الإتقان في علوم القرآن المجلد 2

اشارة

شماره کتابشناسی ملی : ع 443

سرشناسه : سیوطی، جلال الدین عبدالرحمن بن ابی بکر

عنوان و نام پديدآور: الاتقان في علم القرآن[نسخه خطی]جلال الدین عبدالرحمن بن ابی بکر سیوطی

وضعیت استنساخ : 1040ق.

آغاز ، انجام ، انجامه : آغاز نسخه: بسمله، قال سیدنا و مولانا و شیخنا الشیخ الامام العالم العلامه ...

انجام نسخه: و حسن توفیقه و صلواته و سلامه علی اشرف خلقه و تاج رسله محمد و علی اله و صحبه و الحمدلله وحده

: معرفی کتاب: این کتاب "احکام التنزیل" است و نویسنده در مقدمه آن می گوید در علوم دین خاصه حدیث زحمت فراوان کشیده شده ولی درباره قرآن چنین رنجی برده نشده است گرچه ابوعبدالله محبی الدین کافنجی و علم الدین بلقینی را درین زمینه کارهائیست ولی هیچیک از آنها وافی بمقصود نیستند لذا بر آن شدم که کتابی درین زمینه بپردازم و در امور ششگانه زیر بحث کنم 1- مواطن النزول و اوقات و وقایع آن، 2- سند و آن شش نوع است، 3- اداآ، 4- الفاط، 5- معانی متعلقه باحکام، 6- معانی متعلق بالفاظ. او پس از این توضیح یکایک امور ششگانه را بر می شمارد

مشخصات ظاهري : 261 برگ، 23 سطر کامل، اندازه سطور 190x105

يادداشت مشخصات ظاهری : نوع کاغذ: ترمه

خط: نستعلیق

تزئینات جلد: تیماج قرمز، مقوائی، لولادار

تزئینات متن: سرفصلها با مرکب قرمز، روی بعضی کلمات و جملات با مرکب قرمز خطکشی شده

يادداشت کلی : تاريخ تاليف:قرن 9ق.

زبان: عربى

تعداد جلد: 2

ناشر: دار الكتاب العربى

مكان چاپ: بيروت

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

* الجزء الثانى

النوع الثامن و الأربعون: في مشكله و موهم الاختلاف و التناقض أفرده بالتّصنيف قطرب.

اشارة

و المراد به:ما يوهم التعارض بين الآيات.

و كلامه تعالى منزّه عن ذلك،كما قال: وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82]،و لكن قد يقع للمبتدئ ما يوهم اختلافا و ليس به في الحقيقة؛ فاحتيج لإزالته،كما صنّف في مختلف الحديث،و بيان الجمع بين الأحاديث المتعارضة.

و قد تكلّم في ذلك ابن عباس،و حكي عنه التوقّف في بعضها.

قال عبد الرزّاق في تفسيره (1):أنبأنا معمر،عن رجل،عن المنهال بن عمرو،عن سعيد بن جبير:قال:جاء رجل إلى ابن عباس،فقال:رأيت أشياء تختلف عليّ من القرآن.فقال ابن عباس:ما هو؟أشكّ؟قال:ليس بشكّ،و لكنه اختلاف،قال:هات ما اختلف عليك من ذلك.قال:أسمع اللّه يقول: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاّ أَنْ قالُوا وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ(23) [الأنعام:23].و قال: وَ لا يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً [النساء:42].فقد كتموا، و أسمعه يقول: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ [المؤمنون:101].ثم قال: وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (25)[الطور:25].و قال: أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ [فصلت:9-11].حتى بلغ طائِعِينَ [فصلت:11]،ثم قال في الآية الأخرى:

ص: 5


1- رواه عبد الرزاق في تفسيره 160/1-161،و ابن جرير في تفسيره 96/4-97،و في سنده رجل مبهم.قال الحافظ في الفتح 559/8:«فشيخ معمر المبهم يحتمل أن يكون مطرفا أو زيد بن أبي أنيسة،أو ثالثا».و رواه الحاكم في المستدرك 394/2-395 من طريق مطرف،عن المنهال،عن سعيد بن جبير مختصرا و صححه،و وافقه الذهبي و كذا رواه بطوله الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق من طريق زيد بن أبي أنيسة،عن المنهال.و أصل الحديث في صحيح البخاري:فقد رواه البخاري في صحيحه،في تفسير سورة حم السجدة(فصلت)فتح الباري 555/8-556،و الطبراني في المعجم الكبير حديث رقم(10594)300/10-303،و أبو الشيخ في العظمة(559)1039/3-1040، و الحافظ أبو بكر البرقاني في كتاب المصافحة،كما في تغليق التعليق 301/4،و الفتح 559/8،و هدي الساري ص 55.

أَمِ السَّماءُ بَناها [النازعات:27]،ثم قال: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها(30) [النازعات:30]، و أسمعه يقول: كانَ اللّهُ ما شأنه يقول: وَ كانَ اللّهُ ؟.

فقال ابن عباس:أما قوله: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاّ أَنْ قالُوا وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23].فإنهم لما رأوا يوم القيامة،و أن اللّه يغفر لأهل الإسلام،و يغفر الذنوب، و لا يغفر شركا،و لا يتعاظمه ذنب أن يغفره،جحده المشركون رجاء أن يغفر لهم،فقالوا:

و اللّه ربّنا ما كنا مشركين،فختم اللّه على أفواههم فتكلّمت أيديهم و أرجلهم بما كانوا يعملون،فعند ذلك يود الّذين كفروا و عصوا الرّسول لو تسوّى بهم الأرض و لا يكتمون اللّه حديثا.

و أما قوله: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ [المؤمنون:101]؛فإنه إذا نفخ في الصّور فصعق من في السّماوات و من في الأرض إلاّ من شاء اللّه فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون،ثمّ نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون،و أقبل بعضهم على بعض يتساءلون.

و أما قوله: خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ [فصلت:9]فإن الأرض خلقت قبل السماء، و كانت السماء دخانا،فسواهنّ سبع سماوات في يومين بعد خلق الأرض.

و أما قوله: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها(30) [النازعات:30]،يقول:جعل فيها جبلا، و جعل فيها نهرا،و جعل فيها شجرا،و جعل فيها بحورا (1).

و أما قوله: وَ كانَ اللّهُ فإن اللّه كان و لم يزل كذلك،و هو كذلك عزيز حكيم عليم قدير،لم يزل كذلك.

فما اختلف عليك من القرآن فهو يشبه ما ذكرت لك،و إن اللّه لم ينزل شيئا إلاّ و قد أصاب الذي أراد،و لكن أكثر الناس لا يعلمون.

أخرجه بطوله الحاكم في المستدرك و صححه،و أصله في الصحيح.

قال ابن حجر في شرحه (2):«حاصل ما فيه السؤال عن أربعة مواضع»:

الأول:نفي المسألة يوم القيامة و إثباتها.8.

ص: 6


1- في تفسير عبد الرزاق 162/1:«و أما قوله: وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها فيقول:مع ذلك دحاها، و(مع)،و(بعد)سواء في كلام العرب»ا ه.
2- فتح الباري 855/8.

الثاني:كتمان المشركين حالهم و إفشاؤه.

الثالث:خلق الأرض أو السماء؛أيّهما تقدّم.

الرابع:الإتيان بحرف(كان)الدّالة على المضيّ،مع أنّ الصفة لازمة.

و حاصل جواب ابن عباس عن الأول:أن نفي المساءلة فيما قبل النفخة الثانية، و إثباتها فيما بعد ذلك.

و عن الثاني:أنهم يكتمون بألسنتهم،فتنطق أيديهم و جوارحهم.

و عن الثالث:أنه بدأ خلق الأرض في يومين غير مدحوّة،ثم خلق السموات فسوّاهنّ في يومين،ثم دحا الأرض بعد ذلك؛و جعل فيها الرّواسي و غيرها في يومين؛ فتلك أربعة أيام للأرض.

و عن الرابع:بأنّ(كان)و إن كانت للماضي،لكنها لا تستلزم الانقطاع،بل المراد أنه لم يزل كذلك.

فأما الأول:فقد جاء فيه تفسير آخر:أن نفي المساءلة عند تشاغلهم بالصّعق و المحاسبة و الجواز على الصراط،و إثباتها فيما عدا ذلك.و هذا منقول عن السدّيّ؛ أخرجه ابن جرير (1)من طريق علي بن أبي طلحة،عن ابن عباس:أنّ نفي المساءلة عن النفخة الأولى،و إثباتها بعد النفخة الثانية.

و قد تأوّل ابن مسعود نفي المساءلة على معنى آخر:و هو طلب بعضهم من بعض العفو.فأخرج ابن جرير (2)من طريق زاذان قال:أتيت ابن مسعود فقال:يؤخذ بيد العبد يوم القيامة،فينادى:ألا إنّ هذا فلان بن فلان،فمن كان له حقّ قبله فليأت،قال:فتودّ المرأة يومئذ أن يثبت لها حقّ على أبيها أو ابنها أو أخيها أو زوجها فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَ لا يَتَساءَلُونَ [المؤمنون:101].

و من طريق أخرى (3)قال:لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئا،و لا يتساءلون به،و لا يمتّ برحم.ه.

ص: 7


1- تفسير الطبري 244/9.
2- رواه ابن جرير في تفسيره،حديث رقم(25668)244/9-245.و فيه هارون بن أبي عنترة كذّبه يحيى و ابن عدي.
3- تفسير الطبري،حديث رقم(25670)245/9 عن حجاج قوله.

و أما الثاني:فقد ورد بأبسط منه فيما أخرجه ابن جرير (1)،عن الضحّاك بن مزاحم:

أنّ نافع بن الأزرق أتى ابن عباس فقال:قول اللّه: وَ لا يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً [النساء:42] و قوله: وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23].فقال:إني أحسبك قمت من عند أصحابك،فقلت لهم:آتي ابن عباس،ألقي عليه متشابه القرآن؟فأخبرهم:أن اللّه إذا جمع الناس يوم القيامة قال المشركون:إنّ اللّه لا يقبل إلاّ ممن وحّده،فيسألهم فيقولون:

وَ اللّهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23].قال:فيختم على أفواههم،و تستنطق جوارحهم.

و يؤيّده ما أخرجه مسلم؛من حديث أبي هريرة في أثناء حديث،و فيه:«ثم يلقى الثالث فيقول:يا رب آمنت بك و بكتابك و برسولك،و يثني ما استطاع،فيقول:الآن نبعث شاهدا عليك،فيفكر في نفسه:من الذي يشهد عليّ!فيختم على فيه،و تنطق جوارحه» (2).

أما الثالث:ففيه أجوبة أخرى،منها:أن(ثمّ)بمعنى الواو،فلا إيراد.

و قيل:المراد ترتيب الخبر لا المخبر به،كقوله: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا [البلد:17].

و قيل:على بابها،و هي لتفاوت ما بين الخلقين،لا للتراخي في الزمان.

و قيل:(خلق)بمعنى(قدّر).

و أما الرابع:و جواب ابن عباس عنه،فيحتمل كلامه أنه أراد أنه سمى نفسه غَفُوراً رَحِيماً و هذه التسمية مضت؛لأن التعلق انقضى.و أما الصّفتان فلا تزالان كذلك لا ينقطعان؛لأنه تعالى إذا أراد المغفرة أو الرحمة في الحال أو الاستقبال وقع مراده.قاله الشمس الكرماني.قال (3):و يحتمل أن يكون ابن عباس أجاب بجوابين:

أحدهما:أن التّسمية هي التي كانت و انتهت،و الصفة لا نهاية لها.

و الآخر:أنّ معنى(كان)الدوام؛فإنه لا يزال كذلك.

و يحتمل أن يحمل السؤال على مسلكين،و الجواب على دفعهما،كأن يقال:هذاي.

ص: 8


1- رواه ابن جرير في تفسيره 97/4 برقم(9524).
2- رواه مسلم(2968)،و أبو داود(4730)،و ابن أبي عاصم(445)،و ابن منده في الإيمان(809)، و الآجري في التصديق بالنظر(27)ص 43.
3- هو الكرماني.

اللفظ مشعر بأنه في الزمان الماضي كان غفورا رحيما،مع أنه لم يكن هناك من يغفر له أو يرحم،و بأنه ليس في الحال كذلك لما يشعر به لفظ(كان).

و الجواب عن الأول:بأن كان في الماضي تسمّى به.و عن الثاني:بأنّ(كان)تعطي معنى الدوام،و قد قال النحاة:كان لثبوت خبرها ماضيا،دائما أو منقطعا (1).

و قد أخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس:أن يهوديا قال له:إنكم تزعمون أنّ اللّه كان عزيزا حكيما،فكيف هو اليوم؟فقال:إنه كان في نفسه عزيزا حكيما.

موضع آخر،توقّف فيه ابن عباس.قال أبو عبيدة:حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم،عن أيوب،عن ابن أبي مليكة قال:سأل رجل ابن عباس عن: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ [السجدة:5].و قوله فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:4].فقال ابن عباس:هما يومان ذكرهما اللّه تعالى في كتابه؛اللّه أعلم بهما (2).

و أخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه،و زاد:ما أدري ما هما،و أكره أن أقول فيهما ما لا أعلم.قال ابن أبي مليكة:فضربت البعير حتى دخلت على سعيد بن المسيّب،فسئل عن ذلك فلم يدر ما يقول؛فقلت له:أ لا أخبرك بما حضرت من ابن عباس؟فأخبرته، فقال ابن المسيّب للسائل:هذا ابن عباس قد اتّقى أن يقول فيهما،و هو أعلم منّي.

و روي عن ابن عباس أيضا:أنّ يوم الألف هو مقدار سير الأمر و عروجه إليه،و يوم الألف في سورة الحجّ:هو أحد الأيام الستة التي خلق اللّه فيها السموات،و يوم الخمسين ألفا هو يوم القيامة.فأخرج ابن أبي حاتم من طريق سماك،عن عكرمة،عن ابن عباس:

أنّ رجلا قال له:حدّثني،ما هؤلاء الآيات: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:4].و يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ [السجدة:5]. وَ إِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ [الحج:47].فقال:يوم القيامة حساب خمسين ألف سنة،و السموات في ستة أيام كلّ يوم يكون ألف سنة،و يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ قال:ذلك مقدار المسير.ت.

ص: 9


1- انتهى كلام الحافظ في الفتح.
2- عزاه في الدر المنثور 171/5 لعبد الرزاق و سعيد بن منصور و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و ابن الأنباري في المصاحف و الحاكم و صححه،عن عبد الله بن أبي مليكة به.رواه عبد الرزاق في تفسيره،2/ 108،و سنده صحيح،رجاله ثقات.

و ذهب بعضهم إلى أنّ المراد بهما يوم القيامة،و أنه باعتبار حال المؤمن و الكافر، بدليل قوله: يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (1)[المدثر:10،9].

فصل : في أسباب الاختلاف

قال الزركشيّ في«البرهان» (2):للاختلاف أسباب:

أحدها:وقوع المخبر به على أنواع مختلفة و تطويرات شتّى،كقوله في خلق آدم:

مِنْ تُرابٍ [آل عمران:59].و مرة: مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ [الحجر:26 و 28 و 33].و مرة:

مِنْ طِينٍ لازِبٍ [الصافات:11].و مرّة: مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخّارِ [الرحمن:14]:فهذه ألفاظ مختلفة،و معانيها في أحوال مختلفة؛لأن الصلصال غير الحمأ،و الحمأ غير التراب،إلاّ أنّ مرجعها كلها إلى جوهر،و هو التراب،و من التراب درجت هذه الأحوال.

و كقوله: فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ [الشعراء:32].و في موضع: تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ [القصص:31].و الجانّ الصغير من الحيّات،و الثعبان الكبير منها،و ذلك لأنّ خلقها خلق الثعبان العظيم،و اهتزازها و حركتها و خفّتها كاهتزاز الجانّ و خفّته.

الثاني:لاختلاف الموضوع،كقوله: وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ(24) [الصافات:24].

و قوله: فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ(6) [الأعراف:6].مع قوله:

فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ(39) [الرحمن:39].قال الحليميّ (3):

فتحمل الآية الأولى على السؤال عن التوحيد و تصديق الرّسل،و الثانية على ما يلتزمه الإقرار بالنبوات من شرائع الدين و فروعه.

و حمله غيره على اختلاف الأماكن،لأنّ في القيامة مواقف كثيرة،ففي موضع يسألون،و في آخر لا يسألون.

ص: 10


1- انظر في مسألة التوفيق بين هذه الآيات:الفوائد لابن عبد السلام ص 142،و ملاك التأويل 862/2- 864،و أنموذج جليل ص 405-406،و فتح الرحمن ص 451-453،و تأويل مشكل القرآن ص 353،و المنهاج في شعب الإيمان 339/1-340.
2- انظر البرهان 54/2.
3- انظر المنهاج للحليمي 386/1.

و قيل:إنّ السؤال المثبت سؤال تبكيت و توبيخ،و المنفيّ سؤال المعذرة و بيان الحجة.

و كقوله: اِتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران:102].مع قوله: فَاتَّقُوا اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].حمل الشيخ أبو الحسن الشاذليّ (1)الآية الأولى على التوحيد،بدليل قوله بعدها: وَ لا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].و الثانية على الأعمال.و قيل:بل الثانية ناسخة للأولى.

و كقوله: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً [النساء:3]،مع قوله: وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ [النساء:129]،فالأولى تفهم إمكان العدل،و الثانية تنفيه.

و الجواب:أنّ الأولى في توفية الحقوق،و الثانية في الميل القلبيّ،و ليس في قدرة الإنسان.

و كقوله: إِنَّ اللّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ [الأعراف:28].مع قوله: أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها [الإسراء:16]،فالأولى في الأمر الشرعيّ،و الثانية في الأمر الكونيّ بمعنى القضاء و التقدير.

الثالث:لاختلافهما في جهتي الفعل،كقوله: فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ [الأنفال:17]:أضيف القتل إليهم،و الرمي إليه صلّى اللّه عليه و سلم على جهة الكسب و المباشرة،و نفاه عنهم و عنه باعتبار التأثير.

الرابع:لاختلافهما في الحقيقة و المجاز،كقوله: وَ تَرَى النّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى [الحج:2].أي:سكارى من الأهوال مجازا،لا من الشراب حقيقة.

الخامس:بوجهين و اعتبارين،كقوله فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ [ق:22]،مع قوله:

خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ [الشورى:45]،قال قطرب:(فبصرك)أي:

علمك و معرفتك بها قوية،من قولهم:بصر بكذا:أي:علم،و ليس المراد رؤية العين.

قال الفارسيّ:و يدلّ على ذلك قوله: فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ [ق:22].

و كقوله: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ تَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ [الرعد:28]،مع قوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2]،فقد يظنّ أنّ الوجل خلاف الطمأنينة.2.

ص: 11


1- نقله في البرهان 57/2.

و جوابه:أنّ الطمأنينة تكون بانشراح الصدر بمعرفة التوحيد،و الوجل يكون عند خوف الزيغ و الذهاب عن الهدى،فتوجل القلوب لذلك،و قد جمع بينهما في قوله:

تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَ قُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللّهِ [الزمر:23].

و مما استشكلوه (1):قوله تعالى: وَ ما مَنَعَ النّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَ يَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً(55) [الكهف:55]،فإنّه يدلّ على حصر المانع من الإيمان في أحد هذين الشيئين.

و قال في آية أخرى: وَ ما مَنَعَ النّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلاّ أَنْ قالُوا أَ بَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَسُولاً(94) [الإسراء:94]،فهذا حصر آخر في غيرهما.

و أجاب ابن عبد السلام (2):بأن معنى الآية الأولى:و ما منع الناس أن يؤمنوا إلاّ إرادة أن تأتيهم سنّة الأوّلين من الخسف أو غيره،أو يأتيهم العذاب قبلا في الآخرة.فأخبر أنه أراد أن يصيبهم أحد الأمرين،و لا شكّ أنّ إرادة اللّه مانعة من وقوع ما ينافي المراد.

فهذا حصر في السبب الحقيقيّ،لأن اللّه هو المانع في الحقيقة.

و معنى الآية الثانية:و ما منع النّاس أن يؤمنوا إلاّ استغراب بعثه بشرا رسولا،لأن قولهم ليس مانعا من الإيمان؛لأنه لا يصلح لذلك؛و هو يدلّ على الاستغراب بالالتزام؛ و هو المناسب للمانعية،و استغرابهم ليس مانعا حقيقيّا بل عاديا؛لجواز وجود الإيمان معه، بخلاف إرادة اللّه تعالى.فهذا حصر في المانع العاديّ؛و الأول حصر في المانع الحقيقيّ، فلا تنافي أيضا.

و مما استشكل أيضا:قوله تعالى: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً [الأنعام:21]، فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللّهِ [الزمر:32]،مع قوله: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَ نَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ [الكهف:57]، وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللّهِ [البقرة:114]،إلى غير ذلك من الآيات.

و وجهه:أن المراد بالاستفهام هنا النفي،و المعنى:لا أحد أظلم،فيكون خبرا،و إذا كان خبرا و أخذت الآيات على ظواهرها أدّى إلى التناقض.و أجيب بأوجه:

منها:تخصيص كلّ موضع بمعنى صلته:أي لا أحد من المعاندين أظلم ممّن منع3.

ص: 12


1- انظر البرهان 65/2.
2- في كتابه الفوائد في مشكل القرآن ص 112-113.

مساجد اللّه،و لا أحد من المفترين أظلم ممّن افترى على اللّه كذبا،و إذا تخصّص بالصّلات زال التناقض.

و منها:أن التخصيص بالنسبة إلى السّبق:لمّا لم يسبق أحد إلى مثله حكم عليهم بأنهم أظلم ممّن جاء بعدهم سالكا طريقهم؛و هذا يؤول معناه إلى ما قبله؛لأن المراد السبق إلى المانعيّة و الافترائية.

و منها-و ادّعى أبو حيان أنّه الصواب-:أن نفي الأظلميّة لا يستدعي نفي الظالمية؛ لأن نفي المقيّد لا يدلّ على نفي المطلق،و إذا لم يدلّ على نفي الظالمية لم يلزم التناقض؛ لأن فيها إثبات التسوية في الأظلميّة،و إذا ثبتت التسوية فيها لم يكن أحد ممّن وصف بذلك يزيد على الآخر:لأنّهم يتساوون في الأظلميّة.و صار المعنى:لا أحد أظلم ممّن افترى و ممّن منع و نحوها،و لا إشكال في تساوي هؤلاء في الأظلمية،و لا يدلّ على أنّ أحد هؤلاء أظلم من الآخر،كما إذا قلت:لا أحد أفقه منهم.انتهى.

و حاصل الجواب أنّ نفي التفضيل لا يلزم منه نفي المساواة.

و قال بعض المتأخّرين:هذا استفهام مقصود به التهويل و التفظيع،من غير قصد إثبات الأظلمية للمذكور حقيقة،و لا نفيها عن غيره.

و قال الخطّابي (1):سمعت ابن أبي هريرة يحكي عن أبي العباس بن سريج،قال:

سأل رجل بعض العلماء عن قوله: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ(1) [البلد:1]فأخبر أنّه لا يقسم به.ثم أقسم به في قوله: وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ(3) [التين:3]؟فقال:أيّما أحبّ إليك؟ أجيبك ثم أقطعك،أو أقطعك ثم أجيبك؟فقال:اقطعني ثم أجبني.فقال له:اعلم أنّ هذا القرآن نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بحضرة رجال،و بين ظهراني قوم كانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزا و عليه مطعنا،لو كان هذا عندهم مناقضة لتعلّقوا به،و أسرعوا بالرّدّ عليه؛و لكنّ القوم علموا و جهلت،و لم ينكروا منه ما أنكرت،ثم قال له:إنّ العرب قد تدخل(لا)في أثناء كلامها و تلغي معناها،و أنشد فيه أبياتا.

تنبيه:قال الأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني (2):إذا تعارضت الآي و تعذّر فيها الترتيب و الجمع،طلب التاريخ و ترك المتقدم بالمتأخّر،و يكون ذلك نسخا.و إن لم يعلم،و كان2.

ص: 13


1- انظر البرهان 46/2.
2- نقله في البرهان 48/2.

الإجماع على العمل بإحدى الآيتين،علم بإجماعهم أنّ الناسخ ما أجمعوا على العمل بها.

قال:و لا يوجد في القرآن آيتان متعارضتان تخلوان عن هذين الوصفين.

قال غيره (1):و تعارض القراءتين بمنزلة تعارض الآيتين،نحو: وَ أَرْجُلَكُمْ [المائدة:6].بالنصب و الجرّ،و لهذا جمع بينهما:بحمل النّصب على الغسل،و الجرّ على مسح الخفّ.

و قال الصيرفي (2):جماع الاختلاف و التناقض:أنّ كلّ كلام-صحّ أن يضاف بعض ما وقع الاسم عليه إلى وجه من الوجوه-فليس فيه تناقض،و إنما التناقض في اللفظ ما ضادّه في كلّ جهة،و لا يوجد في الكتاب و السنة شيء من ذلك أبدا؛و إنما يوجد فيه النسخ في وقتين.

و قال القاضي أبو بكر (3):لا يجوز تعارض آي القرآن و الآثار و ما يوجبه العقل، فلذلك لم يجعل قوله: اَللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ [الزمر:62].معارضا لقوله: وَ تَخْلُقُونَ إِفْكاً [العنكبوت:17]. وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ [المائدة:110].لقيام الدليل العقلي أنّه لا خالق غير اللّه،فتعيّن تأويل ما عارضه،فيؤوّل(و تخلقون)على(تكذبون)و(تخلق)على (تصور).

فائدة:قال الكرمانيّ عند قوله تعالى: وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82]:الاختلاف على وجهين:اختلاف تناقض:و هو ما يدعو فيه أحد الشيئين إلى خلاف الآخر،و هذا هو الممتنع على القرآن.

و اختلاف تلازم:و هو ما يوافق الجانبين،كاختلاف مقادير السور و الآيات،و اختلاف الأحكام من الناسخ و المنسوخ،و الأمر و النهي،و الوعد و الوعيد.2.

ص: 14


1- هو الزركشي في برهانه 52/2.
2- نقله في البرهان 53/2.
3- انظر البرهان 51/2.

النوع التاسع و الأربعون

اشارة

في مطلقه و مقيده (1)

المطلق:الدالّ على الماهية بلا قيد،و هو مع المقيد كالعامّ مع الخاص.

قال العلماء:متى وجد دليل على تقييد المطلق صير إليه،و إلاّ فلا؛بل يبقى المطلق على إطلاقه،و المقيّد على تقييده؛لأنّ اللّه تعالى خاطبنا بلغة العرب.

و الضابط:أنّ اللّه إذا حكم في شيء بصفة أو شرط،ثم ورد حكم آخر مطلقا،نظر:

فإن لم يكن له أصل يردّ إليه إلاّ ذلك الحكم المقيّد وجب تقييده به.

و إن كان له أصل يرد إليه غيره لم يكن ردّه إلى أحدهما بأولى من الآخر.

فالأول:مثل اشتراط العدالة في الشهود على الرجعة و الفراق و الوصية في قوله:

وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2].و قوله: شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة:106].

و قد أطلق الشهادة في البيوع و غيرها في قوله: وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ [البقرة:282]. فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ [النساء:6].

و العدالة شرط في الجميع.

و مثل تقييده ميراث الزوجين،بقوله: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ [النساء:11].و إطلاقه الميراث فيما أطلق فيه.

و كذلك ما أطلق من المواريث كلّها بعد الوصية و الدّين.

و كذلك ما اشترط في كفارة القتل من الرّقبة المؤمنة،و إطلاقها في كفّارة الظّهار و اليمين،و المطلق كالمقيّد في وصف الرقبة.

و كذلك تقييد الأيدي بقوله: إِلَى الْمَرافِقِ [المائدة:6]في الوضوء،و إطلاقه في التيمم.

ص: 15


1- انظر البرهان 15/2.

و تقييد إحباط العمل بالرّدة بالموت على الكفر في قوله: وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كافِرٌ [البقرة:217].و أطلق في قوله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ [المائدة:5].

و تقييد تحريم الدم بالمسفوح في الأنعام،و أطلق فيما عداها.

فمذهب الشافعيّ حمل المطلق على المقيّد في الجميع.

و من العلماء من لا يحمله،و يجوّز إعتاق الكافر في كفارة الظهار و اليمين،و يكتفي في التيمم بالمسح إلى الكوعين،و يقول:إن الردّة تحبط العمل بمجرّدها.

و الثاني:مثل تقييد الصوم بالتتابع في كفارة القتل و الظهار،و تقييده بالتفريق في صوم التمتع.و أطلق كفارة اليمين و قضاء رمضان:فيبقى على إطلاقه من جوازه مفرّقا و متتابعا.

لا يمكن حمله عليهما،لتنافي القيدين،و هما:التفريق و التتابع،و لا على أحدهما لعدم المرجّح.

تنبيهات:

الأول:إذا قلنا بحمل المطلق على المقيّد،فهل هو من وضع اللغة أو بالقياس؟ مذهبان:

وجه الأول:أنّ العرب من مذهبها استحباب الإطلاق اكتفاء بالمقيد،و طلبا للإيجاز و الاختصار.

الثاني:ما تقدّم محلّه:إذا كان الحكمان بمعنى واحد،و إنما اختلفا في الإطلاق و التقييد.

فأما إذا حكم في شيء بأمور،ثم في آخر ببعضها،و سكت فيه عن بعضها،فلا يقتضي الإلحاق.كالأمر بغسل الأعضاء الأربعة في الوضوء،و ذكر في التيمم عضوين.فلا يقال بالحمل و مسح الرأس و الرجلين بالتراب فيه أيضا.

و كذلك ذكر العتق و الصوم و الإطعام في كفّارة الظهار،و اقتصر في كفارة القتل على الأولين،و لم يذكر الإطعام.فلا يقال بالحمل و إبدال الصيام بالطعام.

ص: 16

النوع الخمسون

اشارة

في منطوقه و مفهومه

المنطوق:ما دلّ عليه اللفظ في محل النّطق.

فإن أفاد معنى لا يحتمل غيره:فالنّص،نحو: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ [البقرة:196].و قد نقل عن قوم من المتكلمين أنهم قالوا بندور النصّ جدا في الكتاب و السنة.و قد بالغ إمام الحرمين و غيره في الردّ عليهم،قال:لأن الغرض من النصّ الاستقلال بإفادة المعنى على قطع،مع انحسام جهات التأويل و الاحتمال؛و هذا و إن عزّ حصوله بوضع الصيغ ردّا إلى اللغة،فما أكثره مع القرائن الحالية و المقالية.انتهى.

أو مع احتمال غيره احتمالا مرجوحا:فالظاهر:نحو: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ [البقرة:173]فإنّ الباغي يطلق على الجاهل و على الظالم،و هو فيه أظهر و أغلب، و نحو: وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222]،فإنّه يقال للانقطاع طهر،و للوضوء و الغسل،و هو في الثاني أظهر.

فإن حمل على المرجوح لدليل فهو:تأويل،و يسمّى المرجوح المحمول عليه مؤوّلا،كقوله: وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ [الحديد:4]فإنّه يستحيل حمل المعيّة على القرب بالذّات،فتعيّن صرفه عن ذلك،و حمله على القدرة و العلم أو على الحفظ و الرعاية.

و كقوله: وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24]فإنّه يستحيل حمله على الظاهر،لاستحالة أن يكون للإنسان أجنحة،فيحمل على الخضوع و حسن الخلق.

و قد يكون مشتركا بين حقيقتين،أو حقيقة و مجاز،و يصحّ حمله عليهما جميعا، سواء قلنا بجواز استعمال اللفظ في معنييه أولا.و وجهه على هذا:أن يكون اللفظ قد خوطب به مرتين؛مرّة أريد هذا،و مرة أريد هذا.

و من أمثلته: وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ [البقرة:282]فإنّه يحتمل:لا يضارر الكاتب و الشهيد صاحب الحقّ بجور في الكتابة و الشهادة،و لا يضارر-بالفتح-أي:لا

ص: 17

يضرهما صاحب الحق بإلزامهما ما لا يلزمهما،و إجبارهما على الكتابة و الشهادة.

ثم إن توقّفت صحة دلالة اللفظ على إضمار سمّيت:دلالة اقتضاء،نحو: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف:82]أي:أهلها.

و إن لم تتوقف،و دلّ اللفظ على ما لم يقصد به،سميت:دلالة إشارة،كدلالة قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [البقرة:187]على صحّة صوم من أصبح جنبا،إذ إباحة الجماع إلى طلوع الفجر تستلزم كونه جنبا في جزء من النهار.و قد حكي هذا الاستنباط عن محمد بن كعب القرظيّ (1).

فصل : المفهوم و أقسامه

و المفهوم:ما دلّ عليه اللفظ لا في محل النطق.و هو قسمان:مفهوم موافقة، و مفهوم مخالفة.

فالأول:ما يوافق حكمه المنطوق:

فإن كان أولى،سمّي:فحوى الخطاب،كدلالة: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ [الإسراء:23] على تحريم الضرب،لأنه أشدّ.

و إن كان مساويا،سمّي:لحن الخطاب،أي:معناه،كدلالة: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً [النساء:10]على تحريم الإحراق،لأنه مساو للأكل في الإتلاف.

و اختلف:هل دلالة ذلك قياسية،أو لفظية مجازية أو حقيقية؟على أقوال بيناها في كتبنا الأصولية.

و الثاني:ما يخالف حكمه المنطوق.و هو أنواع:

مفهوم صفة،نعتا كان أو حالا أو ظرفا أو عددا،نحو: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات:6]مفهومه:أنّ غير الفاسق لا يجب التّبيّن في خبره،فيجب قبول خبر

ص: 18


1- هو محمد بن كعب بن سليم بن أسد،أبو حمزة القرظي،المدني،و كان قد نزل الكوفة مدة،ثقة، عالم،انظر التقريب 203/2.

الواحد العدل.

وَ لا تُبَاشِرُوهُنَّ وَ أَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ [البقرة:187]. اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ [البقرة:197]أي:فلا يصح الإحرام به في غيرها. فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ [البقرة:198]أي:فالذّكر عند غيره ليس محصّلا للمطلوب. فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً [النور:4]أي:لا أقلّ و لا أكثر.

و شرط،نحو: وَ إِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ [الطلاق:6]أي:فغير أولات الحمل لا يجب الإنفاق عليهنّ.

و غاية،نحو: فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230]أي:فإذا نكحته تحل للأول بشرطه.

و حصر،نحو: لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ [الصافات:35] إِنَّما إِلهُكُمُ اللّهُ [طه:98] أي:فغيره ليس بإله. فَاللّهُ هُوَ الْوَلِيُّ [الشورى:9]أي:فغيره ليس بوليّ. لَإِلَى اللّهِ تُحْشَرُونَ [آل عمران:158]أي:لا إلى غيره. إِيّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة:5]أي:لا غيرك.

و اختلف في الاحتجاج بهذه المفاهيم،على أقوال كثيرة،و الأصحّ في الجملة أنها كلّها حجّة بشروط:

منها:ألاّ يكون المذكور خرج للغالب:و من ثم لم يعتبر الأكثرون مفهوم قوله:

وَ رَبائِبُكُمُ اللاّتِي فِي حُجُورِكُمْ [النساء:23]فإن الغالب كون الربائب في حجور الأزواج، فلا مفهوم له؛لأنّه إنما خصّ بالذكر لغلبة حضوره في الذهن.

و ألاّ يكون موافقا للواقع:و من ثمّ لا مفهوم لقوله: وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ [المؤمنون:117]و قوله: لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [آل عمران:28].و قوله: وَ لا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً [النور:33].

و الاطلاع على ذلك من فوائد معرفة أسباب النزول.

فائدة:قال بعضهم:الألفاظ إمّا أن تدلّ بمنطوقها أو بفحواها و مفهومها،أو باقتضائها و ضرورتها،أو بمعقولها المستنبط منها.حكاه ابن الحصّار.و قال:هذا كلام حسن.

قلت:فالأوّل:دلالة المنطوق،و الثاني:دلالة المفهوم،و الثالث:دلالة الاقتضاء، و الرابع:دلالة الإشارة.

ص: 19

النوع الحادي و الخمسون

في وجوه مخاطباته (1)

قال ابن الجوزي في كتابه النفيس:الخطاب في القرآن على خمسة عشر وجها.

و قال غيره:على أكثر من ثلاثين وجها:

أحدها:خطاب العام،و المراد به العموم:كقوله: اَللّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ [الروم:54].

و الثاني:خطاب الخاصّ و المراد به الخصوص:كقوله: أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ [آل عمران:106] يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ [المائدة:67].

الثالث:خطاب العامّ و المراد به الخصوص:كقوله: يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الحج:1]لم يدخل فيه الأطفال و المجانين.

الرابع:خطاب الخاصّ،و المراد العموم:كقوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ [الطلاق:1]افتتح الخطاب بالنبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،و المراد سائر من يملك الطلاق.و قوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ... [الأحزاب:50].

قال أبو بكر الصيرفي (2):كان ابتداء الخطاب له،فلما قال في الموهوبة: خالِصَةً لَكَ [الأحزاب:50]،علم أن ما قبلها له و لغيره (3).

الخامس:خطاب الجنس:كقوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ .

السادس:خطاب النوع:نحو: يا بَنِي إِسْرائِيلَ .

السابع:خطاب العين:نحو: وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ [البقرة:35] يا نُوحُ اهْبِطْ [هود:48]. يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ [الصافات:105،104] يا مُوسى لا تَخَفْ [النمل:10]

ص: 20


1- انظر البرهان في علوم القرآن 217/2.
2- هو أبو بكر محمد بن عبد الله الفقيه الشافعي،المعروف بالصيرفي،فقيه،أصولي،توفي سنة 330 ه. من تصانيفه:شرح رسالة الشافعي،و دلائل الاعلام على أصول الأحكام في أصول الفقه،كتاب في الإجماع.و كتاب في الشروط.انظر تاريخ بغداد 449/5-450،و اللباب لابن الأثير 66/2، و شذرات الذهب 325/2.
3- نقله في البرهان 218/2.

يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ [آل عمران:55]و لم يقع في القرآن الخطاب ب(يا محمد)بل يا أَيُّهَا النَّبِيُّ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ تعظيما له،و تشريفا و تخصيصا بذلك عمّا سواه،و تعليما للمؤمنين ألاّ ينادوه باسمه (1).

الثامن:خطاب المدح:نحو: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [البقرة:104]و لهذا وقع خطابا لأهل المدينة: وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا [الأنفال:74]أخرج ابن أبي حاتم (2)عن خيثمة (3):ما تقرءون في القرآن يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فإنه في التوراة(يأيّها المساكين).

و أخرج البيهقي و أبو عبيد و غيرهما عن ابن مسعود،قال:إذا سمعت اللّه يقول:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فأرعها سمعك،فإنّه خير يؤمر به أو شرّ ينهى عنه (4).

التاسع:خطاب الذّم:نحو: يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ [التحريم:7] قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ [الكافرون:1].و لتضمّنه الإهانة لم يقع في القرآن في غير هذين الموضعين.و أكثر الخطاب ب: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا على المواجهة،و في جانب الكفار جيء بلفظ الغيبة،إعراضا عنهم،كقوله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا [البقرة:6]. قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا [الأنفال:38] (5).

العاشر:خطاب الكرامة:كقوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ يا أَيُّهَا الرَّسُولُ .قال بعضهم:

و نجد الخطاب بالنّبي في محل لا يليق به الرسول،و كذا عكسه،كقوله في الأمر بالتشريع العام: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [المائدة:67]،و في مقام الخاص: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكَ [التحريم:1]قال:و قد يعبّر بالنبيّ في مقام التشريع العامّ؛لكن مع قرين إرادة العموم،كقوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ [الطلاق:1]و لم يقل:(طلقت).

الحادي عشر:خطاب الإهانة:نحو: فَإِنَّكَ رَجِيمٌ [الحجر:34]. اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108].2.

ص: 21


1- البرهان 228/2.
2- في تفسيره،برقم(1043)316/1،و رواه أبو نعيم في الحلية 116/4،و رجال إسناده ثقات.و انظر الدر المنثور 103/1،و ابن كثير 213/1.
3- هو خيثمة بن عبد الرحمن بن أبي سبرة.
4- رواه ابن أبي حاتم في تفسيره،حديث رقم(1044)317/1،و أحمد في الزهد ص 158،و أبو نعيم في الحلية 130/1،و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 31-32.و رجاله ثقات.و انظر ابن كثير 1/ 213،و الدر المنثور 103/1،و فتح القدير 125/1.
5- انظر البرهان 230/2.

الثاني عشر:خطاب التهكّم:نحو: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ(49) [الدخان:49].

الثالث عشر:خطاب الجمع بلفظ الواحد:نحو: يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الانفطار:6].

الرابع عشر:خطاب الواحد بلفظ الجمع:نحو: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ [المؤمنون:51]إلى قوله: فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ [المؤمنون:54]فهو خطاب له صلّى اللّه عليه و سلّم وحده، إذ لا نبيّ معه و لا بعده (1).

و كذا قوله: وَ إِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا الآية[النحل:126].خطاب له صلّى اللّه عليه و سلّم وحده، بدليل قوله: وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلاّ بِاللّهِ [النحل:127] (2).

و كذا قوله: فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا [هود:14].بدليل قوله: قُلْ فَأْتُوا [هود:13].

و جعل منه بعضهم (3): قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99].أي:ارجعني.و قيل:

رَبِّ خطاب له تعالى.و اِرْجِعُونِ للملائكة.

و قال السّهيليّ (4):هو قول من حضرته الشياطين و زبانية العذاب،فاختلط فلا يدري ما يقول من الشّطط.و قد اعتاد أمرا يقوله في الحياة من ردّ الأمر إلى المخلوقين.

الخامس عشر:خطاب الواحد بلفظ الاثنين:نحو: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ [ق:24].

و الخطاب لمالك خازن النار.و قيل (5):لخزنة النار و الزبانية،فيكون من خطاب الجمع بلفظ الاثنين،و قيل:للملكين الموكّلين في قوله: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ(21) [ق:21].فيكون على الأصل.

و جعل المهدويّ من هذا النوع: قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما [يونس:89].قال:

الخطاب لموسى وحده؛لأنّه الدّاعي،و قيل:لهما؛لأنّ هارون أمّن على دعائه،و المؤمّن6.

ص: 22


1- البرهان 234/2.
2- البرهان 235/2.
3- البرهان 235/2.
4- نقله في البرهان 235/2.
5- هو قول الفراء،كما في البرهان 239/2،و انظر تفسير البغوي 223/4-224،و زاد المسير 15/8- 16.

أحد الداعيين (1).

السادس عشر:خطاب الاثنين بلفظ الواحد:كقوله: فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى [طه:49].أي:و يا هارون،و فيها وجهان (2):

أحدهما:أنه أفرده بالنداء لإدلاله عليه بالتربية.

و الآخر:لأنه صاحب الرسالة و الآيات،و هارون تبع له؛ذكره ابن عطية.

و ذكر في الكشاف (3)آخر،و هو:أنّ هارون لما كان أفصح من موسى،نكب فرعون عن خطابه،حذرا من لسانه.

و مثله: فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى [طه:117].قال ابن عطية (4):أفرده بالشقاء لأنه المخاطب أولا،و المقصود في الكلام.

و قيل:لأنّ اللّه جعل الشقاء في معيشة الدنيا في جانب الرّجال.

و قيل:إغضاء عن ذكر المرأة،كما قيل:من الكرم ستر الحرم.

السابع عشر:خطاب الاثنين بلفظ الجمع:كقوله: أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً [يونس:87].

الثامن عشر:خطاب الجمع بلفظ الاثنين:كما تقدم في أَلْقِيا [ق:24].

التاسع عشر:خطاب الجمع بعد الواحد:كقوله: وَ ما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَ ما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَ لا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ [يونس:61].قال ابن الأنباري (5):جمع في الفعل الثالث ليدل على أنّ الأمّة داخلون مع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،و مثله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ [الطلاق:1].

العشرون:عكسه:نحو: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ [البقرة:43] وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس:87].

الحادي و العشرون:خطاب الاثنين بعد الواحد:نحو: أَ جِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَ تَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ [يونس:78].2.

ص: 23


1- نقل كلام المهدوي الزركشي في برهانه 240/2.
2- انظر البرهان 240/2.
3- الكشاف 539/2.
4- نقله في البرهان 240/2-241.
5- نقله في البرهان 241/2.

الثاني و العشرون:عكسه:نحو: فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى [طه:49].

الثالث و العشرون:خطاب العين و المراد به الغير:نحو: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللّهَ وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ [او لأحزاب:1]:الخطاب له،و المراد أمّته؛لأنّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان تقيّا،و حاشاه من طاعة الكفّار.و منه: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ فَسْئَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ... الآية [يونس:94].حاشاه صلّى اللّه عليه و سلّم من الشّك،و إنما المراد بالخطاب التعريض بالكفار.

أخرج ابن أبي حاتم،عن ابن عباس في هذه الآية قال:لم يشكّ صلّى اللّه عليه و سلّم،و لم يسأل، و مثله: وَ سْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا [الزخرف:45]الآية. فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ [الأنعام:35].و أنحاء ذلك.

الرابع و العشرون:خطاب الغير و المراد به العين:نحو: لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ [الأنبياء:10].

الخامس و العشرون:الخطاب العامّ الذي لم يقصد به مخاطب معيّن:نحو: أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ يَسْجُدُ لَهُ [الحج:18]. وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النّارِ [الأنعام:27]. وَ لَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ [السجدة:12].لم يقصد بذلك خطاب معيّن،بل كل أحد، و أخرج في صورة الخطاب لقصد العموم،يريد أن حالهم تناهت في الظهور،بحيث لا يختصّ بها راء دون راء،بل كان من أمكن منه الرؤية داخل في ذلك الخطاب.

السادس و العشرون:خطاب الشخص ثم العدول إلى غيره:نحو فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ [هود:14].خوطب به النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،ثم قال للكفار: فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللّهِ [هود:14].بدليل: فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [هود:14].و منه: إِنّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً [الفتح:8].إلى قوله: لِتُؤْمِنُوا [الفتح:9].فيمن قرأ بالفوقية (1).

السابع و العشرون:خطاب التلوين:و هو الالتفات.

الثامن و العشرون:خطاب الجمادات خطاب من يعقل:نحو: فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً [فصلت:11] (2).4]

ص: 24


1- قرأ ابن كثير و أبو عمرو بالغيب،و قرأ الباقون بالخطاب،انظر النشر 375/2،و الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي 280/2.
2- تقديره:طائعة. و قيل:لما كانت ممن يقول،و هي حالة عقل،جرى الضمير في طائِعِينَ عليه،كقولهم: رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ [يوسف:4]

التاسع و العشرون:خطاب التهييج:نحو: وَ عَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [المائدة:23].

الثلاثون:خطاب التّحنّن و الاستعطاف:نحو: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا..

[الزمر:53].

الحادي و الثلاثون:خطاب التحبّب:نحو: يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ [مريم:42]. يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ [لقمان:16]. يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي [طه:94].

الثاني و الثلاثون:خطاب التعجيز:نحو: فَأْتُوا بِسُورَةٍ [البقرة:23].

الثالث و الثلاثون:خطاب التشريف:و هو كلّ ما في القرآن مخاطبة بقل فإنّه تشريف منه تعالى لهذه الأمة،بأن يخاطبها بغير واسطة؛لتفوز بشرف المخاطبة.

الرابع و الثلاثون:خطاب المعدوم:و يصح ذلك تبعا لموجود،نحو: يا بَنِي آدَمَ فإنّه خطاب لأهل ذلك الزمان و لكلّ من بعدهم (1).

فائدة:قال بعضهم:خطاب القرآن ثلاثة أقسام:

قسم لا يصلح إلاّ للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم.

و قسم لا يصلح إلاّ لغيره.

و قسم لهما.

فائدة:قال ابن القيّم (2):«تأمّل خطاب القرآن تجد ملكا له الملك كلّه،و له الحمد كلّه،أزمّة الأمور كلّها بيده،و مصدرها منه،و مردّها إليه،مستويا على العرش،لا تخفى عليه خافية من أقطار مملكته،عالما بما في نفوس عبيده،مطّلعا على أسرارهم و علانيتهم، منفردا بتدبير المملكة،يسمع و يرى،و يعطي،و يمنع،و يثيب و يعاقب،و يكرم و يهين، و يخلق و يرزق،و يميت و يحيي،و يقدّر و يقضي و يدبر،الأمور نازلة من عنده،دقيقها3.

ص: 25


1- انظر البرهان 217/2-253،فقد ذكر ثلاثة و ثلاثين خطابا.
2- و قد اختلف:أن هذه المقالة حقيقة:بأن جعل لها حياة و إدراكا يقتضي نطقها. أو مجازا:بمعنى:ظهر فيها من اختيار الطاعة و الخضوع بمنزلة هذا القول-على قولين. قال ابن عطية:و الأول أحسن؛لأنه لا شيء يدفعه،و العبرة فيه أتم،و القدرة فيه أظهر.

و جليلها،و صاعدة إليه لا تتحرك ذرّة إلاّ بإذنه،و لا تسقط ورقة إلاّ بعلمه.

فتأمّل كيف تجده يثني على نفسه،و يمجّد نفسه،و يحمد نفسه،و ينصح عباده، و يدلّهم على ما فيه سعادتهم و فلاحهم،و يرغّبهم فيه،و يحذّرهم مما فيه هلاكهم،و يتعرف إليهم بأسمائه و صفاته،و يتحبّب إليهم بنعمه و آلائه،يذكّرهم بنعمه عليهم،و يأمرهم بما يستوجبون به تمامها،و يحذّرهم من نقمه،و يذكّرهم بما أعدّ لهم من الكرامة إن أطاعوه، و ما أعدّ لهم من العقوبة إن عصوه،و يخبرهم بصنعه في أوليائه و أعدائه،و كيف كانت عاقبة هؤلاء و هؤلاء،و يثني على أوليائه بصالح أعمالهم و أحسن أوصافهم،و يذمّ أعداءه بسيّئ أعمالهم،و قبيح صفاتهم،و يضرب الأمثال،و ينوّع الأدلّة و البراهين،و يجيب عن شبه أعدائه أحسن الأجوبة،و يصدّق الصادق،و يكذّب الكاذب،و يقول الحق و يهدي السبيل و يدعو إلى دار السلام،و يذكر أوصافها و حسنها و نعيمها،و يحذر من دار البوار، و يذكر عذابها و قبحها و آلامها،و يذكّر عبّاده فقرهم إليه،و شدّة حاجتهم إليه من كلّ وجه، و أنّهم لا غنى لهم عنه طرفة عين،و يذكّرهم غناه عنهم و عن جميع الموجودات،و أنّه الغني نفسه عن كلّ ما سواه،و كلّ ما سواه فقير إليه،و أنه لن ينال أحد ذرّة من الخير فما فوقها إلاّ بفضله و رحمته،و لا ذرّة من الشرّ فما فوقها إلاّ بعدله و حكمته،و تشهد من خطابه عتابه لأحبابه ألطف عتاب،و أنّه مع ذلك مقيل عثراتهم،و غافر زلاتهم،و مقيم أعذارهم،و مصلح فسادهم،و الدافع عنهم،و المحامي عنهم،و الناصر لهم،و الكفيل بمصالحهم،و المنجّي لهم من كل كرب،و الموفي لهم بوعده،و أنّه وليّهم الذي لا وليّ لهم سواه،فهو مولاهم الحقّ،و نصيرهم على عدوّهم،فنعم المولى و نعم النصير!.

و إذا شهدت القلوب من القرآن ملكا عظيما،جوادا رحيما جميلا،هذا شأنه،فكيف لا تحبّه و تنافس في القرب منه،و تنفق أنفاسها في التودّد إليه،و يكون أحبّ إليها من كلّ ما سواه،و رضاه آثر عندها من رضا كلّ من سواه!و كيف لا تلهج بذكره و تصيّر حبّه و الشوق إليه و الأنس به هو غذاؤها،و قوتها و دواؤها،بحيث إن فقدت ذلك فسدت و هلكت و لم تنفع بحياتها»ا ه.

فائدة:قال بعض الأقدمين:أنزل القرآن على ثلاثين نحوا،كل نحو منه غير صاحبه؛فمن عرف وجوهها ثم تكلّم في الدين أصاب و وفّق،و من لم يعرفها و تكلّم في الدين كان الخطأ إليه أقرب،و هي:المكيّ و المدنيّ،و الناسخ و المنسوخ،و المحكم و المتشابه،و التقديم و التأخير،و المقطوع و الموصول،و السّبب و الإضمار،و الخاصّ و العامّ،و الأمر و النهي،و الوعد و الوعيد،و الحدود و الأحكام،و الخبر،و الاستفهام

ص: 26

و الأبّهة،و الحروف المصرّفة،و الإعذار و الإنذار،و الحجّة و الاحتجاج،و المواعظ و الأمثال،و القسم.

قال فالمكّي:مثل: وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً [المزمل:10].

و المدنيّ:مثل: وَ قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ [البقرة:190].

و الناسخ و المنسوخ،واضح.

و المحكم:مثل: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً الآية[النساء:93]. إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً [النساء:10].و نحوه مما أحكمه اللّه و بيّنه.

و المتشابه:مثل: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتّى تَسْتَأْنِسُوا ... الآية[النور:27].و لم يقل: وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَ ظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً [النساء:30].كما قال في المحكم.و قد ناداهم في هذه الآية بالإيمان،و نهاهم عن المعصية،و لم يجعل فيها و عيدا،فاشتبه على أهلها ما يفعل اللّه بهم.

و التقديم و التأخير:مثل: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ [البقرة:180]التقدير:كتب عليكم الوصية إذا حضر أحدكم الموت.

و المقطوع و الموصول:مثل: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (1) [القيامة:1]ف(لا)مقطوع من أقسم،و إنّما هو في المعنى:أقسم بيوم القيامة. وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوّامَةِ(2) و لم يقسم.

و السبب و الإضمار:مثل: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف:82]أي:أهل القرية.

و الخاصّ و العامّ:مثل: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ فهذا في المسموع خاص: إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ [الطلاق:1].فصار في المعنى عامّا.

و الأمر:و ما بعده إلى الاستفهام أمثلتها واضحة.

و الأبّهة:مثل: إِنّا أَرْسَلْنا [نوح:1]. نَحْنُ قَسَمْنا [الزخرف:32].عبّر بالصيغة الموضوعة للجماعة للواحد تعالى،تفخيما و تعظيما و أبهة.

و الحروف المصرفة:كالفتنة (1)،تطلق على الشرك،نحو: حَتّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ 5.

ص: 27


1- انظر نزهة الأعين النواظر ص 477-480،و تأويل مشكل القرآن ص 472،و بصائر ذوي التمييز 4/ 167.-168،و كشف السرائر ص 122-125.

[البقرة:193].و على المعذرة نحو: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ [الأنعام:23].أي:معذرتهم.

و على الاختبار،نحو: قَدْ فَتَنّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ [طه:85].و الاعتذار (1)،نحو: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنّاهُمْ (2)[المائدة:13].اعتذر أنّه لم يفعل ذلك إلاّ بمعصيتهم.

و البواقي أمثلتها واضحة.ه.

ص: 28


1- في نسخة:الإعذار.
2- و ليس في الآية لفظة:الفتنة.فتنبه.

النوع الثاني و الخمسون

اشارة

في حقيقته و مجازه (1)

لا خلاف في وقوع الحقائق في القرآن؛و هي:كلّ لفظ بقي على موضوعه،و لا تقديم فيه و لا تأخير.و هذا أكثر الكلام.

و أما المجاز:فالجمهور أيضا على وقوعه فيه،و أنكره جماعة،منهم:الظاهريّة و ابن القاصّ من الشافعية و ابن خويز منداد من المالكية.

و شبهتهم:أنّ المجاز أخو الكذب،و القرآن منزّه عنه،و أن المتكلّم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت به الحقيقة،فيستعير؛و ذلك محال على اللّه تعالى.

و هذا شبهة باطلة،و لو سقط المجاز من القرآن سقط منه شطر الحسن؛فقد اتفق البلغاء على أنّ المجاز أبلغ من الحقيقة،و لو وجب خلوّ القرآن من المجاز وجب خلوّه من الحذف و التوكيد و تثنية القصص و غيرها.

و قد أفرده بالتصنيف:الإمام عز الدين بن عبد السلام؛و لخصته مع زيادات كثيرة في كتاب سميته:«مجاز الفرسان إلى مجاز القرآن».و هو قسمان.

الأوّل:المجاز في التركيب،و يسمّى مجاز الإسناد،و المجاز العقلي.و علاقته الملابسة،و ذلك أن يسند الفعل أو شبهه إلى غير ما هو له أصالة لملابسته له،كقوله تعالى: وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً [الأنفال:2]،نسبت الزيادة-و هي فعل اللّه- إلى الآيات،لكونها سببا لها. يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ [القصص:4]. يا هامانُ ابْنِ لِي [غافر:36].نسب الذبح-و هو فعل الأعوان-إلى فرعون،و البناء-و هو فعل العملة-إلى

ص: 29


1- انظر مختصر الصواعق 2/2-76،و الإيمان لابن تيمية ص 52-67،و للشنقيطي رسالة في رد ادعاء المجاز. (2)انظر البرهان 255/2. (3)و هو مختصر مجاز القرآن لابن عبد السلام،انظر هدية العارفين 542/1،و كشف الظنون 542/1، و دليل مخطوطات السيوطي ص 41.

هامان لكونهما آمرين به.

و كذا قوله: وَ أَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ [إبراهيم:28]نسب الإحلال إليهم لتسبّبهم في كفرهم بأمرهم إيّاهم به.

و منه قوله تعالى: يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً [المزمل:17]،نسب الفعل إلى الظّرف لوقوعه فيه.

عِيشَةٍ راضِيَةٍ [الحاقة:21]أي:مرضية.

فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ [محمد:21]أي عزم عليه،بدليل: فَإِذا عَزَمْتَ [آل عمران:159].

و هذا القسم أربعة أنواع:

أحدها:ما طرفاه حقيقيّان كالآية المصدّر بها،و كقوله: وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (2) [الزلزلة:2].

ثانيها:مجازيّان،نحو: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ [البقرة:16]أي:ما ربحوا فيها، و إطلاق الربح و التجارة هنا مجاز.

ثالثها و رابعها:ما أحد طرفيه حقيقيّ دون الآخر.

أما الأوّل و الثاني فكقوله: أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً [الروم:35]أي:برهانا. كَلاّ إِنَّها لَظى(15) نَزّاعَةً لِلشَّوى(16) تَدْعُوا [المعارج:17،16،15]فإنّ الدعاء من النّار مجاز.

و قوله: حَتّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها [محمد:4]. تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ [إبراهيم:25].

فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ(9) [القارعة:9]و اسم الأمّ الهاوية مجاز،أي:كما أنّ الأم كافلة لولدها و ملجأ له،كذلك النّار للكافرين كافلة و مأوى و مرجع.

القسم الثاني:المجاز في المفرد،و يسمّى اللّغويّ،و هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له أوّلا،و أنواعه كثيرة:

أحدها:الحذف،و سيأتي مبسوطا في نوع الإيجاز،فهو به أجدر،خصوصا إذا قلنا:إنه ليس من أنواع المجاز.

الثاني:الزّيادة،و سبق تحرير القول فيها في نوع الإعراب (1).ن.

ص: 30


1- و هو النوع الواحد و الأربعون.

الثالث:إطلاق اسم الكل على الجزء،نحو: يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ [البقرة:19]أي:أناملهم.و نكتة التعبير عنها بالأصابع الإشارة إلى إدخالها على غير المعتاد مبالغة من الفرار،فكأنّهم جعلوا الأصابع. وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ [المنافقون:4]أي:وجوههم؛لأنّه لم ير جملتهم. فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185]أطلق الشهر و هو اسم لثلاثين ليلة،و أراد جزءا منه.كذا أجاب به الإمام فخر الدين (1)عن استشكال:أنّ الجزاء إنما يكون بعد تمام الشرط،و الشّرط أن يشهد الشهر،و هو اسم لكلّه حقيقة؛فكأنّه أمر بالصوم بعد مضيّ الشهر؛و ليس كذلك.و قد فسّره عليّ و ابن عباس و ابن عمر على أن المعنى:من شهد أول الشهر فليصم جميعه؛و إن سافر في أثنائه.أخرجه ابن جرير و ابن أبي حاتم (2)و غيرهما،و هو أيضا من هذا النوع، و يصلح أن يكون من نوع الحذف.

الرابع:عكسه،نحو: وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن:27]أي:ذاته. فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة:144]أي ذواتكم،إذ الاستقبال يجب بالصدر. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ(8) [الغاشية:8]. وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ(2) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ(3) [الغاشية:3،2]عبّر بالوجه عن جميع الأجساد،لأنّ التنعّم و النّصب حاصل بكلها. ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ [الحج:10].

فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى:30]أي:قدّمت و كسبتم،و نسب ذلك إلى الأيدي لأنّ أكثر الأعمال تزاول بها. قُمِ اللَّيْلَ [المزمل:2]. وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ [الإسراء:78].

وَ ارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ [البقرة:43]. وَ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ [الإنسان:26]أطلق كلاّ من القيام و القراءة و الركوع و السجود على الصّلاة و هو بعضها. هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة:95]أي:الحرم كله،بدليل أنه لا يذبح فيها.

تنبيه:ألحق بهذين النوعين شيئان:

أحدهما:وصف البعض بصفة الكل،كقوله: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ(16) [العلق:16] فالخطأ صفة الكلّ،وصف به الناصية.و عكسه كقوله: إِنّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ [الحجر:52] و الوجل:صفة القلب. وَ لَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً [الكهف:18]و الرّعب إنّما يكون في القلب.4.

ص: 31


1- انظر البرهان 263/2.
2- انظر تفسير ابن كثير 216/1،و تفسير البغوي 152/1-154.

و الثاني:إطلاق لفظ بعض مرادا به الكلّ،ذكره أبو عبيدة (1)،و خرّج عليه قوله:

وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ [الزخرف:63]أي:كلّه. وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ [غافر:28].و تعقّب بأنّه لا يجب على النبي بيان كلّ ما اختلف فيه،بدليل الساعة و الرّوح و نحوهما؛و بأنّ موسى كان وعدهم بعذاب في الدنيا و في الآخرة،فقال:يصبكم هذا العذاب في الدنيا،و هو بغض الوعيد،من غير نفي عذاب الآخرة.ذكره ثعلب.

قال الزركشي (2):و يحتمل-أيضا-أن يقال:إنّ الوعيد مما لا يستنكر ترك جميعه، فكيف بعضه؟و يؤيد ما قاله ثعلب قوله: وَ إِمّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ [يونس:46].

الخامس:إطلاق اسم الخاص على العام،نحو: إِنّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ [الشعراء:16]أي:رسله.

السادس:عكسه،نحو: وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ [الشورى:5]أي:المؤمنين، بدليل قوله: وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا [غافر:7].

السابع:إطلاق اسم الملزوم على اللازم (3).

الثامن:عكسه،نحو: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ [المائدة:112]أي:هل يفعل؟أطلق الاستطاعة على الفعل لأنها لازمة له.

التاسع:إطلاق المسبّب على السبب نحو: وَ يُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً [غافر:13] قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً [الأعراف:26]أي:مطرا يتسبّب عنه الرزق و اللباس.

لا يَجِدُونَ نِكاحاً [النور:33]أي:مؤنة من مهر و نفقة،و ما لا بد للمتزوج منه.

العاشر:عكسه،نحو: ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ [هود:20]أي:القبول و العمل به؛لأنه مسبّب عن السمع.

تنبيه:من ذلك نسبة الفعل إلى سبب السبب،كقوله: فَأَخْرَجَهُما مِمّا كانا فِيهِ [البقرة:36]. كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ [الأعراف:27]فإنّ المخرج في الحقيقة هو اللّه2.

ص: 32


1- مجاز القرآن لأبي عبيدة 205/2،و انظر تفسير القرطبي 108/16،و البرهان 267/2.
2- البرهان 269/2.
3- انظر البرهان 269/2.

تعالى،و سبب ذلك أكل الشجرة،و سبب الأكل وسوسة الشيطان.

الحادي عشر:تسمية الشيء باسم ما كان عليه،نحو وَ آتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ [النساء:2] أي:الذين كانوا يتامى،إذ لا يتم بعد البلوغ.

فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ [البقرة:232]أي:الذين كانوا أزواجهنّ، مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً [طه:74]سمّاه مجرما باعتبار ما كان في الدنيا من الإجرام.

الثاني عشر:تسميته باسم ما يؤول إليه،نحو: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً [يوسف:36]أي:عنبا يؤول إلى الخمرية. وَ لا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً كَفّاراً رَبِّ [نوح:27]أي:

صائرا إلى الكفر و الفجور. حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230]سمّاه زوجا لأنّ العقد يؤول إلى زوجيّة؛لأنها لا تنكح إلاّ في حال كونه زوجا. فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ(101) [الصافات:101]. نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ [الحجر:53]وصفه في حال البشارة بما يؤول إليه من العلم و الحلم.

الثالث عشر:إطلاق اسم الحالّ على المحلّ،نحو: فَفِي رَحْمَتِ اللّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [آل عمران:107]أي:في الجنة،لأنها محلّ الرحمة. بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ [سبأ:33]أي:في الليل. إِذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مَنامِكَ [الأنفال:33]أي:في عينك، على قول الحسن.

الرابع عشر:عكسه،نحو: فَلْيَدْعُ نادِيَهُ(17) [العلق:17]أي:أهل ناديه،أي:

مجلسه.

و منه التعبير باليد عن القدرة (1)،نحو: بِيَدِهِ الْمُلْكُ [الملك:1].

و بالقلب عن العقل،نحو: لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها [الأعراف:179]أي:عقول.

و بالأفواه عن الألسن،نحو: يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما [آل عمران:167].

و بالقرية عن ساكنيها،نحو: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف:82].

و قد اجتمع هذا النوع و ما قبله في قوله تعالى: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]فإنّ أخذ الزينة غير ممكن لأنها مصدر،فالمراد محلها،فأطلق عليه اسمة.

ص: 33


1- الاسترسال في المجاز يؤدي إلى تعطيل صفات اللّه،و هذا مما دعا كثيرا من العلماء إلى رد المجاز. فاليد صفة ثابتة للّه بالكتاب و السنة،و كذلك الوجه،و السمع..فلا يجوز تأويل اليد بالقدرة.انظر بيان ذلك في الصفات للحافظ عبد الغني ص 84-85،بتحقيقي،و مختصر الصواعق المرسلة.

الحالّ،و أخذها للمسجد نفسه لا يجب،فالمراد الصلاة،فأطلق اسم المحلّ على الحالّ.

الخامس عشر:تسمية الشيء باسم آلته،نحو: وَ اجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) [الشعراء:84]أي:ثناء حسنا،لأنّ اللسان آلته. وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ [إبراهيم:4]أي:بلغة قومه.

السادس عشر:تسمية الشيء باسم ضدّه،نحو: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران:21]و البشارة حقيقة في الخبر السارّ.

و منه:تسمية الداعي إلى الشيء باسم الصارف عنه،ذكره السكاكيّ (1)،و خرّج عليه قوله تعالى: ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ [الأعراف:12].يعني ما دعاك إلى ألاّ تسجد؟.و سلم بذلك من دعوى زيادة(لا) (2).

السابع عشر:إضافة الفعل إلى ما لا يصح منه تشبيها،نحو: جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ [الكهف:77]وصفه بالإرادة؛و هي من صفات الحيّ،تشبيها لميله للوقوع بإرادته.

الثامن عشر:إطلاق الفعل و المراد مشارفته و مقاربته و إرادته،نحو: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ [الطلاق:2]أي:قاربن بلوغ الأجل،أي:انقضاء العدّة؛لأنّ الإمساك لا يكون بعده.و هو في قوله: فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ [البقرة:232].حقيقة.

فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَ لا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34]أي:فإذا قرب مجيئه.و به يندفع السؤال المشهور فيها (3):أنّ عند مجيء الأجل لا يتصوّر تقديم و لا تأخير. وَ لْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ الآية[النساء:9]أي:لو قاربوا أن يتركوا خافوا،لأنّ الخطاب للأوصياء؛و إنّما يتوجه إليهم قبل الترك،لأنهم بعده أموات. إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا [المائدة:6]أي:أردتم القيام. فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ [النحل:98]أي:أردت القراءة،لتكون الاستعاذة قبلها. وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا [الأعراف:4]أي:أردنا إهلاكها،و إلاّ لم يصحّ العطف بالفاء.2.

ص: 34


1- مفتاح العلوم ص 196 و عبارته هناك:«يحتمل عندي أن يكون:منعك في قوله علت كلمته: ما مَنَعَكَ أَلاّ تَسْجُدَ مرادا به:ما دعاك إلى ألا تسجد،و أن(لا)غير صلة قرينة للمجاز.و نظيره: ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلاّ تَتَّبِعَنِ »ا ه.
2- انظر البرهان 284/2.
3- انظر البرهان 293/2.

و جعل منه بعضهم قوله: مَنْ يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ [الكهف:17]أي:من يرد اللّه هدايته،و هو حسن جدا،لئلا يتّحد الشرط و الجزاء.

التاسع عشر:القلب:إما قلب إسناد:نحو: ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ [القصص:76]أي:لتنوأ العصبة بها. لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ [الرعد:38]أي:لكلّ كتاب أجل. وَ حَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ [القصص:12]أي:حرّمناه على المراضع. وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النّارِ [الأحقاف:20]أي:تعرض النار عليهم؛لأنّ المعروض عليه هو الذي له الاختيار. وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ(8) [العاديات:8].أي:و إن حبّه للخير. وَ إِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ [يونس:107]أي:يرد بك الخير. فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [البقرة:37] لأنّ المتلقّي حقيقة هو آدم،كما قرئ بذلك أيضا (1).

أو:قلب عطف:نحو: ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ [النمل:28]أي:فانظر ثم تولّ، ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى(8) [النجم:8]أي:تدلّى فدنا،لأنّه بالتدلّي مال إلى الدنو.

أو:قلب تشبيه:و سيأتي في نوعه.

العشرون:إقامة صيغة مقام أخرى،و تحته أنواع كثيرة:

منها:إطلاق المصدر على الفاعل،نحو: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي [الشعراء:77]و لهذا أفرده.و على المفعول،نحو: وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْ ءٍ مِنْ عِلْمِهِ [البقرة:255]أي:من معلومه. صُنْعَ اللّهِ [النمل:88]أي:مصنوعه. وَ جاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ [يوسف:18]أي مكذوب فيه؛لأنّ الكذب من صفات الأقوال لا الأجسام.

و منها:إطلاق البشرى على المبشّر به،و الهوى على المهويّ،و القول على المقول.

و منها:إطلاق الفاعل و المفعول على المصدر،نحو: لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ(2) [الواقعة:2]أي:تكذيب، بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ(6) [القلم:6]أي:الفتنة،على أنّ الباء غير زائدة.

و منها:إطلاق فاعل على مفعول،نحو: ماءٍ دافِقٍ [الطارق:6]أي:مدفوق. لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاّ مَنْ رَحِمَ [هود:43]أي:لا معصوم. جَعَلْنا حَرَماً آمِناً [العنكبوت:67]أي:مأمونا فيه.ت.

ص: 35


1- انظر الحجة للقراء السبعة 23/2-42،و المجاز 38/1،و الحجة لمكي 236/1-238،و تفسير ابن كثير 81/1.و قد قرأ ابن كثير وحده: فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ :بنصب الاسم و رفع الكلمات. و قرأ الباقون فَتَلَقّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ برفع الاسم و نصب الكلمات.

و عكسه،نحو: إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا [مريم:61]أي:آتيا. حِجاباً مَسْتُوراً [الإسراء:45]أي:ساترا.و قيل:هو على بابه،أي:مستورا على العيون لا يحسّ به أحد.

و منها:إطلاق(فعيل)بمعنى(مفعول)،نحو: وَ كانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّهِ ظَهِيراً [الفرقان:55].

و منها:إطلاق واحد من المفرد و المثنى و الجمع على آخر منها:

مثال إطلاق المفرد على المثنى: وَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ [التوبة:62]أي:

يرضوهما،فأفرد لتلازم الرضاءين.

و على الجمع،نحو: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ(2) [العصر:2]أي:الأناسي،بدليل الاستثناء منه. إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً(19) [المعارج:19]بدليل إِلاَّ الْمُصَلِّينَ(22) [المعارج:22].

و مثال إطلاق المثنى على المفرد: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ [ق:24]أي:ألق.

و منه كلّ فعل نسب إلى شيئين و هو لأحدهما فقط،نحو: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ(22) [الرحمن:22]و إنّما يخرج من أحدهما،و هو الملح دون العذب،و نظيره:

وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَ تَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها [فاطر:12]و إنما تخرج الحلية من الملح. وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً [نوح:16]أي:في إحداهنّ. نَسِيا حُوتَهُما [الكهف:61]بدليل قوله لموسى: فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ [الكهف:63]و إنما أضيف النسيان إليهما معا لسكوت موسى عنه. فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ [البقرة:203]و التعجيل في اليوم الثاني. عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف:31]قال الفارسي:أي:من إحدى القريتين (1).

و ليس منه وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ(46) [الرحمن:46]و أنّ المعنى جنة واحدة، خلافا للفراء.و في كتاب«ذا القدّ»لابن جنّي:أنّ منه: أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ [المائدة:116]و إنما المتّخذ إلها عيسى دون مريم.

و مثال إطلاقه على الجمع: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ [الملك:4]أي:كرّات؛لأنّ البصر لا يحسر إلاّ بها.و جعل منه بعضهم قوله: اَلطَّلاقُ مَرَّتانِ [البقرة:229].7.

ص: 36


1- انظر زاد المسير 311/7.

و مثال اطلاق الجمع على المفرد: قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99]أي:أرجعني.

و جعل منه ابن فارس: فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ [النمل:35]و الرسول واحد،بدليل اِرْجِعْ إِلَيْهِمْ [النمل:37]و فيه نظر؛لأنه يحتمل أنه خاطب رئيسهم،لا سيّما و عادة الملوك جارية ألاّ يرسلوا واحدا.و جعل منه: فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ [آل عمران:39]. يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ [النحل:2]أي:جبريل. وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادّارَأْتُمْ فِيها [البقرة:72] و القاتل واحد.

و مثال إطلاقه على المثنى: قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ [فصلت:11]. قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ [ص:32]. فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11]أي:أخوان، فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [التحريم:4]أي:قلباكما. وَ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إلى قوله: وَ كُنّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ [الأنبياء:78].

و منها:إطلاق الماضي على المستقبل لتحقّق وقوعه،نحو: أَتى أَمْرُ اللّهِ [النحل:1]أي:الساعة.بدليل: فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [النحل:1]. وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ [الزمر:68]. وَ إِذْ قالَ اللّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ...

الآية[المائدة:116]. وَ بَرَزُوا لِلّهِ جَمِيعاً [إبراهيم:21]. وَ نادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ [الأعراف:48].

و عكسه،لإفادة الدوام و الاستمرار.فكأنه وقع و استمرّ،نحو: أَ تَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ [البقرة:44]. وَ اتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ [البقرة:102]أي:

تلت. وَ لَقَدْ نَعْلَمُ [النحل:103].أي:علمنا قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ [النور:64] أي:علم. فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللّهِ [البقرة:91]أي:قتلتم. فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ [البقرة:87]. وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً [الرعد:43]أي:قالوا.

و من لواحق ذلك:التعبير عن المستقبل باسم الفاعل أو المفعول؛لأنّه حقيقة في الحال لا في الاستقبال،نحو: وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ [الذاريات:6]. ذلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النّاسُ [هود:103].

و منها:إطلاق الخبر على الطّلب أمرا أو نهيا أو دعاء،مبالغة في الحثّ عليه حتّى كأنه وقع و أخبر عنه.قال الزمخشريّ:ورود الخبر،و المراد الأمر أو النهي،أبلغ من صريح الأمر أو النهي؛كأنه سورع فيه إلى الامتثال و أخبر عنه،نحو وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ [البقرة:233]. وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ [البقرة:228]. فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197].

ص: 37

على قراءة الرفع (1). وَ ما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللّهِ [البقرة:272]أي:لا تنفقوا إلاّ ابتغاء وجه اللّه. لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ(79) [الواقعة:79]أي:لا يمسسه. وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ [البقرة:83]أي:لا تعبدوا،بدليل: وَ قُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً [البقرة:83]. لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ [يوسف:92]أي:اللهم اغفر لهم.

و عكسه،نحو: فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا [مريم:75]أي:يمدّ. اِتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ [العنكبوت:12]أي:و نحن حاملون،بدليل إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ [العنكبوت:12] و الكذب إنّما يرد على الخبر. فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَ لْيَبْكُوا كَثِيراً [التوبة:82].

قال الكواشيّ (2):في الآية الأولى الأمر بمعنى الخبر أبلغ من الخبر،لتضمنه اللزوم، نحو:(إن زرتنا فلنكرمك)يريدون تأكيد إيجاب الإكرام عليهم.و قال ابن عبد السلام (3):

لأنّ الأمر للإيجاب،فشبه الخبر به في إيجابه.

منها:وضع النداء موضع التعجّب،نحو: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ [يس:30]قال الفراء:معناه،فيا لها حسرة!.و قال ابن خالويه:هذه من أصعب مسألة في القرآن،لأنّ الحسرة لا تنادى،و إنّما ينادى الأشخاص؛لأنّ فائدته التنبيه،و لكن المعنى على التعجّب.

و منها:وضع جمع القلّة موضع الكثرة،نحو: وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ [سبأ:37] و غرف الجنة لا تحصى. لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ [الأنفال:4]و رتب الناس في علم اللّه أكثر من العشرة لا محالة. اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ [الزمر:42]. أَيّاماً مَعْدُوداتٍ [البقرة:184]و نكتة التقليل في هذه الآية التّسهيل على المكلفين.

و عكسه،نحو: يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228].

و منها:تذكير المؤنّث على تأويله بمذكّر،نحو: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ ه.

ص: 38


1- قرأ ابن كثير و أبو عمرو(فلا رفث و لا فسوق)بالتنوين و الرفع،و قرأ الباقون بالفتح من غير تنوين.انظر الحجة لمكي 285/1-286.
2- هو أحمد بن يوسف،أبو العباس،الشيباني،الموصلي،الكواشي،الشافعي،مفسر،مقرئ،ولد بكواشة،و توفي بالموصل في 17 جمادى الآخرة.من تصانيفه:تفسيران:كبير،و سماه:تبصرة المتذكر و تذكرة المتبصر.و صغير:و سماه بالتلخيص،و غيرهما. انظر معجم المؤلفين 209/2-210،و شذرات الذهب 365/5-366.
3- في كتابه«الإشارة إلى الإيجاز»ص 28 و فيه:فيشبه الخبر به في إيجابه.

[البقرة:275]أي:وعظ. وَ أَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً [ق:11]على تأويل البلدة بالمكان.

فَلَمّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي [الأنعام:78]أي:الشمس،أو الطّالع. إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الأعراف:56].قال الجوهريّ:ذكّرت على معنى الإحسان.

و قال الشريف المرتضى (1)في قوله: وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ(118) إِلاّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ [هود:119،118]:إنّ الإشارة للرحمة،و إنّما لم يقل:(و لتلك)؛لأن تأنيثها غير حقيقي؛و لأنه يجوز أن يكون في تأويل(أن يرحم) و منها:تأنيث المذكّر،نحو: اَلَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها [المؤمنون:11] أنّث الفردوس و هو مذكّر،حملا على معنى الجنة. مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها [الأنعام:160]أنّث(عشرا)حيث حذف الهاء مع إضافتها إلى(الأمثال)و واحدها مذكر، فقيل:لإضافة الأمثال إلى مؤنّث،و هو ضمير الحسنات،فاكتسب منه التأنيث.و قيل:هو من باب مراعاة المعنى؛لأنّ(الأمثال)في المعنى مؤنّثة؛لأنّ مثل الحسنة حسنة، و التقدير:فله عشر حسنات أمثالها.و قد قدمنا في القواعد المهمّة قاعدة في التذكير و التأنيث.

و منها:التّغليب،و هو إعطاء الشيء حكم غيره.و قيل:ترجيح أحد المغلوبين على الآخر،و إطلاق لفظه عليهما،إجراء للمختلفين مجرى المتفقين.نحو:

وَ كانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ [التحريم:12]. إِلاَّ امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ [الأعراف:83]و الأصل:(من القانتات)و(الغابرات).فعدّت الأنثى من المذكّر بحكم التغليب.

بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [النمل:55]أتى بتاء الخطاب تغليبا لجانب(أنتم)على جانب(قوم).و القياس أن يؤتى بياء الغيبة،لأنّه صفة ل(قوم)،و حسّن العدول عنه وقوع الموصوف خبرا عن ضمير المخاطبين.

قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ [الإسراء:63]غلّب في الضمير المخاطب و إن كان فَمَنْ تَبِعَكَ يقتضي الغيبة،و حسّنه:أنه لمّا كان الغائب تبعا للمخاطب في المعصية و العقوبة،جعل تبعا له في اللفظ أيضا،و هو من محاسن ارتباط اللّفظ بالمعنى.1.

ص: 39


1- أمالي المرتضى 70/1.

وَ لِلّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ [النحل:49]غلّب غير العاقل،حيث أتى ب ما لكثرته،و في آية أخرى ب مَنْ ،فغلّب العاقل لشرفه.

لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا [الأعراف:88]أدخل شعيب في لَتَعُودُنَّ بحكم التغليب؛إذ لم يكن في ملّتهم أصلا حتى يعود فيها.و كذا قوله: إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ [الأعراف:89].

فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(30) إِلاّ إِبْلِيسَ [الحجر:31،30]عدّ منهم بالاستثناء تغليبا لكونه كان بينهم.

يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ [الزخرف:38]أي:المشرق و المغرب.قال ابن الشجري (1):و غلب المشرق لأنه أشهر الجهتين (2).

مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ [الرحمن:19].أي:الملح و العذب.و البحر خاصّ بالملح،فغلّب لكونه أعظم.

وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ [الأنعام:132]أي:من المؤمنين و الكفار،و الدّرجات للعلوّ، و الدركات للسّفل،فاستعمل الدرجات في القسمين تغليبا للأشرف.

قال في البرهان (3):و إنّما كان التّغليب من باب المجاز؛لأنّ اللفظ لم يستعمل فيما وضع له،أ لا ترى أنّ(القانتين)موضوع للذكور الموصوفين بهذا الوصف،فإطلاقه على الذكور و الإناث إطلاق على غير ما وضع له،و كذا باقي الأمثلة.

و منها:استعمال حروف الجرّ في غير معانيها الحقيقيّة،كما تقدّم في النوع الأربعين.

و منها:استعمال صيغة(افعل)لغير الوجوب،و صيغة(لا تفعل)لغير التحريم، و أدوات الاستفهام لغير طلب التّصور و التصديق،و أداة التّمني و التّرجّي و النداء لغيرها؛كما سيأتي كلّ ذلك في الإنشاء.3.

ص: 40


1- هو هبة اللّه بن علي بن محمد بن حمزة الحسني،البغدادي،المعروف بابن الشجري،أبو السعادات. ولد ببغداد في رمضان سنة 450 ه و توفي فيها في رمضان سنة 542 ه.من تصانيفه الأمالي،و شرح اللمع لابن جني و غيرها.انظر معجم المؤلفين 141/13-142.
2- و ذهب إلى القول بالتغليب ابن جرير و غيره.كالفراء و الزجاج و قال غيره:أي:مشرق الشتاء و الصيف، أي بعد أحدهما عن الآخر.انظر روح المعاني 82/13،و السراج المنير 564/3،و زاد المسير 7/ 316.
3- البرهان 312/3.

و منها:التّضمين،و هو إعطاء الشيء معنى الشيء،و يكون في الحروف و الأفعال و الأسماء.

أمّا الحروف:فتقدّم في حروف الجرّ و غيرها.

و أمّا الأفعال:فأن يضمّن فعل معنى فعل آخر،فيكون فيه معنى الفعلين معا؛و ذلك بأن يأتي الفعل متعدّيا بحرف ليس من عادته التّعدّي به،فيحتاج إلى تأويله أو تأويل الحرف ليصح التعدّي به،و الأوّل تضمين الفعل و الثاني تضمين الحرف.و اختلفوا:أيّهما أولى؟فقال أهل اللغة و قوم من النحاة:التّوسّع في الحرف.و قال المحقّقون:التوسّع في الفعل؛لأنه في الأفعال أكثر.

مثاله عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللّهِ [الإنسان:6]ف(يشرب)إنما يتعدّى ب(من)، فتعديته بالباء إمّا على تضمينه معنى(يروى)و(يلتذ)أو تضمين الباء معنى(من) (1).

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [البقرة:187].فالرّفث لا يتعدّى بإلى إلاّ على تضمّن معنى الإفضاء.

هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكّى [النازعات:18]و الأصل:(في أن)،ضمّن معنى(أدعوك).

وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ [الشورى:25]عديت ب(عن)لتضمنها معنى العفو و الصفح.

و أما في الأسماء؛فأن يضمّن اسم معنى اسم؛لإفادة معنى الاسمين معا،نحو:

حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ [الأعراف:105]ضمّن حَقِيقٌ معنى(حريص) ليفيد أنه محقوق بقول الحقّ و حريص عليه؛و إنما كان التضمين مجازا؛لأنّ اللفظ لم يوضع للحقيقة و المجاز معا،فالجمع بينهما مجاز.

فصل : في أنواع مختلف في عدّها من المجاز

و هي ستة (2):

أحدها:الحذف،فالمشهور أنه من المجاز،و أنكره بعضهم،لأنّ المجاز استعمال

ص: 41


1- قال شيخ الإسلام في الفرقان ص 48:«قال تعالى: يَشْرَبُ بِها و لم يقل:يشرب منها،لأنه ضمّن قوله:يشرب،معنى:يروى،فإن الشارب قد يشرب و لا يروى،فإذا قيل:يشربون منها،لم يدل على الري،فإذا قيل:يشربون بها،كان المعنى:يروون بها»ا ه.
2- انظر الإشارة إلى الإيجاز ص 2-18.

اللفظ في غير موضوعه،و الحذف ليس كذلك.

و قال ابن عطيّة:حذف المضاف هو عين المجاز و معظمه،و ليس كلّ حذف مجازا.

و قال القرافيّ:الحذف أربعة أقسام:

قسم يتوقف عليه صحة اللفظ و معناه من حيث الإسناد،نحو: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف:82]أي:أهلها؛إذ لا يصحّ إسناد السؤال إليها.

و قسم يصحّ بدونه،لكن يتوقّف عليه شرعا،كقوله: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]أي:فأفطر فعدّة.

و قسم يتوقّف عليه عادة لا شرعا،نحو: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ [الشعراء:63]أي:فضربه.

و قسم يدلّ عليه دليل غير شرعيّ و لا هو عادة،نحو: فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ [طه:96]دلّ الدليل على أنّه إنّما قبض من أثر حافر فرس الرسول.

و ليس في هذه الأقسام مجاز إلاّ الأول.

و قال الزّنجانيّ في«المعيار»:إنّما يكون مجازا إذا تغيّر حكم؛فأما إذا لم يتغيّر -كحذف خبر المبتدأ المعطوف على جملة-فليس مجازا،إذ لم يتغيّر حكم ما بقي من الكلام.

و قال القزوينيّ في«الإيضاح»:متى تغيّر إعراب الكلمة بحذف أو زيادة فهي مجاز، نحو: وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف:82]. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ ءٌ [الشورى:110]فإن كان الحذف أو الزيادة لا يوجب تغيّر الإعراب،نحو: أَوْ كَصَيِّبٍ [البقرة:19]. فَبِما رَحْمَةٍ [آل عمران:159]فلا توصف الكلمة بالمجاز.

الثاني:التأكيد (1)؛زعم قوم أنه مجاز،لأنّه لا يفيد إلاّ ما أفاده الأوّل،و الصّحيح أنه حقيقة.

قال الطّرطوشيّ في«العمدة»:و من سمّاه مجازا قلنا له:إذا كان التأكيد بلفظ الأول نحو:(عجّل عجّل)و نحوه،فإن جاز أن يكون الثاني مجازا جاز في الأوّل؛لأنّهما في لفظ واحد.و إذا بطل حمل الأول على المجاز بطل حمل الثاني عليه،لأنه مثل الأول.2.

ص: 42


1- انظر البرهان 384/2.

الثالث:التشبيه،زعم قوم أنّه مجاز،و الصحيح أنه حقيقة.

قال الزنجانيّ في«المعيار»:لأنه معنى من المعاني،و له ألفاظ تدلّ عليه وضعا، فليس فيه نقل اللفظ عن موضوعه.

و قال الشيخ عز الدين (1):إن كان بحرف فهو حقيقة أو بحذفه فمجاز؛بناء على أنّ الحذف من باب المجاز.

الرابع:الكناية (2)،و فيها أربعة مذاهب:

أحدها:أنها حقيقة،قال ابن عبد السلام (3):و هو الظّاهر،لأنّها استعملت فيما وضعت له،و أريد بها الدلالة على غيره.

الثاني:أنها مجاز.

الثالث:أنها لا حقيقة و لا مجاز،و إليه ذهب صاحب التلخيص (4)،لمنعه في المجاز أن يراد المعنى الحقيقي مع المجازي،و تجويزه ذلك فيها.

الرابع:و هو اختيار الشيخ تقي الدين السّبكي:أنّها تنقسم إلى حقيقة و مجاز،فإن استعملت اللفظ في معناه مرادا منه لازم المعنى أيضا فهو حقيقة،و إن لم يرد المعنى بل عبّر بالملزوم عن اللازم فهو مجاز،لاستعماله في غير ما وضع له.و الحاصل:إنّ الحقيقة منها أن يستعمل اللفظ فيما وضع له،ليفيد غير ما وضع له،و المجاز منها:أن يريد به غير موضوعه استعمالا و إفادة.

الخامس:التقديم و التأخير (5):عدّه قوم من المجاز؛لأن تقديم ما رتبته التأخير -كالمفعول-و تأخير ما رتبته التقديم-كالفاعل-نقل لكل واحد منهما عن مرتبته و حقّه.

قال في البرهان (6):و الصّحيح أنه ليس منه؛فإن المجاز نقل ما وضع إلى ما لم يوضع له.3.

ص: 43


1- انظر الإشارة ص 64.
2- انظر البرهان 300/2.
3- في كتابه الإشارة إلى الإيجاز ص 63 حيث قال:«و الظاهر أنّ الكناية ليست من المجاز؛لأنها استعملت اللفظ فيما وضع له و أرادت به الدلالة على غيره،و لم تخرجه عن أن يكون مستعملا فيما وضع له» ا ه.و انظر البرهان 301/3.
4- انظر التلخيص في علوم البلاغة ص 337 حيث قال:«فظهر أنها-أي الكناية-تخالف المجاز من جهة إرادة المعنى مع إرادة لازمه»ا ه.
5- انظر البرهان 233/3-237.
6- البرهان 233/3.

السادس:الالتفات،قال الشيخ بهاء الدين السّبكيّ:لم أر من ذكر:هل هو حقيقة أو مجاز؟قال:و هو حقيقة حيث لم يكن معه تجريد.

فصل: فيما يوصف بأنه حقيقة و مجاز باعتبارين

هو الموضوعات الشرعيّة،كالصلاة و الزكاة و الصوم و الحج،فإنّها حقائق بالنظر إلى الشرع،مجازات بالنظر إلى اللغة.

فصل: في الواسطة بين الحقيقة و المجاز

قيل بها في ثلاثة أشياء:

أحدها:اللّفظ قبل الاستعمال،و هذا القسم مفقود في القرآن،و يمكن أن يكون منه أوائل السّور على القول بأنّها للإشارة إلى الحروف التي يتركّب منها الكلام.

ثانيها:الإعلام.

ثالثها:اللفظ المستعمل في المشاكلة،نحو: وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّهُ [آل عمران:54]. وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشورى:40].ذكر بعضهم أنه واسطة بين الحقيقة و المجاز،قال:لأنّه لم يوضع لما استعمل فيه،فليس حقيقة،و لا علاقة معتبرة فليس مجازا،كذا في شرح بديعيّة ابن جابر لرفيقه.

قلت:و الذي يظهر:أنها مجاز،و العلاقة المصاحبة.

خاتمة:لهم مجاز المجاز،و هو أن يجعل المجاز المأخوذ عن الحقيقة بمثابة الحقيقة بالنسبة إلى مجاز آخر،فيتجوّز بالمجاز الأول عن الثاني لعلاقة بينهما،كقوله تعالى:

وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا [البقرة:235]فإنّه مجاز عن مجاز،فإن الوط ء تجوّز عنه بالسرّ لكونه لا يقع غالبا إلاّ في السّرّ،و تجوّز به عن العقد،لأنه مسبّب عنه،فالمصحّح للمجاز الأول الملازمة،و الثاني السببيّة،و المعنى:لا تواعدوهنّ عقد نكاح.

و كذا قوله: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ [المائدة:5]فإنّ قوله لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ [الصافات:35]،مجاز عن تصديق القلب بمدلول هذا اللفظ،و العلاقة السببيّة؛لأنّ توحيد اللسان مسبّب عن توحيد الجنان،و التعبير ب(لا إله إلاّ اللّه)عن الوحدانية من مجاز التعبير بالقول عن المقول فيه.

و جعل منه ابن السيد قوله: أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً [الأعراف:26].فإن المنزّل عليهم ليس هو نفس اللباس،بل الماء المنبت للزرع،المتّخذ منه الغزل المنسوج منه اللباس.

ص: 44

النوع الثالث و الخمسون : في تشبيهه و استعاراته

اشارة

(1) التشبيه:نوع من أشرف أنواع البلاغة و أعلاها.

قال المبرّد في الكامل:لو قال قائل:هو أكثر كلام العرب لم يبعد.

و قد أفرد تشبيهات القرآن بالتصنيف أبو القاسم بن البندار البغداديّ،في كتاب سمّاه «الجمان» (2).

و عرّفه جماعة،منه السكاكيّ:بأنه الدّلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى (3).

و قال ابن أبي الإصبع:هو إخراج الأغمض إلى الأظهر.

و قال غيره:هو إلحاق شيء بذي وصف في وصفه.

و قال بعضهم:هو أن تثبت للمشبّه حكما من أحكام المشبّه به (4).

و الغرض منه (5):تأنيس النفس بإخراجها من خفيّ إلى جليّ،و إدنائه البعيد من القريب ليفيد بيانا.

و قيل:الكشف عن المعنى المقصود مع الاختصار.

و أدواته (6):حروف و أسماء و أفعال:

فالحروف:الكاف،نحو: كَرَمادٍ [إبراهيم:18]،و كأنّ،نحو: كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ [الصافات:65]

ص: 45


1- انظر الجمان في تشبيهات القرآن،و الإكسير في علم التفسير ص 132،و نهاية الإيجاز ص 196، و البرهان 414/3،و«من بلاغة القرآن»ص 187،و«القرآن و الصورة البيانية»ص 36،و التلخيص ص 238.
2- و هو كتاب مطبوع باسم:«الجمان في تشبيهات القرآن»لابن ناقيا البغدادي،تحقيق الدكتور مصطفى الصاوي الجويني،نشر منشأة المعارف بالإسكندرية.
3- انظر التلخيص في علوم البلاغة ص 238،و البرهان 415/3.
4- هذه التعريفات كلها ذات مضمون واحد،إلا أن تعريف السكاكي هو التعريف المصطلح عليه في كتب البلاغة،انظر الإكسير ص 132،و«القرآن و الصورة البيانية»ص 36.
5- انظر الإكسير ص 133،و البرهان/415.
6- انظر الجمان ص 63،و البرهان 416/3.

و الأسماء:مثل و شبه و نحوهما،ممّا يشتقّ من المماثلة و المشابهة.

قال الطيبيّ:و لا تستعمل(مثل)إلاّ في حال أو صفة لها شأن و فيها غرابة،نحو:

مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ [آل عمران:117].

و الأفعال،نحو: يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً [النور:39]. يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى [طه:66].

قال في«التلخيص»اتّباعا للسكاكيّ:و ربّما يذكر فعل ينبئ عن التشبيه،فيؤتى في التشبيه القريب بنحو:(علمت زيدا أسدا)الدالّ على التحقيق،و في البعيد بنحو:(حسبت زيدا أسدا)الدّال على الظّن و عدم التحقيق.

و خالفه جماعة (1)،منهم الطيبيّ،فقالوا:في كون هذه الأفعال تنبئ عن التشبيه نوع خفاء،و الأظهر:أنّ الفعل ينبئ عن حال التشبيه في القرب و البعد،و أنّ الأداة محذوفة مقدّرة،لعدم استقامة المعنى بدونه.

ذكر أقسامه:

ينقسم التشبيه باعتبارات:

الأول:باعتبار طرفيه (2)،إلى أربعة أقسام،لأنهما:إمّا حسّيّان أو عقليّان،أو المشبّه حسّيّ و المشبّه عقليّ،أو عكسه.

مثال الأول: وَ الْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ(39) [يس:39]. كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [القمر:20].

و مثال الثاني: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة:74].6.

ص: 46


1- انظر التلخيص ص 263.
2- قال شارح التلخيص ص 263:«قال بعضهم:في كون هذا الفعل منبئا عن التشبيه نظر؛للقطع بأنه لا دلالة للعلم و الحسبان على ذلك،و إنما يدل عليه علمنا بأن أسدا لا يمكن حمله على زيد تحقيقا،و إنما يكون على تقدير أداة التشبيه،سواء ذكر الفعل أو لم يذكر،و لو قيل:إنه ينبئ عن حال التشبيه من القرب و البعد لكان أصوب». (3)انظر الإكسير في علم التفسير ص 134-136،و البرهان 420/3،و نهاية الإيجاز للرازي ص 188، و«القرآن و الصورة البيانية»ص 36.

كذا مثّل به في البرهان (1)،و كأنه ظنّ أنّ التشبيه واقع في القسوة،و هو غير ظاهر،بل هو واقع بين القلوب و الحجارة،فهو من الأوّل.

و مثال الثالث: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ [إبراهيم:18].

و مثال الرابع:لم يقع في القرآن،بل منعه الإمام (2)أصلا؛لأن العقل مستفاد من الحسّ،فالمحسوس أصل للمعقول،و تشبيهه به يستلزم جعل الأصل فرعا و الفرع أصلا، و هو غير جائز.و قد اختلف في قوله تعالى: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ [البقرة:187].

الثاني:ينقسم باعتبار وجهه (3)إلى:مفرد و مركّب.

و المركّب:أن ينتزع وجه الشبه من أمور مجموع بعضها إلى بعض،كقوله:

كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً [الجمعة:5].فالتشبيه مركّب من أحوال الحمار،و هو:

حرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمّل التّعب في استصحابه.

و قوله: إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ إلى قوله: كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ [يونس:24]فإنّ فيه عشر جمل،وقع التركيب من مجموعها،بحيث لو سقط منها شيء اختلّ التشبيه؛إذ المقصود تشبيه حال الدنيا-في سرعة تقضّيها،و انقراض نعيمها،و اغترار الناس بها-بحال ماء نزل من السماء،و أنبت أنواع العشب،و زيّن بزخرفها وجه الأرض،كالعروس إذا أخذت الثياب الفاخرة،حتى إذا طمع أهلها فيها، و ظنوا أنها مسلّمة من الجوائح،أتاها بأس اللّه فجأة،فكأنها لم تكن بالأمس.

و قال بعضهم (4):وجه تشبيه الدنيا بالماء أمران:

أحدهما:أنّ الماء إذا أخذت منه فوق حاجتك تضرّرت،و إن أخذت قدر الحاجة انتفعت به،فكذلك الدنيا.3.

ص: 47


1- البرهان 420/3.
2- أي:الرازي،في كتابه نهاية الإيجاز ص 190،و انظر البرهان 420/3،و معترك الأقران 271/1، و«القرآن و الصورة البيانية»ص 44-45.
3- أي:وجه الشبه.و انظر نهاية الإيجاز ص 202-204،و الإكسير ص 136-138،و البرهان 422/3، و«القرآن و الصورة البيانية»ص 47-52.
4- انظر البرهان 422/3.

و الثاني:أنّ الماء إذا طبّقت عليه كفّك لتحفظه لم يحصل فيه شيء،فكذلك الدنيا.

و قوله: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ [النور:35]الآية.فشبّه نوره الّذي يلقيه في قلب المؤمن بمصباح اجتمعت فيه أسباب الإضاءة،إمّا بوضعه في مشكاة و هي الطاقة التي لا تنفذ،و كونها لا تنفذ لتكون أجمع للبصر،و قد جعل فيها مصباح في داخل زجاجة تشبه الكوكب الدريّ في صفائها،و دهن المصباح من أصفى الأدهان و أقواها وقودا،لأنه من زيت شجر في أوسط الزجاج،لا شرقيّة و لا غربيّة،فلا تصيبها الشمس في أحد طرفي النهار،بل تصيبها الشمس أعدل إصابة.

و هذا مثل ضربه اللّه للمؤمن.

ثم ضرب للكافر مثلين:أحدهما: كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ و الآخر: كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ... إلى آخره،و هو أيضا تشبيه تركيب (1).

الثالث:ينقسم باعتبار آخر إلى أقسام (2):

أحدها:تشبيه ما تقع عليه الحاسّة بما لا تقع،اعتمادا على معرفة النقيض و الضدّ، فإنّ إدراكهما أبلغ من إدراك الحاسّة،كقوله: طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ [الصافات:65]،شبّه بما لا يشكّ أنّه منكر قبيح،لما حصل في نفوس الناس من بشاعة صورة الشياطين،و إن لم ترها عيانا.

الثاني:عكسه،و هو تشبيه ما لا تقع عليه الحاسّة بما تقع عليه،كقوله: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ [النور:39]أخرج ما لا يحسّ-و هو الإيمان-إلى ما يحسّ و هو السراب،و المعنى الجامع:بطلان التوهّم،مع شدّة الحاجة و عظم الفاقة.

الثالث:إخراج ما لم تجر العادة به إلى ما جرت،كقوله تعالى: وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ [الأعراف:171].و الجامع بينهما الارتفاع في الصّورة.

الرابع:إخراج ما لا يعلم بالبديهة إلى ما يعلم بها،كقوله: وَ جَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ [الحديد:21].و الجامع العظم،و فائدته:التّشويق إلى الجنّة بحسن الصفة و إفراط السّعة.

الخامس:إخراج ما لا قوّة له في الصفة إلى ما له قوّة فيها،كقوله تعالى:3.

ص: 48


1- انظر البرهان 422/3-423،و الأمثال لابن القيم ص 189-198.
2- انظر البرهان 421/3.

وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ [الرحمن:24]و الجامع فيهما:العظم،و الفائدة:إبانة القدرة على تسخير الأجسام العظام في ألطف ما يكون من الماء،و ما في ذلك من انتفاع الخلق بحمل الأثقال،و قطعها الأقطار البعيدة في المسافة القريبة،و ما يلازم ذلك من تسخير الرياح للإنسان.فتضمّن الكلام بناء عظيما من الفخر و تعداد النّعم.و على هذه الأوجه الخمسة تجري تشبيهات القرآن.

السادس:ينقسم باعتبار آخر إلى (1):

مؤكّد:و هو ما حذفت فيه الأداة،نحو: وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ [النمل:88]أي:

مثل مرّ السّحاب. وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الأحزاب:6]. وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ [آل عمران:133].

و مرسل:و هو ما لم تحذف،كالآيات السابقة.

و المحذوف الأداة:أبلغ لأنه نزّل فيه الثاني منزلة الأوّل تجوّزا.

قاعدة:الأصل دخول أداة التشبيه على المشبّه به،و قد تدخل على المشبّه (2).

إمّا لقصد المبالغة،فيقلب التشبيه،و يجعل المشبّه هو الأصل،نحو: قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا [البقرة:275]كان الأصل أن يقولوا:إنما الربا مثل البيع،لأنّ الكلام في الرّبا لا في البيع،فعدلوا عن ذلك،و جعلوا الرّبا أصلا ملحقا به البيع في الجواز؛لأنّه الخليق بالحلّ.

و منه قوله تعالى: أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ [النحل:17]فإنّ الظاهر العكس،لأنّ الخطاب لعبدة الأوثان الذين سمّوها آلهة،تشبيها باللّه سبحانه و تعالى،فجعلوا غير الخالق مثل الخالق،فخولف في خطابهم لأنّهم بالغوا في عبادتهم،و غلوا حتى صارت عندهم أصلا في العبادة،فجاء الردّ على وفق ذلك.

و إما لوضوح الحال،نحو: وَ لَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى [آل عمران:36]فإنّ الأصل:

(و ليس الأنثى كالذكر).و إنّما عدل عن الأصل لأنّ المعنى:(و ليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وهبت).و قيل:لمراعاة الفواصل،لأنّ قبله: إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى [آل عمران:36].8.

ص: 49


1- انظر البرهان 426/3-429.
2- انظر البرهان 426/3-428.

و قد تدخل على غيرهما اعتمادا على فهم المخاطب،نحو: كُونُوا أَنْصارَ اللّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ [الصف:14]الآية المراد:(كونوا أنصار اللّه خالصين في الانقياد كشأن مخاطبي عيسى إذ قالوا...).

قاعدة (1):القاعدة في المدح تشبيه الأدنى بالأعلى،و في الذّم تشبيه الأعلى بالأدنى، لأن الذّم مقام الأدنى،و الأعلى طارئ عليه،فيقال في المدح:حصى كالياقوت،و في الذّم:ياقوت كالزّجاج.

و كذا في السّلب،و منه: يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ [الأحزاب:32]أي:

في النزول لا في العلوّ. أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجّارِ [ص:28]أي:في سوء الحال،أي:

لا نجعلهم كذلك.

نعم أورد على ذلك: مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ [النور:35]فإنّه شبّه فيه الأعلى بالأدنى،لا في مقام السلب.و أجيب:بأنّه للتقريب إلى أذهان المخاطبين؛إذ لا أعلى من نوره فيشبّه به.

فائدة:قال ابن أبي الإصبع:لم يقع في القرآن تشبيه شيئين بشيئين،و لا أكثر من ذلك،إنّما وقع فيه تشبيه واحد بواحد.

فصل: الاستعارة

اشارة

زوّج المجاز بالتشبيه،فتولّد بينهما الاستعارة،فهي مجاز علاقته المشابهة.أو يقال في تعريفها:اللفظ المستعمل فيما شبّه بمعناه الأصليّ (2).

و الأصح:أنّها مجاز لغوي،لأنّها موضوعة للمشبّه به لا للمشبّه،و لا لأعمّ منهما، فأسد في قولك:رأيت أسدا يرمي،موضوع للسّبع لا للشجاع،و لا لمعنى أعمّ منهما كالحيوان الجري-مثلا-،ليكون إطلاقه عليهما حقيقة كإطلاق الحيوان عليهما.

و قيل:مجاز عقليّ،بمعنى أنّ التصرّف فيها في أمر عقليّ لا لغويّ،لأنّها لا تطلق

ص: 50


1- انظر البرهان 428/3-429.
2- انظر الإكسير ص 109،و الإيجاز للرازي ص 232،و البرهان 432/3-433،و«القرآن و الصورة البيانية»ص 131.

على المشبّه إلاّ بعد ادّعاء دخوله في جنس المشبّه به.فكان استعمالها فيما وضعت له، فيكون حقيقة لغويّة،ليس فيها غير نقل الاسم وحده،و ليس نقل الاسم المجرّد استعارة؛ لأنّه لا بلاغة فيه،بدليل الأعلام المنقولة،فلم يبق إلاّ أن يكون مجازا عقليا.

و قال بعضهم (1):حقيقة الاستعارة أن تستعار الكلمة من شيء معروف بها إلى شيء لم يعرف بها.و حكمة ذلك:إظهار الخفيّ،و إيضاح الظاهر الذي ليس بجليّ،أو حصول المبالغة،أو المجموع.

مثال إظهار الخفيّ: وَ إِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ [الزخرف:4]فإنّ حقيقته:(و إنّه في أصل الكتاب)فاستعير لفظ الأمّ للأصل؛لأنّ الأولاد تنشأ من الأمّ كما تنشأ الفروع من الأصول.و حكمة ذلك:تمثيل ما ليس بمرئيّ حتى يصير مرئيّا،فينتقل السامع من حدّ السّماع إلى حدّ العيان،و ذلك أبلغ في البيان.

و مثال إيضاح ما ليس بجليّ ليصير جليا: وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ [الإسراء:24] فإنّ المراد أمر الولد بالذلّ لوالديه رحمة،فاستعير للذلّ أوّلا(جانب).ثم للجانب جناح، و تقدير الاستعارة القريبة:(و اخفض لهما جانب الذل)أي:اخفض جانبك ذلا.

و حكمة الاستعارة في هذا:جعل ما ليس بمرئيّ مرئيا،لأجل حسن البيان.و لمّا كان المراد خفض جانب الولد للوالدين-بحيث لا يبقي الولد من الذل لهما و الاستكانة ممكنا (2)-احتيج في الاستعارة إلى ما هو أبلغ من الأولى؛فاستعير لفظ الجناح لما فيه من المعاني التي لا تحصل من خفض الجانب؛لأنّ من يميل جانبه إلى جهة السّفل أدنى ميل، صدق عليه أنه خفض جانبه،و المراد خفض يلصق الجانب بالأرض،و لا يحصل ذلك إلاّ بذكر الجناح كالطّائر.

و مثال المبالغة: وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً [القمر:12]و حقيقته:(و فجّرنا عيون الأرض)،و لو عبّر بذلك لم يكن فيه من المبالغة ما في الأوّل،المشعر بأنّ الأرض كلّها صارت عيونا.

فرع:أركان الاستعارة ثلاثة (3):

ص: 51


1- البرهان 433/3.
2- في البرهان 433/3:مركبا.

مستعار،و هو لفظ المشبّه به.

و مستعار منه،و هو معنى اللفظ المشبّه.

و مستعار له،و هو المعنى الجامع (1).

و أقسامها كثيرة باعتبارات:

فتنقسم باعتبار الأركان الثلاثة إلى خمسة أقسام (2):

أحدها:استعارة محسوس لمحسوس بوجه محسوس،نحو: وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً [مريم:4]فالمستعار منه هو النار،و المستعار له الشّيب،و الوجه:هو الانبساط و مشابهة ضوء النار لبياض الشيب (3)،و كلّ ذلك محسوس،و هو أبلغ مما لو قيل:(اشتعل شيب الرأس)لإفادة عموم الشيب لجميع الرأس.

و مثله: وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ [الكهف:99]أصل الموج حركة الماء؛ فاستعمل في حركتهم على سبيل الاستعارة،و الجامع:سرعة الاضطراب و تتابعه في الكثرة (4).

وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ [التكوير:18]استعير خروج النّفس شيئا فشيئا لخروج النّور من المشرق عند انشقاق الفجر قليلا قليلا،بجامع التتابع على طريق التّدريج،و كلّ ذلك محسوس (5).

الثاني:استعارة محسوس لمحسوس بوجه عقليّ:قال ابن أبي الإصبع:و هي ألطف من الأولى.نحو:

وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ [يس:37]فالمستعار منه السّلخ الذي هو كشط الجلد3.

ص: 52


1- قال في الإكسير ص 110:«في أركانها:و هي أربعة: مستعير:و هو المتكلّم.و مستعار:و هو المعنى الشبهي المشترك،كاستعارة الشيب لابيضاض الرأس. و مستعار منه:و هو ما المعنى المشترك حقيقة فيه كالنار.و مستعار له:و هو ما ينقل إليه المعنى بالاستعارة،كشعر الرأس،فالمستعار منه أصل،و المستعار له فرع»ا ه. و بهذا تعرف خطأ ما ذكره السيوطي من تعريف أركان الاستعارة،فالمستعار منه:هو المشبه به، و المستعار له هو المشبه،و المستعار:هو اللفظ المنقول.انظر القرآن و الصورة البيانية ص 131.
2- انظر الإكسير ص 110-112،و الإيجاز ص 263-269،و البرهان 440/3-444.
3- انظر الإيجاز ص 263،و الإكسير ص 113،و البرهان 435/3 و 441.
4- الإيجاز ص 265،و البرهان 435/3.
5- انظر الإيجاز ص 265،و البرهان 435/3.

عن الشاة،و المستعار له كشف الضّوء عن مكان الليل؛و هما حسّيّان،و الجامع:ما يعقل من ترتّب أمر على آخر و حصوله عقب حصوله،كترتّب ظهور اللحم على الكشط،و ظهور الظلمة على كشف الضوء عن مكان الليل،و الترتّب أمر عقليّ (1).

و مثله: فَجَعَلْناها حَصِيداً [يونس:24]أصل الحصيد النّبات،و الجامع الهلاك، و هو أمر عقليّ (2).

الثالث:استعارة معقول لمعقول بوجه عقلي (3):قال ابن أبي الإصبع:و هي ألطف الاستعارات.نحو:

مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا [يس:52]المستعار منه الرّقاد،أي النوم،و المستعار له الموت،و الجامع عدم ظهور الفعل،و الكلّ عقليّ (4).

و مثله: وَ لَمّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ [الأعراف:154]المستعار السّكوت، و المستعار منه الساكت،و المستعار له الغضب (5).

الرابع:استعارة محسوس لمعقول،بوجه عقلي-أيضا- (6):نحو:

مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَ الضَّرّاءُ [البقرة:214]استعير المسّ و هو حقيقة في الأجسام و هو محسوس؛لمقاساة الشدّة،و الجامع اللحوق،و هما عقليّان.

بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ [الأنبياء:18]فالقذف و الدمغ مستعاران،و هما محسوسان،و الحقّ و الباطل مستعار لهما،و هما معقولان.

ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاّ بِحَبْلٍ مِنَ اللّهِ وَ حَبْلٍ مِنَ النّاسِ [آل عمران:112] استعير الحبل المحسوس للعهد،و هو معقول.

فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [الحجر:94].استعير الصّدع،و هو كسر الزجاجة و هو محسوس،للتبليغ و هو معقول،و الجامع:التأثير،و هو أبلغ من(بلّغ)،و إن كان بمعناه؛ لأن تأثير الصدع أبلغ من تأثير التبليغ،فقد لا يؤثر التبليغ،و الصّدع يؤثّر جزما.2.

ص: 53


1- انظر البرهان 441/3.
2- انظر البرهان 442/3.
3- انظر البرهان 442/3.
4- انظر الإيجاز ص 268.
5- انظر البرهان 442/3،و«القرآن و الصورة البيانية»ص 131،و الإيجاز ص 268.
6- انظر الإيجاز ص 266،و البرهان 442/3،و«القرآن و الصورة البيانية»ص 132.

وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ [الإسراء:24]قال الراغب (1):لمّا كان الذّلّ على ضربين:ضرب يضع الإنسان و ضرب يرفعه،و قصد في هذا المكان إلى ما يرفع،استعير لفظ الجناح،فكأنّه قيل:استعمل الذّل الذي يرفعك عند اللّه.

و كذا قوله: يَخُوضُونَ فِي آياتِنا [الأنعام:68]. فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ [آل عمران:187]. أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى [التوبة:109]. وَ يَبْغُونَها عِوَجاً [الأعراف:45]. لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [الطلاق:11].

فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [الفرقان:23]. فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ [الشعراء:225]. يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ [الإسراء:29]:كلها من استعارة المحسوس للمعقول،و الجامع عقليّ.

الخامس:استعارة معقول لمحسوس،و الجامع عقليّ أيضا (2):نحو: إِنّا لَمّا طَغَى الْماءُ [الحاقة:11]المستعار(منه)التكبّر و هو عقليّ،و المستعار له كثرة الماء و هو حسّيّ،و الجامع الاستعلاء و هو عقليّ أيضا.

و مثله: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ [الملك:8]. وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً [الإسراء:12].

و تنقسم باعتبار اللفظ إلى (3):

أصليّة:و هي ما كان اللفظ المستعار فيها اسم جنس،كآية: بِحَبْلِ اللّهِ [آل عمران:103]. مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [الطلاق:11]. فِي كُلِّ وادٍ [الشعراء:225].

و تبعيّة:و هي ما كان اللفظ فيها غير اسم جنس،كالفعل و المشتقّات،كسائر الآيات السابقة،و كالحروف،نحو: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا [القصص:8].

شبّه ترتّب العداوة و الحزن على الالتقاط بترتب غلبة الغائيّة عليه،ثم استعير في المشبّه اللاّم الموضوعة للمشبّه به.

و تنقسم باعتبار آخر إلى:مرشحة،و مجرّدة،و مطلقة (4):

فالأولى:-و هي أبلغها-أن تقترن بما يلائم المستعار منه.نحو:4.

ص: 54


1- انظر المفردات ص 100.
2- انظر البرهان 443/3،و الإيجاز ص 269.
3- انظر الإيجاز للرازي ص 244-245.
4- انظر البرهان 438/3،و الإكسير ص 249-251،و«القرآن و الصورة البيانية»ص 161-164.

أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ [البقرة:16]استعير الاشتراء للاستبدال و الاختيار،ثم قرن بما يلائمه من الربح و التجارة.

و الثانية:أن تقرن بما يلائم المستعار له،نحو: فَأَذاقَهَا اللّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ [النحل:112]استعير اللباس للجوع،ثم قرن بما يلائم المستعار له من الإذاقة؛و لو أراد الترشيح لقال:(فكساها)،لكنّ التّجريد هنا أبلغ،لما في لفظ الإذاقة من المبالغة في الألم باطنا (1).

و الثالثة:ألاّ تقرن بواحد منهما.

و تنقسم باعتبار آخر إلى:تحقيقيّة،و تخييليّة،و مكنيّة،و تصريحيّة (2).

فالأولى:ما تحقّق معناها حسّا،نحو: فَأَذاقَهَا اللّهُ الآية،أو عقلا،نحو:

وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً [النساء:174]أي:بيانا واضحا و حجّة لامعة، اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ [فاتحة الكتاب:6]أي:الدين الحق؛فإن كلاّ منهما يتحقّق عقلا.

و الثانية:أن يضمر التشبيه في النفس،فلا يصرّح بشيء من أركانه سوى المشبّه.

و يدلّ على ذلك التشبيه المضمر في النفس،بأن يثبت للمشبّه أمر مختصّ بالمشبّه به.

و يسمى ذلك التشبيه المضمر:استعارة بالكناية،و مكنيّا عنها؛لأنه لم يصرّح به،بل دلّ عليه بذكر خواصّه.

و يقابله التصريحيّة،و يسمّى إثبات ذلك الأمر المختصّ بالمشبّه به للمشبّه:استعارة تخييلية،لأنّه قد استعير للمشبّه ذلك الأمر المختصّ بالمشبّه به،و به يكون كمال المشبّه به و قوامه في وجه الشبه؛لتخيّل أن المشبّه من جنس المشبّه به.

و من أمثلة ذلك: اَلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ [البقرة:27]شبّه العهد بالحبل و أضمر في النفس،فلم يصرّح بشيء من أركان التشبيه سوى العهد المشبّه،و دلّ عليه بإثبات النقض الذي هو من خواص المشبه به و هو الحبل.

و كذا: وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً [مريم:4]طوى ذكر المشبّه به و هو النار،و دلّ عليه بلازمه و هو الاشتعال.

فَأَذاقَهَا اللّهُ [النحل:112]الآية،شبّه ما يدرك من أثر الضّرر و الألم بما يدرك من5.

ص: 55


1- انظر تفسير أبي السعود 145/5،و البرهان 438/3.
2- انظر«القرآن و الصورة البيانية»ص 155.

طعم المرّ،فأوقع عليه الإذاقة.

خَتَمَ اللّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ [البقرة:7]شبّهها في ألاّ تقبل الحقّ بالشيء الموثوق المختوم،ثم أثبت لها الختم.

جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ [الكهف:77]شبّه ميلانه للسقوط بانحراف الحيّ،فأثبت له الإرادة التي هي من خواصّ العقلاء.

و من التصريحية آية: مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ [البقرة:214]. مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا [يس:52].

و تنقسم باعتبار آخر إلى:

وفاقية،بأن يكون اجتماعهما في شيء ممكنا،نحو: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ [الأنعام:122]أي:ضالا فهديناه،استعير الإحياء من جعل الشيء حيّا للهداية التي بمعنى الدلالة على ما يوصّل إلى المطلوب،و الإحياء و الهداية ممّا يمكن اجتماعهما في شيء.

و عناديّة:و هي:ما لا يمكن اجتماعهما في شيء،كاستعارة اسم المعدوم للموجود لعدم نفعه،و اجتماع الوجود و العدم في شيء ممتنع.

و من العنادية التهكميّة و التمليحيّة،و هما ما استعمل في ضدّ أو نقيض،نحو:

فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران:21]أي:أنذرهم،استعيرت البشارة و هي الإخبار بما يسرّ،للإنذار الذي هو ضدّه،بإدخاله في جنسها على سبيل التهكّم و الاستهزاء.

و نحو: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ [هود:87]عنى الغويّ السفيه تهكّما، ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ [الدخان:49].

و تنقسم باعتبار آخر إلى:

تمثيلية،و هي أن يكون وجه الشبه فيها منتزعا من متعدّد،نحو: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً [آل عمران:103]شبّه استظهار العبد باللّه و وثوقه بحمايته و النجاة من المكاره، باستمساك الواقع في مهواة بحبل وثيق،مدلّى من مكان مرتفع يأمن انقطاعه.

تنبيه:قد تكون الاستعارة بلفظين،نحو: قَوارِيرَا قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ [الإنسان:15، 16]يعني تلك الأواني ليست من الزجاج و لا من الفضّة،بل في صفاء القارورة و بياض الفضة.

فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ [الفجر:13]فالصبّ كناية عن الدّوام،و السوط

ص: 56

عن الإيلام،فالمعنى:عذّبهم عذابا دائما مؤلما.

فائدة (1):أنكر قوم الاستعارة بناء على إنكارهم المجاز.و قوم:إطلاقها في القرآن؛ لأنّ فيها إيهاما للحاجة؛و لأنّه لم يرد في ذلك إذن من الشرع،و عليه القاضي عبد الوهاب المالكيّ.

و قال الطرطوشيّ (2):إن أطلق المسلمون الاستعارة فيه أطلقناها،و إن امتنعوا امتنعنا، و يكون هذا من قبيل:(إنّ اللّه عالم)و العلم هو العقل،لا نصفه به لعدم التوقيف.انتهى.

فائدة ثانية (3):تقدم أن التشبيه من أعلى أنواع البلاغة و أشرفها،و اتفق البلغاء على أن الاستعارة أبلغ منه؛لأنّها مجاز و هو حقيقة،و المجاز أبلغ،فإذا الاستعارة أعلى مراتب الفصاحة.و كذا الكناية أبلغ من التصريح،و الاستعارة أبلغ من الكناية،كما قال في «عروس الأفراح»:إنّه الظاهر؛لأنها كالجامعة بين كناية و استعارة،و لأنها مجاز قطعا.

و في الكناية خلاف.

و أبلغ أنواع الاستعارة المثيلية،كما يؤخذ من الكشّاف،و يليها المكنية،صرّح به الطيبيّ؛لاشتمالها على المجاز العقليّ.

و الترشيحية أبلغ من المجرّدة و المطلقة.

و التخييليّة أبلغ من التحقيقيّة.

و المراد بالأبلغيّة إفادة زيادة التأكيد و المبالغة في كمال التشبيه،لا زيادة في المعنى لا توجد في غير ذلك.

خاتمة:من المهمّ تحرير الفرق بين الاستعارة و التشبيه المحذوف الأداة،نحو:(زيد أسد) (4).

قال الزمخشري (5)في قوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ [البقرة:18]فإن قلت:هل يسمّى ما في الآية استعارة؟قلت:مختلف فيه،و المحققون على تسميته تشبيها بليغا لا3.

ص: 57


1- البرهان 432/3.
2- في البرهان 432/3:الطرطوسي.
3- انظر البرهان 432/3،و«القرآن و الصورة البيانية»ص 135-139.
4- انظر الإيجاز للرازي ص 245،و البرهان 418/3-419،و«القرآن و الصورة البيانية»ص 132-133.
5- انظر الكشاف 39/1،و البرهان 419/3.

استعارة؛لأن المستعار له مذكور،و هم المنافقون؛و إنّما تطلق الاستعارة حيث يطوى ذكر المستعار له،و يجعل الكلام خلوا عنه،صالحا لأن يراد المنقول عنه و المنقول له،لو لا دلالة الحال أو فحوى الكلام،و من ثم ترى المفلقين السّحرة يتناسون التشبيه و يضربون عنه صفحا.

و علّله السّكاكي (1):بأنّ من شرط الاستعارة إمكان حمل الكلام على الحقيقة في الظاهر و تناسي التشبيه،و(زيد أسد)لا يمكن كونه حقيقة،فلا يجوز أن يكون استعارة، و تابعه صاحب«الإيضاح» (2).

قال في«عروس الأفراح»:و ما قالاه ممنوع،و ليس من شرط الاستعارة صلاحية الكلام لصرفه إلى الحقيقة في الظاهر.

قال:بل لو عكس ذلك،و قيل:لا بدّ من عدم صلاحيته لكان أقرب،لأنّ الاستعارة مجاز لا بدّ له من قرينة؛فإن لم تكن قرينة امتنع صرفه إلى الاستعارة،و صرفناه إلى حقيقته.و إنّما نصرفه إلى الاستعارة بقرينة:إمّا لفظيّة أو معنوية،نحو:(زيد أسد)، فالإخبار به عن زيد قرينة صارفة عن إرادة حقيقته.

قال:و الذي نختاره في نحو:(زيد أسد)أنه قسمان:تارة يقصد به التشبيه،فتكون أداة التشبيه مقدّرة.و تارة يقصد به الاستعارة فلا تكون مقدّرة،و يكون الأسد مستعملا في حقيقته،و ذكر زيد و الإخبار عنه بما لا يصلح له حقيقة قرينة صارفة إلى الاستعارة،دالة عليها.

فإن قامت قرينة على حذف الأداة صرنا إليه،و إن لم تقم فنحن بين إضمار و استعارة،و الاستعارة أولى،فيصار إليها.

و ممن صرّح بهذا الفرق عبد اللطيف البغدادي (3)في«قوانين البلاغة».و كذا قال حازم:الفرق بينهما أن الاستعارة و إن كان فيها معنى التشبيه،فتقدير حرف التشبيه لا يجوز فيها،و التشبيه بغير حرف على خلاف ذلك؛لأنّ تقدير حرف التشبيه واجب فيه.5.

ص: 58


1- انظر البرهان 419/3.
2- الإيضاح ص 329-330.
3- لعله الشيخ الإمام الفقيه النحوي اللغوي الطبيب ذو الفنون،موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف الموصلي البغدادي الشافعي،نزيل حلب.ولد ببغداد في أحد الربيعين،سنة سبع و خمسين و خمس مائة،من تصانيفه غريب الحديث،و الواضحة في إعراب الفاتحة،و غيرها.انظر سير أعلام النبلاء 320/22-323،و شذرات الذهب 132/5.

النوع الرابع و الخمسون

اشارة

في كناياته و تعريضه (1)

هما من أنواع البلاغة و أساليب الفصاحة،و قد تقدّم أنّ الكناية أبلغ من التصريح.

و عرّفها أهل البيان بأنّها:لفظ أريد به لازم معناه.

و قال الطيبي:ترك التصريح بالشيء إلى ما يساويه في اللزوم،فينتقل منه إلى الملزوم.

و أنكر وقوعها في القرآن من أنكر المجاز فيه؛بناء على أنها مجاز،و قد تقدّم الخلاف في ذلك.

و للكناية أسباب (2):

أحدها:التنبيه على عظم القدرة:نحو: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ [الأعراف:189]كناية عن آدم.

ثانيها:ترك اللفظ إلى ما هو أجمل:نحو: إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَ تِسْعُونَ نَعْجَةً وَ لِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ [ص:23]فكنّى بالنعجة عن المرأة كعادة العرب في ذلك؛لأنّ ترك التصريح بذكر النساء أجمل منه؛لهذا لم تذكر في القرآن امرأة باسمها إلاّ مريم.

قال السهيليّ:و إنما ذكرت مريم باسمها على خلاف عادة الفصحاء لنكتة،و هو:أنّ الملوك و الأشراف لا يذكرون حرائرهم في ملأ،و لا يبتذلون أسماءهنّ،بل يكنّون عن الزوجة بالفرش و العيال و نحو ذلك؛فإذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهنّ،و لم يصونوا أسماءهنّ عن الذكر،فلمّا قالت النصارى في مريم ما قالوا،صرّح اللّه باسمها؛و لم يكن إلاّ تأكيدا للعبوديّة التي هي صفة لها،و تأكيدا لأنّ عيسى لا أب له؛و إلاّ لنسب إليه.

ثالثها:أن يكون التصريح مما يستقبح ذكره،ككناية اللّه عن الجماع بالملامسة و المباشرة و الإفضاء و الرّفث و الدخول،و السّر في قوله: وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا

ص: 59


1- انظر البرهان 300/2،و الإكسير ص 118،و الإيضاح ص 337،و الإيجاز ص 270،و«القرآن و الصورة البيانية»ص 165.
2- انظر البرهان 301/2-309.

[البقرة:235].و الغشيان في قوله: فَلَمّا تَغَشّاها [الأعراف:189].أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال:المباشرة الجماع،و لكنّ اللّه يكنى.

و أخرج عنه قال:إنّ اللّه كريم يكني ما شاء،و إنّ الرفث هو الجماع،و كنّى عن طلبه بالمراودة في قوله: وَ راوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ [يوسف:23].و عنه أو عن المعانقة باللباس في قوله: هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ [البقرة:187].و بالحرث في قوله: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة:223].

و كنى عن البول و نحوه بالغائط في قوله: أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ [المائدة:6] و أصله المكان المطمئن من الأرض.

و كنى عن قضاء الحاجة بأكل الطعام في قوله في مريم و ابنها: كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ [المائدة:75].

و كنى عن الأستاه بالأدبار في قوله: يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ [محمد:27].

أخرج ابن أبي حاتم،عن مجاهد في هذه الآية قال:يعني أستاههم،و لكن اللّه يكني.

و أورد على ذلك التصريح بالفرج في قوله: وَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها [التحريم:12].و أجيب (1):بأن المراد به فرج القميص،و التعبير به من ألطف الكنايات و أحسنها،أي لم يعلق ثوبها بريبة؛فهي طاهرة الثوب،كما يقال:نقيّ الثوب و عفيف الذيل،كناية عن العفّة-و منه: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر:4]-و كيف يظنّ أن نفخ جبريل وقع في فرجها،و إنّما نفخ في جيب درعها.

و نظيره أيضا: وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ [الممتحنة:12].

قلت:و على هذا ففي الآية كناية عن كناية،و نظيره ما تقدّم من مجاز المجاز.

رابعها:قصد البلاغة و المبالغة،نحو: أَ وَ مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَ هُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزخرف:18].كنّى عن النساء بأنّهنّ ينشّأن في التّرفّه و التّزيّن الشاغل عن النظر في الأمور و دقيق المعاني،و لو أتى بلفظ(النساء)لم يشعر بذلك،و المراد نفي ذلك عن الملائكة.

و قوله: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ [المائدة:64].كناية عن سعة جوده و كرمه جدا.4.

ص: 60


1- انظر البرهان 305/2-306،و عزاه للسهيلي في«التعريف و الإعلام»ص 84.

خامسها:قصد الاختصار،كالكناية عن ألفاظ متعدّدة بلفظ(فعل).نحو: لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:79]. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ لَنْ تَفْعَلُوا [البقرة:24]أي:فإن لم تأتوا بسورة من مثله.

سادسها:التنبيه على مصيره،نحو: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [المسد:1]أي:جهنّميّ مصيره إلى اللهب، حَمّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ [المسد:5،4]أي:نمّامة، مصيرها إلى أن تكون حطبا لجهنم،في جيدها غلّ.

قال بدر الدين بن مالك في«المصباح»:إنّما يعدل عن التصريح إلى الكناية لنكتة، كالإيضاح،أو بيان حال الموصوف،أو مقدار حاله،أو القصد إلى المدح أو الذمّ أو الاختصار،أو السّتر،أو الصيانة،أو التعمية و الإلغاز،أو التعبير عن الصعب بالسهل،أو عن المعنى القبيح باللفظ الحسن.

و استنبط الزمخشري (1)نوعا من الكناية غريبا،و هو:أن تعمد إلى جملة معناها على خلاف الظاهر،فتأخذ الخلاصة،من غير اعتبار مفرداتها بالحقيقة و المجاز،فتعبّر بها عن المقصود،كما تقول في نحو: اَلرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [طه:5]:إنّه كناية عن الملك،فإنّ الاستواء على السرير لا يحصل إلاّ مع الملك،فجعل كناية عنه.و كذا قوله:

وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر:67].كناية عن عظمته و جلالته،من غير ذهاب بالقبض و اليمين إلى جهتين:حقيقة و مجاز.

تذنيب:من أنواع البديع التي تشبه الكناية الإرداف؛و هو أن يريد المتكلم معنى، و لا يعبّر عنه بلفظه الموضوع له،و لا بدلالة الإشارة،بل بلفظ يرادفه،كقوله تعالى:

وَ قُضِيَ الْأَمْرُ [هود:44].و الأصل:(و هلك من قضى اللّه هلاكه،و نجا من قضى اللّه نجاته).و عدل عن ذلك إلى لفظ الإرداف لما فيه من الإيجاز،و التنبيه على أن هلاك الهالك و نجاة الناجي كان بأمر آمر مطاع،و قضاء من لا يردّ قضاؤه،و الأمر يستلزم آمرا، فقضاؤه يدلّ على قدرة الآمر به و قهره،و أن الخوف من عقابه و رجاء ثوابه يحضّان على طاعة الآمر؛و لا يحصل ذلك كله من اللفظ الخاصّ.ق.

ص: 61


1- الكشاف 530/2.قال الزركشي في البرهان 309/2:«و قد اعترض الإمام فخر الدين على ذلك بأنها تفتح باب تأويلات الباطنية،فلهم أن يقولوا:المراد من قوله: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ [طه:12]:الاستغراق في الخدمة من غير الذهاب إلى نعل و خلعه،و كذا نظائره.انتهى»ا ه. قلت:و قد فتح-أيضا-باب التأويل على مصراعيه حيث أوّل هؤلاء أكثر صفات اللّه تعالى،و نفوا هذه الصفات و عطلوها.فخالفوا ما عليه أئمة السلف في الاعتقاد.انظر مجموعة:«اعتقاد أئمة السلف» بتحقيقنا لترى ما عليه هؤلاء الأئمة من الاعتقاد.و اللّه الموفق.

و كذا قوله: وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ [هود:44].حقيقة ذلك:(جلست)،فعدل عن اللفظ الخاصّ بالمعنى إلى مرادفه،لما في الاستواء من الإشعار بجلوس متمكّن لا زيغ فيه و لا ميل،و هذا لا يحصل من لفظ(الجلوس).

و كذا: فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ [الرحمن:56].الأصل(عفيفات)و عدل عنه للدلالة على أنّهنّ مع العفة لا تطمح أعينهنّ إلى غير أزواجهنّ و لا يشتهين غيرهم.و لا يؤخذ ذلك من لفظ العفّة.

قال بعضهم:و الفرق بين الكناية و الإرداف،أنّ:الكناية انتقال من لازم إلى ملزوم، و الإرداف من مذكور إلى متروك.

و منه أمثلته أيضا: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [النجم:31].عدل في الجملة الأولى عن قوله(بالسوأى)-مع أن فيه مطابقة للجملة الثانية-إلى: بِما عَمِلُوا تأدّبا أن يضاف السّوء إلى اللّه تعالى.

فصل : الفرق بين الكناية و التعريض

للنّاس في الفرق بين الكناية و التعريض عبارات متقاربة:

فقال الزمخشريّ:الكناية ذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له،و التعريض:أن تذكر شيئا تدلّ به على شيء لم تذكره.

و قال ابن الأثير:الكناية:ما دلّ على معنى يجوز حمله على الحقيقة و المجاز، بوصف جامع بينهما.و التّعريض:اللفظ الدالّ على معنى لا من جهة الوضع الحقيقيّ أو المجازيّ،كقول من يتوقّع صلة:و اللّه إنّي محتاج؛فإنّه تعريض بالطلب،مع أنه لم يوضع له حقيقة و لا مجازا،و إنما فهم من عرض اللفظ،أي:جانبه.

و قال السّبكيّ في كتاب«الإغريض في الفرق بين الكناية و التعريض»:الكناية لفظ استعمل في معناه مرادا منه لازم المعنى،فهي بحسب استعمال اللفظ في المعنى حقيقة، و التجوّز في إرادة إفادة ما لم يوضع له.و قد لا يراد منها المعنى،بل يعبّر بالملزوم عن اللازم،و هي حينئذ مجاز،و من أمثلته: قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا [التوبة:81]فإنه لم يقصد إفادة ذلك لأنه معلوم،بل إفادة لازمه،و هو:أنهم يردونها و يجدون حرّها إن لم يجاهدوا.

و أمّا التعريض:فهو لفظ استعمل في معناه للتلويح بغيره،نحو: قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا [النساء:63]نسب الفعل إلى كبير الأصنام المتّخذة آلهة،كأنه غضب أن تعبد الصغار معه،تلويحا لعابدها بأنها لا تصلح أن تكون آلهة؛لما يعلمون إذا نظروا بعقولهم من عجز كبيرها عن ذلك الفعل،و الإله لا يكون عاجزا،فهو حقيقة أبدا.

ص: 62

و أمّا التعريض:فهو لفظ استعمل في معناه للتلويح بغيره،نحو: قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا [النساء:63]نسب الفعل إلى كبير الأصنام المتّخذة آلهة،كأنه غضب أن تعبد الصغار معه،تلويحا لعابدها بأنها لا تصلح أن تكون آلهة؛لما يعلمون إذا نظروا بعقولهم من عجز كبيرها عن ذلك الفعل،و الإله لا يكون عاجزا،فهو حقيقة أبدا.

و قال السكاكيّ:التعريض ما سيق لأجل موصوف غير مذكور،و منه:أن يخاطب واحد و يراد غيره،و سمّي به لأنه أميل الكلام إلى جانب مشارا به إلى آخر،يقال:نظر إليه بعرض وجهه،أي جانبه.

قال الطّيبيّ:و ذلك يفعل إمّا لتنويه جانب الموصوف،و منه: وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ [البقرة:253]أي:محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم،إعلاء لقدره،أي أنه العلم الذي لا يشتبه.

و إمّا لتلطّف به و احتراز عن المخاشنة،نحو: وَ ما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي [يس:22]أي:و ما لكم لا تعبدون؟بدليل قوله: وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يس:22].و كذا قوله:

أَ أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً [يس:23].و وجه حسنه إسماع من يقصد خطابه الحقّ على وجه يمنع غضبه،إذ لم يصرح بنسبته للباطل،و الإعانة على قبوله إذ لم يرد له إلاّ ما أراده لنفسه.

و إمّا لاستدراج الخصم إلى الإذعان و التسليم،و منه: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]خوطب النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و أريد غيره،لاستحالة الشرك عليه شرعا.

و إمّا للذم،نحو: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ [الرعد:19]فإنّه تعريض بذمّ الكفار، و أنهم في حكم البهائم الذين لا يتذكّرون.

و إمّا للإهانة و التوبيخ،نحو: وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ [التكوير:8، 9].

و قال السبكيّ:التعريض قسمان:

قسم يراد به معناه الحقيقي،و يشار به إلى المعنى الآخر المقصود،كما تقدّم.

و قسم لا يراد بل يضرب مثلا للمعنى الذي هو مقصود التعريض،كقول إبراهيم:

بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا [الأنبياء:63]. (1)2.

ص: 63


1- انظر البرهان 311/2.

النوع الخامس و الخمسون

اشارة

في الحضر و الاختصاص

أمّا الحصر-و يقال له:القصر-فهو تخصيص أمر بآخر بطريق مخصوص.

و يقال-أيضا-:إثبات الحكم للمذكور و نفيه عمّا عداه.

و ينقسم إلى:قصر الموصوف على الصفة،و قصر الصّفة على الموصوف.و كلّ منهما إمّا حقيقيّ و إمّا مجازيّ.

مثال قصر الموصوف على الصفة حقيقيا،نحو:(ما زيد إلاّ كاتب)أي:لا صفة له غيرها؛و هو عزيز لا يكاد يوجد،لتعذّر الإحاطة بصفات الشيء حتى يمكّن إثبات شيء منها و نفي ما عداها بالكليّة،و على عدم تعذّرها يبعد أن تكون للذات صفة واحدة ليس لها غيرها،و لذا لم يقع في التنزيل.

