شماره کتابشناسی ملی:3340706
سرشناسه:مامقانی ، عبدالله ، 1290؟ - 1351ق.
عنوان و نام پديدآور:مرآه الکمال لمن رام درک مصالح الاعمال/مامقانی
وضعيت نشر: دارالامیره - بیروت - لبنان
مشخصات ظاهری:3ج
عنوانهاي گونه گون ديگر:مرآت الکمال
موضوع:اخلاق اسلامی -- متون قدیمی تا قرن 14
احادیث اخلاقی -- متون قدیمی تا قرن 14 .
به زبان عربى است. اين اثر مشتمل بر بيان آداب در اعمال و مستحبات دينى است كه در سال 1335ق تأليف گرديده است.
مؤلف، انگيزه تأليف كتاب را اين گونه بيان مى كند: «فقهاء اهتمام به بيان واجبات و محرمات دارند و كمتر به آداب اعمال و مستحبات و مكروهات پرداخته اند به نحوى كه بسيارى از آنها فراموش شده است، پس براى سهولت كسانى كه دوستدار كمال و طالب درك مصالح اعمال هستند كتاب را تأليف نمودم».
ص :1
ص :2
ص :3
مرآه الکمال لمن رام درک مصالح الاعمال
مامقانی
ص :4
شماره کتابشناسی ملی:3340706
سرشناسه:مامقانی ، عبدالله ، 1290؟ - 1351ق.
عنوان و نام پديدآور:مرآه الکمال لمن رام درک مصالح الاعمال [چاپ سنگی]/مامقانی
وضعيت نشر:: نجف اشرف: [بی نا]، 1341ق.(نجف اشرف:مطبعه مرتضویه)
مشخصات ظاهری:3ج
عنوانهاي گونه گون ديگر:مرآت الکمال
موضوع:اخلاق اسلامی -- متون قدیمی تا قرن 14
احادیث اخلاقی -- متون قدیمی تا قرن 14 .
ص :5
بسم الله الرحمن الرحیم
ص :6
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه على آلائه و الصلاة و السّلام على محمد و آله (عليهم السّلام)
و بعد:
فهذه طبعة جديدة لكتاب:
مرآة الكمال لمن رام درك مصالح الاعمال
حرصنا على اخراجه بطابع جديد، و حلة قشيبة، كي تسد فراغا في الموسوعات الاخلاقية الاسلامية، و الأداب و السنن الشرعية.
و لما فيه من الأهمية من الوجهتين-العلمية و العملية-حيث يحتوي على سبق علمي في برمجة و عرض الاحكام، و درج و تبويب السنن و المستحبات مع ما توخي فيه من الاعراض عن الايجاز المخّل أو التفصيل الممل. لذا تركز الاهتمام في التعليق-بعد ضبط الاحاديث و تخريجها-على بيان بعض من الفروع الفقهية مع الاشارة إلى أدلتها التفصيلية مع توضيح ما قد يقتضيه المتن من الجلي عن نص مجمل، او ازالة الشبهة المحتملة.
و هذه الطبعة تعتبر حلقة من فكرة سابقة لا خراج مؤلفات شيخنا الجد (قدس سره) بطباعة فنية، على ما تقتضيه أصول التحقيق و التخريج كانت و لا
ص:7
تزال تحوم في فكر سيدي الوالد-دام ظله-مع ما هو عليه من تشتت البال، و كثرة الانشغال، و الاستغراق في تحقيق الموسوعة الرجالية «تنقيح المقال» . فقد أدرج-دام بقاه-بعض التعليقات و التخريجات على هذا السفر و غيره-و ظهر المجلد الاول من هذا الكتاب في النجف الاشرف سنة 1386 ه و لكن الظروف القاهرة أدت إلى الهجرة من الجوار العلوي-على قاطنه آلاف التحية و السّلام -إلى جوار السيدة فاطمة-سلام اللّه عليها-ممّا دعى إلى البدء من جديد، فكانت طبعتنا هذه. . .
و كان بودي ان أترجم ترجمة ضافية لشيخنا الجد-عطّر اللّه مرقده-لو لا أن كتاب مخزن المعاني و التنقيح قد وفّيا بجانب من الموضوع، و عسى أن اوفق للتشرف بتكميلهما في فرصة اخرى-بإذن اللّه.
هذا، و لا يسعنى-في هذه العجالة-إلا أن اشكر كل من آزرنا و اعاننا في اخراج و تصحيح سفرنا هذا، و أسأله-عز اسمه-أن يتغمد فقيدنا برضوانه، و يطيل عمر المحقق بعنايته و إحسانه، و يوفقنا لمرضاته-و هو حسبنا و نعم الوكيل.
محمد رضا المامقاني
قم-20 صفر 1397 ه
ص:8
طبع هذا الكتاب للمرة الاولى تلو كتاب مرآة الرشاد في الوصية الى الاحبة و الذرية و الاولاد في المطبعة المرتضوية في النجف الاشرف سنة 1342 ه في حياة المؤلف (قدس سره) و انشد بعض الفضلاء-حينذاك-في مادة تاريخ طبع الكتابين ما يلي:
أ «عبد اللّه» دم للدين كهفا فغيرك لم نجد كهفا مشادا
و عين لا تراك فلم نلمها فقد فقدت برؤيتك السوادا
فهّز يراعة الاسلام و احكم فقد صار القضاء لها مدادا
و جرّد سيفك الماضي شباه فسيف الدين يأبى الاغتمادا
و دونك منبر الاسلام فاتل على اعواده نونا و صادا
و للعرب الفصيحة كن خطيبا فانك أفصح البلغاء ضادا
زعيم الدين أوضح بل و أرخ ب «مرآة الكمال» لي «الرشادا»
(1342 ه)
حيث ان الموسوعة الحديثية الموسومة ب «وسائل الشيعة» للمحدث الحر العاملي (قدس سره) [1104 ه]أصبحت اكثر تداولا في الوسط العلمي من غيرها، اعتمدنا عليها في ضبط متون الروايات و بما ان طبعات الكتاب كثيرة و مختلفة، لذا استندنا على الطبعتين التاليتين:
أ-الطبعة الحجرية المطبوعة في طهران سنة 1323 ه المعروفة بطبعة: عين الدولة.
ب-الطبعة الجديدة ذات العشرين مجلدا، المطبوعة في طهران سنة 1376-1389 ه و في بيروت سنة 1391 ه و رمزنا لها ب «ط ج» و للباب ب «ب» . و بدانا بالجزء ثم الصفحة و ميزنّا بينهما ب خط مائل/.
ص:9
الصوره

ص:10
الصوره

ص:11
الصوره

ص:12
بسم اللّه الرحمن الرحيم
و به ثقتي
نحمدك يا من ارانا بمرآة الرشاد كمال معرفته، فدعانا كمال معرفته الى شكر نعمته، فشكرنا فكان شكرنا من آثار رحمته، و نصلّي على رسولك المصطفى و آله المستكملين الشّرفا.
اما بعد، فان ابهى ما رسمته اكف البيان، و اتم نور تجلّى في سماء البرهان، كتاب لا ياتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، فجلّ عن الافصاح بشأوه، و الاطواء بوصفه، كيف لا و هو مجمع بحري السنن و الاداب، و كتاب جواهر و جواهر كتاب، فاكرم بيد صاغت ابريز بيانه و معانيه، و حيّا اللّه تعالى منظّم درره و لآليه، كتاب لم يؤت بمثله، و هو للكمال مثال، و لكل شيء مرآة و لا ك «مرآة الكمال» حيث لم ينسج ناسج على منواله، فكأنه بزغ لإتمام الدين و إكماله، فما هو إلاّ رياض علوم يانعة الأثمار و حدائق دررها بحار الأنوار، و كفى به كافيا في سننه و آدابه، و وافيا بتهذيب فصوله و أبوابه، انّى و ناظم درره و لآليه في سلك بيانه وحيد زمانه و فريد اوانه، من يشير إليه العلم ببنانه، السابق في حلبات ميدانه، بحر العلم الخضم، و بدر الفضل الأتم، و طود الحلم الأشم، الحجة اللائحة للدين، و الآية الواضحة للعالمين، من سما فحلّق و سبق حيث لم
ص:13
يسبق، فجاءنا بمعجز آياته، فتفرد في كمال صفاته، و حبانا في «مرآة رشاده» الرائق و «مرآة كماله» الفائق، و لو أنّ ما في الأرض من شجرة اقلام تملى لنا من بحار الانوار جواهر الكلام، ناظمة بابدع الاساليب انوار الربيع، راقمة بأنامل البديع أنواع البديع، شارحة مختصر تلخيص المعاني بمطول الإيضاح، فاتحة باب معاجر البيان بألف مفتاح، واصفة هذه المرآة التي مثل نورها كمشكاة فيها مصباح، لأعوزها المقال، و لضاق بها المجال عن وصف هذا الكتاب، كيف و مؤتي هذه الحكمة و فصل الخطاب قال إِنِّي عَبْدُ اَللّهِ آتانِيَ اَلْكِتابَ أعني به جناب علامة العالم و فخر بني آدم، سلطان الفقهاء و المجتهدين، و قطب المحققين و المدققين، أعلم العلماء العاملين حجة الإسلام و المسلمين آية اللّه في العالمين مفتي الشيعة و مدار الشريعة شيخ الطائفة الإمامية، و سيد مجتهدي الجعفريّة، من عجزت الأقلام من تحرير معناه، الفقيه المخالف لهواه الحاج الشيخ عبد اللّه المامقاني الغروي متع اللّه الاسلام و المسلمين بطول بقائه، و أدام ظله الشريف على مفارق أهل عصره و أوانه، فهلم و انظر الى ما تضمنته سطوره من الحكم و جوامع الكلم، و خاطبه بهذه الابيات التي نظمها بعض الفضلاء ايده اللّه تعالى بتاييده و لكل خير هداه:
هي الحكمة الغرّا أم الآية الكبرى أم السحر أم تلك التي تبطل السحرا
صحائف لكن تحت كلّ صحيفة من الغيب سرّ كنهه يذهل الفكرا
براها الذي لم تلق في الكون مثله و ان كنت قد قلبته البطن و الظهرا
و ذكرّ فيها الناس آداب دينها و هل لسوى أمثالها تنفع الذكرى
جزى اللّه عبد اللّه خيرا فانه أرانا بمرآة الكمال الهدى جهرا
فيا فكر صه عن نعت بعض صفاته فذلك معنى لا تحيط به خبرا
1342 ه
ص:14
ثم لا يخفى عليك انه لما ورد بطريق صحيح عن اهل البيت عليهم السّلام انه اذا مات ابن آدم انقطع عنه [كذا]إلا ثلاث: علم ينتفع به و ولد صالح و صدقة جارية، و كان احسن الصدقات الجارية طبع كتب العلم لكونها ابعدها فناء و ادومها بقاء، و كون نشرها خدمة للدين المبين، عقد جمع شركة بدفع كل منهم مقدارا لطبع الكتب الدينية، و لما احبّوا الجمع بين الخدمة للدين و الخدمة لجنابه مدّ ظله نقلوا مجموع ما جمعوه إليه مدّ ظله العالي بعقد لازم بشرط ان يطبع به الكتب الدينية و يباع و يطبع بالثمن كتاب آخر و هكذا الى ان يرث اللّه تعالى الارض و من عليها، مقدما مصنفاته و مصنفات حضرة والده الشيخ العلامة انار اللّه برهانه و اعلى في فراديس الجنان مقرّه و مقامه على غيرها، و جعلوا تولية هذا الامر الشريف بيده مدّ ظله، ثم بيد متولّي مقبرتهم في كل عصر، و جعلوا لمن بعده من المتولين نصف عشر المنافع بشرط بذل جهده في حفظ الاصل و ضبط النّماء و ثبت ذلك كلّه في دفتر مضبوط، و اشترطوا ايضا في ضمن العقد ان لا تعطى ورقة منها مجانا حفظا لمقصد استمرار هذه الخيرية، و حيث ان الشركاء لم يسلموا جميع ما التزموا به اخرنا إدراج أسمائهم و مقدار ما دفعه كل منهم إلى ظهر ما يطبع بعد هذا و يلزم المطالع في هذا الكتاب ان يدعو لهم و يترّحم عليهم و على من أعان على طبعه باقراض ثمن الكاغد و نحوه.
و هذا فهرس مصنفات حضرة المصنف دام ظله العالي:
منتهى مقاصد الانام في نكت شرايع الاسلام.
مخزن اللآلي في فروع العلم الاجمالي مطبوع.
إزاحة الوسوسة عن تقبيل الاعتاب المقدسة مطبوع.
مناهج المتقين، متن مفصّل من الطهارة الى الديات.
مقباس الهداية في علم الدراية.
رسالة احكام العزل عن الحرة الدائمة.
ص:15
منهاج التقوى في حواشي غاية القصوى (5) .
وسيلة النجاة في أجوبة جملة من الاستفتاءات.
إرشاد المتبصرين، مطبوع.
نجاة المتقين، سؤال و جواب كبير.
تحفة الصفوة في أحكام الحبوة، مطبوعة.
مرآة الرشاد في الوصية الى الأحبة و الأولاد.
تحفة الخيرة في احكام الحج و العمرة.
مرآة الكمال لمن رام درك مصالح الاعمال، و هو هذا.
مخزن المعاني في ترجمة الشيخ المامقاني قدس سره.
رسالة المسألة الجيلانية تتضمن المحاكمة بين جليلين.
نهاية المقال في تكلمة غاية الآمال حاشية خيارات المكاسب.
وسيلة التقى في حواشي العروة الوثقى (مطبوعة) .
غاية المسؤول في انتصاف المهر بالموت قبل الدخول (مطبوعة) .
القلائد الثمينة، تعليق على ملحقات الشيخ قدس سره.
هداية الأنام في اموال الإمام عليه السّلام (مطبوعة) .
إرشاد المتبحرين (مطبوع) .
رسالة المسائل الخوئية.
رسالة الأربعين، في أربعين مسألة.
مطارح الافهام في مباني الأحكام
رسالة إقرار بعض الورثة بدين على المورث و انكار الباقي.
رسالة إغناء الأغسال عن الوضوء.
رسالة المسافرة للافطار لمن عليه قضاء مضيق.
نجاة المتقين، سؤال و جواب كبير.
ص:16
منهج الرشاد، سؤال و جواب وسيط.
رسالة تكليف الكفار بالفروع.
المسائل البصرية (مطبوعة) .
رسالة الجمع بين فاطميتين.
رسالة في حرمان الزوجة من الأرض.
رسالة في المرأة المعتقدة كونها مطلقة المتزوجة-اذا طلقها الزوج، فهل تحلّ لمن تزوجها قبل الطلاق أم لا؟ .
رسالتان أخريان في مناسك الحج وسيطة و صغيرة.
و حواشي على الرسائل الفارسية تتجاوز العشر.
رسالة في جملة من المطالب الرجالية.
. . . الى غير ذلك.
ص:17
ص:18
بسم اللّه الرحمن الرحيم
و به أستعين
الحمد للّه على ما أنعم، و الثناء بما قدم، و الصلاة و السّلام على أشرف الأمم، محمد و آله الأطهار، ينابيع الفضائل و الآداب و الحكم، سيما ابن عمّه و وصيه أمير المؤمنين من العرب و العجم.
و بعد:
فيقول الفائز بحب أهل البيت، و اللائذ بحبل ولائهم، و النازل بفنائهم، العبد الجاني الفاني (عبد اللّه المامقاني) عفا عنه ربه ابن الشيخ (قدس سره) :
إنه لما كانت من الأمور المهمة الأدب؛ المائز بين الحيوان و البشر، و كانت الآداب الشرعية صادرة عن حكم خفيّة، و مصالح كامنة، تقصر عن أغلبها عقول البشر، و كانت همم الفقهاء رضوان اللّه تعالى عليهم مصروفة غالبا إلى بيان الواجبات و المحرّمات، و لم يستوفوا لذلك ذكر الآداب و السنن و المكروهات، بحيث صارت جملة منها من المنسيّات، و جملة أخرى-بزعم من لا خبرة له-من المبتدعات، و أوصيت إلى الأولاد في رسالة «مرآة الرشاد»
ص:19
بالالتزام بها، و وعدتهم بتأليف رسالة في ذلك، حائزة لها، جامعة لشتاتها، و كانت التشاويش العامة في البلاد مانعة من الاشتغال بالمطالب المحتاجة إلى فضل نظر، رأيت أن أوفي بالوعد، ليسهل الأمر على من أحب الكمال، و طلب درك مصالح الأعمال، و التحرّز من مفاسدها، مجتزئا في ذلك بالميسور، اتباعا للخبر المأثور، لوضوح تعذّر الاستيفاء، معبّرا غالبا بعبائر الاخبار، سيما في حكم الاعمال، و سميّته ب:
(مرآة الكمال لمن رام درك مصالح الأعمال) .
راجيا من الكريم ذي الجلال أن يوفقّني للاتمام و الإكمال، و ينفعني بها يوم لا ينفع بنون و لا مال، أنه هو القادر المتعال.
و قبل الأخذ في المقصود فأعلم:
أن من الواضح أن اللّه سبحانه عز و جلّ غنيّ على الاطلاق، لا تنفعه اطاعة المطيعين، و لا يضره عصيان العاصين، و أن إرسال الرسل، و نصب الأولياء من باب اللطف و الرحمة و الرأفة؛ إنما هو لارشاد العباد إلى ما فيه مصالح دنياهم و آخرتهم و مفاسدهما، ليجتنبوا ما فيه مفسدة، و لا تفوتهم مصلحة ذوات المصالح، و أن السنن كالواجبات متضمّنة لمصالح كامنة، غايته عدم وصول المصلحة إلى حدّ الالزام، الموجب لترتب العقاب على الترك، و كذا المكروهات ذوات مفاسد، نهايته عدم وصول المفسدة إلى حدّ التحريم، المورث لاستحقاق العقاب بفعله، و أنّ العاقل الكيّس ينبغي له المبادرة في الدنيا-التي هي مزرعة الآخرة-إلى تحصيل أنواع المثوبات الاخروية، و جلب الفوائد الدنيوية، و التحرّز من الحزازات و مقلاّت الأجر و الثواب، و مورثات المفاسد الدنيوية، المبيّن كل ذلك على لسان أهل الوحي، الّذين لا ينطقون عن الهوى، فلا تستحقرنّ-أيها
ص:20
الأخ الرشيد-السنن، و لا تستخفن بالمكروهات، فتفوتك المصالح الخطيرة بترك السنن، و تلحقك المفاسد الكثيرة بفعل المكروهات، كما ستمر عليك ان شاء اللّه تعالى.
و إذ قد عرفت ذلك فأعلم أنّي قد رتبّت الكتاب على أثني عشر فصلا، مراعيا الترتيب الطبيعي غالبا، و خاتمة في الآداب المتفرقة، فجاء اسم الكتاب ثانيا:
الاثنا عشرية.
ص:21
ص:22
و فيه مقامات:
في آداب ساعة الولادة،
و هي أمور عديدة:
فعن علي بن الحسين عليهما السّلام أنه كان إذا حضر ولادة المرأة يقول: اخرجوا من في البيت من النساء، لا تكون المرأة أول ناظر إلى عورته (1).
و يشد بفخذها اليمنى، و تحلّ بعد الولادة سريعا، و الآيات هذه: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ (2)، كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ
ص:23
عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (1)، إِذْ قالَتِ اِمْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً (2)(3).
و ورد قراءة هذه الآية عليها: فَأَجاءَهَا اَلْمَخاضُ إِلى جِذْعِ اَلنَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَ كُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا* فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلاّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا* وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ اَلنَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا (4)، ثم يقرأ بصوت عال: وَ اَللّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَ جَعَلَ لَكُمُ اَلسَّمْعَ وَ اَلْأَبْصارَ وَ اَلْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (5)كذلك اخرج أيها الطلق باذن اللّه (6).
فإنه حينئذ يولد من ساعته.
و ورد أنه تكتب هذه الآيات بالمسك و الزعفران على اناء نظيف و يغسل بماء البئر و تسقى صاحبة المخاض، و يرش على بطنها و فرجها، و الآيات هذه: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (7)، كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْفاسِقُونَ (8)، لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي اَلْأَلْبابِ*ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَ لكِنْ تَصْدِيقَ اَلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَ تَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً
ص:24
و ورد أنه تكتب هذه الآيات على قرطاس و تلف بخرقة من غير عقد، و تشد على ظهر الحامل عند دخولها في شهر ولادتها، فإنه لا يصيبها الوجع عند الولادة، و تحلّ بعد الولادة سريعا قبل مضي ساعة (3)، و الآيات هذه: أَ وَ لَمْ يَرَ اَلَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَ جَعَلْنا مِنَ اَلْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَ فَلا يُؤْمِنُونَ (4)، وَ آيَةٌ لَهُمُ اَللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ اَلنَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ* وَ اَلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ اَلْعَزِيزِ اَلْعَلِيمِ* وَ اَلْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ اَلْقَدِيمِ* لاَ اَلشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ اَلْقَمَرَ وَ لاَ اَللَّيْلُ سابِقُ اَلنَّهارِ وَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ* وَ آيَةٌ لَهُمْ أَنّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي اَلْفُلْكِ اَلْمَشْحُونِ* وَ خَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ* وَ إِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَ لا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلاّ رَحْمَةً مِنّا وَ مَتاعاً إِلى حِينٍ (5)، وَ نُفِخَ فِي اَلصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ اَلْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (6)، و يكتب على ظهر القرطاس: كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ اَلْقَوْمُ اَلْفاسِقُونَ (7)، كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (8)(9).
ص:25
ترتيبا أو ارتماسا، لا الغسل-بالفتح-فقط على الاظهر (1).
فقد ورد أن ذلك عصمة من الشيطان الرجيم (2)، و لا يفزع و لا يصيبه ابدا الجنون و لا أم الصبيان (3)و لا التابعة (4)، و هي الجنية تكون مع الانسان تتبعه حيث ذهب (5).
سورة الحشر ، و سورة الاخلاص و المعوذتان.
و المراد بآخر سورة الحشر قوله جلّ ذكره: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا اَلْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اَللّهِ وَ تِلْكَ اَلْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ* هُوَ اَللّهُ اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ
ص:26
هُوَ عالِمُ اَلْغَيْبِ وَ اَلشَّهادَةِ هُوَ اَلرَّحْمنُ اَلرَّحِيمُ* هُوَ اَللّهُ اَلَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْمَلِكُ اَلْقُدُّوسُ اَلسَّلامُ اَلْمُؤْمِنُ اَلْمُهَيْمِنُ اَلْعَزِيزُ اَلْجَبّارُ اَلْمُتَكَبِّرُ سُبْحانَ اَللّهِ عَمّا يُشْرِكُونَ، هُوَ اَللّهُ اَلْخالِقُ اَلْبارِئُ اَلْمُصَوِّرُ لَهُ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (1).
(2)، و يحل بالماء و يقطر في أنفه في المنخر الايمن قطرتان و في الايسر قطرة قبل قطع سرته، لورود الأمر بذلك عن الصادق عليه السّلام (3).
و أن يحمد اللّه تعالى إن بشر بالاستواء قبل السؤال عن ذكورّيته و انوثته (1).
لما عن أمير المؤمنين عليه أفضل الصلاة و السّلام أنه قال: سموا أولادكم قبل أن يولدوا، فإن لم تدروا أذكر أم أنثى فسموهم بالأسماء التي تكون للذكر و الأنثى، فإنّ أسقاطكم إذا لقوكم في القيامة و لم تسموهم سيقول السقط لأبيه: ألاّ سميتني؟ (2).
و يقرب منه ما عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ممثّلا للأسماء المشتركة بمثل: زائدة و طلحة و عنبسة و حمزة (3).
و يستحب تسمية المولود باسم حسن، فقد ورد عن أبي الحسن موسى عليه السّلام: إنّ أول ما يبرّ الرجل ولده أن يسميه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده (4).
و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: استحسنوا اسمائكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة (5).
و ورد أن أصدق الاسماء ما تضمّن العبودية للّه تعالى كعبد اللّه
ص:28
و عبد الرحمن (1)، و أفضلها أسماء الأنبياء و الأئمة عليهم السّلام (2).
و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: ما من أهل بيت فيهم اسم نبي إلاّ بعث اللّه عز و جل إليهم ملكا يقدسهم بالغداة و العشي (3).
و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إن من ولد له ثلاثة بنين و لم يسم أحدهم محمدا فقد جفاني (4).
و عن الرضا عليه السّلام: ان البيت الذي فيه محمد يصبح أهله بخير و يمسون بخير (5).
و عن الباقر عليه السّلام: ان الشيطان إذا سمع مناديا ينادي يا محمد أو يا علي ذاب كما يذوب الرصاص، حتى إذا سمع مناديا ينادي باسم عدو من أعدائنا أهتزّ و اختال (6).
و عن أبي الحسن عليه السّلام أنه قال: لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمد أو أحمد أو علي أو الحسن أو الحسين أو جعفر أو طالب أو عبد اللّه، أو فاطمة من النساء (7).
و عن الصادق عليه السّلام أنه قال: لا يولد لنا ولد إلاّ سميناه محمدا فإذا مضى سبعة أيام فإن شئنا غيّرنا و إلاّ تركنا (8).
ص:29
و يستحب إكرام من اسمه محمد، و التوسعة له في المجلس. و ورد النهي عن تقبيح الوجه له (1).
و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم من اسمه محمد [و حامد و محمود] (2)و أحمد فادخلوه في مشورتهم إلاّ خير لهم (3).
و يكره التسمية باسم حكم و حكيم و خالد و مالك و حارث و ياسين و ضرار و مرة و حرب و ظالم و ضريس و أسماء أعداء أهل البيت سلام اللّه عليهم و لعنة اللّه على أعدائهم (4).
التكنية بأبي مرة و أبي عيسى و أبي الحكم و أبي مالك (1).
و يكره ذكر اللقب و الكنية الذين يكرههما صاحبهما أو يحتمل كراهته لهما (2).
و هي أمور شتى:
بوزن شعره ذهبا أو فضة (2)، غير مسكوكين على الأفضل (3)، و لو أعسر عين وزنه و تصدق بذلك الوزن إذا أيسر (4). و روي أنه إذا مضى اليوم السابع فليس عليه حلق (5).
و يكره أن يحلق من رأسه موضع و يترك موضع، و هو المسمى: بالقزع و القنازع (6).
تأسيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، حيث فعل ذلك بالحسنين عليهما السّلام (7).
ص:32
و ورد لطخه بالزعفران (1).
ص:33
فإنّ من المستحب المؤكد أن يختن المولود يوم السابع، حرا كان أو بردا (1). و قد ورد أن الختان يوم السابع أطيب و أطهر و أسرع لنبات اللحم (2). و أن الأرض تضجّ إلى اللّه تعالى من بول الأغلف، و تنجس منه أربعين صباحا (3).
و يستحب الدعاء عند الختان بقول: «اللهم هذه سنتك و سنة نبيك صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أتّباع منّا لك و لدينك، بمشيتك و بإرادتك (4)، لأمر أردته، و قضاء حتمته، و أمر أنفذته، فأذقته حر الحديد في ختانه و حجامته، لأمر أنت أعرف به مني، اللهم فطهّره من الذنوب، و زد في عمره، و ادفع الآفات عن بدنه، و الأوجاع عن جسمه، و زده من الغنى، و ادفع عنه الفقر، فإنّك تعلم و لا نعلم» .
و روي عن الصادق عليه السّلام: إنّ من لم يقرأ هذا الدعاء عند ختان ولده فليقرأه من قبل أن يحتلم، فإن قرائته تورث حفظه من حرّ الحديد من قتل أو غيره (5).
ثم إنّ ظاهر هذا الدعاء هو استحباب حجامة المولود أيضا في أيام الولادة من جهة عطف الحجامة على الختان، و لم أجد من صرّح به. نعم عمل العوام على شرطه في الأربعين.
و ورد الأمر بحجامته بعد بلوغه أو بعد أربعة أشهر في كلّ شهر مرّة في
ص:34
النقرة (1)، معلّلا بأنها تجفف لعابه، و تهبط الحرارة من رأسه و جسده (2)، و لو ولد الذكر مختونا استحب إمرار الموسى على محله، لإصابة السنة و اتّباع الحنيفية (3).
و لو نبتت الغلفة بعد قطعها، أعيد الختان استحبابا قبل البلوغ، و وجوبا بعده (4)، و يجوز تأخير الختان إلى أن يبلغ، فإذا بلغ غير مجنون وجب عليه أن يختن نفسه (5)، و كذا لو أسلم الكافر كذلك (6)، و الخنثى إن لحق بالذكور كذلك وجب ختانه، و كذا إن كان مشكلا على الأحوط، و لو ألحق بالإناث ففي لزوم الختان وجهان، أحوطهما الاول (7).
ص:35
و يستحب خفض الجواري و لا يجب، و قد ورد أنّه مكرمة (1). و روي أنه لم يبايع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أحدا من النساء إلاّ مختونة (2). و أول من اختتن من النساء هاجر، لحلف سارة أن تقطع عضوا منها، فأمر اللّه باختتانها (3). و الفضل في كيفيته قطع بعض النواة، و عدم استيصالها، لقول النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لام حبيب الخافضة: إذا أنت فعلت فلا تنهكي -أي لا تستأصلي-و أشمّي، فإنه أشرق للوجه، و أحظى عند الزوج (4)، شبّه صلوات اللّه عليه و آله القطع اليسير بإشمام الرائحة، و النهك بالمبالغة فيه، أي أقطعي بعض النواة و لا تستأصلي، و لذا أبدل صلّى اللّه عليه و آله و سلّم النهك في خبر آخر: بالاجحاف. قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لإمّ طيّبة الماشطة أخت أم حبيبة: إذا خفضت فأشمّي و لا تجحفي، فإنّه أصفى للون الوجه، و أحظى عند البعل (5).
و وقت الخفض إذا بلغت سبع سنين فما زاد، لقول أمير المؤمنين عليه
ص:36
السّلام: لا تخفض الجارية حتى تبلغ سبع سنين (1).
و هي سنة مؤكدة عن الذكر و الأنثى، و قد استفاضت النصوص بأنّ كل ولد مرهون بعقيقته يوم القيامة (2). و يتأكّد الاستحباب يوم السابع (3). و قد سئل الصادق عليه السّلام عن الولد يموت يوم السابع هل يعق عنه؟ فقال عليه السّلام: إن كان مات قبل الظهر لم يعق عنه، و إن مات بعد الظهر عقّ عنه (4). و لا يجزي التصدق بثمن العقيقة عنها في القيام بالسنة حتى إن لم يوجد عينها، للنهي عن ذلك، معللا بأنّ اللّه تعالى يحب إطعام الطعام و إراقة الدماء (5)، و قد ولد لأبي جعفر عليه السّلام غلامان جميعا، فأمر زيد بن علي أن يشتري له جزورين للعقيقة، و كان زمن غلاء، فأشترى له واحدة و عسرت عليه الأخرى، فقال لأبي جعفر عليه السّلام: قد عسرت عليّ الأخرى، فأتصدق بثمنها؟ قال: لا، أطلبها فإنّ اللّه عزّ و جلّ يحب إهراق الدماء، و إطعام الطعام (6).
نعم تسقط العقيقة عن الفقير إلى أن يوسر (7)، و لا يسقط استحباب العقيقة بتأخيرها عن اليوم السابع و لو لغير عذر، و ما نطق بأنه إذا جازت سبعة أيام فلا عقيقة (8)محمول على نفي الكمال و التأكد. و من لم يعق عنه يستحب له
ص:37
أن يعق عن نفسه إذا بلغ (1)، و لو شك في أنّ أباه عقّ عنه أم لا، استحب أن يعق هو عن نفسه، و قد قال عمر بن يزيد: أني قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إني و اللّه ما أدري كان أبي عقّ عني أم لا؟ قال: فأمرني أبو عبد اللّه عليه السّلام فعققت عن نفسي و أنا شيخ كبير (2). نعم نطق غير واحد من الأخبار بأن من لم يعق عنه حتى ضحي عنه، أو ضحى هو عن نفسه أجزأته عن العقيقة.
و العقيقة كبش أو بقرة أو بدنة، فإن لم يوجد فحمل أعظم ما يكون من حملان السنة (3). و الفضل في مماثلة العقيقة للمولود ذكورة و أنوثة (4). و روي مرسلا أنه يعق عن الذكر بذكر أو أنثيين، و عن الأنثى بواحدة (5).
و يجزي أن يعق عن المولود غير الأب (6).
و يستحب تعدّد العقيقة عن المولود الواحد (7). و لا يشترط في العقيقة شروط الأضحية من كونها ثنيا إن كان معزا، و جذعا إن كان ضأنا، و كونها تامة
ص:38
غير عوراء، و لا عرجاء البّين عرجها، و لا المريضة البّين مرضها، و لا مكسورا قرنها الداخل، و لا مقطوعة الاذن، و لا خصيّا من الفحولة، و لا مهزولة (1).
و قد ورد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: أنها شاة لحم، ليست بمنزلة الأضحية يجزي فيها كل شيء (2)، و أنّ خيرها أسمنها (3)، و مع ذلك فقد أفتى جمع باستحباب أن يجتمع فيها شروط الأضحية، و لا بأس بذلك إن اجتمع معها الأسمنية.
و يستحب أن تخص القابلة منها بربعها (4)، و لو لم تكن قابلة أعطي الربع الأم حتى تعطي ذلك من شاءت من فقير أو غني (5)، و إن كان إعطاء الفقير أفضل. و روي إعطاء القابلة ثلثها (6)، و روي رجلها (7)، و روي رجلها و وركها (8)، و السنة تتأدى بكل منها، و روي أنّ القابلة إن كانت ذمّية لا تستحل ذبايحنا أعطيت ثمن حصتها (9).
ص:39
و لا يشرع لطخ رأس المولود المعقّ عنه بدم العقيقة، و قد ورد أنه شرك، و أنه كان يعمل في الجاهلية و نهي عنه في الاسلام (1).
و يستحب تفريق لحم العقيقة على قوم مؤمنين محتاجين، و أفضل منه طبخها و دعاء رهط من المسلمين عليها، و في الخبر أنها تطعم عشرة من المسلمين فإن زاد فهو أفضل (2)، و لا فرق بين أن يقتصر على طبخها بالماء و الملح، و بين أن يضاف إليها شيء آخر من الحبوب و غيرها، و إن كان ظاهر بعض الأخبار أنّ الأول أفضل (3). و قيل: يكره أن تشوى بالنار، و لم أقف على مستنده، كما لا مستند لما تداول بين العوام من دفن عظامها، بل و لفها في خرقة، و لو جاز الدفن لا بقصد التشريع كما هو الظاهر، فلا يجوز لفها في خرقة لكونه إتلافا للخرقة بغير داع مسوغ (4).
و يستحب الدعاء عند ذبح العقيقة بالمأثور، و ذكر اسم المولود و اسم أبيه، و الأدعية كثيرة، و جمع جملة منها أن يقال: «يا قوم إنّي بريء مما تشركون إني وجّهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين، إن صلاتي و نسكي و محياي و مماتي للّه ربّ العالمين، لا شريك له و بذلك أمرت و أنا من المسلمين، اللّهم منك و لك بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه و اللّه أكبر،
ص:40
إيمانا للّه، و ثناء على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و العصمة لأمره، و الشكر لرزقه، و المعرفة بفضله على أهل البيت. اللهم صلّ على محمد و آل محمد، اللهم هذه عقيقة عن. . . فلان بن فلان لحمها بلحمه و دمها بدمه و عظمها بعظمه. اللهم اجعلها وقاية له و لآل محمد صلّى اللّه عليه و عليهم. اللهّم منك و لك ما وهبت، و أنت أعطيت، اللهم فتقبّله منّا على سنة نبيك، و نستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم» و يسمى المولود و أباه بدل فلان ابن فلان. و إن كان ذكرا زاد قوله: «اللهم إنك وهبت لنا ذكرا و أنت أعلم بما وهبت، و منك ما أعطيت، و كلما صنعنا فتقبله منّا على سنتك و سنة نبيك صلواتك عليه و آله، و اخسأ عنّا الشيطان الرجيم، لك سفكت الدماء، لا شريك لك و الحمد للّه رب العالمين» (1).
و يكره للوالدين أن يأكلا من عقيقة المولود، و تشتد الكراهة في الأم (2). و ظاهر بعض الأخبار كراهة أكل عيال الأب أيضا منها (3)، و كذا يكره كسر عظامها، بل يفصل أعضائها (4)، و لا يبعد أن تعارف دفنها لصونها عن ذلك. و الافضل أن يخصّ بالعقيقة أهل الولاية، و لا يطعم غيرهم منها، بل ورد النهي
ص:41
-في خبر-عن إعطائها لغير أهل الولاية (1)، و الأفضل من بين أهل الولاية فقراء الجيران (2).
ثقب أذني المولود اليمنى في أسفلها و اليسرى في أعلاها يوم السابع، و إدخال القرط في اليمنى، و الشنف (3)في اليسرى (4).
و إطعام الناس عند ولادة المولود ثلاثة أيام، أفتى به الشيخ الحر (رحمه اللّه) في الوسائل، و استند في ذلك إلى خبر منهال القصاب قال: خرجت من مكة و أنا أريد المدينة، فمررت بالأبواء و قد ولد لأبي عبد اللّه عليه السّلام موسى عليه السّلام فسبقته إلى المدينة، و دخل بعدي بيوم، فأطعم الناس ثلاثا، فكنت آكل في من يأكل (5). الخبر.
ص:42
و هو كما ترى قاصر عن الدلالة على ما رامه، لأنه فعل غير معلوم الوجه، فلعل الإطعام في الأيام الثلاثة من باب رجوعه من مكة. على أنّ ظاهر الخبر أنّ الإطعام لم يكن في الأيام الثلاثة المتصلة بالولادة، بل بعدها بايام.
و بالجملة، فإطعام الطعام حسن في كل وقت، إلاّ أن أستحباب الإطعام بهذا العنوان الخاص ثلاثة أيام ممّا لم نقف له على مستند، و الاستدلال له بما روي من أنه لما مضى من ولادة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبعة أيام أولم عبد المطلب وليمة عظيمة و ذبح الأغنام و نحر الإبل و أكل الناس ثلاثة أيام (1)، كما ترى، لعدم حجية فعل عبد المطلب.
و يكره وضع الموسى من حديد تحت رأس المولود، و أن يلبس الحديد (2).
ص:43
و الكلام فيه من جهات:
يستحب للمرأة الصبر على الحمل و الولادة، و احتسابهما عند اللّه سبحانه، و التبرع بإرضاع المولود؛ فإنّ فيه لها أجرا عظيما، فقد ورد عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: و الذي بعثني بالحق نبيا و رسولا و مبشرا و نذيرا ما من امرأة تحمل من زوجها ولدا إلاّ كانت في ظلّ اللّه عز و جل حتى يصيبها طلق، يكون لها بكل طلقة عتق رقبة مؤمنة، فإذا وضعت حملها و أخذت في رضاعه، فما يمص الولد مصة من لبن أمّه إلاّ كان بين يديها نورا ساطعا يوم القيامة يعجب من رآها من الأوّلين و الآخرين، و كتبت صائمة قائمة، و إن كانت غير مفطرة كتب لها صيام الدهر كلّه و قيامه (1).
و قالت أم سلمة للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: يا رسول اللّه! ذهب الرجال بكل خير فأيّ شيء للنساء المساكين؟ فقال: بلى، إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد بنفسه و ماله في سبيل اللّه تعالى، فإذا وضعت
ص:44
كان لها من الأجر ما لا يدري أحد ما هو لعظمه، فإذا أرضعت كان لها بكل مصة كعدل عتق رقبة محررة من ولد إسماعيل، فإذا فرغت من رضاعه ضرب ملك كريم على جنبها و قال: استأنفي العمل و قد (1)غفر لك (2).
و الافضل أن يكون الرضاع بلبن الأم لأنه أبرك، فقد روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال: ما لبن رضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمّه (3). و لا يجب على الأم الإرضاع كما ذكرنا ذلك مع فروعه في مناهج المتقين (4).
ص:45
و ينبغي استرضاع الحسناء النظيفة التقية، لأن اللبن قد يعدي 1، و الولد قد يشب على الظئر و يشبهها 2، و قد ورد عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال: تخيّروا للرضاع كما تخيّرون للنكاح، فإن الرضاع يغير الطباع 3.
و يكره استرضاع القبيحة، و لبن الولادة عن زنا، و لبن بنت الزنا 4. نعم لو كانت صاحبة اللبن من زنا جارية، و جعل المولى من فجر بها في حلّ، لم يكن بالاسترضاع بلبنها بأس 5.
و يكره استرضاع اليهودية و النصرانية و المجوسية 6، بل الأحوط الاجتناب من ذلك إلاّ عند الضرورة، مع منعها حينئذ من شرب الخمر، و أكل ما لا يحلّ، مثل لحم الخنزير، و من أن تأخذ بالطفل إلى بيتها 7.
ص:46
و قد ورد أن رضاع اليهودية و النصرانية خير من رضاع الناصبيّة (1).
و يكره استرضاع الحمقاء و العمشاء، فإن الغلام ينزع إلى اللبن و يشبه الظئر في الرعونة و الحمق (2).
في التلطف بالأطفال و تأديبهم، و بيان حقوقهم على الوالدين، و حقوق الوالدين عليهم.
يستحب التلطف بالطفل، و قد ورد أن من قبّل ولده كتب اللّه له حسنة 1، و ورد الأمر بإكثار تقبيله، معلّلا بأن لكم بكل قبلة درجة في الجنة مسيرة خمسمائة عام 2، و ورد أنه إذا نظر الوالد إلى ولده فسره كان للوالد عتق نسمة 3، و ورد الأمر بالتصابي مع الصبي 4، و ورد الأمر ببرّ الأولاد بعد برّ الوالدين 5، و أن اللّه ليرحم العبد لشدة حبه لولده 6، و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: أحبّوا الصبيان و ارحموهم، و إذا وعدتموهم شيئا ففوا لهم، فإنهم لا يرون إلاّ أنكم ترزقونهم 7، و أن اللّه عزّ و جل ليس يغضب لشيء كغضبه للنساء و الصبيان 8.
ص:48
و ورد الأمر بتعليم الصبي معالم الدين و المذهب قبل أن يسبق أحد إليه من أهل الضلالة فيفسد عقيدته، فإنّ القلب الحدث كالأرض الخالية، ما ألقي فيها من شيء قبلته، فيلزم المبادرة إليه بالأدب و الدين قبل أن يقسو قلبه و يشتغل لبّه (1).
و روي عن الصادق عليه السّلام أنه قال: أمهل صبيّك (2)يلعب حتى يأتي له ست سنين، ثم ضمّه إليك سبع سنين فأدبه بأدبك، فإن قبل و أفلح و صلح و إلاّ فخل عنه فإنه لا خير فيه (3).
و عنه عليه السّلام أنه قال: الغلام يلعب سبع سنين، و يتعلم الكتاب سبع سنين، و يتعلم الحلال و الحرام سبع سنين (4).
و عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال: يرف (5)الصبي سبعا، و يؤدب سبعا، و يستخدم سبعا، و منتهى طوله في ثلاث و عشرين سنة، و عقله في خمس و ثلاثين، و ما كان بعد ذلك فبالتجارب (6).
و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: الولد سيد سبع سنين، و عبد سبع سنين، و وزير سبع سنين، فإن رضيت خلائقه في احدى و عشرين سنة، و إلاّ ضرب على جبينه، فقد أعذرت إلى اللّه تعالى (7).
و عن أحدهما (عليهما السّلام) أنه قال: إذا بلغ الغلام ثلاث سنين يقال
ص:49
له سبع مرات: قل لا إله إلاّ اللّه، ثم يترك حتى يتم له ثلاث سنين و سبعة أشهر و عشرون يوما، فيقال له: قلّ محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، سبع مرات، و يترك حتى يتم له أربع سنين، ثم يقال له سبع مرات: قلّ اللهم صلّ على محمد و آل محمد، ثم يترك حتى يتم له خمس سنين، ثم يقال له: أيهما يمينك و أيهما شمالك؟ فإذا تمّ له ست سنين يقال له: صلّ، و علّم الركوع و السجود حتى يتم له سبع سنين، فإذا تمّ له سبع سنين قيل له: اغسل وجهك و كفيك، فإذا غسلهما قيل له: صل، ثم يترك حتى يتّم له تسع (خ. ل: سبع) ، فإذا تمت له علّم الوضوء و ضرب عليه، و علّم الصلاة و ضرب عليها، فإذا تعلم الوضوء و الصلاة غفر اللّه [له و]لوالديه (1).
و يستحب تعليمه القرآن، فعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من قبّل ولده كتب اللّه له حسنة، و من فرّحه فرّحه اللّه يوم القيامة، و من علمه القرآن دعي بالأبوين فكسيا حلتين تضيء من نورهما وجوه أهل الجنة (2).
و يستحب تأديبه كما عرفت.
و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: لأن يؤدب أحدكم ولده خير [له] من أن يتصدق بنصف صاع كل يوم (3)، و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أكرموا أولادكم، و أحسنوا آدابهم يغفر لكم (4).
و ورد الأمر بتعليمهم السباحة و الرماية (5)، و عن العبد الصالح عليه
ص:50
السّلام أنه قال: يستحب غرامة (1)الصبّي في صغره ليكون حليما في كبره (2).
و لا بأس بالضرب للتأديب بالقدر المتعارف، حتى إذا كان الصبي يتيما، لأنه إحسان إليه.
و عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال: أدب اليتيم مما تؤدب به ولدك، و اضربه مما تضرب به ولدك (3).
ثم إنّ للولد حقوقا على الوالدين، فمن حقوقه ما مرّ من تسميته باسم حسن، و تأديبه و وضعه موضعا حسنا، و الوفاء بما وعده، و تعليمه الطهارة و معالم الدين و القرآن الكريم، و كذا تعليمه السباحة و الكتابة إن كان ذكرا، و الغزل و سورة النور إن كانت أنثى (4). و ورد النهي عن تعليمها سورة يوسف، و إنزالها لغرف (5).
و من حقوقه استفراه أمّه و إكرامها، و عدم الإساءة إليها الموجبة لحزنه، و يأتي إن شاء اللّه تعالى في أول الفصل الحادي عشر فضل تعليمه القرآن.
و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنه يلزم الوالدين من العقوق لولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما (2)، و ورد عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: رحم اللّه من أعان ولده على بره، قال: [قلت: كيف يعينه على بره؟ قال]: يقبل ميسوره، و يتجاوز عن معسوره، و لا يرهقه، و لا يخرق به، و ليس بينه و بين أن يدخل في حدّ من حدود الكفر إلاّ أن يدخل في عقوق أو قطيعة رحم، ثم قال [رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم]: الجنة طيبة، طيبها اللّه و طيب ريحها و يوجد ريحها من مسيرة ألفي عام، و لا يجد ريح الجنة عاق و لا قاطع رحم، و لا مرخي الإزار خيلاء (3).
و يستحب إكرام البنت التي اسمها فاطمة، و ترك إهانتها و سبّها و لعنها و ضربها (4).
و يجوز تفضيل بعض الأولاد على بعض ذكورا و إناثا في الحب و آثاره
ص:52
و العطاء (1)، و إن كانت التسوية أفضل.
و يستحب احتساب مرض الطفل و بكاءه، فقد ورد أن مرضه كفارة لوالديه، و أن بكائه لا إله إلاّ اللّه، إلى أن يأتي عليه سبع سنين، فإذا جاز السبع فبكاؤه استغفار لوالديه، إلى أن يأتي عليه الحدود، فإذا جاز الحد فما أتى من حسنة فلوالديه و ما أتى من سيئة فلا عليهما (2).
قد استفاضت الأخبار بإستحباب الاستيلاد، و تهيئة أسباب كثرة الأولاد، و وردت الأوامر الأكيدة في ذلك معللا بأنه إن سقط بقي سقطه محبنطئا على باب الجنة لا يدخلها إلى أن يدخل أبواه (3)، و إن ولد حيا و مات قبل الأبوين أجرا فيه، و إن بقي بعدهما استغفر لهما (4)، و ورد أن من سعادة المرء أن لا يموت حتى يرى خلفا من نفسه (5)، و أن الذليل من لا ولد له (6)، و أنّ
ص:53
الولد الصالح ريحانة من اللّه قسمها بين عباده (1)، و أن ميراث اللّه من عبده المؤمن الولد الصالح يستغفر له (2). و أن الولد نعم العضد 3، و أن عمل الولد يوجب نجاة الابوين. و قد مرّ عيسى بن مريم عليه السّلام بقبر يعذّب صاحبه، ثم مرّ من قابل فإذا هو لا يعذّب، فسأل اللّه تعالى عن السبب، فأوحى إليه أنّه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا، و أوى يتيما، فلهذا غفرت له بما عمل ابنه 4.
و يستحب طلب البنات و إكرامّهن، و قد سأل [إبراهيم]عليه السّلام
ص:54
ربّه أن يرزقه ابنة تبكيه و تندبه بعد موته (1)، و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: نعم الولد البنات، ملطفات مجهزات مؤنسات مباركات مفلّيات (2)، و أنّ من كنّ له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن، و ضرّائهن، و سرّائهن كن له حجابا يوم القيامة (3)، و أنّ من عال ثلاث بنات أو مثلهن من الأخوات و صبر على لأوائهن (4)حتى يأتين إلى أزواجهن أو يمتن فيصرن إلى القبور، كنت أنا و هو في الجنة كهاتين-و أشار بالسبّابة و الوسطى-، فقيل: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم! و أثنتين؟ قال: و أثنتين. قيل: و واحدة؟ قال: و واحدة (5). و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّ من كانت له ابنة واحدة كانت خيرا له من ألف حجّة، و ألف غزوة، و ألف بدنة، و ألف ضيافة (6)، و جعلها اللّه له سترا من النار، و من كانت عنده ابنتان أدخله اللّه بهما الجنة، و من كن (7)ثلاثا أو مثلهن من الأخوات وضع عنه الجهاد و الصدقة (8)، و أن من عال ثلاث بنات يعطى ثلاث روضات من رياض الجنة، كل روضة أوسع من الدنيا و ما فيها (9)، و أنه ما من بيت فيه البنات إلاّ نزلت كل يوم أثنتا عشرة بركة و رحمة
ص:55
من السماء، و لا تنقطع زيارة الملائكة من ذلك البيت، يكتبون لأبيهم كلّ يوم و ليلة عبادة سنة (1).
و يكره كراهة البنات، و قد قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لمن تغيّر وجهه عند إخباره بولادة بنت له: الأرض تقلّها، و السماء تظلّها، و اللّه يرزقها، و هي ريحانة تشمّها. ثم أقبل على أصحابه فقال: من كانت له ابنة فهو مقدوح (2)، و من كانت له ابنتان فوا غوثاه باللّه، و من كانت له ثلاث وضع عنه الجهاد و كل مكروه، و من كانت له أربع فيا عباد اللّه أعينوه، يا عباد اللّه أقرضوه، يا عباد اللّه ارحموه (3).
و ورد أن البنات حسنات، و البنون نعمة، و الحسنات يثاب عليها، و النعمة يسأل عنها (4). و أن من تمنى موت البنت لم يؤجر يوم القيامة، و لقي ربه حين يلقاه و هو عاص (5).
و يستحب زيادة الرقة على البنات و الشفقة عليهن أكثر من الصبيان، لما عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من أن من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج، و ليبدأ بالإناث قبل الذكور، فإنه من فرّح ابنة فكأنما أعتق رقبة من ولد إسماعيل (6).
ص:56
و يستحب الدعاء لمن أبطأ عليه الولد بالمأثور و هو: «اللهم لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين، وحيدا وحشا فيقصر شكري عن تفكري، بل هب لي (1)عاقبة صدق ذكورا و إناثا آنس بهم من الوحشة، و أسكن إليهم من الوحدة، و أشكرك عند تمام النعمة، يا وهاب يا عظيم [يا معظم]، يا معطي أعطني في كل عافية شكرا حتى تبلغني منها رضوانك (2)في صدق الحديث، و أداء الأمانة، و وفاء العهد» (3).
و من المأثور أن يقول و هو ساجد: «رب هب لي من لدنك (4)ذرية طيبة [انك سميع الدعاء]، رب لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين» (5). و أن يقول عند الجماع: «اللهم ارزقني ولدا، و أجعله تقيا (6)، ليس في خلقه زيادة و لا نقصان، و أجعل عاقبته إلى خير» (7).
و أرسل الصدوق (رحمه اللّه) عن مولانا السجاد عليه السّلام أنه قال: قل في طلب الولد «رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْوارِثِينَ و اجعل لي من لدنك وليا يرثني في حياتي و يستغفر لي بعد موتي، و اجعله خلقا سويا، و لا تجعل للشيطان فيه نصيبا، اللهم إني أستغفرك و أتوب إليك إنك أنت الغفور الرحيم» سبعين مرة. فإنه من أكثر هذا القول رزقه اللّه تعالى ما تمنّى من مال و ولد، و من خير الدنيا و الآخرة فإنه يقول: اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً*
ص:57
يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً* وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً (1). و عن الصادق عليه السّلام أنه من أراد أن يحبل له فليصل ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع و السجود، ثم يقول: «اللهم إني أسألك بما سألك به زكريا، رب لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين، اللهم هب لي ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، اللهم باسمك استحللتها، و في أمانتك أخذتها، فإن قضيت في رحمها ولدا فاجعله مباركا (2)و لا تجعل للشيطان فيه شركا و لا نصيبا (3). و في خبر أن الاستغفار في كل يوم و في كل ليلة مائة مرة يورث رزق الولد (4)-. و في آخر ما معناه: أن من قال كل صباح و مساء «سبحان اللّه» سبعين مرة، ثم استغفر اللّه مرة، رزق ذرية كثيرة (5).
و ورد رفع الصوت بالأذان في المنزل لطلب كثرة الولد، و زوال السقم (6).
ص:58
و روي أن رجلا شكا إلى مولانا الباقر عليه السّلام قلّة الولد، و أنه يطلب الولد من الاماء و الحرائر فلا يرزق له، و هو ابن ستين سنة، فقال عليه السّلام: قلّ ثلاثة أيام في دبر صلاة المكتوبة-صلاة العشاء الآخرة و في دبر صلاة الفجر-: «سبحان اللّه» سبعين مرة، «و استغفر اللّه» سبعين مرة، و تختمه بقول اللّه عز و جل: اِسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً* يُرْسِلِ اَلسَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً* وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً 1، ثم واقع امرأتك الليلة الثالثة فإنك ترزق بإذن اللّه تعالى ذكرا سويا، ففعل ذلك فلم يحل الحول حتى رزق قرة عين 2.
و ورد قراءة وَ ذَا اَلنُّونِ. . إلى ثلاث آيات 3عند الجماع لطلب الولد 4.
ص:59
و ورد وضع من طلب الولد الذكر يده اليمنى عند قعوده مقعد الرجل من المرأة على يمين سرة المرأة، و قراءة إِنّا أَنْزَلْناهُ سبع مرات، و بعد تبين الحمل يضع يده على يمنة سرتها و يقرأ إِنّا أَنْزَلْناهُ سبعا أيضا (1)
و ورد أن من نوى أن يسمي حمل زوجته محمدا أو عليا ولد له ذكر (2)، و إن من كان له حمل مضت عليه أربعة أشهر فأستقبل بالحامل القبلة و قرأ آية الكرسي و ضرب على جنبها و قال: اللهم إني قد سميته محمدا، فإن اللّه تعالى يجعله غلاما، فإن و فى بالاسم بارك اللّه له فيه، و ان رجع عن الاسم كان للّه فيه الخيار، إن شاء أخذه و إن شاء تركه (3).
*فائدة*
يستحب إطعام الحبلى اللبان (4)، للأمر به معللا بأن الصبي إذا غذي في بطن أمّه باللبّان اشتد عقله، فإن يك ذكرا كان زكي القلب عالما شجاعا، و إن كانت جارية حسن خلقها و خلقتها و عظمت عجيزتها و حظيت عند زوجها (5).
و يستحب أكل الحامل السفرجل، للأمر به معللا بأنه يحسن خلق المولود و يكون أطيب ريحا، و أصفى لونا (6).
ص:60
يستحب مسح رأس اليتيم ترحما به، و قد ورد أنه: ما من مؤمن و لا مؤمنة يضع يده على رأس يتيم ترّحما به، إلاّ كتب اللّه له بكل شعرة مرت عليها يده حسنة، و أعطاه بكل شعرة نورا يوم القيامة (1).
و ورد إن مسح رأس اليتيم و ملاطفته يزيل قساوة القلب (2).
و أنه إذا بكى اليتيم اهتزّ العرش على بكائه، فيقول اللّه تعالى: يا ملائكتي! اشهدوا عليّ أن من أسكته و استرضاه أرضيته في يوم القيامة (3). و في خبر آخر: من أرضاه بشطر كلمة أدخلته الجنة (4). و في ثالث: يقول اللّه عز و جل: من أبكى هذا اليتيم الذي غيبت أبويه أو أباه في الأرض؟ أشهدكم ملائكتي أن من أسكته برضاه فأنا ضامن لرضاه من الجنة، قيل: يا رسول اللّه! و ما يرضيه؟ قال: يمسح رأسه، و يطعمه ثمرة (5).
و أن خير بيوتكم بيت فيه يتيم يحسن إليه، و شر بيوتكم بيت يساء إليه (6). و أن من كفل يتيما من المسلمين فأدخله إلى طعامه و شرابه أدخله اللّه الجنة البتة، إلاّ أن يعمل ذنبا لا يغفر (7). و أنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: أنا و كافل
ص:61
اليتيم كهاتين في الجنة-و أشار باصبعه السبابة و الوسطى- (1).
و ان مما رآه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة الإسراء مكتوبا على الباب الثاني من الجنة: لكل شيء حيلة، و حيلة السرور في الآخرة أربع خصال: مسح رأس اليتامى، و التعطف على الأرامل، و السعي في حوائج المؤمنين، و تعهد الفقراء و المساكين (2).
إنّ البرّ بالوالدين واجب، برّين كانا أو فاجرين، حيّين كانا أو ميتّين، مؤمنين كانا أو مخالفين أو كافرين (3). و قد ورد أنه أكبر فريضة (4). و أنه لن يدخل النار البار بوالديه (5). و أن رضى الربّ في رضاء الوالدين، و سخط الرب في سخط الوالدين 6. و أنّ من أحبّ أن يكون أطول الناس عمرا فليّبر والديه،
ص:62
و ليصل رحمه، و ليحسن (1)إلى جاره (2). و أنّ من يضمن لي برّ الوالدين أضمن له كثرة المال، و زيادة العمر، و المحبّة في العشيرة (3). و أنّ برّ الوالدين و صلة الرحم يهوّنان الحساب (4). و أنّ البارّ يطير مع الكرام البررة. و أنّ ملك الموت يتبّسم في وجه الباّر، و يكلح في وجه العاّق (5). و أنّ بين الأنبياء و الباّر درجة، و بين العاّق و الفراعنة دركة (6).
هذا كلّه مضافا إلى أنّ البرّ بالوالدين يتسبّب لدعائهما له، و دعاؤهما مفيد لا يحجب عن اللّه تعالى، كما نطقت بذلك الأخبار، كما لا يحجب دعاؤهما عليه إذا عقّهما (7). و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّ العبد ليرفع له درجة في الجنة لا يعرفها من أعماله، فيقول: ربّ أنّى لي هذه؟ فيقول: بإستغفار والديك لك من بعدك (8).
و قد عد في الاخبار من حقوقهما أن تحسن صحبتهما، و لا تكلّفهما أن يسألاك شيئا مما يحتاجان إليه و إن كانا مستغنيين. و أن لا تقول لهما أفّ إن ضجراك، و لا تنهرهما إن ضرباك، و أن تقول لهما قولا كريما، بأن تقول إذا
ص:63
ضرباك: غفر اللّه لكما، و أن تخفض لهما جناح الذّل، بأن لا تملأ عينيك من النظّر إليهما إلاّ رحمة و رقّة، و أن لا ترفع صوتك فوق أصواتهما، و لا يدك فوق أيديهما، و لا تتقدّم قدامّهما (1)، و لا تمشي بين يديهما، و لا تسمّيهما باسمهما، و لا تجلس قبلهما، و لا تحوّل وجهك عنهما، و لا تضيّق عليهما فيما قد وسع اللّه عليك من المأكول و الملبوس، و أن تعظّمهما بحّق ما يلزمك لهما إذا رأيتهما، و أن تحملهما عند الكبر إلى قضاء الحاجة، و تضع اللقمة في فيهما عند العجز، و تقضي دينهما بعد الموت، و تستغفر لهما، و تصلي و تصوم و تحج عنهما (2). و قد قيل للإمام زين العابدين عليه السّلام: أنت أبّر الناس و لا نراك تواكل أمكّ؟ قال: أخاف أن أمدّ يدي إلى شيء قد سبقت عينها عليه فأكون قد عققتها (3).
و يحرم عقوق الوالدين كما يأتي توضيحه في المقام العاشر من الفصل العاشر في العشرة. و جعل مولانا الصادق عليه السّلام من العقوق قول الرجل لأبنه أو أبنته في حياة والديه المؤمنين: بأبي أنت و أمّي أو بأبويّ أنت، و نفي البأس عن قول ذلك بعد موتهما (4).
و يستحب الزيادة في بّر الأم على الأب، حتّى قيل أنّ للأم ثلثي البّر و للأب الثلث (5). و قد أمر صلوات اللّه عليه و آله ثلاث مراّت بالبّر بالأم ثم في
ص:64
الرابعة أمر بالبّر بالأب (1). و قد قيل لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أيّ الوالدين أعظم؟ قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: التي حملته بين الجنبين، و أرضعته من (2)الثديين، و حضنته على الفخذين، و فدته بالوالدين (3). و قيل له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ما حق الوالد؟ قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أن تطيعه ما عاش، فقيل: و ما حق الوالدة؟ فقال: هيهات هيهات لو أنه عدد رمل عالج و قطر المطر أيام الدنيا قام بين يديها، ما عدل (4)ذلك يوما حملته في بطنها (5).
و قال رجل له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: انّ والدتي بلغها الكبر و هي عندي الآن أحملها على ظهري، و أطعمها من كسبي، و أميط عنها الأذى بيدي، و أصرف عنها مع ذلك وجهي استحياء منها و إعظاما لها، فهل كافأتها؟ قال: لا، لأن بطنها كان لك وعاء، و ثديها كان لك سقاء، و قدمها لك حذاء، و يدها لك وقاء، و كانت تصنع ذلك لك و هي تتمنى حياتك، و أنت تصنع هذا بها و تحّب مماتها (6).
و ورد عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: إذا كنت في صلاة تطوع فإن دعاك والدك فلا تقطعها، و ان دعتك والدتك فاقطعها (7).
ص:65
و ورد الأمر ببر الخالة لمن لم تكن له أمّ (1).
و يحرم عقوق الوالدين (2)، و قد مرّ أن العاق لا يجد ريح الجنة (3).
و ورد تأكيد كثير بصلة الأرحام، و هي كناية عن الاحسان إلى الاقربين من ذوي النسب و الاصهار، و التعّطف عليهم، و الرفق بهم، و الرعاية لاحوالهم. و قد ورد إنّ صلة الرحم مثراة للمال، و منساة للأجل (4). و جعل النبي
ص:66
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صلة الرحم من الدين و ان كان على مسيرة سنة (1). و ورد في جملة ما هو مكتوب على باب الجنة: إنّ صلة الرحم بأربعة و عشرين (2). و روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. إنّ من رعى حقّ قرابات أبويه أعطي في الجنة ألف درجة بعد ما بين كل درجتين حضر الفرس الجواد المضمر مائة سنة، إحدى الدرجات من فضة، و الأخرى من ذهب، و الأخرى من لؤلؤ، و الأخرى من زمّرد، و الأخرى من زبرجد، و الأخرى من مسك، و الأخرى من عنبر، و الأخرى من كافور، و تلك الدرجات من هذه الأصناف (3).
و يحرم قطع الرحم، و قد ورد أنّ الرحّم معلّقة بالعرش تقول: اللهم صل من وصلني، و اقطع من قطعني (4).
و إن أول ناطق من الجوارح يوم القيامة الرحم تقول: يا رب من وصلني في الدنيا فصل اللهّم اليوم ما بينك و بينه، و من قطعني في الدنيا فاقطع اليوم ما بينك و بينه (5).
و ان حافتي الصراط يوم القيامة الرحم و الأمانة، فإذا مرّ الوصول للرحّم
ص:67
المؤدّي للامانة نفذ إلى الجنة، و إذا مرّ الخائن القطوع للرحم لم ينفعه معهما عمل و تكفّأ به الصراط في النّار (1). و إنّ قطع الرحم من الذنوب التي تعجّل الفناء (2). و إنّ الرجل قد يكون أجله ثلاثا و ثلاثين سنة فيصيره اللّه تعالى إلى ثلاث سنين أو أدنى بسبب قطع الرحم (3). و يأتي في المقام العاشر من الفصل العاشر باقي ما ورد في قطع الرحم إن شاء اللّه تعالى.
و ورد إنّ صلة الرحم تزكي الاعمال، و تنمي المال، و تدفع البلوى، و تيّسر الحساب، و تعصم من الذنوب، و تحبّب في الأهل، و تكبت العدو، و تورث السؤدد، و تزيد في الرزق، و تنفي الفقر، و تدّر النعم، و تدفع النقم، و هي من أحسن الشيم، و تحسّن الخلق، و تسمح الكف، و تطيّب النفس، و تزيد في العمر، و تنسي في الأجل، حتّى إنّ الرجل يكون قد بقي من عمره ثلاث سنين فيصل رحمه فيزيد اللّه في عمره ثلاثين سنة، و يكون أجله ثلاثا و ثلاثين سنة (4). و روي إنّ من مشى إلى ذي قرابة بنفسه و ماله ليصل رحمه أعطاه اللّه عز و جلّ أجر مائة شهيد، و له بكّل خطوة أربعون ألف حسنة، و يمحى عنه أربعون ألف سيئة، و يرفع له من الدرجات مثل ذلك، و كأنّما عبد اللّه مائة سنة صابرا محتسبا (5).
ص:68
و في عدّة أخبار إنّ الرحم رحم محمد و آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1)و رحم كلّ مؤمن، فتجب صلة رحمه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2). و يأتي إن شاء اللّه تعالى في المقام السادس في آداب السفر من الفصل الحادي عشر ما ينطق بفضل السفر لصلة الرحم.
و ورد الأمر بصلة القاطع من الأرحام أيضا، معلّلا بأنّك إذا وصلته و قطعك وصلكما اللّه تعالى جميعا، و إن قطعته و قطعك قطعكما اللّه تعالى جميعا (3). و ورد الأمر بصلة من قطع منهم، و اعطاء من حرم منهم، و العفو عمّن ظلم منهم.
قال عليه السّلام: فإنّك إذا فعلت ذلك كان لك من اللّه عليهم ظهيرا (4). و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه: ما من خطوة أحب إلى اللّه من خطوتين: خطوة يسّد بها صفا في سبيل اللّه؛ و خطوة إلى ذي رحم قاطع يصلها (5). و عن الصادق عليه السّلام الأمر بصلة الرحم و لو بشربة من ماء (6)، بل و لو بحسن
ص:69
السّلام ورّد الجواب (1). و قال عليه السّلام: أفضل ما توصل به كف الأذى عنه (2).
و الأولى إرجاع الأمر في الصلة و القطع إلى العرف، فإنّهما يختلفان بإختلاف الأزمنة و الأمكنة و الأشخاص كما لا يخفى على الناقد البصير. فعليك بإمعان النظر حتى لا يفوتك أجر الصلة و لا تلحقك مضارّ القطع.
و لا يعتبر في الرحم الإيمان و الاسلام، لما روي عن الجهم بن حميد قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: يكون لي القرابة على غير أمري، ألهم حقّ؟ قال: نعم، حقّ الرحم لا يقطعه شيء، و إذا كانوا على أمرك كان لهم حقّان: حقّ الرحم، و حقّ الاسلام (3).
الرحم و إن كانت بعيدة يلزم صلتها، لقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه: لما أسري بي إلى السماء، رأيت رحما معلقّة بالعرش تشكو رحما إلى ربّها، فقلت لها: كم بينك و بينها من أب؟ فقالت: نلتقي في أربعين أبا (4).
ص:70
غير نجس و لا مغصوب، و لا من جلد الميتة (1)و لا من أجزاء غير المأكول لحمه (2)، عدى ما أستثني من الخز و نحوه (3)، و يعتبر في لباس صلاة الرجل-
ص:72
مضافا إلى ما ذكر-أنّ لا يكون حريرا (1)و لا ذهبا (2)و يحرم لبسهما للرجال أيضا في غير الصلاة (3)كما ذكرنا ذلك كله مع فروعها في المناهج 4.
و يستحب التجمل من الحلال، لما ورد من أنّ اللّه سبحانه جميل يحب الجمال و التجمّل و يبغض البؤس و التباؤس 5.
و أن اللّه إذا أنعم على عبده بنعمة أحّب أن يرى عليه أثرها 6بان ينظّف
ص:73
ثوبه، و يطيّب ريحه، و يجصّص داره، و يكنس أفنيته، حتى أنّ السراج قبل مغيب الشمس ينفي الفقر، و يزيد الرزق (1). و أن اللّه إذا أنعم على عبد 2فظهرت عليه سمّي حبيب اللّه محدّث بنعمة اللّه، و إذا أنعم اللّه على عبد بنعمة فلم تظهر عليه سمّي بغيض اللّه مكذّب بنعمة اللّه 3.
و يستحب تزيّن المسلم لأخيه المسلم و لاصحابه و لإهله، كما يتزيّن للغريب الذي يحّب أن يراه على أحسن هيئة 4. و يستحب أن يكون الانسان في أحسن زيّ قومه 5، و أن يظهر الغنى بين الناس و إن لم يكن غنيا، إلاّ مع التهمة المنقصة له 6.
ص:74
و يستحب لبس الثوب النقي النظيف فإنه يذهب الهمّ و الحزن و يكبت العدو (1)، و لا يكره لبس الثوب الفاخر الثمين، بل يستحب إذا لم يؤدّ إلى الشهرة (2). فيلزم تركه، كما يلزم ترك لبس الخلق و الخشن و نحوهما إذا أدى إلى الشهرة، لما ورد من أنّ اللّه تعالى يبغض شهرة اللباس (3). و أن من لبس ثوبا يشهّره كساه اللّه يوم القيامة ثوبا من النار (4). و أنّ الشهرة خيرها و شرها في النار (5). و قد كان يلبس الإمام الزكي و من بعده صلوات اللّه عليهم ثيابا فاخرة ثمينة، فقيل لهم في ذلك و أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام لم يكن يلبسها، فأجابوا: بأن اللّه جلّ جلاله لم يحرم لباسا أحله و لا شرابا من حلال، و إنما حرم الحرام قلّ أو كثر، و قد قال اللّه عز و جل: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اَللّهِ اَلَّتِي أَخْرَجَ
ص:75
لِعِبادِهِ وَ اَلطَّيِّباتِ مِنَ اَلرِّزْقِ (1) (2)و قوله جل شأنه: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ (3)، و أن أمير المؤمنين عليه السّلام كان يلبس الخشن في زمان لا ينكر، و لو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به (4)، و أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمير المؤمنين عليه السّلام كانا في زمان مقفر مقصر جدب، فأما إذا أقبلت الدنيا و أرخت فأحق الناس بها أبرارها لا فجارها، و مؤمنوها لا منافقوها، و مسلموها لا كفارها (5).
و الذي يستفاد من مجموع الأخبار، حسن تحسين الثياب، و عدم حسن التزهد فيها لمن له عيال، إلاّ إذا كان رئيس الدين و إمام عدل، و لذا إنّ عاصم
ص:76
بن زياد لمّا تزهد في اللباس و لامه أمير المؤمنين عليه السّلام على ذلك، فقال له عاصم: يا أمير؟ ! فعلى ما [خ. ل: فلم]اقتصرت في مطعمك على الجشوبة، و في ملبسك على الخشونة؟ ! قال عليه السّلام: ويحك! إنّ اللّه عزّ و جلّ فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس، كي لا يتبغ (1)بالفقير فقره (2).
و المستفاد من جملة من الأخبار أن أحسن الثياب جنسا و وصفا أقربها إلى المتعارف بين المتدينين، و أن خير لباس كل زمان لباس أخيار أهله (3).
نعم ورد عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن من ترك لبس ثوب جمال و هو يقدر عليه تواضعا كساه اللّه تعالى حلة الكرامة (4).
ص:77
و يستحب لمن أراد أن يتزهد لبس الثوب الحسن من خارج و الخشن من داخل، و يكره العكس (1). و يتأكد لبس الخشن من داخل لمن وجد من نفسه الطغيان بلبس اللين، و قد ورد أنّ الجسد إذا لبس الثوب اللين طغى، و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال لأبي ذر: البس الخشن من اللباس و الصفيق من الثياب لئلا يجد الفخر فيك مسلكه (2).
و يجوز اتخاذ ثياب كثيرة مختلفة يراوح بينها، و ليس ذلك اسرافا، حتى سئل مولانا الصادق عليه السّلام عن ثلاثين ثوبا فقال: ليس ذلك من السرف، إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك (3)، يعني تجعل الثوب الفاخر
ص:78
الذي تصون به ماء وجهك مكان الثوب الذي يلبس في البيت و يبتذل، و لذا صار ابتذال ثوب الصون مكروها، و سئل عليه السّلام عن الرجل الموسر يتخذ الثياب الكثيرة الجياد و الطيالسة و القمص الكثيرة يصون بعضها بعضا يتجمل بها، أ يكون مسرفا؟ قال: لا، لأن اللّه عز و جل يقول: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ 12.
و يكره التعرّي من الثياب لغير ضرورة ليلا و نهارا للرجل و المرأة مع عدم وجود الناظر المحترم، و إلاّ حرم ما به يحصل كشف العورة، و روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنه قال: إذا تعرّى أحدكم نظر إليه الشيطان فطمع فيه فأستتروا 3.
و يستحب لبس السراويل و نحوه ممّا يمنع انكشاف العورة سيما في الصلاة، فقد روي أنّ ركعة بسراويل تعدل أربعا بغيره 4، و ورد أن اللّه سبحانه أوحى إلى إبراهيم عليه السّلام أنّ الأرض تشتكي إليّ من عورتك، فاجعل بينها و بين الأرض حجابا، فصنع سراويل إلى ركبته فلبسه 5.
و الاحوط لزوما الاجتناب من تشبه الرجل بالمرأة و بالعكس في اللباس
ص:79
و غيره (1)، و كذا التشبه بأعداء اللّه تعالى و سلوك مسالكهم (2). و عن الصادق عليه السّلام أن اللّه تعالى أوحى إلى نبي من أنبيائه: قلّ للمؤمنين لا تلبسوا ملابس أعدائي، و لا تطعموا مطاعم أعدائي، و لا تسلكوا مسالك أعدائي، فتكونوا أعدائي (3). و لعن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم المتشبهين من الرجال بالنساء، و المتشبهات من النساء بالرجال (4). و يروى أن خير شبابكم من تشبه بالكهول، و شر كهولكم من تشبه بالشباب (5).
و يستحب اختيار البياض من بين الالوان، فإنه أطيب و أطهر، و هو
ص:80
خير الالوان (1)، و القطن من بين الاجناس، فإنه لباس رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2)، و الأئمة عليهم السّلام، و كذا الكتان فإنه من لباس الانبياء، و هو ينبت اللحم (3).
و يكره لبس الثوب الرقيق (4)، و الأحمر المشبع الذي هو في نهاية الحمرة بل مطلق الأحمر إلاّ للعرس (5)، و لا يكره الأحمر الوردي، بل لعله مستحب لمن لم يكن خلاف زيّه في عادة عصره و مصره، للبس الباقر عليه السّلام له (6). و كذا يكره المصبوغ بالزعفران، و لا بأس بالمصبوغ بالعصفر (7)، و قد ورد عن أهل البيت عليهم السّلام: صبغنا البهرمان و صبغ بني أميّة الزعفران (8). و البهرمان هو العصفر أو ضرب منه كما صرح به أهل اللغة (9). و لا يكره لبس الاخضر (10)، و الازرق 11، و الأصفر (11)، و العدسي (12)، بل لا يبعد
ص:81
الاستحباب، للبس الصادق عليه السّلام الاول و الثالث، و السجاد و الرضا عليهما السّلام الثاني، و باب الحوائج عليه السّلام الرابع على ما ورد. و يمكن الاستيناس لرجحان الأزرق من الثياب، بقول الصادق عليه السّلام: السبح الزرق في أيدي شيعتنا مثل الخيوط الزرق في ألبسة بني إسرائيل، إن اللّه عزّ و جلّ أوحى إلى موسى عليه السّلام أن مر بني اسرائيل أن يجعلوا في أربعة جوانب أكسيتهم الخيوط الزرق، و يذكرون به إله السماء.
و يكره لبس الأسود لأنّه لباس فرعون و لباس أهل النار و لباس العباسيين (1). و أستثني من ذلك العمامة و الخف و الكساء مطلقا (2)، و الباقي حال التقية من الأعداء (3)، و الأظهر عندي استثناء لبسه في عزاء أهل البيت عليهم السّلام (4)، بل و مطلق عزاء المؤمن احتراما له كما أوضحناه في رسالة وسيلة
ص:82
النجاة، و لا يلحق بالعمامة القلنسوة و نحوها من ملابس الرأس (1).
و يكره لبس الصوف و الشعر سيما في الصيف، إلاّ من علة برد و نحوه. و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في وصيته لأبي ذر: يا أبا ذر! يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم و شتائهم، يرون أنّ لهم الفضل بذلك على غيرهم، أولئك يلعنهم أهل السموات و الأرض (2).
و يستحب توسعة جيب القميص و الثوب و هو طوقه، و قد ورد أنه أمان من الجذام (3). و تخفيف الرداء، فإنه أقرب إلى طول العمر (4).
و يكره حل ازرار القباء و القميص، لأنه من فعل قوم لوط (5)، و يحتمل أن يكون المراد به اللبس محلول الازرار دائما المنافي للستر كما هي عادة العرب، لا الحل في بعض الأوقات (6).
ص:83
و يستحب تقصير الثياب، فإنه أبقى للثوب و أنقى للقلب (1).
