرجال المُتداولة، وذلك عن طريق البُحث والتَنقيب في الأَحاديث المَرويَّة عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فوَجَدْتُ أَسماءَ جَمْعِ آخَرَ مِنْهُمْ، فأَدرجتُها هُنا ضِمنَ القائمة.

وها هِيَ أسماء أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَسَب ترتيب حُروف الهجاء :

حَرف الألف

1 - ابراهيم بن أبي البلاد الكوفي

و يُكنّى ب_«أبي إسماعيل» و «أبي يحيى».

إسمُ والده : يحيى.

وكُنْيّة والده : ابو البلاد.

و كانَ ابراهيم ثِقةً.. مِن أَصحاب الإمام الصادق و الإمام الكاظِم والإمام الرضا، و أدرك صُحْبَة الإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ص: 245

و قَد روى عَنهم أَحاديث عديدة، وكان لَه كتابٌ جَمَعَ فيه الأَحاديث الّتي سَمِعَها مِن الأئمَّة، أو رُويَتْ لَه عَنْهُم.

2 - ابراهيم بن أبي محمود الخُراساني

ثِقة، يُعتمد عليه، لَه كتاب ألّفَه، عَدَّهُ عُلَماءُ الرجال مِن أَصحاب الإمام الكاظِم والإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) لكن رواياته عن الإمام الجَواد قَليلة.

قِيلَ : إِنّ إسم أبيه : مُحَمّد الخُراساني.

3- ابراهيم بن خضيب الأَنباري

عَدَّه عُلَماء الرجال مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وقد اختُلِفَ في ضبط إسم أبيه.. هَلْ هُوَ بِالخاء أو الحاء، وهَلْ هُوَ بالصاد أَو الضاد.

ص: 246

4- ابراهيم بن داود اليَعقوبي

أو البَعقوبي.. نسبة إلى مَدينة بَعقوبة، وهِيَ : بَلدة في ضَواحي بغداد.

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

5 - ابراهيم بن مهزيار الأَهوازي

كُنْيَتُه : أبو إسحاق. عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و عاش إلى أيّام الغَيبة الصُغرى.

و ذكر السيّد ابن طاووس في كتاب «رَبيع الشيعة» : إنّه كانَ مِنْ سُفَراء الإمام المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و الأَبواب المَعروفين (1).. الَّذِين لا يختلف الإثناعَشَريّة فيهِم. له کتاب «البِشارات».

ص: 247


1- الأَبواب - جَمْع باب - : هُوَ الَّذِي يقوم بدور الوسيط بَين إثنَين، والمَقْصود - هُنا - : أن ابراهيم بن مَهْزیار كانَ هَمْزةً وصلٍ بَين الشيعة.. و إمامِهم المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ). المُحقّق.

6 - ابراهيم بن شيبة الإصبهاني

كان مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ). وأَصلُهُ مِنْ بَلْدة «كاشان» في ايران.

7 - ابراهيم بن عبد الحَميد الصَنعاني

نسبةً إلى صَنْعاء اليَمَن. كانَ مِن أَصحاب الإمام الكاظِم والإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) وقَد اختلفت كلماتُ عُلماء الرجال في حقِّه.. مِن تَوثيق أو تَضعيف، و التفاصيل مَذكورة في كتاب (تَنْقيح المقال) لِلمامقاني.

8 - ابراهيم بن عبد ربّه

عَدَّه البَرقي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 248

9 - ابراهيم بن عُقبة

بِضَمِّ العَين، كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، و اكثرُ رِواياته عن الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسَوفَ نَذكرها في كتابنا «الإمام الهادي مِن المَهْد إلى اللَحْد» إن شاءَ اللّه تَعالى.

10 - ابراهيم بن مُحَمّد الهمداني

نِسْبَةً إلى هَمْدان : وهِيَ قَبيلة بِاليَمَن، أو إلى مَدينة (هَمَدان) في ايران، و القول الثاني هُوَ المُرَبِّح، كما يُستفاد من بَعض الأَحاديث الّتي يرويها عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

كانَ وكيلاً للإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و كانَ مِن الثقاة، وقَد كانَ أَولاده - أيضاً - وكلاء للأئمَّة الطاهرين وقَد حَجَّ أربعين حَجَّة، و كانت لَه مُراسَلَة مَعَ الإمام الرضا و الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ) وسَوفَ نَذكر مُراسلاته و مُكاتباته مَعَ الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كتابنا «الإمام الهادي مِن المَهْد إلى اللَحْد» إن شاءَ اللّه تَعالى.

ص: 249

أمّا مُراسلاته مَعَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فإليك الحديث الآتي:

رَوى الكشّي بسنده عن ابراهيم بن مُحَمّد الهمداني قال :

كتَبْتُ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَصِفُ لَه صُنْعَ «السَميع» فيَّ (1).

فكتب (عَلَيهِ السَّلَامُ) - بخَطِّه - : «عَجَّلَ اللّه نُصْرتَكَ مِمَّن ظَلَمَك، وكفاكَ مَوْنَتَه، و أبشِرْ بِنَصْرِ اللّه عاجلاً إن شاءَ اللّه، وبالآخر آجلاً، واكثر مِنْ حَمْدِ اللّه».

وكتَبَ [الإمامُ الجَواد ] إليَّ : «قَد وَصَلَ الحِساب، تَقَبَّلَ اللّه مِنْكَ، ورَضِيَ عَنْهُمْ، وجَعَلَهُمْ مَعَنا في مَعَنا في الدنيا و الآخرة، وقَد بَعَثْتُ إليك من الدنانير بكذا، و مِن الكِسوة كذا، فبارك اللّه لك فيه، وفي جَميع نِعمِ اللّه إليك.

وقَد كتبت إلى النضر : أمَرْتُه أَنْ يَنْتَهي عنك

ص: 250


1- السميع : إسم رَجُلٍ كانَ يُؤذيه.

و عن التَعَرُّض لخلافك، وأَعْلَمْتُه مَوضِعَكَ عِنْدي (1)، وكتبت إلى أيوب أمرته بذلك أيضاً، وكتبت إلى موالي ب_«هَمدان» كِتاباً أمرتهُمْ بِطاعتِك، والمَصِير إلى أمرك، و أنْ لا وكيل سواك» (2).

11 - ابراهیم بن مهرویه

مِنْ أهالي «جِسر بابل»، عَدَّه الشيخ الطوسي مِنْ أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

12 - ابراهيم بن هاشم القُمّي

اصلُه من الكوفة، وانتقل إلى مَدينة قُم، وهُوَ اَوّل مَنْ نَشَرَ حَديث الكوفيّين بقم، لَه مِن المُؤلّفات : كتاب «النَوادر» و كتاب «قَضاء أمير المُؤمنين».

ص: 251


1- أي : مَكانتَكَ عِنْدي.. ومَعَزّتِكَ لَدَي. المُحقّق.
2- کتاب «رجال الكشّي» ص 611، الجزء السادس، الحَديث 1135 و 1136.

وقد اختَلَفَ عُلَماء الرِجال في تَوثيقه و تَضعيفه، ولكن أعاظم عُلمائنا - كالشهيد الثاني - اعتَبَروا أَحاديثه صحيحة مقبولة.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وهُوَ كثير الرِواية عن الأئمَّة الطاهِرين (عَلَيهِم السَّلَامُ) بلا واسطة.. ومَعَ الواسطة (1).

13 - ابراهيم بن مُحَمّد بن الحارث النوفلي

لَمْ أَجِد هذا الإسم في كُتُب الرجال، وإنّما يُوجَد مُحَمّد بن الحارث الأنصاري، مِن أَصحاب الإمام الكاظِم (عَلَيهِ السَّلَامُ) و احتَمَلَ بَعض العُلماء أنَّه هو النوفلي راوي أَدعيَة «الوسائل إلى المسائل» و أنَّ ابراهيم هذا إبنُه.

ص: 252


1- أي : بِشكل مُباشر عن الأئمَّة، أو غير مُباشر، بِأنْ يَسْمَع الحَديث مِمَّنْ يَرْوي عن الأئمّة الطاهرين. المُحقّق.

14 - ابراهيم بن مُحَمّد بن عیسیٰ

ابن مُحَمّد العُريضي. رَوى عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) النّص الَّذِي يُقرا عِنْدَ زيارة السيدة فاطمة الزَهراء (صَلَواتُ اللّه عليها).

15 - أحكم بن بشار المروزَي الخُراساني

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويُنْسَب إليه الغُلُو، ولكن ذلك غَير ثابت، وله قصّة - في بَغداد - مذكورة في كُتب عِلم الرِجال.

16 - أحمَد بن أَبي خالد

كان مِنْ مَوالي الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) وقيل :

ص: 253


1- الموالي - جَمْع مَولى - : مَنْ يَحْمِلُ للإنسان المَحَبَّة.. و يُظهر لَه ذلك. والمَعْنى المُراد - هُنا - : هُم الشيعة الَّذِين يُحبّون أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) ويَتَّبِعُونَهُم في الدين. المُحقّق

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) و هُوَ أَحَد شُهُود الوصيّة الّتي أوصى بها الإمام الجَواد و نَصَّ على إمامة الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و سَوفَ نَذكُرُ الوصيّة في كتابنا «الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد».

17 - أحمَد بن أبي خَلف

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و كانَ الإمام مُوسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قَد إشتراه و أَباه و أمّه و اعتَقَهُم، واتَّخَدَ الإمامُ مُوسى بن جعفر.. أحمَد بن أبي خلف كاتباً لَه.

18 - أحمَد بن إسحاق الأَشعَري القُمّي

هُوَ : أحمَد بن إسحاق بن عبد اللّه بن سعد الأَشعَري القُمّي، كُنْيَتُه : أبو علي، كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانَ من خواصّ الإمام

ص: 254

العَسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) و تشرّف بِلقاء الإمام المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهُوَ شَيخ القُمّيين ووافدُهُمْ و مَبعوثُهُم. و قَد ذكرناه في كتاب : «الإمام المَهدي مِن المَهْد إلى الظهور» و نَذكره في كتاب «الإمام الهادي مِن المَهْد إلى اللَحْد» إن شاءَ اللّه تَعالى.

لَهُ مُؤلّفات في علل الصَلاة والصَوم، ومَسائل الرجال للإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و في كتاب «رَبيع الشيعة» : إنَّه مِنَ الوكلاء والسُفراء المَعروفين : الَّذِين لا تختلف الإماميّة - القائلون بإمامة الحَسَن بن علي العَسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) - فيهم.

19 - أحمَد بن حماد المروزي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و قَد اشتبه الأمر على بَعض عُظماء هذا الفن.. حَولَ هذا الرجُل، و لا بأس بتَوضيح ذلك :

لقَد رَوى المَحمودي - و هُوَ مُحَمّد بن أحمَد بن حماد - النصَّ التالي :

ص: 255

قَد كتَبَ إليَّ الماضي.. بَعْدَ وفاة أبي : «قد مضى أبوك، رَضِيَ اللّه عنه وعنك، وهُوَ عِندنا على حالةٍ محمودة، ولَنْ تَبعد عن تِلْك الحالة» (1).

لَقَد صَرَّحَ صاحِبُ كتاب «جامع الرُواة» أَنّ المَقْصود مِن «الماضي» هُوَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و الظاهر أنّ هذا التصريح إدعاء مِنْ قائله (2)، إذ لَمْ نَجِد في الأَحاديث مَنْ عَبَّر عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالماضي. و إنّما ورد التَعبير عن الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) ب_«الماضي» في توقيع الإمام العَسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى إسحاق بن إسماعيل : «... و لَقَد كانت مِنكُم أُمورٌ في أيّام الماضي إلى أن مَضى لِسَبيلِه، صلّى اللّه على روحِه، و في أيّامي هذه كُنْتُم بِها غَيرَ مَحمُودي الرأي...» إلى آخره. (3)

و التَبَس الأمر على بَعض مُؤلّفي عِلْم الرجال، فَذكروا

ص: 256


1- کتاب «رجال الكشّي» ص 511، الجزء السادس، حَديث 986.
2- الإدعاء : هُوَ القول.. مِنْ غير دليل. المُحقّق.
3- کتاب «رجال الكشّي» ص 575، الجزء السادس، حَدیث 1088.

وفاتَه في أيّام الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) إعتماداً على كلمة : (الماضي). و اللّه العالم بِحَقائق الأمور.

و رَوي عن مُحَمّد بن مسعود، قال : حدَّثني أبو علي المَحمودي : مُحَمّد بن أحمَد بن حماد المروزي، قال : كتب أبو جعفر [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) إلى أَبي - في فَصْلِ مِنْ كتابه - :

«فَكان قَد (1)، مِنْ يَوم أو غَد، ثُمّ وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كسَبَتْ وهُمْ لا يُظْلَمُون، أما الدُّنيا فَنَحْنُ فيها مُتَفَرِّجون في البلاد، ولكن مَنْ هَوى هَوى صاحبه، فإن دانَ بِدينِه فَهُوَ مَعَه.. وإن كانَ نائياً عنه، و أما الآخرة فَهِيَ دارُ القَرار» (2).

***

ص: 257


1- قال الشيخ المامقاني (طابَ ثَراه) - في حاشيَة التَنقيح، في معنى كلمة : «فَكان قَد» - أي : إنتَهى أَجَلُهُ، فَيَكون المَعْنى : فَكان قَد إنتهى أجَلُه مِنْ يَوم، أو يَنْتَهِي أَجَلُه في غَد. و المذكور في المَصْدَر : «في يوم أو غَد».
2- کتاب «رجال الكشّي» ص 559، الجزء السادس، حَديث 1057.

اَيُّها القارىء الكريم

إِنَّ كُنْيَة (أبو علي) و لقب (المَحمودي) هما لِرَجُل واحد.. و هُوَ مُحَمّد بن أحمَد، وليس ذلك لأبيه أحمَد بن حماد، وأما الإحتجاج الَّذِي جَرى مَعَ القاضي إبن أبي دؤاد، فقد كانَ بَين مُحَمّد بن أحمَد والقاضي، وليس بَين أبيه و القاضى، ولكنَّ بَعض الأعلام.. ذكر هذا الإحتجاج في تَرجُمة حَياة أحمَد بن حماد.. مَعَ تَصْريحه بِأنّ المَحمودي المكنّى أبا علي هُوَ مُحَمّد بن أحمَد بن حماد.. لا أحمَد بن حماد.

هذا.. والأمرُ الَّذِي سَبَّب وقوع هذا الإشتباه أو الخطا.. هُوَ انّ الإحتجاج مروي عن المَحمودي (مِنْ غیر تصريح بإسمه). فَإِنْ كانَ المَقصود من المَحمودي الَّذِي جرى لَه الإحتجاج - هُوَ أحمَد بن حماد.. فما مَعْنى كلام بَعض العلماء : إنّ المَحمودي المكنّى أبا علي هُوَ مُحَمّد بن أحمَد بن حماد.. لا أحمَد بن حماد ؟ !

و إنْ كانَ صاحِبُ الإحتجاج هُوَ مُحَمّد بن أحمَد بن حماد.. فلِماذا - إذن - ذكروا الإحتجاج في تَرجمة حَياة

ص: 258

ابيه : أحمَد بن حماد ؟!

و على كُلِّ حال، فإنّ الأمر سَهْل في الموضوع، وقَد ذكرنا الإحتجاج.. في كتابنا هذا.. تحتَ عنوان : «مُؤامَرة شيطانيّة ضدّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

20 - أحمَد بن داود بن سَعيد الفزاري

يُكنّى أبا يحيى الجُرجاني، عدَّهُ الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و عَدَّهُ ابنُ شهر آشوب - في كتابه «المَناقِب» - مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

21 - أحمَد بن زكريّا الصيدلاني

ليست لَه ترجمة في كُتُب علم الرجال، و لكن رُويَ عنْه حَديث يَدلُّ على أنّه كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقَد ذكرنا الحَديث في فَصل «رسائل الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

ص: 259

22 - أحمَد بن عبداللّه القُمّي

هُوَ أحمَد بن عبد اللّه بن عيسى بن مصقلة القُمى عبداللّه الأَشعَري، لَه نُسْخَةٍ عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قَد روى النَجاشي عنه حَديثاً عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

23 - أحمَد بن عبداللّه الكوفي

أو (الكرخي).. عَدَّه الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

24 - أحمَد بن الفَضل الخاقاني

قال الزنجاني في كتابه «جامِع الرُواة» : هُوَ مِنْ آلِ رزين، و مِن أَصحاب أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَديثه - في تفسير العيّاشي – جَيّد.

25 - أحمَد بن مُحَمّد بن أبي نَصر البَزنطي

يُكنّى أبا جعفر، كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام

ص: 260

الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانَ عَظيمَ المَنْزلة عِنْدَهُما، وهُوَ ثِقَة جَليلُ القَدْر، وله كتاب «الجامع» و «النَوادر» و يَروي أَحاديث كثيرة عن الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ). وقَد ذكرنا بَعض أَحاديثه عن الإمام الجَواد.. في مواضع مُتعدّدة مِنْ كِتابِنا هذا.. عِنْدَ المُناسبة.

26 - أحمَد بن مُحَمّد بن بندار الأقرع

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ويُوجد حَديثان.. رَوَاهُما أحمَد عن الإمام العَسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِمّا يدلُّ على أنَّه أدركَ الإمام العَسكري أيضاً. (1)

ص: 261


1- الحَديثان مذكوران في كتاب «الكافي» للكُليني، ج 1، ص 509، كتاب الحُجّة، باب «مولد آبي مُحَمّد الحَسَن بن علي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)»، حَدیث 11 و 12.

27 - أحمَد بن مُحَمّد البَرقي

هُوَ أحمَد بن مُحَمّد بن خالد (أو: أبي خالد) البَرقي.

يُنْسَب إلى (بَرقة) و هِيَ قَرية في ضَواحي مَدينة قُم.. في ايران.

يُعتَبَرُ حَديثه مقبولاً عِنْدَ عُلماء الرجال، وقَد عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

و تُروى عنه أَحاديث كثيرة جِدّاً، مَوجودة في الكُتُب الأربعة (1) وغَيرها مِنَ الكُتُب، ولَهُ مُؤلّفات كثيرة تبلُغ مائة كتاب، و أشهَرُها كتاب : «المَحاسن». وهُوَ موجود - حاليّاً - في مُتَناول الأيدي.. و في المكتبات.

ص: 262


1- الكُتُب الأربعة - في مُصْطَلَح عُلَماء الشيعة - هِيَ : 1 - كتاب «الكافي» للشيخ الكليني. 2 - كتاب «تَهذيب الأحكام» للشيخ الطُوسي. 3 - كتاب «الإستِبصار» للشيخ الطُوسي. 4 - كتاب «مَنْ لا يَحْضُره الفقيه» للشيخ الصدوق. المُحقّق.

ومُؤلّفاته في المَواضيع التالية، أو تَحْمِل العَناوين الآتية : التَبليغ والرسالة، التَراحُم والتَعاطف، التَبصرة، الرفاهية، الزيّ و الزِينة و التَجَمُّل، المرافق، المراشد، الصِيانة، النجابة، الفراسة، الحَقائق، الإخوان، الخَصائص، المَاكِل، مصابيح الظُلم، المَحبوبات، المَكروهات، العويص، الثَواب والعِقاب، المعيشة، النِساء، الطيب، العُقوبات، المشارب، اَدبُ النَّفْس، الطِب، النُجوم، الطَبَقات، أفاضِلُ الأعمال، أخص الأعمال، المَساجِد الأربعة، الرِجال، الهِدايةَ، المَواعظ، التَحذير، التَهذيب، التَحريف، التَسْلِيَة، ادبُ المُعاشرة، مَكارمُ الأخلاق، مَكارمُ الأفعال، مَذامُّ الأخلاق، مَذامُّ الأفعال، المواهب، الحياة (أو : الحَبْوَة و الصَفْوَة)، عِلَلُ الحَديث، معاني الحَديث، تفسير الحَديث، العروق (أو : الفُروق)، الإحتِجاج، الغَرائب و العَجائب، اللَطائف، المَصالح و المَنافع، الدَواجن، الرواجن، الشِعر والشُعَراء، تعبير الرُؤيا، الزجر و الفال، صَوم الأيّام، السَماء والأَرضين،

ص: 263

البُلدان، المَساحة، الدُعاء، ذكر الكعبة، الأَجناس، الحَيوان، أَحاديث الجنّ و إبليس، فَضل القُرآن، الأزاهير، الأوامر والزَواجِر، أحكام الأنبياء والرُسُل، جداول الحِكمة، الأَشكال و القَرائن، الرياضة، الأَمثال، الأوائل، التاريخ، الأَنساب، النحو، الاَصفِيَة، الأفانين، المَغازي، الرِواية، النَوادر، العيافة والقيافة، الحِيَل، الدعابة والمِزاح، التَرغيب، الأركان.

