عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية المجلد 1

هويّة الكتاب

سرشناسه : ابن ابی جمهور، محمدبن زین الدین ، - 904؟ق.

عنوان و نام پديدآور : عوالی اللئالی الغریزیه فی الاحادیث الدینیه / محمدبن علی بن ابراهیم الاحسائی المعروف بابن ابی جمهور؛ قدم له شهاب الدین النجفی المرعشی : تحقیق البحاثه المتتبع ... مجتبی العراقی .

مشخصات نشر : ‫قم ‫: مطبعه سیدالشهدا علیه السلام ‫، 1403ق . ‫= 1983م. ‫= 1361 -

مشخصات ظاهری : ‫ 4ج.

شابک : ‫700ریال (ج.4)

يادداشت : عربی.

يادداشت : "رساله الردود والنقود علی الکتاب و مولفه والاحوبه الشافیه الکافیه " عنهما، بقلم شهاب الدین الحسینی المرعشی النجفی " ج . 1: ص . 15 - 1

يادداشت : ج. 2 (چاپ اول: 1403ق. = 1983م.)

يادداشت : ج.4 (چاپ اول: 1405ق. = 1985م. = [1363]).

يادداشت : "رساله الردود والنقود علی الکتاب و مولفه والاحوبه الشافیه الکافیه " عنهما، بقلم شهاب الدین الحسینی المرعشی النجفی " ج . 1: ص . 15 - 1

یادداشت : کتابنامه .

عنوان دیگر : رساله الردود والنقود علی الکتاب و مولف الاحوبه الشافیه الکافیه .

موضوع : احادیث شیعه -- قرن ‫ 9ق.

شناسه افزوده : عراقی ، مجتبی ، 1293 - 1380.، محقق

شناسه افزوده : مرعشی ، شهاب الدین ، 1276 - 1369. رساله الردود والنقود علی الکتاب والاحوبه الشافیه الکافیه .

رده بندی کنگره : ‫ BP133/5 ‫ /‮الف 2ع9 1361

رده بندی دیویی : ‫ 297/212

شماره کتابشناسی ملی : م 63-226

اطلاعات رکورد کتابشناسی : فیپا

ص: 1

اشارة

عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية

ص: 2

قم ‫: مطبعه سیدالشهدا علیه السلام ‫، 1403ق

ص: 3

ص: 4

مقدمة المحقق

اشارة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

الحمد للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على أفضل بريته، و أشرف خليقته محمّد و آله الطاهرين، و اللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين الى يوم الدين.

اللّهمّ اجعل عملي خالصا لوجهك الكريم، انك أنت العزيز العليم.

أما بعد: فيقول العبد المذنب المعترف بالتقصير المحتاج الى رحمة ربّه الباقي مجتبى العراقي، عفا اللّه عن سيئاته و حشره مع مواليه في يوم التلاقى، آمين.

في رجب عام 1377 هجرية، أولانى سماحة آية اللّه العظمى الحاجّ السيّد حسين الطباطبائى البروجردي (قدّس سرّه) مهمة الاشراف على شئون الطلبة المكلفين، و المشمولين لاداء الخدمة العسكرية، و أناط بي سماحته مسئولية المكتبة العامّة للمدرسة الفيضية، و دار الشفاء، و مدرسة مهدي قلي خان (مدرسة خان) و أمورا اخرى تمت لهاتين المؤسستين بصلة.

فشمّرت الذيل و وطّدت العزم في بذل الجهد و استنفاد الوسع قدر المستطاع في اسداء الخدمات الجليلة لطلاب مدرسة الإمام الصّادق عليه السّلام، الطلاب الذين همهم الارتشاف من نمير علوم آل بيت عصمهم اللّه من الزلل، و الاغتراف من

ص: 5

عبيق يمهم الصافي.

و وفقني اللّه لذلك حيث تمكنت خلال هذه الفترة من ترميم المدرسة الفيضية مرتين، و تجديد بناء مدرسة قلي خان من الاساس. و السعي لاقتناء أهم الكتب الخطية و المطبوعة للمكتبة، فأصبحت الآن تربو على الأربعين ألف كتابا. بعد ما كان تعدادها حوالى الأربعة آلاف عند تسلمي لمسئوليتها. و قد ألفت مجلدين ضخمين، في قائمة أسماء الكتب الخطية و المطبوعة الموجودة في المكتبة.

كما كلفني سماحته بالذهاب في كل ليلة جمعة الى طهران للوعظ و الإرشاد في احدى الهيئات الدينية الحافلة بالخيرين المخلصين. و ألهبني شرخ الشباب في التعاون مع البعض من المؤمنين في السعي لاحداث ضريح جيد و أنيق لمرقد السيّدة الطاهرة رقية بنت الإمام الحسين عليه السّلام و تأسيس الجامع العلوي في الشام.

و لكن النظام الشاهنشاهي العميل رام اعتياص الامر و التواءه عليّ ، فوقف حائلا أمامي للحدّ من نشاطي و معاداتي، و استدعانى للسافاك و الاستجواب عن العلة التي دعتني أن أتهجم على رئيس النظام الامريكي، أمام حشد هائل من الناس، و بذلك كنت أول من يعتقل ابان زعامة و مرجعية آية اللّه العظمى السيّد البروجردي (قدس اللّه روحه).

نعم ان صروف الدهر و طوارق الحدثان لم تثنيني عن عزيمتي، و لم توقف نشاطي، بل كانت تمدّني بزخم معنوي عالي للسير قدما نحو تحقيق أهدافي السامية، مستمدا من اللّه العون و التكلان في الأمور.

فتوالت السنون الطوال على هذا المنوال حتّى اصطلمتني البلية في الثالث عشر من شعبان عام 1401 هجرية قمرية الموافق ل (26) خرداد 1361 هجرية شمسية. تلك الرزية التي أعيت حيلتي، و ثبطت عزيمتي، و أنهكتني، ألا و هو

ص: 6

استشهاد ولدي و قرة عيني المهندس الفاضل محمّد تقى من عمر يناهز الاربع و العشرين ربيعا، في دهلاوية خوزستان، في الحرب العراقية الظالمة المفروضة على ايران.

***

لقد كان - رحمه اللّه - ممن يخلصون الطاعة للّه، و الابتعاد عن معاصيه و السير على نهج الأئمّة المعصومين الغر الميامين صلوات اللّه عليهم أجمعين. فكانت نفسه توّاقة للحصول على الدرجات الرفيعة، و المحال النفسية، تروم التوقل الى العلى و ترنوا الوصول الى المكارم كان كثير المطالعة رقيق المنافثة في أمّهات المسائل العلمية و الفلسفية و الاقتصادية. و تفوقه الواضح على أقرانه و زملائه في الابتدائية و الثانوية و الجامعة، خير شاهد على ذلك.

حتى تمكن في خرداد عام 1359 هجرية شمسية من الحصول على درجة (الامتياز) في بكالوريوس الهندسة الميكانيكية من كلية (صنعتى شريف).

و بعد شهرين من اندلاع الحرب الظالمة المفروضة على ايران ارسل الشهيد السعيد الى خوزستان لاداء الخدمة في الخط الخلفي من الجبهة. و لكن هيامه و عشقه للشهادة سمت و سمقت به لان يحمل السلاح و يقف جنبا الى جنب مع جنود الإسلام الاشاوس لصد الهجمات البعثية. فابلى بلاء حسنا و أبدى شجاعة منقطعة النظير خصوصا في جبهة (اللّه أكبر) و في معية الشهيد الدكتور مصطفى چمران الى ان التحقّق في الثالث عشر من شعبان عام 1401 هجرية قمرية و الموافق ل 26 خرداد عام 1361 هجرية شمسية بمعبوده الذي كان يتمنى اللقاء به فانا للّه و انا إليه راجعون.

و لا زال البعض من المؤمنين - و ذلك بعد مرور أكثر من عام على وفاته - يتردّدون عليّ ليؤكدوا بان المرحوم كان يمدهم في كل شهر بمرتب تكفيهم

ص: 7

لمدة مديدة.

فاني اذ ابتهل و أتضرع إلى اللّه العلي القدير أن يمنحه شآبيب رحمته و يرزقه شفاعة الأئمّة الطاهرين و يرضى عنه فاني لراض عنه.

نعم. لقد أثر في شهادة (التقى) تاثيرا بالغا و عظيما فجعلتني أتلوى ألما و أتضرع مرارة من فقده. فصرت أقضي الساعات الطوال بالقرب من مرقده لاشفي غليل صدرى بالمبيت عنده.

ففترت عزيمتي و ونيت قواي من اجراء كل الفعاليات الاجتماعية و العلمية - و كان الامر ما كان - حتى أقترح عليّ أحد رجال العلم و المعرفة أن أنشر كتابا يرتوي منه العلماء و الفضلاء و يكون ثوابه عائدا للشهيد السعيد فانجلت عني بذلك الهبوة و أسفرت الغمّة و انكشفت الغمرة!!.

و صرت حينذاك في جولان من الخواطر باحثا عن سفر يعني باحاديث الأئمّة الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا.

حتى دلني و ارشدني أحد المراجع العظام الذين أكنّ له بالاحترام و الاجلال و التقدير في الاهتمام بتحقيق و طبع كتاب (عوالي اللئالي العزيزية) في الأحاديث الدينية تأليف العالم الجليل محمّد بن الشيخ زين الدين أبي الحسن علي بن حسام الدين إبراهيم بن حسين بن إبراهيم بن أبي جمهور الهجري الاحسائي.

فسبرت أغوار البحث في المؤلّف و المؤلّف و الردود و النقود الواردة عليهما من الفقهاء العظام و رأيت ان المرحوم حجّة الإسلام و المسلمين المحدث الكبير شيخ مشايخ المتأخرين الشيخ ميرزا حسين النوريّ قد أجاب على جلّها في خاتمة مستدركه على الوسائل مستوفيا البحث بأسلوب جيد و متين.

كما و أتعب السيّد الجليل و المتتبع الخبير سيّد الفقهاء و المجتهدين

ص: 8

السيّد نعمة اللّه الجزائريّ نفسه الزكية في شرح هذا الكتاب النفيس و حلّ مشكلها و سمّاه ب (جواهر الغوالي في شرح العوالي) أو (مدينة الحديث) و أشار في مقدّمته على الردود و الانتقادات الواردة على المصنّف رحمه اللّه و اني اذ أنقلها ذيلا ليطّلع عليها القارئ اللبيب.

(.. و بعد فيقول المذنب الجاني، قليل البضاعة، و كثير الاضاعة نعمت اللّه الموسوي الحسيني الجزائريّ ، وفقه اللّه تعالى لمراضيه، و جعل ما يأتي من أحواله خيرا من ماضيه.

اني لما فرغت من شرحي على التهذيب و الاستبصار، و كتاب التوحيد و عيون الأخبار، و شرح الصحيفة، و كتاب الأنوار، و كتاب مقامات النجاة، و ما أردت تأليفه، مما وفق اللّه تعالى، فاطلعت الى الكتاب الجليل الموسوم بعوالي اللئالي من مصنّفات العالم الرباني، و العلامة الثاني، محمّد بن علي ابن إبراهيم بن أبي جمهور الاحسائي أسكنه اللّه تعالى غرف الجنان و أفاض على تربته سجال الرضوان فطالعته مرارا، و تأملت أحاديثه ليلا و نهارا، و أشوقتني عادتي في شرح كتب الاخبار، و تتبع ما ورد عنهم عليهم السّلام من الآثار، الى أن أكتب عليه شرحا، يكشف عن بعض معانيه، و يوضح الفاظه و مبانيه.

فشرعت بعد الاستخارة، في ترتيب أبوابه و فصوله، و استنباط فروعه من أصوله و سميته (الجواهر الغوالي في شرح عوالي اللئالي) ثم عن لي أن اسميه (مدينة الحديث).

و لنذكر قبل الشروع في المقصود مقدّمة، تشتمل على فصول: -

الفصل الأول: في السبب الذي حداني على شرح هذا الكتاب، و هو امور.

أولها: انه و ان كان موجودا في خزائن الاصحاب، الا أنهم معرضون عن

ص: 9

مطالعته، و مدارسته. و شيخنا المعاصر أبقاه اللّه تعالى، ربما كان من الأوقات يرغب عنه، لتكثر مراسيله، و لانه لم يذكر مأخذ الاخبار من الكتب القديمة و رجع بعد ذلك الى الرغبة فيه. لان جماعة من متأخري أهل الرجال، و غيرهم من ثقات أصحابنا، وثقوه و أطنبوا في الثناء عليه، و نصوا على احاطة علمه بالمعقول و المنقول.

و له تصانيف و مناظرات في الإمامة و غيرها مع علماء الجمهور، سيما مجالسه في مناظرات الفاضل الهروي في الإمامة في منزل السيّد محسن في المشهد الرضوي على ساكنه و آبائه و أبنائه من الصلوات أكملها و من التسليمات أجزلها. و مثله لا يتوهم في نقل الاخبار من غير مواردها. و لو فتحنا هذا الباب على أجلاء هذه الطائفة، لافضى بنا الحال الى الوقوع على امور، لا نحب ذكرها.

على اننا تتبعنا ما تضمنه هذا الكتاب من الاخبار، فحصل الاطلاع على أماكنها التي انتزعها منه، مثل الأصول الأربعة و غيرها من كتب الصدوق و غيره من ثقات أصحابنا أهل الفقه و الحديث. و لعلنا نشير في تضاعيف هذا الشرح الى جملة وافية منها.

و أمّا اطلاعه و كمال معرفته بعلم الفلاسفة و حكمتها، و علم التصوف و حقيقته. فغير قادح في جلالة شأنه، فان أكثر علمائنا، من القدماء و المتأخرين قد حققوا هذين العلمين و نحوهما، من الرياضي و النجوم و المنطق و هذا غني عن البيان، و تحقيقهم لتلك العلوم و نحوها و اصولها، و الاعتقاد بها، و الاطلاع على مذاهب أهلها:

حكى لي عالم من أولاد شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه، ان بعض الناس كان يتهم الشيخ في زمن حياته، بالتسنن، لانه كان يدرس في بعلبك و غيرها من

ص: 10

بلاد المخالفين على المذاهب الأربعة نهارا و يدرس على دين الإماميّة ليلا.

و كان معرفته بفقه المذاهب الأربعة، و اطلاعه طاب ثراه على كتب أحاديثهم و فروعهم، أعلى من معرفتهم بمذاهبهم. و كذلك الشيخ كمال الدين ميثم البحرانيّ عطر اللّه ضريحه، فانه في تحقيق حكمة الفلاسفة و نحوها، أجل شأنا من افلاطون و أرسطو و نحوهما من أساطين الحكماء، و من طالع شرحه الكبير على كتاب نهج البلاغة علم صحة هذا المقال.

و أمّا ما ذكر فيه من التأويلات التي لا ينطبق ظاهرها على لسان الشريعة، فانما هي في ظاهر المقال، أو عند التحقيق حكاية لاقوال الحكماء و الصوفية، و من قال بمقالاتهم و ليس هو قولا له في تلك التأويلات البعيدة.

و أمّا شيخنا بهاء الملّة و الدين طيب اللّه ثراه، فقد تكلم فيه بعضهم، تارة بميله الى علوم الصوفية، و اخرى بسماعه الغناء و ثالثا بحسن معاشرته لطوائف الإسلام و أهل الملل، بل و غيرهم من الملاحدة و أهل الأقوال الباطلة، حتى اني وردت البصرة، و كان أعلمهم رجلا يسمى الشيخ عمر، فتجارينا في البحث و الكلام حتّى انتهينا الى أحوال الشيخ بهاء الدين (ره) فقال: لعلكم تزعمون انه من الإماميّة، لا و اللّه، بل هو من أفضل السنة و الجماعة، و كان يتقي من سلطان العصر، فلما سمعت منه هذا الكلام، أطلعته على مذهب الشيخ، و على ما تحقّق به عنده انه من الإماميّة، فتحير ذلك الرجل و شك في مذهب نفسه، بل قيل انه رجع عنه باطنا.

و حدّثني عنه أوثق مشايخي في أصفهان انه أتى في بعض السنين الى السلطان الأعظم الشاه عبّاس الأول تغمده اللّه برضوانه، جماعة من علماء الملاحدة، طالبين المناظرة مع أهل الأديان، فأرسلهم الى حضرة الشيخ بهاء الدين، فاتفق انهم وردوا مجلسه وقت الدرس، و علم ما أتوا به، فشرع في نقل

ص: 11

مذهب الملاحدة، و في دلائلهم، و في الجواب عنها، حتى مضى عامة النهار، فقام الملاحدة، و قبلوا الأرض بين يديه، و قالوا: هذا الشيخ هو عالمنا و على ديننا، و نحن له تبع، ثمّ لما تحققوا مذهبه بعد ذلك رجعوا الى دين الإسلام و لو انه طاب ثراه ناظرهم كناظرة الخصوم، لكان متّهما عندهم، و لما رجعوا عن باطلهم.

و هذا نوع لطيف من المناظرة، استعمله الأنبياء و الأئمّة صلوات اللّه عليهم في المباحثة مع المعاندين و أهل التعصب في المذاهب الباطلة، و قد امروا به بقوله تعالى: «وَ جٰادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ » و منه ما حكاه اللّه تعالى عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم (وَ إِنّٰا أَوْ إِيّٰاكُمْ لَعَلىٰ هُدىً أَوْ فِي ضَلاٰلٍ مُبِينٍ ) و في سورة الكافرين (لاٰ أَعْبُدُ مٰا تَعْبُدُونَ وَ لاٰ أَنْتُمْ عٰابِدُونَ مٰا أَعْبُدُ - الى قوله - لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ ).

و من طالع كتاب الاحتجاج للشيخ الطبرسيّ قدس اللّه ضريحه يظهر له ان هذه الطريقة في المناظرة هي الأصل و الانفع في استجلاب المنافقين الى الدخول في الدين القويم. و حدّثني أيضا ذلك الشيخ أبقاه اللّه تعالى، ان رجلين من أهل بلدة بهبهان، شيعي و سني تناظرا و تباحثا في المذهب فاتفق رأيهما على أن يأتيا الى أصفهان و يسألا ذلك الشيخ من مذهبه، و يرجعا إليه، فلما وردا أصفهان، جاء الرجل الشيعي الى حضرة الشيخ سرا عن صاحبه، و حكى له ما جرى بينه و بين ذلك الرجل، فلما وردا على الشيخ نهارا و أعلماه انهما تراضيا بدينه، شرع في حكاية المذهبين، بدلائل الفريقين، و ما أجاب به علماء المذهبين، حتى انقطع النهار، فقاما من عنده و كل منهما يدعى ان الشيخ على مذهبه. و انه على دين الإماميّة رجع إليه.

و أيضا كان رحمه اللّه كثير السفر الى بلاد المخالفين، و هجر عن وطنه و

ص: 12

أقاربه و عشائره، فكان يحسن المعاشرة معهم لذلك و أمثاله. و لقد صدق في وصف نفسه من قصيدته الرائية:

و انى امرؤ لا يدرك الدهر غايتي *** و لا تصل الأيدي الى قعر أسراري

مقامي بفرق الفرقدين فما الذي *** يؤثره مسعاه في خفض مقداري

اعاشر ابناء الزمان بمقتضى *** عقولهم كيلا يفوهوا بأفكاري

و حدّثني من أثق به: ان بعض علماء هذه الفرقة المحقة، كانوا ساكنين في مكّة زادها اللّه شرفا و تعظيما، فأرسلوا الى علماء أصفهان من أهل المحاريب و المنابر، انكم تسبون أئمتهم، و نحن في الحرمين الشريفين، نعذب بذلك اللعن و السب.

و أيضا المحقق الامام، شيخنا، الشيخ عليّ بن عبد العال عطر اللّه مرقده لما قدم أصفهان و قزوين في عصر السلطان العادل الشاه طهماسب أنار اللّه برهانه، مكّنه من الملك و السلطان، و قال له: أنت أحق بالملك لانك النائب عن الامام، و أنا أكون من عمالك أقوم بأوامرك و نواهيك.

و رأيت للشيخ أحكاما و رسائل، الى الممالك الشاهية، الى عمالها و أهل الاختيار فيها، تتضمن قوانين العدل، و كيفية سلوك العمّال مع الرعية في أخذ الخراج و كميته، و مقدار مدته، و الامر لهم بإخراج العلماء من المخالفين، لئلا يضلوا الموافقين لهم و المخالفين. و أمر بأن يقرر في كل قرية و بلد عالما و اماما يصلي بالناس، و يعلمهم شرايع الدين. و الشاه تغمده اللّه برضوانه يكتب كتابه الى اولئك العمّال بامتثال أمر الشيخ، و انه الأصل في تلك الاوامر و النواهي

و كان رحمه اللّه لا يركب و لا يمضي الى موضع، الا و الشاه يمشى في ركابه و مجاهرا بلعن الشيخين و من على طريقتهم، و لما سمع الملوك من المخالفين

ص: 13

بهذا الامر، ثارت الفتن بين السلاطين، و سفكت الدماء، و ذهبت الأموال.

فكان الشيخ بهاء الملّة و الدين، يلاحظ مثل هذه الأمور، و يحسن المعاشرة مع أرباب المذاهب، خوفا من اثارة الفتن.

و أمّا حكاية الغناء فهو طاب ثراه ممن نص على تحريمه، و حكى الإجماع عليه، و ناقش من ذهب الى تحليله من علمائهم، كالغزالي و جماعة من الشافعية حيث ذهبوا الى ان الحرام منه ما كان مع آلات اللهو، كالعود و الطنبور و الزمر و نحو ذلك، و أمّا الغناء وحده فحلال، و سيأتي إنشاء اللّه تعالى تحقيق الغناء و الكلام فيه، و الرد على الفاضل الكاشي حيث صارفي كتاب الوافي الى ما حكيناه من الغزالي، نعم، حكي ان الشيخ البهائي طاب ثراه كان يسمع انشاد الشعر بالحان، ما كان يعتقد انها من أنواع الغناء المحرم لان الغناء و ان كان مما أجمع أصحابنا رضوان اللّه عليهم على تحريمه الا أنهم اختلفوا في تحقيق معناه فبعضهم أرجعه الى العرف و العادة و بعضهم حمله على قول أهل اللغة، فيكون مسئلة من مسائل الاجتهاد لا يلام من قال، و ذهب الى قول من الأقوال فيها.

و اما استحسانه لبعض اشعار الصوفية، مثل جملة من أشعار المثنوي و محي الدين بن العربي و نحوهما، فانما هو تحسين الكلام، و الحكمة ضالة المؤمن، و في الحديث: ان إبليس لما ركب مع نبي اللّه نوح عليه السلام في السفينة، ألقى إليه جملة من النصائح و المواعظ، فامر اللّه نوح عليه السّلام، بقبولها و العمل بها، و قال أجريتها على لسانه:

و كان سيدنا الأجل المرتضى علم الهدى طاب ثراه يميل إلى مصاحبة أهل الأديان و يمدح في أشعاره من يستحق المدح لرتبته في العلم، سيما إسحاق الصابي، فانه كان ملازما لمجلسه، مصاحبا في الحضر و السفر، و لما مات رثاه بقصيدة من قصايد ديوانه، ما أظنه رثى أخيه الرضي (ره) بمثلها. و نقل انه

ص: 14

كان إذا بلغ قبره راكبا يترجل له حتّى يتعداه و يركب، فقيل له في ذلك ؟ فقال: انما أترجل تعظيما لما كان عليه من درجة الكمال، لا تعظيما لمذهبه.

و أمّا ما حكي عن الشيخ رحمه اللّه بقوله: في شأن مولى الرومى (ولى دارد كتاب) فلم يثبت، و على تقدير ثبوته، فهو من باب ما حكيناه عن السيّد قدس اللّه روحيهما:

و نقلنا هذا المطلب لما فيه فوائد جليلة، لا يخفى على الناظر و المتأمل (انتهى كلامه اعلى اللّه مقامه).

***

و نودّ أن نذكر بعض الأعاظم و المحدثين و أرباب التراجم و الرجال الذين أثنوا على المترجم أو رووا عنه:

(1) المرحوم العلامة الكبير و البحاثة الشهير المحدث الشيخ محمّد باقر المجلسي حيث روى عنه في العديد من مؤلّفاته خصوصا في بحار الأنوار.

(2) المرحوم العلامة الشهير المحدث الشيخ يوسف البحرانيّ في لؤلؤة البحرين.

(3) المرحوم العلامة المحدث الحاجّ ميرزا حسين النوريّ في مستدرك الوسائل 361:3. و في الفائدة الثانية من الخاتمة و قد أسماه به (عوالى اللئالي الحديثية على مذهب الإماميّة).

(4) خاتمة الفقهاء و المجتهدين الشيخ الأنصاري في فرائد الأصول مبحث التعادل و التراجيح.

(5) المرحوم المحدث الأسترآباديّ ، في الفائدة التاسعة من الفوائد المدنية.

(6) القاضي نور اللّه التستريّ في مجالس المؤمنين 581:1، و المطبوع

ص: 15

في ايران سنة 1375 ه.

(7) المرحوم آية اللّه العظمى السيّد البروجردي في جامع أحاديث الشيعة.

(8) المرحوم العلامة المتتبع الحاجّ السيّد محمّد باقر الخوانساري الأصفهانيّ في روضات الجنّات ج 7: المطبوع في ايران/قم.

(9) المرحوم المحدث الشهير الشيخ عبّاس القمّيّ ، في الكنى و الألقاب ج 192:1 الطبعة الثالثة سنة 1389 ه. و المطبوع في النجف الأشرف، و في الفوائد الرضوية ج 282:2 باب الميم و المطبوع في ايران طهران. و في مفاتيح الجنان.

(1) العلامة المرحوم الشيخ عبد اللّه المامقاني في تنقيح المقال ج 150:3.

(11) البحاثة المرحوم الشيخ آغا بزرك الطهرانيّ في الذريعة ج 15:

358 و ج 71:16.

(12) المرحوم العلامة البحاثة الحاجّ ميرزا شفيع العراقي الجابلقيّ في الطرق الشفيعية.

(13) المرحوم العلامة البحاثة السيّد محسن الأمين العاملي في اعيان الشيعة ج 53:46.

(14) البحاثة خير الدين الزركلي في الاعلام ج 288:6.

(15) المرحوم العلامة الكبير و المحدث الشهير الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء.

(16) العلامة ميرزا محمّد علي المدرس في ريحانة الأدب ج 331:7.

(17) نامه دانشوران ناصري ج 378:3.

***

و حريّ بنا قبل أن نغوص في أعماق هذا اليمّ الخضم أن نلمّ المامة سريعة في أهم بنود الكتاب. فانه يشتمل على مقدّمة و بابين و خاتمة.

ص: 16

و المقدّمة تحوى على عدة فصول.

الفصل الأول: في نقل مشيخة المؤلّف و بيان الطرق السبعة التي اعتمد عليها المؤلّف في نقله للاخبار. و التي تنتهي طرقها الى جمال المحققين آية اللّه على الإطلاق الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي المشهور بالعلامة الحلي قدس اللّه ضريحه.

و بعد ذكره للطرق السبعة، و طريقين من العلاّمة الحلّي الى الشيخ الطوسيّ يستطرد ليقول: «فبهذه الطرق و بما اشتملت عليه من الأسانيد المتصلة المعنعنة الصحيحة الأسانيد، المشهورة الرجال، بالعدالة و العلم و صحة الفتوى و صدق اللهجة: أروى جميع ما أرويه و احكيه من أحاديث الرسول و أئمة الهدى عليه و عليهم أفضل الصلاة و السلام، المتعلقة بالفقه و التفسير، و الحكم و الآداب، و المواعظ، و ساير فنون العلوم الدنيوية و الاخروية، الى أن قال: فجميع ما أنا ذاكره في هذا الكتاب من الأحاديث النبويّة و الإماميّة طريقي في روايتها و اسنادها و تصحيحها هذه الطرق المذكورة عن هؤلاء المشايخ المشهورين بالعلم و الفضل و العدالة: و اللّه ملهم الصواب و العاصم من الخطأ و الخطل و الاضطراب.

الفصل الثاني: في السبب الداعي الى جمع هذه الأحاديث و استخراجها من أماكنها المتباعدة.

الفصل الثالث: فيما رويته بطريق الاسناد المتصل المذكور اسناده بطريق العنعنة ممّا لا تدخل فيه الاجازة و المناولة.

الفصل الرابع: في ذكر أحاديث رويتها بطرقي المذكورة محذوفة الاسناد.

الفصل الخامس: في ذكر أحاديث رويتها بهذا المنوال تتعلق بمعالم

ص: 17

الدين و جملة من الآداب.

الفصل السادس: في أحاديث اخرى من هذا الباب رويتها بطريق واحد.

الفصل السابع: في أحاديث تتضمن مثل هذا السياق رويتها بطريقها من مظانها.

الفصل الثامن: في ذكر أحاديث تشتمل على كثير من الآداب و معالم الدين روايتها تنتهي الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بطريق واحد من طرقي المذكورة.

الفصل التاسع: في ذكر أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه.

الفصل العاشر: في أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية.

و قسّم الكتاب بعد ذلك الى بابين و خاتمة.

الباب الأوّل: في الأحاديث الفقهيّة الغير مرتبة ترتيبا متداولا و فيها أربعة مسالك.

المسلك الأول: في نقل الأحاديث التي رواها بعض المتقدمين من النبيّ الاكرم و الأئمّة الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

المسلك الثاني: في الأحاديث التي تعني في الأمور الدينية التي رواها العلاّمة الحلّي جمال المحققين الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي في بعض تآليفه و تصانيفه

المسلك الثالث: في الأحاديث الفقهيّة التي رواها الشهيد شمس الملّة و الدين محمّد بن مكي قدس اللّه روحه في بعض مصنّفاته.

المسلك الرابع: في الأحاديث الفقهيّة التي رواها (الفاضل المقداد) شرف الملّة و الحق و الدين أبو عبد اللّه المقداد بن عبد اللّه السيوري.

الباب الثاني: في نقل الأحاديث الفقهيّة المرتبة ترتيبا منسقا من كتاب الطهارة الى كتاب الديات و قسّم هذا الباب الى قسمين.

ص: 18

القسم الأوّل: في الأحاديث التي رواها عن طريق فخر المحققين أبو طالب محمّد بن الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي بواسطة تلامذته. و بالترتيب الذي ذكره العلاّمة الحلّي رضوان اللّه عليه في كتبه الفقهيّة.

القسم الثاني: في الأحاديث الفقهيّة التي رواها الشيخ الكامل الفاضل خاتمة المجتهدين جمال الدين أبو العباس أحمد بن فهد الحلّي قدس اللّه روحه و بالترتيب الذي عمل به المحقق المدقق الشيخ أبو القاسم نجم الدين جعفر ابن سعيد (المحقق الحلي) رحمه اللّه تعالى في كتبه الفقهيّة.

و الخاتمة ففيها بعض الأخبار المتفرقة في الفنون المختلفة و عدّة من الكرامات.

فعلم ممّا سطّر و زبر ان المؤلّف سعى في نقل الاخبار و الأحاديث المروية في كتب فقهاء الشيعة العظام كالشهيد و الفاضل المقداد و فخر المحققين و العلامة الحلي قدس اللّه اسرارهم.

و ظهر بذلك جليا صحته من سقمه. قوته من ضعفه. غثه من سمينه. و ان ما قيل في المؤلّف و المؤلّف (ألا انه خلط بين الغث و السمين) تعسف و خروج عن الإنصاف و الذوق السليم.

علما بأن كل ذلك لا يحط من شأن الكتاب و لا من مؤلّفه. و لها نظائر كثيرة لم يقدح فيها أحد و لم ينبت عليه بنبت شفة.

الثاني: ان ما ينقله صاحب الوسائل و غيره من روايات و أحاديث من كتب الذكرى و المنتهى و الخلاف متشابهة المرجع و المصدر مع ما جاء في كتاب عوالي اللئالي.

الثالث: جاء في كلمات المرحوم السيّد الجزائريّ بنقله من العلامة المجلسي قدس اللّه أرواحهما انه أعطى لهذا الكتاب أهمية خاصّة في الايام

ص: 19

الأخيرة و كان مورد اعتماده بقوله: «لان جماعة من متأخري أهل الرجال و غيرهم من ثقات أصحابنا وثّقوه و أطنبوا في الثناء عليه، و نصّوا على احاطته علمه بالمعقول و المنقول.

الرابع: جرت على ألسنة الفقهاء العظام و في مطاوي الكتب الفقهيّة ذكر عدة أحاديث هي مورد النقض و الإبرام و الاستدلال و التحليل بينهم قدس اللّه أرواحهم الطاهرة ك (الناس مسلطون على أموالهم) (الناس في سعة ما لم يعلموا)(1) و (الميسور لا يسقط بالمعسور) و (صلوا كما رأيتموني اصلي) و ما نقل من أمير المؤمنين عليه السّلام (إلهي ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنتك بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك)(2) و غيرها من الأحاديث الشريفة المعروفة و التي لا مرجع و لا مدرك لها سوى هذا الكتاب - الذي بين يديك -

الخامس: أكثر المؤلّف من خلال جمعه بين الروايات بدرج حواشي و توضيحات مفيدة و هامة لرفع الشبهات و الشكوك التي قد تختلج في الاذهان و ترد في الخواطر.

السادس: لاجل ان يطلع المعنيون و المحققون النابهون على المسائل

ص: 20


1- - مصدر هذا الحديث هو كتاب شهاب الاخبار تأليف الشيخ يحيى البحرانيّ . و بما ان المؤلّف المزبور من تلامذة المحقق الكركى فيحتمل أن يكون قد اقتبس هذا الحديث من كتاب عوالى اللئالى.
2- - فليلاحظ ما كتبه السيّد الحكيم رضوان اللّه عليه في كتابه المستمسك في ضمن تعليقته على قول السيّد اليزديّ قدّس سرّه في بحث النية بقوله: احدها: و هو أعلاها: أن يقصد امتثال أمر اللّه لأنّه تعالى أهل للعبادة و الطاعة و هذا ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله: «الهى ما عبدتك خوفا من نارك إلخ) و قال السيّد الحكيم قدّس سرّه: (فى حاشية الحرّ على وسائله: انه لا تحضره روايته من طرقنا، و لكن رواه بعض المتأخرين و كأنّه من روايات العامّة.

الخلافية الموجودة بين الشيعة و السنة، اجتهد المصنّف في استخراج الأحاديث التي تتفق مع رأي الشيعة المحقة من كتب أهل السنة و الجماعة كصلاة الضحى و فرك المني من الثوب. و عدم طهارة الجلود بالدباغ، و تبديل الحجّ بالعمرة و ما رووا من ارتداد الصحابة. و حرمة صيام شهر رمضان في السفر و القنوت في الصلاة بعد القراءة. و الجمع بين الصلاتين اختيارا من غير عذر الى غير ذلك ممّا يطلع عليه المتتبع.

نسخ المقابلة:

و هي ثلاثة:

1 - النسخة الخطية الموجودة في مكتبة سيد الفقهاء و المجتهدين ناشر آثار الأئمّة الطاهرين آية اللّه العظمى الحاجّ السيّد حسين الطباطبائي البروجردي قدّس سرّه. و من مميزاتها:

ا - في هامش صفحاتها حواشي المصنّف برمز (عنه دام ظله).

ب - شواهد في أغلب صفحاتها آثار المقابلة و التصحيح بعنوان (بلغت سماعه و قراءة أيده اللّه).

ج - استنسخت هذه النسخة من نسخة المؤلّف كما هو الظاهر في نهاية الكتاب بقوله «وقع فراغ هذه النسخة من نسخة الأصل بخط المصنّف عصرية الاربعاء. رابع عشرين الفطر الأول، من شهور سنة تسعة و تسعين و ثمانمائة هجرية، ببلدة استرآباد بقرية اسمها ساوستان حفت بالعز و الأمان، على يد اضعف خلق اللّه المحتاج إلى اللّه الغني ربيع بن جمعه العنزى، غفر اللّه له و لوالديه، و لمن دعا له بالمغفرة».

د - يظهر جليا من حواشي المؤلّف في الهامش و المرموز عنه ب (عنه دام ظله) بان هذه النسخة كتبت في زمن حياة المؤلّف بقوله. (و فرغ من تعليقه مؤلّفه الفقير إلى اللّه الغفور) محمّد بن عليّ بن أبي جمهور الاحسائي تجاوز

ص: 21

اللّه عنه و عن والديه و جميع المؤمنين انه غفور رحيم، و كان الفراغ من تأليفه و كتابته وقت عشاء الآخرة ليلة الاحد الثالث و العشرون من شهر صفر ختم بالخير و الظفر أحد شهور سنة 897 هجرية).

2 - النسخة الخطية الموجودة في مكتبة العلامة النسابة آية اللّه العظمى السيّد النجفيّ المرعشيّ دام ظله الوارف. و من خصائصها:

أ - في هامش صفحاتها حواشي من المصنّف بتوقيع و رمز (منه رحمه اللّه).

ب - انتهاء استنساخ النسخة في صفر عام 1117 هجرية.

ج - قوبلت هذه النسخة في ربيع الآخر عام 1139 هجرية مع نسخة اخرى.

3 - استفدنا كثيرا من متن و شرح كتاب (جواهر الغوالي في شرح العوالي) تأليف المحدث المتتبع و العالم العامل و الفاضل المحقق المدقق المرحوم السيّد نعمة اللّه الجزائريّ و قد عثرنا عليها في مكتبة الروضة الرضوية عليه آلاف التحية و الثناء. و هي ذو مميزات و خصائص منها:

أ - نقل مصادر بعض الأحاديث الشريفة.

ب - اشار الى الروايات التي تشابه الرواية الموجودة في هذا الكتاب.

ج - بذل الجهد الكثير في شرح الروايات و توضيح ما غمض منها.

د - ابتدأ أولا بذكر حواشى المؤلّف و نقلها، و من ثمّ الشروع بنقضها و ابرامها و ذكر ما يتعلق بها.

ه - ان هذه النسخة ناقصة غير تامّة و هي من أوّل الكتاب إلى آخر (باب الديون) (القسم الأوّل من الباب الثاني. فى الأحاديث المنقولة عن طريق فخر المحققين أبو طالب محمّد بن حسن بن يوسف بن مطهر الحلى بواسطة تلامذته و أخصائه).

و - استنسخها في شهر رمضان عام 1106 هجرية العالم الكبير السيّد

ص: 22

نور الدين نجل العلامة الفهامة و المحدث المتتبع المرحوم السيّد نعمة اللّه الحسيني الجزائريّ .

***

نقاط هامة:

أولا: ان الحواشي التي جاءت في هامش النسخة الخطية الموجودة في مكتبة آية اللّه العظمى السيّد المرعشيّ دام ظله و المرموز ب (منه رحمه اللّه) و الحواشى التي دونت في هامش النسخة الخطية الموجودة في مكتبة آية اللّه العظمى البروجردي قدس اللّه روحه برمز (عنه دام ظله). متطابقتان في جلها و لذا ارتأيت أن يكون نقلي منهما معا برمز (معه).

ثانيا: لو اردت ان أنقل قولا هاما من كتاب (جواهر الغوالي في شرح العوالي) فأرمز له ب (جه).

ثالثا: صممت منذ البداية أن أشير في الهامش الى مصادر الأحاديث من كتب العامّة و الخاصّة. خصوصا أقوال المحدثين الذين نقلوا الكثير من كتاب عوالى اللئالى كالعلامة المجلسيّ في بحار الأنوار و خاتم المحدثين المرحوم النوريّ في كتاب مستدرك الوسائل و غيرهما. و وفقنى اللّه لليسير منه. و لكن الظروف القاهرة العصبيّة حالت بينى و بين ما كنت أروم إليه و آمل أن اعيد الكرة عليه مرة اخرى في الطبعة الثانية و أستخرج مصادر ما بقى منه من كتب الخاصّة و العامّة إنشاء اللّه.

و الحمد للّه أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا كتبه بانمله الدائرة العبد المذنب تراب اقدام العلماء العاملين مجتبى العراقى في عشية يوم الاثنين السادس و العشرين من شوال المكرم 1402 هجرية قمرية الموافق ل 25 مرداد 1361 هجرية شمسية.

ص: 23

ص: 24

نماذج من صور النسخة الخطية

الصورة

ص: 25

الصورة

ص: 26

الصورة

ص: 27

الصورة

ص: 28

الصورة

ص: 29

الصورة

ص: 30

رسالة الرّدود و النّقود على الكتاب و مؤلّفه و الأجوبة الشّافية الكافية عنهما

اشارة

بقلم:

سماحة العلاّمة آية اللّه العظمى السّيّد شهاب الدّين الحسيني المرعشيّ النّجفى متّع اللّه المسلمين بطول بقائه

ص: 31

مقدمة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم

الحمد للّه الاخذ بحقّ من هتك عمّن هتك، و المنتقم لمن ظلم عمّن ظلم، و الصّلاة و السّلام على سيّد العرب و العجم، و على عترته مصابيح الدّجى و المشاكى في البهم.

امّا بعد لا يخفى على من ألقى السّمع و هو شهيد، و من راجع إلى محكمة أقضى القضاة و هو الإنصاف المبرّأ من الزّور و الاعتساف إنّ من أحسن الكتب الحديثيّة ها هو كتاب «غوالى اللّئالى» أودع فيه مؤلّفه الجليل الحبر النّبيل، المحدّث المتكلّم، العارف المتألّه، الزّاهد الورع التّقيّ ، جامع العلوم السّمعيّة و العقليّة، الألمعيّ اليلمعي، البحّاث النّقّاد، شيخنا أبو جعفر محمّد بن عليّ بن إبراهيم بن أبي جمهور الإحسائي الهجري المتوفّى سنة 940 ق ه

ص: 32

من علماء القرن العاشر، أحاديث قصار المتون، صحاح الأسانيد، صراح الدّلالات، نظمها على أحسن أسلوب و خير نمط فللّه تعالى درّه و عليه أجره.

و لكنّ من المأسوف عليه أنّ هذه الدّرّة اليتيمة و الجوهرة الثّمينة تركت في روازن مخازن الكتب، مترّبة مبعثرة تأكلها العثّة و تبيدها الهوامّ و الدّيدان، لا يسأل عنه و لا يفتقد، و كان ترتب هذا الخمول و الانزواء في حقّ هذا الكتاب لنقود أوردت بعضها على المؤلّف و بعضها على المؤلّف، و كلّها واهية غير واردة ناشئة من قلّة التّتبّع و الغور في الكتاب، تحومل عليه بحيث حتّى خمل ذكره و نسي اسمه و وصل سقوطه في الأنظار الى حدّ قال بعض الأكابر في حقّه، في المؤلّف و المؤلّف نظر و تأمّل و ها نحن نبدأ لك بذكر النّقود الواردة على الكتاب ثمّ النّقود الواردة على المؤلّف مستعينا باللّه تعالى و عونه.

ص: 33

امّا النّقود الواردة على الكتاب فامور:

منها: انّه محتوى على روايات لا تناسب المذهب

و منها: انّ كلّ المرويّات فيه مراسيل و ليس فيها خبر مسند،

و الإرسال من اقوى موجبات الضّعف في الأخبار

و منها: انّه مشتمل على روايات تستشمّ منه المطالب العرفانيّة.

و منها: انّه مشتمل على ما يشعر بالغلوّ.

و منها: انّه مشتمل على بعض مرويّات العامّة و المخالفين

و منها: انّه تفرّد بنقل أحاديث لا توجد في غيره

إلى غير ذلك ممّا يطول الكلام بنقله.

و امّا النّقود المتوجّهة إلى صاحب الكتاب فامور

منها: انّه كان من الغلاة.

و منها: انّه كان من العرفاء و الصّوفيّة.

و منها: انّه كان من الفلاسفة.

ص: 34

و منها: انّه كان متساهلا في النّقل

لانّه ينقل في كتبه ما وجده من الأخبار أينما كان.

و منها: انّه كان اخباريّا.

و منها: انّه كان غير متثبّت و غير ضابط في النّقل

إلى غير ذلك من وجوه الاعتراض و التّمويهات.

إذا عرفت ذلك فنقول:

إنّ تلك النّقود غير مقبولة بل مردودة جدّا فنشرع في دفعها مع رعاية التّرتيب و الاختصار.

الجواب عن النقود الواردة على الكتاب

امّا الجواب عن الأوّل:

انّه ليس فيه خبر صريح في مخالفة المذهب، و ما يستشمّ منه ذلك فنظيره موجود في الكتب المشتهرة و المجامع المعروفة، فان كان نقلها شينا فيتوجّه الاعتراض على ساير الكتب و اختصاص نقده بهذا الكتاب مصداق المثل المعروف: «باؤك تجرّ و بائى لا تجرّ» مضافا

ص: 35

إلى انّها قابلة للتّأويل كما في ساير كتب الأخبار من الكتب الأربع و غيرها.

و امّا إشكال الإرسال:

فغير وارد اصلا لانّ كلّ ما اودع فيه الاّ ما صرّح بارساله مسندات ببركة المشيخة الّتى ذكرها، و هذه المشيخة كمشيخة شيخنا الصّدوق في الفقيه و الفارق انّ هذا الشّيخ ذكر المشيخة في اوّل الكتاب في رسالة مستقلّة منحاذة و الصّدوق جعل المشيخة في آخر الكتاب.

فانّ هذا الشّيخ قال انّ ما اودعت في هذا الكتاب فانّى ارويها بهذه الطّرق السّبعة، و أكثر تلك المودعات فيه مرويّة مسموعة عن شيخه العلاّمة الثّقة الجليل الشّيخ رضىّ الدّين عبد الملك بن الشّيخ شمس الدّين إسحاق بن الشّيخ رضىّ الدّين عبد الملك بن الشّيخ محمّد الثّانى ابن الشّيخ محمّد الأوّل ابن فتحان القمّيّ الأصل نزيل كاشان المتوفّى بعد سنة 851 ه ق بقليل، و كان هذا الرّجل من أعلام عصره و كان يروى عن الفاضل المقداد

ص: 36

و ابن فهد و غيرهما، فليراجع إلى معاجم التّراجم.

و انّى رأيت عدّة نسخ من هذا الكتاب في خزائن الكتب مشتملة على المشيخة و نسخا غير مشتملة، فمن ثمّ اشتبه الأمر على من نسب الإرسال إليه.

و امّا اشتماله على روايات عرفانيّة،

و فيه انّ نظائرها موجودة في الكتب الحديثيّة المشهورة، فليعامل معه نحو المعاملة مع تلك الكتب، مضافا إلى انّ باب التأويل واسع.

و امّا الإشعار بالغلوّ،

فالجواب عن هذا الاعتراض هو الجواب عن سابقيه نقضا و حلاّ.

و امّا اشتماله على بعض مرويّات العامّة،

ففيه انّ غرضه كون هذه الرّوايات مع قطع النّظر عن نقل الأصحاب منقولة في كتب العامّة أيضا كما لا يخفى من جاس خلال تلك الدّيار، مضافا إلى أنّ المعيار حجيّة الخبر الموثوق

ص: 37

بصدوره ايّا من كان الرّاوي كما هو التّحقيق عند المتأخّرين

و امّا تفرّده بنقل ما لا يوجد في غيره،

فهذا أيضا ممّا لا يرد عليه بعد تفرّد كتب الشّيعة كالاصول الأربعمائة و غيرها من الكتب الموجودة في أقطار العالم و توجّه الفتن و الموبقات إليها، فالمحتمل قويّا عثوره على بعض تلك النّسخ، فهذه الخصوصيّة موجودة في بعض كتب الحديث ايضا، مضافا إلى أنّ نقل مثل هذا الشّيخ الجليل بتلك الطّرق السّبعة يورث الطّمأنينة و الوثوق بالصّدور.

الجواب عن النّقود المتوجّهة الى صاحب الكتاب

اشارة

و امّا النّقود المتوجّهة الى صاحب الكتاب فامور:

أما كونه من الغلاة

اشارة

منها: إسناد الغلوّ إليه، فانت خبير بانّ هذا توهّم لا اعتداد به،

و هو مجاب عنه نقضا و حلاّ.
امّا النّقض:

فليراجع إلى زبر الحديث، فانّه قلّ ما يوجد كتاب لم يذكر فيه نبذ من هذه الأخبار الموهمة للغلوّ

ص: 38

فلو جاد هذا الاسناد في الدّين لكان هذا النّقد متوجّها إلى مؤلّفى تلك الزّبر و الأسفار ايضا، فان كان وجه الإسناد إلى ابن أبي جمهور غير ما في كتاب الغوالي فراجعوا الى سائر تآليفه من المجلّى و الدّرر العماديّة و الأقطاب و التّعليقة على أصول الكافي و التّعليقة على الفقيه و غيرها من آثاره الممتّعة و رشحات قلمه الشّريف، فما يقول المعترضون في حقّ كتب بقيّة العلماء فليقولوا في حقّ هذا الشّيخ كذلك.

و امّا الحلّ :

فلم أر في كلماته ما يشعر بذلك سوى نقله نادرا - بعض الرّوايات الموهمة للغلوّ، او بعض خطاباته لأمير المؤمنين و أولاده الطّاهرين بقوله «و هم ائمّتى قبلتي و بهم اتوجّه إلى اللّه» و أمثال هذه الكلمات الّتى شاع الخطاب بها بين الزّعماء، و من دونهم في كلّ قوم و رهط و بكلّ لسان. أ فلا ترى في المنشئات الفارسيّة قول المنشئين «قبله گاها» و نحوها

ص: 39

من العبائر المعمولة في المحاورات و خطابات الابناء الى الآباء و صرف نقل الرّواية هل تدلّ على الغلوّ مع كون الرّواية ذات محامل قريبة و بعيدة حاشا و كلاّ.

و امّا كونه من الصّوفيّة:

فنسبة هذه لصيقة الى الرّجل البرئ ممّا نسب إليه و ظلم في حقّه، و الفرق بين العرفان و التّصوّف غير خفيّ على المحقّقين فحينئذ تلك الكلمة و النّسبة فرية بلا مرية.

و امّا نسبة الفلسفة إليه:

فغير ضائر ايضا، اذ الفلسفة علم عقليّ ، برع فيه عدّة من علماء الإسلام كشيخنا المفيد و الشّريف المرتضى و المحقّق الطّوسى و العلاّمة الحلّى و السّيّد الدّاماد و الفاضل السّبزواري و المولى على النّورى و المولى محمّد إسماعيل الخواجوى الأصفهاني و شيخنا البهائى و السّيّد محمّد السّبزوارى المشتهر بميرلوحى جدّ الشّابّ المجاهد الشّهيد السّيّد مجتبى الشّهير

ص: 40

بالنّوّاب الصّفوى و القاضي سعيد القمّيّ و المتألّه السّبزوارى و صدر المتألهين الشّيرازى و المحدّث الكاشانى، و غيرهم الّذين جمعوا بين العلوم النّقليّة و العقليّة و هم في أصحابنا مآت و الوف، و علم كلّ شيء خير من جهله. فان كان ذلك شينا فيتوجّه النّقد اليهم، أيضا مع انّهم بمكان شامخ في العلم و العمل و الزّهد و الورع و التّقى، و لا يستلزم العلم بشيء الاعتقاد به و عقد القلب عليه، جزاهم اللّه عن الدّين خيرا.

و امّا اسناد التّساهل إليه في النّقل.

فهو ازراء في حقّ هذا الرّجل العظيم، و يظهر ذلك لمن أجال البصر و دقّق النّظر في مشيخة هذا الكتاب.

و امّا كونه اخباريّا:

فهو خلاف ما يظهر من كلماته في بعض كتبه كما هو غير مستور على من راجع إلى آثاره و يبدو له أنّ المؤلّف

ص: 41

كان مذاقه متوسّطا بين الاصوليّة و الأخباريّة، ثمّ على فرض كونه أخباريّا فذلك غير مضرّ بحجّيّة منقولاته بعد الاطمينان بالصّدور كما ذكرنا و الاّ فيتوجّه النّقد إلى عدّة كثيرة من أصحابنا الأعاظم كشيخنا الكليني و الصّدوق و صاحب قرب الإسناد و الأشعثيّات و صاحبى البحار و الوسائل و الوافي و الحدائق و غيرهم، فانّه لا فرق بيننا و بين الأخباريّة الاّ في أمور قليلة كحجّيّة ظواهر الكتاب هم نافوها و نحن مثبتوها، و اجراء البراءة في الشّبهات البدويّة التّحريميّة هم نافون و نحن مثبتون، او في انفعال الماء القليل فانّ أكثرهم ذهبوا الى عدم الانفعال و الاكثر منّا إلى الانفعال و منجّسيّة المتنجّس فاكثرهم على عدمها و أكثرنا على ثبوتها و وقوع التّحريف فانّ أكثرهم ذهبوا الى الوقوع و أكثرنا و هم المحقّقون الى العدم و هكذا.

و من رام الوقوف على تلك الفروق فليراجع الى كتاب

ص: 42

الحقّ المبين في الفرق بين المجتهدين و الأخباريّين لشيخنا العلاّمة الأكبر الشّيخ جعفر صاحب كتاب كشف الغطاء.

و امّا كونه غير متثبّت و غير ضابط:

و لعمرى انّه اسناد شيء الى من هو برئ ممّا نسب اليه، فمن اين ثبت كونه غير ضابط، و ها هو كتبه و رشحات قلمه السّيّال الجوّال فليراجع حتّى يظهر الحقّ ، إلى غير ذلك من وجوه الاعتراض عليه و كلّها واهية غير واردة.

و بالجملة، انّى سبرت ما ترشّح من قلم هذا العالم الجليل في الفنون العقليّة و النّقليّة و منظوماته الكثيرة فلم اجد ما يشينه، جزاه اللّه عن العلم و الإسلام خيرا، و آجره بما افترى في حقّه و حشره تحت لواء امام المظلومين أمير المؤمنين روحى له الفداء و عصمنا من الزّلل و الخطل في القول و العقيدة و العمل.

و هذه المظالم صارت سببا لعدم انتشار هذا الكتاب

ص: 43

إلى ان ساعدت السّواعد الإلهيّة و المعاضدات الرّبّانيّة العالم الجليل و الحبر النّبيل حجّة الإسلام و المسلمين الحاجّ الآقا مجتبى «المحمّدى» العراقى ثمّ القمّيّ كان اللّه له في كلّ حال.

فشمّر الذّيل في تصحيحه و تحقيقه و نشره و أهدى ثوابه إلى روح ولده الشّابّ السّعيد، الفائز بدرجة الشّهادة في نصرة الدّين، الفاضل المهندس الآقا محمّد تقى «المحمّدى» العراقى حشره اللّه مع الشّهداء الصّالحين.

فانتشر بعون اللّه تعالى فوق ما يؤمّل و يراد، من حسن الطّباعة، و الصّحة الكاملة، و المزايا المطلوبة، و جودة التّجليد و الوراقة.

ألا و جزاه المولى الكريم سبحانه بما اتعب نفسه و جدّ بجدّه الجهيد و سهر اللّيالى و اكدّ الأيّام بكدّه الاكيد في هذا الشّأن آمين.

ص: 44

ثمّ إنّ لي حقّ رواية هذا الكتاب و ساير مؤلّفات مؤلّفه الجليل بطرقي المذكورة في الإجازات، فليروها كلّ من شاء و أحبّ روايتها عنّى بتلك الأسانيد المنتهية إلى ناسقه. و السّلام على من اتّبع الهدى.

أملاه العبد المستكين الكئيب الغريب في وطنه خادم علوم أهل البيت عليهم السّلام: ابو المعالى شهاب الدّين الحسيني المرعشيّ النّجفى، منسلخ ذى الحجّة الحرام سنة 1402 ببلدة قم المشرّفة حرم الأئمة الأطهار و عشّ آل محمّد حامدا مسلّما مصلّيا مستغفرا

ص: 45

نص الكتاب

المدخل

بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ الحمد لله الذي أعلى أعلام العلماء الأعلام و وفقهم بطريق الدراية(1) و الرواية لتبيين معالم الإسلام و تهذيب طرائق شريعة رسول الملك العلام و رفع قواعد الدين الشريف و الشرع المنيف بمساعي الفقهاء القوام و فضلاء الأيام فأوصلوا الخلق بطريق الرواية و أنقذوهم من حيرة الغواية إلى دراية العمل بالأحكام و بلغوا ما جاءت به رسله المكرمون و أنبياؤه المرسلون و أئمته المعصومون إلى أطراف السبل و سائر العوام - لِئَلاّٰ يَكُونَ لِلنّٰاسِ عَلَى اَللّٰهِ حُجَّةٌ بَعْدَ اَلرُّسُلِ و إزاحة العلل لسائر الأنام من الخواص و العوام فيتنبه الغافلون و تترقى السعداء إلى الرفيق الأعلى و الحظ الأوفى بمساعي أولئك الكرام و لئلا يقول الأشقياء - لَوْ لاٰ أَرْسَلْتَ إِلَيْنٰا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيٰاتِكَ فلا تبقى حينئذ حجة بها لهم الاعتصام و الصلاة على رسوله المصطفى المصفى -

ص: 1


1- الدراية: هى ما أخذوه بالاستدلال بطريق الاجتهاد، الذي هو ردّ الفروع الى الأصول، و الرواية: هى الخبر المنتهى بطريق النقل من ناقل الى ناقل حتّى ينتهى الى المنقول عنه من النبيّ أو الامام على مراتبه: من المتواتر، و المستفيض، و خبر الواحد، من المعنعن المسمى بالمسند، و المتصل و المرسل، و المقطوع و الضعيف، و القوى، و الصحيح و الموثق، و الحسن، و غير ذلك (معه).

الشفيع المشفع يوم القيام الذي جلى بنوره غياهب(1) الظلام و آله المعصومين المطهرين من جميع القبائح و الآثام. و أصحابه الأخيار البررة الكرام صلاة مبلغة إلى دار السلام باقية على ممر الليالي و الأيام. و بعد فلما كان من لطف الله تعالى و عنايته بخلقه بعد خلقهم تكليفهم تعريضا لتحصيل السعادة الأبدية و تخليصا من النقائص الحيوانية و نجاة من مهاوي الهلكات الشهوية استحال بدون إعلامهم بما يريد منهم فبعث المرسلين لتبليغ معالم الأحكام و نصب الأئمة و الخلفاء بعدهم كالأعلام لتفصيل ما جاءت به الرسل الكرام. و لما توقف ذلك على نقل الرواة و تداوله في أيدي الثقات حث عليه في الذكر المصون و كتابه المكنون فقال عز من قائل - فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (2). و لما كان تلقي الحكم و الآثار و الأحكام و الأخبار عن النبي و الأئمة الأطهار طورا بالتقرير(3) و الأفعال و طورا بالاستفتاء و الأقوال و كان من بعدهم من الطبقات من أهل العلم و ذوي الرئاسات الموصوفين بالعدالة و الديانات إنما يؤخذ عنهم ما أخذوه و يصل إلى من يقتدي بهم ما تلقفوه

ص: 2


1- جمع غيهب: و هو شدة الظلمة (معه).
2- التوبة: 122.
3- كتب في الحاشية: المراد بالتقرير، أن يقع في حضرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعلا، أو تركا، فيقرر الفاعل على الفعل، او الترك، فانه يدلّ على جوازه (انتهى). أقول: تقرير النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لا كلام في حجيته، و أمّا تقرير الأئمّة و سكوتهم عما وقع في حضرتهم، فلا حجة فيه، الا إذا خلى المقام عن التقية و نحوها 32 (جه).

و حفظوه طورا بالحديث و الرواية و طورا بالسماع و الإجازة. حداني ذلك إلى جمع كتاب جامع لأشتات المتفرقات من جمل ما رواه الثقات عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة الهداة ليكون منهجا يقتدى به إلى معرفة الحلال و الحرام و مسلكا يعول عليه في استظهار خفايا الأحكام و سلما ينال به الارتقاء إلى أعالي ذلك المقام و مدرجا يتدرج به أولو البصائر و الأفهام إلى النجاة من مهاوي الانتقام. فشرعت في جمعه و تهذيبه و نهضت في ترتيبه و تبويبه تسهيلا على الطلاب و لينتفع به جميع [جماعة] الأصحاب رغبة في حصول الثواب يوم المآب. فجمعته من كتب متفرقة و مظان متباعدة و جعلته في مركز و نصاب تذكرة لأولي الألباب و الله الهادي لمحاسن القول و الموفق للصواب. ثم رأيت بعد ذلك أن أرفعه إلى خزانة السيد النقيب الطاهر العلوي الرضوي الذي تسنم من الشرف على أعلى معاقده(1) و استعلى من المجد على أرفع مقاعده خير هدى الفضائل و بحر ندي الفواضل إنسان شخص الكلام و الكمال و إنسان عين الفضائل و الإفضال عارض جنس المعاني و الكمالات و عارض ماطر الأيادي و العطيات(2) منهاج القاصدين و سراج

ص: 3


1- قال في الحاشية: التسنم، هو الركوب على السنام، و هو كناية عن العلو على كل شيء. و سمى سنام الجمل سناما، لعلوه عليه انتهى. و اما المعاقد فقال ابن الأثير: و غيره في الدعاء الوارد بقوله عليه السلام: (أسألك بمعاقد عرشك) المراد بالمعاقد هناك الخصال الحميدة التي استحق العرش بها التبجيل و التعظيم، و هو جائز الإرادة هنا. و يجوز أن يكون كناية، عن التمكن و الجلوس على أقوى و أحكم موضع من الشرف لان المعاقد محال العقد، و هي التي يشد بها الخص من القصب و غيره (جه).
2- العارض الأول بمعنى الميزان، و الثاني بمعنى السحاب: يعنى انه ميزان العلم سحاب الكرم. و الايادى، بمعنى النعم (جه).

الوافدين و معاج(1) العفاة و الواردين غياث الإسلام و المسلمين و كهف الفقراء و المساكين و ملجأ الفضلاء و العلماء و الصالحين أمير الأمراء في العالمين و ظهير النقباء و السادات و السلاطين شمس شموس الأنام و قمر ليالي الأيام و نجم أفلاك الإيمان و الإسلام -

أميرا فلكا مستديرا و قطبا *** لرحال المعالي مديرا

ملك عزيز الأيادي كثير النعم *** أمير عزيز الجوار عزيز الحكم

و لما تعطرت بذكر بعض خلاله و أساميه صحائفي و أقلامي و تزينت بإيراد اليسير من كمالاته و مراميه إيراداتي أحببت أن أخاطبه و أناديه و أفتخر بذكر محامده و معاليه فقلت فيه -

يا فريدا في الفضل غير مشارك *** عز باريك في الورى و تبارك

يا هلال الأيام قد كتب الأنام *** في دفتر العلى آثارك

و لسان الزمان يدرس في كل *** مكان على الورى أخبارك

سيدي أنت من يشق غبارك *** بأبي أنت من يروم فخارك(2)

ما نرى في مناسب لك إلا *** داءب قد صار دأبه تذكارك(3)

شوقته إليك أوصافك الغر *** فجاب البلاد حتى زارك

ص: 4


1- الإضافة بمعنى اللام: و الوافد المنتهى الى غاية مقصده: و المعاج بالكسر، المرجع: و العفاة المساكين (جه).
2- أي لا يلحقك أحد في معالي الفضائل، و أصله ان السابق في الميدان يحصل من ركض فرسه غبار، فمن شق ذلك الغبار، بقى سابقا إلى آخر الميدان (جه).
3- الدأب: بفتح الدال المهملة و كسر الهمزة، التعبان. و قوله: دأبه بالالف بمعنى عاداته. يعنى ان الذي يريد اللحوق بفضائلك، تعبان قد صار عادته ذكر الجميل (جه).

يا كريما خفت عليه المعالي *** فادرعها فاشدد بها آزارك

و اسحب الفخر و امض في الخير قدما *** و اقض في طاعة الندى أوطارك

جعل الله فضله زائدا على تعاقب الأيام و مديد عمره متواصلا على توالي الأعوام و زاده الله توفيقا لتربية العلماء و تقوية الفضلاء و جعله مقصدا للصلحاء و العلماء و السادات و مأوى للغرباء و المساكين و ذوي الحاجات بمحمد سيد البريات و آله البررة الهداة فإن فضله قد ملأ الآفاق و علا فخره قد طبق سائر الأسماع على الإطلاق فصار سماء جوده شامخا ساميا و سناء مجده ظاهرا لائحا فلا يحتاج فيه إلى الاستدلال بالبراهين و لا دخالته في مناظرات أهل الموازين -

فليس يصح في الأفهام شيء *** إذا احتاج النهار إلى دليل

فإنه أطال الله بقاه ممن يرغب في اقتناء الفضائل فهو أحق من يتحف بأحسن الفواضل فجعلته هدية مرفوعة إليه و تحفة مقربة لعبده لديه فإن وافق منه محل القبول كان ذلك غاية المأمول. و سميته عوالي اللئالي العزيزية في الأحاديث الدينية(1) و رتبته على مقدمة و بابين و خاتمة

أما المقدمة

اشارة

ففيها فصول

الفصل الأول في كيفية إسنادي و روايتي لجميع ما أنا ذاكره من الأحاديث في هذا الكتاب

اشارة

و لي في ذلك طرق

الطريق الأول

عن شيخي و أستادي و والدي الحقيقي النسبي و المعنوي و هو الشيخ

ص: 5


1- بالعين المهملة: و ربما يدور على السنة بعض الأفاضل بالغين المعجمة فانه تصحيف، فانه مضبوط بخطه بالمهملة (جه).

الزاهد العابد الكامل زين الملة و الدين [الحق] أبو الحسن علي بن الشيخ المولى [الولي] الفاضل المتقي من بين أنسابه و أضرابه حسام الدين إبراهيم بن المرحوم حسن بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحساوي تغمده الله برضوانه و أسكنه بحبوحة جنانه عن شيخه العالم النحرير قاضي قضاة الإسلام ناصر الدين الشهير بابن نزار عن أستاذه الشيخ التقي الزاهد جمال الدين حسن الشهير [بالمطوع] الجرواني الأحساوي عن الشيخ النحرير العلامة شهاب الدين أحمد بن فهد(1) بن إدريس المقري الأحساوي عن شيخه العلامة خاتمة المجتهدين المنتشرة فتاويه في جميع العالمين فخر الدين أحمد بن عبد الله الشهير بابن متوج البحراني عن شيخه و أستاده بل أستاد الكل الشيخ العلامة و البحر القمقام فخر المحققين أبو طالب محمد ابن الشيخ العلامة جمال المحققين أبو منصور الحسن بن الشيخ الفاضل الكامل سديد الدين يوسف بن المطهر الحلي قدس الله أرواحهم أجمعين و هو أعني فخر المحققين يروي عن والده المذكور أعني جمال المحققين.

الطريق الثاني

عن شيخي و أستادي و صاحب النعمة الفقهية على السيد الأجل الأكمل الأعلم الأتقى الأورع المحدث الجامع لجوامع الفضائل شمس الملة و الحق و الدين محمد بن المرحوم المغفور السيد العالم الكامل النبيه الفاضل -

ص: 6


1- قال المحدث القمّيّ في كتابه الكنى و الألقاب ما هذا لفظه: (و قد يطلق ابن فهد على الشيخ شهاب الدين أحمد بن فهد بن حسن بن محمّد بن إدريس بن فهد المقرى الاحسائى من أهل أوائل المائة التاسعة، شارح الإرشاد، تلميذ ابن المتوج البحرانيّ كان معاصرا لابن فهد الحلى... الخ.

كمال الدين موسى الموسوي الحسيني عن والده المذكور عن الشيخ الفاضل الكامل العالم بفني الفروع و الأصول المحكم لقواعد الفقه و الكلام جامع أشتات الفضائل فخر الدين أحمد الشهير بالسبعي(1) عن الشيخ العالم التقي الورع محمود [محمد لؤلؤة] المشهور بابن أمير الحاج العاملي عن شيخه العلامة المشهور بالشيخ حسن بن العشرة(2) عن شيخه خاتمة المجتهدين شمس الملة و الدين محمد بن مكي الشهير بالشهيد عن شيخيه السيدين الأعظمين الأعلمين الأفضلين المرتضيين السيد ضياء الدين عبد الله و السيد عميد الدين عبد المطلب ابني المرتضى السعيد محمد بن علي بن محمد بن الأعرج الحسيني و هما معا عن شيخيهما و خالهما الشيخ جمال المحققين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر قدس الله أرواحهم أجمعين.

الطريق الثالث

عن الشيخ العالم المشهور النبيه الفاضل حرز الدين الأوائلي(3) عن شيخه الشيخ الزاهد العابد الورع فخر الدين أحمد بن محذم الأوائلي عن شيخه العلامة المحقق فخر الدين أحمد بن عبد الله بن [سعيد بن لؤلؤة] المتوج البحراني عن شيخه [أستاد] فخر المحققين محمد بن الشيخ

ص: 7


1- ينتهى نسبه الى سبع بن سالم بن رفاعة فلهذا يقال له: السبعى الرفاعى. الكنى و الألقاب.
2- قال في لؤلؤة البحرين: نقلا عن كتاب أمل الآمل: عز الدين الحسن بن عليّ ، المعروف بابن العشرة، فاضل، زاهد، فقيه... الخ.
3- الاوائل قرية و المشهور الآن بالبحرين، هكذا في هامش بعض النسخ.

جمال المحققين العلامة الحسن بن المطهر عن والده المذكور تغمدهم الله برحمته.

الطريق الرابع

عن السيد العالم الفاضل قاضي قضاة الإسلام و الفارق بميامن همته بين الحلال و الحرام شمس المعالي و الفقه و الدين محمد بن السيد المرحوم المغفور العالم الكامل أحمد الموسوي الحسيني عن شيخه و أستاده الشيخ العلامة صاحب الفنون كريم الدين يوسف الشهير بابن القطيفي عن شيخه العلام و البحر القمقام رضي الدين حسين الشهير بابن راشد القطيفي عن مشايخ له عدة أشهرهم الشيخ العالم العلامة العابد الزاهد [جمال الدين] أبو العباس أحمد بن فهد الحلي عن شيخيه الإمامين الفاضلين العالمين أحدهما الشيخ العالم المتكلم ظهير الملة و الدين علي بن يوسف بن عبد الجليل النيلي و ثانيهما الإمام الفقيه الورع نظام الدين علي بن عبد الحميد النيلي عن شيخهما فخر المحققين محمد بن الحسن بن المطهر عن والده العلامة جمال المحققين الحسن بن يوسف بن المطهر قدس الله أرواحهم أجمعين

الطريق الخامس

عن شيخي و مرشدي و معلمي طريق الثواب و مناهج معالم الأصحاب و هو الشيخ الفاضل العلامة المبرز على الأقران المحرر المقرر لسائر الفنون على طول الأزمان علامة المحققين و خاتمة المجتهدين الإمام الهمام و البحر القمقام جمال الملة و الحق و الدين حسن بن عبد الكريم الشهير بالفتال عن شيخه العلامة الإمام المحقق المدقق جمال الدين حسن

ص: 8

ابن الشيخ المرحوم حسين بن مطر [مطهر] الجزائري عن شيخه العلامة الزاهد التقي أبو العباس أحمد بن فهد الحلي عن شيخيه المذكور كلاهما عن شيخهما فخر المحققين عن والده جمال المحققين رحمهم الله تعالى -

الطريق السادس

عن شيخي أيضا و أستاذي المرشد لي و لعامة الأصحاب إلى مناهج الصواب أعني الشيخ الكامل الفاضل الزاهد العابد العلامة الشائع ذكره في جميع الأقطار و المعلوم فضله و علمه في سائر الأمصار زين الملة و الحق و الدين علي بن هلال الجزائري عن الشيخ الفاضل الكامل العالم العامل جمال الدين حسن الشهير بابن العشرة عن الشيخ العلامة المحقق المدقق شمس الملة و الحق و الدين محمد بن مكي الشهير بالشهيد عن السيد السعيد العالم الزاهد ضياء الدين عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن الأعرج الحسيني عن خاله الشيخ جمال المحققين رضوان الله عليهم أجمعين.

الطريق السابع

عن المولى العالم العلامة المدقق [المحقق] محقق الحقائق و صاحب الطرائق سيد الوعاظ و إمام الحفاظ شيخ مشايخ الإسلام و القائم بمراضي الملك العلام وجيه الملة و الدين عبد الله بن المولى الفاضل الكامل علاء الدين فتح الله ابن المولى العلي رضي الدين عبد الملك بن شمس الدين إسحاق بن رضي الدين عبد الملك بن محمد بن محمد [بن] الفتحان الواعظ القمي القاساني مولدا و محتدا عن جده سيد الفقهاء و العلماء رضي الدين عبد الملك بن شمس الدين إسحاق القمي عن المولى الأعظم الأعلم سيد

ص: 9

الفقهاء في عصره شرف الدين علي عن أبيه الشيخ الكامل الأعظم الفقيه العالم الكامل تاج الدين حسن السرابشنوي(1) عن الشيخ جمال الدين حسن بن المطهر قدس الله أرواحهم و عنه أيضا عن جده المذكور عن الشيخ العلامة الفهامة أستاذ العلماء جمال الدين أبي العباس أحمد بن فهد عن شيخه نظام الدين النيلي عن الشيخ الأعظم فخر المحققين أبي طالب محمد عن أبيه الشيخ جمال المحققين حسن بن المطهر و عنه أيضا عن جده المذكور عن الشيخ جمال الدين مقداد بن عبد الله بن محمد بن حسين السيوري(2) الأسدي المشهدي الغروي على مشرفه أفضل التحيات و أكمل الصلوات عن شيخه الشهيد الشهير العلامة الفهامة شمس الدين محمد بن مكي عن فخر المحققين عن أبيه الشيخ جمال المحققين حسن المذكور رحمهم الله تعالى و عنه أيضا عن جده المذكور عن المولى الأعظم الأمجد الأكرم غرة العلماء زين الملة و الدين علي الأسترآبادي عن شيخه المرتضى الأعظم و الإمام المعظم سلالة آل طه و يس أبي سعيد الحسن بن عبد الله بن محمد بن علي الأعرج الحسيني عن شيخه جامع الأصول و الفروع فخر المحققين عن والده الشيخ جمال الدين حسن العلامة قدس الله أرواحهم و عنه عن أبيه [فتح الله عن أبيه] عبد الملك عن مشايخه المذكورين عن جمال المحققين العلامة حسن بن المطهر روح الله أرواحهم بروائح الجنان و أسبغ

ص: 10


1- سرابشنو قرية من قرى العراق (معه).
2- السيورى، بضم السين مع الياء المخففة التحتانية كما هو المشهور، نسبة الى سيور، و هي قرية من قرى الحلّة المجللة، كما في الفهرست المنسوب الى والد شيخنا البهائى غفر له، و يحتمل أيضا بعيدا، أن يكون نسبة الى السيور، التي هي جمع السير، و هو ما يقد من الجلود المدبوغة، لمصارف السروج و امثالها من الادوات العرقية، لكون احد المذكورين في سلسلة نسبه معروفا ببيع ما ذكر أو العمل فيه (روضات).

عليهم شآبيب الغفران. فهذه الطرق السبعة المذكورة [لي] جميعها تنتهي عن المشايخ المذكورين إلى الشيخ جمال المحققين ثم منه ينتهي الطريق إلى الأئمة المعصومين إلى رسول رب العالمين بطرقه المعروفة له عن مشايخه الذين أخذ عنهم الرواية المتصلة بأئمة الهدى عليهم السّلام المنتهي إلى جدهم عليه أفضل الصلوات و أكمل التحيات. فمن طرقه أن الشيخ جمال المحققين رحمه الله يروي عن شيخه الإمام العلامة قدوة المحققين نجم الملة و الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي و هو يروي عن الشيخ نجيب الدين محمد بن نما و هو يروي عن جماعة أمثلهم المحقق العلامة محمد بن إدريس العجلي و هو يروي عن الشيخ عربي بن مسافر العبادي(1) عن شيخه إلياس بن هشام الحائري عن شيخه أبي علي عن والده الشيخ أبي جعفر [محمد بن الحسن الطوسي]. و منها أنه رحمه الله يروي عن والده الشيخ الكامل سديد الدين يوسف بن المطهر عن الشيخ نجيب الدين السوراوي(2) عن الشيخ هبة الله بن رطبة عن الشيخ أبي علي عن أبيه الشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي. و منها أنه رحمه الله يروي عن السيد أحمد بن طاوس عن نجيب الدين ابن نما بطريقه المذكور إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله. و منها أنه رحمه الله يروي عن الشيخ العالم الكامل محقق علوم المتقدمين و المتأخرين و مكمل علوم الحكماء و المتكلمين الشيخ كمال الدين ميثم

ص: 11


1- اسم منسوب الى قبيلة عبادة، و هي قبيلة من قبائل نزار (معه).
2- منسوب الى سوراء قرية قريب من الحلّة (معه).

بن علي البحراني عن الشيخ علي بن سليمان البحراني عن الشيخ كمال الدين بن سعادة البحراني عن الشيخ نجيب الدين محمد السوراوي عن ابن رطبة عن أبي علي عن أبيه الشيخ أبي جعفر. و منها أنه رحمه الله يروي عن المرتضى السعيد جمال الدين أحمد بن طاوس العلوي الحسيني و عن المرتضى السعيد رضي الدين علي بن طاوس كلاهما معا عن الشيخ نجيب الدين المذكور بطريقه المذكور إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي. فجميع هذه الطرق لجمال المحققين تنتهي إلى شيخ الطائفة و محدثهم و فقيههم أعني الشيخ محمد بن الحسن الطوسي و هو أعني الشيخ يروي عن الأئمة الطاهرين. و له في روايته طريقان الأول أنه يروي عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان عن الشيخ أبي جعفر بن قولويه عن الشيخ محمد بن يعقوب الكليني عن الشيخ محمد بن محمد بن محبوب [محمد بن يحيى عن محمد بن علي بن محبوب] عن محمد بن أحمد العمركي عن السيد علي بن جعفر عن أخيه الإمام موسى بن جعفر عن أبيه الإمام جعفر الصادق عن أبيه الإمام محمد الباقر عن أبيه الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السّلام عن أبيه الإمام الحسين الشهيد عن أبيه سيد الأولياء و الأوصياء الإمام المرتضى علي بن أبي طالب عليهم أفضل الصلوات و أكمل التحيات عن سيد الأنبياء و أكرم الأصفياء محمد بن عبد الله صلى الله عليهم أجمعين عن جبرئيل عن رب العالمين.

ص: 12

الطريق الثاني أن الشيخ المذكور يروي عن المفيد عن ابن قولويه و ابن قولويه يروي عن الشيخ محمد بن بابويه و هو يروي عن محمد بن يعقوب و هو يروي عن علي بن إبراهيم بن هاشم و هو يروي عن الإمام العسكري عن آبائه عليهم السّلام عن النّبي صلّى اللّه عليه و آله و عن جبرئيل عن الله جل جلاله. و هنا طريق آخر و هو أن الشيخ محمد بن نما يروي عن الشيخ أبي الفرج على ابن الشيخ قطب الدين أبي الحسين [أبي الحسن] الراوندي عن أبيه عن السيد المرتضى ابن الداعي عن جعفر الدوريستي(1) عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه قال حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق عن عبد العزيز بن يحيى عن محمد بن زكريا عن محمد بن عمارة عن أبيه عن محمد بن السائب عن الصادق عليه السّلام عن الباقر عليه السّلام عن زين العابدين عليه السّلام عن أبيه الحسين الشهيد عليه السّلام عن أبيه أمير المؤمنين عليه السّلام عن رسول رب العالمين صلّى اللّه عليه و آله عن جبرئيل عليه السّلام عن رب العزة سبحانه و تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا. فبهذه الطرق و بما اشتملت عليه من الأسانيد المتصلة المعنعنة الصحيحة الإسناد المشهورة الرجال بالعدالة و العلم و صحة الفتوى و صدق اللهجة أروي جميع ما أرويه و أحكيه من أحاديث الرسول و أئمة الهدى عليه و عليهم أفضل الصلاة و السلام المتعلقة بالفقه و التفسير و الحكم و الآداب -

ص: 13


1- نسبة الى قرية دوريست التي هي على فرسخين من الرى، و يقال له في هذا الزمان درشت بالشين المعجمة كما في مجالس المؤمنين. و عن الطبراني في المعجم انه ضبطها بضم الدال المهملة و سكون الواو و الراء ثمّ المثناة التحتانية المفتوحة و السين المهملة الساكنة و التاء الفوقانية المثناة (روضات الجنّات).

و المواعظ و سائر فنون العلوم الدنيوية و الأخروية بل و به أروي جميع مصنفات العلماء من أهل الإسلام و أهل الحكمة و أقاويلهم في جميع فنون العلم و فتاويهم و أحكامهم المتعلقة بالفقه و غيره من السير و التواريخ و الأحاديث. فجميع ما أنا ذاكره في هذا الكتاب من الأحاديث النبوية و الإمامية طريقي في روايتها و إسنادها و تصحيحها هذه الطرق المذكورة عن هؤلاء المشايخ المشهورين بالعلم و الفضل و العدالة و الله ملهم الصواب و العاصم من الخطإ و الخطل و الاضطراب

ص: 14

الفصل الثاني في السبب الداعي إلى جمع هذه الأحاديث و استخراجها من أماكنها المتباعدة و مظانها المتعددة

و هو أني لما رويت عن مشايخي المذكورين بطرقي إليهم عن الشيخ أبو [أبي] الفضائل الطبرسي المفسر رحمه الله أحاديث تتضمن الحث على وجوب إهداء عوام الطائفة و إيصالهم إلى معرفة حقائقهم المأخوذة عن أئمتهم المستلزمة لمعرفة دينهم الذي عليه أسلافهم الذين تمسكوا بالعروة الوثقى و سفن النجاة و كانوا قد وصلوا إلى تلك الحقائق بمشاهدة أنوار أئمتهم و رؤيتهم لأشخاصهم فسلكوا جادتهم و اقتدوا بهم في أخلاقهم و أفعا لهم و أقوالهم و لما اقتطع أهل هذه الأزمان و أبناء هذه الأوان عن مشاهدة هذه الأنوار بغيبة إمامهم و استيلاء مخالفيهم على جميع أحوالهم و انطماس سبل الهداية بغلبة أهل الغوائط و الغباوة صار عوام أهل هذه الطائفة [الطريقة] و أبناء هذه الحجة الأنيقة كالأيتام الذين لا كافل لهم و لا موصل يوصلهم إلى حقائق أسلافهم حتى ظن كثير منهم(1) أنه ليس

ص: 15


1- و ذلك انهم نفوا الإمامة و العصمة عن الأئمّة المعصومين عليهم السلام. و لم يكن حديث بزعمهم الا ما روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و الأحاديث المروية عنه كثيرة لان أبا هريرة تفرد و انفرد بنقل اثنى عشر ألف حديث من غير مشارك. و في اعصار دولة بنى امية، سيما زمن معاوية و خلافته بذلوا الأموال و القطائع لعلماء السوء على وضع الأحاديث فوضعوا في كل البلدان، ما لا يحصى، و الاخبار الموضوعة لا آخر لها. و أمّا نحن فعندنا كلام الأئمّة، و حديثهم، هو كلام جدهم و حديثه لما تقدم، فبطل ذلك الظنّ الكاذب الخ (جه).

لأصحابنا من الأحاديث مثل ما لخصومهم و أنهم قطعوا التعلق و العلاقة بينهم و بين الأحاديث الواردة عن سيد البشر و إمام المحشر النبي المطهر و ليس الأمر كما ظن إخوان الجهل و الغرور. فحداني ذلك و حثني على وضع هذا الكتاب تذكرة لأولي البصائر من الإخوان و إنقاذ الأيتام عوام الطائفة من عماية الجهل الحاصل لهم بمخالطة أهل الزيغ و البهتان. و ها أنا أذكر أولا الأحاديث الدالة على وجوب هذا الإنقاذ على من أعطاه الله البصيرة في علوم أهل البيت عليهم السّلام و ما له في ذلك الأجر الجزيل و الثناء الجميل مما ذكره الشيخ المذكور في روايته و إسناده الصحيح المشهور و هي

1 - قَالَ اَلشَّيْخُ أَبُو اَلْفَضَائِلِ اَلطَّبْرِسِيُّ اَلْمُفَسِّرُ بِإِسْنَادِهِ حَدَّثَنِي اَلسَّيِّدُ أَبُو جَعْفَرٍ مَهْدِيُّ بْنُ أَبِي حَرْبٍ اَلْحُسَيْنِيُّ اَلْمَرْعَشِيُّ عَنِ اَلشَّيْخِ أبو [أَبِي] عَبْدِ اَللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ اَلدُّورْيَسْتِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ عَنِ اَلشَّيْخِ أبو [أَبِي] جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْقَاسِمِ اَلْأَسْتَرْآبَادِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو يَعْقُوبَ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ وَ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَيَّارٍ عَنِ اَلْإِمَامِ اَلْحَسَنِ اَلْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : أَشَدُّ مِنْ يُتْمِ اَلْيَتِيمِ اَلَّذِي اِنْقَطَعَ عَنْ

ص: 16

أَبِيهِ يُتْمُ يَتِيمٍ اِنْقَطَعَ عَنْ إِمَامِهِ وَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى اَلْوُصُولِ إِلَيْهِ وَ لاَ يَدْرِي كَيْفَ حُكْمُهُ فِيمَا يَبْتَلِي مِنْ شَرَائِعِ دِينِهِ أَلاَ فَمَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا عَالِماً بِعُلُومِنَا فَهَذَا اَلْجَاهِلُ بِشَرِيعَتِنَا اَلْمُنْقَطِعُ عَنْ مُشَاهَدَتِنَا يتم [يَتِيمٌ ] فِي حَجْرِهِ أَلاَ فَمَنْ هَدَاهُ وَ أَرْشَدَهُ وَ عَلَّمَهُ شَرِيعَتَنَا كَانَ مَعَنَا فِي اَلرَّفِيقِ اَلْأَعْلَى(1)(2).

2 - وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ كَانَ مِنْ شِيعَتِنَا عَالِماً بِشَرِيعَتِنَا فَأَخْرَجَ ضُعَفَاءَ شِيعَتِنَا مِنْ ظُلْمَةِ جَهْلِهِمْ إِلَى نُورِ اَلْعِلْمِ اَلَّذِي حَبَوْنَاهُ جَاءَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ نُورٍ يُضِيءُ لِأَهْلِ جَمِيعِ اَلْعَرَصَاتِ وَ [عَلَيْهِ ] حُلَّةٌ لاَ يَقُومُ لِأَقَلِّ سِلْكٍ مِنْهَا اَلدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا(3).

3 - وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ كَفَلَ لَنَا يَتِيماً قَطَعَتْهُ عَنَّا مِحْنَتُنَا [محبتنا] بِاسْتِتَارِنَا فَوَاسَاهُ مِنْ عُلُومِنَا اَلَّتِي سَقَطَتْ إِلَيْهِ حَتَّى أَرْشَدَهُ وَ هَدَاهُ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَا أَيُّهَا اَلْعَبْدُ اَلْكَرِيمُ اَلْمُوَاسِي أَنَا أَوْلَى بِالْكَرَمِ مِنْكَ اِجْعَلُوا لَهُ مَلاَئِكَتِي فِي اَلْجِنَانِ بِعَدَدِ كُلِّ حَرْفٍ عَلَّمَهُ أَلْفَ أَلْفِ قَصْرٍ وَ ضُمُّوا إِلَيْهَا مَا يَلِيقُ بِهَا مِنْ سَائِرِ اَلنِّعَمِ (4).

ص: 17


1- بمعنى انه يكون في درجتنا (معه).
2- البحار الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية و التعلم.
3- البحار الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية و التعلم و بقية الحديث هكذا (ثم ينادى مناد، يا عباد اللّه: هذا عالم من تلامذة بعض علماء آل محمد (صلوات اللّه عليهم)، الا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهلة فليتشبث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات الى نزه الجنان فيخرج كل من كان علمه في الدنيا خيرا، أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا، أو اوضح له عن شبهة).
4- البحار الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية و التعلم، و الحديث مرويّ عن الحسين بن على عليهما السلام فراجع و قال فيه: بيان قطعته عنا محبتنا باستتارنا، اى كان سبب قطعه عنا، انا احببنا الاستتار عنه لحكمة، و في بعض النسخ (محنتنا) بالنون و هو أظهر.

4 - وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْعَالِمُ كَمَنْ مَعَهُ شَمْعَةٌ تُضِيءُ لِلنَّاسِ فَمَنْ [فَكُلُّ مَنْ ] أَبْصَرَ بِشَمْعَتِهِ دَعَا لَهُ بِخَيْرٍ فَالْعَالِمُ شَمْعَتُهُ تُضِيئُ فَيَزُولُ بِهَا ظُلْمَةُ اَلْجَهْلِ وَ اَلْحَيْرَةِ فَمَنْ أَضَاءَتْ لَهُ فَخَرَجَ بِهَا مِنْ حَيْرَةٍ وَ نَجَا بِهَا مِنْ جَهْلٍ فَهُوَ مِنْ عُتَقَائِهِ مِنَ اَلنَّارِ(1).

5 - وَ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : عُلَمَاءُ شِيعَتِنَا مُرَابِطُونَ فِي اَلثَّغْرِ(2) اَلَّذِي يَلِي إِبْلِيسُ وَ عَفَارِيتُهُ يَمْنَعُهُمْ [يَمْنَعُونَهُمْ ] عَنِ اَلْخُرُوجِ عَلَى ضُعَفَاءِ شِيعَتِنَا وَ عَنْ أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ وَ شِيعَتُهُ اَلنَّوَاصِبُ أَلاَ فَمَنِ اِنْتَصَبَ لِذَلِكَ مِنْ شِيعَتِنَا كَانَ أَفْضَلَ مِمَّنْ جَاهَدَ اَلرُّومَ وَ اَلتُّرْكَ وَ اَلْخَزَرَ أَلْفَ أَلْفِ مَرَّةٍ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ أَدْيَانِ مُحِبِّينَا وَ ذَلِكَ يَدْفَعُ عَنْ أَبْدَانِهِمْ (3).

6 - وَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ مُوسَى بْنُ جَعْفَرٍ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ : فَقِيهٌ وَاحِدٌ يُنْقِذُ يَتِيماً وَاحِداً مِنْ أَيْتَامِنَا اَلْمُنْقَطِعِينَ عَنَّا وَ عَنْ مُشَاهَدَتِنَا بِتَعْلِيمِ مَا هُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ أَشَدُّ عَلَى إِبْلِيسَ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ لِأَنَّ اَلْعَابِدَ هَمُّهُ ذَاتُ نَفْسِهِ فَقَطْ وَ هَذَا هَمُّهُ مَعَ ذَاتِ نَفْسِهِ ذَاتُ عِبَادِ اَللَّهِ وَ إِمَائِهِ يُنْقِذُهُمْ مِنْ يَدِ إِبْلِيسَ وَ مَرَدَتِهِ (4) فَلِذَلِكَ

ص: 18


1- البحار الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية و التعلم. و بقية الحديث هكذا (و اللّه يعوضه عن ذلك بكل شعرة لمن اعتقه، ما هو أفضل له من الصدقة بمائة ألف قنطار على غير وجه الذي أمر اللّه عزّ و جلّ به، بل تلك الصدقة و بال على صاحبه، لكن يعطيه اللّه ما هو أفضل من مائة ألف ركعة بين يدي الكعبة) و للعلامة المجلسيّ بيان لطيف لهذا الحديث فراجع.
2- الثغر: هو الموضع الذي يخاف منه هجوم العدو (معه).
3- البحار، الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية و التعلم.
4- جمع مارد: و هو الشيطان الذي لا يخاف من شيء لشدته و تسلطه (معه).

هُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ أَلْفِ عَابِدٍ وَ أَلْفِ أَلْفِ عَابِدَةٍ (1).

7 - وَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ اَلرِّضَا عَلِيُّ بْنُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ : يُقَالُ لِلْعَابِدِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ نِعْمَ اَلرَّجُلُ كُنْتَ هِمَّتُكَ ذَاتُ نَفْسِكَ [وَ كَفَيْتَ اَلنَّاسَ مَئُونَتَكَ ] فَادْخُلِ اَلْجَنَّةَ أَلاَ إِنَّ اَلْفَقِيهَ مَنْ أَفَاضَ عَلَى اَلنَّاسِ خَيْرَهُ وَ أَنْقَذَهُمْ مِنْ أَعْدَائِهِمْ وَ وَفَّرَ عَلَيْهِمْ نِعَمَ جِنَانِ اَللَّهِ وَ حَصَّلَ لَهُمْ رِضْوَانَ اَللَّهِ تَعَالَى وَ يُقَالُ لِلْفَقِيهِ يَا أَيُّهَا اَلْكَافِلُ لِأَيْتَامِ آلِ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِم [اَلْهَادِي لِضُعَفَاءِ مُحِبِّيهِمْ وَ مَوَالِيهِمْ ] قِفْ تَشْفَعْ لِكُلِّ مَنْ أَخَذَ عَنْكَ أَوْ تَعَلَّمَ مِنْكَ فَيَقِفُ فَيُدْخِلُ اَلْجَنَّةَ مَعَهُ فِئَاماً وَ فِئَاماً وَ فِئَاماً(2) حَتَّى قَالَ عَشْراً(3)(4).

8 - وَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَوْ لاَ مَنْ يَبْقَى بَعْدَ غَيْبَةِ [قَائِمِنَا] اَلْإِمَامِ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ اَلدَّاعِينَ إِلَيْهِ وَ اَلدَّالِّينَ عَلَيْهِ وَ اَلذَّابِّينَ [عَنْهُ ] وَ عَنْ دِينِهِ بِحُجَجِ اَللَّهِ وَ اَلْمُنْقِذِينَ لِضُعَفَاءِ عِبَادِ اَللَّهِ مِنْ شِبَاكِ إِبْلِيسَ وَ مَرَدَتِهِ [وَ مِنْ فِخَاخِ اَلنَّوَاصِبِ ] لَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلاَّ اِرْتَدَّ عَنْ دِينِ اَللَّهِ وَ لَكِنَّهُمُ اَلَّذِينَ يُمْسِكُونَ أَزِمَّةَ (5) قُلُوبِ ضُعَفَاءِ اَلشِّيعَةِ كَمَا يُمْسِكُ صَاحِبُ اَلسَّفِينَةِ سُكَّانَهَا أُولَئِكَ هُمُ اَلْأَفْضَلُونَ عِنْدَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ (6).

ص: 19


1- البحار، الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية و التعلم.
2- الفئام ككتاب، الجماعة من الناس، لا واحد له من لفظه. القاموس.
3- معناه: انه يشفع للجماعات الذين اخذوا عنه، و الذين اخذوا عمن اخذ عنه و هكذا الى عشر مرّات (معه).
4- البحار، الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية و التعلم، و بقية الحديث كما في البحار: (و هم الذين اخذوا عنه علومه، و أخذوا عمن أخذ عنه، و عمن أخذ عنه، و عمن اخذ عنه الى يوم القيامة، فانظروا كم فرق ما بين المنزلتين).
5- جمع زمام: و هو هنا كناية عما يحصل للقلب من الاعتقاد الذي به يصل الى الحق و به يدوم ثباته عليه (معه).
6- البحار الطبعة الحديثة ج 2 باب ثواب الهداية و التعلم.

و أما طريقي في رواية هذه الأحاديث فهو بكل واحد من الطرق السبعة المذكورة المنتهية إلى الشيخ العلامة جمال المحققين حسن بن يوسف بن المطهر و هو يرويها عن والده الشيخ سديد الدين يوسف و هو عن الشيخ مهذب الدين الحسين بن رده و هو يرويها عن الشيخ الحسن بن أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي عن والده أمين الدين أبي الفضائل أبي علي المفسر الطبرسي تغمده الله برحمته [بالرحمة]

ص: 20

الفصل الثالث فيما رويته بطريق الإسناد المتصل المذكور إسناده بطريق العنعنة مما لا تدخل فيه الإجازة و المناولة

1 - حَدَّثَنِي أَبِي وَ أُسْتَاذِي اَلشَّيْخُ اَلْعَالِمُ اَلزَّاهِدُ اَلْوَرِعُ زَيْنُ اَلدِّينِ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ اَلشَّيْخِ اَلْعَلاَّمَةِ اَلْمُحَقِّقِ اَلْمَرْحُومِ اَلْمَغْفُورِ حُسَامِ اَلدِّينِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنِ بْنِ أَبِي جُمْهُورٍ اَلْأَحْسَاوِيِّ رِضْوَانُ اَللَّهِ عَلَيْهِمْ عَنْ شَيْخِهِ اَلشَّيْخِ اَلزَّاهِدِ اَلْفَقِيهِ قَاضِي قُضَاةِ اَلْإِسْلاَمِ نَاصِرِ اَلدِّينِ بْنِ نِزَارٍ عَنْ شَيْخِهِ وَ أُسْتَاذِهِ اَلشَّيْخِ اَلْفَقِيهِ اَلزَّاهِدِ حَسَنٍ اَلشَّهِيرِ بِالْمِطْوَعِ اَلْجِرْوَانِيِّ عَنْ شَيْخِهِ اَلْعَلاَّمَةِ اَلنِّحْرِيرِ شِهَابِ اَلدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ فَهْدِ بْنِ إِدْرِيسَ اَلْمُقْرِي اَلْأَحْسَاوِيِّ عَنْ شَيْخِهِ وَ شَيْخِ اَلطَّائِفَةِ فِي زَمَانِهِ اَلشَّيْخِ اَلْعَلاَّمَةِ اَلْمُحَقِّقِ اَلْمُدَقِّقِ فَخْرِ اَلدِّينِ أَحْمَدَ بْنِ اَلْمُتَوَّجِ اَلْأَوَائِلِيِّ عَنْ شَيْخِهِ فَخْرِ اَلْمُحَقِّقِينَ أَبِي طَالِبٍ مُحَمَّدٍ عَنْ وَالِدِهِ اَلْعَلاَّمَةِ جَمَالِ اَلْمُحَقِّقِينَ حَسَنٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْخِ سَدِيدِ اَلدِّينِ أَبِي اَلْمُظَفَّرِ يُوسُفَ بْنِ اَلْمُطَهَّرِ عَنِ اَلشَّيْخِ نَجِيبِ اَلدِّينِ مُحَمَّدٍ اَلسُّورَاوِيِّ عَنِ اَلشَّيْخِ هِبَةِ اَللَّهِ بْنِ رَطْبَةَ عَنِ اَلشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ عَنْ وَالِدِهِ اَلشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ اَلطُّوسِيِّ عَنِ اَلشَّيْخِ اَلْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلنُّعْمَانِ عَنِ اَلشَّيْخِ

ص: 21

أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ عَنِ اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ اَلْكُلَيْنِيِّ عَنِ اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ اَلْعَلَوِيِّ عَنِ اَلْعَمْرَكِيِّ عَنِ اَلسَّيِّدِ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ اَلْإِمَامِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرٍ اَلصَّادِقِ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ اَلْبَاقِرِ عَنْ أَبِيهِ عَلِيٍّ زَيْنِ اَلْعَابِدِينَ عَنْ أَبِيهِ اَلْحُسَيْنِ اَلشَّهِيدِ عَنْ أَبِيهِ اَلْمُرْتَضَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ رَبِّ اَلْعَالَمِينَ قَالَ : إِذَا كَانَ وَقْتُ كُلِّ فَرِيضَةٍ نَادَى مَلَكٌ مِنْ تَحْتِ بُطْنَانِ اَلْعَرْشِ أَيُّهَا اَلنَّاسُ قُومُوا إِلَى نِيرَانِكُمُ (1) اَلَّتِي أَوْقَدْتُمُوهَا عَلَى ظُهُورِكُمْ فَأَطْفِئُوهَا بِصَلاَتِكُمْ (2)(3).

ص: 22


1- المراد بالنيران: اما على قول أهل الظاهر، فهى الاعمال القبيحة التي هى سبب لحصول العقاب بالنار، فاطلق اسم النار عليها مجازا، من باب تسمية المسبب باسم السبب، و اطفائها حينئذ عبارة عن تكفيرها بالطاعة المسقطة لعقابها. و أمّا على قول أهل الباطن، فالنيران على حقيقتها، من حيث ان العمل الحاصل بصورته الظاهرة صورته الحقيقية المعنوية، نار أو جنة، الا انهما لا يدركان الا بعد المفارقة، و اطفائها فعل حسنات يؤثر في رفع احراقها من الظهر، فيكون الإطلاق فيه حقيقة. و ممّا يصدقه قوله تعالى: «إِنَّمٰا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نٰاراً»: و كذا قوله عليه السلام (الذين يشربون في آنية الذهب و الفضة، انما يخرجوا في بطونهم نارا) (معه).
2- الفقيه، باب فضل الصلاة حديث 3، و لفظ الحديث هكذا: (و قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: ما من صلاة يحضر وقتها الا نادى ملك بين يدي الناس أيها الناس الى آخره.
3- و فيه دلالة على ان الاعمال الصالحة مكفرة للاعمال السيئة، و هو موافق لمذهب المعتزلة، القائلين بالاحباط و التكفير. و أمّا على مذهب أهل الموافاة، فيشترط التكفير بها و جاز توقفه على شرط. فتسمية الاطفاء حينئذ باعتبار ما يئول إليه عند حصول شرطه، كتسمية العلة عند صلاحيتها للتأثير لانضمام ما يكون متمما لها (معه).

2 - وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : وُضُوءٌ عَلَى وُضُوءٍ نُورٌ عَلَى نُورٍ(1).

3 - وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ فَرَضَ عَلَيْكُمُ اَلزَّكَاةَ فَأَوْجَبَهَا فِي تِسْعَةِ أَشْيَاءَ وَ عَفَا لَكُمْ عَمَّا عَدَاهَا اَلْإِبِلِ وَ اَلْبَقَرِ وَ اَلْغَنَمِ وَ اَلذَّهَبِ وَ اَلْفِضَّةِ وَ اَلْحِنْطَةِ وَ اَلشَّعِيرِ وَ اَلتَّمْرِ وَ اَلزَّبِيبِ (2)(3).

4 - وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ: قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي خُطْبَةٍ خَطَبَهَا فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ شَعْبَانَ أَلاَ وَ إِنَّهُ قَدْ أَظَلَّكُمْ (4)شَهْرُ رَمَضَانَ وَ هُوَ شَهْرٌ عَظَّمَ اَللَّهُ حُرْمَتَهُ فَمَنْ صَامَ نَهَارَهُ وَ قَامَ وِرْداً مِنْ لَيْلِهِ وَ عَفَّ فَرْجُهُ وَ بَطْنُهُ وَ كَفَّ اَلْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَخُرُوجِهِ مِنَ اَلشَّهْرِ(5) فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ مَا أَحْسَنَ هَذَا اَلْكَلاَمَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ مَا أَشَدَّ هَذِهِ اَلشُّرُوطَ (6) .

5 - وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا وَقَفَ بِهَذِهِ اَلْجِبَالِ (7)

ص: 23


1- الفقيه، باب صفة وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حديث 8.
2- راجع الوسائل أبواب ما تجب فيه الزكاة.
3- و هذا يدلّ على انه لا يجب الزكاة في شيء ممّا يكال أو يوزن غير ما ذكر، و عليه انعقد اجماع الإماميّة (معه).
4- أي: صار ظلاله عليكم، عبر بذلك عن قرب وصوله (معه).
5- و فيه دلالة على التكفير (معه).
6- الوسائل باب 11 من أبواب آداب الصائم حديث 2 و المخاطب جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ .
7- أشار بهذه الجبال الى مواقف مكّة، التي يقع فيها مناسك الحجّ ، و عبر عن أداء تلك المناسك، عن فعلها في تلك المواضع على وجهها: و فيه دلالة على استجابة الدعاء في تلك المواضع، و هي مبنية على أفضليتها و أشرفيتها، و انها محل فيض رحمة اللّه تعالى العام بكل أحد ممن كان هناك (معه).

أَحَدٌ إِلاَّ اُسْتُجِيبَ لَهُ اَلْبَرُّ وَ اَلْفَاجِرُ فَأَمَّا اَلْبَرُّ فَفِي دُنْيَاهُ وَ أُخْرَاهُ وَ أَمَّا اَلْفَاجِرُ فَفِي دُنْيَاهُ (1).

6 - وَ بِهَذَا اَلْإِسْنَادِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : فَوْقَ كُلِّ ذِي بِرٍّ بِرٌّ حَتَّى يُقْتَلَ اَلرَّجُلُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ فَلَيْسَ فَوْقَهُ بِرٌّ(2)(3).

7 - وَ حَدَّثَنِي اَلْمَوْلَى اَلْعَالِمُ اَلْوَاعِظُ وَجِيهُ اَلدِّينِ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ اَلْمَوْلَى عَلاَءِ اَلدِّينِ فَتْحِ اَللَّهِ بْنِ عَبْدِ اَلْمَلِكِ بْنِ فَتْحَانَ اَلْوَاعِظِ اَلْقُمِّيِّ اَلْأَصْلِ اَلْقَاشَانِيِّ اَلْمَسْكَنِ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اَلْمَلِكِ عَنِ اَلشَّيْخِ اَلْكَامِلِ اَلْعَلاَّمَةِ خَاتِمَةِ اَلْمُجْتَهِدِينَ أبو [أَبِي] اَلْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ فَهْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي اَلْمَوْلَى اَلسَّيِّدُ اَلسَّعِيدُ اَلْعَلاَّمَةُ أَبُو اَلْعِزِّ جَلاَلُ اَلدِّينِ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ اَلسَّعِيدِ اَلْمَرْحُومِ شَرَفْشَاهَ اَلْحُسَيْنِيُّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِي شَيْخِيَ اَلْإِمَامُ اَلْعَلاَّمَةُ مَوْلاَنَا نَصِيرُ اَلدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْقَاشِيُّ قَدَّسَ اَللَّهُ نَفْسَهُ قَالَ حَدَّثَنِي اَلسَّيِّدُ جَلاَلُ اَلدِّينِ بْنُ دَارِ اَلصَّخْرِ قَالَ حَدَّثَنِي اَلشَّيْخُ اَلْفَقِيهُ [نَجْمُ اَلدِّينِ أَبُو اَلْقَاسِمِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنِي اَلشَّيْخُ اَلْفَقِيهُ ] مُفِيدُ اَلدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ اَلْجَهْمِ قَالَ حَدَّثَنِي اَلْمُعَمَّرُ اَلسِّنْبِسِيُّ (4) قَالَ سَمِعْتُ مِنْ مَوْلاَيَ أَبِي مُحَمَّدٍ اَلْحَسَنِ اَلْعَسْكَرِيِّ عَلَيْهِ وَ عَلَى آبَائِهِ

ص: 24


1- الفقيه باب فضائل الحجّ حديث 32، و الحديث منقول عن أبي جعفر عليه السلام.
2- هذا يدلّ على أفضلية الجهاد على سائر العبادات، و ان الشهيد لا يدنيه غيره من الفضل (معه).
3- الوسائل باب (1) من أبواب جهاد العدو، قطعة من حديث 21.
4- قال في تنقيح المقال، عند ضبط (أبان بن أرقم الطائى السنبسى): و السنبسى بالسين المهملة المكسورة ثمّ النون الساكنة ثمّ الباء الموحدة المضمومة ثمّ السين المهملة ثمّ الياء، نسبة الى سنبس بن معاوية بن جرول بن ثعل ابى حى من طى، و العقب منه ثلاثة أفخاذ: عمرو و لبيد، و عدى انتهى.

وَ وُلْدِهِ أَفْضَلُ اَلصَّلاَةِ وَ اَلسَّلاَمِ يَقُولُ : أَحْسِنْ ظَنَّكَ وَ لَوْ بِحَجَرٍ يَطْرَحُ اَللَّهُ فِيهِ سِرَّهُ فَتَنَاوَلْ نَصِيبَكَ مِنْهُ فَقُلْتُ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ وَ لَوْ بِحَجَرٍ فَقَالَ أَ لاَ تَنْظُرُونَ إِلَى اَلْحَجَرِ اَلْأَسْوَدِ(1)(2). 8 - وَ عَنْهُ بِالْإِسْنَادِ اَلْمَذْكُورِ قَالَ اَلشَّيْخُ أَبُو اَلْعَبَّاسِ وَ حَدَّثَنِي اَلْمَوْلَى اَلسَّيِّدُ اَلسَّعِيدُ اَلْإِمَامُ اَلْعَلاَّمَةُ بَهَاءُ اَلدِّينِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ اَلنَّسَّابَةُ اَلْحُسَيْنِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي اَلسَّيِّدُ اَلْإِمَامُ اَلْعَلاَّمَةُ اَلنَّسَّابَةُ تَاجُ اَلدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ مُعَيَّةَ اَلْحُسَيْنِيُّ عَنِ اَلْفَقِيهِ اَلْعَالِمِ اَلْفَاضِلِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ حَمَّادٍ عَنِ

ص: 25


1- البحار عن العوالى باب التهمة و البهتان ج 75 من الطبعة الحديثة الإسلامية.
2- في الحديث القدسي: (انا عند ظنّ عبدى ان خيرا فخير، و ان شرا فشر). و في الحديث (ان رجلا يجىء يوم القيامة، ليس له شيء من أعمال الخير، فيأمر اللّه تعالى به الى النار، فيمضى ثمّ يلتفت فيقول: يا ربّ ! ما كان هذا ظنى منك، فيقول: سبحانه يا ملائكتى كذب هذا الرجل، و ما أحسن الظنّ بى في الدنيا يوما واحدا، و لكن لدعواه الآن حسن الظنّ امضوا به الى الجنة). و حسن الظنّ باللّه أعلى درجات الرجاء. و جاء في الرواية، ان يحيى بن زكريا كان خوفه أكثر من رجاءه، و عيسى بن مريم، كان رجاءه أكثر من خوفه، فكان أفضل من يحيى. و اما حسن الظنّ بمطلق الاحجار، فلانها مظان الأرزاق، و هي معادن للمعادن. و اما الحجر الأسود، فجاء في صحيح الاخبار: (ان اللّه تعالى لما أخذ من بني آدم من ذرياتهم، و اشهدهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ ، ألقم عهود الخلق هذا الحجر، و كان من عظماء الملائكة عند اللّه)، و لما أخذ اللّه من الملائكة الميثاق، كان أول من آمن به و أقربه، ذلك الملك، فأتخذه اللّه أمينا على جميع خلقه، فالقمه الميثاق و أودعه عنده، و استعبد الخلق، ان يجددوا عنده، في كل سنة الإقرار بالميثاق و العهد الذي أخذ اللّه عليهم، فمن ثمّ كلف الناس، بتعاهد ذلك الميثاق، و ان يقولوا عند الحجر: امانتى أديتها و ميثاقى تعاهدته لتشهد لي بالموافاة. و ليجيئن الحجر يوم القيامة مثل أبى قبيس، له لسان و شفتان يشهد لمن وافاه بالموافاة، و كان أشدّ بياضا من اللبن، فأسود من خطايا بني آدم، الخ (جه).

اَلْمَوْلَى اَلسَّيِّدِ اَلْعَالِمِ اَلْكَامِلِ غِيَاثِ اَلدِّينِ عَبْدِ اَلْكَرِيمِ بْنِ طَاوُسٍ اَلْحُسَيْنِيِّ عَنِ اَلسَّيِّدِ اَلْعَالِمِ اَلْمُحَقِّقِ اِبْنِ اَلْعَمِّ شَمْسِ اَلدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ اَلسَّيِّدِ اَلْجَدِّ وَ اِبْنِ اَلْعَمِّ اَلْعَامِلِ اَلْفَاضِلِ اَلنَّسَّابَةِ جَلاَلِ اَلدِّينِ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ بْنِ اَلتَّقِيِّ اَلنَّسَّابَةِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ اَلْمَذْكُورِ عَنْ أَبِيهِ اَلْمَوْلَى اَلسَّيِّدِ اَلسَّعِيدِ اَلْمُحَدِّثِ اَلْعَالِمِ اَلْوَرِعِ اَلْبَارِعِ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ بْنِ اَلتَّقِيِّ اَلنَّسَّابَةِ اَلْمَذْكُورِ عَنِ اَلسَّيِّدِ اَلشَّرِيفِ أَبِي اَلشَّمْسِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ اَلْعَلَوِيِّ اَلْحُسَيْنِيِّ اَلزَّيْدِيِّ اَلْعِيسَوِيِّ مَحْتِداً عَنِ اَلثِّقَةِ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ اَلْمَنْصُورِ عَنْ أَبِي اَلْحُسَيْنِ اَلْمُبَارَكِ بْنِ عَبْدِ اَلْجَبَّارِ بْنِ أَحْمَدَ اَلصُّوفِيِّ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ اَلْحَرْبِيِّ اَلْقَزْوِينِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ اَلْحَسَنِ بْنِ شَاذَانَ اَلْبَزَّازِ عَنْ أَبِي اَلْقَاسِمِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَلْمَانَ اَلطَّائِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَحْمَدَ: اَلْمَذْكُورِ.

عَنِ اَلْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ أَبِيهِ اَلْإِمَامِ مُوسَى اَلْكَاظِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَنْ أَبِيهِ اَلْإِمَامِ جَعْفَرٍ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ أَبِيهِ اَلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ أَبِيهِ اَلْإِمَامِ عَلِيٍّ زَيْنِ اَلْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ أَبِيهِ اَلْإِمَامِ اَلْحُسَيْنِ اَلسِّبْطِ اَلشَّهِيدِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَنْ أَبِيهِ اَلْإِمَامِ اَلْمُفْتَرَضِ اَلطَّاعَةِ عَلَى سَائِرِ اَلْأَنَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ وَ عَلَيْهِمْ أَفْضَلُ اَلصَّلاَةِ وَ اَلسَّلاَمِ أَنَّهُ قَالَ : لَمَّا بَدَأَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِتَعْلِيمِ اَلْأَذَانِ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ بِالْبُرَاقِ فَاسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَتَاهُ بِدَابَّةٍ أُخْرَى يُقَالُ لَهَا بَرْقَةُ فَاسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا جَبْرَئِيلُ اُسْكُنِي بَرْقَةُ فَمَا رَكِبَكِ أَكْرَمُ عَلَى اَللَّهِ مِنْهُ فَسَكَنَتْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَرَكِبْتُهَا حَتَّى اِنْتَهَيْتُ إِلَى اَلْحِجَابِ اَلَّذِي يَلِي اَلرَّحْمَنَ عَزَّ رَبُّنَا وَ جَلَّ فَخَرَجَ مَلَكٌ مِنْ وَرَاءِ اَلْحِجَابِ وَ قَالَ اَللَّهُ أَكْبَرُ فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ مَنْ هَذَا اَلْمَلَكُ -

ص: 26

فَقَالَ وَ اَلَّذِي أَكْرَمَكَ بِالنُّبُوَّةِ مَا رَأَيْتُ هَذَا اَلْمَلَكَ قَبْلَ سَاعَتِي هَذِهِ فَقَالَ اَلْمَلَكُ اَللَّهُ أَكْبَرُ فَنُودِيَ مِنْ وَرَاءِ اَلْحِجَابِ صَدَقَ عَبْدِي أَنَا أَكْبَرُ أَنَا أَكْبَرُ قَالَ اَلْمَلَكُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ فَنُودِيَ مِنْ وَرَاءِ اَلْحِجَابِ صَدَقَ عَبْدِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا قَالَ اَلْمَلَكُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اَللَّهِ فَنُودِيَ مِنْ وَرَاءِ اَلْحِجَابِ صَدَقَ عَبْدِي أَنَا أَرْسَلْتُ مُحَمَّداً رَسُولاً قَالَ اَلْمَلَكُ حَيَّ عَلَى اَلصَّلاَةِ فَنُودِيَ مِنْ وَرَاءِ اَلْحِجَابِ صَدَقَ عَبْدِي دَعَا إِلَى عِبَادَتِي قَالَ اَلْمَلَكُ حَيَّ عَلَى اَلْفَلاَحِ فَنُودِيَ مِنْ وَرَاءِ اَلْحِجَابِ صَدَقَ عَبْدِي قَدْ أَفْلَحَ مَنْ وَاظَبَ عَلَيْهَا قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْمَئِذٍ أَكْمَلَ لِي اَلشَّرَفَ عَلَى اَلْأَوَّلِينَ وَ اَلْآخِرِينَ (1) .

9 - وَ عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ قَالَ أَبُو اَلْعَبَّاسِ حَدَّثَنِي اَلسَّيِّدُ اَلسَّعِيدُ بَهَاءُ اَلدِّينِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اَلْحَمِيدِ قَالَ رَوَى لِيَ اَلْخَطِيبُ اَلْوَاعِظُ اَلْأُسْتَاذُ اَلشَّاعِرُ يَحْيَى بْنُ اَلنَّحْلِ اَلْكُوفِيُّ اَلزَّيْدِيُّ مَذْهَباً عَنْ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْيَمَنِيِّ كَانَ قَدِمَ اَلْكُوفَةَ قَالَ يَحْيَى وَ رَأَيْتُهُ بِهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَ ثَلاَثِينَ وَ سَبْعِمِائَةٍ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْيَمَنِيِّ وَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ اَلْمُعَمَّرِينَ وَ أَدْرَكَ سَلْمَانَ اَلْفَارِسِيَّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ وَ أَنَّهُ رَوَى عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : حُبُّ اَلدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَ رَأْسُ اَلْعِبَادَةِ حُسْنُ اَلظَّنِّ بِاللَّهِ (2)(3).

ص: 27


1- البحار الطبعة الحديثة ج 18 باب الاذان و الإقامة و فضلهما، نقله بطريقين عن صحيفة الرضا عليه السلام، و عن عوالى اللئالى.
2- البحار الطبعة الحديثة ج 51 (باب ذكر أخبار المعمرين) ص 258 و رواه في المستدرك كتاب الجهاد باب (61) من أبواب جهاد النفس، حديث 17.
3- قد أكثر سبحانه في كتابه و على ألسنة انبيائه عليهم السلام من ذمّ الدنيا. و قد ورد في الاخبار مدحها أيضا، كقوله عليه السلام: (نعم العون على الآخرة الدنيا). و قوله عليه السلام: (الدنيا مزرعة الآخرة) و قول سيد الموحدين، و قد سمع رجلا يذم -

10 - وَ عَنْهُ بِإِسْنَادِهِ إِلَى جَدِّهِ عَبْدِ اَلْمَلِكِ قَالَ حَدَّثَنِي اَلْمَوْلَى اَلْأَعْظَمُ اَلْأَفْضَلُ شَرَفُ اَلدِّينِ عَلِيٌّ عَنْ أَبِيهِ اَلشَّيْخِ اَلْكَامِلِ اَلْأَعْظَمِ اَلْفَقِيهِ اَلْعَالِمِ اَلْفَاضِلِ تَاجِ اَلدِّينِ حَسَنٍ السرابشنوي قَالَ حَدَّثَنِي اَلشَّيْخُ اَلْعَلاَّمَةُ اَلْفَهَّامَةُ أُسْتَاذُ اَلْعُلَمَاءِ جَمَالُ اَلدِّينِ حَسَنُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ اَلْمُطَهَّرِ قَالَ رُوِّيتُ عَنْ

**

(الدنيا، فقال في جملة كلامه: (الدنيا مسجد أحباء اللّه، و مصلى ملائكة اللّه، و مهبط وحى اللّه، و متجر أولياء اللّه اكتسبوا فيها الرحمة، و ربحوا فيها الجنة، فمن ذا يذمها، و قد أذنت بينها، و نادت بفراقها، و نعت نفسها و أهلها) الى آخر كلامه عليه السلام. و في الحديث: (ان الإنسان إذا قال: لعن اللّه الدنيا تقول الدنيا: لعن اللّه أعصانا لربه).

و أمّا حقيقتها، فقد غلط بعض الناس فيه. و هو عند التحقيق، عبارة عن الحالة التي تبعدك عن ربك، و ان كانت الصلاة! فان صلاة الرياء و نحوها ممّا وقع على غير المطلوب، ليس هو من أسباب الآخرة، فيكون من الدنيا المذمومة. و الآخرة عبارة عما يقربك إليه، و ان كان الملك و السلطان، و المال و الأعيان التي زينت بها الدنيا.

فوزارة عليّ بن يقطين عند الرشيد، كانت من أمور الآخرة، ضمن بها قضاء حوائج الشيعة و كذلك وزارة صاحب بن عباد عند فخر الدولة و نحو ذلك كثير.

و حكى لي أن رجلا من الشيعة وضع نفسه بالشام عسعسا يعس بالليل، و يعطى السلطان في كل سنة ما لا جزيلا من غلة عقاره، ليخلص الشيعة من ضيق يقع عليهم، و هذا يخوض في نعيم الجنة من جهة كونه عسعسا. و بالجملة فكلما يوجد من الأعيان، فله جهتان، كالنقدين مثلا فان وقع انفاقه على ما يحب اللّه، فهو من أسباب الآخرة، و ان صرف على غير ما أمر به فهو من أمور الدنيا، و كذلك المناكح، و المآكل، و المراكب.

و قوله عليه السلام: (يا أبا ذر، ليكن لك في كل شيء نيته) و ذلك ان دخول الكنيف بنية التفرغ للعبادة، و المحافظة للبدن، من أسباب الآخرة، و مقدمات العبادة، و كذلك الاكل، و حينئذ فالدنيا الممدوحة هي ما كان من أعيان الدنيا، و حالاتها وصلة و وسيلة الى الآخرة و المذمومة، ما كان وسيلة الى شهوات النفس و هواها، و القرب الى دار الغرور و البعد من دار السرور إلى آخره (جه).

ص: 28

مَوْلاَنَا شَرَفِ اَلدِّينِ إِسْحَاقَ بْنِ مَحْمُودٍ اَلْيَمَانِيِّ اَلْقَاضِي بِقُمَّ عَنْ خَالِهِ مَوْلاَنَا عِمَادِ اَلدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فَتْحَانَ اَلْقُمِّيِّ عَنِ اَلشَّيْخِ صَدْرِ اَلدِّينِ اَلسَّاوِيِّ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى اَلشَّيْخِ بَابَارَتَنَ وَ قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ اَلْكِبَرِ فَرَفَعَهُمَا عَنْ عَيْنَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَ قَالَ تَرَى عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ طَالَمَا نَظَرَتَا إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ حَفْرِ اَلْخَنْدَقِ وَ كَانَ يَحْمِلُ عَلَى ظَهْرِهِ اَلتُّرَابَ مَعَ اَلنَّاسِ وَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِيشَةً هَنِيئَةً وَ مِيتَةً سَوِيَّةً وَ مَرَدّاً غَيْرَ مُخْزٍ وَ لاَ فَاضِحٍ (1) (2) .

ص: 29


1- البحار الطبعة الحديثة ج 258:51 باب ذكر أخبار المعمرين.
2- في هامش بعض النسخ المخطوطة التي عندنا ما هذا لفظه: قال الشيخ البهائى في الأربعين: و قد ظهر في الهند بعد الستمائة من الهجرة شخص اسمه بابارتن ادعى أنّه من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و انه عمر الى ذلك الوقت، و صدقه جماعة، و اختلق أحاديث كثيرة زعم أنّه سمعها من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. قال صاحب القاموس سمعنا تلك الأحاديث من أصحاب أصحابه، و قد صنف الذهبي كتابا في تبين كذب ذلك الشخص اللعين سماه (كسروثن بابارتن) انتهى. و في شرح الفاضل المازندرانى على أصول الكافي بعد نقل هذا الكلام من الشيخ البهائى: و قد رأيت خطّ العلاّمة الحلّيّ كتبه بيده، رابع عشر من شهر رجب سنة سبع عشرة و سبعمائة، رويت عن مولانا شرف الملّة و الدين، إسحاق بن محمود اليمانيّ القاضي، عن خاله مولانا عماد الدين، محمّد بن محمّد بن فتحان القمّيّ ، عن صدر الدين الساوى قال: دخلت على بابارتن و قد سقط حاجباه على عينيه، فرفعهما عنهما، و نظر الى فقال: ترى عينى، طالما نظرتا الى وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و قد سمعته يوم الخندق، و كان يحمل على ظهره التراب، و هو يقول: (اللّهمّ إنّي اسألك عيشة سوية، و ميتة نقية، و مردا غير مخز و لا فاضح). أقول: ما نقله عن الشيخ البهائى، في شرح الحديث الحادي و العشرون من أربعينه عند نقل الأحاديث المكذوبة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و من أراد الاطلاع على شرح حال الرجل فليراجع كتاب لسان الميزان للعسقلانى ج 450/2 و الإصابة ج 515/2.

الفصل الرابع في ذكر أحاديث رويتها بطرقي المذكورة محذوفة الإسناد اعتمادا على الإسناد المذكور أولا و هي كلها تنتهي إلى الرسول صلّى اللّه عليه و آله

1 - رَوَيْتُ بِطُرُقِيَ اَلْمَذْكُورَةِ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : لاَ تَسْتَقْبِلُوا اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَ لاَ بَوْلٍ (1)(2).

2 - وَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا اِنْقَطَعَ شِسْعٌ (3) فَلاَ يُمْشَيَنَّ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ (4).

3 - وَ رَوَتْ عَائِشَةُ : أَنَّهُ رُبَّمَا اِنْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَمَشَى فِي

ص: 30


1- و النهى هنا للتحريم: لانه متعلق بمصلحة اخروية دينية (معه).
2- رواه في الوسائل، كتاب الطهارة، باب: 2 من أبواب أحكام الخلوة حديث 4، 3.
3- الشسع: هو السير المجعول بين الأصابع، من النعل العربى منتهيا الى الشراك (معه).
4- رواه مسلم في صحيحه، كتاب اللباس و الزينة، باب (18) استحباب لبس النعال و ما في معناها، حديث 69.

نَعْلٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى تُصْلَحَ اَلْأُخْرَى (1) .

4 - وَ رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ كَرِهَ اَلْبَوْلَ قَائِماً وَ قَالَ إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا بَالَ قَائِماً قَطُّ(2).

5 - وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ : أَنَّ اِمْرَأَةً كَانَتْ تَسْتَعِيرُ حُلِيّاً مِنْ أَقْوَامٍ فَتَبِيعُهُ فَأُخْبِرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِحَالِهَا فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهَا (3) .

ص: 31


1- هذا محمول على الاباحة و رفع الكراهة في تلك المدة التي يقع فيها الإصلاح، فلا يعارض الحديث السابق. و أيضا، فهو حكاية حال، و حكاية الحال لا تعم، فلا تعارض الكراهية الثابتة بالحديث الأول. و النهى في الحديث الأول محمول على الكراهة، لعدم تعلقه بمصلحة دينية (معه).
2- و قد يعارض هذا بما رووه في صحاحهم: انه صلّى اللّه عليه و آله مر بسباطة قوم من الأنصار، فبال قائما، و جمع بينهما بعضهم. بحمل هذا على الضرورة. اما من حيث ضيق المكان عن القعود، أو كانت الأرض نجسة لا يؤمن منها التلويث (معه). أقول: رواه البخارى في صحيحه، في باب البول قائما و قاعدا. و في باب البول عند سباطة قوم. و رواه مسلم في صحيحه، في باب المسح على الخفين حديث 73. السباطة: هى ملقى القمامة و التراب و نحوها، تكون بفناء الدار، مرفقا لأهلها. و قال ابن الأثير: اضافتها الى القوم، إضافة تخصيص، لا ملك، لانها كانت مواتا مباحة.
3- و هذا الحديث يعارضه ما ثبت من اختصاص القطع بالسارق، و هذه غير سارقة فلا يصحّ قطعها، فيكون مخالفا للاصل. و يمكن الجمع، بانه على تقدير صحة الحديث يكون القطع مختصا بهذه الصورة، فيكون حكما في واقعة، فلا يعارض الأصل، لانه حكم بحكاية حال فعله عليه السلام، و حكاية الحال لا تعم، (معه).

6 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لاَ عَدْوَى وَ لاَ طِيَرَةَ (1)(2).

7 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلشُّؤْمُ فِي اَلْمَرْأَةِ وَ اَلدَّارِ وَ اَلدَّابَّةِ (3).

8 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فِرَّ مِنَ اَلْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ اَلْأَسَدِ(4).

9 - وَ رَوَى خَبَّابُ بْنُ اَلْأَرَتِّ (5) قَالَ : رُبَّمَا شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلرَّمْضَاءَ فَلَمْ يَشْكُنَا.

10 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ شِدَّةَ اَلْحَرِّ مِنْ فَوْحِ جَهَنَّمَ (6).

ص: 32


1- قوله: لا عدوى و لا طيرة: أى لا تتعدى الأمراض من واحد إلى آخر. و لا طيرة: أى لا يتشأم بالشيء إذا لم يوافق الحال. و وجه الجمع بين هذا الحديث و بين الحديثين المتأخرين عنه، بأن يجعل الأول على عمومه في الأمراض الا في هذا المرض الخاص، فيكون الثاني مخصصا لعموم الأول. و أمّا حديث الشؤم في الثلاثة، فجاز أن يكون لعارض تعرض معها، فلا طيرة من حيث الحقائق الذاتية، و ان كان قد يعرض فيها شؤم بأمر خارج. و الاحسن في الجواب: أن يكون الشؤم المذكور في الثلاثة، مخصصا لعموم نفى الطيرة في الأول (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 24:2.
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 8:2 عن مسند عبد اللّه بن عمر.
4- البحار، الطبعة الحديثة، ج 75: باب آداب... و أصحاب العاهات المسرية ص 14 نقله عن أمالي الصدوق.
5- و خباب بالخاء المعجمة و الباءين الموحدتين بينهما الف، ابن الارت، بالالف و الراء المهملة و التاء الفوقانية المشددة، مات قبل الفتنة، ترحم عليه على عليه السلام، فقال: (يرحم اللّه خبابا، لقد أسلم راغبا، و هاجر طائعا، و عاش مجاهدا). و الارت من في كلامه رته، و هي عجمة لا تغير الكلام، مجمع البحرين.
6- وجه الجمع بين هذا الحديث و السابق عليه، أن يقال: ان الحرّ و شدة الهاجرة لا يكون مانعا من استحباب حضور الجماعة، و ان وقعت في شدة الحر، و ان جعلنا الابراد بالصلاة من المستحب. لان استحباب الجماعة مصلحة دينية راجعة الى أمر دينى مرغب فيه، و هو كثرة الثواب و حصول فضيلة الجماعة، و ليس كذلك استحباب الابراد، لانه راجع الى مصلحة بدنية و رفاهية للمكلف عن معاناة مشقة الحر، فإذا تعارضت المصلحتان، رجحت الدينية، لانها الأهمّ في التكليف، فلا يعارض الجماعة الابراد فكان الابراد مستحبا إذا لم تعارضه الجماعة (معه).

11 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ اَلْمَطَرِ لاَ يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَوْ آخِرُهُ (1).

12 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلْإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيباً وَ سَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ(2)(3)(4).

ص: 33


1- هذا الحديث يعارضه حديثان أحدهما: قوله صلّى اللّه عليه و آله: «خير القرون قرنى ثمّ ما يليه حتّى يفشو الكذب، فيشهد الرجل قبل أن يستشهد حرصا على الشهادة» و الآخر قوله: «اللّهمّ ارحم اخوانى! قيل: و من هم يا رسول اللّه ؟ قال: أقوام يأتون بعدى، يصدقوننى، و يتبعون سنتى، و يرون حديثى، و لم أرهم و لم يرونى! فقيل له: ألسنا نحن اخوانك ؟ قال: أنتم أصحابى، و هم اخوانى». و وجه الجمع، ان هذا الحديث المذكور في الأصل جاء على معنى التقريب بين الشيئين، كما تقول: لا أدرى هذه الحسناء وجهها أحسن أم قفاها، و مرادك تساويهما في الحسن (معه).
2- و هذا الحديث يعارضه قوله عليه السلام فيما يأتي: «لا تزال طائفة من امتى على الحق» و وجه الجمع: أن الطائفة التي على الحق لا يجب أن لا تكون في محل الغرابة، لجواز قلتها (معه).
3- هذا الحديث رواه الصدوق طاب ثراه في كتاب عيون الأخبار: و في آخره (فطوبى للغرباء) قال في النهاية: أى انه كان في أول الامر كالغريب الوحيد الذي لا أهل له عنده، لقلة المسلمين يومئذ، و سيعود غريبا كما كان، أي يقل المسلمون في آخر الزمان، فيصيرون كالغرباء، فطوبى للغرباء، أي الجنة لاولئك المسلمين الذين كانوا في أول الإسلام، و يكونون في آخره. و انما خصهم بها لصبرهم على أذى الكفّار أولا و آخرا، و لزومهم دين الإسلام (جه).
4- و رواه ابن ماجة في سننه، كتاب الفتن، باب (15) بدء الإسلام غريبا حديث 3986-3988.

13 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لاَ يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ وَ لاَ يَدْخُلُ اَلنَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ (1)(2).

14 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ دَخَلَ اَلْجَنَّةَ وَ إِنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ .

15 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مِنْبَرِي عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ اَلْجَنَّةِ (3)(4).

ص: 34


1- رواه ابن ماجة في سننه، كتاب الزهد باب (16) البراءة من الكبر و التواضع حديث 4173.
2- قيل: كيف يكون قدر الخردلة من الكبر موجبا لدخول النار، و الزنا و السرقة لا يوجبان ذلك كما ذكره في الحديث التالى له، مع انه من المعلوم، انهما كبيرتان، و ان حبة الخردل من الكبر لا يوازيهما؟ و أجيب بحمل الكبر على البطر عن الحق و انكاره، فان القليل منه و الكثير سواء، و لا شك ان قليله أعظم من الزنا و السرقة، لان بطر الحق و انكاره ينافى الايمان، و الزنا و السرقة لا ينافيانه، مع عدم اعتقاد حلهما. و يحتمل أن يكون المراد منه، المبالغة في الحث و التحريض على نفى التكبر، و عدم الاتصاف بشيء منه و ان قل، لما فيه من التعارض لمشاركة حقّ اللّه تعالى في أخص صفاته، و المبالغة في الحث و التحريض على الاتصاف بالايمان، و الاجتهاد في تحصيل أجزائه، لان المراد بالايمان هنا: الاعمال الصالحة الحاصلة بعد الاعتقادات الحقة (معه).
3- الترعة من الشيء بابه، و معناه انه باب من أبواب الجنة، بمعنى انه سبب في دخول الجنة لمن اهتدى بما سمعه من المواعظ و الحكم و الاحكام المنقولة عليه من صاحبه. و يحتمل أن يكون ذلك على سبيل الحقيقة في المنبر و الروضة، بأن يكون حقيقتهما كذلك و ان لم يظهرا في الصورة بذلك في الدنيا، لان الحقائق تظهر بالصور المختلفة (معه).
4- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (7) من أبواب المزار و ما يناسبه، قطعة من حديث 1-3.

16 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا بَيْنَ قَبْرِي وَ مِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ اَلْجَنَّةِ (1).

17 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَلشَّمْسَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ اَلشَّيْطَانِ فَلاَ تُصَلُّوا لِطُلُوعِهَا(2).

18 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى اَلْفِطْرَةِ حَتَّى يَكُونَ أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَ يُنَصِّرَانِهِ وَ يُمَجِّسَانِهِ (3).

19 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلشَّقِيُّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَ اَلسَّعِيدُ مَنْ سَعِدَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ (4).

20 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلاَ يَغْمِسْ يَدَهُ

ص: 35


1- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (7) من أبواب المزار و ما يناسبه، قطعة من حديث 1.
2- المراد بالقرنين: جانبا الشيطان. و النهى، نهى تنزيه، لا نهى تحريم. لان عبدة الشمس يعبدونها في هذا الوقت، فكره الصلاة في هذا الوقت حتّى لا يكون متشبها بهم (معه).
3- قال في الحاشية: المراد بالفطرة، كلمة (بَلىٰ ) الواقع في جواب (أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) (جه).
4- قال في الحاشية: ان أريد بالام الوالدة، يكون تقدير الحديث، انه شقى بسبب بطن أمه، من نطفة زنا، أو لقمة حرام تربى بها بدنه، أو أرضعته بعد الولادة لقوله عليه السلام: «الرضاع يغير الطباع» و ان حملنا الام على المرتبة الذي يقع فيه النمو و الحكمة، التي هي الدنيا، فيكون معنى الخبر، ان الشقى من شقى في الدنيا بتحصيل أسباب الشقاوة، و السعيد من سعد فيها. و يدلّ على هذا التأويل قوله عليه السلام: (كما يعيشون يموتون، و كما يموتون يقبرون، و كما يقبرون يبعثون، يحشرون) ثم قال: فى هذا الحديث و ما قبله. هذان الحديثان متضادان و يمكن الجمع بينهما بحمل الأول على من لم يسبق له الشقاوة (جه).

فِي اَلْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ (1).

21 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لَوْ لاَ أَنَّ اَلْكِلاَبَ أُمَّةٌ لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا وَ لَكِنِ اُقْتُلُوا مِنْهَا كُلَّ أَسْوَدَ بَهِيمٍ وَ قَالَ اَلْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ .

22 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : خَمْسٌ فَوَاسِقُ تُقْتَلُ فِي اَلْحِلِّ وَ اَلْحَرَمِ اَلْغُرَابُ وَ اَلْحِدَأَةُ وَ اَلْكَلْبُ وَ اَلْحَيَّةُ وَ اَلْفَأْرَةُ (2).

23 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ نَهَى عَنِ اَلصَّلاَةِ فِي أَعْطَانِ اَلْإِبِلِ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنَ اَلشَّيْطَانِ [اَلشَّيَاطِينِ ].

24 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَ دِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِأَصْوُعٍ مِنْ شَعِيرٍ (3) (4) .

ص: 36


1- و هذا تعبد محض غير معلوم العلة (معه). قال في مجمع البحرين في مادة (دراء). و في حديث غسل اليد عند الوضوء بعد النوم، (لانه لا يدرى اين باتت يده) قيل في توجيهه. كان أكثرهم يومئذ يستنجى بالاحجار فيقتصر عليها، لاعواز الماء و قلته بأرض الحجاز، فإذا نام عرق منه محل الاستنجاء، و كان عندهم إذا أتى المضجع حل أزاره و نام معروريا، فربما أصاب يده ذلك الموضع و لم يشعر به، فامرهم أن لا يغمسوها في الاناء حتّى يغسلوها، لاحتمال ورودها على النجاسة، و هو أمر ندب و فيه حث على الاحتياط.
2- المراد بالفسق هنا، المعنى المجازى من حيث حصول الاذى منها، و الافعال المنافية لطباع البشر، فاطلق عليها اسم الفسق. و استثنى من الكلاب أربعة: كلب الصيد، و الماشية، و الحائط، و الزرع. و لا إشكال في جواز قتل كل من المذكورات، الا الحدأة و الغراب في الحرم. فانه لا يجوز قتلهما، بل يجوز طردهما (معه).
3- هذا الحديث دل على مشروعية الرهن عند الحاجة، و على جواز الاستدانة، و على جواز معاملة الكافر و أمانته. لان الرهن عنده أمانة. و جواز أن يموت المكلف و عليه دين قبل أن يوفيه، اذا خلف تركه تحيط بوفائه. (معه).
4- رواه الحميري في قرب الإسناد طهران ص 44، و صدر الحديث (ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لم يورث لا دينارا، و لا عبدا و لا وليدة، و لا شاة و لا بعيرا، و لقد قبض الحديث) و رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 236:1.

25 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ هَمَّ بِالْحَسَنَةِ وَ لَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ وَاحِدَةً وَ إِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْراً(1).

26 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : نِيَّةُ اَلْمُؤْمِنِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ عَمَلِهِ (2)(3)هذان الحديثان ان صححا، محمولان على التقية، يعنى عند تغلبهم (معه).(4).

27 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لِيَؤُمَّكُمْ خِيَارُكُمْ فَإِنَّهُمْ وَفْدُكُمْ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ صَلاَتُكُمْ قُرْبَانُكُمْ وَ لاَ تُقَرِّبُوا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ إِلاَّ خِيَارَكُمْ (5).

28 - وَ رَوَوْا عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : صَلُّوا خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَ فَاجِرٍ(6).

29 - وَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : وَ لاَ بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ إِمَامٍ إِمَّا بَرٍّ أَوْ فَاجِرٍ(6).

ص: 37


1- الهم: العزم على الفعل بحيث لو لم يعقه عائق لفعله (معه).
2- يحتمل أن يراد بالخيرية: الخيرية بين النية المنفردة، المتعلقة بعمل خير، ثمّ عاق عنه عائق، و بين العمل المنفرد عن النية. فان في تلك النية المنفردة عن العمل حسنة. و أمّا العمل المنفرد عنها، فلا شيء فيه، بل يقع باطلا. فكانت وحدها خير منه وحده و يحتمل أن يراد بنية المؤمن، عزمه على الايمان، و الاستمرار عليه الى الموت. فان هذه النية وحدها، خير من ساير أعماله الخيرية. لان الثواب الدائم، انما يستحق بالنية الأولى، لا بالاعمال الجزئية (معه).
3- رواه في الوسائل، كتاب الطهارة، باب
4- من أبواب مقدّمة العبادات حديث 3.
5- الوفد: هم الجماعة الذين يقدمون على شخص، يطلبون منه شيئا (معه).
6- ان صح سنده فيراد به الامراء المتغلبون الذين يخاف من سطوتهم، كما اشار اليه في الحديث الثاني الذي بعده. فيصلى خلفه في الجمع و الأعياد. و أمّا امام صلاة اليومية، فلا بدّ أن يكون عدلا، هذا وجه الجمع بين الحديثين (معه).