و يكره تجاوز ذيله الكعبين و كمّه أطراف أصابع اليدين، و قد ورد أنّ ما جاوز الكعبين في النار (2)، و لعله لإيراثه الكبر و الخيلاء. و قد ورد أن من لبس ثوبا و اختال فيه خسف اللّه به من شفير جهنم، و كان قرين قارون، لأنه أول من اختال فخسف اللّه به و بداره الأرض. و أن من أختال فقد نازع اللّه في جبروته (3)، و أنه لا يجد ريح الجنة مرخي الإزار خيلاء (4)، و أن أمير المؤمنين عليه السّلام كان إذا لبس القميص مدّ يده فإذا طلع عن أطراف أصابعه قطعه 5.
و يكره التوشح بالازار فوق القميص، لأنه من فعل الجبابرة 6، و زيّ الجاهلية. و كيفيته إدخال الإزار تحت اليد اليمنى و إلقاؤه على المنكب الأيسر. و قيل: هو أخذ الطرف الذي ألقاه على المنكب الأيمن من تحت يده اليسرى، و أخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى، ثم يعقدهما على صدره بالمخالفة بين طرفيه. و كذا يكره سدل الرداء لمن لبس الازار فقط 7، فأما إذا كان لابسا قميصا و نحوه فلا بأس به. و كذا يكره اشتمال الصماء
ص:84
و التحافه، و هو أن يدخل رداءه تحت إبطه، ثم يجعل طرفيه على منكب واحد (1).
و يكره القناع للرجل ليلا و نهارا، لأنه ريبة بالليل و مذلة بالنهار (2).
و أحسن الأيام لقطع الثوب يوم الخميس، فإنه يوم مبارك (3)، و كذا الجمعة فإنه سيّد الأيام (4). و ورد النهي عن قطعها يوم السبت، لأنّ صاحبه يكون مريضا (5). و يوم الأحد، لأنه يورث الغمّ و الحزن (6). و يوم الثلاثاء لأنه إما أن يحرق أو يغرق أو يسرق (7). و أما الأربعاء فهو و إن كان يوما نحسا إلاّ أنه ورد الاذن بالقطع فيه (8)، كما ورد مدح القطع يوم الاثنين و أنه يكون
ص:85
مباركا (1). و يستحب عند قطع ثوب جديد أن يقرأ سورة القدر ستا و ثلاثين مرة، فإذا بلغ تَنَزَّلُ اَلْمَلائِكَةُ أخرج شيئا من الماء ورش بعضه على الثوب رشا خفيفا، ثم يلبسه و يصلي فيه ركعتين بالحمد و آية الكرسي و التوحيد و القدر و يدعو بقول: «الحمد للّه الذي رزقني ما أتجمّل به في الناس و أواري به عورتي و أصلي فيه لربي» ، و يكثر من قول: «لا حول و لا قوة إلاّ باللّه» (2)، فقد ورد أنّ من فعل ذلك لا يعصي اللّه فيه، و له بكل سلك فيه ملك يقدس له و يستغفر له و يترحّم عليه، و لم يزل يأكل في سعة حتى يبلى ذلك الثوب (3).
و يستحب الابتداء عند اللبّس باليمين، فقد ورد أنّ الإمام باب الحوائج عليه السّلام كان يلبس ثيابه مما يلي يمينه، و كان إذا لبس ثوبا جديدا دعا بقدح من ماء فقرأ فيه سورة القدر عشرا، و التوحيد عشرا، و: قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ عشرا، ثم نضحه على ذلك الثوب، ثم قال: من فعل هذا بثوبه قبل أن يلبسه لم يزل في رغد من العيش ما بقي منه سلك 4.
و عن الباقر عليه السّلام الأمر لمن لبس الجديد بقوله: «اللهم اجعله ثوب يمن و تقى و بركة، اللهم ارزقني فيه حسن عبادتك، و عملا بطاعتك، و أداء شكر نعمتك. الحمد للّه الذي كساني ما أواري به عورتي، و أتجمّل به في الناس» 5. و ورد أن من قال عند لبس الجديد: «الحمد للّه الذي كساني
ص:86
من اللباس ما أتجمّل به في الناس، اللهم اجعلها ثياب بركة أسعى فيها لمرضاتك، و أعمّر فيها مساجدك» غفر له (1).
و ورد إمرار اليد على الثوب الجديد بعد لبسه عند قراءة الدعاء (2)، و أنّ من قال عند لبس الجديد: «لا إله إلاّ اللّه، محمد رسول اللّه» أمن من الآفة (3). و ورد عند لبس الثوب الجديد قول: «اللهم ألبسني لباس الإيمان، و زينّي بالتقوى، اللهم أجعل جديده أبليه في طاعتك و طاعة رسولك، و أبدلني بخلقه حلل الجنة، و لا تبدلني بخلقه مقطعات النيران» (4).
و يأتّي في الخاتمة إن شاء اللّه تعالى كراهة خياطة الثوب على البدن، و أنها من موجبات الفقر.
و يستحب لبس السراويل من قعود، فإنّ من فعل ذلك وقي وجع الخاصرة (5). و يكره من قيام، و مستقبل القبلة، و كذا مستقبل الانسان (6). و قد ورد أن من لبسه من قيام لم تقض له حاجة ثلاثة أيام (7)، و أنه يورث الجبن و الماء الأصفر، و الغم و الهم (8). و روي استحباب الدعاء عند لبس السراويل بقول: «بسم اللّه اللهم استر عورتي، و لا تهتكني في عرصات القيامة، و أعف
ص:87
عنّي فرجي، و لا تخلع عنّي زينة الإيمان» (1).
و في رواية أخرى بقول: «اللهم استر عورتي، و آمن روعتي [و لا تبد عورتي]، و عفّ فرجي، و لا تجعل للشيطان في ذلك نصيبا و [خ. ل لا سبيلا]، و لا إلى ذلك وصولا، فيضع لي المكائد و يهيجّني لارتكاب محارمك» (2).
و ورد استحباب لبس الثوب قبل السراويل، لأنه من عمل الأنبياء (3). و يستحب التسمية عند خلع الثياب، لئلا يلبسها الجن (4)، و طيها لأنه راحتها و أبقى لها (5). و لأنها إذا كانت منشورة لبسها الشياطين بالليل (6).
و يكره مسح اليد و الوجه بالذيل (7)، و المسح بثوب من لم يكسه الماسح (8).
و يستحب التبّرع بكسوة المؤمن فقيرا كان أو غنيّا، فإنّ من كسا فقيرا مسلما ثوبا من عري أو أعانه بشيء ممّا يقويه على معيشته و كلّ اللّه عزّ و جلّ به سبعين ألف ملك يستغفرون لكل ذنب عمله إلى أن ينفخ في الصور (9). و من كسا
ص:88
أخاه المؤمن شتاءا أو صيفا كان حّقا على اللّه تعالى أن يكسوه من ثياب الجنة و استبرقها، و أن يهوّن عليه من سكرات الموت، و أن يوسّع في قبره، و أن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى (1). و من كسا مؤمنا ثوبا من غنى، لم يزل في ستر من اللّه ما بقي من الثوب خرقة (2).
و يجب على القادر إكساء المؤمن عند ضرورته، و قد روي أنّ من كان عنده فضل ثوب و قدر أن يخصّ به مؤمنا يحتاج إليه فلم يدفعه إليه أكبّه اللّه في النار على منخريه (3).
ص:89
يستحب لبس العمامة، و قد ورد أنها تزيد في الحلم (1)، و أنها تيجان الملائكة و العرب (2)، و أن العرب إذا وضعوها وضع اللّه عزّهم (3). و يتأكد لبسها في الصلاة، و قد ورد أن ركعتين مع العمامة خير من أربع ركعات بغير عمامة (4). و أفضلها لونا البياض (5)، و كيفية إلقاء طرف منها على الصدر و طرف آخر طول أربع أصابع من خلف بين الكتفين (6)، و روي أن من خرج من منزله معتما تحت حنكه يريد سفرا لم يصبه في سفره سرق و لا حرق و لا مكروه (7). و عن الصادق عليه السّلام أنه قال: إني لأعجب ممن يأخذ في حاجة و هو معتم تحت حنكه
ص:90
كيف لا تقضى حاجته (1)؟ !
و يكره التّعمم من غير تحنك، و قد ورد أن من فعل ذلك فأصابه ألم أو داء لا دواء له فلا يلومّن إلاّ نفسه (2). و قد فسرّت العمامة الطابقية-التي ورد أنها عمة إبليس-بما لا حنك لها (3)، و كذا فسّر الاقتطاع-الذي ورد عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم النهي عنه-بشدّ العمامة من غير إدارة حنك (4). و قيل: يكره صلاة المتعّمم من غير تحنّك، و لم يثبت (5). نعم الاجتناب من ذلك أولى، و في تحقّق التحنّك بوضع حنك للعمامة و ان لم يسد له تأمّل، بل في تحقّق التحنّك بالاسدال من غير إدارته و جهان، و الأخبار الحاكية لكيفية تعمّم النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الأئمة عليهم السّلام من إسدال طرف منها بين أيديهم و مقدار أربع أصابع بين الكتفين تقضي بتحقّق التحنّك بالإسدال، و ظاهر الروايتين المزبورتين آنفا هو الإدارة تحت الحنّك، و يمكن العمل بالأخبار جميعا باعتبار الإدارة تحت الحنك لمن أراد السفر أو الذهاب إلى حاجة لظاهر الخبرين، و عدم الإعتبار في غيرهما لإطلاق باقي الأخبار.
و روي استحباب أن يدعو عند لبس العمامة بقول: «اللهم أرفع ذكري، و أعل شأني، و أعزني بعزتّك، و أكرمني بكرمك بين يديك و بين خلقك،
ص:91
اللهم توجّني بتاج الكرامة و العزّ و القبول» (1). و في رواية أخرى أنه يقول: «اللّهم سوّمني بسيماء الإيمان، و توجّني بتاج الكرامة، و قلّدني حبل الإسلام، و لا تخلع رغبة (2)الإيمان من عنقي» (3).
و قيل: ينبغي لفّ العمامة من قيام، و عدّ لفهّا من جلوس من مورثات الفقر، و أمّا ما اشتهر على الالسن من كراهة وضع العمامة الملفوفة و نحوها من ملبوسات الرأس في الأرض مقلوبة باطنها إلى فوق و أنّ الشيطان يفرّخ فيها أو يحدث، و إن وضع منديل عليها يسترها رافع للكراهة، فلم أقف على مستند شيء منه.
و يكره لبس البرطلّة فإنها من زيّ اليهود (4). و كذا يكره لبس القلنسوة المتركة (5). و ورد أنه إذا ظهرت القلانس المتركة ظهر الزنا (6). و استظهر العلامة المجلسي قدس سره كون المراد بها نحو قلنسوة البكتاشية و بعض الدراويش، و ورد أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يلبس قلنسوة بيضاء مضربة، و كان صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يلبس القلانس اليمنيّة و البيضاء و المضربة و ذوات
ص:92
الاذنين في الحرب (1). و عن أبي الحسن الأول عليه السّلام أنه قال للحسين بن المختار: اعمل لي قلنسوة و لا تكن مصبغة، فإن السيد مثلي لا يلبس المصبغ، و المصبغ: المكسّر بالظفر (2).
و لا بأس بلبس البرنس، لأن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان له برنس يتبرنس به (3). و البرنس: قلنسوة طويلة كان النسّاك يلبسونها في صدر الإسلام (4).
و لا يصلح لبس الخلخال الذي له صوت، سيما عند سماع الاجانب صوته، و لا بأس بما لا صوت له.
و يستحب لبس ما يمنع الرجل من مباشرة الأرض من نعل أو حذاء أو نحوهما، و قد روي أن أول من أتّخذ النعلين إبراهيم عليه السّلام (5)، بل قيل بكراهة المشي حافيا على الأرض. و يستحب أستجادته فإنها تكبت العدو، و تزيد في ضوء البصر، و تطيل العمر، و تحفظ من البلاء، و هي عون على الصلاة و الطهور (6).
ص:93
و يكره لبس ما يشاكل حذاء الكفار، و ورد النهي عن لبس النعل الممسوحة، لأنها حذاء اليهود (1). و المراد بها النعل التي يلصق جميع باطنها الأرض مأخوذ من: أمسح الرجل و هو الذي ليس له أخمص، و الأخمص: ما رقّ من باطن القدم و تجافى عن الأرض. و كذا ورد النهي عن لبس النعل غير المخصرة. و قال الصادق عليه السّلام: اني لا مقتها 2، و فسرها في رواية بالممسوحة. و يساعده تفسير أهل اللغة النعل المخصّرة بالتي قطع خصرها حتى صار مستدقا، مأخوذ من رجل مخصر القدمين إذا كان قدمه تمس الأرض من مقدمها و عقبها و ينخوي أخمصها و يخلو مع رقة فيه 3. و كذا ورد النهي عن النعل غير المعقبة و مقتها الصادق عليه السّلام 4أيضا، و فسرها في مجمع البحرين بغير المخصرة، و لعله لأنها إذا لم يكن لها عقب تساوى أسفله. و ورد النهي أيضا عن النعل الملس، و هو حذاء فرعون، و هو أول من أتخّذ الملس 5. و في مجمع البحرين 6، أنه لعل المراد به غير المخصره. و حينئذ فمرجع النواهي المزبورة إلى أمر واحد و هو تساوي أسفل النعل و عدم وجود خصرة لها كخصرة القدم.
ص:94
و يكره عقد شراك النعل (1)، و يستحب إطالة ذوائب النعلين (2)، و يستحب إصلاح نعل من انقطع شسع نعله، و قد ورد أن من فعل ذلك حمله اللّه تعالى على ناقة سريعة حين يخرج من قبره (3). و لا بأس بالمشي حافيا و على نعل واحدة إذا أنقطع الشسع في أثناء الطريق إلى أن يصلح (4)، و يكره المشي على واحدة لغير ذلك، لأن الشيطان لا يفارقه إلاّ أن يشاء اللّه تعالى (5)، و في خبر آخر أنه يتخوف عليه الجنون (6).
و يستحب خلع النعل عند الجلوس، و عند الأكل، فإنه سنة جميلة، و أرّوح للقدمين (7).
و يكره لبس النعل السوداء، فإنها من لباس الجبارين، و تورث الهم، و تضعف البصر، و ترخي الذكر (8). و يستحب البيضاء و الصفراء، فإن من أخذ النعل البيضاء لم يبلها حتى يكتسب مالا من حيث لا يحتسب أو علما (9)، و من لبس نعلا صفراء كان في سرور حتى يبليها، و فيها خصال ثلاث: تجلوا البصر، و تشّد الذكر، و تنفي الهم، و هي مع ذلك من لباس النبيّين (10). و من لبس صفراء
ص:95
[تميل]إلى البياض لم يعدم مالا و ولدا (1).
و يستحب لبس الخف شتاء و صيفا، فإنه يزيد في قوة البصر، و من داوم عليه أمن من مرض السل و موت السوء (2). و تقييد لبسه في بعض الأخبار بعدم وجدان النعل يكشف عن كون النعل أفضل منه (3). و الفضل في لون الخف عكس النعل، فيستحب منه الأسود، لأنه ملبوس بني هاشم، و يكره الأبيض لأنه ملبوس الجبابرة (4)، و كذا يكره الأحمر منه في الحضر لا في السفر، لأنه أبقى على الطين و المطر و أحمل له (5).
و يستحب الابتداء في لبس النعل و الخف و نحوهما كالثياب باليمين، و في الخلع باليسار (6). و ورد النهي عن لبس النعل و هو قائم (7)، و ورد الأمر بلبسه قاعدا و خلعه قائما (8).
و روي استحباب الدعاء عند لبس النعل بقول: «بسم اللّه و باللّه و الحمد للّه اللهم صل على محمد و آل محمد و وطّي قدمي في الدنيا و الآخرة، و ثبّتهما على الإيمان، و لا تزلزلهما يوم زلزلة الاقدام، اللهم وقنّي من جميع الآفات و العاهات و من الاذى» . و عند خلعهما بقول: «اللهم فرجّ عنّي كل همّ و غم و لا تنزع
ص:96
عني حلّة الإيمان» (1). و في رواية أخرى يقول عند الخلع: «بسم اللّه و الحمد للّه الذي رزقني ما أقي به قدمي من الأذى، اللهم ثبتهما على صراطك [المستقيم يوم تزّل فيه الأقدام]و لا تزّلهما عن صراطك السوّي» (2).
ص:97
و آله و سلّم ما معناه: إنّ من تختّم في يمينه اتباعا لسنتّك و وجدته يوم القيامة متحيرا أخذت بيده و أوصلته إليك و إلى أمير المؤمنين عليه السّلام 1.
و يكره الاقتصار على التختم في اليسار، لأنّه من سنة معاوية و بني أميّة عليه و عليهم لعائن اللّه تعالى 2، بل الّذي يستشم من الأخبار كراهة مطلق التختم باليسار لغير تقيّة 3، و لو تختم في اليسار بخاتم عليه اسم اللّه تعالى و نحوه من [الاسماء]المحترمات، لزم نزعه عند الاستنجاء 4.
و الافضل لبس الخاتم في الخنصر، و يكره تعريته و اللبس في غيره، و يكره لبسه في الوسطى و السبابة، و لا بأس باللبس في البنصر و الابهام إذا لبس في الخنصر ايضا 5.
ص:99
و يستحب كون الخاتم من الفضة (1)، و يكره لبس الخاتم من غيرها من المعادن كالحديد الّذي هو حليه أهل النار (2)، و في الدنيا زينة الجن و الشياطين، و كذا الصفر، و قد ورد نهي النبي صلّى اللّه عليه و آله عنهما (3).
و يحرم لبس الخاتم من الذهب للرجل دون المرأة (4).
و يستحب التبليغ بالخواتيم آخر الاصابع، و عدم جعلها في أطرافها، لأنّه من عمل قوم لوط (5).
و روي استحباب الدعاء عند لبس الخاتم بقول: «اللّهمّ سومني بسيماء الايمان، و اختم لي بخير، و اجعل عاقبتي إلى خير، إنّك أنت الاعزّ الاكرم» (6).
و يستحب التختم بالعقيق، فإنّه مبارك، خلق من نور وجه موسى بن
ص:100
عمران عليه السّلام (1)، و التختم به للشيعي ينفي الفقر و النفاق (2)و يوجب قضاء الحوائج (3)و السلامة من جميع أنواع البلاء، و هو أمان من السلطان الجائر و اللص، و من كلّ ما يخاف الانسان و يحذر، و لم يصبه مكروه و لم يقض له إلا بالتي هي أحسن، و يوشك أن يقضى له بالحسنى (4)و لم يصبه الغم ما دام عليه (5)، و لم يزل من اللّه تعالى عليه واقية، و هو أمان من إراقة الدم، و من كل بلاء و من الفقر، و من تختم به رجي أن تكون عاقبتة الى خير، و ختم اللّه له بالحسنى. و ما رفعت كف الى اللّه سبحانه أحب اليه من كف فيها عقيق، و قد آلى اللّه عز و جل على نفسه أن لا يعذب كف لابسيه بالنار إذا كان مواليا لعلّي عليه السّلام، و أنه يحرس من كل سوء (6). و قد تعجب الصادق عليه السّلام من يد فيها فصّ عقيق كيف تخلو عن الدنانير و الدراهم؟ (7). و ورد أن من أقرع بخاتم من عقيق خرج حظه أتم و أوفر (8). و لعل كل ذلك لما ورد من أنه أول جبل أقرّ للّه بالوحدانية، و لمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالنبوة، و لعلي عليه السّلام بالوصية، و لشيعته بالجنة (9). و لا فرق بين الأحمر منه و الأصفر و الأبيض، فإنها ثلاثة جبال في الجنة، فالأحمر مشرف على دار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم،
ص:101
و الأصفر على دار الصديقة الكبرى سلام اللّه عليها، و الأبيض على دار أمير المؤمنين عليه السّلام، و يخرج من تحت كل جبل نهر [ماءه]أبرد من الثلج و أحلى من العسل و أصفى من اللبن، لا يشرب منها إلاّ آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و شيعتهم، و تخرج الأنهار الثلاثة من الكوثر و تجتمع في مكان واحد، و هذه الجبال تسبّح و تقدّس و تمجّد للّه تعالى و تستغفر لمحبّي آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1). و يتأكد استحبابه في السفر، لأنّه حرز فيه و أمان (2)، و في الصلاة لأن ركعتين بفص عقيق تعدل ألف ركعة بغيره (3)، و روي إن الصلاة في خاتم عقيق منفردا أفضل من الصلاة جماعة بغير عقيق بأربعين درجة (4)، و عند الخوف لأنه أمان منه (5)، و عند الدعاء لأن اللّه تعالى يحب أن ترفع إليه في الدعاء يد فيها فص عقيق (6).
ص:102
و يستحب نقشه بأسماء أهل الكساء سلام اللّه عليهم، لأن آدم عليه السّلام فعل ذلك لما تاب اللّه عليه ببركة هذه الأسماء فجرت السّنة في ولده بذلك (1)، و يستحب نقشه ب «ما شاء اللّه لا قوة إلاّ باللّه استغفر اللّه» فإنه أمان من الفقر (2). و روي أن من نقش ذلك على عقيق أصفر و نقش في الوجه الآخر «محمد و علي» و استصحبه كان أمانا له من السارقين و قطاع الطريق، و كان أسلم له و أحفظ لدينه. و عن مولانا السجاد عليه السّلام أن من صاغ خاتما من عقيق و نقش فيه «محمد نبي اللّه و علي ولي اللّه» وقاه اللّه ميتة السوء، و لم يمت إلاّ على الفطرة (3). و عن الرضا عليه السّلام إنّ من أصبح و في يده خاتم فصه عقيق متختما به في يده اليمنى، و أصبح من قبل أن يراه أحد فقلب فصه إلى باطن كفه. و قرأ إِنّا أَنْزَلْناهُ. . إلى آخرها ثم قال: «آمنت باللّه وحده لا شريك له، و آمنت بسر آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و علانيتهم» وقاه اللّه في ذلك اليوم شرّ ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها، و ما يلج في الأرض و ما يخرج منها، و كان في حرز اللّه و حرز رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى يمسي (4).
و قيل: يستحب تدوير الفص، و كونه أسود، لأن فص خاتم رسول اللّه
ص:103
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان مدورا أسود (1). و لا تخلو الدلالة من مناقشة.
و يستحب التختم بالخاتم الذي فصه أحد أمور:
و قد مرّ.
أيّ لون كان منه-فإنه أفضل الخواتيم، و أنه ينفي الفقر، و يورث النبل-أي الحلم أو الحذق في الأمور- (2). و يستحب نقشه: ب «لا إله إلاّ اللّه الملك الحق المبين» (3).
فإنه يسر لا عسر فيه (4).
فارسي معرب، و اسمه بالعربية: الظفر، و قد ورد أنه لا يفتقر كف فيها خاتم منه (5). و أنه نزهة الناظر من المؤمنين و المؤمنات، و أنه يقوي البصر، و يوسع الصدر، و يزيد في قوّة القلب (6)، و يوجب النصر (7). و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه قال: قال اللّه سبحانه: إني لأستحيي من عبد يرفع يده و فيها خاتم فصه فيروزج فأردّها خائبة (8). و يستحب نقش «الله الملك» عليه، و لو نقش ذلك على وجهه، و نقش
ص:104
اللّه الملك الواحد القهار على قفاه كان لابسه في أمن من السباع و مظفرا في الحروب. و يستفاد من بعض الأخبار إن هذا الخاتم لو غسل بالماء و سقي مائه المريض عوفي من مرضه، و من لا يولد له يتخّذ فصا منه مكتوب علية رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْوارِثِينَ فإنه يولد له ولد ذكر (1).
فإن لبسه يورث اليسر بغير عسر (2).
فقد روي عن الصادق عليه السّلام أنه قال: من تختم به و نظر إليه كتب اللّه له بكل نظرة زورة-أي زيارة-أجرها أجر النبيين و الصالحين، و لو لا رحمة اللّه لشيعتنا لبلغ الفص ما لا يوجد بالثمن، و لكن اللّه رخصه عليهم ليتختم به غنيهم و فقيرهم (3).
فإنه يورث القوة (4). و يظهر مما روي عن الصادق عليه السّلام إن المستحب اتخاذه لا لبسه، لأنه عليه السّلام قال: ما أحب التختم به و لا أكره لبسه عند لقاء أهل الشر ليطفي شرهم، و أحب اتخاذه فإنه يشرد المردة من الجن و الشياطين (5). و يستحب إن ينقش عليه اَلْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً (6). و روي أنه أتى رجل إلى سيدنا الصادق عليه السّلام فقال:
ص:105
يا سيدي! أني خائف من والي بلدة الجزيرة، و أخاف أن يعرّفه بي أعدائي، و لست آمن على نفسي، فقال عليه السّلام: استعمل خاتما فصه حديد صيني منقوشا عليه من ظاهره ثلاثة اسطر: الأول: اعوذ بجلال اللّه، الثاني: أعوذ بكلمات اللّه، الثالث: أعوذ برسول اللّه، و تحت الفص سطران: الأول: «آمنت باللّه و كتبه» ، الثاني: «اني واثق باللّه و رسله» ، و أنقش حول الفص على جوانبه «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه مخلصا» و البسه في ساير ما يصعب عليك
من حوائجك، و اذا خفت أذى أحد من الناس فالبسه، فإن حوائجك تنجح و مخاوفك تزول، و كذلك [إذا علقه]على المرأة التي يتعسر عليها الولد، فإنها تضع بمشية اللّه، و كذلك من تصيبه العين فإنها تزول. و احذر عليه من النجاسات و الزهومة و دخول الحمام و الخلاء، و أحفظه فإنه من أسرار اللّه عز و جلّ و حراسته. ثم التفت عليه السّلام إلى الحاضرين من الشيعة و قال: و أنتم فمن خاف منكم على نفسه فليستعمل ذلك، و أكتموه عن أعدائكم لئلا ينتفعوا به، و لا تبيحونه إلاّ لمن تثقون به (1).
و روي أن أمير المؤمنين عليه السّلام كان له خاتم فصه حديد صيني أبيض صافي كان يلبسه في الحروب و الشدائد، منقوش عليه في سبعة أسطر هذه
ص:106
الكلمات: «اعددت لكل هول: لا إله إلاّ اللّه، و لكل كرب: لا حول و لا قوة إلاّ باللّه، و لك مصيبة نزلت: حسبي اللّه، و لكل ذنب صغيرة و كبيرة: أستغفر اللّه، و لكل غمّ و همّ فادح: ما شاء اللّه، و لكلّ نعمة متجدّدة: الحمد للّه، ما بعلي بن أبي طالب من نعم اللّه فمن اللّه» (1).
و الظاهر أنّ من أراد إعداد مثله ينبغي أن ينقش مكان علي بن أبي طالب اسمه و اسم أبيه، و اللّه العالم.
و روي نقش آخر لخاتم أمير المؤمنين عليه السّلام الذي هو حديد صيني، و هو [الذي ذكر في المستدرك] (2).
فقد ورد عنهم عليهم السّلام مدحه (3).
فقد ورد تحسين جعلها فصّا مع الأمر بالاخراج من اليد عند الاستنجاء إذا كانت في اليسرى.
جميعه من الفضة منقوش عليه: «يا ثقتي قني من شر جميع خلقك» (1).
و هناك روايات وردت في بيان ما ينقش على الفص من غير تقييد بجنس خاص من الفص، فقد روي أنه كان نقش خاتم آدم عليه السّلام: «لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه» كان قد أتى به معه من الجنة (2).
و كان نقش خاتم نوح عليه السّلام: «لا إله إلاّ اللّه-ألف مرة-يا رب اصلحني» (3).
و كان نقش الخاتم الذي بعث اللّه به إلى ابراهيم عليه السّلام و امره بلبسه ليجعل له النار بردا و سلاما: «لا إله إلاّ اللّه، محمد رسول اللّه، لا حول و لا قوة إلاّ باللّه [العلي العظيم]، فوّضت أمري إلى اللّه، أسندت ظهري إلى اللّه، حسبي اللّه» (4).
و كان نقش خاتم موسى عليه السّلام حرفين أشتقّهما من التوراة: «اصبر تؤجر، أصدق تنج» (5).
و كان نقش خاتم سليمان عليه السّلام حرفين أشتقهما من الأنجيل: «سبحان من ألجم الجن بكلماته» (6).
و كان نقش خاتم عيسى عليه السّلام حرفين أشتقّهما من الأنجيل، و هما: «طوبى لعبد ذكر اللّه من أجله، و ويل لعبد نسي اللّه من أجله» (7).
ص:108
و كان نقش أحد خاتمي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه» صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و الآخر: «صدق اللّه» (1).
و كان نقش خاتم أمير المؤمنين عليه السّلام «الملك للّه» (2).
و في رواية أخرى: «نعم القادر اللّه» و لا منافاة بينهما، لا مكان التعدّد بل أظنّه.
و نقش خاتم الحسن عليه السّلام «العزّة للّه» (3). و في رواية أخرى: «حسبي اللّه» (4). و لا منافاة بينهما لما ذكر.
و نقش خاتم الحسين عليه السّلام: «ان اللّه بالغ أمره» (5).
و نقش خاتم زين العابدين عليه السّلام: «خزي و شقي قاتل الحسين بن علي» (6). و في رواية أخرى: «الحمد للّه العلي» (7)، و لا تنافي بينهما لما مرّ.
و نقش خاتم الباقر عليه السّلام: «العزة للّه» (8). و في رواية أخرى: «ظني باللّه حسن، و بالنبّي المؤتمن، و بالوصّي ذي المنن، و بالحسين و الحسن» (9). و لا منافاة بينهما لما مرّ.
ص:109
و نقش خاتم الصادق عليه السّلام: «اللّه خالق كلّ شيء» (1). و في رواية أخرى: «اللهم أنت ثقتي فقني [شرّ]خلقك» (2). و في ثالثة: «أنت ثقتي فاعصمني من الناس» (3). و في رابعة: «اللّه وليّي و عصمتي من خلقه» (4). و لا منافاة بينهما لما مرّ.
و نقش خاتم أبي الحسن موسى عليه السّلام: «حسبي اللّه» (5).
و نقش خاتم الرضا عليه السّلام: «ما شاء اللّه لا قوة إلاّ باللّه» (6).
و ورد إنّ من نقش على خاتمه آية من القرآن غفر له (7). و ورد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم النهي عن نقش صورة شيء من الحيوانات على الخاتم (8)، و لا بأس بنقش صورة وردة و هلال فيه، لما روي من نقش ذلك على خاتم أبي الحسن موسى عليه السّلام مع «حسبي اللّه» . و مثلهما غيرهما مما لا روح له (9). و لا بأس بنقش اسم صاحبه و اسم أبيه و اسم غير صاحبه عليه (10).
ص:110
و يستحب التختم بالخواتيم المتعدّدة دركا للفضيلة ما أمكن منها (1). و أشتهر على الألسن كراهة لبس الزوج من الخاتم، و أعتبار لبس الفرد منه واحدة أو ثلاثة أو خمسة، و لم أقف له على مستند، و لا بذلك مفتيا، و العلم عند اللّه.
و الاحوط ترك تحويل الخاتم لتذكر الحاجة (2)، بل أفتى الشيخ الحر رحمه اللّه بحرمته، لجعل الصادق عليه السّلام ذلك من الشرك الخفي، نعم لا بأس بالتحويل لضبط عدد الركعات، لورود الاذن بذلك (3).
ص:111
تكره الصلاة فيما عدا العمامة و الكساء و الخف من الثياب السود حتى القلنسوة السوداء (1). و المدار في السواد على مسّماه، من غير فرق بين المصبوغ و الأصلي، و لا بين الرجل و المرأة، و تزول الكراهة عند التقية (2)، و عند عزاء سيد الشهداء عليه السّلام (3).
و يكره صلاة الرجل في ثوب واحد رقيق لا يحكي البشرة، و لو حكى بطلت (4).
ص:112
و يكره أن يتوشّح بإزار فوق القميص و يصلّي سيّما للإمام، لأنه من أفعال قوم لوط و الجبابرة و زيّ الجاهلية (1). و كذا الارتداء فوق التوشّح، و تتأكّد في حق إمام الجماعة (2).
و يكره سدل الرداء و اشتمال الصمّاء و التحافه، و هو أن يدخل رداءه تحت
ص:113
إبطه، ثم يجعل طرفيه على منكب واحد (1).
و يكره جمع طرفي الرداء على اليسار، بل إما أن يجمعهما على اليمين أو يرسل (2). و قيل: يكره النقاب للمرأة، و الذي نطق به الخبر هو أفضلية تركه لا كراهة إبقائه (3).
و يكره اللثام للرجل في الصلاة ما لم يمنع من القراءة، و إلاّ حرم.
و يكره الصلاة في قباء مشدود الوسط إلاّ في الحرب (4). و أن يؤم بغير رداء،
ص:114
بل قيل: يكره ترك الرداء حتى للمنفرد (1).
و يكره الصلاة في ثوب واحد، و ورد أن من ليس عنده إلاّ السراويل، فليجعل التكة بعد إخراجها منه على عاتقه (2). و ورد أن أدنى ما يجزيك أن تصلي فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل جناحي الخطاف 3.
و يكره استصحاب حديد بارز في الصلاة حتى ما لا يكون محددا كالخاتم في الأصبع و المفتاح المشدود بالتكة 4، و لا بأس بغير البارز منه كالسيف يتقلد
ص:115
به و هو في غمده، و يكره ذلك للإمام إلاّ في الحرب 1.
و يكره الصلاة في ثوب من يتهم بمباشرة النجاسة إلاّ بعد غسله 2.
و يكره أن تصلي المرأة في خلخال له صوت 3، و أن تصلي هي أو الرجل في ثوب فيه تماثيل أو خاتم فيه صورة ذي روح 4. و تخف الكراهة بمواراة التمثال و الصورة على وجه لا يرى في الصلاة، مع عدم كونه [حائلا]بينه و بين القبلة، بل إلى أحد جانبيه أو خلفه 5، و حينئذ فينبغي للمصلي أن لا يضع الدنانير و الدراهم التي فيها تمثال ذي روح في جيبه المقدم، بل في أحد جانبيه من الجيوب 6.
و يكره أن يصلي الرجل الفريضة معقص الشعر 7. و يستحب الصلاة
ص:116
في النعل الطاهرة من جلد المأكول (1). و يكره صلاة المختضب و على يده أو رأسه أو لحيته الخضاب و خرقته، بل ينزعهما، و كذا المرأة (2).
و يستحب إخراج الرجل يديه في الصلاة من تحت ثيابه، بل يكره وضعهما في ثوبه إذا لم يكن عليه ثوب آخر أزار أو سراويل، و تخف الكراهة بإخراج احداهما و إدخال الأخرى (3).
و يكره لبس البرطلة في الصلاة، و هي قلنسوة خاصة (4).
و يستحب الصلاة في أخشن الثياب و أغلظها في الخلوة، و في أجملها بين الناس (5). و يستحب الاكثار من الثياب في الصلاة لأنها تسبّح [له] (6).
ص:117
و يكره أتقاء المصلي على ثوبه و حفظه من أن يباشر الأرض و نحوه (1). و يكره الصلاة في الثوب الأحمر و المزعفر و المعصفر و المشبع المقدم (2). و كذا في الجلد الذي يشترى من مسلم يستحل الميتة بالدباغ (3).
و يستحب التعمم و التسرول للصلاة، لأن ركعتين مع العمامة خير من أربع ركعات بغير عمامة، و ركعة بسراويل تعدل أربعا بغيره (4).
و تكره الصلاة في عمامة لا حنك لها (5). و قد ورد أن من فعل فأصابه داء لا دواء له فلا يلومن إلاّ نفسه (6).
و يكره للمرأة أن تصلي بغير حليّ و زينة و حناء، و لا أقلّ من أن تعقد في
ص:118
عنقها و لو السير، و تمس مواضع الحناء بالخلوق (1).
و ورد النهي عن الصلاة في ثياب اليهود و النصارى (2).
و يستحب إعداد ثياب لخصوص الصلاة تلبس عندها و تنزع بعد الفراغ منها (3).
و لا بأس بتحلية النساء و الأطفال بالفضة و الذهب، و كذا تحلية السيف و الكرسي بالفضة (4).
ص:119
ص:120
يستحب اختيار المسكن الواسع، و قد ورد ان من سعادة الرجل سعة منزله و مسكنه (1)، و أن فيها راحته، و أن المنزل الواسع عيش الدنيا (2)، و أن من شقاء العيش ضيق المنزل (3)، و أن شوم المنزل ضيقه (4)، و أن اختيار المنزل الضيق من الحمق، و أنه يكره اختياره، و يستحب التحول منه و إن كان أحدثه أبوه، و قد اشترى أبو الحسن عليه السّلام دارا، و أمر مولى له أن يتحول إليه
ص:121
لضيق منزله، فاعتذر بأن أباه أحدثه، فقال عليه السّلام: إن كان أبوك أحمق ينبغي أن تكون مثله؟ (1).
و يكره رفع بناء البيت أكثر من سبعة أذرع أو ثمانية (2). و قد ورد أن ما فوق هذا القدر يكون محل حضور الجن، و مسكن الشياطين، لأن الشياطين لا في السماء و لا في الأرض، و إنما تسكن الهواء (3). و عن الصادق عليه السّلام أنه إذا بنى الرجل فوق ثمانية أذرع نودي: يا أفسق الفاسقين أين تريد (4)؟ و علاج ما كان أعلى من ثمانية أذرع أن يكتب على حدّ الثمانية آية الكرسي. و قد شكى رجل إلى الصادق عليه السّلام من عبث أهل الأرض-يعني الجن- بأهل بيته و عياله، فقال: كم سقف بيتك؟ فقال: عشرة أذرع، فقال: اذرع ثمانية أذرع، ثم أكتب آية الكرسي فيما بين الثمانية إلى العشرة كما تدور (5). و قد ورد ذلك في المسجد الذي كان أعلى من الحد المذكور أيضا (6)
ص:122
و ينبغي أن يكون البناء بقدر الحاجة، بل لعل البناء الزائد عن قدر الحاجة بحسب الزيّ من الاسراف المحرم، و قد ورد أن كل بناء ليس بكفاف فهو وبال على صاحبه يوم القيامة (1). و انه يكلّف بحمله يوم القيامة (2). و أن من كسب مالا بغير حله، سلط اللّه عليه البنّاء و الماء و الطين (3). و ان للّه عز و جل بقاعا تسمي المنتقمة، فإذا أعطى اللّه عبدا مالا لم يخرج حق اللّه منه، سلط اللّه عليه بقعة من تلك البقاع، فأتلف ذلك المال فيها ثم مات و تركها (4). و من بنى بيتا رياء و سمعة حمله اللّه يوم القيامة من الأرض السابعة و هو نار يشتعل منه ثم يطوق في عنقه و يلقى في النار فلا يحبسه شيء دون قعرها إلاّ أن يتوب. و فسر البناء رياء و سمعة في الخبر ببناء زائد على قدر حاجته، استطالة به على جيرانه، و مباهاة لإخوانه (5).
و يستحب تحجير السطوح، بمعنى بناء حائط في اطرافها (6).
و يكره النوم على سطح غير محجر من غير فرق بين الرجل و المرأة، لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عنه (7). و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
ص:123
إن من نام على سطح غير محجر برئت منه الذمة، و إن أصابه شيء فلا يلومن إلاّ نفسه (1). و لا يكفي تحجير ثلاثة جوانبه بل يعتبر تحجير الجوانب الأربعة (2). و أقل التحجير ذراع و شبر، ثم ذراعان، و لا تقدير لأكثره (3).
و ورد النهي الأكيد عن تصوير سقوف البيت و حيطانه بصور ذوات الأرواخ (4). و الأحوط الاجتناب منه، كما أن الأولى الاجتناب من مطلق التصوير حتى صورة الشجر و نحوه (5)، و ان كان جواز صورة الشمس و القمر و الشجر أظهر (6). و روي أن جبرئيل عليه السّلام قال للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنّا لا ندخل بيتا فيه تمثال لا يوطأ (7). و لا بأس بابقاء التمثال على البساط و نحوه مما يوطأ (8)، و قد كان لعلي بن الحسين عليهما السّلام و سايد و أنماط فيها تماثيل يجلس عليها (9). و كذا لا بأس بالتمثال على غير ما يوطأ
ص:124
إذا غيّر رأسه أو غطي بثوب أو كان للنساء (1).
و يستحب كنس البيت و الأفنية (2)، و قد ورد أن كنس البيت ينفي الفقر، و كنس الفناء يجلب الرزق (3). و يكره إبقاء القمامة خلف الباب، لأنه مأوى الشياطين (4)، بل يكره أن تبات القمامة في البيت، بل تخرج نهارا لأنها مقعد الشيطان (5)، كما يكره إيواء منديل اللحم في البيت، فإنه مربض الشيطان (6).
و يستحب تنظيف البيوت من بيت العنكبوت، و يكره تركها، فقد ورد أن بيوت العنكبوت بيوت الشياطين، و أن تركها في البيت يورث الفقر (7).
و يستحب التسمية عند دخول الحجرة، لأنه بذلك يفّر منه الشيطان، كما يستحب التسليم عند دخول البيت، فإنه تنزل البركة و تؤنسه الملائكة (8). و كيفية التسليم عند وجود أحد من أهله أو غيرهم «السّلام عليكم» ، و عند خلو البيت «السّلام علينا من ربنا» (9). و في خبر آخر «السّلام على محمد ابن عبد اللّه خاتم النبيين، السّلام على الأئمة الهادين المهديين، السّلام علينا و على عباد اللّه الصالحين» (10). و يستحب قراءة قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ عند
ص:125
دخول المنزل، فإنها تنفي الفقر (1). و قد ورد أنه شكى رجل من الأنصار إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الفقر و ضيق المعاش، فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا دخلت بيتك فسلم إن كان فيه أحد، و إن لم يكن فيه أحد فصلّ عليّ، و أقرأ: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ مرة واحدة، ففعل الرجل فأفاض اللّه عليه رزقا و وسع عليه حتى أفاض على جيرانه (2). و ورد عند الدخول قول: «بسم اللّه و باللّه، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله» 3.
و يستحب إسراج السراج قبل أن تغيب الشمس، فإنه ينفي الفقر (3). و يكره السراج في القمر لأنه يذهب ضياعا (4)، و مقتضى العلة عدم الكراهة عند عدم إغناء القمر لغيم أو إرادة قراءة شيء أو خياطته و نحو ذلك مع عدم إجزاء نور القمر لذلك. و يستحب أن يدعو عند إدخال السراج البيت بقول: «اللهم اجعل لنا نورا نمشي به في الناس، و لا تحرمنا نورك يوم نلقاك، و أجعل لنا نورك، إنك نور، لا إله إلاّ أنت» ، و عند إطفاء السراج بقول: «اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور» (5). و ما تعارف من التسليم على الحاضر عند إسراج السراج أو إدخاله البيت لم أقف على مستنده، و يشمله إطلاق ما دلّ على رجحان التسليم، و أما ما تعارف عند الجهّال من التسليم على
ص:126
السراج عند إسراجه فعار من الوجه، و أظن أنه بقي بين الناس الجهال يدا بيد من زمان عبادتهم للنيران، و العلم عند اللّه سبحانه.
و يكره التحول من منزل إلى منزل، لأنه من مرّ العيش إلاّ للنزهة (1)، أو ضرورة أخرى كفقد مسكن مملوك له أو عدم أستراحته في المنزل الأول.
و يستحب عند الدخول على أحد الجلوس حيث يأمره صاحب الرحل، لأنّه أعرف بعورة بيته من الداخل عليه (2). و يستحب عند الخروج من المنزل -في سفر أو حضر-إسدال حنكه، فإنّ الصادق عليه السّلام قد ضمن عوده سالما (3)، و أن يقول: «بسم اللّه، لا حول و لا قوة إلاّ باللّه، توكلت على اللّه» ، فإنه إذا قال: «بسم اللّه» قال الملكان: هديت، و إذا قال: «لا حول و لا قوة إلاّ باللّه» قالا: وقيت، و إذا قال: «توكلت على اللّه» قالا: كفيت، فيقول الشيطان: كيف لي بعبد هدي و وقي و كفي؟ (4). و زاد في آخر: «آمنت باللّه» بعد «بسم اللّه» ، و في ثالث: «و باللّه» بعد: «بسم اللّه» ، و ورد قراءة سورة الحمد و التوحيد و المعوذتين و آية الكرسي بعد الدعاء مع النفخ إلى الجوانب الستة (5). و ورد عند الخروج قول: «بسم اللّه
ص:127
توكلت على اللّه، ما شاء اللّه، لا قوة إلاّ باللّه (1)، اللهم إني أسألك خير ما خرجت له 2. [و أعوذ بك من شر ما خرجت له]، اللهم أوسع عليّ [من فضلك، و أتمم عليّ]نعمتك، و استعملني في طاعتك، و اجعلني راغبا فيما عندك، و توفني في سبيلك على ملّتك و ملّة رسولك صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» 3.
و ورد قول: «بسم اللّه خرجت و بسم اللّه ولجت، و على اللّه توكلت، و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم» 4و قول: «اللهم إني أسألك خير أموري كلها، و أعوذ بك من خزي الدنيا و عذاب الآخرة» ، فإنّ من قال ذلك كفاه اللّه ما أهمّه من أمر دنياه و آخرته 5. و ورد قول: «اللهم بك [لك خ. ل]خرجت، و لك أسلمت، و بك آمنت، و عليك توكلت، اللهم بارك لي في يومي هذا، و ارزقني فوزه [قوتّه خ. ل]و فتحه و نصره و ظهوره و هداه و بركته، و اصرف عني شره و شر ما فيه، بسم اللّه و باللّه و اللّه أكبر و الحمد للّه رب العالمين، اللهم إني قد خرجت فبارك لي في خروجي و انفعني به» 6. و ورد قول: «بسم اللّه [الرحمن الرحيم خ. ل]خرجت بحول اللّه و قوته بلا حول منّي و لا قوّتي، بل بحولك و قوّتك يا رب متعرّضا لرزقك
ص:128
فأتني به في عافية» (1). و ورد أنّ من قال عند الخروج من باب الدار: «أعوذ بما [خ. ل: مما]عاذت منه ملائكة اللّه و رسله من شرّ هذا اليوم الجديد الذي إذا غابت شمسه لم تعد، من شرّ نفسي و من شر غيري و من شرّ الشياطين، و من شر من نصب لأولياء اللّه، و من شرّ الجن و الأنس، و من شرّ السباع و الهوام، و من شرّ ركوب المحارم كلّها، أجير نفسي باللّه من كلّ سوء [شر خ. ل]» غفر اللّه له ذنوبه، و تاب عليه، و قضى أموره، و حفظه من الشرور و الأسواء (2). و ورد أن من قال عند الخروج: «اللّه أكبر» ثم قال ثلاث مرات: «باللّه أخرج و باللّه أدخل و على اللّه أتوكل» و ثلاث مرات: «اللّهم افتح لي في وجهي هذا بخير [و أختم لي بخير]وقني شرّ كلّ دابة أنت آخذ بناصيتها إنّ ربّي على صراط مستقيم» لم يزل في حفظ اللّه تعالى حتى يرجع إلى ذلك المكان (3).
و ورد أنّ من أراد أن يمضي إلى حاجة فليمض صبح يوم الخميس و ليقرأ قوله تعالى في سورة آل عمران (4): إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اِخْتِلافِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي اَلْأَلْبابِ* اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ اَلنّارِ* رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ اَلنّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَ ما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ* رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ كَفِّرْ عَنّا سَيِّئاتِنا وَ تَوَفَّنا مَعَ اَلْأَبْرارِ* رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ اَلْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ اَلْمِيعادَ
ص:129
ثم يقرأ آية الكرسي و سورة القدر و سورة الحمد (1).
و يستحب لمن أشترى دارا أن يولم، و لمن بنى مسكنا أن يذبح كبشا سمينا و يطعم لحمه المساكين، ثم يقول: «اللّهم ادحر عنّي مردة ابا الجن [و الانس]و الشياطين و بارك لي في بنائي» فإنه يعطى ما سأل (2).
و يحرم التطلّع في دور الناس، و كذا دخولها بغير إذنهم، و قد ورد أنّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نهى عن أن يطّلع الرجل في بيت جاره، و قال: من نظر إلى عورة أخيه المسلم أو عورة غير أهله متعمدا أدخله اللّه مع المنافقين الذين كانوا يبحثون عن عورات الناس، و لم يخرج من الدنيا حتى يفضحه اللّه، إلاّ أن يتوب (3). و ورد أنّ من أطّلع على مؤمن بغير إذنه فعيناه مباحة للمؤمن في تلك الحال، و من اطّلع [خ. ل: دمّر]على مؤمن بغير إذنه فدمه مباح للمؤمن في تلك الحالة (4). و عن الصادّق عليه السّلام أنه قال: إذا أطّلع رجل على قوم يشرف عليهم أو ينظر من خلل شيء لهم فرموه فأصابوه فقتلوه، أو فقعوا عينه، فليس عليهم غرم. و قال عليه السّلام: إنّ رجلا أطّلع من خلل حجرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بمشقص (5)ليفقأ عينه فوجده قد أنطلق، فقال رسول اللّه صلّى
ص:130
اللّه عليه و آله و سلّم: أي خبيث! أما و اللّه لو ثبت لي لفقأت عينيك (1).
و يكره اتخاذ فرش النوم زايدا على قدر حاجته و حاجة عياله و ضيفه، فإنّ الزايد يكون للشيطان (2)، و لا بأس بما كان بمقدار الحاجة، و لا بكثرة البسط و الوسائد و المرافق و الأنماط و النمارق (3). إذا كانت جهاز الزوجة (4). و لا بأس بتوسد الريش (5).
و يستحب استحبابا مؤكّدا حسن الجوار، فإنه يزيد في الرزق و الأعمار، و يعمّر الديار (6). و قد ورد أنه كان في بني اسرائيل مؤمن و كان له جار كافر، و كان الكافر يرفق بجاره و يوليه المعروف في الدنيا، فلما أن مات الكافر بنى اللّه له بيتا في النار من طين، و كان يقيه حرها، و يأتيه الرزق من غيرها، و قيل له: هذا ما كنت تدخله على جارك المؤمن فلان بن فلان من الرفق، و توليه من المعروف في الدنيا. و ورد أن الجار كالنفس غير مضار و لا اثم، و حرمة الجار على الجار كحرمة أمّه (7). و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنه ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيّورثه (8). و عنه صلّى اللّه عليه و آله
ص:131
و سلّم أنه: ما آمن بي من بات شبعانا و جاره جائع (1). و ورد أن يعقوب عليه السّلام أذهب اللّه بصره و ابتلاه بفراق ولده لأنه شوى شاة و أكلها و لم ينل جاره الصائم منها شيئا (2). و قال الصادق عليه السّلام: ليس منّا من لم يحسن مجاورة من جاوره (3). و أن المؤمن من أمن جاره بوائقه-أي ظلمه- (4). و لا إيمان لمن لم يأمن جاره بوائقه (5). و من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يؤذي جاره (6). و ورد أن حسن الجوار ليس كفّ الأذى، و لكن حسن الجوار صبرك على الأذى (7). و قد استفاض أنه ما كان و لا يكون و ليس بكائن مؤمن إلاّ و له جار يؤذيه (8). و لو أنّ مؤمنا في جزيرة من جزائر البحر لبعث اللّه له من يؤذيه ليأجره على ذلك (9). و ورد أن من كان مؤذيا لجاره من غير حق حرمه اللّه ريح الجنة و مأواه النّار، ألاّ و إنّ اللّه يسأل الرجل عن حقّ جاره، و من ضيّع حق جاره [فليس منّا. و من منع الماعون من جاره] (10)إذا احتاج إليه منعه اللّه فضله يوم القيامة. و وكله إلى نفسه، و من وكله اللّه عز و جلّ إلى نفسه هلك، و لا يقبل اللّه عز و جلّ له عذرا (11).
ص:132
و قد استعاذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من جار السوء، [و قال]: تراك عيناه و يرعاك قلبه، إن رآك بخير ساءه، و إن رآك بشر سرّه (1). و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إن من القواصم التي تقصم الظهر جار السوء (2). و استنادا إلى ذلك و نحوه أفتى في الوسائل بكراهة [مجاورة]جار السوء، و في دلالتة خفاء. و شكى رجل مرتّين إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أذى جاره فأمره صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالصبر، و أمره في الثالثة بإخراج متاعه إلى الطريق حتى يراه من يروح إلى الجمعة، و يخبر بالحال من سأله عن سبب إخراج متاعه، فتاب جاره و التزم بأن لا يعود إلى إيذائه (3).
و حد الجار أربعون دارا من كل جانب من الجوانب الأربعة، كما ورد مستفيضا (4). و عن الصادق عليه السّلام: إن الرجل منكم يكون في المحلة فيحتج اللّه تعالى يوم القيامة على جيرانه به، فيقال لهم: ألم يكن فلان بينكم؟ ألم تسمعوا بكاءه في الليل؟ فيكون حجة اللّه عليهم.
ص:133
لهذا الفصل يتّضمن مقالات:
القرآن و العبادة فيه]
انه يستحب تعيين بيت في الدار خال من أثاث البيت للصلاة و قراءة القرآن و العبادة فيه، فقد ورد الأمر بذلك (1)، و أنه كان لأمير المؤمنين عليه السّلام بيت في داره ليس بالصغير و لا بالكبير اتخذّه لصلاته ليس فيه شيء إلاّ فراش و سيف و مصحف، و كان إذا أراد أن يصلّي في آخر الليل أخذ معه صبيا لا يحتشم منه، ثم يذهب إلى ذلك البيت فيصلّي (2). و ورد الأمر بصلاة النافلة و قراءة القرآن في البيوت (3). و عدم اتخاذها قبورا (4)، كما فعلت اليهود و النصارى؛ صلّوا في الكنايس و البيع، و عطّلوا بيوتهم، فإن البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره، و أتسّع أهله و يسر عليهم، و كان سكّانه في زيادة،
ص:134
و أضاء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الدنيا، و إذا لم يقرأ فيه القرآن ضيّق على أهله، و قلّ خيره، و كان سكّانه في نقصان، و تهجره الملائكة، و تحضره الشياطين (1). و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في وصيته إلى أبي ذر: يا أبا ذر! إنّ صلاة النافلة تفضل في السرّ على الصلاة في العلانية كفضل الفريضة على النافلة. يا أبا ذر! ما يتقّرب العبد إلى اللّه بشيء أفضل من السجود الخفّي. يا أبا ذر! أذكر اللّه ذكرا خاملا-أي خفيا-. يا أبا ذر! إن اللّه [خ. ل: ربك]يباهي الملائكة بثلاثة نفر: رجل يصبح في أرض قفر فيؤّذن و يقيم ثم يصلي، فيقول ربّك للملائكة: انظروا إلى عبدي يصلّي و لا يراه أحد غيري، فينزل سبعون ألف ملك يصلون وراءه و يستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم، و رجل قام من الليل يصلي وحده فسجد و نام و هو ساجد، فيقول اللّه تعالى: انظروا إلى عبدي روحه عندي، و جسده في طاعتي ساجد، و رجل في زحف ففّر أصحابه و ثبت هو يقاتل حتى قتل (2).
من داخله، و لا يكره على سطح الحمام (1).
و إن كان محل الصلاة منه طاهرا، بل و كذا البيت الذي فيه بول في إناء 2.
و هي الامكنة التي تأوي إليها الإبل عند الشرب و الأكل و النوم و نحوها، لأنها خلقت للشياطين 3، و لا فرق بين وجودها فيها فعلا أم لا، و قيل: يحرم الصلاة فيها 4، و لم يثبت. نعم الترك أحوط، و تخف الكراهة بالكنس و الرش في وجه، سيما إذا خاف على متاعه لو صلى في غير ذلك المكان، و ينبغي انتظار يبسه.
سواء أ كانت بارزة فيها فعلا أم لا 5.
ص:136
سواء أ كان فيه ماء فعلا أم لا، توقع جريانه عن قريب أم لا 1. و في كراهة الصلاة في السفينة و على ساباط تحته ماء جار أو واقف تأمل.
2
و قيل: يحرم، و لم يثبت، و تخف الكراهة أو ترتفع إذا كان فيها نبت، أو كان مكانا لينّا تقع فيه الجبهة مستوية، أو ضاق الوقت عن الانتقال إلى غيره 3.
سيما البيداء و ضجنان، و ذات الصلاصل، و وادي الشقرة 4. و فسر البيداء بذات الجيش، لأنها التي ينزل عليها جيش السفياني لعنه اللّه قاصدا مكة المعظمة زادها اللّه تعالى شرفا، فيخسف اللّه به تلك الأرض. و ضجنان: واد أهلك اللّه تعالى فيه قوم لوط. و ذات الصلاصل: اسم الموضع الذي أهلك اللّه تعالى فيه النمرود.
ص:137
و وادي الشقرة: موضع معروف بمكة.
فلو أنمحت على وجه صارت أرضا بسيطة لا يصدق معها الصلاة بين القبور فلا كراهة، و لذا لا تكره الصلاة في صحن الروضات المطهرة و إن دفن فيه الموتى (1). كما لا كراهة فيما لو صلى بين قبرين لا قبور، أو صلى إلى جنب قبر أو قبرين أو قبور كلها في جانب منه و لم يقف بينها (2). نعم تكره الصلاة على ظهر القبر و إن كان واحدا (3)، كما يكره جعل القبر قبلة و إن كان واحدا، بلّ قيل: يحرم، و هو أحوط، إلاّ أن الجواز على كراهية أقرب (4). و المراد بجعله قبلة جعله في طرف القبلة و الوقوف خلفه، لا التوجه إليه عوض القبلة حقيقة، فإنه تشريع محرم، و لو جعل بيتا (5)موضعا لقبر واحد، ففي كراهة الصلاة فيه من دون
ص:139
استقبال القبر تأمل، و على فرضها فتختص بما إذا كان الدفن فيه، فلا كراهة فيما لو كان الدفن في سرداب تحته-كما هو المرسوم في بلدتنا هذه-. و لو بنى مسجدا بين المقابر فإن كان له حائط حائل عن القبور، أو كان واسعا لا يصدق على الصلاة فيه الصلاة بين المقابر، فلا كراهة، و إلا لم تزل الكراهة، و كذا تزول الكراهة بكل حائل و مزيل لصدق الصلاة بين القبور، بل قيل بكفاية الحيلولة بالرمح و العصى. . و نحوهما بينه و بين القبور (1)، و في حكم الحائل بعد عشرة أذرع عن القبور (2). و لا بأس بالصلاة مستدبرا لغير قبور المعصومين صلوات اللّه و سلامه عليهم واحدا كان ما استدبره أو متعددا، ما لم يصدق الصلاة بين القبور، و أما قبور المعصومين صلوات اللّه عليهم فلا شبهة في مرجوحية الصلاة مستدبرا لشيء منها. و هل الثابت هي الحرمة أو الكراهة فقط؟ قولان؛ ثانيهما و إن كان لا يخلو من وجه إلاّ أنّ الاول أوجه، فالاحتياط بالاجتناب لا يترك (3)، من غير فرق بين الفريضة و النافلة، بل و أجزاء الصلاة المنسية و ركعات الاحتياط، و الأشبه-و إن كان عدم جريان ذلك في الأذان و الاقامة و سجود الشكر و التلاوة و الأذكار و الدعوات و التعقيبات-إلاّ أنه يمكن الاستيناس للمنع من ذلك كله، بل من استدبار قبورهم مطلقا، بإنه إذا حرم أو كره الاستدبار في الصلاة المتوجه فيها إلى اللّه سبحانه؛ ففي غيرها الحرمة أو الكراهة أولى بالاذعان. و لا بأس بالصلاة متقدما على قبورهم مع الحائل
ص:140
المانع من الرؤية، أو بعد يوجب سلب اسم التقدم على قبورهم. و لا يكفي الصندوق و الضريح حائلا على الأظهر، لأنهما نازلان منزلة القبر. و يجوز التقدم على قبورهم عليهم السّلام تقية (1)، و لا بأس بالصلاة عن يمين قبورهم و يسارها مع المحاذاة أو التأخر عنها (2)، و الأحوط التأخر عن المحاذاة يسيرا. و في الصلاة خلف قبورهم عليهم السّلام مواجها اياها أقوال، أظهرها الاستحباب. و قد ورد إن من صلى خلف قبر الحسين عليه السّلام صلاة واحدة يريد بها وجه اللّه تعالى لقى اللّه تعالى يوم يلقاه و عليه من النور ما يغشي كل شيء يراه (3).
و المراد بها المعابد، و إن كان الاولى اجتناب الصلاة في البيوت المعدة لا ضرام النار بها عادة و إن لم يكن اعدادها للعبادة، بل و إن لم تكن النار موجودة حال الصلاة، و في الحاق أمكنة النار في الصحراء و نحوها مما لا يسمى بيتا وجه (4).
و الاولى اجتناب بيت المسكر و إن
ص:141
لم يكن فيه فعلا (1).
لأن الملائكة لا يدخلونه (2).
و هي معظمها و وسطها الذي يكثر التردد عليه، بل وردت كراهة الصلاة في كل طريق يوطأ و يتطرق و إن لم تكن فيه جادة (3)، و لا تكره الصلاة في الجوانب المرتفعة عن الطريق حسا أو جهة (4)، و لا فرق في موضع الكراهة بين وجود المارة فعلا أو ترقبها أو عدمهما (5). نعم، لو هجر الطريق إلى حد سلب عنه الاسم زالت الكراهة، و الحكم يشمل الطرق في المدن، بل لو زاحم بصلاته في الشوارع المارة بطلت صلاته (6).
بخلاف بيت فيه يهودي أو نصراني، فإنه لا
ص:142
تكره الصلاة فيه (1)، و تخف الكراهة أو تزول في بيت المجوسي بالرش (2). و في كراهة الصلاة في بيت المجوسي إذا لم يكن هو فيه وجه، و تزول الكراهة بالرش (3). و لا بأس بالصلاة في البيع و الكنائس مع مراعاة القبلة و نحوها من الشرائط، سيما بعد الرش، و الأولى انتظار الجفاف (4).
من غير فرق بين حال كونها فيها و بين حال غيبتها عنها، إلاّ إذا هجرت على وجه زال به الاسم، و لا بين الأهلّية و الوحشّية في وجه، و لا بأس بمرابض الغنم سيما بعد الكنس و النضح و الرش (7).
و لا بأس بالصلاة في منازل المسافرين، و لا على الكدس من الطعام مطينا مثل السطح (8)، و لا على الفرش الموضوعة على القت أو الحنطة أو الشعير أو
ص:143
نحو ذلك مع عدم فوت الاستقرار و تمكن الجبهة في السجود (1)، و لا في بيت الحجام حتى مع عدم الضرورة إذا كان نظيفا (2).
في الأرض أو في الاناء من مجمرة و غيرها أو سراج موقد (3). و تشتد الكراهة إذا كان السراج معلقا قدامه مرتفعا، و تزول في صورة بعده عنه على وجه لا يصدق عليه الصلاة إلى النار و السراج عرفا، أو وجود حائل بينه و بين المصلي، فينبغي لمن صلى في الحضرات المشرفة ليلا مراعاة ذلك.
سواء كانت في الفرش أو الجدار أو غيرهما، و سواء أ كانت الصورة مجسمة أم لا (4). و تزول الكراهة بقطع
ص:144
رأسه. و ألحق به نقص سائر الأعضاء، و فيه تردد. و كذا تزول بتغطيته (1)، و تخفّ الكراهة بكون الصورة في غير طرف وجه المصلي كيمينه و شماله و خلفه و تحت قدميه و فوق رأسه (2). و قيل بعدم الكراهة (3)في ذلك أصلا، و هو مردود بما نطق بإطلاق النهي عن الصلاة في بيت فيه تمثال، و ان الملائكة لا تدخله (4).
من غير فرق بين أن يكون المصلي قاريا أو أمّيا، و إن كان خفة الكراهة في الثاني غير بعيد (6).
و يكره أن ينظر المصلي في الصلاة إلى ما كتب على خاتمه 7.
أو يوضع فيها سائر النجاسات، و لا بأس مع الحائل أو الساتر، كما لا بأس إذا كان النزّ من غير ذلك 8.
ص:145
على قول لم نقف على مستنده.
و لا تبطل الصلاة بمرور إنسان أو كلب أو حمار أو غير ذلك من قدامه (3). نعم يستحب للمصلي الاستتار بشيء من عصى أو سهم أو سبحة أو قلنسوة أو نحوها بوضعه بين يديه اتقاء به عن المار و نحوه، و لو لم يكن شيء منها خط قدامه في الأرض خطا و صلّى، و لو كانت الأرض مرتفعة قدامه بقدر ذراع، كفت سترا (4). و لا بأس بالصلاة و أمامه الكرم و عليه حمله، أو النخلة و عليها حملها، أو شيء من الطير أو المشجب (5)، و عليه الثياب أو ثوم أو بصل (6).
و يستحب تفريق الصلوات في أماكن متعددة فإنها تشهد له يوم القيامة و تبكي عليه عند موته (7)، و لذا إن سيد الساجدين عليه السّلام كان يفرق الألف ركعة التي كان يصليها في اليوم و الليلة على جنب الخمس مائة نخلة التي كانت له، و كان يصلي عند كل نخلة ركعتين (8).
ص:146
في فضل المسجد و آدابه
اعلم أن المسجد هو المكان الموقوف على عامة المسلمين للصلاة و نحوها من العبادات، و لو وقف المكان على خاص منهم لزم الوقف مع اجتماع شرائطه (1).
ص:147
و في جريان أحكام المسجد عليه تردد، و الإجراء أحوط (1). و لا يجري شيء من الأحكام حتى ثواب المسجد على ما يتخذه في داره مصلى لنفسه خاصة، أو لأهل الدار من دون وقف، حتى ورد الإذن في جعله كنيفا (2)، و إن كان نفس اتخاذ ذلك مسنونا كما عرفت في المقالة الأولى.
و يستحب اتخاذ المسجد، و فيه فضل عظيم، إذ قد ورد أن من بنى
ص:148
مسجدا في الدنيا أعطاه اللّه يوم القيامة بكل شبر منه-أو قال بكل ذراع منه- مسيرة أربعين ألف عام، مدينة من ذهب و فضة و در و ياقوت و زمرد و زبرجد و لؤلؤ (1). و يكفي في ذلك أقل مسماه، حتى ورد أن من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى اللّه تعالى له بيتا في الجنة (2). و من ذلك نصب أحجار و تسوية الأرض للصلاة و لو في الصحراء (3).
و يعتبر فيه صيغة الوقف، فلا تكفي صلاة مسلم فيه من دون صيغة (4). نعم لو أنشأ صيغة الوقف كفى الاتيان بصلاة واحدة من مسلم قبضا في ذلك (5).
ص:149
بل يكره التسقيف و الصلاة تحت السقف منه (1). نعم لا بأس بالتظليل بالحصر و البواري و نحوها من غير طين، لدفع الحر و البرد و الصلاة تحته (2).
المساجد على جهة القرب من أبوابها ،
3
بل يكره الوضوء من حدث البول و الغائط في المسجد 4.
و يكره كونها أرفع من سطح المسجد أو حائطه 5.
6
ص:150
1
2
و يستعلم حاله، حتى لا يكون تحته شيء من النجاسات 3.
اللّه تعالى و يثنى عليه عند الدخول، و يدعو بالمأثور و غيره
. و من المأثور: «بسم اللّه و باللّه و السّلام على رسول اللّه و ملائكته، السّلام على محمد و آل محمد، السّلام عليهم و رحمة اللّه و بركاته، رب أغفر لي ذنوبي، و أفتح لي أبواب فضلك» 4.
و ورد لمن خرج من المسجد أن يقف بالباب و يقول: «اللهم دعوتني فأجبت دعوتك، و صليت مكتوبتك، و أنتشرت في أرضك كما أمرتني، فأسألك من فضلك العمل بطاعتك، و اجتناب سخطك، و الكفاف من الرزق برحمتك» 5.
و ورد ان من توضأ ثم خرج إلى المسجد فقال حين يخرج من بيته: «بسم اللّه اَلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ» هداه اللّه إلى الصواب للإيمان، و إذا قال: «وَ اَلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ» أطعمه اللّه عزّ و جل من طعام الجنة، و سقاه من شراب
ص:151
الجنة، و إذا قال: «وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ» جعله اللّه عزّ و جل كفارة لذنوبه، و إذا قال: «وَ اَلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ» أماته اللّه موتة الشهداء، و أحياه حياة السعداء، و إذا قال: «وَ اَلَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ اَلدِّينِ» غفر اللّه عزّ و جل خطأه كله و إن كان أكثر من زبد البحر، و إذا قال: «رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ» و هب اللّه له حكما و علما، و ألحقه بصالح من مضى و صالح من بقي، و إذا قال: «وَ اِجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي اَلْآخِرِينَ» كتب اللّه عز و جل في ورقة بيضاء: إن فلان بن فلان من الصادقين، و إذا قال: «وَ اِجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ اَلنَّعِيمِ» اعطاه اللّه عز و جل منازل في الجنة، و إذا قال: «و أغفر لأبي» غفر اللّه لأبويه. و ورد غير ذلك من الأدعية فراجع نوادر أبواب المساجد من المستدركات تقف على ذلك إن شاء اللّه تعالى (1).
و قد ورد أن من قمّ (2)مسجدا كتب اللّه له عتق رقبة، و من أخرج منه ما يقذي عينيه (3)كتب اللّه عز و جل له كفلين من رحمته، و يتأكد ذلك يوم الخميس و ليلة الجمعة (4).
فقد ورد أن من أسرج في مسجد من مساجد اللّه سراجا لم تزل الملائكة و حملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج (5).
ص:152
كما تكره الصلاه في مثل ذلك المسجد (1). و قيل: بالحرمة في الموضعين، و هو أحوط (2)، لكن الاول أظهر. و ليست من النقش كتابة الآيات و الأخبار و اسماء اللّه و الرسل و الأئمه صلوات اللّه و سلامه عليهم أجمعين على الجدران (3).
و مثلها المحراب الداخل تمامه في الحائط (1).
و إلاّ حرمت (1).
و لم يثبت كما بينّاه في محله (1).
و تشتد الكراهة في المسجدين الأعظمين، سيما لغير الغريب (2).
المؤذية فيها .
و المكروه إنما هو اخراجهما إلى أرض المسجد لا مجرد اخراجهما إلى فيه مع وضعهما في خرقة معه أو ردهما إلى جوفه تعظيما لحق المسجد، و قد ورد أن من تنّخع في المسجد أو بصق ثم ردّ ذلك إلى جوفه تعظيما لحق المسجد جعل اللّه ريقه صحة في بدنه، و قوة في جسده، و كتب له بها حسنة، و حطّ عنه بها سيئة، و لم تمر بداء في جوفه إلاّ
ص:156
ابرأته (1). و إن من وقّر بنخامته المسجد، لقى اللّه يوم القيامة ضاحكا قد أعطي كتابه بيمينه (2). و لو تنخع في المسجد أو بصق فكفارته دفنه بالتراب (3).
و المروي عن أبي جعفر عليه السّلام أنه كان إذا وجد قملة في المسجد دفنها في الحصى.
و إلاّ حرم (4)، بل يكره كشف السرة و الفخذ و الركبة فيها (5).
فإنها تلعن الرامي حتى تقع (6).
و الرطانة-بكسر الراء و فتحها-و التراطن كلام لا يفهمه الجمهور، و إنما هو مواضعة بين اثنين أو جماعة.
و قد ورد أن من سمع النداء في المسجد فخرج من غير علة فهو منافق، إلاّ أن يريد الرجوع إليه-يعني قبل فوت الجماعة- (8).
و أما أحكام المساجد الالزامية مثل حرمة مكث الجنب فيها، و تلويثها. . و نحو ذلك، فتطلب من مناهج المتقين.
ص:157
ثم إن الاتيان بالمكتوبة للرجال في المسجد أفضل من الاتيان بها في المنزل، و قد ورد الحث العظيم على حضور المساجد، و إن من كان القرآن حديثه، و المسجد بيته، بنى اللّه له بيتا في الجنة (1). و إن من اختلف إلى المسجد أصاب احدى الثمان: أخا مستفادا في اللّه، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو يسمع كلمة تدل على هدى، أو رحمة منتظرة، أو كلمة ترده عن ردى، أو يترك ذنبا خشية أو حياء (2). و إن الرجل إذا تعلق قلبه بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه، يظلّه اللّه في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه (3). و إن بيوت اللّه في الأرض المساجد، فطوبى لمن تطّهر في بيته، ثم زار اللّه في بيته، و حقّ على المزور أن يكرم الزائر (4). و إن من مشى إلى المسجد لم يضع رجلا على رطب و لا يابس إلاّ سبحّت له الأرض إلى الأرضين السابعة (5). و إنّه ما عبد اللّه بشيء مثل الصمت، و المشي
ص:158
إلى بيته (1). و إن من مشى إلى مسجد من مساجد اللّه فله بكل خطوة خطاها حتى يرجع إلى منزله عشر حسنات، و محي له عشر سيئات، و رفع له عشر درجات (2). و إنّ أحب البقاع إلى اللّه المساجد، و أحّب أهلها إلى اللّه أولهم دخولا و آخرهم خروجا منها (3).
و يتأكّد الفضل في حق جار المسجد، و حدّه إلى أربعين دارا، و قد ورد أنه لا صلاة مكتوبة لجار المسجد-في حال صحته و فراغه من الأعذار-إلاّ في المسجد (4). و قيل: بإن الصلاة في المسجد فرادى أفضل من الصلاة في غيره جماعة.
و أما النافلة، ففضلها في السر عليها علانية كفضل الفريضة على النافلة (5). كما إن الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها، و قد ورد أن خير مساجد النساء البيوت (6). و إن صلاة المرأة وحدها في بيتها كفضل صلاتها في الجمع خمسا و عشرين درجة (7). و إن صلاتها في مخدعها (8)، أفضل من صلاتها في بيتها، و صلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في الدار (9).
ثم إن صلاة الرجل في المسجد الأعظم الذي يكثر اختلاف عامة أهل
ص:159
البلد إليه بمائة صلاة، و في مسجد القبيلة الذي لا يأتيه إلاّ طائفة من الناس كمساجد محاليل البلد و مساجد القرى بخمس و عشرين صلاة، و في مسجد السوق الذي لا يأتيه غالبا إلاّ أهل السوق بإثني عشر صلاة (1).
و أما المساجد العظام فلها فضائل زائدة:
فمنها: المسجد الحرام، و فضله عظيم، و قد ورد إن من صلّى فيه صلاه مكتوبة قبل اللّه كل صلاة صلاها منذ يوم وجبت عليه الصلاة، و كل صلاة يصليها إلى أن يموت (2). و إن نافلة فيه تعدل عمرة مبروره، و الفريضة فيه تعدل حجة متقبلة (3). و إن صلاة فيه أفضل من مائة ألف صلاة في غيره من المساجد (4)، بل ورد إن الصلاة فيه تعدل ألف ألف صلاة (5)، و أفضل مواضعه الحطيم-ما
ص:160
بين الحجر و باب البيت-ثم مقام إبراهيم، ثم الحجر، ثم ما دنا من البيت (1). و سمي الحطيم حطيما لأن الناس يحطم بعضهم بعضا هناك. و ورد إنه أفضل بقعة على وجه الأرض، و هو الموضع الذي تاب اللّه فيه على آدم (2).
و لا تكره صلاة الفريضة في الحجر، و ليس شيء منه من الكعبة (3).
و منها: مسجد الخيف (4)بمنى، فقد ورد ان من صلى فيه مائة ركعة قبل ان يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، و من سبح اللّه فيه مائة تسبيحة كتب له كأجر عتق رقبة، و من هلل اللّه فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة، و من حمد اللّه فيه مائه تحميدة عدلت خراج العراقين يتصدق به في سبيل اللّه عزّ و جل (5).
و منها: مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بالمدينة المشرفة، فقد ورد ان الصلاة فيه تعدل الف صلاة في غيره (6). و في خبر آخر تعدل عشرة آلاف
ص:161
صلاة فيما عدى المسجد الحرام من المساجد (1). و أفضل أماكنه ما بين القبر و المنبر، فانه روضة من رياض الجنة، و افضل منه الصلاة في بيت فاطمة سلام اللّه عليها (2).
و منها: مساجد المدينة المشرفة كمسجد قبا، فانه المسجد الذي اسس على التقوى من أول يوم. [و مشربة أم إبراهيم]و مسجد الفضيخ [و قبور الشهداء]، و مسجد الاحزاب، و هو مسجد الفتح (3).
ص:162
و منها: بيت المقدس، فان الصلاة فيه تعدل الف صلاة (1).
و منها: المسجد الأعظم بالكوفة، فإن فضله عظيم، و إنه روضة من رياض الجنة، صلى فيه ألف و سبعون نبيا، و ألف وصي، و فيه عصا موسى، [ و شجرة يقطين]و خاتم سليمان، و منه فار التنور، و نجرت السفينة، و هو صرة بابل، و مجمع الأنبياء (2). و الصلاة فيه بالف صلاة، و النافلة فيه بخمسمائة صلاة، و إن الجلوس فيه-بغير تلاوة و لا ذكر-لعبادة (3). و إن صلاة فريضة فيه تعدل حجة، و صلاة نافلة فيه تعدل عمرة (4)، و ميمنته و وسطه أفضل من ميسرته، لما
ص:164
ورد من أن ميمنته رحمة، و وسطه روضة، و ميسرته مكر، يعني منازل السلاطين كما في خبر، و الشياطين كما في آخر (1).
و يستحب قصده و لو من بعيد، و قد قصده السجاد عليه السّلام من المدينة (2). و ورد أنه لو علم الناس ما فيه لأتوه و لو حبوا (3). و قال أمير المؤمنين
ص:165
عليه السّلام: يا أهل الكوفة! لقد حباكم اللّه [خ ل: عز و جلّ]بما لم يحب به أحدا، من فضل مصلاّكم بيت آدم عليه السّلام و بيت نوح، و بيت ادريس، و مصلّى إبراهيم الخليل، و مصلّى أخي الخضر عليهم السّلام و مصلاّي، و إنّ مسجدكم هذا لأحد المساجد الأربعة التي اختارها اللّه عزّ و جلّ لأهلها، و كأنّي به قد أتى [خ. ل: به]يوم القيامة في ثوبين أبيضين يتشبه بالمحرم، و يشفع لأهله و لمن يصلّي فيه فلا تردّ شفاعته، و لا تذهب الأيام و الليالي حتى ينصب الحجر الأسود فيه، و ليأتّين عليه زمان يكون مصلّى المهدي عجل اللّه تعالى فرجه من ولدي، و مصلّى كل مؤمن، و لا يبقى على الأرض مؤمن إلاّ كان به أو حّن قلبه إليه، فلا تهجروه، و تقربوا إلى اللّه عز و جل بالصلاة فيه، و أرغبوا [خ. ل: إليه]في قضاء حوائجكم، فلو يعلم الناس ما فيه من البركة لأتوا من أقطار الأرض و لو حبوا على الثلج (1).