وغَيرها من الكُتُب، وإنما ذكرنا أَسماءَ مُؤلّفاته القيِّمة الثَمينة - مَعَ العلم أنَّه لا يُوجد مِنْ تِلك المؤلَّفات سوى كتاب «المحاسن» - حتّى نُبَرهنَ أنّه كانَ في أَصحاب أئمَّة اهل البيت عُلَماء نوادر، يُعتَبَر كُلُّ فَرد مِنْهُم.. دائرة للمعارف.

فَهذه المُؤلّفات تدلُّ أسماؤها على تَنَوّعها في شَتّى الفنون و مُختلف العلوم، ومِن الواضح أنّ أكثر هذه الكُتُب - إِنْ لَمْ نَقُلْ كُلّها - هِيَ في الأَحاديث و الأخبار الّتي سَمِعَها البَرقي من أئمَّة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وخاصّة الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

ص: 264

28 - أحمَد بن مُحَمّد الأنباري

هُوَ أحمَد بن مُحَمّد بن عبد اللّه بن مَروان الأَنباري.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (1).

29 - أحمَد بن مُحَمّد بن عُبَيد

هُوَ أحمَد بن مُحَمّد بن عُبَيد - أو : عُبَيد اللّه القُمّي الأَشعَري.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانَ ثِقَةٌ.. و مِن شخصيّات الشيعة.

30 - أحمَد بن مُحَمّد بن عيسى

هُوَ أحمَد بن مُحَمّد بن عيسى بن عبد اللّه الأَشعَري.

شيخ القُمّيين وفقيهُهُم، لَقِي الإمام الرضا والإمامَ

ص: 265


1- كما في كتاب «جامع الرُواة» للزنجاني، ص 68.

الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ). قال السيّد ابن طاووس : «و قَد زكّاه النَجاشي و أثنى عليه» (1).

لَهُ مُؤلّفات كَثيرة قيّمة، في التَوحيد، وفَضلِ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و المُتعة، والنَوادر، و فَضائل العَرب، والأظِلّة، والناسِخ والمُنسُوخ و الحج، والمُسُوخ.

31 - أحمَد بن معافي

يُنسب إلى كتاب «رجال الشيخ الطوسي» أَنَّهُ عَدَّهُ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

32 - إدريس القُمّي

كُنْيَته : أبو القاسم. عده الشيخ الطوسي مِنْ أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 266


1- كتاب «إقبال الأعمال» للسيد ابن طاووس، ج 3، ص 174، الباب الثامن «فيما يختصّ بشَهر رَجب» الفصل 6، دُعاء أوّل ليلة مِن رَجب.

33 - إسحاق بن ابراهيم الحضيني

(ابن راهويه) لَقِيَ الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و جَرَت الخدمة على يديه للإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).

34 - إسحاق بن ابراهيم بن هاشم القُمّي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقَد ذكرنا حَديثاً مَرويّاً عنه.. في فصل «الإمام الجَواد يُجيب على المَسائل الفِقهيّة».

35 - إسحاق الأَنباري

كانَ مِنْ أَجلاء الشيعة، و كانَ مُعْتَمَداً عِنْدَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قيل : إنَّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَمَرَهُ أَنْ يَغْتالَ رَجُلين مِنْ أهل البِدع ودُعاة الإنحراف، وهُما جعفر ابن واقِد، و هاشِم بن أبي هاشِم.

ص: 267

36 - إسحاق بن إسماعيل بن نَوبَخت

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قَد ذكرنا خَبَره.. في فصل : «الإمام الجَواد و الإجابة قَبْلَ السَؤال».

37 - إسحاق بن مُحَمّد البصري

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ) و قَد اختَلَفَت الأقوالُ في شَأنه.

38 - إسماعيل بن بزيع

كانَ مِن أَصحاب الإمام الكاظِم والإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ).

39 - إسماعيل بن سهل

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 268

40 - إسماعيل بن عباس الهاشِمي

عدَّهُ الزنجاني في كتاب «جامع الرُواة» مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

41 - إسماعيل بن الإمام مُوسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و كانَ مشهوراً بالعِلم والفَضل و الفِقه و حُسن العَقيدة، وكثرة التَصانيف. و قَد أمَرَه الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) اَنْ يُصَلّي على جنازة صَفوان بن يحيى البجلي.. الرّجُلِ الصالح العابِد.. المُقَرَّب عِنْدَ الأئمَّة الطاهِرين.

لَهُ مُؤلَّفات في الطَهارة والصَلاة والزكاة والصَوم و الحَج، والجَنائز، والطَلاق و النِكاح، و الحُدود، والدُعاء، والسُنَن، و الآداب، والرؤيا.

42 - إسماعيل بن مهران بن أَبي نَصر السكوني

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

ص: 269

وكانَ ثِقَةٌ مُعتَمَداً عِنْدَ عُلَماء الرجال، أمّا ما يُنْسَب إليه من الغُلُوّ.. فَهُوَ غَير ثابِت، لَه مُؤلفات، منْها كتاب «المَلاحِم» و «النَوادر» و «ثواب القُرآن» «و العِلل» و «خُطب أمير المُؤمنين».

43 - أمية بن علي القَيسي الشامي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و قَد روى أَحاديث مُتَعَدِّدة.. عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعَدَّه بَعض عُلَماء الرجال ضَعيفاً.

44 - أيّوب بن نُوح بن درّاج النَخَعي

وكُنْيَته : أبو الحُسَين، كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و وكيلاً للإمام الهادي والإمام العَسكري (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و مِن أَصحابهما، عَظيمَ المَنْزِلَة عِنْدَهما، ماموناً، وكانَ ثِقَةٌ في رواياته، شَديدَ الوَرع، كثيرَ العِبادة، وكانَ مِنْ عِبادِ اللّه الصالِحين.

ص: 270

و قَد روى أَحاديث كثيرة عن الأئمَّة الَّذِين عاصرهم و تَشَرِّفَ بِصُحْبَتِهِمْ، ولَهُ كُتُب قَد الَّفَها، ولَهُ مسائل سأَلَها مِن الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

حَرف الباء

45 - بَكْر بن أحمَد بن زیاد

ذكرَ النَجاشي آن بكر بن أحمَد روى عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و لَه كتاب الطهارة والصَلاة والزَكاة، و المَناقِب.

46 - بَكر بن صالح

و قَد اختُلِفَ فِي لَقَبِه بَين : الرازي.. و الضَبّي والدارمي، وقَد اختَلَفَتْ كلماتُ عُلَماء الرجال حوله بَين تَضْعيف وتَوثيق، كما اختَلَفَتْ كلماتهُم حَولَ لَقَبِه، واحتَمَلَ بَعضهُم التَعَدُّد، بِأَنْ يَكون بَكْر بن صالح هُوَ الرازي، ورَجُلٌ آخَر بهذا الإسم.. ويُلَقَّب بالضبيّ، ورَجُل ثالث بِنَفْس الإسم و يُلَقَّب بِالدارمي.

ص: 271

و على كُلِّ حال : فإنَّه كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا و أَدرك الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و لَه مُراسلات مَعَ الإمام، وقَد ذكرنا بَعضها في قُصُول هذا الكتاب عنْدَ المُناسبة.

47 - بَنان بن نافع

في كتاب «المَناقب» لابن شهر آشوب يروي حَديثاً عن بَنان.. في النص على إمامة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). (1)

48 - بندار مَولى إدريس

ذكره البَرقي في أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 272


1- کتاب «المناقب» لابن شهر آشوب، ج 4، ص 388.

حَرف الجيم

49 - جعفر بن ابراهيم

هُوَ جعفر بن ابراهيم بن مُحَمّد بن علي بن عبد اللّه ابن جعفر الطيّار بن أبي طالِب (عَلَيهِ السَّلَامُ)

عَدَّهُ الزنجاني في كتاب «جامع الرُواة» مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

50 - جعفر بن داود اليَعقوبي

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد

(عَلَيهِ السَّلَامُ).

51 - جعفر بن مُحَمّد بن يونس الأحول الصيرفي

كانَ مِن الثِقاة، وروى أَحاديث عن الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، و لَه کتاب «النَوادر».

ص: 273

52 - جعفر بن مُحَمّد الهاشِمي

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

53 - جعفر بن مُحَمّد الصوفي

يَروي عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قَد ذكرنا حَديثه في فَصْل «الإمام الجَواد و تفسير القُرآن».

54 - جعفر بن واقد

قد اختَلَفَتْ كلمات عُلَماء الحَديث حَولَه والظاهر من بَعض الأَحاديث : أنَّه كانَ شَديدَ الإنحراف حتّى رُوي عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّه لَعَنَه وتَبَرًا مِنْه و مِنْ هاشِم بن أبي هاشِم، بَلْ و اَهدَرَ الإمام دَمهُما، وأَمَرَ الإمام الجَواد.. إسحاق الأنباري بقَتلهما، لأنَّه كانَ يَتَظاهَر للناس أنّه يدعو إلى مذهب أهل البيت، ولكنّه كانَ يَدُسُّ في الأَحاديث.

ص: 274

55 - جعفر بن يحيى بن سعد الأحول

عَدَّهَ النَجاشي و البَرقي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

56 - جعفر الجَوهري

بيّاع الجَوهَر، عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

حَرف الحاء

57 - حَبيب بن أَوس الطائي

هُوَ ابو تمام، الشاعر المعروف، و كانَ مُعاصِراً للإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و مات في أيّام الإمام، وقيل : مات بَعْدَ وفاة الإمام الجَواد بسَبع سِنين.

وله قَصيدة يذكُر فيها الأئمَّة الإثني عشر (عَلَيهِم السَّلَامُ) مِمّا يَدلُّ على مَدى اعتِقادِه بجميع الأئمَّة، وقَد ذكرنا قَصيدتَه في فَصل «الإمام الجَواد وشُعراء الشيعة».

ص: 275

58 - الحَسَن بن الجَهم الشيباني

و كُنْيَتُه : ابو مُحَمّد، عَدَّهُ عُلَماء الرجال من الثقاة و مِن أَصحاب الإمام الكاظِم والإمام الرضا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ولَمْ يَذكُروه مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) رغمَ أنَّه رأى الإمام، ولَعَلَّ السَبب في ذلك.. أَنَّهُم لَمْ يَعتَبِرُوا مُجَرَّد لقائه بالإمام الجَواد.. سَبَباً في أَنْ يُعَدَّ مِن أَصحابه، بَلْ إشترطوا أنْ يَروي عن الإمام حَديثاً. وقَد ذكرنا حَديث رُؤيَتِه الإمامَ الجَواد.. في فصل «نَص الإمام الرضا على إمامة الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)» في أوائل هذا الكتاب.

و يُوجَد في كُتُب الرجال : الحَسَن بن الجهم الرازي أو الزراري -، فيُحْتَمَل أَنْ يَكون هُوَ الشيباني.

59 - الحَسَن بن راشد البَغدادي

كُنْيَتُه : أبو علي. كانَ ثِقَة، مِن الفُقهاء الأعلام، الماخوذ مِنْهم الحلال والحرام، و كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد.. و من وكلاء الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و يروي عن كُلِّ مِنْهُما أَحاديث.

ص: 276

60 - الحَسَن بن سَعيد بن حماد الكوفي الأَهوازي

ويُقالُ لَه : إبن دندان. وسَوفَ نَذكُرُ بَعض ما يَرتبط به.. عِنْدَ تَرجمة أخيه الحُسَين بن سَعيد.

61 - الحَسَن بن عباس بن جريش

هُوَ : الحَسَن بن عباس بن جريش، أو حريش، الرازي، روى عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَحاديث عديدة، وضَعَّفَه بَعضُ عُلَماء الرجال، ولكن الأَحاديث المرويّة عنه لا يُوجَد فيها شيء يُورث الشكّ في الراوي.

و يَرْوي هذا الرّجُل أَحاديث عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في فضل سورة «إنّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيلَةِ القَدْر» و لِلعُلَماء في تِلك الأَحاديث أقوال، واللّهُ العالِم بِحقيقة الحال.

62 - الحَسَن بن عباس بن خراش

عدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 277

63 - الجَسَن بن العبّاس الحريشي

أقول : إنما ذكرتُ هذه الأسماء الثَلاثة، ووضَعْتُ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُم رقماً مُستَقِلاً في التَسَلْسُل، تَبَعاً مِنِّي لِلمُؤلّفين في عِلْم مَعرفة الرجال، ولكنّني أظنّ أنّهم عبارة عن رَجُل واحد.. وليس ثلاثة أشخاص، وقَد جاءَ الإختلاف في ضبط الإسم.. بِسَبَب رِداءَة الخط و تَشَوّشه في القرون الماضِيَة.

64 - الحَسَن بن علي بن أبي عثمان

يُكنّى : ابا مُحَمّد، ويُلَقَّب ب_(سجادة) كانَ مِنْ أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويُقال : إنَّه مِن المُنْحَرِفين و الغُلاة ولَعَنَه الشيخُ الكشّي، واللّه العالم بصحّة أو خَطا ما قيل.

65 - الحَسَن بن علي بن زياد الوشاء

يُكنّى أبا مُحَمّد، كانَ مِنْ وجوه هذه الطائفة وشخصيّاتهم، و أدرك صُحبة الإمام الرضا والإمام الجَواد

ص: 278

و الإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ).

و هُوَ الَّذِي أدرك في مَسجِد الكوفة تسعمائة شيخ، كُلّ يَقول : حَدَّثني جعفر بن مُحَمّد، ولَهُ مُؤلّفات في ثواب الحَج والمَناسك، و النَوادر.

أقول : لَمْ يَذكُره عُلَماء الرجال في أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و لكنّ الشيخ المَجلِسي (عليه الرَحْمة) رَوى عنه حَديثاً يَدلُّ على إنّه أدرك صُحبَة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قَد ذكرنا الحَديث في فَصل «الإمام الجَواد و الإجابة قَبْلَ السُّؤال» مِنْ هذا الكِتاب.

66 - الحَسَن بن علي بن فضّال

كانَ زاهِداً عابداً، عَدَّه الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقَد ذكر النَجاشي خَبَراً مُفَصَّلاً حَولَه.

ص: 279

67 - الحَسَن بن علي الناصري الأطروش أو الأَصم

يَنْتَهِي نَسَبه إلى الإمام السجاد زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهُوَ مِنْ اجداد السيّدَين : الرضي و المُرتَضى (عليهما الرَحْمة) من طرف أمِّهما السيّدة فاطمة، و قَد أثنى عليه السيّد المُرتَضى ثناءاً بليغاً.

لَه مُؤلَّفات عديدة، في : الإمامة، و فَدك (1)، والخُمس وفَدك و الشهداء، و أنساب الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) و مواليدهم و غَير ذلك.

رَوى حَديثاً عن أبيه.. عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقَد ذكرنا الحديث.. في فصل «ما رواهُ الإمام الجَواد عن آبائه الطاهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ)

و هذا الحَسَن يَروي عن ابيه علي بن عُمَر بن علي بن الحُسَين زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 280


1- (فَدَك) : إسمُ أَرض وَهَبَها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) لإبنَتِه السيّدة فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) و لما فارق النبيّ الحَياةِ غَصَبَها أبو بكر من السيّدة الزهراء. وقَد تَحَدَّثنا عن هذا بالتفصيل في كتاب : فاطمة الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد.

ولَمْ أَجِد في كُتُب الرجال.. ذِكْراً مُفَصَّلاً لوالد الحسن، سوى ما ذكرة المامقاني (عليه الرحمة) عن رجال الشيخ الطوسي أنَّه ذكرَه (مِنْ غَير تَوصيف) مِن أَصحاب الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و قَد عَدَّه السيّد الخوئي في كتاب «مُعْجَم رجال الحَديث» مِن أَصحاب الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) نَقْلاً عن رجال الشيخ الطوسي.

68 - الحَسَن بن علي بن يَقطين

كانَ فقيهاً مِن أَصحاب الإمام الكاظِم والإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) وله كتاب إسمُه : «مَسائل الإمام مُوسى بن جعفر.. (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

69 - الحَسَن بن مَحْبوب

لقَبُه : السرّاد، أو الزرّاد، كانَ جَليل القدر، مِن أَصحاب الإمام الكاظِم و الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) و هُوَ من الفِقهاء الثِقات، ولَهُ مُؤلّفات عديدة.. في الفِقه والتفسير و و غَيرهما.

ص: 281

70 - الحَسَن بن مُحَمّد الجواني

هُوَ الحَسَن بن مُحَمّد بن عبد اللّه - أو عُبَيد اللّه - ابن الحُسين الجواني ابن الإمام زين العابدين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

كانَ أَحَد شهود الوَصيَّة - في النص على الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - (1).

71 - الحَسَن بن مُسلِم

ذكره البَرقي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

72 - الحَسَن بن يَسار

كان مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهُناك

ص: 282


1- والوَصيّة مذكورة في كتاب «الكافي» ج 1، باب الإشارة و النّص على أبي الحَسَن الثالث (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حَديث 3. و سَوفَ نَذكُر نَصّ الوصية.. مَعَ تَوضيحات مِنّا.. في كتاب «الإمام الهادي مِن المَهْد إلى اللَحْد» إن شاءَ اللّه .

اختلاف في إسمه بَين الحَسَن أو الحُسَين، واختلاف في إسم والده.. بَين بشار أو يَسار.

73 - الحُسَين بن أسَد - أو ابن راشد - البَصري

عدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ)، وكانَ ثِقَة.

ولِعُلَماء الرجال أقوال مُتضاربة في إسمه : هَلْ هُوَ الحَسَن أو الحُسَين، واحْتَمَلَ بَعضهم أَنَّهُما اثنان : اَحَدُهما ثِقَة، والآخر ضَعيف، واللّهُ العالِم.

74 - الحُسَين بن بشار

هُوَ : الحُسَين بن بشار المَدائني الواسطي، كانَ مِن أَصحاب الإمام الكاظِم والإمام الرضا والإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ) روى أَحاديث كثيرة، عن الأئمَّة الَّذِين تَشَرفَ بِصُحْبَتِهِم وكانَ ثِقَة، صَحيحَ الحَديث.

قيل : إنَّه كانَ في أول أمرِه واقفيّاً، ثُمَّ اهتَدى و رَجَعَ إلى الحَقّ.

ص: 283

75 - الحُسَين بن داود اليَعقوبي

عدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

76 - الحُسَين بن الحَكَم

كانت لَه مُراسَلَة مَعَ الإمام الكاظِم (عَلَيهِ السَّلَامُ) و كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

77 - الحُسَين بن سعيد الكوفي الأَهوازي

ويُقال لَه : الحُسين بن دندان.

كانَ ثِقَةٌ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ)، و لَه ثلاثون مُؤلَّف، أكثرها في أَبواب الفِقه.

و كانَ لَه أَخ إسمه : الحَسَن بن سَعيد، وقَد وَرَد ذِكْر كُلّ واحِد مِنْهُما في كُتُب الحَديث بصُورة مُشَوشة،

ص: 284

فَبَعض الأَحاديث المَرويَّة عن الحَسَن.. تُروى عن الحُسَين أيضاً.

ولعلماء الرجال أقوال في أَحاديث الحسين هذا.

وقال النَجاشي : «إنَّ الأخوين إشتركا في الكُتُب الثلاثين المُصَنَّفة».

و كانَ الحُسَين هُوَ السَبَب في هداية أناس تَشَرَّفوا بِلِقاء الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).

78 - الحُسَين بن سَهْل بن نُوح

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

79 - الحُسَين بن عباس بن حريش

لقَبُه : الرازي، ذكره البَرقي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و لَعَلَّه تصحيف الحَسَن بن العبّاس الحريشي.. الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْره، أو أنَّه أخوه.