30 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ(1).

31 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : كُنْ حليس [جَلِيسَ ][حلس] بَيْتِكَ فَإِنْ دُخِلَ عَلَيْكَ فَادْخُلْ مِخْدَعَكَ فَإِنْ دُخِلَ عَلَيْكَ فَقُلْ بُؤْ بِإِثْمِي وَ إِثْمِكَ وَ كُنْ عَبْدَ اَللَّهِ اَلْمَقْتُولَ وَ لاَ تَكُنْ عَبْدَ اَللَّهِ اَلْقَاتِلَ (2).

32 - وَ رَوَى اَلْأَعْمَشُ عَنْ عُمَرَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِي اَلْبَخْتَرِيِّ أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : بَعَثَنِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى اَلْيَمَنِ لِأَقْضِيَ بَيْنَهُمْ فَقُلْتُ إِنَّهُ لاَ عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي وَ قَالَ اَللَّهُمَّ اِهْدِ قَلْبَهُ وَ ثَبِّتْ لِسَانَهُ فَمَا شَكَكْتُ فِي قَضَاءٍ بَعْدُ حَتَّى جَلَسْتُ مَجْلِسِي هَذَا (3) (4) .

ص: 38


1- يعني ان ثوابه كثواب الشهيد، و ليس المراد به كالشهيد في الاحكام الشرعية (معه).
2- وجه الجمع أن يحمل الأول على شخص كان في سفر أو غيره و صادفه السراق، أو قطاع الطريق، أو البغاة، فانه لا يجوز له الاستسلام لهم بل إذا ظنّ السلامة، وجب عليه أن يمانع عن نفسه و عن ماله، فان قتل حينئذ، كان من جملة الشهداء المظلومين و يحمل الثاني على من طلبه السلطان الجائر و دخل عليه أعوانه و جنوده، فانه يجب عليه هنا الهرب و التغيب في المخدع و غيره ممّا يظنه مخلصا، و لا يجوز هنا المقاتلة و المسايفة لانه يكون حينئذ معينا على نفسه، لعلمه بالعجز عن المقاومة. و متى لم يمكنه الاحتراز وجب عليه الاعتصام بالصبر و الاستسلام لقضاء اللّه تعالى، الا أن يكون ذلك الشخص ذا أعوان يظن معهم الاحتراز و الامتناع، فيجوز له المقاتلة و المحاربة مع أعوانه ان ظنّ الخلاص بسببهم (معه).
3- و لا معارض لهذا الا ما رووه جماعة المحدثين، مما هو موضوع مكذوب به، من الأحاديث المستلزمة لنسبة الجهل الى أمير المؤمنين عليه السلام، كحديث المذى و أم الولد، و أمثالهما. و هي لم تثبت سندها بين نقاد الحديث و كلها أكاذيب وضعها خصوم عليّ عليه السلام من بنى أميّة في أيّام دولتهم (معه).
4- أقول: نقل الحديث العلامة الفيروزآبادي في فضائل الخمسة ج 206:2، و من أراد الاطلاع عليه و على رواته فعليه بالمراجعة.

33 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : فِي اَلْمُسَافِرِ وَحْدَهُ شَيْطَانٌ وَ اَلاِثْنَانِ شَيْطَانَانِ وَ اَلثَّلاَثَةُ رَكْبٌ (1).

34 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لَعَنَ اَللَّهُ اَلسَّارِقَ يَسْرِقُ اَلْبَيْضَةَ فَيُقْطَعُ يَدُهُ وَ يَسْرِقُ اَلْحَبْلَ فَيُقْطَعُ يَدُهُ (2).

35 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ قَطْعَ إِلاَّ فِي رُبُعِ دِينَارٍ(3)(4).

36 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ تَعَوَّذَ مِنَ اَلْفَقْرِ وَ قَالَ أَسْأَلُكَ غِنَايَ وَ غِنَا مَوَالِيَّ (5).

37 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِيناً وَ أَمِتْنِي مِسْكِيناً وَ اُحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ اَلْمَسَاكِينِ .

38 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْفَقْرُ فَخْرِي وَ بِهِ أَفْتَخِرُ عَلَى سَائِرِ اَلْأَنْبِيَاءِ (6).

ص: 39


1- و يعارضه ما روى انه صلّى اللّه عليه و آله. يرسل البريد وحده. و وجه الجمع انه و ان كان يرسل البريد وحده، الا أنّه لم يأمره بالخروج وحده، بل مع الرفيق (معه).
2- رواه في المستدرك، كتاب الحدود و التعزيرات، باب (1) من أبواب حد السرقة حديث 5.
3- وجه الجمع أن يكون البيضة و الحبل ممّا يسوى ربع دينار. أو يكون البيضة، البيضة المستعملة في آلة الحرب (معه).
4- رواه في المستدرك، كتاب الحدود و التعزيرات، باب (2) من أبواب حد السرقة، حديث 7.
5- هذا الفقر هنا الفقر الصورى الذي هو عدم المال و المراد بالمسكنة التي سألها في الحديث الذي يليه الخشوع و الخضوع، و عدم التكبر، و الرضا باليسير، و حبّ الفقراء، و سلوك طريقهم في المعاش، و عدم استعمال ذى الملوك و أهل التكبر، و استعمال الفخر و الخيلاء. فان ذلك كله ينافى طريقة أهل اللّه من أنبيائه و أوليائه. و ليس المسئول فيه، المسكنة التي يرادف الفقر الصورى، فلا تعارض بين الحديثين (معه).
6- و هذا الفقر المفتخر به: هو الفقر المعنوى الذي معناه عدم الاحتياج الى غير اللّه تعالى، بل انى فقير محتاج إلى اللّه، فلا غناء لي بدونه. و انما كان هذا فخرا على سائر الأنبياء مع مشاركتهم له في هذا المعنى، لانه عليه السلام كان تحققه بهذا المعنى أشد من سائرهم. لان توحيده و اتصاله بالحضرة الإلهيّة و انقطاعه إليه، كان في الدرجة التي لم يكن لاحد مثلها في العلو. ففقره إليه تعالى كان أتم و أكمل من فقر سائر الأنبياء، فبذلك افتخر عليهم (معه).

39 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْفَقْرُ بِالْمُؤْمِنِ أَحْسَنُ مِنَ اَلْعِذَارِ اَلْحَسَنِ عَلَى خَدِّ اَلْفَرَسِ (1).

40 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : كَادَ اَلْفَقْرُ أَنْ يَكُونَ كُفْراً.

41 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْفَقْرُ سَوَادُ اَلْوَجْهِ فِي اَلدَّارَيْنِ (2).

42 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لاَ يَزْنِي اَلزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ -

ص: 40


1- المراد بالفقر هنا عدم الاحتياج الى شيء الا إلى اللّه وحده، فانه أحسن لباس يلبسه المؤمن، و أكمل حلية يتحلى بها مريد اللّه (معه).
2- و هذان الحديثان يوافقان ما يقول أهل التصرف: إذا تمّ الفقر فهو اللّه. فان الفقر المعنوى لما كان يصل الى هذه المرتبة، كان موجبا للدعوى الكاذبة، و الشطح. فالوصول في الفقر الى هذه المرتبة لمن ليس ذا قدم ثابت، و بصيرة باقية (ثاقبة خ) يكاد يوجب لصاحبه الشرك و الكفر، و لذا عبر عنه ب (كاد) الموجبة للمقاربة و المشارفة كما وقع لكثير من المشايخ عند وصولهم في المقامات الى مرتبة الفقر التامة من اظهار الدعاوى و الشطح، الموجب لهم الملامة، و الخروج عن ظاهر الشريعة. و مثله قوله: سواد الوجه. فان السواد عبارة عن العدم، لانه ظلمة، و الظلمة عدم، و الفقر عدم كل شيء. بمعنى ان الفقير لا يلتفت إلى شيء من أمور الدنيا و الآخرة، بل و لا الى نفسه، فلا يرى لشيء وجود، غير وجود الحق، حتى نفسه، فينعدم وجوده في مقام الفناء، فعبر عنه بسواد الوجه فالوجه هو الوجود الاضافى الحاصل من فيض الوجود الحقانى فاذا انعدم فقد اسود (معه).

وَ لاَ يَسْرِقُ اَلسَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ (1).

43 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ دَخَلَ اَلْجَنَّةَ وَ إِنْ زَنَى وَ إِنْ سَرَقَ (2).

44 - وَ رَوَى حَمَّادٌ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ اَلْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كُنْتُ أَفْرِكُ اَلْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَيُصَلِّي فِيهِ (3) .

45 - وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ : إِنَّهَا كَانَتْ تَغْسِلُ أَثَرَ اَلْمَنِيِّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (4) (5) .

ص: 41


1- رواه في مستدرك الوسائل، كتاب الحدود و التعزيرات، باب (1) من أبواب حد السرقة حديث 1، و تتمة الحديث (اذا فعل شيئا من ذلك خرج منه روح الايمان) و رواه أيضا عن عوالى اللئالى حديث 6.
2- وجه الجمع. أن يكون الأول بمعنى المقاربة و المشارفة، بمعنى ان الزانى و السارق حال حصولهما منه في حالة مقاربة لحال الكفر، مشارفة له فاطلق اسمه عليها مجازا و يحمل الثاني على الحقيقة، فان العمل ليس جزء من الايمان و يمكن الاضمار في الحديثين، فيضمر في الأول، اعتقاد الحل. فان مع حصوله يتحقّق الكفر. و يضمر في الثاني، البقاء على اعتقاد التحريم، فان ذلك لا يضر بالايمان عند من يقول: ان العمل الصالح ليس جزء منه، كما هو المشهور عند الاكثر (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 193. و رواه الترمذي في ج 1 من سننه، باب (85) من (أبواب الطهارة) و رواه ابن ماجة في ج 1 من سننه، باب (82) (فى فرك المنى من الثوب)، و رواه النسائى في ج 1 من سننه (باب فرك المنى من الثوب).
4- رواه البخارى في صحيحه ج 1 (باب غسل المنى و فركه و غسل ما يصيب المرأة) و رواه الترمذي في ج 1 من سننه باب (86) غسل المنى من الثوب، و رواه ابن ماجة في ج 1 من سننه باب (81) المنى يصيب الثوب، و رواه النسائى في ج 1 من سننه (باب غسل المنى من الثوب).
5- وجه الجمع. حمل الأول على فقد الماء، و الثاني على وجوده. و فائدة الفرك تخفيف النجاسة، و تسهيل غسلها، و إزالة نفرة النفس بزوال صورتها، فيحمل على الاستحباب، و الثاني على الوجوب (معه).

46 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : أَيُّمَا إِهَابٍ (1) دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ.

47 - وَ قَالَ : فِي شَاةِ مَيْمُونَةَ أَلاَّ اِنْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا(2).

48 - وَ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ اَلْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَ لاَ عَصَبٍ (3)(4).

49 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ كَانَ لاَ يُصَلِّي عَلَى اَلْمَدِينِ إِذَا لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءَ دَيْنِهِ (5).

50 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِأَهْلِهِ وَ مَنْ تَرَكَ دَيْناً فَعَلَيَّ .

ص: 42


1- الاهاب: ككتاب الجلد. و يقال: ما لم يدبغ، و الجمع أهب، ككتب. مجمع البحرين.
2- رواه مسلم في صحيحه، كتاب الحيض (باب طهارة جلود الميتة بالدباغ) حديث (10-104)، و رواه ابن داود في سننه ج 4 (باب اللباس)، و رواه الترمذي في سننه ج 4، كتاب اللباس (باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت) و رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 1 ص 219.
3- رواه الترمذي في سننه ج 4، كتاب اللباس (باب ما جاء في جلود الميتة إذا دبغت)، و رواه ابن داود في سننه ج 4، كتاب اللباس (باب من روى أن لا ينتفع باهاب الميتة)، و رواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب اللباس (باب من قال: لا ينتفع من الميتة باهاب و لا عصب).
4- وجه الجمع بين الاولين و الثالث: ان الحديث الأول مخصص بالثانى. لان ذكر بعض العام، من مخصصات العام، و يحمل الثاني على الانتفاع بجلدها بالتذكية و يكون التقدير: هلا ذكيتموها لتنتفعوا بجلدها. و وجه تخصيص الانتفاع بالجلد على تقدير التذكية، أن يكون الشاة مهزولة في غاية الهزال، فلا ينتفع بلحمها، فبقى الفائدة في الجلد، و يكون الاعتماد على الحديث الثالث (معه).
5- قيل: ان الحديث الأول منسوخ، لان المنقول عنه صلّى اللّه عليه و آله، انه كان يصلى على كل مسلم بعد ذلك، و لا يسأل عن حاله، و يحتمل أن يحمل الأول على دين المعصية، و الثاني على الدين المباح، و الأول أصح (معه).

51 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: مَنْ تَرَكَ كَلاَّ فَإِلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ يَعْنِي عِيَالاً فُقَرَاءَ أَوْ أَطْفَالاً لاَ كَافِلَ لَهُمْ .

52 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ لَمْ يَرْجُمْ مَاعِزاً حَتَّى أَقَرَّ عِنْدَهُ بِالزِّنَاءِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ كُلَّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ ثُمَّ رَجَمَهُ بَعْدَ اَلرَّابِعَةِ .

53 - وَ فِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ اَلدَّسْتُوَائِيِّ (1) عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ (2) عَنْ أَبِي اَلْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذْ أَتَتْهُ اِمْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ وَ هِيَ حَامِلٌ مِنَ اَلزِّنَاءِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدّاً فَأَقِمْهُ عَلَيَّ فَدَعَا اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَلِيَّهَا فَأَمَرَهُ أَنْ يُحْسِنَ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا أَتَاهُ بِهَا فَأَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا وَ لَمْ يُذْكَرْ فِي هَذَا أَنَّهَا اِعْتَرَفَتْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (3) .

54 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لاَ يُنْكَحُ اَلْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَ لاَ عَلَى خَالَتِهَا(4).

ص: 43


1- قال في تهذيب التهذيب: هشام بن أبي عبد اللّه الدستوائى، كان يبيع الثياب التي تجلب من دستواء، فنسب إليها، و الدستواء من كور الأهواز.
2- قال في تهذيب التهذيب: أبو قلابة (بكسر القاف) الجرمى، اسمه عبد اللّه ابن زيد بن عمرو، روى عن أبي المهلب الجرمى (و هو عمه) و أبو المهلب روى عن عمران ابن حصين.
3- الحديث الأول هو المشهور. فاما هذا فلم يروه أحد الا من هذا الطريق، و الآحاد المحض لا يعارض المشهور أو نقول: جاز أن يكون قد ثبت زناء المرأة بعد الإقرار مرة بقرائن احتفت به أفادت فائدة تزيد على الإقرار، فاكتفى بها عن تكرره (معه).
4- هذا الحديث لم يبق على عمومه، بل عارضه أحاديث مشهورة عن أهل البيت عليهم السلام بجوازه مع الاذن فالواجب تخصيصه بعدم الاذن فلا عمل على عمومه (معه).

55 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : يَحْرُمُ مِنَ اَلرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ اَلنَّسَبِ (1)(2).

56 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي مَكَّةَ لاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا وَ لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَ لاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا فَقَالَ اَلْعَبَّاسُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِلاَّ اَلْإِذْخِرُ فَإِنَّهُ لِبُيُوتِنَا فَقَالَ إِلاَّ اَلْإِذْخِرُ (3) (4) .

57 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ اَلْفَتْحِ (5)(6)(7).

58 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : عَادِي اَلْأَرْضِ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لَكُمْ مِنِّي فَمَنْ أَحْيَا مَوَاتاً فَهِيَ لَهُ (8).

ص: 44


1- هذا الحديث أيضا مخصوص بما ثبت في الأصول، من تحريم أشياء من النسب لا تحرم من الرضاع، فلم يبق على عمومه أيضا (معه).
2- هذا الحديث أصل من الأصول في بابه رواه العامّة و الخاصّة بالأسانيد المستفيضة، بل المتواترة، لكن ورد في تضاعيف اخبارنا استثناء بعض الموارد، و العلامة طاب ثراه استثنى في التذكرة أربع صور (جه).
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 348:1 عن مسند ابن عبّاس.
4- ان قيل: كيف هذا الاستثناء؟ أ كان تشهيا؟ قلت: لا، بل كان وحيا، و لا استبعاد في سرعة حصوله (معه).
5- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 226:1.
6- كان في بدء الإسلام، كل من أسلم من أطراف البلاد، وجب عليه أن يهاجر الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الى المدينة ليجاهد معه، و لهذا سميت المدينة دار الهجرة لمهاجرة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله إليها، و وجوب المهاجرة إليه فيها، ثمّ نسخه بعد عام الفتح بهذا الحديث (معه).
7- ذهب الاكثر الى أن الهجرة باقية بعد الفتح، الى الأئمّة، بل و الى علمائهم لاقتباس أحكام الدين، و في الاخبار دلالة عليه، قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة: «و الهجرة قائمة على حدها الأول، ما كان للّه في أهل الأرض حاجة، من مستسر الأمة و معلنها إلخ (جه).
8- و هذا الحديث يعارضه ما ثبت في أخبارنا: ان كل أرض لم يجر عليها ملك مسلم فهي للامام عليه السلام، لا يجوز لاحد احيائها الا باذنه، فلو أحياها أحد بغير اذنه كان له عليه السلام انتزاعها منه، فيجب تخصيص هذا الحديث بما أحيي في زمانه عليه السلام (معه).

59 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَوِ اِسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اِسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ اَلْهَدْيَ (1)(2). 60 - وَ فِي آخَرَ: لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ (3)(4).

61 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي صَلاَةِ اَلْعِشَاءِ لَوْ لاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَجَعَلْتُ وَقْتَ اَلصَّلاَةِ هَذَا اَلْحِينَ (5).

62 وَ نَهَى عَنِ اِدِّخَارِ لُحُومِ اَلْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلاَثٍ وَ عَنْ زِيَارَةِ اَلْقُبُورِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ اَلنَّاسَ يُتْحِفُونَ ضَيْفَهُمْ وَ يَخْبَوْنَ لِغَائِبِهِمْ فَكُلُوا وَ أَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ وَ كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ اَلْقُبُورِ أَلاَ فَزُورُوهَا وَ لاَ تَقُولُوا هُجْراً فَإِنَّهُ بَدَا لِي أَنْ يُرِقَّ اَلْقَلْبَ (6) .

ص: 45


1- أي لو كنت أعلم ما يئول إليه أمرى في المستقبل، لما فعلت الذي مضى من أمرى الذي فعلته و عنى به سوق الهدى و اقران الاحرام به، و هذا من باب الناسخ و المنسوخ. فان الحجّ كان قرانا و افرادا للبعيد و القريب، ثمّ نسخ بآية التمتع لمن بعد، و بقى حكمه في أهل مكّة و حاضريها (معه).
2- الوسائل باب 2 و 3 من أبواب أقسام الحجّ فلاحظ.
3- الاهلال رفع الصوت بالتلبية، عبر به عن الاحرام (معه).
4- المستدرك، باب (2) من أبواب اقسام الحجّ ، و لفظ ما رواه (و في بعض الحديث لجعلتها عمرة).
5- و هذا الحديث كان في حالة أخر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله العشاء الآخرة، حتى نام أكثر النساء و الصبيان فاستبطأه الصحابة، حتى ناداه بعضهم الصلاة، فخرج صلّى اللّه عليه و آله عليهم و قال ذلك. ففيه دلالة على أفضلية تاخير العشاء (معه).
6- و هذا من باب الناسخ و المنسوخ (معه).

63 - وَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : غُسْلُ اَلْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ .

64 - وَ رُوِيَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ اَلْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ فَبِهَا وَ نِعْمَتْ وَ مَنِ اِغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ (1).

65 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : صِلَةُ اَلرَّحِمِ تَزِيدُ فِي اَلْعُمُرِ(2).

66 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلصَّدَقَةُ تَدْفَعُ اَلْقَضَاءَ اَلْمُبْرَمَ (3).

ص: 46


1- و ظاهر هذين الحديثين التعارض و جاز حمل الوجوب في الأول على شدة الاستحباب، فينتفي حينئذ التعارض (معه).
2- قيل كيف يكون كذلك ؟ و هو تعالى يقول: (فَإِذٰا جٰاءَ أَجَلُهُمْ لاٰ يَسْتَأْخِرُونَ سٰاعَةً وَ لاٰ يَسْتَقْدِمُونَ ) أجيب بأن هذه الزيادة تكون إما بمعنى السعة في الرزق، و عافية البدن لما قيل: إن الفقر هو الموت الأكبر. و في حديث إن اللّه تعالى أعلم موسى عليه السلام أنه سيميت عدوه ثم رآه يسف الخوص، فقال: يا رب وعدتني أن تميته ؟! فقال: قد فعلت إني قد أفقرته، و لهذا قالوا: الفقر هو الموت الأحمر و منه قول بعضهم: ليس من مات فاستراح بم يت إنما الميت ميت الأحياء فإذا صح تسمية الفقر موتا و نقصا من الحياة، صح أن يسمى الغنى حياة و يصير المعنى بزيادة العمر، إعطاء الغنى بنوع من التجوز و يؤيده قوله: إذا أملقتم فتاجروا اللّه بالصدقة و إما بمعنى أن اللّه تعالى: قد يكتب أجل العبد معينا، و بنيته، و تركيبه لا يقتضيه، بل يقتضي ما دونه، فإذا وصل رحمه، زيد في تركيبه و بنيته، حتى يصل إلى ذلك المقدر له، المسمى في العلم الذي لا يستأخر عنه، و لا يتقدم، و هذا التأويل أقرب، لسلامته من ارتكاب المجاز، و يجيء في هذا زيادة بحث (معه).
3- هذا الحديث فيه كما في الأول، إذ القضاء لا راد له، كما ورد (لا راد لقضائه و لا معقب لحكمه). و يجاب بأن العبد قد يستحق بذنوبه عقوبة، و ذلك يكون قضاء من اللّه، فإذا تصدق دفع عن نفسه ما استحق من العقوبة، فاندفع ذلك القضاء المبرم بصدقته. و من هذا قوله صلى اللّه عليه و آله: «صدقة السر تطفي غضب الرب» لأن من غضب اللّه عليه، كان معرضا لعقابه الذي هو من قضائه، فإذا تاب و ندم على ما كان سببا للغضب، أو فعل من القربات و الخيرات و المبرات ما يكون سببا في الرضا، أزال ذلك العقاب. و مثاله من أجرم إلى غيره جرما، أوجب الخوف منه، فأهدى إليه ما كف به عاديته، فإنه يحسن أن يقال: إن تلك الهدية دفعت ذلك القضاء المستحق (معه).

67 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : سَيَكُونُ بَعْدِي عَلَيْكُمْ أَئِمَّةٌ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ غَوَيْتُمْ (1) وَ إِنْ عَصَيْتُمُوهُمْ ضَلَلْتُمْ .

68 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّكُمْ لَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ كَمَا

ص: 47


1- من الغواية التي هي ضد الهداية، لأنهم ائمة جور، فاتباعهم ضد الهدى و ضللتم، بمعنى هلكتم، بسبب جورهم لأنهم يأخذون الناس بالقهر على اتباعهم و الاقتداء بسيرتهم، فمن لم يطعهم أوقعوا به الضرر كما في دولة بني أمية و بني العباس و أمثالهم (معه).

تَرَوْنَ اَلْقَمَرَ لَيْلَةَ اَلْبَدْرِ لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ (1)(2).

69 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : قَلْبُ اَلْمُؤْمِنِ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ

ص: 48


1- قيل: فيه تشبيه و تجسيم، لأن الرؤية مستلزمة لذلك. أجيب: أما على مذهب المعتزلة و من يقول بنفي الرؤية البصرية في الدنيا و الآخرة، فإنه على تقدير صحة الحديث يجب حمل الرؤية على المعنى المجازي، الذي هو العلم جمعا بينه و بين الأدلة العقلية إذ ورود الرؤية بمعنى العلم في لغة العرب من الأمور الشهيرة، و من ذلك قوله تعالى: «أَ لَمْ تَرَ إِلىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ اَلظِّلَّ » «أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اَللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ» فإنه بمعنى العلم قطعا. و هو من باب تسمية المسبب باسم السبب. لأن الرؤية البصرية سبب للعلم، فأطلق عليه اسمها. و أما على مذهب الأشاعرة، فإنهم قالوا: إن الرؤية هنا بمعنى البصرية، حملا على الحقيقة، و لا يلزم مع ذلك التجسيم و التشبيه، لأنه عليه السلام شبه الرؤية برؤية القمر، و ليس التشبيه على الحقيقة، لتجب المشاركة في جميع الحالات، بل التشبيه في الظهور و الشهرة إذ العرب يشبهون الشيء الظاهر بالقمر و الشمس، فيقولون أظهر من القمر و أشهر من الشمس، فحينئذ تقع الرؤية عندهم على الحقيقة. فإذا قيل لهم: كيف ذلك ؟ و الرؤية مشروطة بشرائط لا تتم الا بالجسمية و الجهة فما حال المنظور إليه و المرئي في حال الرؤية ؟ قالوا: هناك حالة لا نعرفها، إذ لا يجب الانتهاء فى صفات الحق تعالى، إلى معرفتها على الحقيقة، لأن ذلك لا يقوم في أوهامنا، و لا يستقيم فى أنظارنا، بل يجب الإيمان به من غير أن يقال فيه بكيفية أو بحد. و حينئذ علم أنه على المذهبين، لا عمل بظاهر الحديث، لأن العمل بظاهره، يلزمه التجسيم و التشبيه تعالى اللّه عنه (معه).
2- رواه البخاري في صحيحه كتاب الصلاة، باب فضل صلاة العصر، فلاحظ.

أَصَابِعِ اَلرَّحْمَنِ (1)(2).

ص: 49


1- ذهب بعضهم في تأويل الإصبع، إلى أنه النعمة، لقول العرب: ما أحسن إصبع، فلان على ماله، و يريدون أثره. و منه قول الشاعر: ضعيف القوى (الغنى خ ل) بادي العروق ترى له عليها إذا ما أمحل الناس إصبعا أى أثرا حسنا. و ذهب آخر، إلى أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لما قال في دعائه «يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك» قالت بعض زوجاته: أ تخاف يا رسول اللّه على قلبك ؟ فقال: «إن قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن». و فيه نظر، لأن القلب إذا كان بين نعمتين، فهو محفوظ بهما، فلا معنى للدعاء بالتثبت، بل كان الواجب أن لا يخاف عليه. بل المراد بالإصبع هو مثل قوله عليه السلام في حديث آخر: «تحمل الأرض على إصبع» و لا يراد به النعمة قطعا، بل هو مثل قوله تعالى: «وَ اَلسَّمٰاوٰاتُ مَطْوِيّٰاتٌ بِيَمِينِهِ » فكما لا يصح أن يقال: يمين بمعنى الجارحة، كذلك لا يقال، إصبع كأصابعنا، و لا قبضة كقبضتنا، و لا يد كيدنا. لأن صفاته تعالى لا تشبه شيئا من صفاتنا، بل نؤمن بذلك كله و لا نحمله على الحقائق المعلومة عندنا، بل يجب حمله على معان أخرى، و لا يجب علينا معرفته على الحقيقة. هكذا قال بعضهم: في تأويل هذا الحديث. و أنت كما تراه فيه اعتراف بالعجز عن معنى الحديث، و حمله على تأويل غير معلوم و ذلك خروج عن قاعدة التأويل. بل الأحسن في التأويل، حمل الإصبع على أثر القدرة كما حمل في التأويل، اليد على القدرة و الإصبع من جملة اليد، و الأثر متعلق القدرة فجاز تسميته أي أثر من آثارها إصبعا، و يصير المراد بالإصبعين هنا، أثري الخوف و الرجاء الذي يجب أن تكون قلب المؤمن بينهما (معه).
2- رواه الترمذي في سننه، كتاب الدعوات باب (90) حديث (3522) و لفظ ما رواه (قال صلى اللّه عليه (و آله) و سلم: يا أم سلمة إنه ليس آدمي إلا و قلبه بين إصبعين من أصابع اللّه. الحديث). و رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 168:2. و لفظ ما رواه (عن عبد اللّه بن عمر إنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه (و آله) و سلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز و جل كقلب واحد يصرف كيف يشاء، الحديث). و رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 173:2. و لفظ ما رواه (عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال: قلب ابن آدم على إصبعين من أصابع الجبار عز و جل، الحديث).

70 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ (1).

71 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ : يَمِينُ اَللَّهِ سِجَالٌ (2) لاَ يُغِيضُهَا شَيْ ءٌ (3) اَللَّيْلُ وَ اَلنَّهَارُ.

72 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ إِلِّكُمْ (4) وَ قُنُوطِكُمْ وَ سُرْعَةِ إِجَابَتِهِ

ص: 50


1- المراد بذلك، معنى التمام و الكمال لأن المياسر من كل شيء، تنقص عن الميامن، في القوة و البطش و التمام و لهذا كانت العرب تحب التيامن، و تكره التياسر و لهذا قيل: يمن و شؤم، فاليمين من اليمن، و الشؤم من اليسار. فيكون المعنى، أنه تعالى في غاية التمام و الكمال، فقدرتا إبداعه و إيجاده، كلتاهما يمين، لأنهما معا في غاية التمام و يمكن أن يراد هنا العطاء، فإنه يكون باليدين معا، إذ العادة جارية بأن اليمين هي المعطية، فإذا جعلنا اليدين معطيتين، كانتا معا يمينين و مثله الحديث الذي بعده، و هو قوله: يمين اللّه سجال: إذ معناه يصب العطاء منها دائما فلا تنقصها شيء فالليل و النهار بالنسبة إليها سواء و مثله قول الشاعر: و إن على الاوانة من عقيل ففي كلتا اليدين له يمين جعل ذلك وصفا له، لكثرة كرمه، و كأنه لكرمه البالغ، يعطي باليدين معا، فأجراهما مجرى اليمين لأن الإعطاء بهما (معه).
2- السجل كفلس، الدلو العظيمة إذا كان فيها ماء، قل أو كثر، و هو مذكر، و لا يقال لها فارغة، سجل، و قوله: و سجال عطيتك من هذا المعنى، مجمع البحرين.
3- و في حديث وصفه تعالى: لا يغيضه سؤال السائلين أي لا ينقصه، مجمع البحرين.
4- فيه (عجب ربكم من الكم و قنوطكم) الال شدة القنوط، و يجوز أن يكون من رفع الصوت بالبكاء يقال: أل يئل ألاّ، قال أبو عبيد: المحدثون يروونه بكسر الهمزة و المحفوظ. عند أهل اللغة الفتح و هو أشبه بالمصادر، النهاية.

إِيَّاكُمْ (1).

73 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لاَ تَسُبُّوا اَلرِّيحَ فَإِنَّهَا مِنْ نَفَسِ اَلرَّحْمَنِ (2).

74 - وَ مِثْلُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنِّي لَأَجِدُ نَفَسَ اَلرَّحْمَنِ يَأْتِينِي مِنْ قِبَلِ اَلْيَمَنِ (3).

75 - وَ رُوِيَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْحَجَرُ

ص: 51


1- معناه انه كان ذلك بمحل يعجب منه، و يضحك منه الضاحك، و يكون التقدير، انه جل ذلك عنده حتّى صار بمحل التعجب. و مثله ما جاء في حديث، لقد عجب اللّه من صنيعكم البارحة، أي جل عنده حتّى صار في محل يتعجب منه. و مثله قوله تعالى: «وَ إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ » و انه أراد انه عجب عند من سمعه (معه).
2- لا يراد بالنفس ما يتبادر إليه أهل العرف. بل المراد ان الريح من فرج اللّه و روحه، فهى تنفس الاذى، أي تذهبه، و منه: اللّهمّ نفس عنا الاذى. و قد فرج اللّه عن المسلمين يوم الأحزاب بالريح، كما أشار إليه في الآية الكريمة قال تعالى: «يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا اُذْكُرُوا نِعْمَةَ اَللّٰهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جٰاءَتْكُمْ جُنُودٌ، فَأَرْسَلْنٰا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهٰا. الأحزاب: 9 و يصير المعنى: ان الريح من نفس الرحمن، أي من فرجه. و مثله الحديث الذي بعده انى لاجد نفس الرحمن من قبل اليمن. أى أجد الفرج من قبل الأنصار، و هم من قبيلة اليمن. فالريح من فرج اللّه و روحه، كما كانت الأنصار من فرج اللّه (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 541:2. و لفظ ما رواه (قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم: الا ان الايمان يمان و الحكمة يمانية، و أجد نفس ربكم من قبل اليمن).

اَلْأَسْوَدُ يَمِينُ اَللَّهِ فِي اَلْأَرْضِ يُصَافِحُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ خَلْقِهِ (1)(2).

76 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : رَأَيْتُ رَبِّي لَيْلَةَ اَلْمِعْرَاجِ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ (3).

ص: 52


1- هذا تمثيل و تشبيه، و الأصل فيه، أن الملك إذا صافح أحدا، قبل ذلك الرجل المصافح يده، فكان الحجر للّه بمنزلة اليمين للملك، فهو يستلم و يلثم، فشبهه باليمين، و انما خص بذلك، لان الميثاق المأخوذ من بني آدم في قوله تعالى: أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ ، قٰالُوا بَلىٰ . قد جعله اللّه مع الحجر، و أمر الناس بتعاهده. و لهذا جاء في الدعاء عنده اللّهمّ أمانتى أديتها، و ميثاقى تعاهدته، فاشهد لى عند ربك بالموافاة يوم القيامة (معه).
2- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (22) من أبواب الطواف، حديث 9.
3- هذه الرواية لا يجوز أن تنسب الرؤية فيها الى رؤية البصر، لانها لم تكن به، كما توهمه جماعة الجهال، بل كانت بالبصيرة. لان الواجب بطريق العقل، تأويل الرؤية بحكم الأصول لئلا يؤدى الى التجسم، و الحدوث، و التحديد، الموجب للامكان كما وجب تأويل اليد بالقدرة، و الجنب، بالطاعة، و الوجه بالثواب تارة، و بالذات اخرى. فمعنى قوله صلّى اللّه عليه و آله: «رأيت ربى» ليس الا مشاهدته بحقيقة الكشف بظهور المعاني الإلهيّة في صورة، هى أحسن الصور و أجمعها لتلك المعاني. و الظاهر ان تلك الصور التي رآه فيها، و شاهد معانيه بها، التي هي اكمل الصور و أحسنها و أجمعها لتلك المعاني، ليس الا صورته المحمدية، التي هي أحسن الصور و اشرفها و أجمعها لمعاني الكمال و صفات الجلال. اذ لا يمكن مشاهدة الحق تعالى و رؤيته على التمام، الا في الصورة الانسانية الكاملة، التي جميع كمالاتها حاصلة لها بالفعل أو في غير الكامل، لكن لا على التمام. و قوله صلّى اللّه عليه و آله: «وضع يده» المراد باليد هنا، القدرة. و كنى بها عن الآثار الحاصلة عند ذلك الكشف و كونها بين كتفيه. أو في ثدييه، لانها محل القلب، الذي هو محل آثار الكشف. و عبر عن البرد الحاصل عن ذلك الوضع بوجود اليقين التام و وجه المناسبة بينه و بين البرد، سكون صاحبه عن الطلب، و لهذا جاء في الحديث من وجد برد اليقين استغنى عما سواه. و اضافته الى الانامل من باب رشح الاستعارة،. لاشتمال اليد على الانامل البتة، و لها مناسبة في المعنى، من حيث تعدّد آثار القدرة فجاز أن يسمى كل واحد من تلك الآثار أنملة، لان الآثار الحاصلة من الفيض المتوقف على الكف المذكور كانت كمالات متعدّدة كلها يقينية (معه).

77 - وَ فِي بَعْضِ كُتُبِ اَلْأَصْحَابِ عَنْ بَعْضِ اَلصَّادِقِينَ أَنَّهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ إِنَّمَا قَالَ : وَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ فَوَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ بَيْنَ كَتِفَيَّ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ كَانَ مُقْبِلاً عَلَيْهِ وَ لَمْ يَكُنْ مُدْبِراً عَنْهُ .

78 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ (1).

ص: 53


1- اضطرب أهل الكلام في تأويل هذا الحديث فقال قوم: أراد خلق آدم على صورته التي هو عليها. و قال قوم: ان اللّه خلق آدم على صورته عنده. و قال قوم: ان الحديث، لا تقبحوا الوجه، فان اللّه خلق آدم على صورة الوجه. و زاد قوم في الحديث: انه مر برجل يضرب وجه آخر، فقال: لا تضربه على وجهه، فان اللّه خلق آدم على صورته، أي على صورة ذلك الوجه. و كل هذه تأويلات بعيدة. و أبعد منها قول بعضهم: أراد ان اللّه خلق آدم في الجنة على صورته في الأرض. و قول الآخر: ان الصورة ليست بأعجب من اليدين و الأصابع، و العين و انما وقع الالف بتلك لمجيئها في القرآن، و وقعت الوحشة من هذه، لانها لم تأت فيه. و نحن نؤمن بالجميع، من غير أن نقول فيه بحد او كيفية، فان فيه اعترافا بالعجز، عن تأويل الحديث. و اما الذي في القرآن من اليد و العين، فتأويلها في التفاسير مذكور: فالاحسن أن يقال: المراد بالصورة هنا، الصورة المعنوية، كما يقال: صورة المسألة كذا، و يراد بها معناها، و يكون التقدير. ان اللّه خلق آدم على صورة معنوية تشبه به، و تناسب المعاني الإلهيّة، أي المشابهة في الصفات و الكمالات (و الحالات خ) و الافعال فان آدم مشتمل على صفات و كمالات مناسبة و مماثلة للصفات الإلهيّة من جهة ما. و قال بعض أهل الإشارة: المراد بآدم في الحديث، ان كان الإنسان الكبير، فهو العالم بأسره، و ان كان العالم الصغير فهو ولده الشخصى، لقولهم: العالم إنسان كبير و الإنسان عالم صغير. و يكون المراد، انه ليس له تعالى غير هذين المظهرين العظيمين فمعنى انه على صورته ان فيه تمام المظهرية التي يظهر فيه الصورة الإلهيّة المعنوية بجميع صفاتها و لوازمها، لانه ليس شيء أكمل من صورة الإنسان في معرفة اللّه تعالى. و لهذا قال عليه السلام: (من عرف نفسه فقد عرف ربّه) و مراده خلقه على صورة كمالاته الذاتية، الجامعة للكمالات الاسمائية و الصفاتية (معه).

79 - وَ رُوِيَ فِي حَدِيثِ أَبِي رَزِينٍ اَلْعُقَيْلِيِّ (1) بِرِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ : أَنَّهُ سَأَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ خَلْقِ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ فِي عَمَاءٍ

ص: 54


1- أبو رزين العقيلى: اسمه لقيط بن عامر، و هو ممن غلبت عليه كنيته. روى عنه، وكيع بن عدس، و يقال: حدس بالحاء بدل العين و العدس، بمهملات و ضم أوله و ثانيه، و قد يفتح ثانيه. كذا في الاستيعاب و الإصابة، و تهذيب التهذيب.

مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ وَ مَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ (1) (2) .

ص: 55


1- قال بعض العلماء: ان حديث أبى رزين هذا مختلف فيه، و جاءت الرواة بالفاظ تستشنع، و النقلة له أعراب، و حماد بن سلمة، انما رواه عن وكيع بن عدس، و هو غير معروف بين أهل الحديث و قد تكلم في تأويله بعض أهل اللغة، فقال: ان العماء، السحاب ان كان الحرف ممدودا و ان كان مقصورا، فانه أراد في عما عن معرفة الناس، كما تقول: عميت عن الشيء، و عن الآخر، فلان أعمى عن كذا، اذا أشكل عليه فلم يعرفه، و كل ما خفى عليك، فهو عمى عليك. ثمّ قال: و أمّا قوله: ما فوقه هواء و ما تحته هواء، فقد رده قوم فيه، استيحاشا من أن يكون فوقه هواء، و تحته هواء، و هو يكون بينهما. و الظاهر ان بذلك لا تزول الوحشة. و الذي سنح للفقير ان المراد من الحديث المعنى الثاني من العمى بالقصر، ضد البصر، و يراد به عدم المعرفة قبل خلق الآثار الظاهر بها، و فيها الآيات الدالة على معرفته تعالى و يؤيده الحديث القدسي: «كنت كنزا مخفيا فأحببت أن اعرف فخلقت الخلق لكى اعرف». و أمّا قوله: ما فوقه هواء و ما تحته هواء فهذا هو المروى لنا، و هو إشارة الى نفى كل شيء في تلك المرتبة و عبر عنه بالفوق و التحت، تقريبا الى الاذهان و خصهما دون باقى الجهات، لان ما عداهما غير طبيعي، فإذا انتفيا، انتفى ما عداهما. و في ذلك إشارة الى نفى الجهة بالكلية و انما خص الهواء باضافة الجهة إليه، لانه أول الأشياء وجودا، بالنسبة الى وجود الاجسام، لان الماء حاملة الهواء، و إليه الإشارة بقول أمير المؤمنين عليه السلام في بدء الايجاد: «ثم أنشأ سبحانه فتق الاجواء، و شق الارجاء و سكائك الهواء» و يريد به الهواء الذي اجرى فيه الماء الذي كان منه بدو الايجاد، فنفى وجوده ثمة، ليدل على انه لم يكن معه في تلك المرتبة شيء. و يؤيده قوله صلّى اللّه عليه و آله: «كان اللّه و لا شيء معه، و كذلك هو الآن». و لهذا قال أهل الإشارة: ان مرتبة الاحدية، هى مرتبة العمائية التي لا يلزمها شيء من الصفات و الأسماء و الافعال، فهى مرتبة العمى، المشار إليه في الحديث، و تلك المرتبة لا يمكن العلم بها، و لا وصول العقول إليها، لعدم الطريق الموصل، فلما تنزل من تلك المرتبة الى مرتبة الوحدانية، التي هي مرتبة الصفات و الأسماء و الافعال، ظهرت المسميات و الافعال و حصل بواسطتها التمييز و المعرفة (معه).
2- و رواه أحمد بن حنبل في ج 4 من مسنده في حديث أبى رزين العقيلى، لقيط بن عامر ص 12 و بقية الحديث (ثم خلق عرشه على الماء).

80 - وَ فِي حَدِيثٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَسُبُّوا اَلدَّهْرَ فَإِنَّ اَللَّهَ هُوَ اَلدَّهْرُ(1)(2).

81 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْراً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً وَ مَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً وَ مَنْ أَتَانِي مَشْياً أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً (3)(4).

ص: 56


1- قال بعضهم: ان العرب كانت تقول: أصابنى الدهر بقوارعه، و خنانى الدهر بحوادثه، حتى كانوا يقولون، لعن اللّه الدهر، و سموه المنون، و المنية، كما قال شاعرهم: أ من المنون و ريبه تتوجع و الدهر ليس بمعتب من يجزع فكأنّه يقول: أ من ريب الدهر و صروفه تتوجع، و من ذلك قوله تعالى: «نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ اَلْمَنُونِ » سورة الطور آية - 20، أي ريب الدهر فكانوا ينسبون هذه الافعال الى الدهر، كما حكاه تعالى عنهم في الكتاب العزيز: «وَ مٰا يُهْلِكُنٰا إِلاَّ اَلدَّهْرُ» سورة الجاثية آية 24. فمعنى لا تسبوا الدهر: لا تنسبوا هذه الافعال و الحوادث، اليه، لانها واقعة فيه، لا منه، لان اللّه تعالى هو الذي فعل ذلك بسبب الدهر، فإذا سببتم السبب وصل السب الى المسبب، لانه فاعل السبب لان الدهر و المصائب التي فيه، كلها منه، قدرها فيه. فسب الناس الدهر، لكون تلك المصائب فيه، ظنا منهم انها منه، و ليس منه، فقال عليه السلام «لا تسبوا الدهر، فان اللّه هو الدهر»: أى هو الفاعل فيه، و المجرى لهذه الافعال فيه فاجراه مجراه. مثل قول شخص: فعل الوزير كذا، فيقول الآخر: لا تسبوا الوزير، فان الوزير هو السلطان، و يكون المعنى ان فعل الوزير انما هو بأمر السلطان (معه).
2- ما ذكره في تأويله، هو الذي قاله ابن الأثير و جماعة من أهل العربية (جه).
3- هذا من باب التشبيه و التمثيل و معناه: من أتانى بالطاعة مسرعا، أتيته بالثواب و الجزاء أسرع من اتيانه بالطاعة، و كنى عن ذلك بالمشى و الهرولة تقريبا الى الاذهان كما يقال فلان مشى مسرعا الى شيء، و ليس المراد المشى إليه، بل المراد الاستعجال في فعله و عدم التوقف و التأنى، و منه قوله تعالى: «وَ اَلَّذِينَ سَعَوْا فِي آيٰاتِنٰا مُعٰاجِزِينَ » و ليس المراد مشوا إليه، و انما أراد أسرعوا بنياتهم و أفعالهم (معه).
4- رواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 153 عن حديث أبى ذر الغفارى.

82 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اِبْنَ مَكْتُومٍ اِسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ عِنْدَهُ اِمْرَأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِهِ فَأَمَرَهُمَا بِالاِحْتِجَابِ عَنْهُ فَقَالَتَا يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّهُ أَعْمَى فَقَالَ أَ فَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا (1) (2) .

83 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ قَضَى بِأَنَّ اَلْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ . و معناه أن العبد مثلا يشتريه المشتري فيغتله حينا ثم يظهر على عيب به فيرده بالعيب أنه لا يرد ما صار إليه من غلته و هو الخراج لأنه كان ضامنا له و لو مات مات من ماله(3)

84 - وَ رُوِيَ فِي اَلْمُصَرَّاةِ : أَنَّهُ مَنِ اِشْتَرَى مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَ رَدَّ مَعَهَا صَاعاً مِنْ طَعَامٍ (4).

ص: 57


1- الوسائل، كتاب النكاح، باب (129) من أبواب مقدماته و آدابه، حديث 1-4، و فيه استاذن ابن أم مكتوم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عنده عائشة و حفصة، و في الآخر انه استأذن و عنده أمّ سلمة و ميمونة.
2- و هذا يدلّ صريحا على تحريم نظر الرجل على المرأة، كما يحرم نظر المرأة على الرجل من غير فرق. و انها كما يجب عليها الاحتجاب عن أن ينظرها المبصر يجب عليها الاحتجاب عن أن تنظر الاعمى، و فيه اشكال من حيث اجماع العلماء على انه لا يحرم على النساء ان ينظرن الى الرجال من وراء الستر، و لكن الوجه بالجمع أن يكون هذا الحكم مختصا بنسائه لآية الحجاب (معه).
3- قال في النهاية: (الخراج بالضمان) يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة عبدا كان، أو أمة، أو ملكا. و ذلك ان يشتريه، فيستغله زمانا، ثمّ يعثر منه على عيب قديم، لم يطلعه البائع عليه، أو لم يعرفه. فله ردّ العين المبيعة و أخذ الثمن، و يكون للمشترى ما استغله. لان المبيع لو كان تلف في يده، لكان من ضمانه، و لم يكن له على البائع شيء، و الباء في (بالضمان) متعلقة بمحذوف، تقديره الخراج مستحق بالضمان أى بسببه.
4- صحيح مسلم، كتاب البيوع، (7) باب حكم بيع المصراة حديث 23-28.

85 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلْجَارُ أَحَقُّ بِصَقْبِهِ (1)سنن ابن ماجة، كتاب البيوع (3) باب إذا وقعت الحدود فلا شفعة، حديث 2499.(2)(3).

86 - وَ رَوَى قَتَادَةُ عَنِ اَلْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : جَارُ اَلدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ اَلْجَارِ وَ اَلْأَرْضِ .

87 - وَ رَوَى اَلزُّهْرِيُّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتِ اَلْحُدُودُ وَ ضُرِبَتِ اَلطُّرُقُ فَلاَ شُفْعَةَ (3) .

88 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : إِذَا وَقَعَ اَلذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَامْقُلُوهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ سَمّاً وَ فِي اَلْأُخْرَى شِفَاءً وَ إِنَّهُ يُقَدِّمُ اَلسَّمَّ وَ يُؤَخِّرُ اَلشِّفَاءَ (4)(5).

89 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ اَلْحَوْضَ أَقْوَامٌ ثُمَّ لَيَخْتَلِجَنَّ

ص: 58


1- سنن ابن ماجة، كتاب الشفعة
2- باب إذا وقعت الحدود، فلا شفعة حديث 2498 و لفظ الحديث (عن أبي رافع قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم «الشريك أحق بسقبه ما كان».
3- قال في النهاية: (الجار أحق بصقبه) الصقب، القرب و الملاصقة، و يروى بالسين: و المراد به الشفعة.
4- رواه مسلم في صحيحه، كتاب الطبّ (31) باب يقع الذباب في الاناء حديث 3504-3505.
5- و هذا الحديث يدلّ على طهارة ميت ما لا يؤكل لحمه، لان المقل يفضى الى الموت غالبا، خصوصا في الطعام الحار، فلو نجس الذباب بالموت، لما صح الامر بالمقل على الإطلاق، لما يلزم من نجاسة الطعام، و الامر هنا للاستحباب، لتعليله بالارشاد الى مصلحة دنيوية (معه).

دُونِي فَأَقُولُ رَبِّ أَصْحَابِي أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ بُعْداً وَ سُحْقاً لِمَنْ بَدَّلَ بَعْدِي(1)(2).

90 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ اَلْإِيمَانِ .

91 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ (3)(4).

92 - وَ رُوِيَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي اَلْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ غُلاَمٌ شَابٌّ فَلَمَّا صَلَّى إِذَا رَجُلاَنِ لَمْ يُصَلِّيَا فِي نَاحِيَةِ اَلْمَسْجِدِ فَدَعَاهُمَا فَجَاءَ ا تُرْعَدُ فَرَائِصُهُمَا(5) فَقَالَ مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا -

ص: 59


1- فان قيل: إنّه صلّى اللّه عليه و آله كان عالما بما يقع منهم قبل وقوعه، فكيف صح نفى علمه بما أحدثوه بعده ؟ قلنا: ان العلم المنفى هو علم المشاهدة، فيكون المعنى من قوله: «انك لا تدرى ما أحدثوه» يعنى انك لم تشاهد ما أحدثوه، لوقوع ما أحدثوه منهم بعد موته عليه السلام، و علمه الأول كان متعلقا بانه سيقع منهم، علما كليا غير متعلق بزمان معين، و لا ريب في مغايرة العلمين (معه).
2- رواه مسلم في ج 4 من صحيحه (كتاب الفضائل) حديث 40. و رواه أحمد في ج 1 من مسنده ص 453، و في ج 50:5 هذا ما وجدته مصغرا بلفظ (اصيحابى) و أمّا ما جاء بلفظ أصحابى فهو أكثر من ذلك بمراتب.
3- رواه ابن ماجة في سننه، كتاب الزهد (17) باب الحياء حديث 4183.
4- صيغة الامر هنا ليست على حقيقتها حتّى يصلح لمعارضة ما قبله. بل هي صيغة أمر بمعنى الخبر، و يكون تقديره: إذا لم تستحى، فعلت ما شئت. و لا ريب ان الحياء، مانع لاكثر الناس من فعل ما يهتك مروتهم، و يحط من أقدارهم بين أبناء الجنس، و أكثر العقلاء يلاحظون ذلك، و ان لم يلاحظوا الاوامر الشرعية، فإذا اتفق من شخص عدم المبالاة و ترك الاستحياء، و خوف حط المرتبة، لم يبق له مانع من فعل ما يشتهيه و تطلبه نفسه الامارة، فيقع منه كلما تشاء نفسه (معه).
5- الفرائص جمع فريصة: و هي لحم ما بين الجنب و الخاصرة.

فَقَالاَ قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا فَقَالَ لاَ تَفْعَلُوا إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فِي رَحْلِهِ ثُمَّ أَدْرَكَ اَلْإِمَامَ وَ لَمْ يُصَلِّ فَلْيُصَلِّ مَعَهُ فَإِنَّهَا لَهُ نَافِلَةٌ (1) (2) .

93 - وَ رَوَى مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ اَلسَّائِبِ عَنْ نُوحِ بْنِ صَعْصَعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : جِئْتُ وَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلصَّلاَةِ فَجَلَسْتُ وَ لَمْ أَدْخُلْ مَعَهُمْ فِي اَلصَّلاَةِ قَالَ فَانْصَرَفَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَرَأَى يَزِيدَ جَالِساً فَقَالَ أَ لَمْ تُسْلِمْ يَا يَزِيدُ قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَدْ أَسْلَمْتُ فَقَالَ فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَدْخُلَ مَعَ اَلنَّاسِ فِي صَلاَتِهِمْ قَالَ قُلْتُ إِنِّي كُنْتُ صَلَّيْتُ فِي مَنْزِلِي وَ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فَقَالَ إِذَا جِئْتَ إِلَى اَلصَّلاَةِ فَوَجَدْتَ اَلنَّاسَ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَ إِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ فَلْتَكُنْ لَكَ نَافِلَةً وَ هِيَ لَهُمْ مَكْتُوبَةٌ (3) (4) .

94 - وَ رَوَى يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ ذَكْوَانَ عَنْ عُمَرَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سُلَيْمَانَ مَوْلَى مَيْمُونَةَ قَالَ : أَتَيْتُ اِبْنَ عُمَرَ عَلَى اَلْبَلاَطِ وَ هُمْ يُصَلُّونَ قُلْتُ أَ لاَ تُصَلِّي مَعَهُمْ قَالَ قَدْ صَلَّيْتُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لاَ تُصَلُّوا

ص: 60


1- في هذا الحديث دلالة على استحباب إعادة الصلاة للمنفرد مع الجماعة، و يكون من باب اقتداء المتنفل بالمفترض، فان الامر هنا للاستحباب، بدلالة قوله: (فانها له نافلة) (معه).
2- رواه ابن أبي داود في ج 1 من سننه، باب (من صلى في منزله ثمّ أدرك الجماعة يصلى معهم) حديث 575.
3- و هذا يدلّ على ما دل عليه الحديث السابق عليه من غير زيادة (معه).
4- و رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 302/2. و رواه ابن أبي داود في ج 1 من سننه، حديث 577.

صَلاَةً فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ (1) (2) .

95 - وَ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ عَنِ اَلزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ وَ هُوَ مُجْنِبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَ اَلصَّلاَةِ (3) .

96 - وَ رَوَى شُعْبَةُ عَنِ اَلْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ اَلْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ يَعْنِي وَ هُوَ جُنُبٌ .

ص: 61


1- و ظاهر هذا الحديث يقتضى المعارضة للحديثين السابقين عليه، و يمكن حمله على ان من صلى في جماعة فلا يصلى مع جماعة اخرى تلك الفريضة بعينها، و يكون النهى للتنزيه، فينتفى التعارض. و يحتمل وجها آخر: و هو أن يراد نفى تكرار الفريضة، بصفة الوجوب، و لا يلزم نفى تكرارها مع اختلاف الصفة، فلا تعارض (معه).
2- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 303/2. و رواه ابن أبي داود في ج 1 من سننه حديث 579. و رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 41 عن مسند عبد اللّه بن عمر.
3- قوله: توضأ وضوء الصلاة. يحتمل أن يكون قوله: وضوء الصلاة على الحقيقة و يكون التقدير، انه يتوضأ الوضوء الذي يصحّ به الدخول في الصلاة، و هو الوضوء الرافع أو المبيح. و يكون دالا على ان الرفع و الاستباحة يحصلان بالوضوء مع الجنابة و يكون دالا على وجوب الوضوء معها، متقدما عليها، ان حملنا فعله على الوجوب، و الا فعلى الندب، و أقل مراتبه الجواز. و يحتمل أن يكون المراد: انه توضأ وضوءا مماثلا لوضوء الصلاة في الصورة و ان لم يماثله في الرفع و الاستباحة. و يكون التقييد بذلك لرفع ايهام الوضوء اللغوى و يكون الوضوء حينئذ المجامع للجنابة، انما هو مساويا للشرعى في الصورة، لانه لم يرفع حدثا، و لم يستبح به شيء غير النوم، و النوم حدث، فيكون هذا الوضوء محمولا على الندب، لاستباحة النوم بعلة غير معقولة، و لا يكون دالا على وجوب الوضوء للجنابة و لا استحبابه. و هذا الاحتمال هو مذهب الاصحاب، فحمل الحديث عليه أولى (معه).

97 - وَ رُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ [أَبِي] اَلْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَنَامُ وَ هُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَمَسَّ مَاءً (1) .

98 - وَ رَوَى سُفْيَانُ عَنِ اَلزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ أَعْرَابِيّاً بَالَ فِي اَلْمَسْجِدِ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ صُبُّوا عَلَيْهِ سِجَالاً مِنْ مَاءٍ أَوْ قَالَ ذَنُوباً مِنْ مَاءٍ .

99 - وَ رُوِيَ عَنْ حَرِيزِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اَلْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مَعْقِلِ بْنِ مُقْرِنٍ أَنَّهُ قَالَ : فِي قِصَّةِ اَلْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ خُذُوا مَا بَالَ عَلَيْهِ مِنَ اَلتُّرَابِ فَأَلْقُوهُ وَ أَهْرِيقُوا عَلَى مَكَانِهِ مَاءً (2).

100 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ اَلصَّوْمِ فِي اَلسَّفَرِ فَقَالَ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ

ص: 62


1- و هذا الحديث معارض للحديثين السابقين عليه، و يمكن التوفيق بأن يجعل هذا الحديث دالا على ان ما فعله أو لا كان مستحبا، لا واجبا، و تركه في الثاني، ليتبين للناس ان ما فعله أو لا لم يكن واجبا، فانتفى التعارض. و هذا التوفيق لا يخلو من دخل لان لفظ (كان) في الحديثين السابقين، يدل على المداومة، لما تقرر في الأصول ان لفظ (كان) في حكاية الحال المفهوم منه ذلك عرفا، و الترك ينافى المداومة، و حينئذ جاز أن يكون قوله: من غير أن يمس ماء، مشتملا على اضمار الغسل، يعنى انه ينام و هو جنب من غير أن يغتسل. و يكون دالا على ان غسل الجنابة ليس واجبا على الفور، ان قلنا بوجوبه لنفسه، اذ لا يجب الا للصلاة، ان قلنا باشتراطه بها (معه).
2- العمل على هذا الحديث، لموافقته للاصل. و لا يعارضه الأول، لان فيه زيادة على الأول، فجاز اغفال الراوي الأول، لتلك الزيادة. لانه لم يشاهدها، و انما شاهد صب الماء، فروى ما شاهد، فإذا روى الثاني معه زيادة أخذ التراب، لم يكن معارضا لما رواه الأول. هذا إذا كانت الرواية للفعل، فاما إذا كانت للقول، فجائز أن يكون الراوي لم يسمع الامر بقلع التراب، و سمعه الثاني، فلا تعارضه الثاني (معه).

وَ إِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ (1) .

101 - وَ رَوَى عُبَيْدُ اَللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : صِيَامُ رَمَضَانَ فِي اَلسَّفَرِ كَفَطْرِهِ فِي اَلْحَضَرِ(2)(3).

102 - وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ كَانَ يُقَبِّلُ وَ هُوَ صَائِمٌ (4) .

103 - وَ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي يَزِيدَ اَلضَّبِّيِّ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ مَوْلاَةِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَبَّلَ اِمْرَأَتَهُ وَ هُوَ صَائِمٌ فَقَالَ قَدْ أَفْطَرَ (5) (6) .

ص: 63


1- رواه مسلم في ج 2 من صحيحه (باب التخيير في الصوم و الفطر في السفر) حديث 1121. و رواه ابن ماجة في سننه (1) باب ما جاء في الصوم في السفر حديث 1662.
2- و لا يعارض هذا الحديث ما تقدمه، لان الحديث السابق مطلق، و هذا الثاني مقيد برمضان، فيحمل المطلق على المقيد، بأن يحمل ذلك على النافلة، فلا تعارض (معه).
3- رواه النسائى في سننه ج 4 (ذكر قوله: «الصائم في السفر كالمفطر في الحضر») و رواه ابن ماجة في سننه كتاب الصيام (11) باب ما جاء في الإفطار في السفر، حديث 1666 و لفظ ما رواه (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: «صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر».
4- رواه مسلم في ج 2 من صحيحه (باب ان القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته).
5- يحتمل أن يكون أراد السائل من قوله: قبل و هو صائم، فأمنى، فأجابه بالافطار و حينئذ لا كلام فيه، و الراوي أغفل هذه الزيادة، و الحديث لا يتم الا بها و فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله للتقبيل يدلّ على جوازه، و انه ليس بمحرم الا أن يخاف معه الامناء، بأن يكون عادته ذلك أو فعله بقصد الامناء فاتفق ذلك (معه).
6- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 463/6 (حديث ميمونة بنت سعد).

104 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اِسْتَوْصُوا بِالْمِعْزَى خَيْراً فَإِنَّهُ مَالٌ رَفِيقٌ وَ هُوَ مِنَ اَلْجَنَّةِ .

105 - وَ فِي حَدِيثٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَلْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ اَلْحَيِّ (1)(2)(3).

106 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: قَالَ لِرَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي مُبَاضَعَةِ اَلرَّجُلِ أَهْلَهُ أَ نَلَذُّ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ نُؤْجَرُ قَالَ أَ رَأَيْتَ لَوْ وَضَعْتَهُ فِي حَرَامٍ أَ كُنْتَ تَأْثَمُ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَكَذَلِكَ تُؤْجَرُ فِي وَضْعِكَ فِي اَلْحَلاَلِ (4) (5) .

ص: 64


1- يحتمل أن يكون المراد بتعذيبه، انه يشعر ببكاء أهله عليه، و تألمهم بفراقه، فيتألم هو لذلك، و يحزن لاجل حزنهم (معه).
2- رواه مسلم في ج 2 من صحيحه (باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه) حديث 927.
3- قال السيّد المرتضى طيب اللّه ثراه: فان قيل: فما معنى الخبر المروى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم، انه قال: «ان الميت ليعذب ببكاء الحى عليه» و في رواية اخرى: «ان الميت ليعذب في القبر بالنياحة عليه». و روى المغيرة بن شعبة عنه (صلّى اللّه عليه و آله) انه قال «من يناح عليه فانه يعذب بما يناح عليه». الجواب، قلنا: هذا الخبر منكر الظاهر، لانه يقتضى إضافة الظلم إلى اللّه تعالى و هو منزه من ذلك و قال: «وَ لاٰ تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ » فلا بدّ من رده أو تأويله: و قد روى ابن عبّاس عنه في هذا الخبر، انه قال: و هم ابن عمر: انما مر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على يهودى أهله يبكون عليه، فقال: «انكم تبكون عليه، و انه ليعذب» و قد روى انكار هذا الخبر عن عائشة أيضا، و انها قالت: لما اخبرت بروايته، و هم أبو عبد الرحمن، كما و هم يوم قليب بدر، و انما قال صلّى اللّه عليه و آله: «ان أهل الميت ليبكون عليه، و انه ليعذب بجرمه» فهذا الخبر مردود مطعون عليه، كما ترى و يمكن في هذا الخبر ان كان صحيحا، وجوه من التأويل إلخ (جه).
4- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 158/6 من حديث أبى ذر الغفارى.
5- هذا يدلّ على ان الاجر فيه مشروط بنية العدول من الحرام الى الحلال -

107 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لِكُلِّ شَيْ ءٍ قَلْبٌ وَ قَلْبُ اَلْقُرْآنِ سُورَةُ يس وَ سَنَامُ اَلْقُرْآنِ سُورَةُ اَلْبَقَرَةِ وَ تَجِيءُ اَلْبَقَرَةُ وَ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ (1) أَوْ فَرِيقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ (2) وَ يَأْتِي اَلْقُرْآنُ إِلَى اَلْحَامِلِ لَهُ فَيَقُولُ لَهُ كَيْتَ وَ كَيْتَ (3).

108 - وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يُمَثَّلُ اَلْقُرْآنُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ بِرَجُلٍ وَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ قَدْ كَانَ يُضَيِّعُ فَرَائِضَهُ وَ يَتَعَدَّى حُدُودَهُ وَ يُخَالِفُ طَاعَتَهُ وَ يَرْكَبُ مَعْصِيَتَهُ قَالَ فَيَسْتَنِيلُ (4) لَهُ خَصْماً فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ حَمَّلْتَ إِيَّايَ شَرَّ حَامِلٍ تَعَدَّى حُدُودِي وَ ضَيَّعَ فَرَائِضِي وَ تَرَكَ طَاعَتِي وَ رَكِبَ مَعْصِيَتِي فَمَا زَالَ يَقْذِفُ بِالْحُجَجِ حَتَّى يُقَالَ فَشَأْنَكَ وَ إِيَّاهُ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَ لاَ يُفَارِقُهُ حَتَّى يُكِبَّهُ عَلَى مِنْخَرِهِ فِي اَلنَّارِ وَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ قَدْ كَانَ يَحْفَظُ حُدُودَهُ وَ يَعْمَلُ بِفَرَائِضِهِ وَ يَأْخُذُ بِطَاعَتِهِ وَ يَجْتَنِبُ مَعَاصِيَهُ فَيَسْتَنِيلُ حِبَالَهُ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ حَمَّلْتَ إِيَّايَ خَيْرَ حَامِلٍ اِتَّقَى حُدُودِي وَ أعمل [عَمِلَ ] بِفَرَائِضِي وَ اِتَّبَعَ طَاعَتِي وَ تَرَكَ مَعْصِيَتِي فَمَا زَالَ يَقْذِفُ لَهُ بِالْحُجَجِ حَتَّى يُقَالَ فَشَأْنَكَ وَ إِيَّاهُ فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ فَمَا يُرْسِلُهُ حَتَّى يَكْسُوَهُ حُلَّةَ اَلْإِسْتَبْرَقِ وَ يَعْقِدَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجَ اَلْمُلْكِ وَ يَسْقِيَهُ بِكَأْسِ اَلْخُلْدِ.

109 - وَ رَوَى سُفْيَانُ اَلثَّوْرِيُّ وَ حَمَّادُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عُمَرَ بْنِ دِينَارٍ عَنْ

ص: 65


1- الغيابة: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه، كالسحابة و غيرها، النهاية.
2- و فيه (تجيء البقرة و آل عمران كأنهما فرقان من طير صواف) أي قطعتان، النهاية.
3- و تقديره: ان القرآن يشهد لحامله بفعله، ان خيرا فخير، و ان شرا فشر (معه).
4- نال من عدوه ينال من باب تعب نيلا، بلغ منه مقصوده (المصباح المنير).

جَابِرٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ جَمَعَ بَيْنَ اَلظُّهْرِ وَ اَلْعَصْرِ وَ بَيْنَ اَلْمَغْرِبِ وَ اَلْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ آمِناً لاَ يَخَافُ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ (1) (2)و هذا يدلّ على جواز القنوت، و انه سنة. لان (كان) تدل على المداومة عرفا. و اختصاص الصبح و المغرب بالذكر، ليدل على شدة الاستحباب، و تأكده فيهما، كما هو مذهب الاصحاب (معه).(3) .

110 - وَ رَوَى سُفْيَانُ عَنْ عُمَرَ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَوْسَجَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَجُلاً تُوُفِّيَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ لَمْ يَدَعْ وَارِثاً إِلاَّ عَبْداً هُوَ أَعْتَقَهُ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِيرَاثَهُ (4) (5) .

111 - وَ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي يَسَعَ عَنِ اَلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَقْنُتُ فِي صَلاَةِ اَلصُّبْحِ وَ اَلْمَغْرِبِ (6) (6) .

112 - وَ رَوَى اَلْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَبْوَةَ عَنِ اَلْوَرَّادِ

ص: 66


1- و هذا الحديث نص ظاهر على جواز الجمع في الاربع الفرائض في الوقتين اختيارا لان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فعل ذلك اختيارا، فلو لا جوازه لما فعله (معه).
2- رواه مسلم في صحيحة، كتاب صلاة المسافرين، باب
3- الجمع بين الصلاتين في الحضر حديث 49-58.
4- و هذا الحديث ان صح، فهو تفضل من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، لان ميراث من لا وارث له، للامام، و لا ولاء للمعتق عندنا، لان ولاء العتق لا يدور (معه).
5- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 221/1.
6- رواه مسلم في صحيحه، كتاب المساجد و مواضح الصلاة (54) باب استحباب القنوت في جميع الصلاة، اذا نزلت بالمسلمين نازلة حديث (305) و لفظ الحديث (قال: حدّثنا البراء بن عازب، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم، كان يقنت في الصبح و المغرب).

عَنِ اَلْمِسْوَرَةِ بْنِ شُعْبَةَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ (1) (2) .

113 - وَ رَوَى بَعْضُهُمْ بِهَذَا اَلطَّرِيقِ : أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى اَلنَّعْلَيْنِ (3) .

114 - وَ رُوِيَ : أَنَّ صَعْبَ بْنَ جنامة [جَثَّامَةَ ] قَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ ذَرَارِيُّ اَلْمُشْرِكِينَ تَطَؤُهُمْ خَيْلُنَا فِي ظُلْمَةِ اَللَّيْلِ عِنْدَ اَلْغَارَةِ قَالَ هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ .

115 - وَ رُوِيَ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَعَثَ سَرِيَّةً فَقَتَلُوا اَلنِّسَاءَ وَ اَلصِّبْيَانَ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إِنْكَاراً شَدِيداً فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّهُمْ ذَرَارِيُّ اَلْمُشْرِكِينَ فَقَالَ أَ وَ لَيْسَ خِيَارُكُمْ ذَرَارِيَّ اَلْمُشْرِكِينَ (4) .

116 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلْأَكْلُ فِي اَلسُّوقِ دَنَاءَةٌ (5).

117 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ مَعَالِيَ اَلْأُمُورِ وَ يَكْرَهُ سَفْسَافَهَا(6).

118 - وَ رَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئاً سِوَى اَلْقُرْآنِ وَ مَنْ كَتَبَ شَيْئاً

ص: 67


1- رواه النسائى في سننه ج 1 (باب المسح على العمامة مع الناصية).
2- و هذا يدلّ على اختصاص المسح بمقدم الرأس، لان الناصية في مقدّمته (معه).
3- و هذا يدلّ على أن الواجب في الرجلين هو المسح، لا الغسل (معه).
4- وجه الجمع بين هذا الحديث و ما تقدم: ان الحديث السابق دل على جواز قتلهم خطاء، بغير قصد، بمعنى أنّه لا حرج فيه و لا اثم و لا كفّارة. و دل الأخير على عدم جواز تعمد قتلهم. و منه يعلم انهم ملحقون بحكم آبائهم في الاحكام الدنيوية، الا في القتل (معه).
5- فيه دلالة على أنّه يخل بالمروة التي هي جزء من العدالة. لان الدناءة موجب للاستخفاف و الاستحقار و الخسة. و ذلك عين ترك المروة. لان معناها التنزّه عن كل ما يوجب الخسة من المباحات، و لا بأس بالندرة و الضرورة (معه).
6- السفساف: الامر الحقير و الردى من كل شيء، و هو ضد المعالى و المكارم. و أصله ما يطير من غبار الدقيق إذا نخل، و التراب إذا اثير. النهاية.

فَلْيَمْحُهُ (1).

119 - وَ رَوَى جَرِيحٌ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أُقَيِّدُ اَلْعِلْمَ قَالَ نَعَمْ قِيلَ وَ مَا تَقْيِيدُهُ قَالَ كِتَابَتُهُ (2) .

120 - وَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عُمَرَ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَكْتُبُ كُلَّمَا أَسْمَعُ مِنْكَ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ فِي اَلرِّضَا وَ اَلْغَضَبِ قَالَ نَعَمْ فَإِنِّي لاَ أَقُولُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إِلاَّ اَلْحَقَّ .

121 - وَ رَوَى عُمَرُ بْنُ تَغْلِبَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : مِنْ أَشْرَاطِ اَلسَّاعَةِ أَنْ يَفِيضَ اَلْمَاءُ وَ يَظْهَرَ اَلْقَلَمُ وَ يغشوا [يَغِشَّ ] اَلتُّجَّارُ.

122 - وَ رُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ اَلسَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْحَجَرُ اَلْأَسْوَدُ مِنَ اَلْجَنَّةِ وَ كَانَ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ اَلثَّلْجِ حَتَّى سَوَّدَتْهُ خَطَايَا أَهْلِ اَلشِّرْكِ (3).

123 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : يَأْتِي اَلْحَجَرُ اَلْأَسْوَدُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ لَهُ

ص: 68


1- رواه أحمد بن حنبل في ج 3 من مسنده ص (12) عن مسند أبى سعيد الخدريّ .
2- وجه الجمع: أن المراد بالحديث الأول: لا تكتبوا من الأحاديث، ما اسند الى، مما يخالف الكتاب، فان كتبتموه فامحوه، و يؤيده ما روى عنه صلّى اللّه عليه و آله أنه قال: إذا حدثتم بحديث فاعرضوه على كتاب اللّه، فان وافقه، و الا فاضربوا به عرض الحائط. و أمّا الحديث الثاني: فيدل على الامر بالكتابة لجميع أحاديثه المعلوم انه عليه السلام قاله: و جميع سننه ممّا لا يخالف القرآن، فان ما خالف القرآن فليس منه صلّى اللّه عليه و آله (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في ج 1 من مسنده ص (307) و ص (329)، و رواه في الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (13) من أبواب الطواف، قطعة من حديث (6) و تتمة الحديث (و لو لا ما مسه من أرجاس الجاهلية، ما مسه ذو عاهة إلا برأ).

لِسَانَانِ وَ شَفَتَانِ يَشْهَدُ لِمَنِ اِسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ (1).

124 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا أَنَا مِنْ دَدٍ وَ لاَ اَلدَّدُ مِنِّي(2) وَ مَعَ ذَلِكَ كَانَ يَمْزَحُ وَ لاَ يَقُولُ إِلاَّ حَقّاً فَلاَ يَكُونُ ذَلِكَ اَلْمِزَاحُ مِنَ اَلدَّدِ لِأَنَّ اَلْحَقَّ لَيْسَ مِنَ اَلدَّدِ.

125 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : تَكَلَّفُوا مِنَ اَلْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَ إِنَّ أَفْضَلَ اَلْأَعْمَالِ أَدْوَمُهَا وَ إِنْ قَلَّ (3).

126 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلدِّينَ يُسْرٌ وَ لَنْ يُشَادَّ اَلدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَ قَارِبُوا وَ أَبْشِرُوا(4)(5).

ص: 69


1- الوسائل، كتاب الحجّ باب (13) من أبواب الطواف، قطعة من حديث 13 و 15.
2- الدد: اللهو و اللعب، و لامه واو محذوفة، كلام الغد. و يقال فيه أيضا: الددا، باثبات واوه و قلبها الفا، يقال (ما انا في دد و لا الدد منى) أي ما أنا في شيء من اللعب و اللهو، و لا ذلك منى، أي من اشغالى (المنجد).
3- أي تقدرون على فعله بسهولة، من غير ما يوجب الكسل و الملل، و قوله: (لا يمل حتّى تملوا) من باب المقابلة، و هي تسمية الشيء باسم مقابله، فهو من باب المجاز مثل: «وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اَللّٰهُ »، (معه).
4- أي كونوا في الاجتهاد في الاعمال، و افعال الطاعات مقاربين للغاية، و لا تكونوا فيها، فان بلوغ الغاية فيها شديد عليكم لا تقدرون عليه لانه ما من غاية، الا و فوقها غاية، و حقّ اللّه عظيم، لا يمكن لاحد أن يبلغ توفية حقه، ليكون من أهل الغاية فكونوا من أهل المقاربة للغاية، و الاخذ بالايسر، فانه تعالى يقبل منكم اليسير، و يعفو عن الكثير (معه).
5- و رواه البخارى في كتاب الايمان، باب (الدين يسر). و قال في ارشاد السارى في شرح البخارى عند ذكر الخبر ما ملخصه (و لن يشاد هذا الدين أحد) بالشين المعجمة، من المشادة و هي المغالبة أي لا يتعمق أحد في الدين و يترك الرفق (إلا غلبه) الدين و عجز و انقطع عن علمه، كله، أو بعضه، (فسددوا) من السداد، و هو التوسط في العمل. أى الزموا السداد من غير افراط و لا تفريط (و قاربوا) أي ان لم تستطيعوا الاخذ بالاكمل، فاعملوا بما يقرب منه، (و ابشروا) أي ابشروا بالثواب على العمل، و للحديث تتمه فراجع.

127 - وَ رُوِيَ : أَنَّ رِفْقَةً كَانُوا فِي اَلسَّفَرِ فَلَمَّا قَدِمُوا قَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا رَأَيْنَا أَفْضَلَ مِنْ فُلاَنٍ كَانَ يَصُومُ اَلنَّهَارَ فَإِذَا نَزَلْنَا قَامَ يُصَلِّي حَتَّى نَرْحَلَ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَنْ كَانَ يُمَهِّدُ لَهُ وَ يَكْفِيهِ وَ يَعْمَلُ لَهُ فَقَالُوا نَحْنُ قَالَ كُلُّكُمْ أَفْضَلُ مِنْهُ (1) .

128 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ الحي [اَلْحَيِيَّ ] اَلْعَيِيَّ (2) اَلْمُتَعَفِّفَ وَ إِنَّ اَللَّهَ يُبْغِضُ اَلْبَلِيغَ مِنَ اَلرِّجَالِ (3).

129 - وَ رُوِيَ : أَنَّ [اِبْنَ ] اَلْعَبَّاسِ سَأَلَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا اَلْجَمَالُ (4)

ص: 70


1- حاصله ان ذلك الرفيق كان يصوم تطوعا في السفر، و يصلى الليل فيه، و كان أصحابه يكفونه مئونة السفر، فقال (صلّى اللّه عليه و آله): (كلكم أفضل منه)، و ذلك انه روى عنه (صلّى اللّه عليه و آله) «من أعان مؤمنا مسافرا فرج اللّه عنه ثلاثا و سبعين كربة، و اجاره في الدنيا و الآخرة من الغم و الهم، و نفس كربة العظيم، يوم يغص الناس بانفاسهم». و لعلّ صيام ذلك الرجل و صلاته، لم تبلغ هذا الثواب، و من ثمّ كان عليّ بن الحسين عليهما السلام، لا يسافر الا مع رفقة لا يعرفونه، و يشترط عليهم أن يكون من خدام الرفقة فيما يحتاجون إليه رعاية لتحصيل تلك الفضيلة. (جه).
2- العيى: من ليس له قوة التكلم و المراد هاهنا. الذي لا يتكلم فيما لا يعنيه، أو فيما لا فائدة فيه، من الفوائد الراجعة الى الأمور الاخروية و ليس المراد به من في لسانه آفة، و الا لم يكن صفة كمال. (معه).
3- يريد هنا كثير الكلام في الأمور الفضلية، التي لا فائدة فيها، الا اظهار البلاغة بقصد الرياء، و ليخاف الناس من سطوة لسانه، و جرأته على الكلمات التي تستميل بها قلوبهم. (معه).
4- الجمال، حلية الإنسان الكمالية في لسانه: أى في عباراته عن الأشياء التي لا بدّ منها التكلم فيها بالعبارات الفصيحة، و من هذا عرف الجمع بين الحديثين (معه).

فَقَالَ فِي اَللِّسَانِ (1) .

130 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ مِنَ اَلْبَيَانِ لَسِحْراً(2)(3).

131 - وَ جَاءَ فِي اَلْحَدِيثِ : إِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ اَلْبُلْهُ (4).

132 - وَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : خَيْرُ أَهْلِ اَلزَّمَانِ كُلُّ نُوَمَةٍ (5) أُولَئِكَ أَئِمَّةُ اَلْهُدَى وَ مَصَابِيحُ اَلْعِلْمِ لَيْسُوا بِالْعُجُلِ (6) اَلْمَذَايِيعِ اَلْبُدُرِ.

133 - وَ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ اَلْأَخْفِيَاءَ اَلْأَبْرِيَاءَ -(7)

ص: 71


1- لعل المراد بجمال اللسان: حسن الخلق المطلوب منه. كونه هين الكلام حلو اللسان، و في الحديث: ان اللسان في كل يوم يسأل الجوارح إذا أصبح كيف انتم ؟ فيقولون له: نحن بخير ان تركتنا. (جه).
2- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 16.
3- المراد بالبيان الفصاحة و البلاغة، بحيث يعبر عن مراده، بالعبارات المستحسنة فانها تستميل القلوب، و هو معنى كون البيان سحرا، في استخدام صاحبه لقلوب السامعين و ميلهم إليه. (معه).
4- المراد بالبله هنا: عدم الاشتغال بالامور الدنيوية، لغفلتهم عنها، و عدم التفاتهم إليها. أوبله عن معاصى اللّه، فلا يعرفونها البتة، أوبله عما سوى اللّه فلا يلتفتون الى غيره. (معه).
5- المراد بالنومة: أهل الغفلة عما سوى اللّه تعالى، لاشتغالهم به عما سواه. و يحتمل أن يكون الذي له خمول الذكر بين أهل الدنيا، فلا يعرفونه، لقلة مخالطته لهم. (معه).
6- العجل، جمع العجول: و هو قليل التحمل و الصبر في تحصيل المطالب، و المذاييع جمع المذياع: و هو كثير الإذاعة، بمعنى انه لا يكتم شيئا سمعه. و البدر، جمع البدار: و هو سريع المبادرة في الجوابات الدنيوية، و المجادلات المقصود بها الغلبة و اظهار الفضيلة. أو سريع المبادرة الى الأحوال الشريرة الى بنى النوع (معه).
7- جمع برىء: أى برى من المعاصى، أو من معاشرة أهل الدنيا. (معه).

اَلَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْقَدُوا وَ إِذَا حَضَرُوا لَمْ يُعْرَفُوا.

134 - وَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَلاَ إِنَّ عِبَادَ اَللَّهِ كَمَنْ رَأَى أَهْلَ اَلْجَنَّةِ فِي اَلْجَنَّةِ مُخَلَّدِينَ وَ أَهْلَ اَلنَّارِ فِي اَلنَّارِ مُعَذَّبِينَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ وَ قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ وَ أَنْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ وَ حَوَائِجُهُمْ خَفِيفَةٌ صَبَرُوا أَيَّاماً قَلِيلَةً قَصِيرَةً لِعُقْبَى رَاحَةٍ طَوِيلَةٍ أَمَّا اَللَّيْلَ فَصَافُّونَ أَقْدَامَهُمْ تَجْرِي دُمُوعُهُمْ عَلَى خُدُودِهِمْ يَجْأَرُونَ إِلَى رَبِّهِمْ رَبَّنَا رَبَّنَا وَ أَمَّا اَلنَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ بَرَرَةٌ أَتْقِيَاءُ كَأَنَّهُمُ اَلْقِدَاحُ (1) يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ اَلنَّاظِرُ فَيَقُولُ مَرْضَى وَ مَا بِالْقَوْمِ [مِنْ ] مَرَضٍ أَوْ خُولِطُوا وَ لَقَدْ خَالَطَ اَلْقَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ .

135 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ اَلثَّرْثَارُونَ (2) اَلْمُتَفَيْقِهُونَ (3) اَلْمُتَشَدِّقُونَ وَ إِنَّ أَبْغَضَ اَلنَّاسِ إِلَى اَللَّهِ مَنِ اِتَّقَاهُ اَلنَّاسُ لِلِسَانِهِ (4).

136 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لاَ رَضَاعَ بَعْدَ فِطَامٍ (5)(6).

ص: 72


1- هو السهام المبرية التي لا نصل فيها و لا ريش. (معه).
2- الثرثارون، جمع الثرثار، مشتق من الثرثرة، و هي الانتثار، و هي هنا كثرة الكلام من غير حاجة، بل لنيل الحظوظ الدنيوية. (معه).
3- المتفيقهون، الذين يظهرون للناس أنهم ذو فهم و ذكاء ليقربوهم و يعظموهم و المتشدقون، من تشدق بالكلام، اذا ملاء به شدقيه، و هو رفع الصوت بالكلام، و قلة الاستحياء، في أنّه لا يبالى بكل ما قال، حتى يخاف الناس من لسانه. (معه).
4- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 369 و لفظ ما رواه (عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: أ لا انبئكم بشراركم، فقال: هم الثرثارون المتشدقون أ لا انبئكم بخياركم. احاسنكم اخلاقا).
5- الوسائل، كتاب النكاح باب 5 (من أبواب ما يحرم بالرضاع)، قطعة من حديث 1.
6- يعني لا رضاع بعد بلوغ وقت الفطام. و هو ما زاد على الحولين. و شهرين و ذلك يدلّ على تحريم الرضاع بعد انقضاء مدته. و يحتمل أن يكون (لا) هنا بمعنى النهى و يكون معناه: لا ترضعوا أولادكم بعد فطامهم. و يكون دالا على تحريم الرضاع بعد الحولين و يحتمل أن (لا) للنفى، و حينئذ يكون المنفى، هو الرضاع، و هو غير جائز. فلا بدّ من حمله على نفى الحكم، فيصير المعنى، لا رضاع جائز بعد الفطام، أو لا رضاع مؤثر في التحريم بعد الفطام. لان نفى الحقيقة، أقرب المجازات إليها نفى آثارها، بمعنى ان الرضاع الواقع بعد الفطام لا يترتب عليه حكم من أحكامه. (معه).

137 - وَ قَالَ أَيْضاً: اُنْظُرْنَ فِي أَخَوَاتِكُنَّ فَإِنَّمَا اَلرَّضَاعَةُ مِنَ اَلْمَجَاعَةِ يُرِيدُ مَا رَضَعَهُ اَلصَّبِيُّ فَعَصَمَهُ مِنَ اَلْجُوعِ (1).

138 - وَ رَوَوْا عَنِ اِبْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ اَلْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : جَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عُمَرَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَتْ إِنِّي أَرَى(2) فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ (3) مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ (4) عَلَيَّ فَقَالَ أَرْضِعِيهِ قَالَتْ أُرْضِعُهُ وَ هُوَ رَجُلٌ فَضَحِكَ ثُمَّ قَالَ أَ لَسْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ (5) (6) (7) .

ص: 73


1- ظاهر هذا الحديث يدل، على أن شرط تأثير الرضاع في الاحكام المترتبة عليه تأثيره في المرتضع لانه شرط فيه الجوع الذي يكون الرضاع عاصما منه، و أتى بلفظ (انما) الموجبة للحصر، بمعنى أن الرضاع لا يكون رضاعا يترتب عليه أثره، الا بذلك الشرط، و فيه إشارة الى ما قاله الفقهاء: ان الرضاع المحرم، هو ما انبت اللحم و شد العظم، لان العاصم من الجوع يؤثر ذلك. (معه).
2- أي أرى عبوسا.
3- و هو زوج سهلة.
4- و هو كان عبدا لابى سهلة و أعتقه.
5- رواه مسلم في صحيحه ج 2، كتاب الرضاع (باب رضاعة الكبير) حديث 26.
6- هذا الحديث ليس مرويا عندنا. و حملوه على ان المقصود منه زوال نفرة النفس من أبى حذيفة، لا انه سبب في حل النظر، بل كان الحل حاصلا قبله، و انما أراد رفع ما كان في وجه أبى حذيفة من التقبض. (معه).
7- روى عن عائشة انها قالت: الرضاع يحرم أبدا، فلو ارتضع الكبير الفانى نشر الحرمة، لرواية سهلة بنت سهيل و أبت ذلك أمّ سلمة و ساير أزواج النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ان يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس حتّى يرضع في المهد، و قلن لعائشة و اللّه ما ندرى لعلها رخصة من النبيّ لسالم دون الناس، انتهى ملخصا. (جه).

139 - وَ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُجَادَةَ [حجارة] عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ كَسْبِ اَلْإِمَاءِ (1) .

140 - وَ رَوَى هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ثَمَنُ اَلْكَلْبِ (2) وَ أَجْرُ اَلزَّمَارَةِ مِنَ اَلسُّحْتِ .

141 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْحَجَّاجِ اَلصَّوَّافِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ عُمَرَ اَلْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : مَنْ كُسِرَ(3) أَوْ عَرِجَ فَقَدْ أَحَلَّ وَ عَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى.

142 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ كُلْ بِيَمِينِكَ فَإِنَّ اَلشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ (4).

ص: 74


1- المراد به نهى التنزيه، لانها إذا لم تكن ذات حرفة، و لم تجد الشيء زنت، فلا كراهية حينئذ في ذات الحرفة. هذا إذا كانت لام الإماء لام الجنس. فأما إذا كانت اللام للعهد حمل النهى على حقيقته. و يكون المراد بالاماء. الاماء المشهورات بالزنا اللواتى هن ذوات الاعلام، فان كسبهن حرام، لان الغالب انه، من الزنا، فيكثر الحرام في أيديهن. و يندر الحلال. (معه).
2- أي كلب الهراش. (معه).
3- يعني: إذا كسر المحرم في الحجّ ، و هذا الحديث مخالف لما عليه الاصحاب من أن هذا يصير ممنوعا. و حكمه انه لا يحل حتّى يبعث هديه، و يواعد أصحابه يذبحون له، فيحل عند المواعدة. فلعل هذا الحديث محمول على هذا المعنى، فيصير المعنى، فقد حل إذا بعث هديه. و قوله: (و عليه حجة أخرى) مخصوص بما إذا كانت الحجة الأولى واجبة و الا فلا (معه).
4- و ليس المراد هنا بالشيطان الشيطان المشهور، بل يراد به الإنسان الذي هو بصفات الشيطان (معه).

143 - وَ كَذَلِكَ رُوِيَ فِي اَلاِقْتِعَاطِ(1) وَ هُوَ أَنْ يَلْبَسَ اَلْعِمَامَةَ وَ لاَ يَتَلَحَّى بِهَا فَإِنَّهَا عِمَّةُ (2)اَلشَّيْطَانِ .

144 - وَ رُوِيَ : أَنَّ اَلاِسْتِحَاضَةَ رَكْضَةُ اَلشَّيْطَانِ وَ اَلرَّكْضَةُ اَلدَّفْعَةُ .

145 - وَ رَوَى زِيَادُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ اَلْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ اَلْحَسَنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلْحُمْرَةَ مِنْ زِينَةِ اَلشَّيْطَانِ وَ اَلشَّيْطَانُ يُحِبُّ اَلْحُمْرَةَ وَ لِهَذَا كَرِهَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلْمُعَصْفَرَ لِلرِّجَالِ .

146 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لَنْ يَتَوَكَّلَ مَنِ اِكْتَوَى أَوِ اِسْتَرْقَى(3).

147 - وَ رُوِيَ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَوَى سَعْدَ بْنَ زُرَارَةَ وَ قَالَ إِنْ كَانَ فِي شَيْ ءٍ مِمَّا يَتَدَاوَوْنَ بِهِ خَيْراً فَفِي بَزْغَةِ (4) حَجَّامٍ أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ (5) .

148 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ .

149 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اِعْقِلْ وَ تَوَكَّلْ .

150 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا أُبَالِي مَا أُتِيتُ إِنْ أَنَا شَرِبْتُ تِرْيَاقاً أَوْ تعلقت [عَلَّقْتُ ] تَمِيمَةً

ص: 75


1- قعط في الحديث: نهى عن الاقتعاط، هو شد العمامة على الرأس من غير ادارة تحت الحنك يقال: تعمم و لم يقتعط، و هي العمة الطابقية. مجمع البحرين.
2- أي عمامة الشيطان. (معه).
3- رواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب الطبّ (23) باب الكى حديث 3489 و لفظ ما رواه: (عن النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم قال: (من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل).
4- بزغ الحاجم: شق. و شرط دمه: أساله (المنجد).
5- وجه الجمع بين هذه الأحاديث، ان يحمل الأول على ان من اعتقد ان الشفاء من الكى، أو الرقية و تحمل الأحاديث الأخرى على من اعتقد أن الشفاء من اللّه، و ان هذه أسباب لفيض اللّه تعالى، يقع الفعل منه تعالى عندها، و لهذا قال: (لكل داء دواء) بمعنى ان اللّه تعالى جعل فيض الشفاء مشروطا بتناول بعض الأدوية، و كذا قوله: (اعقل و توكل)، فانه داخل فيما قلناه، من فيض جوده عقيب الأسباب (معه).

أَوْ قُلْتُ اَلشِّعْرَ مِنْ نَفْسِي(1).

151 - وَ رُوِيَ عَنِ اِبْنِ اَلْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ يُشْرَبَ قَائِماً قُلْتُ فَالْأَكْلُ قَالَ اَلْأَكْلُ أَشَدُّ.

152 - وَ رَوَى عَبْدُ اَلرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَشْرَبُ وَ هُوَ قَائِمٌ (2) .

153 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلْمَاءُ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْ ءٌ .

154 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: خُلِقَ اَلْمَاءُ طَهُوراً لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْ ءٌ إِلاَّ مَا غَيَّرَ لَوْنَهُ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ .

155 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا بَلَغَ اَلْمَاءُ قَدْرَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ اَلْخَبَثَ (3)(4).

156 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: إِذَا بَلَغَ اَلْمَاءُ كُرّاً لَمْ يَحْمِلْ خَبَثاً(5).

ص: 76


1- و المراد هنا المبالغة في النهى عن فعل هذه الأشياء، لانها غير لائقة به. فأما تعليق التميمة، و هي التعويذ، فغير محرم، الا أن يكون من الاعمال السحرية، و أما تحريم قوله الشعر، فذلك من خصايصه عليه السلام، (معه).
2- وجه الجمع بين هذين الحديثين، أن يحمل الأول على اتخاذ ذلك عادة، فانه منهى عنه، نهى تنزيه، فهو على الكراهة. و يحمل الثاني على ان ذلك وقع على سبيل الندرة، أو الضرورة، كما في حال السفر، فيرتفع حينئذ الكراهة. و به علم ان النهى في الأول لم يكن للتحريم، لانه لو كان كذلك لما صح وقوعه قطعا، (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده: 12 عن مسند عبد اللّه بن عمر.
4- الوسائل، كتاب الطهارة باب (1) من أبواب الماء المطلق حديث 8 و لفظ الحديث: (عن أبي عبد اللّه عليه السلام: إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شيء، و القلتان جرتان).
5- و لا يعارض حديث الكر و القلتين ما تقدمهما، الا بتقدير مفهوم المخالفة، فانه دال على انه إذا لم يكن كذلك، حمل الخبث. لكن الأشهر أن مفهوم المخالفة ليس بحجة، الا ان الاتفاق واقع على العمل به هنا، و حينئذ يتحقّق التعارض، فيحمل الماء في الحديث الأول، على ان اللام فيه للعهد، و لو روده على ماء خاصّ ، و هو بئر بضاعة و يحمل الماء في الحديث الثاني، على لام الاستغراق، و هو لام الجنس، و يبقى معمولا بعمومه في مفهوم المخالف (معه).

157 - وَ رُوِيَ : أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَدِمُوا مَكَّةَ وَ قَدْ لَبُّوا بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ يَطُوفُوا وَ يَسْعَوْا ثُمَّ يُحِلُّوا وَ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً فَحَلَّ اَلْقَوْمُ فَتَمَتَّعُوا (1) .

158 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَوْ لاَ أَنَّ مَعِي اَلْهَدْيَ لَتَحَلَّلْتُ .

159 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : كَادَتِ اَلْعَيْنُ تَسْبِقُ اَلْقَدَرَ(2).

وَ دُخِلَ عَلَيْهِ بِابْنَيْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ هُمَا ضَارِعَانِ فَقَالَ مَا لِي أَرَاهُمَا ضَارِعَيْنِ قَالُوا تُسْرِعُ إِلَيْهِمَا اَلْعَيْنُ فَقَالَ اِسْتَرْقُوا لَهُمَا(3)(4).

160 - وَ رُوِيَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : فِي اَلْكِلاَبِ وَ هِيَ ضَعَفَةُ اَلْجِنِّ فَإِذَا غَشِيَتْكُمْ عِنْدَ طَعَامِكُمْ فَأَلْقُوا لَهَا فَإِنَّ لَهَا نَفْساً يُرِيدُ أَنَّ لَهَا عُيُوناً

ص: 77


1- و هذا الحديث لا يعارضه الا ما رووه من منع المتعة عن عمر. و أمّا أصحابنا فمتفقون على بقاء حكمه (معه).
2- هو ما علم اللّه وقوعه مفصلا، و القضاء ما علم مجملا (معه).
3- و يدلّ هذان الحديثان على أن العين حق، و انها تؤثر، باعتبار ان النفس الشريرة القوية، باعتبار أصل خلقتها تقوى على التأثير في غيرها، فينفعل عنها ما هو أضعف منها من النفوس الساذجة. و لهذا أن العين لا تؤثر في كل أحد، و ان هذا التأثير يندفع بالرقية باسماء اللّه الحسنى، و آيات الكتاب العزيز، لما عرفت من توقف الفيض على الأسباب (معه).
4- رواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب الطبّ (33) باب من استرقى من العين حديث 3510.

تُضِرُّ بِنَظَرِهَا إِلَى مَنْ يَطْعَمُ بِحَضْرَتِهَا(1).

161 - وَ رَوَى حَمَّادٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ اَلْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ اَلْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً (2) (3) .

162 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ حَرِيشٍ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَمَرَ أَنْ يُجَهِّزَ جَيْشاً فَنَفِدَتْ إِبِلُ اَلصَّدَقَةِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ اَلْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ مِنْ إِبِلِ اَلصَّدَقَةِ .

163 - وَ رُوِيَ عَنْ حَرِيزٍ عَنِ اَلشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ اَلْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَأْمُرُنَا فِي فَوْجِ حَيْضَتِنَا أَنْ نَتَّزِرَ ثُمَّ يُبَاشِرُنَا (4) .

163 - وَ رَوَى عَبْدُ اَلْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي اَلْيَمَانِ عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كُنْتُ إِذَا حِضْتُ نَزَلْتُ عَنِ اَلْمِثَالِ (5) عَلَى اَلْحَصِيرِ فَلَمْ يَقْرُبْ مِنِّي

ص: 78


1- الامر هنا ليس للوجوب، لان الامر هنا لمصلحة دنيوية، و هو دفع ضرر عيونها فيكون للارشاد لمصلحة دنيوية، فهو للندب (معه).
2- هذا الحديث يعارضه ما بعده، و العمل على الحديث الثاني. لما ثبت في الاخبار الصحيحة الآتية، ان الربا مختص بالمكيل و الموزون. و ان النسية انما تحرم في الربوى لا مطلقا، فيحمل النهى في الحديث الأول على الكراهة، و الثاني على الجواز، فلا تعارض (معه).
3- رواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب التجارات، (56) باب الحيوان بالحيوان نسيه، حديث 2270.
4- رواه ابن أبي داود في سننه ج 1، كتاب الطهارة (باب الرجل يصيب منها ما دون الجماع) حديث 273.
5- المثال: الفراش الذي ينام عليه (المنجد).

رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ لَمْ يَدْنُ مِنِّي حَتَّى أَطَّهَّرَ (1) (2) .

165 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ (3).

166 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : اَلرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ رُؤْيَا بُشْرَى مِنَ اَللَّهِ وَ رُؤْيَا تَحْزِينٍ مِنَ اَلشَّيْطَانِ وَ رُؤْيَا يُحَدِّثُ بِهَا اَلْإِنْسَانُ نَفْسَهُ فَيَرَاهَا فِي اَلنَّوْمِ (4)(5). فليتفطن الناظر هذه الأحاديث التي أوردتها في هذا الفصل و ليعرف ما اشتملت عليه من المعارضات بعضا منها مع بعض و بعضها مع القضايا العقلية فليجل فكره في كيفية التطبيق ليمكنه العمل بالدليلين -

ص: 79


1- وجه الجمع، حمل الأول على الاباحة، و الثاني على الكراهية، فلا تعارض (معه).
2- رواه ابن أبي داود في سننه ج 1، كتاب الطهارة (باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع) حديث 271.
3- رواه أحمد بن حنبل في ج 4 من مسنده في حديث أبى رزين العقيلى ص 10.
4- وجه الجمع بين هذا الحديث و بين ما تقدمه، انه عبر مطلق الرؤيا بكونها كالطائر الذي لإقرار له و لا ثبات، حتى يحصل تعبيرها، فإذا حصل صارت كالطائر الذي اصيب بالضربة، أو الرمية، فوقف بعد طيرانها. و أمّا الرؤيا الحقيقية، التي عبر عنها بانها بشرى من اللّه تعالى، فهى ما يشاهده النفس المطمئنة من الروحانيات، و العالم العلوى، و تلك الرؤيا واقعة، عبرت أم لم تعبر. لان ما في ذلك العالم كله حقيقي لا يتغير و أمّا الرؤيا التي هي تحزين الشيطان، فهى ما يشاهده النفس عند استيلاء القوّة الشهوية أو الغضبية عليها، فان ذلك ممّا يحصل به الأمور الشريرة، باعتبار الشخص في الأمور الواقعة في العالم الجسماني، باعتبار حصوله من هذه النفس الشيطانية. و كذا ما يراه الإنسان من الأمور المرتسمة في نفسه من القوّة المتخيلة، و المتوهمة، لانها صور لا حقايق لها، و هاتان المرتبتان يقعان مع التعبير بحسب ما يعبران به (معه).
5- رواه مسلم في كتاب الرؤيا من صحيحه ج 4 حديث 2263.

فإنه متى أمكن التطبيق و التوفيق كان أقدم من ترك إحداهما و إنما يتمكن من التوفيق و يحصل التطبيق من أيد بجودة النظر و ضرب في علم الحديث بسهم واف و يد طولى و لهذا قدمت هذا الفصل و جعلته من أوائل فصول الكتاب و الله الموفق للصواب

ص: 80

الفصل الخامس في ذكر أحاديث رويتها بهذا المنوال تتعلق بمعالم الدين و جملة من الآداب رويت بالطرق المذكورة

1 - فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ اَلْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ يُرِدِ اَللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي اَلدِّينِ .

2 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ اَلْبَاهِلِيِّ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَ قَبْلَ أَنْ يُجْمَعَ وَ جَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ اَلْوُسْطَى وَ اَلَّتِي تَلِي اَلْإِبْهَامَ ثُمَّ قَالَ اَلْعَالِمُ وَ اَلْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ فِي اَلْأَجْرِ وَ لاَ خَيْرَ فِي سَائِرِ اَلنَّاسِ بَعْدُ (1) (2) .

3 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا اَلْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَ إِنَّمَا لِكُلِّ اِمْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اَللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ اِمْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ

ص: 81


1- أي يقبض العلم، و قبض العلم: ذهاب أهله (البيهقيّ ).
2- نقل الجزء الآخر من الحديث (العالم و المتعلم إلخ) في ج 2 من البحار الطبعة الحديثة (حديث 90).

إِلَيْهِ (1).

4 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : بُنِيَ اَلْإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اَللَّهِ وَ إِقَامِ اَلصَّلاَةِ وَ إِيتَاءِ اَلزَّكَاةِ وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ حِجِّ اَلْبَيْتِ (2)(3).

5 - وَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ يَكُونُ نُطْفَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ إِلَيْهِ مَلَكاً فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَيَكْتُبُ عَمَلَهُ وَ أَجَلَهُ وَ رِزْقَهُ وَ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ اَلرُّوحَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ اَلْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ اَلنَّارِ وَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ اَلنَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ اَلْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا(4).

ص: 82


1- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 341:7 (باب من قال: أنت طالق فنوى اثنتين أو ثلاثا فهو ما نوى)، و رواه البخارى في صحيحه ج 1 (كيف كان بدء الوحى).
2- رواه البخارى في صحيحه ج 1، كتاب الايمان (باب الايمان و قول النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم بنى الإسلام على خمس).
3- و يحمل هذا على الإسلام الكامل، و الا فالاربعة الأخيرة ليست من أصول الإسلام المطلق، و انما هي من فروعه، نعم هي من أصول الإسلام الكامل (معه).
4- هذا الحديث موافق للمذهبين معا. اما لمذهب الأشعريّ ، فظاهر، من حيث سبق الكتاب الذي هو العلم، على العمل، كما نطق به الحديث، و علم اللّه هو المؤثر في الاعمال عندهم. فالسعيد من سعد في علم اللّه، و الشقى من شقى في علم اللّه. و اما لمذهب المعتزلة. فأما على رأى الإحباط و التكفير، فظاهر أيضا، لجواز تأخر الاعمال المحبطة للطاعات، أو تأخر الاعمال المكفرة للمعاصى، فسعادته و شقاوته باعتبار المتأخر من عملى الطاعة و المعصية. و سبق الكتاب يكون بمعنى الإحباط في علم اللّه، أو التكفير كذلك. و اما على قول أهل الموافاة، فلان تأثير الطاعة في الثواب مشروط بالموافاة بها و كذلك تأثير المعصية في العقاب، فايهما تأخر منها كان الاعتبار له. لان عند حصول الشرط يحصل المشروط، و يكون سبق الكتاب بمعنى حصول الموافاة باى العلمين. و اللّه اعلم بالصواب (معه).

6 - وَ حَدَّثَ عَبْدُ اَلسَّلاَمِ بْنُ صَالِحٍ اَلْخُرَاسَانِيُّ (1) عَنِ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ أَبِيهِ مُوسَى عَنْ أَبِيهِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْإِيمَانُ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ وَ عَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَ يَقِينٌ بِالْقَلْبِ (2).

7 - وَ رَوَى عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ اَلْعَاصِ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى اِثْنَتَيْنِ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً وَ سَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَ سَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهُمْ فِي اَلنَّارِ إِلاَّ فِرْقَةً وَاحِدَةً (3).

8 - وَ رَوَى أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ دَعَا بِوَضُوءٍ (4) فَتَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَ قَالَ هَذَا وَظِيفَةُ اَلْوُضُوءِ اَلَّذِي لاَ يَقْبَلُ اَللَّهُ اَلصَّلاَةَ إِلاَّ بِهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَ قَالَ هَذَا وُضُوءُ مَنْ تَوَضَّأَ بِهِ أَعْطَاهُ اَللَّهُ بِهِ كِفْلَيْنِ مِنَ اَلْأَجْرِ ثُمَّ تَوَضَّأَ ثَلاَثاً ثَلاَثاً وَ قَالَ هَذَا وُضُوئِي وَ وُضُوءُ اَلْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي (5) .

ص: 83


1- و هو أبو الصلت المشهور.
2- و هذا الحديث ان صح، فمحمول على الايمان الكامل، جمعا بينه و بين الأدلة الدالة على ان الاعمال ليست جزءا من الايمان المطلق. (معه).
3- رواه في كنز العمّال، ج 11 (فى الفتن و الهرج) حديث 30837.
4- الوضوء بفتح الواو، الماء الذي يتوضأ به. (معه).
5- هذا الحديث، ذكره العلامة في تذكرته، و حمل الوضوء الثالث على انه من خصايصه صلّى اللّه عليه و آله، و سيأتي ذكره. (معه).

9 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي اَلدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خَمْسٌ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ مَعَ إِيمَانٍ دَخَلَ اَلْجَنَّةَ مَنْ حَافَظَ عَلَى اَلصَّلَوَاتِ اَلْخَمْسِ عَلَى وُضُوئِهِنَّ وَ رُكُوعِهِنَّ وَ سُجُودِهِنَّ وَ مَوَاقِيتِهِنَّ وَ أَعْطَى اَلزَّكَاةَ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ وَ صَامَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَ حَجَّ اَلْبَيْتَ إِنِ اِسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ أَدَّى اَلْأَمَانَةَ قِيلَ وَ مَا اَلْأَمَانَةُ قَالَ اَلْغُسْلُ مِنَ اَلْجَنَابَةِ فَإِنَّ اَللَّهَ لَمْ يَأْمُرِ اِبْنَ آدَمَ عَلَى شَيْ ءٍ مِنْ دِينِهِ غَيْرِهَا(1).

10 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ فَبَلَغَ أَخْطَأَ أَوْ أَصَابَ كَانَ سَهْمُهُ ذَلِكَ كَعِدْلِ رَقَبَةٍ مِنْ وُلْدِ إِسْمَاعِيلَ وَ مَنْ خَرَجَتْ بِهِ شَيْبَةٌ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ كَانَ لَهُ نُوراً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ مَنْ أَعْتَقَ مُسْلِماً كَانَتْ فَكَاكَهُ مِنَ اَلنَّارِ وَ مَنْ قَامَ إِلَى اَلْوُضُوءِ يَرَاهُ حَقّاً عَلَيْهِ (2) فَمَضْمَضَ فَاهُ غُفِرَتْ لَهُ ذُنُوبُهُ مِنْ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ طَهُورِهِ فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ وَ إِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ جَلَسَ جَلَسَ سَالِماً وَ إِنْ صَلَّى تَقَبَّلَ اَللَّهُ مِنْهُ .

11 - وَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ اَلْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ لَهُ مَالٌ لَمْ يُعْطِ حَقَّ اَللَّهِ مِنْهُ إِلاَّ جَعَلَهُ اَللَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ شُجَاعاً(3) لَهُ

ص: 84


1- رواه ابن أبي داود في سننه ج 1، باب (فى المحافظة على وقت الصلوات) حديث 429.
2- أي يعتقده واجبا، و يفعله لذلك. (معه).
3- في الحديث: سلط اللّه عليه شجاعا أقرع، الشجاع بالكسر و الضم: الحية العظيمة التي تواثب الفارس و الرجل، و يقوم على ذنبه، و ربما قلعت رأس الفارس، تكون في الصحارى (مجمع البحرين).

زَبِيبَتَانِ (1) يَنْهَشُهُ حَتَّى يَقْضِيَ بَيْنَ اَلنَّاسِ فَيَقُولُ مَا لِي وَ مَا لَكَ فَيَقُولُ أَنَا كَنْزُكَ اَلَّذِي جَمَعْتَ لِهَذَا اَلْيَوْمِ قَالَ فَيَضَعُ يَدَهُ فِي فِيهِ فَيَقْضِمُهَا(2).

12 - وَ رَوَى أَبُو ذَرٍّ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ جَالِسٌ فِي ظِلِّ اَلْكَعْبَةِ فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلاً قَالَ هُمُ اَلْأَخْسَرُونَ وَ رَبِّ اَلْكَعْبَةِ فَقُلْتُ مَا لِي لَعَلِّي أُنْزِلَ فِيَّ شَيْ ءٌ مَنْ هُمْ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَقَالَ اَلْأَكْثَرُونَ أَمْوَالاً إِلاَّ مَنْ قَالَ هَكَذَا فَحَثَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَ عَنْ يَمِينِهِ وَ عَنْ شِمَالِهِ قَالَ ثُمَّ قَالَ وَ اَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَمُوتُ أَحَدٌ مِنْكُمْ فَيَدَعُ إِبِلاً وَ بَقَراً وَ غَنَماً لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا إِلاَّ جَاءَتْهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ وَ أَسْمَنَهُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَ تَطَؤُهُ بِأَخْفَافِهَا كُلَّمَا نَفِدَ عَلَيْهِ آخِرُهَا أُعِيدَتْ أَوَّلُهَا حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ اَلنَّاسِ (3) .

13 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ وَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ زَوْدٍ صَدَقَةٌ وَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ (4).

14 - وَ رَوَى اَلزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَتَبَ كِتَابَ اَلصَّدَقَةِ إِلَى عُمَّالِهِ فَعَمِلَ بِهِ اَلْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ فَكَانَ فِيهِ فِي خَمْسٍ مِنَ اَلْإِبِلِ شَاةٌ وَ فِي عَشْرٍ شَاتَانِ وَ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلاَثُ شِيَاهٍ وَ فِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَ فِي خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ خَمْسُ شِيَاهٍ وَ فِي سِتٍّ وَ عِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسٍ

ص: 85


1- الزبيبة: نكتة سوداء فوق عين الحية، و قيل: هما نقطتان تكتنفان فاها، و قيل: هما زبدتان في شدقيها (النهاية).
2- القضم: الا كل باطراف الأسنان إذا أكل يابسا (مجمع البحرين).
3- رواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 170 عن حديث أبى ذر الغفارى.
4- سنن ابن ماجه ج 1، كتاب الزكاة (6) باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال حديث 1794. و الراوي جابر بن عبد اللّه.

وَ ثَلاَثِينَ وَ إِذَا زَادَتْ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ إِلَى خَمْسٍ وَ أَرْبَعِينَ فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى سِتِّينَ فَإِذَا زَادَتْ فَجَذَعَةٌ إِلَى خَمْسَةٍ وَ سَبْعِينَ فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ فِي اَلشَّاةِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ فَشَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِذَا زَادَتْ فَثَلاَثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةِ شَاةٍ شَاةٌ وَ لَيْسَ فِيهَا شَيْ ءٌ حَتَّى تَبْلُغَ اَلْمِائَةَ وَ لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَ لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ مَخَافَةَ اَلصَّدَقَةِ وَ مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَ لاَ تُؤْخَذُ فِي اَلصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَ لاَ ذَاتُ عَيْبٍ وَ لَمْ يَذْكُرِ اَلْبَقَرَ (1) .

15 - وَ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ اَلزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَ اِحْتِسَاباً(2) غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ .

16 - وَ رَوَى اِبْنُ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّمَا اَلشَّهْرُ تِسْعٌ وَ عِشْرُونَ فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ وَ لاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ (3)(4).

17 - وَ رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَرَادَ اَلْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ اَلْمَرِيضُ وَ تَضِلُّ اَلضَّالَّةُ وَ تَعْرِضُ

ص: 86


1- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده: 15 مع اختلاف يسير في الفاظه.
2- أي أعتقد وجوبه، أي تقربا إليه تعالى. (معه).
3- في العمل في هذا الحديث توقف، و سيأتي من الأحاديث غيره ما يكون العمل عليه (معه).
4- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده: 5 و 13 عن مسند عبد اللّه بن عمر.

اَلْحَاجَةُ (1)(2).

18 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اَلْحَجِّ حَاجَةٌ ظَاهِرَةٌ وَ لاَ مَرَضٌ حَابِسٌ وَ لاَ سُلْطَانٌ جَائِرٌ فَمَاتَ وَ لَمْ يَحُجَّ فَلْيَمُتْ إِنْ شَاءَ يَهُودِيّاً وَ إِنْ شَاءَ نَصْرَانِيّاً(3).

19 - وَ رَوَى سَلْمَانُ اَلْفَارِسِيُّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ شَهْرٍ وَ صِيَامِهِ وَ مَنْ مَاتَ مُرَابِطاً فِي سَبِيلِ اَللَّهِ كَانَ لَهُ أَجْرُ مُجَاهِدٍ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ (4).

ص: 87


1- سنن ابن ماجة ج 2، كتاب المناسك (1) باب الخروج الى الحجّ حديث 2883.
2- الظاهر ان في هذا الحديث دلالة على فورية الحجّ ، فانه عبر عن وجوب الحجّ ، بارادته. لان من وجب عليه الحجّ ، فهو مريد له، و عقبه بالامر بالتعجيل بالفاء الموجبة له، بلا مهلة، و علل ذلك بانه قد يمنع من التعجيل مانع فوت الفرض، فتبقى الذمّة مشغولة به، فلا بدّ من التعجيل المقتضى للفورية بعد تحقّق الوجوب (معه).
3- في التخيير في جنس الموتة، على أي الطائفتين. تنبيه على مساواته لهما في عدم حصوله من كل واحدة منهما، لانهما لا يعتقدان الحجّ ، فالذى يجب عليه الحجّ من أهل الإسلام، ثمّ تركه بغير عذر مانع، يكون مساويا لهما، و انما خصهم بالذكر، باعتبار انهما أهل ملة، مع أنهم لا يعتقدون الحجّ ، فيساويهما التارك له من المسلمين (معه).
4- الرباط: هو ربط الرجل فرسه، أو نفسه، أو غلامه، في ثغر من الثغور لحفظ المسلمين، من هجوم الكفّار عليهم على غفلة، فهو يتضمن حفظا و اعلاما، لا قتالا. و ان شئت فقل: ان الرباط هو حبس الرجل نفسه على تحصيل معالم الدين، و تشييد مبانيه حفظا له عن الضياع، و منعا له عمن يقصد تغييره و تبديله، فانه يكون داخلا في جملة المرابطين و تدخل تحت عموم الخبر، بل هو أبلغ في اسم المرابطة من الأول، لان مهام الدين أولى بالاهتمام من مهام الأبدان. و المرابطة الأول تحرس الأبدان، و هذا يحرس الأديان فيكون اهتمامه أبلغ و آكد (معه).

20 - وَ رَوَى ثَوْبَانُ عَنْ أَبِيهِ مَكْحُولٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ اَلصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : جَاهِدُوا فِي اَللَّهِ اَلْقَرِيبَ وَ اَلْبَعِيدَ وَ فِي اَلْحَضَرِ وَ اَلسَّفَرِ فَإِنَّ اَلْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ اَلْجَنَّةِ وَ إِنَّهُ يُنْجِي صَاحِبَهُ مِنَ اَلْهَمِّ وَ اَلْغَمِّ (1).

21 - وَ رُوِيَ : أَنَّ رَجُلاً مِنَ اَلصَّحَابَةِ سَأَلَهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا اَلْكَبَائِرُ قَالَ هُنَّ تِسْعٌ أَعْظَمُهُنَّ اَلشِّرْكُ بِاللَّهِ وَ قَتْلُ اَلنَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ فِرَارٌ مِنَ اَلزَّحْفِ وَ اَلسِّحْرُ وَ أَكْلُ مَالِ اَلْيَتِيمِ وَ أَكْلُ اَلرِّبَا وَ قَذْفُ اَلْمُحْصَنَةِ وَ عُقُوقُ اَلْوَالِدَيْنِ اَلْمُسْلِمَيْنِ وَ اِسْتِحْلاَلُ اَلْبَيْتِ اَلْحَرَامِ (2) قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَ أَمْوَاتاً ثُمَّ قَالَ مَنْ لاَ يَعْمَلُ هَذِهِ اَلْكَبَائِرَ وَ يُقِيمُ اَلصَّلاَةَ وَ يُؤْتِي اَلزَّكَاةَ وَ يُقِيمُ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ رَافَقَ مُحَمَّداً (3) .

22 - وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّ اَلْكَبَائِرَ أَحَدَ عَشَرَ أَرْبَعٌ فِي اَلرَّأْسِ اَلشِّرْكُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ قَذْفُ اَلْمُحْصَنَةِ وَ اَلْيَمِينُ اَلْفَاجِرَةُ وَ شَهَادَةُ اَلزُّورِ وَ ثَلاَثٌ فِي اَلْبَطْنِ أَكْلُ مَالِ اَلرِّبَا وَ شُرْبُ اَلْخَمْرِ وَ أَكْلُ مَالِ اَلْيَتِيمِ وَ وَاحِدَةٌ فِي اَلرِّجْلِ وَ هِيَ اَلْفِرَارُ مِنَ اَلزَّحْفِ وَ وَاحِدَةٌ فِي اَلْفَرْجِ وَ هِيَ اَلزِّنَاءُ وَ وَاحِدَةٌ فِي اَلْيَدَيْنِ وَ هِيَ قَتْلُ اَلنَّفْسِ وَ وَاحِدَةٌ فِي جَمِيعِ اَلْبَدَنِ وَ هِيَ عُقُوقُ اَلْوَالِدَيْنِ .

ص: 88


1- يمكن أن يراد بالجهاد هنا، الامر بالمعروف و النهى عن المنكر. و حمله على العموم أولى، ليدخل في جميع أنواع الجهاد، حتى جهاد النفس، و يصير المعنى في قوله: القريب و البعيد، الحواس الظاهرة و الباطنة. (معه).
2- أي عدم مراعاة حقوقه و حرمته (معه).
3- رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ج 4 (كتاب التوبة و الانابة) و صدر الحديث (عن عبيد بن عمير، عن أبيه انه حدثه، و كانت له صحبة: ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، قال في حجة الوداع: ألا ان أولياء اللّه المصلون، من يقيم الصلاة الخمس، التي كتبن عليه، و يصوم رمضان، و يحتسب صومه يرى انه عليه حق و يعطى زكاة ماله يحتسبها، و يجتنب الكبائر التي نهى اللّه عنها، ثمّ ان رجلا (الخ).

23 - وَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى اَلنَّخْلِ اَلَّذِي فِيهِ اِبْنُهُ إِبْرَاهِيمُ فَوَجَدَهُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ فِي حَجْرِهِ ثُمَّ قَالَ يَا إِبْرَاهِيمُ مَا نَمْلِكُ لَكَ مِنَ اَللَّهِ شَيْئاً وَ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَ وَ لَمْ تَنْهَ عَنِ اَلْبُكَاءِ قَالَ مَا نَهَيْتُ عَنْهُ وَ لَكِنِّي نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ صَوْتٍ عِنْدَ نَغْمَةِ لَهْوٍ وَ لَعِبٍ وَ مَزَامِيرِ اَلشَّيْطَانِ وَ صَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشِ وُجُوهٍ وَ شَقِّ جُيُوبٍ وَ رَنَّةِ اَلشَّيْطَانِ وَ هَذِهِ رَحْمَةٌ وَ مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ لَوْ لاَ أَنَّهُ وَعْدٌ حَقٌّ وَ أَمْرٌ صِدْقٌ وَ أَنَّهَا سَبِيلٌ نَأْتِيهِ [فَانِيَةٌ ] وَ أَنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ أَوَّلَنَا لَحَزَنَّا عَلَيْكَ حُزْناً هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا وَ إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ تَدْمَعُ اَلْعَيْنُ وَ يَحْزَنُ اَلْقَلْبُ وَ لاَ نَقُولُ مَا يُسْخِطُ اَلرَّبَّ (1) .

24 - وَ رَوَى اَلنُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : حَلاَلٌ بَيِّنٌ وَ حَرَامٌ بَيِّنٌ وَ بَيْنَهُمَا شُبُهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ اَلنَّاسِ فَمَنِ اِتَّقَى اَلشُّبُهَاتِ فَقَدِ اِسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَ عِرْضِهِ وَ مَنْ وَقَعَ فِي اَلشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي اَلْحَرَامِ كَالرَّاعِي حَوْلَ اَلْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ أَلاَ وَ إِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى وَ إِنَّ حِمَى اَللَّهِ مَحَارِمُهُ (2).

25 - وَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : سَبْعَةٌ فِي ظُلَلِ اَللَّهِ يَوْمَ لاَ

ص: 89


1- قد استفاض من الاخبار، ان الأنبياء و الأولياء بكوا على موتاهم، و كفاك دليلا على جوازه، بكاء عليّ بن الحسين عليهما السلام على أبيه أربعين سنة، و ما شرب ماء حتّى يبكى، فيمزج الماء بالدموع، فيشربه. بل ورد استحباب البكاء عند غلبة الحزن، لانه يفرغ القلب (جه).
2- و في هذا الحديث، دلالة على وجوب تجنب الشبهات من حيث أن الوقوع فيها مستلزم للوقوع في الحرام، و الوقوع في الحرام حرام، فما هو السبب في الوقوع فيه أيضا حرام، فالشبهات حرام (معه).

ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ إِمَامٌ مُقْتَصِدٌ(1) وَ شَابٌّ نَشَأَ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ رَجُلٌ ذَكَرَ اَللَّهَ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اَللَّهِ وَ رَجُلٌ لَقِيَ آخَرَ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اَللَّهِ وَ قَالَ اَلْآخَرُ كَذَلِكَ (2) وَ رَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقاً بِحُبِّ اَلْمَسْجِدِ(3) حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْهِ وَ رَجُلٌ إِذَا تَصَدَّقَ أَخْفَى صَدَقَةَ يَمِينِهِ عَنْ شِمَالِهِ وَ رَجُلٌ دَعَتْهُ اِمْرَأَةٌ ذَاتُ جَمَالٍ وَ مَنْصِبٍ فَقَالَ إِنِّي أَخٰافُ اَللّٰهَ رَبَّ اَلْعٰالَمِينَ .

26 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا اَلصَّلاَةُ فَقَالَ خَيْرُ مَوْضُوعٍ فَاسْتَكْثِرْ أَوِ اِسْتَقِلَّ (4) قُلْتُ أَيُّ اَلْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَ جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ قُلْتُ فَأَيُّ اَلْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً قُلْتُ فَأَيُّهُمْ أَسْلَمُ قَالَ مَنْ سَلِمَ اَلْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَ يَدِهِ قُلْتُ فَأَيُّ اَلْهِجْرَةِ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ هَجَرَ اَلسَّيِّئَاتِ قُلْتُ فَأَيُّ اَلصَّلاَةِ أَفْضَلُ قَالَ طُولُ اَلْقُنُوتِ (5) قُلْتُ فَأَيُّ اَلصِّيَامِ أَفْضَلُ قَالَ فَرْضٌ مُجْزٍ(6) قُلْتُ فَأَيُّ اَلْجِهَادِ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ عَقَرَ جَوَادَهُ وَ أُهْرِيقَ دَمُهُ قُلْتُ فَأَيُّ اَلرِّقَابِ أَفْضَلُ قَالَ أَغْلاَهَا ثَمَناً وَ أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا قُلْتُ فَأَيُّ اَلصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ جُهْدٌ

ص: 90


1- أي العادل بين الناس (معه).
2- أي لا لامر دنيوى أو شيء آخر من الاغراض (معه).
3- المراد بالمسجد، مسجد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (معه).
4- أي انت مخير في طلب الكثرة و القلة (معه).
5- المراد بالقنوت هنا، الدعاء و الخشوع و الخضوع (معه).
6- أي فرض وقع على الوجه المعتبر شرعا (معه).

مِنْ مُقِلٍّ وَ سِرٌّ إِلَى فَقِيرٍ(1) قُلْتُ فَأَيُّ آيَةٍ أَعْظَمُ (2) قَالَ آيَةُ اَلْكُرْسِيِّ ثُمَّ قَالَ وَ مَا اَلسَّمَاوَاتُ اَلسَّبْعُ مَعَ اَلْكُرْسِيِّ إِلاَّ كَحَلْقَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضِ فَلاَةٍ وَ فَضْلُ اَلْعَرْشِ عَلَى اَلْكُرْسِيِّ كَفَضْلِ اَلْفَلاَةِ عَلَى اَلْحَلْقَةِ قُلْتُ كَمِ اَلْأَنْبِيَاءُ قَالَ مِائَةُ أَلْفٍ وَ أَرْبَعَةٌ وَ عِشْرُونَ أَلْفاً قُلْتُ كَمِ اَلرُّسُلُ قَالَ ثَلاَثُمِائَةٍ وَ ثَلاَثَةَ

ص: 91


1- في النهاية: أى الصدقة أفضل ؟ قال: جهد المقل، أي قدر ما يحتمل حال القليل المال. أقول: حاصله، صدقة من فقير، و صدقة سر الى فقير. و ورد في الحديث اذا أملقتم فتاجروا اللّه بالصدقة، و ذلك ان الدرهم يكون بعشرة، أو بسبعين، أو سبعمائة، كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة (جه).
2- ليس المراد من الآية المسئول عنها هنا آية من آيات الكتاب العزيز، بل المراد بها العلامة و الدلالة التي يستدل بها على عظم الخالق، و علو قدرته، و تمام قهره وسعة ملكه. و لهذا أجابه (صلّى اللّه عليه و آله) بآية الكرسيّ ، من حيث ان السائل لم يكن عالما بما وراء السماوات السبع، و كان في وهمه أنّها أعظم الآيات و أكبرها، فنبهه عليه السلام على ان ما ورائها ما هو أعظم منها، و أبلغ في الدلالة، و هو الكرسيّ ، و بين وجه عظمته، ثم نبه على ان هناك ما هو أعظم منه أيضا و هو العرش، و بين ذلك بتفاوت النسبة بينه و بين الكرسيّ تدريجا بفكره، للترقى من الادون الى الأعلى، كما هو عادة المعلمين مع المتعلمين ليعرف بذلك انه لا نهاية لعظمة اللّه و كمالاته (معه).

عَشَرَ(1) أَوَّلُهُمْ آدَمُ خَلَقَهُ اَللَّهُ بِيَدِهِ وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رَوْحِهِ (2) وَ سَوَّاهُ قُبُلاً ثُمَّ قَالَ يَا أَبَا ذَرٍّ أَرْبَعَةٌ سُرْيَانِيُّونَ آدَمُ وَ شِيثٌ وَ أُخْنُوخُ وَ هُوَ إِدْرِيسُ وَ هُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِقَلَمٍ وَ نُوحٌ وَ أَرْبَعَةٌ مِنَ اَلْعَرَبِ هُودٌ وَ شُعَيْبٌ وَ صَالِحٌ وَ نَبِيُّكَ وَ أَوَّلُ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُوسَى وَ آخِرُهُمْ عِيسَى وَ أَوَّلُ اَلرُّسُلِ آدَمُ وَ آخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ قُلْتُ كَمْ كِتَاباً أَنْزَلَ قَالَ مِائَةَ كِتَابٍ وَ أَرْبَعَةَ كُتُبٍ أَنْزَلَ عَلَى شِيثٍ خَمْسِينَ صَحِيفَةً وَ عَلَى أُخْنُوخَ ثَلاَثِينَ صَحِيفَةً وَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَشْرَ صَحَائِفَ وَ أَنْزَلَ عَلَى مُوسَى قَبْلَ اَلتَّوْرَاةِ عَشْرَ صَحَائِفَ وَ أُنْزِلَتِ اَلتَّوْرَاةُ وَ اَلْإِنْجِيلُ وَ اَلزَّبُورُ وَ اَلْفُرْقَاُنُ وَ كَانَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ كُلُّهَا أَمْثَالاً أَيُّهَا اَلْمَلِكُ اَلْمُسَلَّطُ اَلْمَغْرُورُ إِنِّي لَمْ أَبْعَثْكَ لِتَجْمَعَ اَلدُّنْيَا وَ لَكِنِّي بَعَثْتُكَ (3) لِتَرُدَّ عَنِّي دَعْوَةَ اَلْمَظْلُومِ -

ص: 92


1- يعني أن العرش فوق الكرسيّ ، كما هو الوارد في أكثر الاخبار، و لا ينافيه قوله سبحانه: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَ اَلْأَرْضَ . فان الشائع من اطلاق السماوات، إرادة السماوات السبع، و في الحديث أن المراد بالكرسيّ في الآية علم اللّه تعالى (جه). هذا وارد في أخبار كثيرة. و في الحاشية ان الفرق بين النبيّ و الرسول أن النبيّ هو المخبر من اللّه من غير واسطة أحد من البشر، و انما الواسطة ملك من الملائكة، و هو جبرئيل، من دون أن يكلف بالتبليغ الملزوم، و الرسول بعكسه في التبليغ (جه).
2- ورد في الخبر: ان الشيء العظيم يضاف إلى اللّه، يعنى أن خلقه بيد قدرته و نفخ فيه من الروح بدون توسط أب و أم. (و سواه قبلا) أي سوى آدم. فى النهاية (فى حديث آدم (عليه السّلام) ان اللّه خلقه بيده ثمّ سواه قبلا، و في رواية: ان اللّه كلمه قبلا، أى عيانا و مقابلة، لا من وراء حجاب، من غير أن يولى أمره أو كلامه أحدا من ملائكته أقول: حاصله، أنه عدل طينته، و سواه بيد قدرته، ليس على حدّ غيره من البشر، فانه كما سبق يرسل ملائكة التصوير، فيصوروا النطفة في الرحم الى وقت الولادة (جه).
3- لهذا الكلام ظاهر، و هو ظاهر. و أمّا باطنه فقالوا: ان المراد بالملك المسلط المغرور، هو النفس، لانها الحاكمة في البدن، و المسلط على قواه الباطنة و الظاهرة، ليستخدمها في مآربه، و هو المغرور، لكونه يأمل ان سلطنته لا يزول، و ملكه لا يفنى بسبب البقاء أيّام الحياة، و هو غرور باطل، أوجبه أمله الكاذب. و بعثه عبارة عن تعلقه بالبدن، و قيامه على مصالحه بعد أن كان منه بمعزل في عالم آخر. و هذا خطاب من اللّه تعالى له، احتجاجا عليه بانه لم يكن بعثه في البدن، الذي صار مقصودا له، و توجهه إليه، من حبّ المال و الجاه، و الاشتغال بالشهوات، المعبر عنها بالدنيا. و انما بعثه، و تمكينه و اعطاءه الآلات و العساكر و الجنود، لغرض هو أعز من ذلك و أولى بالوجود و الاتباع، و صرف الهمة و التوجه إليه، لانه المقصود الذاتي من البعث المذكور، و هو أن يكون متوجها الى العقل، داخلا تحت طاعة النفس، ليرد دعوته التي هي دائما متوجهة إلى اللّه. و عبر عنه بالمظلوم، لانه جعله مرءوسا للنفس، و حقه أن يكون رئيسا عليها، فكان مظلوما باعتبار ازالته عن مرتبته، و انقهاره تحت طاعة النفس، و حقه أن يكون هو القاهر عليها. و السر في هذه الظلامة انما هو لابتلاء النفس و اختبارها، لتقوم الحجة عليها، و اخبر عليه السلام ان المقصود من تمكينها انما هو ردّ دعوة هذا المظلوم و شكايته الى اللّه، فانها ان لم يرده برد دعوته و شكايته بالسعى في مرضاته و التوجه إليه، و الا كانت من أهل العقاب لما أخبر به من أن دعوة المظلوم لا مرد لها عند اللّه، و ان وقعت من كافر جاهل، فكيف و الحال أنّها وقعت من مؤمن مطيع لامر اللّه، قائما باوامره، فان دعوته أبلغ في أنّها لا ترد (معه).

فَإِنِّي لاَ أَرُدُّهَا وَ إِنْ كَانَتْ مِنْ كَافِرٍ وَ عَلَى اَلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ وَ سَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ وَ سَاعَةٌ يُفَكِّرُ فِيهَا فِي صُنْعِ اَللَّهِ وَ سَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا بِحَاجَتِهِ مِنَ اَلمَطْعَمِ وَ اَلْمَشْرَبِ وَ عَلَى اَلْعَاقِلِ أَنْ لاَ يَكُونَ ظَاعِناً إِلاَّ لِثَلاَثٍ تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ أَوْ مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَ عَلَى اَلْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ بَصِيراً بِزَمَانِهِ مُقْبِلاً عَلَى شَأْنِهِ حَافِظاً لِلِسَانِهِ وَ مَنْ حَسَبَ كَلاَمَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلاَمُهُ إِلاَّ فِيمَا يَعْنِيهِ -

ص: 93

وَ صُحُفُ مُوسَى كَانَتْ عِبَراً كُلُّهَا عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ كَيْفَ يَفْرَحُ وَ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ كَيْفَ يَنْصَبُ وَ لِمَنْ رَأَى اَلدُّنْيَا وَ تَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا كَيْفَ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا وَ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ كَيْفَ [ثُمَّ ] لاَ يَعْمَلُ وَ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَى نَبِيِّكَ - قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى وَ ذَكَرَ اِسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى بَلْ تُؤْثِرُونَ اَلْحَيٰاةَ اَلدُّنْيٰا وَ اَلْآخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقىٰ إِنَّ هٰذٰا لَفِي اَلصُّحُفِ اَلْأُولىٰ صُحُفِ إِبْرٰاهِيمَ وَ مُوسىٰ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَوْصِنِي فَقَالَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اَللَّهِ فَإِنَّهُ رَأْسُ أَمْرِكَ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ عَلَيْكَ بِتِلاَوَةِ اَلْقُرْآنِ وَ ذِكْرِ اَللَّهِ فَإِنَّهُ ذِكْرٌ لَكَ فِي اَلسَّمَاءِ وَ نُورٌ لَكَ فِي اَلْأَرْضِ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ إِيَّاكَ وَ كَثْرَةَ اَلضَّحِكِ فَإِنَّهُ يُمِيتُ اَلْقَلْبَ وَ يَذْهَبُ بِنُورِ اَلْوَجْهِ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي(1) قُلْتُ زِدْنِي قَالَ اُنْظُرْ إِلَى مَنْ تَحْتَكَ وَ لاَ تَنْظُرْ إِلَى مَنْ فَوْقَكَ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لاَ تَزْدَرِي نِعْمَةَ اَللَّهِ عَلَيْكَ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ قُلِ اَلْحَقَّ وَ لَوْ كَانَ مُرّاً قُلْتُ زِدْنِي قَالَ لاَ تَخَفْ فِي اَللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ قُلْتُ زِدْنِي قَالَ يَرُدُّكَ عَنِ اَلنَّاسِ مَا تَعْرِفُ مِنْ نَفْسِكَ وَ لاَ تَجِدُ عَلَيْهِمْ فِيمَا تُحِبُّ ثُمَّ قَالَ لاَ عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَ لاَ حَسَبَ كَحُسْنِ اَلْخُلُقِ .

ص: 94


1- أي الاعتزال عن الناس، و هو البعد (معه).

الفصل السادس في أحاديث أخرى من هذا الباب رويتها بطريق واحد

1 - رَوَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ حَفِظَ(1) عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثاً مِنْ أَمْرِ دِينِهَا بَعَثَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فِي زُمْرَةِ اَلْفُقَهَاءِ وَ اَلْعُلَمَاءِ .

2 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : عَلَى كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ(2).

3 - وَ فِي أُخْرَى: عَلَى كُلِّ كَبِدٍ حَرَّى أَجْرٌ.

4 - وَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلدُّنْيَا سِجْنُ اَلْمُؤْمِنِ وَ جَنَّةُ اَلْكَافِرِ(3).

ص: 95


1- سواء كان حفظه لألفاظها، أو لمعانيها، أو لهما معا. و انما يحصل له هذه الدرجة اذا أداها الى من يطلب منها الانتفاع بها (معه).
2- في الرواية الأولى تعمم، شموله للمحتاج و غيره. و في الثانية إشارة الى شرط الحاجة، لوصف الكبد بكونه حرى، و هو دليل على الحاجة، فيكون الثاني آكد من الأول، و فيهما معا دلالة، على ان الاحسان لا يضيع، و انه جائز بالنسبة الى مجموع خلق اللّه ممن يتصف بالحياة من حيوان، و فيه مماثلة. لما ثبت من قوله عليه السلام: الشفقة على خلق اللّه (معه).
3- يعني: ان المؤمن ما دام في الدنيا، فهو بالنسبة الى ما يجب له في الآخرة من النعيم و الخيرات، في سجن، لان ما هو في الدنيا، و ان سمى خيرا و لذة و سرورا في عرف أهلها، الا انه لا نسبة له الى لذات الآخرة، و نعيمها، و سرورها. فصار أحوالها في الدنيا، بالنسبة الى تلك الأحوال كالسجن. لان بقائه في الدنيا مانع من وصوله الى ذلك. و ان الكافر ما دام في الدنيا فهو بالنسبة الى ما وعد له في الآخرة من الهوان و العذاب الشديد، و النكال، كمن هو في جنة و راحة. لانه و ان كان في الدنيا في غاية الشدة و الفقر الا ان ما اعد له هناك أشدّ و أعظم. فيكون بقائه في الدنيا المانع من وصوله الى تلك الشدائد، و الآلام الغير المتناهية، جنة و لذة بالنسبة إليه (معه).

5 - وَ فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ (1).

6 - وَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ (2).

7 - وَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ مَاتَ حَاجّاً أَوْ مُعْتَمِراً لَمْ يُعْرَضْ وَ لَمْ يُحَاسَبْ وَ قِيلَ لَهُ اُدْخُلِ اَلْجَنَّةَ .

8 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَللَّهَ يُبَاهِي بِالطَّائِفِينَ (3).

ص: 96


1- هذا الحديث عام في نفى التوارث من الجانبين. اذ ظاهره، ان الكافر لا يرث المسلم، و المسلم لا يرث الكافر لان الإسلام ملة واحدة و الكفر ملة واحدة. لكن لا بدّ من تخصيصه بما انعقد عليه الإجماع. من ان المانع من جهة الكفر دون الإسلام، فالكافر لا يرث المسلم و المسلم يرث الكافر. و ان شئت أسندت هذا التخصيص الى قوله صلّى اللّه عليه و آله: «الإسلام يعلو و لا يعلى عليه»، و انما يتم ذلك بما قلناه من انه يرث و لا يورث (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 21/2.
3- و سبب المباهاة، ان الطائفين طافوا بالبيت، بمحض التعبد و الطاعة، و مجرد الانقياد بالامر من غير علم بعلة ذلك، بخلاف الملائكة الطائفين بالعرش، و البيت المعمور، فانهما و ان طافوا بهما بمحض التعبد و الامر، الا انهم يعلمون علة ذلك الامر و الوجه فيه، فكان أهل طواف الأول، أشدّ امتحانا، لخفاء علة التكليف عنهم، فكان طاعتهم ابلغ، و فعلهم أشق، فكان محل المباهات (معه).

9 - وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا مِنْ عَبْدٍ أَذْنَبَ ذَنْباً فَقَامَ فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ اَلطَّهُورَ ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اَللَّهَ إِلاَّ غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ .

10 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا مَاتَ اِبْنُ آدَمَ اِنْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ وَ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ وَ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ (1).

11 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا اِلْتَقَى خِتَانُهُ خِتَانَهَا(2) وَجَبَ اَلْغُسْلُ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ .

12 - وَ رَوَى شُعْبَةُ عَنِ اَلْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ اَلْجُهَنِيِّ قَالَ : قُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي أَرْضِ جُهَيْنَةَ وَ أَنَا

ص: 97


1- رواه في البحار: الطبعة الحديثة ج 2 (باب (8) ثواب الهداية و التعليم و فضلهما) حديث 65.
2- ليس المراد بالالتقاء، الالتصاق. لانه غير ممكن، لان محل ختان المرأة فوق مدخل الذكر، فلا يتلاصقان. و انما المراد بها المحاذاة، و يقال: التقى الفارسان، اذا تحاذيا. و المراد بالختان هنا محله، سواء كان هناك ختان أو لا، فيكون المعنى: اذا تحاذى ختان الرجل لمحل ختان المرأة، وجب الغسل عليهما، سواء حصل هناك إنزال أو لا كما هو مضمون الحديث (معه).

غُلاَمٌ شَابٌّ أَنْ لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ اَلْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَ لاَ عَصَبٍ (1) (2) .

13 - وَ فِي حَدِيثِ خَبَّابِ بْنِ اَلْأَرَتِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَقَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ اَلرَّجُلُ مِنْهُمْ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي اَلْأَرْضِ ثُمَّ يُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُجْعَلُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ فِرْقَتَيْنِ وَ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَ اَللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا اَلْأَمْرُ -(3)

ص: 98


1- و في هذا الحديث دلالة على امور: (الأول) ان الكتاب يجوز التعويل عليه في الاحكام الشرعية، و يكون قائما مقام فتوى المفتى. لان فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك لو لم يكن حجة في وجوب قبوله عليهم، لم يكن لبعثه فائدة. (الثاني) ان الكتاب إذا نفذ إلى جهة معينة، لم يجب أن يختص الحكم الى أهل تلك الجهة، بل يعم حكمه الكل، لان الأصل في الاحكام عمومها، و لقوله صلّى اللّه عليه و آله: «حكمى على الواحد حكمى على الجماعة». (الثالث) ان الراوي إذا كان وقت الرواية مميزا، قبلت روايته إذا أداها وقت البلوغ، لان الاعتبار بحال الأداء لا باعتبار التحمل. (الرابع) انها دلت على النهى في الانتفاع بإهاب الميتة و عصبها، و هو دال على نجاستهما اذ لو كانا طاهرين لصح الانتفاع بهما، و لو من بعض الجهات لكنه سلب الانتفاع على العموم، فيكون دالا على النجاسة. (الخامس) ان الاهاب هنا بمعنى الجلد من الميتة، اذ التقييد لا تنتفعوا باهاب الميتة أى بجلدها، فيعم حالة الدباغ و غيرها، و فيه دلالة على ان الاهاب لا يطهر بالدباغ، لانه لو طهر به يصحّ الانتفاع به، و ذلك مناف لعموم الحديث. فان قيل: الاهاب اسم لما لم يدبغ من الجلود، فيكون النهى عن ما لا يدبغ منها، فلا يدخل المدبوغ تحت العموم قلنا: نمنع اختصاص لفظ الاهاب بغير المدبوغ، بل هو اسم موضوع للجلد، الصادق على المدبوغ و غيرها (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 310/4 في (حديث عبد اللّه بن عكيم رضى اللّه تعالى عنه).
3- يعني دين الإسلام. و المراد عند ظهور الامام، و استيلائه على البلاد، و عموم الإسلام لجميعها (معه).

حَتَّى يَسِيرَ اَلرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءِ اَلْيَمَنِ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلاَّ اَللَّهَ وَ اَلذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَ لَكِنَّكُمْ تَعْجَلُونَ (1).

14 - وَ رَوَى أُسَيْدُ بْنُ خُضَيْرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كُلُوا اَلزَّيْتَ وَ اِدَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبٰارَكَةٍ (2).

15 - وَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَزُولُ عَبْدٌ قَدَماً عَنْ قَدَمٍ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَ شَبَابِهِ فيما [فِيمَ ] أَبْلاَهُ وَ عَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اِكْتَسَبَهُ وَ فِيمَا أَنْفَقَهُ وَ عَنْ عَمَلِهِ مَا ذَا عَمِلَ . 16 - وَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ : أَنَّ اَلرَّابِعَةَ وَ عَنْ حُبِّنَا أَهْلَ اَلْبَيْتِ (3).

17 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ اَلْقُرْآنَ وَ عَلَّمَهُ (4).

ص: 99


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 110/5، ج 395/6.
2- الامر هنا للاستحباب، لانه ارشاد الى مصلحة دنيوية راجعة الى اصلاح البدن فلا يكون للوجوب (معه).
3- قيل المراد بالمحبة هنا، المحبة الحقيقية، و هي التي بمعنى المشاكلة، و المتابعة، و طاعة الامر، و القيام بالخدمة. كما أشار إليه الشاعر بقوله: تعصى الاله و أنت تظهر حبّه هذا محال في الفعال بديع لو كان حبك صادقا لاطعته ان المحب لمن يحب مطيع و قيل: المراد بها، الاعتقاد القلبى باستحقاق الإمامة و ثبوت العصمة و النصّ عليهم، و وجوب الطاعة، و انهم الخلفاء عن اللّه على خلقه، و القائمين على خلقهم لاوامره و نواهيه، و الحافظون لشرائعه و أحكامه، و ان قوام الدين و الدنيا بوجودهم، و انه لا يجوز خلو الأرض عن واحد منهم، و انه متى ذكر أحد منهم بسوء، أو نسب إليه ما لا يجوز في الشريعة، أو قيل انه ليس بامام انكر ذلك و سخطه و أظهر الغضب لاجله. و متى ذكر أحد منهم بفضيلة، أو حدث له بكرامة، أو أثنى عليه بثناء حسن فرح ذلك و احبه، و اعتقد صحته، و أحبّ قائله كما أبغض الأول، و المحبة الكاملة، الجامعة بينهما و كل واحدة منهما يصدق عليهما اسم المحبة لغة و عرفا (معه).
4- ليس المراد بالتعليم حفظ الفاظه و معرفتها. بل المراد به معرفة معانيه، و تفسير الفاظه، و معرفة ما يؤدى إليه لفظه من المعاني، ليستدل به على التوحيد، و هي الاحكام الشرعية و فيه دلالة على ان ذلك أفضل العلوم. و ان العلم له و التعلم، أفضل العلماء و المتعلمين و المقصود منه حث الناس و تحريضهم على تعلم ذلك العلم و تعليمه (معه).

18 - وَ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلشِّتَاءُ رَبِيعُ اَلْمُؤْمِنِ (1) قَصُرَ نَهَارُهُ فَصَامَ وَ طَالَ لَيْلُهُ فَقَامَ (2).

19 - وَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّ اَلْعَبْدَ إِذَا اِبْتَلاَهُ اَللَّهُ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ قَالَ لِلْمَلَكِ اُكْتُبْ لَهُ صَالِحَ عَمَلِهِ اَلَّذِي كَانَ يَعْمَلُ فَإِنْ شَفَاهُ غَسَلَهُ وَ طَهَّرَهُ وَ إِنْ قَبَضَهُ غَفَرَ لَهُ وَ رَحِمَهُ .

20 - وَ فِي حَدِيثِ اَلْحَارِثِ اَلْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلرِّبَا [وَ] آكِلَهُ وَ مُوكِلَهُ وَ شَاهِدَيْهِ وَ كَاتِبَيْهِ (3) .

21 - وَ رَوَى أَبُو عُثْمَانَ اَلنَّهْدِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَى اَللَّهِ أَحْسَنُكُمْ أَخْلاَقاً اَلْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافاً(4) اَلَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَ يُؤْلَفُونَ وَ أَبْغَضُكُمْ إِلَى اَللَّهِ اَلْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ اَلْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ اَلْإِخْوَانِ اَلْمُلْتَمِسُونَ لِأَهْلِ اَلْبَرَاءِ اَلْعَثَرَاتِ (5).

ص: 100


1- المراد بالمؤمن، المتعبد (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 75/3.
3- اللعن في اللغة بمعنى الطرد و البعد. و يكون المعنى بلعن الربا، كونه مبغوضا عند اللّه. و كونه مبغوضا عند اللّه يستلزم عدم جواز صرفه في شيء من التصرفات المعاشية و المعادية. لان ما هو مبغوض عند اللّه، لا يكون موافقا لمراد اللّه، و ما هو كذلك لا يصحّ التصرف به و أمّا اللعن بالنسبة الى الباقي، فالمراد به، البعد عن رحمة اللّه، و الطرد عن قربه و وصول رحمته (معه).
4- قوله: الموطئون اكنافا: يعنى أنهم أهل خفض الجانب، و كنى عنه بالجناح كقوله تعالى: (وَ اِخْفِضْ جَنٰاحَكَ ) و هو كناية عن لين الجانب، و حسن الأخلاق (معه).
5- العثرات، جمع عثرة: و هي وقوع الشيء القبيح من شخص يخالف عادته على سبيل الندرة (معه).

22 - وَ فِي حَدِيثٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ مِنْ شِرَارِ اَلنَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ اَلنَّاسُ اِتِّقَاءَ فُحْشِهِ .

23 - وَ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اَللَّهِ فَأَحَبُّ اَلْخَلْقِ إِلَيْهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ (1).

24 - وَ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ طَلَبَ اَلشَّهَادَةَ صَادِقاً أُعْطَاهَا وَ إِنْ لَمْ تُصِبْهُ (2).

25 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ كَفَّ اَللَّهُ عَنْهُ عَذَابَهُ وَ مَنْ خَزَنَ لِسَانَهُ سَتَرَ اَللَّهُ عَوْرَاتِهِ وَ مَنِ اِعْتَذَرَ إِلَى اَللَّهِ قَبِلَ اَللَّهُ عُذْرَهُ .

26 - وَ رَوَى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْأَنْصَارِيُّ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَنْ أَكْلِ اَلْكُرَّاثِ فَلَمْ يَنْتَهُوا وَ لَمْ يَجِدُوا مِنْ ذَلِكَ بُدّاً فَوَجَدَ رِيحَهَا فَقَالَ أَ لَمْ أَنْهَكُمْ عَنْ أَكْلِ هَذِهِ اَلْبَقْلَةِ اَلْخَبِيثَةِ مَنْ أَكَلَهَا فَلاَ يَغْشَانَا فِي مَسْجِدِنَا فَإِنَّ اَلْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى بِمَا يَتَأَذَّى بِهِ اَلْإِنْسَانُ (3) .

27 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي اَلْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْعَبَّاسِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلْإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيباً وَ سَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قِيلَ

ص: 101


1- سواء كان ذلك النفع لهم في أمور دينهم، أو دنياهم، أو نفعهما معا و الثالث، أفضل الثلاثة. لانه في مرتبة الجمع، الذي هو مرتبة الأنبياء و الأولياء. لانهم المدبرون لمصالح الخلق في الدين و الدنيا. و لهذا كانوا أحبّ الخلق إلى اللّه، فإذا انفعهم أحد على قدم صدق، صار محبوبا مثلهم (معه).
2- يعني: الشهادة في سبيل اللّه، و طلبه لها بمحض النية الصادقة مع اللّه، فانه يعطى ثواب أهل الشهادة، و ان لم يتفق له القتل في سبيل اللّه (معه).
3- و علم من هذا التعليل ان النهى كان للكراهية، لاجل دخول المسجد و تأذى الجلساء برائحته (معه).

وَ مَا اَلْغُرَبَاءُ قَالَ اَلنُّزَّاعُ مِنَ اَلقَبَائِلِ (1) (2) .

28 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : إِنَّ اَلسَّفَرَ قِطْعَةٌ مِنَ اَلْعَذَابِ يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ طَعَامَهُ أَوْ شَرَابَهُ فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ (3).

29 - وَ رَوَى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا مِنْ رَجُلٍ رَأَى مُبْتَلًى فَقَالَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي عَافَانِي مِمَّا اِبْتَلاَكَ بِهِ وَ فَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلاً لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ اَلْبَلاَءُ كَائِناً مَا كَانَ (4).

30 - وَ رَوَى أَبُو بَكْرَةَ قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَخْطُبُ إِذْ جَاءَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَتَّى صَعِدَ مَعَهُ عَلَى اَلْمِنْبَرِ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنَّ اِبْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يُصْلِحُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ (5) (6) (7) .

ص: 102


1- يراد بهم: من انتزع من قبيلته، بحيث يكون قد خالف آبائه و اعمامه في أفعالهم، و أخلاقهم، و نزع نفسه بالاتصاف بالاعمال الصالحة، و الأخلاق المرضية فلم يتابعهم في أعمالهم و أخلاقهم (معه).
2- رواه الدارميّ في ج 2 من سننه، كتاب الرقائق، (باب ان الإسلام بدأ غريبا).
3- رواه الدارميّ في ج 2 من سننه، كتاب الاستيذان (باب السفر قطعة من العذاب).
4- لكن ينبغي أن لا يسمعه صاحب البلوى، لئلا يدخل على قلبه الانكسار، الا أن يكون البلوى معصية، فينبغي أن يسمعه، لعله يرتدع عن فعلها (معه).
5- أي أهل الشام و أهل العراق (معه).
6- رواه البخارى في صحيحه، باب مناقب الحسن و الحسين رضى اللّه عنهما.
7- و في قوله (ان ابني هذا) نص على ان ولد البنت، ابن على الحقيقة، و الأخبار به مستفيضة. و ذكر الرضا عليه السلام في مقام المفاخرة مع المأمون، ان ابنته تحرم على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم بآية «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهٰاتُكُمْ وَ بَنٰاتُكُمْ » و إليه ذهب السيّد المرتضى، و جماعة من أهل الحديث، و هو الارجح، و الظاهر من الاخبار، فيكون من أمه علوية سيدا، يجرى عليه و له ما يكون للعلويين، و ان وجدنا ما يعارض الاخبار الدالة عليه فسبيلها اما الحمل على التقية أو على التأويل كما فصلنا الكلام فيه في شرحينا على التهذيب و الاستبصار (جه).

31 - وَ رَوَى جَابِرٌ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَكَلَ اَلْبَصَلَ أَوِ اَلثُّومَ أَوِ اَلْكُرَّاثَ فَلاَ يَقْرَبْنَا وَ لاَ يَقْرَبْ مَسْجِدَنَا.

32 - وَ رَوَى عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ جَاءَهُ وُفُودُ اَلْجِنِّ مِنَ اَلْجَزِيرَةِ فَأَقَامُوا عِنْدَهُ مَا بَدَا لَهُمْ ثُمَّ أَرَادُوا اَلْخُرُوجَ إِلَى بِلاَدِهِمْ فَسَأَلُوهُ أَنْ يُزَوِّدَهُمْ فَقَالَ مَا عِنْدِي مَا أُزَوِّدُكُمْ بِهِ وَ لَكِنِ اِذْهَبُوا فَكُلُّ عَظْمٍ مَرَرْتُمْ بِهِ فَهُوَ لَكُمْ لَحْمٌ عَرِيضٌ وَ كُلُّ رَوْثٍ مَرَرْتُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ لَكُمْ ثَمَرٌ فَلِهَذَا نُهِيَ عَنْ أَنْ يُمْسَحَ بِالرَّوْثِ وَ اَلرِّمَّةِ (1) .

33 - وَ فِي حَدِيثٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لاَ طِيَرَةَ وَ خَيْرُهَا اَلْفَأْلُ قِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ مَا اَلْفَأْلُ قَالَ اَلْكَلِمَةُ اَلصَّالِحَةُ يُسَرُّ بِهَا أَحَدُكُمْ .

34 - وَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خَيْرُ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِهِ اَلْحِجَامَةُ وَ اَلْقُسْطُ اَلْبَحْرِيُّ (2).

35 - وَ رُوِيَ عَنِ اِبْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : مَنْ بَاعَ عَبْداً وَ لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ اَلْمُبْتَاعُ (3).

ص: 103


1- الرمة: بالكسر و التشديد، العظام البالية، و الجمع رمم، كسدرة و سدر، و رمام ككرام، و منه الحديث: نهى ان يستنجى بالرمة و الروث، قالوا: و ذلك لاحتمال نجاستها، أو لأنّها لا تقوم مقام الحجر لملاستها (مجمع البحرين).
2- و في الحاشية، القسط شيء من الأدوية يؤتى به من بلاد الهند (جه).
3- و لا فرق بين أن يكون البائع عالما بماله، أو غير عالم به. و ظاهر هذا الحديث دال على ان العبد يملك مالا (معه).

36 - وَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْحَسَدُ يَأْكُلُ اَلْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ اَلنَّارُ اَلْحَطَبَ (1) وَ اَلصَّدَقَةُ تُطْفِئُ اَلْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ اَلْمَاءُ اَلنَّارَ وَ اَلصَّلاَةُ نُورٌ وَ اَلصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ اَلنَّارِ وَ قَالَ لاَ يَزَالُ اَللَّهُ فِي حَاجَةِ اَلْمَرْءِ مَا لَمْ يَزَلْ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ .

37 - وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَ لاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتِ اَلْفَرَجِ إِذَا قُلْتَهُنَّ غَفَرَ اَللَّهُ لَكَ هِيَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ اَلْحَلِيمُ اَلْكَرِيمُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ اَلْعَلِيُّ اَلْعَظِيمُ سُبْحَانَ اَللَّهِ رَبِّ اَلسَّمَاوَاتِ اَلسَّبْعِ وَ رَبِّ اَلْأَرَضِينَ اَلسَّبْعِ وَ مَا فِيهِنَّ وَ مَا بَيْنَهُنَّ وَ مَا تَحْتَهُنَّ وَ رَبِّ اَلْعَرْشِ اَلْعَظِيمِ - وَ اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ اَلْعٰالَمِينَ .

38 - وَ رَوَى اِبْنُ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ ذَرٍّ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : تَسَحَّرُوا(2) فَإِنَّ اَلسَّحُورَ بَرَكَةٌ (3)(4).

39 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ (5)(6).

40 - وَ فِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ : إِنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ بِاسْمِكَ اَللَّهُمَّ أَمُوتُ وَ أَحْيَا وَ إِذَا اِسْتَيْقَظَ قَالَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَ إِلَيْهِ

ص: 104


1- المراد بالحسد: تمنى زوال نعمة الغير عنه، سواء تمنى مع ذلك حصولها له أو لا. أما من تمنى أن يحصل له مثل ما لذلك الغير من النعمة، فليس بحسد، و يسمى الغبطة و ليس من المحرمات (معه).
2- الامر هنا للاستحباب، لتعليله بانه بركة (معه).
3- هذا في حقّ الصائم سواء كان في رمضان أو غيره (معه).
4- رواه الدارميّ في سننه ج 2، كتاب الصيام (باب في فضل السحور).
5- أي يجب عليه أداء الأمانة إليه، و النصيحة فيما استشاره، اذا كان عارفا بوجه المصلحة فيه. فان لم يعلم، وجب عليه ان يقول: لا أعلم. و من هذا قال العلماء: أداء الأمانة في باب المشورة لا يكون من باب الغيبة، اذا تعلقت مصلحة الاستشارة بثالث بشرط أن يقتصر في ذلك على محل الضرورة، التي يتعلق بها غرض المشاورة (معه).
6- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 274:5.

اَلنُّشُورُ(1) .

41 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَللَّهَ أَحَلَّ لِإِنَاثِ أُمَّتِي اَلْحَرِيرَ وَ اَلذَّهَبَ وَ حَرَّمَهُ عَلَى ذُكُورِهَا(2).

42 - وَ فِي حَدِيثِ اَلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَصْحَابُهُ فَأَحْرَمُوا بِالْحَجِّ فَلَمَّا قَدِمُوا مَكَّةَ قَالَ اِجْعَلُوا حَجَّكُمْ عُمْرَةً فَقَالَ اَلنَّاسُ قَدْ أَحْرَمْنَا بِالْحَجِّ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَكَيْفَ نَجْعَلُهَا عُمْرَةً قَالَ اُنْظُرُوا كَيْفَ آمُرُكُمْ فَافْعَلُوا فَرَدُّوا عَلَيْهِ اَلْقَوْلَ فَغَضِبَ وَ دَخَلَ اَلْمَنْزِلَ وَ اَلْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ فَرَأَتْهُ بَعْضُ نِسَائِهِ وَ اَلْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ فَقَالَتْ مَنْ أَغْضَبَكَ أَغْضَبَهُ اَللَّهُ فَقَالَ مَا لِي لاَ أَغْضَبُ وَ أَنَا آمُرُ بِالشَّيْ ءِ فَلاَ يُتَّبَعُ (3) (4) .

43 - وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي اَلْجَوْزَاءِ قَالَ : عَلَّمَنِي اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَلِمَاتٍ عَلَّمَهُنَّ إِيَّاهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هِيَ اَللَّهُمَّ اِهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَ عَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَ تَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَ بَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَ قِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ

ص: 105


1- و في هذا دلالة على ان النوم و الانتباه نموذجان، جعلهما اللّه دليلا يستدل بها العاقل على معرفة كيفية الموت و النشور، فان النوم كيفية الموت، و الانتباه كيفية النشور (معه).
2- يعني: لبسهما لا مطلق الانتفاع بهما في غير اللبس (معه).
3- و هذا يدلّ على ان الصحابة وقع منهم المخالفة له، و عدم الانقياد لاوامره في حياته، مما يتعلق بأوامر اللّه و نواهيه. حتى في العبادات، فكيف بهم بعد موته، فانهم على مخالفته اسرع، و على ترك أوامره أقدم، خصوصا إذا كان لهم في تلك المخالفة شيئا من الحظوظ الدنيوية، و خصوصا طلب الرئاسات، و نفاذ الامر و النهى بتحصيل الملك الذي أغلب الطباع مجبولة على حبّه، فاعرف ذلك (معه).
4- رواه ابن ماجه في ج 2 من سننه (باب فسخ الحجّ ) حديث 2982 مع اختلاف يسير في الفاظ الحديث. و رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 286/4.

إِنَّكَ تَقْضِي وَ لاَ يُقْضَى عَلَيْكَ إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ وَ تَعَالَيْتَ وَ قَالَ إِنَّهُ كَانَ يَقُولُهَا فِي قُنُوتِ اَلْوَتْرِ (1) .

44 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْمِقْدَادِ بْنِ اَلْأَسْوَدِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : إِنَّ اَلْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ اَلْعِلْمِ حَتَّى يَطَأَ عَلَيْهَا رِضًا بِهِ .

ص: 106


1- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 2 (كتاب الصلاة) باب دعاء القنوت.

الفصل السابع في أحاديث تتضمن مثل هذا السياق رويتها بطريقها من مظانها على هذا المنوال

1 - رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ اَلْمُؤْمِنِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ اَلدُّنْيَا نَفَّسَ اَللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ اَلْآخِرَةِ وَ مَنْ سَرَّ أَخَاهُ اَلْمُؤْمِنَ سَرَّهُ اَللَّهُ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَللَّهُ فِي عَوْنِ اَلْعَبْدِ مَا كَانَ اَلْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ .

2 - وَ حَدَّثَ سَعِيدُ بْنُ اَلْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : لَيْسَ اَلشَّدِيدُ بِالصَّرْعَةِ اَلشَّدِيدُ اَلَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ اَلْغَضَبِ .

3 - وَ رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجِهَا وَ اَلْإِحْدَادُ أَنْ لاَ تَكْتَحِلَ وَ لاَ تَمْتَشِطَ وَ لاَ تَخْتَضِبَ وَ لاَ تَمَسَّ طِيباً وَ لاَ تَلْبَسَ ثَوْباً مَصْبُوغاً وَ لاَ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا(1).

4 - وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : اَلْكَمْأَةُ مِنَ اَلْمَنِّ وَ مَاؤُهَا شِفَاءٌ

ص: 107


1- الاحداد على غير الزوج أزيد من ثلاثة أيّام محرم. و على الزوج مدة أربعة أشهر و عشرة أيّام واجب، كما هو مضمون الحديث (معه).

لِلْعَيْنِ وَ اَلْعَجْوَةُ مِنَ اَلْجَنَّةِ وَ هِيَ شِفَاءٌ مِنَ اَلسَّمِّ (1)(2).

5 - وَ رَوَى حُذَيْفَةُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ بَاعَ دَاراً فَلَمْ يَجْعَلْ ثَمَنَهَا فِي مِثْلِهَا لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِي ثَمَنِهَا أَوْ قَالَ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهَا(3).

6 - وَ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ : أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثَلاَثُ طَوَائِرَ فَادَّخَرْنَا مِنْهَا طَائِراً إِلَى اَلْغَدِ فَأَتَيْتُهُ بِهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ لَمْ أَنْهَكَ أَنْ تَرْفَعَ شَيْئاً إِلَى غَدٍ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَأْتِي بِرِزْقِ غَدٍ (4) .

7 - وَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا وَ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَ يَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ(5).

8 - وَ رَوَى عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : فَضْلُ صَلاَةِ اَلْجَمَاعَةِ

ص: 108


1- الوسائل، كتاب الاطعمة و الاشربة، باب (118) من أبواب الاطعمة المباحة حديث 2. و أيضا في الوسائل كتاب الاطعمة و الاشربة باب (74) من أبواب الاطعمه المباحة حديث 8.
2- الكمات: جمعها كما، و هو مشهور، بالنقلى، يخرج من الأرض أيّام الربيع مدور، بعضه أبيض اللون، و بعضه أسمر، يؤكل، طيب الماكول، أكثر ما يوجد في بلاد العرب. و العجوة: نوع من التمر طيب الطعم (معه).
3- سنن الدارميّ ج 2، كتاب البيوع، (باب فيمن باع دارا فلم يجعل ثمنها في مثلها).
4- النهى هنا للتنزيه، فيكون للكراهة، و هو مخصوص بالنضيج من الاطعمة، التي تفسد غالبا إذا ادخرت (معه).
5- هذا من باب آداب المخالطات و المعاشرات للناس بعضهم مع بعض، فان من الآداب الشرعية في ذلك، ان يوقر الصغير الكبير، و ان يرحم الكبير الصغير، ليحسن بذلك أخلاقهم، و تنشا المودة بينهم. و لهذا أكده بقوله: ليس منا، يعنى متأدبا بآدابنا و المراد بالصغير و الكبير، في الفضل، و في السن أو أحدهما (معه).

عَلَى صَلاَةِ اَلرَّجُلِ وَحْدَهُ خَمْسٌ وَ عِشْرُونَ صَلاَةً (1).

9 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : صَلاَةٌ بِسِوَاكٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ صَلاَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ (2).

10 - وَ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَأْتِي أَحَدَكُمُ اَلشَّيْطَانُ فِي صَلاَتِهِ فَيُلَبِّسُ عَلَيْهِ صَلاَتَهُ حَتَّى لاَ يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى فَإِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَ هُوَ جَالِسٌ . اتفقا على إخراجه في الصحيحين من حديث ابن شهاب (3)

11 - وَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ اَلصَّامِتِ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اَللَّهُ عَلَى اَلْعِبَادِ مَنْ جَاءَ بِهِنَّ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ لَمْ يُضَيِّعْهُنَّ اِسْتِخْفَافاً بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اَللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ اَلْجَنَّةَ وَ مَنِ اِسْتَخَفَّ بِهِنَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ اَللَّهِ عَهْدٌ وَ مَعْنَى لَمْ يُضَيِّعْهُنَّ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى وُضُوئِهِنَّ وَ مَوَاقِيتِهِنَّ (4).

12 - وَ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : أَ رَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَراً بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْ ءٌ قَالُوا لاَ قَالَ فَذَلِكَ مَثَلُ اَلصَّلَوَاتِ

ص: 109


1- و الفائدة في هذا الحديث: الحث و الترغيب على صلاة الجماعة، و انها من المهمات لكثرة الثواب بها (معه).
2- و في هذا الحديث أيضا حث و ترغيب على فعل السواك، لانه من السنن الوكيدة لان فعله يزيد في فضل الصلاة، و كثرة ثوابها (معه).
3- هذا الحديث يدلّ على ان من شك فلم يدركم صلى، يصح صلاته بسجدتى السهو، و ليس الامر كذلك (معه).
4- و انما خص هذين الشرطين، للاهتمام بهما، من حيث انهما من أوائل الشروط و لوازم الصلاة (معه).

اَلْخَمْسِ يَمْحُو اَللَّهُ بِهَا اَلْخَطَايَا. اتفقا على إخراجه في الصحيحين (1)

13 - وَ فِي حَدِيثٍ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خَيْرُ صُفُوفِ اَلرِّجَالِ أَوَّلُهَا وَ شَرُّهَا آخِرُهَا وَ خَيْرُ صُفُوفِ اَلنِّسَاءِ آخِرُهَا وَ شَرُّهَا أَوَّلُهَا - رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (2)(3).

14 - وَ فِي حَدِيثِ أُمِّ فَرْوَةَ قَالَتْ : سُئِلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَنَا أَسْمَعُ عَنْ أَفْضَلِ اَلْأَعْمَالِ قَالَ اَلصَّلاَةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا.

15 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : صَلِّ صَلاَةَ مُوَدِّعٍ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ كُنْتَ لاَ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ (4) وَ تَيَأَّسْ عَمَّا فِي أَيْدِي اَلنَّاسِ تَعِشْ غَنِيّاً وَ إِيَّاكَ وَ مَا تَعْتَذِرُ مِنْهُ (5).

16 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَدْعُوَ اَللَّهَ فَقَدِّمْ صَلاَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ خَيْراً أَوْ ذِكْراً(6)(7).

ص: 110


1- رواه مسلم في صحيحة كتاب الصلاة، باب المشى الى الصلاة تمحى به الخطايا حديث 667.
2- و هذا الحديث يدلّ على ان أهل الفضائل، هم أهل التقدمة في أوائل الأمور الدينية و غيرها، و ان الاراذل مرتبتهم التأخير هذا في الرجال، و في النساء ينعكس هذا الحكم، فيكون خيارهن آخرهن، لشدة حياء المتأخرة منهن إذا حضرن مع الرجال (معه).
3- رواه مسلم في صحيحة كتاب الصلاة، باب تسوية الصفوف و اقامتها حديث 440.
4- فيه إشارة الى قول أمير المؤمنين عليه السلام: لم أكن أعبد ربا لم أره، لم تره الابصار بمشاهدة العيان و لكن رأته القلوب بحقايق الايمان (جه).
5- أي يجب لك أن تدع كل شيء تحتاج بعد الفعل الى العذر من اللّه سبحانه (معه).
6- قوله صلّى اللّه عليه و آله (أو خيرا) هذا تعميم بعد التخصيص، فهو خير فعلى غير الصلاة. و الصدقة، من أفعال البر و الذكر خير قولي (معه).
7- يعني إذا أردت طلب حاجة فتقدم بأحد هذه الأمور. و جاء في الحديث الصحيح ان أحسن ما تقدم بين يدي الحاجة، الصلاة على محمّد و آله قبل طلب الحاجة و بعدها. لان اللّه سبحانه اكرم من أن يقبل الطرفين و يرد الوسط (جه).

17 - وَ رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : يَأْتِي بالمقتول [اَلْمَقْتُولُ ]يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مُعَلَّقاً رَأْسُهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ مُلَبِّباً قَاتِلَهُ (1) بِيَدِهِ اَلْأُخْرَى تَشْخَبُ أَوْدَاجُهُ دَماً حَتَّى يَرْفَعَهَا [يرفعا] عَلَى اَلْعَرْشِ فَيَقُولَ اَلْمَقْتُولُ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي فَيَقُولُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِلْقَاتِلِ تَعَسْتَ فَيُذْهَبُ بِهِ إِلَى اَلنَّارِ(2).

18 - وَ حَدَّثَ أَبُو شَرِيكٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : اِشْتَرَى مِنِّي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَعِيراً فَاسْتَثْنَيْتُ ظَهْرَهُ إِلَى اَلْمَدِينَةِ (3) .

19 - وَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مُخَالِدٍ عَنِ اَلشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَيْسَ مِنَّا مَنْ سَلَقَ وَ لاَ خَرَقَ وَ لاَ حَلَقَ (4)(5).

20 - وَ حَدَّثَ شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ اَلْحَسَنِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ :

ص: 111


1- أي آخذ بجيبه: قال في مجمع البحرين: و لببت الرجل تلببا إذا جمعت ثيابه عند صدره و نحره عند الخصومة، ثمّ جررته.
2- مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص (294) و ص (364)، و سنن ابن ماجه ج 2 كتاب الديات، (2) (باب هل لقاتل مؤمن توبه) حديث 2621.
3- يعني اشترط ركوبه الى المدينة. و هذا يدلّ على جواز البيع مع الشرط (معه).
4- السلق، مشتق من السليقة: و هي كثرة الكلام مع الوقاحة و قلة الحياء. و الحلق هى حلق اللحية. و الخرق: هو سرعة انفاق المال و تبذيره في غير الاغراض الصحيحة، يقال: رجل أخرق اليد إذا كان لا يبقى من ماله شيئا الا و ينفده (معه).
5- صحيح مسلم، كتاب الايمان (44) باب تحريم ضرب الخدود و شق الجيوب و الدعاء بدعوى الجاهلية حديث (165) و قال في شرح الحديث (الصالقة) بالصاد و بالسين لغتان. و هي التي ترفع صوتها عند المصيبة (و الحالقة) هى التي تحلق شعرها عند المصيبة، (و الشاقة) هى التي تشق ثوبها عند المصيبة.

إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا اَلْأَرْبَعِ وَ أَجْهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ اَلْغُسْلُ (1)(2).

21 - وَ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيُّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَثَلُ اَلْمُؤْمِنِ مَثَلُ اَلْفَرَسِ فَرَّ مِنْ أَخِيَّتِهِ (3) يَجُولُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى أَخِيَّتِهِ وَ إِنَّ اَلْمُؤْمِنَ يَسْهُو ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى اَلْإِيمَانِ أَطْعِمُوا طَعَامَكُمُ اَلْأَتْقِيَاءَ وَ أَوْلُوا مَعْرُوفَكُمُ اَلْمُؤْمِنِينَ (4).

22 - وَ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيُّ أَيْضاً: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنَ اَلْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اَللَّهِ إِنَّا نُصِيبُ سَبَايَا وَ نُحِبُّ اَلْأَثْمَانَ كَيْفَ تَرَى مِنَ اَلْعَزْلِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ إِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ ذَلِكَ لاَ عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ نَسَمَةٌ كَتَبَ اَللَّهُ أَنْ تَخْرُجَ إِلاَّ وَ هِيَ خَارِجَةٌ (5) .

ص: 112


1- المراد بالشعب الاربع، ما بين فخذيها، و ما بين شفريها. لان الشعب هنا، الشاخات، كشعب الشجرة، و قوله صلّى اللّه عليه و آله: و أجهدها: عبر به عن الادخال و قوله صلّى اللّه عليه و آله: وجب الغسل، أي سواء وقع الامناء أو لا. و فيه دلالة على وجوب الغسل بمجرد الادخال، و انه لا يتوقف وجوبه على شيء آخر. فيستدل به على كون غسل الجنابة واجبا لنفسه، بل و يمكن الاستدلال به على فورية وجوبه، لان الفاء للتعقيب بلا مهلة (معه).
2- بين شعبها الاربع: هى يداها و رجلاها، أو رجلاها و شفراها (الشفر طرف الفرج) فرجها، كنى بذلك عن تغيب الحشفة في فرجها (القاموس).
3- الآخيّة و الآخيَة: حبل يدفن في الأرض مثنيا فيبرز منه شبه حلقة تشد فيها الدابّة، ج، أواخي و أخايا و أواخ (المنجد).
4- و فيه دلالة على ان فعل الخيرات و الصدقة و المبرات للمؤمنين، كفارة لما يعرض له من الغفلة و السهو في الاعتقادات الدينية، التي يجب المداومة عليها. وجه المناسبة بين قوله عليه السلام: اطعموا طعامكم، و بين ما قبله: أن يكون كفّارة لتلك الغفلة الواقعة بعد الايمان. و عبر بالسهو، عن الغفلة العارضة في بعض الاحيان، عن قصور الاعتقادات الايمانية ثمّ يرجع الى الذكر، فيرجع إليه اعتقاده. و أولو معروفكم، أى خصوا معروفكم، أي احسانكم (معه).
5- و هذا يدلّ على ان العزل لا ينفى الولد، و لا يجوز نفيه معه، و على ان العزل. في المملوكة ليس بمحرم و لا مكروه، لانه عليه السلام لم ينه عنه، و انما بين وجه حكمة اللّه في تركه، و جعل فعله و تركه سواء بالنسبة الى ما كتب اللّه في علمه فعلمنا ان القاء المنى في الرحم، ليس سببا تاما في حصول الولد (معه).

23 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي حَقِّ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ إِنَّهُ مَنْ يُحَقِّرْ عَمَّاراً يُحَقِّرْهُ اَللَّهُ وَ مَنْ يَسُبَّ عَمَّاراً يَسُبَّهُ اَللَّهُ وَ مَنْ يُبْغِضْ عَمَّاراً يُبْغِضْهُ اَللَّهُ .

24 - وَ فِي حَدِيثٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : عَمَّارٌ جِلْدَةٌ بَيْنَ عَيْنَيَّ تَقْتُلُهُ اَلْفِئَةُ اَلْبَاغِيَةُ (1).

وَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ آكُلُ مُتَّكِئاً(2).

25 - وَ عَنْ عِيسَى بْنِ برداد [يَزْدَادَ] عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : إِذَا بَالَ أَحَدُكُمْ فَلْيَنْتُرْ ذَكَرَهُ (3).

26 - وَ رَوَى أَبُو ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَحْسَنَ مَا غَيَّرْتُمْ بِهِ هَذَا اَلشَّيْبَ اَلْحِنَّاءُ وَ اَلْكَتَمُ (4).

27 - وَ رَوَى عكاس [عُكَّاشٌ ] اَلسُّلَمِيُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا قَضَى اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِرَجُلٍ أَنْ يَمُوتَ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ بِهَا حَاجَةً .

28 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي اَلْأَحْوَصِ قَالَ : أَتَيْتُ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَنَا أَشْعَثُ أَغْبَرُ -

ص: 113


1- أقول: اما حديث (تقتله الفئة الباغية) فكأنّه من الأحاديث المتواترة، بل الضرورية كما عن بعض. و أمّا حديث من يسب عمارا يسبه اللّه، و من يبغضه يبغضه اللّه عزّ و جلّ ، فقد رواه أحمد بن حنبل في ج 4 من مسنده ص 89-90.
2- النهى للتنزيه عن فعله، و إذا تنزّه عليه السلام عن فعله، وجب علينا التأسى به في ذلك، فنتنزّه عنه كما هو تنزّه عنه، لان الأصل عدم التحريم (معه).
3- هذا هو معنى الاستبراء عقيب البول، و هل الامر هنا للوجوب أو الندب ؟ تحقيقه في الفقه (معه).
4- الكتم الوسمة، و هذا يدلّ على ان صبغ الشيب سنته، لما فيه من ارهاب العدو و انس النساء (معه).

فَقَالَ هَلْ لَكَ مِنَ اَلْمَالِ فَقُلْتُ مِنْ كُلِّ اَلْمَالِ قَدْ آتَانِيَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ أَحَبَّ أَنْ يَرَى عَلَيْهِ آثَارَ نِعْمَتِهِ .

29 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْإِمَامُ اَلْعَادِلُ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُ (1).

30 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ اَلْجَاهِلِيَّةِ لَنْ يَدَعُوهَا اَلطَّعْنُ فِي اَلْأَنْسَابِ وَ اَلتَّفَاخُرُ بِهَا وَ بِالْأَحْسَابِ وَ اَلنِّيَاحَةُ وَ اَلْعَدْوَى وَ قَوْلُ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا(2).

31 - وَ رَوَى عَبْدُ اَلْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَوْلاَهُ اَلْمُطَّلِبِ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فَلاَ يَنْظُرْ إِلَى عَوْرَةِ أَخِيهِ (3)(4).

ص: 114


1- يحتمل أن يراد به المعصوم، فانه إذا دعا اللّه بدعاء، لا يرد اللّه دعوته، بل يستجيب له. و يحتمل أن يراد به، انه لا يجوز لاحد أن يرد دعوته إذا دعا لشيء من المهمات في جهاد أو غيره، لكونه واجب الطاعة، فيكون (لا) هنا للنهى، و هناك للنفى (معه).
2- النوء، هو الوقت المنسوب الى الطالع في النجوم (معه).
3- يراد بالعورة هنا، كل ما يسوء الإنسان الاطلاع عليه، في الأمور التي تعيبه و القبائح التي يخفيها عن غيره، فيدخل فيه العورة الحقيقية، و هي القبل و الدبر، و سائر العورات المعنوية، فلا ينبغي للمؤمن أن يبحث عنها، ليطلع على ذلك من أخيه، بل الواجب عليه إذا اطلع على شيء من ذلك ان يغض عنه بصره، و يكف عن اظهاره و كشفه، ليتحقّق له معنى الايمان (معه).
4- أقول: روى الشيخ طاب ثراه بإسناده الى حذيفة بن منصور. قال: قلت لابى عبد اللّه عليه السلام شيء يقوله الناس: عورة المؤمن على المؤمن حرام ؟ فقال: ليس حيث يذهبون. انما عنى عورة المؤمن، يزل زلة، أو يتكلم بشيء يعاب عليه، فيحفظه عليه، ليعيره به يوما. و في حديث آخر عنه عليه السلام في قوله: «عورة المؤمن على المؤمن حرام» قال: اذاعة سره. و الاخبار بهذا المعنى متكاثرة و لا منافاة بينها و بين الاخبار الدالة على ان المراد منها العورة الظاهرة، كقوله عليه السلام: «ما يمنعكم من الازر في الحمام ؟» فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «عورة المؤمن على المؤمن حرام» و نحو ذلك من الاخبار. لان كل معنى مدلول عليه بحديث. أو يكون المعنيان مرادين من الاخبار، و يكون المراد من قوله: (ليس حيث تذهبون)، القصر و التخصيص بالمعنى المشهور (جه).

32 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلْوُضُوءُ نِصْفُ اَلْإِيمَانِ وَ اَلصَّوْمُ نِصْفُ اَلصَّبْرِ(1).

33 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلطَّهُورُ نِصْفُ اَلْإِيمَانِ وَ اَلصَّوْمُ نِصْفُ اَلصَّبْرِ(2).

34 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يُحَقِّرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ إِذَا رَأَى أَمْراً لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِيهِ حَقٌّ إِلاَّ أَنْ يَقُولَ فِيهِ لِئَلاَّ يَقِفَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فَيَقُولَ لَهُ مَا مَنَعَكَ إِذَا رَأَيْتَ كَذَا وَ كَذَا أَنْ تَقُولَ فِيهِ فَيَقُولَ رَبِّ خِفْتُ فَيَقُولَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنَا كُنْتُ أَحَقَّ أَنْ تَخَافَ (3).

ص: 115


1- المراد بالوضوء هنا: الوضوء الحقيقي و هو رفع الاحداث المعنوية بالنسبة الى القلب و اللسان و الجوارح، فيكون نصف الايمان. لان الايمان عبارة عن التخلية و التحلية، و هما نصفان. فالوضوء الذي هو التخلية نصف، و التحلية بالاعتقادات الحقه نصفه الآخر (معه).
2- الامساك عن الشهوات: و انما كان نصف الصبر، لانه منقسم الى صبر عن المعصية، و صبر على الطاعة. فالصوم يصير نصفا (معه).
3- هذا الحديث في باب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، و فيه دلالة على أن وجوبهما لا ينتفى بالخوف. و سيأتي معارضه في أخبار أخر دالة على جواز التقية مع الخوف. و يمكن حمل هذا الحديث، على ان الخوف الحاصل فيه، كان اما خوفا وهميا، لا أصل له، أو كان ذلك الخوف على أمر حقير لا يترك الامر لاجله، أو كان ذلك الامر ممّا لا يجوز التقية فيه، ككلمة الكفر ممن يقتدى به (معه).

35 - وَ عَنْهُ قَالَ : أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ خَيْبَرَ فَكُنَّا نَعْزِلُ عَنْهُنَّ مَخَافَةَ اَلْوَلَدِ فَقَالَ بَعْضٌ لِبَعْضٍ تَفْعَلُونَ هَذَا وَ فِيكُمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَمَا يَمْنَعُكُمْ لَوْ سَأَلْتُمُوهُ فَسَأَلُوا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ لَيْسَ مِنْ كُلِّ اَلْمَاءِ يَكُونُ اَلْوَلَدُ فَإِذَا أَرَادَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يَخْلُقَ مِنْهُ شَيْئاً لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْ ءٌ .

36 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : ذَكَاةُ اَلْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ (1).

37 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى نَهَاكُمْ عَنِ اَلرِّبَا وَ لاَ يَرْضَى لِنَفْسِهِ فَمَنْ نَامَ عَنْ فَرِيضَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا وَ لاَ كَفَّارَةَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ أَقِمِ اَلصَّلاٰةَ لِذِكْرِي(2)(3).

38 - حَدَّثَ اِبْنُ عَجْلاَنَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَحْيَى اَلزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمِّهِ وَ كَانَ بَدْرِيّاً قَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذْ دَخَلَ اَلْمَسْجِدَ رَجُلٌ فَقَامَ نَاحِيَةً وَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَرْمُقُهُ وَ لاَ يَشْعُرُ ثُمَّ اِنْصَرَفَ فَأَتَى رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ

ص: 116


1- يحتمل في لفظة (ذكاة) الرفع و النصب: اما على الرفع فلا يحتاج الى ذكاته، و اما على النصب فلا بدّ من ذكاته. لان المحذوف (الكاف) و هو تقتضيه التشبيه و هو لا يتم الا باتيان بمثل ذبح الام إذا اتسع الزمان لذلك (معه). الوسائل: 269/16.
2- سورة طه: الآية 14.
3- و في هذا الحديث دلالة على فورية القضاء، لان (اذا) للتوقيت، فيكون لوقت ذكرها يجب فعلها فيه، فوقت ذكرها، ظرف لقضائها، فلا يصحّ تأخيرها عنه، و يؤكدها الآية المعلل بها الحديث. لان معناها: أقم الصلاة لوقت ذكرى، أي لذكرى اياك لها. و يحتمل أن يجاب عن الفورية المستدل عليها بظاهر الحديث، بان يقال: المراد بقوله (فليصلها) ايجاب صلاتها بسبب ذكرى، فالذكر سبب الوجوب. و أمّا الفورية فلا يستفاد من هذا اللفظ: و كذا الكلام في الآية، فان قوله: (لذكرى) المراد منه انه سبب الوجوب، و الوجوب أعم من الفورى و غيره (معه).

فَرَدَّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمَ وَ قَالَ لَهُ اِرْجِعْ وَ صَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ حَتَّى فَعَلَ ثَلاَثاً فَقَالَ اَلرَّجُلُ وَ اَلَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ اَلْكِتَابَ لَقَدْ جَهَدْتُ وَ حَرَصْتُ فَعَلِّمْنِي وَ أَرِنِي فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِذَا أَرَدْتَ اَلصَّلاَةَ فَأَحْسِنِ اَلْوُضُوءَ ثُمَّ قُمْ فَاسْتَقْبِلِ اَلْقِبْلَةَ ثُمَّ كَبِّرْ ثُمَّ اِقْرَأْ ثُمَّ اِرْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِماً ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَاعِداً ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً فَإِذَا صَنَعْتَ ذَلِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ صَلاَتَكَ وَ مَا نَقَصْتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا تَنْقُصُهُ عَنْ صَلاَتِكَ (1) (2) (3) .

39 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلْأَشْعَرِيِّ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِأَصْحَابِهِ ثُمَّ جَلَسَ فِي طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَدَخَلَ رَجُلٌ فَقَامَ يُصَلِّي فَجَعَلَ لاَ يَرْكَعُ وَ يَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ وَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ أَ تَرَوْنَ هَذَا لَوْ مَاتَ عَلَى هَذَا لَمَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ نَقَرَ صَلاَتَهُ كَمَا يَنْقُرُ اَلْغُرَابُ اَلدَّمَ إِنَّمَا مَثَلُ اَلَّذِي يُصَلِّي وَ لاَ يَرْكَعُ وَ يَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ كَالْجَائِعِ لاَ يَأْكُلُ إِلاَّ تَمْرَةً أَوْ تَمْرَتَيْنِ -

ص: 117


1- صحيح مسلم، كتاب الصلاة، (11) باب وجوب القراءة في كل ركعة، و انه إذا لم يحسن الفاتحة، و لا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها، حديث (45) و راوى الحديث أبو هريرة.
2- و هذا الحديث يدلّ على ان الطمأنينة في الركوع، و السجود، و الرفع منهما واجبة لا يجوز تركها، و ان من تركها فقد نقص صلاته، و نقص الصلاة عمدا، مبطل لها بمضمون الحديث (معه).
3- أطبق علمائنا رضوان اللّه عليهم على وجوب الطمأنينة، و السجود بمقدار الذكر، بل ذهب الشيخ طاب ثراه في الخلاف الى انها في الركوع ركن. و قال أبو حنيفة: لا تجب الطمأنينة في الركوع و لا في السجود، و وافقه مالك في السجود. و هذا الحديث من طرقهم، و هو حجة عليهم. و احتجا بقوله تعالى: اِرْكَعُوا وَ اُسْجُدُوا، و غير المطمئن آت بمطلق المأمور، فيكون مجزيا. و اجاب العلامة (ره) بان فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مبين له، فلم يكن المطلق مجزيا (جه).

فَمَا ذَا تُغْنِيَانِ عَنْهُ فَأَسْبِغُوا اَلْوُضُوءَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ اَلنَّارِ وَ أَتِمُّوا اَلرُّكُوعَ وَ اَلسُّجُودَ (1) (2) .

40 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ نَبِيَّ بَعْدِي وَ لاَ أُمَّةَ بَعْدِي فَالْحَلاَلُ مَا أَحَلَّهُ اَللَّهُ عَلَى لِسَانِي وَ اَلْحَرَامُ مَا حَرَّمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِي إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ .

41 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَمْكِنُوا اَلطُّيُورَ مِنْ أَوْكَارِهَا(3).

42 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلْمَلاَئِكَةَ تَسْتَبْشِرُ بِرُوحِ اَلْمُؤْمِنِ وَ إِنَّ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ بَاباً مِنَ اَلسَّمَاءِ يَصْعَدُ فِيهِ عَمَلُهُ وَ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ وَ يُعْرَجُ فِيهِ بِرُوحِهِ إِذَا مَاتَ .

43 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : إِنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِأَمَةٍ أَعْجَمِيَّةٍ لِلْعِتْقِ فَقَالَ

ص: 118


1- مضمون هذا الحديث مضمون ما تقدمه (معه).
2- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى، ج 89:2 (باب الطمأنينة في الركوع).
3- المفهوم من هذا الحديث: أنه نهى عن صيد الطيور من أوكارها و أعشاشها و كأنّه يقول: إذا أردتم صيدها فاتركوها حتّى تطير منها، و لا تقصدوها في أوكارها لتهيجوها، بل أمسكوها فيها، أي اتركوها، و يكون النهى للتنزيه. و يحتمل أن يكون النهى عن عمل الجاهلية، و هو زجر الطير للتفؤل به، و يسمونه علم القيافة، و الزجر: هو التفؤل بها. فان الواحد منهم كان إذا بكر في الحاجة مغلسا و لم يجد طيرا طائرا يتفأل به، عمد الى طير في وكره، فاهاجه حتّى يطيره ليتفأل به في حاجته، في أنّه يمضى فيها، أو يرد. فنهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك، و قال: (امضوا في حوائجكم و اتركوا الطير في أوكارها و لا تهيجوها) نهيا عن التخلق بأخلاق الجاهلية، و أمرا بالاتكال على اللّه تعالى، ثقة به في الأمور، و اعتمادا عليه. و يحتمل أن يراد بالطيور، النفوس الناطقة، و بالاوكار الأبدان، و امكانها من أوكارها استعمالها بالتصرف في أبدانها، و عدم تعطيلها بالنوم و البطالة. فانما جعلت في هذا البدن لتتصرف فيه، و تعمل به. فعدم امكانها فيه بالتعطيل مخالف للغرض المقصود منها (معه).

رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَيْنَ اَللَّهُ قَالَتْ فِي اَلسَّمَاءِ قَالَ مَنْ أَنَا قَالَتْ رَسُولُ اَللَّهِ قَالَ هِيَ مُؤْمِنَةٌ وَ أَمَرَ بِعِتْقِهَا .

44 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَنْزِلُ إِلَى اَلسَّمَاءِ اَلدُّنْيَا فِي اَلثُّلُثِ اَلْأَخِيرِ مِنَ اَللَّيْلِ وَ يَنْزِلُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ إِلَى أَهْلِ عَرَفَةَ وَ يَنْزِلُ لَيْلَةَ اَلنِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ (1).

45 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ مُوسَى لَمَّا نُودِيَ مِنَ اَلشَّجَرَةِ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ (2) أَسْرَعَ اَلْإِجَابَةَ وَ تَابَعَ اَلتَّلْبِيَةَ وَ قَالَ إِنِّي أَسْمَعُ صَوْتَكَ وَ أُحِسُّ وَجْسَكَ (3) وَ لاَ أَرَى مَكَانَكَ فَأَيْنَ أَنْتَ فَقَالَ أَنَا فَوْقَكَ وَ تَحْتَكَ وَ أَمَامَكَ وَ خَلْفَكَ وَ مُحِيطٌ بِكَ وَ أَقْرَبُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ .

46 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ قَالَ اِطَّلَعْتُ فِي اَلْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ

ص: 119


1- و هذا الحديث من المتشابهات. لان لفظ النزول مخالف لمقتضى العقل، لانه لا يتحقّق الا في الاجسام، لاشتماله على الحركة. لكن لا يراد بهذا الحديث هنا هذا الظاهر، لاستحالته عليه تعالى، بل المراد بالنزول هنا نزول أمره، أو رحمته. كما في مثل قوله تعالى (وَ جٰاءَ رَبُّكَ )، و المراد جاء أمر ربك مع الملائكة. فالكلام مشتمل على اضمار. و انما خص هذه المواضع لشرفها، لكونها محلا لاستجابة الدعاء (معه).
2- سورة طه، الآية 12.
3- الوجس: الصوت الخفى، و توجس بالشيء أحس به، فتسمع له (النهاية).

أَهْلِهَا اَلْبُلْهَ (1)(2) وَ اِطَّلَعْتُ عَلَى اَلنَّارِ فَوَجَدْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا اَلنِّسَاءَ (3).

47 - وَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ سَالِمٍ [عَنْ ] أَبِي اَلنَّصْرِ عَنِ اِبْنِ جُرْهُدُ عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَرَّ عَلَيْهِ وَ هُوَ كَاشِفٌ فَخِذَهُ فَقَالَ غَطِّهَا فَإِنَّ اَلْفَخِذَ عَوْرَةٌ (4) .

48 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ اَلسَّاعِدِيِّ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذَا قَامَ إِلَى اَلصَّلاَةِ كَبَّرَ ثُمَّ قَرَأَ فَإِذَا رَكَعَ مَكَّنَ كَفَّيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَ فَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ هَصَرَ(5) ظَهْرَهُ غَيْرَ مُقَنِّعٍ وَ لاَ قَابِعٍ وَ رُوِيَ وَ لاَ صَافِحٍ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ -

ص: 120


1- ليس المراد بالبله، الذين لا عقول لهم، لان ذلك ليس مرتبة كمالية، بل المراد بهم أهل الاشتغال باللّه عن كل ما سواه، فكانهم بله عن غيره، لانهم لا يعرفون غيره. و مثله قول الشاعر: و لقد علقت بطفلة مياسة بلهاء تطلعنى على اسرارها و أراد به، البله عن معرفة غيره، (معه).
2- قال في النهاية: أنشد الهروى: و لقد لهوت بطفلة مياسة بلهاء تطلعنى على اسرارها اراد انها غر لادهاء لها. و كتب في هامش بعض النسخ في معناه: اي جميلة الأخلاق.
3- المراد بالنساء هنا: من لم يستوف حقّ الرجولية من الصنفين. و معناه ان كل من كان ميله الى القوى الشهوية و الغضبية أكثر، حتى تصير رذائل الأخلاق ملكة له. و أمّا الرجولية، فهى الميل الى تعلقات القوى العقليّة حتّى تكون الكمال ملكة له. و القسم الأوّل: هى الانوثة الحقيقية المحضة، و القسم الثاني: هى الرجولية الحقيقة المحضة، و ما بينهما مراتب كثيرة، منهما ما يقرب الى الأول، و منهما ما يقرب الى الثاني (معه).
4- و هذا يدلّ على ان ما بين الركبة و السرة عورة الرجل، و يجىء في الأحاديث ما يعارضه و يحمل هذا الحديث على الندب (معه).
5- في النهاية: كان إذا ركع هصر ظهره، أي ثناه الى الأرض، و أصل الهصر ان -

اِعْتَدَلَ قَائِماً حَتَّى يَعُودَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ مَكَانَهُ فَإِذَا سَجَدَ أَمْكَنَ اَلْأَرْضَ مِنْ كَفَّيْهِ وَ رُكْبَتَيْهِ وَ صُدُورِ قَدَمَيْهِ ثُمَّ اِطْمَأَنَّ سَاجِداً فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اِطْمَأَنَّ جَالِساً وَ إِذَا قَعَدَ فِي اَلرَّكْعَتَيْنِ قَعَدَ عَلَى بَطْنِ قَدَمِهِ اَلْيُسْرَى وَ نَصَبَ اَلْيُمْنَى فَإِذَا كَانَتِ اَلرَّابِعَةُ أَفْضَى بِوَرِكِهِ اَلْيُسْرَى إِلَى اَلْأَرْضِ وَ أَخْرَجَ قَدَمَيْهِ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ (1) .

49 - وَ رَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اِبْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : مَنْ مَشَى إِلَى أَخِيهِ بِدَيْنٍ لِيَقْضِيَهُ إِيَّاهُ فَلَهُ بِهِ صَدَقَةٌ وَ مَنْ أَعَانَ عَلَى حَمْلِ دَابَّتِهِ فَلَهُ بِهِ صَدَقَةٌ وَ مَنْ أَمَاطَ أَذًى(2) فَلَهُ بِهِ صَدَقَةٌ وَ مَنْ هَذَى(3) زُقَاقاً فَلَهُ بِهِ صَدَقَةٌ وَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ .

50 - وَ رَوَى شَرِيكٌ عَنِ اَلْأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلسَّائِبِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : اَلْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ يُكَفِّرُ اَلذُّنُوبَ كُلَّهَا أَوْ قَالَ يُكَفِّرُ كُلَّ شَيْ ءٍ إِلاَّ اَلْأَمَانَةَ يُؤْتَى بِصَاحِبِ اَلْأَمَانَةِ فَيُقَالُ لَهُ أَدِّ أَمَانَتَكَ فَيَقُولُ أَنَّى يَا رَبِّ وَ قَدْ ذَهَبَتِ اَلدُّنْيَا فَيُقَالُ اِذْهَبُوا بِهِ إِلَى اَلْهَاوِيَةِ فَيُذْهَبُ

ص: 121


1- و في هذا دلالة على الفرق بين جلوس التشهدين بالصورة المذكورة في كل منهما، و هو للندب (معه).
2- و هذا يدلّ على ان من دفع شبهة عن الدين، حتى لا يلتبس على الضعفاء، كان بهذه المنزلة، بل أعلى محلا (معه).
3- أي رفع الأشياء التي يكون بين الزقاق.

بِهِ إِلَيْهَا فَيَهْوِي فِيهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى قَعْرِهَا فَيَجِدُهَا هُنَاكَ كَهَيْئَتِهَا فَيَأْخُذُهَا وَ يَضَعُهَا عَلَى عَاتِقِهِ فَيَصْعَدُ بِهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهَا زَلَّتْ مِنْهُ فَهَوَتْ فَهَوَى فِي أَثَرِهَا أَبَدَ اَلْآبِدِينَ وَ اَلْأَمَانَةُ فِي اَلصَّلاَةِ وَ اَلْأَمَانَةُ فِي اَلصَّوْمِ وَ اَلْأَمَانَةُ فِي اَلْحَدِيثِ وَ أَشَدُّ ذَلِكَ اَلْوَدَائِعُ .

وَ رَوَى خَالِدٌ اَلْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : مَنِ اِسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَ هُمْ كَارِهُونَ صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ اَلْآنُكُ (1) وَ مَنْ تَحَلَّمَ (2) كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ شَعِيرَةً أَوْ يُعَذَّبَ وَ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَ مَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا اَلرُّوحَ وَ لَيْسَ بِنَافِخٍ (3).

52 - وَ رَوَى أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ اَلْأَنْصَارِيِّ قَالَ : اِنْطَلَقَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ جَمَاعَةٌ مِنَ اَلصَّحَابَةِ حَتَّى أَتَى اَلنَّخْلَ اَلَّذِي فِيهِ مَشْرَبَةُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ اِبْنِهِ فَإِذَا هُوَ فِي حَجْرِ أُمِّهِ وَ هُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَبَكَى فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ أَ تَبْكِي يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ أَنْتَ قَدْ نَهَيْتَنَا عَنِ اَلْبُكَاءِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ صَوْتٍ عِنْدَ نَغْمَةِ لَهْوٍ وَ لَعِبٍ وَ مَزَامِيرِ اَلشَّيْطَانِ وَ صَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشِ وُجُوهٍ وَ شَقِّ جُيُوبٍ وَ رَنَّةِ شَيْطَانٍ وَ هَذِهِ رَحْمَةٌ مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ يَا إِبْرَاهِيمُ لَوْ لاَ أَنَّهُ قَوْلٌ حَقٌّ وَ وَعْدٌ صِدْقٌ وَ سَبِيلٌ مَأْتِيَّةٌ وَ أَنَّ آخِرَنَا يَلْحَقُ بِأَوَّلِنَا لَحَزَنَّا عَلَيْكَ حَزَناً هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا وَ إِنَّا عَلَيْكَ لَمَحْزُونُونَ تَبْكِي اَلْعُيُونُ وَ تَوْجَلُ اَلْقُلُوبُ

ص: 122


1- الآنك: وزان أفلس الرصاص، و قيل: هو الرصاص الابيض و قيل: هو الأسود و قيل: هو الخالص منه، و لم يجئ على أفعل غير هذا على ما قيل (مجمع البحرين).
2- حلم حلما، و حلما في نومه، رأى في منامه رؤيا و تحلم تكلف الحلم (المنجد) و المراد الكذب في الرؤيا.
3- و رواه أحمد بن حنبل في ج 1 من مسنده ص 246 من مسند عبد اللّه بن عبّاس.

وَ لاَ نَقُولُ مَا يُسْخِطُ اَلرَّبَّ .

53 - وَ رَوَى يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى اَلْأُمَوِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ : خَطَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِالشَّامِ (1) فَقَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِثْلَ مَقَامِي هَذَا فِيكُمْ فَقَالَ خَيْرُ قُرُونِكُمْ قَرْنُ أَصْحَابِي ثُمَّ اَلَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَفْشُو اَلْكَذِبُ حَتَّى يَعْجَلَ اَلرَّجُلُ بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهَا فَمَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ اَلْجَنَّةِ لِيَلْزَمِ اَلْجَمَاعَةَ فَإِنَّ اَلشَّيْطَانَ مَعَ اَلْوَاحِدِ وَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَةٌ وَ سَاءَتْهُ سَيِّئَةٌ فَهُوَ مُؤْمِنٌ (2) (3) .

54 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَهْلَ اَلنَّارِ يَمُوتُونَ وَ لاَ يُحْيَوْنَ وَ إِنَّ اَلَّذِينَ يَخْرُجُونَ مِنْهَا وَ هُمْ كَالْحُمَمِ وَ اَلْفَحْمِ فَيُلْقَوْنَ عَلَى نَهَرٍ يُقَالُ لَهُ اَلْحَيَاةُ أَوِ اَلْحَيَوَانُ فَيَرُشُّ عَلَيْهِمْ أَهْلُ اَلْجَنَّةِ مِنْ مَائِهِ فَيَنْبُتُونَ ثُمَّ يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ وَ فِيهِمْ سِيمَاءُ أَهْلِ اَلنَّارِ فَيُقَالُ هَؤُلاَءِ جَهَنَّمِيُّونَ فَيَطْلُبُونَ إِلَى اَلرَّحِيمِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذْهَابَ ذَلِكَ اَلاِسْمِ عَنْهُمْ فَيُذْهِبُهُ عَنْهُمْ فَيَزُولُ عَنْهُمُ اَلاِسْمُ فَيُلْحَقُونَ بِأَهْلِ اَلْجَنَّةِ (4).

55 - وَ عَنْهُ أَيْضاً قَالَ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَنْ أَشَدُّ اَلنَّاسِ بَلاَءً قَالَ اَلْأَنْبِيَاءُ -

ص: 123


1- كذا في الحديث و كتب في هامش نسخة دانشكاه تهران عند كلمة الشام (أى ولاية الشام).
2- هذا يدلّ على أن أخذ السنة و الأحاديث بعد قرن الصحابة و الذين يلونهم يجب فيه الاحتياط فلا يأخذه الا من جماعة يغلب ظنه على صدقهم، و لا يأخذه من الواحد لما علله من فشو الكذب فيهم، و فيه دلالة على المنع من العمل بخبر الواحد (معه).
3- أورده في جامع أحاديث الشيعة باب (17) من المقدمات حديث 3 نقلا عن عوالى اللئالى.
4- و في هذا دلالة على انقطاع عقاب الفاسق خلافا للوعيدية القائلين بعدم انقطاع عذابه (معه).

قُلْتُ ثُمَّ مَنْ قَالَ اَلْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ ثُمَّ اَلصَّالِحُونَ لَقَدْ كَانَ أَحَدُهُمْ يُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى لاَ يَجِدَ إِلاَّ اَلْعَبَاءَ يَحْوِيهَا فَيَلْبَسُهَا وَ يُبْتَلَى بِالْقَمْلِ حَتَّى يَقْتُلَهُ وَ لَأَحَدُهُمْ أَشَدُّ فَرَحاً بِالْبَلاَءِ مِنْ أَحَدِكُمْ بِالْعَطَاءِ (1) .

56 - وَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فَيُقَالُ أَعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ قَالَ فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ وَ يُخْبَأُ عَنْهُ كِبَارُهَا فَيُقَالُ عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَ كَذَا كَذَا وَ كَذَا وَ هُوَ مُقِرٌّ لَيْسَ يُنْكِرُ وَ هُوَ مُشْفِقٌ مِنَ اَلْكَبَائِرِ أَنْ تَجِيءَ فَإِذَا أَرَادَ اَللَّهُ بِهِ خَيْراً قَالَ أَعْطُوهُ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً قَالَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لِي ذنوبا [ذُنُوبٌ ] مَا رَأَيْتُهَا هَاهُنَا قَالَ وَ رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ثُمَّ تَلاَ فَأُوْلٰئِكَ يُبَدِّلُ اَللّٰهُ سَيِّئٰاتِهِمْ حَسَنٰاتٍ (2)(3) .

57 - وَ رَوَى أَبُو اَلدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : حُبُّكَ لِلشَّيْ ءِ يُعْمِي وَ يُصِمُّ .

58 - وَ حَدَّثَ اِبْنُ كِنَانَةَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مِرْدَاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ دَعَا عَشِيَّةَ عَرَفَةَ لِأُمَّتِهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَ اَلرَّحْمَةِ فَأَجَابَهُ اَللَّهُ إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ إِلاَّ ظُلْمَ بَعْضِهِمْ بَعْضاً فَأَمَّا ذُنُوبُهُمْ فِيمَا بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ فَقَدْ غَفَرْتُهَا فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّكَ قَادِرٌ أَنْ تُثِيبَ هَذَا اَلْمَظْلُومَ خَيْراً مِنْ مَظْلِمَتِهِ وَ تَغْفِرَ لِهَذَا اَلظَّالِمِ قَالَ فَلَمْ يُجِبْهُ تِلْكَ اَلْعَشِيَّةَ فَلَمَّا كَانَ غَدَاةُ اَلْمُزْدَلِفَةِ أَعَادَ اَلدُّعَاءَ فَأَجَابَهُ اَللَّهُ تَعَالَى إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ قَالَ ثُمَّ تَبَسَّمَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ تَبَسَّمْتَ فِي سَاعَةٍ لَمْ تَكُنْ تَتَبَسَّمُ فِيهَا فَقَالَ تَبَسَّمْتُ مِنْ عَدُوِّ اَللَّهِ إِبْلِيسَ إِنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ

ص: 124


1- و هذه نهاية مرتبة الرضا، لانهم يرضون بالحاضر كيف كان فلا يخالف شيء منه طباعهم (معه).
2- سورة الفرقان، الآية 70.
3- و رواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 157 عن حديث أبى ذر الغفارى.

اَللَّهَ قَدِ اِسْتَجَابَ لِي فِي أُمَّتِي أَهْوَى يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَ اَلثُّبُورِ وَ يَحْثُو اَلتُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ (1) .

59 - وَ رَوَى عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : [إِنَّهُ ] يَقُولُ اَللَّهُ : يَا اِبْنَ آدَمَ اُذْكُرْنِي فِي نَفْسِكَ أَذْكُرْكَ فِي نَفْسِي وَ اُذْكُرْنِي فِي مَلاَءٍ مِنَ اَلنَّاسِ أَذْكُرْكَ فِي مَلاَءٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ .

60 - وَ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : لَوْ أَنَّ حَجَراً قُذِفَ بِهِ فِي جَهَنَّمَ لَهَوَى فِيهَا سَبْعِينَ خَرِيفاً قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهَا.

61 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : اَلْخِلاَفَةُ بَعْدِي ثَلاَثُونَ ثُمَّ تَكُونُ مِلْكاً عَضُوضاً(2)(3)(4).

ص: 125


1- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 5، كتاب الحجّ (باب ما جاء في فضل عرفة) و سند الحديث هكذا (حدّثني ابن كنانة بن العباس بن مرداس السلمى، عن أبيه، عن جده عبّاس بن مرداس ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم إلخ).
2- يريد بالخلافة الخلافة الواقعة بعده، و الظاهر حصولها، و تسميتها خلافة بين الناس، ثمّ انها بعد المدة، تصير بين الناس لا تسمى خلافة، بل ملكا، و لا يراد الخلافة الحقيقة الواقعة من اللّه، فانها لا تنقطع أبدا، و لا تزول اسمها عن أهلها في وقت من الأوقات، لان سنة اللّه لا تغيير فيها و لا تبديل (معه).
3- و رواه أحمد بن حنبل في ج 5 من مسنده ص 220 و ص 221 في حديث (سفينة مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم).
4- في النهاية: ثم يكون ملكا عضوضا، أي يصيب الرعية فيه عسف و ظلم، كأنهم يعضون عضا، و العضوض من أبنية المبالغة و في رواية، ثمّ يكون ملوك عضوض جمع عض بالكسر، و هو الخبيث الشرير، انتهى. و بيان كون الثلاثين سنة خلافة، انها كانت مدة خلافة الأربعة فان مدة خلافة الثلاثة، كانت خمسا و عشرين سنة، و خلافة أمير المؤمنين سلام اللّه عليه، كانت خمس سنين، و كان الثلاثة يسلكون في التقشف و الزهد مسلك النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في كثير من الأمور، و ان اختلفوا في العزائم و النيات و لما جاءت النوبة الى معاوية، أقبل على الدنيا و لذاتها، و مشتهياتها و التأنق في الزينة، و هو الذي اخترع التلون في الاطعمة، و ركب الأرز، و اللحم، و السمن، و كان الناس قبله يأكلون ثريد المرق و اللحم، و هو الذي وضع موائد الخمر، و سلك طريق الجبابرة، و زاد عليه من بعده من بني أميّة، و بني العباس فهذا معنى الحديث (جه).

62 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَأَضَافَهُ فَأَدْخَلَهُ بَيْتَ أُمِّ سَلَمَةَ ثُمَّ قَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْ ءٌ قَالَ فَأَتَوْنَا بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ اَلثَّرِيدِ وَ اَلْوَذَرِ(1) فَجَعَلَ ذَلِكَ اَلرَّجُلُ يُجِيلُ يَدَهُ فِي جَوَانِبِهَا فَأَخَذَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَمِينَهُ بِيَسَارِهِ وَ وَضَعَهَا قُدَّامَهُ ثُمَّ قَالَ كُلْ مِمَّا يَلِيكَ فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ فَلَمَّا رُفِعَتِ اَلْجَفْنَةُ أَتَوْنَا بِطَبَقٍ فِيهِ رُطَبٌ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ جَعَلَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَجُولُ فِي اَلطَّبَقِ ثُمَّ قَالَ لِلرَّجُلِ كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْتَ فَإِنَّهُ غَيْرُ طَعَامٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَتَوْنَا بِوَضُوءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ وَ ذِرَاعَيْهِ وَ قَالَ هَذَا اَلْوَضُوءُ مِمَّا مَسَّتْهُ اَلنَّارُ (2) .

63 - وَ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : عَطَسَ رَجُلاَنِ عِنْدَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَسَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَ لَمْ يُسَمِّتِ اَلْآخَرَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ سَمَّتَّ هَذَا وَ لَمْ تُسَمِّتْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ هَذَا أحمد [حَمِدَ] اَللَّهَ وَ لَمْ يَحْمَدِ اَلْآخَرُ (3) .

64 - وَ رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ تَرَكَ صَلاَةً لَقِيَ اَللَّهَ وَ هُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ .

65 - وَ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيُّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : هَلَكَ اَلْمُثْرُونَ -

ص: 126


1- الوذر: جمع وذرة، و هي القطعة من اللحم، مثل تمر و تمرة (مجمع البحرين).
2- فيراد به هنا غسل اليدين بعد الطعام (معه).
3- في هذا الحديث دلالة على ان استحباب التسميت مشروط بحمد اللّه من العاطس (معه).

قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِلاَّ مَنْ فَأَعَادَهَا ثَلاَثاً ثُمَّ قَالَ إِلاَّ مَنْ هَكَذَا وَ هَكَذَا وَ قَلِيلٌ مٰا هُمْ (1)(2).

ص: 127


1- سنن ابن ماجه ج 2 كتاب الزهد، (8) باب في المكثرين حديث 4129 مع اختلاف يسير في اللفظ.
2- تقديره: الا من فرقه في جهاته من أعمال الخيرات و الصدقات و المبرات و صلة الارحام و بر الاخوان و إكرام الضيفان و أمثال ذلك (معه).

الفصل الثامن في ذكر أحاديث تشتمل على كثير من الآداب و معالم الدين روايتها تنتهي إلى النّبي صلّى اللّه عليه و آله بطريق واحد من طرقي المذكورة آنفا

1 - قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْمُسْلِمُ أَخُو اَلْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَ لاَ يُسْلِمُهُ (1) وَ مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اَللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَ مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اَللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ مَنْ سَرَّ [سَتَرَ] مُسْلِماً سَرَّهُ [سَتَرَهُ ] اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (2)(3).

ص: 128


1- أي لا يجوز أن يظلمه، و لا يجوز أن يسلمه الى عدوه مع قدرته على نصرته بل يجب عليه أن ينصره ممن يظلمه (معه).
2- و يدلّ هذا الحديث على أن الظالم لأخيه، و المسلم له مع قدرته على نصرته ليس بمسلم. لانه عليه السلام جعل المسلم أخ المسلم ما دام لا يظلمه و لا يسلمه، فإذا ظلمه أو أسلمه، لم يكن أخا له. و إذا لم يكن أخا له، لم يكن مسلما. لان الاخوة هنا في صفة الإسلام، لا في النسب. و يحمل على الإسلام الكامل. و هو قوى (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 91.

2 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْحَيَاءُ مِنَ اَلْإِيمَانِ (1)(2).

3 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كُلُّكُمْ رَاعٍ وَ كُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَ هُوَ اَلْمَسْئُولُ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَ اَلرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَ هُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَ اَلْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَ هِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَ اَلْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَ هُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَ اَلرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَ هُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَ كُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ (3)(4).

4 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : وَ قَدْ سُئِلَ عَنْ صَلاَةِ اَللَّيْلِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ صَلاَةُ اَللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خِفْتَ اَلصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ (5) (6) .

5 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ فَاتَتْهُ صَلاَةُ اَلْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَ مَالَهُ (7)(8).

ص: 129


1- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 9 و 56.
2- يعني: الحياء جزء من أجزاء الايمان (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 5.
4- بل الإنسان نفسه راع على جوارحه و قواه فهو مسئول عن رعيته. لانه موكل عليها بأن يصرفها لما خلقت له فلو خالف لزم السؤال (معه).
5- فيه دلالة على ان صلاة الليل سابقة على الوتر، و انها كلها مثناة، الا الوتر فانه واحدة، و انه داخل في صلاة الليل، و انه مؤخر عنها، الا ان يخاف طلوع الفجر فيقدم الوتر عليها. و فيه زيادة اهتمام به، للامر بتقديمه عند خوف فواته بطلوع الفجر و ذلك دليل على أفضليته عليها، و فيه دلالة على أن الوتر ليس هو الثلاث (معه).
6- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 9:2-10.
7- أي أفرد من أهله و ماله و صار محزونا عليهما، و هذا عقابه. و فيه دلالة على شدة الاهتمام بصلاة العصر، فلهذا قال بعضهم: يستدل بهذا الحديث على ان الصلاة الوسطى هي صلاة العصر و ذلك أنهم يروون انه عليه السلام قال: هذا يوم الأحزاب لما فاتته العصر، لاشتغاله بالحرب (شغلونا عن الصلاة الوسطى، صلاة العصر) و إذا صح هذا الحديث كان نصا في الباب (معه).
8- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 8:2 و 13.

6 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي اَلسَّفَرِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهَتْ تَطَوُّعاً يُومِئُ إِيمَاءً غَيْرَ أَنَّهُ لاَ يُصَلِّي عَلَيْهَا اَلْمَكْتُوبَةَ (1) .

7 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَمَرَ بِزَكَاةِ اَلْفِطْرَةِ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ اَلنَّاسِ إِلَى اَلْمُصَلَّى (2) .

8 - وَ فِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَرَضَ زَكَاةَ اَلْفِطْرَةِ مِنْ رَمَضَانَ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ(3) عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَ عَبْدٍ وَ ذَكَرٍ وَ أُنْثَى.

9 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَقُولُ فِي تَلْبِيَتِهِ لَبَّيْكَ اَللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ اَلْحَمْدَ وَ اَلنِّعْمَةَ لَكَ وَ اَلْمُلْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ (4)(5).

10 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَهَّلَ (6)أَهْلَ اَلْمَدِينَةِ مِنْ ذِي اَلْحُلَيْفَةِ وَ مَهَّلَ لِأَهْلِ

ص: 130


1- هذا يدلّ على ان النافلة في السفر يصحّ صلاتها على الراحلة اختيارا، دون الحضر، و الا لم يكن لذكر أنّه صلاها في السفر كذلك فائدة (معه).
2- و الظاهر أنّه هنا للاستحباب، لانه لو أخرجها بعد أن صلى العيد قبل زوال الشمس صحت. لكن تستحب اخراجها قبل الصلاة، و يحتمل أن يكون مراده بقوله: (قبل خروج الناس الى المصلى) أي قبل خروج وقت الصلاة. و حينئذ يكون الامر للوجوب لان ذلك وقت الأداء، و أمّا بعد خروج وقت الصلاة يكون قضاء (معه).
3- و انما خص التمر و الشعير، لانه غالب قوت الحجاز يومئذ، فعلم منه ان الواجب صاع من غالب قوت البلد على كل رأس (معه).
4- مسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 34 و 41 و 43 و 47 و 48 و 53. و رواه في الوسائل كتاب الحجّ ، باب (26) من أبواب الاحرام حديث 2 و 6، و باب (4) من هذه الأبواب فراجع.
5- ذكر هذه الصورة العلامة في المختلف رواية. و اختارها على سائر صور التلبية الواردة في الروايات (معه).
6- المراد بالمهل هنا، الميقات الذي يجب الاحرام منه. (معه).

اَلشَّامِ مَهْيَعَةَ وَ هِيَ اَلْجُحْفَةُ وَ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ اَلْمَنَازِلِ وَ مَهَّلَ لِأَهْلِ اَلْيَمَنِ يَلَمْلَمَ فَقِيلَ لِأَهْلِ اَلْعِرَاقِ فَقَالَ لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ (1) (2)الورس نوع من الطيب، ينحط من شجر، و يجلب من بلاد اليمن، طيب الرائحة، يصبغ به الثياب (معه).(3) .

11 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ : سَأَلَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَجُلٌ مَا يَلْبَسُ اَلْمُحْرِمُ مِنَ اَلثِّيَابِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لاَ يَلْبَسُ اَلْقَمِيصَ وَ لاَ اَلسَّرَاوِيلاَتِ وَ لاَ اَلْعَمَائِمَ وَ لاَ اَلْبَرَانِسَ وَ لاَ الخفان [اَلْخُفَّيْنِ ] إِلاَّ أَنْ لاَ يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَيَلْبَسَ اَلْخُفَّيْنِ وَ لْيَقْطَعْهُمَا(4) أَسْفَلَ اَلْكَعْبَيْنِ وَ لاَ يَلْبَسُ ثَوْباً مَسَّهُ وَرْسٌ (4) أَوْ زَعْفَرَانٌ (5) وَ لاَ تَتَنَقَّبُ اَلْمَرْأَةُ وَ لاَ تَلْبَسُ اَلْقُفَّازَيْنِ .

12 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَقْرَأُ اَلْجُنُبُ وَ لاَ اَلْحَائِضُ شَيْئاً مِنَ اَلْقُرْآنِ (6).

13 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا طَلَعَ اَلْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلاَةِ اَللَّيْلِ وَ اَلْوَتْرُ فَأَوْتِرُوا قَبْلَ طُلُوعِ اَلْفَجْرِ.

14 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ مَاتَ وَ عَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرٍ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ وَلِيُّهُ مَكَانَ كُلِّ

ص: 131


1- أي لم يكن أهل العراق مسلمين (معه).
2- مسند أحمد بن حنبل ج 2 ص 11 و 50. و رواه في الوسائل، كتاب الحجّ باب
3- من أبواب المواقيت.
4- المراد بالقطع هنا. الشق. أى شق الخفين عن ظهر القدم، و هل هو واجب أم لا؟ ظاهر الحديث يدلّ على وجوبه (معه).
5- انما خص هذين النوعين من الطيب، لاغلبيتهما في الحجاز لانهم كانوا يصبغون بهما الثياب. و فيه دلالة على تحريم النقاب للمرأة. و تحريم لبس القفازين، و هما تثنية قفاز و هما ثوبان بينهما قطن يلبسان على الكفين (معه).
6- هذا الحديث يدلّ على كراهية القراءة الا ما أخرجه الدليل من قراءة القرآن سبع آيات من غير كراهية، أو قراءة العزائم مع التحريم (معه).

يَوْمٍ مِسْكِيناً(1).

15 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَوْ أَنَّ لاِبْنِ آدَمَ مِلْ ءَ وَادٍ مَالاً لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُهُ وَ لاَ يَمْلَأُ جَوْفَ بَنِي آدَمَ إِلاَّ اَلتُّرَابُ وَ يَتُوبُ اَللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ (2).

16 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ اَلنَّخْلِ حَتَّى يَأْكُلَ مِنْهُ أَوْ يُؤْكَلَ وَ حَتَّى يُوزَنَ قُلْتُ [قَالَ ] وَ مَا يُوزَنُ فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرَزَ (3) .

17 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : اِلْتَمِسُوهَا فِي اَلْعَشْرِ اَلْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ يَعْنِي لَيْلَةَ اَلْقَدْرِ.

18 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ دَفَعَ يَوْمَ عَرَفَةَ فَسَمِعَ وَرَاءَهُ زَجْراً شَدِيداً وَ ضَرْباً لِلْإِبِلِ فَأَشَارَ بِسَوْطِهِ إِلَيْهِمْ وَ قَالَ يَا أَيُّهَا اَلنَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ فَإِنَّ اَلْبِرَّ لَيْسَ بِالْإِيضَاعِ إِنَّ اَلْبِرَّ لَيْسَ بِإِيجِافِ اَلْخَيْلِ وَ اَلْإِبِلِ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ قَالَ فَمَا رَأَيْتُهَا رَافِعَةً يَدَيْهَا حَتَّى أَتَى مِنًى (4) (5) (6) .

ص: 132


1- و الامر هنا للوجوب، لكن بشرط أن يكون قد تمكن من قضائه و لم يقضه. و الإطعام هل هو من مال الميت. أو من مال الولى ؟ الظاهر أنّه من مال الولى، لتوجه الامر إليه، لا من مال الميت. يعنى من تركته (معه).
2- هذا يدلّ على أن حبّ الدنيا من الذنوب التي يجب التوبة منها، و لا يسقط عقابه الا بها كغيرها من الكبائر، الا ان يعفو اللّه عنها (معه).
3- من الحرز بمعنى الخرص. و هذا يدلّ على أن بيع الثمرة لا يجوز حتّى يبدو صلاحها، بان يبلغ حالة يؤمن عليها من الفساد (معه).
4- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى، كتاب الحجّ ص 119 باب ما يفعل من دفع من عرفة.
5- دفع، أي سار، و الايجاف و الايضاع: سرعة السير (جه).
6- و في هذا الحديث، دلالة على أنّه يستحب الاقتصاد في السير إذا أفاض الحاجّ من عرفات الى المشعر (معه).

19 - وَ فِيهِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ صَلَّى اَلْمَغْرِبَ وَ اَلْعِشَاءَ بِجَمْعٍ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَ إِقَامَتَيْنِ (1) .

20 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَرْحَمُ اَللَّهُ اَلْمُحَلِّقِينَ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَ اَلْمُقَصِّرِينَ (2)(3).

21 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا(4)(5).

22 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَبِيعُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَ لاَ يَخْطُبُ عَلَى خُطْبَتِهِ وَ لاَ تَلَقَّوُا اَلسِّلَعَ حَتَّى يَهْبِطَ اَلسُّوقَ (6).

23 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ اَلْحَبَلَةِ وَ كَانَ بَيْعاً يَبْتَاعُهُ أَهْلُ اَلْجَاهِلِيَّةِ كَانَ يَبْتَاعُ اَلرَّجُلُ اَلْجَزُورَ إِلَى أَنْ تَنْتِجَ اَلنَّاقَةُ ثُمَّ يَنْتِجَ اَلَّذِي

ص: 133


1- السنن الكبرى البيهقيّ ، كتاب الحجّ ج 121:5 باب الجمع بينهما بأذان و اقامتين.
2- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 16 و 34 و لفظ الحديث (حتى قالها ثلاثا). و رواه في الوسائل كتاب الحجّ ، باب (7) من أبواب الحلق و التقصير حديث 6 و لفظ الحديث (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: يوم الحديبية اللّهمّ اغفر للمحلقين، مرتين، قيل: و للمقصرين يا رسول اللّه قال: و للمقصرين».
3- فيه دلالة على أن الحلق أفضل من التقصير (معه).
4- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 9 و 73. و رواه في الوسائل، كتاب التجارة، باب (1) من أبواب الخيار فلاحظ.
5- فيه دلالة على أن خيار المجلس، انما يثبت في البيع دون غيره من العقود (معه).
6- النهى في هذه الثلاثة، نهى تنزيه، لا نهى تحريم. و قال الشيخ رحمه اللّه: التحريم بظاهر الحديث، فان الأصل في النهى التحريم. و ليس المراد بالتحريم تحريم البيع، أو تحريم الزوجة، أو تحريم السلعة، بل تحريم الفعل، و ان وقعت العقود (معه).

فِي بَطْنِهَا فَنَهَاهُمُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَنْ ذَلِكَ (1) (2) .

24 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِبْتَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أَنْ يُؤَبَّرَ(3) فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ اَلْمُبْتَاعُ وَ مَنِ اِبْتَاعَ عَبْداً وَ لَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ اَلْمُبْتَاعُ (4).

25 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكاً لَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَ أُعْتِقَ عَلَيْهِ اَلْعَبْدُ إِنْ كَانَ ذَا يَسَارٍ وَ إِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ (5).

26 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ اَلثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا لِلْبَائِعِ وَ اَلْمُشْتَرِي (6) .

27 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ اَلْوَلاَءِ وَ عَنْ هِبَتِهِ (7) (8) .

28 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ

ص: 134


1- و هذا من البيوع الفاسدة. لان الأجل غير مضبوط، و هو يستلزم تجهيل البيع (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 15:2.
3- اما قبل التأبير، فالثمرة للمشترى، الا أن يشترطها البائع. و هذا حكم مختص بالنخل دون غيره (معه).
4- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 9:2 و 82.
5- و هذا نص في عتق السراية، و انه مشروط باليسار (معه).
6- النهى للتحريم بالنسبة الى البائع و المشترى (معه).
7- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 9:2.
8- بيع الولاء: هو أن يبيع ولاية الارث الثابتة للمعتق بعتقه أو بهبته، و كذا لا يجوز نقله بشيء من العقود (معه).

فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ (1)(2).

29 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنِ اَلشِّغَارِ وَ هُوَ أَنْ يُزَوِّجَ اَلرَّجُلُ اِبْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ اِبْنَتَهُ وَ لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ (3) (4) .

30 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا نُودِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا(5)(6).

31 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَعَنَ اَللَّهُ اَلْوَاصِلَةَ وَ اَلْمُسْتَوْصِلَةَ وَ اَلْوَاشِمَةَ وَ اَلْمُسْتَوْشِمَةَ (7)(8).

32 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَحْفُوا اَلشَّوَارِبَ وَ أَعْفُوا اَللِّحَى(9).

ص: 135


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 29:2 و 56.
2- الغدر: هو أن يعاهد شخصا على شيء، ثمّ لم يف له به. و لا يكون ذلك محرما الا إذا تعلق بأمر دينى، أو أمر دنيوى، لا يكون منهيا عنه. و كذا لو أمنه من خوف ثمّ اغتاله من غير اعلام له (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2: ص 19 و 62.
4- النهى هنا للتحريم بالإجماع (معه).
5- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 20:2.
6- الامر هنا للندب، لا الوجوب إجماعا (معه).
7- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 21:2.
8- في الصحاح: وشم يده وشما، اذا غزرها بابرة، ثمّ ذر عليها النيلج. و الاسم الوشم، و الجمع الاوشام، استوشمه، سأله أن يشم. و الواصلة: هى التي يصل شعرها بشعر آخر و ليس تحريمه لنجاسة الشعر، و لا لتحريم نظره ان كان من أجنبية. قال العلامة: ان كانت غير ذات بعل، فالعلة التهمة، و الا فالتلبيس على الزوج. و لو اذن لم يحرم. و قيل: انه متى تحقّق التدليس في هذه الأمور حرمت، و الا فلا. و يحتمل أن يكون العلة قوله تعالى (فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اَللّٰهِ ) (معه).
9- أي خذوا من الشوارب و اتركوا اللحية. لانه من السنن الحنيفية (معه).

33 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ قَتْلِ اَلنِّسَاءِ وَ اَلصِّبْيَانِ فِي اَلْجِهَادِ (1) .

34 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اِجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ وَ لاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُوراً(2)(3).

35 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا اِسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمُ اِمْرَأَتُهُ إِلَى اَلْمَسْجِدِ فَلاَ يَمْنَعْهَا(4)(5).

36 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنِ اَلْإِقْرَانِ إِلاَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ اَلرَّجُلُ أَخَاهُ وَ اَلْقِرَانُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ اَلتَّمْرَيْنِ فِي اَلْأَكْلِ (6) (7) .

37 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَطَعَ فِي مِجَنٍّ ثَمَنُهُ ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ (8).

38 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ فِي اَلْفَرَسِ وَ اَلْمَرْأَةِ وَ اَلدَّارِ(9).

ص: 136


1- النهى للتحريم إلاّ مع الضرورة، أو خطأ، و لا اثم و لا كفّارة (معه).
2- أي اجعلوا في بيوتكم شيئا من صلاتكم، أي صلوا فيها بعض صلاتكم، و لا تخلوها بالكلية من الصلاة. و الامر للندب. و النهى عن اتخاذها مقابر للكراهة (معه).
3- ورد في الحديث: ان البيت الذي يصلى فيه صلاة الليل يضىء لاهل السماء كما تضىء الكواكب في الليل لاهل الأرض. و في وصية أبى ذر بعد أن ذكر صلّى اللّه عليه و آله فضل الصلاة في المسجد الحرام، و مسجد النبيّ قال: و أفضل من هذا كله صلاة يصليها الرجل في بيته، حيث لا يراه الا اللّه، يطلب بها وجه اللّه. و فيه دلالة على ان الإخلاص إذا كان أشدّ في صلاة المنزل، يكون أفضل من الصلاة في المسجد (جه).
4- فيه دلالة على أن المرأة إذا استأذنت زوجها بفعل شيء من المندوبات، فلا يمنعها من فعله و ان اشتمل على خروجها، اذا صحت عقيدتها (معه).
5- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 7:2 و 9.
6- النهى للتنزيه، و هو عام في كل شيء، بمعنى انه إذا أكل الرجل مع أخيه فليأكل بمثل أكل أخيه. و يحتمل أن يكون الحديث محمولا على الشركة، و يكون النهى للتحريم من دون الاذن (معه).
7- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 7:2.
8- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 6:2.
9- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 8:2.

39 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَ مَنْ شَرِبَ اَلْخَمْرَ فِي اَلدُّنْيَا فَمَاتَ وَ هُوَ يُدْمِنُهَا حُرِمَهَا فِي اَلْآخِرَةِ (1).

40 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ اَلْخُيَلاَءِ لَمْ يَنْظُرِ اَللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (2)(3).

41 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ أَنَّ عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ : طَلَّقْتُ زَوْجَتِي وَ هِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ اَلْخَطَّابِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ وَ إِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَتِلْكَ اَلْعِدَّةُ اَلَّتِي أَمَرَ اَللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا اَلنِّسَاءُ (4) (5) .

42 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَأَى بُصَاقاً فِي جِدَارِ اَلْقِبْلَةِ فَحَكَّهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى اَلنَّاسِ فَقَالَ إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلاَ يَبْصُقْ قِبَلَ وَجْهِهِ فَإِنَّ اَللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا صَلَّى (6) (7) .

43 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا رَأَيْتُمُ اَلْهِلاَلَ فَصُومُوا وَ إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ .

ص: 137


1- و هو دال على تحريم ذلك (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 5:2.
3- و هو دال على تحريم ذلك (معه).
4- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 54:2 و 63.
5- و هذا الحديث دال على ان الطلاق محرم في الحيض، و في الطهر الذي قربها فيه. و ان الطلاق الذي أمر اللّه تعالى في قوله: (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) هو الطلاق الواقع في طهر لم يقربها فيه. و المراد بالمراجعة هنا، عود النكاح كما كان، لان الطلاق الواقع لم يكن جائزا شرعا، فلم يكن مؤثرا للتحريم فعبر عن بقاء النكاح بالرجعة (معه).
6- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 29 عن مسند عبد اللّه بن عمر.
7- النهى هنا للكراهة (معه).

44 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَاصَلَ فِي صِيَامِ رَمَضَانَ فَوَاصَلَ اَلنَّاسُ فَنَهَاهُمْ فَقَالُوا إِنَّكَ تُوَاصِلُ فَقَالَ إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَ أُسْقَى (1) (2) .

45 - وَ فِي آخَرَ: إِنِّي أَظَلُّ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِي.

46 - وَ فِيهِ : أَنَّ عَاشُورَاءَ كَانَ يَوْماً يَصُومُهُ أَهْلُ اَلْجَاهِلِيَّةِ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هَذَا يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اَللَّهِ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ وَ مَنْ شَاءَ تَرَكَهُ (3).

47 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خَمْسٌ مِنَ اَلدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى اَلْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ اَلْغُرَابُ وَ اَلْحِدَأَةُ وَ اَلْفَأْرَةُ وَ اَلْعَقْرَبُ وَ اَلْكَلْبُ اَلْعَقُورُ(4)(5).

48 - وَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : تَمَتَّعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي حِجَّةِ اَلْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى اَلْحَجِّ وَ أَهْدَى وَ سَاقَ اَلْهَدْيَ مَعَهُ مِنْ ذِي اَلْحُلَيْفَةِ وَ بَدَأَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ (6) ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَ تَمَتَّعَ اَلنَّاسُ مَعَهُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى

ص: 138


1- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 21 عن مسند عبد اللّه بن عمر.
2- الوصال جاء بمعنى: الصوم يومين، بلا افطار فيهما و جاء بمعنى: ترك العشاء الى وقت السحور، و كلاهما منهى عنه، لانه من خصايص الرسول صلّى اللّه عليه و آله، فلا يصحّ فعله لغيره (معه).
3- و هذا يدلّ على اباحة صوم يوم عاشوراء. و بعض الاصحاب منع من صومه، لانه يوم صامه بنو أميّة شكرا لقتلهم الحسين عليه السلام، فلا يصحّ التشبه بهم. و آخرون من الاصحاب قالوا: يصح صومه على وجه الحزن. و آخرون منهم قالوا: يستحب الامساك على وجه المصيبة الى بعد العصر، لا انه صوم، و هذا أحسنها (معه).
4- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 8 عن مسند عبد اللّه بن عمر.
5- الظاهر ان الغراب، و الحدأة، ليس للمحرم قتلهما، لكن له رميهما، و ان أفضى الى القتل (معه).
6- أي أحرم، عبر عن الاحرام بالاهلال، لانه رفع الصوت بالتلبية، فهو من باب التعبير عن الشيء بجزئه، لان التلبية جزء من الاحرام، و كذا في قوله: (ثم أهل بالحج) أى أحرم به بعد الاحرام بالعمرة، و فيه دلالة على جواز ادخال الاحرام الثاني بعد عقد الاحرام الأول، قبل أن ينقضى مناسكه، و هذا معنى الاقران بين الاحرامين، و المنهى عنه في الجمع بينهما، هو اقرانهما بنية واحدة (معه).

اَلْحَجِّ فَكَانَ مِنَ اَلنَّاسِ مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ اَلْهَدْيَ وَ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ مِنْ شَيْ ءٍ أَحْرَمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حِجَّتَهُ وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَ بَيْنَ اَلصَّفَا وَ اَلْمَرْوَةِ وَ لْيَتَحَلَّلْ ثُمَّ لْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَ لْيُهْدِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْياً فَلْيَصُمْ ثَلاَثَةً فِي اَلْحَجِّ وَ سَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ وَ طَافَ (1)رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ فَاسْتَلَمَ اَلرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْ ءٍ ثُمَّ

ص: 139


1- و يسمى هذا الطواف طواف قدوم، لانه أول طواف يقع للقادم بمكّة بعد الاحرام، قوله: (فاستلم الركن أول شيء) فيه دلالة على وجوب ابتداء الطواف من الركن و المراد به، الركن الذي فيه الحجر، قوله: (ثم خب ثلاثة اشواط) المراد بالخب، الاسراع في المشى، و يسمى الرمل و لهذا قالوا: يستحب في طواف القدوم، أن يرمل ثلاثا، و يمشى أربعا، تأسيا بالنبى صلّى اللّه عليه و آله فانه (صلّى اللّه عليه و آله) فعل ذلك في هذا الطواف، قوله: (ثم ركع) يعني صلى ركعتى الطواف، عبر عنها بالركوع، لانه جزء منها فهو تسمية الشيء باسم جزئه، قوله: (فطاف) أي سعى، عبر عن السعى بالطواف، لان اللّه تعالى سماه طوافا، في قوله تعالى: (فَلاٰ جُنٰاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمٰا) قوله: (و أفاض) أراد به المضى بعد قضاء مناسك منى الى مكّة، لطواف الزيادة، و سمى ذلك إفاضة، لكثرة الناس و ازدحامهم في ذلك اليوم، و لهذا يسمى طواف الزيارة، طواف الإفاضة. و يصير معنى التمتع هاهنا: هو الإتيان باحرام العمرة و أفعالها قبل الحجّ ، الا انه لا يتحلل منها و هذا التمتع أيضا قران من وجه، لانه قرن فيه بين احرام العمرة و احرام الحجّ ثمّ أتى بأفعال العمرة أولا، فلما فرغ منها، أتى بأفعال الحجّ ، فقرن بينهما بلا تحلل فأما التمتع الصرف، فهو الذي يتحلل بين الاحرامين، بان يحرم بالعمرة خاصّة، فإذا قضى مناسكها و تحلل منها بالتقصير، انشأ احراما آخر بالحج. و مقتضى هذا الحديث ان الأول فرض من ساق الهدى عند احرامه من الميقات و الثاني فرض من لم يسق، و يصير معنى قوله صلّى اللّه عليه و آله في الحديث المتقدم (لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لما سقت الهدى) دالا على أن التحلل بين الاحرامين أفضل، لتأسفه على فواته (معه).

خَبَّ ثَلاَثَةَ أَشْوَاطٍ مِنَ اَلسَّبْعِ وَ مَشَى أَرْبَعَةَ أَطْوَافٍ ثُمَّ رَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ اَلْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى اَلصَّفَا فَطَافَ بِالصَّفَا وَ اَلْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْ شَيْ ءٍ أَحْرَمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ وَ نَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ اَلنَّحْرِ وَ أَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ أَحَلَّ مِنْ كُلِّ مَا أَحْرَمَ مِنْهُ وَ فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ مَنْ أَهْدَى وَ سَاقَ اَلْهَدْيَ مِنَ اَلنَّاسِ .

49 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَدْخُلُ مَكَّةَ مِنَ اَلثَّنِيَّةِ اَلْعُلْيَا وَ يَخْرُجُ مِنَ اَلثَّنِيَّةِ اَلسُّفْلَى (1) (2) (3) .

50 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمْ يَكُنْ يَسْتَلِمُ مِنَ اَلْأَرْكَانِ إِلاَّ اَلرُّكْنَ اَلْأَسْوَدَ وَ اَلَّذِي يَلِيهِ مِنْ نَحْوِ دُورِ اَلْجُمَحِيِّينَ (4)(5).

51 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِأَصْحَابِهِ لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ

ص: 140


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 59.
2- الثنية العليا: أى عقبة المدنيين، و هي التي تشرف على الحجون (اي مقبرة مكّة)، و السفلى هي عقبة ذى طوى، و هذا الفعل محمول على الاستحباب (معه).
3- قيده الاصحاب تبعا للروايات بمن أتى على طريق المدينة، لانه المناسب له (جه).
4- بنى جمع بطن من قريش، و هو ركن المستجار المسمى بركن اليمانيّ (معه).
5- و رواه في الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (22) من أبواب الطواف حديث 2 و لفظ الحديث (عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال: (كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لا يستلم الا الركن الأسود و اليمانيّ الحديث).

بَعْضٍ بِالسَّيْفِ (1)(2).

52 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَأْتِي قُبَا رَاكِباً وَ مَاشِياً فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ (3) .

53 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ اَلْمُزَابَنَةِ وَ هِيَ بَيْعُ اَلتَّمْرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً(4) وَ بَيْعُ اَلْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً (5) .

54 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِشْتَرَى طَعَاماً فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ (6)(7).

55 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْيَدُ اَلْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ [اَلْيَدِ] اَلسُّفْلَى وَ اَلْيَدُ اَلْعُلْيَا اَلْمُنْفِقَةُ وَ اَلْيَدُ اَلسُّفْلَى اَلسَّائِلَةُ وَ اِبْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ (8)(9).

ص: 141


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 87:2.
2- و هذا الحديث يدلّ على جواز الكفر على الصحابة، و على ان المؤمن قد يكفر، لانه لا يصحّ أن ينهى عن المحال. فمتعلق النهى انما يكون عما يمكن وقوعه بالضرورة (معه).
3- يعني مسجد قبا، و هو أول مسجد اسس على التقوى. و الحديث دال على أفضليته (معه).
4- أراد بذلك بيع التمر على النخل بالتمر، و بيع العنب على الشجر بالزبيب سواء كان منه أو من غيره (معه).
5- خص النهى بالكيل لانه الاغلب عند أهل المدينة، فانه لا وزن عندهم (معه).
6- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 22 و 46 و في الوسائل كتاب التجارة باب (16) من أبواب أحكام العقود، فلاحظ.
7- و النهى للتحريم: و أراد بالطعام، الحبوب المدخرة للقوت، فلا منع في الثمار و لا عن بيع ما كان سلما بعد حلوله، على من هو عليه و على غيره، بزيادة و نقصان (معه).
8- أورده في كتاب جامع أحاديث الشيعة، كتاب الزكاة، باب (ان أفضل الصدقات ما كانت على ذى الرحم) حديث 1099 نقلا عن العوالى.
9- لا يجوز أن يتصدق ندبا و عياله محتاج (معه).

56 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ اَلْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ أَيْدِي اَلْعَدُوِّ (1) (2) .

57 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنِ اَلْقَزَعِ وَ اَلْقَزَعُ أَنْ يُحْلَقَ بَعْضُ اَلرَّأْسِ مِنَ اَلصَّبِيِّ وَ يُتْرَكَ بَعْضُهُ (3) (4) .

58 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اِجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وَتْراً(5).

59 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَتْرُكُوا اَلنَّارَ فِي بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ (6)(7).

60 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اُقْتُلُوا اَلْحَيَّاتِ وَ اُقْتُلُوا ذي [ذَا] اَلطُّفْيَتَيْنِ وَ اَلْأَبْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ اَلْبَصَرَ وَ يَسْتَسْقِطَانِ اَلْحَبَلَ (8)(9)(10).

ص: 142


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 2 ص 6 و 7 و 10.
2- هذا يدلّ على نجاسة الكفّار، و على وجوب تنزيه القرآن من النجاسات لان النهى للتحريم. و يحتمل أن يراد بالايدى هنا القدرة. و يصير التقدير، مخافة أن يغيره الاعداء، أو يتلفونه لعداوتهم له، لانه يكون حينئذ تحت قدرتهم (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 55:2.
4- النهى للتنزيه، لا للتحريم (معه).
5- و هو يدلّ على أن آخر صلاة الليل الوتر، و ركعتى الفجر خارجة عن صلاة الليل (معه).
6- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 7:2-8.
7- النهى للتنزيه، لافضائه الى مصلحة دنيوية (معه).
8- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 9:2.
9- و في الخبر: اقتلوا من الحيات ذو الطفيتين و الابتر. الطفية كمدية، خوصة المقل، و ذو الطفيتين من الحيات ما على ظهره خطان أسودان كالخوصتين، شبه الخطين على ظهر الحية بهما (مجمع البحرين).
10- نوع من الحية يسمى أفعى. و يطمسان البصر. أى ينقصان ضوء البصر، و يستسقطان الحبل، أي يسقطان الحمل (معه).

61 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَسَمَ فِي اَلنَّفَلِ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَ لِلرَّاجِلِ سَهْماً.

62 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَيُّمَا رَجُلٍ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا.

63 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يُقِيمَنَّ أَحَدُكُمُ اَلرَّجُلَ عَنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيهِ (1).

64 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَ اِشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ لَكُمْ اِبْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَ كَانَ رَجُلاً لاَ يُؤَذِّنُ حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ وَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلاَّ أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَ يَرْقَى هَذَا (2) .

65 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اِثْنَيْنِ رَجُلٍ آتَاهُ اَللَّهُ اَلْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اَللَّيْلِ وَ آنَاءَ اَلنَّهَارِ وَ رَجُلٍ آتَاهُ اَللَّهُ مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي اَلْحَقِّ آنَاءَ اَللَّيْلِ وَ آنَاءَ اَلنَّهَارِ(3)(4).

66 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِقْتَنَى كَلْباً إِلاَّ ضَارِياً أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ زَرْعٍ

ص: 143


1- النهى هنا للتحريم، لما فيه من ادخال الغضاضة على المؤمن و انتقاصه، و أخذ حقه منه (معه).
2- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 380:1، باب (السنة في الاذان لصلاة الصبح قبل طلوع الفجر)، ثمّ روى في الباب الذي يليه (باب ذكر المعاني التي يؤذن لها بلال بليل) ص 381. عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم لا يمنع أحد منكم أذان بلال، الى قوله: (فانه يؤذن ليرجع قائمكم أو لينبه نائمكم)، ثمّ روى في الباب الذي يليه ص 382. فى أن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا و اشربوا حتّى يؤذن بلال. و هذا هو الموافق للاحاديث الواردة عن الأئمّة المعصومين صلوات اللّه عليهم أجمعين، فراجع الوسائل باب (8) من أبواب الاذان و الإقامة، حديث 2-5.
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 9:2.
4- المراد بالحسد هنا الغبطة، لا حقيقته، لانه معصيته. فيكون المراد، انه يتمنى أن يكون مثله (معه).

نَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ (1).

67 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ اَلْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ (2).

68 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَأْكُلْ أَحَدُكُمْ مِنْ لُحُومِ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ (3).

69 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَ اَلْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ (4)(5).

ص: 144


1- و هذا يدلّ على ان اقتناء الكلب غير الثلاثة، لا يجوز. (معه).
2- و ان كان الامر للوجوب الا انه هنا محمول على شدة الاستحباب (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 16:2.
4- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 21:2.
5- قال في الحاشية: و ذلك ان المؤمن مقيد بالشريعة، فهو لا يأكل الا من تلك الجهة. و أمّا الكافر فلعدم تقييده بالآداب الشرعية، يستعمل جميع القوى الشهوية فيملأ جميع أمعاءه. أو معناه ان المؤمن يأكل من وجه واحد و هو الشرع، و الكافر لا يعتد بالشرع، فهو يأكل من أي وجه. و هذا يدلّ على أن كثرة الاكل ليس من آداب المؤمن، و لا من أخلاق أهل الايمان. ثم قال: فى تفسير القوى الشهوية، أي الباصرة و السامعة، و الشامة، و الذائقة و اللامسة، و المتحركة التي تبعث على الحس، و الحركة، و القوّة النظرية. و يحتمل ان يراد بسبعة الامعاء، الصفات التي تتم بها الافعال، كالحياة و القدرة و الإرادة، و العلم، و السمع و البصر، و الكلام. فيكون مقتضى الخبر، أنه يأكل بمصادر هذه الصفات، أي بسبب حياته و قدرته إلخ. و المؤمن يقطع النظر عن متعلقات هذه الصفات، و يأكل من وجه الشرع، فيأكل من وجه واحد، و ذاك يأكل من السبع. أقول: قال في الصحاح معنى الحديث انه مثل، لان المؤمن لا يأكل الا من الحلال، و يتوقى الحرام و الشبهة. و الكافر لا يبالى ما أكل، و من أين أكل، و كيف أكل انتهى. فيكون السبعة عبارة عن الحلال و حدّه، و الحرام و حدّه، و الشبهة وحدها، و تتركب تركبا شأنيا، فتكون ستة. و ثلاثيا فتكون سبعة. و أمّا المؤمن فلا يأكل الا من الحلال. (جه).

70 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَ اَلْعَشِيِّ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ فَمِنَ اَلْجَنَّةِ وَ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اَلنَّارِ فَمِنَ اَلنَّارِ(1)(2).

71 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : بُنِيَ اَلْإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ إِقَامِ اَلصَّلاَةِ وَ إِيتَاءِ اَلزَّكَاةِ وَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ اَلْحَجِّ .

72 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فِيمَا سَقَتِ اَلْأَنْهَارُ وَ اَلْعُيُونُ وَ اَلغُيُوثُ أَوْ كَانَ بَعْلاً اَلْعُشْرُ وَ فِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي وَ اَلنَّاضِحِ نِصْفُ اَلْعُشْرِ.

73 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ عَسِيبِ اَلْفَحْلِ (3) .

74 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ إِذَا اِسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ خَارِجاً إِلَى سَفَرٍ كَبَّرَ ثَلاَثاً ثُمَّ قَالَ - سُبْحٰانَ اَلَّذِي سَخَّرَ لَنٰا هٰذٰا وَ مٰا كُنّٰا لَهُ مُقْرِنِينَ وَ إِنّٰا إِلىٰ رَبِّنٰا لَمُنْقَلِبُونَ اَللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا اَلْبِرَّ وَ اَلتَّقْوَى وَ مِنَ اَلْعَمَلِ مَا تَرْضَى اَللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَ اِطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ اَللَّهُمَّ أَنْتَ اَلصَّاحِبُ فِي اَلسَّفَرِ وَ اَلْخَلِيفَةُ فِي اَلْأَهْلِ اَللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ اَلسَّفَرِ وَ كَآبَةِ اَلْمُنْقَلَبِ وَ سُوءِ اَلْمَنْظَرِ فِي اَلْأَهْلِ وَ اَلْمَالِ فَإِذَا رَجَعَ قَالَ آئِبُونَ تَائِبُونَ عَائِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ .

75 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ وَ إِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ فَإِنَّ اَلشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَ يَشْرَبُ بِشِمَالِهِ (4).

ص: 145


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 16:2.
2- و مثله قوله عليه السلام: (القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران). و قوله: (من مات منكم فقد قامت قيامته). و هذه الأحاديث دالة على عذاب القبر (معه).
3- أي بيع نطفته، و هو حرام. أما أخذ الاجرة على إنزائه على الأنثى فمكروه (معه).
4- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 8:2، عن مسند عبد اللّه بن عمر.

76 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَمَامَكُمْ حَوْضاً كَمَا بَيْنَ حرباء [حَرْبَى] وَ أَذْرَجَ (1)(2).

77 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ (3) أَحَدِكُمْ وَ أُقِيمَتِ اَلصَّلاَةُ فَابْدَءُوا بِالْعِشَاءِ وَ لاَ يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ (4).

78 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَكَلَ هَذِهِ اَلْبَقْلَةَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا يَعْنِي اَلثُّومَ (5).

79 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا كُنْتُمْ ثَلاَثَةً فَلاَ يَتَنَاجَى اِثْنَانِ دُونَ اَلثَّالِثِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَحْزُنُهُ (6).

80 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي اَلْعَشْرِ اَلْآخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ (7) .

81 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلْعَبْدَ إِذَا نَصَحَ لِسَيِّدِهِ وَ أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ فَلَهُ أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ (8).

82 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يحْلِبَنَّ أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ اِمْرِئٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ فَيُكْسَرَ بَابُهَا ثُمَّ يُنْتَشَلَ مَا فِيهَا فَإِنَّمَا فِي ضُرُوعِ مَوَاشِيهِمْ طَعَامُ أَحَدِهِمْ فَلاَ يَحْلِبَنَّ مَاشِيَةَ اِمْرِئٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ أَوْ قَالَ بِأَمْرِهِ (9).

ص: 146


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 21:2.
2- حربى و أذرج قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال (نهاية).
3- العشاء: بكسر العين، اسم للوقت. و بفتحها اسم للطعام المأكول في ذلك الوقت (معه).
4- الامر هنا للندب، و الغرض منه تسكين النفس عن المنازعة حتّى تكون وقت قيامه الى الصلاة مقبلا عليها بجميع قلبه (معه).
5- النهى للتنزيه (معه).
6- النهى هنا للكراهية (معه).
7- فيه تأكيد لاستحباب الاعتكاف في هذه الليالى (معه).
8- أي يخدمه بلا غش و يجتهد في خدمته بطيب نفس منه (معه).
9- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 6:2.

83 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تُسَافِرِ اَلْمَرْأَةُ ثَلاَثاً(1) إِلاَّ وَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ (2)(3).

84 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَعْرِضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا قُلْتُ فَإِذَا ذَهَبَتِ اَلرُّكَّابُ قَالَ كَانَ يَأْخُذُ اَلرَّحْلَ فَيُعِدُّ لَهُ فَيُصَلِّي إِلَى آخِرَتِهِ أَوْ قَالَ إِلَى مُؤَخَّرَتِهِ (4) .

85 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّمَا مَثَلُ اَلْقُرْآنِ مَثَلُ صَاحِبِ اَلْإِبِلِ اَلْمُعَقَّلَةِ إِنْ عَاهَدَهَا أَمْسَكَهَا إِنْ عَقَلَهَا صَاحِبُهَا حَبَسَهَا وَ إِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ (5).

86 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا اَلسِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا(6)(7).

87 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى اَلنَّجْشَ (8) .

ص: 147


1- أي قدر ثلاثة أيام (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 13.
3- النهى هنا للكراهية، لانه يجوز لها السفر بغير محرم، للحديث المذكور عن الصادق عليه السلام: المؤمن محرم للمؤمنة (معه).
4- ذهب العلماء كافة الى انه يستحب ان يجعل المصلى بينه و بين ممر الطريق ساترا، و قدروه بذراع تقريبا، لقول أبي عبد اللّه عليه السلام: (كان طول رحل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ذراعا. و ورد الاستتار بالعنزة، و السهم، و الحجر. و في حديث فان لم يجد سهما فليخط في الأرض بين يديه. و روى أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله وضع قلنسوة و صلى اليها. و عن الرضا عليه السلام في الرجل يصلى ؟ قال: (يكون بين يديه كومة من تراب). و كذلك ورد الاستتار بالبعير و الحيوان كما في حديث الكتاب. و قال العلامة: لو كان معه عصا، لا يمكنه نصبها، فليلقها بين يديه و يستتر بها. و يستحب أن يلقيها عرضا (جه).
5- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 17 و 23 و 30. و لهذا قيل: ثلاثة ينبغي لها الدراسة: النبل و القرآن و الفراسة (معه).
6- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 3 و 16.
7- أي من المسلمين، فيجوز قتله. (معه).
8- النجش هو الزيادة في السلعة، لا للشراء، بل لغير المشترى، سواء واطأه البائع أم لا. و كذا في طرف النقصان بالنسبة الى البائع. و النهى للتحريم لما فيه من ادخال الضرر على المسلم (معه).

88 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا اَلْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ (1).

89 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَتَحَرَّى اَلرَّجُلُ فَيُصَلِّيَ عِنْدَ طُلُوعِ اَلشَّمْسِ وَ لاَ عِنْدَ غُرُوبِهَا(2).

90 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَزَالُ اَلْمَسْأَلَةُ بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اَللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى اَلْوَاحِدُ مِنْكُمْ وَ لَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُضْغَةُ لَحْمٍ (3)(4).

91 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْمُصَوِّرُونَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ يُقَالُ أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ (5)(6).

92 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَعَنَ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ (7).

93 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلشَّمْسَ وَ اَلْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اَللَّهِ لاَ يُخْسَفَانِ

ص: 148


1- المراد بالخير هنا، المال. أى صاحبها دائما معه الخير و المال (معه).
2- أي يطلب ذلك الوقت، و يجعل الصلاة فيه عادة له. و النهى هنا للكراهية بالنسبة الى النافلة. و منه يعلم ان الندرة، و ما هو على سبيل الاتفاق، و ما يقع على سبب غير مكروه (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 15:2. و في الحديث (مزغة لحم).
4- هكذا في بعض النسخ، بالضاد و الغين المعجمتان، و في بعض آخر بالزاى المعجمة و العين المهملة. و قال في مجمع البحرين في (مزغ) في الخبر ما زال المسألة في العبد حتّى يلقى اللّه و ما في وجهه مزغة لحم أي قطعة يسيرة من اللحم.
5- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 4:2.
6- و هذا يدلّ على أن عمل الصور ذوات الأرواح حرام (معه).
7- و مثله قوله عليه السلام (إيّاكم و المثلة و لو بالكلب العقور. و المثلة تغيير الخلقة بالعقوبة، و هذا يدلّ على تحريم المثلة بكل حيوان، حتى بالكلب الذي لا حرمة له (معه).

لِمَوْتِ أَحَدٍ وَ لاَ لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا كَذَلِكَ فَصَلُّوا(1).

94 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَمَرَ بِقَتْلِ اَلْكِلاَبِ (2) .

95 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ اَلنَّحْرِ.

96 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ (3).

97 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّمَا اَلنَّاسُ كَإِبِلِ مَاءَةٍ لاَ يَجِدُ اَلرَّجُلُ فِيهَا رَاحِلَةً (4)(5).

98 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُتِيْتُ بِقَدَحٍ مِنْ لَبَنِ فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى اَلرِّيَّ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَظَافِيرِي قَالُوا بِمَا أَوَّلْتَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ اَلْعِلْمِ .

99 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (6).

100 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ مِنَ اَلشَّجَرَةِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَ إِنَّهَا مَثَلُ اَلْمُسْلِمِ حَدِّثُونِي مَا هِيَ فَوَقَعَ اَلنَّاسُ فِي شَجَرِ اَلْبَوَادِي ثُمَّ قَالُوا حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ هِيَ اَلنَّخْلَةُ (7) .

ص: 149


1- الامر للوجوب، لانه حقيقته فيه (معه).
2- الامر هنا للاباحة، لاصالة عدم الوجوب و الندبية، و اباحة قتلها مخصوص بما لا منفعة فيه منها (معه).
3- أي ميراث المعتق لمن أعتقه، لكن بشرط أن يكون العتق تبرعا (معه).
4- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 7:2.
5- و مثله قول الدريدى: الناس ألف منهم كواحد و واحد كالالف ان أمر عنى (معه).
6- المراد بالظلم الحقيقة العرفية، و هو أخذ حقّ الغير بغير حق. و ان كان يحتمل المعنى اللغوى، و هو النقص، لكن الحقيقة العرفية متقدمة على اللغويّة، كما قرر في الأصول (معه).
7- شبه المسلم بالنخلة في كثرة منافعها، لكثرة المنافع في المسلم. و كما أن النخلة لا يسقط ورقها في الشتاء، كذلك المسلم لا يرتفع إسلامه. و فيه دلالة على ان المسلم لا يكفر (معه).

101 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا قَرَأَ يَوْمَ يَقُومُ اَلنّٰاسُ لِرَبِّ اَلْعٰالَمِينَ (1) قَالَ يَقُومُونَ حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ (2).

102 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ هُوَ مُسْتَقْبِلٌ اَلْمَشْرِقَ أَلاَ إِنَّ اَلْفِتْنَةَ هَاهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ اَلشَّيْطَانِ (3).

103 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ اَلنِّسَاءَ وَ اَلرِّجَالَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَتَوَضَّئُونَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ(4)(5).

104 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ مِنَ اَلْبَيَانِ لَسِحْراً.

105 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَوْ عَلِمَ اَلنَّاسُ مَا فِي اَلْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ مَا سَارَ رَكْبٌ مِيلاً وَحْدَهُ (6).

106 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَغْلِبَنَّكُمُ اَلْأَعْرَابُ عَلَى اِسْمِ صَلاَتِكُمْ أَلاَ وَ إِنَّهَا اَلْعِشَاءُ وَ لَكِنَّهُمْ يُعْتِمُونَ اَلْإِبِلَ (7)(8).

ص: 150


1- سورة المطففين: 6.
2- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 19.
3- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 18 و 40 و 50 و 72.
4- و هذا يدلّ على ان المستعمل في الوضوء، يجوز استعماله مرة اخرى (معه).
5- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 4:2.
6- هذا يدلّ على شدة تأكيد كراهية الوحدة في السفر حتّى في الراكب (معه).
7- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 10:2.
8- هذا يدلّ على كراهة تسمية العشاء بالعتمة. لان الاعراب يعتمون بالابل في المرعى، فلا يأتون بها الا بعد العشاء الآخرة، فيسمون ذلك الوقت عتمة (معه).

107 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مِنْ أَبَرِّ اَلْبِرِّ أَنْ يَصِلَ اَلرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ (1).

108 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : بَادِرُوا اَلصُّبْحَ بِالْوَتْرِ.

109 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي حَقِّ اَلْمَدِينَةِ لاَ يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَ شِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلاَّ كُنْتُ لَهُ شَفِيعاً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (2).

110 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سُئِلَ عَنِ اَلْمَاءِ وَ مَا يَنُوبُهُ مِنَ اَلسِّبَاعِ وَ اَلدَّوَابِّ فَقَالَ إِذَا كَانَ اَلْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ اَلْخَبَثَ (3) .

111 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذَا وَدَّعَ أَحَداً قَالَ اِسْتَوْدِعِ اَللَّهَ دِينَكَ وَ أَمَانَتَكَ وَ خَوَاتِيمَ عَمَلِكَ (4) .

112 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ حَلَفَ وَ قَالَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ فَقَدِ اِسْتَثْنَى(5).

113 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعْطِيَ اَلْعَطِيَّةَ أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا إِلاَّ اَلْوَالِدُ فِيمَا يُعْطِي وُلْدَهُ -(6) مَثَلُ اَلَّذِي يُعْطِي عَطِيَّةً ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا -

ص: 151


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 88:2 و زاد بعد كلمة (أبيه) (بعد أن يولى).
2- و هذا يدلّ على فضل المدينة، و استحباب توطنها، و ان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يحب أهل ذلك، و يخصهم بالشفاعة (معه).
3- و فيه دلالة على انه إذا كان دون قلتين، يحمل الخبث، بطريق مفهوم المخالفة و هي معمول بها هاهنا بلا خلاف، و الا لم يكن للتعليق فائدة (معه).
4- و هذا يدلّ على استحباب توديع المسافر، و استحباب هذه الكلمات عند وداعه (معه).
5- الاستثناء في اليمين يوجب حلها، و عدم لزوم الحنث لها (معه).
6- رواه ابن ماجة في سننه ج 2 كتاب الهبات (باب من أعطى ولده ثمّ رجع فيه) حديث 2377.

كَمَثَلِ اَلْكَلْبِ يَأْكُلُ فَإِذَا شَبِعَ قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ (1)(2).

114 وَ سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَمَّنْ بَاعَ بِالدَّنَانِيرِ فَأَخَذَ عِوَضَهَا دَرَاهِمَ أَوْ بِالدَّرَاهِمِ فَأَخَذَ عِوَضَهَا دَنَانِيرَ يَأْخُذُ هَذِهِ عَنْ هَذِهِ فَقَالَ لاَ بَأْسَ يَأْخُذُهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا مَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَ بَيْنَهُمَا شَيْ ءٌ (3) .

115 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا زَالَ جَبْرَئِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ (4)(5).

116 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِذَا صَارَ أَهْلُ اَلْجَنَّةِ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ صَارَ أَهْلُ اَلنَّارِ إِلَى اَلنَّارِ أُتِيَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ اَلْجَنَّةِ وَ اَلنَّارِ ثُمَّ يُذْبَحَ ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ يَا أَهْلَ اَلْجَنَّةِ لاَ مَوْتَ وَ يَا أَهْلَ اَلنَّارِ لاَ مَوْتَ فَيَزْدَادُ أَهْلُ اَلْجَنَّةِ فَرَحاً وَ يَزْدَادُ

ص: 152


1- و هذا يدلّ على تحريم الرجوع في الهبة، بعد تصرف الموهوب في المتهب لانه مثله بالكلب إذا أكل، فعبر عن التصرف بالاكل. و فيه دلالة على جواز الرجوع قبل التصرف. و أمّا استثناء الوالد فيما يعطى ولده من هذه الجملة، فمحل اشكال. فان هبة الرحم لا يجوز الرجوع فيها، و ان كان قبل التصرف. و يمكن حمل الرواية على انه اعطاه شيئا من غير لفظ الايجاب و القبول منه، في الصغير. أما في الكبير، فانه لا بدّ فيه من قبول لنفسه، كالاجنبى. و قيل: بالايجاب لا تكون الهبة لازمة، فصح له الرجوع فيها و ان كانت للولد. (معه).
2- رواه مسلم في صحيحه ج 3 كتاب الهبات (باب تحريم الرجوع في الصدقة و الهبة بعد القبض الا ما وهبه لولده و ان سفل). حديث 5، و رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 27:2.
3- و يسمى هذا صرفا. و فيه دلالة على أن الصرف مشروط بالقبض قبل التفرق (معه).
4- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 85:2.
5- و هذا يدلّ على استحباب مراعاة الجار، و حفظ جانبه، وصلته و مودته، و ان ذلك من تمام المروة، و انه من مكارم الأخلاق (معه).

أَهْلُ اَلنَّارِ حُزْناً إِلَى حُزْنِهِمْ (1).

117 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ (2).

118 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ اَلنَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ إِنِّي رَسُولُ اَللَّهِ وَ يُقِيمُوا اَلصَّلاَةَ وَ يُؤْتُوا اَلزَّكَاةَ فَإِذَا قَالُوهَا حَقَنُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ - وَ حِسَابُهُمْ عَلَى اَللَّهِ (3).

119 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِذَا أَرَادَ اَللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَاباً أَصَابَ اَلْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ .

120 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَرَّ عَلَى اَلْحِجْرِ(4) فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ اَلَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ حَذَراً أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ (5)(6).

ص: 153


1- و هذا يدلّ على تخليد الفريقين، و ذلك انما يكون بعد خلاص بعض أهل الجنة من النار، و استقرارهم فيها، و استقرار أهل النار في النار من أهل الكفر. و انما قال: (يذبح) لانه قد جاء في حديث آخر انه يؤتى بالموت في صورة كبش أملح، ثمّ يؤمر به فتذبح (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 85:2.
3- و فيه دلالة على أن الإسلام مانع و حافظ للدم و المال، و ان لم يكن على حقيقته (معه).
4- و هي الأرض التي سخط اللّه عليها، فجعل عاليها سافلها، فأمر أصحابه الا يدخلوها، الا بحالة الاعتبار و الفكرة و الخوف من وقوع مثلات اللّه و عقوباته، و انه لا يدخلها أحد بقصد التفرج و النزهة، للعلة المذكورة في الحديث (معه).
5- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 66.
6- المراد بالعذاب، العذاب الدنيوى، و هو عذاب الاستيصال. لانه إذا وقع عم من كان مستحقا، أو غير مستحق، حتى الاطفال و البهائم و المجانين. لحكمة هناك -

121 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : دَخَلَتِ اِمْرَأَةٌ اَلنَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَ لَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ حِشَاشِ اَلْأَرْضِ (1).

122 وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا قَالُوا وَ فِي نَجْدِنَا فَقَالَ اَللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا قَالُوا وَ فِي نَجْدِنَا قَالَ هُنَاكَ اَلزَّلاَزِلُ وَ اَلْفِتَنُ وَ بِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ اَلشَّيْطَانِ (2)(3).

123 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كُنْ فِي اَلدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ فَإِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ اَلصَّبَاحَ وَ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ اَلْمَسَاءَ وَ خُذْ مِنْ صِحَّتِكَ قَبْلَ سُقْمِكَ وَ مِنْ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ (4).

ص: 154


1- يعني ان اللّه تعالى عاقبها بالنار من أجل ظلمها لهرة. و هذا يدلّ على أنّه لا يجوز الاستصغار بشيء من الذنوب، و لا الاستحقار بشيء من مخلوقات اللّه تعالى، فانه ربما كان ما استصغره من الذنب عند اللّه كبيرا، و ما استحقره من مخلوق اللّه عند اللّه كبيرا (عظيم خ) (معه).
2- أراد بالشام هنا المدينة، و باليمن مكّة. و مثله قوله (صلّى اللّه عليه و آله). إذا جفاك زمنك، شامك شامك، أو يمنك يمنك. يعنى عليك بالمدينة أو مكّة. و عنى بالزلازل و الفتن الواقعة التي وقعت في أرض نجد. و طلوع قرن الشيطان بها، ما وقع من قصة مسيلمة الكذاب و ظهوره بأرض اليمامة، و دعواه النبوّة، و وقع بينه و بين المسلمين ملحمة، قتل فيها جماعة من المهاجرين و الأنصار (معه).
3- أقول: و يؤيد أن المراد بالشام المدينة، ان الشام المعروفة لم تفتح في عصره (صلّى اللّه عليه و آله) (جه).
4- و هذا يدلّ على أن قصر الامل، من الأخلاق التي يجب للمؤمن الاتصاف بها. لان طول الامل ينسى الآخرة، و نسيان الآخرة مستلزم لحب الدنيا، و حبّ الدنيا رأس كل خطيئة، كما مرّ في الحديث (معه).

124 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ ضَرَبَ غُلاَماً لَهُ حَدّاً لَمْ يَأْتِهِ أَوْ لَطْمَةً فَإِنَّ كَفَّارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ (1).

125 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَا مَعْشَرَ اَلنِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ وَ أَكْثِرْنَ اَلاِسْتِغْفَارَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ اَلنَّارِ(2).

126 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ اَلْمَسْجِدَ اَلْحَرَامَ (3).

127 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَقْبَلُ اَللَّهُ صَلاَةً بِغَيْرِ طَهُورٍ وَ لاَ صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ (4).

128 - وَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ جَمَعَ بَيْنَ اَلْمَغْرِبِ وَ اَلْعِشَاءِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا سَجْدَةٌ صَلَّى اَلْمَغْرِبَ ثلاثة [ثَلاَثَ ] رَكَعَاتٍ وَ صَلَّى اَلْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ (5) (6) .

129 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا شَرِبُوا اَلْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُمْ ثُمَّ إِنْ شَرِبُوا فَاجْلِدُوهُمْ قَالَ اَلرَّاوِي وَ أَحْسَبُهُ قَالَ فِي اَلْخَامِسَةِ إِنْ شَرِبُوهَا فَاقْتُلُوهُمْ (7) .

130 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ كَانَتِ اِمْرَأَةٌ مَخْزُومِيَّةٌ تَسْتَعِيرُ اَلْمَتَاعَ وَ تَجْحَدُهُ -

ص: 155


1- و هذا يدلّ على الاستحباب، لا الوجوب (معه).
2- و هذا يدلّ على ان الصدقة و الاستغفار يكفران الذنوب، فيخلصان من النار. فان حملنا على الوجوب، فالمراد بالصدقة، الزكاة، و المراد بالاستغفار التوبة. و ان حملنا على مطلق الذنوب، فهى مطلق الصدقة و الاستغفار، فهو أعم من ذلك (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 68، و رواه في الوسائل، كتاب الصلاة، باب (57) من أبواب أحكام المساجد.
4- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 73 و 20.
5- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 33.
6- هذا يدلّ على وجوب القصر في السفر، و استحباب الجمع فيه (معه).
7- بل يقتل في الرابعة، بعد تكرر الحدّ ثلاثا، كما ياتى في الأحاديث المتأخرة (معه).

فَأَمَرَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِهَا فَقُطِعَتْ يَدُهَا .

131 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ وَ اَلْمِكْيَالُ مِكْيَالُ اَلْمَدِينَةِ (1).

132 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ أُنَاساً اِسْتَاقُوا إِبِلَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ اِرْتَدُّوا عَنِ اَلْإِسْلاَمِ وَ قَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ كَانَ مُؤْمِناً فَبَعَثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي آثَارِهِمْ فَأُخِذُوا فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَ أَرْجُلَهُمْ وَ سَمَلَ أَعْيُنَهُمْ (2) .

133 - وَ فِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَأَقْبَلَ اَللَّيْلُ قَالَ أَرْضُ - رَبِّي وَ رَبُّكِ اَللَّهُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ وَ شَرِّ مَا فِيكِ وَ شَرِّ مَا يَدِبُّ عَلَيْكِ وَ أَعُوذُ بِكِ مِنْ أَسَدٍ وَ أَسْوَدَ وَ مِنَ اَلْحَيَّةِ وَ اَلْعَقْرَبِ وَ مِنْ سَاكِنِ اَلْبَلَدِ وَ مِنْ وٰالِدٍ وَ مٰا وَلَدَ.

134 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي اَلدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اَللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ فِي اَلْآخِرَةِ (3).

ص: 156


1- يعني إذا اختلفتم فيهما، فارجعوا في الوزن الى أهل مكّة، و في الكيل الى أهل المدينة، و فيه فائدة اخرى: و هي أنّه يدلّ على أنّه عليه السلام اعتبر العادات، ورد الناس إليها في كل ما لم يرد الشرع فيه بنص. و ذلك لان العادة في مكّة الوزن، و العادة في المدينة الكيل. فأقر كل منهما على عادته. فدل على أنّه عليه السلام أقر الناس على عوائدهم فرد الاحكام إليها، و يسمونه تحكيم العادة (معه).
2- و هذا يدلّ على جواز التنكيل، و تشديد العقوبة، و التمثيل لمن استحق العقاب المغلظ بفعل جريمة عظيمة. أما قطع الأيدي و الارجل، فلا إشكال فيه، لانهم من جملة المحاربين، و المحارب ورد القرآن، بكون ذلك حدهم. و أمّا سمل الاعين، ففيه اشكال. من حيث أنّه مثله لم يرد الشرع بها، فوجب التوقف فيه (معه).
3- المراد بثوب الشهرة، هو ما يقصد بلبسه الرياء و اظهار الزينة، و التزيى بزى لا يشركه فيه أحد، ليصير بذلك مشهورا بهذا الزى، ليعلم الناس انه أفخر من غيره أو أزهد من غيره. و المقصود انه فعل ذلك للتسمع، و ان كان ثوبا مرقعا. و يحتمل حمل اللبس على المجاز، و هو التخلق بشيء من الأخلاق، بقصد السمعة و الاشتهار (معه).

135 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَ مَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ وَ مَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ وَ مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفاً فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَيْتُمُوهُ (1)(2).

136 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : لاَ تُعَادُ صَلاَةٌ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ (3)(4).

137 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : كَتَبَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كِتَابَ اَلصَّدَقَةِ لِعُمَّالِهِ فَكَانَ فِيهِ فِي خَمْسٍ مِنَ اَلْإِبِلِ شَاةٌ وَ فِي عَشْرٍ شَاتَانِ وَ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ ثَلاَثُ شِيَاهٍ وَ فِي عِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَ فِي خَمْسٍ وَ عِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ (5) إِلَى خَمْسٍ وَ ثَلاَثِينَ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا اِبْنَةُ لَبُونٍ

ص: 157


1- استجار بكم أي استنصركم، لامر دينى أو دنيوى غير محرم. و لا مكروه، فأعيذوه، أي فانصروه، و قوموا في قضاء حاجته، و ساعدوه عليها. و الامر هنا للاستحباب الا أن يكون مظلوما، و قدر على دفع مظلمته، فانه تجب نصرته، أو كان ما طلبه واجبا و احتاج فيه الى المساعدة و المعاونة، فانه يجب معونته و مساعدته. و أمّا قوله: من سأل باللّه فاعطوه، فهذا للوجوب، سواء كان كاذبا في سؤاله أو صادقا. و كذا السائل، بوجه اللّه، و أمّا بغير ذلك، فلا يجب. و قوله: فكافئوه، فهو دال على وجوب مكافاة أهل صنايع المعروف إليك، حتى صاحب الهدية، اذا عرفت من قصده لها، المكافات. فاذا قبلتها وجب عليك أن تكافئه، فأما المعروف الذي عرفت من صاحبه قصد التفضل، و مجرد الاحسان، لا قصد المجازات. فمكافاته غير واجبة، لكنها مستحبة و لو بالدعاء (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 68:2.
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 19:2 و 41. عن مسند عبد اللّه بن عمر. و لفظ الحديث (لا تصلوا صلاة في يوم مرتين).
4- أي في جماعتين، و النهى هنا للكراهية (معه).
5- هذا مخالف لما مضى في الحديث المتقدم، من ان بنت المخاض، انما -

إِلَى خَمْسٍ وَ أَرْبَعِينَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا حِقَّةٌ إِلَى سِتِّينَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إِلَى خَمْسٍ وَ سَبْعِينَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا اِبْنَتَا لَبُونٍ إِلَى تِسْعِينَ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا حِقَّتَانِ إِلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَإِنْ كَانَتِ اَلْإِبِلُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ اِبْنَةُ لَبُونٍ وَ فِي اَلْغَنَمِ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إِلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَإِنْ زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَشَاتَانِ إِلَى مِائَتَيْنِ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى اَلْمِائَتَيْنِ فَفِيهَا ثَلاَثُ شِيَاهٍ إِلَى ثَلاَثِمِائَةٍ فَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ لَيْسَ فِيهَا شَيْ ءٌ حَتَّى تَبْلُغَ اَلْمِائَةَ (1) وَ لاَ يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَ لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ مَخَافَةَ اَلصَّدَقَةِ وَ مَنْ كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالسَّوِيَّةِ وَ لاَ تُؤْخَذُ فِي اَلصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَ لاَ ذَاتُ عَيْبٍ .

138 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اَللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ (2).

139 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي اَلْمَسْجِدِ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ فَلْيَتَحَوَّلْ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ (3)(4)(5).