و مثاله مجازيا: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ [آل عمران:144].أي أنه مقصور على الرّسالة،لا يتعداها إلى التبري من الموت الذي استعظموه،الذي هو من شأن الإله.

و مثال قصر الصفة على الموصوف حقيقيا: لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ [محمد:19].

و مثاله مجازيا: قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً الآية[الأنعام:145].كما قال الشافعي فيما تقدّم نقله عنه في أسباب النزول:إنّ الكفار لمّا كانوا يحلّون الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهلّ لغير اللّه به،و كانوا يحرّمون كثيرا من المباحات،و كانت سجيّتهم تخالف وضع الشرع،و نزلت الآية مسبوقة بذكر شبههم في البحيرة و السّائبة و الوصيلة و الحامي،و كان الغرض إبانة كذبهم؛فكأنه قال:لا حرام إلاّ ما أحللتموه.و الغرض الردّ عليهم و المضادّة،لا الحصر الحقيقيّ.و قد تقدّم بأبسط من هذا.

ص: 64

و ينقسم الحصر باعتبار آخر إلى ثلاثة أقسام:قصر إفراد،و قصر قلب،و قصر تعيين (1).

فالأول:يخاطب به من يعتقد الشّركة،نحو: إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ [النحل:51] خوطب به من يعتقد اشتراك اللّه و الأصنام في الألوهية.

و الثاني:يخاطب به من يعتقد إثبات الحكم لغير من أثبته المتكلم له،نحو: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ [البقرة:258]خوطب به نمروذ،الذي اعتقد أنّه هو المحيي المميت دون اللّه. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ [البقرة:13]خوطب به من اعتقد من المنافقين:أن المؤمنين سفهاء دونهم. وَ أَرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولاً [النساء:79]خوطب به من يعتقد من اليهود اختصاص بعثته بالعرب.

و الثالث:يخاطب به من تساوى عنده الأمران،فلم يحكم بإثبات الصفة لواحد بعينه،و لا لواحد بإحدى الصفتين بعينها.

فصل : طرق الحصر

طرق الحصر كثيرة:

أحدها:النفي و الاستثناء؛سواء كان النفي بلا،أو ما،أو غيرهما.و الاستثناء بإلاّ، أو غير،نحو: لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ [الصافات:35]. وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللّهُ [آل عمران:62].

ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ [المائدة:117].

و وجه إفادته الحصر:أنّ الاستثناء المفرّغ لا بدّ أن يتوجّه النفي فيه إلى مقدّر و هو مستثنى منه؛لأنّ الاستثناء إخراج،فيحتاج إلى مخرج منه،و المراد التقدير المعنويّ لا الصناعي.و لا بدّ أن يكون عاما،لأنّ الإخراج لا يكون إلاّ من عام.و لا بدّ أن يكون مناسبا للمستثنى في جنسه؛مثل:ما قام إلاّ زيد،أي:أحد،و ما أكلت إلاّ تمرا؛أي:

مأكولا.و لا بدّ أن يوافقه في صفته أي إعرابه،و حينئذ يجب القصر إذا أوجب منه شيء بإلاّ ضرورة،ببقاء ما عداه على صفة الانتفاء.

ص: 65


1- انظر منتهى الآمال في شرح حديث:«إنّما الأعمال»للسيوطي ص 65،و شرح حديث:«إنما الأعمال بالنيات»لابن تيمية ص 49-50 بتحقيقنا.

و أصل استعمال هذا الطريق أن يكون المخاطب جاهلا بالحكم؛و قد يخرج عن ذلك فينزّل المعلوم منزلة المجهول لاعتبار مناسب،نحو: وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ [آل عمران:144]؛فإنّه خطاب للصحابة،و هم لم يكونوا يجهلون رسالة النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم؛لأنّه نزّل استعظامهم له عن الموت منزلة من يجهل رسالته،لأنّ كلّ رسول لا بدّ من موته؛فمن استبعد موته فكأنه استبعد رسالته.

الثاني:(إنّما) (1)الجمهور على أنّها للحصر،فقيل:بالمنطوق،و قيل:بالمفهوم.

و أنكر قوم إفادتها إيّاه،منهم أبو حيّان.و استدلّ مثبتوه بأمور:

منها:قوله تعالى: إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ [البقرة:173]بالنّصب؛فإنّ معناه:

ما حرّم عليكم إلاّ الميتة.لأنه المطابق في المعنى لقراءة الرّفع؛فإنّها للقصر،فكذا قراءة النصب،و الأصل استواء معنى القراءتين.

و منها:أنّ(أنّ)للإثبات و(ما)للنفي،فلا بدّ أن يحصل القصر،للجمع بين النّفي و الإثبات.لكن تعقّب بأن(ما)زائدة كافّة،لا نافية.

و منها:أنّ(إنّ)للتأكيد،و(ما)كذلك،فاجتمع تأكيدان،فأفادا الحصر.قاله السكّاكيّ؛و تعقب:بأنه لو كان اجتماع تأكيدين يفيد الحصر لأفاد نحو:(إنّ زيدا لقائم).

و أجيب:بأنّ مراده:لا يجتمع حرفا تأكيد متواليان إلاّ للحصر.

و منها:قوله تعالى: قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللّهِ [الأحقاف:23]. قالَ إِنَّما يَأْتِيكُمْ بِهِ اللّهُ [هود:33]. قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي [الأعراف:187]فإنّه إنما تحصل مطابقة الجواب إذا كانت إنّما للحصر،ليكون معناها:(لا آتيكم به إنما يأتي به اللّه،و لا أعلمها إنّما يعلمها اللّه).و كذا قوله: وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ [الشورى:42،41]. ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ إلى قوله: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَ هُمْ أَغْنِياءُ [التوبة:91-93]. وَ إِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي [الأعراف:203]. وَ إِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ [آل عمران:20]و لا يستقيم المعنى في هذه الآيات و نحوها إلاّ بالحصر.

و أحسن ما تستعمل(إنما)في مواقع التعريض،نحو: إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ [الرعد:19].4.

ص: 66


1- انظر البرهان 231/4.

الثالث:(أنّما)بالفتح،عدّها من طرق الحصر الزمخشري (1)و البيضاويّ (2)،فقالا في قوله تعالى: قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ [الأنبياء:108]:إنّما لقصر الحكم على شيء،أو لقصر الشيء على حكم،نحو:(إنّما زيد قائم)و(إنما يقوم زيد).و قد اجتمع الأمران في هذه الآية،لأنّ: إِنَّما يُوحى إِلَيَّ مع فاعله بمنزلة:إنما يقوم زيد،و أَنَّما إِلهُكُمْ بمنزلة:إنما زيد قائم.و فائدة اجتماعهما الدلالة على أنّ الوحي إلى الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم مقصور على استئثار اللّه بالوحدانية.

و صرّح التّنوخيّ في«الأقصى القريب»بكونها للحصر،فقال:كلّما أوجب أنّ(إنّما) بالكسر للحصر أوجب أنّ(أنّما)بالفتح للحصر،لأنها فرع عنها،و ما ثبت للأصل ثبت للفرع،ما لم يثبت مانع منه،و الأصل عدمه.

و ردّ أبو حيان (3)على الزمخشريّ ما زعمه بأنّه يلزمه انحصار الوحي في الوحدانيّة.

و أجيب:بأنه حصر مجازيّ باعتبار المقام.

الرابع:العطف ب(لا)أو(بل)،ذكره أهل البيان،و لم يحكوا فيه خلافا.و نازع فيه الشيخ بهاء الدين في«عروس الأفراح»فقال:أي قصر في العطف ب(لا)إنما فيه نفي و إثبات،فقولك:زيد شاعر لا كاتب،لا تعرّض فيه لنفي صفة ثالثة،و القصر إنّما يكون بنفي جميع الصفات غير المثبت حقيقة أو مجازا،و ليس هو خاصا بنفي الصفة التي يعتقدها المخاطب.و أما العطف ب(بل)،فأبعد منه،لأنه لا يستمرّ فيها النفي و الإثبات.

الخامس:تقديم المعمول،نحو: إِيّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة:5]. لَإِلَى اللّهِ تُحْشَرُونَ [آل عمران:158].و خالف فيه قوم،و سيأتي بسط الكلام فيه قريبا.

السادس:ضمير الفصل،نحو: فَاللّهُ هُوَ الْوَلِيُّ [الشورى:9]أي:لا غيره.

وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة:5]. إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ [آل عمران:62].

إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ [الكوثر:3].

و ممن ذكر أنه للحصر البيانيون في بحث المسند إليه،و استدلّ له السهيليّ بأنّه:أتي به في كلّ موضع ادّعي فيه نسبة ذلك المعنى إلى غير اللّه،و لم يؤت به حيث لم يدّع،6.

ص: 67


1- الكشاف 586/2.
2- تفسير البيضاوي 48/4.
3- في تفسيره البحر المحيط 344/6.

و ذلك في قوله: وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى [النجم:43].إلى آخر الآيات،فلم يؤت به في: وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ [النجم:45]. وَ أَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ [النجم:47]. وَ أَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى(50) [النجم:50]:لأنّ ذلك لم يدّع لغير اللّه،و أتي به في الباقي لادعائه لغيره.

قال في«عروس الأفراح»:و قد استنبطت دلالته على الحصر من قوله: فَلَمّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ [المائدة:117]لأنّه لو لم يكن للحصر لما حسن،لأنّ اللّه لم يزل رقيبا عليهم،و إنّما الذي حصل بتوفيته:أنه لم يبق لهم رقيب غير اللّه تعالى.و من قوله:

لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النّارِ وَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ(20) [الحشر:20].

فإنّه ذكر لتبيين عدم الاستواء؛و ذلك لا يحسن إلاّ بأن يكون الضمير للاختصاص.

السابع:تقدم المسند إليه،على ما قال الشيخ عبد القاهر:قد يقدّم المسند إليه ليفيد تخصيصه بالخبر الفعلي.و الحاصل على رأيه أنّ له أحوالا:

أحدها:أن يكون المسند إليه معرفة و المسند مثبتا،فيأتي للتخصيص،نحو:أنا قمت،و أنا سعيت في حاجتك.فإن قصد به قصر الإفراد أكّد بنحو(وحدي).أو:قصر القلب أكّد بنحو(لا غيري).و منه: بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ [النمل:36]فإنّ ما قبله من قوله: أَ تُمِدُّونَنِ بِمالٍ [النمل:36]و لفظ(بل)المشعر بالإضراب يقضي بأنّ المراد(بل أنتم لا غيركم)،فإنّ المقصود نفي فرحه هو بالهدية،لا إثبات الفرح لهم بهديتهم.قاله في«عروس الأفراح».

قال:و كذا قوله: لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [التوبة:101].أي لا نعلمهم إلاّ نحن.

و قد يأتي للتقوية و التأكيد دون التخصيص،قال الشيخ بهاء الدين:و لا يتميّز ذلك إلاّ بما يقتضيه الحال و سياق الكلام.

ثانيها:أن يكون المسند منفيّا،نحو:(أنت لا تكذب)،فإنّه أبلغ في نفي الكذب من (لا تكذب)،و من(لا تكذب أنت).و قد يفيد التخصيص.و منه: فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ [القصص:66].

ثالثها:أن يكون المسند إليه نكرة مثبتا،نحو:(رجل جاءني)،فيفيد التخصيص إمّا بالجنس أي:لا امرأة،أو الوحدة،أي:لا رجلان.

رابعها:أن يلي المسند إليه حرف النفي،فيفيده،نحو:(ما أنا قلت هذا)أي:لم أقله،مع أنّ غيري قاله.و منه: وَ ما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ [هود:91]أي:العزيز علينا رهطك لا أنت،و لذا قال: أَ رَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللّهِ [هود:92].

ص: 68

هذا حاصل رأي الشيخ عبد القاهر،و وافقه السكاكيّ،و زاد شروطا و تفاصيل بسطناها في شرح ألفية المعاني.

الثامن:تقديم المسند،ذكر ابن الأثير و ابن النّفيس و غيرهما:أنّ تقديم الخبر على المبتدأ يفيد الاختصاص.و ردّه صاحب الفلك الدائر:بأنه لم يقل به أحد،و هو ممنوع، فقد صرّح السكاكيّ و غيره بأنّ:تقديم ما رتبته التأخير يفيده،و مثّلوه بنحو:(تميمي أنا).

التاسع:ذكر المسند إليه،ذكر السكاكيّ أنه قد يذكر ليفيد التخصيص،و تعقّبه صاحب الإيضاح.و صرّح الزمخشري (1):بأنّه أفاد الاختصاص في قوله: اَللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ [الرعد:26].و في قوله: اَللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ [الزمر:23].و في قوله:

وَ اللّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ [الأحزاب:4]و يحتمل أنه أراد أنّ تقديمه أفاده، فيكون من أمثلة الطريق السابع.

العاشر:تعريف الجزءين،ذكر الإمام فخر الدين في«نهاية الإيجاز» (2)أنّه يفيد الحصر حقيقة أو مبالغة،نحو:(المنطلق زيد)،و منه في القرآن فيما ذكر الزّملكانيّ في أسرار التنزيل: اَلْحَمْدُ لِلّهِ [الفاتحة:2]قال:إنّه يفيد الحصر،كما في إِيّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة:5]أي:الحمد للّه،لا لغيره.

الحادي عشر:نحو:(جاء زيد نفسه)،نقل بعض شرّاح التلخيص عن بعضهم أنه يفيد الحصر.

الثاني عشر:نحو:(إنّ زيدا لقائم)،نقله المذكور أيضا.

الثالث عشر:نحو:(قائم)في جواب:(زيد إمّا قائم أو قاعد).ذكره الطيبيّ في شرح«التبيان».

الرابع عشر:قلب بعض حروف الكلمة؛فإنّه يفيد الحصر على ما نقله في الكشّاف (3)في قوله: وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوها [الزمر:17]قال:القلب للاختصاص بالنسبة إلى لفظ(الطاغوت)،لأن وزنه على قول(فعلوت)من الطغيان، كملكوت و رحموت،قلب بتقديم اللام على العين،فوزنه(فلعوت)ففيه مبالغات:التسمية3.

ص: 69


1- انظر الكشاف 358/1.
2- نهاية الإيجاز ص 162-163.
3- الكشاف 392/3-393.

بالمصدر،و البناء بناء مبالغة،و القلب،و هو للاختصاص إذ لا يطلق على غير الشيطان.

تنبيه تقديم المعمول يفيد الحصر

كاد أهل البيان يطبقون على أنّ تقديم المعمول يفيد الحصر،سواء كان مفعولا أو ظرفا أو مجرورا،و لهذا قيل في: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ(5) [الفاتحة:5].

معناه:(نخصّك بالعبادة و الاستعانة).و في: لَإِلَى اللّهِ تُحْشَرُونَ [آل عمران:158]معناه:

(إليه لا إلى غيره).و في: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة:143]أخّرت الصلة في الشهادة الأولى،و قدّمت في الثانية،لأنّ الغرض في الأوّل إثبات شهادتهم،و في الثاني إثبات اختصاصهم بشهادة النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم عليهم.

و خالف في ذلك ابن الحاجب،فقال في شرح«المفصّل»:الاختصاص الذي يتوهّمه كثير من النّاس من تقديم المعمول و هم،و استدلّ على ذلك بقوله: فَاعْبُدِ اللّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ [الزمر:2].ثم قال: بَلِ اللّهَ فَاعْبُدْ [الزمر:66].و ردّ هذا الاستدلال بأنّ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ أغنى عن إفادة الحصر في الآية الأولى،و لو لم يكن فما المانع من ذكر المحصور في محل بغير صيغة الحصر،كما قال تعالى: وَ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ [الحج:77].و قال: أَمَرَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ [يوسف:40].بل قوله: بَلِ اللّهَ فَاعْبُدْ من أقوى أدلّة الاختصاص،فإنّ قبلها: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر:65]فلو لم يكن للاختصاص،و كان معناها:(اعبد اللّه)،لما حصل الإضراب الذي هو معنى(بل).

و اعترض أبو حيان (1)على مدّعي الاختصاص بنحو: أَ فَغَيْرَ اللّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ [الزمر:64].و أجيب:بأنّه لمّا أشرك باللّه غيره كأنه لم يعبد اللّه،و كان أمرهم بالشرك كأنه أمر بتخصيص غير اللّه بالعبادة.

و ردّ صاحب«الفلك الدائر»الاختصاص بقوله: كُلاًّ هَدَيْنا وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ [الأنعام:84]و هو من أقوى ما ردّ به.و أجيب:بأنه لا يدّعى فيه اللزوم،بل الغلبة، و قد يخرج الشيء عن الغالب.

قال الشيخ بهاء الدين:و قد اجتمع الاختصاص و عدمه في آية واحدة،و هي:

أَ غَيْرَ اللّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيّاهُ تَدْعُونَ [الأنعام:41،40]فإنّ التقديم في الأوّل قطعا ليس للاختصاص،و في: إِيّاهُ قطعا للاختصاص.

ص: 70


1- انظر البحر المحيط 438/7-439.

و قال والده الشيخ تقي الدين في«كتاب الاقتناص في الفرق بين الحصر و الاختصاص»:اشتهر كلام الناس في أنّ تقديم المعمول يفيد الاختصاص،و من الناس من ينكر ذلك و يقول:إنّما يفيد الاهتمام.و قد قال سيبويه في كتابه:و هم يقدّمون ما هم به أعنى.و البيانيون على إفادة الاختصاص،و يفهم كثير من الناس من الاختصاص الحصر، و ليس كذلك،و إنّما الاختصاص شيء و الحصر شيء آخر،و الفضلاء لم يذكروا في ذلك لفظة(الحصر).و إنّما عبّروا بالاختصاص؛و الفرق بينهما:أن الحصر نفي غير المذكور و إثبات المذكور،و الاختصاص قصد الخاص من جهة خصوصه.و بيان ذلك:أن الاختصاص افتعال من الخصوص،و الخصوص مركّب من شيئين:أحدهما:عام مشترك بين شيئين أو أشياء،و الثاني:معنى منضمّ إليه يفصله عن غيره،كضرب زيد،فإنّه أخصّ من مطلق الضرب،فإذا قلت:ضربت زيدا،أخبرت بضرب عامّ وقع منك على شخص خاصّ،فصار ذلك الضرب المخبر به خاصّا لما انضم إليك منك و من زيد.

و هذه المعاني الثلاثة-أعني مطلق الضرب،و كونه واقعا منك،و كونه واقعا على زيد-قد يكون قصد المتكلم لها ثلاثتها على السّواء.و قد يترجّح قصده لبعضها على بعض،و يعرف ذلك بما ابتدأ به كلامه،فإنّ الابتداء بالشيء يدلّ على الاهتمام به،و أنه هو الأرجح في غرض المتكلّم.

فإذا قلت:زيدا ضربت،علم أنّ خصوص الضرب على زيد هو المقصود.و لا شك أنّ كلّ مركب من خاص و عام له جهتان،فقد يقصد من جهة عمومه،و قد يقصد من جهة خصوصه،و الثاني هو الاختصاص،و أنه هو الأهمّ عند المتكلم،و هو الذي قصد إفادته السامع من غير تعرّض و لا قصد لغيره بإثبات و لا نفي،ففي الحصر معنى زائد عليه،و هو نفي ما عدا المذكور.و إنّما جاء هذا في إِيّاكَ نَعْبُدُ [الفاتحة:5]للعلم بأنّ قائليه لا يعبدون غير اللّه؛و لذا لم يطّرد في بقية الآيات،فإنّ قوله: أَ فَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ [آل عمران:83]لو جعل في معنى:(ما يبغون إلاّ غير دين اللّه)و همزة الإنكار داخلة عليه،لزم أن يكون المنكر الحصر لا مجرّد بغيهم غير دين اللّه،و ليس المراد.و كذلك: آلِهَةً دُونَ اللّهِ تُرِيدُونَ [الصافات:86].المنكر إرادتهم آلهة دون اللّه من غير حصر.و قد قال الزمخشري (1)في: وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [البقرة:4]:في تقديم(الآخرة)و بناء(يوقنون) على(هم)تعريض بأهل الكتاب و ما كانوا عليه من إثبات أمر الآخرة،على خلاف حقيقته،1.

ص: 71


1- الكشاف 137/1.

و أنّ قولهم ليس بصادر عن إيقان،و أنّ اليقين ما عليه من آمن بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك.

و هذا الذي قاله الزمخشريّ في غاية الحسن،و قد اعترض عليه بعضهم فقال:تقديم (الآخرة)أفاد أنّ إيقانهم مقصور على أنه إيقان بالآخرة لا بغيرها.و هذا الاعتراض من قائله مبنيّ على ما فهمه من أنّ تقديم المعمول يفيد الحصر،و ليس كذلك،ثم قال المعترض:

و تقديم(هم)أفاد أنّ هذا القصر مختصّ بهم،فيكون إيقان غيرهم بالآخرة إيمانا بغيرها حيث قالوا: لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ [البقرة:80]و هذا منه-أيضا-استمرار على ما في ذهنه من الحصر،أي:أنّ المسلمين لا يوقنون إلاّ بالآخرة،و أهل الكتاب يوقنون بها و بغيرها.

و هذا فهم عجيب ألجأه إليه فهمه الحصر،و هو ممنوع.و على تقدير تسليمه فالحصر على ثلاثة أقسام.

أحدها:ب(ما)و(إلاّ):كقولك:(ما قام إلاّ زيد)صريح في نفي القيام عن غير زيد،و يقتضي إثبات القيام لزيد،قيل:بالمنطوق،و قيل بالمفهوم،و هو الصحيح.لكنّه أقوى المفاهيم؛لأنّ(إلاّ)موضوعة للاستثناء،و هو الإخراج،فدلالتها على الإخراج بالمنطوق لا بالمفهوم،و لكنّ الإخراج من عدم القيام ليس هو عين القيام،بل قد يستلزمه، فلذلك رجّحنا أنه بالمفهوم؛و التبس على بعض الناس لذلك فقال:إنّه بالمنطوق.

و الثاني:الحصر ب(إنّما).و هو قريب من الأوّل فيما نحن فيه،و إن كان جانب الإثبات فيه أظهر،فكأنه يفيد إثبات قيام زيد،إذا قلت:إنّما قام زيد،بالمنطوق،و نفيه عن غيره بالمفهوم.

الثالث:الحصر الذي قد يفيده التقديم؛و ليس هو-على تقدير تسليمه-مثل الحصرين الأوّلين،بل هو في قوّة جملتين:إحداهما ما صدّر به الحكم نفيا كان أو إثباتا و هو المنطوق،و الأخرى ما فهم من التقديم،و الحصر يقتضي نفي المنطوق فقط،دون ما دلّ عليه من المفهوم،لأنّ المفهوم لا مفهوم له.فإذا قلت:أنا لا أكرم إلاّ إيّاك،أفاد التّعريض بأن غيرك يكرم غيره،و لا يلزم أنك لا تكرمه.و قد قال تعالى: اَلزّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً [النور:3]أفاد أنّ العفيف قد ينكح غير الزانية،و هو ساكت عن نكاحه الزانية،فقال سبحانه و تعالى بعده: وَ الزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ [النور:3]بيانا لما سكت عنه في الأولى.فلو قال:(بالآخرة يوقنون)أفاد بمنطوقه إيقانهم بها،و مفهومه عند من يزعم أنهم لا يوقنون بغيرها.و ليس ذلك مقصودا بالذّات،و المقصود بالذات قوة

ص: 72

إيقانهم بالآخرة حتى صار غيرها عندهم كالمدحوض،فهو حصر مجازيّ،و هو دون قولنا:(يوقنون بالآخرة لا بغيرها).فاضبط هذا،و إيّاك أن تجعل تقديره:(لا يوقنون إلاّ بالآخرة).

إذا عرفت هذا:فتقديم(هم)أفاد أنّ غيرهم ليس كذلك؛فلو جعلنا التقدير:(لا يوقنون إلاّ بالآخرة)كان المقصود المهمّ:النفي،فيتسلّط المفهوم عليه،فيكون المعنى إفادة:أنّ غيرهم يوقن بغيرها،كما زعم المعترض،و يطرح إفهام أنه لا يوقن بالآخرة، و لا شكّ أنّ هذا ليس بمراد،بل المراد إفهام أنّ غيرهم لا يوقن بالآخرة؛فلذلك حافظنا على أنّ الغرض الأعظم إثبات الإيقان بالآخرة،ليتسلّط المفهوم عليه،و أنّ المفهوم لا يتسلّط على الحصر؛لأنّ الحصر لم يدلّ عليه بجملة واحدة مثل(ما)و(إلاّ)و مثل(إنما) و إنما دلّ عليه بمفهوم مستفاد من منطوق،و ليس أحدهما متقيّدا بالآخر؛حتى نقول:إنّ المفهوم أفاد نفي الإيقان المحصور،بل أفاد نفي الإيقان مطلقا عن غيرهم.و هذا كلّه على تقدير تسليم الحصر،و نحن نمنع ذلك،و نقول:إنّه اختصاص،و إنّ بينهما فرقا.

انتهى كلام السبكي.

ص: 73

النوع السادس و الخمسون

اشارة

في الايجاز و الاطناب (1)

اعلم أنهما من أعظم أنواع البلاغة،حتى نقل صاحب«سرّ الفصاحة»عن بعضهم أنه قال:البلاغة:هي الإيجاز و الإطناب.

قال صاحب الكشّاف:كما أنّه يجب على البليغ في مظانّ الإجمال أن يجمل و يوجز،فكذلك الواجب عليه في موارد التفصيل أن يفصّل و يشبع،أنشد الجاحظ:

يرمون بالخطب الطّوال و تارة وحي الملاحظ خيفة الرّقباء

و اختلف:هل بين الإيجاز و الإطناب واسطة،و هي المساواة،أو لا،و هي داخلة في قسم الإيجاز؟ فالسكّاكي و جماعة على الأوّل،لكنهم جعلوا المساواة غير محمودة و لا مذمومة، لأنّهم فسّروها بالمتعارف من كلام أوساط الناس الذين ليسوا في رتبة البلاغة،و فسّروا الإيجاز بأداء المقصود بأقلّ من عبارة المتعارف،و الإطناب أداؤه بأكثر منها؛لكون المقام خليقا بالبسط.

و ابن الأثير و جماعة على الثاني،فقالوا:الإيجاز:التعبير عن المراد بلفظ غير زائد، و الإطناب بلفظ أزيد.

و قال القزويني (2):الأقرب أن يقال:إنّ المقبول من طرق التعبير عن المراد تأدية أصله:إمّا بلفظ مساو للأصل المراد،أو ناقص عنه واف،أو زائد عليه لفائدة.و الأوّل المساواة،و الثاني الإيجاز،و الثالث الإطناب.

و احترز ب(واف)عن الإخلال،و بقولنا:(لفائدة)عن الحشو و التطويل،فعنده ثبوت المساواة واسطة،و أنّها من قسم المقبول.

ص: 74


1- انظر التلخيص في علوم البلاغة ص 209-218.
2- التلخيص ص 210.

فإن قلت:عدم ذكرك المساواة في الترجمة لما ذا؟هل هو لرجحان نفيها أو عدم قبولها،أو لأمر غير ذلك؟ قلت:لهما،و لأمر ثالث،و هو:أنّ المساواة لا تكاد توجد،خصوصا في القرآن، و قد مثّل لها في«التلخيص» (1)بقوله تعالى: وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ [فاطر:43].و في«الإيضاح»بقوله: وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا [الأنعام:68].

و تعقّب:بأنّ في الآية الثانية حذف موصوف اَلَّذِينَ ،و في الأولى إطناب بلفظ اَلسَّيِّئِ لأنّ المكر لا يكون إلاّ سيئا،و إيجاز بالحذف إن كان الاستثناء غير مفرّغ،أي:

بأحد،و بالقصر في الاستثناء،و بكونها حاثّة على كفّ الأذى عن جميع الناس،محذّرة عن جميع ما يؤدّي إليه،و بأنّ تقديرها يضرّ بصاحبه مضرّة بليغة،فأخرج الكلام مخرج الاستعارة التبعيّة الواقعة على سبيل التمثيليّة،لأن(يحيق)بمعنى(يحيط)،فلا يستعمل إلاّ في الأجسام.

تنبيه

الإيجاز و الاختصار بمعنى واحد،

كما يؤخذ من«المفتاح»،و صرّح به الطيبيّ.

و قال بعضهم:الاختصار خاص بحذف الجمل فقط،بخلاف الإيجاز قال الشيخ بهاء الدين:و ليس بشيء.

و الإطناب:قيل:بمعنى الإسهاب،و الحقّ أنه أخصّ منه،فإنّ الإسهاب:التطويل لفائدة أو لا لفائدة،كما ذكره التنوخيّ و غيره.

فصل الإيجاز قسمان:إيجاز قصر،و إيجاز حذف.

فالأوّل:هو الوجيز بلفظه،

اشارة

قال الشيخ بهاء الدين:الكلام القليل إن كان بعضا من كلام أطول منه فهو إيجاز حذف،و إن كان كلاما يعطي معنى أطول منه فهو إيجاز قصر.

و قال بعضهم:إيجاز القصر هو تكثير المعنى بتقليل اللفظ.

و قال آخر:هو أن يكون اللفظ بالنسبة إلى المعنى أقلّ من القدر المعهود عادة.

و سبب حسنه:أنّه يدلّ على التمكّن في الفصاحة،و لهذا قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«أوتيت جوامع

ص: 75


1- التلخيص ص 213.

الكلم» (1).

و قال الطيبيّ في«التبيان»:الإيجاز الخالي من الحذف ثلاثة أقسام:

أحدها:إيجاز القصر:و هو أن يقصر اللفظ على معناه،كقوله: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ إلى قوله: وَ أْتُونِي مُسْلِمِينَ [النمل:31،30].جمع في أحرف العنوان و الكتاب و الحاجة.

و قيل في وصف بليغ:كانت ألفاظه قوالب معناه.

قلت:و هذا رأي من يدخل المساواة في الإيجاز.

الثاني:إيجاز التقدير:و هو أن يقدّر معنى زائدا على المنطوق،و يسمّى بالتضييق أيضا،و به سمّاه بدر الدّين بن مالك في«المصباح»،لأنّه نقص من الكلام ما صار لفظه أضيق من قدر معناه،نحو: فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ [البقرة:275] أي:خطاياه غفرت،فهي له لا عليه. هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2]أي:للضّالين الصائرين بعد الضلال إلى التقوى.

الثالث:الإيجاز الجامع:و هو أن يحتوي اللفظ على معان متعدّدة،نحو: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ [النحل:90]الآية؛فإنّ العدل:هو الصراط المستقيم،المتوسط بين طرفي الإفراط و التفريط،المومى به إلى جميع الواجبات في الاعتقاد و الأخلاق و العبودية.و الإحسان:هو الإخلاص في واجبات العبودية،لتفسيره في الحديث بقوله:

«أن تعبد اللّه كأنّك تراه» (2)أي:تعبده مخلصا في نيّتك،و واقفا في الخضوع،آخذا أهبة الحذر...إلى ما لا يحصى. وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى هو الزّيادة على الواجب من النوافل.هذا في الأوامر.و أمّا النواهي:فبالفحشاء:الإشارة إلى القوة الشهوانية، و بالمنكر:إلى الإفراط الحاصل من آثار الغضبية أو كل محرّم شرعا،و بالبغي:إلى الاستعلاء الفائض عن الوهمية.

قلت:و لهذا قال ابن مسعود:ما في القرآن آية أجمع للخير و الشرّ من هذه الآية؛ة.

ص: 76


1- رواه البخاري(2977-6998-7013-7273)،و مسلم(523)،و النسائي 3/6-4،و أحمد 2/ 264-268-314-455-501-502،و ابن حبان(6363)،و البيهقي في الدلائل 145/5-470- 471،و في السنن 48/7،و في شعب الإيمان 161/1،و البغوي(3618).
2- رواه مسلم(8)،و أبو داود(4695-4696-4697)،و الترمذي(2610)،و النسائي 97/8-101، و ابن ماجة(63)،و البخاري في خلق أفعال العباد ص 37-38،و الدار قطني 282/2-283،و ابن حبان(16)موارد.و انظر تفصيل طرقه و تخريجه في تخريجنا لسنن ابن ماجة.

أخرجه في المستدرك (1).

و روى البيهقيّ في«شعب الإيمان»عن الحسن:أنه قرأها يوما ثم وقف فقال:إنّ اللّه جمع لكم الخير كلّه و الشرّ كلّه في آية واحدة،فو اللّه ما ترك العدل و الإحسان من طاعة اللّه شيئا إلاّ جمعه،و لا ترك الفحشاء و المنكر و البغي من معصية اللّه شيئا إلاّ جمعه (2).

و روى-أيضا-عن أبي شهاب في معنى حديث الشيخين:«بعثت بجوامع الكلم» (3)قال:بلغني أن جوامع الكلم أنّ اللّه يجمع له الأمور الكثيرة-التي كانت تكتب في الكتب قبله-في الأمر الواحد و الأمرين،و نحو ذلك (4).

و من ذلك قوله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ [الأعراف:199]الآية،فإنّها جامعة لمكارم الأخلاق،لأنّ في أخذ العفو:التساهل و التسامح في الحقوق،و اللين و الرّفق في الدّعاء إلى الدّين.و في الأمر بالمعروف:كفّ الأذى و غضّ البصر،و ما شاكلهما من المحرّمات.

و في الإعراض:الصّبر و الحلم و التؤدة.

و من بديع الإيجاز قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) [الإخلاص:1].إلى آخرها،فإنّه نهاية التنزيه،و قد تضمّنت الردّ على نحو أربعين فرقة،كما أفرد ذلك بالتصنيف بهاء الدين بن شداد (5).

و قوله: أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَ مَرْعاها(31) [النازعات:31]دلّ بهاتين الكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا و متاعا للأنام؛من العشب و الشجر و الحبّ و الثمر و العصف و الحطب و اللباس و النار و الملح؛لأنّ النّار من العيدان و الملح من الماء.

و قوله: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَ لا يُنْزِفُونَ(19) [الواقعة:19]جمع فيه جميع عيوب الخمر من:الصّداع،و عدم العقل،و ذهاب المال،و نفاد الشراب.

و قوله: وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ [هود:44]الآية،أمر فيها و نهى،و أخبر و نادى،ي.

ص: 77


1- رواه الحاكم في المستدرك 356/2،و سنده صحيح.
2- رواه البيهقي في شعب الإيمان،حديث رقم(140)161/1-162،و سنده صحيح.انظر الدر المنثور 128/4.
3- قد سبق تخريجه قريبا.
4- سبق تخريج هذا الأثر،فهو مذكور عقيب الحديث السابق.
5- و لشيخ الإسلام رسالة في تفسيرها،و في معنى الحديث:«إنها تعدل ثلث القرآن»صدرت بتحقيقي، بعنوان:«جواب أهل العلم و الإيمان»عن دار الكتاب العربي.

و نعت و سمّى،و أهلك و أبقى،و أسعد و أشقى،و قصّ من الأنباء ما لو شرح ما اندرج في هذه الجملة-من بديع اللفظ و البلاغة و الإيجاز و البيان-لجفّت الأقلام.و قد أفردت بلاغة هذه الآية بالتأليف،و في«العجائب»للكرماني:أجمع المعاندون على أن طوق البشر قاصر عن الإتيان بمثل هذه الآية،بعد أن فتشوا جميع كلام العرب و العجم،فلم يجدوا مثلها في فخامة ألفاظها،و حسن نظمها،و جودة معانيها في تصوير الحال مع الإيجاز من غير إخلال.

و قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ [النمل:18]الآية،جمع في هذه اللفظة أحد عشر جنسا من الكلام:نادت،و كنّت،و نبّهت،و سمّت،و أمرت،و قصّت، و حذّرت،و خصّت،و عمّت،و أشارت،و عذرت.فالنداء:(يا)،و الكناية:(أيّ)، و التنبيه:(ها)،و التسمية: اَلنَّمْلِ ،و الأمر: اُدْخُلُوا ،و القصص: مَساكِنَكُمْ ، و التحذير: لا يَحْطِمَنَّكُمْ ،و التخصيص:،و التعميم: جُنُودُهُ ،و الإشارة:

وَ هُمْ ،و العذر: لا يَشْعُرُونَ .فأدّت خمسة حقوق:حقّ اللّه،و حقّ رسوله،و حقّها، و حقّ رعيّتها؛و حقّ جنود سليمان.

و قوله: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]الآية،جمع فيها أصول الكلام:النداء،و العموم،و الخصوص،و الأمر،و الإباحة،و النهي،و الخبر.

و قال بعضهم:جمع اللّه الحكمة في شطر آية: وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا [الأعراف:31].

و قوله تعالى: وَ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ [القصص:7]الآية،قال ابن العربيّ (1):هي من أعظم آي في القرآن فصاحة،إذ فيها أمران و نهيان و خبران و بشارتان.

و قوله: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [الحجر:94]قال ابن أبي الإصبع:المعنى:صرّح بجميع ما أوحي إليك،و بلغ كلّ ما أمرت ببيانه،و إن شقّ بعض ذلك على بعض القلوب فانصدعت.و المشابهة بينهما فيما يؤثره التصريح في القلوب،فيظهر أثر ذلك على ظاهر الوجوه من التقبّض و الانبساط،و يلوح عليها من علامات الإنكار و الاستبشار،كما يظهر على ظاهر الزجاجة المصدوعة،فانظر إلى جليل هذه الاستعارة،و عظم إيجازها،و ما انطوت عليه من المعاني الكثيرة.و قد حكي أنّ بعض الأعراب لمّا سمع هذه الآية سجدي.

ص: 78


1- انظر أحكام القرآن،و تفسير القرطبي 225/13 و نقله عن جارية تكلمت مع الأصمعي.

و قال:سجدت لفصاحة هذا الكلام.

و قوله تعالى: وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَ تَلَذُّ الْأَعْيُنُ [الزخرف:71]قال بعضهم:جمع بهاتين اللفظتين ما لو اجتمع الخلق كلهم على وصف ما فيها على التفصيل لم يخرجوا عنه.

و قوله تعالى: وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ [البقرة:179]فإنّ معناه كثير و لفظه قليل، لأنّ معناه:أنّ الإنسان إذا علم أنه متى قتل قتل كان ذلك داعيا إلى ألاّ يقدم على القتل، فارتفع بالقتل-الذي هو القصاص-كثير من قتل الناس بعضهم لبعض،و كان ارتفاع القتل حياة لهم.و قد فضّلت هذه الجملة على أوجز ما كان عند العرب في هذا المعنى،و هو قولهم:(القتل أنفى للقتل)بعشرين وجها أو أكثر،و قد أشار ابن الأثير إلى إنكار هذا التفضيل و قال:لا تشبيه بين كلام الخالق و كلام المخلوق،و إنما العلماء يقدحون أذهانهم فيما يظهر لهم من ذلك.

الأول:أنّ ما يناظره من كلامهم،و هو قوله:(القصاص حياة)،أقلّ حروفا،فإنّ حروفه عشرة،و حروف:(القتل أنفى للقتل)أربعة عشر.

الثاني:أنّ نفي القتل لا يستلزم الحياة،و الآية ناصّة على ثبوتها التي هي الغرض المطلوب منه.

الثالث:أنّ تنكير(حياة)يفيد تعظيما،فيدلّ على أنّ في القصاص حياة متطاولة، كقوله تعالى: وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النّاسِ عَلى حَياةٍ [البقرة:96]و لا كذلك المثل،فإنّ اللام فيه للجنس؛و لذا فسّروا الحياة فيها بالبقاء.

الرابع:أن الآية فيه مطّردة،بخلاف المثل؛فإنه ليس كلّ قتل أنفى للقتل،بل قد يكون أدعى له،و هو القتل ظلما،و إنما ينفيه قتل خاصّ و هو القصاص،ففيه حياة أبدا.

الخامس:أنّ الآية خالية من تكرار لفظ:(القتل)الواقع في المثل،و الخالي من التكرار أفضل من المشتمل عليه،و إن لم يكن مخلا بالفصاحة.

السادس:أنّ الآية مستغنية عن تقدير محذوف،بخلاف قولهم؛فإنّ فيه حذف(من) التي بعد أفعل التفضيل و ما بعدها.و حذف(قصاصا)مع القتل الأوّل،(و ظلما)مع القتل الثاني،و التقدير:القتل قصاصا أنفى للقتل ظلما من تركه.

السابع:أنّ في الآية طباقا،لأنّ القصاص مشعر بضد الحياة،بخلاف المثل.

ص: 79

الثامن:أنّ الآية اشتملت على فنّ بديع،و هو جعل أحد الضّدّين الذي هو الفناء و الموت محلا و مكانا لضدّه،الذي هو الحياة،و استقرار الحياة في الموت مبالغة عظيمة، ذكره في الكشّاف (1)،و عبر عنه صاحب الإيضاح:بأنّه جعل القصاص كالمنبع للحياة و المعدن لها بإدخال(في)عليه.

التاسع:أنّ في المثل توالي أسباب كثيرة خفيفة،و هو السكون بعد الحركة،و ذلك مستكره،فإنّ اللفظ المنطوق به إذا توالت حركاته تمكّن اللسان من النطق به،و ظهرت فصاحته.بخلاف ما إذا تعقب كلّ حركة سكون،فالحركات تنقطع بالسكنات.نظيره:إذا تحرّكت الدابة أدنى حركة فحبست،ثم تحركت فحبست لا تطيق إطلاقها،و لا تتمكّن من حركتها على ما تختاره،فهي كالمقيّدة.

العاشر:أنّ المثل كالمتناقض من حيث الظاهر؛لأنّ الشيء لا ينفي نفسه.

الحادي عشر:سلامة الآية من تكرير قلقلة القاف،الموجب للضغط و الشدة،و بعدها عن غنة النون.

الثاني عشر:اشتمالها على حروف متلائمة،لما فيها من الخروج من القاف إلى الصّاد؛إذ القاف من حروف الاستعلاء،و الصاد من حروف الاستعلاء و الإطباق،بخلاف الخروج من القاف إلى التاء هي حرف منخفض؛فهو غير ملائم للقاف،و كذا الخروج من الصّاد إلى الحاء،أحسن من الخروج من اللام إلى الهمزة،لبعد ما دون طرف اللسان و أقصى الحلق.

الثالث عشر:في النطق بالصّاد و الحاء و التاء حسن الصّوت،و لا كذلك تكرير القاف و التاء.

الرابع عشر:سلامتها من لفظ القتل المشعر بالوحشة،بخلاف لفظ(الحياة)؛فإنّ الطباع أقبل له من لفظ القتل.

الخامس عشر:أنّ لفظ القصاص مشعر بالمساواة،فهو منبئ عن العدل،بخلاف مطلق القتل.

السادس عشر:الآية مبنية على الإثبات،و المثل على النفي،و الإثبات أشرف لأنّه أوّل،و النفي ثان عنه.1.

ص: 80


1- الكشاف 333/1.

السابع عشر:أنّ المثل لا يكاد يفهم إلاّ بعد فهم أنّ القصاص هو الحياة،و قوله:

فِي الْقِصاصِ حَياةٌ مفهوم من أوّل وهلة.

الثامن عشر:أنّ في المثل بناء(أفعل)التفضيل من فعل متعدّ،و الآية سالمة منه.

التاسع عشر:أنّ(أفعل)في الغالب يقتضي الاشتراك،فيكون ترك القصاص نافيا للقتل،و لكن القصاص أكثر نفيا،و ليس الأمر كذلك.و الآية سالمة من ذلك.

العشرون:أنّ الآية رادعة عن القتل و الجرح معا؛لشمول القصاص لهما،و الحياة -أيضا-في قصاص الأعضاء؛لأنّ قطع العضو ينقص مصلحة الحياة،و قد يسري إلى النفس فيزيلها،و لا كذلك المثل.

في أوّل الآية وَ لَكُمْ و فيها لطيفة،و هي بيان العناية بالمؤمنين على الخصوص، و أنهم المراد حياتهم لا غيرهم،لتخصيصهم بالمعنى مع وجوده فيمن سواهم (1).

تنبيهات

الأول:ذكر قدامة من أنواع البديع الإشارة،و فسّرها:بالإتيان بكلام قليل ذي معان جمّة،و هذا هو إيجاز القصر بعينه؛لكن فرّق بينهما ابن أبي الإصبع:بأنّ الإيجاز دلالته مطابقة،و دلالة الإشارة إما تضمّن أو التزام،فعلم منه أنّ المراد بها ما تقدّم في مبحث المنطوق.

الثاني:ذكر القاضي أبو بكر في«إعجاز القرآن»:أنّ من الإيجاز نوعا يسمى:

التضمين؛و هو حصول معنى في لفظ من غير ذكر له باسم هي عبارة عنه.قال:و هو نوعان:

أحدهما:ما يفهم من البنية،كقوله:معلوم،فإنّه يوجب أنه لا بدّ من عالم.

و الثاني:من معنى العبارة كبسم اللّه الرحمن الرحيم،فإنّه تضمّن تعليم الاستفتاح في الأمور باسمه،على جهة التعظيم للّه تعالى و التبرّك باسمه.

الثالث:ذكر ابن الأثير و صاحب عروس الأفراح و غيرهما:أنّ من أنواع إيجاز القصر:

باب الحصر،سواء كان بإلاّ أو بإنما أو غيرهما من أدواته،لأنّ الجملة فيها نابت مناب جملتين.

ص: 81


1- انظر الكشاف 333/1،و تفسير البغوي 146/1،و تفسير أبي السعود 196/1.

و باب العطف،لأنّ حرفه وضع للإغناء عن إعادة العامل.

و باب النائب عن الفاعل،لأنه دل على الفاعل بإعطائه حكمه،و على المفعول بوضعه.

و باب الضمير،لأنه وضع للاستغناء به عن الظاهر اختصارا،و كذا لا يعدل إلى المنفصل مع إمكان المتصل.

و باب:علمت أنك قائم،لأنه متحمل لاسم واحد سدّ مسدّ المفعولين من غير حذف.

و منها:باب التنازع؛إذا لم نقدّر على رأي الفراء.

و منها:جمع أدوات الاستفهام و الشرط؛فإنّ(كم مالك)يغني عن قولك:(أ هو عشرون أم ثلاثون؟)و هكذا إلى ما لا يتناهى.

و منها:الألفاظ اللازمة للعموم كأحد.

و منها:لفظ التثنية و الجمع،فإنّه يغني عن تكرير المفرد،و أقيم الحرف فيهما مقامه اختصارا.

و ممّا يصلح أن يعدّ من أنواعه:المسمّى بالاتساع من أنواع البديع؛و هو:أن يؤتى بكلام يتسع فيه التأويل بحسب ما تحتمله ألفاظه من المعاني،كفواتح السّور،ذكره ابن أبي الإصبع.

القسم الثاني من قسمي الإيجاز:إيجاز الحذف،

و فيه فوائد.

ذكر أسبابه:

منها:مجرّد الاختصار و الاحتراز عن العبث لظهوره.

و منها:التنبيه على أنّ الزمان يتقاصر عن الإتيان بالمحذوف،و أنّ الاشتغال بذكره يفضي إلى تفويت المهمّ:و هذه هي فائدة باب التحذير و الإغراء،و قد اجتمعا في قوله تعالى: ناقَةَ اللّهِ وَ سُقْياها [الشمس:13]ف ناقَةَ اللّهِ تحذير بتقدير:(ذروا) و وَ سُقْياها إغراء بتقدير:(الزموا).

و منها:التفخيم و الإعظام لما فيه من الإبهام:قال حازم في«منهاج البلغاء»:إنما يحسن الحذف لقوّة الدلالة عليه،أو يقصد به تعديد أشياء،فيكون في تعدادها طول و سآمة،فيحذف و يكتفى بدلالة الحال،و تترك النفس تجول في الأشياء المكتفى بالحال عن

ص: 82

ذكرها.قال:و لهذا القصد يؤثر في المواضع التي يراد بها التعجّب و التهويل على النفوس، و منه قوله في وصف أهل الجنة: حَتّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها [الزمر:73].فحذف الجواب،إذ كان وصف ما يجدونه و يلقونه عند ذلك لا يتناهى،فجعل الحذف دليلا على ضيق الكلام عن وصف ما يشاهدونه،و تركت النفوس تقدر ما شاءته،و لا تبلغ مع ذلك كنه ما هنالك.

و كذا قوله: وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النّارِ [الأنعام:27]أي:لرأيت أمرا فظيعا،لا تكاد تحيط به العبارة (1).

و منها:التخفيف لكثرة دورانه في الكلام:كما في حذف حرف النداء،نحو:

يُوسُفُ أَعْرِضْ [يوسف:39]،و نون لَمْ يَكُ [الأنفال:53]،و الجمع السالم،و منه قراءة وَ الْمُقِيمِي الصَّلاةِ [الحج:35]،و ياء وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ(4) [الفجر:4]،و سأل المؤرّج السدوسيّ الأخفش عن هذه الآية،فقال:عادة العرب أنها إذا عدلت بالشيء عن معناه، نقصت حروفه،و الليل لما كان لا يسري،و إنما يسرى فيه نقص منه حرف،كما قال تعالى: وَ ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا [مريم:28]:الأصل(بغية)فلما حوّل عن فاعل نقص منه حرف.

و منها:كونه لا يصلح إلاّ له:نحو: عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ [الأنعام:73]، فَعّالٌ لِما يُرِيدُ [هود:107].

و منها:شهرته:حتى يكون ذكره و عدمه سواء،قال الزّمخشريّ:و هو نوع من دلالة الحال،التي لسانها أنطق من لسان المقال،و حمل عليه قراءة حمزة: تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ [النساء:1]؛لأنّ هذا مكان شهر بتكرر الجارّ؛فقامت الشهرة مقام الذكر.

و منها:صيانته عن ذكره تشريفا:كقوله تعالى: قالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُّ الْعالَمِينَ(23) قالَ رَبُّ السَّماواتِ .الآيات،حذف فيها المبتدأ في ثلاثة مواضع:قبل ذكر الرّب؛أي:(هو ربّ)،(اللّه ربّكم)،(اللّه ربّ المشرق)،لأنّ موسى استعظم حال فرعون و إقدامه على السؤال،فأضمر اسم اللّه تعظيما و تفخيما.و مثّله في عروس الأفراح بقوله تعالى:.

ص: 83


1- قال الحافظ ابن قيم الجوزية في«التبيان في أقسام القرآن»ص 24،بتحقيقنا:«و مثل هذا-أي حذف جواب(لو)-حذفه من أحسن الكلام،لأن المراد أنك لو رأيت ذلك لرأيت هولا عظيما،فليس في ذكر الجواب زيادة على ما دلّ عليه الشرط،و هذه عادة الناس في كلامهم إذا رأوا أمورا عجيبة و أرادوا أن يخبروا بها الغائب عنها يقول أحدهم:لو رأيت ما جرى يوم كذا بموضع كذا...»ا ه.

رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [الأعراف:143]أي:ذاتك.

و منها:صيانة اللسان عنه تحقيرا له: صُمٌّ بُكْمٌ [البقرة:18]أي:هم أو المنافقون.

و منها:قصد العموم:نحو: وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]أي:على العبادة و على أمورنا كلها. وَ اللّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ [يونس:25]أي:كلّ واحد.

و منها:رعاية الفاصلة:نحو: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى(3) [الضحى:3]أي:و ما قلاك.

و منها:قصد البيان بعد الإبهام:كما في فعل المشيئة،نحو: وَ لَوْ شاءَ لَهَداكُمْ [النحل:9]أي:و لو شاء هدايتكم؛فإنّه إذا سمع السّامع وَ لَوْ شاءَ تعلّقت نفسه بمشاء انبهم عليه،لا يدري ما هو،فلمّا ذكر الجواب استبان بعد ذلك.و أكثر ما يقع ذلك بعد أداة شرط؛لأن مفعول المشيئة مذكور في جوابها.

و قد يكون مع غيرها استدلالا بغير الجواب،نحو: وَ لا يُحِيطُونَ بِشَيْ ءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِما شاءَ [البقرة:255].

و قد ذكر أهل البيان:أنّ مفعول المشيئة و الإرادة لا يذكر إلاّ إذا كان غريبا أو عظيما،نحو: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ(28) [التكوير:28]، لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً [الأنبياء:17]و إنّما اطرد أو كثر حذف مفعول المشيئة دون سائر الأفعال؛لأنه يلزم من وجود المشيئة وجود المشاء،فالمشيئة المستلزمة لمضمون الجواب لا يمكن أن تكون إلاّ مشيئة الجواب،و لذلك كانت الإرادة مثلها في اطّراد مفعولها،ذكره الزّملكاني و التنوخي في«الأقصى القريب»قالوا:و إذا حذف بعد(لو)فهو المذكور في جوابها أبدا،و أورد في «عروس الأفراح»: قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً [فصلت:14]فإنّ المعنى:لو شاء ربّنا إرسال الرسل لأنزل ملائكة؛لأنّ المعنى معين على ذلك.

فائدة:قال الشيخ عبد القاهر:ما من اسم حذف في الحالة التي ينبغي أن يحذف فيها إلاّ و حذفه أحسن من ذكره،و سمّى ابن جنّي الحذف شجاعة العربية؛لأنّه يشجع على الكلام.

قاعدة في حذف المفعول اختصارا و اقتصارا:

اشارة

قال ابن هشام:جرت عادة النحويين أن يقولوا بحذف المفعول اختصارا و اقتصارا، و يريدون بالاختصار الحذف لدليل،و يريدون بالاقتصار الحذف لغير دليل،و يمثّلونه بنحو:

ص: 84

كُلُوا وَ اشْرَبُوا [الطور:19]أي:أوقعوا هذين الفعلين،و التحقيق أن يقال-يعني-كما قال أهل البيان:

تارة يتعلق الغرض بالإعلام بمجرّد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه،و من أوقع عليه،فيجاء بمصدره مسندا إلى فعل كون عام،فيقال:حصل حريق أو نهب.

و تارة يتعلق بالإعلام بمجرّد إيقاع الفعل للفاعل،فيقتصر عليهما،و لا يذكر المفعول و لا ينوى،إذ المنويّ كالثابت،و لا يسمّى محذوفا؛لأنّ الفعل ينزّل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول له.

و منه: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ [البقرة:258]، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ [الزمر:9]، وَ كُلُوا وَ اشْرَبُوا وَ لا تُسْرِفُوا [الأعراف:31]، وَ إِذا رَأَيْتَ ثَمَّ [الإنسان:20]؛إذ المعنى:ربّي الذي يفعل الإحياء و الإماتة.و هل يستوي من يتّصف بالعلم و من ينتفي عنه العلم؟و أوقعوا الأكل و الشرب،و ذروا الإسراف،و إذا حصلت منك رؤية.

و منه: وَ لَمّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ [القصص:23]الآية،أ لا ترى أنه عليه الصلاة و السلام رحمهما إذ كانتا على صفة الذّياد و قومهما على السقي،لا لكون مذودهما غنما و سقيهم إبلا،و كذلك المقصود من: لا نَسْقِي السقي لا المسقيّ.و من لم يتأمّل قدّر(يسقون إبلهم)و(تذودان غنمهما)،و(لا نسقي غنما).

و تارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله،و تعليقه بمفعوله فيذكران،نحو: لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا [آل عمران:130]، وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى [الإسراء:32]و هذا النّوع الذي إذا لم يذكر محذوفه قيل:محذوف.

و قد يكون في اللّفظ ما يستدعيه،فيحصل الجزم بوجوب تقديره،نحو: أَ هذَا الَّذِي بَعَثَ اللّهُ رَسُولاً [الفرقان:41]، وَ كُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى [النساء:95].

و قد يشتبه الحال في الحذف و عدمه،نحو: قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ [الإسراء:110].قد يتوهّم أنّ معناه(نادوا)فلا حذف،أو(سموا)فالحذف واقع.

ذكر شروطه،هي ثمانية:

أحدها:وجود دليل:إما حالي،نحو: قالُوا سَلاماً [هود:69]أي:سلّمنا سلاما.

أو مقاليّ،نحو: وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً [النحل:30]أي:أنزل خيرا.

ص: 85

قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ [الذاريات:25]أي:سلام عليكم،أنتم قوم منكرون.

و من الأدلّة:العقل:حيث يستحيل صحة الكلام عقلا إلاّ بتقدير محذوف.

ثم تارة يدلّ على أصل الحذف من غير دلالة على تعيينه،بل يستفاد التعيين من دليل آخر،نحو: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]؛فإنّ العقل يدلّ على أنها ليست المحرّمة، لأنّ التحريم لا يضاف إلى الأجرام،و إنما هو و الحلّ يضافان إلى الأفعال،فعلم بالعقل حذف شيء.و أما تعينه-و هو التناول-فمستفاد من الشرع،و قوله صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّما حرم أكلها» (1)لأنّ العقل لا يدرك محل الحلّ،و لا الحرمة.و أما قول صاحب التلخيص (2).إنّه من باب دلالة العقل أيضا،فتابع فيه السكاكيّ،من غير تأمل أنّه مبني على أصول المعتزلة.

و تارة يدل العقل-أيضا-على التعيين،نحو: وَ جاءَ رَبُّكَ [الفجر:22]أي:أمره، بمعنى عذابه؛لأنّ العقل دلّ على استحالة مجيء البارئ،لأنه من سمات الحادث،و على أن الجائي أمره (3).

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1]، وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ [النحل:91]أي:بمقتضى العقود و بمقتضى عهد اللّه؛لأنّ العقد و العهد قولان قد دخلا في الوجود،و انقضيا فلا يتصور فيهما وفاء و لا نقض،و إنما الوفاء و النقض بمقتضاهما و ما ترتب عليهما من أحكامهما.

و تارة يدلّ على التعيين العادة،نحو: فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ [يوسف:32]دلّ العقل على الحذف،لأنّ يوسف لا يصح ظرفا للوم.ثم يحتمل أن يقدّر:(لمتنّني في حبّه)لقوله: قَدْ شَغَفَها حُبًّا [يوسف:30]،و في مراودتها لقوله: تُراوِدُ فَتاها [يوسف:30]،و العادة دلّت على الثاني،لأنّ الحبّ المفرط لا يلام صاحبه عليه عادة،ي.

ص: 86


1- رواه البخاري(1292-2221-5531-5532-6686)،و مسلم(364)،و النسائي 172/7-173، و أبو داود(4120-4121)،و مالك 498/2،و أحمد 327/6-328-365-429،و عبد الرزاق (184)،و الطحاوي 470/1،و ابن حبان(1280-1281-1283-1284-1285)،و الطبراني (11765)،و الدار قطني 41/1-42،و البيهقي في سننه 15/1-17-20،من طرق عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما.
2- انظر التلخيص في علوم البلاغة ص 53.
3- إن في قوله تعالى: وَ جاءَ رَبُّكَ إثبات لصفة المجيء،للّه تعالى،فلا يجوز تأويل ذلك بأن المجيء لأمر اللّه،أو عذابه...انظر الرد على هذه التأويلات الضالة في مختصر الصواعق المرسلة،و الصفات للحافظ عبد الغني ص 80-83،بتحقيقي.

لأنه ليس اختياريا،بخلاف المراودة،للقدرة على دفعها.

و تارة يدلّ عليه التصريح به في موضع آخر،و هو أقواها،نحو: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّهُ [البقرة:210].أي:أمره،بدليل: أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ [النحل:33] وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ [آل عمران:133]أي:كعرض،بدليل التصريح به في آية الحديد.

رَسُولٌ مِنَ اللّهِ [البينة:2]أي:من عند اللّه،بدليل: وَ لَمّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ [البقرة:101] (1).

و من الأدلّة على أصل الحذف العادة،بأن يكون العقل غير مانع من إجراء اللفظ على ظاهره من غير حذف،نحو: لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاَتَّبَعْناكُمْ [آل عمران:167]أي:مكان قتال،و المراد مكانا صالحا للقتال،و إنّما كان كذلك لأنّهم كانوا أخبر الناس بالقتال، و يتعيّرون بأن يتفوّهوا بأنهم لا يعرفونه،فالعادة تمنع أن يريدوا:(لو نعلم حقيقة القتال) فلذلك قدّره مجاهد(مكان قتال) (2).و يدل عليه:أنّهم أشاروا على النّبي صلّى اللّه عليه و سلّم ألاّ يخرج من المدينة (3).

و منها الشروع في الفعل،نحو:(بسم اللّه)فيقدر ما جعلت التسمية مبدأ له؛فإن كانت عند الشروع في القراءة قدّرت(أقرأ)،أو الأكل قدّرت(آكل).و على هذا أهل البيان قاطبة،خلافا لقول النّحاة أنه يقدّر(ابتدأت)أو(ابتدائي)كائن(بسم اللّه).و يدل على صحّة الأوّل:التصريح به في قوله: وَ قالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللّهِ مَجْراها وَ مُرْساها [هود:41]و في حديث:«باسمك ربّي وضعت جنبي» (4).

و منها:الصناعة النحويّة،كقولهم في: لا أُقْسِمُ [القيامة:1]التقدير(لأنا أقسم)؛ لأنّ فعل الحال لا يقسم عليه.و في: تَاللّهِ تَفْتَؤُا [يوسف:85]التقدير:(لا تفتأ)لأنه لو كان الجواب مثبتا دخلت اللاّم و النّون،كقوله: وَ تَاللّهِ لَأَكِيدَنَّ [الأنبياء:57].

و قد توجب الصناعة التقدير،و إن كان المعنى غير متوقّف عليه،كقولهم في:).

ص: 87


1- انظر التعليق السابق للأهمية.
2- انظر تفسير الطبري 511/3،روي عن مجاهد قوله:لو نعلم أنا وجدنا معكم قتالا،لو نعلم مكان قتال لاتبعناكم.
3- انظر تفسير الطبري 510/3-511.
4- رواه البخاري(6320-7393)،و مسلم(2714)،و أبو داود(5050)،و الترمذي(3401)،و النسائي في عمل اليوم و الليلة(791-794)،و البخاري في الأدب المفرد(1217)،و أحمد 283/2-295- 422-432،و عبد الرزاق(19830)،و ابن حبان في صحيحه(5534-5535).

لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ [محمد:19]:إنّ الخبر محذوف،أي:موجود.

و قد أنكره الإمام فخر الدين و قال:هذا الكلام لا يحتاج إلى تقدير،و تقدير النحاة فاسد؛لأنّ نفي الحقيقة مطلقة أعمّ من نفيها مقيّدة،فإنّها إذا انتفت مطلقة كان ذلك دليلا على سلب الماهية مع القيد،و إذا انتفت مقيدة بقيد مخصوص لم يلزم نفيها مع قيد آخر.

و ردّ:بأن تقديرهم:(موجود)يستلزم نفي كل إله غير اللّه قطعا،فإن العدم لا كلام فيه؛فهو في الحقيقة نفي للحقيقة مطلقة لا مقيّدة.ثم لا بد من تقدير خبر،لاستحالة مبتدأ بلا خبر ظاهر أو مقدّر،و إنّما يقدّر النحويّ ليعطي القواعد حقّها،و إن كان المعنى مفهوما.

تنبيه

قال ابن هشام:إنّما يشترط الدليل فيما إذا كان المحذوف الجملة بأسرها أو أحد ركنيها،أو يفيد معنى فيها هي مبنيّة عليه،نحو: تَاللّهِ تَفْتَؤُا [يوسف:85]أمّا الفضلة فلا يشترط لحذفها وجدان دليل،بل يشترط ألاّ يكون في حذفها ضرر معنويّ أو صناعيّ.

قال:و يشترط في الدليل اللفظيّ أن يكون طبق المحذوف،و ردّ قول الفراء في:

أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ [القيامة:4،3]:إنّ التقدير:(بل ليحسبنا قادرين)؛لأنّ الحسبان المذكور بمعنى الظن و المقدّر بمعنى العلم،لأن التردّد في الإعادة كفر،فلا يكون مأمورا به.

قال و الصّواب فيها قول سيبويه:إنّ قادِرِينَ حال،أي:بل نجمعها قادرين،لأنّ فعل الجمع أقرب من فعل الحسبان،و لأنّ(بلى)لإيجاب المنفيّ،و هو فيها فعل الجمع.

الشرط الثاني:ألاّ يكون المحذوف كالجزء:و من ثمّ لم يحذف الفاعل و لا نائبه و لا اسم كان و أخواتها.قال ابن هشام (1).و أما قول ابن عطية (2)في: بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ [الجمعة:5]إنّ التقدير:(بئس المثل مثل القوم)فإن أراد تفسير الإعراب،و أن الفاعل لفظ (المثل)محذوفا فمردود،و إن أراد تفسير المعنى،و أنّ في بِئْسَ ضمير المثل مستترا فسهل.

الشرط الثالث:ألاّ يكون مؤكّدا:لأنّ الحذف مناف للتأكيد،إذ الحذف مبنيّ على

ص: 88


1- انظر مغني اللبيب 609/1.
2- انظر تفسيره المحرر الوجيز 307/5-308.

الاختصار،و التأكيد مبني على الطّول.و من ثمّ ردّ الفارسيّ على الزّجّاج في قوله في:

إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [طه:63]إنّ التقدير:إن هذان لهما ساحران فقال:الحذف و التوكيد باللاّم متنافيان،و أمّا حذف الشيء لدليل و توكيده فلا تنافي بينهما،لأنّ المحذوف لدليل كالثابت.

الرابع:ألاّ يؤدّي حذفه إلى اختصار المختصر،و من ثمّ لم يحذف اسم الفعل لأنه اختصار للفعل.

الخامس:ألاّ يكون عاملا ضعيفا،فلا يحذف الجار،و الناصب للفعل،و الجازم إلاّ في مواضع قويت فيها الدلالة،و كثر فيها استعمال تلك العوامل.

السادس:ألاّ يكون المحذوف عوضا عن شيء،و من ثمّ قال ابن مالك:إنّ حرف النداء ليس عوضا من(أدعو)لإجازة العرب حذفه.و لذا أيضا لم تحذف التاء من إقامة و استقامة.و أمّا: وَ إِقامَ الصَّلاةِ [الأنبياء:73]فلا يقاس عليه،و لا خبر كان:لأنه عوض أو كالعوض من مصدرها.

السابع:ألاّ يؤدّي حذفه إلى تهيئة العامل القويّ،و من ثمّ لم يقس على قراءة:

وَ كُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى (1) [الحديد:10].

فائدة:اعتبر الأخفش في الحذف التدريج حيث أمكن،و لهذا قال في قوله تعالى:

وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً [البقرة:48]:إنّ الأصل(لا تجزي فيه)،فحذف حرف الجرّ،فصار(تجزيه)ثم حذف الضمير،فصار تَجْزِي .و هذه ملاطفة في الصناعة.و مذهب سيبويه أنهما حذفا معا،قال ابن جني:و قول الأخفش أوفق في النّفس، و آنس من أن يحذف الحرفان معا في وقت واحد.

قاعدة

الأصل أن يقدّر الشيء في مكانه الأصليّ:

لئلاّ يخالف الأصل من وجهين:الحذف، و وضع الشيء في غير محله.فيقدّر المفسّر في نحو(زيدا رأيته)مقدّما عليه.و جوّز البيانيون تقديره مؤخرا عنه لإفادة الاختصاص،كما قاله النحاة،و إذا منع منه مانع،نحو:

وَ أَمّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ [فصلت:17].إذ لا يلي(أمّا)فعل.

ص: 89


1- قرأ ابن عامر:«و كل»بالرفع،و قرأ الباقون بالنصب،انظر حجّة كلّ قراءة في الكشف لمكي 307/2- 308،و انظر النشر 384/2.

قاعدة

ينبغي تقليل المقدّر مهما أمكن،

لتقلّ مخالفة الأصل،و من ثمّ ضعّف قول الفارسيّ في: وَ اللاّئِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4]:إنّ التقدير:(فعدّتهنّ ثلاثة أشهر).و الأولى أن يقدّر (كذلك).

قال الشيخ عز الدّين:و لا يقدر من المحذوفات إلاّ أشدّها موافقة للغرض و أفصحها؛ لأنّ العرب لا يقدّرون إلاّ ما لو لفظوا به لكان أحسن و أنسب لذلك الكلام،كما يفعلون ذلك في الملفوظ به،نحو: جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنّاسِ [المائدة:97] قدّر أبو عليّ:(جعل اللّه نصب الكعبة).و قدّر غيره:(حرمة الكعبة)و هو أولى،لأنّ تقدير الحرمة في الهدي و القلائد و الشهر الحرام لا شكّ في فصاحته،و تقدير النّصب فيها بعيد من الفصاحة.

قال:و مهما تردّد المحذوف بين الحسن و الأحسن،وجب تقدير الأحسن،لأنّ اللّه وصف كتابه بأنه أحسن الحديث؛فليكن محذوفه أحسن المحذوفات،كما أنّ ملفوظه أحسن الملفوظات.

و متى تردّد بين أن يكون مجملا أو مبيّنا فتقدير المبيّن أحسن،نحو: وَ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ [الأنبياء:78]لك أن تقدّر:(في أمر الحرث).و:(في تضمين الحرث)و هو أولى لتعيّنه،و الأمر مجمل لتردّده بين أنواع.

قاعدة:إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلا و الباقي فاعلا،و كونه مبتدأ و الباقي خبرا،فالثاني أولى؛لأنّ المبتدأ عين الخبر،و حينئذ فالمحذوف عين الثابت،فيكون حذفا كلا حذف.فأمّا الفعل فإنّه غير الفاعل؛اللهم إلاّ أن يعتضد الأول برواية أخرى في ذلك الموضع،أو بموضع آخر يشبهه.

فالأول:كقراءة: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها [النور:36]بفتح الباء (1). كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللّهُ [الشورى:3]بفتح الحاء (2)،فإنّ التقدير:(يسبّحه رجال)و(يوحيه اللّه)، و لا يقدّران مبتدأين حذف خبرهما،لثبوت فاعلية الاسمين في رواية من بنى الفعل للفاعل.

و الثاني:نحو: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللّهُ [الزخرف:87]فتقدير:(خلقهم

ص: 90


1- قرأ أبو بكر و ابن عامر بفتح الباء،على ما لم يسمّ فاعله،و قرأ الباقون بكسر الباء.انظر الكشف لمكي 139/2.
2- قرأ ابن كثير بفتح الحاء،و قرأ الباقون بكسر الحاء.انظر الكشف 250/2.

اللّه)أولى من:(اللّه خلقهم)لمجيء: خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ [الزخرف:9].

قاعدة

إذا دار الأمر بين كون المحذوف أولا أو ثانيا،فكونه ثانيا أولى،

و من ثمّ رجح أنّ المحذوف في نحو: أَ تُحاجُّونِّي [الأنعام:80].نون الوقاية لا نون الرفع.و في: ناراً تَلَظّى [الليل:14]التّاء الثانية لا تاء المضارعة.و في: وَ اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ [التوبة:62]:أنّ المحذوف خير الثاني لا الأوّل.و في نحو: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ [البقرة:197] أنّ المحذوف مضاف للثاني:أيّ:حجّ أشهر،لا الأوّل:أي:أشهر الحج.

و قد يجب كونه من الأول،نحو: إِنَّ اللّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ [الأحزاب:56]في قراءة من رفع وَ مَلائِكَتَهُ (1)لاختصاص الخبر بالثاني،لوروده بصيغة الجمع.

و قد يجب كونه من الثاني،نحو: أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ [التوبة:3] أي:بريء أيضا،لتقدّم الخبر على الثاني.

فصل : في أنواع الحذف

اشارة

الحذف على أنواع:

أحدها:ما يسمّى بالاقتطاع،و هو حذف بعض حروف الكلمة.و أنكر ابن الأثير ورود هذا النوع في القرآن،و ردّ:بأنّ بعضهم جعل منه فواتح السّور،على القول بأنّ كلّ حرف منها من اسم من أسمائه كما تقدّم.

و ادعى بعضهم أنّ الباء في: وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ [المائدة:6]أوّل كلمة بعض،ثم حذف الباقي.

و منه قراءة بعضهم: و نادوا يا مال [الزخرف:77]بالتّرخيم،و لمّا سمعها بعض

ص: 91


1- قرأ الجمهور:و ملائكته:نصبا.و قرأ ابن عباس و عبد الوارث،عن أبي عمرو،رفعا.انظر البحر المحيط 248/7.

السلف قال:ما أغنى أهل النار عن الترخيم!.و أجاب بعضهم:بأنّهم لشدّة ما هم فيه عجزوا عن إتمام الكلمة.

و يدخل في هذا النوع حذف همزة(أنا)في قوله: لكِنَّا هُوَ اللّهُ رَبِّي [الكهف:38] إذ الأصل(لكن أنا)حذفت همزة(أنا)تخفيفا،و أدغمت النون في النون.

و مثله ما قرئ: و يمسك السّماء أن تقع علّرض [الحج:65] بما أنزلّيك [البقرة:4]، فمن تعجّل في يومين فلثم عليه [البقرة:203]، إنها لحدى الكبر [المدثر:35].

النوع الثاني:ما يسمّى بالاكتفاء:و هو أن يقتضي المقام شيئين بينهما تلازم و ارتباط، فيكتفى بأحدهما عن الآخر لنكتة.

و يختصّ غالبا بالارتباط العطفي،كقوله: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [النحل:81] أي:و البرد،و خصّص الحرّ بالذكر لأنّ الخطاب للعرب،و بلادهم حارة و الوقاية عندهم من الحر أهم؛لأنه أشد عندهم من البرد.و قيل:لأن البرد تقدّم ذكر الامتنان بوقايته صريحا في قوله: وَ مِنْ أَصْوافِها وَ أَوْبارِها وَ أَشْعارِها [النحل:80]،و في قوله: وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً [النحل:81]و في قوله تعالى: وَ الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْ ءٌ [النحل:5].

و من أمثلة هذا النوع: بِيَدِكَ الْخَيْرُ [آل عمران:26]أي:و الشرّ،و إنّما خصّ الخير بالذكر؛لأنه مطلوب العباد و مرغوبهم،أو لأنه أكثر وجودا في العالم،أو لأنّ إضافة الشّرّ إلى اللّه ليس من باب الآداب،كما قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«و الشرّ ليس إليك» (1).

و منها: وَ لَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَ النَّهارِ [الأنعام:13]أي:و ما تحرّك،و خصّ السكون بالذكر؛لأنّه أغلب الحالين على المخلوق من الحيوان و الجماد،و لأنّ كل متحرّك يصير إلى السكون.

و منها: اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة:3]أي:و الشهادة،لأنّ الإيمان بكلّ منهما واجب،و آثر الغيب لأنّه أمدح،و لأنه يستلزم الإيمان بالشهادة،من غير عكس.4.

ص: 92


1- رواه مسلم(771)،و أبو داود(760-761)،و الترمذي(3422-3423)،و النسائي 129/2-130، و ابن الجارود(179)،و الدار قطني 296/1،و الطحاوي في شرح المعاني 199/1-239،و في مشكل الآثار 488/1،و ابن خزيمة(462-463-743)،و ابن حبان(1771-1772-1773-1774- 1775)،و البيهقي في السنن 32/2-74.

و منها: وَ رَبُّ الْمَشارِقِ [الصافات:5]أي:و المغارب.

و منها: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [البقرة:2]أي:و للكافرين.قاله ابن الأنباريّ،و يؤيده قوله: هُدىً لِلنّاسِ [البقرة:185].

و منها: إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:176]أي:و لا والد،بدليل أنّه أوجب للأخت النّصف،و إنما يكون ذلك مع فقد الأب،لأنه يسقطها.

النوع الثالث:ما يسمى بالاحتباك:و هو من ألطف الأنواع و أبدعها،و قلّ من تنبه له أو نبّه عليه من أهل فنّ البلاغة،و لم أره في شرح بديعية الأعمى لرفيقه الأندلسيّ.و ذكره الزركشي في«البرهان» (1)و لم يسمّه هذا الاسم،بل سمّاه الحذف المقابليّ.

و أفرده بالتصنيف من أهل العصر العلامة برهان الدين البقاعيّ،قال الأندلسيّ في «شرح البديعيّة»:من أنواع البديع:الاحتباك،و هو نوع عزيز،و هو أن يحذف من الأوّل ما أثبت نظيره في الثاني،و من الثاني ما أثبت نظيره في الأوّل،كقوله تعالى: وَ مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ [البقرة:171]الآية،التقدير:و مثل الأنبياء و الكفار كمثل الذي ينعق و الذي ينعق به،فحذف من الأول الأنبياء لدلالة اَلَّذِي يَنْعِقُ عليه،و من الثاني الذي ينعق به لدلالة اَلَّذِينَ كَفَرُوا عليه.

و قوله: وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ [النمل:12]التقدير:تدخل غير بيضاء، و أخرجها تخرج بيضاء،فحذف من الأول(غير بيضاء)و من الثاني(و أخرجها).

و قال الزركشيّ (2):هو أن يجتمع في الكلام متقابلان،فيحذف من كلّ واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه،كقوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَ أَنَا بَرِيءٌ مِمّا تُجْرِمُونَ(35) [هود:35]التقدير:إن افتريته فعليّ إجرامي و أنتم برآء منه، و عليكم إجرامكم و أنا بريء ممّا تجرمون.

و قوله: وَ يُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ [الأحزاب:24]التقدير:و يعذّب المنافقين إن شاء فلا يتوب عليهم،أو يتوب عليهم فلا يعذبهم.

و قوله: وَ لا تَقْرَبُوهُنَّ حَتّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ [البقرة:222]أي:حتى يطهرن3.

ص: 93


1- إنما خصص الهداية بالمتقين،لأنهم هم المنتفعون بالقرآن دون غيرهم.
2- البرهان 129/3. (3)في البرهان 129/3.

من الدم و يتطهّرن بالماء،فإذا طهرن و تطهرن فأتوهنّ.

و قوله: خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً [التوبة:102]أي:عملا صالحا بسيئ، و آخر سيئا بصالح.

قلت:و من لطيفه قوله: فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ أُخْرى كافِرَةٌ [آل عمران:13]أي:فئة مؤمنة تقاتل في سبيل اللّه،و أخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت.

و في«الغرائب»للكرمانيّ:في الآية الأولى التقدير:مثل الذين كفروا يا محمد كمثل الناعق مع الغنم:فحذف من كلّ طرف ما يدلّ عليه الطرف الآخر،و له في القرآن نظائر، و هو أبلغ ما يكون من الكلام.انتهى.

و مأخذ هذه التسمية من الحبك،الذي معناه:الشدّ و الإحكام و تحسين أثر الصنعة في الثوب،فحبك الثوب سدّ ما بين خيوطه من الفرج و شدّه و إحكامه؛بحيث يمنع عنه الخلل مع الحسن و الرّونق.

و بيان أخذه منه:من أنّ مواضع الحذف من الكلام شبّهت بالفرج بين الخيوط،فلمّا أدركها الناقد البصير بصوغه الماهر في نظمه و حوكه،فوضع المحذوف مواضعه.كان حابكا له مانعا من خلل يطرقه،فسدّ بتقديره ما يحصل به الخلل،مع ما أكسبه من الحسن و الرونق.

النوع الرابع:ما يسمّى بالاختزال:هو ما ليس واحدا مما سبق،و هو أقسام،لأنّ المحذوف إما كلمة-اسم،أو فعل،أو حرف-أو أكثر.

أمثلة حذف الاسم:

حذف المضاف:هو كثير في القرآن جدّا،حتى قال ابن جني:في القرآن منه زهاء ألف موضع.و قد سردها الشيخ عز الدين في كتابه المجاز (1)على ترتيب السور و الآيات.

و منه: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ [البقرة:197]أي:حجّ أشهر،أو:أشهر الحجّ. وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ [البقرة:177]أي:ذا البرّ،أو:برّ من. حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ [النساء:23]أي:نكاح أمّهاتكم. لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَ ضِعْفَ الْمَماتِ [الإسراء:75] أي:ضعف عذاب. وَ فِي الرِّقابِ [البقرة:177]أي:و في تحرير الرقاب.4.

ص: 94


1- انظر«الإشارة إلى الإيجاز»ص 115-204.

حذف المضاف إليه:يكثر في ياء المتكلم،نحو: رَبِّ اغْفِرْ لِي [الأعراف:151] و في الغايات،نحو: لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ أي:من قبل الغلب و من بعده.

و في كلّ،و أيّ،و بعض.و جاء في غيرهنّ،كقراءة: فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ [البقرة:38].بضم بلا تنوين (1)؛أي:فلا خوف شيء عليهم.

حذف المبتدأ:يكثر في جواب الاستفهام،نحو: وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ(10) نارٌ [القارعة:11،10]أي:هي نار.و بعد فاء الجواب: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ أي:فعمله لنفسه وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَيْها [الجاثية:15]أي:فإساءته عليها.و بعد القول،نحو: وَ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الفرقان:5] أَحْلامٍ [يوسف:44]،و بعد ما الخبر صفة له في المعنى،نحو: اَلتّائِبُونَ الْعابِدُونَ [التوبة:112]و نحو: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ [البقرة:18].

و وقع في غير ذلك،نحو: لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ(196) مَتاعٌ قَلِيلٌ [آل عمران:197،196] لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ [الأحقاف؛35]أي:هذا. سُورَةٌ أَنْزَلْناها [النور:1]أي:هذه.

و وجب في النعت المقطوع إلى الرفع حذف الخبر،نحو: أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها [الرعد:35]أي:دائم.

و يحتمل الأمرين: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ [يوسف:18]أي:أجمل،أو:فأمري صبر.

فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [النساء:92]أي:عليه،أو:فالواجب..

حذف الموصوف: وَ عِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ [الصافات:48]أي:حور قاصرات.

أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ [سبأ:11]أي:دروعا سابغات. أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ [النور:31]أي:

القوم المؤمنون.

حذف الصفة:نحو: يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ [الكهف:79]أي:صالحة،بدليل أنه قرئ كذلك (2)،و أن تعييبها لا يخرجها عن كونها سفينة. اَلْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ [البقرة:71]أي:

الواضح،و إلاّ لكفروا بمفهوم ذلك. فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً [الكهف:105]أي:

نافعا.5.

ص: 95


1- قرأ يعقوب:فلا خوف-بفتح الفاء من غير تنوين،و قرأ ابن محيصن بضم الفاء:خوف،من غير تنوين.انظر زاد المسير 71/1.
2- و هي قراءة أبي بن كعب قرأها:كل سفينة صحيحة.انظر زاد المسير 179/5.

حذف المعطوف عليه: أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ [الشعراء:63]أي:فضرب فانفلق.

و حيث دخلت واو العطف على لام التعليل ففي تخريجه وجهان.

أحدهما:أن يكون تعليلا معلّله محذوف،كقوله: وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً [الأنفال:17]فالمعنى:و للإحسان إلى المؤمنين فعل ذلك.

و الثاني:أنّه معطوف على علّة أخرى مضمرة،لتظهر صحة العطف،أي:فعل ذلك ليذيق الكافرين بأسه و ليبلي.

حذف المعطوف مع العاطف: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ [الحديد:10]أي:و من أنفق بعده. بِيَدِكَ الْخَيْرُ [آل عمران:26]أي:و الشرّ.

حذف المبدل منه:خرج عليه: وَ لا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ [النحل:116] أي:لما تصفه،و الكذب بدل من الهاء.

حذف الفاعل:لا يجوز إلاّ في فاعل المصدر،نحو: لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ [فصلت:49]أي:دعائه الخير.و جوّزه الكسائيّ مطلقا لدليل،و خرّج عليه: إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ [القيامة:26]أي:الرّوح. حَتّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص:32]أي:الشمس.

حذف المفعول:تقدم أنه كثير في مفعول المشيئة و الإرادة،و يرد في غيرهما،نحو:

إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ [الأعراف:152]أي:إلها كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3) [التكاثر:3]أي:عاقبة أمركم.

حذف الحال:يكثر إذا كان قولا،نحو: وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ سَلامٌ [الرعد:24،23]أي:قائلين.

حذف المنادى: أَلاّ يَسْجُدُوا [النمل:25]أي:يا هؤلاء. يا لَيْتَ [القصص:79] أي:يا قوم.

حذف العائد:يقع في أربعة أبواب:

الصلة:نحو: أَ هذَا الَّذِي بَعَثَ اللّهُ رَسُولاً [الفرقان:41]أي:بعثه.

و الصفة:نحو: وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ [البقرة:48]أي:فيه.

و الخبر:نحو: وَ كُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنى [النساء:95]أي:وعده.

ص: 96

و الحال:

حذف مخصوص نعم: إِنّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ [ص:44]أي:أيوب. فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ [المرسلات:33]أي:نحن. وَ لَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ [النحل:30]أي:الجنة.

حذف الموصول،نحو: آمَنّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ [العنكبوت:46] أي:و الذي أنزل إليكم،لأنّ الذي أنزل إلينا ليس هو الذي أنزل إلى من قبلنا،و لهذا أعيدت(ما)في قوله: آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ [البقرة:136].

أمثلة حذف الفعل:

يطّرد إذا كان مفسّرا،نحو: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ [التوبة:6] إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ (1) [الانشقاق:1]، قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ [الإسراء:100].

و يكثر في جواب الاستفهام،نحو: وَ قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً [النحل:30]أي:أنزل.

و أكثر منه حذف القول،نحو: وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا [البقرة:127]أي:يقولان:ربنا.

قال أبو علي:حذف القول من حديث البشر قل و لا حرج.

و يأتي في غير ذلك،نحو: اِنْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ [النساء:171]أي:و أتوا.

وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدّارَ وَ الْإِيمانَ [الحشر:9]أي:و ألفوا الإيمان أو اعتقدوا. اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة:35]أي:و ليسكن زوجك. وَ امْرَأَتُهُ حَمّالَةَ الْحَطَبِ(4) [المسد:4]أي:أذمّ. وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ [النساء:162]أي:أمدح. وَ لكِنْ رَسُولَ اللّهِ [الأحزاب:40]أي:كان. وَ إِنَّ كُلاًّ لَمّا [هود:111]أي:يوفوا أعمالهم.

أمثلة حذف الحرف:

قال ابن جني في«المحتسب»:أخبرنا أبو علي قال:قال أبو بكر:حذف الحرف ليس بقياس؛لأنّ الحروف إنما دخلت الكلام لضرب من الاختصار،فلو ذهبت تحذفها لكنت مختصرا لها هي أيضا،و اختصار المختصر إجحاف به.

حذف همزة الاستفهام:قرأ ابن محيصن: سواء عليهم أنذرتهم (1)[البقرة:6].7.

ص: 97


1- انظر البحر المحيط 44/1-45،و القراءات الشاذة للشيخ عبد الفتاح القاضي ص 27.

و خرّج عليه هذا رَبِّي [الأنعام:76-78]في المواضع الثلاثة. وَ تِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّها [الشعراء:22]أي:أو تلك؟ حذف الموصول الحرفي:قال ابن مالك:لا يجوز إلاّ في(أن)نحو: وَ مِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ [الروم:24].

و حذف الجار:يطّرد مع أن،و أنّ.نحو: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ [الحجرات:17]، أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي [الشعراء:82]، أَ يَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ [المؤمنون:35]أي:بأنّكم.و جاء مع غيرهما،نحو: قَدَّرْناهُ مَنازِلَ [يس:39]أي:قدرنا له، وَ يَبْغُونَها عِوَجاً [الأعراف:45]أي:لها، يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ [آل عمران:175]أي:يخوفكم بأوليائه. وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ [الأعراف:155]أي:من قومه.

وَ لا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ [البقرة:235]أي:على عقدة النكاح.

حذف العاطف:خرج عليه الفارسي: وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا [التوبة:92]أي:و قلت، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ [الغاشية:8]أي:و وجوه،عطفا على: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ [الغاشية:2].

حذف فاء الجواب:و خرّج عليه الأخفش: إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ [البقرة:180].

حذف حرف النداء،كثير: ها أَنْتُمْ أُولاءِ [آل عمران:119]، يُوسُفُ أَعْرِضْ [يوسف:29]، قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي [مريم:4]، فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [الأنعام:14]،و في العجائب للكرمانيّ:كثر حذف(يا)في القرآن من الرّبّ تنزيها و تعظيما؛لأنّ في النداء طرفا من الأمر.

حذف(قد)في الماضي إذا وقع حالا:نحو: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ [النساء:90]، أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [الشعراء:111].

حذف(لا)النافية:يطّرد في جواب القسم،إذا كان المنفيّ مضارعا،نحو: تَاللّهِ تَفْتَؤُا [يوسف:85]و ورد في غيره،نحو: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ [البقرة:184] أي:لا يطيقونه. وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ [النحل:15]أي:لئلا تميد.

حذف لام التوطئة: وَ إِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ [المائدة:73]، وَ إِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام:121].

ص: 98

حذف لام الأمر:خرّج عليه قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا [إبراهيم:31]،أي:

ليقيموا.

حذف لام(لقد):يحسن مع طول الكلام،نحو: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها [الشمس:9].

حذف نون التوكيد:خرّج عليه قراءة:(أ لم نشرح)بالنصب (1).

حذف التنوين:خرّج عليه قراءة:(قل هو اللّه أحد اللّه الصّمد)[الإخلاص:1]،(و لا اللّيل سابق النّهار)[يس:40]بالنصب.

حذف نون الجمع:خرّج عليه قراءة:(و ما هم بضارّي به من أحد).

حذف حركة الإعراب و البناء:خرّج عليه قراءة:(فتوبوا إلى بارئكم)[البقرة:54]، و(يأمركم)[البقرة:67]،(و بعولتهنّ أحقّ)[البقرة:228]بسكون الثلاثة،و كذا:(أو يعفو الّذي بيده عقدة النّكاح)[البقرة:237]،(فأواري سوأة أخي)[المائدة:31]،(ما بقي من الرّبا)[البقرة:278].

أمثلة حذف أكثر من كلمة:

حذف مضافين: فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]أي:فإنّ تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب. فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ [طه:96].أي من أثر حافر فرس الرسول. تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ [الأحزاب:19]أي:كدوران عين الذي. وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ [الواقعة:82]أي:بدل شكر رزقكم.

حذف ثلاث متضايفات:

فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ [النجم:9]أي:فكان مقدار مسافة قربه مثل قاب قوسين، فحذف ثلاثة من اسم(كان)و واحد من خبرها.

حذف مفعولي باب ظن: أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [القصص:62]أي:

تزعمونهم شركائي.

حذف الجار مع المجرور: خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً أي:بسيئ. وَ آخَرَ سَيِّئاً

ص: 99


1- قرأ الجمهور نَشْرَحْ بجزم الحاء لدخول الجازم،و قرأ أبو جعفر بفتحها.و خرجه ابن عطية في كتابه على أنه:أ لم نشرحن،فأبدل من النون الفاء،ثم حذفها تخفيفا.و قال:قراءة مرذولة.و انظر البحر المحيط 487/8-488،و المحرر الوجيز 496/5.

[التوبة:102]أي:بصالح.

حذف العاطف مع المعطوف:تقدم.

حذف حرف الشرط و فعله:يطّرد بعد الطلب،نحو: فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ [آل عمران:31]أي:إن اتبعتموني. قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ [إبراهيم:31]أي:

إن قلت لهم:يقيموا.

و جعل منه الزمخشريّ (1): فَلَنْ يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ [البقرة:80]أي:إن اتخذتم عند اللّه عهدا فلن يخلف اللّه.

و جعل منه أبو حيان (2): فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللّهِ مِنْ قَبْلُ [البقرة:91]أي:إن كنتم آمنتم بما أنزل إليك فلم تقتلون.

حذف جواب الشرط: فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ [الأنعام:35]أي:فافعل. وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا ما بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَ ما خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(45) [يس:45]أي:أعرضوا،بدليل ما بعده. أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ [يس:19]أي:لتطيّرتم. وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً [الكهف:109]أي:لنفد،، وَ لَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ [السجدة:12]أي:لرأيت أمرا فظيعا. وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللّهَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ(20) [النور:20]أي:لعذّبكم. لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها [القصص:10]أي:

لأبدت به. وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ [الفتح:25]أي:

لسلّطكم على أهل مكة.

حذف جملة القسم: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً [النمل:21]أي:و اللّه.

حذف جوابه: وَ النّازِعاتِ غَرْقاً(1) [النازعات:1]الآيات أي:لتبعثنّ. ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ(1) [ص:1].أي:إنه لمعجز. ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ(1) [ق:1].أي:ما الأمر كما زعموا (3).

حذف جملة مسبّبة عن المذكور،نحو: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ [الأنفال:8]أي:

فعل ما فعل.ي.

ص: 100


1- الكشاف 292/1.
2- البحر المحيط 307/1.
3- انظر في أجوبة هذه الاقسام بما يمتع كتاب«التبيان في أقسام القرآن»للحافظ ابن قيم الجوزية،صدر بتحقيقنا عن دار الكتاب العربي.

حذف جمل كثيرة،نحو: فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ [يوسف:46،45].أي:

فأرسلوني إلى يوسف لأستعبره الرؤيا،ففعلوا،فأتاه فقال له:يا يوسف.

خاتمة

تارة لا يقام شيء مقام المحذوف كما تقدّم،و تارة يقام ما يدلّ عليه،نحو: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ [هود:57]فليس الإبلاغ هو الجواب لتقدمه على تولّيهم،و إنما التقدير:فإن تولّوا فلا لوم عليّ،أو:فلا عذر لكم،لأني أبلغتكم.

وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ [فاطر:4]أي:فلا تحزن و اصبر.

وَ إِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ [الأنفال:38]أي:يصيبهم مثل ما أصابهم.

فصل : انقسام الإطناب إلى بسط و زيادة

اشارة

كما انقسم الإيجاز إلى:إيجاز قصر و إيجاز حذف،كذلك انقسم الإطناب إلى:

بسط و زيادة.

فالأوّل:الإطناب بتكثير الجمل:

كقوله تعالى: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الآية [164]في سورة البقرة،أطنب فيها أبلغ الإطناب لكون الخطاب مع الثقلين،و في كلّ عصر و حين،للعالم منهم و الجاهل،و الموافق منهم و المنافق.

و قوله: اَلَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [غافر:7].

فقوله: وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ إطناب؛لأنّ إيمان حملة العرش معلوم،و حسّنه إظهار شرف الإيمان ترغيبا فيه (1).

وَ وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ اَلَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ [فصلت:7،6]و ليس من المشركين مزكّ، و النكتة:الحثّ للمؤمنين على أدائها،و التحذير من المنع،حيث جعل من أوصاف المشركين (2).

ص: 101


1- التصريح بقوله: وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ مع الغنى عن ذكره رأسا: 1-لإظهار فضيلة الإيمان،و إبراز شرف أهله. 2-و الإشعار بعلة دعائهم للمؤمنين حسبما ينطق به قوله تعالى: وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فإنّ المشاركة في الإيمان أقوى المناسبات و أتمها و أدعى الدعاوي إلى النصح و الشفقة.انظر البحر المحيط 451/7،و تفسير أبي السعود 267/7.
2- قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 92/4:«و المراد بالزكاة هاهنا طهارة النفس من الأخلاق الرذيلة و من

و الثاني:يكون بأنواع:

أحدها:دخول حرف فأكثر من حروف التأكيد السابقة في نوع الأدوات.

و هي:إنّ،و أنّ،و لام الابتداء،و القسم،و ألا الاستفتاحيّة،و أما،و ها التنبيه،و كأنّ في تأكيد التشبيه،و لكنّ في تأكيد الاستدراك،و ليت في تأكيد التمني،و لعلّ في تأكيد الترجّي،و ضمير الشأن،و ضمير الفصل،و أمّا في تأكيد الشرط،و قد و السّين و سوف، و النونان في تأكيد الفعليّة،و لا التبرئة،و لن،و لمّا في تأكيد النفي.

و إنّما يحسن تأكيد الكلام بها إذا كان المخاطب به منكرا أو متردّدا.

و يتفاوت التأكيد بحسب قوة الإنكار و ضعفه،كقوله تعالى حكاية عن رسل عيسى إذ كذّبوا في المرّة الأولى: إِنّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ [يس:14]فأكّد ب(أنّ)و اسميّة الجملة.

و في المرّة الثانية: قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ(16) [يس:16]،فأكّد بالقسم و(إنّ) و اللاّم و اسميّة الجملة،لمبالغة المخاطبين في الإنكار حيث قالوا: ما أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَ ما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْ ءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَكْذِبُونَ [يس:15].

و قد يؤكّد بها،و المخاطب به غير منكر،لعدم جريه على مقتضى إقراره،فينزّل منزلة المنكر.و قد يترك التأكيد و هو معه منكر؛لأنّ معه أدلّة ظاهرة لو تأمّلها لرجع عن إنكاره.و على ذلك يخرج قوله: ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ(15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ [المؤمنون:16،15]أكّد الموت تأكيدين و إن لم ينكر،لتنزيل المخاطبين -لتماديهم في الغفلة-تنزيل من ينكر الموت.و أكّد إثبات البعث تأكيدا واحدا و إن كان أشدّ نكيرا؛لأنّه لمّا كانت أدلّته ظاهرة كان جديرا بأن لا ينكر،فنزل المخاطبون منزلة غير المنكر،حثا لهم على النظر في أدلّته الواضحة.

و نظيره قوله تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة:2]نفى عنه الرّيبة ب(لا)،على سبيل

ص: 102

الاستغراق؛مع أنه ارتاب فيه المرتابون،لكن نزّل منزلة العدم،تعويلا على ما يزيله من الأدلة الباهرة،كما نزّل الإنكار منزلة عدمه لذلك.

و قال الزمخشري (1):بولغ في تأكيد الموت تنبيها للإنسان على أن يكون الموت نصب عينيه،و لا يغفل عن ترقبه،فإنّ مآله إليه،فكأنه أكّدت جملته ثلاث مرات لهذا المعنى،لأنّ الإنسان في الدنيا يسعى فيها غاية السعي،حتى كأنّه يخلد.و لم يؤكد جملة البعث إلاّ بإنّ لأنه أبرز في صورة المقطوع به الذي لا يمكن فيه نزاع،و لا يقبل إنكارا.

و قال التاج بن الفركاح:أكّد الموت ردّا على الدهريّة القائلين ببقاء النوع الإنسانيّ خلفا عن سلف،و استغنى عن تأكيد البعث هنا،لتأكيده و الردّ على منكره في مواضع، كقوله: قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ [التغابن:7].

و قال غيره:لمّا كان العطف يقتضي الاشتراك،استغنى عن إعادة اللاّم،لذكرها في الأول.

و قد يؤكّد بها-أي:باللام-للمستشرف الطالب الذي قدّم له ما يلوح بالخبر، فاستشرفت نفسه إليه،نحو: وَ لا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا [هود:37]أي:لا تدعني يا نوح في شأن قومك.فهذا الكلام يلوّح بالخبر تلويحا،و يشعر بأنه قد حقّ عليهم العذاب، فصار المقام مقام أن يتردد المخاطب في أنهم:هل صاروا محكوما عليهم بذلك أو لا؟ فقيل:إنهم مغرقون بالتأكيد.

و كذا قوله: يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ [الحج:1]لمّا أمرهم بالتقوى و ظهور ثمرتها،و العقاب على تركها محلّه الآخرة،تشوّفت نفوسهم إلى وصف حال الساعة، فقال: إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْ ءٌ عَظِيمٌ [الحج:1].بالتأكيد،ليقرّر عليه الوجوب.

و كذا قوله: وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي [يوسف:35]فيه تحيير للمخاطب،و تردّد في أنه كيف لا يبرّئ نفسه و هي بريئة زكية،ثبتت عصمتها و عدم مواقعتها السوء،فأكّده بقوله: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمّارَةٌ بِالسُّوءِ [يوسف؛53].

و قد يؤكّد لقصد الترغيب،نحو: فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:37]أكّد بأربع تأكيدات ترغيبا للعباد في التوبة.

و قد سبق الكلام على أدوات التأكيد المذكورة و معانيها و مواقعها في النوع الأربعين.3.

ص: 103


1- انظر البرهان 381/3.

فائدة:إذا اجتمعت إنّ و اللاّم كان بمنزلة تكرير الجملة ثلاث مرات؛لأنّ(إنّ) أفادت التكرير مرتين،فإذا دخلت اللاّم صارت ثلاثا.

و عن الكسائي:أنّ اللام لتوكيد الخبر،و إنّ لتوكيد الاسم.و فيه تجوّز؛لأنّ التوكيد للنسبة لا للاسم و لا للخبر.و كذلك نون التوكيد الشديدة بمنزلة تكرير الفعل ثلاثا، و الخفيفة بمنزلة تكريره مرّتين.فقال سيبويه في نحو(يأيّها):الألف و الهاء لحقتا أيّا توكيدا،فكأنّك كرّرت(يا)مرتين،و صار الاسم تنبيها.هذا كلامه،و تابعه الزمخشريّ.

فائدة:قوله تعالى: وَ يَقُولُ الْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا [مريم:66]قال الجرجانيّ في«نظم القرآن»:ليست اللاّم فيه للتأكيد؛فإنّه منكر؛فكيف يحقّق ما ينكر، و إنّما قاله حكاية لكلام النبي صلّى اللّه عليه و سلّم الصادر منه بأداة التأكيد،فحكاه،فنزلت الآية على ذلك.

النوع الثاني:دخول الأحرف الزائدة:

قال ابن جنّي:كلّ حرف زيد في كلام العرب فهو قائم مقام إعادة الجملة مرة أخرى.

و قال الزمخشري في كشافه القديم:الباء في خبر ما و ليس لتأكيد النفي،كما أنّ اللام لتأكيد الإيجاب.

و سئل بعضهم عن التأكيد بالحرف و ما معناه،إذ إسقاطه لا يخلّ بالمعنى؟.

فقال:هذا يعرفه أهل الطباع،يجدون من زيادة الحرف معنى لا يجدونه بإسقاطه.

قال:و نظيره العارف بوزن الشعر طبعا،إذا تغيّر عليه البيت بنقص أنكره و قال:أجد نفسي على خلاف ما أجدها بإقامة الوزن،فكذلك هذه الحروف تتغيّر نفس المطبوع بنقصانها، و يجد نفسه بزيادتها على معنى بخلاف ما يجدها بنقصانه.

ثم باب الزيادة في الحروف،و زيادة الأفعال قليل،و الأسماء أقلّ.

أما الحروف فيزاد منها:إن،و أن،و إذ،و إذا،و إلى،و أم،و الباء،و الفاء،و في، و الكاف،و اللام،و لا،و ما،و من،و الواو؛و تقدّمت في نوع الأدوات مشروحة.

و أما الأفعال:فزيد منها(كان)،و خرج عليه: كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا [مريم:29]،و أصبح،و خرّج عليه فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ [المائدة:53].

و قال الرّمانيّ:العادة أن من به علّة تزداد بالليل أن يرجوا الفرج عند الصباح، فاستعمل(أصبح)لأنّ الخسران حصل لهم في الوقت الذي يرجون فيه الفرج،فليست زائدة.

ص: 104

و أمّا الأسماء:فنصّ أكثر النحويين على أنها لا تزال،و وقع في كلام المفسّرين الحكم عليها بالزيادة في مواضع،كلفظ(مثل)في قوله: فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ [البقرة:137]أي:بما.

النوع الثالث:التأكيد الصناعي (1):

و هو أربعة أقسام:

أحدها:التوكيد المعنوي بكلّ،و أجمع،و كلا،و كلتا.نحو: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ(30) [الحجر:30].

و فائدته:رفع توهّم المجاز و عدم الشمول.

و ادّعى الفرّاء:أنّ كُلُّهُمْ أفادت ذلك،و أَجْمَعُونَ أفادت اجتماعهم على السجود،و أنهم لم يسجدوا متفرّقين.

ثانيها:التأكيد اللفظي:و هو تكرار اللفظ الأول:

إمّا بمرادفه،نحو: ضَيِّقاً حَرَجاً [الأنعام:125]بكسر الراء،و: وَ غَرابِيبُ سُودٌ [فاطر:27]،و جعل منه الصفّار فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ [الأحقاف:26]على القول بأن كليهما للنفي.و جعل منه غيره: قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً [الحديد:13]فوراء هنا ليس ظرفا؛لأنّ لفظ اِرْجِعُوا ينبئ عنه،بل هو اسم فعل بمعنى ارجعوا،فكأنّه قال:

ارجعوا ارجعوا.

و إمّا بلفظه:و يكون في الاسم و الفعل و الحرف و الجملة:

فالاسم،نحو: قَوارِيرَا قَوارِيرَا [الإنسان:16،15]، دَكًّا دَكًّا [الفجر:21].

و الفعل: فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ [الطارق:17].

و اسم الفعل،نحو: هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ(36) [المؤمنون:36].

و الحرف،نحو: فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها [هود:108]، أَ يَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَ كُنْتُمْ تُراباً وَ عِظاماً أَنَّكُمْ [المؤمنون:36].

و الجملة،نحو: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً(5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً [الشرح:6،5].و الأحسن اقتران الثانية ب(ثمّ)،نحو: وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ(17) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ [الانفطار:18،17]، كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ(3) ثُمَّ كَلاّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ [التكاثر:4،3].

ص: 105

و من هذا النوع تأكيد الضمير المتصل بالمنفصل،نحو: اُسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة:35]، فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ [المائدة:24]، وَ إِمّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ [الأعراف:115].

و من تأكيد المنفصل بمثله: وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ [يوسف:37].

ثالثها:تأكيد الفعل بمصدره،و هو عوض من تكرار الفعل مرتين (1).

و فائدته:رفع توهّم المجاز في الفعل،بخلاف التوكيد السابق فإنّه لرفع توهّم المجاز في المسند إليه.كذا فرّق به ابن عصفور و غيره.و من ثمّ ردّ بعض أهل السّنّة على بعض المعتزلة في دعواه نفي التكليم حقيقة بقوله: وَ كَلَّمَ اللّهُ مُوسى تَكْلِيماً [النساء:164]لأنّ التوكيد رفع المجاز في الفعل.

و من أمثلته وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]، يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً(9) وَ تَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً [الطور:10،9]، جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً(63) [الإسراء:63].

و ليس منه: وَ تَظُنُّونَ بِاللّهِ الظُّنُونَا [الأحزاب:10]بل هو جمع(ظنّ)لاختلاف أنواعه.و أما إِلاّ أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً [الأنعام:80]فتحتمل أن يكون منه،و أن يكون الشيء بمعنى الأمر و الشأن.

و الأصل في هذا النوع أن ينعت بالوصف المراد،نحو: اُذْكُرُوا اللّهَ ذِكْراً كَثِيراً [الأحزاب:41] وَ سَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلاً [الأحزاب:49]و قد يضاف وصفه إليه،نحو:

اِتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران:102]و قد يؤكّد بمصدر فعل آخر أو اسم عين نيابة عن المصدر،نحو: وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً [المزمل:8]و المصدر تبتلا،و التبتيل مصدر بتّل.

وَ اللّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً(17) [نوح:17]أي:إنباتا،إذ النبات اسم عين.

رابعها:الحال المؤكّدة (2)،نحو: وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [مريم:33]، وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ [البقرة:60]، وَ أَرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولاً [النساء:79]، ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَ أَنْتُمْ مُعْرِضُونَ [البقرة:83]، وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ(31) [ق:31].

و ليس منه: وَلّى مُدْبِراً [النمل:10]؛لأنّ التولية قد لا تكون إدبارا،بدليل قوله:2.

ص: 106


1- انظر البرهان 391/2.
2- انظر البرهان 402/2.

فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ [البقرة:144]و لا: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً [النمل:19]؛ لأنّ التبسّم قد لا يكون ضحكا،و لا وَ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً [البقرة:91]لاختلاف المعنيين، إذ كونه حقا في نفسه غير كونه مصدّقا لما قبله.

النوع الرابع:التكرير (1)،

و هو أبلغ من التأكيد،و هو من محاسن الفصاحة،خلافا لبعض من غلط،و له فوائد (1).

منها:التقرير:و قد قيل:الكلام إذا تكرّر تقرّر،و قد نبّه تعالى على السبب الذي لأجله كرّر الأقاصيص و الإنذار في القرآن بقوله: وَ صَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً [طه:113].

و منها:التأكيد:

و منها:زيادة التنبيه على ما ينفي التهمة (2)،ليكمل تلقّي الكلام بالقبول:و منه:

وَ قالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ(38) يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ [غافر:39،38]فإنّه كرّر فيه النداء لذلك.

و منها:إذا طال الكلام (3)،و خشي تناسي الأول،أعيد ثانيا تطرية له و تجديدا لعهده:و منه: ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها [النحل:119]، ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هاجَرُوا مِنْ بَعْدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جاهَدُوا وَ صَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها [النحل:110]، وَ لَمّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللّهِ إلى قوله: فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ [البقرة:89]، لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَ يُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ [آل عمران:188]، إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ [يوسف:4].

و منها:التعظيم و التهويل (4):نحو: اَلْحَاقَّةُ (5) مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة:2،1]، اَلْقارِعَةُ(1) مَا الْقارِعَةُ [القارعة:2،1]، وَ أَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ [الواقعة:28].

ص: 107


1- انظر هذه الفوائد في البرهان 11/3.
2- انظر البرهان 13/3-14.
3- انظر البرهان 14/3.
4- انظر البرهان 17/3.
5- انظر البرهان 8/3-9.

فإن قلت:هذا النوع أحد أقسام النوع الذي قبله،فإنّ منها التأكيد بتكرار اللفظ،فلا يحسن عدّه نوعا مستقلا.

قلت:هو يجامعه و يفارقه،و يزيد عليه و ينقص عنه،فصار أصلا برأسه.فإنه يكون التأكيد تكرارا كما تقدّم في أمثلته،و قد لا يكون تكرارا كما تقدم-أيضا-،و قد يكون التكرير غير تأكيد صناعة،و إن كان مفيدا للتأكيد معنى.

و منه:ما وقع فيه الفصل بين المكرّرين؛فإنّ التأكيد لا يفصل بينه و بين مؤكّده، نحو: اِتَّقُوا اللّهَ وَ لْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَ اتَّقُوا اللّهَ [الحشر:18]. إِنَّ اللّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمِينَ [آل عمران:42]فالآيتان من باب التكرير لا التأكيد اللفظي الصناعي.

و منه:الآيات المتقدمة في التكرير للطول.

و منه:ما كان لتعدّد المتعلّق (1)،بأن يكون المكرّر ثانيا متعلّقا بغير ما تعلّق به الأول،و هذا القسم يسمّى بالترديد،كقوله: اَللّهُ نُورُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ [النور:35]وقع فيها الترديد أربع مرات.

و جعل منه قوله: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [الرحمن:16،13]فإنّها و إن تكرّرت نيّفا و ثلاثين مرة،فكلّ واحدة تتعلّق بما قبلها،و لذلك زادت على ثلاثة،و لو كان الجميع عائدا إلى شيء واحد لما زاد على ثلاثة؛لأنّ التأكيد لا يزيد عليها.قال ابن عبد السلام و غيره.و إن كان بعضها ليس بنعمة،فذكر النقمة للتحذير نعمة.و قد سئل:أيّ نعمة في قوله: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ(26) [الرحمن:26]؟فأجيب بأجوبة.أحسنها:النقل من دار الهموم إلى دار السرور،و إراحة المؤمن و البارّ من الفاجر (2).

و كذا قوله: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ(15) في سورة المرسلات؛لأنه تعالى ذكر قصصا مختلفة،و أتبع كل قصّة بهذا القول؛فكأنه قال عقب كل قصّة:ويل يومئذ للمكذّب بهذه القصة (3).

و كذا قوله في سورة الشعراء[الآية:8]: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ(67) وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ 3.

ص: 108


1- انظر البرهان 18/3.
2- انظر البرهان 18/3.
3- انظر البرهان 19/3.

كرّرت ثماني مرّات،كلّ مرة عقب كلّ قصة،فالإشارة في كلّ واحدة بذلك إلى قصة النبيّ المذكور قبلها و ما اشتملت عليه من الآيات و العبر.و بقوله:

وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ و إنّ إلى قومه خاصة.و لمّا كان مفهومه أنّ الأقل من قومه آمنوا،أتى بوصفي العزيز الرحيم،للإشارة إلى أنّ العزة على من لم يؤمن منهم،و الرحمة لمن آمن.

و كذا قوله في سورة القمر[الآية:17]: وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ(17) قال الزّمخشري (1):كرّر ليجدّدوا عند سماع كلّ نبأ منها اتعاظا،و تنبيها أنّ كلا من تلك الأنباء مستحقّ لاعتبار يختص به،و أن يتنبهوا كيلا يغلبهم السهو (2)و الغفلة.

قال في«عروس الأفراح»:فإن قلت:إذا كان المراد بكلّ ما قبله،فليس ذلك بإطناب؛بل هي ألفاظ؛كلّ أريد به غير ما أريد بالآخر.

قلت:إذا قلنا:العبرة بعموم اللفظ،فكلّ واحد أريد به ما أريد بالآخر،و لكن كرّر ليكون نصّا فيما يليه و ظاهرا في غيره.

فإن قلت:يلزم التأكيد.

قلت:و الأمر كذلك،و لا يريد عليه أنّ التأكيد لا يزاد به عن ثلاثة؛لأنّ ذاك في التأكيد الذي هو تابع،و أما ذكر الشيء في مقامات متعدّدة أكثر من ثلاثة فلا يمتنع.انتهى.

و يقرب من ذلك ما ذكره ابن جرير في قوله تعالى: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ لَقَدْ وَصَّيْنَا إلى قوله: وَ كانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيداً وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ كَفى بِاللّهِ وَكِيلاً [النساء:132،131].قال:فإن قيل:ما وجه تكرار قوله: وَ لِلّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ في آيتين إحداهما في أثر الأخرى؟قلنا:لاختلاف معنى الخبرين عمّا في السّماوات و الأرض،و ذلك أنّ الخبر عنه في إحدى الآيتين:ذكر حاجته إلى بارئه، و غنى بارئه عنه.و في الأخرى:حفظ بارئه إياه،و علمه به و بتدبيره.

قال:فإن قيل:أ فلا قيل:(و كان اللّه غنيّا حميدا و كفى باللّه وكيلا).قيل:ليس في الآية الأولى ما يصلح أن تختتم بوصفه معه بالحفظ و التدبير.انتهى.

و قال تعالى: وَ إِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَ ما هُوَ مِنَ الْكِتابِ [آل عمران:78].4.

ص: 109


1- انظر الكشاف 40/4.
2- في المطبوعة:السرور،و هو خطأ،و المثبت من الكشاف 40/4.

قال الراغب (1):الكتاب الأوّل ما كتبوه بأيديهم المذكورة في قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ [البقرة:79].و الكتاب الثاني التوراة،و الثالث لجنس كتب اللّه كلها،أي:ما هو من شيء من كتب اللّه و كلامه.

و من أمثلة ما يظنّ تكرارا و ليس منه (2): قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ(1) لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ [الكافرون:2،1].إلى آخرها،فإن لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ(2) أي:في المستقبل وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ أي:في الحال ما أَعْبُدُ في المستقبل وَ لا أَنا عابِدٌ أي:في الحال،ما عبدتم في الماضي. وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ أي:في المستقبل ما أَعْبُدُ أي:في الحال.فالحاصل:أنّ القصد نفي عبادته لآلهتهم في الأزمنة الثلاثة.

و كذا فَاذْكُرُوا اللّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَ اذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ [البقرة:198]، ثم قال: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ [البقرة:200]،ثم قال:

وَ اذْكُرُوا اللّهَ فِي أَيّامٍ مَعْدُوداتٍ [البقرة:203]؛فإنّ المراد بكلّ واحد من هذه الأذكار غير المراد بالآخر،فالأول:الذكر في مزدلفة عند الوقوف بقزح،و قوله: وَ اذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ إشارة إلى تكرّره ثانيا و ثالثا،و يحتمل أن يراد به طواف الإفاضة،بدليل تعقيبه بقوله: فَإِذا قَضَيْتُمْ ،و الذكر الثالث:إشارة إلى رمي جمرة العقبة،و الذكر الأخير:

لرمي أيام التشريق.

و منه تكرير حرف الإضراب (3)في قوله: بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ [الأنبياء:5]،و قوله: بَلِ ادّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ [النمل:66].

و منه قوله: وَ مَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَ عَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [البقرة:236]،ثم قال وَ لِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ(241 [البقرة:241]:فكرّر الثاني ليعمّ كلّ مطلقة،فإنّ الآية الأولى في المطلّقة قبل الفرض و المسيس خاصّة؛و قيل:لأنّ الأولى لا تشعر بالوجوب،و لهذا لما نزلت قال بعض الصحابة:إن شئت أحسنت،و إن شئت فلا.فنزلت الثانية،أخرجه ابن جرير (4).2.

ص: 110


1- في المفردات ص 425.
2- انظر البرهان 20/3-21.
3- البرهان 24/3.
4- تفسير الطبري 599/2.

و من ذلك تكرير الأمثال (1):كقوله: وَ ما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَ الْبَصِيرُ(19) وَ لاَ الظُّلُماتُ وَ لاَ النُّورُ(20) وَ لاَ الظِّلُّ وَ لاَ الْحَرُورُ(21) وَ ما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَ لاَ الْأَمْواتُ [فاطر:19-23].

و كذلك ضرب مثل المنافقين أوّل البقرة بالمستوقد نارا،ثم ضربه بأصحاب الصّيّب.

قال الزمخشري (2):و الثاني أبلغ من الأوّل؛لأنه أدلّ على فرط الحيرة و شدّة الأمر و فظاعته.قال:و لذلك أخّر،و هم يتدرّجون في نحو هذا من الأهون إلى الأغلظ.

و من ذلك تكرير القصص (3)،كقصّة آدم و موسى و نوح و غيرهم من الأنبياء،قال بعضهم:ذكر اللّه موسى في مائة و عشرين موضعا من كتابه.و قال ابن العربيّ في القواصم:

ذكر اللّه قصّة نوح في خمس و عشرين آية،و قصّة موسى في تسعين آية (4).

و قد ألّف البدر بن جماعة كتابا سمّاه«المقتنص في فوائد تكرار القصص»و ذكر في تكرير القصص فوائد (5):

منها:أنّ في كلّ موضع زيادة شيء لم يذكر في الذي قبله،أو إبدال كلمة بأخرى لنكتة،و هذه عادة البلغاء.

و منها:أنّ الرجل كان يسمع القصّة من القرآن،ثم يعود إلى أهله،ثم يهاجر بعده آخرون يحكون ما نزل بعد صدور من تقدمهم؛فلولا تكرار القصص لوقعت قصة موسى إلى قوم و قصّة عيسى إلى قوم آخرين؛و كذا سائر القصص؛فأراد اللّه اشتراك الجميع فيها، فيكون فيه إفادة لقوم و زيادة تأكيد لآخرين.

و منها:أنّ في إبراز الكلام الواحد في فنون كثيرة و أساليب مختلفة ما لا يخفى من الفصاحة.

و منها:أنّ الدواعي لا تتوفّر على نقلها كتوفّرها على نقل الأحكام؛فلهذا كرّرت القصص دون الأحكام.

و منها:أنّه تعالى أنزل هذا القرآن،و عجز القوم عن الإتيان بمثله،بأيّ نظم جاءوا،8.

ص: 111


1- انظر البرهان 25/3.
2- الكشاف 213/1.
3- انظر البرهان 25/3،و الإعجاز اللغوي في القصة القرآنية لمحمود مصطفى ص 113.
4- البرهان 25/3.
5- انظر هذه الفوائد في البرهان 26/3-28.

ثمّ أوضح الأمر في عجزهم؛بأن كرّر ذكر القصة في مواضع،إعلاما بأنهم عاجزون عن الإتيان بمثله،أي:بأيّ نظم جاءوا،و بأيّ عبارة عبّروا.

و منها:أنّه لما تحدّاهم قال: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة:23]فلو ذكرت القصة في موضع واحد و اكتفي بها،لقال العربيّ:ائتونا أنتم بسورة من مثله،فأنزلها اللّه سبحانه و تعالى في تعداد السّور،دفعا لحجّتهم من كلّ وجه.

و منها:أنّ القصّة لما كرّرت كان في ألفاظها في كلّ موضع زيادة و نقصان و تقديم و تأخير،و أتت على أسلوب غير أسلوب الأخرى،فأفاد ذلك ظهور الأمر العجيب في إخراج المعنى الواحد في صور متباينة في النّظم،و جذب النفوس إلى سماعها،لما جبلت عليه من حب التنقّل في الأشياء المتجدّدة و استلذاذها بها،و إظهار خاصة القرآن،حيث لم يحصل مع تكرير ذلك فيه هجنة في اللّفظ،و لا ملل عند سماعه؛فباين ذلك كلام المخلوقين.

و قد سئل:ما الحكمة في عدم تكرير قصة يوسف و سوقها مساقا واحدا في موضع واحد،دون غيرها من القصص؟و أجيب بوجوه (1):

أحدها:أنّ فيها تشبيب النسوة به،و حال امرأة و نسوة افتتنوا بأبدع الناس جمالا، فناسب عدم تكرارها لما فيه من الإغضاء و السّتر،و قد صحّح الحاكم في مستدركه حديث النهي عن تعليم النساء سورة يوسف (2).

ثانيا:أنها اختصّت بحصول الفرج بعد الشدّة،بخلاف غيرها من القصص،فإنّ مآلها إلى الوبال كقصة إبليس،و قوم نوح و هود و صالح و غيرهم،فلما اختصّت بذلك اتفقت الدواعي على نقلها،لخروجها عن سمت القصص.

ثالثها:قال الأستاذ أبو إسحاق الأسفراييني (3):إنّما كرّر اللّه قصص الأنبياء،و ساق قصة يوسف مساقا واحدا،إشارة إلى عجز العرب؛كأن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال لهم:إن كان من تلقاء نفسي،فافعلوا في قصة يوسف ما فعلت في سائر القصص.

قلت:و ظهر لي جواب رابع،و هو أنّ سورة يوسف نزلت بسبب طلب الصحابة أن0.

ص: 112


1- انظر البرهان 29/3.
2- رواه الحاكم في المستدرك 345/2،و الواحدي في أسباب النزول ص 269،و أبو يعلى في مسنده (740)87/2-88،و الطبري 90/12 و رجاله ثقات.
3- انظر البرهان 29/3-30.

يقصّ عليهم،كما رواه الحاكم في مستدركه (1)،فنزلت مبسوطة تامّة،ليحصل لهم مقصود القصص:من استيعاب القصّة،و ترويح النفس بها،و الإحاطة بطرفيها.

و جواب خامس:و هو أقوى ما يجاب به،أنّ قصص الأنبياء إنما كرّرت؛لأنّ المقصود بها إفادة إهلاك من كذبوا رسلهم،و الحاجة داعية إلى ذلك لتكرير تكذيب الكفار لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،فكلما كذبوا أنزلت قصّة منذرة بحلول العذاب،كما حلّ على المكذبين، و لهذا قال تعالى في آيات: فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ [الأنفال:38]، أَ لَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ [الأنعام:6]،و قصّة يوسف لم يقصد منها ذلك.

و بهذا-أيضا-يحصل الجواب عن حكمة عدم تكرير قصة أصحاب الكهف،و قصة ذي القرنين،و قصّة موسى مع الخضر،و قصّة الذّبيح.

فإن قلت:قد تكررت قصة ولادة يحيى و ولادة عيسى مرتين،و ليست من قبيل ما ذكرت.

قلت:الأولى:في سورة كهيعص(1) ،و هي مكية،أنزلت خطابا لأهل مكة.

و الثانية:في سورة آل عمران،و هي مدنية،أنزلت خطابا لليهود و لنصارى نجران حين قدموا،و لهذا اتصل بها ذكر المحاجّة و المباهلة.

النوع الخامس:الصفة،

و ترد لأسباب (1):

أحدها:التخصيص في النكرة:نحو فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92].

الثاني:التوضيح في المعرفة:أي:زيادة البيان،نحو: وَ رَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ [الأعراف:158] (2).

الثالث:المدح و الثناء:و منه صفات اللّه تعالى،نحو: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ(2) اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ(3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:1-4]، هُوَ اللّهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ [الحشر:24].

و منه: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا [المائدة:44]،فهذا الوصف للمدح، و إظهار شرف الإسلام،و التعريض باليهود و أنهم بعداء عن ملة الإسلام الذي هو دين

ص: 113


1- انظر البرهان 422/2-429.
2- انظر البرهان 424/2.
3- المستدرك 345/2 و صححه،و وافقه الذهبي و سنده صحيح،و قد سبق قريبا

الأنبياء كلهم،و أنهم بمعزل عنها.قاله الزمخشري (1).

الرابع:الذم:نحو: فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ [النحل:98].

الخامس:التأكيد لرفع الإيهام:نحو: لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ [النحل:51]؛فإن:

إِلهَيْنِ للتثنية،فاثنين بعده صفة مؤكدة للنّهي عن الإشراك،و لإفادة أنّ النهي عن إلهين إنما هو لمحض كونهما اثنين فقط،لا لمعنى آخر من كونهما عاجزين أو غير ذلك،و لأنّ الوحدة،تطلق و يراد بها النوعية،كقوله صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنما نحن و بنو المطلب شيء واحد» (2).

و تطلق و يراد بها نفي العدّة،فالتثنية باعتبارها،فلو قيل: لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ فقط لتوهّم أنه نهي عن اتخاذ جنسين آلهة؛و إن جاز أن يتّخذ من نوع واحد عدد آلهة،و لهذا أكد بالوحدة قوله: إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ [الأنعام:19].

و مثله: فَاسْلُكْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ [المؤمنون:27]،على قراءة تنوين كُلٍّ (3).و قوله: فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ(13) [الحاقة:13]،فهو تأكيد لرفع توهم تعدّد النفخة؛لأنّ هذه الصيغة قد تدلّ على الكثرة،بدليل: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ لا تُحْصُوها [إبراهيم:34].

و من ذلك قوله: فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ [النساء:176]،فإن لفظ كانَتَا تفيد التثنية، فتفسيره باثنتين لم يفد زيادة عليه.

و قد أجاب عن ذلك الأخفش و الفارسيّ (4):بأنه أفاد العدد المحض مجرّدا عن الصفة،لأنه قد كان يجوز أن يقال:فإن كانتا صغيرتين أو كبيرتين،أو صالحتين،أو غير ذلك من الصفات،فلما قال: اِثْنَتَيْنِ أفهم أنّ فرض الثنتين تعلّق بمجرد كونهما ثنتين فقط،و هي فائدة لا تحصل من ضمير المثنى.و قيل أراد:(فإن كانتا اثنتين فصاعدا)فعبّر.

ص: 114


1- انظر الكشاف 615/1.
2- رواه البخاري(3140-3229-3502)،و أبو داود(2978-2980)،و النسائي 130/6-131،و ابن ماجة(2881)،و ابن حبان(3297)،و الطبراني(1591-1592-1593-1594)،و البيهقي 2/ 149،و 340/6-342.
3- انظر النشر 288/2،و الكشف لمكي 528/1.
4- انظر البرهان 434/2،و 436/2-473 حيث قال:«و لقد نقل ابن الحاجب في أماليه هذا الجواب عن أبي علي الفارسي،و قد بينا أنه من كلام الأخفش،ثم اعترض عليه بأنّ اللفظ و إن كان صالحا لإطلاقه على المثنى مجردا عن الصفات لا يصح إطلاقه خبرا دالا على التجريد من الصفات،و إنما يعنى باللفظ ذاته الموضوعة له»ا ه.

بالأدنى عنه و عمّا فوقه اكتفاء.

و نظيره: فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ [البقرة:282].و الأحسن أنّ الضمير عائد على الشهيدين المطلقين.

و من الصفات المؤكدة قوله: وَ لا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ [الأنعام:38]،فقوله:

يَطِيرُ لتأكيد أنّ المراد بالطائر حقيقته،فقد يطلق مجازا على غيره،و قوله: بِجَناحَيْهِ لتأكيد حقيقة الطيران،لأنه يطلق مجازا على شدّة العدو و الإسراع في المشي (1).

و نظيره: يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ [الفتح:11]؛لأنّ القول يطلق مجازا على غير اللسان، بدليل: وَ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ [المجادلة:8] (2).

و كذا: وَ لكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46]؛لأنّ القلب قد يطلق مجازا على العين،كما أطلقت العين مجازا على القلب في قوله: اَلَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي [الكهف:101] (3).

قاعدة:الصفة العامة لا تأتي بعد الخاصة (4):لا يقال:رجل فصيح متكلّم،بل متكلّم فصيح.و أشكل على هذه قوله تعالى في إسماعيل: وَ كانَ رَسُولاً نَبِيًّا [مريم:51]:

و أجيب أنه حال لا صفة،أي:مرسلا في حال نبوّته،و قد تقدّم في نوع التقديم و التأخير أمثلة من هذه.

قاعدة:إذا وقعت الصّفة بعد متضايفين أوّلهما عدد:جاز إجراؤها على المضاف، و على المضاف إليه:فمن الأول سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً [الملك:3]،و من الثاني: سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ [يوسف:43].

فائدة:إذا تكررت النعوت لواحد (5):فالأحسن-إن تباعد معنى الصفات-العطف، نحو: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّاهِرُ وَ الْباطِنُ [الحديد:3].و إلاّ تركه،نحو: وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ مَهِينٍ(10) هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ(11) مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ(12) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ [القلم:10-13].1.

ص: 115


1- انظر البرهان 425/2.
2- البرهان 427/2-428.
3- انظر البرهان 428/2-429.
4- انظر البرهان 429/2.
5- انظر البرهان 446/1.

فائدة:قطع النعوت في مقام المدح و الذّم أبلغ من إجرائها (1).قال الفارسيّ:إذا ذكرت صفات في معرض المدح أو الذم،فالأحسن أن يخالف في إعرابها،لأنّ المقام يقتضي الإطناب،فإذا خولف في الإعراب كان المقصود أكمل؛لأنّ المعاني عند الاختلاف تتنوّع و تتفنّن،و عند الاتحاد تكون نوعا واحدا.

مثاله في المدح: وَ الْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ الْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَ الْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ [النساء:162]، وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ إلى قوله: وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَ الصّابِرِينَ [البقرة:177].

و قرئ شاذّا: وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ برفع رَبِّ و نصبه.

و مثاله في الذّمّ: وَ امْرَأَتُهُ حَمّالَةَ الْحَطَبِ [المسد:40].

النوع السادس:البدل (2):

و القصد به الإيضاح بعد الإبهام.و فائدته البيان و التأكيد.

أمّا الأوّل (2):فواضح أنك إذا قلت:(رأيت زيدا أخاك)بيّنت أنك تريد بزيد الأخ لا غير.

أمّا التأكيد:فلأنّه على نيّة تكرار العامل،فكأنه من جملتين،و لأنه دلّ على ما دلّ عليه الأول:إمّا بالمطابقة في بدل الكلّ،أو بالتضمّن في بدل البعض،أو بالالتزام في بدل الاشتمال.

مثال الأول: اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ(6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7،6]. وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللّهِ [الشورى:53،52]. لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ [العلق:16،15].

و مثال الثاني: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97].

وَ لَوْ لا دَفْعُ اللّهِ النّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ [البقرة:251].

و مثال الثالث: وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الكهف:63].

ص: 116


1- انظر البرهان 246/1.
2- أي:البيان.

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ [البقرة:217]. قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ(4) اَلنّارِ [البروج:5،4]. لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ [الزخرف:33].

و زاد بعضهم بدل الكلّ من البعض،و قد وجدت له مثالا في القرآن،و هو قوله:

يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً جَنّاتِ عَدْنٍ [مريم:61،60]فجنات عدن بدل من الجنّة التي هي بعض.و فائدته:تقرير أنها جنات كثيرة لا جنّة واحدة.

و قال ابن السيّد (1):و ليس كلّ بدل يقصد به رفع الإشكال الذي يعرض في المبدل منه،بل من البدل ما يراد به التأكيد،و إن كان ما قبله غنيّا عنه،كقوله: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللّهِ [الشورى:53،52]أ لا ترى أنّه لو لم يذكر الصراط الثاني لم يشكّ أحد في أنّ الصراط المستقيم هو صراط اللّه؟و قد نصّ سيبويه على:أنّ من البدل ما الغرض منه التأكيد.انتهى.

و جعل منه ابن عبد السلام: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ [الأنعام:74]قال:و لا بيان فيه؛لأنّ الأب لا يلتبس بغيره،و ردّ:بأنّه يطلق على الجدّ،فأبدل لبيان إرادة الأب حقيقة.

النوع السابع:عطف البيان (2):

و هو كالصّفة في الإيضاح،لكن يفارقها في أنه وضع ليدلّ على الإيضاح باسم مختصّ به،بخلافها؛فإنّها وضعت لتدلّ على معنى حاصل في متبوعها (2).

و فرّق ابن كيسان بينه و بين البدل (3):بأنّ البدل هو المقصود،و كأنك قرّرته في موضع المبدل منه،و عطف البيان و ما عطف عليه كلّ منهما مقصود.

و قال ابن مالك في شرح الكافية:عطف البيان يجري مجرى النّعت في تكميل متبوعه،و يفارقه في أنّ تكميله متبوعه بشرح و تبيين،لا بدلالة على معنى في المتبوع،أو

ص: 117


1- نقله في البرهان 454/2.
2- عطف البيان وضع ليدل على الإيضاح باسم يختص به،و إن استعمل في غير الإيضاح،كالمدح في قوله تعالى: جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ [المائدة:97]،فإنّ اَلْبَيْتَ الْحَرامَ عطف بيان جيء به للمدح لا للإيضاح،و أما الصفة فوضعت لتدل على معنى حاصل في متبوعه،و إن كانت في بعض الصور مفيدة للإيضاح للعلم بمتبوعها من غيرها.انظر البرهان 463/2.
3- انظر البرهان 464/2.

سببيّة.و مجرى التأكيد في تقوية دلالته،و يفارقه في أنه لا يرفع توهّم مجاز،و مجرى البدل في صلاحيته للاستقلال،و يفارقه في أنه غير منويّ الاطراح.و من أمثلته: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ [آل عمران:97]، مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ [النور:35].

و قد يأتي لمجرّد المدح بلا إيضاح،و منه: جَعَلَ اللّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ [المائدة:97].فالبيت الحرام عطف بيان للمدح لا للإيضاح.

النوع الثامن:عطف أحد المترادفين على الآخر:

و القصد منه التأكيد-أيضا-.و جعل منه: إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي [يوسف:86]، فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَ ما ضَعُفُوا [آل عمران:146]، فَلا يَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً [طه:112]، لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشى [طه:77]، لا تَرى فِيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً(107) [طه:107]:قال الخليل:العوج و الأمت بمعنى واحد. سِرَّهُمْ وَ نَجْواهُمْ [التوبة:78،و الزخرف:80]. شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً [المائدة:48]. لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ [المدثر:28]، إِلاّ دُعاءً وَ نِداءً (1)[البقرة:171]، أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا [الأحزاب:67]، لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ [فاطر:35]،فإنّ نصب كلغب وزنا و معنى.

صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ [البقرة:157]. عُذْراً أَوْ نُذْراً(6) [المرسلات:6].قال ثعلب:

هما بمعنى.

و أنكر المبرّد (2)وجود هذا النوع في القرآن،و أوّل ما سبق على اختلاف المعنيين.

و قال بعضهم (3):المخلص في هذا:أن تعتقد أن مجموع المترادفين يحصّل معنى لا يوجد عند انفرادهما،فإنّ التركيب يحدث معنى زائدا،و إذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى فكذلك كثرة الألفاظ.

النوع التاسع:عطف الخاص على العام (4):

و فائدته التنبيه على فضله،حتى كأنه ليس من جنس العام،تنزيلا للتغاير في الوصف منزلة التغاير في الذات.

ص: 118


1- فرّق الراغب بين النداء و الدعاء بأن النداء قد يقال إذا قيل:«يا»أو«أيا»و نحوه من غير أن يضم إليه الاسم،و الدعاء لا يكاد يقال إلا إذا كان معه الاسم،نحو:يا فلان.انظر البرهان 473/2.
2- نقله في البرهان 476/2.
3- نقله في البرهان 476/2.

و حكى أبو حيان (1)عن شيخه أبي جعفر بن الزبير أنه كان يقول:هذا العطف يسمى بالتجريد،كأنه جرّد من الجملة و أفرد بالذكر تفضيلا.

و من أمثلته: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى [البقرة:238]، مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ رُسُلِهِ وَ جِبْرِيلَ وَ مِيكالَ [البقرة:98]، وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [آل عمران:104]، وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ [الأعراف:170]؛فإنّ إقامتها من جملة التمسّك بالكتاب،و خصّت بالذكر إظهارا لمرتبتها،لكونها عماد الدين.

و خصّ جبريل و ميكائيل بالذكر ردّا على اليهود في دعوى عداوته،و ضمّ إليه ميكائيل لأنه ملك الرزق الذي هو حياة الأجساد،كما أنّ جبريل ملك الوحي الذي هو حياة القلوب و الأرواح (2).

و قيل:إنّ جبريل و ميكائيل لمّا كانا أميري الملائكة لم يدخلا في لفظ الملائكة أولا، كما أنّ الأمير لا يدخل في مسمّى الجند.حكاه الكرمانيّ في العجائب.

و من ذلك: وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ [النساء:110]، وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَ لَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْ ءٌ [الأنعام:93]:بناء على أنّه لا يختصّ بالواو،كما هو رأي ابن مالك فيه و فيما قبله.و خصّ المعطوف في الثانية بالذكر تنبيها على زيادة قبحه.

تنبيه:المراد بالخاصّ و العام هنا ما كان فيه الأول شاملا للثاني،لا المصطلح عليه في الأصول.

النوع العاشر:عطف العام على الخاص (3):

و أنكر بعضهم وجوده،فأخطأ.و الفائدة فيه واضحة،و هو التعميم،و أفرد الأول بالذكر اهتماما بشأنه.

و من أمثلته: إِنَّ صَلاتِي وَ نُسُكِي [الأنعام:162].و النّسك العبادة،فهو أعمّ.

آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ [الحجر:87]. رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ [نوح:28]

ص: 119


1- نقله في البرهان 465/2.
2- انظر البرهان 466/2.

، فَإِنَّ اللّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَ جِبْرِيلُ وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ [التحريم:4].

و جعل منه الزمخشري (1): وَ مَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ [يونس:31]،بعد قوله: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ [يونس:31].

النوع الحادي عشر:الإيضاح بعد الإبهام (2):

قال أهل البيان:إذا أردت أن تبهم ثم توضح فإنّك تطنب.

و فائدته:إما رؤية المعنى في صورتين مختلفتين:الإبهام و الإيضاح،أو لتمكّن المعنى في النفس تمكّنا زائدا لوقوعه بعد الطلب؛فإنّه أعزّ من المنساق بلا تعب،أو لتكمل لذّة العلم به؛فإنّ الشيء إذا علم من وجه ما،تشوّقت النفس للعلم به من باقي وجوهه و تألمت،فإذا حصل العلم من بقية الوجوه كانت لذّته أشدّ من علمه من جميع وجوهه دفعة واحدة.

و من أمثلته: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [طه:25]،فإنّ اِشْرَحْ يفيد طلب شرح شيء ما،و صَدْرِي يفيد تفسيره و بيانه.و كذلك: وَ يَسِّرْ لِي أَمْرِي(26) [طه:26]،و المقام يقتضي التأكيد للإرسال المؤذن بتلقي الشدائد.و كذلك أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) [الشرح:1]،فإنّ المقام يقتضي التأكيد،لأنه مقام امتنان و تفخيم.و كذا وَ قَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ(66) [الحجر:66].

و منه التفصيل بعد الإجمال (2):نحو: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً إلى قوله: مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [التوبة:36]،و عكسه،كقوله: ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَ سَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ [البقرة:196]،أعيد ذكر(العشرة)لرفع توهّم أنّ الواو في وَ سَبْعَةٍ بمعنى(أو)فتكون الثلاثة داخلة فيها،كما في قوله: خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ ثم قال:

وَ جَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها وَ بارَكَ فِيها وَ قَدَّرَ فِيها أَقْواتَها فِي أَرْبَعَةِ أَيّامٍ [فصلت:10،9]،فإنّ من جملتها اليومين المذكورين أولا،و ليست أربعة غيرهما.و هذا أحسن الأجوبة في

ص: 120


1- انظر الكشاف 736/2،و البرهان 472/2.
2- انظر البرهان 478/2.