ص: 285

80 - الحُسَين بن عبداللّه النيسابوري

كان والياً على بَعض البلاد في أيّام المُعْتَصِم العبّاسي. وقَد ذكرنا في فَصل «رسائل الإمام الجَواد» حَديثاً يَدلُّ على مَدى قُوّة تَشَيُّعِه.. و ولائه لأهلَ البَيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) و إطاعته للإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

81 - الحُسَين بن علي القُمّي

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

82 - الحُسَين بن مُحَمّد الأَشعَري القُمّي

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

ص: 286

83 - الحُسَين بن مُسلم، أو : إبن أسلَم

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

84 - الحُسَين بن الإمام مُوسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) روى عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أكثر من حَديث و قَد ذكرنا بَعض أَحاديثه في هذا الكتاب.

85 - الحَسَن أو الحُسَين المكاري

هُوَ الحَسَن (أو الحُسَين) بن أبي سعيد هاشم بن حيّان المُكاري.

و الظاهِر مِنْ كُتُب الرجال : أنهما أخوان، وقِيلَ : هُما واحد.. و قَد اختُلِفَ في الإسم، فقيل : الحَسن، وقيل : الحُسَين.

و على كُلِّ حال : فَهُوَ ثِقَة في الحَديث، ويُقال : إنّه كانَ مِن الواقفيّة.

ص: 287

86 - حَفْص الجَوهَري

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

87 - الحصين بن أَبي الحصين الحضيني

مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

و يُستفاد مِن روايتِه أنَّه كانَ من الشيعة المُخلصين حَيث إنَّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) تَرحَمَ عليه مَرّتين، و قَد ذكرنا الرِواية في فصل «الإمام الجَواد يُجيب على المسائل الفِقهيّة، أحكام الصَلاة، تَحديد وقت صَلاة الفَجر».

88 - حمّاد بن عيسى الجهني البصري

كُنْيَتُه : أبو مُحَمّد، كانَ ثِقَةً مِن أَصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظِم والإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) و حَفَظَ مِن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 288

سَبعين حَديثاً، ورُوِيَتْ عنه أَحاديث كثيرة.

وقَد جاءَ في كُتُب الحَديث : عن حماد بن عيسى أنّه قال : دَخَلْتُ على أبي الحَسَن الأوّل [ أي: الإمام الكاظِم ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) فقُلتُ لَه : جُعِلْتُ فِداك، أدعُ اللّه لي أنْ يُرزقني داراً و زَوجة و ولداً و خادماً و الحجّ في كُلِّ سَنَة.

فقال [ أي الإمام ] : اللّهُمّ صل على مُحَمّد و آلِ مُحَمّد و ارزقه داراً و زَوجة و ولداً و خادماً و الحجّ خَمسين سَنَة.

قال حمّاد : فلمّا اشتَرط خمسين سَنَة.. عَلِمْتُ أنّي لا أحجٌ أكثر من خمسين سَنَة.

ثم قال : حَجَجْتُ ثماني و أربعين سَنَة، وهذه داري قَد رزقتها، و هذه زَوجتي وَراءَ السِتر تَسمعُ كلامي و هذا إبني، و هذا خادمي، قَد رُزِقتُ كُلّ ذلك.

فحَجَّ - بعد هذا الكلام - حَجَّتَين.. تَمامَ الخمسين، ثُمّ خَرجَ بَعدَ الخَمسين حاجاً، فزامَلَ أبا العبّاس النوفلي القصير (1) فلمّا صارَ في مَوضع

ص: 289


1- زامَلَ : أي رافَقَ.

الإحرام.. دَخَلَ يَعْتَسِل.. فجاءَ الوادي فحَمَلَه (1) فغرقه الماء رَحِمَهُ اللّه (2).

89 - حَمْدان بن إسحاق الخُراساني

هُوَ : حَمْدان بن إسحاق الخُراساني، الدسوائي، كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ). و لَه مُؤلَّفات في (عِلَل الوضوء) و (النَوادر).

90 - حمزة بن يَعلى الأَشعَري القُمّي

كانَ ثِقَةٌ مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و لَه كتاب.

ص: 290


1- أي : جَرى الَسيل في الوادي.
2- كتاب «رجال الكشّي» ص 316، الجزء الرابع، الحَديث 572.

حَرف الخاء

91 - خلف بن سلمة البصري

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

92 - خيران الخادم القراطيسي (1)

كانَ مِن أَصحاب الإمامين : الجَواد و الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ويُستفاد مِنْ بَعض الأَحاديث : أنّه كانَ مِن الوكلاء المُوثَّقين.. غايةَ التَوثيق.

و إليك الحَديث التالي :

رَوى الكشّي بِسَنَدِه، عن خيران الخادم، قال : حَجَجْتُ أيّام أبي جعفر مُحَمّد بن علي بن مُوسى (عَلَيهِم السَّلَامُ) و سَاَلتُه (2) عن بَعض الخَدَم، وكانت لَه مَنْزلة مِنْ أبي

ص: 291


1- و في نُسْخَةٍ : الفراطيسي. قِيلَ : هُوَ نِسبة إلى «فراطيس». وهي والدة الواثق باللّه العبّاسي.
2- الظاهِر : سَاَلتُ مِنْ، لا سَأَلتُه عن.

جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَسَأَلتُه أَنْ يُوصِلَني إليه.

فَلَمّا صِرْنا إلى المَدينة، قال لي : تَهَيّا.. فإنّي أريدُ أنْ أمضي إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

فَمَضَيتُ مَعَه، فَلَمّا أَنْ وَافينا الباب قال لي : كُن في حانوت (1) فاستاذنَ ودَخَلَ، فَلَمّا أبطَا عَلَى رسولُه خَرَجتُ إلى الباب فَسَأَلتُ عنه، فأَخبروني أنَّه قَد خَرَجَ ومَضى.

فَبَقيتُ مُتَحَيِّراً، فبينا أنا كذلك إذ خَرَجَ خادم مِن الدار فقال : أَنت خیران ؟

فَقُلْتُ : نَعَمْ.

قال لي : أُدخُل.

فَدَخَلْتُ فإذا أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قائم على دكّان(2) لَمْ يَكُن فُرسُ لَه ما يَقْعُد عَلَيهِ، فَجاءَ غُلام

ص: 292


1- الحانوت : - هُنا - : الديَّة الّتي يَجلس عليها الإنسان.
2- الدكّان - هُنا - : مَكان مُمَهَّد قليل الإرتفاع عن الأرض، يُجْلَس عليه، ويُقال لَه : المصطبة.

بِمُصَلّى فالقاه لَه فَجَلَس (1)، فَلَمّا نَظَرْتُ إِليه تَهَيَّبْتُه ودُهِشتُ قذهَبْتُ لاَصعَد الدُّكَّان مِنْ غَير دَرجِه فاشارَ إلى مَوضع الدرجة، فَصَعَدْتُ وسَلَّمْتُ، فَردَّ السّلام، ومَدَّ يَدَه إليَّ، فاخذتُها وقَبَّلْتُها، ووَضَعْتُها، فأَقعَدَني بِيَدِهِ، فأَمسَكْتُ يَدَه مِمّا داخَلَني من الدَهش، فَتَركها في يَدي (صَلَواتُ اللّه عليه) فَلَمّا سَكَنْتُ خَلَيتُها، فَسَأءَلَني.

قال خیران : و كانَ الرَيّان بن شبيب قال لي : إنْ وَصَلت إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) قُلْ لَه : مَولاك : الرَيّان بن شبيب يَقرأ عليك السلام، ويَسألك الدُعاء لَه ولولده.

فذكرت لَه ذلك، فَدَعا له، ولَمْ يَدْعُ لولده، فاعَدْتُ عليه، فَدَعَالَه ولَمْ يَدْعُ لولده، فاَعَدتُ عليه ثالثَة، فَدَعالَه ولَمْ يَدْعُ لِولده، فَودَّعْتُه وقُمت.

فَلَمّا مَضَيتُ نَحْوَ الباب.. سَمِعتُ كلامه ولم

ص: 293


1- أي : جاءَ الغُلامُ بِفَرش يُفرَش عادةً للصلاة عليه، ففَرشَه على ذلك المَكان. المُحقّق.

أفهم ما قال.

قال [ خيران ] : و خَرَجَ الخادم في أثري، فَقُلْتُ لَه : ما قال سيّدى لمّا قُمْتُ ؟

فقال لي : قال : مَنْ هذا الَّذِي يرى أَنْ يَهْدِي نَفْسَه، هذا وُلِدَ في بلاد الشِرك، فَلَمّا أخرجَ مِنْها صارَ إلى مَنْ هُوَ شَرٌ مِنْهُم، فَلَمّا أَرادَ اللّه أَنْ يَهْديه هداهُ اللّه (1).

***

أقول : ذكرتُ نَصَّ الحَديث كما وجدتُه، ولا يَخْلو مِنْ غُمُوض و إبهام.

حَرف الدال

93 - داود الصرمي

و يُقال لَه : داود بن مافنة، كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ص: 294


1- کتاب «رجال الكشّي» ص 609، الجزء السادس، حَدیث 1132.

94 - دعبل بن علي الخزاعي

الشاعِر المَعروف، عَظيم الشَان، وحالُهُ مَشهور في الإيمان، وعُلوّ المَنْزلة، صَنَّف كتاب «طبقات الشُّعَراء».

كان مِن أَصحاب الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) و أدرك الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و هُوَ شاعِر اهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وصاحِب القَصيدة التائيّة الرائعة المَشْهُورة.

كان شاعراً للإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) و عاشَ بَعْدَه سَنَواتٍ غَير قَليلة.

و قَد رُوي أنّ دعبل بن علي الخزاعي.. دَخَلَ على الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأمَرَ [ الإمامُ ] لَه بِشيء، فاخَذَه ولَمْ يَحْمَد اللّه.

فَقالَ لَه [ الإمامُ ] : لِمَ لَمْ تَحْمَدِ اللّه ؟!

قال [ دعبل ] : ثُمَّ دَخَلْتُ بَعْدُ - على أبي جعفر [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) و أمرَ لي بِشيء، فَقُلْتُ:

ص: 295

الحَمْدُ للّه. فَقال لي : تَادَّبَت ! (1)

95 - داود بن مَهْزیار

هُوَ أخو علي بن مَهْزیار، عَدَّه الشيخ الطوسي مِنْ أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

96 - داود بن القاسم بن إسحاق

هُوَ داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد اللّه بن جعفر بن أبي طالِب.

يُكنّى ب_ِ: «أَبي هاشِم الجعفري».

يَنْتَهِي نَسَبُه إلى جعفر الطيّار، كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد والإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ص: 296


1- کتاب «الكافي» ج 1، ص 496، باب «مولد أبي جعفر(عَلَيهِ السَّلَامُ)»، حَديث 8.

ويُقال : إنّه رأى الإمام المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً.

و بناءاً على هذا.. كانَ لَه شَرف صُحْبةٍ خمسةٍ مِن الأئمَّة الطاهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ).

و كانَ مِنْ أهل بغداد، وهُوَ ثِقَة جَليلُ القَدْر، عَظيمُ المَنْزلة عِنْدَ الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يروي عن الإمام الجَواد و الإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ).

و كانَ مُحترماً عندَ السُلطان، وله كتاب.

و في كتاب «ربيع الشيعة» : إنّه من السُفَراء والأَبواب المَعروفين.(1).

و أكثَرُ رِواياته عنْهُم.. يَتَضَمَّنُ ما شاهَدَه مِنْ مَناقِبِهِم ومَعاجِزهم، وقَد ذكرنا (في هذا الكتاب) بَعض أَحاديثه المَرويّة عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسَوفَ نَذكُر أَحاديثه المَرويَّة عن سائر الأئمَّة الطاهرين، في كتابِنا الَّذِي نُؤلّفه حَولَ الإمام المَرويّ عنه، إن شاءَ اللّه.

ص: 297


1- أي : إنَّه كانَ يَقومُ بِدور الوسيط.. بَين الشيعة والأئمَّة الطاهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ) في إيصال الرسائل أو الأمانات.. أو إبلاغ الأوامِر والتَعليمات، أو إيصال أَجوبة الأَحكام الشَرعيّة.. وغَيرها من الأمُور. المُحقّق.

حَرف الراء

97 - الرَيّان بن شبيب

هُوَ خالُ المُعتَصِم العبّاسي، لأنّ «ماردة» أمّ المُعتَصِم.. كانت أُخت الرَيّان.

كانَ الرَيّان مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و رَوى عن الإمام الرضا.. أَحاديث كثيرة ومُتنوّعة، وخاصّة في فَضل زيارة مولانا الإمام الحُسَين (عَلَيهِ السَّلَامُ) و ثواِب البُكاء عليه.

يُعتَبَر مِن الثقاة، وقَد سَكن مَدينة «قُم» في ایران، وروى عنه أهلُها.

98 - الرَيّان بن الصلت

هُوَ : الرَيّان بن الصلت البغدادي، الأَشعَري، القُمّي، عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و يوجَد في كتاب «الإقبال» لابن طاووس.. رواية تدلُّ على أنَّه أدركَ صُحْبة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً.

ص: 298

حَرف الزاي

99 - زکریا بن آدم الأَشعَري القُمّي

هُوَ زكريا بن آدم بن عبد اللّه بن سَعْد الأَشعَري القُمّي.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الصادق والإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) وكانَ ثِقَةٌ جَليلاً وَجيهاً عَظيمَ القَدر.

روى عليّ بن المُسَيّب الهَمداني، قال : قُلتُ للرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) :شُقّتي بعيدة، ولَسْتُ أصلُ إليك في كُلِّ وقت، فَمِمَّنْ آخُذ مَعالِمَ ديني ؟

قال : مِنْ زكريا بن آدم القُمّي، المَامون على الدين والدُنيا.

قال علي بن المُسَيّب : فَلَمّا انصرفتُ.. قَدِمْتُ على زكريّا بن آدم، فَسَالتُه عَمّا احتَجْتُ إليه (1).

و رُوي عن عبد اللّه بن الصلت القُمّي، قال : دَخَلْتُ

ص: 299


1- کتاب «رجال الكشّي» ص 594، الجزء السادس، حَديث 1112.

على أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) في آخِر عُمره، فَسَمِعْتُه يَقول : «جَزى اللّه صَفوان بنَ يَحيى و مُحَمّد ابن سنان و زكريا بن آدم.. عَنِّي خيراً، فَقَد وَفَوا لي...» إلى آخر كلامه (1).

و كتب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) - بَعْدَ وفاة زكريا ابن آدم بثَلاثة أشهُر - كتاباً إلى مُحمّد بن إسحاق و الحَسَن بن مُحَمّد، جاءَ فيه :

«ذكرت ما جرى مِنْ قَضاء اللّه تَعالى في الرّجُل المُتَوفّى [ أي: زكريّا ] رَحمةُ اللّه عليه يَومَ وُلِدَ.. و يَومَ قُبض [ أي : مات ] ويَومَ يُبْعَثُ حَيّاً. فَقَد عاشَ أيّام حَياته عارفاً بِالحَقِّ، قائلاً به، صابراً مُحتَسِباً للحَقِّ، قائماً بِما يَجِبُ للّه عليه و لرَسولِه. ومَضى (رَحمةُ اللّه عليه) غیرَ ناکثٍ و لا مُبَدِّل، فَجَزاهُ اللّه أَجْرَ نِيَّتِه، وأعطاهُ خَيرٌ أمنيَّته» (2).

ص: 300


1- المَصْدَر السابق، ص 503، حَديث 964.
2- کتاب «رجال الكشّي» ص 595، الجزء السادس، حَديث 1114.

حَرف السين

100 - سَعد بن سَعْد بن الأَحْوَص

الأَشعَري القُمّي، وقيل : سَعد بن سعد الأحوَص.

و على كُلِّ حال، فَقَد كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و قَد تَرَحَمَ عليه الإمامُ الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حَديث جاءَ فيه : «...جَزى اللّه صَفوان بن يحيى و مُحمّد بن سَنان و زكريّا بنَ آدم، وسَعدَ بنَ سَعد.. مِنّي خيراً، فَقَد وفَوا لي» (1).

101 - سَعيد بن جناح

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

102 - سَعيد بن سَعد - أو : ابن سعيد - القُمّي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

ص: 301


1- كتاب «رجال الكشّي» ص 503، الجزء السادس، حَديث 964.

103 - سَهْل بن زياد الادمي الرازي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ) لَه كتاب «التَوحيد» و «النَوادر». ضَعَّفَه جَماعة، ووثَّقه آخَرون.

و قَد رَوى عنه الكليني والمفيد و الطوسي، و أَحاديثه المَرويّة عن الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) غَيرُ قَليلة.

حَرف الشين

104 - شاذان بن الخَليل النيسابوري

هُوَ والِد الفَضل بن شاذان، عَدَّهُ الشيخُ الطوسى (فى رجالِه) مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَه مُؤلّفات عَديدة قَيّمة، كانَ عالِماً فاضِلاً فَقيهاً، عظيمَ الشَان، جَليل القَدر.

ص: 302

105 - شاذويه بن الحُسَين

هُوَ شاذويه بن الحُسَين (أو : ابن الحَسَن) بن داود القُمّي.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

حَرف الصاد

106 - صالح بن حمّاد الرازي

يُكنّى : أبا حمّاد و أبا الخير، كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي والإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ) و لَه مؤلفات فى خُطب أمير المُؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) و «نوادر» و قَد رُويَتْ عنه أَحاديث عَديدة.

107 - صالح بن عَطيّة الأصحب

لا يُوجد هذا الإسم في كُتُب الرجال، وإنّما يُوجد : صالح بن علي بن عطيّة الأضخم، في أَصحاب الإمام

ص: 303

الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) لكن جاءَ في بَعض كُتُب الحَديث.. خَبر مرويّ عن صالح بن عَطيّة الأصحَب، عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَلَعَلَّه أدرك الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً. وإليك الخبر المَرويّ عَنْه :

رُوي عَن صالح بن عطيّة الأصحب أنَّه قال :

حَجَجْتُ فَشَكوتُ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) الوَحْدة، فَقال : «إنَّك لا تَخرُج مِن الحَرَمَ حتّى تَشْتَري جاريَة تُرزق منها إبناً».

فَقُلْتُ : تَسِير ؟ (1)

قال : «نَعَم»، و ركب إلى النَخّاس (2)، و كَبَت [ أي : أشارَ ] إلى جاريَةٍ وقال : إشتَرِها، فاشتريتُها فَولَدَتْ مُحَمّداً إبني. (3)

ص: 304


1- و في نُسْخَةٍ : تُشير إليَّ ؟
2- النخّاس : بائع العَبيد و الإماء.
3- كتاب «بحار الأنوار» ج 50، ص 43، باب «معجزاته (عَلَيهِ السَّلَامُ)»، حَديث 9.

و قَد رُوي هذا الحَديث بصورة أخرى، والنَتيجة واحِدة.

108 - صالح بن مُحَمّد الهمداني

كانَ مِنَ الثقاة و مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و وكيلاً للإمام المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

109 - صالح بن مُحَمّد بن سهل

كانَ مُتَولياً للأوقاف في مَدينة قُم. وقَد ذكرنا لِقاءَه بالإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في فَصل «الإمام الجَواد يُجيب على المسائل الفِقهيّة.. أحكام الوقف» مِن هذا الكتاب.

110 - الصَباح بن محارب

كان مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقَد ذكرنا حَديثه عن الإمام الجَواد.. في فَصل «الإمام الجَواد وعلمِ الطِب».

ص: 305

111 - صَفوان بن يحيى

أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

البجلّي، السابري، كانَ مِن أَصحاب الإمام الكاظِم و مِنْ وكلاء الإمام الرضا، و أدرك الإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) و كانَ وكيلاً لَه أيضاً، وصَنَّف ثلاثين كتاباً، في الوضوء والصَلاة والصَوم والحَجّ والزكاة، والنِكاح والطلاق، و الفَرائض و الوَصايا، والبَيع والشراء، والعِتْق والتَدبير، و البِشارات، و غَيرها.

و كانَ اَوثَقَ اهل زَمانه عِنْدَ أَصحاب الحَديث و اَعبدَهَم، و كانَ يُصَلّي كُلَّ يَوم مائة و خَمسين ركعة ويَصُوم في السنة ثَلاثة أشُهر، و يُخرِج زَكاة ماله في كُلِّ سَنَة ثَلاثَ مَرَّات.

و السَبَبُ في ذلك : أنَّه اشتَرك هُوَ و عبد اللّه بن جندب و علي بنُ النُعمان.. في بَيتِ اللّه، فتَعاقدوا جَميعاً : إن مات واحِد مِنْهُم.. يُصَلِّي مَنْ بَقِيَ بَعْدَه صَلاته، ويَصُومُ عَنْه، ويَحِجّ عنه، ويُزكّي عَنْه ما دامَ حَيّاً.