ص: 158


1- هذا مذهب جماعة من أصحابنا احتجاجا بهذا الحديث. و جماعة اخرى. قالوا: أنه لا يكون في كل مائة، شاة حتّى تبلغ أربعمائة. و أمّا ثلاثمائة و واحدة، ففيها أربع شياه، و لهم بذلك أحاديث سيأتي ذكرها في باب الزكاة (معه).
2- و هذا يدلّ على تحريم الحلف بغير اللّه، و ان كان صادقا، لكن مع القصد الى اليمين و لا بأس بما يجرى على اللسان من غير قصد الى الحلف به (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده، ج 32:2.
4- الامر و هنا للندب (معه).
5- يعني انه يرفع النعاس، كما يشاهد فيمن يتحول من منامه الى منام آخر فانه يبقى ساهرا أكثر الليل. و ربما لم ينم، لان الطبيعة بعد. خصوصا إذا لم يوافق الطبيعة كالاول (جه).

140 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سُئِلَ عَنِ اَلْعَفْوِ عَنِ اَلْخَادِمِ فَقَالَ تَعْفُو عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً (1) (2) .

141 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ أَكْلِ اَلْجَلاَّلَةِ وَ عَنْ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ أَلْبَانِهَا (3) .

142 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ أَمْوَاتِكُمْ وَ كُفُّوا عَنْ مَسَاوِيهِمْ (4)(5).

143 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَخَذَ يَوْمَ اَلْعِيدِ فِي طَرِيقٍ وَ رَجَعَ فِي طَرِيقٍ آخَرَ (6) .

144 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَدْعُو دَائِماً بِهَذَا اَلدُّعَاءِ اَللَّهُمَّ اِقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ مَعَاصِيكَ وَ مِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ وَ مِنَ اَلْيَقِينِ مَا يُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ اَلدُّنْيَا وَ مَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَ أَبْصَارِنَا وَ قُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا وَ اِجْعَلْهُ [وَ اِجْعَلْهَا] اَلْوَارِثَ مِنَّا وَ اِجْعَلْ ثَارَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا وَ

ص: 159


1- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 90.
2- هذا يدلّ على ان الإنسان ينبغي أن يكون على غاية ما يكون من مكارم الأخلاق فان كثرة العفو عن السيئات ممن أنت قادر على عقوبته، أعلى مراتب مكارم الأخلاق (معه).
3- النهى هنا للتحريم، و هو دليل على نجاستها، (معه).
4- الامر بذكر محاسنهم، فهو على الندب. و أمّا الكف عن ذكر مساويهم، فواجب، و فيه دلالة: على أن الغيبة محرمة للحى و الميت (معه).
5- بل هي للميت أغلظ تحريما. لان كفّارة الغيبة، الاستحلال من المغتاب، و هو مفقود من الميت، فهو ذنب لا يتدارك. نعم ورد من جملة كفّارتها. قوله عليه السلام: (ان تستغفر له كلما ذكرته) أي كلما خطر ببالك، أو كلما اغتبته، و حمل هذا على كفارة غيبة الأموات، و الاستحلال على غيبة الاحياء (جه).
6- و هو للاستحباب في يوم العيد للخروج الى صلاته، و العود منها (معه).

اُنْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا وَ لاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَ لاَ تَجْعَلِ اَلدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَ لاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَ لاَ تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لاَ يَرْحَمُنَا .

145 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعاً كَانَ لَهُ كَعِتْقِ رَقَبَةٍ .

146 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ ظفر [ضَفَرَ] فَلْيَحْلِقْ وَ لاَ تَشَبَّهُوا بِالتَّلْبِيدِ(1).

147 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحاً خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً(2)(3).

148 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ جَبْرَئِيلَ قَالَ إِنَّا لاَ نَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ صُورَةٌ وَ لاَ كَلْبٌ (4).

149 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ذُكِرَ عِنْدَهُ اَلْحَرُورِيَّةُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَمْرُقُونَ مِنَ اَلْإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ اَلسَّهْمُ مِنَ اَلرَّمِيَّةِ (5)(6).

ص: 160


1- أي من عمل شعره ظفيرة. و ظفر الشعر، ليه و عقصه. و الامر هنا للاستحباب و بعض العلماء ذهب الى الوجوب بهذا الحديث. و التلبيد، أن يضع على رأسه صمغا أو عسلا، ليلبد الشعر بعضه على بعض (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في ج 2 من مسنده ص 39، عن مسند عبد اللّه بن عمر.
3- و هذا يدلّ على ذمّ الشعر و تعلمه و حفظه، و كراهة ذلك كله. مخصوص بشعر لا حكمة فيه، كالمشتمل على المدح و الهجاء، و وصف الرياض و الازهار، و التشبيب بالنساء، و التغزل بهن، و بالمردان. و وصف الشراب، و الاوتار و المزامير. و أمثال ذلك في الملهيات عن ذكر اللّه (معه).
4- المراد بالصورة، صورة الحيوان. و بالكلب كلب الهراش (معه).
5- الحرورية: هم المنسوبون الى حرورى، و هي المكان التي قتل فيها الخوارج و الحديث في شانهم، و هو دال على أنهم كافرون (معه).
6- هؤلاء هم الذين قال فيهم النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لعلى عليه السلام: «ستقاتل بعدى الناكثين و هم أهل البصرة. و القاسطين، و هم أهل الشام. و المارقين، و هم الخوارج. لانهم مرقوا من الدين كما يمرق السهم من الرمية. و ذلك انهم ركبوا جانب التفريط، لانهم كانوا أهل صلاة و صيام و أهل محاريب، و كانوا من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام في وقائع صفّين، فنقموا عليه التحكيم و حكوا بكفره ان لم يرجع. مع انهم الذين حملوه على حكاية التحكيم، و هو لم يكن راضيا بها، ثمّ تغير اجتهادهم و اظهروا التوبة بعد أن كتب كتاب الصلح بينه و بين معاوية، و اعتذر لهم عن الرجوع بأنّه يستلزم نكث العهد و نقض كتاب الصلح، فخرجوا عليه بعد ذلك حتّى صار من أمرهم ما كان (جه).

150 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِتَّخَذَ مِنَ اَلْأَرْضِ شِبْراً بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ (1).

151 وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي حِجَّةِ اَلْوَدَاعِ أَ تَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا اَللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ وَ هَذَا بَلَدٌ حَرَامٌ وَ هَذَا شَهْرٌ حَرَامٌ وَ إِنَّ اَللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَ أَمْوَالَكُمْ وَ أَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا.

152 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا اِشْتَدَّ اَلْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ شِدَّةَ اَلْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ .

153 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ (2) .

154 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَفْرَى اَلْفَرْيِ أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ يَرَهُ (3).

155 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَنْ يَزَالَ اَلْمَرْءُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً

ص: 161


1- و هذا دال على تحريم الغصب، و التغليظ في عقوبته (معه).
2- أي يصير الحاضر وكيلا للبادى. أى البدوى، ليقبض له الثمن. و النهى هنا، هل هو للتحريم أو الكراهية ؟ خلاف محقق في الفقه، و الأقوى انه مكروه (معه).
3- أي: أكذب الكذب، أن يقول رأيت في النوم كذا، و لم يره لانه كذب على اللّه (جه).

حَرَاماً(1)(2).

156 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ اَلْفَتْحِ (3).

157 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلْإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيباً وَ سَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ.

158 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ (4)(5).

159 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلرُّؤْيَا اَلصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءاً مِنَ اَلنُّبُوَّةِ (6).

ص: 162


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 94:2.
2- هذا يدلّ على ان القتل من أعظم الكبائر، بعد الشرك. لان التوبة من غيره سهلة. و أمّا التوبة منه ففى غاية الصعوبة، لكثرة شرائطها، لكثرة الحقوق المتعلقة به فانه يتعلق به حقّ اللّه، و حقّ الوارث و حقّ الميت (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 226:1.
4- المراد بالهجرة انه إذا لاقاه لا يكلمه، و لا يسلم عليه لضغينة بينهما. و النهى هنا للتحريم بعد الثلاث و قبلها مكروه (معه).
5- عن أبي عبد اللّه عليه السلام: (لا يفترقان رجلان على الهجران الا استوجب أحدهما البراءة و اللعنة. و ربما استحق ذلك كلاهما) فقال له معقب: جعلت فداك هذا الظالم فما بال المظلوم ؟ قال: لانه لا يدعو أخاه الى صلته، و لا يتغامس له من كلامه. سمعت أبى عليه السلام يقول: (اذا تنازع اثنان، فعاد أحدهما الآخر، فليرجع المظلوم الى صاحبه حتّى يقول لصاحبه: أى أخى أنا الظالم، حتى يقطع الهجران بينه و بين صاحبه، فان اللّه تبارك و تعالى حكيم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم). و عنه عليه السلام: (ايما مسلمين تهاجرا فمكثا ثلاثا لا يصطلحان الا كانا خارجين من الإسلام، و لم يكن بينهما ولاية، فايهما سبق الى كلام أخيه كان السابق الى الجنة يوم الحساب). و قال عليه السلام: (لا يزال الشيطان فرحا ما اهتجر المسلمان، فإذا التقيا اصطكت ركبتاه، و تخلعت أوصاله، و نادى يا ويله ما لقى من الثبور) (جه).
6- و معناه ان الوحى الذي كان ينزل عليه (صلّى اللّه عليه و آله) بالمنام، مقداره كان بالنسبة الى ما أتاه من الوحى ظاهرا، جزء من السبعين. و هذا يدلّ على فضلية الرؤيا الصالحة، و صاحبها (معه).

160 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَيَنْتَهُنَّ أَقْوَامٌ عَنْ وَدْعِهِمُ اَلْجُمُعَاتِ أَوْ لَيُخْتَمَنَّ عَلَى قُلُوبِهِمْ ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ اَلْغَافِلِينَ (1)(2).

161 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَقَفَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ بَيْنَ اَلْجَمَرَاتِ فِي اَلْحِجَّةِ اَلَّتِي حَجَّ فِيهَا فَقَالَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا فَقَالُوا يَوْمُ اَلنَّحْرِ فَقَالَ هَذَا يَوْمَ اَلْحَجِّ اَلْأَكْبَرِ .

162 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي خُبْزَةً بَيْضَاءَ مِنْ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ مُلْتَقِيَةً بِسَمْنٍ وَ لَبَنٍ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ اَلْقَوْمِ فَاتَّخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ أَيِّ شَيْ ءٍ كَانَ هَذَا قَالَ فِي عُكَّةِ (3) ضَبٍّ قَالَ اِرْفَعْهُ (4) (5) .

163 - وَ فِيهِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ نَهَى عَنِ اَلْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا اَلْخَمْرُ(6) وَ أَنْ يَأْكُلَ اَلرَّجُلُ وَ هُوَ مُنْبَطِحٌ عَلَى بَطْنِهِ (7) .

ص: 163


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 239:1.
2- و هذا يدلّ على وجوب الحضور لصلاة الجمعة، و تأكد الامر بها (معه).
3- فيه أن رجلا كان يهدى للنبى صلّى اللّه عليه و آله. العكة من السمن أو العسل: هى وعاء من جلود مستدير يختص بهما، و هو بالسمن أخص (النهاية).
4- و هذا يدلّ على أن جلد الضب و ان ذكى نجس، و انه لا يقع عليها الذكاة. لان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله انما عافه مع شهوته له، و طلبه إيّاه لما فيه من التحريم، و ليس للتحريم سبب غير كون سمنه في جلد الضب. لانه موضع السؤال، فهو العلة في عفايته المستلزم للتحريم، المستلزم للنجاسة (معه).
5- أورده في المستدرك، كتاب الطهارة، باب (26) من أبواب النجاسات و الأواني حديث 9.
6- النهى هنا للتحريم (معه).
7- النهى هنا للكراهة (معه).

164 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ دُعِيَ فَلَمْ يُجِبْ فَقَدْ عَصَى اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ دَخَلَ عَلَى غَيْرِ دَعْوَةٍ دَخَلَ سَارِقاً وَ خَرَجَ مُعَيَّراً(1).

165 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى اَلْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا إِنْ كَانَ مُفْطِراً فَلْيَطْعَمْ وَ إِنْ كَانَ صَائِماً فَلْيَدَعْ (2).

166 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى أَنْ يَجْلِسَ اَلرَّجُلُ فِي اَلصَّلاَةِ وَ هُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى يَدِهِ (3) .

167 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ غَدَا مِنْ مِنًى مِنْ حِينَ أَصْبَحَ بَعْدَ صَلاَةِ اَلصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ وَ هِيَ مَنْزِلُ اَلْإِمَامِ بِعَرَفَةَ وَ رَاحَ مُهَجِّراً(4) وَ جَمَعَ بَيْنَ اَلظُّهْرِ وَ اَلْعَصْرِ ثُمَّ خَطَبَ اَلنَّاسَ ثُمَّ رَاحَ فَوَقَفَ اَلْمَوْقِفَ بِعَرَفَةَ .

168 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَقْطَعَ اَلزُّبَيْرَ حصر [حُضْرَ] فَرَسِهِ فَأَجْرَى فَرَسَهُ حَتَّى قَامَ ثُمَّ رَمَى بِسَوْطِهِ فَقَالَ أَعْطُوهُ مِنْ حَيْثُ بَلَغَ اَلسَّوْطُ (5) (6) .

ص: 164


1- عبر عن الكراهية الشديدة بالعصيان، لمقاربتها له في البغض عند اللّه. فهو دال على شدة استحباب الإجابة، و لهذا بالغ فيه بذكر عصيان اللّه و رسوله، بتركه. و أمّا الدخول بغير دعوة فهو حرام، فضلا عن الاكل. و الاذن في الدعوة، أعم من الصريح و الفحوى، فلا بدّ من العلم بعدم الكراهة (معه).
2- الاوامر الثلاثة في الحديث للاستحباب (معه).
3- النهى هنا للكراهة (معه).
4- و الهاجرة، نصف النهار عند اشتداد الحر، أو من عند الزوال الى العصر، لان الناس يسكنون في بيوتهم كانهم قد تهاجروا من شدة الحرّ و الجمع، الهواجر (مجمع البحرين).
5- و هذا يدلّ على أن للنبى (صلّى اللّه عليه و آله) و الإمام (عليه السّلام) الاقطاع لمن شاء من الأرض المفتوحة عنوة (معه).
6- هذا الاقطاع كان من أراضى المدينة، و هي لم تفتح عنوة، و ان فتح فيها بعض قلاع اليهود، و قتل بعضهم و اجلى آخرين: نعم ذكر العلامة في التذكرة و غيره، ان من جملة خصايصه (صلّى اللّه عليه و آله)، انه ابيح أن يحمى لنفسه الأرض لرعى ماشيته، و كان حراما على من كان قبله من الأنبياء، و الأئمّة بعده ليس لهم أن يحموا لانفسهم. و الظاهر ان هذا الاقطاع كان من هذا الحمى (جه).

169 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ أَنْ يَمْشِيَ اَلرَّجُلُ بَيْنَ اَلْمَرْأَتَيْنِ (1) .

170 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ (2)(3).

171 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَا أَحَلَّ اَللَّهُ شَيْئاً أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ اَلطَّلاَقِ (4)(5).

172 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اَللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اَللَّهَ وَ مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَ هُوَ يَعْلَمُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اَللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ وَ مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اَللَّهُ رَدْغَةَ (6) اَلْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ (7).

173 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنِ اِبْتَاعَ مُحَفَّلَةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مِثْلَ لَبَنِهَا قَمْحاً(8)(9).

ص: 165


1- المراد ان يمشى بينهما للتكبر كما هو عادة الجاهلية. و النهى للتحريم في الاجنبيتين، و أمّا في المحرمتين فمكروه (معه).
2- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 50:2، عن مسند عبد اللّه بن عمر.
3- أي بأخلاقهم (معه).
4- سنن أبي داود، ج 2، كتاب الطلاق (باب في كراهية الطلاق) حديث 2177.
5- فيه دلالة على شدة الكراهية (معه).
6- قال في النهاية: فيه (من قال في مؤمن ما ليس فيه حبسه اللّه في ردغة الخبال) جاء تفسيرها في الحديث (انها عصارة أهل النار) و الردغة بسكون الدال و فتحها طين و وحل كثير إلخ.
7- الردغة: المكان المرتفع. و الخبال: هى المياه الخارجة من فروج الزناة (معه).
8- التحفيل: ترك لبن الشاة مدة حتّى يعظم ضرعها، ليظن انها ذات لبن كثير، و هو تدليس يسمى التصرية أيضا (معه).
9- الوسائل، كتاب التجارة، باب (13) من أبواب الخيار فلاحظ. و رواه ابن ماجة، كتاب التجارات (42) باب بيع المصراة، حديث 2240.

174 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ .

175 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْقَدَرِيَّةُ (1)مَجُوسُ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ إِنْ مَرِضُوا فَلاَ تَعُودُوهُمْ وَ إِنْ مَاتُوا فَلاَ تَشْهَدُوهُمْ .

176 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَعَنَ اَللَّهُ اَلْخَمْرَ وَ شَارِبَهَا وَ سَاقِيَهَا وَ بَائِعَهَا وَ مُبْتَاعَهَا وَ عَاصِرَهَا وَ مُعْتَصِرَهَا وَ حَامِلَهَا وَ اَلْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ .

177 - وَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : اِغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي جَفْنَةٍ فَأَرَادَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنِّي كُنْتُ جُنُبَةً فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ اَلْمَاءَ لاَ يُجْنِبُ (2) .

178 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ فِي اَلَّذِي يَأْتِي اِمْرَأَتَهُ وَ هِيَ حَائِضٌ يَتَصَدَّقُ بِدِينَارٍ أَوْ بِنِصْفِ دِينَارٍ.

179 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلْمُكَاتَبِ يَقْتُلُ قَالَ يُؤَدِّي بِقَدْرِ مَا أَدَّى دِيَةَ اَلْحُرِّ -

ص: 166


1- القدرية: هم المنسوبون الى القول بالقدر: و معناه الذين يقولون: ان جميع ما في الوجود من خير و شر، و طاعة و معصية، و صدق و كذب، و عدل و ظلم، واقع بقدرة اللّه و مشيته و ارادته، و انه الفاعل لجميعها بلا واسطة. و هم المجبرة، لانهم يقولون: ان العبد لا اختيار له، و انه مجبور على أفعاله المنسوبة إليه. بمعنى انها غير مخلوقة له، و انه لا دخل له في الفعل البتة. لان القدرى منسوب الى القدر، لا الى القدرة. و شبههم بالمجوس، لان المجوس يقولون بان الاله اثنان، و ان الشرور الواقعة في العالم كلها من الشيطان و العبد لا دخل له في فعلها. فكان قول القدرية موافق لقول المجوس، و أهل الإسلام يكفرون المجوس فيجب القول بكفر القدرية، ليتحقّق معنى المشابهة. و النهى عن عيادة مرضاهم، و عدم شهادة موتاهم، للتحريم، كما في الكفّار من غير فرق. و من قال: ان القدرية، من يقول ان للعبد قدرة، فقد غلط غلطا ظاهرا، لانه يحيل به ياء النسبة (معه).
2- و هذا يدلّ على جواز استعمال الماء المستعمل في الطهارة الكبرى (معه).

وَ إِذَا أَصَابَ حَدّاً أَوْ مِيرَاثاً وَرِثَ بِحِسَابِ مَا عَتَقَ مِنْهُ (1).

180 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يُصَلِّي فِي اَلاِسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي اَلْعِيدَيْنِ .

181 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اِلْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ اَلْبِيضَ فَإِنَّهَا خَيْرُ ثِيَابِكُمْ وَ كَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ وَ إِنَّ مِنْ خَيْرِ أَكْحَالِكُمْ اَلْإِثْمِدَ يَجْلُو اَلْبَصَرَ وَ يُنْبِتُ اَلشَّعْرَ(2)(3).

182 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ رَجُلاً مَاتَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ لَمْ يَدَعْ وَارِثاً إِلاَّ عَبْداً هُوَ أَعْتَقَهُ فَأَعْطَاهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِيرَاثَهُ (4) .

183 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَجُمُعَةٌ فِي عَبْدِ اَلْقَيْسِ بِحَوَاثَا قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى اَلْبَحْرَيْنِ (5) .

184 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَزْنِي اَلزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لاَ يَسْرِقُ اَلسَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لاَ يَشْرَبُ اَلشَّارِبُ حِينَ يَشْرَبُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ وَ لاَ يَقْتُلُ اَلْقَاتِلُ حِينَ يَقْتُلُ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ .

185 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ اَلنَّاسِ اَلصِّحَّةُ وَ اَلْفَرَاغُ (6).

ص: 167


1- معناها، اذا قتل المكاتب و قد أدى من مكاتبته شيئا، أدى القاتل من دية الحرّ بقدر ما فيه من الحرية، على قدر ما أدى. و كذا إذا فعل ما يوجب الحد، اقيم عليه من حد الاحرار، بنسبة ما فيه من الحرية. و كذا في الميراث، فيرث بنسبة ما فيه من الحرية، و هذا مخصوص بالمكاتب المطلق (معه).
2- الامر هنا للاستحباب إجماعا (معه).
3- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 247:1.
4- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 221:1.
5- رواه البخارى في صحيحه، كتاب الجمعة (باب الجمعة في القرى و المدن).
6- المغبون هو الذي يبيع الكثير بالقليل. و من حيث اشتغال المكلف أيّام الصحة و الفراغ بالامور الدنيوية الدنية، يكون مغبونا البتة. لانه قد باع أيّام الصحة و الفراغة بشيء لا قيمة له، من الأمور الحقيرة الفانية، المنغصة بشوائب الكدورات (معه).

186 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلاً لاَ يُشْرِكُونَ بِاللَّهِ شَيْئاً إِلاَّ شَفَّعَهُمُ اَللَّهُ فِيهِ (1)(2).

187 - وَ عَنْهُ قَالَ : كَانَ اَلطَّلاَقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ أَبِي بَكْرٍ وَ سَنَتَيْنِ

ص: 168


1- الشرك ثلاث مراتب، الأولى: الشرك في الإلهيّة، و هو اعتقاد وجود إلهين و هذا هو الكفر المضاد للإسلام الظاهر. و الثانية: الشرك في الاعمال، بان يشيبها بالاغراض، و هي المرتبة الوسطى، و هي الشرك المقابل للايمان بالغيب. الثالثة: الشرك في الوجود، بأن يعتقد ان هنا موجودا يتصف بالوجود الحقانى غير اللّه، و هى المرتبة العليا، و يسمونه، الشرك الخفى، و هو المقابل للايمان الحقيقي (معه).
2- روى الصدوق عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: (اذا مات المؤمن، و حضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين، فقالوا: اللّهمّ لا نعلم منه الا خيرا و أنت أعلم به منا، قال اللّه تبارك و تعالى قد أجزت شهادتكم و غفرت له ما علمت ممّا لا تعلمون). و عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: (كان في بني إسرائيل عابد، فاعجب به داود (عليه السّلام) فأوحى اللّه إليه، لا يعجبك شيء من أمره، فانه مرائى، فمات الرجل، فقال داود. ادفنوا صاحبكم و لم يحضره فلما غسل قام خمسون رجلا، فشهدوا باللّه ما يعلمون منه إلا خيرا، فلما صلوا عليه، قام خمسون آخر فشهدوا بذلك أيضا، فاوحى اللّه الى داود، ما منعك ان تشهد فلانا؟ فقال: يا ربّ للذى أطلعتنى عليه من أمره، فأوحى اللّه إليه ان كان ذلك كذلك، و لكنه قد شهد قوم من الاحبار و الرهبان، ما يعلمون الا خيرا، فاجزت شهادتهم، و غفرت له علمى فيه. و من أجل هذا، حضرت عند شيخنا المحدث في أصفهان، فكان على المنبر يوما في شهر رمضان، فالقى على الناس عقائده و استشهدهم عليها، و طلب منهم ان يكتب منهم أربعون رجلا أسمائهم على كفنه يتضمن شهادتهم له بالايمان، فكتب كل واحد، و كنت أنا من الكاتبين ان فلانا من أهل الايمان لا شك فيه، ثمّ اتخذه الناس من ذلك اليوم سنة و هو خير. و الاستكثار منه خير (جه).

مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ اَلثَّلاَثُ وَاحِدَةً فَقَالَ عُمَرُ بْنُ اَلْخَطَّابِ يَوْماً إِنَّ اَلنَّاسَ قَدِ اِسْتَعْجَلُوا فِي أَمْرٍ كَانَتْ لَهُمْ فِيهِ أَنَاةٌ فَلَوْ أَمْضَيْنَاهُ عَلَيْهِمْ فَأَمْضَاهُ عَلَيْهِمْ (1) (2) .

188 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْعَيْنُ حَقُّ وَ لَوْ كَانَ شَيْ ءٌ سَابَقَ اَلْقَدْرَ سَبَقَهُ اَلْعَيْنُ وَ إِذَا اِغْتَسَلْتُمْ فَاغْسِلُوا(3).

189 - وَ رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمُ اَلْحَجِّ قَالَ فَقَامَ اَلْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ فَقَالَ فِي كُلِّ عَامٍ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ لَوْ قُلْتُ لَوَجَبَ ثُمَّ إِذًا لاَ تَسَعُونَ وَ لاَ تُطِيقُونَ وَ لَكِنْ حِجَّةً وَاحِدَةً (4) .

190 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَالَ إِنَّ اِمْرَأَتِي لاَ تَرُدُّ يَدَ لاَمِسٍ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ طَلِّقْهَا قَالَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَتْبَعَهَا نَفْسِي قَالَ فَاسْتَمْتِعْ بِهَا (5) (6) .

ص: 169


1- رواه مسلم في صحيحه، كتاب الطلاق، باب الطلاق الثلاث، حديث 1472.
2- و هذا يدلّ على ان الطلاق الثلاث المرسلة، لم يكن من السنن النبويّة، و انما هو من محدثات الخلفاء (معه).
3- أي انها مؤثرة، فإذا طلب منكم غسالة الوجه و الأيدي كما في الوضوء، فافعلوا ذلك، و لا تمتنعوا منه، لعله ينتفع صاحب العين به، و الامر هنا للندب، لانه اشارة الى مصلحة دنيوية (معه).
4- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى، كتاب الحجّ ، ج 325:4. باب وجوب الحجّ مرة واحدة.
5- و هذا يدلّ على ان الزوجة لا تحرم على زوجها بالزنا، و ان أصرت عليه و تظاهرت به (معه).
6- قال الشيخ في الخلاف: إذا كانت عنده زوجة فزنت، لا ينفسخ العقد. و الزوجية باقية، و به قال جميع الفقهاء. و قال الحسن البصرى: تبين عنه. و روى ذلك عن عليّ عليه السلام. دليلنا، اجماع الفرقة، و أخبارهم، و روى هذا الحديث. و قال في آخره: لو بانت منه لما أمره بامساكها. انتهى (جه).

191 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَكْثَرَ مِنَ اَلاِسْتِغْفَارِ جَعَلَ اَللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجاً وَ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجاً وَ رَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاٰ يَحْتَسِبُ (1)(2).

192 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ قُتِلَ فِي عَمْيَاءَ فِي رَمْيٍ يَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحَجَرٍ أَوْ بِسَوْطٍ أَوْ ضَرْبٍ بِعَصًا فَهُوَ خَطَاءٌ وَ عَقْلُهُ عَقْلُ اَلْخَطَاءِ وَ مَنْ قُتِلَ عَمْداً فَهُوَ قَوَدٌ وَ مَنْ حَالَ دُونَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اَللَّهِ وَ غَضَبُهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ صَرْفٌ وَ لاَ عَدْلٌ (3).

193 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا اَلْفَاعِلَ وَ اَلْمَفْعُولَ (4).

194 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي اَلْإِنَاءِ أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ (5) (6) .

195 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى أَنْ يُتَزَوَّجَ اَلْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا

ص: 170


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 248:1.
2- و ذلك لان الذنوب تحبس الرزق، و تجرح الصدر، و تكثر الهم على المؤمن لانها تجعل النفس ظلمانية مكدرة. و الظلمة و الكدرة موجبة لهذه الأمور. فالاستغفار و و التوبة يخلص من هذه الظلمات، لانهما تفيدان النورانية المزيلة للظلمة، و الطهارة المزيلة للكدورة (معه).
3- في النهاية: العمياء، بالكسر و التشديد و القصر، فعيلا من العمى، كالرميا من الرمى، و الخصيصا من التخصيص، و هي مصادر و المعنى ان يوجد بينهم قتيل يعمى أمره، و لا يبين قاتله. فحكمه حكم قتيل الخطأ، تجب فيه الدية، انتهى. و العقل: الدية. و هذا القتل اما خطأ محض، لان الغالب فيه انه لم يقصد فيه شخص بعينه، و قد يقصد شخصا و يصيب غيره. و أمّا خطأ شبيه بالعمد، لعدم كون الآلة قاتلة قاطعة غالبا، فان عرف القاتل فالدية، و ان كان لوثا عمل على مقتضاه، و الا فالدية على بيت المال (جه).
4- الامر للوجوب لان حدهما القتل (معه).
5- رواه أحمد بن حنبل في مسنده، ج 309:1.
6- النهى هنا للكراهة (معه).

أَوْ خَالَتِهَا (1)رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 294:1. عن مسند عبد اللّه بن عبّاس.(2) (3) .

196 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خَيْرُ اَلصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ وَ خَيْرُ اَلسَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ وَ خَيْرُ اَلْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَ لَنْ يُغْلَبَ اِثْنَا عَشَرَ أَلْفاً مِنْ قِلَّةٍ (3).

197 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلنُّفَسَاءَ وَ اَلْحَائِضَ تَغْتَسِلاَنِ وَ تُحْرِمَانِ وَ تَقْضِيَانِ اَلْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ اَلطَّوَافِ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرَا.

198 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَ لَيْسَ عَلَى مُسْلِمٍ جِزْيَةٌ (4).

199 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يُمْنُ اَلْخَيْلِ فِي شُقْرِهَا(5).

200 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : نَهَى عَنِ اَلتَّحْرِيشِ (6) بَيْنَ اَلْبَهَائِمِ (7) .

ص: 171


1- الوسائل، كتاب النكاح، باب
2- من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها فراجع. و رواه ابن ماجة في سننه، كتاب النكاح، (31) باب لا تنكح المرأة على عمتها و لا على خالتها، فلاحظ.
3- النهى هنا للتحريم (معه).
4- يحتمل أن يراد بالقبلة، الحقيقة الشرعية. فاذا اختلف اجتهاد شخصين فيها لم يكن قبلة كل واحد منهما صحيحة، بل القبلة الصحيحة لأحدهما. و يحتمل أن يراد بالقبلة، من يقتدى به في الأمور الدينية، فلا يصحّ العمل باجتهادى شخصين متخالفين في قضية واحدة. لان الحق البتة في طرف أحدهما. و يحتمل أن يراد بالقبلة امام الأصل فلا يصحّ في الأرض امامان متصرفان في زمان واحد. و يحتمل أن يراد بها امام الصلاة فلا يصحّ أن يقتدى في الصلاة الواحدة بامامين (معه).
5- الشقرة لون الاشقر: و هي في الإنسان، حمرة تعلو بياضا، و في الخيل حمرة صافية، يحمر معها العرف و الذنب، و فرس أشقر، الذي فيه شقرة (مجمع البحرين).
6- التحريش الاغراء بين القوم و الكلاب، و تهييج بعضها على بعض (مجمع البحرين).
7- للتنزيه الا في الكلاب، و في كل موضع يفعل لاجل التفرج (معه).

201 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَمَّنِي جَبْرَئِيلُ عِنْدَ اَلْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ فَصَلَّى بِي اَلظُّهْرِ فِي اَلْأُولَى مِنْهَا حِينَ كَانَ اَلْفَيْ ءُ عَلَى اَلشِّرَاكِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ اَلْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْ ءٍ مِثْلَيْهِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ اَلْمَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتِ اَلشَّمْسُ وَ أَفْطَرَ اَلصَّائِمُ ثُمَّ صَلَّى بِيَ اَلْعِشَاءَ حِينَ غَابَ اَلشَّفَقُ ثُمَّ صَلَّى بِيَ اَلْفَجْرَ حِينَ بَزَقَ اَلْفَجْرُ وَ حَرُمَ اَلطَّعَامُ عَلَى اَلصَّائِمِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ اَلْمَرَّةَ اَلثَّانِيَةَ اَلظُّهْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْ ءٍ مِثْلَهُ ثُمَّ صَلَّى بِيَ اَلْعَصْرَ حِينَ كَانَ ظِلُّ كُلِّ شَيْ ءٍ مِثْلَيْهِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ اَلْمَغْرِبَ لِوَقْتِهِ اَلْأَوَّلِ ثُمَّ صَلَّى اَلْعِشَاءَ اَلْآخِرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اَللَّيْلِ ثُمَّ صَلَّى بِيَ اَلصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتِ اَلْأَرْضُ ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَيَّ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَذَا وَقْتُ اَلْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ وَ اَلْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ اَلْوَقْتَيْنِ (1) (2) (3) .

ص: 172


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده، ج 333:1.
2- و هذا يدلّ على وقت الفضيلة عند أكثر الاصحاب. و عند طائفة اخرى، ان هذا الوقت لا يجوز تعديه، و إذا وقعت الصلاة في غير ذلك كانت قضاء، الا لمن له عذر (معه).
3- قوله: أمنى جبرئيل ظاهره ان جبرئيل صلى بالنبى من جماعة، و هو ينافى ما روى في حديث المعراج من ان النبيّ صلى بالملائكة جماعة جبرئيل و غيره، و انه أفضل من الملائكة. فكيف يتقدم عليه جبرئيل ؟! و من ثمّ قال في الحاشية: المراد انه صلى في هذه الأوقات على جهة التعليم، لا جماعة، معى بل صليت منفردا، انتهى. و يؤيد ما روى ان جبرئيل جاء مشيرا على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في هذين الوقتين، و النبيّ هو الذي وضعهما. و قوله: على الشراك، يعنى به شراك النعل العربى، و معقده ظهر القدم. و معناه انه إذا زالت الشمس، و مضى من الزوال مقدار معقد الشراك من القدم، صلى الظهر. و التأخير بهذا المقدار استظهارا في تحقيق دخول الوقت و تيقنه. و يؤيده ان الشيخ رواه هكذا: و أتاه جبرئيل خبر زالت الشمس، فأمره فصلى الظهر. و قوله: ظل كل شيء مثله، يعنى حتّى يصير الظل الزائد مثل الشاخص. و قول الشيخ في التهذيب: المراد بالمماثلة بين الفيء الزائد و الظل الأول، لا الشخص يرد عليه أولا انه خلاف منطوق الاخبار الواضحة، و ثانيا: ان قدر الظل الأول كما قيل غير منضبط، و قد ينعدم في بعض الأوقات، فلو نيط الوقت به، لزم التكليف بعبادة في غير وقت، أو في وقت يقصر منها، و هو معلوم البطلان. و قوله: حين وجبت الشمس، أي حين سقطت و غابت عن العين، كما قاله المرتضى. أو حين استقر غيابها بذهاب حمرتها، كما هو قول الاكثر. و قوله: حين بزق الفجر. بالزاى المعجمة، أي حين ظهر (جه).

202 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَقَّتَ لِأَهْلِ اَلْمَشْرِقِ اَلْعَقِيقَ (1)(2).

203 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَعَنَ رَجُلٌ اَلرِّيحَ عِنْدَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ لاَ تَلْعَنِ اَلرِّيحَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ وَ إِنَّهُ مَنْ لَعَنَ شَيْئاً لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اَللَّعْنَةُ عَلَيْهِ (3)(4).

204 - وَ فِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَامَ وَ هُوَ سَاجِدٌ فَغَطَّ(5) أَوْ نَفَخَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّكَ قَدْ نِمْتَ فَقَالَ إِنَّ اَلْوُضُوءَ لاَ يَجِبُ إِلاَّ عَلَى

ص: 173


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 344:1.
2- هذا الحديث اخبار بالغيب من باب المعجزة. لانه لم يكن ثمة قد فتح العراق فكانه قال: ان العراق تفتح بعدى، و يسلم أهلها، و يكون ميقات حجهم العقيق (معه).
3- و هذا يدلّ على ان اللعن غير جائز على أحد، الا من لعنه اللّه و رسوله (معه).
4- بل لا يجوز لعن كل من لعنه اللّه و رسوله. لما تقدم من ورود اللعن على بعض المكروهات، كالاكل زاده وحده، و البائت في بيت وحده، و من سافر وحده، الى غير ذلك. من ترك السنن الاكيدة، و ارتكاب المكروهات الغليظة. بل ينبغي أن يقال: إنّه لا يجوز اللعن الامن ورد الاذن من الشارع بلعنه (جه).
5- الغطيط، هو صوت يخرج من النائم (معه).

مَنْ نَامَ مُضْطَجِعاً فَإِنَّهُ إِذَا اِضْطَجَعَ اِسْتَرْخَتْ مَفَاصِلُهُ (1) (2) (3) .

205 - وَ رَوَى اَلصَّلْتُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ : رَأَيْتُ اِبْنَ عَبَّاسٍ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ وَ لاَ إِخَالُهُ إِلاَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَتَخَتَّمُ فِي يَمِينِهِ (4) .

206 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلْحَجَرَ اَلْأَسْوَدَ مِنَ اَلْجَنَّةِ .

207 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ قَالَ فِي اَلْقُرْآنِ بِرَأْيِهِ أَوْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ اَلنَّارِ(5).

ص: 174


1- رواه الترمذي في سننه ج 1، أبواب الطهارة (75) باب ما جاء في الوضوء من النوم. و سند الحديث هكذا (حدّثنا عبد السلام بن حرب الملائى، عن أبي خالد الدالانى عن قتادة، عن أبي العالية، عن ابن عبّاس).
2- هذا يدلّ على ان النوم بنفسه ليس بناقض، و انما هو ناقض إذا اشتمل على الناقض، من حيث انه مظنة النقض، و هذه مسألة خلافية، تحقيقها في الفقه (معه).
3- قال بظاهره ابن بابويه من أصحابنا، و باقى علمائنا لم يعملوا به، بل نصوا استنادا الى الاخبار الكثيرة، على أن النوم من نواقض الوضوء مطلقا، و جعلوه من جملة الاحداث الناقضة و رووا مضمون هذا الخبر في اصولهم، و حملوه على التقية، لانه مذهب الفقهاء الأربعة. و أمّا هذا الحديث فأجاب عنه العلامة في المنتهى من وجهين: أحدهما الطعن في السند. فان رواية أبو خالد الدالانى عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عبّاس. و أبو خالد لم يلق قتادة. و قال شعبة و غيره: ان قتادة لم يسمع من أبى العالية الا أربعة أحاديث أو ثلاثة و ليس هذا الحديث منها. و قيل: ان قتادة كان مدلسا. و ثانيهما: انه مع التسليم فهو غير حجة. لانه (صلّى اللّه عليه و آله) نص على الاضطجاع، و نص على العلة التي هي الاسترخاء، و ذلك يقتضى تعميم الحكم في جميع موارد صور العلة (جه).
4- و هذا يدلّ على أن السنة التختم في اليمين (معه).
5- أشار بالأول و هو قوله برأيه، الى باب التفسير، فانه لا يجوز الا بالنقل. و أشار الى الثاني: و هو قوله بغير علم، الى باب التأويل، فانه غير جائز للجاهل بالعلوم المتوقف عليهما صحة التأويل، و المعرفة به. و هو يدلّ على التحريم في الموضعين بدون الشرطين (معه).

208 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَلْحَظُ فِي اَلصَّلاَةِ يَمِيناً وَ شِمَالاً وَ لاَ يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ (1) .

209 - وَ فِيهِ عَنْ عُبَيْدِ [عَبْدِ] اَللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كُنَّا مَعَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَ اَلْأَضْحَى فَاشْتَرَكْنَا فِي اَلْبَقَرَةِ عَنْ سَبْعَةٍ وَ فِي اَلْجَزُورِ عَنْ عَشْرَةٍ (2) (3)هذا يدلّ على تحتم القصر في السفر، و ان لم يكن معه خوف (معه).(4) .

210 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى اَلْمَدِينَةِ لاَ يَخَافُ إِلاَّ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ (5) (5) .

211 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَحَلَّ فِي دُبُرِ اَلصَّلاَةِ (6).

212 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ تُوُفِّيَ وَ عِنْدَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ يُصِيبُهُنَّ إِلاَّ سَوْدَةَ فَإِنَّهَا وَهَبَتْ لَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ .

213 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلشِّفَاءُ فِي ثَلاَثٍ فِي شَرْطَةِ حَجَّامٍ أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ -

ص: 175


1- و هذا يدلّ على جواز ذلك، و على تحريم الالتفات بالعنق الى الخلف (معه).
2- و هذا يدلّ على جواز الاشتراك في الاضحية المندوبة، سواء كان الاشتراك في التضحية، أو في اللحم أو فيهما (معه).
3- رواه ابن ماجة في سننه ج 2، كتاب الاضاحى
4- باب عن كم تجزى البدنة و البقرة حديث (3131).
5- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 3 ص 135، باب رخصة القصر في كل سفر لا يكون معصية، و ان كان المسافر آمنا. و مسند أحمد: 226/1 و 354.
6- أي أحرم بعد صلاة الاحرام. و هو يدلّ على كون الاحرام يستحب أن يكون بعد صلاة (معه).

أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ وَ أَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ اَلْكَيِّ (1) .

214 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْمَ بَدْرٍ هَذَا جَبْرَئِيلُ أَخَذَ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ اَلْحَرْبِ (2).

215 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْراً كِتَابُ اَللَّهِ (3).

216 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَبْغَضُ اَلنَّاسِ إِلَى اَللَّهِ ثَلاَثَةٌ مُلْحِدٌ فِي اَلْحَرَمِ وَ مُتَّبِعٌ فِي اَلْإِسْلاَمِ سُنَّةَ اَلْجَاهِلِيَّةِ وَ مُطَلِّبُ دَمِ اِمْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ (4).

217 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : ثَلاَثٌ مِنْ سُنَنِ اَلْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَدَعُهَا اَلنَّاسُ اَلطَّعْنُ فِي اَلْأَنْسَابِ وَ اَلنِّيَاحَةُ وَ اَلاِسْتِقَاءُ بِالْأَنْوَاءِ (5).

218 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ اَلْمُزَابَنَةِ وَ اَلْمُحَاقَلَةِ (6) .

ص: 176


1- أي عن الكى بقصد الشفاء، و النهى للتنزيه. و ليس المراد بالنهى عنه من حيث أنّه من جملة الشفاء، بل حيث انه في آخر المراتب من الشفاء فالنهى عنه مع وجود غيره من العلاج. أما مع الضرورة إليه فهو من جملة ما يحصل به الشفاء، مع عدم الانتفاع بغيره (معه).
2- و الغرض من هذه الأخبار، تقوية نفوس المؤمنين، و اشتداد ظهورهم، و اعلامهم بالمعجزة، و نصرة اللّه (معه).
3- هذا يدلّ على جواز أخذ الاجرة على تعليم القرآن. لكنه مخصوص بحالة التواتر في البلد، و مخصوص بقدر ما تصح الصلاة به من الفاتحة و سورة معها، فانه لا يجوز أخذ الاجرة على هذا القدر (معه).
4- الالحاد هو الادخال في الدين ما ليس منه، أو الاخراج منه ما هو منه، و عنه عليه السلام (كل الظلم في الحرم الحاد، حتى ضرب الخادم) (معه).
5- أي مطرنا بنوء كذا. و المراد بالنياحة القول بالباطل و الهجر (معه).
6- رواه ابن ماجة في سننه، كتاب التجارات (54) باب المزابنة و المحاقلة حديث (2266).

219 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَ نُحِبُّهُ (1)(2)(3).

220 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : أَمَرَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمُ اَلْحَدِيدُ وَ اَلْجُلُودُ وَ أَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَ ثِيَابِهِمْ (4) (5) .

221 - وَ فِيهِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : فَرْضُ زَكَاةِ اَلْفِطْرِ طُهْرَةٌ لِلصِّيَامِ مِنَ اَللَّغْوِ وَ اَلرَّفَثِ (6) وَ طُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ اَلصَّلاَةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَ مَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ اَلصَّلاَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ اَلصَّدَقَاتِ (7) (8) .

ص: 177


1- سنن ابن ماجة، كتاب المناسك (104) باب فضل المدينة، حديث 3115.
2- هذا يدلّ على ان للأشياء كلها روحانية، يقع لها بها الفهم و الإدراك (معه).
3- ذهب قدماء الحكماء، و جماعة من المتأخرين، الى ان النفس الناطقة أعنى القوّة الدراكة لا اختصاص لها بالانسان بل هي موجودة في الحيوانات من الدوابّ ، و الطيور، و الوحوش، و نحوها من الاصناف، بل صنف الشيخ أبو عليّ رسالة في العشق و ذكر فيه أنّه جار في الحيوانات، و الجمادات و النباتات، و المعادن. و في الاخبار المستفيضة دلالة على أن الجمادات لها من الإدراك ما تعرف به خالقها و أن لها تسبيحا و انقيادا له جلّ جلاله. و قوله سبحانه: «وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلاّٰ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ » شاهد عليه، حتى قالوا: ان الاعجاز ليس في تسبيح الحصا بيده (صلّى اللّه عليه و آله) لانها تسبحه دائما، انما الاعجاز في اسماع الحاضرين ذلك التسبيح إلخ (جه).
4- مسند أحمد بن حنبل ج 247:1 و سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، ج 1 (28) باب ما جاء في الصلاة على الشهداء و دفنهم، حديث 1515.
5- هذا يدلّ على أن الشهيد لا يغسل و لا يكفن، بل يدفن بثيابه (معه).
6- اللغو: القول بالباطل و الهزل و الرفث: هو ذكر الفحش في الكلام، و طموع العين في النظر (معه).
7- سنن ابن ماجة، كتاب الزكاة، ج 1 (21) باب صدقة الفطر، حديث 1827.
8- و هذا يدلّ على ان زكاة الفطرة، لا تقض مع فوات وقتها، كما هو مذهب جماعة من العلماء (معه).

222 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْأَصَابِعُ سَوَاءٌ وَ اَلْأَسْنَانُ سَوَاءٌ وَ اَلثَّنِيَّةُ وَ اَلضِّرْسُ سَوَاءٌ (1)(2).

223 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ جَعَلَ أَصَابِعَ اَلْيَدَيْنِ وَ اَلرِّجْلَيْنِ سَوَاءً (3).

224 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : وَ اَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشاً وَ اَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشاً وَ اَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشاً ثُمَّ قَالَ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ (4).

225 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعَةٍ مِنْ اَلنَّمْلَةِ وَ اَلنَّحْلَةِ وَ اَلْهُدْهُدِ وَ اَلصُّرَدِ.

226 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خِيَارُكُمْ أَلْيَنُكُمْ مَنَاكِباً فِي اَلصَّلاَةِ (5).

227 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَرَّ بِرَجُلٍ وَ قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ فَقَالَ مَا أَحْسَنَ هَذَا وَ مَرَّ بِآخَرَ وَ قَدْ خَضَبَ بِالْحِنَّاءِ وَ اَلْكَتَمِ فَقَالَ هَذَا أَحْسَنُ ثُمَّ مَرَّ بِآخَرَ وَ قَدْ خَضَبَ بِالصُّفْرَةِ فَقَالَ هَذَا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ (6) (7) .

228 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَ كُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ وَ مَنْ شَرِبَ

ص: 178


1- سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب الديات، (17) باب دية الأسنان حديث 2650.
2- و هذا الحديث مرسل، و سيأتي من الأحاديث ما يخالفه، و ليس على هذا الحديث العمل (معه).
3- سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب الديات، (18) باب دية الأصابع حديث 2654.
4- و هذا يدلّ على جواز اليمين، و جواز تأكيدها، و جواز الاستثناء فيها بالمشية (معه).
5- و هذا يدلّ على أفضلية المبالغة في الطمأنينة، و الاستقصاء في الركوع و المبالغة في الخشوع (معه).
6- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (47) من أبواب آداب الحمام، حديث 1.
7- هذا يدلّ على جواز الخضاب، بل على استحبابه لاستحسانه إيّاه و دال على جواز فعله بالانواع الثلاثة (معه).

مُسْكِراً نَجِسَتْ (1) صَلاَتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً فَإِنْ تَابَ تَابَ اَللَّهُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَادَ [اَلرَّابِعَةَ ] كَانَ حَقّاً عَلَى اَللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ اَلْخَبَالِ قِيلَ وَ مَا طِينَةُ اَلْخَبَالِ قَالَ صَدِيدُ أَهْلِ اَلنَّارِ وَ مَنْ سَقَاهُ صَغِيراً لاَ يَعْرِفُ حَلاَلَهُ مِنْ حَرَامِهِ كَانَ حَقّاً عَلَى اَللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ اَلْخَبَالِ .

229 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ نَذَرَ نَذْراً لَمْ يُسَمِّهِ (2) فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَ مَنْ نَذَرَ نَذْراً فِي مَعْصِيَةٍ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَ مَنْ نَذَرَ مَا لاَ يُطِيقُهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَ مَنْ نَذَرَ مَا لاَ يُطِيقُهُ فَكَيْفَ لَهُ بِهِ (3).

230 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فَأَعِيذُوهُ وَ مَنْ سَأَلَكُمْ بِوَجْهِ اَللَّهِ فَأَعْطُوهُ .

231 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَمَّى سَجْدَتَيِ اَلسَّهْوِ اَلْمُرْغِمَتَيْنِ (4).

232 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنِ اَلثَّوْبِ اَلْمُصْمَتِ (5) مِنَ اَلْحَرِيرِ فَأَمَّا اَلْعَلَمُ مِنَ اَلْحَرِيرِ وَ سَدَى اَلثَّوْبِ فَلاَ بَأْسَ .

ص: 179


1- الظاهر أنّه بالنون و الحاء و السين المهملتان، بمعنى النقصان. و قال في مجمع البحرين: و أعمى نحس: أى ناقص.
2- أي لم يعينه، أو لم يأت به، و هذا أولى (معه).
3- و هذا الحديث يدلّ على ان النذر يمين، يجب الكفّارة مع الحنث. و هذه المواضع المذكورة في الحديث، كلها موجبة للحنث، فيجب بها الكفّارة. و هذا مذهب جماعة من العلماء، أخذا بهذا الحديث (معه).
4- و انما سميتا بذلك، لانهما يرغمان أنف الشيطان أي يجعلان أنفه في الرغام و الرغام لغة التراب (معه).
5- النهى للتحريم إجماعا (معه).

233 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لِيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ وَ لْيَؤُمَّكُمْ قُرَّاؤُكُمْ (1)علم من هذا الحديث، أن لهذه الصفات الثلاث نسبة الى النبوّة، تقتضى لصاحبها الفضيلة (معه).(2)(3).

234 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ تَرَكَ اَلْحَيَّاتِ مَخَافَةَ طَلَبِهِنَّ فَلَيْسَ مِنَّا مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ (4)(5).

235 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلْهُدَى اَلصَّالِحَ وَ اَلسَّمْتَ اَلصَّالِحَ وَ اَلاِقْتِصَادَ خَمْسَةٌ وَ عِشْرُونَ جُزْءاً مِنَ اَلنُّبُوَّةِ (5).

236 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَرَادَ اَلْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ (6).

237 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَيْسَ عَلَى اَلنِّسَاءِ مِنْ حَلْقٍ وَ إِنَّمَا عَلَيْهِنَّ اَلتَّقْصِيرُ(7)و هذا يدلّ على ان التقصير واجب على النساء، لان (على) انما تستعمل للوجوب، و إذا وجب عليهن التقصير لم يجز لهن الحلق (معه).(8)(8).

238 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تُصَلُّوا خَلْفَ اَلنَّائِمِ وَ لاَ اَلْمُتَحَدِّثِ (9)(10).

ص: 180


1- سنن ابن ماجة، ج 1، كتاب الاذان و السنة فيها،
2- باب فضل الاذان و ثواب المؤذنين، حديث 726.
3- الامر في الموضعين للاستحباب (معه).
4- مسند أحمد بن حنبل ج 230:1.
5- و هذا يدلّ على ان الحيات نوع من الجن (معه).
6- سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب المناسك (1) باب الخروج الى الحجّ ، حديث 2883.
7- الوسائل، كتاب الحجّ باب
8- من أبواب الحلق و التقصير، حديث 3، و لفظ الحديث (عن أبي عبد اللّه عليه السلام ليس على النساء حلق، و يجزيهن التقصير).
9- النهى للتحريم، و النائم هنا الجاهل، و المتحدث المغتاب. و يجوز الحمل على الحقيقة، فالنائم من نام فنقض وضوءه. و المتحدث من تكلم في صلاته متعمدا، لبطلان صلاة الاثنين (معه).
10- هذا ردّ على العامّة حيث ذهبوا الى ان النوم غير ناقض للوضوء، و الى جواز الكلام في الصلاة عامدا، إما مطلقا كما قاله الشافعى، أو لمصلحة الصلاة كما قاله باقى فقهائهم (جه).

239 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ قَرَأَ حِينَ يُصْبِحُ - فَسُبْحٰانَ اَللّٰهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ اَلْآيَاتِ اَلثَّلاَثِ إِلَى تُخْرَجُونَ (1) أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي يَوْمِهِ وَ إِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي أَدْرَكَ مَا فَاتَهُ فِي لَيْلَتِهِ .

240 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَعَنَ اَللَّهُ اَلْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ اَلشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَ أَكَلُوا أَثْمَانَهَا وَ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى إِذَا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيْ ءٍ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ (2).

241 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَسْتُرُوا اَلْخَدَّ وَ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَكَأَنَّمَا يَنْظُرُ فِي اَلنَّارِ وَ اِسْأَلُوا اَللَّهَ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَ لاَ تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ .

242 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِقْتَبَسَ عِلْماً مِنَ اَلنُّجُومِ اِقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ اَلسِّحْرِ زَادَ مَا زَادَ(3)(4).

243 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ كَانَ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يُبْدِهَا وَ لَمْ يُهِنْهَا وَ لَمْ يُؤْثِرْ وُلْدَهُ عَلَيْهَا أَدْخَلَهُ اَللَّهُ اَلْجَنَّةَ (_3).

ص: 181


1- سورة الروم، الآية 17.
2- هذا يدلّ على أنّه لا يجوز بيع شيء من المحرمات (معه).
3- مسند أحمد بن حنبل، ج 227:1.
4- يحتمل أن يراد التعلم للنجوم. و يحتمل أن يراد به أخذ الحكم من المنجم. و الوعيد يدلّ على تحريمه، كتحريم السحر. و التحريم موقوف على اعتقاد تأثيرها في تلك الاحكام، أو الجزم بوقوع تلك الاحكام عنها. و أمّا التحريم لعلمه فمشروط: اما ليخبر العوام بذلك، ليموه عليهم أنّه يخبر بالغيب، أو ليأخذ بذلك اجرة (معه). (_3) هذا يدلّ على تكرمة البنت و الوصية بها (معه).

244 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لاَ يَنْظُرُ إِلَى مُسْبِلٍ (1).

245 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يُوتِرُ بِثَلاَثٍ يَقْرَأُ فِي اَلْأُولَى بِالْأَعْلَي وَ فِي اَلثَّانِيَةِ بِالْجَحْدِ وَ فِي اَلثَّالِثَةِ بِالتَّوْحِيدِ وَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيِ اَلْفَجْرِ إِذَا سَمِعَ اَلْأَذَانَ وَ يُخَفِّفُهَا (2) (3) (4) .

246 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلسَّلَفُ فِي حَبَلِ اَلْحَبَلَةِ رِبًا.

247 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَخَذَ اَللَّهُ اَلْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ يَعْنِي عَرَفَةَ فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا فَنَشَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ وَ تَلاَ

ص: 182


1- أسبل، أي دلاه، أي جعله متدليا. فيحتمل أن يراد اسبال طرفى الرداء إذا التحف به. بأن يرفع أحد طرفيه على كتفه. و يحتمل أن يراد به سبل الميزر حتّى يخرج من تحت الذيل. و يحتمل أن يراد به سبل الذيل و تطويله حتّى يجر في الأرض أو يراد به سبل الذوائب على الصدر ليرى الناس ذلك. و الكل مكروه شديد الكراهة (معه).
2- سنن ابن ماجه ج 1، كتاب اقامة الصلاة و السنة فيها (115) باب ما جاء فيما يقرأ في الوتر، حديث 1171.
3- و هذا يدلّ على أن الشفع داخل في الوتر، و الوتر هو المجموع، كما هو مذهب جماعة من الاصحاب (معه).
4- أقول: قد تقدم أن اطلاق الوتر على الركعة المفردة، حقيقة فقهية، و اطلاقه على الثلاث حقيقة شرعية. و أمّا ما ذكره من السور، فالوارد في أكثر النصوص هو استحباب قراءة التوحيد في الركعات الثلاث، و في بعضها قراءة الفلق في الأولى و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ اَلنّٰاسِ في الثانية، و التوحيد في الثالثة. و في مصباح الشيخ روى ان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يصلّي الثلاث ركعات بتسع سور، في الأولى «ألهاكم التكاثر،» و «انا أنزلناه» و «إذا زلزلت». و في الثانية الحمد، و العصر. و «إذا جاء نصر اللّه،» و «انا أعطيناك الكوثر» و في المفردة من الوتر «قل يا أيها الكافرون،» و «تبت»، و «قل هو اللّه أحد». و ما في هذه الأخبار من الاختلاف محمول على التخيير (جه).

أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ (1)(2).

248 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَ لاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ نِسَائِكُمْ مِنْ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ اَلْوَلُودُ اَلْوَدُودُ عَلَى زَوْجِهَا إِذَا آذَتْ أَوْ أُوذِيَتْ جَاءَتْ حَتَّى تَأْخُذَ بِيَدِ زَوْجِهَا ثُمَّ تَقُولُ وَ اَللَّهِ لاَ أَذُوقُ غَمْضاً(3) حَتَّى تَرْضَى.

249 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : تَابِعُوا بَيْنَ اَلْحَجِّ وَ اَلْعُمْرَةِ فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ اَلذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي اَلْكِيرُ خَبَثَ اَلْحَدِيدِ(4)(5).

250 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَ لاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ مَا يُكْنَزُ - اَلمَرْأَةُ اَلصَّالِحَةُ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهَا تَسُرُّهُ وَ إِذَا أَمَرَهَا أَطَاعَتْهُ وَ إِذَا غَابَ عَنْهَا حَفِظَتْهُ .

251 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ بَيْعِ اَلْمَغَانِمِ حَتَّى تُقْسَمَ وَ عَنِ اَلْحَبَالَى أَنْ يُوطَأْنَ حَتَّى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ وَ عَنْ أَكْلِ لَحْمِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ اَلسِّبَاعِ (6) .

252 - وَ فِيهِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ فِي نِفَاسِهَا لِيَحُدَّهَا فَقَالَ اِذْهَبِي حَتَّى يَنْقَطِعَ

ص: 183


1- سورة الأعراف، الآية 172.
2- مسند أحمد بن حنبل ج 272:1.
3- انغماض الطرف، انغضاضه. و ما اكتحلت غماضا، أي ما نمت، و لا اغتمضت عيناى، و مثله لا اكتحل بغمض حتّى ترضى عنى (مجمع البحرين).
4- سنن ابن ماجه، كتاب المناسك، (3) باب فضل الحجّ و العمرة، حديث 2887.
5- أما في حج التمتع فالمتابعة بينهما واجبة، لانه لا يصحّ افراد أحدهما عن الآخر. و أمّا في حج القران أو الافراد، فالامر للاستحباب، لانه يجوز افراد أحدهما عن الآخر (معه).
6- النهى للتحريم، اما في الأول، فانه بيع ما لا يملك. لان الغازى لا يملك قسمته من الغنيمة الا بعد القسمة و القبض، و أمّا في الثاني، فروى أصحابنا عن أبي سعيد الخدريّ ، قال: بعث رسول اللّه سرية قبل أوطاس فغنموا نساء، فتأثم من وطيهن لاجل أزواجهن، فنادى فيهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله «لا توطأ الحبالى حتّى يضعن، و لا الجبالى حتى يستبرئن» (جه).

عَنْكِ اَلدَّمُ (1)(2).

253 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ مُدْمِنُ خَمْرٍ وَ لاَ عَاقٌّ وَ لاَ مَنَّانٌ (3)(4).

254 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْكَمْأَةُ مِنَ اَلْمَنِّ وَ مَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ (5)سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب الحدود، (28) باب من سرق من الحرز، حديث 2595.(6)(7).

255 - وَ فِي حَدِيثِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ صَفْوَانُ نَائِماً فِي اَلْمَسْجِدِ وَ رِدَاؤُهُ تَحْتَهُ فَسُرِقَ فَقَامَ وَ قَدْ ذَهَبَ اَلرَّجُلُ فَأَدْرَكَهُ وَ أَخَذَهُ وَ جَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ فَقَالَ صَفْوَانُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا بَلَغَ رِدَائِي أَنْ يُقْطَعَ فِيهِ رَجُلٌ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَهَلاَّ كَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنَا بِهِ (8) (8) .

256 - وَ فِيهِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ غَدَاةَ اَلْعَقَبَةِ وَ هُوَ عَلَى

ص: 184


1- مستدرك الوسائل، ج 2، كتاب الحدود و التعزيرات، باب (11) من أبواب مقدمات الحدود و أحكامها العامّة، حديث (12) نقلا عن العوالى.
2- الحديث يدلّ على ان النفاس مرض، و ان المريض لا يصحّ حده الا مع اقتضاء المصلحة تعجيله، فيصح بما لا يضرّه كالضغث (معه).
3- المراد بالمنان هو الذي يعطى و يذكر عطيته للغير، ليظهر الفضل عليه، ليجعله أخفض منه منزلا، و قد جاء بمعنى المعطى و لهذا قال في الدعاء يا حنان يا منان (معه).
4- أقول: قال اللّه: (و لا تمنن تستكثر). أى لا تمنن بعطائك على الناس مستكثرا ما أعطيته، فان متاع الدنيا قليل، و لان المن يكدر الصنيعة. (جه).
5- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب الطبّ
6- باب الكماة و العجوة، حديث 3453.
7- في النهاية، أي ممّا من اللّه على عباده. و قيل: شبهها بالمن، و هو العسل الحلو الذي ينزل من السماء عفوا بلا علاج، و كذا الكماة لا مئونة فيه و لا سقى. (جه).
8- هذا يدلّ على ان الحدّ بعد انتهائه الى الامام، لا يصحّ اسقاطه، بل يتعين عليه اقامته. (معه).

رَاحِلَتِهِ هَاتِ اِلْقَطْ لِي فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى اَلْحَذَفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ بِأَمْثَالِ هَؤُلاَءِ وَ إِيَّاكُمْ وَ اَلْغُلُوَّ فِي اَلدِّينِ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ قَبْلَكُمْ بِالْغُلُوِّ فِي اَلدِّينِ (1)(2).

257 - وَ فِيهِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ بَعَثَ إِلَيَّ مَلَكاً مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ مَعَهُ جَبْرَئِيلُ فَقَالَ إِنَّ اَللَّهَ يُخَيِّرُكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ عَبْداً نَبِيّاً وَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مَلِكاً فَالْتَفَتَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِلَى جَبْرَئِيلَ كَالْمُسْتَشِيرِ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ تَوَاضَعْ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لاَ بَلْ أَكُونُ عَبْداً نَبِيّاً فَمَا أَكَلَ بَعْدَ تِلْكَ اَلْكَلِمَةِ طَعَاماً مُتَّكِئاً قَطُّ (3) (4) .

258 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَعَنَ اَللَّهُ مَنْ وَقَعَ عَلَى بَهِيمَةٍ .

259 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلْحَجَرِ لَيَبْعَثُهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا -

ص: 185


1- مسند أحمد بن حنبل ج 215:1.
2- قوله القط لي: يعنى من الحصى القريبة من الجمرة ابكارا لم يرم بها، لكن الظاهر أنّها خالية من شرائط الكمال و الاستحباب، من كونها ملتقطة من المشعر و كونها برشا رخوة كحلية و نحو ذلك من الصفات، و تفريع قوله: و إيّاكم و الغلوّ في الدين، يعنى يسروا الأمور و لا تجعلوا المندوب كالواجب، و يجوز أن يكون جملة مستأنفة (جه).
3- لانه صفة أهل التكبر (معه).
4- و هذه الحالة التي اختارها، و هي صفة العبودية أفضل و أشرف من درجة الرسالة، التي هي أفضل من رتبة النبوّة كما قال المحقق: من أن العبودية صفة و حالة بينه و بين ربّه، لا دخل لها بالامة، بخلاف الرسالة، فانها حالة رابطة بينه و بينهم لانه أرسل اليهم. فبالنظر الى هذا ذكر اللّه سبحانه في مقام الثناء عليه بأعظم الدرجات فقال: سبحان الذي أسرى بعبده، و لم يقل برسوله، و لا بنبيه، و بغير ذلك من الألقاب (جه).

وَ لِسَانٌ يَنْطِقُ يَشْهَدُ لِمَنْ يَسْتَلِمُهُ بِحَقٍّ (1).

260 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي مَكَّةَ مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ وَ أَحَبَّكِ إِلَيَّ وَ لَوْ لاَ أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ (2)(3)(4).

261 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ خَمْسَ مَرَّاتٍ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ .

262 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اِتَّقُوا اَلْحَدِيثَ عَنِّي إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ اَلنَّارِ(5)(6).

ص: 186


1- مسند أحمد بن حنبل ج 247:1. و سنن ابن ماجه، كتاب المناسك (27) باب استلام الحجر، حديث 2944.
2- مستدرك الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (11) من أبواب مقدمات الطواف حديث 1 نقلا عن عوالى اللئالى.
3- هذا يدلّ على ان المجاورة بمكّة غير مكروهة، لان ما هو محبوب للنبى صلّى اللّه عليه و آله لا تكره المجاورة به (معه).
4- يجوز أن يكون المعنى انه لو لا ان قومي قريش أخرجونى منك لما خرجت عنك، و كان سكناى فيك. و يجوز أن يكون ورود الحديث عنه (صلّى اللّه عليه و آله) بعد الفتح و التمكن من السكنى بمكّة. يعنى انى أكره الإقامة و السكنى في بلد اخرجت منها. و يؤيده ما رواه الصدوق في كتاب العلل و عيون الأخبار مسندا الى أبى الحسن عليه السلام قال: (ان عليّا عليه السلام لم يبت بمكّة اذ هاجر منها حتّى قبضه اللّه إليه) قلت: و لم ذلك ؟ قال: كان يكره أن يبيت بأرض قد هاجر منها و يبيت بغيرها (جه).
5- هذا يدلّ على ان الكذب عليه متعمدا من الكبائر. و فيه دلالة على ان أخبار الآحاد لا تصح العمل بها (معه).
6- هذا ردّ على الجمهور حيث أخذوا دينهم من الجماعة الكذابة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كأبى هريرة و اضرابه. فانه نقل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله اثنى عشر ألف حديث فتفرد بها، حتى تفطن لهذا بعض متأخريهم. فقال: كيف حصل أبو هريرة نوبة بانفراده حتّى. روى هذه الأخبار كلها من غير مشارك، مع ان ساعاته (صلّى اللّه عليه و آله) مقسومة على الليل و النهار و ليس لابى هريرة و لا لمن هو مثله نوبة انفراد بالنبى (صلّى اللّه عليه و آله). و أمّا علمائنا فأهل الحديث منهم أوضحوا الدلالات على ان الأصول الأربعة للمحمديين الثلاث. و نحوها من كتب الحديث كلها متواترة النقل عن الأئمّة الاطهار أهل العصمة، و حديثهم حديث جدهم. و أمّا الفقهاء و الاصوليون من علمائنا فأكثر القدماء منهم كالمرتضى و ابن إدريس و جماعة. على أنه لا يجوز العمل بالاخبار الآحاد، فلا يعمل بها مجردة عن القرائن بل نصوا على القرائن و بينوها في كتبهم. و خبر الواحد المحفوف بالقرائن يفيد العلم، فهم أبدا يعلمون في أحكام دينهم بالعلم، و لا يحتاجون الى العمل بالآراء و القياسات و الاستحسانات و نحوها. و أما عملهم في الآداب و السنن بأخبار الآحاد. فهم مستندون فيها الى الخبر الصحيح الوارد عنه (صلّى اللّه عليه و آله) (من بلغه عمل شيء من الثواب فعمله، اعطى ذلك الثواب، و ان لم يكن ذلك على ما بلغه. الحديث كما بلغه). و أمّا قوله (فمن كذب على متعمدا) فهو إشارة الى ما رواه العامّة و الخاصّة عنه (صلّى اللّه عليه و آله) انه قال (مستكثر على الكذابة الا من كذب على متعمدا في حياتى و بعد موتى فلتبوأ مقعده من النار). و قد اتفق للمرتضى مناظرة مع علماء الجمهور في الإمامة فأوردوا عليه أخبارا موضوعة في فضائل الشيخين، فقال: هى مكذوبة بها على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقالوا: لا يقدر و لا يتجرأ أحد على الكذب عليه، فأجابهم بانه روى عنه هذا الحديث، أعنى قوله (ستكثر على الكذابة). فهذا الحديث اما مكذوب عليه أو هو صحيح عنه، و يلزم المطلوب على كلا التقديرين، فافحموا به عن الجواب (جه).

263 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا زُلْزِلَتْ تَعْدِلُ نِصْفَ اَلْقُرْآنِ وَ قُلْ هُوَ اَللَّهِ تَعْدِلُ ثُلُثَ اَلْقُرْآنِ وَ قُلْ يَا أَيُّهَا اَلْكَافِرُونَ رُبُعَ اَلْقُرْآنِ .

264 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَشْرَبُوا وَاحِداً كَشُرْبِ اَلْبَعِيرِ وَ لَكِنِ اِشْرَبُوا مَثْنَى وَ ثُلاَثَ وَ سُمُّوا إِذَا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ وَ اِحْمَدُوا إِذَا أَنْتُمْ رَفَعْتُمْ (1).

265 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِأَهْلِ اَلْكَيْلِ وَ اَلْوَزْنِ إِنَّكُمْ وَلِيتُمْ أَمْرَيْنِ هَلَكَ فِيهَا

ص: 187


1- الامر في الثلاثة للتأديب (معه).

اَلْأُمَمُ اَلسَّالِفَةُ قَبْلَكُمْ (1)(2).

266 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : شَيَّبَتْنِي هُودُ وَ اَلْوَاقِعَةُ وَ اَلْمُرْسَلاَتُ وَ عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ وَ إِذَا اَلشَّمْسُ كُوِّرَتْ (3).

267 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَسْتَقْبِلُوا اَلسُّوقَ وَ لاَ تَحْلِفُوا وَ لاَ يُنَفِّقْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ (4)(5).

ص: 188


1- مستدرك الوسائل، كتاب التجارة، باب (6) من أبواب عقد البيع و شروطه، حديث 9 نقلا عن عوالى اللئالى.
2- روى ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قدم المدينة و كانوا من أخبث الناس كيلا، فنزلت سورة المطففين، فاحسنوا الكيل، و قال صلّى اللّه عليه و آله: ما طفف قوم الكيل الا منعوا النبات و أخذوا بالسنين. و قوم شعيب اهلكوا بسبب الكيل و الوزن. و يحكى ان أعرابيا قال: لعبد الملك بن مروان، ان المطفف قد توجه إليه الوعد العظيم الذي سمعت به، فما ظنك بنفسك و أنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل و لا وزن. (جه).
3- لما فيها من أهوال يوم القيامة و أحوالها، و ما لحق الأمم السابقة من العذاب في الدنيا، و عن ابن عبّاس ما نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في جميع القرآن آية كانت أشدّ من قوله تعالى في سورة هود. فاستقم كما امرت و من تاب معك و لا تطغوا انه بما تعملون بصير. و لهذا قال شيبتنى سورة هود. (جه).
4- مستدرك الوسائل، كتاب التجارة، باب (3) من أبواب آداب التجارة، حديث 7 نقلا عن عوالى اللئالى.
5- أي لا تجعلوه قبلتكم، بأن تكونوا دائمين متوجهين إليه، مشتغلين به عن فعل الخير. و يحتمل أن يكون المراد، لا تدخلوا السوق أول نهاركم. و لا تحلفوا، يعنى على البيع و الشراء. و لا ينفق بعضكم لبعض. التنفيق جعل السلعة نافقة، بان يزيد فيها ليرغب فيها المشترى، و هو النجش. و النهى في الكل للتحريم. الا إذا حمل الاستقبال على المعنى الثاني و الحلف على الصدق، فيحمل على الكراهية (معه).

268 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تُقَامُ اَلْحُدُودُ فِي اَلْمَسَاجِدِ وَ لاَ يُقْتَلُ اَلْوَالِدُ بِالْوَلَدِ(1).

269 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى اَلشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ(2)(3)(4).

270 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْفَخِذُ عَوْرَةٌ (5).

271 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ وَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ اَلْخَلِيلَ كَانَ يَفْعَلُهُ (6) .

272 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَ لاَ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا وَ لَمْ يَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَ لَمْ يَنْهَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ.

ص: 189


1- النهى في الموضعين للتحريم (معه).
2- البحار ج 1 من الطبعة الحديثة، كتاب العلم، حديث 48.
3- و هذا يدلّ على أفضلية الفقيه على العابد بألف مرة، و ذلك لان منفعة الفقيه متعدية الى الغير، و منفعة العابد بنفسه لا غير. و المراد بالفقيه المجتهد (معه).
4- الفقيه مرابط لثغور الشياطين يمنعهم من الدخول بالشبهات على حصن المسلمين فهو أفضل من المرابط في ثغور الإسلام (جه).
5- صحيح البخاريّ ، كتاب الصلاة، باب (12) ما يذكر في الفخذ. و سنن أبى داود، كتاب الحمام، باب النهى عن التعرّي، حديث 4014. و صحيح الترمذي، كتاب الأدب، باب ما جاء ان الفخذ عورة، حديث 2795. و سنن الدارميّ كتاب الاستيذان، باب ان الفخذ عورة. و مسند أحمد بن حنبل ج 478:3 و 479.
6- سنن الترمذي، كتاب الأدب (16) باب ما جاء في قص الشارب حديث 2760.

273 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تُمَارِ أَخَاكَ وَ لاَ تُمَازِحْهُ وَ لاَ تَعِدْهُ وَعْداً فَتُخْلِفَهُ (1)(2).

274 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ كَفَلَ [قبض] يَتِيماً بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ فَأَدْخَلَهُ إِلَى طَعَامِهِ وَ شَرَابِهِ أَدْخَلَهُ اَللَّهُ اَلْجَنَّةَ اَلْبَتَّةَ إِلاَّ أَنْ يَعْمَلَ ذَنْباً لاَ يُغْفَرُ لَهُ (3)(4).

275 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا قَالَ اَلرَّجُلُ لِلرَّجُلِ يَا يَهُودِيُّ فَاضْرِبُوهُ عِشْرِينَ وَ إِذَا قَالَ يَا مُخَنَّثٌ فَاضْرِبُوهُ عِشْرِينَ وَ مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ فَاقْتُلُوهُ (5)(6)(7).

ص: 190


1- أي لا تجادله الى حدّ يورث الشحناء، و توغل القلب. و كذلك المزاح الذي يورث مثل ذلك، فانه قد يجر الى العداوة. و يصدق هذا قول الشاعر: مازح صديقك ما استحب مزاحا و إذا مزحت فلا تكن ملحاحا فربما نطق اللسان بمزحة كانت لباب عداوة مفتاحا و اما خلف الوعد فقبحه معلوم بالعقل، و النهى للكراهية (معه).
2- روى عن أبي عبد اللّه عليه السلام، انه ما من مؤمن الا و فيه دعابة، قلت: و ما الدعابة ؟ قال: المزاح، و قال عليه السلام: المداعبة من حسن الخلق، و انك لتدخل بها السرور على أخيك، و لقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يداعب الرجل. يريد أن يسره، و مزاحه مع العجوز مشهورة و في الكتب مسطورة. كان عمر بن الخطّاب ينقم على أمير المؤمنين الدعابة، و هذا الذي منعه من أن يوصى إليه بالخلافة. و الذي ورد النهى عن كثرة المزاح، فانه يذهب ماء الوجه و الايمان، لان منه ما يخرج من الحق الى الباطل، و منه ما يكون استهزاء بمن يمازحه و نحو ذلك. (جه).
3- صحيح الترمذي، كتاب البر، باب ما جاء في رحمة اليتيم، و كفالته، حديث 1917.
4- و هو الشرك (معه).
5- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 252:8. باب ما جاء في الشتم دون القذف، و ص 237. باب من وقع على ذات محرم له.
6- الامر للوجوب في الثلاثة (معه).
7- هذا الكلام يوجب التعزير، لا الحد. و تعيين التعزير موكول الى الحاكم، و قد عينه هنا (جه).

276 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : غَزْوَةٌ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اَلدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا(1)أي خير منها و ان صرفها في وجوه البر و سبيل الخيرات و القرب إلى اللّه تعالى (معه).(2)(2).

277 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَرْمِي اَلْجِمَارَ إِذَا زَالَتِ اَلشَّمْسُ (3) .

278 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ يُرِدِ اَللَّهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي اَلدِّينِ (4).

279 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كَفَى بِكَ إِثْماً أَنْ لاَ تَزَالَ مُخَاصِماً(5).

280 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا مِنْ مُسْلِمٍ كَسَا مُسْلِماً ثَوْباً إِلاَّ كَانَ فِي حِفْظِ اَللَّهِ مَا دَامَ مِنْهُ عَلَيْهِ خِرْقَةٌ (6)(7)(8).

281 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : سُورَةُ تَبَارَكَ هِيَ اَلْمُنْجِيَةُ [اَلْمَانِعَةُ ] مِنْ عَذَابِ

ص: 191


1- سنن ابن ماجه، كتاب الجهاد،
2- باب فضل الغدوة و الروحة في سبيل اللّه عزّ و جلّ ، حديث 2755 و 2757.
3- و هذا يدلّ على ان الرمى يستحب فعله بعد الزوال اقتداء بالنبى صلّى اللّه عليه و آله (معه).
4- البحار ج 1 من الطبعة الحديثة، كتاب العلم، حديث (49). و مسند أحمد ابن حنبل ج 306:1.
5- لان الخصومة توقع في الشر و المآثم غالبا (معه).
6- المستدرك، كتاب الصلاة، باب (37) من أحكام الملابس في غير الصلاة حديث 6.
7- و هذا يدلّ على تأكد استحباب كسوة العريان من أهل الإسلام، بل و غير العريان من المستحقين و الاخوان (معه).
8- حفظ اللّه شامل لصحة البدن، و لما له و أهله، و من ارتكاب الذنوب الموبقة (جه).

اَلْقَبْرِ(1).

282 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلشَّرِيكُ شَفِيعٌ وَ اَلشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شَيْ ءٍ (2).

283 - وَ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ اَلْحَجِّ فَقَالَ أَهَلَّ اَلْمُهَاجِرُونَ وَ اَلْأَنْصَارُ وَ أَزْوَاجُ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي حِجَّةِ اَلْوَدَاعِ وَ أَهْلَلْنَا فَلَمَّا وَصَلْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اِجْعَلُوا إِهْلاَلَكُمْ بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلاَّ مَنْ قَلَّدَ اَلْهَدْيَ فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَ بِالصَّفَا وَ اَلْمَرْوَةِ وَ أَتَيْنَا اَلنِّسَاءَ وَ لَبِسْنَا اَلثِّيَابَ وَ قَالَ مَنْ قَلَّدَ اَلْهَدْيَ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَهُ حَتّٰى يَبْلُغَ اَلْهَدْيُ مَحِلَّهُ ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ اَلتَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ فَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ اَلْمَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَ بِالصَّفَا وَ اَلْمَرْوَةِ وَ قَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَ عَلَيْنَا اَلْهَدْيُ كَمَا قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى - فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ اَلْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيٰامُ ثَلاٰثَةِ أَيّٰامٍ فِي اَلْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذٰا رَجَعْتُمْ (3) إِلَى أَمْصَارِكُمْ وَ اَلشَّاةُ تُجْزِي فَجَمَعُوا نُسُكَيْنِ فِي عَامٍ بَيْنَ اَلْحَجِّ وَ اَلْعُمْرَةِ فَإِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَهُ فِي كِتَابِهِ وَ سُنَّةِ نَبِيِّهِ وَ أَبَاحَهُ لِلنَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ مَكَّةَ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى - ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ (4) وَ أَشْهُرُ اَلْحَجِّ اَلَّذِي ذَكَرَهَا اَللَّهُ شَوَّالُ وَ ذُو اَلْقَعْدَةِ وَ ذُو اَلْحِجَّةِ فَمَنْ تَمَتَّعَ فِي هَذِهِ اَلْأَشْهُرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ أَوْ صَوْمٌ وَ اَلرَّفَثُ اَلْجِمَاعُ وَ اَلْفُسُوقُ اَلْمَعَاصِي وَ اَلْجِدَالُ

ص: 192


1- قال الطبرسيّ في مجمع البيان: فى تفسيره سورة الملك. و تسمى المنجية لانها تنجى صاحبها من عذاب القبر و قد ورد به الخبر، و عن أبي جعفر عليه السلام قال: سورة الملك هي المانعة تمنع من عذاب القبر، الحديث.
2- هذا يدلّ على عموم الشفعة لسائر المبيعات، سواء كان ممّا ينقل أولا. و الى هذا ذهب جماعة من أهل العلم اعتمادا على هذا الحديث (معه).
3- سورة البقرة، الآية 196.
4- سورة البقرة، الآية 196.

اَلْمِرَاءُ (1)(2).

284 - وَ رَوَى عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ لَيْلَةً حِينَ فَرَغَ مِنْ صَلاَتِهِ هَذَا اَلدُّعَاءَ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدَكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي وَ تَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي وَ تَلُمُّ بِهَا شَعْثِي وَ تُصْلِحُ بِهَا غَايَتِي وَ تَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي وَ تُزَكِّي بِهَا عَمَلِي وَ تُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي وَ تَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي وَ تَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ اَللَّهُمَّ أَعْطِنِي إِيمَاناً وَ يَقِيناً لَيْسَ بَعْدَهُ كُفْرٌ - وَ رَحْمَةً أَنَالُ بِهَا شَرَفَ كَرَامَتِكَ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ اَلْفَوْزَ فِي اَلْعَطَاءِ وَ نُزُلَ اَلشُّهَدَاءِ وَ عَيْشَ اَلسُّعَدَاءِ وَ اَلنَّصْرَ عَلَى اَلْأَعْدَاءِ اَللَّهُمَّ إِنِّي أُنْزِلَ بِكَ حَاجَتِي وَ إِنْ قَصُرَ رَأْيِي وَ ضَعُفَ عَمَلِي اِفْتَقَرْتُ إِلَى رَحْمَتِكَ فَأَسْأَلُكَ يَا قَاضِيَ اَلْأُمُورِ وَ يَا شَافِيَ اَلصُّدُورِ كَمَا تُجِيرُ بَيْنَ اَلْبُحُورِ أَنْ تُجِيرَنِي مِنْ عَذَابِ اَلسَّعِيرِ وَ مِنْ فِتْنَةِ اَلْقُبُورِ اَللَّهُمَّ مَا قَصُرَ عَنْهُ رَأْيِي وَ لَمْ تَبْلُغْهُ نِيَّتِي وَ لَمْ تَبْلُغْهُ مَسْأَلَتِي مِنْ خَيْرٍ وَعَدْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ خَيْرِ مَا أَنْتَ مُعْطِيهِ أَحَداً مِنْ عِبَادِكَ فَإِنِّي أَرْغَبُ إِلَيْكَ فِيهِ وَ أَسْأَلُكَهُ بِرَحْمَتِكَ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ اَللَّهُمَّ يَا ذَا اَلْحَبْلِ اَلشَّدِيدِ وَ اَلْأَمْرِ اَلرَّشِيدِ أَسْأَلُكَ اَلْأَمْنَ يَوْمَ اَلْمَوْعُودِ وَ اَلْجَنَّةَ يَوْمَ اَلْخُلُودِ مَعَ اَلْمُقَرَّبِينَ اَلشُّهُودِ وَ اَلرُّكَّعِ وَ اَلسُّجُودِ اَلْمُوفِينَ بِالْعُهُودِ إِنَّكَ يَا رَبِّ رَحِيمٌ وَدُودٌ وَ إِنَّكَ تَفْعَلُ مَا تُرِيدُ -

ص: 193


1- صحيح البخاريّ ، كتاب الحجّ ، باب قول اللّه تعالى: (ذٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حٰاضِرِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرٰامِ ).
2- هذا الحديث معارض لحديث عبد اللّه بن عمر المتقدم ذكره، و هذا هو الموافق لمذهب الاصحاب (معه).

اَللَّهُمَّ اِجْعَلْنَا هَادِينَ مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَ لاَ مُضِلِّينَ سِلْماً لِأَوْلِيَائِكَ وَ عَدُوّاً لِأَعْدَائِكَ نُحِبُّ بِحُبِّكَ مَنْ أَحَبَّكَ وَ نُعَادِي بِعَدَاوَتِكَ مَنْ خَالَفَكَ اَللَّهُمَّ هَذَا اَلدُّعَاءُ وَ عَلَيْكَ اَلْإِجَابَةُ وَ هَذَا اَلْجُهْدُ وَ عَلَيْكَ اَلتُّكْلاَنُ اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ لِي نُوراً فِي قَلْبِي وَ نُوراً فِي قَبْرِي وَ نُوراً بَيْنَ يَدَيَّ وَ نُوراً مِنْ خَلْفِي وَ نُوراً عَنْ يَمِينِي وَ نُوراً عَنْ شِمَالِي وَ نُوراً مِنْ فَوْقِي وَ نُوراً مِنْ تَحْتِي وَ نُوراً فِي سَمْعِي وَ نُوراً فِي بَصَرِي وَ نُوراً فِي شَعْرِي وَ نُوراً فِي بَشَرِي وَ نُوراً فِي لَحْمِي وَ نُوراً فِي دَمِي وَ نُوراً فِي عِظَامِي اَللَّهُمَّ اِجْعَلْ لِي نُوراً وَ أَعْظِمْ لِي نُوراً وَ أَعْطِنِي نُوراً وَ اِجْعَلْ لِي نُوراً سُبْحَانَ اَلَّذِي تَعَطَّفَ بِالْعِزِّ وَ اَلْوَقَارِ وَ قَالَ بِهِ سُبْحَانَ اَلَّذِي لَبِسَ اَلْمَجْدَ وَ تَكَرَّمَ بِهِ سُبْحَانَ اَلَّذِي لاَ يَنْبَغِي اَلتَّسْبِيحُ إِلاَّ لَهُ سُبْحَانَ ذِي اَلْفَضْلِ وَ اَلنِّعَمِ سُبْحَانَ ذِي اَلْمَجْدِ وَ اَلْكَرَمِ سُبْحَانَ ذِي اَلْجَلاَلِ وَ اَلْإِكْرَامِ .

ص: 194

الفصل التاسع في ذكر أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه ذكرها بعض الأصحاب في بعض كتبه مروية بطريقي إليه

1 - قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلصَّلاَةُ فِي أَوَّلِ اَلْوَقْتِ رِضْوَانُ اَللَّهِ وَ فِي آخِرِهِ عَفْوُ اَللَّهِ (1)في الحاشية، قال بعض الفضلاء: اقتران فعلها بأول الوقت بالرضا، دليل على قبولها و محبة فاعلها. و اقتران فعلها بآخر الوقت بالعفو، دليل على ان تاركها في أول الوقت مذنب، و يسقط الذنب منه بفعلها. و لهذا قال اللّه تعالى: (إِنَّ اَلْحَسَنٰاتِ يُذْهِبْنَ اَلسَّيِّئٰاتِ ) فالاليق حينئذ، القيام بوظيفتها في أول وقت فعلها إلاّ مع حصول العذر الشرعى.

و الى هذا مال الشيخ في قوله: أول الوقت، وقت من لا عذر له، و آخر الوقت وقت من له عذر. أقول: هذا الحديث رواه الصدوق طاب ثراه، و هو أيضا موجود في فقه الرضا عليه السلام. و فيه أيضا ان لكل صلاة ثلاثة أوقات: أول و وسط و آخر فأول الوقت رضوان اللّه، و أوسطه عفو اللّه، و آخره غفران اللّه.

و أول الوقت أفضله، و ليس لاحد أن يتخذ آخر الوقت وقتا، و انما جعل آخر الوقت للمريض و المعتل و المسافر. و قال: ان الرجل قد يصلى في وقت، و ما فاته من الوقت خير له من أهله و ماله. انتهى

و معظم أصحابنا على التوسعة في الوقت من أوله إلى آخره، و التفاوت انما هو في الفضل و الثواب كما روى عن الرضا عليه السلام: إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء، فلا أحبّ أن يسبقنى أحد بالعمل، لانى أحبّ أن تكون صحيفتى أول صحيفة يرفع فيها العمل الصالح، و ما يأمن أحدكم الحدثان في ترك الصلاة، و قد دخل وقتها و هو فارغ إلخ (جه).(2)(3)(3).

ص: 195


1- المستدرك، كتاب الصلاة، باب
2- من أبواب المواقيت، حديث 1. و لفظ الحديث: (و قد قيل: ان أول الوقت رضوان اللّه و آخر الوقت عفو اللّه).
3- العفو هنا على القول بالتوسعة، من باب العفو على ترك الأولى (معه).

2 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ صَلاَةَ إِلاَّ بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ (1)(2).

3 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ (3).

4 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلصَّلاَةُ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْ ءٌ مِنْ كَلاَمِ اَلْآدَمِيِّينَ (4)(5).

5 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اُسْجُدُوا عَلَى سَبْعَةٍ اَلْيَدَيْنِ وَ اَلرُّكْبَتَيْنِ وَ أَطْرَافِ

ص: 196


1- المستدرك، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب القراءة في الصلاة، حديث 5 نقلا عن عوالى اللئالى.
2- النفي هنا ليس للحقيقة، لانه محال. بل يحمل على نفى الصحة لانه أقرب المجازات الى نفى الحقيقة (معه).
3- سنن ابن ماجة، كتاب اقامة الصلاة و السنة فيها، (11) باب القراءة خلف الامام حديث 837.
4- السنن الكبرى للبيهقيّ ، كتاب الصلاة، ج 249:2. باب ما لا يجوز من الكلام في الصلاة. و لفظ الحديث: (قال: ان صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس).
5- الا الدعاء بالمحلل، فانه جائزا جماعا، مع انه من كلام الآدميين، فالحديث مخصص بالإجماع (معه).

اَلْأَصَابِعِ اَلرِّجْلَيْنِ وَ اَلْجَبْهَةِ (1)(2)(3).

6 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِذَا سَجَدَ اَلْعَبْدُ سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرَابٍ جَبْهَتُهُ وَ كَفَّاهُ وَ رُكْبَتَاهُ وَ قَدَمَاهُ (4).

7 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِمَنْ عَلَّمَهُ اَلصَّلاَةَ ثُمَّ اُسْجُدْ مُمَكِّناً جَبْهَتَكَ مِنَ اَلْأَرْضِ ثُمَّ اِرْفَعْ حَتَّى تَرْجِعَ مَفَاصِلُكَ وَ تَطْمَئِنَّ جَالِساً(5)(6).

8 - وَ رَوَى أَبُو قِلاَبَةَ قَالَ : جَاءَنَا مَالِكُ بْنُ حُوَيْرِثٍ فَصَلَّى فِي مَسْجِدِنَا فَقَالَ وَ اَللَّهِ إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَ لاَ أُرِيدُ اَلصَّلاَةَ وَ لَكِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُصَلِّي قَالَ وَ كَانَ مَالِكٌ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ

ص: 197


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 2، كتاب الصلاة، ص (101) باب السجود على الكفين و الركبتين و القدمين و الجبهة.
2- الامر للوجوب هنا إجماعا (معه).
3- هذا قول علمائنا حيث أوجبوا السجود على سبعة أعضاء، الا أنهم جعلوا السجود على ابهامى الرجلين لا أطراف الأصابع كلها. و قال أبو حنيفة و مالك و الشافعى في أحد قوليه: لا يجب السجود على غير الجبهة، احتج أبو حنيفة بقوله عليه السلام (سجد وجهي) و لو ساواه غيره لما خصه بالذكر، و لان وضع الجبهة على الأرض يسمى سجودا بخلاف غيره، فينصرف الامر المطلق إليه. و أجيب بانه يجوز أن يكون سببا لتخصيص ما اشتملت عليه من كثرة الخضوع، و يحتمل أن يكون المراد بالوجه الذات. و قوله: وضع الجبهة يسمى سجودا، قلنا مسلم و كذا غيره كما في قوله: (سجد لحمى و عظمى و ما أقلته قدماى) (جه).
4- سنن ابن ماجه، كتاب اقامة الصلاة و السنة فيها، (19) باب السجود، حديث 885.
5- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 122:2. باب فرض الطمأنينة في الركوع و القيام منه، و السجود و الجلوس منه و السجود الثاني.
6- و هذا دال على وجوب الطمأنينة في الموضعين، السجود و في الرفع منه (معه).

مِنَ اَلسَّجْدَةِ اَلْأَخِيرَةِ فِي اَلرَّكْعَةِ اَلْأُولَى اِسْتَوَى جَالِساً ثُمَّ قَامَ وَ اِعْتَمَدَ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ قَالَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي (1) (2) (3) .

9 - وَ رَوَى اِبْنُ مَسْعُودٍ قَالَ : أَخَذَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِيَدِي وَ عَلَّمَنِي اَلتَّشَهُّدَ وَ قَالَ إِذَا قُلْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلاَتَكَ (4) (5) .

10 - وَ رَوَى عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَالَ : سَجَدَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَطَالَ اَلسُّجُودَ فَقُلْنَا لَهُ سَجَدْتَ فَأَطَلْتَ اَلسُّجُودَ فَقَالَ نَعَمْ أَتَانِي جَبْرَئِيلُ فَقَالَ مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مَرَّةً صَلَّى اَللَّهُ بِهَا عَلَيْهِ عَشْراً فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْراً (6) (7) .

11 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا أُتِيَ بِرَأْسِ أَبِي جَهْلٍ سَجَدَ شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى.

ص: 198


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 124:2. باب كيف القيام من الجلوس.
2- و هذا يدلّ على استحباب جلسة الاستراحة. لان الراوي حكاها من فعل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)، فلا أقل من أن يحمل على الاستحباب. و يدلّ أيضا على استحباب الاعتماد على اليدين عند القيام، لانه حكاه عن فعله عليه السلام (معه).
3- صحيح البخاريّ ، كتاب الاذان، باب الاذان للمسافر إذا كانوا جماعة و الإقامة، قطعة من الحديث.
4- و هذا يدلّ على وجوب التشهد (معه).
5- اطبق علمائنا على وجوب التشهدين: و قال الشافعى: الأول سنة و الثاني فرض، و قال أبو حنيفة: كلاهما مسنونان. لكن الجلوس في التشهد الثاني بقدره واجب و هما محجوجان بالاخبار المستفيضة من الطرفين، و هذا الحديث و ان كان ظاهر الدلالة على وجوب الثاني الا انه عند التأمل متناول لهما (جه).
6- و هذا يدلّ على ان سجود الشكر سنة عند تجدد النعم و دفع النقم (معه).
7- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 371:2. باب سجود الشكر، و لفظ الحديث: (قال: (أى جبرئيل) ان ربك يقول: من صلى عليك صليت عليه، و من سلم عليك سلمت عليك الحديث).

12 - وَ رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ : إِنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِذَا جَاءَهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ أَوْ سُرَّ بِهِ خَرَّ سَاجِداً شُكْراً لِلَّهِ تَعَالَى (1) .

13 - وَ رَوَى اَلْحَمِيدِيُّ فِي اَلْجَمْعِ بَيْنَ اَلصَّحِيحَيْنِ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَهُ اَللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَ حَطَّ بِهَا عَنْهُ خَطِيئَةً .

14 - وَ رُوِيَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ زَارَ فَاطِمَةَ يَوْماً فَصَنَعَتْ لَهُ عَصِيدَةً (2) مِنْ تَمْرٍ فَقَدَّمَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَكَلَ هُوَ وَ عَلِيٌّ وَ فَاطِمَةُ وَ اَلْحَسَنَانِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ فَلَمَّا فَرَغُوا مِنَ اَلْأَكْلِ سَجَدَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَأَطَالَ اَلسُّجُودَ ثُمَّ بَكَى فِي سُجُودِهِ ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ لِمَ سَجَدْتَ وَ بَكَيْتَ وَ ضَحِكْتَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا رَأَيْتُكُمْ مُجْتَمِعِينَ سُرِرْتُ بِذَلِكَ فَسَجَدْتُ لِلَّهِ شُكْراً فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ وَ أَنَا سَاجِدٌ فَقَالَ إِنَّكَ سُرِرْتَ بِاجْتِمَاعِ أَهْلِكَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَقَالَ إِنِّي مُخْبِرُكَ بِمَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ إِنَّ فَاطِمَةَ تُغْصَبُ وَ تُظْلَمُ حَقَّهَا وَ هِيَ أَوَّلُ مَنْ يَلْحَقُ بِكَ وَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ يُظْلَمُ حَقَّهُ وَ يُضْطَهَدُ وَ يُقْتَلُ وَلَدُكَ اَلْحَسَنُ بِالسَّمِّ بَعْدَ أَنْ يُؤْخَذَ حَقُّهُ وَ وَلَدُكَ اَلْحُسَيْنُ يُظْلَمُ وَ يُقْتَلُ وَ لاَ يَدْفِنُهُ إِلاَّ اَلْغُرَبَاءُ فَبَكَيْتُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مَنْ زَارَ وَلَدَكَ اَلْحُسَيْنَ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ مِائَةَ حَسَنَةٍ وَ رَفَعَ عَنْهُ مِائَةَ سَيِّئَةٍ فَضَحِكْتُ فَرَحاً بِذَلِكَ .

15 - وَ رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ قَالَ : قَالَ أَبُو جَهْلٍ هَلْ يُعَفِّرُ مُحَمَّدٌ وَجْهَهُ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ فَقِيلَ لَهُ نَعَمْ فَقَالَ وَ اَللاَّتِ وَ اَلْعُزَّى لَئِنْ رَأَيْتُهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ

ص: 199


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 370:2. باب سجود الشكر. و رواه الحاكم في المستدرك ج 1، كتاب الصلاة ص (276) سجدة الشكر.
2- هو دقيق يلت بالسمن و يطبخ (النهاية).

لَأُعَلِّيَنَّ رَقَبَتَهُ وَ لَأُعَفِّرَنَّ وَجْهَهُ بِالتُّرَابِ فَرَآهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَأَرَادَ أَبُو جَهْلٍ أَنْ يَفْعَلَ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْدِرْ وَ حَالَ اَلْمَلاَئِكَةُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَهُ (1) (2) (3) .

16 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَقْطَعُ صَلاَتَنَا شَيْ ءٌ وَ اِدْرَءُوا مَا اِسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ (4)(5)(6).

ص: 200


1- و هذا يدلّ على ان التعفير في سجود الشكر سنة. لان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يفعله في سجوده (معه).
2- الوارد في أخبارنا و الدائر على السنة علمائنا، تارة سجدتا الشكر، و اخرى سجدة الشكر. فعلى الأول يكون تعفير الجبين الايمن و الايسر بينهما، و به يتحقّق تعدّد السجود. و على الثاني يكون سجدة واحدة و يكون التعفير بعدها. و الأول أكمل و أولى و التعفير مأخوذ من العفر، و هو التراب. و وضعهما على تربة الحسين عليه السلام من أعظم أفراده إلخ (جه).
3- مسند أحمد بن حنبل ج 370:2.
4- صحيح مسلم، كتاب الصلاة، (48) باب منع المار بين يدي المصلى حديث (258) و لفظ الحديث (عن أبي سعيد الخدريّ ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: (اذا كان أحدكم يصلى، فلا يدع أحدا يمر بين يديه، و ليدرأه ما استطاع، فان أبى فليقاتله، فانما هو شيطان) و رواه الدارقطنى، كتاب الصلاة، باب صفة السهو في الصلاة و لفظ الحديث (لا يقطع صلاة المسلم شيء و ادرأ ما استطعت).
5- أي ممّا يمر عليكم في أثناء الصلاة، فادفعوه إذا قدرتم، و لا يلزم بطلان الصلاة و الامر للاستحباب (معه).
6- قوله فانما هو شيطان. يعنى انه من شياطين الانس، حيث تعمد المرور على قبلة المصلى، أو أن فعله هذا من أفعال الشيطان، أو شيء يحمله عليه الشيطان (جه).

17 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ نَامَ عَنْ صَلاَةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا(1)(2).

18 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى اَلصَّلاَةِ فَلْيَتَوَضَّأْ كَمَا أَمَرَ اَللَّهُ ثُمَّ لْيُكَبِّرْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ شَيْ ءٌ مِنَ اَلْقُرْآنِ قَرَأَ بِهِ وَ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْ ءٌ فَلْيَحْمَدِ اَللَّهَ وَ لْيُكَبِّرْهُ (3)(4).

19 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مَنْ وُلِّيَ مِنْكُمْ مِنْ أَمْرِ اَلنَّاسِ شَيْئاً فَلاَ يَمْنَعَنَّ أَحَداً طَافَ بِهَذَا اَلْبَيْتِ وَ صَلَّى فِيهِ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ(5)(6).

ص: 201


1- صحيح مسلم، كتاب المساجد و مواضع الصلاة، (55) باب قضاء الصلاة الفائتة و استحباب تعجيل قضائها، حديث 315 و 316. و لفظ الحديث: (من نسى صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها). و الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب قضاء الصلوات، فراجع.
2- و هذا يدلّ على ان وقت القضاء، وقت الذكر. و فيه دلالة على فورية القضاء كما هو مذهب جماعة من العلماء، استنادا على هذا الحديث (معه).
3- و هذا يدلّ على ان من لم يعرف الفاتحة، اجتزأ بما معه من القرآن، بدلا منها. و ان لم يكن معه شيء من القرآن البتة، وجب عليه الذكر بدله، و لا يسقط البدل بسقوط الأصل (معه).
4- أقول ورد في صحيحة عبد اللّه بن سنان، عن الصادق عليه السلام، لو أن رجلا دخل في الإسلام لا يحسن ان يقرأ القرآن أجزأ أن يكبر، و يسبح و يصلى. و مقتضى الرواية الاجتزاء في التعويض بمطلق التكبير و التسبيح، و في المدارك. الأحوط اختيار ما يجزى في الأخيرتين، و لا يتعين كونه بقدر الفاتحة كما قطع به المحقق في المعتبر، لان القراءة إذا سقطت، لعدم القدرة سقطت توابعها، و صار ما تيسر من الذكر و التسبيح كافيا. (جه).
5- و هذا يدلّ على ان المساجد كلها لا اختصاص فيها لاحد، بل جميع أهل الإسلام فيها بالسوية، الا من عمل فيها ما يخالف الاحترام لها (معه).
6- أقول: فيه اشعار بأنّه لا يجوز تغليق أبواب الضرائح المقدّسة، و لا منع الناس عن زيارتها في جميع الأوقات، الا عند انقطاع الناس من التردد إليها ليلا أو نهارا (جه).

20 - وَ رَوَى اَلْحَمِيدِيُّ فِي اَلْجَمْعِ بَيْنَ اَلصَّحِيحَيْنِ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَنَتَ فِي صَلاَةِ اَلْغَدَاةِ بَعْدَ اَلْقِرَاءَةِ قَبْلَ اَلرُّكُوعِ (1) .

21 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ أَعْرَابِيّاً جَاءَ إِلَى اَلْمَسْجِدِ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَسَأَلَهُ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ فَقَالَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اَلْيَوْمِ وَ اَللَّيْلَةِ فَقَالَ هَلْ غَيْرُ هَذَا قَالَ لاَ إِلاَّ أَنْ تَتَطَوَّعَ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ اَلصَّدَقَةِ فَقَالَ اَلزَّكَاةُ اَلْوَاجِبَةُ فَقَالَ هَلْ غَيْرُ هَذَا شَيْ ءٌ فَقَالَ لاَ إِلاَّ أَنْ تَتَطَوَّعَ ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ اَلصَّوْمِ فَقَالَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَقَالَ هَلْ غَيْرُهُ شَيْ ءٌ فَقَالَ لاَ إِلاَّ أَنْ تَتَطَوَّعَ فَأَدْبَرَ اَلرَّجُلُ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اَللَّهِ لاَ أَزِيدُ وَ لاَ أَنْقُصُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَدْ أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ (2) .

22 - وَ رُوِيَ فِي اَلْجَمْعِ بَيْنَ اَلصَّحِيحَيْنِ عَنْ مُوَرِّقٍ اَلْعِجْلِيِّ قَالَ : قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ تُصَلِّي اَلضُّحَى قَالَ لاَ قُلْتُ فَعُمَرُ قَالَ لاَ قُلْتُ فَأَبُو بَكْرٍ قَالَ لاَ قُلْتُ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهِ عَلَيهِ وَ آلِهِ قَالَ لاَ إِخَالُهُ (3) (4) .

23 - وَ رُوِيَ أَيْضاً مِنْ مُسْنَدِ عَائِشَةَ قَالَتْ : إِنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا صَلَّى صَلاَةَ اَلضُّحَى (5) .

ص: 202


1- و هذا دال على ان القنوت لا يكون بعد الركوع (معه).
2- صحيح مسلم، كتاب الايمان، (2) باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، حديث 8.
3- مسند أحمد بن حنبل ج 23:2 و 45.
4- هذا يدلّ على ان صلاة الضحى لم تكن معلومة من السنة بين الصحابة، فتكون بدعة (معه).
5- مسند أحمد بن حنبل ج 31:6. عن مسند عائشة، و لفظ الحديث: (عن -

24 - وَ فِيهِ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : إِنَّ صَلاَةَ اَلضُّحَى بِدْعَةٌ (1).

25 - وَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ اَلْأَنْصَارِيَّ وَ سَعِيدَ بْنَ نَافِعٍ رَأَيَا رَجُلاً يُصَلِّي اَلضُّحَى فَعَيَّبَاهُ عَلَيْهِ وَ نَهَيَاهُ عَنْهَا(2).

26 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَؤُمَّنَّ قَاعِدٌ بِقِيَامِ (3).

27 - وَ رُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ حِينَ ذَهَبَ وَ آبَ (4) .

28 - وَ رَوَى اَلْحَمِيدِيُّ فِي اَلْجَمْعِ بَيْنَ اَلصَّحِيحَيْنِ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ اَلْمَدِينَةِ وَ مَعَهُ عَشْرَةُ آلاَفٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ ذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَ نِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ اَلْمَدِينَةَ فَسَارَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ يَصُومُونَ وَ يَصُومُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ اَلْكُدَيْدَ وَ هُوَ مَا بَيْنَ عُسْفَانَ وَ قُدَيْدَ فَأَفْطَرَ وَ أَمَرَ اَلنَّاسَ بِالْإِفْطَارِ (5) (6) .

29 - وَ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : خَرَجَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ وَ

ص: 203


1- مسند أحمد بن حنبل ج 129:2. و لفظ الحديث: (عن مجاهد، قال: دخلت انا و عروة بن الزبير المسجد، فإذا نحن بعبد اللّه بن عمر، فجالسناه، قال: فاذا رجال يصلون الضحى، فقلنا يا أبا عبد الرحمن، ما هذه الصلاة ؟ فقال: بدعة).
2- مسند أحمد بن حنبل، ج 216:5.
3- السنن الكبرى للبيهقيّ ، كتاب الصلاة، ج 80:3. و لفظ الحديث: (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: لا يؤمن أحد بعدى جالسا).
4- و هذا يدلّ على ان القصر في السفر فرض (معه).
5- مسند أحمد بن حنبل ج 334:1.
6- و هذا يدلّ على ان الإفطار في السفر فرض، لان الامر حقيقة في الوجوب (معه).

اَلنَّاسُ يَخْتَلِفُونَ فَصَائِمٌ وَ مُفْطِرٌ فَلَمَّا اِسْتَوَى عَلَيْهِ رَاحِلَتُهُ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَتَّى رَآهُ اَلنَّاسُ ثُمَّ شَرِبَ وَ شَرِبَ اَلنَّاسُ مَعَهُ فِي رَمَضَانَ (1) .

30 - وَ فِيهِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ خَرَجَ عَامَ اَلْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ اَلْغَيْمِ (2) فَصَامَ اَلنَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ اَلنَّاسُ إِلَيْهِ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ اَلنَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ اَلْعُصَاةُ أُولَئِكَ اَلْعُصَاةُ (3) .

31 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَيْسَ مِنَ اَلْبِرِّ اَلصِّيَامُ فِي اَلسَّفَرِ(4).

32 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلصَّائِمُ فِي اَلسَّفَرِ كَالْمُفْطِرِ فِي اَلْحَضَرِ(5).

ص: 204


1- جامع الأصول لابن الأثير، ج 264:7، الكتاب الثاني من حرف الصاد في الصوم حديث 4584.
2- كراع الغيم، بالغين المعجمة، وزان كريم، واد بينه و بين المدينة نحو من مائة و سبعين ميلا، و بينه و بين مكّة نحو ثلاثين ميلا، و من عسفان إليه ثلاثة أميال (مجمع البحرين).
3- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 241:4. باب تأكيد الفطر في السفر إذا كان يريد لقاء العدو. و الوسائل كتاب الصوم، باب (1) من أبواب من يصحّ منه الصوم حديث 7.
4- سنن ابن ماجه، ج 1، كتاب الصيام، (11) باب ما جاء في الإفطار في السفر، حديث 1664 و 1665. و الوسائل، كتاب الصوم، باب (1) من أبواب من يصح منه الصوم، حديث 11.
5- سنن ابن ماجه، ج 1، كتاب الصيام، (11) باب ما جاء في الإفطار في السفر حديث 1666. و الوسائل، كتاب الصوم، باب (1) من أبواب من يصحّ منه الصوم حديث (15) و لفظ الحديث عن أبي عبد اللّه عليه السلام: (الصائم في شهر رمضان في السفر كالمفطر فيه في الحضر).

33 - وَ رَوَى اَلْحَمِيدِيُّ فِي اَلْجَمْعِ بَيْنَ اَلصَّحِيحَيْنِ قَالَ : صَلَّى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلظُّهْرَ وَ اَلْعَصْرَ جَمِيعاً وَ اَلْمَغْرِبَ وَ اَلْعِشَاءَ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَ لاَ سَفَرٍ وَ لاَ مَطَرٍ (1) (2) .

34 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلصَّلاَةُ عَلَى مَا اُفْتُتِحَتْ عَلَيْهِ (3)(4).

35 - وَ رُوِيَ فِي اَلْجَمْعِ بَيْنَ اَلصَّحِيحَيْنِ قَالَ : كَانَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقْرَأُ فِي

ص: 205


1- صحيح مسلم ج 1، كتاب صلاة المسافرين و قصرها، (6) باب الجمع بين الصلاتين في الحضر، حديث 49-50 و 54-58.
2- و هذا يدلّ على جواز الجمع اختيارا، كما مر (معه).
3- معنى قوله: (الصلاة على ما افتتحت عليه) انه لو صلى قبل الوقت، ظانا دخوله، ثمّ دخل الوقت، و هو في أثنائها لم تصح تلك الصلاة. لانها مبنية على ما افتتحت عليه، و قد افتتحت في غير الوقت. و على أنّها لو وقع أولها في آخر الوقت صحت و ان وقع آخرها بعد خروجه (معه).
4- أقول: ما قاله: بعيد، لان من صلى قبل الوقت ظانا، ثمّ دخل الوقت و هو في أثنائها، ففي صحة صلاته خلاف بين الاصحاب، و أكثر الاخبار دالة على الصحة. و أمّا معنى الحديث فهو ما رواه الشيخ بإسناده الى معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن رجل قام في الصلاة المكتوبة، فنسيها فظن انها نافلة، أو قام في النافلة فظن انها مكتوبة ؟ فقال: هى على ما افتتح الصلاة عليه. و في حديث آخر عنه عليه السلام قال: سألته عن رجل قام في صلاة فريضة، فصلى ركعة، و هو ينوى أنّها نافلة، قال: هى التي قمت فيها، و قال: إذا قمت و أنت تنوى الفريضة، فدخلك الشك بعد، فأت الفريضة على الذي فتحت له. و ان كنت دخلت فيها، و أنت تنوى نافلة، ثمّ انك تنويها بعد فريضة، فأنت في النافلة و انما يحسب للعبد من صلاته، التي ابتدأ في صلاته (جه).

صَلاَةِ اَلْجُمُعَةِ سُورَةَ اَلْجُمُعَةِ وَ اَلْمُنَافِقِينَ (1) (2) .

36 وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا كُسِفَتِ اَلشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ اَلنَّاسُ اِنْكَسَفَتِ اَلشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ اَلشَّمْسَ وَ اَلْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَ لاَ لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اَللَّهِ وَ اَلصَّلاَةِ (3)الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الاستسقاء حديث 6. و سنن ابن ماجه، ج 1 كتاب اقامة الصلاة و السنة فيها، (153) باب ما جاء في صلاة الاستسقاء حديث 1267 و 1268.(4) (5) .

37 - وَ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْماً يَسْتَسْقِي فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ (5) .

38 - وَ رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا صَلَّى فِي

ص: 206


1- سنن النسائى، ج 91:3. القراءة في صلاة الجمعة بسورة الجمعة و المنافقين. و الوسائل، كتاب الصلاة، باب (7) من أبواب القراءة في الصلاة، حديث 8. و لفظ الحديث: (عن عبد اللّه بن أبي رافع أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقرأ في الجمعة في الأولى الجمعة و في الثانية المنافقين. و حديث 9. و لفظ الحديث: (عن ابن أبي رافع عن أبي هريرة ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يقرأ بهما في الجمعة).
2- هذا يدلّ على ان هاتين السورتين مستحبتان في صلاة الجمعة (معه).
3- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الكسوف و الآيات، حديث 10. و صحيح مسلم ج 2، كتاب الكسوف
4- باب ذكر النداء بصلاة الكسوف «الصلاة جامعة» حديث 21 و 22.
5- الامر للوجوب، (معه).

اَلْعِيدَيْنِ (1) (2) (3) .

39 - وَ فِي اَلْجَمْعِ بَيْنَ اَلصَّحِيحَيْنِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اِتَّبِعُوا اَلْجَنَائِزَ وَ لاَ تَتَقَدَّمُوهَا(4).

40 - وَ رُوِيَ فِيهِ أَيْضاً: أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ كَبَّرَ عَلَى جِنَازَةٍ خَمْساً فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُكَبِّرُهَا (5) .

41 - وَ فِي اَلصَّحِيحِ : أَنَّ أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَبَّرَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ خَمْساً (6) .

42 - وَ رَوَى اِبْنُ شِيرَوَيْهِ اَلدَّيْلَمِيُّ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يُصَلِّي عَلَى اَلْمَيِّتِ خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ (7) .

ص: 207


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الاستسقاء، حديث 1 و 3 و 8. و سنن ابن ماجه، ج 1، كتاب اقامة الصلاة و السنة فيها (153) باب ما جاء في صلاة الاستسقاء، حديث 1266.
2- و هذا يدلّ على ان صلاة الاستسقاء سنة، و انها في الهيئة تشبه صلاة العيد (معه).
3- أقول: لا خلاف بين علمائنا في هذين الحكمين، و خالف فيها الجمهور. أما الأول فخالف فيه أبو حنيفة، حيث قال: لا صلاة للاستسقاء، و لكن السنة الدعاء. و أما الثاني فخالف فيه مالك و الاوزاعى و أبو ثور، و قال: انها ركعتان كالتطوع من غير تكبيرات و لا قنوتات، و أحاديثهم مشحونة بخلاف ما قالوه (جه).
4- الامر للاستحباب، و فيه دلالة على ان التقدّم عليها مخالف للسنة (معه).
5- سنن ابن ماجه، ج 1، كتاب الجنائز (25) باب ما جاء فيمن كبر خمسا، حديث 1505.
6- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (5) من أبواب صلاة الجنازة، حديث 26.
7- سنن ابن ماجه، ج 1، كتاب الجنائز (25) باب ما جاء فيمن كبر خمسا، حديث 1506.

43 - وَ رُوِيَ فِي اَلْجَمْعِ بَيْنَ اَلصَّحِيحَيْنِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَرَّ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ إِنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ وَ مَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَ أَمَّا اَلْآخَرُ فَكَانَ لاَ يَسْتَبْرِئُ مِنَ اَلْبَوْلِ وَ دَعَا بِعَسِيبٍ رَطْبٍ فَشَقَّهُ بِاثْنَيْنِ ثُمَّ غَرَسَ عَلَى هَذَا وَاحِداً وَ عَلَى هَذَا وَاحِداً وَ قَالَ لَعَلَّهُ أَنْ يَخِفَّ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا (1) (2) .

44 - وَ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ اَلثَّوْرِيِّ قَالَ : إِنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِلْأَنْصَارِ خَضِّرُوا مَوْتَاكُمْ [صَاحِبَكُمْ ] فَمَا أَقَلَّ اَلْمُخَضَّرِينَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ قَالُوا وَ مَا اَلتَّخْضِيرُ قَالَ جَرِيدَتَانِ خَضْرَاوَانِ يُوضَعَانِ مِنْ أَصْلِ اَلْيَدَيْنِ إِلَى أَصْلِ اَلتَّرْقُوَةِ (3) (4) .

45 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: خَضِّرُوا مَوْتَاكُمْ فَمَا أَقَلَّ اَلْمُخَضَّرِينَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ .

46 - وَ رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا زَادَتِ اَلْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَ مِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَ فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ (5)(6).

ص: 208


1- مسند أحمد بن حنبل ج 225:1.
2- و هذا يدلّ على ان وضع الجريدتين مع الميت من السنن النبويّة (معه).
3- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (7) من أبواب التكفين حديث 3 و 5.
4- أقول: الكيفية المشهورة عندنا هو أن يجعل أحدهما من جانبه الايمن مع ترقوته يلصقها بجلده، و الأخرى من الجانب الايسر بين القميص و الازار. و فيه كيفيات غير هذه مستندها أخبار ضعيفة، و من ثمّ تال المحقق: و مع اختلاف الروايات و الأقوال يجب الجزم بالقدر المشترك بينها، و هو استحباب وضعهما مع الميت في كفنه أو قبره بأى هذه الصور شئت (جه).
5- سنن ابن ماجه ج 1، كتاب الزكاة، (9) باب صدقة الإبل، حديث 1799.
6- هذا يدلّ على استقرار نصب الإبل إذا بلغت هذا القدر (معه).

47 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَيْسَ فِي اَلْمَالِ حَقٌّ سِوَى اَلزَّكَاةِ (1).

48 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : رُفِعَ اَلْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ عَنِ اَلصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ وَ عَنِ اَلنَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَ عَنِ اَلْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ (2)(3)(4).

49 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ اَلْوَرِقِ صَدَقَةٌ (5)السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 134:4.(6).

50 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي الرقة [اَلدُّقَّةِ ] رُبُعُ اَلْعُشْرِ(6).

51 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: هَاتُوا صَدَقَةَ الرقة [اَلدُّقَّةِ ] فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَماً

ص: 209


1- و من هذا يعلم ان قوله تعالى «وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصٰادِهِ » لا يراد به الا الزكاة. لان هذا الحديث نفى حقيقة سواها. و الظاهر ان المراد به، الحق الذي يتكرر بتكرر السبب، لا مطلق الحقوق (معه).
2- مسند أحمد بن حنبل، ج 100:6.
3- الظاهر ان المراد برفع القلم، عدم المؤاخذة في الآخرة، بمعنى انه لا اثم عليهم فيما يأتونه من الافعال المخالفة للشرع. و ليس المراد به رفع غرامات المتلفات أو تخصيص الحديث بالعبادات، و يصير معناه لا يجب عليهم العبادات (معه).
4- أقول: قوله: المراد من قوله: رفع القلم، يعنى به القلم الشرعى الذي يكتب التكاليف و الاحكام الشرعية. و ما ذكره من الغرامات المتلفات، انما هو من باب احكام الوضع، و هو ترتب المسببات على الأسباب، فلا حاجة الى التخصيص (جه).
5- سنن ابن ماجه ج 1، كتاب الزكاة،
6- باب ما تجب فيه الزكاة من الأموال حديث 1793، و لفظ الحديث: (لا صدقة فيما دون خمسة أواق من التمر، و لا فيما دون خمس أواق، و لا فيما دون خمس من الإبل).

دِرْهَمٌ (1)(2)(3).

52 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : عَفَوْتُ عَنِ اَلْخَيْلِ وَ اَلرَّقِيقِ (4).

53 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ اَلْوَرِقِ صَدَقَةٌ وَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالاً مِنَ اَلذَّهَبِ صَدَقَةٌ (5).

54 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ اَلْحَوْلُ (6)(7).

55 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ زَكَاةَ فِي اَلْحُلِيِّ (8)أجمع علمائنا على انه لا وجوب في الحلى، اذا لم يقصد به الفرار من الزكاة، و الشافعى أوجبه. أما لو قصد به الفرار من الزكاة، فالمشهور هو عدم الوجوب و جماعة على الوجوب. لورود الامر به في بعض الأخبار المحمولة على الاستحباب جمعا (جه).(9)(9).

ص: 210


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 134:4.
2- هذا في النصاب الثاني، و الأول في النصاب الأول. فعلم من هذين الحديثين ان للفضة نصابان. أحدهما خمسة أواق، و الثاني أوقية (معه).
3- الأواقي جمع أوقية، و هي أربعون درهما. و كون النصاب الأول في الفضة مأتا درهم، و يجب فيه خمسة دراهم، في كل أربعين درهما درهم، مما أجمع عليه علماء الإسلام (جه).
4- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 134:4. و لفظ الحديث: (عن على رضى اللّه عنه، عن النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم قال: عفوت عن الخيل و الرقيق، هاتوا صدقة الرقة، عن كل أربعين درهما، درهم. الحديث).
5- هذا يدلّ على ان النصاب الأول من الذهب، عشرون مثقالا (معه).
6- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 95:4. باب لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول. و الوسائل كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه، قطعة من حديث 1.
7- و هذا يدلّ على أن الحول شرط في مال الزكاة، و تخصص منه الغلات (معه).
8- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 138:4. باب من قال: لا زكاة في الحلى، و الوسائل، كتاب الزكاة، باب
9- من أبواب زكاة الذهب و الفضة فلاحظ.

56 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي خَمْسٍ مِنَ اَلْإِبِلِ شَاةٌ (1)يحتمل أن يكون (فى) للظرفية، و يحتاج الى اضمار مقدار شاة أو قيمة شاة، ليستقيم الكلام. و يحتمل أن يكون للسببية، يعنى بسببها شاة. و استعمال (فى) للظرفية حقيقة، و للسببية مجازا، فيتعارض الاضمار و المجاز، و تحقيقه في الأصول.

و تظهر الفائدة على التقديرين في نقص النصاب و عدمه، فعلى الأول ينقص النصاب لان الشاة جزء منه و لا يحصل الا بالبيع. و على الثاني يجب بسببه (معه).(2)(2).

57 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ صَامَ ثُمَّ نَسِيَ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ وَ لاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ اَللَّهُ أَطْعَمَهُ وَ سَقَاهُ (3)(4)(5).

58 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مُتَعَمِّداً فَعَلَيْهِ اَلْكَفَّارَةُ (6).

ص: 211


1- سنن ابن ماجه، ج 1، كتاب الزكاة، (9) باب صدقة الإبل، قطعة من حديث 1798 و 1799. و الوسائل، كتاب الزكاة، باب
2- من أبواب زكاة الانعام، فلاحظ.
3- صحيح مسلم، ج 2، كتاب الصيام، (33) باب أكل الناسى و شربه و جماعه لا يفطر، حديث 171. و الوسائل كتاب الصوم، باب (9) من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك، فلاحظ.
4- و ظاهر هذا الحديث اختصاص الحكم بكل صوم يجب قضائه. اما ما لا يجب قضائه من الصيام، فالظاهر بطلانه بالنسيان. و علم من هذا ان النسيان ليس مقدورا (معه).
5- أقول: الذي عليه علمائنا، ان كل ما يفسد الصيام عمدا، لا يفسده نسيانا، من غير فرق بين الصوم الواجب و المندوب، و النصوص بإطلاقها متناولة لهما. نعم خالف فيه مالك من العامّة، حيث ذهب الى أن المفطر للصوم عمدا، يفطره نسيانا، و لا دليل له سوى القياس على الكلام في الصلاة. فما قاله في الحاشية مردود (جه).
6- الوسائل، كتاب الصوم، باب (4) من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك، فلاحظ.

59 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِمَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ أَعْتِقْ رَقَبَةً أَوْ صُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ أَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِيناً(1)و هذا يدلّ على ان الصوم شرط في الاعتكاف. لان تقديره. لا اعتكاف صحيح الا بصوم. و تنكير الصوم ليعم الواجب و الندب (معه).(2)(3).

60 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : صُومُوا لِلرُّؤْيَةِ وَ أَفْطِرُوا لِلرُّؤْيَةِ (4)الامر للوجوب إجماعا (معه).(5)(4).

61 - وَ رَوَى أَنَسٌ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ صِيَامِ خَمْسَةِ أَيَّامٍ فِي اَلسَّنَةِ يَوْمَ اَلْفِطْرِ وَ يَوْمَ اَلنَّحْرِ وَ ثَلاَثَةِ أَيَّامِ اَلتَّشْرِيقِ (6) (7) .

62 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ اِعْتِكَافَ إِلاَّ بِصَوْمٍ (8)(8)(9).

ص: 212


1- سنن ابن ماجه، ج 1، كتاب الصيام (14) باب ما جاء في كفّارة من أفطر يوما من رمضان، حديث 1671. و الوسائل، كتاب الصوم، باب
2- من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك، فلاحظ.
3- الامر للوجوب، و الحديث صريح في كون الكفّارة مخيرة. و فيه تفصيل و بيان للاجمال المذكور في الحديث السابق عليه، فالكفارة المأمور بها هناك هى هذه المذكورة هنا (معه).
4- صحيح مسلم، ج 2، كتاب الصيام، (2) باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال و الفطر لرؤية الهلال حديث
5- و لفظ الحديث: (فصوموا لرؤيته و افطروا لرؤيته). و الوسائل، كتاب الصوم، باب (3) من أبواب أحكام شهر رمضان، فلاحظ.
6- الوسائل، كتاب الصوم، باب (1) من أبواب الصوم المحرم و المكروه حديث 4 و لفظ الحديث (ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن صيام ستة أيام، يوم الفطر و يوم الشك، و يوم النحر، و أيّام تشريق).
7- النهى للتحريم، (معه).
8- الوسائل، كتاب الاعتكاف، باب (2) اشتراط الاعتكاف بالصوم فلاحظ.
9- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى عن عائشة، ج 317:4. باب المعتكف يصوم.

63 - وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلاِسْتِطَاعَةُ اَلزَّادُ وَ اَلرَّاحِلَةُ (1). 64 - مِثْلَهُ رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ وَ اِبْنُ عُمَرَ وَ اِبْنُ مَسْعُودٍ وَ جَابِرٌ وَ أَنَسٌ .

65 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْحَجُّ وَ اَلْعُمْرَةُ فَرِيضَتَانِ لاَ يَضُرُّكَ بِأَيِّهِمَا بَدَأْتَ (2)(3).

66 - وَ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَ عَلَى اَلنِّسَاءِ جِهَادٌ قَالَ نَعَمْ جِهَادٌ لاَ قِتَالَ فِيهِ اَلْحَجُّ وَ اَلْعُمْرَةُ (4) (5) .

67 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَوِ اِسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اِسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ اَلْهَدْيَ وَ لَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً (6) (7) .

68 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ لَمْ يَسُقْ هَدْياً فَلْيُحِلَّ وَ لْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً يَتَمَتَّعُ بِهَا(8).

ص: 213


1- اتفق علمائنا على ان الزاد و الراحلة شرطان في الوجوب، و به قال: أكثر الجمهور. و قال مالك: ان كان يمكنه المشى و عادته السؤال لزمه الحجّ . و اشتهر عنه انه قال: من ملك الاداوة و العكاز وجب عليه سلوك طريق الحجاز (جه).
2- رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 351:4 و لفظ الحديث: (ان رجلا سأل ابن عبّاس عن الرجل الصرورة يبدأ بالعمرة قبل الحجّ؟ فقال: نسكان للّه بأيهما بدأت) و في حديث آخر ان زيد بن ثابت قال: صلاتان لا يضرك بأيهما بدأت.
3- هذا في غير المتمتع، و أمّا في المتمتع فيجب فيه البدأة بالعمرة (معه).
4- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 350:4. باب من قال: بوجوب العمرة.
5- و هذا يدلّ على أن الحجّ واجب على النساء (معه).
6- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب المناسك (84) باب حجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم قطعة من حديث 3074.
7- و هذا يدلّ على ان التمتع أفضل من القران. لانه عليه السلام انما تأسف على فوات الافضل (معه).
8- سنن ابن ماجه ج 2، كتاب المناسك (84) باب حجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قطعة من حديث 3074.

69 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَإِذَا أَهْلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهْدِ وَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فَلْيَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي اَلْحَجِّ وَ سَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ (1).

70 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاَةٌ إِلاَّ أَنَّ اَللَّهَ أَحَلَّ فِيهِ اَلْمَنْطِقَ (2)(3)(4).

71 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ وَ اِرْتَفِعُوا عَنْ وَادِي عُرَنَةَ (5)(6).

72 - وَ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ : جَمَعَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بَيْنَ اَلْمَغْرِبِ وَ اَلْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِأَذَانٍ وَ إِقَامَتَيْنِ وَ لَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئاً (7) (8) .

ص: 214


1- صحيح مسلم ج 2، كتاب الحجّ (24) باب وجوب الدم على المتمتع، و انه اذا عدمه لزمه صوم ثلاثة أيّام في الحجّ و سبعة إذا رجع الى اهله، قطعة من حديث 174، و الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (46) من أبواب الذبح فراجع.
2- سنن الدارميّ ، ج 2 كتاب المناسك، باب الكلام في الطواف، و تتمة الحديث: (فمن نطق فيه فلا ينطق الا بخير).
3- و هذا يدلّ على ان الطواف مشروط بشرائط الصلاة الا الاستقبال (معه).
4- أقول: قال علمائنا: الطهارة من الحدث شرط في الطواف الواجب. و ذهب أبو حنيفة الى أنّه ليس شرطا، و عن أحمد روايتان، أحدها كقولنا، و الأخرى كقول أبى حنيفة. و كذلك يشترط عندنا خلو البدن و الثياب من النجاسات. و كذلك الساتر، لظاهر هذا الحديث و صريح غيره (جه).
5- السنن الكبرى للبيهقيّ ، كتاب المناسك، ج 115:5 باب حيث ما وقف من عرفة أجزأه، و تتمة الحديث: (و المزدلفة كلها موقف، و ارتفعوا عن محسر).
6- و الامر للوجوب، لانه لا يجوز الوقوف بوادى عرنة (معه).
7- السنن الكبرى للبيهقيّ ، كتاب المناسك ج 121:5 باب الجمع بينهما باذان و اقامتين.
8- أي لم يتنفل بين المغرب و العشاء بنافلة. لان صلاة النافلة يسمى سبحة، لما روى -

73 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ (1)(2).

74 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ تَرَكَ اَلْمَبِيتَ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَلاَ حَجَّ لَهُ (3)(4).

75 - وَ رُوِيَ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ جَمَعَ اَلْحَصَى فِي كَفِّهِ وَ قَالَ بِأَمْثَالِ هَؤُلاَءِ فَارْمُوا (5) .

76 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : يَا أَيُّهَا اَلنَّاسُ عَلَيْكُمْ بِحَصَى اَلْخَذْفِ (6).

77 - وَ رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَأَى رَجُلاً يَقُولُ لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ فَقَالَ وَيْحَكَ وَ مَا شُبْرُمَةُ فَقَالَ أَخٌ لِي أَوْ صَدِيقٌ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حُجَّ عَنْ

ص: 215


1- مسند أحمد بن حنبل ج 318:3 و لفظ الحديث: رأيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يرمى على راحلته يوم النحر، يقول لنا: (خذوا مناسككم، فانى لا أدرى لعلى لا أحج بعد حجتى هذه).
2- هذا يدلّ على أن التأسى له واجب (معه).
3- و هذا يدلّ على أن المبيت بالمشعر من أركان الحجّ ، و انه لا يجوز تركه عمدا و ان من تركه عمدا بطل حجه (معه).
4- المزدلفة اسم للمشعر، لانه محل القرب إلى اللّه تعالى. أولان الناس يزدلفون اليه من عرفات. أى يتقربون منها إليه. و الركن من المشعر هو الوقوف فيه. و هو كما نصوا عليه، من طلوع الفجر الى طلوع الشمس. و أمّا المبيت ليلا، فالمشهور وجوبه لا ركنيته. و قال في التذكرة: انه ليس بواجب. و حينئذ فالمراد من المبيت، اما حقيقة و حمل قوله: (فلا حج له) نفى الكمال. و اما على انه كناية عن ترك الكون بها مطلقا، فالنفى على حقيقته (جه).
5- سنن ابن ماجه ج 2، كتاب المناسك (63) باب قدر حصى الرمى حديث 3029.
6- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب المناسك (63) باب قدر حصى الرمى حديث 3028.

نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ (1) (2) .

78 - وَ رُوِيَ عَنْهُ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَأَلَتْهُ اِمْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمٍ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اَلْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخاً كَبِيراً لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَمْسِكَ عَلَى اَلرَّاحِلَةِ فَهَلْ تَرَى أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَعَمْ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ أَ رَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ عَنْهُ نَفَعَهُ فَقَالَتْ نَعَمْ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَدَيْنُ اَللَّهِ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ (3) (4) .

79 - وَ رَوَى جَابِرٌ قَالَ : أُحْصِرْنَا مَعَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالْحُدَيْبِيَةِ فَنَحَرْنَا

ص: 216


1- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب المناسك (9) باب الحجّ عن الميت، حديث 2903.
2- و هذا يدلّ على أن من وجب عليه الحجّ ، لا يجوز أن يحج عن غيره، حتى يحج عن نفسه أولا (معه).
3- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 4، كتاب الحجّ ص 328-329.
4- هذا الحديث يدلّ على امور: الأول: ان المرأة يجوز لها الاستفتاء في أمور الدين لولاة المسلمين. الثاني: انه يجوز للمفتى سماع صوت الاجنبية. الثالث: ان الحجّ واجب على من استطاع بالمال و ان لم يكن مستطيعا بالبدن. الرابع: ان النيابة في الحجّ جائزة عن الحى بالعاجز، كما يجوز من الميت. الخامس: ان الحجّ مجزى له، و يصل إليه ثوابه. السادس: ان نيابة المرأة عن الرجل جائزة. و لا دلالة فيه على جواز القياس، كما توهم بعضهم. بل انما ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قضية الدين للتوضيح، و التمثيل بينهما على علة النفع و وصول الثواب الى المنوب، و فيه دلالة على ان قضاء الغير لدين على غيره، مبرئ لذمة المدين، سواء قضاء عنه بسؤاله، أم لا و على أن الحجّ الواجب يتعلق بالذمة كتعلق الدين بها (معه).

اَلْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَ اَلْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ بِأَمْرِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (1)و هذا يدلّ على ان الاشتراط في احرام الحجّ و العمرة جائزة لمن يخاف المانع له من اتمام احرامه. و ان المشترط إذا عرض له المانع يحل عند حصوله بغير هدى. و أمّا غير المشترط فلا يحل الا بالهدى، و يكون هذا فائدة الاشتراط على ما ذهب اليه جماعة من العلماء أخذا بهذا الحديث (معه).(2) (3) .

80 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَ عَلَيْهِ حِجَّةٌ أُخْرَى(4).

81 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِضُبَاعَةَ بِنْتِ اَلزُّبَيْرِ أَحْرِمِي وَ اِشْتَرِطِي أَنْ تَحُلَّنِي حَيْثُ حَبَسْتَنِي وَ كَانَتْ تُرِيدُ اَلْحَجَّ وَ اِشْتَكَتْ مِنَ اَلْمَرَضِ (5)(5).

82 - وَ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : إِنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَهْدَى غَنَماً مُقَلَّداً (6) (7) .

83 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْبَيِّعَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ اَلْخِيَارُ مَا لَمْ

ص: 217


1- سنن ابن ماجه ج 2، كتاب الاضاحى،
2- باب عن كم تجزى البدنة و البقرة، حديث 3132.
3- و هذا على تقدير صحته مختص بهدى التحلل. اما هدى التمتع، فلا تجوز الشركة فيه (معه).
4- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب المناسك، (85) باب المحصر، حديث 3077-3078.
5- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب المناسك، (24) باب الشرط في الحجّ حديث 2936-2938.
6- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب المناسك (95) باب تقليد الغنم، حديث 3096. و لفظ الحديث: (عن عائشة قالت: أهدى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مرة غنما الى البيت فقلدها).
7- و هذا يدلّ على ان تقليد الهدى مستحب (معه).

يَفْتَرِقَا(1)(2).

84 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ (3)النهى هنا للتنزيه، و يثبت للبائع الخيار مع الغبن و ان لم يكن فاحشا (معه).(4)(5).

85 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنْ تَلَقِّي اَلرُّكْبَانِ وَ قَالَ مَنْ تَلَقَّاهَا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إِذَا دَخَلَ اَلسُّوقَ (6) (6) .

86 - وَ فِيهِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ اَلْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ وَ عَنْ بَيْعِ اَلْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ وَ عَنْ بَيْعِ اَلثَّمْرِ حَتَّى يَبْيَضَّ (7) (8) .

ص: 218


1- سنن ابن ماجه ج 2، كتاب التجارات (17) باب البيعان بالخيار ما لم يفترقا، حديث 2181.
2- و هذا دليل على ثبوت خيار المجلس في البيع. و ان بمفارقة المجلس يسقط (معه).
3- صحيح البخاريّ ، كتاب الاجارة باب أجر السمسرة. و لفظ الحديث: (قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: المسلمون عند شروطهم) و سنن الترمذي كتاب الاحكام، باب (17) و لفظ الحديث: (ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما. و المسلمون على شروطهم الا شرطا حرم حلالا أو أحل حراما). و الوسائل كتاب التجارة، باب
4- من أبواب الخيار حديث 1 و 2 و 5.
5- و هذا دليل على جواز الشروط الغير المخالفة للشرع، و أنّه لا يجوز للمؤمن أن يتجاوز ما شرط و لا ما شرط عليه. و على أن جميع الشروط السابقة لازمة بمقتضى العقد الواقع فيه ذلك الشرط (معه).
6- صحيح الترمذي، كتاب البيوع، (12) باب ما جاء في كراهية تلقى البيوع حديث 1221. و أورده في الوسائل مع بيان حدّ التلقى و من غير ذكر الخيار، كتاب التجارة باب (36) من آداب التجارة.
7- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 303:5 باب ما يذكر في بيع الحنطة في سنبلها و لفظ الحديث: (نهى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن بيع الحب حتّى يشتد، و عن بيع العنب حتّى يسود، و عن بيع الثمر حتّى يزهو).
8- و هذا يدلّ على أن بيع الثمرة لا يجوز قبل بدو صلاحها. و ان بدو الصلاح هو الحالة التي يؤمن معها الفساد. لان هذه الصفات المذكورة، هى الحالات المعلوم بها تمام النشوء و بدو النضج (معه).

87 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَ إِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَ صَاعاً مِنْ تَمْرٍ(1)(2).

88 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنِ اِبْتَاعَ مُحَفَّلَةً (3) فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا لَبَنَهَا أَوْ مِثْلَ لَبَنِهَا قَمْحاً.

89 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ (4)(5).

90 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ اَلْمُسْلِمِينَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ حَلاَلاً أَوْ حَلَّلَ

ص: 219


1- صحيح الترمذي، كتاب البيوع، (29) باب ما جاء في المصراة، حديث 1251 - 1252.
2- هذا يدلّ على أن اللبن مضمون على المشترى، فاما أن يرده، أو يرد بدله بقيمته، و لا يتعين الصاع بل يرجع الى القيمة السوقية. و انما عين الصاع في الحديث لاحتمال أن يكون قيمته يومئذ كذلك (معه).
3- في الخبر نهى عن التصرية و التحفيل. التحفيل مثل التصرية. و هي أن لا تحلب الشاة أياما، ليجتمع اللين في ضرعها للبيع. و الشاة محفلة و مصراة (مجمع البحرين).
4- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب التجارات، (43) باب الخراج بالضمان، حديث 2243.
5- فيه (الخراج بالضمان) يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة عبدا كان أو أمة أو ملكا. و ذلك أن يشتريه فيستغله زمانا، ثمّ يعثر منه على عيب قديم لم يطلعه البائع عليه، أو لم يعرفه فله ردّ العين المبيعة و أخذ الثمن، و يكون للمشترى ما استغله لان المبيع لو كان تلف في يده لكان من ضمانه، و لم يكن له على البائع شيء و الباء في (بالضمان) متعلقة بمحذوف، تقديره: الخراج مستحق بالضمان أي بسببه (النهاية).