و يستحب فيه صلاة الحاجة، بما يأتي في باب صلوات الحاجة إن شاء اللّه تعالى (2).
و منها: مسجد السهلة، فإن فيه بيت إبراهيم عليه السّلام الذي كان يخرج منه إلى العمالقة، و فيه بيت ادريس عليه السّلام الذي كان يخيط فيه، و فيه صخرة خضراء فيها صورة جميع النبيين عليهم السّلام، و تحت الصخرة الطينة التي خلق اللّه منها النبيين، و فيها المعراج، و هو الفاروق الأعظم (3). [خ.
ص:166
ل: موضع منه]و هو ممّر الناس، و هو من كوفان، و فيه مناخ الخضر عليه السّلام، و فيه ينفخ في الصور و إليه المحشر، و يحشر من جانبه سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب (1)، و ما بعث اللّه نبيا إلاّ و قد صلّى فيه (2)، و المقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (3)، و ما من مؤمن و لا مؤمنة إلاّ و قلبه يحّن إليه (4)، و ما من يوم و ليلة إلاّ و الملائكة يأوون إليه و يعبدون اللّه فيه (5)،
ص:167
و منه يظهر عدل اللّه، و فيه يكون قائمه و القوّام من بعده (1)، و من دعى اللّه فيه بما أحب قضى له حوائجه، و رفعه يوم القيامة مكانا عليّا إلى درجة إدريس عليه السّلام، و أجاره من مكروه الدنيا و مكائد أعدائه (2).
و ورد في عدة أخبار عنهم عليهم السّلام إنّ من أتاه و صلى فيه ركعتين ثم استجار باللّه لا جاره سنة (3). و في رواية أخرى: عشرين سنة (4). و في ثالثة: إن من صلى فيه ركعتين زاد اللّه في عمره سنتين (5). و في عدة أخبار اخر عنهم عليهم السّلام أنه ما أتاه مكروب قط فصلى فيه بين العشاءين و دعا اللّه عز و جل إلاّ فرج اللّه كربته (6).
و قد أشتبه الأمر على الشيعة الأطهار اليوم فخبطوا بين هاتين الطائفتين، و أستقر عملهم على الإتيان بصلاة الاستجارة بين العشاءين و زادوا تقييدها بليلة الأربعاء، و الأخبار على كثرتها خالية عن التقييد بليلة الأربعاء، و يعزى إلى ابن طاووس قده سره أنه قال: الأولى الإتيان بها ليلة الأربعاء، و لم نقف على مستنده، و الحق إن صلاة الاستجارة لا تتقيد بليل و لا نهار، و لا بما بين العشاءين و لا بغير ذلك، و إنّها تصّح في كلّ يوم و ليلة، و كلّ ساعة و دقيقة، و إنّ صلاة المكروب موردها ما بين العشاءين، فلا تذهل.
ص:168
و منها: مسجد صعصعة بالكوفة، فإن فيه فضلا (1).
و يطلب شرح أعمال المساجد المذكورة من الكتب المعدة لذلك إن شاء اللّه تعالى.
ص:169
ص:170
و فيه مقامات:
الأول: يجب الأكل و الشرب عند الضرورة إليهما، و ينبغي الاقتصار في الأكل-سيما لصاحب الأوجاع و التخم و المزاج الضعيف-على لقمة الصباح و الغداء و العشاء، و عدم الأكل بينها، و قد ورد أن لقمة الصباح مسمار البدن، و ورد استحباب أكل شيء و لو خبزا و ملحا قبل الخروج من المنزل، فإنه أعزّ للمؤمن و أقضى لحاجته (1). و ورد أن في الأكل بين الأكلات المزبورة فساد البدن (2).
و يستحب العشاء و لو بلقمة من خبز، و لو بشربة من ماء، فإنه قوة
ص:171
للجسم. و صالح للجماع (1)، و يتأكد الاستحباب في حق الكهل-و هو من تجاوز الثلاثين-و الشيخ (2)-و هو من تجاوز الأربعين (3)-. و ينبغي للرجل إذا أسّن أن لا يبيت إلاّ و جوفه ممتلئ من الطعام (4)-يعني امتلاء غير مكروه-.
و يكره ترك العشاء سيما ليلتي السبت و الأحد متواليتين، فإن من تركه فيهما ذهبت منه قوة لا ترجع إليه أربعين يوما (5). و ورد أن في ترك العشاء خراب البدن (6)، و إنه ينقص قوة لا تعود إليه (7)، و إنّ طعام الليل أنفع من طعام النهار (8)، و إن في الجسد عرقا يقال له: عرق العشاء، فإذا ترك الرجل العشاء لم يزل يدعو عليه ذلك العرق حتى يصبح، يقول: أجاعك اللّه كما أجعتني، و أظماك اللّه كما ظمأتني (9).
و يستحب البكور في الغداء، فإنه يطيل العمر (10)، و كون العشاء بعد
ص:172
صلاة العشاء، فإنه عشاء النبيين و الأئمة صلوات اللّه عليهم أجمعين (1).
و يكره الأكل في حال الجنابة، لأنه يورث الفقر، و يخاف عليه من البرص (2). و تخف الكراهة أو ترتفع بغسل اليدين و المضمضة، و أفضل من ذلك الوضوء (3).
و يستحب غسل اليدين جميعا قبل أكل الطعام و بعده و إن لم يأكل إلاّ بإحداهما، و قد ورد أنهما يذيبان الفقر، و يزيدان في الرزق، و إن أوله ينفي الفقر، و آخره ينفي الّهم (4). و إن من غسل يده قبل الطعام و بعده عاش في سعة، و عوفي من بلوى جسده (5). و إنه زيادة في العمر، و إماطة للغمر (6)[خ. ل: عن الثياب]، و يجلو البصر (7). و لا فرق بين كون الطعام مايعا كالمرق أو غير مايع كالخبز و نحوه، و لا بين كونه يباشر بيده أو بآلة كالملعقة. و ينبغي عدم مسح اليد من الغسل قبل الطعام بالمنديل، و الأكل قبل أن تيبس، فإنه لا تزال البركة في الطعام ما دامت النداوة في اليد (8).
ص:173
و يستحب أن يبدأ صاحب الطعام في الضيافة قبل الضيف بغسل اليد قبل الطعام، ثم من على يمينه، ثم يدور عليهم إلى الأخير. و في الغسل الأخير يبدأ بمن على يسار صاحب المنزل أو يسار باب المجلس، و يكون صاحب الطعام آخر من يغسل (1). و يستفاد من بعض المراسيل أن مراعاة الترتيب المذكور إنما هو حيث لا يكون في المجلس إمام أو فقيه عدل، و إلاّ بدأ بهما، و اللّه العالم. و كذا يستحب أن يبدأ صاحب الطعام بالأكل قبل الجميع، و يكون هو آخر من يمتنع من الأكل (2). و كذا الحال في رئيس المجلس الذي يحتشمه أهل المجلس. و يستحب أن تجمع غسالة الأيدي في إناء واحد عند تعدد الغاسلين، لأنه أدعى للمحبة، و يحسّن الأخلاق (3).
و يستحب أن يدعو إذا وضعت المائدة بين يديه بالمأثور، مثل قول: «اللهم هذا من منّك و من فضلك و عطائك، فبارك لنا فيه، و سوّ غناه، و أرزقنا خلفا إذا أكلناه فرّب محتاج إليه، رزقت فأحسنت، اللهم أجعلنا من الشاكرين» (4)و قول: «سبحانك اللهم ما أحسن ما تبتلينا، سبحانك اللهم ما أكثر ما تعطينا، سبحانك اللهم ما أكثر ما تعافينا، اللهم أوسع علينا و على فقراء المؤمنين و المؤمنات و المسلمين و المسلمات» (5).
و يستحب إن يجلس عند إرادة الأكل جلسة العبد، و يأكل أكل العبيد من حيث التواضع (6). و ورد ان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يجلس عند
ص:174
الأكل على نحو جلوس التشهد، و كان يضع ركبته اليمنى على اليسرى، و ظاهر رجله اليمنى على باطن رجله اليسرى (1).
و يكره الأكل على السرير، و التربع أيضا-بوضع احدى الرجلين على فخذ الأخرى-و منبطحا على البطن، و متكئا على الظهر، أو أحد الشقين كما يصنعه الملوك و المتكبرون (2)، و لا بأس بالاعتماد على اليسرى، بل لا يبعد استحبابه (3).
و يكره الأكل في السوق (4)، و أما ماشيا فقد ورد النهي عنه (5)، و ورد صدوره منهم عليهم السّلام (6)، و حيث ان الفعل مجمل، فلعل ما صدر منهم
ص:175
عليهم السّلام كان في مقام الضرورة (1)، فالأولى تركه عند عدم الضرورة.
و يستحب عند الشروع في الأكل التسمية، فإنّ من سمّى بعد عنه الشيطان، و لم يسأل عن نعيم ذلك، و من لم يسمّ أكل الشيطان معه (2). و ورد أنه إذا وضعت المائدة حفّها أربعة آلاف ملك، فإذا قال العبد: بسم اللّه، قالت الملائكة: بارك اللّه عليكم في طعامكم، ثم يقولون للشيطان: أخرج يا فاسق لا سلطان لك عليهم، فإذا فرغوا فقالوا: الحمد للّه، قالت الملائكة: قوم أنعم اللّه عليهم فأدّوا شكر ربهم، و إذا لم يسمّوا قالت الملائكة للشيطان: ادن يا فاسق فكل معهم، فإذا رفعت المائدة و لم يذكروا اسم اللّه عليها، قالت الملائكة: قوم أنعم اللّه عليهم فنسوا ربهم (3).
و يستحب أن يسمّى عند أكل كل لون على انفراده، و على كل لقمة (4). و قد ضمن أمير المؤمنين عليه السّلام لمن سمّى عند أكل الطعام أن لا يضره، فقيل له: قد سميت و ضرني، فقال: لعلك أكلت ألوانا فسميت على بعضها دون بعض (5).
و يستحب إعادة التسمية عند قطعها بالكلام، و لو قال: بسم اللّه على أوله و آخره، قيل: أجزأ (6). و لو نسي التسمية في الابتداء أستحب له ذلك حيثما ذكر، بقول: بسم اللّه على أوله و آخره، فإنه إذا سمّى عند التذكر تقيأ الشيطان
ص:176
ما أكل، و أستقل الانسان بالطعام (1).
و يستحب التحميد بعد التسمية، فقد ورد أن من قال عند رفع اللقمة: بسم اللّه و الحمد للّه رب العالمين، ثم وضع اللقمة في فيه، غفر اللّه له ذنوبه قبل أن تصير اللقمة إلى فيه (2).
و يستحب عند إرادة الأكل أن يقول: «اللهم إني أسألك خير الاسماء ملء الأرض و السماء الرحمن الرحيم الذي لا يضر معه داء» (3). و إذا خاف من أكل شيء قال: «بسم اللّه خير الاسماء، بسم اللّه ملء الأرض و السماء الرحمن الرحيم الذي لا يضر مع اسمه شيء و لا داء» ، و يأكل فإنه لا يضر مع هذا الدعاء شيء (4).
و يكره رد السائل بعد حضور الطعام (5).
و ينبغي عند أكل طعام ذي رائحة إطعام من يشم رائحته (6).
و يستحب الابتداء عند الأكل بالملح أو الخل، و الختم بشيء منهما أو بهما، أو الابتداء بالملح و الختم بالخل. و قد ورد أن من أفتتح طعامه بالملح و ختم به عوفي من اثنين و سبعين نوعا من أنواع البلاء، منها الجنون و الجذام و البرص (7)و وجع الحلق و الاضراس و وجع البطن (8). و ان الناس لو علموا ما في الملح
ص:177
لاختاروه على الترياق المجرّب (1). و ان من ذرّ الملح على أول لقمة فأكلها استقبل الغنى (2)، و ان اللّه و ملائكته يصلّون على خوان عليه خلّ و ملح (3). و ورد أن البدأة بالخل ليشد الذهن، و يزيد في العقل (4). و ورد أنهم عليهم السّلام كانوا يبدأون بالملح و يختمون بالخل (5).
و يستحب الأكل باليمين مع الاختيار دون الشمال و دونهما (6). نعم ورد أن شيئين يؤكلان باليدين جميعا: العنب و الرمان (7).
و يستحب تصغير اللّقمة، و إجادة المضغ، و قلّة النظر في وجوه الناس (8)، و خلع النعل عند الأكل (9)، و عدم الأكل إلاّ مع الجوع (10)، بل يكره الأكل على الشبع و عدم الجوع، لأنه يورث البرص (11)و الحماقة و البله. و عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال للحسن عليه السّلام: أ لا أعلمّك أربع خصال تستغني بها عن الطب؟ قال: بلى، قال: لا تجلس على الطعام إلاّ و أنت جائع،
ص:178
و لا تقم عن الطعام إلاّ و أنت تشتهيه، و جوّد المضغ، و إذا نمت فإعرض نفسك على الخلاء، فإذا استعملت هذا استغنيت عن الطب (1).
و يستحب طول الجلوس على المائدة، فإنه لا يحسب من العمر، و الحمد و الشكر في الأثناء، و رفع الصوت بذلك، و ترك استعجال الذي يأكل و إن كان عبدا (2)، و كذا محادثته المانعة من (3)الأكل لا مطلق الكلام كما يزعم، غايته اقتضاء الكلام تجديد التسمية كما مرّ.
و يكره الأكل من رأس الثريد، و يستحب الأكل من جوانبه و مما يليه لا مما في قدام غيره (4).
و يستحب الأكل بثلاث أصابع أقلاّ، و هي الإبهام و السبابة و الوسطى (5)، و أفضل منه الأكل بالجميع، بل بالكف. و يكره الأكل بالأصبعين فإنه أكل الشيطان (6).
ص:179
و يكره رمي الفاكهة قبل استقصاء أكلها، بل يتّم أو يطعم الباقي محتاجا (1).
و يكره وضع منديل على الركبتين فوق الثوب عند الأكل (2).
و يستحب مناولة المؤمن اللقمة و الماء و الحلواء، و قد كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إذا أكل لقم من بين عينيه، و إذا شرب سقى (3)من عن يمينه (4). و عن الصادق عليه السّلام: إن من لقّم مؤمنا لقمة حلاوة صرف اللّه عنه بها مرارة يوم القيامة (5).
و يستحب إذا حضر الخبز أن لا ينتظر به غيره، و أكله إذا حضر قبل اللحم و الادام (6).
و يكره وضع الخبز تحت القصعة (7)و شمّه و قطعه بالسكين (8)، بل يستحب كسره باليد (9). و يكره ايضا قطعه بالسن، و قد عدّ من مورثات الفقر، و ورد في بعض الاخبار عدم البأس بقطعه بالسكين عند عدم الادام (10).
و يكره اكل الطعام الحار جدا، لانه ممحوق البركة، و للشيطان فيه
ص:180
نصيب (1)، بل يستحب تركه حتى يبرد لكن لا بالّمرة (2)، بل يستحب اكله قبل ان تذهب حرارته بالكلّية، و ذكر النار عند احساس حرارته (3). و قد ورد ان البركة في السخونة، و ان الطعام السخن اطيب (4).
و يكره النفخ في الطعام و الشراب، سيّما اذا كان معه من يخاف ان يعافه (5). و ورد عدم البأس بالنفخ على الطعام ليبرد (6)، و احتمل حمله على حال الاستعجال و الضرورة.
و يكره التّملي من المأكل، لان اللّه يبغض كثرة الأكل (7). و قد ورد ان أقرب ما يكون العبد الى الشيطان حين يملأ بطنه (8)، و ما من شيء أبغض الى اللّه سبحانه من بطن مملوة، و ليس شيء أضرّ على قلوب المؤمنين من كثرة الأكل، و انها تذهب بماء الوجه (9). و ورد الامر بجعل ثلث البطن للطعام، و ثلث للشراب، و ثلث للنفس (10). و لو وصل التّملي الى حد الافراط حرم (11).
ص:181
و يكره ارتكاب ما يورث التخمة، فقد ورد ان كل داء من التخمة إلا الحمى فانها ترد ورودا (1).
و يستحب التحميد عند الشبع من الطعام، فان من فعل ذلك لم يسأل عن نعيم ذلك (2). و ورد ان ما من رجل يجمع عياله و يضع مائدة، فيسمون في أول طعامهم و يحمدون في آخره، فترفع (3)المائدة حتى يغفر لهم (4).
و ورد استحباب ان يقول: «الحمد للّه الذي يطعم و لا يطعم» (5). و يستحب إذا رفعت المائدة الدعاء بالمأثور و هو قول: «الحمد للّه الذي حملنا في البر و البحر، و رزقنا من الطيبات، و فضلنا على كثير ممن خلق [خلقه]تفضيلا (6)، الحمد للّه الذي اطعمنا و سقانا و كفانا و أيدنا و آوانا و أنعم علينا و أفضل، الحمد للّه الذي يطعم و لا يطعم» (7)و قول: «الحمد للّه هذا منك و من محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» (8)و قول: «الحمد للّه الذي أشبعنا في جايعين، و أروانا في ضامئين، و آوانا في ضائعين (9)، و حملنا في راجلين، و آمننا في خائفين، و أخدمنا في عانين» (10)و قول:
ص:182
«اللهم لك الحمد بمحمد رسولك صلّى اللّه عليه و آله و سلّم [لك الحمد]، اللهم لك الحمد صلي على محمد و على أهل بيته» (1).
و يستحب الدعاء لصاحب الطعام بعد الفراغ منه (2).
و يستحب غسل اليدين بعد الطعام، كما مرّ.
و يستحب مسح الوجه و الرأس و الحاجبين ببلل هذا الغسل، و قول: «الحمد للّه المحسن المجمل المنعم المفضل (3)، اللهم أجعلني ممن لا يرهق وجهه قتر و [خ. ل: لا]ذلة (4)، اللهم إني أسألك الزينة و المحبة، و أعوذ بك من المقت و البغضة» ، فقد ورد إن ذلك يدفع رمد العين (5). و أرسل عدل ثقة أمين قدس سره منذ نيف و عشرين سنة رواية باستحباب المضمضة عند الغسل بعد الطعام مرتين، و ابتلاع ماء المضمضة الأولى، فإنه لا يمر بداء إلاّ أزاله، و قذف ماء المضمضة الثانية، فإنه داء، و لكني لم أعثر على هذه الرواية إلى الآن، و ليته -قدس سره-كان حيا فاستعمله محلها.
و يستحب مسح اليدين بالمنديل من أثر الغسل الأخير، لا الغسل قبل الطعام كما مر (6).
و يستحب غسل أيدي الصبيان أيضا من الغمر، فإن الشيطان يشم
ص:183
الغمر، فيفزع الصبي في رقاده و يتأذى به الملكان (1).
و يستحب إن يلعق الانسان بعد الأكل أصابعه في فيه فيمصها قبل الغسل الأخير، فإنه إذا فعل ذلك قال اللّه عزّ و جل: بارك اللّه فيك (2). و إن يلطع ظرف الطعام، فإن من لطع قصعة فكأنما تصدق بمثلها (3).
و يكره مسح اليد بالمنديل و فيها شيء من الطعام حتى يمصها، أو يكون إلى جانبه صبي فيمصه (4).
و يكره ايواء منديل الغمر في البيت فإنه مربض الشيطان (5).
و يستحب غسل داخل الفم بعد الطعام بالسعد (6)، فإنه يطيب الفم، و يزيد في الجماع، و لا تصيبه علّة في فمه. و غسل خارجه بالأشنان (7)، من دون ان يأكل شيئا منه، فإن أكله يبخر الفم، و يورث السل، و يذهب بماء الظهر، و يوهن الركبتين (8).
و يستحب تخليل الاسنان بعد الأكل، فإنه يطيب الفم، و ينقيه، و يصلح اللثة و النواجذ، و يجلب الرزق (9). و يكره تركه لتأذي الملائكة من ريح ما بين
ص:184
الاسنان (1). و يجوز الخلال بكل عود (2)، و يكره بعود الريحان و الرمان، فإنهما يهيجان عرق الجذام، و بالقصب و الآس (3)، فإنهما يحركان عرق الاكلة (4)، و بالطرفاء (5)فإنه يورث الفقر (6). و روي إن من تخلل بالقصب لم تقض له حاجة ستة أيام (7).
و يستحب أكل ما دار عليه اللسان من بقية الطعام و أخرجه (8)، و رمي ما أخرجه الخلال و ما كان في الاضراس، فإن ابتلاعه يورث جراحة الامعاء. و يكره ازدراد (9)ما يتخلل به فإن منه يكون الدبيلة-و هي الطاعون-و دمّل يكون في الجوف، و يقتل صاحبه غالبا (10).
و يستحب تتبع ما يسقط من الخوان في المنزل من الطعام و لو مثل السمسم و أكله، فإنه شفاء من كل داء (11)، و ينفي الفقر عنه، و عن ولده إلى
ص:185
السابع، و يكثر الولد (1)، و أنه مهور حور العين (2)، و أنه أمان من الجنون و الجذام، و البرص، و المرة الصفراء، و الحمق (3)، و هذا بخلاف الصحراء، فإن المسنون فيها ترك ما يسقط من سفرته للطير و السبع و لو كان فخذ شاة 4.
و ينبغي اكرام الطعام 5، و يكره إن يداس بالرجل، بل لعله يحرم إذا كان بقصد الاهانة 6، و كذا يكره إن تداس السفرة بالرجل 7، و يكره الأكل على الخوان المرتفع من الأرض، لأنه من فعل المتكبرين 8، و إذا حضر الطعام في وقت الصلاة، فإن لم يؤد الأكل إلى فوات وقت الفضيلة أو عروض الكسل المانع من التوجه قدم الأكل، و إلاّ قدمت الصلاة 9.
ص:186
و يستحب بعد الطعام-سيما الغداء-الاستلقاء و وضع الرجل اليمنى على اليسرى (1)، و يكره عند الجشاء رفع الرأس إلى السماء، و كذا عند البزاق (2). و يستحب تقصير الجشاء (3)إذا أمكن و [قول]: «الحمد للّه» بعده، لأنه نعمة من اللّه سبحانه (4).
و يستحب الاجتماع على أكل الطعام، و أكل الرجل مع عياله و مماليكه صغارا و كبارا و خدمه حتى السودان و البواب و السايس و الحجام، و كثرة الأيدي على الطعام (5)، بل يكره عزل مائدة للسودان و الخدم (6). و قد ورد إن من عزل
ص:187
ملعون (1)، و يستثنى من ذلك ما إذا حضر من يعّد ذلك نقصا على [الرجل] الجليل (2)، لأمر الرضا عليه السّلام بتفرق هؤلاء عند احساس مجيء المأمون لعنه اللّه (3).
و يكره أكل الزاد منفردا (4)، و كذا الأكل مع المرأة في اناء واحد، فإنه يورث النسيان (5). و ورد النهي عن الأكل مع الأم، مخافة سبق اليد إلى ما سبقت عينها إليه فيوجب العقوق، و قد علل مولانا السجاد عليه السّلام عدم أكله مع أمه أيضا بذلك (6).
و يستحب أكل سؤر المؤمن و شربه، لأنه شفاء من كل داء (7). و يكره سؤر ما لا يؤكل لحمه إذا كان طاهر العين سيما الفار (8)فان سؤره يورث النسيان.
ص:188
و يحرم حضور مائدة يشرب عليها الخمر (1)، أو غيرها من المسكرات، سواء اكل من محلل تلك المائدة ام لم يأكل، و ان أكل كان عاصيا، و لم يكن ما في بطنه محرما. ما لم يأكل من المحرم، و ان جيئ بالمسكر في اثناء المائدة وجب القيام منها (2)، و اما الحضور على مائدة يعصى عليها بغير شرب المسكر فلا يحرم (3)، إلاّ ان يتوقف النهي عن المنكر-مع اجتماع شرايطه-على القيام، أو ترك الأكل، فانه يجب لذلك (4).
و يحرم الأكل و الشرب في أواني الذهب و الفضة (5)كما ذكرناه مشروحا في مناهج المتقين.
ص:189
و يكره ترك الاناء الذي فيه شيء من المأكول و المشروب بغير غطاء، فان الشيطان يبزق فيه و يأخذ منه شيئا (1)، و يستفاد من بعض الأخبار كراهة القيام في أثناء الطعام قبل الفراغ منه حتى لاحترام المولى (2).
ص:190
الذي ورد انه سيد الأشربة في الدنيا و الآخرة (1)، و ان طعمه طعم الحياة (2)، و منه خلق كل شيء حي (3)، و البارد منه ألّذ (4)، و المفّور منه سبع مرات مع التبريد بين كل مرة و مرة بالقلب من اناء إلى اناء يذهب بالحمّى، و يقوّي الساقين و القدمين (5).
و يستحب شرب الماء بعد الطعام، فانه يدير الطعام في المعدة، و يسكن الغضب، و يزيد في اللب، و يطفي المرار (6). و يستحب تقليله مهما امكن، بل يكره اكثاره، فانه مادة لكل داء (7)سيما بعد الدسم، فانه يهيج الداء (8). و يستحب شربه بعد التمر (9).
ص:191
و يستحب لمن شرب الماء التسمية قبله (1)، و شربه مصّا و يكره عبّا (2)-. و يستحب الشرب قياما نهارا، فان شربه من قيام نهارا ادّر للعروق (3)، و اقوى للبدن، و ليلا يورث الماء الأصفر (4). و يكره الشرب قائما ليلا، و قد حمل عليه ما ورد من ان من شرب الماء قائما فابتلاه اللّه تعالى بداء لا دواء له، فلا يلوّمن إلا نفسه، و كذا ما ورد من انه يورث الماء الأصفر، و ظاهر جملة من الأخبار انكار كراهة الشرب قائما مطلقا (5)، و فصّل بعضها بين الليل و النهار بحمل المانعة على الليل، لأنه يورث الماء الاصفر، و المرخّصة على النهار.
و يكره الشرب بنفس واحد، سيما إذا كان من يناول الماء عبدا (6). نعم إن كان حرا فظاهر بعض الأخبار عدم البأس بالشرب بنفس واحد (7)و ان كان الأفضل الشرب بثلاثة انفاس بين كل اثنين منها تحميد (8). و قد قال مولانا الصادق عليه السّلام: ان الرجل منكم ليشرب الشربة من الماء فيوجب اللّه تعالى له بها الجنة، ثم قال في بيانه: انه ليأخذ الاناء فيضعه على فيه فيسمي، ثم يشرب فينحّيه و هو يشتهيه، فيحمد اللّه، ثم يعود فيشرب، ثم ينحّيه فيحمد
ص:192
اللّه، ثم يعود فيشرب، ثم ينحّيه، فيوجب اللّه عز و جل بها له الجنة (1).
و يستحب أن يدعو بالمأثور، و منه ان يقول عند الشرب: «الحمد للّه الذي سقانا عذبا ذلولا [خ. ل: زلالا]، و لم يسقنا ملحا اجاجا، و لم يؤاخذنا بذنوبنا» (2). و ان يقول: «الحمد للّه الذي سقاني فارواني، و أعطاني فارضاني، و عافاني و كفاني. اللهم اجعلني ممن تسقيه في المعاد من حوض محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و تسعده بمرافقته، برحمتك يا أرحم الراحمين» (3). و ورد أن من قال عند شرب الماء بالليل ثلاث مرات: «عليك السّلام من ماء زمزم و ماء فرات» أو قال: «يا ماء! ماء زمزم و ماء فرات يقرؤك السّلام» بعد تحريك الاناء، لم يضره شرب الماء بالليل (4).
و يستحب ذكر سيد الشهداء أرواحنا فداه و السّلام عليه و لعن قاتله لمن شرب الماء، فإن من فعل ذلك كتب اللّه عز و جل له مائة ألف حسنة، و حطّ عنه مائة ألف سيئة، و رفع له مائة ألف درجة، و كان كمن أعتق ألف نسمة، و حشره اللّه تعالى يوم القيامة ثلج الفؤاد (5). و أحسن ما يشرب فيه الخزف (6)، إلاّ
ص:193
خزف مصر، فإن الشرب فيه و الغسل بطين مصر يذهب بالغيرة و يورث الدياثة (1). و يكره الشرب بالافواه من أفواه الأسقية، و من ثلمة الاناء، و من موضع عروته، و من أذنه فإن الشيطان يقعد عند ذلك، و يشرب من ذلك الموضع (2)، بل ينبغي الشرب من شفته الوسطى (3). و يستحب الشرب باليد، و باليمنى دون اليسرى (4)، بل يكره الشرب باليسرى، و لي في شمول الكراهة لرفع اناء الماء باليسرى و الشرب من الاناء تأمل، و إن كان الاجتناب أولى (5)
و يكره النفخ في قدح الماء (6). و يستحب شرب سؤر المؤمن تبّركا كما مرّ، لأنه شفاء من سبعين داء (7)، و من شرب سؤر المؤمن تبرّكا به خلق اللّه بينهما ملكا يستغفر لهما حتى تقوم الساعة (8). و من شرب من سؤر أخيه المؤمن يريد به التواضع، أدخله اللّه الجنة البتة (9).
و يستحب الاستشفاء بماء المطر النازل من ميزاب الكعبة (10)، و كذا
ص:194
يستحب شرب ماء زمزم، و الاستشفاء به، فإنه شفاء من كل داء (1)، و كذا شرب ماء الفرات و الاستشفاء به، و قد ورد أنه يصّب فيه ميزابان من الجنة (2)، و إنه يسقط فيه كل يوم سبع قطرات من الجنة (3)، و إن ملكا من السماء يهبط كل ليلة معه ثلاثة مثاقيل مسكا من مسك الجنة فيطرحها في الفرات، و ما من نهر في شرق الأرض و غربها أعظم بركة منه (4)، و إن من حنّك به كان شيعيا (5). و ورد أنه لو علم الناس ما فيه من البركة لضربوا الأخبية على حافتيه، و لو لا ما يدخله من الخاطئين ما أغتمس فيه ذو عاهة إلاّ برأ (6)، و أنه لو كان بيننا و بين الفرات كذا و كذا ميلا، لذهبنا إليه و أستشفينا به (7). و ورد استحباب شرب ماء نيل مصر، و ماء العقيق، و ماء سيحان و جيحان (8)، لكن عن أمير المؤمنين عليه السّلام: إن ماء نيل مصر يميت القلب (9). و يكره اختيار ماء دجلة، و ماء بلخ
ص:195
للشرب، لأنهما كافران (1). و يكره شرب ماء حضرموت (2)و كذا ماء الكبريت، و الماء المرّ، و التداوي بهما، لأن نوحا عليه السّلام لما دعى المياه أيام الطوفان أجابته، إلاّ ماء الكبريت و الماء المرّ، فلعنهما و دعا عليهما (3).
و يستحب شرب ماء السماء، فإنه يطهّر البدن، و يدفع الاسقام (4). و ورد استحباب قراءة الحمد و الاخلاص و المعوذتين سبعين مرة على ماء السماء المجموع قبل وصوله الأرض في اناء، و الاستشفاء به (5).
و يكره أكل البرد.
و يستحب سقي الماء حتى على الماء، و قد ورد إن من سقى مؤمنا شربة من ماء حيث يقدر على الماء، أعطاه اللّه بكل شربة سبعين ألف حسنة، و إن سقاه من حيث لا يقدر على الماء، فكأنما أعتق عشر رقاب من ولد اسماعيل (6)، و إن من سقى مؤمنا شربة من عطش سقاه اللّه من الرحيق المختوم (7).
ص:196
ثم المعروف بين العوام تقديم الأصغر سنا في شرب الماء على الأكبر، و لم أقف له إلى الآن على مستند، و هو خلاف قاعدة احترام الكبير (1)، و مقتضى قول الشيخ العلامة ابن الأعسم في منظومته:
لا تعرضن شربه على أحد لكن متى يعرض عليك لا ترد
هو كراهة عرض الماء، و لم أقف له على مستند، بل ينافيه ما مرّ من ان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان إذا شرب لقمّ من عن يمينه. و يظهر ممن شرحه بالنظم من فضلاء الهند انه أيضا لم يقف على سنده، حيث حمله على العرض بقصد الورود فقال:
لا تعرضن بشربه على أحد بقصد أن ذاك مما قد ورد
كما تراه شائعا بين العجم و يحسبون أنه من الكرم
لكن متى يعرض عليك لا ترد إذ لم يقابل قط احسان برد
و إن يكن مستهجنا عند العجم بل يحسبون ردّه من الكرم
و ظاهره إنه لم يقف على مستند الفقرة الثانية أيضا، و لكن يدلّ عليه ما ورد من أنه ما عرض الماء على عاقل فأبى.
ص:197
من أعظم المأكولات قدرا و أجلّها شأنا الخبز اللاّزم اكرامه، و عدم اهانته، و لذا ورد النهي عن إن يداس بالرجل، و يوضع تحت القصعة، و يقطع بالسكين كما مرّ.
و يستحب اختيار خبز الشعير على خبز الحنطة، فقد ورد إنه ما دخل جوفا إلاّ و أخرج كل داء فيه، و هو قوت الأنبياء، و طعام الابرار (1). و يستحب تخمير الخمير، و تصغير الرغفان، فإن مع كل رغيف بركة (2).
و يستحب أكل الارز، فإنه سيد طعام الدنيا بعد اللحم (3). و أنه يوسع الامعاء، و يقطع البواسير (4)، و أكله مطبوخا مع السماق ينفع وجع البطن (5).
و يستحب اختيار خبزه، سيما للمسلوس و المبطون، فإنه يدبغ المعدة، و يسل الداء سلا (6).
و يستحب اختيار السويق على غيره. فقد ورد ان شربه بالزيت ينبت
ص:198
اللحم، و يشدّ العظم، و يرقّق البشرة، و يزيد في الباه (1). و إن شربه على الريق جافا يطفي الحرارة، و يسكن المرارة، و يذهب بالبياض، و ينشف المرة و البلغم حتى لا يكاد يدع شيئا (2)، و إنه يدفع سبعين بلاء (3)، و ان من شربه أربعين صباحا امتلأ كفاه أو كتفاه قوة (4)، و انه إذا غسل سبع غسلات بالتقليب من إناء إلى اناء ثم شرب أذهب الحمى و نزل القوة الى الساقين و القدمين (5)، و يكره شرب الرجل له بالسكر (6).
و يستحب أكل العدس، فإنه مبارك مقدس. يرقق القلب، و يسرع الدمعة و يكثرها، و قد بارك عليه سبعون نبيا آخرهم عيسى بن مريم عليه السّلام (7). و يستحب أكل سويقه فإنه يقطع العطش، و يقوي المعدة، و فيه شفاء من سبعين داء، و إنه يطفي الحرارة و الصفراء، و يبرّد الجوف، و يسكّن هيجان الدم (8).
و يستحب أكل الحمص المطبوخ قبل الطعام و بعده، و قد ورد انه جيّد لوجع الظهر (9). و ظاهر بعض الأخبار إنه المراد بالعدس في الأخبار الواردة في
ص:199
العدس، حيث قال عليه السّلام: أنتم تسمّونه الحمص و نحن نسميه العدس (1).
و يستحب أكل الباقلاء، فإنه يمخخّ الساقين و يزيد في الدماغ، و يولد الدم الطرّي (2)، و مع قشره فإنه يدبغ المعدة (3).
و أكل اللوبيا، فإنها تطرد الرياح المستبطنة (4).
و أكل الماش المطبوخ المتحسى، فإنه ينفع البهق (5).
ص:200
يستحب اختيار اللحم على جميع الآدام، فإنه سيد طعام الدنيا و الآخرة (1)، و سيد آدام الجنة (2)، و ورد انه ليس منها مضغة تقع في المعدة إلاّ أنبتت مكانها شفاء و أخرجت من مكانها داء (3). و لا بأس بكثرة حبّ اللحم، فإن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أهل البيت عليهم السّلام كانوا يحبّونه (4)-و يكثرون أكله.
و ما ورد من بغض النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم له مفسر في كلمات أهل بيته عليهم السّلام بلحوم الناس، المكنى بها عن الغيبة (5). و لا بأس بإدمان اللحم
ص:201
كل يوم و ليلة لادمان الأئمة عليهم السّلام إياه (1). و ما ورد من المنع منه إلاّ في كل ثلاثة أيام مرة محمول على التقية (2). و ورد إن من ترك اللحم أياما فسد عقله، و من تركه أربعين يوما ساء خلقه، و من ساء خلقه يؤذن في أذنه (3). و يستحب له أكله و لو بالقرض (4).
و يكره أكل لحم الفحل الذي اغتلم وهاج من شدة شهوة النكاح، لنهي أمير المؤمنين عليه السّلام عنه (5). و يكره قطع اللحم عند أكله بالسكين، لنهي النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عنه (6). و يكره نهك العظام فإن للجن فيها نصيبا، فإذا فعل ذلك ذهب من البيت ما هو خير من ذلك (7).
و يستحب اختيار الذراع و الكتف على ساير أعضاء الذبيحة، و يكره اختيار الورك (8). و يستحب أكل الثريد من ماء اللحّم المطبوخ (9)، و الكباب و هو اللحّم المشوّي بالنّار أقوى منه، و ورد انّه يذهب بالحمى (10). و يستحب أكل
ص:202
الرأس من الشاة إذا طبخ، فإنه أبعد من الأذى (1)، و أكل الهريسة التي تطبخ من الحنطة و اللحم، فإنها تقوّي الظهر و الباه، و تنشط للعبادة أربعين يوما، و هي المائدة التي نزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2). و يكره أكل العريض-و هو اللحم النّي (3)غير المغير بالنّار و الشمس-و كذا القديد-و هو اللحم يقّد و يذر عليه الملح و يجفف في الظل من دون طبخ-فإنه لحم سوء، و إنه يسترخي في المعدة و يهيج كل داء، و لا ينفع من شيء بل يضره، و يهزل البدن و لا يدخل جوفا إلاّ أفسده (4).
و يستحب اختيار لحم الضأن على لحم الماعز و غيره (5)، و لحم البقر بالسلق، فإنه يذهب بالبياض (6)، و يكره لحم البقر وحده فإنه داء و لبنه دواء، و سمنه شفاء (7). و ورد في شحمه أنه يخرج مثله من الداء (8).
و يكره اختيار لحم الدجاج على الطير. و يستحب اختيار الفراخ القريبة من الطيران (9).
و يستحب لحم القباج (10)فإنه يقوي الساقين، و يطرد الحمى طردا (11)،
ص:203
و لحم الدراج فإنه يقتل الغيظ (1)، و لحم الحبارى فإنه جيد للبواسير و وجع الظهر، و هو مما يعين على كثرة الجماع (2). و لحم القطا، فإنه مبارك، و ينفع مشويه اليرقان (3)و لحم السمك مع التمر أو العسل، و شرب الماء بعد ذلك (4)، و يكره أكله من دونهما (5)، و أكل الطري منه إلاّ على أثر الحجامة فيؤكل كبابا (6).
و يكره ادمان أكل السمك و الاكثار منه فإنه يذيب الجسد، و يكثر البلغم، و يغلظ النفس، و يبلي الجسد، و يذيب شحم العين، و يورث السل (7). و من اجتمع به الدم و الصفراء و خاف من الحجامة هيجان الصفراء، و من تأخيرها اضرار الدم، يحتجم و يأكل على أثر الحجامة سمكا طريا كبابا بماء و ملح، فإنه يكون في عافية إن شاء اللّه تعالى (8).
و يكره لحم الهدهد و لا يحرم (9)، و كذا الخطاف على الأظهر (10). و الفاختة
ص:204
و القبرة و الصرد و الصوام و الشقراق (1). و مقتضى ما ورد في وجه كراهة الخطاف كراهة أكل كل ما سكن الدار من الطيور، و هو قول الصادق عليه السّلام في الخطاف إنه كره أكله لأنه استجار بك و أوى إلى منزلك، و كل طير يستجير بك فاجره (2). و من هنا ظهر وجه ما في الأذهان من التجنب عن أكل حمام الاعتاب المقدسة، و اللّه العالم.
و يستحب الاتيان للعيال بالفاكهة أو اللحم يوم الجمعة ليفرحوا بالجمعة (3).
و يستحب أكل السمن و خصوصا من البقرة، و هو في الصيف خير منه في الشتاء (4). و يكره أكله بالليل لمن تجاوز عمره خمسين سنة 5.
و يستحب أكل الزيت و الادهان به فإنه شجرة مباركة سبحت بالقدس مرتين، و من أكله و أدهن به لم يقر به الشيطان أربعين يوما، و هو أدام المصطفين، و طعام الاتقياء 6.
ص:205
و يستحب شرب اللبن-يعني الحليب-فإنه ينبت اللحم و يشد العظم (1)، و خصوصا لبن الشاة السوداء، و البقرة الحمراء (2)، و ورد إنه شفاء من كل داء إلاّ الموت، و إنه ينبت اللحم و يشد العظم (3)، و إن أكل اللحم باللبن مرق الأنبياء، و يشد الجسم، و فيه القوة و البركة (4). و اكل اللبن مع العسل يزيد ماء الظهر، و ينفع من تغير عليه ماء الظهر (5)، و ورد إن لبن البقرة يدبغ المعدة، و يكثر شحم الكليتين، و يشهي الطعام (6). و من اراد أكل الماست و خاف ضرره فليصب عليه الهاضوم و هو النانخواه (7). و يستحب أكل الجبن بالعشاء مطلقا، و بالغداة مع الجوز (8). و ورد إن كل منهما منفردا داء لا دواء فيه. فإذا اجتمعا زال ذلك (9). و إن أكل الجبن بالعشى يزيد في ماء الظهر (10). و إن اللقمة من الجبن تعذبّ الفم، و تطيب النكهة، و إن من أكله رأس الشهر أوشك ان لا تردّ له حاجة (11).
ص:206
و يستحب اتخاذ شاة أو نعجة أو بقرة حلوب في المنزل (1)، و قد ورد إن أفضل ما يتخذه الرجل في منزله لعياله الشاة، فمن كان في منزله شاة قدست عليه الملائكة كل يوم مرة، و من كانت عنده شاتان قدست عليه الملائكة كل يوم مرتين، و كذلك في الثلاث تقول: بورك فيكم (2).
و يلحق بالمقام:
و هي تحديد الشفرة، و سرعة القطع، و استقبال الذابح نفسه (3)، و ان لا يحرك الذبيحة، و لا يجرها قبل خروج روحها، و ان تساق إلى الذبح برفق، و تضجع برفق، و ان يعرض عليها الماء قبل الذبح، و ان يعبر السكين ذهابا و إيابا بقوة و تحامل (4). و يكره ان يذبح بيده ما ربّاه من النعم (5).
و يستحب في ذبح الغنم أن تربط يداه و رجل واحدة، و تطلق الاخرى، و يمسك صوفه أو شعره حتى يبرد. و في البقر إن تعقل يداه و رجلاه و يطلق ذنبه. و في الابل ان تربط يداه ما بين الخف إلى الركبة و تطلق رجلاه، و في الطير ان يرسل بعد الذبح (6).
ص:207
و يكره الذبح ليلا إلاّ مع الضرورة، و نهارا يوم الجمعة إلى الزوال (1). و أما نخع الذبيحة-و هو ابلاغ السكين إلى ان يتجاوز منتهى الذبح فيصيب النخاع- فمكروه إلاّ بعد موتها على الاظهر (2)، و كذا ذبح حيوان و حيوان آخر ينظر إليه (3).
ص:208
يستحب احضار البقل و الخضرة على المائدة و الأكل منها، و يكره خلو المائدة منها (1). و يستحب أكل جملة من البقول و الخضر:
فإنه ما من صباح إلاّ و تقطر عليه قطرة من قطرات الجنة (3). و انه بقلة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (4)، و سيد البقول (5)و فضله عليها كفضل الأئمة عليهم السّلام على الناس (6)، و انه شفاء من ألف داء (7)، و من سرّه ان من أكله و أدمن عليه يكثر ماله و ولده الذكور (8)، و انه يزيد في الماء،
ص:209
و يحسن الوجه و الولد، و هو حار لين 1، و من أكل سبع ورقات منه يوم الجمعة قبل الزوال دخل الجنة 2. و من بات و في جوفه سبع طاقات منه أمن من القولنج ليلته ان شاء اللّه تعالى 3. و من أخذه الحمى و الصداع فليدّقه و يضعه على القرطاس و يصب عليه دهن البنفسج و يضعه على رأسه فإنه يقمع الحمى، و يذهب بالصداع 4. و يكره نفضها عند الأكل، لأن عليها قطرة من الجنة 5.
6
و هو الحوك الذي هو بقلة أمير المؤمنين عليه السّلام 7، و فيه ثمان خصال: يمرئ، و يفتح السدد، و يطيب الجشاء و النكهة، و يشهي الطعام، و يسيل الدم و يسّل الداء 8، و هو أمان من الجذام، و إذا استقر في جوف الانسان قمع الداء كله 9. و يستحب افتتاح الطعام و اختتامه به 10.
فإنه يستحب أكله بعد غسله 11، لأنه يطيب النكهة،
ص:210
و يطرد الرياح، و يقطع البواسير، و هو أمان من الجذام لمن أدمن عليه (1)، و فيه ست قطرات من قطرات الجنة (2).
فإنه بقلة الأنبياء (3).
فإنه بقلة فاطمة عليها السّلام و قد سمته بنو أمية لعنهم اللّه تعالى: بقلة الحمقاء عداوة لها عليها أفضل الصلاة و السّلام (2).
فإنه يصفي الدم (3).
الدين (1).
-سيما مع الملح-و ورد انه اذا اكلتموه فكلوه من اسفله فإنه اعظم للبركة (1).
فقد ورد إن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يأكله مع الرطب، و يحبه (2)، و ربّما كان يأكله مع السكر 3، و ورد ان اكله على الريق يورث الفالج 4.
و هو الذي يسمى بالعجمية: كلما، فإنه كان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يعجبه ذلك 5.
فإن أمير المؤمنين عليه السّلام كان يحبها 6، و عن النبي
ص:214
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إنها من المن، و المن من الجنة، و ماؤها شفاء للعين (1).
فإنه يزيد في العقل، و يوفر الدماغ، و ينفع وجع الأذن إلا انه ينتن ماء الظهر (2).
و يكره أكل الجرجير و هو المسمى بالعجمية ترتيزه، فإنه لبني أمية، و إنه شجرة على باب النار (3)، و كأني انظر إليه يهتز في النار (4)، و من بات و في جوفه شيء منه بات و الجذام يرفرف على رأسه حتى يصبح، فإما إن يسلم أو يعطب (5)، و من أكله بالليل ضرب عليه عرق الجذام و بات ينزف الدم (6). و أما ما ورد على خلاف ذلك، مثل ما روي من إن أبا الحسن عليه السّلام كان يشترى له الجرجير، و كان يقول: ما أحمق بعض الناس يقولون إنه ينبت في وادي جهنم، و اللّه عز و جل يقول: وَقُودُهَا اَلنّاسُ وَ اَلْحِجارَةُ 7فكيف تنبت البقل؟ 8. فمحمول على التقية.
ص:215
و اما الثمار الممدوحة في الاخبار المستحب اكلها:
الذي قد ورد فيه ان الشيعة يحبونه (1)، و ان مع كل تمرة حسنة (2)و ان من اكله على شهوة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اياه لم يضره (3)، و خير التمور البرني (4)فقد ورد انه يذهب الداء، لا داء فيه، و يذهب بالاعياء، و بالبلغم، و يشبع (5)، و يطيب النكهة و المعدة، و يهظم الطعام، و يزيد في السمع و البصر، و يقوي الظهر، و يزيد في المجامعة، و يخبّل الشيطان، و يقرّب
ص:216
من اللّه تعالى، و يباعد من الشيطان (1). و ورد ان أكل التمر على الريق يقتل الديدان في البطن (2)، و ان من أكل البرني على الريق و شرب عليه الماء سمن (3)، و من غلبت عليه الرطوبة فاكله على الريق و لم يشرب عليه الماء، اعتدل مزاجه (4).
و الغبيراء: و هي تمرة تشبه العناب تنفع المحموم (5).
و العجوة: و هو قسم من التمر شفاء من السم (6)، و من اكل سبعا منه
ص:217
على الريق لم يضره سم و لا سحر، و لا شيطان (1)، و من اكل سبعا منه عند منامه قتلت (2)الديدان في بطنه (3).
و يستحب الابتداء بالتمر إذا حضر في الخوان (4). و يكره لمن اكل التمر طرح النوى يمينا و شمالا، و يستحب جمعها. و يكره اكل الطلع لأنه يورث الهزل في البدن (5). و يستحب اكرام النخل لانها خلقت من طينة آدم عليه السّلام، و لذا تلقّح، و لعله بهذا الاعتبار عبّر عنها في الأخبار بالعمّات (6)فكأنها لخلقها من طينة آدم عليه السّلام [صارت]اخواته.
فانه يستحب اكله سيما للمغموم، فانه يذهب بالغمّ، سيما الأسود منه (7). و يستحب اكله حبتين حبتين لا اكثر و لا أقل، إلا الشيخ
ص:218
الكبير و الطفل الصغير فحبّة حبّة (1). و يكره تسمية العنب: الكرم (2).
و يستحب اكل الزبيب فانه يشد العصب و القلب، و يذهب بالنصب، و يطيّب النفس، و يحسن الخلق، و يكشف المرّة، و يذهب بالبلغم و بالغمّ و المرض، و يطفي الحرارة (3). و يستحب اكل احدى و عشرين زبيبة حمراء في كل يوم على الريق، فان فاعل ذلك لا يمرض إلاّ مرض الموت (4).
فانه من فواكه الجنة 5، و سيد الفواكه 6، و هو ينير القلب، و يطرد عنه وسوسة الشيطان 7، و يغضبه اربعين صباحا، و ينفي الغم 8. و يستحب اكله بشحمه، فانه يدبغ المعدة، و يزيد في الذهن 9، و يذهب بالحفر و بالبخر، و يطيب النفس 10، و يشفي التخمة، و يهضم الطعام، و يسبّح في
ص:219
الجوف (1). و ورد انّ في كل حبّة منه إذا استقرت في المعدة حياة للقلب، و امانا للنفس، و ان الرمّان يمرض وسواس الشيطان، و يطرده اربعين ليلة (2)و انه لم يأكله جايع إلا اجزأه، و لا شبعان إلاّ امرأه (3). و الافضل الانفراد في أكله، و يكره الاشتراك في الرمانة الواحدة خوفا من فوات ما فيها من حبة الجنة، و لذا استحب استيعاب حبات الرمانة، و تتبع ما سقط منها (4). و ورد ان كل رمانة فيها حبة من الجنة فاذا اكلها الكافر بعث اللّه عز و جل اليه ملكا فانتزعها (5). و يستحب اكل المتعدّد من الرمان، فقد ورد ان أي مؤمن اكل رمانة حتى يستوفيها أذهب اللّه الشيطان عن انارة قلبه اربعين صباحا، و من اكل اثنتين اذهب اللّه الشيطان عن انارة قلبه مائة يوم، و من اكل ثلاثا حتى يستوفيها اذهب اللّه الشيطان عن انارة قلبه سنة، و من أذهب اللّه الشيطان عن انارة قلبه لم يذنب، و من لم يذنب دخل الجنة (6).
و يستحب اكله على الريق سيما يوم الجمعة و ليلتها (7)و ورد ان دخان شجرة الرمان ينفي الهوام (8).
فانه نصوح المعدة، و ينفع الوباء و الرعاف المهلك، و ما شيء انفع منه (9)، و الأخضر منه يقلع الحمّى، و يسكّن الحراق، و يطفي الحرارة،
ص:220
و يبرد الجوف (1). و يكره اكل الحامض منه لانه يورث النسيان (2)و كذا الكزبرة. و يستحب النظر الى التفاح الأحمر (3).
فانه يجمّ الفؤاد، و يزيد في قوته و يزكّيه و يشدّه، و يسخي البخيل، و يشجّع الجبان (4)، و يذهب بهمّ الحزين، كما يذهب اليد بعرق الجبين (5)و يحسّن الوجه، و يصفّي اللون (6)، و يجّم القلب و يجليه و يقوّيه، و يطيب المعدة و يضرجها (7)و يدبغها، و يزيد في العقل و المروءة، و يذهب بطخاء الصدر و ثقله و ظلمته (8). و من اكل سفرجلة انطق اللّه الحكمة على لسانه اربعين صباحا (9)، و من أكلها ثلاثة أيام على الريق صفا ذهنه، و امتلأ جوفه حلما و علما،
ص:221
و وقى من كيد ابليس و جنوده (1). و يستحب اكله للحامل، فان الولد يكون اطيب ريحا، و اصفى لونا (2)، و كذا اذا أكل السفرجل و جامع زوجته خرج الولد كذلك (3).
فانه يذهب بالبخر، و يشّد العظم، و ينبت الشعر، و يذهب بالداء، و لا يحتاج معه الى دواء (4)و ورد انه يليّن السدد (5)، و ينفع ارياح القولنج، و يدفع البواسير (6)و النقرس، و يزيد قوة الجماع (7).
فانه من شجرة مباركة، و أكله يطرد الرياح، و يزيد في الماء (8)، و قد مرّ مدح دهنه في المقام الرابع.
فأنه يطفي الحرارة، و يسكّن الصفراء، و اليابس منه يسكن الدم، و يسل الداء الدوي (1).
و هو ثمر اخضر قدر القثاء، و له منافع مذكورة في الطب.
فقد ورد الندب الى اكله سيما بعد الطعام (3)و من اكثر منه و وجد ثقله فليأكل الخبز المجفف في التنّور، فانه يدفع ثقله (4)و يستحب النظر الى الاترج الاخضر (5).
-و هو المسمى بالفارسية ب: سنجد-فان لحمه ينبت اللحم، و عظمه ينبت العظم، و يسخّن الكليتين، و يدبّغ المعدة، و هو امان من البواسير و التقطير، و يقوّي الساقين، و يقمع عرق الجذام (6).
و يستحب اختيار الرمّان الملاسي، و التفاح الشيقان، و السفرجل و العنب الرازقي، و الرطب المشان، و قصب السكر على ساير الفواكه (7).
و يستحب غسل الفاكهة قبل الاكل، لان لكل ثمرة سمّا (8). و يكره تقشير الثمرة (9)و يستحب اكل الثمرة الجديدة مع العتيقة دفعة، لأن الشيطان
ص:223
يشتد غضبه، و يقول: عاش ابن آدم حتى أكل العتيق بالحديث (1).
و يكره القران بين التين و التمر و ساير الفواكه لمن اكل مع قوم مسلمين إلاّ بإذنهم، و لا بأس به عند الانفراد (2).
و يستحب عند رؤية الثمرة الجديدة تقبيلها و وضعها على العينين، و قول: «اللهم كما اريتنا اولها في عافية فإرنا آخرها في عافية» (3). و ورد ان من رأى الفاكهة تباع و الشيء مما يشتهيه كان له بكل ما يراه فلا يقدر على شرائه و يصبر عليه حسنة (4)، و ان من اشتهى شهوة من شهوات الدنيا فيصبر و يذكر اهله و يغتم و يتنفس، كتب اللّه له بكل نفس الفي الف حسنة، و محى عنه الفي الف سيئة، و رفع له الفي الف درجة (5).
و يستحب مضغ اللبان (6)فانه يشد الأضراس، و ينفي البلغم، و يذهب بريح الفم (7).
ص:224
يستحب أكل البيض وحده (1)و مع اللحم (2)، و مع البصل (3). و الاكثار منه فانه يكثر النسل (4). و ورد ان صفاره خفيف، و بياضه ثقيل (5).
و اكل الخل وحده، فانّه يكسر المرة، و يطفي الصفراء، و يحيي القلب و ينيره (6). و مع الزيت فانه طعام الانبياء (7). و لا يفتقر أهل بيت عندهم الخل (8). و خل الخمر يشد اللّثة و الفم، و يقتل دود البطن، و يشدّ العقل (9).
ص:225
و يستحب أكل العسل، فانه يزيد في الحفظ، و يذهب بالبلغم، و انه شفاء كل داء (1).
و يستحب اكل السكّر و التداوي به (2)، و اكله عند النوم (3)، و اختيار السليماني منه، و الطبرزد و الابيض للاكل و التداوي به (4). و قد ورد ان الطبرزد يأكل البلغم اكلا (5)، و ان من ملك الف درهم و لم يملك غيرها، و صرف جميعها في شراء السكّر لم يكن مسرفا (6).
و يكره اكل الجوز في شدة الحرّ، فانه يهيج الحرّ في الجوف، و يهيج
ص:226
القروح على الجسد، و اكله في الشتاء مستحب، لانه يسخّن الكليتين، و يدفع البرد (1). و ورد انه يورث الهزل في البدن (2)، و حمله على ما إذا أكل في الحر لا داعي له.
و يستحب أكل التلبينية، فقد ورد انه لو اغنى شيء من الموت لأغنت التلبينية (3)، و هو الحسو باللبن، فالحسو طبيخ يتخذ من دقيق و ماء و دهن و قد يضاف اليه الحلو [ى]، و الحسو باللبن ان يجعل بدل الماء اللبن فهو التلبينية.
و يستحب اكل المثلثة، و هي ان يؤخذ من كل من الارز و الحمص و الباقلاء او غيره من الحبوب ثلث، ثم يرض الجميع و يطبخ (4).
و من جملة ما يؤتدم به المربّى، و هو ان يجعل الخبز اليابس في الخابية، و يصب عليه الماء و الملح و يترك حتى يصير مربى، و قد شكى يوسف عليه السّلام في السجن من اكل الخبز وحده، فأمر بتهيئة ذلك (5).
و يستحب اكل هريسة الجاورس، و هو قسم صغير من الدخن، فانه طعام ليس فيه ثقل و لا غائلة، و هو باللبن أنفع و الين في المعدة (6)، و سويق الجاورس بماء الكمون يمسك المعدة (7).
ص:227
و يجوز جعل المسك و العنبر و نحوهما من الطيب في الطعام (1).
و يستحب اكل الحلواء (2)و الفالوذج (3)و كذا الثريد، فان فيه بركة، و قد استباركه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لامّته (4).
و لا بأس بأكل السكباج، و هو طعام يصنع من خل و زعفران و لحم (5).
و يستحب اكل الحبة السوداء، فانها شفاء من كل داء إلاّ السام (6).
و كان الصادق عليه السّلام يحب النار باج و هو مرق الرمان، معرب (7).
و لا بأس بتهيئة الاطعمة الجيدة و اكلها و اطعامها، بل لا يبعد استحبابها، لصدور ذلك من أهل البيت عليهم السّلام مرارا عديدة (8)، و قول بعض من
ص:228
حضر في نفسه: لتسألن عن هذا النعيم، و قولهم عليهم السّلام-جوابا عمّا في ضمير البعض-: ان اللّه اكرم و أجلّ من ان يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثم يسألكم عنه، و ان المراد في الآية بالنعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، ما انعم اللّه به على العباد من ولاية آل محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1).
نعم يأتي هنا ما مرّ في فصل اللباس من ان المستفاد من مجموع الاخبار ان من كان مرجعا للعباد، و محطّ نظر الفقراء من رؤساء الدين، تكليفه الزهد حتى يتسلّى به الفقراء (2). نعم ورد استحباب التواضع للّه تعالى بترك اكل
ص:229
الطيّبات حتى ترك نخل الطحين (1): بل يكره الافراط في التنعم و المواظبة على أكل الطيبات حتى تصير عادة (2)، كما لا يبعد كراهة المواظبة الدائمة على ترك أكل الطيب تزهدا، سيما إذا أدى الى الاشتهار بذلك، لما ورد من انّ الشهرة خيرها و شرّها في النّار (3).
ص:230
يستحب الوليمة و اجابة الدعوة في العرس، و العقيقة، و الختان، و الاياب من الحج او الزيارة، و شراء الدار، و الفراغ من البناء (1). و قد ورد ان اطعام الطعام من الايمان (2)، و انه محبوب للّه تعالى (3)، و انه من المنجيات، و من افضل الأعمال (4)، و انه يوجب المغفرة من اللّه سبحانه و سرعة الرزق اليه (5). و ورد انّ من الحقوق الواجبة اجابة دعوة المسلم و لو على خمسة اميال، دون الكافر
ص:231
و المنافق بل و الفاسق فان اجابتهم منهي عنها (1). و يكره اجابة الدعوة في خفض الجواري (2).
و يستحب إذا قدم المؤمن على اخيه عرض الطعام عليه، فان لم يأكل فالشراب، فان لم يشرب فالوضوء (3). و يستحب اطعام المؤمن (4)، و لا يجوز اطعام الكافر إذا ادى الى اعانته على النصب، او الى الموادة معه، و قد ورد ان من اشبع كافرا كان حقا على اللّه أن يملأ جوفه من الزقوم، مؤمنا كان المشبع او كافرا (5)، و ان من أشبع عدوا لأهل البيت عليهم السّلام فقد قتل وليا لهم (6). و يستحب ان لا يحتشم المؤمن من اخيه، و لا يتكلف له، و ان يتحفه، و يقبل
ص:232
تحفته (1).
و يستحب الضيافة، حتى ورد ان من سمع صوت الضيف فسّره ذلك، غفر له ذنوبه و ان ملأت ما بين السماء و الارض (2)و انه لا تدخل الملائكة دارا لا يدخلها الضيف (3). و يكره كراهة شديدة استقلال صاحب المنزل ما يقدمه الى الضيف و احتقاره إيّاه (4)، و استقلال الضيف له و احتقاره (5). بل افتى الشيخ الحر (قدس سره) بحرمته (6)و هو وجيه ان رجع الاحتقار الى الاستخفاف بالنعمة، و من دعي الى طعام له يجز له ان يستتبع ولده و اتباعه إلا مع العلم بالرضا (7).
و يستحب لأهل البلد ضيافة من يرد عليهم من اخوانهم في الدين، حتى يرحل عنهم (8).
و يستحب التلطّف به ليلتين فاذا كانت الليلة الثالثة فهو من أهل البيت يأكل ما وجد (9).
ص:233
و يكره استخدام الضيف لأنه من الجفاء، و كذا تمكينه من ان يخدم (1).
و يستحبّ اعانة الضيف على النزول و اكرامه و توقيره، و ترك اعانته على الارتحال، و اجادة زاده فانه من السخاء 2.
و يستحب للضيف ان لا يكلف صاحب المنزل شيئا ليس فيه، و ان يمنعه من الاتيان بشيء من الخارج 3، و ان لا ينزل عند من لا يتمكّن من شيء ينفقه عليه 4. و يستحبّ لصاحب المنزل اذا دعى أخاه ان يتكلّف له، و ان لا يدخّر عنه شيئا ممّا في بيته من المأكولات 5.
و يستحب اقراء الضيف، و هو حبّه و الاحسان اليه، و قد ورد انه لا يقري الضيف إلاّ مؤمن تقيّ 6.
و يستحب للضيف اجادة الأكل في منزل المؤمن، و الانبساط فيه و الاكثار منه و لو بعد الامتلاء، ما لم يصل الى حدّ الكراهة، و ان لا يقصّر و لا يحتشم 7.
ص:234
و قد ورد انه: يعرف حبّ الرجل أخاه بكثرة الاكل عنده 1.
و يستحب تقدير الطعام بقدر سعة المال و قلّته، و اجادة الطعام و اكثاره مع الامكان 2. و يستحب اتخاذ الطعام و دعاء الناس اليه 3. و يكره القصر على دعاء الاغنياء 4. و قد ورد انّ اشباع مؤمن [يعدل]عتق نسمة 5، و انّ اشباع مؤمنين خير من عتق نسمة 6، و انّ اطعام ثلاثة نفر من المسلمين أحبّ من [عتق]سبع نسمات 7، و انّ من أطعم ثلاثة نفر من المسلمين أطعمه اللّه من ثلاث جنان في ملكوت السموات: الفردوس، و جنّة عدن، و طوبى 8. و انّ من اطعم مؤمنا جائعا اطعمه اللّه من ثمار الجنة، و من سقى مؤمنا من ظمأ سقاه اللّه من الرحيق
ص:235
المختوم (1). و ان من أطعم مؤمنا موسرا كان له بعدل رقبة من ولد اسماعيل ينقذه من الذبح، و من أطعم مؤمنا محتاجا كان له بعدل مائة رقبة من ولد اسماعيل ينقذها من الذبح (2). و عن مولانا الصادق عليه السّلام انه قال: لان اطعم رجلا من المسلمين أحب اليّ من ان اطعم افقا من الناس، قيل له: و ما الافق؟ فقال: مائة الف او يزيدون (3). و ورد ان الضيف إذا نزل جاء برزقه معه من السماء، و إذا دخل دخل بمغفرة المضيف و مغفرة عياله، و اذا خرج خرج بذنوبه و ذنوب عياله (4).
و يستحب لصاحب الطعام الابتداء بالاكل و الاشتغال به بعد الجميع- كما مرّ مع كيفيّة غسل اليد في المقام الأول-.
و ليجتنب من الإطعام رياء و سمعة، لما ورد من انّ من اطعم طعاما رياء و سمعة اطعمه اللّه مثله من صديد جهنم، و جعل ذلك الطعام نارا في بطنه حتى يقضي بين الناس (5). و ورد ان من حق الضيف تهيئة الخلال له (6).
ص:236
و فيه مقامات:
الأول: انه يستحب النوم بالليل فانه قرار البدن، بل يكره السهر إلا للتفقه و طلب العلوم الدينيّة، أو التهجّد بقراءة القرآن و الصلاة و الدعاء، أو ليلة العرس، او السفر (1).
و يكره كثرة النوم و استيفاء الليل به، فانها تدع الرجل فقيرا يوم القيامة، ممقوتا من اللّه عزّ و جل (2)، و ورد ان كثرة النوم مذهبة للدين و الدنيا (3)، و ان اللّه يبغض كثرة النوم و كثرة الفراغ (4)فينبغي الانتباه بعد نصف الليل و الاشتغال
ص:237
مقدارا من الزمان بالعبادة، و يكره النوم بين صلاة الليل و الفجر، فان صاحبه لا يحمد على ما قدّم من صلاته، و لا بأس بالضجعة من غير نوم (1)و اشدّ كراهة من النوم في ذلك الوقت النوم من طلوع الفجر الى طلوع الشمس (2)، و قد ورد انه يورث الفقر (3)، و ان اللّه تعالى يقسّم في ذلك الوقت ارزاق العباد يجريها على يد الأئمة عليهم السّلام (4)، فمن نام في ذلك الوقت حرم من الرزق و لم ينزل نصيبه، و كان إذا انتبه فلا يرى نصيبه احتاج الى السؤال و الطلب (5)، و انّ الأرض لتعجّ الى اللّه تعالى من النوم عليها قبل طلوع الشمس (6)، و ان نومة الغداة مشومة، تطرد الرزق، و تصفّر اللون، و تقبّحه و تغيّره، و هو نوم كل مشوم (7)، و ان النوم
ص:238
بعد الغداة خرق-أي حمق و ضعف عقل و جهل- (1)و ان ابليس إنما يبثّ جنود الليل من حين تغيب الشمس الى مغيب الشفق، و يبث جنود النهار من حين يطلع الفجر الى طلوع الشمس. و ذكر ان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يقول: أكثروا ذكر اللّه عز و جل في هاتين الساعتين، فانهما ساعتا غفلة، و تعوذوا باللّه عزّ و جل من شر ابليس و جنوده، و عوذوا صغاركم في هاتين الساعتين، فانهما ساعتا غفلة (2)و ما ورد من اخبار الرضا عليه السّلام بانه ينام بعد صلاة الفجر (3)محمول على الجواز، او جهة اخرى، و مثل هذا الوقت في كراهة النوم فيه ما بعد صلاة المغرب قبل صلاة العشاء، لانه يحرم الرزق (4)، و قد ورد عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: دخلت الجنة فوجدت قصرا من ياقوت احمر يرى باطنه من ظاهره لضيائه و نوره، و فيه قبتان من درّ و زبرجد، فقلت: يا جبرئيل! لمن هذا القصر؟ فقال: لمن أطاب الكلام، و ادام الصّيام، و اطعم الطعام، و تهجّد بالليل و الناس نيام، ثم فسر صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اطابة الكلام بقول: سبحان اللّه و الحمد للّه و اللّه اكبر. و ادامة الصيام بصوم جميع شهر رمضان. و اطعام الطعام بطلب ما يكفّ به وجوه عياله عن الناس. و التهجّد بالليل و الناس نيام بعدم النوم حتى يصلّي العشاء الآخر، قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و يريد بالناس هنا اليهود و النصارى و غيرهم من المشركين لأنهم ينامون بينهما (5).
ص:239
و يكره النوم بعد العصر، فقد ورد انه حماقة، و انه يورث السقم (1).
و يستحب نوم القيلولة، و هو النوم نصف النهار، أو بين الضحى و نصف النهار (2)، و قد ورد ان القيلولة نعمة (3)، و انها نعم العون على يقظة الليل و عبادته (4)، و ورد الأمر بالقيلولة معلّلا بان الشيطان لا يقيل (5). و قد امر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من عرضه النسيان بالعود الى ما كان متعوّدا به من القيلولة، فعاد اليه فعادت حافظته (6).
و يكره النوم على سطح غير محجر (7)كما مرّ في الفصل الثالث، و هكذا النوم في بيت ليس عليه باب و لا ستر (8).
و يستحب عند النوم-سيما في الليل-غلق الابواب، و ايكاء السقاء، و تغطية الاناء، فان الشيطان لا يكشف غطاء، و لا يحل وكاء (9). و ورد ان الآنية إذا لم تغط يبزق فيها الشيطان و يأخذ منها (10)، و ورد الأمر بحبس المواشي و الأهل
ص:240
في الدار حين تجب الشمس الى ان تذهب فحة (1)العشاء (2).
و يكره النوم وحده، لما مرّ من ان اجرأ ما يكون الشيطان على الانسان اذا كان وحده (3)، و ان من نام وحده يتخوّف عليه الجنون (4)و قد لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم النائم في البيت وحده (5)، و ورد كراهة ان يبيت على سطح وحده (6)، و من اضطر الى النوم وحده فليكثر ذكر اللّه سبحانه عند المنام ما استطاع، و يستصحب القرآن المجيد (7)، و ليقل: «اللهم آنس وحشتي و وحدتي» و ليقل ايضا: «يا ارض ربي و ربك اللّه، اعوذ باللّه من شرّك و شرّ ما فيك، و من شرّ ما خلق فيك، و من شرّ ما يحاذر عليك، اعوذ باللّه من شرّ كل أسد و أسود و حيّة و عقرب من ساكن البلد و من شرّ والد و ما ولد، أ فغير دين اللّه يبغون و له أسلم من في السموات و الأرض طوعا و كرها و اليه ترجعون، الحمد للّه بنعمته و حسن بلائه علينا، اللهم صاحبنا في السفر و افضل علينا فانه لا حول و لا قوة إلا باللّه» ثم يقرأ سورة التكاثر، فانه ان فعل ذلك لم يؤذه شيء من السباع و الهوام و الحيّات و العقارب، و لو بات على الحيّة باذن اللّه عزّ و جلّ (8).
ص:241
و يكره ابقاء النار في البيت عند النوم (1)، و كذا يكره ابقاء السراج في البيت عند النوم، للامر باطفائه حينئذ معلّلا بان الفويسقة-يعني الفارة-تجرها و تحرق البيت و ما فيه (2)، و مقتضى هذه العلة عدم كراهة ابقاء السراج الذي لا يمكن جرّ الفارة له و احراق البيت، كالشمعة في الفانوس المسدود بابه. نعم لا يبعد جريان الكراهة في سرج النفط التي قد تحترق بنفسها.
و يكره النوم و في اليد غمر الطعام، فانه ان فعل ذلك فاصابه لمم الشيطان فلا يلومن إلا نفسه (3).
و يكره النوم على الطريق، لنهي امير المؤمنين عليه السّلام عنه (4).
و المشهور بين الفقهاء رضوان اللّه عليهم كراهة النوم في المساجد. و هو ظاهر بعض الاخبار (5)إلا ان جملة من الأخبار تأبى عن ذلك (6)، و لا شك ان
ص:242
الاجتناب أولى (1).
و ليكن النوم نوم المتعبدين الاكياس الذين ينامون استرواحا، و هم الذين ينامون بعد الفراغ من اداء الفرائض و السنن و الواجبات من الحقوق، فانه نوم محمود، و ليس في هذا الزمان و امثاله أسلم من هذا النوم، و احذر من ان يكون نومك نوم الغافلين الخاسرين، و هو النوم عن فريضة او سنة او نافلة اتاه سببها (2).
ص:243
و احسن اصناف النوم للمؤمن النوم على اليمين مستقبل القبلة على حالة الميت في اللحد (1)فان النوم على اربعة اصناف، نوم الانبياء، و هو النوم على القفاء مستلقيا مستقبلا بباطن كفي الرجلين القبلة، و نوم المؤمنين، و هو على ما وصفناه. و نوم المنافقين و هو النوم على الشمال، و في بعض الاخبار انه نوم الملوك و ابنائها ليستمرئوا ما يأكلون، و نوم ابليس و جنوده و كل مجنون و ذي عاهلة (2)، و هو النوم على الوجه منبطحا، و ظاهر بعض الاخبار انّ من كان اكله ثقيلا فالراجح له ان يتمدّد أوّلا على جانبه الايمن مدّة، ثم ينقلب على الايسر و ينام عليه (3).
و يكره النوم للجنب إلاّ بعد الغسل، للنهي عنه، و لانه لا يعلم ما يطرقه في رقدته، فان لم يجد الماء أو ضره فليتيمم، و تخف الكراهة بالوضوء (4).
و يستحب للمحدث بالحدث الأصغر ان يتوضأ إذا أراد أن ينام، لأن من نام على طهارة فكأنما أحيى الليل [كلّه] (5)، و من تطهر واوى الى فراشه بات
ص:244
و فراشه كمسجده (1)، و لم يزل في صلاة ما ذكر اللّه، فان اوى الى فراشه، ثم ذكر انه ليس على وضوء أجزأه ان يتيمم من دثاره كائنا ما كان (2)، و لا يلزمه ان يقوم و يتوضأ. و قد ورد عن امير المؤمنين عليه السّلام النهي عن النوم إلا على طهور، قال عليه السّلام: فان لم يجد الماء فليتيمم بالصعيد، فان روح المؤمن تروح الى اللّه عزّ و جل فيلقاها و يبارك عليها، فان كان اجلها قد حضر جعلها في مكنون رحمته، و ان لم يكن أجلها قد حضر، بعث بها مع امنائه من الملائكة فيردها في جسده (3).
و يستحب لمن أراد ان يأوى الى فراشه ان يمسحه بطرف ازاره دفعا لاحتمال ان يكون موذيا عليه، فانه لا يدري ما حدث بالفراش قبله (4).
و ينبغي لمن اراد النوم ان يحاسب نفسه و يستغفر مما صدر منه، و يصلح ما فات منه (5)و يفرض نفسه كأنه يريد أن يموت، و يتشهد الشهادات، فان
ص:245
النوم أخو الموت، و قد لا يقوم من رقدته، و كذا ينبغي له ان يلتفت الى انه عبد مملوك حقير يريد ان ينام و يمدّ رجليه و ينبسط في الحركات و السكنات بين يدي مالك عظيم كبير فيتأدّب قولا و فعلا، فكلّما يتأدب و يتذلّل كان مولاه اهلا له و كان العبد اصغر و احقر محلاّ، و ان ينوي بنومته ان يتقوّى بها في اليقظة على طاعة اللّه و على ما يراد في تلك الحال من العبودية و الذّلة.
و يستحب ان يستاك قبل النوم تاسّيا بالنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1)، و ان يضع يده اليمنى تحت خده الايمن عند النوم، للامر به معللا بانه لا يدري ا ينتبه من رقدته ام لا (2).
ص:246
انه يستحب لمن أراد النوم ان يذكر اللّه تعالى عند النوم، و كلّما استيقظ في الاثناء حتى يكلأه الملك الذي يحضر، فان المروي عن الصادق عليه السّلام انه قال: إذا أوى أحدكم الى فراشه ابتدره ملك كريم و شيطان مريد، فيقول له الملك: اختم يومك بخير و افتح ليلك بخير، و يقول له الشيطان: اختم يومك باثم و افتح ليلك باثم، فان اطاع الملك الكريم و ختم يومه بذكر اللّه، و فتح ليله بذكر اللّه اذا أخذ مضجعه، و سبح تسبيح الزهراء سلام اللّه عليها، زجر الملك الشيطان فتنحى و كلأه الملك حتى ينتبه من رقدته، فاذا انتبه ابتدره شيطانه فقال له مثل مقالته قبل أن يرقد، و يقول له الملك مثل ما قاله قبل أن يرقد، فان ذكر اللّه عزّ و جل بمثل ما ذكره اولا طرد الملك شيطانه عنه فتنحى و كلأه الملك حتى ينتبه من رقدته. . و هكذا كلما ينتبه (1).
و قد ورد فضل قراءة جملة من السور و الآيات و الاذكار و الأدعية عند النوم:
فمن السور: سورة فاتحة الكتاب، فقد ورد قراءتها ثلاث مرّات قبل النوم (2).
فان من قرأها حين يأخذ مضجعه غفر اللّه له ذنوب خمسين سنة (3)، و وكل اللّه عز و جل به خمسين الف ملك يحرسونه ليلته، و الاولى
ص:247
قراءتها ثلاثا، لما نطقت به الأخبار من ان قراءتها ثلاثا تعدل ختم القرآن المجيد (1)، و ورد ان من قرأها احدى عشرة مرة عند الايواء الى الفراش حفظه اللّه تعالى في داره و دويرات حوله (2)، و ورد ان من قرأها مائة مرة حين يأخذ مضجعه غفر اللّه له ذنوب ما قبل ذلك خمسين عاما (3).