فماتَ صاحباه (عبد اللّه و علي) وبَقِي صَفوان

ص: 306

بَعْدَهُما، وكانَ يَفي لَهُما بذلك، و كانَ يُصَلِّي عنهما (الفَرائض والنوافل) ويُزكّي عنهما، ويَصُومُ عنهما، ويَحِجّ عنهما. وكانَ يَفعَل نيابةً عنهما.. كُلَّ ما يَفعَلُه لنَفْسِه.. مِنْ أعمال الخَير و البِرّ.

و قَد رَوى صَفوان.. عن أربعين رَجُلاً مِن أَصحاب الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكانت لَه مَنْزلة و مَكانة عنْدَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وتُوفي صَفوان بالمَدينة، و بَعَثَ إليه الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) بحَنوطه و كَفَنه (1)، و أمَرَ (عَلَيهِ السَّلَامُ) إسماعيلَ بن مُوسى الكاظِم (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالصَلاة على جَنازته.

رَوى علي بن الحُسَين بن داود القُمّي، قال : سَمِعْتُ أبا جعفر [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُذكر صَفوان بن

ص: 307


1- الحَنُوط : بُودرة ذات رائحة طيّبة، وتُسَمّى أيضاً ب_«الكافور»، يَجب وَضع مِقدار مِنْها على الأعضاء السبعة الّتي كانَ الميّت يَضَعُها على الأرض في حال السُجود ويَكون هذا.. بَعْدَ الفراغ مِنْ تَغسيل الميت. بالكيفيّة الواجِبَة شَرعاً. المُحقّق.

يحيى و مُحَمّد بن سنان و قال : «رَضِيَ اللّه عَنْهُما بِرِضايَ عَنْهُما، فَما خالفاني قَطّ» (1).

112 - الصقر بن دُلف - أو أَبي دلف -

عَدَّه عُلَماء الرجال مِن أَصحاب الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ). لكن رَوَى الشيخ الصدوق.. في كتاب «إكمال الدين» حَديثاً يَدلُّ على أنَّه كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً. وقَد ذكرنا الحَديث.. في فَصل «الإمام الجَواد يُخبر عن الإمام بَعْدَه».

حَرف العين

113 - عبّاس بن عُمَر الهمداني

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 308


1- کتاب «رجال الكشّي» ص 502، الجزء 6، حَديث 963.

114 - عبّاس بن مَعْروف القُمّي

ذكرَه الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

و في كتاب «تَهذيب الأحكام» رواية تدلُّ على أنّه كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً. وقَد ذكرنا الرِواية في فصل «الإمام الجَواد يُجيب على المسائل الفِقهيّة.. أحكام الإرث».

115 - عبد الجبّار بن المُبارك النهاوندي

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و لَه حَديث مَعَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذكرناه في فصل «الإمام الجَواد يُجيب على المسائل الفِقهيّة.. أحكام العِتق و الولاء».

116 - عبد الحميد بن سالم العَطّار

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الصادق والإمام الكاظِم (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ويُسَتفاد من الحَديث

ص: 309

الَّذِي رواه مُحَمّد بن إسماعيل بن بزيع.. أنّ عبد الحَميد كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً. وقَد ذكرنا الحَديث في فصل «الإمام الجَواد يُجيب على المَسائل الفِقهيّة، أحكام الوَصيّة».

117 - عَبد الرَحمن بن أبي نَجران

هُوَ : عبد الرحمن بن أبي نَجران التميم الكوفي. كانَ مِنْ الثِقاة المُعتَمَدين عِنْد الشيعة، و كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و لَه مُؤلّفات عديدة في القضايا، والمَطعَم، و المَشْرَب، و النَوادر.

118 - عَبد الرزّاق بن همام

هُوَ : عَبد الرزّاق بن همام اليَماني، الصَنعاني، مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و عَدَّه البَرقى مِن أَصحاب الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) و ماتَ سَنَة 211 ه_، و معنى ذلك أنَّه أدركَ زَمانَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 310

119 - عَبد السلام بن صالح الهَرَوي

كُنْيَتُه : ابو الصَلْت.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانَ ثِقَةٌ، صَحيح الحَديث، شَديد التشيُّع، و تَجِدُ أنَّ أعداء أهلِ البَيت.. يُضَعْفُونَه بِسَبَبٍ تَشيُّعه و حُبِّه لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ).

و قَد رَوَى الرَجُل أَحاديث كثيرة في معجزات الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و لَه كتاب «وفاة الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

120 - عَبد العَزيز بن المُهْتَدِي الأَشعَري القُمّي

كانَ وكيلاً للإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانَ من الصُلَحاء.

و قَد روى الكشّي بِسَنَدِه عن الفَضل بن شاذان، قال : ما رأيتُ قُمِيّاً يَشبَهُهُ في زَمَانِه (1).

ص: 311


1- کتاب «رجال الكشّي» ص 506، الجزء 6، حَديث 974.

و رُوي عن الفضل أيضاً، عن عبد العزيز المُهتَدي قال : كتُبْتُ إليه [ أي : للإمام الجَواد ] :

إنَّ لَك معى شيئاً فَمُرني بأمرِك فيه إلى مَنْ أَدفَعُه ؟ فَكتب إليَّ : قَبَضْتُ ما في هذه الرُقعة، والحَمدُ للّه، وغَفَرَ اللّه ذنبك، ورَحِمَنا و إياك، ورَضِي عَنْك بِرضاي عنكَ (1).

121 - عَبدالعَزيز بن يَحيى الجلودي

هُوَ : عبدالعزيز بن يحيى الجلودي، الأَزدي البصري. يُكنّى: أبا أحمَد. شيخُ البَصرة، عَدَّه النَجاشي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) لَه حوالي ماِئة وتِسعين مُؤلّفاً، في شتّى المَواضيع والفُنون، ولكِنْ تِلْكَ المُؤلفات - و مَعَ الأسف - لا يوجَد مِنها أثَر.

ص: 312


1- کتاب «رجال الكشّي» ص 506، الجزء 6، حَديث 976.

122 - عبد العظيم الحَسَني

عبد العظيم بن عبد اللّه بن علي بن الحسن بن زيد ابن الإمام الحسن بن الإمام علي بن ابي طالِب (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ويُلَقَّب بالحَسَني.. باعتِبار انتِسابه إلى الإمام الحَسَن المُجتَبى (عَلَيهِ السَّلَامُ) و يُلَقَّب - أيضاً – ب_«الرازي» نسبة إلى مَدينة الري، حَيث إنَّه سَكن في مَدينة الرّيّ. وهُوَ المَعروف في زَماننِا ب_(الشاه عبد العظيم) و قَبْرُه في الرَيِّ، جُنوبَ طهران.. في ايران.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و المَشهور أنَّه تُوفّي زمن الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و كانَ جَليلَ القَدْر، عَظيمَ الشَان، عابداً ورعاً، ويروي أَحاديث كثيرة عن الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و أَحاديثه المَرويَّة عن الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) - بِلا واسطة و مَعَ الواسطة - بَلَغَتْ تِسعاً وسبعين حَديثاً، وهِيَ مَذكورة في كُتُب الحَديث. ولَه كتاب «خُطب أمير المُؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

و رَوى البَرقي ما مُلَخَصُه : إنّ عَبد العَظيم الحَسَني

ص: 313

ورَد مَدينة «الرّيّ» هارباً من السُلطان - الَّذِي كانَ يُلاحق العلويّين ويَقتُلُهُم - وسَكنَ سَرباً في دار رَجُلٍ مِن الشيعة (1) في سِكّة الموالي (2) فَكانَ يَعبُدُ اللّه هُناك، ويَصُومُ نَهاره و يَقومُ لَيلَه

و كانَ يَخرُج - مُسْتَتِراً - فَيَزور قَبراً كانَ قَريباً مِنْه، ويَقول : هُوَ قَبْر رَجُلٍ مِنْ وُلد الإمام مُوسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

ثمَّ صارَ قَبْرُ عَبد العَظيم - فيما بَعد - مُقابِل ذلك القَبْر الَّذِي كانَ يَزورُه.

و لَمْ يَزل ساكناً في ذلك السرداب، مُخْتَفِياً عن السُلطان، وانتَشَرَ خَبَرُهُ بَين الشيعة، الواحد بَعْدَ الآخر، فكانوا يأتون إليه، ويَستَمِعُونَ إِلى حَديثه.

و في لَيلةٍ من اللَيالي.. رأى رَجُل من الشيعة - في المنام - رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال لَه :

ص: 314


1- السَرَّب : السِرداب و هُوَ بِناء تحَت الأرض، يُستفاد مِنه - غالباً - في الصَيف، نظراً لِبُرودته.
2- السِكّة : الزقاق الواسعِ، الطريق .

«إِنَّ رَجُلاً مِنْ وُلدي يُحْمَل مِنْ سكّة الموالي ويُدفَن عِنْدَ شَجَرة التُفّاح في مَزرعة عَبد الجبّار بن عبد الوهاب». وأشارَ إلى المَكان الَّذِي دُفِن فيه عَبد العَظيم فيما بَعد.

و انتَبَة الرَجُل مِن نومه، و ذهَب إلى صاحب المَزرعة لِيَشتَريها مِنْهُ، فَقالَ لَه صاحِبُها : لأَيِّ شيء تَطلب الشَجَرة ومَكانَها ؟

فَحَدَّثه بالرؤيا، فَأَخبره صاحِبُ المَزرعة بانَّه أيضاً سَبَقَ اَنْ رأى مِثْلَ هذه الرؤيا، وأنّه قَد جَعَلَ المَزرعة - بكاملها - وقفاً شرعيّاً لِعَبد العَظيم و الشيعة، كي يُدفنوا فيها.

فَمَرِضَ عبد العظيم و مَات (رَحْمَةُ اللّه عليه) فَلَمّا مُرِّدَ لِيُغَسَّل.. وُجِدَ في جَيبِه رقعة قَد كتب فيها نَسَبه، فإذا فيها : «أنا أبو القاسم عبد العَظيم بن عَبداللّه...».

كانت هذه لَمحة خاطفة جِدّاً عن حَياة السيّد عَبد العَظيم الحَسَني (رَحِمَهُ اللّه). وقَد ذَكرنا كَثيراً من الأَحاديث الّتي رَواها عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في فُصول هذا الكتاب.. عِنْدَ المُناسَبة.

ص: 315

123 - عبد اللّه بن أيوب

هُوَ : عبداللّه بن ايُّوب الخريبي، أو الجزّيني الشاعِر، ذكرَه ابنُ عيّاش في كتاب «مُقتَصَب الأثر» ص 54، قال : «كان مُنقَطعاً إلى الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) و أنّه رثاه، و قالَ - يُخاطب إبنه أبا جعفر مُحَمّد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بَعْدَ وفاة أبيه الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)...»

وقد ذكرنا شعرَه.. في فصل «الإمام الجَواد و شعراء الشيعة» مِن هذا الكتاب.

124 - عبد اللّه بن خداش البصري

هُوَ : عبد اللّه بن خداش البصري، أَو ابن خراش. كُنْيَتُه : أبو خداش. عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الصادق و الإمام الكاظِم والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ). ُ

ص: 316


1- مُنقطعاً: يُقال : إنقَطَعَ إليه، أي : إنفَرَدَ بِصُحْبَ خاصّة. كتاب «اقرب الموارد» للشرتوني.

125 - عبد اللّه بن رزين الأَشعَري

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

رَوى الحُسَين بن مُحَمّد الأَشعَري، قال : حَدَّثني شيخٌ مِن أَصحابنا يُقالُ لَه : عبداللّه بن رزين، قال : كُنْتُ مُجاوِراً بالمَدينة - مَدينة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) - و كانَ أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَجيء في كُلِّ يَوم مَعَ الزَوال إلى المَسجِد...» إلى آخر الحَديث (1).

و مُلَخَّص الحَديث : أنّ عبد اللّه بنَ رزين حاوَلَ - مرات عديدة - آنْ يَأخُذ التُراب مِنْ تَحتِ قَدَم الإمام الجَواد للبَركة، ولكنَّ مُحاولاته كانَت تَبوء بالفَشَل، مِمّا يَدلُّ على أنَّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَرفَ قَصْدَ الرَجُل و اطَّلَعَ على نِيَّتِهِ، فَجَعَلَ لا يَمْشي في الأرض بَلْ يَدخُل المَسجِد راكباً دابَّتهَ، ويَخْرُج راكباً.

ولَعَلَّ السَبَب في ذلك هُوَ : اَنّ الإمام الجَواد

ص: 317


1- کتاب «الكافي» للشيخ الكليني، ج 1، ص 493، کتاب الحُجّة، باب مَولد أبي جعفر مُحَمّد بن علي الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حَديث 2.

(عَلَيهِ السَّلَامُ) اَرادَ أَنْ يُحافظ على حياة هذا الرَجُل، إِذْ اَنّ جَواسِيس السُلطة كانوا بِالمرصاد لِكُلِّ مَنْ يَتَعاطف مَعَ أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ). و إلّا فَأَخذ التُراب من تَحْتِ اقدام اولياء اللّه - للتبرك - لا مانِعَ مِنْه شَرعاً.

126 - عبد اللّه بن الصَلت القُمّي

كُنْيَتُه : ابو طالِب.

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)

127 - عبد اللّه بن عُثمان

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقَد ذكرنا حَديثه عن الإمام.. في فَصل «الإمام الجَواد و عِلم الطِب».

ص: 318

128 - عبد اللّه بن مُحَمّد بن حصين

الحصيني، أو الحضيني أَو الحصيبي الأَهوازي، عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانَ ثقة، و لَه رواية عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

129 - عبد اللّه بن مُحَمّد بن حمّاد الرازي

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

130 - عبد اللّه بن مُحَمّد بن سَهل بن داود

عَدَّه الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 319

131 - عبد اللّه بن مُحَمّد الرازي

هُوَ: عبد اللّه بن مُحَمّد الرازي، أو عُبَيد اللّه بن مُحَمّد الرازي، عَدَّه الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقَد ذكرنا حَديثه في فَصْل «الإمام الجَواد يُجيب على المَسائل الفِقهيَّة، أحكام الأطعِمة والأشربَة».

132 - عبد اللّه بن المُغَيرة البَجَلّي

يُكنّى أبا مُحَمّد، كوفي، ثِقَةٌ ثقَة، لا يُعْدَلُ به أحَد، مِنْ جَلالته و دِینه و وِرعِه، وعَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الكاظِم و الإمام الرضا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ). لَه مُؤلّفات عَديدة في الفِقه، ووَرَدَ إسمه في اسناد كثيرٍ من الروايات.. تبلُغُ خَمسمِائة و وَاحداً و عِشرين مَورداً.

وقد ذكر الشيخُ المُفيد في كتاب «الإختِصاص» رِوايةً عَن عبد اللّه بن المُغيرة عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ما يَدلُّ على أنَّه أدرك الإمام الجَواد أيضاً، وإليك نَصَّ الرِواية :

ص: 320

«عن عبد اللّه بن المغيرة، عن أبي جعفر مُحَمّد بن علي.. الثَاني (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) أنَّه سَمِعَه يَقول : «عَلَمَ رَسولُ اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) عَليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) ألفَ كلمة.. كُلّ كلمةٍ يفتح ألف كلمة». (1)

أقول: هكذا وَجَدْنا الحَديث، ولعَلَّ فيه سِقطاً، وهُوَ كلمة «مِنْها» أي : يُفْتَحُ مِنْها الف كلمة، أو «تُفْتَحُ» بَدَل «يُفتح»، و اللّه العالم.

133 - عبد اللّه بن مُوسى بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ)

هُوَ عَمَّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقَد ذكرنا خَبره مَعَ الإمام.. في فَصل «الإمام الجَواد و علم الفِقه».

134 - عبدوس بن ابراهيم البغدادي

لَمْ يَذكُر عُلَماءُ عِلم الرجال.. تفاصيل عن هذا

ص: 321


1- كتاب «الإختصاص» للشيخ المفيد، باب «عَلَمَ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) عليّاً (عَلَيهِ السَّلَامُ) ألف باب».

الرّجُل.. سِوى مِن ناحِية التَوثيق، ولَمْ يَذكُروه مِنْ أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و إنَّما يَروي مرفوعاً عن الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) و هذا لا يَدلُّ على أنَّه كانَ مِن أَصحابه. وذكر الشيخ الطوسي : عبدوس العَطّار مِن أَصحاب الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فمِن المُمْكِن إتّحادهُ مَعَ عبدوس بن ابراهيم البغدادي.

و على كُلِّ حال، فَقَد رَوَى عبدوس.. عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِمّا يَدلُّ على أنَّه قَد رآه. و في كتاب «بحار الأنوار» عن كتاب «تَهذيب الأحكام» بسَنَده عن عبدوس ابن ابراهیم قال : رأيتُ أبا جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد خَرَجَ مِن الحَمام، وهُوَ مِنْ قَرنِه إِلى قَدَمِهِ مِثْلُ الوَرْد، مِنْ أثر الحِنّاء (1).

135 - عُثمان بن سعيد

هُوَ : عُثمان بن سعيد العمري، السمّان، الزيّات،

ص: 322


1- کتاب «بحار الأنوار»، ج 50، ص 95، باب فضائله و مکارم أخلاقه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، حَديث 8.

عَدَّهُ الشيخُ الطوسي و ابنُ شَهر آشوب مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ).

و قَد ذكرنا بَعض التفاصيل عنه في كتابنا «الإمام المَهدي مِن المَهْد إلى الظهور» وسَوفَ نَذكره بالتَفصيل في كتاب «الإمام الهادي» إن شاءَ اللّه تَعالى.

136 - عُثمان بن عيسى

العامِري، الكلابي، كانَ مِن أَصحاب الإمام الكاظِم و الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) و هُوَ الَّذِي يَرْوِي خَبَر عبد اللّه - أو عُبيد اللّه - الرازي عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقَد ذكرنا الخَبَر في فَصل «الإمام الجَواد يُجيب على المسائل الفِقهيّة، أحكام الأطعِمة والأشرِبة».

137 - علي بن أبي قرّة

أبو الحَسَن، عَدَّهُ الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام

ص: 323

الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ). لَه كتاب «عَمَلُ شَهر رمضان» يَنْقُلُ عنه السيد ابن طاووس في كتاب «الإقبال» حَديثاً يرويه علي.. عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

138 - علي بن اسباط الكِندي الكوفي

كانَ فَطَحيّاً (1) معاصراً للإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ثُمَّ اهْتَدى على يد الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان ثِقَة و صادق اللّهجة، يُعتمد على روايته، ذكرنا خَبَر لِقائه بالإمام الجَواد.. في فصل «لا مدخليّة للعُمر في النُبوّة والإمامة».

139 - علي بن بلال البَغدادي

عَدَّهُ الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد

ص: 324


1- الفَطَحي: هُوَ الَّذِي يَقول بإمامة الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) و مِنْ بَعْدِه بإمامة إبنه عبد اللّه الاَفطَح، لا الإمام موسیٰ بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و الإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ) و لَه مُراسَلَة مَعَ الإمام العَسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) سَوف نَذكرها في كتابنا «الإمام الحسن العَسكري مِن المَهْد إلى اللَحْد» إن شاءَ اللّه تَعالى.

140 - علي بن جرير

ليس لَه ذِكر في كُتُب الرجال الموجودة عِندي، و يوجَد إسم : علي بن حديد، فلَعَلَهُ هُوَ، وجاءَ الإشتباه مِنْ أقلام النسّاخ. وقَد ذكرنا الحَديث المَرويّ عَنْه في فَصل «الإمام الجَواد و إخباراته الغيبيّة، تحتَ عُنوان الإمام يُخْبِر عن مَكان الشاة المَفْقودة».

141 - علي بن حديد بن حكيم المَدائني

عَدَّهُ الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) يُقال : إنَّه كانَ ضعيفاً لا يُعتَمَدَ على ما يَنْفَرِد بِنَقْلِه مِن الأَحاديث، واللّه العالِم.

ص: 325

142 - علي بن الإمام جعفر الصادق (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)

هُوَ إبن الإمام الصادق، و أخو الإمام الكاظِم، و عَمُّ الإمام الرضا، وعَمُّ والد الإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) وقيل : إنَّه أدرك الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً.