الآية،و هو الذي أشار إليه الزمخشري (1)،و رجّحه ابن عبد السلام (2)،و جزم به الزملكانيّ في«أسرار التنزيل».قال:و نظيره: وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ [الأعراف:142]،فإنّه رافع لاحتمال أن تكون تلك العشرة من غير مواعدة.قال ابن عسكر (3):و فائدة الوعد بثلاثين أوّلا،ثم بعشر،ليتجدّد له قرب انقضاء المواعدة،و يكون فيه متأهّبا مجتمع الرأي،حاضر الذهن؛لأنه لو وعد بالأربعين أولا كانت متساوية،فلمّا فصلت استشعرت النفس قرب التمام،و تجدّد بذلك عزم لم يتقدم.

و قال الكرمانيّ في«العجائب» (4):في قوله: تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ثمانية أجوبة:

جوابان من التفسير،و جواب من الفقه،و جواب من النحو،و جواب من اللغة،و جواب من المعنى،و جوابان من الحساب،و قد سقتها في«أسرار التنزيل».

النوع الثاني عشر:التفسير:

قال أهل البيان:و هو أن يكون في الكلام لبس و خفاء،فيؤتى بما يزيله و يفسّره.

و من أمثلته: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً(19) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً(20) وَ إِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً [المعارج:19-21].فقوله: إِذا مَسَّهُمْ إلخ..تفسير للهلوع،كما قال أبو العالية و غيره.

اَلْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ [البقرة:255]قال البيهقي في«شرح الأسماء الحسنى»:قوله: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ :تفسير للقيّوم (5).

يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ الآية[البقرة:49]فيذبحون و ما بعده تفسير للسّوم.

إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ [آل عمران:59]الآية.

ف(-خلقه)و ما بعده تفسير للمثل.

لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ [الممتحنة:1]ف تُلْقُونَ تفسير لاتخاذهم أولياء.

اَلصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ الآية[الإخلاص:3،2]قال محمد بن كعب

ص: 121


1- الكشاف 444/3-445.
2- انظر الفوائد في مشكل القرآن ص 155-156.
3- نقله في البرهان 479/2.
4- انظر الدر المصون 320/2-321،و البرهان 480/2-482.
5- الأسماء و الصفات 93/1.

القرظيّ:لم يلد إلى آخره تفسير للصّمد،و هو في القرآن كثير.قال ابن جنّي:و متى كانت الجملة تفسيرا لم يحسن الوقف على ما قبلها دونها؛لأنّ تفسير الشيء لاحق به و متمّم له و جار مجرى بعض أجزائه.

النوع الثالث عشر:وضع الظاهر موضع المضمر (1):
اشارة

و رأيت فيه تأليفا مفردا لابن الصائغ.و له فوائد:

منها:زيادة التقرير و التمكين:نحو: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) اَللّهُ الصَّمَدُ [الإخلاص:2،1]،و الأصل:هو الصمد. وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ [الإسراء:105]، إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ [غافر:61]، لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَ ما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ وَ ما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللّهِ [آل عمران:78].

و منها:قصد التعظيم:نحو: وَ اتَّقُوا اللّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ [البقرة:282]، أُولئِكَ حِزْبُ اللّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة:22]، وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78]، وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26].

و منها:قصد الإهانة و التحقير:نحو: أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ [المجادلة:19]. إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ [الإسراء:53].

و منها:إزالة اللّبس حيث يوهم الضمير أنه غير الأوّل: قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ [آل عمران:26].لو قال:(تؤتيه)لأوهم أنه الأول،قال ابن الخشّاب (2).

اَلظّانِّينَ بِاللّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح:6]؛لأنّه لو قال:(عليهم دائرته) لأوهم أنّ الضمير عائد إلى اللّه تعالى (3). فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ [يوسف:76]لم يقل:(منه)لئلا يتوهّم عود الضمير إلى الأخ،فيصير كأنه مباشر بطلب خروجها،و ليس كذلك؛لما في المباشرة من الأذى الذي تأباه النفوس

ص: 122


1- انظر تأويل مشكل القرآن ص 275،و البرهان 482/2.
2- نقله في البرهان 488/2.
3- كرر السوء؛لأنه لو قال:(عليهم دائرته)لالتبس بأن يكون الضمير عائدا إلى اللّه،قاله الوزير المغربي في تفسيره.انظر البرهان 488/2-489.

الأبيّة،فأعيد لفظ الظاهر لنفي هذا،و لم يقل:(من وعائه)لئلا يتوهم عود الضمير إلى يوسف؛لأنّ العائد عليه ضمير اِسْتَخْرَجَها .

و منها:قصد تربية المهابة:و إدخال الرّوع على ضمير السامع،بذكر الاسم المقتضي لذلك،كما تقول:الخليفة أمير المؤمنين يأمرك بكذا.و منه: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها [النساء:58]، إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ [النحل:90].

و منها:قصد تقوية داعية المأمور:و منه: فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران:159] (1).

و منها:تعظيم الأمر:نحو: أَ وَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ [العنكبوت:19]، قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ [العنكبوت:20]، هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً(1) إِنّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ [الإنسان:2،1].

و منها:الاستلذاذ بذكره:و منه: وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ [الزمر:74]لم يقل:(منها)،و لهذا عدل عن ذكر الأرض إلى الجنة.

و منها:قصد التوصّل من الظاهر إلى الوصف:و منه: فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ بعد قوله؛ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ [الأعراف:158].لم يقل:(فأمنوا باللّه و بي)ليتمكّن من إجراء الصفات التي ذكرها،و ليعلم أنّ الذي وجب الإيمان به و الاتباع له هو من وصف بهذه الصفات،و لو أتى بالضمير لم يمكن ذلك،لأنه لا يوصف.

و منها:التنبيه على علّية الحكم:نحو: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً [البقرة:59]، فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ [البقرة:98] لم يقل:(لهم)إعلاما بأن من عادى هؤلاء فهو كافر،و إنّ اللّه إنّما عاداه لكفره. فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [يونس:17]، وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ(170) [الأعراف:170]، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّالِحاتِ إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً(30) [الكهف:30].2.

ص: 123


1- لم يقل(عليّ)،و حين قال: عَلَى اللّهِ لم يقل:(إنه يحب)،أو:(إني أحب)تقوية لداعية المأمور بالتوكل بالتصريح باسم المتوكل.انظر البرهان 491/2.

و منها:قصد العموم:نحو: وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمّارَةٌ [يوسف:53]،لم يقل:(إنّها)لئلاّ يفهم تخصيص ذلك بنفسه. أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَ أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً [النساء:151].

و منها:قصد الخصوص:نحو: وَ امْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ [الأحزاب:50] لم يقل:(لك)تصريحا بأنه خاصّ به.

و منها:الإشارة إلى عدم دخول الجملة في حكم الأولى:نحو: فَإِنْ يَشَإِ اللّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ [الشورى:24]فإن وَ يَمْحُ اللّهُ استئناف لا داخل في حكم الشرط.

و منها:مراعاة الجناس:و منه: أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ السورة،ذكره الشيخ عز الدين، و مثله ابن الصائغ بقوله: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ(2) [العلق:2]،ثم قال: عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ(5) كَلاّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى ،فإنّ المراد بالإنسان الأول الجنس.و بالثاني:آدم،أو من يعلم الكتابة،أو إدريس.و بالثالث أبو جهل.

و منها:مراعاة الترصيع و توازن الألفاظ في التركيب:ذكره بعضهم في قوله: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى [البقرة:282].

و منها:أن يتحمّل ضميرا لا بدّ منه:و منه: حَتّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها [الكهف:77]لو قال:(استطعماها)لم يصحّ،لأنهما لم يستطعما القرية،أو:

(استطعماهم)فكذلك؛لأنّ جملة(استطعما)صفة لقرية نكرة،لا ل(أهل)،فلا بدّ أن يكون فيها ضمير يعود عليها،و لا يمكن إلاّ مع التصريح بالظاهر.كذا حرّره السبكيّ في جواب سؤال سأله الصلاح الصفدي في ذلك حيث قال:

أ سيّدنا قاضي القضاة و من إذا بدا وجهه استحيا له القمران

و من كفّه يوم الندى و يراعه على طرسه بحران يلتقيان

و من إن دجت في المشكلات مسائل جلاها بفكر دائم اللّمعان

رأيت كتاب اللّه أكبر معجز لأفضل من يهدى به الثقلان

و من جملة الإعجاز كون اختصاره بإيجاز ألفاظ و بسط معان

و لكنّني في الكهف أبصرت آية بها الفكر في طول الزّمان عناني

و ما هي إلاّ اِسْتَطْعَما أَهْلَها فقد نرى استطعماهم مثله ببيان

ص: 124

فما الحكمة الغرّاء في وضع ظاهر مكان ضمير إن ذاك لشان

فأرشد على عادات فضلك حيرتي فما لي بها عند البيان يدان

تنبيه

إعادة الظاهر بمعناه أحسن من إعادته بلفظه،

كما مرّ في آيات: إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [الأعراف:170]، إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً [الكهف:30]و نحوها.

و منه: ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ لاَ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَ اللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ [البقرة:105]،فإنّ إنزال الخير مناسب للربوبية،و أعاده بلفظ(اللّه)لأنّ تخصيص الناس بالخير دون غيرهم مناسب للإلهية،لأنّ دائرة الربوبية أوسع.

و منه: اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ إلى قوله: بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1].

و إعادته في جملة أخرى أحسن منه في الجملة الواحدة لانفصالها.و بعد الطول أحسن من الإضمار،لئلا يبقى الذهن متشاغلا بسبب ما يعود عليه،فيفوته ما شرع فيه، كقوله: وَ تِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ [الأنعام:83]بعد قوله: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ [الأنعام:74].

النوع الرابع عشر:الإيغال،و هو الإمعان:

و هو ختم الكلام بما يفيد نكتة يتمّ المعنى بدونها.و زعم بعضهم أنه خاصّ بالشعر.

و ردّ:بأنّه وقع في القرآن من ذلك: يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اِتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ [يس:21،20]،فقوله: وَ هُمْ مُهْتَدُونَ إيغال،لأنّه يتمّ المعنى بدونه،إذ الرسول مهتد لا محالة،لكن فيه زيادة مبالغة في الحث على اتباع الرسل و الترغيب فيه.

و جعل ابن أبي الإصبع منه: وَ لا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ [النمل:80]؛فإنّ قوله: إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ زائد على المعنى،مبالغة في عدم انتفاعهم. وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]زائدا على المعنى،لمدح المؤمنين و التعريض بالذم لليهود،و أنهم بعيدون عن الإيقان. إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ [الذاريات:23]،فقوله:

مِثْلَ ما إلى آخره..إيغال زائد على المعنى،لتحقيق هذا الوعد،و أنه واقع معلوم ضرورة،لا يرتاب فيه أحد.

ص: 125

النوع الخامس:التّذييل (1):

و هو أن يؤتى بجملة عقب جملة،و الثانية تشتمل على المعنى الأول،لتأكيد منطوقه أو مفهومه،ليظهر المعنى لمن لم يفهمه،و يتقرّر عند من فهمه.نحو: ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَ هَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ(17) [سبأ:17]، وَ قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً(81) [الإسراء:81] وَ ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَ فَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [الأنبياء:34]، كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]. وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَ لا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:14].

النوع السادس عشر:الطّرد و العكس:

قال الطّيبيّ:و هو أن يؤتى بكلامين،يقرّر الأوّل بمنطوقه مفهوم الثاني و بالعكس، كقوله: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرّاتٍ إلى قوله:

لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَ لا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ [النور:58]،فمنطوق الأمر بالاستئذان في تلك الأوقات خاصّة مقرّر لمفهوم رفع الجناح فيما عداها،و بالعكس.و كذا قوله: لا يَعْصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].

قلت:و هذا النوع يقابله في الإيجاز نوع الاحتباك.

النوع السابع عشر:التكميل (2):

و يسمّى بالاحتراس،و هو أن يؤتى في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفع ذلك الوهم،نحو: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ [المائدة:54]،فإنّه لو اقتصر على أَذِلَّةٍ لتوهّم أنه لضعفهم،فدفعه بقوله: أَعِزَّةٍ .و مثله: أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29].لو اقتصر على(أشدّاء)لتوهّم أنه لغلظهم. تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ [طه:22] لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ [النمل:18].احتراس،لئلا يتوهّم نسبة الظلم إلى سليمان.و مثله: فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الفتح:25].و كذا:

قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللّهِ وَ اللّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ [المنافقون:1]فالجملة الوسطى احتراس،لئلاّ يتوهم أنّ التكذيب مما في نفس الأمر.

قال في«عروس الأفراح»:فإن قيل:كلّ من ذلك أفاد معنى جديدا،فلا يكون

ص: 126

إطنابا.قلنا:هو إطناب لما قبله من حيث رفع توهّم غيره،و إن كان له معنى في نفسه.

النوع الثامن عشر:التتميم (1):

و هو أن يؤتى في كلام لا يوهم غير المراد بفضلة تفيد نكتة،كالمبالغة في قوله:

وَ يُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ [الإنسان:8]أي:مع حب الطعام،أي:اشتهائه،فإنّ الإطعام حينئذ أبلغ و أكثر أجرا.و مثله: وَ آتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ [البقرة:177]، وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ [طه:112]،فقوله: وَ هُوَ مُؤْمِنٌ تتميم في غاية الحسن.

النوع التاسع عشر:الاستقصاء:

و هو أن يتناول المتكلم معنى فيستقصيه،فيأتي بجميع عوارضه و لوازمه بعد أن يستقصي جميع أوصافه الذاتية،بحيث لا يترك لمن يتناوله بعده فيه مقالا،كقوله تعالى:

أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ [البقرة:266]الآية،فإنّه تعالى لو اقتصر على قوله:

ال جَنَّةٌ لكان كافيا،فلم يقف عند ذلك حتى قال في تفسيرها: مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ فإنّ مصاب صاحبها بها أعظم،ثم زاد: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ متمّما لوصفها بذلك، ثم كمل وصفها بعد التتميمين فقال: لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فأتى بكل ما يكون في الجنان ليشتدّ الأسف على إفسادها،ثم قال في وصف صاحبها: وَ أَصابَهُ الْكِبَرُ ثم استقصى المعنى في ذلك بما يوجب تعظيم المصاب،بقوله بعد وصفه بالكبر: وَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ و لم يقف عند ذلك حتى وصف الذرية ب ضُعَفاءُ ثم ذكر استئصال الجنة-التي ليس لهذا المصاب غيرها-بالهلاك في أسرع وقت حيث قال: فَأَصابَها إِعْصارٌ و لم يقتصر على ذكره،للعلم بأنه لا يحصل به سرعة الهلاك،فقال: فِيهِ نارٌ ثم لم يقف عند ذلك حتى أخبر باحتراقها،لاحتمال أن تكون النار ضعيفة لا تفي باحتراقها،لما فيها من الأنهار و رطوبة الأشجار،فاحترس عن هذا الاحتمال بقوله: فَاحْتَرَقَتْ فهذا أحسن استقصاء وقع في كلام و أتمّه و أكمله!.

قال ابن أبي الإصبع:و الفرق بين الاستقصاء و التتميم و التكميل:أنّ التتميم يرد على المعنى الناقص ليتمّم،و التكميل يرد على المعنى التام فيكمّل أوصافه،و الاستقصاء يرد على المعنى التام الكامل فيستقصي لوازمه و عوارضه و أوصافه و أسبابه،حتى يستوعب

ص: 127

جميع ما تقع الخواطر عليه،فلا يبقى لأحد فيه مساغ.

النوع العشرون:الاعتراض (1):

و سمّاه قدامة (1):التفاتا،و هو:الإتيان بجملة أو أكثر لا محلّ لها من الإعراب،في أثناء كلام أو كلامين اتصلا معنى،لنكتة غير دفع الإيهام.كقوله: وَ يَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَ لَهُمْ ما يَشْتَهُونَ(57) [النحل:57]فقوله: سُبْحانَهُ اعتراض لتنزيه اللّه سبحانه و تعالى عن البنات،و الشناعة على جاعليها.و قوله: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللّهُ آمِنِينَ [الفتح:27]فجملة الاستثناء اعتراض للتبرّك.

و من وقوعه بأكثر من جملة: فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة:222-223]فقوله: نِساؤُكُمْ متصل بقوله:

فَأْتُوهُنَّ لأنه بيان له،و ما بينهما اعتراض للحثّ على الطهارة و تجنّب الأدبار.

و قوله: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ إلى قوله: وَ قِيلَ بُعْداً [هود:44]فيه اعتراض بثلاث جمل،و هي: وَ غِيضَ الْماءُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ اسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ قال في«الأقصى القريب»:

و نكتته إفادة أن هذا الأمر واقع بين القولين لا محالة،و لو أتى به آخرا لكان الظاهر تأخّره، فبتوسّطه ظهر كونه غير متأخّر.ثم فيه اعتراض،فإنّ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ معترض بين وَ غِيضَ و وَ اسْتَوَتْ لأنّ الاستواء يحصل عقب الغيض (2).

و قوله: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ(46) إلى قوله: مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ [الرحمن:46- 54].فيه اعتراض بسبع جمل إذا أعرب حالا منه.

و من وقوع اعتراض في اعتراض: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ(75) وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ(76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ [الواقعة:75-77].اعتراض بين القسم و جوابه بقوله:

وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ الآية.و بين القسم وصفته بقوله: لَوْ تَعْلَمُونَ تعظيما للمقسم به و تحقيقا

ص: 128


1- هو قدامة بن جعفر،أبو الفرج،صاحب كتاب نقد الشعر.انظر نقد الشعر ص 87.
2- انظر البرهان 62/3. (4)المقسم عليه هاهنا قوله؛ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ و وقع الاعتراض بين القسم و جوابه بقوله: وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ .و وقع الاعتراض بين الصفة و الموصوف في جملة هذا الاعتراض بقوله تعالى: لَوْ تَعْلَمُونَ فجاء هذا الاعتراض في ضمن هذا الاعتراض ألطف شيء و أحسنه موقعا،و أحسن ما يقع هذا الاعتراض إذا تضمن تأكيدا أو تنبيها أو احترازا.انظر التبيان في أقسام القرآن ص 200 بتحقيقنا.

لإجلاله،و إعلاما لهم بأن له عظمة لا يعلمونها (1).

قال الطيبيّ في«التبيان»:و وجه حسن الاعتراض حسن الإفادة،مع أنّ مجيئه مجيء ما لا يترقّب،فيكون كالحسنة تأتيك من حيث لا تحتسب.

النوع الحادي و العشرون:التعليل:

و فائدته:التقرير و الأبلغية،فإنّ النفوس أبعث على قبول الأحكام المعلّلة من غيرها، و غالب التعليل في القرآن على تقدير جواب سؤال اقتضته الجملة الأولى.

و حروفه:اللاّم،و إن،و أن،و إذ،و الباء،و كي،و من،و لعلّ،و قد مضت أمثلتها في نوع الأدوات.

و ممّا يقتضي التعليل لفظ(الحكمة)كقوله: حِكْمَةٌ بالِغَةٌ [القمر:5]و ذكر الغاية من الخلق،نحو قوله: جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً [البقرة:22]، أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً(6) وَ الْجِبالَ أَوْتاداً [النبأ:7،6].

ص: 129


1- انظر البرهان 91/2.

النوع السابع و الخمسون

اشارة

في الخبر و الانشاء (1)

اعلم أنّ الحذّاق من النحاة و غيرهم،و أهل البيان قاطبة:على انحصار الكلام فيهما، و أنه ليس له قسم ثالث.

و ادّعى قوم:أن أقسام الكلام عشرة:نداء،و مسألة،و أمر،و تشفّع،و تعجّب، و قسم،و شرط،و وضع،و شك،و استفهام.

و قيل:تسعة،بإسقاط الاستفهام لدخوله في المسألة.

و قيل:ثمانية؛بإسقاط التشفع لدخوله فيها.

و قيل:سبعة بإسقاط الشكّ لأنّه من قسم الخبر.

و قال الأخفش:هي ستة:خبر،و استخبار،و أمر،و نهي،و نداء،و تمنّ.

و قال بعضهم:خمسة:خبر،و أمر،و تصريح،و طلب،و نداء.

و قال قوم:أربعة:خبر،و استخبار،و طلب،و نداء.

و قال كثيرون:ثلاثة:خبر،و طلب،و إنشاء،قالوا:لأنّ الكلام إمّا أن يحتمل التصديق و التكذيب أو لا:الأول الخبر،و الثاني:إن اقترن معناه بلفظه فهو الإنشاء،و إن لم يقترن بل تأخّر عنه فهو الطلب.و المحققون على دخول الطلب في الإنشاء،و أنّ معنى (اضرب)مثلا-و هو طلب الضرب-مقترن بلفظه،و أمّا الضرب الذي يوجد بعد ذلك فهو متعلّق الطلب لا نفسه.

أما الخبر

اشارة

و قد اختلف الناس في حدّ الخبر:فقيل:لا يحدّ لعسره،و قيل:لأنه ضروريّ؛لأنّ الإنسان يفرّق بين الإنشاء و الخبر ضرورة.و رجّحه الإمام في المحصول (2).

و الأكثر على حدّه،قال القاضي أبو بكر و المعتزلة:الخبر:الكلام الذي يدخله

ص: 130


1- انظر هذا المبحث في البرهان 316/2-381.
2- انظر المحصول للرازي 215/4-226.

الصدق و الكذب.فأورد عليه:خبر اللّه تعالى،فإنه لا يكون إلاّ صادقا؟فأجاب القاضي بأنّه يصحّ دخوله لغة.

و قيل:الذي يدخله التصديق و التكذيب،هو سالم من الإيراد المذكور.

و قال أبو الحسن البصريّ:كلام يفيد بنفسه.فأورد عليه،نحو:(قم)،فإنّه يدخل في الحدّ؛لأنّ القيام منسوب و الطلب منسوب.

و قيل:الكلام المفيد بنفسه إضافة أمر من الأمور إلى أمر من الأمور:نفيا أو إثباتا.

و قيل:القول المقتضي بصريحه نسبة معلوم إلى معلوم بالنفي أو الإثبات.

و قال بعض المتأخرين:الإنشاء ما يحصل مدلوله في الخارج بالكلام،و الخبر خلافه.

و قال بعض من جعل الأقسام ثلاثة:

الكلام إن أفاد بالوضع طلبا،فلا يخلو:إمّا أن يكون بطلب ذكر الماهيّة،أو تحصيلها،أو الكف عنها.و الأول الاستفهام،و الثاني الأمر،و الثالث النهي.

و إن لم يفد طلبا بالوضع:فإن لم يحتمل الصدق و الكذب سمّي تنبيها و إنشاء،لأنك نبّهت به على مقصودك و أنشأته:أي:ابتكرته،من غير أن يكون موجودا في الخارج، سواء أفاد طلبا باللازم كالتمنّي و الترجّي و النداء و القسم،أم لا:كأنت طالق.

و إن احتملهما من حيث هو فهو الخبر.

فصل : القصد بالخبر إفادة المخاطب،

و قد يرد بمعنى الأمر:نحو: وَ الْوالِداتُ يُرْضِعْنَ [البقرة:233]، وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ [البقرة:228].

و بمعنى النهي:نحو: لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ(79) [الواقعة:79].

و بمعنى الدعاء:نحو: وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].أي:أعنّا.و منه: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ (1) [المسد:1]؛فإنه دعاء عليه.و كذا: غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَ لُعِنُوا بِما قالُوا [المائدة:64].

و جعل منه قوم: حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ [النساء:90]قالوا:هو دعاء عليهم بضيق صدورهم عن قتال أحد (1).

ص: 131


1- انظر تفسير البغوي 461/1،و الدر المصون 68/4،و التسهيل 151/1.قال الحدادي في وضح البرهان 291/1:«و يجوز على معنى الدعاء،فيكون اعتراضا»ا ه.

و نازع ابن العربيّ في قولهم:إنّ الخبر يرد بمعنى الأمر أو النهي،قال في قوله تعالى: فَلا رَفَثَ [البقرة:197]:ليس نفيا لوجود الرّفث،بل نفي لمشروعيّته (1)،فإنّ الرفث يوجد من بعض الناس،و أخبار اللّه تعالى لا يجوز أن تقع بخلاف مخبره؛و إنما يرجع النفي إلى وجوده مشروعا لا إلى وجوده محسوسا،كقوله: وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ [البقرة:228]و معناه:مشروعا لا محسوسا،فإنا نجد مطلقات لا يتربّصن،فعاد النفيّ إلى الحكم الشرعيّ لا إلى الوجود الحسّي.و كذا: لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ(79) [الواقعة:79] أي:لا يمسّه أحد منهم شرعا،فإن وجد المسّ فعلى خلاف حكم الشرع.

قال:و هذه الدّفينة التي فاتت العلماء،فقالوا:إنّ الخبر يكون بمعنى النهي،و ما وجد ذلك قط،و لا يصحّ أن يوجد؛فإنهما مختلفان حقيقة و يتباينان وضعا.انتهى.

فرع (2)

اشارة

من أقسامه على الأصحّ التعجب،

قال ابن فارس:و هو تفضيل شيء على أضرابه.

و قال ابن الصائغ:استعظام صفة،خرج بها المتعجّب منه عن نظائره.

و قال الزمخشريّ (2):معنى التّعجب تعظيم الأمر في قلوب السامعين؛لأنّ التعجّب لا يكون إلاّ من شيء خارج عن نظائره و أشكاله.

و قال الرّمانيّ:المطلوب في التعجّب الإبهام؛لأنّ من شأن الناس أن يتعجّبوا ممّا لا يعرف سببه،فكلما استبهم السبب كان التعجّب أحسن.

قال:و أصل التعجّب إنّما هو للمعنى الخفي سببه،و الصيغة الدّالّة عليه تسمّى تعجّبا مجازا.

قال:و من أجل الإبهام لم تعمل(نعم)إلاّ في الجنس من أجل التفخيم؛ليقع التفسير على نحو التفخيم بالإضمار قبل الذكر.

ثم قد وضعوا للتعجّب صيغا من لفظه،و هي:(ما أفعل)و:(أفعل به)و صيغا من غير لفظه،نحو(كبر)كقوله: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ [الكهف:5]،

ص: 132


1- انظر الدر المصون 323/2-327.
2- انظر أساس البلاغة ص 293،و الكشاف 418/4 في تفسير سورة الصف،كما ذكره في البرهان 2/ 317.

كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللّهِ [الصف:3]، كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ [البقرة:28].

قاعدة

قال المحقّقون:إذا ورد التعجّب من اللّه صرف إلى المخاطب،

كقوله: فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النّارِ [البقرة:175]أي:هؤلاء يجب أن يتعجّب منهم.و إنما لا يوصف تعالى بالتعجّب؛لأنه استعظام يصحبه الجهل،و هو تعالى منزّه عن ذلك،و لهذا تعبّر جماعة بالتعجيب بدله:أي:أنه تعجيب من اللّه للمخاطبين.

و نظير هذا مجيء الدعاء و الترجّي منه تعالى،إنّما هو بالنظر إلى ما تفهمه العرب، أي:هؤلاء ممّا يجب أن يقال لهم:عندكم هذا،و لذلك قال سيبويه في قوله: لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [طه:44]المعنى:اذهبا على رجائكما و طمعكما.و في قوله: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ(1) [المطففين:1]، وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ(10) [المطففين:10]:لا نقول هذا دعاء،لأنّ الكلام بذلك قبيح،و لكن العرب إنّما تكلّموا بكلامهم و جاء القرآن على لغتهم و على ما يعنون،فكأنه قيل لهم: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ(1) أي:هؤلاء ممّا وجب هذا القول لهم؛لأنّ هذا الكلام إنما يقال لصاحب الشرور و الهلكة،فقيل:هؤلاء ممّن دخل في الهلكة.

فرع

من أقسام الخبر:الوعد و الوعيد،

نحو: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ [فصلت:53] وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ [الشعراء:227]و في كلام ابن قتيبة ما يوهم أنه إنشاء.

فرع

اشارة

من أقسام الخبر:النفي،

بل هو شطر الكلام كلّه.و الفرق بينه و بين الجحد:أنّ النافي إن كان صادقا سمّي كلامه نفيا و لا يسمّى جحدا،و إن كان كاذبا سمّي جحدا و نفيا أيضا،فكلّ جحد نفي،و ليس كلّ نفي جحدا.ذكره أبو جعفر النحاس و ابن الشجريّ و غيرهما.

مثال النفي: ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ [الأحزاب:40].

و مثال الجحد:نفي فرعون و قومه آيات موسى،قال تعالى: فَلَمّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ(13) وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ [النمل:14،13].

و أدوات النفي:لا،و لات،و ليس،و ما،و إن،و لم،و لمّا.و قد تقدّمت معانيها و ما

ص: 133

افترقت فيه في نوع الأدوات (1).

و نورد هنا فائدة زائدة،قال الخويّي:أصل أدوات النفي(لا)و(ما)لأنّ النفي إمّا في الماضي و إمّا في المستقبل،و الاستقبال أكثر من الماضي أبدا،و(لا)أخفّ من(ما) فوضعوا الأخفّ للأكثر.

ثم إنّ النفي في الماضي:إمّا أن يكون نفيا واحدا مستمرّا،أو نفيا فيه أحكام متعدّدة،و كذلك النّفي في المستقبل؛فصار النفي على أربعة أقسام،و اختاروا له أربع كلمات:ما،و لم،و لن،و لا.و أما إن و لمّا فليسا بأصلين.فما و لا في الماضي و المستقبل متقابلان،و لم كأنه مأخوذ من(لا)و(ما)،لأنّ(لم)نفي للاستقبال لفظا و المضيّ معنى،فأخذ اللاّم من(لا)التي هي لنفي المستقبل،و الميم من(ما)التي هي لنفي الماضي،و جمع بينهما إشارة إلى أنّ في(لم)إشارة إلى المستقبل و الماضي،و قدّم اللاّم على الميم إشارة إلى أنّ(لا)هي أصل النفي؛و لهذا ينفى بها في أثناء الكلام، فيقال:لم يفعل زيد و لا عمرو.و أمّا(لمّا)فتركيب بعد تركيب،كأنه قال:(لم)و(ما) لتوكيد معنى النفي في الماضي،و تفيد الاستقبال أيضا،و لهذا تفيد(لمّا)الاستمرار.

تنبيهات (2)

الأول:زعم بعضهم أنّ شرط صحة النفي عن الشيء صحّة اتصاف المنفيّ عنه بذلك الشيء،و هو مردود بقوله تعالى: وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمّا يَعْمَلُونَ [الأنعام:132]، وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم:64]، لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ [البقرة:255]،و نظائره.

و الصّواب:أنّ انتفاء الشيء عن الشيء قد يكون لكونه لا يمكن منه عقلا،و قد يكون لكونه لا يقع منه مع إمكانه.

الثاني:نفي الذات الموصوفة:قد يكون نفيا للصفة دون الذات،و قد يكون نفيا للذّات-أيضا-.

من الأول: وَ ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ [الأنبياء:8]أي:بل هم جسد يأكلونه.

و من الثاني: لا يَسْئَلُونَ النّاسَ إِلْحافاً [البقرة:273]أي:لا سؤال لهم

ص: 134


1- و هو النوع الأربعون-فيما سبق-.

أصلا،فلا يحصل منهم إلحاف. ما لِلظّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ [غافر:18]أي:

لا شفيع لهم أصلا. فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشّافِعِينَ(48) [المدثر:48]أي:لا شافعين لهم فتنفعهم شفاعتهم.بدليل: فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ(100) [الشعراء:100].

و يسمّى هذا النوع عند أهل البديع:نفي الشيء بإيجابه.

و عبارة ابن رشيق في تفسيره:أن يكون الكلام ظاهره إيجاب الشيء و باطنه نفيه،بأن ينفي ما هو من سببه كوصفه،و هو المنفيّ في الباطن.

و عبارة غيره:أن ينفى الشيء مقيّدا،و المراد نفيه مطلقا،مبالغة في النفي و تأكيدا له.

و منه: وَ مَنْ يَدْعُ مَعَ اللّهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ [المؤمنون:117]،فإنّ(الإله مع اللّه)لا يكون إلاّ عن غير برهان. وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ [البقرة:61]،فإنّ قتلهم لا يكون إلاّ بغير حقّ. رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها [الرعد:2]،فإنها لا عمد لها أصلا.

الثالث:قد ينفى الشيء رأسا،لعدم كمال وصفه أو انتفاء ثمرته.كقوله في صفة أهل النار: ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها وَ لا يَحْيى(13) [الأعلى:13]فنفى عنه الموت،لأنه ليس بموت صريح،و نفى عنه الحياة لأنها ليست بحياة طيبة و لا نافعة.

وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ [الأعراف:198]،فإنّ المعتزلة احتجّوا بها على نفي الرؤية؛فإنّ النظر في قوله تعالى: إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ(23) [القيامة:23]لا يستلزم الإبصار.و ردّ:بأن المعنى أنها تنظر إليه بإقبالها عليه،و ليست تبصر شيئا (1).

وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102]فإنّه وصفهم أولا بالعلم على سبيل التوكيد القسميّ، ثم نفاه آخرا عنهم لعدم جريهم على موجب العلم.قاله السكاكيّ.

الرابع:قالوا:المجاز يصحّ نفيه،بخلاف الحقيقة.و أشكل على ذلك: وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللّهَ رَمى [الأنفال:17]فإنّ المنفيّ فيه هو الحقيقة.

و أجيب:بأنّ المراد بالرّمي هنا المترتّب عليه؛و هو وصوله إلى الكفار،فالوارد عليه النفي هنا مجاز لا حقيقة،و التقدير:و ما رميت خلقا إذ رميت كسبا،أو ما رميت انتهاء إذ رميت ابتداء.».

ص: 135


1- لقد تواترت الأحاديث،و أجمع العلماء على أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة عيانا.و ينبغي إثبات ذلك.و الابتعاد عن التأويل و التحكمات التي لا أصل لها في كتاب و لا سنة.انظر كتابنا«رؤية اللّه في الآخرة»و هو ضمن مجموعة«عقائد أئمة السلف».

الخامس:نفي الاستطاعة:قد يراد به نفي القدرة و الإمكان،و قد يراد به نفي الامتناع،و قد يراد به الوقوع بمشقّة و كلفة.

من الأول: فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً [يس:50] فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها [الأنبياء:40] فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً(97) [الكهف:97].

و من الثاني: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ [المائدة:112]على القراءتين (1)،أي:هل يفعل،أو:هل تجيبنا إلى أن تسأل؟فقد علموا أنه قادر على الإنزال،و أنّ عيسى قادر على السؤال.

و من الثالث: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً [الكهف:67].

قاعدة:نفي العامّ يدل على نفي الخاص،و ثبوته لا يدلّ على ثبوته.و ثبوت الخاصّ يدل على ثبوت العام،و نفيه لا يدلّ على نفيه،و شكّ أنّ زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به،فلذلك كان نفي العام أحسن من نفي الخاص،و إثبات الخاصّ أحسن من إثبات العام.

فالأول:كقوله: فَلَمّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ [البقرة:17]لم يقل:

(بضوئهم)بعد قوله: أَضاءَتْ لأنّ النور أعم من الضّوء،إذ يقال على القليل و الكثير، و إنّما يقال الضوء على النور الكثير،و لذلك قال: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَ الْقَمَرَ نُوراً [يونس:5]ففي الضوء دلالة على النور،فهو أخصّ منه،فعدمه يوجب عدم الضوء، بخلاف العكس،و القصد إزالة النور عنهم أصلا،و لذا قال عقبه: وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ .

و منه: لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ [الأعراف:61]و لم يقل:(ضلال)كما قالوا: إِنّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ [الأعراف:60]؛لأنها أعمّ منه؛فكان أبلغ في نفي الضلال.و عبّر عن هذا:بأنّ نفي الواحد يلزم منه نفي الجنس البتّة،و بأنّ نفي الأدنى يلزم منه نفي الأعلى.

و الثاني:كقوله: وَ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ [آل عمران:133]و لم يقل:

(طولها)؛لأنّ العرض أخصّ؛إذ كلّ ما له عرض فله طول،و لا ينعكس.

و نظير هذه القاعدة:أنّ نفي المبالغة في الفعل لا يستلزم نفي أصل الفعل.و قد3.

ص: 136


1- قوله تعالى: هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ قرأه الكسائي بالتاء و نصب(ربّك)و قرأ الباقون:بالياء،و رفع(ربك)، و أدغم الكسائي اللام من(هل)و(بل)في التاء على أصله.انظر الكشف عن وجوه القراءات 422/1- 423.

أشكل على هذا آيتان:قوله تعالى: وَ ما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46].قوله: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم:46].

و أجيب عن الآية الأولى بأجوبة:

أحدها:أنّ ظلاّما و إن كان للكثرة لكنه جيء به في مقابلة:(العبيد)الذي هو جمع كثرة،و يرشحه أنه تعالى قال: عَلاّمُ الْغُيُوبِ [المائدة:109]فقابل صيغة(فعّال) بالجمع.و قال في آية أخرى: عالِمَ الْغَيْبِ [الزمر:46]فقابل صيغة(فاعل)الدالة على أصل الفعل بالواحد.

الثاني:أنّه نفى الظلم الكثير لينتفي القليل ضرورة؛لأنّ الذي يظلم إنما لانتفاعه بالظلم،فإذا ترك الكثير مع زيادة نفعه فلأن يترك القليل أولى.

الثالث:أنّه على النسبة،أي:بذي ظلم،حكاه ابن مالك عن المحققين.

الرابع:أنه أتى بمعنى(فاعل)لا كثرة فيه.

الخامس:أنّ أقل القليل لو ورد منه تعالى لكان كثيرا،كما يقال:زلّة العالم كبيرة.

السادس:أنّه أراد:ليس بظالم،ليس بظالم،ليس بظالم؛تأكيدا للنفي؛فعبّر عن ذلك ب لَيْسَ بِظَلاّمٍ .

السابع:أنّه ورد جوابا لمن قال:(ظلاّم).و التكرار إذا ورد جوابا لكلام خاص لم يكن له مفهوم.

الثامن:أنّ صيغة المبالغة و غيرها في صفات اللّه سواء في الإثبات،فجرى النفي على ذلك.

التاسع:أنه قصد التعريض بأنّ ثم ظلاّما للعبيد من ولاة الجور.

و يجاب عن الثانية بهذه الأجوبة.و بعاشر:و هو مناسبة رءوس الآي.

فائدة

قال صاحب الياقوتة:قال ثعلب و المبرّد:العرب إذا جاءت بين الكلامين بجحدين كان الكلام إخبارا،نحو: وَ ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ [الأنبياء:8]و المعنى:

إنّما جعلناهم جسدا يأكلون الطعام،و إذا كان الجحد في أول الكلام كان جحدا حقيقيّا، نحو:(ما زيد بخارج)و إذا كان في أوّل الكلام جحدان كان أحدهما زائدا،و عليه: فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ [الأحقاف:26]في أحد الأقوال.

ص: 137

إنّما جعلناهم جسدا يأكلون الطعام،و إذا كان الجحد في أول الكلام كان جحدا حقيقيّا، نحو:(ما زيد بخارج)و إذا كان في أوّل الكلام جحدان كان أحدهما زائدا،و عليه: فِيما إِنْ مَكَّنّاكُمْ فِيهِ [الأحقاف:26]في أحد الأقوال.

أما الإنشاء

فصل : من أقسام الإنشاء الاستفهام؛

اشارة

و هو طلب الفهم،و هو بمعنى الاستخبار.

و قيل:الاستخبار ما سبق أولا و لم يفهم حقّ الفهم؛فإذا سألت عنه ثانيا كان استفهاما.حكاه ابن فارس في فقه اللغة (1).

و أدواته:الهمزة،و هل،و ما،و من،و أيّ،و كم،و كيف،و أين،و أنّى،و متى، و أيّان؛و مرّت في الأدوات.

و قال ابن مالك في المصباح:و ما عدا الهمزة نائب عنها؛و لكونه طلب ارتسام صورة ما في الخارج في الذهن،لزم ألاّ يكون حقيقة إلاّ إذا صدر من شاكّ مصدّق بإمكان الإعلام؛فإنّ غير الشاكّ إذا استفهم يلزم منه تحصيل الحاصل،و إذا لم يصدّق بإمكان الإعلام انتفت عنه فائدة الاستفهام.

و قال بعض الأئمّة:و ما جاء في القرآن على لفظ الاستفهام فإنّما يقع في خطاب اللّه، على معنى أنّ المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أو النفي حاصل.

و قد تستعمل صيغة الاستفهام في غيره مجازا،و ألّف في ذلك العلاّمة شمس الدين بن الصائغ كتابا سمّاه«روض الأفهام في أقسام الاستفهام».قال فيه:قد توسّعت العرب فأخرجت الاستفهام عن حقيقته لمعان،أو أشربته تلك المعاني،و لا يختص التجوّز في ذلك بالهمزة،خلافا للصفّار:

الأول:الإنكار:و المعنى فيه على النفي و ما بعده منفي،و لذلك تصحبه(إلا) كقوله: فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ [الأحقاف:35]، وَ هَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ [سبأ:17]،و عطف على المنفيّ في قوله: فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ [الروم:29]أي:لا يهدي.و منه: أَ نُؤْمِنُ لَكَ وَ اتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [الشعراء:111]، أَ نُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا [المؤمنون:47]أ:لا نؤمن. أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَ لَكُمُ الْبَنُونَ(39) [الطور:39]، أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَ لَهُ الْأُنْثى(21) [النجم:21]أي:لا يكون هذا. أَ شَهِدُوا خَلْقَهُمْ [الزخرف:19]أي:ما شهدوا ذلك.

ص: 138


1- معجم مقاييس اللغة 239/2.

و كثيرا ما يصحبه التكذيب،و هو في الماضي بمعنى(لم يكن)،و في المستقبل بمعنى(لا يكون)،نحو: أَ فَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ [الإسراء:40]أي:لم يفعل ذلك.

أَ نُلْزِمُكُمُوها وَ أَنْتُمْ لَها كارِهُونَ [هود:28].أي:لا يكون هذا الإلزام.

الثاني:التوبيخ:و جعله بعضهم من قبيل الإنكار،إلاّ أنّ الأول إنكار إبطال،و هذا إنكار توبيخ،و المعنى على أنّ ما بعده واقع جدير بأن ينفى،فالنفي هنا غير قصديّ و الإثبات قصديّ،عكس ما تقدم،و يعبّر عن ذلك بالتقريع أيضا،نحو: أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي [طه:93]، أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ [الصافات:95]، أَ تَدْعُونَ بَعْلاً وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ(125) [الصافات:125].

و أكثر ما يقع التوبيخ في أمر ثابت و وبّخ على فعله كما ذكر،و يقع على ترك فعل كان ينبغي أن يقع،كقوله: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ [فاطر:37]، أَ لَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها [النساء:97].

الثالث:التقرير:و هو حمل المخاطب على الإقرار و الاعتراف بأمر قد استقرّ عنده.

قال ابن جنّي:و لا يستعمل ذلك بهل،كما يستعمل بغيرها من أدوات الاستفهام.و قال الكنديّ:ذهب كثير من العلماء في قوله: هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ(72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ [الشعراء:73،72]إلى أنّ(هل)تشارك الهمزة في معنى التقرير و التوبيخ؛إلاّ أني رأيت أبا عليّ (1)أبى ذلك؛و هو معذور،لأن ذلك من قبيل الإنكار.

و نقل أبو حيان (2)عن سيبويه:أنّ استفهام التقرير لا يكون بهل،إنما يستعمل فيه الهمزة،ثم نقل عن بعضهم أنّ(هل)تأتي تقريرا،كما في قوله تعالى: هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ(5) [الفجر:5].

و الكلام مع التقرير موجب،و لذلك يعطف عليه صريح الموجب،و يعطف على صريح الموجب.

فالأول:كقوله تعالى: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ(1) وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ(2) [الشرح:2،1]، أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى(6) وَ وَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدى(7) [الضحى:7،6]، أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ(2) وَ أَرْسَلَ [الفيل:3،2].7.

ص: 139


1- انظر البرهان 332/2.
2- انظر البحر المحيط 23/7.

و الثاني:نحو أَ كَذَّبْتُمْ بِآياتِي وَ لَمْ تُحِيطُوا بِها عِلْماً [النمل:84]على ما قرّره الجرجانيّ من جعلها مثل: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا [النمل:14].

و حقيقة استفهام التقرير:أنه استفهام إنكار،و الإنكار نفي،و قد دخل على النفي، و نفي النفي إثبات.و من أمثلته: أَ لَيْسَ اللّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ [الزمر:36]، أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ [الأعراف:172]و جعل منه الزمخشريّ: أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [البقرة:106].

الرابع:التعجّب أو التعجيب:نحو: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ [البقرة:28]، ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ [النمل:20].

و قد اجتمع هذا القسم و سابقاه في قوله: أَ تَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ [البقرة:44]قال الزمخشريّ (1):الهمزة للتقرير مع التوبيخ و التّعجّب من حالهم.

و يحتمل التعجّب و الاستفهام الحقيقي: ما وَلاّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ [البقرة:142].

الخامس:العتاب:كقوله: أَ لَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللّهِ [الحديد:16]قال ابن مسعود:ما كان بين إسلامهم و بين أن عوتبوا بهذه الآية إلاّ أربع سنين.أخرجه الحاكم (2).

و من ألطفه ما عاتب اللّه به خير خلقه بقوله: عَفَا اللّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ [التوبة:43]و لم يتأدّب الزمخشريّ بأدب اللّه في هذه الآية على عادته في سوء الأدب (3)..

ص: 140


1- الكشاف 277/1.
2- رواه مسلم(3027)،و النسائي في كتاب التفسير،من سننه الكبرى(588)388/2،و انظر تفسير البغوي 297/4.
3- قال الزمخشري في تفسيره 192/2: عَفَا اللّهُ عَنْكَ كناية عن الجناية،لأنّ العفو رادف لها،و معناه: أخطأت،و بئس ما فعلت»ا ه. قال في الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال 192/2:«ليس له-أي للزمخشري-أن يفسّر هذه الآية بهذا التفسير،و هو بين أحد أمرين: إما أن لا يكون هو المراد. و إما أن يكون هو المراد. و قد أجلّ اللّه نبيّه الكريم عن مخاطبته بصريح العتب،و خصوصا في حق المصطفى-عليه الصلاة و السلام-،فالزمخشري على كلا التقديرين ذاهل عما يجب من حقه عليه الصلاة و السلام،و لقد أحسن من قال في هذه الآية:إنّ من لطف اللّه تعالى بنبيه أن بدأه بالعفو قبل العتب،و لو قال له ابتداء:لم أذنت لهم،لتفطّر قلبه-عليه الصلاة و السلام-،فمثل هذا الأدب يجب احتذاؤه في حق سيد البشر عليه أفضل الصلاة و السلام»ا ه.

السادس:التذكير:و فيه نوع اختصار،كقوله: أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا [يس:60]. أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [البقرة:33]، هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ [يوسف:89].

السابع:الافتخار:نحو: أَ لَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ [الزخرف:51].

الثامن:التفخيم:نحو: ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً [الكهف:49].

التاسع:التهويل و التخويف:نحو: اَلْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ(2) ، اَلْقارِعَةُ(1) مَا الْقارِعَةُ(2).

العاشر:عكسه،و هو التسهيل و التخفيف:نحو: وَ ما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا [النساء:39].

الحادي عشر:التهديد و الوعيد:نحو: أَ لَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ(16) [المرسلات:16].

الثاني عشر:التكثير:نحو: وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها [الأعراف:4].

الثالث عشر:التسوية:و هو الاستفهام الداخل على جملة يصحّ حلول المصدر محلّها،نحو: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ [البقرة:6].

الرابع عشر:الأمر:نحو: أَ أَسْلَمْتُمْ [آل عمران:20]أي:أسلموا. فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:91]أي:انتهوا. أَ تَصْبِرُونَ [الفرقان:20]أي:اصبروا.

الخامس عشر:التنبيه:و هو من أقسام الأمر،نحو: أَ لَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ [الفرقان:45]أي:انظر. أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً [الحج:63]ذكره صاحب الكشاف (1)عن سيبويه،و لذلك رفع الفعل في جوابه، و جعل منه قوله: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ(26) [التكوير:26]للتنبيه على الضلال،و كذا: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ [البقرة:130].

السادس عشر:الترغيب:نحو: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً [البقرة:245]، هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ [الصف:10].3.

ص: 141


1- انظر الكشاف 21/3.

السابع عشر:النهي:نحو: أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ [التوبة:13]بدليل فَلا تَخْشَوُا النّاسَ وَ اخْشَوْنِ [المائدة:44]. ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الانفطار:6] أي:لا تغترّ.

الثامن عشر:الدعاء:و هو كالنهي،إلاّ أنّه من الأدنى إلى الأعلى،نحو: أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ [الأعراف:155]أي:لا تهلكنا.

التاسع عشر:الاسترشاد:نحو: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها [البقرة:30].

العشرون:التّمنّي:نحو: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ [الأعراف:53].

الحادي و العشرون:الاستبطاء:نحو: مَتى نَصْرُ اللّهِ [البقرة:214].

الثاني و العشرون:العرض:نحو: أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ [النور:22].

الثالث و العشرون:التخصيص:نحو: أَ لا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ [التوبة:13].

الرابع و العشرون:التجاهل:نحو: أَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا [ص:8].

الخامس و العشرون:التعظيم:نحو: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ [البقرة:255].

السادس و العشرون:التحقير:نحو: أَ هذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ [الأنبياء:36]، أَ هذَا الَّذِي بَعَثَ اللّهُ رَسُولاً [الفرقان:41]و يحتمله و ما قبله قراءة: مِنْ فِرْعَوْنَ (1)[الدخان:31].

السابع و العشرون:الاكتفاء:نحو: أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر:60].

الثامن و العشرون:الاستبعاد:نحو: وَ أَنّى لَهُ الذِّكْرى [الفجر:23].

التاسع و العشرون:الإيناس:نحو: وَ ما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى(17) [طه:17].

الثلاثون:التهكّم و الاستهزاء:نحو: أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ [هود:87]، أَ لا تَأْكُلُونَ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ(92) [الصافات:92،91]..

ص: 142


1- قال في البحر المحيط 37/8:«و قرأ ابن عباس:«من فرعون»(من)استفهام مبتدأ،و(فرعون)خبره. لما وصف فرعون بالشدة و الفظاعة،قال:من فرعون:على معنى:هل تعرفونه من هو في عتوه و شيطنته»ا ه.

الحادي و الثلاثون:التأكيد لما سبق من معنى أداة الاستفهام قبله:كقوله: أَ فَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَ فَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النّارِ(19) [الزمر:19]قال الموفّق عبد اللطيف البغداديّ (1):أي:من حق عليه كلمة العذاب فإنك لا تنقذه.فمن للشرط و الفاء جواب الشرط،و الهمزة في أَ فَأَنْتَ دخلت معادة مؤكدة لطول الكلام،و هذا نوع من أنواعها.

و قال الزمخشريّ (2):الهمزة الثانية هي الأولى،كرّرت لتوكيد معنى الإنكار و الاستبعاد.

الثاني و الثلاثون:الإخبار،نحو: أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا [النور:50]، هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ [الإنسان:1].3.

ص: 143


1- هو موفق الدين،أبو محمد،عبد اللطيف بن يوسف بن محمد بن علي الموصلي،ثم البغدادي، الشافعي،و يعرف بابن اللباد.من تصانيفه الكثيرة:المجرد في غريب الحديث،و المقالة في الدواء و الغذاء.انظر شذرات الذهب 132/5،و معجم المؤلفين 15/6.
2- الكشاف 393/3.
تنبيهات

الأول:هل يقال:إن معنى الاستفهام في هذه الأشياء موجود و انضمّ إليه معنى آخر، أو تجرّد عن الاستفهام بالكلّية؟ قال في«عروس الأفراح»:محلّ نظر،قال:و الّذي يظهر الأوّل.

قال:و يساعده قول التّنوخيّ في«الأقصى القريب»:إنّ(لعلّ)تكون للاستفهام مع بقاء الترجّي.

قال:و ممّا يرجّحه أنّ الاستبطاء في قولك:كم أدعوك؟معناه:أنّ الدعاء وصل إلى حدّ لا أعلم عدده،فأنا أطلب أن أعلم عدده.و العادة تقتضي بأنّ الشخص إنّما يستفهم عن عدد ما صدر منه إذا كثر فلم يعلمه،و في طلب فهم عدده ما يشعر بالاستبطاء.

و أمّا التّعجّب:فالاستفهام معه مستمر،فمن تعجّب من شيء فهو بلسان الحال سائل عن سببه،فكأنه يقول:أيّ شيء عرض لي في حال عدم رؤية الهدهد!و قد صرّح في الكشاف ببقاء الاستفهام في هذه الآية (1).

و أمّا التنبيه على الضلال:فالاستفهام فيه حقيقيّ،لأنّ معنى(أين تذهب)؟أخبرني إلى أيّ مكان تذهب،فإني لا أعرف ذلك؟و غاية الضلال لا يشعر بها إلى أين تنتهي.

و أمّا التقرير:فإن قلنا:المراد به الحكم بثبوته فو خبر بأنّ المذكور عقيب الأداة واقع،أو طلب إقرار المخاطب به من كون السائل يعلم،فهو استفهام يقرّر المخاطب، أي:يطلب منه أن يكون مقرّا به.و في كلام الفنّ ما يقتضي الاحتمالين،و الثاني أظهر.

و في«الإيضاح»تصريح به،و لا بدع في صدور الاستفهام ممّن يعلم المستفهم عنه؛لأنه طلب الفهم:إما طلب فهم المستفهم،أو وقوع فهم لمن لم يفهم كائنا من كان.

و بهذا تنحلّ إشكالات كثيرة في مواضع الاستفهام،و يظهر بالتأمّل بقاء معنى الاستفهام مع كل أمر من الأمور المذكورة.انتهى ملخصا.

ص: 144


1- الكشاف 142/3.تفسير سورة النمل،آية رقم/20.

الثاني:القاعدة أن المنكر يجب أن يلي الهمزة،و أشكل عليها قوله تعالى:

أَ فَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ [الإسراء:40]فإنّ الذي يليها هنا الإصفاء بالبنين و ليس هو المنكر،إنما المنكر قولهم:إنّه اتّخذ من الملائكة إناثا.

و أجيب:بأنّ لفظ الإصفاء مشعر بزعم أنّ البنات لغيرهم،أو بأنّ المراد مجموع الجملتين.و ينحلّ منهما كلام واحد،و التقدير:أجمع بين الإصفاء بالبنين و اتخاذ البنات؟.

و أشكل منه قوله: أَ تَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ [البقرة:44]و وجه الإشكال:

أنّه لا جائز أن يكون المنكر أمر الناس بالبرّ فقط،كما تقتضيه القاعدة المذكورة،لأن أمر البرّ ليس ممّا ينكر.و لا نسيان النفس فقط؛لأنه يصير ذكر أمر لناس بالبرّ لا مدخل له.

و لا مجموع الأمرين؛لأنه يلزم أن تكون العبادة جزء المنكر.و لا نسيان النفس بشرط الأمر؛لأنّ النسيان منكر مطلقا،و لا يكون نسيان النفس حال الأمر أشد منه حال عدم الأمر؛لأنّ المعصية لا تزداد بشاعتها بانضمامها إلى الطاعة؛لأنّ جمهور العلماء على أنّ الأمر بالبرّ واجب،و إن كان الإنسان ناسيا لنفسه.و أمره لغيره بالبر كيف يضاعف بمعصية نسيان و لا يأتي الخير بالشر؟.

قال في«عروس الأفراح»:و يجاب بأنّ فعل المعصية مع النّهي عنها أفحش؛لأنها تجعل حال الإنسان كالمتناقض،و تجعل القول كالمخالف للفعل،و لذلك كانت المعصية مع العلم أفحش منها مع الجهل.قال:و لكنّ الجواب على أنّ الطاعة الصرفة:كيف تضاعف المعصية المقارنة لها من جنسها؟فيه دقّة.

فصل الأمر

من أقسام الإنشاء الأمر:

و هو:طلب فعل غير كفّ.و صيغته:(افعل)و(ليفعل).

و هي حقيقة في الإيجاب،نحو: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ [البقرة:43]، فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ [النساء:102].

و ترد مجازا لمعان أخر،منها:

الندب:نحو: وَ إِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَ أَنْصِتُوا [الأعراف:204].

و الإباحة:نحو: فَكاتِبُوهُمْ [النور:33]نصّ الشافعي على أنّ الأمر فيه

ص: 145

للإباحة (1).و منه: وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا [المائدة:2].

و الدّعاء:من السافل للعالي،نحو: رَبِّ اغْفِرْ لِي [الأعراف:151].

و التهديد:نحو: اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ [فصلت:40]إذ ليس المراد الأمر بكلّ عمل شاءوا.

و الإهانة:نحو: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ(49) [الدخان:49].

و التسخير:أي:التذليل،نحو: كُونُوا قِرَدَةً [البقرة:65]عبّر به عن نقلهم من حالة إل حالة إذلالا لهم،فهو أخصّ من الإهانة.

و التعجيز:نحو: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة:23]إذ ليس المراد طلب ذلك منهم،بل إظهار عجزهم.

و الامتنان:نحو: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ [الأنعام:141].

و العجب:نحو: اُنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ [الإسراء:48].

و التسوية:نحو: فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا [الطور:16] و الإرشاد:نحو: وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ [البقرة:282].

و الاحتقار:نحو: أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ [يونس:80].

و الإنذار:نحو: قُلْ تَمَتَّعُوا [إبراهيم:30].

و الإكرام:نحو: اُدْخُلُوها بِسَلامٍ [الحجر:46].

و التكوين:و هو أعمّ من التسخير،نحو: كُنْ فَيَكُونُ [البقرة:117].

و الإنعام:أي:تذكير النعمة،نحو: كُلُوا مِمّا رَزَقَكُمُ اللّهُ [الأنعام:142].

و التكذيب:نحو: قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها [آل عمران:93]، قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللّهَ حَرَّمَ هذا [الأنعام:150].

و المشورة:نحو: فَانْظُرْ ما ذا تَرى [الصافات:102].3.

ص: 146


1- قال الإمام الشافعي-كما في أحكام القرآن للبيهقي-170/2:«و إذا جمع أي:العبد القوة على الاكتساب،و الأمانة،فأحب إليّ لسيده أن يكاتبه،و لا تبين لي أن يجبر عليه،لأن الآية محتملة:أن يكون إرشادا،أو إباحة لا حتما،و قد ذهب هذا المذهب عدد ممن لقيت من أهل العلم ا ه.و انظر الأم 364/7،و سنن البيهقي 319/10-330،و شرح الموطأ 102/4-103.

و الاعتبار:نحو: اُنْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ [الأنعام:99].

و التعجّب:نحو: أَسْمِعْ بِهِمْ وَ أَبْصِرْ [مريم:38]ذكره السكاكيّ في استعمال الإنشاء بمعنى الخبر.

فصل النهي

و من أقسامه النهي:

و هو:طلب الكفّ عن فعل.و صيغته:(لا تفعل).

و هي حقيقة في التحريم.

و ترد مجازا لمعان،منها:

الكراهة:نحو: وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً [الإسراء:37].

و الدعاء:نحو: رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا [آل عمران:8].

و الإرشاد:نحو: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101].

و التسوية:نحو: أَوْ لا تَصْبِرُوا [الطور:16].

و الاحتقار و التقليل:نحو: لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية[الحجر:88]أي:فهو قليل حقير.

و بيان العاقبة:نحو: وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ [آل عمران:169]أي:عاقبة الجهاد الحياة لا الموت.

و اليأس:نحو: لا تَعْتَذِرُوا [التوبة:66].

و الإهانة:نحو: اِخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108].

فصل : التمني

و من أقسامه التمني:

و هو:طلب حصول شيء على سبيل المحبة.و لا يشترط إمكان المتمنّى،بخلاف المترجّى،لكن نوزع في تسمية تمنّي المحال طلبا بأنّ:ما لا يتوقّع كيف يطلب؟

ص: 147

قال في«عروس الأفراح»:فالأحسن ما ذكره الإمام و أتباعه من أنّ التمنّي و الترجّي و النداء و القسم ليس فيها طلب،بل هو تنبيه،و لا بدع في تسميته إنشاء.انتهى.

و قد بالغ قوم فجعلوا التّمنّي من قسم الخبر،و أنّ معناه النّفي،و الزمخشري ممن جزم بخلافه.ثم استشكل دخول التكذيب في جوابه في قوله: يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ إلى قوله:

وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ [الأنعام:28،27]و أجاب:بتضمنه معنى العدة (1)،فتعلّق به التكذيب (2).

و قال غيره:التّمني لا يصحّ فيه الكذب،و إنما الكذب في المتمنّى الذي يترجّح عند صاحبه وقوعه،فهو إذا على ذلك الاعتقاد الذي هو ظنّ،و هو خبر صحيح.

قال:و ليس المعنى في قوله: وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ أنّ ما تمنّوا ليس بواقع،لأنّه ورد في معرض الذّمّ لهم،و ليس في ذلك المتمنّى ذمّ،بل التكذيب ورد على إخبارهم عن أنفسهم أنّهم لا يكذبون،و أنهم يؤمنون.

و حرف التّمني الموضوع له(ليت)،نحو: يا لَيْتَنا نُرَدُّ [الأنعام:27]، يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ [يس:26]، يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ [النساء:73].

و قد يتمنّى ب(هل)حيث يعلم فقده،نحو: فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا [الأعراف:53]،و ب(لو)،نحو: فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ [الشعراء:102].و لذا نصب الفعل في جوابها.

و قد يتمنّى ب(لعلّ)في البعيد فتعطى حكم(ليت)في نصب الجواب،نحو: لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ [غافر:37،36].

فصل الترجي

و من أقسامه الترجّي:

نقل القرافي في«الفروق»:الإجماع على أنه إنشاء،و فرّق بينه و بين التمني بأنّه في الممكن،و التمنّي فيه و في المستحيل،و بأنّ الترجّي في القريب و التمنّي في البعيد.و بأن الترجّي في المتوقّع و التّمنّي في غيره.و بأن التمنّي في المشقوق للنفس و الترجّي في غيره.

ص: 148


1- من الوعد.
2- انظر الكشاف 12/2-13.

و سمعت شيخنا العلامة الكافيجي (1)يقول:الفرق بين التمنّي و بين العرض هو الفرق بينه و بين الترجّي.

و حرف الترجّي لعلّ و عسى.و قد ترد مجازا لتوقّع محذور،و يسمّى الإشفاق،نحو:

لَعَلَّ السّاعَةَ قَرِيبٌ [الشورى:17].

فصلالنداء

اشارة

و من أقسامه النداء:

و هو:طلب إقبال المدعوّ على الداعي بحرف نائب مناب(أدعو).

و يصحب في الأكثر الأمر و النهي،و الغالب تقدّمه،نحو: يا أَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]، يا عِبادِ فَاتَّقُونِ [الزمر:16]، يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ [المزمل:1، 2]، وَ يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ [هود:52]، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا [الحجرات:1]، و قد يتأخّر،نحو: وَ تُوبُوا إِلَى اللّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ [النور:31].

و قد يصحب الجملة الخبرية:فتعقبها جملة الأمر،نحو: يا أَيُّهَا النّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ [الحج:73]، وَ يا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوها [هود:64]، و قد لا تعقبها،نحو: يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ [الزخرف:68]، يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللّهِ [فاطر:15]، يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ [يوسف:100].

و قد تصحبه الاستفهامية،نحو: يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَ لا يُبْصِرُ [مريم:42]، يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ [التحريم:1]، وَ يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ [غافر:41].

و قد ترد صورة النداء لغيره مجازا:

كالإغراء و التحذير:و قد اجتمعا في قوله تعالى: ناقَةَ اللّهِ وَ سُقْياها [الشمس:13].

و الاختصاص:كقوله: رَحْمَتُ اللّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ [هود:73].

و التنبيه:كقوله: ألا يا اسجدوا (2)[النمل:25].

و التعجّب:كقوله: يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ [يس:30].

و التحسّر:كقوله: يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً [النبأ:40].

ص: 149


1- صاحب كتاب«التيسير في قواعد علم التفسير».و انظر الفرق بينهما في البرهان 323/2.
2- قرأ الكسائي بتخفيف(ألا)في قوله: أَلاّ يَسْجُدُوا .و حجته أنه جعل(ألا)استفتاحا للكلام،فالوقف على ما قبل(ألا)في هذه القراءة حسن،و جعل ما بعد(ألا)منادى قد حذف،و بقيت(يا)تدل عليه، و ذلك جائز في لغة العرب.انظر الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي 156/2-158.
قاعدة

أصل النداء ب(يا)أن تكون للبعيد،حقيقة أو حكما،

و قد ينادى بها القريب لنكت:

منها:إظهار الحرص في وقوعه على إقبال المدعوّ،نحو: يا مُوسى أَقْبِلْ [القصص:41].

و منها:كون الخطاب المتلوّ معتنى به،نحو: يا أَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21].

و منها:قصد تعظيم شأن المدعوّ،نحو: يا رَبِّ ،و قد قال تعالى: فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة:186].

و منها:قصد انحطاطه،كقول فرعون: إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً [الإسراء:101].

فائدة

قال الزمخشريّ و غيره:كثر في القرآن النداء ب(يا أيها)دون غيره؛لأن فيه أوجها من التأكيد،و أسبابا من المبالغة:

منها:ما في(يا)من التأكيد و التنبيه،و ما في(ها)من التنبيه،و ما في التدرّج من الإبهام في(أيّ)إلى التوضيح،و المقام يناسب المبالغة و التأكيد،لأن كلّ ما نادى له عباده -من أوامره و نواهيه،و عظاته و زواجره،و وعده و وعيده،و من اقتصاص أخبار الأمم الماضية و غير ذلك،و ممّا أنطق اللّه به كتابه-أمور عظام،و خطوب جسام،و معان واجب عليهم أن يتيقظوا لها،و يميلوا بقلوبهم و بصائرهم إليها و هم غافلون،فاقتضى الحال أن ينادوا بالآكد الأبلغ.

فصل القسم

و من أقسامه القسم:

نقل القرافي الإجماع على أنه إنشاء.و فائدته:تأكيد الجملة الخبرية و تحقيقها عند السامع.و سيأتي بسط الكلام فيه في النوع السابع و الستين.

فصل الشرط

من أقسامه:الشرط (1).

ص: 150


1- انظر البرهان 349/2.

النوع الثامن و الخمسون: في بدائع القرآن

اشارة

النوع الثامن و الخمسون: في بدائع القرآن (1)

أفرده بالتصنيف ابن أبي الإصبع،فأورد فيه نحو مائة نوع،و هي:المجاز، و الاستعارة،و التشبيه،و الكناية،و الإرداف،و التمثيل،و الإيجاز و الاتساع،و الإشارة، و المساواة،و البسط،و الإيغال،و التتميم،و التّكميل و الاحتراس،و الاستقصاء،و التذييل، و الزيادة،و الترديد،و التكرار،و التفسير،و الإيضاح،و نفي الشيء بإيجابه،و المذهب الكلامي،و القول بالموجب،و المناقضة،و الانتقال،و الإسجال،و التسليم،و التمكين، و التوشيح،و التّسهيم،و ردّ العجز على الصدر،و تشابه الأطراف،و لزوم ما لا يلزم، و التخيير،و التسجيع،و التسريع،و الإيهام:و هو التورية،و الاستخدام،و الالتفات، و الاطراد،و الانسجام،و الإدماج،و الافتنان،و الاقتدار،و ائتلاف اللفظ مع اللفظ،و ائتلاف اللفظ مع المعنى،و الاستدراك،و الاستثناء،و تأكيد المدح بما يشبه الذم،و التخويف و التغاير،و التقسيم،و التدبيج،و التنكيت،و التضمين،و الجناس،و جمع المؤتلف و المختلف،و حسن النّسق،و عتاب المرء نفسه،و العكس،و العنوان،و الفرائد،و القسم، و المبالغة،و المطابقة،و المقابلة،و المواربة،و المراجعة،و النّزاهة،و الإبداع،و المقارنة، و حسن الابتداء،و حسن الختام،و حسن التّخلّص،و الاستطراد.

فأمّا المجاز و ما بعده إلى الإيضاح:فقد تقدّم بعضها في أنواع مفردة،و بعضها في نوع الإيجاز و الإطناب مع أنواع أخر،كالتعريض و الاحتباك،و الاكتفاء،و الطّرد، و العكس.

و أما نفي الشيء بإيجابه:فقد تقدّم في النوع الذي قبل هذا.

و أما المذهب الكلاميّ و الخمسة بعده،فستأتي في نوع الجدل مع أنواع أخر مزيدة.

و أما التّمكين و الثمانية بعده:فستأتي في أنواع الفواصل.

و أمّا حسن التخلص و الاستطراد:فسيأتيان في نوع المناسبات.

ص: 151


1- انظر نهاية الإيجاز ص 277-297.

و أما حسن الابتداء و براعة الختام:فسيأتيان في نوعي الفواتح و الخواتم.

و ها أنا أورد الباقي مع زوائد و نفائس لا توجد مجموعة في غير هذا الكتاب.

الإيهام

(1) الإيهام:و يدعى التورية:أن يذكر لفظ له معنيان-إمّا بالاشتراك،أو التواطؤ،أو الحقيقة و المجاز-أحدهما قريب و الآخر بعيد،و يقصد البعيد،و يورى عنه بالقريب، فيتوهّمه السامع من أول وهلة.

قال الزمخشري:لا ترى بابا في البيان أدقّ و لا ألطف من التورية،و لا أنفع و لا أعون على تعاطي تأويل المتشابهات في كلام اللّه و رسوله.قال:و من أمثلتها: اَلرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى(5) [طه:5]فإنّ الاستواء على معنيين:الاستقرار في المكان،و هو المعنى القريب المورّى به،الذي هو غير مقصود،لتنزيهه تعالى عنه.و الثّاني:الاستيلاء و الملك، و هو المعنى البعيد المقصود،الذي ورّى عنه بالقريب المذكور (2)انتهى.

و هذه التورية تسمى مجرّدة؛لأنها لم يذكر فيها شيء من لوازم المورّى به و لا المورّى عنه.

و منها:ما تسمّى مرشّحة،و هي التي ذكر فيها شيء من لوازم هذا أو هذا.كقوله تعالى: وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ [الذاريات:47]فإنّه يحتمل الجارحة و هو المورّى به،و قد ذكر من لوازمه على جهة الترشيح البنيان،و يحتمل القوّة و القدرة،و هو البعيد المقصود.

قال ابن أبي الإصبع في كتابه«الإعجاز»و منها: قالُوا تَاللّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ(95) [يوسف:95]فالضّلال يحتمل:الحبّ،و ضدّ الهدى.فاستعمل أولاد يعقوب ضدّ الهدى تورية عن الحبّ.

فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ [يونس:92]على تفسيره بالدّرع؛فإنّ البدن يطلق عليه و على الجسد،و المراد البعيد و هو الجسد.

قال:و من ذلك قوله بعد ذكر أهل الكتاب من اليهود و النصارى حيث قال:

ص: 152


1- انظر نهاية الإيجاز للرازي ص 291.
2- استواء الرب على عرشه عقيدة ثابتة بالكتاب و السنة و إجماع الصحابة و التابعين و أئمة السلف.و لا يجوز تأويل ذلك بالاستيلاء و القهر و الملك،و قد ردّ الحافظ ابن قيم الجوزية ذلك من وجوه عديدة.انظرها في مختصر الصواعق.و قد ألف العلماء في إثبات هذه الصفة المؤلفات.منها«العلو»للإمام الذهبي، و«إثبات صفة العلو»لابن قدامة المقدسي،و اجتماع الجيوش الإسلامية لابن قيم الجوزية.

وَ لَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَ ما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ [البقرة:145]و لما كان الخطاب لموسى من الجانب الغربيّ و توجّهت إليه اليهود،و توجهت النصارى إلى المشرق،كانت قبلة الإسلام وسطا بين القبلتين،قال تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [البقرة:143]أي:خيارا،و ظاهر اللفظ يوهم التوسّط،مع ما يعضده من توسّط قبلة المسلمين،صدق على لفظة(وسط) هاهنا أن يسمّي تعالى به لاحتمالها المعنيين.و لمّا كان المراد أبعدها و هو الخيار،صلحت أن تكون من أمثلة التورية.

قلت:و هي مرشحة بلازم المورّى عنه،و هو قوله: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ [البقرة:143]فإنّه من لوازم كونهم خيارا،أي:عدولا،و(الإتيان)قبلها من قسم المجرّدة.

و من ذلك قوله: وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ(6) [الرحمن:6]فإنّ النّجم يطلق على الكوكب،و يرشّحه له ذكر الشمس و القمر.و على ما لا ساق له من النبات،و هو المعنى البعيد له،و هو المقصود في الآية.

و نقلت من خط شيخ الإسلام ابن حجر:أنّ من التورية في القرآن قوله تعالى: وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنّاسِ [سبأ:28]فإنّ كَافَّةً بمعنى(مانع)أي:تكفّهم عن الكفر و المعصية،و الهاء للمبالغة،و هذا معنى بعيد.و المعنى القريب المتبادر أنّ المراد جامعة بمعنى(جميعا)،لكن منع من حمله على ذلك أنّ التأكيد يتراخى عن المؤكّد،فكما لا تقول:رأيت جميعا الناس،لا تقول رأيت كافة الناس.

الاستخدام:هو و التورية أشرف أنواع البديع،و هما سيّان،بل فضّله بعضهم عليها.

و لهم فيه عبارتان:

إحداهما:أن يؤتى بلفظ له معنيان فأكثر مرادا أحد معانيه،ثم يؤتى بضميره مرادا به المعنى الآخر.و هذه طريق السكاكيّ و أتباعه.

و الأخرى:أن يؤتى بلفظ مشترك،ثم بلفظين،يفهم من أحدهما أحد المعنيين و من الآخر الآخر.و هذه طريقة بدر الدين بن مالك في المصباح.و مشى عليها ابن أبي الإصبع،و مثل له بقوله تعالى: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ [الرعد:38]الآية،فلفظ كِتابٌ يحتمل الأمد المحتوم،و الكتاب المكتوب،فلفظ أَجَلٍ يخدم المعنى الأول، و يَمْحُوا يخدم الثاني.

و مثّل غيره بقوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَ أَنْتُمْ سُكارى [النساء:43]فالصلاة

ص: 153

تحتمل أن يراد بها فعلها و موضعها،و قوله: حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ [النساء:43]يخدم الأول إِلاّ عابِرِي سَبِيلٍ [النساء:43]يخدم الثاني.

قيل:و لم يقع في القرآن على طريقة السكاكي.

قلت:و قد استخرجت بفكري آيات على طريقته،منها قوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللّهِ [النحل:1]فأمر اللّه يراد به:قيام الساعة،و العذاب،بعثة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.و قد أريد بلفظه الأخير،كما أخرج ابن مردويه من طريق الضحّاك،عن ابن عباس،في قوله تعالى: أَتى أَمْرُ اللّهِ .قال:محمد،و أعيد الضمير عليه في تَسْتَعْجِلُوهُ [النحل:1]مرادا به قيام الساعة و العذاب.

و منها-و هي أظهرها-قوله تعالى: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ(12) [المؤمنون:12]فإنّ المراد به آدم،ثم أعاد عليه الضمير مرادا به ولده فقال: ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ(13) [المؤمنون:13].

و منها:قوله تعالى: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ [المائدة:101]،ثم قال: قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ [المائدة:102].أي:أشياء أخر؛لأنّ الأولين لم يسألوا عن الأشياء التي سأل عنها الصحابة؛فنهوا عن سؤالها.

ص: 154

الالتفات

اشارة

الالتفات (1)

الالتفات:نقل الكلام من أسلوب إلى آخر،أعني:من التكلم أو الخطاب أو الغيبة إلى آخر منها،بعد التعبير بالأول.و هذا هو المشهور.و قال السكاكيّ:إمّا ذلك،أو التعبير بأحدهما فيما حقه التعبير بغيره.

و له فوائد:

منها:تطرية الكلام،و صيانة السمع عن الضّجر و الملال،لما جبلت عليه النفوس من حبّ التنقلات،و السآمة من الاستمرار على منوال واحد،و هذه فائدته العامة.

و يختص كلّ موضع بنكت و لطائف باختلاف محلّه،كما سنبينه.

مثاله:-من التكلم إلى الخطاب-:و وجهه حثّ السامع و بعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه،و أعطاه فضل عناية تخصيص بالمواجهة-قوله تعالى: وَ ما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(22) [يس:22].و الأصل:(و إليه أرجع)فالتفت من التكلم إلى الخطاب.و نكتته:أنه أخرج الكلام في معرض مناصحته لنفسه و هو يريد نصح قومه، تلطفا و إعلاما أنه يريد لهم ما يريد لنفسه،ثم التفت إليهم لكونه في مقام تخويفهم و دعوتهم إلى اللّه تعالى.

كذا جعلوا هذه الآية من الالتفات،و فيه نظر؛لأنه إنما يكون منه إذا قصد الإخبار عن نفسه في كلتا الجملتين،و هنا ليس كذلك،لجواز أن يريد بقوله: تُرْجَعُونَ المخاطبين لا نفسه.

و أجيب:بأنّه لو كان المراد ذلك لما صحّ الاستفهام الإنكاري،لأنّ رجوع العبد إلى

ص: 155


1- إثبات صفة اليد للّه تعالى صفة ثابتة بالكتاب و السنة،و لا يقال:إن أثبتنا اليد للّه فهي جارحة،و الجارحة منزه عنها اللّه.لأنا نقول:يد اللّه ليست جارحة،و ليست كيدنا بل يده و حياته و علمه...كل صفاته هي صفات كمال و جلال تليق بكماله و جلاله،و صفاتنا صفات نقص و عجز تليق بنقصنا و عجزنا.انظر الصفات لعبد الغني المقدسي ص 84-85.بتحقيقي. (2)انظر البرهان 314/3،و الإكسير ص 140-153.

مولاه ليس بمستلزم أن يعيده غير ذلك الراجع.فالمعنى:كيف لا أعبد من إليه رجوعي، و إنّما عدل عن(و إليه أرجع)إلى وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ لأنه داخل فيهم،و مع ذلك أفاد فائدة حسنة،و هي:تنبيههم على أنه مثلهم في وجوب عبادة من إليه الرجوع (1).

و من أمثلته-أيضا-قوله تعالى: وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَ أَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ [الأنعام:72،71].

و مثاله:-من التكلم إلى الغيبة-:و وجهه أن يفهم السامع أنّ هذا نمط المتكلم و قصده من السامع؛حضر أو غاب،و أنه ليس في كلامه ممن يتلوّن و يتوجّه،و يبدي في الغيبة خلاف ما يبديه في الحضور-قوله تعالى: إِنّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً(1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللّهُ [الفتح:2،1]و الأصل(لنغفر لك). إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ(1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ [الكوثر:1، 2]و الأصل:(لنا). أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ(5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [الدخان:158] و الأصل:(منّا). إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [الأعراف:158]إلى قوله: فَآمِنُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ [الأعراف:158]و الأصل:(و بي)،و عدل عنه لنكتتين (2):إحداهما:دفع التهمة عن نفسه بالعصبيّة لها،و الأخرى:تنبيههم على استحقاقه الاتّباع بما اتصف به من الصفات المذكورة و الخصائص المتلوّة.

و مثاله:من الخطاب إلى التكلّم:لم يقع في القرآن،و مثّل له بعضهم بقوله: فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ [طه:72]،ثم قال: إِنّا آمَنّا بِرَبِّنا [طه:73]و هذا المثال لا يصحّ،لأنّ شرط الالتفات أن يكون المراد به واحدا (3).

و مثاله من الخطاب إلى الغيبة: حَتّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ [يونس:22] و الأصل:(بكم).و نكتة العدول عن خطابهم إلى حكاية حالهم لغيرهم:التعجّب من كفرهم و فعلهم،إذ لو استمرّ على خطابهم لفاتت تلك الفائدة (4).

و قيل:لأنّ الخطاب أوّلا كان مع الناس مؤمنهم و كافرهم،بدليل: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ [يونس:22].فلو كان(و جرين بكم)للزم الذمّ للجميع،فالتفت عن الأول.

ص: 156


1- انظر البرهان 315/3-316،و الإكسير ص 144.
2- انظر الإكسير في علم التفسير ص 142.
3- انظر البرهان 317/3.
4- قال في الإكسير ص 142:«و فائدة ذلك العدول عن خطابهم إلى حكاية حالهم لغيرهم،لتعجبهم من فعلهم و كفرهم،إذ لو استمر على خطابهم لفاتت تلك الفائدة،إذ الإنسان يحب نفسه،لا ينكر عليها و لا يستعظم منها العظائم،بل من غيره»ا ه.

للإشارة إلى اختصاصه بهؤلاء الذين شأنهم ما ذكره عنهم في آخر الآية،عدولا من الخطاب العام إلى الخاص.

قلت:و رأيت عن بعض السلف في توجيهه عكس ذلك؛و هو:أنّ الخطاب أوّله خاصّ و آخره عام.فأخرج ابن أبي حاتم،عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم،أنه قال في قوله: حَتّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ [يونس:22]قال:ذكر الحديث عنهم،ثم حدّث عن غيرهم،و لم يقل:(و جرين بكم)لأنه قصد أن يجمعهم و غيرهم،و جرين بهؤلاء و غيرهم من الخلق.هذه عبارته؛فلله درّ السلف ما كان أوقفهم على المعاني اللطيفة التي يدأب المتأخّرون فيها زمانا طويلا،و يفنون فيها أعمارهم،ثم غايتهم أن يحوموا حول الحمى.

و ممّا ذكر في توجيهه أيضا:أنهم وقت الركوب حضروا،لأنهم خافوا الهلاك و غلبة الرياح،فخاطبهم خطاب الحاضرين.ثم لما جرت الرياح بما تشتهي السّفن،و أمنوا الهلاك،لم يبق حضورهم كما كان،على عادة الإنسان أنّه إذا أمن غاب قلبه عن ربه،فلما غابوا ذكّرهم اللّه بصيغة الغيبة.و هذه إشارة صوفية (1).

و من أمثلته أيضا: وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [الروم:39]، وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرّاشِدُونَ [الحجرات:7]، اُدْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ(70) يُطافُ عَلَيْهِمْ ،و الأصل:(عليكم).ثم قال:

وَ أَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ [الزخرف:71،70]فكرّر الالتفات (2).

و مثاله من الغيبة إلى التكلم: وَ اللّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ [فاطر:9]، وَ أَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَ زَيَّنَّا [فصلت:12]، سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ إلى قوله:

بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا .ثم التفت ثانيا إلى الغيبة،فقال: إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الإسراء:1].

و على قراءة الحسن(ليريه) (3)بالغيبة يكون التفاتا ثانيا من بارَكْنا و في آياتِنا التفات ثالث،و في إِنَّهُ التفات رابع.7.

ص: 157


1- انظر البرهان 318/2.
2- انظر البرهان 318/3-319.
3- انظر الرياحين العطرة شرح الفوائد المعتبرة في القراءات الشاذة ص 98،و البحر المحيط 6/6-7.

قال الزمخشريّ (1):و فائدته في هذه الآيات و أمثالها التنبيه على التخصيص بالقدرة، و أنه لا يدخل تحت قدرة أحد.

و مثاله من الغيبة إلى الخطاب: وَ قالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً(88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا(89) [مريم:89،88]. أَ لَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ [الأنعام:6]. وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً [الإنسان:22،21]، إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ [الأحزاب:50].

و من محاسنه ما وقع في سورة الفاتحة:فإنّ العبد إذا ذكر اللّه تعالى وحده،ثم ذكر صفاته التي كل صفة منها تبعث على شدة الإقبال،و آخرها: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4) المفيد أنه مالك الأمر كله في يوم الجزاء،يجد من نفسه حاملا لا يقدر على دفعه على خطاب من هذا صفاته:بتخصيصه بغاية الخضوع و الاستعانة في المهمات.

و قيل:إنما اختير لفظ الغيبة للحمد،و للعبادة الخطاب،للإشارة إلى أنّ الحمد دون العبادة في الرتبة؛لأنك تحمد نظيرك و لا تعبده،فاستعمل لفظ(الحمد)مع الغيبة،و لفظ (العبادة)مع الخطاب،لينسب إلى العظيم حال المخاطبة و المواجهة ما هو أعلى رتبة، و ذلك على طريقة التأدّب.

و على نحو من ذلك جاء آخر السورة فقال: اَلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مصرّحا بذكر المنعم و إسناد الإنعام إليه لفظا،و لم يقل:(صراط المنعم عليهم)فلمّا صار إلى ذكر الغضب زوى عنه لفظه،فلم ينسبه إليه لفظا،و جاء باللفظ منحرفا عن ذكر الغاضب،فلم يقل:(غير الذين غضبت عليهم)تفاديا عن نسبة الغضب إليه في اللّفظ حال المواجهة.

و قيل:لأنه لمّا ذكر الحقيق بالحمد،و أجرى عليه الصفات العظيمة-من كونه ربا للعالمين و رحمانا و رحيما و مالكا ليوم الدين-تعلّق العلم بمعلوم عظيم الشأن،حقيق بأن يكون معبودا دون غيره،مستعانا به،فخوطب بذلك لتميّزه بالصفات المذكورة تعظيما لشأنه؛حتى كأنه قيل:إيّاك يا من هذه صفاته نخصّ بالعبادة و الاستعانة،لا غيرك.

قيل:و من لطائفه التنبيه على أنّ مبتدأ الخلق الغيبة منهم عنه سبحانه و تعالى، و قصورهم عن محاضرته و مخاطبته،و قيام حجاب العظمة عليهم؛فإذا عرفوه بما هو له، و توسّلوا للقرب بالثناء عليه،و أقرّوا بالمحامد له و تعبّدوا له بما يليق بهم،تأهّلوا لمخاطباته3.

ص: 158


1- الكشاف 437/2 و 53/3.

و مناجاته فقالوا: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ(5) (1).

تنبيهات

الأول:شرط الالتفات أن يكون الضمير في المنتقل إليه عائدا في نفس الأمر إلى المنتقل عنه،و إلاّ يلزم عليه أن يكون في:(أنت صديقي)التفات.

الثاني:شرطه-أيضا-أن يكون في جملتين؛صرّح به صاحب الكشاف و غيره،و إلاّ يلزم عليه أن يكون نوعا غريبا (2).

الثالث:ذكر التّنوخيّ في«الأقصى القريب»و ابن الأثير و غيرهما:نوعا غريبا من الالتفات،و هو بناء الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله أو تكلمه،كقوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ بعد أَنْعَمْتَ .فإنّ المعنى:(غير الذين غضبت عليهم)و توقّف فيه صاحب «عروس الأفراح» (3).

الرابع:قال ابن أبي الإصبع:جاء في القرآن من الالتفات قسم غريب جدا،لم أظفر في الشعر بمثاله،و هو:أن يقدّم المتكلم في كلامه مذكورين مرتبين،ثم يخبر عن الأول منهما،و ينصرف عن الإخبار عنه إلى الإخبار عن الثاني،ثم يعود إلى الإخبار عن الأول، كقوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ(6) وَ إِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ(7) [العاديات:7،6]انصرف عن الإخبار عن الإنسان إلى الإخبار عن ربه تعالى،ثم قال منصرفا عن الإخبار عن ربه تعالى إلى الإخبار عن الإنسان: وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ(8) [العاديات:8]قال:و هذا يحسن أن يسمّى التفات الضمائر.

الخامس:يقرب من الالتفات نقل الكلام من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجمع لخطاب الآخر،ذكره التنوخيّ و ابن الأثير.و هو ستّة أقسام أيضا (4):

مثاله من الواحد إلى الاثنين: قالُوا أَ جِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَ تَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ [يونس:78].

و إلى الجمع يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ [الطلاق:1].

ص: 159


1- انظر تفصيل أقوال العلماء في هذا الالتفات في«تفسير سورة الفاتحة»بقلم العبد الفقير إلى مولاه،كاتب هذه التعليقات،و البرهان 326/3-328.
2- انظر البرهان 331/3.
3- انظر البرهان 325/3.
4- انظر البرهان 334/3-337.

و من الاثنين إلى الواحد: فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى [طه:49]. فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى [طه:117].

و إلى الجمع: وَ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً [يونس:87].

و من الجمع إلى الواحد: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس:87].

و إلى الاثنين: يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ إلى قوله فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ(13) [الرحمن:34،33].

السادس:و يقرب منه أيضا-الانتقال من الماضي أو المضارع أو الأمر إلى آخر (1).

مثاله من الماضي إلى المضارع: أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ [فاطر:9]، خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ [الحج:31]، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ [الحج:25].

و إلى الأمر: قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَ أَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ [الأعراف:2]. وَ أُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلاّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا [الحج:30].

و من المضارع إلى الماضي: وَ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ [النمل:87]. وَ يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَ تَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَ حَشَرْناهُمْ [الكهف:47].

و إلى الأمر: قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهَ وَ اشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ [هود:54].

و من الأمر إلى الماضي وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَ عَهِدْنا [البقرة:125].

و إلى المضارع: وَ أَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ اتَّقُوهُ وَ هُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(72) [الأنعام:72].

الإطراد

الإطراد:هو أن يذكر المتكلّم أسماء آباء الممدوح مرتّبة على حكم ترتيبها في الولادة.

قال ابن أبي الإصبع:و منه في القرآن قوله تعالى حكاية عن يوسف: وَ اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ [يوسف:38]قال:و إنّما لم يأت به على الترتيب

ص: 160


1- انظر الإكسير ص 145-148.

المألوف؛فإنّ العادة الابتداء بالأب ثم الجد ثم الجدّ الأعلى،لأنه لم يرد هنا مجرّد ذكر الآباء،و إنّما ذكرهم ليذكر ملّتهم الّتي اتّبعها،فبدأ بصاحب الملّة،ثم بمن أخذها عنه، أولا فأولا على الترتيب.

و مثله قول أولاد يعقوب: نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ [البقرة:133].

الانسجام

الانسجام:هو أن يكون الكلام-لخلوّه من العقادة-منحدرا كتحدّر الماء المنسجم.

و يكاد لسهولة تركيبه و عذوبة ألفاظه أن يسيل رقّة.و القرآن كلّه كذلك.

قال أهل البديع:و إذا قوي الانسجام في النثر جاءت قراءته موزونة بلا قصد،لقوّة انسجامه.و من ذلك ما وقع في القرآن موزونا:

فمنه من بحر الطويل: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف:29].

و من المديد: وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا [هود:37].

و من البسيط: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلاّ مَساكِنُهُمْ [الأحقاف:25].

و من الوافر: وَ يُخْزِهِمْ وَ يَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَ يَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ [التوبة:14].

و من الكامل: وَ اللّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:213].

و من الهزج: فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً [يوسف:93].

و من الرجز: وَ دانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَ ذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً(14) [الإنسان:14].

و من الرمل: وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِياتٍ [سبأ:13].

و من السريع: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ [البقرة:259].

و من المنسرح: إِنّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ [الإنسان:2].

و من الخفيف: لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً [النساء:78].

و من المضارع: يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ [غافر:33،32].

و من المقتضب: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [البقرة:10].

و من المجتث: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(49) [الحجر:49].

ص: 161

و من المتقارب: وَ أُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ(183) [الأعراف:183].

الإدماج

الإدماج:قال ابن أبي الإصبع:هو أن يدمج المتكلم غرضا في غرض،أو بديعا في بديع،بحيث لا يظهر في الكلام إلاّ أحد الغرضين أو أحد البديعين.كقوله تعالى: لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَ الْآخِرَةِ [القصص:70]أدمجت المبالغة في المطابقة،لأنّ انفراده تعالى بالحمد في الآخرة-و هي الوقت الذي لا يحمد فيه سواه-مبالغة في الوصف بالانفراد بالحمد،و هو-و إن خرج مخرج المبالغة في الظاهر-فالأمر فيه حقيقة في الباطن،فإنه رب الحمد،و المنفرد به في الدارين.انتهى.

قلت:و الأولى أن يقال في هذه الآية:إنّها من إدماج غرض في غرض،فإنّ الغرض منها تفرّده تعالى بوصف الحمد،و أدمج فيه الإشارة إلى البعث و الجزاء.

الافتنان

الافتنان:هو الإتيان في كلام بفنّين مختلفين،كالجمع بين الفخر و التّعزية،في قوله تعالى: كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ(26) وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ(27) [الرحمن:27]فإنّه تعالى عزّى جميع المخلوقات من الإنس و الجن و الملائكة و سائر أصناف ما هو قابل للحياة، و تمدّح بالبقاء بعد فناء الموجودات في عشر لفظات،مع وصفه ذاته-بعد انفراده بالبقاء- بالجلال و الإكرام سبحانه و تعالى!.

و منه: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا [مريم:72]الآية،جمع فيها بين هناء و عزاء.

الاقتدار

اشارة

الاقتدار:هو أن يبرز المتكلم المعنى الواحد في عدّة صور،اقتدارا منه على نظم الكلام و تركيبه،و على صياغة قوالب المعاني و الأغراض.فتارة يأتي به في لفظ الاستعارة، و تارة في صورة الإرداف،و حينا في مخرج الإيجاز،و مرّة في قالب الحقيقة.

قال ابن أبي الإصبع:و على هذا أتت جميع قصص القرآن،فإنك ترى القصة الواحدة التي لا تختلف معانيها تأتي في صور مختلفة،و قوالب من الألفاظ متعدّدة،حتى لا تكاد تشتبه في موضعين منه،و لا بدّ أن تجد الفرق بين صورها ظاهرا.

ائتلاف اللفظ مع اللفظ و ائتلافه مع المعنى:

الأول:أن تكون الألفاظ يلائم بعضها بعضا،بأن يقرب الغريب بمثله و المتداول

ص: 162

بمثله،رعاية لحسن الجوار و المناسبة.

و الثاني:أن تكون ألفاظ الكلام ملائمة للمعنى المراد؛فإن كان فخما كانت ألفاظه فخمة،أو جزلا فجزلة،أو غريبا فغريبة،أو متداولا فمتداولة،أو متوسطا بين الغرابة و الاستعمال فكذلك.

فالأول:كقوله تعالى: تَاللّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً [يوسف:85]أتى بأغرب ألفاظ القسم و هي(التاء)فإنّها أقلّ استعمالا،و أبعد من أفهام العامة بالنسبة إلى الباء و الواو.و بأغرب صيغ الأفعال التي ترفع الأسماء و تنصب الأخبار؛ فإنّ(تزال)أقرب إلى الأفهام و أكثر استعمالا منها،و بأغرب ألفاظ الهلاك و هو(الحرض) فاقتضى حسن الوضع في النظم أن تجاوز كل لفظة بلفظة من جنسها في الغرابة،توخّيا لحسن الجوار،و رعاية في ائتلاف المعاني بالألفاظ.و لتتعادل الألفاظ في الوضع و تتناسب في النظم،و لمّا أراد غير ذلك قال: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ [الأنعام:109]فأتى بجميع الألفاظ متداولة لا غرابة فيها.

و من الثاني قوله تعالى: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ [هود:113]لمّا كان الركون إلى الظالم-و هو الميل إليه و الاعتماد عليه-دون مشاركته في الظلم،وجب أن يكون العقاب عليه دون العقاب على الظلم،فأتى بلفظ(المسّ)الذي هو دون الإحراق و الاصطلاء.

و قوله: لَها ما كَسَبَتْ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا [البقرة:286]أتى بلفظ(الاكتساب) المشعر بالكلفة و المبالغة في جانب السّيئة لثقلها.

و كذا قوله: فَكُبْكِبُوا فِيها [الشعراء:94]فهو أبلغ من(كبّوا)للإشارة إلى أنّهم يكبّون كبّا عنيفا فظيعا.

وَ هُمْ يَصْطَرِخُونَ [فاطر:37]فإنّه أبلغ من(يصرخون)للإشارة إلى أنهم يصرخون صراخا منكرا خارجا عن الحدّ المعتاد.

أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ [القمر:42]فإنّه أبلغ من(قادر)للإشارة إلى زيادة التمكّن في القدرة،و أنه لا رادّ له و لا معقّب.

و مثل ذلك وَ اصْطَبِرْ [مريم:65]فإنّه أبلغ من(اصبر).

و اَلرَّحْمنِ فإنّه أبلغ من اَلرَّحِيمِ فإنّه يشعر باللطف و الرفق،كما أنّ(الرحمن) مشعر بالفخامة و العظمة.

ص: 163

و منه الفرق بين سقى و أسقى،فإنّ(سقى)لما لا كلفة معه في السقيا،و لهذا أورده تعالى في شراب الجنة فقال: وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً [الإنسان:21]و(أسقى)لما فيه كلفة،و لهذا أورده في شراب الدنيا،فقال: وَ أَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً [المرسلات:27]، لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً [الجن:16]،لأنّ السقيا في الدنيا لا تخلوا من الكلفة أبدا.

الاستدراك و الاستثناء

الاستدراك و الاستثناء:شرط كونهما من البديع أن يتضمّنا ضربا من المحاسن زائدا على ما يدلّ عليه المعنى اللغوي.

مثال الاستدراك: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا [الحجرات:14]فإنّه لو اقتصر على قوله: لَمْ تُؤْمِنُوا لكان منفّرا لهم؛لأنهم ظنوا الإقرار بالشهادتين من غير اعتقاد إيمانا،فأوجبت البلاغة ذكر الاستدراك،ليعلم أنّ الإيمان موافقة القلب و اللسان، و إن انفرد اللسان بذلك يسمّى إسلاما،لا يسمّى إيمانا.و زاد ذلك إيضاحا بقوله: وَ لَمّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات:14]فلمّا تضمّن الاستدراك إيضاح ما عليه ظاهر الكلام من الإشكال عدّ من المحاسن.

و مثال الاستثناء: فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاّ خَمْسِينَ عاماً [العنكبوت:14]فإنّ الإخبار عن هذه المدة بهذه الصيغة يمهّد عذر نوح في دعائه على قومه بدعوة أهلكتهم عن آخرهم؛إذ لو قيل:(فلبث فيهم تسعمائة و خمسين عاما)لم يكن فيه من التهويل ما في الأوّل؛لأنّ لفظ(الألف)في الأول أول ما يطرق السمع،فيتشغل بها عن سماع بقيّة الكلام،و إذا جاء الاستثناء لم يبق له بعد ما تقدّمه وقع يزيل ما حصل عنده من ذكر الألف.

الاقتصاص

الاقتصاص:ذكره ابن فارس،و هو:أن يكون كلام في سورة مقتصا من كلام في سورة أخرى أو في تلك السورة.كقوله تعالى: وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ [العنكبوت:27]و الآخرة دار ثواب لا عمل فيها.فهذا مقتصّ من قوله:

وَ مَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى(75) [طه:75].

و منه: وَ لَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ(57) [الصافات:57]،مأخوذ من قوله:

أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ [سبأ:38].

و قوله: وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ [غافر:51]مقتصّ من أربع آيات:لأنّ الأشهاد أربعة:

ص: 164

الملائكة في قوله: وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ(21) [ق:21]،و الأنبياء في قوله:

فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً(41) [النساء:41]، و أمة محمد في قوله: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ [البقرة:143]،و الأعضاء في قوله:

يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ [النور:24].

و قوله: يَوْمَ التَّنادِ [غافر:32]قرئ مخفّفا و مشدّدا،فالأوّل مأخوذ من قوله:

وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ [الأعراف:44]،و الثاني من قوله: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ(34) [عبس:34].

الإبدال (1)

الإبدال:هو إقامة بعض الحروف مقام بعض.و جعل منه ابن فارس فَانْفَلَقَ أي انفرق،و لهذا قال: فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ [الشعراء:63]فالرّاء و اللاّم متعاقبتان.

و عن الخليل في قوله تعالى: فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ [الإسراء:5]إنّه أريد(فحاسوا) فجاءت الجيم مقام الحاء.و قد قرئ بالحاء أيضا.

و جعل منه الفارسيّ: إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ [ص:32]أي:الخيل.

و جعل منه أبو عبيدة (1): إِلاّ مُكاءً وَ تَصْدِيَةً [الأنفال:35]أي:تصددة.

تأكيد المدح بما يشبه الذم

تأكيد المدح بما يشبه الذّم:قال ابن أبي الإصبع:هو في غاية العزة في القرآن.

قال:و لم أجد منه إلاّ آية واحدة،و هي قوله: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنّا إِلاّ أَنْ آمَنّا بِاللّهِ [المائدة:59]فإنّ الاستثناء-بعد الاستفهام الخارج مخرج التوبيخ على ما عابوا به المؤمنين من الإيمان-يوهم أنّ ما يأتي بعده ممّا يوجب أن ينقم على فاعله ممّا يذمّ به، فلمّا أتى بعد الاستثناء ما يوجب مدح فاعله كان الكلام متضمّنا تأكيد المدح بما يشبه الذّم.

قلت:و نظيرها قوله: وَ ما نَقَمُوا إِلاّ أَنْ أَغْناهُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ [التوبة:74]، و قوله: اَلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللّهُ [الحج:40]،فإنّ ظاهر الاستثناء أنّ ما بعده حق يقتضي الإخراج،فلمّا كان صفة مدح يقتضي الإكرام لا الإخراج كان تأكيدا للمدح بما يشبه الذم.

ص: 165


1- انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 246/1.

و جعل منه التنوخيّ في«الأقصى القريب»: لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَ لا تَأْثِيماً(25) إِلاّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً(26) [الواقعة:26،25]استثنى سَلاماً سَلاماً الذي هو ضدّ اللغو و التأثيم،فكان ذلك مؤكدا لانتفاء اللغو و التّأثيم.انتهى.

التفويت

التفويت:هو إتيان المتكلم بمعان شتّى من المدح و الوصف،و غير ذلك من الفنون، كلّ فنّ في جملة منفصلة عن أختها،مع تساوي الجمل في الزّنة،و تكون في الجمل الطويلة و المتوسطة و القصيرة.

فمن الطويلة: اَلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ(78) وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ(79) وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ(80) وَ الَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ(81) [الشعراء:78-81].

و من المتوسطة: تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ تُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَ تُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ تُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ [آل عمران:27].

قال ابن أبي الإصبع:و لم يأت المركب من القصيرة في القرآن.

التقسيم (1)

التقسيم:هو استيفاء أقسام الشيء الموجودة،لا الممكنة عقلا،نحو: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَ طَمَعاً [الرعد:12]إذ ليس في رؤية البرق إلاّ الخوف من الصواعق و الطمع في الأمطار؛و لا ثالث لهذين القسمين.

و قوله: فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ [فاطر:32]فإنّ العالم لا يخلو من هذه الأقسام الثلاثة:إمّا عاص ظالم لنفسه،و إمّا سابق مبادر للخيرات،و إمّا متوسّط بينهما مقتصد فيها.

و نظيرها: وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً(7) فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ(8) وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ(9) وَ السّابِقُونَ السّابِقُونَ(10) [الواقعة:7-10].

و كذا قوله تعالى: لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَ ما خَلْفَنا وَ ما بَيْنَ ذلِكَ [مريم:64]استوفى أقسام الزمان،و لا رابع لها.

و قوله: وَ اللّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ [النور:45]

ص: 166

استوفى أقسام الخلق في المشي.

و قوله: اَلَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191]استوفى جميع هيئات الذاكر.

و قوله: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَ إِناثاً وَ يَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً [الشورى:50،49]استوفى جميع أحوال المتزوّجين،و لا خامس لها.

التدبيج

التدبيج:هو أن يذكر المتكلّم ألوانا يقصد التورية بها و الكناية.

قال ابن أبي الإصبع:كقوله تعالى: وَ مِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَ حُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَ غَرابِيبُ سُودٌ [فاطر:27].

قال:المراد بذلك-و اللّه أعلم-الكناية عن المشتبه و الواضح من الطرق؛لأنّ الجادّة البيضاء هي الطريق التي كثر السلوك عليها جدّا،و هي أوضح الطرق و أبينها.و دونها الحمراء،و دون الحمراء السوداء؛كأنها في الخفاء و الالتباس ضدّ البيضاء في الظهور و الوضوح.و لمّا كانت هذه الألوان الثلاثة في الظهور للعين طرفين و واسطة،فالطرف الأعلى في الظهور البياض،و الطرف الأدنى في الخفاء السواد،و الأحمر بينهما،على وضع الألوان في التركيب،و كانت ألوان الجبال لا تخرج عن هذه الألوان الثلاثة،و الهداية بكلّ علم نصب للهداية منقسمة هذه القسمة،أتت الآية الكريمة منقسمة كذلك،فحصل فيها التدبيج و صحة التقسيم.

التنكيت

التنكيت:هو أن يقصد المتكلّم إلى شيء بالذكر دون غيره،ممّا يسدّ مسدّه،لأجل نكتة في المذكور ترجّح مجيئه على سواه.كقوله تعالى: وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى(49) خصّ الشّعرى بالذّكر دون غيرها من النجوم،و هو تعالى ربّ كلّ شيء؛لأنّ العرب كان ظهر فيهم رجل يعرف بابن أبي كبشة،عبد الشّعرى،و دعا خلقا إلى عبادتها،فأنزل اللّه تعالى:

وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى(49) [النجم:49]التي ادّعيت فيها الربوبية.

ص: 167

التجريد (1)

التجريد:هو أن ينتزع من أمر ذي صفة آخر مثله،مبالغة في كمالها فيه.

نحو:(لي من فلان صديق حميم)جرّد من الرجل الصديق آخر مثله متّصف بصفة الصّداقة.

و نحو:(مررت بالرجل الكريم و النّسمة المباركة)جرّدوا من الرّجل الكريم آخر مثله متصفا بصفة البركة،و عطفوه عليه،كأنه غيره،و هو هو.

و من أمثلته في القرآن: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ [فصلت:28]ليس المعنى أنّ الجنة فيها دار خلد و غير دار خلد،بل هي نفسها دار الخلد؛فكأنه جرّد من الدار دارا.ذكره في «المحتسب»،و جعل منه: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ مُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ [الأنعام:95]على أنّ المراد بالميّت النطفة.

قال الزمخشري (1):و قرأ عبيد بن عمير: فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ [الرحمن:

37]بالرّفع،بمعنى حصلت منها وردة،قال:و هو من التجريد.و قرئ أيضا:(يرثني وارث من آل يعقوب) (2)قال ابن جني:هذا هو التجريد،و ذلك أنه يريد:(وهب لي من لدنك وليا يرثني منه وارث من آل يعقوب)و هو الوارث نفسه،فكأنه جرّد منه وارثا.

التعديد (4)

التعديد:هو إيقاع الألفاظ المفردة على سياق واحد.و أكثر ما يوجد في الصفات، كقوله: هُوَ اللّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبّارُ الْمُتَكَبِّرُ [الحشر:23].

و قوله: اَلتّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ [التوبة:112]الآية.

و قوله: مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ [التحريم:5]الآية.

ص: 168


1- الكشاف 48/4.
2- قال في البحر المحيط 174/6:«و قرأ علي و ابن عباس و الجحدري:يرثني وارث من آل يعقوب.قال أبو الفتح:هذا هو التجريد:التقدير:يرثني منه وارث»ا ه و انظر الكشاف 502/2-503.

الترتيب

الترتيب:هو أن يورد أوصاف الموصوف على ترتيبها في الخلقة الطبيعية،و لا يدخل فيها وصفا زائدا.و مثّله عبد الباقي اليمني بقوله: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً [غافر:67] و بقوله: فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها [الشمس:14]الآية.

الترقّي و التدلّي:تقدّما في نوع التقديم و التأخير.

التضمين (1)

التضمين:يطلق على أشياء:

أحدها:إيقاع لفظ موقع غيره لتضمّنه معناه.و هو نوع من المجاز تقدّم فيه.

الثاني:حصول معنى فيه من غير ذكر له باسم هو عبارة عنه.و هذا نوع من الإيجاز تقدّم أيضا.

الثالث:تعلّق ما بعد الفاصلة بها.و هذا مذكور في نوع الفواصل.

الرابع:إدراج كلام الغير في أثناء الكلام،لقصد تأكيد المعنى،أو ترتيب النظم.

و هذا هو النوع البديعيّ.

قال ابن أبي الإصبع:و لم أظفر في القرآن بشيء منه إلاّ في موضعين تضمّنا فصلين من التوراة و الإنجيل:قوله: وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ [المائدة:45]الآية.

و قوله: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ [الفتح:29]الآية.

و مثله ابن النقيب و غيره:بإيداع حكايات المخلوقين في القرآن،كقوله تعالى حكاية عن الملائكة: أَ تَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها [البقرة:30]،و عن المنافقين: أَ نُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ [31:2]. وَ قالَتِ الْيَهُودُ [البقرة:113]، وَ قالَتِ النَّصارى [البقرة:113].

قال:و كذلك ما أودع فيه من اللغات الأعجمية.

ص: 169

الجناس

اشارة

الجناس:هو تشابه اللفظين في اللفظ (1).

قال في«كنز البراعة»:و فائدته الميل إلى الإصغاء إليه،فإنّ مناسبة الألفاظ تحدث ميلا و إصغاء إليها،و لأنّ اللّفظ المشترك إذا حمل على معنى،ثم جاء و المراد به آخر، كان للنفس تشوّق إليه.

و أنواع الجناس كثيرة:

منها:التامّ:بأن يتّفقا في أنواع الحروف و أعدادها و هيآتها،كقوله تعالى: وَ يَوْمَ تَقُومُ السّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ [الروم:55]و قيل:و لم يقع منه في القرآن سواه.و استنبط شيخ الإسلام ابن حجر موضعا آخر،و هو: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ يُقَلِّبُ اللّهُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ(44) [النور:44،43].

و أنكر بعضهم كون الآية الأولى من الجناس،و قال:الساعة في الموضعين بمعنى واحد،و التجنيس أن يتفق اللفظ و يختلف المعنى،و لا يكون أحدهما حقيقة،و الآخر مجازا،بل يكونان حقيقتين،و زمان القيامة-و إن طال-لكنه عند اللّه في حكم الساعة الواحدة،فإطلاق الساعة على القيامة مجاز،و على الآخرة حقيقة،و بذلك يخرج الكلام عن التجنيس،كما لو قلت:ركبت حمارا و لقيت حمارا،تعني بليدا.

و منها:المصحّف:و يسمّى جناس الخط.بأن تختلف الحروف في النقط،كقوله:

وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ(79) وَ إِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ(80) [الشعراء:80،79].

و منها:المحرّف:بأن يقع الاختلاف في الحركات،كقوله: وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ(72) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ(73) [الصافات:73،72].

و قد اجتمع التصحيف و التحريف في قوله: وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [الكهف:

104].

و منها:الناقص:بأن يختلف في عدد الحروف،سواء كان الحرف المزيد أوّلا أو وسطا أو آخرا،كقوله: وَ الْتَفَّتِ السّاقُ بِالسّاقِ(29) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ(30) [القيامة:29، 30]، ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ [النحل:69].

ص: 170


1- انظر البرهان 450/3.

و منها:المذيّل:بأن يزيد أحدهما أكثر من حرف في الآخر أو الأوّل و سمّى بعضهم الثاني بالمتوّج،كقوله: وَ انْظُرْ إِلى إِلهِكَ [طه:97]، وَ لكِنّا كُنّا مُرْسِلِينَ [القصص:45]، مَنْ آمَنَ بِهِ [الأعراف:86]، إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ [العاديات:11]، مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ [النساء:143].

و منها:المضارع:و هو أن يختلفا بحرف مقارب في المخرج،سواء كان في الأول أو الوسط أو الآخر،كقوله تعالى: وَ هُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَ يَنْأَوْنَ عَنْهُ [الأنعام:26].

و منها:اللاّحق:بأن يختلفا بحرف غير مقارب فيه كذلك،كقوله: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ(1) [الهمزة:1]، وَ إِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ(7) وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ(8) [العاديات:8،7]، ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَ بِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ(75) [غافر:75]، وَ إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ [النساء:83].

و منها:المرفق:و هو ما تركّب من كلمة و بعض أخرى،كقوله: جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ [التوبة:105].

و منها:اللّفظي:بأن يختلفا بحرف مناسب للآخر مناسبة لفظية كالضاد و الظاء، كقوله: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ(22) إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ(23) [القيامة:23،22].

و منها:تجنيس القلب:بأن يختلفا في ترتيب الحروف،نحو: فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ [94:20].

و منها:تجنيس الاشتقاق:بأن يجتمعا في أصل الاشتقاق،و يسمّى:المقتضب:نحو فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ [الواقعة:89]، فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ [الروم:43]، وَجَّهْتُ وَجْهِيَ [الأنعام:79].

و منها:تجنيس الإطلاق:بأن يجتمعا في المشابهة فقط،كقوله: وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ [الرحمن:54]، قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ(168) [الشعراء:168]، لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي [المائدة:31]. وَ إِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ [يونس:107]، اِثّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَ رَضِيتُمْ [التوبة:38]، وَ إِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ إلى قوله: فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ [فصلت:51].

تنبيه

لكون الجناس من المحاسن اللفظية لا المعنوية ترك عند قوّة المعنى،كقوله تعالى:

ص: 171

وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنّا صادِقِينَ [يوسف:17]قيل:ما الحكمة في كونه لم يقل:

(و ما أنت بمصدّق)،فإنه يؤدي معناه مع رعاية التجنيس.

و أجيب:بأنّ في بِمُؤْمِنٍ لَنا من المعنى ما ليس في(مصدّق)لأنّ معنى قولك:

(فلان مصدّق لي)قال لي:صدقت،و أمّا(مؤمن)فمعناه مع التصديق إعطاء الأمن، و مقصودهم التصديق و زيادة،و هو طلب الأمن،فلذلك عبّر به.

و قد زلّ بعض الأدباء،فقال في قوله: أَ تَدْعُونَ بَعْلاً وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ(125) [الصافات:125]:لو قال:(و تدعون)لكان فيه مراعاة للتجنيس.

و أجاب الإمام فخر الدين:بأن فصاحة القرآن ليست لرعاية هذه التكليفات،بل لأجل قوّة المعاني و جزالة الألفاظ.

و أجاب غيره:بأن مراعاة المعاني أولى من مراعاة الألفاظ،و لو قال: أَ تَدْعُونَ و(تدععون)لوقع الالتباس على القارئ؛فيجعلهما بمعنى واحد تصحيفا.و هذا الجواب غير ناضج.

و أجاب ابن الزملكانيّ:بأنّ التجنيس تحسين،و إنما يستعمل في مقام الوعد و الإحسان،لا في مقام التهويل.

و أجاب الخويّي:بأنّ(تدع)أخصّ من(تذر)لأنه بمعنى ترك الشيء مع اعتنائه، بشهادة الاشتقاق،نحو الإيداع،فإنّه عبارة عن ترك الوديعة مع الاعتناء بحالها؛و لهذا يختار لها من هو مؤتمن عليها.و من ذلك الدعة بمعنى الراحة.و أما(تذر)فمعناه الترك مطلقا،أو الترك مع الإعراض و الرفض الكليّ.

قال الراغب:يقال:فلان يذر الشيء،أي:يقذفه لقلة الاعتداد به،و منه الوذرة -قطعة من اللحم-لقلة الاعتداد به،و لا شكّ أنّ السّياق إنّما يناسب هذا دون الأول؛ فأريد هنا تبشيع حالهم في الإعراض عن ربّهم،و أنهم بلغوا الغاية في الإعراض.

انتهى (1).

الجمع

الجمع:هو أن يجمع بين شيئين أو أشياء متعددة في حكم،كقوله تعالى:

ص: 172


1- انظر البرهان 453/3،و المفردات ص 539.

اَلْمالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا [الكهف:46]جمع المال و البنون في الزينة.

و كذلك قوله: اَلشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ(5) وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ(6) [الرحمن:

6،5].

الجمع و التفريق (1)

الجمع و التفريق:هو أن تدخل شيئين في معنى،و تفرّق بين جهتي الإدخال.و جعل منه الطيبيّ قوله: اَللّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها [الزمر:42]الآية جمع النفسين في حكم التوفّي،ثم فرّق بين جهتي التوفي بالحكم بالإمساك و الإرسال،أي:اللّه يتوفّى بالإمساك و الإرسال؛أي:اللّه يتوفّى الأنفس التي تقبض و التي لم تقبض،فيمسك الأولى و يرسل الأخرى.

الجمع و التقسيم (2)

الجمع و التقسيم:و هو جمع متعدّد تحت حكم،ثم تقسيمه.كقوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ [فاطر:32].

الجمع مع التفريق و التقسيم (3)

الجمع مع التفريق و التقسيم:كقوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ الآيات.

فالجمع:في قوله: لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ لأنها متعدّدة معنى،إذ النكرة في سياق النفي تعمّ،و التفريق في قوله: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ ،و التقسيم في قوله: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا . وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا .

جمع المؤتلف و المختلف

جمع المؤتلف و المختلف:هو أن يريد التّسوية بين ممدوحين،فيأتي بمعان مؤتلفة في مدحهما،و يروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر،بزيادة فضل لا ينقص الآخر،

ص: 173

فيأتي لأجل ذلك بمعان تخالف معنى التسوية،كقوله تعالى: وَ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ [الأنبياء:78]الآية.سوّى في الحكم و العلم،و زاد فضل سليمان بالفهم.

حسن النسق

حسن النسق:هو أن يأتي المتكلّم بكلمات متتاليات معطوفات،متلاحمات تلاحما سليما مستحسنا،بحيث إذا أفردت كلّ جملة منه قامت بنفسها،و استقلّ معناها بلفظها، و منه قوله تعالى: وَ قِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ [هود:44]الآية؛فإنّ جمله معطوف بعضها على بعض بواو النّسق على الترتيب الذي تقتضيه البلاغة:من الابتداء بالأهم الذي هو انحسار الماء عن الأرض،المتوقف عليه غاية مطلوب أهل السفينة من الإطلاق من سجنها،ثم انقطاع مادّة السماء المتوقّف عليه تمام ذلك من دفع أذاه بعد الخروج،و منه اختلاف ما كان بالأرض،ثم الإخبار بذهاب الماء بعد انقطاع المادّتين الذي هو متأخر عنه قطعا،ثم بقضاء الأمرح الذي هو هلاك من قدّر هلاكه،و نجاة من سبق نجاته،و أخّر عمّا قبله؛لأنّ علم ذلك لأهل السفينة بعد خروجهم منها،و خروجهم موقوف على ما تقدّم، ثم أخبر باستواء السفينة و استقرارها المفيد ذهاب الخوف و حصول الأمن من الاضطراب، ثم ختم بالدعاء على الظالمين،لإفادة أنّ الغرق و إن عمّ الأرض فلم يشمل إلاّ من استحقّ العذاب لظلمه.

عتاب المرء نفسه

عتاب المرء نفسه:منه: وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي الآيات.

و قوله: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللّهِ... الآيات.

العكس (1)

العكس:هو أن يؤتى بكلام يقدّم فيه جزء و يؤخّر آخر،ثم يقدّم المؤخر،و يؤخّر المقدم،كقوله تعالى: ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ وَ ما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ [الأنعام:52]، يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ [الحج:61]، وَ مَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ [يونس:31]، هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَ أَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ [البقرة:187]، لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10].

ص: 174

و قد سئل عن الحكمة في عكس هذا اللفظ،فأجاب ابن المنير:بأنّ فائدته الإشارة إلى أنّ الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.

و قال الشيخ بدر الدين بن الصاحب:الحقّ أنّ كلّ واحد من فعل المؤمنة و الكافر منفيّ عنه الحلّ،أما فعل المؤمنة فيحرم لأنّها مخاطبة،و أمّا فعل الكافر فنفي عنه الحلّ باعتبار أنّ هذا الوط ء مشتمل على المفسدة،فليس الكفار مورد الخطاب،بل الأئمة و من قام مقامهم مخاطبون بمنع ذلك؛لأنّ الشرع أمر بإخلاء الوجود من المفاسد،فاتّضح أنّ المؤمنة نفي عنها الحلّ باعتبار،و الكافر نفي عنه الحلّ باعتبار.

قال ابن أبي الإصبع:و من غريب أسلوب هذا النوع قوله تعالى: وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ نَقِيراً(124) وَ مَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَ هُوَ مُحْسِنٌ [النساء:125،124]فإنّ نظم الآية الثانية عكس نظم الأولى،لتقديم العمل في الأولى على الإيمان،و تأخيره في الثانية عن الإسلام.

و منه نوع يسمى القلب و المقلوب المستوي،و ما لا يستحيل بالانعكاس،و هو أن تقرأ الكلمة من آخرها إلى أولها،كما تقرأ من أولها إلى آخرها.كقوله تعالى: كُلٌّ فِي فَلَكٍ [الأنبياء:33]، وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) [المدثر:3]،و لا ثالث لهما في القرآن.

العنوان

العنوان:قال ابن أبي الإصبع:هو أن يأخذ المتكلم في غرض،فيأتي لقصد تكميله و تأكيده بأمثلة في ألفاظ تكون عنوانا لأخبار متقدّمة،و قصص سالفة.

و منه نوع عظيم جدا،و هو:عنوان العلوم،بأن يذكر في الكلام ألفاظا تكون مفاتيح لعلوم و مداخل لها.

فمن الأول قوله تعالى: وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها [الأعراف:175]،فإنّه عنوان قصة بلعام.

و من الثاني قوله تعالى: اِنْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ(30) [المرسلات:30]الآية فيها عنوان علم الهندسة،فإنّ الشكل المثلّث أول الأشكال،و إذا نصب في الشمس على أيّ ضلع من أضلاعه لا يكون له ظلّ،لتحديد رءوس زواياه؛فأمر اللّه تعالى أهل جهنّم بالانطلاق إلى ظلّ هذا الشكل تهكّما بهم.

ص: 175

و قوله: وَ كَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [الأنعام:75]الآيات...

فيها عنوان علم الكلام،و علم الجدل،و علم الهيئة.

الفرائد

الفرائد:هو مختصّ بالفصاحة دون البلاغة؛لأنه الإتيان بلفظة منزلة الفريدة من العقد -و هي الجوهرة التي لا نظير لها-تدلّ على عظم فصاحة هذا الكلام،و قوة عارضته، و جزالة منطقه،و أصالة عربيّته،بحيث لو أسقطت من الكلام عزّت على الفصحاء.

و منه لفظ: حَصْحَصَ في قوله: اَلْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ [يوسف:51]و اَلرَّفَثُ في قوله: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [البقرة:187].

و لفظة فُزِّعَ في قوله: حَتّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ [سبأ:23].

و خائِنَةَ الْأَعْيُنِ في قوله: يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ [غافر:19].

و ألفاظ قوله: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا [يوسف:80]،و قوله: فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ(177) [الصافات:177].

القسم

القسم:هو أن يريد المتكلّم الحلف على شيء،فيحلف بما يكون فيه فخر له،أو تعظيم لشأنه،أو تنويه لقدره،أو ذم لغيره،أو جاريا مجرى الغزل و الترقق،أو خارجا مخرج الموعظة و الزهد،كقوله: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ(23) [الذاريات:23]أقسم سبحانه و تعالى بقسم يوجب الفخر لتضمّنه التمدّح بأعظم قدرة، و أجل عظمة.

لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ(72) [الحجر:72]أقسم سبحانه و تعالى بحياة نبيّه صلّى اللّه عليه و سلّم تعظيما لشأنه،و تنويها بقدره.و سيأتي في نوع الأقسام أشياء تتعلق بذلك.

اللف و النشر (1)

اللف و النشر (1):هو أن يذكر شيئان أو أشياء،إمّا تفصيلا بالنصّ على كلّ واحد،أو

ص: 176


1- قال الرازي في نهاية الإيجاز ص 289:«هو أن تلفّ شيئين،ثم ترمي بتفسيرهما جملة،ثقة بأنّ السامع يرد إلى كلّ واحد منهما ما له»ا ه.

إجمالا بأن يؤتى بلفظ يشتمل على متعدّد،ثم يذكر أشياء على عدد ذلك،كلّ واحد يرجع إلى واحد من المتقدم،و يفوّض إلى عقل السامع ردّ كلّ واحد إلى ما يليق به.

فالإجماليّ:كقوله تعالى: وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاّ مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى [البقرة:111]أي:و قالت اليهود:لن يدخل الجنة إلاّ اليهود،و قالت النصارى:لن يدخل الجنة إلاّ النصارى؛و إنما سوّغ الإجمال في اللفّ ثبوت العناد بين اليهود و النصارى،فلا يمكن أن يقول أحد الفريقين بدخول الفريق الآخر الجنة،فوثق بالعقل في أنه يردّ كلّ قول إلى فريقه لأمن اللّبس،و قائل ذلك يهود المدينة و نصارى نجران.

قلت:و قد يكون الإجمال في النّشر لا في اللّف،بأن يؤتي بمتعدّد،ثم بلفظ يشتمل على متعدّد يصلح لهما،كقوله تعالى: حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187]على قول أبي عبيدة (1):إنّ الخيط الأسود أريد به الفجر الكاذب لا الليل،و قد بينته في أسرار التنزيل (2).

و التفصيلي قسمان:

أحدهما:أن يكون على ترتيب اللفّ،كقوله تعالى: جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ [القصص:73]فالسّكون راجع إلى اللّيل،و الابتغاء راجع إلى النهار.

و قوله تعالى: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (29) [الإسراء:29]فاللوم راجع إلى البخل،و مَحْسُوراً راجع إلى الإسراف،لأنّ معناه:

منقطعا لا شيء عندك.

و قوله: أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً... الآيات،فإنّ قوله: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ(9) راجع إلى قوله: أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى(6) و وَ أَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ(10) راجع إلى قوله: وَ وَجَدَكَ ضَالاًّ فإنّ المراد السائل عن العلم،كما فسّره مجاهد و غيرهم.و وَ أَمّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ(11) راجع إلى قوله: وَ وَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى(8) [الضحى:6-11]رأيت هذا المثال في شرح«الوسيط»للنوويّ،المسمّى«بالتنقيح».7.

ص: 177


1- قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في مجاز القرآن 68/1:«الخيط الأبيض:هو الصبح المصدّق،و الخيط الأسود هو الليل.و الخيط:هو اللون»ا ه.
2- الإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي ص 27.

و الثاني:أن يكون على عكس ترتيبه،كقوله: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ [آل عمران:106].

و جعل منه جماعة قوله تعالى: حَتّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214]قالوا: مَتى نَصْرُ اللّهِ :قول الذين آمنوا. أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ :قول الرسول.

و ذكر الزمخشريّ (1)قسما آخر؛كقوله تعالى: وَ مِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ [الروم:23].قال:هذا من باب اللفّ،و تقديره: وَ مِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ وَ ابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إلا أنه فصل بين مَنامُكُمْ و وَ ابْتِغاؤُكُمْ بالليل و النهار لأنهما زمانان،و الزمان الواقع فيه كشيء واحد،مع إقامة (2)اللفّ على الاتحاد.

المشاكلة

المشاكلة:ذكر الشيء بلفظ غيره،لوقوعه في صحبته تحقيقا أو تقديرا.

فالأول:كقوله تعالى: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ [المائدة:116]، وَ مَكَرُوا وَ مَكَرَ اللّهُ [آل عمران:54].فإنّ إطلاق النفس و المكر في جانب البارئ تعالى إنما هو لمشاكلة ما معه (3).

و كذا قوله: وَ جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها [الشورى:40]لأنّ الجزاء حقّ لا يوصف بأنه سيّئة. فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ [البقرة:194] اَلْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ [الجاثية:

34]، فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ [التوبة:79]، إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ(14) اَللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة:15،14].

و مثال التقديريّ:قوله تعالى: صِبْغَةَ اللّهِ [البقرة:138]أي:تطهير اللّه؛لأنّ الإيمان يطهّر النفوس،و الأصل فيه:أنّ النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمّونه المعموديّة،و يقولون:إنّه تطهير لهم،فعبّر عن الإيمان(بصبغة اللّه)للمشاكلة بهذه القرينة.

ص: 178


1- الكشاف 218/3.
2- في الكشاف 218/3 إعانة.
3- انظر«الصفات»للحافظ عبد الغني ص 86-87 بتحقيقنا،و مختصر الصواعق المرسلة.

المزاوجة

المزاوجة:أن يزاوج بين معنيين في الشرط و الجزاء،أو ما جرى مجراهما.كقوله:

إذا ما نهى النّاهي فلجّ بي الهوى أصاخت إلى الواشي فلجّ بها الهجر

و منه في القرآن: آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ [الأعراف:175].

المبالغة (1)

اشارة

المبالغة:أن يذكر المتكلّم وصفا،فيزيد فيه حتى يكون أبلغ في المعنى الذي قصده.

و هي ضربان:

مبالغة بالوصف:بأن يخرج إلى حدّ الاستحالة،و منه: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَ لَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ [النور:35]، وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ [الأعراف:

40].

و مبالغة بالصيغة:و صيغ المبالغة:(فعلان)كالرحمن،و(فعيل)كالرحيم،و(فعّال) كالتّواب و الغفار و القهّار،و(فعول)كغفور و شكور و ودود،و(فعل)كحذر و أشر و فرح.

و(فعال)بالتخفيف كعجاب،و بالتشديد ككبّار،و(فعل)كلبد و كبر،و(فعلى)كالعليا و الحسنى و شورى و السوأى.

فائدة

الأكثر على أنّ(فعلان)أبلغ من(فعيل).

و من ثمّ قيل:الرحمن أبلغ من الرحيم، و نصره السهيليّ بأنه ورد على صيغة التثنية،و التثنية تضعيف،فكأنّ البناء تضاعفت فيه الصّفة.

و ذهب ابن الأنباريّ إلى أنّ الرحيم أبلغ من الرحمن،و رجّحه ابن عساكر بتقديم ب اَلرَّحْمنِ عليه،و بأنه جاء على صيغة الجمع كعبيد،و هو أبلغ من صيغة التثنية.

و ذهب قطرب إلى أنّهما سواء.

فائدة:ذكر البرهان الرشيديّ:أنّ صفات اللّه التي على صيغة المبالغة كلّها مجاز،

ص: 179

لأنها موضوعة للمبالغة و لا مبالغة فيها؛لأنّ المبالغة أن تثبت أكثر ممّا له،و صفاته تعالى متناهية في الكمال لا يمكن المبالغة فيها.و أيضا:فالمبالغة تكون في صفات تقبل الزيادة و النقصان،و صفات اللّه منزّهة عن ذلك.و استحسنه الشيخ تقيّ الدين السّبكيّ (1).

و قال الزّركشي في«البرهان» (2):التحقيق أن صيغ المبالغة قسمان:

أحدهما:ما تحصل المبالغة فيه بحسب زيادة الفعل.

و الثاني:بحسب تعدّد المفعولات،و لا شك أن تعدّدها لا يوجب للفعل زيادة،إذ الفعل الواحد قد يقع على جماعة متعدّدين،و على هذا القسم تنزّل صفاته تعالى و يرتفع الإشكال؛و لهذا قال بعضهم في(حكيم):معنى المبالغة فيه تكرار حكمه بالنسبة إلى الشرائع.

و قال في«الكشاف» (3):المبالغة في(التّوّاب)للدلالة على كثرة من يتوب عليه من عباده،أو لأنه بليغ في قبول التوبة:نزّل صاحبها منزلة من لم يذنب قطّ،لسعة كرمه.

و قد أورد بعض الفضلاء (4)سؤالا على قوله: وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [البقرة:

284].و هو أن(قديرا)من صيغ المبالغة،فيستلزم الزيادة على معنى(قادر)و الزيادة على معنى(قادر)محال،إذ الإيجاد من واحد لا يمكن فيه التفاضل باعتبار كلّ فرد فرد.

و أجيب:بأنّ المبالغة لمّا تعذّر حملها على كلّ فرد وجب صرفها إلى مجموع الأفراد الّتي دلّ السّياق عليها،فهي بالنسبة إلى كثرة المتعلّق لا الوصف.

المطابقة (5)

المطابقة:و تسمّى الطباق:الجمع بين متضادّين في الجملة.

و هو قسمان:حقيقيّ و مجازيّ،و الثاني يسمّى التكافؤ،و كلّ منهما إما لفظيّ أو معنويّ،و إمّا طباق إيجاب أو سلب.

و من أمثلة ذلك: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَ لْيَبْكُوا كَثِيراً [التوبة:82]، وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى وَ أَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَ أَحْيا(44) [النجم:44،43]

ص: 180


1- البرهان 504/2-506.
2- البرهان 507/2.
3- الكشاف 569/3.
4- نقله في البرهان 508/2.

(43)، لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ [الحديد:23]، وَ تَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ [الكهف:18].

و من أمثلة المجازيّ: أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ [الأنعام:122].أي ضالا فهديناه.

و من أمثلة طباق السلب: تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ [المائدة:116]، فَلا تَخْشَوُا النّاسَ وَ اخْشَوْنِ [المائدة:44].

و من أمثلة المعنويّ: إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ تَكْذِبُونَ قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ(16) [يس:

16،15]معناه:(ربنا يعلم إنا لصادقون).

جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَ السَّماءَ بِناءً [البقرة:22].قال أبو عليّ الفارسيّ (1):لمّا كان البناء رفعا للمبنيّ قوبل بالفراش الذي هو على خلاف البناء.

و منه نوع يسمّى:الطباق الخفيّ،كقوله: مِمّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً [نوح:

25].لأن الغرق من صفات الماء،فكأنه جمع بين الماء و النار،قال ابن منقذ:و هي أخفى مطابقة في القرآن (2).

و قال ابن المعتز (3):من أملح الطباق و أخفاه قوله تعالى: وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ [البقرة:179]؛لأن معنى القصاص القتل،فصار القتل سبب الحياة.

ترصيع الكلام (4)

و منه نوع يسمّى:ترصيع الكلام،و هو اقتران الشيء بما يجتمع معه في قدر مشترك، كقوله: إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيها وَ لا تَعْرى(118) وَ أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَ لا تَضْحى(119) [طه:118، 119]أتى بالجوع مع العري،و بابه أن يكون مع الظمأ.و بالضحى مع الظمأ،و بابه أن يكون مع العري،لكنّ الجوع و العري اشتركا في الخلوّ،فالجوع خلوّ الباطن من الطعام، و العري خلوّ الظاهر من اللباس.و الظمأ و الضحى اشتركا في الاحتراق،فالظمأ:احتراق

ص: 181


1- في كتابه العظيم الحجة للقراء السبعة.انظر البرهان 456/3.
2- انظر البرهان 457/3.
3- نقله في البرهان 457/3.و هو عبد الله بن المعتز الخليفة العباسي،و صاحب كتاب«البديع»،توفي سنة 296 ه.

الباطن من العطش،و الضّحى:احتراق الظاهر من حر الشّمس.

المقابلة (1)

و منه نوع يسمّى:المقابلة،و هي:أن يذكر لفظان فأكثر،ثم أضدادهما على الترتيب.قال ابن أبي الإصبع:و الفرق بين الطباق و المقابلة من وجهين:

أحدهما:أنّ الطّباق لا يكون إلاّ من ضدّين فقط،و المقابلة لا تكون إلاّ بما زاد من الأربعة إلى العشرة.

و الثاني:أنّ الطّباق لا يكون إلاّ بالأضداد،و المقابلة بالأضداد و بغيرها.

قال السكاكيّ:و من خواصّ المقابلة أنّه إذا شرط في الأول أمر شرط في الثاني ضدّه،كقوله تعالى: فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى(5) [الليل:5]،قابل بين الإعطاء و البخل، و الاتقاء و الاستغناء،و التصديق و التكذيب،و اليسرى و العسرى.و لمّا جعل التيسير في الأول مشتركا بين الإعطاء و الاتقاء و التصديق،جعل ضدّه-و هو التعسير-مشتركا بين أضدادها.

و قال بعضهم (1):المقابلة إمّا لواحد بواحد:و ذلك قليل جدا،كقوله: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ [البقرة:255].

أو اثنين باثنين:كقوله: فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَ لْيَبْكُوا كَثِيراً [التوبة:82].

أو ثلاثة بثلاثة:كقوله: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ [الأعراف:157]، وَ اشْكُرُوا لِي وَ لا تَكْفُرُونِ [البقرة:

152].

و أربعة بأربعة:كقوله تعالى: فَأَمّا مَنْ أَعْطى... الآيتين[الليل:5].

و خمسة بخمسة:كقوله: إِنَّ اللّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما [البقرة:26] الآيات،قابل بين: بَعُوضَةً فَما فَوْقَها ،و بين فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا و وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا .و بين: يُضِلُّ و وَ يَهْدِي .و بين: يَنْقُضُونَ و مِيثاقِهِ ، و بين: وَ يَقْطَعُونَ و أَنْ يُوصَلَ .

ص: 182


1- انظر البرهان 464/3-465.

أو ستة بستة:كقوله: زُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ الآية،ثم قال: قُلْ أَ أُنَبِّئُكُمْ الآية[آل عمران:15،14]قابل:الجنات،و الأنهار،و الخلد،و الأزواج،و التطهير، و الرضوان،بإزاء:النساء،و البنين،و الذهب،و الفضة،و الخيل المسوّمة و الأنعام، و الحرث.

و قسّم آخر المقابلة إلى ثلاثة أنواع (1):نظيريّ،و نقيضيّ،و خلافيّ.

مثال الأول:مقابلة السّنة بالنوم في الآية الأولى،فإنّهما جميعا من باب الرّقاد المقابل باليقظة في آية: وَ تَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَ هُمْ رُقُودٌ [الكهف:18]،و هذا مثال الثاني؛ فإنّهما نقيضان.

و مثال الثالث:مقابلة الشرّ بالرشد في قوله: وَ أَنّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً(10) [الجن:10]،فإنّهما خلافان لا نقيضان،فإن نقيض الشرّ الخير، و الرشد الغيّ.

المواربة

المواربة-براء مهملة و باء موحّدة-:أن يقول المتكلّم قولا يتضمّن ما ينكر عليه، فإذا حصل الإنكار استحضر بحذقه وجها من الوجوه يتخلّ به،إمّا بتحريف كلمة أو تصحيفها أو زيادة أو نقص.

قال ابن أبي الإصبع:و منه قوله تعالى حكاية عن أكبر أولاد يعقوب: اِرْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ [يوسف:81]،فإنّه قرئ:(إن ابنك سرّق و لم يسرق)،فأتى بالكلام على الصحة:بإبدال ضمّة من فتحة،و تشديد الراء و كسرتها (2).

المراجعة

المراجعة:قال ابن أبي الإصبع:هي أن يحكي المتكلّم مراجعة في القول جرت بينه و بين مجاور له،بأوجز عبارة و أعدل سبك،و أعذب ألفاظ.و منه قوله تعالى: قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ [البقرة:124]جمعت هذه

ص: 183


1- انظر البرهان 458/3.
2- قال في البحر المحيط 333/5:«و قرأ أحمد بن جبير الأنطاكي،و ابن أبي شريح،عن الكسائي و الوليد بن حسان،عن يعقوب و غيرهم:(فقد سرّق)بالتشديد مبنيا للمفعول،بمعنى:نسب إلى السرقة،بمعنى:جعل سارقا،و لم يكن كذلك حقيقة»ا ه.

القطعة-و هي بعض آية-ثلاث مراجعات فيها معاني الكلام:من الخبر و الاستخبار، و الأمر و النهي،و الوعد و الوعيد،بالمنطوق و المفهوم.

قلت:أحسن من هذا أن يقال:جمعت الخبر و الطلب،و الإثبات و النفي،و التأكيد و الحذف،و البشارة و النذارة،و الوعد و الوعيد.

النزاهة

النزاهة:هي خلوص ألفاظ الهجاء من الفحش،حتى يكون كما قال أبو عمرو بن العلاء،و قد سئل عن أحسن الهجاء:هو الذي إذا أنشدته العذراء في خدرها لا يقبح عليها.

و منه قوله تعالى: وَ إِذا دُعُوا إِلَى اللّهِ وَ رَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ(48) ، ثم قال: أَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَ رَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ (50) [النور:50،48]،فإنّ ألفاظ ذمّ هؤلاء المخبر عنهم بهذا الخبر أتت منزّهة عمّا يقبح في الهجاء من الفحش،و سائر هجاء القرآن كذلك.

الإبداع

الإبداع:-بالباء الموحدة-:أن يشتمل الكلام على عدّة ضروب من البديع.

قال ابن أبي الإصبع:و لم أر في الكلام مثل قوله تعالى: يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَ يا سَماءُ أَقْلِعِي [هود:44]فإنّ فيها عشرين ضربا من البديع،و هي سبع عشرة لفظة؛و ذلك:

المناسبة التامة في: اِبْلَعِي و أَقْلِعِي .

و الاستعارة فيهما.

و الطباق بين الأرض و السماء.

و المجاز في قوله تعالى: وَ يا سَماءُ فإنّ الحقيقة:يا مطر السماء.