فقد ورد قراءتهما عند النوم مرة مرة (4)، و ورد ان من قرأ التوحيد و المعوذتين كل ليلة عشرا كان كمّن قرأ القرآن كله، و خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه، و إن مات في يومه أو ليلته مات شهيدا (5)، و ورد انه ما من أحد في حد الصبا يتعهد في كل ليلة قراءة المعوذتين كل واحدة ثلاث مرات، و التوحيد مائة مرة فان لم يقدر فخمسين، إلا صرف اللّه عنه كل لّمم أو عرض من أعراض الصبيان، و العطاش و فساد المعدة و بدور الدم ابدا ما تعوهد بهذا حتى يبلغه الشيب، فان تعهد نفسه بذلك أو تعوهد كان محفوظا الى يوم يقبض اللّه عز و جل نفسه (6).
ص:248
فان من قرأها حين ينام و يستيقظ ملأ اللوح المحفوظ ثوابه (1)، و من قرأها احدى عشرة مرة عند منامه وكّل اللّه به احد عشر ملكا يحفظونه من كل شيطان رجيم حتى يصبح (2)، و خلق اللّه له نورا سعته سعة الهواء عرضا و طولا ممتدا من قرار الهواء الى حجب النور فوق العرش في كل درجة منه ألف ملك، و لكل ملك ألف لسان، و لكل لسان الف لغة، يستغفرون لقاريها الى زوال الليل (3)، ثم يضع اللّه تعالى ذلك النور في جسد قاريها الى يوم القيامة، و من قرأها مائة مرة في ليلة رأى الجنة قبل ان يصبح.
فان من قرأها عند النوم برئ من الشرك (4).
فان من قرأها عند النوم وقي فتنة القبر (5).
فقد ورد ان من قرأها في المكتوبة قبل ان ينام لم يزل في امان اللّه حتى يصبح، و في امانه يوم القيامة حتى يدخل الجنة ان شاء اللّه تعالى (6).
فان من قرأها في ليله قبل ان ينام وكّل اللّه به مائة الف ملك يحفظونه من كل شيطان رجيم و من كل آفة، و ان مات في يومه ادخله اللّه الجنة (7).
فان من قرأها قبل النوم كل ليلة كان وجهه في
ص:249
القيامة كالقمر في ليلة البدر (1).
-أي السور التي أولها سبح او يسبح-فإن من قرأها كلها عند النوم لم يمت حتى يدرك القائم عجل اللّه تعالى فرجه، و ان مات كان في جوار النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2).
و أما الآيات:
فان من قرأها إذا أخذ مضجعه آمنه اللّه على نفسه و جاره و جار جاره و البيوت التي حوله، و لم يخف الفالج، و أمن من الفزع في النوم (3).
وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ* إِنَّ اَلدِّينَ عِنْدَ اَللّهِ اَلْإِسْلامُ وَ مَا اِخْتَلَفَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اَلْكِتابَ إِلاّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ اَلْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَ مَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اَللّهِ فَإِنَّ اَللّهَ سَرِيعُ اَلْحِسابِ (4)، فان من قرأها أمن من الفزع في النوم (5).
و هي قوله جلّ شأنه: إِنَّ رَبَّكُمُ اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ ثُمَّ اِسْتَوى عَلَى اَلْعَرْشِ يُغْشِي اَللَّيْلَ اَلنَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَ اَلشَّمْسَ وَ اَلْقَمَرَ وَ اَلنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ اَلْخَلْقُ وَ اَلْأَمْرُ تَبارَكَ اَللّهُ رَبُّ اَلْعالَمِينَ اُدْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ اَلْمُعْتَدِينَ* وَ لا
ص:250
تُفْسِدُوا فِي اَلْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَ اُدْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اَللّهِ قَرِيبٌ مِنَ اَلْمُحْسِنِينَ (1).
يعني قوله جلّ شأنه في آخر حم السجدة: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي اَلْآفاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ اَلْحَقُّ أَ وَ لَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ* أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (2). أو الآية التي بعد آية السجدة في آلم، و هو قوله سبحانه: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ اَلْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَ طَمَعاً وَ مِمّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3).
و قد ورد ان من قرأ آية الكرسي عند منامه ثلاثا ثم الآيات المذكورة بعدها وكّل به شيطانان يحفظانه من مردة الشياطين شاءوا أو أبوا، و معهما من اللّه ثلاثون ملكا يحمدون اللّه عزّ و جلّ و يسبّحونه و يهللونه و يكبّرونه و يستغفرونه الى أن ينتبه ذلك العبد من نومه، و ثواب ذلك كله له (4).
إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (5)، فإنه ما من عبد يقرأ ذلك عند النوم إلاّ كان له نورا من مضجعه إلى بيت اللّه الحرام، حشو ذلك النور ملائكة يستغفرون له حتى يصبح، فإن كان من أهل بيت اللّه الحرام كان له نورا إلى بيت المقدس (6).
ص:251
و هو: قُلِ اُدْعُوا اَللّهَ أَوِ اُدْعُوا اَلرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ اَلْأَسْماءُ اَلْحُسْنى وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ اِبْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً* وَ قُلِ اَلْحَمْدُ لِلّهِ اَلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي اَلْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ اَلذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً (1)، فإن من قرأ ذلك أمن من السرق (2).
و هو: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ* فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ اَلْعَرْشِ اَلْعَظِيمِ (3).
بِاللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ مِنَ اَلرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (4).
لِلّهِ اَلْواحِدِ اَلْقَهّارِ* اَلْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ اَلْيَوْمَ إِنَّ اَللّهَ سَرِيعُ اَلْحِسابِ (5).
بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ. . (6).
ص:252
إلى غير ذلك من الآيات.
فإن من قاله حين ينام مائة مرة بات و قد تحاتت عنه الذنوب كلّها كما يتحاتت الورق من الشجر، و يصبح و ليس عليه ذنب (2).
فان من قاله ثلاث مرات حين يأوي الى فراشه غفر اللّه له ذنوبه و ان كانت مثل زبد البحر، و ان كانت مثل ورق الشجر، و ان كانت عدد رمل عالج، و ان كانت عدد أيام الدنيا (3).
فان من قاله عند النوم مائة مرة بنى اللّه له بيتا في الجنة (4).
المتعارف،
و هو التسبيح ثلاثا و ثلاثين مرّة، و التحميد ثلاثا و ثلاثين مرّة، و التكبير أربعا و ثلاثين مرّة (5)، و لذا استظهر الفاضل المجلسي «رحمه اللّه» التخيير بين الطريقين في المقام.
ص:253
[الادعية المأثورة عند إرادة النوم]
و أمّا الأدعية المأثورة عند ارادة النوم فكثيرة، و هي على قسمين: مطلقة لكّل من أراد النوم، و مقيدة:
فمن المطلقة: «يفعل اللّه ما يشاء بقدرته، و يحكم ما يريد بعزته» ، فإن من قاله ثلاثا عند نومه فقد صلّى ألف ركعة (1).
لا يجاوزهن برّ و لا فاجر من شّر ما ذرأ و من شرّ ما برأ و من شرّ كل دابّة هو آخذ بناصيتها، انّ ربّي على صراط مستقيم» فقد ضمن مولانا الباقر عليه السّلام أن من قال ذلك لا يصيبه عقرب و لا هامة حتى يصبح (2).
ملة ابراهيم عليه السّلام و دين محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ولاية من افترض اللّه طاعته علّي، ما شاء اللّه كان و ما لم يشأ لم يكن، اشهد ان اللّه على كل شيء قدير» فإن من قال ذلك عند منامه حفظ من اللصّ و المغير و الهدم و استغفرت له الملائكة (3).
ملّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، اللهم اني اسلمت نفسي إليك، و وجّهت وجهي إليك، و فوّضت
ص:254
امري إليك، و الجأت ظهري إليك، و توكّلت عليك رهبة منك و رغبة إليك، لا ملجأ و لا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي انزلت و برسولك الذي ارسلت» ثم يسبح تسبيح الزهراء سلام اللّه عليها (1).
بطن فخبر، و الحمد للّه الذي ملك فقدر، و الحمد للّه الذي يحي الموتى و يميت الاحياء و هو على كلّ شيء قدير» ، فإنّ من قال ذلك ثلاث مرّات حين يأخذ مضجعه خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (2).
اللّه التامّات من كلّ شيطان و هامة و من كلّ عين لامّة» فقد ورد النهي من ترك النطق به عند النوم، و انّ ذلك ما عوّذ به جبرئيل الحسن و الحسين عليهما السّلام (3).
محلّ رضوانك و مغفرتك و ان رددتها [إلى بدني]فارددها مؤمنة و عارفة بحق اوليائك حتى تتوفّاها على ذلك» (4).
محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عبده و رسوله، اعوذ بعظمة اللّه، و اعوذ بعزّة اللّه، و اعوذ بقدرة اللّه، و اعوذ بجلال اللّه، و اعوذ بسلطان اللّه، انّ اللّه على كل شيء قدير [و أعوذ بعفو اللّه]، و اعوذ بغفران اللّه، و اعوذ برحمة اللّه من شّر الساّمة و الهاّمة و من شرّ كلّ دابّة صغيرة أو كبيرة بليل أو نهار، و من شرّ فسقة الجن و الانس، و من شرّ فسقة العرب و العجم، و من شرّ الصواعق و البرد، اللهم صل على محمد عبدك و رسولك و آله
ص:255
الطاهرين» (1).
عملي و ما رزقتي [ربّي] و خوّلني ربي بعزّة اللّه، و عظمة اللّه، و جبروت اللّه، و سلطان اللّه، و رحمة اللّه، و رأفة اللّه، و غفران اللّه، و قوة اللّه، و قدرة اللّه (2)، و جلال اللّه، و بصنع [و صنع خ ل]اللّه، و اركان اللّه، و بجمع اللّه، و برسول اللّه، و بقدرة اللّه، على ما يشاء من شرّ السّامة و الهامّة و من شرّ الجنّ و الانس و من شرّ ما يدب في الارض و ما يخرج منها، و [من شرّ]ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها، و من شرّ كل دابّة أنت (3)آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم و هو على كل شيء قدير، و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم» يقول ذلك قبل ان يضع جنبه إلى الارض (4).
ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين» (5).
بان لا يبيت الانسان إلا بعد التعوّذ بها، و قال عليه السّلام: انك تتعوّذ به ممّا شئت فانه لا يضرك هوام و لا انس و لا شيطان ان شاء اللّه تعالى، و هو «اعوذ بعزّة اللّه، و اعوذ بقدرة اللّه، و اعوذ بجلال اللّه، و اعوذ بسلطان اللّه، و اعوذ بجمال اللّه، و اعوذ بدفع اللّه، و اعوذ بمنع اللّه، و اعوذ بجمع اللّه، و اعوذ بملك اللّه، و اعوذ بوجه اللّه، و اعوذ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من شرّ ما خلق و برأ و ذرأ» و تعوّذ به كل
ص:256
ما شئت (1).
بالطاغوت، اللهم احفظني في منامي و في يقظتي» يقوله بعد قراءة آية الكرسي (3).
عقوبتك، و اعوذ برضاك من سخطك، و اعوذ بك منك. اللهم اني لا استطيع ان ابلغ في الثناء عليك و لو حرصت، انت كما اثنيت على نفسك» (4).
المصير. اللهم آمن روعتي و استر عورتي، و أدّ عنّي امانتي» (5).
بكمال اللّه، و اعوذ بسلطان اللّه، و اعوذ بجبروت اللّه، [و اعوذ بملكوت اللّه]و اعوذ بدفع اللّه، و اعوذ بجمع اللّه، و اعوذ بملك اللّه، و اعوذ برحمة اللّه، و اعوذ برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من شرّ ما خلق و ذرأ و برأ و من شر الهامّة [العامة خ ل]
ص:257
و السّامة، و من شرّ فسقة الجّن و الانس، و من شرّ فسقة العرب و العجم، و من شر كل دابة في الليل و النهار انت أخذ بناصيتها، ان ربي على صراط مستقيم» (1).
علي بن ابي طالب و الأئمة عليه و عليهم السّلام من ولده» ثم يسمّيهم واحدا بعد واحد حتى ينتهي الى الامام الذي في عصره، فان من فعل ذلك ثم مات في تلك الليلة دخل الجنة (2).
الأرض إلا باذنه من شر ما خلق و ذرأ و برأ و انشأ و صوّر، و من شر الشيطان و شركه و قرعه [نزغه: خ. ل]، و من شر شياطين الانس و الجن، [خ ل: و]اعوذ بكلمات اللّه التامّة من شرّ السامّة و الحامة [الهامة خ ل]و اللامة و الخاصة [خ ل: و العامة]، و من شرّ ما ينزل من السماء و ما يعرج فيها، [و من شر ما يلج في الارض و ما يخرج منها خ ل]و من شرّ طوارق الليل و النهار إلاّ طارقا يطرق بخير، باللّه و بالرحمن استغيث، و عليه توكلت [استعنت خ ل]، حسبي اللّه و نعم الوكيل» (3).
زالتا إن امسكهما من أحد من بعده انه كان حليما غفورا، صلّ على محمد و آل محمد، و امسك عنا السوء انك على كل شيء قدير» (4).
ص:258
[القسم الثاني من
و أما القسم الثاني؛ و هي الادعية المقيدة:
و هو ان يقول عشر مرات: «أعوذ بكلمات اللّه من غضبه، و من عقابه، و من شرّ عباده، و من همزات الشياطين، و اعوذ بك ربّ ان يحضرون» (1).
و ورد للامن من الفزع في النوم ان يقرأ عند النوم شَهِدَ اَللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ اَلْمَلائِكَةُ. . . الآية (2)، و آية الكرسي (3)و إِذْ يُغَشِّيكُمُ اَلنُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ (4)وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (5)و قُلِ اُدْعُوا اَللّهَ. . . إلى آخر السورة (6)و إِنَّ رَبَّكُمُ اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضَ. . . (7)إلى آخر الآية، و لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ. . . إلى آخر السورة (8)«و من يكلؤكم بالليل و النهار من السباع و الجن و السحرة قل اللّه الواحد القهار، اليوم تجزي كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم ان اللّه سريع الحساب، لمن الملك اليوم للّه الواحد القهار» (9)و ورد لذلك
ص:259
ايضا قول: «لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له [له الملك و له الحمد]يحيي و يميت و يحيي و هو حيّ لا يموت، [بيده الخير، و له اختلاف الليل و النهار و هو على كل شيء قدير]» ثم تسبيح الزهراء سلام اللّه عليها (1).
و ورد التعويذ لمن فزع بالليل، و للمرأة إذا سهرت من وجع، و للصبي اذا كثر بكاؤه بقوله تعالى: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي اَلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً* ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ اَلْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً (2).
و ورد ايضا لدفع الفزع في النوم قراءة المعوذتين و آية الكرسي قبل النوم (3)، و قراءة احدى عشرة مرة: «اعوذ بكلمات اللّه من غضبه و من عقابه و من شر عباده، و من همزات الشياطين، و ان يحضرون» (4). و ورد قراءته لذلك ايضا اربع و ثلاثون تكبيرة، ثم ثلاث و ثلاثون تسبيحة، ثم ثلاث و ثلاثون تحميدة، ثم أحد عشر مرة: «لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيي و يميت [و يميت و يحيي و هو حيّ لا يموت]بيده الخير و له اختلاف الليل و النهار، و هو على كل شيء قدير» (5).
و ورد ان سبب الفزع في النوم ترك اداء الزكاة، او اداؤها الى غير اهلها (6).
ص:260
و هو ما مرّ من قول: «بسم اللّه وضعت جنبي للّه على ملة ابراهيم عليه السّلام و دين محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ولاية من افترض اللّه طاعته عليّ، ما شاء اللّه كان و ما لم يشأ لم يكن، اشهد ان اللّه على كل شيء قدير» 1. و ورد لذلك قراءة قُلِ اُدْعُوا اَللّهَ أَوِ اُدْعُوا اَلرَّحْمنَ. . . الى آخر سورة بني اسرائيل من الآيات المزبورة 2.
و هو قول: «اللهم اني اعوذ بك من الاحتلام، و من سوء [خ. ل: شر]الاحلام، و من ان يتلاعب [خ. ل: يلعب]بي الشيطان في اليقظة و المنام» 3. و ورد في بعض الأخبار بعد ذلك قراءة آية قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ مِنَ اَلرَّحْمنِ. . . الآية ثم آية قُلِ اُدْعُوا اَللّهَ أَوِ اُدْعُوا اَلرَّحْمنَ. . . الى آخر السورة من الآيات، و قد تقدمت، ثم يسبح تسبيح الزهراء سلام اللّه عليها 4.
و هو: «ربّ اللهمّ انت الأوّل فلا شيء قبلك، و انت الظاهر فلا شيء فوقك، و انت الباطن فلا شيء دونك، و انت الآخر فلا شيء بعدك، اللهم ربّ السموات و الارضين السبع و رب التوراة و الانجيل و الزبور و الفرقان الحكيم، اعوذ بك من شرّ كلّ دابة أنت آخذ بناصيتها، انك على صراط المستقيم» فانّ من قال ذلك حين
ص:261
يأوي الى فراشه نفى اللّه عنه الفقر، و صرف عنه كل دابّة (1).
مع رغبته اليه و هو: «سبحان اللّه ذي الشأن، دائم السلطان، عظيم البرهان، كل يوم هو في شأن» ثم يقول: «يا مشبع البطون الجايعة، و يا كاسي الجنوب العارية، و يا مسكّن العروق الضاربة، و يا منوّم العيون الساهرة، سكّن عروقي الضاربة، و أذن لعيني ان تنام نوما عاجلا» (2).
و ورد لذلك قراءة آية الكرسي، و قول: إِذْ يُغَشِّيكُمُ اَلنُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ [. . الى آخر الآية] (3)وَ جَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً (4)و ورد ايضا لذلك قوله: «اللهم رب السموات السبع و ما اظلّت، و ربّ الأرضين السبع و ما اقلّت، و ربّ الشياطين و ما اضلّت، كن حرزي من خلقك جميعا (5)ان يفرط عليّ احدهم او ان يطغى، عزّ جارك و لا إله غيرك» (6).
و الظاهر انه يكتب و يستصحبه صاحب البول و الفزع، و هو هذا «بسم اللّه الرحمن الرحيم من محمد رسول اللّه النّبي الامّي العربيّ الهاشميّ القرشيّ المدني الابطحي التّهامي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الى من حضر الدار من العمّار. اما بعد: فانّ لنا و لكم في
ص:262
الحقّ بيعة (1)فان يكن فاجرا مقتحما، او داعي (2)حقّ مبطلا، او من يؤذي الولدان، و يفزع الصبيان [و يبكيهم]و يبوّلهم في الفراش فليمضوا الى اصحاب الاصنام، و الى عبدة الاوثان، و ليخلّوا عن اصحاب القرآن في جوار الرحمن، و مخازي (3)الشيطان، و عن أيمانهم القرآن و صلّى اللّه على محمد النبي» (4).
و هو قوله عزّ و جلّ: وَ لَمّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا. . الى قوله: أَوَّلُ اَلْمُؤْمِنِينَ (5)فانه يقرأ على الماء و يمسح رأس ذي النعاس و وجهه و ذراعيه فانه يزول نعاسه (6).
من قول: «اللهم لا تؤمنّي مكرك، و لا تنسني ذكرك، و لا تجعلني من الغافلين، اقوم ان شاء اللّه تعالى في ساعة. . كذا و كذا» و يذكر الساعة التي يريد بدل كذا و كذا، فانه يوكل اللّه به ملكا ينبّهه تلك الساعة (7).
و ورد ايضا لذلك قول: «اللهم لا تؤمنّي مكرك، و لا تنسني ذكرك، و لا توّل عنّي وجهك، و لا تهتك عني سترك، و لا تأخذني على تمرّدي [خ ل: تمددي]، و لا تجعلني من الغافلين، و ايقظني من رقدتي، و سهل لي القيام في هذه الليلة في احبّ الاوقات اليك، و ارزقني فيها الصلاة [خ. ل: و الذكر]و الشكر و الدعاء، حتى اسألك فتعطيني، و ادعوك فتستجيب لي، و استغفرك فتغفر لي انك انت
ص:263
الغفور الرحيم» (1).
و ورد لذلك ايضا قراءة آخر الكهف حين يأوي الى فراشه و هو: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ. . إلى آخر السورة و قد تقدم آنفا، فانه اذا قرأ ذلك استيقظ في الساعة التي يريد أن شاء اللّه (2).
و ورد ايضا قول: «اللهم لا تنسيني ذكرك، و لا تؤمني مكرك، و لا تجعلني من الغافلين، و انبهني لاحب الساعات اليك، ادعوك فيها فتستجيب لي، و اسألك فتعطيني، و استغفرك فتغفر لي، انه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا ارحم الراحمين» فانه اذا احب ان ينتبه و قرأ ذلك عند النوم بعث اللّه تعالى اليه ملكين ينبهانه، فان انتبه و إلا امرا ان يستغفرا له، و ان مات في تلك الليلة مات شهيدا، و اذا انتبه لم يسأل اللّه تعالى شيئا في ذلك الموقف إلا اعطاه (3).
فقد روي ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان اذا غزا او سافر قال: «يا ارض ربّي و ربّك اللّه، اعوذ باللّه من شرّك و من شرّ ما فيك، و من شرّ ما خلق فيك، و من شرّ ما دبّ عليك، اعوذ باللّه من شرّ كل اسد و اسود، و حيّة و عقرب بين ساكن البلاد، و من شر والد و ما ولد» (4).
المنام
من الغسل بعد العشاء الآخرة غسلا نظيفا، و صلاة اربع ركعات، في كل ركعة مائة مرة آية الكرسي بعد الحمد، و بعد الفراغ الصلاة على محمد و آله الف مرة، و البيتوتة على ثوب نظيف لم يجامع عليه حلالا و لا حراما، مع وضع اليد
ص:264
تحت خده الأيمن، و التسبيح مائة مرة ب «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه اكبر و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم» ثم مائة مرة «ما شاء اللّه» فانه يرى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في منامه (1).
و ورد ايضا ان من اراد ان يبلغ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سلامه فليقرأ اذا اوى الى فراشه سورة تبارك الذي بيده الملك ثم يقول: «اللهم رب الحل و الحرام [خ. ل: و الحرم]بلغ روح محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عنّي تحيّة و سلاما» اربع مرات، فان اللّه تعالى يوكّل به ملكين حتى يأتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يقولا له يا محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّ فلان بن فلان يقرئك السّلام و رحمة اللّه [فيقول:]و على فلان بن فلان السّلام و رحمة اللّه و بركاته.
و
فليقلّ عند مضجعه: «اللهم اني اسألك يا من له لطف خفي، و اياديه باسطة لا تنقضي، اسألك بلطفك الخفي الذي ما ألطفت به لعبد إلا كفي، ان تريني مولاي امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السّلام في منامي» (2).
من البيتوتة على طهر، و الضجعة على الجانب الايمن، و التسبيح بتسبيح الزهراء سلام اللّه عليها و قول: «اللهم انت الحد [خ ل: الحيّ]الذي لا يوصف، و الايمان يعرف منه، منك بدت الاشياء و اليك تعود، فما اقبل منها كنت ملجأه و منجاه، و ما ادبر منها لم يكن له ملجأ و لا منجأ (3)منك إلاّ اليك، فاسألك [خ. ل: اسألك]بلا إله إلا انت، و اسألك ببسم اللّه الرحمن الرحيم، و بحق محمد حبيبك سيد النبيين
ص:265
صلّى اللّه عليه و آله و سلّم [خ. ل: نبيك محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سيد النبيين]، و بحق علي خير الوصيين، و بحق فاطمة سيدة نساء العالمين، و بحق الحسن و الحسين اللذين جعلتهما سيدي شباب اهل الجنة عليهم السّلام اجمعين [خ. ل: اجمعين السّلام]، ان تصلي على محمد و اهل بيته [خ. ل: و آل محمد]، و ان تريني ميّتي في الحالة التي هو فيها» فان من فعل ذلك يرى ميته في المنام ان شاء تعالى (1).
و ورد الصلاة على محمد و آله مائة مرة بعد العشاء الآخرة لرؤية الميت في المنام.
ص:266
في آداب الانتباه في الاثناء و التقلّب في الفراش و الجلوس من النوم، و ما ينبغي ان يصنعه من رأى في المنام ما يكرهه:
يستحب للنائم كلّما انتبه في الاثناء ان يذكر اللّه سبحانه حتى يطرد الملك الشيطان عنه، و يكلأه الملك كما مرّ شرحه في أول المقام الثاني، و يستحب عند الانتباه في الاثناء و التقلب في الفراش قول: «الحمد للّه و اللّه اكبر» (1)و قول «لا إله إلا اللّه الحيّ القيّوم، و هو على كل شيء قدير، سبحان اللّه ربّ العالمين و إله المرسلين، و سبحان اللّه رب السموات السبع و ما فيهن و ربّ الارضين السبع و ما فيهن و ربّ العرش العظيم، و سلام على المرسلين و الحمد للّه ربّ العالمين» (2).
و قول: «اللهم [خ. ل: انه]لا يوارى منك ليل داج و لا سماء ذات ابراج، و لا ارض ذات مهاد، و لا ظلمات بعضها فوق بعض، و لا بحر لّجي، تدلج بين المدلج من خلقك، تعلم خائنة الاعين و ما تخفي الصدور، غارت النجوم و نامت العيون و انت الحيّ القيّوم، لا تأخذك سنة و لا نوم، سبحان [اللّه]رب العالمين و آله المسلمين و الحمد للّه رب العالمين» . ثم قراءة إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اِخْتِلافِ اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهارِ لَآياتٍ
ص:267
لِأُولِي اَلْأَلْبابِ* اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اَللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ اَلنّارِ* رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ اَلنّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَ ما لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ* رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ كَفِّرْ عَنّا سَيِّئاتِنا وَ تَوَفَّنا مَعَ اَلْأَبْرارِ* رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَ لا تُخْزِنا يَوْمَ اَلْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ اَلْمِيعادَ (1). ثم يشتغل بمقدمات صلاة الليل على الوجه الآتي في الفصل اللاحق ان شاء اللّه تعالى (2).
و قول: «سبحان من جعل في السماء بروجا، و جعل فيها سراجا و قمرا منيرا، و جعل لنا نجوما و قبلة نهتدي بها الى التوجه اليه في ظلمات البر و البحر، اللهم كما هديتنا الى التوجه اليك و الى قبلتك المنصوبة لخلقك، فاهدنا الى نجومك التي جعلتها امانا لأهل الارض و لأهل السماء حتى نتوجه بهم اليك، فلا يتوجه المتوجهون اليك إلا بهم، و لا يسلك الطريق اليك من سلك من غيرهم، و لا لزم المحجة من لم يلزمهم، استمسكت بالعروة الوثقى، و اعتصمت بحبل اللّه المتين، و اعوذ باللّه من شرّ ما ينزل من السماء و من شرّ ما يعرج فيها، و من شرّ ما ذرأ في الارض و من شرّ ما خرج منها، و لا حول و لا قوة إلا باللّه، اللهم ربّ السقف المرفوع، و البحر المكفوف، و الفلك المسجور، و النجوم المسخرات، و رب هود، براسنه (3)صل على محمد و آل محمد، و عافني من كل حية و عقرب، و من جميع هوام الارض و الهواء و السباع
ص:268
مما في البر و البحر، و من أهل الارض و سكان الارض و الهواء» (1).
القيّوم، و هو على كل شيء قدير، سبحان رب النبيين و إله المرسلين، ربّ السموات السبع و ما فيهن و ربّ الارضين السبع و ما فيهن و ما بينهن و رب العرش العظيم، و الحمد للّه ربّ العالمين» يقول ذلك إذا انتبه، و اذا جلس قال قبل ان يقوم: «حسبي اللّه، حسبي الربّ من العباد، حسبي اللّه الذي هو حسبي منذ كنت، حسبي اللّه و نعم الوكيل» فاذا قام نظر الى اكناف السماء و قرأ آية إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ . . . المزبورة (2).
«سبحان الذي يحيي الموتى و هو على كل شيء قدير» و عند القيام الى الصلاة «الحمد للّه نور السموات و الأرض، و الحمد للّه قيوم السموات و الأرض، و الحمد للّه رب السموات و الأرض و من فيهن، انت الحق، و قولك الحق، و لقاؤك الحق، و الجنة حق، و النار حق، و الساعة حق، اللهم لك اسلمت، و بك آمنت، و عليك توكلت، و اليك أنبت، و بك خلصت [خ. ل: خاصمت]و اليك حللت [خ ل: حاكمت]، فاغفر لي ما قدّمت و ما اخّرت و ما اسررت و ما اعلنت، انت إلهي لا إله إلا أنت» (3).
«اللهم اعنّي على هول المطلع، و وسّع عليّ المضجع، و ارزقني خير ما قبل الموت، و ارزقني خير ما بعد الموت» (4).
«الحمد للّه الذي بعثني من مرقدي هذا و لو شاء لجعله الى يوم القيامة، الحمد للّه الذي جعل الليل و النهار خلفة لمن
ص:269
أراد أن يذكّر أو أراد شكورا، الحمد للّه الذي جعل الليل لباسا و النوم سباتا و جعل النهار نشورا، لا إله إلا انت سبحانك اني كنت من الظالمين، الحمد للّه الذي لا تجنّ منه النجوم [خ. ل: لا تخبو منه النجوم]، و لا تكّن منه الستور، و لا يخفى عليه ما في الصدور» (1).
القيوم، و هو على كل شيى قدير، سبحان ربّ النبيّين و إله المرسلين، سبحان ربّ السموات السبع و ما فيهن، و رب العرش العظيم، و الحمد للّه رب العالمين» (2).
اماتني و اليه النشور، و الحمد للّه الذي ردّ عليّ روحي لأحمده و أعبده» (3).
الروح، سبقت رحمتك غضبك، لا إله إلا انت [خ. ل عملت سوء، و]انّي ظلمت نفسي فاغفر لي و ارحمني انك انت [خ. ل: يا كريم فتب عليّ انك انت الغفور]التواب الرحيم الغفور» (4). و ورد استحباب ان يقول نظير ذلك عند سماع صوت الديك بعد الاستيقاظ و هو: «سبّوح قدوس رب الملائكة و الروح، سبقت رحمتك غضبك، لا إله إلا أنت [خ. ل سبحانك و بحمدك]وحدك لا شريك لك، عملت سوء و ظلمت نفسي، فاغفر لي و أرحمني انه لا يغفر الذنوب إلا انت» (5).
ص:270
يستحب لمن رأى في منامه ما يروعه ان يقول: «هو اللّه لا شريك له» (1). و لمن رأى في منامه ما يكره، ان يتحوّل عن شقه الذي كان عليه نائما، و يقول: إِنَّمَا اَلنَّجْوى مِنَ اَلشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلاّ بِإِذْنِ اَللّهِ (2)، ثم يقول: «اعوذ بما عاذت به ملائكة اللّه المقربون و انبياء اللّه المرسلون و عباد اللّه الصالحون من شرّ رؤياي التي رأيت ان تضرّني في ديني و دنياي» ثم يتفل على يساره ثلاثا (3).
و في خبر آخر انه يقول: «اعوذ [خ. ل: باللّه و]بما عاذت به ملائكة اللّه المقربون، و انبياء اللّه المرسلون، و عباد اللّه الصالحون، و الأئمّة الراشدون المهدّيون [خ ل و عباده الصالحون]، من شر ما رأيت، و من شرّ رؤياي ان تضرّني [خ. ل في ديني و دنياي]و من الشيطان الرجيم» ثم يتفل على يساره ثلاثا (4).
و في خبر ثالث: يقرأ بعد نحو هذا الدعاء؛ الحمد و المعوذتين و التوحيد، ثم يتفل عن يساره ثلاث تفلات (5).
و ورد لدفع عاقبة الرؤيا المكروهة ان يسجد بعد الاستيقاظ، و يثني على
ص:271
اللّه تعالى بما تيسر له من الثناء، ثم يصلّي على محمد و آله و يتضرّع إلى اللّه و يسأله كفاية الرؤيا المكروهة و سلامة عاقبتها، فإنه لا يرى لها أثر سوء بفضل اللّه و رحمته.
و قد استفاض أو تواتر النهي عن التحدث برؤيا مكروهة، لأنه إذا لم يتحدّث بها لم تضرّه، بل ينفث عن يساره ثلاثا كما في عدة أخبار (1)، و يتفل كما في عدة أخرى، و لا يخبر بها أحدا، بل ليقم و ليصل (2).
و ورد ان الرؤيا من اللّه و الحلم من الشيطان (3)، و ان الرؤيا المكروهة من الشيطان، اسمه: الدها [خ. ل: الدهار]، يؤذي المؤمنين في نومهم فيريهم ما يغتمّون به (4)و في خبر آخر: ان لإبليس شيطانا يقال له: الهزع، يملأ المشرق و المغرب في كل ليلة، يأتي الناس في المنام (5). و ورد ان سبب الرؤيا المروعة قد يكون أن العبد يكون على معصية اللّه عزّ و جلّ و يريد اللّه به خيرا فيريه في منامه رؤيا تروعه فينزجر بها عن تلك المعصية (6). و ورد ان الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة و اربعين جزء من النبوّة (7)، و قيل في تفسيره: انّ مدّة الوحي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من حين بدأ الى أن ارتحل كان ثلاثا و عشرين سنة، و كان ستة أشهر منها في أوّل الأمر يوحى إليه في النوم و هو نصف سنة، فكانت مدّة وحيه في النوم جزء من ستة و أربعين
ص:272
جزء من أيّام الوحي (1). لكن في رواية اخرى: انّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوّة (2). و في ثالثة: انّ رؤيا المؤمن جزء من سبعة و سبعين جزء من النبوّة (3).
و ورد انّ رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام من تكلّم به الرب عنده (4). و قد روي عنهم عليهم السّلام تعبيرات كثيرة ذكرت في البحار، طوينا الاشارة الى مضامينها، لاحتمال ابتنائها على علومهم الالهية في تلك القضية الخاصة. و ذكر أهل التعبيرات امورا خالية من مستند قويم، راجعة الى اجتهادات و استيناسات لا حجة فيها، من اراد العثور عليها فليراجع كتب التعبيرات.
و قد استفاضت الأخبار بان الرؤيا على ما يفسر و يعبّر، و ان الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبّر فإذا عبرّت وقعت (5)، و يشهد لذلك أيضا ما روي من ان امرأة واحدة رأت رؤيا واحدة ثلاث مرات، فقصتها مرتين للنبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فعبرّها بعود زوجها سالما من السفر، فصار كما عبرّ، و قصتها في الثالثة لخبيث، فعبرها بمجيىء خبر موت زوجها، فصار كما عبرّ (6). فينبغي عدم بيان الرؤيا المكروهة لأحد كما مرّ، و بيان الرؤيا الحسنة و المشتبهة لعاقل ديّن فطن محب وادّ عالم ناصح خال من الحسد و البغي، و قد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: ان رؤيا المؤمن ترفّ بين السماء و الأرض على رأس
ص:273
صاحبها حتى يعبّرها بنفسه، أو يعبرها [له]مثله، فإذا عبّرت لزمت الأرض، فلا تقصّوا رؤياكم إلاّ على من يعقل (1). و في خبر آخر: لا تقص الرؤيا إلاّ على مؤمن خلا من الحسد و البغي (2). و في خبر ثالث: لا تقصها إلاّ على وادّ لا يحب ان يستقبلك في تفسيرها إلاّ بما تحب، و ان لم يكن عالما بالعبارة لم يعجل لك بما يغمك (3). و في رابع: إذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلاّ ناصحا عالما (4). و ورد ايضا ان الرؤيا المكدرة من الشيطان فلا تحدث به الناس، و الرؤيا الصالحة من اللّه، فإذا رأى أحدكم فلا يحدث بها إلاّ من يجب، لأن من لا يحبه لا يؤمن ان يعبره حسدا على غير وجهه، فيغمه أو يكيده بأمر (5).
ثم انه قد سئل الصادق عليه السّلام عن سبب ان المؤمن قد يرى رؤيا فتصدق رؤياه، و قد يرى [رؤيا]فلا يظهر لها أثر، فإجاب عليه السّلام-بما معناه-ان المؤمن اذا نام عرج بروحه الى السماء، فما يراه في ملكوت السموات كان في محل التقدير و التدبير، و كان حقا و يظهر أثره، و ما يراه في الأرض و الهواء فهو مضطرب، فقيل له عليه السّلام: أ يعرج بجميع روحه إلى السماء؟ فقال عليه السّلام: لو كان كذلك لمات، و إنما الصاعد الى السماء شعاعها، كما ان الشمس في السماء و شعاعها في الأرض (6). و في خبر آخر: ان اللّه تعالى خلق الروح و جعل لها سلطانا في البدن و سلطانها النفس، فإذا نام الانسان خرجت
ص:274
الروح من الجسد و عرجت الى السماء، و بقي سلطانها في البدن، فتمر الروح على الملائكه و الجن، فما كانت من رؤيا صادقة فهي من الملائكة، و ما كانت من كاذبة فمن الجن.
و ورد ان: رؤيا الليل أقوى من رؤيا النهار، و ان أصدق ساعات الرؤيا وقت السحر، و ان اسرعها تأويلا رؤيا القيلولة (1).
و قيل: ان رؤيا أوّل الليل يبطؤ تأوليها، و من النصف الثاني يسرع، و ان اسرعها تأويلا وقت السحر لا سيما عند طلوع الفجر (2).
و ورد: ان رؤيا أول الليل كاذبة لأنه وقت استيلاء الشياطين المتمردين (3). و ان الرؤيا الصادقة هي رؤيا الثلث الاخير من الليل، فإنه وقت نزول الملائكة، و أصدقها وقت السحر، و رؤياه صدق لا تخلف فيها، إلاّ أن يكون صاحبها جنبا، أو نام بغير وضوء، أو بغير ما ينبغي من ذكر اللّه تعالى (4).
و روى الصدوق رحمه اللّه في محكي الفقيه عن مولانا الصادق عليه السّلام: ان نوم سادس الشهر، و سابعه، و ثامنه، و تاسعه، و خامس عشره، و ثامن عشره، و تاسع عشره، و السابع و العشرين، و الثامن و العشرين، و الثلاثين منه صحيح معتبر، و نوم رابعه، و خامسه، و حادي عشره، و ثاني عشره، و سادس عشره، و سابع عشره صحيح يتعوق كرؤيا يوسف عليه السّلام، و نوم أوله، و عاشره، و ثالث عشره، و رابع عشره، و الحادي و العشرين منه، و الخامس و العشرين، و السادس و العشرين منه، و التاسع و العشرين منه كذب لا عبرة به، و نوم الثاني، و الثالث، و الثالث و العشرين، و الرابع و العشرين منه على
ص:275
العكس.
و استفاضت الاخبار عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الأئمة عليهم السّلام بإن من رآهم في المنام فقد رآهم، لأن الشيطان لا يتمثّل في صورهم، بل و لا في صورة أحد من شيعتهم (1).
و ورد المنع الاكيد من الكذب في الرؤيا، و إنّ من كذب في منامه يعذّب يوم القيامة حتى يعقد بين شعيرتين و ليس بعاقدهما.
و ينبغي للمعبّر ان يلاحظ في التعبير المناسبات الزمانية و المكانية و الشخصية، بإن يلتفت مثلا إلى ان النار في الشتاء نعمة، و في الصيف غير مطلوبة. . و هكذا.
و ورد أنّ اصل خلق الرؤيا للاحتجاج على من انكر المعاد و القيامة و الجنة و النار. . و نحو ذلك مما كانوا ينكرونه (2).
ص:276
و فيه مقامات:
يستحب الاستتار عن الناس و التباعد عنهم مهما امكن، حتى عدّ من جملة اسباب اتيان لقمان الحكمة عدم رؤية احد اياه على بول و لا غائط قط (1).
و المشهور استحباب تقديم الرجل اليسرى عند الدخول و اليمنى عند الخروج (2).
و يستحب التوقي من البول، و تهيئة مكان للبول و الغائط لا ينضح فيه البول (3)، و اختيار مكان في السفر مرتفع من الأرض، او كثيب التراب، فإن التهاون بالبول مذموم 4، حتى ورد ان أهل النار على ما بهم من الأذى و سقي الحميم و النداء بالويل و الثبور، يتأذون ممّن لا يبالي اين أصاب البول من جسده (4).
و يستحب قبل دخول الخلاء الوقوف على الباب، و الالتفات يمينا و شمالا إلى الملكين، و قول: «اميطا عني فلكما اللّه عليّ ان لا احدث حدثا [خ. ل: بلساني شيئا]حتى اخرج إليكما» (5).
و يستحب التسمية عند دخول بيت الخلاء و الدعاء بقول: «اللهم إني اعوذ بك من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم» (6)و بقول: «بسم اللّه و باللّه لا إله إلاّ اللّه، ربّ أخرج عني الأذى سرحا بغير حساب،
ص:278
و أجعلني لك من الشاكرين فيما تصرفه عني من الأذي [خ. ل: و الغّم]الذي لو حبسته عني هلكت، لك الحمد، اعصمني من شر ما [في بطني]في هذه البقعة، و اخرجني منها سالما، و حل بيني و بين طاعة الشيطان الرجيم» (1)و عند الجلوس بقول: «اللهم اذهب عني القذى و الأذى و أجعلني من المتطهرين» (2). و يبسمل عند كشف عورته حتى يغض الشيطان بصره عنه، و لا ينظر إلى عورته حتى يفرغ (3).
و قيل: باستحباب الاتكاء عند الجلوس للتخلي على الرجل اليسرى و تفريج ما بين الفخذين و الساق اليمنى حتى يسهل التغوط (4).
و يستحب عند التخلي قول: «اللهم كما اطعمتنيه طيبا في عافية، فاخرجه مني خبيثا في عافية» (5). و عند الفراغ قول: «الحمد للّه على ما أخرج منّي من الأذى في يسر و عافية» (6)و قول: «الحمد للّه الذي عافاني من البلاء و اماط عني الأذى» (7).
و يستحب عند النظر في ماء الاستنجاء قول: «الحمد للّه الذي جعل الماء طهورا و لم يجعله نجسا» (8)و عند الاستنجاء قول: «أشهد أن لا إله إلاّ اللّه،
ص:279
اللهم أجعلني من التوّابين و أجعلني من المتطهّرين، و الحمد للّه رب العالمين» (1)و قول: «اللهم حصّن فرجي، و أستر عورتي، و حرمني [خ. ل: و حرمها]على النار، و وفّقني لما يقربني منك يا ذا الجلال و الاكرام» (2). و عند القيام بعد مسح بطنه بيده قول: «الحمد للّه الذي [خ. ل: اماط عنّي الاذى و]هنّأني طعامي و شرابي و عافاني من البلوى» ، و عند الخروج بعد مسح يده على بطنه «الحمد للّه الذي عرفّني لذتّه، و أبقى في جسدي قوّته، و أخرج عنّي أذاه، يا لها من نعمة يا لها نعمة [خ. ل: يا لها من نعمة]، لا يقدّر القادرون قدرها» (3). و قول: «بسم اللّه الحمد للّه الذي عافاني من الخبيث المخبث و اماط عني الأذى» (4).
و يستحب أيضا في بيت الخلا ذكر اللّه تعالى بغير ما ذكر (5)، و حكاية الأذان (6)، و قراءة آية الكرسي (7)، و الحمد للّه إذا عطس (8).
ص:280
و يجب جواب من يسلّم عليه (1). و قد كان يستحي موسى عليه السّلام من ذكر اللّه تعالى على الخلاء فاتاه الأمر بالذكر، و انه حسن على كل حال (2). و ورد تعليل استحباب حكاية الأذان على التخّلي بأنها تزيد الرزق (3). و أختلفت الأخبار في قراءة القرآن في الخلاء فبين مانعة مطلقا (4)، و مجوّزة كذلك، و مفصلّة بين آية الكرسي و «الحمد لله رب العالمين. .» و غير ذلك 4. و أحتمل بعضهم الجمع (5)بالقول بالكراهة الخفيفة في آية الكرسي، و «الحمد لله رب العالمين،» و الشديدة في
ص:281
غير ذلك من القرآن (1). و أحتمل آخر حمل المانعة على التقية، و الأظهر الجمع بالقول بعدم الكراهة أصلا في قراءة آية الكرسي و «الحمد لله رب العالمين،» و الكراهة الخفيفة في غيرهما من القرآن (2).
و يستحب لمن دخل الخلاء تذكّر ما يوجب الاعتبار و التواضع و الزهد و ترك الحرام، بإن يلتفت إلى ان ما يحصّله و يأكله يعود إلى ما يستقذر. و قد ورد انه: ما من عبد إلاّ و به ملك موكّل يلوي عنقه حتى ينظر إلى حدثه، ثم يقول له الملك: يا بن آدم! هذا رزقك، فإنظر من أين أخذته، و إلى ما صار، فينبغي للعبد عند ذلك ان يقول: «اللهم أرزقني الحلال و جنّبني الحرام» (3). و ورد ان الغائط تصغير لابن آدم، لكي لا يتكبّر و هو يحمل غائطه معه (4). و لقد تعجب أمير المؤمنين عليه السّلام من ابن آدم بإن أوّله نطفة و آخره جيفة و هو قائم بينهما وعاء للغائط ثم يتكبر (5).
و يحرم استقبال القبلة و استدبارها عند التخلي (6).
ص:282
فإنّ من فعل ذلك لا تقضى حاجته 1و ورد ان ترك الكلام على الخلاء يزيد [في]الرزق 2. نعم لا بأس بالكلام في حال الضرورة و الحاجة التي يضرّ فوتها 3.
و يكره مكالمة الغير من على الخلاء، بل و تسليمه عليه للنهي عنه، كما يكره اعجاله له 4.
5
فإنه يورث البخر-أي نتن الحلق- 6.
ص:283
فإنه يورث البواسير، و يصعد الحراره إلى الرأس (1).
فإنه من الجفاء (6)إلا أن يكون [جسمه]مطليا بالنورة فإنه يبول قائما، لأنه يخاف عليه إذا بال جالسا الفتق (7).
فإنه يورث تسلط الجن و الشياطين و يتخوف منهم عليه، و اسرع ما يكون الشيطان إلى العبد في تلك الحالة (8). و قد عدّه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من موجبات الشدة
ص:284
و العسر و الحزن في جميع الأحوال و كثرة الهموم و تعسّر الرزق. و مثله في عدّه من موجبات ذلك البول مطمحا في الهواء (1). و ورد ان البول في الماء الراكد من موجبات النسيان (2)، بل ورد ان منه ذهاب العقل (3)، بل ورد النهي عن البول في الماء الجاري أيضا إلاّ من ضرورة، لأن للماء أهلا (4)، و يساعد عليه ما جوز فيه البول في الماء من غير تقييد بالراكد و لكن قال: انه يتخوّف عليه من الشيطان 5.
و مساقط الثمار، و تحت الاشجار التي عليها الثمار،
لمكان الملائكة الموكلين بها، و مواضع اللعن-و هي ابواب الدور-، و على القبر و بين القبور، لأنه يخاف عليه من الجنون، و كذا في الطرق النافذة، و أفنية المساجد و ابوابها، و منازل النزال 6.
و جحور الحيوانات 7.
8
ص:285
فإنه من الجفاء (1)، إلا لضرورة.
الاضافة،
فإن جمعا أفتوا بكراهته حملا لبعض الأخبار الدالة على المنع من الاستنجاء بالماء المتغير بغير النجس عليه (3).
فإنه يورث الفقر (4). و المراد البول في داخل الحمام لا بيت الخلاء الذي فيه.
و يستحب بعد التخلي مضافا إلى ما مر أمور:
فإنه سنة مؤكدة، و في كيفيته خلاف، و ثمرة الخلاف تظهر في نجاسة الخارج بعد البول قبل الاستبراء و نقضه للوضوء، و حينئذ فالاحوط-ان لم يكن أقوى-اعادة الوضوء، إلاّ فيما لو استبرأ بالمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثا، و منه الى رأس الحشفة ثلاثا، و نتر رأس الحشفة ثلاثا (6).
و ينبغي ان يكون الاستبراء باليسار (7).
ص:286
و لا يسقط الاستبراء بقطع الذكر بل عليه وظيفة الباقي حينئذ.
فإن الماء مطهر للحواشي، و مذهب للبواسير (1).
فإن من فعل ذلك لا يخاف عليه شيء من أرياح البواسير (4).
و اما وجوب ستر العورة عن الناظر المحترم و فروعه، و كذا حرمة استقبال القبلة و استدبارها في حال التخلي بلا شبهة، و في حال الاستنجاء على الاحوط، و فروع الاستقبال و الاستدبار و كيفية الاستنجاء و ما يستنجى به و ما لا يستنجى [منه]، و فروعهما، و المنع من الاستنجاء و في اليد خاتم عليه اسم اللّه تعالى. . فيطلب من مناهج المتقين، لكون التعرض لها خلاف وضع الرسالة،
ص:287
لانحصار الأمر فيها بالسنن و الآداب.
و يكره غسل الحرّة فرج زوجها عند الاستنجاء في غير سقم، لمنافاته لاحترامها، و لا بأس بذلك بالنسبة إلى الامة (1). و من دخل الخلاء فوجد تمرة أو لقمة خبز في القذر. . أو نحو ذلك استحب له غسلها و أكلها بعد الخروج، فإن من فعل ذلك ما استقرت اللقمة في جوفه إلاّ اعتقه اللّه تعالى من النار، و وجبت له الجنة. و قد اعتق كل من مولانا سيد الشهداء عليه السّلام (2)و مولانا الباقر عليه السّلام مملوكا له أكل ذلك، معلّلا بأني اكره ان استخدم رجلا من أهل الجنة و [قد]اعتقه اللّه من النار (3). و على ضد ذلك اهانة الخبز، فإن قوما طغوا و استنجوا بالمأكولات فسلط اللّه عليهم القحط، حتى غسلوا ما كانوا قد
ص:288
استنجوا به و اكلوه.
و يستحب لمن مرّ بمازمان-و هو موضع بين عرفة و المشعر-ان ينزل و يبول فيه تأسيا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (1). حيث روى الصادق عليه السّلام انه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حج عشرين حجة، و كان يمّر في كل حجة بالمازمين فينزل فيبول فيه، لأنه أول موضع عبد فيه الاصنام، و منه أخذ الحجر الذي نحت منه هبل الذي رمى به علي عليه السّلام من ظهر الكعبة (2).
ص:289
الذي فرض اللّه تعالى على آدم عليه السّلام و ذريته لما تاب عليه تطهيرا لهم، فامره بغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة التي نهي عن أكلها، و أمره بغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناول منها، و امره بمسح الرأس لما وضع يده على رأسه عند بكائه و ندمه، و امره بمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة (1).
ص:290
بقول: «بسم اللّه الحمد للّه الذي جعل الماء طهورا و لم يجعله نجسا» (3). و قد ورد ان من ذكر اسم اللّه على وضوئه فكأنما اغتسل و طهر جميع جسده، و كان الوضوء إلى الوضوء كفارة لما بينهما من الذنوب، و من لم يسمّ لم يطهر جسده إلاّ ما أصابه الماء (4).
البول مرة أو مرتين، و من الغائط مرتين .
و قد ورد ان أول ما يمس المتوضي الماء يتباعد عنه الشيطان (6).
ص:291
اللّه [و باللّه]اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين» (1).
فإنها تنقي القلب من الحرام و تنّوره، و تنوّر اللسان بالحكمة (2).
[خ. ل: يوم]القاك، و أطلق لساني بذكرك و شكرك، و أجعلني ممن ترضى عنه» (3).
و آله و سلّم (1)دون الضرب و اللطم فإنه مما نهي عنه (2)إلاّ عند النعاس أو البرد فإنه لا بأس بتصفيق الوجه به حينئذ (3).
بيميني و الخلد في الجنان بيساري، و حاسبني حسابا يسيرا» (2)«و أجعلني ممن ينقلب إلى اهله مسرورا» (3).
الصراط يوم تزل فيه الاقدام، و اجعل سعيي فيما يرضيك عني (1)يا أرحم الراحمين» (2).
و ورد انه اذا مسح المتوضي قدميه اجازه اللّه على الصراط يوم تزل فيه الاقدام (3).
و ورد ان من توضأ بهذه الآداب خلق اللّه عزّ و جلّ من كل قطرة ملكا يقدّسه و يسبّحه و يكبّره، و يكتب اللّه عزّ و جلّ له ثواب ذلك الى يوم القيامة (4).
اشهد ان لا إله إلاّ انت، استغفرك و اتوب إليك، و اشهد انّ محمدا عبدك و رسولك، و اشهد انّ عليا وليّك و خليفتك بعد نبيّك على خلقك، و انّ أولياءه اولياؤك، و خلفاءه خلفاؤك، و اوصيائه [اوصياؤك]» فقد ورد ان من قال ذلك في آخر وضوئه او غسله للجنابة تحاتّت عنه الذنوب كلّها كما تحاتّ ورق الشجر، و خلق اللّه بعدد كل قطرة من قطرات وضوئه او غسله ملكا يسبح اللّه و يقدّسه و يهلّله و يكبّره و يصلّي على محمد و آله الطيبين، و ثواب ذلك لهذا المتوضّي، ثم يأمر اللّه بوضوئه و غسله فيختم عليه بخواتيم ربّ العزة، ثم يرفع تحت العرش حيث لا تتناوله اللصوص، و لا يلحقه السوس [خ. ل: الوسواس]و لا تفسده الاعداء حتى يرد عليه و يسلّم إليه اوفر ما هو احوج و أفقر ما يكون إليه، فيعطى بذلك في الجنة ما لا يحصيه العادّون، و لا يعيه الحافظون، و يغفر اللّه له جميع ذنوبه حتى تكون صلاته نافلة، فإذا توجه إلى مصلاّه ليصلّي قال اللّه عز و جل لملائكته: يا ملائكتي! أ لا ترون إلى عبدي هذا قد انقطع من جميع الخلائق إليّ، و امّل رحمتي وجودي و رأفتي، أشهدكم انّي اخصّه برحمتي و كراماتي» (1).
بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ* فَقُطِعَ دابِرُ اَلْقَوْمِ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا وَ اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ (2).
ص:296
له، و اشهد ان محمدا عبده و رسوله»
فانه يستحق المغفرة إذا قال ذلك 1.
كأن يصب آخر الماء في يده 2. و اما الصب على نفس العضو فلا يجوز الاستعانة فيه 3إلا عند الضرورة 4.
ص:297
و اما حدث النوم و الريح فلا بأس بالتوضي منه في المسجد، سيما إذا كان الحدث وقع فيه 3.
فإنه يورث البرص 4.
و ربّما عدّ جمع من المكروهات مسح بلل الوضوء من اعضائه و لم يثبت 5، بل الأخبار الناطقة بمسح أمير المؤمنين عليه السّلام و اعداده لذلك خرقة تدلّ على عدم الكراهة، لمنافاة مواظبته عليه السّلام عليه لذلك 6. نعم لا يبعد كون تركه افضل، لما ورد من ان من توضأ و تمندل كتب اللّه له حسنة، و من توضأ و لم
ص:298
يتمندل حتى يجف وضوؤه كتب اللّه له ثلاثين حسنة (1)، و احتمل بعضهم استحباب كون الاناء الذي يتوضأ من مائه مكشوف الرأس.
ثم انه يستحب الوضوء استحبابا شرعيا لأمور:
فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لأنس: يا انس! أكثر من الطهور يزيد اللّه في عمرك، و ان استطعت ان تكون بالليل و النهار على طهارة فافعل، فإنك تكون إذا مت-على طهارة-شهيدا (1).
لما مرّ في الفصل السابق ممّا نطق بفضله (3).
لأن الوضوء على الوضوء نور على نور، سيما للمغرب و الصبح، لما ورد من ان من توضأ للمغرب كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في يومه إلاّ الكبائر، و من توضأ للصبح كان وضوؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلاّ الكبائر (5).
باستحباب الوضوء بعد المذي، و الودي، و الرعاف، و القي، و الكذب، و الظلم، و مسّ الكلب، و مصافحة المجوسي، و مسّ الفرج، و باطن الدبر، و باطن الاحليل، بل و ظاهرهما من نفسه و غيره، و التقبيل بشهوة، و الخلال المخرج للدم إذا كرهه الطبع، و الاستنجاء بالماء للمتوضّي قبله، و لو كان قد استجمر، و الغضب، و القهقهة في الصلاة او مطلقا، بل و مطلق الضحك، بل و بعد قراءة أربعة أبيات شعر باطل، و الانعاظ، و النخامة، و البصاق، و المخاط، و المدّة (1)، و الجشاء، و القرقرة في البطن، و الحجامة، بل مطلق خروج الدم غير الدماء الثلاثة، و المضاجعة، و اصابة البول أو الغائط الجسد، و مسّ الكافر، و تقليم الظفر، و الحلق، و نتف الابط، بل مطلق أخذ الشعر، و الأكل و الشرب حتى ما غيّرته النّار، و استدخال شيء في الدبر أو الفرج، و قتل البقة و البرغوث و القملة و الذباب. و لي في هذا القول تأمّل، لأن الاخبار الآمرة بالوضوء بعد الأمور المذكورة إنما وردت تقيّة فلا تقوم حجّة على الاستحباب.
ثم إنّه يجوز الدخول في العبادة المشروطة بالطهارة من الحدث بالوضوآت المستحبة استحبابا شرّعيا على الأظهر (2)ما لم يمنع منه مانع من جنابة او حيض أو نحوهما.
و أما الوضوآت المستحبّة استحبابا تسامّحيا فالاحوط ترك الدخول معها في المشروط بالطهارة من صلاة أو طواف واجب أو نحوهما، و حينئذ فالاولى لمن أراد الاتيان بشيء من الوضوآت التسامّحية ان يأتي به بقصد الكون على
ص:304
الطهارة (1)ضاما إليه نية ما يريده من الوضوء التسامحي ليصّح له الدخول في المشروط بالطهارة و يؤجر على ما ضمّه إليه، بل الأولى ذلك في جميع الوضوآت المندوبة حتى بالندب الشرعي، و لو كانت له غايات متعددة كفى قصد غاية واحدة للجميع (2)إلاّ انه لا يثاب على غير المنويّ من الوضوء (3)فالأولى قصد جميع الغايات ليستحق ثواب جميعها.
ص:305
الذي فرضه اللّه تعالى على الجنب لعلة النظافة (1)و تطهير بدنه ممّا أصابه من اذاه، فإنّ آدم عليه السّلام لمّا اكل من الشجرة دبّ ذلك في عروقه و شعره و بشره، فإذا خرج المني منه خرج من كل عرق و شعرة في جسده، فأوجب اللّه عزّ و جلّ على ذريته الاغتسال من الجنابة إلى يوم القيامة (2)و قد سأل اليهودي (3)النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عن علة ايجابه في الجنابة و عدم ايجابه في البول و الغائط، فعلّل صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ايجابه مع الجنابة بذلك و عدم ايجابه في البول و الغائط مع ان البول انجس من المني؛ بإنّ البول و الغائط شيء دائم غير ممكن للخلق الاغتسال منه كلّما يصيب ذلك، و لا يكلّف اللّه نفسا إلاّ وسعها، بخلاف الجنابة فإنها ليست امرا دائما و انما هي شهوة يصيبها الانسان إذا اراد، و يمكنه تعجيلها و تأخيرها الايام الثلاثة و الاقلّ و الأكثر (4).
تختص ثلاثة منها بغسل الجنابة، و هو البول قبل الغسل ان أجنب
ص:306
بالانزال بجماع أو احتلام أو استمناء (1)، و الاستبراء بعد البول (2)و قول: «اللهم طهّر قلبي من كل آفة تمحو به [خ. ل: تمحق بها]ديني و تبطل به عملي، اللهم أجعلني من التوّابين و أجعلني من المتطهّرين» (3). و تشترك في الباقي بقية الأغسال.
و أولى منه غسل تمام الذراعين (4).
ص:307
الثبوت المطلق الذي هو أعم من الوجوب و الندب. نعم استحبابه مؤكد إلاّ للنساء في السفر فإنه لا يتأكد في حقهن (1).
و يكره ترك غسل الجمعة إلاّ لعذر (2). و وقته ما بين طلوع الفجر الصادق إلى الزوال (3)، و قيل: انه كلّما قرب من الزوال كان أفضل (4)، و يجوز تعجيله في يوم الخميس و ليلة الجمعة لمن خاف عدم الماء يوم الجمعة (5)، كما يجوز بل يستحب قضائه يوم الجمعة بعد الزوال و يوم السبت، سواء كان الفوات لعذر ام لا (6)، و في الحاق ليلة السبت به في ذلك وجه لا يخلو من قرب.
و يستحب الدعاء عند هذا الغسل بالمأثور و هو: «اشهد ان لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له، و ان محمدا عبده و رسوله، اللهم صلّ على محمد و آل
ص:310
محمد و أجعلني من التوّابين، و أجعلني من المتطّهرين» (1). و قد ورد ان غسل الجمعة مع الدعاء المذكور يطهّره إلى الجمعة الاخرى (2). و ورد أيضا قول: «اللهم طهّر قلبي من كل آفة تمحق بها ديني، و تبطل بها عملي. اللهم أجعلني من التوّابين، و أجعلني من المتطهرين» . و يقول بعد الفراغ: «اللهم طهّرني و طهّر قلبي من كل آفة، و انق غسلي، و اجر على لساني ذكرك و ذكر نبيك محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و أجعلني من التوابين و أجعلني من المتطّهرين» .
بل يستحب الغسل في أول هذا الشهر و وسطه و آخره، فإنّ من فعل ذلك خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه (3)، و هذا يمتّد وقته من أول الليالي الثلاث إلى آخر ايامها الثلاثة.
يصبّ منه على رأسه ثلاثين غرفة، فإنّ ذلك يكون دواء السنّة.
1
و يتأكّد في العشر الأواخر 2شفعها و وترها، و وتر العشرتين الأوليين، سيما ليلة السابع عشر و التاسع عشر، كما يزداد التأكيد في ليلة الحادي و العشرين و الثالث و العشرين 3، بل في الأخير غسلان احدهما أول الليل و الآخر آخره 4.
5
و فضل اوقات الغسل في هذه الليالي مقارن الغروب و لو أخّره جاز، و يمتّد بامتداد الليل.
6
و يمتدّ بامتداد اليوم و ان
ص:312
كان في أوله أفضل، و يتأكّد تقديمه على الصلاة.
من أهل الاقطار (1)، و يمتد بإمتداد النهار و ان كان كلّما قرب من أوله كان أفضل، و كذا في سائر اغسال الأوقات الآتية.
و هو الثامن عشر من ذي الحجة، الذي أخذ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فيه-في السنة العاشرة من الهجرة-البيعة لأمير المؤمنين عليه السّلام.
و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة على قول (3).
انتقال الشمس إلى الحمل.
من غير فرق بين طواف الزيارة و العمرة و النساء و الوداع و. . غيرها.
القرص كلّه إذ اراد قضاءها،
و قيل بالوجوب، و هو أحوط، و ان كان الأول أقوى، و في استحبابه لأدائها عند احتراق القرص كلّه تأمّل، و العدم اشبه، و ان كان الاتيان به لأحتمال المطلوبيّة لا بأس به.
ص:315
سواء كانت عن فسق بارتكاب كبيرة و اصرار على صغيرة، أو كفر أصليّ أو ارتداديّ، و محلّه في الظاهر بعد الندم، و قبل الاستغفار و العزم على عدمه، و يمكن شرعيّته بعدهما أيضا، و في شرعيّته للتوبة من الصغيرة من دون اصرار وجه، لا يخلو من قوة.
2
3
4
-الذي هو حيوان ملعون-قد ورد في الاخبار ذمّه و الترغيب في قتله، و ان من قتله كان كمن قتل شيطانا 5.
و زيارة سيد الشهداء عليه السّلام 6.
ص:317
لعمل ام داود 1.
قبل مضي ثلاثة أيام على صلبه فرآه، فإنه مستحب بعد الرؤية عقوبة. و قيل: يجب، و لم يثبت 2.
و الأولى الغسل حتى عند رؤية المصلوب بظلم، بل و بعد الثلاثة أيضا، و لا غسل في رؤية المقتول و. . نحوه بغير الصلب، و لو كان بحق، بل و لا في المصلوب بعد انزاله من الخشبة، و ذهاب هيئة الصلب، و مبدأ الثلاثة أيام من الصلب دون الموت، و لا غسل في الحضور من دون نظر إلى المصلوب، و لا في النظر من غير سعي، و لا في السعي من غير نظر، أو النظر لا عن قصد، و لو سعى في [الأيام]الثلاثة لينظر بعدها ففي ثبوت الغسل تردّد، و لا فرق بين
ص:318
كون المصلوب حيّا أو ميّتا حين النظر. و هل يعتبر في النظر ان لا يكون لغرض شرعي كالشهادة على عينه و نحوها أم لا؟ و جهان، أوّلهما غير بعيد، و كذا يعتبر كون المصلوب من المسلمين، فلو كان كافرا ففي ثبوت الغسل بالسعي و النظر إليه في الثلاثة تأمل، و ان كان الغسل لاحتمال المطلوبية حينئذ، و في سائر موارد عدم ثبوت الغسل لا بأس به.
ثم ان من الأغسال المسنونة غسل المولود، كما مرّ في الفصل الأول، و ربّما قيل باستحباب الغسل في موارد أخر:
الوضوء، حتى على المختار من اغناء كل غسل عن الوضوء، بل الأحوط عدم ترك الوضوء بقصد القربة مع جميع الأغسال المسنونة، بل الاحتياط به لا يترك، سيما فيما لم يكن مستنده في غاية القوة، كغسل الجمعة مثلا (1).
في ما سنّ للمكان
و هي عدّة أغسال:
-حرم مكة المعظمة و حرم المدينة المشرفة- (2).
فرعان:
الاول: - ما يستحب للفعل أو المكان من الأغسال يقدم عليهما على
ص:320
وجه يقع الفعل و دخول المكان مغتسلا، و لا شبهة في امتداد هذا الغسل ما لم يحدث، و اما لو أحدث فقد روي امتداد غسل النهار إلى آخره، و امتداد غسل الليل إلى منتهاه، و روي امتداده إلى آخر يوم الليلة و ليلة اليوم، و الأول أقرب، و لو وقع الغسل في وسط اليوم أو الليلة ففي تكميل اليوم بالليل بقدر ما مضى منه و هكذا في الليل تردّد، و العدم اشبه (1).
و لا فرق في عدم جواز تقديم غسل الفعل أو المكان ازيد من يوم-ان قصد إلى الغاية في ذلك اليوم، و كذا الليل-بين مخافة اعواز الماء و عدمه. نعم الاغسال الفعلية السببيّة تمتّد بإمتداد العمر، كرؤية المصلوب، و ارادة التوبة، و قتل الوزغ. . و نحوها.
و اما الاغسال للزمان فوقتها بعد دخول الزمان. نعم، قد عرفت شرعيّة تقديم غسل الجمعة يوم الخميس، و لو قيل بجواز تقديم غسل الزمان عليه بقدر ما يعدّ له عرفا-كغسل الليالي المتبرّكة المزبورة قبيل الغروب-لم يكن بعيدا، و قد ورد في بعضها ذلك.
الثاني: اذا اجتمعت اغسال مسنونة كفى غسل واحد لها إذا نوى كلا منها: و لم يكف لو نوى بعضها خاصة، أو القربة فقط (2).
ص:321
التي ورد انها قربان كل تقي (1)، و خير موضوع فمن شاء استقل و من شاء استكثر (2)، و انها أفضل ما يتقرب العباد به إلى ربهم، و احب ذلك إليه سبحانه (3)و انه ليس بعد المعرفة بإصول الدين شيء أفضل من الصلاة (4)، و انه لا أفضل من الحج إلاّ الصلاة (5)، و انها آخر وصايا الانبياء (6)، و انه أقرب ما يكون
ص:322
العبد من اللّه سبحانه و هو ساجد (1)، و ان الانسان إذا سجد فاطال نادى ابليس: يا ويله! اطاعوا و عصيت، و سجدوا و ابيت (2). و انّ صلاة فريضة خير من عشرين حجة، و حجة خير من بيت مملوّ ذهبا يتصدّق به حتى يفنى (3)-. و انها أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم، فإن صحت نظر في عمله و ان لم تصح لم ينظر في بقية عمله (4)، و انها عمود الدين، و اصل الاسلام (5)، و انّ من استخّف بها لا ينال شفاعتهم عليهم السّلام، و لا يرد على الحوض (6)، و انّ من تهاون بها من الرجال و النساء رفع اللّه البركة عن عمره و رزقه، و محا سيماء الصالحين من وجهه، و لا يؤجر على شيء من عمله، و لا يرفع دعاؤه إلى السماء، و لا حظّ له في دعاء الصالحين، و يموت ذليلا جائعا عطشانا، و يوكّل اللّه به [ملكا يزعجه في قبره، و يضيّق عليه قبره، و يكون قبره مظلما، و يوكّل اللّه به]يوم القيامة ملكا يسحبه على وجهه و الخلائق ينظرون إليه، و يحاسبه اللّه حسابا شديدا، و لا ينظر إليه و لا
ص:323
يزكّيه، و له عذاب أليم (1). . إلى غير ذلك من فضائلها، و زواجر التهاون بها التي لا تحصى.
ثم انّ اعداد الفرائض و النوافل المرتبة معروفة، و انما شرعت الرواتب ليتم بها ما نقص من الفريضة (2)و هي أفضل من المبتدئة، و قيل: ان أفضل الرواتب ركعتا الفجر، ثم ركعة الوتر، ثم ركعتا الزوال، ثم نافلة المغرب، ثم صلاة الليل، ثم نوافل النهار، و لم يثبت هذا الترتيب. نعم ورد في كل منها فضل عظيم.
فمما ورد في ركعتي الفجر انّهما من صلاة الحامدين (3)و انه يشهدهما ملائكة الليل و النهار (4)، و أنهما خير من الدنيا و ما فيها، و ان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم لم يكن على شيء من النوافل اشّد معاهدة منه عليهما (5)، و في نافلة الظهر انها صلاة الأوابين (6)، و ان النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اوصى بها عليّا عليه السّلام ثلاثا (7). و في نافلة المغرب انها من صلاة الذاكرين و انها لا تترك سفرا
ص:324
و لا حضرا، و لا إذا طلبته الخيل (1)، و انها تعدل حجة مبرورة. و في الوتيرة ان من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يبيتنّ إلاّ بوتر، و لم يرد في شيء من النوافل مثل ما ورد في صلاة الليل، فقد ورد فيها فوائد عظيمة تأتي عن قريب ان شاء اللّه تعالى.
و لا بأس بترك النافلة و الاقتصار على الفريضة عند العذر، و منه الهمّ و الغمّ، و عدم الاقبال أحيانا عليها، و الاولى قضاؤها حينئذ بعد ذلك، بل يستحب قضاء كل راتبة فاتت على المكلف، و قد ورد ان العبد يقوم فيقضي النافلة فيعجب الربّ ملائكته منه فيقول: ملائكتي عبدي يقضي ما لم افترضه عليه. نعم لا يتأكد قضاء ما فات في المرض من النوافل، لأن المريض ليس كالصحيح، و ما غلب اللّه عليه فاللّه اولى بالعذر فيه.
و يصحّ قضاء النوافل المرتبة في ليل و نهار، فيجوز قضاء الليليّة منها نهارا حتى في السفر و بالعكس، و الأظهر افضليّة مطابقة وقت القضاء لوقت الاداء بقضاء الليليّة منها في الليل، و النهارية منها في النهار، و الافضل الجهر في قضاء الليليّة منها، و الاخفات في النهارية، و الوتر يقضى وترا، و روي شفعا، و حملت على التقيّة.
و الأفضل في كل صلاة ان يؤتى بها في أول وقتها إلاّ في الفريضة في موارد ذكرناها في المناهج (2)، كما ذكرنا فيه أفضليّة تأخير الوتيرة عن التعقيبات، و أفضليّة تأخير صلاة نافلة الليل إلى قريب الفجر، و سننبّه هنا عن قريب على الأخير.
ص:325
التي قد ورد أنها أشد وطأ و اقوم قيلا (1)، و انها الرهبانية المبتدعة ابتغاء مرضاة اللّه، و الحسنة المذهبة للسيئة (2)، و انها شرف المؤمن (3)و سنة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و دأب الصالحين، و مطردة الداء من الأجساد (4)، و مصححة البدن (5)، و انها تبيّض الوجه و تحسّنه، و تحسّن الخلق، و تطيّب الريح، و تجلب الرزق و تدرّه، و تقضي الدين، و تذهب بالهم، و تجلو البصر (6)، و انها تمنع من نزول العذاب (7)، و انها من روح اللّه تعالى، و انها تجلب رضا الرب، و انها تمسّك باخلاق النبيين، و تعرّض لرحمة رب العالمين، و تنفي السيئات، و تذهب بما عمل من ذنب بالنهار (8)، و ان العبد ليقوم في الليل فيميل به النعاس يمينا و شمالا و قد وقع ذقنه
ص:326
على صدره، فيأمر اللّه تعالى ابواب السماء فتفتح، ثم يقول للملائكة: انظروا إلى عبدي ما يصيبه في التقرّب إليّ بما لم افترضه عليه راجيا مني لثلاث خصال: ذنبا اغفر له، أو توبة اجدّدها، أو رزقا ازيده. اشهدوا ملائكتي أني قد جمعتهن له (1). و سئل علي بن الحسين عليهما السّلام: ما بال المتهجدين بالليل من احسن الناس وجها؟ قال: لأنهم خلوا باللّه فكساهم اللّه من نوره (2)، و ان البيوت التي يصلّى فيها بالليل و يتلى [فيها]القرآن تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الأرض (3). و ورد انه كذب من زعم انه يصلّي بالليل و يجوع بالنهار، ان صلاة الليل تضمن رزق النهار (4)، و ان الرجل يكذب الكذبة فيحرم صلاه الليل، فإذا حرم صلاة الليل حرم بها الرزق (5)، بلّ عن الصادق عليه السّلام انه: ليس منّا-و في خبر آخر: ليس من شيعتنا-من لم يصلّ صلاة الليل (6). و ورد انه ليس من عبد إلاّ و يوقظ كل ليلة مرة او مرتين أو مرارا، فإن قام كان ذلك، و إلاّ جاء الشيطان فبال في اذنه، أ و لا يرى أحدكم انه إذا قام و لم يكن ذلك منه قام و هو متحيّر ثقيل كسلان (7)؟ ! و ان للّيل شيطانا يقال له: الدهاء [خ. ل: الدبهاء، الرهاء]، فإذا استيقظ العبد و اراد القيام إلى الصلاة فقال له: ليست ساعتك، ثم يستيقظ مرة أخرى فيقول له: لم يإن لك، فما يزال كذلك يزيله و يحبسه حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر بال في اذنه ثم
ص:327
انصاع يمصع بذنبه فخرا و يصيح (1).
ثم ان أول وقتها انتصاف الليل، و كلّما قربت من الفجر زادت فضلا سيما الوتر (2)، و المشهور عدم جواز تقديم شيء من نافلة الليل على الانتصاف (3)إلاّ لعذر من رطوبة رأس مانعة من الاستيقاظ لها، أو سفر يخاف معه فوتها، أو خوف جنابة مفوتة لها، أو مرض يعسر عليه الاتيان بها في وقتها. . أو نحو ذلك من الاعذار التي يجمعها خوف الفوت، فإنه يجوز حينئذ تقديمها على الانتصاف و تكون اداء على الأظهر (4).
و في جواز تقديمها على المغرب تأمل، و العدم أحوط، بل الأحوط عدم تقديمها على صلاة العشاء و نافلتها (5)، و لو زال بعد الانتصاف عذر من قدمها عليه لعذر لم يعدها، و كذا المشهور كون قضاء صلاة الليل أفضل من تقديمها للمعذور، و الذي اعتقده و تجتمع عليه الأخبار هي شرعيّة تقديم صلاة الليل على الانتصاف لا لعذر أيضا، إلاّ ان قضاؤها في النهار لغير المعذور أفضل من تقديمه إيّاها على الانتصاف (6)بخلاف المعذور فإن التقديم له أفضل، بل فضل ما يأتي به مقدما على الانتصاف كفضل ما يأتي به غير المعذور بعد النصف، و اللّه العالم (7).
ص:328
و آخر وقت نافلة الليل طلوع الفجر الصادق على الأقوى، فإذا طلع و كان قد أتى باربع ركعات منها فما زاد جاز له الاتيان بما بقي منها حتى الشفع و الوتر بعد الفجر قبل نافلته و فريضته (1)، و بوجوب الإتمام حينئذ قول غير مرضي (2)، و ان كان لم يتلبس بشيء من نافلة الليل عند طلوع الفجر اشتغل بنافلة الفجر و فريضته، و ان كان قد تلبّس بها و لم يتم أربع ركعات منها، فالمشهور تعيّن تركها و الاتيان بوظيفة الفجر حينئذ، و الأظهر جواز أتمامه لنافلة الليل حينئذ أيضا، و في لزوم تخفيفه اياها عند الإتمام قول لا دليل عليه (3)، و لا فرق في الحكم بين كون الشروع في نافلة الليل و الاتيان بإربع ركعات منها باعتقاد سعة الوقت للجميع أم لا، فلو علم عدم اتّساع الوقت إلاّ لاربع ركعات جاز له الاشتغال بها و الاتيان بالباقي بعد الفجر في وجه لا يخلو من قوة، و لا يلزمه حينئذ تقديم الشفع و الوتر على الأشبه، و كذا لا فرق بين مفاجأة الفجر حال الاشتغال بها أم لا، بل لو أتى بالأربع ثم اشتغل بشيء آخر فإن له الإتمام بعد الفجر على الأجود، و لو شك في بقاء مقدار أربع ركعات إلى الفجر استصحب و شرع فيها، بل و كذا لو ظنّ ضيق الوقت في وجه. و لو علم أو ظن عدم اتّساع الوقت إلاّ للوتر، ففي تعين اتيانه بالشفع و الوتر ان أراد التنّفل أو جواز أخذه في صلاة الليل و جهان، اشبههما الثاني، و ان كان الأول أفضل،
ص:329
سواء و في الوقت بالوتر مع جميع آدابه أو هو مخفّفا، و لا يشرع تقديم غير الوتر بمعنى تقديم الثنائيّة الرابعة من ثمان ركعات صلاة الليل على الثنائيات المتقدمة عليهما، و لو لم يبق إلى الفجر إلاّ مقدار ركعة الوتر قدمهما [كذا]خاصة. و يجوز الاقتصار على الوتر ثلاث ركعات أو الأخيرة خاصة مع ضيق الوقت عن تمام صلاة الليل، بل و مع سعته لها بأجمعها.