أدرك أربعة أو خمسة من الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) و تَجاوزَ عُمْرُه المائة سَنَة. سَكنَ العُريض (1) و دُفِنَ فيه، ولهذا لقِّب بالعُريضي، وكذلك أولاده عُرفوا بهذا اللَقَب. وقيل : مات في مَدينة «قُم» في ايران ودُفن فيها. ولكنَّ هذا القول.. غيرُ ثابِت.

و كانَ ثِقَة، جَليل القَدْر، حَسَن العقيدة، خاضِعاً للحق، مُخالِفاً لِهَواه، يَحْمِلُ نَفْسيَّةً طَيِّبةً، بَعيداً عن الكبرياء والتَجَبُّر، شَدِيدَ الوَرَعَ، كثير الفضل، ويَظهَرُ ما تقول.. حين التامُّل و التدبُّر في الأخبار التالية :

روى الكشّي بِسَنَدِه، عن علي بن جعفر، قال :

ص: 326


1- العُريض : نَاحِية في ضوَاحي المَدينة المُنوَّرة.

قال لي رَجُلٌ - أحسبه من الواقفة [ أي : الواقفيَّة ] - : ما فَعَلَ أخوك أبو الحَسَن [ أي : مُوسى بن جعفر ]؟

قلتُ : قَدمات.

قال: وما يُدريك بذاك ؟ [ أي : كيفَ ثَبَت مَوتُه عِنْدك]؟

قلت : إقتُسِمَتْ أمواله، وأنكِحَت نساؤه، ونَطَقَ الناطِقُ مِنْ بَعْدِهِ [ أي : قام الإمام الَّذِي بَعْدَه ].

قال : ومَن الناطق مِنْ بَعْدِهِ ؟

قلتُ : ابنه علي [ أي : الإمام الرضا ].

قال : فَما فَعَل ؟

قلت لَه : مات.

قال : وما يدريك أنّه مات ؟

قلتُ : قُسِّمَتْ أمواله، ونُكِحَتْ نساؤه، ونَطَقَ الناطِقُ مِنْ بَعْدِهِ.

قال : ومن الناطق مِنْ بَعْده ؟

ص: 327

قلتُ : أبو جعفر.. إبنُه [ أي : الإمام الجَواد ].

فقال لي : أنت في سنِّك و قَدرك، وابنُ جعفر بن مُحَمّد، تقول هذا القول في هذا الغُلام ؟!

قلتُ : ما اَراكَ إلَّا شيطانا !!

ثُمَّ أَخَذَ [ عليُّ بن جعفر] ابلِحْيَتِه فرفَعَها إلى السَماء ثُمّ قال : «فَما حِيلَتي إنْ كانَ اللّه رآه [ أي : الإمام الجَواد ] أهْلاً لهذا، ولَمْ يَرَ هذه الشيبة لهذا أهلاً» (1).

***

و رُوي َعن الحسن بن مُوسى بن جعفر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) إنَّه قال :

كنتُ عِنْدَ أبي جعفر [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالمَدينة و عِنْدَه علي بن جعفر، و أَعرابي من أهل المَدينة جالس، فقال الأعرابي : مَنْ هذا الفتى ؟ و أشارَ بِيَدِهِ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

قلتُ : هذا وَصُّي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ).

ص: 328


1- کتاب «رجال الكشّي» ص 429، الجزء الخامس، حَديث 803.

فقال : يا سُبْحانَ اللّه ! رسولُ اللّه قَد ماتَ مُنْذُ مائتَي سَنَة و كذا وكذا سَنَة، وهذا حدث، كيفَ يَكون هذا ؟

قلتُ: هذا وصيّ عليّ بن موسى، وعلي : وصيّ موسیٰ بن جعفر، وموسى: وَصّي جعفر بن مُحَمّد وجعفر: وَصيَّ مُحَمّد بن عليّ، و مُحَمّد : وَصيّ عليّ بن الحُسَين، و عليّ بن الحسين : وصيّ الحُسَين والحُسَين : وَصيَّ الحَسَن، والحَسَن : وصيّ عليّ بن أبي طالِب (عَلَيهِ السَّلَامُ) و علي : وَصيّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ).

قالَ [ الحسن بن مُوسى ] : و دنى الطَبيب ليقطع لَه العِرْق (1) فقامَ عليُّ بنُ جعفر فقال: يا سيّدي يَبدأ بي، ليَكون حِدَّةُ الحديد فيَّ قبلك.

قلتُ : يُهنؤك، هذا عَمُّ أبيه.

فقَطعَ لَه العِرْق.

ثُمّ آراد آبو جعفر (علیه السلام) النُّهوض، فقامَ

ص: 329


1- أي : لِيَفْصِدَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

عليُّ بن جعفر.. فسَوّى لَه نَعْلَيه حتّى لَبِسَهُما (1).

***

و رُوي عن مُحَمّد بن الحَسَن بن عمّار، قال : كُنتُ عندَ على بن جعفر بن مُحَمّد جالساً بالمَدينة، و كنت اقمتُ عِنْدَه سَنَتَين اكتب عَنْه ما يَسْمَع مِنْ أخيه (2) - يعني أبا الحَسَن [ الكاظِم ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) - إذ دخل عليه أبو جعفر مُحَمّد بن علي الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) المَسجِد - مَسجِد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) - فوثَبَ علي بن جعفر بلا حِذاء و لا رِداء، فقَبَّلَ يَدَه وعَظَّمَه.

فقال لَه أبو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا عَمّ إجلِس، رَحِمَكَ اللّه.

فقال : يا سيّدي كيفَ أجلس و أنتَ قائم ؟!

فلَمّا رَجَعَ علي بن جعفر إلى مَجْلِسِه [ أي : إلى مكانه الَّذِي كانَ جالساً فيه ] جَعَلَ أَصحابه يُوَبِّخُونَه

ص: 330


1- كتاب «رجال الكشّي» ص 429، الجزء الخامس، حَديث 804.
2- لعلّ الصحيح : ما كانَ يَسْمَعُهُ مِنْ أخيه. المُحقّق.

و يقولون : أنت عَمُّ أبيه و أنتَ تَفعَل به هذا الفعل ؟!

فقال : أسكُتوا، إذا كانَ اللّه [ وقَبَضَ على لِحْيَتِه ] لَمْ يُؤهِّل هذه الشَيبة، وأهَّلَ هذا الفَتى ووَضَعَه حَيث وَضَعَه.. أنكِر فَضْلَه ؟!

نَعُوذُ بِاللّه مِمّا تَقولون.

بَلْ أَنَا لَه عَبْد !! (1).

أقول : و رَوَى عليُّ بنُ جعفر أَحاديث كثيرة.. عن أبیه و أخيه و ابن أخيه و الإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) و منها حَديث القافة، و لا داعِيَ لذِكرِه.

143 - علي بن حسان الواسطي

القصير المعروف ب_«المُنمِّس»، كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و عاش اكثَر

ص: 331


1- كتاب «الكافي» ج 1، ص 322، كتاب الحُجّة، باب «الإشارة و النّص على أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ)»، حَدیث 12.

مِن مائة سَنَة، وأكثَرُ رواياته عن الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقَد ذكرنا بَعض رواياته عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في المَواضِع المُناسبة.. في كتابنا هذا.

144 - علي بن الحسين بن داود القُمّي

رَوى عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما في كتاب «الجامع في الرجال» للزنجاني.

145 - علي بن الحُسَين

هُوَ : علي بن الحُسَين بن علي بن عمر بن علي بن الحُسَين بن علي بن ابي طالِب (عَلَيهِم السَّلَامُ).

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 332

146 - علي بن الحُسَين الهمَداني

عَدَّهُ العلّامة الحلي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

147 - علي بن الحَكم

عَدَّه الشيخ ُالطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويُوجَد في كُتُب عِلم الرجال : علي بن الحكم الأَنباري و علي بن الحَكم بن الزُبير النَّخَعي، و المُحتَمَل اَنَّ كِلاهُما إسم لِرَجُلٍ واحد، واللّه العالم.

148 - علي بن خالِد

قال الشيخ المفيد في كتاب «الإرشاد» : إنَّه كانَ زيديّاً، ثُمّ قال بالإمام [ أي : الإمام الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) وحَسُنَ إعتقاده لأمرٍ شاهَدَه مِن كرامات أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 333

149 - علي بن سُليمان

أَو : علي بن مُحَمّد بن سُليمان النوفلي، كانَ من أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

150 - علي بن سَيف النَخَعي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) و يُحتَمَل اَنْ يَكون مِن أَصحاب الإمام الجَواد.. أيضاً، لأنَّه يَرْوِي حَديثاً يَرتبط بالإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قَد ذكرنا حَديثه في فصل «لا مَدْخليَّة لمقدار العُمر في النُبُوّة والإمامة».

151 - علي بن عاصِم الكوفي

كان مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام العَسكري (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانَ شيخ الشيعة في وقتِه، و كانَ عِنْدَه مائة ألفَ حَديث، وعاشَ أكثَر مِنْ تِسْعين سَنَة.

ص: 334

ومات في حَبْس المُعتَضِد العبّاسي، وكانَ هُوَ وجَماعة مِن أَصحابه.. قَد حُمِلَ من الكوفة، فَحُبِسوا في المَطامير (1) فَمات على سبيل ماء، وأطلق سِراحُ الباقين.

و في كتاب «تَنْقيح المَقال» عن كتاب «أَمان الأخطار» :إنّ علي بن عاصِم الزاهد كانَ يَزورُ الحُسَين (عَلَيهِ السَّلَامُ) - قَبْلَ عِمارة مَشْهَده - بالناس [أي : مَعَ الناس ] فَدَخَلَ سَبْع [ أي : أسَد ] إليه، فَلَمْ يَهرب منه، و رأى كف السبع مُنْتَفِحَة [أي : مُتَورّمة] بِقَصَبة قَد دَخَلَتْ فيها [ أي : في كفّه ] فأخرج القصبة مِنْه، وعَصَرَ كفَّ السَبع، وشَدَّه بِعِمامته، ولَمْ يَقِف مِن الزُوّار لذلك سِواه (2).

ص: 335


1- المَطامير - جَمْع مَطْمُورة - : الحفيرة تَحْتَ الأرض تُخبَا فيها الحبوب ونحوها، وقَد تُتَّخَذ سجناً.
2- أي : خَافَ الناس وانهَزَموا.. سِوى علي بن عاصِم.

152 - علي بن عبد اللّه القُمّي العَطّار

عَدَّه الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقالَ عَنْهُ النَجاشي : ثِقَة مِن أَصحابنا.

153 - علي بن عبد اللّه المَدائني

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

154 - علي بن عبد المَلِك القُمّي

ذكره البَرقي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

155 - علي بن مُحَمّد بن شيرة القاشاني

كانَ فَقيهاً، مُكْثِراً من الحَديث، فاضِلاً، عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ويُقال : إنّ هُناك رَجُلين : أَحَدُهما

ص: 336

علي بن مُحَمّد بن شيرة، وهُوَ ثِقَة في الحَديث، و الثاني علي بن مُحَمّد القاساني - مُعَرَّب (الكاشاني) - وهُوَ ضَعيف.

و قَد وردت أَحاديث عن هذَين الإسمَين، واللّه العالِم بِحَقيقة الحال.

156 - علي بن مُحَمّد القلانسي

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

157 - علي بن مُحَمّد العلوي

حَسَني أو حُسَيني، عَدَّه الشيخ الطوسي مِنْ أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 337

158 - علي بن مُحَمّد

هُوَ: علي بن مُحَمّد بن هارون بن الحسن بن مَحْبوب، مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذكرَه ابن شهر آشوب في المَناقِب ج 4، باب إمامة أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ).

159 - علي بن مهران

كتَبَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) رسالة إليه.. يُعَزّيه بِوفاة إبنِه، وقَد ذكرنا الرسالة.. في فَصل «رسائل الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

160 - علي بن مهزيار الأَهوازي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ). ويُتوهم مِن بَعض الأَحاديث أنَّه عاَش إلى الغَيبة الصغرى، وتَشَرَّفَ بِلِقاء الإمام المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ضَواحي مكّة، و لكنّ الأَصَح :

ص: 338

إنّ الَّذِي تَشَرِّف بلِقاء الإمام المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) هُوَ علي ابن ابراهيم بن مَهْزیار، لا علي بن مَهْزیار.

و على كلّ حال، فَقَد كانَ على بن مَهْزیار.. جَليل القَدْر، واسِع الرِواية، ثِقة، صَحيح الإعتقاد، وكانَ وكيلاً عن الأئمَّة الطاهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ).

اَلَّفَ ثَلاثة وثلاثين كتاباً، في الوضوء والصَلاة، والزَكاة، والصَوم، والحَجّ، والطَلاق، والحُدود والدِيات، والتَفسير، والفَضائل، والعِتق والتَدبير والتِجارات، والدَرجات، والمَلاحِم، والتَّقِيَّة، والصَيد والذَبائح، والمَكاسب، والمَثالِب، والدُعاء، والتَجَمل والمرُوَّة، والمَزار، والوَصايا، و المَواريث، و الشَهادات، وفَضائل المُؤمن و بِرّهم، والزُهد، والأَشرِبة، والنُذور، والأيَمان، والكفّارات و البِشارات، و النَوادر، والقائم، والردّ على الغُلاة.

و كانَ عليُ بن مَهْزیار على جانب عظيم من العبادة، فَقَد ذكرَ الكشّي، عن يوسف بن السخت البصري : اَنّ علي بن مَهْزیار كانَ - إذا طَلَعَت الشَمس - سَجَدَ، فكان

ص: 339

لا يَرفعَ راسه حتّى يَدعو لالفٍ مِن إخوانه بِمِثل ما دعى لنَفْسه، وكانت على جَبهَتِه سَجادة (1) مِثل ركبة البَعير.

و كانت لَه منزلة عالية عندَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و كانت لَه مُراسلة و مُكاتبة مَعَه (عَلَيهِ السَّلَامُ).

161 - علي بن ميسَّر

هُوَ : علي بن ميسَّر، أو: ميسرة. عَدَّه الشيحُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و لَه مكاتبة مَعَ الإمام، ذكرناها في فصل «الإمام الجَواد يُجيب على المسائل الفِقهيّة، أحكام الحَج».

162 - علي بن نصر

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 340


1- سَجادة : أثَر السُجود في الجَبهة.

163 - علي بن يحيى

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

164 - عُمَر بن الفَرَج الرخجي

إلتَقى بالإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وسَمِعَ حَديثه.

كان من أعداء أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) و من المُبغِضين لَهم، بِعَكس أخيه مُحَمّد بن الفَرَج الرخجي.. الَّذِي كانَ مِنْ اَجِلَّاء أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

165 - عمران بن مُحَمّد بن عمران الأَشعَري

عَدَّه الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) وتُوجَد - في كتب الحَديث - روايات تدلُّ على أنَّه أدرك الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً، وقَد ذكرنا بَعض رواياته.. في فُصُول هذا الكتاب.

ص: 341

166 - عَمْرو بن سعيد روبن

هُوَ : عَمْرو بن سعيد المَدائني، الساباطي، كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و لَه مُراسَلَة مَعَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذكرناها في فَصل «الإمام الجَواد يُجيب على المسائل الفِقهيّة، أحكام الوَصيّة».

167 - عيسى بن جعفر بن عیسیٰ

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و هُوَ الَّذِي روى عنه علي بن مَهْزیار.. حَديث الرِضاع.

168 - عيسى الجلودي

ذكرَهُ النَجاشي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 342

169 - عيسى بن المستفاد

ابو موسى، البَجَلي، الضَرير، كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

حَرف الفاء

170 - الفَضل بن شاذان النيسابوري

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي و الإمام الحَسَن العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وقيل : إنَّه كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً، وبناءاً على هذا.. يَكون الفضل قَد أدرك أربعة من الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ).

كانَ ثِقَةٌ جَليلاً فقيهاً، مُتَكلّماً، لَه شانٌ عَظيم في هذه الطائفة الشيعيَّة، وقَد صَنَّف مائة و ثمانين كتاباً.. في الفِقه والحَديث، و الرُدُود على الفرق الضالّة والطَوائفِ المُنْحَرفة، ومِنَ المُؤسِف جدّا..أنَّه لا يوجَد مِنْ مُؤلفاته إلّا الأقلّ الأندَر.

ص: 343

و سَنَذكُر بَعض ما يرتبط به في كتابنا «الإمام الحسن العَسكري مِن المَهْد إلى اللَحْد» إن شاءَ اللّه تَعالى.

171 - الفضل بن ميمون الأَزدي

كان مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قَد ذكرنا حَديثه في فَصل «الإمام الجَواد و عِلم الطِب».

حَرف القاف

172 - القاسم بن الحسين البَزنطي

عَدَّه الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

173 - القاسم بن الصيقل

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ص: 344

174 - القاسم بن عبد الرحمن

قالَ الإربلي في كتابه «كشف الغُمَّة» : إنَّه كانَ زيديّاً، وعاد إماميّاً لِمُشاهدة مُعْجِرْتَين مِنْ مَولانا الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

175 - القاسم بن المحسن

ليس لَه ذكر في كتب علم الرجال، ولكن العلّامة المَجْلِسي روى - في كتابه «بحار الأنوار» - حَديثاً يَدلُ على أنَّ القاسم.. كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قَد ذكرنا الحَديث في فصل «مُعجزات و کرامات الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

حَرف الميم

176 - مُحَمّد بن إبراهيم

هُوَ : مُحَمّد بن إبراهيم الحضيني، الأَهوازي، عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 345

و حِينَما مات مُحَمّد بن ابراهيم، قال أخوه حمدان .. للإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : إنَّ أَخي مات.

فقال : «رَحِمَ اللّه أخاك، فإنَّه كانَ مِنْ خِصِّيص شِيعَتي» (1).

177 - مُحَمّد بن أبي زيد أو يزيد الرازي

أصلُه مِن مَدينة قُم، عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِنْ أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

178 - مُحَمّد بن أبي عُمير الأَزدي

كُنْيَتُه : ابو أحمَد. و إسمُ أَبيه : زياد.

ادركَ ثلاثةً من الأئمَّة الطاهرين، وهُمْ : الإمامُ الكاظِم والإمامُ الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) و قيلَ : إنَّه أدرك - أيضاً - الإمامَ الصادق، على اختلِاف

ص: 346


1- الخصّيص: خاصّة الخاصّة. وبتعبيرٍ آخر : الصَديق المُقَرَّب جداً. المُحقّق.

بَينَ عُلَماء الرجال.. في هذا القول الأخير.

و على كُلِّ حال.. فَهُوَ شَخصيّة لامِعَة، قَلَّ اَنْ تَجِد في أَصحاب الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) لَه مَثِيلاً أو نظيراً.. في عِلمه وتَقواه، وإيمانه وعِبادته، و مُروءَتِه وصَبره على البلاء، ووَرَعِه ؛ و مِن الصّحيح أَنْ نَقول : إنَّه كانَ مِنْ نَوادِر الكون.

فَهُوَ مِنْ ناحية الحَديث والرِوايَة، ثِقة و أي ثِقَة ؟ حتّى أَنَّ بَعض عُلَماء الحَديث.. عَدُّوا مَراسيله مَسانید (1) فَهُوَ جَليلُ القَدْر عِنْدَ الشيعة وغَيرهم، و أجمَعَ الأَصحاب على تَصحيح ما يَصِحُّ عَنْه.

فَما تقول في رَجُلٍ بَلَغَتْ مُؤلّفاته القَيِّمة.. أربعة وتِسعِين كتاباً، كلها أَحاديث قَد سَمِعَها من الأئمَّة مُباشرةً، أو رُويَتْ لَه عَنْهُم ؟!

و هذه المُؤلَّفات.. في الفِقه والعَقائد، والمَلاحِم وغَيرها.

ص: 347


1- المَراسِيل - جَمْع مُرْسَل - هِيَ : الأَحاديث المَحذوفة السَنَد، و المَسانيد - جَمْعَ مُسْنَد - هِيَ : الأَحاديث المذكورة السَنَد.

ولكِنْ.. ماذا كانَ مَصِيرُ تِلك الكتب.. الّتي كانت كُنوزاً للعلوم و المعارف ؟!

لقَد حَبَسَه الطاغِية هارون العبّاسي، وقيل : بَلْ حَبَسَه المامون.. بَعْدَ وفاة الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) و صادَر أموالَه.