حَرَاماً(1)و هذا يدلّ على اشتراط السلف بالكيل و الوزن. و ان ما لا يكال أو يوزن، لا يجوز الاسلاف فيه، سواء كان جزافا أو عددا (معه).(2).

91 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ سَلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَ وَزْنٍ مَعْلُومٍ (3)(3).

92 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَ مَرْكُوبٌ وَ عَلَى اَلَّذِي يَحْلِبُ وَ يَرْكَبُ اَلنَّفَقَةُ (4)(5)(6).

93 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ ضَرَرَ وَ لاَ ضِرَارَ فِي اَلْإِسْلاَمِ (7).

ص: 220


1- سنن الترمذي، كتاب الاحكام، باب (17). و الوسائل، ج 13 كتاب الصلح باب
2- في أحكام الصلح، حديث 2.
3- صحيح البخاريّ ، كتاب السلم، باب السلم الى وزن معلوم.
4- سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الرهون، (2) باب الرهن مركوب و محلوب حديث 2440. و في الوسائل كتاب الرهن، باب (12) في أحكام الرهن حديث 2 و لفظ الحديث: (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: الظهر يركب إذا كان مرهونا و على الذي يركبه نفقته، و الدر يشرب إذا كان مرهونا و على الذي يشرب نفقته).
5- أي يجوز لمن في يده الرهن أن ينتفع بلبنه أو ركوبه و عليه نفقته (معه).
6- روى أصحابنا حديثا بهذا المضمون، لكنه ضعيف السند، و لم يعمل به منا سوى الشيخ طاب ثراه، و الجمهور أطبقوا على العمل به. و أمّا علمائنا فلم يجوزوا للمرتهن التصرف بشيء من الرهن لا بركوب، و لا بحليب و لا غيره الا بأذن الراهن. فان تصرف لزمته الاجرة فيما له أجرة، و المثل أو القيمة فيما يضمن كذلك كاللبن. و أما النفقة فيرجع بها على الراهن (جه).
7- الوسائل، كتاب احياء الموات، باب (12) عدم جواز الإضرار بالمسلم، حديث 3-5. و كتاب الشفعة، باب (5) ثبوت الشفعة في الأرضين و الدور، حديث 1. و مسند أحمد بن حنبل ج 327:5. و سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الاحكام، (17) باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، حديث 2340-2341.

94 - وَ رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَتَبَايَعُوا إِلَى اَلْحِصَادِ وَ لاَ إِلَى اَلدِّبَاسِ وَ لَكِنْ إِلَى شَهْرٍ مَعْلُومٍ (1).

95 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يُغْلِقُ اَلرَّهْنُ اَلرَّهْنَ لِصَاحِبِهِ لَهُ غُنْمُهُ وَ عَلَيْهِ غُرْمُهُ (2)و هذا ابطال لما كان عليه أهل الجاهلية. لانهم كانوا يستعملون اغلاق الرهن و معناه أن يجعل مبيعا عند الأجل ان لم يؤد الدين فيه. و فيه دلالة على ان فوائد الرهن للراهن، لا للمرتهن. و انه لو تلف بغير تفريط المرتهن كان من ضمان الراهن (معه).(3)(3).

96 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لِلدُّيَّانِ مَنْ أَعْسَرَ خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ لَيْسَ لَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ (4)(5).

97 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِقَتْلِ مُقَاتِلِيهِمْ وَ سَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ وَ أَمَرَ بِكَشْفِ مُؤْتَزَرِهِمْ فَمَنْ أَنْبَتَ فَهُوَ مِنَ اَلْمُقَاتِلَةِ وَ مَنْ لَمْ يُنْبِتْ فَهُوَ مِنَ اَلذَّرَارِيِّ وَ صَوَّبَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (6) (7) .

ص: 221


1- و هذا يدلّ على أن الأجل في بيع السلم، أو بيع النسية لا بدّ و أن يكون مضبوطا بزمان لا يحتمل الزيادة و النقصان (معه).
2- سنن ابن ماجة، كتاب الرهون،
3- باب لا يغلق الرهن، حديث 2441.
4- سنن ابن ماجة، كتاب الاحكام، (25) باب تفليس المعدم و البيع عليه لغرمائه، حديث 2357.
5- و هذا يدلّ على ان المعسر لا يجوز حبسه في الدين، و لا مؤاجرته، و لا استعماله (معه).
6- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 96:9 كتاب السير، باب نزول أهل الحصى أو بعضهم على حكم الامام أو غير الامام.
7- و هذا يدلّ على أن التحكيم في الدين لغير النبيّ و الامام جائز، اذا توقفت المصلحة عليه. و يدلّ على ان المجهول حاله في البلوغ يعتبر بالانبات. و على ان من أخذ في الحرب و هو بالغ حكمه القتل. و ان غير البالغ حكمه السبى (معه).

98 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَحِلُّ مَالُ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ (1)(2).

99 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلنَّاسُ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ (3).

100 وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا ضَمِنَ اَلدِّرْهَمَيْنِ عَنِ اَلْمَيِّتِ جَزَاكَ اَللَّهُ عَنِ اَلْإِسْلاَمِ خَيْراً وَ فَكَّ رِهَانَكَ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ (4) (5) .

101 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِأَبِي قَتَادَةَ لَمَّا ضَمِنَ اَلدِّينَارَيْنِ هُمَا عَلَيْكَ وَ اَلْمَيِّتُ مِنْهُمَا بَرِيءٌ (6)(7)(8).

ص: 222


1- الوسائل، كتاب الغصب، باب (1) من أبواب الغصب حديث 4 و لفظ الحديث: (عن صاحب الزمان عليه السلام: لا يحل لاحد أن يتصرف في مال غيره بغير اذنه). و في المستدرك، كتاب الغصب، باب (1) حديث 3 و لفظ الحديث: (و لا يجوز أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه). و في مسند أحمد بن حنبل ج 72:5. و لفظ الحديث: (لا يحل مال امرئ الا بطيب نفس منه).
2- و فيه دلالة على انه لا يجوز التصرف في مال الغير، بغير اذنه بحال (معه).
3- و فيه دلالة على ان للإنسان التصرف في ماله مهما شاء من التصرفات اللائقة بأفعال العقلاء (معه).
4- رواه في المستدرك نقلا عن عوالى اللئالى، كتاب التجارة، باب (14) من أبواب الدين و القرض، حديث 3 و رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 73:6. كتاب الضمان، باب وجوب الحق بالضمان.
5- و فيه دلالة على أن الميت مرهون بالدين الذي عليه إذا لم يخلف تركة يقضى منها حتّى تقضى عنه. و على أن تبرع الحى عن الميت يبرئه. و على أن الضمان جائز عن الحى و عن الميت. و على أنّه لا يشترط رضى المضمون عنه، و على ان قضاء الدين عن الميت مستحب و فيه أجر كثير (معه).
6- سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب الصدقات، (9) باب الكفالة حديث 2407.
7- و فيه دلالة على ان الضمان ناقل. و ان المضمون عنه. يبرأ بنفس الضمان، سواء أدى الضامن أو لا (معه).
8- أقول: قد وقع هذا الحكم مرتين في رجلين ماتا، فما صلى عليهما النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال: صلوا على صاحبكم. لانه كان على أحدهما درهمين، فضمن أمير المؤمنين عليه السلام وفائهما عنه، و ضمن الدينارين عن الآخر أبو قتادة، فصلى عليهما النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله انما فعل ذلك، ليتعظوا و ليرد بعضهم على بعض، و لئلا يستخفوا بالدين. و أمّا قوله: فكما فككت رهان أخيك، فلعل ذلك الرجل، استدانهما من غير حاجة، أو صرفهما في غير طاعة، فيكون مرهونا بهما في الدنيا و الآخرة. و يجوز أن يكون الرهان المفكوك، هو صلاته (صلّى اللّه عليه و آله) على ذلك الميت، لانها كانت موقوفة على ضمان الدرهمين، فيكون كالرهن عليها، (جه).

102 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلزَّعِيمُ غَارِمٌ (1)(2).

103 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَعَنَ فِي اَلْخَمْرِ عَشْرَةً (3) .

104 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِقْرَارُ اَلْعُقَلاَءِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ جَائِزٌ(4).

105 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَدِّ اَلْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ اِئْتَمَنَكَ (5).

ص: 223


1- سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب الصدقات، (9) باب الكفالة، حديث 2405.
2- أي الضامن غارم لما يضمنه، فيدل على ثبوت الحق في ذمته بنفس الضمان و وجوب أدائه عليه (معه).
3- عن أبي جعفر عليه السلام: غارسها و حارسها و عاصرها و شاربها و ساقيها و حاملها و المحمولة إليه و بايعها و مشتريها و آكل ثمنها. و هو من المحرمات في جميع الشرائع، حفظا للعقل. (جه).
4- الوسائل، ج 16، كتاب الإقرار، باب (3) من أبواب الإقرار، حديث 2 و لفظ الحديث (و روى جماعة من علمائنا في كتب الاستدلال عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، انه قال: الخ).
5- الوسائل، ج 13، كتاب الوديعة، باب (2) من أحكام الوديعة، حديث 4.

106 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : عَلَى اَلْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ (1).

107 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ جَادّاً وَ لاَ لاَعِباً مَنْ أَخَذَ عَيْناً فَلْيَرُدَّهَا.

108 - وَ رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ دَفَعَ خَيْبَرَ أَرْضَهَا وَ نَخْلَهَا إِلَى أَهْلِهَا مُقَاسَمَةً عَلَى اَلنِّصْفِ (2) (3) (4) .

109 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِلْوَازِنِ زِنْ وَ ارْجَحْ (5)(6).

ص: 224


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 95:6. كتاب الغصب، باب ردّ المغصوب اذا كان باقيا. و رواه في المستدرك، ج 504:2، حديث 12 نقلا عن عوالى اللئالى. و عن الشيخ أبى الفتوح في تفسيره. و رواه أيضا في المستدرك، ج 145:3، كتاب الغصب، حديث 4.
2- صحيح مسلم، ج 3، كتاب المساقاة، (1) باب المساقاة و المعاملة بجزء من التمر و الزرع، حديث 4.
3- فيه دلالة على مشروعية المزارعة و المساقاة، (معه).
4- اتفق علماء الإسلام على مشروعيتهما، و انهما من العقود اللازمة، و خالف فيه أبو حنيفة و الشافعى. مع ان حكاية خيبر و تقبيل النبيّ أرضها بطريق المزارعة و نخلها بعقد المساقاة مستفيضة من الطريقين (جه).
5- سنن أبي داود، ج 3، كتاب البيوع، باب في الرجحان في الوزن، حديث 3336. و رواه ابن ماجة في سننه، ج 2، كتاب التجارات، (34) باب الرجحان في الوزن حديث 2220-2222.
6- فيه دلالة على مشروعية الرجحان. و انه مستحب لمن يزن حقّ الغير على نفسه، تحريا و تخلصا للذمة من حقه، لان الامر هنا للاستحباب (معه).

110 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اِحْبِسِ اَلْأَصْلَ وَ أَطْلِقِ اَلثَّمَرَةَ (1)(2).

111 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ وَلَدَايَ هَذَانِ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ (3)(4).

112 - وَ فِي اَلْأَحَادِيثِ : أَنَّ اَلْحَسَنَ كَانَ فِي حَجْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَبَالَ فِي حَجْرِهِ فَأَرَادُوا أَخْذَهُ وَ زَجْرَهُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ تَزْرِمُوا عَلَى اِبْنِي بَوْلَهُ .

113 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اِبْنِي هَذَا سَيِّدٌ يُصْلِحُ اَللَّهُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ (5).

114 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْخَالُ وَارِثُ مَنْ لاَ وَارِثَ لَهُ (6)(7).

115 - وَ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَرَّثَ اَلْخَالَ .

116 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : تَحُوزُ اَلْمَرْأَةُ مِيرَاثَ عَتِيقِهَا وَ لَقِيطِهَا

ص: 225


1- فيه دلالة على مشروعية الوقف. و ان معناه حبس الأصل عن التصرف فيه، و اطلاق المنافع، و الامر للوجوب (معه).
2- رواه في المستدرك ج 2، باب (2) من أبواب الوقوف و الصدقات، حديث 1، نقلا عن عوالى اللئالى. و رواه النسائى في ج 6 من سننه، كتاب الاحباس، باب حبس المشاع، و لفظ الحديث. (قال: فاحبس أصلها و سبل الثمرة).
3- ينابيع المودة، ج 1، الفصل الثالث، في الأحاديث الواردة في فاطمة و و لديها رضى اللّه عنهم، الحديث العاشر، و لفظ الحديث: (ابناى هذان الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة و أبوهما خير منهما).
4- فيه دلالة على أن ولد الولد، ولد، و ان كان ولد بنت، فانه ولد حقيقة، لان الأصل في الإطلاق ذلك. و كذلك الحديث الثاني و الثالث يدلان على ذلك (معه).
5- صحيح البخاريّ ، باب مناقب الحسن و الحسين رضى اللّه عنهما.
6- مسند أحمد بن حنبل، ج 131:4.
7- و هذا يدلّ على ثبوت ارث الخال، كغيره من ذوى الارحام، و كذلك الحديث الثاني دال عليه (معه).

وَ وَلَدِهَا(1)(2).

117 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : وَلَدُ اَلْمُلاَعَنَةِ أُمُّهُ أَبُوهُ (3)(4).

118 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْإِسْلاَمُ يَعْلُو وَ لاَ يُعْلَى عَلَيْهِ (5).

119 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْإِسْلاَمُ يَزِيدُ وَ لاَ يَنْقُصُ (6)(7).

120 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي أُسَارَى بَدْرٍ لَوْ كَانَ مُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيّاً وَ كَلَّمَنِي

ص: 226


1- سنن أبي داود، ج 3، كتاب الفرائض، باب ميراث ابن الملاعنة حديث (2906).
2- فيه دلالة على ان الولاء ترثه المرأة كالرجل، سواء كان ولاء العتق، أو ولاء تضمن الجريرة (معه).
3- مسند أحمد بن حنبل، ج 216:2. و لفظ الحديث: (قضى رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم في ولد المتلاعنين انه يرث أمه و ترثه أمه).
4- فيه دلالة على أن ميراث ولد الملاعنة تحوزه أمه و من يتقرب بها، دون أبيه و من يتقرب به (معه).
5- الوسائل، ج 17، كتاب الفرائض و المواريث، باب (1) من أبواب موانع الارث، حديث 11. و صحيح البخاريّ ، كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبى فمات، هل يصلى عليه ؟ و الجامع الصغير للسيوطي، حرف الهمزة، فصل في المحلى بأل من هذا الحرف، و لفظ الحديث فيهما: (الإسلام يعلو و لا يعلى).
6- الوسائل، ج 17، كتاب الفرائض و المواريث، باب (1) من أبواب موانع الارث، حديث 8-9. و الجامع الصغير للسيوطي، حرف الهمزة، فصل في المحلى بأل من هذا الحرف.
7- هذا و ما تقدمه، يدل على أن المسلم يرث الكافر، و الكافر لا يرثه (معه).

فِي هَذَا اَلسَّبْيِ لَأَطْلَقْتُهُمْ (1)(2)(3).

12 - وَ فِي اَلْأَحَادِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَرْسَلَ قِبَلَ نَجْدٍ سَرِيَّةً فَأَسَرُوا وَاحِداً اِسْمُهُ ثُمَامَةُ بْنَ أُثَالٍ اَلْحَنَفِيُّ سَيِّدُ ثُمَامَةَ فَأَتَوْا بِهِ وَ شَدُّوهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي اَلْمَسْجِدِ فَمَرَّ بِهِ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ فَقَالَ خَيْرٌ إِنْ قَتَلْتَ قَتَلْتَ وَارِماً(4) وَ إِنْ مَنَنْتَ مَنَنْتَ عَلَى شَاكِرٍ وَ إِنْ أَرَدْتَ مَالاً قُلْ تُعْطَ مَا شِئْتَ فَتَرَكَهُ وَ لَمْ يَقُلْ شَيْئاً فَمَرَّ بِهِ اَلْيَوْمَ اَلثَّانِيَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَرَّ بِهِ اَلْيَوْمَ اَلثَّالِثَ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ وَ لَمْ يَقُلِ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ شَيْئاً ثُمَّ قَالَ أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ فَأَطْلَقَهُ فَمَرَّ وَ اِغْتَسَلَ وَ جَاءَ وَ أَسْلَمَ وَ كَتَبَ إِلَى قَوْمِهِ فَجَاءُوا مُسْلِمِينَ (5) (6) .

ص: 227


1- صحيح البخاريّ ، كتاب الجهاد، باب ما من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على الأسارى من غير أن يخمس.
2- هو الذي أجار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما انصرف عن أهل الطائف، و عاد متوجها الى مكّة و نزل بقرب (حراء). فبعث الى بعض حلقاء قريش ليجيروه في دخول مكّة، فامتنعوا، فبعث الى المطعم بن عدى بذلك، فتسلح المطعم و أهل بيته و خرج بهم حتّى أتوا المسجد، فارسل من يدعو النبيّ للدخول، فدخل مكّة و طاف بالبيت و صلى عنده، ثمّ انصرف الى منزله آمنا. و كان أحد الذين خرقوا الصحيفة التي كتبها قريش على بنى هاشم، و مات قبل وقعة بدر، و له بضع و تسعون سنة. الاعلام للزركلى. ج 252:7.
3- و فيه دلالة على تخيير الامام في الأسارى بين المن، و بين الفداء، و بين الاسترقاق بعد الاسر (معه).
4- المورم: الرجل الضخم (المنجد).
5- صحيح مسلم، ج 3، كتاب الجهاد و السير، (19) باب ربط الاسير و حبسه، و جواز المن عليه حديث 59.
6- و فيه دلالة على مثل ما تقدم من جواز المن على الاسير، خصوصا إذا كان سيّد قوم، لرجاء إسلامه و إسلام قومه، كما فعل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، و أثمر ما فعله إسلامه و إسلام قومه (معه).

122 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّ أَبَا غُرَّةَ اَلْجُمَحِيَّ وَقَعَ فِي اَلْأَسْرِ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي ذُو عَيْلَةٍ فَامْنُنْ عَلَيَّ فَمَنَّ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَعُودَ إِلَى اَلْقِتَالِ فَمَرَّ إِلَى مَكَّةَ وَ قَالَ سَخِرْتُ بِمُحَمَّدٍ فَأَطْلَقَنِي وَ عَادَ إِلَى اَلْقِتَالِ يَوْمَ أُحُدٍ فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ لاَ يُفْلَتَ فَوَقَعَ فِي اَلْأَسْرِ فَقَالَ إِنِّي ذُو عَيْلَةٍ فَامْنُنْ عَلَيَّ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَتَّى تَرْجِعَ إِلَى مَكَّةَ فَتَقُولَ فِي نَادِي قُرَيْشٍ سَخِرْتُ بِمُحَمَّدٍ لاَ يُلْسَعُ اَلْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ وَ قَتَلَهُ بِيَدِهِ (1) (2) .

123 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ غَيْلاَنَ بْنَ سَلَمَةَ اَلثَّقَفِيَّ أَسْلَمَ وَ عِنْدَهُ عَشْرٌ مِنَ اَلنِّسَاءِ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اِخْتَرْ أَرْبَعاً مِنْهُنَّ وَ فَارِقْ سَائِرَهُنَّ (3)فيه دلالة على ان ابقاء الكافر بعد إسلامه، على عقده الأول حال الكفر جائز من باب الاستدامة دون الابتداء. و على ان العقد على الكافر لا ينفسخ باسلام الزوج. و على أن المسلم يجوز له عقد الكافرة استدامة لا ابتداء. و يحتمل أن يكون هذا الامر انما ورد من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بعد اسلامهن معه، قبل انقضاء العدة، و حمله على هذا أقرب (معه).(4) (4) (5) .

ص: 228


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 320، 6، كتاب قسم الفيء و الغنيمة.
2- و هذا يدلّ على ما دل عليه الحديثان الاولان. ان الامام مخير بين المن و الفداء و الاسترقاق. و على انه ينبغي أن يكون المؤمن ذو حزم في الأمور و فطانة، بحيث لا يكون كثير الانخداع. لانه يدلّ على ضعف في الرأى، و مهانة في النفس، و ذلك من جملة الرذائل (معه).
3- مسند أحمد بن حنبل، ج 83:2. و نقله في المستدرك عن عوالى اللئالى، ج 2 كتاب النكاح، باب
4- من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد، حديث 3.
5- ذهب علماء الإسلام سوى مالك الى صحة نكاح الكافر، و إذا أسلموا أقروا على ذلك العقد. و أمّا مالك فأوجب عليهم تجديد العقد بعد الإسلام. و هذا الحديث ظاهر في الرد عليه، كما هو ظاهر في الرد على أبي حنيفة. حيث ذهب الى أنّه لو أسلم على أكثر من أربع، كان الواجب عليه أن يبقى عنده من سبق العقد عليهن في حال الكفر أعنى أربعا و لا ريب ان هذا ينافى التخيير. فمالك يؤول الحديث بحمل قوله: اختر أربعا، على اختيارهن في تجديد العقد عليهن. و أبو حنيفة يحمله على وجوب العقود عليهن سابقا. و هذان التأويلان بعيدان من غير حاجة ماسة الى أحدهما. و ذكر صاحب كتاب درة الغواص في تغليط الخواص، انهم يقولون: ساير بمعنى جميع، كما في جاءنى ساير القوم، يعنى جميعهم. و هو غلط، و انما هو بمعنى الباقي ثمّ استدلّ بهذا الحديث، فان ساير فيه بمعنى باقى قطعا (جه).

124 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَدُّوا اَلْعَلاَئِقَ قِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ مَا اَلْعَلاَئِقُ قَالَ مَا تَرْضَى عَلَيْهِ اَلْأَهْلُونَ (1) (2) (3) .

ص: 229


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 239:7، كتاب الصداق، باب ما يجوز ان يكون مهرا و لفظ الحديث: (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: انكحوا الايامى منكم، قالوا: يا رسول اللّه فما العلائق بينهم ؟ قال: ما تراضى عليهم أهلوهم).
2- و هذا يدلّ على ان المهر لا حدّ له في الشرع قلة و كثرة. و في معناه الحديث الثاني و الثالث و الرابع. و الحديث الرابع دال على أن تمكن الزوج من المهر حال العقد شرط. و على ان تعليم الآية و تعليم العلم و الصنعة يجوز جعله صداقا (معه).
3- أقول: فى النهاية، بعد ذكر الحديث. العلائق، المهور: الواحدة علاقة. و علاقة المهر ما يتعلقون به على الزوج. و يستفاد من هذا الحديث أحكام. الأول: أن الصداق لا تقدير له في جانب القلة، كما أجمع عليه علمائنا و فقهاء الجمهور على أقوال مختلفة، قدره مالك بثلاثة دراهم و أبو حنيفة و أصحابه بعشرة دراهم و ابن شبرمة خمسة دراهم، و النخعيّ أربعون درهما، و سعيد بن جبير خمسون درهما و هذا الحديث و ما بمعناه راد لاقوالهم. الثاني. انه لا يتقدر في جانب الكثرة، كما هو المشهور عندنا، خلافا للسيّد حيث لم يجوز أكثر من مهر السنة. و أمّا العامّة فحكاية انكار الزيادة على مهر السنة مشهور عن عمر بن الخطّاب، حيث توعد على الزيادة، و قال: انه يجعلها في بيت المال، حتى عارضته المرأة بقوله تعالى: وَ آتَيْتُمْ إِحْدٰاهُنَّ قِنْطٰاراً فَلاٰ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً. فقال: كل الناس أفقه من عمر حتّى المخدرات في الحجال، رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 233:7، كتاب الصداق، باب لا وقت في الصداق كثر أو قل. الثالث. يجوز أن يكون منافع الحرّ مهرا، مثل تعليم قرآن أو شعر أو نحو ذلك كما قال أصحابنا: الا الاجارة، فان بعضهم لم يجوزه، لانه كان يختص موسى عليه السلام. و قال أبو حنيفة: لا يجوز أن يكون منافع الحرّ صداقا بحال. و الحديث يكذبه. و روى الصدوق في كتاب العلل مسندا الى الصادق عليه السلام عن عليّ عليه السلام قال: انى لاكره أن يكون المهر أقل من عشرة دراهم، لئلا يشبه مهر البغى (جه).

125 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنِ اِسْتَحَلَّ بِدِرْهَمَيْنِ فَقَدِ اِسْتَحَلَّ (1).

126 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ جُنَاحَ عَلَى اِمْرِئٍ يُصْدِقُ اِمْرَأَةً قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيراً(2).

127 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ زَوَّجَ اِمْرَأَةً مِنْ زَوْجٍ عَلَى تَعْلِيمِ آيَةٍ مِنَ اَلْقُرْآنِ بَعْدَ أَنْ طَلَبَ مِنَ اَلزَّوْجِ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ فَلَمْ يَقْدِرْ (3) .

128 - وَ فِي آخَرَ: أَنَّ اِبْنَ عُمَرَ طَلَّقَ اِمْرَأَتَهُ ثَلاَثاً وَ هِيَ حَائِضٌ فَأَمَرَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَقَالَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَرَدَّهَا عَلَيَّ وَ لَمْ يَرَهَا

ص: 230


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 238:7، كتاب الصداق، و لفظ الحديث: (ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من استحل بدرهم فقد استحل، يعنى النكاح.
2- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 239:7، كتاب الصداق، باب ما يجوز أن يكون مهرا و لفظ الحديث: (قال: ليس على الرجل جناح أن يتزوج بقليل أو كثير من ما له إذا تراضوا و أشهدوا).
3- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 236:7. كتاب الصداق باب ما يجوز أن يكون مهرا.

شَيْئاً (1) (2) .

129 - وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنِ اِبْنِ عُمَرَ قَالَ : طَلَّقْتُ زَوْجَتِي وَ هِيَ حَائِضٌ فَقَالَ لِيَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَا هَكَذَا أَمَرَكَ رَبُّكَ إِنَّمَا اَلسُّنَّةُ أَنْ تَسْتَقْبِلَ بِهَا اَلطُّهْرَ فَتُطَلِّقَهَا

ص: 231


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 327:7. كتاب الخلع و الطلاق، باب الطلاق يقع على الحائض و ان كان بدعيا. و فيه (قال عبد اللّه: فردها على و لم يرها شيئا، و قال: إذا طهرت فيطلق أو ليمسك) و رواه مسلم في صحيحه مع هذا السند، كتاب الطلاق، (1) باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، و انه لو خالف، وقع الطلاق و يؤمر برجعتها، حديث (14) و فيه: (فقال له النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ليراجعها، فردها، و قال: إذا طهرت فليطلق أو ليمسك). أقول: لم نجد في كتب الحديث ان ابن عمر طلق زوجته ثلاثا في الحيض الا في سنن الدارقطنى ج 4 كتاب الطلاق و الخلع و الايلاء، حديث (14) و لفظ الحديث: (عن أبي الزبير قال: سألت ابن عمر عن رجل طلق امرأته ثلاثا و هي حائض، فقال: أ تعرف ابن عمر؟ قلت: نعم، قال: طلقت امرأتى ثلاثا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هى حائض، فردها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الى السنة) ثم قال: هؤلاء كلهم من الشيعة. و المحفوظ ان ابن عمر طلق امرأته واحدة في الحيض. نعم رواه في الوسائل، كتاب الطلاق، باب (1) من أبواب أقسام الطلاق و أحكامه، حديث 9 و لفظ الحديث: (قال أبو عبد اللّه عليه السلام لا طلاق الا على السنة، ان عبد اللّه بن عمر طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد و امرأته حائض، فرد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله طلاقه، و قال: (من خالف كتاب اللّه ردّ الى كتاب اللّه). مصحح.
2- و هذا يدلّ على ان طلاق الحائض لا يقع، لانه لو كان واقعا لم يصحّ من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أن يأمر ابن عمر ان يرد زوجته إليه. لان الطلاق الواقع، كان ثلاثا و المطلقة ثلاثا، لا يرجع إليها الزوج حتّى تنكح زوجا آخر. فأمره بردها دليل على عدم وقوع الطلاق، فطلاق الحائض لا يقع (معه).

فِي كُلِّ طُهْرٍ تَطْلِيقَةً (1) (2) .

130 - وَ رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ قَالَ : طَلَّقَ اِبْنُ كِنَانَةَ اِمْرَأَتَهُ ثَلاَثاً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَحَزِنَ عَلَيْهَا حُزْناً شَدِيداً فَسَأَلَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَيْفَ طَلَّقْتَهَا فَقَالَ طَلَّقْتُهَا ثَلاَثاً فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّمَا تِلْكَ وَاحِدَةٌ فَرَاجِعْهَا إِنْ شِئْتَ فَرَاجَعَهَا (3) (4) .

131 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي اَلْخَطَأُ وَ اَلنِّسْيَانُ وَ مَا اِسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ (5)(6).

132 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ طَلاَقَ وَ لاَ عَتَاقَ فِي إِغْلاَقٍ وَ اَلْإِغْلاَقُ اَلْإِكْرَاهُ (7).

ص: 232


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 330:7. كتاب الخلع و الطلاق، باب الاختيار للزوج ان لا يطلق الا واحدة. رواه عن عطاء الخراسانيّ .
2- و هذا يدلّ على ان طلاق الحائض لا يقع، لانه مخالف للسنة، فيكون بدعة. و دال على ان الطلاق لا يقع الا في طهر. و انما المراد بالقرء، الطهر. و ان الطلاق الثلاث في طهر واحد، غير واقع (معه).
3- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 339:7. كتاب الخلع و الطلاق، باب من جعل الثلاث واحدة، و ما ورد في خلاف ذلك، و الوسائل. كتاب الطلاق، باب (29) من أبواب مقدماته و شرائطه. فراجع.
4- فيه دلالة على ان الطلاق الثلاث المرسلة، يقع منها واحدة، لا غير (معه).
5- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (3) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 2. و سنن ابن ماجة، ج 1، كتاب الطلاق، (16) باب طلاق المكره و الناسى حديث 2043 و 2045.
6- المراد بالرفع هنا، رفع أحكامها في أفعال المكلف. و المراد بالاستكراه، الاستكراه الرافع للقصد. و فيه دلالة على ان أفعال المكلف بأحد هذه الانواع لا حكم لها، الا ما خصص منها بدليل (معه).
7- المستدرك للحاكم ج 198:2. و سنن ابن ماجة، ج 16:1. كتاب الطلاق باب طلاق المكره و الناسى، حديث 2046.

133 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَعَنَ اَللَّهُ اَلْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ اَلشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَ أَكَلُوا أَثْمَانَهَا(1)(2).

134 - وَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : طَلاَقُ اَلْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَ عِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ (3).

135 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ عُمَرَ فِي خِلاَفَتِهِ سُئِلَ عَنْ عِدَّةِ تَطْلِيقِ اَلْأَمَةِ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُهُ فَأَشَارَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ كَانَ حَاضِراً فَأَشَارَ إِلَيْهِ بِإِصْبَعَيْهِ فَقَالَ اِثْنَتَانِ فَأَجَابَ عُمَرَ سَائِلَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ ذَلِكَ اَلسَّائِلُ إِنَّمَا سَأَلْتُكَ فَلَمْ تَدْرِ مَا تَقُولُ فَسَأَلْتَ هَذَا ثُمَّ رَضِيتَ مِنْهُ بِالْإِشَارَةِ دُونَ اَلْقَوْلِ فَقَالَ وَيْحَكَ إِنَّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (4) .

136 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ طَلاَقَ فِيمَا لاَ تَمْلِكُ وَ لاَ عِتْقَ فِيمَا لاَ تَمْلِكُ وَ لاَ بَيْعَ فِيمَا لاَ تَمْلِكُ (5)(6).

ص: 233


1- سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب التجارات، (11) باب بيع ما لا يحل بيعه، حديث 2167.
2- فيه دلالة على أن الحيلة بالمباح ليستباح به المحرم غير جائز (معه).
3- سنن ابن ماجة، ج 1، كتاب الطلاق، (3) باب في طلاق الأمة و عدتها، حديث 2079 و 2080. و الوسائل، كتاب الطلاق، باب (24) من أبواب اقسام الطلاق و أحكامه فلاحظ.
4- الوسائل، كتاب الطلاق باب (24) من أبواب أقسام الطلاق و أحكامه حديث 7، 5.
5- سنن أبي داود، ج 2، باب في الطلاق قبل النكاح، حديث 2190.
6- فيه دلالة على ان الثلاثة مشروطة بالملك، فبيع الفضولى، و طلاقه و عتاقه، لا يقع. و كذا طلاق الاجنبية، و ان تزوجها بعد. و عتق غير المملوك، و ان ملكه بعد، (معه).

137 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلطَّلاَقُ بِيَدِ مَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ (1)(2)(3).

138 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ تُحَرِّمُ اَلْمَصَّةُ وَ اَلْمَصَّتَانِ وَ لاَ اَلرَّضْعَةُ وَ اَلرَّضْعَتَانِ (4)(5).

139 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَنْ أَحَقُّ اَلنَّاسِ بِبِرِّي يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أُمُّكَ فَقَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أَبُوكَ (6) (7) .

ص: 234


1- سنن ابن ماجة، ج 1، كتاب الطلاق، (31) باب طلاق العبد، حديث 2081.
2- و هذا يدلّ على ان التوكيل في الطلاق للحاضر غير جائز. و أمّا الغائب فمخصص من هذا الحديث بدليل آخر. و فيه دلالة على أن طلاق العبد لزوجته، لا يتوقف على رضاء السيّد و اذنه إذا تزوج بحرة أو أمة غير مولاه (معه).
3- المشهور بين علمائنا، هو جواز التوكيل للحاضر، خلافا للشيخ في بعض كتبه، تعويلا على حديث حمله على الكراهة، طريق الجمع. و قوله: بيد من أخذ بالساق معناه، لا يجبر على الطلاق و لا يطلق عنه غيره، لا أنّه لا يجوز له التوكيل فيه حاضرا كان أو غائبا، (جه).
4- سنن ابن ماجة، ج 1، كتاب النكاح، (35) باب لا تحرم المصة و لا المصتان حديث 1940.
5- فيه دلالة على ان قليل الرضاع، لا يحرم (معه).
6- صحيح البخاريّ ، كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة، و لفظ الحديث (من أحق بحسن صحابتى إلخ) و رواه ابن ماجة في سننه، ج 2، كتاب الأدب، (1) باب بر الوالدين، حديث 3658. كما في المتن الا أنّه قال: (من أبر؟ قال: امك. قال: ثم من ؟ قال: امك. قال: ثم من ؟ قال: أباك).
7- فيه دلالة على اختصاص الام بثلاثة أرباع البر من الولد، و للاب الربع من بره، (معه).

140 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَ لاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ (1)(2).

141 - وَ رَوَى قَيْسُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ : اِنْطَلَقْتُ وَ اَلْأَشْتَرُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقُلْنَا لَهُ هَلْ عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ شَيْئاً لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى اَلنَّاسِ عَامَّةً قَالَ لاَ إِلاَّ مَا فِي كِتَابِي هَذَا وَ أَخْرَجَ كِتَاباً مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ فَإِذَا فِيهِ اَلْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَ هُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ وَ يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ أَلاَ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَ لاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ (3)الوسائل، كتاب القصاص، باب (4) من أبواب القصاص في النفس، فلاحظ. و سنن أبي داود ج 4، كتاب الديات، باب من قتل عبده أو مثل به، أ يقاد منه حديث 4517. و الجامع الصغير للسيوطي، ج 2 حرف (لا)، و سنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 35:8 كتاب الجنايات باب لا يقتل حر بعبد.(4) .

142 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ(4).

143 - وَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مِنَ اَلسُّنَّةِ أَنْ لاَ يُقْتَلَ حُرٌّ بِعَبْدٍ(5).

144 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ (6).

ص: 235


1- سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب الديات، (21) باب لا يقتل مسلم بكافر، حديث 2660.
2- و فيه دلالة على أن المسلم المؤمن لا يقتل بكافر. و ان المعاهد لا يقتل ما دام في عهده. و لا يجب اضمار الكافر الذي في الجملة الأولى، في الجملة الثانية، لانهما جملتان متغايرتان (معه).
3- مسند أحمد بن حنبل، ج 122:1، و تتمة الحديث (من أحدث حدثا، أو آوى محدثا، فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس أجمعين). و يشهد لبعض مضامين الحديث ما رواه في الوسائل، كتاب القصاص، باب
4- من أبواب القصاص في النفس حديث 6. و باب (8) من هذه الأبواب فلاحظ.
5- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 8: كتاب الجنايات باب لا يقتل حر بعبد.
6- سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الديات، (22) باب لا يقتل الوالد بولده -

145 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَعْتَى اَلنَّاسِ عَلَى اَللَّهِ اَلْقَاتِلُ غَيْرَ قَاتِلِهِ وَ اَلْقَاتِلُ فِي اَلْحَرَمِ وَ اَلْقَاتِلُ بِذَحْلِ اَلْجَاهِلِيَّةِ (1)(2).

146 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي اَلنَّفْسِ اَلْمُؤْمِنَةِ مِائَةُ إِبِلٍ (3)(4).

147 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اِدْرَءُوا اَلْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ (5)(6).

ص: 236


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 26:8. كتاب الجنايات، باب ايجاب القصاص على القاتل دون غيره، و لفظ الحديث: (قال: أعتى الناس على اللّه من قتل غير قاتله، أو طلب بدم في الجاهلية من أهل الإسلام، أو بصر عينيه ما لم تبصر). و نحوه روايات أخر أيضا. و أورد نحوه في الوسائل، كتاب القصاص، باب (1) من أبواب القصاص في النفس. حديث 14 و 18.
2- أي بطلب الجاهلية: بمعنى ان من له قصاص بقتل وقع قبل الإسلام، ثمّ هو يطلبه في زمان الإسلام، فيقتل القاتل بعد الإسلام بدم ذلك المقتول في الكفر، فان ذلك غير جائز (معه).
3- الوسائل، كتاب الديات، باب (1) من أبواب ديات النفس فلاحظ.
4- في: هنا بمعنى السببية أي بسبب قتل النفس المؤمنة، يجب دية مائة من الإبل. و هذه الدية لكل مقتول، عمدا كان أو خطاء، ذكرا. و الأنثى على النصف إذا كان حرا. و أمّا العبد فديته قيمته الا أن يتجاوز دية الحر، فيرد إليها، (معه).
5- الوسائل، كتاب الحدود و التعزيرات، باب (24) من أبواب مقدمات الحدود و أحكامها العامّة حديث (4). و السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 238:8. كتاب الجنايات باب ما جاء في درء الحدود بالشبهات. و رواه في المستدرك كتاب الحدود و التعزيرات باب (21) من أبواب مقدمات الحدود و أحكامها العامّة حديث 3 و 4.
6- هذا يدلّ على أن حقوق اللّه مبنية على التخفيف، فلا يستوفى الا مع اليقين (معه).

148 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا اَلْفَاعِلَ وَ اَلْمَفْعُولَ (1)سنن ابن ماجة، كتاب الحدود، (2) باب حدّ الزنا، حديث 2550.(3)هذا في بيان قوله تعالى: (أَوْ يَجْعَلَ اَللّٰهُ لَهُنَّ سَبِيلاً)، فبين عليه السلام ذلك السبيل، و نسخ به حكم الحبس في البيوت الوارد في قوله تعالى: (فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي اَلْبُيُوتِ ) و دل على ان المحصن يجمع له بين الجلد و الرجم، و غير المحصن يجلد و يغرب عاما (معه).(4).

149 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اَللَّهُ لَهُنَّ اَلسَّبِيلَ اَلْبِكْرَ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَ تَغْرِيبُ عَامٍ وَ اَلثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَ اَلرَّجْمُ (2)(3).

150 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا(5)(6).

151 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ مِنَ اَلْعِنَبِ خَمْراً وَ إِنَّ مِنَ اَلتَّمْرِ خَمْراً وَ إِنَّ مِنَ اَلْعَسَلِ خَمْراً وَ إِنَّ مِنْ اَلْبُرِّ خَمْراً وَ إِنَّ مِنَ اَلشَّعِيرِ خَمْراً(7)(7)(8).

ص: 237


1- رواه في المستدرك، كتاب الحدود و التعزيرات، باب
2- و هذا يدلّ على ان الخمر ليس محصورا في العنب، بل يعم كل مسكر، فيصدق شرعا ان كل مسكر خمر، كما هو منصوص في الحديث الذي يلي هذا الحديث (معه).
3- من أبواب حد اللواط، حديث
4- عن الجعفريات و عن عوالى اللئالى. و رواه ابن ماجة في سننه، كتاب الحدود، (12) باب من عمل عمل قوم لوط، حديث 2561.
5- مستدرك الوسائل، ج 2، كتاب الجهاد، باب (86) من أبواب جهاد النفس حديث 13 نقلا عن عوالى اللئالى.
6- أي تقطع أحكام المعاصى التي قبلها و تمنع تأثيرها في العقاب (معه).
7- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 289:8، كتاب الاشربة، باب ما جاء في تفسير الخمر الذي نزل تحريمها، و في الوسائل ج 17. كتاب الاطعمة و الاشربة باب (1) من أبواب الاشربة المحرمة، حديث 4.
8- يتفرع على هذا مسئلة نزح الماء كله من البئر. لان الوارد في النصوص، هو وقوع الخمر في البئر و انه يوجب نزحه. و أمّا باقى المسكرات فألحقها الشيخ و جماعة بها، و اعترضه المتأخرون بعدم الدليل عليها. و احتج له في المعتبر بهذه الرواية، أعنى كل مسكر خمر، و ضعفه بعض أهل الحديث باحتمال أن يكون مثله في التحريم، لا في كل شيء و لكل وجه. و الظاهر ان قول المعتبر هو الاوجه، لورود الإطلاق في أكثر الاخبار (جه).

152 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ (1).

153 - وَ قَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَ كُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ (2).

154 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ اَلنَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَ أَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا وَ حِسَابُهُمْ عَلَى اَللَّهِ (3)(4).

155 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيِّ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِسَرِيَّةٍ قِبَلَ أَوْطَاسٍ فَغَنِمُوا نِسَاءَهُمْ فَتَأَثَّمَ أُنَاسٌ مِنْ وَطْئِهِنَّ لِأَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ فَنَادَى فِيهِمْ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لاَ تُوطَأِ اَلْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ وَ لاَ اَلْحَيَالَى حَتَّى

ص: 238


1- الوسائل، ج 17 كتاب الاطعمة و الاشربة باب (15 و 17) من أبواب الاشربة المحرمة. و السنن الكبرى للبيهقيّ ج 293:8. كتاب الاشربة باب الدليل على ان الطبخ لا يخرج هذه الاشربة من دخولها في الاسم، و التحريم إذا كانت مسكرة.
2- السنن الكبرى للبيهقيّ ، كتاب الاشربة، ج 293:8 فلاحظ.
3- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب الفتن، (1) باب الكف عمن قال: لا إله إلاّ اللّه حديث 3927 و 3928.
4- هذا يدلّ على أن كلمة الشهادة مانعة لقائلها من أخذ دمه و ماله، الا أن يثبت عليه أحدهما بحق شرعى يوجب أخذ أحدهما، و قوله: و حسابهم على اللّه، يدل على أن التلفظ بالشهادتين ليس منجيا، بل مع شرائط أخر (معه).

يُسْتَبْرَئْنَ (1) (2) .

156 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أُحِلَّ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَ دَمَانِ (3)(4)(5).

157 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مَرَّةً صَلَّيْتُ بِهَا عَلَيْهِ عَشْراً(6).

ص: 239


1- الوسائل، كتاب النكاح، باب (8) من أبواب نكاح العبيد و الإماء، حديث 7 و مسند أحمد بن حنبل، ج 62:3. و لفظ الحديث (عن أبي سعيد الخدريّ ، ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: فى سبى أوطاس، لا توطأ حامل حتّى تضع، و لا غير حامل حتّى تحيض حيضة. رواه في المستدرك ج 2، كتاب النكاح باب (13) من أبواب نكاح العبيد و الإماء، حديث 2 عن مجمع البيان كما في المتن.
2- و هذا يدلّ على ان الاستبراء واجب في الصنفين الا أن الحامل استبرائها بالوضع، و الحائل بالحيض فان كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض، فاستبرائها بخمسة و أربعين يوما (معه).
3- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب الاطعمة، (31) باب الكبد و الطحال، حديث 3314. و لفظ الحديث (ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم، قال: أحلت لكم ميتتان و دمان. فاما الميتتان فالحوت و الجراد. و أمّا الدمان فالكبد و الطحال).
4- المراد بالميتتان. السمك و الجراد. و أمّا الدمان: فقيل انهما الطحال و الدم المتخلف من المذبوح فيكون دالا على حل الطحال. و الاكثر على أن المراد بهما الدم المتخلف في اللحم و الكبد (معه).
5- أقول يحل ميتة السمك و الجراد، يعنى من غير التذكية المعهودة، و ان كان لكل واحد تذكية مخصوصة. و أمّا الطحال، فهو عندنا حرام، فالمراد الدم المتخلف في اللحم (جه).
6- سنن النسائى، كتاب الصلاة، فضل التسليم على النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم و لفظ الحديث: (ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم جاء ذات يوم و البشرى في وجهه، فقلنا: انا لنرى البشرى في وجهك ؟ فقال: انه أتانى الملك فقال: يا محمّد ان ربك يقول: أ ما يرضيك أنّه لا يصلى عليك أحد، الا صليت عليه عشرا، و لا يسلم عليك أحد الا سلمت عليه عشرا).

158 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَلَى ذَبِيحَتِهِ بِسْمِ اَللَّهِ اَللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ(1)الوسائل، ج 17، باب (9) من أبواب الاطعمة المباحة، حديث 2 و لفظ الحديث (عن عليّ عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: اللحم سيد الطعام في الدنيا و الآخرة) و رواه في المستدرك ج 3، باب (7) من أبواب الاطعمة المباحة، حديث (3) و لفظ الحديث (عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال سيد إدامكم اللحم).(2)(3).

159 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : سَيِّدُ اَلْإِدَامِ اَللَّحْمُ (3).

160 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَدْخَلَ فِي دِينِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ(4)(5).

161 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : رُدُّوا اَلْجَهَالاَتِ (6).

162 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَ إِنَّكُمْ لَتَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَ لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَضَيْتُ

ص: 240


1- صحيح مسلم، كتاب الاضاحى،
2- باب استحباب الضحية و ذبحها مباشرة بلا توكيل و التسمية و التكبير، حديث 19.
3- و هذا يدلّ على أن ذكر البسملة كلها في الذبيحة غير واجبة (معه).
4- فيه دلالة على أن كل بدعة في الدين يجب ردها (معه).
5- صحيح مسلم ج 3، كتاب الاقضية، (8) باب نقض الاحكام و ردّ محدثات الأمور، حديث 17. و لفظ الحديث (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) قال الامام النووى في شرح الحديث: قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام، و هو من جوامع كلمه فانه صريح في ردّ كل البدع.
6- يحتمل أن يراد بالجهالات، ما يجزم العقل بامتناعها، فيكون المراد بها الجهل المركب و يحتمل أن يراد بها الاغضاب الناشئة عن القوّة الغضبية المنافية لفضيلة الحلم. و يحتمل أن يراد بها الجهالات البسيطة التي هي عدم العلم. و يكون ردها بتعليم العلم و تعلمه. و يحتمل إرادة الجميع، بل هو أجمع للمعنى و أولى باللفظ (معه).

لَهُ بِشَيْ ءٍ مِنْ أَخِيهِ فَلاَ تَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ اَلنَّارِ(1)(2)(3).

ص: 241


1- صحيح البخاريّ ، كتاب الاحكام، باب موعظة الامام للخصوم. و سنن ابن ماجه ج 2، كتاب الاحكام (5) باب قضية الحاكم لا تحل حراما و لا تحرم حلالا، حديث 2317.
2- اللحن بالحجة: اظهارها، و القدرة على التعبير عن المراد بالعبارات المرجحة لقوة الدعوى. و هذا يدلّ على انه صلّى اللّه عليه و آله و سلم انما يحكم في حقوق الناس بعضهم على بعض، بالبناء على الظاهر، و انه لا يجب عليه أن يحكم بعلمه، فيحملهم على الأمور الباطنة، و الا لفسد النظام الاجتماعى، و لكن ذلك الحكم لا يوجب تحليل ما هو محرم. فغير المحق لا يجوز له أن يأخذ ما ليس له بحق بحكم الحاكم، و الا لكان مأثوما معاقبا، بل ظاهر الحديث يقتضى ان ذلك من الكبائر (معه).
3- أقول: تحرير الخلاف في هذه المسألة، هو أن ظاهر الاصحاب الاتفاق على أن الإمام عليه السلام يحكم بعلمه مطلقا، لعصمته المانعة من تطرق التهمة، و علمه المانع من الخلاف. و الخلاف في غيره من الحكام، و الأظهر عندهم أنّه يعمل بعلمه مطلقا، و ادعى السيّد عليه اجماع الطائفة، و قال: انه من متفرداتهم من بين علماء الإسلام. و قيل: لا يجوز مطلقا. و حكوه عن ابن الجنيد، بل الذي حكاه عنه المرتضى، انه عمم القول في الامام و غيره، و قال ابن إدريس: يجوز للحاكم العمل بعلمه في حقوق الناس دون حقوق اللّه. و حكى عن بعض القدماء، العكس. فهذا خلاصة تحرير الخلاف في المسألة. قال شيخا الزينى عطر اللّه مرقده: و أصح الأقوال جواز قضاء الحاكم مطلقا، لان العلم أقوى من الشاهدين لأنّهما يفيد الظنّ . و العلامة في المختلف و غيره في غيره، استدلوا على ردّ قول ابن الجنيد في تعميمه الحكم بالامام بحكاية الاعرابى الذي ادعى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلم: سبعين درهما ثمن ناقة باعها منه، فقال عليه السلام: «قد أوفيتك» فقال الاعرابى: أجعل بينى و بينك حكما يحكم بيننا، فحكما أبا بكر، فطلب البينة عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ أتى عليّ عليه السلام فحكماه في تلك القضية، فقال: يا أعرابى أصدق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فيما قال: انه أوفاك السبعين الدرهم ؟ فقال: لا، فأخرج سيفه فضرب عنقه! فقال: يا رسول اللّه نحن نصدقك على امر اللّه، و الجنة و النار و الوحى، و لا نصدقك في ثمن ناقة هذا الاعرابى. فقتلته لما كذبك. فقال: أصبت يا على، فلا تعد الى مثلها ثمّ التفت إلى أبى بكر، و قال هذا حكم اللّه لا ما حكمت. و روى الشيعة واقعة مثلها لعلى عليه السلام، و انه قتل أعرابيا تداعى معه صلّى اللّه عليه و آله على ناقة اشتراها النبيّ منه. و يمكن أن يقال في وجه الجمع بين أخبار هذا الباب، ان علم الحاكم سواء كان الامام أو غيره، ان كان مستندا الى العلم بالإقرار أو الشهود أو الامارات الشرعية المتعاضدة، حتى افادت العلم جاز له العمل بها، بل وجب عليه لما ذكر. اما لو كان مستندا الى العلم الإلهي و الالهام النبوى فيمكن أن يقال: ان العمل به غير واجب، و يحمل حديث الكتاب عليه. و ذلك ان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان يعلم من أحوال المنافقين و غيرهم ما يوجب عليهم الحدود و القتل، و كان يتوعدهم بعلمه، و ما عمل معهم ما يقتضيه علمه، بل كان يعنف شهود الزنا و غيرهم، و يأمر بستر الزنا و غيره، و يعنفهم على الإقرار، و ما خفى عليه (صلّى اللّه عليه و آله) ما عرفه الشهود، بل كان يأخذ الناس و يحملهم على العلم الظاهر المستند الى البينات و الشهود، و كذلك أخوه و باب مدينة علمه سلام اللّه عليه. نعم كان يتوصل بدقيق الفكر الى اظهار الوقائع التي يعلمها سرا، حتى يظهر للناس و يتوافق العلم الظاهر و الباطن. و أمّا حكاية الاعرابى و قتل عليّ عليه السلام له، فهو قد صرّح بانه قتله، لتكذيبه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و كل من كذبه وجب عليه القتل، و هذا ممّا لا دخل له في الدعاوى، لانه عليه السلام لم يقتصر على أخذ الناقة و الثمن من الاعرابى. نعم لو كانت هذه المقدّمة مع غير النبيّ من أحاد الناس لصحت دليلا على المدعى. و أيضا قد روى في الأخبار الصحيحة ان مولانا المهدى سلام اللّه عليه إذا ظهر حكم بحكم آل داود، و لا يسأل بينة، بل يعمل بما يعلمه، و هذا الحكم من خواصه. و أيضا جاء في الحديث ما روى عنه صلّى اللّه عليه و آله في قضية الملاعنة (لو كنت راجما من غير بينة لرجمتها) (جه).

163 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ اَلْخَائِنِ وَ لاَ اَلْخَائِنَةِ وَ لاَ اَلزَّانِي وَ لاَ

ص: 242

اَلزَّانِيَةِ وَ لاَ ذِي غَمْزٍ عَلَى أَخِيهِ وَ اَلْغَمْزُ اَلْحِقْدُ(1)(2).

164 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَمَرَ مُنَادِيَهُ يُنَادِي لاَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَصِيمٍ [خَصْمٍ ] وَ لاَ ظَنِينٍ (3)(4).

165 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنِ اَللَّعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ (5) (6) .

166 وَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَ - مٰا هٰذِهِ اَلتَّمٰاثِيلُ اَلَّتِي أَنْتُمْ لَهٰا عٰاكِفُونَ (7).

167 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ (8).

168 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ اَلْخِنْزِيرِ

ص: 243


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 201:10 (باب لا تقبل شهادة خائن و لا خائنة و لا ذى غمز على أخيه و لا ظنين و لا خصم).
2- و هذا يدلّ على أن العدالة شرط في الشاهد، و على أن العداوة تمنع قبول الشهادة على من له معه عداوة (معه).
3- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 201:10 (باب لا تقبل شهادة خائن و لا خائنة و لا ذى غمز على أخيه و لا ظنين و لا خصم).
4- الظنين هو المتهم و تحصل التهمة بالحرص على اقامة الشهادة (معه).
5- النهى للتحريم. و يؤيده الحديث الثاني المشتمل على الاستفهام الذي جاء للتقريع و الإنكار (معه).
6- الوسائل، كتاب التجارة، باب (102) من أبواب ما يكتسب به حديث 9.
7- السنن الكبرى للبيهقيّ ج 212:10 (باب الاختلاف في اللعب بالشطرنج) و الحديث مرويّ عن أمير المؤمنين عليه السلام.
8- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 214:10 (باب كراهية اللعب بالنرد أكثر من كراهية اللعب بالشيء من الملاهى).

وَ دَمِهِ (1)(2).

169 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْغِنَاءُ يُنْبِتُ اَلنِّفَاقَ فِي اَلْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ اَلْمَاءُ اَلْبَقْلَ (3).

170 وَ نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَنْ بَيْعِ اَلْمُغَنِّيَاتِ وَ شِرَائِهِنَّ وَ اَلتِّجَارَةِ فِيهِنَّ وَ أَكْلِ ثَمَنِهِنَّ (4) .

171 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : ثَمَنُ اَلْمُغَنِّيَةِ سُحْتٌ (5).

172 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْبَيِّنَةُ عَلَى اَلْمُدَّعِي وَ اَلْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ(6).

173 - وَ رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ وَ اِبْنُ مَسْعُودٍ: فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَ اِجْتَنِبُوا

ص: 244


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 214:10 (باب كراهية اللعب بالنرد أكثر من كراهية اللعب بالشيء من الملاهى).
2- و هو دال على التحريم، (معه).
3- الوسائل، كتاب التجارة، باب (101) من أبواب ما يكتسب به، حديث 1 و لفظ الحديث (عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: استماع اللهو و الغناء ينبت النفاق كما ينبت الماء الزرع).
4- مستدرك الوسائل، ج 2، كتاب التجارة، باب (14) من أبواب ما يكتسب به، حديث 4 نقلا عن عوالى اللئالى. و سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب التجارات، (11) باب ما لا يحل بيعه، حديث 2168.
5- الجامع الصغير للسيوطي، حرف الثاء، و لفظ ما رواه (ثمن القينة سحت، و غناؤها حرام، و النظر إليها حرام و ثمنها مثل ثمن الكلب، و ثمن الكلب سحت، و من نبت لحمه على السحت فالنار أولى به).
6- الوسائل، كتاب القضاء، باب (3) من أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى حديث 2. و لفظ الحديث (البينة على المدعى و اليمين على المدعى عليه). و صحيح البخارى، كتاب الرهن في الحضر (باب إذا اختلف الراهن و المرتهن و نحوه، فالبينة على المدعى و اليمين على المدعى عليه).

قَوْلَ اَلزُّورِ(1) وَ قَوْلِهِ وَ مِنَ اَلنّٰاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ اَلْحَدِيثِ (2) إِنَّهُ اَلْغِنَاءُ (3).

ص: 245


1- الحجّ : 30.
2- لقمان: 6.
3- الدّر المنثور ج 5، سورة لقمان.

الفصل العاشر في أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية

1 - رُوِيَ فِي بَعْضِ اَلْأَخْبَارِ: أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَجُلٌ اِسْمُهُ مُجَاشِعٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ كَيْفَ اَلطَّرِيقُ إِلَى مَعْرِفَةِ اَلْحَقِّ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَعْرِفَةُ اَلنَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ كَيْفَ اَلطَّرِيقُ إِلَى مُوَافَقَةِ اَلْحَقِّ قَالَ مُخَالَفَةُ اَلنَّفْسِ قَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَكَيْفَ اَلطَّرِيقُ إِلَى رِضَاءِ اَلْحَقِّ قَالَ سَخَطُ اَلنَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَكَيْفَ اَلطَّرِيقُ إِلَى وَصْلِ اَلْحَقِّ قَالَ هَجْرُ اَلنَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَكَيْفَ اَلطَّرِيقُ إِلَى طَاعَةِ اَلْحَقِّ قَالَ عِصْيَانُ اَلنَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَكَيْفَ اَلطَّرِيقُ إِلَى ذِكْرِ اَلْحَقِّ قَالَ نِسْيَانُ اَلنَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَكَيْفَ اَلطَّرِيقُ إِلَى قُرْبِ اَلْحَقِّ قَالَ اَلتَّبَاعُدُ عَنِ اَلنَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَكَيْفَ اَلطَّرِيقُ إِلَى أُنْسِ اَلْحَقِّ قَالَ اَلْوَحْشَةُ مِنَ اَلنَّفْسِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ كَيْفَ اَلطَّرِيقُ إِلَى ذَلِكَ قَالَ اَلاِسْتِعَانَةُ بِالْحَقِّ عَلَى اَلنَّفْسِ (1) .

2 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اِسْتَحْيُوا مِنَ اَللَّهِ حَقَّ اَلْحَيَاءِ فَقِيلَ لَهُ وَ كَيْفَ اَلاِسْتِحْيَاءُ مِنَ اَللَّهِ حَقَّ اَلْحَيَاءِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَنْ حَفِظَ اَلرَّأْسَ وَ مَا حَوَى وَ اَلْبَطْنَ

ص: 246


1- المستدرك، كتاب الجهاد، باب (1) من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه حديث 5، نقلا عن العوالى.

وَ مَا وَعَى وَ تَرَكَ زِينَةَ اَلْحَيَاةِ اَلدُّنْيَا فَقَدِ اِسْتَحَى مِنَ اَللَّهِ حَقَّ اَلْحَيَاءِ (1) (2) .

3 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَادِمِ اَللَّذَّاتِ فَمَا ذُكِرَ فِي قَلِيلٍ إِلاَّ وَ قَدْ كَثَّرَهُ وَ لاَ كَثِيرٍ إِلاَّ وَ قَلَّلَهُ (3)(4).

ص: 247


1- مسند أحمد بن حنبل ج 387:1.
2- حفظ الرأس و ما حوى، المراد منه الاذن و العين و اللسان. و ما وعاه البطن، المراد حفظه من الحرام و ترك ذكر الفرج، اما لدخوله في الثاني، أو في زينة الحياة الدنيا. و لا تظن أن الأعيان الحسنة، من المساكن و المناكح و الملابس و المراكب و المتاجر، و نحو ذلك كلها من زينة الحياة الدنيا المذمومة، فان كثيرا من الأنبياء و الأئمّة و الأولياء، تانقوا في أعيان الدنيا و لذاتها، و ناهيك بسليمان عليه السلام و الحسن ابن عليّ بن أبي طالب عليه السلام. و قد روى عن الصادق عليه السلام لما دخل عليه سفيان الثوري و أصحابه الصوفية و كان لابسا أفخر الثياب، فاعترضوا عليه بقولهم ان أباك عليّ بن أبي طالب كان يلبس أخشن الثياب، فكيف لم تقتد به، فأجابهم تارة بان اللّه انما خلق الدنيا لاوليائه، و الا فالكفار لا يعتد بهم حتّى يخلق لهم ملابس الدنيا و مطاعمها، و نحن قوم إذا وسع اللّه علينا، وسعنا على أنفسنا، و إذا ضيق علينا ضيقنا على أنفسنا. و أمّا أمير المؤمنين فكان أوائل الإسلام و الناس في ضنك العيش، فكان يسلك مسالك أهل ذلك الزمان، و لو كان الآن موجودا، لتشبه بأهل هذا الزمان في ملابسه و غيرها، لئلا يتهم عند الناس بالتصنع. نعم استعمال الأعيان إذا وقع على جهة بذل نعم اللّه، و الاخبار بها امتثالا لقوله تعالى: (وَ أَمّٰا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ). أى فحدث بالفعل لا بالقول وحده، فاستعمالها ليس استعمالا لزينة الحياة الدنيا. و هذا مجمل، أوردنا تفصيله في كتاب الأنوار (جه).
3- الجامع الصغير للسيوطي، حرف (الهمزة)، نقلا عن البيهقيّ في شعب الايمان.
4- يحتمل أن يراد بالتكثير و التقليل في الاعمال الخيرية و الشرية. فان من -

4 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلْعَقْلُ نُورٌ خَلَقَهُ اَللَّهُ لِلْإِنْسَانِ وَ جَعَلَهُ يُضِيءُ عَلَى اَلْقَلْبِ لِيَعْرِفَ بِهِ اَلْفَرْقَ بَيْنَ اَلْمُشَاهَدَاتِ مِنَ اَلْمَغِيبَاتِ (1).

5 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَيْسَ اَلْإِيمَانُ بِالتَّخَلِّي وَ لاَ بِالتَّحَلِّي وَ لَكِنْ مَا وَقَرَ فِي اَلْقَلْبِ وَ صَدَّقَهُ اَلْعَمَلُ (2).

ص: 248


1- ذهب الناس الى آراء مختلفة في معنى العقل و حقيقته. و يظهر من هذا الحديث انه جوهر نورانى يضىء على القلب اضاءة الشمس في هذا العالم، و يعرف به ما يمكن مشاهدته بعين البصيرة، كالعلوم و المعارف ممّا لا يمكن الاطلاع عليه، كأسرار عالم الملكوت. و في كلام المحققين اطلاق العقل تارة على العلم بحقايق الأمور، فيكون عبارة من صفة العلم، و قد يطلق و يراد به المدرك للعلوم، فيكون هو القلب، أعنى اللطيفة الروحانية المتعلقة بالقلب الصنبوبرى، كما سيأتي بيانه. و قوله عليه السلام: لما سئل عن العقل ؟ فقال: (ما عبد به الرحمن و اكتسب به الجنان) تعريف له بالغاية (جه).
2- يحتمل اشتقاق التخلى، من الخلوة، و معناه الجلوس وحده في مكان خارج عن المشتغلات، و اشتقاق التحلى من الحلية، و هي لبس ثياب الزهاد. و معنى الحديث -

6 - وَ رَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : نَاجَى دَاوُدُ رَبَّهُ فَقَالَ إِلَهِي لِكُلِّ مَلِكٍ خِزَانَةٌ فَأَيْنَ خِزَانَتُكَ فَقَالَ جَلَّ جَلاَلُهُ لِي خِزَانَةٌ أَعْظَمُ مِنَ اَلْعَرْشِ وَ أَوْسَعُ مِنَ اَلْكُرْسِيِّ وَ أَطْيَبُ مِنَ اَلْجَنَّةِ وَ أَزْيَنُ مِنَ اَلْمَلَكُوتِ أَرْضُهَا اَلْمَعْرِفَةُ وَ سَمَاؤُهَا اَلْإِيمَانُ وَ شَمْسُهَا اَلشَّوْقُ وَ قَمَرُهَا اَلْمَحَبَّةُ وَ نُجُومُهَا اَلْخَوَاطِرُ وَ سَحَابُهَا اَلْعَقْلُ وَ مَطَرُهَا اَلرَّحْمَةُ وَ أَشْجَارُهَا اَلطَّاعَةُ وَ ثَمَرُهَا اَلْحِكْمَةُ وَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ اَلْعِلْمُ وَ اَلْحِلْمُ وَ اَلصَّبْرُ وَ اَلرِّضَاءُ أَلاَ وَ هِيَ اَلْقَلْبُ (1).

ص: 249


1- يأتي في آخر الحديث، انها القلب. و ليعلم أن القلب كما حققه طائفة من أرباب القلوب يطلق على معنيين. أحدهما اللحم الصنوبرى المشكل المودع في جانب الايسر من الصدر و هو لحم مخصوص، و في باطنه تجويف. و في ذلك التجويف دم أسود، و هو منبع الروح و معدنه و هذا المعنى للقلب موجود للبهائم، بل للميت، و ليس هو المراد في هذا الباب. و المعنى الثاني، لطيفة ربانية روحانية، لها بهذا القلب الجسماني، تعلق. و تلك -

ص: 250

ص: 251

7 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : بَرُّوا آبَاءَكُمْ يَبَرَّكُمْ أَبْنَاؤُكُمْ وَ عِفُّوا عَنْ اَلنِّسَاءِ تَعِفَّ نِسَاؤُكُمْ (1)(2)(3).

8 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصَّلاَةِ إِذَا بَلَغُوا سَبْعاً وَ اِضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا

ص: 252


1- الوسائل كتاب النكاح، باب (31) من أبواب النكاح المحرم و ما يناسبه، حديث 5.
2- الامر للموضعين للوجوب (معه).
3- و ردّ في الاثر أن رجلا سقاء كان يستقى لرجل صائغ أعواما كثيرة، لا ينظر الى أحد من نسائه، فاتى يوما و وضع القربة، و وقع على امرأة الصائغ فلمسها و قبلها و خرج، فتعجبت المرأة من فعله، فلما أتى زوجها الصائغ من السوق، أقسمت عليه المرأة بان يحكى لها ما صنع في ذلك اليوم، فقال: جاءتنى امرأة صغت لها سوارا، و كشفت لي عن يدها لا دخل السوار فيها فأعجبنى كفها، فقبلت يدها، ثمّ حكت له ما أتاه السقاء إليها. و في الحديث ان رجلا جاء الى امرأة فاستغصبها فرجها، و نام على بطنها، فالهمت أن قالت له أنت تزنى معى و في بيتك من يزنى بامرأتك، فاسرع الى منزله فوجد رجلا مع امرأته فأتى به الى داود عليه السلام شاكيا فأوحى اللّه تعالى: (كما تدين تدان، و من زنى بنساء الناس زنى الناس بنسائه) (جه).

إِذَا بَلَغُوا تِسْعاً وَ فَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي اَلْمَضَاجِعِ إِذَا بَلَغُوا عَشْراً(1)المشهور هو استحباب التمرين من الأولياء، لا وجوبه. نعم اختلفوا في أن عبادة الصبى هل هي شرعية ؟ بمعنى انها مستندة الى أمر الشارع، فيتحقّق عليها الثواب أو تمرينية. فذهب الشيخ و جماعة الى الأول، لان الامر بالامر بالشيء، أمر بذلك الشيء بمعنى أن الظاهر من حال الامر كونه مريدا لذلك الشيء. و العلامة في المختلف على أنها تمرينية، لان التكليف مشروط بالبلوغ.

و نوقش في اعتبار هذا الشرط على اطلاقه، بلغو شرط في الواجب و المحرم. و الأولى ان عباداته شرعية، فوصف بالصحة و البطلان، و على القول بأنها تمرينية، لم توصف بشيء منهما، لانها غير شرعية، بناء على ان الشارع لم يخاطب بها. و للكلام محل آخر فأرجع إليه. و قوله: «و فرقوا بينهم» يتناول الصبيان الاقارب و الاباعد، حتى الاخوة و نحوهم (جه).(2)(3)(3).

9 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ كَانَ لَهُ أُخْتَانِ أَوْ بِنْتَانِ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِمَا كُنْتُ أَنَا وَ هُوَ

ص: 253


1- سنن أبي داود، ج 1، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، حديث 495 و رواه في المستدرك ج 1، كتاب الصلاة، باب
2- من أبواب وجوب الصلاة، حديث 4 نقلا عن عوالى اللئالى. و يدلّ على الجزء الأول من الحديث ما رواه في الوسائل، كتاب الصلاة، باب (3) من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها، حديث (5) و لفظ الحديث (فمروا صبيانكم بالصلاة إذا كانوا بنى سبع) و يدلّ على الجزء الثاني من الحديث ما رواه في الوسائل، كتاب النكاح، باب (128) من أبواب مقدماته و آدابه، و باب (29) من أبواب النكاح المحرم و ما يناسبه، و باب (74) من أبواب أحكام الاولاد.
3- و هذا خطاب للأولياء، و هو واجب عليهم، ليصير الاطفال عند بلوغهم متأدبين بالآداب الشرعية (معه).

فِي اَلْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ وَ أَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ اَلسَّبَّابَةِ وَ اَلْوُسْطَى (1) (2) .

10 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اُبْتُلِيَ بِشَيْ ءٍ مِنْ هَذِهِ اَلْبَنَاتِ فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْراً مِنَ اَلنَّارِ(3).

11 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَكْرِمُوا أَوْلاَدَكُمْ وَ أَحْسِنُوا آدَابَهُمْ (4)(5).

12 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا زَالَ جَبْرَئِيلُ يُوصِينِي فِي أَمْرِ اَلنِّسَاءِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَحْرُمُ طَلاَقُهُنَّ (6).

13 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَيُّمَا رَجُلٍ ضَرَبَ اِمْرَأَتَهُ فَوْقَ ثَلاَثٍ أَقَامَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ اَلْخَلاَئِقِ فَيَفْضَحُهُ فَضِيحَةً يَنْظُرُ إِلَيْهِ اَلْأَوَّلُونَ وَ اَلْآخِرُونَ (7).

ص: 254


1- سنن الترمذي، كتاب البر و الصلة، (13) باب ما جاء في النفقة على البنات و الاخوات، حديث 1916. و لفظ الحديث (عن أبي سعيد الخدريّ ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: «من كان له ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، أو ابنتان أو اختان فأحسن صحبتهن و اتقى اللّه فيهن، فله الجنة). و في حديث آخر من هذا الباب: «من عال جاريتين دخلت أنا و هو الجنة كهاتين» و أشار باصبعيه.
2- المراد الاحسان اليهن في باب الانفاق و التكريم و التأديب (معه).
3- سنن الترمذي، كتاب البر و الصلة، (13) باب ما جاء في النفقة على البنات و الاخوات، حديث 1913.
4- سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب الأدب، (3) باب بر الوالد و الاحسان الى البنات حديث 3671.
5- الامر للوجوب في الموضعين (معه).
6- الوسائل، كتاب النكاح، باب (88) من أبواب مقدماته و آدابه، حديث 4 و لفظ الحديث (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «أوصانى جبرئيل بالمرأة حتّى ظننت أنه لا ينبغي طلاقها الا من فاحشة مبينة»).
7- مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (65) من أبواب مقدمات النكاح، حديث 6 نقلا عن عوالى اللئالى.

14 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَيُّمَا اِمْرَأَةٍ خَرَجَتْ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَعَنَهَا كُلُّ شَيْ ءٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ اَلشَّمْسُ وَ اَلْقَمَرُ إِلَى أَنْ يَرْضَى عَنْهَا زَوْجُهَا(1).

15 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَيْسَ مِنَّا مَنْ وَسَّعَ اَللَّهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَتَّرَ عَلَى عِيَالِهِ (2).

16 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اِسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً فَإِنَّهُنَّ عِنْدَكُمْ عَوَانِي أَيْ أَسِيرَاتٌ (3).

17 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَ كُلُّ رَاعٍ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَ اَلمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى مَالِ زَوْجِهَا وَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُ (4).

18 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَ لَوْ بِالسَّلاَمِ (5).

19 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : صِلَةُ اَلْقَرَابَةِ مَحَبَّةٌ فِي اَلْأَهْلِ وَ مَثْرَاةٌ فِي اَلْمَالِ وَ مَنْسَأَةٌ فِي اَلْأَجَلِ (6).

ص: 255


1- جامع الصغير للسيوطي، حرف الهمزة، نقلا عن تاريخ الخطيب. و في الوسائل، كتاب النكاح، باب (8) من أبواب مقدماته و آدابه، حديث 6. و باب (117) من هذه الأبواب حديث 5 بمعناه.
2- جامع الصغير للسيوطي، حرف اللام، نقلا عن مسند الفردوس للديلميّ .
3- مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (65) من أبواب مقدمات النكاح حديث 6 نقلا عن عوالى اللئالى.
4- صحيح البخاريّ ، كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى و المدن. و مسند أحمد ابن حنبل ج 111:2.
5- فيه، بلوا أرحامكم و لو بالسلام، أي ندوها بصلتها، و هم يطلقون النداوة على الصلة، كما يطلقون اليبس على القطيعة، لانهم لما رأوا بعض الأشياء يتصل و يختلط بالنداوة، و يحصل بينهما التجافى و التفرق باليبس، استعاروا البلل لمعنى الوصل، و اليبس لمعنى القطيعة (النهاية).
6- الجامع الصغير للسيوطي، حرف الصاد، نقلا عن الطبراني في الاوسط.

20 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : صِلَةُ اَلرَّحِمِ تَزِيدُ فِي اَلْعُمُرِ(1).

21 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي خُطْبَةٍ لَهُ : اَللَّهَ اَللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَ أَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ وَ لاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا لاَ يُطِيقُونَ فَإِنَّهُمْ لَحْمٌ وَ دَمٌ وَ خَلْقٌ أَشْكَالُكُمْ فَمَنْ ظَلَمَهُمْ فَأَنَا خَصْمُهُمْ وَ اَللَّهُ حَاكِمُهُمْ (2)(3).

22 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اَللَّهُ بِهَا بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْواً مِنْهُ مِنَ اَلنَّارِ(4)صحيح مسلم، كتاب البر و الصلة و الآداب، (42) باب الوصية بالجار و الاحسان إليه حديث 142 و 143.(5).

23 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: إِذَا طَبَخْتَ فَأَكْثِرْ مِنَ اَلْمَرَقِ وَ تَعَاهَدْ جِيرَانَكَ (5) وَ مَنْ آذَى جَارَهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اَللّٰهِ وَ اَلْمَلاٰئِكَةِ وَ اَلنّٰاسِ أَجْمَعِينَ .

24 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا زَالَ جَبْرَئِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ (6).

ص: 256


1- قرب الإسناد، ج 2 ص 188، باب في المعروف و الصدقة و صلة الرحم، و لفظ الحديث (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «صنع المعروف يدفع ميتة السوء، و الصدقة في السر تطفى غضب الرب، و صلة الرحم تزيد في العمر و تنفى الفقر، و قول لا حول و لا قوة الا باللّه العلى العظيم كنز من كنوز الجنة، و هي شفاء من تسعة و تسعين داء أدناه الهم».
2- الامر للوجوب، و فيه دلالة على وجوب النفقة و الكسوة للمماليك (معه).
3- أمالى ابن الشيخ ص 257 و فيه (كسى أبو ذرّ بردين فاتزر بأحدهما، و ارتدى بشملة. و كسى غلامه أحدهما ثمّ خرج الى القوم، فقالوا له: يا أبا ذر، لو لبستهما جميعا كان أجمل، قال: أجل و لكنى سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول: (اطعموهم ممّا تأكلون و البسوهم ممّا تلبسون).
4- الوسائل، كتاب العتق، باب (1) استحبابه، حديث 7 و 8. و صحيح مسلم، كتاب العتق،
5- باب فضل العتق، حديث 22 و 23.
6- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (86) من أبواب أحكام العشرة، حديث 5 و صحيح مسلم، كتاب البر و الصلة و الآداب، (42) باب الوصية بالجار و الاحسان إليه، حديث 140 و 141 و سنن ابن ماجة، كتاب الأدب، (4) باب حقّ الجوار، حديث 3673 و 3674.

25 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ اَلَّذِي يَشْبَعُ وَ جَارُهُ إِلَى جَنْبِهِ جَائِعٌ (1)(2).

26 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ تَزَوَّجَ فَقَدْ أَحْصَنَ نِصْفَ دِينِهِ فَلْيَتَّقِ اَللَّهَ فِي اَلنِّصْفِ اَلْبَاقِي(3).

27 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَا مَعْشَرَ اَلشُّبَّانِ عَلَيْكُمْ بِالْبَاءَةِ (4) فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ (5).

ص: 257


1- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (88) من أبواب أحكام العشرة، حديث 1، و لفظ الحديث (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم: ما آمن بى من بات شبعان و جاره جائع).
2- المراد بالجائع من ليس عنده ما يعيش به مطلقا، (معه).
3- الوسائل، كتاب النكاح باب (1) من أبواب مقدماته و آدابه، حديث 11-12. و لفظ الحديث: (من تزوج أحرز نصف دينه).
4- الباءة، فيها أربع لغات حكاها القاضي عياض: الفصيحة المشهورة، الباءة، بالمد و الهاء، و الثانية: بلا مد و الثالثة: الباء بالمد بلا هاء، و الرابعة: الباهة بهاءين بلا مد. و أصلها في اللغة: الجماع، مشتقة من المباءة و هي المنزل، و منه مباءة الإبل، و هي مواطنها ثمّ قيل لعقد النكاح: باءة، لان من تزوج امرأة بوأها منزلا. و اختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان الى معنى واحد، أصحهما أن المراد معناه اللغوى و هو الجماع. فتقديره من استطاع منكم الجماع لقدرته على مئونته، و هي مؤن النكاح، فليتزوج. و من لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه، فعليه بالصوم ليقطع شهوته، و يقطع شر منيه، كما يقطعه الوجاء. (ملخص شرح الامام النووى).
5- صحيح مسلم، كتاب النكاح، (1) باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه اليه، و وجد مئونة، و اشتغال من عجز عن المؤن بالصوم، حديث (1). و سنن ابن ماجة، كتاب النكاح، (1) باب ما جاء في فضل النكاح، حديث 1845.

28 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خَيْرُ نِسَائِكُمُ اَلْوَلُودُ اَلْوَدُودُ(1)الدمن جمع دمنة، و هي المنزل الذي ينزل به أحياء العرب، و يحصل بسبب نزولهم تغيير في أرضه، بسبب الاحداث الواقعة منهم، و من مواشيهم. فاذا أمطرت أنبتت نبتا حسنا شديد الخضرة و الطراوة، لكنه مرعى و بيل للابل يضر بها. فشبه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله المرأة الجميلة إذا كانت من أصل رديء بنبت هذه الدمنة في الضرر و الفساد. و فيه دلالة على أن النهى عنها نهى تنزيه، لانه مبنية على مصلحة دنيوية (معه).(2).

29 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : حَصِيرٌ مَلْفُوفٌ فِي زَاوِيَةِ اَلْبَيْتِ خَيْرٌ مِنِ اِمْرَأَةٍ عَقِيمٍ (3)(4).

30 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ مِنَ اَلنِّسَاءِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهاً وَ أَنْتَقُ أَرْحَاماً وَ أَرْضَى بِالْيَسِيرِ(5).

31 - وَ فِي حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِيَّاكُمْ وَ خَضْرَاءَ اَلدِّمَنِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ مَا خَضْرَاءُ اَلدِّمَنِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلْمَرْأَةُ اَلْحَسْنَاءُ فِي مَنْبِتِ اَلسَّوْءِ (6) (6) .

ص: 258


1- الوسائل، كتاب النكاح، باب
2- من أبواب مقدماته و آدابه، قطعة من حديث 2.
3- مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (14) من أبواب مقدمات النكاح، حديث 3 نقلا عن عوالى اللئالى.
4- المراد بالعقيم أن تبلغ حدّ اليأس (معه).
5- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 81:7، باب استحباب التزويج بالابكار، و رواه في مستدرك الوسائل، كتاب النكاح باب (16) من أبواب مقدمات النكاح، حديث 4 نقلا عن عوالى اللئالى. و في الوسائل، كتاب النكاح، باب (17) من أبواب مقدماته و آدابه، حديث 1-2، نحوه.
6- الوسائل، كتاب النكاح، باب (7) من أبواب مقدماته و آدابه، حديث 7.

32 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ فَإِنَّ اَلْخَالَ أَحَدُ اَلضَّجِيعَيْنِ (1)(2).

33 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ مَنْ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ (3).

34 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمُ اَلْأُمَمَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (4).

35 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِيَّاكُمْ مِنَ اَلنِّسَاءِ خَمْساً لاَ تَتَزَوَّجُوهُنَّ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَنْ هُنَّ قَالَ اَلشَّهْبَرَةُ وَ اَلنَّهْبَرَةُ وَ اَللَّهْبَرَةُ وَ اَلْهَيْدَرَةُ وَ اَللَّفُوتُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا نَعْرِفُ مِمَّا قُلْتَ شَيْئاً فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ لَسْتُمْ عَرَباً اَلشَّهْبَرَةُ اَلزَّرْقَاءُ اَلْبَذِيَّةُ وَ اَلنَّهْبَرَةُ اَلْعَجُوزُ اَلْمُدْبِرَةُ وَ اَللَّهْبَرَةُ اَلطَّوِيلَةُ اَلْمَهْزُولَةُ وَ اَلْهَيْدَرَةُ اَلْقَصِيرَةُ اَلذَّمِيمَةُ وَ اَللَّفُوتُ ذَاتُ اَلْوَلَدِ مِنْ غَيْرِكَ (5)مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (4) من أبواب النكاح المحرم و ما يناسبه، حديث 5 نقلا عن عوالى اللئالى. و في الوسائل، كتاب النكاح، باب (4) من أبواب النكاح المحرم و ما يناسبه، حديث 1 ما بمعناه و لفظ الحديث (عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: (ان أشدّ الناس عذابا يوم القيامة، رجلا أقر نطفة في رحم يحرم عليه).(6) .

36 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا مِنْ ذَنْبٍ أَعْظَمَ عِنْدَ اَللَّهِ مِنْ نُطْفَةٍ يَضَعُهَا اَلرَّجُلُ فِي رَحِمٍ لاَ يَحِلُّ لَهُ (6).

ص: 259


1- قرب الإسناد، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح. و رواه في مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (12) من أبواب مقدمات النكاح، حديث 1 نقلا عن الجعفريات و عن دعائم الإسلام.
2- الامر للاستحباب. و المراد بالضجيعين، الاعمام و الاخوال، لان الولد محفوف بهما، فكان كل واحد منهما ضجيعه (معه).
3- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (86) من أبواب أحكام العشرة، حديث 1.
4- مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (1) من أبواب مقدمات النكاح، حديث 17 نقلا عن عوالى اللئالى.
5- مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب
6- من أبواب مقدمات النكاح، حديث 3 نقلا عن عوالى اللئالى.

37 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ قَبَّلَ غُلاَماً بِشَهْوَةٍ عَذَّبَهُ اَللَّهُ أَلْفَ عَامٍ فِي اَلنَّارِ(1).

38 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : نَاكِحُ اَلْكَفِّ مَلْعُونٌ (2).

39 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَهْلُ اَلزِّنَا لَيْسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ نُورٌ وَ لاَ بَهَاءٌ وَ لَمْ يَجْعَلِ اَللَّهُ فِي رِزْقِهِمْ بَرَكَةً (3).

40 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَلْعُونٌ مَنْ لَعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ وَ اَلنَّاظِرُ إِلَيْهَا كَآكِلِ لَحْمِ اَلْخِنْزِيرِ(4).

41 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ نَهَى عَنِ اَلضَّرْبِ بِالدَّفِّ وَ اَلرَّقْصِ وَ عَنِ اَللَّعِبِ كُلِّهِ وَ عَنْ حُضُورِهِ وَ عَنِ اَلاِسْتِمَاعِ إِلَيْهِ وَ لَمْ يُجِزْ ضَرْبَ اَلدَّفِّ إِلاَّ فِي اَلْإِمْلاَكِ وَ اَلدُّخُولِ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ فِي اَلْبِكْرِ وَ لاَ تَدْخُلَ اَلرِّجَالُ عَلَيْهِنَّ (5) (6) .

ص: 260


1- مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (18) من أبواب النكاح المحرم، حديث 4 نقلا عن عوالى اللئالى.
2- مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (23) من أبواب النكاح المحرم و ما يناسبه، حديث 2 نقلا عن عوالى اللئالى.
3- مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (1) من أبواب النكاح المحرم و ما يناسبه، حديث 25، نقلا عن عوالى اللئالى.
4- الجامع الصغير للسيوطي، حرف الميم، نقلا عن سنن سعيد بن منصور. و رواه في المستدرك، كتاب التجارة باب (82) من أبواب ما يكتسب به، حديث 1، نقلا عن الشيخ أبو الفتوح في تفسيره. و لفظ الحديث (ملعون من لعب بالاستريق، يعنى الشطرنج، و الناظر إليها كآكل لحم الخنزير).
5- مستدرك الوسائل، كتاب التجارة، باب (79) من أبواب ما يكتسب به، حديث 14، نقلا عن عوالى اللئالى.
6- المراد من الاملاك عقد النكاح. و ذكروا له شروطا آخر، و هو خلوه من الضنج. و أكثر فقهاء الجمهور جوزوا اللعب بالدف مطلقا في جميع الأوقات، استنادا الى ما ورد من أن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لما هاجر الى المدينة، استقبله أهل المدينة و خرجن النساء يضربن بالدفوف و يتغنين: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا للّه داع و لا يخفى ما فيه. فان ذلك كان في أوائل الإسلام، و التحريم انما نزل بعده. و أما اشتراط البكر، فلم يتعرض له أكثر الاصحاب (جه).

42 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ نَهَى عَنِ اَلْغِنَاءِ وَ عَنْ شِرَاءِ اَلْمُغَنِّيَاتِ وَ قَالَ إِنَّ أُجُورَهُنَّ مِنَ اَلسُّحْتِ وَ لَمْ يُجَوِّزِ اَلْغِنَاءَ إِلاَّ فِي اَلنِّيَاحَةِ إِذَا لَمْ تَقُلْ بَاطِلاً وَ فِي حُدَاءِ اَلزِّمْلِ وَ فِي اَلْأَعْرَاسِ إِذَا لَمْ يَسْمَعْهَا اَلرِّجَالُ اَلْأَجَانِبُ وَ لَمْ تُغَنِّ بِبَاطِلٍ .

43 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَدْخُلُ اَلْمَلاَئِكَةُ بَيْتاً فِيهِ كَلْبٌ (1)(2)(3).

44 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَدْخُلُ اَلْمَلاَئِكَةُ بَيْتاً فِيهِ خَمْرٌ أَوْ دَفٌّ أَوْ طُنْبُورٌ أَوْ نَرْدٌ وَ لاَ يُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُمْ وَ تُرْفَعُ عَنْهُمُ اَلْبَرَكَةُ (4).

ص: 261


1- مسند أحمد بن حنبل، ج 83:1.
2- معناه الظاهرى، ظاهر. و أمّا معناه الباطنى عند أهل الباطن، فالمراد بالملائكة المعارف الإلهيّة، و المراد بالبيت القلب، و المراد بالكلب القوّة الغضبية. و يصير المعنى: لا تدخل المعارف الإلهيّة في قلب يستولى فيه القوّة الغضبية (معه).
3- التأويل في الحديث لا ينكر، لقولهم عليهم السلام: (حديثنا كالقرآن، له ظاهر و باطن، و عام و خاصّ ، و محكم و متشابه، و مجمل و مبين) الى غير ذلك. نعم يستبعد إرادة هذه المعاني الدقيقة من الفاظ الحديث الملقاة الى خواص الناس و عوامهم، المقصود منها تفهيم أحكام الشريعة (جه).
4- مستدرك الوسائل، كتاب التجارة، باب (79) من أبواب ما يكتسب به، حديث 15 نقلا عن عوالى اللئالى.

45 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا حَلَفْتُمْ فَاحْلِفُوا بِاللَّهِ وَ إِلاَّ فَاتْرُكُوا(1)(2).

46 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اَللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ وَ أَشْرَكَ (3).

47 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْيَمِينُ اَلْفَاجِرَةُ تُخَرِّبُ اَلدِّيَارَ وَ تُقَصِّرُ اَلْأَعْمَارَ(4).

48 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: اَلْيَمِينُ اَلْكَاذِبَةُ تَذَرُ اَلدِّيَارَ بَلاَقِعَ (5).

49 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ حَلَفَ يَمِيناً كَاذِبَةً لِيَقْطَعَ بِهَا مَالَ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اَللَّهَ وَ هُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ (6)(7).

ص: 262


1- مسند أحمد بن حنبل، ج 7:2.
2- و هذا يدلّ على أن الحلف بغير اللّه لا يجوز، و ان كان صادقا. و المراد باليمين، اليمين الشرعى المترتب عليه الاحكام الشرعية. و أمّا ما يؤكد به الألفاظ، و هى المسماة بيمين اللغو، فلا اعتبار بها (معه).
3- مستدرك الوسائل، كتاب الايمان، باب (24) في أنّه لا يجوز الحلف و لا ينعقد الا باللّه حديث 3 نقلا عن عوالى اللئالى.
4- مستدرك الوسائل، كتاب الايمان، باب (3) تحريم اليمين الكاذبة لغير ضرورة و تقية، حديث 13، نقلا عن عوالى اللئالى.
5- الوسائل، كتاب الايمان، باب (4) تحريم اليمين الكاذبة لغير ضرورة و تقية حديث 1، و لفظ الحديث (عن أبي جعفر عليه السلام ان في كتاب عليّ عليه السلام: ان اليمين الكاذبة و قطيعة الرحم تذران الديار بلاقع من أهلها، و تثقل الرحم، يعنى انقطاع النسل) و بمضمونه روايات متعدّدة فراجع. و في مستدرك الوسائل، كتاب الايمان باب (3) نقلا عن الشيخ المفيد في الأمالي.
6- الوسائل، كتاب الايمان، باب (4) تحريم اليمين الكاذبة لغير ضرورة و لا تقية، حديث 14، و لفظ الحديث (من حلف بيمين كاذبة صبرا ليقطع بها مال امرئ مسلم، لقى اللّه عزّ و جلّ و هو عليه غضبان الا أن يتوب و يرجع). و صحيح مسلم، كتاب الايمان، (61) باب وعيد من اقتطع حقّ مسلم بيمين فاجرة، بالنار، حديث 220.
7- هذه الأحاديث كلها مخصوصة بيمين الغموس، لانها إذا كانت كاذبة، كانت من الكبائر، و هي كل ما يتعلق بالماضى، سواء تعلق بحق اللّه أو بحق الناس، (معه).

50 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ وَ رَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْراً مِنْهَا(1) فَأْتِ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ (2)هذا في اليمين المسماة يمين الحنث، و هي المتعلقة بالمستقبل. و يحتمل أن يكون الامر بالكفارة للوجوب، و المفتى به الاستحباب (معه).(3)(3).

51 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَرْبَعَةٌ يُبْغِضُهُمُ اَللَّهُ تَعَالَى اَلْبَيَّاعُ اَلحَلاَّفُ وَ اَلْفَقِيرُ اَلْمُحْتَالُ وَ اَلشَّيْخُ اَلزَّانِي وَ اَلْإِمَامُ اَلْجَائِرُ(4).

52 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلاَقِ أَوْ حَلَّفَ بِهِ (5).

53 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا اِغْتَابَ اَلصَّائِمُ أَفْطَرَ(6)(7).

ص: 263


1- أي في الدين أو الدنيا (معه).
2- روى في الوسائل، كتاب الايمان، باب (18) ان من حلف يمينا ثمّ رأى مخالفتها خيرا من الوفاء بها، جاز له المخالفة، بل استحب، و لا كفّارة عليه: ما بمعناه فراجع. و رواه في مستدرك الوسائل، كتاب الايمان، باب (13) حديث 8، نقلا عن عوالى اللئالى. و صحيح مسلم، كتاب الايمان،
3- باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها، أن يأتي الذي هو خير، و يكفر عن يمينه، حديث 19.
4- مستدرك الوسائل، كتاب التجارة، باب (2) من أبواب آداب التجارة، حديث (1) نقلا عن عوالى اللئالى.
5- مستدرك الوسائل، كتاب الايمان، باب (1) انه لا تنعقد اليمين بالطلاق و العتاق و الصدقة، حديث 6، نقلا عن عوالى اللئالى.
6- مستدرك الوسائل، كتاب الصوم، باب (9) من أبواب آداب الصائم، حديث 10 نقلا عن عوالى اللئالى. و رواه الصدوق في عقاب الاعمال، باب يجمع عقوبات الاعمال، في آخر خطبة خطبها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة، و لفظ ما رواه: (و من اغتاب أخاه المسلم بطل صومه، و انتقض وضوئه. فان مات و هو كذلك مات و هو مستحل لما حرم اللّه).
7- معناه. أبطل أجر صومه، و ان كان مجزيا بمعنى اسقاط القضاء (معه).

54 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَ يَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ كِفْلاَنِ مِنَ اَلْأَجْرِ فَقِيلَ وَ كَيْفَ ذَلِكَ فَقَالَ إِذَا أَصْبَحَ يَقُولُ اَللَّهُمَّ إِنِّي تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِكَ (1)(2).

55 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : رَأَيْتُ لَيْلَةَ اَلْإِسْرَاءِ قَوْماً يُقْطَعُ اَللَّحْمُ مِنْ جُنُوبِهِمْ ثُمَّ يُلْقَمُونَهُ وَ يُقَالُ كُلُوا مَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمِ أَخِيكُمْ فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ مَنْ هَؤُلاَءِ فَقَالَ هَؤُلاَءِ اَلْهَمَّازُونَ مِنْ أُمَّتِكَ اَللَّمَّازُونَ (3)(4).

56 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ اَلْحَيَاءِ فَلاَ غِيبَةَ لَهُ (5)(6)(7).

ص: 264


1- قال الشهيد الثاني في رسالة الغيبة: و لا يسقط الحق باباحة عرضه للناس لانه عفو عما لم يجب. و قد صرّح الفقهاء بأن من أباح قذف نفسه، لم يسقط حقه من حده. و ما روى عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (أ يعجز أحدكم أن يكون كأبى ضمضم، كان إذا خرج من بيته، قال: «اللّهمّ إنّي تصدقت بعرضى على الناس» معناه انى لا أطلب مظلمة في القيامة، و لا اخاصم عليها، لا أن غيبته صارت بذلك حلالا) (جه).
2- سنن ابى داود، ج 4، كتاب الأدب، باب ما جاء في الرجل يحل الرجل قد اغتابه، حديث 4886 و 4887.
3- الهماز. المشاء بالنميمة بين الناس، و كذلك اللماز. لكن الأول بفعل الجارحة كاللسان و اليد، و الآخر بالايماء و الإشارة (معه).
4- ورد في تفسير قوله تعالى: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) الهمزة: الطعان في الناس، و اللمزة: الذي يأكل لحوم الناس. و قال بعضهم: ادركنا السلف لا يرون العبادة في الصوم و لا في الصلاة، و لكن في الكف عن أعراض الناس (جه).
5- الجامع الصغير للسيوطي، حرف الميم، نقلا عن السنن الكبرى للبيهقيّ .
6- أي رمى الحياء و نزعه عنه، بمعنى ترك الاستحياء عن الناس، بحيث لا يتحاشى من ذلك الفعل، و لا يبالى بفعله عند أحد، فلا غيبة له في ذلك الفعل خاصّة. و يحتمل أن يكون النفي هنا بمعنى النهى، أي لا غيبة له في نظر الشرع. و إذا كان غيبته مثل هذا محرمة في نظر الشرع، فغيبة المؤمن بطريق أولى (معه).
7- المعنى الثاني خلاف الظاهر، و خلاف ما نص عليه الفقهاء، من جواز غيبة مثله. و قوله: (فلا غيبة له) معناه. ان غيبته جائزة. و يجوز أن يكون معناه كما قيل: ان المتكلم فيه لا يسمى غيبة. و أمّا قوله: فى ذلك الفعل خاصّة، فهو أحد القولين، و الإطلاق لا يخلو من وجه، و ان كان خلاف الاحتياط. و هذا الحديث نص في جواز غيبة المتجاهر بالمعاصى كما هو المفتى به، و المذكور في كلام علمائنا في سلك من يجوز اغتيابه. بقى الكلام في الفاسق الغير المتجاهر، فقيل: حكمه، حكمه، لإطلاق قوله عليه السلام: لا غيبة لفاسق، و قيل: بعدم الجواز، لإطلاق ما دل على النهى. قال شيخنا الزينى: و ردّ الأول، بمنع أصل الحديث، و بحمله على فاسق خاصّ ، أو بحمله على النهى و ان كان بصورة الخبر. و هذا هو الاجود، الا أن يتعلق بذلك غرض دينى و مقصد صحيح يعود الى المغتاب، بان يرجو ارتداعه عن معصيته بذلك، فيلحق بباب النهى عن المنكر انتهى، و الجواز قوى (جه).

57 - وَ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : مَنِ اُغْتِيبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ اَلْمُسْلِمُ فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَنْصُرَهُ فَنَصَرَهُ نَصَرَهُ اَللَّهُ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ (1)(2)(3).

ص: 265


1- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (156) من أبواب أحكام العشرة، حديث 2 و لفظ الحديث: (عن أبي جعفر عليه السلام: من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره و أعانه، نصره اللّه و أعانه في الدنيا و الآخرة. و من لم ينصره و لم يعنه و لم يدفع عنه، و هو يقدر على نصرته و عونه الا خفضه اللّه في الدنيا و الآخرة).
2- هذا يدلّ على وجوب ردّ الغيبة عن المسلم مع القدرة عند سماعها من قائلها فيكذب القائل و يرد عليه قوله: (معه).
3- استثنى بعض أهل الحديث ما إذا صدرت الغيبة من عالم ورع عارف بمواقع جوازها، فانه لا يجوز الاعتراض عليه، لكن في جواز السماع اشكال (جه).

58 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ قَتَّاتٌ وَ لاَ نَمَّامٌ (1)(2).

59 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ سَعَى لِأَخِيهِ عِنْدَ اَلسُّلْطَانِ اَلْجَائِرِ(3) حَرَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ .

60 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَعَنَ اَللَّهُ اَلرَّاشِيَ وَ اَلْمُرْتَشِيَ وَ مَنْ بَيْنَهُمَا يَمْشِي(4).

61 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَ لاَ أُنَبِّئُكُمْ بِصَدَقَةٍ يَسِيرَةٍ يُحِبُّهَا اَللَّهُ فَقَالُوا مَا هِيَ قَالَ إِصْلاَحُ ذَاتِ اَلْبَيْنِ إِذَا تَقَاطَعُوا.

62 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِصْلاَحُ ذَاتِ اَلْبَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عَامَّةِ اَلصَّلاَةِ وَ اَلصِّيَامِ (5)(6).

63 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِصْلاَحُ ذَاتِ اَلْبَيْنِ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ اَلنُّبُوَّةِ .

64 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا عَنْ وَجْهِ هَذَا وَ هَذَا عَنْ وَجْهِ هَذَا فَخَيْرُهُمَا اَلَّذِي

ص: 266


1- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (164) من أبواب أحكام العشرة حديث 14 و لفظ الحديث: (عن حذيفة قال: سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يقول: لا يدخل الجنة قتات). و رواه في المستدرك كما في المتن مع حديث ليلة الاسراء في كتاب الحجّ باب (144) من أبواب العشرة في السفر و الحضر، حديث 9، نقلا عن عوالى اللئالى.
2- القتات: المستظهر بعيوب الناس، و المتطلع عليها. و يجعل ذلك دأبه، حتى إذا عرفها، نم بها و أظهرها بين الخلق (معه).
3- يعني بشيء يضرّه (معه).
4- مسند أحمد بن حنبل ج 279:5، و لفظ الحديث: (لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم الراشى و المرتشى و الرائش يعنى الذي يمشى بينهما).
5- الوسائل، كتاب الصلح، باب (1) في أحكام الصلح، قطعة من حديث 6 و في نهج البلاغة في وصيته للحسن و الحسين عليهم السلام.
6- يريد بها الصلاة المندوبة غير ذات الأسباب، لعدم اشتمالها على خصوصية من الشارع، فسميت عامة (معه).

يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ (1).

65 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خَمْسَةٌ لَيْسَ لَهُمْ صَلاَةٌ اِمْرَأَةٌ سَخِطَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا وَ عَبْدٌ آبِقٌ عَنْ سَيِّدِهِ وَ مُصَارِمٌ لاَ يُكَلِّمُ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَ مُدْمِنُ خَمْرٍ وَ إِمَامُ قَوْمٍ يُصَلِّي بِهِمْ وَ هُمْ لَهُ كَارِهُونَ (2)(3).

66 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلدُّنْيَا مَزْرَعَةُ اَلْآخِرَةِ (4).

67 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : نِعْمَ اَلْعَوْنُ عَلَى تَقْوَى اَللَّهِ اَلْغِنَى(5)المراد بالغنى هنا غنى القلب. و يحتمل أن يراد به غنى المال (معه).(6)(6).

68 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلرِّزْقُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ تِسْعَةٌ مِنْهَا فِي اَلتِّجَارَةِ وَ وَاحِدَةٌ فِي غَيْرِهَا(7).

69 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : سَافِرُوا تَغْنَمُوا(8)(9).

ص: 267


1- مسند أحمد بن حنبل، ج 225:3، و مستدرك الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (124) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر، حديث 5، نقلا عن عوالى اللئالى.
2- مستدرك الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (124) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر، حديث 6، نقلا عن عوالى اللئالى.
3- أي: ليس لهم صلاة كاملة مقبولة، و ان كانت مجزية شرعا (معه).
4- كنوز الحقائق في هامش الجامع الصغير، في المحلى بأل من حرف الدال و لفظ الحديث: (الدينار كنز، و الدنيا مزرعة الآخرة).
5- الوسائل، كتاب التجارة، باب
6- من أبواب مقدماتها، حديث 1، و باب (28) من تلك الأبواب حديث 3.
7- الوسائل، كتاب التجارة، باب (1) من أبواب مقدماتها، حديث 12.
8- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (2) من أبواب آداب السفر الى الحجّ و غيره حديث 8، و لفظ الحديث (عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سافروا تصحوا، سافروا تغنموا).
9- الامر هنا للندب. و يحتمل أن يراد السفر الظاهرى. و يحتمل الباطنى. و -

70 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : صُومُوا تَصِحُّوا(1).

71 وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا دَخَلَ اَلْمَدِينَةَ عِنْدَ هِجْرَتِهِ أَيُّهَا اَلنَّاسُ أَفْشُوا اَلسَّلاَمَ وَ صِلُوا اَلْأَرْحَامَ وَ أَطْعِمُوا اَلطَّعَامَ وَ صَلُّوا بِاللَّيْلِ وَ اَلنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ بِسَلاَمٍ (2) .

72 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ شَكَا إِلَيْهِ رَجُلٌ قِلَّةَ اَلرِّزْقِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَدِمِ اَلطَّهَارَةَ يَدُمْ عَلَيْكَ اَلرِّزْقُ فَفَعَلَ اَلرَّجُلُ ذَلِكَ فَوُسِّعَ عَلَيْهِ اَلرِّزْقُ (3)(4).

73 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْكَادُّ عَلَى عِيَالِهِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ (5)(6).

ص: 268


1- الجامع الصغير للسيوطي، حرف الصاد، نقلا عن أبي هريرة.
2- الامر في الكل للاستحباب. لانه أمر بمكارم الأخلاق (معه).
3- مستدرك الوسائل، كتاب التجارة، باب (12) من أبواب مقدمات التجارة حديث 8، نقلا عن عوالى اللئالى.
4- يحتمل أن يراد بالطهارة الشرعية. و يراد بالرزق: الرزق العرفى، و يكون المداومة على الطهارة الشرعية مستلزمة لكثرة الرزق و سعته. و يحتمل أن يراد بالطهارة الطهارة المعنوية. و هي إزالة النجاسات الباطنية و الكدورات البدنية، و يراد بالرزق: الفيض الإلهي و العطاء الربانى، الحاصل لاهل المجاهدات النفسانية فان الطهارة الحقيقية، مستلزمة لدوام الفيض الإلهي (معه).
5- الوسائل، كتاب التجارة، باب (23) من أبواب مقدماتها، حديث 1. و الحديث مرويّ عن أبي عبد اللّه عليه السلام.
6- المراد بالعيال هنا: من هو في عياله، أي من هو في نفقته، و جعل عليه السلام الساعى في تحصيل القوت لهذا العيال بمنزلة المجاهد في سبيل اللّه من جهة ما يعرض لكل واحد منهما من المشقة في ذلك. لان الجهاد مشتق من الجهد، و هو المشقة، و هما متساويان في حصول المشقة، فيتساويان في الاجر. و يحتمل أن يراد بالعيال هنا. الحواس الظاهرة و الباطنة، و الكاد هنا النفس، لان الحواس عيال لها، لانها خدامها، فالكاد على هذه الحواس باعطائها ما يوصلها الى الحضرة الإلهيّة، مجاهد في سبيل اللّه بسبب القتال الحاصل بينه و بينهما. لان جهاده انما يتم بقتل النفس الحيوانية التي هي عبارة عن هذا المجموع، و ذلك في أعلى درجات المشقة، فكان ذلك جهادا في سبيل اللّه (معه).

74 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَ جَارُهُ جَائِعٌ (1)(2).

75 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ وَ جَارُهُ طَاوِياً مَا آمَنَ بِي مَنْ بَاتَ كَاسِياً وَ جَارُهُ عَارِياً(3).

76 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَطْرَحُوا اَلدُّرِّ فِي أَفْوَاهِ اَلْكِلاَبِ (4)(5).

77 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : قِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا حَقُّ اَلْوَالِدِ قَالَ أَنْ تُطِيعَهُ مَا عَاشَ قِيلَ وَ مَا حَقُّ اَلْوَالِدَةِ فَقَالَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لَوْ أَنَّهُ عَدَدَ رَمْلِ عَالِجٍ وَ قَطْرِ اَلْمَطَرِ أَيَّامَ اَلدُّنْيَا قَامَ بَيْنَ يَدَيْهَا مَا عَدَلَ ذَلِكَ يَوْمَ حَمَلَتْهُ فِي بَطْنِهَا (6) .

ص: 269


1- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (88) من أبواب أحكام العشرة، حديث 1.
2- المراد هنا نفى الايمان الحقيقي الكامل، لا مطلق الايمان (معه).
3- مستدرك الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (74) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر، حديث 6 نقلا عن عوالى اللئالى.
4- الجامع الصغير للسيوطي، حرف (لا) و كنوز الحقائق للمناوى، حرف (لا) نقلا عن سنن سعيد بن منصور.
5- المراد بالدر، العلوم و الحكم. و المراد بالكلاب، من لا يستحقها من أهل المعاصى، و قال عيسى بن مريم: (لا تمنعوا الحكمة أهلها، فتظلموهم، و لا تبذلوها الى غير أهلها فتظلموها) (معه).
6- مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (17) من أبواب أحكام الاولاد، حديث 8 نقلا عن عوالى اللئالى.

78 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْوَلَدُ كَبِدُ اَلْمُؤْمِنِ إِنْ مَاتَ قَبْلَهُ صَارَ شَفِيعاً لَهُ وَ إِنْ مَاتَ بَعْدُ يَسْتَغْفِرُ لَهُ فَيَغْفِرُ اَللَّهُ لَهُ .

79 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ (1)هذا يدلّ على ان قطيعة الرحم من الكبائر، لانه متوعد عليه بالنار (معه).(2).

80 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَوْ أَمَرْتُ أَحَداً يَسْجُدُ لِغَيْرِ اَللَّهِ لَأَمَرْتُ اَلْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا(3).

81 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَيُّمَا اِمْرَأَةٍ خَدَمَتْ زَوْجَهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ أَغْلَقَ اَللَّهُ عَلَيْهَا سَبْعَةَ أَبْوَابِ اَلنِّيرَانِ وَ فَتَحَ لَهَا أَبْوَابَ اَلْجِنَانِ اَلثَّمَانِيَةَ تَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَتْ (4).

82 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فِي اَلتَّوْرَاةِ مَكْتُوبٌ يَا اِبْنَ آدَمَ اِتَّقِ رَبَّكَ وَ بَرَّ وَالِدَيْكَ وَ صِلْ رَحِمَكَ أَمُدَّ لَكَ فِي رِزْقِكَ وَ أُيَسِّرْ لَكَ يُسْرَكَ وَ أَصْرِفْ عَنْكَ عُسْرَكَ .

83 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ قَاطِعُ اَلرَّحِمِ (5)(5).

ص: 270


1- الوسائل، كتاب النكاح، باب (88) من أبواب مقدماته و آدابه، حديث 8 و لفظ الحديث (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله خيركم خيركم لاهله و انا خيركم لاهلى). و سنن ابن ماجة، ج 1، كتاب النكاح،
2- باب حسن معاشرة النساء، حديث 1977.
3- الوسائل، كتاب النكاح، باب (81) من أبواب مقدماته و آدابه حديث 1، و لفظ الحديث (عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ان قوما أتوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، فقالوا: يا رسول اللّه انا رأينا اناسا يسجد بعضهم لبعض، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «لو أمرت أحدا أن يسجد لاحد، لامرت المرأة أن تسجد لزوجها) و سنن أبي داود ج 2، كتاب النكاح، باب في حقّ الزوج على المرأة، حديث 2140.
4- الوسائل، كتاب النكاح، باب (89) من أبواب مقدماته و آدابه، حديث 2، و صدر الحديث (قال (عليه السّلام): الامرأة الصالحة خير من رجل غير صالح، و أيما امرأة الحديث).
5- مستدرك الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (129) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر، حديث 3، عن كتاب الأخلاق لابى القاسم الكوفيّ .

84 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ أَبَرَّ اَلْبِرِّ أَنْ يَصِلَ اَلرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ (1)سيئ الملكة: أى الذي يسىء صحته المماليك (النهاية).(2).

85 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَمْ يَزَلْ جَبْرَئِيلُ يُوصِينِي بِالْمَمْلُوكِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ طُولَ اَلصُّحْبَةِ سَيُعْتِقُهُ (3).

86 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ سَيِّئُ اَلْمَلْكَةِ (4)(4)(5).

87 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ خَادِمَهُ فَذَكَرَ اَللَّهَ فَارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ (6).

ص: 271


1- صحيح مسلم، كتاب البر و الصلة و الآداب،
2- باب فضل صلة أصدقاء الاب و الام و نحوهما، حديث 11-13.
3- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (86) من أبواب أحكام العشرة، قطعة من حديث 5، و لفظ الحديث (و ما زال يوصينى بالمماليك حتّى ظننت انه سيجعل لهم وقت اذا بلغوا ذلك الوقت اعتقوا. الحديث).
4- سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الأدب، (1) باب الاحسان الى المماليك، حديث 3691، و لفظ الحديث (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: (لا يدخل الجنة سيئ الملكة) قالوا: يا رسول اللّه! أ ليس أخبرتنا ان هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين و يتامى ؟ قال: (نعم فاكرموهم ككرامة أولادكم و اطعموهم ممّا تأكلون) قالوا: فما ينفعنا في الدنيا؟ قال: (فرس ترتبطه تقاتل عليه في سبيل اللّه مملوكك يكفيك، فإذا صلى فهو أخوك).
5- و معنى سوء الملكة، عدم الاحسان الى المماليك، و تكاليفهم ما لا يطيقون، و ضربهم بما لا يستحقون و عدم القيام بما يجب لهم من النفقة و الكسوة (معه).
6- سنن الترمذي، كتاب البر و الصلة، (32) باب ما جاء في أدب الخادم، حديث 1950.

88 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : حُسْنُ اَلْمَلْكَةِ نَمَاءٌ وَ سُوءُ اَلْخُلُقِ شُؤْمٌ (1)(2).

89 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : رُبَّمَا يَوَدُّ صَاحِبُ اَلدَّابَّةِ أَنَّهُ بَدَلُ اَلْغُلاَمِ اَلَّذِي يَسْعَى خَلْفَ اَلدَّابَّةِ وَ ذَلِكَ إِذَا صَارَ اَلْغُلاَمُ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ مَوْلاَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً فِي اَلْمُحَاسَبَةِ .

90 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ كَانَ لَهُ زَوْجَتَانِ يَمِيلُ مَعَ إِحْدَاهُمَا عَلَى اَلْأُخْرَى جَاءَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ أَحَدُ شِقَّيْهِ سَاقِطٌ(3).

91 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ زَوَّجَ كَرِيمَتَهُ مِنْ فَاسِقٍ نَزَلَ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفُ لَعْنَةٍ (4).

92 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ زَوَّجَ كَرِيمَتَهُ مِنْ شَارِبِ اَلْخَمْرِ فَكَأَنَّمَا سَاقَهَا إِلَى اَلزِّنَاءِ (5)(4).

93 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلزَّاهِدُ اَلْجَاهِلُ مَسْخَرَةُ اَلشَّيْطَانِ (5).

94 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ جَعَلَ اَلدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّهِ فَرَّقَ اَللَّهُ عَلَيْهِ هَمَّهُ وَ جَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ (6).

ص: 272


1- سنن أبي داود ج 4، كتاب الأدب، حديث 5163.
2- الملكة هي الصفة الراسخة في النفس بحيث لا ينفك عنها. و في هذا اشارة الى أن من ساءت صفته في بعض الأوقات، لا يستحق عدم دخول الجنة. و ان وجب إزالة تلك الصفة. فأما ملكتها، بمعنى دوامها فيستلزم عدم الدخول (معه).
3- سنن ابن ماجة، كتاب النكاح، (47) باب القسمة بين النساء، حديث 1969. (4-5) مستدرك الوسائل، كتاب النكاح، باب (25) من أبواب مقدمات النكاح، حديث 5 و 6، نقلا عن عوالى اللئالى.
4- هذا الحديث و الذي قبله يدلان على شدة الكراهية، لا التحريم (معه).
5- المراد بالجاهل، الجاهل بالاحكام الدينية، اصولا و فروعا (معه).
6- المراد بتفريق الهم، أن يجعل مطالبه متعدّدة. لان مطالب الدنيا، ليست من وجه واحد. و المراد بجعل الفقر بين عينيه، ظهور الفقر عنده. و هذان حصلا بسبب خذلانه بمنع الالطاف الإلهيّة (معه).

95 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : عَبْدُ اَلشَّهْوَةِ أَذَلُّ مِنْ عَبْدِ اَلرِّقِّ (1).

96 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : ثَلاَثٌ مُهْلِكَاتٌ شُحٌّ مُطَاعٌ وَ هَوًى مُتَّبَعٌ وَ إِعْجَابُ اَلْمَرْءِ بِنَفْسِهِ (2)(3).

97 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلشَّيْطَانَ لَيَجْرِي مِنِ اِبْنِ آدَمَ مَجْرَى اَلدَّمِ فَضَيِّقُوا مَجَارِيَهُ بِالْجُوعِ (4)(5)(6).

98 وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِعَائِشَةَ دَاوِمِي قَرْعَ بَابِ اَلْجَنَّةِ فَقَالَتْ بِمَا ذَا قَالَ بِالْجُوعِ .

ص: 273


1- و ذلك لان عبد الرق، قد يخلص منه بعتق سيده. و أمّا عبد الشهوة فلا يخلص منها قطعا، لانه لم يقض لها اربا الا و طالبه بآخر، و هكذا دائما (معه).
2- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (23) من أبواب مقدّمة العبادات، حديث 12.
3- الشح أعلى مراتب البخل، فإذا أطيع وقع صاحبه في الهلكة. لانه يمنع ما وجب عليه في ماله من الحقوق، بل و يوقعه في الحرص الموجب لجمع المال من كل وجه، موافق للشرع أو مخالف له. و أمّا الهوى، فهو الشهوة الحادثة الى ما لا يصح شرعا، فإذا اتبع صار ذلك ملكة أوقعه في مهالك كثيرة، فربما لا ينجو منها. لاعجاب هو أن يرى نفسه بحالة ليس مثلها غيره، فانه يوقعه في استكثار افعاله و ذلك يوجب عدم شكره للّه تعالى، لاعترافه بأنّه قد كافاه بزعمه. و ذلك من أردى المهلكات (معه).
4- سنن الدارميّ ج 320:2، و مسند أحمد بن حنبل ج 156:3 و 285 و 309، من دون قوله: (فضيقوا مجاريه بالجوع).
5- ظاهر هذا الحديث يدلّ على أن المراد بالشيطان هنا، النفس الحيوانية الموجبة لجذب الغذاء و استعمال الشهوات، لانها تقوى بقوة الدم و كثرته. فاذا قل الغذاء و حصل الجوع، قل الدم و ذبلت العروق و ضاق مجارى الدم فيها، و ضعفت النفس الحيوانية، لان الدم مركبها (معه).
6- حمل الشيطان على معناه الحقيقي هو الأولى، للاخبار الواردة بأنّه لما أبى عن السجود لآدم، و طرد من جوار اللّه، طالب بجزاء عمله، فأخر ما أعطى التسلط على -

99 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلْعِلْمُ عِلْمَانِ عِلْمٌ عَلَى اَللِّسَانِ فَذَلِكَ حُجَّةٌ عَلَى اِبْنِ آدَمَ وَ عِلْمٌ فِي اَلْقَلْبِ فَذَلِكَ اَلْعِلْمُ اَلنَّافِعُ (1).

100 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَقِيَ مَلَكاً فَقَالَ لَهُ مَنْ أَنْتَ قَالَ أَنَا مَلَكُ اَلْمَوْتِ فَقَالَ أَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي اَلصُّورَةَ اَلَّتِي تَقْبِضُ فِيهَا رُوحَ اَلْمُؤْمِنِ قَالَ نَعَمْ أَعْرِضْ عَنِّي فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَإِذَا هُوَ شَابٌّ حَسَنُ اَلصُّورَةِ حَسَنُ اَلثِّيَابِ حَسَنُ اَلشَّمَائِلِ طَيِّبُ اَلرَّائِحَةِ فَقَالَ يَا مَلَكَ اَلْمَوْتِ لَوْ لَمْ يَلْقَ اَلْمُؤْمِنُ إِلاَّ حُسْنَ صُورَتِكَ لَكَانَ حَسْبَهُ قَالَ لَهُ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي اَلصُّورَةَ اَلَّتِي تَقْبِضُ فِيهَا رُوحَ اَلْفَاجِرِ قَالَ لاَ تُطِيقُ فَقَالَ بَلَى فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ رَجُلٌ أَسْوَدُ قَائِمُ اَلشَّعْرِ مُنْتِنُ اَلرَّائِحَةِ أَسْوَدُ اَلثِّيَابِ يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ وَ مِنْ مَنَاخِرِهِ اَلنَّارُ وَ اَلدُّخَانُ فَغُشِيَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ أَفَاقَ وَ قَدْ عَادَ مَلَكُ اَلْمَوْتِ إِلَى حَالَتِهِ اَلْأُولَى فَقَالَ يَا مَلَكَ اَلْمَوْتِ لَوْ لَمْ يَلْقَ اَلْفَاجِرُ إِلاَّ صُورَتَكَ لَكَفَتْهُ (2).

101 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِيَّاكُمْ وَ اَلْغِيبَةَ فَإِنَّ اَلْغِيبَةَ أَشَدُّ مِنَ اَلزِّنَاءِ إِنَّ اَلرَّجُلَ يَزْنِي فَيَتُوبُ فَيَتُوبُ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ إِنَّ صَاحِبَ اَلْغِيبَةِ لاَ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَغْفِرَ لَهُ

ص: 274


1- المراد بالعلم اللسانى، ما يعلمه و لا يعمل به. لانه إذا سئل عنه، يقول: هو كذا و كذا. و أمّا العلم القلبى، و هو العمل بذلك العلم، لاعتقاده به و تعظيمه له، فيكون مؤتمرا بأوامره، منزجرا بزواجره، و ذلك هو العلم له و لغيره (معه).
2- نقله في المحجة البيضاء، في تهذيب الاحياء، ج 259:8، كتاب ذكر الموت و ما بعده، نقلا عن جامع الأخبار فصل 135.

صَاحِبُهَا(1)(2)(3).

ص: 275


1- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (152) من أبواب أحكام العشرة، قطعة من حديث 9.
2- و هذا يدلّ على أن التوبة من الغيبة، موقوفة على رضا صاحبها و ابرائه، سواء وصلت إليه أو لم توصل. و يحتمل اختصاص هذا الحديث بالغيبة التي وصلت الى المغتاب، فأما التي لم تصل إليه، فيكفى فيها الاستغفار بعد التوبة. بأن ينوى، فيقول: أستغفر اللّه لكل من اغتبته. أو حضرت عند غيبته، لوجوبه قربة إلى اللّه، ثمّ يقول: اللهم اغفر لكل من اغتبته أو حضرت غيبته (معه).
3- الكلام في تحقيق الغيبة يستدعى بيان امور: الامر الأول في تعريفها و جملة من الترهيب عنها: الغيبة بكسر الغين اسم لقولك اغتاب فلان فلانا، و المصدر الاغتياب. و في الاصطلاح لها تعريفان: (أحدهما) مشهورى و هو ذكر الإنسان حال غيبته بما يكره نسبته إليه، بما يعد نقصا في العرف بقصد الانتقاص و الذم. (و الثاني) التنبيه على ما يكره نسبته إليه (الخ). و هو أعم من الأول، لشمول مورده اللسان و الإشارة و الحكاية و غيرها. و هو أولى لما سيأتي من عدم قصر الغيبة على اللسان. و قد جاء على المشهور قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله (هل تدرون ما الغيبة ؟) فقالوا: اللّه و رسوله أعلم، قال: (ذكرك أخاك بما يكره) قيل: أ رأيت ان كان في أخى ما أقول ؟ قال: (ان كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، و ان لم يكن فيه فقد بهته). و الغيبة كبيرة موبقة، و عنه (صلّى اللّه عليه و آله) (ان الدرهم يصيبه الربا أعظم عند اللّه في الخطيئة من ست و ثلاثين زنية، و ان أربى الربا عرض الرجل المسلم). و روى ان عيسى عليه السلام مر و الحواريون على جيفة كلب، فقال الحواريون: ما أنتن هذا؟ فقال عيسى عليه السلام: ما أشدّ بياض اسنانه!، كانه ينهاهم عن غيبة الكلب، و ينبههم على انه لا يذكر من خلق اللّه الا أحسنه. و اما السبب الموجب للتشديد في أمر الغيبة، فاشتمالها على المفاسد الكلية المنافية لغرض الحكيم، بخلاف باقى المعاصى. و ذلك ان المقاصد المهمة للشارع، اجتماع النفوس على هم واحد، و طريقة واحدة، و هي سلوك سبيل اللّه بسائر وجوه الاوامر و -

102 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَيْسَ لِلْمُؤْمِنِ رَاحَةٌ دُونَ لِقَاءِ اَللَّهِ (1).

103 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : رَأَيْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي قَوْماً يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ بِأَظَافِيرِهِمْ فَسَأَلْتُ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْهُمْ فَقَالَ هَؤُلاَءِ اَلَّذِينَ يَغْتَابُونَ اَلنَّاسَ (2)(3)(4).

ص: 276


1- كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق للمناوى، هامش جامع الصغير، حرف اللام، نقلا عن ابن نصر.
2- سنن أبي داود، ج 4، كتاب الأدب، باب في الغيبة، حديث 4878.
3- و هذا يدلّ على ان لجميع ما في العالم الحسى، صور حقيقية في عالم المثال و انها صور مطابقة لما هي صور له في الخير و الشر. و عالم المثال عالم متوسط بين العالمين، أي عالم الحس و عالم العقل (معه).
4- ورد في الحديث، (ان لكل إنسان في الأرض، شبح في السماء، يعمل مثل عمله، فإذا باشر الطاعة، فعل شبحه مثله، فتطلع عليه الملائكة و تستغفر له. و إذا قارب الخطية أمر اللّه تعالى ملكا ان يلقى على ذلك الشبح غطاء لئلا ينظر الملائكة، و هذا أحد معاني قوله عليه السلام: (يا من أظهر الجميل و ستر القبيح) (جه).

104 - وَ فِي حَدِيثِ اَلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ : خَطَبَنَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَتَّى أَسْمَعَ اَلْعَوَاتِقَ فِي بُيُوتِهِنَّ فَقَالَ أَلاَ [لاَ] تَغْتَابُوا اَلْمُسْلِمِينَ وَ لاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَمَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ تَتَبَّعَ اَللَّهُ عَوْرَتَهُ وَ مَنْ تَتَبَّعَ اَللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحُهُ فِي جَوْفِ بَيْتِهِ (1)(2).

105 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَلْقَى جِلْبَابَ اَلْحَيَاءِ عَنْ وَجْهِهِ فَلاَ غِيْبَةَ لَهُ (3).

106 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةُ ضَرَّتَانِ بِقَدْرِ مَا تَقْرُبُ مِنْ إِحْدَاهُمَا تَبْعُدُ عَنِ اَلْأُخْرَى(4)(5).

107 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ اَلْعَبْدَ وَ يُبْغِضُ عَمَلَهُ وَ يُحِبُّ اَلْعَمَلَ وَ يُبْغِضُ بَدَنَهُ (6).

ص: 277


1- مسند أحمد بن حنبل، ج 424:4، و الحديث عن أبي برزة الاسلمى، و لفظ الحديث (قال: نادى رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم حتّى أسمع العواتق، فقال: يا معشر من آمن بلسانه، و لم يدخل الايمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين. الحديث).
2- العورة هنا، هى كل أمر يسوء الإنسان، اطلاع الناس عليها (معه).
3- مستدرك الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (134) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر، حديث 3، نقلا عن الشيخ المفيد في الاختصاص.
4- و بمضمونه ما عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة، قال: (ان الدنيا و الآخرة عدوان متقابلان، و سبيلان مختلفان، فمن أحبّ الدنيا و تولاها أبغض الآخرة و عاداها. و هما بمنزلة المشرق و المغرب، و ماش بينهما كلما قرب من واحد بعد من الآخر و هما ضرتان).
5- المراد بالقرب و البعد، الرضا و السخط. و المراد انه ان عمل الاعمال المقربة الى الدنيا بعد من الآخرة، و ان عمل الاعمال المقربة الى الآخرة بعد عن الدنيا فلا يمكن الجمع بينهما في القرب و البعد (معه).
6- يحتمل أن يكون محبة العبد باعتبار استمرار بقائه، و افاضة الوجود عليه، لما علم اللّه تعالى من بقاء أجله، و ان كانت أعماله قبيحة، فهى مبغوضة لقبحها، و هو محبوب من جهة إرادة بقائه. و أمّا محبة العمل و بغض البدن، فباعتبار كون العمل صالحا فيكون محبوبا للّه تعالى، مع علمه بانقطاع مدة حياته، فيكون بقاء بدنه مبغوضا، لعدم تعلق الإرادة بابقائه. لما علم اللّه من انقطاع أجله. و يحتمل أن يراد محبة العبد باعتبار عبوديته، و بغض عمله باعتبار شريته، و محبة العمل باعتبار خيريته، و بغض البدن باعتبار حيلولته، بينه و بين لقاء ربّه. و يحتمل أن يراد محبة العبد باعتبار ذاته و حقيقته، و بغض عمله باعتبار عدم صدوره عن اختياره، و محبة العمل لوقوعه موافقا لحكمه، لعدم صدور ذلك الفعل باختياره (معه).

108 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ آكُلُ أَكْلَ اَلْعَبِيدِ وَ أَجْلِسُ جِلْسَةَ اَلْعَبِيدِ (1) .

109 - وَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ : دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِلَى اَلسُّوقِ وَ مَعَهُ غُلاَمٌ لَهُ وَ هُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ فَاشْتَرَى قَمِيصَيْنِ وَ قَالَ لِغُلاَمِهِ اِخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتَ فَأَخَذَ أَحَدَهُمَا وَ أَخَذَ هُوَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْآخَرَ ثُمَّ لَبِسَهُ وَ مَدَّ يَدَهُ فَوَجَدَ كُمَّهُ فَاضِلَةً فَقَالَ لِلْخَيَّاطِ اِقْطَعِ اَلْفَاضِلَ فَقَطَعَهُ ثُمَّ كَفَّهُ وَ ذَهَبَ .

110 - وَ رُوِيَ أَيْضاً قَالَ : لَمَّا أَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَجَدَهُ مُؤْتَزِراً بِعَبَاءَةٍ مُحْتَجِزاً بِعِقَالٍ وَ هُوَ يَهْنَأُ بَعِيراً أَيْ يَمْسَحُهُ بِالْقَطِرَانِ (2) لِأَنَّ اَلْهِنَاءَ اِسْمٌ لِلْقَطِرَانِ (3) .

111 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ [أَحَدٍ] حَتَّى يَسْتَقِيمَ

ص: 278


1- و المراد بالحديث نفى التكبر و ذمه على كل حال، حتى عند الاكل و الجلوس (معه).
2- قطران البعير: طلاه بالقطران: القطران، سيال دهنى يتخذ من بعض الاشجار كالصنوبر و الأرز (المنجد). و القطران: ما يتخلل من شجر الابهل و يطلى به الإبل و غيرها، و قطرنتها، اذا طليتها به (مصباح المنير).
3- و هذا الحديث و الذي قبله يدلان على عظم زهد عليّ عليه السلام، و شدة تواضعه (معه).

قَلْبُهُ وَ لاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ فَمَنِ اِسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى اَللَّهَ سَلِيمَ اَللِّسَانِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ فَلْيَفْعَلْ (1)(2).

112 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَا اِبْنَ آدَمَ اِعْمَلِ اَلْخَيْرَ وَ دَعِ اَلشَّرَّ فَإِذَا أَنْتَ جَوَادٌ قَاصِدٌ(3).

113 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلْقُلُوبَ تَصْدَأُ كَمَا يَصْدَأُ اَلْحَدِيدُ قِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ مَا جَلاَؤُهَا قَالَ قِرَاءَةُ اَلْقُرْآنِ وَ ذِكْرُ اَلْمَوْتِ (4) (5) .

114 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّ لَكُمْ مَعَالِمَ فَانْتَهُوا إِلَى مَعَالِمِكُمْ وَ إِنَّ لَكُمْ غَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى غَايَتِكُمْ (6).

ص: 279


1- مستدرك الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (132) من أبواب أحكام العشرة حديث 39، نقلا عن نهج البلاغة.
2- و هذا الحديث إشارة الى التأكيد في النهى عن الغيبة، و جعل السلامة فيها شرطا في استقامة الايمان. يعنى ان الايمان معها غير مستقيم، و ما هو غير مستقيم، فهو غير كامل. فعلم ان الغيبة من الذنوب الكبائر، لمنافاتها كمالية الايمان (معه).
3- أي اعمل ما يصدق عليه اسم الخير، ودع ما يصدق عليه اسم الشر. فانك متى فعلت ذلك بحسب استطاعتك، كنت موصوفا بالجود و العدالة (معه).
4- فيه «ان هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد» هو ان يركبها الرين بمباشرة المعاصى و الآثام، فيذهب بجلائها، كما يعلو الصدأ وجه المرأة و السيف و نحوهما (النهاية).
5- مستدرك الوسائل، كتاب الطهارة، باب (17) استحباب كثرة ذكر الموت و ما بعده و الاستعداد لذلك حديث 8. نقلا عن عوالى اللئالى،.
6- يعني ان الدين ليس مرتبة واحدة، انما هو مراتب. كل مرتبة معلم من معالمه، و علامة من علاماته، فلا تقصروا على بعض تلك المعالم، فتقفوا عندها. بل انتهوا الى غاية تلك المعالم، لان لها غاية لا بدّ من الانتهاء إليها. و هذا يدلّ على ان الاخذ في الدين بمعالمه واجب على كل شخص بحسب ما تسعه طاقته، الى مريته لا تكون تشديدا و لا تعسيرا، و الامر للوجوب (معه).

115 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ اَلنَّاسُ مِنْ يَدِهِ وَ لِسَانِهِ (1)(2).

116 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ كَانَ يَوْماً جَالِساً فِي أَصْحَابِهِ فَسَمِعَ هَدَّةً فَقَالَ هَذَا حَجَرٌ أَرْسَلَهُ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ فَهُوَ يَهْوِي فِيهَا مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفاً حَتَّى بَلَغَ اَلْآنَ قَعْرَهَا (3) (4) .

117 وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ اَلْجُهَنِيِّ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ طَرِيقِ اَلنَّجَاةِ فَقَالَ لَهُ أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَ لْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَ اِبْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ (5)هذا مخصوص بالعاجز عن الامر بالمعروف و النهى عن المنكر و اصلاح الخلق و نفعهم، فان مرتبته الاشتغال بنفسه عن كل أحد سواء، فيقتصر على اصلاح نفسه و قوله: «و يسعك بيتك» أي لا تخرج من بيتك، و الامر للوجوب. و البكاء على الخطيئة يراد به الندم على فعلها، و التأسف على ما فرط منه، و ذلك هو حقيقة التوبة (معه).(6) (6) .

118 وَ قِيلَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَيُّ اَلنَّاسِ أَفْضَلُ فَقَالَ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ

ص: 280


1- صحيح البخاريّ ، كتاب الايمان، باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده، و باب أي الإسلام أفضل.
2- المراد بالإسلام، الإسلام الحقيقي الكامل (معه).
3- صحيح مسلم، كتاب الجنة و صفة نعيمها و أهلها، (12) باب في شدة حر نار جهنم و بعد قعرها، حديث 31.
4- الخريف سبعون سنة (معه).
5- سنن الترمذي، كتاب الزهد،
6- باب ما جاء في حفظ اللسان، حديث 2406.

اَلشِّعَابِ يَعْبُدُ اَللَّهَ وَ يَدَعُ اَلنَّاسَ مِنْ شَرِّهِ (1) (2) (3) .

119 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ اَلتَّقِيَّ اَلنَّقِيَّ اَلْحَفِيَّ (4)(5).

120 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ فَارَقَ اَلْجَمَاعَةَ قِيدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ

ص: 281


1- صحيح مسلم، كتاب الامارة، (34) باب فضل الجهاد و الرباط، قطعة من حديث 123.
2- هذا مخصوص بمن لا يقدر على التخلص، مع مخالطة الناس من الشرور و المعاصى الا بالاعتزال، و يكون أفضليته عن الناس مشروطة بذلك، كما قيل في قصة إبراهيم بن أدهم و الذراع، و كما في قصة الراهب، و أمثال ذلك (معه).
3- قال بعض الاعلام: العزلة مشتملة على عين العلم و زاى الزهد. فان خلت العزلة من عين العلم، تكون ذلة، أي أعظم الذنوب، و ان خلت من زاى الزهد، تكون علة، و هي أعظم المصائب و العلل (جه).
4- صحيح مسلم، كتاب الزهد و الرقائق، حديث (11) و لفظ الحديث (عن عامر بن سعد قال: كان سعد بن أبي وقاص في ابله، فجاءه ابنه عمر. فلما رآه سعد قال: أعوذ باللّه من شر هذا الراكب، فنزل فقال له: أنزلت في ابلك و غنمك و تركت الناس يتنازعون الملك بينهم ؟ فضرب سعد في صدره فقال: اسكت، سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم يقول: (ان اللّه يحب العبد التقى الغنى الخفى). و رواه أحمد ابن حنبل في مسنده ج 168:1 و 177. و قال في شرح النووى: المراد بالغنى، غنى النفس، هذا هو الغنى المحبوب لقوله صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم «و لكن الغنى غنى النفس» و أمّا الخفى: فبالخاء المعجمة هذا هو الموجود في النسخ، و المعروف في الروايات. و معناه الخامل المنقطع الى العبادة و الاشتغال بأمور نفسه. و في هذا الحديث حجة لمن يقول: الاعتزال فصل من الاختلاط.
5- المراد بالتقى، حسن الظاهر، و بالنقى، حسن الباطن، و بالخفى، نافى الشرك، الذي هو حبّ المدح و الاطراء، لانه يجر الى الرياء، بل هو من أقسامه.

اَلْإِسْلاَمِ عَنْ عُنُقِهِ (1)(2).

121 - وَ رُوِيَ : أَنَّ رَجُلاً أَتَى جَبَلاً لِيَعْبُدَ اَللَّهَ فِيهِ فَجَاءَ بِهِ أَهْلُهُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَ قَالَ لَهُ إِنَّ صَبْرَ اَلْمُسْلِمِ فِي بَعْضِ مَوَاطِنِ اَلْجِهَادِ يَوْماً وَاحِداً خَيْرٌ لَهُ مِنْ عِبَادَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً (3) (4) .

ص: 282


1- سنن أبي داود، ج 4، كتاب السنة، باب في قتل الخوارج، حديث 4758.
2- اللام للعهد، أي جماعة الأئمّة المعهودين، المعلوم عصمتهم. لان (من) للعموم. و المراد من فارقهم بأى شيء كان، و في أي شيء كان (معه).
3- المراد بالجهاد هنا، الجهادان معا، الصورى و المعنوى (معه).
4- ذلك الرجل هو عثمان بن مظعون، رضيع النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أراد الترهب و التخلى من أهله، و التعبد في الجبال و الصوامع، فنهاه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. و أمّا العزلة عن الخلق، فقد اختلف فيها الاخبار، و الجمع بينها يقتضى، أن الدين إذا كان محفوظا بها، تكون هي الأولى، بل ربما كانت واجبة. عن ابن مسعود قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله (ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذى دين دينه الا من فر من شاهق الى شاهق، و من حجر الى حجر، كالثعلب باشباله.) قالوا: و متى ذلك الزمان ؟ قال: (اذا لم تنل المعيشة الا بمعاصى اللّه، فعند ذلك حلت العزوبة قالوا: يا رسول اللّه أمرتنا بالتزويج ؟ قال: (بلى، و لكن إذا كان ذلك الزمان، فهلاك الرجل على يدي أبويه، فان لم يكن له أبوان، فعلى يدي زوجته و ولده، فان لم يكن له زوجة و لا ولد، فعلى يدي قرابته و جيرانه) قالوا: و كيف ذلك ؟ قال: (يعيرونه بضيق المعيشة، و يكلفونه ما لا يطيق حتّى يوردونه موارد الهلكة). قيل لراهب من رهبان الصين: يا راهب، قال: لست براهب، انما الراهب من رهب اللّه في سمائه، و حمده في نعمائه، و صبر على بلائه، فلا يزال فارا الى ربّه مستغفرا من ذنبه. و انما أنا كلب عقور، حبست نفسى في هذه الصومعة، لئلا أعقر الناس. قيل لراهب: رؤى عليه مدرعة شعر سود، ما الذي حملك على لبس السواد؟ فقال: هو لباس المحزونين، و أنا أكبرهم، فقيل له: من أي شيء أنت محزون ؟ فقال: لانى أصبت نفسى، و ذلك انى قتلتها في معركة الذنوب، فانا حزين عليها، ثمّ أسبل دمعه، فقيل له ما الذي أبكاك الآن ؟ قال: ذكرت يوما من أجلى، لم يحسن فيه عملى، فكأنى لقلة الزاد و بعد المفازة، و عقبة لا بدّ من صعودها، ثمّ لا أدرى أين مهبطها، الى الجنة أم الى النار. و مر عيسى عليه السلام على رجل نائم، فقال له: قم، فقال الرجل: قد تركت الدنيا لأهلها، فقال له: نم مكانك اذن. و قيل لحكيم: الدنيا لمن هى ؟ قال: لمن تركها، فقال الآخرة لمن ؟ قال: لمن طلبها. قيل لعابد: خذ حظك من الدنيا فانّك فان عنها، قال: الآن وجب أن لا آخذ حظى منها. و عن أمير المؤمنين عليه السلام، قال: (يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء، تسعة منها في اعتزال الناس، و واحد في الصمت) (جه).

122 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ (1)(2).

123 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ وَ لَوْ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ هُوَ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اَللَّهِ (3).

124 - وَ فِي حَدِيثٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : الطاعة [اَلْمَعْصِيَةُ ] بَعْدَ اَلطَّاعَةِ دَلِيلٌ عَلَى رَدِّ اَلطَّاعَةِ وَ اَلطَّاعَةُ بَعْدَ اَلْمَعْصِيَةِ دَلِيلٌ عَلَى غُفْرَانِ اَلْمَعْصِيَةِ .