و قد ورد ان من قام قبيل الفجر و صلى الوتر و ركعتي الفجر كتبت له صلاة الليل، و ظاهره صورة ضيق الوقت. و لو أتى بالوتر بإعتقاد عدم سعة الوقت لغيره، فإن لم ينكشف الخلاف كان له قضاء صلاة الليل بعد الوقت، و ان انكشف خطأه جاز له الاتيان حينئذ بالثمان ركعات، سواء بان خطأه بعد الاتيان بنافلة الفجر أو قبله على الأظهر، كما ان الأظهر عدم لزوم اعادته للوتر بعد ذلك (1). نعم لو تبين له خطأ في أثناء الوتر، فالأحوط له العدول به إلى الثمان ركعات، و الاتيان بعدها، فالأولى لمن فاجأه الفجر بعد الاتيان باربع ركعات من صلاة الليل عدم قصده بالباقي الأداء و لا القضاء (2)و ان كان كونها أداء غير بعيد. و من فاجأه الفجر بعد الأتيان باربع منها-على المشهور-او بعد الأخذ فيها على المختار-فهل الأفضل هو اتمام صلاة الليل قبل وظيفة الفجر من نافلة و فريضة او بعدها، أو يتساويان؟ وجوه، ثالثها أوجه (3).
ثم انه يستحب اذا قام من النوم لصلاة الليل ان يأتي بما مرّ في الفصل
ص:330
السابق من آداب القيام من النوم من السجدة و قراءة الخمس آيات من آخر سورة آل عمران، و الأدعية المأثورة المتقدّمة، ثم يستاك و يتوّضأ، فإذا قام إلى الصلاة قال: «بسم اللّه و باللّه و إلى اللّه و ما شاء اللّه و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه، اللهم أجعلني من زوّارك و عمّار مساجدك، و أفتح لي باب توبتك، و اغلق باب معصيتك و كل معصية، و الحمد للّه الذي جعلني ممن يناجيه، اللهم أقبل إليّ بوجهك جلّ ثناؤك» (1).
و يستحب ان يصلي أمام صلاة الليل ركعتين خفيفتين يقرأ [في]أولاهما: ب: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ، و في الثانية: ب: قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ. و تسميّان بصلاة الورود (2)و الافتتاح (3)، و يدعو بعد ذلك بالدعاء الذي نقله السيد ابن الباقي في محكي مصباحه من ان أمير المؤمنين عليه السّلام كان يدعو بعد الركعتين قبل صلاة الليل به، و هو: «اللهم إليك خبت قلوب المخبتين، و بك انست عقول العاقلين، و عليك عكفت رهبة العاملين، و بك استجارت افئدة المقصرين، فيا أمل العارفين و رجاء العاملين، صل على محمد و آله الطاهرين، و اجرني من فضايح يوم الدين، عند هتك الستور، و تحصيل ما في الصدور، و آنسني عند خوف المذنبين، و رهبة المفرطين، برحمتك يا أرحم الراحمين. فو عزتك و جلالك ما أردت بمعصيتي إياك مخالفتك، و لا عصيتك إذ عصيت و أنا بمكانك جاهل، و لا لعقوبتك متعرّض، و لا بنظرك مستخفّ، لكن سوّلت لي نفسي، و اعانني على ذلك شقوتي، و غرّني سترك المرخي عليّ، فعصيتك بجهلي، و خالفتك بجهدي، فمن الآن من عذابك [من]يستنقذني، و بحبل من اعتصم إذا قطعت حبلك عنّي، وا سوأتاه من الوقوف بين يديك غدا إذا قيل للمخففين [خ. ل: للمخفيّن]
ص:331
جوزوا، و للمثقلين حطوا، أ مع المخففين [خ. ل: المخفين]أجوز، أم مع المثقلين أحط؟ يا ويلتاه! كلما كبرت [خ. ل: كبر]سنّي كثرت معاصي، فكم ذا أتوب فكم [خ. ل: و كم]ذا أعود؟ ما آن لي ان استحيي من ربي» ؟ ! ثم يسجد و يقول ثلاثمائة مرة: «استغفر اللّه ربي و أتوب إليه» ، ثم يبدأ في صلاة الليل و يتوجه بالتكبيرات السبعة الافتتاحية المأثورة بينها.
و يستحب ان يقرأ في الركعتين الأوليين من صلاة الليل بعد الحمد التوحيد ثلاثين مرة، فإن من فعل ذلك انفتل و ليس بينه و بين اللّه عزّ و جلّ ذنب (1)، و ان يصلّي صلاة جعفر الطيار مكان الثالثة و الرابعة و الخامسة و السادسة من الثمان، و ان يقرأ في السابعة بعد الحمد سورة الملك، و في الثامنة بعد الحمد سورة هل أتى. و ان يقرأ في كل ركعة من الشفع بعد الحمد التوحيد ثلاثا، و في الوتر بعد الحمد التوحيد ثلاثا، و كلا من المعوذتين مرة (2).
و ورد في نافلة ليلة الجمعة قراءة التوحيد في الركعة الأولى، و الجحد في الثانية، و ألم السجدة في الثالثة، و المدثر في الرابعة، و حم السجدة في الخامسة، و الملك في السادسة، و يس في السابعة، و الواقعة في الثامنة (3).
و يستحب التفريق في صلاة الليل (4). و يستحب القنوت في ركعة الوتر
ص:332
قبل الركوع (1)، و في استحباب قنوت آخر فيه بعد الركوع قول معروف خال عن مستند معتمد [عليه]، نعم لا بأس بالاتيان به بقصد احتمال الحسن و المطلوبية، و الأقوى استحباب القنوت في ثانية الشفع أيضا قبل الركوع 2، و له ان يدعو في قنوت الوتر كسائر القنوتات بما شاء، نعم ورد فيه بالخصوص فضل أمور:
و قد ورد ان من صلى صلاة الليل مع الاستغفار سبعين مرة في قنوت الوتر يجار من عذاب القبر، و يمدّ له في عمره، و يوسع عليه في معيشته 3. و يستحب ان يرفع يده اليسرى في قنوته، و يعد الاستغفار باليمنى 4.
و بئس ما صنعت [خ. ل: بما كسبت]، و هذه يداي جزاء بما صنعتا [صنعت]. .» ثم يبسط يديه جميعا قدام وجهه، و يقول: «و ها أنا ذا بين يديك، فخذ لنفسك الرضا من نفسي حتى ترضى، لك العتبى، لا أعود، لا أعود، لا أعود» 5. . إلى غير ذلك من الأدعية المأثورة المذكورة في الكتب المعدة لأعمال اليوم و الليلة و لخصوص نافلة الليل.
6
ص:333
و لم أقف له على مستند (2). نعم ورد استحباب الدعاء للاخ المؤمن بظهر الغيب مطلقا، و انه يدرّ الرزق و يرفع [خ. ل: و يدفع]المكروه (3)و انه ينادى من العرش: و لك مائة ألف ضعف (4)، و ان من دعا لأربعين من المؤمنين ثم دعا لنفسه استجيب له (5).
و لا ترتيب فيما ذكر من سنن قنوت الوتر (6).
و يستحب عند رفع الرأس من آخر ركعة من الوتر قول: «هذا مقام من حسناته نعمة منك، و شكره ضعيف، و ذنبه عظيم، و ليس لذلك إلاّ رفقك و رحمتك فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيّك المرسل: «كانوا قليلا من اللّيل ما يهجعون و بالاسحار هم يستغفرون. طال هجوعي و قلّ قيامي و هذا السحر، و انا استغفرك لذنوبي استغفار من لا يجد [خ. ل: يملك]لنفسه ضرا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا» (7).
و يستحب عند الانصراف من الوتر أن يقول: «سبحان ربي الملك القدوس العزيز الحكيم» ثلاث مرات، ثم يقول: «يا حي يا قيوم يا برّ يا رحيم
ص:334
يا غني يا كريم ارزقني من التجارة اعظمها فضلا و اوسعها رزقا، و خيرها لي عافية فإنه لا خير فيما لا عافية [خ. ل: عاقبة]فيه» (1).
و الأظهر عدم وجوب اكمال صلاة الليل على من شرع فيها، بل يجوز الاقتصار على البعض حتى ابتداء و اختيارا (2).
و يكره النوم بين صلاة الليل و الفجر (3)كما مرّ في الفصل السابق، و روي عن مولانا الصادق عليه السّلام ان من غفل عن صلاة الليل فليصل عشر ركعات بعشر سور، يقرأ في الأولى: الحمد و ألم تنزيل، و في الثانية: الحمد و يس، و في الثالثة: الحمد و الرحمن-و في رواية الدخان-و في الرابعة: الفاتحة و أقتربت، و في الخامسة: الفاتحة و الواقعة، و في السادسة: الفاتحة و تَبارَكَ اَلَّذِي بِيَدِهِ اَلْمُلْكُ، و في السابعة: الحمد و المرسلات، و في الثامنة: الحمد و عَمَّ يَتَساءَلُونَ، و في التاسعة: الحمد و إِذَا اَلشَّمْسُ كُوِّرَتْ، و في العاشرة: الحمد و الفجر (4). قالوا: و من صلاها على هذه الصفة لم يغفل عنها.
و يدخل وقت نافلة الفجر بمجرد الفراغ من صلاة الليل، و القول بعدم دخول وقتها إلاّ عند الفجر الكاذب بعيد، نعم الافضل لمن فرغ من صلاة الليل قبل السدس الأخير من الليل هو تأخيرهما إلى السدس، و أفضل منه الاتيان بهما بين الفجرين، و الأفضل لمن أتى بهما قبل الفجر و نام بعدهما ان يعيدهما بعد الفجر الكاذب، و يمتد وقتهما إلى طلوع الحمرة المشرقية، و بعدها
ص:335
يتعين الاتيان بالفريضة، و قيل: يمتد وقتهما بإمتداد وقت الفريضة، و هو غير بعيد. و يجوز الاتيان بهما بعد فريضة الغداة قبل طلوع الحمرة و بعده من دون قصد أداء و لا قضاء، و ان كان جواز نية الاداء-ما لم تطلع الحمرة-غير بعيد (1).
و يستحب الفصل بين صلاة الغداة و نافلتها بالاضطجاع على الجانب الأيمن و وضع الاصابع من اليد اليمنى على الأرض و الاتكاء، و قراءة الخمس آيات المزبورة من آخر سورة آل عمران (2)، و الدعاء بالمأثور (3)، و الصلاة على محمد و آله مائة مرة، و قراءة الاخلاص احدى عشرة مرة، أو أحدى و عشرين
ص:336
مرة، أو أربعين مرة، و السجدة بعد ذلك (1)و يقوم مقام الضجعة السجود و القيام و القعود و الكلام (2)، و ان نسي ذلك حتى شرع في الإقامة لم يرجع، بل يجزي السّلام من ركعتي الفجر (3).
و يلحق بالمقام جملة من آداب سائر النوافل الرواتب:
يستحب ان يقال في آخر سجدة من رابعة نوافل المغرب في كل ليلة- و ليلة الجمعة اكد-سبع مرات: «اللهم اني اسألك بوجهك الكريم و اسمك العظيم ان تصلي على محمد و آل محمد، و ان تغفر لي ذنبي العظيم (4)» . و الأفضل تقديم سجدة الشكر على النافلة في المغرب، و العكس أيضا مشروع، و الجمع أكمل. و يكره الكلام بين الثنائيتين اللتين هما نافلة المغرب، و كذا بينهما و بين فريضة المغرب (5). و في تقديم التعقيب على نافلة المغرب و تأخير ما عدا تسبيح الزهراء عليها السّلام و جهان، و الأقرب ان الأول أفضل، و ان كان الثاني أيضا حسنا، و ما بين المغرب و العشاء ساعة الغفلة التي ورد الحث على ذكر اللّه تعالى فيها، و التعوّذ من شر ابليس، و في الصحيح عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: تنفّلوا في ساعة الغفلة و لو بركعتين خفيفتين بالحمد وحده، فإنهما تورثان دار
ص:337
الكرامة (1). و الأفضل ان يقرأ في الأولى بعد الحمد قوله تعالى: وَ ذَا اَلنُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنادى فِي اَلظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ* فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَ نَجَّيْناهُ مِنَ اَلْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي اَلْمُؤْمِنِينَ (2)، و في الثانية بعد الحمد قوله سبحانه: وَ عِنْدَهُ مَفاتِحُ اَلْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلاّ هُوَ*وَ يَعْلَمُ ما فِي اَلْبَرِّ وَ اَلْبَحْرِ وَ ما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُها*وَ لا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ اَلْأَرْضِ*وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلاّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (3)(4)، و ان يقول في القنوت: «اللهم اني اسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا انت ان تصلي على محمد و آل محمد و ان تفعل بي. . كذا و كذا و يسأل اللّه تعالى حاجته، فانها تقضى ان شاء اللّه تعالى ثم يقول: «اللهم أنت ولي نعمتي، و القادر على طلبتي، تعلم حاجتي، فاسألك بحق محمد و آل محمد لما قضيتها» (5). و الأحوط عدم الاتيان بهاتين الركعتين بعد المغرب قبل صلاة المغرب، و لا بعد صلاة العشاء، و ان كان الشفق باقيا، و لا بين العشاءين بعد زوال الشفق، إلاّ بقصد القربة المطلقة، و الأظهر جواز الفصل بين ثنائّيتي المغرب بها.
و يستحب قراءة مائة آية في الوتيرة، و الأظهر جواز القيام فيها، بل افضليته من الجلوس، و ورد انّ من صلّى الوتيرة و حدث به حدث مات على وتر -يعني مات كأنه قد صلّى نافلة الليل-لكن لا تختّص لذلك شرعية الوتيرة بمن
ص:338
يحتمل الموت، بل تجري في حق القاطع فرضا بحياته إلى الصبح، و المشهور أفضلية جعل الوتيرة خاتمة لما يأتي به بعد فرض العشاء من الصلوات المندوبة و التعقيبات، و يطلب أوقات النوافل و اعدادها و بقية فروعها من مناهج المتقين (1).
ص:339
في بيان جملة من النوافل غير المرتبة، و يعبّر عنها ب: الصلوات المرغبات، أي التي يرغب فيها الناس من جهة ما فيها من الأجر و الثواب، و هي قسمان:
الأول: ما يختص وقتا معينا، و هذا القسم في غاية الكثرة، و نحن نورد ما تيّسر لنا ايراده منها، و قبل الأخذ في تعدادها.
فأعلم انه حيث ان اقتضاء جملة من هذه الصلوات المسنونة الوقوف الطويل الذي يعجز عنه أغلب الضعفاء، هو الذي يمنع الغالب من الاتيان بها، لزمنا التنبيه على انه يتخيّر المصلي بين الوقوف فيها و الجلوس، لما ثبت في محله من جواز الاتيان بالنوافل قاعدا في حال الاختيار، و ان كان القيام فيها أفضل، و دونه في الفضل القراءة قاعدا و القيام قبل اتمام السورة بيسير و يتمّها قائما، و يركع قائما، و قد روي ان تلك تحسب له بصلاة القائم (1). و يتخير المصلي جالسا بين انحنائه من التورك، و التربع، و الاقعاء، و مدّ الرجلين. . و نحوها، و ان كان الاقعاء مكروها، و التربع حال القراءة مندوبا كالتثنية حال الركوع، و التورّك حال التشهّد، و فيما بين السجدتين (2).
و إذ قد عرفت ذلك فاعلم ان من جملة تلك الصلوات:
ص:340
و نافلتها، و ركعتين اخريين بكيفية مخصوصة، فعن مولانا الرضا عليه السّلام ان من صلى المغرب و بعدها اربع ركعات و لم يتكلم حتى يصلي عشر ركعات في كل ركعة بالحمد و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ كانت عدل [عتق]عشر رقاب (1)، و يتأكّد ذلك ليلة الجمعة.
و عنهم عليهم السّلام في تفسير قوله تعالى: إِنَّ ناشِئَةَ اَللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلاً (2)قال: هي ركعتان بعد المغرب يقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب و عشر آيات من أول البقرة (3)، و آية السخرة، و قوله سبحانه وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ 4و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ خمس عشرة مرة، و في الثانية فاتحة الكتاب و آية الكرسي و آخر سورة البقرة من قوله تعالى: لِلّهِ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ. . 5إلى آخر السورة، و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ خمس عشرة مرة، ثم ادع بما شئت بعدها، قال عليه السّلام: فمن فعل ذلك و واظب عليه كتب له بكل صلاة ستمائة ألف حجة 6. و روي زيادة على ذلك أوردها في المستدركات، فراجع.
ص:341
و قد مرّ شرحها في آخر المقام الخامس في ذيل الكلام على الرواتب.
و هي ما رواه ابن طاووس رحمه اللّه في فلاح السائل مسندا عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: قلنا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عند وفاته: يا رسول اللّه (ص) ! اوصنا، فقال: أوصيكم بركعتين بين المغرب و العشاء الآخرة تقرأ في الأولى الحمد و إِذا زُلْزِلَتِ اَلْأَرْضُ زِلْزالَها ثلاث عشرة مرة، و في الثانية الحمد و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ خمس عشر مرة [فانه من فعل ذلك في كل شهر كان من المتّقين]، فان فعل في كل سنة كتب من المحسنين، فان فعل ذلك في كل جمعة مرة كتب من المصلين، فان فعل ذلك في كل ليلة يزاحمني في الجنة، و لم يحص ثوابه إلاّ اللّه ربّ العالمين جلّ و علا (1).
فروى ابن طاووس في فلاح السائل بسند في آخره رفع، عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة، و قرأ في الركعتين الأولتين: قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ، و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ و في الركعتين الاخرتين تَبارَكَ اَلَّذِي بِيَدِهِ اَلْمُلْكُ، و الم تَنْزِيلُ السجدة كنّ له كاربع ركعات من ليلة القدر (2).
ص:342
و عن مولانا الصادق عليه السّلام انه كان يصلّي بعد العشاء ركعتين يقرأ فيهما بمائة آية و لا يحتسب بهما (1)، و ركعتين و هو جالس يقرأ فيهما ب: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ، و قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ، فان استيقظ من الليل صلّى صلاة الليل و أوتر، و ان لم يستيقظ حتى يطلع الفجر صلى ركعتين فصارت شفعا، و احتسب بالركعتين اللّتين صلاهما بعد العشاء وترا (2).
و هي الركعتان الخفيفتان اللّتان تصليّان قبل صلاة الليل، كما مرّت الاشارة إليهما في المقام السابق (3).
فعن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: يا ابا ذر! ايّما رجل تطوّع في يوم باثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة، كان له حقا واجبا بيت في الجنة. و في رواية اخرى: من صلّى كل يوم. . إلى آخر الحديث، فيتحد مع ما يأتي.
فعن مصباح الكفعمي عن الصادق عليه السّلام انه قال: من صلى اربعا في كل يوم قبل الزوال يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و القدر خمسا و عشرين مرة لم يمرض إلاّ مرض الموت (4). و عن الكاظم عليه السّلام قال: من صلى في كل يوم
ص:343
أربعا عند الزوال، يقرأ في كل ركعة الحمد و آية الكرسي، عصمه اللّه في اهله و ماله و دينه [و ماله و آخرته]و دنياه (1).
و هي ركعتان؛ أولهما بالحمد و التوحيد، و ثانيتهما بالحمد و القدر، و يتصدق بما تسهل، يشتري به سلامة ذلك الشهر كله (2). و الأفضل قراءة التوحيد في الأولى ثلاثين مرة، و القدر في الثانية كذلك (3). و أفضل منه ان يقول بعد الفراغ من الركعتين: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي اَلْأَرْضِ إِلاّ عَلَى اَللّهِ رِزْقُها، وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها، كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ (4). بسم اللّه الرحمن الرحيم، وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اَللّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ، وَ إِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ، يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ، وَ هُوَ اَلْغَفُورُ اَلرَّحِيمُ (5)، وَ إِنْ يَمْسَسْكَ اَللّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلاّ هُوَ، وَ إِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 6 . بسم اللّه الرحمن الرحيم سَيَجْعَلُ اَللّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً 7 ، ما شاءَ اَللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ 8 ، حَسْبُنَا اَللّهُ وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ 9، و أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّهِ،
ص:344
إِنَّ اَللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ 1، لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ 2، رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ 3، رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْوارِثِينَ (1).
فصلاة ليلة السبت
ركعتان كل منهما بالحمد و سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى و آية الكرسي و القدر مرة، روي ذلك عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (2).
و في رواية اخرى (3)عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الركعة الأولى: الحمد و القدر ثلاثا، و في الثانية: الحمد و «إِذا زُلْزِلَتِ» ثلاثا، و الاستغفار بعد الفراغ مائة، و الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مائة، و ان من فعل ذلك لم يقم من مكانه حتى يغفر له (4).
ص:345
و في رواية ثالثة: ان من صلى ليلة السبت ركعتين في كل منهما الحمد مرّة و التوحيد مرّة، و التسبيحات الأربع سبعا و عشرين مرة غفر اللّه له ذنوبه كيوم ولدته امه (1).
و في رابعة: عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: انّ من صلّى ليلة السبت أربع ركعات بالحمد مرة و التوحيد سبع مرات، كتب له ثواب كل ركعة سبع مائة حسنة، و اعطاه اللّه عزّ و جلّ مداين في الجنة (2).
و في خامسة: عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ان من صلّى ليلة السبت اربع ركعات، كل ركعة بالحمد مرة و آية الكرسي ثلاثا و التوحيد مرة، و يقرأ بعد الفراغ منها آية الكرسي ثلاثا فان اللّه تعالى يغفر له و لوالديه، و كان ممّن يشفع له صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (3).
و في سادسة: عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنّ من صلّى ليلة السبت ثمان ركعات، كل ركعة بفاتحة الكتاب و الكوثر مرة، و التوحيد سبعا، مع الاستغفار بعد الفراغ منها سبعين مرة كان كمن حجّ، و كأنّما اشترى من المشركين الف رجل فاعتقهم، و غفر له ذنوبه، و إن كانت مثل زبد البحر و رمل عالج و عدد قطر المطر و ورق الشجر، و جاز على الصراط كالبرق اللامع، و يدخل الجنة بغير حساب (4).
عند الضحى عشر ركعات، في كل ركعة الحمد مرة و التوحيد ثلاثا، و أنّ
ص:346
من فعل ذلك فكأنما أعتق الف الف رقبة من ولد اسماعيل، و اعطاه اللّه ثواب الف شهيد (1).
ركعتان، كل ركعة بالحمد، و آية الكرسي، و آية «شَهِدَ اَللّهُ. .» 2مرة مرة 3.
و في رواية أخرى: أربع ركعات، كل ركعة بالحمد مرة و التوحيد خمسين مرة، و ان من فعل ذلك حرّم اللّه جسده على النار، و اعطاه قصرا في الجنة كاوسع مدينة في الدنيا 4.
و ثالثة: هي أربع ركعات، كل ركعة بالحمد مرة و آية الكرسي احدى عشرة مرة، و ان من فعل ذلك حفظه اللّه في الدنيا و الآخرة، و غفر له ذنوبه، فان توفّى و هو مخلص للّه اعطاه اللّه الشفاعة يوم القيامة في من أخلص للّه، و اعطاه اللّه أربع مداين في الجنة 5.
و في رابعة: هي ست ركعات، كل ركعة بالحمد و التوحيد سبع مرات، و ان من فعل ذلك اعطاه اللّه ثواب الشاكرين، و ثواب الصابرين، و اعمال المتقين، و كتب له عبادة أربعين سنة، و لا يقوم من مقامه إلاّ مغفورا، و لا يخرج من الدّنيا حتى يرى مكانه في الجنة، و يرى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في منامه،
ص:347
و من يراه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في منامه وجبت له الجنة (1).
و في خامسة: انها عشرون ركعة، كلّ ركعة بفاتحة الكتاب مرّة، و التوحيد خمسا و عشرين مرة، و انّ من صلاّها اعطاه اللّه عزّ و جلّ ثلاثين ملكا يحفظونه من المعاصي في الدنيا و عشرة يحفظونه من اعدائه، فان مات فضلّه اللّه على ثواب ثلاثين شهيدا، فإذا خرج من قبره يوم القيامة حضر مائة ملك من الملائكة من حوله بالتسبيح و التهليل حتى يدخل الجنة (2).
عند الضحى ركعتان؛ يقرأ في الاولى: الحمد مرة و «إِنّا أَعْطَيْناكَ اَلْكَوْثَرَ» ثلاث مرات، و في الثانية الحمد مرة، و التوحيد ثلاث مرات، و انّ من صلاّها عفي من النار، و برئ من النفاق، و امن من العذاب، و كأنما تصدق على مسكين، و كأنّما حج عشر حجات، و اعطي بكل نجم في السماء درجة في الجنة (3).
و في خبر آخر: انها اربع ركعات، كل ركعة بالحمد مرّة، و آية الكرسي مرّة، و التوحيد ثلاثا، و ان من صلاّها اعطي في الجنة أربعة بيوت، كل بيت اربع طبقات، كل طبقة بها سرير، على كل سرير حورية، بين يدي كلّ حورية و صائف و ولدان و انهار و اشجار (4).
و في ثالث: انها اربع، كلّ واحدة بالحمد مرّة، و آخر سورة البقرة من قوله سبحانه لِلّهِ ما فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ. . (5)الى آخر السورة، فاذا
ص:348
فرغ قرأ آية الكرسي، و صلى على محمد و آله، و لعن اليهود و النصارى مائة مرة، و سأل اللّه حاجته، فمن فعل ذلك كتب اللّه له بكل يهوديّ و يهوديّة عبادة سنة، و اعطاه اللّه ثواب الف نبي، و يكتب له بكلّ نصراني و نصرانية الف غزوة، و فتح اللّه له ثمانية ابواب الجنة (1).
ركعتان، كل ركعة بفاتحة الكتاب و آية الكرسي و التوحيد و المعوّذتين، كل واحدة مرّة، فاذا فرغ استغفر اللّه عشر مرات، فانه يكتب له عشر حجج، و عشر عمر للمخلص للّه (2).
و في رواية أخرى: بالحمد مرة و التوحيد سبعا، فإذا سلّم قال: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم» سبع مرات، فان من فعل ذلك، اعطاه اللّه من الثواب ما شاء، و كتب له ثواب خاتم القرآن (3).
و في ثالثة: بالحمد و التوحيد و المعوذتين كل واحدة خمس عشرة مرة، فاذا فرغ قرأ آية الكرسي خمس عشرة مرة، فان من فعلها جعل اللّه اسمه من أهل الجنة و ان كان من أهل النار، و غفر له ذنوبه العلانية، و كتب اللّه بكل آية قرأها حجة و عمرة، و كانما اعتق رقبتين من ولد اسماعيل، و مات شهيدا (4).
و في رابعة: هي اربع ركعات بتسليمتين، كل ركعة بفاتحة الكتاب سبعا، و القدر مرة، فاذا فرغ قال مائة مرة: «اللهم صل على محمد و آل محمد، اللهم صل
ص:349
على جبرئيل» و ان من فعل ذلك اعطاه اللّه بكل ركعة سبعين قصرا في الجنة، في كل قصر سبعون ألف دار، في كل دار سبعون الف بيت، في كل بيت سبعون ألف جارية (1).
و في خامسة-كما في الرابعة-إلاّ انّه بعد الصلاة على محمد و آله و جبرئيل مائة: يلعن الظالمين مائة مرة، و يقرأ آية الكرسي، ثم يضع خده الايمن على الأرض مكان سجوده، و يقول: «هو اللّه ربي حقا» حتى ينقطع النفس، ثم يقول: «لا اشرك به شيئا، و لا اتخذ من دونه وليا. اللهم اني اسألك بمعاقد العزّ من عرشك، و بموضع الرحمة من كتابك ان تصلي على محمد آل محمد و ان تفعل بي. . كذا و كذا» و يسأل حاجته، و قال ابن طاووس رحمه اللّه: ان هذه الصلاة تسمّى ب: صلاة جبرئيل (2).
و في سادسة: انها اثنتا عشرة ركعة؛ بالحمد و آية الكرسي مرّة مرّة، فاذا فرغ من صلاته قرأ التوحيد اثنتي عشرة مرة، و استغفر اللّه اثنتي عشرة مرة، و صلى على النبي و آله اثنتي عشرة مرة، فان من فعل ذلك نادى مناد يوم القيامة: اين فلان بن فلان ليقم و ليأخذ ثوابه من اللّه تعالى (3).
عند ارتفاع النهار ركعتان، كل ركعة بالحمد مرة و المعوذتين خمس عشرة مرة، و التوحيد و آية الكرسي مرّة مرّة، و من فعل ذلك جعل اللّه عزّ و جلّ اسمه مع أهل الجنة، و اعطاه اللّه قصرا في الجنة كاوسع مدينة في الدنيا (4).
ص:350
و في رواية اخرى: انها عند ارتفاع النهار اربع ركعات، كل ركعة بالحمد و آية الكرسي مرة، و «إِنّا أَعْطَيْناكَ اَلْكَوْثَرَ» مائة مرة، ثم يسلم و يخرّ ساجدا و يقول في سجوده: «يا حسن التقدير، يا لطيف التدبير، يا من لا يحتاج الى تفسير، يا حنّان يا منّان، صل على محمد و آل محمد، و افعل بي ما أنت اهله، فانّك أهل التقوى و الرحمة، و وليّ الرضوان و المغفرة (1)» .
و في ثالثة: انها اربع ركعات، كل ركعة بالحمد و آية الكرسي مرّة مرّة، و التوحيد ثلاثا، فاذا صلى ذلك و وهب ثوابه لوالديه، اعطاه اللّه قصرا كاوسع مدينة في الدنيا (2).
و في رابعة: انها اربع [ركعات]كل ركعة بالحمد و التوحيد و المعوذتين مرّة مرّة، و ان من فعل ذلك اعطاه اللّه اربع بيوت في الجنة كل بيت انتصابه الف ذراع، كل بيت اربع طبقات، كل طبقة بها سرير من ياقوت، و حوريّة من الحور العين و وصائف و ولدان، و اشجار و اثمار (3).
و في خامسة: انها اربع [ركعات]في الاولى بعد الحمد آية الكرسي مرّة، و في الثانية التوحيد، و في الثالثة «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ» ، و في الرابعة «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ» ، فاذا فرغ استغفر اللّه عشر مرات، فانه يغفر له ذنوبه كلّها، و يعطيه اللّه قصرا في الفردوس من درّة بيضاء، في جوف ذلك القصر سبعة بيوت، طول كل بيت ثلاثة آلاف ذراع، و عرضه مثل ذلك، البيت الأول من فضة، و الثاني من ذهب، و الثالث من لؤلؤ، و الرابع من زبرجد، و الخامس من ياقوت، و السادس من درّ، و السابع من نور يتلألأ، و ابواب البيوت من العنبر،
ص:351
على كل باب ستر من الزعفران، في كل بيت الف سرير، على كل سرير الف فراش، فوق كل فراش حوراء جعلها اللّه من طيّب الطيب من لدن أصابعها الى ركبتيها من الزعفران، و من لدن ركبتيها الى ثدييها من المسك، و من لدن ثدييها الى رقبتها الى مفرق رأسها من الكافور الابيض، على كل واحدة منهن سبعون الف حلّه من حلل الجنة كاحسن من رآهن إذا أقبلت الى زوجها، كانّهن الشمس بدت للناظرين، لكل واحدة منهن ثلاثون ذوابة من المسك في روض الجنة بين مسك و زعفران، بين يدي كل حورية الف وصيفة، ذلك الثواب لأولياء اللّه جزاء بما كانوا يعملون (1).
و في رواية سادسة: انها اربع ركعات، كل ركعة بالحمد و آية الكرسي و الكوثر و التوحيد مرّة مرّة، و من صلاّها ثم استغفر لوالديه عشر مرات كتب له الحسنات، و بني له قصر في الجنة من درّة بيضاء فيها سبعة بيوت، طول كل بيت سبعمائة ذراع-و البيوت من الاجناس المزبورة في الخبر السابق-، و ترابها من عنبر اشهب، في كل بيت سرير، عليه الوان الفرش، فوق ذلك جارية، من جاءها افلح، و بين رأسها الى رجلها من الزعفران الرطب، و من ثدييها الى عنقها من عنبر اشهب، و من فوق ذلك من الكافور الابيض، عليها الحلّي و الحلل (2).
و في رواية سابعة: انها اربع ركعات، كل ركعة بفاتحة الكتاب سبعا، و القدر مرّة، فاذا فرغ يقول مائة مرة: «اللهم صل على محمد و آل محمد» ، و مائة مرة «اللهم صل على جبرئيل» و يلعن الظالمين مائة مرة، و يقرأ آية الكرسي، ثم يضع خده الايمن على الارض مكان سجوده، و يقول: «اللّه ربي
ص:352
حقا [حقّا]» حتى ينقطع النفس، ثم يقول: «لا اشرك به شيئا، و لا اتخذ من دونه وليّا، اللهم اني اسألك بمعاقد العزّ من عرشك، و بموضع الرحمة من كتابك ان تصلي على محمد و آل محمد، و ان تفعل بي. . كذا و كذا» و يسأل حاجته، ثم يقلب خده الايسر على الأرض، و يقول: «يا محمد يا علي يا جبرئيل بكم أتوسل الى اللّه» ثم يسجد و يكرر هذا القول، و يسأل حاجته، فان اللّه يعطيه سبعين الف قصر في الجنة، في كل قصر سبعون الف دار، في كل دار سبعون الف بيت، في كل بيت سبعون الف جارية (1).
و في ثامنة: انها اثنتا عشرة ركعة، كل ركعة بالحمد و آية الكرسي مرّة مرّة، فاذا فرغ قرأ التوحيد اثنتي عشرة مرّة، و استغفر اللّه اثنتي عشرة مرّة، فاوّل ما يعطى من الثواب يوم القيامة ألف حلّه، و يتوّج الف تاج، و يقال له مرّ مع الصديقين و الشهداء، فيدخل الجنة، فيستقبله مائة الف ملك، بيد كل ملك اكواب و شراب فيسقونه من ذلك الشراب، و يأكل من تلك الهدية، ثم يمرّون به على الف قصر من نور، في كل قصر الف حديقة، في كل حديقة الف قبة بيضاء، في كل قبة الف سرير، على كل سرير حورية، بين يدي كل حورية الف خادم (2).
و هذه الاخبار على اختلافها في الكيفية اتفقت على ان وقتها الضحى و عند ارتفاع النهار.
ركعتان، اولاهما بالحمد و القدر مرة، و الثانية بالحمد مرة و التوحيد سبعا،
ص:353
و من فعل ذلك يغفر اللّه له، و يرفع له الدرجات، و يؤتى من لدن اللّه في الجنة خيمة من درّة كاوسع مدينة في الدنيا (1).
و في رواية اخرى: انها اربع ركعات، كل ركعة بالحمد و الجحد اربع مرات فاذا فرغ قال سبع مرات: «يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال و الاكرام، يا وهّاب يا توّاب» فان من فعل ذلك نادى مناد من تحت العرش: يا عبد اللّه! استأنف العمل فقد غفر لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر، و كانما أدرك النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاعانه بماله و نفسه، و رفع من يومه عبادة سنة (2).
و في ثالثة: انها عشر ركعات، كل ركعة بالحمد مرة، و آية الكرسي ثلاثا، و التوحيد عشرا، و المعوذتين ثلاثا [و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ ثلاثا]فان من فعل ذلك لا يخرج من الدنيا حتى يرضى اللّه عنه، و يدخل الجنة، و يعطيه اللّه من الثواب عن كل ركعة مثل رمل عالج، و قطر الامطار، و ورق الاشجار، و يقوم يوم القيامة في صفّ الانبياء، و يركب على نجيب من درّ و ياقوت لباسه السندس و الاستبرق، و هو ينادي بشهادة ان لا إله إلا اللّه، و ان محمدا رسول اللّه حتى يدخل الجنة، و يستقبله سبعون الف ملك و يقولون: هذه هدية من اللّه الملك الجبار، و هذا آخر جزاء من صلّى هذه الصلاة (3).
ركعتان، كل ركعة بالحمد و التين و التوحيد و المعوذتين مرّة مرّة، و من صلاّها كتب اللّه له بكل قطرة من السماء عشر حسنات، و كتب اللّه له بكل
ص:354
شيطان مريد مدينة من ذهب، و اغلق اللّه عنه سبعة ابواب جهنم، و اعطاه من الثواب مثل ما يعطي آدم و موسى و هارون و ايوب، و فتح له ثمانية ابواب الجنة يدخل من ايها شاء (1).
و في رواية اخرى: انها اربع، عند ارتفاع النهار بعد الحمد، في الاولى: «إِذا زُلْزِلَتِ» ثلاثا و يس، و في الثانية: «إِذا زُلْزِلَتِ» ثلاثا و حم السجدة، و في الثالثة: «إِذا زُلْزِلَتِ» ثلاثا و حم الدخان، و في الركعة الرابعة: «إِذا زُلْزِلَتِ» ثلاثا و «تَبارَكَ اَلَّذِي بِيَدِهِ اَلْمُلْكُ» ، و ان شاء قرأ بدل ما يقرأه من يس و حم السجدة و حم الدخان و تبارك «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمسين مرة، بعد الحمد مرة، و «إِذا زُلْزِلَتِ» ثلاثا، و من صلاها رفع اللّه له عمل نبيّ ممّن بلّغ رسالة ربّه، و كانّما اعتق الف رقبة من ولد اسماعيل، و كانّما انفق ملء الارض ذهبا في سبيل اللّه. و له ثواب [عتق]الف عبد، و كتب له عبادة سبعين سنة، و كانّما حج الف حجّة، و الف عمرة (2).
و في رواية ثالثة: انّها عشر ركعات، كل ركعة بالحمد و آية الكرسي مرة، و التوحيد سعبا. فان من صلاّها لم تكتب عليه خطيئة الى سبعين يوما، و غفر له ذنوب سبعين يوما، فان مات الى تسعين يوما مات شهيدا، و كتب له بكل قطرة تقطر في تلك السنة الف حسنة، و بنى له بكل ورقة مدينة في الجنة، و كتب له بكل شيطان عبادة سنة، و غلّقت عنه ابواب جهنم، و فتحت له ثمانية ابواب الجنة يدخل من ايّها شاء، و كتب له مائة الف تاج، و تلقّاه الف ملك بيد كل ملك شراب و هدية، و يشرب من ذلك الشراب، و يأكل من تلك الهدية، و يخرج مع الملائكة حتى يطاف به على مدائن نوره، في كل مدينة داران من نور، في
ص:355
كل دار الف حجرة من نور، في كل حجرة الف بيت، في كل بيت الف فراش، على كل فراش حورية، بين يديّ كلّ حوريّة وصيفة (1).
و قال ابن طاووس (رحمه اللّه) : صلاة اخرى يوم الثلاثاء، و هي اثنتا عشرة ركعة، في كل ركعة فاتحة الكتاب و ما تيسّر لك من سور القرآن، و تسأل اللّه عقيبها ما احببت (2).
ركعتان، كل ركعة بالحمد و آية الكرسي و القدر و «إِذا جاءَ نَصْرُ اَللّهِ» مرّة مرّة. و الاخلاص ثلاث مرات (3).
و في رواية اخرى: انها أربع ركعات، كل ركعة بالحمد، و إِذَا اَلسَّماءُ اِنْشَقَّتْ [فاذا بلغ السجدة سجد]و ان من صلاها خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه، و كتب له بكل آية من القرآن عبادة سنة (4).
و في ثالثة: انها ست ركعات، رويت عن الصديقة الكبرى سلام اللّه عليها، قالت: علمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم صلاة ليلة الاربعاء، فقال: من صلى ست ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد و قُلِ اَللّهُمَّ مالِكَ اَلْمُلْكِ تُؤْتِي اَلْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ، وَ تَنْزِعُ اَلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ الى قوله: بِغَيْرِ حِسابٍ (5)فاذا فرغ من صلاته قال: «جزى اللّه محمدا ما هو أهله» غفر اللّه له كل ذنب الى
ص:356
سبعين سنة، و اعطاه من الثواب ما لا يحصى (1).
و في رابعة: انها ثلاثون ركعة، كل ركعة بالحمد و آية الكرسي مرّة و التوحيد سبعا، و ان من صلاّها اعطاه اللّه تعالى يوم القيامة ثواب ايوب الصابر، و ثواب يحيى بن زكريا، و ثواب عيسى بن مريم، و بنى اللّه له في جنة الفردوس الف مدينة من لؤلؤ شرفها من ياقوت أحمر، في كل مدينة الف قصر من نور، في كل قصر الف دار من نور، في كل دار الف سرير من نور، على كل سرير حجلة، في كل حجلة حورية من نور، عليها سبعون الف حلة من نور، هذا جزاء من صلى هذه الصلاة (2).
ركعتان عند ارتفاع النهار، كل ركعة بالحمد و الجحد و التوحيد و المعوذتين مرّة مرّة، و من صلاّها استغفر له سبعون الف ملك يوم القيامة، و اعطاه اللّه في الجنة قصرا كاوسع مدينة في الدنيا (3).
و في رواية اخرى، انها ركعتان، كل ركعة بالحمد و إِذا زُلْزِلَتِ مرة مرة و التوحيد ثلاثا، و من صلاها رفع اللّه عنه ظلمة القبر الى يوم القيامة، و اعطاه اللّه بكل آية مدينة، و اعطاه اللّه الف الف نور، و كتب له عبادة سنة، و بيّض وجهه، و اعطاه كتابه بيمينه (4).
و في ثالثة: انها عشرون ركعة، كل ركعة بالحمد و سورة، فاذا فرغ من
ص:357
الصلاة سبح للّه تعالى و حمده و هلله كثيرا (1).
ركعتان بين المغرب و العشاء، كل ركعة بالحمد مرة و كلا من آية الكرسي و الجحد و التوحيد و المعوذتين خمسا خمسا، فاذا فرغ من صلاته استغفر اللّه تعالى خمس عشرة مرة و جعل ثوابه لوالديه، فمن فعل ذلك فقد ادى حق والديه (2).
و في رواية اخرى: اربع ركعات، كل ركعة بفاتحة الكتاب سبعا و القدر مرة، فاذا فرغ يقول مائة مرة: «اللهم صل على محمد و آل محمد» ، و مائة مرة: «اللهم صل على جبرئيل» ، و لعن الظالمين مائة مرة، فمن فعل ذلك اعطاه اللّه سبعين الف قصر في الجنة، في كل قصر سبعون الف دار، في كل دار سبعون الف بيت، في كل بيت سبعون الف حوراء (3).
و في رواية ثالثة: انها اربع، في كل ركعة الحمد مرة و الجحد اربعين مرة، و من صلاها فكأنما اعتق الف الف رقبة مؤمنة، و اعطاه اللّه قصرا كاوسع مدينة في الدنيا في الجنة (4).
و في رابعة: انها ست ركعات، كل ركعة بالحمد و آية الكرسي و الجحد مرة مرة، و التوحيد ثلاث مرات، فاذا سلم قرأ آية الكرسي ثلاث مرات، فان كان عند اللّه مكتوبا من الاشقياء بعث اللّه ملكا ليمحو شقوته و يكتب مكانه سعادته، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ يَمْحُوا اَللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ اَلْكِتابِ (5).
ص:358
ركعتان، يقرأ في الاولى بعد الحمد التوحيد ثلاثمائة مرة، و في الثانية مائتي مرة، و من صلاّها بنى اللّه له الف الف مدينة في جنة الفردوس ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر على قلوب المخلوقين، و خلق اللّه له سبعين الف الف ملك في ذلك اليوم يمحون عنه السيئات، و يثبتون له الحسنات، و يرفعون له الدرجات في ذلك اليوم الى أن يحول الحول (1).
و في رواية اخرى: انها ركعتان، كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة و «إِذا جاءَ نَصْرُ اَللّهِ» خمس مرات، و «إِنّا أَعْطَيْناكَ اَلْكَوْثَرَ» خمسا، و يقرأ في يومه بعد العصر التوحيد اربعين مرّة، و يستغفر اللّه اربعين مرّة، و من صلاّها اعطاه اللّه يوم القيامة بعدد ما في الجنة و النار حسنات، و اعطاه اللّه مدينة في الجنة، و رزقه اللّه مئتي زوجة من الحور العين، و كتب اللّه له بكل ملك عبادة سنة، و اعطاه اللّه بكل آية ثواب الف شهيد (2).
و في ثالثة: انها ركعتان ما بين الظهر و العصر. أولاهما: بالحمد و آية الكرسي مائة مرة، و الثانية: بالحمد و التوحيد مائة مرة، فاذا فرغ من صلاته استغفر اللّه مائة مرة و صلى على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مائة مرّة، فانه لا يقوم من مقامه حتى يغفر اللّه له (3).
في رابعة: انها اربع، يقرأ في الاولى الحمد مرّة و التوحيد مائة مرّة، و في الثانية: مثل ذلك، و في الثالثة: الحمد مرّة و آية الكرسي مائة مرّة، و في الرابعة:
ص:359
الحمد مرّة، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» مائة مرّة (1)، فاذا سلم يقول: «لا إله إلا اللّه [خ. ل: هو]وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيى و يميت، و هو حيّ لا يموت، بيده الخير، و هو على كل شيء قدير» و من صلاّها اعطاه اللّه اجر من صام رجب و شعبان و شهر رمضان، و كتب اللّه له حجّة و عمرة، و كتب له خمسين صلاة، و اعطاه اللّه بكل آية ثواب عابد، و كتب اللّه له بكل كافر مدينة في الجنة، و زوجه اللّه بكل آية من القرآن مئتى الف زوجة، و كأنما اشترى امّة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و اعتقهم، و لا يخرج من الدنيا إلاّ أن يرى في منامه مكانه في الجنة (2).
و ورد في يوم الخميس صلوات للحاجة تأتي في طيّ صلوات الحاجة ان شاء اللّه تعالى.
ركعتان، كلّ ركعة بالحمد و «إِذا زُلْزِلَتِ» خمس عشرة مرّة، و من صلاّها آمنه اللّه تعالى من عذاب القبر، و من أهوال يوم القيامة (3).
و في رواية اخرى: من صلّى ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمسين مرة، و يقول في آخر صلاته: «اللهم صلّ على النّبي الامّي العربيّ» ، غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه و ما تأخّر، و كأنّما قرأ القرآن اثنى عشر الف مرة، و رفع اللّه عنه يوم القيامة الجوع و العطش، و فرّج اللّه عنه كل همّ و حزن، و عصمه من ابليس و جنوده، و لم يكتب عليه خطيئة البتّه، و خفّف اللّه عنه سكرات الموت، فان مات في يومه او ليلته مات شهيدا، و رفع عنه عذاب
ص:360
القبر، و لم يسأل اللّه شيئا إلا اعطاه اللّه، و تقبّل صلاته و صيامه، و استجاب دعاءه، و لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان برياح الجنة و شراب من الجنة (1).
و في رواية ثالثة: انّ من صلّى ليلة الجمعة ركعتين، كلّ ركعة بالحمد و آية الكرسي مرّة و التوحيد خمس عشرة مرة، و قال في آخر صلاته الف مرة: «اللهم صلّ على النبيّ الامّي» ، اعطاه اللّه شفاعة الف نبيّ، و كتب له عشر حجج و عشر عمر، و اعطاه اللّه قصرا في الجنة كاوسع مدينة في الدنيا (2).
و في رابعة: عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من صلى ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و الاخلاص سبعين مرة، فاذا فرغ من صلاته يقول: «استغفر اللّه» سبعين مرّة [قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:]و الّذي بعثني بالحقّ نبيّا انّ جميع أمّتي لو دعا لهم هذا المصلّي بهذه الصلاة و بهذا الاستغفار لاخذ لهم من اللّه الجنة بشفاعته، و يعطيه اللّه بكل حرف قرأ في هذا الاستغفار بعدد نجوم السماء دورا، في كل دار بعدد نجوم السماء قصورا، في كل قصر بعدد نجوم السماء حجرة، في كل حجرة بعدد نجوم السماء صفاف، في كل صفة بعدد نجوم السماء بيوت، في كل بيت بعدد نجوم السماء خزائن، في كل خزينة بعدد نجوم السماء اسرّة، على كل سرير بعدد نجوم السماء فرش، على كل فرش بعدد نجوم السماء و سائد، و بعدد نجوم السماء جواري، لكل جارية منهن بعدد نجوم السماء و صايف و ولدان، في كل بيت بعدد نجوم السماء صحاف، في كل صحيفة بعدد نجوم السماء الوان الطعام لا يشبه ريحه و لا طعمه بعضه بعضا، يعطي اللّه كل هذا الثواب لمن صلّى هاتين الركعتين (3).
ص:361
و في رواية خامسة: ان من قرأ في ليلة الجمعة او يومها «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» مئتى مرة في اربع ركعات، في كل ركعة خمسين مرة، غفرت ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر (1).
و في السادسة: انّ من صلّى ليلة الجمعة اربع ركعات يقرأ فيها «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» الف مرة في كل ركعة مائتين و خمسين مرة لم يمت حتى يرى الجنة او ترى له (2).
و في سابعة: انّ من صلّى ليلة الجمعة أو يومها، أو ليلة الخميس او يومه، أو ليلة الاثنين او يومه، اربع ركعات، في كل ركعة فاتحة الكتاب سبع مرات، و «إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ» مرّة، و يفصل بينها بتسليمة، فاذا فرغ منها قال: «اللهم صل على محمد و آل محمد» مائة مرّة، و مائة مرّة «اللهم صلّ على محمد و جبرئيل» ، اعطاه اللّه سبعين الف قصر، في كل قصر سبعون الف دار، في كل دار سبعون الف بيت، في كل بيت سبعون الف جارية (3).
و في ثامنة: انّ من صلى ليلة الجمعة اربع ركعات لا يفرق بينها، في كل ركعة فاتحة الكتاب مرّة و سورة الجمعة مرّة، و يصلّي على النّبي و آله سبعين مرّة، و يقول: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه اكبر، و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي و العظيم» سبعين مرّة، غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، و قضى اللّه تعالى له سبعين حاجة من حوائج الدنيا، و سبعين حاجة من حوائج الآخرة، و كتب له الف حسنة، و محا عنه الف سيئة، و اعطي جميع ما يريد، و ان كان عاقا لوالديه غفر له (4).
ص:362
و في تاسعة: من صلّى ليلة الجمعة احدى عشرة ركعة بتسليمة واحدة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» مرّة، و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ» مرّة، و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ» مرّة، فاذا فرغ من صلاته خرّ ساجدا، و قال في سجوده سبع مرّات: «لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم» ، دخل الجنة يوم القيامة من أيّ ابوابها شاء، و يعطيه اللّه بكل ركعة ثواب نبيّ من الانبياء، و بنى اللّه له بكل ركعة مدينة، و يكتب اللّه تعالى له ثواب كل آية قرأها ثواب حجّة و عمرة، و كان يوم القيامة في زمرة الانبياء عليهم السّلام (1).
لكن لا يخفى عليك مخالفة هذه الرواية لقاعدة لزوم التسليم في النافلة في كل ركعتين فيما عدا صلاة الاعرابي، فالاولى التسليم على كل ركعتين، و بالحادية عشرة مع عدم قصد الورود فيها، او الاتيان بها من غير تسليم بينها لمجرد احتمال المطلوبية، رجاء الثواب الموعود.
و في رواية عاشرة: عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ان من صلى ليلة الجمعة بين المغرب و العشاء اثنتى عشرة ركعة، في كل ركعة فاتحة الكتاب و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» اربعين مرة لقيته على الصراط و صافحته و رافقته، و من لقيته على الصراط و صافحته كفيته الحساب و الميزان (2).
و في حادية عشرة: ان من صلى ليلة الجمعة بين المغرب و العشاء الآخرة
ص:363
عشرين ركعة، يقرأ في كل ركعة منها بفاتحة الكتاب، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» عشر مرات حفظه اللّه تعالى في اهله و ماله و دينه و دنياه و آخرته (1).
ركعتان، يقرأ في احداهما فاتحة الكتاب مائة مرة و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» مائة مرّة، ثم يتشهّد و يسلّم، و يقول: «يا نور النور يا اللّه يا رحمن يا رحيم يا حيّ يا قيّوم افتح لي ابواب رحمتك و مغفرتك، و منّ عليّ بدخول جنّتك، و اعتقني من النار» يقولها سبع مرات، غفر اللّه له سبعين مرة، واحدة تصحّ [تصلح] دنياه و تسعة و ستين له في الجنة درجات لا يعلم ثوابه إلا اللّه عزّ و جلّ (2).
و في رواية اخرى: عن مولانا الصادق عليه السّلام انه قال: إذا كان يوم الجمعة فصلّ ركعتين، تقرأ في كلّ ركعة ستّين مرة الاخلاص، فاذا ركعت قلت: «سبحان ربي العظيم و بحمده» ثلاث مرات، فاذا سجدت قلت: «سجد لك سوادي و خيالي، و آمن بك فؤادي، و أبوء اليك بالنعم، و اعترف لك بالذنب العظيم، عملت سوء، و ظلمت نفسي، فاغفر لي، فانه لا يغفر الذنب إلا انت، اعوذ بعفوك عن عقوبتك، و اعوذ برحمتك من نقمتك، و اعوذ برضاك من سخطك، و اعوذ بك منك، لا ابلغ مدحتك، و لا احصي نعمتك و لا الثناء عليك كما اثنيت على نفسك، عملت سوء و ظلمت نفسي، فاغفر لي ذنوبي، انه لا يغفر الذنوب إلا انت» ، قال حميد بن المثنى: قلت-يعني للصادق عليه السّلام-: في أي ساعة اصلي من يوم الجمعة جعلت فداك؟ قال عليه السّلام: إذا ارتفع النهار ما بينك و بين زوال الشمس، ثم قال: من فعلها فكانما قرأ
ص:364
القرآن اربعين مرة (1).
و في رواية ثالثة: عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ان من دخل يوم الجمعة المسجد فصلى اربع ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب خمسين مرة، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمسين مرة، فذلك مائة مرة، لم يمت حتى يرى منزله في الجنة او يرى له (2).
و في رابعة: عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ان من أراد ان يدرك فضل يوم الجمعة فليصلّ قبل الظهر اربع ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و آية الكرسي خمس عشرة مرّة، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمس عشرة مرّة، فاذا فرغ من الصّلاة استغفر اللّه سبعين مرّة، و يقول: «لا حول و لا قوة إلاّ باللّه» خمسين مرّة، و يقول: «صلّى اللّه على النبي الامي» خمسين مرّة، فاذا فعل ذلك لم يقم من مكانه حتى يعتقه اللّه من النّار، و يتقبّل صلاته، و يستجيب دعاءه، و يغفر له و لابويه، و يكتب اللّه تعالى له بكل حرف خرج من فمه حجة و عمرة، و يبني له بكل حرف مدينة، و يعطيه ثواب من صلى في مساجد الامصار الجامعة من الانبياء عليهم السّلام (3).
و في خامسة: عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ان من صلّى يوم الجمعة اربع ركعات قبل الفريضة، قرأ في الأولى فاتحة الكتاب مرة و «سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى» مرّة، و خمس عشرة مرة «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ، و في الركعة الثانية: فاتحة الكتاب مرّة، و «إِذا زُلْزِلَتِ اَلْأَرْضُ» مرّة واحدة، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمس عشرة مرّة، في الركعة الثالثة: فاتحة الكتاب مرّة، و «أَلْهاكُمُ اَلتَّكاثُرُ» مرّة، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمس عشرة مرّة، و في الركعة الرابعة:
ص:365
فاتحة الكتاب مرّة، و «إِذا جاءَ نَصْرُ اَللّهِ» مرّة، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمس عشرة مرّة، فاذا فرغ من صلاته رفع يديه الى اللّه عزّ و جلّ و يسأل حاجته (1).
و في سادسة: عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: ان من صلّى اربع ركعات يوم الجمعة قبل الصلاة، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب عشر مرّات، و مثلها «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ» ، و مثلها «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ» ، و مثلها «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ، و مثلها «قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ» ، و مثلها آية الكرسي (2).
و في رواية اخرى: يقرأ عشر مرّات إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ و عشر مرات شَهِدَ اَللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ (3)، و بعد فراغه من الصلاة يستغفر اللّه مائة مرّة، و يقول: «استغفر اللّه ربّي و اتوب اليه» (4).
و في رواية اخرى: «استغفر اللّه الذي لا إله إلا هو الحيّ القيّوم، غافر الذنب واسع المغفرة» و يقول: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه اكبر و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم» مائة مرّة، و يصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مائة مرّة. و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من صلّى هذه الصلاة و قال هذا القول رفع [دفع]اللّه عنه شرّ أهل السماء و اهل الأرض و شرّ الشيطان، و شرّ كل سلطان جائر، و قضى اللّه له سبعين حاجة في الدنيا، و سبعين حاجة في الآخرة مقضية غير مردودة.
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: الليل و النهار اربع و عشرون ساعة، يعتق اللّه تعالى لصاحب هذه الصلاة في كل ساعة لكرامته سبعين الف انسان قد
ص:366
استوجبوا النار من الموحّدين، يعتقهم اللّه من النار، و لو انّ صاحب هذه الصلاة أتى المقابر فدعا الموتى أجابوه باذن اللّه تعالى لكرامته على اللّه تعالى. ثم قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و الذي بعثني بالحق ان العبد إذا صلى بهذه الصلاة و دعا بهذا الدعاء بعث اللّه له سبعين الف ملك يكتبون له الحسنات، و يدفعون عنه السيئات، و يرفعون له الدرجات، و يستغفرون له و يصلون عليه حتى يموت، و لو ان رجلا لا يولد له ولد و امرأته لا يولد لها صلّيا هذه الصلاة و دعيا بهذا الدعاء لرزقهما اللّه تعالى ولدا، و لو مات بعد هذه الصلاة لكان له أجر سبعين الف شهيد، و حين يفرغ من هذه الصلاة يعطيه اللّه بكل قطرة قطرت [قطرة من قطرات]من السماء و بعدد نبات الأرض حسنات، و كتب له مثل أجر ابراهيم عليه السّلام، و موسى عليه السّلام، و زكريا، و يحيى صلّى اللّه عليهم، و فتح عليه باب الغني، و سدّ عنه باب الفقر، و لم تلدغه حيّة و لا عقرب، و لا يموت غرقا، و لا حرقا و لا شرقا.
و قال مولانا الصادق عليه السّلام-بعد رواية هذه الصلاة-الى هنا عن ابيه عن جدّه عن امير المؤمنين عليهم السّلام، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم [ثم قال:]و انا الضامن عليه، و ينظر اللّه اليه في كل يوم ثلاثمائة و ستين نظرة، و من ينظر اليه تنزل عليه الرّحمة و المغفرة، و لو صلّى هذه الصلاة و كتب ما قال فيها بزعفران و غسل بماء المطر و سقى المجنون و المجذوم و الابرص لشفاهم اللّه عزّ و جلّ، و خفّف عنه و عن والديه و لو كانا مشركين (1).
و في رواية سابعة: عن امير المؤمنين عليه السّلام: ان يوم الجمعة صلاة كلّه، ما من عبد قام اذا ارتفعت الشمس قدر رمح او اكثر يصلّي بسبحة الضحى ركعتين ايمانا و احتسابا إلاّ كتب اللّه عزّ و جلّ له مائتي حسنة، و محا عنه مائتي
ص:367
سيئة، و من صلّى ثمانى ركعات رفع اللّه له في الجنة [ثمانمائة درجه، و غفر له ذنوبه كلها و من صلى اثنتى عشرة ركعة كتب اللّه له]الفا و مائتي [حسنة و محا عنه الفا و مائتي سيئة، و رفع له في الجنة الفا و مائتي]درجة.
و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من صلّى الصبح يوم الجمعة ثم جلس في المسجد حتى تطلع الشمس كان له في الفردوس سبعون درجة، و بعد ما بين الدرجتين حضر الفرس المضمر سبعين مرة.
و من صلّى يوم الجمعة اربع ركعات قرأ في كل ركعة الحمد مرّة و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمسين مرة، لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة [او يرى له (1). و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم]انه إذا كان ارتفاع النهار من يوم الجمعة فصلّ ركعتين تقرأ في أول ركعة الحمد مرّة واحدة، و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ» سبع مرات، و اقرأ في الثانية الحمد مرّة واحدة و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ» سبع مرات، فاذا سلّمت فاقرأ آية الكرسي سبع مرات (2).
و هي ما تضمنّته الرواية التي رواها السيد ابن طاووس رضي اللّه عنه في محكي جمال الاسبوع مسندا عن زيد بن ثابت قال: قام رجل من الاعراب فقال: بابي أنت و امّي يا رسول اللّه، انّا نكون في هذه البادية بعيدا من المدينة و لا نقدر ان نأتيك في كل جمعة، فدلّني على عمل فيه فضل صلاة يوم
ص:368
الجمعة اذا مضيت الى اهلي خبّرتهم به؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: إذا كان ارتفاع النهار فصلّ ركعتين تقرأ في اول ركعة الحمد مرّة واحدة، و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ» سبع مرات، و اقرأ في الثانية: الحمد مرة واحدة، و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ» سبع مرات، فاذا سلّمت فاقرأ آية الكرسي سبع مرات، ثم قمّ فصلّ ثمانى ركعات بتسليمتين، و تجلس في كل ركعتين منها و لا تسلم، فاذا تممت أربع ركعات سلّمت، ثم صلّيت اربع ركعات الاخر كما صليت الأولى، و اقرأ في كل ركعة الحمد مرّة، و «إِذا جاءَ نَصْرُ اَللّهِ وَ اَلْفَتْحُ» مرّة واحدة، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمسا و عشرين مرّة، فاذا أتممت ذلك تشهّدت و سلّمت، و دعوت هذا الدعاء سبع مرات، و هو: «يا حىّ يا قيّوم، يا ذا الجلال و الاكرام، يا إله الأوّلين و الآخرين، يا ارحم الراحمين، يا رحمن الدنيا و الآخرة، يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب يا رب، يا اللّه يا اللّه يا اللّه يا اللّه يا اللّه يا اللّه يا اللّه، صلّ على محمد و آله و اغفر لي» و اذكر حاجتك، و قل: «لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم» سبعين مرة و «سبحان اللّه رب العرش الكريم» . و الذي بعثني و اصطفاني بالحق ما من مؤمن و لا مؤمنة يصلي هذه الصلاة يوم الجمعة و يقول كما اقول إلاّ و انا ضامن له الجنة، و لا يقوم من مقامه حتى يغفر ذنوبه و لأبويه ذنوبهما، و اعطاه اللّه تعالى ثواب من صلّى في ذلك اليوم في امصار المسلمين، و كتب له أجر من صام و صلى في ذلك اليوم في مشارق الارض و مغاربها، و اعطاه اللّه تعالى ما لا عين رأت و لا اذن سمعت (1).
و تضمنها التنفّل بالرباعيتين بعد الثنائية المخالف لقاعدة كون النوافل ركعتين غير ضائر، لان شهرة العمل بالرواية تجبرها و تعضدها، فيخصّص بها دليل لزوم التسليم في النوافل على الركعتين.
ص:369
المختلف فيه، و الاظهر انه يوم انتقال الشمس من برج الحوت الى برج الحمل، و قد ورد فيه الغسل و الصوم و لبس انظف الثياب و التطيّب و الصلاة (1). و الذي يظهر من الاخبار ان شرف هذا اليوم لامور تضمنتها رواية المعلى بن خنيس التي رواها في البحار مسندا عنه قال: دخلت على الصادق جعفر بن محمد عليهما السّلام يوم النيروز فقال: اتعرف هذا اليوم؟ قلت: جعلت فداك، هذا يوم تعظمه العجم و تتهادى فيه، فقال ابو عبد اللّه الصادق عليه السّلام: و البيت العتيق الذي بمكة ما هذا إلاّ لامر قديم افسره لك حتى تفهمه، قلت: يا سيدي انّ علم هذا من عندك أحب إليّ من ان يعيش امواتي و تموت اعدائي، فقال: يا معلى! ان يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ فيه مواثيق العباد ان يعبدوه و لا يشركوا به شيئا و أن يؤمنوا بالائمة عليهم السّلام [خ. ل: يدينوا لرسله و حججه و أوليائه]، و هو أول يوم طلعت فيه الشمس و هبّت فيه الرياح [اللواقح]، و خلقت فيه زهرة الأرض، و هو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح عليه السّلام على الجودي [و هو اليوم الذي أحيا اللّه فيه القوم الذين خرجوا من ديارهم و هم الوف حذر الموت فقال لهم اللّه موتوا ثم أحياهم، و هو اليوم الذي كسر فيه ابراهيم أصنام قومه]، و هو اليوم الذي حمل فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمير المؤمنين عليه السّلام على منكبه حتى رمى اصنام قريش من
ص:370
فوق البيت الحرام فهشمها (1)و كذلك ابراهيم عليه السّلام، و هو اليوم الذي أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أن يبايعوا عليا عليه السّلام [في غدير خم] بامرة المؤمنين، و هو اليوم الذي وجّه النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عليّا عليه السّلام الى وادي الجن يأخذ عليهم البيعة له (2)، و هو اليوم الذي بويع فيه لامير المؤمنين عليه السّلام البيعة الثانية، و هو اليوم الذي ظفر فيه بأهل نهروان، و قتل ذا الثدية، و هو اليوم الذي يظهر فيه قائمنا عجل اللّه تعالى فرجه و ولاة الامر، و هو اليوم الذي يظفر فيه قائمنا عليه السّلام بالدجّال فيصلبه على كناسة الكوفة، و ما من يوم نيروز إلا و نحن نتوقّع الفرج لانه من أيّامنا و أيام شيعتنا حفظته العجم [خ. ل: الفرس]و ضيّعتموه انتم، و قال: انّ نبيّا من الانبياء [خ. ل: انبياء بني اسرائيل]عليهم السّلام سأل ربّه كيف يحيى هؤلاء القوم الذين خرجوا [من ديارهم و هم الوف حذر الموت فاماتهم اللّه]؟ فاوحى اللّه اليه ان يصب الماء عليهم في مضاجعهم في هذا اليوم، و هو أول يوم من سنة الفرس فعاشوا-و هم ثلاثون الفا-فصار صبّ الماء في النيروز سنة [لا يعلم سببها إلا الراسخون في العلم] (3).
قال المعلى بن خنيس: قال الصادق عليه السّلام: اذا كان يوم النيروز فاغتسل و البس انظف ثيابك و تطيّب باطيب طيبك، و تكون ذلك اليوم صائما، فاذا صلّيت النوافل و الظهر و العصر فصلّ اربع ركعات، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و عشر مرّات «إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ» ، و في الثانية: فاتحة الكتاب و عشر مرات «قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ» ، و في الثالثة: فاتحة الكتاب و عشر
ص:371
مرات «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» و في الرابعة فاتحة الكتاب و عشر مرات المعوذتين، و تسجد بعد فراغك من الركعات سجدة الشكر و تدعو فيها، و يغفر [اللّه]لك ذنوب خمسين سنة (1).
فعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: ان في المحرم ليلة [ شريفه]و هي أول ليلة منه، من صلّى فيها ركعتين يقرأ فيهما سورة الحمد و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» عشر مرّات، و صام صبيحتها-و هو أول يوم من السنة-كان ممن يدوم على الخير سنة، و لا يزال محفوظا من السنة الى قابل، فان مات قبل ذلك صار الى الجنة ان شاء اللّه تعالى (2).
و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نظير هذه الرواية مع ابدال الركعتين بمائة ركعة، و عدم تقييد «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» بعشر مرات (3).
و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ايضا انه قال: تصلّي اول ليلة من المحرم ركعتين، تقرأ في الأولى بفاتحة الكتاب و سورة الانعام، و في الثانية فاتحة الكتاب و سورة يس (4).
و عنهم عليهم السّلام: انّه كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يصلّي اوّل يوم من المحرم ركعتين، فاذا فرغ رفع يديه و دعا بهذا الدعاء ثلاث مرات: «اللهم انت الإله القديم، و هذه سنة جديدة، فاسألك فيها العصمة من الشيطان، و القوّة على هذه النفس الامّارة بالسوء، و الاشتغال بما يقرّبني إليك،
ص:372
يا كريم يا ذا الجلال و الاكرام، يا عماد من لا عماد له، يا ذخيرة من لا ذخيرة له، يا حرز من لا حرز له، يا غياث من لا غياث له، يا سند من لا سند له، يا كنز من لا كنز له، يا حسن البلاء، يا عظيم الرجاء، يا عزّ الضعفاء، يا منقذ الغرقى، يا منجي الهلكى، يا منعم يا مجمل يا مفضل يا محسن، أنت الذي سجد لك سواد الليل و نور النهار و نور القمر و شعاع الشمس و دوىّ الماء و حفيف الشجر، يا اللّه لا شريك له، اللهم اجعلنا خيرا مما يظنون، و اغفر لنا ما لا يعلمون، و لا تؤاخذنا بما يقولون، حسبي اللّه لا إله إلا هو، عليه توكلت، و هو ربّ العرش العظيم، آمنّا به كلّ من عند ربّنا و ما يذكر إلاّ أولوا الالباب، رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا، وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهّابُ» (1).
ففي البحار عن ابن عباس قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: من صلى ليلة عاشوراء اربع ركعات من آخر الليل، فقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب و آية الكرسي عشر مرّات، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» عشر مرّات، و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ» عشر مرّات، و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ» عشر مرّات، فاذا سلم قرأ «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» مائة مرة، بنى اللّه له في الجنة مائة الف الف [خ. ل: مائة ألف]مدينة من نور، في كل مدنية الف الف قصر، في كل قصر الف الف بيت، في كل بيت الف الف سرير، في كل سرير الف الف فراش، في كل فراش زوجة من الحور العين، في كل بيت الف الف مائدة، في كل مائدة الف الف قصعة، في كل قصعة مائة الف الف لون، و من الخدم على كل مائدة الف الف وصيف و مائة الف الف وصيفة، على عاتق كل وصيف و وصيفة
ص:373
منديل (1).
و في خبر آخر: عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من صلى ليلة عاشوراء مائة ركعة بالحمد مرّة و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ثلاث مرّات، و يسلّم بين كل ركعتين، فاذا فرغ من جميع صلاته قال: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه اكبر، و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم» سبعين مرّة، ملأ اللّه قبره إذا مات مسكا و عنبرا، و يدخل الى قبره في كل يوم نورا الى ان ينفخ في الصور، و توضع له مائدة لم يتنعم بها اهل الدنيا منذ يوم خلق [خلقها]الى ان ينفخ في الصور، و ليس من الرجال إذا وضع في قبره إلا يتساقط شعورهم إلا من صلّى هذه الصلاة، و ليس احد يخرج من قبره إلاّ ابيض الشعر إلا من صلّى هذه الصلاة، فان اللّه عز و جل ينظر اليه في قبره بمنزلة العروس في حجلته الى ان ينفخ في الصور، يخرج من قبره كهيئته الى الجنان كما تزفّ العروس الى زوجها (2). الحديث.
و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: تصلّى ليلة عاشوراء اربع ركعات، في كل ركعة الحمد مرّة، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمسين مرة، فاذا سلّمت من الرابعة فاكثر ذكر اللّه تعالى و الصلاة على رسوله و اللعن على اعدائهم ما استطعت (3).
رواها عبد اللّه بن سنان قال: دخلت على سيدي ابي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السّلام يوم عاشوراء فالفيته كاسف اللون، ظاهر الحزن، و دموعه
ص:374
تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت: يا بن رسول اللّه (ص) ممّ بكاؤك؟ لا ابكى اللّه عينيك، فقال لي: او في غفلة أنت! ؟ او ما علمت ان الحسين بن علي عليهما السّلام قتل في مثل هذا اليوم؟ ! . . الى ان قال: يا عبد اللّه بن سنان! و ان أفضل ما تأتي به في هذا اليوم-يعني يوم عاشوراء-ان تعمد الى ثياب طاهرة فتلبسها و تتسلب، قلت: و ما التسلب؟ قال: تحلل ازرارك، و تكشف عن ذراعيك كهيئة اهل المصاب، ثم تخرج الى ارض مقفرة او مكان لا يراك به احد، و تعمد الى منزل لك [خ. ل: أرض]خال او في خلوة منذ حين يرتفع النهار، فتصلّي اربع ركعات، تحسن ركوعهنّ و سجودهنّ و خشوعهنّ، و تسلّم بين كل ركعتين، تقرأ في الركعة الأولى الحمد و «قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ» ، و في الثانية الحمد و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ، ثم تصلّي ركعتين اخريين، تقرأ في الاولى الحمد و سورة الاحزاب، و في الثانية الحمد و «إِذا جاءَكَ اَلْمُنافِقُونَ» ، أو ما تيسّر من القرآن، ثم تسلّم و تحوّل وجهك نحو قبر الحسين عليه السّلام و مضجعه، فتمثل لنفسك مصرعه و من كان معه من أهله و ولده، و تسلّم و تصلّي عليه، و تلعن قاتله و تبرأ من افعالهم. . يرفع اللّه عزّ و جلّ لك بذلك في الجنة من الدرجات، و يحطّ عنك [من]السيّئات. . ثم ذكر الدعاء يدعى بعد ذلك، ثم قال: ثم تسعى من الموضع الذي أنت فيه ان كان صحراء أو فضاء، و أي شيء كان، خطوات تقول: «إِنّا لِلّهِ وَ إِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ» فان هذا أفضل يا بن سنان من كذا و كذا حجة، و كذا و كذا عمرة تتطوّعها و تنفق فيها مالك، و تنصب [خ ل: تتعب]فيها بدنك، و تفارق فيها اهلك و ولدك، و اعلم ان اللّه تعالى يعطي من صلّى هذه الصلاة في هذا اليوم، و دعا بهذا الدعاء مخلصا، و عمل هذا العمل موقنا مصدّقا عشر خصال: منها: أن يقيه اللّه ميتة السوء، و يؤمنه من المكاره و الفقر، و لا يظهر عليه عدوا إلاّ [إلى ظ]ان يموت، و يقيه من الجنون و البرص في نفسه و ولده إلى أربعة اعقاب له، و لا يجعل للشيطان و لا لاوليائه عليه و لا على نسله إلى أربعة اعقاب
ص:375
سبيلا (1). الحديث.
و قد اهمل في الوسائل و المستدركات ذكر الدعاء و طوينا نقله لطوله، فمن اراده فليراجع الفصل الثالث من الباب السادس في اعمال العشرة الاولى من المحرم من زاد المعاد، و اوله: «اللهم عذّب الفجرة الذين شاقوا رسولك. . الى آخره» (2).
و روى في آخر المجلد العشرين من البحار في باب اعمال عشرة محرّم صلاة اخرى ليوم عاشوراء، و هي اربع ركعات، في كلّ ركعة الحمد مرّة و التوحيد خمسين مرة، فاذا سلّم من الرابعة اكثر ذكر اللّه تعالى و الصّلاة على محمد و آله، و اللّعن على اعدائهم ما استطاع (3).
ثم نقل صلاة ثالثة، و هي عشر ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرّة و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» مائة مرّة (4). قال: و قد روى ان تصلي مائة ركعة، يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ثلاث مرّات، فاذا فرغت منهن و سلّمت تقول: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه اكبر و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم» مائة مرّة، و روي سبعين مرّة، و استغفر اللّه مائة مرّة،
ص:376
و قد روي سبعين مرّة، و صلّى اللّه على محمد و آل محمد مائة مرة، و قد روي سبعين مرة، و تقول دعاء فيه فضل عظيم (1).
قلت: من أراد الدعاء فليطلبه من الباب المذكور من البحار، و اوله: «اللهم اني اسألك يا اللّه يا رحمن. . . الى آخره» .
و هي اربع ركعات، بالحمد و آية الكرسي مرّة و القدر خمسا و عشرين مرّة في الاولى، و الحمد و «أَلْهاكُمُ اَلتَّكاثُرُ» مرّة، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمسا و عشرين مرّة في الثّانية (2)، و الحمد و الجحد مرّة و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ» خمسا و عشرين مرة في الثالثة، و الحمد و «إِذا جاءَ نَصْرُ اَللّهِ» مرّة و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ» خمسا و عشرين مرّة في الرابعة، و التسبيحات الاربعة بعد الفراغ سبعين مرّة، و كذا الصلاة على النبي و آله [سبعين مرة]، ثم ثلاث مرات: «اللهم اغفر للمؤمنين و المؤمنات» ، ثم يسجد و يقول في سجوده ثلاث مرّات: «يا حيّ يا قيّوم يا ذا الجلال و الاكرام يا اللّه يا رحمن يا رحيم يا ارحم الراحمين» ثم يسأل اللّه حاجته، فاذا فعل ذلك يصان نفسه [هو]و ماله و أهله و ولده و دينه و دنياه الى مثلها في السنة القابلة، و ان مات في تلك السنة مات على الشهادة (3).
فقد روى الكفعمي في محكي مصباحه عن ابن طاووس رحمه اللّه عن سلمان الفارسي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لكلّ ليلة من لياليه الثلاثين
ص:377
صلاة تتضمّن اجرا جزيلا، فليراجع و ليعمل به (1).
فقد روى في اواخر المجلد العشرين من البحار في باب ما يتعلّق بأوّل ليلة و أوّل يوم من هذا الشهر صلوات لاول ليلة منه، نقتصر منها على ما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من انّ: من صلّى المغرب اول ليلة من رجب، ثم صلّى بعدها عشرين ركعة، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» مرة، و يسلّم بعد كلّ ركعتين. . الى أن قال (صلّى اللّه عليه و آله) : حفظ و اللّه في نفسه و اهله و ماله و ولده، و اجير من عذاب القبر، و جاز على الصراط كالبرق الخاطف من غير حساب (2).
و ما روي عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من انّ من صلّى ركعتين في أوّل ليلة من رجب بعد العشاء يقرأ في أوّل ركعة فاتحة الكتاب و «أَ لَمْ نَشْرَحْ» مرّة و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ثلاث مرّات، و في الركعة الثانية فاتحة الكتاب و «أَ لَمْ نَشْرَحْ» و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» و المعوذتين، ثم يتشهّد و يسلّم، ثم يهلّل اللّه تعالى ثلاثين مرّة [و يصلّي على النبي عليه السّلام ثلاثين مرّة]فإنّه يغفر له ما سلف من ذنوبه و يخرجه من الخطايا كيوم ولدته امه (3).