واختُلِفَ في سبب ذلك، فقيل : إِنَّ هارون عَرضَ عليه القَضاء فأبى، فَحَبَسَه.

وقيلَ : حَبَسَه لِيَدلُّ على مَواضِع الشِيعة في العراق. (1)

فيُقال : إِنَّ أخته هِيَ الّتي دفنَتْ تلك الكُتُب.. خوفاً مِنْ تَحَرِّي و تَفتيش دار أخيها المَسجون !

وقيل: تركها في غُرفة، فسال عليها المَطَر، فتَلِفَتْ تلك الثَروة العلميَّة !

وقد جاءَ في التاريخ : أن إبن أبي عُمير.. حِينما

ص: 348


1- أي : أَماكن تَواجُدهِم.. أو تَعيين شخصيّاتهم وزُعمائهِم. المُحقّق.

كان فِي السِجن، ضَرَبَه اللعين السِندي بنُ شاهَك.. مائة وعشرين خَشَبَة (1) حتّى يَعْتَرف بأَسماء الشيعة في العراق، فَجَرَّدوه عن ثيابه، و عَلَقوه بَين القفازين (2) فَضَربَه مائة سوط، فاشتَدَّ بِه الألم، وكادَ أَنْ يَعْتَرف و يَذكر أسماء الشيعة، ولكنَّه سَمِعَ نِداءٌ مُحَمّد بن يونس بن عبد الرَحمن يَقول له: «يا مُحَمّد بن أبي عُمَير ! أَذْكُرْ مَوقِفَكَ بَين يَدَي اللّه تَعالى» !

فَتَقَوَّتْ عَزيمَتُه، وصَبَرَ على أَلَم التَعذيب، ولَم يُخْبِر بشيء، و أخيراً.. فَرَّجَ اللّه عَنْه.. بِأَنْ فَدى نَفْسَه بِمائة وعِشرين الف دِرهم، حتّى خَلّوا سَبيله، و اطلَقوا سِراحَه .

و أمّا عِبادته (رضوان اللّه عليه)، فَقَد رُوي فى کتاب أبي عبداللّه الشاذاني، عن الفَضل بن شاذان،

ص: 349


1- خَشَبَة : أَي عَصا.
2- القفازين : حَديدتان مُنْحَنيّتان.. تُثَبَّتان في الجدار تُربط بِهِما يَدا مَنْ يُراد تعذيبه، لكي لا يُدافع عن نَفْسِه بِيَديه. المُحقّق.

قال : دَخَلْتُ العراق، فَرأَيت واحداً يُعاتِبُ صاحِبه و يقول : أنت رَجُلٌ عليك عِيال، وتَحتاجُ أَنْ تَكْسِبَ عليهم، و ما آمَنُ عليك أنْ تَذهَبَ عَيناك لطول سُجودك.

قالَ [ الفضل ]: فَلَمّا أكثَرَ عليه [ أي : في العتاب ] قال : كثَرْتَ عَلَيَّ، وَيَحَك ! لَو ذَهَبَتْ عَينُ أَحَدٍ مِن السُجُود.. لَذَهَبَتْ عَينُ إبن أبي عُمَير.

ما ظَنُّكَ بِرَجُل يَسْجُدُ سَجدة الشكر بَعْدَ صَلاة الفَجْر.. فَما يَرفَعُ راسه إلَّا عِنْدَ الزَوال [ أي : وقت الظُهر ] ؟

***

أيُّها القارىء الكريم

و الآن.. إليك هذا الخَبَر الَّذِي رواه الشيخُ الصَدوق، عن ابراهيم بن هاشم :

إِنَّ مُحَمّد بن أبي عُمير كانَ رَجُلاً بَزّازاً (1)، فَذَهَبَ ماله و افتَقَر، و كانَ لَه عَلى رَجُلٍ عَشَرة آلاف دِرهم، فَباعَ

ص: 350


1- البَزّاز : بائع الأقمشة. المُحقّق.

الرَجُل داراً لَه كانَ يَسْكُنُها.. بِعَشرة آلاف درهم، وحَمَلَ المال إلى باِبه [ أي : باب دار ابن أبي عُمير ].

فخَرجَ إليه مُحَمّد بن أبي عُمير.. فقال: ما هذا ؟

قال : هذا مالك الَّذِي لَكَ عَلَيَّ.

قال : وَرِثْتَه ؟ (1)

قال الرَجُل : لا.

قال : وهب لك ؟

قال : لا.

قال : فَهُوَ ثَمَنُ ضَيعَة بِعْتَها ؟ قال : لا. قال : فَما هُوَ؟

قال : بعت داري الّتي أسكنها لأقضي ديني.

فقالَ مُحَمّد بنُ أَبِي عُمَير : حَدَّثني ذُريح المحاربي، عن أبي عبداللّه [ الصادق ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنّه قال : «لا يُخْرَجُ الرّجُلُ مِنْ مَسْقَط راسه بِالدَين».

ص: 351


1- أي : هَلْ وَصَلَ المالُ إليك عن طريق الإرث ؟

إرفُعها، فلا حاجة لي فيها، وإنّي - واللّه - لَمُحْتاجٌ في وقتي هذا.. إلى دِرهم، وما يَدخُلُ مِلْكي مِنْها.. دِرهَم !! (1)

***

أيُّها القارىء الكريم

إنَّ هذا الحَديث يَدلُّ على ما كانَ يمتاز به إبن أبي عُمَير مِن الإِلتِزام بالتَعاليم الشَرعيَّة، وإنَّني أعتَقد إنَّه لا يُوجَد في العالم - اليوم - مَنْ يَلْتَزم بالدين بهذه الدَرجة العَالية من الإلتِزام، ويَحْرم نَفْسَه مِن المال الَّذِي هُوَ مُحتاج إليه، مَعَ العِلم أنّ المال مالُه، ولكِنَّه لا يَقْبَل مِنْه شيئاً، لِحَديث سَمِعَه من الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنَّ المديون لا تُباع دارُه لأدَاء دِينه.

حيّا اللّه تلك المدرسة الّتي يَتَخَرَّجُ مِنْها أَمثالُ هؤلاء التَلاميذ !!

ص: 352


1- كتاب «مَنْ لا يحضره الفقيه» للشيخ الصدوق، ج 3، ص 190، كتاب المعيشة، باب الدين و القرض»، حَديث 3715.

179 - مُحَمّد بن أبي قريش

عَدَّه الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

18 - مُحَمّد بن ابي نصر

عَدَّهُ البَرقي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

181 - مُحَمّد بن أحمَد بن حماد

المَحمودي، المروزي، المروزي، عَدَّه الشيخ الطوسي مِنْ أَصحاب الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ). لكن.. يُستَفاد مِنْ بَعض الروايات الّتي ذكرها الكشّي : أنَّه أدرك الإمام الجَواد و الإمام العَسكري (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

رُوى الكشّي بسنده، عن الفَضل بن هاشِم (1) الهَرَوي، أنَّه قال :

ذُكِرَ لي كثرةُ ما يَحِجُّ المَحمودي، فَسالته عن

ص: 353


1- و في نُسْخَةٍ : الفَضل بن هشام.

مَبْلَغ حَجَاتِه، فَلَمْ يُخبرني بِمَبْلَغها، و قال : رُزقتُ خيراً كثيراً، والحَمدُ للّه.

فقُلْتُ لَه : تَحُجُّ عَنْ نَفْسِك أَو عَنْ غَيرِك ؟

فقال : عن غَيري.. بَعْدَ حَجَّة الإسلام، أحُجُّ عَنْ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) و اَجعَلُ ما آجَرَني اللّه عليه لأولياء اللّه، وأَهَبُ ما أُثابُ على ذلك.. للِمُؤمنين والمُؤمنات.

فَقُلْتُ [لَه] : ما تَقولُ في حَجَّك ؟ [ أي : كيفَ تَنْوي ؟ ]

فقال : أقول : اللّهُمّ إني أهلَلتُ لِرَسُولك مُحَمّد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) و جَعَلْتُ جَزائي مِنْك و مِنْه. لأوليائك الطاهرين (عَلَيهِم السَّلَامُ) ووَهَبْتُ ثوابي لعِبادِكَ المُؤمنين و المؤمنات بكتابك وسُنَّة نَبيّك. (1)

****

تَوضيح : «اَهلَلْتُ» أي : رفَعْتُ صَوتي بِالتَلْبِيَة

ص: 354


1- كتاب «رجال الكشّي» ص 511، الجزء السادس، حَدیث 987.

(لَبَّيك) نِيابَةٌ عَنْ رَسولِك، ورَفْعُ الصوتِ بِالتَلْبِيَة يُعتَبَر إحراماً.

182 - مُحَمّد بن أرومة القُمّي

كُنْيَتُه : أبو جعفر. إسم والده : أُرومة.. او اورمة.

كان مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ). ونَسَبَ بَعضهُمْ إليه العلم، ولكن لم يثبت ذلك، وخاصّة بَعْدَما صَدر كتاب من الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في برائته من الغُلُو.

لَه مُؤلّفات عَديدة، ومُصَنَّفات كثيرة، في الوضوء و الصَلاة، و الزَكاة والصِيام و الحَج، و النِكاح والطَلاق، و الحُدود والديّات، والشَهادات و الأَيمان، والنُذور والعِتق والتَدبير، والتِجارات و الإجارات، و المَكاسب و الصَيد والذَبائح، والمَزار و حُقوق المؤمن وفَضله، والجَنائز والخُمْس، وتَفسير القُرآن، والرَدّ على الغُلاة، والمَثالِب والمَناقِب، والتَجَمل و المروءة، والمَلاحِم والدُعاء، والتَقيَّة والوصايا، و الفَرائض،

ص: 355

و الزهد والأشربة، و كتاب «ما نَزلَ في القُرآن في أمير المُؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

183 - مُحَمّد بن إسحاق القُمّي

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قَد ازدادَ شرفاً بأن صارَ - فيما بَعْد - وكيلاً للإمام المَهدي (عَجَّلَ اللّه تَعالى فَرَجَه).

ويُوجَد في كتاب «الكافي» حَديث مُفَصَّل يرويه مُحَمّد بن إسحاق عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَولَ نَصْب الخيمة لآدم و حواء.. في مَوضع الكعبة (1).

184 - مُحَمّد بن إسماعيل بن بَزيع

كان مِن أَصحاب الإمام الكاظِم والإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) و كانَ مِن الثِقات، و لَه مُؤلِّفات في الحَجّ و ثواب الحَجّ.

ص: 356


1- کتاب «الكافي» ج 4، ص 195، باب «علة الحَرَم وكيفَ صارَ هذا المقدار»، حَديث 2.

رُوي عن الحسين بن خالد الصيرفي، قال : كُنَّا عِنْدَ الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) - و نَحْنُ جَماعة - فَذُكِرَ مُحَمّد بنُ إسماعيل بن بزيع، فقال [الإمام ] : «وَدَدْتُ اَنَّ فيكُم مثْلَه» (1).

رُويَ عن مُحَمّد بن إسماعيل بن بَزيع، قال : سالت أبا جعفر [ الجَواد ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) أَنْ يَأْمُرَ لي بِقَميص منْ قمصه، أعِدُّهُ لكفني، فَبَعَثَ بِه إِليَّ.

قلتُ : كيفَ أصنَعُ بِه جُعِلْتُ فِداك ؟

قال : «إنزع ازراره (2)» (3).

تُوفِّيَ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِن الحَج، سَنَة سِتّين ومائتين و دُفن في مكان يُقال لَه : «فيد».

ص: 357


1- کتاب «تَنْقيح المقال» للعلامة المامقاني، ج 2، ص 81 باب مُحَمّد مِنْ أبواب الميم، رقم 10393.
2- أي : حتّى يَصْلُحَ لِلكفن.
3- كتاب «رجال الكشّي» ص 564، الجزء السادس، حَديث 1065.

185 - مُحَمّد بن إسماعيل الرازي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وتُوجَد في كُتُب الأَحاديث.. روايات عديدة مَرويّة عن مُحَمّد بن إسماعيل.. من دون ذِكْر لَقَبِه، وقَد سَبَّبَ هذا.. مُشكلة عِلمِيّة.. وَقَع فيها علَماء الرجال، حَولَ مَعرفَة و تَعيين بَعض الرُواة المُسَمِّين ب_«مُحَمّد ابن إسماعيل».

186 - مُحَمّد بن حسان

الزينَبي أو الزبيبي، عَدَّه الشيخ الطوسي مِنْ أَصحاب الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

وتُوجَد في كتاب «تَهذيب الأحكام» رواية يُمكن أن تدلُّ على أنَّه سَمع الحَديث من الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً، وإليك الرِواية :

عن مُحَمّد بن حسان الرازي، عن مُحَمّد بن علي [لَعَلَّه

ص: 358

الإمام الجَواد ] رفَعَه (1) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ) : «مَنْ صَلَّى بالليل حَسُن وَجْهُهُ بِالنّهار !» (2).

187 - مُحَمّد بن الحسن الأَشعَري

هُوَ مُحَمّد بن الحَسَن (شنبولة) ابن أبي خالد الأَشعَري القُمّي.

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

رُوي في كتاب «الكافي» عن مُحمّد بن أبي خالد، قال : قلتُ لأبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جُعِلْتُ فداك، إِنَّ مَشايخنا رَوَوا عن أبي عبد اللّه [ الصادق ] و أبي جعفر [ الباقر ] (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانت التَقِيَّةُ شَديدة فكتموا كُتُبَهُمْ، فَلَمْ تُرْوَ عَنْهُم، فلَمَّا ماتوا صارت

ص: 359


1- رفَعَه : أي : رَوَاهُ من دون أن يَذكُرَ لَه سَنَد. و من الواضح أن الأئمَّة الطاهرين.. ليسوا بحاجة إلى ذِكْر السَنَد. المُحقّق.
2- کتاب «تَهذيب الأحكام» للشيخ الطوسي، ج 2، ص ص 119، باب 8 8 «في كيفيّة الصَلاة وصفتها و...»، حَدیث 217.

الكُتُب إلينا.

فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «حَدِّثوا بها، فإنَّها حَق ثابِت» (1).

188 - مُحَمّد بن الحَسَن بن شمون البغدادي

كُنْيَتُه : أبو جعفر. عَدَّه الشيخ الطوسي مِنْ أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ) و كانتْ لَه مُراسلات مَعَ الإمام العَسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) تدلّ على استِقامته و اعتِداله في مَذهَبِه، وقيل: كانَ واقفيّاً، فاسِدَ المَذهَب، واللّهُ العالمِ.

189 - مُحَمّد بن الحَسَن بن عَمّار

لَه رواية - في كتاب الكافي - في النصّ على الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذكرناها في أَحوال علي بن جعفر في حَرف العين.. مِن هذا الكتاب

ص: 360


1- كتاب «الكافي» ج 1، ص 53، كتاب فضل العِلم، باب رواية الكُتُب والحَديث، حَديث 15.

190 - مُحَمّد بن الحَسَن بن محبوب

عدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

191 - مُحَمّد بن الحَسَن الواسطي

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و رُوي عن الفضل بن شاذان : انّ مُحَمّد بن الحَسَن كانَ كريماً على أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1) و إن أبا الحَسَن الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أنقَذ نَفَقَتَه في مَرضِه و لكفَنِه، و آقام ماتمه عِنْدَ مَوته.

192 - مُحَمّد بن الحسين الأشعَري

هُناك حَديث رواه مُحَمّد بن الحسين الأَشعَري

عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهو مذكور في كتاب «الكافي»، وقَد ذكرناه في فصل «الإمام الجَواد يُجيب

ص: 361


1- أي : كانَ مُحترماً عِنْدَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

على المسائل الفِقهيّة، أحكام الصَلاة». لكن لا يُوجَد هذا الإسم.. في كُتُب عِلم الرجال، و احتمل صاحب كتاب «تَنْقيح المقال» أنَّه هُوَ مُحَمّد بن الحَسَن الأَشعَري، و اللّه العالم.

193 - مُحَمّد بن الحسين الزيات

هُوَ : مُحَمّد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيات الهمداني. كُنْيَتُه : أبو جعفر.

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وهُوَ مِن الثِقات، عَظيم القَدر، كثير الرِواية.

لَهُ مُؤلَّفات كثيرة، في التَوحيد والبداء، والإمامة و وَصايا الأئمَّة، والنَوادر، والرد على أهل القَدَر.

194 - مُحَمّد بن حمزة أو أبي حَمزة العَلَوي

كان مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). وقَد ذكرنا مُراسَلَته في فَصل «الإمام الجَواد يُجيب على المَسائل الفِقهيّة، أحكام الإرث» مِن هذا الكتاب.

ص: 362

195 - مُحَمّد بن خالد البَرقي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الكاظِم والإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ).

يُنْسَب إلى (برقة) و هي قرية في ضَواحي مَدينة قُم.. في ايران. لَه مُؤلَّفات كَثيرة.

وثَقَهُ بَعض عُلَماء الرجال، وضَعَفَه بَعضهم، و سَبَب التضعيف أنَّه كانَ يَروي عن أناس غَير مَوثوقين. لكن لا تجِد في أَحاديثه المَرويَّة عن الأئمَّة (مُباشرة).. ما يُنافي أو يُناقض العَقائد أو الأَحكام.

196 - مُحَمّد بن خزيمة

عدَّهُ البَرقي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

197 - مُحَمّد بن رَجاء

الحَنّاط، أو : الخَيّاط. كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

ص: 363

198 - مُحَمّد بن الرَيّان الأَشعَري

يُعْرَف ب_«مُحَمّد بن الرَيّان بن الصلت الأَشعَري القُمّي».

هُوَ مِن أَصحاب الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) و لكنّ الشيخ الكُلَيني يروي - في كتاب «الكافي» - روايتين عن مُحَمّد بن الرَيّان - من دون ذِكْر لَقَبه - عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). ولَمْ يَظهَر لي المَقصود مِن هذا الإسم.

و قَد ذكرنا الروايتَين في المَواضع المُناسبة.. مِن هذا الكتاب، الرِواية الأولى مذكورة تَحْتَ عُنوان : «مُحاولة لتشويه سُمْعَة الإمام الجَواد»، والرِواية الثانية مذكورة تَحْتَ عُنوان : «مَسالة فِقْهِيّة حَول قَضاء الصَلاة».

199 - مُحَمّد بن سُليمان الدَيلَمي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الكاظِم والإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ).

ويوجَد في كُتُب عِلْم الرجال : مُحَمّد بن سُلَيمان

ص: 364

البصري أو النصري، فذكرَ بَعضُ عُلماء الرجال : أَنّ الجَميع شخص واحِد. و نَسبوا إليه الغُلوّ، لكن لَمْ يَثبُت ذلك، و قَد رُويَتْ عنه أَحاديث كثيرة.

200 - مُحَمّد بن سالم بن عبد الحَميد

عَدَّه الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

201 - مُحَمّد بن سنان الزاهري الخُزاعي

هُوَ مِنْ وُلد عمرو بن الحمق الخُزاعي، أصلُه مِن البَصْرة، و سَكن بَغداد، واختَلَفَتْ أقوالُ عُلَماء الرجال في حَقِّه، و الظاهر أنّ الرّجُل يَسْتَحِقُّ المَدْح والثَناء و التجليل، وأن الَّذِي يَسْتَحِقُّ الدم والتضعيف هُوَ رَجُلٌ آخَر يُعرف ب_«ابن سنان»، كما حَقَّق هذا المَعْنى العلّامةُ المامقاني في كتاب «تَنقيح المَقال».

اَدركَ الإمام الكاظِم والإمام الرضا والإمام الجَواد

ص: 365

و الإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ) و هُوَ كثير الرِواية عَنْهُم و قَد روى عنه سَبْعُونَ رَجُلاً.. مِنْ أَجلّاء الرُواة و غَيرهم.

وتُوجَد روايات تَدلُّ على جَلالة قدره و استِقامَته في عَقيدتِه، وعِلمِه و وَرعِه، وأنَّه كانَ مِنْ خواصّ الثِقات.

و أمَّا الأَحاديث الّتي رواها عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) فَقَد ذكرنا بَعضها في المَواضع المُناسبة في هذا الكتاب، ونَذكر هنا.. الحَديث التالي :

عن علي بن الحسين بن داود القُمّي، قال : سَمِعْتُ أبا جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) يَذكُرُ صَفوان بن يحيى، و مُحَمّد بن سنان بخیر، وقال : «رَضِيَ اللّه عَنْهُما، برِضايَ عَنْهُما، فما خالَفاني قَطّ».