و الإشارة في: وَ غِيضَ الْماءُ ،فإنّه عبّر به عن معان كثيرة؛لأنّ الماء لا يغيض حتى يقلع مطر السماء و تبلع الأرض ما يخرج منهما من عيون الماء،فينقص الحاصل على وجه الأرض من الماء.

و الإرداف في وَ اسْتَوَتْ .

و التمثيل في: وَ قُضِيَ الْأَمْرُ .

ص: 184

و التعليل،فإنّ(غيض الماء)علّة الاستواء.

و صحة التقسيم،فإنّه استوعب فيه أقسام الماء حالة نقصه،إذ ليس إلاّ احتباس ماء السماء،و الماء النابع من الأرض،و غيض الماء الذي على ظهرها.

و الاحتراس في الدعاء،لئلا يتوهّم أنّ الغرق لعمومه شمل من لا يستحق الهلاك، فإنّ عدله تعالى يمنع أن يدعو على غير مستحقّ.

و حسن النسق و ائتلاف اللفظ مع المعنى.

و الإيجاز؛فإنه تعالى قصّ القصة مستوعبة بأخصر عبارة.

و التسهيم؛لأنّ أول الآية يدل على آخرها.

و التهذيب؛لأنّ مفرداتها موصوفة بصفات الحسن،كلّ لفظة سهلة مخارج الحروف، عليها رونق الفصاحة مع الخلوّ من البشاعة و عقادة التركيب.

و حسن البيان؛من جهة أنّ السامع لا يتوقف في فهم معنى الكلام،و لا يشكل عليه شيء منه.

و التمكين؛لأنّ الفاصلة مستقرصة في محلّها،مطمئنة في مكانها،غير قلقة و لا مستدعاة.

و الانسجام.

هذا ما ذكره ابن أبي الإصبع.

قلت:فيها-أيضا-الاعتراض.

ص: 185

النوع التاسع و الخمسون

اشارة

في فواصل الآي (1)

الفاصلة:كلمة آخر الآية،كقافية الشّعر و قرينة السجع.

و قال الدّاني:كلمة آخر الجملة.

قال الجعبري:و هو خلاف المطلح،و لا دليل له في تمثيل سيبويه ب يَوْمَ يَأْتِ [هود:105]،و ما كُنّا نَبْغِ [الكهف:64]،و ليسا رأس آي؛لأنّ مراده الفواصل اللغوية لا الصناعية.

و قال القاضي أبو بكر (2):الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع يقع بها إفهام المعاني.

و فرّق الدّاني بين الفواصل و رءوس الآي،فقال:الفاصلة هي الكلام المنفصل عمّا بعده،و الكلام المنفصل قد يكون رأس آية،و غير رأس،و كذلك الفواصل يكنّ رءوس آي و غيرها؛و كلّ رأس آية فاصلة،و ليس كل فاصلة رأس آية.

قال:و لأجل كون معنى الفاصلة هذا ذكر سيبويه في تمثيل القوافي يَوْمَ يَأْتِ و ما كُنّا نَبْغِ و ليسا رأس آيتين بإجماع،مع إِذا يَسْرِ [الفجر:4]،و هو رأس آية باتفاق.

و قال الجعبريّ:لمعرفة الفواصل طريقان:توقيفيّ،و قياسي:

أما التوقيفيّ:فما ثبت أنّه صلّى اللّه عليه و سلّم وقف عليه دائما تحقّقنا أنه فاصلة،و ما وصله دائما تحقّقنا أنه ليس بفاصلة،و ما وقف عليه مرّة و وصله أخرى:احتمل الوقف أن يكون لتعريف الفاصلة،أو لتعريف الوقف التام،أو للاستراحة.و الوصل أن يكون غير فاصلة، أو فاصلة وصلها لتقدّم تعريفها.

و أما القياسيّ:فهو ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص لمناسب،و لا محذور في ذلك،لأنه لا زيادة فيه و لا نقصان،و إنما غايته أنه محلّ فصل أو وصل،

ص: 186


1- انظر البرهان 53/1،و الفاصلة في القرآن لمحمد الحسناوي،طبع المكتب الإسلامي-بيروت،و«من بلاغة القرآن»ص 75 لأحمد بدوي،طبع دار نهضة مصر.
2- إعجاز القرآن للباقلاني ص 270.

و الوقف على كلّ كلمة جائز،و وصل القرآن كلّه جائز،فاحتاج القياس إلى طريق تعرّفه، فنقول:فاصلة الآية كقرينة السجعة في النثر و قافية البيت في الشعر،و ما يذكر من عيوب القافية-من اختلاف الحركة و الإشباع و التوجيه-فليس بعيب في الفاصلة،و جاز الانتقال في الفاصلة و القرينة و قافية الأرجوزة من نوع إلى آخر،بخلاف قافية القصيدة،و من ثمّ ترى: يَرْجِعُونَ مع عَلِيمٌ [آل عمران:73،72]،و اَلْمِيعادَ مع اَلثَّوابِ [آل عمران:195،194]، وَ الطّارِقِ مع اَلثّاقِبُ [الطارق:3،1].

و الأصل في الفاصلة و القرينة المتجرّدة في الآية و السجعة المساواة،و من ثمّ أجمع العادّون على ترك عدّ: وَ يَأْتِ بِآخَرِينَ [النساء:133]، وَ لاَ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ في النساء:[172]، كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ بسبحان[الإسراء:59]،و لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ بمريم[97]،و لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ بطه[113].و مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ [الطلاق:

11]، أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ بالطلاق[12].حث لم يشاكل طرفيه.

و على ترك عدّ: أَ فَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ بآل عمران[83].و أَ فَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ بالمائدة[50].و عدّوا نظائرها للمناسبة،نحو: لِأُولِي الْأَلْبابِ بآل عمران [190]،و عَلَى اللّهِ كَذِباً بالكهف[15]. وَ السَّلْوى بطه[80] (1).

و قال غيره:تقع الفاصلة عند الاستراحة بالخطاب؛لتحسين الكلام بها،و هي الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام،و تسمى فواصل؛لأنه ينفصل عنده الكلامان، و ذلك أنّ آخر الآية فصل بينها و بين ما بعدها،و أخذا من قوله تعالى: كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ [فصلت:3].

و لا يجوز تسميتها قوافي إجماعا؛لأنّ الله تعالى لمّا سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية عنه أيضا لأنها منه،و خاصة في الاصطلاح،و كما يمتنع استعمال القافية فيه يمتنع استعمال الفاصلة في الشعر؛لأنها صفة لكتاب اللّه تعالى فلا تتعدّاه.

و هل يجوز استعمال السجع في القرآن؟ (2)خرف،الجمهور على المنع؛لأنّ أصله من سجمع الطير فشرف القرآن أن يستعار لشيء منه لفظ أصله مهمل؛و لأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث في وصفه بذلك،و لأنّ القرآن من صفاته تعالى،فلا يجوز3.

ص: 187


1- البرهان 99/1-100.
2- انظر الفاصلة ص 91،و أسس النقد عند العرب لأحمد بدوي ص 601 و 909،و الإيجاز للرازي ص 142-143.

وصفه بصفة لم يرد الإذن بها.

قال الرمانيّ في إعجاز القرآن:ذهب الأشعرية إلى امتناع أن يقال:في القرآن سجمع،و فرّقوا بأنّ السجع هو الذي يقصد فيه نفسه ثم يحال المعنى عليه،و الفواصل التي تتبع المعاني،و لا تكون مقصودة في نفسها.

قال:و لذلك كانت الفواصل بلاغة،و السجع عيبا.

و تبعه على ذلك القاضي أبو بكر الباقلانيّ،و نقله عن نصّ أبي الحسن الأشعريّ و أصحابنا كلهم.

قال:و ذهب كثير من غير الأشاعرة إلى إثبات السجع في القرآن،و زعموا أنّ ذلك ممّا يبين به فضل الكلام،و أنّه من الأجناس التي يقع بها التفاضل في البيان و الفصاحة، كالجناس و الالتفات و نحوهما.

قال:و أقوى ما استدلّوا به الاتفاق على أنّ موسى أفضل من هارون،و لمكان السجع قيل في موضع: هارُونَ وَ مُوسى [طه:70]،و لما كانت الفواصل في موضع آخر بالواو و النون قيل: مُوسى وَ هارُونَ [الشعراء:48].

قالوا:و هذا يفارق أمر الشعر،لأنه لا يجوز أن يقع في الخطاب إلاّ مقصودا إليه، و إذا وقع غير مقصود إليه كان دون القدر الذي تسميه شعرا؛و ذلك القدر مما يتّفق وجوده من المفحم،كما يتفق وجوده من الشاعر.و أما ما جاء في القرآن من السجع فهو كثير لا يصحّ أن يتفق غير مقصود إليه.

و بنوا الأمر في ذلك على تحديد معنى السجع.

فقال أهل اللغة:هو موالاة الكلام على حدّ واحد.

و قال ابن دريد:سجعت الحمامة معناه ردّدت صوتها،قال القاضي:و هذا غير صحيح،و لو كان القرآن سجعا لكان غير خارج عن أساليب كلامهم،و لو كان داخلا فيها لم يقع بذلك إعجاز،و لو جاز أن يقال:هو سجع معجز،لجاز أن يقولوا:شعر معجز، و كيف و السجع ممّا كان تألفه الكهّان من العرب،و نفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفي الشعر؛لأن الكهانة تنافي النبوّات بخلاف الشعر،و قد قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«أسجع كسجع الكهان!» (1)فجعله مذموما.)،

ص: 188


1- رواه مسلم(1682)،و أبو داود(4568)،و الترمذي(1411)،و النسائي 51/8،و الدارمي(2382)،

قال:و ما توهّموا أنّه سجع باطل؛لأنّ مجيئه على صورته لا يقتضي كونه هو؛لأنّ السجع يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدّي السجع،و ليس كذلك ما اتفق ممّا هو في معنى السجع من القرآن؛لأنّ اللفظ وقع فيه تابعا للمعنى؛و فرق بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدّي المعنى المقصود منه،و بين أن يكون المعنى منتظما دون اللفظ.و متى ارتبط المعنى بالسجع كان إفادة السجع كإفادة غيره،و متى انتظم المعنى بنفسه دون السجع،كان مستجلبا لتحسين الكلام دون تصحيح المعنى.

قال:و للسّجع منهج محفوظ و طريق مضبوط،من أخلّ به وقع الخلل في كلامه و نسب إلى الخروج عن الفصاحة،كما أنّ الشاعر إذا خرج عن الوزن المعهود كان مخطئا، و أنت ترى فواصل القرآن متفاوتة،بعضها متداني المقاطع،و بعضها يمتدّ حتى يتضاعف طوله عليه،و ترد الفاصلة في ذلك الوزن الأول بعد كلام كثير؛و هذا في السجع غير مرضيّ و لا محمود.

قال:و أمّا ما ذكروه من تقديم موسى على هارون في موضع،و تأخيره عنه في موضع لمكان السجع و تساوى مقاطع الكلام،فليس بصحيح؛بل الفائدة فيه إعادة القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدّي معنى واحدا،و ذلك من الأمر الصعب الذي تظهر فيه الفصاحة و تتبيّن فيه البلاغة،و لهذا أعيدت كثير من القصص على ترتيبات متفاوتة،تنبيها بذلك على عجزهم عن الإتيان بمثله مبتدأ به و متكررا؛و لو أمكنهم المعارضة لقصدوا تلك القصّة،و عبّروا عنها بألفاظ لهم تؤدّي إلى تلك المعاني و نحوها،فعلى هذا القصد -بتقديم بعض الكلمات على بعض و تأخيرها-إظهار الإعجاز دون السجع؛إلى أن قال:

فبان بذلك أنّ الحروف الواقعة في الفواصل متناسبة موقع النظائر التي تقع في الأسجاع لا تخرجها عن حدّها،و لا تدخلها في باب السجع.و قد بيّنا أنهم يذمّون كلّ سجع خرج عن اعتدال الأجزاء؛فكان بعض مصاريعه كلمتين،و بعضها أربع كلمات،و لا يرون ذلك فصاحة،بل يرونه عجزا،فلو فهموا اشتمال القرآن على السجع،لقالوا:نحن نعارضه بسجع معتدل يزيد في الفصاحة على طريقة القرآن.انتهى كلام القاضي في كتاب الإعجاز (1).7.

ص: 189


1- و الدار قطني 189/3،و ابن حبان(6016)،و ابن الجارود(778)،و الطحاوي 205/3-206.من طرق عن المغيرة.و له طرق أخرى انظر تفصيلها في تخريجنا لسنن ابن ماجة.

و نقل صاحب«عروس الأفراح»عنه:أنه ذهب في«الانتظار»إلى جواز تسمية الفواصل سجعا.

و قال الخفاجيّ في«سر الفصاحة»:قول الرّمانيّ إنّ السجع عيب و الفواصل بلاغة غلط؛فإنّه إن أراد بالسجع ما يتبع المعنى-و هو غير مقصود متكلّف-فذلك بلاغة و الفواصل مثله،و إن أراد به ما تقع المعاني تابعة له-و هو مقصود متكلّف-فذلك عيب، و الفواصل مثله.قال:و أظنّ الذي دعاهم إلى تسمية كلّ ما في القرآن فواصل،و لم يسمّوا ما تماثلت حروفه سجعا،رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاّحق بغيره من الكلام المرويّ عن الكهنة و غيرهم.و هذا غرض في التسمية قريب،و الحقيقة ما قلناه.

قال:و التحرير أنّ الأسجاع حروف متماثلة في مقاطع الفواصل.

قال:فإن قيل:إذا كان عندكم أنّ السجع محمود،فهلا ورد القرآن كلّه مسجوعا، و ما الوجه في ورود بعضه مسجوعا و بعضه غير مسجوع؟ قلنا:إنّ القرآن نزل بلغة العرب و على عرفهم و عادتهم؛و كان الفصيح منهم لا يكون كلامه كله مسجوعا،لما فيه من أمارات التكلّف و الاستكراه،لا سيما مع طول الكلام، فلم يرده كلّه مسجوعا جريا منهم على عرفهم في اللطافة الغالبة أو الطبقة العالية من كلامهم،و لم يخل من السجع؛لأنه يحسن في بعض الكلام على الصفة السابقة.

و قال ابن النفيس:يكفي في حسن السجع ورود القرآن به،قال:و لا يقدح في ذلك خلوّه في بعض الآيات؛لأنّ الحسن قد يقتضي المقام الانتقال إلى أحسن منه.

قال حازم:من الناس من يكره تقطيع الكلام إلى مقادير متناسبة الأطراف،غير متقاربة في الطول و القصر،لما فيه من التكلّف،إلاّ ما يقع الإلمام به في النادر من الكلام.

و منهم من يرى:أنّ التناسب الواقع بإفراغ الكلام في قالب التقفية و تحليتها بمناسبات المقاطع أكيد جدّا.

و منهم-و هو الوسط-من يرى أن السجع و إن كان زينة للكلام،فقد يدعو إلى التكلّف،فرأى ألاّ يستعمل في جملة الكلام،و ألاّ يخلى الكلام منه جملة،و أنه يقبل منه ما اجتلبه الخاطر عفوا بلا تكلّف.

قال:و كيف يعاب السجع على الإطلاق،و إنّما نزل القرآن على أساليب الفصيح من كلام العرب،فوردت الفواصل فيه بإزاء ورود الأسجاع في كلامهم،و إنّما لم يجيء على

ص: 190

أسلوب واحد؛لأنه لا يحسن في الكلام جميعا أن يكون مستمرّا على نمط واحد،لما فيه من التكلّف،و لما في الطبع من الملل،و لأنّ الافتنان في ضروب الفصاحة أعلى من الاستمرار على ضرب واحد،فلهذا وردت بعض آي القرآن متماثلة المقاطع،و بعضها غير متماثل.

فصل (1)الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاة للمناسبة

ألّف الشيخ شمس الدين بن الصائغ كتابا سمّاه«إحكام الرأي في أحكام الآي»قال فيه:

اعلم أنّ المناسبة أمر مطلوب في اللغة العربية،يرتكب لها أمور من مخالفة الأصول.قال:و قد تتبّعت الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاة للمناسبة فعثرت منها على نيّف عن الأربعين حكما.

أحدها:تقديم المعمول:إمّا على العامل:نحو: أَ هؤُلاءِ إِيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ [سبأ:40]،قيل:و منه: وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]،أو على معمول آخر أصله التقديم،نحو: لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى(23) [طه:23]إذا أعربنا اَلْكُبْرى مفعول (نري).أو على الفاعل،نحو: وَ لَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ(41) [القمر:41]،و منه تقديم خبر كان على اسمها،نحو: وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ(4) [الإخلاص:4].

الثاني:تقديم ما هو متأخر في الزمان:نحو: فَلِلّهِ الْآخِرَةُ وَ الْأُولى(25) [النجم:25]، و لو لا مراعاة الفواصل لقدّمت وَ الْأُولى كقوله: لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَ الْآخِرَةِ [القصص:

70].

الثالث:تقديم الفاضل على الأفضل:نحو: بِرَبِّ هارُونَ وَ مُوسى [طه:7]و تقدّم ما فيه.

الرابع:تقديم الضمير على ما يفسّره:نحو: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى(67) [طه:

67].

الخامس:تقديم الصفة المجملة على الصفة المفردة:نحو: وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً [الإسراء:13].

ص: 191

السادس:حذف ياء المنقوص المعرّف:نحو: اَلْكَبِيرُ الْمُتَعالِ [الرعد:9]، يَوْمَ التَّنادِ [غافر:32].

السابع:حذف ياء الفعل غير المجزوم:نحو: وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ(4) [الفجر:4].

الثامن:حذف ياء الإضافة:نحو: فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ(16) [القمر:16]، فَكَيْفَ كانَ عِقابِ [الرعد:32].

التاسع:زيادة حرف المدّ:نحو: اَلظُّنُونَا [الأحزاب:10]،و اَلرَّسُولاَ [الأحزاب:66]،و اَلسَّبِيلاَ [الأحزاب:67]،و منه إبقاؤه مع الجازم،نحو: لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشى [طه:77]، سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى(6) [الأعلى:6]،على القول بأنه نهي.

العاشر:صرف ما لا ينصرف:نحو: قَوارِيرَا(15) قَوارِيرَا (1)[الإنسان:16،15].

الحادي عشر:إيثار تذكير اسم الجنس:كقوله: أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ [القمر:20].

الثاني عشر:إيثار تأنيثه:نحو: أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ [الحاقة:7]و نظير هين قوله في القمر[5]: وَ كُلُّ صَغِيرٍ وَ كَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ(53) و في الكهف[49]؛ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها .

الثالث عشر:الاقتصار على أحد الوجهين الجائزين اللذين قرئ بهما في السبع غير ذلك:كقوله تعالى: فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً [الجن:14]،و لم يجيء:(رشدا)في السبع.

و كذا: وَ هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً [الكهف:10]؛لأنّ الفواصل في السّورتين محرّكة الوسط.و قد جاء في: وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ [الأعراف:146]و بهذا يبطل ترجيح الفارسيّ قراءة التحريك بالإجماع عليه فيما تقدم (2).و نظير ذلك قراءة:3.

ص: 192


1- قرأ نافع و أبو بكر و الكسائي بالتنوين فيهما(قواريرا،قواريرا).و قرأ ابن كثير بالتنوين في الأول،و بغير تنوين في الثاني.و قرأ الباقون بغير تنوين فيهما.انظر الكشف عن وجوه القراءات السبع 354/2.
2- قال مكي في الكشف 476/1-477:«قوله: اَلرُّشْدِ [الأعراف:146]:قرأ حمزة و الكسائي:بفتح الراء و الشين.و قرأ الباقون:بضم الراء و إسكان الشين. و قرأ أبو عمرو في الكهف: رَشَداً [الكهف:10]بفتح الراء و الشين.و قرأ الباقون بضم الراء و إسكان الشين.و هما لغتان في الصلاح و الدين.و قد قيل:إنّ من فتح الراء و الشين أراد به الدين؛لأنّ قبله ذكر الغي،و الدين ضد الغي. و قد أجمعوا على الفتح في قوله: تَحَرَّوْا رَشَداً [الجن:14]أي:دينا،و مثله: وَ هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً [الكهف:0]أي:دينا.و من ضم الراء أراد الصلاح،كذا حكى أبو عمرو في الفتح و الضم، و المعنيان متقاربان،لأنّ الدين الصلاح،و الصلاح هو الدين»ا ه.و انظر النشر 262/2،و زاد المسير 261/3.

تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ (1) [المسد:1]بفتح الهاء و سكونها (1)،و لم يقرأ سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3) [المسد:3]إلاّ بالفتح،لمراعاة الفاصلة (2).

الرابع عشر:إيراد الجملة التي ردّ بها ما قبلها على غير وجه المطابقة في الاسمية و الفعلية:كقوله تعالى: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ(8) [البقرة:8]لم يطابق بين قولهم: آمَنّا و بين ما ردّ به فيقول و(لم يؤمنوا)،أو:(ما آمنوا)لذلك.

الخامس عشر:إيراد أحد القسمين غير مطابق للآخر كذلك:نحو: فَلَيَعْلَمَنَّ اللّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ [العنكبوت:3]و لم يقل:(الذين كذبوا).

السادس عشر:إيراد أحد جزأي الجملتين على غير الوجه الذي أورد نظيرها من الجملة الأخرى:نحو: أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [البقرة:177].

السابع عشر:إيثار أغرب اللفظتين:نحو: قِسْمَةٌ ضِيزى [النجم:22]و لم يقل:

(جائرة). لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ و لم يقل:جهنم أو النار.و قال في المدثر[26] سَأُصْلِيهِ سَقَرَ(26) ،و في سأل[15] إِنَّها لَظى ،و في القارعة[9]: فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ(9) لمراعاة فواصل كلّ سورة.

الثامن عشر:اختصاص كلّ من المشتركين بموضع:نحو: وَ لِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [إبراهيم:52].و في سورة طه[128]. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى .

التاسع عشر:حذف المفعول:نحو: فَأَمّا مَنْ أَعْطى وَ اتَّقى(5) [الليل:5]. ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَ ما قَلى(3) [الضحى:3]و منه حذف متعلق أفعل التفضيل،نحو: يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفى [طه:7]. خَيْرٌ وَ أَبْقى [الأعلى:17].

العشرون:الاستغناء بالإفراد عن التثنية:نحو: فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى [طه:

117].

الحادي و العشرون:الاستغناء به عن الجمع:نحو: وَ اجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً [الفرقان:74]و لم يقل:(أئمة)،كما قال: وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ [الأنبياء:73].8.

ص: 193


1- قرأ ابن كثير بإسكان الهاء،و قرأ الباقون بالفتح،و هما لغتان.انظر الكشف 390/2،و التبصرة ص 733-734،و البدور الزاهرة ص 348.
2- كلهم فتحوا الهاء من ذات لهب،انظر التبصرة ص 734،و البدور ص 348.

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنّاتٍ وَ نَهَرٍ(54) [القمر:54]أي:أنهار.

الثاني و العشرون:الاستغناء بالتثنية عن الإفراد:نحو: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (46) [الرحمن:46]قال الفرّاء:أراد:جنة،كقوله: فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى(41) [النازعات:

41]فثنّى لأجل الفاصلة.قال:و القوافي تحتمل من الزيادة و النقصان ما لا يحتمله سائر الكلام.

و نظير ذلك قول الفرّاء-أيضا-في قوله تعالى: إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها(12) [الشمس:

12]،فإنهما رجلان:قدار و آخر معه،و لم يقل:(أشقياها)للفاصلة.و قد أنكر ذلك ابن قتيبة و أغلظ فيه،و قال:إنما يجوز في رءوس الآي زيادة هاء السكت أو الألف أو حذف همز،أو حرف،فأما أن يكون اللّه وعد بجنتين فيجعلهما جنة واحدة لأجل رءوس الآي، معاذ اللّه!و كيف هذا و هو يصفها بصفات الاثنين،قال: ذَواتا أَفْنانٍ(48) ثم قال: فِيهِما [الرحمن:50،48].

و أما ابن الصائغ:فإنه نقل عن الفرّاء أنه أراد(جنّات)فأطلق الاثنين على الجمع لأجل الفاصلة.ثم قال:و هذا غير بعيد.قال:و إنما عاد الضمير بعد ذلك بصيغة التثنية مراعاة للفظ.

و هذا هو الثالث و العشرون.

الرابع و العشرون:الاستغناء بالجمع عن الإفراد:نحو: لا بَيْعٌ فِيهِ وَ لا خِلالٌ [يوسف:4] كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [الأنبياء:33].

السادس و العشرون:إمالة ما لا يمال:كآي طه و النّجم.

السابع و العشرون:الإتيان بصيغة المبالغة:كقدير و عليم،مع ترك ذلك في نحو هُوَ الْقادِرُ [الأنعام:65]،و عالِمُ الْغَيْبِ [الأنعام:73]،و منه وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم:64].

الثامن و العشرون:إيثار بعض أوصاف المبالغة على بعض:نحو: إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عُجابٌ [ص:5]أوثر على(عجيب)لذلك.

التاسع و العشرون:الفصل بين المعطوف و المعطوف عليه:نحو: وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً وَ أَجَلٌ مُسَمًّى(129) [طه:129].

الثلاثون:إيقاع الظاهر موضع المضمر:نحو: وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ(170) [الأعراف:170].و كذا آية الكهف.

ص: 194

الثلاثون:إيقاع الظاهر موضع المضمر:نحو: وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ إِنّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ(170) [الأعراف:170].و كذا آية الكهف.

الحادي و الثلاثون:وقوع(مفعول)موقع(فاعل):كقوله: حِجاباً مَسْتُوراً [الإسراء:

45]، كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا [مريم:61]أي:ساترا و آتيا.

الثاني و الثلاثون:وقوع(فاعل)موقع(مفعول):نحو: فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ [الحاقة:

21]، مِنْ ماءٍ دافِقٍ [الطارق:6].

الثالث و الثلاثون:الفصل بين الموصوف و الصفة:نحو: أَخْرَجَ الْمَرْعى(4) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى(5) [الأعلى:5،4]إن أعرب أَحْوى صفة اَلْمَرْعى أي:حالا.

الرابع و الثلاثون:إيقاع حرف مكان غيره:نحو: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها(5) [الزلزلة:

5]و الأصل(إليها).

الخامس و الثلاثون:تأخير الوصف غير الأبلغ عن الأبلغ:و منه: اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ . رَؤُفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]لأنّ الرأفة أبلغ من الرحمة.

السادس و الثلاثون:حذف الفاعل و نيابة المفعول:نحو: وَ ما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى(19) [الليل:19].

السابع و الثلاثون:إثبات هاء السكت:نحو: مالِيَهْ [الحاقة:28]. سُلْطانِيَهْ [الحاقة:29]، ما هِيَهْ [القارعة:101].

الثامن و الثلاثون:الجمع بين المجرورات:نحو: ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً [الإسراء:69]فإنّ الأحسن الفصل بينها،إلاّ أنّ مراعاة الفاصلة اقتضت عدمه و تأخير تَبِيعاً .

التاسع و الثلاثون:العدول عن صيغة المضيّ إلى صيغة الاستقبال:نحو: فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ [البقرة:87].و الأصل(قتلتم).

الأربعون:تغيير بنية الكلمة،نحو: وَ طُورِ سِينِينَ(2) [التين:2].و الأصل(سينا).

تنبيه:قال ابن الصائغ:لا يمتنع في توجيه الخروج عن الأصل في الآيات المذكورة أمور أخرى مع وجه المناسبة،فإنّ القرآن العظيم-كما جاء في الأثر-:«لا تنقضي عجائبه» (1).في

ص: 195


1- جزء من حديث طويل رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(8646)139/9،و أبو عبيد في

فصل أقسام الفواصل أربعة

اشارة

قال ابن أبي الإصبع:لا تخرج فواصل القرآن عن أحد أربعة أشياء:التمكين، و التصدير،و التوشيح،و الإيغال (1).

التمكين

اشارة

فالتّمكين-و يسمّى ائتلاف القافية-:أن يمهّد الناثر للقرينة،أو الشاعر للقافية؛ تمهيدا تأتي به القافية أو القرينة متمكّنة في مكانها،مستقرّة في قرارها،مطمئنّة في موضعها،غير نافرة و لا قلقة،متعلّقا معناها بمعنى الكلام كله تعلقا تامّا،بحث لو طرحت لاختلّ المعنى و اضطرب الفهم،و بحيث لو سكت عنها كمله السامع بطبعه.

و من أمثلة ذلك: يا شُعَيْبُ أَ صَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ... [هود:87]الآية.فإنّه لمّا تقدّم في الآية ذكر العبادة،و تلاه ذكر التصرّف في الأموال،اقتضى ذلك ذكر الحلم و الرّشد على الترتيب،لأنّ الحلم يناسب العبادات،و الرّشد يناسب الأموال.

و قوله: أَ وَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَ فَلا يَسْمَعُونَ(26) [السجدة:26]. أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنّا نَسُوقُ الْماءَ إلى قوله: أَ فَلا يُبْصِرُونَ [السجدة:27]فأتى في الآية الأولى ب يَهْدِ لَهُمْ و ختمها ب يَسْمَعُونَ ؛لأنّ الموعظة فيها مسموعة،و هي أخبار القرون.و في الثانية ب يَرَوْا و ختمها ب يُبْصِرُونَ لأنها مرئية.

و قوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(103) [الأنعام:

103]فإنّ اللطيف بناسب ما لا يدرك بالبصر،و الخبير بناسب ما يدركه.

و قوله: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ(12) إلى قوله: فَتَبارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ [المؤمنون:12-14]فإنّ في هذه الفاصلة التمكين التام المناسب لما قبلها.و قد

ص: 196


1- فضائل القرآن ص 21،و ابن نصر في قيام الليل ص 155(المختصر)،و الآجري في أخلاق حملة القرآن ص 24-25،و ابن حبان في المجروحين 100/1،و الحاكم في المستدرك 555/1،و البيهقي في الشعب 324/24-325،و ابن الجوزي في العلل 109/1.قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-إبراهيم بن مسلم الهجري:ضعيف. 2-الصحيح أنه موقوف على ابن مسعود.فقد رواه جماعة من الثقات كابن عيينة و ابن طهمان، و زائدة...عن الهجري،عن ابن مسعود موقوفا.انظر تفصيل هذا في الذيل على كتاب«الرد على من يقول: الم حرف».ص 89-92.

بادر بعض الصحابة حين نزل أول الآية إلى ختمها بها،قبل أن يسمع آخرها؛فأخرج ابن أبي حاتم من طريق الشعبيّ،عن زيد بن ثابت،قال:أملى عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم هذه الآية:

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ(12) إلى قوله: خَلْقاً آخَرَ .قال معاذ بن جبل: فَتَبارَكَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ .فضحك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،فقال له معاذ:ممّ ضحكت يا رسول اللّه؟قال:«بها ختمت» (1).

و حكي أنّ أعرابىّ سمع قارئا يقرأ: فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ [البقرة:209](فاعلموا أنّ اللّه غفور رحيم).و لم يكن يقرأ القرآن.فقال:إن كان هذا كلام اللّه فلا يقول كذا،الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل؛لأنه إغراء عليه.ة.

ص: 197


1- سبق في النوع العاشر:فيما أنزل من القرآن على لسان بعض الصحابة.
تنبيهات

الأول:قد تجتمع فواصل في موضع واحد و يخالف بينها:كأوائل النحل،فإنه بدأ بذكر الأفلاك،فقال: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ [النحل:3]ثم ذكر خلق الإنسان من نطفة،ثم خلق الأنعام،ثم عجائب النبات،فقال: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَ مِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ(10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَ الزَّيْتُونَ وَ النَّخِيلَ وَ الْأَعْنابَ وَ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(11) [النحل:11،10]فجعل مقطع هذه الآية التفكّر؛لأنّه استدلال بحدوث الأنواع المختلفة من النبات على وجود الإله القادر المختار،و لمّا كان هنا مظنّة سؤال،و هو أنه:لم لا يجوز أن يكون المؤثر فيه طبائع الفصول و حركات الشمس و القمر؟و كان الدليل لا يتمّ إلاّ بالجواب عن هذا السؤال،كان مجال التفكر و النظر و التأمّل باقيا،فأجاب تعالى عنه من وجهين:

أحدهما:أنّ تغيّرات العالم السفلي مربوطة بأحوال حركات الأفلاك،فتلك الحركات كيف حصلت؟فإن كان حصولها بسبب أفلاك أخرى لزم التسلسل،و إن كان من الخالق الحكيم:فذاك إقرار بوجود الإله تعالى.و هذا هو المراد بقوله: وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(12) [النحل:12]فجعل مقطع هذه الآية العقل،و كأنه قيل:إن كنت عاقلا فاعلم أنّ التسلسل باطل؛فوجب انتهاء الحركات إلى حركة يكون موجدها غير متحرّك،و هو الإله القادر المختار.

و الثاني:أنّ نسبة الكواكب و الطبائع إلى جميع أجزاء الورقة الواحدة و الحبّة الواحدة واحدة.ثم إنّا نرى الورقة الواحدة من الورد أحد وجهيها في غاية الحمرة،و الآخر في غاية السواد؛فلو كان المؤثّر موجبا بالذات لامتنع حصول هذا التفاوت في الآثار؛فعلمنا أنّ المؤثّر قادر مختار.و هذا هو المراد من قوله: وَ ما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ(13) [النحل:13]كأنه قيل:اذكر ما ترسّخ في عقلك:أنّ الواجب بالذات و بالطبع لا يختلف تأثيره،فإذا نظرت حصول هذا الاختلاف علمت أنّ المؤثر ليس هو الطبائع،بل الفاعل المختار،فلهذا جعل مقطع الآية التذكّر.

ص: 198

و من ذلك قوله تعالى: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ الآيات،فإنّ الأولى ختمت بقوله: لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ . و الثانية بقوله: لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .و الثالثة بقوله: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .

لأنّ الوصايا التي في الآية الأولى إنما يحمل على تركها عدم العقل الغالب على الهوى:لأنّ الإشراك باللّه،لعدم استكمال العقل الدالّ على توحيده و عظمته.و كذلك عقوق الوالدين:لا يقتضيه العقل،لسبق إحسانهما إلى الولد بكلّ طريق،و كذلك قتل الأولاد بالوأد من الإملاق،مع وجود الرازق الحيّ الكريم،و كذلك إتيان الفواحش لا يقتضيه عقل،و كذا قتل النفس لغيظ أو غضب في القاتل،فحسن بعد ذلك يَعْقِلُونَ .

و أما الثانية:فلتعلّقها بالحقوق المالية و القولية،فإنّ من علم أنّ له أيتاما يخلّفهم من بعده:لا يليق به أن يعامل أيتام غيره إلا بما يحبّ أن يعامل به أيتامه.و من يكيل أو يزن أو يشهد لغيره:لو كان ذلك الأمر له لم يحبّ أن يكون فيه خيانة و لا بخس.و كذا من وعد:لو وعد،لم يحب أن يخلف.و من أحب ذلك عامل الناس به ليعاملوه بمثله، فترك ذلك إنما يكون لغفلة عن تدبّر ذلك و تأمّله،فلذلك ناسب الختم بقوله: لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ .

و أما الثالثة:فلأنّ ترك اتباع شرائع اللّه الدينية مؤدّ إلى غضبه و إلى عقابه،فحسن:

لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أي:عقاب اللّه بسببه.

و من ذلك قوله في الأنعام-أيضا-: وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ الآيات،فإنه ختم الأولى بقوله: لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ،و الثانية بقوله: لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ ،و الثالث بقوله: لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ .و ذلك لأنّ.

حساب النجوم و الاهتداء بها يختصّ بالعلماء بذلك،فناسب ختمه ب يَعْلَمُونَ .

و إنشاء الخلائق من نفس واحدة،و نقلهم من صلب إلى رحم،ثم إلى الدنيا،ثم إلى حياة و موت،و النظر في ذلك و الفكر فيه أدقّ،فناسب ختمه ب يَفْقَهُونَ لأنّ الفقه فهم الأشياء الدقيقة.

و لمّا ذكر ما أنعم به على عباده من سعة الأرزاق و الأقوات و الثمار و أنواع ذلك، ناسب ختمه بالإيمان الداعي إلى شكره تعالى على نعمه.

و من ذلك قوله تعالى: وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ(41) وَ لا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ (42) [الحاقة:42،41]

ص: 199

حيث ختم الأولى ب تُؤْمِنُونَ ،و الثانية ب تَذَكَّرُونَ و وجهه:

أنّ مخالفة القرآن لنظم الشعر ظاهرة واضحة لا تخفى على أحد،فقول من قال:

شعر،كفر و عناد محض،فناسب ختمه بقوله: قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ .

و أما مخالفته لنظم الكهّان و ألفاظ السجع فتحتاج إلى تذكّر و تدبّر؛لأنّ كلاّ منهما نثر،فليست مخالفته له في وضوحها لكلّ أحد كمخالفته الشعر؛و إنما تظهر بتدبّر ما في القرآن من الفصاحة و البلاغة و البدائع و المعاني الأنيقة،فحسن ختمه بقوله: قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ .

و من بديع هذا النوع:اختلاف الفاصلتين في موضعين،و المحدّث عنه واحد،لنكتة لطيفة.كقوله تعالى في سورة إبراهيم[34]: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفّارٌ .ثم قال في سورة النحل[18]: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(18) .

قال ابن المنيّر:كأنه يقول:إذا حصلت النعم الكثيرة،فأنت آخذها و أنا معطيها، فحصل لك عند أخذها وصفان:كونك ظلوما و كونك كفّارا؛يعني لعدم وفائك بشكرها.

ولي عند إعطائها وصفان،و هما:أني غفور رحيم،أقابل ظلمك بغفراني،و كفرك برحمتي،فلا أقابل تقصيرك إلاّ بالتوقير،و لا أجازي جفاك إلاّ بالوفاء.

و قال غيره:إنما خصّ سورة إبراهيم بوصف المنعم عليه،و سورة النحل بوصف المنعم؛لأنه في سورة إبراهيم في مساق وصف الإنسان،و في سورة النحل في مساق صفات اللّه و إثبات ألوهيته (1).

و نظيره:قوله تعالى في سورة الجاثية،[15]: مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ(15) .و في فصلت[46]ختم بقوله: وَ ما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ .

و نكتة ذلك:أنّ قبل الآية الأولى: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيّامَ اللّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ(14) [الجاثية:14]فناسب الختام بفاصلة البعث،لأنّ قبله وصفهم بإنكاره.و أما الثانية:فالختام فيها مناسب؛لأنه لا يضيع عملا صالحا،و لا يزيد على من عمل سيّئا.1.

ص: 200


1- انظر البرهان 86/1.

و قال في سورة النساء[48]: إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً(48) .ثم أعادها،و ختم بقوله: وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً [النساء:116] و نكتة ذلك:أنّ الأولى نزلت في اليهود،و هم الذين افتروا على اللّه ما ليس في كتابه.و الثانية نزلت في المشركين،و لا كتاب لهم و ضلالهم أشدّ.

و نظيره:قوله في المائدة[44]: وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ،ثم أعادها فقال: فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ [المائدة:45]،ثم قال في الثالثة:

فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ [المائدة:47].

و نكتته:أنّ الأولى نزلت في أحكام المسلمين،و الثانية في اليهود،و الثالثة في النصارى (1).

و قيل:الأولى فيمن جحد ما أنزل اللّه،و الثانية فيمن خالفه مع علمه و لم ينكره، و الثالثة فيمن خالفه جاهلا.

و قيل:الكافر و الظالم و الفاسق كلها بمعنى واحد،و هو الكفر،عبّر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة،و اجتناب صورة التكرار.

و عكس هذا:اتفاق الفاصلتين و المحدّث عنه مختلف،كقوله في سورة النور[58].

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ،إلى قوله: كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ثم قال: وَ إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَ اللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(59) [النور:59].

التنبيه الثاني:من مشكلات الفواصل قوله تعالى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(118) [المائدة:118]فإن قوله: وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ يقتضي أن تكون الفاصلة(الغفور الرحيم)و كذا نقلت عن مصحف أبيّ،و بها قرأ ابن شنبوذ (2).

و ذكر في حكمته:أنه لا يغفر لمن استحق العذاب إلاّ من ليس فوقه أحد يردّ عليه حكمه،فهو العزيز أي:الغالب،و الحكيم هو الذي يضع الشيء في محله.و قد يخفى وجه الحكمة على بعض الضعفاء في بعض الأفعال،فيتوهمّهم أنه خارج عنها،و ليسة.

ص: 201


1- انظر البرهان 87/1.
2- هو محمد بن أحمد بن أيوب بن شنبوذ،و يكنى:أبا الحسن.و هو من القرّاء،لكن قراءته شاذة.

كذلك،فكان في الوصف بالحكيم احتراس حسن،أي:و إن تغفر لهم-مع استحقاقهم العذاب-فلا معترض عليك لأحد في ذلك،و الحكمة فيما فعلته.

و نظير ذلك:قوله في سورة التوبة[71]: أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .و في سورة الممتحنة[5]: وَ اغْفِرْ لَنا رَبَّنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .و في غافر [8]: رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ .إلى قوله: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .و في النور[10]: وَ لَوْ لا فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللّهَ تَوّابٌ حَكِيمٌ(10) .فإنّ بادئ الرأي يقتضي تَوّابٌ رَحِيمٌ لأنّ الرحمة مناسبة للتوبة،لكن عبّر به إشارة إلى فائدة مشروعية اللّعان و حكمته،و هي السّتر عن هذه الفاحشة العظيمة.

و من خفيّ ذلك أيضا:قوله في سورة البقرة[29]: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ(29) .و في آل عمران[29]: قُلْ إِنْ تُخْفُوا ما فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ اللّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ(29) .

فإنّ المتبادر إلى الذهن في آية البقرة الختم بالقدرة،و في آية آل عمران الختم بالعلم.و الجواب:

أنّ آية البقرة:لما تضمّنت الإخبار عن خلق الأرض،و ما فيها على حسب حاجات أهلها و منافعهم و مصالحهم،و خلق السموات خلقا مستويا محكما من غير تفاوت، و الخالق على الوصف المذكور يجب أن يكون عالما بما فعله كليّا و جزئيا،مجملا و مفصلا،ناسب ختمها بصفة العلم.

و آية آل عمران:لما كانت في سياق الوعيد على موالاة الكفار،و كان التعبير بالعلم فيها كناية عن المجازاة بالعقاب و الثواب،ناسب ختمها بصفة القدرة.

و من ذلك قوله: وَ إِنْ مِنْ شَيْ ءٍ إِلاّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً [الإسراء:44]فالختم بالحلم و المغفرة عقب تسابيح الأشياء غير ظاهر في بادئ الرأي،و ذكر في حكمته:أنه لما كانت الأشياء كلّها تسبّح،و لا عصيان في حقّها و أنتم تعصون:ختم به مراعاة للمقدّر في الآية و هو العصيان.كما جاء في الحديث:«لو لا بهائم رتّع،و شيوخ ركّع،و أطفال رضّع،لصبّ عليكم العذاب صبّا،و لرصّ رصّا» (1).بي

ص: 202


1- رواه ابن عدي في الكامل 380/6،و البيهقي في سننه 345/3،و في شعب الإيمان 155/7،و ابن أبي

و قيل:التقدير:حليما عن تفريط المسبّحين،غفورا لذنوبهم.

و قيل:حليما عن المخاطبين الذين لا يفقهون التسبيح،بإهمالهم النظر في الآيات و العبر،ليعرفوا حقه بالتأمل فيما أودع في مخلوقاته،ممّا يوجب تنزيهه.

التنبيه الثالث:في الفواصل ما لا نظير له في القرآن،كقوله عقب الأمر بالغضّ في سورة النور[30]: إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ .و قوله عقب الأمر بالدّعاء و الاستجابة:

لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186].

و قيل:فيه تعريض بليلة القدر،حيث ذكر ذلك عقب ذكر رمضان،أي:لعلّهم يرشدون إلى معرفتها.

التصدير (1)

و أما التّصدير:فهو أن تكون تلك اللفظة بعينها تقدّمت في أول الآية،و تسمّى أيضا:

ردّ العجز على الصدر.

و قال ابن المعتز (1):هو ثلاثة أقسام:

الأول:أن يوافق آخر الفاصلة آخر كلمة في الصدر،نحو: أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَ الْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَ كَفى بِاللّهِ شَهِيداً [النساء:166].

و الثاني:أن يوافق أول كلمة منه،نحو: وَ هَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ [آل عمران:8]. قالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ(168) [الشعراء:168].

ص: 203


1- في كتابه البديع ص 93-94.

الثالث:أن يوافق بعض كلماته،نحو: وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ(10) [الأنعام:10]. اُنْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَ لَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَ أَكْبَرُ تَفْضِيلاً(21) [الإسراء:21]. قالَ لَهُمْ مُوسى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللّهِ كَذِباً [طه:61].إلى قوله: وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَرى [طه:61]. فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفّاراً(10) [نوح:15].

التوشيح

و أمّا التوشيح:فهو أن يكون في أوّل الكلام ما يستلزم القافية.

و الفرق بينه و بين التصدير:أنّ هذا دلالته معنوية،و ذاك لفظية.كقوله تعالى: إِنَّ اللّهَ اصْطَفى آدَمَ [آل عمران:33]الآية،فإنّ اِصْطَفى لا يدلّ على أنّ الفاصلة اَلْعالَمِينَ باللفظ؛لأنّ لفظ اَلْعالَمِينَ غير لفظ اِصْطَفى .و لكن بالمعنى؛لأنه يعلم أنّ من لوازم اصطفاء شيء أن يكون مختارا على جنسه،و جنس هؤلاء المصطفين العالمون.

و كقوله: وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ [يس:37]الآية.قال ابن أبي الإصبع:فإنّ من كان حافظا لهذه السورة،متفطّنا إلى أن مقاطع آيها النون المردفة،و سمع في صدر الآية انسلاخ النهار من الليل،علم أنّ الفاصلة مُظْلِمُونَ لأنّ من انسلخ النهار عن ليله أظلم.أي:

دخل في الظلمة،و لذلك سمّي:توشيحا،لأنّ الكلام لما دلّ أوله على آخره نزّل المعنى منزلة الوشاح،و نزّل أول الكلام و آخره منزلة العاتق و الكشح اللذين يحوّل عليها الوشاح.

و أما

الإيغال:

فتقدم في نوع الإطناب.

فصل (1)أقسام السجع

قسّم البديعيون السجع-و مثله الفواصل-إلى أقسام:مطرّف،و متواز،و مرصّع، و متوازن،و متماثل.

فالمطرّف:أن تختلف الفاصلتان في الوزن و تتفقا في حروف السجع،نحو: ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلّهِ وَقاراً(13) وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً(14) [نوح:14،13].

و المتوازي:أن يتفقا وزنا و تقفية،و لم يكن ما في الأولى مقابلا لما في الثانية في

ص: 204

الوزن و التقفية.نحو: فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ(13) وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ(14) [الغاشية:14،13].

و المتوازن:أن يتفقا في الوزن دون التقفية.نحو: وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ(15) وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) [الغاشية:16،15].

و المرصّع:أن يتفقا وزنا و تقفية،و يكون ما في الأولى مقابلا لما في الثانية كذلك.

نحو: إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ(25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ(26) [الغاشية:26،25]. إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ(13) وَ إِنَّ الْفُجّارَ لَفِي جَحِيمٍ(14) [الانفطار:14،13].

و المتماثل:أن يتساويا في الوزن دون التقفية،و تكون أفراد الأولى مقابلة لما في الثانية،فهو بالنسبة إلى المرصّع كالمتوازن بالنسبة إلى المتوازي.نحو: وَ آتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ(117) وَ هَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ(118) [الصافات:118،117]فالكتاب و الصراط يتوازنان،و كذا المستبين و المستقيم،و اختلفا في الحرف الأخير.

فصل التشريع و الالتزام

اشارة

بقي نوعان بديعيّان متعلقان بالفواصل:

أحدهما:التشريع:و سمّاه ابن أبي الإصبع:التوأم،و أصله:أن يبني الشاعر بيته على وزنين من أوزان العروض،فإذا أسقط منها جزءا أو جزءين صار الباقي بيتا من وزن آخر،ثم زعم قوم اختصاصه به.

و قال آخرون:بل يكون في النثر،بأن يكون مبنيا على سجعتين لو اقتصر على الأولى منهما كان الكلام تامّا مفيدا،و إن ألحقت به السجعة الثانية كان في التّمام،و الإفادة على حاله مع زيادة معنى ما زاد من اللفظ.

قال ابن أبي الإصبع:و قد جاء من هذا الباب معظم سورة الرحمن؛فإن آياتها لو اقتصر فيها على أولى الفاصلتين دون: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ(18) [الرحمن:18]لكان تامّا مفيدا،و قد كمل بالثانية،فأفاد معنى زائدا من التقرير و التوبيخ.

قلت:التمثيل غير مطابق،و الأولى أن يمثّل بالآيات التي في إثباتها ما يصلح أن تكون فاصلة،كقوله: لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللّهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عِلْماً [الطلاق:12]و أشباه ذلك.

الثاني:الالتزام،و يسمى لزوم ما لا يلزم،و هو:أن يلتزم في الشعر أو النثر حرف أو حرفان فصاعدا قبل الرويّ بشرط عدم الكلفة.

ص: 205

مثال التزام حرف: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ(9) وَ أَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ(10) [الضحى:9، 10]التزم الهاء قبل الراء.و مثله: أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ(1)... [الشرح:1]الآيات، التزم فيها الراء قبل الكاف. فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ(15) اَلْجَوارِ الْكُنَّسِ(16) [التكوير:16،15] التزم فيها النون المشددة قبل السين. وَ اللَّيْلِ وَ ما وَسَقَ(17) وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ(18) [الانشقاق:

18،17].

و مثال التزام حرفين: وَ الطُّورِ(1) وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ(2) [الطور:2،1]. ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ(2) وَ إِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ(3) [القلم:3،2]. كَلاّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ(26) وَ قِيلَ مَنْ راقٍ(27) وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ(28) [القيامة:26-28].

و مثال التزام ثلاثة أحرف: تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ وَ إِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ(202) [الأعراف:202،201].

ص: 206

تنبيهات

الأول:قال أهل البديع:أحسن السجع و نحوه ما تساوت قرائنه،نحو: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ(28) وَ طَلْحٍ مَنْضُودٍ(29) وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ(30) [الواقعة:28-30]،و يليه ما طالت قرينته الثانية،نحو: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى (1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى(2) [النجم:2،1]،أو الثالثة، نحو: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ(30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ(31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ... [الحاقة:30-32]الآية.

و قال ابن الأثير:الأحسن في الثانية المساواة،و إلاّ فأطول قليلا،و في الثالثة أن تكون أطول.

و قال الخفاجيّ:لا يجوز أن تكون الثانية أقصر من الأولى.

الثاني:قالوا:أحسن السجع ما كان قصيرا،لدلالته على قوة المنشئ.

و أقله:كلمتان،نحو: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ(1) قُمْ فَأَنْذِرْ(2) [المدثر:2،1]الآيات.

وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً(1)... [المرسلات:1]الآيات. وَ الذّارِياتِ ذَرْواً(1)... [الذاريات:

1]الآيات. وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً(1)... [العاديات:1]الآيات.

و الطويل:ما زاد عن العشر،كغالب الآيات.و ما بينهما متوسط كآيات سورة القمر.

الثالث:قال الزمخشري في كشافه القديم (1):لا تحسن المحافظة على الفواصل لمجرّدها إلاّ مع بقاء المعاني على سردها،على المنهج الذي يقتضيه حسن النظم و التئامه، فأمّا أن تهمل المعاني و يهتمّ بتحسين اللفظ وحده،غير منظور فيه إلى مؤدّاه،فليس من قبيل البلاغة.و بنى على ذلك:أن التقديم في وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ [البقرة:4]ليس لمجرّد الفاصلة،بل لرعاية الاختصاص.

الرابع:مبنى الفواصل على الوقف،و لهذا ساغ مقابلة المرفوع بالمجرور و بالعكس، كقوله: إِنّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ مع قوله: عَذابٌ واصِبٌ و شِهابٌ ثاقِبٌ [الصافات:9-11].

ص: 207


1- الكشاف 140/1.

و قوله: بِماءٍ مُنْهَمِرٍ مع قوله: قَدْ قُدِرَ وَ دُسُرٍ مُسْتَمِرٍّ [القمر:11، 19،13،12].

و قوله: وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ مع قوله: وَ يُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ [الرعد:

12،11].

الخامس:كثر في القرآن ختم الفواصل بحروف المدّ و اللين و إلحاق النون، و حكمته:وجود التمكّن من التطريب بذلك.كما قال سيبويه:إنهم إذا ترنّموا يلحقون الألف و الياء و النون؛لأنهم أرادوا مدّ الصوت،و يتركون ذلك إذا لم يترنّموا،و جاء في القرآن على أسهل موقف و أعذب مقطع.

السادس:حروف الفواصل إمّا متماثلة و إمّا متقاربة:

فالأولى:مثل: وَ الطُّورِ(1) وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ(2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ(3) وَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ(4) [الصور:1-4].

و الثاني مثل: اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ(3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4) [الفاتحة:4،3].

ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ(1) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْ ءٌ عَجِيبٌ(2) [ق:

2،1].

قال الإمام فخر الدين و غيره (1):و فواصل القرآن لا تخرج عن هذين القسمين،بل تنحصر في المتماثلة و المتقاربة.قال:و بهذا يترجّح مذهب الشافعيّ على مذهب أبي حنيفة في عدّ الفاتحة سبع آيات مع البسملة.و جعل صِراطَ الَّذِينَ إلى آخرها آية؛فإنّ من جعل آخر الآية السادسة أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ مردود بأنه لا يشابه فواصل سائر آيات السورة:لا بالمماثلة و لا بالمقاربة،و رعاية التشابه في الفواصل لازمة.

السابع:كثر في الفواصل التضمين و الإيطاء،لأنهما ليسا بعيبين في النثر،و إن كانا عيبين في النظم.

فالتضمين:أن يكون ما بعد الفاصلة متعلّقا بها،كقوله تعالى: وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ(137) وَ بِاللَّيْلِ [الصافات:138،137].

و الإيطاء:تكرّر الفاصلة بلفظها،كقوله تعالى في الإسراء[الآية:93]: هَلْ كُنْتُ إِلاّ بَشَراً رَسُولاً .و ختم بذلك الآيتين بعدها.1.

ص: 208


1- انظر البرهان 75/1.

النوع الستون

في فواتح السور (1)

أفردها بالتأليف ابن أبي الإصبع في كتاب سمّاه«الخواطر السوانح في أسرار الفواتح».و أنا ألخّص هنا ما ذكره مع زوائد من غيره.

اعلم أنّ اللّه افتتح سور القرآن بعشرة أنواع من الكلام،لا يخرج شيء من السور عنها:

الأول:الثّناء عليه تعالى،و الثناء قسمان:إثبات لصفات المدح،و نفي و تنزيه من صفات النقص،فالأوّل التحميد في خمس سور،و تبارك في سورتين،و الثاني التسبيح في سبع سور.

قال الكرماني في متشابه القرآن (2):التسبيح كلمة استأثر اللّه بها،فبدأ بالمصدر في بني إسرائيل لأنه الأصل،ثم بالماضي في الحديد و الحشر لأنه أسبق الزمانين،ثم بالمضارع في الجمعة و التغابن،ثم بالأمر في الأعلى؛استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها.

الثاني:حروف التهجّي في تسع و عشرين سورة،و قد مضى الكلام عليها مستوعبا في نوع المتشابه،و يأتي الإلمام بمناسباتها في نوع المناسبات.

الثالث:النّداء في عشر سور:خمس بنداء الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم:الأحزاب،و الطلاق، و التحريم،و المزّمّل،و المدّثر.و خمس بنداء الأمّة:النساء،و المائدة،و الحج، و الحجرات،و الممتحنة.

الرابع:الجمل الخبرية،نحو: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ [الأنفال] بَراءَةٌ مِنَ اللّهِ [التوبة]. أَتى أَمْرُ اللّهِ [النحل]. اِقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ [الأنبياء]. قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) [المؤمنون].

ص: 209


1- انظر البرهان 164/1.
2- البرهان في توجيه متشابه القرآن ص 200،و انظر درة التنزيل ص 469-470،و ملاك التأويل 2/ 1069-1070،و البرهان 165/1.

سُورَةٌ أَنْزَلْناها [النور]. تَنْزِيلُ الْكِتابِ . اَلَّذِينَ كَفَرُوا [محمد].

إِنّا فَتَحْنا [الفتح]. اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ [القمر]. اَلرَّحْمنُ(1) عَلَّمَ [الرحمن]. قَدْ سَمِعَ اللّهُ [المجادلة]. اَلْحَاقَّةُ(1) . سَأَلَ سائِلٌ [المعارج]. إِنّا أَرْسَلْنا نُوحاً [نوح]. لا أُقْسِمُ في موضعين[القيامة،البلد]. عَبَسَ . إِنّا أَنْزَلْناهُ [القدر]. لَمْ يَكُنِ [البنية].

اَلْقارِعَةُ(1) . أَلْهاكُمُ [التكاثر]. إِنّا أَعْطَيْناكَ [الكوثر].فتلك ثلاث و عشرون سورة.

الخامس:القسم في خمس عشرة سورة:

سورة أقسم فيها بالملائكة،و هي وَ الصَّافّاتِ .

و سورتان بالأفلاك:البروج و الطارق.

و ستّ سور بلوازمها:فالنجم قسم بالثريّا،و الفجر بمبدإ النهار،و الشمس بآية النهار،و اللّيل بشطر الزمان،و الضحى بشطر النهار،و العصر بالشّطر الآخر أو بجملة الزمان.

و سورتان بالهواء الذي هو أحد العناصر:و الذّاريات،و المرسلات.

و سورة بالتربة التي هي منها أيضا،و هي:الطور.

و سورة بالبنات و هي: وَ التِّينِ .

و سورة بالحيوان الناطق و هي: وَ النّازِعاتِ .

و سورة بالبهيم و هي: وَ الْعادِياتِ .

السادس:الشّرط في سبع سور:الواقعة،و المنافقون،و التكوير،و الانفطار، و الانشقاق،و الزلزلة،و النّصر.

السابع:الأمر في ست سور: قُلْ أُوحِيَ . فَإِذا قَرَأْناهُ . قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (1) . قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) . قُلْ أَعُوذُ المعوذتين.

الثامن:الاستفهام في ستّ سور: عَمَّ يَتَساءَلُونَ(1) . هَلْ أَتى . هَلْ أَتاكَ .

أَ لَمْ نَشْرَحْ . أَ لَمْ تَرَ . أَ رَأَيْتَ .

التاسع:الدّعاء في ثلاث: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ(1) . وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ .

تَبَّتْ .

ص: 210

العاشر:التعليل في لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) .

هكذا جمع أبو شامة،قال:و ما ذكرناه في الدعاء يجوز أن يذكر مع الخبر،و كذا الثناء كلّه خبر إلاّ فَسَبِّحْ فإنّه يدخل في قسم الأمر،و(سبحان)يحتمل الأمر و الخبر.

ثم نظم ذلك في بيتين فقال:

أثنى على نفسه سبحانه بثبو ت الحمد و السلب لما استفتح السّورا

و الأمر شرط الندا و التعليل و القسم الدّ عا حروف التّهجّي استفهم الخبرا

و قال أهل البيان:من البلاغة حسن الابتداء؛و هو أن يتأنّق في أوّل الكلام،لأنه أول ما يقرع السمع،فإن كان محررا أقبل السامع على الكلام و وعاه،و إلاّ أعرض عنه و لو كان الباقي في النهاية الحسن،فينبغي أن يؤتى فيه بأعذب اللفظ و أجزله و أرقه و أسلسه و أحسنه نظما و سبكا،و أصحّحه معنى،و أوضحه و أخلاه من التعقيد،و التقديم و التأخير الملبس، أو الذي لا يناسب.

قالوا:و قد أتت جميع فواتح السور على أحسن الوجوه و أبلغها و أكملها، كالتحميدات و حروف الهجاء و النداء،و غير ذلك.

و من الابتداء الحسن نوع أخصّ منه يسمّى:براعة الاستهلال،و هو:أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلّم فيه،و يشير إلى ما سيق الكلام لأجله؛و العلم الأسنى في ذلك سورة الفاتحة،التي هي مطلع القرآن،فإنّها مشتملة على جميع مقاصده،كما قال البيهقيّ في«شعب الإيمان» (1).أخبرنا أبو القاسم بن حبيب،أنبأنا محمد بن صالح بن هانئ،أنبأنا الحسين بن الفضل:حدّثنا عفّان بن مسلم،عن الربيع بن صبيح،عن الحسن قال:أنزل اللّه مائة و أربعة كتب،أودع علومها أربعة منها:التوراة،و الإنجيل،و الزّبور، و الفرقان.ثم أودع علوم التّوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان و القرآن،ثم أودع علوم القرآن المفصّل،ثم أودع علوم المفصّل فاتحة الكتاب،فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة.

و قد وجّه ذلك:بأن العلوم التي احتوى عليها القرآن و قامت بها الأديان أربعة:

علم الأصول:و مداره على معرفة اللّه و صفاته،و إليه الإشارة ب رَبِّ الْعالَمِينَ(2) اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ(3) ،1.

ص: 211


1- رواه البيهقي في شعب الإيمان حديث رقم(2371)،97/2. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-الربيع بن صبيح:صدوق،سيّئ الحفظ،انظر التقريب 245/1،و الكاشف 236/1.

و معرفة النبوّات،و إليه الإشارة ب اَلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ، و معرفة المعاد،و إليه الإشارة ب مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4) .

و علم العبادات:و إليه الإشارة ب إِيّاكَ نَعْبُدُ .

و علم السلوك:و هو حمل النفس على الآداب الشرعية و الانقياد لرب البريّة،و إليه الإشارة ب وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ(5) اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ(6) .

و علم القصص:و هو الاطلاع على أخبار الأمم السالفة و القرون الماضية؛ليعلم المطّلع على ذلك سعادة من أطاع اللّه و شقاوة من عصاه،و إليه الإشارة بقوله: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ(7) .

فنبّه في الفاتحة على جميع مقاصد القرآن؛و هذا هو الغاية في براعة الاستهلال،مع اشتملت عليه من الألفاظ الحسنة،و المقاطع المستحسنة و أنواع البلاغة(1).

و كذلك أوّل سورة فَإِذا قَرَأْتَ :فإنّها مشتملة على نظير ما اشتملت عليه الفاتحة من براعة الاستهلال،لكونها أوّل ما أنزل من القرآن:فإنّ فيها الأمر بالقراءة و البداءة فيها باسم اللّه،و فيه الإشارة إلى علم الأحكام.و فيها ما يتعلق بتوحيد الربّ و إثبات ذاته و صفاته من صفة ذات و صفة فعل،و في هذه الإشارة إلى أصول الدين.و فيها ما يتعلق بالإخبار من قوله: عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ(5) [العلق:5]و لهذا قيل:إنها جديرة أن تسمّى:

عنوان القرآن،لأنّ عنوان الكتاب يجمع مقاصده بعبارة وجيزة في أوله.

ص: 212

النوع الحادي و الستون

في خواتم السور (1)

هي أيضا مثل الفواتح في الحسن لأنها آخر ما يقرع الأسماع،فلهذا جاءت متضمّنة للمعاني البديعة،مع إيذان السامع بانتهاء الكلام،حتى لا يبقى معه للنفوس تشوّف إلى ما يذكر بعد،لأنها بين أدعية و وصايا و فرائض،و تحميد و تهليل،و مواعظ،و وعد و وعيد، إلى غير ذلك.

كتفصيل جملة المطلوب في خاتمة الفاتحة،إذ المطلوب الأعلى:الإيمان المحفوظ من المعاصي المسبّبة لغضب اللّه و الضلال،ففصّل جملة ذلك بقوله: اَلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ .و المراد المؤمنون،و لذلك أطلق الإنعام و لم يقيّده ليتناول كلّ إنعام،لأنّ من أنعم اللّه عليه بنعمة الإيمان فقد أنعم عليه بكلّ نعمة،لأنها مستتبعة لجميع النّعم،ثم وصفهم بقوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ يعني:أنهم جمعوا بين النعم المطلقة و هي نعمة الإيمان،و بين السلامة من غضب اللّه تعالى و الضّلال المسبّبين عن معاصيه و تعدّي حدوده.

ص: 213


1- الفاتحة تشتمل محتوياتها على أنواع مقاصد القرآن،و هي ثلاثة أنواع: 1-الثناء على اللّه،ثناء جامعا لوصفه بجميع المحامد،و تنزيهه عن جميع النقائص. 2-و إثبات تفرده بالإلهية. 3-و إثبات البعث و الجزاء. و ذلك من قوله: اَلْحَمْدُ لِلّهِ إلى قوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ .و الأوامر و النواهي من قوله: إِيّاكَ نَعْبُدُ ،و الوعد و الوعيد من قوله: صِراطَ الَّذِينَ... إلى آخر السورة.فهذه هي أنواع مقاصد القرآن كلّه،و غيرها تكملات لها.و هي-أيضا-تشتمل معانيها على جملة معاني القرآن من الحكم النظرية و الأحكام العملية،فإنّ معاني القرآن:إما علوم تقصد معرفتها،و إما أحكام يقصد منها العمل بها. فالعلوم كالتوحيد و الصفات و النبوات و المواعظ و الأمثال و الحكم و القصص،و الإحكام إما عمل الجوارح،و هو العبادات و المعاملات،و إما عمل القلوب،أي العقول،و هو تهذيب الأخلاق و آداب الشريعة.و كلّها تشتمل عليها معاني الفاتحة بدلالة المطابقة،أو التضمن،أو الالتزام،انظر التحرير و التنوير 133/1-134.

و كالدّعاء الذي اشتملت عليه الآيتان من آخر سورة البقرة.

و كالوصايا التي ختمت بها سورة آل عمران: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صابِرُوا .

و الفرائض التي ختمت بها سورة النساء،و حسن الختم بها لما فيها من أحكام الموت الذي هو آخر أمر كلّ حيّ،و لأنّها آخر ما أنزل من الأحكام.

و كالتجبيل و التعظيم الذي ختمت به المائدة.

و كالوعد و الوعيد الّذي ختمت به الأنعام.

و كالتحريض على العبادة بوصف حال الملائكة الذي ختمت به الأعراف.

و كالحضّ على الجهاد وصلة الأرحام الذي ختم به الأنفال.

و كوصف الرسول و مدحه،و التهليل الذي ختمت به براءة.

و تسليته عليه الصلاة و السلام الذي ختمت به يونس،و مثلها خاتمة هود.

و وصف القرآن و مدحه الذي ختم به يوسف.

و الوعيد و الردّ على من كذّب الرسول الذي ختم به الرعد (1).

و من أوضح ما آذن بالختام خاتمة إبراهيم: هذا بَلاغٌ لِلنّاسِ الآية،و مثلها خاتمة الأحقاف،و كذا خاتمة الحجر بقوله: وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ(99) و هو مفسّر بالموت،فإنها في غاية البراعة.

و انظر إلى سورة الزلزلة كيف:بدئت بأهوال القيامة و ختمت بقوله: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ(7) وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(8) .

و انظر إلى براعة آخر آية نزلت،و هي قوله: وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ [البقرة:281]و ما فيها من الإشعار بالآخريّة المستلزمة للوفاة.

و كذلك آخر سورة نزلت و هي سورة النصر،فيها الإشعار بالوفاة،كما أخرج البخاريّ من طريق سعيد بن جبير،عن ابن عباس:أنّ عمر سألهم عن قوله: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ(1) فقالوا:فتح المدائن و القصور،قال:ما تقول يا ابن عباس؟قال أجل1.

ص: 214


1- انظر البرهان 182/1.

ضرب لمحمد،نعيت له نفسه (1).

و أخرج أيضا عنه قال:كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر،فكأنّ بعضهم وجد في نفسه،فقال:لم تدخل هذا معنا،و لنا أبناء مثله؟فقال عمر:إنّه من قد علمتم.ثم دعاهم ذات يوم فقال:ما تقولون في قول اللّه: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ(1) ؟فقال بعضهم:أمرنا أن نحمد اللّه و نستغفره إذا نصرنا و فتح علينا.و سكت بعضهم فلم يقل شيئا.فقال لي:أ كذلك تقول يا ابن عباس؟فقلت:لا،قال:فما تقول؟قلت:هو أجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أعلمه به،قال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ(1) و ذلك علامة أجلك.

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً(3) .فقال عمر:إني لا أعلم منها إلاّ ما تقول (2).7.

ص: 215


1- رواه البخاري(4969).و النسائي في الكبرى في التفسير(731)565/2-566،و في كتاب الوفاة (7077)251/4،و الطبري 730/12.
2- رواه البخاري(4970)،و النسائي في الكبرى(732)في التفسير 566/2-567،و الطبراني في الكبير (11903)328/11-329،و البيهقي في الدلائل 446/5-447.

النوع الثاني و الستون

اشارة

في مناسبة الآيات و السور (1)

أفرده بالتأليف العلامة أبو جعفر بن الزبير-شيخ أبي حيان-في كتاب سمّاه«البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن».و من أهل العصر الشيخ برهان الدين البقاعيّ في كتاب سمّاه«نظم الدّرر في تناسب الآية و السور» (2)و كتابي الّذي صنعته في أسرار التنزيل كافل بذلك،جامع لمناسبات السور و الآيات؛مع ما تضمّنه من بيان وجوه الإعجاز و أساليب البلاغة.و قد لخّصت منه مناسبات السور خاصّة في جزء لطيف،سمّيته«تناسق الدّرر في تناسب السور» (3).

و علم المناسبة علم شريف،قلّ اعتناء المفسرين به لدقّته،و ممن أكثر فيه الإمام فخر الدين،و قال في تفسيره:أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات و الروابط.

و قال ابن العربيّ في«سراج المريدين» (4):ارتباط آي القرآن بعضها ببعض-حتى تكون كالكلمة الواحدة متّسقة المعاني منتظمة المباني-علم عظيم،لم يتعرّض له إلاّ عالم واحد عمل فيه سورة البقرة،ثم فتح اللّه لنا فيه،فلمّا لم نجد له حملة،و رأينا الخلق بأوصاف البطلة،ختمنا عليه،و جعلناه بيننا و بين اللّه و رددناه إليه.

و قال غيره (5):أول من أظهر علم المناسبة الشيخ أبو بكر النيسابوري،و كان غزير العلم في الشريعة و الأدب؛و كان يقول على الكرسيّ إذا قرئ عليه:لم جعلت هذه الآية إلى جنب هذه؟و ما الحكم في جعل هذه السورة إلى جنب هذه السورة؟.و كان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة.

ص: 216


1- انظر البرهان 35/1.
2- و هو مطبوع في مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية،و هو تفسير جامع للمناسبات بين الآية و أختها، و بين السورة و التي قبلها بما يمتع.
3- و قد طبع في مصر قديما.و أنا بصدد تحقيقه على نسخ خطية-يسّر اللّه إتمامه.
4- نقله في البرهان 36/1.
5- القائل هو الشيخ أبو الحسن الشهراباني-كما ذكر الزركشي في البرهان 36/1.

و قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام (1):المناسبة علم حسن،لكن يشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متّحد مرتبط أوله بآخره؛فإن وقع على أسباب مختلفة لم يقع فيه ارتباط،و من ربط ذلك فهو متكلّف بما لا يقدر عليه إلاّ بربط ركيك،يصان عن مثله حسن الحديث فضلا عن أحسنه؛فإن القرآن نزل في نيّف و عشرين سنة،في أحكام مختلفة،شرعت لأسباب مختلفة،و ما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض.

و قال الشيخ وليّ الدين الملويّ:قد وهم من قال:لا يطلب للآي الكريمة مناسبة، لأنها على حسب الوقائع المفرّقة.و فصل الخطاب:أنها على حسب الوقائع تنزيلا،و على حسب الحكمة ترتيبا و تأصيلا،فالمصحف على وفق ما في اللوح المحفوظ،مرتّبة سوره كلّها و آياتها بالتوقيف،كما أنزل جملة إلى بيت العزّة؛و من المعجز البيّن أسلوبه و نظمه الباهر،و الّذي ينبغي في كلّ آية:أن يبحث أوّل كلّ شيء عن كونها مكمّلة لما قبلها أو مستقلة؛ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها؟ففي ذلك علم جمّ،و هكذا في السّور، يطلب وجه اتصالها بما قبلها و ما سيقت له.انتهى.

و قال الإمام الرازيّ في سورة البقرة:و من تأمّل في لطائف نظم هذه السورة،و في بدائع ترتيبها،علم أنّ القرآن كما أنّه معجز بحسب فصاحة ألفاظه،و شرف معانيه،فهو -أيضا-بسبب ترتيبه و نظم آياته،و لعلّ الذين قالوا:إنه معجز بسبب أسلوبه أرادوا ذلك، إلاّ أن رأيت جمهور المفسّرين معرضين عن هذه اللطائف،غير منتبهين لهذه الأسرار، و ليس الأمر في هذا الباب كما قيل:

و النّجم تستصغر الأبصار صورته و الذّنب للطّرف لا للنّجم في الصغر1.

ص: 217


1- نقله في البرهان 37/1.

فصل تعريف المناسبة

اشارة

[تعريف المناسبة] (1):

المناسبة في اللغة:المشاكلة و المقاربة،و مرجعها في الآيات و نحوها إلى معنى رابط بينها،عامّ أو خاصّ،عقليّ أو حسيّ أو خياليّ أو غير ذلك من أنواع العلاقات أو التلازم الذهنيّ،كالسّبب و المسبب،و العلّة و المعلول،و النظيرين و الضّدّين،و نحوه.

و فائدته:جعل أجزاء الكلام بعضها آخذا بأعناق بعض،فيقوى بذلك الارتباط، و يصير التأليف حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء،فنقول:ذكر الآية بعد الأخرى:

إمّا أن يكون ظاهر الارتباط،لتعلّق الكلم بعضه ببعض و عدم تمامه بالأولى، فواضح.و كذلك إذا كانت الثانية للأولى على وجه التأكيد أو التفسير أو الاعتراض أو البدل؛و هذا القسم لا كلام فيه.

و إما ألا يظهر الارتباط،بل يظهر أنّ كلّ جملة مستقلة عن الأخرى،و أنها خلاف النوع المبدوء به.

فإما أن تكون معطوفة على الأولى بحرف من حروف العطف المشتركة في الحكم أو لا.

فإن كانت معطوفة:فلا بد أن يكون بينهما جهة جامعة،على ما سبق تقسيمه،كقوله تعالى: يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَ ما يَعْرُجُ فِيها [الحديد:4].

و قوله: وَ اللّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة:245]للتضادّ بين القبض و البسط، و الولوج و الخروج،و النزول و العروج،و شبه التضادّ بين السماء و الأرض.

و ممّا الكلام فيه التضادّ:ذكر الرحمة بعد ذكر العذاب،و الرغبة بعد الرهبة؛و قد جرت عادة القرآن إذا ذكر أحكاما ذكر بعدها وعدا و وعيدا،ليكون باعثا على العمل بما سبق،ثم يذكر آيات توحيد و تنزيه ليعلم عظم الآمر و الناهي،و تأمل سورة البقرة و النساء و المائدة تجده كذلك.

و إن لم تكن معطوفة:فلا بدّ من دعامة تؤذن باتصال الكلام؛و هي قرائن معنوية تؤذن بالربط.

ص: 218


1- انظر البرهان 35/1.

و له أسباب (1):

أحدها:التنظير:فإنّ إلحاق النظير بالنظير من شأن العقلاء،كقوله: كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ عقب قوله: أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا [الأنفال:5،4]فإنّه تعالى أمر رسوله أن يمضي لأمره في الغنائم على كره من أصحابه،كما مضى لأمره في خروجه من بيته لطلب العير أو للقتال و هم له كارهون.و القصد:أنّ كراهتهم لما فعله من قسمة الغنائم ككراهتهم للخروج،و قد تبيّن في الخروج الخير من الظفر و النصر و الغنيمة و عزّ الإسلام،فكذا يكون فيما فعله في القسمة،فليطيعوا ما أمروا به و يتركوا هوى أنفسهم.

الثاني:المضادّة:كقوله في سورة البقرة: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ [البقرة:

6]الآية،فإنّ أوّل السورة كان حديثا عن القرآن،و أنّ من شأنه الهداية للقوم الموصوفين بالإيمان،فلمّا أكمل وصف المؤمنين عقّب بحديث الكافرين؛فبينهما جامع وهمي بالتضادّ من هذا الوجه،و حكمته التشويق و الثبوت على الأول،كما قيل:و بضدّها تتبيّن الأشياء.

فإن قيل:هذا جامع بعيد،لأنّ كونه حديثا عن المؤمنين بالعرض لا بالذات، و المقصود بالذات الذي هو مساق الكلام إنما هو الحديث عن القرآن،لأنه مفتتح القول.

قيل:لا يشترط في الجامع ذلك،بل يكفي التعلّق على أيّ وجه كان،و يكفي في وجه الربط ما ذكرنا؛لأنّ القصد تأكيد أمر القرآن و العمل به،و الحث على الإيمان.و لهذا لمّا فرغ من ذلك قال: وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا [البقرة:23]فرجع إلى الأوّل.

الثالث:الاستطراد:كقوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26].

قال الزمخشري (2):هذه الآية واردة على سبيل الاستطراد،عقب ذكر بدوّ السوءات و خصف الورق عليهما،إظهارا للمنّة فيما خلق من اللباس،و لما في العري و كشف العورة من المهانة و الفضيحة،و إشعارا بأنّ السّتر باب عظيم من أبواب التقوى.

و قد خرّجت على الاستطراد قوله تعالى: لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلّهِ وَ لاَ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ [النساء:172]فإنّ أول الكلام ذكر للردّ على النصارى الزاعمين1.

ص: 219


1- انظر البرهان 40/1.
2- الكشاف 74/2،و انظر البرهان 49/1.

بنوّة المسيح،ثم استطرد للرّد على العرب الزاعمين بنوّة الملائكة.

و يقرب من الاستطراد-حتى لا يكادان يفترقان-حسن التخلّص،و هو:أن ينتقل ممّا ابتدئ به الكلام إلى المقصود على وجه سهل يختلسه اختلاسا،دقيق المعنى؛بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلاّ و قد وقع عليه الثاني،لشدّة الالتئام بينهما.

و قد غلط أبو العلاء محمد بن غانم (1)في قوله:لم يقع منه في القرآن شيء لما فيه من التكلّف.و قال:إنّ القرآن إنما ورد على الاقتضاب الذي هو طريقة العرب من الانتقال إلى غير ملائم:ولي كما قال،ففيه من التخلّصات العجيبة ما يحيّر العقول (2).

و انظر إلى سورة الأعراف:كيف ذكر فيها الأنبياء و القرون الماضية و الأمم السالفة، ثم ذكر موسى،إلى أن قصّ حكاية السبعين رجلا و دعائه لهم،و لسائر أمته بقوله:

وَ اكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ و جوابه تعالى عنه،ثم تخلّص بمناقب سيّد المرسلين بعد تخلّصه لأمته بقوله: قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ [الأعراف:156]من صفاتهم كيت و كيت،و هم الذين يتّبعون الرسول النبيّ الأميّ.و أخذ في صفاته الكريمة و فضائله.

و في سورة الشعراء:حكى قول إبراهيم: وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ(87) ،فتخلّص منه إلى وصف المعاد بقوله: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ(88) [الشعراء:88،87].

و في سورة الكهف:حكى قول ذي القرنين في السدّ بعد دكّه الذي هو من أشراط الساعة،ثم النفخ في الصور و ذكر الحشر،و وصف مآل الكفار و المؤمنين.

و قال بعضهم:الفرق بين التخلّص و الاستطراد:أنك في التخلّص تركت ما كنت فيه بالكلّية،و أقبلت على ما تخلصت إليه.و في الاستطراد:تمرّ بذكر الأمر الذي استطردت إليه مرورا كالبرق الخاطف،ثم تتركه و تعود إلى ما كنت فيه،كأنك لم تقصده و إنما عرض عروضا.

قيل:و بهذا يظهر أنّ ما في سورتي الأعراف و الشعراء من باب الاستطراد لا التخلّص،لعودة في الأعراف إلى قصّة موسى بقوله: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ [الأعراف:

159]إلى آخره،و في الشعراء إلى ذكر الأنبياء و الأمم.1.

ص: 220


1- هو محمد بن غانم المعروف بالغانمي،كان من فضلاء عصره،و شعره مشهور،و هو من شعراء نظام الملك،انظر اللباب 166/3.
2- انظر البرهان 43/1.

و يقرب من حسن التخلص:الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطا للسامع،مفصولا بهذا،كقوله في سورة(ص)بعد ذكر الأنبياء: هذا ذِكْرٌ وَ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ(49) [ص:49]فإنّ هذا القرآن نوع من الذّكر،لمّا انتهى ذكر الأنبياء،و هو نوع من التنزيل، أراد أن يذكر نوعا آخر و هو ذكر الجنة و أهلها،ثم لما فرغ قال: هذا وَ إِنَّ لِلطّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ(55) [ص:55]فذكر النار و أهلها.

قال ابن الأثير:هذا في هذا المقام من الفصل الذي هو أحسن من الوصل،و هي علاقة أكيدة بين الخروج من كلام إلى آخر.

و يقرب منه أيضا:حسن المطلب،قال الزّنجانيّ و الطّيبيّ:و هو أن يخرج إلى الغرض بعد تقدم الوسيلة،كقوله: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ(5) [الفاتحة:5].

قال الطّيبيّ:و ممّا اجتمع فيه حسن التخلّص و المطلب معا قوله تعالى حكاية عن إبراهيم: فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاّ رَبَّ الْعالَمِينَ(77) اَلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ(78) [الشعراء:78،77] إلى قوله: رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ(83) .

قاعدة الأمر الكلي المفيد لعرفان مناسبات الآيات

قال بعض المتأخّرين:الأمر الكلي المفيد لعرفان مناسبات الآيات في جميع القرآن هو:أنك تنظر إلى الغرض الذي سيقت له السورة،و تنظر ما يحتاج إليه ذكر الغرض من المقدّمات،و تنظر إلى مراتب تلك المقدّمات في القرب و البعد من المطلوب،و تنظر عند انجرار الكلام في المقدّمات إلى ما يستتبعه من استشراف نفس السامع إلى الأحكام أو اللوازم التابعة له،التي تقتضي البلاغة شفاء الغليل بدفع عناء الاستشراف إلى الوقوف عليها.فهذا هو الأمر الكلي المهيمن على حكم الربط بين جميع أجزاء القرآن،فإذا عقلته تبيّن لك وجه النظم مفصلا بين كلّ آية و آية و في كلّ سورة سورة.انتهى.

تنبيه

من الآيات ما أشكلت مناسبتها لما قبلها:

من ذكر قوله تعالى في سورة القيامة: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ(16)...

[القيامة:17]الآيات،فإنّ وجه مناسبتها لأوّل السورة و آخرها عسر جدّا،فإنّ السورة كلها في أحوال القيامة،حتى زعم بعض الرافضة:أنه سقط من السورة شيء.و حتى ذهب القفّال-فيما حكاه الفخر الرازيّ-أنها نزلت في الإنسان المذكور قبل في قوله:

ص: 221

اَلْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ(13) [القيامة:13]قال:يعرض عليه كتابه،فإذا أخذ في القراءة تلجلج خوفا،فأسرع في القراءة،فيقال له: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ(16) إنّ علينا أن نجمع عملك و أن نقرأ عليك: فَإِذا قَرَأْناهُ عليك فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ بالإقرار بأنك فعلت،ثم إنّ علينا بيان أمر الإنسان و ما يتعلّق بعقوبته.انتهى.

و هذا يخالف ما ثبت في الصحيح أنها نزلت في تحريك النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم لسانه حالة نزول الوحي عليه (1).

منها:أنه تعالى لمّا ذكر القيامة،و كان من شأن من يقصّر عن العمل لها حبّ العاجلة،و كان من أصل الدين أنّ المبادرة إلى أفعال الخير مطلوبة،فنبّه على أنه قد يعترض على هذا المطلوب ما هو أجلّ منه؛و هو الإصغاء إلى الوحي،و تفهّم ما يرد منه، و التشاغل بالحفظ قد يصدّ عن ذلك،فأمر بألا يبادر إلى التحفّظ؛لأنّ تحفيظه مضمون على ربّه،و ليصغ إلى ما يرد عليه إلى أن ينقضي،فيتبع ما اشتمل عليه.ثم لما انقضت الجملة المعترضة رجع الكلام إلى ما يتعلّق بالإنسان المبتدأ بذكره و من هو من جنسه، فقال: كَلاّ و هي كلمة ردع،كأنه قال:بل أنتم يا بني آدم،لكونكم خلقتم من عجل، تعجلون في كلّ شيء،و من ثمّ تحبّون العاجلة.

و منها:أنّ عادة القرآن إذا ذكر الكتاب المشتمل على عمل العبد-حيث يعرض يوم القيامة-أردفه بذكر الكتاب المشتمل على الأحكام الدينيّة في الدنيا التي تنشأ عنها المحاسبة عملا و تركا.

كما قال في الكهف: وَ وُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّا فِيهِ إلى أن قال:

وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ [الكهف:49-54]الآية.و قال في سبحان: فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ .إلى أن قال: وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ [الإسراء:71-89]الآية.

و قال في طه: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَ نَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً(102) إلى أن قال:

فَتَعالَى اللّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ [طه:102 -114].8.

ص: 222


1- رواه البخاري(5-4927-4928-4929-5044-7524)،و مسلم(448)،و النسائي 149/2، و الترمذي(3329)،و أحمد 343/1،و الحميدي(527)،و ابن حبان(39)،و الطيالسي(2628)، و الطبراني(12297)،و ابن سعد 198/1،و البيهقي في الأسماء ص 198.

و منها:أن أول السورة لما نزل إلى: وَ لَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ(15) صادف أنه صلّى اللّه عليه و سلّم في تلك الحالة بادر إلى تحفظ الذي نزل،و حرّك به لسانه من عجلته خشية من تفلته،فنزل لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ(16) إلى قوله: ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ(19) [القيامة:15-19]ثم عاد إلى الكلام إلى تكلمة ما ابتدئ به.

قال الفخر الرازي:و نحوه ما لو ألقى المدرّس على الطالب-مثلا-مسألة،فتشاغل الطالب بشيء عرض له،فقال له:ألق إليّ بالك و تفهّم ما أقول،ثم كمّل المسألة.فمن لا يعرف السبب يقول:ليس هذا الكلام مناسبا للمسألة،بخلاف من عرف ذلك.

و منها:أن(النفس)لمّا تقدّم ذكرها في أول السورة،عدل إلى ذكر(نفس المصطفى) كأنه قيل:هذا شأن النفوس،و أنت يا محمد نفسك أشرف النفوس،فلتأخذ بأكمل الأحوال.

و من ذلك:قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ [البقرة:189]الآية.فقد يقال:أيّ رابط بين أحكام الأهلّة و بين حكم إتيان البيوت؟ (1).

و أجيب:بأنه من باب الاستطراد،لما ذكر أنها مواقيت للحجّ،و كان هذا من أفعالهم في الحج-كما ثبت في سبب نزولها (2)-ذكر معه من باب الزيادة في الجواب على ما في السؤال،كما سئل عن ماء البحر فقال:«هو الطهور ماؤه الحلّ ميتته» (3).

و من ذلك:قوله تعالى: وَ لِلّهِ الْمَشْرِقُ وَ الْمَغْرِبُ [البقرة:114]الآية.فقد يقال:ما وجه اتصاله بما قبله،و هو قوله: وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللّهِ [البقرة:114]الآية (4).

و قال الشيخ أبو محمد الجوينيّ في تفسيره (5):سمعت أبا الحسن الدهّان يقول:وجه اتصاله هو أنّ ذكر تخريب بيت المقدس قد سبق،أي:فلا يجرمنّكم ذلك،و استقبلوه، فإنّ للّه المشرق و المغرب.ن.

ص: 223


1- انظر البرهان 40/1-41.
2- رواه البخاري(1803)،و مسلم(3026)،و الواحدي في أسباب النزول ص 54،و الطيالسي في مسنده (717)،و ابن جرير في تفسيره 192/2-193.
3- رواه أبو داود(83)،و أحمد 237/2-361،و الترمذي(69)،و النسائي 50/1-176،و ابن ماجة (386).و ابن حبان(1243).و البيهقي في السنن 3/1 و غيرهم من طرق عن أبي هريرة-رضي اللّه تعالى عنه-.و سنده صحيح.انظر تفصيل تلك الطرق،و الحكم عليه في تخريجنا لسنن ابن ماجة.
4- انظر البرهان 45/1.
5- نقله في البرهان 45/1 و عنده:أبو الحسين الدهان.

فصل (1)

من هذا النوع مناسبة فواتح السور و خواتمها،

و قد أفردت فيه جزءا لطيفا سميته:

«مراصد المطالع في تناسب المقاطع و المطالع» (1).

و انظر إلى سورة القصص:كيف بدئت بأمر موسى و نصرته،و قوله: فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ [القصص:17]و خروجه من وطنه،و ختمت بأمر النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بألاّ يكون ظهيرا للكافرين،و تسليته عن إخراجه من مكة و وعده بالعود إليها،لقوله في أول السورة:

إِنّا رَادُّوهُ [القصص:7].

قال الزمخشريّ (2):و قد جعل اللّه فاتحة سورة: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (3) و أورد في خاتمتها إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ [المؤمنون:117]فشتّان ما بين الفاتحة و الخاتمة!.

و ذكر الكرمانيّ في العجائب مثله.

و قال:في سورة(ص)بدأها بالذكر،و ختمها به في قوله: إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (87) [ص:78].

و في سورة(ن)بدأها بقوله: ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ(2) ،و ختمها بقوله: إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ [القلم:51،2].

و منه:مناسبة فاتحة السور لخاتمة ما قبلها (4).حتى إنّ منها ما يظهر تعلّقها به لفظا، كما في: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5) [الفيل:5] لِإِيلافِ قُرَيْشٍ(1) [قريش:1].

فقد قال الأخفش:اتصالها بها من باب: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً [القصص:8].

و قال الكواشيّ في تفسير المائدة (5):لما ختم سورة النساء أمرا بالتوحيد و العدل بين العباد أكّد ذلك بقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1].

ص: 224


1- و هو موجود في شستربيتي(5112)،و ليدن(24/474)،و مخطوطات جامعة الكويت(3609).و انظر دليل مخطوطات السيوطي ص 42.و قد اعتنى الغماري بهذا النوع من المناسبات في كتابه:«جواهر البيان في تناسب سور القرآن»ا ه.
2- الكشاف 45/3،و انظر البرهان 186/1.
3- انظر البرهان 185/1.
4- انظر البرهان 186/1.
5- نقله في البرهان 186/1.

و قال غيره (1):إذا اعتبرت افتتاح كلّ سورة وجدته في غاية المناسبة لما ختم به السورة قبلها،ثم هو يخفى تارة و يظهر أخرى:

كافتتاح سورة الأنعام بالحمد،فإنّه مناسب لختام المائدة من فصل القضاء،كما قال تعالى: وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ [الزمر:75].

و كافتتاح سورة فاطر بالحمد للّه،فإنه مناسب لختام ما قبلها من قوله: وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ [سبأ:54]،كما قال تعالى: فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ(45) [الأنعام:45].

و كافتتاح سورة الحديد بالتسبيح،فإنه مناسب لختام سورة الواقعة بالأمر به.

و كافتتاح سورة البقرة بقوله: الم(1) ذلِكَ الْكِتابُ ،فإنّه إشارة إلى الصراط في قوله: اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ(6) كأنهم لمّا سألوا الهداية إلى الصراط،قيل لهم:

ذلك الصراط الذي سألتم الهداية إليه هو الكتاب،و هذا معنى حسن يظهر فيه ارتباط سورة البقرة بالفاتحة (2).

و من لطائف سورة الكوثر (3):أنها كالمقابلة للّتي قبلها؛لأنّ السابقة وصف اللّه فيها المنافق بأربعة أمور:البخل،و ترك الصلاة،و الرياء فيها،و منع الزكاة،فذكر فيها في مقابلة البخل: إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ(1) أي:الخير الكثير،و في مقابلة ترك الصلاة:

فَصَلِّ أي:دم عليها،و في مقابلة الرّياء: لِرَبِّكَ أي:لرضاه لا للناس،و في مقابلة منع الماعون: وَ انْحَرْ و أراد به التصدّق بلحم الأضاحي.

و قال بعضهم:لترتيب وضع السّور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفيّ صادر عن حكيم:

أحدها:بحسب الحروف،كما في الحواميم.

الثاني:لموافقة أول السورة لآخر ما قبلها،كآخر الحمد في المعنى و أول البقرة.

الثالث:للتوازن في اللفظ،كآخر تَبَّتْ و أول(الإخلاص).

الرابع:لمشابهة جملة السورة لجملة الأخرى كالضحى و أَ لَمْ نَشْرَحْ .1.

ص: 225


1- هو الزركشي انظر البرهان 38/1.
2- انظر البرهان 38/1.
3- انظر البرهان 39/1.

قال بعض الأئمة:و سورة الفاتحة:تضمّنت الإقرار بالربوبية و الالتجاء إليه في دين الإسلام،و الصّيانة عن دين اليهوديّة و النصرانية.

و سورة البقرة:تضمّنت قواعد الدين.

و آل عمران:مكمّلة لمقصودها،فالبقرة بمنزلة إقامة الدليل على الحكم،و آل عمران بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم،و لهذا ورد فيها ذكر المتشابه لما تمسّك به النصارى.

و أوجب الحجّ في آل عمران،و أمّا في البقرة فذكر أنه مشروع،و أمر بإتمامه بعد الشروع فيه.و كان خطاب النصارى في آل عمران أكثر،كما أن خطاب اليهود في البقرة أكثر،لأن التوراة أصل،و الإنجيل فرع لها،و النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم لمّا هاجر إلى المدينة دعا اليهود و جاهدهم، و كان جهاده للنصارى في آخر الأمر.كما كان دعاؤه لأهل الشرك قبل أهل الكتاب،و لهذا كانت السّور المكيّة فيها الدين الذي اتفق عليه الأنبياء،فخوطب به جميع الناس،و السّور المدنيّة فيها خطاب من أقرّ بالأنبياء من أهل الكتاب و المؤمنين،فخوطبوا بيا أهل الكتاب، يا بني إسرائيل،يا أيها الذين آمنوا.

و أما سورة النساء:فتضمّنت أحكام الأسباب التي بين الناس،و هي نوعان:

مخلوقة للّه،و مقدورة لهم كالنسب و الصهر،و لهذا افتتحت بقوله: اِتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها ثم قال: وَ اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَ الْأَرْحامَ .فانظر هذه المناسبة العجيبة في الافتتاح،و براعة الاستهلال،حيث تضمّنت الآية المفتتح بها ما أكثر السّور في أحكامه:من نكاح النساء و محرّماته،و المواريث المتعلقة بالأرحام،و أنّ ابتداء هذا الأمر كان بخلق آدم،ثم خلق زوجته منه،ثم بثّ منهما رجالا و نساء في غاية الكثرة.

و أما المائدة:فسورة العقود تضمّنت بيان تمام الشرائع،و مكملات الدين،و الوفاء بعهود الرسل،و ما أخذ على الأمة،و بها تمّ الدين،فهي سورة التكميل؛لأنّ فيها تحريم الصيد على المحرم الذي هو من تمام الإحرام،و تحريم الخمر الذي هو من تمام حفظ العقل و الدين،و عقوبة المعتدين من السّرّاق و المحاربين الذي هو من تمام حفظ الدماء و الأموال،و إحلال الطّيبات الذي هو من تمام عبادة اللّه تعالى،و لهذا ذكر فيها ما يختص بشريعة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم.كالوضوء و التيمّم،و الحكم بالقرآن على كلّ دين،و لهذا كثر فيها من لفظ الإكمال و الإتمام،و ذكر فيها أنّ من ارتدّ عوّض اللّه بخير منه،و لا يزال هذا الدّين كاملا.و لهذا ورد أنها آخر ما نزل،لما فيها من إشارات الختم و التمام.

و هذا الترتيب بين هذه السور الأربع المدنيّات من أحسن الترتيب.

ص: 226

و قال أبو جعفر بن الزبير:حكى الخطّابي:أنّ الصحابة لما اجتمعوا على القرآن، وضعوا سورة القدر عقب العلق،استدلوا بذلك على أنّ المراد بهاء الكناية في قوله: إِنّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1) الإشارة إلى قول: فَإِذا قَرَأْتَ .قال القاضي أبو بكر بن العربي:

و هذا بديع جدّا.

فصل قال في البرهان:و من ذلك افتتاح السّور بالحروف المقطّعة و اختصاص كلّ واحدة

بما بدئت به؛

حتى لم يكن لترد الم في موضع الر و لا حم في موضع طس .

قال:و ذلك أنّ كلّ سورة بدئت بحرف منها،فإنّ أكثر كلماتها و حروفها مماثل له، فحقّ لكلّ سورة منها ألاّ يناسبها غير الواردة فيها،فلو وضع ق موضع ن لعدم التناسب الواجب مراعاته في كلام اللّه،و سورة ق بدئت به لما تكرّر فيها من الكلمات بلفظ القاف،من ذكر القرآن و الخلق و تكرير القول مراجعته مرارا،و القرب من ابن آدم و تلقّي الملكين،و قول العتيد،و الرقيب،و السائق،و الإلقاء في جهنم،و التقدّم بالوعد، و ذكر المتقين،و القلب،و القرون،و التنقيب في البلاد،و تشقق الأرض،و حقوق الوعيد و غير ذلك.

و قد تكرّر في سورة يونس من الكلم الواقع فيها(الرّاء)مائتا كلة أو أكثر؛فلهذا افتتحت ب الر .

و اشتملت سورة ص على خصومات متعدّدة،فأولها خصومة النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم مع الكفّار،و قولهم: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً [ص:5].ثم اختصام الخصمين عند داود،ثم تخاصم أهل النار،ثم اختصام الملأ الأعلى،ثمّ تخاصم إبليس في شأن آدم،ثم في شان بنيه و إغوائهم.

و اَلْمَلَأُ جمعت المخارج الثلاثة:الحلق،و اللسان،و الشفتين على ترتيبها،و ذلك إشارة إلى البداية التي هي بدء الخلق،و النهاية التي هي بدء الميعاد،و الوسط الذي هو المعاش من التشريع بالأوامر و النواهي،و كلّ سورة افتتحت بها فهي مشتملة على الأمور الثلاثة.

و سورة الأعراف:زيد فيها الصاد على اَلْمَلَأُ لما فيها من شرح القصص؛قصة آدم فمن بعده من الأنبياء؛و لما فيها من ذكر: فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ .و لهذا قال

ص: 227

بعضهم:معنى المص(1) أَ لَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ(1) .

و زيد في الرعد راء لأجل قوله: رَفَعَ السَّماواتِ [2]و لأجل ذكر الرعد و البرق و غيرهما.

و اعلم:أنّ عادة القرآن العظيم في ذكر هذه الحروف أن يذكر بعدها ما يتعلّق بالقرآن،كقوله: الم(1) ذلِكَ الْكِتابُ [البقرة] الم(1) اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ [آل عمران]. المص(1) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ [الأعراف]. الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ [الحجر]. طه(1) ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى(2) [طه] طسم (1) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ [النمل]. يس(1) وَ الْقُرْآنِ . ص وَ الْقُرْآنِ . حم(1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ [الجاثية]. ق وَ الْقُرْآنِ إلاّ ثلاث سور:العنكبوت،و الروم،و ن،ليس فيها ما يتعلّق به،و قد ذكرت حكمة ذلك في«أسرار التنزيل».

و قال الحرالي (1)في معنى حديث:«أنزل القرآن على سبعة أحرف:زاجر،و آمر، و حلال،و حرام،و محكم،و متشابه،و أمثال» (2).

اعلم أنّ القرآن منزّل عند انتهاء الخلق،و كمال كلّ الأمر،بدأ:فكان المتحلي به جامعا لانتهاء كلّ خلق؛و كمال كلّ أمر،فلذلك هو صلّى اللّه عليه و سلّم قسيم الكون،و هو الجامع الكامل،و لذلك كان خاتما،و كتابه كذلك،و بدأ المعاد من حين ظهوره،فاستوفى صلاح هذه الجوامع الثلاث التي قد خلت في الأولين بداياتها،و تمت عنده غاياتها:«بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق» (3).

و هي صلاح الدّنيا و الدين و المعاد التي جمعها قوله عليه الصلاة و السلام:«اللهمّ أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري،و أصلح لي دنياي التي فيها معاشي،و أصلح لي آخرتين التي إليها معادي» (4).).

ص: 228


1- انظر البرهان 168/1-170.
2- سبق تخريجه في بحث الأحرف السبعة.
3- رواه أحمد في المسند 381/2،و البخاري في الأدب المفرد(273)،و ابن سعد في الطبقات 192/1، و الحاكم 613/2. قلت:سنده صحيح لغيره-إن شاء اللّه-و انظر الصحيحة 75/1،و رواه مالك بلاغا،حديث رقم (904)904/2.
4- رواه مسلم(2720)،و البخاري في الأدب(668)،و الطبراني في الدعاء(1455)،و البغوي في الشمائل(1178).

و في كلّ صلاح إقدام و إحجام،فتصير الثلاثة الجوامع ستّة،هي حروف القرآن الستّة،ثم وهب حرفا جامعا سابعا فردا،لا زوج له،فتمّت سبعة.

فأدنى تلك الحروف هو حرفا صلاح الدنيا،فلها حرفان:حرف الحرام الذي لا تصلح النفس و البدن إلاّ بالتطهّر منه لبعده عن تقويمها،و الثاني:حرف الحلال الذي تصلح النفس و البدن عليه لموافقته تقويمها،و أصل هذين الحرفين في التوراة،و تمامهما في القرآن.

و يلي ذلك حرفا صلاح المعاد،أحدهما:حرف الزجر و النهي،الذي لا تصلح الآخرة إلا بالتطهر منه لبعده عن حسناتها.و الثاني:حرف الأمر الذي تصلح الآخرة عليه لتقاضيه لحسناتها.و أصل هذين الحرفين في الإنجيل،و تمامهما في القرآن.

و يلي ذلك حرفا صلاح الدين:أحدها حرف المحكم الذي بان للعبد فيه خطاب ربّه.

و الثاني:حرف المتشابه الذي لا يتبيّن للعبد فيه خطاب ربّه من جهة قصور عقله عن إدراكه.

فالحروف الخمسة للاستعمال،و هذا الحرف السادس للوقوف و الاعتراف بالعجز.

و أصل هذين الحرفين في الكتب المتقدّمة كلها،و تمامها في القرآن.

و يختصّ القرآن بالحرف السابع الجامع،و هو حرف المثل المبين للمثل الأعلى، و لمّا كان هذا الحرف هو الحمد افتتح اللّه به أمّ القرآن،و جمع فيها جوامع الحروف السبعة التي بثّها في القرآن:فالأولى:تشتمل على حرف الحد السابع.

و الثانية:تشتمل على حرفي الحلال و الحرام اللّذين أقامت الرحمانية بهما الدنيا، و الرحيميّة الآخرة.

و الثالثة:تشتمل على أمر الملك القيّم على حرفي النهي اللذين يبدأ أمرهما في الدين.

و الرّابعة:تشتمل على حرفيّ المحكم في قوله: إِيّاكَ نَعْبُدُ .و المتشابه في قوله: وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ .و لما افتتح أمّ القرآن بالسابع الجامع الموهوب ابتدئت البقرة بالسادس المعجوز عنه،و هو المتشابه.

انتهى كلام الحرالي و المقصود منه هو الأخير،و بقيته ينبو عنه السمع،و ينفر منه

ص: 229

القلب،و لا تميل إليه النفس،و أنا أستغفر اللّه من حكايته؛على أني أقول في مناسبة ابتداء البقرة ب اَلْعالَمِينَ أحسن ممّا قال،و هو أنه:لمّا ابتدئت الفاتحة بالحرف المحكم الظّاهر لكلّ أحد،بحيث لا يعذر أحد في فهمه،ابتدئت البقرة بمقابله،و هو الحرف المتشابه البعيد التأويل،أو المستحيلة.

فصل و من هذا النوع مناسبة أسماء السور لمقاصدها،

اشارة

و قد تقدّم في النوع السابع عشر الإشارة إلى ذلك.

و في عجائب الكرمانيّ:إنّا سميت السور السبع حم(1) على الاشتراك في الاسم،لما بينهنّ من التشاكل الذي اختصّت به،و هو أنّ كلّ واحدة منها استفتحت بالكتاب أو صفة الكتاب؛مع تقارب المقادير في الطول و القصر،و تشاكل الكلام في النظام.

فوائد منثورة في المناسبات:

في تذكرة الشيخ تاج الدين السبكيّ-و من خطه نقلت-سأل الإمام:ما الحكمة في افتتاح سورة الإسراء بالتسبيح،و الكهف بالتحميد؟و أجاب:بأن التسبيح-حيث جاء- مقدّم على التحميد،نحو: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ [الحجر:98]«سبحان اللّه و الحمد للّه».

و أجاب ابن الزّملكانيّ:بأنّ سورة سُبْحانَ لما اشتملت على الإسراء الذين كذّب المشركون به النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،و تكذيبه تكذيب للّه سبحانه و تعالى،أتى بسبحان لتنزيه اللّه تعالى عما نسب إلى نبيه من الكذب.و سورة الكهف:لمّا أنزلت بعد سؤال المشركين عن قصّة أصحاب الكهف و تأخر الوحي،نزلت مبيّنة أنّ اللّه لم يقطع نعمته عن نبيّه و لا عن المؤمنين،بل أتمّ عليهم النعمة بإنزال الكتاب،فناسب افتتاحها بالحمد على هذه النعمة.

في تفسير الخويّي:ابتدئت الفاتحة بقوله:و اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ(182) فوصف بأنه مالك جميع المخلوقين،و في الأنعام و الكهف و سبأ و فاطر لم يوصف بذلك،بل بفرد من أفراد صفاته-و هو:خلق السّماوات و الأرض و الظّلمات و النور في الأنعام،و إنزال الكتاب في الكهف،و ملك ما في السموات و ما في الأرض في سبأ،و خلقهما في فاطر- لأنّ الفاتحة أم القرآن و مطلعه،فناسب الإتيان فيها بأبلغ الصفات و أعمّها و أشملها.

في العجائب للكرمانيّ:إن قيل:كيف جاء يَسْئَلُونَكَ أربع مرات بغير واو:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ [البقرة:189]. يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ [البقرة:215]. يَسْئَلُونَكَ

ص: 230

عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ [البقرة:217]. يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ [البقرة:219].ثم جاء ثلاث مرات بالواو: وَ يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ [البقرة:219]. وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى [البقرة:

220]. وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [البقرة:222]؟.

قلنا:لأنّ سؤالهم عن الحوادث الأول وقع متفرّقا،و عن الحوادث الأخر وقع في وقت واحد،فجيء بحرف الجمع دلالة على ذلك.

فإن قيل:كيف جاء وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ [طه:105]و عادة القرآن مجيء(قل) في الجواب بلا فاء؟ أجاب الكرمانيّ:بأنّ التقدير:لو سئلت عنها فقل.

فإن قيل:كيف جاء وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة:186]و عادة السؤال يجيء جوابه في القرآن(بقل)؟قلنا:حذفت للإشارة إلى أنّ العبد في حالة الدعاء في أشرف المقامات،لا واسطة بينه و بين مولاه.

ورد في القرآن سورتان:أولهما يا أَيُّهَا النّاسُ في كلّ نصف سورة،فالتي هي النصف الأول تشتمل على شرح المبدأ،و التي في الثاني على شرح المعاد

ص: 231

النوع الثالث و الستون

في الآيات المشتبهات (1)

أفرده بالتصنيف خلق،أولهم-فيما أحسب-الكسائيّ،و نظمه السخاويّ،و ألّف في توجيهه الكرمانيّ كتابه:«البرهان في متشابه القرآن» (2)و أحسن منه«درّة التنزيل و غرّة التأويل» (3)لأبي عبد اللّه الرّازيّ،و أحسن من هذا«ملاك التأويل» (4)لأبي جعفر بن الزبير، و لم أقف عليه،و للقاضي بدر الدين بن جماعة في ذلك كتاب لطيف سمّاه«كشف المعاني عن متشابه المثاني».و في كتابي«أسرار التنزيل»المسمى«قطف الأزهار في كشف الأسرار» (5)من ذلك الجمّ الغفير (6).

و القصد به:إيراد القصّة الواحدة في صور شتّى،و فواصل مختلفة،بل تأتي في موضع واحد مقدّما،و في آخر مؤخّرا،كقوله في البقرة: وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُولُوا حِطَّةٌ [البقرة:58]،و في الأعراف وَ قُولُوا حِطَّةٌ وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً [الأعراف:

161].و في البقرة: وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ [البقرة:173]،و سائر القرآن: وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ [المائدة:3].

أو في موضع بزيادة و في آخر بدونها،نحو: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ في البقرة [الآية:6]،و في يس: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ [الآية:10].و في البقرة وَ يَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ [الآية:193].و في الأنفال كُلُّهُ لِلّهِ [الأنفال:39].

أو في موضع معرّفا و في آخر منكّرا،أو مفردا و في آخر جمعا،أو بحرف و في آخر بحرف آخر،أو مدغما و في آخر مفكوكا.و هذا النوع يتداخل مع نوع المناسبات.

ص: 232


1- انظر البرهان 112/1،و فنون الأفنان ص 376.
2- و هو مطبوع.
3- و هو مطبوع و هو للخطيب الاسكافي،و كتاب الرازي:«أنموذج جليل».
4- و هو مطبوع.
5- و هو موجود في مكتبة برلين(6/723).
6- و قد ضمن الفيروزآبادي كتابه بصائر ذوي التمييز،ملخصا لأقوال العلماء في الآيات المشتبهات.

و هذه أمثلة منه بتوجيهها:

قوله تعالى في البقرة: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [الآية:2].و في لقمان: هُدىً وَ رَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (1) [الآية:3]لأنه لمّا ذكر هنا مجموع الإيمان ناسب(المتقين).و لمّا ذكر ثمّ الرحمة ناسب(المحسنين) (2).

قوله تعالى: وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَ كُلا [البقرة:35]،و في الأعراف:

فَكُلا [الآية:19]بالفاء،قيل:لأنّ السكنى في البقرة الإقامة،و في الأعراف اتخاذ المسكن،فلمّا نسب القول إليه تعالى: وَ قُلْنا يا آدَمُ ناسب زيادة الإكرام بالواو الدالة على الجمع بين السكنى و الأكل،و لذا قال فيه: رَغَداً و قال: حَيْثُ شِئْتُما لأنّه أعمّ.

و في الأعراف: وَ يا آدَمُ فأتى بالفاء الدالّة على ترتيب الأكل على السّكنى المأمور باتخاذها؛لأنّ الأكل بعد الاتخاذ،و مِنْ حَيْثُ لا تعطي عموم معنى: حَيْثُ شِئْتُما (3).

قوله تعالى: وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ [البقرة:48]،و قال بعد ذلك: وَ لا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ [البقرة:123] ففيه تقديم العدل و تأخيره،و التعبير بقبول الشفاعة تارة و بالنفع أخرى (3).

و ذكر في حكمته:أنّ الضمير في مِنْها راجع في الأولى إلى النفس الأولى،و في الثانية إلى النفس الثانية،فبيّن في الأولى أنّ النفس الشافعة الجازية عن غيرها لا يقبل منها شفاعة و لا يؤخذ منها عدل،و قدّمت الشفاعة لأنّ الشافع يقدّم الشفاعة على العدل.و بيّن في الثانية أنّ النفس المطلوبة بجرمها لا يقبل منها عدل عن نفسها،و لا تنفعها شفاعة شافع منها،و قدّم العدل لأنّ الحاجة إلى الشفاعة إنّما تكون عند رده،و لذلك قال في الأولى:

وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ و في الثانية: وَ لا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ ؛لأنّ الشفاعة إنما تقبل من الشافع،و إنما تنفع المشفوع له.

قوله تعالى: وَ إِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ [البقرة:

49]،و في إبراهيم وَ يُذَبِّحُونَ [إبراهيم:6]بالواو؛لأنّ الأولى من كلامه تعالى لهم،5.

ص: 233


1- انظر ملاك التأويل 196/1-197،و بصائر ذوي التمييز 141/1،و درة التنزيل ص 11-13،و البرهان 124/1-127،و فتح الرحمن ص 24-25.
2- انظر ملاك التأويل 177/1-178.
3- انظر ملاك التأويل 186/1-188،و بصائر ذوي التمييز 140/1-141،و فتح الرحمن ص 21-22، و البرهان 128/1،و الدرة ص 10-11.

فلم يعدّد عليهم المجن تكرّما في الخطاب؛و الثانية من كلام موسى فعدّدها.و في الأعراف: يُقَتِّلُونَ [الأعراف:141].و هو من تنويع الألفاظ المسمّى بالتفنّن (1).

قوله تعالى: وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ [البقرة:58]الآية (2).و في آية الأعراف اختلاف ألفاظ،و نكتته أن آية البقرة في معرض ذكر النعم عليهم حيث قال: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ [البقرة:47].إلى آخره،فناسب نسبة القول إليه تعالى،و ناسب قوله:

رَغَداً لأنّ المنعم به أتمّ،و ناسب تقديم وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً [البقرة:58].

و ناسب خَطاياكُمْ لأنه جمع كثرة،و ناسب الواو في وَ سَنَزِيدُ لدلالتها على الجمع بينهما،و ناسب الفاء في فَكُلُوا لأنّ الأكل مترتّب على الدخول،و آية الأعراف افتتحت بما فيه توبيخهم،و هو قولهم: اِجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف:138]، ثم اتخاذهم العجل،فناسب ذلك وَ إِذْ قِيلَ لَهُمُ [الأعراف:161].و ناسب ترك رَغَداً .و السكنى تجامع الأكل فقال: وَ كُلُوا و ناسب تقديم ذكر مغفرة الخطايا.

و ترك الواو في وَ سَنَزِيدُ .

و لمّا كان في الأعراف تبعيض الهادين بقوله: وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ [الأعراف:159]ناسب تبعيض الظالمين بقوله: اَلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [الأعراف:162].

و لم يتقدّم في البقرة مثله فترك.و في البقرة إشارة إلى سلامة غير الذين ظلموا لتصريحه بالإنزال على المتصفين بالظلم،و الإرسال أشد وقعا من الإنزال،فناسب سياق ذكر النعمة في البقرة ذلك،و ختم آية البقرة ب يَفْسُقُونَ [البقرة:59]و لا يلزم منه الظلم،و الظلم يلزم منه الفسق،فناسب كل لفظة منها سياقه.

و كذا في البقرة: فَانْفَجَرَتْ [البقرة:60].و في الأعراف فَانْبَجَسَتْ [الأعراف:

160]،لأنّ الانفجار أبلغ في كثرة الماء،فناسب سياق ذكر النعم التعبير (3).

قوله تعالى: وَ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النّارُ إِلاّ أَيّاماً مَعْدُودَةً [البقرة:80]،و في آل.

ص: 234


1- انظر درة التنزيل ص 13-14،و بصائر ذوي التمييز 142/1.
2- انظر درة التنزيل ص 14-20،و فتح الرحمن ص 25،و ملاك التأويل 202/1-211،و بصائر ذوي التمييز 142/1-143.
3- انظر فتح الرحمن ص 28،و ملاك التأويل 211/1-213،و بصائر ذوي التمييز 144/1.قال في فتح الرحمن:«و الأول-أي فانفجرت-أبلغ،لأنه انصباب الماء بكثرة،و الانبجاس:ظهور الماء،فناسب ذكر الانفجار هنا الجمع قبله بين الأكل و الشرب،الذي هو أبلغ من الاقتصار على الأكل»ا ه.

عمران مَعْدُوداتٍ [آل عمران:24]قال:ابن جماعة:لأنّ قائل ذلك فرقتان من اليهود إحداهما قالت:إنّما نعذّب بالنار سبعة أيام عدد أيام الدنيا،و الأخرى قالت:إنما نعذب أربعين،عدة أيام عبادة آبائهم العجل.فآية البقرة تحتمل قصد الفرقة الثانية حيث عبّر بجمع الكثرة،و آل عمران بالفرقة الأولى حيث أتى بجمع القلة (1).

و قال أبو عبد اللّه الرازيّ:إنّه من باب التفنّن قوله تعالى: إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدى [البقرة:120]،و في آل عمران، إِنَّ الْهُدى هُدَى اللّهِ [آل عمران:73]،لأنّ الهدى في البقرة المراد به تحويل القبلة،و في آل عمران المراد به الدّين،لتقدّم قوله:

لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ [آل عمران:73]و معناه:إنّ دين اللّه الإسلام (2).

قوله تعالى: رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً [البقرة:126]،و في إبراهيم: هَذَا الْبَلَدَ آمِناً [إبراهيم:35]،لأنّ الأول:دعا به قبل مصيره بلدا عند ترك هاجر و إسماعيل به، و هو واد،فدعا بأن يصير بلدا.و الثاني:دعا به بعد عوده و سكنى جرهم به،و مصيره بلدا،فدعا بأمنه (3).

قوله تعالى: قُولُوا آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا [البقرة:137]،و في آل عمران قُلْ آمَنّا بِاللّهِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَيْنا [آل عمران:84].لأنّ الأولى خطاب للمسلمين،و الثانية خطاب للنبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،و(إلى)ينتهى بها من كلّ جهة،و(على)لا ينتهى بها إلاّ من جهة واحدة و هي العلوّ،و القرآن يأتي المسلمين من كلّ جهة يأتي مبلّغه إياهم منها،و إنما أتى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم من جهة العلوّ خاصة،فناسب قوله: عَلَيْنا ،و لهذا أكثر ما جاء في جهة النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بعلى،و أكثر ما جاء في جهة الأمة بإلى (4).

قوله تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلا تَقْرَبُوها [البقرة:187]،و قال بعد ذلك: فَلا تَعْتَدُوها [البقرة:229]؛لأنّ الأولى وردت بعد نواه،فناسب النّهي عن قربانها.و الثانية1.

ص: 235


1- انظر ملاك التأويل 224/1-227،و درة التنزيل ص 22-24،و فتح الرحمن ص 32-33،و بصائر ذوي التمييز 145/1.
2- انظر درة التنزيل ص 25-29،و فتح الرحمن ص 37.
3- انظر ملاك التأويل 234/1-235،و درة التنزيل ص 29-30،و فتح الرحمن ص 39،و بصائر ذوي التمييز 147/1-148.
4- انظر درة التنزيل ص 34-36،و فتح الرحمن ص 40-41،و ملاك التأويل 238/1-240،و بصائر ذوي التمييز 148/1.

بعد أوامر،فناسب النهي عن تعدّيها و تجاوزها بأن يوقف عندها (1).

قوله تعالى: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ [آل عمران:3]،و قال: وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ [آل عمران:3]؛لأنّ الكتاب أنزل منجّما،فناسب الإتيان ب نَزَّلَ الدالّ على التكرير، بخلافهما فإنّهما أنزلا دفعة (2).

قوله تعالى: وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ [الأنعام:151]،و في الإسراء:

خَشْيَةَ إِمْلاقٍ [الإسراء:31]؛لأنّ الأولى خطاب للفقراء المقلّين،أي:لا تقتلوهم من فقر بكم،فحسن: نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ ما يزول به إملاقكم.ثم قال: وَ إِيّاهُمْ أي:

نرزقكم جميعا.و الثانية خطاب للأغنياء؛أي:خشية فقر يحصل لكم بسببهم،و لذا حسن: نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيّاكُمْ [الإسراء:31] (3).

قوله تعالى: فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف:200]،و في فصلت:

فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصلت:36]قال ابن جماعة:لأنّ آية الأعراف أوّلا،و آية فصّلت نزلت ثانيا،فحسن التعريف،أي:هو السّميع العليم الّذي تقدّم ذكره أوّلا عند نزوغ الشيطان (4).

قوله تعالى: اَلْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ [67:9]،و قال في المؤمنين:ال

ص: 236


1- انظر ملاك التأويل 258/1-260،و بصائر ذوي التمييز 152/1-153،و درة التنزيل ص 45-46، و فتح الرحمن ص 54.
2- انظر أنموذج جليل للرازي ص 54،و فتح الرحمن ص 77،و ملاك التأويل 286/1-290.
3- انظر بصائر ذوي التمييز 199/1،و ملاك التأويل 478/1-480،و درة التنزيل ص 135-136،و فتح الرحمن ص 180-181.
4- انظر ملاك التأويل 578/1-580،و درة التنزيل ص 182-183،و فتح الرحمن ص 506،و تفسير سورة الكافرون ص 100-101 لابن القيم رحمه اللّه. قال العلامة ابن قيم الجوزية في تفسيره لسورة«الكافرون»ص 100-101:«و تأمل سرّ القرآن كيف أكّد الوصف بالسميع العليم بذكر صيغة(هو)الدال على تأكيد النسبة و اختصاصها،و عرّف الوصف بالألف و اللام في سورة حم لاقتضاء المقام لهذا التأكيد،و تركه في سورة الأعراف،لاستغناء المقام عنه: فإنّ الأمر بالاستعاذة في سورة حم وقع بعد الأمر بأشق الأشياء على النفس،و هو مقابلة إساءة المسيء بالإحسان إليه،و هذا أمر لا يقدر عليه إلا الصابرون،و لا يلقاه إلا ذو حظ عظيم،كما قال اللّه تعالى. و الشيطان لا يدع العبد يفعل هذا،بل يريه أنّ هذا ذلّ و عجز،و يسلّط عليه عدوّه،فيدعوه إلى الانتقام، و يزينه له،فإن عجز عنه دعاه إلى الإعراض عنه،و أن لا يسيء إليه و لا يحسن،فلا يؤثر الإحسان إلى المسيء إلا من خالفه و آثر اللّه و ما عنده على حظه العاجل،فكان المقام مقام تأكيد و تحريض،فقال

بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [التوبة:71].و في الكفار: وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [الأنفال:73]؛لأنّ المنافقين ليسوا متناصرين على دين معيّن و شريعة ظاهرة؛فكان بعضهم يهودا،و بعضهم مشركين،فقال: مِنْ بَعْضٍ أي:في الشك و النفاق.و المؤمنون متناصرون على دين الإسلام،و كذلك الكفار المعلنون بالكفر كلهم أعوان بعضهم و مجتمعون على التناصر،بخلاف المنافقين،كما قال تعالى: تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتّى [الحشر:14] (1).

فهذه أمثلة يستضاء بها،و قد تقدم منها كثير في نوع التقديم و التأخير،و في نوع الفواصل،و في أنواع أخر.5.

ص: 237


1- انظر فتح الرحمن ص 235-236،و أنموذج جليل ص 184-185.

النوع الرابع و الستون

اشارة

في إعجاز القرآن (1)

أفرده بالتصنيف خلائق؛منهم الخطابيّ،و الرمانيّ،و الزّملكانيّ،و الإمام الرازيّ، و ابن سراقة،و القاضي أبو بكر الباقلانيّ.قال ابن العربيّ:و لم يصنّف مثل كتابه.

اعلم أنّ المعجزة:أمر خارق للعادة،مقرون بالتحدّي،سالم من المعارضة.

و هي إما حسّيّة و إمّا عقلية:

و أكثر معجزات بني إسرائيل كانت حسّيّة،لبلادتهم و قلّة بصيرتهم.

و أكثر معجزات هذه الأمة عقلية لفرط ذكائهم،و كمال أفهامهم،و لأنّ هذه الشريعة -لمّا كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة-خصّت بالمعجزة العقلية الباقية؛ ليراها ذوو البصائر،كما قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«ما من الأنبياء نبيّ إلاّ أعطي ما مثله آمن عليه البشر؛ و إنما كان الذي أوتيته و حيا أوحاه اللّه إليّ،فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا».أخرجه البخاريّ (2).

قيل:إنّ معناه أنّ معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم،فلم يشاهدها إلاّ من حضرها.و معجزة القرآن مستمرّة إلى يوم القيامة،و خرقه العادة في أسلوبه و بلاغته و إخباره بالمغيّبات،فلا يمرّ عصر من الأعصار إلاّ و يظهر فيه شيء مما أخبر به أنّه سيكون؛يدلّ على صحة دعواه.

و قيل:المعنى أنّ المعجزات الواضحة الماضية كانت حسّيّة تشاهد بالأبصار؛كناقة صالح و عصا موسى،و معجزة القرآن تشاهد بالبصيرة،فيكون من يتبعه لأجلها أكثر؛لأنّ الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده،و الذي يشاهد بعين العقل باق،يشاهده

ص: 238


1- انظر البرهان 90/2-124،و بصائر ذوي التمييز 65/1-77،و تفسير القرطبي 105/1-113، و تفسير الماوردي 30/1-33،و الشفا 258/1-280.
2- رواه البخاري(4981-7274)،و مسلم(239)،و النسائي في الكبرى(7977 م-11129)،و البيهقي في الدلائل 129/7.

كلّ من جاء بعد الأول مستمرّا.

قال في فتح الباري (1):و يمكن نظم القولين في كلام واحد؛فإنّ محصلهما لا ينافي بعضه بعضا.

و لا خلاف بين العقلاء:أنّ كتاب اللّه تعالى معجز،لم يقدر واحد على معارضته بعد تحدّيهم بذلك،قال تعالى: وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللّهِ [التوبة:6]فلولا أنّ سماعه حجّة عليه لم يقف أمره على سماعه،و لا يكون حجة إلاّ و هو معجزة.

و قال تعالى: وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللّهِ وَ إِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ(50) أَ وَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ [العنكبوت:51،50] فأخبر أنّ الكتاب آية من آياته،كاف في الدلالة،قائم مقام معجزات غيره و آيات من سواه من الأنبياء،و لمّا جاء به النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم إليهم،و كانوا أفصح الفصحاء،و مصاقع الخطباء، و تحدّاهم على أن يأتوا بمثله،و أمهلهم طول السنين فلم يقدروا،كما قال تعالى: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ(34) [يونس:38]،ثم تحدّاهم بعشر سور منه في قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ(13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللّهِ [هود:14،13]،ثم تحدّاهم بسورة في قوله: أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ... [يونس:38]الآية.

ثم كرّر في قوله: وَ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ [البقرة:

23]الآية،فلمّا عجزوا عن معارضته و الإتيان بسورة تشبهه على كثرة الخطباء و البلغاء، نادى عليهم بإظهار العجز و إعجاز القرآن فقال: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً(88) [الإسراء:88].هذا و هم الفصحاء اللّدّ،و قد كانوا أحرص شيء على إطفاء نوره و إخفاء أمره،فلو كان في مقدرتهم معارضته لعدلوا إليها قطعا للحجّة.و لم ينقل عن أحد منهم أنه حدّث نفسه بشيء من ذلك و لا رامه،بل عدلوا إلى العناد تارة،و إلى الاستهزاء أخرى،فتارة قالوا:(سحر)و تارة قالوا:(شعر)و تارة قالوا:(أساطير الأولين).كلّ ذلك من التحيّر و الانقطاع،ثم رضوا بتحكيم السيف في أعناقهم،و سبي ذراريهم و حرمهم و استباحة أموالهم،و قد كانوا آنف شيء و أشدّه حميّة،فلو علموا أنّ الإتيان بمثله في قدرتهم لبادروا إليه؛لأنه كان أهون9.

ص: 239


1- فتح الباري 7/9.

عليهم؛كيف و قد أخرج الحاكم،عن ابن عباس،قال:جاء الوليد بن المغيرة إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم فقرأ عليه القرآن،فكأنّه رقّ له،فبلغ ذلك أبا جهل،فأتاه فقال:يا عمّ،إنّ قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه؛فإنّك أتيت محمدا لتعرض لما قبله.قال:قد علمت قريش أنّي من أكثرها مالا.قال:فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك كاره له.قال:و ما ذا أقول!فو اللّه ما فيكم رجل أعلم بالشعر منّي،و لا برجزه،و لا بقصيده،و لا بأشعار الجن، و اللّه ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا،و و اللّه إنّ لقوله الذي يقول حلاوة،و إن عليه لطلاوة،و إنه لمثمر أعلاه،مغدق أسفله،و إنه ليعلو و لا يعلى عليه،و إنه ليحطّم ما تحته.

قال:لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه.قال:دعني حتى أفكّر،فلما فكّر قال:هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره (1).

قال الجاحظ:بعث اللّه محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم أكثر ما كانت العرب شاعرا و خطيبا؛و أحكم ما كانت لغة،و أشدّ ما كانت عدّة،فدعا أقصاها و أدناها إلى توحيد اللّه و تصديق رسالته، فدعاهم بالحجّة،فلما قطع العذر،و أزال الشبهة،و صار الذي يمنعهم من الإقرار الهووى و الحمية،دون الجهل و الحيرة،حملهم على حظهم بالسيف،فنصب لهم الحرب،و نصبوا له،و قتل من عليتهم و أعلامهم و أعمامهم و بني أعمامهم،و هو في ذلك يحتجّ عليهم بالقرآن،و يدعوهم صباحا و مساء إلى أن يعارضوه إن كان كاذبا بسورة واحدة،أو بآيات يسيرة.

فكلّما ازداد تحدّيا لهم بها،و تقريعا لعجزهم عنها تكشّف من نقصهم ما كان مستورا،و ظهر منه ما كان خفيّا،فحين لم يجدوا حيلة و لا حجّة قالوا له:أنت تعرف من أخبار الأمم ما لا نعرف؛فلذلك يمكنك ما لا يمكننا.قال:فهاتوها مفتريات،فلم يرم ذلك خطيب،و لا طمع فيه شاعر،و لو طمع فيه لتكلّفه،و لو تكلّفه لظهر ذلك،و لو ظهر لوجد من يستجيده و يحامي عليه و يكايد فيه،و يزعم أنه قد عارض و قابل و ناقض.

فدلّ ذلك العاقل على عجز القوم مع كثرة كلامهم،و استحالة لغتهم،و سهولة ذلك عليهم،و كثرة شعرائهم و كثرة من هجاه منهم،و عارض شعراء أصحابه،و خطباء أمّته،لأنّ سورة واحدة و آيات يسير كانت أنقض لقوله،و أفسد لأمره،و أبلغ في تكذيبه و أسرع في تفريق أتباعه من بذل النفوس،و الخروج من الأوطان،و إنفاق الأموال.ح.

ص: 240


1- رواه الحاكم في المستدرك 2506/2،و الواحدي في أسباب النزول ص 446-447،و البيهقي في الدلائل 198/2-199.و سنده صحيح.

و هذا من جليل التدبير الذي لا يخفى على من هو دون قريش و العرب في الرأي و العقل بطبقات،و لهم القصيد العجيب،و الرجز الفاخر،و الخطب الطوال البليغة، و القصار الموجزة،و لهم الأسجاع و المزدوج،و اللفظ المنثور.

ثمّ يتحدّى به أقصاهم بعد أن أظهر عجز أدناهم،فمحال-أكرمك اللّه-أن يجتمع هؤلاء كلّهم على الغلط في الأمر الظاهر،و الخطأ المكشوف البين،مع التقريع بالنقص، و التوقيف على العجز،و هم أشدّ الخلق أنفة،و أكثرهم مفاخرة،و الكلام سيّد عملهم،و قد احتاجوا إليه،و الحاجة تبعث على الحيلة في الأمر الغامض،فكيف بالظاهر!و كما أنه محال أن يطبقوا ثلاثا و عشرين سنة على الغلط في الأمر الجليل المنفعة،فكذلك محال أن يتركوه،و هم يعرفونه،و يجدون السبيل إليه و هم يبذلون أكثر منه!انتهى.

فصل (1)وجوه إعجاز القرآن

لمّا ثبت كون القرآن معجزة نبيّنا صلّى اللّه عليه و سلّم وجب الاهتمام بمعرفة وجه الإعجاز،و قد خاض الناس في ذلك كثيرا،فبين محسن و مسيء.

فزعم قوم:أنّ التّحدّي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات،و أنّ العرب كلّفت في ذلك ما لا يطاق،و به وقع عجزها.و هو مردود،لأن ما لا يمكن الوقوف عليه لا يتصوّر التحدي به.

و الصواب ما قاله الجمهور:أنّه وقع بالدّالّ على القديم و هو الألفاظ (1).

ثم زعم النظّام أنّ إعجازه بالصّرفة (2)،أي:أنّ اللّه صرف العرب عن معارضته و سلب عقولهم،و كان مقدورا لهم،لكن عاقهم أمر خارجيّ،فصار كسائر المعجزات.

و هذا قول فاسد،بدليل: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ [الإسراء:88]الآية،فإنه يدلّ على عجزهم مع بقاء قدرتهم،و لو سلبوا القدرة لم يبق لهم فائدة لاجتماعهم، لمنزلته منزلة اجتماع الموتى،و ليس عجز الموتى مما يحتفل بذكره،هذا مع أنّ الإجماع منعقد على إضافة الإعجاز إلى القرآن،فكيف يكون معجزا و ليس فيه صفة إعجاز!بل

ص: 241


1- القرآن الكريم هو كلام اللّه تعالى.لا حكاية و لا دلالة و لا غير ذلك من الأقوال.و قد سبق نقل كلام الإمام الطبري في هذا.
2- انظر إثبات نبوة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ص 50-57،و الجواب الصحيح 75/4-77،و البرهان 93/1-94، و المناهل 310/2-316،و تفسير الماوردي 33/1.

المعجز هو اللّه تعالى،حيث سبلهم القدرة على الإتيان بمثله.

و أيضا:فيلزم من القول بالصّرفة زوال الإعجاز بزوال زمان التحدّي،و خلوّ القرآن من الإعجاز،و في ذلك خرق لإجماع الأمة:أنّ معجزة الرسول العظمى باقية،و لا معجزة باقية سوى القرآن.

قال القاضي أبو بكر (1):و ممّا يبطل القول بالصّرفة أنه لو كانت المعارضة ممكنة -و إنما منع منها الصّرفة-لم يكن الكلام معجزا،و إنّما يكون بالمنع معجزا،فلا يتضمّن الكلام فضيلة على غيره في نفسه.قال:و ليس هذا بأعجب من قول فريق منهم:إنّ الكل قادرون على الإتيان بمثله؛و إنما تأخّروا عنه لعدم العلم بوجه ترتيب لو تعلّموه لوصلوا إليه به،و لا بأعجب من قول آخرين:إنّ العجز وقع منهم؛و ايما من بعدهم ففي قدرته الإتيان بمثله؛و كل هذا لا يعتدّ به.

و قال قوم:وجه إعجازه ما فيه من الإخبار عن الغيوب المستقبلة،و لم يكن ذلك من شأن العرب.

و قال آخرون:ما تضمّنه من الإخبار عن قصص الأولين و سائر المتقدمين،حكاية من شاهدها و حضرها.

و قال آخرون:ما تضمّنه من الإخبار عن الضمائر،من غير أن يظهر ذلك منهم بقول أو فعل،كقوله: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا [آل عمران:122]. وَ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللّهُ [المجادلة:8].

و قال القاضي أبو بكر:وجه إعجازه ما فيه من النّظم و التأليف و الترصيف،و أنه خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلام العرب،و مباين لأساليب خطاباتهم.قال:

و لهذا لم يمكنهم معارضته.

قال:و لا سبيل إلى معرفة إعجاز القرآن من أصناف البديع التي أودعوها في الشعر، لأنه ليس ممّا يخرق العادة،بل يمكن استدراكه بالعلم و التدريب و التصنع به،كقول الشعر و رصف الخطب و صناعة الرسالة،و الحذق في البلاغة،و له طريق تسلك،فأما شأو نظم القرآن فليس له مثال يحتذى،و لا إمام يقتدى به،و لا يصحّ وقوع مثله اتفاقا.قال:و نحن نعتقد أنّ الإعجاز في بعض القرآن أظهر،و في بعضه أدقّ و أغمض.2.

ص: 242


1- نقله في البرهان 94/2.

و قال الإمام فخر الدين:وجه الإعجاز الفصاحة،و غرابة الأسلوب،و السّلامة من جميع العيوب.

و قال الزّملكانيّ:وجه الإعجاز راجع إلى التأليف الخاصّ به،لا مطلق التأليف،بأن اعتدلت مفرداته تركيبا وزنه،و علت مركّباته معنى،بأن يوقع كل فنّ في مرتبته العليا في اللفظ و المعنى.

و قال ابن عطية (1):الصحيح-و الذي عليه الجمهور و الحذّاق-في وجه إعجازه:أنه بنظمه و صحّة معانيه و توالي فصاحة ألفاظه؛و ذلك أنّ اللّه أحاط بكل شيء علما،و أحاط بالكلام كله علما،فإذا ترتبت اللفظة من القرآن،علم بإحاطته أيّ لفظة تصلح أن تلي الأولى و تبيّن المعنى بعد المعنى،ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره.و البشر يعمّهم الجهل و النسيان و الذهول،و معلوم ضرورة أن أحدا من البشر لا يحيط بذلك،فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصورة من الفصاحة.

و بهذا يبطل قول من قال:إنّ العرب كان في قدرتها الإتيان بمثله،فصرفوا عن ذلك،و الصحيح أنه لم يكن في قدرة أحد قط.

و لهذا ترى البليغ ينقّح القصيدة أو الخطبة حولا،ثم ينظر فيها فيغير فيها و هلمّ جرّا، و كتاب اللّه تعالى لو نزعت منه لفظة،ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها لم يوجد.

و نحن تتبيّن لنا البراعة في أكثره و يخفى علينا وجهها في مواضع،لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ في سلامة الذّوق،و جودة القريحة.

و قامت الحجّة على العالم بالعرب؛إذ كانوا أرباب الفصاحة،و مظنّة المعارضة،كما قامت الحجة في معجزة موسى بالسّحرة،و في معجزة عيسى بالأطبّاء،فإن اللّه إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما تكون في زمن النبيّ الذي أراد إظهاره،فكان السحر قد انتهى في مدّة موسى إلى غايته،و كذلك الطبّ في زمن عيسى،و الفصاحة في زمن محمد صلّى اللّه عليه و سلّم.

و قال حازم في«منهاج البلغاء» (2):وجه الإعجاز في القرآن من حيث استمرّت2.

ص: 243


1- تفسير ابن عطية:المحرر الوجيز 52/1-53،و انظر البرهان 97/2.
2- نقله في البرهان 101/2.

الفصاحة و البلاغة فيه من جميع أنحائها في جميعه؛استمرار لا يوجد له فترة،و لا يقدر عليه أحد من البشر.و كلام العرب و من تكلّم بلغتهم لا تستمرّ الفصاحة و البلاغة في جميع أنحائها في العالي منه إلاّ في الشيء اليسير المعدود،ثم تعرض الفترات الإنسانية،فينقطع طيب الكلام و رونقه،فلا تستمرّ لذلك الفصاحة في جميعه،بل توجد في تفاريق و أجزاء منه.

و قال المراكشيّ في«شرح المصباح»:الجهة المعجزة في القرآن تعرف بالتفكّر في علم البيان،و هو-كما اختاره جماعة في تعريفه-ما يحترز به عن الخطأ في تأدية المعنى، و عن تعقيده،و تعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه لمقتضى الحال.

لأنّ جهة إعجازه ليست مفردات ألفاظه،و إلاّ لكانت قبل نزوله معجزة،و لا مجرّد تأليفها؛و إلاّ لكان كلّ تأليف معجزا،و لا إعرابها و إلاّ لكان كل كلام معرب معجزا،و لا مجرد أسلوبه و إلاّ لكان الابتداء بأسلوب الشعر معجزا،و الأسلوب الطريق،و لكان هذيان مسيلمة معجزا.و لأنّ الإعجاز يوجد دونه-أيّ الأسلوب-في نحو: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا [يوسف:80]. فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [الحجر:94].

و لا بالصّرف عن معارضتهم؛لأن تعجّبهم كان من فصاحته،و لأنّ مسيلمة و ابن المقفّع و المعرّي و غيرهم،قد تعاطوها،فلم يأتوا إلاّ بما تمجّه الأسماع،و تنفر منه الطباع،و يضحك منه في أحوال تركيبه،و بها-أي بتلك الأحوال-أعجز البلغاء و أخرس الفصحاء.

فعلى إعجازه دليل إجماليّ،و هو:أنّ العرب عجزت عنه و هو بلسانها،فغيرها أحرى.و دليل تفصيليّ،مقدّمته التفكّر في خواص تركيبه،و نتيجته العلم بأنه تنزيل من المحيط بكل شيء علما.