ص:378
و هي ليلة اول جمعة من رجب
فقد روى في باب اعماله من المجلد العشرين من البحار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: ما من احد يصوم يوم الخميس، اول خميس من رجب، ثم يصلي ما بين العشاءين او العتمة اثنتي عشرة ركعة، يفصل بين كل ركعتين بتسليم، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرّة واحدة، و «إِنّا أَنْزَلْناهُ» ثلاث مرّات، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» اثنتي عشرة مرة، فاذا فرغ من صلاته صلى عليّ سبعين مرة يقول: اللهم صلّ على محمد و آل محمدا [النبي الامّي الهاشمي و على آله]، ثم يسجد و يقول في سجوده سبعين مرّة: [«سبوح قدوس رب الملائكة و الروح» ، و يقول:] «ربّ اغفر و ارحم و تجاوز عمّا تعلم، انّك انت العليّ العظيم» ، ثم يسجد سجدة اخرى فيقول فيها ما قال في الأولى، ثم يسأل اللّه حاجته في سجوده فانّها تقضى ان شاء اللّه تعالى، ثم قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و الذي نفسي بيده لا يصلّي عبد أو أمة هذه الصلاة إلاّ غفر اللّه جميع ذنوبه و لو كانت ذنوبه مثل زبد البحر و عدد الرمل و وزان الجبال و عدد ورق الاشجار، و يشفع يوم القيامة في سبعمائة من اهل بيته ممّن قد استوجب النّار، فاذا كان اول ليلة في قبره بعث اللّه اليه ثواب هذه الصلاة في احسن صورة، فتجيئه بوجه طلق و لسان ذلق، فتقول: يا حبيبي ابشر، فقد نجوت من كل شدة [سوء]، فيقول: من انت؟ فو اللّه ما رأيت وجها احسن من وجهك [منك]، و لا سمعت كلاما احسن من كلامك، و لا شممت رائحة اطيب من رائحتك، فيقول: يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة التي صلّيتها في ليلة كذا من شهر كذا من سنة كذا، جئتك هذه الساعة لا قضي حقّك، و أونس وحدتك، و ارفع وحشتك، فاذا نفخ في الصور ظلّلت في عرصة القيامة على رأسك، فابشر
ص:379
فلن تقدم [إلا على]الخير [من مولاك]ابدا، و رواه في الوسائل ايضا (1).
فقد روى في الباب الخامس من ابواب الصلوات المندوبة من المستدركات عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: من صلى ليلة النصف من رجب عشر ركعات، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرّة و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ثلاثين مرّة فاذا فرغ استغفر اللّه، و سجد و سبّحه و مجّده و كبّره مائة مرة، لم يكتب عليه خطيئة الى مثلها من القابل، و كتب اللّه له بكل قطرة تنزل من السماء في تلك السنة حسنة، و اعطاه بكل ركعة و سجدة قصرا في الجنة من زبرجد، و اعطاه بكل حرف من القرآن الذى قرأ مدينة من ياقوت، و يتوّج بتاج الكرامة (2).
و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-ما معناه-ان من صلّى في تلك الليلة ثلاثين ركعة بفاتحة الكتاب مرّة و التوحيد إحدى عشرة مرّة اعتقه اللّه من النّار، و كتب له بكل ركعة عبادة اربعين شهيدا، و اعطاه بكل آية اثنى عشر نورا، و بنى له بكل مرّة يقرأ «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» اثنتى عشرة مدينة من مسك و عنبر، و كتب اللّه له ثواب من صام و صلّى في ذلك الشهر من ذكر و انثى، فان مات ما بينه و بين السنة القابلة مات شهيدا و وقي فتنة القبر (3).
و في خبر آخر: انّ من صلّى تلك الصلاة لم يخرج من صلاته حتى يعطى ثواب سبعين شهيدا، و يجىء يوم القيامة و نوره يضيء لاهل الجمع كما بين مكة
ص:380
و المدينة، و اعطاه اللّه براءة من النار و براءة من النفاق، و يرفع عنه عذاب القبر (1).
و روي أيضا في الباب المذكور صلاة مائة ركعة في هذه الليلة (2).
و روى في الوسائل في باب صلاة كل ليلة من رجب صلاة اثنتى عشرة ركعة، في ليلة النصف منه يقرأ في كل ركعة الحمد و سورة، فاذا فرغ قرأ كلا من الحمد و المعوذتين و الاخلاص و آية الكرسي اربعا، ثم قال اربعا: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه اكبر» ، ثم اربعا: «اللّه اللّه ربّي لا أشرك به شيئا، ما شاء اللّه، لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم» (3).
و روي فيه ايضا في يوم النصف من رجب صلاة خمسين ركعة عند ارتفاع النهار بالحمد و التوحيد و المعوّذتين مرّة مرّة، و ان من فعل ذلك خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه (4)، و روي غير ذلك.
فاذا فرغ قرأ كلا من الحمد و التوحيد و المعوذتين اربعا و «لا إله إلا اللّه و اللّه اكبر، و سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم» اربعا، و «اللّه اللّه ربي لا اشرك به شيئا» اربعا، و «لا اشرك بربي احدا» اربعا (1).
و في آخر: انّها تصلّى بخفاف المفصّل من السور من بعد يس الى الجحد، فاذا فرغ في كل شفع جلس بعد التسليم، و قرأ كلا من الحمد و المعوّذتين و الجحد و القدر و آية الكرسي سبعا، ثم قال: «الحمد للّه الذي لم يتّخذ صاحبة و لا ولدا، و لم يكن له شريك في الملك، و لم يكن له وليّ من الذلّ و كبّره تكبيرا، اللهم اني اسألك بمعاقد عزّك على اركان عرشك، و منتهى الرحمة من كتابك، و باسمك الأعظم الأعظم الأعظم، و بذكرك الأجل الأعلى الأعلى الأعلى، و بكلماتك التامات التى تمّت صدقا و عدلا، ان تصلي على محمد و آل محمد، و ان تفعل بي ما أنت اهله» (2).
و في خبر ثالث: انّه يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب و سورة يسبح عشرا و القدر عشرا، فاذا فرغ صلى على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مائة مرّة، و استغفر اللّه مائة مرّة (3). . الى غير ذلك من الطرق التي يجزي العمل بكل منها.
و قد ورد في بعض الاخبار انه اذا عمل ذلك كتب له مثل أجر عمل ستين سنة (4).
ص:382
و في آخر: انه يكتب له ثواب عبادة الملائكة (1)، و في اغلبها انه لا يدعو بشيء إلاّ استجيب ما لم يدع بمأثم او قطيعة رحم او هلاك مؤمن.
و ورد في يوم المبعث ايضا صلاة اثنتي عشرة ركعة، كل ركعة بالحمد و أيّ سورة تيسّرت 2، فاذا فرغ و سلّم جلس مكانه، ثم قرأ ام القرآن اربع مرّات و المعوّذات الثلاث كلّ واحدة اربعا، فاذا فرغ-و هو في مكانه-قال: «لا إله إلاّ اللّه و اللّه اكبر و الحمد للّه و سبحان اللّه و لا حول و لا قوة إلا باللّه» اربعا، ثم قال: «اللّه اللّه ربي لا اشرك به شيئا» اربعا، ثم يدعو، فلا يدعو بشيء إلا استجيب له في كل حاجة، إلا ان يدعو [خ. ل: فى جايحة (هلاك) قوم او قطيعة رحم]بما لا يجوز 3.
و ورد ان يقرأ في كل ركعة منها كلا من الحمد و التوحيد و المعوّذتين اربعا، و يقول بعد ذلك اربعا: «لا إله إلا اللّه و اللّه اكبر، [و]سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و لا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم» [اربعا]، ثم يقول اربعا: «اللّه اللّه ربي لا اشرك به شيئا» ، ثم يقول اربعا: «لا اشرك بربي احدا» 4.
ص:383
فقد روى الكفعمي رحمه اللّه في المحكي من مصباحه عن ابن طاووس رحمه اللّه عن سلمان عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم [انّ]لكل ليلة من لياليه صلاة تتضمّن اجرا عظيما فليراجع المصباح و ليعمل به، و قد اورد الرواية في الوسائل في باب صلاة كل ليلة من شعبان مسقطا غالبا الاجر المذكور لكل صلاة (1).
و ليلة النصف منه
فقد روى في الوسائل و المستدركات و البحار لكل من اول ليلة منه و نصفه صلوات، فوردت في اول ليلة ركعتان، و وردت اثنتي عشرة ركعة، و وردت مائة ركعة، و وردت في ليلة النصف ركعتان، و وردت أربع، و وردت مائة ركعة، فليراجع و ليعمل بها (2).
و هي الف ركعة، في كل ليلة زيادة على النوافل الرواتب (3)، و تتأكد الالف في مجموع الشهر، بان يصلّى في كل ليلة من العشرتين الأوليين عشرون ركعة، ثمان بعد نافلة المغرب و اثنتا عشرة ركعة بعد نافلة العشاء، او عكس ذلك
ص:384
مخيّرا بينهما، مع افضلّية الأول على رأي، و في كل ليلة من العشر الأواخر ثلاثون ركعة، ثمان بعد نافلة المغرب، و اثنتان و عشرون بعد نافلة العشاء، او بالعكس مخيّرا بينهما، و في ليالي الأفراد المتبرّكة: التاسعة عشرة و الحادية و العشرين و الثالثة و العشرين كل ليلة زيادة على العشرين في الاولى و الثلاثين في الاخيرتين مائة ركعة بالحمد و التوحيد عشر مرات.
و روي الاقتصار في كل ليلة من الليالي الثلاث على مائة فتبقى ثمانون، عشرون من ليلة التاسع عشر، و ستون من ليلة الحادي و العشرين و الثالث و العشرين، تصلى في كل يوم جمعة من الجمع الاربع في الشهر مبتدئا بذلك من أول جمعة الشهر، عشر ركعات بصلاة عليّ أمير المؤمنين عليه السّلام و فاطمة الزهراء سلام اللّه عليها و جعفر الطيّار، الآتي ان شاء اللّه تعالى شرحها، و في ليلة آخر جمعة عشرين بصلاة أمير المؤمنين عليه السّلام، و في ليلة آخر سبت الشهر عشرين ركعة بصلاة الزهراء سلام اللّه عليها (1).
فقد روى في الباب الثامن عشر من ابواب الصلوات المندوبة من وسائل الشيعة عن الشهيد (رحمه اللّه) في اربعينه لكل ليلة من لياليه الثلاثين صلاة كثيرة الأجر و الفائدة، فليراجع و ليعمل بها (2).
أوردها الكفعمي (رحمه اللّه) في محكي جنّته، قال: يستحبّ ان يصلّى
ص:385
كل ليلة من شهر رمضان ركعتين بالحمد فيهما و التوحيد ثلاثا، فاذا سلّم قال: «سبحان من هو حفيظ لا يغفل، سبحان من هو رحيم لا يعجل، سبحان من هو قائم لا يسهو، سبحان من هو دائم لا يلهو» ثم يقول التسبيحات الاربع سبعا، ثم يقول ثلاثا: «سبحانك سبحانك سبحانك يا عظيم اغفر لي الذنب العظيم» ، ثم يصلّي على النّبي و آله عشرا، من صلاهما غفر اللّه له سبعين الف ذنب. الحديث (1).
و هي ركعتان بامّ الكتاب و «إِنّا فَتَحْنا» في الركعة الاولى، و ما أحبّ في الثانية، و قد ورد انّ من فعل ذلك رفع اللّه عنه السوء في سنته، و لم يزل في حرز اللّه الى مثلها من قابل (2).
و هي مائة ركعة، في كل ركعة الحمد مرة و التوحيد عشر مرّات، فتلك الف مرّة التوحيد في مائة ركعة، و قد ورد انّ من فعل ذلك لم يمت حتى يرى في منامه مائة من الملائكة: ثلاثين يبشرونه بالجنة، و ثلاثين يؤمنونه من النار، و ثلاثين تعصمه من ان يخطئ، و عشرة يكيدون من كاده (3).
و وردت في ليلة النصف من شهر رمضان عند سيد الشهداء عليه السّلام صلاة عشر ركعات بعد العشاء غير صلاة الليل، يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و التوحيد عشر مرّات، و قد روي ان من اتى بها و استجار باللّه من النار كتبه اللّه
ص:386
تعالى عتيقا من النّار، و لم يمت حتى يرى ملائكة يبشرونه بالجنة و ملائكة يؤمنونه من النار (1).
و هي عشر ركعات بخمس تسليمات، كل ركعة بفاتحة الكتاب مرّة و التوحيد عشر مرّات، و يقول في كل من ركوعه و سجوده عشر مرات: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه اكبر» و يستغفر اللّه بعد الفراغ من الجميع الف مرّة، ثم يسجد و يقول: «يا حيّ يا قيّوم يا ذا الجلال و الاكرام يا رحمن الدنيا و الآخرة و رحيمهما يا أرحم الراحمين، يا إله الاوّلين و الآخرين اغفر لنا ذنوبنا و تقبّل صلواتنا و صيامنا و قيامنا» فانه لا يرفع رأسه من السجود حتى يغفر اللّه له (2).
قال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: و الذي بعثني بالحق انه لا يرفع رأسه حتى يغفر اللّه له و يتقبل منه شهر رمضان و يتجاوز عن ذنوبه، و ان كان قد اذنب سبعين ذنبا، كل ذنب أعظم من ذنوب العباد، و يتقبل من جميع اهل الكورة التي هو فيها. الحديث (3).
و هي ان يصلي في الليلة الثالثة عشرة من كل من هذه الأشهر ركعتين، كل ركعة بالحمد مرّة و يس و تبارك و التوحيد كلا منها مرّة، و في الليلة الرابعة عشر اربع ركعات بالحمد و السور الثلاث، و في الليلة الخامسة عشرة ست ركعات
ص:387
كذلك، و روي ان من صلاّها كذلك حاز فضل الأشهر الثلاثة، و غفر له كل ذنب سوى الشرك (1).
و هي ركعتان، يقرأ في الاولى: الحمد مرّة و التوحيد الف مرّة، و في الثانية: الحمد مرّة و التوحيد مرّة، و قد روي ان من صلاها لم يسأل اللّه شيئا إلا اعطاه إياه (2).
و في رواية اخرى: ان في الاولى الحمد مرّة و التوحيد مائة مرّة، و في الثانية: الحمد مرّة و التوحيد مرّة، و يخرّ بعد الصلاة للّه ساجدا، و يقول فيه مائة مرّة: «اتوب الى اللّه» (3).
و في ثالثة: انها اربع ركعات، في كل ركعة: الحمد مرّة و التوحيد مائة مرّة (4). و لا يبعد أن يكون ما بين العشاءين افضل اجزاء الليلة لهذه الصلاة.
و هي صلاة العيدين المعروفة المختلف في وجوبها و استحبابها، و قد ذكرناها مشروحة في منهاج المتقين (5).
ص:388
و هي ركعتان عند الضحى بالحمد مرّة و «وَ اَلشَّمْسِ وَ ضُحاها» خمس مرّات، و يقول بعد التسليم: «لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلي العظيم» ، و يدعو بقول: «يا مقيل العثرات اقلني عثرتي، يا مجيب الدعوات اجب دعوتي، يا سامع الاصوات اسمع صوتي، و ارحمني و تجاوز عن سيّئاتي و ما عندي يا ذا الجلال و الاكرام» رواه ابن طاوس (رحمه اللّه) في الاقبال (1).
و هي ركعتان، في كل ليلة من تلك الليالي العشر بين المغرب و العشاء بالحمد و التوحيد و آية وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً*وَ قالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اُخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ اَلْمُفْسِدِينَ (2). و قد روى في الاقبال عن مولانا الباقر عليه السّلام النهي عن ترك هذه الصلاة، و ان من فعل ذلك شارك الحاج في ثوابهم و ان لم يحج (3).
فعن مولانا الصادق عليه السّلام: ان من صلى يوم عرفة-قبل ان يخرج الى الدعاء في ذلك اليوم، و يكون بارزا تحت السماء-ركعتين، و اعترف للّه عزّ و جلّ بذنوبه و اقرّ له بخطاياه، نال ما نال الواقفون بعرفة من الفوز، و غفر له
ص:389
ما تقدم من ذنبه و ما تأخر (1).
التي هي كصلاة عيد الفطر.
و هو الثامن عشر من ذي الحجة، فعن الصادق عليه السّلام: ان من صلّى في هذا اليوم ركعتين قبل الزوال بنصف ساعة، شكر اللّه على ما منّ به و خصّه به، يقرأ في كل ركعة ام الكتاب مرة و عشرة مرّات «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» و عشر مرّات آية الكرسي الى قوله: «هُمْ فِيها خالِدُونَ» ، و عشر مرّات «إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ» عدلت عند اللّه مائة الف حجة و مائة الف عمرة، و لم يسأل اللّه حاجة من حوائج الدنيا و الآخرة إلاّ قضاها له كائنة ما كانت الحاجة ان شاء اللّه تعالى، و لهذا اليوم فضائل كثيرة و مناقب غفيرة مذكورة في الكتب المفصلة كالبحار و نحوه و المختصرة كزاد المعاد و الاقبال و غيرهما فراجعها، و لا تحرم نفسك من ثمراتها السنيّة (2).
و هو على الاصحّ الرابع و العشرون من ذي الحجة، و هو على رواية محمد بن الحسن الطوسي قدس اللّه سرهما في مصباحه عين صلاة يوم الغدير (3). و روى السيد ابن طاووس رحمه اللّه في الاقبال لهذا اليوم صلاة اخرى و عملا
ص:390
و دعاء فراجعه و اعمل به بتوفيق اللّه سبحانه (1).
و هي-على ارسال السيد رحمه اللّه في الاقبال-ركعتان بفاتحة الكتاب مرّة و التوحيد عشرا و آية الكرسي عشرا، ثم الدعاء بقول: «اللهم ما عملت في هذه السنة من عمل نهيتني عنه و لم ترضه، و نسيته و لم تنسه، و دعوتني الى التوبة بعد اجترائي عليك، اللهم فاني استغفرك منه فاغفر لي، و ما عملت من عمل يقربني اليك فاقبله مني، و لا تقطع رجائي منك يا كريم» قال عليه السّلام: فاذا قلت هذا قال الشيطان: يا ويله، ما تعب [خ. ل: ما تعبت]في هذه السنة هدمه [هدمته هذه الكلمات]اجمع، و شهدت له السنة الماضية انه قد ختمها بخير (2).
ما لا يختص وقتا بعينه
و هذا القسم كثير، نقتصر على بيان جملة منها:
و هي مسنونة عند غور الانهار و احتباس الامطار، و ظهور الغلاء و الجدب و ساير علامات الغضب الذي منشأه على ما يستفاد من الآيات و الأخبار شيوع المعصية، و كفران النعمة، و التعدي في البغي و العدوان، و منع الحقوق، و التطفيف في المكيال و الميزان، و الظلم و الغدر، و ترك الامر بالمعروف و النهي عن المنكر،
ص:391
و منع الزكاة، و الحكم بغير ما انزل اللّه تعالى، و جور السلطان، و كذب الولاة، و الزنا و الاستهانة بجلائل النعم خصوصا الخبز. . و نحو ذلك من المعاصي التي تخرق الاستار و تغضب الجبار.
و ينبغي للناس عند ظهور امارات الجدب و الغلاء ان يفزعوا الى اللّه سبحانه و يلحّوا بالدعاء ليلا و نهارا و سرا و جهرا و اعلانا عن صدر تقي و قلب نقي و اخلاص، خوفا و طمعا، فان ذلك يحرّك بحار الجود، و يستعطف كرم المعبود.
و ينبغي أن يكون الدعاء بعد التوبة و الاستغفار من المعصية، و ردّ المظالم الى اهلها، و اخراج الحقوق و التواصل و التراحم و الاستعطاف و المواسات و التصدق، و حيث ان هذه الصلاة متروكة نحيل كيفيتها و فروعها و شرعيتها عند جفاف مياه العيون و الآبار و كثرتهما و كثرة الغيوث إذا خيف الضرر الى المناهج (1).
و يأتي كيفيتها في طيّ الكلام على اقسام الاستخارة في ذيل آداب السفر ان شاء اللّه تعالى.
ان امكنت، تأسّيا بامير المؤمنين عليه السّلام و مولانا السجاد و الرضا و غيرهم عليهم الصلاة و السّلام (2).
[الشكر]للّه سبحانه عند تجدد النعم و دفع النقم و قضاء الحوائج، و هي
ص:392
مستحبة، و هي ركعتان، و الافضل ان يقرأ في الأولى بعد الحمد الاخلاص، و في الثانية بعد الحمد الجحد، و يقول في ركوع الركعة الاولى و سجودها: «الحمد للّه شكرا شكرا و حمدا حمدا» سبع مرات، و في ركوع الثانية و سجودها «الحمد للّه الذي استجاب دعائي و اعطاني مسألتي» (1).
و هي مسنونة عند حصول سببها، و هي غير صلاة الهدية، و لذا تختص بموارد ورودها، كزيارة النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الصدّيقة الكبرى سلام اللّه عليها، و الأئمة الاثنى عشر سلام اللّه عليهم، و ابي الفضل العباس عليه السّلام و آدم و نوح على نبيّنا و آله و عليهما السّلام، بخلاف صلاة الهدية فانها تشرع لكل ميت مؤمن هاشميا كان ام لا، عالما كان أم لا (2).
فانه يستحب لكل من دخل مسجدا ان يصلي فيه ركعتين تحيّة له، و يجزي عنها الاتيان بفريضة او سنّة ذات عنوان مخصوص (3).
فانه يستحب لمن احرم ان يصلي للاحرام ست ركعات، و دونها في الفضل اربع، و دونها ركعتان، و يستحب ان يقرأ بعد الحمد في أولاهما التوحيد، و في
ص:393
الثانية الجحد، كما ذكرناه في محله (1).
و هي ركعتان؛ كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة و القدر خمس عشرة مرة، ثم يقرأ في كل من الركوع و بعد رفع الرأس منه، و في السجود و بعد رفع الرأس منه، و في السجدة الثانية و بعد رفع الرأس منه القدر خمس عشرة مرة، ثم يأتي بالركعة الثانية كالاولى، فاذا فعل ذلك انصرف و ليس بينه و بين اللّه ذنب إلا و قد غفر له، و يعطى جميع ما سأل، و يستحب الدعاء بعدها بقول: «لا إله إلا اللّه ربنا و رب آبائنا الاولين، لا إله إلا اللّه إلها واحدا و نحن له مسلمون، لا إله إلا اللّه لا نعبد إلاّ اياه مخلصين له الدّين و لو كره المشركون، لا إله إلاّ اللّه وحده وحده، انجز وعده، و نصر عبده، [و اعزّ جنده]و هزم الاحزاب وحده، فله الملك و له الحمد [خ. ل: فللّه الملك و الحمد]و هو على كل شيء قدير، اللهم انت نور السماوات و الأرض فلك الحمد، و انت قيام السماوات و الارض و من فيهن و لك [خ. ل: فلك]الحمد، و انت الحق و وعدك الحق، و قولك الحق و انجازك حق، و الجنة حق و النار حق، اللهم لك اسلمت و بك آمنت، و عليك توكلت، و بك خاصمت، و اليك حاكمت، يا رب يا رب اغفر لي ما قدمت و اخرت و اسررت و اعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت، صل على محمد و آله محمد، و أرحمني و اغفر لي و تب عليّ، انك أنت كريم رؤف رحيم» (2).
و هي اربع ركعات بتشهد و تسليمتين، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة
ص:394
و التوحيد خمسين مرة، و قد ورد ان من صلاها انفتل و ليس بينه و بين اللّه ذنب (1).
و هي ركعتان، يقرأ في الأولى الحمد مرّة و القدر مائة مرّة، و في الثانية الحمد مرّة و التوحيد مائة مرّة، فاذا فرغ سبح بتسبيحها عليها السّلام، و قد روي انّها افضل الصلوات المندوبة، و تتأكد هذه الصلاة في أوّل ليلة من ذي الحجة الحرام، و رويت هذه الصلاة بترتيبن آخرين نقلهما في المستدركات (2)، فراجع.
و هي على ما رواه القطب الراوندي رحمه اللّه ركعتان: يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و التوحيد خمسا و عشرين مرّة (3).
و ذكر السيد ابن طاووس رضوان اللّه عليه في محكيّ جمال الاسبوع صلاة للحسن عليه السّلام يوم الجمعة اربع ركعات، كل ركعة بالحمد مرة و الاخلاص خمسا و عشرين مرة (4).
و صلاة للحسين عليه السّلام اربع ركعات، تقرأ في كل ركعة الفاتحة خمسين مرة و الاخلاص خمسين مرة، و يقرأ في كل ركوع و رفع الرأس منه و كل
ص:395
سجدة و رفع منها الفاتحة عشرا و الاخلاص عشرا، و ذكر دعاء طويلا (1)، فراجع.
و هي على رواية القطب ركعتان، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و آية الكرسي مائة مرة (2).
و على رواية ابن طاووس رحمه اللّه اربع ركعات، كل ركعة بالحمد مرة و الاخلاص مائة مرة (3)، و الظاهر التعدد.
و هي على رواية القطب رحمه اللّه ركعتان، في كل ركعة الفاتحة مرّة و آية «شَهِدَ اَللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ» 4مائة مرّة 5.
و على رواية ابن طاووس رحمه اللّه ركعتان، في كل ركعة الحمد مرّة و التسبيحات الاربعة المعروفة مائة مرّة 6.
و هي على رواية القطب قدس سرّه اربع ركعات، في كل ركعة الحمد مرة
ص:396
و التسبيحات الاربعة مائة مرّة (1).
و على رواية ابن طاوس رحمه اللّه ركعتان، في كل ركعة الحمد مرّة و آية «شَهِدَ اَللّهُ» مائة مرّة (2).
و هي على رواية القطب رحمه اللّه و ابن طاووس رحمه اللّه جميعا، ركعتان بالحمد مرّة و التوحيد اثنتي عشرة مرّة (3).
و هي على رواية القطب و ابن طاووس رحمهما اللّه جميعا ست ركعات، في كل ركعة الحمد مرّة و «هَلْ أَتى عَلَى اَلْإِنْسانِ. .» عشر مرّات (4).
و هي ركعتان، في كل ركعة-على رواية القطب رحمه اللّه-: الحمد مرّة و التوحيد سبعين مرّة (1).
و على رواية ابن طاوس رحمه اللّه: في الأولى الحمد و يس، و في الثانية: الحمد و الرّحمن (2).
و هي على رواية القطب ركعتان، في كل ركعة الحمد مرة و التوحيد مائة مرة (3).
و على رواية ابن طاوس رحمه اللّه: اربع ركعات، في الركعتين الأوليين كل ركعة الحمد مرة، و «إِذا زُلْزِلَتِ اَلْأَرْضُ» خمس عشرة مرة. و في الاخيرتين كل ركعة الحمد مرة و الاخلاص خمس عشرة مرة (4).
صلاة الامام الغائب عن الابصار الحجة المنتظر عجل اللّه تعالى فرجه، و جعلنا من كلّ مكروه فداه، و هي على رواية القطب ركعتان، كل ركعة بالحمد مرّة مع تكرير «إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ» مائة مرّة (5).
و على رواية ابن طاووس رحمه اللّه يقول بعد «إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ»
ص:398
[ثم يقول مائة مرة]: «اللهم إياك نعبد و اياك نستعين» ، ثم يقرأ بقية الفاتحة، و يقرأ بعدها الاخلاص مرّة، ثم يدعو عقيبها بقول: «اللهم عظم البلاء، و برح الخفاء، و انكشف الغطاء، و ضاقت الارض، و منعت السماء، و اليك يا ربّ المشتكى، و عليك المعوّل في الشدّة و الرخاء، اللهم صل على محمد و آل محمد الذين امرتنا بطاعتهم، و عجل اللهم فرجهم بقائمهم، و اظهر اعزازه، يا محمد يا علي يا علي يا محمد اكفياني فانكما كافياي، يا محمد يا علي يا علي يا محمد انصراني فانكما ناصراي، يا محمد يا علي يا علي يا محمد احفظاني فانكما حافظاي، يا مولاي يا صاحب الزمان. .» [و تقول]ثلاث مرات: «الغوث [الغوث]ادركني ادركني الامان الامان» (1).
و في رواية القطب: انه يصلي على النبي و آله مائة مرّة بعد كل صلاة من صلوات الأئمة المزبورة ثم يسأل اللّه حاجته (2).
و قد منح بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ابن عمّه جعفرا، و قال: ان انت صنعته كل يوم كان خيرا لك من الدنيا و ما فيها، و ان صنعته بين يومين غفر لك ما بينهما، او كل جمعة او كل شهر او كل سنة غفر لك ما بينهما (3).
و في خبر: انك لو كنت صلّيتها و كنت فررت من الزحف و كان عليك مثل رمل عالج و زبد البحر ذنوبا غفر لك (4).
ص:399
و كيفيّتها: ان يصلي اربع ركعات بتسليمتين على الأظهر من غير فصل بينهما بزمان و نحوه اختيارا، و لو فصل بينهما لضرورة بنى، و لو كان اختيارا استأنف، و لو كان مستعجلا صلى الاربع مجرّدة عن التسبيحات و قضى التسبيحات و هو ذاهب في حوائجه (1).
و يستحب ان يقرأ فيها بعد الحمد في الركعة الاولى: «إِذا زُلْزِلَتِ» ، و في الثانية: «وَ اَلْعادِياتِ» ، و في الثالثة: «إِذا جاءَ نَصْرُ اَللّهِ وَ اَلْفَتْحُ» ، و في الرابعة: «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» على الاشهر الاظهر (2)، ثم يقول و هو واقف: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه اكبر» خمس عشرة مرّة، ثم يركع و يقولها عشرا بعد ذكر الركوع، و هكذا يقول عشرا بعد رفع رأسه من الركوع، و عشرا في سجوده بعد الذكر، و عشرا بين السجدتين، و عشرا في السجدة الثانية، و عشرا بعد رفع الرأس من السجدة الثانية، فيكون في كل ركعة خمس و سبعون مرة، و في مجموع الاربع ركعات ثلاثمائة مرة (3)، و لو نسي التسبيح في حالة من الحالات و ذكر في حالة اخرى قضى ما فاته في الحالة التي ذكره فيها.
و يستحب ان يدعو في آخر سجدة منها بعد التسبيح بالدعاء المأثور، و هو «سبحان من لبس العزّ و الوقار، سبحان من تعطف بالمجد و تكرم به، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلاّ له، سبحان من احصى كل شيء علمه» (4).
ص:400
و روى الشيخ رحمه اللّه في محكي مصباحه و ابن طاووس رحمه اللّه في محكي جمال الاسبوع دعاء آخر بعد صلاة جعفر، و هو ان يرفع يديه و يقول: «يا رب» حتى ينقطع نفسه [خ. ل: «يا ربّاه» حتى ينقطع النفس، «ربّ ربّ» حتى ينقطع النفس، «يا اللّه يا اللّه» حتى ينقطع النفس] «يا رحيم» حتى ينقطع نفسه، «يا اللّه» حتى ينقطع نفسه، «يا حي» حتى ينقطع نفسه، «يا رحيم» حتى ينقطع نفسه، «يا رحمن» سبعا «يا ارحم الراحمين» سبعا، ثم يقول: «اللهم اني افتتح القول بحمدك و انطق بالثناء عليك، و امجّدك و لا غاية لمدحك [خ. ل: لمجدك]، و اثنى عليك و من يبلغ غاية ثناءك و امد مجدك و انّى لخليقتك كنه معرفة مجدك، و ايّ زمن لم تكن ممدوحا بفضلك، موصوفا بمجدك، عوّادا على المؤمنين بحلمك، تخلّف سكان ارضك عن طاعتك فكنت عليهم عطوفا بجودك، جوادا بفضلك، عوادا بكرمك، يا لا إله إلا انت المنّان ذو الجلال و الاكرام» .
قال الصادق عليه السّلام لمفضل بن عمر: يا مفضل! إذا كانت لك حاجة مهمّة فصل هذه الصلاة، و ادع بهذا الدعاء، و سل حوائجك، يقضي اللّه حاجتك ان شاء اللّه تعالى و به الثقة (1).
و يأتي بيان كيفيّتها باقسامها في المقام الثامن من الفصل الثاني عشر ان شاء اللّه تعالى.
ص:401
و هي صلاة ركعتين و اهداء ثوابهما الى روح الميت المؤمن، و ورد قسم خاص منها بخصوصيات زائدة يأتي نقلها في المقام الثامن من الفصل الثاني عشر ان شاء اللّه تعالى (1).
و هي ركعتان، يأتي بيانهما في المقام السادس في آداب السفر من الفصل الحادي عشر ان شاء اللّه تعالى.
يأتي ذكرهما مع دعائهما في الفصل الثامن في آداب النكاح ان شاء اللّه تعالى.
لقول الصادق عليه السّلام: من صلى ركعتين خفيفتين ب «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» في كل ركعة ستين مرة انفتل و ليس بينه و بين اللّه ذنب (2).
و هي مستحبة، من غير فرق بين اقسام الحاجات، و لا بين رجوعها الى نفس المصلي أو الى غيره كشفاء مريض و سلامة مسافر و نحوهما.
ص:402
و هي قسمان: مطلقة، و هي صلاة ركعتين، و الدعاء بعدهما بالحاجة. و مقيدة بخصوصيات زائدة أو حوائج خاصة، و هي كثيرة جدا مذكورة في المفصلات، و نقتصر منها هنا على ذكر جملة من ذوات الخصوصيات الواردة في مطلق الحاجة، و جملة اخرى منها الواردة في حوائج خاصة.
ما عن مولانا الصادق عليه السلام من ان من نزل به كرب فليغتسل و ليصلّ ركعتين، ثم يضطجع و يضع خدّه الايمن على الارض، و يقول: «يا معزّ كلّ ذليل، و يا مذلّ كلّ عزيز، و حقّك لقد شقّ عليّ. . كذا» و يذكر الكرب بدل كذا (1).
محكي مصباحه عن المفضل بن عمر، عن مولانا الصادق عليه السّلام
قال ما مضمونه: انه اذا كانت لك حاجة الى اللّه سبحانه ضقت منها فصل ركعتين، فاذا سلّمت تكبر ثلاثا ثم تسبح تسبيح الزهراء سلام اللّه عليها، ثم تسجد و تقول في سجودك مائة مرة: «يا مولاتي يا فاطمة أغيثيني» ، ثم تضع خدك الايمن على الارض، و تقول ذلك مائة مرة، ثم تضع خدك الايسر و تقول ذلك مائة مرة، ثم تضع جبهتك ايضا و تقول مائة و عشر مرات، ثم تذكر حاجتك، فان اللّه سبحانه يقضيها لك ان شاء اللّه تعالى (2).
قلت: قد جربت هذه الصلاة مرارا فوجدتها لا تخطي ببركة سيدة النساء سلام اللّه عليها.
ص:403
قال: دخلت على ابي عبد اللّه عليه السّلام
فقلت: جعلت فداك اني اخترعت دعاء فقال: دعني من اختراعك، اذا نزل بك أمر فافزع الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و صل ركعتين تهديهما الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قلت: كيف اصنع؟ قال: تغتسل و تصلي ركعتين، تستفتح فيهما افتتاح الفريضة و تشهد [و تتشهد]الفريضة، فاذا فرغت من التشهد و سلّمت قلت: «اللهم أنت السّلام، و منك السّلام، و اليك يرجع السّلام، اللهم صل على محمد و آل محمد، و بلغ روح محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم منّي السّلام، و أرواح الأئمة الصالحين سلامي، و اردد عليّ منهم السّلام، و السّلام عليهم و رحمة اللّه و بركاته، اللهم انّ هاتين الركعتين هديّة منّي الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، فاثبني عليهما ما املّت و رجوت فيك، و في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم يا ولي المؤمنين» ثم تخرّ ساجدا و تقول: «يا حيّ يا قيّوم، يا حيّ لا يموت، يا حي لا إله إلا انت، يا ذا الجلال و الاكرام [يا ارحم الراحمين]» اربعين مرة، ثم تضع خدك الايمن فتقولها اربعين مرّة، ثم تضع خدك الايسر فتقولها اربعين مرّة، ثم ترفع رأسك و تمدّ يديك فتقول اربعين مرّة، ثم تردّ يدك الى رقبتك و تلوذ بسبابتك و تقول ذلك اربعين مرّة، ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى و ابك او تباك و قلّ: «يا محمد يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اشكوا الى اللّه و اليك حاجتي، و الى اهل بيتك الراشدين حاجتي، و بكم اتوجّه الى اللّه في حاجتي» ، ثم تسجد و تقول: «يا اللّه يا اللّه. .» الى ان ينقطع نفسك «صلى على محمد و آل محمد و افعل. . كذا و كذا» قال ابو عبد اللّه عليه السّلام: فانا الضّامن على اللّه عزّ و جلّ ان لا يبرح حتى تقضى حاجته (1).
ص:404
بولّي العصر ارواحنا له الفداء، و قد عملتها مرارا عديدة فقضى اللّه سبحانه لي حاجتي.
و كيفيتها: ان تصلّي ركعتين صلاة الحاجة، تقرأ في اولاهما بعد الحمد سورة «إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً» ، و في الثانية بعد الحمد «إِذا جاءَ نَصْرُ اَللّهِ وَ اَلْفَتْحُ» ، فاذا سلّمت تقف مستقبل القبلة و تقول: «سلام اللّه الكامل التامّ الشامل العام، و صلاته الدائمة و بركاته القائمة [العامة]على حجّة اللّه و وليّه في ارضه و بلاده، و خليفته على خلقه و عباده، سلالة النبوة، و بقيّة العترة و الصفوة، صاحب الزمان، و مظهر الايمان، و معلن احكام القرآن، مطهّر الارض، و ناشر العدل في الطول و العرض، الحجة القائم المهدي، و الامام المنتظر المرضي الطاهر، ابن الأئمة المعصومين (1)، السّلام عليك يا وارث علم النبيّين، و مستودع حكمة ربّ الوصيّين، السّلام عليك يا عصمة الدين، السّلام عليك يا معزّ المؤمنين المستضعفين، السّلام عليك يا مذلّ الكافرين المتكبرين الظالمين، السّلام عليك يا [مولاي]صاحب الزمان [يا ابن رسول اللّه، السّلام عليك]يا بن امير المؤمنين [السّلام عليك يا بن]و ابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، السّلام عليك يا بن الأئمة الحجج على الخلق اجمعين، السّلام عليك [يا مولاي]سلام مخلص لك في الولاء، اشهد انك الامام المهدي قولا و فعلا، و انّك الذي تملأ الأرض قسطا و عدلا، فعجّل اللّه تعالى فرجك، و سهل مخرجك، و قرّب زمانك، و كثّر انصارك و اعوانك، و انجز لك موعدك، و هو اصدق القائلين وَ نُرِيدُ أَنْ
ص:405
نَمُنَّ عَلَى اَلَّذِينَ اُسْتُضْعِفُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ اَلْوارِثِينَ يا مولاي حاجتي. . كذا و كذا فاشفع [لي الى ربك]في نجاحها» و يذكر مكان كذا و كذا حاجته، فانها تقضى ببركته عجل اللّه تعالى فرجه (1).
قال: في الامر يطلبه الطالب من ربّه، قال: تصدّق في يومك على ستين مسكينا، كلّ مسكين صاعا بصاع النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم [. . . من تمر او برّ او شعير]فاذا كان الليل اغتسلت في الثلث الباقي، و لبست ادنى ما يلبس من تعول من الثياب، إلاّ ان عليك في تلك الثياب ازارا، ثم تصلي ركعتين تقرأ فيهما التوحيد و «قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ» ، فاذا وضعت جبهتك في الركعة الاخيرة للسجود هلّلت اللّه و عظّمته و قدّسته و مجّدته، و ذكرت ذنوبك فاقررت بما تعرف منها مسمّي، ثم رفعت رأسك، ثم اذا وضعت رأسك للسجدة الثانية استجرت اللّه مائة مرّة، تقول: «اللهم اني استجيرك» ثم تدعو اللّه بما شئت، و تقول: «يا كائنا قبل كل شيء، و يا مكوّن كل شيء، و يا كائنا بعد كل شيء، افعل بي. .» . كذا و كذا، و تسأله اياه، و كلّما سجدت فافض بركبتيك الى الارض، ثم ترفع الازار حتى تكشفها، و اجعل الإزار من خلفك بين اليتيك و بين باطن ساقيك (2).
قال: من تطهّر ثم أوى الى فراشه بات و فراشه كمسجده، فان قام من الليل فذكر اللّه تناثرت عنه خطاياه، فان قام من آخر الليل و تطهر فصلى ركعتين و حمد اللّه و أثنى عليه و صلى على النبي و آله لم يسأل اللّه شيئا إلاّ اعطاه، أما ان يعطيه الذي يريد [يسأل بعينه]و اما ان يدخر له ما هو خير له منه (3).
ص:406
: جعلت فداك، علّمني دعاء لقضاء الحوائج، فقال: اذا كانت لك حاجة الى اللّه مهمّة فاغتسل و البس انظف ثيابك، و شمّ شيئا من الطيب، ثم ابرز تحت السماء، و صلّ ركعتين، تفتح الصلاة فتقرأ فاتحة الكتاب و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» خمس عشرة مرّة، ثم تركع فتقرأ خمس عشرة مرّة [ثم يتمّها]على مثال صلاة التسبيح، غير أن القراءة خمس عشرة مرّة، فاذا سلّمت فاقرأها خمس عشرة مرّة، ثم تسجد فتقول في سجودك: «اللهم ان كلّ معبود من لدن عرشك الى قرار ارضك فهو باطل سواك، فانك [انت]اللّه الحق المبين، اقض لي حاجتي. . كذا و كذا، الساعة الساعة» و تلحّ فيما اردت (1).
: قال: قال: اذا اردت امرا تسأله ربّك فتوّضأ و احسن الوضوء، ثم صلّ ركعتين، و عظم اللّه، و صلّ على النبي، و قل بعد التسليم: «اللهم اني اسألك بانك ملك و أنّك على كل شيء قدير مقتدر، و انك [خ. ل: و بانّك]ما تشاء لا بدّ (2)من ان يكون [خ. ل: و بانك ما تشاء من امر يكون]، اللهم اني اتوجّه اليك بنبيّك [محمّد] نبيّ الرحمة، يا محمد يا رسول اللّه اني اتوجّه بك الى اللّه ربّي و ربّك لينجح لي بك طلبتي، اللهم بنبيّك انجح لي طلبتي بمحمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» ثم سل حاجتك (3).
عبد اللّه عليه السّلام
قال: اذا حضرت لك حاجة مهمّة الى اللّه عزّ و جلّ فصم ثلاثة أيام متوالية الاربعاء و الخميس و الجمعة، فاذا كان يوم الجمعة ان شاء اللّه
ص:407
تعالى فاغتسل و البس ثوبا جديدا، ثم اصعد الى اعلى بيت في دارك و صلّ ركعتين و ارفع يديك الى السماء، ثم قل: «اللهم اني حللت بساحتك لمعرفتي بوحدانيّتك و صمدانيّتك، و انّه لا قادر على حاجتي غيرك، و قد علمت يا رب انه كلّما تظاهرت نعمك عليّ اشتدّت فاقتي اليك، و قد طرقني همّ. . . كذا و كذا، و انت بكشفه عالم غير معلّم، واسع غير متكلّف، فاسألك باسمك الذي وضعته على الجبال فنسفت، و وضعته على السماء فانشقت، و على النجوم فانتثرت [خ. ل: فانتشرت]و على الأرض فسطحت، و اسألك بالحقّ الذي جعلته عند محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و الأئمّة عليهم السّلام. . . تسميهم الى آخرهم، أن تصلي على محمد و اهل بيته، و ان تقضي لي حاجتي، و ان تيسّر لي عسيرها، و تكفيني مهمّها، فان فعلت فلك الحمد، و ان لم تفعل فلك الحمد، غير جائر في حكمك، و لا متّهم في قضائك، و لا حائف في عدلك» و تلصق خدّك بالارض، و تقول: «اللهم انّ يونس بن متّى دعاك في بطن الحوت و هو عبدك فاستجبت له، و انا عبدك ادعوك فاستجب لي» ثم قال ابو عبد اللّه عليه السّلام: لربّما كانت الحاجة لي فادعوا بهذا الدعاء فارجع و قد قضيت (1).
قال: ان سورة الانعام نزلت جملة، و شيّعها سبعون الف ملك فعظموها و بجّلوها، فان اسم اللّه فيها في سبعين موضعا، و لو يعلم الناس ما في قراءتها من الفضل ما تركوها، ثم قال عليه السّلام: من كانت له الى اللّه تعالى حاجة يريد قضاءها فليصلّ اربع ركعات بفاتحة الكتاب و الانعام، و ليقل في دبر صلاته اذا فرغ من القراءة: «يا كريم يا كريم يا كريم، يا عظيم يا عظيم يا عظيم، يا اعظم من كل عظيم، يا سميع الدعاء، يا من لا تغيّره اللّيالي و الايام، صلّ على محمد و آله، و ارحم ضعفي و فقري و فاقتي و مسكنتي، فانك اعلم بها منّي، و انت اعلم
ص:408
بحاجتي، يا من رحم الشيخ يعقوب عليه السّلام حين ردّ عليه يوسف عليه السّلام قرّة عينه، يا من رحم ايوب عليه السّلام بعد طول بلائه، يا من رحم محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و من اليتم آواه، و نصره على جبابرة قريش و طواغيتها و امكنه منهم، يا مغيث [يا مغيث]يا مغيث. .» تقوله مرارا، فو الذي نفسي بيده لو دعوت بها، ثم سألت اللّه على جميع حوائجك إلاّ اعطاه (1).
قال: قال ابو عبد اللّه عليه السّلام: من كانت له إلى اللّه حاجة فليقصد الى مسجد الكوفة، و يسبغ وضوءه و يصلّي في المسجد ركعتين، يقرأ في كلّ واحدة منهما فاتحة الكتاب و سبع سور معها، و هي المعوذتان و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» و «قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ» و «إِذا جاءَ نَصْرُ اَللّهِ وَ اَلْفَتْحُ» و «سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى» و «إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ» فاذا فرغ من الركعتين و تشهّد و سلّم سأل اللّه حاجته، فانّها تقضى بعون اللّه ان شاء اللّه تعالى (2).
و هي اربع ركعات بالحمد و ما شاء من السور، ثم يقول: «إلهي ان كنت عصيتك فاني قد اطعتك في احبّ الاشياء اليك، لم اتخذ لك ولدا، و لم ادع لك شريكا، و قد عصيتك في اشياء كثيرة لا على وجه المكابرة لك، و لا الاستكبار عن عبادتك، و لا الجحود لربوبيّتك، و لا الخروج عن العبوديّة لك، و لكن اتّبعت هواي، و ازلّني الشيطان بعد الحجّة و البيان، فان تعذّبني فبذنوبي غير ظالم انت، و ان تعف عنّي و ترحمنى فبجودك و كرمك يا كريم» (3).
ص:409
يصلّي ركعتين، يقرأ في احداهما الحمد مرة و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ألف مرّة، و في الثانية: الحمد و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» مرّة، ثم يسأل اللّه تعالى حاجته (1).
قال: من كانت له حاجة الى اللّه مهمّة يريد قضاءها، فليغتسل، و ليلبس انظف ثيابه، و يصعد الى سطحه، و يصلّي ركعتين، ثم يسجد و يثني على اللّه تعالى، و يقول: «يا جبرئيل يا محمد انتما كافياي فاكفياني، و انتما حافظاي فاحفظاني، و انتما كالئاي فاكلآني» مائة مرّة. قال عليه السّلام: حقّ على اللّه تعالى ان لا يقول ذلك أحد إلاّ قضى اللّه تعالى حاجته (2).
قال: من كانت له حاجة فليقم جوف الليل و يغتسل و ليلبس اطهر ثيابه، و ليأخذ قلّة جديدة ملاء من ماء و يقرأ عليها القدر عشرا، ثم يرشّ حول مسجده و موضع سجوده، ثم يصلّي ركعتين بالحمد و القدر فيهما جميعا، ثم يسأل حاجته، فانه حريّ ان تقضى [حاجته]ان شاء اللّه تعالى (3).
قال: اذا حزنك أمر شديد فصلّ ركعتين، تقرأ في إحداهما الفاتحة و آية الكرسي، و في الثانية الحمد و «إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ اَلْقَدْرِ» ، ثمّ خذ المصحف و ارفعه فوق رأسك و قل: اللّهم بحقّ من ارسلته به الى خلقك، و بحقّ كلّ [آية فيه و بحق كلّ]من مدحته فيه عليك، و بحقّك عليه، و لا نعرف احدا اعرف بحقك منك يا سيدي يا اللّه (عشر مرات) ، بحقّ محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (عشرا) ، بحقّ علي عليه السّلام
ص:410
(عشرا) ، بحقّ فاطمة (عشرا) . بحق امام بعد كل امام تعدّه عشرا، حتى تنتهي الى امام حق الذي هو امام زمانك، فإنّك لا تقوم من مقامك حتّى يقضي اللّه حاجتك (1).
قال: اذا كانت للمرأة الى اللّه حاجة صعدت فوق بيتها، و صلّت ركعتين، و كشفت رأسها الى السماء، فإنّها اذا فعلت ذلك استجاب اللّه لها و لم يخيّبها (2).
احداها: ما عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من انّ من صلّى يوم الخميس اربع ركعات، يقرأ في الاولى منهنّ الحمد مرّة و الاخلاص احدى عشر مرّة، و في الثانية: الحمد مرّة و الاخلاص احدى و عشرين مرّة، و في الثالثة: الحمد مرّة و الاخلاص احدى و ثلاثين مرّة، و في الرابعة: الحمد مرّة و الاخلاص احدى و اربعين مرّة، كلّ ركعتين بتسليم، فاذا سلّم في الرابعة قرأ «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» احدى و خمسين مرّة، و قال: (اللهم صلّ على محمد و آل محمد) احدى و خمسين مرّة، ثمّ يسجد و يقول في سجوده: (يا اللّه يا اللّه) مائة مرّة، و يدعو بما شاء، و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من صلّى هذه الصّلاة و قال هذا القول، لو سأل اللّه في زوال الجبال لزالت، او في نزول الغيث لنزل، و انه لا يحجب ما بينه و بين اللّه، و انّ اللّه [تعالى]ليغضب على من صلّى هذه الصلاة و لم يسأله
ص:411
حاجته (1).
و الثانية: ما عن مولانا الصادق عليه السّلام، فانه دخل اليه اسماعيل بن قيس الموصلي فقال عليه السّلام له: ما هذا الغمّ و النفس؟ فقال: يا مولاي جعلت فداك قد و حقّك بلغ مجهودي و ضاق صدري، قال عليه السّلام: اين أنت عن صلاة الحوائج؟ قال: و كيف اصلّيها جعلت فداك؟ قال: اذا كان يوم الخميس بعد الضحى، فاغتسل و ائت مصلاّك و صلّ اربع ركعات، تقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و سورة القدر عشر مرّات [فاذا سلّمت فقلّ مائة مرّة: اللهم صلّ على محمد و آل محمد، ثم ارفع يديك الى السماء و قلّ: يا اللّه يا اللّه عشر مرات]، ثمّ تحرّك مسبحتك [سبحتك، و]تقول: يا ربّ. . يا ربّ حتّى ينقطع النفس، ثم تبسط كفيّك و ترفعهما تلقاء وجهك، و تقول: يا اللّه. . يا اللّه عشر مرّات، و قلّ: «يا افضل من رجي، يا خير من دعي، و يا اجود من سمح، و اكرم من سئل، يا من لا يعزب [خ. ل: يعزّ، يعير]عليه ما يفعله، يا من حيثما دعي اجاب، اسألك بموجبات رحمتك و عزائم مغفرتك، و اسألك باسمائك العظام، و بكل اسم هو لك عظيم، و اسألك بوجهك الكريم و بفضلك العظيم، و اسألك باسمك العظيم العظيم ديّان الدين محيي العظام و هي رميم، و اسألك بانّك اللّه لا إله إلاّ أنت، ان تصلّي على محمّد و آل محمّد، و ان تقضي حاجتي، و تيسّر لي من أمري فلا تعسّر عليّ، و تسهلّ لي مطلب رزقي من فضلك الواسع، يا قاضي الحاجات، يا قديرا على من لا يقدر عليه غيرك يا أرحم الراحمين و اكرم الاكرمين» قال عليه السّلام: افعلها مرّات.
قال الراوي-و هو المفضل بن عمر-: لما كان بعد الحول و كنّا في دار ابي عبد اللّه عليه السّلام اذ دخل علينا داود، فاخرج من كمّه كيسا، فقال:
ص:412
جعلت فداك هذه خمسمائة دينار وجبت عليّ ببركتك و بما علّمتنى من الخير (1).
و الثالثة: ما ذكره ابن طاووس رحمه اللّه قال: من كانت له حاجة مهمة فليغتسل يوم الخميس عند ارتفاع النهار قبل الزوال، و ليصلّ ركعتين، يقرأ في الاولى منهما: الحمد و آية الكرسي، و في الثانية: الحمد و آخر الحشر و سورة القدر، فاذا سلّم يأخذ المصحف فيرفعه فوق رأسه، ثم يقول: بحقّ من ارسلته به الى خلقك، و بحقّ كلّ آية لك فيه، و بحقّ كلّ مؤمن مدحته فيه، و بحقّك عليهم، و لا [فلا]احد اعرف بحقّك منك يا سيّدي يا اللّه» عشر مرّات (بحق محمّد) عشر مرات (بحقّ عليّ) عشر مرّات (بحقّ فاطمة) عشر مرّات. . ثم تعدّ كلّ امام عشر مرات حتّى تنتهي الى امام زمانك: (اصنع بي. . كذا و كذا) تقضى حاجتك ان شاء اللّه تعالى (2).
و هي اربع ركعات تقرأ في الأولى الحمد مرّة و يس مرّة، ثم تركع، فاذا رفعت رأسك من الركوع تقرأ: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي. . . إلى قوله تعالى يَرْشُدُونَ 3و تردّد ذكرها مائة مرّة، و تقرأ في الثانية: الحمد مرتين و يس مرّة و تقنت و تركع و ترفع رأسك و تقرأ المتقدم ذكرها مائة مرّة، ثم تسجد، فاذا فرغت من السجدتين تتشهّد و تنهض الى الثالثة من غير تسليم فتقرأ الحمد ثلاث مرات و يس مرّة، فاذا رفعت رأسك من الركوع تقرأ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اَللّهُ وَ هُوَ اَلسَّمِيعُ اَلْعَلِيمُ 4و تقرأ في الركعة الرابعة الحمد اربع مرات و يس مرّة، و تقرأ
ص:413
بعد الركوع ربّ أَنِّي مَسَّنِيَ اَلضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ اَلرّاحِمِينَ فاذا سلّمت سجدت و استغفرت اللّه مائة مرّة، و تضع خدّك الايمن على الارض و تصلّ على محمد و آله مائة مرّة، و تضع خدّك الايسر على الارض، و تقرأ إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (1)و تدعو بما شئت، فيستجاب لك ان شاء اللّه تعالى (2).
و هي ركعتان، تقرأ في كل منهما الحمد الى «إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ» ، و تكرّر «إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ» مائة مرّة، ثم تتمّ الحمد، ثم تقرأ التوحيد مائتي مرّة، فاذا اتيت بالركعتين هكذا سلّمت، ثم قلت: (لا حول و لا قوة إلا باللّه العليّ العظيم) سبعين مرّة، ثم سجدت و قلت مائتي مرّة: (يا ربّ يا ربّ) ثم تسأل كلّ حاجة [فتقضى]ان شاء اللّه تعالى (3).
و هي ركعتان، في كلّ ركعة الحمد و آية الكرسي مرّة مرّة، و الاخلاص خمس عشرة مرّة، فاذا سلّم صلّى على محمد و آله مائة مرّة (4).
و هي اربع ركعات بتسليمتين، في كل ركعة الحمد مرّة، و مائة مرّة وَ ذَا اَلنُّونِ إِذْ ذَهَبَ. . . 5الى قوله
ص:414
اَلْمُؤْمِنِينَ وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّهِ. . الى قوله سُوءُ اَلْعَذابِ (1)فاذا فرغ من صلاته قال مائة مرّة: (لا حول و لا قوة إلا باللّه العليّ العظيم) ، ثم يسأل حاجته، فانها مقضيّة ان شاء اللّه تعالى (2).
قال عجّل اللّه تعالى فرجه-على ما روي-: من كانت له الى اللّه حاجة فليغتسل ليلة الجمعة بعد نصف الليل و يأتي مصلاّه، و يصلّي ركعتين، يقرأ في الاولى الحمد، فاذا بلغ «إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ» يكررّها مائة مرّة، و يتمّ في المائة (3)الى آخرها، و يقرأ التوحيد مرّة واحدة، ثم يركع و يسجد و يسبح فيهما سبعة سبعة، و يصلّي الركعة الثانية على هيئتها، و يدعو بهذا الدعاء، فان اللّه تعالى يقضي حاجته البتة كائنا ما كان، إلا أن يكون في قطيعة رحم، و الدعاء: «اللهم ان اطعتك فالمحمدة لك، و ان عصيتك فالحجّة لك، منك الروح و منك الفرج، سبحان من انعم و شكر، سبحان من قدّر و غفر، اللهم ان كان [خ. ل: ان كنت]قد عصيتك فانّى قد اطعتك في احبّ الاشياء اليك و هو الايمان بك، لم اتخّذ لك ولدا، و لم ادع لك شريكا، منّا منك به عليّ. لا منّا منّي [به]عليك، و قد عصيتك يا إلهي على غير وجه المكابره، و لا الخروج عن عبوديّتك، و لا الجحود لربوبيّتك، و لكن اطعت هواي و ازلنّي الشيطان، فلك الحجة عليّ و البيان، فان تعذّبني فبذنوبي غير ظالم، و ان تغفر لي و ترحمني فانّك جواد كريم، يا كريم. .» حتّى ينقطع النفس. ثم يقول: «يا أمنا من كلّ شيء و كل شيء منك خائف حذر،
ص:415
اسألك بأمنك من كلّ شيء و خوف كل شيء منك ان تصلّي على محمد و آل محمد، و ان تعطيني امانا لنفسي و اهلي و مالي [و ولدي]و ساير ما انعمت به عليّ حتّى لا اخاف احدا، و لا احذر من شيء ابدا، انك على كل شيء قدير، و حسبنا اللّه و نعم الوكيل. يا كافي ابراهيم عليه السّلام نمرود، و يا كافي موسى [عليه السّلام]فرعون، و يا كافي محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم الاحزاب، اسألك أن تصلّي على محمد و آل محمد، و ان تكفيني شرّ. . فلان بن فلان» فيستكفي شرّ من يخاف شرّه، فانّه يكفى شرّه ان شاء اللّه تعالى، ثم يسجد و يسأل حاجته و يتضرّع الى اللّه تعالى، فانّه ما من مؤمن و لا مؤمنة صلّى هذه الصلاة و دعا بهذا الدعاء إلاّ فتحت له ابواب السماء للاجابة، و يجاب في وقته و ليلته كائنا ما كان، و ذلك من فضل اللّه تعالى علينا و على الناس (1).
قال: اذا كان لك مهمّ فصل اربع ركعات تحسن قنوتهنّ و اركانهنّ، تقرأ في الاولى الحمد مرّة و «حَسْبُنَا اَللّهُ وَ نِعْمَ اَلْوَكِيلُ» سبع مرّات، و في الثانية الحمد مرّة و قوله تعالى ما شاءَ اَللّهُ لا قُوَّةَ إِلاّ بِاللّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَ وَلَداً (2)سبع مرات، و في الثالثة الحمد مرّة و قوله لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ اَلظّالِمِينَ (3)سبع مرّات، و في الرابعة الحمد مرّة و أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اَللّهِ إِنَّ اَللّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (4)سبع مرّات، ثم يسأل حاجتك (5). و تسمى هذه الصلاة ب: صلاة المهمّات.
ص:416
و كذا ما روي عنه عليه السّلام من انّه إذا احزنه امر يلبس أنظف ثيابه و اسبغ الوضوء و صعد أعلى سطوحه، فصلّى اربع ركعات، في الاولى: الحمد و «إِذا زُلْزِلَتِ» ، و في الثانية الحمد و «إِذا جاءَ نَصْرُ اَللّهِ» ، و في الثالثة الحمد و «قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ» ، و في الرابعة الحمد و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ، ثم يرفع يديه الى السماء و يقول: «اللهم انّي اسألك باسمائك الّتي اذا دعيت بها على ابواب السماء للفتح انفتحت، و اذا دعيت به (خ. ل: بها) على مضائق الارضين للفرج انفرجت، و اسألك باسمائك الّتي اذا دعيت به (خ. ل: بها) على ابواب العسر لليسر تيسرّت، و اسألك باسمائك الّتي اذا دعيت بها على القبور انتشرت، صلّى على محمّد و آل محمّد و اقلبني بقضاء حاجتي» .
قال عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) : اذا و اللّه لا يزول قدمه حتّى تقضى حاجته ان شاء اللّه تعالى (1).
و اما الجملة الثانية من صلوات الحاجة و هي ذوات الخصوصية في حوائج خاصة.
فعن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال: اذا ظلمت بمظلمة فلا تدعو على صاحبك، فانّ الرجل يكون مظلوما فلا يزال يدعو حتى يكون ظالما، و لكن إذا ظلمت فاغتسل و صلّ ركعتين في موضع لا يحجبك عن السماء، ثم قلّ: «اللّهم ان -فلان بن فلان-قد ظلمني و ليس لي أحد اصول به عليه غيرك، فاستوف لي ظلامتي الساعة الساعة» فانك لا تلبث حتى ترى ما تحبّ (2).
ص:417
و زاد في رواية اخرى بعد: (الساعة) قول: «بالاسم الذي اذا سألك به المضطرّ اجبته فكشفت ما به من ضرّ، و مكّنت له في الارض، و جعلته خليفتك على خلقك، فاسألك ان تصلّي على محمد و آل محمد، و ان تستوفي ظلامتي الساعة الساعة» (1).
و ذكر الكفعمي رحمه اللّه مكان هذا الدعاء دعاء آخر رواه بعد هذه الصلاة عن علي عليه السّلام، و هو: «اللهم انّ-فلان بن فلان-ظلمني و اعتدى عليّ، و نصب لي و امضني و ارمضني و اذلّني و اخلقني، اللهم فكله الى نفسه، و هدّ ركنه، و عجل جائحته (2)و اسلبه نعمتك عنده، و اقطع رزقه، و ابتر عمره، و امح اثره، و سلّط عليه عدوّه، و خذه في مأمنه، كما ظلمني و اعتدى عليّ و نصب لي و امض و ارمض و اذلّ و اخلق. اللهم اني استعيدك [كذا، و لعله استعديك]على-فلان بن فلان-فاعدني، فانك اشدّ بأسا و أشد تنكيلا» قال عليه السّلام: فانه لا يمهل ان شاء اللّه تعالى . . يفعل ذلك ثلاثا (3).
روى الطبرسي رحمه اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: إذا عسر عليك امر، فصلّ [عند الزوال]ركعتين، تقرأ في الاولى بفاتحة الكتاب و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ، و «إِنّا فَتَحْنا» الى قوله «وَ يَنْصُرَكَ اَللّهُ نَصْراً عَزِيزاً» ، و في الثانية فاتحة الكتاب و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» و «أَ لَمْ نَشْرَحْ» [و قد جرّب] (4).
ص:418
فعن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: للامر المخوّف العظيم ركعتان-و هي التي كانت الزهراء (سلام اللّه عليها) تصلّيها-تقرأ في الركعة الاولى الحمد مرّة، و خمسين مرّة «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ، و في الركعة الثانية: مثل ذلك، فاذا سلّمت صلّيت على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم مائة مرّة (1).
و في رواية اخرى: عند الامر المخوف تصوم الاربعاء و الخميس و الجمعة و تصلي [فاذا كان وقت الافطار فصلّي]بين العشائين اثنتي عشرة ركعة، تقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و الاخلاص احدى عشر [اثنتي عشرة]مرّة، فإذا صلّيت أربع ركعات فا [سجد]قلت: [ثم قل]: «اللّهم يا سابق الفوت، و يا سامع الصوت، و يا محيي العظام بعد الموت و هي رميم (2)، أسألك باسمك العظيم الأعظم ان تصلّي على محمد عبدك و رسولك، و اهل بيته الطاهرين، و [ان]تعجل لي الفرج ممّا انا فيه برحمتك يا ارحم الراحمين» (3).
فعن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: اتّخذ مسجدا في بيتك، فاذا خفت شيئا فالبس ثوبين غليظين من اغلظ ثيابك فصلّ فيهما، ثم اجث على ركبتيك، فاصرخ الى اللّه و سله الجنة، و تعوّذ باللّه من شرّ الذى تخافه، و إيّاك ان يسمع اللّه منك كلمة بغي، و ان اعجبتك نفسك [و عشيرتك] (4).
ص:419
قال يونس بن عمار: شكوت الى ابي عبد اللّه عليه السّلام رجلا كان يؤذيني فقال لي: ادع عليه، فقلت: قد دعوت. فقال عليه السّلام: ليس هكذا، و لكن اقلع عن الذنوب، و صم و تصدّق و صلّ فاذا كان آخر الليل فاسبغ الوضوء فصلّ ركعتين، ثم قلّ و أنت ساجد: «اللهم انّ-فلان بن فلان-آذاني، اللهم اسقم بدنه، و اقطع اثره، و انقص اجلّه، و عجّل ذلك له في عامه هذا» قال: ففعلت فما لبث ان هلك (1).
و روى الطبرسي رحمه اللّه عن الأئمة المعصومين (عليهم السّلام) لدفع الاعداء و الخصماء و المعاندين، قال: تصلّي اربع ركعات بتشهدّين و سلامين، و تقرأ في الركعة الأولى سورة الحمد مرّة و سورة «إِذا جاءَ نَصْرُ اَللّهِ» عشر مرّات، و في الركعة الثانية: سورة الحمد مرّة و سورة «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» عشر مرّات، و في الركعة الثالثة: سورة الحمد مرّة و «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلْفَلَقِ» عشر مرّات، و في الركعة الرابعة سورة الحمد مرّة و سورة «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّاسِ» عشر مرّات، و بعد الفراغ من الصّلاة تصلّي على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ما استطعت، ثم تقول عشر مرّات: «يا فارج الهم، و يا كاشف الغم، و يا مجيب دعوة المضطّرين، خلّصنا من اعدائك» ، ثم تقول عشرا: «يا قاضي الحاجات» ، ثم تقول عشرا: «يا مجيب الدعوات خلّصنا من اعدائك» ثم تقول عشرا: «يا دليل المتحيّرين، و غياث المستغيثين خلّصنا من اعدائك» ثم تقول عشرا: «يا جليل يا كريم» ، ثم تقول عشرا: «حسبنا اللّه و نعم الوكيل نعم المولى و نعم النصير خلّصنا من اعدائك يا لطيف» ، ثم تقول: «و من يتوكّل على اللّه فهو حسبه خلّصنا من اعدائك يا حليم» ، ثم تقول مائة مرّة: «يا ربّ. . يا ربّ» ، ثم تسأل حاجتك فانّها تستجاب ان شاء اللّه تعالى (2).
ص:420
قال الطبرسي رحمه اللّه: اغتسل و صلّ ركعتين، و اكشف عن ركبتيك و اجعلهما ممّا تلي القبلة، و قل مائة مرّة «يا حيّ يا قيّوم [يا قيوم يا حيّ]، يا لا إله إلاّ أنت برحمتك استغيث، فصلّ على محمد و آل محمد، و أغثني الساعة الساعة» فاذا فرغت من ذلك فقل: «اسألك ان تصلّي على محمد و آل محمّد و ان تلطف لي، و ان تغلب لي، و ان تمكر لي، و ان تخدع لي، و ان تكيد لي، و ان تكفيني مؤونة-فلان- بلا مؤونة» (1)فإنّ هذا كان دعاء النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم غزوة أحد.
فروي عن الفضل بن الربيع انّ موسى بن جعفر عليهما السّلام كان في حبس الرشيد-لعنه اللّه-فامر ليلة باطلاقه و اعطائه جائزة، و لم يظهر لذلك سبب، فسئل موسى بن جعفر عليهما السّلام عنه، فقال: رأيت النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة الأربعاء في النوم، فقال لي: يا موسى! أنت محبوس مظلوم؟ فقلت: نعم. . الى ان قال : فقال: اصبح صائما و اتبعه بصيام الخميس و الجمعة، فاذا كان وقت الافطار فصل اثنتي عشرة ركعة، تقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و اثنتي عشرة مرّة «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ، فاذا صلّيت منها اربع ركعات فاسجد، ثم قل: «اللهم يا سابق الفوت، و يا سامع الصوت، و يا محيي العظام و هي رميم بعد الموت، اسألك باسمك العظيم الأعظم ان تصلي على محمد عبدك و رسولك و على أهل بيته الطاهرين، و ان تعجّل لي الفرج مما انا فيه» ففعلت فكان الذي رأيت (2).
و في خبر آخر انه عليه السّلام لما حبس فجنّ عليه الليل فخاف ناحية هارون
ص:421
ان يقتله، فجدّد عليه السّلام طهوره و استقبل القبلة بوجهه، و صلّى للّه عز و جل اربع ركعات، ثم دعا بهذه الدعوات، فقال: «يا سيدي! نجّني من حبس هارون، و خلّصني من يده، يا مخلّص الشجر من بين رمل و طين [و ماء]، و يا مخلّص اللبن من بين فرث و دم، و يا مخلّص الولد من بين مشيمة و رحم، و يا مخلص النار من بين حديد و حجر، و يا مخلص الارواح من بين الاحشاء و الامعاء، خلّصني من يد هارون» فلما دعا عليه السّلام بهذه الدعوات اتى هارون رجل اسود في منامه و بيده سيف قد سلّه فوقف على رأس هارون، و هو يقول: (يا هارون! اطلق عن موسى بن جعفر (عليهما السّلام) و إلاّ ضربت علاوتك بسيفي هذا) فخاف هارون من هيبته، ثم دعا الحاجب فقال له: اذهب إلى السجن فاطلق عن موسى بن جعفر (عليهما السّلام) الحديث (1).
فقد روى سليمان الديلمي قال: جاء رجل الى الصادق عليه السّلام فقال: يا سيّدي! اشكو اليك دينا ركبني، و سلطانا غشمني، فقال: إذا جنّك الليل فصلّ ركعتين، اقرأ في الأولى منهما الحمد و آية الكرسي، و في الركعة الثانية: الحمد و آخر سورة الحشر لَوْ أَنْزَلْنا هذَا اَلْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ. . . الى آخر السورة، ثم خذ المصحف و دعه على رأسك، و قلّ: «بحقّ هذا القرآن، و بحقّ من ارسلته به، و بحقّ كل مؤمن مدحته فيه، و بحقّك عليهم فلا احد اعرف بحقّك منك، يا اللّه-عشر مرات-، يا محمد-عشر مرات-، يا علي-عشر مرات-، يا حسن-عشر مرات- يا حسين-عشر مرات-يا علي بن الحسين-عشر مرات-، يا محمد بن علي -عشر مرات-، يا جعفر بن محمد-عشر مرات-، يا موسى بن جعفر-عشر مرات-، يا علي بن موسى-عشر مرات-يا محمد بن علي-عشر مرات-يا علي بن محمد
ص:422
-عشر مرات-، يا حسن بن علي-عشر مرات-، يا الحجة [بالحجة]-عشر مرات-» ثم تسأل حاجتك، قال: فمضى الرجل و عاد اليه بعد مدة، و قد قضي دينه و صلح له سلطانه، و عظم يساره (1).
فروى ابن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: جاء رجل إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فقال: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: انّي ذو عيال و عليّ دين و قد اشتدّت حالتي [خ. ل: حالي]، فعلّمني دعاء إذا دعوت اللّه رزقني ما اقضي به ديني و استعين به على عيالي، فقال: يا عبد اللّه! توضّأ و اسبغ وضوءك، ثم صلّ ركعتين تتّم الركوع و السجود فيهما، ثم قل: «يا ماجد يا واحد يا كريم اتوجّه إليك بنبيّك نبيّ الرحمة، يا محمد يا رسول اللّه انّي اتوجه بك إلى اللّه ربّك و ربّ كلّ شيء ان تصلّي على محمد و على أهل بيته، و اسألك نفحة من نفحاتك، و فتحا يسيرا، و رزقا واسعا، الّم به شعثي، و اقضي به ديني، و استعين به على عيالي» (2).
و روى في مكارم الاخلاق صلاتين اخريين لقضاء الدين (3).
ففي رواية هشام بن سالم عن ابي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا تتركوا ركعتين بعد العشاء الآخرة فانّها مجلبة للرزق، تقرأ في الاولى الحمد و آية الكرسي و «قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ» ، و في الثانية: الحمد و ثلاث عشرة مرّة «قُلْ هُوَ اَللّهُ
ص:423
أَحَدٌ» ، فاذا سلمت فارفع يدك و قل: «اللهم انّي اسألك يا من لا تراه العيون، و لا تخالطه الظنون، و لا يصفه الواصفون، يا من لا تغيّره الدهور، و لا تبليه الازمنة، و لا تحليه [تحيله]الامور، يا من لا يذوق الموت، و لا يخاف الفوت، يا من لا تضرّه الذنوب، و لا تنقصه المغفرة، صلّ على محمد و آله، و هبّ لي ما لا ينقصك، و اغفر لي ما لا يضرّك، و افعل بي. . كذا و كذا» . و تسأل حاجتك و قال: من صلاّها بنى اللّه له بيتا في الجنّة (1).
و روى في مكارم الاخلاق عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: اذا رأيت في معاشك ضيقا، و في امرك التيانا (2)، فانزل حاجتك باللّه تعالى و جلّ، و لا تدع صلاة الاستغفار، و هي ركعتان، تفتح الصلاة و تقرأ الحمد و «إِنّا أَنْزَلْناهُ» مرّة واحدة في كل ركعة، ثم تقول-بعد القراءة-: استغفر اللّه خمس عشر مرّة، ثم تركع فتقولها عشرا هيئة صلاة جعفر، يصلح اللّه لك شأنك كلّه ان شاء اللّه تعالى (3).
و روي فيه-ايضا-صلاة اخرى للرزق، و هي ركعتان في كل ركعة فاتحة الكتاب و خمس عشرة مرّة سورة قريش، و بعد التسليم يصلّي عشر مرّات على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و يسجد و يقول عشر مرّات: «اللهمّ اغنني بفضلك عن خلقك» (4).
و روى عبد العزيز عن ابي عبد اللّه (عليه السّلام) انّ رجلا قال له: انّي فقير. فقال: استقبل يوم الاربعاء فصمه و اتله بالخميس و الجمعة ثلاثة ايام، فاذا كان في ضحى يوم الجمعة فزر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من اعلى
ص:424
سطحك او في فلاة من الارض حيث لا يراك أحد، ثم صلّ مكانك ركعتين، ثم اجث على ركبتيك و افض بهما الى الارض و انت متوجّه الى القبلة [واضعا]يدك اليمنى فوق اليسرى و قلّ: «[اللهم]أنت أنت انقطع الرجاء إلاّ منك، و خابت الآمال الا فيك، يا ثقة من لا ثقة له، لا ثقة لي غيرك، اجعل لي من امري فرجا و مخرجا و ارزقني من حيث احتسب و من حيث لا احتسب» ثم اسجد على الارض و قلّ: «يا مغيث اجعل لي رزقا من فضلك» فلن يطلع عليك نهار يوم السبت إلاّ برزق جديد (1).
فقد روي عن ابن طيار قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السّلام: انّه كان في يدي شيء و تفرّق، و ضقت ضيقا شديدا، فقال لي: أ لك حانوت في السوق؟ قلت: نعم، و قد تركته، قال: اذا رجعت الى الكوفة فاقعد في حانوتك و اكنسه، فاذا اردت ان تخرج الى سوقك فصلّ ركعتين او اربع ركعات، ثم قلّ في دبر صلاتك: «توجهت بلا حول منّي و لا قوّة و لكن بحولك و قوّتك، و أبرأ اليك من الحول و القوة إلاّ بك، فانت حولي و بك قوّتي، اللهمّ فارزقني من فضلك الواسع رزقا كثيرا طيّبا و أنا خافض في عافيتك فانّه لا يملكها أحد غيرك» . . . الى أن قال: فما زلت حتّى ركبت الدواب و اشتريت الرقيق و بنيت الدور (2).
و روى في الوسائل (3)و المستدركات (4)صلوات اخر لطلب الرزق و عند الخروج الى السوق قريبة ممّا ذكر، فراجع.
ص:425
فقد روى شعيب عن ابي عبد اللّه عليه السّلام انه قال: من جاع فليتوضّأ و ليصلّ ركعتين، ثم يقول: «يا ربّ انّي جايع فاطعمني» ، فانّه يطعم من ساعته (1).
و روي في خبر طويل ذكر فيه جوع سيّدة النساء و ابيها و زوجها و ولديها (صلوات اللّه عليهم اجمعين) انّها دخلت بيتها و صلّت ركعتين، قرأت في اولهما الحمد و ألم السجدة، و في الثانية: الحمد و سورة الانعام، فلما سلّمت دعت فانزل اللّه عليها مائدة (2).
ففي خبر ابي علي الخزاز قال حضرت ابا عبد اللّه عليه السّلام و اتاه رجل فقال له: جعلت فداك، اخي به بليّة استحيي ان اذكرها، فقال عليه السّلام: استر ذلك و قل له يصوم الأربعاء و الخميس و الجمعة، و يخرج إذا زالت الشمس، و يلبس ثوبين أمّا جديدين، و أمّا غسيلين حيث لا يراه أحد، فيصلّي و يكشف عن ركبتيه و يتمطّى براحتيه الأرض و جنبيه، و يقرأ في صلاته فاتحة الكتاب عشر مرّات، و «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» عشر مرّات، فاذا ركع قرأ خمس عشرة مرّة «قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ» ، فاذا سجد قرأها عشرا، فاذا رفع رأسه قبل ان يسجد قرأها عشرين مرّة، يصلي اربع ركعات على مثل هذا، فاذا فرغ من التشهّد قال: «يا معروفا بالمعروف يا اول الأولين يا آخر الآخرين يا ذا القوّة المتين، يا رازق المساكين، يا ارحم الراحمين، اني اشتريت نفسي منك بثلث ما املك فاصرف
ص:426
عنّي ما ابتليت به إنّك على كل شيء قدير» (1).