202 - مُحَمّد بن سَهْل الأَشعَري

هُوَ مُحَمّد بن سَهْل بن اليَسع الأَشعَري القُمّي.

عدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 366

ولكن.. يُوجد في كتاب «الخرائج» حَديث يَدلُّ على أنَّه كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً.

وقَد ذَكَرنا الحَديث في فَصل «الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و الإجابة قبل السؤال» تَحْتَ عُنوان : «هَديَّة من الإمام الجَواد لأحَد الشيعة».

203 - مُحَمّد بن عبد الجبار الشيباني

هُوَ مُحَمّد بن عبد الجبّار أبي الصهبان القُمّي الشيباني.

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ).

وقيل : إنَّه كانَ خادماً للإمام العَسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).

204 - مُحَمّد بن عبد اللّه المَدائني

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

ص: 367

205 - مُحَمّد بن عبده

كُنْيَتُه : اُبو بشْر.

عَدَّه الشيخ الطوسي في باب أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

206 - مُحَمّد بن عُثمان الكوفي

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) و أدرك الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

207 - مُحَمّد بن عفير الضبّي

يَروي عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَديثاً يَرتَبِط ببَعض الأعمال المُستحبة في شهر رجَب.

208 - مُحَمّد بن علي الهاشِمي

أو علي بن مُحَمّد الهاشِمي، إلتقى بالإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقَد ذكرنا خَبَره في فَصل «الإمام الجَواد و إخباراته الغَيبيّة».

ص: 368

209 - مُحَمّد بن عُمر الساباطي

كانَ مِن أَصحاب الإمام الكاظِم والإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ)

210 - مُحَمّد بن عُمير بن واقد الرازي

لا يُوجَد هذا الإسم في كُتُب الرجال المَوجودة عِندي، لكن رَوى في كتاب «الخَرائج» حَديثاً عَنه عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذكرناه في فَصل «الإمام الجَواد و استجابة دُعائه» مِنْ هذا الكتاب.

211 - مُحَمّد بن عون النصيبي

هُوَ الَّذِي رَوَى خَبَر زَواج الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) بإبنة المامون، و الحوار الَّذِي جَرى بَين يَحيى بن اكثم وبين الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 369

212 - مُحَمّد بن عيسى بن زیاد

ذكره النَجاشي في تَرجُمة مُعَمّر بن خلاد.

213 - مُحَمّد بن عيسى

هُوَ مُحَمّد بن عيسى بن عُبيد بن يَقطين العبيدي اليَقطيني الأسَدي.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد و الإمام الهادي و الإمام العَسكري (عَلَيهِم السَّلَامُ) و اختَلَفت أَقوال الرِجالِيين حَوله، ولكن الأَقوى : أنَّه ثِقَة، كما وثَقَه النَجاشي فقال : «... إنَّه ثِقَة، كثير الرِواية حَسَنَ التصانيف، روى عن أبي جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) مكاتبة و مُشافهة» (1).

لَهُ مُؤلَّفات.. في التَفسير، والإمامَة، والمَعرفَة والوَصايا، والطَرائف، والتَوقيعات، والتَجَمُّل، و المُروءَة، والفَيء والخُمس، و الرِجال، والزَكاة، و ثواب الأعمال، و النَوادر، وغَيرها.

ص: 370


1- کتاب «رجال النَجاشي» ص 333، رقم 896.

214 - مُحَمّد بن عيسى الأَشعَري

هُوَ : مُحَمّد بن عيسى بن عبد اللّه بن سَعْد الأَشعَري.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانَ شيخ القُمّيين، و من وجهاء الأَشعَريين، و تُروى عنه أَحاديث كثيرة. لَه من المُؤلَّفات كتاب «الخُطب».

215 - مُحَمّد بن الفرج الرُخجي

مَنْسوب إلى «رُخج» و هِيَ قرية مِنْ قُرى مَدينة «كِرمان» في ايران.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ). و كانت لَه مُكاتبات ومُراسلات مَعَ الإمام الجَواد والإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

وقد ذكرنا مُكاتِباته مع الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في مَواضِعها المُناسبة.. في هذا الكتاب.

ص: 371

216 - مُحَمّد بن الفضيل الأزدي الكوفي

هُوَ : مُحَمّد بن الفضيل الأزدي الكوفي الأزرق الصيرفي.

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الكاظِم و الإمام الرضا (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

لكن توجَد في كتاب «الكافي» و «تهذيب الأحكام» روايات تدلَّ على أنَّه أدركَ صُحبة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً، وقَد ذكرنا بَعضها في مواضِعها المُناسبة في هذ الكتاب.

217 - مُحَمّد بن مزيد النحوي

هُوَ : مُحَمّد بن مزيد بن محمود بن أبي الأزهر النوشجي النَحوي.

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا والإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِم السَّلَامُ) (1).

ص: 372


1- کتاب «تأسيس الشيعة لِعلُوم الإسلام» للسيّد حَسَن الصدر، ص 83.

218 - مُحَمّد بن منده

ذكره ابن شهر آشوب في كتاب «المَناقب» مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

219 - مُحَمّد بن میمون

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

و قيل : الأصَح : إِنَّ إسمه : مُحَمّد بن شمّون، ولكنَّ صاحب کتاب «جامع الرُواة» ذكره مُحَمّد بن میمون.

220 - مُحَمّد بن نصر الناب

عَدَّهُ البَرقى مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 373


1- كتاب «المَناقب» ج 4، ص 384، باب «في عِلم الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)».

221 - مُحَمّد بن نصير

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

222 - مُحَمّد بن النَضر

رَوى عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَديثاً.. ذكرناه في فَصل «الإمام الجَواد و علم الطِب».

223 - مُحَمّد بن نُوح

عدَّهُ البَرقي مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

224 - مُحَمّد بن الوليد الكرماني

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 374

225 - مُحَمّد بن يُونس بن عبد الرحمن

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

وقد ذكرنا في أحوال مُحَمّد بن أبي عُمير، أنَّه لمّا كانَ تَحْتَ التَعْذيب، وطَلَبوا منه أن يذكُر اسماء الشيعة و كادَ أَنْ يُسَمِّيَهُم - مِنْ شِدّة ألم الضرب - ناداه مُحَمّد بن يُونس.. وقال : يا مُحَمّد بن أبي عُمَير، أذكُر موقفَك بَين يدي اللّه.

ومِنْ هُنا.. يُستفاد انٌ مُحَمّد بن يونس كانَ بمَنْزلة عَظيمة من التَقوى والوَرع، والخَشْية من اللّه تَعالى.

226 - المُختار بن زياد العبيدي

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 375

227 - مروك بن عُبيد بن سالم

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ). وإنَّني أظن أنَّ إِسمَه : مَرْدك، وهُوَ أَظَّنِّ تصغير مَرد، - باللُغة الفارسيّة -، و مَعْناه : رُجَيل، تصغير رَجُل.

228 - مسافر

ويُكنّى : مُسلِم. رَوَى الكشّي عنه أنَّه قال : أمرني أبو الحَسَن [ الرضا ] (عَلَيهِ السَّلَامُ) بخراسان.. فقال : «إلحَق بأبي جعفر [ الجَواد ] فإنَّه صاحِبك» (1).

229 - مصدّق بن صدقة المَدائني

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الصادق و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) وإنَّه كانَ مِنْ أجِلاء العُلَماء و الفِقهاء والعُدول، عاشَ حَوالي مائة سَنَة.

ص: 376


1- كتاب «رجال الكشّي» ص 506، الجزء السادس، حَديث 972.

230 - المطرفي

لَمْ أَجِدْ لَه إسماً و لا نَسَباً ولا لقباً في كُتُب عِلْمٍ الرجال، لكن يوجَد - في كتاب «الكافي» حَديث رَواه المطرّفي عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و هُوَ يَدلُّ على أَنَّهُ مِن أَصحابه، و قَد ذكرنا الحَديث في فَصل «الإمام الجَواد و المحافظة على حُقوق الآخرين» مِن هذا الكتاب.

231 - مُعاوية بن حُكيم الدهني

هُوَ مُعاوية بن حكيم بن معاوية بن عمّار الدهني عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) لَه مُؤلّفات حَولَ مَواضيع متعدّدة ومُتنوّعة.

ولِعُلَماء الرجال.. أقوال مُختَلِفة في مَذهَبِه وتَوثيقه، واللّه العالِم بِواقع الحال.

ص: 377

232 - مُعَلى بن مُحَمّد

رَوى عن الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) حَديثاً ذكرناه في فَصل «لا مَدْخَليَّة لمقدار العُمْر في النُبُوّة والإمامة»من هذا الكتاب.

233 - مُعمّر بن خلّاد

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويُستفاد من الحَديث الآتي أنَّه أدرك الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أيضاً :

عن مُعمر بن خلّاد، قال : قال ابو جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : يا مُعمَّر إركب.

قلت : إلى أين ؟

قال : إركب، كما يُقال لَك.

قال: فركبتُ، فانتَهَيت إلى وادٍ - أو وهدة (1) ۔ فَقال لي : قِف هاهُنا فوقفتُ، فأتاني (2)، فقلتُ لَه :

ص: 378


1- الوهدة: ما انهَبَط من الأرض.
2- أي : فأتاني بَعدَما غاب عنِّي مُدَّةٌ مِن الزَمن. المُحقّق.

جُعِلْتُ فِدَاكَ أَينَ كُنتَ ؟

قال : دفَنتُ أبي الساعة، و كانَ بخُراسان (1).

234 - المُنذِر بن قابوس

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

235 - مَنْصور بن العبّاس

أبو الحُسَين الرازي، مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و لَه روايات عن كُلّ واحد مِنْهُما. ونَسَب بَعض العُلَماء حَديثه إلى الضَعف، واللّه العالِم.

ص: 379


1- كتاب «كشف الغُمّة» نَقْلاً عن كتاب «دلائل الإمامة»، و قَد ذكرنا الحَديث مُلَخَّصاً.

236 - موسیٰ بن داود المنقري

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

237 - موسیٰ بن داود اليَعقوبي

مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

238 - مُوسى بن عبد اللّه بن عبد الملك

مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

239 - مُوسى بن عبد الملك

عَدَّهُ البَرقي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ولَهُ مُكاتبة مَعَ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) ذكرناها في فَصل «الإمام الجَواد يُجيب على المسائل الفِقهيّة، أحكام القَرض».

ص: 380

240 - مُوسى بن عُمَر بن بزيع

مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

241 - مُوسى بن القاسم البجلي

هُوَ مُوسى بن القاسم بن مُعاويةَ بن وَهَب البجلي الكوفي.

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانَ ثِقَة، جليلاً، حَسَن الطريقة، لَه مُؤلّفات في الوُضوء والصَلاة والزَكاة و الصِيام و الحَجّ و النِكاح والطَلاق، والحُدود و الديّات و الشَهادات و الايمان والنُذور، وأخلاق المُؤمنين و الآداب، و كتاب «الجامع» و مَسائل الرجال، وغَيرها.

روي عن مُوسى بن القاسم البجلي، قال :

رایتَ أبا جعفر الثاني (عَلَيهِ السَّلَامُ) يُصَلّي في قَميصٍ قَد إتَّزرَ فوقه بمنديل (1).

ص: 381


1- كتاب «تَهذيب الأحكام» ج 2، ص 215، باب 11 «ما يجوز الصَلاة فيه من اللِباس و المَكان و...»، حَدیث 51.

242 - مُوسى المُختار بن يزيد العنسي

عَدَّهُ البَرقي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

243 - مُوفّق بن هارون

كانَ مِنْ خُدّام الإمام الرضا والإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) ويُستفاد من بَعض الأَحاديث.. أنّ موفقاً - هذا - كانَ مِنْ خواصّ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و مِن حامِلي أسرارِهِم، والمُطَّلِعين على حياتهِم الخاصّة، وأنَّه كانَ ثِقَة.. لا يُخْشى مِنْه أَي إنحِراف في العَقيدة.

244 - میمون بن يوسُف النَخّاس

يُستَفاد من ترجمة زكريَّا بن آدم في كتاب «تَنْقيح المَقال» : أنّ میمون.. كانَ من وكلاء الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) أو غِلمانه.

ص: 382

حَرف النُون

245 - نَصر الخادم

هُو مِنْ شُهود وَصيّة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد كتَبَ شَهادته بيَدِه.

246 - نُوح بن شُعَيب البغدادي

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و عن الفَضل بن شاذان : إنَّه كانَ فَقيهاً عالِماً مَرضيّاً.

ويُوجَد - في كُتُب الأَحاديث - إسم : نُوح بن شُعيب الخُراساني، واحْتَمَلَ بَعض عُلَماء الرِجال.. أنَّه هُوَ البغدادي، واللّه العالِم.

ص: 383

حَرف الهاء

247 - هارون بن الحَسَن بن محبوب

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

248 - الهيثم بن أبي مسروق النهدي

مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) لأَنّ سَعد بن عبد اللّه يَروي عنه، وسَعد بن عبداللّه تُوفّي سَنَة 300 من الهِجرة، فَلا يُمكن أن يَكون هَيثَم مِن أَصحاب الإمام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما تَصَوَّره الشيخ الطوسي (رَحمَهُ اللّه).

ص: 384

حَرف الياء

249 - يحيى بن أبي عمران الهمداني

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا و وكلاء الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

روي عن إبراهيم بن مُحَمّد [ الهمداني ] قال : كانَ ابو جعفر مُحَمّد بن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) كتب إليَّ كتاباً، و أمَرَني أَن لا أفُکَّه حتّى يَموت يحيى بن أبي عِمران : قال : فمَكَثَ الكتاب عِنْدي سِنين، فلَمّا كانَ اليَوم الَّذِي ماتَ فيه يَحيى بن أبي عِمران.. فَكَكْتُ الكِتاب، فإذا فيه :

«قُمْ بِما كانَ يَقومُ بِه» أو نحو هذا مِن الأمر.

و كانَ إبراهيم يقول : كُنتُ لا أخاف الموت ما كانَ يَحيىٰ حَيّاً (1).

ص: 385


1- كتاب «بَصائر الدرجات»، ص 262، الجز السادس، ص 262، باب (1) في الأئمَّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) أنّهم يَعرفون آجال شيعتهم و سَبَب ما يُصيبهم، حَدیث 2.

250 - يحيى بن مُوسى الصَنعاني

كانَ مِن أَصحاب الإمام الرضا و الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

251 - يزداد

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

252 - يعقوب بن إسحاق السكّيت

هُوَ الشيعي الثِقة الثَبت، المُحَدِّث، إمام اللُغة البارع الأَديب. كانت لَه مَنزلة عِنْدَ الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و كانَ منْ عُلَماء النَحو، ولَه مُؤلَّفات كثيرة في شَتّى العلوم والفُنون، كالمَنطِق والحَيوان والأرض والجِبال، وما يَتَعلَّق بالشِعر و الشُعراء.

و لَه قضيّة رائعة مَعَ المُتَوكَّل العبّاسي، تُنبىء

ص: 386

عن إيمانه و شجاعته و ولائه لأهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) و سَوفَ نَذكرها مَعَ اخباره و مقتله في كتاب «الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد» إن شاءَ اللّه تَعالى.

253 - يَعقوب بن يَزيد

ابن حماد، الكاتِب، عَدَّه النَجاشي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و عدَّهُ الشيخ الطوسي مِنْ أَصحاب الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 387

بابُ الكُنى

يُوجد في أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) رجال عُرِفُوا بِالكُنى، ولَمْ تُعرف أسماؤُهم بالضَبط والتأكيد، وقَد ذكرنا بَعض الأَحاديث الّتي رووها.. وتَرتَبط بالإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الصَفَحات السابقة.. من كتابنا هذا. والآن.. إليك كُنى هؤلاء الأفراد :

254 - أبو بَكر بن إسماعيل

255 - أَبو ثمامة أو تمامة

256 - أَبو جعفر البصري

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و كانَ ثِقَة، فاضِلاً صالِحاً.

ص: 388

257 - أبو الحَسَن بن الحصين

الظاهر أنَّه الحصين بن أبي الحصين الحضيني و قَد ذكرناه في حَرف الحاء.

وهكذا أبو الحصين بن الحصين، وإنّما وَرد إسمُه وإسم أبيه بصُورة مُختلفة، ولَعَلَّ الإختلاف جاء مِن النسّاخ أو سَهْو الراوي، و اللّهُ العالِم.

258 - أبو خداش المهري البصري

عَدَّهُ الشيخُ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الصادق و الإمام الكاظِم والإمام الجَواد (عَلَيهِم السَّلَامُ) و لكن ذكرَه في باب الاسماء : عبداللّه بن خداش و في باب الكُنى أبو خداش المهري البصري.

259 - أبو سارة

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 389

260 - أبو سكينة

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و إسمه غَير مَعْلوم.

261 - أبو سلمة

262 - أبو شيبة الاصبهاني

263 - أبو عمرو الحذاء

كانَ مِن أَصحاب الإمام الجَواد و الإمام الهادي (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

264 - أبو عبد اللّه الخُراساني

265 - أبو الفَضل الخُراساني

عَدَّهُ الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و رَوى الكشّي بِسَنَدِه عن مُعاوية بن حُكيم قال :

ص: 390

حدَّثني أبو الفضل الخُراساني، و كانَ لَه انقطاع إلى أبي الحَسَن الثاني [ الرضا ] (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكان يُخالط القُرّاء، ثُمّ انقَطَعَ إلى أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ).

266 - ابو مُسافر

267 - أبو مساور

عَدَّه الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و إسمه غَير مَعْلوم.

268 - أبو يحيى الصنعاني

رُويَ عَنْه حَديث عن الإمام الرضا حَول الإمام الجَواد (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) و أنَّه إلتَقى بهذين الإمامَين، وقَد ذكرنا الحَديث.. في فصل «الإمام الجَواد مَعَ والِدِه إلى الحَجّ».

ص: 391

فَصل النِساء

و هُناك عَدَد من النِساء كانَ لَهُنَّ شرف صُحبة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و هُنَّ كما يلي :

269 - أم أحمَد بِنْت الحُسَين

عَدَّها الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

270 - زينب بنت مُحَمّد بن يَحيى

عَدَّها الشيخ الطوسي مِن أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ).

ص: 392

271 - حكيمة بنت الإمام مُوسى بن جعفر

حَضَرَتْ هذه السيّدة الجليلة ولادة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و إليك الحَديث التالي :

رُوي عن السيّدة حكيمة بنت أبي الحَسَن مُوسى بن جعفر (عَلَيهِم السَّلَامُ) قالت : «لَمّا حَضَرَتْ ولادة الخيزران أُمّ أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) دَعاني الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قال : «يا حَكيمة إحصري ولادتَها، وادخُلي وإيّاها و القَابلة بَيتاً» (1).

و وَضَعَ لَنا مِصْباحاً و غَلَّق الباب عليهما، ولَمّا اَخَذَها الطَلق (2) طفِي المِصْباح، وبَينَ يَدَيها طشت فاغْتَمَمْتُ بطفْي المصباح، فبينما نَحْنُ كذلك، إذ بَدَرَ ابو جعفر إلى الطشت، و إذا عليه شيء رقيق كهَيئةِ الثوب، يَسْطَعُ نُوره حتّى أضاءَ البيت، فابصَرناه، فأَخَذتُه ووَضَعْتُه في حِجري.. ونَزَعْتُ عنه ذلك الغِشاء.

ص: 393


1- المَقْصود من البيت - هُنا - : الحُجرة.
2- الطَلق : وَجَع الولادة.

فجاءَ الرضا، وفتح الباب و قَد فَرغنا من أَمرِه، فاَخَذَه ووَضَعَه في المَهد وقال : يا حكيمة الزمي مَهْدَه...» (1).

272 - حَكيمة بنت الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)

273 - حَكيمة بنت الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)

هِيَ السيّدة الكريمة النجيبة العالِمة الفاضِلة التَقيّة الرضيّة.

هِيَ بِنْت الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما صَرَّحَ بذلك الطبرسي في كتاب «إعلام الورى» وهِيَ أُخت الإمام الهادي و عَمّة الإمام العَسكري (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، وهِيَ الّتي حَضَرَتْ ولادةَ مَولانا صاحب الزمان (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقَد ذكرنا شيئاً يسيراً عن ذلك في كتاب «الإمام المَهدي مِن المَهْد إلى الظُهور».