و قال الأصبهانيّ في تفسيره:اعلم أنّ إعجاز القرآن ذكر من وجهين (1):أحدهما إعجاز يتعلّق بنفسه،و الثاني بصرف الناس عن معارضته.فالأوّل:إمّا أن يتعلّق بفصاحته و بلاغته أو بمعناه،أما الإعجاز المتعلّق بفصاحته و بلاغته فلا يتعلّق بعنصره؛الذي هو اللفظ و المعنى؛فإنّ ألفاظه ألفاظهم،قال تعالى: قُرْآناً عَرَبِيًّا [يوسف:2]، بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ [الشعراء:195]،و لا بمعانيه فإنّ كثيرا منها موجود في الكتب المتقدّمة،قال تعالى:2.

ص: 244


1- انظر البرهان 92/2.

وَ إِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ(196) [الشعراء:196]،و ما هو في القرآن-من المعارف الإلهية، و بيان المبدإ و المعاد و الإخبار بالغيب-فإعجاز ليس براجع إلى القرآن من حيث هو قرآن، بل لكونها حاصلة من غير سبق تعليم و تعلّم،و يكون الإخبار بالغيب إخبارا بالغيب؛سواء كان بهذا النظم،أو بغيره،موردا بالعربية أو بلغة أخرى،بعبارة أو بإشارة؛فإذن النظم المخصوص صورة القرآن و اللفظ و المعنى عنصره،و باختلاف الصّور يختلف حكم الشيء و اسمه لا بعنصره كالخاتم و القرط و السّوار،فإنّه باختلاف صورها اختلفت أسماؤها،لا بعنصرها الذي هو الذّهب و الفضة و الحديد،فإنّ الخاتم المتخذ من الذهب و من الفضة و من الحديد يسمّى خاتما،و إن كان العنصر مختلفا،و إن اتخذ خاتم و قرب و سوار من ذهب اختلفت أسماؤها باختلاف صورها،و إن كان العنصر واحدا.

قال:فظهر من هذا:أنّ الإعجاز المختصّ بالقرآن يتعلّق بالنظم المخصوص.

و بيان كون النظم معجزا يتوقّف على بيان نظم الكلام،ثم بيان أنّ هذا النظم مخالف لنظم ما عداه،فنقول:مراتب تأليف الكلام خمس:

الأولى:ضمّ الحروف المبسوطة بعضها إلى بعض،لتحصل الكلمات الثلاث:

الاسم و الفعل و الحروف.

و الثانية:تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض،لتحصل الجمل المفيدة،و هو النوع الذي يتداوله الناس جميعا في مخاطباتهم،و قضاء حوائجهم،و يقال له:المنثور من الكلام.

و الثالثة:ضمّ بعض ذلك إلى بعض ضمّا له مباد و مقاطع،و مداخل و مخارج،و يقال له:المنظوم.

و الرابعة:أن يعتبر في أواخر الكلام مع ذلك تسجيع،و يقال له:المسجّع.

و الخامسة:أن يجعل له مع ذلك وزن،و يقال له:الشعر.

و المنظوم:إمّا محاورة و يقال له الخطابة،و إمّا مكاتبة و يقال له الرسالة.

فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام،و لكلّ من ذلك نظم مخصوص،و القرآن جامع لمحاسن الجميع على نظم غير نظم شيء منها،يدلّ على ذلك أنّه لا يصحّ أن يقال له:رسالة،أو خطابة،أو شعر،أو سجع،كما يصحّ أن يقال:هو كلام.و البليغ إذا قرع سمعه فصل بينه و بين ما عداه من النظم،و لهذا قال تعالى: وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ(41) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ [فصلت:42،41]تنبيها على أنّ تأليفه ليس على هيئة نظم يتعاطاه البشر،فيمكن أن يغيّر بالزيادة و النقصان كحالة الكتب الأخرى.

ص: 245

فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام،و لكلّ من ذلك نظم مخصوص،و القرآن جامع لمحاسن الجميع على نظم غير نظم شيء منها،يدلّ على ذلك أنّه لا يصحّ أن يقال له:رسالة،أو خطابة،أو شعر،أو سجع،كما يصحّ أن يقال:هو كلام.و البليغ إذا قرع سمعه فصل بينه و بين ما عداه من النظم،و لهذا قال تعالى: وَ إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ(41) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ [فصلت:42،41]تنبيها على أنّ تأليفه ليس على هيئة نظم يتعاطاه البشر،فيمكن أن يغيّر بالزيادة و النقصان كحالة الكتب الأخرى.

قال:و أمّا الإعجاز المتعلّق بصرف النّاس عن معارضته،فظاهر أيضا إذا اعتبر؛ و ذلك أنّه ما من صناعة-محمودة كانت أو مذمومة-إلاّ و بينها و بين قوم مناسبات خفيّة، و اتفاقات حمليّة؛بدليل أنّ الواحد يؤثر حرفة من الحرف،فينشرح صدره بملابستها، و تطيعه قواه في مباشرتها،فيقبلها بانشراح صدر،و يزاولها باتّساع قلب،فلمّا دعا اللّه أهل البلاغة و الخطابة الذين يهيمون في كل واد من المعاني بسلاطة لسانهم إلى معارضة القرآن، و عجزهم عن الإتيان بمثله،و لم يتصدّوا لمعارضته لم يخف على أولي الألباب أنّ صارفا إلهيّا صرفهم عن ذلك،و أيّ إعجاز أعظم من أن يكون كافة البلغاء عجزة في الظاهر عن معارضته،مصروفة في الباطن عنها.انتهى.

و قال السّكاكيّ في«المفتاح» (1):اعلم أنّ إعجاز القرآن يدرك و لا يمكن وصفه، كاستقامة الوزن تدرك و لا يمكن وصفها،و كالملاحة،و كما يدرك طيب النّغم العارض لهذا الصوت،و لا يدرك تحصيله لغير ذوي الفطرة السليمة إلاّ باتقان علمي المعاني و البيان و التمرين فيهما.

و قال أبو حيان التوحيديّ (2):سئل بندار الفارسيّ عن موضع الإعجاز من القرآن؟ فقال:هذه مسألة فيها حيف على المعنى،و ذلك أنه شبيه بقولك:ما موضع الإنسان من الإنسان؟فليس للإنسان موضع من الإنسان؛بل متى أشرت إلى جملته فقد حقّقته و دللت على ذاته،كذلك القرآن،لشرفه لا يشار إلى شيء فيه إلا و كان ذلك المعنى آية في نفسه، و معجزة لمحاوله،و هدى لقائله،و ليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض اللّه في كلامه و أسراره في كتابه؛فلذلك حارت العقول،و تاهت البصائر عنده.

و قال الخطابي (3):ذهب الأكثرون من علماء النظر،إلى أنّ وجه الإعجاز فيه من جهة البلاغة،لكن صعب عليهم تفصيلها،و صغوا فيه إلى حكم الذوق.

قال:و التحقيق أنّ أجناس الكلام مختلفة،و مراتبها في درجات البيان متفاوتة؛فمنها البليغ الرّصين الجزل،و منها الفصيح الغريب السهل،و منها الجائز الطّلق الرّسل،و هذه2.

ص: 246


1- مفتاح العلوم ص 221،و انظر البرهان 100/2.
2- في كتاب«البصائر»،كما في البرهان 100/2.
3- في كتابه«بيان إعجاز القرآن»ص 21-22.

أقسام الكلام الفاضل المحمود؛فالأول أعلاها،و الثاني أوسطها،و الثالث أدناها و أقربها، فحازت بلاغات القرآن من كلّ قسم من هذه الأقسام حصّة،و أخذت من كل نوع شعبة، فانتظم لها بانتظام هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع صفتي الفخامة و العذوبة،و هما على الانفراد في نعوتهما كالمتضادّين؛لأنّ العذوبة نتاج السهولة؛و الجزالة و المتانة يعالجان نوعا من الزّعورة؛فكان اجتماع الأمرين في نظمه-مع نبوّ كلّ واحد منهما عن الآخر-فضيلة خصّ بها القرآن؛ليكون آية بيّنة لنبيه صلّى اللّه عليه و سلّم.

و إنما تعذّر على البشر الإتيان بمثله لأمور (1).

منها:أنّ علمهم لا يحيط بجميع أسماء اللغة العربية و أوضاعها التي ظروف المعاني؛و لا تدرك أفهامهم جميع معاني الأشياء المحمولة على تلك الألفاظ،و لا تكمل معرفتهم باستيفاء جميع وجوه النظوم التي بها يكون ائتلافها،و ارتباط بعضها ببعض، فيتوصلوا باختيار الأفضل من الأحسن من وجوهها إلى أن يأتوا بكلام مثله،و إنما يقوم الكلام بهذه الأشياء الثلاثة:

لفظ حاصل،و معنى به قائم،و رباط لهما ناظم.و إذا تأمّلت القرآن وجدت هذه منه في غاية الشرف و الفضيلة؛حتى لا ترى شيئا من الألفاظ أفصح و لا أجزل و لا أعذب من ألفاظه.و لا ترى نظما أحسن تأليفا،و أشدّ تلاؤما و تشاكلا من نظمه.و أما معانيه:فكلّ ذي لبّ يشهد له بالتقدّم في أبوابه،و الترقّي إلى أعلى درجاته.

و قد توجد هذه الفضائل الثلاث على التفرّق في أنواع الكلام؛فأمّا أن توجد مجموعة في نوع واحد منه:فلم توجد إلاّ في كلام العليم القدير،فخرج من هذا أنّ القرآن إنما صار معجزا:لأنه جاء بأفصح الألفاظ،في أحسن نظوم التأليف،مضمّنا أصحّ المعاني، من توحيد للّه تعالى و تنزيهه له في صفاته،و دعائه إلى طاعته،و بيان لطريق عبادته،من تحليل و تحريم و حظر و إباحة،و من وعظ و تقويم،و أمر بمعروف و نهي عن منكر،و إرشاد إلى محاسن الأخلاق،و زجر عن مساويها،واضعا كلّ شيء منها موضعه الذي لا يرى شيء أولى منه،و لا يتوهّم في صورة العقل أمر أليق به منه،مودعا أخبار القرون الماضية، و ما نزل من مثلات اللّه بمن مضى و عاند منهم،منبئا عن الكوائن المستقبلة في الأعصار الآتية من الزمان،جامعا في ذلك بين الحجة و المحتجّ له،و الدليل و المدلول عليه؛ليكون ذلك آكد للزوم ما دعا عليه،و إنباء عن وجوب ما أمر به و نهى عنه.6.

ص: 247


1- انظر البرهان 102/2-106.

و معلوم أنّ الإتيان بمثل هذه الأمور،و الجمع بين أشتاتها حتى تنتظم و تتّسق أمر تعجز عنه قوى البشر،و لا تبلغه قدرتهم،فانقطع الخلق دونه،و عجزوا عن معارضته بمثله،أو مناقضته في شكله.ثم صار المعاندون له يقولون مرة:إنه شعر لمّا رأوه منظوما،و مرة:إنه سحر لمّا رأوه معجوزا عنه،غير مقدور عليه.و قد كانوا يجدون له وقعا في القلوب،و قرعا في النفوس،يرهبهم و يحيّرهم،فلم يتمالكوا أن يعترفوا به نوعا من الاعتراف،و لذلك قالوا:إنّ له لحلاوة و إن عليه لطلاوة. و كانوا مرة بجهلهم يقولون:

أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَ أَصِيلاً [الفرقان:5]،مع علمهم أنّ صاحبهم أمّيّ،و ليس بحضرته من يملي أو يكتب في نحو ذلك من الأمور التي أوجبها العناد و الجهل،و العجز.

ثم قال:و قد قلت في إعجاز القرآن وجها ذهب عنه الناس،و هو:صنيعه في القلوب و تأثيره في النفوس،فإنك لا تسمع كلاما غير القرآن منظوما و لا منثورا،إذا قرع السمع خلص له إلى القلب،من اللذة و الحلاوة في حال،و من الرّوعة و المهابة في حال آخر،ما يخلص منه إليه،قال تعالى: لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ [الحشر:21]،و قال: اَللّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ [الزمر:23].انتهى.

و قال ابن سراقة:اختلف أهل العلم في وجه إعجاز القرآن،فذكروا في ذلك وجوها كثيرة كلّها حكمة و صواب،و ما بلغوا في وجوه إعجازه جزءا واحدا من عشر معشاره:

فقال قوم:هو الإيجاز مع البلاغة.

و قال آخرون:هو البيان و الفصاحة.

و قال آخرون:هو الرّصف و النظم.

و قال آخرون:هو كونه خارجا عن جنس كلام العرب من النظم،و النثر،و الخطب و الشعر،مع كون حروفه في كلامهم و معانيه في خطابهم و ألفاظه من جنس كلماتهم،و هو بذاته قبيل غير قبيل كلامهم،و جنس آخر متميّز عن أجناس خطابهم؛حتى إنّ من اقتصر على معانيه و غير حروفه أذهب رونقه،و من اقتصر على حروفه و غيّر معانيه أبطل فائدته؛ فكان في ذلك أبلغ دلالة على إعجازه.

و قال آخرون:هو كون قارئه لا يكلّ،و سامعه لا يملّ،و إن تكرّرت عليه تلاوته.

و قال آخرون:هو ما فيه من الإخبار عن الأمور الماضية.

ص: 248

و قال آخرون:هو ما فيه من علم الغيب و الحكم على الأمور بالقطع.

و قال آخرون:هو كونه جامعا لعلوم يطول شرحها،و يشقّ حصرها.انتهى.

و قال الزركشيّ في«البرهان» (1):أهل التحقيق على أنّ الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال؛لا بكلّ واحد على انفراده؛فإنه جمع ذلك كلّه،فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده،مع اشتماله على الجميع،بل و غير ذلك ممّا لم يسبق:

فمنها:الرّوعة التي له في قلوب السامعين و أسماعهم،سواء المقرّ و الجاحد.

و منها:أنه لم يزل و لا يزال غضّا طريّا في أسماع السامعين،و على ألسنة القارئين.

و منها:جمعه بين صفتي الجزالة و العذوبة؛و هما كالمتضادّين لا يجتمعان غالبا في كلام البشر.

و منها:جعله آخر الكتب غنيّا عن غيره،و جعل غيره من الكتب المتقدمة قد يحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه،كما قال تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(76) [النمل:76].

و قال الرّمانيّ:وجوه إعجاز القرآن تظهر من جهات ترك المعارضة،مع توفّر الدواعي و شدّة الحاجة،و التحدّث للكافة،و الصرفة،و البلاغة،و الإخبار عن الأمور المستقبلة،و نقض العادة،و قياسه بكل معجزة.

قال:و نقض العادة هو:أنّ العادة كانت جارية بضروب من أنواع الكلام معروفة، منها الشعر،و منها السجع،و منها الخطب،و منها الرسائل،و منها المنثور الذي يدور بين الناس في الحديث؛فأتى القرآن بطريقة مفردة خارجة عن العادة،لها منزلة في الحسن تفوق به كلّ طريقة،و تفوق الموزون الذي هو أحسن الكلام.

قال:و أمّا قياسه بكلّ معجزة:فإنه يظهر إعجازه من هذه الجهة؛إذ كان سبيل فلق البحر و قلب العطا حيّة،و ما جرى هذا المجرى في ذلك سبيلا واحدا في الإعجاز،إذ خرج عن العادة،و صد الخلق فيه عن المعارضة.

و قال القاضي عياض في«الشّفا» (2):اعلم أنّ القرآن منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة،و تحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه:0.

ص: 249


1- البرهان 106/2-107.
2- الشفا للقاضي عياض 258/1-280.

أولها:حسن تأليفه و التئام كلمه و فصاحته،و وجوه إيجازه،و بلاغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام،و أرباب هذا الشأن.

الثاني:صورة نظمه العجيب،و الأسلوب الغريب،المخالف لأساليب كلام العرب، و منهاج نظمها و نثرها الذي جاء عليه،و وقفت عليه مقاطع آياته،و انتهت إليه فواصل كلماته،و لم يوجد قبله و لا بعده نظير له.

قال:و كلّ واحد من هذين النوعين-الإيجاز و البلاغة بذاتها،و الأسلوب الغريب بذاته-نوع إعجاز على التحقيق،لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما،إذ كلّ واحد خارج عن قدرتها،مباين لفصاحتها و كلامها،خلافا لمن زعم أنّ الإعجاز في مجموع البلاغة و الأسلوب.

الثالث:ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيّبات و ما لم يكن،فوجد كما ورد.

الرابع:ما أنبأ من أخبار القرون السالفة،و الأمم البائدة،و الشرائع الداثرة؛ممّا كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلاّ الفذّ من أخبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلّم ذلك، فيورده صلّى اللّه عليه و سلّم على وجهه و يأتي به على نصّه؛و هو أمّيّ لا يقرأ و لا يكتب.

قال:فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بيّنة لا نزاع فيها.و من الوجوه في إعجازه غير ذلك:

آي وردت بتعجيز قوم في قضايا و إعلامهم أنهم لا يفعلونها،فما فعلوا و لا قدروا على ذلك،كقوله لليهود: فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ(94) وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً [البقرة:

95،94].فما تمنّاه أحد منهم،و هذا الوجه داخل في الوجه الثالث.

و منها:الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعهم،و الهيبة التي تعتريهم عند تلاوته،و قد أسلم جماعة عند سماع آيات منه،كما وقع لجبير بن مطعم:أنه سمع النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم يقرأ في المغرب بالطور،قال:فلمّا بلغ هذه الآية أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْ ءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ(35) إلى قوله: اَلْمُصَيْطِرُونَ [الطور:35-37]،كاد قلبي أن يطير.قال:و ذلك أوّل ما وقر الإسلام في قلبي (1).م.

ص: 250


1- رواه البخاري(765-3050-4023-4854)،و مسلم(463)،و ابن ماجة(832)،و النسائي 2/ 169،و في الكبرى(11528)،و أبو داود(811)،و أحمد 80/4،و الطحاوي في شرح المعاني 1/ 211،و ابن خزيمة(514)،و ابن حبان(1833-1834)،و الحميدي(556)و غيرهم.

و قد مات جماعة عند سماع آيات منه أفردوا بالتصنيف.

ثم قال:و من وجوه إعجازه كونه آية باقية،لا يعدم ما بقيت الدنيا؛مع تكفّل اللّه بحفظه.

و منها:أنّ قارئه لا يملّه،و سامعه لا يمجّه،بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة، و تريديه يوجب له محبّة،و غيره من الكلام يعادى إذا أعيد،و يملّ مع الترديد،و لهذا وصف صلّى اللّه عليه و سلّم القرآن بأنه:«لا يخلق على كثرة الرد» (1).

و منها:جمعه لعلوم و معارف لم يجمعها كتاب من الكتب،و لا أحاط بعلمها أحد، في كلمات قليلة،و أحرف معدودة.

قال:و هذا الوجه داخل في بلاغته؛فلا يجب أن يعدّ فنّا مفردا في إعجازه.

قال:و الأوجه التي قبلها تعدّ في خواصّه و فضائله،لا إعجازه.و حقيقة الإعجاز الوجوه الأربعة الأول فليعتمد عليها.انتهى.1.

ص: 251


1- رواه الترمذي(2906)،و الدارمي(3331-3332)،و أحمد 91/1،و البيهقي في الشعب 325/2- 326،و البغوي في شرح السنة(1181). قلت:سنده ضعيف،فيه الحارث الأعور:ضعيف.انظر التقريب 141/1،و التهذيب 145/2-147، و المغني 141/1،و الكاشف 138/1.

تنبيهات (1)

الأول:اختلف في قدر المعجز من القرآن،

فذهب بعض المعتزلة إلى أنه متعلّق بجميع القرآن،و الآيتان السابقتان تردّه.

و قال القاضي (1):يتعلق الإعجاز بسورة؛طويلة كانت أو قصيرة،تشبّثا بظاهر قوله:

بِسُورَةٍ (2) .

و قال في موضع آخر:يتعلّق بسورة أو قدرها من الكلام،بحيث يتبين فيه تفاضل قوى البلاغة؛قال:فإذا كانت آية بقدر حروف سورة،و إن كانت كسورة الكوثر،فذلك معجز.

قال:و لم يقم دليل على عجزهم عن المعارضة في أقلّ من هذا القدر.

و قال قوم:لا يحصل الإعجاز بآية،بل يشترط الآيات الكثيرة.

و قال آخرون:يتعلق بقليل القرآن و كثيره،لقوله: فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ(34) [الطور:34]. قال القاضي:و لا دلالة في الآية،لأنّ الحديث التامّ لا تتحصل حكايته في أقل من كلمات سورة قصيرة.

الثاني:اختلف في أنه هل يعلم إعجاز القرآن ضرورة؟ (4)

قال القاضي(5):فذهب أبو الحسن الأشعريّ إلى أنّ ظهور ذلك على النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم يعلم ضرورة،و كونه معجزا يعلم بالاستدلال.

قال:و الذي نقوله:إنّ الأعجميّ لا يمكنه أن يعلم إعجازه إلاّ استدلالا،و كذلك من ليس ببليغ،فأما البليغ-الذي قد أحاط بمذاهب العرب و غرائب الصنعة-فإنّه يعلم من نفسه ضرورة عجزه و عجز غيره عن الإتيان بمثله.

ص: 252


1- إعجاز القرآن ص 386-387.
2- انظر البرهان 111/2-112.

الثالث:اختلف في تفاوت القرآن في مراتب الفصاحة (1)

بعد اتفاقهم على أنه في أعلى مراتب البلاغة،بحيث لا يوجد في التراكيب ما هو أشدّ تناسبا و لا اعتدالا في إفادة ذلك المعنى منه.

فاختار القاضي (1)المنع،و أن كلّ كلمة فيه موصوفة بالذّروة العليا؛و إن كان بعض الناس أحسن إحساسا له من بعض.

و اختار أبو نصر القشيريّ (2)و غيره التفاوت،فقال:لا ندّعي أنّ كل ما في القرآن أرفع الدرجات في الفصاحة،و كذا قال غيره:في القرآن الأفصح و الفصيح.

و إلى هذا نحا الشيخ عز الدين بن عبد السلام،ثم أورد سؤالا،و هو أنه:لم لم يأت القرآن جميعه بالأفصح؟و أجاب عنه الصّدر موهوب الجزريّ بما حاصله:أنه لو جاء القرآن على ذلك؛لكان على غير النمط المعتاد في كلام العرب من الجمع بين الأفصح و الفصيح،فلا تتمّ الحجة في الإعجاز،فجاء على نمط كلامهم المعتاد،ليتمّ ظهور العجز عن معارضته،و لا يقولوا مثلا:أتيت بما لا قدرة لنا على جنسه؛كما لا يصحّ من البصير أن يقول للأعمى:قد غلبتك بنظري؛لأنه يقول له:إنما تتمّ لك الغلبة؛لو كنت قادرا على النظر،و كان نظرك أقوى من نظري،فأمّا إذ فقد أصل النظر،فكيف يصح مني المعارضة؟

الرابع: الحكمة في تنزيه القرآن عن الشعر الموزون

قيل:الحكمة في تنزيه القرآن عن الشعر الموزون (3)-مع أنّ الموزون من الكلام رتبته فوق رتبة غيره-أنّ القرآن منبع الحق،و مجمع الصدق،و قصارى أمر الشاعر التخيل؛بتصوّر الباطل في صورة الحق،و الإفراط في الإطراء،و المبالغة في الذمّ و الإيذاء،دون إظهار الحقّ و إثبات الصدق،و لهذا نزّه اللّه نبيّه عنه،و لأجل شهرة الشعر بالكذب،سمى أصحاب البرهان القياسات المؤدية في أكثر الأمر إلى البطلان و الكذب شعريّة.و قال بعض الحكماء:لم ير متديّن صادق اللّهجة،مفلقا في شعره.

و أما ما وجد في القرآن ممّا صورته الموزون،فالجواب عنه:

أنّ ذلك لا يسمّى شعرا؛لأن شرط الشعر القصد؛و لو كان شعرا لكان كلّ م اتّفق له

ص: 253


1- في كتاب الإعجاز ص 54-65،و انظر البرهان 121/2.
2- نقله في البرهان 121/2،و القرطبي في تفسيره 4/5.
3- انظر البرهان 113/2.

في كلامه شيء موزون شاعرا،فكان الناس كلهم شعراء؛لأنه قلّ أن يخلو كلام أحد عن ذلك،و قد ورد ذلك على ألسنة الفصحاء،فلو اعتقدوه شعرا لبادروا إلى معارضته و الطعن عليه؛لأنهم كانوا أحرص شيء على ذلك،و إنما يقع ذلك لبلوغ الكلام الغاية القصوى في الانسجام.

و قيل:البيت الواحد و ما كان على وزنه لا يسمّى شعرا،و أقلّ الشعر بيتان فصاعدا.

و قيل:الرّجز لا يسمّى شعرا أصلا.

و قيل:أقلّ ما يكون من الرجز شعرا أربعة أبيات،و ليس ذلك في القرآن بحال.

الخامس:قال بعضهم:التحدّي إنّما وقع للإنس دون الجن (1)؛

لأنّهم ليسوا من أهل اللسان العربيّ الذي جاء القرآن على أساليبه،و إنما ذكروا في قوله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ [الإسراء:88]تعظيما لإعجازه؛لأنّ للهيئة الاجتماعية من القوّة ما ليس للأفراد، فإذا فرض اجتماع الثّقلين فيه،و ظاهر بعضهم بعضا،و عجزوا عن المعارضة،كان الفريق الواحد أعجز.

و قال غيره:بل وقع للجنّ-أيضا،و الملائكة منويّون في الآية؛لأنهم لا يقدرون أيضا على الإتيان بمثل القرآن.

قال الكرمانيّ في غرائب التفسير:إنما اقتصر في الآية على ذكر الإنس و الجنّ؛ لأنه صلّى اللّه عليه و سلّم كان مبعوثا إلى الثّقلين دون الملائكة.

السادس: معنى قوله تعالى وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ...

سئل الغزاليّ عن معنى قوله تعالى: وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].

فأجاب:الاختلاف لفظ مشترك بين معان،و ليس المراد نفي اختلاف الناس فيه؛بل نفي الاختلاف عن ذات القرآن،يقال:هذا كلام مختلف،أي:لا يشبه أوله آخره في الفصاحة،أو هو مختلف الدعوى:أي بعضه يدعو إلى الدين،و بعضه يدعو إلى الدنيا.

و هو مختلف النظم،فبعضه على وزن الشعر،و بعضه منزحف،و بعضه على أسلوب مخصوص في الجزالة،و بعضه على أسلوب يخالفه.

و كلام اللّه منزّه عن هذه الاختلافات،فإنه على منهاج واحد في النظم مناسب أوّله

ص: 254

آخره،و على درجة واحدة في غاية الفصاحة،فليس يشتمل على الغث و السمين،و مسوق لمعنى واحد،و هو دعوة الخلق إلى اللّه تعالى و صرفهم عن الدّنيا إلى الدين.

و كلام الآدميين تتطرّق إليه هذه الاختلافات،إذ كلام الشعراء و المترسّلين-إذا قيس عليه-وجد فيه اختلاف في منهاج النظم،ثم اختلاف في درجات الفصاحة،بل في أصل الفصاحة؛حتى يشتمل على الغثّ و السّمين،فلا تتساوى رسالتان و لا قصيدتان،بل تشتمل قصيدة على أبيات فصيحة و أبيات سخيفة،و كذلك تشتمل القصائد و الأشعار على أغراض مختلفة؛لأن الشعراء و الفصحاء في كلّ واد يهيمون،فتارة يمدحون الدنيا،و تارة يذمونها، و تارة يمدحون الجبن و يسمونه حزما،و تارة يذمونه و يسمّونه ضعفا،و تارة يمدحون الشجاعة و يسمّونها صرامة،و تارة يذمّونها و يسمّونها تهوّرا،و لا ينفك كلام آدميّ عن هذه الاختلافات؛لأنّ منشأها اختلاف الأغراض و الأحوال،و الإنسان تختلف أحواله:فتساعده الفصاحة عند انبساط الطبع و فرحه،و تتعذّر عليه عند الانقباض،و كذلك تختلف أغراضه، فيميل إلى الشيء مرّة،و يميل عنه أخرى،فيوجب ذلك اختلافا في كلامه بالضرورة،فلا يصادف إنسان يتكلم في ثلاث و عشرين سنة-و هي مدّة نزول القرآن-فيتكلّم على غرض واحد و منهاج واحد،و لقد كان النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بشرا تختلف أحواله،فلو كان هذا كلامه أو كلام غيره من البشر لوجدوا فيه اختلافا كثيرا.

السابع: هل كان غير القرآن من كلام اللّه معجزا،كالتوراة و الإنجيل؟

قال القاضي:فإن قيل:هل تقولون إنّ غير القرآن من كلام اللّه معجز، كالتوراة و الإنجيل؟قلنا:ليس شيء من ذلك بمعجز في النظم و التأليف؛و إن كان معجزا كالقرآن فيما يتضمّن من الإخبار بالغيوب؛و إنما لم يكن معجزا لأنّ اللّه تعالى لم يصفه بما وصف به القرآن:و لأنّا قد علمنا أنه لم يقع التحدّي إليه،كما وقع في القرآن،و لأنّ ذلك اللسان لا يتأتّى فيه من وجوه الفصاحة ما يقع فيه التفاضل الذي ينتهي إلى حدّ الإعجاز، قد ذكر ابن جنّي في الخاطريات في قوله: قالُوا يا مُوسى إِمّا أَنْ تُلْقِيَ وَ إِمّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى(65) [طه:65]إنّ العدول عن قوله:(و إما أن نلقي)لغرضين:أحدهما لفظيّ،و هو المزاوجة لرءوس الآي،و الآخر معنويّ،و هو أنه تعالى أراد أن يخبر عن قوة أنفس السّحرة و استطالتهم على موسى،فجاء عنهم باللفظ أتمّ و أوفى منه في إسنادهم الفعل إليه.

ثم أورد سؤالا،و هو:أنّا نعلم أنّ السحرة لم يكونوا أهل لسان،فنذهب بهم هذا المذهب من صنعة الكلام؟ و أجاب:بأنّ جميع ما ورد في القرآن حكاية عن غير أهل اللسان من القرون

ص: 255

الخالية،إنما هو معرب عن معانيهم،و ليس بحقيقة ألفاظهم،و هذا لا يشك في أن قوله تعالى: قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَ يَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى(63) [طه:63]أنّ هذه الفصاحة لم تجر على لغة العجم.

الثامن: استعمال أنسب معاني الألفاظ و أفصحها

قال البارزيّ في أول كتابه«أنوار التحصيل في أسرار التنزيل»:اعلم أنّ المعنى الواحد قد يخبر عنه بألفاظ بعضها أحسن من بعض؛و كذلك كلّ واحد من جزأي الجملة؛قد يعبّر عنه بأفصح ما يلائم الجزء الآخر،و لا بدّ من استحضار معاني الجمل، أو استحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ،ثم استعمال أنسبها و أفصحها،و استحضار هذا متعذّر على البشر في أكثر الأحوال؛و ذلك عتيد حاصل في علم اللّه تعالى،فلذلك كان القرآن أحسن الحديث و أفصحه،و إن كان مشتملا على الفصيح و الأفصح،و المليح و الأملح،و لذلك أمثلة:

منها:قوله تعالى: وَ جَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ [الرحمن:54]،لو قال مكانه:(و ثمر الجنتين قريب)لم يقم مقامه من جهة الجناس بين الجنى و الجنتين،و من جهة أنّ الثمر لا يشعر بمصيره إلى حال يجنى فيها،و من جهة مؤاخاة الفواصل.

و منها:قوله تعالى: وَ ما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ [العنكبوت:48].أحسن من التعبير ب(تقرأ)لثقله بالهمزة.

و منها: لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة:2]أحسن من(لا شك فيه).لثقل الإدغام،و لهذا كثر ذكر الريب.

و منها: وَ لا تَهِنُوا [آل عمران:139]أحسن من(و لا تضعفوا)لخفته.و وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي [مريم:4]أحسن من(ضعف)؛لأنّ الفتحة أخف من الضمّة.

و منها: آمَنَ [البقرة:62]أخفّ من(صدّق)،و لذا كان ذكره أكثر من ذكر التصديق.و آثَرَكَ اللّهُ [يوسف:91]أخفّ من(فضّلك)،و وَ آتَى [البقرة:177] أخف من(أعطى).و أَنْذَرَ [الأحقاف:21]أخفّ من(خوّف).و خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:184]أخفّ من(أفضل لكم)،و المصدر في نحو: هذا خَلْقُ اللّهِ [لقمان:11].

يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة:3]أخف من(مخلوق)و(الغائب).و تَنْكِحَ [البقرة:230] أخف من(تتزوج)؛لأنّ(تفعل)أخفّ من(تفعّل)و لهذا كان ذكر النكاح فيه أكثر.

و لأجل التخفيف و الاختصار استعمل لفظ:الرحمة و الغضب و الرضا و الحبّ و المقت في أوصاف اللّه تعالى،مع أنه لا يوصف بها حقيقة؛لأنّه لو عبّر عن ذلك بألفاظ الحقيقة

ص: 256

لطال الكلام،كأن يقال:يعامله معاملة المحبّ و الماقت.فالمجاز في مثل هذا أفضل من الحقيقة لخفته و اختصاره،و ابتنائه على التشبيه البليغ،فإن قوله: فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ [الزخرف:55]أحسن من:(فلما عاملونا معاملة المغضب)أو:(فلما أتوا إلينا بما يأتيه المغضب) (1).انتهى.

التاسع: هل يمكن المعارضة في السور القصار

قال الرّمانيّ:فإن قال قائل:فلعلّ السور القصار يمكن فيها المعارضة؟ قيل:لا يجوز فيها ذلك من قبل أنّ التحدّي قد وقع بها،فظهر العجز عنها في قوله: فَأْتُوا بِسُورَةٍ [يونس:38]فلم يخصّ بذلك الطوال دون القصار.

فإن قال:فإنه يمكن في القصار أن تغيّر الفواصل،فيجعل بدل كلّ كلمة ما يقوم مقامها،فهل يكون ذلك معارضة؟ قيل له:لا،من قبل أن المفحم يمكنه أن ينشئ بيتا واحدا،و لا يفصل بطبعه بين مكسور و موزون،فلو أنّ مفحما رام أن يجعل بدل قوافي قصيدة رؤبة:

و قاتم الأعماق خاوي المخترق مشتبه الأعلام لمّا الخفق

بكلّ وفد الريح من حيث انخرق فجعل بدل المخترق(الممزّق)،و بدل الخفق(الشفق)،و بدل انخرق(انطلق)لأمكنه ذلك،و لم يثبت له به قول الشعر،و لا معارضة رؤبة في هذه القصيدة عند أحد له أدنى معرفة،فكذلك سبيل من غيّر الفواصل.

ص: 257


1- الرحمة و الغضب و الرضا و الحب و المقت صفات ثابتة للّه تعالى بالكتاب و السنة و إجماع السلف الصالح.

النوع الخامس و الستون

اشارة

في العلوم المستنبطة من القرآن

قال تعالى: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ [الأنعام:38]و قال: وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ ءٍ [النحل:89].

و قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«ستكون فتن»،قيل:و ما المخرج منها؟قال:«كتاب اللّه،فيه نبأ ما قبلكم،و خبر ما بعدكم،و حكم ما بينكم»أخرجه الترمذيّ و غيره (1).

و أخرج سعيد بن منصور،عن ابن مسعود،قال:من أراد العلم فعليه بالقرآن،فإنّ فيه خبر الأولين و الآخرين.قال البيهقيّ:يعني أصول العلم.

و أخرج البيهقيّ،عن الحسن،قال:أنزل اللّه مائة و أربعة كتب،أودع علومها أربعة منها:التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان،ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان.

و قال الإمام الشافعيّ-رضي اللّه عنه-:جميع ما تقوله الأمة شرح للسنّة و جميع السنّة شرح للقرآن (2).

و قال-أيضا-:جميع ما حكم به النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،فهو مما فهمه من القرآن.

قلت:و يؤيد هذا قوله صلّى اللّه عليه و سلّم«إنّي لا أحلّ إلاّ ما أحلّ اللّه،و لا أحرّم إلاّ ما حرّم اللّه في كتابه» (3)أخرجه بهذا اللفظ الشافعيّ في الأمّ.

ص: 258


1- سبق تخريجه.
2- انظر البرهان 6/1.
3- رواه الترمذي(1726)،و ابن ماجة(3556)،و ابن أبي حاتم في العلل 10/2،و ابن عدي في الكامل 430/3،و الحاكم في المستدرك 115/4،و الطبراني في المعجم الكبير(6124)،و العقيلي في الضعفاء 174/2،و ابن حبان في المجروحين 346/1،و المزي في تهذيب الكمال 569/2،و الديلمي في الفردوس(2623)،و البيهقي في سننه 320/9 و 12/10 عن سلمان،قال:سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن السمن و الجبن و الفراء؟قال:«الحلال ما أحل اللّه في كتابه،و الحرام ما حرّم اللّه في كتابه،و ما سكت عنه فهو مما عفا عنه». قلت:سنده ضعيف،فيه:

و قال سعيد بن جبير:ما بلغني حديث عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على وجهه إلاّ وجدت مصداقه في كتاب اللّه.

و قال ابن مسعود:إذا حدّثتكم بحديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب اللّه تعالى.

أخرجهما ابن أبي حاتم.

و قال الشافعيّ-أيضا-:ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلاّ في كتاب اللّه الدليل على سبيل الهدى فيها.فإن قيل:من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنّة؟قلنا:ذلك مأخوذ من كتاب اللّه في الحقيقة؛لأنّ كتاب اللّه أوجب علينا اتّباع الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم،و فرض علينا الأخذ بقوله.

و قال الشافعيّ مرة بمكة:سلوني عمّا شئتم أخبركم عنه في كتاب اللّه.فقيل له:ما تقول في المحرم يقتل الزنبور؟فقال:بسم اللّه الرحمن الرحيم: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].

و حدثنا سفيان بن عيينة،عن عبد الملك بن عمير،عن ربعيّ بن حراش،عن حذيفة بن اليمان،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال:«اقتدوا باللّذين من بعدي:أبي بكر و عمر» (1).

و حدثنا سفيان،عن مسعر بن كدام،عن قيس بن مسلم،عن طارق بن شهاب،عن عمر بن الخطاب:أنه أمر بقتل المحرم الزنبور.

و أخرج البخاريّ،عن ابن مسعود أنه قال:لعن اللّه الواشمات و المتوشّماتة.

ص: 259


1- رواه الترمذي(3663)،و أحمد في المسند 382/5-385-399-402،و في الفضائل(478- 479)،و ابن ماجة(97)،و الطحاوي في شرح المشكل 83/2-85،و ابن حبان(6902)،و ابن سعد 334/2،و ابن أبي عاصم في السنة(1148-1149)،و الحاكم 75/3،و الخطيب في تاريخه 12/ 20،و أبو نعيم في الحلية 109/9،و سنده حسن لشواهده.انظر تخريجها في تخريجنا لسنن ابن ماجة.

و المتنمّصات و المتفلّجات للحسن،المغيّرات خلّق اللّه تعالى.فبلغ ذلك امرأة من بني أسد،فقالت له:إنّه بلغني أنّك لعنت كيت و كيت!فقال:و ما لي لا ألعن من لعن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،و هو في كتاب اللّه تعالى!فقالت:لقد قرأت ما بين اللّوحين فما وجدت فيه كما تقول؟قال:لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه،أما قرأت: وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].قالت:بلى،قال:فإنّه قد نهى عنه (1).

و حكى ابن سراقة في كتاب«الإعجاز»،عن أبي بكر بن مجاهد،أنه قال يوما:ما من شيء في العالم إلاّ و هو في كتاب اللّه،فقيل له:فأين ذكر الخانات فيه؟فقال:في قوله: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ [النور:29]فهي الخانات.

و قال ابن برّجان:ما قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم من شيء فهو في القرآن به أو فيه أصله،قرب أو بعد،فهمه من فهمه،و عمه عنه من عمه،و كذا كلّ ما حكم أو قضى،و إنما يدرك الطالب من ذلك بقدر اجتهاده و بذل وسعه و مقدار فهمه.

و قال غيره:ما من شيء إلاّ يمكن استخراجه من القرآن لمن فهّمه اللّه،حتى إنّ بعضهم استنبط عمر النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ثلاثا و ستين سنة من قوله في سورة المنافقين: وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها [المنافقون:11]فإنها رأس ثلاث و ستين سورة،و عقّبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده.

و قال ابن أبي الفضل المرسيّ في تفسيره:جمع القرآن علوم الأوّلين و الآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلاّ المتكلّم بها،ثم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم خلا ما استأثر به سبحانه و تعالى؛ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة و أعلامهم،مثل الخلفاء الأربعة و ابن مسعود و ابن عباس،حتى قال:لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب اللّه تعالى.ثم ورث عنهم التابعون بإحسان،ثم تقاصرت الهمم،و فترت العزائم،و تضاءل أهل العلم، و ضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة و التابعون من علومه و سائر فنونه،فنوّعوا علومه، و قامت كلّ طائفة بفنّ من فنونه،فاعتنى قوم بضبط لغاته و تحرير كلماته،و معرفة مخارج4.

ص: 260


1- رواه البخاري(4886-4887-5931-5939-5943-5948)،و مسلم(2125)،و أبو داود (4169)،و الترمذي(2782)،و النسائي 146/8-188،و ابن ماجة(1989)،و أحمد 433/1- 434-443-448-454-462،و ابن حبان(5504-5505)،و البيهقي 208/7-312،و البغوي في شرح السنة(3191)،و في تفسيره 318/4.

حروفه و عددها،و عدد كلماته و آياته و سوره و أحزابه و أنصافه و أرباعه و عدد سجداته، و التعليم عند كلّ عشر آيات،إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة،و الآيات المتماثلة؛من غير تعرّض لمعانيه،و لا تدبر لما أودع فيه،فسمّوا القراء.

و اعتنى النحاة بالمعرب منه و المبنيّ من الأسماء و الأفعال و الحروف العاملة و غيرها، و أوسعوا الكلام في الأسماء و توابعها و ضروب الأفعال،و اللازم و المتعدّي و رسوم خط الكلمات،و جميع ما يتعلّق به،حتى إنّ بعضهم أعرب مشكله،و بعضهم أعربه كلمة كلمة.

و اعتنى المفسّرون بألفاظه،فوجدوا منه لفظا يدلّ على معنى واحد و لفظا يدلّ على معنيين،و لفظا يدلّ على أكثر،فأجروا الأول على حكمه،و أوضحوا معنى الخفيّ منه، و خاضوا في ترجيح أحد محتملات ذي المعنيين و المعاني،و أعمل كلّ منهم فكره،و قال بما اقتضاه نظره.

و اعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية و الشواهد الأصلية و النظرية،مثل قوله تعالى: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء:22]إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، فاستنبطوا منه أدلّة على وحدانية اللّه و وجوده و بقائه و قدمه و قدرته و علمه و تنزيهه عمّا لا يليق به،و سمّوا هذا العلم:بأصول الدين.

و تأمّلت طائفة منهم معاني خطابه،فرأت منها ما يقتضي العموم،و منها ما يقتضي الخصوص،إلى غير ذلك،فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة و المجاز،و تكلّموا في التّخصيص و الإخبار،و النصّ،و الظاهر،و المجمل،و المحكم و المتشابه،و الأمر و النهي، و النسخ،إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة و استصحاب الحال و الاستقراء،و سمّوا هذا الفنّ:

أصول الفقه.

و أحكمت طائفة صحيح النظر و صادق الفكر فيما فيه من الحلال و الحرام و سائر الأحكام،فأسّسوا أصوله،و فرّعوا فروعه،و بسطوا القول في ذلك بسطا حسنا،و سمّوه بعلم الفروع،و بالفقه أيضا.

و تلمّحت طائفة ما فيه من قصص القرآن السالفة و الأمم الخالية،و نقلوا أخبارهم و دوّنوا آثارهم و وقائعهم،حتى ذكروا بدء الدنيا و أوّل الأشياء و سمّوا ذلك:بالتّاريخ و القصص.

و تنبّه آخرون لما فيه من الحكم و الأمثال و المواعظ التي تقلقل قلوب الرجال،و تكاد

ص: 261

تدكدك الجبال،فاستنبطوا ممّا فيه من الوعد و الوعيد،و التحذير،و التبشير؛و ذكر الموت و المعاد،و النشر و الحشر،و الحساب و العقاب،و الجنّة و النار فصولا من المواعظ، و أصولا من الزواجر،فسمّوا:بذلك الخطباء و الوعّاظ.

و استنبط قوم ممّا فيه من أصول التعبير؛مثل ما ورد في قصة يوسف في البقرات السمان،و في منامي صاحبي السجن،و في رؤياه الشمس و القمر و النجوم ساجدة، و سمّوه:تعبير الرؤيا.و استنبطوا تفسير كلّ رؤيا من الكتاب،فإن عزّ عليهم إخراجها منه فمن السنّة التي هي شارحة للكتاب؛فإن عسر فمن الحكم و الأمثال.

ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطباتهم،و عرف عاداتهم الذي أشار إليه القرآن بقوله: وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ [الأعراف:199].

و أخذ قوم ممّا في آية المواريث-من ذكر السّهام و أربابها و غير ذلك-علم الفرائض،و استنبطوا منها من ذكر النّصف و الثلث و الربع و السّدس و الثّمن حساب الفرائض،و مسائل العول،و استخرجوا منه أحكام الوصايا.

و نظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدّالاّت على الحكم الباهرة في الليل و النهار، و الشمس و القمر و منازله،و النجوم و البروج و غير ذلك؛فاستخرجوا منه:علم المواقيت.

و نظر الكتّاب و الشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ و بديع النظم و حسن السّياق، و المبادئ و المقاطع و المخالص،و التلوين في الخطاب،و الإطناب و الإيجاز و غير ذلك، فاستنبطوا منه:المعاني و البيان و البديع.

و نظر فيه أرباب الإشارات و أصحاب الحقيقة،فلاح لهم من ألفاظه معان و دقائق جعلوا لها أعلاما اصطلحوا عليها،مثل الفناء،و البقاء،و الحضور،و الخوف،و الهيبة، و الأنس،و الوحشة،و القبض،و البسط،و ما أشبه ذلك،هذه الفنون التي أخذتها الملّة الإسلامية منه.

و قد احتوى على علوم أخرى من علوم الأوائل،مثل الطبّ،و الجدل،و الهيئة، و الهندسة،و الجبر،و المقابلة،و النّجامة و غير ذلك.

أمّا الطبّ:فمداره على حفظ نظام الصحّة و استحكام القوة؛و ذلك إنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيّات المتضادة،و قد جمع ذلك في آية واحدة و هي قوله تعالى:

وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً [الفرقان:67].و عرّفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاله،و حدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله في قوله تعالى: شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ إِنَّ [النحل:69]ثم زاد على طبّ الأجسام بطبّ القلوب و شفاء الصدور.

ص: 262

وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً [الفرقان:67].و عرّفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاله،و حدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله في قوله تعالى: شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنّاسِ إِنَّ [النحل:69]ثم زاد على طبّ الأجسام بطبّ القلوب و شفاء الصدور.

و أما الهيئة:ففي تضاعيف سوره،من الآيات التي ذكر فيها ملكوت السموات و الأرض،و ما بثّ في العالم العلويّ و السفلي من المخلوقات.

و أما الهندسة:ففي قوله: اِنْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ(30) [المرسلات:30]الآية.

و أما الجدل:فقد حوت آياته من البراهين،و المقدّمات،و النتائج،و القول بالموجب و المعارضة،و غير ذلك شيئا كثيرا،و مناظرة إبراهيم نمروذ و محاجّته قومه أصل في ذلك عظيم.

و أمّا الجبر و المقابلة:فقد قيل:إنّ أوائل السور فيها ذكر مدد و أعوام و أيام لتواريخ أمم سالفة،و إنّ فيها تاريخ بقاء هذه الأمة،و تاريخ مدة أيام الدنيا،و ما مضى و ما بقي، مضروب بعضها في بعض.

و أما النّجامة:ففي قوله: أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ [الأحقاف:4]فقد فسّره بذلك ابن عباس.

و فيه أصول الصنائع و أسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها؛ كالخياطة في قوله: وَ طَفِقا يَخْصِفانِ [الأعراف:22].

و الحدادة: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ [الكهف:96]، وَ أَلَنّا لَهُ الْحَدِيدَ [سبأ:10]الآية.

و البناء في آيات.

و النجارة: وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا [هود:37].

و الغزل: نَقَضَتْ غَزْلَها [النحل:92].

و النسج: كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً [العنكبوت:41].

و الفلاحة: أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ(63)... [الواقعة:63]الآيات.

و الصيد في آيات.

و الغوص: كُلَّ بَنّاءٍ وَ غَوّاصٍ [ص:37]، وَ تَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً [النحل:14].

و الصياغة: وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً [الأعراف:148].

و الزّجاجة: صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ [النمل:44]. اَلْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ [النور:35].

ص: 263

و الفخارة: فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ [القصص:38].

و الملاحة: أَمَّا السَّفِينَةُ... [الكهف:79]الآية.

و الكتابة: عَلَّمَ بِالْقَلَمِ [العلق:4].

و الخبز: أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً [يوسف:36].

و الطبخ: بِعِجْلٍ حَنِيذٍ [هود:69].

و الغسل و القصارة: وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ(4) [المدثر:4]، قالَ الْحَوارِيُّونَ [آل عمران:52]و هم القصارون.

و الجزارة: إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ [المائدة:3].

و البيع و الشراء في آيات.

و الصّبغ: صِبْغَةَ اللّهِ [البقرة:138]، جُدَدٌ بِيضٌ وَ حُمْرٌ [فاطر:27].

و الحجارة: وَ تَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً [الشعراء:149].

و الكيالة و الوزن في آيات.

و الرمي: وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ [الأنفال:17]، وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60].

و فيه من أسماء الآلات،و ضروب المأكولات و المشروبات و المنكوحات،و جميع ما وقع و يقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله: ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ [الأنعام:38]، انتهى كلام المرسي ملخّصا (1).

و قال ابن سراقة:من بعض وجوه إعجاز القرآن ما ذكر اللّه فيه من أعداد الحساب و الجمع و القسمة و الضرب،و الموافقة،و التأليف،و المناسبة،و التنصيف و المضاعفة؛ ليعلم بذلك أهل العلم بالحساب أنه صلّى اللّه عليه و سلّم صادق في قوله،و أنّ القرآن ليس من عنده؛إذ لم يكن ممن خالط الفلاسفة،و لا تلقّى الحسّاب و أهل الهندسة.ن.

ص: 264


1- إنّ هذا القرآن كتابه تعالى،و هو كتاب هداية و إرشاد و نور للعالمين،و ليس هو كتاب علم من العلوم الطبيعية،و ليست هذه العلوم مقصودة لذاتها بل هي لما تحمله من عبرة.فالخطر كلّ الخطر أن يتحوّل الناس عن هداية القرآن،إلى بحث علوم الإنسان في القرآن فنرى:الجغرافيا...و علم الحيوان،و علم الألوان،...في القرآن.

و قال الراغب:إنّ اللّه تعالى كما جعل نبوّة النبيين بنبيّنا محمد صلّى اللّه عليه و سلّم مختتمة، و شرائعهم بشريعته من وجه منتسخة،و من وجه مكمّلة متممة،جعل كتابه المنزّل عليه متضمّنا لثمرة كتبه التي أولاها أولئك،كما نبه عليه بقوله: يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (1) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ(3) [البينة:3،2]. و جعل من معجزة هذا الكتاب:أنه مع قلة الحجم متضمن للمعنى الجمّ،بحيث تقصر الألباب البشرية عن إحصائه،و الآلات الدنيوية عن استيفائه، كما نبّه عليه بقوله: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللّهِ [لقمان:27]فهو و إن كان لا يخلو للناظر فيه من نور ما يريه و نفع ما يوليه:

كالبدر من حيث التفتّ رأيته يهدي إلى عينيك نورا ثاقبا

كالشّمس في كبد السماء وضوءها يغشى البلاد مشارقا و مغاربا

و أخرج أبو نعيم و غيره،عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم،قال:قيل لموسى عليه السلام:يا موسى؛إنما مثل كتاب أحمد في الكتب بمنزلة وعاء فيه لبن؛كلما مخضته أخرجت زبدته.

و قال القاضي أبو بكر بن العربيّ في«قانون التأويل» (2):علوم القرآن خمسون علما، و أربعمائة علم،و سبعة آلاف علم،و سبعون ألف علم؛على عدد كلم القرآن،مضروبة في أربعة،إذ لكلّ كلمة ظهر و بطن،و حدّ و مطلع،و هذا مطلق دون اعتبار تركيب و ما بينها من روابط،و هذا ما لا يحصى،و لا يعلمه إلاّ اللّه.

قال:و أمّا علوم القرآن فثلاثة:توحيد،و تذكير،و أحكام:فالتوحيد يدخل فيه معرفة المخلوقات،و معرفة الخالق بأسمائه و صفاته و أفعاله.و التذكير منه الوعد و الوعيد،و الجنّة و النار،و تصفية الظاهر و الباطن.و الأحكام،منها التكاليف كلها،و تبيين المنافع و المضارّ، و الأمر و النهي و النّدب.و لذلك كانت الفاتحة أمّ القرآن؛لأن فيها الأقسام الثلاثة،و سورة الإخلاص لاشتمالها على أحد الأقسام الثلاثة،و هو التوحيد.

و قال ابن جرير (2):القرآن يشتمل على ثلاثة أشياء:التوحيد،و الإخبار،و الدّيانات، و لهذا كانت سورة الإخلاص ثلثه؛لأنها تشمل التوحيد كلّه.1.

ص: 265


1- انظر البرهان 18/1.
2- نقله في البرهان 16/1-17.

و قال عليّ بن عيسى (1):القرآن يشتمل على ثلاثين شيئا:الإعلام،و التشبيه،و الأمر و النهي،و الوعد و الوعيد،و وصف الجنة و النار،و تعليم الإقراء بسم اللّه،و بصفاته و أفعاله،و تعليم الاعتراف بإنعامه،و الاحتجاج على المخالفين،و الردّ على الملحدين، و البيان عن الرغبة و الرهبة،و الخير و الشرّ،و الحسن و القبيح،و نعت الحكمة،و فصل المعرفة،و مدح الأبرار،و ذم الفجّار،و التسليم،و التحسين،و التوكيد،و التقريع،و البيان عن ذم الأخلاق،و شرف الآداب.

و قال شيذلة:و على التحقيق إنّ تلك الثلاث التي قالها ابن جرير تشمل هذه كلها بل أضعافها،فإن القرآن لا يستدرك،و لا تحصى عجائبه.

و أنا أقول:قد اشتمل كتاب اللّه العزيز على كلّ شيء؛أما أنواع العلوم فليس منها باب و لا مسألة هي أصل إلاّ و في القرآن ما يدل عليها،و فيه عجائب المخلوقات، و ملكوت السموات و الأرض،و ما في الأفق الأعلى و تحت الثرى،و بدء الخلق.و أسماء مشاهير الرّسل و الملائكة،و عيون أخبار الأمم السالفة،كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة،و في الولد الذي سمّاه عبد الحارث (2)،و رفع إدريس،و غرق قوم نوح،و قصة عاد الأولى و الثانية،و ثمود و الناقة،و قوم يونس،و قوم شعيب،و الأولين و الآخرين،و قوم لوط،و قوم تبّع،و أصحاب الرّسّ،و قصة إبراهيم في مجادلة قومه و مناظرته نمروذ، و وضعه إسماعيل مع أمه بمكة،و بنائه البيت،و قصة الذبيح،و قصة يوسف و ما أبسطها، و قصة موسى في ولادته و إلقائه في اليمّ،و قتل القبطي،و مسيره إلى مدين و تزوّجه بنت شعيب (3)،و كلامه تعالى بجانب الطور،و مجيئه إلى فرعون و خروجه و إغراق عدوّه، و قصة العجل و القوم الذين خرج بهم و أخذتهم الصعقة،و قصة القتيل،و ذبح البقرة، و قصته مع الخضر،و قصته في قتال الجبّارين،و قصة القوم الذين ساروا في سرب في9.

ص: 266


1- انظر البرهان 18/1.
2- يريد السيوطي أن المقصود بقوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمّا تَغَشّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشّاكِرِينَ. فَلَمّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللّهُ عَمّا يُشْرِكُونَ [الأعراف:189] يقصد به آدم و حواء.و لكن هذا التفسير يظهر عليه أنه من آثار أهل الكتاب،و هذه الآثار هي من التي يجب ردّها. قال ابن كثير في تفسيره 275/2:«و أما نحن فعلى مذهب الحسن البصري-رحمه اللّه-في هذا،و أنه ليس المراد من هذا السياق آدم و حواء،و إنما المراد من ذلك المشركون من ذريته»ا ه.
3- الصواب أنه ليس بشعيب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،بل غيره.انظر تفصيل ذلك في مفحمات الأقران ص 158-159.

الأرض إلى الصين،و قصة طالوت و داود مع جالوت و فتنته،و قصة سليمان و خبره مع ملكة سبأ و فتنته،و قصة القوم الذين خرجوا فرارا من الطاعون فأماتهم اللّه ثم أحياهم، و قصة ذي القرنين و مسيره إلى مغرب الشمس و مطلعها و بنائه السدّ،و قصة أيوب،و ذي الكفل،و إلياس،و قصة مريم و ولادتها،و عيسى و إرساله و رفعه،و قصة زكريّا و ابنه يحيى، و قصة أصحاب الكهف،و قصة أصحاب الرقيم،و قصة بخت نصّر،و قصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة،و قصة أصحاب الجنة،و قصة مؤمن آل يس،و قصة أصحاب الفيل.

و فيه من شأن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم دعوة إبراهيم به،و بشارة عيسى،و بعثه و هجرته،و من غزواته:سريّة ابن الحضرميّ في البقرة،و غزوة بدر في سورة الأنفال،و أحد في آل عمران،و بدر الصغرى فيها،و الخندق في الأحزاب،و الحديبية في الفتح.و النّضير في الحشر،و حنين و تبوك في براءة،و حجّة الوداع في المائدة.و نكاحه زينب بنت جحش، و تحريم سريته،و تظاهر أزواجه عليه،و قصة الإفك،و قصة الإسراء،و انشقاق القمر، و سحر اليهود إياه.

و فيه بدء خلق الإنسان إلى موته و كيفية الموت،و قبض الروح و ما يفعل بها بعد، و صعودها إلى السماء،و فتح الباب للمؤمنة و إلقاء الكافرة،و عذاب القبر و السؤال فيه، و مقرّ الأرواح،و أشراط الساعة الكبرى،و هي:نزول عيسى،و خروج الدّجال،و يأجوج و مأجوج،و الدابّة،و الدّخان،و رفع القرآن،و الخسف،و طلوع الشمس من مغربها،و غلق باب التوبة.و أحوال البعث من النفخات الثلاث:نفخة الفزع،و نفخة الصعق،و نفخة القيام.و الحشر و النشر،و أهوال الموقف،و شدة حر الشمس،و ظل العرش،و الميزان و الحوض،و الصراط،و الحساب لقوم و نجاة آخرين منه،و شهادة الأعضاء،و إتيان الكتب بالأيمان و الشمائل و خلف الظهر،و الشفاعة،و المقام المحمود،و الجنّة و أبوابها و ما فيها من الأنهار،و الأشجار و الثمار و الحليّ و الأواني و الدّرجات و رؤيته تعالى.و النّار و أبوابها و ما فيها من الأودية،و أنواع العقاب و ألوان العذاب،و الزقّوم،و الحميم.

و فيه جميع أسمائه تعالى الحسنى،كما ورد في حديث،و من أسمائه مطلقا ألف اسم،و من أسماء النبي صلّى اللّه عليه و سلّم جملة.

و فيه شعب الإيمان البضع و السبعون،و شرائع الإسلام الثلاثمائة و خمس عشرة.

و فيه أنواع الكبائر،و كثير من الصغائر.و فيه تصديق كلّ حديث ورد عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم؛ إلى غير ذلك ممّا يحتاج شرحه إلى مجلّدات.

ص: 267

و قد أفرد الناس كتبا فيما تضمّنه القرآن من الأحكام كالقاضي إسماعيل و أبي بكر بن العلاء،و أبي بكر الرازيّ،و الكيا الهرّاسيّ،و أبي بكر بن العربيّ،و عبد المنعم بن الفرس، و ابن خويز منداد.

و أفرد آخرون كتبا فيما تضمنه من علم الباطن.

و أفرد ابن برّجان كتابا فيما تضمنه من معاضدة الأحاديث.

و قد ألّفت كتابا سميته«الإكليل في استنباط التنزيل»ذكرت فيه كلّ ما استنبط منه من مسألة فقهية أو أصلية،أو اعتقادية،و بعضا مما سوى ذلك،كثير الفائدة جمّ العائدة، يجري مجرى الشرح لما أجملته في هذا النوع؛فليراجعه من أراد الوقوف عليه.

فصل في آيات الأحكام

قال الغزالي و غيره:آيات الأحكام خمسمائة آية.و قال بعضهم:مائة و خمسون.

قيل:و لعلّ مرادهم المصرّح به؛فإن آيات القصص و الأمثال و غيرها يستنبط منها كثير من الأحكام.

قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في كتاب«الإمام في أدلة الأحكام»:معظم آي القرآن لا يخلو عن أحكام مشتملة على آداب حسنة،و أخلاق جميلة،ثم من الآيات ما صرّح فيه بالأحكام،و منها ما يؤخذ بطريق الاستنباط:

إما بلا ضمّ إلى آية أخرى كاستنباط صحة أنكحة الكفار من قوله: وَ امْرَأَتُهُ حَمّالَةَ الْحَطَبِ(4) [المسد:4].و صحة صوم الجنب،من قوله: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ إلى قوله:

حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الآية[البقرة:187].

و إما به،كاستنباط أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله: وَ فِصالُهُ فِي عامَيْنِ [لقمان:14].

قال:و يستدل على الأحكام تارة بالصيغة،و هو ظاهر،و تارة بالإخبار مثل: أُحِلَّ لَكُمْ [البقرة:187]. حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]. كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ [البقرة:183].و تارة بما رتّب عليها في العاجل أو الآجل من خير أو شر،أو نفع أو ضرّ، و قد نوّع الشارع ذلك أنواعا كثيرة،ترغيبا لعباده،و ترهيبا و تقريبا إلى أفهامهم.

فكلّ فعل عظّمه الشرع أو مدحه أو مدح فاعله لأجله أو أحبّه أو أحبّ فاعله،أو رضي به أو رضي عن فاعله،أو وصفه بالاستقامة أو البركة أو الطيب،أو أقسم به أو

ص: 268

بفاعله كالإقسام بالشفع و الوتر،و بخيل المجاهدين،و بالنفس اللوّامة،أو نصبه سببا لذكره لعبده أو لمحبته أو لثواب عاجل أو آجل،أو لشكره له،أو لهدايته إياه،أو لإرضاء فاعله، أو لمغفرة ذنبه و تكفير سيّئاته أو لقبوله أو لنصرة فاعله،أو بشارته،أو وصف فاعله بالطّيب،أو وصف الفعل بكونه معروفا،أو نفي الحزن و الخوف عن فاعله،أو وعده بالأمن،أو نصب سببا لولايته،أو أخبر عن دعاء الرسول بحصوله،أو وصفه بكونه قربة، أو بصفة مدح،كالحياة و النور و الشفاء؛فهو دليل على مشروعيته المشتركة بين الوجوب و الندب.

و كلّ فعل طلب الشارع تركه،أو ذمّه أو ذمّ فاعله،أو عتب عليه،أو مقت فاعله أو لعنه،أو نفى محبّته أو محبّة فاعله،أو الرّضا به أو عن فاعله،أو شبّه فاعله بالبهائم أو بالشياطين،أو جعله مانعا من الهدى أو من القبول،أو وصفه بسوء أو كراهة،أو استعاذ الأنبياء منه أو أبغضوه،أو جعل سببا لنفي الفلاح أو لعذاب عاجل أو آجل،أو لذمّ أو لوم أو ضلالة أو معصية،أو وصف بخبث أو رجس أو نجس،أو بكونه فسقا أو إثما،أو سببا لإثم أو رجس،أو لعن أو غضب،أو زوال نعمة،أو حلول نقمة،أو حدّ من الحدود،أو قسوة أو خزي،أو ارتهان نفس،أو لعداوة اللّه و محاربته،أو لاستهزائه أو سخريته،أو جعله اللّه سببا لنسيانه فاعله،أو وصفه نفسه بالصبر عليه أو بالحلم،أو بالصفح عنه،أو دعا إلى التوبة منه،أو وصف فاعله بخبث أو احتقار،أو نسبه إلى عمل الشيطان،أو تزيينه،أو تولّي الشيطان لفاعله،أو وصفه بصفة ذمّ ككونه ظلما أو بغيا،أو عدوانا أو إثما أو مرضا،أو تبرّأ الأنبياء منه أو من فاعله،أو شكوا إلى اللّه من فاعله،أو جاهروا فاعله بالعداوة،أو نهوا عن الأسى و الحزن عليه،أو نصب سببا لخيبة فاعله عاجلا أو آجلا،أو رتّب عليه حرمان الجنة و ما فيها،أو وصف فاعله بأنه عدوّ للّه،أو بأن اللّه عدوه،أو أعلم فاعله بحرب من اللّه و رسوله،أو حمّل فاعله إثم غيره،أو قيل فيه:لا ينبغي هذا أو لا يكون،أو أمر بالتقوى عند السؤال عنه،أو أمر بفعل مضادّه،أو بهجر فاعله،أو تلاعن فاعلوه في الآخرة،أو تبرّأ بعضهم من بعض،أو دعا بعضهم على بعض،أو وصف فاعله بالضلالة و أنه ليس من اللّه في شيء،أو ليس من الرسول و أصحابه،أو جعل اجتنابه سببا للفلاح،أو جعله سببا لإيقاع العداوة و البغضاء بين المسلمين،أو قيل:هل أنت منته،أو نهى الأنبياء عن الدعاء لفاعله،أو رتب عليه إبعادا أو طردا،أو لفظة(قتل من فعله)أو (قاتله اللّه)،أو أخبر أنّ فاعله لا يكلّمه اللّه يوم القيامة،و لا ينظر إليه و لا يزكّيه،و لا يصلح عمله،و لا يهدي كيده أو لا يفلح،أو قيّض له الشيطان،أو جعل سببا لإزاغة قلب

ص: 269

فاعله،أو صرفه عن آيات اللّه و سؤاله عن علة الفعل؛فهو دليل على المنع من الفعل، و دلالته على التحريم أظهر من دلالته على مجرد الكراهة.و تستفاد الإباحة من لفظ الإحلال،و نفي الجناح و الحرج و الإثم و المؤاخذة،و من الإذن فيه و العفو عنه،و من الامتنان بما في الأعيان من المنافع،و من السكوت عن التحريم،و من الإنكار على من حرّم الشيء من الإخبار بأنه خلق أو جعل لنا،و الإخبار عن فعل من قبلنا من غير ذمّ لهم عليه.

فإن اقترن بإخباره مدح،دلّ على مشروعيته وجوبا أو استحبابا.انتهى كلام الشيخ عز الدين.

و قال غيره:قد يستنبط من السكوت،و قد استدلّ جماعة على أنّ القرآن غير مخلوق بأنّ اللّه ذكر الإنسان في ثمانية عشر موضعا،و قال:إنه مخلوق و ذكر القرآن في أربعة و خمسين موضعا و لم يقل:إنه مخلوق،و لمّا جمع بينهما غاير،فقال: اَلرَّحْمنُ(1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ(2) خَلَقَ الْإِنْسانَ(3) [الرحمن:1-3].

ص: 270

411

النوع السادس و الستون

اشارة

في أمثال القرآن (1)

أفرده بالتصنيف الإمام أبو الحسن الماورديّ من كبار أصحابنا (2).

قال تعالى: وَ لَقَدْ ضَرَبْنا لِلنّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ [الروم:58].و قال تعالى: وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ(43) [العنكبوت:43].

و أخرج البيهقي عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّ القرآن نزل على خمسة أوجه:حلال،و حرام،و محكم،و متشابه،و أمثال،فاعملوا بالحلال،و اجتنبوا الحرام،و اتّبعوا المحكم،و آمنوا بالمتشابه،و اعتبروا بالأمثال» (3).

قال الماورديّ:من أعظم علم القرآن علم أمثاله،و النّاس في غفلة عنه لاشتغالهم بالأمثال،و إغفالهم الممثّلات،و المثل بلا ممثّل كالفرس بلا لجام و الناقة بلا زمام.

و قال غيره (4):قد عدّه الشافعي ممّا يجب على المجتهد معرفته من علوم القرآن، فقال:ثم معرفة ما ضرب فيه من الأمثال الدّوالّ على طاعته،المبيّنة لاجتناب معصيته.

و قال الشيخ عز الدين:إنما ضرب اللّه الأمثال في القرآن تذكيرا و وعظا،فما اشتمل

ص: 271


1- انظر البرهان 486/1.
2- و لابن قيم الجوزية بحث طويل في أمثال القرآن،و هو موجود في أعلام الموقعين.و قد طبع مفردا، و إني أقوم بتحقيقه.يسّر اللّه لي ذلك.
3- انظر فضائل القرآن للقاسم بن سلام(28)ص 207،و قد روى الطبري في تفسيره 53/1،و ابن حبان (745)،و الحاكم 553/1،عن ابن مسعود مرفوعا نحوه.و في سنده سلمة بن أبي سلمة:قال ابن عبد البر:لا يحتج به.و صحيح حديث ابن حبان و الحاكم.انظر اللسان 68/3.و أبو سلمة لم يدرك ابن مسعود. و قد وقع في سنده اختلاف،فقد روي موقوفا على ابن مسعود:عند الطبري في تفسيره 53/1.لكن في سنده: 1-القاسم بن عبد الرحمن:و لم يسمع من ابن مسعود.انظر التهذيب 322/8،و المراسيل ص 175. 2-الأحوص بن حكيم:ضعيف الحفظ،انظر التهذيب 192/1-193،و التقريب 49/1.
4- هو الزركشي،انظر البرهان 486/1.

منها على تفاوت في ثواب،أو على إحباط عمل،أو على مدح أو ذمّ أو نحوه،فإنّه يدلّ على الأحكام.

و قال غيره (1):ضرب الأمثال في القرآن يستفاد منه أمور كثيرة:التذكير،و الوعظ، و الحثّ،و الزجر،و الاعتبار،و التقرير،و تقريب المراد للعقل،و تصويره بصورة المحسوس،فإنّ الأمثال تصوّر المعاني بصورة الأشخاص،لأنها أثبت في الأذهان لاستعانة الذهن فيها بالحواسّ،و من ثمّ كان الغرض من المثل تشبيه الخفيّ بالجليّ،و الغائب بالشاهد.

و تأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر،و على المدح و الذمّ،و على الثواب و العقاب،و على تفخيم الأمر أو تحقيره،و على تحقيق أمر أو إبطاله،قال تعالى:

وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ [إبراهيم:45]فامتنّ علينا بذلك لما تضمنته من الفوائد.

و قال الزركشيّ في«البرهان» (2):و من حكمته تعليم البيان؛و هو من خصائص هذه الشريعة.

و قال الزمخشريّ (3):التمثيل إنما يصار إليه لكشف المعاني،و إدناء المتوهّم من الشاهد،فإن كان المتمثّل له عظيما كان المتمثّل به مثله،و إن كان حقيرا كان المتمثّل به كذلك.

و قال الأصبهانيّ:لضرب العرب الأمثال و استحضار العلماء النظائر شأن ليس بالخفيّ في إبراز خفيّات الدقائق،و رفع الأستار عن الحقائق،تريك المتخيّل في صورة المتحقّق، و المتوهّم في معرض المتيقّن،و الغائب كأنه مشاهد.و في ضرب الأمثال تبكيت للخصم الشديد الخصومة،و قمع لسورة الجامع الأبيّ؛فإنه يؤثّر في القلوب ما لا يؤثّر وصف الشيء في نفسه؛و لذلك أكثر اللّه تعالى في كتابه و في سائر كتبه الأمثال،و من سور الإنجيل سورة تسمّى سورة الأمثال،و فشت في كلام النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،و كلام الأنبياء و الحكماء.

فصل (4)

أمثال القرآن قسمان:

ظاهر مصرّح به،و كامن لا ذكر للمثل فيه.

ص: 272


1- هو الزركشي،انظر البرهان 486/1-487.
2- البرهان 487/1.
3- نقله في البرهان 488/1.

فمن أمثلة الأوّل:قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً الآيات [البقرة:17-20].ضرب فيها للمنافقين مثلين:مثلا بالنار،و مثلا بالمطر.

أخرج ابن أبي حاتم و غيره،من طريق عليّ بن أبي طلحة،عن ابن عباس،قال:

هذا مثل ضربه اللّه للمنافقين،كانوا يعتزّون بالإسلام فيناكحهم المسلمون و يوارثونهم و يقاسمونهم الفيء،فلمّا ماتوا سلبهم اللّه العزّ كما سلب صاحب النار ضوؤه وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ يقول في عذاب: أَوْ كَصَيِّبٍ هو المطر،ضرب مثله في القرآن فِيهِ ظُلُماتٌ يقول:ابتلاء وَ رَعْدٌ وَ بَرْقٌ تخويف يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ يقول:يكاد محكم القرآن يدلّ على عورات المنافقين كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ [البقرة:20،19]يقول:كلما أصاب المنافقون في الإسلام عزّا اطمأنّوا،فإن أصاب الإسلام نكبة قاموا،ليرجعوا إلى الكفر، كقوله: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللّهَ عَلى حَرْفٍ [الحج:11]الآية (1).

و منها:قوله تعالى: أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها... [الحج:11] الآية.أخرج ابن أبي حاتم من طريق عليّ،عن ابن عباس قال:هذا مثل ضربه اللّه، احتملت منه القلوب على قدر يقينها و شكها: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً و هو الشك وَ أَمّا ما يَنْفَعُ النّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرعد:17]و هو اليقين،كما يجعل الحلي في النار،فيؤخذ خالصه،و يترك خبثه في النار،كذلك يقبل اللّه اليقين و يترك الشكّ.

و أخرج عن عطاء قال:هذا مثل ضربه اللّه للمؤمن و الكافر.

و أخرج عن قتادة قال:هذه ثلاثة أمثال ضربها اللّه في مثل واحد،يقول:كما اضمحلّ هذا الزّبد فصار جفاء لا ينتفع به،و لا ترجى بركته،كذلك يضمحلّ الباطل عن أهله.و كما مكث هذا الماء في الأرض،فأمرعت،و ربت بركته،و أخرجت نباتها، و كذلك الذهب و الفضة حين أدخل النار،فأذهب خبثه،كذلك يبقى الحقّ لأهله.و كما اضمحلّ خبث هذا الذهب حين أدخل في النار،كذلك يضمحلّ الباطل عن أهله.

و منها:قوله تعالى: وَ الْبَلَدُ الطَّيِّبُ [الأعراف:85]الآية.أخرج ابن أبي حاتم،من طريق عليّ،عن ابن عباس،قال:هذا مثل ضربه اللّه للمؤمن،يقول:هو طيب و عمله طيب؛كما أنّ البلد الطيّب ثمرها طيّب.و الذي خبث ضرب مثلا للكافر،كالبلد السبخة المالحة،و الكافر هو الخبيث و عمله خبيث.1.

ص: 273


1- رواه ابن أبي حاتم في تفسيره،حديث رقم(158-167)60/1-63،و ابن جرير في تفسيره 1/ 142،و انظر تفسير ابن كثير 81/1.

و منها:قوله تعالى: أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ... الآية[البقرة:226].

أخرج البخاريّ،عن ابن عباس،قال:قال عمر بن الخطاب يوما لأصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:

فيمن ترون هذه الآية نزلت: أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ ؟ قالوا:اللّه أعلم.فغضب عمر و قال:قولوا:نعلم أو لا نعلم.فقال ابن عباس:في نفسي منها شيء،فقال:يا ابن أخي قل و لا تحقر نفسك،قال ابن عباس:ضربت مثلا لعمل، قال عمر:أيّ عمل؟قال ابن عباس:لرجل غنيّ عمل بطاعة اللّه،ثمّ بعث اللّه له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله (1).

و أما الكامنة:فقال الماورديّ:سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم يقول:سمعت أبي يقول:سألت الحسين بن الفضل فقلت:إنك تخرج أمثال العرب و العجم من القرآن؛فهل تجد في كتاب اللّه:(خير الأمور أوساطها)؟قال:نعم،في أربعة مواضع:قوله تعالى: لا فارِضٌ وَ لا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ [البقرة:68]،و قوله تعالى:

وَ الَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَ لَمْ يَقْتُرُوا وَ كانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً(67) [الفرقان:67]،و قوله تعالى: وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ [الإسراء:29]،و قوله تعالى: وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً [الإسراء:110].

قلت:فهل تجد في كتاب اللّه:(من جهل شيئا عاداه)؟قال:نعم،في موضعين:

بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ [يونس:39]، وَ إِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ [الأحقاف:11].

قلت:فهل تجد في كتاب اللّه:(احذر شرّ من أحسنت إليه)؟قال:نعم: وَ ما نَقَمُوا إِلاّ أَنْ أَغْناهُمُ اللّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ [التوبة:74].

قلت:فهل تجد في كتاب اللّه:(ليس الخبر كالعيان)؟قال:في قوله تعالى: قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة:260].

قلت:فهل تجد:(في الحركات البركات)؟قال:في قوله تعالى: وَ مَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَ سَعَةً [النساء:100].

قلت:فهل تجد:(كما تدين تدان)؟قال:في قوله تعالى: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ [النساء:123].6.

ص: 274


1- رواه البخاري(4538)،و الطبري في تفسيره 75/3-76.

قلت:فهل تجد فيه قولهم:(حين تقلي تدري)؟قال: وَ سَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:42].

قلت:فهل تجد فيه:«لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين»؟قال: هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ [يوسف:64].

قلت:فهل تجد فيه:(من أعان ظالما سلّط عليه)؟قال: كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَ يَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ(4) [الحج:4].

قلت:فهل تجد فيه قولهم:(لا تلد الحيّة إلاّ حيّة)؟قال:قوله تعالى: وَ لا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً كَفّاراً [نوح:27].

قلت:فهل تجد فيه:(للحيطان آذان)؟قال: وَ فِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ [التوبة:47].

قلت:فهل تجد فيه:(الجاهل مرزوق و العالم محروم)؟قال: مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا [مريم:75].

قلت:فهل تجد فيه:(الحلال لا يأتيك إلا قوتا.و الحرام لا يأتيك إلا جزافا)؟قال: إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَ يَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ [الأعراف:163].

فائدة (1)في إرسال المثل

عقد جعفر بن شمس الخلافة في كتاب الآداب بابا في ألفاظ من القرآن،جارية مجرى المثل،و هذا هو النوع البديعي المسمّى بإرسال المثل،و أورد من ذلك قوله تعالى:

لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللّهِ كاشِفَةٌ(58) [النجم:58]. لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]. اَلْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ [يوسف:51]. وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَ نَسِيَ خَلْقَهُ [يس:78]. ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ [الحج:10]. قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ [يوسف:41]. أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ [هود:81]. وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ [سبأ:54].

لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ [الأنعام:67]. وَ لا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ [فاطر:43]. قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ [الإسراء:84]. وَ عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [البقرة:216]. كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ(38) [المدثر:38]. ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ

ص: 275

[المائدة:99]. ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ [التوبة:91]. هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ(60) [الرحمن:60]. كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً [البقرة:249]. آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ [يونس:91]. تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَ قُلُوبُهُمْ شَتّى [الحشر:14]. وَ لا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:14]. كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم:32]. وَ لَوْ عَلِمَ اللّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ [الأنفال:23]. وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]. لا يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها [البقرة:286]. قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَ الطَّيِّبُ [المائدة:100]. ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ [الروم:41]. ضَعُفَ الطّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ [الحج:73]. لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ(61) [الصافات:61]. وَ قَلِيلٌ ما هُمْ [ص:24]. فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ [الحشر:2]في ألفاظ أخر.

ص: 276

النوع السابع و الستون

في أقسام القرآن

أفرده ابن القيّم،بالتصنيف في مجلد سمّاه«التبيان» (1).

و القصد بالقسم تحقيق الخبر و توكيده،حتى جعلوا مثل: وَ اللّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ [المنافقون:1].قسما؛و إن كان فيه إخبار بشهادة؛لأنّه لما جاء توكيدا للخبر سمّي قسما.

و قد قيل:ما معنى القسم منه تعالى؛فإنّه إن كان لأجل المؤمن فالمؤمن مصدّق بمجرد الإخبار من غير قسم،و إن كان لأجل الكافر فلا يفيده!.

و أجيب:بأن القرآن نزل بلغة العرب،و من عادتها القسم إذا أرادت أن تؤكّد أمرا.

و أجاب أبو القاسم القشيريّ:بأن اللّه ذكر القسم لكمال الحجة و تأكيدها؛و ذلك أنّ الحكم يفصل باثنين:إما بالشهادة و إمّا بالقسم،فذكر تعالى في كتابه النوعين حتى لا يبقى لهم حجة،فقال: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ [آل عمران:18].

و قال: قُلْ إِي وَ رَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ [يونس:53].

و عن بعض الأعراب أنه لمّا سمع قوله تعالى: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ ما تُوعَدُونَ(22) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ [الذاريات:23،22].صرخ و قال:من ذا الذي أغضب الجليل حتى ألجأه إلى اليمين؟.

و لا يكون القسم إلاّ باسم معظّم،و قد أقسم اللّه تعالى بنفسه في القرآن في سبعة مواضع:

الآية المذكورة بقوله: قُلْ إِي وَ رَبِّي [يونس:53]. قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ [التغابن:7]. فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَ الشَّياطِينَ [مريم:68]. فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92) [الحجر:92]. فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [النساء:65]. فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ [المعارج:40].

ص: 277


1- و قد طبع بتحقيقنا بحمد اللّه تعالى عن دار الكتاب العربي.

و الباقي كله قسم بمخلوقاته،كقوله تعالى: وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ(1) . وَ الصَّافّاتِ .

وَ الشَّمْسِ . وَ اللَّيْلِ . وَ الضُّحى(1) . فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ(15) [التكوير:15].

فإن قيل:كيف أقسم بالخلق و قد ورد النهي عن القسم بغير اللّه؟ قلنا:أجيب عنه بأوجه:

أحدها:أنه على حذف مضاف،أي:و ربّ التين و ربّ الشمس؛و كذا الباقي.

الثاني:أنّ العرب كانت تعظّم هذه الأشياء،و تقسم بها،فنزل القرآن على ما يعرفون.

الثالث:أنّ الأقسام إنما تكون بما يعظمه المقسم أو يجلّه و هو فوقه،و اللّه تعالى ليس شيء فوقه،فأقسم تارة بنفسه و تارة بمصنوعاته؛لأنها تدلّ على بارئ و صانع.

و قال ابن أبي الإصبع في«أسرار الفواتح»:القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع؛لأن ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل؛إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل.

و أخرج ابن أبي حاتم،عن الحسن،قال:إنّ اللّه يقسم بما شاء من خلقه،و ليس لأحد أن يقسم إلاّ باللّه.

و قال العلماء:أقسم اللّه تعالى بالنبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: لَعَمْرُكَ لتعرف الناس عظمته عند اللّه و مكانته لديه،أخرج ابن مردويه عن ابن عباس،قال:ما خلق اللّه و لا ذرأ و لا برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلّى اللّه عليه و سلّم،و ما سمعت اللّه أقسم بحياة أحد غيره،قال: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ(72) [الحجر:72].

و قال أبو القاسم القشيري:القسم بالشيء لا يخرج عن وجهين:إما لفضيلة أو لمنفعة.فالفضيلة،كقوله: وَ طُورِ سِينِينَ(2) وَ هذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ(3) .و المنفعة،نحو:

وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ(1) [التين:1-3].

و قال غيره:أقسم اللّه تعالى بثلاثة أشياء؛بذاته كالآيات السابقة.و بفعله،نحو:

وَ السَّماءِ وَ ما بَناها(5) وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها(6) وَ نَفْسٍ وَ ما سَوّاها(7) [الشمس:5-7]،و بمفعوله، نحو: وَ النَّجْمِ إِذا هَوى(1) [النجم:1]. وَ الطُّورِ(1) وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ(2) [الطور:2،1].

و القسم:إمّا ظاهر كالآيات السابقة،و إمّا مضمر،و هو قسمان:قسم دلّت عليه اللام،نحو: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ [آل عمران:186].و قسم دلّ عليه المعنى،نحو:

وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلاّ وارِدُها [مريم:71].تقديره:(و اللّه).

ص: 278

و قال أبو عليّ الفارسيّ:الألفاظ الجارية مجرى القسم ضربان:

أحدهما:ما تكون كغيرها من الأخبار التي ليست بقسم،فلا تجاب بجوابه كقوله:

وَ قَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [الحديد:8]. وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا [البقرة:63].

يَحْلِفُونَ لَكُمْ [التوبة:96].و هذا و نحوه يجوز أن يكون قسما،و أن يكون حالا، لخلوّه من الجواب.

و الثاني:ما يتلقى بجواب القسم،كقوله: وَ إِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ [آل عمران:187]. وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ [النور:53].

و قال غيره:أكثر الأقسام في القرآن المحذوفة الفعل لا تكون إلاّ بالواو،فإذا ذكرت الباء أتي بالفعل،كقوله: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ [النور:53]. يَحْلِفُونَ بِاللّهِ [التوبة:62].و لا تجد الباء مع حذف الفعل.و من ثمّ كان خطأ من جعل قسما بِاللّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ [لقمان:13]. بِما عَهِدَ عِنْدَكَ [الزخرف:49]. بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ [المائدة:116].

و قال ابن القيّم (1):اعلم أنّه سبحانه و تعالى يقسم بأمور على أمور،و إنما يقسم بنفسه المقدّسة الموصوفة بصفاته،أو بآياته المستلزمة لذاته و صفاته.و إقسامه ببعض المخلوقات دليل على أنّها من عظيم آياته،فالقسم إما على جملة خبرية و هو الغالب، كقوله: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ [الذاريات:23]،و إما على جملة طلبيّة كقوله:

فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92) عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ(93) [الحجر:93،92]،مع أنّ هذا القسم قد يراد به تحقيق المقسم عليه،فيكون من باب الخبر،و قد يراد به تحقيق القسم؛ فالمقسم عليه يراد بالقسم توكيده و تحقيقه،فلا بدّ أن يكون ممّا يحسن فيه،و ذلك كالأمور الغائبة و الخفية إذا أقسم على ثبوتها؛فأما الأمور المشهودة الظاهرة كالشمس و القمر، و الليل و النهار،و السماء و الأرض،فهذه يقسم بها و لا يقسم عليها،و ما أقسم عليه الربّ فهو من آياته،فيجوز أن يكون مقسما به و لا ينعكس،و هو سبحانه و تعالى يذكر جواب القسم تارة و هو الغالب،و يحذفه أخرى؛كما يحذف جواب لو كثيرا للعلم به.

و القسم:لما كان يكثر في الكلام اختصر فصار فعل القسم يحذف،و يكتفى بالباء، ثم عوّض من الباء الواو في الأسماء الظاهرة،و التاء في اسم اللّه تعالى،كقوله: وَ تَاللّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ [الأنبياء:57].ا.

ص: 279


1- التبيان ص 23 بتحقيقنا.

قال:ثم هو سبحانه و تعالى يقسم على أصول الإيمان التي تجب على الخلق معرفتها،تارة يقسم على التوحيد،و تارة يقسم على أنّ القرآن حقّ،و تارة على أنّ الرسول حقّ،و تارة على الجزاء و الوعد و الوعيد،و تارة يقسم على حال الإنسان.

فالأول:كقوله: وَ الصَّافّاتِ صَفًّا(1) إلى قوله: إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ(4) [الصافات:1-4].

و الثاني:كقوله: فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ(75) وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ(76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ(77) [الواقعة:75-77].

و الثالث:كقوله: يس(1) وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ(2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ(3) [يس:1-3].

وَ النَّجْمِ إِذا هَوى(1) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَ ما غَوى(2) [النجم:1-2].

و الرابع:كقوله: وَ الذّارِياتِ إلى قوله: إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ(5) وَ إِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ(6) [الذاريات:1-6]. وَ الْمُرْسَلاتِ إلى قوله: إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ(7) [المرسلات:1-7].

و الخامس:كقوله: وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشى(1) إلى قوله: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتّى(4) [الليل:1-4]. وَ الْعادِياتِ إلى قوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ(6) [العاديات:1-6]. وَ الْعَصْرِ(1) إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ(2) [العصر:2،1]. وَ التِّينِ إلى قوله: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ(4) [التين:1-4]. لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ(1) إلى قوله: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ(4) [البلد:1-4].

قال:و أكثر ما يحذف الجواب إذا كان في نفس المقسم به دلالة على المقسم عليه؛ فإنّ المقصود يحصل بذكره،فيكون حذف المقسم عليه أبلغ و أوجز،كقوله: ص وَ الْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ(1) [ص:1]،فإنّ في المقسم به من تعظيم القرآن،و وصفه بأنه(ذو الذكر) المتضمن لتذكير العباد ما يحتاجون إليه و الشرف و القدر،ما يدلّ على المقسم عليه،و هو:

كونه حقّا من عند اللّه غير مفترى كما يقول الكافرون،و لهذا قال كثيرون:إنّ تقدير الجواب:(إنّ القرآن لحق).و هذا مطّرد في كلّ ما شابه ذلك،كقوله: ق وَ الْقُرْآنِ الْمَجِيدِ(1) [ق:1]،و قوله: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ(1) [القيامة:1]فإنه يتضمّن إثبات المعاد،و قوله: وَ الْفَجْرِ(1) [الفجر:1]فإنها أزمان تتضمّن أفعالا معظمة من المناسك و شعائر الحج،التي هي عبودية محضة للّه تعالى و ذلّ و خضوع لعظمته،و في ذلك تعظيم ما جاء به محمد و إبراهيم عليهما الصلاة و السلام.

ص: 280

قال:و من لطائف القسم قوله: وَ الضُّحى (1) وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى(2) [الضحى:2،1] الآيات،أقسم تعالى على إنعامه على رسوله و إكرامه له؛و ذلك متضمّن لتصديقه له فهو قسم على صحة نبوته و على جزائه في الآخرة،فهو قسم على النبوّة و المعاد،و أقسم بآيتين عظيمتين من آياته.و تأمل مطابقة هذا القسم-و هو نور الضحى الذي يوافي بعد ظلام الليل-المقسم عليه،و هو نور الوحي الذي وافاه بعد احتباسه عنه،حتى قال أعداؤه:ودّع محمدا ربّه،فأقسم بضوء النهار بعد ظلمة الليل على ضوء الوحي و نوره بعد ظلمة احتباسه و احتجابه (1).ا.

ص: 281


1- انظر التبيان ص 84 بتحقيقنا.

النوع الثامن و الستون

اشارة

في جدل القرآن (1)

أفرده بالتصنيف نجم الدين الطوفيّ (2).

قال العلماء:قد اشتمل القرآن العظيم على جميع أنواع البراهين و الأدلّة،و ما من برهان و دلالة و تقسيم و تحذير-يبنى من كلّيات المعلومات العقلية و السمعية-إلاّ و كتاب اللّه قد نطق به،لكن أورده على عادة العرب،دون دقائق طرق المتكلمين،لأمرين:

أحدهما:بسبب ما قاله: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم:4].

و الثاني:أنّ المائل إلى طريق المحاجّة هو العاجز عن إقامة الحجّة بالجليل من الكلام؛فإنّ من استطاع أن يفهم بالأوضح الذي يفهمه الأكثرون لم ينحطّ إلى الأغمض الذي لا يعرفه إلاّ الأقلّون؛و لم يكن ملغزا.فأخرج تعالى مخاطباته في محاجّة خلقه في أجلى صورة؛ليفهم العامة من جليّها ما يقنعهم،و تلزمهم الحجة،و تفهم الخواصّ من أثنائها ما يربى على ما أدركه فهم الخطباء.

و قال ابن أبي الإصبع:زعم الجاحظ أنّ المذهب الكلاميّ لا يوجد منه شيء في القرآن،و هو مشحون به.و تعريفه:أنه احتجاج المتكلّم على ما يريد إثباته بحجة تقطع المعاند له فيه على طريقة أرباب الكلام.و منه نوع منطقي تستنتج منه النتائج الصحيحة من المقدّمات الصادقة،فإنّ الإسلاميين من أهل هذا العلم ذكروا أنّ من أوّل سورة الحج إلى قوله: وَ أَنَّ اللّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ [الحج:7].خمس نتائج تستنتج من عشر مقدمات:

قوله ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ هُوَ الْحَقُّ [الحج:6]؛لأنه قد ثبت عندنا بالخبر المتواتر أنّه تعالى أخبر بزلزلة الساعة معظما لها،و ذلك مقطوع بصحّته،لأنه خبر أخبر به من ثبت صدقه

ص: 282


1- انظر البرهان 24/2.
2- و هو مطبوع بتحقيق الدكتور زاهر الألمعي،مؤسسة الرسالة بيروت.

عمّن ثبتت قدرته،منقول إلينا بالتواتر،فهو حقّ،و لا يخبر بالحقّ عمّا سيكون إلاّ الحقّ، فاللّه هو الحق.

و أخبر تعالى وَ أَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى [الحج:6]؛لأنه أخبر عن أهوال الساعة بما أخبر، و حصول فائدة هذا الخبر موقوفة على إحياء الموتى،ليشاهدوا تلك الأهوال التي يعملها اللّه من أجلهم؛و قد ثبت أنه قادر على كلّ شيء،و من الأشياء إحياء الموتى،فهو يحيي الموتى.

و أخبر وَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ [الحج:6]؛لأنّه أخبر أنه من يتّبع الشياطين و من يجادل فيه بغير علم يذقه عذاب السعير،و لا يقدر على ذلك إلاّ من هو على كلّ شيء قدير،فهو على كلّ شيء قدير.

و أخبر وَ أَنَّ السّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها [الآية:7]لأنه أخبر بالخبر الصادق أنه خلق الإنسان من تراب،إلى قوله: لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً [الحج:5]،و ضرب لذلك مثلا بالأرض الهامدة التي ينزل عليها الماء،فتهتز و تربو،و تنبت من كلّ زوج بهيج، و من خلق الإنسان على ما أخبر به فأوجده بالخلق ثم أعدمه بالموت،ثم يعيده بالبعث، و أوجد الأرض بعد العدم فأحياها بالخلق،ثم أماتها بالمحل،ثم أحياها بالخصب؛ و صدق خبره في ذلك كلّه-بدلالة الواقع المشاهد على المتوقّع الغائب؛حتى انقلب الخبر عيانا-صدق خبره في الإتيان بالساعة.

و لا يأتي بالساعة إلاّ من يبعث من في القبور،لأنها عبارة عن مدة تقوم فيها الأموات للمجازاة،فهي آتية لا ريب فيها،و هو سبحانه و تعالى يبعث من في القبور.

و قال غيره (1):استدلّ سبحانه و تعالى على المعاد الجسمانيّ بضروب:

أحدها:قياس الإعادة على الابتداء،كما قال تعالى: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [الأعراف:29]، كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ [الأنبياء:104]. أَ فَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ [ق:15].

ثانيها:قياس الإعادة على خلق السموات و الأرض بطريق الأولى،قال تعالى:

أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِقادِرٍ [يس:81]الآية.

ثالثها:قياس الإعادة على إحياء الأرض بعد موتها بالمطر و النبات.3.

ص: 283


1- في البرهان 26/2،و انظر استخراج الجدل ص 73.

رابعها:قياس الإعادة على إخراج النار من الشّجر الأخضر.و قد روى الحاكم و غيره:أنّ أبيّ بن خلف جاء بعظم ففتّه،فقال:أ يحيي اللّه هذا بعد ما بلي و رمّ (1)؟فأنزل اللّه: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ [يس:79].فاستدل سبحانه و تعالى بردّ النشأة الأخرى إلى الأولى،و الجمع بينهما بعلّة الحدوث.ثم زاد في الحجاج بقوله: اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً [يس:80]و هذه في غاية البيان في ردّ الشيء إلى نظيره،و الجمع بينهما من حيث تبديل الأعراض عليهما.

خامسها:في قوله تعالى: وَ أَقْسَمُوا بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى [النحل:39،38]الآيتين.و تقريرهما:أنّ اختلاف المختلفين في الحقّ لا يوجب انقلاب الحقّ في نفسه،و إنما تختلف الطرق الموصلة إليه،و الحقّ في نفسه واحد،فلمّا ثبت أنّ هاهنا حقيقة موجودة لا محالة،و كان لا سبيل لنا في حياتنا إلى الوقوف عليها وقوفا يوجب الائتلاف و يرفع عنا الاختلاف إذ كان الاختلاف مركوزا في فطرنا،و كان لا يمكن ارتفاعه و زواله إلاّ بارتفاع هذه الجبلّة،و نقلها إلى صورة غيرها-صحّ ضرورة أنّ لنا حياة أخرى غير هذه الحياة،فيها يرتفع الخلاف و العناد،و هذه هي الحالة التي وعد اللّه بالمصير إليها فقال: وَ نَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ [الأعراف:43]حقد،فقد صار الخلاف الموجود كما ترى أوضح دليل على كون البعث الذي ينكره المنكرون.كذا قرّره ابن السيّد.

و من ذلك الاستدلال على أنّ صانع العالم واحد،بدلالة التمانع المشار إليها في قوله: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء:22]لأنه لو كان للعالم صانعان لكان لا يجري تدبيرهما على نظام،و لا يتّسق على أحكام،و لكان العجز يلحقهما أو أحدهما؛ و ذلك لأنه لو أراد أحدهما إحياء جسم و أراد الآخر إماتته:فإما أن تنفذ إرادتهما فيتناقض لاستحالة تجزي الفعل إن فرض الاتفاق،أو لامتناع اجتماع الضدّين إن فرض الاختلاف.

و إمّا ألاّ تنفذ إرادتهما فيؤدّي إلى عجزهما،أو لا تنفذ إرادة أحدهما فيؤدّي إلى عجزه، و الإله لا يكون عاجزا.م.

ص: 284


1- رواه الحاكم في المستدرك 429/2-و لكن عنده جاء العاص بن وائل-بل أبي بن خلف-عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس به و صححه على شرط الشيخين و لم يخرجاه.و وافقه الذهبي. و رواه الطبري في تفسيره(29243)464/10 عن سعيد بن جبير به مرسلا-لم يذكر ابن عباس-. و قد رواه الطبري 464/10 عن مجاهد،و قتادة مرسلا.و الواحدي في أسباب النزول ص 365،و قد رواه ابن جرير(29244)464/10 عن ابن عباس قال:جاء عبد اللّه بن أبي و أشار ابن جرير رحمه اللّه إلى هذا الاختلاف.و يتأيد الحديث بالمراسيل السابقة الذكر و اللّه أعلم.

فصل من الأنواع المصطلح عليها في علم الجدل:السّبر و التقسيم.

و من أمثلته في القرآن قوله تعالى: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ [الأنعام:143، 144]الآيتين،فإنّ الكفار-لمّا حرموا ذكور الأنعام تارة و إناثها أخرى-ردّ تعالى ذلك عليهم بطريق السبر و التقسيم،فقال:إنّ الخلق للّه،خلق من كلّ زوج مما ذكر ذكرا و أنثى،فممّ جاء تحريم ما ذكرتم؟أي:ما علّته؟.

لا يخلو:إما أن يكون من جهة الذّكور أو الأنوثة،أو اشتمال الرّحم الشامل لهما، أو لا يدرى له علّة،و هو التعبّديّ،بأن أخذ ذلك عن اللّه تعالى،و الأخذ عن اللّه تعالى:

إمّا بوحي و إرسال رسول،أو سماع كلامه و مشاهدة تلقّي ذلك عنه،و هو معنى قوله تعالى: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصّاكُمُ اللّهُ بِهذا [الأنعام:144]فهذه وجوه التحريم، لا تخرج عن واحد منها.

و الأوّل:يلزم عليه أن يكون جميع الذكور حراما.

و الثاني:يلزم عليه أن يكون جميع الإناث حراما.

و الثالث:يلزم عليه تحريم الصّنفين معا.فبطل ما فعلوه من تحريم بعض في حالة و بعض في حالة،لأنّ العلّة على ما ذكر تقتضي إطلاق التحريم.و الأخذ عن اللّه بلا واسطة باطل و لم يدّعوه،و بواسطة رسول كذلك،لأنه لم يأت إليهم رسول قبل النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم.

و إذا بطل جميع ذلك ثبت المدّعى،و هو:أنّ ما قالوا افتراء على اللّه و ضلال.

و منها:القول بالموجب،قال ابن أبي الإصبع:و حقيقته ردّ كلام الخصم من فحوى كلامه.

و قال غيره:هو قسمان:

أحدهما:أن تقع صفة في كلام الغير كناية عن شيء أثبت له حكم؛فيثبتها لغير ذلك الشيء،كقوله تعالى: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَ لِلّهِ الْعِزَّةُ ... [المنافقون:8]الآية.ف اَلْأَعَزُّ وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم، و اَلْأَذَلَّ عن فريق المؤمنين،و أثبت المنافقون لفريقهم إخراج المؤمنين من المدينة، فأثبت اللّه في الردّ عليهم صفة العزّة لغير فريقهم،و هو اللّه و رسوله و المؤمنون،و كأنه قيل:

صحيح ذلك،ليخرجنّ الأعزّ منها الأذل،لكن هم الأذل المخرج،و اللّه و رسوله الأعزّ المخرج.

ص: 285

و الثاني:حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده ممّا يحتمله بذكر متعلّقه.

و لم أر من أورد له مثالا من القرآن،و قد ظفرت بآية منه،و هي قوله تعالى: وَ مِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَ يَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ [التوبة:61].

و منها:التسليم،و هو أن يفرض المحال:إمّا منفيّا أو مشروطا بحرف الامتناع، لكون المذكور ممتنع الوقوع لامتناع وقوع شرطه،ثم يسلّم وقوع ذلك تسليما جدليّا، و يدلّ على عدم فائدة ذلك على تقدير وقوعه،كقوله تعالى: مَا اتَّخَذَ اللّهُ مِنْ وَلَدٍ وَ ما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَ لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ [المؤمنون:91] المعنى:ليس مع اللّه من إله،و لو سلم أنّ معه سبحانه و تعالى إلها لزم من ذلك التسليم ذهاب كلّ إله من الاثنين بما خلق،و علوّ بعضهم على بعض،فلا يتمّ في العالم أمر،و لا ينفذ حكم و لا تنتظم أحواله؛و الواقع خلاف ذلك،ففرض إلهين فصاعدا محال لما يلزم منه المحال.

و منها:الإسجال،و هو الإتيان بألفاظ تسجّل على المخاطب وقوع ما خوطب به، نحو رَبَّنا وَ آتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ [آل عمران:194]. رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ [غافر:8]فإنّ في ذلك إسجالا بالإيتاء و الإدخال،حيث وصفا بالوعد من اللّه الذي لا يخلف وعده.

و منها:الانتقال،و هو أن ينتقل المستدلّ إلى استدلال غير الذي كان آخذا فيه،لكون الخصم لم يفهم وجه الدلالة من الأوّل،كما جاء في مناظرة الخليل الجبار لمّا قال له:

رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَ يُمِيتُ [البقرة:258].فقال الجبّار: أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ .ثم دعا بمن وجب عليه القتل فأعتقه،و من لا يجب عليه فقتله،فعلم الخليل أنه لم يفهم معنى الإحياء و الإماتة،أو علم ذلك و غالط بهذا الفعل،فانتقل عليه السلام إلى استدلال لا يجد الجبّار له وجها يتخلّص به منه،فقال: فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ [البقرة:258]فانقطع الجبّار و بهت،و لم يمكنه أن يقول:أنا الآتي بها من المشرق؛لأنّ من هو أسن منه يكذبه.

و منها:المناقضة،و هي تعليق أمر على مستحيل،إشارة إلى استحالة وقوعه،كقوله تعالى: وَ لا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ [الأعراف:40].

و منها:مجاراة الخصم ليعثر:بأن يسلّم بعض مقدماته،حيث يراد تبكيته و إلزامه، كقوله تعالى: قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [إبراهيم:11،10]الآية.

ص: 286

و منها:مجاراة الخصم ليعثر:بأن يسلّم بعض مقدماته،حيث يراد تبكيته و إلزامه، كقوله تعالى: قالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ [إبراهيم:11،10]الآية.

فقولهم: إِنْ نَحْنُ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ... الآية...فيه اعتراف الرسل بكونهم مقصورين على البشرية،فكأنّهم سلّموا انتفاء الرسالة عنهم،و ليس مرادا،بل هو من مجاراة الخصم ليعثر؛فكأنّهم قالوا:ما ادّعيتم من كوننا بشرا حقّ لا ننكره،و لكن هذا لا ينافي أن يمنّ اللّه تعالى علينا بالرسالة.

ص: 287

النوع التاسع و الستون

اشارة

فيما وقع في القرآن من الأسماء و الكنى و الألقاب

في القرآن من أسماء الأنبياء و المرسلين خمس و عشرون،هم مشاهيرهم:

1-آدم أبو البشر (1):ذكر قوم أنه(أفعل)وصف مشتقّ من الأدمة،و لذا منع الصرف.

قال الجواليقيّ:أسماء الأنبياء كلّها أعجميّة إلاّ أربعة:آدم،و صالح،و شعيب، و محمد.

و أخرج ابن أبي حاتم،من طريق أبي الضّحى،عن ابن عباس قال:إنما سمّي آدم لأنه خلق من أديم الأرض.

و قال قوم:هو اسم سريانيّ أصله(آدام)بوزن(خاتام).عرب بحذف الألف الثانية.

و قال الثعلبيّ:التراب بالعبرانيّة آدام،فسمّي آدم به.

قال ابن أبي خيثمة:عاش تسعمائة سنة و ستين سنة.

و قال النّووي في تهذيبه (2):اشتهر في كتب التواريخ أنه عاش ألف سنة.

2-نوح (3):قال الجواليقيّ:أعجميّ معرّب.زاد الكرمانيّ:و معناه بالسريانية (الشاكر).

ص: 288


1- قال الحافظ ابن حجر في الفتح 364/6:«و آدم:اسم سرياني،و هو عند أهل الكتاب:آدام،فسمي آدم به،و حذفت الألف الثانية،و قيل:هو عربي جزم به الجوهري و الجواليقي. و قيل:هو بوزن أفعل من الأدمة.و قيل:من الأديم؛لأنه خلق من أديم الأرض.و هذا عن ابن عباس. و وجّهوه بأنه يكون كاعين،و منع الصرف للوزن و العلمية. و قيل:هو من أدمت بين الشيئين إذا خلطت بينهما،لأنه كان ماء و طينا فخلطا جميعا»ا ه.و انظر بصائر ذوي التمييز 22/6-25.
2- تهذيب الأسماء و اللغات 95/1.
3- انظر الفتح 372/6،و بصائر ذوي التمييز 26/6-29،و روح المعاني 211/4.

و قال الحاكم في المستدرك (1):إنما سمّي نوحا لكثرة بكائه على نفسه،و اسمه عبد الغفار.قال:و أكثر الصحابة على أنه قبل إدريس.

و قال غيره (2):هو نوح بن لمك-بفتح اللام و سكون الميم بعدها كاف-ابن متّوشلخ-بفتح الميم و تشديد المثناة المضمومة بعدها[واو ساكنة] (3)،و فتح الشين المعجمة و اللام،بعدها معجمة-ابن أخنوخ-بفتح المعجمة و ضم النون الخفيفة بعدها واو ساكنة ثم معجمة-و هو إدريس فيما يقال.

و روى الطّبرانيّ،عن أبي ذر،قال:قلت:يا رسول اللّه،من أوّل الأنبياء؟قال:

«آدم»قلت:ثمّ من؟قال:«نوح،و بينهما عشرون قرنا» (4).

و في المستدرك،عن ابن عباس،قال:كان بين آدم و نوح عشرة قرون (5).و فيه عنه مرفوعا:«بعث اللّه نوحا لأربعين سنة،فلبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاما يدعوهم، و عاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس و فشوا» (6).

و ذكر ابن جرير:أنّ مولد نوح كان بعد وفاة آدم بمائة و ستة و عشرين عاما.و في التهذيب للنوويّ:أنه أطول الأنبياء عمرا (7).

3-إدريس (8):قيل:إنّه قبل نوح.قال ابن إسحاق:كان إدريس أوّل بني آدم أعطي النبوّة،و هو أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن أنوش بن قينان بن شيث بن آدم.2.

ص: 289


1- في المستدرك 545/2.
2- هو الثعلبي في قصص الأنبياء ص 51.
3- زيادة من الفتح 372/6.
4- عزاه الهيثمي في المجمع 196/1-197 للطبراني في الأوسط و ضعّفه بابن لهيعة. و رواه ابن حبان(6190)،و الطبراني في الكبير(7545)من حديث أبي أمامة بلفظ:«عشرة قرون» و عزاه في المجمع 196/1 للطبراني في الأوسط.و سنده صحيح إن شاء اللّه.
5- رواه الحاكم في المستدرك 546/2-547 و صححه على شرط البخاري،و وافقه الذهبي.
6- رواه الحاكم في المستدرك 545/2-546. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-يوسف بن مهران:لين الحديث.انظر التقريب 382/2-383،و التهذيب 424/11-425. 2-علي بن زيد:ضعيف.انظر التقريب 37/2،و المغني 447/2،و الكاشف 248/2،و التهذيب 7/ 322-324.
7- تهذيب الأسماء 134/1.
8- انظر فتح الباري 375/6،و بصائر ذوي التمييز 51/6-52.

و قال وهب بن منبه:إدريس جدّ نوح (1)،الذي يقال له:خنوخ،و هو اسم سريانيّ، و قيل:عربيّ مشتقّ من الدراسة،لكثرة درسه الصحف.

و في المستدرك-بسنده واه-عن الحسن،عن سمرة،قال:كان نبيّ اللّه إدريس أبيض طويلا،ضخم البطن،عريض الصدر،قليل شعر الجسد،كثير شعر الرأس.و كانت إحدى عينيه أعظم من الأخرى،و في صدره نكتة بياض من غير برص،فلما رأى اللّه من أهل الأرض ما رأى من جورهم و اعتدائهم في أمر اللّه،رفعه إلى السماء السادسة،فهو حيث يقول: وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا(57) [مريم:57] (2).

و ذكر ابن قتيبة:أنه رفع و هو ابن ثلاثمائة و خمسين سنة.

و في صحيح ابن حبّان:أنه كان نبيا رسولا،و أنه أوّل من خطّ بالقلم (3).

و في المستدرك،عن ابن عباس قال:كان فيما بين نوح و إدريس ألف سنة (4).

4-إبراهيم (5):قال الجواليقيّ:هو اسم قديم ليس بعربيّ،و قد تكلّمت به العرب على وجوه أشهرها إبراهيم،و قالوا:إبراهام،و قرئ به في السبع،و إبراهم بحذف الياء، و إبرهم،و هو اسم سريانيّ معناه:أب رحيم،و قيل:مشتقّ من البرهمة،و هي شدّة النظر، حكاه الكرمانيّ في عجائبه.

و هو ابن آزر،و اسمه تارح-بمثناة وراء مفتوحة و آخره حاء مهملة-ابن ناحور -بنون و مهملة مضمومة-ابن شاروخ-بمعجمة و راء مضمومة و آخره خاء معجمة-ابن راغوا-بغين معجمة-ابن فالخ-بفاء و لام مفتوحة و معجمة-ابن عابر-بمهملة و موحدة- ابن شالخ-بمعجمتين-ابن أرفخشد بن سام بن نوح.8.

ص: 290


1- قال الحافظ في الفتح 375/6:«و هو جد أبي نوح،و قيل:جد نوح.قلت:الأول أولى»ا ه و انظر تفصيل القول في هذا فيه-أي الفتح-375/6.
2- رواه الحاكم في المستدرك 540/2.قال الذهبي في التلخيص 549/2:«إسناده مظلم،لا تقوم به حجة»ا ه.
3- جزء من حديث طويل رواه ابن حبان(361)،و أبو نعيم في الحلية 166/1-168،و البيهقي في السنن 4/9.و سنده ضعيف جدا.فيه إبراهيم بن هشام:قال أبو حاتم:كذاب.و كذّبه-أيضا أبو زرعة.انظر الميزان 73/1،و الجرح 142/2-143،و الإحسان 79/2-80.
4- انظر المستدرك 546/2-549.و قد سبق تخريجه قريبا.
5- انظر الفتح 389/6،و بصائر ذوي التمييز 32/6-38.

قال الواقدي:ولد إبراهيم على رأس ألفي سنة من خلق آدم (1).

و في المستدرك من طريق ابن المسيب،عن أبي هريرة،قال:اختتن إبراهيم بعد عشرين و مائة سنة[بالقدوم]،و مات ابن مائتي سنة (2).

و حكى النّوويّ و غيره قولا:أنّه عاش مائة و خمسة و سبعين (3).

5-إسماعيل (4):قال الجواليقيّ:و يقال بالنون آخره.

قال النووي و غيره (5):هو أكبر ولد إبراهيم.

6-إسحاق (6):ولد بعد إسماعيل بأربع عشرة سنة،و عاش مائة و ثمانين سنة.و ذكر أبو عليّ بن مسكويه في كتاب«نديم الفريد»أنّ معنى إسحاق بالعبرانية:الضحّاك.

7-يعقوب (7):عاش مائة و سبعا و أربعين سنة.

8-يوسف (8):في صحيح ابن حبّان من حديث أبي هريرة مرفوعا:«إنّ الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم،يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم» (9).

و في المستدرك،عن الحسن:أنّ يوسف ألقي في الجبّ و هو ابن اثنتي عشرة سنة، و لقي أباه بعد الثمانين،و توفّي و له مائة و عشرون (10).ل.

ص: 291


1- رواه الحاكم 549/2.
2- رواه الحاكم 551/2 و ابن حبان في صحيحه(6204)و سنده صحيح.و أعله الحافظ ابن حجر بأن أكثر الروايات اتفقت على أنه كان ابن ثمانين سنة عند اختتانه قال:«و الظاهر أنه سقط من المتن شيء،فإن هذا القدر هو مقدار عمره»ا ه.و رواه البخاري(3356-6298)،و مسلم(2370)،و أحمد 2/ 322-418-435،و البخاري في الأدب المفرد(1244)،و أبو يعلى(5981)،و ابن أبي عاصم في الأوائل(20)،و الطبراني في الأوائل(11)،و البيهقي في سننه 325/8 من طرق عن أبي هريرة و لفظ البخاري:«اختتن إبراهيم-عليه السلام-و هو ابن ثمانين سنة بالقدوم».
3- تهذيب الأسماء و اللغات 98/1.
4- انظر فتح الباري 413/6،و بصائر ذوي التمييز 39/6-41،و روح المعاني 211/4.
5- انظر تهذيب الأسماء و اللغات 98/1.
6- انظر فتح الباري 414/6،و بصائر ذوي التمييز 42/6،و روح المعاني 211/4.
7- انظر فتح الباري 414/6-415،و بصائر ذوي التمييز 43/6-45،و روح المعاني 211/4.
8- انظر فتح الباري 419/6،و بصائر ذوي التمييز 46/6-50.
9- رواه ابن حبان(5776)،و الترمذي(3116)،و أحمد 322/2-416،و الحاكم 570/2-571، و سنده حسن.و رواه البخاري(3353-3374-3383-3490-4689)،و مسلم(2378)بنحوه، و في الباب عن ابن عمر بلفظ حديث الباب:رواه البخاري(3390-4688)،و أحمد 96/2، و الخطيب في تاريخه 426/3،و البغوي(3547).
10- رواه الحاكم 571/2 و هو مرسل.

و في الصحيح:أنه أعطي شطر الحسن (1).

قال بعضهم:و هو مرسل،لقوله تعالى: وَ لَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ [غافر:34]و قيل:ليس هو يوسف بن يعقوب،بل يوسف بن إفرائيم بن يوسف بن يعقوب.و يشبه هذا ما في العجائب للكرمانيّ في قوله: وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ [مريم:6] أنّ الجمهور على أنه يعقوب بن ماثان،و أنّ امرأة زكريا كانت أخت مريم بنت عمران بن ماثان،قال:و القول بأنه يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم غريب.انتهى.

و ما ذكر أنّه غريب هو المشهور،و الغريب الأوّل،و نظيره في الغرابة قول نوف البكاليّ:إنّ موسى المذكور في سورة الكهف في قصة الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل،بل موسى بن منشى بن يوسف،و قيل:ابن إفرائيم بن يوسف،و قد كذّبه ابن عباس في ذلك.

و أشدّ من ذلك غرابة،ما حكاه النقاش و الماورديّ:أنّ يوسف المذكور في سورة غافر من الجنّ،بعثه اللّه رسولا إليهم.و ما حكاه ابن عسكر:أنّ عمران المذكور في آل عمران هو والد موسى،لا والد مريم.

و في يوسف ست لغات:بتثليث السين مع الواو و الهمزة.و الصواب أنه أعجمي لا اشتقاق له.

9-لوط (2):قال ابن إسحاق:هو لوط بن هارون بن آزر.و في المستدرك عن ابن عباس قال:لوط،ابن أخي إبراهيم (3).

10-هود (4):قال كعب:كان أشبه النّاس بآدم (5)،و قال ابن مسعود:كان رجلا جلدا.أخرجهما في المستدرك (6).ح.

ص: 292


1- رواه البخاري ضمن حديث طويل(3207-3393-3430-3387)،و مسلم(162)،و الترمذي (3156-3343)،و النسائي 217/1،و أبو يعلى(2914-3373)،و ابن حبان(46-48-49-50) و أحمد 148/3-260-286،و أبو عوانة 126/1،و أبو نعيم في الحلية 253/6.
2- انظر الفتح 415/6،و بصائر ذوي التمييز 55/6-56،و روح المعاني 214/4.
3- المستدرك 561/2،و ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح 415/6 قائلا:يقال:إنه لوط بن هاران بن تارح،و هو ابن أخي إبراهيم عليه السلام.
4- انظر فتح الباري 376/6-377،و بصائر ذوي التمييز 96/6-97.
5- رواه في المستدرك 564/2 و تعقبه الذهبي بقوله:«إسناده واه»ا ه.
6- رواه في المستدرك 563/2 و سنده صحيح.

و قال ابن هشام (1):اسمه عابر بن أرفخشذ بن سام بن نوح.

و قال غيره (2):الراجح في نسبه أنه هود بن عبد اللّه بن رباح بن حاوذ بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح.

11-صالح (3):قال وهب:هو ابن عبيد بن ثمود بن حائر بن سام بن نوح،بعث إلى قومه حين راهق الحلم،و كان رجلا أحمر إلى البياض،سبط الشعر،فلبث فيهم أربعين عاما (4).

و قال نوف الشاميّ:صالح من العرب،لمّا أهلك اللّه عادا عمرت ثمود بعدها، فبعث اللّه إليهم صالحا؛غلاما شابا،فدعاهم إلى اللّه حتّى شمط و كبر،و لم يكن بين نوح و إبراهيم نبيّ إلاّ هود و صالح.أخرجهما في المستدرك (5).

و قال ابن حجر و غيره (6):القرآن يدلّ على أنّ ثمودا كان بعد عاد،كما كان عاد بعد قوم نوح.

و قال الثعلبيّ،و نقله عن النّووي في تهذيبه،من خطه نقلت:هو صالح بن عبيد بن أسيف بن ماشج بن عبيد بن حاذر بن ثمود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح؛بعثه اللّه إلى قومه و هو شابّ،و كانوا عربا،منازلهم بين الحجاز و الشام،فأقام فيهم عشرين سنة،و مات بمكة،و هو ابن ثمان و خمسين سنة (7).

12-شعيب (8):قال ابن إسحاق:هو ابن ميكاييل،كذا بخط الذهبيّ في اختصار المستدرك (9).و قال غيره:ابن ملكاين،و قيل:ابن ميكيل بن يشجن بن لاوى بن يعقوب.2.

ص: 293


1- نقله في فتح الباري 376/6.
2- كما رجّحه الحافظ ابن حجر في الفتح 376/6 و عنده:ابن جاور بدل:ابن حاوذ.
3- انظر الفتح 379/6،و بصائر ذوي التمييز 99/6.و في نسبه عندهما خلاف ما في الاتقان.و هو النسب المذكور فيما بعد عن الثعلبي.
4- رواه الحاكم في المستدرك 565/2 و تعقبه الذهبي بأن إسناده واه فيه عبد المنعم بن إدريس:قال أحمد: يكذب على وهب بن منبه.انظر اللسان 73/4-74.
5- رواه الحاكم في المستدرك 565/2 و هو معضل.
6- في الفتح 381/6.
7- انظر الفتح 379/6،و تهذيب الأسماء و اللغات 248/1.
8- انظر الفتح 449/6،و بصائر ذوي التمييز 57/6-58،و تفسير ابن كثير 331/2 و 345/3،و تفسير البغوي 180/2.
9- تلخيص المستدرك 568/2.

و رأيت بخط النوويّ في تهذيبه:ابن ميكاييل بن يشجن بن مدين بن إبراهيم الخليل،كان يقال له:خطيب الأنبياء،و بعث رسولا إلى أمّتين:مدين و أصحاب الأيكة،و كان كثير الصلاة،و عمي في آخر عمره.

و اختار جماعة:أنّ مدين و أصحاب الأيكة أمة واحدة (1).

قال ابن كثير (2):و يدلّ لذلك أنّ كلا منهما وعظ بوفاء المكيال و الميزان،فدلّ على أنهما واحد.

و احتجّ للأول بما أخرجه عن السدّيّ و عكرمة،قالا:ما بعث اللّه نبيّا مرّتين إلاّ شعيبا،مرّة إلى مدين فأخذهم اللّه بالصيحة،و مرّة إلى أصحاب الأيكة فأخذهم اللّه بعذاب يوم الظّلّة (3).

و أخرج ابن عساكر في تاريخه (4)،من حديث عبد اللّه بن عمرو مرفوعا:«أنّ قوم مدين و أصحاب الأيكة أمتان،بعث اللّه إليهما شعيبا».

قال ابن كثير (5):و هو غريب،و في رفعه نظر،قال:و منهم من زعم أنه بعث إلى ثلاث أمم،و الثالثة أصحاب الرّس.

13-موسى (6):هو ابن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوى بن يعقوب عليه السلام؛لا خلاف في نسبه،و هو اسم سريانيّ.

و أخرج أبو الشيخ من طريق عكرمة،عن ابن عباس قال:إنّما سمي موسى،لأنه ألقي بين شجر و ماء،فالماء بالقبطية(مو)و الشجر(سا).

و في الصحيح:وصفه بأنه:«آدم طوال جعد،كأنه من رجال شنوءة» (7).5.

ص: 294


1- انظر الفتح 450/6 و عزاه للجمهور.
2- انظر تفسير ابن كثير 345/3.
3- انظر تفسير ابن كثير 345/3.
4- ذكره ابن كثير في تفسيره 345/3 بسند ابن عساكر إلى ابن عمرو.ثم قال:«و هذا غريب،و في رفعه نظر،و الأشبه أن يكون موقوفا»ا ه.
5- تفسير ابن كثير 345/3.
6- انظر الفتح 422/6،و بصائر ذوي التمييز 61/6-62،و روح المعاني 213/4.
7- رواه البخاري(3437-3394-4709-5603)،و مسلم(168)،و الترمذي(3130)،و أحمد 2/ 282،و النسائي 312/8،و أبو عوانة 129/1،و عبد الرزاق(9719)،و البيهقي في دلائل النبوة 2/ 387،و ابن حبان(51)،و الطبري 12/15.

قال الثعلبيّ (1):عاش مائة و عشرين سنة.

14-هارون (2):أخوه شقيقه؛و قيل:لأمّه فقط،و قيل:لأبيه فقط،حكاهما الكرمانيّ في عجائبه.كان أطول منه،فصيحا جدا،مات قبل موسى،و كان ولد قبله بسنة.

و في بعض أحاديث الإسراء:«صعدت إلى السماء الخامسة،فإذا أنا بهارون و نصف لحيته بيضاء و نصفها أسود،تكاد لحيته تضرب سرته من طولها،فقلت:يا جبريل،من هذا؟قال:المحبّب في قومه هارون بن عمران» (3).

و ذكر ابن مسكويه:أنّ معنى هارون بالعبرانية:(المحبّب).

15-داود (4):هو ابن إيشى-بكسر الهمزة و سكون التحتية و بالشين المعجمة-ابن عوبد-بوزن جعفر،بمهملة و موحدة-ابن باعر-بموحّدة و مهمة مفتوحة-ابن سلمون بن يخشون بن عمى بن يا رب-بتحتية و آخره موحّدة-ابن رام بن حضرون-بمهملة ثم معجمة-ابن فارص-بفاء و آخره مهملة-ابن يهوذا بن يعقوب.

في الترمذيّ:أنه كان أعبد البشر (5)؛قال كعب (6):كان أحمر الوجه،سبط الرأس، أبيض الجسم،طويل اللحية،فيها جعودة،حسن الصوت و الخلق،و جمع له النبوّة و الملك.

قال النّوويّ:قال أهل التاريخ:عاش مائة سنة،مدة ملكه منها أربعون سنة،و كان له اثنا عشر ابنا (7).

16-سليمان ولده (8):قال كعب:كان أبيض جسيما وسيما وضيئا ،جميلا خاشعا4.

ص: 295


1- انظر بصائر ذوي التمييز 68/6.
2- انظر بصائر ذوي التمييز 68/6-69،و روح المعاني 213/4.
3- سبق تخريجه قريبا،و انظر بصائر ذوي التمييز 68/6.
4- انظر الفتح 454/6،و بصائر ذوي التمييز 83/6،و روح المعاني 212/4.
5- رواه الترمذي في كتاب الدعوات،باب(73)،حديث رقم(3490)522/5-523.و في سنده عبد اللّه بن ربيعة:مجهول.انظر التقريب 414/1،و التهذيب 206/5-207،و قد روى هذا الجزء مسلم في صحيحه(1159)و فيه:«فصم صوم داود نبي اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فإنه كان أعبد الناس».
6- انظر بصائر ذوي التمييز 87/6.
7- انظر تهذيب الأسماء و اللغات 180/1.
8- انظر الفتح 457/6،و بصائر ذوي التمييز 86/6-88،و روح المعاني 212/4.

متواضعا،و كان أبوه يشاوره في كثير من أموره،مع صغر سنّه،لوفور عقله و علمه.

و أخرج ابن جبير،عن ابن عباس،قال:ملك الأرض مؤمنان:سليمان و ذو القرنين،و كافران:نمروذ و بخت نصر (1).

قال أهل التاريخ:ملك و هو ابن ثلاث عشرة سنة،و ابتدأ بناء بيت المقدس بعد ملكه بأربع سنين،و مات و له ثلاث و خمسون سنة.

17-أيوب (2):قال ابن إسحاق (3):الصحيح أنه كان من بني إسرائيل،و لم يصحّ في نسبه شيء إلاّ أنّ اسم أبيه أبيض.

و قال ابن جرير:هو أيوب بن موص بن روح بن عيص بن إسحاق.

و حكى ابن عساكر:أنّ أمّه بنت لوط،و أن أباه ممّن آمن بإبراهيم،و على هذا فكان قبل موسى.

و قال ابن جرير (4):كان بعد شعيب.

و قال ابن أبي خيثمة:كان بعد سليمان،ابتلي و هو ابن سبعين،و كانت مدة بلائه سبع سنين،و قيل:ثلاث عشرة،و قيل:ثلاث سنين (5).

و روى الطبرانيّ:أنّ مدة عمره كانت ثلاثا و تسعين سنة.

18-ذو الكفل (6):قيل:هو ابن أيّوب.في المستدرك عن وهب:أنّ اللّه بعث بعد أيوب ابنه بشر بن أيوب نبيّا،و سمّاه ذا الكفل،و أمره بالدّعاء إلى توحيده،و كان مقيما بالشام عمره حتى مات،و عمره خمس و سبعون سنة.

و في العجائب للكرمانيّ:قيل:هو إلياس،و قيل:هو يوشع بن نون،و قيل:هو نبيّ اسمه ذو الكفل.و قيل:كان رجلا صالحا تكفّل بأمور فوفّى بها،و قيل:هو زكريا من قوله: وَ كَفَّلَها زَكَرِيّا [آل عمران:37].انتهى.2.

ص: 296


1- رواه ابن جرير 27/2،عن مجاهد قوله.
2- انظر الفتح 420/6،و روح المعاني 212/4.
3- ذكره في الفتح 420/6.
4- تفسير الطبري 256/5 و عنده:ابن رازح بدل:روح،و في الفتح 420/6:رزاح.
5- انظر الطبري 256/5،و فتح الباري 420/6،و المستدرك 581/2.
6- انظر بصائر ذوي التمييز 80/6،و المستدرك 582/2.

و قال ابن عسكر:قيل:هو نبيّ تكفّل اللّه له في عمله بضعف عمل غيره من الأنبياء.

و قيل:لم يكن نبيّا،و إن اليسع استخلفه فتكفّل له أن يصوم النهار و يقوم الليل.و قيل:أن يصلّي كلّ يوم مائة ركعة،و قيل:اليسع،و إنّ له اسمين.

19-يونس (1):هو ابن متّى،بفتح الميم و تشديد التاء الفوقيّة،مقصور.و وقع في تفسير عبد الرزاق (2):أنّه اسم أمه.

و قال ابن حجر (3):و هو مردود بما في حديث ابن عباس في الصحيح:«و نسبه إلى أبيه» (4)قال:فهذا أصحّ.قال:و لم أقف في شيء من الأخبار على اتصال نسبه،و قد قيل:إنه كان في زمن ملوك الطوائف من الفرس.

روى ابن أبي حاتم،عن أبي مالك:أنه لبث في بطن الحوت أربعين يوما.و عن جعفر الصادق:سبعة أيام.و عن قتادة:ثلاثة،و عن الشعبيّ قال:التقمه ضحى،و لفظه عشيّة (5).

و في يونس ست لغات:تثليث النون مع الواو و الهمزة،و القراءة المشهورة بضم النون مع الواو،قال أبو حيان (6):و قرأ طلحة بن مصرّف بكسر يونس و يوسف،أراد أن يجعلهما عربيّين مشتقين من(أنس)و(أسف)و هو شاذ.

20-إلياس (7):قال ابن إسحاق في«المبتدأ»:هو ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون أخي موسى بن عمران.

و قال ابن عسكر:حكى القتبيّ أنه من سبط يوشع.

و قال وهب:إنّه عمّر كما عمّر الخضر،و إنه يبقى إلى آخر الزمان (8).ر.

ص: 297


1- انظر فتح الباري 451/6،و بصائر ذوي التمييز 53/6-54،و روح المعاني 214/4.
2- تفسير عبد الرزاق 156/3.
3- في فتح الباري 451/6.
4- رواه البخاري(3413)،و مسلم(2377)،و أحمد 242/1-342،و الطبراني في المعجم الكبير (12753)،و ابن حبان(6241)،و الطحاوي في المشكل 446/1.
5- انظر فتح الباري 452/6،فالسيوطي نقل ما رواه ابن ابن حاتم من الفتح.و انظر تفسير عبد الرزاق 3/ 156.
6- انظر البحر المحيط 279/5 و قال:«و قرأ طلحة بن مصرف بالهمز و فتح السين»ا ه،و انظر زاد المسير 79/3.
7- انظر فتح الباري 373/6-374،و بصائر ذوي التمييز 78/6،و روح المعاني 214/4.
8- الصواب وفاة الخضر،لأدلة كثيرة انظر ترجمته في الإصابة للحافظ ابن حجر.

و عن ابن مسعود (1):أنّ إلياس هو إدريس،و سيأتي قريبا؛و إلياس بهمزة قطع،اسم عبرانيّ،و قد زيد في آخره ياء و نون،في قوله تعالى: سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ(130) [الصافات:130]كما قالوا في إدريس:(إدراسين)،و من قرأ (2): آل يس فقيل:المراد آل محمّد (3).

21-اليسع (4):قال ابن جبير:هو ابن أخطوب بن العجوز.قال:و العامة تقرؤه بلام واحدة مخففة،و قرأ بعضهم (5):(و اللّيسع)،بلامين و بالتشديد،فعلى هذا هو عجمي،و كذا على الأولى،و قيل:عربيّ منقول من الفعل،من وسع يسع.

22-زكريا (6):كان من ذريّة سليمان بن داود،و قتل بعد مقتل والده،و كان له يوم بشّر بولده اثنتان و تسعون سنة.و قيل:تسع و تسعون،و قيل:مائة و عشرون.و زكريا اسم أعجميّ و فيه خمس لغات،أشهرها المدّ،و الثانية القصر؛و قرئ بهما في السبع (7).

و زكريّا بتشديد الياء و تخفيفها،و زكر كقلم.

23-يحيى ولده (8):أوّل من سمّي يحيى،بنصّ القرآن،ولد قبل عيسى بستة أشهر،و نبىء صغيرا،و قتل ظلما،و سلّط اللّه على قاتليه بخت نصّر و جيوشه.و يحيى اسم أعجمي،و قيل:عربي.قال الواحدي:و على القولين لا ينصرف.

قال الكرماني:و على الثاني إنما سمي به لأنه أحياه اللّه بالإيمان،و قيل:لأنه حيي به رحم أمّه،و قيل:لأنه استشهد،و الشهداء أحياء،و قيل:معناه(يموت)كالمفازة للمهلكة، و السليم للّديغ.4.

ص: 298


1- رواه البخاري معلقا 373/6(فتح الباري)و قد وصله عبد بن حميد و ابن أبي حاتم بإسناد حسن،كما في الفتح 372/6،و انظر البحر المحيط 173/4.
2- انظر النشر 359/2-360،و الحجة لمكي 228/2،و زاد المسير 82/7-84.
3- قال الحافظ ابن حجر-رحمه اللّه تعالى-في الفتح 373/6 متعقبا هذا القول:«و هو بعيد»ا ه.و انظر زاد المسير 84/7.
4- انظر بصائر ذوي التمييز 79/6،و روح المعاني 214/4.
5- و هي قراءة حمزة و الكسائي،كما في زاد المسير 79/3-80،و الحجة لمكي 438/1 و هي من القراءات المتواترة،و انظر روح المعاني 214/4.
6- انظر الفتح 468/6،و بصائر ذوي التمييز 92/6-93،و روح المعاني 213/4.
7- قرأ الكوفيون(زكريا)بالتشديد،و خفّف الباقون،و قرأ حفص و حمزة و الكسائي(زكريا)بغير مد،و لا همز،و مدّه الباقون و همزوه.انظر الكشف لمكي 341/1،و زاد المسير 377/1.
8- انظر بصائر ذوي التمييز 94/6-95،و روح المعاني 213/4.

24-عيسى ابن مريم بنت عمران (1):خلقه اللّه بلا أب،و كانت مدة حمله ساعة، و قيل:ثلاث ساعات،و قيل:ستة أشهر،و قيل:ثمانية أشهر،و قيل:تسعة،و لها عشر سنين،و قيل:خمس عشر،و رفع و له ثلاث و ثلاثون سنة،و في أحاديث:أنه ينزل و يقتل الدجال (2)و يتزوج (3)،و يولد له،و يحج (4)و يمكث في الأرض سبع سنين،و يدفن عند النبي صلّى اللّه عليه و سلّم (5).و في الصحيح:«أنه ربعة أحمر،كأنما خرج من ديماس»يعني حماما (6).

و عيسى اسم عبراني أو سرياني.

فائدة:أخرج ابن أبي حاتم،عن ابن عباس،قال:لم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا عيسى و محمد صلّى اللّه عليه و سلّم.

25-محمد صلّى اللّه عليه و سلّم:سمّي في القرآن بأسماء كثيرة،منها محمد و أحمد.

فائدة:أخرج ابن أبي حاتم،عن عمرو بن مرّة،قال:خمسة سمّوا قبل أن يكونوا:

محمد: وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ [الصف:6]،و يحيى: إِنّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى [مريم:7]،و عيسى: إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى [آل عمران:45]، و إسحاق و يعقوب: فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [هود:71].قال الراغب (7):

و خصّ لفظ(أحمد)فيما بشر به عيسى،تنبيها على أنه أحمد منه و من الذين قبله.1.

ص: 299


1- انظر الفتح 490/6-493،و بصائر ذوي التمييز 111/6-115،و روح المعاني 213/4.
2- نزول عيسى و قتله الدجال من الأحاديث المتواترة.انظر«التصريح بما تواتر عن نزول المسيح»،و الفتن لنعيم بن حماد 566/2.
3- روى أحمد 406/2-437،و أبو داود(4324)،و الآجري في الشريعة ص 380،و نعيم بن حماد في الفتن(1623)580/2،عن عبد الرحمن بن آدم،عن أبيّ ضمن حديث طويل أنه يقيم في الأرض و يتزوج و صحح إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح 493/6. و روى نعيم بن حماد في الفتن،حديث رقم(1616)578/2 عن سليمان بن عيسى بلاغا.إن عيسى ابن مريم إذا قتل الدجال،رجع إلى بيت المقدس،فيتزوج إلى قوم شعيب ختن موسى،و هم جذام، فيولد له فيهم،و يقيم تسعة عشر سنة،لا يكون أمير،و لا شرطي و لا ملك.
4- روى مسلم(1252)،و أحمد 240/2-272-540،و نعيم بن حماد في الفتن(1606)575/2 من حديث أبي هريرة مرفوعا«و الذي نفسي بيده،ليهلن ابن مريم بفج الروحاء،حاجا أو معتمرا،أو ليثنينهما».
5- روى نعيم بن حماد عن عبد اللّه بن سلام،عن أبيه،قال:نجد في التوراة:أن عيسى ابن مريم يدفن مع محمد صلّى اللّه عليه و سلّم.قال أبو مودود:و قد بقي في البيت موضع قبر عيسى ابن مريم.
6- سبق تخريجه في باب(موسى عليه السلام).
7- في مفرداته ص 131.

و فيه من أسماء الملائكة:

2،1-جبريل و ميكائيل (1):و فيهما لغات:جبريل بكسر الجيم و الراء بلا همز، و جبريل بفتح الجيم و كسر الراء بلا همز،و جبراييل بهمزة بعد الألف،و جبرائيل بياءين بلا همز،و جبرئيل بهمزة و ياء بلا ألف،و جبرئلّ مشدّدة اللام،و قرئ بها.

قال ابن جني:و أصله(كوريال)فغيّر بالتعريب و طول الاستعمال إلى ما ترى.

و قرئ ميكاييل بلا همز،و ميكائيل و مِيكالَ .

أخرج ابن جرير (2)من طريق عكرمة،عن ابن عباس،قال:جبريل عبد اللّه، و ميكاييل عبيد اللّه،و كلّ اسم فيه(إيل)فهو معبّد للّه.

و أخرج عن عبد اللّه بن الحارث،قال:(إيل)اللّه بالعبرانية (3).

و أخرج ابن أبي حاتم،عند عبد العزيز بن عمير،قال:اسم جبريل في الملائكة خادم اللّه.

فائدة:قرأ أبو حيوة (4): فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا [مريم:17]بالتشديد،و فسّره ابن مهران بأنه اسم لجبريل،حكاه الكرمانيّ في عجائبه.

4،3-و هاروت و ماروت:أخرج ابن أبي حاتم،عن عليّ،قال:هاروت و ماروت ملكان من ملائكة السماء.و قد أفردت في قصتهما جزءا (5).

5-و الرعد:ففي الترمذي،من حديث ابن عباس:أنّ اليهود قالوا للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم:

أخبرنا عن الرعد،فقال:«ملك من الملائكة،موكّل بالسحاب» (6).3.

ص: 300


1- انظر تفسير الطبري 481/1-482.
2- رواه ابن جرير في تفسيره،حديث رقم(1624)482/1.و سنده صحيح.و انظر تفسير ابن أبي حاتم 292/1.
3- رواه ابن أبي حاتم في تفسيره(973)293/1،و ابن جرير في تفسيره،حديث رقم(1626)1/ 482).و سنده حسن،فيه:المنهال بن عمرو:صدوق،ربما و هم.انظر الكاشف 157/3،و التقريب 278/2.
4- قال في روح المعاني 75/8:«و ذكر النقاش أنه قرئ:(روحنا)بتشديد النون.اسم ملك من الملائكة.
5- انظر قصة هاروت و ماروت في تفسير ابن أبي حاتم 305/1-309،و تفسير ابن كثير 138/1،و تفسير ابن جرير 456/1-457.و بيّن الحافظ ابن حجر أن للقصة أصلا في كتابه«العجاب».انظره بتحقيقنا.
6- رواه الترمذي(3117)،و أحمد 274/1،و النسائي في عشرة النساء(187)ص 163-165،و ابن منده في التوحيد(48)168/1،و الطبراني في الكبير(12429).و حسّنه شيخنا في صحيحته 491/4- 493.

و أخرج ابن أبي حاتم،عن عكرمة،قال:الرعد ملك يسبّح.