و قال الصادق عليه السّلام لسماعة: ان احدكم إذا مرض دعا الطبيب و اعطاه، و ان كان له حاجة الى سلطان رشا البواب و اعطاه، و لو ان احدكم إذا فدحه امر فزع الى اللّه عزّ و جلّ فتطهّر و تصدّق بصدقة قلّت أو كثرت، ثم دخل المسجد فصلّى ركعتين فحمد اللّه و اثنى عليه و صلّى على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلم و اهل بيته (عليهم السّلام) ، ثم قال: «اللهم ان عافيتني من مرضي او رددتني من سفري او عافيتني مما اخاف من. . كذا و كذا» إلاّ آتاه اللّه ذلك، و هي اليمين الواجبة، و ما جعل اللّه عليه في الشكر (2).
و روى الكفعمي مسندا عن الصادق عليه السّلام قال: من نزل به كرب فليغتسل و ليصلّ ركعتين، ثم يضطجع و يضع خده الأيمن على يده اليمنى، و يقول: «يا معزّ كل ذليل و مذلّ كل عزيز، و حقّك لقد شقّ عليّ كذا و كذا» و يسمّي ما نزل به، يكشف [اللّه]كربه ان شاء اللّه تعالى (3).
و هي الصلاة السابعة من صلوات يوم الجمعة المزبورة.
فروي عن أمير المؤمنين عليه السّلام انه قال: إني إذا اشتقت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اصلّي صلاة العبهر في أيّ يوم كان فلا ابرح من مكاني حتى ارى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في المنام، قال عليّ بن
ص:427
منهال: جرّبته سبع مرّات، و هي: اربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة و إِنّا أَنْزَلْناهُ عشر مرّات، و يسبّح خمس عشرة مرّة ب «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه اكبر» ثم يركع و يقول ثلاث مرّات: «سبحان ربّي العظيم» ، و يسبح عشر مرّات، ثم يرفع رأسه و يسبّح ثلاث مرّات، ثم يسجد و يسبّح خمس عشرة مرّة، ثم يرفع رأسه و ليس فيما بين السجدتين شيء، ثم يسجد ثانيا كما وصفت إلى ان يتمّ اربع ركعات بتسليمة واحدة، فاذا فرغ لا يكلّم أحدا حتى يقرأ فاتحة الكتاب عشر مرّات، و «إِنّا أَنْزَلْناهُ» عشر مرّات، و يسبح ثلاثا و ثلاثين مرّة، ثم يقول: «صلّى اللّه على النبي الأميّ، جزى اللّه محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم عنّا ما هو أهله و مستحقّه» ثلاثا و ثلاثين مرّة، من فعل هذا وجد ملك الموت و هو ريّان (1).
و روى في البحار عن مجموع الدعوات لأبي محمد هارون بن موسى التلعكبري قال: من اراد ان يرى النبّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في منامه فليقم ليلة الجمعة فيصلّي المغرب ثم يدوم على الصلاة إلى ان يصلي العتمة و لا يكلم احدا، ثمّ يصلّي و يسلم في ركعتين يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ ثلاث مرّات، فاذا فرغ من صلاته انصرف، ثم صلّى ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب مرّة واحدة، و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ سبع مرّات، و يسجد بعد تسليمه و يصلّي على النبّي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم سبع مرّات، و يقول: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه» سبع مرّات، ثم يرفع رأسه من السجود و يستوي جالسا و يرفع يديه، و يقول: «يا حيّ يا قيّوم يا ذا الجلال و الاكرام، يا إله الأولين و الآخرين، يا رحمن الدّنيا و الآخرة و رحيمهما، يا ربّ يا ربّ. .» ثم يقول رافعا يديه «يا ربّ» ثلاثا «يا
ص:428
عظيم الجلال» ثلاثا «يا بديع الكمال، يا كريم الفعال، يا كثير النوال، يا دائم الافضال، يا كريم يا متعال، يا اوّل بلا مثال، يا قيّوم بغير زوال، يا واحد بلا انتقال، يا شديد المحال، يا رازق الخلائق على كلّ حال، ارني وجه حبيبي و حبيبك محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في منامي يا ذا الجلال و الاكرام» ثم ينام في فراشه مستقبل القبلة على يمينه، و يلزم الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم حتى يذهب به النوم، فانّه يراه في منامه ان شاء اللّه تعالى (1).
ففي مرفوعة سدير عن الصّادقين عليهما السّلام انهّما قالا: تكتب بزعفران الحمد و آية الكرسي و إِنّا أَنْزَلْناهُ، و يس، و الواقعة، و سَبَّحَ لِلّهِ الحشر، و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ و المعوذّتين في اناء نظيف، ثم تغسله (2)بماء زمزم، او بماء المطر، او بماء نظيف، ثمّ تلقي عليه مثقالين لبانا، و عشرة مثاقيل سكرا، و عشرة مثاقيل عسلا، ثم تضعه (3)تحت السماء بالليل و يوضع على رأسه حديد، ثمّ تصلّي آخر الليل ركعتين تقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ خمسين مرّة، فإذا فرغت من صلاتك شربت الماء على ما وصفت لك، فانه جيّد مجرّب للحفظ ان شاء اللّه تعالى (4).
فروى الطبرسي رحمه اللّه في مكارم الاخلاق عن الصادق عليه السّلام
ص:429
قال: ليس من مؤمن يمّر عليه اربعون صباحا إلاّ حدّث نفسه، فليصل ركعتين و ليستعذ باللّه من ذلك (1).
فروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من اراد ان يحبل له، فليصل ركعتين بعد الجمعة يطيل فيهما الركوع و السجود، ثم يقول: «اللهم انّي اسألك بما سألك به زكريّا إذ قال: رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلْوارِثِينَ، اللهم هبّ لي ذرية طيّبة انكّ سميع الدعاء، اللهم باسمك استحللتها، و في امانتك اخذتها، فان قضيت لي في رحمها ولدا فاجعله غلاما، و لا تجعل للشيطان فيه نصيبا و لا شريكا» (2).
و روى في مكارم الاخلاق عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: اذا اردت الولد فتوضأ سابغا، و صلّ ركعتين و حسّنهما، و اسجد بعدهما سجدة، و قل: «استغفر اللّه» احدى و سبعين مرّة، ثم تغشى امرأتك، و قل: «اللهم ان ترزقني ولدا لاسمّيه [خ. ل: لاسميّنه]باسم نبيك [محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلم]» ، فان اللّه يفعل ذلك (3)الخبر.
و قد مرّ في ضمن الخبر السابع من اخبار صلوات يوم الجمعة ان ما تضمّنها من الصلوات تنفع لمن اراد الولد.
فعن اسماعيل الارقط-ابن اخت مولانا الصادق عليه السّلام-قال:
ص:430
مرضت في شهر رمضان مرضا شديدا حتى ثقلت فجزعت امّي، فقال لها ابو عبد اللّه عليه السّلام: اصعدي إلى فوق البيت و ابرزي إلى السماء و صلّى ركعتين، فإذا سلّمت فقولي: «اللّهم و هبته لي و لم يك شيئا، اللّهم إنّي استوهبكه مبتدأ فاعرنيه» قال: ففعلت فافقت و قعدت، فدعوا بسحور لهم هريسة فتسحّروا بها و تسحرت معهم (1).
رواها الطبرسي قال: اذا احسست من نفسك بفترة فلا تدع عند ذلك صلاة العفو، و هي ركعتان بالحمد و إِنّا أَنْزَلْناهُ مرة واحدة في كلّ ركعة، و تقول بعد القراءة: «ربّ عفوك عفوك. .» خمس عشرة مرّة، ثم تركع و تقول بعد ذلك عشرا، و تتم الصلاة كمثل صلاة جعفر (2).
فروى ابن طاووس (رحمه اللّه) مسندا عن انس قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يوم الأحد في شهر ذي القعدة، فقال: ايها النّاس! من كان منكم يريد التوبة؟ قلنا: كلّنا نريد التوبة يا رسول اللّه، فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: اغتسلوا و توضّأوا و صلّوا اربع ركعات، و اقرأوا في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة، و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ ثلاث مرات و المعوذّتين مرّة، ثم استغفروا سبعين مرّة، ثم اختموا ب «لا حول و لا قوة إلاّ باللّه العلّي العظيم» ، ثم قولوا: «يا عزيز يا غفار اغفر لي ذنوبي و ذنوب جميع المؤمنين و المؤمنات،
ص:431
فإنه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت» ثم قال: ما من عبد من أمتّي فعل هذا إلاّ نودي من السماء يا عبد اللّه! استأنف العمل فإنك مقبول التوبة و مغفور الذنب، و ينادي ملك من تحت العرش: ايّها العبد بورك عليك و على اهلك و ذريّتك، [و ينادي منادي آخر: أيّها العبد ترضى خصمائك يوم القيامة، و ينادي ملك آخر: ايها العبد تموت على الايمان و لا اسلب منك الدين و يفسح في قبرك و ينوّر فيه] و ينادي مناد آخر: ايها العبد يرضى ابواك و ان كانا ساخطين، و غفر لابويك و لك و لذريتك، و انت في سعة من الرزق في الدنيا و الآخرة، و ينادي جبرئيل: انا الذي آتيك مع ملك الموت و اوصيه ان يرفق بك و لا يخدشك أثر الموت، إنما تخرج الروح من جسدك سلا، قلنا: يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم! لو ان عبدا يقول [هذا]؟ في غير [هذا]الشهر. فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: مثل ما وصفت، و إنّما علمّني جبرئيل هذه الكلمات يوم اسري بي (1).
و في الدعائم عن عليّ عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من اذنب ذنبا فاشفق منه فليسبغ الوضوء، ثم ليخرج إلى براز من الأرض حيث لا يراه احد فيصلّي ركعتين، ثم يقول: اللهم اغفر لي ذنب. . كذا و كذا، فانّه كفارة له (2).
فقد روى في مكارم الاخلاق عن مولانا الصادق عليه السّلام قال: تصلّي ركعتين و تسلّم و تسجد و تثني على اللّه تعالى و تحمده و تصلّي على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و تقول: «يا محمّد يا جبرئيل يا جبرئيل يا محمّد اكفياني ممّا انا
ص:432
فيه فانّكما كافيان، و احفظاني باذن اللّه فانكما حافظان» . [يقولها مائة مرّة] (1).
فعن أمير المؤمنين عليه السّلام انه قال: تصلّي ركعتين تقرأ في الأولى: الحمد و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ ألف مرّة، و في الثانية الحمد و قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ مرّة، ثم تتشهّد و تسلّم و تدعو بدعاء الفرج، و تقول: «اللهم يا من لا تراه العيون و لا تخالطه الظنون، يا من لا يصفه الواصفون، يا من لا تغيره الدهور، يا من لا يخشى الدوائر، يا من لا يذوق الموت، يا من لا يخشى الفوت، يا من لا تضرّه الذنوب و لا تنقصه المغفرة، يا من يعلم مثاقيل الجبال، و كيل البحار [البحور]، و عدد الامطار، و ورق الاشجار، و دبيب الذر، و لا يوارى منه سماء سماء، و لا ارض أرضا، و لا بحر ما في قعره، و لا جبل ما في وعره، و يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور، و ما اظلم عليه الليل و اشرق عليه النهار، اسألك باسمك المخزون المكنون الذي في علم الغيب عندك، و اختصصت به لنفسك، و اشتققت منه اسمك فإنك أنت اللّه لا إله إلاّ أنت وحدك وحدك وحدك، لا شريك لك، الذي اذا دعيت به أجبت، و اذا سألك [خ. ل: سئلت]به اعطيت، و اسألك بحق انبيائك المرسلين، و بحقّ حملة العرش، و بحقّ ملائكتك المقربين، و بحق جبرئيل و ميكائيل و اسرافيل، و بحق محمد و عترته صلواتك عليهم ان تصلي على محمد و آل محمد، و ان تجعل خير عمري آخره، و خير اعمالي خواتيمها، و اسألك مغفرتك و رضوانك يا ارحم الراحمين» (2).
ص:433
تصلي ركعتين و تأخذ المصحف فترفعه إلى اللّه تعالى، و تقول: «اللهم انّي اتوجّه إليك بما فيه، و فيه اسمك الأكبر و اسماؤك الحسنى، و ما به يخاف و يرجى، اسألك انّ تصلّي على محمد و آل محمد و تقضي حاجتي» و تسمّي حاجتك (1).
فعن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال: إذا كانت لأحدكم استغاثة إلى اللّه تعالى فليصلّ ركعتين، ثم يسجد و يقول: «يا محمّد! يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يا عليّ! يا وليّ اللّه يا سيّد المؤمنين و المؤمنات بكما استغيث إلى اللّه تعالى، يا محمّد يا عليّ استغيث بكما، يا غوثاه يا اللّه و بمحمد و عليّ و فاطمة -. . . و تعّد الأئمة عليهم السّلام-بكم اتوسّل إلى اللّه عز و جل» فإنّك تغاث من ساعتك بإذن اللّه تعالى (2).
اذا هممت بالنوم في الليل، فضع عند رأسك اناءا نظيفا فيه ماء طاهر، و غطّه بخرقة نظيفة، فإذا انتبهت لصلاتك في آخر الليل فاشرب من الماء ثلاث جرع، ثم توّضأ بباقيه، و توجّه إلى القبلة، و اذّن و اقم و صلّ ركعتين تقرأ فيهما ما تيّسر من القرآن، فاذا فرغت من القراءة قلت في الركوع: (يا غياث المستغيثين) خمسا و عشرين مرّة، ثم ترفع رأسك و تقول مثل ذلك، ثم تجلس و تقول مثل ذلك، و تسجد و تقوله، و تنهض إلى الثانية، و تفعل كفعلك في الأولى
ص:434
و تسلّم، و قد أكملت ثلاثمائة مرّة ما تقوله، و ترفع رأسك إلى السماء و تقول ثلاثين مرّة: (من العبد الذليل إلى المولى الجليل) . و تذكر حاجتك، فان الاجابة تسرع بإذن اللّه تعالى (1).
تصلّي أربع ركعات بفاتحة الكتاب مرّة، و الاخلاص سبع مرّات، و آية الكرسي مرّة، فإذا سلّم يقول: «صلّى اللّه على محمّد النبيّ الأمّي و آله عليه و عليهم الصلاة و السّلام» ثم يسبّح و يحمد و يهلّل و يكبّر فيعطيه اللّه ما وعد (2).
و روى الثمالي عن مولانا الباقر عليه السّلام قال: كان يقول لولده: يا بنّي! إذا اصابتكم مصيبة من الدّنيا، او نزلت بكم فاقة، فليتوّضأ الرّجل فليحسن وضوءه، فليصلّ أربع ركعات أو ركعتين، فإذا انصرف من صلاته فليقل: «يا موضع كلّ شكوى، يا سامع كلّ نجوى، يا شافي كلّ بلاء، يا عالم كل خفّية، و يا كاشف ما يشاء من بليّة، يا نجّي [موسى]، يا مصطفي محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، يا خليل ابراهيم عليه السّلام، ادعوك دعاء من اشتدّت فاقته، و ضعفت قوّته، و قلّت حيلته، دعاء الغريب الغريق الفقير الذي لا يجد لكشف ما هو فيه إلاّ أنت يا أرحم الراحمين، لا إله إلاّ أنت سبحانك انّي كنت من الظالمين» . قال الثمالي: قال السجاد عليه السّلام: لا يدعو بها رجل اصابه بلاء إلاّ فرج اللّه تعالى عنه (3).
و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه كان اذا اصيب بمصيبة قام
ص:435
فتوّضأ و صلّى ركعتين، و قال: اللهم قد فعلت ما امرتنا فانجز لنا ما وعدتنا (1).
فقد روى حماد اللحام قال: اتى رجل ابا عبد اللّه عليه السّلام فقال: انّ فلانا ابن عمك ذكرك فما ترك شيئا من الوقيعة و الشتيمة إلاّ قاله فيك، فقال ابو عبد اللّه عليه السّلام للجارية: ايتيني بوضوء، فتوضّأ و دخل، فقلت في نفسي يدعو عليه، فصلّى ركعتين فقال: «يا رب هو حقّي قد و هبته له و انت اجود منّي و اكرم، فهبه لي و لا توآخذه بي و لا تقايسه» ثم رقّ فلم يزل يدعو، فجعلت اتعجّب (2).
و روى حمّاد البشير قال: كنت عند عبد اللّه بن الحسن و عنده اخوه الحسن بن الحسن فذكرنا ابا عبد اللّه عليه السّلام فنال منه، فقمت من ذلك المجلس فاتيت ابا عبد اللّه عليه السّلام ليلا فدخلت عليه، و هو في فراشه قد اخذ الشعار (3)فخبّرته بالمجلس الذي كنّا فيه، و ما يقول حسن، فقال: يا جارية ضعي لي ماء، فاتي به فتوّضأ و قام في مسجد بيته، فصلّى ركعتين، ثم قال: «يا ربّ ان فلانا أتاني بالذي اتاني عن الحسن و هو يظلمني، و قد غفرت له فلا تأخذه و لا تقايسه يا رب» فقال: لم يزل يلحّ في الدعاء على ربّه، ثم التفت اليّ فقال: انصرف رحمك اللّه، فانصرفت ثم زاره بعد ذلك (4).
ص:436
و هي ركعتان، في كل ركعة الفاتحة و عشر مرّات قُلِ اَللّهُمَّ مالِكَ اَلْمُلْكِ الآية (1)، فاذا سلم يقول عشرا رَبِّ اِغْفِرْ وَ اِرْحَمْ وَ أَنْتَ خَيْرُ اَلرّاحِمِينَ (2)و عشر مرات: (اللهم صلّ على محمد و آل محمد) ثم يسجد و يقول: رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَ هَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ اَلْوَهّابُ (3)(4).
و هنا صلاة اخرى: ركعتان في كل ركعة فاتحة الكتاب، و خمس عشرة مرّة سورة قريش، و بعد التسليم يصلّي عشر مرّات على النّبي و آله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، ثم يسجد و يقول عشر مرات: «اللهم اغنني بفضلك عن خلقك» (5).
فعن الكاظم عليه السّلام انه قال: تصلّي ما بدا لك، فاذا فرغت فالصق خدك بالأرض، و قل: «يا قوة كل ضعيف، يا مذلّ كل جبّار، قد و حقّك بلغ خوفك مجهودي ففرّج عنّي» ثلاث مرات، ثم ضع خدّك الأيسر على الأرض، و قل: «يا مذلّ كل جبّار، يا معزّ كل ذليل، قد و حقك أعيا صبري ففرّج عنّي»
ص:437
ثلاث مرات، ثم تقلب خدك الأيسر، و تقول مثل ذلك ثلاث مرات، ثم تضع جبهتك على الأرض، و تقول: «اشهد انّ كل معبود من دون عرشك الى قرار ارضك باطل إلاّ وجهك، تعلم كربتي ففرّج عنّي» . . ثلاث مرات، ثم اجلس و انت مترسل، و قل: «اللهم أنت الحيّ القيّوم العليّ العظيم الخالق البارىء المحيى المميت البدىء البديع، لك الكرم و لك الحمد و لك المنّ و لك الجود وحدك لا شريك لك، يا واحد يا احد يا صمد يا من لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد، كذلك اللّه ربّي (ثلاث مرات) صلّ على محمد و آله الصادقين و افعل بي. . كذا و كذا» (1).
تصوم ثلاثة أيام، و تغتسل في اليوم الثالث عند الزوال، و ابرز لربّك و ليكن معك خرقة نظيفة، و صلّ اربع ركعات، تقرأ فيهن ما تيسّر من القرآن، و اخضع بجهدك، فاذا فرغت من صلاتك فالق ثيابك، و اتّزر بالخرقة، و الصق خدّك الايمن بالارض، ثم قل: «يا واحد يا ماجد يا كريم يا حنّان يا قريب يا مجيب يا ارحم الراحمين صلّ على محمد و آل محمد و اكشف ما بي من ضرّ و معرّة، و البسني العافية في الدّنيا و الآخرة، و امنن عليّ بتمام النعمة، و اذهب ما بي فانه قد اذاني و غمّني» . و قال الصادق عليه السّلام: انه لا ينفعك حتى تتيقّن انه ينفعك فتبرء منها (3).
و روى عبد اللّه بن سنان ان رجلا من الشيعة شكا الى ابي عبد اللّه من
ص:438
سلعة ظهرت به فقال ابو عبد اللّه عليه السّلام: صم ثلاثة أيام، ثم اغتسل في اليوم الرابع عند زوال الشمس، و ابرز لربّك، و ليكن معك خرقة نظيفة، فصلّ اربع ركعات، و اقرأ فيها ما تيسّر من القرآن، و اخضع بجهدك، فاذا فرغت من صلاتك فالق ثيابك، و اتّزر بالخرقة، و الصق خدّك الايمن على الارض، ثم قلّ بابتهال و تضرّع و خشوع: «يا واحد يا احد يا كريم يا جبّار يا قريب يا مجيب يا ارحم الراحمين صلّ على محمد و آل محمد، و اكشف ما بي من مرض، و البسنى العافية الكافية الشافية في الدّنيا و الآخرة، و امنن عليّ بتمام النّعمة، و اذهب ما بي فقد اذاني و غمّني» . فقال له ابو عبد اللّه عليه السّلام: و اعلم انّه لا ينفعك حتى لا تخالج في قلبك خلافه، و تعلم انه ينفعك. قال: ففعل الرجل ما امر به جعفر الصادق عليه السّلام فعوفي منها (1).
رواها ابو امامة عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انه قال: تكتب في اناء نظيف بزعفران: «اعوذ بكلمات اللّه التامات، و اسمائه كلّها عامّة، من شرّ السامّة و الهامّة و العين اللاّمة، وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ، بسم اللّه الرحمن الرحيم اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ اَلْعالَمِينَ» [تتمّ]السورة، و سورة الاخلاص، و المعوذّتين، و ثلاث آيات من سورة البقرة، و هي قوله تعالى: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ إلى قوله يَعْقِلُونَ (2)، و آية الكرسي و آمَنَ اَلرَّسُولُ. . الى آخر السورة (3)، و عشر آيات من سورة آل عمران من أوّلها (4)، و عشر من آخرها [و هي]:
ص:439
إِنَّ فِي خَلْقِ اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ (1)، و اوّل آية من النساء (2)، و اوّل آية من الاعراف (3)، و قوله تعالى إِنَّ رَبَّكُمُ اَللّهُ اَلَّذِي خَلَقَ الى قوله رَبُّ اَلْعالَمِينَ (4)قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ اَلسِّحْرُ إِنَّ اَللّهَ سَيُبْطِلُهُ (5)الآية، وَ أَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا. . الى قوله حَيْثُ أَتى (6)و عشر آيات من اوّل الصافّات 7، ثم تغسله ثلاث مرات، و تتوضّأ وضوء الصلاة، و تحسو منه ثلاث حسوات، و تمسح به وجهك و ساير جسدك، ثم تصلّي ركعتين و تستشفي اللّه تعالى، تفعل ذلك ثلاثة ايام، قال حسان: قد جرّبناه فوجدناه ينفع باذن اللّه 8.
ففي مرفوعة محمد بن الحسن الصفار، قال: دخلت على ابي عبد اللّه عليه السّلام و انا محموم، فقال لي: مالى اراك منقبضا؟ فقلت: جعلت فداك،
ص:440
حمّى اصابتني فقال: إذا حمّ أحدكم فليدخل البيت وحده، و يصلّي ركعتين، و يضع خدّه الأيمن على الارض، و يقول (يا فاطمة بنت محمد) عشر مرات (أ تشفع بك الى اللّه فيما نزل بي) فانه يبرأ ان شاء اللّه تعالى (1).
و روى ايضا انّ صلاة الحمّى ركعتان، يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب ثلاث مرّات، و قوله تعالى أَلا لَهُ اَلْخَلْقُ وَ اَلْأَمْرُ تَبارَكَ اَللّهُ رَبُّ اَلْعالَمِينَ (2)(3).
و هي ركعتان، يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة، و الاخلاص ثلاث مرات، و قوله تعالى رَبِّ إِنِّي وَهَنَ اَلْعَظْمُ مِنِّي وَ اِشْتَعَلَ اَلرَّأْسُ شَيْباً وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)(5).
و هي ركعتان، يقرأ في كل ركعة سورة الفاتحة و ثلاث مرات أَلا لَهُ اَلْخَلْقُ وَ اَلْأَمْرُ تَبارَكَ اَللّهُ رَبُّ اَلْعالَمِينَ (6).
ص:441
عن ابى حمزة الثمالي عن ابي جعفر عليه السّلام قال: مرّ اعمى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، فقال النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: تشتهى ان يردّ اللّه عليك بصرك؟ قال: نعم، فقال له: توضأ و اسبغ الوضوء، ثم صلّ ركعتين، و قل «اللهم انّي اسألك، و ارغب اليك، و اتوجّه بنبيّك نبيّ الرّحمة، يا محمّد (ص) انّي اتوجّه بك الى اللّه ان يردّ علي بصري» ، قال: فما قام (عليه السّلام) حتى رجع الاعمى، و قد ردّ اللّه عليه بصره (1).
روي انّ النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم رأى سلمان مكبوبا على وجهه من وجع البطن فقال (صلّى اللّه عليه و آله) : يا سلمان! أ شكمت درد؟ قمّ فصل، فانّ في الصلاة شفاء (2).
تصلّي ركعتين، تقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، و «إِذا زُلْزِلَتِ» ثلاث مرّات (3).
و هي اربع ركعات، تقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و بعدها في الأولى «أَ لَمْ
ص:442
نَشْرَحْ. .» مرّة، و في الثانية: الاخلاص ثلاث مرّات، و في الثالثة: الضحى مرّة، و في الرابعة: يَعْلَمُ خائِنَةَ اَلْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي اَلصُّدُورُ (1)(2).
و هي ركعتان، يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة، و قوله فَفَتَحْنا أَبْوابَ اَلسَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (4)(5).
الانس او من عين الجنّ، احرّج (1)عليك [يا وجع]بالذي اتّخذ ابراهيم خليلا، و كلّم موسى تكليما، و خلق عيسى من روح القدس لما هدات و اطفئت كما طفئت نار ابراهيم عليه السّلام باذن اللّه» و تقول ذلك ثلاث مرات (2).
تنبيه
حيث ان تتبّع صحة السند و عدمه يوجب الحرمان من الاجور العظام، و يكفي في العمل الوثوق بالرواية، تركنا مراعاة صحّة السند، و ادرجنا ما صحّ سنده اصطلاحا و ما وثقنا بوروده ممّا لم يصح سنده، و ما ارسل، فينبغي لمن يأتي بشيء من الصلوات المزبورة ان يحتاط بعدم قصد الورود و الخصوصية، بل يقصد القربة المطلقة ملتمسا الثواب الموعود من ربّ البريّة، جمعا بين الحقّين.
ص:444
حتى يعرف قدرهما و يهتمّ لهما
فقد ورد ان للمؤذن فيما بين الاذان و الاقامة مثل أجر الشهيد المتشحّط بدمه في سبيل اللّه (1). و انّ المؤذّن المحتسب كالشاهر سيفه في سبيل اللّه المقاتل بين الصفّين (2). و من أذّن في مصر من امصار المسلمين سنة وجبت له الجنة (3). و انّه يبعثه اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و قد غفرت ذنوبه كلّها بالغة ما بلغت، و لو كانت مثل زنة جبل احد (4). و ان من اذّن محتسبا كان في الجنة على المسك الأذفر (5). و من اذّن سبع سنين احتسابا جاء يوم القيامة و لا ذنب له (6)، و من اذّن عشر سنين محتسبا يغفر اللّه [له]مدّ بصره و صوته في السماء، و يصدّقه كلّ رطب و يابس سمعه، و له عن كلّ (7)من يصلّي معه في مسجده سهم، و له من كلّ من يصلّي
ص:445
بصوته حسنة (1). و من اذّن أربعين عاما محتسبا بعثه اللّه عزّ و جلّ يوم القيامة و له عمل أربعين صديقا عملا مبرورا متقبّلا (2)، و انه يعطى ثواب أربعين ألف شهيد، و أربعين ألف صدّيق، و يدخل في شفاعته أربعون ألف مسيء من امّة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى الجنة (3)، و انّ من اذّن في سبيل اللّه صلاة واحدة ايمانا و احتسابا و تقرّبا إلى اللّه عزّ و جلّ غفر اللّه له ما سلف من ذنوبه، و منّ عليه بالعصمة فيما بقى من عمره، و جمع بينه و بين الشهداء في الجنة (4)، و أنّ المؤذّن اطول الناس اعناقا يوم القيامة (5)، و انه اذا كان يوم القيامة، و جمع اللّه الناس في صعيد واحد بعث اللّه عزّ و جلّ إلى المؤذّنين ملائكة [بملائكة]من نور، و معهم ألوية و اعلام من نور يقودون الجنائب (6)ازّمتها زبرجد أخضر، و حفايفها المسك الأذفر، يركبها المؤذّن (7)فيقومون عليها قياما، تقودهم الملائكة، ينادون بأعلى
ص:446
صوتهم بالأذان (1). و انّ المؤذّن إذا قال: أشهد ان لا إله إلاّ اللّه، صلّى عليه سبعون ألف ملك و استغفروا له، و كان يوم القيامة في ظلّ العرش حتّى يفرغ اللّه من حساب الخلائق، و يكتب ثواب قوله: أشهد انّ محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أربعون ألف ملك (2). و انّ من تولّى اذان مسجد من مساجد اللّه فاذّن فيه-و هو يريد وجه اللّه-اعطاه اللّه ثواب أربعين ألف ألف نبيّ، و انّه إذا قال: أشهد ان لا إله إلاّ اللّه اكتنفه أربعون ألف ألف ملك كلّهم يصلّون عليه، و يستغفرون له، و كان في ظلّ رحمة اللّه حتى يفرغ (3).
شهادة الاذان (1)بل يكره للمؤذّن ان يلتفت يمينا و شمالا حتى بوجهه في شيء من الفصول، بل يلزم سمت القبلة في اذانه، و الامر في الاقامة اكد (2).
بان يجزم و يترك الاعراب عليها 3
و يحدر في الاقامة (3).
بل قيل بكراهة التكلّم قبل الفراغ، و لا بأس بذلك، و تتأكد الكراهة في حال الاقامة، كما يكره التكلم بعد الاقامة (4)، بل و بعد: قد قامت الصلاة؛ الى أن يدخل في الصلاة كراهة شديدة، سيما في الجماعة إلاّ بما يتعلّق بتدبير الصلاة من تسوية الصفوف، و تقديم امام او. . نحو ذلك. و في بطلان الاقامة بالكلام بعدها تأمل، نعم لا نضايق من استحباب الاعادة حينئذ.
و يكره الكلام بين الاذان و الاقامة في صلاة الغداة (5).
خطوة او تسبيحة
كقول «الحمد لله» (6). و قيل: ان الافضل ان لا يجلس بين
ص:448
اذان المغرب و الاقامة لها (1). و ورد ان من سجد بين الاذان و الاقامة فقال في سجوده: «ربّ لك سجدت خاضعا خاشعا ذليلا» يقول اللّه عزّ و جلّ: ملائكتي و عزّتي و جلالي لاجعلن محبّته في قلوب عبادي المؤمنين، و هيبته في قلوب المنافقين (2). و ورد عند الفصل بخطوة الامر بقول: «باللّه استفتح و بمحمد (3)صلّى اللّه عليه و آله استنجح و اتوجه، اللهم صلّ على محمد و آل محمد، و اجعلني بهم وجيها في الدنيا و الآخرة و من المقرّبين» (4).
و ورد انّ من جلس بين اذان المغرب و اقامتها كان كالمتشحطّ بدمه في سبيل اللّه (5). و قد دعا مولانا الصادق عليه السّلام في جلوسه بينهما في المغرب بدعاء مبيت امير المؤمنين عليه السّلام على الفراش، و هو: «يا من ليس معه ربّ يدعى، يا من ليس فوقه خالق يخشى، يا من ليس دونه إله يتّقى، يا من ليس له وزير يغشى، يا من ليس له بواب ينادى، يا من لا يزداد على كثرة العطاء إلاّ كرما و جودا، يا من لا يزداد على عظم الأجر إلاّ رحمة و عفوا، صلّ على محمد و آل محمد، و افعل بي ما أنت أهله فانّك أهل التقوى و اهل المغفرة، و انت اهل الجود و الخير و الكرم» (6).
فان اللّه سبحانه يأجر المؤذن لمدّ صوته، و كلّما كان السامع له اكثر كان الاجر اعظم (7).
ص:449
و قد ورد الامر برفع الصوت بالاذان في المنزل عند السقم و عدم الولد، و انه يزيل السقم و يكثر الولد (1). و ينبغي أن تكون الاقامة دون الاذان ارتفاعا (2).
و يستحب ان يكون المقيم لصلاة الجماعة غير المؤذّن (3)و ليس في الاذان ترجيع-و هو تكرار الشهادتين مرتين برفع الصوت بعد فعلهما مرتين بخفض الصوت-او مطلق التكرير زائدا على الوارد، إلاّ اذا اراد بذلك اشعار الناس و تنبيههم ليجتمعوا على صلاة الجماعة (4). و الأحوط-ان لم يكن اقوى-هو ترك التثويب في الاذان و الاقامة-و هو قول: الصلاة خير من النوم-بعد حيّ على خير العمل (5). نعم، لو قال ذلك بين الاذان و الاقامة لا بقصد التشريع لم يكن
ص:450
محظورا، و ان كان تركه مطلقا-لكونه من شعائر العامة-إلاّ عند التقيّة اولى.
و تستحب حكاية الاذان و الاقامة بقول ما يقوله المؤذن لكل من يسمعه حتى في الخلاء (1). و قد ورد انها تزيد في الرزق (2). و روى ابدال: حيّ على الصلاة بقول: اللهم اقمها و ادمها و اجعلنا من خير صالحي اهلها 3. و الأولى ابدال الحيعلات بالحولقة 4.
و في جواز الحكاية في اثناء الصلاة اشكال 5. و لا فرق في استحباب
ص:451
الحكاية بين اذان الاعلام و اذان الصلاة جماعة أو فرادى إذا كان اذانا مشروعا (1)لا غير المشروع، كالاذان للنافلة او لغير اليوميّة من الواجبات، او لعصر الجمعة و عرفة و عشاء المزدلفة على ما ذكرناه في مناهج المتقين.
و يستحب-ايضا-لمن سمع تشهّد المؤذّن بالشهادتين ان يقول مصدقا محتسبا: (و انا اشهد ان لا إله إلاّ اللّه و ان محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم اكتفي بها عمّن ابى و جحد، و اعين بها من اقرّ و شهد) 2فانه اذا قال ذلك كان له من الأجر عدد من انكر و جحد، و عدد من اقرّ و شهد.
و يستحب الدعاء عند سماع اذان الصبح و المغرب، بقول: «اللهم اني اسألك باقبال نهارك، و ادبار ليلك، و حضور صلواتك، و اصوات دعائك، و تسبيح ملائكتك، ان تتوب عليّ انّك انت التواب الرحيم» 3. و قد ورد انّه اذا قال ذلك، ثم مات من يومه أو ليلته مات تائبا 4. و الاولى قول ذلك عند سماع اذان الصبح، و تبديل اوّله عند سماع اذان المغرب بقوله «اللهم اني اسألك باقبال ليلك و ادبار نهارك» .
و يكره التنفّل بوظيفة الوقت عند شروع مقيم الجماعة في الاقامة، و لو دخل في النافلة قطعها عند خوف فوت الجماعة.
و ورد الاذان لغير الصلاة في موارد:
فقد ورد الامر بالاذان في اذنه اليمنى و الاقامة في
ص:452
اليسرى حين يولد، كما مرّ في الفصل الاوّل (1).
فقد ورد أنه ساء خلقا [ان تركه يسيء الخلق]و من ساء خلقا فاذّنوا في اذنه.
فانه يستحب ان يؤذّن باذان الصلاة في تلك الحال (3).
و لم اقف على مستنده، و تأتي الاشارة اليه في آداب السفر ان شاء اللّه تعالى، و يطلب ساير فروع الاذان و الاقامة من مناهج المتّقين ان شاء اللّه تعالى.
ص:453
اما القيام؛ فمن سننه النظر حاله الى موضع السجود، و الخشوع ببصره، و يكره رفع الطرف الى السماء و الى اليمين و الشمال (1).
ص:454
شيء منها عن القبلة.
«اللهم لا تؤايسني من روحك، و لا تقنطني من رحمتك، و لا تؤمنّي مكرك، فانه لا يأمن مكر اللّه إلاّ القوم الخاسرون» (1). و ان يقول: «اللهم انّي اتوجه اليك بمحمد و آل محمد و اقدّمهم بين يدي صلواتي و اتقرّب بهم اليك فاجعلني بهم وجيها في الدنيا و الآخرة و من المقرّبين، مننت عليّ بمعرفتهم فاختم لي بطاعتهم و معرفتهم و ولايتهم، فانها السعادة، اختم لي بها انك على كل شيء قدير» (2).
و يكره التورك في حال القيام-و هو ان يضع يديه على وركيه في الصلاة و هو قائم-لقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: لا تورّك فان قوما عذبوا بنقص الاصابع و التورك.
[تكبيرة الاحرام]
و اما تكبيرة الاحرام فمن سننها: رفع اليدين بالتكبير حيال وجهه مستقبلا القبلة ببطن كفيه مبتدئا بالتكبير عند ابتداء الرفع، و بالوضع عند انتهائه، و يكره ان يجاوز بهما اذنيه (3).
ص:455
و يستحب الدعاء بين كل زوج و ما بعده بالمأثور، و مما ورد بين الثانية و الثالثة قول: «اللهم أنت الملك الحق المبين لا إله إلاّ أنت سبحانك أني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت» ، و بين الرابعة و الخامسة قول: «لبيك و سعديك و الخير في يديك، و الشرّ ليس إليك، و المهديّ من هديت، لا ملجأ منك إلاّ إليك، سبحانك و حنانيك، تباركت و تعاليت، سبحانك ربّ البيت» ، و بين السادسة و السابعة قول: «وجّهت وجهي للّذي فطر السموات و الأرض عالم الغيب و الشهادة حنيفا مسلما على ملّة ابراهيم عليه السلام و دين محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هدى [خ. ل: و منهاج]علي أمير المؤمنين عليه السّلام و الائتمام بآل محمد حنيفا مسلما و ما أنا من المشركين، انّ صلاتي و نسكي و محياي و مماتي للّه رب العالمين، لا شريك له و بذلك امرت و انا من المسلمين اللهم اجعلني من المسلمين» (2). . و ورد غير ذلك من الدعاء.
و الجهريّة و الإخفاتيّة، و الاخفات بالست الافتتاحية للامام (3).
و التسبيح سبعا، و التهليل سبعا، و حمد اللّه و الثناء عليه بعد تكبيرات الافتتاح، و قراءة آية الكرسي و المعوّذتين بعد استفتاح صلاة اللّيل قبل فاتحة الكتاب (4).
ص:456
و اما القراءة؛ فمن سننها الاستعاذة باللّه السميع العليم من الشيطان الرجيم امام القراءة، و ليست بواجبة (1).
و السورة من الركعتين الأوليين للامام و المنفرد،
و قيل: بالوجوب، و الأول اظهر (2)، و ان كان الثاني احوط، و اما في الركعتين الاخرتين من الظهرين اذا قرأ فيها الحمد فاستحباب الجهر ببسملته غير ثابت، و الاحوط الاخفات (3).
و المراد به الترسل و التأني بها بسبب المحافظة على كمال البيان للحروف و الحركات حتى يحسن تأليفها و تنضيدها، و عدم مدها حتى يشبه الغناء، و قد قال أمير المؤمنين عليه السّلام في تفسير قوله تعالى: وَ رَتِّلِ اَلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً بيّنه تبيينا، و لا تهذّه هذي الشعر، و لا تنشره نشر الرمل، و لكن اقرعوا به قلوبكم القاسية، و لا يكن همّ أحدكم آخر السورة (4).
ص:457
السورة فيها ذكرها، و الاستعاذة من النار عند المرور بآية فيها ذكرها .
فإنها مسنونة، و ليست بشرط لصحة النافلة (2).
و ما بعدها إلى آخر القرآن في الظهرين و المغرب، و المتوسطات كسورة عمّ، و ما بعدها إلى الضحى، في العشاء، و المطوّلات كسورة محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ما بعدها إلى عمّ في الصبح 3. و جعل الصدوق (رحمه اللّه) الافضل قراءة سورة القدر في الركعة الأولى من الصلوات كلّها و التوحيد في الثانية 4، و التزام الرّضا عليه السّلام في
ص:458
سفر خراسان يشهد به 1، و ما أوحى [اللّه]إلى النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ليلة المعراج يشهد بعكسه، أعني قراءة التوحيد في الأولى و القدر في الثانية 2، و لا مانع من حسنهما جميعا، و يحتمل أفضلية الأول في السفر، و الثاني في الحضر، و روي انه إذا ترك سورة ممّا فيها الثواب و قرأ قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ، أو إِنّا أَنْزَلْناهُ لفضلهما، اعطي ثواب ما قرأ، و ثواب السورة التي تركها بعد العزم على قراءتها، و يجوز ان يقرأ غير هاتين، لكنّه يكون قد ترك الأفضل 3.
و قد ورد في جملة من السور فضائل كثيرة لا بأس بالاشارة إلى جملة منها.
غداة الخميس و الاثنين، و هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ اَلْغاشِيَةِ في ثانيتها 4، و قد ورد انّ من قرأ هَلْ أَتى في كل غداة الخميس زوجه اللّه من الحور العين ثمانمائة عذراء، و أربعة آلاف ثيب، و جواري من الحور العين، و كان مع محمد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 5.
ليلة الجمعة و عشائها، و في غداتها بسورة الجمعة، أو التوحيد، أو المنافقون، و في الظهرين منها بالجمعة
ص:459
و المنافقون (1)، و القول بوجوب قراءة الجمعة في ظهر يوم الجمعة مردود (2)، و ان كان الالتزام بها احوط و اولى (3).
نوافل الليل بالطوال مع سعة الوقت، و الجهر بها،
و مع الضيق يخفف بالتبعيض، أو قراءة القصار أو ترك السورة بالمرة (4).
في ركعتي نافلة الفجر، و ركعتي نافلة الزوال، و ركعتي نافلة المغرب، و ركعتي صلاة الليل الأوليين، و ركعتي الاحرام، و ركعتي الغداة إذا أتى بهما عند انتشار الصبح و ذهاب الغسق، و ركعتي الطواف، و لو قرأ في الأولى من هذه السبعة التوحيد،
ص:460
و في الثانية الجحد كان حسنا أيضا (1).
لم يبلغ العلّو المفرط، و كذا الشهادتان .
بسكتة خفيفة
اطول من الوقف على الفواصل (4).
و بعد
قوله قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ، اَللّهُ أَحَدٌ، و بعد الفراغ من سورة التوحيد «كذلك اللّه ربي» مرّة، و أفضل منه ان يقوله ثلاثا 5. و بعد الفراغ من سورة و التين، «بلى و انا على ذلك من الشاهدين» ، و بعد سورة لا أقسم، «سبحانك اللّهم و بلى» ، و بعد سورة أبي لهب، الدعاء على أبي لهب، و بعد قُلْ يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ سرا يا أَيُّهَا اَلْكافِرُونَ و بعد قوله لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ، «اعبد اللّه وحده» ، و بعد لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ، «ربّي اللّه و ديني الاسلام» ، و بعد سَبِّحِ اِسْمَ رَبِّكَ اَلْأَعْلَى «سبحان ربي الأعلى» و بعد قوله: يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا، (لبيّك اللهم لبيّك) ، و بعد تُكَذِّبانِ في سورة الرحمن، «لا بشيء من آلائك ربي اكذب» ، و بعد «اللّه خير عن مّا يشركون» اللّه خير. . ثلاثا، و بعد ثُمَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ، «كذب العادلون باللّه» و بعد وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً، اللّه أكبر. . ثلاثا، و بعد يا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً، الصلاة على النبي و آله.
ص:461
و يكره ان يقرأ في الركعة الثانية السورة التي قرأها في الركعة الأولى ان كان يحسن غيرها، من غير فرق بين الفريضة و النافلة، إلاّ سورة التوحيد، فإنه لا يكره ذلك فيها، و كذا يكره قراءة سورة التوحيد بنفس واحد (1).
و اما الركوع؛ فمن سننه: التكبير للركوع قائما منتصبا، رافعا يديه بالتكبير محاذيا باذنيه ثم يرسلهما ثم يركع.
اليسرى.
حتى لو صبّ عليه قطرة من ماء أو دهن لم تنزل لاستواء ظهره.
و وصل المرأة إحداهما بالأخرى.
بإن يخرج العضدين و المرفقين عن يديه كالجناحين.
الرجلين.
بقوله: «ربّ لك ركعت، و لك اسملت، و بك آمنت، و عليك توكلت، و أنت ربّي، خشع لك سمعي و بصري و شعري و بشري و لحمي و دمي و مخّي و عظامي، و ما اقلّته قدماي، غير مستنكف و لا مستكبر و لا
ص:462
مستحسر» .
حتى عدّ على مولانا الصادق عليه السلام ستون تسبيحة.
فإن الافضل له مراعاة اضعف من خلفه.
حتى يسمع المأموم ما لم يبلغ العلو المفرط.
لمن حمده) يجهر بذلك صوته، و أفضل منه زيادة: (الحمد للّه رب العالمين أهل الجبروت و الكبرياء و العظمة الحمد للّه رب العالمين) من غير فرق في ذلك بين الامام و المأموم و المنفرد، و قيل: باستحباب التحميد خاصّة للمأموم، و الاحوط ان لا يقول ربّنا و لك الحمد، بقصد الورود، لعدم وروده عندنا، و إنّما هو من سنن العامة (1).
و يكره في حال الركوع امور:
و هو اخراج الصدر و ادخال الظهر.
و هو ان يقبب الظهر و يطأطئ الرأس و المنكبين.
و هو جعل الرأس أرفع من الجسد.
و هو تقويس الركبتين و الرجوع إلى الوراء.
و هو وضع احدى الكفين على الأخرى، ثم ادخالهما بين ركبتيه، بل يحرم ذلك بقصد المشروعيّة، بل الأحوط تركه مطلقا.
ص:463
و تخف الكراهة باخراج إحداهما، أو وحدة الثوب عليه [أي يكون الثوب الذي على يده واحدا].
و اما السجود؛ فمن سننه التكبير له رافعا يديه قبل ان يهوي له؛ أعني حال القيام في الأولى، و حال الجلوس بعد الأولى في الثانية، و بعد رفع الرأس منه فيهما.
ركبتيه،
بل يكره وضعهما معا فضلا عن وضع الركبتين أوّلا، كما انّه ينبغي وضع الركبتين قبل الجبهة، و اما المرأة فتبدأ بالقعود و وضع الركبتين قبل اليدين.
أو كونه اخفض منه باقّل من لبنة (2).
فإنّ أقرب ما يكون العبد من ربّه إذا دعاه و هو ساجد، و من المأثور قول: «اللّهم لك سجدت، و بك آمنت، و لك اسلمت، و عليك توكلّت، و أنت ربّي، سجد وجهي للذي خلقه و شقّ سمعه و بصره، و الحمد للّه رب العالمين تبارك اللّه أحسن
ص:464
الخالقين» . و قول: «يا ربّ الارباب، و يا ملك [مالك]الملوك، و يا سيّد السادات، و يا جبّار الجبّارين، و يا إله الآلهة، صلّ على محمد و آل محمد و أفعل بي. . كذا و كذا، فإنّي عبدك ناصيتي بيدك» و قول: «اللهم أنت ربي حقّا حقّا، سجدت لك تعبّدا و رقا، اللّهم انّ عملي ضعيف فضاعفه لي، اللّهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، و تب علّي انك أنت التوّاب الرحيم» . . إلى غير ذلك من الأدعية المأثورة.
و قد ورد الأمر بطلب الرزق في سجود المكتوبة بقول: «يا خير المسؤولين، و اوسع المعطين، ارزقني و ارزق عيالي من فضلك فإنك ذو الفضل العظيم» ، و يجوز الدعاء فيه بإمور الدّنيا المشروعة، و أمور الآخرة، و تسمية الحاجة، من غير فرق بين الفريضة و النافلة على كراهية في تسمية الأمور الدنيويّة.
الصغرى بما تيسر.
عند إرادة العود إلى السجود الثاني.
و فوق ذلك في الفضل قول: «اللهمّ أغفر لي و أرحمني و أجبرني و أرفع (خ. ل أدفع) عني و عافني، اني لما انزلت إليّ من خير فقير، تبارك اللّه رب العالمين» .
رجله اليسرى من تحت اليمنى، و وضع
باطن اليسرى تحت ظاهر اليمنى، و طرف الابهام اليمنى على الأرض، و التفريج بين الركبتين، و اما المرأة فالافضل لها ضمّ فخذيها و رفع ركبتيها من الأرض.
ص:465
مطمئنا،
و تسمّى جلسة الاستراحة، و هي مستحبة استحبابا مؤكّدا، بل يكره القيام من السجدة من دونها، بل قيل بوجوبها، و ليس ببعيد، و ان كان الاستحباب المؤكّد اظهر، و الاحتياط مهما أمكن لا يترك.
اللّه و قوته اقوم و اقعد» ، و ان شاء زاد «و اركع و اسجد» و ان شاء قال: «اللهم بحولك و قوتك اقوم و اقعد» ، و ان شاء اجتزأ بالتكبير، و كذا الحال في القيام من التشهد في الثانية.
و ساير جسده،
بل يكره ضمّ الاصابع عند الاعتماد عليهما للقيام (1).
و يكره في السجود أمور:
و تتأكّد الكراهة فيما اذا تأذى بالعجاج (2)من إلى جنبه.
الانتصاب بينهما و إلاّ أفسد،
بل الاحتياط برفعهما مطلقا لا يترك.
ص:466
و هو ان يضع الرجل اليتيه على عقبه معتمدا على صدور القدمين (1).
و اما القنوت؛ فهو في ثانية جميع الصلوات مستحب، سواء كانت ثنائيّة أو ثلاثيّة أو رباعيّة، فريضة أو نافلة، راتبة كانت أو ذات سبب أو مبتدأة، بعد القراءة قبل الركوع حتّى في الشفع، و كذا في ركعة الوتر، و ليس بواجب حتى في الصلوات الواجبة على الأقوى. نعم استحبابه مؤكّد لا تكمل الصلاة بدونه. و في الجهرية و الجمعة و الوتر آكد، و يلزم تركه عند التقية (2).
و يستحب فيه أمور:
و أقله ثلاث تسبيحات، أو البسملة ثلاثا، و الأفضل الدعاء بشيء من الأدعية المأثورة مثل: «اللّهم اغفر لنا و ارحمنا و عافنا و اعف عنا في الدّنيا و الآخرة إنّك على كل شيء قدير» ، و غيره ممّا لا يمكن استيفاؤه. و روي ان أفضل القنوتات كلمات الفرج، و الأولى ترك «و سلام على المرسلين» في آخرها، سيما في صلاة الجمعة.
و قد ورد ان اطولكم قنوتا في دار الدنيا اطولكم راحة يوم القيامة في الموقف.
اذا سمع الامام حتى في الجهرية.
ص:467
لما ورد من الأمر بذلك في مطلق الدعاء. و عن الصادق عليه السّلام: انك تستقبل القبلة بباطن كفيك في دعاء التعويذ، و تبسطهما و تقضى بباطنهما إلى السماء في الدعاء بالرزق، و تومي باصبعك السبابة في التبتل (1). . إلى غير ذلك مما يأتي في آداب الدعاء ان شاء اللّه تعالى (2).
و يكره ردّ اليدين من القنوت على الرأس و الوجه و الصدر في الفرائض، و يستحب ذلك في نوافل الليل و النهار.
و اما التشّهد؛ فمن سننه التوّرك فيه، و هو ان يجلس على وركه الأيسر و يخرج رجليه جميعا من تحته، و يجعل رجله اليسرى على الأرض، و ظاهر قدمه اليمنى إلى باطن قدمه اليسرى، و يفضي بمقعدته إلى الأرض، و كذا يستحّب التوّرك بين السجدتين.
و يكره الاقعاء في الموضعين، و هو ان يضع الييه على عقبيه، أو يلصق الييه بالأرض و ينصب ساقيه و فخذيه، و يضع يديه على الأرض أو يقعد على عقبيه و يجعل يديه على الأرض، بل الاحوط و الأولى ترك الاقعاء 2.
و. . . غير ذلك من المأثور و. . . غيره، و من الاول ان يقول قبل التشهّد: «بسم
ص:468
اللّه و باللّه و الحمد للّه و خير الاسماء للّه» ، أو: «بسم اللّه و باللّه و لا إله إلاّ اللّه و الحمد للّه، و الاسماء الحسنى كلّها للّه» و يجزي عن ذلك كلّه «الحمد للّه» (1).
«و تقبل
شفاعته في امته و ارفع درجته» و لو زاد: «و قرب وسيلته و احشرنا معه» من غير قصد الورود كان حسنا، و الاحوط ترك ذلك بعد التشهد الثاني، و ورد بعد الشهادة الثانية قبل الصلاة على النبي و آله من التشهد الأول و الثاني جميعا، قول: «ارسله بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة، اشهد انّك نعم الرّب، و انّ محمدا نعم الرسول» .
و ورد بعد الصلاة على محمّد و آل محمّد التحميد مرتّين، أو ثلاثا و ورد غير ذلك.
و يكره قول: (تبارك اسمك و تعالى جدّك) في التشهد، بل تركه احوط.
و يستحبّ لمن قام من التشهد قول ما مرّ في مطلق النهوض للقيام من الجلوس (2).
و اما التسليم:
فمن المسنون فيه: التورك.
و هي: (السّلام عليك ايها النبي و رحمة اللّه و بركاته) .
و يومي بمؤخر
ص:469
عينيه إلى يساره، و اما الامام فيومي بصفحة وجهه إلى يمينه و كذا المأموم، ثم ان كان على يسار المأموم غيره أومأ بتسليمة اخرى إلى يساره بصفحة وجهه، و لو لم يكن على شماله أحد لم يترك التسليم على اليمين، [حتّى]و ان لم يكن على يمينه احد.
يتضمن امورا:
الأول: انه بقي من آداب أفعال الصلاة أمور:
و في حال
القنوت تلقاء وجهه، و في حال الركوع على ركبتيه، و في حال السجود بحذاء اذنيه، و في حال التشهد و التسليم على فخذيه بحذاء عيني ركبتيه، مبلغا اطراف الاصابع عين الركبة، و يرفع يديه في حال التكبيرات كلها حيال وجهه مستقبلا بباطن كفيه (2).
و القراءة و السجود و التشهد و التسليم،
و اما في الركوع فيفرج بينها و يضعها على اطراف الركبة، و قيل في خصوص تكبيرة الاحرام ببسط الابهامين خاصة و ضمّ الباقي 3.
و يكره في ساير احوال الصلاة 4.
ص:470
ثم انّ وظيفة التكبيرات المسنونة عند الانتقال من حالة إلى اخرى ان يؤتي بها في حال الطمأنينة، و كذا قول: (سمع اللّه لمن حمده) بعد القيام من الركوع. نعم لا بأس بالاتيان بها في حال الحركة لا بقصد الورود، بل بقصد مطلق الذكر، و اما قول: (بحول اللّه و قوته اقوم و اقعد) ، فلم يوظف إلاّ في حال النهوض للقيام، و لذا لو نسى ذلك إلى ان قام فالأحوط له تركه إلاّ بقصد مطلق الذكر (1).
الثاني: ان من جملة آداب الصلاة لعن اعداء أهل البيت (عليهم السّلام) فيها 2، لما ورد من انّ رجلا قال للصادق عليه السّلام: يا بن رسول اللّه (ص) اني عاجز [ببدني]من نصرتكم، و لست املك إلاّ البراءة من اعدائكم و اللّعن عليهم، [فكيف حالي]؟ فقال الصادق عليه السّلام له: حدثني أبي عن جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من ضعف عن نصرتنا أهل البيت و اقامة عزائنا، و لعن في صلاته أعداءنا، بلغ اللّه صوته إلى جميع الملائكة من قرار الأرض إلى اعلى العرش، فإذا لعن أحدكم أعداءنا فساعدوه و العنوا من لا يلعنهم، فإذا سمعت الملائكة صوت هذا العبد قالت الملائكة: اللهم اغفر لعبدك هذا. و في خبر تقول الملائكة: اللهم صلّ على عبدك هذا لقد بذل ما وسعه، و لو قدر على أكثر من هذا لفعل، فإذا النداء من اللّه تعالى: ملائكتي أني سمعت نداءكم و أجبت دعاءكم فصليّت على روحه في الأرواح و غفرت له [خ. ل: و جعلته عندي من المصطفين الأخيار] 3.
الثالث: انه يكره للمصلي امور غير ما مرّ.
ص:471
بل قد ذكرنا في المناهج بطلان الصلاة في بعض صور الالتفات بالوجه، و قد ورد ان الالتفات في الصلاة اختلال من الشيطان، و انه إذا قام العبد إلى الصلاة أقبل اللّه تعالى عليه بوجهه و لا يزال مقبلا عليه حتى يلتفت ثلاث مرات، فإذا التفت ثلاث مرات اعرض عنه.
و هي فترة [فتور]تعتري الانسان فيفتح عند ذلك فمه.
و هو مدّ اليدين و العنق و الرجلين.
و إلاّ فالأحوط اعادة الصلاة.
و قد ورد انّ من حبس ريقه اجلالا للّه في صلاته اورثه اللّه صحة حتى الممات.
بحيث لا يرى ما بين يديه إلاّ في حال الركوع، فإنه لا بأس به، بل هو فيه مسنون كما مرّ.
الوقت،
و كذا الصلاة لمن كان خفه ضيقا، حتى ورد انه: لا صلاة لحاقن، و لا لحاقب، و لا لحاذق. فالحاقن الذي به البول، و الحاقب الذي به الغائط، و الحاذق الذي قد ضغطه الخف.
ص:472
مع ضيق الوقت.
و هو الاقران بين القدمين كأنهما في قيد.
و هو الجمع بين القدمين و ضم احدى اليدين بالأخرى في حال ارسالهما، لا ما إذا وضعهما على بطنه، و إلاّ صار تكفيرا محرّما.
الرابع: انه لا ريب في رجحان السجود للّه تعالى في غير الصلاة أيضا، لأنّ مطلق السجود عبادة، لما فيه من الخضوع للّه سبحانه، و قد ورد انه خير عمل مشروع، بل هو منتهى عبادة بني آدم، و اعظم شيء تواضعا للربّ، بل ما عبد جلّ ذكره بمثل السجود، و لذا اختصّ به و حرّمه لغيره إلاّ بإعتبار كونه جهة يتوجه إليها كسجود الملائكة لآدم عليه السّلام، و ورد أيضا انّ أقرب ما يكون العبد إلى اللّه سبحانه و هو ساجد، و انه اشدّ الاعمال على ابليس، و به تحطّ الاوزار حطّ الرياح و ورق الاشجار، و به يباهي الربّ الجليل، و باكثاره نال الخلّة ابراهيم عليه السّلام، و اطالته محبوبة، لأن الشيطان حينئذ يقول: ويلاه اطاعوا و عصيت، و سجدوا و ابيت. و قد سجد آدم عليه السّلام ثلاثة أيام بلياليها، و سجد علي بن الحسين (عليهما السّلام) على حجارة خشنة حتى
ص:473
أحصى عليه ألف مرة: «لا إله إلاّ اللّه حقا حقا، لا إله إلاّ اللّه تعبدا و رقا، لا إله إلاّ اللّه ايمانا و صدقا» ، و كان للامام موسى عليه السّلام في كل يوم عند طلوع الشمس سجدة إلى وقت الزوال (1).
و يستحب بالخصوص سجدة الشكر على تجدّد النعم، بل و عند تذكّر النعمة، و كذا على دفع النّقم، و عقيب الفرائض على ما وفّق من إداء الفريضة، و عند الاصلاح بين اثنين، و من سجد للّه تعالى في غير الصلاة سجدة لشكر نعمة-و هو متوضئ-كتب اللّه له بها عشر حسنات، و محا عنه عشر سيئات، و رفع له عشر درجات في الجنان.
و في خبر آخر: كتب له بها عشر حسنات، و محا عنه عشر خطايا عظام.
و يستحب في سجده الشكر قول (شكرا للّه) ثلاثا اقّلا فما زاد، و يعني بقوله: شكرا للّه في السجدة عقيب الفريضة انّ هذه السجدة منّي شكرا للّه على ما وفّقني له من خدمته و اداء فرضه، و الشكر موجب للزيادة، فإن كان في الصلاة نقص لم يتمّم بالنوافل تمّ بهذه السجدة، بل تستحب سجدة الشكر عقيب كل صلاة حتى النافلة (2)، و قد ورد انه إذا قام العبد نصف الليل بين يدي ربّه فصلى له أربع ركعات في جوف الليل المظلم، ثم سجد سجدة الشكر بعد فراغه فقال: (ما شاء اللّه. . ما شاء اللّه) مائة مرة، ناداه اللّه من فوق عرشه: عبدي إلى كم تقول ما شاء اللّه، انا ربك و الّي المشية، و قد شئت قضاء حاجتك فاسألني ما شئت (3). و ورد ان العبد اذا صلّى ثم سجد سجدة الشكر فتح الربّ تبارك و تعالى الحجاب بين العبد و بين الملائكة فيقول: يا ملائكتي! انظروا إلى عبدي ادّى قربتي، و اتّم عهدي، ثم سجد لي شكرا على ما انعمت به عليه، ملائكتي
ص:474
ما ذا له عندي؟ فتقول الملائكة: يا ربنا رحمتك. ثم يقول الرب تبارك و تعالى: ثم ما ذا له؟ فتقول: يا ربّنا جنتّك. فيقول الرب تعالى: ثم ما ذا؟ فتقول الملائكة: يا ربنا كفاية مهمته (1)، فيقول الرب ثم ما ذا؟ فلا يبقى شيء من الخير إلاّ قالته الملائكة فيقول اللّه تعالى: يا ملائكتي ثم ما ذا؟ فتقول الملائكة: يا ربنا لا علم لنا، فيقول اللّه تعالى لاشكرنه كما شكرني، و أقبل إليه بفضلي، و اريه رحمتي (2).
و يستحب تكرار السجدة مرة أخرى بفصل التعفير بينهما بالخد دون الجلوس، و لذا يعبر عنها ب: سجدتي الشكر (3). و قد ورد الأمر بنفس التعفير عند تذكر النعمة بل مطلقا (4). و قد صار موسى عليه السّلام كليما بسبب التعفير بعد الصلاة (5). و ورد ان تعفير الجبينين من علائم المؤمن (6).
و يستحب في سجدة الشكر افتراش الذراعين، و الصاق الجؤجؤة و الصدر و البطن بالأرض، و قراءة اذكار خاصة مأثورة (7)مثل ما ورد من وضع الجبهة على
ص:475
الأرض و قول: «اللهم اني اشهدك و اشهد ملائكتك و أنبياءك و رسلك و جميع خلقك انك أنت اللّه ربي، و الاسلام ديني، و محمدا صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نبيّي، و عليّا و الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد و موسى بن جعفر و علي بن موسى و محمد بن علي و علي بن محمد و الحسن بن علي و الحجة بن الحسن بن علي أئمتي بهم أتولّى و من اعدائهم اتبّرء، اللّهم انّي أنشدك بدم المظلوم-ثلاثا-اللهم اني انشدك بايوائك على نفسك لاعدائك لتهلكنّهم بايدينا و ايدي المؤمنين، اللهم اني انشدك بايوائك على نفسك لاوليائك لتظفرنهم بعدوّك و عدوّهم ان تصلي على محمد و على المستحفظين من آل محمد» ثلاثا «اللهم اني اسألك اليسر» ثلاثا، ثم يضع خده الأيمن على الأرض، و يقول: «يا كهفي حين تعييني المذاهب و تضيق عليّ الأرض بما رحبت، يا بارئ خلقي رحمة بي و كنت عن خلقي غنيّا، صل على محمد و آل محمد، و على المستحفظين من آل محمد» ثلاثا، ثم يضع خده الأيسر على الأرض، و يقول: «يا مذلّ كلّ جبّار، و معزّ كلّ ذليل، قد و عزّتك بلغ مجهودي فرجّ عني» ثلاثا، ثم يعود إلى السجود و يقول مائة مرة: «شكرا شكرا» ، ثم يسأل حاجته فإنّها تقضى ان شاء اللّه تعالى (1).
و ورد قول مائة مرة (عفوا) بدل مائة مرة (شكرا) ، و قول: (يا ربّ يا ربّ. .) حتى ينقطع نفسه، فإنّ الربّ تبارك و تعالى يقول له: لبيك ما حاجتك؟ (2).
و روي انّ سيد الساجدين عليه السّلام كان يقول في سجدة الشكر مائة مرة (الحمد للّه) ، و كلما قال عشر مرات قال: شكرا للمجيب ثم يقول: «يا ذا
ص:476
المنّ الذي لا ينقطع ابدا، و لا يحصيه غيره عددا، يا ذا المعروف الذي لا ينفد ابدا يا كريم يا كريم يا كريم» ، ثم يدعو و يتضرع و يذكر حاجته (1).
و روي ان موسى بن جعفر عليهما السّلام، قال في سجود الشكر بصوت حزين مع تغرغر دموعه: «ربّ عصيتك بلساني و لو شئت و عزّتك لأخرستني، و عصيتك ببصري و لو شئت و عزّتك لا كمهتني، و عصيتك بسمعي و لو شئت و عزتك لا صممتني، و عصيتك بيدي و لو شئت و عزّتك لشللتني (2)، و عصيتك برجلي و لو شئت و عزّتك لجذمتني، و عصيتك بفرجي و لو شئت و عزّتك لعقمتني، و عصيتك بجميع جوارحي التي انعمت بها علّي و ليس هذا جزاءك منّي» ثم قال: (العفو) ألف مرة، ثم الصق خده الأيمن بالأرض، و قال بصوت حزين: «بؤت إليك بذنبي، و عملت سوء و ظلمت نفسي فإنه لا يغفر الذنوب غيرك يا مولاي» ثلاث مرات، ثم الصق خده الأيسر فقال: «ارحم من اساء و اقترف و استكان و اعترف» ثلاث مرات (3).
و الأدعية المأثورة لسجود الشكر غير ما ذكر كثيرة تطلب من المفصلاّت.
و يستحب اطالة سجود الشكر تأسّيا بالأئمة عليهم السّلام، و قد روى ان مقدار ركوع باب الحوائج عليه السّلام و سجوده في الصلاة ثلاث تسبيحات أو أكثر، و كان يسجد بعد الفراغ سجدة يطيل فيها حتى يبل عرقه الحصى (4). و كان يعدّ على الرضا عليه السّلام خمسمائة تسبيحة، و كان يبقى في سجدة الشكر من بعد صلاة الغداة إلى ان يتعالى النهار. و في خبر آخر: إلى قريب زوال
ص:477
الشمس (1). و كان عليه السلام يقول: اذا نام العبد و هو ساجد قال اللّه تبارك و تعالى عبدي قبضت روحه في طاعتي (2).
و يستحب لمن أصابه همّ ان يمسح موضع السجود باليد ثم يمسح اليد على وجهه من جانب الخد الأيسر و على الجبهة إلى جانب الخد الأيمن ثم يقول: «بسم اللّه الذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشهادة الرحمن الرحيم اللهم أذهب عني اللهم و الحزن» ثلاثا (3).
و السجود اعم من سجود الشكر و سجود الصلاة.
و ورد ان من كان به داء من سقم أو وجع فإذا قضى صلاته مسح يده على موضع سجوده من الأرض، و يمر يده على موضع وجهه سبع مرات، و يقول: «يا من كبس الأرض على الماء، و سد الهواء بالسماء، و اختار لنفسه احسن الاسماء، صل على محمد و آله، و أفعل بي كذا. . و كذا، و أرزقني كذا. . و كذا، و عافني من كذا. . و كذا» (4). و امر اللّه سبحانه موسى عليه السّلام بإمرار يده على موضع سجوده و مسحه بها وجهه و ما نالته من بدنه، و قال تعالى: انّه امان من كل سقم، و داء و آفة و عاهة (5).
ص:478
اعلم ان فضل الصلاة جماعة عظيم، و ثوابها جسيم، و قد ورد انّ الصلاة في جماعة افضل من خمس و عشرين صلاة على الانفراد (1). و ان الركعة في جماعة اربع و عشرون ركعة، كل ركعة احبّ الى اللّه عزّ و جلّ من عبادة اربعين سنة (2). و ان فضل الجماعة على الانفراد بكل ركعة الفا ركعة (3). و ان من مشى إلى مسجد يطلب فيه جماعة كان له بكل خطوة سبعون الف حسنة، و يرفع له من الدرجات مثل ذلك، فان مات و هو على ذلك، و كلّ اللّه به سبعين الف ملك يعودونه في قبره، و يبشرّونه، و يونسونه في وحدته، و يستغفرون له حتّى يبعث (4). و ان اللّه تعالى يستحيى من عبده إذا صلّى في جماعة، ثمّ سأله حاجته ان ينصرف حتّى يقضيها (5). و ان من ترك الجماعة رغبة عنها و عن جماعة المسلمين فلا صلاة له (6). . إلى غير ذلك من فضائلها، و هي مستحبة في الفرائض كلّها، و تتأكّد في الخمس اليومية. و قد ورد انّ من صلّى الفجر في جماعة ثمّ جلس يذكر اللّه عزّ و جلّ حتّى تطلع الشمس كان له في الفردوس سبعون درجة، بعد ما بين كلّ درجتين كحضر
ص:479
الفرس الجواد المضمر سبعين سنة (1). و من صلّى الظهر في جماعة كان له في جنّات عدن خمسون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد المضمر خمسين سنة (2). و من صلّى العصر في جماعة كان له كاجر ثمانية من ولد اسماعيل كلّهم ربّ بيت يعتقهم (3)، و من صلّى المغرب في جماعة كان له كحجة مبرورة و عمرة مقبولة (4). و من صلّى العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة القدر (5). و يزداد التأكيد في حقّ صلاة الغداة و العشاء، فقد ورد في حقهما ان الناس لو علموا أيّ فضل فيهما في جماعة لا توهما و لو حبوا (6).
ثمّ انّ من سنن الجماعة ان يقف المأموم عن يمين الامام لا خلفه ان كان رجلا واحدا، و خلفه لا يمينه و يساره ان كانوا جماعة، او كانت امرأة و لو واحدة، و لو كان امام النساء امرأة فالفضل في ان تقف في وسط الصف، و لا تتقدم عليهنّ، و لو كان المأموم رجلا و امرأة وقف الرجل عن يمين الامام و المرأة خلفه، و لو كانوا اكثر من رجل و امرأة وقف الرجلان فما زاد خلف الامام و النساء خلف الرجال (7). و لو صلّى العاري بالعراة جلسوا و جلس الامام بينهم متقدما عليه بركبتيه، و لو امنوا من المطلع صلّوا قائما، و أومأ الامام للركوع و السجود، و ركع المأمومون و سجدوا (8).
ص:480
اذا وجد من يصلي جماعة يصح اقتداؤه به في تلك الصلاة، كما انّه لو التمس من صلّى جماعة أو فرادى ان يعيد [صلاته]ليقتدى به، فان اعادة الامام حينئذ للصلاة مستحبّة (1). و لا فرق في الحكم بين الأدائيّة و القضائيّة، و لا بين توافق صلاة الامام و المأموم في الصنف ام لا؛ بعد ان كانت صلاة الامام ممّا يصحّ الاقتداء به فيها (2).
و هل لمن صلّى جماعة ان يعيد صلاته مع جماعة اخرى، او يلتمس من صلّى ان يعيد صلاته فيقتدى به ام لا؟ و جهان: اوّلهما و ان كان غير بعيد إلاّ ان الاحوط الترك، و في الاعادة مع الجماعة بعد الاعادة مع جماعة اخرى قبلها تأمل (3).
حتّى تسوغ له القراءة (4).
فان افضل الصفوف أولها، فينبغي ان يقف فيه أولو الاحلام و النهى، و كلّما قرب من الصف الأول إلى الامام كان افضل (5).
ص:481
فلا يجد فيها مكانا، فانّه حينئذ لا يكره له القيام وحده.
بمعنى انّه قد قال المؤذن: قد قامت الصلاة.
و تطلب بقية احكام الجماعة من المناهج (2).
ص:482
إعلم أنّ في التعقيب-أعني الاشتغال عقيب الصلاة بالدعاء و الذكر- فضلا عظيما. و قد ورد أنّه ما عالج الناس شيئا أشد من التعقيب (1). و أنّ التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد (2). و أنّ من صلّى فريضة و عقّب إلى اخرى فهو ضيف اللّه، و حقّ على اللّه أن يكرم ضيفه (3). و أنّ الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفّلا، و بذلك جرت السّنة (4).
و يستحب البقاء على طهارة، و ترك كل ما يضرّ بالصلاة حال التعقيب (5). و كذا يستحب البقاء على طهارة في حال الانصراف لمن شغله عن التعقيب حاجة (6). و قد ورد أنّ المؤمن معقّب ما دام على وضوئه (7)، و قال هشام لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي أخرج في الحاجة و أحبّ أن أكون معقّبا، فقال: إن كنت على وضوء فأنت معقّب (8).
ثمّ التعقيبات على قسمين: عامّة لجميع الصلوات، و خاصّة ببعض
ص:483
الفرائض.
فمن القسم الأول: التكبير ثلاثا عقيب الصلوات رافعا بها اليدين و هي أوّلها (1)، ثمّ بعده أفضل التعقيبات تسبيح سيّدتنا الصدّيقة الكبرى سلام اللّه عليها، و هو: اللّه أكبر أربعا و ثلاثين مرّة، ثمّ الحمد للّه ثلاثا و ثلاثين مرّة، ثمّ سبحان اللّه ثلاثا و ثلاثين مرّة (2). و قد ورد أنّه لم يلزمه عبد فشقي (3). و ان من سبّح به غفر اللّه له (4). و أنّ من سبّح به و أتبعه بلا إله إلاّ اللّه غفر له، و أنّ من سبّح به ثمّ استغفر غفر له (5). و أنّ من سبّح به في دبر المكتوبة من قبل أن يبسط رجليه أوجب اللّه له الجنّة (6). و أنّه في كلّ يوم في دبر كلّ صلاة أحبّ إلى مولانا الصادق عليه السّلام من صلاة ألف ركعة في كلّ يوم (7). و أنّه أفضل من ألف ركعة لا يسبح عقيبها (8). و أنّه مائة باللسان و ألف في الميزان، و أنّه يطرد الشيطان و يرضي الرحمن (9). و أنّه ما عبد اللّه بشيء من التحميد أفضل منه. و أنّه لو كان شيء
ص:484
أفضل منه لنحله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم فاطمة عليها السّلام (1).
و يستحبّ تقديمه على ساير التعقيبات (2)، و تعليمه الصبيان (3)، و الإتيان به قبل تغيّر هيئة جلوس التشهد (4)، و الموالاة فيه و عدم قطعه، و إعادته عند الشك (5)، و أن يكون التسبيح به بالسبحة (6)، و الأفضل السبحة المصنوعة من طين قبر سيد الشهداء أرواحنا فداه (7)كما يأتي بيان فضلها في ذيل مبحث الزيارات إن شاء اللّه تعالى، و من سها فجاوز في شيء من التكبير، و التحميد، و التسبيح عدده، عاد إلى ما دون نصاب المسهو فيه بواحد و بنى عليه و أتمّه (8).
و من التعقيبات العامة المندوب إليها بالخصوص في دبر كلّ صلاة: الشهادتان و الإقرار بالأئمّة الطاهرين سلام اللّه عليهم أجمعين، و الصلاة على النبّي و آله.
و قال محمد بن سليمان الدّيلمي لأبي عبد اللّه عليه السّلام: جعلت فداك، إنّ شيعتك تقول: إنّ الإيمان مستقرّ و مستودع، فعلّمني شيئا إذا قلته استكملت الإيمان. فقال عليه السّلام: قل في دبر كلّ فريضة: «رضيت باللّه ربّا، و بمحمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نبيّا، و بالاسلام دينا، و بالقرآن كتابا،
ص:485
و بالكعبة قبلة، و بعليّ وليّا و إماما، و بالحسن و الحسين و الأئمّة صلوات اللّه عليهم أجمعين (1)، اللّهمّ إنّي رضيت بهم أئمّة فأرضني لهم شيعة (2)، إنّك على كلّ شيء قدير» (3).
فقد روي عن الأئمة عليهم السّلام الأمر بذلك عقيب كلّ صلاة فريضة، و التقرب: أن يبسط يديه بعد فراغه من الصلاة، و قبل أن يقوم من مقامه، و بعد أن يدعو إن شاء ما أحبّ، و إن شاء جعل الدّعاء بعد التقّرب و هو احسن، و يرفع باطن كفّيه و يقلّب ظاهرهما و يقول: «اللّهمّ إنّي أتقرب إليك بمحمّد رسولك و نبيّك و بعليّ وصيّه و وليّك و بالأئمة من ولده الطاهرين الحسن و الحسين و علي بن الحسين و محمّد بن علي و جعفر بن محمد . .» و يسمّي الأئمة إماما إماما عليهم السّلام حتّى يسمّي إمام عصره عجّل اللّه تعالى له بالفرج، ثمّ يقول: «اللّهم إنّي أتقرّب إليك بهم و أتولاهم، و أتبرّأ من أعدائهم، و أشهد اللّهمّ بحقايق الإخلاص و صدق اليقين أنّهم خلفاؤك في أرضك، و حججك على عبادك، و الوسائل إليك، و أبواب رحمتك، اللّهم احشرني معهم، و لا تخرجني من جملة أوليائهم، و ثبّتني على عهدهم، و اجعلني بهم وجيها في الدّنيا و الآخرة و من المقربين، و ثبّت اليقين في قلبي و زدني هدى و نورا، اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد و أعطني من جزيل ما أعطيت عبادك المؤمنين ما آمن به من عقابك، و أستوجب به رضاك و رحمتك، و اهدني إلى ما اختلف فيه من الحق بإذنك إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، و أسألك يا ربّ في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و أسألك أن تقيني عذاب النّار» (4).
ص:486
و لعن خصوص الطواغيت المعلومة و الملعونتين و هند و أمّ الحكم أخت معاوية و ساير بني أميّة. و قد سمع أبو عبد اللّه عليه السّلام يلعن في دبر كلّ صلاة هؤلاء الثمانية (1)، و قال الباقر عليه السّلام: إذا انحرفت من صلاة مكتوبة فلا تنحرف إلاّ بلعن بني أميّة (2).