ص: 394


1- كتاب : «المَناقِب» لابن شهر آشوب، ج 4، ص 394، فَصل في آياته (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و قَبرها في سامرّاء في جوار مَرقَد الإمامين العَسكريَّين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ).

ولا تستَطيع بيان عُلوّ قَدرها و سُمُوّ مَقامها و جَلالة مَنزلتها و شَرف مَكانتها عِنْدَ الأئمَّة الَّذِين عاصَرتْهُم، وكفاها شرفاً و فَخْراً أنها هِيَ الّتي قامَت بِدَور القابلة المُولّدة للإمام المَهدي، كُلِّ ذلك بِطلبٍ مِن الإمام العَسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ).

و هذه السيّدة هي الّتي تَروي حِرز الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و قَد ذكرنا تَفصيل هذا الحِرز في فَصل «الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) و الدُعاء» مِنْ هذا الكتاب.

ص: 395

كلمة الختام

أيُّها القارىء الكريم.

لقد قَضَينا مَعَكَ فَترَةٌ ذهَبيَّةٌ في رِحاب سيّدنا و مولانا الإمام مُحَمّد الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)، نَسِيرُ مَعَ تاريخه.. مِن قَبل الولادة، إلى الولادة وما بَعدها.. إلى أيّام إمامته.. و ما رافَقَتها مِن قَضايا وأحداث، ومَعاجِز و مَواقِف.. إلى ذِكْر ما رواه الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) عن آبائه الطَّيِّبين الطاهرين.. وإلى ذِكْر أسماء أَصحابه.. و بَعض ما يرتبط بِهِمْ.

ولا نَدَّعي اننا استَوعَبْنا - في هذا الكتاب - كُلّ ما يرتبط بالإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِنْ ذِكْر أَصحابه

ص: 396

و رواياتهم عَنْهُ، فَهُناك بَعض الأَحاديث الّتي لَمْ نَرَ في ذِكْرِها كثير فائدة.

و مَعْذرة إلى اللّه تَعالى.. و إلى رسوله الأقدَس و إلى الأئمَّة الطاهرين (عليهم الصَلاة و السلام) من كُلّ قُصُورٍ أو تَقْصِيرٍ صَدّر في تألِيف هذا الكتاب.

ولقَد كانت حياتي - خلال هذا التأليف - مَقرونة بِالمَشاكل و الظُروف الصَعبة (1)، أضِف إلى ذلك قِلَّة المَصادر التاريخيّة، وغُمُوض بَعض الأحداث وإبهامها.

ص: 397


1- لَقَد نَزامَن تأليف هذا الكتاب.. مَعَ سَنَوات الحَرْب بَين العراق وايران، حَيث كانت مَدينة «قُم» المُقَدَّسة.. تَتَعَرَّض للقَصف بالقنابِل والصَواريخ، مِمّا سَبَّبَ هجرة مئات الأُلوف من الناس.. إلى مُدُن بعيدة عن مُتَناوَل الطائرات الحَرْبيَّة العراقيّة.. و الصواريخ المُدمِّرة، ومِنْ جُملة الَّذِين اضطروا للسفر.. هُوَ السيد المؤلف (رضوان اللّه عليه) حَيث سافر هُوَ و عائلتُه.. إلى مَدينة «مَشْهَد» المُقَدَّسة، لِيَعيش في ظلّ الإمام الرضا (عليه الصَلاة والسلام) ويُكمل تأليف هذا الكتاب.. في ظُروفٍ سِياسيّة و إجتِماعيّة مُربِكة. المُحقّق.

وأسألُ اللّه تَعالى.. أَنْ يَقْبَلَ مِنّي هذا اليسير.. ويعفو عن الكثير، ويَجْعَل هذه الخِدمة الضَئيلة. خالِصَة لِوَجْهِه الكريم، إنَّه تَعالى أكرُمُ الأكرمَين و أرحَمُ الراحِمين.

و وِداعاً مَعَك - أيُّها القارىء الكريم - على أَمَل اللِقاء بك في كتاب «الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد» إن شاءَ اللّه.

و آخِرُ دَعْوانا آنِ الحَمْدُ للّه ربِّ العالَمين، وصلَّى اللّه على مُحَمّد و آلهِ الطاهِرين.

مُحَمّد كاظم القزويني

ذو القعدة 1406 ه_

ص: 398

مِنْ مَصادر هذا الكتاب

1 - إثبات الوصيّة للإمام علي بن أبي طالِب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، لِلمُؤرّخ علي بن الحُسَين المسعودي (مُؤلّف كتاب مُروج الذهب)، طبع دار الأَضواء، بيروت - لبنان الطبعة الثانية، سَنَة 1409 ه_، 1988 م.

2 - الإحتجاج، للعلّامة الشيخ الطَبرسي الطبعة المُصَحّحة و المُحقّقة، نشر : دار أسوة، قُم ایران، عام 1413ه_.

3 - الإختِصاص، للشيخ المُفيد، تَحقيق وتصحيح : علي اكبر الغَفّاري، طبع جَماعة المُدرّسين، قُم – ایران.

ص: 399

4 - إختيار مَعرفة الرجال، المَشهور ب_«رجال الكشّي» تأليف : الشيخ الطوسي، تحقيق: حَسَن المُصطفوي طبع جامعة مشهد، ایران، عام 1389 ه_.

5 - الإرشاد، للشيخ المفيد، تحقيق : مُؤسّسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث، قُم - ایران عام 1413 ه_.

6 - الإستِبصار، للشيخ الطوسي، تحقيق: السيّد حَسَن الموسوي الخرسان، طبع دار الكتب الإسلاميّة طهران - ایران، عام. 1390 ه_.

7 - أعلام الدين، للديلمي، تحقيق : مُؤسّسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث، قُم - ایران عام 1409 ه_، 1988 م.

8 - إعلام الوَرى بأعلام الهُدى، للشيخ الطَبرسي تَحقيق ونَشر : مُؤسّسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث، قُم - ايران، سَنَة 1417 ه_.

9 - إقبال الأعمال، للسيّد ابن طاووس، الطبعة القديمة، طبع دار الكُتُب الإسلاميّة، طهران - ایران،

ص: 400

سَنَة 1390 ه_. و الطبعة الحَديثة، تحقيق: جَواد القَيّومي، طبع و نشر : مكتب الإعلام الإسلامي، قُم ایران، سَنَة 1418 ه_.

10 - إكمال الدين، للشيخ الصَدوق، تحقيق : علي أكبر الغَفّاري، طبع جماعة المُدرّسين، قُم – ایران.

11 - آمالي الصدوق، طبع مُؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان، عام 1400 ه_، 1980م.

12 - الأمان مِن أخطار الأَسفار و الأزمان، للسيّد ابن طاووس، تحقيق : مُؤسّسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث، قُم - ایران، عام 1409ه_.

13 - بحار الأنوار، للعلامة المَجلِسي، طبع مُؤسّسة الوفاء، بيروت - لبنان، عام 1403 ه_، 1983 م.

14 - بَصائر الدرجات في فَضائل آل مُحَمّد، للشيخ المُحَدِّث مُحَمّد بن الحَسَن الصَفّار القُمّي، المُتَوفّى سَنَة 290، طبع ایران - قُم، مَنْشورات مكتبة آية اللّه المَرعَشي النجفي، عام 1404 ه_.

ص: 401

15 - البلد الأمين، للشيخ الكفعمي العاملي، طبع مُؤسّسة الأعلمي، بيروت - لبنان، عام 1418 ه_،1997 م.

16 - تاريخ الطبري، تحقيق : مُحَمّد أبو الفضل إبراهيم، طبع دار التراث، بيروت - لبنان، سَنَة 1387 لِهجرة، 1967 لِلميلاد.

17 - تُحفُ العُقول عن آلِ الرسول، للشيخ الحسن - ابن علي الحراني، تحقيق و تصحيح : علي اكبر الغَفَّاري، طبع و نشر : جماعة المُدرّسين، قم - ایران سَنَة 1404 ه_.

18 - تَنْقيح المَقال في عِلم الرجال، للعلّامة الشيخ المامقاني، الطبعة القديمة، المطبوعة في ثلاث مُجلّدات.

19 - التَوحيد، للشيخ الصدوق، تحقيق : السيد هاشِم الطهراني، طبع دار المعرفة، بيروت - لبنان، سَنَة 1387 ه_.

ص: 402

20 - تَهذيب الأحكام، للشيخ الطوسي، تحقيق السيد حَسَن الموسوي الخرسان، طبع دار الكُتُب الإسلاميّة، طهران - ایران، عام 1390 ه_.

21 - جمال الأسبوع، للسيّد ابن طاووس، تحقيق جواد القيّومي، طبع مؤسسة الآفاق، طهران، ایران.

22 - الخرائج و الجرائح، لقطب الدين الراوندي، تحقيق: مُؤسسة الإمام المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قم - ایران، طبع مُؤسّسة النور، بيروت – لبنان.

23 - دلائل الإمامة، للطبري الإمامي، طبع المَطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، العراق، عام 1383 ه_، 1963 م.

24 - رجال الطوسي، لشيخ الطائفة مُحَمّد بن الحسن الطوسي، تحقيق : السيّد مُحَمّد صادق بحر العلوم، طبع ونشر: المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، العِراق، عام 1381 ه، 1961 م.

25 - رجال النَجاشي، تحقيق : السيد مُوسى الشبيري الزنجاني، طبع مُؤسّسة جماعة المُدرّسين قم - ايران عام 1407 ه_.

ص: 403

26 - روضة الواعظين، للقتال النيسابوري، طبع مَكتبة الشَريف الرضي، قم - ايران، عام 1400 ه_.

27 - عِلل الشرائع، للشيخ الصدوق، طبع مُؤسّسة الاعلمي، بيروت - لبنان، عام 1408 ه_، 1988 م.

28 - عُيون أخبار الإمام الرضا (عَلَيهِ السَّلَامُ)، للشيخ الصدوق، طبع مُؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان، عام 1404 ه_ 1984 م.

29 - عُيون المعجزات، للشيخ حسين بن عبد الوهاب - مِنْ أعلام القرن الخامس الهجري - تحقيق : السيد فلاح الشَريفي، طبع مُؤسسة بنت الرسول، سَنَة 1422 ه_ - 2001 م.

30 - الغيبة، للشيخ الطوسي، تحقيق: الشيخ عباد اللّه الطهراني، الشيخ علي أحمَد ناصح، طبع. مُؤسّسة المعارف الإسلاميّة، قم - ایران، عام 1411 ه_.

31 - الغيبة، للنعماني، تحقيق: علي اكبر الغَفَّاري طبع مكتبة الصدوق، طهران - ایران.

ص: 404

32- فلاح السائل، للسيد ابن طاووس، تحقيق : غُلام حُسَين المجيدي، طبع مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي، قم - ايران، سَنَة 1419 ه_.

33- الكافي، للشيخ الكليني، تحقيق: على اكبر الغَفَّاري، طبع دار الكتب الإسلاميّة، طهران - ایران، الطبعة الخامسة، عام 1388 ه_.

34 - كامل الزيارات، لإبن قولویه، دار السرور طبع بیروت - لبنان، عام 1418 ه_، 1997 م.

35 - الكامل في التاريخ، لإبن الأثير، طبع دار صادر، بيروت - لبنان، عام 1385 ه_، 1965 م.

36 - كشف الغُمّة في معرفة الأئمَّة، لعلي بن عيسى الإربلي، طبع دار الكتاب الإسلامي، بيروت - لبنان، عام 1401 ه_، 1981 م.

37- مُروج الذهب، للمسعودي، تحقيق : مُحَمّد محيى الدين عبد الحميد، طبع مصر، عام 1384 ه_، 9641م.

ص: 405

38 - مُستدرك الوسائل، للشيخ ميرزا حُسَير النوري تحقيق : مُؤسسة آل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) لإحياء التراث، قُم - ايران، عام 1407 ه_.

39 - المصباح، للشيخ الكفعمي العاملي، طبع مؤسسة الأعلمي، بيروت - لبنان عام 1395 ه_، 1975م.

40 - مصباح المُتَهَجد، للشيخ الطوسي، طبع مُؤسّسة فقه الشيعة، بيروت - لبنان، عام 1411 ه_، 1991م.

41 - معاني الأخبار، للشيخ الصدوق، طبع المَطبعة الحيدرية، النجف الأشرف، العِراق، عام 1391 ه، 1971 م.

42 - مَقاتل الطالِبيين، لأبي الفرج الأصفهاني، تحقيق : السيد أحمَد صقر، طبع مكتبة الشَريف الرضي، قم - ایران، عام 1414ه_.

43 - مكارم الأخلاق، للشيخ الطبرسي، طبع مَكتبة الشَريف الرضي، قم - ایران، عام 1392 ه_

ص: 406

44 - مناقب آل أبي طالِب، لإبن شهر آشوب، طبع المطبعة العلمية، قم - ايران.

45 - مَنْ لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق، تحقيق: علي اكبر الغَفَّاري، طبع جماعة المُدرّسين قم - ايران عام 1392 ه_.

46 - مُهَج الدعوات و منهج العبادات، للسيد ابن طاووس، الطبعة القديمة، طبع دار الذخائر، قم - ایران، عام 1411 ه_. والط-بعة الحَديثة، طبع دار الكُتُب الإسلاميّة، طهران - ایران، عام 1416 ه_.

ص: 407

ص: 408

الفهرس

الإمام الجَواد و الدُعاء...5

دعاء الإمام الجَواد في قُنُوتِه...5

عوذة من الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...10

دعاء الإمام الجَواد في أول ليلة رَجَب...13

أعمال و دُعاء ليلة سبع وعشرين مِنْ رَجَب...14

دعاء الإمام الجَواد في أول ليلة مِنْ شَهر رمضان...17

دعاء الإمام الجَواد في توحيد اللّه تَعالى...20

دعاء الإمام الجَواد في شهر رمضان...21

مِنْ تَعقيبات صَلاة الصبح...22

دعاء يُقرأ في الصباح والمساء..30

دُعاء للخلاص من السجن...31

حرز الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...33

حِجابُ الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...43

ص: 409

ادعِيَة الوسائل إلى المسائل ...44

1 - المُناجاة للإستخارة...46

2 - المُناجاة بالإستقالة...48

3 - المُناجاة بِالسَفَر...50

4 - المُناجاة في طلب الرزق...52

5 - المُناجاة بالإستعاذة...54

6 - المُناجاة بِطَلَب التّوبَة ...56

7 - المُناجاة بِطَلَب الحج...58

8 - المُناجاة بكشف الظُّلْم...60

9 - المُناجاة بِالشَّكْرِ للّه تَعالى...62

10 - المناجاة بطلب الحوائج...64

الإمام الجَواد يُجيب على المسائل الفِقهيّة...67

أحكام الصَلاة...68

أحكام الخمس...88

أحكام الزكاة...90

أحكام الحجّ...92

أحكام الزواج...106

ص: 410

احكام الرضاع...111

أحكام الأطعمة والأشربة...114

أحكام الأموات...119

احكام الحدود...120

أحكام النذر...123

احكام القرض...125

أحكام الوصية...127

أحكام الوقف...130

أحكام الإرث...133

احكام العِتْق و الولاء...138

مُعاناة الإمام الجَواد مِنْ حُكّام زمانه...144

مُعاناة الإمام الجَواد من المأمون العبّاسي...144

محاولة لتشويه سمعة الإمام الجَواد...146

مُعاناة الإمام الجَواد من المُعْتَصِم العبّاسي...149

الإمام الجَواد يُخبر عن الإمام مِنْ بَعْدِه...155

وفاة و شهادة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...159

تاريخ وفاة الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...175

ص: 411

ماذا بَعْدَ وفاة الإمام الجَواد ؟...176

قانون «الإمام لا يُصَلّي عليه إلّا الإمام»...177

الإمام الهادي يُخبر عن إستشهاد والده...181

مَرقد الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)....184

دعاء وثناء...203

النثر و القريض في رحاب الإمام الجَواد...204

أولاد الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...228

بنات الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...230

أَصحاب الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ)...233

كلمة الختام...396

مِنْ مَصادر هذا الكتاب...399

الفهرس...409

ص: 412

كُتُب مَطبُوعَة للمؤلّف

1 - الإمام علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد

2 - فاطمة الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد

3 - الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد

4 - الإمام الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد

5 - الإمام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد

6 - الإمام الحسن العَسكري (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد

7 - الإمام المَهدي (عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى الظهور

8 - زينب الكبرى (عَلَيهَا السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد

9 - الإسلام والتَعاليم التَربويّة

10 - فاجِعَة الطَف، أو مَقْتَل الحُسَين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

11 - شَرْح نَهْج البلاغة - صَدَرَتْ مِنْه ثلاثة أجزاء -

ص: 413

12 - موسوعة عن حياة الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) تَبلُغُ ستّين مُجلّداً، وقَد طُبِعَ مِنْه ثَلاثون مُجَلّداً :

المُجَلّد الأول : حياة الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)

المُجَلّد الثاني : تَكْمِلة حياة الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)

المُجَلّد الثالث : الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) في كُتب العامّة

أَما بَقيّة المُجَلّدات، فهِيَ : جَميع ما وَصَلَنا مِنْ أَحاديث الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) مَعَ تَبويب موضوعي حَديث، و فهرسة عَصريّة، وموضوعاتها تحمل العناوين التالية :

المجلد الرابع : كتاب العَقل والجَهْل العِلْم. التوحيد. العدل

المُجَلّد الخامس : كتاب النُبوّة و الأنبياء (عَلَيهِم السَّلَامُ)

المُجَلّد السادس : حَياة الرسول الأعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ )

المُجَلّد السابع والثامن : الإمامة

المجلد التاسع : حَياة الإمام علي أمير المُؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

المُجَلد العاشر : حَياة فاطمة الزهراء و الأئمَّة الطاهرين

المُجَلّد الحادي عشر : كتاب المعاد

المُجَلّد الثاني عشر : كتاب الإيمان و المُؤمنين

المُجَلّد الثالث عَشَر : كتاب مكارم الأخلاق

ص: 414

المُجَدّد الرابع عشر : الكفر، ومَساوىء الاخلاق

المُجَلّد الخامس عشر : كيفية التعامل مع الناس

المجلد السادس عشر : الآداب و السنن الإسلاميّة

المجلد السابع عشر حول السماء وما في العالم

المُجَلّد الثامِن عَشَر : طب الإمام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)

المجلد التاسع عشر : زيارات المعصومين الأربعة عشر

المُجَلّد العشرون : الدُعاء

المُجَلّد الواحد و العشرون : ابواب الفِقه / الطهارة

المُجَلّد الثاني والعشرون : أبواب الفِقه / الطهارة

المُجَلّد الثالث والعشرون : أبواب الفِقه / الطهارة

المُجلّد الرابع والعشرون : ابواب الفِقه / الصَلاة

المُجَلّد الخامس والعشرون : ابواب الفِقه / الصَلاة

المُجَلّد السادس و العشرون : أبواب الفِقه / الصَلاة

المُجَلّد السابع و العشرون : أبواب الفِقه / الصوم

المُجَلّد الثامن والعشرون : أبواب الفِقه / الزكاة و الخمس

المُجَلد التاسع والعشرون : أبواب الفِقه / الحج

المُجَدّد الثلاثون : أبواب الفِقه / الحَج

ص: 415

الإمام الجَواد

(عَلَيهِ السَّلَامُ) مِن المَهْد إلى اللَحْد

القزويني

هذا الكتاب :

الإمام مُحَمّد الجَواد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هُوَ التاسع من أئمَّة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) الَّذِين اختارهم اللّه تَعالى لقيادة الأمة الإسلاميّة، وقَد نصَّ عليه النبي الكريم.. بالخلافة والإمامة، وامتازت حياته بمزايا وخصائص فريدة من نوعها فقد إنتقلت إليه الإمامة الكبرى وهو في مرحلة مبكّرة من العمر، ثم كانت حياته مشرقة بالفضائل والمناقب، ومزدحمة بالحوادث الّتي تجلب الإنتباه.

وكم هُوَ جيّد وجميل.. أن نقرأ عن حياة هذا الإمام العظيم، بقلم واحد من أبرز مُولّفي عصرنا الحاضر، ألا.. وهُوَ سماحة العلّامة الكبير، الخطيب اللامع، الكاتب المقتدر السيد مُحَمّد كاظم القزويني

ص: 416

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.