و أخرج مجاهد:أنه سئل عن الرعد،فقال:هو ملك يسمى الرعد،أ لم تر أنّ اللّه يقول: وَ يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ [الرعد:13].

6-و البرق:فقد أخرج ابن أبي حاتم،عن محمد بن مسلم،قال:بلغنا أنّ البرق ملك له أربعة وجوه:وجه إنسان،و وجه ثور،و وجه نسر،و وجه أسد،فإذا مصع بذنبه فذلك البرق.

7-و مالك:خازن النار.

8-و السجلّ:أخرج ابن أبي حاتم،عن أبي جعفر الباقر،قال:السجلّ ملك، و كان هاروت و ماروت من أعوانه (1).

و أخرج عن ابن عمر،قال:السجلّ ملك.

و أخرج عن السدّي،قال:ملك موكّل بالصحف.

9-و قعيد (2):فقد ذكر مجاهد،أنّه اسم كاتب السيئات،و أخرجه أبو نعيم في الحلية.

فهؤلاء تسعة.

10-و أخرج ابن أبي حاتم من طرق مرفوعة و موقوفة و مقطوعة:أنّ ذا القرنين ملك من الملائكة؛فإن صح أكمل العشرة.

11-و أخرج ابن أبي حاتم،من طريق علي بن أبي طلحة،عن ابن عباس في قوله تعالى: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ [النبأ:38].قال:ملك من أعظم الملائكة خلقا.فصاروا أحد عشر.

12-ثم رأيت الراغب في مفرداته (3)في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ [الفتح:4].7.

ص: 301


1- رواه ابن أبي حاتم في تفسيره 112/1-304. قلت:سنده ضعيف،فيه رجل مبهم.قال ابن كثير 102/1:«و هذا أثر غريب،و بتقدير صحته إلى أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين الباقر فهو نقله عن أهل الكتاب،و فيه نكارة توجب ردّه.و اللّه أعلم» ا ه.و انظر الدر المنثور 340/4.
2- لم أجد هذا القول في تفسير مجاهد،و الذي نقله الطبري في تفسيره 415/11،عنه أنه قال: قَعِيدٌ : رصد.و انظر 417/11.
3- المفردات ص 237.

قيل:إنه ملك يسكن قلب المؤمن و يؤمنه،كما روي أنّ السكينة تنطق على لسان عمر (1).

و فيه من أسماء الصحابة:زيد بن حارثة.

و السجلّ في قول من قال:إنه كاتب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،أخرجه أبو داود و النّسائيّ من طريق أبي الجوزاء،عن ابن عباس (2).

و فيه من أسماء المتقدمين غير الأنبياء و الرسل:

عمران:أبو مريم،و قيل:أبو موسى أيضا،و أخوها هارون،و ليس بأخي موسى، كما في حديث أخرجه مسلم (3)،و سيأتي آخر الكتاب.

و عزير،و تبّع-و كان رجلا صالحا-كما أخرج الحاكم.و قيل:نبي،حكاه الكرمانيّ في عجائبه.

و لقمان؛و قد قيل:إنه كان نبيّا،و الأكثر على خلافه؛أخرج ابن أبي حاتم و غيره من طريق عكرمة عن ابن عباس قال:كان لقمان عبدا حبشيّا نجّارا.

و يوسف،الذي في سورة غافر.

و يعقوب في أول سورة مريم على ما تقدّم.

و تقيّ،في قوله فيها: إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا [مريم:18]قيل:إنه اسم رجل كان من أمثل الناس،أي إن كنت في الصلاح مثل تقيّ،حكاه الثعلبي.

و قيل:اسم رجل كان يتعرّض للنساء.و قيل:إنه ابن عمّها،أتاها جبريل في صورته.حكاهما الكرماني في عجائبه (4).

و فيه من أسماء النساء:

مريم لا غير،لنكتة تقدّمت في نوع الكناية.و معنى مريم-بالعبريّة-الخادم.

و قيل:المرأة التي تغازل الفتيان،حكاهما الكرمانيّ.ة.

ص: 302


1- سبق تخريج هذا الأثر.
2- رواه أبو داود(2935)،و النسائي(355-356)74/2-77(تفسيره)،و الطبراني(12790)، و البيهقي 126/1.و سنده ضعيف.
3- سيأتي تخريجه إن شاء اللّه تعالى.
4- هذه الأقوال ضعيفة مردودة.

و قيل:إنّ بعلا في قوله: أَ تَدْعُونَ بَعْلاً [الصافات:125]اسم امرأة كانوا يعبدونها، حكاه ابن عسكر.

و فيه من أسماء الكفار:

قارون،و هو ابن يصهر ابن عمّ موسى،كما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس.

و جالوت،و هامان،و بشرى الذي ناداه الوارد المذكور في سورة يوسف بقوله:

يا بُشْرى [يوسف:19].في قول السّدّيّ،أخرجه ابن أبي حاتم.

و آزر أبو إبراهيم،و قيل:اسمه تارح و آزر لقب؛أخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحّاك عن ابن عباس،قال:إنّ أبا إبراهيم لم يكن اسمه آزر؛إنما كان اسمه تارح.

و أخرج من طريق عكرمة،عن ابن عباس،قال:معنى آزر:الصنم.

و أخرج عن السدّيّ،قال:اسم أبيه تارح،و اسم الصنم آزر.

و أخرج عن مجاهد،ليس آزر أبا إبراهيم.

و منها:النسيء،أخرج ابن أبي حاتم عن أبي وائل قال:كان رجل يسمى النسيء من بني كنانة،كان يجعل المحرّم صفرا يستحلّ به الغنائم.

و فيه من أسماء الجن:

أبو هم إبليس،و كان اسمه أولا عزازيل،أخرج ابن أبي حاتم و غيره من طريق سعيد بن جبير،عن ابن عباس،قال:كان إبليس اسمه عزازيل.

و أخرج ابن جرير،عن السّدّيّ،قال:كان اسم إبليس الحارث،قال بعضهم:هو معنى عزازيل.

و أخرج ابن جرير و غيره من طريق الضحّاك،عن ابن عباس قال:إنما سمّي إبليس لأنّ اللّه أبلسه من الخير كلّه،آيسه منه.

و قال ابن عسكر:قيل في اسمه:قترة،حكاه الخطابيّ.و كنيته أبو كردوس،و قيل:

أبو قترة،و قيل:أبو مرة،و قيل:أبو لبينى،حكاه السهيليّ في الروض الأنف.

فيه من أسماء القبائل:

يأجوج،و مأجوج،و عاد،و ثمود،و مدين،و قريش،و الروم.

و فيه من الأقوام بالإضافة:

قوم نوح،و قوم لوط،و قوم تبّع،و قوم إبراهيم،و أصحاب الأيكة-قيل:هم

ص: 303

مدين-و أصحاب الرسّ،و هم بقيّة من ثمود،قاله ابن عباس.و قال عكرمة:هم أصحاب ياسين.و قال قتادة:هم قوم شعيب،و قيل:هم أصحاب الأخدود،و اختاره ابن جرير.

و فيه من أسماء الأصنام التي كانت أسماء لأناس:

ودّ،و سواع،و يغوث،و يعوق،و نسر،و هي أصنام قوم نوح.و اللاّت،و العزّى، و مناة،و هي أصنام قريش،و كذا الرّجز-فيمن قرأه بضم الراء-ذكر الأخفش في كتاب «الواحد و الجمع»أنه اسم صنم.

و الجبت و الطاغوت:قال ابن جرير (1):ذهب بعضهم إلى أنهما صنمان كان المشركون يعبدونهما،ثم أخرج (2)عن عكرمة،قال:الجبت و الطاغوت صنمان.

و الرشاد:في قوله في سورة غافر: وَ ما أَهْدِيكُمْ إِلاّ سَبِيلَ الرَّشادِ [غافر:29]قيل:

هو اسم صنم من أصنام فرعون،حكاه الكرمانيّ في عجائبه (3).

و بعل:و هو صنم قوم إلياس.

و آزر،على أنه اسم صنم.

روى البخاريّ،عن ابن عباس:ودّ و سواع و يغوث و يعوق و نسر أسماء رجال صالحين من قوم نوح،فلمّا هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم:أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا و سموها بأسمائهم؛ففعلوا،فلم تعبد،حتى إذا هلك أولئك و تنسّخ العلم عبدت (4).

و أخرج ابن أبي حاتم،عن عروة:أنهم أولاد آدم لصلبه.

و أخرج البخاريّ،عن ابن عباس،قال:كان اللاتّ رجلا يلتّ سويق الحاجّ (5).

و حكاه ابن جني عنه أنه قرأ: اَللاّتَ [النجم:19]بتشديد التاء،و فسّره بذلك،و كذا.

ص: 304


1- في تفسيره 133/4-134.
2- رواه ابن جرير في تفسيره،حديث رقم(9769)133/4-134.و سنده صحيح.
3- و هو من الأقوال العجيبة.انظر زاد المسير 219/7.
4- رواه البخاري(4920)667/8.
5- رواه البخاري(4859)611/8.قال الإسماعيلي:هذا التفسير على قراءة من قرأ اَللاّتَ بتشديد التاء.قال الحافظ ابن حجر:«قلت:و ليس ذلك بلازم،بل يحتمل أن يكون هذا أصله،و خفّف لكثرة الاستعمال.و الجمهور على القراءة بالتخفيف.و قد روي التشديد عن قراءة ابن عباس و جماعة من أتباعه.و رويت عن ابن كثير-أيضا-،و المشهور عنه التخفيف كالجمهور»ا ه.

أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاهد.

و فيه من أسماء البلاد و البقاع و الأمكنة و الجبال:

بكّة:اسم لمكة؛فقيل الباء بدل من الميم،و مأخذه من تمكّكت العظم،أي:

اجتذبت ما فيه من المخّ،و تمكّك الفصيل ما في ضرع الناقة؛فكأنّها تجتذب إلى نفسها ما في البلاد من الأقوات.

و قيل:لأنها تمكّ الذنوب،أي:تذهبها،و قيل:لقلة مائها.و قيل:لأنّها في بطن واد تمكّك الماء من جبالها عند نزول المطر،و تنجذب إليها السيول.و قيل:الباء أصل، و مأخذه من البكّ،لأنها تبكّ أعناق الجبابرة،أي:تكسرهم،فيذلّون لها و يخضعون، و قيل:من التباكّ و هو الازدحام؛لازدحام الناس فيها في الطّواف.

و قيل:مكّة الحرم،و بكّة المسجد خاصة،و قيل:مكّة البلد،و بكّة البيت و موضع الطواف.و قيل:البيت خاصة.

و المدينة:سمّيت في الأحزاب بيثرب،حكاية عن المنافقين،و كان اسمها في الجاهلية،فقيل:لأنه اسم أرض في ناحيتها،و قيل:سمّيت بيثرب بن وائل من بني إرم بن سام بن نوح؛لأنه أوّل من نزلها،و قد صحّ النهي عن تسميتها به (1)؛لأنه صلّى اللّه عليه و سلّم كان يكره الاسم الخبيث،و هو يشعر بالثّرب و هو الفساد،أو التثريب و هو التوبيخ.

و بدر:و هي قرية قرب المدينة،أخرج ابن جرير (2)،عن الشعبيّ،قال:كانت بدر لرجل من جهينة يسمّى بدرا،فسمّيت به.قال الواقديّ (3):فذكرت ذلك لعبد اللّه بن جعفر و محمد بن صالح فأنكراه،و قالا:لأيّ شيء سمّيت الصفراء و رابغ؟هذا ليس بشيء،إنّما هو اسم الموضع.

و أخرج (4)عن الضحّاك،قال:بدر ما بين مكة و المدينة.3.

ص: 305


1- رواه أحمد في المسند 285/4،و أبو يعلى في مسنده(1688)247/3-248،و الجندي في فضائل المدينة(20-21)ص 25-26. قلت:سنده ضعيف.يزيد بن أبي زياد:ضعيف،كبر فتغير،صار يتلقن،و كان شيعيا.انظر طبقات المدلسين ص 116،و المغني 749/2،و التهذيب 329/11-330،و التقريب 365/2.
2- تفسير الطبري 420/3 و في سند هذه الرواية الواقدي:متهم بالكذب،و لكن صح عنه ذلك من غير طريقه عند الطبري 420/3.
3- ذكره ابن جرير عقيب رواية الشعبي السابقة.و فيه الواقدي:متهم بالكذب،مع سعة علمه.
4- تفسير الطبري 420/3.

و أحد:قرئ شاذّا (1): إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ [آل عمران:153].

و حنين:و هي قرية قرب الطائف.

و جمع:و هي مزدلفة.

و المشعر الحرام:و هو جبل بها.

و نقع:قيل هو اسم لما بين عرفات إلى مزدلفة،حكاه الكرمانيّ.

و مصر،و بابل:و هي بلد بسواد العراق.

و الأيكة،و ليكة،بفتح اللام:بلد قوم شعيب،و الثاني:اسم البلدة و الأول اسم الكورة.

و الحجر:منازل ثمود ناحية الشام عند وادي القرى.

و الأحقاف:و هي جبال الرمل بين عمان و حضرموت،و أخرج ابن أبي حاتم،عن ابن عباس:أنها جبل بالشام.

و طور سيناء:و هو الجبل الذي نودي منه موسى.

و الجوديّ:و هو جبل بالجزيرة.

و طوى:اسم الوادي،كما أخرجه ابن أبي حاتم،عن ابن عباس.و أخرج من وجه آخر عنه:أن سمّي طوى لأنّ موسى طواه ليلا.و أخرج عن الحسن،قال:هو واد بفلسطين،قيل له:طوى؛لأنه قدّس مرتين،و أخرج عن مبشّر بن عبيد،قال:هو واد بأيلة،طوي بالبركة مرّتين.

و الكهف:و هو البيت المنقور في الجبل.

و الرقيم:أخرج ابن أبي حاتم،عن ابن عباس،قال:زعم كعب أنّ الرقيم القرية التي خرجوا منها،و عن عطيّة قال:الرقيم واد.و عن سعيد بن جبير مثله.

و أخرج من طريق العوفيّ،عن ابن عباس،قال:الرقيم واد بين عقبان و أيلة دون فلسطين.1.

ص: 306


1- قال في روح المعاني 90/4:«قال أبو البقاء:و يقرأ:على أحد:بضمتين،و هو الجبل»ا ه و انظر إملاء ما منّ به الرحمن 154/1.

و عن قتادة قال:الرّقيم اسم الوادي الذي فيه الكهف.و عن أنس بن مالك،قال:

الرقيم الكلب.

و العرم:أخرج ابن أبي حاتم،عن عطاء،قال:العرم اسم الوادي.

و حرد:قال السّدّيّ:بلغنا أنّ اسم القرية حرد،أخرجه ابن أبي حاتم.

و الصريم:أخرج ابن جرير (1)،عن سعيد بن جبير:أنها أرض باليمن تسمّى بذلك.

و ق :و هو جبل محيط،بالأرض.

و الجرز:هو اسم أرض.

و الطاغية:قيل:اسم البقعة التي أهلكت بها ثمود،حكاهما الكرمانيّ.

و فيه من أسماء الأماكن الأخروية:

الفردوس:و هو أعلى مكان في الجنة.

و علّيّون:قيل:أعلى مكان في الجنة،و قيل:اسم لما دوّن فيه أعمال صلحاء الثقلين.

و الكوثر:نهر في الجنة،كما في الأحاديث المتواترة (2).

و سلسبيل و تسنيم:عينان في الجنة.

و سجّين:اسم لمكان أرواح الكفار.

و صعود:جبل في جهنم،كما أخرجه الترمذي،من حديث أبي سعيد مرفوعا (3).

و غيّ و أثام و موبق و السعير وسائل و سحق:أودية في جهنّم.ي.

ص: 307


1- تفسير الطبري 191/12،و عبد الرزاق في تفسيره 309/3.
2- رواه البخاري(4964-6581)،و الترمذي(3359-3360)،و أبو داود(4748)،و أحمد 164/3- 191-207-231-232-289،و ابن حبان(6471-6472-6473-6474)،و البغوي في شرح السنة(4343)،و في تفسيره 335/5،و الآجري في الشريعة ص 395-396 من طرق عن أنس -رضي اللّه عنه-.
3- رواه الترمذي(2576-3326)،و أحمد 75/3،و أبو يعلى(1383)،و الطبري في تفسيره 308/12، و الحاكم 596/4. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-ابن لهيعة:ضعيف،و قد اختلط،و تابعه عمرو بن الحارث عند الطبري.

أخرج ابن أبي حاتم،عن أنس بن مالك في قوله: وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً [الكهف:52]قال:واد في جهنم من قيح.و أخرج عن عكرمة في قوله: مَوْبِقاً قال:

هو نهر في النار.

و أخرج الحاكم في مستدركه:عن ابن مسعود في قوله: فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59].قال:واد في جهنم (1).

و أخرج الترمذيّ و غيره،من حديث أبي سعيد الخدريّ،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:

«ويل:واد في جهنم،يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره» (2).

و أخرج ابن المنذر،عن ابن مسعود،قال:«ويل واد في جهنم من قيح».

و أخرج ابن أبي حاتم،عن كعب،قال:في النار أربعة أودية يعذّب اللّه بها أهلها:

غليظ و موبق و أثام و غيّ.

و أخرج عن سعيد بن جبير،قال:السعير واد من قيح في جهنم،و سحق واد في جهنم.

و أخرج عن أبي زيد،في قوله: سَأَلَ سائِلٌ [المعارج:1].هو واد من أودية جهنم يقال له:سائل.

و الفلق:جبّ في جهنم،في حديث مرفوع أخرجه ابن جرير (3).ا.

ص: 308


1- رواه الحاكم في المستدرك 372/2.و في سنده انقطاع:أبو عبيدة:الراجح أنه لم يسمع من أبيه.انظر التقريب 448/2،و طبقات المدلسين ص 119.
2- رواه الترمذي(3164)،و أحمد 75/3،و الحاكم 596/4،و نعيم بن حماد في زيادات الزهد(334)، و أبو يعلى(1383)،و ابن حبان(7467)،و البيهقي في البعث(466-487)،و البغوي(4409). قلت:سنده ضعيف،و هو جزء من حديث الصعود.و قد سبق الحكم عليه قريبا.
3- 2-دراج:ضعيف في روايته عن أبي الهيثم،و هنا يروي عنه،انظر التقريب 235/1،و التهذيب 3/ 208-209. و له طريق أخرى:فقد رواه الطبري 308/12،و البغوي في تفسيره 415/4،من طريق شريك،عن عمار،عن عطية،عن أبي سعيد مرفوعا:«هو جبل في النار من نار،يكلفون أن يصعدوه-الحديث». و شريك ضعيف.و عطية العوفي:صدوق-يخطئ كثيرا.و هو مشهور بالتدليس القبيح.انظر التقريب 24/2،و طبقات المدلسين ص 130،و الكاشف 235/2.

و يحموم:دخان أسود،أخرجه الحاكم،عن ابن عباس (1).

و فيه من المنسوب إلى الأماكن:

الأمّيّ،قيل:نسبة إلى أم القرى مكة.

و عبقريّ،قيل:إنه منسوب إلى عبقر،موضع للجن ينسب إليه كلّ نادر.

و السامريّ،قيل:منسوب إلى أرض يقال لها سامرون،و قيل:سامرة.

و العربيّ،قيل منسوب إلى عربة،و هي باحة دار إسماعيل عليه السلام،أنشد فيها:

و عربة أرض ما يحلّ حرامها من الناس إلاّ اللوذعيّ الحلاحل

يعني النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:

و فيه من أسماء الكواكب:الشمس و القمر،و الطارق،و الشّعري.

فائدة

قال بعضهم:سمى اللّه في القرآن عشرة أجناس من الطير:

السلوى،و البعوض، و الذباب،و النحل،و العنكبوت،و الجراد،و الهدهد،و الغراب،و أبابيل،و النمل،فإنّه من الطير لقوله في سليمان: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ [النمل:16]و قد فهم كلامها.

و أخرج ابن أبي حاتم،عن الشعبي،قال:النملة التي فقه سليمان كلامها كانت ذات جناحين.

فصل في الكنى

أمّا الكنى،فليس في القرآن منها غير أبي لهب،و اسمه عبد العزّى،و لذلك لم يذكر باسمه لأنه حرام شرعا؛و قيل:للإشارة إلى أنه جهنّميّ.

و أما الألقاب:فمنها إسرائيل:لقب يعقوب،و معناه عبد اللّه،و قيل:صفوة اللّه، و قيل:سريّ اللّه لأنه أسرى لمّا هاجر.

أخرج ابن جرير (2)،من طريق عمير،عن ابن عباس:أنّ إسرائيل كقولك عبد اللّه.

و أخرج عبد الرحمن بن حميد في تفسيره،عن أبي مجلز،قال:كان يعقوب رجلا

ص: 309


1- رواه الحاكم في المستدرك 476/2 و صححه على شرط الشيخين،و وافقه الذهبي.
2- سبق تخريجه.

بطيشا،فلقي ملكا فعالجه فصرعه الملك،فضرب على فخذيه،فلما رأى يعقوب ما صنع به بطش به،فقال:ما أنا بتاركك حتى تسمّيني اسما،فسمّاه إسرائيل.قال أبو مجلز:أ لا ترى أنه من أسماء الملائكة؟ و فيه لغات،أشهرها بياء بعد الهمزة و لام،و قرئ بلا همز (1).

قال بعضهم:و لم يخاطب اليهود في القرآن إلاّ ب يا بَنِي إِسْرائِيلَ دون(يا بني يعقوب)لنكتة،و هو:أنهم خوطبوا بعبادة اللّه،و ذكّروا بدين أسلافهم موعظة لهم،و تنبيها من غفلتهم.فسمّوا بالاسم الذي فيه تذكرة باللّه تعالى،فإنّ إسرائيل اسم مضاف إلى اللّه في التأويل،و لمّا ذكر موهبته لإبراهيم و تبشيره به قال يعقوب،و كان أولى من إسرائيل، لأنها موهبة بمعقّب آخر،فناسب ذكر اسم يشعر بالتعقيب.

و منها:المسيح،لقب لعيسى،و معناه قيل:الصديق،و قيل:الذي ليس لرجله أخمص،و قيل:الذي لا يمسح ذا عاهة إلاّ برأ،و قيل:الجميل،و قيل:الذي يمسح الأرض،أي:يقطعها،و قيل:غير ذلك.

و منها:إلياس؛قيل إنه لقب إدريس.أخرج ابن أبي حاتم بسند حسن،عن ابن مسعود،قال:إلياس هو إدريس (2)،و إسرائيل هو يعقوب،و في قراءته:(و إن إدراس لمن المرسلين)(سلام على إدراسين)،و في قراءة أبي(و أن إيليسين)(سلام على إيليسين) (3).

و منها:ذو الكفل؛قيل:إنه لقب إلياس،و قيل:لقب إليسع،و قيل:لقب يوشع، و قيل:لقب زكريا.

و منها:نوح،اسمه عبد الغفار،و لقبه نوح،لكثرة نوحه على نفسه في طاعة ربّه، كما أخرجه ابن أبي حاتم،عن يزيد الرّقاشيّ.

و منها:ذو القرنين،و اسمه إسكندر (4)،و قيل:عبد اللّه بن الضّحاك بن سعد،9.

ص: 310


1- سبق تخريج هذه القراءة.
2- سبق تخريجه.
3- سبق تخريج هذه القراءات.
4- ليس هو الإسكندر الثاني،و هو إسكندر بن فيلبس المقدوني اليوناني،و كان وزيره أرسطاطاليس الفيلسوف المشهور،و هو الذي تؤرخ من مملكته الروم.و قد كان قبل المسيح عليه السلام بنحو من ثلاثمائة.قال ابن كثير في تفسيره 100/3:«فأما المذكور في القرآن فكان في زمن الخليل كما ذكره الأزرقي و غيره أنه طاف مع الخليل-عليه السلام-بالبيت العتيق لما بناه إبراهيم-عليه السلام-،و قرب إلى اللّه قربانا»ا ه.و انظر الفرقان لشيخ الإسلام ص 42 بتحقيقي،و البداية و النهاية 103/2-106، و تفسير البغوي 178/3،و زاد المسير 183/5-185،و البحر المحيط 158/6-159.

و قيل:المنذر بن ماء السماء.و قيل:الصعب بن قرين بن الهمّال.حكاهما ابن عسكر.

و لقّب ذا القرنين لأنه بلغ قرني الأرض المشرق و المغرب،و قيل:لأنه ملك فارس و الروم، و قيل:كان على رأسه قرنان،أي ذؤابتان،و قيل:كان له قرنان من ذهب،و قيل:كانت صفحتا رأسه من نحاس،و قيل:كان على رأسه قرنان صغيران تواريهما العمامة،و قيل:

إنّه ضرب على قرنه فمات ثم بعثه اللّه،فضربوه على قرنه الآخر،و قيل:لأنه كان كريم الطّرفين.و قيل:إنه انقرض في وقته قرنان من الناس و هو حيّ،و قيل:لأنه أعطي علم الظاهر و علم الباطن،و قيل:لأنه دخل النور و الظلمة.

و منها:فرعون،و اسمه الوليد بن مصعب،و كنيته أبو العباس،و قيل:أبو الوليد، و قيل:أبو مرة.و قيل:إنّ فرعون لقب لكلّ من ملك مصر.أخرج ابن أبي حاتم،عن مجاهد،قال:كان فرعون فارسيّا من أهل إصطخر.

و منها:تبّع،قيل:كان اسمه أسعد بن ملكي كرب،و سمّي تبّعا لكثرة من تبعه.

و قيل:إنّه لقب ملوك اليمن،سمّي كلّ واحد منهم تبّعا،أي يتبع صاحبه،كالخليفة يخلف غيره.

ص: 311

النوع السبعون

اشارة

في المبهمات

أفرده بالتأليف السهيلي (1)،ثم ابن عسكر (2)،ثم القاضي بدر الدين بن جماعة (3).

ولي فيه تأليف لطيف،جمع فوائد الكتب المذكورة مع زوائد أخرى،على صغر حجمه جدّا (4).و كان من السلف من يعتني به كثيرا.قال عكرمة:طلبت الذي خرج من بيته مهاجرا إلى اللّه و رسوله ثم أدركه الموت أربع عشرة سنة (5).

و للإبهام في القرآن أسباب (6):

أحدها:الاستغناء ببيانه في موضع آخر،كقوله: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7]،فإنّه مبيّن في قوله: مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصّالِحِينَ [النساء:69].

الثاني:أن يتعيّن لاشتهاره،كقوله: وَ قُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَ زَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة:35]،و لم يقل:(حوّاء)لأنه ليس له غيرها. أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ [البقرة:258]و المراد نمروذ،لشهرة ذلك،لأنه المرسل إليه.قيل:و قد ذكر اللّه فرعون في القرآن باسمه و لم يسمّ نمروذ؛لأنّ فرعون كان أذكى منه،كما يؤخذ من أجوبته

ص: 312


1- و كتابه«التعريف و الإعلام»و هو مطبوع.
2- في المطبوعة:ابن عساكر،و هو خطأ،و ابن عسكر هو محمد بن علي بن الخضر بن هارون الغساني، أبو عبد اللّه.من كتبه:«الإكمال و الإعلام».و ذيل ابن عسكر على كتاب السهيلي بكتاب:«التكميل و الإتمام»انظر مفحمات الأقران ص 33.
3- و كتابه اسمه:«التبيان في مبهمات القرآن».
4- و اسم كتاب السيوطي:«مفحمات الأقران في مبهمات القرآن»و هو مطبوع بمؤسسة الرسالة-بيروت.
5- ذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة 204/2 و عزاه لابن منده من طريق يزيد بن أبي حكيم،عن الحكم بن أبان،عن عكرمة،سمعت ابن عباس...فذكره.و رواه أبو أحمد الزبيري،و ابن منده في معرفة الصحابة.و انظر تفسير الطبري 240/4-241،و مفحمات الأقران ص 34-35،و البرهان 1/ 155.

لموسى،و نمروذ كان بليدا و لهذا قال: أَنَا أُحْيِي وَ أُمِيتُ و فعل ما فعل من قتل شخص و العفو عن آخر،و ذلك غاية البلادة (1).

الثالث:قصد السّتر عليه،ليكون أبلغ في استعطافه،نحو: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا [البقرة:204]الآية.هو الأخنس بن شريق؛و قد أسلم بعد و حسن إسلامه.

الرابع:ألاّ يكون في تعيينه كبير فائدة،نحو: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ [البقرة:259]. وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ [الأعراف:163].

الخامس:التنبيه على العموم،و أنه غير خاص،بخلاف ما لو عيّن،نحو: وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً [النساء:100].

السادس:تعظيمه بالوصف الكامل دون الاسم،نحو: وَ لا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ [النور:22]. وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ [الزمر:33]. إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ [التوبة:40]و المراد الصدّيق في الكلّ.

السابع:تحقيره بالوصف الناقص،نحو: إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ(3) [الكوثر:3].

تنبيه لا يبحث عن مبهم أخبر الله باستئثاره بعلمه

تنبيه:قال الزركشيّ في البرهان (2):لا يبحث عن مبهم أخبر اللّه باستئثاره بعلمه، كقوله: وَ آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ [الأنفال:60].قال:و العجب ممن تجرأ و قال:إنّهم قريظة،أو من الجنّ.

قلت (3):ليس في الآية ما يدلّ على أنّ جنسهم لا يعلم،إنما المنفيّ علم أعيانهم، و لا ينافيه العلم بكونهم من قريظة،أو من الجن،و هو نظير قوله في المنافقين: وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [التوبة:101]،فإنّ المنفيّ علم أعيانهم.ثم القول في أولئك بأنهم بنو قريظة،أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاهد.و القول بأنهم من الجن،أخرجه ابن أبي حاتم من حديث

ص: 313


1- انظر مفحمات الأقران ص 36.
2- البرهان 155/1.
3- و انظر مفحمات الأقران ص 35.

عبد اللّه بن غريب،عن أبيه مرفوعا،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،فلا جرأة.

فصل اعلم أنّ علم المبهمات مرجعه النقل المحض؛

اشارة

لا مجال للرأي فيه،و لما كانت الكتب المؤلفة فيه و سائر التفاسير يذكر فيها أسماء المبهمات و الخلاف فيها،دون بيان مستند يرجع إليه،أو عرف يعتمد عليه،ألّفت الكتاب الذي ألّفته،مذكورا فيه عز و كلّ قول إلى قائله من الصحابة و التابعين و غيرهم،معزوّا إلى أصحاب الكتب الذين خرّجوا ذلك بأسانيدهم،مبيّنا فيه ما صحّ سنده و ما ضعف،فجاء لذلك كتابا حافلا لا نظير له في نوعه،و قد رتّبته على ترتيب القرآن،و أنا ألخّص هنا مبهماته بأوجز عبارة،تاركا العزو و التخريج غالبا،اختصارا و إحالة على الكتاب المذكور،و أرتبه على قسمين (1):

ص: 314


1- أغلب هذا الفصل مأخوذ من الإسرائيليات،ينبغي التنبه لهذا.

القسم الأول

فيما أبهم من رجل أو امرأة أو ملك أو جني،

أو مثنى أو مجموع عرف أسماء كلهم،أو من،أو الذي،إذا لم يرد به العموم قوله تعالى: إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً [البقرة:30]هو آدم و زوجته حواء -بالمدّ-لأنها خلقت من حيّ (1).

وَ إِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً [البقرة:72]اسمه عاميل.

وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ [البقرة:129]هو النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم.

وَ وَصّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ [البقرة:132]هم:إسماعيل و إسحاق و مدين و زمران و سرح و نفش و نفشان و أميم و كيسان و سورح و لوطان و نافش (2).

وَ الْأَسْباطِ :أولاد يعقوب اثنا عشر رجلا:يوسف،و روبيل،و شمعون،و لاوى، و يهوذا،و دان،و نفتالى-بفاء و مثناة-و كاد و ياشير،و إيشاجر،و ريالون،و بنيامين.

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ [البقرة:204]هو الأخنس بن شريق (3).

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ [البقرة:207]هو صهيب (4).

إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ [البقرة:246]هو شمويل،و قيل:شمعون،و قيل:يوشع (5).

مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللّهُ [البقرة:253].قال مجاهد:موسى. وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ

ص: 315


1- انظر مفحمات الأقران ص 39.
2- انظر مفحمات الأقران ص 47-49،و فيه اختلاف في بعض الأسماء،و انظر تاريخ الطبري 309/1 و 270/2،و الكامل لابن الأثير 123/1،و الدر المنثور 139/1.
3- انظر مفحمات الأقران ص 52،و الدر المنثور 238/1 و عزاه لابن جرير 324/2،و ابن المنذر،و ابن أبي حاتم عن السدي.
4- انظر مفحمات الأقران ص 52-53 و عزاه للحارث بن أبي أسامة في مسنده،و ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب.
5- انظر مفحمات الأقران ص 56،و تفسير الطبري 610/2-613.

[البقرة:253].قال:محمد (1).

اَلَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ [البقرة:258].نمروذ بن كنعان (2).

أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ [البقرة:259].عزير،و قيل:أرمياء،و قيل:حزقيل (3).

اِمْرَأَتُ عِمْرانَ [آل عمران:35].حنّة بنت فاقوذ (4).

وَ امْرَأَتِي عاقِرٌ [آل عمران:40].هي أشياع،أو أشيع بنت فاقود (5).

مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ [آل عمران:193].هو محمد صلّى اللّه عليه و سلّم (6).

إِلَى الطّاغُوتِ [النساء:60].قال ابن عباس:هو كعب بن الأشرف،أخرجه أحمد (7).

وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ [النساء:72].هو عبد اللّه بن أبيّ (8).

وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً [النساء:94]هو عامر بن الأضبط الأشجعيّ،و قيل:مرداس،و القائل ذلك نفر من المسلمين،منهم أبو قتادة و محلّم بن جثّامة.و قيل:إنّ الذي باشر القول محلّم،و قيل:إنه الذي باشر قتله أيضا، و قيل:قتله المقداد بن الأسود،و قيل:أسامة بن زيد (9).

وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ [النساء:100].هو2.

ص: 316


1- انظر تفسير مجاهد 114/1،و انظر مفحمات الأقران ص 57.
2- انظر مفحمات الأقران ص 57،و الدر المنثور 331/1.
3- رواه الحاكم 282/2،و انظر مفحمات الأقران ص 58.
4- انظر الدر المنثور 8/2-19،و مفحمات الأقران ص 61.
5- انظر مفحمات الأقران ص 61.
6- انظر تفسير الطبري 553/3،و مفحمات الأقران ص 68.
7- رواه البيهقي في الدلائل 193/3-194،و الطبري في تفسيره 157/4،عن ابن عباس به.و رواه الواحدي في أسباب النزول ص 155-156 عن عكرمة مرسلا بسند صحيح.و انظر مجمع الزوائد 7/ 5-6.
8- و هو قول مقاتل،كما أخرجه ابن أبي حاتم و غيره.انظر مفحمات الأقران ص 73.
9- روى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده 11/6،و البيهقي في الدلائل 306/4،و الواحدي في أسباب النزول ص 173-174،و الطبري في تفسيره 224/4،و البخاري في التاريخ الكبير 75/1/3،و سنده حسن،محمد بن إسحاق،صدوق،يدلس،لكنه صرح بالتحديث عند الإمام أحمد.انظر طبقات المدلسين ص 132،و المغني 552/2-553،و الكاشف 18/3،التقريب 144/2.

ضمرة بن جندب (1)،و قيل:ابن العيص؛رجل من خزاعة.و قيل:أبو ضمرة بن العيص، و قيل:اسمه سبرة،و قيل:هو خالد بن حزام،و هو غريب جدّا (2).

وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً [المائدة:12].هم:شموع بن زكور من سبط روبيل،و شوقط بن حورى من سبط شمعون،و كالب بن يوفنّا من سبط يهوذا،و بعورك بن يوسف من سبط إشاجر،و يوشع بن نون من سبط إفراثيم بن يوسف،و بلطى بن روفوا من سبط بنيامين،و كرابيل بن سودي من سبط زبالون،و كدّي بن شاس من سبط منشا بن يوسف،و عمائيل بن كسل من سبط دان،و ستور بن ميخائيل من سبط أشير،و يوحنّا بن و قوسى من سبط نفتالى،و إلّ بن موخا من سبط كاذلوا (3).

قالَ رَجُلانِ [المائدة:23].هما يوشع و كالب (4).

نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ [المائدة:27].هما قابيل و هابيل،و هو المقتول (5).

اَلَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها [الأعراف:175].بلعم،و يقال:بلعام بن آير، و يقال:باعر،و يقال:باعور.و قيل:هو أميّة بن أبي الصلت،و قيل:صيفي بن راهب، و قيل:فرعون،و هو أغربها (6).7.

ص: 317


1- رواه أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(2679)81/5،و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم (11709)272/11-273.و سنده ضعيف،فيه: 1-أشعث بن سوار:ضعيف،انظر التقريب 79/1،و التهذيب 354/1. 2-عبد الرحمن بن محمد:لا بأس به،و كان يدلّس،انظر طبقات المدلسين ص 93،و التقريب 1/ 497.و له متابع عند الطبراني. و له طريق أخرى: فقد رواه الطبري في تفسيره 241/4 من طريق شريك،عن عمرو بن دينار،عن عكرمة،عن ابن عباس.و شريك ضعيف. و في الباب: 1-عن عكرمة مرسلا:رواه عبد الرزاق في تفسيره 171/1،و الطبري في تفسيره 240/4،و الواحدي في أسباب النزول ص 178-179. 2-عن قتادة مرسلا:عند الطبري في تفسيره 240/4.
2- انظر مفحمات الأقران ص 76،و الإصابة 251/1.
3- انظر مفحمات الأقران ص 81-82.
4- و هو قول مجاهد.انظر مفحمات الأقران ص 83.
5- انظر تفسير الطبري 528/4،و مفحمات الأقران ص 83-84.
6- انظر مفحمات الأقران ص 96-97.

وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ [الأنفال:48]عنى سراقة بن جعشم (1).

فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ [التوبة:12]قال قتادة:هم أبو سفيان و أبو جهل و أميّة بن خلف و سهيل بن عمرو و عتبة بن ربيعة (2).

إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ [التوبة:40].هو أبو بكر الصديق (3).

وَ فِيكُمْ سَمّاعُونَ لَهُمْ [التوبة:47].قال مجاهد:هم عبد اللّه بن أبيّ بن سلول، و رفاعة بن التابوت،و أوس بن قيظيّ (4).

وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي [التوبة:49].هو الجدّ بن قيس (5).

وَ مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ [التوبة:58].هو ذو الخويصرة (6).

إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ [التوبة:66]هو مخشيّ بن حميّر (7).

وَ مِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللّهَ [التوبة:75].هو ثعلبة بن حاطب (8).3.

ص: 318


1- انظر مفحمات الأقران ص 100.
2- أخرجه ابن أبي حاتم،و الحاكم 332/2 عن ابن عمر.قال الحافظ في الفتح 323/8:«و تعقّب بأن أبا جهل و عتبة قتلا ببدر،و إنما ينطبق التفسير على من نزلت الآية المذكورة و هو حي،فيصح في أبي سفيان و سهيل بن عمرو،و قد أسلما جميعا»ا ه.
3- رواه البخاري(3653-4663)،و مسلم شرح النووي 242/5،و الترمذي(3095)،و أحمد 4/1، و المروزي في مسند أبي بكر،حديث رقم(71-72)من حديث أنس،عن أبي بكر به.
4- انظر تفسير مجاهد 280/1 و زاد:عبد اللّه بن بنتل.و مفحمات الأقران ص 105.
5- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(12654)عن ابن عباس.و رواه الطبري في تفسيره 6/ 387 مرسلا. قلت:سنده ضعيف،فيه؛ 1-بشر بن عمارة:ضعيف،انظر التقريب 100/1،و التهذيب 455/1. 2-يحيى الحماني:ضعيف،انظر التقريب 352/2. 3-الضحاك لم يسمع من ابن عباس.انظر المراسيل ص 94-96،و التقريب 373/1،و انظر تفسير ابن كثير 361/2-362.
6- كما رواه البخاري(6933)من حديث أبي سعيد الخدري-رضي اللّه تعالى عنه-.و انظر مفحمات الأقران ص 106.
7- انظر مفحمات الأقران ص 107.
8- و هذا خطأ،و قد ضعّف ذلك في لباب النقول.و القصة رواها الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم (7873)260/8-261،و في الطوال،حديث رقم(20)225/25-227،و الطبري في تفسيره 6/ 425-426،و ابن حزم في المحلى 208/11،و أبو نعيم في معرفة الصحابة 271/3-273.

وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ [التوبة:102].قال ابن عباس:هم سبعة:أبو لبابة و أصحابه؛و قال قتادة:سبعة من الأنصار:أبو لبابة،و جدّ بن قيس،و خذام و أوس، و كردم،و مرداس (1).

وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ [التوبة:106].هم هلال بن أميّة،و مرارة بن الربيع،و كعب بن مالك،و هم الثلاثة الذين خلّفوا (2).

وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً [التوبة:107].قال ابن إسحاق:اثنا عشر من الأنصار:خذام بن خالد،و ثعلبة بن حاطب،و هو من بني أمية بن زيد،و معتّب بن قشير، و أبو حبيبة بن الأزعر،و عبّاد بن حنيف،و جارية بن عامر و ابناه مجمّع و زيد،و نبتل بن الحارث و بحزج،و بجاد بن عثمان،و وديعة بن ثابت (3).

لِمَنْ حارَبَ اللّهَ وَ رَسُولَهُ [التوبة:107]هو أبو عامر الراهب (4).

أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ [هود:17].و هو محمد صلّى اللّه عليه و سلّم. وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ [هود:17]هو جبريل،و قيل:هو القرآن،و قيل:أبو بكر،و قيل:عليّ (5).6.

ص: 319


1- انظر تفسير الطبري 460/6،و مفحمات الأقران ص 111،و تفسير مجاهد 286/1.
2- انظر تفسير ابن كثير 387/2،و مفحمات الأقران ص 111.قال الحافظ ابن كثير في تفسيره:«هم الثلاثة الذين خلّفوا:أي:عن التوبة»ا ه.
3- انظر تفسير الطبري 471/6،و ابن كثير 388/2-389،و مفحمات الأقران ص 111-113.
4- قاله مجاهد و غيره.انظر تفسير مجاهد 286/1،و تفسير الطبري 471/6،و تفسير ابن كثير 387/2، و مفحمات الأقران ص 112.
5- انظر هذه الأقوال في تفسير الطبري 16/7-19 ثم قال:«و أولى هذه الأقوال التي ذكرناها بالصواب في تأويله قوله: وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ قول من قال:هو جبريل،لدلالة قوله: وَ مِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَ رَحْمَةً على صحة ذلك،و ذلك أن نبي اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لم يتل قبل القرآن كتاب موسى،فيكون ذلك دليلا على صحة قول من قال:عنى به لسان محمد صلّى اللّه عليه و سلّم،أو محمد نفسه،أو علي على من قال:عنى به علي»ا ه.و انظر تفسير ابن كثير 440/2،و مفحمات الأقران ص 116.

وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ [هود:42].اسمه كنعان،و قيل:يام (1).

وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ [هود:71].اسمها سارة (2).

(بنات لوط):ريتا و رغوثا (3).

لَيُوسُفُ وَ أَخُوهُ [يوسف:8].بنيامين شقيقه (4).

قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ [يوسف:10]هو:روبيل،و قيل:يهوذا،و قيل:شمعون (5).

فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ [يوسف:19].هو:مالك بن دعر (6).

وَ قالَ الَّذِي اشْتَراهُ [يوسف:21]هو:قطيفير،أو أطيفير (7). لاِمْرَأَتِهِ [يوسف:21]هي:راعيل،و قيل:زليخا (8).

وَ دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ [يوسف:36].هو:مجلث و بنوه،و هو الساقي،و قيل:

راشان و مرطش،و قيل:شرهم و سرهم (9).

لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ [يوسف:42]هو:الساقي (10).

عِنْدَ رَبِّكَ [يوسف:42].هو:الملك ريّان بن الوليد (11).

بِأَخٍ لَكُمْ [يوسف:59].هو:بنيامين،و هو المتكرّر في السورة (12).

فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ [يوسف:77].عنوا يوسف (13).5.

ص: 320


1- انظر تفسير الطبري 45/7،و مفحمات الأقران ص 118.
2- انظر مفحمات الأقران ص 119.
3- انظر مفحمات الأقران ص 119.
4- انظر مفحمات الأقران ص 120،و تفسير الطبري 152/7.
5- انظر تفسير الطبري 153/7،و مفحمات الأقران ص 120-121.
6- انظر مفحمات الأقران ص 121،و تفسير الطبري 162/7-165،و في المفحمات:ذكر-بالذال المعجمة.
7- انظر مفحمات الأقران ص 122.
8- انظر المفحمات ص 122.
9- انظر مفحمات الأقران ص 123،و تفسير ابن كثير 477/2.
10- انظر تفسير ابن كثير 479/2،و تفسير الطبري 219/7،و مفحمات الأقران ص 124.
11- انظر تفسير ابن كثير 479/2،و تفسير الطبري 219/7-220،و مفحمات الأقران ص 124.
12- انظر مفحمات الأقران ص 124.
13- اتهم يوسف بالسرقة،كذبا و زورا.انظر ذلك في تفسير ابن كثير 486/2،و تفسير الطبري 264/7- 266،و مفحمات الأقران ص 125.

قالَ كَبِيرُهُمْ [يوسف:80].هو:شمعون،و قيل:روبيل (1).

آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ [يوسف:99].هما أبوه و خالته ليّا،و قيل:أمه،و اسمها راحيل (2).

وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [الرعد:43]هو:عبد اللّه بن سلام.و قيل:جبريل (3).

أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي [إبراهيم:37]هو:إسماعيل (4).

وَ لِوالِدَيَّ [إبراهيم:41]اسم أبيه تارح،و قيل:آزر،و قيل:يا زر،و اسم أمه:

مثاني،و قيل:نوفا،و قيل:ليوثا (5).

إِنّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ(95) [الحجر:95]قال سعيد بن جبير:هم خمسة؛الوليد بن المغيرة،و العاصي بن وائل،و أبو زمعة،و الحارث بن قيس،و الأسود بن عبد يغوث (6).

رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ [النحل:76]هو:أسيد بن أبي العيص (7).

وَ مَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ [النحل:76]عثمان بن عفّان (8).

كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها [النحل:92]هي:ريطة بنت سعيد بن زيد مناة بن تميم (9).2.

ص: 321


1- انظر مفحمات الأقران ص 125.
2- انظر مفحمات الأقران ص 126.
3- قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 521/2:«قيل:نزلت في عبد اللّه بن سلام،قاله مجاهد.و هذا القول غريب،لأنّ هذه الآية مكية،و عبد اللّه بن سلام إنما أسلم في أول مقدم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم المدينة،و الأظهر في هذا ما قاله العوفي،عن ابن عباس،قال:هم من اليهود و النصارى. و قال قتادة:منهم ابن سلام و تميم الداري.و قال مجاهد-في رواية عنه-:هو اللّه تعالى.و كان سعيد بن جبير ينكر أن يكون المراد بها عبد اللّه بن سلام،و يقول:هي مكية...إلى أن قال:و الصحيح في هذا أن مَنْ عِنْدَهُ اسم جنس يشمل علماء أهل الكتاب الذين يجدون صفة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم و نعته في كتبهم المتقدمة من بشارات الأنبياء به»ا ه انظر كلامه بتوسع.و انظر تفسير الطبري 409/7-412، و مفحمات الأقران ص 127.
4- انظر مفحمات الأقران ص 128.
5- انظر مفحمات الأقران ص 128.
6- انظر مفحمات الأقران ص 130،و فيه:الحارث بن الطلاطلة.
7- انظر تفسير الطبري 624/7،و الواحدي في أسباب النزول ص 279-280،و سنده حسن،عبد اللّه بن عثمان بن خيثم:صدوق.انظر تهذيب الكمال 271/15-282،و التقريب 432/1،و الكاشف 2/ 96-97،و تهذيب التهذيب 314/5-315.
8- انظر مفحمات الأقران ص 131.
9- انظر مفحمات الأقران ص 131-132.

إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ [النحل:103]عنوا عبد ابن الحضرميّ،و اسمه مقيس (1).

و قيل:عبدين له:يسار و جبر.و قيل:عنوا قينا بمكة اسمه بلعام (2).و قيل:سلمان الفارسيّ (3).

أَصْحابَ الْكَهْفِ [الكهف:9]تمليخا،و هو رئيسهم،و القائل: فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ [الكهف:16]و القائل: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ [الكهف:19].و تكسلمينا،و هو القائل: كَمْ لَبِثْتُمْ [الكهف:19]و مرطوش و براشق و أيونس و أريسطانس و شلططيوس (4).

فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ [الكهف:19]هو:تمليخا (5).

مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ [الكهف:28]هو عيينة بن حصن (6).

وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ [الكهف:32]هما تمليخا-و هو الخيّر-و فطروس،و هما المذكوران في سورة الصافّات (7).

قالَ مُوسى لِفَتاهُ [الكهف:60]هو:يوشع بن نون،و قيل:أخوه يثربي (8).

فَوَجَدا عَبْداً [الكهف:65]هو:الخضر،و اسمه بليا (9).

لَقِيا غُلاماً [الكهف:74]اسمه جيسور،بالجيم،و قيل بالحاء (10).ر.

ص: 322


1- في مفحمات الأقران ص 132:يحنّس.
2- إسناده ضعيف،كما في الدر المنثور 131/4.
3- انظر مفحمات الأقران ص 132.
4- انظر مفحمات الأقران ص 136.
5- انظر مفحمات الأقران ص 137.
6- انظر تفسير ابن كثير 80/3-81،و مفحمات الأقران ص 138-139.
7- انظر مفحمات الأقران ص 139.
8- انظر مفحمات الأقران ص 140.و فتح الباري 414/8-415. و حديث موسى مع الخضر في الصحيحين و غيرهما.
9- انظر البخاري(4725-4726)،و مسلم(162)،و الترمذي(3148)،و الحميدي(371)،و الرحلة في طلب الحديث(29)،و انظر باقي تخريجه في تخريجنا لسنن ابن ماجة.
10- انظر تفسير ابن كثير 98/3 و عنده:حيثور،و مفحمات الأقران ص 141،و عنده:جيسورا،و هو في البخاري(4726)و عنده:حيسور.

وَراءَهُمْ مَلِكٌ [الكهف:79]هو:هدد بن بدد (1).

وَ أَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ [الكهف:80]اسم الأب كازيرا و الأمّ سهوى (2).

لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ [الكهف:82]هما:أصرم و صريم (3).

فَناداها مِنْ تَحْتِها [مريم:24]قيل:عيسى،و قيل:جبريل (4).

وَ يَقُولُ الْإِنْسانُ [مريم:66]هو:أبيّ بن خلف،و قيل:أميّة بن خلف.و قيل:

الوليد بن المغيرة (5).

أَ فَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ [مريم:77]هو:العاصي بن وائل (6).

وَ قَتَلْتَ نَفْساً [طه:40]هو:القبطيّ،و اسمه فاقون (7).

اَلسّامِرِيُّ [طه:96]اسمه:موسى بن ظفر (8).

مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ [طه:96]هو:جبريل (9).5.

ص: 323


1- كما في صحيح البخاري برقم(4726).قال الحافظ ابن حجر في الفتح 420/8:«القائل ذلك هو ابن جريج،و مراده أن تسمية الملك الذي كان يأخذ السفن لم تقع في رواية سعيد. قلت:و قد عزاه ابن خالويه في«كتاب ليس»لمجاهد،و قال:و زعم ابن دريد أنّ هدد اسم ملك من ملوك حمير زوجه سليمان بن داود بلقيس. قلت:إن ثبت هذا حمل على التعدد و الاشتراك في الاسم لبعد ما بين مدة موسى و سليمان.و هدد في الروايات بضم الهاء،و حكى ابن الأثير فتحها و الدال مفتوحة اتفاقا.و وقع عند ابن مردويه بالميم بدل الهاء،و أبوه بدد بفتح الموحدة،و جاء في تفسير مقاتل أن اسمه:منولة بن الجلندي بن سعيد الأزدي. و قيل:هو الجلندي،و كان بجزيرة الأندلس»ا ه و انظر مفحمات الأقران ص 142.
2- قال الحافظ ابن حجر في الفتح 421/8:«و في المبتدأ لوهب بن منبه كان اسم أبيه ملاس،و اسم أمه رحما،و قيل:اسم أبيه كاردي،و اسم أمه:سهوى»ا ه.
3- انظر مفحمات الأقران ص 142.
4- انظر مفحمات الأقران ص 143.
5- انظر مفحمات الأقران ص 144.
6- كما أخرجه البخاري(2091-2275-2425-4732-4733-4734-4735)،و مسلم(2795)، و الترمذي(3162)،و النسائي في سننه الكبرى(342)37/2-38،و أحمد 110/5-111،و الطبري في تفسيره 375/8،و الواحدي في أسباب النزول ص 301-302،و الطبراني(3650-3651- 3652-3653-3654)،و ابن حبان(4885-5010).
7- انظر تفسير الطبري 414/8.
8- انظر مفحمات الأقران ص 144.
9- كما أخرجه ابن أبي حاتم عن علي و ابن عباس و غيرهما.انظر مفحمات الأقران ص 145.

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يُجادِلُ [الحج:3]و هو:النضر بن الحارث (1).

هذانِ خَصْمانِ [الحج:19]أخرج الشيخان،عن أبي ذرّ،قال:نزلت هذه الآية في حمزة و عبيدة بن الحارث و عليّ بن أبي طالب،و عتبة و شيبة و الوليد بن عتبة (2).

وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ [الحج:25]قال ابن عباس:نزلت في عبد اللّه بن أنيس (3).

اَلَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ [النور:11]و هم:حسّان بن ثابت (4)،و مسطح بن أثاثة،و حمنة بنت جحش،و عبد اللّه بن أبيّ.و هو الذي تولّى كبره (5).

وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظّالِمُ [الفرقان:27]هو عقبة:ابن أبي معيط (6).

لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً [الفرقان:28]هو أميّة بن خلف،و قيل أبيّ بن خلف (7).

وَ كانَ الْكافِرُ [الفرقان:55]قال الشعبيّ:هو أبو جهل (8).

اِمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ [النمل:23]هي بلقيس بنت شراحيل (9).

فَلَمّا جاءَ سُلَيْمانَ [النمل:36]اسم الجائي منذر (10).

قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ [النمل:39]اسمه كوزن (11).4.

ص: 324


1- انظر مفحمات الأقران ص 146.
2- رواه البخاري(3968-3969-4743)،و مسلم(3033)،و ابن ماجة(2835)،و النسائي في الكبرى،في كتاب التفسير(361)84/2-85 و انظر تفصيل تخريجه في تخريجنا لسنن ابن ماجة.
3- انظر مفحمات الأقران ص 147.
4- قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 272/3-273:«و قيل المراد به:حسان بن ثابت،و هو قول غريب، و لو لا أنه وقع في صحيح البخاري ما قد يدل على إيراد ذلك لما كان لإيراده كبير فائدة،فإنه من الصحابة الذين لهم فضائل و مناقب و مآثر،و أحسن مآثره أنه كان يذبّ عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بشعره»ا ه انظر تتمة كلامه رحمه اللّه تعالى.
5- انظر مفحمات الأقران ص 149.
6- كما أخرجه ابن أبي حاتم عنه.انظر مفحمات الأقران ص 150.
7- انظر مفحمات الأقران ص 152-153.
8- ذكره الكرماني في عجائبه،كما في مفحمات الأقران ص 154.
9- كما أخرجه الشيخان و غيرهما،و قد سبق تخريجه،و انظر مفحمات الأقران ص 148،و فتح الباري 8/ 464.
10- انظر مفحمات الأقران ص 149.
11- انظر الدر المنثور 108/5 و مفحمات الأقران ص 154.

اَلَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ [النمل:40]هو:آصف بن برخيا كاتبه،و قيل:رجل يقال له:ذو النور،و قيل:أسطوم،و قيل:مليخا،و قيل:بلخ،و قيل:هو ضبّة أبو القبيلة،و قيل:

جبريل،و قيل:ملك آخر،و قيل:الخضر (1).

تِسْعَةُ رَهْطٍ [النمل:48]هم:رعمى،و رعيم،و هرمى،و هريم،و دأب، و صواب،و رآب،و مسطع،و قدار بن سالف عاقر الناقة (2).

فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ [القصص:8]اسم الملتقط طابوث (3).

اِمْرَأَتُ فِرْعَوْنَ [القصص:9]آسية بنت مزاحم (4).

أُمِّ مُوسى [القصص:10]يحانذ بنت يصهر بن لاوي،و قيل:يا ؤوخا،و قيل:أبا ذخت (5).

وَ قالَتْ لِأُخْتِهِ [القصص:11]اسمها مريم،و قيل:كلثوم (6).

هذا مِنْ شِيعَتِهِ [القصص:15]هو السّامريّ وَ هذا مِنْ عَدُوِّهِ [القصص:15].

اسمه فاتون (7).

وَ جاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى [القصص:20]هو:مؤمن آل فرعون،و اسمه شمعان،و قيل:شمعون،و قيل:جبر،و قيل:حبيب،و قيل:حزقيل (8).

اِمْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ [القصص:23]هما:ليّا و صفوريا،و هي التي نكحها (9).و أبوهما شعيب (10)،و قيل:يثرون،ابن أخي شعيب.

وَ إِذْ قالَ لُقْمانُ لاِبْنِهِ [لقمان:13]اسمه باران،بالموحّدة،و قيل:داران،و قيل:ب.

ص: 325


1- انظر مفحمات الأقران ص 154-155.
2- انظر الدر المنثور 112/5،و مفحمات الأقران ص 155.
3- و قيل غير ذلك.انظر زاد المسير 203/6،و مفحمات الأقران ص 156.
4- انظر زاد المسير 203/6،و مفحمات الأقران ص 156.
5- انظر مفحمات الأقران ص 157 و فيه:يوخابذ بنت لاوي بن يعقوب.و قيل:ياوخا،و قيل:يارخت.
6- قال ابن عسكر:اسمها مريم.و قيل:كلثوم.انظر مفحمات الأقران ص 157.
7- حكاه الزمخشري في كشافه 160/3،و انظر مفحمات الأقران ص 158.
8- انظر مفحمات الأقران ص 158.
9- انظر مفحمات الأقران ص 158-159.
10- و قد مر معنا فيما سبق أنه ليس بشعيب.

أنعم،و قيل:مشكم (1).

مَلَكُ الْمَوْتِ [السجدة:11]اشتهر على الألسنة أنّ اسمه عزرائيل،و رواه أبو الشيخ بن حيان عن وهب (2).

أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً [السجدة:18]نزلت في عليّ بن أبي طالب و الوليد بن عقبة (3).

وَ يَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ [الأحزاب:13]قال السّدّيّ:هما رجلان من بني حارثة:أبو عرابة بن أوس و أوس بن قيظيّ (4).

قُلْ لِأَزْواجِكَ وَ بَناتِكَ [الأحزاب:59]قال عكرمة:كانت تحته يومئذ تسع نسوة:

عائشة،و حفصة،و أم حبيبة،و سودة،و أم سلمة،و صفية،و ميمونة،و زينب بنت جحش، و جويرية.و بناته:فاطمة،و زينب،و رقية،و أم كلثوم (5).

أَهْلَ الْبَيْتِ [الأحزاب:33].قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«هم:عليّ،و فاطمة،و الحسن، و الحسين» (6).ت.

ص: 326


1- انظر مفحمات الأقران ص 162،و زاد المسير 317/6-318.
2- رواه أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(439)899/3-900.و في سنده محمد بن إبراهيم بن العلاء:منكر الحديث.و هو من أخبار وهب التي رواها عن أهل الكتاب.و انظر مفحمات الأقران ص 162،و تفسير ابن كثير 458/3،و تفسير البغوي 499/3.
3- أخرجه الواحدي في أسباب النزول ص 349-350،و سنده ضعيف.فيه ابن أبي ليلى:صدوق،سيّئ الحفظ جدا.انظر الكاشف 61/3،و التقريب 184/2،و المغني 603/2،و زاد المسير 340/6- 341،و مفحمات الأقران ص 163.
4- انظر مفحمات الأقران ص 164-165.
5- انظر مفحمات الأقران ص 165-166.
6- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(3871)،و أحمد في المسند 292/6-298-304-323،و في الفضائل(1029)602/2،و عبد اللّه في زوائد الفضائل،حديث رقم(1392)782/2-783،و ابن عساكر في تاريخه(تهذيبه لابن منظور 119/6)،و الدولابي في الذرية الطاهرة،حديث رقم(201- 202)ص 107-108،و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(2662-2663-2664-2665- 2666-2668)46/3-49.و الحاكم في المستدرك 146/3،و الطبري في تفسيره 6/22-8، و البغوي في تفسيره 529/3. قلت:سنده صحيح لغيره.و في الباب عن واثلة،و سعد بن أبي وقاص،و أنس،و عمر بن أبي سلمة، و أبي سعيد الخدري،و أبي الحمراء،و عائشة،و ابن عباس.انظر تخريجها في كتاب«مسند فاطمة» بتحقيقنا برقم(85)صدر عن دار ابن حزم-بيروت.

لِلَّذِي أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِ وَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ و هو:زيد بن حارثة أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ [الأحزاب:37]هي:زينب بنت جحش (1).

وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ [الأحزاب:72]قال ابن عباس:هو آدم (2).

إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ [يس:14]هما:شمعون و يوحنا،و الثالث بولس،و قيل:هم صادق و صدوق و شلوم (3).

وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ [يس:20]هو حبيب النجّار (4).

أَ وَ لَمْ يَرَ الْإِنْسانُ [يس:77]هو:العاص بن وائل،و قيل:أبيّ بن خلف،و قيل:

أميّة بن خلف (5).

فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ [الصافات:101]هو:إسماعيل،أو إسحاق؛قولان شهيران (6).

نَبَأُ الْخَصْمِ [ص:21]هما ملكان،قيل:إنهما جبريل و ميكائيل (7).

جَسَداً [ص:34]هو:شيطان يقال له:أسيد،و قيل:صخر،و قيل:حبقيق (8).

مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ [ص:41].قال نوف:الشيطان الذي مسّه يقال له:مسعط (9).

وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ محمد،و قيل:جبريل وَ صَدَّقَ بِهِ [الزمر:33].

محمد صلّى اللّه عليه و سلّم؛و قيل:أبو بكر (10).

اَلَّذَيْنِ أَضَلاّنا [فصلت:29]إبليس و قابيل (11).9.

ص: 327


1- انظر مفحمات الأقران ص 167،و تفسير البغوي 531/3.
2- انظر مفحمات الأقران ص 168.
3- انظر مفحمات الأقران ص 169.
4- انظر مفحمات الأقران ص 171-172.
5- رواه الحاكم في المستدرك 429/2،و انظر الدر المنثور 269/5،و مفحمات الأقران ص 172.
6- انظر مفحمات الأقران ص 173،و زاد المعاد 71/1.
7- أخرجه ابن أبي حاتم من حديث أنس بن مالك مرفوعا بسند ضعيف،كما في مفحمات الأقران ص 176.
8- انظر مفحمات الأقران ص 176-177.
9- أخرجه ابن أبي حاتم،كما في مفحمات الأقران ص 177.
10- انظر مفحمات الأقران ص 177.
11- هو قول علي بن أبي طالب-رضي اللّه عنه-كما أخرجه عنه ابن أبي حاتم.انظر مفحمات الأقران ص 179.

رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ [الزخرف:31]عنوا الوليد بن المغيرة من مكة،و مسعود بن عمرو الثقفيّ؛و قيل:عروة بن مسعود من الطائف (1).

وَ لَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً [الزخرف:57]الضارب له عبد اللّه بن الزّبعري (2).

طَعامُ الْأَثِيمِ(44) [الدخان:44]قال ابن جبير:هو أبو جهل (3).

وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ [الأحقاف:10]،هو:عبد اللّه بن سلام (4).

أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35].أصحّ الأقوال أنهم:نوح،و إبراهيم، و موسى،و عيسى،و محمد صلّى اللّه عليه و سلّم (5).

يُنادِ الْمُنادِ [ق:41].هو إسرافيل (6).

ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ [الذاريات:24]قال عثمان بن محصن:كانوا أربعة من الملائكة:جبريل،و ميكائيل،و إسرافيل،و رفائيل (7).

وَ بَشَّرُوهُ بِغُلامٍ [الذاريات:28]قال الكرمانيّ:أجمع المفسرون على أنه إسحاق، إلاّ مجاهدا فإنه قال:هو إسماعيل (8).

شَدِيدُ الْقُوى [النجم:5]جبريل.

أَ فَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلّى(33) [النجم:33]هو:العاصي بن وائل،و قيل:الوليد بن المغيرة (9).1.

ص: 328


1- انظر مفحمات الأقران ص 180.
2- انظر مفحمات الأقران ص 180.
3- انظر زاد المسير 349/7 و عزاه لمقاتل،و تفسير البغوي 154/4،و مفحمات الأقران ص 181.
4- رواه أحمد في المسند 25/6،و ابن حبان حديث رقم(7162)118/16-120،و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(83)46/18-47،و في مسند الشاميين،حديث رقم(1049)،و الطبري في تفسيره 280/11،و الحاكم في مستدركه 415/3-416. قلت:سنده صحيح،رجاله ثقات.
5- انظر الخلاف في المراد ب أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ في زاد المسير 392/7-393،و تفسير البغوي 4/ 176،و مفحمات الأقران ص 184-185.
6- أخرجه ابن عساكر عن يزيد بن جابر.انظر مفحمات الأقران ص 189.
7- انظر مفحمات الأقران ص 189.
8- انظر تفسير مجاهد 619/2،و تفسير البغوي 232/4،و مفحمات الأقران ص 189.
9- انظر مفحمات الأقران ص 191.

يَدْعُ الدّاعِ [القمر:6]هو:إسرافيل.

قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ هي خولة بنت ثعلبة زَوْجِها [المجادلة:1]أوس بن الصامت (1).

لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللّهُ لَكَ [التحريم:1]هي سريّته مارية (2).

أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ [التحريم:3]هي:حفصة نَبَّأَتْ بِهِ [التحريم:3] أخبرت عائشة.

إِنْ تَتُوبا [التحريم:4]. وَ إِنْ تَظاهَرا [التحريم:4]هما:عائشة و حفصة.

وَ صالِحُ الْمُؤْمِنِينَ [التحريم:4]هما:أبو بكر،و عمر،أخرجه الطبرانيّ في الأوسط (3).

اِمْرَأَتَ نُوحٍ والعة وَ امْرَأَتَ لُوطٍ [التحريم:10] والهة،و قيل:واعلة (4).

وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ [القلم:10]نزلت في الأسود بن عبد يغوث،و قيل:

الأخنس بن شريق،و قيل:الوليد بن المغيرة (5).

سَأَلَ سائِلٌ [المعارج:1]و هو النّضر بن الحارث (6).

رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ [نوح:28]اسم أبيه:لمك بن متّوشلخ،و اسم أمه:شمخا بنت أنوش (7).1.

ص: 329


1- قال الحافظ ابن حجر في الفتح 374/13:«قد تظاهرت الروايات بالأول»ا ه أي:إنها خولة بنت ثعلبة.انظره بتوسع،و مفحمات الأقران ص 193.
2- قال الحافظ ابن حجر في الفتح 657/8:«و اختلف في المراد بتحريمه:ففي حديث عائشة أن ذلك بسبب شربه صلّى اللّه عليه و سلّم العسل عند زينب بنت جحش،فإن في آخره:«و لن أعود له و قد حلفت». و وقع عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى مسروق،قال:حلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لحفصة لا يقرب أمته،و قال:هي عليّ حرام.فنزلت الكفارة ليمينه،و أمر أن لا يحرم ما أحلّ اللّه.إلى أن قال رحمه اللّه:«فيحتمل أن تكون الآية نزلت في السببين معا»ا ه.
3- رواه الطبراني،و فيه عبد الرحيم بن زيد العمي،و هو متروك،كما في التقريب 504/1،و انظر مفحمات الأقران ص 199.
4- انظر مفحمات الأقران ص 199.
5- انظر مفحمات الأقران ص 199-200،و تفسير الطبري 183/12.
6- انظر تفسير الطبري 225/12-226.
7- انظر مفحمات الأقران ص 201.

سَفِيهُنا [الجن:4]هو إبليس (1).

ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً(11) [المدثر:11]هو الوليد بن المغيرة (2).

فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلّى(31) [القيامة:31]الآيات.نزلت في أبي جهل.

هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ [الإنسان:1]هو آدم.

وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً [النبأ:40]قيل:هو إبليس (3).

أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى(2) [عبس:2]هو عبد اللّه بن أم مكتوم أَمّا مَنِ اسْتَغْنى (4) [عبس:5]هو أميّة بن خلف،و قيل:هو عتبة بن ربيعة (5).

لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ [التكوير:19]قيل:جبريل،و قيل:محمد صلّى اللّه عليه و سلّم.

فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ [الفجر:15]الآيات.نزلت في أميّة بن خلف.

وَ والِدٍ [البلد:3]هو آدم.

فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللّهِ [الشمس:13]هو صالح.

اَلْأَشْقَى [الليل:15]هو أميّة بن خلف. اَلْأَتْقَى [الليل:17]هو أبو بكر الصدّيق (5).

اَلَّذِي يَنْهى(9) عَبْداً [العلق:9-10]هو أبو جهل،و العبد هو النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.

إِنَّ شانِئَكَ [الكوثر:3]هو العاصي بن وائل،و قيل:أبو جهل،و قيل:

عقبة بن أبي معيط،و قيل:أبو لهب،و قيل:كعب بن الأشرف (6).

وَ امْرَأَتُهُ [المسد:4]امرأة أبي لهب أمّ جميل العوراء بنت حرب بن أميّة (7).5.

ص: 330


1- انظر تفسير الطبري 262/12،و مفحمات الأقران ص 201.
2- رواه الحاكم في المستدرك 506/2،و البيهقي في الدلائل 96/3،و الواحدي في أسباب النزول ص 446-447،و الطبري في تفسيره 305/12،و سنده صحيح.
3- انظر مفحمات الأقران ص 202.
4- انظر المستدرك الحاكم 525/2،و مفحمات الأقران ص 210.
5- انظر مفحمات الأقران ص 205.
6- انظر مفحمات الأقران ص 214-215.
7- انظر مفحمات الأقران ص 215.

القسم الثاني

في مبهمات الجموع الذين عرفت أسماء بعضهم

وَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللّهُ [البقرة:118]سمّي منهم رافع بن حرملة.

سَيَقُولُ السُّفَهاءُ [البقرة:142]سمي منهم:رفاعة بن قيس،و قردم بن عمر، و كعب بن الأشرف،و رافع بن حرملة،و الحجاج بن عمرو،و الربيع بن أبي الحقيق.

وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا [البقرة:170]الآية،سمّي منهم:رافع،و مالك بن عوف.

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ [البقرة:189]سمّي منهم:معاذ بن جبل،و ثعلبة بن غنم.

يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ [البقرة:215]سمّي منهم عمرو بن الجموح.

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ [البقرة:219]سمّي منهم عمر،و معاذ،و حمزة.

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى [البقرة:220]سمّي منهم عبد اللّه بن رواحة.

وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [البقرة:222]سمّي منهم:ثابت بن الدحداح،و عبّاد بن بشر،و أسيد بن الحضير،مصغّر.

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ [آل عمران:23]سمّي منهم:النّعمان بن عمرو،و الحارث بن زيد.

اَلْحَوارِيُّونَ [آل عمران:52]سمّي منهم:فطرس،و يعقوبس،و يحنّس، و أندرايس،و فيلس،و درنايوطا،و سرجس،و هو الذي ألقي عليه شبهه.

وَ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا [آل عمران:72]هم اثنا عشر من اليهود،سمّي منهم:عبد اللّه بن الضّيف،و عديّ بن زيد،و الحارث بن عمرو.

كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ [آل عمران:86]قال عكرمة:نزلت في اثني عشر رجلا،منهم:أبو عامر الرّاهب،و الحارث بن سويد بن الصّامت،و وحوح بن الأسلت،و زاد ابن عسكر:و طعيمة بن أبيرق.

يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْ ءٍ [آل عمران:154]سمّي من القائلين عبد اللّه بن أبيّ.

ص: 331

يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْ ءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا [آل عمران:154]سمّي من القائلين:عبد اللّه بن أبيّ،و معتّب بن قشير.

وَ قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا [آل عمران:167]القائل ذلك:عبد اللّه،والد جابر بن عبد اللّه الأنصاري،و المقول لهم:عبد اللّه بن أبيّ و أصحابه.

اَلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلّهِ [آل عمران:172]هم:سبعون؛منهم:أبو بكر،و عمر، و عثمان،و عليّ،و الزّبير،و سعد،و طلحة،و ابن عوف،و ابن مسعود،و حذيفة بن اليمان،و أبو عبيدة بن الجراح.

اَلَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ [آل عمران:173]سمّي من القائلين:نعيم بن مسعود الأشجعيّ.

اَلَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَ نَحْنُ أَغْنِياءُ [آل عمران:181]قال ذلك فنحاص،و قيل:

حيّي بن أخطب،و قيل:كعب بن الأشرف.

وَ إِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ [آل عمران:199]نزلت في النجاشيّ، و قيل:في عبد اللّه بن سلام و أصحابه.

وَ بَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَ نِساءً [النساء:1]قال ابن إسحاق:أولاد آدم لصلبه أربعون في عشرين بطنا،كلّ بطن ذكر و أنثى،و سمّي من بنيه:قابيل،و هابيل،و إياد،و شبونة، و هند،و صرابيس،و مخور،و سند،و بارق،و شيث،و عبد المغيث،و عبد الحارث، و ودّ،و سواع،و يغوث،و يعوق،و نسر.و من بناته:أقليمة،و أشوف،و جزوزة،و عزورا، و أمة المغيث.

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ [النساء:44]قال عكرمة:

نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت،و كردم بن زين،و أسامة بن حبيب،و رافع بن أبي رافع،و بحري بن عمرو،و حييّ بن أخطب.

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا [النساء:60]نزلت في الجلاس بن الصّامت،و معتّب بن قشير،و رافع بن زيد،و بشر.

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ [النساء:77]سمّي منهم عبد الرحمن بن عوف (1).ح.

ص: 332


1- رواه النسائي 3/6،و الحاكم في المستدرك 307/2،و الطبري في تفسيره 173/4،و الواحدي في أسباب النزول ص 166-167،و سنده صحيح.

إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ [النساء:77]قال ابن عباس:نزلت في هلال بن عويمر الأسلميّ و سراقة بن مالك المدلجيّ،و في بني جزيمة بن عامر بن عبد مناف.

سَتَجِدُونَ آخَرِينَ [النساء:91]قال السّدّيّ:نزلت في جماعة،منهم نعيم بن مسعود الأشجعيّ.

إِنَّ الَّذِينَ تَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ [النساء:97]سمى عكرمة منهم:عليّ بن أميّة بن خلف،و الحارث بن زمعة،و أبا قيس بن الوليد بن المغيرة،و أبا العاصي بن منبه بن الحجاج،و أبا قيس بن الفاكه.

إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ [النساء:98]سمّي منهم:ابن عباس،و أمّه أم الفضل لبانة بنت الحارث،و عياش بن أبي ربيعة،و سلمة بن هشام.

اَلَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ [النساء:107]بنو أبيرق:بشر و بشير و مبشّر.

لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ [النساء:113]هم أسيد بن عروة و أصحابه.

وَ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ [النساء:127]سمّي من المستفتين خولة بنت حكيم.

يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ [النساء:153]سمّى منهم ابن عسكر:كعب بن الأشرف و فنحاصا.

لكِنِ الرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [النساء:162]قال ابن عباس:هم عبد اللّه بن سلام و أصحابه.

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [النساء:176]سمّي منهم جابر بن عبد اللّه.

وَ لاَ آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ [المائدة:2]سمّي منهم الحطم بن هند البكريّ.

يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ [المائدة:4]سمّي منهم عديّ بن حاتم،و زيد بن المهلهل الطائيان،و عاصم بن عديّ،و سعد بن خيثمة،و عويمر بن ساعدة.

إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا [المائدة:11]سمّي منهم:كعب بن الأشرف،و حييّ بن أخطب.

وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً... الآيات.نزلت في الوفد الذين جاءوا من عند النّجاشي و هم اثنا عشر،و قيل:ثلاثون،و قيل:سبعون،و سمّي منهم:إدريس، و إبراهيم،و الأشرف،و تميم،و تمام،و دريد.

ص: 333

وَ قالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ [الأنعام:8]سمّي منهم:زمعة بن الأسود،و النّضر بن الحارث بن كلدة،و أبيّ بن خلف،و العاصي بن وائل.

وَ لا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ [الأنعام:52]سمّي منهم:صهيب،و بلال،و عمّار، و خبّاب،و سعد بن أبي وقاص،و ابن مسعود،و سلمان الفارسيّ.

إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ [الأنعام:91]سمّي منهم:فنحاص،و مالك بن الصّيف.

قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ [الأنعام:124]سمّي منهم:أبو جهل،و الوليد بن المغيرة.

يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ [الأعراف:187]سمّي منهم حسل بن قشير،و شمويل بن زيد.

يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ [الأنفال:1]سمّي منهم سعد بن أبي وقّاص.

وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ [الأنفال:5]سمّي منهم أبو أيوب الأنصاريّ،و من الذين لم يكرهوا المقداد.

إِنْ تَسْتَفْتِحُوا [الأنفال:19]سمّي منهم أبو جهل.

وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا [الأنفال:30]هم أهل دار النّدوة،سمّي منهم:عتبة و شيبة ابنا ربيعة،و أبو سفيان،و أبو جهل،و جبير بن مطعم،و طعيمة بن عدي، و الحارث بن عامر،و النّضر بن الحارث،و زمعة بن الأسود،و حكيم بن حزام،و أمية بن خلف.

وَ إِذْ قالُوا اللّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ [الأنفال:32]الآية،سمّي منهم:أبو جهل،و النضر بن الحارث.

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ [الأنفال:49]سمّي منهم:عتبة بن ربيعة،و قيس بن الوليد،و أبو قيس بن الفاكه،و الحارث بن زمعة، و العاصي بن منبّه.

قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى [الأنفال:70]كانوا سبعين،منهم العباس، و عقيل،و نوفل بن الحارث،و سهيل بن بيضاء.

وَ قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ [التوبة:30]سمّي منهم:سلاّم بن مشكم، و نعمان بن أوفى،و محمّد بن دحية،و شاس بن قيس،و مالك بن الصّيف.

ص: 334

اَلَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ [التوبة:79]سمّي من المطّوعين:عبد الرحمن بن عوف،و عاصم بن عديّ.

وَ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاّ جُهْدَهُمْ [التوبة:79]أبو عقيل،و رفاعة بن سعد.

وَ لا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ [التوبة:92]سمّي منهم:العرباض بن سارية، و عبد اللّه بن مغفّل المزنيّ،و عمرو المزنيّ،و عبد اللّه بن الأزرق الأنصاريّ،و أبو ليلى الأنصاريّ.

فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا [التوبة:108]سمّي منهم عويم بن ساعدة.

إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ [النحل:106]نزلت في جماعة،منهم:

عمّار بن ياسر،و عياش بن أبي ربيعة.

بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا [الإسراء:5]هم طالوت و أصحابه.

وَ إِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ [الإسراء:73]قال ابن عباس:نزلت في رجال من قريش، منهم:أبو جهل،و أميّة بن خلف.

وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّى تَفْجُرَ لَنا [الإسراء:90]سمّى ابن عباس من قائلي ذلك:

عبد اللّه بن أبي أميّة و ذريته.

وَ قالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ [القصص:57]سمّي منهم الحارث بن عامر بن نوفل.

أَ حَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا [العنكبوت:2]هم المؤذون على الإسلام بمكة،منهم عمّار بن ياسر.

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا [العنكبوت:12]سمّي منهم الوليد بن المغيرة.

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ [لقمان:6]سمّي منهم النّضر بن الحارث.

فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ [الأحزاب:23]سمي منهم أنس بن النضر.

قالُوا الْحَقَّ [سبأ:23]أوّل من يقول جبريل،فيتبعونه.

وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ [ص:6]سمّي منهم:عقبة بن أبي معيط،و أبو جهل،و العاصي بن وائل،و الأسود بن المطلب،و الأسود بن يغوث.

وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً [ص:62]سمّي من القائلين:أبو جهل،و من الرجال:

عمار،و بلال.

ص: 335

نَفَراً مِنَ الْجِنِّ [الأحقاف:29]سمي منهم:زوبعة،و حسّى،و مسى،و شاصر، و ماصر،و الأرد،و إنّيان،و الأحقم،و سرّق.

إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ [الحجرات:4]سمّي منهم:الأقرع بن حابس، و الزبرقان بن بدر،و عيينة بن حصن،و عمرو بن الأهتم.

أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْماً [المجادلة:14]قال السّدّيّ:نزلت في عبد اللّه بن نفيل من المنافقين.

لا يَنْهاكُمُ اللّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ [الممتحنة:8]نزلت في قتيلة أم أسماء بنت أبي بكر.

إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ [الممتحنة:10]سمّي منهن:أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط،و أميمة بنت بشر.

يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا [المنافقون:7] يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا [المنافقون:8]سمّي منهم عبد اللّه بن أبيّ.

وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ... [الحاقة:7]الآية،سمي من حملة العرش:إسرافيل، و لبنان،و روفيل.

أَصْحابُ الْأُخْدُودِ [البروج:4]ذو نواس،و زرعة بن أسد الحميريّ،و أصحابه.

بِأَصْحابِ الْفِيلِ [الفيل:1]هم:الحبشة،قائدهم أبرهة الأشرم،و دليلهم أبو رغال.

قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ(1) [الكافرون:1]نزلت في الوليد بن المغيرة،و العاصي بن وائل،و الأسود بن المطلب،و أميّة بن خلف.

اَلنَّفّاثاتِ [الفلق:4]بنات لبيد بن الأعصم.

و أما مبهمات الأقوام و الحيوانات و الأمكنة و الأزمنة و نحو ذلك،فقد استوفيت الكلام عليها في تأليفنا المشار إليه.

ص: 336

النوع الحادي و السبعون

في أسماء من نزل فيهم القرآن

رأيت فيهم تأليفا مفردا لبعض القدماء؛لكنه غير محرّر،و كتاب أسباب النزول و المبهمات يغنيان عن ذلك،و قد قال ابن أبي حاتم:ذكر عن الحسين بن زيد الطحّان، أنبأنا إسحاق بن منصور،أنبأنا قيس،عن الأعمش،عن المنهال،عن عبّاد بن عبد اللّه، قال:قال عليّ:ما في قريش أحد إلاّ و نزلت فيه آية و قيل له:ما نزل فيك؟قال: وَ يَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ [هود:17].

و من أمثلته:ما أخرجه أحمد و البخاري في الأدب،عن سعد بن أبي وقاص،قال:

نزلت فيّ أربع آيات: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ [الأنفال:1]، وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً [العنكبوت:8]،و آية تحريم الخمر،و آية الميراث (1).

و أخرج ابن أبي حاتم،عن رفاعة القرظيّ،قال:نزلت: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ [القصص:51]في عشرة،أنا أحدهم (2).

و أخرج الطبرانيّ عن أبي جمعة جنيد بن سبع-و قيل:حبيب بن سباع-قال:فينا نزلت: وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ [الفتح:25]و كنا تسعة نفر:سبعة رجال، و امرأتين.

ص: 337


1- رواه مسلم(1748)،و أبو داود(2740)،و الترمذي(3080)،و أحمد 178/1-180-181-185، و البخاري في الأدب(24)،و الطحاوي في شرح المعاني 297/3،و أبو يعلى(696-782)، و الواحدي في أسباب النزول ص 431-341.
2- رواه الطبري في تفسيره 84/10.و رواه 84/10 عن عطية القرظي-أيضا-.

النوع الثاني و السبعون

اشارة

في فضائل القرآن

أفرده بالتصنيف:أبو بكر بن أبي شيبة،و النّسائي،و أبو عبيد القاسم بن سلاّم،و ابن الضّريس،و آخرون (1).

و قد صحّ فيه أحاديث باعتبار الجملة،و في بعض السور على التعيين.و وضع في فضائل القرآن أحاديث كثيرة،و لذلك صنفت كتابا سمّيته«خمائل الزهر في فضائل السور» حرّرت فيه ما ليس بموضوع.

و أنا أورد في هذا النوع فصلين:

الفصل الأول:فيما ورد في فضله على الجملة:

أخرج الترمذيّ و الدّارميّ و غيرهما:من طريق الحارث الأعور،عن عليّ:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«ستكون فتن».قلت:فما المخرج منها يا رسول اللّه؟قال:«كتاب اللّه،فيه نبأ ما قبلكم،و خبر ما بعدكم،هو الحبل المتين،و هو الذكر الحكيم،و حكم ما بينكم،و هو الفصل،ليس بالهزل،من تركه من جبّار قصمه اللّه،و من ابتغى الهدى في غيره أضلّه اللّه،و هو الصراط المستقيم،و هو الذي لا تزيغ به الأهواء،و لا تلبس به الألسنة،و لا تشبع منه العلماء،و لا يخلق على كثرة الردّ،و لا تنقضي عجائبه.من قال به صدق،و من عمل به أجر،و من حكم به عدل،و من دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم» (2).

و أخرج الدّارميّ،من حديث عبد اللّه بن عمرو مرفوعا:«القرآن أحبّ إلى اللّه من السموات و الأرض و من فيهنّ» (3).

ص: 338


1- و هي مطبوعة بحمد اللّه تعالى.
2- سبق تخريجه 258/2.
3- رواه الدارمي في سننه،حديث رقم(3358)533/2-534 بتحقيقنا. قلت:سنده ضعيف،فيه:

و أخرج أحمد و الترمذيّ،من حديث شدّاد بن أوس:«ما من مسلم يأخذ مضجعه، فيقرأ سورة من كتاب اللّه تعالى إلاّ و كلّ اللّه به ملكا يحفظه،فلا يقربه شيء يؤذيه حتى يهبّ متى يهبّ» (1).

و أخرج الحاكم و غيره من حديث عبد اللّه بن عمرو:«من قرأ القرآن فقد استدرج النبوّة بين جنبيه،غير أنّه لا يوحى إليه،لا ينبغي لصاحب القرآن أن يحدّ مع من يحدّ، و لا يجهل مع من يجهل،و في جوفه كلام اللّه» (2).

و أخرج البزّار،من حديث أنس:«إنّ البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره،و البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقلّ خيره» (3).

و أخرج الطّبراني من حديث ابن عمر:«ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر،و لا ينالهم الحساب،هم على كثيب من مسك،حتى يفرغ من حساب الخلائق:رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه اللّه،و أمّ به قوما و هم به راضون...»الحديث (4).

و أخرج أبو يعلى و الطّبرانيّ من حديث أبي هريرة:«القرآن غنى لا فقر بعده و لا غنى1.

ص: 339


1- رواه الترمذي(3407)،و أحمد 123/4-125،و النسائي 54/3،و في عمل اليوم و الليلة(812)، و الطبراني(7175-7176-7177-7178-7179-7180)،و في الدعاء(626 إلى 633)،و ابن السني في عمل اليوم و الليلة(746)،و الحاكم 508/1،و ابن حبان(935-1974)،من طرق عن شدّاد به،و سنده حسن كما في نتائج الأفكار ص 197.و انظر هامش عمل اليوم و الليلة للنسائي.
2- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 53،و الحاكم في المستدرك 552/1،و البيهقي في شعب الإيمان (2590-2591)522/2. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-ثعلبة بن يزيد،أبو الكنود:مجهول.انظر الجرح و التعديل 463/1/1،و التاريخ الكبير 175/2/1 و لم يذكراه بجرح أو تعديل. 2-فيه خلاف في وقفه أو رفعه. فقد خالف إسماعيل بن عبد اللّه ثعلبة فرواه موقوفا على ابن عمرو-عند البيهقي في الشعب 522/2.
3- 1-عبد اللّه بن صالح:صدوق،كثير الغلط،ثبت في كتابه،و كانت فيه غفلة.انظر التقريب 423/1، و تهذيب الكمال 98/15-109،و تهذيب التهذيب 256/5-261. 2-فيه رجل مبهم.
4- رواه الطبراني في الكبير،حديث رقم(13584)433/12.و فيه بحر بن كنيز:ضعيف،كما في المجمع 327/1.و رواه من طريق أخرى في الصغير 124/2،و الأوسط.و فيه عبد الصمد بن عبد العزيز المقرئ،ذكره ابن حبان في الثقات،كما في مجمع الزوائد 328/1.

دونه» (1).

و أخرج أحمد و غيره من حديث عقبة بن عامر:«لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار» (2).

قال أبو عبيد (3):أراد بالإهاب قلب المؤمن،و جوفه الذي قد وعى القرآن.

و قال غيره (4):معناه أن من جمع القرآن،ثم دخل النار فهو شرّ من الخنزير.

و قال ابن الأنباريّ:معناه أنّ النار لا تبطله،و لا تقلعه من الأسماع التي وعته،م.

ص: 340


1- رواه أبو يعلى في مسنده(2773)159/1-160،و الطبراني في الكبير،حديث رقم(738)255/1، و القضاعي في مسند الشهاب،حديث رقم(276)186/1-187. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-شريك بن عبد اللّه النخعي:صدوق،يخطئ كثيرا،تغيّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة،و كان عادلا فاضلا عابدا،شديدا على أهل البدع.انظر التقريب 351/1. 2-يزيد بن أبان:ضعيف،انظر التقريب 361/2،و التهذيب 309/11-311،و الكامل 257/7- 258،و المغني 747/2،و الكاشف 240/3.
2- رواه أحمد في المسند 151/4-154-155،و الدارمي(3310)،و الطبراني في الكبير(850)17/ 308،و أبو يعلى في مسنده(1745)284/3،و أبو عبيد في الفضائل ص 22-23،و ابن عدي في الكامل 469/6،و البيهقي في الشعب 554/2،و في الأسماء و الصفات 404/1،و البغوي في شرح السنة(1180)436/4،و في تفسيره 32/1. قلت:سنده حسن،ابن لهيعة:صدوق،خلط بعد احتراق كتبه.انظر الاغتباط ص 72-73،و لكن الراوي عنه عبد اللّه بن يزيد،و قد روى عنه قبل اختلاطه.و قد صرّح بالتحديث عند أحمد. و في الباب عن: 1-عصمة بن مالك:رواه الطبراني في الكبير،حديث رقم(498)186/12،و البيهقي في الشعب 2/ 555. قلت:فيه الفضل بن المختار:قال أبو حاتم:أحاديثه منكرة،يحدّث بالأباطيل.و قال الأزدي:منكر الحديث،انظر الكامل 14/6-16،و اللسان 449/4،و انظر مجمع الزوائد 158/7. 2-سهل بن سعد:رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(5901)172/6،و ابن عدي في الكامل 32/1،و 295/5،و ابن حبان في المجروحين 148/2،قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: الفضل بن المختار:متروك،كذّبه أبو حاتم.انظر الكامل 295/5-296،و المغني 412/2، و الكاشف 193/2،و التقريب 527/1-528،و المجروحين 147/2-148،و مجمع الزوائد 7/ 158،و الضعفاء للعقيلي 78/3.
3- في فضائل القرآن ص 23.
4- قال البيهقي في شعب الإيمان،555/2:«يعني:أنّ من حمل القرآن و قرأه لم تمسّه النار»ا ه،و انظر الأسماء و الصفات 404/1،و كذا نقله الذهبي في السير 584/13 عن الحاكم.

و الأفهام التي حصّلته،كقوله في الحديث الآخر«أنزت عليك كتابا لا يغسله الماء» (1)أي:

لا يبطله،و لا يقلعه من أوعيته الطيبة و مواضعه؛لأنه و إن غسله الماء في الظاهر لا يغسله بالقلع من القلوب.

و عند الطبراني من حديث عصمة بن ملك:«لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقته النار» (2).

و عنده من حديث سهل بن سعد:«لو كان القرآن في إهاب ما مسّته النار» (3).

و أخرج الطّبراني في الصغير من حديث أنس:«من قرأ القرآن يقوم به آناء الليل و النهار-يحلّ حلاله و يحرم حرامه-حرّم اللّه لحمه و دمه على النار،و جعله مع السّفرة الكرام البررة؛حتى إذا كان يوم القيامة كان القرآن حجة له» (4).

و أخرج أبو عبيد،عن أنس مرفوعا:«القرآن شافع مشفّع،و ما حل مصدّق،من جعله إمامه قاده إلى الجنة،و من جعله خلفه ساقه إلى النار» (5).د.

ص: 341


1- رواه مسلم(2865)،و عبد الرزاق(20088)،و الطيالسي(1079)،و أحمد 162/4-266، و الطبراني(987)358/17-359،و حديث رقم(992-إلى-997)و ابن حبان(653-654)، و البيهقي في سننه 60/9.
2- سبق تخريجه قريبا.
3- سبق تخريجه قريبا.
4- رواه الطبراني في المعجم الصغير 125/2-126. قلت:سنده ضعيف،فيه:خليد بن دعلج:ضعيف.انظر تهذيب الكمال 307/8-309،و التقريب 227/1.قال أبو حاتم:صالح ليس بالمتين في الحديث،حدث عن قتادة أحاديث بعضها منكرة.انظر الجرح 384/1/2،و التاريخ الكبير 199/1/2،و المجروحين 285/2-286،و الضعفاء للعقيلي 2/ 19،و مجمع الزوائد 170/1.
5- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن،ص 35 و سنده منقطع ففيه:عن ابن جريح قال:حدّثت عن أنس. و في الباب،عن: 1-جابر بن عبد اللّه:رواه ابن حبان في صحيحه(124)331/1-332. و البزار في مسنده،حديث رقم(122)78/1. قلت:رجال سنده ثقات.إلا أنه وقع فيه اختلاف:فقد رواه البزار(121)،عن أبي كريب،عن عبد اللّه بن الأجلح،عن الأعمش،عن المعلى الكندي،عن عبد اللّه بن مسعود.و خالفه الحسين بن محمد بن أبي معشر شيخ ابن حبان،فرواه عن أبي العلاء،عن عبد اللّه بن الأجلح،عن الأعمش،عن أبي سفيان،عن جابر:و الحسين بن محمد بن أبي معشر:فيه لين،كما في اللسان 312/2.و على كل حال فالبزار حافظ متقن لا يقف أمامه مثل الحسين.فرواية جابر معلولة.و الصحيح الوقف على ابن مسعود.

و أخرج الطبرانيّ من حديث أنس:«حملة القرآن عرفاء أهل الجنة» (1).

و أخرج النّسائي و ابن ماجة و الحاكم من حديث أنس قال:«أهل القرآن هم أهل اللّه و خاصته» (2).

و أخرج مسلم و غيره من حديث أبي هريرة،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«أ يحبّ أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفات عظام سمان»؟ قلنا:نعم.ة.

ص: 342


1- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(2899)143/3-144.عن الحسين بن علي لا عن أنس.قال في المجمع 161/7:«و فيه إسحاق بن إبراهيم بن سعيد المدني،و هو ضعيف»ا ه.انظر التقريب 54/1،و الكاشف 58/1.
2- رواه النسائي في فضائل القرآن،حديث رقم(56)ص 83.و ابن ماجة،حديث رقم(215)،و الدارمي في سننه،حديث رقم(3326)525/2،و أحمد في المسند 127/3-128-242،و الحاكم في المستدرك 556/1،و أبو داود الطيالسي في مسنده،حديث رقم(2124)ص 283،و البزار في مسنده،و أبو نعيم في الحلية 63/3 و 40/9،و الآجري في أخلاق حملة القرآن،حديث رقم(7) ص 32-34،و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 38،و البيهقي في الشعب 551/2. قلت:سنده حسن،فيه عبد الرحمن بن بديل:لا بأس به.انظر التقريب 473/1،و تخريجنا لسنن ابن ماجة.

قال:«ثلاث آيات يقرأ بهنّ أحدكم في صلاة خير له من ثلاث خلفات سمان» (1).

و أخرج مسلم من حديث جابر بن عبد اللّه:«خير الحديث كتاب اللّه» (2).

و أخرج أحمد من حديث معاذ بن أنس:«من قرأ القرآن في سبيل اللّه كتب مع الصدّيقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقا» (3).

و أخرج الطبراني في الأوسط،من حديث أبي هريرة:«ما من رجل يعلّم ولده القرآن إلاّ توّج يوم القيامة بتاج في الجنة» (4).

و أخرج أبو داود و أحمد و الحاكم من حديث معاذ بن أنس:«من قرأ القرآن فأكمله، و عمل به،ألبس والده تاجا يوم القيامة،ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم،فما ظنكم بالذي عمل بهذا» (5).

و أخرج الترمذيّ و ابن ماجة و أحمد من حديث عليّ:«من قرأ القرآن فاستظهره، فأحلّ حلاله و حرّم حرامه،أدخله اللّه الجنة،و شفعه في عشرة من أهل بيته،كلّهم قد وجبت لهم النار» (6).

و أخرج الطّبرانيّ من حديث أبي أمامة:«من تعلّم آية من كتاب اللّه استقبلته يوم2.

ص: 343


1- رواه مسلم(802)،و ابن ماجة(3782).و انظر تفصيل تخريجه في تخريجنا لسنن ابن ماجة.
2- رواه مسلم(867)،و النسائي 188/3،و ابن ماجة(45)،و أحمد 310/3-338-371،و ابن حبان في صحيحه(10)،و ابن خزيمة(1785)،و الرامهرمزي في الأمثال ص 19،و البيهقي في سننه 3/ 206،و البغوي(4295).
3- رواه أحمد في المسند 437/3،و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1489)63/3 و لفظه:«من قرأ ألف آية...الحديث». قلت:سنده ضعيف،فيه:زبان بن فائد:ضعيف الحديث مع صلاحه و عبادته.انظر التقريب 257/1، و الكاشف 147/1،و انظر مجمع الزوائد 162/7.
4- رواه الطبراني في الأوسط،و فيه جابر بن سليم:ضعّفه الأزدي،كما في المجمع 166/7.
5- رواه أبو داود(1453)،و أحمد 440/3،و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1493)،65/3، و الحاكم في المستدرك 567/1. قلت:في سنده:زيان بن فائد:ضعيف.و قد تقدم قريبا.و انظر المجمع 161/7-162.
6- رواه الترمذي(2905)،و ابن ماجة(216)،و أحمد 148/1،و البيهقي في شعب الإيمان 552/2. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-حفص بن سليمان:متروك الحديث،مع إمامته في القراءة،انظر التقريب 186/1،و التهذيب 2/ 400. 2-كثير بن زاذان:مجهول،كما في التقريب 131/2.

القيامة تضحك في وجهه» (1).

و أخرج الشيخان و غيرهما من حديث عائشة:«الماهر بالقرآن مع السّفرة الكرام البررة؛و الذي يقرأ القرآن و يتتعتع فيه و هو عليه شاقّ له أجران» (2).

و أخرج الطّبرانيّ في الأوسط من حديث جابر:«من جمع القرآن كانت له عند اللّه دعوة مستجابة،إن شاء عجّلها في الدنيا،و إن شاء ادّخرها في الآخرة» (3).

و أخرج الشيخان من حديث أبي موسى:«مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجّة،طعمها طيّب و ريحها طيّب.و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التّمرة طعمها طيّب،و لا ريح لها.و مثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الرّيحانة،ريحها طيّب و طعمها مرّ،و مثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة،طعمها مرّ و لا ريح لها» (4).

و أخرج الشيخان من حديث عثمان:«خيركم-و في لفظ:إن أفضلكم-من تعلّم القرآن و علّمه» (5).).

ص: 344


1- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(7588)152/8. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-موسى بن عمير:متروك،و قد كذّبه أبو حاتم.انظر التقريب 287/2،و التهذيب 364/10-365. 2-مكحول لم ير أبا أمامة.انظر جامع التحصيل ص 285.
2- رواه البخاري(4937)،و مسلم(798)،و أبو داود(1454)،و الترمذي(2904)،و ابن ماجة (3779)،و أحمد 94/6-98-110-170-266،و ابن حبان(767)،و البغوي(1173-1174)، و البيهقي في السنن 395/2.
3- رواه الطبراني في الأوسط(6602)316/7. و سنده ضعيف،فيه: 1-مقاتل بن دوال:هو في عداد من يجهل حاله،انظر اللسان 82/6-83. 2-عبد الرحمن المحاربي:صدوق،إلا أنه كان مدلس،و قد عنعنه،انظر التقريب 497/1،و طبقات المدلسين ص 93. 3-شرحبيل بن سعد:ضعيف،انظر التهذيب 320/4-322،و التقريب 348/1.
4- رواه البخاري(5020-5059-5427-7560)،و مسلم(797)،و أبو داود(4830)،و الترمذي (2865)،و النسائي 124/8-125،و في فضائل القرآن(106-107)،و ابن ماجة(214)،و أحمد 403/4-404-408،و عبد الرزاق(20933)،و ابن حبان(770)،و الدارمي(3363)،و البغوي (1175).
5- رواه البخاري(5027-5028)،و أبو داود(1452)،و الترمذي(2907-2908)،و ابن ماجة (212)،و أحمد 57/1-158،و الدارمي(3338)،و الطيالسي(73)،و عبد الرزاق(5995)،و ابن أبي شيبة(30071)،و ابن حبان(118)،و البيهقي في الأسماء و الصفات 371/1،و البغوي(1172).

زاد البيهقي في الأسماء (1):«و فضل القرآن على سائر الكلام كفضل اللّه على خلقه».

و أخرج الترمذيّ و الحاكم من حديث ابن عباس:«إنّ الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» (2).

و أخرج ابن ماجة من حديث أبي ذرّ:«لأن تغدو فتتعلّم آية من كتاب اللّه خير لك من أن تصلّي مائة ركعة» (3).

و أخرج الطّبراني من حديث ابن عباس:«من تعلّم كتاب اللّه ثم اتّبع ما فيه:هداه اللّه به من الضلالة،و وقاه يوم القيامة سوء الحساب».

و أخرج ابن أبي شيبة من حديث أبي شريح الخزاعيّ:«إن هذا القرآن سبب،طرفه بيد اللّه،و طرفه بأيديكم،فتمسّكوا به،فإنكم لن تضلّوا،و لن تهلكوا بعده أبدا» (4)..

ص: 345


1- الأسماء و الصفات 371/1.
2- رواه الترمذي(2913)،و أحمد 223/1،و الدارمي(3306)،و الحاكم 554/1،و البغوي في شرح السنة(1185)،و في تفسيره 32/1. قلت:سنده ضعيف،فيه:قابوس بن أبي ظبيان:فيه لين.انظر تهذيب الكمال 1107/2،و التقريب 115/2،و تهذيب التهذيب 305/7-306.
3- رواه ابن ماجة(219). قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-علي بن زيد:ضعيف،انظر التقريب 37/2،و التهذيب 322/7-324،و المغني 447/2، و الكاشف 248/2. 2-عبد اللّه بن زياد:مستور،كما في التقريب 416/1. 3-عبد اللّه بن غالب:مستور،كما في التقريب 440/1.
4- رواه عبد بن حميد في المنتخب،حديث رقم(483)ص 175،و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(30006)125/6،و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(122)329/1-330،و الديلمي في الفردوس،حديث رقم(900)285/1-286 بتحقيقنا. قلت:سنده حسن،فيه: عبد الحميد بن جعفر:صدوق،ربما و هم.انظر التقريب 467/1،و التهذيب 111/6-112،و مجمع الزوائد 169/1. و في الباب عن: 1-جبير بن مطعم:رواه البزار(120)،و الطبراني في الكبير(1539)،و في الصغير 98/2.قال في المجمع 169/1:«فيه أبو عبادة الزرقي،و هو متروك الحديث»ا ه.

و أخرج الديلميّ من حديث عليّ:«حملة القرآن في ظلّ اللّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه (1)».

و أخرج الحاكم من حديث أبي هريرة:«يجيء صاحب القرآن يوم القيامة،فيقول القرآن:يا ربّ حلّه،فيلبس تاج الكرامة،ثم يقول:يا رب زده،يا ربّ ارض عنه، فيرضى عنه،و يقال له:اقرأه و ارقه،و يزاد له بكلّ آية حسنة» (2).

و أخرج من حديث عبد اللّه بن عمرو:«الصّيام و القرآن يشفعان للعبد» (3).

و أخرج من حديث أبي ذرّ:«إنكم لا ترجعون إلى اللّه بشيء أفضل مما خرج منه» يعني:القرآن (4).ن.

ص: 346


1- رواه الديلمي في الفردوس،و ابن النجار،و الشيرازي في فوائده،بسند ضعيف جدا.انظر ضعيف الجامع(251).
2- رواه الترمذي في سننه،في كتاب فضائل القرآن،باب(18)،حديث رقم(2915)178/5.و الحاكم في المستدرك 552/1،و قد أعلّ الحفاظ هذا الحديث بالوقف:فقد رواه عبد الصمد به مرفوعا. و خالفه ابن بشار،عن غندر،و زيد بن أبي أنيسة عن تمام به موقوفا.و هو الصواب.و رواية زيد عند الدارمي(3311)،قال الترمذي في سننه:«حدثنا محمد بن بشار،عن محمد بن جعفر،حدثنا شعبة، عن عاصم بن بهدلة،عن أبي صالح،عن أبي هريرة نحوه و لم يرفعه و هذا أصح من حديث عبد الصمد عن شعبة»ا ه.
3- رواه أحمد في المسند 174/2.و الحاكم في المستدرك 554/1،و في سنده عند أحمد:ابن لهيعة: ضعيف،و تابعه عبد اللّه بن وهب عند الحاكم لكن في سنده:حيي بن عبد اللّه:قال أحمد:أحاديثه مناكير،و قال البخاري:فيه نظر،و قال النسائي:ليس بالقوي.و قال ابن معين:ليس به بأس.و قال ابن عدي:أرجو أنه لا بأس به إذا روى عنه ثقة،و ذكره ابن حبان في الثقات.انظر التهذيب 72/3، و التقريب 209/1،و الكاشف 360/1،و انظر مجمع الزوائد 181/3 و 381/10.
4- 2-عن أبي هريرة:قال الحافظ ابن حجر في تسديد القوس(ق:114):«رواه أحمد بن منيع و الطبراني عن أبي هريرة»ا ه.

الفصل الثاني:

اشارة

فيما ورد في فضل سور بعينها:

ما ورد في الفاتحة:

أخرج الترمذي،و النسائيّ،و الحاكم من حديث أبيّ بن كعب مرفوعا:«ما أنزل اللّه في التوراة و لا في الإنجيل مثل أم القرآن،و هي السبع المثاني» (1).

و أخرج أحمد و غيره من حديث عبد اللّه بن جابر:«أخير سورة في القرآن اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) .

و للبيهقي في الشعب و الحاكم من حديث أنس:«أفضل القرآن اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ(2) » (2).

ص: 347


1- رواه الترمذي(3125)،و عبد اللّه بن أحمد 114/5،و النسائي 139/2،و في الكبرى(7499)، و الحاكم 557/1-558 و ابن حبان(775)،و ابن خزيمة(500-501)،و القاسم بن سلام في فضائل القرآن ص 116-117،و عبد بن حميد في المنتخب(165)،و أبو يعلى و رجاله ثقات،إلا أن الحافظ الترمذي أعله بأنه من مسند أبي هريرة لا أنه من مسند أبي،و انظر فتح الباري 157/8،و تحفة الأشراف 39/1-40،و رواية أبي هريرة عند النسائي في التفسير من سننه الكبرى(225)523/1،و أبو يعلى (6482)،و الدارمي(3373)،و القاسم بن سلام في فضائل القرآن ص 116-117.
2- رواه النسائي في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(723)ص 439. و في فضائل القرآن-من سننه الكبرى-،حديث رقم(8011)11/5. و الحاكم في المستدرك 560/1. و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(774)51/3. و البيهقي في الشعب 444/2-445. و سنده صحيح.

و للبخاريّ من حديث أبي سعيد بن المعلّى:«أعظم سورة في القرآن اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (1) » (2).

و أخرج عبد اللّه في مسنده من حديث ابن عباس:«فاتحة الكتاب تعدل ثلثي القرآن» (2).

ما ورد في البقرة و آل عمران:

أخرج أبو عبيد من حديث أنس:«أنّ الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه» (3).

ص: 348


1- عزاه في مجمع الزوائد بنحوه عن ابن عباس،ثم قال:(311/6):«رواه الطبراني في الأوسط،و فيه سليمان بن أحمد الواسطي،و هو متروك»ا ه. رواه الطبراني في الأوسط برقم(4591)299/5 بلفظ:«من قرأ أم القرآن و قل هو اللّه أحد،فكأنما قرأ ثلث القرآن». و في سنده:سليمان بن أحمد الواسطي:كذّبه يحيى،و ضعّفه النسائي.انظر اللسان 72/3.
2- رواه البخاري(4474)156/8،و حديث(4647)307/8-308،و حديث رقم(4703)390/8، و حديث رقم(5006)54/9. و أبو داود في سننه،حديث رقم(1458)71/2-72.و النسائي 139/2. و في فضائل القرآن من سننه الكبرى،حديث رقم(8010)11/5. و ابن ماجة،حديث رقم(3785). و الدارمي،حديث رقم(1492)417/1-419. و أحمد في المسند 450/3 و 211/4. و الطيالسي في مسنده،حديث رقم(1266)ص 178. و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(768-769)303/22. و الدولابي في الكنى 34/1. و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(777)56/3. و البيهقي في سننه 368/2-369. و في الشعب 441/2-442.
3- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 228،و الفريابي في فضائل القرآن،حديث رقم(38)ص 149- 150.و انظر جمال القراء ص 55. فيه:ابن لهيعة و قد تابعه عمرو بن الحارث و هو ثقة. و الراوي عنهما:ابن وهب: و فيه،سعد بن سنان:مختلف في توثيقه،و في بيان اسمه. انظر التقريب 287/1 و قال:صدوق،له أفراد»ا ه. و الكاشف 278/1،و التهذيب 471/3-472. و يرتقي بما في الباب من شواهد.انظرها فيما يأتي.

و في الباب عن ابن مسعود (1)،و أبي هريرة (2)،و عبد اللّه بن مغفل (3).

و أخرج مسلم،و الترمذيّ،من حديث النواس بن سمعان:«يؤتى بالقرآن يوم القيامة و أهله الذين كانوا يعملون به،تقدمهم سورة البقرة و آل عمران».و ضرب لهما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ثلاثة أمثال،ما نسيتهن بعد،قال:«كأنهما غمامتان أو غيابتان أو ظلّتان سوداوان بينهما شرف،أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجّان عن صاحبهما» (4).

و أخرج أحمد من حديث بريدة:«تعلّموا سورة البقرة،فإنّ أخذها بركة،و تركها حسرة،و لا تستطيعها البطلة،تعلّموا سورة البقرة و آل عمران فإنّهما الزهراوان تظلاّن صاحبهما يوم القيامة،كأنهما غمامتان،أو غيابتان،أو فرقان من طير صوّاف» (5).ه.

ص: 349


1- رواه النسائي في عمل اليوم و الليلة،و حديث رقم(963)ص 535. و البيهقي في شعب الإيمان 453/2. و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(1194)458/4.و قد روى موقوفا. و قد سبق الحكم عليه بلفظ:«إن هذا القرآن مأدبة اللّه».
2- رواه مسلم،حديث رقم(780)539/1،و الترمذي(2877)157/5،و النسائي في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(965)ص 535. و في فضائل القرآن من سننه الكبرى،حديث رقم(8015)13/5. و أحمد في المسند 284/2-337-378-388. و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 228،و الفريابي في فضائل القرآن،حديث رقم(37)ص 147- 148.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(783)62/3،و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم(183)ص 90،و محمد بن نصر في قيام الليل،حديث رقم(188)ص 269(مختصر)، و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(1192)455/4-456.
3- رواه الطبراني بسند ضعيف،كما في الدر المنثور 19/1.
4- رواه مسلم(805)554/1،و الترمذي(2883)160/5،و أحمد 181/4،و تمام في فوائده،حديث رقم(1326)127/4-128،و البخاري في التاريخ الكبير 147/2/4-148،و البيهقي في الشعب 451/2-452.
5- رواه أحمد في المسند 348/5-352-361،و الدارمي(3391)543/2،و ابن ماجة(3781) ببعضه،و ابن أبي شيبة(30045)129/6،و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 84-85،و الحاكم في المستدرك 556/1،و ابن عدي في الكامل 21/2،و العقيلي في الضعفاء 144/1،و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم(99)ص 60،و ابن نصر في قيام الليل،حديث رقم(189)ص 270، و حديث رقم(202)ص 277-278،و البزار في مسنده،(2302)86/3-87،و الآجري في أخلاق حملة القرآن،حديث رقم(20)ص 40-41. و البيهقي في الشعب 344/2-345،و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(1190)453/4-454. و في التفسير 33/1-34. و في سنده بشير بن مهاجر:قال أحمد:منكر الحديث.و قال أبو حاتم:يكتب حديثه و لا يحتج به.

و أخرج ابن حبان و غيره من حديث سهل بن سعد:«إنّ لكلّ شيء سناما،و سنام القرآن سورة البقرة،من قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام،و من قرأها في بيته ليلا لم يدخله الشيطان ثلاث ليال» (1).

و أخرج البيهقي في الشّعب،من طريق الصلصال:«من قرأ سورة البقرة توّج بتاج في الجنة» (2).

و أخرج أبو عبيد،عن عمر بن الخطاب،موقوفا:«من قرأ البقرة و آل عمران في ليلة4.

ص: 350


1- رواه ابن حبان(780)59/3،و أبو يعلى(7554)547/13،و العقيلي في الضعفاء 6/2،و الطبراني في الكبير(5864)163/6،و البيهقي في الشعب 453/2. و في سنده خالد بن سعيد المدني:قال العقيلي:لا يتابع على حديثه.انظر الضعفاء للعقيلي 6/2، و لسان الميزان 376/2-377. و قد روى شطره الأول،دون قراءتها بالليل أو النهار،و زاد:و فيها آية هي سيدة آي القرآن،هي آية الكرسي:الترمذي(2878)157/5،و عبد الرزاق(6019)376/3-377،و ابن عدي في الكامل 219/2،و الحاكم في المستدرك 560/1-561،و 259/2-260،و البيهقي في الشعب 452/2- 457.و ابن نصر في قيام الليل(193)273. و في سنده حكيم بن حبير:ضعيف الحديث،منكر الحديث،كما قال أبو حاتم.انظر التهذيب 2/ 445-446،و التقريب 193/1،و الكامل 216/2-219. و في الباب عن معقل بن يسار:«البقرة سنام القرآن و ذروته»: رواه أحمد 26/5،و النسائي في عمل اليوم و الليلة(1075)ص 581-582 بجزء من الحديث:و أبو الشيخ في الأمثال(274)ص 180 و فيه رجل مبهم،و هو أبو عثمان-و ليس بالنهدي:مجهول.انظر تهذيب التهذيب 192/12. و أبوه مجهول أيضا.
2- رواه البيهقي في الشعب 455/2 عن الصلصال. و ابن نصر في قيام الليل ص 272(مختصر)عن عبد الرحمن بن الأسود موقوف،و سنده ضعيف جدا، واه؛فيه محمد بن الضوء:قال ابن حبان:لا يجوز الاحتجاج به. و قال الجوزقاني في الموضوعات:محمد بن الضوء:كذاب،انظر اللسان 206/5-207. 2-الضوء بن الصلصال:قال ابن حبان:يعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه.انظر الثقات 391/4.

كتب من القانتين» (1).

و أخرج البيهقيّ من مرسل مكحول:«من قرأ سورة البقرة و آل عمران يوم الجمعة صلّت عليه الملائكة إلى الليل» (2).

فصل:

ما ورد في آية الكرسيّ:

أخرج مسلم من حديث أبيّ بن كعب:«أعظم آية في كتاب اللّه آية الكرسيّ» (3).

و أخرج الترمذيّ و الحاكم،من حديث أبي هريرة:«إنّ لكلّ شيء سناما،و إنّ سنام القرآن البقرة،و فيها آية هي سيدة آي القرآن؛آية الكرسي» (4).

و أخرج الحارث بن أبي أسامة،عن الحسن مرسلا:«أفضل القرآن سورة البقرة، و أعظم آية فيها آية الكرسيّ» (5).

و أخرج ابن حبّان،و النّسائيّ،من حديث أبي أمامة:«من قرأ آية الكرسيّ دبر كلّ صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلاّ أن يموت» (6).

ص: 351


1- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 237،و البيهقي في الشعب 468/2 و عنده:كتب من الحكماء و سنده مرسل،ضعيف؛فيه: 1-سعيد بن جبير:عن عمر:مرسل. 2-ورقاء بن إياس:لين الحديث.انظر التهذيب 122/11،و التقريب 331/2.
2- رواه الدارمي في كتاب فضائل القرآن من سننه،باب(16)في فضل آل عمران،حديث رقم(3397) 544/2 عن مكحول قوله.
3- رواه مسلم(810)556/1،و أبو داود(1460)72/2،و أحمد في المسند 142/5،و ابن أبي عاصم في الآحاد و المثاني(1847)424/3،و ابن الضريس في فضائل القرآن،و عبد الرزاق في المصنف (6001)370/3،و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 229-230،و البيهقي في الشعب 456/2، و البغوي في شرح السنة(1195)459/4.
4- سبق تخريجه قريبا.
5- رواه ابن نصر في قيام الليل ص 268(مختصر)و مراسيل الحسن شبه الريح.
6- رواه النسائي في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(100)ص 182-183. و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(7532)134/8 و زاد:و قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ . و في مسند الشاميين،حديث رقم(824)9/2. و في كتاب الدعاء،حديث رقم(675)1104/2. و ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(124)ص 48. و ابن الجوزي في الموضوعات 244/1. و المقدسي في الترغيب في الدعاء،حديث رقم(81)ص 134-135 بتحقيقي. قلت:سنده حسن،فيه:محمد بن حمير الحمصي.يحسّن حديثه إن شاء اللّه تعالى.و له شواهد.

و أخرج أحمد من حديث أنس:«آية الكرسيّ ربع القرآن» (1).

ما ورد في خواتيم البقرة:

أخرج الأئمّة الستة،من حديث أبي مسعود:«من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» (2).

و أخرج الحاكم من حديث النعمان بن بشير:«إنّ اللّه كتب كتابا قبل أن يخلق السموات و الأرض بألفي عام،و أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة،و لا يقرءان في دار فيقربها شيطان ثلاث ليال» (3).

ص: 352


1- لم أجده في المسند.و اللّه أعلم.
2- رواه البخاري(4008)317/7-318،و(5008-5009)55/8،و(5040)87/8،و(5051) 94/8،و مسلم(807-808)554/1-555،و أبو داود(1397)56/2-57،و الترمذي(2881) 159/5،و النسائي في عمل اليوم و الليلة(718-719-720-721)ص 437-438،و في فضائل القرآن من سننه الكبرى(8018-8019-8020)14/5. و ابن ماجة(1368-1369)،و أحمد في المسند 118/4-121-122،و الدارمي(1487)415/1 -416،و(3388)542/2. و الطيالسي في مسنده(614)ص 86،و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 232-233-234،و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم(161-662-163)ص 83-84. و الحميدي في مسنده(452)215/1. و عبد الرزاق في المصنف(6020-6021)376/3-377. و عبد بن حميد في المنتخب،برقم(233)ص 105-106. و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(781)60/3. و ابن نصر في قيام الليل(172)ص 259. و الطبراني في المعجم الكبير(541-إلى-551)202/17-206. و البيهقي في الشعب 461/2-462. و البغوي في شرح السنة(1199)464/4.
3- رواه الترمذي(2882)159/5-160،و النسائي في عمل اليوم و الليلة(967)ص 536-537، و الدارمي(3387)542/2،و أحمد في المسند 274/4،و الحاكم في المستدرك 562/1 و 260/2، و ابن حبان(782)61/3-62،و ابن نصر في قيام الليل(173)ص 259-260،و ابن الضريس في فضائل القرآن(167)ص 85،و ابن أبي حاتم في العلل 63/2-64. و أبو عبيد في الفضائل ص 232،و البيهقي في الشعب 460/2،و البغوي في شرح السنة(1201)4/ 466-467. و في سنده أشعث الجرمي:صدوق،كما في التقريب 80/1،و التهذيب 356/1-357،و الكاشف 253/1،

ما ورد في آخر آل عمران:

أخرج البيهقيّ،من حديث عثمان بن عفان:«من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة» (1).

ما ورد في الأنعام:

أخرج الدارميّ و غيره،عن عمر بن الخطاب،موقوفا:«الأنعام من نواجب القرآن» (2).

ص: 353


1- رواه الدارمي(3396)544/2 و في سنده ابن لهيعة.
2- رواه الدارمي(3401)545/2. و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 240. و في سنده: 1-عبد اللّه بن خليفة:لم يوثقه غير ابن حبان.انظر التهذيب 198/5،و التقريب 412/1 و قال: «مقبول»ا ه. 2-أبو إسحاق،و الراوي عنه زهير:روى عنه بعد الاختلاط.انظر الاغتباط ص 87-88.

ما ورد في السبع الطوال:

أخرج أحمد،و الحاكم،من حديث عائشة:«من أخذ السبع الطوال فهو حبر» (1).

ما ورد في هود:

أخرج الطبرانيّ،في الأوسط-بسند واه-من حديث عليّ:«لا يحفظ منافق سورا:

براءة،و هود،و يس،و الدّخان،و عمّ يتساءلون» (2).

ما ورد في آخر الإسراء:

أخرج أحمد،من حديث معاذ بن أنس:«آية العز: وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ [الإسراء:111]إلى آخر السورة» (3).

ما ورد في الكهف:

أخرج الحاكم،من حديث أبي سعيد:«من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه و بين الجمعتين» (4).

ص: 354


1- رواه أحمد 72/6-73-82،و ابن نصر في قيام الليل(198)ص 276(مختصر)،و إسحاق في مسنده(261)288/2،و(314-315)333/2،و البزار(2327)95/3،و الحاكم 564/1، و الفريابي في فضائل القرآن(65)ص 171-172،و البيهقي في الشعب 465/2،و البغوي(1203) 468/4.و سنده ضعيف،فيه: حبيب بن هند:ذكره ابن حبان في الثقات.انظر تعجيل المنفعة ص 85،و الجرح و التعديل 110/1/2
2- رواه الطبراني في الأوسط،(7566)281/8. و سنده ضعيف جدا،فيه: 1-نهشل بن سعيد:متروك،و كذّبه إسحاق.انظر التقريب 307/2،و المغني 702/2،و الكاشف 3/ 185،و التهذيب 479/10. 2-قنبر مولي علي:لم يثبت حديثه.انظر اللسان 475/4.
3- رواه أحمد في المسند 439/3-440. و الطبراني في الكبير(429-430)192/20. و في إسناد أحمد:رشدين بن سعد:ضعيف.انظر التقريب 251/1،و الكاشف 241/1.و تابعه ابن لهيعة. و سنده ضعيف،فيه:زبان بن فائد:ضعيف الحديث مع صلاحه و عبادته،انظر التقريب 257/1، و الكاشف 247/1.و انظر مجمع الزوائد 52/7.
4- رواه الحاكم في المستدرك 368/2 بلفظ المصنف. و اختلف في وقفه و رفعه،و في لفظه. و رواه الدارمي(3407)546/2،و ابن الضريس في فضائل القرآن(211)ص 99،و أبو عبيد في

و أخرج مسلم،من حديث أبي الدرداء:«من حفظ عشر آيات من أوّل سورة الكهف عصم من فتنة الدجّال» (1).

و أخرج أحمد من حديث معاذ بن أنس:«من قرأ أول سورة الكهف و آخرها كانت له نورا من قدمه إلى رأسه،و من قرأها كلّها كانت له نورا ما بين الأرض و السماء» (2).

و أخرج البزّار،من حديث عمر:«من قرأ في ليلة: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ...

الآية،كان له نور من عدن إلى مكة،حشوه الملائكة» (3).2.

ص: 355


1- رواه مسلم(809)555/1-556،و أبو داود(4323)117/2،و الترمذي(2886)162/5، و النسائي في عمل اليوم و الليلة(949-950-951)ص 527-528. و في فضائل القرآن من سننه الكبرى(8025)15/5. و أحمد في المسند 196/5 و 446/6-449-450. و المحاملي في الأمالي(356)ص 331. و ابن حبان(785-786)65/3-66. و الحاكم في المستدرك 368/2. و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 245. و ابن الضريس في فضائل القرآن(209)ص 98،و(211)ص 99. و البيهقي في الشعب 474/2. و البغوي في شرح السنة(1204)469/4.
2- رواه أحمد في المسند 439/3،و الطبراني في الكبير(443)197/20. و البغوي في شرح السنة(1205)469/4-470. و فيه زبان بن فائد و ابن لهيعة:ضعيفان.و تابع رشدين ابن لهيعة عند الطبراني،و انظر مجمع الزوائد 7/ 52-53. و في الباب:عن أبي الدرداء موقوفا: رواه ابن الضريس(206)ص 97،و(212)ص 99. و قتادة قوله: رواه عبد الرزاق في المصنف(6022)377/3.
3- رواه البزار في مسنده(297)421/1. و سنده ضعيف،فيه: 1-سعيد بن المسيب،عن عمر:مرسل.انظر جامع التحصيل ص 184. 2-أبو قرة:مجهول،انظر التقريب 464/2.

ما ورد في الم السّجدة:

أخرج أبو عبيد،من مرسل المسيّب بن رافع:«تجيء الم السّجدة يوم القيامة لها جناحان تظلّ صاحبها،فتقول:لا سبيل عليك،لا سبيل عليك» (1).

و أخرج عن ابن عمر موقوفا قال:«في تنزيل السّجدة و تبارك الملك فضل ستين درجة على غيرهما من سور القرآن» (2).

ما ورد في يس:

أخرج أبو داود و النسائيّ و ابن حبّان و غيرهم من حديث معقل بن يسار:«يس قلب القرآن،لا يقرؤها رجل يريد اللّه و الدار الآخرة إلاّ غفر له؛اقرءوها على موتاكم» (3).

و أخرج الترمذي،و الدارميّ،من حديث أنس:«إنّ لكلّ شيء قلبا،و قلب القرآن يس،و من قرأ يس كتب اللّه له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات» (4).

ص: 356


1- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 251. و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث(215)ص 100. و سنده حسن،إلاّ أنه مرسل.
2- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 251. و في سنده:ليث بن أبي سليم:ضعيف،و رجل مبهم.
3- رواه أبو داود(3121)191/3،و النسائي في عمل اليوم و الليلة(1074-1075)ص 581-582. و ابن ماجة(1448)،و أحمد 26/5-27،و ابن أبي شيبة(10853)445/2،و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 252-253،و أبو الفضل الرازي في فضائل القرآن،(104)ص 135،و الحاكم في المستدرك 565/1،و الطيالسي(931)ص 126،و ابن حبان في صحيحه(3002)269/7، و الطبراني في المعجم الكبير(510-511)219/20-220،و(541)230/20-231،و البيهقي في سننه 383/3،و في الشعب 478/2-479،و البغوي في شرح السنة(1464)295/5، و السخاوي في جمال القرآن 67/1. قال الحافظ في التلخيص 212/2-213:«أعلّه ابن القطان بالاضطراب،و الوقف،و بجهالة حال أبي عثمان،و أبيه. و نقل أبو بكر بن العربي،عن الدارقطني أنه قال:هذا حديث ضعيف الإسناد،مجهول المتن،و لا يصح في الباب حديث»ا ه.
4- رواه الترمذي(2887)162/5-163،و الدارمي(3416)548/2،و ابن أبي حاتم في العلل 55/2 -56،و البيهقي في الشعب 479/2-480،و المزي في تهذيب الكمال 1432/3. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-هارون أبو محمد:مجهول،انظر التهذيب 15/11،و التقريب 313/2،و سنن الترمذي 162/5. 2-و أعلّه أبو حاتم بقوله:«مقاتل هذا،هو مقاتل بن سليمان،رأيت هذا الحديث في أول كتاب وضعه مقاتل بن سليمان.

و أخرج الدارميّ،و الطبرانيّ من حديث أبي هريرة:«من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه اللّه غفر له» (1).م.

ص: 357


1- رواه الدارمي(3417)547/2،و أبو يعلى(6224)93/11-94 و زاد في آخره.و الطيالسي(2467) ص 323،و ابن السني في عمل اليوم و الليلة(674)ص 238،و أبو نعيم في الحلية 159/2،و ابن حبان(2574)312/6 و عنده:جندب:بدل أبي هريرة،و الطبراني في الأوسط(3533)304/4، و في الصغير 149/1،و الخطيب في التاريخ 253/3 و 257/10-258،و ابن الضريس في فضائل القرآن(221)ص 101،و العقيلي في الضعفاء 203/1،و ابن عدي في الكامل 416/1،و 299/2، و أبو الشيخ في طبقات المحدثين 286/4-287،و الدارقطني في العلل 267/10-269. و البيهقي في الشعب 480/2. و ابن الجوزي في الموضوعات 247/1. قلت:هذا حديث ضعيف جدا.معلول: 1-قال الدارقطني في العلل 267/10-269:«اختلف فيه على الحسن: أ-فرواه محمد بن جحادة،و هشام بن زياد أبو المقدام:عن الحسن،عن أبي هريرة مرفوعا. و رواه أبان بن أبي عياش،عن الحسن،عن أبي هريرة مرفوعا.قال ذلك فضيل بن عياض عنه. ب-رواه فضل بن دلهم،عن الحسن قوله-لم يتجاوز به. ج-و رواه هشام بن حسان،عن ابن سيرين،عن أبي هريرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:قاله محمد بن كثير،عن مخلد بن الحسين. د-و رواه علي بن عاصم،و بشر بن منصور،عن أبان،عن الحسن،عن أبي هريرة مرفوعا.و زاد بشر بن منصور،فيه عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«و من تعار من الليل فقال:لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر،سبحان اللّه، و الحمد للّه،رب اغفر لي،غفر اللّه له». و ليس فيها شيء يثبت».ا ه و قال أبو حاتم عن طريق مخلد بن حسين،عن هشام،عن ابن سيرين،عن أبي هريرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «هذا حديث باطل،إنما رواه جسر،عن الحسن،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مرسل.»ا ه.انظر العلل 67/2-68. و أبان،و هشام:متروكان.و الحسن،عن أبي هريرة منقطع. و في الباب عن: 1-أبي بن كعب:رواه القضاعي في مسند الشهاب،حديث رقم(1036)130/2-131 ضمن حديث طويل.و ابن الجوزي في الموضوعات 247/1. و في سنده:مخلد بن عبد الواحد:قال ابن حبان:منكر الحديث جدا.ثم روى هذا الحديث،و قال ابن الجوزي:فما أدري من وضعه!إن لم يكن مخلد افتراه. 2-أنس بن مالك:رواه ابن عدي في الكامل 193/5. و في سنده علي بن عاصم بن حبيب:أسقطه أحمد و ابن معين و أبو خيثمة.انظر التهذيب 302/7، و ميزان الاعتدال 135/3. 3-ابن مسعود:رواه أبو نعيم في الحلية 130/4. و في سنده: 1-عبد الغفار بن القاسم:في حديثه لين،كما قال أبو نعيم.

و أخرج الطبرانيّ من حديث أنس:«من دام على قراءة يس كلّ ليلة ثم مات مات شهيدا» (1).

ما ورد في الحواميم:

أخرج أبو عبيد عن ابن عباس موقوفا:«إنّ لكلّ شيء لبابا،و لباب القرآن الحواميم» (2).

و أخرج الحاكم عن ابن مسعود موقوفا:«الحواميم ديباج القرآن» (3).

ما ورد في الدخان:

أخرج الترمذيّ و غيره من حديث أبي هريرة:«من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك» (4).

ص: 358


1- 4-الحسن قوله:رواه الدارمي في سننه،حديث(3415)548/2.و انظر قول الدار قطني السابق.و فيه انقطاع.
2- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 254. و في سنده الجراح بن الجراح:لم يوثقه غير ابن حبان.انظر الثقات 112/4. و ابن لهيعة:ضعيف،مختلط.انظر الاغتباط ص 72-73.
3- رواه ابن أبي شيبة في المصنف،(30283)153/6. و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 255. و ابن الضريس في فضائل القرآن،(302)ص 127. و عبد الرزاق في المصنف(6031)381/3. و المروزي في قيام الليل ص 290(مختصر). و الحاكم في المستدرك 437/2. و البيهقي في الشعب 483/2. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-مجاهد عن ابن مسعود مرسل،كما قال أبو زرعة.انظر جامع التحصيل ص 273. 2-ابن أبي نجيح:أكثر عن مجاهد،و كان يدلس عنه.وصفه النسائي بذلك.انظر طبقات المدلسين ص 90.
4- رواه الترمذي في سننه(2888)163/5. و ابن عدي في الكامل 65/5.

ما ورد في المفصّل:

أخرج الدارميّ،عن ابن مسعود،موقوفا:«إنّ لكلّ شيء لبابا،و لباب القرآن المفصّل» (1).

ص: 359


1- رواه الدارمي،حديث رقم(3377)539/2. و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(8644)138/9.

الرحمن:

أخرج البيهقيّ،من حديث علي مرفوعا:«لكلّ شيء عروس،و عروس القرآن الرحمن» (1).

المسبّحات:

أخرج أحمد،و أبو داود،و الترمذيّ،و النسائيّ،عن عرباض بن سارية:أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان يقرأ المسبّحات كلّ ليلة قبل أن يرقد،و يقول:«فيهن آية خير من ألف آية» (2).

ص: 360


1- و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم(178)ص 88. و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(30294)154/6،و البيهقي في الشعب 488/2.و سنده حسن إلى ابن مسعود-رضي اللّه عنه-.
2- رواه أبو داود،حديث رقم(5057)313/4. و الترمذي،حديث رقم(2921)181/5. و النسائي في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(713-714)ص 434-435. و في فضائل القرآن،من سننه الكبرى،حديث رقم(8026)16/5.و أحمد في المسند 128/4. و المروزي في قيام الليل،حديث رقم(200)ص 276-277. و ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(682)ص 240. و ابن أبي عاصم في الآحاد و المثاني،حديث رقم(1335)43/3-44. و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(625)249/18-250. و البيهقي في الشعب 493/2.و السخاوي في جمال القراء 69/2-70. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-بقية بن الوليد:صدوق،كثير التدليس عن الضعفاء.انظر طبقات المدلسين ص 121،و التبيين لأسماء المدلسين(50)،و التقريب 105/1،و تهذيب الكمال 192/4-200.و إن صرّح بالتحديث عن بحير،إلاّ أنه لم يصرّح بالتحديث في سائر طبقات المسند. 2-عبد اللّه بن أبي بلال:انفرد ابن حبان بتوثيقه.انظر التقريب 405/1،و التهذيب 165/5. 3-اختلف في إسناده: أ-رواه بقية،عن بحير بن سعد،عن خالد بن معدان،عن ابن أبي بلال،عن العرباض،مرفوعا. ب-و خالفه معاوية بن صالح:فرواه عن بحير بن سعد،عن خالد بن معدان مرسلا: رواه النسائي في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(715)ص 435. و الدارمي في سننه حديث رقم(3424)550/2. و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 258. و معاوية بن صالح:صدوق،له أوهام:انظر التقريب 259/2-و التهذيب 209/10-211،و الكامل 404/6-407.

قال ابن كثير (1)في تفسير الآية:المشار إليها قوله: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (2) [الحديد:3].

و قد أخرج ابن السّنّي،عن أنس:أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أوصى رجلا إذا أتى مضجعه أن يقرأ سورة الحشر،و قال:«إن متّ مت شهيدا» (3).

و أخرج الترمذي،من حديث معقل بن يسار:«من قرأ حين يصبح ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكّل اللّه به سبعين ألف ملك،يصلّون عليه حتى يمسي،و إن مات في ذلك اليوم مات شهيدا،و من قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة» (3).1،

ص: 361


1- في تفسيره 302/4.
2- رواه الترمذي،حديث رقم(2922)182/5.و الدارمي في سننه،حديث رقم(3425)550/2. و أحمد في المسند 26/5.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(537)229/20.و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم(230)ص 104.و ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(80) ص 33.و حديث رقم(681)ص 240.و البيهقي في الشعب 492/2-493.و البغوي في تفسيره 4/ 327. قلت:سنده ضعيف،فيه: خالد بن طهمان:ضعّفه ابن معين.و قال:خلط قبل موته بعشر سنين.و انظر التقريب 214/1،
3- و في الباب عن: يحيى بن أبي كثير مرسلا:رواه ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم(229)ص 104 و عنه عامر بن عبد اللّه بن يساف:قال ابن عدي:منكر الحديث عن الثقات.انظر اللسان 224/3،و التقريب 388/1.

و أخرج البيهقيّ،من حديث أبي أمامة:«من قرأ خواتيم الحشر في ليل أو نهار، فمات في يومه أو ليلته،فقد أوجب اللّه له الجنة» (1).

تبارك:

أخرج الأربعة،و ابن حبّان،و الحاكم،من حديث أبي هريرة:«في القرآن سورة ثلاثون آية،شفعت لرجل حتى غفر له: تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ (2).

و أخرج الترمذيّ،من حديث ابن عباس:«هي المانعة،هي المنجية،تنجّي من عذاب القبر» (3).

ص: 362


1- سبق تخريجه.
2- رواه أبو داود في سننه،حديث رقم(1400)57/2.و الترمذي،حديث رقم(2891)164/5. و النسائي في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(710)ص 433.و ابن ماجة،حديث(3786).و أحمد 299/2-321.و الحاكم في المستدرك 565/1 و 497/2-498.و ابن نصر في قيام الليل،حديث رقم(182)ص 265.و الفريابي في فضائل القرآن،حديث رقم(33)ص 143.و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 260-261،و ابن السني في عمل اليوم و الليلة(683)ص 240-241.و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم(235-236)ص 106-107. و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(787-788)67/3-69.و البيهقي في الشعب 494/2- 495،و في إثبات عذاب القبر(166-167)ص 137. قلت:سنده ضعيف،فيه: عباس الجشمي:لم يوثقه غير ابن حبان.انظر التهذيب 135/5،و التقريب 400/1. و له شواهد،منها: 1-عن أنس:رواه الطبراني في الصغير 179/1.و في الأوسط،حديث رقم(3667)391/4.و سنده حسن-إن شاء اللّه-فيه:شيبان بن فروج:صدوق،يهم،و رمي بالقدر.انظر التهذيب 374/4- 375.و التقريب 356/1. و انظر ما بعده.
3- و الكامل 19/3-20،و التهذيب 98/3-99،و الجرح و التعديل 337/3،و الاغتباط ص 54.

و أخرج الحاكم،من حديثه:«وددت أنها في قلب كلّ مؤمن: تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ (1).

و أخرج النّسائيّ،من حديث ابن مسعود:«من قرأ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ كلّ ليلة منعه اللّه بها من عذاب القبر» (2)..

ص: 363


1- رواه الحاكم في المستدرك 565/1.ثم قال:«هذا إسناد عند اليمانيين صحيح و لم يخرجاه.و تعقبه الذهبي بقوله:حفص واه»ا ه. قلت:سنده ضعيف،فيه: حفص بن عمر العدني:ضعيف.انظر التهذيب 410/2-411،و التقريب 188/1،و الكاشف 1/ 171،و المغني 180/1.
2- رواه النسائي في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(711)ص 433-434.و الحاكم في المستدرك 2/ 497.و ابن نصر في قيام الليل ص 266(المختصر)و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم (231-232)ص 105(موقوف).و الفريابي في فضائل القرآن،حديث رقم(31-32)ص 141- 143(موقوف).و عبد الرزاق في المصنف،حديث رقم(6025)379/3-380(موقوف).و البيهقي في الشعب 494/2-495(موقوف).و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 260(موقوف).و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(8651-8652-8653)140/9 141.و حديث رقم(10254)10/ 175 من طرق،عن عاصم،عن زر،عن ابن مسعود. -و رواه من طريق مرة الطيب،عن ابن مسعود موقوفا:أبو عبيد في فضائل القرآن ص 260. -و رواه من طريق أبي الأحوص،عن ابن مسعود موقوفا:عبد الرزاق في المصنف،حديث رقم (6024)378/3.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(8650)140/9. -و رواه من طريق مسروق،عن ابن مسعود موقوفا:البيهقي في الشعب 494/2. قلت:اختلف في وقفه و رفعه و الصواب وقفه:قال الدار قطني في العلل 53/5-54:«يرويه عاصم بن أبي النجود،عن زر بن حبيش،عن عبد اللّه،و اختلف عنه: 1-فرواه عرفجة بن عبد الواحد،من عاصم،عن زر،عن عبد اللّه،و قال:«كنا في عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،نسميها المانعة». حدث به سهيل بن أبي صالح-و اختلف عنه: أ-فرواه عبد العزيز بن أبي حازم،و قاسم بن عبد اللّه العمري،عن سهيل بن أبي صالح،عن عرفجة بن عبد الواحد،عن عاصم. ب-و قال فيه محمد بن زنبور،عن ابن أبي حازم،عن سهيل بن أبي صالح،عن أبيه،عن عرفجة بن عبد الواحد. و القول الأول أشبه بالصواب. 2-و رواه شعبة،و مسعر،و أبو عوانة،و حماد بن سلمة،و زيد بن أبي أنيسة،عن عاصم،عن زر،عن عبد اللّه موقوفا. و هو المحفوظ».ا ه.