و عن الصادق عليه السّلام أنّه قال: إنّ من حقّنا على أوليائنا و أشياعنا أن لا ينصرف الرجل منهم من صلاته حتى يدعو بهذا الدّعاء، و هو: «اللّهمّ إنّي أسألك باسمك (3)العظيم أن تصلّي على محمد و آله الطاهرين صلاة تامّة دائمة، و أن تدخل على محمد و آل محمد و محبيّهم و أوليائهم حيث كانوا في سهل أو جبل، أو برّ أو بحر، من بركة دعائي ما تقرّ به عيونهم، احفظ يا مولاي الغائبين منهم، و أرددهم إلى أهاليهم سالمين، و نفّس عن المهمومين، و فرّج عن المكروبين، و اكس العارين، و أشبع الجايعين، و ارو الظّامئين، و اقض دين الغارمين، و زوّج العازبين، و اشف مرضى المسلمين، و أدخل على الأموات ما تقّر به عيونهم، و انصر المظلومين من أولياء آل محمّد عليهم السّلام، و اطف نائرة المخالفين، اللّهمّ و ضاعف لعنتك و بأسك و نكالك و عذابك على اللّذّين كفرا نعمتك، و خوّنا (4)رسولك، و اتّهما نبّيك، و بايناه و حلاّ عقده في وصيته (5)، و نبذا عهده في خليفته من بعده، و ادّعيا مقامه، و غيّرا أحكامه، و بدّلا سنّته، و قلّبا دينه، و صغّرا قدر حججك [خ. ل: حجتك]، و بدا بظلمهم و طرّقا طريق الغدر عليهم، و الخلاف
ص:487
عن أمرهم، و القتل لهم، و إرهاج الحروب عليهم، و منعا خليفتك من سدّ الثّلم، و تقويم العوج، و تثقيف الأود، و إمضاء الأحكام، و إظهار دين الإسلام، و إقامة حدود القرآن، اللّهم العنهما و ابنتيهما و كلّ من مال ميلهم، و حذا حذوهم، و سلك طريقتهم، و تصدّر ببدعتهم، لعنا لا يخطر على بال، و يستعيذ منه اهل النار، العن اللهم من دان بقولهم، و اتبع امرهم و دعا إلى ولايتهم، و شكّ في كفرهم من الأوّلين و الآخرين» . ثم ادع بما شئت (1).
العين، و الاستعاذة من النّار، و الصلاة على النبيّ و آله، بل يكره ترك ذلك، و قد روي عن أمير المؤمنين عليه السّلام أنّه قال: اعطي السّمع أربعة: النّبيّ و الجنّة و النّار و الحور العين، فإذا فرغ العبد من صلاته فليصلّ على النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ليسأل الجنّة، و ليستجز باللّه من النّار، و يسأل اللّه أن يزوّجه من الحور العين، فإنّ من صلّى على النّبي رفعت دعوته، و من سأل اللّه الجنّة قالت الجنّة: يا ربّ اعط عبدك ما سأل، و من استجار باللّه من النار قالت النار: اجر عبدك مما استجار منه، و من سأل الحور قلن: يا ربّ اعط عبدك ما سأل (2). و زاد في خبر عن الصادق عليه السّلام أنّه إن هو انصرف من صلاته و لم يسأل اللّه شيئا من هذا قلن الحور العين: إنّ هذا العبد فينا لزاهد، و قالت الجنة: ان هذا العبد فيّ لزاهد، و قالت النار: ان هذا العبد فيّ لجاهل (3). و قال الصادق عليه السّلام أيضا: إذا قام المؤمن في الصلاة بعث اللّه الحور العين حتّى يحدقن به، فإذا انصرف و لم يسأل اللّه منهنّ شيئا انصرفن متعجّبات (4). و عن رسول اللّه صلّى اللّه
ص:488
عليه و آله و سلّم: إنّ ملكا عند رأسي في القبر فإذا قال العبد من أمّتي: اللّهم صلّ على محمّد و آل محمّد، قال الملك الذي عند رأسي: يا محمّد إنّ فلان ابن فلان صلّى عليك، فأقول: صلّى اللّه عليه كما صلّى عليّ (1).
و قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: انّ اللّه عزّ و جلّ أمر جبرئيل ليلة المعراج فعرض عليّ قصور الجنان فرأيتها من الذهب و الفضّة، ملاطها المسك و العنبر، غير أنّي رأيت لبعضها شرفا عالية و لم أر لبعضها، فقلت: يا حبيبي! ما بال هذه بلا شرف كما لساير تلك القصور شرف؟ فقال: يا محمّد! هذه قصور المصلّين فرايضهم الذين يكسلون عن الصّلاة عليك و على آلك بعدها، فان بعث مادّة لبناء الشرف من الصلاّة على محمّد و آله الطيبين بنيت له الشرف، و الاّ بقيت هكذا، فيقال حتى يعرف سكان الجنان: إنّ القصر الّذي لا شرف له هو الّذي كسل صاحبه بعد صلاته عن الصلاة على محمّد و آله الطيبين (2).
شَهِدَ اَللّهُ. . و آية قُلِ اَللّهُمَّ مالِكَ اَلْمُلْكِ (3)-بعد كلّ فريضة، لما عن مولانا الصادق عليه السّلام من انّه لما أمر اللّه هذه الآيات أن يهبطن إلى الأرض تعلّقن بالعرش و قلن: أي ربّ إلى أين تهبطنا؟ إلى أهل الخطايا و الذنوب؟ فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليهنّ: اهبطن، فو عزّتي و جلالي لا يتلوكنّ أحد من آل محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و شيعتهم في دبر كلّ ما افترضت عليه-يعني المكتوبة-إلاّ نظرت إليه في كلّ يوم سبعين نظرة، أقضي له في كلّ نظرة سبعين حاجة، و قبلته على ما كان فيه من المعاصي، و هي أم الكتاب (4)و شَهِدَ اَللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ اَلْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا
ص:489
اَلْعِلْمِ (1)و آية الكرسي، و آية الملك (2).
و ورد أنّ من قرأ آية الكرسي في دبر كلّ صلاة مكتوبة تقبّلت صلاته، و يكون في أمان اللّه (3)و بعصمة اللّه، و تولّى اللّه جل جلاله قبض روحه، و كان كمن جاهد مع الأنبياء حتّى استشهد، و ما يمنعه من دخول الجنّة إلاّ الموت، و أعطاه اللّه تعالى قلب الشاكرين، و أجر النبيّين، و عمل الصدّيقين، و بسط اللّه عليه يده، و أوحى اللّه إلى موسى عليه السّلام انّه لا يداوم عليه إلاّ نبيّ، أو صدّيق، أو رجل رضيت عنه، أو رجل رزقته الشهادة (4).
لما عن الصادق عليه السّلام من أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال لأصحابه ذات يوم: أ رأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب و الآنية ثمّ وضعتم بعضه على بعض أ كنتم ترون أنّه يبلغ السّماء؟ قالوا: لا، فما بالنا يا رسول اللّه؟ قال: أ فلا أدلّكم على شيء أصله في الأرض و فرعه في السماء؟ قالوا: بلى يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال: يقول أحدكم إذا فرغ من الفريضة: «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا اله إلا اللّه و اللّه أكبر» ثلاثين مرّة، فإنّ أصلهنّ في الأرض و فرعهنّ في السّماء، و هنّ يدفعن الهدم، و الحرق، و الغرق، و التردّي في البئر، و أكل السبع، و ميتة السّوء، و البليّة الّتي تنزل من السّماء في ذلك اليوم على العبد، و هنّ الباقيات
ص:490
الصالحات (1).
لما ورد من أنّ: من كان يؤمن باللّه و اليوم الآخر فلا يدع أن يقرأ ب قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ في دبر الفريضة، فانّ من قرأها جمع اللّه له خير الدنيا و الآخرة (2).
و ورد أنّ من تعاهد قراءتها بعد كلّ صلاة تناثر البرّ من السماء على مفرق رأسه (3)، و نزلت عليه السكينة لها دويّ حول العرش حتّى ينظر اللّه تعالى إلى قاريها فيغفر اللّه له مغفرة لا يعذّبه بعدها، ثمّ لا يسأل اللّه شيئا إلاّ أعطاه إيّاه، و يجعله في كلاءته (4)، و له من يوم يقرأها إلى يوم القيامة خير الدنيا و الآخرة، و يصيب الفوز و المنزلة و الرفعة، و يوسّع عليه في الرزق، و يمدّ له في العمر، و يكفى من أموره كلّها، و لا يذوق سكرات الموت، و ينجو من عذاب القبر، و لا يخاف أموره إذا خاف العباد، و لا يفزع إذا فزعوا، فإذا وافى المجمع أتوه بنجيبة (5)خلقت من درّة بيضاء، فيركبها فتمر به حتّى يقف بين يدي اللّه عزّ و جلّ، فينظر اللّه إليه بالرّحمة، و يكرمه بالجنّة يتبوّأ منها حيث يشاء (6). و ورد أنّ
ص:491
من قرأها بعد صلاة الصبح غفر له ذنب سنة، و رفع له ألف درجة أوسع من الدنيا سبعين مرّة (1). و في خبر آخر: غفرت له ذنوب مائة سنة (2). و يأتي إن شاء اللّه تعالى في المقام الأوّل من الفصل الحادي عشر فضائل لهذه السورة المباركة.
و الاكرام و أتوب إليه» ثلاث مرّات.
و قد ورد أنّ من قال في دبر صلاة الفريضة قبل أن يثني رجليه ذلك ثلاث مرّات غفر اللّه له ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر (3).
أحدا صمدا لم يتّخذ صاحبة و لا ولدا» عشرا.
فقد ورد أنّ من قال ذلك بعد فراغه من الصلاة قبل أن تزول ركبته محا اللّه عنه أربعين ألف ألف سيّئة، و كتب له أربعين ألف ألف حسنة، و كان مثل من قرأ القرآن اثنتي عشرة مرّة (4).
عليّ من رحمتك، و أنزل عليّ من بركاتك»
لما ورد عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أنّ من قال ذلك في دبر كلّ صلاة و وافى بها لم يدعها متعمّدا فتح اللّه له يوم القيامة ثمانية أبواب الجنّة يدخل من أيّها شاء (5).
من الدّعاء بعد الفريضة أن تقول: «اللّهمّ
إنّي أسألك من كلّ خير أحاط به علمك، و أعوذ بك من كلّ شرّ أحاط به علمك، اللّهمّ إنّي أسألك عافيتك في
ص:492
أموري كلّها، و أعوذ بك من خزي الدّنيا و عذاب الآخرة» (1).
فقد ورد أنّ من قاله في دبر الفريضة ثلاثا أعطي ما سأل (2).
قال: لا تدع في دبر كلّ صلاة: «أعيذ نفسي و ما رزقني ربّي باللّه الواحد الصّمد. .» حتّى يختمها، «و أعيذ نفسي و ما رزقني ربّي بربّ الفلق. .» حتّى يختمها، «و أعيذ نفسي و ما رزقني ربّي بربّ النّاس. .» حتّى يختمها (3).
بيان: الضمير في المواضع الثلاثة راجع إلى السورة، يعني حتّى يختم سورة التوحيد في الأوّل، و سورة الفلق في الثاني، و سورة النّاس في الثالث، كما يكشف عن ذلك ما عنه عليه السّلام أيضا قال: من قال هذه الكلمات عند كلّ صلاة (4)مكتوبة حفظ في نفسه و داره و ولده و ماله: «اجير نفسي و مالي و ولدي و أهلي و داري و كلّ ما هو منّي باللّه الواحد الأحد اَلصَّمَدُ. .» إلى آخر السورة، و أجير نفسي و مالي و ولدي و كلّ ما هو منّي بِرَبِّ اَلْفَلَقِ. . إلى آخرها، و بِرَبِّ اَلنّاسِ. . إلى آخرها، و آية الكرسي إلى آخرها» (5).
الحسن عليه السّلام:
إن رأيت يا سيدي أن تعلّمني دعاء أدعو به في دبر صلاتي يجمع اللّه لي به خير الدنيا و الآخرة، فكتب عليه السّلام تقول: «أعوذ بوجهك
ص:493
الكريم و عزتك الّتي لا ترام و قدرتك الّتي لا يمتنع منها شيء من شرّ الدّنيا و الآخرة و من شر الأوجاع كلّها» (1).
قال: جاء جبرئيل إلى يوسف عليه السّلام و هو في السّجن فقال له: يا يوسف! قل في دبر كلّ صلاة: «اللّهمّ أجعل لي من أمري فرجا و مخرجا، و أرزقني من حيث أحتسب و من حيث لا أحتسب» (2).
قل بعد التسليم: «اللّه أكبر لا اله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك و له الحمد يحيي و يميت، و يميت و يحيي، و هو حيّ لا يموت، بيده الخير و هو على كلّ شيء قدير، لا إله إلاّ اللّه وحده، صدق وعده، و نصر عبده، و هزم الأحزاب وحده، اللّهمّ اهدني لما أختلف فيه من الحقّ بإذنك إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» (3).
قال: إذا فرغت من صلاتك فقل: «اللّهمّ إنّي ادينك بطاعتك و ولايتك، و ولاية رسولك صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، و ولاية الأئمة عليهم السّلام من أوّلهم و آخرهم. .» و تسمّيهم، ثمّ قل: «اللّهمّ إنّي ادينك بطاعتك، و ولايتهم، و الرّضا بما فضّلتهم به غير متكبّر و لا مستكبر على معنى ما انزلت في كتابك على حدود ما أتانا فيه و ما لم يأتنا، مؤمن مقرّ، مسلّم بذلك، راض بما رضيت به يا ربّ، أريد به وجهك و الدار الآخرة، مرهوبا و مرغوبا إليك فيه، فاحيني ما أحييتني على ذلك، و أمتني إذا أمتنّي على ذلك، و ابعثني إذا بعثتني على ذلك، و ان كان منّي تقصير فيما مضى،
ص:494
فانّي أتوب إليك منه، و أرغب إليك فيما عندك، و اسألك أن تعصمني من معاصيك، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا ما احييتني لا أقلّ من ذلك و لا أكثر، إنّ النّفس لأمّارة بالسّوء إلاّ ما رحمت يا أرحم الراحمين، و اسألك أن تعصمني بطاعتك حتّى تتوفّاني عليها و أنت عنّي راض، و أن تختم لي بالسعادة، و لا تحوّلني عنها أبدا، و لا قوّة إلاّ بك» (1).
السّلام
قال: من أحبّ أن يخرج من الدّنيا و قد تخلّص من الذّنوب كما يتخلص الذهب الّذي لا كدر فيه، و لا يطلبه أحد بمظلمة، فليقل في دبر الصّلوات الخمس نسبة الرّب (2)عزّ و جلّ: قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ أثنتي عشرة مرّة، ثمّ يبسط يديه فيقول: «اللّهمّ انّي اسألك باسمك المكنون المخزون الطّاهر المطهّر المبارك، و اسألك باسمك العظيم، و سلطانك القديم، أن تصلّي على محمد و آل محمد، يا واهب العطايا، يا مطلق الأسارى، يا فكّاك الرقاب من النّار، أسألك أن تصلّي على محمد و آل محمد، و أن تعتق رقبتي من النّار، و تخرجني من الدنيا سالما، و تدخلني الجنّة آمنا، و أن تجعل دعائي أوّله فلاحا، و أوسطه نجاحا، و آخره صلاحا انّك انت علام الغيوب» . ثمّ قال أمير المؤمنين عليه السّلام: هذا من المختار ممّا علّمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و أمرني أن أعلّمه الحسن و الحسين عليهما السّلام (3).
من أنّ من دعا بهذا الدّعاء في
ص:495
أعقاب الصّلوات غفرت له ذنوبه و لو كانت مثل عدد نجوم السماء و قطرها و خصب الأرض و ثراها و دوابّها، و هو دعاء الخضر عليه السّلام: «إلهي هذه صلاتي صلّيتها لا لحاجة منك إليها، و لا لرغبة منك فيها إلاّ تعظيما و طاعة و إجابة إلى ما أمرتني به، إلهي إن كان فيها خلل أو نقص في (1)ركوعها أو سجودها فلا تؤاخذني، و تفضّل عليّ بالقبول و الغفران برحمتك يا أرحم الراحمين» .
من أنّ من أراد أن لا يقفه اللّه تعالى يوم القيامة على قبيح أعماله، و لا ينشر له ديوان ذنوبه، فليدع بهذا الدّعاء في دبر كلّ صلاة: «اللّهمّ انّ مغفرتك أرجى من عملي و أوسع من ذنبي، اللّهمّ إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك فرحمتك أهل أن تبلغني لأنّها وسعت كلّ شيء، و أنا شيء، فلتسعني رحمتك يا أرحم الراحمين» (2).
الذي ما يدعو مخلوق إلاّ حشره اللّه عزّ و جلّ مع ذلك الدّعاء، و كان شفيعه في آخرته، و فرّج اللّه عنه كربه، و قضى به دينه، و يسّر أمره، و أوضح سبيله، و قوّاه على عدوّه، و لم يهتك ستره. قال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: تقول اذا فرغت من صلاتك و أنت قاعد: «اللّهمّ إنّي اسألك بكلماتك، و معاقد عزّك (3)، و سكّان سمواتك و أرضك، و أنبيائك و رسلك، أن تستجيب لي، فقد رهقني من أمري عسرا، فاسألك ان تصلّي على محمّد و آل محمّد، و ان تجعل لي من أمري يسرا» . فإنّ اللّه عزّ و جلّ يسهّل أمرك، و يشرح لك صدرك، و يلقّنك شهادة أن لا اله إلاّ اللّه عند خروج نفسك (4).
ص:496
بقي هنا أمر و هو: انّ من آداب الدّعاء-كما يأتي في المقام الثالث من الفصل الحادي عشر ان شاء اللّه تعالى-هو رفع اليدين عنده.
و ورد عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه قال: اذا خرج أحدكم من الصلاة فليرفع يديه إلى السّماء، و لينصب في الدعاء، فقال ابن سبا: يا أمير المؤمنين (ع) ! أ ليس اللّه عزّ و جلّ في كلّ مكان؟ فقال: بلى، فقال: فلم يرفع يديه إلى السّماء؟ فقال: أو ما تقرأ وَ فِي اَلسَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ (1). فمن أين يطلب الرّزق إلاّ من موضعه؟ و موضع الرّزق ما وعد اللّه عزّ و جلّ إلى السّماء (2).
و ورد في بعض أدعية التّعقيب رفع اليد فوق الرأس.
و روى صفوان الجمّال قال: رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام إذا صلّى و فرغ من صلاته رفع يديه فوق رأسه (3). و المراد به-و اللّه العالم-هو رفع اليد فوق الرأس ممدودة إلى السّماء، لا وضعهما على الرأس، و لا يبعد أن يكون ما تعارف عند العوام من وضع اليدين بعد الصّلاة على الرّاس لاصقا بطنهما به شبه ما تصنعه النّساء عند الأسر و الذّلّة، ناشئا من الاشتباه في فهم هذه الرّواية، زعما كون المراد برفع اليدين فوق الرأس وضعهما عليه، مع أنّ الوضع على الرأس غير الرّفع فوق الرأس، فتدبّر جيّدا.
ص:497
فممّا يختصّ بصلاة الظّهر
ما في خبر عيسى القميّ رحمه اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السّلام يقول اذا فرغ من الزّوال: «اللّهمّ إنّي أتقرّب إليك بجودك و كرمك، و اتقرّب إليك بمحمّد عبدك و رسولك، و أتقرّب إليك بملائكتك المقرّبين، و أنبيائك المرسلين، و بك، اللّهمّ انت الغنيّ عنّي، و بي الفاقة إليك، أنت الغنيّ و انا الفقير إليك، أقلتني عثرتي، و سترت عليّ ذنوبي، فاقض اليوم حاجتي، و لا تعذّبني بقبيح ما تعلم منّي، بل عفوك وجودك يسعني» . قال: ثمّ يخّر ساجدا و يقول: «يا أهل التقوى، يا أهل المغفرة، يا برّ، يا رحيم، أنت أبّر لي من أبي و أمّي و من جميع الخلائق، أقلبني بقضاء حاجتي، مجابا دعائي، مرحوما صوتي، قد كشفت انواع البلاء عنّي» (1).
قراءة سورة القدر عشر مرّات، و انّ من فعل ذلك مرّت له في ذلك على مثل أعمال الخلائق يوم القيامة (2).
و ورد أيضا الاستغفار سبعين مرّة، و انّ من فعل ذلك غفر اللّه له ذلك اليوم سبعمائة ذنب، فان لم يكن له فلابيه، فإن لم يكن لابيه فلأمه، فان لم يكن لأمه فلأخيه، فإن لم يكن لأخيه فلأخته، فإن لم يكن لأخته فللأقرب
ص:498
فالأقرب (1).
و ورد في خبر آخر الاستغفار سبعا و سبعين مرّة (2).
و عن مولانا الصّادق عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من قال بعد العصر في كلّ يوم مرّة واحدة: «استغفر اللّه الّذي لا اله إلاّ هو الرّحمن الرّحيم الحيّ القيّوم ذو الجلال و الاكرام، و أسأله ان يتوب عليّ توبة عبد ذليل خاضع فقير بائس مسكين مستكين مستجير لا يملك لنفسه ضرّا و لا نفعا و لا موتا و لا حياة و لا نشورا» أمر اللّه الملكين بتخريق صحيفة السّيّئات كائنة ما كانت (3).
ما عن أبي عبد اللّه عليه السّلام من أنّ من قال إذا صلّى المغرب ثلاث مرّات: «الحمد للّه الّذي يفعل ما يشاء، و لا يفعل ما يشاء غيره» أعطي خيرا كثيرا (4).
و عنه عليه السّلام انّه قال: اذا صلّيت المغرب و الغداة فقل: «بسم اللّه الرّحمن الرّحيم لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العلي العظيم» سبع مرّات، فإنّ من قالها لم يصبه جذام، و لا برص، و لا جنون، و لا سبعون نوعا من أنواع البلاء (5)،
ص:499
أهونها الرّيح و البرص و الجنون، و يكتب في ديوان السعداء و إن كان شقيّا (1).
و في خبر آخر يقوله مائة مرّة (2). و عنه عليه السّلام انّه قال: اذا صلّيت المغرب فامّر يدك على جبهتك و قل: «بسم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو عالم الغيب و الشهادة الرّحمن الرّحيم، اللّهمّ اذهب عنّي الهمّ و الحزن» ثلاث مرّات (3).
و عنه عليه السّلام انّه قال: تقول بعد العشاءين-كما في الكافي (4)-و بين العشاءين-كما في التهذيب (5)و الفقيه (6): «اللّهمّ بيدك مقادير اللّيل و النّهار، و بيدك مقادير الدّنيا و الآخرة، و مقادير الموت و الحياة، و مقادير الشّمس و القمر، و مقادير النصر و الخذلان، و مقادير الغنى و الفقر، اللّهمّ بارك لي في ديني و دنياي، و في جسدي و أهلي و ولدي، اللّهمّ ادرأ عنّي فسقة العرب و العجم و الجنّ و الإنس، و اجعل منقلبي إلى خير دائم و نعيم لا يزول» .
و عن أبي الحسن عليه السّلام انّه قال: إذا صلّيت المغرب فلا تبسط رجلك، و لا تكلّم احدا حتّى تبسمل، و تحوقل مائة مرّة، و كذا عقيب الصّبح، فمن قال ذلك دفع اللّه عنه مائة نوع من أنواع البلاء، أدنى نوع منها البرص و الجذام و الشّيطان و السّلطان (7).
و عن محمّد بن الجعفي عن أبيه قال: كنت كثيرا ما أشتكي عيني فشكوت ذلك إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: أ لا أعلّمك دعاء لدنياك
ص:500
و آخرتك، و بلاغا لوجع عينك؟ قلت: بلى، قال: تقول في دبر الفجر و المغرب: «اللّهمّ إنّي اسألك بحقّ محمّد و آل محمّد عليك أن تصلّي على محمّد و آل محمّد و اجعل (1)النّور في بصري، و البصيرة في ديني، و اليقين في قلبي، و الاخلاص في عملي، و السّلامة في نفسي، و السّعة في رزقي، و الشكر لك أبدا ما أبقيتني» (2).
مضافا الى ما مرّ، قراءة سورة القدر سبع مرات، و أن من فعل ذلك بعد عشاء الآخرة كان في ضمان اللّه حتى يصبح.
مضافا إلى ما مرّ من المشتركات بينها و بين المغرب، قراءة خمسين آية (4)، و من ذلك ايضا قول عشر مرّات: «سبحان اللّه العظيم و بحمده و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه العلي العظيم» .
فقد ورد أنّ من فعل ذلك فإنّ اللّه تعالى يعافيه بذلك عن العمى و الجنون و الجذام و الفقر و الهرم (5).
ص:501
و من ذلك أيضا ما روي لسعة الرّزق من قول عشر مرّات في آخر الدّعاء بعد صلاة الفجر: «سبحان اللّه العظيم و بحمده أستغفر اللّه و اسأله من فضله» (1).
و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال لابن سيّابة: أ لا أعلّمك شيئا يقي اللّه به وجهك من حرّ جهنّم؟ قال: قلت: بلى، قال: قلّ بعد الفجر: «اللّهمّ صلّ على محمّد و آل محمّد» مائة مرّة يقي اللّه به وجهك من حرّ جهنّم (2).
و عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّ من قرأ قُلْ هُوَ اَللّهُ أَحَدٌ احدى عشرة مرّة في دبر الفجر لم يتبعه في ذلك اليوم ذنب، و إنه رغم أنف الشيطان (3).
و عن الباقر عليه السّلام انّ من استغفر اللّه بعد صلاة الفجر سبعين مرّة غفر اللّه له و لو عمل ذلك اليوم أكثر من سبعين ألف ذنب، و من عمل أكثر من سبعين ألف ذنب فلا خير فيه (4).
و في رواية: سبعمائة ذنب (5).
. . إلى غير ذلك من التعقيبات الّتي يعسر استقصاؤها، و من لم يكفه ما ذكر فليراجع مظانّه كأبواب التعقيب من مستدرك الوسائل و غيره.
بقي هنا أمر و هو: أنّ من أراد الانصراف عن مصلاّه استحبّ له أن ينصرف عن يمينه، للأمر بذلك في عدّة أخبار المحمول على النّدب (6).
ص:502
و يلحق بهذا الفصل الاشارة إلى فضل الصّوم، و المندوب منه و ما يكره له.
اعلم أنّ الصّوم أحد الخمسة الّتي بني عليها الاسلام، و لو لم يكن فيه إلاّ الارتقاء من حضيض حظوظ النّفس البهيميّة إلى ذروة التّشبّه بالملائكة الرّوحانيّة لكفى به فضلا و منقبة، مضافا إلى ما ورد من أنّه جنّة من النّار (1)، و انّه يزيد في الحفظ، و يضعّف الباه، و يذهب البلغم، و يصحّح البدن (2). و انّه زكاة الأبدان، و انّه يسوّد وجه الشّيطان (3). و انّ اللّه تعالى قد وكّل ملائكة بالدّعاء للصّائمين (4). و انّ خلوف فم الصّائم أطيب عند اللّه عزّ و جلّ من ريح المسك (5). و انّ للصّائم فرحتين: فرحة عند إفطاره، و فرحة عند لقاء ربّه (6). و انّ من صام يوما تطوّعا ابتغاء ما عند اللّه تعالى دخل الجنّة، و وجبت له المغفرة (7). و انّ الصّائم في عبادة و ان كان على فراشه ما لم يغتب مسلما (8). و انّ نومه عبادة، و نفسه تسبيح، و عمله متقبّل، و دعاءه مستجاب (9). و انّه ليرتع في رياض الجنّة،
ص:503
و تدعو له الملائكة حتّى يفطر (1). و انّه إذا قام المؤمن ليله و صام نهاره لم يكتب عليه ذنب، و لم يخط خطوة إلاّ كتب اللّه له بها حسنة، و لم يتكلّم بكلمة خير إلاّ كتب له بها حسنة، و إن مات في نهاره صعد بروحه إلى عليّين، و إن عاش حتّى يفطر كتبه اللّه من الأوّابين (2). و انّ من صام يوما في سبيل اللّه كان له كعدل سنة يصومها (3). و انّ من صام يوما تطوّعا فلو أعطي ملء الأرض ذهبا ما وفى أجره دون يوم الحساب (4). و من صام للّه عزّ و جلّ يوما في شدّة الحرّ فأصابه ظمأ و كلّ اللّه به ألف ملك يمسحون وجهه و يبّشرونه، حتّى إذا أفطر قال اللّه عزّ و جلّ: ما أطيب ريحك و روحك، ملائكتي اشهدوا انّي قد غفرت له (5). و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال: قال اللّه عزّ و جلّ: كلّ عمل ابن آدم بعشرة أضعافها إلى سبعمائة ضعف إلاّ الصّبر، فإنّه لي، و انا أجزي به، فثواب الصّبر مخزون عند اللّه (6)، و الصّبر: الصّوم (7).
و ينبغي لمن صام أن يمسك جميع أعضائه و قواه عن ارتكاب ما يكرهه اللّه عزّ و جلّ، و اذا شتمه أحد فلا يشتمه بل يسلّم عليه (8).
و يستحبّ الصوم عند نزول الشدّة، و كذا عند ضيق اليد (9)، و عند غلبة
ص:504
الشهوة، و عدم تيّسر دفعها بالحلال (1).
و يستحبّ صوم ما عدا العيدين من جميع أيام السّنة، و المؤكّد منه صوم أيّام خاصّة:
أوّل خميس منه، و آخر خميس، و أوّل أربعاء من العشر الثاني، و قد ورد انّ به جرت السّنّة (2)، و انّ النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم التزم بها في آخر عمره، و انّه يعدل صوم الدّهر، و يذهب بوحر الصّدر و وسوسته (3)، و انّه انّما جعل في الشّهر ثلاثة أيّام لأنّ من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، فمن صام في كلّ عشرة واحدا فكأنّما صام الدّهر كلّه (4)، و انّما خصّ من العشر الأوّل و الأخير الخميس لأنّ فيه ترفع الأعمال، و من العشر الثاني الأربعاء لأنّه اليوم الّذي خلق اللّه فيه النّار (5)، و أهلك القرون الأولى، و هو يوم نحس مستمرّ، فأحبّ اللّه أن يدفع العبد عن نفسه نحس ذلك اليوم بصومه (6)، و من أخّر صوم هذه الأيّام استحبّ له قضاؤها (7)، و يجوز تقديم ما لأشهر الصّيف منها في الشّتاء (8).
و يستحبّ لمن ترك صوم هذه الأيّام الثّلاثة لمشقّة، أو مرض، أو سفر، أو كبر، أو ضعف، أو عطش. . أو نحوها التّصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام
ص:505
أو درهم (1).
و هي الثّالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر من كل شهر، و قد ورد أنّ صوم هذه الأيّام يعدل صوم الدّهر (2).
و ورد انّه يكتب بأوّل يوم صوم عشرة آلاف سنة، و بالثّاني ثلاثون ألفا، و بالثّالث مائة ألف سنة (3).
ثلاثة من أوّل الشّهر، و ثلاثة من وسطه، و ثلاثة من آخره، أو صوم يومين و إفطار يوم، فإنّ الأوّل صوم داود عليه السّلام (4)، و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ملتزما به مدّة من الزّمان، و قال: انّ أفضل الصّيام صيام أخي داود عليه السّلام، و الثاني صوم سليمان عليه السّلام، و الثالث صوم مريم عليها السّلام (5).
لما روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من أنّ من صام من شهر الحرام الخميس و الجمعة و السبت كتب اللّه له عبادة تسعمائة سنة (6).
لما روي من أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان يصوم الاثنين و الخميس في كلّ اسبوع، و يقول:
ص:506
انّهما يومان يعرض فيهما الأعمال على ربّ العالمين (1)، و زاد في خبر آخر: أنّي أحبّ أن يرفع عملي و أنا صائم (2).
و عن أمير المؤمنين عليه السّلام: إنّ من صام يوم الجمعة صبرا و احتسابا أعطي ثواب صيام عشرة أيّام غرّ زهر لا تشاكل أيّام الدّنيا (3). نعم صوم يوم الاثنين ليس من المؤكّد، لما ورد من أنّ صاحبه بالخيار بين الصّوم و الافطار (4). و المعروف على الألسن كراهة صوم يوم الجمعة وحده، و يشهد به الأخبار النّاهية عن إفراد يوم الجمعة بالصّوم (5).
و عن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه قال: لا يخصّ يوم الجمعة بالصّوم وحده إلاّ ان يصوم معه غيره قبله أو بعده، لأنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم نهى ان يخصّ يوم الجمعة بالصوم ما بين الأيّام (6)، إلاّ انّه يعارض ذلك قول ابن سنان رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام صائما يوم الجمعة، فقلت له: جعلت فداك، انّ النّاس يزعمون انّه يوم عيد، فقال: كلاّ، انّه يوم خفض و دعة (7)، فانّه لو كان صومه مكروها لما كان عليه السّلام يصومه، إلاّ أن يقال: انّه لم يعلم انّه عليه السّلام لم يكن قد صام الخميس، و لم يكن من عزمه صوم السّبت بعده، و امّا إنكاره عليه السّلام كونه عيدا فمحمول على انّه ليس عيدا يحرم صومه.
ص:507
أمّا الأوّل: فلقول الرّضا عليه السّلام: انّه اليوم الّذي دعا فيه زكريا ربّه فقال: هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ اَلدُّعاءِ (1)، فاستجاب اللّه له، و أمر الملائكة فَنادَتْهُ اَلْمَلائِكَةُ وَ هُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي اَلْمِحْرابِ أَنَّ اَللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى (2)فمن صام هذا اليوم ثمّ دعا اللّه عزّ و جلّ استجاب اللّه له كما استجاب لزكريّا عليه السّلام (3).
و أمّا الثّاني: فلما عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم قال: من صام اليوم الثالث من المحرّم استجيبت: دعوته (4).
و امّا الثّالث: فلما عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من قوله: من صام يوما من المحرّم فله بكل يوم ثلاثون يوما (5). و عنهم عليهم السّلام: انّ من صام يوما من المحرّم محتسبا جعل اللّه تعالى بينه و بين جهنّم جنّة كما بين السّماء و الأرض (6).
و أمّا الرّابع: فلما عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من قوله لرجل: ان كنت صائما بعد شهر رمضان فصم المحرّم، فانّه شهر تاب اللّه فيه على قوم، و يتوب اللّه تعالى فيه على آخرين (7).
ص:508
و عن مولانا الصّادق عليه السّلام انّه قال: من أمكنه صوم المحرّم فانّه يعصم صاحبه من كلّ سيّئة (1).
لقول أمير المؤمنين عليه السّلام: صوموا العاشوراء التاسع و العاشر، فانّه يكفّر ذنوب سنة (2). و قال الباقر عليه السّلام: لزقت السفينة يوم عاشوراء على الجودي، فأمر نوح عليه السّلام من معه من الجنّ و الانس أن يصوموا ذلك اليوم، ثمّ قال: أ تدرون ما هذا اليوم؟ هذا اليوم الذي تاب اللّه عزّ و جلّ فيه على آدم و حوّا عليهما السّلام، و هذا اليوم الّذي فلق اللّه فيه البحر لبني اسرائيل فأغرق فرعون و من معه، و هذا اليوم الّذي غلب فيه موسى عليه السّلام فرعون، و هذا اليوم الّذي ولد فيه ابراهيم عليه السّلام، و هذا اليوم الّذي تاب اللّه فيه على قوم يونس عليه السّلام، و هذا اليوم الّذي ولد فيه عيسى بن مريم عليه السّلام، و هذا اليوم الّذي يقوم فيه القائم عليه السّلام عجّل اللّه فيه فرجه (3).
و أقول: الّذي اعتقده عدم جواز صومه تبرّكا، و جواز صومه حزنا، و كون الافطار بعد العصر أفضل من إتمامه إلى اللّيل، و ذلك لعدم وقوع وقعة الطّف فى زمان نوح عليه السّلام، و لا في زمان أمير المؤمنين عليه السّلام الآمرين بالصّوم، فيبقى خبر عبد اللّه بن سنان بالنّسبة إلى زمان ما بعد وقعة الطّف سليما عن المعارض، قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام يوم عاشوراء و دموعه تنحدر من عينيه كاللّؤلؤ المتساقط، فقلت: ممّ بكاؤك؟ فقال: أفي غفلة أنت؟ أما علمت انّ الحسين عليه السّلام أصيب في مثل هذا اليوم؟ ! فقلت: ما
ص:509
قولك في صومه؟ فقال لي: صمه من غير تبييت، و أفطره من غير تشميت (1)، و لا تجعله يوم صوم كملا، و ليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء، فإنّ في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجّلت الهيجاء عن آل الرسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. . الحديث (2).
ص:510
من ربيع الأوّل،
فقد ورد انّ من صامه كتب اللّه له صيام سنة (1)، و في خبر آخر عن الصّادقين عليهما السّلام: انّ من صامه كتب اللّه له صيام ستّين سنة (2).
فقد ورد انّه شهر اللّه سبحانه (3)، و ورد انّه شهر أمير المؤمنين عليه السّلام، و كان يصومه كلّه (4)، و ورد في أوّل يوم منه انّ من صامه رغبة في ثواب اللّه عزّ و جلّ وجبت له الجنّة 5، و تباعدت عنه النّار مسيرة سنة 6، و ورد في الأوّل و الثّاني منه انّ من صامهما تباعدت عنه النار مسيرة سنتين 7،
ص:511
و انّ من صام يوم النّصف منه شفع في مثل ربيعة و مضر (1)، و من صام ثلاثة أيّام منه و قام لياليها: ثلاثة عشرة و اربعة عشرة و خمسة عشرة، لا يخرج من الدّنيا إلاّ على التّوبة النّصوح (2)، و من صام أيّام البيض منه كتب اللّه له بكّل يوم صيام سنة و قيامها، و وقف يوم القيامة موقف الآمنين (3)، و من صام يوم المبعث منه عدل عند اللّه صيام سبعين سنة (4)، و ورد مثله في صوم الخامس و العشرين منه (5)، و من صام يوم السادس و العشرين منه جعل اللّه صوم ذلك اليوم كفارة ثمانين سنة (6)، و من صام يوما. في آخره كان ذلك أمانا له من شدّة سكرات الموت، و أمانا له من هول المطّلع، و عذاب القبر (7)، و جعله اللّه عزّ و جلّ من ملوك الجنّة، و شفّعه في أبيه و أمّه و ابنه و ابنته و أخيه و أخته و عمّه و عمّته و خاله و خالته و معارفه و جيرانه، و إن كان فيهم مستوجب النّار (8)، و من صام يومين من آخر هذا الشهر كان له بذلك جواز الصّراط (9)، و من صام ثلاثة أيّام من آخر هذا الشهر أمن من الفزع الأكبر من أهواله و شدائده، و أعطى براءة من النّار (10)، و انّ من صام ثلاثة أيّام
ص:512
من رجب في أوّله، و ثلاثة أيّام في وسطه، و ثلاثة أيّام في آخره غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر (1). و ورد انّ من صام يوما منه ايمانا و احتسابا غفر اللّه له (2)، و استوجب رضوان اللّه الأكبر (3)، و جعل اللّه بينه و بين النّار سبعين خندقا عرض كلّ خندق ما بين السّماء و الأرض (4)، و انّ رجب نهر في الجنّة أشدّ بياضا من اللّبن، و أحلى من العسل، فمن صام يوما من رجب سقاه اللّه من ذلك النّهر (5)، و من صام يوما منه في أوّله أو وسطه أو آخره غفر له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر، و اوجب اللّه له الجنّة، و جعله مع أهل البيت عليهم السّلام في درجتهم يوم القيامة، و انّ من صام يومين منه قيل له: استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى (6)، و لم يصف الواصفون من أهل السّموات و الأرض ما له عند اللّه من الكرامة (7)، و من صام ثلاثة ايّام منه كتب اللّه له بكلّ يوم صيام سنة، و وجبت له الجنّة، و جعل اللّه بينه و بين النّار خندقا و حجابا طوله مسيرة سبعين عاما (8). و من صام أربعة ايّام منه عوفي من البلايا كلّها من الجنون و الجذام و البرص و فتنة الدّجّال. و من صام خمسة أيّام منه كان حّقا على اللّه أن يرضيه يوم القيامة. و من صام ستّة ايّام منه خرج من قبره و لوجهه نور يتلألأ، و يبعث
ص:513
من الآمنين. و من صام سبعة أيّام منه أغلقت عنه أبواب النّيران السّبعة بصوم كلّ يوم باب. و من صام ثمانية أيّام منه فتحت له أبواب الجنان الثّمانية، يفتح اللّه له بصوم كلّ يوم بابا من أبوابها. و من صام تسعة أيّام منه خرج من قبره و هو ينادي: لا اله الاّ اللّه، و لا يصرف وجهه دون الجنّة. و من صام عشرة أيّام منه أعطى مسألته، و جعل اللّه له جناحين أخضرين يطير بهما على الصّراط كالبرق الخاطف إلى الجنان. و من صام أحد عشر يوما منه لم يواف اللّه يوم القيامة عبدا أفضل ثوابا منه إلاّ من صام مثله أو زاد عليه. و من صام اثنى عشر يوما منه كسي يوم القيامة حلّتين خضراوتين من سندس و استبرق يحبر بهما. و من صام ثلاثة عشر يوما منه وضعت له يوم القيامة مائدة من ياقوت أخضر في ظلّ العرش فيأكل منها و النّاس في شدّة شديدة و كرب عظيم. و من صام أربعة عشر يوما منه أعطاه اللّه من الثّواب ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر. و من صام خمسة عشر يوما منه أعطي مسألته، و قيل له: استأنف العمل فقد غفر لك، و وقف يوم القيامة موقف الآمنين، و حاسبه اللّه حسابا يسيرا. و من صام ستّة عشر يوما منه كان في أوائل من يركب على دوابّ من نور تطير بهم في عرصة الجنان. و من صام سبعة عشر يوما منه وضع له يوم القيامة على الصّراط سبعون ألف مصباح من نور حتّى يمرّ على الصّراط بنور تلك المصابيح إلى الجنان. و من صام ثمانية عشر يوما منه زاحم ابراهيم عليه السّلام في قبتّه. و من صام تسعة عشر يوما منه بنى اللّه له قصرا من لؤلؤ رطب بحذاء قصر آدم عليه السّلام و ابراهيم عليه السّلام. و من صام عشرين يوما منه فكأنّما عبد اللّه عشرين ألف عام. و من صام احدا و عشرين يوما منه شفّع يوم القيامة من مثل ربيعة و مضر. و من صام اثنين و عشرين يوما منه نادى مناد من السّماء: ابشر يا وليّ اللّه بالكرامة العظيمة. و من صام ثلاثة و عشرين يوما منه نودي من السّماء: طوبى لك يا عبد اللّه نصبت قليلا و نعمت طويلا. و من صام أربعة
ص:514
و عشرين يوما منه هوّن عليه سكرات الموت و يرد حوض النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم. و من صام خمسة و عشرين يوما منه فهو من أوّل النّاس دخولا في جنّات عدن مع المقرّبين. و من صام ستّة و عشرين يوما منه بنى اللّه له في ظل العرش مائة قصر ليسكنها ناعما و النّاس في الحساب. و من صام سبعة و عشرين يوما منه أوسع اللّه عليه القبر مسيرة أربعمائة عام. و من صام ثمانية و عشرين يوما منه جعل اللّه بينه و بين النّار سبعة خنادق. و من صام تسعة و عشرين يوما منه غفر اللّه له و لو كان عشّارا، و لو كانت امرأة فجرت سبعين مرّة. و من صام ثلاثين يوما منه نادى مناد من السّماء: يا عبد اللّه أمّا ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بقي (1).
و ورد انّ من صام رجب كلّه انجاه اللّه من النّار، و اعتق رقبته منها، و اوجب له الجنّة، و كتب له رضاه و رضوانه، و من كتب له رضاه و رضوانه لم يعذّبه، و قضى له حوائج الدّنيا و الآخرة، و كتب في الصّدّيقين و الشّهداء (2).
شهر رمضان توبة من اللّه (1)و لو من دم حرام (2)، و انّ صيام شعبان ذخر للعبد يوم القيامة، و ما من عبد يكثر الصّوم فيه الاّ أصلح اللّه له أمر معيشته، و كفاه شرّ عدوّه (3)، و انّ من صام منكم شعبان حتّى يصله بشهر رمضان كان حقّا على اللّه أن يعطيه جنّتين، و يناديه ملك من بطنان العرش عند إفطاره كلّ ليلة: يا فلان طبت و طابت لك الجنّة، و كفى بك انّك سررت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم بعد موته (4)، و ورد انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان إذا رأى هلال شعبان أمر مناديا ينادي في المدنية: يا أهل يثرب! إنّي رسول اللّه إليكم، ألاّ و إنّ شعبان شهري، فرحم اللّه من أعانني على شهري. و انّ أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول: ما فاتني صوم شعبان منذ سمعت منادي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ينادي في شعبان، و لن يفوتني في أيّام حياتي صوم شعبان إن شاء اللّه تعالى (5). و ورد انّ من صام من شعبان يوما واحدا ابتغاء ثواب اللّه حرّم اللّه جسده على النّار (6)و دخل الجنّة، و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم شفيعه يوم القيامة (7)، بل ورد أنّ أدنى ما يكون لمن صام يوما منه ان تجب له
ص:516
الجنّة (1)، و انّه تتزيّن السّموات في كلّ خميس من شعبان فتقول الملائكة: إلهنا اغفر لصائميه، و اجب دعاءهم (2)، و انّ من صام يوم الاثنين و الخميس من شعبان جعل اللّه له نصيبا، و قضى له عشرين حاجة من حوائج الدّنيا و عشرين حاجة من حوائج الآخرة (3). و من صام أوّل يوم من شعبان وجبت له الجنّة البتّة (4). و من صام يومين منه غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه [و ما تأخّر] (5)، و نظر اللّه إليه في كلّ يوم و ليلة في دار الدّنيا، و دام نظره اليه في الجنّة (6). و من صام ثلاثة ايّام منه قيل له: استأنف العمل، و زار اللّه في عرشه من جنّته في كلّ يوم (7). و من صام ثلاثة ايّام من آخره و وصلها بصيام شهر رمضان كتب اللّه له صوم شهرين متتابعين (8)، و انّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم كان اذا دخل شعبان يصوم في اوّله ثلاثا، و في وسطه ثلاثا، و في آخره ثلاثا (9). و ورد انّه تذاكر عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم اصحابه فضايل شعبان فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: شهر شريف و هو شهري، و حملة العرش تعظّمه و تعرف حقّه، و هو شهر تزاد فيه أرزاق المؤمنين كشهر رمضان، و تزيّن فيه الجنان، و انّما سمّي شعبان لأنّه
ص:517
تتشعّب فيه أرزاق المؤمنين، و هو شهر العمل، و [يضاعف فيه]الحسنة بسبعين، و السّيّئة محطوطة، و الذّنب مغفور، و الحسنة مقبولة، و الجبّار جلّ جلاله يباهي فيه بعباده، و ينظر إلى صوّامه و قوّامه، فيباهي بهم حملة العرش. فقام علي بن أبي طالب عليه السّلام فقال: بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّه (ص) ! صف لنا شيئا من فضائله لنزداد رغبة في صيامه و قيامه، و لنجتهد للجليل عزّ و جلّ فيه. فقال صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: من صام أوّل يوم من شعبان كتب اللّه له سبعين حسنة، الحسنة تعدل عبادة سنه. و من صام يومين من شعبان حطّت عنه السّيّئة الموبقة. و من صام ثلاثة أيّام من شعبان رفع اللّه له سبعين درجة في الجنان من درّ و ياقوت. و من صام أربعة أيّام من شعبان وسّع اللّه عليه في الرّزق. و من صام خمسة أيّام من شعبان حبّب الى العباد. و من صام ستّة أيّام من شعبان صرف عنه سبعون نوعا من البلاء. و من صام سبعة أيّام من شعبان عصم من إبليس و جنوده و [همزه و غمزه]دهره و عمره. و من صام ثمانية أيّام من شعبان لم يخرج من الدّنيا حتّى يسقى من حياض القدس. و من صام تسعة أيّام من شعبان عطف عليه منكر و نكير عند ما يسألانه. و من صام عشرة أيّام من شعبان استغفرت له الملائكة إلى يوم القيامة، و وسّع اللّه عليه في قبره سبعين ذراعا، و من صام أحد عشر يوما من شعبان ضرب على قبره إحدى عشرة منارة من نور. و من صام اثنى عشر يوما من شعبان زاره كلّ يوم في قبره تسعون ألف ملك إلى النّفخ في الصّور. و من صام ثلاثة عشر يوما من شعبان استغفر له ملائكة سبع سموات. و من صام أربعة عشر يوما من شعبان الهمت الدّوابّ و السّباع حتّى الحيتان في البحر أن يستغفروا له. و من صام خمسة عشر يوما من شعبان ناداه ربّ العزّة: و عزّتي لا أحرقنّك بالنّار. و من صام ستّة عشر يوما من شعبان أطفي عنه سبعون بحرا من النيّران. و من صام سبعة عشر يوما من شعبان غلقت عنه أبواب النيّران كلّها. و من صام ثمانية عشر يوما من شعبان فتحت له أبواب
ص:518
الجنان كلّها. و من صام تسعة عشر يوما من شعبان أعطي سبعين ألف قصر في الجنان من درّ و ياقوت. و من صام عشرين يوما من شعبان زوّج سبعين ألف زوجة من الحور العين. و من صام واحدا و عشرين يوما من شعبان رحّبت به الملائكة و مسحته بأجنحتها. و من صام اثنين و عشرين يوما من شعبان كسي سبعين ألف حلّة من سندس و استبرق. و من صام ثلاثة و عشرين يوما من شعبان أتي بدابّة من نور عند خروجه من قبره فيركبها طيّارا إلى الجنان. و من صام أربعة و عشرين يوما من شعبان شفع في سبعين ألف من أهل التّوحيد. و من صام خمسة و عشرين يوما من شعبان أعطي براءة من النّفاق. و من صام ستّة و عشرين يوما من شعبان كتب اللّه له جوازا على الصّراط. و من صام سبعة و عشرين يوما من شعبان كتب اللّه له براءة من النّار. و من صام ثمانية و عشرين يوما من شعبان تهلّل وجهه يوم القيامة. و من صام تسعة و عشرين يوما من شعبان نال رضوان اللّه الأكبر. و من صام ثلاثين يوما من شعبان ناداه جبرئيل من قدام العرش: يا هذا استأنف العمل عملا جديدا فقد غفر لك ما مضى و تقدم من ذنوبك، و الجليل عزّ و جلّ يقول: لو كانت ذنوبك عدد نجوم السّماء و قطر الأمطار و ورق الأشجار و عدد الرّمل و أيّام الدّنيا لغفرتها لك، و ما ذلك على اللّه بعزيز بعد صيامك شهر شعبان (1).
و صومه و ان كان واجبا إلاّ أنّ وضع الكتاب لمّا كان على بيان مقدار فضائل الأعمال ناسب بيان فضل أيّامه ليزداد المؤمنون شوقا و رغبة إلى صومه
ص:519
فنقول:
قد ورد انّ من صام شهر رمضان، و حفظ فرجه و لسانه، و كفّ أذاه عن النّاس، غفر اللّه له ذنوبه ما تقدّم منها و ما تأخّر، و أعتقه من النّار، و أحلّه دار القرار، و قبلت شفاعته بعدد رمل عالج من مذنبي أهل التّوحيد (1). و انّ من صامه احتسابا ذاب الحرام في جسده، و قرب من رحمة اللّه عزّ و جلّ، و هانت عليه سكرات الموت، و أمن من الجوع و العطش يوم القيامة (2). و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه قال: لو علمتم ما لكم في شهر رمضان لزدتم للّه تعالى ذكره شكرا، اذا كان أوّل ليلة منه غفر اللّه لأمّتي الذّنوب كلّها سرّها و علانيتها، و رفع لكم ألفي ألف درجة، و بنى لكم خمسين مدينة، و كتب اللّه لكم يوم الثّاني بكلّ خطوة تخطونها في ذلك اليوم عبادة سنة، و ثواب نبيّ، و كتب لكم صوم سنة، و اعطاكم اللّه يوم الثّالث بكلّ شعرة على ابدانكم قبّة في الفردوس من درّة بيضاء في أعلاها اثنا عشر ألف بيت من النّور و في أسفلها اثنا عشر ألف بيت من النور و في كلّ بيت ألف سرير على كلّ سرير حوراء، يدخل عليكم كلّ يوم ألف ملك، مع كلّ ملك هدية، و أعطاكم اللّه يوم الرّابع في جنّة الخلد مائة ألف قصر، و أعطاكم في يوم الخامس في جنة المأوى ألف ألف مدينة، في كلّ مدينة سبعون ألف بيت، و في كلّ بيت سبعون ألف مائدة، على كلّ مائدة سبعون ألف قصعة، في كلّ قصعة ستّون ألف لون من الطّعام، لا يشبه بعضها بعضا، و أعطاكم اللّه عزّ و جلّ يوم السّادس في دار السّلام مائة ألف مدينة في كلّ مدينة مائة ألف دار في كلّ دار مائة ألف بيت في كلّ بيت مائة ألف سرير من ذهب طول كلّ سرير الف ذراع، على كل سرير زوجة من الحور العين،
ص:520
عليها ثلاثون الف ذوابة منسوجة بالدرّ و الياقوت، تحمل كلّ ذوابه مائة جارية، و أعطاكم اللّه يوم السّابع في جنّة النّعيم ثواب أربعين ألف شهيد، و أربعين ألف صدّيق، و اعطاكم اللّه يوم الثّامن عمل ستّين ألف عابد، و ستّين ألف زاهد، و أعطاكم اللّه يوم التّاسع ما يعطي ألف عالم، و ألف معتكف، و ألف مرابط، و أعطاكم اللّه يوم العاشر قضاء سبعين ألف حاجة، و يستغفر لكم كلّ رطب و يابس، و كتب اللّه لكم يوم أحد عشر ثواب أربع حجّات و عمرات، و جعل اللّه لكم يوم اثني عشر أن يبدّل اللّه سيّئاتكم حسنات، و يجعل حسناتكم أضعافا، و كتب اللّه لكم يوم ثلاثة عشر مثل عبادة أهل مكّة و المدينة، و يوم أربعة عشر كأنّما عبدتم اللّه مع كلّ نبيّ مئتي سنة، و قضى لكم في يوم خمسة عشر حوائج الدّنيا و الآخرة، و اعطاكم اللّه عزّ و جلّ يوم ستّة عشر اذا خرجتم من القبر ستّين حلّة تلبسونها، و ناقة تركبونها، و يوم سبعة عشر يقول اللّه: انّي قد غفرت لهم و لآبائهم، و اذا كان يوم ثمانية عشر أمر اللّه الملائكة أن يستغفروا لأمّة محمّد صلّى اللّه عليه و آله و سلّم إلى السّنة القابلة، و اذا كان يوم التّاسع عشر لم يبق ملك إلاّ استأذنوا ربّكم في زيارة قبوركم، مع كلّ ملك هديّة و شراب، فإذا تمّ لكم عشرون يوما بعث اللّه إليكم سبعين ألف ملك يحفظونكم من كلّ شيطان رجيم، و كتب لكم بكلّ يوم صوم مائة سنة، و يوم أحد و عشرين يوسّع اللّه عليكم القبر ألف فرسخ، و يوم الاثنين و العشرين يدفع عنكم هول منكر و نكير، و يدفع عنكم همّ الدّنيا و عذاب الآخرة، و يوم ثلاثة و عشرين تمرّون على الصّراط مع النّبيّين و الصّدّيقين و الشّهداء، و يوم أربعة و عشرين لا تخرجون من الدّنيا حتّى يرى كلّ واحد منكم مكانه في الجنّة، و يوم خمسة و عشرين يبني اللّه لكم تحت العرش ألف قبّة خضراء، و اذا كان يوم ستّة و عشرين ينظر اللّه إليكم بالرّحمة فيغفر ذنوبكم، و يوم سبعة و عشرين فكأنّما نصرتم كلّ مؤمن و مؤمنة، و يوم ثمانية و عشرين يجعل اللّه لكم في جنّة الخلد مائة ألف مدينة من نور، فإذا كان يوم
ص:521
تسعة و عشرين أعطاكم اللّه ألف ألف محلّة في جوف كلّ محلّة قبّة بيضاء، و اذا تمّ ثلاثون يوما كتب اللّه لكم بكلّ يوم مرّ عليكم ثواب ألف صدّيق و ألف شهيد. الحديث (1).
و عن مولانا الباقر عليه السّلام انّه قال: إنّ للّه ملائكة موكلّين بالصّائمين يستغفرون لهم في كلّ يوم من شهر رمضان إلى آخره، و ينادون الصّائمين كلّ ليلة عند افطارهم: ابشروا يا عباد اللّه فقد جعتم قليلا و تشبعون كثيرا، بوركتم و بورك فيكم، حتّى اذا كان آخر ليلة من شهر رمضان نادوهم: ابشروا يا عباد اللّه فقد غفر اللّه لكم ذنوبكم، و قبل توبتكم، فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون (2). و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّ من صام شهر رمضان ايمانا و احتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه (3).
و يستحبّ إتيان الاهل في أوّل ليلة من شهر رمضان، و هو الرّفث و الجماع (4). و يكره تسمية رمضان من دون إضافة الشّهر إليه، للنّهي عنه في الأخبار تنزيها، معلّلا بإنّ رمضان اسم من اسماء اللّه عزّ ذكره، فلا يضاف إليه الذّهاب و المجيء و نحوهما (5).
و ورد انّ من قال: رمضان، من دون اضافة الشّهر إليه فليتصدّق، و ليصم
ص:522
كفّارة لقوله ذلك (1).
على رواية معارضة بما نطق بكراهة الصّوم تطّوعا بعد عيد الفطر إلاّ بعد ثلاثة يمضين، و كراهة صوم الثلاثة (2).
و هو الخامس و العشرون من ذي القعدة، فإنّه يوم هبط فيه آدم عليه السّلام، و ولد فيه ابراهيم عليه السّلام و عيسى بن مريم عليه السّلام، و فيه نشرت الرّحمة، و دحيت الأرض من تحت الكعبة، و انزل اللّه فيه الكعبة البيت الحرام، و من صامه كان كمن صام ستّين شهرا. و في خبر آخر: انّه كصوم سبعين سنة. و في ثالث: انّه كفّارة سبعين سنة. و في رابع: انّه استغفر له كلّ شيء بين السّماء و الأرض. و في خامس: انّ من صام نهاره و قام ليلة فله عبادة مائة سنة صام نهارها و قام ليلها (3).
و هو يوم التّروية، و صومه كفّارة سنة (1).
و صومه كفّارة سنة 2، و في خبر آخر: كفّارة سنتين 3. و في ثالث: انّه كفّارة تسعين سنة 4. و يشترط تحقّق الهلال و عدم احتمال كونه يوم العيد 5، و عدم كون الصّوم مضعفا له عن الدّعاء 6.
فقد ورد أنّ من صامه كتب اللّه عزّ و جلّ له صوم الدّهر 7. و ورد أنّ للصّائم أيّام أوائل ذي الحجّة بكلّ يوم عدل عتق مائة رقبة و مائة بدنة و مائة فرس يحمل عليها في سبيل اللّه، فإذا كان
ص:524
يوم التّروية فلمن صامه عدل ألفي رقبة، و ألفي بدنة، و ألفي فرس تحمل عليها في سبيل اللّه، فإذا كان يوم عرفة فله عدل ألفي رقبة، و ألفي بدنة، و ألفي فرس تحمل عليها في سبيل اللّه، و كفّارة ستّين سنة قبلها و [ستين سنة]بعدها (1).
و هو اليوم الثّامن عشر من ذي الحجّة الّذي أقام فيه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أمير المؤمنين عليا عليه السّلام و نصبه للنّاس علما و إماما، و صومه يعدل ستّين شهرا من أشهر الحرم (2). و في خبر آخر: انّه كفّارة ستّين سنة (3). و في ثالث: انّه يعدل عند اللّه في كلّ عام مائة حجّة و مائة عمرة مبرورات متقّبلات، و هو عيد اللّه الأكبر (4). و في رابع: انّ من صامه و لم يستبدل به كتب اللّه له صيام الدّهر (5).
فانّه ورد الأمر بصومه (1).
بقي هنا أمور:
الأوّل: انّه يكره صوم عرفة لمن يضعفه عن الدّعاء، و لمن شكّ في الهلال و أحتمل كونه يوم العيد (2). و للضّيف ندبا من دون إذن مضيّفه (3). و للولد ندبا بغير إذن والده، و امّا مع نهيه فالأحوط لزوم التّرك فيهما (4). و كذا يكره الصّوم
ص:526
ندبا لمن دعي إلى طعام، في قول جمع، و الّذي ورد انّما هو كون الافطار أفضل له من الصّوم (1). و قد ورد انّ من دخل على أخيه و هو صائم، فأفطر عنده و لم يعلمه بصومه فيمنّ عليه، كتب اللّه له صوم سنة (2). و انّ من دخل على أخيه و هو صائم تطوّعا فأفطر كان له أجران: أجر لنيّته صيامه، و أجر لإدخاله السّرور عليه 3. بل ورد انّه يحتسب له بذلك اليوم عشرة أيّام 4. بل قال الصّادق عليه السّلام: لافطارك في منزل أخيك المسلم أفضل من صيامك سبعين أو تسعين ضعفا 5. و مقتضى الاطلاق عدم الفرق بين كون الطّعام معمولا له أم لا، و لا بين كون الأخ ممّن يشقّ عليه إمساك الوارد عليه و غيره، و لا بين كون الدّخول أوّل النّهار أو آخره، و لا بين كون الصّوم مندوبا أو واجبا موسّعا.
ص:527
الثّاني: انّه يستحبّ الامساك تأدّبا و إن لم يكن صوما في مواضع.
بعد الزّوال أو قبله بعد الافطار (1).
بعده،
و لا يجب إتمام صوم النّافلة بالدّخول فيه، بل يجوز الإفطار في أيّ وقت شاء و لو بعد الزّوال (2).
الثّالث: انه يكره للصّائم أمور:
لكون شمّه سنّة ملوك الفرس في صومهم لرفع العطش (1). و في كراهة شمّ كلّ نبات طيّب الرّيح تردّد، و العدم أشبه (2).
و يستحبّ شمّ الطيب و استعماله حتّى ورد انّه تحفة الصّائم (3). نعم يكره التّطيّب بالمسك خاصّة للصّائم (4).
و لا يلحق الخنثى المشكل، و الخصي الممسوح بالمرأة، و لا سائر المايعات بالماء و ان كان الالحاق أولى (8).
الرّابع: في آداب متفرّقة:
إلاّ ان يسأل فلا يجوز الكذب، و قد قال مولانا الصّادق عليه السّلام: انّ من كتم صومه قال اللّه تعالى: عبدي
ص:530
استجار من عذابي فأجيروه، و وكّل اللّه تعالى ملائكته بالدّعاء للصّائمين، و لم يأمرهم بالدّعاء لأحد إلاّ استجاب لهم فيه (1). و سئل عليه السّلام عن الرّجل يكون صائما فيقال له: أ صائم أنت؟ فيقول: لا، فقال عليه السّلام: هو كذّاب (2).
و لو بشربة من الماء للأمر بذلك، و ورد انّه بركة (3). و امّا صوم غير شهر رمضان فلا يتأكّد فيه السّحور، و أفضل السّحور السّويق و التّمر (4).
لما ورد من أنّ فطرك لأخيك و ادخالك السّرور عليه أعظم أجرا و أفضل من صيامك (5). و انّ من فطّر صائما كان له مثل أجره من غير أن ينقص منه شيء (6). و انّ من فطّر مؤمنا وكّل اللّه به سبعين ملكا يقدّسونه إلى مثل تلك اللّيلة من قابل، و من فطّر اثنين كان حقّا على اللّه أن يدخله الجنّة (7). و قال أبو جعفر عليه السّلام: لأن أفطّر رجلا مؤمنا في بيتي أحبّ إليّ من أن أعتق كذا و كذا نسمة من ولد إسماعيل (8).
و يتأكّد الاستحباب في شهر رمضان، و قد ورد أن من فطّر مؤمنا صائما فيه كان له بذلك عند اللّه عتق رقبة من ولد إسماعيل، و مغفرة لذنبه فيما مضى،
ص:531
و كفارة لذنبه إلى قابل (1). بل في خبر آخر: انّ اللّه يكتب له بذلك أجر من أعتق ثلاثين نسمة، و كان له بذلك دعوة مستجابة (2). و من فطّر اثنين كان حقّا على اللّه أن يدخله الجنّة (3).
فقد ورد انّ من قرأها عند فطوره و عند سحوره كان فيما بينهما كالمتشّحط بدمه في سبيل اللّه (4).
و يستحبّ له أيضا الدّعاء بالمأثور و غيره، لما ورد من أنّ لكلّ صائم عند إفطاره دعوة مستجابة. و من المأثور البسملة و إتباعها بقوله: «يا واسع المغفرة اغفر لي» فإنّ من قالها عند افطاره غفر له (5).
و منه قول: «اللّهمّ لك صمنا، و على رزقك أفطرنا، فتقبّله منّا، ذهب الظّمأ، و أبتلّت العروق، و بقي الأجر» (6). و قد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم يقول ذلك اذا أفطر.
ص:532
و منه: «الحمد للّه الّذي أعاننا فصمنا، و رزقنا فأفطرنا، اللّهمّ تقبّل منّا، و اعنّا عليه، و سلّمنا فيه، و تسلّمه منّا في يسر منك و عافية، الحمد للّه الذّي قضى عنّا يوما من شهر رمضان (1)» .
و منه: «يا عظيم يا عظيم أنت إلهي، لا إله لي غيرك، أغفر لي الذّنب العظيم، انّه لا يغفر الذنب العظيم الاّ العظيم» . و ورد أنّ من قال ذلك عند افطاره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمّه (2).
إلاّ أن يكون معه قوم ينتظرونه يخاف أن يحبسهم عن عشائهم، أو تكون نفسه تنازعه للافطار و تشغله شهوته عن الصلاة (3).
فإن لم يوجد فبالسكّر، فإن لم يوجد فبالتّمر، فإن لم يوجد فبماء فاتر، تأسّيا بالنّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (4). و قد ورد أن الافطار بالماء الفاتر ينقي المعدة و القلب، و يطيب النكهة و الفم، و يقوي الحدق، و يحدّ الناظر، و يغسل الذّنوب غسلا، و يسكن العروق الهايجة، و المرّة الغالبة، و يقطع البلغم، و يطفي الحرارة عن المعدة، و يذهب بالصّداع (5).
و يستحبّ أيضا الافطار باللبن تأسّيا بأمير المؤمنين عليه السّلام (6).
لما عن مولانا الصادق عليه السّلام من أنّه إذا رأى الصائم قوما يأكلون أو رجلا يأكل سبحّت
ص:533
كلّ شعرة منه (1).
و عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انّه: ما من صائم يحضر قوما يطعمون إلاّ سبحّت له أعضاؤه و كانت صلاة الملائكة عليه، و كانت صلاتهم استغفارا (2).
سيّما الدّعاء، و الاستغفار، و العتق، و الصّدقة في شهر رمضان، و خصوصا ليلة القدر و آخر ليلة من الشهر (3)، على النحو المسطور في الكتب المعدّة لذلك، فلتراجع.
انتهى إلى هنا الجزء الاول من كتاب مرآة الكمال على حسب
تجزئتنا للكتاب و من اللّه سبحانه نستمد التوفيق و العون
لاكمال باقي الاجزاء انّه ولي التوفيق و التأييد
على يد خادم العلم و الفضيلة الشيخ
محيى الدين نجل آية اللّه المؤلف
قدّس اللّه روحه الطاهرة
ص:534
كتاب مرآة الكمال
الموضوع الصفحة
المقدمة 7
مقدمة الطبعة الحجرية 13
ديباجة المؤلف 19
الفصل الأول: في آداب الولادة:
المقام الأول: في آداب ساعة الولادة 23
اخراج النساء ساعة الولادة 23
ما يستحب كتابته من الايات عند تعسر الولادة 23
غسل المولود بعد الولادة 26
الأذان في اذنه اليمنى و الاقامة في اليسرى و آداب أخر 26
تسمية المولود باسم حسن 28
المقام الثاني: في آداب اليوم السابع 32
التسمية 32
الحلق 32
الطلي 32
الختان 34
العقيقة 37
ثقب الأذن 42
ص:535
الاطعام عند الولادة 42
المقام الثالث: في الآداب العامة للحمل و الولادة و ما بعدها 44
الرضاع 44
الحضانة 47
تأديب الأطفال 48
تزويجه اذا بلغ و آداب أخر 51
ملحقات المقام الثالث 53
فضل الولد ذكرا أو انثى 53
يستحب طلب البنات 54
يستحب اطعام الحبلى اللبان و السفرجل 60
ما يستحب فعله مع اليتيم 61
برّ الوالدين 62
حكم عقوق الوالدين 66
حكم صلة الرحم 66
الفصل الثاني: في آداب اللباس:
المقام الأول: في آداب ما يلبس 71
المقام الثاني: في آداب العمامة و القلنسوة و الحذاء و الخلخال 90
المقام الثالث: في آداب الخاتم 98
المقام الرابع: في آداب لباس الصلاة 112
الفصل الثالث: في آداب المسكن:
يستحب اختيار المسكن الواسع 121
يكره رفع بناء البيت أكثر من سبعة أذرع أو ثمانية 122
يستحب تحجير السطوح 123
يستحب كنس البيت و الافنية 125
يستحب التسمية عند دخول الحجرة 125
ص:536
يستحب اسراج السراج قبل المغيب 126
يكره التحول من منزل الى منزل 127
يستحب الوليمة عند شراء الدار 130
يحرم التطلع في دور الناس 130
يكره اتخاذ فرش زايدا على قدر الحاجة 131
يستحب حسن الجوار 131
تذييل يتضمن مقالات 134
الأولى: تعيين بيت الصلاة 134
الثانية: الاماكن التي تكره الصلاة فيها 135
الأحوال التي يكره الصلاة فيها 144
الثالثة: في فضل المسجد و آدابه 147
في سنن المساجد 150
مكروهات المسجد 153
استحباب الصلاة في المسجد 158
فضل المساجد العظام 160
فضل المسجد الحرام 160
فضل مسجد الخيف 161
فضل مسجد الرسول (ص)161
فضل مساجد المدينة 162
فضل مسجد الغدير 163
فضل مسجد براثا 163
فضل مسجد بيت المقدس 164
فضل مسجد الكوفة 164
فضل مسجد السهلة 166
فضل مسجد صعصعة 169
ص:537
الفصل الرابع: في آداب الأكل و الشرب و متعلقاتهما:
المقام الأول: آداب الأكل 171
المقام الثاني: آداب شرب الماء 191
المقام الثالث: ما ورد في الحبوب 198
المقام الرابع: ما ورد في اللحم و السمن و اللبن 201
سنن الذبح 207
المقام الخامس: ما ورد في البقول و الفواكه و الثمار 209
الثمار الممدوحة 216
المقام السادس: في المآكل المتفرقة 225
المقام السابع: في آداب الوليمة و الضيافة و الضيف 231
الفصل الخامس: في آداب النوم و الانتباه منه:
المقام الأول: آداب النوم 237
المقام الثاني: أدعية النوم 247
ما ورد قراءته من السور عند النوم 247
ما ورد قراءته من الآيات عند النوم 250
ما ورد قراءته من الأذكار عند النوم 253
ما ورد قراءته من الأدعية المطلقة عند النوم 254
ما ورد قراءته من الأدعية المقيدة عند النوم 259
المقام الثالث: آداب الانتباه 267
المقام الرابع: آداب الرؤيا 271
الفصل السادس: في آداب الطهور و الصلاة:
المقام الأول: في آداب التخلي 277
مكروهات التخلي 283
مستحبات التخلي 286
المقام الثاني: في آداب الوضوء 290
ص:538
يستحب الوضوء لأمور 299
المقام الثالث: في آداب الغسل 306
الاغسال المسنونة للوقت 309
الاغسال المسنونة للعمل 314
الاغسال المسنونة للمكان 320
المقام الرابع: في فضل الصلاة 322
المقام الخامس: في آداب صلاة الليل 326
آداب سائر النوافل 337
المقام الخامس: في الصلوات المرغبات 340
صلاة عشر ركعات بعد المغرب 341
صلاة الغفيلة 342
صلاة الوصية بين المغرب و العشاء 342
صلاة أربع ركعات بعد العشاء 342
صلاة الورود و الافتتاح 343
صلاة اليوم 343
صلاة أول كل شهر 344
صلاة ليلة السبت و يومه 345
صلاة ليلة الاحد و يومه 347
صلاة ليلة الأثنين و يومه 349
صلاة ليلة الثلاثاء و يومه 353
صلاة ليلة الاربعاء و يومه 356
صلاة ليلة الخميس و يومه 358
صلاة ليلة الجمعة و يومه 360
صلاة الاعرابي 368
صلاة يوم النيروز 370
ص:539
صلاة أول محرم 372
صلاة ليلة عاشوراء 373
صلاة يوم عاشوراء 374
صلاة جمادى الآخرة 377
صلاة كل ليلة من رجب 377
صلاة أول ليلة من رجب 378
صلاة الرغائب 379
صلاة ليلة النصف من رجب 380
صلاة ليلة المبعث و يومه 381
صلاة كل ليلة من شعبان 484
صلاة أول ليلة من شعبان و ليلة النصف منه 384
نوافل شهر رمضان 384
صلاة الليالي الثلاثين من شهر رمضان 385
صلاة كل ليلة من شهر رمضان 385
صلاة أول يوم من شهر رمضان 386
صلاة ليلة النصف من شهر رمضان 386
صلاة آخر ليلة من شهر رمضان 387
صلاة ليالي البيض من رجب و شعبان و شهر رمضان 387
صلاة ليلة الفطر 388
صلاة يوم الفطر 388
صلاة يوم الخامس و العشرين من ذي القعدة 389
صلاة ليالي العشر الأول من ذي الحجة 389
صلاة يوم عرفة 389
صلاة يوم عيد الأضحى 390
صلاة يوم الغدير 390
ص:540
صلاة يوم المباهلة 390
صلاة آخر يوم من ذي الحجة 391
صلاة الاستسقاء 391
صلاة الاستخارة 392
صلاة الف ركعة في كل يوم و ليلة 392
صلاة الشكر 392
صلاة الزيارة 393
صلاة تحية المسجد 393
صلاة الاحرام 393
صلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم 394
صلاة أمير المؤمنين عليه السّلام 494
صلاة الصديقة الكبرى سلام اللّه عليها 395
صلاة الحسنين عليهما السّلام 395
صلاة السجاد عليه السّلام 396
صلاة الباقر عليه السّلام 396
صلاة الصادق عليه السّلام 396
صلاة الكاظم عليه السّلام 397
صلاة الرضا عليه السّلام 397
صلاة الجواد عليه السّلام 397
صلاة الهادي عليه السّلام 398
صلاة العسكري عليه السّلام 398
صلاة الحجة عليه السّلام 398
صلاة جعفر الطيار عليه السّلام 399
صلاة ليلة الدفن و ساعته 401
صلاة الهدية 402
ص:541
صلاة عند ارادة السفر 402
صلاة عند إرادة التزويج و الدخول بالزوجة 402
صلاة ركعتين خفيفتين 402
صلوات الحاجة المطلقة 402
صلوات الحاجة المقيدة 417
صلاة الظلامة 417
الصلاة عند العسرة 418
صلاة عند الأمر المخوف 419
صلاة عند خوف المكروه 419
الصلاة عند الخوف من العدو 420
صلاة الخوف من الظالم 421
الصلاة للخلاص من السجن 421
الصلاة لدفع شر السلطان و قضاء الدين 422
الصلاة لقضاء الدين 423
الصلاة لطلب الرزق 423
الصلاة لطلب الرزق عند الخروج الى السوق 425
الصلاة للاستطعام عند الجوع 426
الصلاة عند نزول البلاء 426
الصلاة لمكاملة أهل القبور و سماع الجواب منهم 427
الصلاة لرؤية النبي صلّى اللّه عليه و آله بالمنام 427
الصلاة الذكاء و الحفظ 429
صلاة حديث النفس 429
صلاة طلب الحمل و الولد 430
صلاة ام المريض 430
صلاة العفو 431
ص:542
صلاة التوبة 431
صلاة الكفاية 432
صلاة الفرج 433
صلاة المكروب 434
صلاة الاستغاثة 434
الصلاة لمن أصابته مصيبة 435
الصلاة اذا أخبر بوقيعه أحد فيه 436
الصلاة الغنية 437
صلاة الشدة 437
صلاة الشفاء 438
صلاة لجميع الامراض 439
صلاة الحمى 440
صلاة الصداع 441
صلاة لوجع العين 441
صلاة الأعمى 442
صلاة لوجع البطن 442
صلاة لوجع الرقبة 442
صلاة لوجع الصدر 442
صلاة للقولنج 443
صلاة لوجع الرجل 443
صلاة للّقوة 443
المقام السابع: في فضل الأذان و الاقامة 445
مستحبات الأذان 447
المقام الثامن: في سنن أفعال الصلاة 454
سنن تكبيرة الاحرام 455
ص:543
سنن القراءة 457
سنن الركوع 462
سنن السجود 464
مكروهات السجود 466
القنوت و مستحباته 467
سنن التشهد 468
سنن التسليم 469
تذييل: ما بقي من آداب أفعال الصلاة 470
المقام التاسع: في فضل الصلاة جماعة و آدابها 479
المقام العاشر: في فضل التعقيب و آدابه 483
تعقيب صلاة الظهر 498
تعقيب صلاة العصر 498
تعقيب صلاة المغرب 499
تعقيب صلاة العشاء 501
تعقيب صلاة الغداة 501
فضل الصوم المندوب 503
فضل صوم شهر رجب 511
فضل صوم شهر شعبان 515
فضل صوم شهر رمضان 519
فضل صوم بقية الأيام 523
موارد كراهة صوم عرفة 526
موارد استحباب الامساك تأدبا 528
ما يكره للصائم 528
آداب متفرقة للصائم 530
الفهرس 535
ص:544