125 - وَ فِي بَعْضِ اَلْأَحَادِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَوْ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْمَصَائِبُ سَبْعٌ عَالِمٌ زَلَّ وَ عَابِدٌ مَلَّ وَ مُؤْمِنٌ ضَلَّ وَ أَمِينٌ غَلَّ وَ صَحِيحٌ

ص: 283


1- سنن الترمذي، كتاب البر و الصلة، (49) باب ما جاء في تعليم النسب حديث 1979، و تتمة الحديث (فان صلة الرحم محبة في الاهل، مثراة في المال، منساة في الاثر).
2- الامر للاستحباب. لانه أمر لمصلحة دنيوية، أراده للانتظام الجمعى، و الطاف كل، بقريبه و نسيبه (معه).
3- الوسائل، كتاب القصاص، باب (2) من أبواب القصاص في النفس، حديث 4، و سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الديات، (1) باب التغليظ في قتل مسلم ظلما، حديث 2620.

عُلَّ وَ غَنِيٌّ قَلَّ وَ عَزِيزٌ ذَلَّ (1)مستدرك الوسائل، كتاب الجهاد، باب (94) من أبواب جهاد النفس حديث 1، نقلا عن أصل زيد الزراد. و حديث 9 نقلا عن معاني الأخبار، و فيه «من اعتدل يوماه فهو مغبون».(2). و سأختم هذه المقدمة بحكم صادرة منه صلّى اللّه عليه و آله بكلمات مفردة أحكيها سردا كما رويتها

126 - قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِذَا أَرَادَ اَللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْراً جَعَلَ لَهُ وَزِيراً صَالِحاً إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ وَ إِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ (3).

127 - سِيرُوا سَيْرَ أَضْعَفِكُمْ (4)(5).

128 - اَلْفِرَارُ مِمَّا لاَ يُطَاقُ (6).

129 - مَنِ اِسْتَوَى يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ (6).

ص: 284


1- مستدرك الوسائل، كتاب الصلاة، باب
2- من أبواب الدعاء حديث 3 نقلا عن البحار، عن كتاب دعائم الدين، و لفظ ما رواه (قال: روى في كتاب التنبيه عن أمير المؤمنين عليه السلام انه خطب في يوم جمعة خطبة بليغة، فقال في آخرها: أيها الناس سبع مصائب عظام نعوذ باللّه منها الحديث).
3- مسند أحمد بن حنبل، ج 70:5، و سنن أبي داود، ج 3، كتاب الخراج و الامارة و الفيء، باب اتخاذ الوزير، حديث 2932، و سنن النسائى، كتاب البيعة، (وزير الامام) و لفظ ما رووه (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: من ولى منكم عملا فاراد اللّه به خيرا جعل له وزيرا صالحا، ان نسى ذكره، و ان ذكر أعانه).
4- مستدرك الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (49) من أبواب آداب السفر الى الحجّ و غيره، حديث (11) نقلا عن عوالى اللئالى.
5- معناه ينبغي للقوى مراعاة الضعيف، فيعمل على قدر وسع الضعيف. و هذا أصل يندرج تحته من الجزئيات ما لا تحصى، كصلاة الجماعة، فانها ينبغي أن تكون على حال أضعف المأمومين، و كسير القافلة و نحو ذلك (جه).
6- و هذا للاستحباب، بل قد يجب إذا خيف معه على النفس (معه).

130 - اَلدُّنْيَا دَارُ مِحْنَةٍ .

131 - اَلدُّنْيَا سَاعَةٌ فَاجْعَلْهَا طَاعَةً (1).

132 - مَعَ كُلِّ تَرْحَةٍ فَرْحَةٌ (2).

133 - اِسْتَعِينُوا عَلَى اَلْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ لَهَا(3).

134 - لِكُلِّ شَيْ ءٍ سَنَامٌ وَ سَنَامُ اَلْقُرْآنِ سُورَةُ اَلْبَقَرَةِ (4).

135 - مَنْ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى ذُلِّ اَلتَّعَلُّمِ سَاعَةً بَقِيَ فِي ذُلِّ اَلْجَهْلِ أَبَداً.

136 - مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا(5)أي من أحيا سنة متروكة، بان أظهرها بين الناس. ليعملوا بها بعد ان كانت متروكة، فله ما ذكر من الثواب (معه).(6)(6).

ص: 285


1- و ذلك ان الساعة التي مضت، تقدمت بما فيها، و الساعة المستقبلة لم تأت بعد. فالدنيا كلها ساعة واحدة (معه).
2- فيه «ما من فرحة الا و تبعها ترحة» الترح: ضد الفرح، و هو الهلاك و الانقطاع أيضا، و الترحة: المرة الواحدة (النهاية).
3- الجامع الصغير للسيوطي، حرف الهمزة، نقلا عن ابن عدى في الكامل، و عن العقيلى في الضعفاء، و عن الطبراني في الكبير، و عن البيهقيّ في شعب الايمان. و لفظ الحديث: (استعينوا على انجاح الحوائج بالكتمان فان كل ذى نعمة محسود).
4- سنن الترمذي، كتاب فضائل القرآن، حديث 2878 و تتمة الحديث: (و فيها آية هي سيدة آى القرآن، هى آية الكرسيّ ).
5- صحيح مسلم، كتاب الزكاة، 20 باب الحث على الصدقة و لو بشق تمرة، أو كلمة طيبة حديث 69. و كتاب العلم
6- باب من سن سنة حسنة أو سيئة، و من دعا الى هدى أو ضلالة، حديث (15).

137 - اِخْتِلاَفُ أُمَّتِي رَحْمَةٌ (1)(2)(3)(4).

ص: 286


1- الجامع الصغير للسيوطي، ج 13:1 حرف الهمزة، قال بعد نقله: نصر المقدسى في الحجة، و البيهقيّ في الرسالة الاشعرية بغير سند، و أورده الحليمى و القاضي حسين و امام الحرمين و غيرهم. و لعله خرج في بعض الكتب الحفاظ التي لم تصل الينا.
2- في الاحتجاج للطبرسيّ ، و معاني الأخبار للصدوق رضوان اللّه عليهما، في معنى قوله عليه السلام: «اختلاف امتى رحمة» (عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد المؤمن الأنصاريّ قال: قلت لابى عبد اللّه عليه السلام: ان قوما رووا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «ان اختلاف امتى رحمة»؟ فقال: صدقوا قلت: ان كان اختلافهم رحمة، فاجتماعهم عذاب ؟ قال: ليس حيث ذهبت و ذهبوا، انما أراد قول اللّه عزّ و جلّ : «فَلَوْ لاٰ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طٰائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي اَلدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذٰا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » التوبة: 123 فأمرهم ان ينفروا الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و يختلفوا إليه، فيتعلموا ثمّ يرجعوا الى قومهم، فيعلموهم. انما أراد اختلافهم من البلدان، لا اختلافا في دين اللّه، انما الدين واحد).
3- المراد اختلافهم في الاجتهاديات. و يحتمل أن يكون الاختلاف رجوع بعضهم الى بعض في الأمور الدينية (معه).
4- طعن في هذا الحديث أهل الحديث، و قالوا: انه موضوع لم يذكره الا بعض الأصوليّين في مبحث القياس. و استدلّ به الجمهور على جواز اختلاف الأمة في اعتقادها و تباينها و تضاد أقوالها و أفعالها، و جعلوه عذرا لاختلاف المجتهدين في الآراء المختلفة، و الاجتهادات المستندة الى القياسات و نحوها. و ما وقع من الاختلاف بين الصحابة من الحروب و التضاد. و استدلوا أيضا بقوله تعالى: لا يزالون مختلفين الا ما رحم ربك. و لذلك خلقهم، فيكون فضلا و راجحا، فضلا من الجواز. و أجاب أصحابنا من الآية بما قاله أكثر المفسرين و رووه عن الإمام الصّادق عليه السلام من أن المشار إليه، هو الرحمة المفهوم، من قوله: (رحم) لانه أقرب من الاختلاف و أوفق بالادلة العقليّة و النقلية. و أمّا عن الأحاديث، فبما رووه أيضا عنه عليه السلام ان المراد من قوله صلّى اللّه عليه و آله: (لا تجتمع امتى على ضلالة) و قال فيه علماء الإسلام غير هذا، منها ما نقله صاحب المواقف في خطبة كتابه عن بعض الأمة، من أن مراده (صلّى اللّه عليه و آله) من هذا الحديث، اختلاف هممهم في العلوم فهمة واحدة في الفقه، لضبط الاحكام المتعلقة بالافعال. و همة آخر في الكلام، لحفظ العقائد، فينتظم لها أمر المعاد، و قانون العدل المقيم للنوع. كما اختلفت همم أصحاب الحرف و الصناعات، ليقوم كل واحد منهم بحرفة و صناعة، فيتم النظام في المعاش المعين لذلك الانتظام، و هذا الاختلاف أيضا رحمة كما لا يخفى (جه).

138 - اِبْدَأْ بِنَفْسِكَ (1)(2).

139 - شَرُّ اَلنَّاسِ مَنْ أَكَلَ وَحْدَهُ وَ مَنَعَ رِفْدَهُ وَ جَلَدَ عَبْدَهُ (3)(4).

140 - إِذَا تَغَيَّرَ اَلسُّلْطَانُ تَغَيَّرَ اَلزَّمَانُ (5).

ص: 287


1- الجامع الصغير للسيوطي، ج 5:1 حرف الهمزة، و تتمة الحديث (فتصدق عليها فان فضل شىء فلاهلك، فان فضل شيء عن أهلك فلذى قرابتك، فان فضل عن ذى قرابتك شيء فهكذا و هكذا) نقلا عن النسائى، عن جابر. و الحديث صحيح.
2- و في مثل هذا قال الشاعر الحكيم: يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذى السقام و ذى الضنا، كى ما يصحّ به و انت سقيم و أراك تلقح بالرشاد قلوبنا وصفا و انت عن الرشاد عديم فابدأ بنفسك فانهها عن غيها فان انتهت عنه فانت حكيم فهناك نتبع ما تقول و نقتدى بالقول منك و ينفع التعليم لا تنه عن خلق و تأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم (معه).
3- من أكل وحده: يعنى على صفة التكبر، كما يفعله السلاطين و الملوك (معه).
4- لعل المراد من الرفد، أي اعطاء الحقوق الواجبة كالزكاة و نحوها. و جلد العبد من غير استحقاق، و الا فورد في بعض الأخبار و إليه ذهب طائفة من الفقهاء، جواز حد العبد إذا أتى ما يوجبه (جه).
5- لان تغيره هنا، عبارة عن زيادة ظلمه و شره، و تغير الزمان عليه و على رعيته -

141 - إِذَا كَانَ اَلدَّاءُ مِنَ اَلسَّمَاءِ فَقَدْ بَطَلَ هُنَاكَ اَلدَّوَاءُ (1).

142 - اَلْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا اِئْتَلَفَ وَ مَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اِخْتَلَفَ (2)(3).

143 - اَلسَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اَللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ اَلْجَنَّةِ قَرِيبٌ مِنَ اَلنَّاسِ (4).

ص: 288


1- لعل المراد، داء الموت، فلا يكون للدواء نفع. ان الطبيب له في الطبّ معرفة ما دام في أجل الإنسان تأخير حتى إذا ما مضت أيّام مدته حار الطبيب و خانته العقاقير (جه).
2- صحيح مسلم، كتاب البر و الصلة و الآداب، (49) باب الأرواح جنود مجندة حديث 159 و 160.
3- معنى الحديث: ان الأرواح كالعساكر المستعدة، فما تعارف منها بالاتفاق بالصفات و الأخلاق، ائتلف بعضه مع بعض و اتحد. و ما تناكر منها باختلاف الصفات و الأخلاق، اختلف و تباين، سواء كان قبل التعلق بالبدن، أو بعده (معه).
4- سنن الترمذي، كتاب البر و الصلة، (4) باب ما جاء في السخاء، حديث 1961 و تتمة الحديث: (بعيد من النار، و البخيل بعيد من اللّه، بعيد من الجنة، بعيد من الناس، قريب من النار. و لجاهل سخى أحبّ إلى اللّه عزّ و جلّ من عابد بخيل).

144 - اِجْتَنِبْ خَمْساً اَلْحَسَدَ وَ اَلطِّيَرَةَ وَ اَلْبَغْيَ وَ سُوءَ اَلظَّنِّ وَ اَلنَّمِيمَةَ .

145 - أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي(1).

146 - مَنْ فُتِحَ لَهُ بَابُ خَيْرٍ فَلْيَنْتَهِزْهُ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَتَى يُغْلَقُ عَنْهُ (2)(3).

147 - اَلْأُمُورُ بِتَمَامِهَا وَ اَلْأَعْمَالُ بِخَوَاتِمِهَا(4).

148 - شَاوِرُوهُنَّ وَ خَالِفُوهُنَّ (5)(6).

ص: 289


1- سنن الدارميّ ، ج 2 باب حسن الظنّ باللّه، و تتمة الحديث: (فليظن بى ما شاء).
2- النهزة، الفرصة، و انتهزتها، اغتنمتها (النهاية).
3- أي فليتبادر الى فعله، و لا يسوفه. و الامر للوجوب لقوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا اَلْخَيْرٰاتِ ) (معه).
4- و هذا يدلّ على ان الموافاة بالايمان شرط في صحة الاعمال و حصول الثواب بها (معه).
5- مستدرك الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (24) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر، حديث 3، نقلا عن البحار. و لفظ الحديث: (شاوروا النساء و خالفوهن فان خلافهن بركة).
6- عن أمير المؤمنين عليه السلام: ان النساء نواقص الايمان، نواقص الحظوظ نواقص العقول. فأما نقصان ايمانهن، قعودهن عن الصلاة و الصيام في أيّام حيضهن. و أما نقصان عقولهن، فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد. و أمّا نقصان حظوظهن، فمواريثهن على الإنصاف من مواريث الرجال، فاتقوا أشرار النساء، و كونوا من خيارهن على حذر، و لا تطيعوهن في المعروف حتّى لا يطمعن في المنكر. و قد ذكر المحققون لنقصان عقولهن سببان، داخل و خارج. أما الأول: فهو نقصان استعداد أمزجتهن و قصورهن عن قبول تصرف العقل، كما يقبله مزاج الرجل. و أمّا الثاني فهو قلة معاشرتهن لاهل العقل و التصرفات، و قلة رياضتهن لقواهن الحيوانية و لزوم القوانين العقليّة في تدبير أمر المعاش و المعاد. و لذلك كانت أحكام القوى الحيوانية فيهن أغلب على أحكام عقولهن فكانت المرأة أرق و أبكى، و أحسد، و ألج، و أبغى، و أجزع، و أوقح، و أكذب، و أقبل للمكر، و أذكر لمحقرات الأمور. و لكونها بهذه الصفات اقتضت الحكمة الإلهيّة أن يكون عليها حاكم و مدبر، تعيش بتدبيره، و هو الرجل، فقال تعالى: (اَلرِّجٰالُ قَوّٰامُونَ عَلَى اَلنِّسٰاءِ بِمٰا فَضَّلَ اَللّٰهُ بَعْضَهُمْ عَلىٰ بَعْضٍ وَ بِمٰا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوٰالِهِمْ ) و لشدة قبولها للمكر، و قلة طاعتها للعقل مع كونها داعية الى نفسها، اقتضت أيضا أن يسن في حقها التستر و التحذر. و لاجل ما ذكرناه من نقصان عقولهن و غلبة القوى الحيوانية عليهن، يرين أمور المعروف منكرا و بالعكس فلاجل ذلك جاء الامر بعكس ما يشرن فيه (جه).

149 - حُبُّكَ لِلشَّيْ ءِ يُعْمِي وَ يُصِمُّ (1).

150 - اَلْمَرْأَةُ كَالضِّلْعِ اَلْعَوْجَاءِ (2)(3).

151 - بُلُّوا أَرْحَامَكُمْ وَ لَوْ بِالسَّلاَمِ (4).

152 - اَلْفِرَارُ فِي وَقْتِهِ ظَفَرٌ(5).

ص: 290


1- مسند أحمد بن حنبل ج 194:5.
2- الوسائل، كتاب النكاح، باب (9) من أبواب مقدماته و آدابه، حديث 1 و 3 و فيه ان إبراهيم (عليه السّلام) شكى إلى اللّه تعالى ما يلقى من سوء خلق سارة، فأوحى اللّه إليه انما مثل المرأة مثل الضلع المعوج، ان أقمته كسرته، و ان تركته استمتعت بها، أصبر عليها. و في مسند أحمد بن حنبل ج 151:5، في قصة أبى ذر مع زوجته، و الحديث طويل، فراجع ان شئت.
3- ورد هذا الحديث في شأن سارة امرأة الخليل عليه السلام، لما حتمت عليه أن يحمل هاجر و ابنها إسماعيل و يضعهما في واد غير ذى زرع، و يرجع عنهما و لا ينزل عن دابته، فتأذى غاية التأذى، فأوحى اللّه سبحانه إليه. ان المرأة كالضلع العوجاء إذا قومتها. انكسرت دعها على اعوجاجها، و استمتع منها (جه).
4- الجامع الصغير للسيوطي، ج 126:1، حرف الباء، نقلا عن الطبراني في الكبير. و في المستدرك، كتاب النكاح، باب (13) من أبواب النفقات حديث 2 نقلا عن البحار. و لفظه (صلوا أرحامكم في الدنيا و لو بالسلام).
5- شرح غرر الحكم و درر الكلم للآمدي، ج 108:2، من كلام أمير المؤمنين عليه السلام و لفظه: (الفرار في أوانه يعدل الظفر في زمانه) رقم 2003.

153 - اَلشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ اَلْجُنُونِ (1).

154 - لاَ خَيْرَ فِي اَلسَّرَفِ وَ لاَ سَرَفَ فِي اَلْخَيْرِ.

155 - إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ اَلْفَالَ اَلْحَسَنَ (2)(3).

156 - رَأْسُ اَلْعَقْلِ بَعْدَ اَلْإِيمَانِ اَلتَّوَدُّدُ إِلَى اَلنَّاسِ (4).

157 - اَلْمَقْدُورُ كَائِنٌ وَ اَلْهَمُّ فَضْلٌ (5).

158 - اَلصَّدَقَةُ تَزِيدُ فِي اَلْعُمُرِ وَ تَسْتَنْزِلُ اَلرِّزْقَ وَ تَقِي مَصَارِعَ اَلسَّوْءِ وَ تُطْفِئُ غَضَبَ اَلرَّبِّ .

159 - تَرْكُ اَلْفُرَصِ غُصَصٌ .

160 - اَلْفُرَصُ تَمُرُّ مَرَّ اَلسَّحَابِ (6).

161 - أَضْيَقُ اَلْأَمْرِ أَدْنَاهُ مِنَ اَلْفَرَجِ .

ص: 291


1- كنوز الحقائق للمناوى، هامش جامع الصغير، ج 150:1، في المحلى بأل من حرف الشين، و لفظ الحديث (الشباب شعبة من الجنون، و النساء حبائل الشيطان).
2- الذي ظفرت عليه من الحديث: (كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم يحب الفال الحسن و يكره الطيرة، راجع مسند أحمد بن حنبل ج 332:2، و سنن ابن ماجة ج 2 كتاب الطبّ ، (43) باب من كان يعجبه الفال و يكره الطيرة، حديث 3536.
3- و هو ما اعتاد كل جماعة التفؤل به في أول سفرهم، و عند خروجهم من منازلهم لقضاء حوائجهم (جه).
4- الجامع الصغير للسيوطي ج 20:1، حرف الراء، نقلا عن البيهقيّ في شعب الايمان.
5- يعني المقدر المحتوم الذي استجمعت شرائطه، فيكون الهم لوقوع المقدر أمر زائد لا يحتاج إليه (جه).
6- نهج البلاغة، باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام، (21) من حكمه و تتمتها: (فانتهزوا فرص الخير).

162 - حُسْنُ اَلْعَهْدِ مِنَ اَلْإِيمَانِ (1).

163 - مَنْ تَعَلَّمْتَ مِنْهُ حَرْفاً صِرْتَ لَهُ عَبْداً(2).

164 - اَلظَّفَرُ بِالْحَزْمِ وَ اَلْجَزْمِ (3).

165 - إِذَا جَاءَ اَلْقَضَاءُ ضَاقَ اَلْفَضَاءُ .

166 - اَلدُّنْيَا سِجْنُ اَلْمُؤْمِنِ (4).

167 - طَالِبُ اَلْعِلْمِ مَحْفُوفٌ بِعِنَايَةِ اَللَّهِ .

168 - اَلنَّدَمُ تَوْبَةٌ (5).

169 - اَلْحَاسِدُ مُغْتَاظٌ عَلَى مَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ .

170 - اَلْحَزْمُ بِإِجَالَةِ اَلرَّأْيِ وَ اَلرَّأْيُ بِتَحْصِينِ اَلْأَسْرَارِ(6).

171 - أَعْقَلُ اَلنَّاسِ مُحْسِنٌ خَائِفٌ وَ أَجْهَلُهُمْ مُسِيءٌ آمِنٌ .

172 - طَالِبُ اَلْعِلْمِ لاَ يَمُوتُ أَوْ يُمَتَّعَ جِدُّهُ بِقَدْرِ كَدِّهِ (7).

ص: 292


1- كنوز الحقائق للمناوى، هامش الجامع الصغير، ج 118:1.
2- المراد من الحرف، الكلمة و نحوها من الفصول، كما يقال: لفصول الاذان و الإقامة، كلماتها. و العبد: هنا المراد منه عبد الطاعة، كما قاله أهل الحديث في قول أمير المؤمنين عليه السلام: (أنا عبد من عبيد محمد «صلّى اللّه عليه و آله») (جه).
3- أي الاحتياط في الأمور و عدم التردد (معه). و من كلام عليّ عليه السلام (الظفر بالحزم، و الحزم بالتجارب). شرح غرر الحكم ج 21:1.
4- صحيح مسلم (53)، كتاب الزهد و الرقائق حديث 1، و سنن ابن ماجة، ج 2 كتاب الزهد، حديث 4113، و مسند أحمد بن حنبل ج 323:2.
5- الجامع الصغير للسيوطي ج 189:2، حرف النون، نقلا عن الطبراني في الكبير، و عن أبي نعيم في الحلية، و تتمة الحديث: (و التائب من الذنب كمن لا ذنب له).
6- غرر الحكم و درر الكلم للآمدي، ج 269:1 و 271 رقم 1077 و 1081.
7- الجد: الحظ و السعادة، و (أو) بمعنى (الى أن) يعني أن طالب العلم لايخرج من الدنيا، حتى يتمتع بالحظ، و سعادة الدنيا بقدر تعبه في تحصيل العلم، فيكون اللّه تعالى قد عجل له السعادة في الدنيا، كما قدرها له في الآخرة (جه).

173 - اَلْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ (1)ان كان المراد بالوزير العقل، فالامر للوجوب. و ان كان هو المعاون في الأمور الدنيوية فالامر للاستحباب (معه).(2).

174 - اَلْكَعْبَةُ تُزَارُ وَ لاَ تَزُورُ(3).

175 - اَلسُّكُوتُ عِنْدَ اَلضَّرُورَةِ بِدْعَةٌ .

176 - اَلسُّلْطَانُ ظِلُّ اَللَّهِ فِي اَلْأَرْضِ يَأْوِي إِلَيْهِ كُلُّ مَظْلُومٍ مِنْ عِبَادِهِ (4)(5).

177 - اَلْعَدْلُ جُنَّةٌ وَاقِيَةٌ وَ جُنَّةٌ بَاقِيَةٌ .

178 - أَصْلِحْ وَزِيرَكَ فَإِنَّهُ اَلَّذِي يَقُودُكَ إِلَى اَلْجَنَّةِ أَوْ إِلَى اَلنَّارِ(5).

179 - اَلْجَاهُ أَحَدُ اَلرِّفْدَيْنِ .

180 - اَلْأُمُورُ مَرْهُونَةٌ بِأَوْقَاتِهَا.

ص: 293


1- الوسائل، كتاب التجارة، باب (6) من أبواب الخيار، فراجع. و لفظ الحديث (المسلمون عند شروطهم)، و في المستدرك، كتاب التجارة، باب
2- من أبواب الخيار، حديث 7، نقلا عن عوالى اللئالى كما في المتن.
3- المراد بالكعبة هنا، الذي يقتدى به الناس، كالعالم، فينبغي للناس زيارته و الانقياد إليه، و لا يكلفونه زيارته لهم، لا للتعليم و لا لغيره (جه).
4- الجامع الصغير للسيوطي، ج 38:2، حرف السين المحلى بأل، نقلا عن البيهقيّ في شعب الايمان، و تتمة الحديث: (فان عدل كان له الاجر، و كان على الرعية الشكر. و ان جار أو حاف أو ظلم كان عليه الوزر، و كان على الرعية الصبر. و إذا جارت الولاة قحطت السماء. و إذا منعت الزكاة هلكت المواشى. و إذا ظهر الزنا، ظهر الفقر و المسكنة. و إذا اخفرت الذمّة أديل الكفّار).
5- فكما ان الظل يمنع من أذى الشمس، كذلك السلطان العادل يمنع الناس من الاذى (جه).

181 - اَلْهَدِيَّةُ تُذْهِبُ اَلسَّخِيمَةَ (1).

182 - تَصَافَحُوا فَإِنَّهُ يَذْهَبُ بِالْغِلِّ (2).

183 - اَلْهَدِيَّةُ تُورِثُ اَلْمَوَدَّةَ وَ تُجَدِّدُ اَلْأُخُوَّةَ وَ تُذْهِبُ اَلضَّغِينَةَ .

184 - تَهَادَوْا تَحَابُّوا.

185 - نِعْمَ اَلشَّيْ ءُ اَلْهَدِيَّةُ أَمَامَ اَلْحَاجَةِ .

186 - أَهْدِ لِمَنْ يُهْدِيكَ (3).

187 - اَلْهَدِيَّةُ تَفْتَحُ بَابَ اَلْمُصْمَتِ .

188 - نِعْمَ مِفْتَاحُ اَلْحَاجَةِ اَلْهَدِيَّةُ .

189 - اَلْمَرْءُ مَخْبُوءٌ تَحْتَ لِسَانِهِ (4)(5).

ص: 294


1- شرح الزرقانى للموطأ، باب ما جاء في المهاجرة، نقلا عن البيهقيّ عن أنس، و ابن عبد البر عن أمّ سلمة. (و في النهاية): و منه حديث الأحنف (تهادوا تذهب الاحن و السخائم) أي الحقود، و هي جمع سخيمة.
2- الموطأ، باب ما جاء في المهاجرة، و لفظ الحديث (تصافحوا يذهب الغل و تهادوا تحابوا تذهب الشحناء).
3- الامر للاستحباب الا أن يكون المهدى في نيته طلب المجازاة و علم ذلك من حاله، فان المجازاة هنا تكون واجبة مع قبول هديته (معه).
4- نهج البلاغة، باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليّ عليه السلام. رقم 148.
5- اللسان يطلق حقيقة على اللحمة المخصوصة، و يقال مجازا على نفس العبارة كما اشير إليه في التنزيل الإلهي: «وَ اِخْتِلاٰفُ أَلْسِنَتِكُمْ وَ أَلْوٰانِكُمْ » و المعنيان محتملا الإرادة. و تقدير الخبر، معرفة المرء مخبوة تحت لسانه، أي معرفة صفات كماله و نقصانه لا يطلع عليها الا بالعبارات الصادرة منه. و ان حملنا اللسان على حقيقته فمجاز أيضا، لانه محل تلك العبارات فهو سبب لها (جه).

190 - مَا يَصْلُحُ لِلْمَوْلَى فَلِلْعَبْدِ حَرَامٌ (1).

191 - اَلْهَدَايَا رِزْقُ اَللَّهِ .

192 - مَنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ فَلْيَقْبَلْهُ .

193 - إِنَّ هَذِهِ اَلْقُلُوبَ تَمَلُّ كَمَا تَمَلُّ اَلْأَبْدَانُ فَاهْدُوا إِلَيْهَا طَرَائِفَ اَلْحِكَمِ (2)(3)(4).

194 - فِي اَلْحَدِيثِ اَلْقُدْسِيِّ : يَا دَاوُدُ فَرِّغْ لِي بَيْتاً أَسْكُنْهُ (5).

ص: 295


1- يشمل ما جعله الشارع مخصوصا بالمولى، و ما خصه العرف به الا إذا بذله المولى (جه).
2- نهج البلاغة، باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، رقم 91.
3- أي الأمور الحسنة من الاشعار الحكيمة (معه).
4- أي غرائبها، لانه قد يقع لها انصراف عن العلم الواحد، و ملال للنظر فيه بسبب مشابهة بعض أجزائه لبعض، فإذا اطلعت النفس على بعضه، قاست ما لم تعلم منه على ما علمت، و لم يكن الباقي عندها من الغريب لتلتذ به و تدوم على النظر فيه. و لما كان الملال و الانصراف غير محمود لها، أمر بطلب لطائف الحكمة لها. و أراد لطائفه المعجبة للنفس اللذيذة لها، لتكون أبدا في اكتساب الحكمة بنشاط و التذاذ في انتقالها من بعض غرائبها الى بعض. و أراد بالحكمة، الحكمة العملية و أقسامها، أو ما هو أغم منها. و روى عن ابن عباس انه كان إذا فرغ من مدارسة الحديث و التفسير، يقول لاصحابه: خمضونا خمضونا فيخوضون عند ذلك في الاشعار و القصص و نحوها (جه).
5- يعني به القلب. فى الحديث عن الصادق عليه السلام، و قد سئل عن العشق ؟ فقال: (تلك القلوب، اذا خلت عن محبة اللّه فعذبها اللّه بحب غيره). و أنواع الحب اذا كانت جهته واحدة، أمكن اجتماعه في القلب كمحبة اللّه و رسوله و أهل بيته عليهم السلام، و صلحاء المؤمنين و نحوهم كما تقدم. أما إذا تباينت أنواعها و تضادت أشخاصها استحال اجتماعها. روى ان رجلا أتى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: انى احبك و أحبّ عثمان، فقال له: (أنت أعور، اما أن تعمى و اما أن تبصر) يعني لا يجتمع هذان الحبّان، لتضادهما. و ذكر ابن خلّكان في التاريخ: ان من المعلوم انه لا يجتمع حبّ عليّ بن أبي طالب، مع التسنن. بل جاء في الاثران يعقوب عليه السلام لما أفرط حبّ يوسف، فرق اللّه بينهما، غيرة منه على بيته. و مصادفة القلب أول الشباب خاليا أولى من شغله ثمّ تفريغه. أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلبا خاليا فتمكنا (جه).

195 - إِنَّ لِلَّهِ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ أَلاَ فَتَرَصَّدُوا لَهَا.

196 - اَلسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ .

197 - مَنْ نَظَرَ فِي اَلْعَوَاقِبِ سَلِمَ فِي اَلنَّوَائِبِ (1).

198 - لاَ مَنْعَ وَ لاَ إِسْرَافَ وَ لاَ بُخْلَ وَ لاَ إِتْلاَفَ .

199 - خَيْرُ اَلْأُمُورِ أَوْسَطُهَا(2).

200 - مَا اَلْعِلْمُ إِلاَّ مَا حَوَاهُ اَلصَّدْرُ.

201 - اَلدُّنْيَا دَارُ بَلِيَّةٍ .

202 - تَعَمَّمُوا تَزْدَادُوا حِلْماً(3)(4).

203 - اَلْعِمَامَةُ مِنَ اَلْمُرُوَّةِ .

204 - هَذَانِ مُحَرَّمَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي يَعْنِي اَلذَّهَبَ وَ اَلْحَرِيرَ(5).

ص: 296


1- غرر الحكم و درر الكلم، حرف الميم بلفظة (من) رقم 384.
2- كنوز الحقائق للمناوى في هامش جامع الصغير، ج 124:1 حرف الخاء.
3- كنوز الحقائق للمناوى في هامش جامع الصغير، ج 107:1 حرف التاء.
4- لانه جاء في العادات ان كثيرا من الاوضاع تزيد في الحلم و الوقار، كالتعمم و التحنك و التردى، و لبس الثياب المعتادة للصلحاء، و أهل الايمان (جه).
5- سنن ابن ماجة، ج 2، كتاب اللباس، (19) باب لبس الحرير و الذهب للنساء، حديث 3595 و 3597.

و حين وفق الله تعالى لإتمام المقدمة فلنشرع في البابين

ص: 297

ص: 298

الباب الأول في الأحاديث المتعلقة بأبواب الفقه الغير المرتبة بترتيب أبوابه

اشارة

و لي فيها مسالك كثيرة إلا أني أقتصر في هذا المختصر على ذكر أربعة مسالك لا غير طلبا للإيجاز و حذرا من الملال

ص: 299

ص: 300

المسلك الأول في أحاديث ذكرها بعض متقدمي الأصحاب رويتها عنه بطرقي إليه لا يختص إسنادها بالرسول صلّى اللّه عليه و آله

بل بعضها ينتهي إسنادها إليه و بعضها إلى ذريته المعصومين و خلفائه المنصوصين عليهم أفضل الصلوات و أكمل التحيات. لأن الأصحاب قدس الله أرواحهم إنما يعتبرون من الأحاديث ما صح طريقه إليهم و اتصلت روايته بهم سواء وقف على واحد منهم أو أسنده إلى جده المصطفى أو أبيه المرتضى عليهما أفضل الصلاة و السلام و هذا هو الطريق الذي لا شبهة تعتريه و لا مرية في وجوب أتباعه كما قيل -

و وال أناسا قولهم و حديثهم *** روى جدنا عن جبرئيل عن الباري(1)

و ليس هذا الطريق مختصا بهذا المسلك بل ما أذكره في هذين البابين من الأحاديث فسبيلها هذا السبيل و مسلكها هذا المسلك اتباعا لآثار أهل البيت

ص: 301


1- كتب في هامش النسخ ما هذا لفظه: أوله: اذا شئت أن تختر لنفسك مذهبا ينجيك يوم البعث من لهب النار فدع عنك قول الشافعى و مالكا و أحمد و المروى عن كعب أحبار.

و اقتداء بطرقهم المرضية و أحوالهم الشهودية و أحكامهم العلوية لثبوت الدليل العقلي و النقلي على وجوب أتباعهم و إيجاب مودتهم. و إجماع الأمة و اتفاقها على عدالتهم و طهارتهم من الكذب و جميع الأدناس و الآثام فعلم أن طريقهم و ما أخذ عنهم معلوم الصحة لا يمتري فيه و لا يحيد عنه إلا من طمس على قلبه الزيغ و عمي عن رشده فقاد هواه و أغواه شيطانه فكان من النصاب المعاندين للأحباب لمن هو لب اللباب و سيد الأطياب حبيب الحضرة الإلهية و مقرب السدنة الربوبية محمد المحمود عند الله و عند جميع مقربي حضرته صلى الله عليه و عليهم أجمعين

1 - رَوَى اَلْمَنْقُولُ عَنْهُ هَذَا اَلْمَسْلَكَ فِي اَلْأَحَادِيثِ مِنْ طُرُقِهِ اَلصَّحِيحَةِ عَمَّنْ رَوَاهُ (1) قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : كُلُّ سَبَبٍ وَ نَسَبٍ مُنْقَطِعٌ

ص: 302


1- و لا يلزم من عدم ذكر اسم المنقول عنه في هذا المسلك، أن يكون من المرسل. لما تقرر في الأصول ان الراوي إذا علم من حاله انه لا يروى الا عن الثقات، كان ارساله اسنادا (معه).

يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ إِلاَّ سَبَبِي وَ نَسَبِي(1)(2)(3).

2 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ اَلصَّحِيحِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَبَارَكَ لَوْ لَمْ يَخْلُقْ

ص: 303


1- الوسائل، كتاب النكاح، باب (8) من أبواب مقدماته و آدابه حديث 5، و لفظ الحديث: (عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: (كل نسب و صهر منقطع يوم القيامة الا سببى و نسبى). و رواه الحاكم في المستدرك ج 142:3. و أورده في البحار ج 7: 24 من الطبعة القديمة باب (79) في أن كل نسب و سبب منقطع الانسب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله.
2- المراد بالسبب، الاقتداء به، و التمسك بسيرته. و قال بعضهم: المراد بالسبب هنا، المصاهرة. و اما النسب فمعلوم. و معنى الحديث: ان كل سبب و نسب منقطع نفعه يوم القيامة، الا السبب المتصل به و النسب المتصل به صلّى اللّه عليه و آله، فانه لا ينقطع نفعه. لجواز ان يخص نفعه بمن اتصل به، و شفاعته و ان كانت عامة، لكن جاز اختصاصهم بمزيد شفاعة خاصّة بهم، كما اختصوا بمزيد انذار خاصّ بهم في قوله تعالى: «وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ اَلْأَقْرَبِينَ ». فعلم ان لهم به مزيد اختصاص و قرب يوجب لهم مزيد العناية (معه).
3- اما السبب: فالظاهر انه إشارة الى قوله تعالى: «كُلُّ شَيْ ءٍ هٰالِكٌ إِلاّٰ وَجْهَهُ » فانه جاء في الأخبار الصحيحة، ان الوجه بمعنى الجهة. يعنى كل جهة و سبب من الأسباب الدنيوية، تكون منقطعة عن النفع يوم القيامة الا الجهة التي يوصل بها الى رضاه، و هي مودة أهل البيت عليهم السلام و الاعتقاد بولايتهم. و اما النسب، فقال اللّه تعالى: «فَلاٰ أَنْسٰابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لاٰ يَتَسٰاءَلُونَ ». و أمّا نسبه صلّى اللّه عليه و آله فروى عنه انه قال في شأن العلويين: (الصالح منهم لنفسه و الطالح منهم لي. و ينادى في عرصات القيامة، من كان له عندي يد فليقم الى، لا كافيه. من قضى لذرّيتي حوائجهم، و من أمنهم من خوفهم، و من أشبع جائعهم و كسى عاريهم، فيقوم اليه عنق من الناس صنعوا الاحسان الى ذريته، فيشفع فيهم حتّى يدخلهم الجنة بغير حساب، و صنيعه هذا لذريته و أهل نسبه، لم يصنعه الى غيرهم، فهذا نفع النسب و ذلك نفع السبب (جه).

مُحَمَّداً وَ أَهْلَ بَيْتِهِ لَمْ يَخْلُقْ سَمَاءً وَ لاَ أَرْضاً وَ لاَ جَنَّةً وَ لاَ نَاراً(1).

3 - وَ رُوِيَ عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : اَلنَّاسُ فِي اَلتَّوْحِيدِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ مُثْبِتٌ وَ نَافٍ وَ مُشَبِّهٌ فَالْمُثْبِتُ مُؤْمِنٌ وَ اَلنَّافِي مُبْطِلٌ وَ اَلْمُشَبِّهُ مُشْرِكٌ (2).

4 - وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: اَلتَّوْحِيدُ نَفْيُ اَلْحَدَّيْنِ حَدِّ اَلتَّشْبِيهِ وَ حَدِّ اَلتَّعْطِيلِ (3).

5 - وَ رُوِيَ : مَنْ زَارَ قَبْرَ اَلْإِمَامِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ تَمَحَّضَتْ ذُنُوبُهُ كَمَا يُمَحَّضُ اَلثَّوْبُ فِي اَلْمَاءِ وَ يُكْتَبُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حِجَّةٌ وَ كُلَّمَا رَفَعَ قَدَمَهُ عُمْرَةً (4)(5).

ص: 304


1- و يرشد إليه قوله عليه السلام: «لو اجتمع الخلق على حبّ عليّ بن أبي طالب لما خلق اللّه النار» و في الحديث القدسي «أقسمت بذاتى. من أحبّ عليّ بن أبي طالب ادخله الجنة و ان عصاني». و روى «أن آدم عليه السلام لما نظر الى ساق العرش. رأى اسمائهم سلام اللّه عليهم مكتوبة بسطور من نور، فقال: يا ربّ من هؤلاء؟ فقال: يا آدم هؤلاء صفوتى من خلقى، و خزان علمى، لولاهم ما خلقتك، و لا خلقت جنتى، و لا نارى فعند ذلك نظر اليهم آدم بعين الحسد، أي الغبطة، فقدر عليه الخطيئة، و الخروج عن الجنة» (جه).
2- المثبت لا له واحد مؤثر بذاته في العالم، و ناف لذلك، و المشبه له بخلقه. فمن أثبت الصفات و ضمها إليه و جعله مؤثرا بها أو بسببها، فهو مشبه للّه بخلقه، لانهم لا يفعلون الا بواسطة انضمام الصفات اليهم (معه).
3- حد التشبيه، هو أن يقول: انه شيء كالاشياء. و حدّ التعطيل أن يقول: انه ليس شيئا. و نفى الحدين، أن يقال: إنّه شيء لا كالاشياء. و مثله قول أمير المؤمنين عليه السلام: ليس في الأشياء بوالج و لا عنه بخارج (معه).
4- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (3) من أبواب المزار و ما يناسبه، حديث 1، نقلا عن كامل الزيارات.
5- نص الاصحاب استنادا الى النصوص، على ان الفرض أعظم ثوابا من النفل و استثنوا منه موارد خاصّة: منها انظار المعسر و ابرائه، فان الأول واجب. و الثاني نفل، و ثوابه أكثر من الأول. و مثل السلام و رده، فان الأول سنة، و الثاني واجب، و ثواب الأول أوفر، لانه سبب في الثاني، الى غير ذلك من الموارد النادرة. و لم يذكروا من جملتها زيارة الحسين عليه السلام، و انها تفضل على الحجّ الواجب فمن ثمّ حملوا الحجّ المفضول على ما إذا كان تطوعا. و ذكر بعض المحققين له علة تستفاد من فحوى الاخبار و هي ان زيارته عليه السلام ادخال السرور على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و عليه على أبيه و أمه و أخيه سلام اللّه عليهم و لا طاعة تعدل هذه الطاعة. و الحجّ المندوب، و ان اشتمل على تعب البدن و انفاق المال، الا ان المقصود منه أداء العبادة، لا ادخال السرور عليهم. و أورد على هذا معارضته لقوله عليه السلام: (أفضل الاعمال أحمزها). و الجواب عنه من وجوه. الأول ما قالوه: من ان معناه، أفضل ذلك النوع أعظم مشقة كالوضوء في السبرات. الثاني: ان الحجّ له ثواب كما للزيارة، و كذلك مشقة الحاجّ لها ثواب آخر، كمشقة الزائرين. فلعل ثواب الزيارة أفضل من ثواب الحجّ و العمرة، و ثواب المشقة في الحجّ أفضل من مشقة الزيارة، ان كانت أشق، فيكون الزيارة أفضل من الحجّ بالذات و الحجّ أفضل منه بالعارض. الثالث: ما قاله شيخنا الشهيد طاب اللّه ثراه، من أن اللّه سبحانه يثيب العبد على العمل ثوابا استحقاقيا، و آخر تفضيلا، فلعل ثواب التفضيلى بالزيارة أفضل منه على الحجّ ، كما ان الثواب الاستحقاقى على الحجّ أفضل منه على الزيارة. و يخطر بالبال نظرا الى اطلاق النصوص، ان ثواب زيارته، يفضل الحجّ الواجب في الثواب، لان زيارته عليه السلام أفضل من جميع السنن الاكيدة، بل ذهب طائفة من العلماء، نظرا الى قوله عليه السلام: فى عدة أخبار. (زيارة الحسين عليه السلام مفترضة على كل مؤمن). انها واجبة اما عينيا. أو كفائيا، كما قيل في زيارة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ذلك، و لا ينافى هذا وجوب الإتيان بالحج كما توهمه قاضى الحرمين ابن بنت السيّد شريف، فان ذلك من نصبه و خبث باطنه (جه).

6 - وَ رُوِيَ : أَنَّ مَنْ زَارَ قَبْرَ اَلْإِمَامِ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَتْ لَهُ اَلْجَنَّةُ (1).

ص: 305


1- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (16) من أبواب المزار و ما يناسبه، حديث 2، نقلا عن السيّد الرضيّ في الخصائص.

7 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : أَيُّمَا اِمْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ (1)(2).

8 - وَ قَدْ وَرَدَ هَذَا بِلَفْظٍ آخَرَ وَ هُوَ: أَيُّمَا اِمْرَأَةٍ نَكَحَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ مَوْلاَهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ (3)(4).

9 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ وَ شَاهِدَيْنِ . 10 - وَ رُوِيَ : وَ شَاهِدَيْ عَدْلٍ (5). و يمكن حمله على نفي الفضيلة -

مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ صَلاَةَ لِجَارِ اَلْمَسْجِدِ إِلاَّ فِي اَلْمَسْجِدِ وَ لاَ صَدَقَةَ وَ ذُو رَحِمٍ مُحْتَاجٌ .

11 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تُنْكَحُ اَلْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَ لاَ عَلَى خَالَتِهَا(6).

12 - وَ رَوَى اِبْنُ أُذَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ :

ص: 306


1- مسند أحمد بن حنبل ج 66:6.
2- الولى هنا معناه مولاها، فالحديث يكون مخصوصا بالامة بقرينة الحديث الثاني. و يجوز أن يكون المولى في الثاني، بمعنى الولى، و تخصيص ذلك بالصغيرة أو غير الرشيدة (معه).
3- مسند أحمد بن حنبل ج 47:6 و 166.
4- هذا منطبق على أقوال العامّة، فانهم اشترطوا الشاهدين في النكاح، و لم يشترطوه في الطلاق عكس مذهبنا (جه).
5- المستدرك، كتاب النكاح، باب (5) من أبواب عقد النكاح و أولياء العقد، حديث 1، نقلا عن دعائم الإسلام. و رواه البيهقيّ في سننه، ج 125:7، باب لا نكاح الا بشاهدين عدلين.
6- المستدرك، كتاب النكاح باب (3) من أبواب ما يحرم بالمصاهرة و نحوها حديث 5 و 6، نقلا عن الصدوق في المقنع، و عن عوالى اللئالى. و صحيح مسلم، كتاب النكاح، (4) باب تحريم الجمع بين المرأة و عمتها أو خالتها في النكاح، حديث 37.

إِذَا خَيَّرَهَا وَ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا فِي غير قَبْلِ عِدَّتِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْهِدَ شَاهِدَيْنِ فَلَيْسَ بِشَيْ ءٍ وَ إِنْ خَيَّرَهَا وَ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ فِي قَبْلِ عِدَّتِهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا فَإِنِ اِخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ وَاحِدَةٌ وَ هُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا وَ إِنِ اِخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَلَيْسَ بِطَلاَقٍ (1)(2).

13 - وَ رَوَى أَبُو اَلْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ رَحِمَهُ اَللَّهُ : أَنَّ أَصْلَ اَلتَّخْيِيرِ هُوَ أَنَّ اَللَّهَ أَنِفَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ مِنْ مَقَالَةٍ قَالَتْهَا بَعْضُ نِسَائِهِ أَ يَرَى مُحَمَّدٌ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَنَا لاَ نَجِدُ أَكْفَاءَنَا مِنْ قُرَيْشٍ يَتَزَوَّجُونَّا فَأَمَرَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ يَعْتَزِلَ نِسَاءَهُ تِسْعاً وَ عِشْرِينَ لَيْلَةً فَاعْتَزَلَهُنَّ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي مَشْرَبَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ اَلْآيَةُ يٰا أَيُّهَا اَلنَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوٰاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اَلْحَيٰاةَ اَلدُّنْيٰا وَ زِينَتَهٰا فَتَعٰالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَ أُسَرِّحْكُنَّ سَرٰاحاً جَمِيلاً وَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اَللّٰهَ وَ رَسُولَهُ وَ اَلدّٰارَ اَلْآخِرَةَ فَإِنَّ اَللّٰهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنٰاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً فَاخْتَرْنَ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَلَمْ يَقَعِ اَلطَّلاَقُ وَ لَوِ اِخْتَرْنَ أَنْفُسَهُنَّ لَبِنَّ (3) (4) .

14 - وَ جَاءَتِ اَلْآثَارُ مُتَظَافِرَةً عَنْ سَادَاتِنَا عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : إِنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ نَفِسَتْ بِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَمَرَهَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حِينَ أَرَادَتِ اَلْإِحْرَامَ مِنْ ذِي اَلْحُلَيْفَةِ أَنْ تُحَشِّي بِالْكُرْسُفِ وَ تُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلَمَّا قَدِمُوا وَ قَدْ نَسَكُوا اَلْمَنَاسِكَ وَ قَدْ أَتَى لَهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْماً فَأَمَرَهَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَ تُصَلِّيَ -

ص: 307


1- من لا يحضره الفقيه، كتاب الطلاق، (67) باب التخيير، حديث 3.
2- و هذا الحديث يدلّ على أن الاختيار يقع به الطلاق، اذا وقع بشرائط الطلاق كما هو مذهب جماعة من العلماء استنادا الى هذا الحديث و أشباهه، (معه).
3- رواه في الفقيه، كتاب الطلاق، باب التخيير، عن رسالة أبيه رضوان اللّه عليهما.
4- أي صرن مطلقات، لا ان الطلاق صار باينا، حتى لا ينافى الحديث المتقدم (معه).

وَ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهَا اَلدَّمُ فَفَعَلَتْ ذَلِكَ (1) (2) .

15 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ بَابَوَيْهِ فِي كِتَابِهِ مَنْ لاَ يَحْضُرُهُ اَلْفَقِيهُ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ اَلشُّفْعَةِ لِمَنْ هِيَ وَ فِي أَيِّ شَيْ ءٍ هِيَ وَ هَلْ تَكُونُ فِي اَلْحَيَوَانِ شُفْعَةٌ وَ كَيْفَ هِيَ قَالَ اَلشُّفْعَةُ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ شَيْ ءٍ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ مَتَاعٍ إِذَا كَانَ اَلشَّيْ ءُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ لاَ غَيْرِهِمَا فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ زَادَ عَلَى اَلاِثْنَيْنِ فَلاَ شُفْعَةَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ (3) (4) .

16 - وَ رَوَى أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ اَلْبَزَنْطِيُّ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ مَمْلُوكٍ بَيْنَ شُرَكَاءَ أَرَادَ أَحَدُهُمْ بَيْعَ نَصِيبِهِ قَالَ يَبِيعُهُ قُلْتُ فَإِنَّهُمَا كَانَا اِثْنَيْنِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا بَيْعَ نَصِيبِهِ فَلَمَّا أَقْدَمَ عَلَى اَلْبَيْعِ قَالَ لَهُ شَرِيكُهُ أَعْطِنِي قَالَ هُوَ أَحَقُّ بِهِ ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ شُفْعَةَ فِي اَلْحَيَوَانِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ اَلشَّرِيكُ فِيهِ وَاحِداً (5) (6) .

17 - وَ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ

ص: 308


1- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (91) من أبواب الطواف حديث 1.
2- و هذا الحديث يدلّ على جواز الاحرام من الحائض و النفساء. و على ان أقصى مدة النفاس ثمانية عشر. و على ان المستحاضة يصحّ منها الطواف و الصلاة (معه).
3- الفقيه، باب الشفعة، حديث 12.
4- و هذا الحديث يدلّ على أمرين: (احدهما) ان الشفعة ثابتة في كل شيء، حيوان و غيره (و الثاني) انها لا تكون فيما زاد على الاثنين من الشركاء، كما هو مذهب جماعة من العلماء (معه).
5- الفقيه، باب الشفعة، حديث 13.
6- و هذا الحديث موافق للاول في جزء منه، و هو الحيوان، و الثاني مسكوت عنه (معه).

قَالَ : اَلشُّفْعَةُ عَلَى عَدَدِ اَلرِّجَالِ (1)(2).

18 - وَ رَوَى عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : قَضَى رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِالشُّفْعَةِ بَيْنَ اَلشُّرَكَاءِ فِي اَلْأَرَضِينَ وَ اَلْمَسَاكِنِ وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لاَ ضَرَرَ وَ لاَ ضِرَارَ (3) (4) .

19 - وَ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ قَوْلِهِ : لَيْسَ بَيْنَ اَلرَّجُلِ وَ بَيْنَ وَلَدِهِ رِبًا وَ لَيْسَ بَيْنَ اَلسَّيِّدِ وَ بَيْنَ عَبْدِهِ رِبًا(5).

20 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ بَيْنَ اَلْمُسْلِمِ وَ بَيْنَ اَلذِّمِّيِّ رِبًا وَ لاَ بَيْنَ اَلْمَرْأَةِ وَ زَوْجِهَا(6)(7).

ص: 309


1- الفقيه، باب الشفعة، حديث 4.
2- و هذا الحديث يدلّ على جواز الشفعة مع تعدّد الشركاء، كما هو مذهب جماعة من العلماء. و يجوز تخصيصه في الحيوان بالحديث الثاني، فيخرج الحيوان. و يبقى المعارضة بين هذا الحديث و الحديث الأول في غير الحيوان. و يحتمل أن يراد بقوله: (على عدد الرجال) باعتبار ارث الشفعة إذا ورثها المتعدّدون، فلا تقع المخالفة بينه و بين الأول (معه).
3- الفقيه، باب الشفعة، حديث 2.
4- هذا الحديث لا ينافى ما تقدمه. لان الشركاء يحتمل أن يراد بهم، الشركاء المتعدّدون في الاملاك المتعدّدة، و ان كان كل ملك بين اثنين. و أيضا فانه حكاية حال، و هي لا تعم (معه).
5- الفقيه، باب الربا، حديث 11.
6- الفقيه، باب الربا، حديث 12.
7- هذا الحديث و الحديث المتقدم عليه، يخصص بها العمومات الواردة في تحريم الربا من القرآن و السنة (معه).

21 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْعَارِيَةُ مَرْدُودَةٌ وَ اَلزَّعِيمُ غَارِمٌ (1)(2).

22 - وَ رَوَى عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مُسْكَانَ عَنِ اَلْفَضْلِ بْنِ عَبْدِ اَلْمَلِكِ اَلْبَقْبَاقِ قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ اِمْرَأَتَهُ وَ هُوَ مَرِيضٌ قَالَ تَرِثُهُ مَا بَيْنَ سَنَةٍ إِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ وَ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمَ طَلَّقَهَا عِدَّةَ اَلْمُطَلَّقَةِ ثُمَّ تَتَزَوَّجُ إِذَا اِنْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَ تَرِثُهُ مَا بَيْنَهَا وَ بَيْنَ سَنَةٍ إِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ اَلْمَرَضِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَا يَمْضِي سَنَةٌ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِيرَاثٌ (3).

23 - وَ رَوَى اَلْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ عَنْ رَبِيعٍ اَلْأَصَمِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ اَلْحَذَّاءِ وَ مَالِكِ بْنِ عَطِيَّةَ كِلاَهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِذَا طَلَّقَ اَلرَّجُلُ اِمْرَأَتَهُ تَطْلِيقَةً فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَكَثَ فِي مَرَضِهِ حَتَّى اِنْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ مَاتَ فِي ذَلِكَ اَلْمَرَضِ بَعْدَ اِنْقِضَاءِ اَلْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تَرِثُهُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ فَإِنْ كَانَتْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ اِنْقِضَاءِ اَلْعِدَّةِ فَإِنَّهَا لاَ تَرِثُهُ (4) .

24 - وَ رَوَى اِبْنُ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ أَبَانٍ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : رَجُلٌ طَلَّقَ تَطْلِيقَتَيْنِ فِي صِحَّةٍ ثُمَّ طَلَّقَ اَلتَّطْلِيقَةَ اَلثَّالِثَةَ وَ هُوَ مَرِيضٌ إِنَّهَا تَرِثُهُ مَا دَامَ فِي مَرَضِهِ وَ إِنْ كَانَ إِلَى سَنَةٍ (5).

ص: 310


1- مسند أحمد بن حنبل ج 267:5، و لفظ الحديث: (العارية مؤداة، و المنحة مردودة، و الدين مقضى، و الزعيم غارم).
2- على المعار وجب ردها. و أيضا من وجب المال في ذمته، وجب عليه أداءه للمضمون له (معه).
3- الفقيه، كتاب الطلاق، باب طلاق المريض حديث 1، و في الوسائل، كتاب الطلاق، باب (22) من أبواب أقسام الطلاق و أحكامه، حديث 11.
4- الفقيه، كتاب الطلاق، باب طلاق المريض، حديث 3. و في الوسائل، كتاب الطلاق، باب (22) من أبواب أقسام الطلاق و أحكامه، حديث 5.
5- الفقيه، كتاب الطلاق، باب طلاق المريض حديث 5. و في الوسائل، كتاب الطلاق، باب (22) من أبواب أقسام الطلاق و أحكامه، حديث 3.

25 - وَ رَوَى سَمَاعَةُ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ اِمْرَأَتَهُ وَ هُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ تَرِثُهُ مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي حَالِ اَلْإِضْرَارِ فَهِيَ تَرِثُهُ إِلَى سَنَةٍ فَإِنْ زَادَ عَلَى سَنَةٍ يَوْماً وَاحِداً لَمْ تَرِثْهُ (1) (2) .

26 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلْمُكَاتَبُ رِقٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (3).

27 - وَ رَوَى اِبْنُ مَسْعُودٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا أَدَّى اَلْمُكَاتَبُ قَدْرَ قِيمَتِهِ عَتَقَ وَ كَانَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ اَلْكِتَابَةِ دَيْناً فِي ذِمَّتِهِ (4).

28 - وَ رُوِيَ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا أَدَّى اَلْمُكَاتَبُ نِصْفَ مَالِ اَلْكِتَابَةِ عَتَقَ وَ كَانَ اَلْبَاقِي دَيْناً فِي ذِمَّتِهِ (5).

29 - وَ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضاً: أَنَّهُ كُلَّمَا أَدَّى جُزْءاً عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ اَلْجُزْءِ (6).

ص: 311


1- الفقيه، كتاب الطلاق، باب طلاق المريض، حديث 7. و في الوسائل، كتاب الطلاق. باب (22) من أبواب أقسام الطلاق و أحكامه، حديث 4، و زاد في آخره (و تعتد منه أربعة أشهر و عشرا، عدة المتوفى عنها زوجها).
2- دلت الرواية الأولى، على أن الارث مشروط بكون الموت في ظرف السنة و دلت الثانية على انه مشروط بعدم التزويج. و دلت الثالثة على انه لا فرق في ذلك الطلاق بين أن يكون بائنا أو رجعيا. و دلت الرابعة على ان الطلاق لا يكون بسؤال المرأة و رضاها، بل يكون الطلاق من الزوج قصدا لاضرارها. فوجب ثبوت هذه الاحكام. و كون مجموعها شرطا في تحقّق الميراث، بمجموع هذه الأحاديث الأربعة (معه).
3- هذا الحديث يدلّ على ان المكاتب لا يخرج بالكتابة عن الرقية. و انما يخرج منها باداء مال الكتابة سواء كان مشروطا أو مطلقا (معه).
4- و هذا يدلّ على ان الكتابة، يستحب أن تكون بقدر القيمة. و انه إذا كانت المكاتبة بقدر القيمة لم ينعتق الا بادائها، فأما إذا كانت بأزيد من قيمته انعتق باداء القيمة و بقى الزائد عليه دينا (معه).
5- يحمل هذا على ان نصف مال الكتابة بقدر القيمة، ليوافق ما تقدم (معه).
6- و هو مخصوص بالمطلق، ليوافق ما تقدم (معه).

30 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اَلْمُكَاتَبُ يُؤَدِّي فِيهِ مِنَ اَلْحُرِّيَّةِ بِحِسَابِ اَلْحُرِّ وَ مَا فِيهِ مِنَ اَلرِّقِّيَّةِ بِحِسَابِ اَلْعَبْدِ(1).

31 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْداً عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إِلاَّ عَشَرَةَ أَوَاقِيَّ وَ أَيُّمَا رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْداً عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا إِلاَّ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَهُوَ مُكَاتَبٌ (2).

32 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ أَتَتْ بِوَلَدَيْهَا اَلْحَسَنِ وَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ هَذَانِ اِبْنَاكَ فَوَرِّثْهُمَا شَيْئاً فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَمَّا اَلْحَسَنُ فَلَهُ هَدْيِي [هَيْبَتِي] وَ سُؤْدَدِي -

ص: 312


1- يعني يؤدى من جميع ما لزمه من الجنايات، أو يلزم له، و كذا ما يلزمه من الحدود، و كذا في الميراث، و هذا مختص بالمطلق الذي أدى شيئا، (معه).
2- و هذا الحديث يوافق الحديث الأول، و ان شئت فخصه بالمشروط، ليوافق ما تقدم، (معه).

وَ أَمَّا اَلْحُسَيْنُ فَلَهُ جُودِي وَ شَجَاعَتِي (1) (2) (3) .

ص: 313


1- و هذا الحديث يدلّ على أمرين، أحدهما: ان ولد البنت، ولد حقيقة، لانها قالت: هذان ابناك، و أقرها على ذلك، و الثاني: طلبها الارث لهما، يدل على انه صلّى اللّه عليه و آله يورث، و عدل بهما الى ميراث المعاني، ليعرفهما ان ميراث المال لها خاصّة، دونهما، نفيا للتعصيب (معه).
2- رواه العلامة الفيروزآبادي في الفضائل الخمسة ج 3، باب ان الحسن و الحسين عليهما السلام ورثهما النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في شكواه جملة من الصفات الحميدة، عن أسد الغابة. و رواه المتقى في كنز العمّال ج 7، تحت رقم (18839). و رواه ابن شهرآشوب. فى مناقب آل أبي طالب ج 3، (فصل في معالي امورهما) و لفظ الحديث: (عن زينب بنت أبى رافع، قالت: رأيت فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم، أتت بابنيها الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في شكواه الذي توفى فيه، فقالت: يا رسول اللّه هذان ابناك فورثهما، فقال: اما الحسن فله هيبتى و سؤددى، و أمّا الحسين فله جرأتى و جودى) و زاد في المناقب بعد كلمة (وجودى) هذه العبارة (و في كتاب آخر ان فاطمة عليها السلام قالت: رضيت يا رسول اللّه، فلذلك كان الحسن حليما مهيبا، و الحسين نجدا جوادا).
3- في النهاية، الهدى: السيرة، و الهيئة و الطريقة (انتهى). و في العرف: الهدى الوقار و السكون و الحلم. و هذا لا يدلّ على تفاوتهم في الفضل، فانهما في الفضل كفرسى رهان. و الأئمّة صلوات اللّه عليهم و ان اشتركوا في أصول الفضائل و المناقب، الا أن كل واحد منهم خصه اللّه تعالى بصفة من الصفات العالية، كتخصيص أمير المؤمنين عليه السلام بمجموع ما وجد في الأنبياء و الأئمّة متفرقا من الصفات، و زين العابدين عليه السلام بالعبادة و ملازمة التقية، و الصادق عليه السلام و من بعده بنشر العلوم، لانه كان عليه السلام في آخر الدولة الاموية، و أول الدولة العباسية، و كانتا بمكان من الضعف. و روى ان الحسين عليه السلام كان كثير البذل لماله على كل أحد حتّى الشعراء و أضرابهم، فكتب إليه الحسن عليه السلام يلومه على ذلك، فكتب إليه يا أخى أنت أعلم -

33 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْماً لِأَصْحَابِهِ لَتَسْلُكُنَّ سُنَنَ اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ حَذْوَ اَلنَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَ اَلْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ (1) حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوهُ (2)و هذا يدلّ على ذمّ الصحابة، و اخباره عنهم بأن ذلك يقع منهم، من جملة الاخبار بالكائنات قبل كونها، و هو اخبار بالمغيبات، و هو من جملة معجزات النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فلا بدّ من كونه واقعا قطعا (معه).(3)(3).

34 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : كَفَّارَةُ عَمَلِ اَلسُّلْطَانِ قَضَاءُ حَوَائِجِ اَلْإِخْوَانِ (4).

35 - وَ رُوِيَ فِي كِتَابِ اَلتَّكْلِيفِ لاِبْنِ أَبِي اَلْعَزَاقِرِ رَوَاهُ عَنِ اَلْعَالِمِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ

ص: 314


1- في النهاية (باب القاف مع الذال) و منه الحديث: (لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة). أى كما تقدر، كل واحدة منهما على قدر صاحبتها و تقطع. يضرب مثلا للشيئين يستويان و لا يتفاوتان.
2- رواه البخارى في صحيحه، كتاب الاعتصام، باب (قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لتتبعن سنن من كان قبلكم). و رواه مسلم في صحيحه، كتاب العلم،
3- باب اتباع سنن اليهود و النصارى، حديث 6. و رواه ابن ماجه في سننه ج 2، كتاب الفتن، (17) باب افتراق الأمم، حديث 3994. و رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 327:2 و 450 و 511. و أمّا مورد الحديث فهو ما رواه الترمذي في سننه، كتاب الفتن، (18) باب ما جاء لتركبن سنن من كان قبلكم، حديث (218) و لفظ الحديث: (ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم لما خرج الى خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط، يعلقون عليها أسلحتهم، فقالوا: يا رسول اللّه، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط! فقال لهم النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: (سبحان اللّه، هذا كما قال قوم موسى: اِجْعَلْ لَنٰا إِلٰهاً كَمٰا لَهُمْ آلِهَةٌ . و الذي نفسى بيده، لتركبن سنة من كان قبلكم).
4- الوسائل، كتاب التجارة باب (46) من أبواب ما يكتسب به حديث 3.

قَالَ : مَنْ شَهِدَ عَلَى مُسْلِمٍ [مُؤْمِنٍ ] بِمَا يَثْلِمُهُ أَوْ يَثْلِمُ مَالَهُ أَوْ مُرُوَّتَهُ سَمَّاهُ اَللَّهُ كَذَّاباً وَ إِنْ كَانَ صَادِقاً وَ مَنْ شَهِدَ لِمُؤْمِنٍ مَا يُحْيِي بِهِ مَالَهُ أَوْ يُعِينُهُ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ يَحْفَظُ دَمَهُ سَمَّاهُ اَللَّهُ صَادِقاً وَ إِنْ كَانَ كَاذِباً(1).

36 - وَ رَوَى أَيْضاً صَاحِبُ هَذَا اَلْكِتَابِ عَنِ اَلْعَالِمِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِذَا كَانَ لِأَخِيكَ اَلْمُؤْمِنِ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَدَفَعَهُ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ إِلاَّ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَ كَانَ اَلشَّاهِدُ ثِقَةً رَجَعْتَ إِلَى اَلشَّاهِدِ فَسَأَلْتَهُ عَنْ شَهَادَتِهِ فَإِذَا أَقَامَهَا عِنْدَكَ شَهِدْتَ مَعَهُ عِنْدَ اَلْحَاكِمِ عَلَى مِثْلِ مَا شَهِدَ لَهُ لِئَلاَّ يَتْوَى(2) حَقُّ اِمْرِئٍ مُسْلِمٍ (3)(4).

ص: 315


1- و هذا يدلّ على أن الحسن العقلى، قد يصير قبيحا شرعا. و القبح العقلى، قد يصير حسنا شرعا، و هو من باب ترجيح المصالح الشرعية على المصالح العقليّة إذا تعارضت (معه).
2- التوى: مقصورا و يمد، هلاك المال، يقال: توى المال، بالكسر توى و تواء هلك (مجمع البحرين).
3- هذا الحديث مخصوص بمن له حقّ على الغير، و يكون من عليه الحق ليس من أهل دينه و مذهبه. و يكون مرافعتهما على حاكم الجور. و هذا الحديث لم يعمل عليه أحد من أصحابنا (معه).
4- روى هذا المضمون سعد بن عبد اللّه، في بصائر الدرجات، عن أبي عبد اللّه عليه السلام، و معنى ذلك الحديث بلفظه و معناه: ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم كان يقضى بشهادة رجل واحد مع يمين المدعى، و لا يرد شهادة المؤمن، فإذا كان لاحدكم حق على أحد فجحده حقه، و لم يكن له شاهد غير واحد، فهو إذا رفعه الى بعض أهل الجور أبطل حقه، لانهم لا يقضون الا بالشاهدين، و لم يقضوا بقضاء رسول اللّه، فإذا شهد مع ذلك الشاهد آخر، ليستخرج حقّ ذلك الرجل المسلم، فكان من يأجره اللّه، و يكون عدلا عند اللّه. و ذكروا مسألة نظير هذه، و هو أن الرجل إذا كان شاهدا و لم يذكر موردا لشهادة بخطه و خاتمه، و كان معه آخر ثقة، متذكرا لها، جاز له اقامة الشهادة معه. ذهب إليه أكثر القدماء استنادا الى بعض الأخبار الواضحة، و ردها المتأخرون. و بالجملة إذا كان لمؤمن ثقة، حق على مخالف من مخالفى المذهب، و له شاهد ثقة، و تحاكموا الى قضاتهم و هم لا يجيزون الا لشاهدين، جاز لرجل من المؤمنين ان يحتال في استخراج ذلك الحق بتورية في الشهادة، كان يقول: عندي ظنّ بصحة هذا القول، و نحو ذلك من العبارات الموهمة (جه).

37 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَلاَءِ بْنِ رَزِينٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ قَالَ : سَأَلْتُهُ مَتَى يَجِبُ اَلْغُسْلُ عَلَى اَلرَّجُلِ وَ اَلْمَرْأَةِ فَقَالَ إِذَا أَدْخَلَهُ فَقَدْ أَوْجَبَ اَلْغُسْلَ وَ اَلْمَهْرَ وَ اَلرَّجْمَ (1) (2) .

38 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: إِذَا غَيَّبَ اَلْحَشَفَةَ وَجَبَ اَلْغُسْلُ وَ اَلْمَهْرُ وَ اَلرَّجْمُ .

39 - وَ رَوَى حَمَّادٌ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : جَمَعَ عُمَرُ بْنُ اَلْخَطَّابِ أَصْحَابَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ مَا تَقُولُونَ فِي اَلرَّجُلِ يَأْتِي أَهْلَهُ فَيُخَالِطُهَا وَ لاَ يُنْزِلُ فَقَالَتِ اَلْأَنْصَارُ اَلْمَاءُ مِنَ اَلْمَاءِ وَ قَالَ اَلْمُهَاجِرُونَ إِذَا اِلْتَقَى اَلْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ اَلْغُسْلُ فَقَالَ عُمَرُ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا تَقُولُ أَنْتَ يَا أَبَا اَلْحَسَنِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ تُوجِبُونَ عَلَيْهِ اَلرَّجْمَ وَ اَلْجَلْدَ وَ لاَ تُوجِبُونَ عَلَيْهِ صَاعاً مِنَ اَلْمَاءِ (3)(4).

40 - وَ رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ اَلْقَاسِمُ بْنُ سَلاَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو اَلْأَسْوَدِ عَنِ اِبْنِ

ص: 316


1- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب الجنابة، حديث 1.
2- و هذا الحديث مخصوص في معنى الادخال بالحشفة، بالحديث الثاني (معه).
3- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب الجنابة حديث 5.
4- و هذا الحديث يدلّ على ان الغسل عقوبة. و ان ايجاب أقوى العقوبتين يستلزم ايجاب أضعفها، من باب التنبيه بالاعلى على الادنى (معه).

لَهِيعَةَ عَنْ دَرَّاجٍ أبو [أَبِي] اَلسَّمْحِ وَ رَوَى اَلسَّاجِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ اِخْتِلاَفِ اَلْفُقَهَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو وَهْبٍ [وُهَيْبٍ ] قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ اَلْحَرْثِ أَنَّ دَرَّاجاً أبو [أَبَا] اَلسَّمْحِ حَدَّثَهُ وَ اِجْتَمَعَا عَلَى أَنَّ دَرَّاجاً قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ اَلْحَكَمِ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ زَوْجِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّ أُنَاساً مِنْ أَهْلِ اَلْيَمَنِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِيُعَلِّمَهُمُ اَلصَّلاَةَ وَ اَلسُّنَنَ وَ اَلْفَرَائِضَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ لَنَا شَرَاباً نَصْنَعُهُ مِنَ اَلْقَمْحِ وَ اَلشَّعِيرِ قَالَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْغُبَيْرَاءُ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ تَطْعَمُوهُ قَالَ اَلسَّاجِيُّ فِي حَدِيثِهِ إِنَّهُ قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثاً وَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ ثُمَّ لَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمَيْنِ ذَكَرُوهُمَا لَهُ أَيْضاً فَقَالَ اَلْغُبَيْرَاءُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ تَطْعَمُوهُ قَالُوا فَإِنَّهُمْ لاَ يَدَعُونَهَا فَقَالَ مَنْ لاَ يَتْرُكُهَا فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ (1) (2) .

41 - وَ رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ أَيْضاً عَنْ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سُئِلَ عَنِ اَلْغُبَيْرَاءِ فَنَهَى عَنْهَا وَ قَالَ لاَ خَيْرَ فِيهَا (3) . و قال ابن أسلم هي الأسكركة و الأسكركة(4) في لغة العرب الفقاع

ص: 317


1- مسند أحمد بن حنبل ج 427:6، نقلا عن أم حبيبة.
2- أجمع أصحابنا على ان الفقاع و هو الشراب المتخذ من الشعير، حكمه حكم الخمر، و ان جهل حاله في الاسكار، لان حكم التحريم وقع معلقا على الاسم، و الجمهور حللوه و جعلوه طاهرا، بل قال أبو حنيفة: لا ينجس و لا يحرم من المسكرات الا الخمر، و هذه الأخبار نافية ما قالوه من الحكمين (جه).
3- الموطأ، كتاب الاشربة، حديث 10.
4- قال في النهاية (باب السين مع الكاف): فيه (انه سئل عن الغبيراء؟ فقال لا خير فيها، و نهى عنها، قال مالك: فسألت زيد بن أسلم، ما الغبيراء؟ فقال: (هى السكركة) هى بضم السين و الكاف و سكون الراء، نوع من الخمور يتخذ من الذرة. قال الجوهريّ (هى خمر الحبش) و هي لفظة حبشية و قد عربت، فقيل: السقرقع. و قال الهروى. و في حديث الأشعريّ ، و خمر الحبش السكركة (انتهى).

42 - وَ رَوَى أَصْحَابُ اَلْحَدِيثِ مِنْ طُرُقٍ مَعْرُوفَةٍ : أَنَّ قَوْماً مِنَ اَلْعَرَبِ سَأَلُوا رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَنِ اَلشَّرَابِ اَلْمُتَّخَذِ مِنَ اَلْقَمْحِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَ يُسْكِرُ قَالُوا نَعَمْ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لاَ تَقْرَبُوهُ (1) وَ لَمْ يَسْأَلْ عَنِ اَلشَّرَابِ اَلْمُتَّخَذِ مِنَ اَلشَّعِيرِ عَنِ اَلْإِسْكَارِ بَلْ حَرَّمَهُ عَلَى اَلْإِطْلاَقِ .

43 - وَ رَوَى أَصْحَابُ اَلْحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ اَلْمَشْهُورَةِ : أَنَّ عَبْدَ اَللَّهِ اَلْأَشْجَعِيَّ كَانَ يَكْرَهُ اَلْفُقَّاعَ وَ يَكْرَهُ أَنْ يُبَاعَ فِي اَلْأَسْوَاقِ .

44 - قَالَ أَحْمَدُ وَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اَلْجَبَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ اَلْخَطَّابِيُّ عَنْ ضَمْرَةَ : أَنَّ اَلْغُبَيْرَاءَ اَلَّتِي نَهَى عَنْهَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ هِيَ اَلْفُقَّاعُ .

45 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ اَلْعَبْدُ بِهِ عَنِ اَلصَّلاَةِ فَإِذَا رُدَّتْ رُدَّ سَائِرُ عَمَلِهِ وَ إِذَا قُبِلَتْ قُبِلَ سَائِرُ عَمَلِهِ (2)(3).

46 - وَ فِي أَحَادِيثِ أَهْلِ اَلْبَيْتِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ اَلصَّحِيحَةِ : أَنَّهُ سُئِلَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ أَفْضَلِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ اَلْعِبَادُ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ أَحَبِّ ذَلِكَ إِلَيْهِ مَا هُوَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ

ص: 318


1- مسند أحمد بن حنبل ج 232:4، و سنن أبي داود ج 3، كتاب الاشربة، باب النهى عن المسكر حديث 3683.
2- الفقيه، كتاب الصلاة، باب فضل الصلاة، حديث 5، رواه عن الصادق عليه السلام.
3- معنى الرد هنا: عدم حصول الثواب، لا معنى عدم الصحة، و الا لزم أن تكون صحة الصلاة شرطا في صحة باقى العبادات، و لم يقل بذلك أحد من أهل العلم (معه).

مَا أَعْلَمُ شَيْئاً بَعْدَ اَلْمَعْرِفَةِ أَفْضَلَ مِنْ هَذِهِ اَلصَّلاَةِ (1) (2) .

47 - وَ رُوِيَ عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : صَلاَةٌ فَرِيضَةٌ خَيْرٌ مِنْ عِشْرِينَ حِجَّةً وَ حِجَّةٌ خَيْرٌ مِنْ بَيْتٍ مَمْلُوٍّ ذَهَباً يُتَصَدَّقُ مِنْهُ حَتَّى يَفْنَى(3)(4).

ص: 319


1- الفقيه، كتاب الصلاة، باب فضل الصلاة حديث 13.
2- هذا الحديث رواه الكليني في الصحيح، عن معاوية بن وهب، و في آخره «ألا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام قال: و أوصانى بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا» و في هذا الحديث إشارة الى أن المراد بالصلاة المفضلة، هى اليومية. لان اسم الإشارة، اشارة الى المعروف المتكرر. و في الاقتصار من اسمه على الإشارة، تنبيه على تعظيمه، و تمييزه أكمل تمييز، كما قالوه في (هذا أبو الصفر فردا في محاسنه). و في قوله عليه السلام: (ما أعلم شيئا) دلالة على عدم وقوعه، و الا لكان معلوما له عليه السلام. و قد استدلّ الشهيدان قدس اللّه روحيهما بهذا الحديث على أفضلية الصلاة على غيرها من العبادات، من غير تقييد بوقوعها في وقت الفضيلة، أم في وقت الاجزاء. و عورض بحديث رواه ابن مسعود عنه عليه السلام، انه سئل عن أفضل الاعمال مطلقا؟ فقال: الصلاة في أول وقتها. فيجب حمل المطلق عليه، عملا بالدليلين، فلا يتم المدعى. هكذا أورده بعض الفضلاء. و أجاب عنه الشهيد الثاني، بمنع المنافاة الموجبة للجمع بينهما بتقييد المطلق بموضع التقييد، فان الخبر الأوّل يدلّ على ان مطلق الصلاة أفضل من مطلق العبادات، سواء وقعت أول وقتها أم آخره. و الحديث الآخر دل على كون الصلاة في أول وقتها أفضل الاعمال مطلقا، و العمل بهما ممكن من غير منافاة. فان الصلاة مطلقا إذا كانت من غيرها من العبادات، كان الفرد الكامل منها أفضل الاعمال قطعا بالنسبة الى باقى أفرادها، و الى غيرها. مع ان خبر ابن مسعود ليس في قوة خبرنا الصحيح، فلا يصلح للتقييد لو توقف الامر عليه (جه).
3- الفقيه كتاب الصلاة، باب فضل الصلاة، حديث 9.
4- هذا الحديث رواه في الكافي عن أبي بصير عن الإمام الصّادق عليه السلام و الفريضة كما قيل، و ان كانت مطلقة، الا ان المتبادر منها اليومية. لان حمله على العموم يوجب الفساد. لان الحجّ مشتمل على صلاة الفريضة، فيلزم تفضيل الشيء على نفسه. فتخصيص الصلاة باليومية مع هذه القرائن. كما قال شيخنا الشهيد الثاني في شرح الرسالة، أولى من تخصيص الحجة بالمجردة عن صلاة الطواف، أو بالحجة المندوبة، أو بالواقعة في غير ملتنا، أو ان المتفضل به في الصلاة أزيد من المستحق في الحجّ ، مع قطع النظر عن المتفضل به في الحجّ ، لعدم الدليل على ذلك كله. و قوله صلّى اللّه عليه و آله: أفضل الاعمال أحمزها أي أشقها، المقتضى لكون الحجة أفضل من الصلاة، يحمل على ما عدى اليومية، جمعا بين الاخبار، و اقتصارا في تخصيص هذا الخبر على ما تندفع به المنافاة. و تخصيص اليومية من بين الافراد، لما تقدم، و لدلالة الاذان و الإقامة على كونها أفضل الاعمال (جه).

48 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَيْسَ مِنِّي مَنِ اِسْتَخَفَّ بِصَلاَتِهِ لاَ يَرِدُ عَلَيَّ اَلْحَوْضَ لاَ وَ اَللَّهِ لَيْسَ مِنِّي مَنْ شَرِبَ مُسْكِراً لاَ يَرِدُ عَلَيَّ اَلْحَوْضَ لاَ وَ اَللَّهِ (1)(2).

49 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : فِي اَلسِّوَاكِ اِثْنَتَا عَشْرَةَ خَصْلَةً هُوَ مِنَ اَلسُّنَّةِ وَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ وَ مَجْلاَةٌ لِلْبَصَرِ وَ يُرْضِي اَلرَّحْمَنَ وَ يُبَيِّضُ اَلْأَسْنَانَ وَ يَذْهَبُ بِالْحَفْرِ [بِالْبَخَرِ] وَ يَشُدُّ اَللِّثَةَ وَ يُشَهِّي اَلطَّعَامَ وَ يَذْهَبُ بِالْبَلْغَمِ وَ يَزِيدُ فِي اَلْحِفْظِ وَ يُضَاعِفُ اَلْحَسَنَاتِ وَ تَفْرَحُ بِهِ اَلْمَلاَئِكَةُ (3).

ص: 320


1- الفقيه، كتاب الصلاة، باب فرض الصلاة، حديث 28.
2- قيل معناه انه لا يأتي بأفعالها و شرائطها، بسبب تقصيره في العلم بها، أو بسبب تقصيره في الإتيان بها على الوجوه المعتبرة شرعا. و قيل معناه: تأخيرها عمدا الى أو آخر أوقاتها، و يجعل ذلك عادة له من غير علة. و قيل معناه: أن لا يستعمل الحضور القلبى في أغلب أحوال الصلاة. و لا شك ان الاستخفاف صادق على كل واحد من هذه المعاني و يحتمل أن يكون الجميع مرادا (معه).
3- الفقيه، كتاب الطهارة، باب السواك، حديث 18.

50 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : دَمُ اَلْحَيْضِ أَسْوَدُ(1)الوسائل، كتاب الطهارة، باب (37) من أبواب النجاسات، حديث 5.(2)(3).

51 - وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : مَا أُبَالِي أَ بَوْلٌ أَصَابَنِي أَوْ مَاءٌ إِذَا لَمْ أَعْلَمْ (3)(4).

52 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَنْتَفِعُوا مِنَ اَلْمَيْتَةِ بِإِهَابٍ وَ لاَ عَصَبٍ (5).

53 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ جِلْدِ اَلْمَيْتَةِ أَ يُلْبَسُ فِي اَلصَّلاَةِ فَقَالَ لاَ وَ لَوْ دُبِغَ سَبْعِينَ مَرَّةً (6) (7) .

54 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى اَلصَّلاَةِ لَبِسَ أَجْوَدَ ثِيَابِهِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّ اَللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ اَلْجَمَالَ فَأَتَجَمَّلُ لِرَبِّي وَ تَلاَ قَوْلَهُ تَعَالَى - يٰا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ(8)(9)(10).

ص: 321


1- الوسائل، كتاب الطهارة، باب
2- من أبواب الحيض، قطعة من حديث 4.
3- و هذا يدلّ على اعتبار التميز. لانه إذا تعارض الدمان، الأسود مع غيره، و اشتبه الحيض منهما، حكم بان الأسود هو الحيض (معه).
4- هذا يدلّ على ان الأصل في الأشياء الطاهرة، حتى يعلم النجاسة (معه).
5- مسند أحمد بن حنبل ج 310:4، و سنن ابن ماجة ج 2، كتاب اللباس (26) باب من قال: لا ينتفع من الميتة بإهاب و لا عصب، حديث 3613.
6- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (61) من أبواب النجاسات، حديث 1.
7- فيه دلالة على ان الدبغ غير مطهر (معه).
8- سورة الأعراف، الآية 31.
9- الوسائل، كتاب الصلاة، باب 54 من أبواب لباس المصلى حديث 6. و تتمه الحديث (فأحب أن ألبس أجمل ثيابى).
10- المسجد هنا مصدر بمعنى السجود، و المراد بالصلاة من باب اطلاق الجزء على الكل. و في الحديث ان التمشط قبل الصلاة من الزينة، و هو شامل للتمشط في الليل و النهار. و هذا لا ينافى ما ورد في استحباب لبس أخشن الثياب لبعض الصلوات مثل الصلاة لقضاء الحاجة و نحوها، فان ذاك مقام و هذا مقام (جه).

55 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلصَّلاَةُ عَمُودُ اَلدِّينِ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ هَدَمَ اَلدِّينَ .

56 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مِفْتَاحُ اَلْجَنَّةِ اَلصَّلاَةُ (1).

57 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلرَّجُلَيْنِ مِنْ أُمَّتِي يَقُومَانِ فِي اَلصَّلاَةِ وَ رُكُوعُهُمَا وَ سُجُودُهُمَا وَاحِدٌ وَ إِنَّ مَا بَيْنَ صَلاَتَيْهِمَا مِثْلُ مَا بَيْنَ اَلسَّمَاءِ وَ اَلْأَرْضِ (2)جامع أحاديث الشيعة، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب القواطع، حديث 14، نقلا عن الشهيد الثاني في أسرار الصلاة.(3)(4).

58 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَمَا يَخَافُ اَلَّذِي يُحَوِّلُ وَجْهَهُ فِي اَلصَّلاَةِ أَنْ يُحَوِّلَ اَللَّهُ وَجْهَهُ وَجْهَ حِمَارٍ(4)(5).

59 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَ لَمْ يُحَدِّثْ فِيهِمَا نَفْسَهُ بِشَيْ ءٍ مِنْ أُمُورِ اَلدُّنْيَا غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ ذُنُوبَهُ (6)(7).

ص: 322


1- الجامع الصغير للسيوطي ج 2، حرف الميم، نقلا عن مسند أحمد بن حنبل، و عن البيهقيّ في شعب الايمان، و تتمه الحديث (و مفتاح الصلاة، الطهور).
2- جامع أحاديث الشيعة ج 5، باب
3- من أبواب كيفية الصلاة و آدابها، حديث 9، نقلا عن عوالى اللئالى.
4- أي في الفضل و كثرة الثواب باعتبار حضور أحدهما مع اللّه دون الآخر (معه).
5- المراد بالوجه هنا، الجهة التي يتوجه بها إلى اللّه تعالى، و هو القلب. كما في قوله تعالى: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ ». و المراد قلبى و عزمى و ارادتى. و تحويله بوجهه الى غيره، بالانصراف عن العزم الأول الى عزم آخر. و يمكن أنّه أراد الاقتصار على الظاهر، و يكون دالا على عدم جواز الالتفات في الصلاة بمجموع الوجه (معه).
6- ثواب الأعمال (ثواب من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما) بتفاوت يسير في الفاظه.
7- التقييد بأمور الدنيا، من غير أنّ يقول بشيء من غير أمور الصلاة، لانه هو المنافى للاقبال على اللّه تعالى، لا مطلقا. روى انه أهدى الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ناقتان، فقال لاصحابه: «من صلى ركعتين بحضور قلبه، أعطيته ناقة» فقام أمير المؤمنين عليه السلام و صلى ركعتين، فلما فرغ قال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «انك حدثت نفسك في الصلاة في أيتهما هي السمينة، لتأخذها. فأتى جبرئيل (عليه السّلام) فقال: يا رسول اللّه، انه حدث نفسه بهذا كى يأخذ السمينة و ينحرها، ليقسم لحمها بين المساكين». و هذا لا ينافى حضور القلب، و يرشد إليه أيضا تصدقه بالخاتم في ركوعه، مع انه إذا كان دخل في الصلاة، انقطع عن عالم الحس و اتصل بعالم القدس. و لما سمع السائل يسأل، و هو في الصلاة، فالتفت من عبادة الى مثلها، تتقلب في العبودية من طاعة الى طاعة، و هذا هو العبادة الكاملة. و لما سئل ابن الجوزى عن التفاته عليه السلام في أثناء صلاته الى السائل قال شعرا: يسقى و يشرب لا تلهيه سكرته عن النديم و لا يلهو عن الكأس اطاعه سكره حتّى تمكن من فعل الصحاة، فهذا أعظم الناس نعم ينافى الاقبال على الصلاة ما حكى لي بعض الاصحاب. ان رجلا من صلحاء النجف الأشرف، لما سمع حديث الكتاب مضى الى مسجد الكوفة، ليصلى ركعتين لم يحدث نفسه فيهما بشيء من أمور الدنيا، قال: فلما دخلت في الصلاة أتى الى الخبيث فالقى في روعى ان المساجد كلها لها منارات، و مسجد الكوفة ليس له منارة! فقلت: الاحجار يؤتى بها من النبيّ يونس، و الجص من مسجد السهلة، فأخذت في بناء المنارة، و تمّ بنائها بتمام الركعتين. قال: فضربت بعمامتى على الأرض، و قلت: ما أتيت الا لبناء المنارة. و هذا حال عامتنا في الصلاة، و من ثمّ ورد في الزيارات: أشهد أنك يا أمير المؤمنين أقمت الصلاة و آتيت الزكاة. اذ لو كان المراد بالصلاة ما يتناول صلاتنا، لما اختص به عليه السلام (جه).

60 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّمَا فُرِضَتِ اَلصَّلاَةُ وَ أُمِرَ بِالْحَجِّ وَ اَلطَّوَافِ وَ أُشْعِرَتِ

ص: 323

اَلْمَنَاسِكُ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اَللَّهِ (1)(2).

61 - وَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ : كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يُحَدِّثُنَا وَ نُحَدِّثُهُ فَإِذَا حَضَرَتِ اَلصَّلاَةُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْنَا وَ لَمْ نَعْرِفْهُ شُغُلاً بِاللَّهِ عَنْ كُلِّ شَيْ ءٍ (3) .

62 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ عَلِيّاً عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِذَا حَضَرَ وَقْتُ اَلصَّلاَةِ يَتَمَلْمَلُ وَ يَتَزَلْزَلُ وَ يَتَلَوَّنُ فَقِيلَ لَهُ مَا لَكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَيَقُولُ جَاءَ وَقْتُ اَلصَّلاَةِ وَقْتُ أَمَانَةٍ عَرَضَهَا اَللَّهُ عَلَى اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ - فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهٰا وَ أَشْفَقْنَ مِنْهٰا(4) .

63 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ : أَنَّهُ كَانَ إِذَا حَضَرَ الوضوء [لِلْوُضُوءِ؟] اِصْفَرَّ لَوْنُهُ فَيَقُولُ لَهُ أَهْلُهُ مَا هَذَا اَلَّذِي يَعْتَادُكَ عِنْدَ اَلْوُضُوءِ فَيَقُولُ مَا تَدْرُونَ بَيْنَ يَدَيْ مَنْ أَقُومُ (5) .

64 - وَ رَوَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ عَرَفَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ وَ

ص: 324


1- الجامع الصغير للسيوطي ج 1، حرف الهمزة، و لفظ ما رواه: (انما جعل الطواف بالبيت و بين الصفا و المروة، و رمى الجمار لاقامة ذكر اللّه).
2- و هو التوجه إلى اللّه تعالى و الحضور معه، حتى يكون القلب موافقا للسان (معه).
3- المستدرك، كتاب الصلاة، باب (2) من أبواب أفعال الصلاة حديث 17 من دون قوله: شغلا باللّه من كل شيء.
4- جامع أحاديث الشيعة، ج 5، كتاب الصلاة، باب (4) من أبواب كيفية الصلاة و آدابها، حديث 40. و رواه في البحار، الطبعة الحديثة، ج 41، باب (101) عبادته و خوفه عليه السلام.
5- البحار، ج 73:46 من الطبعة الحديثة، باب (5) من مكارم أخلاقه و علمه و عبادته، حديث 61 نقلا عن الإرشاد.

شِمَالِهِ مُتَعَمِّداً فِي اَلصَّلاَةِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ (1)و لا يحمل النفي هنا على نفى الصحة، و الا لزم الحرج و المشقة التي لا يمكن لاحد الا نادرا التخلص منهما، بل يحمل على نفى الكمال (معه).(2)(2).

65 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلْعَبْدَ لَيُصَلِّي اَلصَّلاَةَ لاَ يُكْتَبُ لَهُ سُدُسُهَا [ثُلُثُهَا] وَ لاَ عُشْرُهَا وَ إِنَّمَا يُكْتَبُ لِلْعَبْدِ مِنْ صَلاَتِهِ مَا عَقَلَ مِنْهَا(3)(4).

66 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلشَّيْطَانَ لَيَجْرِي مِنِ اِبْنِ آدَمَ مَجْرَى اَلدَّمِ فَضَيِّقُوا مَجَارِيَهُ بِالْجُوعِ (5).

67 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِعَائِشَةَ دَاوِمِي قَرْعَ بَابِ اَلْجَنَّةِ فَقَالَتْ بِمَا ذَا قَالَ بِالْجُوعِ (6).

ص: 325


1- المستدرك، كتاب الصلاة، باب
2- من أبواب أفعال الصلاة، حديث 13 نقلا عن عوالى اللئالى عن معاذ بن جبل.
3- المستدرك، كتاب الصلاة، باب (2) من أبواب أفعال الصلاة، حديث 13، نقلا عن العوالى.
4- لما ورد في النصوص أن النوافل الراتبة، مثلا الفريضة، و انها شرعت لجبر ناقص الفرائض. قال بعض أهل الحديث: لعل الوجه المناسب للاقتصار على خصوص المثلين، ان عامة الناس إذا أرادوا الاقبال على الصلاة لا يتمكنوا غالبا الا من الاقبال على ثلثها، فيبقى الثلثان، فينجبران بالنوافل (جه).
5- أورده البخارى في صحيحه، باب (21) من كتاب الاحكام. و أحمد بن حنبل في مسنده ج 156:3، و غيرهما من أئمة الحديث من العامّة بدون الجملة الأخيرة (فضيقوا مجاريه بالجوع).
6- كنوز الحقائق على هامش الجامع الصغير ج 129:1، حرف الدال. و في المحجة البيضاء في تهذيب الاحياء، ج 149:5، كتاب كسر الشهوتين، شهوة البطن و الفرج، و لفظ ما رواه (أديموا قرع باب الجنة يفتح، قيل: و كيف نديم قرع باب الجنة ؟ قال: بالجوع و الظماء).

68 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَ يَسُرُّ أَحَدَكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى بَابِهِ حَمَّةٌ يَغْتَسِلُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ فَلاَ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْ ءٌ فَقَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهَا اَلصَّلَوَاتُ اَلْخَمْسُ (1).

69 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ قَامَ فِي اَلصَّلاَةِ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَ فَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً (2) (3) .

70 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : وَ قَدْ سُئِلَ عَنِ اِشْتِمَالِ اَلصَّمَّاءِ فَقَالَ هُوَ أَنْ يَلْتَحِفَ بِالْإِزَارِ فَيُدْخِلَ طَرَفَيْهِ مِنْ تَحْتِ يَدَيْهِ وَ يَجْعَلَهُمَا عَلَى مَنْكِبٍ وَاحِدٍ ذَلِكَ فِعْلُ اَلْيَهُودِ (4) (5) .

ص: 326


1- نهج البلاغة: 199، و من كلام له عليه السلام كان يوصى به أصحابه. أوله: (تعاهدوا أمر الصلاة) الى قوله: (و شبهها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالحمة الخ). و في جامع أحاديث الشيعة، كتاب الصلاة، ج 4 (باب فضل الصلاة و انها أفضل الاعمال بعد المعرفة) أحاديث متعدّدة في هذا المعنى مع اختلاف يسير في الألفاظ فراجع.
2- صحيح البخاريّ ، في تفسير سورة الفتح، و مسند أحمد بن حنبل ج 251:4.
3- عن الامامين أبى جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام، قالا: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، اذا صلى قام على أصابع رجليه حتّى تورمت، فانزل اللّه تعالى «طه، مٰا أَنْزَلْنٰا عَلَيْكَ اَلْقُرْآنَ لِتَشْقىٰ » أى تتعب. و طه، بلغة طى يا محمد. و كان يصلّي الليل كله و يعلق صدره بحبل حتّى لا يغلبه النوم، فأمر اللّه سبحانه أن يخفف على نفسه، فكان بعد هذا يقوم النصف الأخير من الليل، بعد أن كان يقوم الليل كله، و أوجب عليه صلاة الليل (جه).
4- و فيه تنبيه على كراهية فعله في الصلاة، بل و في غيرها، للنهى عن التشبه بهم (معه).
5- هذا مضمون صحيحة زرارة، الا أن فيها. أن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب، و ربما يوجد في بعض النسخ التهذيب، جناحيك، فلا يكون فرق بين الروايتين. و فسره أهل اللغة بغير هذا، قال القتيبى: و انما قيل صماء لانه إذا اشتمل به، شد على يديه و رجليه المنافذ كلها، فيكون كالصخرة الصماء. و الاصحاب رضوان اللّه عليهم، و ان ذكروها في مكروهات الصلاة، الا ان ظاهر اطلاق صحيحة زرارة، الإطلاق لانه قال: اياك و التحاف الصماء، من غير تقييد بالصلاة، و حديث الكتاب كاشف من علة الكراهة، أعنى التشبه باليهود (جه).

71 - وَ رَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ : رَأَيْتُ اَلصَّادِقَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَ لَمْ أَرَهُ يَنْزِعُهُمَا قَطُّ (1) (2) (3) .

72 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَخْذِفُ بِحَصَاةٍ فِي اَلْمَسْجِدِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَا زَالَتْ تَلْعَنُهُ حَتَّى وَقَعَتْ ثُمَّ قَالَ اَلْخَذْفُ فِي اَلنَّادِي مِنْ أَخْلاَقِ قَوْمِ لُوطٍ ثُمَّ تَلاَ قَوْلَهُ تَعَالَى وَ تَأْتُونَ فِي نٰادِيكُمُ اَلْمُنْكَرَ(4) قَالَ هُوَ اَلْخَذْفُ (5)(6)((7).

ص: 327


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (37) من أبواب لباس المصلى، حديث 4.
2- و فيه دلالة على جواز الصلاة في النعلين، بل قد يفهم استحباب فعلها فيهما لان ذلك يفهم من المواظبة منه عليه السلام على فعل ذلك (معه).
3- ذكر الاصحاب استحباب الصلاة في النعل مطلقا، و ربما كان الوجه في حملها على العربية، انها هي المتعارفة في ذلك الزمان، و لعلّ الإطلاق أولى (جه).
4- سورة العنكبوت، الآية 29.
5- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (36) من أبواب أحكام المساجد، حديث 1.
6- و فيه دلالة على كراهية الخذف في المسجد، و في النادى (معه).
7- روى عن ابن عبّاس، ان ذلك المنكر من قوم لوط في مجالسهم، هو الخذف في الحصى، و الرمى بالبنادق، و الفرقعة، و مضغ العلك، و السواك بين الناس، و حل الازرار، و السباب، و الفحش، و المزاح. و قيل: كانوا يتحابقون و يسخرون بمن مر بهم، و يتجاهرون في ناديهم بذلك العمل و خذفهم بالحصى، لاعلام الغافل، حتى يقبل على ذلك العمل القبيح. و قوله: ما زالت تلعنه، اما بلسان الحال، أو بلسان المقال، و هو الأظهر. و اما كيفية الخذف، ففي الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام، هو أن تضعها على الإبهام، و تدفعها بظفر السبابة. و قال الجوهريّ : الخذف بالحصى، الرمى به بالاصابع. و الظاهر شمول الكراهة لجميع ذلك (جه).

73 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : كَشْفُ اَلسُّرَّةِ وَ اَلرُّكْبَةِ فِي اَلْمَسْجِدِ مِنَ اَلْعَوْرَةِ (1)(2).

74 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مُخَاطِباً لِأَوْلِيَاءِ اَلْأَطْفَالِ مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَ هُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ وَ اِضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَ هُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ(3)(4).

75 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ اَلنَّاسِ أَعْنَاقاً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (5)(6).

76 - وَ رَوَى بِلاَلٌ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ : مَنْ أَذَّنَ فِي سَبِيلِ

ص: 328


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (37) من أحكام المساجد حديث 1.
2- فيه دلالة على كراهية كشفها في المسجد، مع الناظر و بدونه (معه).
3- المستدرك للحاكم، كتاب الصلاة، ج 197:1 (باب في مواقيت الصلاة) و تتمة الحديث (و فرقوا بينهم في المضاجع).
4- و فيه دلالة على وجوب ذلك على الأولياء. و على انه يجب عليهم تعليمهم الشرائع و الاحكام (معه).
5- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (2) من أبواب الاذان و الإقامة، حديث 21 و رواه ابن ماجة في سننه ج 1، كتاب الاذان و السنة فيها (باب فضل الاذان و ثواب المؤذنين) حديث 725.
6- في النهاية في تفسير هذا الحديث: أطول الناس أعناقا، أي أكثرهم أعمالا يقال: لفلان عنق من الخير، أي قطعة. و قيل: أراد طول الاعناق، أي الرقاب. لان الناس يومئذ في الكرب، و هم في الروح متطلعون، لا يؤذن لهم في دخول الجنة. و قيل: أراد انهم يكونون يومئذ رؤساء سادة، و العرب تصف السادة، بطويل الاعناق. و روى أطول أعناقا، بكسر الهمزة، أي أكثر اسراعا و أعجل الى الجنة (انتهى). و قيل: أكثرهم رجاء، لان من يرجو شيئا طال إليه عنقه. و قيل: أراد أنهم لا يلجمهم العرق، فان الناس يوم القيامة يكونون في العرق بقدر أعمالهم. و قيل: الاعناق، الجماعة. يقال: جاء عنق من الناس أي جماعة. فمعنى الحديث ان جمع المؤذنين: يكون أكثر، فان من أجاب دعوتهم يكون معهم، فالطول، مجاز عن الكثرة، لان الجماعة اذا توجهوا مقصدا يكون لهم اعتداد في الأرض. و قيل: طول العنق كناية عن عدم الخجل، فان الخجل متنكس الرأس متقلص العنق كما قال تعالى: «وَ لَوْ تَرىٰ إِذِ اَلْمُجْرِمُونَ نٰاكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ». و قيل: معناه الدنو من اللّه، كناية. لان طول العنق يدلّ على طول القامة، و لا ارتياب في أن طول القامة، ليس مطلوبا بالذات. بل لامتيازهم من ساير الناس و ارتفاع شأنهم، كما وصفوا بالغر المحجلين، للامتياز و الاشتهار. و قيل: غير هذا. و المعنى الثاني و الثالث من معاني النهاية هما الأظهر (جه).

اَللَّهِ وَ لَوْ صَلاَةً وَاحِدَةً إِيمَاناً وَ اِحْتِسَاباً وَ تَقَرُّباً إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَ مَنَّ عَلَيْهِ بِالْعِصْمَةِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ وَ جَمَعَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلشُّهَدَاءِ فِي اَلْجَنَّةِ (1)الوسائل، كتاب الصلاة، باب (2) من أبواب الاذان و الإقامة حديث 5. و رواه الصدوق في ثواب الأعمال (ثواب من أذن عشر سنين محتسبا) الا أن فيها (من اذن عشر سنين محتسبا إلى آخره). و رواه في الفقيه، كتاب الصلاة، باب الاذان و الإقامة و ثواب المؤذنين، حديث 21. كما في المتن.(2).

77 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْإِمَامِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : اَلْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ فِي اَلسَّمَاءِ وَ مَدَّ بَصَرِهِ وَ يُصَدِّقُهُ كُلُّ رَطْبٍ وَ يَابِسٍ سَمِعَهُ [مَعَهُ ] وَ لَهُ مِنْ كُلِّ مَنْ يُصَلِّي فِي مَسْجِدِهِ سَهْمٌ وَ مِنْ كُلِّ مَنْ يُصَلِّي بِصَوْتِهِ حَسَنَةٌ (2)(3).

ص: 329


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب
2- من أبواب الاذان و الإقامة، حديث 17. و رواه في المستدرك، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب الاذان و الإقامة حديث 4. نقلا عن عوالى اللئالى، عن بلال.
3- روى الصدوق قدس اللّه ضريحه هذا الحديث في كتاب الخصال، و في ثواب الأعمال. و معناه كما قال في النهاية: تمثيل، و من باب تشبيه المعقول بالمحسوس، أى المكان الذي ينتهى إليه الصوت، لو قدر أن يكون ما بين اقصاه و بين مقام المؤذن ذنوب تملأ تلك المسافة، لغفر اللّه له. و قيل: المراد انه يغفر لاجله للمذنبين الذين يكونون في تلك المسافة من الذين يصلون باذانه. أو المراد يغفر له ترجيع صوته و غنائه في الاذان، و بتطلعه ببصره الى بيوت الجيران. و كلاهما بعيدان، سيما الثاني. و أمّا تصديق الموجودات كلها للمؤذن، فبعضها بلسان القال، و بعضها بلسان الحال لان لسان حالها ينطبق بأن لها خالقا أعظم و أجل من أن يوصف و من كل شيء، و هكذا الى آخر الفصول. و هذه الشهادة كما تكون في الدنيا، تكون في الآخرة. روى أبو سعيد الخدريّ عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله انه قال: «لا يسمع مد صوت المؤذن جن و لا انس و لا شيء الا شهد له يوم القيامة». و قوله: فى السماء، يعنى مقدار الامتداد في جهة العلو، و يجوز أن يراد حقيقة السماء، لما روى أن اللّه تعالى وكل ريحا بالاذان ترفعه الى السماء، و في قوله: و من كل من يصلى بصوته، اشعار بجواز التعويل على المؤذن في دخول أوقات الصلاة (جه).

78 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْإِمَامِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا أَذَّنْتَ فَلاَ تُخْفِيَنَّ صَوْتَكَ فَإِنَّ اَللَّهَ يَأْجُرُكَ مَدَّ صَوْتِكَ (1).

79 - وَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : إِذَا أَذَّنْتَ فِي أَرْضِ فَلاَةٍ وَ أَقَمْتَ صَلَّى خَلْفَكَ صَفَّانِ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ إِنْ أَقَمْتَ قَبْلَ أَنْ تُؤَذِّنَ [وَ لَمْ تُؤَذِّنْ ] صَلَّى خَلْفَكَ صَفٌّ وَاحِدٌ(2).

80 - وَ فِي حَدِيثٍ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يُؤَذَّنُ لَهُ وَ يُقِيمُ لِنَفْسِهِ .

81 - وَ رَوَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ اَلْإِمَامِ اَلصَّادِقِ [الصادقين] عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ

ص: 330


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (16) من أبواب الاذان و الإقامة، حديث 5.
2- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (4) من أبواب الاذان و الإقامة، حديث 1.

قَالَ : اَلْمَأْمُومُ أَوْلَى بِالْأَذَانِ وَ اَلْإِمَامُ أَوْلَى بِالْإِقَامَةِ فَلاَ يُقِيمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلاَّ بِإِذْنِهِ (1).

82 - وَ رَوَى صَفْوَانُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : صَلَّيْتُ خَلْفَ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَيَّاماً فَكَانَ يَقْرَأُ فِي فَاتِحَةِ اَلْكِتَابِ بِ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ فَإِذَا كَانَ فِي فَرِيضَةٍ لاَ يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ جَهَرَ بِ بِسْمِ اَللّٰهِ اَلرَّحْمٰنِ اَلرَّحِيمِ وَ أَخْفَى مَا سِوَى ذَلِكَ (2) (3) .

83 - وَ رَوَى اَلْهِشَامَانِ (4) فِي اَلصَّحِيحِ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّهُمَا سَأَلاَهُ أَ يُجْزِي أَنْ أَقُولَ مَكَانَ اَلتَّسْبِيحِ فِي اَلرُّكُوعِ وَ اَلسُّجُودِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ نَعَمْ كُلُّ هَذَا ذِكْرُ اَللَّهِ (5)كنوز الحقائق للمناوى في هامش الجامع الصغير، ج 20:1 حرف الهمزة نقلا عن أبي داود.(6) (7) .

84 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ جَبْهَتَكَ مِنَ اَلْأَرْضِ وَ لاَ تَنْقُرْ نَقْراً(7).

ص: 331


1- و فيه دلالة على انه لو قام أحد بغير اذن الامام، لم يعتد بها، و لم يسقط بها الاستحباب. بخلاف الاذان، فانه لو فعله أحد المأمومين أو غيرهم، مع حكاية الامام له في الأخير (معه).
2- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (11) من أبواب القراءة، حديث 1.
3- و هذا يدلّ على أن البسملة جزء من القرآن، و ان الجهر بالبسملة في موضع الاخفات سنة مؤكدة (معه).
4- أي هشام بن الحكم و هشام بن سالم.
5- الوسائل، كتاب الصلاة، باب
6- من أبواب الركوع، حديث 1 و 2.
7- هذا يدلّ على ان مطلق الذكر في الركوع و السجود مجز، لتعليله بالذكر في قوله: نعم، كل هذا ذكر اللّه، لكن تعيين التسبيح أحوط، للإجماع على اجزائه (معه).

85 - وَ فِي اَلْأَحَادِيثِ اَلصَّحِيحَةِ عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : أَنَّ اَلدُّعَاءَ بَعْدَ اَلْفَرِيضَةِ أَفْضَلُ مِنَ اَلصَّلاَةِ نَفْلاً(1)الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب التعقيب، حديث 5.(2)(3)(4).

86 - وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : اَلتَّعْقِيبُ بَعْدَ اَلصَّلاَةِ أَبْلَغُ فِي طَلَبِ اَلرِّزْقِ مِنَ اَلضَّرْبِ فِي اَلْبِلاَدِ(5).

87 - وَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ صَلَّى صَلاَةً فَرِيضَةً وَ عَقَّبَ إِلَى أُخْرَى فَهُوَ ضَيْفُ اَللَّهِ وَ حَقٌّ عَلَى اَللَّهِ أَنْ يُكْرِمَ ضَيْفَهُ (5).

88 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : مَنْ صَلَّى فَجَلَسَ فِي مُصَلاَّهُ إِلَى طُلُوعِ اَلشَّمْسِ كَانَ لَهُ سِتْراً مِنَ اَلنَّارِ(6). 89 - وَ رَوَى هَذَا بِعَيْنِهِ اِبْنُ بَابَوَيْهِ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (7).

90 - وَ رَوَى اِبْنُ سِنَانٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ سَبَّحَ تَسْبِيحَ

ص: 332


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب
2- من أبواب التعقيب.
3- المراد بالصلاة المندوبة الابتدائية، لانها ليست منصوصة بعينها، و التعقيب منصوص عليه بعينه، فاهتمام الشارع به أكثر، فيكون أفضل (معه).
4- فيكون الدعاء بعد الفريضة، أفضل من الدعاء بعد النافلة. فان للمصلى دعوة مستجابة بعد الفريضة، فيكون معنى الحديث، استحباب تقديم الدعاء على صلاة النافلة الراتبة و غيرها، لا أنّه إذا اشتغل بالدعاء ترك النافلة. و ان حمل المتبادر من ظاهر الحديث احتاج الى التخصيص المذكور في الحاشية. و بعض أهل الحديث عمم الحكم في الراتبة و غيرها، و جعل الدعاء أفضل من جميع النوافل. و ان كان الاشتغال به مستلزما لتركها (جه).
5- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب التعقيب حديث 1.
6- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (18) من أبواب التعقيب، حديث 1.
7- الفقيه، كتاب الصلاة، باب كراهية النوم بعد الغداة، حديث 15.

فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَمُ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ مِنْ صَلاَةِ اَلْفَرِيضَةِ غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ (1)(2)(3).

91 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : مَا عُبِدَ اَللَّهُ بِشَيْ ءٍ أَفْضَلَ مِنْ تَسْبِيحِ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَمُ وَ لَوْ كَانَ شَيْ ءٌ أَفْضَلَ مِنْهُ لَنَحَلَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ إِنَّ تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فِي كُلِّ يَوْمٍ دُبُرَ كُلِّ صَلاَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ صَلاَةِ أَلْفِ رَكْعَةٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ (4).

92 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : اُدْعُوا اَللَّهَ تَعَالَى وَ أَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ وَ اِعْلَمُوا أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لاَ يَقْبَلُ [لاَ يَسْتَجِيبُ ] دُعَاءَ مَنْ قَلْبُهُ غَافِلٌ لاَهٍ (5).

93 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْإِمَامِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَلصَّاعِقَةَ تُصِيبُ اَلْمُؤْمِنَ وَ اَلْكَافِرَ وَ لاَ تُصِيبُ ذَاكِراً(6).

ص: 333


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (7) من أبواب التعقيب، حديث 1.
2- أي قبل أن يغير حالة التورك، الى حالة التربع و غيرها (معه).
3- نسبة هذه التسبيحة إليها عليها السلام باعتبار انها شكت الى أبيها شدة ما تلقى من خدمة البيت، من الطحن و استقاء الماء و كسح البيت، فطلبت منه خادما، فعلمها هذه التسبيحة عوضا عن الخادم. و عنه صلّى اللّه عليه و آله: «انما سميت ابنتى، فاطمة، لان اللّه سبحانه فطمها و فطم من أحبها من النار». و في حديث آخر: «انها فطمت بالعلم و فطمت عن الطمث». و عن أبي الحسن عليه السلام (ان اللّه تعالى علم ان رسول اللّه يتزوج في الاجانب، و انهم يطمعون في وراثة هذا الامر من قبله، فلما ولدت فاطمة، سماها اللّه تعالى فاطمة لما أخرج منها و جعل في ولدها، ففطمهم عما طمعوا، فبهذا سميت فاطمة، لانها فطمت طمعهم، أي قطعته إلخ) (جه).
4- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (9) من أبواب التعقيب حديث 1 و 2.
5- المستدرك، كتاب الصلاة، باب (15) من أبواب الدعاء حديث 2. نقلا عن القطب الراونديّ في الدعوات.
6- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (9) من أبواب الذكر حديث 5.

94 - وَ فِي حَدِيثٍ عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : أَنَّ اَلْمُرَادَ بِالذَّاكِرِ مَنْ إِذَا عَرَضَ لَهُ مَعْصِيَتُهُ ذَكَرَ اَللَّهَ وَ تَرَكَهَا لِأَجْلِهِ وَ إِذَا عَرَضَ لَهُ طَاعَةٌ ذَكَرَ اَللَّهَ فَفَعَلَهَا لِأَجْلِهِ .

95 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : سَجْدَةُ اَلشُّكْرِ وَاجِبَةٌ (1) عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ تُتِمُّ بِهَا صَلاَتَكَ وَ تُرْضِي بِهَا رَبَّكَ وَ تَعْجَبُ اَلْمَلاَئِكَةُ مِنْكَ وَ إِنَّ اَلْعَبْدَ إِذَا صَلَّى ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَةَ اَلشُّكْرِ فَتَحَ اَلرَّبُّ اَلْحِجَابَ بَيْنَ اَلْمَلاَئِكَةِ وَ بَيْنَ اَلْعَبْدِ(2).

96 - وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا سَجَدَ سَجْدَتَيِ اَلشُّكْرِ وَعَظْتَنِي فَلَمْ أَتَّعِظْ وَ زَجَرْتَنِي عَنْ مَحَارِمِكَ فَلَمْ أَنْزَجِرْ وَ غَمَرَتْنِي أَيَادِيكَ فَمَا شَكَرْتُ عَفْوَكَ عَفْوَكَ يَا كَرِيمُ (3)(4).

ص: 334


1- المراد بالوجوب هنا شدة الاستحباب، اذ لم يقل بوجوبها أحد. (معه).
2- الوسائل، كتاب الصلاة باب (1) من أبواب سجدتى الشكر، قطعة من حديث 5.
3- المستدرك، كتاب الصلاة، باب (5) من أبواب سجدتى الشكر، قطعة من حديث 27.
4- فيه ايماء الى جواز صدور الذنب عنه عليه السلام، و في صحيفة زين العابدين عليه السلام مثله أيضا، سيما دعاءه في الاستقالة من الذنوب، و كان موسى بن جعفر عليهما السلام يقول في سجود الشكر: «رب عصيتك بلسانى، و لو شئت لأخرستني، و عصيتك ببصرى، و لو شئت و عزتك لاكمهتنى إلى آخره. و ورد أيضا مثله من الخليل و عن الكليم و عن داود و عن أكثر الأنبياء و جميع الأئمّة صلوات اللّه عليهم ما يوهم هذا المعنى. و قد ذكرنا في شرح الصحيفة، و شرحى التهذيب و الاستبصار وجوها كثيرة. و أردنا أن لا يخلو هذا الكتاب من ذكر بعضها، فلنذكر منها أوجها. الأول: ان الذي صدر من الأنبياء و الأئمّة عليهم السلام من البكاء و الاعتراف بالذنوب من باب تعليم الناس و ارشادهم الى كيفية هذه الطاعة، و ان النبيّ صلّى اللّه -

ص: 335

ص: 336

97 - وَ رُوِيَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَضَعُ عِمَامَتَهُ عَنْ رَأْسِهِ فِي اَلصَّلاَةِ وَ يَضَعُهَا عَلَى اَلْأَرْضِ وَ يَرْفَعُهَا مِنَ اَلْأَرْضِ وَ يَضَعُهَا عَلَى رَأْسِهِ (1) (2) .

98 - وَ رَوَى أَبُو بَصِيرٍ قَالَ : سَأَلْتُ اَلصَّادِقَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقُلْتُ أَسْمَعُ اَلْعَطْسَةَ وَ أَنَا فِي اَلصَّلاَةِ فَأَحْمَدُ اَللَّهَ وَ أُصَلِّي عَلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَعَمْ وَ لَوْ كَانَ بَيْنَكَ وَ بَيْنَ صَاحِبِكَ اَلْبَحْرُ [اَلْيَمُّ ] (3) (4) .

99 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ فِي اَلصَّحِيحِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : مَنْ كَانَ فِي صَلاَةِ اَلْكُسُوفِ فَخَشِيَ أَنْ تَفُوتَ اَلْحَاضِرَةُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ اَلْكُسُوفَ وَ يَأْتِي بِالْحَاضِرَةِ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاَةِ اَلْكُسُوفِ (5)(6)(7).

ص: 337


1- المستدرك، كتاب الصلاة، باب (27) من أبواب قواطع الصلاة حديث 1 نقلا عن عوالى اللئالى.
2- و هذه حكاية حال، و حكاية الحال لا تعم عند الأصوليّين، فهى انما تدلّ على وقوع ذلك الفعل منه، و لو مرة. و انما فعله لبيان جواز مثل ذلك من الافعال القليلة في الصلاة و انها غير مبطلة للصلاة (معه).
3- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (18) من أبواب قواطع الصلاة، حديث 4.
4- و هذا يدلّ على ان الحمد بعد العطسة، و الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله مستحب مؤكد، سواء كان هو العاطس أو غيره، و سواء كان في الصلاة أو غيرها (معه).
5- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (5) من أبواب صلاة الكسوف و الآيات حديث 2.
6- هذا الحديث معمول به، لكن لا يصحّ التلفظ بنية صلاة الحاضرة، بل يقتصر على النية القلبية، فلو تلفظ بها، بطلت الصلاة (معه).
7- مراده ان النية المتلفظ بها كلام أجنبى، فيقع فصلا بين الصلاتين. و ما دل عليه الحديث من القطع و البناء، هو مذهب الاكثر. للاخبار الصحيحة. و ذهب الشيخ في المبسوط الى أن من قطع صلاة الكسوف لخوف فوات الفريضة، يجب عليه استينافها من رأس، و اختاره في الذكرى، و لا دليل عليه من الاخبار، و الدليل العقلى لا يعتمد عليه هنا (جه).

100 - وَ رَوَى اِبْنُ بَابَوَيْهِ فِي كِتَابِ مَنْ لاَ يَحْضُرُهُ اَلْفَقِيهُ : أَنَّ اَلصَّادِقَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سُئِلَ يُصَلَّى عَنِ اَلْمَيِّتِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَعَمْ حَتَّى إِنَّهُ لَيَكُونُ فِي ضِيقٍ فَيُوَسَّعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ اَلضِّيقُ ثُمَّ يُؤْتَى فَيُقَالُ لَهُ خُفِّفَ عَنْكَ هَذَا اَلضِّيقُ بِصَلاَةِ أَخِيكَ فُلاَنٍ عَنْكَ (1) .

101 - وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ فِي مَسْأَلَةٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ اَلرَّجُلِ هَلْ يَصْلُحُ أَنْ يَصُومَ وَ يُصَلِّيَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ [مَوْتَاهُ ] فَقَالَ نَعَمْ يُصَلِّي مَا أَحَبَّ وَ يَجْعَلُ ذَلِكَ لِلْمَيِّتِ فَهُوَ لِلْمَيِّتِ إِذَا جَعَلَهُ لَهُ (2) .

102 - وَ رَوَى عَمَّارُ بْنُ مُوسَى اَلسَّابَاطِيُّ مِنْ كِتَابِ أَصْلِهِ اَلْمَرْوِيِّ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : عَنِ اَلرَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ صَلاَةٌ أَوْ يَكُونُ عَلَيْهِ صَوْمٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهُ رَجُلٌ غَيْرُ عَارِفٍ قَالَ لاَ لاَ يَقْضِيهِ إِلاَّ مُسْلِمٌ عَارِفٌ (3) (4) (5) .

ص: 338


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (12) من أبواب قضاء الصلوات، حديث 4.
2- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (12) من أبواب قضاء الصلوات، حديث 2.
3- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (12) من أبواب قضاء الصلوات، حديث 5.
4- المراد بالعارف بالاحكام المتعلقة بالصلاة و الصوم، العقليّة و الشرعية. أو يكون المراد به، العارف بطريقة أهل البيت عليهم السلام (معه).
5- في هذا الحديث دلالة على ما نص عليه علمائنا قدس اللّه أرواحهم من جواز الاستيجار عن الميت للصلاة و الصوم. و يدلّ عليه الإجماع و الاخبار. أما الإجماع فقال صاحب الذكرى: انما انعقد عليه الإجماع من الخلف و السلف، و قد تقرر ان إجماعهم حجة قطعية، ثمّ قال: فان قلت: فهلا اشتهر مثل اشتهار الاستيجار على الحجّ حتّى علم من المذهب ضرورة ؟ قلت: لعدم الحاجة إليه، فان سلف الشيعة كانوا على ملازمة الفريضة و النافلة على حدّ لا يقع عن أحد منهم اخلال بها الا لعذر، و إذا اتفق فواتها بادروا الى فعلها لان أكثر قدمائهم على المضايقة المحضة، فلم يفتقروا الى هذه المسألة، و اكتفوا بذكر قضاء الولى (انتهى) و هذا الإجماع نقله أيضا السيّد ابن زهرة و الفاضل المقداد في الكنز. و اما الاخبار فقال الشهيد الثاني، انه روى من أربعين رجلا من أصحاب الصادق عليه السلام، قال: يقضى عن الميت الحجّ و الصوم و العتق و فعاله الحسن، و في حديث آخر، و الصلاة. و قد ساوى فيها بينها و بين الحجّ ، و هو قابل للنيابة و الاجارة إجماعا، فيكون غيره من العبادات مثله. و بالجملة الاخبار الواردة في هذه المسألة، كما اعترف به الشهيد و المقداد أربعون حديثا خاليا عن المعارض. و في الذكرى أيضا: ان الاستيجار على فعل صلاة الواجبة بعد الوفاة مبنية على مقدمتين (أحدهما) جواز الصلاة عن الميت، و هذه اجماعية. و الأخبار الصحيحة ناطقة بها (و الثانية) انه كلما جاز الصلاة عن الميت جاز الاستيجار عنه، و هذه المقدّمة داخلة في عموم الاستيجار على الافعال المباحة التي يمكن أن يقع عن المستأجر، و لم يخالف فيها أحد من الإماميّة. و قول النافى من المتأخرين، ان الاخبار خالية من ذكر الاجارة منقوض بالحج و أكثر المعاملات التي أوجب العقود و الصيغ لها فقهائنا، فانهم جوزوا النيابة فيها و الاستيجار عليها، مع خلو النصوص من الصيغ و الاجارات فيها (جه).

103 - وَ رُوِيَ فِي أَصْلِ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ رِجَالِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ اَلْكَاظِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ هِشَامٌ وَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : قُلْتُ يَصِلُ إِلَى اَلْمَيِّتِ اَلدُّعَاءُ وَ اَلصَّدَقَةُ وَ اَلصَّلاَةُ وَ نَحْوُ هَذَا قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَ وَ يَعْلَمُ مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ بِهِ قَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَالَ قَدْ يَكُونُ مَسْخُوطاً عَلَيْهِ فَيُرْضَى عَنْهُ (1) (2) .

104 - وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ فِي أَصْلِهِ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ عَنِ اَلْكَاظِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ : وَ سَأَلْتُ عَنِ اَلرَّجُلِ يَحُجُّ وَ يَعْتَمِرُ وَ يُصَلِّي وَ يَصُومُ وَ يَتَصَدَّقُ

ص: 339


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (12) من أبواب قضاء الصلوات، حديث 7.
2- يحتمل أن يكون من صنع ذلك للميت، مسخوطا عليه من قبل الميت فيرضى عنه الميت بسبب ما فعله معه، من البر و الصلة. و يحتمل أن يكون الميت هو بمسخوط عليه، بسبب أفعاله القبيحة، فيرضى عنه بسبب ما فعله الحى لاجله من العمل الصالح الواصل ثوابه إليه (معه).

عَنْ وَالِدَيْهِ وَ ذَوِي قَرَابَتِهِ قَالَ لاَ بَأْسَ بِهِ يُؤْجَرُ فِيمَا صَنَعَهُ وَ لَهُ أَجْرٌ آخَرُ بِصِلَتِهِ قَرَابَتَهُ قُلْتُ وَ إِنْ كَانَ لاَ يَرَى مَا أَرَى وَ هُوَ نَاصِبٌ قَالَ يُخَفَّفُ عَنْهُ بَعْضُ مَا هُوَ فِيهِ (1)(2)(3). 105 - وَ رَوَاهُ أَيْضاً اَلصَّدُوقُ فِي كِتَابِهِ .

106 - وَ رَوَى اَلْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ فِي كِتَابِ اَلْمَشِيخَةِ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : يَدْخُلُ عَلَى اَلْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ اَلصَّلاَةُ وَ اَلصَّوْمُ وَ اَلْحَجُّ وَ اَلصَّدَقَةُ وَ اَلْبِرُّ وَ اَلدُّعَاءُ قَالَ وَ يُكْتَبُ أَجْرُهُ لِلَّذِي فَعَلَهُ وَ لِلْمَيِّتِ (4).

107 - وَ رَوَى حَمَّادُ بْنُ عُثْمَانَ [عِيسَى] فِي كِتَابِهِ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلصَّلاَةَ وَ اَلصَّوْمَ وَ اَلصَّدَقَةَ وَ اَلْحَجَّ وَ اَلْعُمْرَةَ وَ كُلَّ عَمَلٍ صَالِحٍ يَنْفَعُ اَلْمَيِّتَ حَتَّى إِنَّ اَلْمَيِّتَ لَيَكُونُ فِي ضِيقٍ فَيُوَسَّعُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ هَذَا بِعَمَلِ اِبْنِكَ فُلاَنٍ وَ أَخِيكَ - فُلاَنٍ أَخُوكَ فِي اَلدِّينِ (5).

ص: 340


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (12) من أبواب قضاء الصلوات، حديث 8 و روى في الوسائل أحاديث (2 و 4 و 5 و 7 و 8) عن غياث سلطان الورى لسكان الثرى في قضاء ما فات عن الأموات للسيّد رضيّ الدين عليّ بن موسى بن طاوس الحسيني الحلى المتوفى 664 ه.
2- و هذا يدلّ على ان صلة القرابة جائزة و ان كان القريب مخالفا للمذهب (معه).
3- المراد بالناصب هنا مطلق المخالف، كما هو أحد معانيه. أما لو أريد به الناصب بالمعنى الاخص بين الفقهاء أعنى من نصب العداوة لاهل البيت عليهم السلام، ففى جواز ايقاع تلك العبادات عنه اشكال، لانه أشر من الكافر (جه).
4- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (12) من أبواب قضاء الصلوات، حديث 10 نقلا عن غياث سلطان الورى.
5- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (12) من أبواب قضاء الصلوات حديث 15، نقلا عن غياث سلطان الورى.

108 - وَ رُوِيَ : أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيَى وَ عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ جُنْدَبٍ وَ عَلِيَّ بْنَ اَلنُّعْمَانِ تَعَاقَدُوا فِي بَيْتِ اَللَّهِ اَلْحَرَامِ إِنْ من مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يُصَلِّي مَنْ بَقِيَ صَلاَتَهُ وَ يَصُومُ عَنْهُ وَ يَحُجُّ عَنْهُ وَ يُزَكِّي عَنْهُ مَا دَامَ حَيّاً فَمَاتَ صَاحِبَاهُ وَ بَقِيَ صَفْوَانُ وَ كَانَ يَفِي لَهُمَا بِذَلِكَ فَيُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ وَ لَيْلَةٍ خَمْسِينَ وَ مِائَةَ رَكْعَةٍ وَ هَؤُلاَءِ مِنْ أَعْيَانِ اَلْمَشَايِخِ وَ اَلرُّوَاةِ عَنِ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ (1)الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الجماعة، فراجع. و صحيح مسلم ج 1، كتاب المساجد و مواضع الصلاة، (42) باب فضل صلاة الجماعة، و بيان التشديد في التخلف عنها، حديث 245 و 246 و 247. و صحيح البخاريّ (كتاب الاذان) باب وجوب صلاة الجماعة.(2).

109 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : صَلاَةُ اَلْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ اَلْفَذِّ بِخَمْسٍ وَ عِشْرِينَ دَرَجَةً (2). 110 - وَ رُوِيَ : سَبْعٍ وَ عِشْرِينَ (3).

111 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يُصَلِّي فِي اَلْمَسْجِدِ جَمَاعَةً فَظُنُّوا بِهِ كُلَّ خَيْرٍ(4).

ص: 341


1- المستدرك، كتاب الطهارة، باب
2- من أبواب الاحتضار حديث 13، باختلاف يسير في الفاظه.
3- صحيح البخاريّ (كتاب الاذان) باب وجوب صلاة الجماعة. و جامع أحاديث الشيعة، باب (1) من أبواب صلاة الجماعة و أحكامها، نقلا عن شرح اللمعة، و لفظ ما نقله (الجماعة مستحبة في الفريضة مطلقا، متأكدة في اليومية، حتى ان الصلاة الواحدة منها تعدل خمسا، أو سبعا و عشرين صلاة إلخ). و نقله في الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الجماعة، رقم 16.
4- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الجماعة، حديث 4، و لفظ ما رواه (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من صلى الخمس في جماعة فظنوا به خيرا). و رواه في المستدرك، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الجماعة حديث 9 نقلا -

112 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِجَمَاعَةٍ لَمْ يَحْضُرُوا اَلْمَسْجِدَ مَعَهُ لَتَحْضُرُنَّ اَلْمَسْجِدَ أَوْ لَأُحْرِقَنَّ عَلَيْكُمْ مَنَازِلَكُمْ (1)قال المحدث العلامة الجزائريّ قدّس سرّه، بعد نقل أخبار بهذا المضمون، ما هذا لفظه: و الاخبار بمضمون هذا مستفيضة، و توجيه الاحراق و الذم على ترك هذه السنة بوجوه. (الأول) ان مثل هذه السنة الاكيدة التي هي من شعائر الدين لورود مثل هذا التأكيد البليغ عليها، لم يكن كثيرا، حتى ان الشهيد الثاني طاب ثراه ذكر انه لو لم ينعقد الإجماع على استحباب صلاة الجماعة، لكان القول بوجوبها غير بعيد (الثاني) ان الذين كانوا يتركون الجماعة معه (صلّى اللّه عليه و آله) انما هو رغبة عنها، لان أكثرهم كانوا من المنافقين، و من تركها رغبة عنها، تكون صلاته غير صحيحة، فيجب أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر، و منه إحراق بيوتهم (الثالث) ان حضور جماعته أوائل الإسلام، مما يزيد في قوة شوكة الإسلام، و التقاعد عنها وهن لقوة الدين، لاطلاع الكفّار على أحوال المسلمين، فإذا عرفوا ان أصحابه لم يحضروا معه الصلاة، يزيد في قوتهم و جرأتهم، الى غير ذلك من الوجوه (جه).(2)(2).

113 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَأَى رَجُلاً يُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ أَ لاَ رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا فَيُصَلِّي مَعَهُ (3).

114 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : مَنْ صَلَّى اَلْغَدَاةَ وَ اَلْعِشَاءَ اَلْآخِرَةَ فِي جَمَاعَةٍ -

ص: 342


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب
2- من أبواب صلاة الجماعة حديث 4 و صحيح مسلم، كتاب المساجد و مواضع الصلاة، (42) باب فضل صلاة الجماعة و بيان التشديد في التخلف عنها حديث 251 و 252 و 253 و 254. و سنن ابن ماجه ج 1، كتاب المساجد و الجماعات، (17) باب التغليظ في التخلف عن الجماعة حديث 791 و 795 و لفظ بعض ما رووه هكذا (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم لينتهين رجال عن ترك الجماعة، أو لاحرقن بيوتهم).
3- جامع أحاديث الشيعة، كتاب الصلاة، باب (57) من أبواب صلاة الجماعة حديث 9. و سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الجمع في المسجد مرتين، حديث 574.

فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ مَنْ ظَلَمَ فَإِنَّمَا يَظْلِمُ اَللَّهَ وَ مَنْ حَقَّرَهُ فَإِنَّمَا يُحَقِّرُ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ (1)الوسائل كتاب الصلاة، باب (7) من أبواب صلاة الجماعة، حديث 4، و روى مضمونه أئمة الحديث باختلاف يسير في ألفاظه، صحيح مسلم، كتاب الصلاة (28) باب تسوية الصفوف و اقامتها حديث 127 و 128 و سنن ابن ماجه، كتاب اقامة الصلاة و السنة فيها، (2) باب اقامة الصفوف، حديث 994، و سنن أبي داود ج 1، كتاب الصلاة باب تسوية الصفوف، حديث 662 و 663. و صحيح البخاريّ ، كتاب الاذان، باب تسوية الصفوف عند الإقامة و بعدها.

و رواه البيهقيّ في السنن الكبرى، ج 101:3 باب اقامة الصفوف و تسويتها، و لفظ ما رواه (ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم قال: «اقيموا الصفوف، و حاذوا بين المناكب، و سدوا الخلل، و لينوا بأيدى اخوانكم، و لا تذروا فرجات للشيطان» الحديث).(3)(4).

115 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : سَوُّوا بَيْنَ صُفُوفِكُمْ وَ حَاذُوا بَيْنَ مَنَاكِبِكُمْ لِئَلاَّ يَسْتَحْوِذَ عَلَيْكُمُ اَلشَّيْطَانُ (3)(5). أي لئلا يستولي عليكم و يملككم و يجعلكم رعيته من قولهم حاذ الحمار العانة إذا جمعها و ساقها غالبا عليها

116 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مُخَاطِباً لِأَصْحَابِهِ أَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِي كَمَا أَرَاكُمْ بَيْنَ يَدَيَّ وَ لاَ تُخَالِفُوا فَيُخَالِفَ اَللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ (5).

ص: 343


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب
2- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (7) من أبواب صلاة الجماعة، حديث 7 و رواه البخارى في صحيحه، كتاب الاذان، باب الصاق المنكب بالمنكب، و القدم بالقدم في الصف.
3- من أبواب صلاة الجماعة حديث 2.
4- الذمّة وردت بمعنى العهد، و الأمان، و الضمان، و الحرمة، و الحق، و كلها تناسب المقام (جه).
5- و ذلك ان الشياطين يتخللون الصفوف، فإذا رأوا فرجة وقفوا فيها، فيستحوذون على أهل الصفوف، أي يغلبون عليهم بالوساوس الشيطانية (جه).

117 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُسْمِعَ مَنْ خَلْفَهُ كُلَّمَا يَقُولُ وَ لاَ يَنْبَغِي لِمَنْ خَلْفَهُ أَنْ يُسْمِعَهُ شَيْئاً مِمَّا يَقُولُ (1).

118 - وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَلاَ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعاً وَ سَاجِداً أَمَّا اَلرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ اَلرَّبَّ وَ أَمَّا اَلسُّجُودُ فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنَ اَلدُّعَاءِ فَإِنَّهُ قَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ (2).

119 - وَ رَوَى اِبْنُ بَابَوَيْهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : مَا مِنْ عَبْدٍ مَنَعَ مِنْ مَالِ زَكَاتِهِ شَيْئاً إِلاَّ جَعَلَ اَللَّهُ ذَلِكَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ ثُعْبَاناً مِنْ نَارٍ طَوْقاً فِي عُنُقِهِ فَهُوَ يَنْهَشُ مِنْ لَحْمِهِ حَتَّى يَفْرُغَ اَلنَّاسُ مِنَ اَلْحِسَابِ وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى سَيُطَوَّقُونَ مٰا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ (3)(4).

120 - وَ قَالَ اَلْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ كَانَ لَهُ دَارٌ وَ اِحْتَاجَ مُؤْمِنٌ إِلَى سُكْنَاهَا فَمَنَعَهُ إِيَّاهَا قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلاَئِكَتِي بَخِلَ عَبْدِي عَلَى عَبْدِي بِسُكْنَى اَلدُّنْيَا لاَ وَ عِزَّتِي وَ جَلاَلِي لاَ يَسْكُنُ جِنَانِي أَبَداً(5).

121 - وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ قَالَ : مَنْ بَاتَ شَبْعَاناً وَ بِحَضْرَتِهِ مُؤْمِنٌ طَاوٍ قَالَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مَلاَئِكَتِي أُشْهِدُكُمْ عَلَى هَذَا اَلْعَبْدِ أَنَّنِي أَمَرْتُهُ فَعَصَانِي وَ أَطَاعَ غَيْرِي وَكَلْتُهُ إِلَى عَامِلِهِ وَ عِزَّتِي وَ جَلاَلِي لاَ غَفَرْتُ لَهُ

ص: 344


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (52) من أبواب الجماعة، حديث 3.
2- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (8)، من أبواب الركوع، حديث 2.
3- آل عمران: 180.
4- الوسائل، كتاب الزكاة، باب (3) من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه، حديث 3.
5- ثواب الأعمال للصدوق، (عقاب من منع مؤمنا سكنى داره).

أَبَداً(1).

122 - وَ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ ثَوْبٍ وَ عَلِمَ أَنَّ بِحَضْرَتِهِ مُؤْمِناً يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَلَمْ يَدْفَعْهُ إِلَيْهِ أَكَبَّهُ اَللَّهُ عَلَى مَنْخِرَيْهِ فِي اَلنَّارِ(2)(3).

123 - وَ رُوِيَ عَنْ صَفْوَانَ اَلْجَمَّالِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ سَمِعْتُكَ تَقُولُ شِيعَتُنَا فِي اَلْجَنَّةِ وَ فِي اَلشِّيعَةِ أَقْوَامٌ يُذْنِبُون وَ يَرْتَكِبُونَ اَلْفَوَاحِشَ وَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اَلنَّاسِ وَ يَشْرَبُونَ اَلْخَمْرَ وَ يَتَمَتَّعُونَ فِي دُنْيَاهُمْ فَقَالَ نَعَمْ هُمْ أَهْلُ اَلْجَنَّةِ اِعْلَمْ أَنَّ اَلْمُؤْمِنَ مِنْ شِيعَتِنَا لاَ يَخْرُجُ مِنَ اَلدُّنْيَا حَتَّى يُبْتَلَى بِسُقْمٍ أَوْ بِفَقْرٍ أَوْ بِدَيْنٍ أَوْ بِجَارٍ يُؤْذِيهِ أَوْ بِزَوْجَةِ سَوْءٍ فَإِنْ عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ شَدَّدَ اَللَّهُ عَلَيْهِ فِي اَلنَّزْعِ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ اَلدُّنْيَا وَ لاَ ذَنْبَ عَلَيْهِ فَقُلْتُ فِدَاكَ أَبِي وَ أُمِّي لاَ بُدَّ مِنْ رَدِّ اَلْمَظَالِمِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ حِسَابَ خَلْقِهِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ إِلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَكُلُّ مَا كَانَ عَلَى شِيعَتِنَا حَسَبْنَاهُ مِنَ اَلْخُمُسِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَ كُلُّ مَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ خَالِقِهِمْ اِسْتَوْهَبْنَاهُ مِنْهُ -

ص: 345


1- ثواب الأعمال للصدوق، (عقاب من شبع و بحضرته مؤمن جائع).
2- عقاب الاعمال للصدوق، (عقاب من اكتسى، و مؤمن عارى).
3- المراد به من يكون محتاجا الى ذلك، بحيث لا يكون عنده شيء، و يكون معلوما حاله. عند المسئول عنه. اما بالاطلاع على حاله، أو كان معلوم العدالة عنده، و يخبر عن حاله. و ان سائلا مؤمنا صواما، مر بباب يعقوب عشية جمعة، عند أوان افطاره، فاستطعمهم، و هم يسمعون، فلم يصدقوا قوله: فلما يئس ان يستطعموه و غشيه الليل، استرجع، و شكى جوعه إلى اللّه، و أصبح صائما حامدا للّه، و بات يعقوب و آل يعقوب بطانا، و أصبحوا و عندهم فضلة من طعام، فابتلاه اللّه سبحانه بيوسف، و أوحى إليه ان استعد لبلائى، و ارض بقضائى، و اصبر للمصائب. فرأى يوسف الرؤيا في تلك الليلة (معه).