الأعلى:

أخرج أبو عبيد،عن أبي تميم،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّي نسيت أفضل المسبّحات».

فقال أبيّ بن كعب:لعلها: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى(1) ؟قال:«نعم» (1).

القيّمة:

أخرج أبو نعيم في الصحابة،من حديث إسماعيل بن أبي حكيم المزنيّ الصحابيّ مرفوعا:«إن اللّه ليسمع قراءة لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا .فيقول:أبشر عبدي،فو عزّتي لأمكننّ لك في الجنة حتى ترضى» (2).

الزلزلة:

أخرج الترمذيّ من حديث أنس:«من قرأ إِذا زُلْزِلَتِ... عدلت له بنصف القرآن» (3).

ص: 364


1- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 259.و في سنده: 1-ابن لهيعة:ضعيف مخلط. 2-و هو مرسل.
2- رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة،حديث رقم(1060)497/2 و قال:436/2:«في إسناد مقال». و قال عقبه:و هو عندي إسناد منقطع،لم يذكر أحد من الأئمة إسماعيل في الصحابة». و ذكره ابن الأثير في أسد الغابة 96/1 ثم قال:«قال ابن منده:هذا حديث منكر. و ذكره في الإصابة 127/1 ثم قال:و هو وهم،و الصواب إسماعيل بن أبي حكيم المدني،عن أحد بني فضيل،فوقع فيه تصحيف.
3- رواه الترمذي،حديث رقم(2893-2895)165/5-166،و أحمد 146/3-147-221- 241،و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم(267)ص 126،و من طريقه السلفي في المجالس الخمسة،حديث رقم(24)ص 78-79،و البزار في مسنده،حديث رقم(2308)88/3، و العقيلي في الضعفاء 243/1،و ابن حبان في المجروحين 336/1-337،و الخطيب في تاريخه 11/ 380،و ابن عدي في الكامل 333/9-334،و البيهقي في شعب الإيمان 497/2-501،و المزي في تهذيب الكمال،263/1.من طرق عن أنس. و سنده ضعيف.فيه الحسن بن سلم العجلي،مجهول.كما في التقريب 166/1،و المغني 160/1 ثم قال:«هذا منكر»ا ه.و في طريق أخرى سلمة بن وردان:منكر الحديث.انظر التهذيب 160/4- 161،و التقريب 319/1. و فيه مخالفة للأحاديث الصحيحة.انظر ما في الباب و تفصيل الحكم عليه في«الملتقى بتخريج أحاديث المنتقى»بتحقيقنا برقم(39).

العاديات:

أخرج أبو عبيد،من مرسل الحسن: إِذا زُلْزِلَتِ... تعدل بنصف القرآن، و العاديات تعدل بنصف القرآن» (1).

ألهاكم:

أخرج الحاكم من حديث ابن عمر مرفوعا:«أ لا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم؟»قالوا:و من يستطيع أن يقرأ ألف آية؟قال:«أما يستطيع أحدكم أن يقرأ أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ(1)... » (1).

الكافرون:

أخرج الترمذيّ،من حديث أنس:«قل يأيّها الكافرون ربع القرآن» (2).

و أخرج أبو عبيد،من حديث ابن عباس قال: يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ،تعدل بربع القرآن» (3).

و أخرج أحمد،و الحاكم من حديث نوفل بن معاوية:«اقرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ (4) ثمّ نم على خاتمتها،فإنها براءة من الشرك» (5).

ص: 365


1- رواه الحاكم في المستدرك 566/1-567،و البيهقي في الشعب 498/2،و المنتقى للضياء(42) بتخريجنا. قلت:و سنده ضعيف،فيه عقبة بن محمد بن عقبة:قال الحاكم و الذهبي:غير مشهور.انظر اللسان 4/ 179.
2- سبق تخريجه في سورة الزلزلة.
3- رواه الترمذي(2894)166/5،و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم(298)ص 126،و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 262-263،و البيهقي في شعب الإيمان 496/2،و البغوي في التفسير 4/ 516. قلت:سنده ضعيف،فيه نكارة،فيه:يمان بن المغيرة:قال ابن معين:ليس حديثه بشيء.و قال أبو زرعة:ضعيف الحديث.و قال أبو حاتم:ضعيف الحديث،منكر الحديث.و قال البخاري:منكر الحديث،يروي المناكير التي لا أصول لها فاستحق الترك.و قال ابن عدي:لا أرى به بأسا. انظر الجرح و التعديل 311/2/4،و الضعفاء لأبي زرعة 673/2،و التهذيب 406/1-407.
4- رواه أبو عبيد في فضائله ص 263 و هو مرسل.
5- رواه أبو داود حديث رقم(5055)313/4.و الترمذي،حديث رقم(3403)474/5،و النسائي في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(801-802)ص 468.و في كتاب التفسير-من سننه الكبرى- حديث رقم(11709)524/6.و الدارمي في سننه،حديث رقم(3427)551/2،و أحمد في المسند 456/5 و فيه قصة.و الحاكم في المستدرك 565/1 و 538/2،و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث-

ص: 366

و أخرج أبو يعلى،من حديث ابن عباس:«أ لا أدلّكم على كلمة تنجيكم من الإشراك باللّه؟تقرءون قل: يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ عن منامكم» (1).

النصر:

أخرج الترمذي من حديث أنس: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ(1) ربع القرآن» (1).

الإخلاص:

أخرج مسلم و غيره من حديث أبي هريرة: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(2)... تعدل ثلث القرآن» (3).

و في الباب عن جماعة من الصحابة.

و أخرج الطبرانيّ في الأوسط،من حديث عبد اللّه بن الشّخّير:«و من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) في مرضه الذي يموت فيه لم يفتن في قبره،و أمن من ضغطة القبر، و حملته الملائكة يوم القيامة بأكفها حتى تجيزه الصراط إلى الجنة» (4).

و أخرج الترمذيّ من حديث أنس:«من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) كلّ يوم مائتي مرة محي عنه ذنوب خمسين سنة،إلاّ أن يكون عليه دين،و من أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه،ثم قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) ،مائة مرة،فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب:يا عبدي،ادخل عن يمينك الجنة» (5).

ص: 367


1- سبق تخريجه في سورة الزلزلة.
2- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(12993)241/12. و سنده ضعيف،فيه: 1-جبارة بن المغلس:ضعيف،انظر التقريب 124/1،و الكاشف 123/1،و المغني 127/1، و التهذيب 57/2-59. 2-حجاج بن تميم:ضعيف. انظر التقريب 152/1،و الكاشف 148/1.و انظر مجمع الزوائد 121/10.
3- رواه مسلم(812)،و الترمذي(2889-2900)168/5-169،و إسحاق بن راهويه في مسنده، حديث رقم(221)255/1.و ابن الضريس في فضائل القرآن،حديث رقم(248-250)ص 110- 111.و حديث رقم(265)ص 115.و البيهقي في الشعب 504/2.
4- رواه الطبراني في المعجم الأوسط.حديث رقم(5781)367/6. و سنده ضعيف جدا،فيه:نصر بن حماد:ضعيف جدا.أفرط الأزدي فزعم أنه يضع.انظر التهذيب 425/10-426،و التقريب 299/2.
5- رواه الترمذي،حديث رقم(2898)168/5.و ابن عدي في الكامل 439/2.و البيهقي في الشعب 2/-

و أخرج الطبرانيّ من حديث ابن الديلميّ:«من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) مائة مرة في الصّلاة أو غيرها كتب اللّه له براءة من النار» (1).

و أخرج في الأوسط من حديث أبي هريرة:«من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) عشر مرات بني له قصر في الجنة،و من قرأها عشرين مرة بني له قصران،و من قرأها ثلاثين مرة بني له ثلاثة» (1).

و أخرج في الصغير من حديثه:«من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) بعد صلاة الصبح اثنتي عشرة مرة،فكأنما قرأ القرآن أربع مرات،و كان أفضل أهل الأرض يومئذ إذا اتقى» (2).

المعوذتان:

أخرج أحمد من حديث عقبة:أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال له:«أ لا أعلمك سورا ما أنزل في التوراة و لا في الزبور و لا في الإنجيل و لا في الفرقان مثلها؟».

قلت:بلى.

قال:« قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(3) و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ(1) » (4).

ص: 368


1- رواه الطبراني في الأوسط،حديث رقم(283)198/1 و سنده ضعيف،فيه هانئ بن المتوكل:قال ابن حبان:كان تدخل عليه المناكير،و كثرت،فلا يجوز الاحتجاج به.انظر اللسان 186/6-187. و انظر مجمع الزوائد 145/7.
2- رواه الطبراني في المعجم الصغير 61/1-62.و البزار في مسنده،حديث رقم(2296)84/3. و العقيلي في الضعفاء 85/2.و ابن أبي حاتم في العلل 90/2.و البيهقي في الشعب 500/2-501 و الضياء في المنتقى،حديث رقم(39)بتحقيقي. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-زكريا بن عطية:منكر الحديث. قال أبو حاتم:حديث منكر،و زكريا بن عطية:منكر الحديث.انظر العلل 90/2،و الضعفاء للعقيلي 85/2،و الميزان 74/2،و المغني 239/1،و لسان الميزان 482/2. 2-إسحاق بن سيار:قال أبو حاتم:لا أعرفه،مجهول،انظر لسان الميزان 364/1-لكن تابعه الحلواني و غيره.
3- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(852)331/18 و فيه محمد بن قدامة الجوهري،و هو ضعيف،كما في المجمع 145/7،و انظر التقريب 201/2.
4- رواه مسلم(814)،و أبو داود(1462)،و الترمذي(2902)،و النسائي 158/2 و 254/8 و أحمد 4/ 144-149-150-151-152-153-155-159،و الدارمي(3440،3439)،و أبو عبيد في-

و أخرج-أيضا-من حديث ابن عابس:أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال له:«أ لا أخبرك بأفضل ما تعوّذ به المتعوّذون؟».

قال:بلى.

قال:« قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ(1) » (1).

و أخرج أبو داود،و الترمذيّ،عن عبد اللّه بن خبيب،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:

«اقرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) و المعوذتين حين تمسي و حين تصبح،ثلاث مرات،تكفيك من كلّ شيء» (2).

و أخرج ابن السنّيّ،من حديث عائشة:«من قرأ بعد صلاة الجمعة قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ(1) و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ(1) سبع مرّات أعاذه اللّه من السوء إلى الجمعة الأخرى» (3).

و بقيت أحاديث من هذا الفصل أخّرتها إلى نوع الخواصّ.

الفصل الثالث الحديث الموضوع في فضائل القرآن الطويل

فصل أما الحديث الطويل في فضائل القرآن سورة سورة،فإنه موضوع،كما أخرج الحاكم في المدخل بسنده إلى أبي عمّار المروزيّ:أنه قيل لأبي عصمة الجامع:من أين لك عن عكرمة،عن ابن عباس،في فضائل القرآن سورة سورة،و ليس أصحاب عكرمة هذا؟.

فقال:إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن،و اشتغلوا بفقه أبي حنيفة و مغازي ابن إسحاق؛فوضعت هذا الحديث حسبة (4).

ص: 369


1- رواه النسائي في سننه 251/8-252.و أحمد في المسند 417/3.و ابن أبي عاصم في الآحاد و المثاني،حديث رقم(2574)35/5.و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 270-271. قلت:سنده ضعيف،فيه:أبو عبد اللّه:مجهول.انظر تهذيب التهذيب 152/12.
2- رواه أبو داود،حديث رقم(5082)321/4-322.و الترمذي،حديث رقم(3575)567/5-568. و النسائي 250/8-251.و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 270.و سنده حسن.
3- رواه ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(375)ص 134. قلت:سنده ضعيف،فيه،الخليل بن مرة:قال البخاري:فيه نظر.و انظر الكامل 58/3-60، و التقريب 228/1،و تهذيب التهذيب 146/4-147.
4- -فضائل القرآن ص 271،و الحاكم 540/2،و ابن حبان(795)74/3-75،و الطبراني 286/17، و البيهقي 394/2،من طرق عن عقبة.

و روى ابن حبّان في مقدمة تاريخ الضعفاء،عن ابن مهديّ،قال:قلت لميسرة بن عبد ربه:من أين جئت بهذه الأحاديث:من قرأ كذا فله كذا؟قال:وضعتها أرغب الناس فيها (1).

و روينا عن المؤمّل بن إسماعيل قال:حدّثني شيخ بحديث أبي بن كعب في فضائل سور القرآن سورة سورة،فقال:حدّثني رجل بالمدائن،و هو حيّ،فصرت إليه،فقلت له:من حدّثك؟قال:حدّثني شيخ بواسط و هو حيّ،فصرت إليه،فقلت له:من حدّثك؟ قال:حدّثني شيخ بالبصرة،فصرت إليه،فقلت له:من حدثك؟قال:حدّثني شيخ بعبادان،فصرت إليه،فأخذ بيدي فأدخلني بيتا،فإذا فيه قوم من المتصوفة،و معهم شيخ، فقال:هذا الشيخ حدّثني،فقلت:يا شيخ من حدثك؟فقال:لم يحدثني أحد،و لكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن،فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن (2).

قال ابن الصلاح:و لقد أخطأ الواحديّ المفسّر،و من ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم(3).1.

ص: 370


1- رواه ابن حبان في مقدمة المجروحين 64/1.
2- و ممن أودعه في كتابه:الزمخشري في الكشاف،و أبو السعود و الثعلبي و النسفي و البيضاوي في تفاسيرهم. و انظر المقاصد الحسنة ص 608-609،و الأسرار المرفوعة ص 453،و مقدمة في أصول التفسير ص 68-69،و الدر الملتقط ص 51،و تدريب الراوي 288/1-289،و المصنوع ص 127،و كشف الخفاء 564/2-565 و 559-560،و الفوائد للشوكاني ص 316،و اللؤلؤ المرصوع ص 195- 196،و تحذير المسلمين ص 69،و البرهان 432/1.

النوع الثالث و السبعون

في أفضل القرآن و فاضله

اختلف الناس:هل في القرآن شيء أفضل من شيء (1)؟.

فذهب الإمام أبو الحسن الأشعريّ،و القاضي أبو بكر الباقلانيّ،و ابن حبّان:إلى المنع؛لأنّ الجميع كلام اللّه؛و لئلا يوهم التفضيل نقص المفضّل عليه.و روي هذا القول عن مالك.قال يحيى بن يحيى:تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ؛و لذلك كره مالك أن تعاد سورة أو تردّد دون غيرها.

و قال ابن حبّان (2)في حديث أبيّ بن كعب:«ما أنزل اللّه في التوراة و لا في الإنجيل مثل أمّ القرآن» (3):إنّ اللّه لا يعطي القارئ التوراة و الإنجيل من الثواب مثل ما يعطي لقارئ أم القرآن،إذ اللّه سبحانه و تعالى بفضله فضّل هذه الأمة على غيرها من الأمم، و أعطاها من الفضل على قراءة كلامه أكثر مما أعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه، قال:و قوله:«أعظم سورة»أراد به الأجر؛لا أنّ بعض القرآن أفضل من بعض.

و ذهب آخرون إلى التفضيل لظواهر الأحاديث،منهم:إسحاق بن راهويه،و أبو بكر بن العربيّ،و الغزالي.

و قال القرطبيّ (4):إنّه الحقّ،و نقله عن جماعة من العلماء و المتكلمين.

و قال الغزالي في«جواهر القرآن» (5):لعلك أن تقول:قد أشرت إلى تفضيل بعض آيات القرآن على بعض،و الكلام كلام اللّه،فكيف يفارق بعضها بعضا؟و كيف يكون بعضها أشرف من بعض؟فاعلم أنّ نور البصيرة إن كان لا يرشدك إلى الفرق بين آية

ص: 371


1- انظر في هذه المسألة التذكار للقرطبي ص 51-55،و جواب أهل العلم و الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 13-14 و ص 46-87،و البرهان 438/1-442،و المنهاج للحليمي 244/2-245.
2- الإحسان 52/3.
3- سبق تخريجه 347/2.
4- التذكار ص 52.
5- جواهر القرآن ص 37-38.

الكرسي و آية المداينات،و بين سورة الإخلاص و سورة تبّت،و ترتاع على اعتقاد الفرق نفسك الخوّارة المستغرقة بالتقليد،فقلّد صاحب الرسالة صلّى اللّه عليه و سلّم،فهو الذي أنزل عليه القرآن و قال:«يس قلب القرآن» (1)و«فاتحة الكتاب أفضل سور القرآن» (2)و«آية الكرسي سيدة آي القرآن» (3)و«قل هو اللّه أحد تعدل ثلث القرآن» (4)و الأخبار الواردة-في فضائل القرآن،و تخصيص بعض السور و الآيات بالفضل،و كثرة الثواب في تلاوتها-لا تحصى.

انتهى.

و قال ابن الحصّار:العجب ممن يذكر الاختلاف في ذلك،مع النصوص الواردة بالتفضيل!.

و قال الشيخ عز الدين بن عبد السّلام (5):كلام اللّه في اللّه أفضل من كلامه في غيره، ف قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) أفضل من تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ .

و قال الخوييّ (6):كلام اللّه أبلغ من كلام المخلوقين.و هل يجوز أن يقال:بعض كلامه أبلغ من بعض الكلام؟جوّزه قوم لقصور نظرهم.و ينبغي أن تعلم أنّ معنى قول القائل:هذا الكلام أبلغ من هذا،أنّ هذا في موضعه له حسن و لطف،و ذاك في موضعه له حسن و لطف،و هذا الحسن في موضعه أكمل من ذاك في موضعه.

قال:فإنّ من قال:إنّ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) أبلغ من تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ جعل المقابلة بين ذكر اللّه و ذكر أبي لهب،و بين التوحيد و الدعاء على الكافر؛و ذلك غير صحيح،بل ينبغي أن يقال: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ دعاء عليه بالخسران،فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران أحسن من هذه؟.و كذلك في قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) لا توجد عبارة تدل على الوحدانية أبلغ منها؛فالعالم إذا نظر إلى تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ في باب الدعاء بالخسران،و نظر إلى قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) في باب التوحيد،لا يمكنه أن يقول:

أحدهما أبلغ من الآخر.انتهى.0.

ص: 372


1- سبق تخريجه.
2- مر تخريجه.
3- سبق تخريجه.
4- مر تخريجه.
5- انظر البرهان 439/1.
6- نقله في البرهان 439/1-440.

و قال غيره (1):اختلف القائلون بالتفضل:

فقال بعضهم:الفضل راجع إلى عظم الأجر و مضاعفة الثواب؛بحسب انفعالات النفس و خشيتها و تدبّرها و تفكّرها عند ورود أوصاف العلا.

و قيل:بل يرجع لذات اللفظ،و أنّ ما تضمّنه-قوله تعالى: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ ... الآية،و آية الكرسيّ،و آخر سورة الحشر،و سورة الإخلاص-من الدّلالات على وحدانيته و صفاته ليس موجودا مثلا في تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ و ما كان مثلها،فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة و كثرتها.

و قال الحليميّ (2)،و نقله عنه البيهقيّ (3):معنى التفضيل يرجع إلى أشياء:

أحدها:أن يكون العمل بآية أولى من العمل بأخرى،و أعود على الناس،و على هذا يقال:آيات الأمر و النهي و الوعد و الوعيد خير من آيات القصص،لأنّها إنما أريد بها تأكيد الأمر و النهي و الإنذار و التبشير،و لا غنى بالناس عن هذه الأمور،و قد يستغنون عن القصص،فكان ما هو أعود عليهم و أنفع لهم،ممّا يجري مجرى الأصول،خيرا لهم ممّا يجعل تبعا لما لا بد منه.

الثاني:أن يقال:الآيات التي تشتمل على تعديد أسماء اللّه تعالى و بيان صفاته و الدلالة على عظمته أفضل،بمعنى أنّ مخبراتها أسنى و أجلّ قدرا.

الثالث:أن يقال:سورة خير من سورة،أو آية خير من آية،بمعنى أنّ القارئ يتعجّل له بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجل،و يتأدّى منه بتلاوتها عبادة،كقراءة آية الكرسيّ،و الإخلاص،و المعوذتين؛فإنّ قارئها يتعجّل بقراءتها الاحتراز مما يخشى، و الاعتصام باللّه،و يتأدّى بتلاوتها عبادة للّه،لما فيها من ذكره سبحانه و تعالى بالصّفات العلا على سبيل الاعتقاد لها،و سكون النفس إلى فضل ذلك بالذكر و بركته؛فأما آيات الحكم:

فلا يقع بنفس تلاوتها إقامة حكم،و إنما يقع بها علم.

ثم لو قيل في الجملة:إنّ القرآن خير من التوراة و الإنجيل و الزّبور،بمعنى أنّ التعبّد بالتلاوة و العلم واقع به دونها،و الثواب بحسب قراءته لا بقراءتها.أو أنه من حيث الإعجاز6.

ص: 373


1- انظر البرهان 438/1.
2- في المنهاج 244/2-245.
3- شعب الإيمان 515/2-516.

حجة النبي المبعوث،و تلك الكتب لم تكن معجزة،و لا كانت حجج أولئك الأنبياء،بل كانت دعوتهم و الحجج غيرها،لكان ذلك-أيضا-نظير ما مضى.

و قد يقال:إنّ سورة أفضل من سورة؛لأنّ اللّه جعل قراءتها كقراءة أضعافها مما سواها،و أوجب بها من الثواب ما لم يوجب بغيرها،و إن كان المعنى الذي لأجله بلغ بها هذا المقدار لا يظهر لنا،كما يقال:إنّ يوما أفضل من يوم،و شهرا أفضل من شهر.

بمعنى:العبادة فيه تفضل على العبادة في غيره،و الذنب فيه أعظم منه في غيره،و كما يقال:إنّ الحرم أفضل من الحلّ؛لأنه يتأدّى فيه من المناسك ما لا يتأدّى في غيره.

و الصّلاة فيه تكون كصلاة مضاعفة مما تقام في غيره.انتهى كلام الحليميّ.

و قال ابن التين في حديث البخاريّ:«لأعلّمنك سورة هي أعظم السور» (1)معناه:أنّ ثوابها أعظم من غيرها (2).

و قال غيره:إنما كانت أعظم السّور؛لأنها جمعت جميع مقاصد القرآن،و لذلك سمّيت:أم القرآن (3).

و قال الحسن البصريّ (4):إنّ اللّه أودع علوم الكتب السابقة في القرآن،ثم أودع علوم القرآن الفاتحة،فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزّلة.أخرجه البيهقيّ.

و بيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري (5)،باشتمالها:على الثناء على اللّه تعالى بما هو أهله،و على التعبّد بالأمر و النهي،و على الوعد و الوعيد؛و آيات القرآن لا تخلو عن أحد هذه الأمور.

و قال الإمام فخر الدين:المقصود من القرآن كلّه تقرير أمور أربعة:الإلهيات، و المعاد،و النبوّات،و إثبات القضاء و القدر للّه تعالى.فقوله: اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) [الفاتحة:2]يدلّ على الإلهيات،و قوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4) ،يدلّ علىر.

ص: 374


1- سبق تخريجه.
2- انظر فتح الباري 158/8.
3- المصدر السابق.
4- رواه البيهقي في الشعب 450/2-451 و في سنده ضعف فيه:الربيع بن صبيح:ضعيف.انظر التقريب 245/1،و الكاشف 236/1.
5- في الكشاف 23/1،ولي رسالة لطيفة بشرح و تفسير سورة الفاتحة.فلتنظر.

المعاد،و قوله: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ(5) يدلّ على نفي الجبر،و على إثبات أنّ الكلّ بقضاء اللّه و قدره،و قوله: اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ(6) إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء اللّه،و على النبوّات.فلمّا كان المقصد الأعظم من القرآن هذه المطالب الأربعة،و هذه السورة مشتملة عليها،سمّيت:أم القرآن.

و قال البيضاوي (1):هي مشتملة على الحكم النظرية و الأحكام العملية،التي هي سلوك الطريق المستقيم،و الاطلاع على مراتب السعداء،و منازل الأشقياء.

و قال الطّيبيّ:هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين:

أحدها:علم الأصول،و معاقدة معرفة اللّه تعالى و صفاته،و إليها الإشارة بقوله:

اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ(2) اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ(3) .و معرفة النبوة،و هي المرادة بقوله:

أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ .و معرفة المعاد،و هو المومى إليه بقوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) .

و ثانيها:علم الفروع،و أسّه العبادات،و هو المراد بقوله: إِيّاكَ نَعْبُدُ .

و ثالثها:علم ما يحصل به الكمال و هو علم الأخلاق،و أجلّه الوصول إلى الحضرة الصمدانية،و الالتجاء إلى جناب الفردانية و السلوك لطريقه،و الاستقامة فيها.و إليه الإشارة بقوله: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ(6) .

و رابعها:علم القصص و الأخبار عن الأمم السالفة،و القرون الخالية،السعداء منهم و الأشقياء،و ما يتّصل بها من وعد محسنهم و وعيد مسيئهم.و هو المراد بقوله: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ .

و قال الغزاليّ:مقاصد القرآن ستة:ثلاثة مهمّة،و ثلاثة متمّة:

الأولى:تعريف المدعو إليه:كما أشير إليه بصدرها،و تعريف الصراط المستقيم، و قد صرّح به فيها،و تعريف الحال عند الرّجوع إليه تعالى و هو الآخرة،كما أشير إليه ب مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4) .

و الأخرى:تعريف احوال المطيعين:كما أشير إليه بقوله اَلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ و حكاية أقوال الجاحدين،و قد أشير إليها ب اَلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ ،و تعريف1.

ص: 375


1- في تفسيره 8/1.

منازل الطريق،كما أشير إليه بقوله: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ (1) .انتهى.

و لا ينافي هذا وصفها في الحديث الآخر بكونها:«ثلثي القرآن» (2)؛لأنّ بعضهم وجّهه بأنّ دلالات القرآن الكريم:إما أن تكون بالمطابقة أو بالتضمّن أو بالالتزام،و هذه السورة تدلّ على جميع مقاصد القرآن بالتضمّن و الالتزام دون المطابقة،و الاثنان من الثلاثة ثلثان،ذكره الزركشيّ في شرح«التنبيه»و ناصر الدين بن الميلق.

قال:و أيضا الحقوق ثلاثة:حقّ اللّه على عباده،و حقّ العباد على اللّه،و حقّ بعض العباد على بعض.و قد اشتملت الفاتحة صريحا على الحقّين الأولين،فناسب كونها بصريحها ثلثين،و حديث:«قسمت الصّلاة بيني و بين عبدي نصفين» (3)شاهد لذلك.

قلت:و لا تنافي-أيضا-بين كون الفاتحة أعظم السّور،و بين الحديث الآخر:«أنّ البقرة أعظم السور»؛لأنّ المراد به ما عدا الفاتحة من السّور التي فصّلت فيها الأحكام و ضربت الأمثال،و أقيمت الحجج؛إذ لم تشتمل سورة على ما اشتملت عليه،و لذلك سمّيت«فسطاط القرآن» (4).

قال ابن العربيّ في أحكامه:سمعت بعض أشياخي يقول:فيها ألف أمر و ألف نهي، و ألف حكم،و ألف خبر؛و لعظيم فقهها أقام ابن عمر ثماني سنين على تعليمها.أخرجه مالك في الموطأ (5).

و قال ابن العربي (5)-أيضا-:إنما صارت آية الكرسيّ أعظم الآيات لعظم مقتضاها، فإنّ الشيء إنما يشرف بشرف ذاته و مقتضاه و تعلقاته،و هي في آي القرآن كسورة الإخلاص في سوره،إلاّ أنّ سورة الإخلاص تفضلها بوجهين:

أحدهما:أنها سورة؛و هذه آية،و السورة أعظم لأنّه وقع التحدّي بها،فهي أفضل من الآية التي لم يتحدّ بها.

و الثاني:أنّ سورة الإخلاص اقتضت التوحيد في خمسة عشر حرفا،و آية الكرسيّ اقتضت التوحيد في خمسين حرفا،فظهرت القدرة في الإعجاز بوضع معنى معبّر عنه1.

ص: 376


1- انظر البرهان 442/1.
2- سبق تخريجه.
3- سبق تخريجه.
4- سبق تخريجه في فصل فضائل السور.
5- رواه مالك(11)205/1.

بخمسين حرفا،ثم يعبّر عنه بخمسة عشر،و ذلك بيان لعظيم القدرة و الانفراد بالوحدانية.

و قال ابن المنيّر (1):اشتملت آية الكرسي على ما لم تشتمل عليه آية من أسماء اللّه تعالى؛و ذلك أنها مشتملة على سبعة عشر موضعا،فيها اسم اللّه تعالى ظاهرا في بعضها و مستكنا في بعض،و هي:اللّه،هو،الحيّ،القيوم،ضمير:لا تأخذه،و:له،و:

عنده،و:بإذنه،و:يعلم،و:علمه،و:شاء،و:كرسيه،و:يئوده.ضمير:

حفظهما،المستتر الّذي هو فاعل المصدر،و:هو،العليّ،العظيم.و إن عدّدت الضمائر المتحمّلة في:الحيّ،القيّوم العليّ،العظيم،و الضمير المقدّر قبل:و الحيّ-على أحد الأعاريب-صارت اثنين و عشرين.

و قال الغزاليّ:إنّما كانت آية الكرسيّ سيّدة الآيات؛لأنها اشتملت على ذات اللّه و صفاته و أفعاله فقط؛ليس فيها غير ذلك،و معرفة ذلك هي المقصد الأقصى في العلوم، و ما عداه تابع له،و السيّد اسم للمتبوع المقدم،فقوله: اَللّهُ إشارة إلى الذات، لا إِلهَ إِلاّ هُوَ إشارة إلى توحيد الذات. اَلْحَيُّ الْقَيُّومُ إشارة إلى صفة الذات و جلاله، فإنّ معنى اَلْقَيُّومُ الذي يقوم بنفسه،و يقوم به غيره،و ذلك غاية الجلال و العظمة. لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لا نَوْمٌ تنزيه و تقديس له عمّا يستحيل عليه من أوصاف الحوادث،و التقديس عمّا يستحيل أحد أقسام المعرفة، لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ :إشارة إلى الأفعال كلها،و أنّ جميعها منه و إليه. مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ إشارة إلى انفراده بالملك و الحكم و الأمر،و أنّ من يملك الشفاعة إنما يملكها بتشريفه إيّاه و الإذن فيها،و هذا نفي الشركة عنه في الحكم و الأمر. يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ إلى قوله: شاءَ إشارة إلى صفة العلم،و تفضيل بعض المعلومات،و الانفراد بالعلم،حتى لا علم لغيره إلا ما أعطاه و وهبه،على قدر مشيئته و إرادته. وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ إشارة إلى عظمة ملكه و كمال قدرته (2). وَ لا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما إشارة إلى صفة القدرة و كمالها،و تنزيهها عن الضّعف و النقصان. وَ هُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ إشارة إلى أصلين عظيمين في الصفات.

فإذا تأمّلت هذه المعاني،ثم تلوت جميع آي القرآن،لم تجد جملتها مجموعة في آية واحدة،فإنّ شَهِدَ اللّهُ [آل عمران:18]ليس فيها إلاّ التوحيد،و سورة الإخلاص ليس فيها إلاّ التوحيد و التقديس،و: قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ ليس فيها إلاّ الأفعال،ة.

ص: 377


1- نقله في البرهان 442/1-443.
2- الإيمان بالكرسي من العقائد الثابتة في الكتاب و السنة.

و الفاتحة فيها الثلاثة؛لكن غير مشروحة بل مرموزة،و الثلاثة مجموعة مشروحة في آية الكرسيّ.

و الذي يقرب منها في جمعها آخر الحشر و أول الحديد؛و لكنها آيات لا آية واحدة، فإذا قابلت آية الكرسي بإحدى تلك الآيات وجدتها أجمع للمقاصد،فلذلك استحقّت السيادة على الآي؛كيف و فيها اَلْحَيُّ الْقَيُّومُ و هو الاسم الأعظم كما ورد به الخبر (1)! انتهى كلام الغزاليّ.

ثم قال:إنّما قال صلّى اللّه عليه و سلّم في الفاتحة:«أفضل»و في آية الكرسي:«سيدة»لسرّ،و هو:

أنّ الجامع بين فنون الفضل و أنواعها الكثيرة يسمّى أفضل؛فإنّ الفضل هو الزيادة، و الأفضل هو الأزيد،و أما السّؤدد فهو رسوخ معنى الشرف الذي يقتضي الاستتباع و يأبى التبعيّة،و الفاتحة تتضمّن التنبيه على معان كثيرة و معارف مختلفة؛فكانت أفضل،و آية الكرسي؛تشتمل على المعرفة العظمى؛التي هي المقصودة المتبوعة،التي يتبعها سائر المعارف،فكان اسم السيد بها أليق.انتهى.

ثم قال في حديث:«قلب القرآن يس» (2):إنّ ذلك لأنّ الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر و النّشر،و هو مقرّر في هذه السورة بأبلغ وجه،فجعلت قلب القرآن لذلك، و استحسنه الإمام فخر الدين.

و قال النسفيّ:يمكن أن يقال:إنّ هذه السورة ليس فيها إلاّ تقرير الأصول الثلاثة:

الوحدانيّة،و الرسالة،و الحشر؛و هو القدر الذي يتعلق بالقلب و الجنان.و أمّا الذي باللسان و بالأركان ففي غير هذه السورة؛فلمّا كان فيها أعمال القلب لا غير سمّاها قلبا،و لهذا أمر بقراءتها عند المحتضر (3)؛لأنّ في ذلك الوقت يكون اللسان ضعيف القوة و الأعضاءه.

ص: 378


1- رواه أبو داود(1496)80/2،و الترمذي(3478)517/5،و ابن ماجة(3855)،و الدارمي(3389) 542/2،و أحمد 461/6،و ابن أبي شيبة في المصنف(29363)47/6،و عبد بن حميد في المنتخب(1578)ص 456،و الطبراني في الدعاء(113)831/2-832،و في المعجم الكبير(441 -442)174/24-175،و ابن الضريس في فضائل القرآن(182)ص 89،و البيهقي في الأسماء و الصفات 175/1،و البغوي في شرح السنة(1261)38/5-39،و المزي في تهذيب الكمال 2/ 877،و الضياء في العدة للكرب و الشدة(26-27)ص 60-61،و في الترغيب في الدعاء(57)ص 97-98 من حديث أسماء بنت يزيد.و سنده ضعيف،إلا أن له شاهدا من حديث أبي أمامة.انظر توسيع الحكم عليه في تخريجنا لكتاب الترغيب في الدعاء ص 97-98.
2- سبق تخريجه.
3- سبق تخريجه.

ساقطة،لكن القلب قد أقبل على اللّه تعالى،و رجع عمّا سواه،فيقرأ عنده ما يزداد به قوة في قلبه،و يشتدّ تصديقه بالأصول الثلاثة.انتهى.

اختلف النّاس في معنى كون سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن (1):

فقيل:كأنّه صلّى اللّه عليه و سلّم سمع شخصا يكرّرها تكرار من يقرأ ثلث القرآن،فخرج الجواب على هذا.و فيه بعد عن ظاهر الحديث،و سائر طرق الحديث تردّه.

و قيل:لأنّ القرآن يشتمل على قصص و شرائع و صفات،و سورة الإخلاص كلّها صفات،فكانت ثلثا بهذا الاعتبار.

و قال الغزاليّ في«الجواهر»:معارف القرآن المهمّة ثلاثة:معرفة التوحيد،و الصّراط المستقيم،و الآخرة.و هي مشتملة على الأوّل؛فكانت ثلثا.

و قال-أيضا-فيما نقله عنه الرازيّ:القرآن مشتمل على البراهين القاطعة على وجود اللّه تعالى و وحدانيته و صفاته:إمّا صفات الحقيقة،و إما صفات الفعل،و إما صفات الحكم،فهذه ثلاثة أمور،و هذه السّورة تشتمل على صفات الحقيقة،فهي ثلث.

و قال الخوييّ:المطالب التي في القرآن معظمها الأصول الثلاثة،التي بها يصحّ الإسلام،و يحصل الإيمان،و هي:معرفة اللّه،و الاعتراف بصدق رسوله،و اعتقاد القيام بين يدي اللّه تعالى.فإنّ من عرف أنّ اللّه واحد،و أنّ النبيّ صادق،و أنّ الدين واقع،صار مؤمنا حقا،و من أنكر شيئا منها كفر قطعا.و هذه السورة تفيد الأصل الأوّل،فهي ثلث القرآن من هذا الوجه.

و قال غيره:القرآن قسمان:خبر و إنشاء،و الخبر قسمان:خبر عن الخالق و خبر عن المخلوق؛فهذه ثلاثة أثلاث،و سورة الإخلاص أخلصت الخبر عن الخالق،فهي بهذا الاعتبار ثلث.

و قيل:تعدل في الثواب،و هو الذي يشهد له ظاهر الحديث،و الأحاديث الواردة في سورة الزلزلة و النّصر و الكافرين (2)،لكن ضعّف ابن عقيل ذلك،و قال:لا يجوز أن يكونث.

ص: 379


1- انظر للأهمية ما سطره شيخ الإسلام في كتابه الماتع:«جواب أهل العلم و الإيمان بتحقيق ما أخبر به رسول الرحمن،من أنّ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القرآن»بتحقيقنا.صدر عن دار الكتاب العربي، و التمهيد لابن عبد البر 227/19-233.
2- سبق تخريج هذه الأحاديث.

المعنى:فله أجر ثلث القرآن،لقوله:«من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات» (1).

قال ابن عبد البرّ (2):السّكوت في هذه المسألة أفضل من الكلام فيها و أسلم.ثم أسند إلى إسحاق بن منصور (3):قلت لأحمد بن حنبل:قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ (1) تعدل ثلث القرآن»ما وجهه؟فلم يقل لي فيها على أمر.و قال لي إسحاق بن راهويه (4):معناه أنّ اللّه لمّا فضّل كلامه على سائر الكلام،جعل لبعضه أيضا فضلا في الثواب لمن قرأه،تحريضا على تعليمه،لا أن من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) ثلاث مرّات كان كمن قرأ القرآن جميعه؛هذا لا يستقيم،و لو قرأها مائتي مرة.

قال ابن عبد البرّ:فهذان إمامان بالسنة ما قاما و لا قعدا في هذه المسألة.

و قال ابن الميلق في حديث:«إن الزلزلة نصف القرآن» (5)لأنّ أحكام القرآن تنقسم إلى أحكام الدنيا و أحكام الآخرة،و هذه السورة تشتمل على أحكام الآخرة كلّها إجمالا، و زادت على القارعة بإخراج الأثقال و تحديث الأخبار.و أما تسميتها في الحديث الآخر ربعا (6)،فلأنّ الإيمان بالبعث ربع الإيمان،في الحديث الذي رواه الترمذي:«لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع:يشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّي رسول اللّه بعثني بالحقّ،و يؤمن بالموت، و يؤمن بالبعث بعد الموت،و يؤمن بالقدر» (7)فاقتضى هذا الحديث أنّ الإيمان بالبعث الذي قرّرته هذه السورة ربع الإيمان الكامل الذي دعا إليه القرآن.

و قال-أيضا-في سرّ كون أَلْهاكُمُ تعدل ألف آية (8):إنّ القرآن ستة آلاف آية،ه.

ص: 380


1- سبق تخريجه.
2- في التمهيد 232/19.
3- التمهيد 232/19 و فيه:فلم يقم لي على أمر بيّن.
4- التمهيد 232/19.
5- سبق تخريجه.
6- سبق تخريجه.
7- رواه الترمذي(2145)452/4،و ابن ماجة(81)،و أحمد في المسند 123/1،و عبد بن حميد في المنتخب(75)ص 54.و الطيالسي ص 17.و ابن أبي عاصم في السنة(130)59/1.و ابن حبان(23) ص 37(موارد)،و(178)404/1-405(الاحسان)،و الحاكم في المستدرك 32/1-33. قال الدار قطني في العلل 196/3-197:«حدّث به شريك،و ورقاء،و جرير،و عمرو بن أبي قيس، عن منصور،عن ربعي،عن علي. و خالفهم سفيان،و زائدة،و أبو الأحوص،و سليمان التيمي،فرووه عن منصور،عن ربعي،عن رجل من بني راشد،عن علي.و هو الصواب»ا ه.و انظر النكت الظراف 371/7.
8- سبق تخريجه.

و مائتا آية و كسر،فإذا تركنا الكسر كان الألف سدس القرآن،و هذه السورة تشتمل على سدس مقاصد القرآن،فإنها فيما ذكره الغزاليّ ستة:ثلاث مهمّة و ثلاث متمّة-و تقدمت- و أحدها معرفة الآخرة المشتمل عليه السورة،و التعبير عن هذا المعنى بألف آية أفخم و أجلّ و أضخم من التعبير بالسدس.

و قال-أيضا-في سرّ كون سورة الكافرين ربعا و صورة الإخلاص ثلثا،مع أنّ كلا منهما يسمّى الإخلاص:أنّ سورة الإخلاص اشتملت من صفات اللّه على ما لم تشتمل عليه(الكافرون).

و أيضا:فالتوحيد إثبات إلهية المعبود و تقديسه و نفي إلهية ما سواه،و قد صرّحت الإخلاص بالإثبات و التقديس،و لوحت إلى نفي عبادة غيره.و الكافرون صرحت بالنفي و لوحت بالإثبات و التقديس؛فكان بين الرتبتين من التصريحين و التلويحين ما بين الثلث و الربع.انتهى.

تذنيب:ذكر كثيرون في أثر:«أنّ اللّه جمع علوم الأوّلين و الآخرين في الكتب الأربعة،و علومها في القرآن،و علومه في الفاتحة»فزادوا:و علوم الفاتحة في البسملة، و علوم البسملة في بائها.

و وجّه:بأن المقصود من كلّ العلوم وصول العبد إلى الربّ،و هذه الباء باء الإلصاق؛فهي تلصق العبد بجناب الربّ،و ذلك كمال المقصود.ذكره الإمام الرازيّ و ابن النّقيب في تفسيرهما.

ص: 381

النوع الرابع و السبعون

في مفردات القرآن

أخرج السّلفي في المختار من«الطيوريات»،عن الشعبيّ،قال:لقي عمر بن الخطاب ركبا في سفر،فيهم ابن مسعود،فأمر رجلا يناديهم:من أين القوم؟قالوا:أقبلنا من الفجّ العميق،نريد البيت العتيق.فقال عمر:إنّ فيهم لعالما.و أمر رجلا أن يناديهم:

أيّ القرآن أعظم؟فأجابه عبد اللّه: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255].

قال:نادهم:أيّ القرآن أحكم؟فقال ابن مسعود: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ وَ إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى [النحل:90].

قال:نادهم:أيّ القرآن أجمع؟فقال: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ(7) وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(8) [الزلزلة:8،7].

فقال:نادهم:أيّ القرآن أحزن؟فقال: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ [النساء:123].

فقال:نادهم:أي القرآن أرجى؟فقال: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ [الزمر:53]الآية.

فقال:أ فيكم ابن مسعود؟قالوا:نعم.أخرجه عبد الرزاق في تفسيره بنحوه (1).

و أخرج عبد الرزّاق-أيضا-،عن ابن مسعود،قال:أعدل آية في القرآن: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ [النحل:90]،و أحكم آية: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) إلى آخرها.

و أخرج الحاكم عنه،قال:إنّ أجمع آية في القرآن للخير و الشر: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ [النحل:90] (2).

ص: 382


1- رواه عبد الرزاق في تفسيره 388/2-389.و فيه انقطاع.و انظر فضائل القرآن لأبي عبيد ص 275- 276،و مجمع الزوائد 323/6،و ابن الضريس في فضائله ص 91.
2- رواه الحاكم 356/2،و ابن الضريس في فضائل القرآن(187)ص 91،و الطبراني في المعجم الكبير (8658)142/9-144،و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 275-276 بأتم منه.و سنده حسن.

و أخرج الطبراني عنه،قال:ما في القرآن آية أعظم فرجا من آية في سورة الغرف قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ [الزمر:53]الآية.و ما في القرآن آية أكثر تفويضا من آية في سورة النساء القصرى: وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3]الآية (1).

و أخرج أبو ذرّ الهرويّ في«فضائل القرآن»من طريق يحيى بن يعمر،عن ابن عمر، عن ابن مسعود،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«إنّ أعظم آية في القرآن: اَللّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ... [البقرة:255]،و أعدل آية في القرآن: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ... [النحل:90].إلى آخرها،و أخوف آية في القرآن: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ(7) وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(8) [الزلزلة:8،7]، و أرجى آية في القرآن: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللّهِ...

[الزمر:53]،إلى آخرها».

و قد اختلف في أرجى آية في القرآن على بضعة عشر قولا:

أحدها:آية الزمر.

و الثاني: أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى [البقرة:260]أخرجه الحاكم في المستدرك،و أبو عبيد،عن صفوان بن سليم،قالا:التقى ابن عباس و ابن عمرو،فقال ابن عباس:أي آية في كتاب اللّه أرجى؟فقال عبد اللّه بن عمرو: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ...

الآية..[الزمر:53].

فقال ابن عباس:لكن قول اللّه: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ،قال:فرضي منه بقوله: بَلى .قال:فهذا لما يعترض في الصّدر مما يوسوس به الشيطان (2).

الثالث:ما أخرجه أبو نعيم في«الحلية»عن عليّ بن أبي طالب أنه قال:إنّكم يا معشر أهل العراق تقولون:أرجى آية في القرآن: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا الآية[الزمر:

53].لكنّا أهل البيت نقول:إنّ أرجى آية في كتاب اللّه: وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى (5) [الضحى:5]و هي الشفاعة.1.

ص: 383


1- انظر ما قبله.
2- رواه الحاكم في المستدرك 260/4-261،و أبو عبيد في الفضائل ص 276-277.و في سنده عبد اللّه بن صالح:ثبت في كتابه،صدوق،كثير الغلط.انظر التقريب 423/1،و التهذيب 256/5- 261.

الرابع:ما أخرجه الواحديّ،عن عليّ بن الحسين،قال:أشدّ آية على أهل النار:

فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاّ عَذاباً(30) [النبأ:50]،و أرجى آية في القرآن لأهل التوحيد: إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ... الآية[النساء:48] (1).

و أخرج الترمذيّ-و حسّنه-عن عليّ،قال:أحبّ آية إليّ في القرآن: إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ... الآية (2).

الخامس:ما أخرجه مسلم في صحيحه،عن ابن المبارك:أنّ أرجى آية في القرآن قوله تعالى: وَ لا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَ السَّعَةِ إلى قوله: أَ لا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللّهُ لَكُمْ [النور:22] (3).

السادس:ما أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب«التوبة»،عن أبي عثمان النّهديّ قال:

ما في القرآن آية أرجى عندي لهذه الأمة من قوله: وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً [التوبة:102].

السابع و الثامن:قال أبو جعفر النحّاس في قوله: فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ [الأحقاف:35]:إنّ هذه الآية عندي أرجى آية في القرآن؛إلاّ أنّ ابن عباس قال:أرجى آية في القرآن: وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ [الرعد:6]و كذا حكاه عنه مكّي، و لم يقل:(على إحسانهم).

التاسع:روى الهرويّ في مناقب الشافعي،عن ابن عبد الحكم،قال:سألت الشافعيّ:أيّ آية أرجى؟قال:قوله: يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ(15) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ(16) [البلد:

16،15].

قال:و سألته عن أرجى حديث للمؤمن،قال:«إذا كان يوم القيامة يدفع إلى كلّ مسلم رجل من الكفار فداؤه» (4).

العاشر: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ [الإسراء:84].ة.

ص: 384


1- رواه الطبري في تفسيره 410/12 بنحوه عن عبد اللّه بن عمر.
2- رواه الترمذي في سننه،برقم(3037)247/5.و في سنده:ثوير بن أبي فاختة:ضعيف،رمي بالرفض.انظر تهذيب التهذيب 36/2-37،و التقريب 121/1.
3- رواه مسلم ضمن حديث حادثة الإفك الطويل برقم(2770)2129/4-2137.
4- رواه مسلم(2767)2119/4-2120،و ابن ماجة(4291)،و أحمد 391/4،و الطيالسي(499) ص 68،و أبو يعلى في مسنده(7267)250/13-251.و ابن حبان(630)397/2.و انظر باقي تخريجه و طرقه في تخريجنا لسنن ابن ماجة.

الحادي عشر: وَ هَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ [سبأ:17].

الثاني عشر: إِنّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَ تَوَلّى(48) [طه:48]حكاه الكرماني في العجائب.

الثالث عشر: وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ(30) [الشورى:30].

حكى هذه الأقوال الأربعة النووي في«رءوس المسائل»و الأخير ثابت عن علي، ففي مسند أحمد عنه قال:أ لا أخبركم بأفضل آية في كتاب اللّه تعالى،حدّثنا بها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم؟: «وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ(30) [الشورى:

30]و سأفسرها لك يا عليّ:«ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فيما كسبت أيديكم،و اللّه أكرم من أن يثني العقوبة،و ما عفا اللّه عنه في الدنيا فاللّه أحلم من أن يعود بعد عفوه» (1).

الرابع عشر: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38] قال الشبلي:إذا كان اللّه أذن للكافر بدخول الباب إذا أتى بالتوحيد و الشهادة،أ فتراه يخرج الداخل فيها و المقيم عليها؟!.

الخامس عشر:آية الدّين،و وجهه:إنّ اللّه أرشد عباده إلى مصالحهم الدنيوية،حتى انتهت العناية بمصالحهم إلى أمرهم بكتابة الدّين الكثير و الحقير،فمقتضى ذلك ترجي عفوه عنهم،لظهور العناية العظيمة بهم.

قلت:و يلحق بهذا ما أخرجه ابن المنذر،عن ابن مسعود:أنه ذكر عنده بنو إسرائيل،و ما فضّلهم اللّه به،فقال:كان بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبح و قد كتبت كفارته على أسكفّة بابه،و جعلت كفارة ذنوبكم قولا تقولونه؛تستغفرون اللّه فيغفر لكم،و الذي نفسي بيده لقد أعطانا اللّه آية لهي أحبّ إلي من الدنيا و ما فيها: وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ... [آل عمران:135]الآية.

و ما أخرجه ابن أبي الدنيا في«كتاب التوبة»عن ابن عباس،قال:ثماني آيات نزلت في سورة النساء،هنّ خير لهذه الأمة ممّا طلعت عليه الشمس و غربت:أولهنّ: يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَ يَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ [النساء:26]،و الثانية:1.

ص: 385


1- رواه أحمد في المسند 85/1.

وَ اللّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَ يُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ [النساء:27]،و الثالثة:

يُرِيدُ اللّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ... [النساء:28]الآية.و الرابعة: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ... [النساء:31]الآية.و الخامسة: إِنَّ اللّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ... [النساء:40] الآية.و السادسة: وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ... [النساء:110] الآية.و السابعة: إِنَّ اللّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ... [النساء:48]الآية.و الثامنة: وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ... [النساء:152]الآية.

و ما أخرجه ابن أبي حاتم،عن عكرمة،قال:سئل ابن عباس:أيّ آية أرجى في كتاب اللّه؟قال:قوله: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا [فصلت:30] (1).

و ما أخرجه ابن راهويه في مسنده:أنبأنا أبو عمر العقديّ،أنبأنا عبد الجليل بن عطيّة،عن محمد بن المنتشر،قال:قال رجل لعمر بن الخطاب:إنّي لأعرف أشدّ آية في كتاب اللّه تعالى،فأهوى عمر فضربه بالدّرّة،و قال:مالك نقّبت عنها حتى علمتها!ما هي؟ قال: مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ [النساء:123]فما منّا أحد يعمل سوءا إلا جزي به، فقال عمر:لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام و لا شراب حتى أنزل اللّه بعد ذلك و رخص:

وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَحِيماً(110) [النساء:

110] (2).

و أخرج ابن أبي حاتم،عن الحسن،قال:سألت أبا برزة الأسلميّ عن أشدّ آية في كتاب اللّه تعالى على أهل النار،فقال: فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاّ عَذاباً(30) [النبأ:30].

و في صحيح البخاري،عن سفيان،قال:ما في القرآن آية أشدّ عليّ من: لَسْتُمْ عَلى شَيْ ءٍ حَتّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [المائدة:68] (3).

و أخرج ابن جرير،عن ابن عباس،قال:ما في القرآن أشدّ توبيخا من هذه الآية:

لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ... [المائدة:63]الآية (4).

و أخرج ابن المبارك في«كتاب الزهد»،عن الضّحاك بن مزاحم:قرا في قول اللّه:4.

ص: 386


1- انظر الدر المنثور 363/5.
2- انظر الدر المنثور 227/2 و عزاه لإسحاق في مسنده.
3- رواه البخاري 268/8.
4- رواه الطبري في تفسيره عن ابن عباس 638/4.

لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ [المائدة:63]،قال:و اللّه ما في القرآن آية أخوف عندي منها (1).

و أخرج ابن أبي حاتم،عن الحسن،قال:ما أنزلت على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم آية كانت أشدّ عليه من قوله: وَ تُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللّهُ مُبْدِيهِ [الأحزاب:37]الآية.

و أخرج ابن المنذر،عن ابن سيرين:لم يكن شيء عندهم أخوف من هذه الآية:

وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ(8) [البقرة:8].

و عن أبي حنيفة:أخوف آية في القرآن: وَ اتَّقُوا النّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ(131) [آل عمران:131].

و قال غيره: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ(31) [الرحمن:31].و لهذا قال بعضهم:لو سمعت هذه الكلمة من خفير الحارة لم أنم.

و في النوادر لأبي زيد:قال مالك:أشدّ آية على أهل الأهواء قوله: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران:106]الآية.فتأوّلها على أهل الأهواء.انتهى.

و أخرج ابن أبي حاتم،عن أبي العالية،قال:آيتان في كتاب اللّه،ما أشدهما على من يجادل فيه: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللّهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا [غافر:4]، وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ [البقرة:176].

و قال السعيديّ:سورة الحج من أعاجيب القرآن،فيها مكيّ و مدنيّ،و حضريّ و سفريّ،و ليليّ و نهاريّ،و حربيّ و سلميّ،و ناسخ و منسوخ؛فالمكيّ من رأس الثلاثين إلى آخرها،و المدنيّ من رأس خمس عشرة إلى رأس الثلاثين،و الليليّ خمس آيات من أولها.

و النهاريّ من رأس تسع آيات إلى رأس اثنتي عشرة،و الحضريّ إلى رأس العشرين.

قلت:و السفريّ أولها،و الناسخ: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ الآية[الحج:39]، و المنسوخ: اَللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ الآية[الحج:69].نسختها آية السيف،و قوله: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ الآية[الحج:52].نسختها: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى(6) [الأعلى:6].

و قال الكرمانيّ:ذكر المفسّرون أنّ قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ الآية [المائدة:106]من أشكل آية في القرآن حكما و معنى و إعرابا.ه.

ص: 387


1- رواه ابن المبارك في الزهد،حديث رقم(57)ص 19.و سنده صحيح إليه.

و قال غيره:قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ [الأعراف:31]الآية.جمعت أصول أحكام الشريعة كلّها:الأمر،و النهي،و الإباحة،و الخبر.

و قال الكرماني في«العجائب»في قوله تعالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف:3]،قيل:هو قصة يوسف،و سمّاها أَحْسَنَ الْقَصَصِ لاشتمالها على ذكر حاسد و محسود،و مالك و مملوك،و شاهد و مشهود،و عاشق و معشوق،و حبس و إطلاق، و سجن و خلاص،و خصب و جدب،و غيرها ممّا يعجز عن بيانها طوق الخلق.

و قال:ذكر أبو عبيدة،عن رؤبة:ما في القرآن أعرب من قوله فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [الحجر:94] (1).

و قال ابن خالويه في كتاب«ليس»:ليس في كلام العرب لفظ جمع لغات(ما)النافية إلاّ حرف واحد في القرآن،جمع اللغات الثلاثة،و هو قوله: ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ [المجادلة:2].قرأ الجمهور بالنصب،و قرأ بعضهم بالرفع،و قرأ ابن مسعود:(ما هنّ بأمّهاتهم)بالباء (2)،قال:و ليس في القرآن لفظ على(افعوعل)إلاّ في قراءة ابن عباس:

(ألا إنهم تثنونى صدورهم)[هود:5] (3).

و قال بعضهم:أطول سورة في القرآن البقرة،و أقصرها الكوثر.و أطول آية فيه آية الدّين،و أقصر آية فيه وَ الضُّحى(1) ، وَ الْفَجْرِ(1) .و أطول كلمة فيه رسما فَأَسْقَيْناكُمُوهُ [الحجر:22].

و في القرآن آيتان جمعت كلّ منهما حروف المعجم: ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً الآية[آل عمران:154]. مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّهِ الآية[الفتح:29].

و ليس فيه جاء بعد حاء بلا حاجز إلاّ في موضعين عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتّى [البقرة:

235] لا أَبْرَحُ حَتّى [الكهف:60].

و لا كافان كذلك إلاّ: مَناسِكَكُمْ [البقرة:200]. ما سَلَكَكُمْ [المدثر:42].

و لا غينان كذلك إلاّ: وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ [آل عمران:85].ى.

ص: 388


1- انظر مجاز القرآن 355/2،و عمدة الحفاظ 375/2-376.
2- انظر الموضح في وجوه القراءات و عللها 1254/3-و السبعة ص 628،و القراءات الشاذة لابن خالويه ص 153.
3- انظر الدر المصون 285/6-286 و هي قراءة ابن عباس و علي بن الحسين و ابناه زيد و محمد،و ابنه جعفر،و مجاهد،و ابن يعمر و عبد الرحمن بن أبزى.

و لا آية فيها ثلاثة و عشرون كافا إلاّ آية الدّين.

و لا آيتان فيهما ثلاثة عشر وقفا إلاّ آيتا المواريث.

و لا سورة ثلاث آيات فيها عشر واوات إلاّ و العصر إلى آخرها.

و لا سورة إحدى و خمسون آية،فيها اثنان و خمسون وقفا إلاّ سورة الرحمن.ذكر أكثر ذلك ابن خالويه.

و قال أبو عبد اللّه الخبازي المقرئ:أول ما وردت على السلطان محمود بن ملكشاه سألني عن آية أولها غين،فقلت:ثلاث: غافِرِ الذَّنْبِ [غافر:3].و آيتان بخلف:

غُلِبَتِ الرُّومُ(2) [الروم:2]. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:7].

و نقلت من خط شيخ الإسلام ابن حجر:في القرآن أربع شدّات متوالية:في قوله:

نَسِيًّا رَبُّ السَّماواتِ [مريم:65،64]. فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ [النور:40].

قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس:58]. وَ لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ [الملك:5].

ص: 389

النوع الخامس و السبعون

في خواصّ القرآن

أفرده بالتصنيف جماعة،منهم:التّميميّ،و حجة الإسلام الغزاليّ.و من المتأخّرين:

اليافعيّ.و غالب ما يذكر في ذلك كان مستنده تجارب الصالحين،و ها أنا أبدأ بما ورد من ذلك في الحديث،ثم ألتقط عيونا ممّا ذكره السلف و الصالحون:

أخرج ابن ماجة و غيره،من حديث ابن مسعود:«عليكم بالشفاءين:العسل و القرآن» (1).

و أخرج-أيضا-من حديث عليّ:«خير الدواء القرآن» (2).

ص: 390


1- رواه ابن ماجة(3452)،و الحاكم 200/4-403،و ابن عدي في الكامل 209/3-210،و أبو نعيم في الحلية 133/7،و الدار قطني في العلل 322/5،و الخطيب في تاريخه 385/11،و البيهقي في سننه 344/9،و في الشعب 519/5. قلت:سنده ضعيف،شاذ،فيه: 1-زيد بن الحباب:صدوق،يخطئ في حديث الثوري،كما في التقريب 273/1،و التهذيب 3/ 403-404،و الكامل 209/3-210.و هو هنا يرويه عن الثوري،و قد خولف فيه-كما سيأتي إن شاء اللّه تعالى-. 2-أبو إسحاق:مكثر،ثقة،عابد،اختلط بأخرة،و هو مشهور بالتدليس.انظر التقريب 73/2، و الاغتباط ص 87-88،و طبقات المدلسين ص 101.و رواية الثوري و شعبة عنه في الصحيحين. 3-اختلف في وقفه و رفعه: أ-فرواه زيد،عن سفيان،عن أبي إسحاق به مرفوعا. ب-و خالفه: 1-وكيع:عند الحاكم 200/4،و ابن جرير 141/14،و البغوي في تفسيره 76/3،و في شرح السنة 143/12. 2-يحيى القطان:عند الدار قطني في العلل 323/5. و للموقوف طرق أخرى انظرها في تخريجنا لسنن ابن ماجة.فوكيع ترجّح روايته على زيد،و الطرق الأخرى تؤيد الوقف. فرواية الرفع شاذة،و المحفوظ الوقف،و انظر العلل للدار قطني 322/5-323،و فتح الباري 10/ 170،و فيض القدير 343/4.و انظر تفصيل تخريجه في تخريجنا لسنن ابن ماجة.
2- رواه ابن ماجة(3501)و(3533)،و الديلمي في الفردوس(3712)285/2.و سنده ضعيف،فيه:

و أخرج أبو عبيد،عن طلحة بن مطرّف،قال:كان يقال إذا قرئ القرآن عند المريض وجد لذلك خفّة (1).

و أخرج البيهقيّ في الشّعب،عن واثلة بن الأسقع:أنّ رجلا شكا إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم وجع حلقه،قال:«عليك بقراءة القرآن» (2).

و أخرج ابن مردويه،عن أبي سعيد الخدري،قال:جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:

إنّي أشتكي صدري.قال:«اقرأ القرآن»لقول اللّه تعالى: وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ (3).

و أخرج البيهقيّ و غيره،من حديث عبد اللّه بن جابر:«في فاتحة الكتاب شفاء من كلّ داء» (4).

و أخرج الخلعيّ في فوائده،من حديث جابر بن عبد اللّه:«فاتحة الكتاب شفاء من كلّ شيء إلاّ السامّ»و السام:الموت.

و أخرج سعيد بن منصور،و البيهقي و غيرهما،من حديث أبي سعيد الخدريّ:

«فاتحة الكتاب شفاء من السمّ» (5).1،

ص: 391


1- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 384.و البيهقي في الشعب 518/2-519.
2- 1-علي بن ثابت:لم يوثقه غير ابن حبان.انظر التهذيب 289/7،و التقريب 33/2،و الكاشف 2/ 36،و قال:«وثق»ا ه. 2-سعاد بن سليمان:قال أبو حاتم:ليس بقوي في الحديث.انظر التهذيب 462/3،و التقريب 1/ 285. 3-أبو إسحاق السبيعي:ثقة،عابد،اختلط بأخرة،و هو مشهور بالتدليس.انظر التقريب 73/2، و الاغتباط ص 87-88،و طبقات المدلسين ص 101. 4-الحارث الأعور:في حديثه ضعف.انظر التهذيب 145/2-147،و المغني 141/1،و الكاشف 138/1،و التقريب 141/1.
3- عزاه في الدر المنثور 308/3 لابن المنذر و ابن مردويه.
4- رواه أحمد في المسند 77/4 ضمن حديث طويل و ليس فيه أنها شفاء.و البيهقي في الشعب 449/2- 450.و فيه:و أحسبه قال:فيها شفاء من كلّ داء.و في سنده عبد اللّه بن محمد بن عقيل:صدوق،في حديثه لين،و يقال:تغيّر بأخرة.انظر التقريب 447/1-448،و المغني 354/1،و الكاشف 2/ 113،و التهذيب 13/6-15.و يشهد له الذي بعده.
5- رواه سعيد بن منصور،حديث رقم(178)535/2(التكملة).و البيهقي في الشعب 450/2. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-سلام الطويل:متروك.انظر التهذيب 281/4-282،و المغني 170/1،و الكاشف 330/1،

و أخرج البخاري من حديثه-أيضا-،قال:كنّا في مسير لنا فنزلنا،فجاءت جارية فقالت:إنّ سيّد الحيّ سليم،فهل معكم راق؟فقام معها رجل،فرقاه بأمّ القرآن فبرأ؛ فذكر للنبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«و ما كان يدريه أنها رقية» (1).

و أخرج الطبرانيّ في الأوسط،عن السائب بن يزيد،قال:«عوّذني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بفاتحة الكتاب تفلا» (2).

و أخرج البزّار من حديث أنس:«إذا وضعت جنبك على الفراش،و قرأت فاتحة الكتاب،و قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) قد أمنت من كلّ شيء إلاّ الموت» (3).

و أخرج مسلم من حديث أبي هريرة:«إنّ البيت الذي تقرا فيه البقرة لا يدخله الشيطان» (4).).

ص: 392


1- رواه البخاري(5007)،و مسلم(2201)،و أبو داود(3419)،و ابن حبان(6113)من طريق محمد بن سيرين،عن معبد بن سيرين،عن أبي سعيد الخدري. و رواه من طريق أبي نضرة،عن أبي سعيد: رواه البخاري(2276-5479-5736)و مسلم(2201)،و أبو داود(3418-3900)و الترمذي (2063)،و النسائي في عمل اليوم و الليلة(1027-1028-1030).و ابن ماجة(2156)،و ابن السني(641)و ابن حبان(6112)،و أحمد 2/3-44،و البيهقي 124/6.
2- رواه الطبراني في الأوسط،حديث رقم(6757)390/7،و الكبير،حديث رقم(6692)189/7- 190،و الدار قطني في الإفراد،و ابن عساكر-بسند ضعيف-كما في الدر المنثور 4/1. و سنده ضعيف،فيه:عبد اللّه بن يزيد البكري:ضعّفه أبو حاتم،و قال:ذاهب الحديث.انظر لسان الميزان 379/3،و مجمع الزوائد 113/5.
3- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(3109)26/4(كشف الأستار). و سنده ضعيف،فيه غسان بن عبيد:ضعيف.انظر لسان الميزان 418/4-419،و مجمع الزوائد 10/ 121.
4- رواه مسلم(780)،و الترمذي(2877)،و النسائي في عمل اليوم و الليلة(965)،و أحمد 284/2- 337-378-388،و ابن حبان(783)،و البغوي(1192).

و أخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد المسند-بسند حسن-،عن أبيّ بن كعب قال:

كنت عند النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،فجاء أعرابي فقال:يا نبي اللّه،إني لي أخا و به وجع،قال:«و ما وجعه»؛قال:به لمم،قال:«فأتني به».فوضعه بين يديه،فعوّذه النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم بفاتحة الكتاب،و أربع آيات من أول سورة البقرة،و هاتين الآيتين: وَ إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ...

[البقرة:163]،و آية الكرسيّ،و ثلاث آيات من آخر سورة البقرة،و آية من آل عمران:

شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ [آل عمران:18]،و آية من الأعراف: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ [الأعراف:54]،و آخر سورة المؤمنون: فَتَعالَى اللّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ [المؤمنون:116]،و آية من سورة الجنّ: وَ أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا [الجن:3]،و عشر آيات من أول الصافّات،و ثلاث آيات من آخر سورة الحشر،و قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ(1) و المعوّذتين؛فقام الرّجل كأنه لم يشك قط (1).

و أخرج الدّارميّ عن ابن مسعود موقوفا:من قرأ أربع آيات من أوّل سورة البقرة، و آية الكرسيّ،و آيتين بعد آية الكرسي،و ثلاثا من آخر سورة البقرة،لم يقربه و لا أهله يومئذ شيطان و لا شيء يكرهه،و لا يقرأن على مجنون إلاّ أفاق (2).

و أخرج البخاريّ عن أبي هريرة في قصة الصدقة:أنّ الجنّي قال له:إذا أويت إلى4.

ص: 393


1- رواه عبد اللّه في زوائد المسند 128/5،و الحاكم في المستدرك 412/4-413. و سنده ضعيف،فيه: 1-أبو جناب الكلبي:يحيى بن أبي حية:ضعّفوه لكثرة تدليسه،انظر التقريب 346/2،و الكاشف 3/ 223. 2-وقع في سنده اختلاف،اختلف على يحيى فيه: أ-ورد من طريق يحيى بن أبي حية،عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،عن أبيه:رواه ابن ماجة(3549)، و الطبراني في الدعاء(1080)1304/2-1305. ب-يحيى بن أبي حية،عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،عن رجل،عن أبيه:رواه أبو يعلى في مسنده، حديث رقم(1594)167/3-168.و ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(632)ص 223 -224. ج-يحيى بن أبي حية،عن زبيد اليامي،عن عبد الرحمن بن أبي ليلى به:رواه ابن الأعرابي من طريق أبي إسحاق الفزاري. قال الحافظ في النكت الظراف 280/9:«و هو أشبه،نقلته من خط ابن عبد الهادي»ا ه. د-يحيى بن حية-عن عبد اللّه بن عيسى،عن عبد الرحمن بن أبي ليلى،عن أبي بن كعب.و هو حديثنا:رواه عبد اللّه في زوائد المسند 128/5.
2- رواه الدارمي في سننه،حديث رقم(3381)540/2-541.و البيهقي في الشعب 464/2. و في سنده انقطاع:الشعبي،عن ابن مسعود:مرسل.انظر جامع التحصيل ص 204.

فراشك فاقرأ آية الكرسيّ،فإنّك لن يزال عليك من اللّه حافظ،و لا يقربك شيطان حتّى تصبح،فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:«أما إنّه صدقك،و هو كذوب» (1).

و أخرج المحامليّ في«فوائده»،عن ابن مسعود،قال:قال رجل:يا رسول اللّه، علّمني شيئا ينفعني اللّه به،قال:«اقرأ آية الكرسي،فإنّه يحفظك و ذرّيتك،و يحفظ دارك، حتّى الدّويرات حول دارك» (2).

و أخرج الدّينوريّ في«المجالسة»عن الحسن:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إنّ جبريل أتاني فقال:إنّ عفريتا من الجن يكيدك،فإذا أويت إلى فراشك،فاقرأ آية الكرسيّ».

و في«الفردوس»من حديث أبي قتادة:«من قرأ آية الكرسيّ[و خواتيم سورة البقرة] عند الكرب أغاثه اللّه» (3).

و أخرج الدارميّ عن المغيرة بن سبيع-و كان من أصحاب عبد اللّه-قال:«من قرأ عشر آيات من البقرة عند منامه،لم ينس القرآن:أربع من أولها،و آية الكرسي و آيتان بعدها،و ثلاث من آخرها» (4).

و أخرج الديلمي من حديث أبي هريرة مرفوعا:«آيتان هما قرآن،و هما يشفيان، و هما ممّا يحبّهما اللّه،الآيتان من آخر سورة البقرة».

و أخرج الطّبراني عن معاذ:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال له:«أ لا أعلّمك دعاء تدعو به،لو كان عليك من الدّين مثل صبر أدّاه اللّه عنك: قُلِ اللّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ إلى و له: بِغَيْرِ حِسابٍ [آل عمران:26-27]،رحمان الدنيا و الآخرة و رحيمهما،تعطي من0.

ص: 394


1- رواه البخاري(2311-3275-5010)،و النسائي في عمل اليوم و الليلة(958-959).و البيهقي في الدلائل 107/7-111،و في الشعب 456/2-457.
2- و في الباب عن علي:رواه البيهقي في الشعب 458/2 ثم قال:«إسناده ضعيف»ا ه. قلت:و فيه نهشل بن سعيد:متروك.انظر التقريب 307/2،و التهذيب 479/10،و الكاشف 3/ 185،و المغني 702/2.
3- رواه ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(344)ص 124 و الديلمي في الفردوس،حديث رقم(5513)33/4.و سنده ضعيف،فيه:عامر بن مدرك:لين الحديث.كما في التقريب 389/1، و التهذيب 80/5 و ما بين القوسين من ابن السني و الديلمي.
4- رواه الدارمي في سننه،حديث رقم(3385)541/2.و البيهقي في الشعب 464/2.و المغيرة:وثقه ابن حبان،و العجلي،و لا يعتمد توثيقهما،و لهذا قال في الكاشف 285/2:«وثق»،و انظر التقريب 2/ 269،و التهذيب 260/10.

تشاء منهما و تمنع من تشاء،ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك» (1).

و أخرج البيهقيّ في الدّعوات عن ابن عباس:«إذا استصعبت دابّة أحدكم أو كانت شموسا،فليقرأ هذه الآية في أذنيها: أَ فَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ(83) [آل عمران:83] (2).

و أخرج البيهقي في الشعب-بسند فيه من لا يعرف-عن عليّ موقوفا:«سورة الأنعام ما قرئت على عليل إلاّ شفاه اللّه» (3).

و أخرج ابن السنيّ عن فاطمة:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-لمّا دنا ولادها-أمر أمّ سلمة و زينب بنت جحش أن يأتيا فيقرأ عندها آية الكرسيّ،و إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ... .[الأعراف:

5]،و يعوّذاها بالمعوّذتين (4).

و أخرج ابن السّنيّ-أيضا-من حديث الحسين بن عليّ:«أمان لأمّتي من الغرق،إذا ركبوا أن يقرءوا: بِسْمِ اللّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ [هود:41]. وَ ما قَدَرُوا اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ الآية» (5).

و أخرج ابن أبي حاتم،عن ليث،قال:بلغني أنّ هؤلاء الآيات شفاء من السّحر، يقرأن على إناء فيه ماء،ثم يصبّ على رأس المسحور:الآية التي في سورة يونس:

فَلَمّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إلى قوله: اَلْمُجْرِمُونَ [يونس:81-82]، و قوله: فَوَقَعَ الْحَقُّ وَ بَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ(118) [الأعراف:18]إلى آخر أربع آيات.و قوله:

إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ [طه:69]الآية.ف.

ص: 395


1- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(323)154/20-155 و(332)159/20-160. و سعيد لم يسمع من معاذ،انظر مجمع الزوائد 186/10.
2- و في الباب عن يونس بن عبيد:رواه ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(510)ص 179- 180.و في سنده انقطاع.
3- رواه البيهقي في الشعب 471/2.و قال:في إسناده من لا يعرف.
4- رواه ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(620)ص 219.و في سنده: 1-موسى بن محمد بن عطاء:كذاب. 2-بقية بن الوليد:مدلس. 3-عيسى بن إبراهيم القرشي:متروك.
5- رواه ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(500)ص 176.و في سنده: 1-يحيى بن العلاء:متهم بالوضع. 2-مروان بن سالم:متهم بالوضع. 3-جبارة بن المغلس:ضعيف.

و أخرج الحاكم و غيره من حديث أبي هريرة:«ما كربني أمر إلاّ تمثّل لي جبريل، فقال:يا محمد،قل:توكّلت على الحيّ الذي لا يموت. وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً(111) [الإسراء:111]» (1).

و أخرج الصّابونيّ في«المائتين»من حديث ابن عباس مرفوعا:«هذه الآية أمان من السرق: قُلِ ادْعُوا اللّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ [الإسراء:110]إلى أخر السورة» (2).

و أخرج البيهقيّ في«الدّعوات»من حديث أنس:«ما أنعم اللّه على عبد نعمة في أهل و لا مال و لا ولد،فيقول:ما شاء اللّه لا قوّة إلاّ باللّه،فيرى فيه آفة دون الموت» (3).

و أخرج الدّارميّ و غيره،من طريق عبدة بن أبي لبابة،عن زرّ بن حبيش،قال:«من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقومها من الليل قامها».قال عبدة:فجرّبناه فوجدناه كذلك (4).

و أخرج الترمذي و الحاكم،من حديث سعد بن أبي وقاص:«دعوة ذي النّون إذ دعا بها و هو في بطن الحوت: لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ [الأنبياء:

87]،لم يدع بها رجل مسلم في شيء إلا استجاب اللّه له» (5).)ص

ص: 396


1- رواه ابن أبي الدنيا في الفرج بعد الشدة،حديث رقم(61)ص 64-65.و البيهقي في الأسماء و الصفات 192/1-193.و ابن بشكوال في المستغيثين باللّه تعالى،حديث رقم(52)ص 57-58. عن إسماعيل بن أبي فديك مرسلا. و وصله الحاكم في المستدرك 509/1.و انظر الدر المنثور 208/4.و سنده ضعيف.فيه سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري:لين الحديث.انظر الكاشف 277/1،و التقريب 287/1.
2- رواه البيهقي في الدلائل 121/7.و في سنده:نهشل بن سعد:متروك،و كذّبه إسحاق بن راهويه،انظر التهذيب 479/10،و المغني 702/2،و الكاشف 185/3،و التقريب/307.
3- رواه ابن أبي الدنيا في الشكر،حديث رقم(1)ص 64.و ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم (357)ص 128.و الأصبهاني في الترغيب(332).و البيهقي في الشعب 89/4-90 و 124/4،و في الأسماء و الصفات 266/1-267.و الطبراني في الصغير 212/1 و المقدسي في العدة للكرب و الشدة، حديث رقم(33)ص 74. قلت:سنده ضعيف: 1-عيسى بن عون:مجهول.انظر الجرح 283/6،و ابن حبان في الثقات 235/7. 2-عبد الملك بن زرارة،عن أنس:لا يصح حديثه،كما قال الأزدي.انظر اللسان 63/4.و انظر مجمع الزوائد 143/10.
4- رواه الدارمي في سننه،حديث رقم(3406)546/2.و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 246.و انظر جمال القراء 65/1.
5- رواه الترمذي،حديث رقم(3505)529/5.و النسائي في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(656)ص

و عند ابن السّنيّ:«إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلاّ فرّج عنه؛كلمة أخي يونس: فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ [الأنبياء:7.]» (1).

و أخرج البيهقيّ و ابن السنّي و أبو عبيد،عن ابن مسعود؛أنه قرأ في أذن مبتلى فأفاق،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«ما قرأت في أذنه؟»قال: أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً .. [المؤمنون:115]إلى آخر السورة،فقال:«لو أنّ رجلا موقنا قرأ بها على جبل لزال» (2).

و أخرج الديلميّ و أبو الشيخ بن حبان في فضائله،من حديث أبي ذرّ:«ما من ميّت يموت فيقرأ عنده يس إلاّ هوّن اللّه عليه» (3).

و أخرج المحامليّ في أماليه،من حديث عبد اللّه بن الزّبير:«من جعل يس أمام حاجة قضيت له».و له شاهد مرسل عند الدارمي (4).د.

ص: 397


1- انظر الحديث السابق.
2- رواه أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(5045)458/8.و ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(631)ص 223.و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 278-279.و أبو نعيم في الحلية 7/1. و الطبراني في الدعاء،حديث رقم(1081)1305/2-1306. و سنده ضعيف،فيه: 1-الوليد بن مسلم:مدلس تدليس التسوية. 2-ابن لهيعة:ضعيف،مختلط. و رواه العقيلي بسند آخر فيه مجهول.قال أحمد:موضوع.كما في الميزان 175/2.و انظر الدر المنثور 122/6،و المجمع 115/5.
3- رواه الديلمي في الفردوس،حديث رقم(6493)328/4.و أبو بكر الشافعي في الغيلانيات،حديث رقم(663)ص 241-242 من حديث عبد اللّه بن سمجج،و فيه مجاهيل.
4- رواه الدارمي في سننه،حديث رقم(3418)542/2 عن عطاء بن أبي رباح مرسلا و هو مرسل،حسن الإسناد.

و في المستدرك عن أبي جعفر محمد بن عليّ،قال:«من وجد في قلبه قسوة فليكتب يس في جامع بماء ورد و زعفران،ثم يشربه» (1).

و أخرج ابن الضّريس،عن سعيد بن جبير:أنه قرأ على رجل مجنون سورة يس فبرأ (2).

و أخرج-أيضا-عن يحيى بن أبي كثير،قال:«من قرأ يس إذا أصبح لم يزل في فرح حتى يمسي،و من قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح»أخبرنا من جرّب ذلك (3).

و أخرج الترمذيّ،من حديث أبي هريرة:«من قرأ الدّخان كلّها،و أول غافر إلى إِلَيْهِ الْمَصِيرُ [غافر:3]،و آية الكرسي حين يمسي،حفظ بها حتّى يصبح،و من قرأها حين يصبح حفظ بها حتّى يمسي».رواه الدّارميّ بلفظ:«لم ير شيئا يكرهه» (4).

و أخرج البيهقيّ و الحارث بن أبي أسامة و أبو عبيد،عن ابن مسعود مرفوعا:«من قرأ كلّ ليلة سورة الواقعة لم تصبه فاقة أبدا» (5).

و أخرج البيهقيّ في«الدعوات»،عن ابن عباس موقوفا-في المرأة يعسر عليها ولادها-قال:يكتب في قرطاس ثمّ تسقى:«بسم اللّه الذي لا إله إلاّ هو الحليم الكريم، سبحان اللّه و تعالى ربّ العرش العظيم.الحمد للّه ربّ العالمين. كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها(46) [النازعات:46].6.

ص: 398


1- رواه الحاكم في المستدرك 428/2. و في سنده:عمرو بن ثابت:ضعيف:انظر الكامل 120/5-122،و الميزان 249/3،و التقريب 2/ 66.
2- رواه ابن الضريس في فضائل القرآن ص 101.
3- رواه ابن الضريس في فضائل القرآن ص 101. و رواه الدارمي بنحوه(3419)549/2 عن ابن عباس.و في سنده شهر:ضعيف.
4- رواه الترمذي،حديث رقم(2879)157/5-158.و الدارمي(3386)541/2-5542. و سنده ضعيف جدا،فيه:عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي مليكة:ضعيف جدا.انظر الكاشف 622/1،و التقريب 474/1،و التهذيب 146/6.
5- رواه ابن الضريس في فضائل القرآن ص 103.و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 257.و ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(680)ص 240.و البيهقي في شعب الإيمان 491/2-492،و ابن الجوزي في العلل المتناهية(151)112/1-113. قلت:هو حديث ضعيف. قال أحمد بن حنبل:هذا حديث منكر،و شجاع،و السري:لا أعرفهما.و انظر تنزيه الشريعة 301/1، و لسان الميزان 392/6.

كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ [الأحقاف:35]».

و أخرج أبو داود،عن ابن عباس،قال:إذا وجدت في نفسك شيئا-يعني الوسوسة-فقل: هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْآخِرُ وَ الظّاهِرُ وَ الْباطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (1) [الحديد:3] (2).

و أخرج الطبراني،عن عليّ،قال:لدغت النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم عقرب،فدعا بماء و ملح، و جعل يمسح عليها.و يقرأ: قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ(1) و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ(1) ، و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ(1) (3).

و أخرج أبو داود و النّسائي و ابن حبّان و الحاكم،عن ابن مسعود:أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان يكره الرّقى إلاّ بالمعوّذات (3).

و أخرج الترمذيّ و النّسائي،عن أبي سعيد:كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يتعوّذ من الجان و عين الإنسان،حتى نزلت المعوذات،فأخذها و ترك ما سواها (4).

فهذا ما وقفت عليه في الخواصّ من الأحاديث التي لم تصل إلى حدّ الوضع،و من الموقوفات عن الصحابة و التابعين.

و أمّا ما لم يرد به أثر:فقد ذكر الناس من ذلك كثيرا جدا،اللّه أعلم بصحته.

و من لطيفه:ما حكاه ابن الجوزيّ،عن ابن ناصر،عن شيوخه،عن ميمونة بنت شاقول البغدادية،قالت:آذانا جار لنا،فصليت ركعتين،و قرأت من فاتحة كلّ سورة آية1.

ص: 399


1- جزء من حديث طويل رواه أبو داود(4222)،و النسائي 140/8،و أحمد 380/1-397-439، و أبو يعلى(5074)8/9،و ابن حبان(5682-5683)495/12-496،و البيهقي 232/7 و 9/ 350،و في الشعب 517/2 و في سنده: 1-عبد الرحمن بن حرملة:قال البخاري 270/5:لم يصح حديثه.و انظر التقريب 477/1، و التهذيب 161/6-162،و الكاشف 625/1. 2-القاسم بن حسان:مقبول.انظر التقريب 116/2.
2- رواه أبو داود،حديث رقم(5110)329/4 عن ابن عباس موقوفا. و سنده حسن.
3- رواه الطبراني في الصغير 23/2،و البيهقي في الشعب 518/2. و سنده ضعيف،فيه:عباد بن يعقوب الأسدي:قال أبو حاتم:كوفي،شيخ.انظر الجرح 88/1/3.
4- رواه الترمذي(2058)395/4،و النسائي 271/8،و في الكبرى(7930)458/4،و ابن ماجة (3511). و في سنده:الجريري:ثقة،اختلط قبل موته بثلاث سنين.انظر الاغتباط ص 59-61.

حتى ختمت القرآن،و قلت:اللهم اكفنا أمره،ثم نمت و فتحت عيني،و إذا به قد نزل وقت السحر،فزلّت قدمه فسقط و مات.

تنبيه:قال ابن التّين:الرّقى بالمعوّذات و غيرها من أسماء اللّه تعالى هو الطبّ الرّوحانيّ،إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن اللّه،فلمّا عزّ هذا النوع فزع الناس إلى الطبّ الجثمانيّ.

قلت:و يشير إلى هذا قوله صلّى اللّه عليه و سلّم:«لو أنّ رجلا موقنا قرأ بها على جبل لزال» (1).

و قال القرطبيّ:تجوز الرّقية بكلام اللّه و أسمائه،فإن كان مأثورا استحبّ.

و قال الربيع:سألت الشافعي عن الرّقية؟فقال:لا بأس أن يرقى بكتاب اللّه و ما يعرف من ذكر اللّه.

و قال ابن بطّال:في المعوّذات سرّ ليس في غيرها من القرآن،لما اشتملت عليه من جوامع الدّعاء التي تعمّ أكثر المكروهات؛من السّحر و الحسد و شرّ الشيطان و وسوسته و غير ذلك؛فلهذا كان صلّى اللّه عليه و سلّم يكتفي بها.

و قال ابن القيّم في حديث الرّقية بالفاتحة:إذا ثبت أنّ لبعض الكلام خواصّ و منافع، فما الظنّ بكلام ربّ العالمين،ثم بالفاتحة الّتي لم ينزل في القرآن و لا غيره من الكتب مثلها؛لتضمّنها جميع ما في الكتاب،فقد اشتملت على:ذكر أصول أسماء اللّه و مجامعها، و إثبات المعاد،و ذكر التوحيد،و الافتقار إلى الربّ في طلب الإعانة به و الهداية منه،و ذكر أفضل الدعاء،و هو طلب الهداية إلى الصّراط المستقيم،المتضمّن كمال معرفته و توحيده و عبادته،بفعل ما أمر به و اجتناب ما نهى عنه و الاستقامة عليه.و لتضمّنها ذكر أصناف الخلائق،و قسمتهم إلى منعم عليه لمعرفته بالحق و العمل به،و مغضوب عليه لعدوله عن الحقّ بعد معرفته،و ضال لعدم معرفته له.مع ما تضمنته من:إثبات القدر،و الشّرع، و الأسماء،و المعاد،و التوبة،و تزكية النفس،و إصلاح القلب،و الرّد على جميع أهل البدع.

و حقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من كلّ داء.انتهى.

مسألة:قال النوويّ في شرح المهذب:لو كتب القرآن في إناء،ثم غسله و سقاه المريض،فقال الحسن البصريّ،و مجاهد و أبو قلابة و الأوزاعيّ:لا بأس به،و كرهه2.

ص: 400


1- سبق تخريجه 379/2.

النّخعيّ،قال:و مقتضى مذهبنا أنه لا بأس به؛فقد قال القاضي حسين و البغويّ و غيرهما:

لو كتب قرآن على حلوى و طعام فلا بأس بأكله.انتهى.

قال الزّركشيّ (1):ممن صرّح بالجواز في مسألة الإناء العماد النّيهيّ،مع تصريحه بأنه لا يجوز ابتلاع ورقة فيها آية؛لكن أفتى ابن عبد السلام بالمنع من الشرب-أيضا-؛لأنه يلاقيه نجاسة الباطن.و فيه نظر.6.

ص: 401


1- البرهان 475/1-476.

النوع السادس و السبعون

اشارة

في مرسوم الخط و آداب كتابته (1)

أفرده بالتصنيف خلائق من المتقدمين و المتأخرين،منهم أبو عمرو الدّاني.

و ألّف في توجيه ما خالف قواعد الخط منه أبو العباس المراكشي كتابا سمّاه«عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل»بيّن فيه أنّ هذه الأحرف إنّما اختلف حالها في الخط بحسب اختلاف أحوال معاني كلماتها.و سأشير هنا إلى مقاصد ذلك إن شاء اللّه تعالى:

أخرج ابن أشتة في كتاب«المصاحف»بسنده عن كعب الأحبار،قال:أوّل من وضع الكتاب العربيّ و السّريانيّ و الكتب كلّها آدم صلّى اللّه عليه و سلّم قبل موته بثلاثمائة سنة،كتبها في الطين، ثم طبخه،فلمّا أصاب الأرض الغرق أصاب كلّ قوم كتابهم فكتبوه،فكان إسماعيل بن إبراهيم أصاب كتاب العرب (2).

ثم أخرج من طريق عكرمة،عن ابن عباس،قال:أول من وضع الكتاب العربي إسماعيل،وضع الكتاب كلّه على لفظه و منطقه،ثم جعله كتابا واحدا مثل الموصول؛حتى فرّق بينه ولده.يعني أنه وصل فيه جميع الكلمات،ليس بين الحروف فرق هكذا:

(بسمللّهرّ حمنرّ حيم)،ثمّ فرقه من بنيه همسع و قيذر (3).

ثم أخرج من طريق سعيد بن جبير،عن ابن عباس،قال:أوّل كتاب أنزله اللّه من السماء أبو جاد (4).

ص: 402


1- انظر في هذا المبحث:البرهان 376/1-431،و دليل الحيران على مورد الظمآن في فني الرسم و الضبط،و«رسم المصحف»،و مناهل العرفان 300/1-306.
2- انظر محاضرة الأوائل ص 22-26.
3- ذكره السيوطي في المزهر،كما في محاضرة الأوائل ص 26،و انظر الصاحبي ص 38،و البرهان 1/ 377.
4- انظر محاضرة الأوائل ص 26،و انظر الصاحبي ص 38،و البرهان 377/1.

و قال ابن فارس (1):الذي نقوله:إنّ الخطّ توقيفيّ،لقوله تعالى: عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ(5) [العلق:5،4]، ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ(1) [القلم:1]،و إنّ هذه الحروف داخلة في الأسماء التي علّم اللّه آدم.

و قد ورد في أمر أبي جاد و مبتدأ الكتابة أخبار كثيرة،ليس هذا محلّها و قد بسطتها في تأليف مفرد.

فصل (2)

اشارة

القاعدة العربية أنّ اللفظ يكتب بحروف هجائية مع مرعاة الابتداء به و الوقف عليه،

و قد مهّد النحاة له أصولا و قواعد،و قد خالفها في بعض الحروف خطّ المصحف الإمام.

و قال أشهب:سئل مالك:هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال:لا،إلاّ على الكتبة الأولى.رواه الداني في«المقنع»ثم قال:و لا مخالف له من علماء الأمة.

و قال في موضع آخر:سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو و الألف؛أ ترى أن يغيّر من المصحف إذ وجد فيه كذلك؟قال:لا (2).

قال أبو عمرو:يعني الواو و الألف المزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو:

(أولوا).

و قال الإمام أحمد:يحرم مخالفة مصحف الإمام في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك (3).

و قال البيهقيّ في شعب الإيمان (4):من يكتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به هذه المصاحف،و لا يخالفهم فيه،و لا يغيّر مما كتبوه شيئا،فإنهم كانوا أكثر علما،و أدقّ قلبا و لسانا،و أعظم أمانة منّا،فلا ينبغي أن نظنّ بأنفسنا استدراكا عليهم.

قلت:و سنحصر أمر الرسم في:الحذف،و الزيادة،و الهمز،و البدل،و الفصل، و ما فيه قراءتان فكتب على إحداهما.

ص: 403


1- الصاحبي ص 36 و انظر إلى ص 41،و البرهان 377/1-378.
2- انظر البرهان 379/1.
3- انظر البرهان 379/1.
4- شعب الإيمان 548/2.

القاعدة الأولى:

اشارة

في الحذف (1)

تحذف الألف من ياء النداء،نحو يأيّها النّاس ، يادم ، يربّ يعبادى ،و هاء التنبيه،نحو: هؤلاء ، هأنتم ،و نا مع ضمير نحو أنجينكم ، ءاتينه .

و من ذلِكَ ،و فَأُولئِكَ ،و أهلكنها ،و تَبارَكَ ،و فروع الأربعة.

و اَللّهِ ،و إِلهَ كيف وقع،و بِالرَّحْمنِ ،و سُبْحنَ * كيف وقع،إلاّ: قُلْ سُبْحانَ رَبِّي [الإسراء:93].

و بعد لام نحو: خلئف [الأنعام:165]. خلف رسول اللّه [التوبة:81].

سلم [الأنعام:54]. غلم [آل عمران:40]. لإيلاف [قريش:1]. يلقوا [الزخرف:83].

و بين لامين،نحو: الكللة [النساء:176]. الضّللة [البقرة:16].

و خلل الدّيار [الإسراء:5] لَلَّذِي بِبَكَّةَ [آل عمران:96].

و من كلّ علم زائد على ثلاثة:كإبراهيم و صالح،و ميكائيل،إلاّ جالوت و طالوت و هامان و يأجوج و مأجوج و داود،لحذف واوه.و إسرائيل،لحذف يائه.

و اختلف في هاروت و ماروت و قارون.

و من كلّ مثنى،اسم أو فعل إن لم يتطرّف،نحو: رَجُلانِ [المائدة:23].

يُعَلِّمانِ [البقرة:102]. أَضَلاّنا [فصلت:29]. إِنْ هذانِ [طه:63].إلا بِما قَدَّمَتْ يَداكَ [الحج:10].

و من كلّ جمع تصحيح لمذكر أو مؤنث،نحو: اللّعنون [البقرة:159].

ملقوا ربّهم [البقرة:46]،إلا طاغُونَ في الذاريات:[53]و[الطّور:32].و كراما كاتبين(11) [الانفطار:11].و إلاّ رَوْضاتِ في شورى:[22].و ءايت للسّائلين [يوسف:7].و مكر فى ءاياتنا ،و ءاياتنا بيّنت في يونس:[21،

ص: 404


1- انظر البرهان 381/1.

15].و إلاّ إن تلاها همزة،نحو: و الصّائمين و الصّائمات [الأحزاب:35].أو تشديد، نحو: اَلضّالِّينَ [الفاتحة:7].و و الصّافّات [الصافات:1]،فإن كان في الكلمة ألف ثانية حذفت أيضا،إلاّ سبع سموات في فصّلت:[12].

و من كلّ جمع على(مفاعل)أو شبهه،نحو: المسجد [البقرة:114].

و و مسكن [التوبة:24].و و اليتمى [البقرة:83]. و النّصرى [البقرة:62].

و و المسكين [البقرة:83].و الْخَبئِثَ [الأنبياء:74].و الملائكة [البقرة:

31].و الثانية من خطينا [طه:73].كيف وقع.

و من كلّ عدد كثلاث و ثلاث،و سحر [الأعراف:112].كيف وقع إلاّ في آخر الذاريات:[52].فإن ثنّي فألفاه.و الْقِيمَة [النساء:87].و الشّيطان [الأنعام:

68].و سلطنا [سبأ:21].و فتعلى و التي و الّئى و خلق و علم و بقدر .و الأصحاب و الأنهار و الكتاب؛و منكّر الثلاثة،إلاّ أربعة مواضع:

لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ [الرعد:38]. كِتابٌ مَعْلُومٌ [الحجر:4]. كِتابِ رَبِّكَ في الكهف:[27].و وَ كِتابٍ مُبِينٍ في النمل:[75،1].و من البسملة و بسم اللّه مجريها [هود:41].و من أول الأمر من(سأل).

و من كلّ ما اجتمع فيه ألفان أو ثلاثة،نحو ءأدم،ءأخر،ء أشفقتم،ء أنذرتم.

و من رأى كيف وقع،إلاّ فلمّا رءآ ، لَقَدْ رَأى في النجم:[18،11].و إلا و نئا [الإسراء:3،فصلت:51].و ءآلئن [يونس:91،51].إلا فمن يستمع الآن [الجن:9].

و الألفان من اَلْأَيْكَةِ إلاّ في الحجر:[78]،و ق:[14].

و تحذف الياء من كل منقوص منون،رفعا و جرّا،نحو: باغٍ وَ لا عادٍ [البقرة:

173].

و المضاف لها إذا نودي،إلاّ: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا [الزمر:53]. يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا في العنكبوت:[56]أو لم يناد،إلاّ: وَ قُلْ لِعِبادِي [الإسراء:53]. أَسْرِ بِعِبادِي في طه:[77] وَ حَمَلَهَا [الدخان:23]. فَادْخُلِي فِي عِبادِي(29) وَ ادْخُلِي جَنَّتِي(30) [الفجر:30،29].

و مع مثلها،نحو وَلِيٍّ [البقرة:107].و الحواريّن [المائدة:111].

ص: 405

و مُتَّكِئِينَ [المطففين:18]،إلاّ عِلِّيِّينَ [فاطر:43].و وَ يُهَيِّئْ [الكهف:16].

و هَيِّئْ [الكهف:10].و اَلْمَكْرُ السَّيِّئُ [فاطر:43].و سَيِّئَةٌ [آل عمران:

120].و اَلسَّيِّئَةِ [الأعراف:95].و أَ فَعَيِينا [ق:15].و يُحْيِ [البقرة:73]مع ضمير لا مفردا.

و حيث وقع: وَ أَطِيعُونِ ، فَاتَّقُونِ ، وَ خافُونِ ، فَارْهَبُونِ ، فَأَرْسِلُونِ و فَاعْبُدُونِ :إلاّ في يس،و وَ اخْشَوْنِي إلاّ في البقرة،و يَكِيدُونَ إلاّ فَكِيدُونِي جَمِيعاً [هود:55]. فَاتَّبِعُونِي إلاّ في آل عمران و طه،و فَلا تُنْظِرُونِ [يونس:71] و فَلا تَسْتَعْجِلُونِ [الأنبياء:37].و وَ لا تَكْفُرُونِ [البقرة:152].و وَ لا تَقْرَبُونِ [يوسف:6].و وَ لا تُخْزُونِ [الحجر:69].و فَلا تَفْضَحُونِ [الحجر:68].

و يَهْدِيَنِ [الكهف:54].و سَيَهْدِينِ [الصافات:99].و كَذَّبُونِ [المؤمنون:

26]. يَقْتُلُونَ [البقرة:61]. أَنْ يُكَذِّبُونِ [الشعراء:12].و وَعِيدِ و اَلْجَوارِ و بِالْوادِ [النازعات:16].و اَلْمُهْتَدُونَ [الإسراء:97]إلاّ في الأعراف.

و تحذف الواو مع أخرى،نحو لا يستون [التوبة:19]. فاؤُ [البقرة:226].

و إذا الموءودة [التكوير:8]. يَؤُساً [الإسراء:83].

و تحذف اللام مدغمة في مثلها،نحو الّيل،و الذي.إلاّ:اللّه،و اللهم،و اللعنة و فروعه،و:اللهو و اللغو و اللؤلؤ و اللات و اللمم و اللهب و اللطيف و اللوامة.

فرع في الحذف الذي لم يدخل تحت القاعدة:

حذف الألف من ملك الملك [آل عمران:26]. ذرّيّة ضعفا [النساء:9].

مرغما ،[النساء:100]. خدعهم [النساء:142]. أكّالون للسّحت [المائدة:

42]. بلغ [المائدة:95]. ليجادلوكم [الأنعام:121]. وَ بَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ في الأعراف:[139]،و هود:[16] الميعد في الأنفال:[42]. تربا في الرعد [5]،و النمل:[67]،و عمّ:[40]. جذذا [الأنبياء:58]. يسرعون [آل عمران:

114]. أيّه المؤمنون [النور:31]. يا أيّه السّاحر [الزخرف:49]. أَيُّهَ الثَّقَلانِ [الرحمن:31]. أمّ موسى فرغا [الأنبياء:58]. و هل نجزى [سبأ:17] و من هو كذب [هود:93]. للقسية [الزمر:22].في الزمر، أثرة [الأحقاف:4].

عهد عليه اللّه [الفتح:10]. و لا كذّبا [النبأ:35].

و حذفت الياء من إِبْراهِيمَ في البقرة،و اَلدّاعِ إِذا دَعانِ [البقرة:186].

ص: 406

و وَ مَنِ اتَّبَعَنِ [آل عمران:20]. وَ سَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ [النساء:146]. وَ قَدْ هَدانِ [الأنعام:80]. نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس:103]. فَلا تَسْئَلْنِ ما [هود:6]. يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ [هود:105]. حَتّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً [يوسف:66]. تُفَنِّدُونِ [يوسف:94].

اَلْمُتَعالِ [الرعد:9]. مَتابِ [الرعد:30]. مَآبٍ [الرعد:29،ص:25] عِقابِ في الرّعد:[32]،و غافر:[5،و ص:4].

فِيها عَذابٌ [الأحقاف:24]. أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ [إبراهيم:22]. وَ تَقَبَّلْ دُعاءِ [إبراهيم:40]. لَئِنْ أَخَّرْتَنِ [الإسراء:62]. أَنْ يَهْدِيَنِ ، إِنْ تَرَنِ ، أَنْ يُؤْتِيَنِ أَنْ تُعَلِّمَنِ نَبْغِ الخمسة في الكهف:[64،66،40،39،24].

أَلاّ تَتَّبِعَنِ في طه:[93]. وَ الْبادِ [الحج:25].و وَ إِنَّ اللّهَ لَهادِ [الحج:

25]. أَنْ يَحْضُرُونِ [المؤمنون:98]. رَبِّ ارْجِعُونِ [المؤمنون:99].و وَ لا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108]. وَ يَسْقِينِ [الشعراء:79]. يَشْفِينِ [الشعراء:80]. يُحْيِينِ [الشعراء:81]. وادِ النَّمْلِ [النمل:18]. أَ تُمِدُّونَنِ [النمل:36]. فما آتان [النمل:36]. تَشْهَدُونِ [النمل:32]. بِهادِ الْعُمْيِ [النمل:81،الروم:53].

كَالْجَوابِ [سبأ:13]. إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ [يس:23]. وَ لا يُنْقِذُونِ [يس:23].

و فَاسْمَعُونِ [يس:25]. لَتُرْدِينِ [الصافات:56]. صالِ الْجَحِيمِ [الصافات:163].

اَلتَّلاقِ [غافر:15]. اَلتَّنادِ [غافر:32]. تَرْجُمُونِ [الدخان:20]. فَاعْتَزِلُونِ [الدخان:21]. يُنادِ الْمُنادِ [ق:41]. لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]. يُطْعِمُونِ [الذاريات:57]. يَدْعُ الدّاعِ مرتين في القمر:[7،6]. يَسْرِ [الفجر:4].

أَكْرَمَنِ [الفجر:15]. أَهانَنِ [الفجر:16]. وَ لِيَ دِينِ [الكافرون:6].

و حذفت الواو من: وَ يَدْعُ الْإِنْسانُ [الإسراء:11]. وَ يَمْحُ اللّهُ في شورى:

[24]. يَوْمَ يَدْعُ الدّاعِ [القمر:6]. سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ(18) [العلق:18].

قال المراكشيّ:و السرّ في حذفها من هذه الأربعة التنبيه على سرعة وقوع الفعل و سهولته على الفاعل،و شدّة وقوع المنفعل المتأثر به في الوجود،و أما وَ يَدْعُ الْإِنْسانُ فيدلّ على أنه سهل عليه،و يسارع فيه كما يسارع في الخير،بل إثبات الشرّ إليه من جهة ذاته أقرب إليه من الخير.و أمّا وَ يَمْحُ اللّهُ الْباطِلَ فللإشارة إلى سرعة ذهابه و اضمحلاله.و أمّا يَدْعُ الدّاعِ [القمر:6]فللإشارة إلى سرعة الدّعاء،و سرعة إجابة المدعوّين.و أما الأخيرة:فللإشارة إلى سرعة الفعل،و إجابة الزّبانية،و شدة البطش.

ص: 407

القاعدة الثانية:

في الزيادة:

زيدت ألف بعد الواو آخر اسم مجموع:نحو: بَنُوا إِسْرائِيلَ ، مُلاقُوا رَبِّهِمْ [البقرة:46]. أُولُوا الْأَلْبابِ [آل عمران:7].بخلاف المفرد،نحو لَذُو عِلْمٍ [يوسف:

68].إلاّ الربوا [البقرة:275].و إن امرؤا هلك [النساء:176].

و آخر فعل مفرد أو جمع،مرفوع أو منصوب،إلاّ: جاءوك [آل عمران:184].

و وَ باؤُ [البقرة:61].حيث وقعا،و و عتو عتوّا [الفرقان:21]. فَإِنْ فاؤُ [البقرة:226]. و الّذين تبوّءو الدّار [الحشر:9]. عَسَى اللّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ في النساء:

[99]. سعو فى آياتنا في سبأ:[5].

و بعد الهمزة المرسومة واوا:نحو: تَفْتَؤُا [يوسف:85].و في مِائَةٌ و مِائَتَيْنِ [الأنفال:66].و اَلظُّنُونَا [الأحزاب:10].و اَلرَّسُولاَ [الأحزاب:66].

و اَلسَّبِيلاَ [الأحزاب:67]. و لا تقولنّ لشاىء [الكهف:23].و لأاذبحنّه [النمل:21]. وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ [التوبة:47].و أَلا إِلَى اللّهِ [آل عمران:158].

و لَإِلَى الْجَحِيمِ [الصافات:68]. و لا تيأسوا من روح اللّه إنّه لا ييائس [يوسف:

87]. أ فلم يايئس [الرعد:31].

و بين الياء و الجيم:في و جايء في الزّمر:[69]،و الفجر:[23].و كتبت اِبْنَ بالهمزة مطلقا و زيدت ياء:في: نبإى المرسلين [الأنعام:34].و وَ مَلاَئِهِ [الأعراف:103].

و وَ مَلاَئِهِمْ [يونس:83].و و من ءانائ الّيل في طه:[130]. من تلقايء نفسى [يونس:15]. من ورآى حجاب في شورى:[51].و و إيتاي ذى القربى في النحل:[90].و وَعْدَهُ وَ لكِنَّ في الروم:[16] بأيّيكم المفتون(6) [القلم:6].

بنيناها بأييد [الذاريات:47]. أ فإين مات [آل عمران:144]. أ فإين مت [الأنبياء:34].

و زيدت واو:في: أُولُوا الْفَضْلِ و فروعه،و سأوريكم [الأعراف:145].

قال المراكشي:و إنّما زيدت هذه الأحرف في هذه الكلمات،نحو و جايء ، و نبإى و نحوهما للتهويل و التفخيم و التهديد و الوعيد،كما زيدت في بأييد تعظيما

ص: 408

لقوة اللّه تعالى التي بنى بها السّماء،التي لا تشابهها قوة.

و قال الكرمانيّ في العجائب:كانت صورة الفتحة في الخطوط قبل الخط العربي ألفا،و صورة الضمّة واوا،و صورة الكسرة ياء،فكتبت وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ و نحوه بالألف،مكان الفتحة،و و إيتاى ذى القربى بالياء مكان الكسرة و وَ أُولئِكَ و نحوه بالواو مكان الضمة،لقرب عهدهم بالخطّ الأول.

القاعدة الثالثة:

في الهمز:

يكتب الساكن بحرف حركة ما قبله،أولا أو وسطا أو وسطا أو آخرا،نحو: اِئْذَنْ [التوبة:49].و اُؤْتُمِنَ [البقرة:283].و اَلْبَأْساءِ [البقرة:177].و اِقْرَأْ ، و جِئْناكَ [الحجر:63].و وَ هَيِّئْ [الكهف:10].و وَ الْمُؤْتُونَ [النساء:162].

و تَسُؤْهُمْ [آل عمران:120].إلاّ فادّرأتم [البقرة:72].و وَ رِءْياً [مريم:

74].و لِلرُّءْيا [يوسف:43].و شطه [الفتح:29].فحذف فيها.و كذا أوّل الأمر بعد فاء،نحو: فَأْتُوا [البقرة:23].أو واو،نحو: وَ أْتَمِرُوا [الطلاق:6].

و المتحرك-إن كان أوّلا أو اتّصل به حرف زائد-بالألف مطلقا-أي:سواء كان فتحا أو ضما أو كسرا-؛نحو: وَ أَيُّوبَ إِذا أُولُوا الْقُرْبى ؛ سَأَصْرِفُ [الأعراف:146]. فَبِأَيِّ ، سَأُنْزِلُ [الأنعام:93].إلا مواضع: أَ إِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ [الأنعام:19]. أَ إِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ أَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ في النمل:[55]، أَ إِنّا لَمُخْرَجُونَ [النمل:67]. أَ إِنّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا [الصافات:36].و أَ إِنَّ لَنا في الشعراء:[41].

أَ إِذا مِتْنا [المؤمنون:82]. أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ [يس:19]. أَ إِفْكاً [الصافات:86].

أَئِمَّةَ [التوبة:12]. لِئَلاّ ، لَئِنِ ، يَوْمَئِذٍ ، حِينَئِذٍ .فتكتب فيها بالياء، إلا قل أؤنبئكم [آل عمران:15].و هؤُلاءِ فتكتب بالواو.

و إن كان وسطا،فبحرف حركته:نحو: سَأَلَ سُئِلَ نَقْرَؤُهُ إلا جَزاؤُهُ الثلاثة في يوسف:[75،74].و لَأَمْلَأَنَّ [الأعراف:18].و اِمْتَلَأْتِ [ق:30].و اِشْمَأَزَّتْ [الزمر:45].و وَ اطْمَأَنُّوا [يونس:7].فحذف فيها.

و إلاّ إن فتح و كسر أو ضم ما قبله،أو ضم و كسر ما قبله،فبحرفه.نحو: بِالْخاطِئَةِ [الحاقة:9]. فُؤادَكَ [هود:120]. سَنُقْرِئُكَ [الأعلى:6].

ص: 409

و إن ما قبله ساكنا حذف هو،نحو: يُسْئَلُ [الأنبياء:23]. لا تَجْأَرُوا [المؤمنون:65].إلاّ: اَلنَّشْأَةَ [النجم:53].و مَوْئِلاً في الكهف:[58].

فإن كان ألفا و هو مفتوح:فقد سبق أنّها تحذف لاجتماعها مع ألف مثلها؛إذ الهمزة حينئذ بصورتها،نحو: أَبْناءَنا [آل عمران:61].و حذف منها أيضا في قرءنا في يوسف:[2]،و الزخرف:[3].

فإنّ ضمّ أو كسر فلا،نحو: وَ آباؤُكُمْ [النساء:11]. آبائِهِمْ [الأنعام:

87].إلاّ: وَ قالَ أَوْلِياؤُهُمْ [الأنعام:128]. إِلى أَوْلِيائِهِمْ في الأنعام:[121].

إِنْ أَوْلِياؤُهُ في الأنفال:[34]. نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ في فصلت:[31].

و إن كان بعده حرف يجانسه:فقد سبق-أيضا-أنه يحذف،نحو شنئان [المائدة:8]. خسئين [الأعراف:166]. مُسْتَهْزِؤُنَ [البقرة:14].

و إن كان آخرا:فبحرف حركة ما قبله،نحو: سَبَإٍ [النمل:22]. شاطِئِ [القصص:30]. وَ لُؤْلُؤاً [الطور:24].إلاّ في مواضع: تَفْتَؤُا [يوسف:85].

يَتَفَيَّؤُا [النحل:48]. أَتَوَكَّؤُا [طه:18]. لا تَظْمَؤُا [طه:119]. ما يَعْبَؤُا [الفرقان:77]. يَبْدَؤُا [الروم:11]. يُنَشَّؤُا [الزخرف:18]. يَدْرَؤُا نبؤا [ص:67]. قال الملأ الأوّل في قَدْ أَفْلَحَ و الثلاثة في النمل. جزؤا في خمسة مواضع:اثنان في المائدة:[33-85].و في الزمر:[34،و الشورى:[40]،و الحشر:

[17]. شركؤا في الأنعام:[94]،و شورى:[21]. يأتيهم أنبؤا في الأنعام:

[5]،و الشعراء:[6]. علمؤا بنى [الشعراء:197]. من عباده العلمؤا [فاطر:28].

الضّعفؤا في إبراهيم:[21]،و غافر:[47]. فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا [هود:87].

و و ما دعؤا في غافر:[50]. شفعؤا في الروم:[13]. إنّ هذا لهو البلؤا [الصافات:106]. بَلؤُا مُبِينٌ في الدخان:[33]. برءؤا منكم [الممتحنة:4] فكتب في الكل بالواو.

فإن سكن ما قبله حذف هو،نحو: مِلْ ءُ الْأَرْضِ [آل عمران:91]. دِفْ ءٌ [النحل:5]. شَيْ ءٍ اَلْخَبْ ءَ [النمل:25]. ماءً إلاّ: لَتَنُوأُ [القصص:76].

و أَنْ تَبُوءَ [المائدة:29].و اَلسُّواى [الروم:10]كذا استثناه الفراء.

قلت:و عندي أنّ هذه الثلاثة لا تستثنى،لأنّ الألف التي بعد الواو ليست صورة الهمزة،بل هي المزيدة بعد واو الفعل.

ص: 410

القاعدة الرابعة:

في البدل:

يكتب بالواو للتّفخيم:ألف الصّلوة و الزّكوة و الحيوة و الرّبوا غير مضافات.و الغداوة،و مشكاة،و النّجوة [غافر:41].و و منوة [النجم:20].

و بالياء:كل ألف منقلبة عنها،نحو: يتوفّكم [يونس:104].في اسم أو فعل،اتّصل به ضمير أو لا،لقي ساكنا أم لا،و منه: يا حَسْرَتى [الزمر:56]. يا أَسَفى [يوسف:84].إلاّ تَتْرا [المؤمنون:44].و كِلْتَا [الكهف:33].و هداني [الأنعام:161].و وَ مَنْ عَصانِي [إبراهيم:36].و اَلْأَقْصَى [الإسراء:1].و أَقْصَا الْمَدِينَةِ [القصص:20].و مَنْ تَوَلاّهُ [الحج:4].و طَغَى الْماءُ [الحاقة:11].

و سِيماهُمْ [الفتح:29].و إلاّ ما قبلها ياء،كالدنيا،و اَلْحَوايا [الأنعام:146].

إلاّ وَ يَحْيى اسما أو فعلا.

و يكتب بها إلى،و على،و أنّى بمعنى كيف،و متى و بلى،و حتى؛إلاّ لدا الباب [يوسف:25].

و يكتب بالألف الثلاثيّ الواويّ،اسما أو فعلا،نحو: اَلصَّفا [البقرة:158].

و شَفا [آل عمران:103].و عَفَا [المائدة:95].إلاّ ضُحًى [الأعراف:98].

كيف وقع،و ما زَكى مِنْكُمْ [النور:21].و دحها [النازعات:30].و تلها [الشمس:2].و طحها [الشمس:6].و سَجى [الضحى:2].

و يكتب بالألف نون التوكيد الخفيفة: لَنَسْفَعاً [العلق:15].و وَ لَيَكُوناً [يوسف:32].و إِذا .و بالنون وَ كَأَيِّنْ .

و بالهاء هاء التأنيث،إلاّ: رَحْمَتَ في البقرة:[218]،و الأعراف:[56]، و هود:[73]،و مريم:[2]،و الروم:[50]،و الزخرف:[32]،و نِعْمَتَ في البقرة:

[231]،و آل عمران:[103]،و المائدة:[11]،و إبراهيم:[28]،و النحل:[72]، و لقمان:[31]،و فاطر:[3]،و الطّور:[29].و سُنَّتُ في الأنفال:[38]،و فاطر:

[43]،و ثاني غافر:[85].و اِمْرَأَتُ مع زوجها،و وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى [الأعراف:137]. فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ [آل عمران:61]. وَ الْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللّهِ [النور:7].و و معصيت في قد سمع[8-9]. إنّ شجرت الزّقّوم(43) [الدخان:

ص: 411

43]. قُرَّتُ عَيْنٍ [القصص:9].و و جنّت نعيم [الواقعة:89]. بَقِيَّتُ اللّهِ [هود:

86].و يأبت [يوسف:4].و اَللاّتَ [النجم:19]و مَرْضاتِي [البقرة:207- 265،و النساء:114،و التحريم:1].و هَيْهاتَ [المؤمنون:36].و ذاتَ [الأنفال:1] و اِبْنَتَ [التحريم:12]و فِطْرَتَ [الروم:30].

القاعدة الخامسة:

في الوصل و الفصل:

توصل(ألاّ)بالفتح؛إلاّ عشرة: أَنْ لا أَقُولَ أن لا تقولوا في الأعراف. أَنْ لا مَلْجَأَ في هود. وَ أَنْ لا إِلهَ [هود:14]. أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللّهَ إِنِّي أَخافُ في الأحقاف:[21]. أَنْ تُشْرِكَ في الحجّ:[26]. أَنْ لا تَعْبُدُوا في يس:[60] وَ أَنْ لا تَعْلُوا في الدخان:[19]. أَنْ لا يُشْرِكْنَ في الممتحنة:[12]. أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا في ن:[24].

و(ممّا)إلاّ: فَمِنْ ما مَلَكَتْ في النساء:[25]،و الروم:[28]. مِنْ ما رَزَقْناكُمْ في المنافقين:[10].

و(ممن)مطلقا.

و(عمّا)إلاّ: عَنْ ما نُهُوا [الأعراف:166].

و(إمّا)بالكسر،إلاّ: وَ إِنْ ما نُرِيَنَّكَ في الرعد:[40].

و(أما)بالفتح،مطلقا.

و(عمّن)إلاّ: وَ يَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ في النور:[43]. عَنْ مَنْ تَوَلّى في النجم:

[29].

و(أمّن)إلاّ: أَمْ مَنْ يَكُونُ في النساء:[109]. أَمْ مَنْ أَسَّسَ [التوبة:109].

أَمْ مَنْ خَلَقْنا في الصافات:[11]. أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً [فصلت:40].

و(إلّم)بالسكر؛إلاّ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا في القصص:[50].

و(فيما)إلاّ أحد عشر: فِيما فَعَلْنَ الثاني في البقرة:[240]. لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما في المائدة:[48]،و الأنعام:[165]. قُلْ لا أَجِدُ [الأنعام:145]. فِي مَا اشْتَهَتْ في الأنبياء:[102]. فى ما أفضتم [النور:14]. فِي ما هاهُنا في الشعراء:[146].

ص: 412

فِي ما رَزَقْناكُمْ في الروم:[28]. فِي ما هُمْ فِيهِ فِي ما كانُوا فِيهِ كلاهما في الزمر:[3-46]. وَ نُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ في الواقعة:[61].

و(إنما)إلاّ: إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ في الأنعام:[134].

و(أنما)بالفتح،إلاّ: وَ أَنَّ ما يَدْعُونَ في الحج:[62]،و لقمان:[30].

و(كلّما)إلاّ: كلّ ما ردّوا إلى الفتنة [النساء:91]. مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ [إبراهيم:34].

و(بئسما)إلاّ مع اللام.

و(نعمّا)و(مهما)و(ربما)و(كأنما)و(ويكأنّ).

و تقطع(حيث ما)و(أن لم)بالفتح،و(أن لن)إلاّ في الكهف و القيامة.

و(أين ما)إلاّ: فَأَيْنَما تُوَلُّوا [البقرة:115]. أَيْنَما يُوَجِّهْهُ [النحل:76].

و اختلف في: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ [النساء:78]. أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ في الشعراء:[92]. أَيْنَما ثُقِفُوا في الأحزاب:[61].

و(لكي لا)إلاّ في آل عمران و الحج و الحديد و الثاني في الأحزاب.

و يَوْمَ هُمْ [الذاريات:13].و وَ لاتَ حِينَ [ص:3].و اِبْنَ أُمَّ [الأعراف:

150].إلاّ في طه:[94]فكتبت الهمز حينئذ واوا.و حذفت همزة(ابن)فصارت هكذا:

يبنؤمّ .

القاعدة السادسة:

اشارة

فيما فيه قراءتان،فكتب على احداهما:

و مرادنا غير الشاذ.

و من ذلك: ملك يوم الدّين(4) ، يخدعون [البقرة:9،و النساء:142].

و وعدنا [البقرة:51،و الأعراف:142].و الصّعقة [البقرة:55].و الرّيح [البقرة:164].و تفدوهم [البقرة:85].و تظهرون [البقرة:85،و الأحزاب:4].

و و لا تقتلوهم [البقرة:191].و نحوها.

و وَ لَوْ لا دَفْعُ ، فرهن [البقرة:283]. طَيْراً في آل عمران:[49]،

ص: 413

و المائدة:[110]. مّضعفة [آل عمران:130].و نحوه.

عقدت أيمنكم [النساء:33]. الأولين [المائدة:107]. لمستم [النساء:243،و المائدة:6]. قسية [المائدة:213،و الحج:53،و الزمر:22] قيما ،النساء:[5]. خطيئتكم في الأعراف[161].

طئف [الأعراف:201،و القلم:19]. حش للّه [يوسف:31]. و سيعلم الكفّر [الرعد:42]. تّزور [الكهف:17]. زكيّة [الكهف:74]. فلا تصحبنى [الكهف:76]. لتّخذت [الكهف:77]. مَهْداً [طه:53،و الزخرف:10].

و و حرم على قرية [الأنبياء:95]. إنّ اللّه يدفع [الحج:38]. سكرى و ما هم بسكرى [الحج:2]. المضغة عظما فكسونا العظم [المؤمنون:14]. سرجا .

بل ادّرك [النمل:66].و وَ لا تُصَعِّرْ [لقمان:18]. ربّنا بعد [سبأ:19].

أَسْوِرَةٌ [الزخرف:53].

بلا ألف في الكلّ،و قد قرئت بها و بحذفها.

غيبت الجب [يوسف:10-15].و أنزل عليه ءايت في العنكبوت:

[50].و ثمرت من أكمامها في فصلت:[47].و جملت [المرسلات:33].

فهم على بيّنت [فاطر:40]. و هم فى الغرفت ءامنون [سبأ:37].بالتاء،و قد قرئت بالجمع و الإفراد.

و تقيه [آل عمران:28]بالياء،و لِأَهَبَ [مريم:19]بالألف،و(يقض الحق)بلا ياء.

و آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ [الكهف:96].بألف فقط، نجى المؤمنين [الأنبياء:

88].بنون واحدة.

و الصّراط كيف وقع،و بَصْطَةً في[الأعراف:69].و اَلْمُصَيْطِرُونَ [الطور:37].و بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية:22].بالصاد لا غير.

و قد تكتب الكلمة صالحة للقراءتين؛نحو: فكهون [يس:55].و هي قراءة، و على قراءتها هي محذوفة رسما،لأنه جمع تصحيح.

ص: 414

فرع

فيما كتب موافقا لقراءة شاذة:

و من ذلك: إنّ البقر تشبه علينا [البقرة:70]، أ و كلّما عهدوا [البقرة:

100].

و أما ما بَقِيَ مِنَ [البقرة:278]فقرئ بضم الباء و سكون الواو.

فلقتلوكم [النساء:90]. طائِرُكُمْ ، طئره فى عنقه [الإسراء:13].

تسقط [مريم:5]. سمرا [المؤمنون:67]. و فصله فى عامين [لقمان:14].

عليهم ثياب سندس خضر [الإنسان:21]. ختمه مسك [المطففين:26]. فادخلى فى عبدى(29) [الفجر:29].

فرع

و أما القراءات المختلفة-المشهورة بزيادة لا يحتملها الرسم-و نحوها،

نحو:

أوصى و وَ وَصّى ؛و تَجْرِي تَحْتَهَا و مِنْ تَحْتِهَا .و فَسَيَقُولُونَ اللّهُ و لله . و ما عملت أيديهم وَ ما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ .فكتابته على نحو قراءته،و كل ذلك وجد في مصاحف الإمام.

فائدة (1):كتبت فواتح السور على صورة الحروف أنفسها؛لا على صورة النطق بها، اكتفاء بشهرتها،و قطعت حم(1) عسق(2) دون المص(1) و كهيعص(1) طردا للأولى بأخواتها الستة.

فصل في آداب كتابته

اشارة

[في آداب كتابته (2)]

يستحب كتابة المصحف،و تحسين كتابته و تبيينها و إيضاحها،و تحقيق الخطّ دون مشقّة و تعليقه فيكره،و كذا كتابته في الشيء الصّغير.

ص: 415


1- في المطبوعة المصرية:و كنبأ.
2- انظر البرهان 430/1-431. (3)انظر فضائل القرآن للقاسم بن سلام ص 398-399.

أخرج أبو عبيد في فضائله،عن عمر:أنه وجد مع رجل مصحفا قد كتبه بقلم دقيق، فكره ذلك و ضربه،و قال:عظّموا كتاب اللّه.

و كان عمر إذا رأى مصحفا عظيما سرّ به (1).

و أخرج عبد الرزّاق،عن علي:أنه كان يكره أن تتّخذ المصاحف صغارا (2).

و أخرج أبو عبيد عنه:أنه كره أن يكتب القرآن في الشيء الصغير (3).

و أخرج هو و البيهقيّ في الشّعب:عن أبي حكيمة العبديّ قال:مرّ بي عليّ و أنا أكتب مصحفا،فقال:أجل قلمك،فقضمت من قلمي قضمة،ثم جعلت أكتب،فقال:

نعم،هكذا نوّره كما نوره اللّه (4).

و أخرج البيهقيّ،عن علي موقوفا قال:تنوق رجل في بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فغفر له (5).

و أخرج أبو نعيم في«تاريخ أصبهان»،و ابن أشتة في«المصاحف»،من طريق أبان، عن أنس مرفوعا:«من:كتب بسم اللّه الرّحمن الرحيم مجوّدة غفر اللّه له» (6).1.

ص: 416


1- رواه في فضائل القرآن ص 398 و في سنده ابن لهيعة:ضعيف.مختلط.
2- رواه عبد الرزاق في المصنف،حديث رقم(7945)323/4.و ابن أبي داود في المصاحف ص 151- 152.عن إبراهيم،عن علي.و إبراهيم عن علي مرسل.
3- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 398،و البيهقي في الشعب 545/2،عن إبراهيم،عن علي. و سعيد بن منصور في سننه(81)297/1(التكملة)،و ابن أبي شيبة(30225،3،224)148/6. و هو كالذي قبله.
4- رواه أبو عبيد ص 398،و ابن أبي شيبة،برقم(30226-30227)148/6،و البيهقي في الشعب 2/ 545،و ابن أبي داود في المصاحف ص 145-146،و سعيد بن منصور في سننه(80)294/1 (التكملة). و أبو حكيمة:مجهول.انظر الدولابي 155/1-156،و الدار قطني في المؤتلف 566/2.
5- رواه البيهقي في الشعب 546/2. و سنده ضعيف،موقوف.حفص بن عمر العدني:ضعيف.انظر التهذيب 410/2-411،و التقريب 188/1،و الكاشف 179/1،و المغني 180/1.
6- رواه ابن عدي في الكامل 50/5. و ابن الجوزي في الموضوعات 227/1.و فيه: 1-أبو حفص العبدي:متروك،كما في الميزان 189/3. 2-أبان:متروك. 3-أبو سالم،العلاء بن مسلمة:كذبه محمد بن طاهر الأزدي.و انظر اللئالئ المصنوعة 202/1، و تنزيه الشريعة 260/1،و الدر المنثور 10/1.

و أخرج ابن أشتة،عن عمر بن عبد العزيز:أنه كتب إلى عمّاله:إذا كتب أحدكم:

(بسم اللّه الرحمن الرحيم)فليمدّ:(الرحمن) (1).

و أخرج عن زيد بن ثابت:أنّه كان كره أن تكتب:(بسم اللّه الرحمن الرحيم)ليس لها سين.

و أخرج عن يزيد بن أبي حبيب:أنّ كاتب عمرو بن العاص كتب إلى عمر،فكتب (بسم اللّه)و لم يكتب لها سينا،فضربه عمر،فقيل له:فيم ضربك أمير المؤمنين؟.

قال:ضربني في سين.

و أخرج عن ابن سيرين:أنّه كان يكره أن تمدّ الباء إلى الميم حتى تكتب السّين (2).

و أخرج ابن أبي داود في المصاحف،عن ابن سيرين:أنّه كره أن يكتب المصحف مشقا.قيل:لم؟قال:لأنّ فيه نقصا (3).

و تحرم كتابته بشيء نجس (4):و أمّا بالذهب (5)فهو حسن،كما قاله الغزالي.

و أخرج أبو عبيد،عن ابن عباس،و أبي ذر،و أبي الدرداء:أنهم كرهوا ذلك (6).

و أخرج عن ابن مسعود:أنه مرّ عليه مصحف زيّن بالذهب،قال:إنّ أحسن ما زيّن به المصحف تلاوته بالحقّ (7).

قال أصحابنا:و تكره كتابته على الحيطان و الجدران،و على السّقوف أشدّ كراهة؛ لأنه يوطأ (8).

و أخرج أبو عبيد،عن عمر بن عبد العزيز،قال:لا تكتبوا القرآن حيث يوطأ (9).ك.

ص: 417


1- رواه البيهقي في الشعب 546/2.و فيه إسماعيل بن عياش،روايته عن المدنيين ضعيفة.
2- رواه البيهقي في الشعب 546/2.
3- رواه ابن أبي داود في المصاحف ص 149-150.
4- انظر البرهان للزركشي 479/1،و التبيان ص 112.
5- انظر المصاحف ص 161 و 167-169،و البرهان 478/1.
6- انظر فضائل القرآن ص 396-397،و المصاحف ص 167-169.
7- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 396،و عبد الرزاق في المصنف(7947)323/4،و ابن أبي داود في المصاحف ص 168-169 و سنده صحيح.
8- انظر المصاحف ص 204،و التبيان ص 112.
9- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 398-399.و انظر المصاحف ص 217. و في سنده:محمد بن الزبير:متروك.

و هل تجوز كتابته بقلم غير العربي (1)؟

.

قال الزّركشي (1):لم أر فيه كلاما لأحد من العلماء.

قال:و يحتمل الجواز؛لأنه قد يحسنه من يقرأه بالعربية،و الأقرب المنع كما تحرم قراءته بغير لسان العرب،و لقولهم:القلم أحد اللسانين،و العرب لا تعرف قلما غير العربيّ،و قد قال تعالى: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195) [الشعراء:195]انتهى.

فائدة:أخرج ابن أبي داود،عن إبراهيم التيميّ،قال:قال عبد اللّه:لا يكتب المصاحف إلاّ مضريّ.

قال ابن أبي داود (2):هذا من أجلّ اللغات.

مسألة (4):اختلف في نقط المصحف و شكله:

و يقال:أوّل من فعل ذلك أبو الأسود الدؤليّ بأمر عبد الملك بن مروان،و قيل:الحسن البصري،و يحيى بن يعمر،و قيل:

نصر بن عاصم الليثي.

و أوّل من وضع الهمز و التشديد و الرّوم و الإشمام الخليل.

و قال قتادة:بدءوا فنقطوا،ثم خمسوا،ثم عشروا.

و قال غيره:أول ما أحدثوا النّقط عند آخر الآي،ثم الفواتح و الخواتم.

و قال يحيى بن أبي كثير:ما كانوا يعرفون شيئا مما أحدث في المصاحف إلاّ النقط الثلاث على رءوس الآي.أخرجه ابن أبي داود (3).

و قد أخرج أبو عبيد و غيره،عن ابن مسعود،قال:جرّدوا القرآن و لا تخلطوه بشيء (4).

و أخرج عن النّخعيّ:أنه كره نقط المصاحف (5).

ص: 418


1- في البرهان 380/1.
2- في المصاحف ص 151.
3- رواه ابن أبي داود في المصاحف ص 161.
4- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 392،و ابن أبي داود في المصاحف ص 154-155-157.
5- رواه أبو عبيد ص 392،و ابن أبي داود في المصاحف ص 153-156.

و عن ابن سيرين:أنه كره النّقط و الفواتح و الخواتم (1).

و عن ابن مسعود،و مجاهد:أنهما كرها التّعشير (2).

و أخرج ابن أبي داود،عن النّخعي:أنه كان يكره العواشر و الفواتح و تصغير المصحف،و أن يكتب فيه سورة كذا و كذا (3).

و أخرج عنه:أنه أتي بمصحف مكتوب فيه سورة كذا و كذا آية،فقال:امح هذا، فإن ابن مسعود كان يكرهه (4).

و أخرج عن أبي العالية:أنه كان يكره الجمل في المصحف،و فاتحة سورة كذا و خاتمة سورة كذا (5).

و قال مالك:لا بأس بالنقط في المصاحف التي يتعلّم فيها الغلمان،أمّا الأمهات فلا (6).

و قال الحليميّ (7):تكره كتابة الأعشار و الأخماس،و أسماء السّور،و عدد الآيات فيه،لقوله:(جرّدوا القرآن).و أمّا النقط فيجوز؛لأنه ليس له صورة فيتوهّم لأجلها ما ليس بقرآن قرآنا،و إنما هي دلالات على هيئة المقروء،فلا يضرّ إثباتها لمن يحتاج إليها.

و قال البيهقيّ (8):من آداب القرآن أن يفخّم،فيكتب مفرجا بأحسن خطّ،فلا يصغّر و لا تقرمط حروفه،و لا يخلط به ما ليس منه،كعدد الآيات و السّجدات و العشرات و الوقوف و اختلاف القراءات و معاني الآيات.

و قد أخرج ابن أبي داود،عن الحسن،و ابن سيرين،أنّهما قالا:لا بأس بنقط المصاحف (9).بو

ص: 419


1- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 392،و ابن أبي داود ص 158-159.
2- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 394،و ابن أبي داود في«المصاحف»ص 155.و انظر في مسألة التعشير،و التسديس،و غير ذلك في«الحوادث و البدع»للطرطوشي ص 102-103،و مجموع الفتاوى 409/15-410.
3- رواه في المصاحف ص 156،و انظر الشعب 546/2-547.
4- رواه ابن أبي داود في المصاحف ص 153،و انظر فضائل القرآن لأبي عبيد ص 394.
5- رواه في المصاحف ص 154-157.
6- انظر الحوادث و البدع ص 102،و دليل الحيران ص 19.
7- المنهاج في شعب الإيمان 212/2 و 262/2،و انظر الشعب 548/2.
8- في الشعب 323/2،و انظر المنهاج 262/2.
9- رواه ابن أبي داود في المصاحف ص 160،و سعيد بن منصور(86-إلى-90)/310-316،و أبو

و أخرج عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن،أنه قال:لا بأس بشكله.

و قال النوويّ (1):نقط المصحف و شكله مستحبّ؛لأنه صيانة له من اللحن و التحريف.

و قال ابن مجاهد:ينبغي ألا يشكل إلا ما يشكل.

و قال الدّاني:لا أستجيز النّقط بالسّواد،لما فيه من التغيير لصورة الرّسم،و لا أستجيز جمع قراءات شتّى في مصحف واحد بألوان مختلفة،لأنه من أعظم التخليط و التغيير للمرسوم،و أرى أن تكون الحركات و التنوين و التشديد و السكون و المدّ بالحمرة، و الهمزات بالصّفرة.

و قال الجرجانيّ من أصحابنا في الشافي:من المذموم كتابة تفسير كلمات القرآن بين أسطره.

فائدة:كان الشكل في الصّدر الأول نقطا: فالفتحة نقطة على أوّل الحرف،و الضمة على آخره،و الكسرة تحت أوله،و عليه مشي الدّاني.

و الذي اشتهر الآن الضّبط بالحركات المأخوذة من الحروف،و هو الذي أخرجه الخليل،و هو أكثر و أوضح،و عليه العمل:فالفتح شكله مستطيلة فوق الحرف،و الكسر كذلك تحته،و الضمّ واو صغرى فوقه،و التنوين زيادة مثلها؛فإن كان مظهرا-و ذلك قبل حرف حلق-ركبت فوقها،و إلاّ جعلت بينهما.

و تكتب الألف المحذوفة و المبدل منها في محلّها حمراء،و الهمزة المحذوفة تكتب همزة بلا حرّف حمراء أيضا،و على النون و التنوين قبل الباء علامة الإقلاب(م)حمراء، و قبل الحلق سكون،و تعرى عند الإدغام و الإخفاء،و يسكّن كلّ مسكّن و يعرّى المدغم، و يشدّد ما بعده إلا الطاء قبل التاء،فيكتب عليها السكون،نحو: فَرَّطْتُ [الزمر:56].

و مطّة الممدود لا تجاوزه.

فائدة:قال الحربيّ في غريب الحديث:قول ابن مسعود:جرّدوا القرآن،يحتمل وجهين (2):9.

ص: 420


1- رواه في المصاحف ص 161.
2- في التبيان ص 112. (3)انظر غريب الحديث لأبي عبيد 47/4-49.

أحدهما:جرّدوه في التلاوة،و لا تخلطوا به غيره.

و الثاني:جردوه في الخطّ من النقط و التعشير.

و قال البيهقيّ (1):الأبين أنه أراد:لا تخلطوا به غيره من الكتب؛لأنّ ما خلا القرآن من كتب اللّه إنّما يؤخذ عن اليهود و النّصارى،و ليسوا بمأمونين عليها.

فرع حكم أخذ الأجرة على كتابة المصحف

أخرج ابن أبي داود في كتاب«المصاحف»،عن ابن عباس:أنه كره أخذ الأجرة على كتابة المصحف.

و أخرج مثله عن أيوب السّختيانيّ.

و أخرج عن ابن عمر،و ابن مسعود:أنّهما كرها بيع المصاحف و شراءها،و أن يستأجر على كتابتها (2).

و أخرج عن مجاهد،و ابن المسيّب،و الحسن،أنهم قالوا:لا بأس بالثلاثة (3).

و أخرجه عن سعيد بن جبير:أنه سئل عن بيع المصاحف؟.

فقال:لا بأس،إنما يأخذون أجور أيديهم (4).

و أخرج عن ابن الحنفيّة:أنه سئل عن بيع المصحف؟.

قال:لا بأس:إنما تبيع الورق.

و أخرج عن عبد اللّه بن شقيق،قال:كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يشدّدون في بيع المصاحف (5).

و أخرج عن النّخعي،قال:المصحف لا يباع و لا يورّث (6).

و أخرج عن ابن المسيب أنه كره بيع المصاحف،و قال:أعن أخاك بالكتاب أو:هب له (7).

ص: 421


1- انظر شعب الإيمان 546/2-547.
2- رواه البيهقي في سننه 16/6،و ابن أبي داود ص 179-180-181.
3- رواه البيهقي في سننه 16/6،و ابن أبي داود في المصاحف ص 178.
4- رواه في المصاحف ص 199.
5- رواه في المصاحف ص 185-186،و البيهقي في سننه 16/6.
6- رواه في المصاحف ص 186-190-195-196.
7- رواه في المصاحف ص 186.

و أخرج عن عطاء،عن ابن عباس،قال:اشتر المصاحف و لا تبعها (1).

و أخرج عن مجاهد:أنه نهى عن بيع المصاحف،و رخّص في شرائها (2).

و قد حصل من ذلك ثلاثة أقوال للسلف (3):

ثالثها:كراهة البيع دون الشراء،و هو أصحّ الأوجه عندنا،كما صحّحه في شرح المهذب (4)،و نقله في زوائد الروضة عن نصّ الشافعي.

قال الرافعيّ:و قد قيل:إنّ الثمن متوجّه إلى الدفّتين؛لأنّ كلام اللّه لا يباع.

و قيل:إنه بدل من أجرة النسخ.انتهى.

و قد تقدم إسناد القولين إلى ابن الحنفيّة،و ابن جبير.

و فيه قول ثالث:أنّه بدل منهما معا.

أخرج ابن أبي داود،عن الشعبيّ،قال:لا بأس ببيع المصاحف،إنما يبيع الورق و عمل يديه (5).

فرع (6)حكم القيام للمصحف

قال الشيخ عز الدين بن عبد السّلام في القواعد:القيام للمصحف بدعة لم تعهد في الصدر الأوّل،و الصواب ما قاله النوويّ في التّبيان من استحباب ذلك،لما فيه من التّعظيم و عدم التهاون به.