وَ لَمْ نَزَلْ بِهِ حَتَّى نُدْخِلَهُ اَلْجَنَّةَ بِرَحْمَةٍ مِنَ اَللَّهِ وَ شَفَاعَةٍ مِنْ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَتَّى لاَ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْ شِيعَتِنَا اَلنَّارَ (1) .

124 - وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَخِيهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ فِرَاشِ حَرِيرٍ وَ مِثْلِهِ مِنَ اَلدِّيبَاجِ هَلْ يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ اَلنَّوْمُ عَلَيْهِ وَ اَلتُّكَأَةُ وَ اَلصَّلاَةُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَفْرِشُهُ وَ يَقُومُ عَلَيْهِ وَ لاَ يَسْجُدُ عَلَيْهِ (2) (3) .

125 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : كُلُّ مَا لاَ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَالصَّلاَةُ فِي شَعْرِهِ وَ وَبَرِهِ وَ صُوفِهِ وَ جِلْدِهِ وَ عَظْمِهِ وَ رِيشِهِ وَ بَوْلِهِ وَ غَائِطِهِ وَ كُلِّ شَيْ ءٍ مِنْهُ غَيْرُ جَائِزٍ لاَ يَقْبَلُ اَللَّهُ تِلْكَ اَلصَّلاَةَ - وَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ تَصِحُّ اَلصَّلاَةُ فِي صُوفِهِ وَ شَعْرِهِ وَ وَبَرِهِ وَ جِلْدِهِ وَ بَوْلِهِ وَ غَائِطِهِ وَ كُلِّ شَيْ ءٍ مِنْهُ إِلاَّ مَنِيَّهُ وَ دَمَهُ (4).

126 - وَ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَلْخَزَّ أَحَلَّهُ اَللَّهُ وَ جَعَلَ ذَكَاتَهُ مَوْتَهُ كَمَا أَحَلَّ اَلْحِيتَانَ وَ جَعَلَ ذَكَاتَهَا مَوْتَهَا(5)هذا التأويل ذكره الشهيد في الذكرى، حيث قال: الحكم بحله، جاز ان يسند الى حل استعماله في الصلاة، و ان لم يذك كما احل الحيتان بخروجها من الماء حية فقد تشبه للحل بالحل، لا في جنس الحلال. و قد أجمع علمائنا على جواز الصلاة في وبر الخز. و أمّا جلده، فهو المشهور أيضا لم يخالف فيه سوى ابن إدريس و العلامة في المنتهى، و الاخبار مستفيضة في جواز الصلاة فيهما، فلا يعدل عنها.

نعم اضطربت الاخبار، و كلام الاصحاب في حقيقة الخز، في انه دابة بحرية أو برية، أو هو نوعان منه برى و منه بحرى، أو هو حيوان يكون في الماء و يخرج الى البر ثمّ يرجع الى الماء. و انه هل له نفس سائلة، لما ورد في حديث صحيح، أو ليس له نفس سائلة، كما هو مدلول حديث الكتاب: و من ثمّ قال بعض مشايخنا من أهل الحديث ان في جواز الصلاة في الجلد المشهور في هذا الزمان بالخز و شعره و وبره اشكالا، للشك في أن هذا الوجود منه هل هو الخز المحكوم عليه بالجواز في أعصار الأئمّة عليهم السلام أم لا؟

و قال: الظاهر أنّه غيره، لان الظاهر من الاخبار انه مثل السمك يموت بخروجه من الماء، و ذكاته اخراجه من الماء. و المعروف بين التجار ان الخز المعروف الآن، انها دابة تعيش في البر و لا تموت بالخروج من الماء، الا أن يقال، انهما نوعان برى و بحرى و كلاهما ممّا يجوز الصلاة فيه، و هو بعيد. و يشكل التمسك بعدم النقل، و اتصال العرف من هذا الزمان الى اعصار الأئمّة عليهم السلام، فالاحتياط حينئذ في المنع من الصلاة فيه (جه).(6)(7)(8)(8).

ص: 346


1- البحار، الطبعة الحديثة ج 114:68، باب الصفح عن الشيعة و شفاعة أئمتهم صلوات اللّه عليهم نقلا عن الروضة.
2- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (15) من أبواب لباس المصلى، حديث 1.
3- فيه دلالة على جواز افتراش الحرير في الصلاة و غيرها، الا انه لا يصحّ السجود عليه (معه).
4- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (2) من أبواب لباس المصلى حديث 1 باختلاف في بعض الفاظه.
5- الوسائل، كتاب الصلاة، باب
6- من أبواب لباس المصلى، قطعة من حديث 4.
7- التحليل هنا بمعنى الطهارة. و معناه انه لا ينجس بالموت، كما ان الحيتان لا تنجس بالموت، و ليس المراد انه مأكول اللحم، للإجماع على تحريم أكله (معه).
8- نبه على ما أفاده المصنّف، في الوسائل في ذيل الحديث، فراجع.

127 وَ سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ اَلصَّلاَةِ فِي فَرْوِ اَلْخَزِّ وَ ثِيَابِهِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هُوَ ذَا نَلْبَسُهُ وَ نُصَلِّي فِيهِ (1) .

128 وَ سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنِ اَلصَّلاَةِ فِي فَرْوِ اَلسِّنْجَابِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لاَ بَأْسَ بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُؤْكَلُ اَللَّحْمُ وَ لَيْسَ هُوَ مِمَّا نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَإِنَّهُ نَهَى عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ وَ مِخْلَبٍ (2) .

ص: 347


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب لباس المصلى حديث 14 ما يقرب منه.
2- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (3) من أبواب لباس المصلى، قطعة من حديث 3.

129 - وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ : أَنَّهُ كَانَ رَجُلاً صَرُوداً فَكَانَ تُجْلَبُ لَهُ اَلْفِرَاءُ مِنْ بِلاَدِ اَلْعِرَاقِ فَيَلْبَسُهَا فَإِذَا أَرَادَ اَلصَّلاَةَ نَزَعَهَا وَ صَلَّى فِي غَيْرِهَا (1) (2) .

130 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِبَعْضِ أَزْوَاجِهِ فِي غَسْلِ دَمِ اَلْحَيْضِ حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ ثُمَّ اِغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ (3)(4).

131 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي اَلثَّوْبِ يُصِيبُهُ اَلْبَوْلُ اِغْسِلْهُ مَرَّتَيْنِ اَلْأُولَى لِلْإِزَالَةِ وَ اَلثَّانِيَةَ لِلْإِنْقَاءِ (5).

132 - وَ رَوَى اَلشَّيْخُ فِي اَلتَّهْذِيبِ قَالَ رُوِيَ : أَنَّ اَلصَّادِقَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ كَانَ فِي طَرِيقِ اَلْحَجِّ فَمَرَّ عَلَى رَجُلٍ وَ هُوَ يُسَوِّي أَحْجَاراً لِتَكُونَ مَسْجِداً فَقَالَ يَا اِبْنَ رَسُولِ اَللَّهِ أَرْجُو أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ ذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هُوَ مِنْهُ أَوْ قَالَ نَعَمْ (6) (7) .

ص: 348


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (61) من أبواب لباس المصلى، حديث 2.
2- يمكن حمل هذه الرواية على أن تلك الفراء المجلوبة إليه من جنس ما لا يصلى فيه، بان يكون من جلود ما لا يؤكل لحمه مع التذكية، فيصح لبسه في غير الصلاة (معه).
3- سنن النسائى ج 1، كتاب الطهارة، باب دم الحيض يصيب الثوب، حديث 2.
4- الحت. انما يكون للنجاسة اليابسة. و معناه أن تزال عين النجاسة بعود أو بشيء. و القرص: هو فرك محل النجاسة بعد حتها. و الامران الاولان للاستحباب، لانهما شرعا للاستظهار في الغسل، و الامر الثالث للوجوب، و تقييد الغسل بالماء، يدل على انه لا يجوز إزالة النجاسة بغير الماء المطلق من المياه، لانصراف الإطلاق الى الحقيقة (معه).
5- المستدرك ج 1، كتاب الطهارة باب (1) من أبواب النجاسات حديث 3، نقلا عن عوالى اللئالى.
6- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (8) من أحكام المساجد، حديث 1.
7- أي هذا العمل من أعمال المساجد، يعنى ثوابى مثل ثواب من عمل مسجدا فقال عليه السلام: (نعم هو منه) أي ثوابه مثل ثوابه (معه).

المسلك الثاني في أحاديث تتعلق بمصالح الدين رواها جمال المحققين في بعض كتبه بالطريق التي له إلى روايتها

1 - رَوَى فِي كِتَابِهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ سُبْحَانَ اَللَّهِ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهُنَّ يَأْتِينَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ لَهُنَّ مُقَدَّمَاتٌ وَ مُؤَخَّرَاتٌ وَ مُعَقِّبَاتٌ وَ هُنَّ اَلْبَاقِيَاتُ اَلصَّالِحَاتُ (1)(2).

ص: 349


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (31) من أبواب الذكر، حديث 3.
2- شبهها بالسلطان السائر بجنوده، حيث تكون حافة به. يعنى ان هذه التسبيحات من بين الطاعات و الاذكار، تأتى يوم القيامة بها كالملك المحفوف بعسكره. و تلك المقدمات و المؤخرات و المعقبات، اما أن تكون عبارة عن باقى الاذكار، و انهن من جملة ثواب هذا التسبيح و توابعه، و هو إشارة الى تجسم الاعمال يوم القيامة، و قال تعالى في سورة الكهف: «وَ اَلْبٰاقِيٰاتُ اَلصّٰالِحٰاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوٰاباً وَ خَيْرٌ أَمَلاً». و عن أبي جعفر عليه السلام قال: مر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله برجل يغرس غرسا في حائط له، فوقف له، فقال: الا ادلك على غرس اثبت أصلا و أسرع ايناعا و أطيب ثمرا و أبقى ؟ قال: بلى فدلنى يا رسول اللّه فقال: إذا أصبحت و أمسيت، فقل: سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر، فان ذلك ان قلته بكل تسبيح عشر شجرات في الجنة من أنواع الفاكهة، و هن الباقيات الصالحات. و في حديث آخر، اذا فرغ من الصلاة فليقلها ثلاثين مرة. و في خبر آخر ان الفقراء قالوا له: يا رسول اللّه، ان للاغنياء ما يعتقون و يحجون و يتصدقون، و ليس لنا، فقال عليه السلام: من كبر اللّه مائة مرة، كان أفضل من عتق مائة، و من سبح اللّه مائة مرة كان أفضل من سياق مائة بدنه، و من حمد اللّه مائة مرة كان أفضل من حملان مائة فرس في سبيل اللّه بسرجها و لجمها و ركبها، و من قال: لا إله إلاّ اللّه، مائة مرة كان أفضل الناس عملا في ذلك اليوم الا من زاد (جه).

2 وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لِأَصْحَابِهِ ذَاتَ يَوْمٍ أَ رَأَيْتُمْ لَوْ جَمَعْتُمْ مَا عِنْدَكُمْ مِنَ اَلثِّيَابِ وَ اَلْآنِيَةِ ثُمَّ وَضَعْتُمْ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ أَ كُنْتُمْ تَرَوْنَهُ يَبْلُغُ اَلسَّمَاءَ قَالُوا لاَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَ لاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْ ءٍ أَصْلُهُ فِي اَلْأَرْضِ وَ فَرْعُهُ فِي اَلسَّمَاءِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَالَ عَلَيْكُمْ بِقَوْلِ أَحَدِكُمْ إِذَا فَرَغَ مِنَ اَلصَّلاَةِ اَلْمَفْرُوضَةِ سُبْحَانَ اَللَّهِ وَ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ اَللَّهُ أَكْبَرُ ثَلاَثِينَ مَرَّةً فَإِنَّ أَصْلَهُنَّ فِي اَلْأَرْضِ وَ فَرْعَهُنَّ فِي اَلسَّمَاءِ وَ هُنَّ يَدْفَعْنَ اَلْحَرَقَ وَ اَلْغَرَقَ وَ اَلتَّرَدِّيَ فِي اَلْبِئْرِ وَ أَكْلَ اَلسَّبُعِ وَ مِيتَةَ اَلسَّوْءِ وَ اَلْبَلِيَّةَ اَلَّتِي تَنْزِلُ مِنَ اَلسَّمَاءِ عَلَى اَلْعَبْدِ ذَلِكَ اَلْيَوْمَ وَ هُنَّ اَلْبَاقِيَاتُ اَلصَّالِحَاتُ (1) .

3 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَ لاَ أَدُلُّكُمْ عَلَى سِلاَحٍ يُنْجِيكُمْ مِنْ أَعْدَائِكُمْ وَ يُدِرُّ أَرْزَاقَكُمْ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ تَدْعُونَ فِي اَللَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ فَإِنَّ سِلاَحَ اَلْمُؤْمِنِ اَلدُّعَاءُ (2) .

4 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : جَاءَ اَلْفُقَرَاءُ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ قَالُوا إِنَّ لِلْأَغْنِيَاءِ مَا يُعْتِقُونَ وَ لَيْسَ لَنَا - وَ لَهُمْ مَا يَحُجُّونَ وَ لَيْسَ لَنَا - وَ لَهُمْ مَا يَتَصَدَّقُونَ وَ لَيْسَ لَنَا - وَ لَهُمْ مَا يُجَاهِدُونَ وَ لَيْسَ لَنَا - فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَنْ كَبَّرَ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عِتْقِ مِائَةِ رَقَبَةٍ وَ مَنْ سَبَّحَ اَللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ سِيَاقِ مِائَةِ بَدَنَةٍ وَ مَنْ حَمِدَ اَللَّهَ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ حُمْلاَنِ مِائَةِ

ص: 350


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (15) من أبواب التعقيب حديث 1.
2- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (8) من أبواب الدعاء، حديث 5.

فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ بِسُرُجِهَا وَ لُجُمِهَا وَ رُكُبِهَا وَ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَ أَفْضَلَ اَلنَّاسِ عَمَلاً فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ إِلاَّ مَنْ زَادَ فَبَلَغَ ذَلِكَ اَلْأَغْنِيَاءَ فَصَنَعُوهُ فَعَادَ اَلْفُقَرَاءُ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ قَدْ بَلَغَ اَلْأَغْنِيَاءَ مَا قُلْتَ فَصَنَعُوهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ذٰلِكَ فَضْلُ اَللّٰهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشٰاءُ (1).

5 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ اَلْقُدْسِيِّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَقُولُ اَللَّهُ تَعَالَى: أَلاَ إِنَّ بُيُوتِي فِي اَلْأَرْضِ اَلْمَسَاجِدُ تُضِيءُ لِأَهْلِ اَلسَّمَاءِ كَمَا تُضِيءُ اَلنُّجُومُ لِأَهْلِ اَلْأَرْضِ أَلاَ طُوبَى لِمَنْ كَانَتِ اَلْمَسَاجِدُ بُيُوتَهُ أَلاَ طُوبَى لِمَنْ تَوَضَّأَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ زَارَنِي فِي بَيْتِي أَلاَ إِنَّ عَلَى اَلْمَزُورِ كَرَامَةَ اَلزَّائِرِ أَلاَ بَشِّرِ اَلْمَشَّائِينَ فِي اَلظُّلُمَاتِ إِلَى اَلْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ اَلسَّاطِعِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (2).

6 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَسْرَجَ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اَللَّهِ تَعَالَى سِرَاجاً لَمْ تَزَلِ اَلْمَلاَئِكَةُ وَ حَمَلَةُ اَلْعَرْشِ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ مَا دَامَ فِي ذَلِكَ اَلْمَسْجِدِ ضَوْءٌ مِنْ ذَلِكَ اَلسِّرَاجِ (3).

7 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : هَذِهِ اَلصَّلَوَاتُ اَلْخَمْسُ اَلْمَفْرُوضَاتُ مَنْ أَقَامَهُنَّ وَ حَافَظَ عَلَى مَوَاقِيتِهِنَّ لَقِيَ اَللَّهَ وَ لَهُ عِنْدَهُ عَهْدٌ يَدْخُلُ بِهِ اَلْجَنَّةَ وَ مَنْ لَمْ يُصَلِّهِنَّ لِمَوَاقِيتِهِنَّ فَذَلِكَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ (4).

8 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَا مِنْ صَلاَةٍ يَحْضُرُ وَقْتُهَا إِلاَّ نَادَى مَلَكٌ مِنَ اَلسَّمَاءِ بَيْنَ يَدَيِ

ص: 351


1- أصول كافى، باب التسبيح و التهليل و التكبير، حديث 1.
2- ثواب الأعمال للصدوق، ثواب من توضأ ثمّ أتى المسجد، حديث 2.
3- ثواب الأعمال للصدوق، ثواب من أسرج في مسجد من مساجد اللّه سراجا، حديث 1.
4- ثواب الأعمال للصدوق، ثواب من صلى الصلوات الخمس و أقامهن و حافظ على مواقيتهن، حديث 1.

اَلنَّاسِ أَيُّهَا اَلنَّاسُ قُومُوا إِلَى نِيرَانِكُمُ اَلَّتِي أَوْقَدْتُمُوهَا عَلَى ظُهُورِكُمْ فَأَطْفِئُوهَا بِصَلاَتِكُمْ (1).

9 - وَ قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ صَلَّى بِأَذَانٍ وَ إِقَامَةٍ صَلَّى خَلْفَهُ صَفٌّ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ لاَ يُرَى طَرَفَاهُ وَ مَنْ صَلَّى بِإِقَامَةٍ صَلَّى خَلْفَهُ مَلَكٌ (2).

10 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلْعَبْدَ إِذَا أَطَالَ اَلسُّجُودَ حَيْثُ لاَ يَرَاهُ أَحَدٌ قَالَ اَلشَّيْطَانُ وَا وَيْلاَهْ أَطَاعُوا وَ عَصَيْتُ وَ سَجَدُوا وَ أَبَيْتُ .

11 - وَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ اَلْعَبْدُ إِلَى اَللَّهِ إِذَا هُوَ سَجَدَ.

12 - وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَجَدَ وَ شَكَرَ نِعْمَةَ اَللَّهِ فِي غَيْرِ صَلاَتِهِ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَ مَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ وَ رَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ فِي اَلْجِنَانِ (3).

13 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : صَلاَةُ اَلْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ اَلْفَذِّ بِخَمْسٍ وَ عِشْرِينَ دَرَجَةً [صَلاَةً ](4).

14 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : شَرَفُ اَلْمُؤْمِنِ فِي صَلاَةِ اَللَّيْلِ وَ عِزُّ اَلْمُؤْمِنِ كَفُّهُ عَنِ اَلنَّاسِ وَ صَلاَةُ اَللَّيْلِ تُبَيِّضُ اَلْوُجُوهَ وَ تُطَيِّبُ اَلرِّيحَ وَ تَجْلِبُ اَلرِّزْقَ (5).

15 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَا اِبْنَ آدَمَ اُذْكُرْنِي بَعْدَ اَلْغَدَاةِ سَاعَةً وَ بَعْدَ اَلْعَصْرِ

ص: 352


1- ثواب الأعمال للصدوق، ثواب الصلاة حديث 1.
2- ثواب الأعمال للصدوق، ثواب من صلى باذان و اقامة، حديث 1.
3- ثواب الأعمال للصدوق، باب ثواب طول السجود حديث 1 و 2، و ثواب سجدة الشكر حديث 1.
4- صحيح مسلم، كتاب المساجد و مواضع الصلاة، (42) باب فضل الجماعة و بيان التشديد في التخلف عنها، حديث 247. و في الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الجماعة، حديث 5.
5- ثواب الأعمال للصدوق، ثواب من صلى صلاة الليل، حديث 1 و 3.

سَاعَةً أَكْفِكَ مَا أَهَمَّكَ (1).

16 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَللَّهَ اَللَّهَ فِي اَلزَّكَاةِ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ غَضَبَ اَلرَّبِّ [رَبِّكُمْ ](2).

17 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ وَ دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَ مَا تَلِفَ مَالٌ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ إِلاَّ بِمَنْعِ اَلزَّكَاةِ مِنْهُ (3).

18 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَطْعَمَ مُؤْمِناً لَيْلَةً مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ أَعْتَقَ نَسَمَةً قَالَ وَ مَنْ أَطْعَمَهُ شَهْرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرَ مَنْ أَعْتَقَ ثَلاَثِينَ نَسَمَةً مُؤْمِنَةً وَ كَانَ لَهُ بِذَلِكَ عِنْدَ اَللَّهِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ (4).

19 - وَ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : عَبَدَ اَللَّهَ عَابِدٌ ثَمَانِينَ سَنَةً ثُمَّ أَشْرَفَ عَلَى اِمْرَأَةٍ فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ فَنَزَلَ إِلَيْهَا فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا فَتَابَعَتْهُ فَلَمَّا قَضَى مِنْهَا حَاجَتَهُ طَرَقَهُ مَلَكُ اَلْمَوْتِ وَ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ فَمَرَّ بِهِ سَائِلٌ فَأَشَارَ إِلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ رَغِيفاً كَانَ فِي كِسَائِهِ فَأَحْبَطَ اَللَّهُ عَمَلَ ثَمَانِينَ سَنَةً بِتِلْكَ اَلزِّنْيَةِ وَ غَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ اَلرَّغِيفِ (5).

20 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلصَّدَقَةُ تَدْفَعُ مِيتَةَ اَلسَّوْءِ (6).

ص: 353


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب التعقيب حديث 3.
2- المستدرك، كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب ما تجب فيه الزكاة، حديث 9.
3- المستدرك، كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب ما تجب فيه الزكاة، حديث 1.
4- الوسائل، كتاب الصوم باب (3) من أبواب آداب الصائم، حديث 8 نقلا عن ثواب الأعمال.
5- الوسائل، كتاب الزكاة، باب (7) من أبواب الصدقة، حديث 3 نقلا عن ثواب الأعمال.
6- الوسائل، كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب الصدقة، حديث 2.

21 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلصَّدَقَةُ عَلَى أَجْزَاءٍ جُزْءٌ اَلصَّدَقَةُ فِيهِ بِعَشَرَةٍ وَ هِيَ اَلصَّدَقَةُ عَلَى اَلْعَامَّةِ وَ جُزْءٌ اَلصَّدَقَةُ فِيهِ بِسَبْعِينَ وَ هِيَ اَلصَّدَقَةُ عَلَى ذَوِي اَلْعَاهَاتِ وَ جُزْءٌ اَلصَّدَقَةُ فِيهِ بِسَبْعِمِائَةٍ وَ هِيَ اَلصَّدَقَةُ عَلَى ذَوِي اَلْأَرْحَامِ وَ جُزْءٌ اَلصَّدَقَةُ فِيهِ بِسَبْعَةِ آلاَفٍ وَ هِيَ اَلصَّدَقَةُ عَلَى اَلْعُلَمَاءِ وَ جُزْءٌ اَلصَّدَقَةُ فِيهِ بِسَبْعِينَ أَلْفاً وَ هِيَ اَلصَّدَقَةُ عَلَى اَلْمَوْتَى(1)(2).

22 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَرْضُ اَلْقِيَامَةِ نَارٌ مَا خَلاَ ظِلَّ اَلْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ (3)(4).

23 - وَ قَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ : ظَهَرَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ قَحْطٌ شَدِيدٌ سِنِينَ مُتَوَاتِرَةً وَ كَانَ عِنْدَ اِمْرَأَةٍ لُقْمَةٌ مِنْ خُبْزٍ فَوَضَعَتْهَا فِي فَمِهَا لِتَأْكُلَهَا فَنَادَى اَلسَّائِلُ يَا أَمَةَ اَللَّهِ اَلْجُوعُ فَقَالَتِ اَلْمَرْأَةُ أَتَصَدَّقُ فِي مِثْلِ هَذَا اَلزَّمَانِ فَأَخْرَجَتْهَا مِنْ فِيهَا وَ

ص: 354


1- المستدرك، كتاب الزكاة، باب (18) من أبواب الصدقة، حديث 10 نقلا عن العلاّمة الحلّيّ في الرسالة السعدية، و عن عوالى اللئالى.
2- و به يجمع بين الاخبار المختلفة في ثواب الصدقة (جه).
3- الوسائل، كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب الصدقة، حديث 7.
4- و قال صلّى اللّه عليه و آله: أرض القيامة تبدل بخبزة بيضاء تأكل منها الخلائق و هم في الحساب، و به فسر قوله تعالى: «يَوْمَ تُبَدَّلُ اَلْأَرْضُ غَيْرَ اَلْأَرْضِ ». و في خبر آخر ان أرض القيامة تكون فضة تحميه كجمر النار، و الجمع بين الاخبار، اما بالحمل على تعدّد قطعات تلك الأرض فيكون لكل قطعة تناسب اعمالهم و أحوالهم، و أمّا بالحمل على تعدّد مواقف الناس يوم القيامة، فانهم يقفون فيه خمسين موقفا، يكون الناس في كل موقف على حال من الأحوال. كما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام في جواب ابن الكواء، حيث زعم ان في آيات القرآن تناقضا، فانه سبحانه قال في آية: «يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجٰادِلُ عَنْ نَفْسِهٰا» و في آية أخرى «اَلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلىٰ أَفْوٰاهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنٰا أَيْدِيهِمْ » و في آية أخرى «وَ لاٰ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ » الى غير ذلك ممّا ظاهره التناقض، فدفع عليه السلام وهمه الفاسد بما قلناه (جه).

دَفَعَتْهُ إِلَى اَلسَّائِلِ وَ كَانَ لَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ يَحْتَطِبُ فِي اَلصَّحْرَاءِ فَجَاءَهُ اَلذِّئْبُ فَحَمَلَهُ فَوَقَعَتِ اَلصَّيْحَةُ فَعَدَتِ اَلْأُمُّ فِي أَثَرِ اَلذِّئْبِ فَبَعَثَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ جَبْرَئِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخْرَجَ اَلْغُلاَمَ مِنْ فَمِ اَلذِّئْبِ فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ وَ قَالَ لَهَا جَبْرَئِيلُ يَا أَمَةَ اَللَّهِ أَ رَضِيتِ لُقْمَةً بِلُقْمَةٍ (1)(2).

24 - وَ قَالَ زَيْنُ اَلْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ قَضَى لِأَخِيهِ اَلْمُؤْمِنِ حَاجَةً فَبِحَاجَةِ اَللَّهِ بَدَأَ وَ قَضَى اَللَّهُ لَهُ بِهَا مِائَةَ حَاجَةٍ فِي إِحْدَاهُنَّ اَلْجَنَّةُ وَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً نَفَّسَ اَللَّهُ عَنْهُ كُرَبَ اَلْقِيَامَةِ بَالِغاً مَا بَلَغَتْ وَ مَنْ أَعَانَهُ عَلَى ظَالِمٍ لَهُ أَعَانَهُ اَللَّهُ عَلَى إِجَازَةِ اَلصِّرَاطِ عِنْدَ دَحْضِ اَلْأَقْدَامِ وَ مَنْ سَعَى لَهُ فِي حَاجَتِهِ حَتَّى قَضَاهَا لَهُ فَيُسَرَّ بِقَضَائِهَا كَانَ إِدْخَالَ اَلسُّرُورِ عَلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ مَنْ سَقَاهُ مِنْ ظَمَإٍ سَقَاهُ اَللَّهُ مِنَ اَلرَّحِيقِ اَلْمَخْتُومِ وَ مَنْ أَطْعَمَهُ مِنْ جُوعٍ أَطْعَمَهُ اَللَّهُ مِنْ ثِمَارِ اَلْجَنَّةِ وَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً نَفَّسَ اَللَّهُ عَنْهُ كُرَبَ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ بَالِغاً مَا بَلَغَتْ وَ مَنْ كَسَاهُ مِنْ عُرْيٍ كَسَاهُ اَللَّهُ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَ حَرِيرٍ وَ مَنْ كَسَاهُ مِنْ غَيْرِ عُرْيٍ لَمْ يَزَلْ فِي ضَمَانِ اَللَّهِ مَا دَامَ عَلَى اَلْمَكْسُوِّ مِنَ اَلثَّوْبِ سِلْكٌ وَ مَنْ أَخْدَمَ أَخَاهُ اَلْمُؤْمِنَ أَخْدَمَهُ اَللَّهُ مِنَ اَلْوِلْدَانِ وَ أَسْكَنَهُ مَعَ أَوْلِيَائِهِ وَ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى رَحْلِهِ بَعَثَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ نُوقِ اَلْجَنَّةِ يُبَاهِي بِهِ اَلْمَلاَئِكَةَ وَ مَنْ كَفَّنَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ فَكَأَنَّمَا كَسَاهُ مِنْ يَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ إِلَى يَوْمِ يَمُوتُ وَ مَنْ زَوَّجَهُ زَوْجَةً يَأْنَسُ بِهَا وَ يَسْكُنُ إِلَيْهَا آنَسَهُ اَللَّهُ فِي قَبْرِهِ بِصُورَةِ أَحَبِّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ وَ مَنْ عَادَهُ فِي مَرَضِهِ حَفَّتْهُ اَلْمَلاَئِكَةُ يَدْعُو لَهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ وَ يَقُولُ طِبْتَ وَ

ص: 355


1- الوسائل، كتاب الزكاة، باب (7) من أبواب الصدقة، حديث 4.
2- هذا في بني إسرائيل كان يظهر في الحس، و أمّا في هذه الأمة فهو مستور في الحس، الا من جرب الصدقة يظهر له ما هو أعظم من هذا (جه).

طَابَتْ لَكَ اَلْجَنَّةُ وَ اَللَّهِ لَقَضَاءُ حَاجَةِ مُؤْمِنٍ أَحَبُّ إِلَى اَللَّهِ مِنْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ وَ اِعْتِكَافِهِمَا فِي اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ (1).

25 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ : مَنْ أَعَانَ أَخَاهُ اَلْمُسْلِمَ أَوْ أَغَاثَهُ حَتَّى يُخْرِجَهُ مِنْ هَمٍّ أَوْ كُرْبَةٍ أَوْ وَرْطَةٍ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ وَ رَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ وَ أَعْطَاهُ اَللَّهُ ثَوَابَ عِتْقِ عَشْرِ نَسَمَاتٍ وَ دَفَعَ عَنْهُ عَشْرَ نَقِمَاتٍ وَ أَعَدَّ لَهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ عَشْرَ شَفَاعَاتٍ وَ مَنْ أَكْرَمَ أَخَاهُ اَلْمُؤْمِنَ بِكَلِمَةٍ أَوْ لَفْظٍ فَرَّجَ بِهَا كُرْبَتَهُ لَمْ يَزَلْ فِي ظِلِّ اَللَّهِ اَلْمَمْدُودِ وَ اَلرَّحْمَةِ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ وَ مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ بِمَا يَسُرُّهُ سَرَّهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ مَنْ لَقِيَ أَخَاهُ بِمَا يَسُوؤُهُ سَاءَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ مِنْ تَعْظِيمِ اَللَّهِ إِجْلاَلُ ذِي اَلشَّيْبَةِ اَلْمُؤْمِنِ وَ مَنْ عَرَفَ فَضْلَ شَيْخٍ كَبِيرٍ فَوَقَّرَهُ لِشَيْبَةٍ آمَنَهُ اَللَّهُ مِنْ فَزَعِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ (2)(3).

26 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِذَا قَبَضَ اَللَّهُ رُوحَ اَلْمُؤْمِنِ صَعِدَ مَلَكَاهُ إِلَى

ص: 356


1- الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (22) من أبواب فعل المعروف حديث 5، نقلا عن ثواب الأعمال.
2- الظاهر ان لهذا الحديث روايات مختلفة، و أورد الجزء الآخر منه (و من عرف فضل شيخ كبير إلخ) في الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (67) من أبواب العشرة حديث 9. و رواه الصدوق في ثواب الأعمال، (ثواب من عرف فضل شيخ كبير فوقره).
3- ورد في الاخبار اجلال ذى الشيبة حتّى انه ورد في الحديث، ان جبرئيل لما رفع مدائن قوم لوط بجناحه الى قريب السماء، فانتظر الامر من أول الليل الى السحر حتّى اذن له في قلبها، قال عليه السلام: انما وقعت المهلة ليلا، لانه كان شيخ من أهل المداين نائم على قفاه و شيبته الى السماء، فاستحى اللّه من عذاب أهل المدينة حتّى تغيرت هيئة نومه في وقت السحر فاذن لجبرئيل في العذاب، و قال عليه السلام: من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة (جه).

اَلسَّمَاءِ فَقَالاَ يَا رَبَّنَا عَبْدُكَ فُلاَنٌ وَ نِعْمَ اَلْعَبْدُ لَكَ سَرِيعاً فِي طَاعَتِكَ بَطِيئاً عَنْ مَعْصِيَتِكَ وَ قَدْ قَبَضْتَهُ إِلَيْكَ فَمَا ذَا تَأْمُرُنَا مِنْ بَعْدِهِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَيَقُولُ اَللَّهُ لَهُمَا اِهْبِطَا إِلَى اَلدُّنْيَا فَكُونَا عِنْدَ قَبْرِ عَبْدِي فَمَجِّدَانِي وَ سَبِّحَانِي وَ هَلِّلاَنِي وَ كَبِّرَانِي وَ اُكْتُبَا ذَلِكَ لِعَبْدِي حَتَّى أَبْعَثَهُ مِنْ قَبْرِهِ وَ إِذَا خَرَجَ اَلْمُؤْمِنُ مِنْ قَبْرِهِ خَرَجَ مَعَهُ مِثَالٌ يَقْدُمُهُ أَمَامَهُ فَكُلَّمَا رَأَى اَلْمُؤْمِنُ هَوْلاً مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ قَالَ لَهُ اَلْمِثَالُ لاَ تَحْزَنْ وَ لاَ تَفْزَعْ وَ أَبْشِرْ بِالسُّرُورِ وَ اَلْكَرَامَةِ مِنَ اَللَّهِ حَتَّى يَقِفَ بَيْنَ يَدَيِ اَللَّهِ تَعَالَى فَيُحَاسِبُهُ اَللَّهُ حِسٰاباً يَسِيراً وَ يَأْمُرُ بِهِ إِلَى اَلْجَنَّةِ وَ اَلْمِثَالُ مَعَهُ أَمَامَهُ فَيَقُولُ لَهُ اَلْمُؤْمِنُ رَحِمَكَ اَللَّهُ نِعْمَ اَلْخَارِجُ أَنْتَ مَعِي خَرَجْتَ مِنْ قَبْرِي مَا زِلْتَ تُبَشِّرُنِي بِالسُّرُورِ وَ اَلْكَرَامَةِ مِنَ اَللَّهِ حَتَّى رَأَيْتُ ذَلِكَ فَمَنْ أَنْتَ فَيَقُولُ لَهُ اَلْمِثَالُ أَنَا اَلسُّرُورُ اَلَّذِي كُنْتَ تُدْخِلُهُ عَلَى أَخِيكَ اَلْمُؤْمِنِ فِي اَلدُّنْيَا خَلَقَنِيَ اَللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ لِأُبَشِّرَكَ (1).

27 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلنَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ فَإِنَّ رِجَالاً يَأْتُوكُمْ مِنْ أَقْطَارِ اَلْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي اَلدِّينِ فَإِذَا أَتَوْكُمْ فَاسْتَوْصُوا بِهِمْ خَيْراً(2).

28 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً سَلَكَ اَللَّهُ بِهِ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ اَلْجَنَّةِ وَ إِنَّ اَلْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ اَلْعِلْمِ رِضًا بِهِ وَ إِنَّ

ص: 357


1- أصول كافى ج 2، كتاب الإيمان و الكفر، باب ادخال السرور على المؤمنين حديث 8. و الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (24) من أبواب فعل المعروف، حديث 10. و كتاب ثواب الأعمال للصدوق باب ثواب ادخال السرور على الأخ المؤمن حديث 1. و كلهم ذكروا الحديث مقطعا، و في مجالس ابن الشيخ بتمامه.
2- سنن الترمذي، كتاب العلم، (4) باب ما جاء في الاستيصاء بمن يطلب العلم حديث 2650 و 2651. و البحار، الطبعة الحديثة ج 1 باب (1) من أبواب العلم حديث 23 نحوه.

طَالِبَ اَلْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ وَ اَلْحِيتَانُ فِي جَوْفِ اَلْمَاءِ وَ إِنَّ فَضْلَ اَلْعَالِمِ عَلَى اَلْعَابِدِ كَفَضْلِ اَلْقَمَرِ لَيْلَةَ اَلْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ اَلْكَوَاكِبِ (1).

29 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ اَلْأَنْبِيَاءِ وَ إِنَّ اَلْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَ لاَ دِرْهَماً وَ إِنَّمَا وَرَّثُوا اَلْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ(2)(3).

ص: 358


1- أصول الكافي، كتاب العلم، باب ثواب العالم و المتعلم، حديث 1.
2- أصول الكافي، كتاب العلم، باب ثواب العالم و المتعلم ذيل حديث 1. و نفس المصدر (باب صفة العلم و فضله و فضل العلماء) حديث 2. و رواهما أحمد بن حنبل في مسنده ج 196:5. و رواهما الترمذي في سننه ج 1، كتاب العلم، (19) باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، حديث 2682. و رواهما الصدوق في ثواب الأعمال (ثواب طالب العلم) حديث 1.
3- سلوك الطريق، عبوره. و (يطلب) في موضع النصب، حال من الفاعل. و المراد به، العلم بالاحكام، للتفقه في الدين، اذ هو العلم على الإطلاق. و قيل: يحتمل الحمل على العموم، لان العلم من حيث هو، له شرف و كمال، كما في «هَلْ يَسْتَوِي اَلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ اَلَّذِينَ لاٰ يَعْلَمُونَ ». و لا يخفى ما فيه، فان كثيرا ممّا سماه الناس علما، كعلم الأنساب، و علم النجوم و معرفة الشعر، و علم كتابة الدفاتر، و علم الفلاسفة، الى غير ذلك لا فضيلة له، بل قال عليه السلام: «ان الجهل خير منه». و قوله: (سلك اللّه به طريقا الى الجنة) المراد ان العبور لطلب العلم، عبور لدخول الجنة. ادعاه، لكمال الأول في السببية، حتى صار كانه نفس المسبب. و يجوز أن يكون المراد، من عبر في هذه الدنيا طريقا الى طلب العلم يعبر في الآخرة طريقا الى الجنة. و ان الملائكة لتضع أجنحتها إلخ. فى النهاية، أي تفضها، لتكون وطاء له إذا مشى، و قيل: هو بمعنى التواضع، تعظيما لحقه، و قيل: أراد بوضع الاجنحة، نزولهم عند مجالس العلم، و ترك الطيران، و قيل: أراد به، اظلالهم بها. و قوله: (و فضل العالم على العابد) المراد ان فضل العالم حين اشتغاله بتحصيل العلم على العابد من حيث انه عابد و مرجعها الى ان العلم من حيث هو أفضل من العبادة من حيث هى، فلا يراد ان العابد الغير العالم و العالم، الغير العابد، لا فضل لهما. و قوله عليه السلام: (العلماء ورثة الأنبياء الى قوله: بحظ وافر) ذكر بعض أرباب العقول. ان العلماء أولاد روحانيون للأنبياء لانهم يقتبسون العلوم من مشكاة أنوارهم، و يرثون ملكات أرواحهم، كما ان الاولاد الحقيقية و الاقارب الصورية، يرثون الأموال و النسبة الأولى آكد من الثانية. و لذلك كان حقّ المعلم الربانى على المتعلم أولى من حق أبيه الجسماني عليه إلخ (جه).

30 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَللَّهَ وَ مَلاَئِكَتَهُ وَ أَهْلَ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرْضِ حَتَّى اَلنَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا وَ حَتَّى اَلْحُوتَ لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ اَلنَّاسِ اَلْخَيْرَ وَ فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى اَلشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ(1).

31 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ أَكْرَمَ فَقِيهاً مُسْلِماً لَقِيَ اَللَّهَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ هُوَ عَنْهُ رَاضٍ وَ مَنْ أَهَانَ فَقِيهاً مُسْلِماً لَقِيَ اَللَّهَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ هُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ .

32 - وَ قَالَ اَلْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْعِزُّ رِدَاءُ اَللَّهِ وَ اَلْكِبْرُ إِزَارُهُ فَمَنْ جَادَلَ شَيْئاً مِنْهُمَا أَكَبَّهُ اَللَّهُ فِي جَهَنَّمَ (2).

33 - وَ قَالَ اَلْبَاقِرُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ اَلْكِبْرِ(3)(4).

ص: 359


1- سنن الترمذي ج 5، كتاب العلم، (19) باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، حديث 2685.
2- أصول الكافي، ج 2، كتاب الإيمان و الكفر باب الكبر، حديث 3.
3- أصول الكافي، كتاب الإيمان و الكفر، باب الكبر، حديث 6.
4- المراد به هنا، بطريق الحق و الخروج عن قانونه، مع ملاحظة هوى النفس و ارتكاب الطاعة السبعية و الحيوانية. و لا يدخل رؤية النفس مع كثرة العلم، أو حصول الثياب للتجمل، أو رؤية النفس على الكافر عند الضراب، فانه من رؤية آثار نعمة اللّه فهو شكر في الحقيقة، لا كبر (معه).

34 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَكْثَرُ مَنْ يَدْخُلُ اَلنَّارَ اَلْمُتَكَبِّرُونَ (1).

35 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يَخْذُلُ أَخَاهُ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَى نُصْرَتِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اَللَّهُ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ (2).

36 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَيُّمَا مُؤْمِنٍ كَانَ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ مُؤْمِنٍ حِجَابٌ ضَرَبَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلْجَنَّةِ سَبْعِينَ أَلْفَ سُورٍ كُلُّ سُورٍ مَسِيرَةُ أَلْفِ عَامٍ مَا بَيْنَ اَلسُّورَيْنِ (3).

37 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَيُّمَا مُؤْمِنٍ مَنَعَ مُؤْمِناً شَيْئاً مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ وَ هُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ أَقَامَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مُسْوَدّاً وَجْهُهُ مُزْرَقَّةً عَيْنَاهُ مَغْلُولَةً يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ فَيُقَالُ هَذَا اَلْخَائِنُ اَلَّذِي خَانَ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِ إِلَى اَلنَّارِ(4).

38 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَ لاَ يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ شَيْخٌ زَانٍ وَ مَلِكٌ جَبَّارٌ وَ مُقِلٌّ مُحْتَالٌ (5).

39 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يُؤْمَرُ بِرِجَالٍ إِلَى اَلنَّارِ فَيَقُولُ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِمَالِكٍ قُلْ لِلنَّارِ لاَ تُحْرِقِي مِنْهُمْ أَقْدَاماً فَقَدْ كَانَ يَمْشُونَ بِهَا إِلَى اَلْمَسَاجِدِ -

ص: 360


1- عقاب الاعمال، باب عقاب المتكبرين، حديث 9. و لفظ الحديث (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: أكثر أهل جهنم المتكبرون). و رواه في المستدرك (كما في المتن) ج 2، كتاب الجهاد، باب (58) من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه، حديث 5. نقلا عن الأمالي للشيخ الطوسيّ .
2- عقاب الاعمال، (باب عقاب من خذل مؤمنا) حديث 1.
3- أصول الكافي، ج 2، كتاب الإيمان و الكفر، (باب من حجب أخاه المؤمن) حديث 1.
4- أصول الكافي، ج 2، كتاب الإيمان و الكفر، (باب من منع مؤمنا شيئا من عنده أو من عند غيره)، حديث 1.
5- أصول الكافي، ج 2، كتاب الإيمان و الكفر، (باب الكبر)، حديث 14.

وَ لاَ تُحْرِقِي لَهُمْ فَرْجاً فَقَدْ كَانُوا يَعِفُّونَ وَ لاَ تُحْرِقِي لَهُمْ وَجْهاً فَقَدْ كَانُوا يُسْبِغُونَ اَلْوُضُوءَ وَ لاَ تُحْرِقِي لَهُمْ أَيْدِياً فَقَدْ كَانُوا يَرْفَعُونَهَا فِي اَلدُّعَاءِ وَ لاَ تُحْرِقِي لَهُمْ أَلْسِنَةً فَقَدْ كَانُوا يُكْثِرُونَ تِلاَوَةَ اَلْقُرْآنِ قَالَ فَيَقُولُ لَهُمْ خَازِنُ اَلنَّارِ يَا أَشْقِيَاءُ مَا كَانَ حَالُكُمْ فَقَالُوا كُنَّا نَعْمَلُ لِغَيْرِ اَللَّهِ فَيُقَالُ لَهُمْ خُذُوا ثَوَابَكُمْ مِمَّنْ عَمِلْتُمْ لَهُ (1)(2).

40 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ آذَى مُؤْمِناً بِغَيْرِ حَقٍّ فَكَأَنَّمَا هَدَمَ مَكَّةَ وَ بَيْتَ اَللَّهِ اَلْمَعْمُورَ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَ كَأَنَّمَا قَتَلَ أَلْفَ مَلَكٍ مِنَ اَلْمُقَرَّبِينَ (3).

41 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ يَرْحَمُ اَللَّهُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ اَلنَّاسَ (4).

42 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ اَلرَّحْمَنُ اِرْحَمُوا مَنْ فِي اَلْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي اَلسَّمَاءِ (5).

43 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: لِيَأْذَنْ بِحَرْبٍ مِنِّي مَنْ آذَانِي فِي

ص: 361


1- عقاب الاعمال، (عقاب من عمل لغير اللّه عزّ و جلّ ) حديث 1.
2- فيه دلالة على ان بعض أهل جهنم، فيها من غير عذاب، كما تقدم في حديث الكافر الذي أضاف المؤمن. أو ان تعذب بعض أعضائه دون بعض، كما ورد في تمام هذا الحديث. من أن النار تدخل في أفواههم الى قلوبهم، فتحرقها، لانها منبع الرياء و مورده (جه).
3- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (125) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر، حديث 6. نقلا عن عوالى اللئالى. و عن العلامة في الرسالة السعدية.
4- كنوز الحقائق للمناوى في هامش جامع الصغير، ج 177:2 حرف (لا) و صحيح مسلم، كتاب الفضائل، (15) باب رحمته صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم الصبيان و العيال و تواضعه و فضل ذلك، حديث 66 و لفظ ما رواه (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: من لا يرحم الناس لا يرحمه اللّه عزّ و جلّ ).
5- سنن أبي داود، ج 4، كتاب الأدب، باب في الرحمة، حديث 4941.

عَبْدِيَ اَلْمُؤْمِنِ وَ لْيَأْمَنْ غَضَبِي مَنْ أَكْرَمَ عَبْدِيَ اَلْمُؤْمِنَ (1).

44 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : سِبَابُ اَلْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ وَ قِتَالُهُ كُفْرٌ وَ أَكْلُ لَحْمِهِ مَعْصِيَةُ اَللَّهِ .

45 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : طَلَبَ اَلْمَنْصُورُ عُلَمَاءَ اَلْمَدِينَةِ فَلَمَّا وَصَلْنَا إِلَيْهِ خَرَجَ إِلَيْنَا اَلرَّبِيعُ اَلْحَاجِبُ فَقَالَ لِيَدْخُلْ عَلَى أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ مِنْكُمُ اِثْنَانِ فَدَخَلْتُ أَنَا وَ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ اَلْحَسَنِ فَلَمَّا جَلَسْنَا عِنْدَهُ قَالَ أَنْتَ اَلَّذِي تَعْلَمُ اَلْغَيْبَ فَقُلْتُ لاَ يَعْلَمُ اَلْغَيْبَ إِلاَّ اَللَّهُ فَقَالَ أَنْتَ اَلَّذِي يُجْبَى إِلَيْكَ اَلْخَرَاجُ فَقُلْتُ بَلِ اَلْخَرَاجُ يُجْبَى إِلَيْكَ فَقَالَ أَ تَدْرِي لِمَ دَعَوْتُكُمْ فَقُلْتُ لاَ فَقَالَ إِنَّمَا دَعَوْتُكُمْ لِأُخَرِّبَ رِبَاعَكُمْ وَ أُوغِرَ قُلُوبَكُمْ وَ أُنْزِلَكُمْ بِالسَّرَاةِ فَلاَ أَدَعَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ اَلشَّامِ وَ اَلْحِجَازِ يَأْتُونَ إِلَيْكُمْ فَإِنَّهُمْ لَكُمْ مَفْسَدَةٌ فَقُلْتُ إِنَّ أَيُّوبَ اُبْتُلِيَ فَصَبَرَ وَ إِنَّ يُوسُفَ ظُلِمَ فَغَفَرَ وَ إِنَّ سُلَيْمَانَ أُعْطِيَ فَشَكَرَ وَ أَنْتَ مِنْ نَسْلِ أُولَئِكَ اَلْقَوْمِ فَسَرَى عَنْهُ ثُمَّ قَالَ حَدِّثْنِي اَلْحَدِيثَ اَلَّذِي حَدَّثْتَنِي بِهِ مُنْذُ أَوْقَاتٍ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قُلْتُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ اَلرَّحِمُ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ اَلْأَرْضِ إِلَى اَلسَّمَاءِ يَقُولُ مَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اَللَّهُ وَ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اَللَّهُ فَقَالَ لَسْتُ أَعْنِي هَذَا فَقُلْتُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى أَنَا اَلرَّحْمَنُ خَلَقْتُ اَلرَّحِمَ وَ شَقَقْتُ لَهُ اِسْماً مِنْ أَسْمَائِي فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَ مَنْ قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ قَالَ لَسْتُ أَعْنِي ذَلِكَ فَقُلْتُ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ إِنَّ مَلِكاً مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ ثَلاَثُ سِنِينَ وَ وَصَلَ رَحِمَهُ فَجَعَلَهَا اَللَّهُ ثَلاَثِينَ سَنَةً وَ إِنَّ مَلِكاً مِنْ مُلُوكِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ بَقِيَ مِنْ عُمُرِهِ ثَلاَثُونَ سَنَةً فَقَطَعَ رَحِمَهُ فَجَعَلَهَا اَللَّهُ ثَلاَثَ سِنِينَ فَقَالَ هَذَا اَلَّذِي

ص: 362


1- أصول الكافي، ج 2، كتاب الإيمان و الكفر، باب من آذى المسلمين و احتقرهم حديث 1.

قَصَدْتُ وَ اَللَّهِ لَأَصِلَنَّ اَلْيَوْمَ رَحِمِي ثُمَّ سَرَّحَنَا إِلَى أَهْلِنَا سَرَاحاً جَمِيلاً (1) .

46 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مُدْمِنُ اَلْخَمْرِ يَلْقَى اَللَّهَ حِينَ يَلْقَاهُ كَعَابِدِ اَلْوَثَنِ وَ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَقْبَلِ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ صَلاَتَهُ أَرْبَعِينَ يَوْماً(2).

47 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَرْبَعَةٌ لاَ تَدْخُلُ بَيْتاً وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إِلاَّ خَرِبَ وَ لَمْ يُعْمَرْ بِالْبَرَكَةِ اَلْخِيَانَةُ وَ اَلسَّرِقَةُ وَ شُرْبُ اَلْخَمْرِ وَ اَلزِّنَاءُ (3).

48 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَجِيءُ مُدْمِنُ اَلْخَمْرِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ مُزْرَقَّةً عَيْنَاهُ مُسْوَدّاً وَجْهُهُ مَائِلاً شَفَتُهُ يَسِيلُ لُعَابُهُ مَشْدُودَةً نَاصِيَتُهُ إِلَى إِبْهَامِ قَدَمَيْهِ خَارِجَةً يَدُهُ مِنْ صُلْبِهِ فَيَفْزَعُ مِنْهُ أَهْلُ اَلْجَمْعِ إِذَا رَأَوْهُ مُقْبِلاً إِلَى اَلْحِسَابِ (4).

49 - وَ مَنْ أَدْخَلَ عِرْقاً مِنْ عُرُوقِهِ شَيْئاً مِمَّا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ عُذِّبَ ذَلِكَ اَلْعِرْقُ بِسِتِّينَ وَ ثَلاَثِمِائَةٍ نَوْعاً مِنَ اَلْعَذَابِ (5).

50 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : يُسْأَلُ اَلْمَرْءُ عَنْ جَاهِهِ كَمَا يُسْأَلُ عَنْ مَالِهِ يَقُولُ جَعَلْتُ لَكَ جَاهاً فَهَلْ نَصَرْتَ بِهِ مَظْلُوماً أَوْ قَمَعْتَ بِهِ ظَالِماً أَوْ أَغَثْتَ بِهِ مَكْرُوباً(6).

ص: 363


1- المستدرك، كتاب النكاح، باب (1) من أبواب النفقات، حديث 29، نقلا عن عوالى اللئالى.
2- عقاب الاعمال، عقاب الخيانة و السرقة و شرب الخمر و الزنا، حديث 2.
3- عقاب الاعمال، عقاب الخيانة و السرقة و شرب الخمر و الزنا، حديث 1.
4- عقاب الاعمال، عقاب الخيانة و السرقة و شرب الخمر و الزنا، حديث 4.
5- عقاب الاعمال، عقاب الخيانة و السرقة و شرب الخمر و الزنا، حديث 13.
6- المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب 33 من أبواب فعل المعروف حديث 9 نقلا عن العلاّمة الحلّيّ في الرسالة السعدية، و حديث 11، نقلا عن عوالى اللئالى.

51 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كُلُّكُمْ رَاعٍ وَ كُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ (1).

52 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (2).

53 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصٰادِ قَالَ قَنْطَرَةٌ عَلَى اَلصِّرَاطِ لاَ يَجُوزُهَا عَبْدٌ لَهُ مَظْلِمَةٌ (3).

54 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ إِنَّ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ : وَ عِزَّتِي وَ جَلاَلِي لاَ أُجِيبُ دَعْوَةَ مَظْلُومٍ دَعَانِي فِي مَظْلِمَةٍ ظُلِمَهَا وَ لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِثْلُ تِلْكَ اَلْمَظْلِمَةِ (4).

55 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى نَبِيٍّ مِنَ اَلْأَنْبِيَاءِ فِي مَمْلَكَةِ جَبَّارٍ مِنَ اَلْجَبَابِرَةِ أَنْ اِيتِ هَذَا اَلْجَبَّارَ فَقُلْ لَهُ إِنِّي لَمْ أَسْتَعْمِلْكَ عَلَى سَفْكِ اَلدِّمَاءِ وَ اِتِّخَاذِ اَلْأَمْوَالِ وَ إِنَّمَا اِسْتَعْمَلْتُكَ لِتَكُفَّ عَنِّي أَصْوَاتَ اَلْمَظْلُومِينَ فَإِنِّي لَنْ أَدَعَ ظُلاَمَتَهُمْ وَ إِنْ كَانُوا كُفَّاراً(5).

56 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِقْتَطَعَ مَالَ مُؤْمِنٍ غَصْباً بِغَيْرِ حَقِّهِ لَمْ يَزَلِ اَللَّهُ مُعْرِضاً عَنْهُ مَاقِتاً لِأَعْمَالِهِ اَلَّتِي يَعْمَلُهَا مِنَ اَلْبِرِّ وَ اَلْخَيْرِ لاَ يُثْبِتُهَا فِي حَسَنَاتِهِ حَتَّى يَتُوبَ وَ يَرُدَّ اَلْمَالَ اَلَّذِي أَخَذَهُ إِلَى صَاحِبِهِ (6).

ص: 364


1- صحيح البخاريّ ، كتاب الجمعة (11) باب الجمعة في القرى و المدن.
2- كنوز الحقائق للمناوى في هامش الجامع الصغير، ج 10:2 حرف الظاء المعجمة (فصل في المحلى بأل) و المستدرك، كتاب الجهاد، باب (77) من أبواب جهاد النفس، حديث 7، نقلا عن عوالى اللئالى. و رواه الترمذي في سننه، كتاب البر و الصلة، (83) باب ما جاء في الظلم حديث 2030.
3- عقاب الاعمال، عقاب من ظلم، حديث 2.
4- عقاب الاعمال، عقاب من ظلم، حديث 3.
5- عقاب الاعمال، عقاب من ظلم، حديث 4.
6- الوسائل، كتاب الجهاد، باب (78) من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه حديث 6.

57 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اَللَّهِ تَعَالَى(1).

58 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي آخِرِ خُطْبَةٍ خَطَبَهَا مَنْ تَوَلَّى خُصُومَةَ ظَالِمٍ أَوْ أَعَانَهُ عَلَيْهَا نَزَلَ بِهِ مَلَكُ اَلْمَوْتِ بِالْبُشْرَى بِلَعْنَةِ اَللَّهِ وَ نَارِ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا وَ بِئْسَ اَلْمَصِيرُ وَ مَنْ خَفَّ لِسُلْطَانٍ جَائِرٍ فِي حَاجَةٍ كَانَ قَرِينَهُ فِي اَلنَّارِ وَ مَنْ دَلَّ سُلْطَاناً عَلَى اَلْجَوْرِ كَانَ مَعَ هَامَانَ وَ كَانَ هُوَ وَ اَلسُّلْطَانُ مِنْ أَشَدِّ أَهْلِ اَلنَّارِ عَذَاباً وَ مَنْ ظَلَمَ أَجِيراً أَجْرَهُ أَحْبَطَ اَللَّهُ عَمَلَهُ وَ حَرَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ رِيحَ اَلْجَنَّةِ وَ رِيحُهَا يُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ وَ مَنْ أَهَانَ مُسْلِماً فَقِيراً مِنْ أَجْلِ فَقْرِهِ وَ اِسْتَخَفَّ بِهِ فَقَدِ اِسْتَخَفَّ بِحَقِّ اَللَّهِ وَ لَمْ يَزَلْ فِي مَقْتِ اَللَّهِ وَ سَخَطِهِ حَتَّى يُرْضِيَهُ وَ مَنْ أَكْرَمَ فَقِيراً مُسْلِماً لَقِيَ اَللَّهَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ هُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِ وَ مَنْ عُرِضَتْ لَهُ دُنْيَا وَ آخِرَةٌ وَ اِخْتَارَ اَلدُّنْيَا وَ تَرَكَ اَلْآخِرَةَ لَقِيَ اَللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ لَيْسَتْ لَهُ حَسَنَةٌ يَتَّقِي بِهَا اَلنَّارَ وَ مَنْ أَخَذَ اَلْآخِرَةَ وَ تَرَكَ اَلدُّنْيَا لَقِيَ اَللَّهَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ هُوَ عَنْهُ رَاضٍ وَ مَنِ اِكْتَسَبَ مَالاً حَرَاماً لَمْ يَقْبَلِ اَللَّهُ مِنْهُ صَدَقَةً وَ لاَ عِتْقاً وَ لاَ حَجّاً وَ لاَ اِعْتِمَاراً وَ كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ بِعَدَدِ أَجْرِ ذَلِكَ أَوْزَاراً وَ مَا بَقِيَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْهُ كَانَ زَادَهُ إِلَى اَلنَّارِ وَ مَنْ فَرَّجَ مِنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ اَلدُّنْيَا نَظَرَ اَللَّهُ إِلَيْهِ بِرَحْمَةٍ يَنَالُ بِهَا اَلْجَنَّةَ وَ فَرَّجَ اَللَّهُ عَنْهُ كُرَبَهُ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مَنْ يَبْنِي عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ مَا يَأْوِي إِلَيْهِ عَابِرُ سَبِيلٍ بَعَثَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ عَلَى نَجِيبٍ مِنْ دُرٍّ وَ وَجْهُهُ يُضِيءُ لِأَهْلِ اَلْجَمْعِ نُوراً حَتَّى يُزَاحِمَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ اَلرَّحْمَنِ فِي قُبَّتِهِ فَيَقُولُ أَهْلُ اَلْجَمْعِ هَذَا مَلَكٌ مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ قَطُّ وَ دَخَلَ بِشَفَاعَتِهِ فِي اَلْجَنَّةِ أَرْبَعُونَ

ص: 365


1- عقاب الاعمال، (عقاب من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة) حديث 1.

أَلْفَ أَلْفِ رَجُلٍ (1).

59 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ وُلِّيَ رِقَابَ عَشَرَةٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ لَمْ يَعْدِلْ فِيهِمْ جَاءَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ يَدَاهُ وَ رِجْلاَهُ فِي ثَقْبِ فَأْسٍ (2).

60 - وَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ وُلِّيَ رِقَابَ عَشَرَةٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ وَ لَمْ يَعْدِلْ فِيهِمْ حَشَرَهُ اَللَّهُ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ وَ يَدَاهُ مَغْلُولَتَانِ إِلَى عُنُقِهِ فَلاَ يَفُكُّهُمَا إِلاَّ عَدْلُهُ فِي اَلدُّنْيَا(3)المستدرك، كتاب الجهاد، باب (37) من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه حديث 4، نحوه نقلا عن سبط الطبرسيّ في المشكاة.(4).

61 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ وُلِّيَ شَيْئاً مِنْ أُمُورِ اَلْمُسْلِمِينَ فَضَيَّعَهُمْ ضَيَّعَهُ اَللَّهُ تَعَالَى(5).

62 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : عِبَادَةُ عَدْلٍ سَاعَةً تَعْدِلُ عِبَادَةَ غَيْرِهِ سَبْعِينَ سَنَةً (5).

63 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ عَلَى اَلْعِبَادِ إِلاَّ وَ فِيهِ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اَللَّهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُنْفِقٍ خَلَفاً وَ يَقُولُ اَلْآخَرُ اَللَّهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُمْسِكٍ تَلَفاً(6).

ص: 366


1- عقاب الاعمال، (باب يجمع عقوبات الاعمال) حديث 1. فى خطبة خطبها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله. و قال ابن عبّاس و أبا هريرة: و هي آخر خطبة خطبها حتّى لحق باللّه عزّ و جلّ فوعظ بمواعظ ذرفت منها العيون، و وجلت منها القلوب و اقشعرت منها الجلود، و تقلقلت منها الاحشاء إلخ.
2- عقاب الاعمال، (باب عقاب من ولى عشرة فلم يعدل بينهم) حديث 1.
3- الوسائل، كتاب الجهاد، باب
4- من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه حديث 13، بأدنى اختلاف في الألفاظ.
5- عقاب الاعمال (عقاب من ولى شيئا من أمور المسلمين فضيعهم) حديث 1.
6- مسند أحمد بن حنبل ج 306:2 و لفظ ما رواه (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: ان ملكا بباب من أبواب السماء يقول: من يقرض اليوم يجزى غدا، و ملكا بباب آخر، يقول: اللّهمّ اعط منفقا خلفا، و عجل لممسك تلفا. و رواه أيضا في ج 197:5 و لفظه: (و لا آبت شمس قط الا بعث بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض الا الثقلين: اللّهمّ اعط منفقا خلفا و اعط ممسكا مالا تلفا).

64 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنَ اَلْكَسْبِ اَلطَّيِّبِ إِلاَّ أَخَذَهَا اَللَّهُ بِيَمِينِهِ فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ وَ قَلُوصَهُ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ اَلْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ (1).

65 - وَ عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ ذَكَرَ اَلنَّارَ فَتَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْهَا وَ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ اِتَّقُوا اَلنَّارَ وَ لَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ (2) . أشاح أي جذب و انكمش على الوجه باتقاء النار و قيل قبض وجهه و قيل أعرض و نحى وجهه

66 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَباً يَأْتِي عَلَيَّ لَيْلَةٌ وَ عِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ إِلاَّ دِينَاراً أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ عَلَيَّ (3).

67 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اَللَّهُ فِي ظِلِّهِ [فِي ظِلِّ اَللَّهِ ] يَوْمَ لاَ ظِلَّ

ص: 367


1- رواه البخارى، و مسلم، و الترمذي، و النسائى، و الدارميّ و أحمد بن حنبل متقاربة الألفاظ متحدة المعاني، و أقرب الألفاظ مع الكتاب ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده ج 419:2 (عن أبي هريرة ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم قال: لا يتصدق أحد بتمرة من كسب طيب الا أخذها اللّه بيمينه يربيها له، كما يربى أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون له مثل الجبل أو أعظم).
2- صحيح مسلم، كتاب الزكاة، (2) باب الحث على الصدقة و لو بشق تمرة أو كلمة طيبة، و انها حجاب من النار، حديث 68.
3- صحيح مسلم، كتاب الزكاة، (8) باب تغليظ عقوبة من لا يؤدى الزكاة، حديث 31.

إِلاَّ ظِلُّهُ اَلْإِمَامُ اَلْعَادِلُ [إِمَامٌ مُقْتَصِدٌ] وَ شَابٌّ نَشَأَ فِي طَاعَةِ اَللَّهِ وَ عِبَادَتِهِ وَ رَجُلٌ قَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ بِعِبَادَةِ [اَللَّهِ ] إِلَى اَلْمَسْجِدِ وَ رَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اَللَّهِ اِجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَ تَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَ رَجُلٌ دَعَتْهُ اِمْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَ جَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اَللَّهَ رَبَّ اَلْعَالَمِينَ وَ رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَ رَجُلٌ ذَكَرَ اَللَّهَ خَالِياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ مِنْ خَشْيَةِ اَللَّهِ (1)صحيح مسلم، كتاب الزكاة، (32) باب بيان ان اليد العليا خير من اليد السفلى و ان اليد العليا هي المنفقة، و ان السفلى هي الآخذة، حديث 97.(2).

68 وَ قِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَيُّ اَلصَّدَقَةِ أَعْظَمُ فَقَالَ إِنْ تَصَدَّقْتَ وَ أَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى اَلْفَقْرَ وَ تَأْمُلُ اَلْغِنَى وَ لاَ تُهْمِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ اَلْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا وَ لِفُلاَنٍ كَذَا وَ قَدْ كَانَ لِفُلاَنٍ كَذَا (3) .

69 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : يَا اِبْنَ آدَمَ إِنَّكَ إِنْ تَبْذُلِ اَلْفَضْلَ فَخَيْرٌ لَكَ وَ إِنْ تُمْسِكْ فَشَرٌّ لَكَ وَ لاَ تُلاَمُ عَلَى كَفَافٍ وَ اِبْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ وَ اَلْيَدُ اَلْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اَلْيَدِ اَلسُّفْلَى(3).

70 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : صَنَائِعُ اَلْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ اَلسَّوْءِ (4).

ص: 368


1- صحيح مسلم، كتاب الزكاة،
2- باب فضل اخفاء الصدقة، حديث 91. و المستدرك، كتاب الجهاد، باب (14) من أبواب جهاد النفس حديث 27، نقلا عن عوالى اللئالى.
3- صحيح مسلم، كتاب الزكاة، (31) باب بيان ان أفضل الصدقة، صدقة الصحيح الشحيح حديث 92 و 93.
4- غرر الحكم للآمدي، الفصل الرابع و الأربعون ممّا ورد في حكم أمير المؤمنين عليه السلام في حرف الصاد 24 و رواه في المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (1) من أبواب فعل المعروف حديث 12.

71 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلْبُيُوتَ اَلَّتِي يُمْتَارُ(1) فِيهَا اَلْمَعْرُوفُ تُضِيءُ لِأَهْلِ اَلسَّمَاءِ كَمَا تُضِيءُ اَلْكَوَاكِبُ لِأَهْلِ اَلْأَرْضِ (2).

72 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةٌ فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اَللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَقَالَ يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَ يَتَصَدَّقُ بِهِ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ قَالَ يُعِينُ ذَا اَلْحَاجَةِ اَلْمَلْهُوفَ قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ قَالَ فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ وَ لْيُمْسِكْ عَنِ اَلْمُنْكَرِ فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ (3)صحيح مسلم، كتاب الزكاة، (27) باب من جمع الصدقة و اعمال البر حديث 85.(4) .

73 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ نُودِيَ فِي اَلْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اَللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اَلصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ اَلصَّلاَةِ وَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اَلْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ اَلْجِهَادِ وَ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اَلصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ اَلصَّدَقَةِ وَ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ اَلصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ اَلصِّيَامِ (4). و عنى عليه السّلام بقوله زوجين اثنين من كل شيء كدرهمين و دينارين

ص: 369


1- البيت يمتار منه المعروف، أي يؤخذ منه، و منه الحديث ان البركة أسرع الى البيت الذي يمتار منه المعروف من الشفرة في سنام البعير. مجمع البحرين، في لغة (مير).
2- الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (1) من أبواب فعل المعروف، حديث 1. و في المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر باب (1) من أبواب فعل المعروف حديث 1، كما نقلناه آنفا عن مجمع البحرين، و زاد في آخره (أو من السبيل الى منتهاه).
3- المستدرك، كتاب الزكاة، باب
4- من أبواب الصدقة حديث 2، نقلا عن ابن أبي جمهور في درر اللئالى. و رواه البيهقيّ في السنن الكبرى ج 188:4، كتاب الزكاة عن البخارى و مسلم.

أو ثوبين و قيل يريد بشيئين درهما و دينارا أو دينارا و ثوبا(1)

74 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّمَا وُضِعَتِ اَلزَّكَاةُ اِخْتِبَاراً لِلْأَغْنِيَاءِ وَ مَعُونَةً لِلْفُقَرَاءِ وَ لَوْ أَنَّ اَلنَّاسَ أَدَّوُا اَلزَّكَاةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا بَقِيَ مُسْلِمٌ فَقِيراً مُحْتَاجاً وَ لاَسْتَغْنَى بِمَا فَرَضَ اَللَّهُ لَهُ وَ إِنَّ اَلنَّاسَ مَا اِفْتَقَرُوا وَ لاَ اِحْتَاجُوا وَ لاَ جَاعُوا وَ لاَ عَرُوا إِلاَّ بِذُنُوبِ اَلْأَغْنِيَاءِ وَ حَقِيقٌ عَلَى اَللَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَنْ يَمْنَعَ رَحْمَتَهُ مِمَّنْ مَنَعَ حَقَّ اَللَّهِ مِنْ مَالِهِ وَ أَقْسَمَ وَ قَالَ وَ اَلَّذِي خَلَقَ اَلْخَلْقَ وَ بَسَطَ اَلرِّزْقَ إِنَّهُ مَا ضَاعَ مَالٌ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ إِلاَّ بِتَرْكِ اَلزَّكَاةِ وَ مَا صِيدَ صَيْدٌ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ إِلاَّ بِتَرْكِ اَلتَّسْبِيحِ فِي ذَلِكَ اَلْيَوْمِ وَ إِنَّ أَحَبَّ اَلنَّاسِ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى أَسْخَاهُمْ كَفّاً وَ أَسْخَى اَلنَّاسِ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ وَ لَمْ يَبْخَلْ عَلَى اَلْمُؤْمِنِينَ بِمَا اِفْتَرَضَ اَللَّهُ لَهُمْ فِي مَالِهِ (2).

75 - وَ أَيُّمَا مُؤْمِنٍ أَوْصَلَ إِلَى أَخِيهِ اَلْمُؤْمِنِ مَعْرُوفاً فَقَدْ أَوْصَلَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (3).

76 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : رَأَيْتُ اَلْمَعْرُوفَ لاَ يَصْلُحُ إِلاَّ بِثَلاَثِ خِصَالٍ بِتَصْغِيرِهِ وَ سَتْرِهِ وَ تَعْجِيلِهِ فَإِنَّكَ إِذَا صَغَّرْتَهُ عَظَّمْتَهُ عِنْدَ مَنْ تَصْنَعُهُ إِلَيْهِ وَ إِذَا سَتَرْتَهُ تَمَّمْتَهُ وَ إِذَا عَجَّلْتَهُ هَنَّأْتَهُ وَ إِذَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ مَحَقْتَهُ

ص: 370


1- «من أنفق زوجين» قال القاضي: قال الهروى في تفسير هذا الحديث: قيل: ما زوجان ؟ قال: فرسان أو عبدان أو بعيران. و قال ابن عرفة: كل شيء قرن بصاحبه فهو زوج. يقال: زوجت بين الإبل إذا قرنت بعيرا ببعير. و قيل: درهم و دينار، أو درهم و ثوب. قال: و الزوج يقع على الاثنين و يقع على الواحد. و قيل: إنّما يقع على الواحد اذا كان معه آخر. و يقع الزوج أيضا على الصنف، و فسر بقوله تعالى: «وَ كُنْتُمْ أَزْوٰاجاً ثَلاٰثَةً » ملخص شرح الامام النووى على صحيح مسلم.
2- الوسائل، كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه، حديث 6.
3- الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (1) من أبواب فعل المعروف حديث 15.

وَ نَكَدْتَهُ (1).

77 - وَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَعْلَمَ أَ شَقِيٌّ اَلرَّجُلُ أَمْ سَعِيدٌ فَانْظُرْ سَيْبَهُ وَ مَعْرُوفَهُ إِلَى مَنْ كَانَ يَصْنَعُهُ فَإِنْ كَانَ يَصْنَعُهُ إِلَى مَنْ هُوَ أَهْلُهُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ إِلَى خَيْرٍ وَ إِنْ كَانَ يَصْنَعُهُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ خَيْرٌ(2)الجامع الصغير للسيوطي، ج 98:2 حرف الكاف، نقلا عن ابن حبان في صحيحه.(3).

78 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : خِيَارُكُمْ سُمَحَاؤُكُمْ وَ شِرَارُكُمْ بُخَلاَؤُكُمْ وَ مِنْ خَالِصِ اَلْإِيمَانِ اَلْبِرُّ بِالْإِخْوَانِ وَ اَلسَّعْيُ فِي حَوَائِجِهِمْ وَ إِنَّ اَلْبَارَّ بِالْإِخْوَانِ لَيُحِبُّهُ اَلرَّحْمَنُ وَ فِي ذَلِكَ مَرْغَمَةُ اَلشَّيْطَانِ وَ تَزَحْزُحٌ عَنِ اَلنِّيرَانِ وَ دُخُولٌ فِي اَلْجِنَانِ (4).

79 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلرِّفْقُ رَأْسُ اَلْحِكْمَةِ اَللَّهُمَّ مَنْ وُلِّيَ شَيْئاً مِنْ أُمُورِ أُمَّتِي فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ وَ مَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ (5).

80 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : كَيْفَ يُقَدِّسُ اَللَّهُ قَوْماً لاَ يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ (5).

81 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ وَ إِنَّ اَللَّهَ يَسْتَعْمِلُكُمْ فِيهَا فَنَاظِرَةٌ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (6).

ص: 371


1- الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (9) من أبواب فعل المعروف، حديث 1.
2- الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب
3- من أبواب فعل المعروف، حديث 1.
4- الوسائل، كتاب الزكاة، باب (5) من أبواب الصدقة، حديث 2.
5- المستدرك، كتاب الجهاد، باب (27) من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه، حديث 14، نقلا عن عوالى اللئالى، و نقل الجزء الأول من الحديث (الرفق رأس الحكمة) في الجامع الصغير للسيوطي ج 26:2 حرف الراء المهملة.
6- الجامع الصغير للسيوطي، ج 17:2 حرف الدال المهملة، نقلا عن الجامع الكبير للطبراني.

82 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ لِلَّهِ عِبَاداً اِخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ يُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا لِلنَّاسِ فَإِذَا مَنَعُوهَا حَوَّلَهَا مِنْهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ (1) وَ كَانَ كِسْرَى قَدْ فَتَحَ بَابَهُ وَ سَهَّلَ جِنَانَهُ وَ رَفَعَ حِجَابَهُ وَ بَسَطَ إِذْنَهُ لِكُلِّ وَاصِلٍ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ مَلِكِ اَلرُّومِ لَقَدْ أَقْدَرْتَ عَلَيْكَ عَدُوَّكَ بِفَتْحِكَ اَلْبَابَ وَ رَفْعِكَ اَلْحِجَابَ فَقَالَ إِنَّمَا أُحْصَنُ مِنْ عَدُوِّي بِعَدْلِي وَ إِنَّمَا أُنْصِبْتُ هَذَا اَلْمَنْصِبَ وَ جَلَسْتُ هَذَا اَلْمَجْلِسَ لِقَضَاءِ اَلْحَاجَاتِ وَ دَفْعِ اَلظُّلاَمَاتِ فَإِذَا لَمْ تَتَّصِلِ اَلرَّعِيَّةُ إِلَيَّ فَمَتَى أَقْضِي حَاجَتَهُ وَ أَكْشِفُ ظُلاَمَتَهُ وَ كَانَ مَلِكُ اَلْهِنْدِ قَدْ ذَهَبَ سَمْعُهُ فَاشْتَدَّ حُزْنُهُ وَ جَزَعُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ لِتُعَزِّيَهُ فِي سَمْعِهِ فَقَالَ مَا جَزَعِي وَ حُزْنِي عَلَى ذَهَابِ هَذِهِ اَلْجَارِحَةِ وَ لَكِنْ لِصَوْتِ اَلْمَظْلُومِ كَيْفَ أَسْمَعُهُ إِذَا اِسْتَغَاثَ بِي وَ لَكِنْ إِذَا ذَهَبَ سَمْعِي فَمَا ذَهَبَ بَصَرِي فَأَمَرْتُ لِكُلِّ ذِي ظُلاَمَةٍ يَلْبَسُ اَلْأَحْمَرَ حَتَّى إِذَا رَأَيْتُهُ عَرَفْتُهُ وَ قَرَّبْتُهُ وَ أَنْصَفْتُهُ وَ اِنْتَصَفْتُ لَهُ .

83 - وَ رُوِيَ : أَنَّ أَقْرَبَ اَلنَّاسِ إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى وَ أَحَبَّهُمْ إِلَيْهِ وَ أَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَجْلِساً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ إِمَامٌ عَادِلٌ .

84 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَللَّهَ لَيَسْأَلُ اَلْعَبْدَ فِي جَاهِهِ كَمَا يَسْأَلُهُ فِي مَالِهِ فَيَقُولُ يَا عَبْدِي رَزَقْتُكَ جَاهاً فَهَلْ أَغَثْتَ مَظْلُوماً أَوْ أَعَنْتَ مَلْهُوفاً(2).

85 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْخَلْقُ كُلُّهُمْ عِيَالُ اَللَّهِ فَأَحَبُّ اَلْخَلْقِ إِلَيْهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِهِ (3).

ص: 372


1- الجامع الصغير للسيوطي، ج 93:1 حرف الهمزة، نقلا عن الطبراني في الكبير، و عن أبي نعيم في الحلية.
2- المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (33) من أبواب فعل المعروف حديث 11، نقلا عن العوالى.
3- الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (22) من أبواب فعل المعروف، حديث 9 بتفاوت يسير. و رواه في المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (22) من أبواب فعل المعروف حديث 15، نقلا عن العوالى.

86 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عِبَاداً خَلَقَهُمْ لِحَوَائِجِ اَلنَّاسِ آلَى عَلَى نَفْسِهِ [أَنْ ] لاَ يُعَذِّبَهُمْ بِالنَّارِ وَ إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْقِيَامَةِ وُضِعَتْ لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يُحَدِّثُونَ اَللَّهَ وَ اَلنَّاسُ فِي اَلْحِسَابِ .

87 وَ مَرَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ يَوْماً بِيَهُودِيٍّ يَحْتَطِبُ فِي صَحْرَاءَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ إِنَّ هَذَا اَلْيَهُودِيَّ لَتَلْذَعُهُ اَلْيَوْمَ حَيَّةٌ وَ يَمُوتُ فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اَلنَّهَارِ رَجَعَ اَلْيَهُودِيُّ بِالْحَطَبِ عَلَى رَأْسِهِ عَلَى جَارِي عَادَتِهِ فَقَالَ لَهُ اَلْجَمَاعَةُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَا عَهِدْنَاكَ تُخْبِرُنَا بِمَا لَمْ يَكُنْ فَقَالَ وَ مَا ذَاكَ قَالُوا إِنَّكَ أَخْبَرْتَ اَلْيَوْمَ بِأَنَّ هَذَا اَلْيَهُودِيَّ تَلْذَعُهُ أَفْعَى وَ يَمُوتُ وَ قَدْ رَجَعَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَيَّ بِهِ فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا يَهُودِيُّ ضَعِ اَلْحَطَبَ وَ حُلَّهُ فَحَلَّهُ وَ رَأَى فِيهِ أَفْعَى فَقَالَ يَا يَهُودِيُّ مَا صَنَعْتَ اَلْيَوْمَ مِنَ اَلْمَعْرُوفِ فَقَالَ لَمْ أَصْنَعْ شَيْئاً غَيْرَ أَنِّي خَرَجْتُ وَ مَعِي كَعْكَتَانِ فَأَكَلْتُ إِحْدَاهُمَا ثُمَّ سَأَلَنِي سَائِلٌ فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ اَلْأُخْرَى فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ تِلْكَ اَلْكَعْكَةُ خَلَّصَتْكَ مِنَ اَلْأَفْعَى فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ (1) (2) .

ص: 373


1- المستدرك، كتاب الزكاة، باب (8) من أبواب الصدقة حديث 7، نقلا عن عوالى اللئالى، عن العلاّمة الحلّيّ في بعض كتبه. و رواه في الوسائل، كتاب الزكاة، باب (9) من أبواب الصدقة، حديث 3، مع اختلاف يسير في الفاظه.
2- ربما ظنّ جماعة من أهل الحديث، التعارض بين هذا الخبر و ما بمعناه، و بين ما روى في أصول الكافي و غيره. من أن البداء انما يكون في العلم الذي استأثر اللّه به سبحانه في أم الكتاب، أي اللوح المحفوظ، و اما العلوم و المعلومات التي أظهرها الأنبياء و حججه عليهم السلام، فلا يقع فيه البداء، و هو المحو و الاثبات، لئلا يكذبهم الناس فيما أخبروا. و قد أجاب الشيخ عن التعارض بما حاصله: ان اخبارهم عليهم السلام على قسمين: (احدهما) ما أوحى اليهم، انه من الأمور المحتومة، فهم يخبرون عنه كذلك. (و ثانيهما) ما يوحى اليهم لا على هذا الوجه، فهم يخبرون عنه كذلك، و ربما أشاروا إليه أيضا الى احتمال وقوع البداء فيه، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام بعد الاخبار بالسبعين في خبر من هذا القبيل و يمحو اللّه ما يشاء. و الأظهر عندي في الجواب ما ذكرته في شرح التوحيد، من انهم عليهم السلام لا يخبرون بشيء لا تظهر فيه وجه الحكمة، بل يدعو الناس الى زيادة الاعتقاد فيهم، كما ظهر من هذا الحديث، فلا يكون تكذيبهم الذي هو مناط القليل (جه).

88 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ خَلْقاً لِحَوَائِجَ [يَفْزَعُ إِلَيْهِمُ اَلنَّاسُ ] فِي حَوَائِجِهِمْ أُولَئِكَ اَلْآمِنُونَ مِنْ عَذَابِ اَللَّهِ .

89 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ قَضَى حَاجَةً لِأَخِيهِ كُنْتُ وَاقِفاً عِنْدَ مِيزَانِهِ فَإِنْ رَجَحَ وَ إِلاَّ شَفَعْتُ لَهُ (1).

90 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : مَنْ كَانَ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَ مَنْفَعَتِهِ فَلَهُ ثَوَابُ اَلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ (2).

91 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ كَانَ وُصْلَةً لِأَخِيهِ اَلْمُسْلِمِ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ فِي مَنْفَعَتِهِ بِرّاً أَوْ تَيْسِيرِ عَسِيرٍ أُعِينَ عَلَى إِجَازَةِ اَلصِّرَاطِ يَوْمَ دَحْضِ اَلْأَقْدَامِ وَ لاَ يَرَى اِمْرُؤٌ عَنْ أَخِيهِ عَوْرَةً فَسَتَرَهَا عَلَيْهِ إِلاَّ دَخَلَ اَلْجَنَّةَ .

92 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ قَضَى لِأَخِيهِ اَلْمُسْلِمِ حَاجَةً كَانَ كَمَنْ خَدَمَ اَللَّهَ عُمُرَهُ وَ مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اَللَّهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ وَ مَنْ سَتَرَ عَلَى مُؤْمِنٍ سَتَرَ اَللَّهُ عَلَى عَوْرَتِهِ وَ لاَ يَزَالُ اَللَّهُ فِي عَوْنِهِ مَا دَامَ فِي عَوْنِ أَخِيهِ .

ص: 374


1- المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (25) من أبواب فعل المعروف حديث 17، نقلا عن عوالى اللئالى.
2- عقاب الاعمال، قطعة من خطبة خطبها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالمدينة و هي آخر خطبه (صلّى اللّه عليه و آله) حتى لحق باللّه عزّ و جلّ .

93 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً جَعَلَ اَللَّهُ لَهُ شُعْلَتَيْنِ مِنْ نُورٍ عَلَى اَلصِّرَاطِ يَسْتَضِيءُ بِضَوْئِهِمَا عَالَمٌ لاَ يُحْصِيهِ إِلاَّ رَبُّ اَلْعِزَّةِ .

94 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ فَنَاصَحَهُ فِيهَا جَعَلَ اَللَّهُ بَيْنَهُ وَ بَيْنَ اَلنَّارِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ سَبْعَةَ خَنَادِقَ بَيْنَ اَلْخَنْدَقِ وَ اَلْخَنْدَقِ مَا بَيْنَ اَلسَّمَاءِ وَ اَلْأَرْضِ .

95 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ سَتَرَ [سَرَّ] مُسْلِماً سَتَرَهُ [سَرَّهُ ] اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ مَنْ فَكَّ عَنْ مَكْرُوبٍ كُرْبَةً فَكَّ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اَللَّهُ فِي حَاجَتِهِ .

96 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ أَضَافَ مُؤْمِناً أَوْ خَفَّ لَهُ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْ حَوَائِجِهِ كَانَ حَقّاً عَلَى اَللَّهِ أَنْ يُخْدِمَهُ وَصِيفاً فِي اَلْجَنَّةِ .

97 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ اَلدُّنْيَا نَفَّسَ اَللَّهُ بِهَا عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ وَ مَنْ سَتَرَ مُسْلِماً سَتَرَهُ اَللَّهُ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ وَ اَللَّهُ فِي عَوْنِ اَلْعَبْدِ مَا دَامَ اَلْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ (1) وَ مَا جَلَسَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ يَتْلُونَ كِتَابَ اَللَّهِ وَ يَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ اَلسَّكِينَةُ وَ حَفَّتْهُمُ اَلْمَلاَئِكَةُ وَ مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يسر [يُسْرِعْ ] بِهِ نَسَبُهُ .

98 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَيُّمَا ذُو بَابٍ أَغْلَقَ بَابَهُ دُونَ ذَوِي اَلْحَاجَاتِ وَ اَلْخَلَّةِ وَ اَلْمَسْكَنَةِ أَغْلَقَ اَللَّهُ بَابَهُ عَنْ حَاجَتِهِ وَ خَلَّتِهِ وَ مَسْكَنَتِهِ .

99 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَغَاثَ مَلْهُوفاً كَتَبَ اَللَّهُ لَهُ ثَلاَثاً وَ سَبْعِينَ حَسَنَةً - وَاحِدَةٌ مِنْهَا يُصْلِحُ بِهَا آخِرَتَهُ وَ دُنْيَاهُ وَ اَلْبَاقِي فِي اَلدَّرَجَاتِ .

ص: 375


1- سنن الترمذي، كتاب البر و الصلة، (9) باب ما جاء في السترة على المسلم حديث 1930، مع اختلاف يسير في اللفظ.

100 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ إِغَاثَةَ اَللَّهْفَانِ (1).

101 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَ اَلدَّالُّ عَلَى اَلْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ وَ إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ إِغَاثَةَ اَللَّهْفَانِ (2).

102 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ مُوجِبَاتِ اَلْمَغْفِرَةِ إِدْخَالُكَ اَلسُّرُورَ عَلَى أَخِيكَ اَلْمُسْلِمِ وَ إِشْبَاعُ جَوْعَتِهِ وَ تَنْفِيسُ كُرْبَتِهِ .

103 وَ سُئِلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ أَيُّ اَلْعَمَلِ أَفْضَلُ قَالَ أَنْ تُدْخِلَ عَلَى أَخِيكَ اَلْمُؤْمِنِ سُرُوراً أَوْ تَقْضِيَ عَنْهُ دَيْناً أَوْ تُطْعِمَهُ خُبْزاً.

104 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَفْضَلُ اَلصَّدَقَةِ صَدَقَةُ اَللِّسَانِ قِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ مَا صَدَقَةُ اَللِّسَانِ قَالَ اَلشَّفَاعَةُ تَفُكُّ بِهَا اَلْأَسِيرَ وَ تَحْقُنُ بِهَا اَلدَّمَ وَ تَجُرُّ بِهَا اَلْمَعْرُوفَ إِلَى أَخِيكَ وَ تَدْفَعُ عَنْهَا اَلْكَرِيهَةَ .

105 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَ تَدْرُونَ مَا يَقُولُ اَلْأَسَدُ فِي زَئِيرِهِ قَالُوا اَللَّهُ وَ رَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ يَقُولُ اَللَّهُمَّ لاَ تُسَلِّطْنِي عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ اَلْمَعْرُوفِ (3) .

106 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : وَ اَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَضَعُ اَللَّهُ اَلرَّحْمَةَ إِلاَّ عَلَى رَحِيمٍ قُلْنَا يَا رَسُولَ اَللَّهِ كُلُّنَا رَحِيمٌ قَالَ لَيْسَ اَلَّذِي يَرْحَمُ نَفْسَهُ وَ أَهْلَهُ خَاصَّةً ذَاكَ اَلَّذِي يَرْحَمُ اَلْمُسْلِمِينَ (4) .

ص: 376


1- منتخب كنز العمّال، في هامش مسند أحمد بن حنبل ج 132:2، نقلا عن ابن عساكر عن أبي هريرة.
2- الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (1) من أبواب فعل المعروف، حديث 5.
3- المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (1) من أبواب فعل المعروف، حديث 4 نقلا عن الجعفريات.
4- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (107) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر، حديث 3، نقلا عن العلاّمة الحلّيّ في الرسالة السعدية.

107 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَثَلُ اَلْمُؤْمِنِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ كَمَثَلِ اَلْبُنْيَانِ يُمْسِكُ بَعْضُهُ بَعْضاً وَ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً.

108 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: إِنْ كُنْتُمْ تُرِيدُونَ رَحْمَتِي فَارْحَمُوا خَلْقِي(1).

109 وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ قَدْ سُئِلَ أَيُّ اَلنَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكُمْ قَالَ أَنْفَعُ اَلنَّاسِ لِلنَّاسِ قِيلَ فَأَيُّ اَلْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ إِدْخَالُكَ اَلسُّرُورَ عَلَى اَلْمُؤْمِنِ قِيلَ وَ مَا سُرُورُ اَلْمُؤْمِنِ قَالَ إِشْبَاعُ جَوْعَتِهِ وَ تَنْفِيسُ كُرْبَتِهِ وَ قَضَاءُ دَيْنِهِ وَ مَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ كَانَ كَصِيَامِ شَهْرٍ وَ اِعْتِكَافِهِ وَ مَنْ مَشَى مَعَ مَظْلُومٍ يُعِينُهُ ثَبَّتَ اَللَّهُ قَدَمَيْهِ يَوْمَ تَزِلُّ اَلْأَقْدَامُ وَ مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اَللَّهُ عَوْرَتَهُ وَ إِنَّ اَلْخُلُقَ اَلسَّيِّئَ يُفْسِدُ اَلْعَمَلَ كَمَا يُفْسِدُ اَلْخَلُّ اَلْعَسَلَ .

110 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ اَلْجَنَّةَ اَلْمَعْرُوفُ وَ أَهْلُهُ وَ أَوَّلُ مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ اَلْحَوْضَ (2).

111 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَهْلُ اَلْمَعْرُوفِ فِي اَلدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ اَلْمَعْرُوفِ فِي اَلْآخِرَةِ وَ مَعْنَاهُ يُقَالُ لَهُمْ هَبُوا حَسَنَاتِكُمْ لِمَنْ شِئْتُمْ وَ اُدْخُلُوا اَلْجَنَّةَ (3).

112 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَا مَحَقَ اَلْإِسْلاَمَ شَيْ ءٌ مَحْقَ اَلشُّحِّ إِنَّ لِهَذَا اَلشُّحِّ دَبِيباً كَدَبِيبِ اَلنَّمْلِ وَ شُعَباً كَشُعَبِ اَلشِّرْكِ (4).

ص: 377


1- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (107) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر ذيل، حديث 3.
2- المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (1) من أبواب فعل المعروف، حديث 2 نقلا عن الجعفريات.
3- المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (1) من أبواب فعل المعروف حديث 13. و باب (6) من هذه الأبواب حديث 1 و 2 و 3.
4- كنوز الحقائق للمناوى في هامش جامع الصغير، ج 2 حرف الميم، نقلا عن مسند أبى بعلى الموصلى. و رواه المحدث القمّيّ في سفينة البحار ج 1 في لغة (بخل).

113 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَرْضُ اَلْقِيَامَةِ نَارٌ مَا خَلاَ ظِلَّ اَلْمُؤْمِنِ فَإِنَّ صَدَقَتَهُ تُظِلُّهُ (1).

114 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلصَّدَقَةُ بِعَشْرٍ وَ اَلْقَرْضُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَ صِلَةُ اَلْإِخْوَانِ بِعِشْرِينَ وَ صِلَةُ اَلرَّحِمِ بِأَرْبَعَةٍ وَ عِشْرِينَ (2)(3).

ص: 378


1- الوسائل، كتاب الزكاة، باب (1) من أبواب الصدقة، حديث 7.
2- و قد ورد حديثان معارضان لهذا الخبر، كل واحد من جهة: الأول: قوله صلّى اللّه عليه و آله: «ألف درهم أقرضها مرتين، أحب الى من أن أتصدق بها مرة». و دفع المعارضة كما قال الشهيد الثاني: بحمل الصدقة الراجحة عليه على صدقة خاصّة، كالصدقة على الارحام و العلماء و الأموات، و المرجوحة على غيرها فقد روى انها على اقسام كثيرة، منها ما أجره عشرة، و منها سبعون و سبعمائة الى سبعين ألف. الثاني: ما روى ان القرض أفضل من الصدقة بمثله في الثواب. و هو يحتمل أمرين: (احدهما) و هو الظاهر ان الجار في (بمثله) يتعلق ب (أفضل). و المعنى، ان القرض المقترض، أفضل من المتصدق به بمقدار مثله في الثواب بالصدقة لما كان القدر المعروف عن ثوابها و المشترك في جميع افرادها عشرة، فيكون درهم القرض مثلا بعشرين الى ان يرجع الى ثمانية عشر، و يوافق الخبر السالف. و ذلك لان الصدقة بدرهم مثلا ما صارت عشرة و حصلت لصاحبها حتّى أخرج درهما و لم يعد إليه، فالثواب الذي كسبه في الحقيقة، تسعة، فيكون القرض ثمانية عشر، لانه أفضل منه بمثله، لان درهم القرض يرجع الى صاحبه، و المفاضلة انما هي في الثواب المكتسب، و على هذا فالجار في قوله: فى الخبر (فى الثواب) متعلق ب (أفضل) أيضا. لان المفاضلة في الحقيقة ليست الا فيه. (و الثاني) ان الجار في قوله (بمثله) متعلق ب (الصدقة) فيكون المعنى، ان القرض لشيء أفضل من الصدقة بمثل ذلك. و قوله: (فى الثواب) متعلق ب (أفضل) و حينئذ فانما يدل على أرجحية القرض على الصدقة مطلقا، لا على تقدير الرجحان، و هو محتمل بحسب اللفظ، الا ان الأول ألطف و أوفق بمناسبة الخبر الآخر، و يشتمل على شيء لطيف يناسب حال الكلام الحاصل من مشكاة النبوّة. ثمّ اعلم ان تحقّق أصل الثواب في القرض، فضلا من أفضليته بوجه، انما يكون مع قصد المقترض بفعله وجه اللّه، كما في نظائره من الطاعات التي يترتب عليها الثواب فلو لم يتفق هذا القصد، سواء قصد غيره من الاغراض الدنيوية، أم لم يقصد لم يستحق عليه ثواب، انتهى ملخصا، و هو جيد (جه).
3- المستدرك، كتاب الزكاة، باب (8) من أبواب الصدقة، حديث 4، نقلا عن الجعفريات.

ص: 379

المسلك الثالث في أحاديث رواها الشيخ العالم شمس الملة و الدين محمد بن مكي في بعض مصنفاته تتعلق بأحوال الفقه رويتها عنه بطرقي إليه

1 - قَالَ رَحِمَهُ اَللَّهُ رُوِيَ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : إِنَّ اَلشَّيْطَانَ لَيَأْتِي أَحَدَكُمْ وَ هُوَ فِي اَلصَّلاَةِ فَيَقُولُ أَحْدَثْتَ أَحْدَثْتَ فَلاَ يَنْصَرِفَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً أَوْ يَجِدَ رِيحاً. وَ رَوَاهُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَ مَرْوِيٌّ عَنِ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ (1) (2) .

2 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّمَا اَلْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَ إِنَّمَا لِكُلِّ اِمْرِئٍ مَا نَوَى(3).

ص: 380


1- المستدرك، كتاب الطهارة، باب (1) من أبواب نواقص الوضوء، حديث 5 نقلا عن عوالى اللئالى، عن الشهيد الأول. و رواه أحمد بن حنبل في مسنده، ج 3: 96 و لفظ ما رواه (ان الشيطان يأتي أحدكم و هو في صلاته، فيأخذ شعرة من دبره فيمدها فيرى انه قد أحدث، فلا ينصرفن حتّى يسمع صوتا أو يجد ريحا).
2- ورد في الحديث ان إبليس يأتي الى الرجل فيجلس بين اليتيه، فيفسوا، ليشككه، فلا يحدث أحدكم وضوء حتّى يسمع الصوت أو يجد الريح. و هذا محمول على ما إذا كان المقام، مقام الشك. أما لو تحقّق خروج الريح، انتقض الوضوء إجماعا و ان لم يسمع صوتا و لا يجد ريحا (جه).
3- صحيح البخاريّ ، باب كيف كان بدء الوحى الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم، حديث 1.

3 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ اَلسَّمْحَةِ (1).

4 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلدِّينَ يُسْرٌ لَنْ يُشَادَّ اَلدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَ قَارِبُوا(2).

5 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَسِّرُوا وَ لاَ تُعَسِّرُوا وَ بَشِّرُوا وَ لاَ تُنَفِّرُوا(3).

6 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَا رَآهُ اَلْمُسْلِمُونَ حَسَناً فَهُوَ عِنْدَ اَللَّهِ حَسَنٌ (4)(5)(6).

7 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ تَحَيَّضِي فِي عِلْمِ اَللَّهِ سِتّاً أَوْ سَبْعاً

ص: 381


1- جامع الصغير للسيوطي ج 1، حرف الباء، نقلا عن تاريخ الخطيب، و تتمة الحديث: (و من خالف سنتى فليس منى).
2- صحيح البخاريّ ، كتاب الايمان، باب، الدين يسر.
3- صحيح مسلم، كتاب الجهاد و السير، (3) باب في الامر بالتيسير و ترك التنفير حديث 6 و 7 و 8.
4- مسند أحمد بن حنبل ج 379:1.
5- يحتمل أن يراد بالمسلمين كلهم: فيصير معناه، ما أجمع عليه المسلمون من الاحكام الشرعية فهو حق، و يحتمل أن يراد الخصوص، فيكون معناه، ما رآه كل واحد من المجتهدين من المسلمين في اجتهاده حسنا، فهو عند اللّه حسن، بمعنى انه يجوز العمل به و الافتاء به. و يحتمل ان يراد بحسنه عند اللّه، أن يكون صوابا، و يصير هذا الحديث دالا على تصويب كل مجتهد في الفروع، بناء على أن الحكم غير معين عند اللّه، كما هو مذهب جماعة من الأصوليّين، و بعض الاصحاب حمل هذا الحديث على احكام العادات، و قال: انه يدلّ على ان ما اعتاده الناس إذا لم يرد في النصّ ما يخالفه كان من الأدلة التي يجب ردّ الاحكام إليها، و هو قريب (معه).
6- يجوز أن يراد انه الى وجود الحسن و القبح العقليين. يعنى انه ما حسنته العقول فهو حسن في الشرع، فالشرع كاشف عن حسنه، كحسن ردّ الوديعة و شكر المنعم و قبح الزنا و الخيانة و أمثالها، مما حكم العقل بحسنه و قبحه، و عضده الشرع، فيكون ردا على الأشاعرة (جه).

كَمَا تَحَيَّضُ اَلنِّسَاءُ (1)(2)(3).

8 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ اَلْمَدِينَةِ وَ اَلْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ (4).

9 وَ قَضَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي نَاقَةِ اَلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ لَمَّا أَفْسَدَتْ حَائِطاً أَنَّ عَلَى

ص: 382


1- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (8) من أبواب الحيض حديث 3، و سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة، و سننها (117) باب ما جاء في البكر إذا ابتدأت مستحاضة أو كان لها أيّام حيض فنسيتها حديث 627.
2- هذا الحديث دال على ان المرأة إذا لم تكن ذات عادة مستقرة، ترجع في عدد حيضها الى نسائها. و كان أغلبهم ستا أو سبعا، فلهذا خيرها بينهما. و هذا أيضا من باب تحكيم العادة و ردّ الاحكام إليها (معه).
3- روى هذا الحديث عن أبي عبد اللّه عليه السلام من غير زيادة (كما تحيض النساء) و في آخره، قال أبو عبد اللّه: (و هذه سنة التي استمر بها الدم أول ما تراه). و ليس المراد بالنساء في هذا الحديث نسائها، بمعنى أقاربها كالام و الاخت و العمة و الخالة، أو أقرانها من أهل بلدها، المذكور في كتب الفقهاء. اذ لو كان المراد هذا لم يذكر ستا أو سبعا، بل أحاله على عادتهن، من غير تقييد بالعدد، بل المراد انها مع فقد العادة و التميز، و فقد عادة نسائها الاقارب، أو أقرانها على القول به، تتحيض ستا أو سبعا كما هو عادة غالب النساء في الحيض. فيكون هذا من جملة الروايات التي ذكرها جماعة من الاصحاب، رجوعها الى خصوص هذه الرواية. و اما قوله: ستا او سبعا، فقال العلامة طاب ثراه: المراد به، الرد الى اجتهادها و رأيها فيما يغلب على ظنها، انه أقرب الى عادتها، أو عادة نسائها، أو ما يكون أشبه بلونه. و قيل: المراد التخيير، لان حرف (أو) موضوع له. و الأقرب الأول. و الا لزم التخيير في اليوم السابع بين وجوب الصلاة و عدمها، و لا تخيير في الواجب، لمنافاته له انتهى، و هو جيد (جه).
4- سنن أبي داود ج 3، كتاب البيوع، باب قول النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: المكيال مكيال المدينة، حديث 3340.

أَهْلِ اَلْحَوَائِطِ حِفْظَهَا نَهَاراً وَ عَلَى أَهْلِ اَلْمَاشِيَةِ حِفْظَهَا لَيْلاً (1) (2) (3) .

10 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ(4)(5)(6).

11 - وَ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ اَلْخُدْرِيُّ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لاَ ضَرَرَ وَ لاَ إِضْرَارَ فِي اَلْإِسْلاَمِ . وَ أَسْنَدَهُ اِبْنُ مَاجَةَ وَ اَلدَّارَقُطْنِيُّ وَ صَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ فِي اَلْمُسْتَدْرَكِ (7) .

12 - وَ فِي خَبَرِ اَلْإِسْرَاءِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ خُيِّرَ بَيْنَ اَللَّبَنِ وَ اَلْخَمْرِ فَاخْتَارَ اَللَّبَنَ -

ص: 383


1- سنن أبي داود، ج 3، كتاب البيوع، باب المواشى تفسد زرع قوم، حديث 3570.
2- فعلى هذا لو ترك أهل الحوائط، حفظ حوائطهم بالنهار، فأفسدت الماشية شيئا، لم يكن على أهل الماشية ضمان. لتفريط أهل الحوائط في الحفظ. و لو ترك أهل الماشية حفظ مواشيهم ليلا، فأفسدت شيئا من الحوائط، كان الضمان عليهم، لتفريطهم باهمال الحفظ ليلا. و هذا أيضا من باب تحكيم العادة و ردّ الناس إليها، لان ذلك كان عادة أهل المدينة (معه).
3- مضمون هذا الحديث رواه أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السلام، بطريق فيه السكونى، و عليه عمل الاكثر. بل ادعى عليه الشهيد طاب ثراه الإجماع، و ذهب المحققون من المتأخرين كابن إدريس، و الفاضلان العلامة و المحقق، الى اعتبار التفريط في الضمان مطلقا ليلا و نهارا، استضعافا للرواية، أو حملا لها على ذلك (جه).
4- الجامع الصغير للسيوطي، ج 176:2 حرف الميم، نقلا عن مسند أحمد ابن حنبل، و رواه الدارقطنى في سننه، كتاب في الاقضية و الاحكام حديث 82.
5- سواء كان قوليا، أو فعليا، أو تقريريا. و فيه دلالة على ان لا تحكيم للعادة و يجمع بينه و بين الأول بان ذلك مع إمكان الرد إليه (معه).
6- و عدم إمكان الرد، يجب التوقف عند أهل الحديث (جه).
7- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب الاحكام، (17) باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، حديث 2340 و 2341 و سنن الدارقطنى، كتاب في الاقضية و الاحكام، حديث (83). و الحاكم في المستدرك ج 58:2 و بقية الحديث (من ضار ضاره اللّه، و من شاق شاق اللّه عليه) و قال: هذا حديث صحيح الاسناد على شرط مسلم، و لم يخرجاه.

فَقَالَ لَهُ جَبْرَئِيلُ اِخْتَرْتَ اَلْفِطْرَةَ وَ لَوِ اِخْتَرْتَ اَلْخَمْرَ لَغَوَتْ أُمَّتُكَ (1)(2).

13 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لَأَجِدُ اَلتَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي فَلَوْ لاَ أَنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُونَ مِنَ اَلصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا(3)قد مر ان هذا يدخل تحت الشبهات، و اجتناب بعضها حرام و بعضها مكروه، و لعلّ هذا من الثاني، اذ الأصل في مثل هذا التحليل (جه).(4)(5)(5).

14 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِذَا لَمْ تَدْرِ أَرْبَعاً صَلَّيْتَ أَوْ خَمْساً زِدْتَ أَوْ نَقَصْتَ فَتَشَهَّدْ وَ سَلِّمْ وَ تَسْجُدُ سَجْدَتَيِ اَلسَّهْوِ(6)(7).

15 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِذَا لَمْ تَدْرِ ثَلاَثاً صَلَّيْتَ أَوْ أَرْبَعاً وَ وَقَعَ رَأْيُكَ عَلَى اَلْأَرْبَعِ

ص: 384


1- صحيح البخاريّ ، كتاب الاشربة، حديث 2.
2- و لا يلزم من هذا تحليل الخمر، و لا التخيير بين الحرام و المباح. لان ذلك غير جائز قطعا، لان الحرام لا يصحّ فعله، فلا يصحّ التخيير فيه. و انما هو تخيير بين شيء يخاف سوء عاقبته، و بين ما لا يخاف ذلك فيه، و سوء عاقبة الخمر راجع الى اختيار الفاعلين (معه).
3- صحيح مسلم، كتاب الزكاة،
4- باب تحريم الزكاة على رسول اللّه و على آله و هم بنو هاشم، و بنو المطلب، دون غيرهم حديث 162 و 163.
5- هذا يدلّ على ان المشتبه بالحرام، حرام، يجب اجتنابه (معه).
6- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (14) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، حديث 4.
7- يحتمل أن يكون قوله: (زدت أو نقصت) مؤكدا. و يصير تقديره، زدت الخامسة أو نقصتها، و يصير حكم سجدتى السهو، مرتبا على شك زيادة الخامسة. و يحتمل أن يكون (زدت أو نقصت) كلاما مستأنفا. و يصير تقديره، زدت في صلاتك، أو نقصت شيئا من الافعال. و يكون حكم سجدتى السهو ثابتا في الامرين. فى شك الخامسة، و في الزيادة و النقصان مطلقا، و الى هذا ذهب فريق من العلماء (معه).

فَسَلِّمْ وَ اِنْصَرِفْ وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ أَنْتَ جَالِسٌ (1)(2)(3).

16 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ اَلْقُدْسِيِّ : مَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْ ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي فِي قَبْضِ رُوحِ عَبْدِيَ اَلْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ اَلْمَوْتَ وَ أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ وَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ مَا

ص: 385


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (7) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، قطعة من حديث 1.
2- هذا خبر بمعنى الامر. و معناه، أوقع وهمك على الاربع، أي ابن عليها، و هذا يدلّ على ان الاحتياط في هذا الموضع لا يكون الا من جلوس (معه).
3- لا خلاف في جواز البناء على الاربع في هذه الصورة. و الاحتياط و المشهور ان ذلك على سبيل الوجوب. و قال ابن بابويه و ابن الجنيد: يتخير الشاك بين الثلاث و الاربع، بين البناء على الاقل، و احتياط. أو الاكثر مع الاحتياط، و الأخبار الصحيحة دالة على الأول. و كذلك دلت على تعيين الركعتين من جلوس. و خير جماعة بينهما و بين الركعة من قيام، لمرسلة جميل، و هي غير نقية السند فالاول هو الاجود. و قوله: (وقع رأيك على الاربع) ظاهره انصراف الظنّ الى الاربع و حينئذ فلا صلاة ركعتين، الا أن يحمل على الاستحباب. و لما لم يوافق القواعد أوله المصنّف في الحاشية، بحمل الخبر على معنى الامر. و يمكن إبقاؤه على ظاهره، بأن يكون معناه و اجمع عزمك على البناء على الاربع فسلم إلخ (جه).

أُرِيدُ(1)(2)(3)(4).

ص: 386


1- الأصول، كتاب الإيمان و الكفر، باب من آذى المسلمين و احتقرهم، حديث 8 و الوسائل، كتاب الطهارة باب (19) من أبواب الاحتضار، حديث 1، و كتاب الصلاة باب (17) من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها، حديث 6. و كتاب الحجّ باب (146) من أبواب أحكام العشرة، حديث 3.
2- راجع في بيان معنى الحديث مضافا الى ما هنا، كتاب الوافي، كتاب الايمان و الكفر، ج 130:1 (باب عزة المؤمن). و كتاب الأربعين للشيخ البهائى قدّس سرّه، الحديث الخامس و الثلاثون.
3- قال الشهيد في قواعده: ان التردد عليه محال، غير انه لما جرت العادة، انه يردد من يعظم الشيء في مساءته، نحو الوالد و الصديق، و ان لا يردد في مساءته من لا يكرمه و لا يعظمه، كالعدو و الحية، بل إذا خطر بالبال مساءته أوقعها من غير تردد فصار التردد لا يقع الا في موضع التعظيم، و عدمه لا يقع الا في موضع الاهانة، فحينئذ دل الحديث على تعظيم المؤمن، و شرف منزلته عند اللّه، فعبر باللفظ المركب عما يلزمه و ليس مذكورا في اللفظ، انما هو بالارادة و القصد، فمعناه حينئذ منزلة عبدى المؤمن عندي عظيم (معه).
4- و توضيح المعنى على هذا: ان المراد من قوله: (ما ترددت إلخ) انه ليس لشيء من مخلوقاتى عندي قدر و حرمة، كقدر عبدى المؤمن و حرمته. فالكلام من قبيل الاستعارة التمثيلية. و حكى شيخنا بهاء الدين فيه قولين آخرين: الأول: فى الكلام اضمار، و التقدير لو جاز على التردد، ما ترددت في شيء كترددى في وفاة المؤمن. الثاني: انه قد ورد في الحديث: «ان اللّه سبحانه يظهر للعبد المؤمن عند الاحتضار من اللطف و الكرامة و البشارة بالجنة، ما يزيل عنه، و يوجب رغبته في الانتقال الى دار القرار، فيقل تأذيه به، و يصير راضيا بنزوله، راغبا في حصوله». فاشبهت هذه المعاملة، معاملة من يريد ان يؤلم حبيبه ألما، يتعقبه نفع عظيم، فهو يتردّد في أنّه كيف يوصل ذلك الالم إليه على وجه يقل تأذيه به، فلا يزال يظهر له ما يرغبه فيما يتعقبه من اللذة الجسمية و الراحة العظيمة، الى ان يتلقاه بالقبول، و يعده من الغنائم المؤدية الى ادراك المأمول. ثمّ قال: قد يتوهم المنافاة بين ما دل عليه هذا الحديث و أمثاله، من أن المؤمن الخالص يكره الموت و يرغب في الحياة، و بين ما ورد عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «من أحبّ لقاء اللّه أحبّ لقائه، و من كره لقاء اللّه كره اللّه لقائه» فانه يدلّ بظاهره، على ان المؤمن الحقيقي لا يكره الموت، بل يرغب فيه كما نقل عن أمير المؤمنين عليه السلام انه كان يقول: (ان ابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدى أمه). و انه قال: حين ضربه ابن ملجم، (فزت و ربّ الكعبة). و قد أجاب شيخنا الشهيد في الذكرى، فقال: ان حبّ لقاء اللّه غير مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار و معاينة ما يحب، كما روينا عن الصادق عليه السلام. و رووه في الصحاح عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، انه قال «من أحبّ لقاء اللّه، أحب اللّه لقائه. و من كره لقاء اللّه، كره اللّه لقائه»، قيل: يا رسول اللّه انا لنكره الموت ؟ فقال: «ليس ذلك، و لكن المؤمن إذا حضره الموت، بشر برضوان اللّه و كرامته، فليس شيء أحبّ إليه ممّا أمامه، فأحب لقاء اللّه و أحبّ اللّه لقائه. و ان الكافر إذا حضره يبشر بعذاب اللّه، فليس شيء أكره إليه ممّا أمامه، فكره لقاء اللّه و كره اللّه لقائه» انتهى. و قد يقال: ان الموت ليس نفس لقاء اللّه، فكراهته من حيث الالم الحاصل منه، لا يستلزم كراهة لقاء اللّه و هذا ظاهر، و أيضا فحب اللّه سبحانه يوجب الاستعداد التام للقائه، بكثرة الاعمال الصالحة، و هو يستلزم كراهة الموت القاطع لها (جه).

17 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ فَإِنَّ اَلظُّهْرَ فَيْحُ جَهَنَّمَ (1).

18 - وَ رُوِيَ : أَنَّ اَلْقِصَاصَ كَانَ فِي شَرْعِ مُوسَى وَ اَلدِّيَةَ حَتْماً كَانَ فِي شَرْعِ عِيسَى فَجَاءَتِ اَلْحَنِيفِيَّةُ اَلسَّمْحَةُ بِتَسْوِيغِ اَلْأَمْرَيْنِ (2).

ص: 387


1- صحيح البخاريّ ، كتاب الصلاة، باب الابراد بالظهر في شدة الحر.
2- لما كانت اليهود، و هم بنوا إسرائيل امة موسى، يكثرون الاساءة و التعنت و ترك الأدب مع نبيهم، و يقترحون عليه، الاقتراحات العظيمة. مثل قولهم له: «أَرِنَا اَللّٰهَ جَهْرَةً » «اِجْعَلْ لَنٰا إِلٰهاً كَمٰا لَهُمْ آلِهَةٌ » حين راوا كفّارا يعبدون صنما لهم «فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ » «إِنّٰا هٰاهُنٰا قٰاعِدُونَ » الى غير ذلك، جاءت التكاليف في التوراة شديدة ثقيلة عليهم مثل قوله: «فَتُوبُوا إِلىٰ بٰارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ » و من أصابته نجاسة من خارج بدنه وجب عليه قرضها، و وجوب القصاص و حدّه. و أمّا امة عيسى فكانوا أرق قلوبا، و أطوع لنبيهم، فكانت تكاليفهم خفيفة. و أما هذه الأمة المرحومة، فكانوا وسطا و خير الأمور أوسطها (جه).

19 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلرَّقِيقِ أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَ أَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ (1)(2).

20 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلْمُطَلَّقَةِ ذَاتِ اَلْوَلَدِ أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تُنْكَحِي(3)(4)(5).

ص: 388


1- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 7:8 باب ما جاء في تسوية المالك بين طعامه و طعام رقيقه، و بين كسوته و كسوة رقيقه.
2- هذا الحديث يدلّ على وجوب الانفاق و الكسوة على الرقيق، على مجرى العادة (معه).
3- الوسائل، كتاب النكاح، باب (81) من أبواب أحكام الاولاد، حديث 4. و لفظ الحديث: (المرأة أحق بالولد ما لم تتزوج. و رواه في المستدرك، كتاب النكاح باب (58) من أبواب أحكام الاولاد، حديث 6. و لفظ الحديث (عن عبد اللّه بن عمر، ان امرأة قالت: يا رسول اللّه، ان ابني هذا كان بطنى له وعاء، و ثديى له سقاء، و حجرى له حواء و ان أباه طلقنى و أراد أن ينتزعه منى ؟ فقال لها النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: انت أحق بها ما لم تنكحى) و سنن أبي داود ج 2، كتاب الطلاق باب (من أحق بالولد) حديث 2276.
4- و هذا يدلّ على ان حضانة الولد للام دون الأب. و ان حضانتها تسقط بنكاحها زوجا آخر (معه).
5- الحضانة بفتح الحاء، الولاية على الطفل، لفائدة تربيته و ما يتعلق بها من مصلحته و حفظه و جعله في سريره و كحله و دهنه و غسل خرقه و ثيابه و نحو ذلك. و لا خلاف عندنا في أن الام أحق بالولد مطلقا، ما لم تتزوج. و هو الموجود في رواية العامّة. و في بعضها الى سبع سنين، و في آخر الى تسع سنين، و في بعضها ان الأب أحق به. و ليس في الجمع فرق بين الذكر و الأنثى. و من فصل رام الجمع بين الاخبار، فحمل ما دل على أولوية الأب، الذكر لانه أنسب بحال تأديبه. و ما دل على أولوية الام على الأنثى. و رجحوا الاخبار الدالة على السبع لأنّها أشهر و أكثر. و حضانة الام مشروط بشروط، أن تكون مسلمة إذا كان الولد مسلما، و أن تكون حرة، و أن تكون فارغة من حقوق الزوج. فلو نكحت سقطت حقها من الحضانة، كما دل عليه خبر الكتاب. و لا فرق عندنا بين تزويجها بقريب الزوج و غيره، عملا باطلاق النصّ خلافا للعامة و أن تكون أمينة، فلا حضانة للفاسقة، لانها لا تؤمن أن تخون في حفظه. و عد بعضهم من الشروط، أن تكون مقيمة، فلو انتقلت الى محل تقصر فيه الصلاة بطل حقها من الحضانة عند الشيخ، و قيل: لو سافر الأب جاز له استصحاب الولد، و سقطت حضانتها أيضا ذكره الشهيد في قواعده، و نقل شرطا ثانيا، و هو أن لا يكون بها مرض يعدى من جذام أو برص. قال صلّى اللّه عليه و آله: «فر من المجذوم فرارك من الأسد» (جه).

21 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ (1)سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب الصدقات، (5) باب العارية، حديث 2400 و مسند أحمد بن حنبل ج 8:5 و 12 و 13. و المستدرك للحاكم ج 13:2، كتاب البيوع.(2)(3).

22 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : عَلَى اَلْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ (3) .

ص: 389


1- سنن ابن ماجه، كتاب الدعاء،
2- باب ما تعوذ منه رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم، حديث 3841. و مسند أحمد بن حنبل ج 96:1 و 118 و 150 و سنن الترمذي، كتاب الدعوات، باب (76) حديث 3493.
3- و هذا الحديث يدلّ على حكمين: عقلى، و شرعى. أما العقلى، فيدل على ان أحدا لا يبلغ معرفته بكنهها، لما تقرر ان معرفته حقيقة غير مقدور، فيبقى المعرفة انما هى بذكر الأوصاف و الأسماء الكمالية و الجمالية. و احصائها أيضا غير ممكن بمقتضى الحديث. فامتنعت المعرفة بوجهيها. و اما الشرعى فيدل على وجوب اجتهاد المكلف في أداء حقه تعالى بحسب الإمكان و ان المكلف و ان بالغ في الاجتهاد في ذلك، لا يبلغ المقدار الواجب له تعالى. و فيه تنبيه على ان التكليف العقلى و الشرعى معا بحسب ما يمكن (معه).

23 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْحَسَنُ وَ اَلْحُسَيْنُ وَلَدَايَ .

24 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اِبْنِي هَذَا سَيِّدٌ يُشِيرُ بِهِ إِلَى اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ .

25 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِيمَنْ صَلَّى وَ هُوَ يُدَافِعُ اَلْأَخْبَثَيْنِ هُوَ كَمَنْ صَلَّى وَ هُوَ مَعَهُ (1)(2).

26 - وَ رُوِيَ عَنْ مَوْلاَنَا اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا تَعَارَضَ اَلاِعْتِكَافُ وَ اَلاِشْتِغَالُ بِقَضَاءِ حَوَائِجِ اَلْإِخْوَانِ نُرَجِّحُهَا عَلَيْهِ (3)(4).

27 - وَ رُوِيَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اِسْتَعَارَ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ دِرْعاً فَقَالَ أَ غَصْباً يَا رَسُولَ اَللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لاَ بَلْ عَارِيَةً مَضْمُونَةً (5) (6) .

ص: 390


1- المستدرك، كتاب الصلاة، باب (8) من أبواب قواطع الصلاة، حديث 3، نقلا عن العوالى عن الشهيد قدّس سرّه.
2- هذا الحديث يدلّ على ان الاشتغال بالصلاة مع مدافعة الاخبثين شديد الكراهة لجعله إيّاه بمنزلة المحدث (معه).
3- الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (28) من أبواب فعل المعروف حديث 3. و المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (27) من أبواب الامر بالمعروف، حديث 4.
4- و هذا يدلّ على ان الاشتغال بقضاء حوائج الاخوان، أفضل من الاشتغال بالاعتكاف (معه).
5- الوسائل، كتاب العارية، باب (2) من أبواب أحكام العارية، حديث 1.
6- و بهذا استدلّ جماعة من العلماء، على ان العارية يلزمها الضمان على المستعير، سواء شرط الضمان فيها أو لا، بناء على ان (مضمونة) في الحديث صفة للعارية. و قال آخرون: العارية لا تضمن الا مع شرط الضمان، لان قوله عليه السلام: (مضمونة) شرط منه لضمانها، لا انها صفة للعارية (معه).

28 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْحُمَّى مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ (1). 29 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: فَأَبْرِدُوهَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ .

30 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : خَمْسَةُ فَوَاسِقَ يُقْتَلْنَ فِي اَلْحِلِّ وَ اَلْحَرَمِ وَ ذَكَرَ مِنْهَا اَلْغُرَابَ (2). 31 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: تَقْيِيدُ اَلْغُرَابِ بِالْأَبْقَعِ (3).

32 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَبِيعُوا اَلذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ (4)(5). 33 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: إِلاَّ يَداً بِيَدٍ وَ لاَ تَبِيعُوا مِنْهَا شَيْئاً غَائِباً بِنَاجِزٍ حَاضِرٍ(6).

34 - وَ رُوِيَ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَمَرَ أَعْرَابِيّاً بِفَتْحِ اَلْقِرَاءَةِ عَلَى مَنِ اِرْتَجَّ (7)

ص: 391


1- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب الطبّ (19) باب الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء، حديث 3471 و 3472.
2- صحيح مسلم، كتاب الحجّ (9) باب ما يندب للمحرم و غيره قتله من الدوابّ في الحل و الحرم، حديث 68-79.
3- صحيح مسلم، كتاب الحجّ (9) باب ما يندب للمحرم و غيره قتله من الدوابّ في الحل و الحرم، حديث 67.
4- المستدرك، كتاب التجارة، باب (1) من أبواب الصرف، حديث 5.
5- هذا الحديث و ما بعده يدلان على ان الصرف مشروط بأمرين. التماثل في القدر إذا اتحد الجنس و التقابض في المجلس (معه).
6- المستدرك، كتاب التجارة، باب (2) من أبواب الصرف، حديث 2.
7- و منه حديث ابن عمر، انه صلى بهم المغرب، فقال: و لا الضالين. ثم ارتج عليه، أي استغلقت عليه القراءة. و منه أمرنا بارتاج الباب، أي اغلاقة (النهاية).

عَلَيْهِ (1)المرأة الحامل المتوفى عنها زوجها، وردت أربع روايات معتبرات الاسناد، في انه لا نفقة لها، و عمل بها الفاضلان. و ساير المتأخرين. و وردت رواية واحدة في الانفاق عليها من نصيب حملها، و عمل بها الشيخ و الاكثر، و الأول هو الأقوى (جه).(2) (3) .

35 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْأَئِمَّةِ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ جَوَازُ اَلشِّرَاءِ مِمَّنْ أَقَرَّ أَنَّهُ اِشْتَرَى مَا يَبِيعُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَ قَالُوا لَوْ لاَ هَذَا لَمَا قَامَ لِلْمُسْلِمِينَ سُوقٌ (4).

36 - وَ رَوَى اَلْأَصْحَابُ : أَنَّ نَفَقَةَ اَلْحَامِلِ مِنْ نَصِيبِ اَلْحَمْلِ (5). 37 - وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى لَهُمْ : لاَ نَفَقَةَ لَهَا(6)(7)(7)(8).

ص: 392


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (43) من أبواب القراءة، حديث 2 و 3، و في باب
2- من أبواب صلاة الجماعة، حديث 1 و 3، ما بمعناه، و لفظ الحديث: (عن محمّد بن مسلم قال: سئل أبو عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يؤم القوم فيغلط؟ قال: يفتح عليه من خلفه).
3- هذا الحديث يدلّ على ان من غلط في قراءة الصلاة، و حصل من ردّ عليه غلطه و ينبه عليه، لم تبطل صلاته بمجرد الغلط. فأما لو لم يحصل من يفتح عليه، فان كان في الفاتحة بطلت صلاته، و ان كان في السورة وجب أن يعدل الى غيرها (معه).
4- و هذا يدلّ على ان ما في يد الإنسان و تحت تصرفه، يجوز شرائه منه، و ان كان قد أخبر انه كان في ملكية غيره، قبله، و ذلك من باب ترجيح الظاهر على الأصل. و انما رجح الظاهر هنا، لتعليله بما ذكره في الحديث، و هو ضرورة نظام المعاش. اذ لا يستقيم بدون السوق، و السوق لا يستقيم بدون ذلك، و لا يتعدى هذا الحكم الى غير هذه الصورة، كذات الزوج لو أخبرت بالطلاق من زوجها، بل يبنى فيه على الأصل نعم يقبل دعوى الوكالة (معه).
5- الوسائل، كتاب النكاح، باب (1) من أبواب النفقات فلاحظ.
6- الوسائل، كتاب النكاح، باب (9) من أبواب النفقات فلاحظ.
7- و هذه أرجح، لكثرة العامل بها إذا لم يكن مطلقة (معه).
8- أقول: ما ورد في الانفاق عليها من نصيب حملها، أكثر من رواية واحدة كما ادعاه الشارح قدّس سرّه بل رواه الصدوق روح اللّه روحه في كتابه المضمون، فراجع (المصحح).

38 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فِي قِصَّةِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ أَنَّهُ قَالَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ اَللَّهِ بْنَ زَمْعَةَ اَلْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَ اِحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ (1)(2)(3).

39 - وَ رُوِيَ عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : فِي اَلَّذِي وَطِئَ أَمَتَهُ وَ وَطِئَهَا أَجْنَبِيٌّ فُجُوراً وَ حَصَلَتْ أَمَارَةٌ عَلَى كَوْنِ اَلْوَلَدِ لَيْسَ مِنْهُ أَنَّهُ لاَ يَبِيعُهُ وَ لاَ يُوَرِّثُهُ مِيرَاثَ

ص: 393


1- رواه أحمد بن حنبل في مسنده، ج 37:6 و 129، و لفظ ما نقله هكذا: (عن عائشة انها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص و عبد اللّه بن زمعة الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم، فقال سعد: يا رسول اللّه ابن أخى عتبة بن أبي وقاص، عهد الى انه ابنه، انظر الى شبهه. و قال عبد اللّه بن زمعة: هذا أخى يا رسول اللّه ولد على فراش أبى، فنظر رسول اللّه الى شبهه، فرأى شبها بينا بعتبة، فقال: «هو لك يا عبد اللّه بن زمعة، الولد للفراش و للعاهر الحجر، و احتجبى منه يا سودة ابنة زمعة». قالت: فلم ير سودة قط).
2- هذا من باب العمل بالاصلين المتنافيين، أخذا بالاحتياط، فان الحديث دل على الحاق الولد بالفراش، الذي كان لابن زمعة، بناء على الأصل. و أمر سودة بالاحتجاب عنه، لاجل الشك الطارئ على الفراش، و هو كونه متولدا عن الزنا، لاجل شبهة كان له بسعد بن أبي وقاص، فأمر بالاحتجاب عملا بهذا الأصل، و اتبعه بابن زمعة. و هو كان أخا لسودة عملا باصل الفراش، فجمع بين الحكمين تبعا للاصلين، أخذا بالاحتياط (معه).
3- يجوز أن يكون أمر عمته بالاحتجاب منه، لما فيه من لحوق العار بين الناس لمكان الزنا بامه، و الناس تلحقه بالزانى و الزانية كما في هذه الاعصار، فلم يرض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله بدخوله منزله، و نظره الى امرأته (جه).

اَلْأَوْلاَدِ(1)(2).

40 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يُرِيبُكَ (3)(4).

41 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِتَّقَى اَلشُّبُهَاتِ فَقَدِ اِسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ (5)(6).

ص: 394


1- الوسائل، كتاب النكاح، باب (55) من أبواب نكاح العبيد و الإماء، حديث 1-5.
2- ليس المراد بالامارة هنا، الصفات. بل المراد بها اما كون الواطى ممن لا يحبل عادة، أو كان يعزل عنها، أو كان يطأ في الدبر. و هذه الرواية فيها العمل بالاصلين المتنافيين، أخذا بالاحتياط كالرواية السابقة (معه).
3- الوسائل، كتاب القضاء، باب (12) من أبواب صفات القاضي حديث 56 نقلا عن الشهيد في الذكرى. و رواه الحاكم في المستدرك ج 13:2 كتاب البيوع و في آخره (فان الخير طمأنينة و ان الشر ريبة).
4- الريبة في الأصل بمعنى غلق النفس و اضطرابها، سمى به الشك، لانه يقلق النفس، و يزيل الطمأنينة. و هذا الحديث رواه الحسن بن عليّ عن جده رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و نقله في الكشّاف استشهادا على ان الريبة بمعنى قلق النفس و اضطرابها لا الشك. لان مقابلته بالطمأنينة يشعر بذلك. و معنى الحديث على ما ذكره شراح الكشّاف: دع الامر الذي ترى نفسك مضطربة فيه، و الزم الذي تطمئن نفسك فيه، لان اضطراب قلب المؤمن في شيء علامة كونه باطلا. و قال بهاء الملّة و الدين: و ظنى انه يمكن أن يجعل استشهادا على الفلق و الشك: أى دع ما تشك فيه، عادلا الى المعلوم الذي لا تشك فيه. و قد تقدم ان هذا الخبر أصل من الأصول يجرى فيه ما لا يحصى من الموارد الا ان بعضهم أفرط في تعديه الى غير موارده، كما سبق في القضاء صلاة لا وجه لقضائها (جه).
5- الوسائل، كتاب القضاء، باب (12) من أبواب صفات القاضي، حديث 57.
6- و هذا يدلّ على ما دل عليه حديث التمرة، و هو وجوب اجتناب المشتبه بالحرام لاصالة الوجوب في لفظ الامر، الا أنّه ينبغي أن يقيد بالمحصور، لئلا يلزم الحرج (معه).

42 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَكَ أَنْ تَنْظُرَ اَلْحَزْمَ وَ تَأْخُذَ اَلْحَائِطَةَ لِدِينِكَ (1).

43 - وَ رَوَى اَلسَّكُونِيُّ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي اَلرَّجُلِ يُقَالُ لَهُ هَلْ طَلَّقْتَ اِمْرَأَتَكَ فَيَقُولُ نَعَمْ قَالَ قَدْ طَلَّقَهَا حِينَئِذٍ(2)(3)(4).

44 - وَ رَوَى اِبْنُ عَبَّاسٍ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي اَلْخَطَأَ وَ اَلنِّسْيَانَ وَ مَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ . وَ رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَةَ وَ اَلدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَ صَحَّحَهُ اَلْحَاكِمُ فِي اَلْمُسْتَدْرَكِ وَ هُوَ مَرْوِيٌّ لَنَا عَنْ أَهْلِ اَلْبَيْتِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ (5) (6) .

ص: 395


1- الوسائل، كتاب القضاء، باب (12) من أبواب صفات القاضي، حديث 58.
2- الوسائل، كتاب الطلاق، باب (16) من أبواب مقدماته و شرائطه، حديث 6.
3- هذه الرواية ضعيفة السند، و قد عمل بمضمونها جماعة من الطائفة (معه).
4- عمل الشيخ و أتباعه بهذا الحديث، و بان قوله: صريح في إعادة السؤال على سبيل الانشاء. و الصريح في الصريح، صريح فيه و لهذا إذا قيل: لزيد في ذمتك مائة درهم ؟ فقال: نعم، كان إقرارا. و رده المتأخرون كالفاضل و متابعيه بضعف السند. و بانه لا يلزم من تضمن نعم، مقتضى السؤال، أن يكون بمنزلة لفظه. و لان الأصل ممنوع فانه لو قال طلقت فلانة، لا يقع عندهم، و كذا ما دل عليه، و احتج العلامة للمنع برواية البزنطى في جامعه عن الباقر عليه السلام انما الطلاق أن يقول لها: أنت طالق، يعنى لا يكفى أن يقال: أنت حرام على، أو باينة و نحو ذلك. و الاحتياط للفروج يقتضى المصير الى قواعد الاصحاب (جه).
5- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (3) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 2. و المستدرك للحاكم ج 198:2، كتاب الطلاق، و قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه. و سنن ابن ماجه كتاب الطلاق (16) باب طلاق المكره و الناسى، حديث 2043 و 2045. و سنن الدارقطني ج 171:4، حديث 33 و 34.
6- و لا بدّ في هذا الحديث من تقدير مضمر، و يسمى المقتضى. و اختلف الاصوليون في عمومه، فعلى العموم يجب اضمار الاثم و الحكم، و على عدمه يجب اضمار أحدهما. و قد يصحّ اضمار الجميع، كما في الحديث الذي يليه، لان فيه دلالة على اضمار جميع التصرفات المتعلقة بالشحوم، فانها كلها محرمة، و الا لما صح توجه الذم على البيع. و أيضا فان الواقع في بعض الاحكام، ارتفاع الحكم خاصّة، كناسى الجمعة، و المتكلم في الصلاة كذلك، و فاعل المفطر في الصوم، و كذا من صلى بغير طهارة خطاء، أو تطهر بالماء النجس كذلك، أو اكره على أخذ مال غيره. و وقع في بعضها ارتفاع الاثم خاصّة، كناسى صلاة الظهر، و المخطئ في جهة القبلة، لوجوب القضاء، فالمرتفع انما هو المؤاخذة و الاثم. هذا في النسيان و الخطاء المتعلق بالافعال. اما إذا تعلق بالماهيات، فاما أن لا يتعلق بالغير، كأكل النجس، أو جهل المشروب و كان خمرا، و فيها يرتفع الحكم و الاثم. و ما يتعلق بالغير، كأكل الوديعة نسيانا أو خطاء، و المرتفع هنا الاثم دون الضمان. و ما يتعلق بحق اللّه و العباد معا، كالقتل خطاء أو نسيانا، و هذا يرتفع فيه الاثم دون الحكم، لوجوب الكفّارة و الدية، و مثله وجوب القيمة على النائم المتلف و الصبى و المجنون، مع عدم التكليف، فصار الظاهر من الحديث إرادة اضمار الجميع (معه).

45 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : لَعَنَ اَللَّهُ اَلْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ اَلشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَ أَكَلُوا أَثْمَانَهَا - رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (1).

46 - وَ رُوِيَ : أَنَّ غَيْلاَنَ بْنَ سَلَمَةَ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ فَقَالَ لَهُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اِخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعاً وَ فَارِقْ سَائِرَهُنَّ وَ كَذَا وَقَعَ لِحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ وَ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ اَلثَّقَفِيِّ وَ أَمَرَهُمُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ بِذَلِكَ وَ هُوَ مِنْ بَابِ تَرْكِ

ص: 396


1- صحيح مسلم، كتاب المساقاة (13) باب تحريم بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الأصنام، حديث 72.

اَلاِسْتِفْصَالِ مَعَ قِيَامِ اَلاِحْتِمَالِ (1) (2) (3) .

47 - وَ رُوِيَ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ وَ قَدْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا تُسْتَحَاضُ إِنَّ دَمَ اَلْحَيْضِ أَسْوَدُ يُعْرَفُ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ اَلصَّلاَةِ وَ إِذَا

ص: 397


1- مسند أحمد بن حنبل ج 13:2 و 14 و 44، و سنن الدارقطنى، كتاب النكاح باب المهر، حديث 93-104، و سنن ابن ماجه، كتاب النكاح (4) باب الرجل يسلم و عنده أكثر من أربع نسوة، حديث 1952 و 1953.
2- معناه الحكم بالظاهر، و ان كان يحتمل مع الاستفصال ما يخالف الظاهر. فانه لا يجب الاستفصال مع ذلك الاحتمال، بل يجوز البناء على الظاهر و الحكم به، بناء على الأصل. فهو من باب العمل بالاصل و ترك الظاهر. و الاستفصال الذي تركه عليه السلام، مع قيام الاحتمال، هو أنّه لم يسأل ان العقد عليهن، هل كان دفعة أو على التعاقب، مع ان الحال كان محتملا لهما. و بين الامرين تفاوت بالنسبة الى شرع الإسلام. فانه إذا كان العقد عليهن دفعة، كان التخيير واقعا في موقعه لتساوى نسبته الى الجميع فصحته في البعض دون البعض ترجيح بلا مرجح، فكان السبيل هو التخيير. و أمّا إذا تعاقب، وجب صحة عقد السابقات، و بطلت اللاحقات. و هو عليه السلام، لا يسأل عن كيفية العقد، بل حكم بالتخيير مطلقا، و فيه دلالة على صحة العقد على الوجهين بالنسبة الى حكم أهل الكفر إمضاء لما فعلوه. و تأول بعضهم هذا الحديث، بان حمله على استيناف العقد على أربع يختارهن و يكون المعنى اختر أربعا باستيناف العقد عليهن، بناء على انه لا يجوز ان يقره على العقد الواقع في الكفر. و هو من التاويلات البعيدة (معه).
3- قال شيخنا الزينى: لا فرق في جواز تخيير من شاء منهن، من تقدم نكاحها أو تأخر، أو اقترن عندنا. لان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال لغيلان: «امسك أربعا و فارق سائرهن، من غير استفصال، و هو يفيد العموم (انتهى). و قد تقدم ان الجمهور خالفونا في ذلك، و أوجبوا امساك من تقدم العقد عليهن في زمان الكفر (جه).

كَانَ اَلْآخَرُ فَاغْتَسِلِي وَ صَلِّي(1)صحيح مسلم، كتاب الجنائز (22) باب في التكبير على الجنازة، حديث 62-67، و سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز (33) باب ما جاء في الصلاة على النجاشيّ حديث 1534-1538، و الوسائل، كتاب الطهارة باب (18) من أبواب صلاة الجنازة حديث 10.(2)(3).

48 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ صَلَّى عَلَى اَلنَّجَاشِيِّ لِأَنَّهُ كَانَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ (3) (4) (5) .

ص: 398


1- الوسائل، كتاب الطهارة، باب
2- من أبواب الحيض، حديث 4. و سنن أبي داود ج 1، كتاب الطهارة، باب إذا اقبلت الحيضة تدع الصلاة، حديث 286.
3- و هذا أيضا من باب ترك الاستفصال، مع قيام الاحتمال. و فيه دلالة على عموم المقال، لانه لم يستفصل، انها ذات عادة قبل ذلك، أم لا. و هذه الرواية تدل على وجوب العمل بالتمييز عند وجوده للمستحاضة. و به يستدل على تقديم التميز على العادة (معه).
4- ان حملت الصلاة هنا على الدعاء، لم يدلّ على جواز الصلاة على الميت الغائب قطعا. و ان حملت على المعنى الشرعى، فان قلنا انه رفع له سريره حتّى شاهده كما هو مرويّ . فلا يكون أيضا حجة في جواز الصلاة على الغائب، لان ذلك يكون من خصايصه عليه السلام. و ان لم نقل به، كان حجة فيه على جواز الصلاة على الغائب، ان لم نقل انه حكم في واقعة (معه).
5- قوله (لانه) تعليل للصلاة عليه، يعنى لا يتوهم انه كان كافرا في ظاهر الحال فكيف جاز الصلاة عليه. أو يكون تعليلا للاهتمام بالصلاة عليه، مع كونه بعيدا من المدينة و يكون حاصل المعنى، انه كان مؤمنا و كان يكتم ايمانه. و هو أعظم أجرا، لما روى ان أبا طالب يؤجر على ايمانه مرتين، مرة للايمان، و مرة للكتمان. و تفصيل هذا الحديث ما رواه الصدوق في كتاب الخصال عن محمّد بن القاسم المفسر، عن يوسف بن محمّد بن زياد، عن أبيه عن الحسن بن عليّ العسكريّ ، عن آبائه عليهم السلام، ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما أتاه جبرئيل بنعى النجاشيّ ، بكى بكاء حزين عليه، و قال: «ان أخاكم أصحمة - و هو اسم النجاشيّ - مات»، ثمّ خرج الى الجبانة، و صلى عليه، و كبر سبعا، فخفض له مرتفع حتّى رأى جنازته، و هو بالجنة. و روى الشيخ طاب ثراه انه لم يصل على النجاشيّ ، و لكن دعى له. و رجح بعضهم رواية الشيخ، لنقاوة سندها، و لبعدها عن قول العامّة، لانهم رووا الصلاة على النجاشيّ و استدلّ به الشافعى على جواز الصلاة على الغائب، و العلامة في المنتهى حمل الصلاة الواقعة في خبر الكتاب، على الدعاء، قال: و لا ينافيه التكبير لانه أيضا دعاء، و ربما دل عليه إضافة التكبيرتين، ليخرج بهما عن حقيقة صلاة الأموات. و للعلامة قول آخر: و هو أن تكون الصلاة مخصوصة بالرسول (صلّى اللّه عليه و آله) لانه رآه (جه).

49 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ (1).

50 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي اَلْغَنَمِ اَلسَّائِمَةِ اَلزَّكَاةُ (2).

51 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا وَلَغَ اَلْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعاً إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ (3).

ص: 399


1- الوسائل، كتاب الزكاة، باب (6) من أبواب زكاة الانعام، حديث 1، عن أبي عبد اللّه عليه السلام. و سنن ابن ماجه، كتاب الزكاة، (باب صدقة الغنم) حديث 1805. و سنن أبي داود ج 2، كتاب الزكاة، (باب في زكاة السائمة) حديث 1568.
2- لم نعثر في كتب الحديث على هذه العبارة، و في المستدرك، كتاب الزكاة باب (6) من أبواب زكاة الانعام، حديث 1. عن دعائم الإسلام، ما هذا لفظه: (عن جعفر بن محمّد عليهما السلام، انه قال: الزكاة في الإبل و البقر و الغنم السائمة).
3- التاج الجامع للأصول، ج 84:1، كتاب الطهارة، في الفصل الأول من الباب الثالث، (فى تطهير جلد الميتة، و النجاسة الكلبية، و لفظ ما رواه: (عن أبي هريرة عن النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم قال: «إذا ولغ الكلب في اناء احدكم، فليرقه ثمّ ليغسله سبع مرار»، و في رواية اولاهن، أو احداهن بالتراب، و في أخرى السابعة بالتراب. رواه الخمسة، و المحلى ج 110:1 مسئلة 127، و نيل الاوطار ج - 46 (باب اعتبار العدد في الولوغ).

52 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْأَئِمَّةِ : ثَلاَثاً(1). 53 - وَ رَوَى بَعْضُ اَلْعَامَّةِ : آخِرُهُنَّ بِالتُّرَابِ (2). 54 - وَ رَوَيْنَا وَ رَوَوْا: أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ (3)(4).

55 - وَ رُوِيَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يَقْضِي اَلدُّيُونَ عَنِ اَلْمَوْتَى (5) .

ص: 400


1- المستدرك، كتاب الطهارة، باب (1) من أبواب الاسئار، حديث 1.
2- سنن ابن ماجه. ج 1، أبواب الطهارة (68) باب ما جاء في سؤر الكلب، حديث 91.
3- صحيح مسلم، كتاب الطهارة، (27) باب حكم ولوغ الكلب، حديث 91 و الوسائل، كتاب الطهارة، باب (1) من أبواب الاسئار حديث 4.
4- اذا ولغ الكلب في الاناء، و هو شربه منه بطرف لسانه، نجس عند علماء الإسلام، سوى مالك. و شذوذ من علمائهم، حيث ذهبوا الى عدم نجاسة الماء، تعويلا على ما روى انه (صلّى اللّه عليه و آله) سئل عن الحياض التي بين مكّة و المدينة، تردها السباع و الكلاب ؟ قال لها: «ما شربت في بطونها، و لنا ما أبقت شرابا و طهورا». و الجواب انه محمول على الماء الكثير، كما هو الظاهر من الحياض. و أمّا عدد الغسلات، فقد وقع الاختلاف فيه بين علماء الإسلام، فقال علمائنا أجمع: الا ابن الجنيد، انه يجب غسله ثلاث مرّات احداهن بالتراب، لكن قال الشيخ المفيد: وسطاهن، و الشيخ الطوسيّ اولاهن، و هو المشهور. و قال السيّد طاب ثراه: احداهن بالتراب. و ظاهر الصدوقين، التخيير. و قال الشافعى: يغسل سبع مرّات، احداهن بالتراب، و هو قول ابن الجنيد. و عن أحمد يغسل ثماني مرّات، الثامنة بالتراب و قال أبو حنيفة: لا يجب العدد في شيء من النجاسات، بل الواجب الغسل حتّى يغلب الظنّ بزوال النجاسة. و ما قاله علمائنا هو الصواب، للاتفاق على روايته، و يحمل ما زاد عليه، ان صح، على الاستحباب (جه).
5- الوسائل، ج 13 من الطبعة الحديثة، كتاب التجارة، باب (9) من أبواب الدين و القرض، فراجع. و مسند أحمد بن حنبل ج 215:3 و 296 و ج 74:6 و 154 و صحيح مسلم، كتاب الفرائض (4) باب من ترك مالا فلورثته، حديث 14-17. و سنن ابن ماجه، ج 1 (فى المقدّمة) (7) باب اجتناب البدع و الجدل، حديث 45، و ج 2 كتاب الصدقات (13) باب من ترك دينا أو ضياعا فعلى اللّه و على رسوله، حديث 2415 و 2416. و أيضا ج 2، كتاب الفرائض (9) باب ذوى الارحام، حديث 2738.

56 - وَ اَلْمَرْوِيُّ عَنْ أَهْلِ اَلْبَيْتِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : أَنَّ عَلَى اَلْإِمَامِ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهُ (1).

57 - وَ رُوِيَ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لَمَّا أَقَرَّ أَهْلُ خَيْبَرَ عَلَى اَلذِّمَّةِ قَالَ أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّ اَللَّهُ (2)(3).

58 - وَ نُقِلَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ أَمَرَ بِالْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ وَ قَامَ لَهَا ثُمَّ قَعَدَ مَرَّةً أُخْرَى

ص: 401


1- الوسائل، ج 13 من الطبعة الحديثة، كتاب التجارة، باب (9) من أبواب الدين و القرض فلاحظ.
2- صحيح البخاريّ ، ما جاء في الحرث و المزارعة، باب إذا قال ربّ الأرض: (اقرك ما اقرك اللّه و لم يذكر أجلا معلوما). و كتاب الشروط، باب (اذا اشترط في المزارعة، اذا شئت اخرجتك، و لفظ الحديث: (ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم كان عامل يهود خيبر على أموالهم، و قال نقركم ما أقركم اللّه).
3- فائدة هذا الحديث، ان الامام يشارك النبيّ صلّى اللّه عليهم في أفعاله، كما تقدم في خبر القضاء في دين الأموات. فأما هنا في هذا التقرير، فهل يشاركه الامام ؟ قيل: لا، لانه عليه السلام قال: (ما اقركم اللّه). و فيه دلالة على ان فعله عليه السلام مرتبط بالوحى، و ذلك غير حاصل للامام. و قيل: بالمشاركة، عملا بعموم المقام، و لا يكون ذلك مشروطا بكون ذلك مرتبطا بالوحى في حقّ الامام. لانه غير متعبد به، بل يكون مرتبطا بما يظهر له من طريق المصلحة، ان قلنا بجواز اجتهاده، و الا فيما يظهر له من الالهام، كما يظهر للنبى (صلّى اللّه عليه و آله) بطريق الوحى، كل منهما في مقامه (معه).

فَكَانَ اَلثَّانِي نَاسِخاً (1) (2) (3) .

59 وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لِهِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ اِمْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ حِينَ قَالَتْ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لاَ يُعْطِينِي وَ وُلْدِي مَا يَكْفِينِي فَقَالَ لَهَا خُذِي لَكِ وَ لِوُلْدِكِ مَا

ص: 402


1- صحيح مسلم ج 2، كتاب الجنائز، (24) باب القيام للجنازة. و (25) باب نسخ القيام للجنازة، و لفظ بعض الأحاديث (عن على قال: رأينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم قام فقمنا و قعد فقعدنا. يعنى في الجنازة).
2- و لهذا كرهوا القيام للجنازة، و هذا من باب تعارض القول و الفعل، و رجح الفعل، لانه أقوى. و كان أرجح في النسخ (معه).
3- قال العلامة طاب ثراه في المنتهى: إذا مرت جنازة لم يستحب لها القيام، اذا لم يرد تشييعها، و به قال الفقهاء. و قال جماعة من الصحابة كأبى سعيد الخدريّ و غيره بوجوب القيام لها، و عن أحمد رواية بالاستحباب. لنا ما رواه الجمهور عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كان آخر الامر من رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم ترك القيام لها. و في حديث ان يهوديا رأى النبيّ قام للجنازة فقال: يا محمّد هكذا نصنع، فترك النبيّ القيام لها. احتج المخالف بما رواه أبو سعيد الخدريّ ان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قال: اذا رأيتم الجنازة فقوموا. و الامر للوجوب. و احتج أحمد بقول عليّ عليه السلام قام رسول اللّه ثمّ قعد. و الجواب عن الأول، ان المراد بذلك القيام للاتباع، و لانه منسوخ و قد بيناه، و عن الثاني بذلك أيضا. على انه يحتمل ما نقله الاصحاب من الحسين عليه السلام، انه مرت جنازة يهودى و كان رسول اللّه على طريقها، فكره أن تعلو رأسه جنازة يهودى، فقام لذلك (جه).

يَكْفِيكِ بِالْمَعْرُوفِ (1)صحيح مسلم ج 3، كتاب الجهاد، (13) باب استحقاق القاتل سلب القتيل حديث 41.(2) (3) (4) .

60 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ (4)(5).

ص: 403


1- سنن ابن ماجه ج 2، كتاب التجارات (65) باب ما للمرأة من مال زوجها، حديث 2293. و صحيح مسلم ج 3، كتاب الاقضية،
2- باب قضية هند، حديث 7-9.
3- و هذا يدلّ على ان من له حقّ على غيره، و هو غير باذل له، و تمكن من أخذ شيء من ماله في مقابل حقه، جاز. له أخذه، بنية انه عن حقه، سواء كان مماثلا للحق، أو مخالفا له، ان قيل: إنّه افتاء، فيجوز المقاصة باذن الحاكم و بدونه. و ان قيل: إنّه تصرف بالقضاء، لم يجز الاخذ الا بقضاء قاض. و لا ريب ان حمله على الافتاء أولى، لان تصرفه عليه السلام بالتبليغ أغلب، و الحمل على الغالب أولى (معه).
4- هذا هو المفتى به بين علمائنا، من جواز التقاص، لكن الشيخ طاب ثراه لم يجوزه من الوديعة، لورود النهى عنه. و الظاهر حمله على الكراهة، جمعا بين الاخبار. و هذا كله لا إشكال فيه. و انما الاشكال في مانع الحقوق من الزكاة و الخمس و نحوهما، فهل يجوز للفقراء من أهل الزكاة و أهل الخمس أن يأخذوا شيئا من ماله، مقاصة عمالهم في ذمته، أو عين ماله الذي هم شركاء فيه، أم لا يجوز ذلك و بناء على ان الحق فيه، أم لا يجوز ذلك ؟ و بناء على ان الحق فيه، مقصور عليهم، لانه لو أعطى جاز له أن يعطى غيرهم، و للتوقف فيه مجال (جه).
5- و هذا أيضا يحتمل أن يكون التصرف فيه، تصرف الإمامة. و يحتمل أن يكون فتوى، فعلى الثاني يعم، و به قال ابن الجنيد. و على الأول يتوقف على اذن الامام، و قواه الشهيد. اما (أولا) فلان القضية في واقعة، فيختص بها، و اما (ثانيا) فلان الغنيمة للغانمين، فخروج السلب منها ينافى الظاهر. و اما (ثالثا) فلتأدية ذلك على الحرص على قتل ذى السلب فلا ينتظم المجاهدة. اما (رابعا) فلانه مفسد للاخلاص الواجب في الجهاد. فان قلت: كيف جاز شرطه منه صلّى اللّه عليه و آله ؟ قلت: ذلك عند مصلحة غالبة على تلك المفاسد (معه).

61 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ وَ اَلْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ (1)الوسائل، كتاب الطهارة، باب (8) من أبواب مقدّمة العبادات، حديث 9 و باب (12) من تلك الأبواب، حديث 7، ما يقرب من ذلك. و في المستدرك، كتاب الطهارة، باب (8) من أبواب مقدّمة العبادات، أيضا كذلك.(2)(3).

62 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي اَلْحَدِيثِ اَلْقُدْسِيِّ : مَنْ عَمِلَ لِي عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي تَرَكْتُهُ لِشَرِيكِهِ (3).

63 - وَ قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَا عَبَدْتُكَ طَمَعاً فِي جَنَّتِكَ وَ لاَ خَوْفاً مِنْ نَارِكَ وَ لَكِنْ وَجَدْتُكَ أَهْلاً لِلْعِبَادَةِ فَعَبَدْتُكَ (4)(5).

ص: 404


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب
2- من أبواب الاذان و الإقامة، حديث 6 و لفظ الحديث (قال الصادق عليه السلام: فى المؤذنين، انهم الامناء). و المستدرك كتاب الصلاة، باب (3) من أبواب الاذان و الإقامة، حديث 1، نقلا عن عوالى اللئالى.
3- و هذا الحديث دال على اشتراط العدالة فيهم، حتى في امام الجماعة. و فيه دلالة على ان خطائهم فيما يتعلق بحق الغير مضمون عليهم، اما في أموالهم أو في بيت المال (معه).
4- و هذا الحديث و السابق عليه يدلان على وجوب النية في العمل، و وجوب الإخلاص فيها. و في الثاني دلالة على النهى عن العمل الا مع قصد الإخلاص (معه).
5- معنى الإخلاص على ما قاله الاكثر، ان لا يقصد بالعمل ثواب، و لا خلوص من عقاب. بل وجه اللّه سبحانه و كونه مستحقا للعبادة. و يرشد إليه ما روى انه سبحانه لو لم يخلق جنة و لا نارا، اما كان مستحقا للعبادة ؟ بل ظاهر بعض المحققين، ان معنى الحديث الأول راجع الى هذا. لان قصد الجنة و الخوف من النار شرك في العبادة. و الحق ان هذا القصد غير مناف للاخلاص. بل المنافى له ظاهرا، انما هو الريا و نحوه. و ذلك ان الآيات و الاخبار متظافرة في الدلالة على صحة العبادة بهذا العزم، الا انه كما ورد في الحديث المعتبر ان من قصد الجنة بعبادته، فهى عبادة التجار، و من قصد الخلاص من النار، فهى عبادة العبيد، و من قصد اللّه سبحانه في عبادته، فهى عبادة الاحرار، و هي أفضلهن، و قد سبق الكلام فيه (جه).

64 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اِسْتَحْيُوا مِنَ اَللَّهِ حَقَّ اَلْحَيَاءِ (1).

65 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اُعْبُدِ اَللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَرَهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ (2)(3).

66 - وَ قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : وَ قَدْ سَأَلَهُ ذِعْلِبٌ اَلْيَمَانِيُّ أَ رَأَيْتَ رَبَّكَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَ فَأَعْبُدُ مَا لاَ أَرَى فَقَالَ كَيْفَ تَرَاهُ قَالَ لاَ تُدْرِكُهُ اَلْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ اَلْعِيَانِ وَ لَكِنْ تُدْرِكُهُ اَلْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ اَلْإِيمَانِ (4) (5) .

ص: 405


1- مسند أحمد بن حنبل ج 387:1.
2- صحيح البخاريّ ، كتاب الايمان، باب سؤال جبرئيل النبيّ صلّى اللّه عليه و آله عن الايمان و الإسلام و الاحسان و علم الساعة. و مسند أحمد بن حنبل، ج 426:2.
3- إشارة الى ان المرتبة الأولى، أعنى قوله: (كانك تراه) أجل و أعظم من الثانية. فمن لم يقدر على تحصيلها وقت العبادة لوساوس الشياطين و اشغالهم قلبه بمآرب الدنيا، فلا ينبغي أن تفوته المرتبة الدنية، فان تحصيلها سهل على أكثر من يتوجه بعبادته (جه).
4- نهج البلاغة، من كلام له عليه السلام، رقم 179.
5- ضبط الشهيد قدس اللّه روحه (ذعلب) بكسر الذال المعجمة و سكون العين المهملة و كسر اللام. و الذعلب في اللغة، الناقة السريعة، و كذلك الذعلبة، ثمّ نقل فسمى به إنسان، و صار علما. و اما حقايق الايمان، فقال كمال الدين ميثم البحرانيّ : المراد بحقايق الايمان، التصديق بوجود اللّه و وحدانيته، و سائر صفاته و اعتبار أسمائه الحسنى. و قال الفاضل المطرزى: فى الغريبين، حقايق الايمان، أي العقائد التي هي عقائد عقلية ثابتة يقينية لا يتطرق إليها الزوال و التغيير، و هي أركان الايمان، و الآثار التي حصلت في القلب من الايمان، و المراد بحقايق الايمان، ما ينتمى إليه تلك العقائد من البراهين العقليّة، فان الحقيقة ما يصير إليه حقّ الامر و وجوبه (انتهى). و حاصل الكلامين من حقايق الايمان، اما البراهين أو مدلولاتها. و في حديث الزنديق النافى للصانع، انه قال: لقد عدد على أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد الصادق عليهما السلام من قدرة اللّه و صنعه حتّى بان لي ان اللّه قد ظهر بينى و بينه، و ذلك ان البراهين النيرة تبرز المعقول بصورة المحسوس، حتى يصحّ الإشارة إليه، بالاشارة الحسية (جه).

67 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : نِيَّةُ اَلْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ (1).

68 - وَ رُوِيَ أَيْضاً: نِيَّةُ اَلْكَافِرِ شَرٌّ مِنْ عَمَلِهِ (2)(3)(4).

ص: 406


1- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب مقدّمة العبادات، قطعة من حديث 3.
2- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب مقدّمة العبادات، قطعة من حديث 3.
3- قيل فيه وجهان. (أحدهما) ان نية كل فعل من أفعال المؤمن، و ان لم يفعل ما نواه خير من عمله لذلك الفعل من غير نية. (و الثاني) ان المراد ان نية المؤمن للايمان، خير من أعماله. و وجه خيرية الأول، ان النية وحدها تحصل بها حسنة، و العمل وحده لا يثمر شيئا، لوقوعه باطلا. و وجه خيرية الثاني، ان نية الايمان مستلزمة للثواب الدائم، لدوامها بدوامه، و أمّا الاعمال فانها منقطعة، فلا يوجب الثواب الدائم، و ما يوجب الثواب الدائم خير، مما لا يوجبه. و يؤيد الوجه الثاني قوله: (و نية الكافر شر من عمله) فانه لا يحتمل الوجه الأوّل فيه (معه).
4- حقيقة الوجه الثاني مصرح به في حديث، رواه صاحب الكافي عن الصادق عليه السلام في معنى هذا الحديث، فقال: ان المؤمن انما خلد في الجنة بنية الايمان لانه نوى أنّه لو خلد في الدنيا، ما الدنيا باقية، كان مستقيما على الايمان. و خلد الكافر في النار بهذه النية، فتكون نية المؤمن خير من عمله، و نية الكافر شر من عمله. و وجه آخر ذهب إليه المحققون من المتأخرين. و هو ان النية الخالصة، أشق من العمل بكثير، خصوصا إذا اعتبر فيها الاقبال على اللّه تعالى و التخلى عن دار الغرور و التحلى بموجبات دار السرور، فيوافق حديث أفضل الاعمال أحمزها. و وجه آخر محكى عن السيّد عطر اللّه مرقده. و هو ان خير ليست أفعل التفضيل. فيكون المراد، نية المؤمن من جملة أعماله الخيرية. أقول: يمكن أن يقال: ان النية من أعمال القلب و العبادة من أعمال البدن، و كما أن القلب أشرف و أفضل من الجوارح، فكذلك أعماله، و كذا الكلام في نية الكافر و أنّها أشر من باقى أعماله (جه). أقول: روى حديث الكتاب، و الحديث الذي استشهد به العلامة الجزائريّ ، في اصول الكافي، كتاب الإيمان و الكفر (باب النية) حديث 2 و 4 (المصحح).

69 - وَ رُوِيَ أَيْضاً: أَنَّ اَلْمُؤْمِنَ إِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ كُتِبَتْ لَهُ بِوَاحِدَةٍ وَ إِذَا فَعَلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْراً(1).

70 وَ رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : وَ قَدْ سَأَلَهُ أَبُو عُمَرَ اَلشَّامِيُّ عَنِ اَلْغَزْوِ مَعَ غَيْرِ اَلْإِمَامِ فَأَجَابَهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِقَوْلِهِ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَحْشُرُ اَلنَّاسَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (2) . 71 - وَ هُوَ أَيْضاً مَرْوِيٌّ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (3).

72 - وَ قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنِ اِخْتَلَفَ إِلَى اَلْمَسْجِدِ [اَلْمَسَاجِدِ] أَصَابَ إِحْدَى اَلثَّمَانِ أَخاً مُسْتَفَاداً فِي اَللَّهِ أَوْ عِلْماً مُسْتَطْرَفاً أَوْ آيَةً مُحْكَمَةً أَوْ رَحْمَةً مُنْتَظَرَةً أَوْ يَسْمَعُ كَلِمَةً تَدُلُّهُ عَلَى هُدًى أَوْ كَلِمَةً تَرُدُّهُ عَنْ رَدًى أَوْ يَتْرُكُ ذَنْباً خَشْيَةً أَوْ حَيَاءً (4)(5).

ص: 407


1- أصول الكافي، كتاب الإيمان و الكفر، (باب من يهم بالحسنة أو السيئة) و الوسائل، كتاب الطهارة، باب (6) من أبواب مقدّمة العبادات، حديث 6-8 و 10 مع اختلاف يسير فلاحظ.
2- و معنى هذا الجواب ان الغازى مع غير الامام، ان كان نيته في غزوه معاونة الظالم، فلا يثاب على غزوه، بل يعاقب عليه. و ان كان نيته في غزوه اظهار شعائر الإسلام و اعزاز كلمة الدين، و ابطال الكفر، اثيب، و لكن الجواب أعم من السؤال (معه).
3- سنن ابن ماجه، كتاب الزهد، (21) باب النية، حديث 4229 و 4230 و مسند أحمد بن حنبل ج 392:2.
4- ثواب الأعمال (ثواب الاختلاف الى المساجد) حديث 1.
5- قال المحقق الشيخ على أعلى اللّه درجته: «الاختلاف» الى الموضع، هو التردد إليه مرة بعد اخرى، و «المستطرف» بالطاء المهملة، و فتح الراء، اسم مفعول من الطرفة بضم الطاء، و هو الشيء النفيس. و «المحكم» ما استقل بالدلالة على معناه من غير توقف على قرينة. و المراد باصابة «الرحمة المنتظرة» اصابة سببها. لان التردد الى المسجد مظنة فعل العبادة التي توجب الرحمة. و يمكن أن يكون المراد ب «ترك الذنب خشية» تركه خوفا من اللّه، نظرا الى ان تكرره الى المسجد يوجب رقة القلب و الالتفاف الى جانب اللّه سبحانه، و ذلك موجب للخوف. و بكون «الحياء» من الناس لان من عهد منه فعل، يستحى ان يرى على ضدها. و يمكن ان يراد عكسه. أو كون الخشية و الحياء من اللّه سبحانه. أو من الناس لان ترك الذنب نعمة على كل حال (جه).

73 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ لِأُمَّتِى عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسُهَا(1)(2).

74 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ اَلْقُدْسِيِّ : مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا اِفْتَرَضْتُ عَلَيْهِ (3)(4).

ص: 408


1- سنن ابن ماجة ج 1 كتاب الطلاق (14) باب من طلق في نفسه و لم يتكلم حديث 2040 و تتمه الحديث (ما لم تعمل به او تكلم به).
2- و فيه دلالة على وجوب التحرز في النية عن الشوائب المبطلة لها، سواء كان عروضها ابتداء أو في الاثناء، الا ما لا ينضبط من هواجس النفس و خواطرها، فانه لا تكليف فيه، لعدم القدرة على نفيه، فيكون معفوا عنه (معه).
3- الأصول، كتاب الإيمان و الكفر، باب أداء الفرائض، و لفظ الحديث (عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال اللّه تبارك و تعالى: «ما تجب الى عبدى، بأحب مما افترضت عليه». و في الوسائل، كتاب الصلاة، باب (17) من أبواب اعداد الفرائض و نوافلها حديث 6. و لفظ الحديث: (عن أبي جعفر عليه السلام. ان اللّه جلّ جلاله قال: «ما يقرب الى عبد من عبادى بشيء أحبّ الى ممّا افترضت عليه الحديث) و مسند أحمد بن حنبل ج 256:6.
4- و فيه دلالة على ان المندوب لا يجوز الاشتغال به، اذا عارض شيئا من الواجبات (معه).

75 - وَ وَرَدَ فِي اَلْخَبَرِ: أَنَّهُ إِذَا أَذَّنَ اَلْمُؤَذِّنُ أَدْبَرَ اَلشَّيْطَانُ وَ لَهُ ضُرَاطٌ فَإِذَا أَحْرَمَ اَلْعَبْدُ بِالصَّلاَةِ جَاءَهُ اَلشَّيْطَانُ فَيَقُولُ اُذْكُرْ كَذَا اُذْكُرْ كَذَا حَتَّى يَصِلَ اَلرَّجُلُ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى(1)(2)(3).

76 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ قَتَلَ اَلْوَزَغَ فِي اَلضَّرْبَةِ اَلْأُولَى فَلَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَ مَنْ قَتَلَهَا فِي اَلضَّرْبَةِ اَلثَّانِيَةِ فَلَهُ سَبْعُونَ حَسَنَةً (4)(5)(6).

ص: 409


1- صحيح مسلم، كتاب الصلاة (8) باب فضل الاذان و هرب الشيطان عند سماعة حديث 19. و مسند أحمد بن حنبل ج 313:2 و لفظ ما روياه (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم إذا نودى بالصلاة الحديث).
2- و لا يلزم من هذا أفضلية الاذان على الصلاة، لجواز أن يكون للوسيلة مزية غير حاصلة في المتوسل إليه، لكن للمتوسل إليه مزايا ينغمر في جملتها تلك المزية (معه).
3- ادبار الشيطان عن الاذان لكونه مقدّمة للصلاة، فيرجع ادباره الى كونه صادرا عن الصلاة، لكنه لما رأى المصلى قد أحرم للصلاة و أقبل إلى اللّه تعالى و أدبر من الدنيا و عن الشيطان، رجع إليه ليصرفه الى ما أدبر عنه (جه).
4- صحيح مسلم ج 4 كتاب السلام (38) باب استحباب قتل الوزغ حديث 147 و سنن أبي داود ج 4، كتاب الأدب، باب في قتل الاوزاغ حديث 5263 و سنن ابن ماجة ج 2، كتاب الصيد، (12) باب قتل الوزغ حديث 3229، من غير نقل (مائة) أو (سبعون).
5- و هذا يدلّ على انه ينبغي للمؤمن أن يكون ذو قوة و عزيمة في الدين، فان الوزغة حيوان ضعيف، لا ينبغي لمن له قوة في الدين، ان لا يقتله في الضربة الأولى حتى يحتاج في قتله الى ضربتين، فانه دال على ضعف العزم (معه).
6- علل ابن عبد السلام كثرة الحسنات في الأولى، بانه إحسان في القتل، فدخل في قول النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «إذا قتلتم فاحسنوا القتلة». أو لانه مبادرة الى الخير، فيدخل تحت قوله تعالى: «فَاسْتَبِقُوا اَلْخَيْرٰاتِ »، و سماه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله الفويسقة، لانها كانت تنفخ النار على إبراهيم عليه السلام، و لم يكن في الأرض دابة الا أطفأت عنه النار. و عن عبد الرحمن بن عوف، كان لا يولد لاحد مولود الا أتى به النبيّ فدعى له، فادخل عليه مروان، فقال: «هو الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون» و الوزغ كما قالوا: أصم و أبرص من نفخة النار. و انما استحب قتل الوزغ لما ورد في الروايات ان بني أميّة يمسخون عند الموت وزغا. و ان عبد الملك بن مروان مسخ عند موته وزغة، ففقدوه فلم يروه. قال أبو جعفر عليه السلام: «فعمدوا الى جذع من النخل و ألبسوه درعا و كفنوه، وضعوه مكانه فدفنوه» و اخبر انه لم يطلع على حاله أحد الا هو عليه السلام، و أولاد عبد الملك. و في حديث ان رجالا من الشيعة كانوا عند الصادق عليه السلام، فذكروا عثمان و نالوا منه، فأتت اليهم وزغة و جعلت تولول و تصوت فقال عليه السلام: «تعرفون ما تقول:؟» قالوا: لا، قال: تقول: لئن لم تكفن عن سب عثمان، لأسب عليكم، و لاجل هذا جاء في الخبر، استحباب الغسل بعد قتلها، لان قاتلها كان خرج من ذنوبه (جه).

77 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَمَّا مَنْ أَسْلَمَ وَ أَحْسَنَ إِسْلاَمَهُ فَإِنَّهُ يُجْزَى بِجَزَاءِ عَمَلِهِ فِي اَلْجَاهِلِيَّةِ وَ اَلْإِسْلاَمِ (1)(2)(3).

ص: 410


1- الذي عثرت عليه بمضمون الحديث في الجملة، ما رواه السيوطي في الجامع الصغير ج 19:1 حرف الهمزة، و لفظه هكذا (اذا اسلم العبد فحسن إسلامه، يكفر اللّه عنه كل سيئة كان زلفها، و كان بعد ذلك القصاص، الحسنة بعشر أمثالها الى سبعمائة ضعف و السيئة بمثلها الا أن يتجاوز اللّه عنها.
2- و هذا يدلّ على ان المتأخر عن الشيء، قد يؤثر فيما يسبق عليه، فان الإسلام الذي اشتمل على المحاسن الواقعة فيه، استلزم ان الاعمال السابقة، كانها داخلة فيه، و شرط في الجزاء ان يحسن إسلامه، و «الاحسان» قيل: هو التقوى، قال الشهيد: و فيه نظر، اذا الظاهر ان الاحسان هو العمل بالاوامر على شرائطها و أركانها، و ارتفاع موانعها (معه).
3- و في بعض الكلمات إشارة إليه، من ان الطاعات السابقة، اذا وقعت على جهة غير القبول، أو وقعت عليه، لكن احبطتها الذنوب المتأخرة عنها، فإذا تدارك المؤمن حاله و أخلص العمل حسبت له تلك الاعمال التي احبطتها الذنوب (جه).

78 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ مِنَ اَلصَّلاَةِ يُقْبَلُ مِنْهَا نِصْفُهَا وَ ثُلُثُهَا وَ رُبُعُهَا وَ إِنَّ مِنْهَا لَمَا يُلَفُّ كَمَا يُلَفُّ اَلثَّوْبُ اَلْخَلَقُ فَيُضْرَبُ بِهَا وَجْهُ صَاحِبِهَا(1).

79 - وَ حُكِيَ عَنْ اَلشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُؤْمِنِ اَلطَّاقِ : أَنَّهُ مَرَّ وَ مَعَهُ بَعْضُ رُؤَسَاءِ اَلْعَامَّةِ فِي سُوقِ اَلْكُوفَةِ عَلَى بَائِعِ رُمَّانٍ فَأَخَذَ اَلْعَامِّيُّ مِنْهُ رُمَّانَتَيْنِ اِخْتِلاَساً ثُمَّ مَرَّ عَلَى سَائِلٍ فَدَفَعَ إِلَيْهِ وَاحِدَةً ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ وَ قَالَ عَمِلْنَا سَيِّئَتَيْنِ وَ حَصَّلْنَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ فَرَبِحْنَا ثَمَانَ حَسَنَاتٍ فَقَالَ لَهُ أَخْطَأْتَ - إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اَللّٰهُ مِنَ اَلْمُتَّقِينَ كَمَا رَوَيْنَاهُ (2) (3) .

ص: 411


1- المراد بالقبول هنا، حصول الثواب عليها. و أمّا الخروج عن عهدة التكليف فيحصل بفعلها على الوجه المأمور. و يمكن أن يكون ذلك مع استحقاق الثواب، لكنه ناقص. و أمّا الملفوفة، فكناية عن حرمانه من معظم الثواب. أو يراد بها هنا غير المجزية لاشتمالها على نوع من الخلل (معه).
2- لعل فعل العامى ذلك لالزام الشيخ أبو جعفر، من حيث قوله: بالاحباط و التكفير، فأجاب أبو جعفر، بان الإحباط و التكفير انما يقع إذا كان موافقا لاحكام الشريعة فان الصدقة بالرمانة انما يصلح أن تكون مكفرة للسيئات الحاصلة بالسرقة، لو كانت الرمانة من حل، حتى تكون الصدقة بها مقبولة عند اللّه (معه).
3- هذا مضمون حديث كما ستعرفه، و لعلّ المصنّف حكاه بالمعنى، فوقع فيه الخلل و الاختلال. و هذا الحديث رواه أصحابنا في كتبهم عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: من اتبع هواه و أعجب برأيه، كان كرجل، سمعت غثاء العامّة تعظمه و تصفه، فأحببت لقائه من حيث لا يعرفنى، لا نظر مقداره و محله، فرأيته في موضع قد أحف به خلق من غثاء العامّة منتبذا عنهم، مغشيا بلثام، انظر إليه و اليهم، فما زال يراوغهم حتّى خالف طريقهم و فارقهم. و لم يقر. فتفرقت العوام عنه لحوائجهم، و تبعته اقتفى أثره، فلم يلبث اذ مر بخباز، فتغفله، فاخذ من دكانه رغيفين، مسارقة، فعجبت منه ثمّ قلت في نفسى، لعله معاملة، ثمّ مر بصاحب رمان، فما زال به حتّى تغفله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة، فعجبت منه. ثم قلت في -

ص: 412

80 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَوَّلُ اَلْوَقْتِ رِضْوَانُ اَللَّهِ وَ آخِرُهُ عَفْوُ اَللَّهِ (1)و هذا يدلّ على ان استعمال الروث غير جائز. و على أن التثليث بالاستنجاء غير واجب (معه).(2).

81 - وَ رُوِيَ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حُمِلَ إِلَيْهِ لِلاِسْتِنْجَاءِ حَجَرَانِ وَ رَوْثَةٌ فَأَلْقَى اَلرَّوْثَةَ وَ اِسْتَعْمَلَ اَلْحَجَرَيْنِ (3) (3) (4) .

82 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ قَالَ لِحَسَّانَ لَمَّا تَيَمَّمَ وَ صَلَّى بِالنَّاسِ أَ تُصَلِّي بِالنَّاسِ وَ أَنْتَ جُنُبٌ (5).

ص: 413


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب
2- من أبواب المواقيت حديث 16.
3- سنن ابن ماجه، ج 1 كتاب الطهارة و سننها (16) باب الاستنجاء بالحجارة و النهى عن الروث و الرمة حديث 314 و في المستدرك: كتاب الطهارة، باب (26) من أحكام الخلوة حديث 5 نقلا عن الشهيد قدّس سرّه.
4- فيه دلالة على ما ذهب إليه أكثر أهل العلم، من وجوب الاستنجاء من الغائط و قال أبو حنيفة: انه سنة و ليس بواجب، و هو رواية عن مالك، و حكى أيضا عن الزهرى و من قوله: (حجران) يستفاد ما هو خلاف المشهور من وجوب الثلاث، و لو حصل النقاء بالاقل. و قال داود و مالك: الواجب الانقاء دون العدد، و هو اختيار المفيد، و في هذا الحديث دلالة عليه. و يمكن حمله على انه عليه السلام أراد الجمع بين الاحجار و الماء لانه أكمل، و حينئذ يكتفى بالحجر و الحجرين، و ان كان الافضل هو الثلاثة. و أمّا الروث فلا يجوز الاستنجاء به باجماع أصحابنا. و أبو حنيفة جاز الاستنجاء بالعظم و الروث و جوزه مالك أيضا (جه).
5- و هذا يدلّ على ان التيمم لا يرفع الحدث. و على ان اقتداء المتطهر بالمتيمم جائز، لكنه مكروه، لانه عليه السلام لم يأمره باعادة الصلاة. و فائدة الإنكار، لتعريف الكراهية. و نقل ابن إدريس عن بعض أصحابنا عدم جواز امامة المتيمم للمتوضئين، و الاخبار على الكراهة (معه).

83 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لِمُعَاذٍ وَ قَدْ بَعَثَهُ قَاضِياً إِلَى اَلْيَمَنِ بِمَ تَحْكُمُ يَا مُعَاذُ فَقَالَ بِكِتَابِ اَللَّهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ قَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي فَقَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اَللَّهِ لاِجْتِهَادِ اَلرَّأْيِ (1) . 84 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: لَمَّا قَالَ أَجْتَهِدُ رَأْيِي قَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ لاَ بَلْ اِبْعَثْ إِلَيَّ أَبْعَثْ إِلَيْكَ (2)(3).

ص: 414


1- مسند أحمد بن حنبل ج 230:5 و 236 و 242.
2- و هذا يدلّ على ان الحاكم لا بدّ أن يكون فقيها، لان سؤاله عليه السلام، انما كان لاستعلام حاله و مرتبته في الفقه. و يدلّ على ترتيب الأدلة، لانه قدم كتاب اللّه في أخذ الحكم منه إذا وجده فيه، ثمّ ثنى بسنة النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، ثمّ ثلث بالاجتهاد و أقره النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على ذلك. ثمّ ان الاجتهاد يحتمل معنيين (أحدهما) استنباط الحكم من الكتاب و السنة، اذا لم يجد الحكم في نصهما، (و الثاني) أن يراد به القياس. و هو ردّ الحكم على الكتاب و السنة، باعتبار استنباط العلة منهما، و لهذا يحتج به أصحاب القياس. لان النبيّ صلّى اللّه عليه و آله، أقره على ذلك، و حمد اللّه على توفيقه له. و في الرواية الثانية دلالة على منعه من الاجتهاد، و عدم إقراره عليه، بل أوجب عليه، أن يرد الحكم إليه صلّى اللّه عليه و آله. فان حملنا الاجتهاد على المعنى الثاني، عملنا بالرواية الثانية، لان القياس غير معمول به في مذهب أهل البيت عليهم السلام. و ان حملناه على الأول، عملنا بالرواية الأولى، و هو تقرير النبيّ صلّى اللّه عليه و آله على ذلك، لان أخذ الحكم و استنباطه عند عدم النصّ في الكتاب و السنة جائز، اذا رده اليهما، عند تعذر رده الى الامام (معه).
3- استدل به العامّة على العمل بالقياس، و أجاب عنه علمائنا قدس اللّه أرواحهم بانه ضعيف دلالة و سندا. أما الدلالة، فلا احتمال إرادة المعاذ، العمل بالبراءة الاصلية و الاستصحاب، و القياس على منصوص العلة، أو طريق الاولوية. و أمّا السند فلان هذا الخبر مرسل باتفاق المحدثين، فلا يثبت به مثل هذا الأصل العظيم (جه).

85 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : صَلاَةٌ فَرِيضَةٌ أَفْضَلُ مِنْ عِشْرِينَ حِجَّةً (1). 86 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَلْفِ حِجَّةٍ (2).

87 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ اَلصَّلاَةُ (3).

88 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : وَ قَدْ سُئِلَ أَيُّ اَلْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ اَلْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَا ذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ (4) .

89 - وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: سُئِلَ أَيُّ اَلْأَعْمَالِ أَفْضَلُ فَقَالَ بِرُّ اَلْوَالِدَيْنِ (5) .

90 وَ سُئِلَ أَيُّ اَلْأَعْمَالِ أَفْضَلُ فَقَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ (6) .

ص: 415


1- الفقيه، كتاب الحجّ ، باب فضائل الحجّ ، حديث 71. و بقية الحديث (و حجة خير من بيت مملوء من ذهب يتصدق به (منه) حتى يفنى).
2- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (27) من أبواب وجوب الحجّ و شرائطه، قطعة من حديث 3، نقلا عن الشيخ الطوسيّ في أماليه.
3- المستدرك، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب وجوب الصلاة، قطعة من حديث 13، نقلا عن الجعفريات.
4- صحيح مسلم، كتاب الايمان، (36) باب بيان كون الايمان باللّه تعالى أفضل الاعمال، حديث 135.
5- الذي عثرت عليه من الاخبار في أفضلية البر بالوالدين من ساير الاعمال، هو بعد الصلاة لوقتها، راجع صحيح البخاريّ ، كتاب الأدب، باب (1). و كتاب التوحيد، باب (48). و مسند أحمد بن حنبل ج 181:1، و ج 368:5. و غيرها من الصحاح و السنن.
6- هذه الأحاديث الأربعة و ان كان ظاهرها التعارض، لكن يمكن حملها على التخصيص بالسائل، فيكون معناه ان بعض السائلين بالنسبة إليه، أفضل الاعمال كذا، و بالنسبة الى بعض آخر أفضل الاعمال كذا، فلا تعارض (معه).

91 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مِفْتَاحُ اَلصَّلاَةِ اَلطَّهُورُ وَ تَحْرِيمُهَا اَلتَّكْبِيرُ وَ تَحْلِيلُهَا اَلتَّسْلِيمُ (1)هذا الحديث رواه الصدوق و الشيخ و المرتضى عن أمير المؤمنين عليه السلام بسند مرسل. و استدلّ به من قال بوجوب التسليم. و توجيهه ان التسليم وقع خبرا من التحليل، و الخبر اما مساو للمبتدإ، أو أعم منه. فلو حصل التحليل بغير التسليم، للزم الاخبار بالاخص من الأعمّ . على ان المصدر المضاف يفيد العموم، فيستفاد منه ان كل محلل، تسليم.

و أورد عليه، انه خبر مرسل فلا يجوز التعويل عليه في اثبات الاحكام الشرعية. و أجاب عنه العلامة في المنتهى، بان الأمة تلقاه بالقبول، و نقله الخاص و العام. و ما هو بهذه المثابة من الشهرة، قد تحذف راوية، اعتمادا على شهرته. و هؤلاء المشايخ الثلاثة هم العمدة في ضبط الأحاديث. و لو لا علمهم بصحته، لما أرسلوه، و حكموا بأنّه من قوله صلّى اللّه عليه و آله.

و ايده شيخنا بهاء الملّة و الدين، بان مذهب السيّد في اخبار الآحاد معلوم، فلو لم يكن اشتهار هذا الحديث في زمنه بالغا حدا يخرجه عن تلك المرتبة، لم يحسن تأويله عليه. و أجاب بعضهم من قوله: (ان المصدر المضاف يفيد العموم) بان الإضافة كما تكون للاستغراق، تكون للجنس و العهد الذهني و الخارجى (انتهى).

و الخلاف في وجوب التسليم و استحبابه، مشهور. و القائل بالاستحباب مستظهر لو لم تكن الاخبار الدالة عليه موافقة لاهل الخلاف، فانك تحققت سابقا، ان أبا حنيفة جوز الخروج من الصلاة، بالريح و نحوها، بدل التسليم.

و الذي يقتضيه الجمع بين أخبار هذا الباب، على اختلافها. هو ما صار إليه بعض المحققين، من أن التسليم واجب لكنه خارج من اجزاء الصلاة، فلا ينافى ما ورد في الاخبار من عدم بطلان الصلاة بالحدث المتخلل بينها و بين التسليم. لان المنافاة متحققة لو كان جزءا منها. و في النصوص دلالة عليه، كما رواه الشيخ عن الصادق عليه السلام: اذا كنت اماما، فانما التسليم ان تسلم على النبيّ ، و تقول: السلام علينا و على عباد اللّه الصالحين، فإذا قلت ذلك، فقد انقطعت الصلاة، ثمّ تؤذن القوم، فتقول و أنت مستقبل القبلة: السلام عليكم، و كذلك إذا كنت وحدك، الحديث. و فيه دلالة على ان آخر الصلاة، هو، السلام علينا، و الخروج منها بقوله: السلام عليكم، فهو واجب خارج منها (جه).(2)(3)(3).

ص: 416


1- و رواه الصدوق في الفقيه، كتاب الطهارة. باب افتتاح الصلاة و تحريمها و تحليلها، و لفظ الحديث (قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): افتتاح الصلاة الوضوء و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم) و رواه السيّد المرتضى طاب ثراه في الناصرية، كتاب الصلاة المسألة (83) و سنن أبي داود ج 1، باب فرض الوضوء، حديث 61. و سنن الترمذي ج 1، أبواب الطهارة
2- باب ما جاء ان مفتاح الصلاة الطهور، حديث 3. و سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة و سننها، (3) باب مفتاح الصلاة الطهور، حديث 275 و 276. و سنن الدارميّ ، كتاب الصلاة، باب فرض الوضوء، باب مفتاح الصلاة الطهور و غيرها من الصحاح و السنن.
3- الفائدة في حصر المبتدأ في خبره، التخصيص. فليس للصلاة مفتاح غير الطهور، و لا محرم غير التكبير، و لا محلل غير التسليم. و هو يدلّ على وجوب التسليم لوجوب أخويه إجماعا، و قد ساوى عليه السلام بينه و بينهما (معه).

92 - وَ فِي حَدِيثٍ : أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سُئِلَ كَيْفَ اَلصَّلاَةُ عَلَيْكَ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قُولُوا اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (1) .

ص: 417


1- صحيح البخاريّ ، كتاب الدعوات، باب الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم. و صحيح مسلم، كتاب الصلاة (17) باب الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم بعد التشهد، حديث 65 و 66. و سنن أبي داود ج 1، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم بعد التشهد، حديث 976 و 977 و 978. و سنن ابن ماجه ج 1، كتاب اقامة الصلاة و السنة فيها، حديث 904 و 905 و 906. و سنن الدارميّ ، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. و مسند أحمد بن حنبل ج 118:4 و 119 و 244. و المستدرك للحاكم ج 268:1 و 269، الى غير ذلك من الصحاح و السنن و السير.

93 - وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَ آلِ إِبْرَاهِيمَ (1)(2)(3)(4).

ص: 418


1- تقدم آنفا.
2- و لا يلزم من هذا مساواة إبراهيم و آل إبراهيم، لمحمد و آل محمد، و لا أفضليتهم عليهم. من حيث ان المشبه به يجب أن يكون أقوى من المشبه، أو مساويا له لان الدعاء انما يتعلق بالمستقبل، و نبيّنا صلّى اللّه عليه و آله كان الواقع قبل الدعاء، انه أفضل من إبراهيم عليه السلام. و ان آله، أفضل من آل إبراهيم. و هذا الدعاء يطلب فيه زيادة على هذا الفضل، مساوية للصلاة على إبراهيم و آل إبراهيم. فهما و ان تساويا في الزيادة، الا ان الأصل المحفوظ، خال عن معارضة الزيادة. أو يقال: ان التشبيه واقع على أصل الصلاة بالصلاة، لا على كميتها أو كيفيتها، كما في قوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمُ اَلصِّيٰامُ كَمٰا كُتِبَ عَلَى اَلَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ » فانه تشبيه أصل الصوم بالصوم، لا في الوقت و العدد (معه).
3- و يعجبنى أن أذكر ما نقله المحقق الأردبيليّ قدّس سرّه في كتابه (مجمع الفائدة و البرهان في شرح الإرشاد) عند بحث التشهد. فانه قدّس سرّه بعد نقل بعض الاخبار التي قدمناه، قال: ما هذا لفظه (و العجب انهم يحذفون الآل، و يتركون هذا المنقول حتّى في هذا الخبر، و يقولون: قال صلّى اللّه عليه و آله و سلم: افاده بعض السادة و هو سيد حسن السفطى (المصحح).
4- هذا التشبيه من مطارح الأنظار بين علماء الإسلام، و قد ذكروا له وجوها كثيرة حررناها في شرحنا على الصحيفة. و لنذكر منها هنا وجوها: الأول: انه صلّى اللّه عليه و آله و أهل بيته، من جملة آل إبراهيم، فهم داخلون تحت الصلاة عليهم، و مخصوصون دونهم بهذه الصلاة، و الصلاة العامّة أفضل من الخاصّة. الثاني: ان إبراهيم اشرف ممّا قبله من الأنبياء، فالصلاة عليه أشرف منها على من تقدمه. و اذ كانت الصلاة على نبيّنا مثلها، تكون أيضا أشرف ممّا قبلها، و من جملة ما تقدم، الصلاة على إبراهيم. الثالث: ان الاشدية حاصلة بالاقدمية، و يرد قوله صلّى اللّه عليه و آله: «كنت نبيا و آدم بين الماء و الطين».

**

(الرابع و الخامس: ما قاله ابن حجر المكى من علمائهم. و هو أنّه صلّى اللّه عليه و آله قال هذا القول: قبل أن يعلم بانه أفضل من إبراهيم. أو يكون مثل هذا تواضعا منه (صلّى اللّه عليه و آله) و تعليما لامته كيف الصلاة. و هذان الوجهان لا ينطبقان على مذهبنا.

السادس: ان الكاف للتعليل، مثلها في قوله تعالى: «وَ اُذْكُرُوهُ كَمٰا هَدٰاكُمْ » فليس المراد تشبيه الصلاة بالصلاة، بل المراد الموازاة و تعليل الطلب بوجود ما يقتضيه، و ان وجود المطلوب ليس ببدع، اذ وقع مثله و ما يوجبه. و لهذا الكلام نظائر كثيرة.

السابع: ان أفضلية المشبه به راجعة الى الوضوح و الاشتهار، فانه بين الأنبياء كنار على علم، اجابة لقوله: «وَ اِجْعَلْ لِي لِسٰانَ صِدْقٍ فِي اَلْآخِرِينَ » أى ذكرا جميلا، و كانت الأنبياء تنسب الى دينه، حتى قال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله: «انا على دين أبى إبراهيم». و من هذا الباب قوله تعالى: «مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكٰاةٍ ».

الثامن: ان الصلاة بهذا اللفظ جارية في كل صلاة، على لسان كل مصل، الى انقضاء التكليف، فيكون الحاصل لمحمّد صلّى اللّه عليه و آله بالنسبة الى جميع الصلوات مضاعفة. و هذا الوجه قاله شيخنا الشهيد قدّس سرّه.

التاسع: ان المراد بهذا التشبيه، الحالة اللائقة بالمشبه و المشبه به، و حاصله طلب الصلاة اللائقة بحاله (صلّى اللّه عليه و آله) و تشبيهها بالصلاة اللائقة بحال إبراهيم، و الأولى أفضل و أشرف من الثانية.

و أكثر الاعلام اعتمدوا على الوجه الأوّل، و أجابوا به عما ورد به عليهم من الشبهة في قوله تعالى: «وَ فَدَيْنٰاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ » بان الحسين عليه السلام مع انه أفضل من إسماعيل فكيف يفديه ؟ و حاصل الجواب انه عليه السلام و جده و أباه و أخاه و ذريته من أولاد إسماعيل، فهو فدائهم كلهم، و مجموعهم أشرف.

و في حديث الرضا عليه السلام أصوب من هذا، و حاصله ان إبراهيم لما جزع من عدم امضاء أمر الذبح، فوزا بثوابه، عوضه اللّه تعالى بمصيبة ذبح ولده، الاطلاع على مصيبة الحسين (عليه السّلام) لانها أعظم أجرا منها، و أوجع لقلبه (جه).

ص: 419

94 - وَ رَوَى زُرَارَةُ فِي اَلصَّحِيحِ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي اَلْحَدَثِ قَبْلَ اَلتَّسْلِيمِ أَنَّ صَلاَتَهُ تَامَّةٌ (1)(2)(3).

95 - وَ رَوَى زُرَارَةُ فِي اَلصَّحِيحِ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِيمَنْ صَلَّى اَلظُّهْرَ خَمْساً إِنْ كَانَ جَلَسَ آخِرَ اَلرَّابِعَةِ بِقَدْرِ اَلتَّشَهُّدِ تَمَّتْ صَلاَتُهُ (4)(5)(6).

ص: 420


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (13) من أبواب التشهد، قطعة من حديث 1.
2- و لا يعارض هذه الرواية ما تقدم من الحديث الدال على وجوب التسليم، لجواز حمله على النسيان. لان التسليم و ان كان من أفعالها الواجبة، الا أنّه ليس من أركانها، فلا تبطل الصلاة بتركه و وقوع الحدث قبل فعله نسيانا. و ليس المراد ان الحدث وقع قبل نسيان التسليم حتّى يكون واقعا في أثناء الصلاة لتبطل به، بل المراد ان نسيان التسليم واقع قبل الحدث، فلما ظنّ اتمام صلاته وقع منه الحدث، فلا يكون مبطلا (معه).
3- هذا الحديث من أقوى دلائل من ذهب الى استحباب التسليم. و الجواب عنه تارة بالحمل على التقية. و اخرى بانه واجب، لكنه ليس بجزء من الصلاة، بل خارج منها. فاذا أحدث قبله تطهر ثمّ عاد إليه ليوقعه على الطهارة كما صرّح به في عدة أخبار (جه).
4- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (19) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 4.
5- و لا يلزم من هذه الرواية أيضا عدم وجوب التسليم، لخروجها عن الضابط بالنص. لانه جعل الجلوس بقدر التشهد كافيا عن صحة الصلاة (معه).
6- ذهب الفاضلان قدس اللّه روحيهما الى العمل به، قالا: من جلس عقيب الرابعة بقدر التشهد، و ان لم يتشهد، فصلاته صحيحة. و يضيف الى ذلك الركعة، ركعة اخرى استحبابا، لتكون نافلة. و الشيخ و السيّد عطر اللّه مرقديهما على بطلان الصلاة، اذا جلس و لم يتشهد. و أولو هذا الخبر و ما بمعناه على أن يكون قد أتى بالتشهد. لشيوع مثل هذا الإطلاق، و ندور الجلوس بقدر التشهد من دون الإتيان به. و حينئذ لم يفت منه سوى التسليم، قال في الذكرى و ابن إدريس في السرائر: ان مبناه على استحباب التسليم، و ان الصلاة باطلة على قول من أوجبه. و هو كما ترى، فان التسليم ليس بركن و الترك هنا انما وقع سهوا، و كذلك ترك التشهد على قول الفاضلين. نعم هذا الخبر لو لم يكن موافقا لمذهب أبي حنيفة، لكان قول الفاضلين هو الأقوى فانه لم يوجب ذكر التشهد، و صرّح بان الجلوس مقدار التشهد كاف في الفصل، و حينئذ فيمكن حمله على التقية (جه).

96 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْقُنُوتُ كُلُّهُ جِهَارٌ(1).

97 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا صَلاَتُنَا هَذِهِ تَكْبِيرٌ وَ قِرَاءَةٌ وَ رُكُوعٌ وَ سُجُودٌ(2)(3).

98 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : صَلاَةُ اَلنَّهَارِ عَجْمَاءُ (4).

99 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي صَلاَةِ اَلنَّهَارِ اَلْإِخْفَاتُ (5).

ص: 421


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (21) من أبواب القنوت، حديث 1.
2- و هذا الحديث ممّا استدلّ به بعض على ركنية القراءة، لانه عليه السلام ساوى بينها و بين الاركان الثلاثة (معه).
3- ادعى الشيخ طاب ثراه الإجماع على عدم ركنية القراءة، و الاخبار دالة عليه. و حكى في المبسوط من بعض أصحابنا قولا بركنيتها، لقوله عليه السلام: «لا صلاة الا أن يقرأ بفاتحة الكتاب»، و حملوه على العامد، جمعا. و أمّا حديث الكتاب فهو محمول على تأكد جزئيتها للصلاة، حتى كأنّه صار من باب الاركان، و لذا ورد اطلاقها على الصلاة في قوله تعالى: «إِنَّ قُرْآنَ اَلْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً» يعنى به صلاة الصبح، لانه تحضرها ملائكة الليل و ملائكة النهار، اذا فعلت أول وقتها، فتكتبها ملائكة الليل في صحيفة الليل و ملائكة النهار في صحيفة النهار (جه).
4- المستدرك، كتاب الصلاة، باب (18) من أبواب القراءة في الصلاة حديث 1، عن العوالى عن الشهيد، و باب (21) من تلك الأبواب حديث 3.
5- فيه دلالة على ان كل صلاة وقعت في النهار واجبة أو مندوبة، حقها الاخفات (معه).

100 - وَ رَوَى سَعِيدٌ اَلْأَعْرَجُ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : جَوَازُ اَلشُّرْبِ فِي صَلاَةِ اَلْوَتْرِ لِمُرِيدِ اَلصِّيَامِ وَ هُوَ عَطْشَانُ (1).

101 - وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اَلرَّازِيُّ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ رَوَاهُ أَيْضاً اَلْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي اَلْعَلاَءِ وَ عُبَيْدُ بْنُ زُرَارَةَ : أَنَّ مَنْ نَقَصَ مِنْ صَلاَتِهِ سَهْواً ثُمَّ ذَكَرَ أَتَمَّهَا وَ إِنْ تَكَلَّمَ (2)اذا تكلم ساهيا ثمّ ذكر نقص الصلاة، فالشيخ في النهاية و جماعة من القدماء، على الإعادة مطلقا، و حكى عن بعض أصحابنا وجوب الإعادة في غير الرباعية و جماعة من المتأخرين تبعا للمبسوط على عدم وجوب الإعادة مطلقا، و الأخبار الصحيحة دالة عليه. منها ما روى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلى ركعتين من المكتوبة، فسلم و هو يرى انه قد أتم الصلاة، و تكلم ثمّ ذكر انه لم يصل غير ركعتين ؟ فقال: يتم ما بقى من صلاته و لا شىء عليه. و لا يخفى أن تأويل الأخبار الصحيحة بالحمل على التقية و نحوه من غير معارض، مشكل جدا (جه).(3)(3).

102 - وَ رَوَى عَمَّارُ بْنُ مُوسَى اَلسَّابَاطِيُّ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى صَلاَتِهِ فَيُتِمُّهَا وَ إِنْ بَلَغَ اَلصِّينَ وَ لاَ يُعِيدُ اَلصَّلاَةَ (4)(5)(6).

ص: 422


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (23) من أبواب قواطع الصلاة، فراجع.
2- الوسائل، كتاب الصلاة، باب
3- من أبواب الخلل الواقع في الصلاة، حديث 3. و الظاهر ان الراوي عليّ بن النعمان الرازيّ فراجع.
4- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (3) من أبواب الخلل الواقع في الصلاة حديث 20.
5- هذه الرواية و التي قبلها مخالفتان للاصل، فلا عمل عليهما (معه).
6- هذه المسألة أشكل من السابقة، لانه ذكر نقصان الصلاة بعد ما يبطل الصلاة عمدا و سهوا كالاستدبار و الفعل الكثير. و من ثمّ ذهب المعظم الى بطلان الصلاة و وجوب الاستيناف، و الصدوق في المقنع على عدم الإعادة، و انه لا يجب الا تلافى ما نقص. و الاخبار متعارضة، الا أن الصحيح منها ما دل على الثاني، و أجاب الشيخ عنها تارة بالحمل على النافلة، و اخرى على انه لم يتيقن الترك، و هو بعيد. بل الأولى كما قيل: حمل هذه على الجواز، و ما تضمن الاستيناف على الاستحباب، لكن موافقة العامّة على القول الثاني يقوى الأول (جه).

103 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ فِي اَلصَّحِيحِ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَ اِبْنُ أَبِي عُمَيْرٍ بِسَنَدِهِ عَنْهُ أَيْضاً: أَنَّ مَنْ كَانَ فِي اَلْكُسُوفِ فَخَشِيَ فَوَاتَ اَلْحَاضِرَةِ قَطَعَ اَلْكُسُوفَ ثُمَّ يَأْتِي بِالْحَاضِرَةِ ثُمَّ يَبْنِي عَلَى مَا صَلاَّهُ مِنَ اَلْكُسُوفِ (1)الوسائل، كتاب الصلاة، باب 16 و 18 من أبواب القنوت، فلاحظ.(2)(3).

104 - وَ رَوَى اَلشَّيْخُ مُرْسَلاً عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ : صُورَةَ صَلاَةِ اَلْأَعْرَابِيِّ (4).

105 - وَ رَوَى اِبْنُ بَابَوَيْهِ فِي اَلصَّحِيحِ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّ اَلْخَائِفَ مَعَ اَلْإِمَامِ يَقْتَصِرُ عَلَى رَكْعَةٍ (5).

106 - وَ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ فِي اَلصَّحِيحِ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّ اَلْقُنُوتَ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ إِلاَّ بَعْدَ اَلرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهِ بَعْدَ اَلتَّسْلِيمِ . وَ عَارَضَهُ خَبَرٌ صَحِيحٌ بِنَفْيِ اَلْقَضَاءِ لَكِنَّهُ مَجْهُولُ اَلْمَسْئُولِ (5)(6)

107 - وَ رَوَى اِبْنُ أَبِي يَعْفُورٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّ اَلْكُسُوفَ تُصَلَّى جَمَاعَةً

ص: 423


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب
2- من أبواب صلاة الكسوف، حديث 2 و 3.
3- هذه الرواية و ان كانت صحيحة الطريق، لكن لم يعمل بمضمونها أحد من الاصحاب (معه).
4- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (39) من أبواب صلاة الجمعة و آدابها، حديث 3. و رواه الشيخ في المصباح ص 281، عن زيد بن ثابت، و قال: و هي صلاة الاعرابى.
5- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (2) من أبواب صلاة الخوف و المطاردة، حديث 1.
6- فالعمل على التخيير، ليكون عملا بالحديثين (معه).

مَعَ اَلاِسْتِيعَابِ وَ فُرَادَى لاَ مَعَهُ (1)(2).

108 - وَ فِي رِوَايَةٍ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : أَنَّ اَلْمِنْبَرَ يُحْمَلُ بَيْنَ يَدَيِ اَلْإِمَامِ فِي صَلاَةِ اَلاِسْتِسْقَاءِ (3).

109 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : إِنَّ اَلنَّاسَ فِي سَعَةٍ مَا لَمْ يَعْلَمُوا(4)(5).

110 - وَ جَاءَ فِي اَلْخَبَرِ اَلْمُسْتَفِيضِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : كُلُّ عَمَلِ اِبْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ

ص: 424


1- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (12) من أبواب صلاة الكسوف، حديث 2.
2- أي استيعاب الاحتراق، و هذه الرواية ضعيفة (معه).
3- الوسائل، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة الاستسقاء، حديث 2 و 4.
4- هذا يدلّ على ان الأصل في الأشياء، الاباحة و الطهارة و الحل. حتى يرد المانع مع العلم به. فما دام لا يعلم، الأصل براءة الذمّة من المانع. و هذه قاعدة كلية يبتنى عليها فروع كثيرة (معه).
5- قد تكلمنا على معنى هذا الحديث في مقدمات شرح التهذيب، كلاما طويل الذيل، فليرجع إليه من أراده (جه).

اَلصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَ أَنَا أَجْزِي بِهِ (1)قرأ (اجزى) بعض أهل الحديث، على البناء للمفعول، يعنى جزائى من عبدى هذا العمل. و في النهاية معناه: مضاعفة الجزاء من غير عدد و حساب، لان الكريم اذا توالى بنفسه الجزاء، اقتضى عظمته، و سعته. و تقديم الضمير للتخصيص أو للتاكيد و الأول أنسب بالسياق.

أى أنا اجزى به لا غيرى، بخلاف ساير العبادات، فان جزائها قد يفوض الى الملائكة (جه).(2)(3)(3).

111 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ تَدْخُلُ اَلْحِكْمَةُ جَوْفاً مُلِئَ طَعَاماً.

112 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ

ص: 425


1- البحار، الطبعة الحديثة ج 96، كتاب الصوم، باب فضل الصيام، حديث 14. و صحيح مسلم، كتاب الصيام،
2- باب فضل الصيام، حديث 161 و 164. و في التاج، كتاب الصيام. بعد نقل الحديث، قال: و رواه الخمسة.
3- وجه تخصيص الصوم بذلك، مع ان الاعمال كلها للّه، و هو المجازى عليها، قيل: لانه اختص بترك الشهوات، و الملاذ في البطن و الفرج، و اختص بخفائه و الاطلاع عليه. و اختص بان فيه تشبه بالصمدية بسبب خلاء الجوف. و اختص بانه لم يتقرب به الى غير اللّه. و اختص بانه يوجب صفاء العقل و الفكر بسبب اضعاف القوى الشهوية، الموجب لذلك، لحصول المعارف و الكمالات النفسانية. فان قلت: انه يشاركه في (الأول) الاحرام: فانه ترك فيه كثير من الملاذ. و الجهاد، فانه ترك فيه الحياة، فضلا عن الشهوات. و في (الثاني) يشاركه الايمان و الخشية و الإخلاص و جميع أفعال القلب. و في (الثالث) يشاركه العلم و الاحسان و تعظيم الأولياء. و في (الرابع) يشاركه استخدام الكواكب، فانه موقوف على الصوم. و في (الخامس) يشاركه جميع العبادات خصوصا الصلاة. قلت: هب. ان كل واحد منها حاصل في كل واحد ممّا ذكرتم، الا أن مجموعها لم يحصل في غيره. فاجتماع هذه الخصائص فيه، يوجب انفراده بالفضل و المزية على سائر العبادات، لانه قد اجتمع فيه ما تفرق فيها من الخصائص، فكان مجمع خصال الكمالات، فانفرد بالفضل عليها (معه).

مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ اَلدَّهْرَ(1)(2)(3).

113 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ حَجَّ هَذَا اَلْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَ لَمْ يَفْسُقْ خَرَجَ مِنْ

ص: 426


1- المستدرك ج 1، كتاب الصيام، باب (4) من أبواب الصوم المندوب، حديث 5 و 7، و لفظ الحديث فيهما (فكأنّما صام السنة) و باب (26) من هذه الأبواب حديث 6، و لفظه (فكأنّما صام الدهر). و صحيح مسلم، كتاب الصيام (39) باب استحباب صوم ستة أيّام من شوال اتباعا لرمضان حديث 204.
2- انما قال: رمضان، و لم يقل شهر رمضان، ليدل على جوازه. و الظاهر ان استحبابها مترتب على مجموع الشهر. و انما ذكر لفظ الست ؟ تغليبا لليالى. و انما خصها بكونها من شوال، رفقا بالمكلف، من حيث انه قريب عهد بالصوم، فهى أسهل باعتبار ادامته. لان ابتدائه بعد انقطاعه أصعب. و لا بدّ فيها من أن تلى العيد بلا فصل. و انما حصر العدد في الست ؟ لان الحسنة بعشر أمثالها، فيكون مع رمضان بثلاثمائة و ستين، و ذلك سنة كاملة. و قال: (فكأنّما) و لم يقل: (فكأنّه) لان المراد تشبيه الصوم بالصوم، و لو قال: فكأنّه لكان تشبيه الصائم بالصوم. و ليس بمراد. و انما كان هذه القدر معادلا لصوم الدهر، لان لصائم هذه الايام، مثل ثواب صيام الدهر مجردا عن المضاعفة، و المشبه به ليس هو الواجب مطلقا، و النفل مطلقا. لان الدهر هنا خمسة أسداسه فرض، و سدسه نفل، كما ان المشبه كذلك. و الالف و اللام في (الدهر) عوض عن المضاف إليه، فيصير التقدير، فكأنّما صام دهره، كقوله تعالى: «فَإِنَّ اَلْجَنَّةَ هِيَ اَلْمَأْوىٰ » أى مأواه (معه).
3- هذا الحديث من طريق العامّة، و مضمونه رواه الخاصّة أيضا. و ذهب أكثر أهل العلم الى استحباب هذا الصيام، و خالف فيه مالك و طائفة منهم، حيث حكموا بكراهة صيام هذه الأيّام الستة، حذرا ان يلحق الجهال برمضان ما ليس منه. نعم روى الشيخ عن حريز عنهم عليهم السلام قال: إذا أفطرت من رمضان فلا تصومن بعد الفطر تطوعا الا بعد ثلاث يمضين، قال الشيخ: الوجه فيه، انه ليس في صيام هذه الأيّام من الفضل و التبرك ما في غيره من الايام، و ان كان صومها جائزا يكون الإنسان فيه مخيرا، و لا تنافى بينهما حينئذ (جه).

ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ (1).

114 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْحَجُّ اَلْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ اَلْجَنَّةُ (2).

115 - وَ رُوِيَ عَنْ أَهْلِ اَلْبَيْتِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : مَنْ أَرَادَ دُنْيَا وَ آخِرَةً فَلْيَؤُمَّ هَذَا اَلْبَيْتَ (3).

116 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يُنْزِلُ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةً وَ عِشْرِينَ رَحْمَةً لِلطَّائِفِينَ وَ اَلْمُصَلِّينَ وَ اَلنَّاظِرِينَ (4).

117 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : أَنَّهُ يَحُجُّهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ فَإِنْ أُعْوِزَ تُمِّمُوا مِنَ اَلْمَلاَئِكَةِ (5)(6).

ص: 427


1- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (24) من أبواب وجوب الحجّ و شرائطه، حديث 22، نقلا عن العوالى عن الشهيد. و مسند أحمد بن حنبل ج 484:2.
2- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (24) من أبواب وجوب الحجّ و شرائطه، حديث 22، نقلا عن العوالى. و مسند أحمد بن حنبل ج 246:2، و تتمة الحديث: (و العمرتان أو العمرة الى العمرة يكفر ما بينهما).
3- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (24) من أبواب وجوب الحجّ و شرائطه، حديث 12، و لفظ الحديث: (عن عليّ عليه السلام ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: من أراد دنيا و آخرة، فليؤم هذا البيت، ما أتاه عبد فسئل اللّه دنيا الا أعطاه منها أو سأله آخرة الا ذخر له منها الخبر).
4- الوافي، باب (2) فضل الكعبة و المسجد الحرام و مكّة و الحرم زيد شرفها نقلا عن الكافي و الفقيه بتفاوت يسير في الفاظه.
5- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (41) من أبواب وجوب الحجّ و شرائطه، حديث 5، نقلا عن عوالى اللئالى.
6- و من ثمّ ترى الكعبة لا تخلو من طائف في جميع ساعات الدهر، من ليل و نهار، في حرارة القيض مع شدة حرارة أحجارها، حتى انى سمعت من كثير قاضى مكّة زادها اللّه شرفا و تعظيما انهم ربما وضعوا العجين على الصخر حتّى يصير خبزا -

118 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَكَّةُ حَرَمُ اَللَّهُ وَ حَرَمُ رَسُولِهِ اَلصَّلاَةُ فِيهَا بِمِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ وَ اَلدِّرْهَمُ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ (1)المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (12) من أبواب المزار، حديث 18.(2). 119 - وَ رُوِيَ : بِعَشَرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ (2).

120 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَللَّهُمَّ إِنَّهُمْ أَخْرَجُونِي مِنْ أَحَبِّ اَلْبِقَاعِ إِلَيَّ فَأَسْكِنِّي أَحَبَّ اَلْبِقَاعِ إِلَيْكَ فَأَسْكَنَهُ اَلْمَدِينَةَ (3)(4).

121 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فِي حَقِّ اَلْمَدِينَةِ لاَ يَصْبِرُ عَلَى لَأْوَائِهَا وَ شِدَّتِهَا أَحَدٌ إِلاَّ كُنْتُ شَفِيعاً لَهُ أَوْ شَهِيداً يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ (5)(6)(7).

ص: 428


1- الوافي، كتاب الحجّ ، باب
2- فضل الكعبة و المسجد الحرام و مكّة و الحرم زيد شرفها، نقلا عن الكافي.
3- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (12) من أبواب المزار، حديث 16.
4- ظاهر هذا الحديث و ان دل على أفضلية المدينة، لكن يحتمل أن يكون المراد. أسكنى أحبّ البقاع إليك بعد مكّة لان، ما هو أحبّ عند النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يجب أن يكون أحبّ عند اللّه، لانه لا يحب الا ما أحبه اللّه (معه).
5- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (12) من أبواب المزار، حديث 16. و صحيح مسلم، كتاب الحجّ (86) باب الترغيب في سكنى المدينة و الصبر على لاوائها، حديث 477-484.
6- هذا الحديث مخصوص بزمانه عليه السلام و كذا الحديث الثاني و الثالث (معه).
7- لا حاجة الى هذا التخصيص، لان الصبر على شدتها، و الإقامة عند قبره صلّى اللّه عليه و آله، كالاقامة فيها في زمن حياته، بل هذا أعظم أجرا، لعسر الوقت و صعوبته بعده. و أمّا الحديث الثاني فاستدل به العلماء في مباحث الإجماع، على حجية اجماع أهل المدينة. و الكير، كير الحداد، و هو المبنى على الطين. و قيل: الزق الذي ينفخ به النار، و المبنى الكور (جه).

122 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلْإِيمَانَ ليأزر [لَيَأْرِزُ] إِلَى اَلْمَدِينَةِ كَمَا تأزر [تَأْرِزُ] اَلْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا(1).

123 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ اَلْمَدِينَةَ لَتَنْفِي خَبَثَهَا كَمَا يَنْفِي اَلْكِيرُ خَبَثَ اَلْحَدِيدِ(2).

124 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَا بَيْنَ قَبْرِي وَ مِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ اَلْجَنَّةِ (3)(4).

125 - وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ زَيْنِ اَلْعَابِدِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : تَسْبِيحَةٌ

ص: 429


1- صحيح مسلم، كتاب الايمان، (65) باب ان الإسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا و انه يأزر بين المسجدين، حديث 233.
2- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (12) من أبواب المزار، حديث 19. و رواه مسلم في صحيحه بالفاظ متقاربة، فراجع كتاب الحجّ ، (88) باب المدينة تنفى شرارها، حديث 487-490.
3- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (7) من أبواب المزار و ما يناسبه، قطعة من حديث 1.
4- استدل به الاصحاب على ان الزهراء عليها السلام قد دفنت هناك، و لاجلها صار ذلك المكان روضة من رياض الجنة. و قيل في معنى الحديث وجوه: منها، ما حكاه الفاضل ابن الأثير عن القتيبى، قال: ان معناه ان الصلاة و الزكاة في هذا الموضع يؤديان الى الجنة، فكانه قطعة منها. و منها، ما قاله جماعة من أهل الحديث: من انه يصير يوم القيامة من رياض الجنة. و منها، ما هو الأظهر من انه الآن من رياض الجنة محجوب من الابصار صفاته و حالاته، اذا كشف الغطاء ظهر ما كان محجوبا، و عليه شاهد من الاخبار. و منها روضة معنوية من رياض الجنة، اشجار علمه و حكمه مغروسة في قلوب المؤمنين، تجرى منه عين الحيات الى بصائر أهل الدرجات (جه).

بِمَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ خَرَاجِ اَلْعِرَاقَيْنِ يُنْفَقُ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ وَ مَنْ خَتَمَ اَلْقُرْآنَ بِمَكَّةَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَرَى رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ يَرَى مَنْزِلَهُ فِي اَلْجَنَّةِ (1)جامع أحاديث الشيعة، كتاب الحجّ ، (25) باب ما ورده في قوله تعالى: «وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحٰادٍ بِظُلْمٍ »، حديث 4، نقلا عن عوالى اللئالى. و روى السيوطي في الدّر المنثور ج 352:4 في تفسير الآية، عن سعيد بن جبير قال: شتم الخادم في الحرم ظلم فما فوقه.(2).

126 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : كُلُّ ظُلْمٍ فِي مَكَّةَ إِلْحَادٌ حَتَّى شَتْمُ اَلْخَادِمِ وَ إِنَّ اَلطَّاعِمَ فِيهَا كَالصَّائِمِ فِي غَيْرِهَا(2).

127 - وَ جَاءَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ أَرْضَ مَكَّةَ اِبْتَهَجَتْ فَقَالَ لَهَا قِرِّي كَعْبَةُ لَوْ لاَ بُقْعَةٌ تُسَمَّى كَرْبَلاَءَ مَا خَلَقْتُكِ فَابْتَهَجَتْ كَرْبَلاَءُ فَقَالَ لَهَا قِرِّي كَرْبَلاَءُ لَوْ لاَ مَوْلُودٌ يُدْفَنُ فِيكِ لَمَا خَلَقْتُكِ (3)(4).

ص: 430


1- الوافي، كتاب الحجّ ، باب
2- فضل الكعبة و المسجد الحرام و مكّة و الحرم زيد شرفها، نقلا عن الفقيه.
3- الذي عثرت عليه في هذا الحديث ما رواه في البحار ج 22 من الطبعة القديمة باب الحائر و فضله، عن كامل الزيارة، و هذا لفظه (عن أبي عبد اللّه عليه السلام، قال: (ان أرض الكعبة قالت: من مثلى و قد بنى بيت اللّه على ظهرى يأتينى الناس من كل فج عميق، و جعلت حرم اللّه و أمنه، فأوحى اللّه إليها ان كفى و قرى. ما فضل ما فضلت به فيما اعطيت أرض كربلا الا بمنزلة الابرة غرست في البحر، فحملت من ماء البحر. و لو لا تربة كربلا ما فضلتك، و لو لا ما تضمنه أرض كربلا، ما خلقتك، و لا خلقت البيت الذي افتخرت به، فقرى و استقرى و كونى ذنبا متواضعا ذليلا مهينا غير مستنكف و لا مستكبر، لارض كربلا، و الا سخت بك و هويت بك في نار جهنم.
4- ظاهره تقدم كربلا في الخلق على مكّة، و قد ورد التصريح به فيما رواه الشيخ طاب ثراه عن أبي جعفر عليه السلام قال: خلق اللّه كربلا قبل ان يخلق الكعبة بأربعة و عشرين ألف عام، و قدسها و بارك عليها، و جعلها أفضل الأرض في الجنة و هذا بظاهره مناف لما ورد في الاخبار المستفيضة، من ان أرض الكعبة، أول أرض خلقت على وجه الماء، و منها دحيت الأرض، و به سميت أم القرى. و وجه الجمع اما بان يقال: ان خلق أرض كربلا متقدم على الكعبة، لا على أرضها. و اما أن يكون الخلق بمعنى التقدير، و هو أشهر معانيه في الآيات و الاخبار. و منه قوله تعالى: «فَتَبٰارَكَ اَللّٰهُ أَحْسَنُ اَلْخٰالِقِينَ » فيكون تقدم أرض كربلا بالخلق بمعنى التقدير، و تقدم الكعبة بالخلق بمعنى الايجاد، و ان هذا الحديث مخصص لعموم ما دل على تقدم خلق الكعبة. و في الوافي، لعل المراد بالقبلية، القبلية بالشرف. و بالاعوام، الدرجات، فان ما لاجله الشيء يكون أقدم من ذلك الشيء بالرتبة (انتهى). و يستفاد منه أشرفية كربلا على الكعبة، و يؤيده ما رواه ابن قولويه عن الصادق عليه السلام: «ان أرض الكعبة قالت: من مثلى ؟» الى آخر ما نقلناه آنفا، ثمّ قال: و أما علمائنا رضوان اللّه عليهم، فلهم كلمات مختلفات في هذا الباب، قال شيخنا الشهيد طاب ثراه: مكّة أفضل بقاع الأرض، ما عدى موضع قبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و روى في كربلا على ساكنها السلام مرجحات، و الأقرب ان مواضع قبور الأئمّة كذلك لا البلدان التي هم بها، فمكّة أفضل منها حتّى المدينة (انتهى). و لا ينبغي الشك في أفضلية مواضع قبورهم عليهم السلام على أرض البيت الحرام و أمّا أفضلية كربلا على أرض بلد مكّة، فالادلة تقتضيه أيضا، و قد سبق الكلام في هذا الباب فارجع إليه (جه).

128 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْ ءٌ مِنَ اَلْإِيمَانِ . 129 - وَ فِي رِوَايَةٍ : إِنَّ ذَلِكَ أَضْعَفُ اَلْإِيمَانِ (1).

130 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْإِيمَانُ بَضْعَةٌ وَ سَبْعُونَ [سِتُّونَ ] شُعْبَةً أَعْلاَهَا

ص: 431


1- مسند أحمد بن حنبل ج 10:3 و 20، و صحيح مسلم، كتاب الايمان، (2) باب كون النهى عن المنكر من الايمان و ان الايمان يزيد و ينقص، و ان الامر بالمعروف و النهى عن المنكر واجبان، حديث 78. و سنن ابن ماجة، (2) باب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، حديث 4013.

شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ وَ أَدْنَاهَا إِمَاطَةُ اَلْأَذَى عَنِ اَلطَّرِيقِ (1)(2).

131 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَفْضَلُ اَلْجِهَادِ كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ(3)(4).

132 - وَ قَالَ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلتَّقِيَّةُ مُعَامَلَةُ اَلنَّاسِ بِمَا يَعْرِفُونَ وَ تَرْكُ مَا يُنْكِرُونَ حَذَراً مِنْ غَوَائِلِهِمْ (5).

133 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلْأَئِمَّةِ : أَنَّ تِسْعَةَ أَعْشَارِ اَلدِّينِ فِي اَلتَّقِيَّةِ (6).

134 - وَ قَالَ اَلصَّادِقُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : مَنْ لاَ تَقِيَّةَ لَهُ لاَ دِينَ لَهُ إِنَّ اَللَّهَ يُحِبُّ أَنْ

ص: 432


1- مسند أحمد بن حنبل ج 379:2، و صحيح مسلم، كتاب الايمان (12) باب عدد شعب الايمان و أفضلها و أدناها و فضيلة الحياء و كونه من الايمان، حديث 58.
2- و في هذا دلالة على ان الاعمال جزء من الايمان. و ان الايمان يقبل الشدة و الضعف و الزيادة و النقصان. و ان كل مرتبة من مراتبه يصدق عليها اسم الايمان، فان اسمه صادق على كله و جزءه (معه).
3- سنن ابن ماجه، كتاب الفتن، (2) باب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر حديث 4011 و 4012.
4- فيه دلالة على المنع من التقية، و يمكن حمله على عدم الضرر الكثير، و انه يجب تحمل اليسير. أو يحمل على أن الافضل ترك التقية إذا كان الضرر يسيرا (معه).
5- المستدرك، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (4) نوادر ما يتعلق بأبواب الامر و النهى حديث 2 نقلا عن العوالى.
6- الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (24) من أبواب الامر و النهى و ما يناسبهما حديث 2 و باب (25) من هذه الأبواب حديث 3.

يُعْبَدَ سِرّاً كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُعْبَدَ جَهْراً(1)(2).

135 - وَ رُوِيَ عَنْهُمْ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : أَنَّهُمْ قَالُوا لِأَوْلِيَائِهِمْ أَفِيضُوا فِي أَحْكَامِكُمْ وَ لاَ تَشْهَرُوا أَنْفُسَكُمْ .

136 - وَ رُوِيَ فِي اَلْأَخْبَارِ اَلصَّحِيحَةِ : أَنَّ اَلْكَاظِمَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ كَتَبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ يُعَلِّمُهُ كَيْفِيَّةَ اَلْوُضُوءِ وَ أَنْ يَفْعَلَ كَمَا يَفْعَلُهُ اَلْعَامَّةُ فَتَعَجَّبَ مِمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ وَ لَمْ يَسَعْهُ إِلاَّ اَلاِمْتِثَالُ لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَفَعَلَ كَذَلِكَ فَسُعِيَ بِهِ إِلَى اَلرَّشِيدِ بِسَبَبِ اَلْمَذْهَبِ فَشَغَلَهُ يَوْماً بِشَيْ ءٍ مِنَ اَلدِّيوَانِ فِي دَارٍ وَحْدَهُ فَلَمَّا حَضَرَ وَقْتُ اَلصَّلاَةِ تَجَسَّسَ عَلَيْهِ اَلرَّشِيدُ بِنَفْسِهِ فَوَجَدَهُ يَتَوَضَّأُ كَمَا أَمَرَهُ اَلْإِمَامُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فَسَرَى عَنِ اَلْخَلِيفَةِ وَ اِعْتَذَرَ إِلَيْهِ وَ أَمَرَ لَهُ بِجَائِزَةٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِ اَلْإِمَامُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْوُضُوءِ اَلصَّحِيحِ وَ قَالَ قَدْ زَالَ مَا كُنَّا نَخَافُهُ عَلَيْكَ (3) .

137 - وَ قَدْ وَرَدَ فِي اَلْأَحَادِيثِ : أَنَّ اَلْمُبْدَعَاتِ بَعْدَ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ اِتِّخَاذُ اَلْمَنَاخِلِ لِلدَّقِيقِ وَ تَطْوِيلُ اَلْبِنَاءِ وَ قَوْلُ اَلرَّاكِبِ لِلْمَاشِي اَلطَّرِيقَ (4).

138 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَتَبَاغَضُوا وَ لاَ تَتَحَاسَدُوا وَ لاَ تَتَدَابَرُوا وَ لاَ

ص: 433


1- الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (24) من أبواب الامر و النهى و ما يناسبهما، قطعة من حديث (23) و لفظ الحديث: (يا معلى، ان التقية دينى و دين آبائى، و لا دين لمن لا تقية له، يا معلى ان اللّه يحب ان يعبد في السر كما يحب ان يعبد في العلانية الحديث).
2- التقية عندنا من أعظم الفرائض، و قد نص عليها في الكتاب و السنة. و روى في معنى قوله تعالى: «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اَللّٰهِ أَتْقٰاكُمْ » ان المراد أعملكم بالتقية، و أشدكم مواظبة عليها. و المخالفون انكروا العمل بالتقية، و شنعوا علينا بالقول بها، مع انهم رووا مواردها في الاخبار (جه).
3- الوسائل، كتاب الطهارة، باب (32) من أبواب الوضوء حديث 3.
4- و هذه من البدع المباحة، لاتفاق الكل على جواز فعلها (معه).

تَتَقَاطَعُوا وَ كُونُوا عِبَاداً لِلَّهِ إِخْوَاناً(1).

139 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ إِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِ تَعْظِيماً لَهَا وَ أَنَّهُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَامَ لِجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ لَمَّا قَدِمَ مِنَ اَلْحَبَشَةِ فَرَحاً بِقُدُومِهِ وَ قَامَ لِلْأَنْصَارِ لَمَّا وَفَدُوا عَلَيْهِ وَ نُقِلَ أَنَّهُ قَامَ إِلَى عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ لَمَّا قَدِمَ مِنَ اَلْيَمَنِ فَرَحاً بِقُدُومِهِ (2) (3) .

140 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ اَلنَّاسُ لَهُ قِيَاماً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ اَلنَّارِ(4)(5).

ص: 434


1- المستدرك، كتاب الحجّ باب، 132 من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر حديث 20، نقلا عن الشيخ و رام بن أبي فراس في تنبيه الخاطر.
2- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب 128 من أبواب أحكام العشرة حديث 1 في قيامه صلوات اللّه عليه و آله لجعفر بن أبي طالب، و سنن أبي داود ج 4 كتاب الأدب، باب ما جاء في القيام حديث 5217، في قيامه صلوات اللّه عليه و آله لفاطمة عليها السلام و لفظ الحديث «عن أم المؤمنين عائشة، انها قالت: ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا و هديا و دالا «و قال الحسن: حديثا و كلاما، و لم يذكر الحسن السمت و الهدى و الدل» برسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم من فاطمة كرم اللّه وجهها، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها و قبلها و أجلسها في مجلسه، و كان إذا دخل عليها قامت إليه فأخذت بيده فقبلته و أجلسته في مجلسها».
3- و كل هذه الافعال دالة على جواز القيام للمؤمن بقصد تعظيمه (معه).
4- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب 128 من أبواب أحكام العشرة حديث 5، و سنن أبي داود ج 4 كتاب الأدب حديث 5229.
5- قال بعضهم: يعنى الشهيد، ان المراد بامتثال الناس قياما، هو ما يصنعه الجبارون من الزامهم الناس، القيام حال قعودهم حتّى ينقضى مجالسهم، أو يراد بذلك التجبر و العلو على الناس، حتى يؤاخذ من لا يقوم له بالعقوبة، اما من يريد القيام لدفع الاهانة عن نفسه و الانتقاص به، فلا حرج عليه في ذلك، لكن ينبغي للمؤمن أن لا يحب ذلك، و ان يؤاخذ نفسه بمحبة تركه إذا مالت نفسه إليه (معه).

141 - وَ نُقِلَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُقَامَ لَهُ فَكَانُوا إِذَا قَدِمَ لاَ يَقُومُونَ لِعِلْمِهِمْ كَرَاهَتَهُ ذَلِكَ فَإِذَا قَامَ قَامُوا مَعَهُ حَتَّى يَدْخُلَ مَنْزِلَهُ (1) .

142 - وَ فِي اَلْخَبَرِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا تَلاَقَى اَلرَّجُلاَنِ فَتَصَافَحَا تَحَاتَّتْ ذُنُوبُهُمَا وَ كَانَ أَقْرَبُهُمَا إِلَى اَللَّهِ تَعَالَى أَكْثَرَهُمَا بِشْراً بِصَاحِبِهِ (2).

143 - وَ رَوَى رِفَاعَةُ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : لاَ يُقَبَّلُ رَأْسُ أَحَدٍ وَ لاَ يَدُهُ إِلاَّ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَوْ مَنْ أُرِيدَ بِهِ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ (3)(4).

144 - وَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَزْيَدٍ صَاحِبِ اَلسَّابِرِيِّ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَتَنَاوَلْتُ يَدَهُ فَقَبَّلْتُهَا فَقَالَ أَمَا إِنَّهَا لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ لِنَبِيٍّ أَوْ وَصِيٍّ (5) .

145 - وَ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : مَنْ قَبَّلَ لِلرَّحْمَةِ ذَا قَرَابَةٍ فَلَيْسَ

ص: 435


1- سنن الترمذي ج 5، كتاب الأدب (13) باب ما جاء في كراهية قيام الرجل للرجل حديث 2754 مع اختلاف يسير.
2- المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (109) من أبواب أحكام العشرة حديث 15، نقلا عن عوالى اللئالى. و في الوسائل كتاب الحجّ ، باب 126 من أبواب أحكام العشرة ما بمعناه فراجع.
3- الوسائل، كتاب الحجّ باب، (133) من أبواب أحكام العشرة حديث 3.
4- قوله عليه السلام: أو من أريد به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، حمله بعضهم على ما بعده، من قوله: (أو وصى). و جماعة من أهل الحديث أضافوا إليه ذريته (صلّى اللّه عليه و آله) من السادة و العلماء، لانهم كما سبق أولاده الروحانيون، فهم يصلحون لتقبيل الايادى، و هو جيد، و الاعصار السابقة الى الآن جرت على هذا (جه).
5- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب 133 من أبواب أحكام العشرة حديث 4. و رواه في المستدرك، كتاب الحجّ باب (115) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر حديث 4، عن زيد النرسى.

عَلَيْهِ شَيْ ءٌ وَ قُبْلَةُ اَلْأَخِ عَلَى اَلْخَدِّ وَ قُبْلَةُ اَلْإِمَامِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ (1).

146 - وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لَيْسَ اَلْقُبْلَةُ عَلَى اَلْفَمِ إِلاَّ لِلزَّوْجَةِ وَ اَلْوَلَدِ اَلصَّغِيرِ(2).

147 - وَ عَنْ يُونُسَ عَنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : إِنَّ لَكُمْ لَنُوراً تُعْرَفُونَ بِهِ فِي اَلدُّنْيَا إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا لَقِيَ أَخَاهُ قَبَّلَهُ فِي مَوْضِعِ اَلنُّورِ مِنْ جَبْهَتِهِ (3).

148 - وَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : كَمَا لاَ يُقْدَرُ عَلَى صِفَةِ اَللَّهِ كَذَا لاَ يُقْدَرُ عَلَى صِفَتِنَا وَ كَمَا لاَ يُقْدَرُ عَلَى صِفَتِنَا لاَ يُقْدَرُ عَلَى صِفَةِ اَلْمُؤْمِنِ إِنَّ اَلْمُؤْمِنَ يَلْقَى اَلْمُؤْمِنَ فَيُصَافِحُهُ فَلاَ يَزَالُ اَللَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمَا وَ اَلذُّنُوبُ تَتَحَاتُّ عَنْ وُجُوهِهِمَا كَمَا تَتَحَاتُّ اَلْوَرَقُ عَنِ اَلشَّجَرِ(4).

149 - وَ قَدْ ثَبَتَ فِي اَلْأَخْبَارِ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَانَقَ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَ قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ (5) .

150 - وَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لَنْ يَدْخُلَ اَلْجَنَّةَ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ

ص: 436


1- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (133) من احكام العشرة حديث 1، و المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (115) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر حديث 3.
2- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (133) من أحكام العشرة حديث 2، و المستدرك، كتاب الحجّ ، باب (115) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر حديث 2.
3- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (133) من أحكام العشرة حديث 6، و المستدرك كتاب الحجّ ، باب (115) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر حديث 1، نقلا عن الطبرسيّ في المشكاة.
4- المستدرك، كتاب الحجّ باب (109) من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر، حديث 11، نقلا عن مصباح الشريعة.
5- الوسائل، كتاب الحجّ ، باب (128) من أبواب أحكام العشرة حديث 1، و المصدر، كتاب الصلاة، باب (1) من أبواب صلاة جعفر بن أبي طالب حديث 3 و 7.

اَلْكِبْرِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ أَحَدَنَا يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَناً وَ نَعْلُهُ حَسَناً فَقَالَ إِنَّ اَللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ اَلْجَمَالَ وَ لَكِنَّ اَلْكِبْرَ بَطَرُ اَلْحَقِّ وَ غَمْضُ اَلنَّاسِ (1) (2) .

151 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اَلْمُؤْمِنَ إِذَا أَحْسَنَ اِسْتَبْشَرَ وَ إِذَا أَسَاءَ اِسْتَغْفَرَ وَ إِذَا اُبْتُلِيَ صَبَرَ وَ إِذَا أُعْطِيَ شَكَرَ وَ إِذَا أُسِيءَ إِلَيْهِ غَفَرَ.

152 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْغِيبَةُ أَنْ تَذْكُرَهُ بِمَا يَكْرَهُ أَنْ يَسْمَعَ قِيلَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ وَ إِنْ كَانَ حَقّاً قَالَ إِنْ قُلْتَ بَاطِلاً فَذَلِكَ اَلْبُهْتَانُ (3) .

ص: 437


1- الوسائل، كتاب الجهاد، باب 60 من أبواب جهاد النفس حديث 6، و كتاب عقاب الاعمال، (عقاب المتكبرين) حديث 5، و المستدرك، كتاب الجهاد، باب 60 من أبواب جهاد النفس حديث 2 مثله.
2- أي عدم قبوله و الالتفات إليه، و عدم التسليم لصاحبه. و غمض الناس، استحقارهم و انتقاضهم في عينيه (معه).
3- سنن أبي داود ج 4، كتاب الأدب باب في الغيبة حديث 4874 نحوه، و في الوسائل، كتاب الحجّ باب 152 من أبواب أحكام العشرة حديث 9، و المستدرك، كتاب الحجّ ، باب 133 من أبواب أحكام العشرة في السفر و الحضر حديث 2، مثله.

153 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ : لاَ غِيبَةَ لِفَاسِقٍ أَوْ فِي فَاسِقٍ (1)(2)(3). 154 - وَ شِكَايَةُ اَلْمَظْلُومِ لَيْسَتْ مِنَ اَلْغِيبَةِ لِمَا رُوِيَ فِي اَلْحَدِيثِ

أَنَّ اِمْرَأَةً شَكَتْ عِنْدَ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ زَوْجَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ إِنَّ فُلاَناً رَجُلٌ شَحِيحٌ وَ أَقَرَّهَا عَلَى ذَلِكَ وَ سَمِعَ شَكْوَاهَا (4) . 155 - وَ كَذَلِكَ حَالُ اَلاِسْتِشَارَةِ

- فَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حِينَ شَاوَرَتْهُ فِي خُطَّابِهَا أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَرَجُلٌ صُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ وَ أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ اَلْعَصَاةَ عَنْ عَاتِقِهِ (5) .

ص: 438


1- كنوز الحقائق للمناوى على هامش جامع الصغير، حرف (لا) نقلا عن الدارقطنى، و رواه في المستدرك، كتاب الحجّ ، باب 134 من أبواب أحكام العشرة حديث 6، نقلا عن عوالى اللئالى.
2- بعض علماء العامّة ينكر هذا الحديث، و يقول: انه لا أصل له. و إليه ذهب جماعة من أصحابنا. و الشهيد في قواعده حمله بانه خبر بمعنى النهى، اى لا يصحّ غيبة الفاسق، اللّهمّ الا أن يكون فاسقا يتبجج بالفسق، و يتفكه به في المجالس، فيصح حكاية قوله: لا أزيد من ذلك. و كذا الجرح و التعديل ليس من باب الغيبة، سواء كان من باب الرواية، أو باب الشهادة إذا قصد بذلك حفظ أموال الناس و دمائهم، و حفظ الالسنة من الكذب، لا التعصب و العناد. و في معناه الاعتراضات التي يعتادها العلماء على أقوال بعضهم على بعض في المسائل العلمية (معه).
3- الاخبار وردت في جواز غيبة من تجاهر بالفسق، و هذا الحديث محمول عليه، فلا حاجة الى تأويل الشهيد (جه).
4- صحيح مسلم، كتاب الاقضية، باب قضية هند حديث 7، و لفظه (عن عائشة قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبى سفيان على رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم فقالت: يا رسول اللّه، ان أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطينى من النفقة ما يكفينى و يكفى بنى الا ما أخذت من ماله بغير علمه. فهل على من ذلك من جناح ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «خذى من ماله بالمعروف ما يكفيك و يكفى بنيك».
5- سنن ابن ماجه، كتاب النكاح، (1) باب لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حديث 1869. و صحيح مسلم كتاب الطلاق (6) باب المطلقة ثلاثا لا نفقة لها حديث 36 و 47 و 48. و الحديث طويل. و حاصله ان فاطمة بنت قيس طلقها زوجها و أمرها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بالاعتداد في بيت ابن أم مكتوم، و بعد انقضاء عدتها خطبها معاوية بن أبي سفيان و أبا جهم، فشاورت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في ذلك فقال: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، و أمّا معاوية فصعلوك لا مال له، انكحى أسامة بن زيد الحديث. و قوله: (فلا يضع العصا عن عاتقه) فيه تأويلان مشهوران، أحدهما: انه كثير الاسفار. و الثاني: انه كثير الضرب للنساء و هذا أصح، و هو المناسب للروايات الأخر لان فيها (و أمّا أبو جهم فرجل ضراب للنساء)، و العاتق، هو ما بين العنق الى المنكب.

156 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ (1).

157 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اُذْكُرُوا مَحَاسِنَ مَوْتَاكُمْ (2)(3).

158 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَقُولُوا فِي أَمْوَاتِكُمْ إِلاَّ خَيْراً.

159 - وَ رَوَى عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ فِي تَفْسِيرِهِ : فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي اَلْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحٰامَكُمْ (4) إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي بَنِي أُمَيَّةَ

ص: 439


1- سنن ابن ماجه، كتاب الأدب، (37) باب المستشار مؤتمن حديث 3745 و 3746.
2- سنن أبي داود، ج 4 كتاب الأدب، باب في النهى عن سب الموتى حديث 4900. و تتمة الحديث (و كفوا عن مساويهم).
3- هذا الحديث و الذي يليه يدلان على تحريم غيبة الميت، كتحريم غيبة الحى (معه).
4- سورة محمد: 22.

رَوَاهُ مَرْفُوعاً إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ (1) (2) .

160 - وَ فِي اَلْأَخْبَارِ اَلصَّحِيحَةِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّ صِلَةَ اَلرَّحِمِ تَزِيدُ فِي اَلْعُمُرِ وَ أَنَّ قَطِيعَةَ اَلرَّحِمِ تَبُتُّ اَلْعُمُرَ(3).

ص: 440


1- و هذا يدلّ على ان اسم الارحام، صادق على ذوى القربات، و ان بعدوا في النسب. الا أن صدق الارحام عليهم بالشدة و الضعف، فيشتد بقرب النسب و يضعف ببعده (معه).
2- قال شيخنا الشهيد: الظاهر ان المراد بالرحم، المعروف بنسبه و ان بعد، و ان كان بعضه آكد من بعض ذكرا كان أو أنثى. و قصره بعض العامّة على المحارم الذي يحرم التناكح بينهم، ان كانوا ذكورا و اناثا، و هذا بالاعراض عنه حقيق، فان الوضع اللغوى يقتضى ما قلناه، و العرف أيضا، و الاخبار دلت عليه ثمّ نقل هذا الحديث. و هو يدل على تسمية القرابة المتباعدة رحما. أقول: المراد بتقطيع أرحامهم ما فعلوه بالحسين عليه السلام و نحو ذلك (جه).
3- قال في الحاشية: اعلم ان هذا الحديث أشكل على كثير من الناس، باعتبار ان المقدرات في الازل، و المكونات في اللوح المحفوظ، لا تتغير و لا تتبدل، لاستحالة خلاف معلوم اللّه، و علم اللّه سابق، فكيف يمكن الحكم بزيادة العمر و نقصانه، بسبب من الأسباب ؟. و اضطربوا في الجواب. فبعضهم قال: انه على سبيل الترغيب، و بعض قال: انه الثناء الجميل بعد الموت. و بعض قال: زيادة البركة في العمر، لا نفسه. و هذا الاشكال لا يرد: لانه لو صح لورد في كل ترغيب و ترهيب، لان الكل معلوم اللّه، مكتوب في اللوح المحفوظ. فمن علمه مؤمنا، فهو مؤمن أقر بالايمان أولا. و من علمه كافرا فهو كافر كذلك و ذلك يلزم منه بطلان الحكمة في بعث الأنبياء، و الاوامر الشرعية و يلزم منه هدم الدين بالكلية. و الجواب الصحيح انه تعالى كما يعلم كمية العمر، كذلك يعلم ارتباطه بسببه. و كما يعلم من زيد انه يدخل الجنة جعله مرتبطا بسببه المخصوص من ايجاده، و خلق عقله و بعث النبيّ إليه، و حسن اختياره. فعلى كل مكلف الإتيان بما لزمه، و لا يتكل على العلم -

ص: 441

161 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَمَلُّوا مِنَ اَلدُّعَاءِ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ مَتَى يُسْتَجَابُ لَكُمْ .

162 - وَ صَحَّ فِي اَلْأَخْبَارِ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ أُبَايِعُكَ عَلَى اَلْهِجْرَةِ وَ اَلْجِهَادِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مِنْ وَالِدَيْكَ أَحَدٌ قَالَ نَعَمْ كِلاَهُمَا قَالَ أَ فَتَبْتَغِي اَلْأَجْرَ مِنَ اَللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ اِرْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ فَأَحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا (1) (2) .

163 - وَ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ اِمْرَأَةً نَادَتِ اِبْنَهَا وَ هُوَ فِي صَوْمَعَةٍ فَقَالَتْ يَا جُرَيْحُ فَقَالَ اَللَّهُمَّ أُمِّي وَ صَلاَتِي فَقَالَتْ يَا جُرَيْحُ فَقَالَ اَللَّهُمَّ أُمِّي وَ صَلاَتِي فَقَالَتْ لاَ تَمُوتُ حَتَّى تَنْظُرَ فِي وُجُوهِ اَلْمُومِسَاتِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ

ص: 442


1- صحيح مسلم، كتاب البر و الصلة و الآداب (1) باب بر الوالدين و انهما أحق به، حديث 6.
2- و هذا يدلّ على ان الجهاد مشروط باذن الوالدين، الا ان يتعين. و ذلك لان بر الوالدين واجب علينا، و الجهاد على الكفاية، و العينى مقدم (معه).

لَوْ كَانَ جُرَيْحٌ فَقِيهاً لَعَلِمَ أَنَّ إِجَابَةَ أُمِّهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهِ (1)(2)(3).

ص: 443


1- المستدرك، ج 1 كتاب الصلاة، باب 20 من أبواب قواطع الصلاة، حديث 2، نقلا عن عوالى اللئالى مع تحقيق رشيق من الشهيد طاب اللّه ثراه، و أيضا المستدرك ج 2، كتاب النكاح، باب (71) من أبواب أحكام الاولاد حديث 10، نقلا عن القطب الراونديّ مع زيادة، فراجع ان شئت.
2- و في هذا الحديث دلالة على ان بر الوالدين مقدم على جميع المندوبات (معه).
3- قال الشهيد رحمه اللّه: قاعدة تتعلق بحقوق الوالدين. لا ريب ان كلما يحرم أو يجب للاجانب، يحرم أو يجب للوالدين، و ينفردان بأمور: الأول: يحرم السفر المباح بغير اذنهما، و كذا السفر المندوب، و قيل بجواز سفر التجارة و طلب العلم، اذا لم يمكن استيفاء التجارة و العلم في بلدهما. الثاني: قال بعضهم: يجب طاعتهما في كل فعل، و ان كان شبهة، فلو أمره بالاكل معهما في مال يعتقده شبهة، أكل، لان طاعتهما واجبة، و ترك الشبهة مستحب. الثالث: لو دعواه الى فعل و قد حضرت الصلاة، فليؤخر الصلاة و ليطعهما، لما قلناه. الرابع: هل لهما منعه من الصلاة جماعة ؟ الأقرب ليس لهما منعه مطلقا، بل في بعض الاحيان بما يشق عليهما مخالفته، كالسعى في ظلمة الليل الى العشاء و الصبح. الخامس: لهما منعه من الجهاد، مع عدم التعيين، ثمّ ذكر الحديث السابق. السادس: ان لهما منعه من فروض الكفاية، اذا علم قيام الغير، أو ظنّ . لانه حينئذ يكون كالجهاد الممنوع منه. السابع: قال بعض العلماء لو دعواه في صلاة النافلة، قطعها. و ذكر حديث جريح هذا، و قال: انه يدلّ بالطريق الأولى على تحريم السفر، لان غيبته فيه أعظم، و هي كانت تريد من جريح النظر إليها و الاقبال عليها. الثامن: كف الاذى منهما و ان كان قليلا، بحيث لا يوصله الولد اليهما، و يمنع غيره من إيصاله بحسب طاقته. التاسع: ترك الصوم ندبا، الا بأذن الأب، و لم أقف نص على الام. العاشر: ترك اليمين و العهد الا باذنه أيضا، ما لم يكن في فعل واجب أو ترك محرم. و لو أقف في النذر على نص خاصّ ، الا أن يقال: هو يمين، يدخل في النهى عن اليمين الا باذنه، انتهى. قوله: المومسات: بالسين كما في هذا الكتاب، جمع مومسة. و هي الفاجرة الزانية فيكون دعا عليه بعدم الإجابة. و في القواعد الشهيدية: المؤمنات، فيكون دعا له من جهة تواضعه لها و لربه سبحانه (جه).

164 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اَلْخَالِقِ (1)(2).

165 - وَ جَاءَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اَللَّهِ مَنْ أَحَقُّ اَلنَّاسِ بِحُسْنِ صِحَابَتِي قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أُمُّكَ قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ أَبُوكَ (3) . 166 - وَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: أَنَّهُ جَعَلَ ثَلاَثاً لِلْأُمِّ وَ اَلرَّابِعَةَ لِلْأَبِ (4)(5).

ص: 444


1- مسند أحمد بن حنبل، ج 131:1.
2- هذا الحديث يخصص عموم وجوب بر الوالدين، فانه لو اشتمل على معصية أو ترك واجب لم يصحّ فعله (معه).
3- رياض الصالحين من كلام سيّد المرسلين للنووى، باب بر الوالدين و صلة الارحام.
4- المصدر السابق.
5- و هذا الحديث يدلّ على أن البر، تستحق الام منه سهمين، و الأب سهم على الرواية الأولى. و على الثانية للام ثلاثة أرباع، و للاب ربع. فعلى هذا يكون كلما أمر به الشارع من بر الأب، و سكت فيه عن الام. فللام يكون ذلك أيضا واجبا لها بالطريق الأولى، من باب التنبيه بالادنى على الأعلى. و على هذا الحديث سؤال و جواب ذكره الشهيد في قواعده (معه).

167 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ اَلصَّحِيحِ عَنْ أَهْلِ اَلْبَيْتِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ : أَنَّ حَقَّ اَللَّهِ عَلَى اَلْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَ لاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً(1)المستدرك، ج 3، كتاب الايمان، باب (24)، حديث 1، نقلا عن عوالى اللئالى.(2)(3).

168 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ كَانَ حَالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَذَرْ(3).

169 - وَ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَ لاَ بِالطَّوَاغِيتِ (4)(5).

170 - وَ فِي اَلْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلْيَمِينُ اَلْغَمُوسُ تَذَرُ اَلدِّيَارَ بَلاَقِعَ (6).

171 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنِ اِبْتَاعَ طَعَاماً فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ (7).

ص: 445


1- الوسائل، كتاب الجهاد، باب
2- من أبواب جهاد النفس و ما يناسبه، حديث 1.
3- و هذا الحديث يدلّ على وجوب العبادة، و وجوب الاتصاف بالتوحيد، و ان أدنى مرتبته نفى الشرك في الإلهيّة، و أعلى منه نفى الشرك في التوجه و الإخلاص، و أعلى منهما نفى الشريك في الوجود. و هو نهاية الانقطاع إليه، و عدم ملاحظة شيء معه، و مقام الفناء في التوحيد (معه).
4- سنن ابن ماجه، كتاب الكفّارات، (2) باب النهى ان يحلف بغير اللّه، حديث 2095، و لفظ الحديث: (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: «لا تحلفوا بالطواغى و لا بآبائكم»). و مسند أحمد بن حنبل ج 11:2، و لفظ الحديث (أدرك رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم، عمر و هو في بعض أسفاره، و هو يقول: و أبى و أبى فقال: «ان اللّه ينهاكم ان تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفا فليحلف باللّه، و الا فليصمت»).
5- النهى في هذا الحديث و في السابق عليه للتحريم (معه).
6- في النهاية: «اليمين الغموس تذر الديار بلاقع» هى اليمين الكاذبة الفاجرة كالتي يقتطع بها الحالف مال غيره. سميت غموسا، لانها تغمس صاحبها في الاثم، ثمّ في النار. و فعول للمبالغة.
7- الوسائل، كتاب التجارة، باب (16) من أبواب أحكام العقود فلاحظ. و سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب التجارات، (37) باب النهى عن بيع الطعام قبل ما يقبض حديث 2226 و 2227.

172 - وَ رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ : أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ حَرَّمَ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ (1)النهى في الحديث الأول للتحريم على قول الاكثر. و الحديث الثاني يدل على ان القبض شرط في صحة البيع، لان الضمان مشروط بالقبض، لكن مع الربح. أما لو باعه تولية فلا منع، لاختصاص التحريم بكونه مع الربح كما هو مضمون الحديث (معه).(2)(2)(3).

173 - وَ فِي اَلْأَحَادِيثِ اَلصَّحِيحَةِ : أَنَّ اَلتَّزْوِيجَ كَانَ فِي شَرْعِ مُوسَى جَائِزاً بِغَيْرِ حَصْرٍ مُرَاعَاةً لِمَصَالِحِ اَلرِّجَالِ وَ فِي شَرْعِ عِيسَى لاَ يَحِلُّ سِوَى اَلْوَاحِدَةِ مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةِ اَلنِّسَاءِ فَجَاءَتْ هَذِهِ اَلشَّرِيعَةُ بِرِعَايَةِ اَلْمَصْلَحَتَيْنِ (4).

ص: 446


1- سنن ابن ماجة، كتاب التجارات،
2- باب النهى عن بيع ما ليس عندك و عن ربح ما لم يضمن، حديث 2188، و تمام الحديث: (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: «لا يحل بيع ما ليس عندك، و لا ربح ما لم يضمن).
3- من ابتاع ما لم يقبضه ثمّ أراد بيعه، فجماعة على الكراهة ان كان ممّا يكال أو يوزن، جمعا بين الاخبار. و المشهور هو التحريم ان كان طعاما، لان أخبار النهى صحيحة و متظافرة، و أخبار الجواز غير نقية السند، مضافا الى دعوى الشيخ الإجماع على التحريم، و تبقى الدلالة على النهى مقيدة بغير التولية، لدلالة صحيحة على بن جعفر على الجواز. و أمّا ان البيع هل يقع باطلا، أو يأثم خاصّة ؟ ففيه خلاف بين علمائنا رضوان اللّه عليهم (جه).
4- المستدرك، كتاب النكاح، باب (1) من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد، حديث 3، نقلا عن عوالى اللئالى.

174 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فِرَّ مِنَ اَلْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ اَلْأَسَدِ(1)(2)(3).

175 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يُورَدُ مُمْرَضٌ عَلَى صَحِيحٍ (4).

176 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ عَدْوَى وَ لاَ طِيَرَةَ (5).

177 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلطَّلاَقُ وَ اَلْعَتَاقُ يَمِينُ اَلْفُسَّاقِ (6)(7).

ص: 447


1- كنوز الحقائق في هامش الجامع الصغير، حرف الفاء، نقلا عن الطبريّ .
2- و هذا يدلّ على ان أهل الأمراض الوبائية، يجوز منعهم من دخول البلد التي لا وباء فيها. و لهذا كره الخروج من بلد الوباء، اذا كان الإنسان فيها، و وقع الوباء فيها، فلا ينبغي له الخروج. لما يلزم من الإضرار بالغير، و كذا يكره الدخول الى بلد الوباء، لما يلزم منه، جلب الضرر الى نفسه بتعرض نفسه لحصوله، لامكان علمه تعالى بحصوله له عند دخوله (معه).
3- حققنا الكلام في هذا المقام، و أكثرنا من الأدلة في جواز منع الداخلين من ذوى الأمراض المعدية في كتابنا الموسوم بمسكن الشجون في حكم الفرار من الطاعون (جه).
4- صحيح البخاريّ ، كتاب الطبّ ، باب لا هامة، و لفظ ما رواه قال النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: «لا يوردن ممرض على مصح».
5- صحيح البخاريّ ، كتاب الطبّ ، باب لا عدوى، و لفظ ما رواه، قال النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: «لا عدوى و لا طيرة، انما الشؤم في ثلاث: فى الفرس و المرأة و الدار». و سنن ابن ماجة، المقدّمة (1) باب في القدر، حديث 86، و لفظ ما رواه (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: «لا عدوى و لا طيرة و لا هامة» فقام اليه رجل أعرابى، فقال: يا رسول اللّه! أ رأيت البعير يكون به الجرب، فيجرب الإبل كلها؟ قال: «ذلكم القدر، فمن أجرب الأول ؟».
6- فيه دلالة على تحريم الحلف بالطلاق و العتاق، و التحليف بهما. و ان من فعل ذلك كان فاسقا (معه).
7- مذهب أبي حنيفة و مالك، جواز القسم بالطلاق. و وافقهم الشافعى في جواز الحلف بالعتاق، فمن عمل بأقوالهم فهو داخل في الفساق (جه).

178 - وَ رَوَى عَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ اَلْحَجَّاجِ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ : اِبْنُ اَلاِبْنِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ صُلْبِ اَلرَّجُلِ أَحَدٌ قَامَ مَقَامَ اَلاِبْنِ وَ اِبْنَةُ اَلْبِنْتِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ صُلْبِ اَلرَّجُلِ أَحَدٌ قَامَتْ مَقَامَ اَلْبِنْتِ (1).

179 - وَ رَوَى سَعْدُ بْنُ أَبِي خَلَفٍ عَنِ اَلْكَاظِمِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : فِي بَنَاتِ بِنْتٍ وَ جَدٍّ - لِلْجَدِّ اَلسُّدُسُ وَ اَلْبَاقِي لِبَنَاتِ اَلْبِنْتِ (2)(3)(4).

180 - وَ رُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اَللَّهِ قَالَ : جَاءَتِ اِمْرَأَةُ سَعْدِ بْنِ رَبِيعٍ بِابْنَتَيْ سَعْدٍ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اَللَّهِ هَاتَانِ اِبْنَتَا سَعْدٍ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ وَ إِنَّ عَمَّهُمَا أَخَذَ جَمِيعَ مَا تَرَكَ أَبُوهُمَا وَ لاَ يُنْكَحَانِ إِلاَّ وَ لَهُمَا مَالٌ فَقَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ سَيَقْضِي اَللَّهُ فِي ذَلِكِ فَنَزَلَتْ يُوصِيكُمُ اَللّٰهُ فِي أَوْلاٰدِكُمْ اَلْآيَاتِ فَدَعَا اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ عَمَّهُمَا وَ قَالَ أَعْطِ اَلْجَارِيَتَيْنِ اَلثُّلُثَيْنِ وَ أَعْطِ أُمَّهُمَا اَلثُّمُنَ -

ص: 448


1- الوسائل، كتاب الفرائض و المواريث، باب (7) من أبواب ميراث الابوين و الاولاد، حديث 5.
2- الوسائل، كتاب الفرائض و المواريث، باب (7) من أبواب ميراث الابوين و الاولاد، حديث 10.
3- هذا الحديث معارض لما تقدم، لكن أصحابنا مجمعون على ترك العمل بظاهره (معه).
4- الجد في المرتبة الثانية من مراتب الارث، لانه يشارك الاخوة. و الاولاد و ان نزلوا في المرتبة الأولى، لانهم يشاركون الآباء، فلا عمل عندنا على هذا الحديث و انما عمل عليه طائفة من العامّة (جه).

وَ مَا بَقِيَ فَهُوَ لَكَ (1)هذا الحديث يدلّ على توريث العصبة، و على تقدير صحة سنده، لعله كان قبل نزول آية «وَ أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ » فانه ناسخة لهذا الحكم (معه).(2) (2) (3) .

181 - وَ رَوَى أَبُو طَالِبٍ اَلْأَنْبَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ اَلْعُرَيْرِيِّ مَرْفُوعاً إِلَى قَارِيَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ : قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ أَ هَلْ عِنْدَكَ وَ عِنْدَ طَاوُسٍ أَنَّ مَا أَبْقَتِ اَلْفَرَائِضُ لِأُولِي اَلْعَصَبَةِ قَالَ مِنْ أَهْلِ اَلْعِرَاقِ أَنْتَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ أَبْلِغْ أَنِّي أَقُولُ إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ - آبٰاؤُكُمْ وَ أَبْنٰاؤُكُمْ لاٰ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اَللّٰهِ (4) وَ قَالَ - وَ أُولُوا اَلْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اَللّٰهِ (5) وَ هَلْ هَذِهِ إِلاَّ فَرِيضَتَانِ وَ هَلْ أَبْقَتَا شَيْئاً مَا قُلْتُ بِهَذَا وَ لاَ طَاوُسٌ يَرْوِيهِ قَالَ قَارِيَةُ بْنُ مُضَرِّبٍ فَلَقِيتُ طَاوُساً فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ لاَ وَ اَللَّهِ مَا رَوَيْتُ

ص: 449


1- سنن ابن ماجه، ج 2، كتاب الفرائض،
2- باب فرائض الصلب، حديث 2720. و رواه الحاكم في المستدرك، ج 342:4، كتاب الفرائض.
3- هذه المسألة و التي بعدها، و هي مسألة العول من أمّهات المسائل، و المعركة العظمى بين الإماميّة و من خالفهم، و عليها يبنى معظم الفرائض، و اختلفت القسمة على المذهبين اختلافا كثيرا. فذهب الإماميّة الى ان الأقرب من الوارث يمنع الا بعد، سواء كان الأقرب ذا فرض أو لم يكن، و يرد الباقي على ذوى الفروض. و الجمهور أثبتوا التعصيب، لما رووه من قوله عليه السلام: «ما أبقت الفرائض فلا ولى عصبته ذكر». و جاءت الاخبار عن السادة الاطهار عليهم السلام في ردّ هذا الحديث و تكذيب رواته لمخالفة الكتاب و السنة. و لان رواته قد رووا نقيضه أعنى الحديث الثاني (جه).
4- النساء: 11.
5- الأنفال: 75.

هَذَا وَ إِنَّمَا اَلشَّيْطَانُ أَلْقَاهُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ (1) (2) (3) .

182 - وَ رَوَى سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عَبِيدَةَ اَلسَّلْمَانِيِّ قَالَ : كَانَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى اَلْمِنْبَرِ فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ اَلْمُؤْمِنِينَ رَجُلٌ مَاتَ وَ تَرَكَ بِنْتَيْهِ وَ أَبَوَيْهِ وَ زَوْجَةً فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ صَارَ ثُمُنُ اَلْمَرْأَةِ تُسْعاً.

ص: 450


1- الوسائل، كتاب الفرائض و المواريث، باب (8) من أبواب موجبات الارث حديث 4، و المستدرك ج 3، كتاب الفرائض و المواريث، باب (7) من أبواب موجبات الارث، حديث 2، نقلا عن العوالى و رواه في الخلاف، كتاب الفرائض مسألة 80، في بطلان القول بالعصبة مع زيادة، بعد قول: (على السنتهم) قال سفيان: اراه من قبل ابنه عبد اللّه بن طاوس فانه كان على خاتم سليمان بن عبد الملك و كان يحمل على هؤلاء القوم حملا شديدا يعنى بنى هاشم.
2- هذا يدلّ على نفى التعصيب، لان مرتبة الآباء و مرتبة الابناء متساويان بنص القرآن. و كما لا تعصيب مع الابن، لا تعصيب مع البنت. لان الابناء صادق على الذكور و على الاناث (معه).
3- (لا تدرون) أي لا تعلمون من أنفع لكم من اصولكم و فروعكم الذين يموتون أ من أوصى منهم فعرضكم للثواب بامضاء الوصية، أم من لم يؤمن فوفر عليكم المال. أو يكون المعنى: لا تعلمون من أنفع لكم، فلا تعتمدوا الى تفضيل بعض و حرمان بعض كذا قال المفسرون. و المعنى الثاني أوفق بما هنا، لان العامّة يحرمون البنات من الرد و لا يحرمون البنين، و كذلك الآباء، لانهم أهل الفرض (جه).

و تسمى المسألة المنبرية و الجواب هنا على الاستفهام لأنه مقدر فيه(1)(2)(3)

ص: 451


1- الوسائل، كتاب الفرائض، باب (7) من أبواب موجبات الارث، حديث 13 و 14. و تمام الحديث «قال سماك: فقلت لعبيدة: و كيف ذلك ؟ قال: ان عمر بن الخطاب وقعت في امارته هذه الفريضة، فلم يدر ما يصنع، و قال: للبنتين الثلثان، و للابوين السدسان، و للزوجة الثمن قال: هذا الثمن باقيا بعد الابوين و البنتين، فقال له أصحاب محمّد صلّى اللّه عليه و آله: اعط هؤلاء فريضتهم، للابوين السدسان، و للزوجة الثمن، و للبنتين ما يبقى. فقال: فاين فرضهما الثلثان ؟ فقال له عليّ عليه السلام: لهما ما يبقى، فأبى ذلك عليه عمرو ابن مسعود، فقال عليّ عليه السلام: على ما رأى عمر. قال عبيدة: و أخبرنى جماعة من أصحاب عليّ عليه السلام بعد ذلك في مثلها: انه أعطى الزوج الربع مع الابنتين، و للابوين السدسين، و الباقي ردّ على البنتين. و ذلك هو الحق و ان أبى قومنا.
2- و هذه الرواية تدلّ على عول الفريضة عند نقصها عن ذوى السهام بدخول الزوج أو الزوجة فههنا اجتمعت ذووا فروض ثلاثة. البنتان و لهما الثلثان. و الابوان لهما السدسان. و الزوجة لها الثمن، فاصل الفريضة من أربعة و عشرين، لا تفى بهذه الفروض لانها نقصت بدخول الثمن، سهم الزوجة، و هو ثلاثة، فتزاد على الفريضة، فيصير سبعا و عشرين يكون للزوجة ثلاثة من سبع و عشرين. و إذا نسبت الثلاثة الى سبع و عشرين، كانت تسعها، و قد كان لها الثمن، فصار لها التسع بعد أن كان لها الثمن، فصار ثمنها، تسعا كما قاله عليه السلام (معه).
3- قال الشيخ طاب ثراه في الخلاف: و الجواب عن ذلك من وجهين. أحدها: أن يكون خرج مخرج التقية، لانه كان تقدم من مذهب المتقدم عليه، القول بالعول، و تقرر ذلك في نفوس الناس، و لم يمكنه المظاهرة بكثير من مذاهبه، و لاجل ذلك قال لقضاته: و قد سألوه بم نحكم يا أمير المؤمنين ؟ فقال: اقضوا كما كنتم تقضون، حتى يكون الناس جماعة، أو أموت كما مات أصحابى. و ما روى من تصريح أمير المؤمنين بمذهبه لعمر، و انه لم يقبل ذلك، و عمل بما أراد. و الوجه الآخر أن يكون خرج ذلك مخرج النكير، لا الاخبار و الحكم، كما يقول الواحد منا إذا أحسن الى غيره و قابله بالذم و الاساءة، فيقول: قد صار حسنى قبيحا، و ليس يريد بذلك الخبر، بل يريد الإنكار (انتهى). و حكى الشهيد الثاني: ان الحديث لا يدلّ على حكم العول، بل على تهجينه. و معناه صار ثمنها الذي فرضه اللّه لها، تسعا عند القائل بالعول، و لهذا أجاب عن بعض الفروض، و سكت عن الباقي. و قال عبيدة: أخبرنى جماعة من أصحاب عليّ عليه السلام بعد ذلك في مثلها، انه أعطى الزوج الربع مع البنتين، و الابوين السدس، و الباقي ردّ على البنتين، و قال: ذلك هو الحق، و ان أباه قومنا. و ذلك لان النقص عندنا يدخل على أهل الفرض، غير الزوجين (جه).

183 - وَ رَوَى اَلزُّهْرِيُّ مَرْفُوعاً إِلَى اِبْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَعَالَ اَلْفَرِيضَةَ عُمَرُ بْنُ اَلْخَطَّابِ فَقِيلَ لَهُ هَلاَّ أَشَرْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ هِبْتُهُ وَ كَانَ اِمْرَأً مَهِيباً(1)(2).

184 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : مَنْ وُلِّيَ مِنْ أُمُورِ اَلْمُسْلِمِينَ شَيْئاً ثُمَّ لَمْ يَجْتَهِدْ

ص: 452


1- الخلاف، كتاب الفرائض، مسألة (81) في بطلان العول. و البيهقيّ في السنن الكبرى ج 253:6 باب العول في الفرائض، بدون جملة (و كان امرأ مهيبا).
2- و أول الامران امرأة ماتت في عهده من زوج و اختين، فجمع الصحابة و قال لهم: فرض اللّه تعالى النصف للزوج، و للاختين الثلثين، فأن بدأت بالزوج لم يبق للاختين حقهما، و ان بدأت بالاختين لم يبق للزوج حقه، فأشيروا على ؟ فاتفق رأى أكثرهم على العول حتّى تكون الفريضة من سبعة بعد ان كانت من ستة، حتى يدخل النقص عليهم بالسوية. و عندنا لا يدخل النقص الأعلى البنتين، و الفريضة من ستة، و العول من عالت الفريضة إذا زادت (جه).

لَهُمْ وَ يَنْصَحْ لَمْ يَدْخُلِ اَلْجَنَّةَ مَعَهُمْ (1)الوسائل، كتاب الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، باب (1) من أبواب فعل المعروف، حديث 5، و لفظ الحديث: (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله: «كل معروف صدقة، و الدال على الخير كفاعله، و اللّه يحب اغاثة اللهفان»).(2)(3)(4).

185 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ يَزَالُ اَللَّهُ فِي عَوْنِ اَلْعَبْدِ مَا دَامَ اَلْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ (5).

186 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ (5).

187 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : أَدِّ اَلْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ اِئْتَمَنَكَ وَ لاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ (6).

188 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : اَلْبَيِّنَةُ عَلَى اَلْمُدَّعِي وَ اَلْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ(7).

ص: 453


1- صحيح مسلم، كتاب الامارة
2- باب فضيلة الامام العادل و عقوبة الجائر... حديث 22. و لفظ الحديث (ما من أمير يلي أمر المسلمين، ثمّ لا يجتهد لهم و ينصح، الا لم يدخل معهم الجنة). و في معناه أحاديث كثيرة. لاحظ مسند أحمد بن حنبل ج 289:6:1 و ج 3: 441 و 480 و ج 239:5 و غير ذلك من الصحاح و السنن و السير.
3- هذا عام في القاضي و الامير و الوالى، لان لفظة (من) للعموم (معه).
4- و يدخل في عمومه المولى بالنظر الى مماليكه، و صاحب المنزل بالنسبة الى من فيه (جه).
5- سنن الترمذي، كتاب الحدود، (3) باب ما جاء في الستر على المسلم حديث 1425. و مسند أحمد بن حنبل ج 252:2 و 296 و 500.
6- مسند أحمد بن حنبل، ج 414:3. و سنن الدارقطنى، كتاب البيوع، حديث 142.
7- الوسائل، كتاب القضاء، باب (3) من أبواب كيفية الحكم و أحكام الدعوى حديث 1 و 2 و 3. و لفظ الحديث (البينة على المدعى (من ادعى) و اليمين على المدعى عليه (من الدعى عليه). و رواه ابن ماجة في سننه، ج 2، كتاب الاحكام، (7) باب البينة على المدعى و اليمين على المدعى عليه، حديث 2321. و صحيح مسلم، كتاب الاقضية (1) باب اليمين على المدعى عليه. و لفظهما (و لكن اليمين على المدعى عليه). و السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 252:10، كتاب الدعوى و البينات، باب البينة على المدعى و اليمين على المدعى عليه، و لفظ الحديث (البينة على المدعى و اليمين على المدعى عليه).

189 - وَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ (1).

190 - وَ أَوْرَدَ بَعْضُ اَلرُّوَاةِ فِي حَدِيثٍ : اَلْبَيِّنَةُ عَلَى اَلْمُدَّعِي بَعْدَ قَوْلِهِ وَ اَلْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إِذَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا خُلْطَةٌ (2)(3)(4).

191 - وَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : لاَ يُعْدِي اَلْحَاكِمُ عَلَى اَلْخَصْمِ إِلاَّ أَنْ يَعْلَمَ بَيْنَهُمَا مُعَامَلَةً (5).

192 - وَ قَالَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : لاَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى غَيْرِ أَهْلِ دِينِهِمْ -

ص: 454


1- صحيح مسلم، كتاب الايمان، (61) باب وعيد من اقتطع حقّ مسلم بيمين فاجرة بالنار، حديث 221.
2- السنن الكبرى للبيهقيّ ، ج 253:10، و لفظ ما رواه (عن جميل بن عبد الرحمن المؤذن انه كان يحضر عمر بن عبد العزيز، اذا كان عاملا على المدينة، و هو يقضى بين الناس، فإذا جاءه الرجل يدعى على الرجل حقا، نظر، فان كانت بينهما مخالطة و ملابسة حلف الذي ادعى عليه، و ان لم يكن شيء من ذلك لم يحلفه)، ثمّ قال: و هذا شيء ذهب إليه على وجه الاستحسان.
3- و يلزمه إذا لم يكن بينهما خلطة، فلا تسمع دعواه (معه).
4- هذه الزيادة لم نطلع عليها في أحاديثنا و لا معنى لها (جه).
5- العدوى، النصر و المعونة. و لعلّ المعنى ان الحاكم لا ينصر المدعى على الخصم إذا ادعى عليه مالا، بان يحبسه إذا ادعى الاعسار حتّى يثبت اعساره، الا أن يعلم ان ما ادعى عليه من المال، من جهة معاملة بينهما، أن تكون الدعوى مالا، أو من ثمن مبيع، لا أن يكون صداقا، و لا دية، و لا عوض قصاص و نحو ذلك فانه ورد في الخبر عنه عليه السلام جواز الحبس على الأول، دون الثاني (جه).

إِلاَّ اَلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ عُدُولٌ عَلَيْهِمْ وَ عَلَى غَيْرِهِمْ (1)(2).

193 - وَ قَدْ ثَبَتَ فِي اَلْأَحَادِيثِ : أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ رَجَمَ اَلْيَهُودِيَّ وَ اَلْيَهُودِيَّةَ لَمَّا جَاءَتِ اَلْيَهُودُ بِهِمَا وَ ذَكَرُوا زِنَاهُمَا (3) . و الظاهر أنه رجمهما بشهادتهم

194 - وَ رَوَى اَلشَّعْبِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ : إِنْ شَهِدَ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ رَجَمْتُهَا(4).

195 - وَ رَوَى سَمَاعَةُ عَنِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ : فِي شَهَادَةِ أَهْلِ اَلذِّمَّةِ قَالَ لاَ يَجُوزُ

ص: 455


1- المستدرك، كتاب الشهادات، باب (32)، حديث 4، نقلا عن عوالى اللئالى. و الوسائل، كتاب الشهادات باب (38)، حديث 1 و 2 ما بمعناه. و رواه في الخلاف، كتاب الشهادات، مسألة 22، كما في المتن عن معاذ بن جبل عن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. و رواه الدارقطنى في سننه، كتاب الفرائض، حديث 6.
2- المشهور عندنا ان الكافر ذميا كان أو غيره، لا تقبل شهادته مطلقا، لا على أهل ملته، و لا غيرهم. عملا بعموم ما دل على اعتبار العدالة في الشاهد. و ذهب الشيخ في النهاية الى قبول شهادة أهل كل ملة على ملتهم، لا على غيرهم. و حكى عن ابن الجنيد قبول شهادة أهل العدالة منهم في دينه، على أهل ملته، و على غير ملته. و هذا الحديث و رواية سماعة دالة على قول النهاية. لكن الاكثر ردوهما بضعف المستند (جه).
3- المستدرك، كتاب الشهادات، باب (32)، حديث 2، نقلا عن دعائم الإسلام. و رواه الدارقطنى في سننه، ج 170:4 (النذور)، حديث 32.
4- الجوهر النقى لابن التركمانى في ذيل السنن الكبرى للبيهقيّ ج 162:10 باب من ردّ شهادة أهل الذمّة، قال: (و أخرج الطحاوى عن أحمد بن أبي عمران، ثنا أبو خثيمة، ثنا حفص بن غياث، عن مجالد عن الشعبى، عن جابر ان اليهود جاءوا الى رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم برجل و امرأة منهم زنيا، فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم، ائتونى بأربعة منكم يشهدون إلخ) و سنن الدارقطنى ج 170:4 (النذور) حديث 32 و فيه (قال: ائتونى بالشهود، فشهد أربعة فرجمهما النبيّ صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم.

إِلاَّ عَلَى مِثْلِهِمْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُمْ جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ فِي اَلْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ لاَ يَصْلُحُ ذَهَابُ حَقِّ أَحَدٍ(1)الذي عثرت عليه في معنى الحديث ما رواه الترمذي في سننه ج 4، كتاب السير (37) باب ما جاء في بيعة النساء، و فيه (قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه (و آله) و سلم: انما قولي لمائة امرأة كقولى لامرأة واحدة، و رواه الدارقطنى في سننه، كتاب المكاتب (النوادر) حديث 16.(2)(3).

196 - وَ رُوِيَ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ مَمَالِيكَ لَهُ فِي مَرَضِهِ وَ لاَ مَالَ سِوَاهُمْ فَجَزَّأَهُمُ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ ثَلاَثَةَ أَجْزَاءٍ وَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اِثْنَيْنِ وَ أَرَقَّ أَرْبَعَةً (4) .

197 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : حُكْمِي عَلَى اَلْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى اَلْجَمَاعَةِ (4)(5).

ص: 456


1- الوسائل، كتاب الشهادات،
2- باب قبول شهادة اليهود و النصارى و المجوس و غيرهم على الوصية في الضرورة، حديث 4.
3- لم يجوز الاصحاب شهادة الذمى على المسلم الا في هذه الصورة الخاصّة، و هي الوصية مع عدم عدول المسلمين، لقوله تعالى: «أَوْ آخَرٰانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » و يشترط فيه العدالة في قوله: (منكم) الداخل في خبر العدالة، و ظاهر الآية كون الموصى مسافرا و بظاهرها أخذ جماعة من الاصحاب، و حسنة هشام، و رواية ابن حمران دالتان عليه. و الأشهر عدم الاشتراط تنزيلا للآية و الرواية على الغالب. من أن عدم وجدان المسلم، انما يكون في السفر. و لصحيحة ضريس الكناسى و هذه الآية، احلاف الذمى بعد العصر بالصورة المذكورة في الآية. و هي انهما ما خانا، و لا كتما شهادة اللّه، و لا اشتريا به ثمنا قليلا و لو كان ذا قربى. و اعتبره العلامة في التحرير، اذ لا معارض له و عمومات النصوص غير منافية له (جه).
4- سنن الكبرى للبيهقيّ ج 285:10 باب عتق العبيد لا يخرجون من الثلث.
5- هذا يدلّ على ان أحكامه، لا تخصص بالوقائع، فان أكثرها وردت على الصور المخصوصة، و لا تخصص بها. و ذلك تدلّ على ان خصوص السبب لا يخصص المسبب العام، كما هو مذهب جماعة المحققين من أهل الأصول (معه).

198 - وَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : اَلنَّاسُ مُسَلَّطُونَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ (1).

ص: 457


1- هذا الحديث مخصوص بمواضع الحجر (معه).

تم المجلد الأول من كتاب العوالي اللئالي و شرحه حسب تجزئتنا، و يتلوه المجلد الثاني، أوله (المسلك الرابع) ان شاء اللّه.

و الحمد للّه أولا و آخرا و صل اللّه على محمّد و آله الطاهرين. و ذلك في صبيحة اليوم الذي بارك اللّه سبحانه و تعالى لهذه الأمة بمولد سيد الأنبياء، و أشرف المرسلين محمّد صلّى اللّه عليه و على آله الطيبين الطاهرين و رزقنا اللّه تعالى شفاعتهم يوم الدين. من السنة الثالثة بعد الاربعمائة و الالف للهجرة النبويّة بقم المقدّسة. و أنا الاقل مجتبى المحمدي العراقي.

ص: 458

الفهرس

مقدّمة المحقق.

رسالة الردود و النقود على الكتاب و المؤلّف.

مقدّمة المؤلّف و فيها فصول: -

الفصل الأول: فى كيفية اسناد المصنّف و روايته لجميع ما ذكره من الأحاديث الى المشايخ. 5

الفصل الثاني: فى السبب الداعي الى جمع هذه الأحاديث. 15

الفصل الثالث: فيما رواه بطريق الاسناد المتصل اسناده بطريق العنعنة دون الاجازة و المناولة. 21

الفصل الرابع: فيما رواه بطرقه المذكورة محذوفة الاسناد. 30

الفصل الخامس: فى أحاديث تتعلق بمعالم الدين و جملة من الآداب. 81

الفصل السادس: فى أحاديث اخرى من هذا الباب رواها بطريق واحد. 95

الفصل السابع: فى أحاديث تتضمن مثل هذا السياق رواها بطريقها من مظانها. 107

ص: 459

الفصل الثامن: فى أحاديث تشتمل على كثير من الآداب و معالم الدين روايتها تنتهى الى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله. 128

الفصل التاسع: فى أحاديث تتضمن شيئا من أبواب الفقه ذكرها بعض الاصحاب في بعض كتبه. 195

الفصل العاشر: فى أحاديث تتضمن شيئا من الآداب الدينية. 246

الباب الأوّل و منه أربعة مسالك: 299

المسلك الأول: فى أحاديث ذكرها بعض متقدمى الاصحاب رواها عنه بطريقه إليه. 301

المسلك الثاني: فى أحاديث تتعلق بمصالح الدين رواها جمال المحققين في بعض كتبه. 349

المسلك الثالث: فى أحاديث رواها الشيخ محمّد بن مكى في بعض مصنّفاته تتعلق بأحوال الفقه. 380

الفهرس. 450

ملاحظة: لكى تكون الأحاديث الواردة في هذا الكتاب سهلة الحصول للباحث الكريم، عزمنا على تنظيم فهرس عام لجميع الأحاديث مرتبا على حروف الهجاء سوف نضعه في نهاية الكتاب ان شاء اللّه تعالى.

ص: 460

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.