فرع (7)

يستحب تقبيل المصحف،

لأن عكرمة بن أبي جهل-رضي اللّه عنه-كان يفعله، و بالقياس على تقبيل الحجر الأسود،ذكره بعضهم،و لأنه هدية من اللّه تعالى،فشرع تقبيله

ص: 422


1- رواه البيهقي في سننه 16/6 و سنده ضعيف.فيه هشيم:مدلس.و ليث:ضعيف. قال البيهقي في سننه 17/6:«و يقول ابن عباس:اشتر المصحف و لا تبعه:إن صح ذلك عنه يدل على جواز بيعه مع الكراهية.و اللّه أعلم»ا ه.
2- رواه البيهقي في سننه 16/6.
3- انظر في هذه المسألة سنن البيهقي 16/6-17،و الشعب 535/2،و مشكل الآثار للطحاوي، و المصاحف ص 176-إلى-203.
4- المجموع للنووي 273/9.
5- رواه في المصاحف ص 202.

كما يستحب تقبيل الولد الصغير.

و عن أحمد ثلاث روايات:الجواز.

و الاستحباب.

و التوقّف،و إن كان فيه رفعة و إكرام؛لأنه لا يدخله قياس،و لهذا قال عمر في الحجر:لو لا أنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقبلك ما قبلتك (1).

فرع (2)

يستحبّ تطييب المصحف،

و جعله على كرسيّ،و يحرم توسّده؛لأنّ فيه إذلالا و امتهانا.

قال الزركشيّ:و كذا مدّ الرّجلين إليه.

و أخرج ابن أبي داود في«المصاحف»،عن سفيان:أنه كره أن تعلّق المصاحف (2).

و أخرج عن الضحاك،قال:لا تتّخذوا للحديث كراسيّ ككراسيّ المصاحف (3).

فرع (5)

يجوز تحليته بالفضّة إكراما له على الصحيح،

أخرج البيهقيّ عن الوليد بن مسلم، قال:سألت مالكا عن تفضيض المصاحف،فأخرج إلينا مصحفا فقال:حدّثني أبي،عن جدّي:أنهم جمعوا القرآن في عهد عثمان،و أنّهم فضّضوا المصاحف على هذا أو نحوه.

و أما بالذّهب:فالأصح جوازه للمرأة دون الرجل،و خصّ بعضهم الجواز بنفس المصحف؛دون غلافه المنفصل عنه،و الأظهر التسوية.

فرع (6)حكم تعطيل بعض أوراق المصحف

إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبلى و نحوه،فلا يجوز وضعها في شقّ

ص: 423


1- رواه البخاري(1597-1605)،و مسلم(1270)،و أبو داود(1873)،و الترمذي(860)،و ابن ماجة (2943)،و النسائي 227/5،و ابن الجارود(452)،و أحمد 21/1-34-35-39-50-51- 53-54،و الحميدي(9)،و مالك 367/1،و ابن خزيمة(2711)،و أبو يعلى(189-218)،و ابن حبان(3821-3822)،و البيهقي 74/5،و البغوي(1905).
2- رواه ابن أبي داود في المصاحف ص 204.
3- رواه في المصاحف ص 150.

أو غيره؛لأنّه قد يسقط و يوطأ،و لا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف و تفرقه الكلم،و في ذلك إزراء بالمكتوب.كذا قال الحليمي (1).

قال:و له غسلها بالماء؛و إن أحرقها بالنار فلا بأس؛أحرق عثمان مصاحف كان فيها آيات و قراءات منسوخة،و لم ينكر عليه.

و ذكر غيره:أنّ الإحراق أولى من الغسل؛لأنّ الغسالة قد تقع على الأرض.

و جزم القاضي حسين في تعليقه بامتناع الإحراق،لأنه خلاف الاحترام،و النووي بالكراهة.

و في بعض كتب الحنفية:أنّ المصحف إذا بلي لا يحرق،بل يحفر له في الأرض و يدفن.و فيه وقفة،لتعرّضه للوط ء بالأقدام.

فرع حكم تصغير المصحف

روى ابن أبي داود،عن ابن المسيّب،قال:لا يقول أحدكم:مصيحف و لا مسيجد؛ما كان للّه تعالى فهو عظيم (2).

فرع (3)حكم مس المصحف للمحدث

مذهبنا و مذهب جمهور العلماء:تحريم مسّ المصحف للمحدث،سواء كان أصغر أم أكبر (3)،لقوله تعالى: لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ(79) [الواقعة:79].و حديث الترمذيّ و غيره:«لا يمس القرآن إلاّ طاهر» (4).

ص: 424


1- انظر المنهاج 212/2.
2- رواه ابن أبي داود في المصاحف ص 171.
3- انظر في هذه المسألة:التمهيد 396/17-400،و الأوسط 101/2-104،و المجموع 172/2، و الخلافيات 497/1-517،و بداية المجتهد 85/1-86،و الانصاف 222/1-223،و روضة الطالبين 79/1-80،و الكافي 48/1-49،و الشرح الكبير 94/1-95،و معرفة السنن و الآثار 1/ 185-187،و شرح العمدة 380/1-383.
4- رواه مالك في الموطأ(141)199/1 مرسلا.و أبو داود في المراسيل حديث رقم(93)،و حديث رقم (257-258-259-260)ص 211-214.و ابن أبي داود في المصاحف(212).و البيهقي في المعرفة 186/1 مرسلا.و وصله النسائي 57/8-58.و ابن حبان(6559)501/14-510.و عبد الرزاق في المصنف(1328)341/1-342،و حديث رقم(17408-17619-17679).و في-

خاتمة

روى ابن ماجة و غيره،عن أنس مرفوعا:«سبع يجري للعبد أجرهنّ بعد موته و هو في قبره:من علّم علما،أو أجرى نهرا،أو حفر بئرا،أو غرس نخلا،أو بنى مسجدا،أو ترك ولدا يستغفر له من بعد موته،أو ورث مصحفا» (1).

ص: 425


1- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(149)89/1،و أبو نعيم في الحلية 343/2-344،و البيهقي في الشعب،حديث رقم(3449)248/3. و في سنده:محمد بن عبيد اللّه العرزمي:ضعيف.انظر الشعب 248/3،و مجمع الزوائد/167. و في الباب عن أبي هريرة:رواه ابن ماجة(242)،و ابن خزيمة،و البيهقي في الشعب،(3448)3/ 247-248 و في سنده:مرزوق بن أبي الهذيل:لين الحديث.كما في التقريب 237/2.و حسن إسناده المنذري كما في فيض القدير 541/2.و لبعضه شواهد في مسلم و غيره.رواه مسلم،حديث رقم (1631)1255/3.و البخاري في الأدب المفرد ص 28.و أبو داود،حديث رقم(2880)117/3. و الترمذي،حديث رقم(1376)660/3،و النسائي 251/6.و أحمد في المسند 372/2.و الطحاوي في المشكل 85/1.و البيهقي في سننه 278/6.و في شعب الإيمان 247/2.

النوع السابع و السبعون

اشارة

في معرفة تفسيره و تأويله و بيان شرفه و الحاجة إليه (1)

التفسير (2):(تفعيل)من الفسر،و هو البيان و الكشف،و يقال:هو مقلوب السّفر، تقول:أسفر الصبح إذا أضاء.

و قيل:مأخوذ من التّفسرة،و هي اسم لما يعرف به الطبيب المرض.

و التأويل:أصله من الأوّل و هو الرجوع،فكأنه صرف الآية إلى ما تحتمله من المعاني.و قيل من الإيالة؛و هي السياسة؛كأنّ المؤوّل للكلام ساس الكلام و وضع المعنى فيه موضعه.

و اختلف في التفسير و التأويل (3):

فقال أبو عبيد و طائفة:هما بمعنى.

و قد أنكر ذلك قوم،حتى بالغ ابن حبيب النيسابوريّ (4)،فقال:قد نبغ في زماننا مفسّرون،لو سئلوا عن الفرق بين التفسير و التأويل ما اهتدوا إليه.

و قال الراغب (5):التفسير أعمّ من التأويل،و أكثر استعماله في الألفاظ و مفرداتها.

و أكثر استعمال التأويل في المعاني و الجمل،و أكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية،و التفسير يستعمل فيها و في غيرها.

ص: 426


1- انظر البرهان 146/2-147 و 214/2،و التيسير في قواعد علم التفسير ص 123-124،و الاكليل في المتشابه و التأويل لشيخ الإسلام ابن تيمية،و بصائر ذوي التمييز 79/1،و مقدمتان في علوم القرآن ص 173،و معجم مقاييس اللغة 8/3،و الصاحبي ص 193.و هذا المبحث هو اختصار لما في التيسير للكافيجي.
2- انظر المفردات ص 380،و عمدة الحفاظ 273/3-274،و التيسير في قواعد علم التفسير ص 123- 125.
3- انظر فضائل القرآن لأبي عبيد 86/1-87،و البحر المحيط 13/1-14،و التيسير ص 123-132.
4- انظر البرهان 152/2.
5- المفردات ص 380،و انظر المفردات 149/2.

و قال غيره:التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلاّ وجها واحدا،و التأويل:توجيه لفظ متوجّه إلى معان مختلفة إلى واحد منها،بما ظهر من الأدلّة.

و قال الماتريديّ (1):التفسير:القطع على أنّ المراد من اللفظ هذا،و الشهادة على اللّه أنه عنى باللفظ هذا،فإنّ قام دليل مقطوع به فصحيح،و إلاّ فتفسير بالرأي،و هو المنهي عنه.و التأويل:ترجيح أحد المحتملات بدون القطع و الشهادة على اللّه.

و قال أبو طالب التّغلبي:التفسير بيان وضع اللفظ،إما حقيقة أو مجازا،كتفسير الصراط:بالطريق،و الصيّب:بالمطر.و التأويل:تفسير باطن اللفظ،مأخوذ من الأول و هو الرجوع لعاقبة الأمر.فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد،و التفسير إخبار عن دليل المراد؛لأنّ اللفظ يكشف عن المراد،و الكاشف دليل،مثاله قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ(14) [الفجر:4].تفسيره:أنه من الرصد،يقال:رصدته رقبته،و المرصاد (مفعال)منه.و تأويله:التحذير من التهاون بأمر اللّه،و الغفلة عن الأهبة،و الاستعداد للعرض عليه.و قواطع الأدلّة تقتضي بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ في اللغة.

و قال الأصبهاني في تفسيره:اعلم أنّ التفسير في عرف العلماء كشف معاني القرآن و بيان المراد؛أعمّ من أن يكون بحسب اللفظ المشكل و غيره،و بحسب المعنى الظاهر و غيره.و التأويل:أكثره في الجمل.

و التفسير:إما ان يستعمل في غريب الألفاظ،نحو:البحيرة و السائبة و الوصيلة.أو في وجيز يتبين بشرح،نحو:أقيموا الصّلاة،و آتوا الزكاة.و إما في كلام متضمّن لقصة لا يمكن تصويره إلاّ بمعرفتها،كقوله: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ [التوبة:37].

و قوله: وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها [البقرة:189].

و أما التأويل:فإنه يستعمل مرة عاما،و مرة خاصا،نحو:الكفر المستعمل تارة في الجحود المطلق،و تارة في جحود البارئ-عزّ و جلّ-خاصة.و الإيمان المستعمل في التصديق المطلق تارة و في تصديق الحقّ أخرى،و إما في لفظ مشترك بين معان مختلفة، نحو لفظ(وجد)المستعمل في الجدة و الوجد و الوجود.

و قال غيره:التفسير يتعلّق بالرواية،و التأويل يتعلق بالدّراية.

و قال أبو نصر القشيريّ:التفسير مقصور على الاتباع و السماع،و الاستنباط مما يتعلق بالتأويل.5.

ص: 427


1- انظر التيسير ص 132،و تأويلات أهل السنة ص 25.

و قال قوم:ما وقع مبيّنا في كتاب اللّه و معيّنا في صحيح السنة سمّي تفسيرا؛لأنّ معناه قد ظهر و وضح،و ليس لأحد أن يتعرّض إليه باجتهاد و لا غيره،بل يحمله على المعنى الّذي ورد،لا يتعدّاه.

و التأويل:ما استنبطه العلماء العالمون لمعاني الخطاب،الماهرون في آلات العلوم.

و قال قوم منهم البغويّ و الكواشي (1):التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها و ما بعدها،تحتمله الآية،غير مخالف للكتاب و السنّة من طريق الاستنباط.

و قال بعضهم:التفسير في الاصطلاح:علم نزول الآيات و شئونها و أقاصيصها، و الأسباب النازلة فيها،ثم ترتيب مكّيّها و مدنيها،و محكمها و متشابهها،و ناسخها و منسوخها،و خاصّها و عامّها،و مطلقها و مقيّدها،و مجملها و مفسّرها،و حلالها و حرامها، و وعدها و وعيدها،و أمرها و نهيها،و عبرها و أمثالها.

و قال أبو حيان (2):التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النّطق بألفاظ القرآن و مدلولاتها و أحكامها الإفراديّة و التركيبية،و معانيها التي تحمل عليها حالة التركيب و تتمات لذلك.

قال:فقولنا(علم):جنس.

و قولنا:(يبحث فيه عن كيفية النّطق بألفاظ القرآن)هو علم القراءة.

و قولنا:(و مدلولاتها)أي:مدلولات تلك الألفاظ،و هذا متن علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم.

و قولنا:(و أحكامها الإفرادية و التركيبية)هذا يشمل علم التصريف و البيان و البديع.

و قولنا:(و معانيها التي تحمل عليها حالة التركيب):يشمل ما دلالته بالحقيقة و ما دلالته بالمجاز،فإنّ التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا و يصدّ عن الحمل عليه صادّ،فيحمل على غيره،و هو المجاز.

و قولنا:(و تتمّات لذلك):هو مثل معرفة النسخ،و سبب النزول،و قصة توضح بعض ما أبهم في القرآن،و نحو ذلك.

و قال الزركشي (3):التفسير علم يفهم به كتاب اللّه المنزّل على نبيّه محمد صلّى اللّه عليه و سلّم و بيان2.

ص: 428


1- انظر معالم التنزيل 35/1،و البرهان 150/2.
2- البحر المحيط 13/1-14.
3- في البرهان 148/2.

معانيه،و استخراج أحكامه و حكمه،و استمداد ذلك من علم اللّغة و النحو و التصريف، و علم البيان و أصول الفقه و القراءات،و يحتاج لمعرفة أسباب النزول و الناسخ و المنسوخ.

فصل الحاجة إلى التفسير

و أما وجه الحاجة إليه:

فقال بعضهم:اعلم أنّ من المعلوم أنّ اللّه إنما خاطب خلقه بما يفهمونه؛و لذلك أرسل كلّ رسول بلسان قومه،و أنزل كتابه على لغتهم،و إنما احتيج إلى التفسير لما سيذكر بعد تقرير قاعدة؛و هي:أنّ كلّ من وضع من البشر كتابا فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح،و إنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة:

أحدها:كمال فضيلة المصنّف،فإنه لقوته العلمية يجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز،فربما عسر فهم مراده،فقصد بالشرح ظهور تلك المعاني الخفيّة،و من هنا كان شرح بعض الأئمة تصنيفه أدلّ على المراد من شرح غيره له.

و ثانيها:إغفاله بعض تتمات المسألة أو شروط لها،اعتمادا على وضوحها،أو لأنها من علم آخر،فيحتاج الشارح لبيان المحذوف و مراتبه.

و ثالثها:احتمال اللفظ لمعان كما في المجاز و الاشتراك،و دلالة الالتزام،فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف و ترجيحه،و قد يقع في التّصانيف ما لا يخلو عنه بشر من السهو و الغلط،أو تكرار الشيء،أو حذف المبهم،و غير ذلك؛فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك.

إذا تقرر هذا فنقول:إنّ القرآن إنما نزل بلسان عربيّ في زمن أفصح العرب،و كانوا يعلمون ظواهره و أحكامه. (1)

أمّا دقائق باطنه:فإنما كان يظهر لهم بعد البحث و النظر،مع سؤالهم النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في الأكر،كسؤالهم لما نزل قوله: وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:2.]فقالوا:و أيّنا لم يظلم نفسه!ففسّره النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،و استدلّ عليه بقوله: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:

ص: 429


1- انظر البرهان 153/2،و التيسير ص 156-157.

3] (1).و كسؤال عائشة عن الحساب اليسير،فقال:«ذلك العرض» (2).و كقصة عدي بن حاتم في الخيط الأبيض و الأسود (3)،و غير ذلك؛مما سألوا عن آحاد منه؛و نحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه،و زيادة على ذلك مما لم يحتاجوا إليه من أحكام الظواهر؛لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلّم،فنحن أشدّ الناس احتياجا إلى التفسير،و معلوم أنّ تفسير بعضه يكون من قبل بسط الألفاظ الوجيزة و كشف معانيها، و بعضه من قبل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض.انتهى.

و قال الخوييّ:علم التفسير عسير يسير،أمّا عسره:فظاهر من وجوه،أظهرها أنّه كلام متكلّم،لم يصل الناس إلى مراده بالسماع منه،و لا إمكان الوصول إليه،فخلاف الأمثال و الأشعار،و نحوها،فإنّ الإنسان يمكن علمه منه إذا تكلم بأن يسمع منه أو ممن سمع منه،و أما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلاّ بأن يسمع من الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم؛ و ذلك متعذّر إلاّ في آيات قلائل،فالعلم بالمراد يستنبط بأمارات و دلائل.

و الحكمة فيه:أنّ اللّه تعالى أراد أن يتفكّر عباده في كتابه،فلم يأمر نبيه بالتنصيص على المراد في جميع آياته.

فصل شرف علم التفسير

[شرف علم التفسير (4)]

و أما شرفه فلا يخفى،قال تعالى: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [البقرة:269].

ص: 430


1- رواه البخاري(32-3360-3428-3429-4629-4776-6917-6918)،و مسلم(124)، و الترمذي(3067)،و النسائي في الكبرى،في التفسير(186)474/1،و(410)151/2،و أحمد 1/ 387-424-444،و الطبري في تفسيره 250/5-252،و ابن حبان(253)،و الطيالسي(270)، و ابن منده(265-266-267)،و أبو يعلى(5159)،و البيهقي 185/10.
2- رواه البخاري(103-4939-6536-6537)،و مسلم(2876)،و أبو داود(3093)،و الترمذي (2426-3337)،و أحمد 47/6-48-106-127-185،127-206،و ابن حبان(7369-7370- 7371-7372)،و ابن أبي عاصم(885)،و الطبري في تفسيره 507/12،و القضاعي في مسند الشهاب(338)،و البيهقي في الاعتقاد ص 209-210،و الحاكم 57/1-255،و 249/4-579، و البغوي في شرح السنة(4319)،و في تفسيره 464/4.
3- رواه البخاري(1916-4509-4510)،و مسلم(1090)،و الترمذي(2970-2971)،و أحمد 4/ 377،و الدارمي(1694)10/2،و الطحاوي 53/2،و ابن حبان(3462)242/8،و ابن خزيمة (1925-1926)،و البيهقي 215/4،و الطبراني(172-إلى 179)78/17-80،و القاسم بن سلام في الناسخ و المنسوخ(53-54).
4- انظر التيسير للكافيجي ص 158.

أخرج ابن أبي حاتم و غيره،من طريق ابن أبي طلحة،عن ابن عباس في قوله:

يُؤْتِي الْحِكْمَةَ قال:المعرفة بالقرآن،ناسخه و منسوخه،و محكمه و متشابهه،و مقدمه و مؤخره،و حلاله و حرامه،و أمثاله (1).

و أخرج ابن مردويه،من طريق جويبر،عن الضحاك،عن ابن عباس،مرفوعا:

يُؤْتِي الْحِكْمَةَ قال:القرآن.

قال ابن عباس:يعني:تفسيره،فإنه قد قرأه البرّ و الفاجر (2).

و أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ قال:قراءة القرآن، و الفكرة فيه.

و أخرج ابن جرير مثله،عن مجاهد (3)،و أبي العالية (4)،و قتادة (5).

و قال تعالى: وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ(43) [العنكبوت:43]أخرج ابن أبي حاتم،عن عمرو بن مرة،قال:ما مررت بآية في كتاب اللّه لا أعرفها إلاّ أحزنتني،لأني سمعت اللّه يقول: وَ تِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وَ ما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ(43) .

و أخرج أبو عبيد،عن الحسن،قال:ما أنزل اللّه آية إلاّ و هو يحبّ أن تعلم فيم أنزلت،و ما أراد بها (6).

و أخرج أبو ذرّ الهرويّ في«فضائل القرآن»من طريق سعيد بن جبير،عن ابن عباس،قال:الذي يقرأ القرآن و لا يحسن تفسيره،كالأعرابيّ يهذّ الشعر هذّا.

و أخرج البيهقيّ،و غيره من حديث أبي هريرة مرفوعا:«أعربوا القرآن،و التمسوا غرائبه» (7).ه.

ص: 431


1- رواه الطبري في تفسيره 89/3.
2- جويبر ضعيف و سيأتي حكم هذه الطريق في:الطرق عن ابن عباس.في فصل طبقات المفسرين. و سيأتي تخريج هذه الرواية-إن شاء اللّه تعالى-.
3- رواه الطبري 89/3.
4- رواه الطبري في تفسيره 89/3.
5- رواه الطبري 88/3،و عبد الرزاق في تفسيره 109/1.
6- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 97.
7- سبق تخريجه.

و أخرج ابن الأنباريّ،عن أبي بكر الصدّيق،قال:لأنّ أعرب آية من القرآن أحبّ إليّ من أن أحفظ آية (1).

و أخرج-أيضا-عن عبد اللّه بن بريدة،عن رجل من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:لو أني أعلم إذا سافرت أربعين ليلة أعربت آية من كتاب اللّه لفعلت (2).

و أخرج-أيضا-من طريق الشعبيّ،قال:قال عمر:من قرأ القرآن فأعربه،كان له عند اللّه أجر شهيد.

قلت:معنى هذه الآثار عندي إرادة البيان و التفسير؛لأنّ إطلاق الإعراب على الحكم النحويّ اصطلاح حادث،و لأنّه كان في سليقتهم لا يحتاجون إلى تعلّمه،ثم رأيت ابن النقيب جنح إلى ما ذكرته،و قال:و يجوز أن يكون المراد الإعراب الصناعيّ؛و فيه بعد (3).

و قد يستدلّ له بما أخرجه السّلفيّ في«الطيوريّات»من حديث ابن عمر،مرفوعا:

«أعربوا القرآن يدلّكم على تأويله» (4).

و قد أجمع العلماء:أنّ التفسير من فروض الكفايات،و أجلّ العلوم الثلاثة الشرعية.

قال الأصبهانيّ:أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن،بيان ذلك:أنّ شرف الصناعة إمّا بشرف موضوعها مثل الصياغة،فإنها أشرف من الدّباغة؛لأنّ موضوع الصياغة الذهب و الفضة،و هما أشرف من موضوع الدّباغة الّذي هو جلد الميتة.و إما بشرف غرضها،مثل صناعة الطب،فإنّها أشرف من صناعة الكناسة؛لأنّ غرض الطب إفادة الصحّة،و غرض الكناسة تنظيف المستراح.

و إما لشدّة الحاجة إليها كالفقه؛فإنّ الحاجة إليه أشدّ من الحاجة إلى الطبّ،إذ ما من واقعة في الكون في أحد من الخلق إلاّ و هي مفتقرة إلى الفقه؛لأنّ به انتظام صلاح أحوال الدنيا و الدّين،بخلاف الطب،فإنّه يحتاج إليه بعض الناس في بعض الأوقات.

إذا عرف ذلك:فصناعة التفسير قد حازت الشرف من الجهات الثلاث:

أمّا من جهة الموضوع:فلأنّ موضوعه كلام اللّه تعالى الذي هو ينبوع كلّ حكمة،.

ص: 432


1- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 348.
2- رواه ابن أبي شيبة في المصنف 116/6.
3- انظر شعب الإيمان 429/2،و التذكار ص 1370-139،و المنهاج في شعب الإيمان 237/2.
4- رواه ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(29916)116/6 موقوفا على ابن عمر بأوله فقط.

و معدن كلّ فضيلة،فيه نبأ ما قبلكم و خبر ما بعدكم،و حكم ما بينكم،لا يخلق على كثرة الردّ،و لا تنقضي عجائبه.

و أمّا من جهة الغرض:فلأنّ الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى،و الوصول إلى السعادة الحقيقيّة التي لا تفنى.

و أما من جهة شدة الحاجة:فلأنّ كلّ كمال دينيّ أو دنيويّ،عاجليّ أو آجلي،مفتقر إلى العلوم الشرعيّة و المعارف الدينية؛و هي متوقّفة على العلم بكتاب اللّه تعالى.

ص: 433

النوع الثامن و السبعون

اشارة

في معرفة شروط المفسّر و آدابه

أحسن طرق التفسير (1):

1-قال العلماء:من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أولا من القرآن،فما أجمل منه في مكان فقد فسّر في موضع آخر،و ما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر منه.

و قد ألّف ابن الجوزيّ كتابا فيما أجمل في القرآن في موضع،و فسّر في موضع آخر منه،و أشرت إلى أمثلة منه في نوع المجمل.

2-فإن أعياه ذلك طلبه من السنة:فإنها شارحة للقرآن و موضحة له،و قد قال الشافعي (2)-رضي اللّه عنه-:كلّ ما حكم به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فهو ممّا فهمه من القرآن،قال تعالى: إِنّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النّاسِ بِما أَراكَ اللّهُ [النساء:

105]...في آيات أخر.

و قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«ألا إني أوتيت القرآن و مثله معه» (3)يعني:السنّة.

3-فإن لم يجده في السّنّة رجع إلى أقوال الصحابة:فإنه أدرى بذلك،لما شاهدوه من القرائن و الأحوال عند نزوله،و لما اختصّوا به من الفهم التامّ و العلم الصحيح و العلم الصالح.

ص: 434


1- هذا الكلام ينقله السيوطي من مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية.انظر ص 84 من هذه المقدمة بتحقيقنا،و البرهان 175/2-176.
2- انظر مقدمة التفسير ص 84،و البرهان للزركشي 6/1.
3- رواه أبو داود(4604)،و الترمذي(2664)،و ابن ماجة(12)،و الدارمي(586)،و أحمد في المسند 131/4،و ابن حبان(12)،و الطبراني في المعجم الكبير(669-670)283/20-284.و الحاكم في المستدرك 109/1،و البيهقي في سننه 76/7 و 331/9-332،و في الدلائل 549/6 عن المقدام بن معد يكرب،و سنده حسن.

و قد قال الحاكم في المستدرك (1):إنّ تفسير الصحابيّ الذي شهد الوحي و التنزيل له حكم المرفوع.

و قال الإمام أبو طالب الطبريّ في أوائل تفسيره:القول في آداب المفسّر:

اعلم أنّ من شرطه صحة الاعتقاد أولا،و لزوم سنّة الدين،فإنّ من كان مغموصا عليه في دينه،لا يؤتمن على الدنيا،فكيف على الدين!ثم لا يؤتمن من الدين على الإخبار عن عالم،فكيف يؤتمن في الإخبار عن أسرار اللّه تعالى،و لأنه لا يؤمن إن كان متّهما بالإلحاد أن يبغي الفتنة و يغر الناس بليّه و خداعه،كدأب الباطنية و غلاة الرافضة.و إن كان متّهما بهوى لم يؤمن أن يحمله هواه على ما يوافق بدعته،كدأب القدريّة،فإنّ أحدهم يصنّف الكتاب في التفسير،و مقصوده منه الإيضاع خلال المساكين،ليصدهم عن اتباع السلف و لزوم طريق الهدى.

و يجب أن يكون اعتماده على النقل عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،و عن أصحابه و من عاصرهم، و يتجنّب المحدثات،و إذا تعارضت أقوالهم،و أمكن الجمع بينها فعل،نحو أن يتكلم على الصراط المستقيم و أقوالهم فيه ترجع إلى شيء واحد،فيأخذ منها ما يدخل فيه الجميع، فلا تنافي بين القرآن و طريق الأنبياء،فطريق السنّة و طريق النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و طريق أبي بكر و عمر، فأيّ هذه الأقوال أفرده كان محسنا.و إن تعارضت ردّ الأمر إلى ما ثبت فيه السّمع،و إن لم يجد سمعا،و كان للاستدلال طريق إلى تقوية أحدها رجّح ما قوي الاستدلال فيه،.

ص: 435


1- انظر معرفة علوم الحديث للحاكم ص 20 و المستدرك 27/1-123-522،و التقييد و الإيضاح ص 70،و فتح المغيث 142/1-144،و الجامع لأخلاق الراوي 293/2-294،و نكت الحافظ ابن حجر 530/2-533.و تعقّب الحافظ ابن حجر كلام الحاكم بقوله:«و الحقّ أنّ ضابط ما يفسّره الصحابي-رضي اللّه عنه-إن كان مما لا مجال للاجتهاد فيه،و لا منقولا عن لسان العرب فحكمه الرفع،و إلاّ فلا،كالإخبار عن الأمور الماضية من بدء الخلق و قصص الأنبياء،و عن الأمور الآتية: كالملاحم و الفتن و البعث و صفة الجنة و النار،و الإخبار عن عمل يحصل به ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص،فهذه الأشياء لا مجال للاجتهاد فيها،فيحكم لها بالرفع... و أما إذا فسّر آية تتعلّق بحكم شرعي فيحتمل أن يكون ذلك مستفادا عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،و عن القواعد،فلا يجزم برفعه. و كذا إذا فسّر مفردا فهذا نقل عن اللسان خاصة،فلا يجزم برفعه،و هذا التحرير الذي حرّرناه هو معتمد كثير من كبار الأئمة كصاحبي الصحيح،و الإمام الشافعي،و أبي جعفر الطبري،و أبي جعفر الطحاوي، و أبي بكر بن مردويه في تفسيره المسند،و البيهقي،و ابن عبد البر في آخرين. إلاّ أنه يستثنى من ذلك ما كان المفسّر له من الصحابة-رضي اللّه تعالى عنهم-من عرف بالنظر في الإسرائيليات كمسلمة أهل الكتاب مثل عبد اللّه بن سلام و غيره،و كعبد اللّه بن عمرو بن العاص،فمثل هذا لا يكون حكم ما يخبر به من الأمور التي قدّمنا ذكرها الرفع لقوة الاحتمال.و اللّه أعلم.ا ه.

كاختلافهم في معنى حروف الهجاء،يرجّح قول من قال:إنها قسم (1).و إن تعارضت الأدلة في المراد علم أنه قد اشتبه عليه،فيؤمن بمراد اللّه منها،و لا يتهجّم على تعيينه، و ينزله منزلة المجمل قبل تفصيله و المتشابه قبل تبيينه.

و من شرطه:صحة المقصد فيما يقول ليلقى التّسديد،فقد قال تعالى: وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا [العنكبوت:69]،و إنما يخلص له القصد إذا زهد في الدنيا، لأنه إذا رغب فيها لم يؤمن أن يتوسّل به إلى غرض يصدّه عن صواب قصده،و يفسد عليه صحة عمله.

و تمام هذه الشرائط:أن يكون ممتلئا من عدّة الإعراب،لا يلتبس عليه اختلاف وجوه الكلام،فإنّه إذا خرج بالبيان عن وضع اللسان،إما حقيقة أو مجازا،فتأويله تعطيله.

و قد رأيت بعضهم يفسّر قوله تعالى قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ [الأنعام:91]:إنه ملازمة قول اللّه،و لم يدر الغبيّ أنّ هذه جملة حذف منها الخبر،و التقدير:اللّه أنزله.انتهى كلام أبي طالب.

و قال ابن تيمية في كتاب ألّفه في هذا النوع (2):

«يجب أن يعلم أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بيّن لأصحابه معاني القرآن،كما بيّن لهم ألفاظه،فقوله تعالى: لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44]يتناول هذا و هذا (3).

و قد قال أبو عبد الرحمن السّلمي (4):حدّثنا الّذين كانوا يقرءون القرآن كعثمان بن9.

ص: 436


1- في حروف الهجاء أقوال كثيرة،و القول بأنها قسم ضعيف.و قد سبق تفصيل ذلك.
2- هو مقدمة في أصول التفسير،انظرها ص 18-23 بتحقيقنا.و قد أفاد السيوطي من هذه الرسالة كثيرا في هذا المبحث،كما أشرت إلى هذا في المقدمة.
3- قال البغوي في تفسيره 70/3:«أراد بالذكر:«الوحي،و كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مبينا للوحي،و بيان الكتاب يطلب من السنة»ا ه. و قال ابن عطية في المحرر الوجيز 395/3:«و قوله: لِتُبَيِّنَ يحتمل أن يريد:لتبيّن بسردك نص القرآن ما نزل. و يحتمل أن يريد لتبيّن بتفسيرك المجمل،و شرحك ما أشكل مما نزل،فيدخل في هذا ما بيّنته السنّة من أمر الشريعة،و هذا قول مجاهد،ا ه.و انظر روح المعاني 105/7،و تفسير الطبري 589/7،و تفسير ابن كثير 571/2.
4- هو الإمام العلم،مقرئ الكوفة،عبد اللّه بن حبيب بن ربيعة الكوفي،من أولاد الصحابة،مولده في حياة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء 267/4-271،و الحلية 191/4-195،و تاريخ بغداد 430/9.

عفان و عبد اللّه بن مسعود و غيرهما:أنهم كانوا إذا تعلّموا من النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم و العمل،قالوا:فتعلمنا القرآن و العلم و العمل جميعا (1).

و لهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة.

و قال أنس:كان الرجل إذا قرأ البقرة و آل عمران جدّ في أعيننا.رواه أحمد في مسنده (2).

و أقام ابن عمر على حفظ البقرة ثمان سنين،أخرجه في الموطأ (3).

و ذلك أنّ اللّه قال: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ [ص:29]،و قال: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [النساء:82]،و تدبّر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن (4).

و أيضا:فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فنّ من العلم،كالطب و الحساب،و لا يستشرحونه،فكيف بكلام اللّه الذي هو عصمتهم،و به نجاتهم و سعادتهم و قيام دينهم و دنياهم!؟.

و لهذا كان النّزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليلا جدا،و هو-و إن كان بين التابعين أكثر منه بين الصحابة-فهو قليل بالنسبة إلى ما بعدهم.

[و كلما كان العصر أشرف،كان الاجتماع و الائتلاف و العلم و البيان فيه أكثر] (5).2.

ص: 437


1- رواه الطبري في تفسيره 60/1،و السمرقندي في تفسيره 71/1،و ابن سعد في الطبقات 172/6،و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث 117/6. و في سنده:عطاء بن السائب:صدوق،اختلط و لكن الراوي عنه:حماد بن زيد،كما ذكر في السير 269/4،و روايته عنه جيدة. و تابعه-أيضا-محمد بن الفضيل الضبي-عند السمرقندي-و جرير-عند الطبري-و رواية جرير عنه بعد الاختلاط.انظر الاغتباط ص 82-83 بتحقيقنا. و في الباب عن ابن مسعود:قال:كان الرجل منّا إذا تعلّم عشر آيات لم يتجاوزهن حتى ليعرف معانيهن و العمل بهن:رواه الطبري في تفسيره 60/1.و سنده حسن
2- جزء من حديث رواه البخاري(3617)،و مسلم(2781)،و أحمد في المسند 120/3-121-222- 245،و ابن حبان(744)،و الطحاوي في مشكل الآثار 240/4،و البيهقي في إثبات عذاب القبر، حديث رقم(64-65)ص 66-68.
3- رواه مالك في الموطأ،حديث رقم(11)205/1 بلاغا.
4- انظر رسالتي:«كيف نتدبّر القرآن»؟،فقد فصّلت القول فيها في معنى:التدبر لغة و شرعا،و بيّنت أهم الوسائل المساعدة على تدبر القرآن.
5- ما بين القوسين من مقدمة في أصول التفسير ص 22.

و من التابعين من تلقّى جميع التفسير عن الصحابة،و ربما تكلّموا في بعض ذلك بالاستنباط و الاستدلال.و الخلاف بين السلف في التفسير قليل،و غالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد؛و ذلك صنفان:

أحدهما:أن يعبّر[كلّ] (1)واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه،تدلّ على معنى في المسمّى غير المعنى الآخر،مع اتحاد المسمّى،كتفسيرهم اَلصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ بعض:بالقرآن أي:اتباعه،و بعض:بالإسلام،فالقولان متّفقان،لأنّ دين الإسلام هو اتباع القرآن؛و لكن كلّ منهما نبّه على وصف غير الوصف الآخر،كما أنّ لفظ:

اَلصِّراطَ يشعر بوصف ثالث.

و كذلك قول من قال:هو السنة و الجماعة.و قول من قال:هو طريق العبوديّة، و قول من قال:هو طاعة اللّه و رسوله.و أمثال ذلك.

فهؤلاء كلّهم أشاروا إلى ذات واحدة،لكن وصفها كلّ منهم بصفة من صفاتها.

الثاني:أن يذكر كلّ منهم من الاسم العام بعض أنواعه،على سبيل التمثيل و تنبيه المستمع على النوع،لا على سبيل الحدّ المطابق للمحدود في عمومه و خصوصه؛مثاله ما نقل في قوله تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا [فاطر:32]،فمعلوم:أنّ الظالم لنفسه يتناول المضيّع للواجبات و المنتهك للحرمات،و المقتصد يتناول فاعل الواجبات و تارك المحرّمات،و السابق يدخل فيه من سبق فتقرّب بالحسنات مع الواجبات؛ فالمقتصدون أصحاب اليمين؛و السابقون السابقون أولئك المقربون.

ثمّ إنّ كلا منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات،كقول القائل:السابق الذي يصلّي أوّل الوقت،و المقتصد الذي يصلّي في أثنائه،و الظالم لنفسه الذي يؤخّر العصر إلى الاصفرار.أو يقول:السابق المحسن بالصّدقة مع الزكاة،و المقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة فقط،و الظالم مانع الزكاة (2).

قال:و هذان الصنفان اللّذان ذكرناهما في تنوّع التفسير؛تارة لتنوّع الأسماء و الصفات،و تارة لذكر بعض أنواع المسمّى،هو الغالب في تفسير سلف الأمة الذي يظنّ أنه مختلف.ي.

ص: 438


1- ما بين القوسين من مقدمة في أصول التفسير ص 22.
2- انظر شرح هذه الآية،و تفصيل أقوال العلماء في التذكار في أفضل الأذكار للقرطبي ص 71-72 بتحقيقي.

و من التنازع الموجود عنهم ما يكون اللّفظ فيه محتملا للأمرين:

إما لكونه مشتركا في اللغة،كلفظ: قَسْوَرَةٍ [المدثر:51]الذي يراد به الرامي، و يراد به الأسد.و لفظ: عَسْعَسَ [التكوير:17]الذي يراد به إقبال الليل و إدباره.

و إما لكونه متواطئا في الأصل؛لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشخصين، كالضمائر في قوله: ثُمَّ دَنا فَتَدَلّى(8) [النجم:8]و كلفظ الفجر و الشفع و الوتر و ليال عشر،و أشباه ذلك.فمثل هذا:يجوز أن يراد كلّ المعاني التي قالها السلف،و قد لا يجوز ذلك.

فالأول:إما لكون الآية نزلت مرتين:فأريد بها هذا تارة،و هذا تارة.و إما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معناه.و إما لكون اللفظ متواطئا،فيكون عامّا إذا لم يكن لمخصصه موجب.فهذا النوع إذ صحّ فيه القولان كان من الصّنف الثاني.

و من الأقوال الموجودة عنهم-و يجعلها بعض الناس اختلافا أن يعبّروا عن المعاني بألفاظ متقاربة،كما إذا فسر بعضهم: تُبْسَلَ [الأنعام:70]ب(تحبس)و بعضهم ب(ترتهن)لأنّ كلا منهما قريب من الآخر (1).

ثم قال:فصل:و الاختلاف في التفسير على نوعين:منه ما مستنده النقل فقط،و منه ما يعلم بغير ذلك.و المنقول:إمّا عن المعصوم أو غيره،و منه ما يمكن معرفة الصحيح منه من غيره،و منه ما لا يمكن ذلك؛و هذا القسم الذي لا يمكن معرفة صحيحه من ضعيفه عامّته ممّا لا فائدة فيه و لا حاجة بنا إلى معرفته:و ذلك:كاختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف و اسمه،و في البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة،و في قدر سفينة نوح و خشبها،و في اسم الغلام الذي قتله الخضر،و نحو ذلك.فهذه الأمور طريق العلم بها النقل؛فما كان منه منقولا نقلا صحيحا عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قبل،و ما لا بأن نقل عن أهل الكتب ككعب (2)و وهب (3)-وقف عن تصديقه و تكذيبه،لقوله صلّى اللّه عليه و سلّم:«إذا حدّثكم أهل،-

ص: 439


1- قال في معجم مقاييس اللغة 248/1:«الباء و السين و اللام أصل واحد تتقارب فروعه،و هو المنع و الحبس»ا ه.و انظر المفردات للراغب ص 46-47،و أساس البلاغة ص 22.
2- هو كعب بن ماتع الحميري اليماني،العلامة الحبر،الذي كان يهوديا فأسلم بعد وفاة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،و قدم المدينة من اليمن في أيام عمر-رضي اللّه تعالى عنه-فجالس أصحاب النبي محمد صلّى اللّه عليه و سلّم،فكان يحدّثهم عن الكتب الإسرائيلية،و يحفظ عجائب و يأخذ السنن.انظر سير أعلام النبلاء 489/3-494،و تذكرة الحفاظ 49/1.
3- هو وهب بن كامل بن سيج بن ذي كبار،و هو الأسوار الإمام،العلامة الأخباري القصصي،اليماني،-

الكتاب فلا تصدّقوهم،و لا تكذّبوهم» (1).

و كذا ما نقل عن بعض التابعين،و إن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب،فمتى اختلف التابعون لم يكن بعض أقوالهم حجّة على بعض.و ما نقل في ذلك عن الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه أسكن مما ينقل عن التابعين؛لأنّ احتمال أن يكون سمعه من النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم أو من بعض من سمعه منه أقوى،و لأنّ نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقلّ من نقل التابعين.

و مع جزم الصحابي بما يقوله،كيف يقال:إنه أخذه عن أهل الكتاب و قد نهوا عن تصديقهم؟!.

و أمّا القسم الذي يمكن معرفة الصحيح منه:فهذا موجود كثيرا و للّه الحمد؛و إن قال الإمام أحمد:ثلاثة ليس لها أصل:التفسير،و الملاحم،و المغازي (2)،و ذلك لأنّ الغالب عليها المراسيل.ر-

ص: 440


1- رواه أبو داود(3644)،و أحمد في المسند 136/4،و عبد الرزاق(20059)،و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(874-إلى-879)349/22-351،و ابن حبان(6257)،و البيهقي في سننه 10/2 من حديث أبي نملة الأنصاري. قلت:سنده ضعيف،فيه:نملة بن أبي نملة:لم يوثقه غير ابن حبان.و لهذا قال عنه الحافظ ابن حجر في تقريبه 307/2:«مقبول»ا ه.و سكت عنه الذهبي في الكاشف 326/2. و يغني عنه ما رواه البخاري(4485-7363-7542)و غيره بلفظ:«لا تصدّقوا أهل الكتاب و لا تكذّبوهم،و قولوا:آمنا باللّه و ما أنزل إلينا و ما أنزل إليكم». و قد قسم شيخ الإسلام هذه الأحاديث الإسرائيلية إلى ثلاثة أقسام: أحدها:ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق.فذاك صحيح. و الثاني:ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه. و الثالث:ما هو مسكوت عنه،لا من هذا القبيل،و لا من هذا القبيل،فلا نؤمن به و لا نكذّبه،و تجوز حكايته،و غالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني. انظر مقدمته في أصول التفسير ص 90-91،و تفسيره الكبير 231/1-248،و فتح الباري 498/6- 499،و تفسير ابن كثير 4/1،و«الإسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير»ص 106-108.
2- رواه الخطيب البغدادي في«الجامع لأخلاق الراوي»،رقم(1536)231/2 ثم قال 231/2-234: «و هذا الكلام محمول على وجه،و هو أنّ المراد به كتب مخصوصة في المعاني الثلاثة غير معتمد عليها و لا موثوق بصحتها،لسوء أحوال مصنفيها،و عدم عدالة ناقليها،و زيادات القصاص فيها. فأما كتب الملاحم فجميعها بهذه الصفة،و ليس يصح في ذكر الملاحم المرتقبة،و الفتن المنتظرة غير-

و أما ما يعلم بالاستدلال لا بالنقل:فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة و التابعين و تابعيهم بإحسان،فإنّ التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفا لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين؛مثل تفسير عبد الرزاق (1)،و الفريابيّ،و وكيع و عبد بن حميد،و إسحاق و أمثالهم:

أحدهما:قوم اعتقدوا معاني،ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها.

و الثاني:قوم فسّروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده من كان من الناطقين بلغة العرب،من غير نظر إلى المتكلّم بالقرآن و المنزّل عليه و المخاطب به.

فالأولون:راعوا المعنى الّذي رأوه،من غير نظر إلى ما تستحقّه ألفاظ القرآن من الدلالة و البيان.

و الآخرون:راعوا مجرد اللفظ،و ما يجوز أن يريد به العربيّ،من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلّم و سياق الكلام.

ثم هؤلاء كثيرا ما يغلطون في احتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة،كما يغلط في ذلك الذين قبلهم،كما أنّ الأولين كثيرا ما يغلطون في صحة المعنى الذي فسّروا به القرآن،كما يغلط في ذلك الآخرون؛و إن كان نظر الأولين إلى المعنى أسبق،و نظر الآخرين إلى اللفظ أسبق.

و الأولون صنفان:تارة يسلبون لفظ القرآن ما دلّ عليه و أريد به،و تارة يحملونه على ما لم يدلّ عليه و لم يرد به.و في كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلا،فيكون خطؤهم في الدليل و المدلول،و قد يكون حقا؛فيكون خطؤهم في الدليل لا في المدلول.ت.

ص: 441


1- و هو مطبوع متداول بحمد اللّه تعالى،صدر عن مكتبة الرشد الرياض،و دار المعرفة بيروت.

فالذين أخطئوا فيهما:مثل طوائف من أهل البدع اعتقدوا مذاهب باطلة،و عمدوا إلى القرآن فتأوّلوه على رأيهم،و ليس لهم سلف من الصحابة و التابعين؛لا في رأيهم و لا في تفسيرهم؛و قد صنّفوا تفاسير على أصول مذهبهم،مثل تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصمّ،و الجبائي،و عبد الجبار،و الرمانيّ،و الزمخشريّ،و أمثالهم.

و من هؤلاء من يكون حسن العبارة،يدسّ البدع في كلامه،و أكثر الناس لا يعلمون، كصاحب الكشاف و نحوه،حتى إنه يروج على خلق كثير من أهل السنّة كثير من تفاسيرهم الباطلة.

و تفسير ابن عطية (1):و أمثاله أتبع للسنّة،و أسلم من البدعة،و لو ذكر كلام السلف المأثور عنهم على وجهه لكان أحسن،فإنّه كثيرا ما ينقل من تفسير ابن جرير الطبريّ -و هو من أجلّ التفاسير و أعظمها قدرا-،ثم أنّه يدع ما ينقله عن السلف،و يذكر ما يزعم أنه قول المحققين،و إنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام،الذين قرّروا أصولهم بطرق من جنس ما قرّرت به المعتزلة أصولهم،و إن كانوا أقرب إلى السنّة من المعتزلة؛لكن ينبغي أن يعطى كلّ ذي حقّ حقّه،فإنّ الصحابة و التابعين و الأئمة إذا كان لهم في الآية تفسير، و جاء قوم فسّروا الآية بقول آخر لأجل مذهب اعتقدوه؛و ذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة و التابعين،صار مشاركا للمعتزلة و غيرهم من أهل البدع في مثل هذا.

و في الجملة:من عدل عن مذاهب الصحابة و التابعين و تفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك،بل مبتدعا؛لأنّهم كانوا أعلم بتفسيره و معانيه،كما أنّهم أعلم بالحقّ الذي بعث اللّه به رسوله.

و أما الذين أخطئوا في الدليل لا المدلول:فمثل كثير من الصوفيّة و الوعاظ و الفقهاء، يفسّرون القرآن بمعان صحيحة في نفسها؛لكن القرآن لا يدل عليها؛مثل كثير مما ذكره السّلمي في الحقائق؛فإن كان فيما ذكروه معان باطلة دخل في القسم الأوّل.انتهى كلام ابن تيمية ملخصا،و هو نفيس جدا.

و قال الزركشيّ في البرهان (2):4.

ص: 442


1- هو أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي المغربي الغرناطي الحافظ القاضي.توفي بالرقة سنة ست و أربعين و خمسمائة من الهجرة.انظر منهجه في تفسيره و طريقته فيه:في التفسير و المفسرون 239/1-242.و تفسيره مطبوع متداول،و اسمه:«المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز».
2- البرهان للزركشي 156/2-164.

للنّاظر في القرآن لطلب التفسير مآخذ كثيرة،أمهاتها أربعة:

الأوّل:النقل عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:و هذا هو الطّراز المعلم؛لكن يجب الحذر من الضعيف منه و الموضوع،فإنّه كثير؛و لهذا قال أحمد:ثلاث كتب لا أصل لها:المغازي و الملاحم و التفسير (1).

و قال المحقّقون من أصحابه:مراده أنّ الغالب أنه ليس لها أسانيد صحاح متّصلة، و إلاّ فقد صحّ من ذلك كثير:كتفسير الظلم بالشرك في آية الأنعام (2)،و الحساب اليسير بالعرض (3)،و القوّة بالرمي (4)في قوله: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60].

قلت:الذي صحّ من ذلك قليل جدا،بل أصل المرفوع منه في غاية القلة، و سأسردها كلها آخر الكتاب إن شاء اللّه تعالى.

الثاني:الأخذ بقول الصحابيّ:فإنّ تفسيره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،كما قاله الحاكم في مستدركه (5).

و قال أبو الخطاب من الحنابلة:يحتمل ألا يرجع إليه إذا قلنا:إن قوله ليس بحجة.

و الصواب الأول،لأنه من باب الرواية لا الرأي.ه.

ص: 443


1- سبق تخريج هذا الأثر و شرحه.
2- في قوله تعالى: اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82]. و الحديث رواه البخاري(32-3360-3428-3429-4629-4776-6917-6918)،و مسلم (124)،و الترمذي(3067)و النسائي في الكبرى،في التفسير(186)474/1،و(410)151/2، و أحمد 387/1-424-444،و الطبري في تفسيره 250/5-252،و ابن حبان(253)،و الطيالسي (270)،و ابن منده(265-266-267)،و أبو يعلى(5159).و البيهقي في سننه 185/10.و قد سبق.
3- في قوله تعالى: فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً [الانشقاق:8]. و الحديث رواه البخاري(103-4939-6536-6537)،و مسلم(2876)،و أبو داود(3093)، و الترمذي(2426-3337)،و أحمد في المسند 47/6-48-106-127-185-206،و ابن حبان(7369-7370-7371-7372)،و ابن أبي عاصم في السنة(885)،و الطبري في تفسيره 507/12،و القضاعي في مسند الشهاب(338)،و البيهقي في الاعتقاد ص 209-210،و الحاكم 1/ 57-255 و 249/4-579،و البغوي(4319)،و في التفسير 464/4.و قد سبق.
4- رواه مسلم(1917)،و أبو داود(2514)،و الترمذي(3083)،و ابن ماجة(2813)،و الدارمي (2404)،و أحمد 156/4-157،و الطبراني في المعجم الكبير،(911)330/17،و الحاكم 2/ 328،و أبو يعلى(1743)،و الطيالسي(1182)،و ابن حبان(4709)،و الطبري في تفسيره 274/6- 275،و البيهقي 13/10،و البغوي في تفسيره 258/2.
5- المستدرك 27/1-123-542،و قد سبق تخريج قوله،و ذكر تعقيب الحافظ ابن حجر عليه.

قلت:ما قاله الحاكم نازعه فيه ابن الصلاح (1)و غيره من المتأخّرين،بأن ذلك مخصوص بما فيه سبب النزول أو نحوه؛ممّا لا مدخل للرأي فيه.ثم رأيت الحاكم نفسه صرح به في«علوم الحديث» (2)فقال:و من الموقوفات تفسير الصحابة،و أما من يقول:إن تفسير الصحابة مسند؛فإنما يقول فيما فيه سبب النزول.

فقد خصّص هنا و عمّم في المستدرك،فاعتمد الأول.و اللّه أعلم (3).

ثم قال الزركشي (4):و في الرجوع إلى قول التابعيّ روايتان عن أحمد،و اختار ابن عقيل المنع،و حكوه عن شعبة؛لكن عمل المفسرين على خلافه،فقد حكوا في كتبهم أقوالهم؛لأنّ غالبها تلقوها من الصحابة،و ربما يحكى عنهم عبارات مختلفة الألفاظ، فيظنّ من فهم عنده أنّ ذلك اختلاف محقّق،فيحكيه أقوالا،و ليس كذلك،بل يكون كلّ واحد منهم ذكر معنى من الآية؛لكونه أظهر عنده،أو أليق بحال السائل.و قد يكون بعضهم يخبر عن الشيء بلازمه و نظيره،و الآخر بمقصوده و ثمرته،و الكلّ يؤول إلى معنى واحد غالبا،فإن لم يمكن الجمع فالمتأخر من القولين عن الشخص الواحد مقدّم إن استويا في الصحّة عنه،و إلاّ فالصحيح المقدّم.

الثالث:الأخذ بمطلق اللغة:فإنّ القرآن نزل بلسان عربيّ؛و هذا قد ذكره جماعة، و نصّ عليه أحمد في مواضع؛لكن نقل الفضل بن زياد عنه أنّه سئل عن القرآن يمثّل له الرجل ببيت من الشعر؟فقال:ما يعجبني.فقيل:ظاهره المنع.

و لهذا قال بعضهم:في جواز تفسيره القرآن بمقتضى اللّغة روايتان عن أحمد.و قيل:

الكراهة تحمل على صرف الآية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة،يدلّ عليها القليل من كلام العرب،و لا يوجد غالبا إلاّ في الشعر و نحوه،و يكون المتبادر خلافها.

و روى البيهقيّ في«الشّعب»عن مالك،قال:لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسّر كتاب اللّه إلاّ جعلته نكالا (5).6.

ص: 444


1- في مقدمته ص 70(التقييد و الايضاح).
2- علوم الحديث ص 20.
3- قد سبق نقل تحقيق نفيس في ذلك للحافظ ابن حجر-رحمه اللّه-فارجع إليه غير مأمور.
4- البرهان 158/2-160.
5- رواه البيهقي في شعب الإيمان رقم(2287)،425/2-426. و في سنده:يحيى بن سليمان بن نضلة:قال أبو حاتم:شيخ،و قال ابن حبان بعد أن ذكره في الثقات: يخطئ و يهم. و قال ابن عدي:روى عن مالك و أهل المدينة أحاديث عامتها مستقيمة.انظر لسان الميزان 261/6.

الرابع:التفسير بالمقتضى من معنى الكلام،و المقتضب من قوّة الشرع:و هذا هو الذي دعا به النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم لابن عباس،حيث قال:«اللهمّ فقّهه في الدين و علّمه التأويل» (1).

و الذي عناه عليّ بقوله:إلاّ فهما يؤتاه الرجل في القرآن (2).

و من هنا اختلف الصحابة في معنى الآية،فأخذ كلّ برأيه على منتهى نظره،و لا يجوز تفسير القرآن بمجرّد الرأي،و الاجتهاد من غير أصل،قال تعالى: وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ [الإسراء:36]،و قال: وَ أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللّهِ ما لا تَعْلَمُونَ [البقرة:169]، و قال: لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44].فأضاف البيان إليه.

و قال صلّى اللّه عليه و سلّم:«من تكلّم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ» (3)أخرجه أبو داود2.

ص: 445


1- رواه البخاري(75-143-3756-7270)،و مسلم(2477)،و النسائي في فضائل الصحابة(74- 75-76)،و الترمذي(3823-3824)،و ابن ماجة(166)،و أحمد في المسند 214/1-327- 359،و في الفضائل(1857-1858-1859-1883-1923)،و ابن حبان(7053-7054- 7055)،و البغوي في تفسيره 28/1 من طرق عن ابن عباس-رضي اللّه تعالى عنهما-.
2- رواه البخاري(111-1870-3047-3172-3179-6755-6903-6915-7300)، و الترمذي(1412)،و النسائي 23/8-24،و ابن ماجة(2658)و انظر باقي تخريجه في تخريجنا لسنن ابن ماجة.
3- رواه الترمذي(2950-2951)،و النسائي في الكبرى(8084-8085)،و أحمد 233/1-269، و الطبري في تفسيره 58/1،و الخليلي في الإرشاد(95)396/1،و الطبراني في المعجم الكبير (12392)،و الخطيب في أخلاق الراوي(1642)284/2،و البيهقي في شعب الإيمان،حديث رقم 2275-2276)423/2،و البغوي في شرح السنة(117-118-119)،و في تفسيره 35/1،و أبو الليث السمرقندي في تفسيره 72/1-73 قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-عبد الأعلى بن عامر الثعلبي:قال ابن معين:ليس بذاك القوي.و قال النسائي:ليس بالقوي.و قال العقيلي:تركه ابن مهدي و القطان.انظر تهذيب التهذيب 94/6-95،و التقريب 464/1،و الكاشف 130/2. 2-وقع في سنده خلاف:فرواه سفيان و شريك،عن عبد الأعلى به مرفوعا. و خالفهما:عمرو بن قيس و وكيع..فروياه عن عبد الأعلى به موقوفا.فلعل الخلاف وقع من عبد الأعلى نفسه،فهو يرفع الموقوفات. و له طرق أخرى: -فقد رواه من طريق أبي عاصم النبيل،عن ابن جريج،عن عطاء،عن ابن عباس مرفوعا:«من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار»:ابن حبان في الثقات 368/8. و في سنده:ابن جريج:ثقة،فقيه،فاضل،و كان يدلس و يرسل. قال الدار قطني:شر التدليس تدليس ابن جريج،فإنه قبيح التدليس،لا يدلّس إلا فيما سمعه من مجروح.انظر طبقات المدلسين ص 95،و التقريب 520/1،و الكاشف 185/2.

و الترمذي و النسائي،و قال:«من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار»أخرجه أبو داود (1).

قال البيهقيّ (2)في الحديث الأوّل:هذا-إن صحّ-فإنّما أراد-و اللّه أعلم-الرأي الذي يغلب من غير دليل قام عليه،و أما الذي يسنده برهان فالقول به جائز.

و قال في المدخل (3):في هذا الحديث نظر،و إن صحّ فإنما أراد به-و اللّه أعلم- فقد أخطأ الطريق،فسبيله أن يرجع في تفسير ألفاظه إلى أهل اللغة،و في معرفة ناسخه و منسوخه و سبب نزوله و ما يحتاج فيه إلى بيانه إلى أخبار الصحابة الذين شاهدوا تنزيله، و أدّوا إلينا من السنن ما يكون بيانا لكتاب اللّه تعالى،قال تعالى: وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [النحل:44].فما ورد بيانه عن صاحب الشرع ففيه كفاية عن فكرة من بعده،و ما لم يرد عنه بيانه ففيه حينئذ فكرة أهل العلم بعده؛ ليستدلّوا بما ورد بيانه على ما لم يرد.

قال:و قد يكون المراد به:من قال فيه برأيه من غير معرفة منه بأصول العلم و فروعه،فيكون موافقته للصواب إن وافقه من حيث لا يعرفه غير محمودة.

و قال الماورديّ (4):قد حمل بعد المتورّعة هذا الحديث على ظاهره،و امتنع من أن يستنبط معاني القرآن باجتهاده،و لو صحبتها الشواهد و لم يعارض شواهدها نصّ صريح، و هذا عدول عمّا تعبّدنا بمعرفته من النظر في القرآن و استنباط الأحكام،كما قال تعالى:

لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النساء:83].و لو صحّ ما ذهب إليه لم يعلم شيء بالاستنباط،و لما فهم الأكثرون من كتاب اللّه شيئا.و إن صحّ الحديث:فتأويله أنّ من تكلّم في القرآن بمجرّد رأيه،و لم يعرّج على سوى لفظه،و أصاب الحقّ،فقد أخطأ الطريق،و إصابته اتفاق؛إذ الغرض أنّه مجرّد رأي لا شاهد له؛و في الحديث:«القرآن3.

ص: 446


1- انظر الحديث السابق.
2- في شعب الإيمان 423/2 و قد وقع في مطبوعة زغلول أخطاء كثيرة و تحريفات في المتون،منها قوله: و هذا أصح،و الصواب:و هذا إن صح.
3- -و رواه من طريق الكلبي،عن أبي صالح،عن ابن عباس:ابن عدي في الكامل 118/6.و الكلبي: متهم بالكذب،انظر الكامل 114/6-115.
4- في تفسيره النكت و العيون 34/1-36،و نقله في البرهان 162/2-163.

ذلول ذو وجوه،فاحملوه على أحسن وجوهه» (1)أخرجه أبو نعيم و غيره من حديث ابن عباس.

فقوله:«ذلول»يحتمل معنيين:

أحدهما:أنه مطيع لحامليه،تنطق به ألسنتهم.

و الثاني:أنه موضّح لمعانيه،حتى لا تقصر عنه أفهام المجتهدين.

و قوله:«ذو وجوه»يحتمل معنيين:

أحدهما:أنّ من ألفاظه ما يحتمل وجوها من التأويل.

و الثاني:أنّه قد جمع وجوها من الأوامر و النّواهي و الترغيب و الترهيب و التحليل و التحريم.

و قوله:«فاحملوه على أحسن وجوهه»يحتمل معنيين:

أحدهما:الحمل على أحسن معانيه.

و الثاني:أحسن ما فيه من العزائم دون الرّخص،و العوف دون الانتقام،و فيه دلالة ظاهره على جواز الاستنباط و الاجتهاد في كتاب اللّه تعالى.

و قال أبو الليث (2):النّهي إنما انصرف إلى المتشابه منه لا إلى جميعه،كما قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ [آل عمران:7]؛لأن القرآن إنما نزل حجة على الخلق؛فلو لم يجز التفسير لم تكن الحجة بالغة.فإذا كان كذلك:جاز لمن عرف لغات العرب و أسباب النزول أن يفسّره،و أمّا من لم يعرف وجوه اللغة:فلا يجوز أن يفسّره إلاّ بمقدار ما سمع؛فيكون ذلك على وجه الحكاية لا على وجه التفسير.و لو أنه يعلم التفسير،و أراد أن يستخرج من الآية حكما أو دليل الحكم،فلا بأس به.و لو قال:المراد من الآية كذا من غير أن يسمع فيه شيئا،فلا يحلّ،و هو الذي نهي عنه.

و قال ابن الأنباريّ في الحديث الأوّل:حمله بعض أهل العلم على أنّ الرأي معني به الهوى،فمن قال في القرآن قولا يوافق هواه-فلم يأخذه عن أئمة السلف-و أصاب فقد1.

ص: 447


1- رواه الدار قطني في سننه 145/4،و الديلمي في الفردوس(4707)و في سنده عند الدار قطني زكريا بن عطية:قال البخاري:منكر الحديث و قال العقيلي:مجهول النقل،و لا يتابع عليه.انظر الضعفاء الكبير للعقيلي 85/2،و الميزان 74/2.و في سنده الديلمي:جويبر:ضعيف جدا.انظر التقريب 136/1.
2- انظر تفسيره بحر العلوم 72/1.

أخطأ،لحكمه على القرآن بما لا يعرف أصله،و لا يقف على مذاهب أهل الأثر و النقل فيه.

و قال في الحديث الثاني:له معنيان:

أحدهما:من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل-من الصحابة و التابعين-فهو متعرّض لسخط اللّه تعالى.

و الآخر-:و هو الأصح-من قال في القرآن قولا يعلم أنّ الحق غيره فليتبوّأ مقعده من النار.

و قال البغوي (1)و الكواشيّ و غيرهما:

التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها و بعدها تحتمله الآية،غير مخالف للكتاب و السنة من طريق الاستنباط،غير محظور على العلماء بالتفسير،كقوله تعالى:

اِنْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً [التوبة:41].قيل:شبانا و شيوخا.و قيل:أغنياء و فقراء.و قيل:

عزّابا و متأهلين.و قيل:نشاطا و غير نشاط.و قيل:أصحاء و مرضى؛و كلّ ذلك سائغ، و الآية تحتمله (2).

و أما التأويل المخالف للآية و الشرع فمحظور؛لأنه تأويل الجاهلين،مثل تأويل الروافض قوله تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ(19) [الرحمن:19].أنّهما عليّ و فاطمة. يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَ الْمَرْجانُ(22) [الرحمن:22].يعني:الحسن و الحسين.

و قال بعضهم (3):اختلف الناس في تفسير القرآن:هل يجوز لكلّ أحد الخوض فيه؟.

فقال قوم:لا يجوز لأحد أن يتعاطى تفسير شيء من القرآن،و إن كان عالما أديبا متّسعا في معرفة الأدلة و الفقه و النّحو و الأخبار و الآثار،و ليس له إلاّ أن ينتهي إلى ما روي عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في ذلك.

و منهم من قال (4):يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها،8.

ص: 448


1- في تفسيره 35/1.
2- انظر في تفسير هذه الآية:معالم التنزيل للبغوي 296/2.
3- هذا الكلام للكافيجي في التيسير في قواعد التفسير ص 140-148.و عزاه الزركشي في البرهان 2/ 164 للراغب الأصفهاني في مقدمة تفسيره.
4- من هؤلاء الإمام النووي.قال ذلك في التبيان،و انظر التيسير للكافيجي ص 144-148.

و هي خمسة عشر علما:

أحدها:اللغة:لأنّ بها يعرف شرح مفردات الألفاظ و مدلولاتها بحسب الوضع.قال مجاهد:لا يحل لأحد يؤمن باللّه و اليوم الآخر أن يتكلم في كتاب اللّه إذا لم يكن عالما بلغات العرب،و تقدم قول الإمام مالك في ذلك،و لا يكفي في حقّه معرفة اليسير منها، فقد يكون اللفظ مشتركا،و هو يعلم أحد المعنيين و المراد الآخر.

الثاني:النّحو:لأنّ المعنى يتغير و يختلف باختلاف الإعراب،فلا بدّ من اعتباره.

أخرج أبو عبيد عن الحسن:أنه سئل عن الرّجل يتعلّم العربية يلتمس بها حسن المنطق،و يقيم بها قراءته،فقال:حسن،فتعلّمها،فإن الرجل يقرأ الآية فيعيا بوجهها، فيهلك فيها.

الثالث:التصريف:لأنّ به تعرف الأبنية و الصيغ،قال ابن فارس:و من فاته علمه فاته المعظم،لأنّ(وجد)مثلا كلمة مبهمة،فإذا صرّفناها اتّضحت بمصادرها.

و قال الزمخشريّ (1):من بدع التفاسير قول من قال:إنّ الإمام في قوله تعالى: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ [الإسراء:71].جمع(أمّ)و أنّ الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم،قال:و هذا غلط أوجبه جهله بالتصريف فإن(أمّا)لا تجمع على(إمام).

الرابع:الاشتقاق:لأنّ الاسم إذا كان اشتقاقه من مادّتين مختلفتين اختلف المعنى باختلافهما،كالمسيح،هل هو من السياحة أو المسح؟.

الخامس و السادس و السابع:المعاني و البيان و البديع:لأنه يعرف بالأوّل خواصّ تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى،و بالثاني خواصّها من حيث اختلافها بحسب وضوح الدّلالة و خفائها،و بالثالث وجوه تحسين الكلام.هذه العلوم الثلاثة هي علوم البلاغة؛ و هي من أعظم أركان المفسّر؛لأنه لا بدّ له من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز،و إنما يدرك بهذه العلوم.

قال السكاكي:اعلم أنّ شأن الإعجاز عجيب يدرك و لا يمكن وصفه،كاستقامة الوزن تدرك و لا يمكن وصفها،و كالملاحة،و لا طريق إلى تحصيله لغير ذوي الفطر السليمة إلاّ التمرّن على علمي المعاني و البيان.2.

ص: 449


1- رواه أبو عبيد في فضائل القرآن ص 209-210.و سنده صحيح إلى الحسن. (2)انظر الكشاف 459/2.

قال ابن أبي الحديد:اعلم أنّ معرفة الفصيح و الأفصح،و الرشيق و الأرشق من الكلام،أمر لا يدرك إلاّ بالذوق،و لا يمكن إقامة الدلالة عليه،و هو بمنزلة جاريتين:

إحداهما:بيضاء مشربة بحمرة،دقيقة الشفتين،نقية الثّغر،كحلاء العينين،أسيلة الخدّ، دقيقة الأنف،معتدلة القامة،و الأخرى:دونها في هذه الصفات و المحاسن،لكنّها أحلى في العيون و القلوب منها،و لا يدرى سبب ذلك؛و لكنّه يعرف بالذوق و المشاهدة و لا يمكن تعليله،و هكذا الكلام.نعم،يبقى الفرق بين الوصفين:أنّ حسن الوجوه و ملاحتها، و تفضيل بعضها على بعض،يدركه كلّ من له عين صحيحة.

و أما الكلام:فلا يدرك إلاّ بالذوق،و ليس كلّ من اشتغل بالنحو و اللغة و الفقه يكون من أهل الذوق و ممن يصلح لانتقاد الكلام،و إنما أهل الذوق هم الذين اشتغلوا بعلم البيان،و راضوا أنفسهم بالرّسائل و الخطب و الكتابة و الشّعر،و صارت لهم بذلك دربة و ملكة تامّة؛فإلى أولئك ينبغي أن يرجع في معرفة الكلام،و فضل بعضه على بعض.

و قال الزمخشريّ:من حق مفسر كتاب اللّه الباهر و كلامه المعجز أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه،و البلاغة على كمالها،و ما وقع به التحدي سليما من القادح.

و قال غيره:معرفة هذه الصناعة بأوضاعها هي عمدة التفسير المطلع على عجائب كلام اللّه تعالى،و هي قاعدة الفصاحة،و واسطة عقد البلاغة.

الثامن:علم القراءات:لأنّ به يعرف كيفية النطق بالقرآن،و بالقراءات يترجّح بعض الوجوه المحتملة على بعض.

التاسع:أصول الدين:بما في القرآن من الآيات الدالّة بظاهرها على ما لا يجوز على اللّه تعالى،فالأصوليّ يؤوّل ذلك،و يستدلّ على ما يستحيل و ما يجب و ما يجوز (1).

العاشر:أصول الفقه:إذ به يعرف وجه الاستدلال على الأحكام و الاستنباط.

الحادي عشر:أسباب النزول و القصص:إذ بسبب النزول يعرف معنى الآية المنزلة فيه بحسب ما أنزلت فيه.

الثاني عشر:الناسخ و المنسوخ:ليعلم المحكم من غيره.

الثالث عشر:الفقه.ه.

ص: 450


1- ينبغي على المتصدي لتفسير كلام اللّه أن يسلك مسلك سلفنا الصالح بتناول آيات الصفات،و هو أن يؤمن بظاهرها،و يعتقد معناها.دون تحريف أو تأويل أو تشبيه.

الرابع عشر:الأحاديث المبيّنة لتفسير المجمل و المبهم.

الخامس عشر:علم الموهبة:و هو علم يورثه اللّه تعالى لمن عمل بها علم،و إليه الإشارة بحديث:«من عمل بما علم ورّثه اللّه علم ما لم يعلم» (1).

قال ابن أبي الدنيا:و علوم القرآن و ما يستنبط منه بحر لا ساحل له.

قال:فهذه العلوم-التي هي كالآلة للمفسّر-لا يكون مفسّرا إلاّ بتحصيلها،فمن فسّر بدونها كان مفسّرا بالرأي المنهيّ عنه،و إذا فسّر مع حصولها لم يكن مفسّرا بالرأي المنهيّ عنه.

قال:و الصحابة و التابعون كان عندهم علوم العربيّة بالطبع لا بالاكتساب،و استفادوا العلوم الأخرى من النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم.

قلت:و لعلك تستشكل علم الموهبة،و تقول:هذا شيء ليس في قدرة الإنسان.

و ليس كما ظننت من الإشكال،و الطريق في تحصيله ارتكاب الأسباب الموجبة له من العمل و الزهد.

قال في البرهان (2):اعلم أنه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي،و لا يظهر له أسراره،و في قلبه بدعة أو كبر أو هوى أو حبّ الدنيا،أو و هو مصرّ على ذنب،أو غير متحقّق بالإيمان أو ضعيف التحقيق،أو يعتمد على قول مفسّر ليس عنده علم،أو راجع إلى معقوله:و هذه كلّها حجب و موانع بعضها آكد من بعض (3).

قلت:و في هذا المعنى قوله تعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الأعراف:14].قال سفيان بن عيينة:يقول:أنزع عنهم فهم القرآن.أخرجه ابن أبي حاتم (4).

و قد أخرج ابن جرير و غيره،من طرق،عن ابن عباس،قال:التفسير:أربعة أوجه:

وجه تعرفه العرب من كلامها،و تفسير لا يعذر أحد بجهالته،و تفسير تعلمه العلماء،2.

ص: 451


1- رواه أبو نعيم 15/10 ثم قال:«ذكر أحمد بن حنبل هذا الكلام عن بعض التابعين عن عيسى بن مريم- عليه السلام-فوهم بعض الرواة أنه ذكره عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،فوضع هذا الإسناد عليه لسهولته و قربه،و هذا الحديث لا يحتمل بهذا الإسناد عن أحمد بن حنبل»ا ه.و انظر كشف الخفاء 347/2.
2- البرهان 180/2-181.
3- انظر كتابنا:«كيف نتدبر القرآن؟».
4- رواه الطبري في تفسيره،برقم(15132)60/6 و سنده حسن.و انظر تفسير البغوي 200/2.

و تفسير لا يعلمه إلاّ اللّه تعالى (1).

ثم رواه مرفوعا بسند ضعيف بلفظ:«أنزل القرآن على أربعة أحرف:حلال و حرام لا يعذر أحد بجهالته،و تفسير تفسّره العرب،و تفسير تفسّره العلماء،و متشابه لا يعلمه إلاّ اللّه تعالى،و من ادّعى علمه سوى اللّه تعالى فهو كاذب (2)».

قال الزّركشيّ في البرهان (3)في قول ابن عباس:هذا تقسيم صحيح:

فأمّا الذي تعرفه العرب:فهو الذي يرجع فيه إلى لسانهم؛و ذلك اللغة و الإعراب:

فأمّا اللغة فعلى المفسّر معرفة معانيها و مسمّيات أسمائها،و لا يلزم ذلك القارئ.ثم إن كان ما تتضمّنه ألفاظها يوجب العمل دون العلم:كفى فيه خبر الواحد و الاثنين، و الاستشهاد بالبيت و البيتين.و إن كان يوجب العلم:لم يكف ذلك،بل لا بدّ أن يستفيض ذلك اللفظ،و تكثر شواهده من الشعر.

و أما الإعراب:فما كان اختلافه محيلا للمعنى وجب على المفسّر و القارئ تعلّمه، ليتوصّل المفسر إلى معرفة الحكم،و يسلم القارئ من اللحن،و إن لم يكن محيلا للمعنى وجب تعلّمه على القارئ ليسلم من اللحن،و لا يجب على المفسّر لوصوله إلى المقصود بدونه.

و أما ما لا يعذر أحد بجهله:فهو ما تتبادر الأفهام إلى معرفة معناه من النصوص، المتضمّنة شرائع الأحكام و دلائل التوحيد؛و كلّ لفظ أفاد معنى واحدا جليا يعلم أنه مراد اللّه تعالى؛فهذا القسم لا يلتبس تأويله،إذ كلّ أحد يدرك معنى التوحيد،من قوله تعالى:

فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللّهُ [محمد:19].و أنّه لا شريك له في الإلهية،و إن لم يعلم أنّ (لا)موضوعة في اللغة للنفي،و(إلاّ)للإثبات،و أنّ مقتضى هذه الكلمة الحصر.و يعلم كلّ أحد بالضرورة أنّ مقتضى قوله تعالى: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ [البقرة:43] و نحوه طلب إيجاب المأمور به،و إن لم يعلم أنّ صيغة(أفعل)للوجوب.فما كان من هذا القسم لا يعذر أحد يدّعي الجهل بمعاني ألفاظه؛لأنها معلومة لكلّ أحد بالضرورة.

و أمّا ما لا يعلمه إلاّ اللّه تعالى:فهو ما يجري مجرى الغيوب؛نحو الآي المتضمنة8.

ص: 452


1- سبق تخريجه.
2- رواه الطبري في تفسيره،برقم(72)57/1 و في سنده الكلبي:متّهم بالكذب.
3- انظر البرهان 164/2-168.

قيام الساعة،و تفسير الرّوح،و الحروف المقطّعة،و كلّ متشابه في القرآن عند أهل الحقّ، فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره،و لا طريق إلى ذلك إلاّ بالتوقيف،بنص من القرآن أو الحديث أو إجماع الأمة على تأويله.

و أمّا ما يعلمه العلماء و يرجع إلى اجتهادهم:فهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل؛ و ذلك استنباط الأحكام،و بيان المجمل و تخصيص العموم،و كلّ لفظ احتمل معنيين فصاعدا:فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه،و عليهم اعتماد الشواهد و الدلائل دون مجرد الرأي؛فإن كل أحد المعنيين أظهر وجب الحمل عليه،إلاّ أن يقوم دليل على أنّ المراد هو الخفيّ.و إن استويا-و الاستعمال فيهما حقيقة؛لكن في أحدهما حقيقة لغوية أو عرفية،و في الآخر شرعية-فالحمل على الشرعية أولى،إلاّ أن يدلّ دليل على إرادة اللغوية،كما في: وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ [التوبة:103].

و لو كان في أحدهما عرفية و الأخر لغوية:فالحمل على العرفية أولى،لأنّ الشرع ألزم،فإن تنافى اجتماعهما،و لم يمكن إرادتهما باللفظ الواحد كالقرء للحيض و الطهر، اجتهد في المراد منهما بالأمارات الدالة عليه،فما ظنّه فهو مراد اللّه تعالى في حقّه.و إن لم يظهر له شيء،فهل يتخيّر في الحمل على أيّهما شاء،أو يأخذ بالأغلظ حكما،أو بالأخفّ؟أقوال.و إن لم يتنافيا وجب الحمل عليهما عند المحققين،و يكون ذلك أبلغ في الإعجاز و الفصاحة،إلاّ إن دل دليل على إرادة أحدهما.

إذا عرف ذلك:فينزّل حديث:«من تكلم في القرآن برأيه» (1)على قسمين من هذه الأربعة:

أحدها:تفسير اللفظ،لاحتياج المفسّر له إلى التبحّر في معرفة لسان العرب.

و الثاني:حمل اللّفظ المحتمل على أحد معنييه،لاحتياج ذلك إلى معرفة أنواع من العلوم،و التبحّر في العربية و اللغة،و من الأصول ما يدرك به حدود الأشياء،و صيغ الأمر و النّهي و الخبر،و المجمل و المبيّن،و العموم و الخصوص،و المطلق و المقيّد،و المحكم و المتشابه،و الظاهر و المؤوّل،و الحقيقة و المجاز،و الصريح و الكناية،و من[علوم] (2)الفروع ما يدرك به الاستنباط.2.

ص: 453


1- سبق تخريجه 445/2.
2- ما بين القوسين زيادة من البرهان 168/2.

هذا أقل ما يحتاج إليه؛و مع ذلك فهو على خطر،فعليه أن يقول:يحتمل كذا،و لا يجزم إلاّ في حكم اضطر إلى الفتوى به،فأدّى اجتهاده إليه فيجزم مع تجويز خلافه.

انتهى.

و قال ابن النّقيب:جملة ما تحصّل في معنى حديث التفسير بالرأي خمسة أقوال:

أحدها:التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها التفسير.

الثاني:تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلاّ اللّه.

الثالث:التفسير المقرّر للمذهب الفاسد،بأن يجعل المذهب أصلا و التفسير تابعا، فيردّ إليه بأيّ طريق أمكن،و إن كان ضعيفا.

الرابع:التفسير بأنّ مراد اللّه كذا على القطع من غير دليل.

الخامس:التفسير بالاستحسان و الهوى.

ثم قال:و اعلم أن علوم القرآن ثلاثة أقسام:

الأوّل:علم لم يطلع اللّه عليه أحدا من خلقه،و هو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه:من معرفة كنه ذاته و غيوبه التي لا يعلمها إلاّ هو.و هذا لا يجوز لأحد الكلام فيه بوجه من الوجوه إجماعا.

الثاني:ما أطلع اللّه عليه نبيّه من أسرار الكتاب،و اختصّه به.و هذا لا يجوز الكلام فيه إلاّ له صلّى اللّه عليه و سلّم،أو لمن أذن له،قال:و أوائل السّور من هذا القسم،و قيل:من القسم الأول.

الثالث:علوم علّمها اللّه نبيّه مما أودع كتابه من المعاني الجليّة و الخفيّة،و أمره بتعليمها.و هذا ينقسم إلى قسمين:

منه:ما لا يجوز الكلام فيه إلاّ بطريق السمع:و هو:أسباب النزول،و النّاسخ و المنسوخ،و القراءات،و اللغات،و قصص الأمم الماضية،و أخبار ما كائن من الحوادث، و أمور الحشر و المعاد.

و منه:ما يؤخذ بطريق النّظر و الاستدلال و الاستنباط و الاستخراج من الألفاظ:و هو قسمان:

قسم اختلفوا في جوازه:و هو تأويل الآيات المتشابهات في الصفات (1).ى-

ص: 454


1- قول جميع السلف في ذلك:حرمة تأويل الآيات التي تتكلم عن الصفات و صرفها عن ظاهرها،و على-

و قسم اتّفقوا عليه:و هو استنباط الأحكام الأصليّة و الفرعية و الإعرابيّة؛لأنّ مبناها على الأقيسة؛و كذلك فنون البلاغة و ضروب المواعظ و الحكم و الإرشادات،لا يمتنع استنباطها منه،و استخراجها لمن له أهلية.انتهى ملخصا.

و قال أبو حيّان (1):ذهب بعض من عاصرناه إلى أنّ علم التفسير مضطر إلى النقل -في فهم معاني تركيبه-بالإسناد إلى مجاهد و طاوس و عكرمة و أضرابهم،و أنّ فهم الآيات يتوقف على ذلك.قال:و ليس كذلك.

و قال الزّركشي بعد حكاية ذلك (2):الحقّ أنّ علم التفسير:منه ما يتوقّف على النقل:كسبب النّزول،و النسخ،و تعيين المبهم،و تبيين المجمل.و منه ما لا يتوقّف، و يكفي في تحصيله الثقة على الوجه المعتبر.قال:و كأنّ السّبب في اصطلاح كثير على التفرقة بين التفسير و التأويل،و التمييز بين المنقول و المستنبط؛ليحمل على الاعتماد في المنقول،و على النظر في المستنبط.

قال (3):و اعلم أنّ القرآن قسمان:قسم ورد تفسيره بالنّقل،و قسم لم يرد.

و الأول:إمّا أن يرد عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،أو الصحابة،أو رءوس التّابعين:فالأول يبحث فيه عن صحة السند،و الثاني ينظر في تفسير الصحابي:فإن فسّره من حيث اللغة:فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم.أو بما شاهده من الأسباب و القرائن:فلا شك فيه.

و حينئذ إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة:فإن أمكن الجمع فذاك،و إن تعذّر قدّم ابن عباس؛لأنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بشّره بذلك،حيث قال:«اللّهمّ علّمه التأويل» (4).

و قد رجّح الشافعي قول زيد في الفرائض،لحديث«أفرضكم زيد» (5).و أما ما ورد عن التابعين:فحيث جاز الاعتماد فيما سبق فكذلك هنا،و إلاّ وجب الاجتهاد.ح.

ص: 455


1- -هذا مشى جميع سلفنا الصالح.
2- في البرهان 171/2-172.
3- البرهان 172/2.
4- سبق تخريجه.
5- رواه الترمذي(3790)،و النسائي في فضائل الصحابة(138-182)،و ابن ماجة(155)،و أحمد 3/ 184 و 281/3،و الطيالسي(2096)،و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 226،و أبو نعيم في الحلية 3/ 122،و الحاكم 422/3،و ابن حبان(7131-7137-7252)،و الطحاوي في المشكل 350/1- 351.و البيهقي 210/6.و سنده صحيح.

و أمّا ما لم يرد فيه نقل:فهو قليل،و طريق التّوصل إلى فهمه النظر إلى مفردات الألفاظ من لغة العرب و مدلولاتها و استعمالها بحسب السّياق،و هذا يعتني به الراغب كثيرا في كتاب«المفردات»فيذكر قيدا زائدا على أهل اللغة في تفسير مدلول اللفظ،لأنه اقتضاه السياق.انتهى.

قتل:و قد جمعت كتابا مسندا فيه تفاسير النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و الصحابة،فيه بضعة عشر ألف حديث ما بين مرفوع و موقوف؛و قد تمّ و للّه الحمد في أربع مجلدات و سمّيته:«ترجمان القرآن» (1).و رأيت و أنا في أثناء تصنيفه النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،في المنام،في قصّة طويلة تحتوي على بشارة حسنة.

تنبيه

من المهمّ معرفة التفاسير الواردة عن الصّحابة بحسب قراءة مخصوصة؛

و ذلك أنه قد يرد عنهم تفسيران في الآية الواحدة مختلفان،فيظنّ اختلافا و ليس باختلاف؛و إنما كلّ تفسير على قراءة.و قد تعرّض السّلف لذلك.

فأخرج ابن جرير في قوله تعالى: لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا [الحجر:15]من طرق عن ابن عباس و غيره:أنّ سُكِّرَتْ بمعنى(سدّت)و من طرق أنها بمعنى (أخذت) (2).

ثم أخرج عن قتادة (3)قال:من قرأ سُكِّرَتْ مشدّدة،فإنّما يعني(سدّت).و من قرأ سُكِّرَتْ مخففة،فإنه يعني(سحرت).

و هذا الجمع من قتادة نفيس بديع.

و مثله قوله تعالى: سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ [إبراهيم:50]:أخرج ابن جرير،عن الحسن:أنه الذي تهنأ به الإبل (4).

ص: 456


1- انظر دليل مخطوطات السيوطي ص 32.
2- انظر تفسير الطبري 497/7-498،و قال 497/7:«و اختلف القرّاء في قراءة قوله: سُكِّرَتْ :فقرأ أهل المدينة و العراق: سُكِّرَتْ بتشديد الكاف،بمعنى:غشيت و غطيت،هكذا كان يقول أبو عمرو بن العلاء فيما ذكر لي عنه،و ذكر عن مجاهد أنه كان يقرأ:لقالوا إنما سكرت.
3- تفسير الطبري،رقم(21058)498/7 و سنده حسن.و انظر حجة القراءات لأبي زرعة ص 382، و الكشف عن وجوه القراءات 30/2.
4- رواه ابن جرير في تفسيره 485/7 و لفظه:يعني الخضخاض هناء الإبل.و في لفظ آخر:قطران الإبل. و سنده حسن:و اللفظ الآخر صحيح.

و أخرج من طرق عنه و عن غيره (1):أنه النّحاس المذاب،و ليسا بقولين و إنما الثاني تفسير لقراءة من قطرآن بتنوين قطر و هو النحاس،و آن شديد الحرّ،كما أخرجه ابن أبي حاتم هكذا عن سعيد بن جبير (2).

و أمثلة هذا النوع كثيرة،و الكافل بيانها كتابنا«أسرار التنزيل» (3).و قد خرّجت على هذا قديما الاختلاف الوارد عن ابن عباس و غيره في تفسير آية أَوْ لامَسْتُمُ [النساء:

43].هل هو الجماع أو الجسّ باليد؟فالأول تفسير لقراءة: لمستم و الثاني لقراءة:

لامَسْتُمُ و لا اختلاف.

فائدة:قال الشافعيّ-رضي اللّه عنه-في مختصر البويطيّ:لا يحلّ تفسير المتشابه إلاّ بسنّة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،أو خبر عن أحد من أصحابه،أو إجماع العلماء،هذا نصّه.

فصل و أما كلام الصوفيّة في القرآن فليس بتفسير.

قال ابن الصلاح في فتاويه:وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحديّ المفسّر،أنّه قال:صنّف أبو عبد الرحمن السّلميّ (4)«حقائق التفسير»فإن كان قد اعتقد أنّ ذلك تفسير فقد كفر (5).

قال ابن الصلاح (6):و أنا أقول:الظنّ بمن يوثق به منهم-إذا قال شيئا من ذلك-أنّه

ص: 457


1- انظر تفسير الطبري 485/7-486.
2- قرأ ابن عباس،و أبو رزين،و أبو مجلز،و عكرمة،و قتادة،و ابن أبي عبلة،و أبو حاتم،عن يعقوب: (من قطر)بكسر القاف و سكون الطاء و التنوين(آن)بقطع الهمزة و فتحها و مدّها.انظر زاد المسير 4/ 377.
3- أسرار التنزيل،أو«قطف الأزهار في كشف الأسرار».مخطوط برلين 6/23.انظر دليل مخطوطات السيوطي ص 30.
4- هو أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى الأزدي السلمي.كان شيخ الصوفية و عالمهم بخراسان.انظر طبقات المفسرين للسيوطي ص 97-98،و تاريخ بغداد 248/2.و انظر منهج السلمي في تفسيره:في التفسير و المفسرون 385/2-389.
5- قال شيخ الإسلام في مقدمة أصول التفسير ص 82-83:«و أما الذين يخطئون في الدليل لا في المدلول،فمثل كثير من الصوفية و الوعّاظ و الفقهاء،و غيرهم،يفسّرون القرآن بمعاني صحيحة،لكن القرآن لا يدلّ عليها،مثل كثير مما ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في«حقائق التفسير»،و إن كان فيما ذكروه ما هو معان باطلة،فإن ذلك يدخل في القسم الأول،و هو الخطأ في الدليل و المدلول جميعا، حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسدا.ا ه.
6- نقله في البرهان 170/2-171.

لم يذكره تفسيرا،و لا ذهب به مذهب الشرح للكلمة،فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنيّة،و إنما ذلك منهم لنظير ما ورد به القرآن؛فإنّ النظير يذكر بالنظير؛و مع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك،لما فيه من الإيهام و الإلباس.

و قال النسفيّ في عقائده:النّصوص على ظاهرها،و العدول عنها إلى معان يدّعيها أهل الباطن إلحاد.

قال التفتازاني في شرحه:سمّيت الملاحدة باطنيّة لادّعائهم أنّ النصوص ليست على ظاهرها،بل لها معان باطنيّة لا يعرفها إلا المعلم،و قصدهم بذلك نفي الشريعة بالكليّة.

قال:و أمّا ما يذهب إليه بعض المحقّقين من أنّ النّصوص على ظواهرها،و مع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق،تنكشف على أرباب السلوك،يمكن التطبيق بينها و بين الظواهر المرادة،فهو من كمال الإيمان،و محض العرفان (1).

و سئل شيخ الإسلام سراج الدين البلقينيّ عن رجل قال في قوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ [البقرة:255]:إنّ معناه:من ذلّ:أي من الذلّ.ذي:إشارة إلى النفس،يشف:من الشفا جواب(من).ع:أمر من الوعي،فأفتى بأنه ملحد.و قد قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا [فصلت:40].قال ابن عباس:هو أن يوضع الكلام على غير موضعه،أخرجه ابن أبي حاتم (2).

فإن قلت:فقد قال الفريابيّ:حدّثنا سفيان،عن يونس بن عبيد،عن الحسن قال:1.

ص: 458


1- قال الحافظ ابن قيم الجوزية في التبيان في أقسام القرآن ص 90:«و تفسير الناس يدور على ثلاثة أصول: 1-تفسير على اللفظ:و هو الذي ينحو إليه المتأخرون. 2-و تفسير على المعنى:و هو الذي يذكره السلف. 3-و تفسير على الإشارة و القياس:و هو الذي ينحو إليه كثير من الصوفية و غيرهم،و هذا لا بأس به بأربعة شرائط: الأول:أن لا يناقض معنى الآية. الثاني:و أن يكون معنى صحيحا في نفسه. الثالث:و أن يكون في اللفظ إشعار به. الرابع:و أن يكون بينه و بين معنى الآية ارتباط و تلازم. فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطا حسنا.»ا ه.
2- رواه الطبري في تفسيره 115/11.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«لكلّ آية ظهر و بطن،و لكلّ حرف حدّ،و لكل حدّ مطلع» (1).

و أخرج الدّيلميّ من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعا:«القرآن تحت العرش،له ظهر و بطن يحاجّ العباد» (2).

و أخرج الطبرانيّ و أبو يعلى و البزّار و غيرهم،عن ابن مسعود موقوفا:«إن هذا القرآن ليس منه حرف إلاّ له حدّ،و لكل حدّ مطلع» (3).

قلت:أمّا الظهر و البطن في معناه أوجه (4):

أحدها:أنّك إذا بحثت عن باطنها و قسته على ظاهرها،وقفت على معناها.

و الثاني:أنّ ما من آية إلاّ عمل بها قوم؛و لها قوم سيعملون بها،كما قال ابن مسعود،فيما أخرجه ابن أبي حاتم.

الثالث:أن ظاهرها لفظها،و باطنها تأويلها.

الرابع:-قال أبو عبيد (5):و هو أشبهها بالصواب-إن القصص التي قصّها اللّه تعالى عن الأمم الماضية و ما عاقبهم به:ظاهرها الإخبار بهلاك الأوّلين،إنما هو حديث حدّث به عن قوم،و باطنها وعظ الآخرين،و تحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم،فيحلّ بهم مثل ما حل بهم.

و حكى ابن النقيب قولا خامسا:إنّ ظهرها ما ظهر من معانيها لأهل العلم بالظّاهر، و بطنها ما تضمنته من الأسرار التي أطلع اللّه عليها أرباب الحقائق.

و معنى قوله:«و لكلّ حرف حدّ»:أي:منتهى،فيما أراد اللّه من معناه.و قيل:لكلّ حكم مقدار من الثواب و العقاب.3.

ص: 459


1- هو حديث مرسل صحيح الإسناد إلى الحسن.و رواه القاسم بن سلام في فضائل القرآن ص 42-43، و الطبراني،كما في مجمع الزوائد 152/7.
2- رواه الديلمي في الفردوس،حديث رقم(4708)280/3. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه:كثير بن عبد اللّه،ضعيف،و منهم من نسبه إلى الكذب.قال أبو داود: كذاب.انظر الكاشف 5/3،و التقريب 132/2.
3- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(8667-8668)146/9.و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 43.و سنده صحيح،و هو موقوف على ابن مسعود-رضي اللّه تعالى عنه-. و انظر مجمع الزوائد 153/7.و روى عنه مرفوعا عند ابن حبان(75)،و الطبري في تفسيره 35/1- 36،و الطبراني(10090)،و البزار(2312)،و أبو يعلى(5149-5403).
4- انظر شرح السنة 263/1،و فضائل القرآن ص 42-43،و تفسير الطبري 55/1،و البرهان 169/2.
5- غريب الحديث 12/2-13.

و معنى قوله:«و لكلّ حدّ مطلع»:لكل غامض من المعاني و الأحكام مطلع يتوصّل به إلى معرفته،و يوقف على المراد به.

و قيل:كلّ ما يستحقّه من الثواب و العقاب يطلع عليه في الآخرة عند المجازاة (1).

و قال بعضهم:الظاهر:التّلاوة،و الباطن:الفهم،و الحد:أحكام الحلال الحرام، و المطلع:الإشراف على الوعد و الوعيد.

قلت:يؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي حاتم،من طريق الضّحاك،عن ابن عباس قال:

إن القرآن ذو شجون و فنون،و ظهور و بطون،لا تنقضي عجائبه،و لا تبلغ غايته،فمن أوغل فيه برفق نجا،و من أوغل فيه بعنف هوى.أخبار و أمثال،و حلال و حرام،و ناسخ و منسوخ،و محكم و متشابه،و ظهر و بطن،فظهره التلاوة،و بطنه التأويل،فجالسوا به العلماء و جانبوا به السفهاء.

و قال ابن سبع في«شفاء الصدور» (2):ورد عن أبي الدرداء أنه قال:لا يفقه الرّجل كلّ الفقه حتى يجعل للقرآن وجوها (3).

و قال ابن مسعود:من أراد علم الأوّلين و الآخرين فليثور القرآن (4).

قال:و هذا الذي قالاه لا يحصل بمجرّد تفسير الظاهر.

و قال بعض العلماء (5):لكل آية ستون ألف فهم؛فهذا يدلّ على أنّ في فهم معاني القرآن مجالا رحبا،و متّسعا بالغا،و أنّ المنقول من ظاهر التفسير،و ليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل،و السّماع لا بدّ منه في ظاهر التفسير ليتّقي به مواضع الغلط،ثم بعد ذلك يتسع الفهم و الاستنباط،و لا يجوز التهاون في حفظ التفسير الظاهر بل لا بدّ منه أوّلا؛إذ لا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر،و من ادّعى فهم أسرار القرآن،و لم يحكم التفسير الظاهر،فهو كمن ادّعى البلوغ إلى صدر البيت،قبل أن يجاوز الباب.

انتهى.2.

ص: 460


1- انظر تفسير الطبري 55/1،و البرهان 169/2.
2- هو أبو الربيع سليمان بن سبع السبتي.انظر البرهان 154/2.
3- رواه أحمد في الزهد،حديث رقم(712)ص 196.و سنده صحيح،إن كان أبو قلابة سمع من أبي الدرداء.و انظر البرهان 208/2.
4- رواه أحمد في الزهد،حديث رقم(854)ص 229.و السمرقندي في تفسيره بحر العلوم 71/1. و البيهقي في المدخل-كما في البرهان 8/1.و سنده صحيح.
5- نقله في البرهان 154/2.

و قال الشيخ تاج الدين بن عطاء اللّه في كتابه«لطائف المنن»:اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام اللّه و كلام رسوله بالمعاني العربيّة ليس إحالة للظاهر عن ظاهره؛و لكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جلبت الآية له و دلّت عليه في عرف اللسان،و ثمّ أفهام باطنة تفهم عند الآية و الحديث لمن فتح اللّه قلبه و قد جاء في الحديث:«لكل آية ظهر و بطن» (1).فلا يصدّنك عن تلقّي هذه المعاني منهم أن يقول لك ذو جدل و معارضة:هذا إحالة لكلام اللّه و كلام رسوله،فليس ذلك بإحالة،و إنما يكون إحالة لو قالوا:لا معنى للآية إلاّ هذا، و هم لم يقولوا ذلك،بل يقرءون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها،و يفهمون عن اللّه تعالى ما أفهمهم.

فصل (2)

قال العلماء:يجب على المفسّر أن يتحرّى في التفسير مطابقة المفسّر،

و أن يتحرّز في ذلك من نقص عمّا يحتاج إليه في إيضاح المعنى،أو زيادة لا تليق بالغرض،و من كون المفسّر فيه زيغ عن المعنى،و عدول عن طريقه.

و عليه بمراعاة المعنى الحقيقيّ و المجازيّ و مراعاة التأليف،و الغرض الذي سيق له الكلام،و أن يواخي بين المفردات.

و يجب عليه البداءة بالعلوم اللفظيّة (2)،و أوّل ما يجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة،فيتكلّم عليها من جهة اللّغة،ثم التصريف،ثم الاشتقاق،ثم يتكلّم عليها بحسب التركيب:فيبدأ بالإعراب،ثم بما يتعلق بالمعاني،ثم البيان،ثم البديع،ثم يبيّن المعنى المراد،ثم الاستنباط،ثم الإشارات.

و قال الزركشيّ في أوائل البرهان (3):قد جرت عادة المفسرين أن يبدءوا بذكر سبب النزول،و وقع البحث في أنه:أيّما أولى البداءة به:بتقدّم السبب على المسبب،أو بالمناسبة؛لأنها المصحّحة لنظم الكلام،و هي سابقة على النزول.

قال:و التحقيق التّفصيل بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول،كآية:

إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها [النساء:58].فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر

ص: 461


1- سبق تخريجه.
2- انظر البرهان 173/2.
3- البرهان 34/1.

السبب،لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد.و إن لم يتوقّف على ذلك فالأولى تقديم المناسبة.

و قال في موضع آخر (1):جرت عادة المفسرين،ممن ذكر فضائل القرآن،أن يذكرها في أوّل كلّ سورة،لما فيها من الترغيب و الحثّ على حفظها،إلاّ الزمخشريّ فإنه يذكرها في أواخرها.

قال مجد الأئمة عبد الرحيم بن عمر الكرمانيّ:سألت الزمخشري عن العلة في ذلك فقال:لأنّها صفات لها،و الصفة تستدعي تقديم الموصوف.

و كثيرا ما يقع في كتب التفسير(حكى اللّه كذا).فينبغي تجنّبه (2).

قال الإمام أبو نصر القشيريّ في«المرشد» (3):قال معظم أئمتنا:لا يقال:(كلام اللّه يحكى)و لا يقال:(حكى اللّه)؛لأنّ الحكاية الإتيان بمثل الشيء،و ليس لكلامه مثل.

و تساهل قوم فأطلقوا لفظ الحكاية بمعنى الإخبار،و كثيرا ما يقع في كلامهم إطلاق(الزائد) على بعض الحروف،و قد مرّ في نوع الإعراب.

و على المفسر أن يتجنّب إدّعاء التكرار ما أمكنه،قال بعضهم:ممّا يدفع توهم التكرار في عطف المترادفين نحو: لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ(28) [المدثر:28]. صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ [البقرة:157].و أشباه ذلك:أن يعتقد أن مجموع المرادفين يحصل معنى لا يوجد عند انفراد أحدهما،فإنّ التركيب يحدث معنى زائدا،و إذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى،فكذلك كثرة الألفاظ.انتهى.

و قال الزركشي في البرهان (4):ليكن محطّ نظر المفسر مراعاة نظم الكلام الذي سيق له،و إن خالف أصل الوضع اللغويّ،لثبوت التجوّز.

و قال في موضع آخر:على المفسّر مراعاة مجازي الاستعمالات في الألفاظ التي يظن بها الترادف،و القطع بعدم الترادف ما أمكن،فإنّ للتركيب معنى غير معنى الإفراد؛ و لهذا منع كثير من الأصوليّين وقوع أحد المترادفين موقع الآخر في التركيب،و إن اتفقوا على جوازه في الإفراد.انتهى.2.

ص: 462


1- البرهان 432/1.
2- انظر البرهان 177/2-178.
3- نقله في البرهان 177/2.
4- انظر البرهان 2/2.

و قال أبو حيّان (1):كثيرا ما يشحن المفسرون تفاسيرهم عند ذكر الإعراب بعلل النحو،و دلائل مسائل أصول الفقه،و دلائل مسائل الفقه،و دلائل أصول الدين،و كلّ ذلك مقرّر في تآليف هذه العلوم،و إنما يؤخذ ذلك مسلّما في علم التفسير دون استدلال عليه.

و كذلك أيضا:ذكروا ما لا يصحّ من أسباب نزول،و أحاديث في الفضائل،و حكايات لا تناسب،و تواريخ إسرائيلية،و لا ينبغي ذكر هذا في علم التفسير.

فائدة:قول ابن أبي جمرة:عن عليّ-رضي اللّه عنه-،أنه قال:لو شئت أن أوقر (2)سبعين بعيرا من تفسير أمّ القرآن لفعلت.و بيان ذلك،أنه:

إذا قال: وَ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ يحتاج تبيين معنى الحمد،و ما يتعلّق به الاسم الجليل الذي هو اللّه،و ما يليق به من التنزيه،ثم يحتاج إلى بيان العالم و كيفيّته على جميع أنواعه و أعداده و هي ألف عالم،أربعمائة في البرّ و ستمائة في البحر،فيحتاج إلى بيان ذلك كله.

فإذا قال: اَلرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يحتاج إلى بيان الاسمين الجليلين و ما يليق بهما من الجلال،و ما معناهما،ثم يحتاج إلى بيان جميع الأسماء و الصفات،ثم يحتاج إلى بيان الحكمة في اختصاص هذا الموضع بهذين الاسمين دون غيرهما.

فإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4) يحتاج إلى بيان ذلك اليوم و ما فيه من المواطن و الأهوال،و كيفية مستقرّه.

فإذا قال: إِيّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّاكَ نَسْتَعِينُ(5) يحتاج إلى بيان المعبود من جلالته، و العبادة و كيفيّتها و صفتها و أدائها على جميع أنواعها،و العابد في صفته،و الاستعانة و أدائها و كيفيتها.

فإذا قال: اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ(6) إلى آخر السّورة،يحتاج إلى بيان الهداية ما هي،و الصراط المستقيم و أضداده،و تبيين المغضوب عليهم و الضّالين و صفاتهم،و ما يتعلق بهذا النوع،و تبيين المرضيّ عنهم و صفاتهم و طريقتهم،فعلى هذه الوجوه يكون ما قاله عليّ من هذا القبيل (3).ه.

ص: 463


1- البحر المحيط 5/1.
2- أوقر:أي:أحمل.
3- لي تفسير لطيف لسورة الفاتحة جمعته من بطون التفاسير،و كتب أهل العلم.يسر الله طبعه.

النوع التاسع و السبعون

في غرائب التفسير

ألف فيه محمود بن حمزة الكرمانيّ كتابا في مجلدين،سماه«العجائب و الغرائب» ضمّنه أقوالا-ذكرت في معاني الآيات-منكرة،لا يحلّ الاعتماد عليها و لا ذكرها إلاّ للتحذير منها.

من ذلك قول من قال في: حم(1) عسق(2) :إنّ الحاء حرّب عليّ و معاوية، و الميم ولاية المروانية،و العين ولاية العبّاسية،و السين ولاية السّفيانية،و القاف قدوة مهدي.حكاه أبو مسلم،ثم قال:أردت بذلك أن يعلم أنّ فيمن يدّعي العلم حمقى.

و من ذلك قول من قال في: وَ الْمَلائِكَةِ معنى(ألف)ألف اللّه محمدا فبعثه نبيا، و معنى(لام)لامه الجاحدون و أنكروه،و معنى(ميم)ميم الجاحدون المنكرون،من الموم و هو البرسام.

و من ذلك قول من قال في: وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ [البقرة:

179]:إنّه قصص القرآن،و استدلّ بقراءة أبي الجوزاء:(و لكم في القصص) (1)و هو بعيد، بل هذه القراءة أفادت معنى غير معنى القراءة المشهورة،و ذلك من وجوه إعجاز القرآن، كما بيّنته في«أسرار التنزيل».

و من ذلك ما ذكره ابن فورك في تفسيره في قوله: وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة:

260]:إنّ إبراهيم كان له صديق،وصفه بأنه(قلبه)،أي:ليسكن هذا الصديق إلى هذه المشاهدة إذا رآها عيانا.

قال الكرمانيّ:و هذا بعيد جدا.

و من ذلك قول من قال في: رَبَّنا وَ لا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ [البقرة:286].إنه الحب و العشق،و قد حكاه الكواشيّ في تفسيره.

ص: 464


1- انظر المحرر الوجيز 247/1،و الدر المصون 257/2.و هي قراءة شاذة.

و من ذلك قول من قال: وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ(3) [العلق:3]:إنه الذّكر إذا انتصب.

و من ذلك قول أبي معاذ النحوي في قوله تعالى: اَلَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ :يعني إبراهيم ناراً أي:نورا،و هو محمد صلّى اللّه عليه و سلّم فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ [يس:80]:تقتبسون الدين.

ص: 465

النوع الثمانون

اشارة

في طبقات المفسّرين (1)

اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة:

الخلفاء الأربعة،و ابن مسعود،و ابن عباس،و أبيّ بن كعب،و زيد بن ثابت،و أبو موسى الأشعري،و عبد اللّه بن الزبير.

أما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم عليّ بن أبي طالب.و الرواية عن الثلاثة نزرة جدا،و كأنّ السبب في ذلك تقدّم وفاتهم،كما أنّ ذلك هو السبب في قلّة رواية أبي بكر -رضي اللّه عنه-للحديث،و لا أحفظ عن أبي بكر-رضي اللّه عنه-في التفسير إلاّ آثارا قليلة جدا،لا تكاد تجاوز العشرة.

و أما عليّ:فروي عنه الكثير،و قد روى معمر،عن وهب بن عبد اللّه،عن أبي الطّفيل،قال:شهدت عليا يخطب،و هو يقول:سلوني،فو اللّه لا تسألونني عن شيء إلاّ أخبرتكم،و سلوني عن كتاب اللّه،فو اللّه ما من آية إلاّ و أنا أعلم:أ بليل نزلت أم بنهار،أم في سهل أم في جبل.

و أخرج أبو نعيم في الحلية،عن ابن مسعود،قال:إنّ القرآن أنزل على سبعة أحرف،ما منها حرف إلاّ و له ظهر و بطن،و إنّ علي بن أبي طالب عنده منه الظاهر و الباطن (2).

و أخرج-أيضا-من طريق أبي بكر بن عيّاش،عن نصير بن سليمان الأحمسيّ،عن أبيه،عن عليّ،قال:و اللّه ما نزلت آية إلاّ و قد علمت فيم أنزلت،و أين أنزلت،إنّ ربي وهب لي قلبا عقولا،و لسانا سئولا.

و أما ابن مسعود:فروي عنه أكثر مما روي عن عليّ،و قد أخرج ابن جرير،و غيره،

ص: 466


1- انظر هذا المبحث في«التفسير و المفسرون»للذهبي.
2- رواه في الحلية 65/1. (3)رواه أبو نعيم في الحلية 67/1-68.

عنه أنه قال:و الذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب اللّه إلاّ و أنا أعلم فيمن نزلت،و أين نزلت؟و لو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب اللّه مني تناله المطايا لأتيته (1).

و أخرج أبو نعيم،عن أبي البختري،قال:قالوا لعليّ:أخبرنا عن ابن مسعود،قال:

علم القرآن و السنة،ثم انتهى،و كفى بذلك علما.

و أما ابن عباس:فهو ترجمان القرآن الذي دعا له النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«اللّهمّ فقّهه في الدين و علّمه التأويل» (2):و قال له أيضا:«اللّهمّ آته الحكمة»و في رواية:«اللّهمّ علّمه الحكمة» (3).

و أخرج أبو نعيم في«الحلية»عن ابن عمر،قال:دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لعبد اللّه بن عباس،فقال:«اللّهمّ بارك فيه و انشر منه» (4).

و أخرج من طريق عبد المؤمن بن خالد،عن عبد اللّه بن بريدة،عن ابن عباس قال:

انتهيت إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و عنده جبريل،فقال له جبريل:إنه كائن حبر هذه الأمة،فاستوص به خيرا (5).

و أخرج من طريق عبد اللّه بن خراش،عن العوّام بن حوشب؛عن مجاهد قال:قال ابن عباس:قال لي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«نعم ترجمان القرآن أنت» (6).

و أخرج البيهقي في«الدلائل»،عن ابن مسعود،قال:نعم ترجمان القرآن عبد اللّه بن عباس (7).

و أخرج أبو نعيم،عن مجاهد،قال:كان ابن عباس يسمّى:البحر،لكثرة علمه (8).

و أخرج عن ابن الحنفيّة،قال:كان ابن عباس حبر هذه الأمة (9).1.

ص: 467


1- رواه البخاري(5002)،و مسلم(3462-3463)،و النسائي في الكبرى(7997)،و في المجتبى 8/ 134،و الطبراني(8427-إلى-8432)،و الطبري في تفسيره 60/1.
2- سبق تخريجه.
3- سبق تخريجه.
4- رواه في الحلية 315/1.و سنده ضعيف،فيه: داود بن عطاء المدني:ضعيف.انظر التقريب 233/1،و التهذيب 193/3-194.
5- رواه في الحلية 316/1.
6- رواه في الحلية 316/1.و قد سبق تخريجه.
7- رواه البيهقي في الدلائل 193/6،و الطبري 65/1،و الحاكم في المستدرك 537/3.
8- رواه في الحلية 316/1.
9- رواه في الحلية 316/1.

و أخرج عن الحسن،قال:إنّ ابن عباس كان من القرآن بمنزل،كان عمر يقول:

ذاكم فتى الكهول؛إنّ له لسانا سئولا،و قلبا عقولا (1).

و أخرج من طريق عبد اللّه بن دينار،عن ابن عمر:أنّ رجلا أتاه يسأله عن:

اَلسَّماواتِ وَ الْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما [الأنبياء:30]فقال:اذهب إلى ابن عباس، فسلّه ثم تعالى أخبرني،فذهب فسأله،فقال:كانت السموات رتقا لا تمطر،و كانت الأرض رتقا لا تنبت،ففتق هذه بالمطر و هذه بالنبات.فرجع إلى ابن عمر فأخبره،فقال:

قد كنت أقول:ما يعجبني جراءة ابن عباس على تفسير القرآن؛فالآن قد علمت أنه أوتي علما (2).

و أخرج البخاريّ،من طريق سعيد بن جبير،عن ابن عباس قال:كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر،فكأنّ بعضهم وجد في نفسه،فقال:لم يدخل هذا معنا،و إنّ لنا أبناء مثله؟.

فقال عمر:إنه ممن علمتم،و دعاهم ذات يوم،فأدخله معهم-فما رئيت أنه دعاني فيهم يومئذ إلاّ ليريهم-فقال:ما تقولون في قول اللّه تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ(1) ؟.

فقال بعضهم:أمرنا أن نحمد اللّه و نستغفره إذا نصرنا و فتح علينا،و سكت بعضهم فلم يقل شيئا،فقال لي:أ كذلك تقول يا ابن عباس؟.

فقلت:لا.

فقال:ما تقول؟.

فقلت:هو أجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أعلمه به،قال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ(1) فذلك علامة أجلك فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً(3) .فقال عمر:لا أعلم منها إلاّ ما تقول (3).

و أخرج-أيضا-من طريق ابن أبي مليكة،عن ابن عباس،قال:قال عمر بنا.

ص: 468


1- رواه في الحلية 318/1.
2- رواه في الحلية 320/1.و في سنده:حمزة بن أبي محمد:ضعيف.انظر التقريب 200/1،و التهذيب 32/3.
3- رواه البخاري(3627-4294-4430-4969)،و(4970)734/8-735،و الترمذي(3362) 450/5،و أبو نعيم في الحلية 316/1-317.و البيهقي في الدلائل 446/5 و 134/7 مختصرا.

الخطاب يوما لأصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:فيمن ترون هذه الآية نزلت: أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنابٍ [البقرة:266]؟.

قالوا:اللّه أعلم،فغضب عمر،فقال:قولوا:نعلم أو لا نعلم،فقال ابن عباس:

في نفسي منها شيء،فقال:يا ابن أخي،قل و لا تحقر نفسك.

قال ابن عباس:ضربت مثلا لعمل،فال عمر:أيّ عمل؟.

قال ابن عباس:لرجل يعمل بطاعة اللّه،ثم بعث له الشيطان،فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله (1).

و أخرج أبو نعيم،عن محمد بن كعب القرظيّ،عن ابن عباس:أنّ عمر بن الخطاب جلس في رهط من المهاجرين من الصّحابة،فذكروا ليلة القدر،فتكلّم كلّ بما عنده،فقال عمر:ما لك يا ابن عباس صامت لا تتكلم؟تكلّم و لا تمنعك الحداثة.

قال ابن عباس:فقلت:يا أمير المؤمنين،إنّ اللّه وتر يحبّ الوتر،فجعل أيام الدنيا تدور على سبع،و خلق أرزاقنا من سبع،و خلق الإنسان من سبع،و خلق فوقنا سماوات سبعا،و خلق تحتنا أرضين سبعا،و أعطى من المثاني سبعا،و نهى في كتابه عن نكاح الأقربين عن سبع،و قسم الميراث في كتابه على سبع،و نقع في السجود من أجسادنا على سبع،و طاف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بالكعبة سبعا،و بين الصفا و المروة سبعا،و رمى الجمار بسبع؛ فأراها في السّبع الأواخر من شهر رمضان.فتعجّب عمر،و قال:ما وافقني فيها أحد إلاّ هذا الغلام الذي لم تستو شئون رأسه.ثم قال:يا هؤلاء،من يؤدّيني في هذا كأداء ابن عباس (2)!.

و قد ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يحصى كثرة،و فيه روايات و طرق مختلفة (3):

فمن جيدها طريق عليّ بن أبي طلحة الهاشميّ عنه:

قال أحمد بن حنبل:بمصر صحيفة في التفسير،رواها عليّ بن أبي طلحة،لو رحل4.

ص: 469


1- رواه البخاري حديث رقم(4538)201/8-202.
2- رواه في الحلية 317/1-318.و في سنده:محمد بن يونس الكديمي:ضعيف،انظر التقريب 2/ 222.
3- انظر العجاب لابن حجر(ق:3-4)،و الدر المنثور 699/8-702،و الإرشاد للخليلي 389/1- 395،و تفسير ابن كثير 3/1-4.

رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا.أسنده أبو جعفر النحاس في ناسخه.

قال ابن حجر (1):و هذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب اللّيث،رواها عن معاوية بن صالح،عن عليّ بن أبي طلحة،عن ابن عباس.و هي عند البخاري،عن أبي صالح،و قد اعتمد عليها في صحيحه كثيرا فيما يعلّقه عن ابن عباس.

و أخرج منها ابن جرير،و ابن أبي حاتم،و ابن المنذر،كثيرا بوسائط بينهم و بين أبي صالح.

و قال قوم:لم يسمع ابن أبي طلحة،من ابن عباس التفسير،و إنما أخذه عن مجاهد،أو سعيد بن جبير.

قال ابن حجر (2):بعد أن عرفت الواسطة،و هو ثقة،فلا ضير في ذلك.

و قال الخليليّ في«الإرشاد» (3):تفسير معاوية بن صالح قاضي الأندلس،عن عليّ بن أبي طلحة،عن ابن عباس:رواه الكبار عن أبي صالح كاتب الليث،عن معاوية.

و أجمع الحفّاظ على أنّ ابن أبي طلحة لم يسمعه من ابن عباس.

قال:و هذا التّفاسير الطوال الّتي أسندوها إلى ابن عباس غير مرضية،و رواتها مجاهيل؛كتفسير جويبر،عن الضحّاك،عن ابن عباس.

و عن ابن جريج في التفسير جماعة رووا عنه،و أطولها ما يرويه بكر بن سهل الدمياطيّ،عن عبد الغني بن سعيد،عن موسى بن محمد،عن ابن جريج؛و فيه نظر.

و روى محمد بن ثور؛عن ابن جريج،نحو ثلاثة أجزاء كبار،و ذلك صحّحوه.

و روى الحجاج بن محمد،عن ابن جريج،نحو جزء،و ذلك صحيح،متّفق عليه.

و تفسير شبل بن عبّاد المكيّ،عن ابن أبي نجيح،عن مجاهد،عن ابن عباس، قريب إلى الصحّة.

و تفسير عطاء بن دينار،يكتب و يحتج به.

و تفسير أبي روق نحو جزء صحّحوه.

و تفسير إسماعيل السديّ:يورده بأسانيد إلى ابن مسعود،و ابن عباس،و روى عن4.

ص: 470


1- العجاب(ق:3)،و راجع تهذيب التهذيب 339/7-341.
2- انظر تهذيب التهذيب 339/7-341.
3- الإرشاد 393/1-394.

السّديّ الأئمة،مثل الثوريّ،و شعبة؛لكن التفسير الذي جمعه رواه أسباط بن نصر، و أسباط لم يتفقوا عليه؛غير أنّ أمثل التفاسير تفسير السّديّ.

فأما ابن جريج،فإنه لم يقصد الصحة،و إنما روى ما ذكر في كلّ آية من الصحيح و السقيم.

و تفسير مقاتل بن سليمان:فمقاتل في نفسه ضعّفوه،و قد أدرك الكبار من التابعين، و الشّافعيّ أشار إلى أنّ تفسيره صالح.انتهى كلام الإرشاد.

و تفسير السّديّ الذي أشار إليه يورد منه ابن جرير كثيرا من طريق السّديّ،عن أبي مالك،و عن أبي صالح،عن ابن عباس،و عن مرّة عن ابن مسعود،و ناس من الصحابة هكذا،و لم يورد منه ابن أبي حاتم شيئا،لأنه التزم أن يخرّج أصحّ ما ورد.و الحاكم يخرج منه في مستدركه أشياء،و يصحّحه،لكن من طريق مرّة،عن ابن مسعود،و ناس فقط دون الطريق الأول.و قد قال ابن كثير (1):إنّ هذا الإسناد يروي به السّديّ أشياء فيها غرابة.

و من جيّد الطرق عن ابن عباس:طريق قيس،عن عطاء بن السائب،عن سعيد بن جبير،عنه.

و هذه الطريق صحيحة على شرط الشيخين،و كثيرا ما يخرّج منها الفريابيّ،و الحاكم في مستدركه.

و من ذلك طريق ابن إسحاق،عن محمد بن أبي محمد-مولى آل زيد بن ثابت-، عن عكرمة-أو سعيد بن جبير-،عنه،هكذا بالترديد.و هي طريق جيّدة،و إسنادها حسن،و قد أخرج منها ابن جرير،و ابن أبي حاتم كثيرا.و في معجم الطّبراني الكبير منها أشياء.

و أوهى طرقه:طريق الكلبيّ،عن أبي صالح،عن ابن عباس،فإن انضمّ إلى ذلك رواية محمد بن مروان السديّ الصغير فهي سلسلة الكذب.و كثيرا ما يخرج منها الثعلبيّ، و الواحديّ.

لكن قال ابن عدي في الكامل (2):للكلبيّ أحاديث صالحة،و خاصة عن أبي صالح،6.

ص: 471


1- تفسير ابن كثير 4/1.
2- الكامل 120/6.

و هو معروف بالتفسير،و ليس لأحد تفسير أطول منه و لا أشبع،و بعده مقاتل بن سليمان، إلاّ أنّ الكلبيّ يفضل عليه،لما في مقاتل من المذاهب الرديئة.

و طريق الضحّاك بن مزاحم،عن ابن عباس منقطعة؛فإنّ الضحاك لم يلقه،فإن انضمّ إلى ذلك رواية بشّر بن عمارة،عن أبي روق عنه فضعيفة،.لضعف بشر.

و قد أخرج من هذه النسخة كثيرا ابن جرير و ابن أبي حاتم.

و إن كان من رواية جويبر،عن الضحاك فأشدّ ضعفا؛لأنّ جويبرا شديد الضعف متروك.و لم يخرج ابن جرير و لا ابن أبي حاتم من هذا الطريق شيئا،إنما أخرجها ابن مردويه و الشيخ بن حيّان.

و طريق العوفيّ،عن ابن عباس:أخرج منها ابن جرير،و ابن أبي حاتم كثيرا، و العوفيّ:ضعيف ليس بواه،و ربما حسّن له الترمذيّ.

و رأيت عن فضائل الإمام الشافعي لأبي عبد اللّه محمد بن أحمد بن شاكر القطّان:أنه أخرج بسنده من طريق ابن عبد الحكم،قال:سمعت الشافعيّ يقول:لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلاّ شبيه بمائة حديث.

و أما أبيّ بن كعب:فعنه نسخة كبيرة يرويها أبو جعفر الرازيّ،عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية عنه.و هذا إسناد صحيح.و قد أخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم منها كثيرا، و كذا الحاكم في مستدركه،و أحمد في مسنده.

و قد ورد عن جماعة من الصحابة غير هؤلاء اليسير من التّفسير،كأنس و أبي هريرة، و ابن عمر،و جابر،و أبي موسى الأشعري.و ورد عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص،أشياء تتعلّق بالقصص،و أخبار الفتن،و الآخرة،و ما أشبهها،بأن يكون مما تحمّله عن أهل الكتاب،كالذي ورد عنه في قوله تعالى: فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ [البقرة:210].و كتابنا الذي أشرنا إليه جامع لجميع ما ورد عن الصحابة من ذلك.

طبقة التّابعين:قال ابن تيميّة (1):أعلم النّاس بالتفسير أهل مكّة؛لأنهم أصحاب ابن عباس،كمجاهد،و عطاء بن أبي رباح،و عكرمة مولى ابن عباس،و سعيد بن جبير، و طاوس،و غيرهم.

و كذلك في الكوفة أصحاب ابن مسعود.8.

ص: 472


1- مقدمة في أصول التفسير ص 78.

و علماء أهل المدينة في التفسير مثل زيد بن أسلم،الذي أخذ عنه ابنه عبد الرحمن بن زيد و مالك بن أنس.انتهى.

فمن المبرّزين منهم مجاهد،قال الفضل بن ميمون:سمعت مجاهدا يقول:عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة (1).

و عنه-أيضا-قال:عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات،أقف عند كلّ آية منه،و أسأله عنها:فيم نزلت؟و كيف كانت (2)؟.

و قال خصيف:كان أعلمهم بالتفسير مجاهد (3).

و قال الثوري:إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به (4).

قال ابن تيميّة (5):و لهذا يعتمد على تفسيره الشافعيّ،و البخاري،و غيرهما من أهل العلم.

قلت:و غالب ما أورده الفريابيّ في تفسيره عنه،و ما أورده فيه عن ابن عباس أو غيره قليل جدا.

و منهم سعيد بن جبير،قال سفيان الثوري:خذوا التفسير عن أربعة:عن سعيد بن جبير،و مجاهد،و عكرمة،و الضحاك (6).

و قال قتادة:كان أعلم التابعين أربعة؛كان عطاء بن أبي رباح أعلمهم بالمناسك، و كان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير،و كان عكرمة أعلمهم بالسّير،و كان الحسن أعلمهم بالحلال و الحرام (7).5.

ص: 473


1- رواه في الحلية 280/3 بلفظ المصنف.و رواه الطبري في تفسيره 65/1،و أبو نعيم في الحلية 279/3 -280.و في سنده محمد بن إسحاق،و قد عنعنه عندهما.و له طريق أخرى يرتقي بها: فقد رواه القاسم بن سلام في فضائل القرآن ص 216،و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم (30287)154/6.و أحمد في الفضائل(1866).و في سنده ابن أبي نجيح،أكثر عن مجاهد،و كان يدلس عنه.انظر طبقات المدلسين ص 90.
2- انظر التعليق السابق.
3- انظر سير أعلام النبلاء 451/4.
4- رواه الطبراني في تفسيره 65/1.
5- مقدمة في أصول التفسير ص 23.
6- رواه الطبري في تفسيره 65/1،و أبو نعيم في الحلية 328/3-329.
7- رواه في الحلية 326/3،و انظر سير اعلام النبلاء 13/5.

و منهم عكرمة مولى ابن عباس،قال الشعبيّ:ما بقي أحد أعلم بكتاب اللّه من عكرمة (1).

و قال سماك بن حرب:سمعت عكرمة يقول:لقد فسّرت ما بين اللوحين (2).

و قال عكرمة:كان ابن عباس يجعل في رجلي الكبل،و يعلمني القرآن و السّنن (3).

و أخرج ابن أبي حاتم،عن سماك،قال:قال عكرمة:كلّ شيء أحدثكم في القرآن، فهو عن ابن عباس (4).

و منهم الحسن البصري،و عطاء بن أبي رباح،و عطاء بن أبي سلمة الخراساني، و محمد بن كعب القرظيّ،و أبو العالية،و الضحاك بن مزاحم،و عطية العوفيّ،و قتادة، و زيد بن أسلم،و مرّة الهمدانيّ،و أبو مالك.

و يليهم الرّبيع بن أنس،و عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في آخرين.

فهؤلاء قدماء المفسّرين،و غالب أقوالهم تلقّوها عن الصحابة.

ثم بعد هذه الطبقة ألّفت تفاسير تجمع أقوال الصحابة و التابعين،كتفسير سفيان بن عيينة،و وكيع بن الجراح،و شعبة بن الحجاج،و يزيد بن هارون،و عبد الرزاق،و آدم بن أبي إياس،و إسحاق بن راهويه،و روح بن عبادة،و عبد بن حميد،و سنيد،و أبي بكر بن أبي شيبة،و آخرين.

و بعدهم ابن جرير الطبري،و كتابه أجلّ التفاسير و أعظمها.

ثم ابن أبي حاتم،و ابن ماجة،و الحاكم،و ابن مردويه،و أبو الشيخ بن حيّان،و ابن المنذر في آخرين،و كلها مسندة إلى الصحابة و التابعين و أتباعهم،و ليس فيها غير ذلك إلاّ ابن جرير،فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال و ترجيح بعضها على بعض،و الإعراب و الاستنباط، فهو يفوقها بذلك.

ثم ألّف في التفسير خلائق،فاختصروا الأسانيد،و نقلوا الأقوال بترا،فدخل من هنا الدخيل،و التبس الصحيح بالعليل.ثم صار كلّ من يسنح له قول يورده،و من يخطر بباله3.

ص: 474


1- رواه في الحلية 326/3.
2- رواه في الحلية 327/3.
3- رواه في الحلية 326/3.
4- رواه في الحلية 328/3.

شيء يعتمده،ثم ينقل ذلك عنه من يجيء بعده،ظانّا أنّ له أصلا؛غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح،و من يرجع إليهم في التفسير؛حتى رأيت من حكى في تفسير قوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لاَ الضّالِّينَ نحو عشرة أقوال.و تفسيرها باليهود و النصارى هو الوارد عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم و جميع الصحابة و التابعين،و أتباعهم؛حتى قال ابن أبي حاتم (1):لا أعلم في ذلك اختلافا بين المفسرين.

ثم صنّف بعد ذلك قوم برعوا في علوم،فكان كلّ منهم يقتصر في تفسيره على الفنّ الذي يغلب عليه:

فالنحويّ:تراه ليس له همّ إلاّ الإعراب،و تكثير الأوجه المحتملة فيه،و نقل قواعد النحو و مسائله و فروعه و خلافيّاته،كالزّجّاج،و الواحدي في«البسيط»،و أبي حيّان في «البحر»،و«النهر».

و الأخباري:ليس له شغل إلاّ القصص و استيفاؤها،و الإخبار عمّن سلف،سواء كانت صحيحة أو باطلة،كالثعلبيّ.

و الفقيه:يكاد يسرد فيه الفقه من باب الطهارة إلى أمّهات الأولاد و ربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلق بها بالآية،و الجواب عن أدلة المخالفين،كالقرطبي.

و صاحب العلوم العقلية-خصوصا الإمام فخر الدين-قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء و الفلاسفة و شبهها،و خرج من شيء إلى شيء؛حتى يقضي الناظر العجب من عدم مطابقة المورد للآية.

قال أبو حيان في«البحر»:جمع الإمام الرازيّ في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير؛و لذلك قال بعض العلماء:فيه كلّ شيء إلاّ التفسير.

و المبتدع:ليس له قصد إلاّ تحريف الآيات و تسويتها على مذهبه الفاسد؛بحيث إنه متى لاح له شاردة من بعيد اقتنصها،أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه.قال البلقينيّ:استخرجت من الكشاف اعتزالا بالمناقيش،من قوله تعالى في تفسير: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ [آل عمران:185]:و أيّ فوز أعظم من دخول الجنة!أشار به إلى عدم الرؤية (2).ي.

ص: 475


1- في تفسيره 23/1.
2- انظر رسالتي«رؤية اللّه في الآخرة»و هي موجودة ضمن سلسلة عقائد أئمة السلف-صدر عن دار الكتاب العربي.

و الملحد:فلا تسأل عن كفره و إلحاده في آيات اللّه،و افترائه على اللّه ما لم يقله، كقوله بعضهم في: إِنْ هِيَ إِلاّ فِتْنَتُكَ [الأعراف:155]:ما على العباد أضرّ من ربّهم.

و كقوله في سحرة موسى ما قال،و قول الرافضة في: يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً [البقرة:

67].ما قالوا.و على هذا و أمثاله يحمل ما أخرجه أبو يعلى و غيره عن حذيفة:أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إنّ في أمّتي قوما يقرءون القرآن و ينثرونه نثر الدّقل،يتأوّلونه على غير تأويله» (1).

فإن قلت:فأيّ التفاسير ترشد إليه؛و تأمر الناظر أن يعول عليه؟.

قلت:تفسير الإمام أبي جعفر بن جرير الطبريّ،الذي أجمع العلماء المعتبرون على أنه لم يؤلّف في التفسير مثله.

قال النوويّ في تهذيبه:كتاب ابن جرير في التفسير لم يصنّف أحد مثله.

و قد شرعت في تفسير جامع لجميع ما يحتاج إليه:من التفاسير المنقولة،و الأقوال المقولة،و الاستنباطات و الإشارات،و الأعاريب و اللغات،و نكت البلاغة و محاسن البدائع، و غير ذلك،بحيث لا يحتاج معه إلى غيره أصلا،و سميته«بمجمع البحرين و مطلع البدرين»،و هو الذي جعلت هذا الكتاب مقدمة له،و اللّه أسأل أن يعين على إكماله، بمحمد و آله.

و إذ قد انتهى بنا القول فيما أردناه من هذا الكتاب؛فلنختمه بما ورد عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم من التفاسير المصرّح برفعها إليه،غير ما ورد من أسباب النزول،لتستفاد فإنّها من المهمات.8.

ص: 476


1- عزاه في المطالب العالية 300/3 لأبي يعلى،عن عائشة مرفوعا. و رواه البغوي في تفسيره 407/4،و البيهقي في الشعب 344/2،و الآجري في أخلاق حملة القرآن(1) ص 19. و سنده ضعيف.و انظر تنزيه الشريعة 300/1،و تذكرة الموضوعات ص 78.

التفاسير المصرح برفعها إلي النبي ص

الفاتحة

أخرج أحمد،و الترمذيّ-و حسّنه-و ابن حبّان في صحيحه،عن عديّ بن حاتم، قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّ المغضوب عليهم هم اليهود،و إنّ الضالين النصارى» (1).

و أخرج ابن مردويه،عن أبي ذرّ:سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم عن المغضوب عليهم،قال:

«اليهود».

قلت:الضالين؟ قال:«النصارى» (2).

البقرة

أخرج ابن مردويه،و الحاكم في مستدركه-و صحّحه-،من طريق أبي نضرة،عن أبي سعيد الخدري،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: وَ لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ [البقرة:25]:

قال:«من الحيض و الغائط و النّخامة و البزاق» (3).

ص: 477


1- رواه الترمذي،حديث رقم(2954)202/5-204.مختصرا.و عقيب حديث(2953)202/5- 204 مطولا و فيه قصة.و أحمد في المسند 378/4-379.و الطيالسي في مسنده،حديث رقم (1040)ص 140،و فيه:عن سماك،عمن سمع عدي.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم (236-237)98/17-100.و سعيد بن منصور في سننه،حديث رقم(179)537/2(التكملة) مرسلا.و ابن جرير في تفسيره 110/1-113-114.و ابن أبي حاتم في تفسيره 23/1-24.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7206)183/16-184.و البيهقي في الدلائل 339/5-341. و فيه: 1-سماك بن حرب:صدوق،و روايته عن عكرمة خاصة مضطربة.و هنا لم يرو عنه.انظر التقريب 1/ 332،و التهذيب 232/4-234،و الكاشف 322/1. 2-عباد بن حبيش:جهله ابن القطان.انظر الجرح 78/6،و التاريخ الكبير 3/6،و التهذيب 91/5، و الميزان 365/2. و له شاهد من حديث أبي ذر،رواه ابن مردويه بإسناد حسن،كما في الفتح 159/8.و أخرجه أحد من طريق عبد اللّه بن شقيق أنه أخبره من سمع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،نحوه.و انظر تفسير ابن كثير 29/1-30 و أشار إلى اختلاف فيه على ابن شقيق.فاللّه أعلم.
2- رواه ابن مردويه من حديث أبي ذر،بسند حسن،انظر الفتح 159/8،و تفسير ابن كثير 30/1.و انظر التعليق الآتي.
3- رواه ابن أبي حاتم في تفسيره(266)91/1 و الطبري تفسيره 211/1-212.و عبد الرزاق في تفسيره-

قال ابن كثير في تفسيره (1):في إسناده البزيعيّ،قال فيه ابن حبّان (2):لا يجوز الاحتجاج به،قال:ففي تصحيح الحاكم له نظر،ثم رأيته في تاريخه قال:إنه حديث حسن.

و أخرج ابن جرير (3)-بسند رجاله ثقات-،عن عمرو بن قيس الملائيّ،عن رجل من بني أميّة من أهل الشام أحسن عليه الثناء،قال:قيل:يا رسول اللّه،ما العدل؟.

قال:«العدل الفدية».مرسل جيد،عضده إسناد متصل عن ابن عباس موقوفا (4).

و أخرج الشيخان،عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«قيل لبني إسرائيل:

وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُولُوا حِطَّةٌ [البقرة:58]فدخلوا يزحفون على أستاههم،و قالوا:

حبّة في شعره».فيه تفسير قوله: قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ [البقرة:59] (5).

و أخرج الترمذيّ و غيره-بسند حسن-،عن أبي سعيد الخدريّ،عن رسول اللّه1.

ص: 478


1- تفسير ابن كثير 63/1 و قد عزاه لابن مردويه في تفسيره.ثم ذكر سنده،ثم قال:«هذا حديث غريب. و قد رواه الحاكم في مستدركه،عن محمد بن يعقوب،عن الحسن بن علي بن عفان،عن محمد بن عبيد به.و قال:صحيح على شرط الشيخين. و هذا الذي ادعاه فيه نظر،فإنّ عبد الرزاق بن عمر البزيعي هذا،قال فيه أبو حاتم ابن حبان السبتي:لا يجوز الاحتجاج به. قلت:و الأظهر أنّ هذا من كلام قتادة،كما تقدم.و اللّه أعلم.». و رواه ابن حبان في المجروحين 160/2 ثم قال:«و هذا قول قتادة رفعه،لا أصل له من كلام النبي صلّى اللّه عليه و سلّم»ا ه. و عبد الرزاق بن عمر البزيعي:قال ابن حبان فيه:يقلب الأخبار،و يسند المراسيل،لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد.انظر المجروحين 160/2،و قد ذكره في الثقات أيضا 412/8.انظر التهذيب 310/6، و التقريب 505/1.
2- المجروحين 160/2.
3- -41/1 عن مجاهد قوله.و هو في تفسير مجاهد 71/1-72.
4- رواه الطبري في تفسيره 307/1 و فيه ابن جريج مدلس،و قد عنعنه.
5- رواه البخاري،حديث رقم(3403)436/6.و حديث رقم(4479)164/8.و حديث رقم(4641) 304/8.و مسلم في صحيحه،حديث رقم(3015)2312/4.و الترمذي في سننه،حديث رقم (2956)205/5.و النسائي في التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم(9-10)170/1-171. و أحمد في المسند 312/2-318.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(6251)144/14.و الطبري في تفسيره 343/1.و ابن أبي حاتم في تفسيره 182/1-185.و الخطيب في تاريخ بغداد 266/2. و البغوي في التفسير 76/1.

صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«ويل واد في جهنم،يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره» (1).

و أخرج أحمد-بهذا السّند-،عن أبي سعيد،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«كلّ حرف من القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة» (2).

و أخرج الخطيب في الرواة-بسند فيه مجاهيل-عن مالك،عن نافع،عن ابن عمر، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ [البقرة:121].قال:«يتّبعونه حق اتّباعه» (3)رواه ابن أبي حاتم 367/1،و الطبري 579/1.و سنده صحيح.و هو موقوف.(4).

و أخرج ابن مردويه-بسند ضعيف-،عن عليّ بن أبي طالب،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ [البقرة:124].قال:«لا طاعة إلاّ في المعروف» (5).

له شاهد أخرجه ابن أبي حاتم،عن ابن عباس موقوفا بلفظ:«ليس لظالم عليك عهد أن تطيعه في معصية اللّه» (5).

و أخرج أحمد،و الترمذيّ،و الحاكم-و صححاه-،عن أبي سعيد الخدريّ،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً [البقرة:143]:قال:«عدلا» (6).ي-

ص: 479


1- سبق تخريجه.
2- رواه أحمد في المسند 75/3.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1379)522/2.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(309)7/2.و الطبراني في الأوسط،حديث رقم(5177)85/6.و ابن أبي حاتم في تفسيره 348/1.و أبو نعيم في الحلية 325/8.و ابن جرير في تفسيره 584/2. قلت:سنده ضعيف،فيه:دراج أبو السمح:صدوق،في حديثه عن أبي الهيثم ضعف.و هنا يروي عن أبي الهيثم.انظر التهذيب 208/3-209،و التقريب 235/1.
3- رواه الخطيب في الرواة عن مالك،كما في الدر المنثور 111/1،و فيه مجاهيل كما قال السيوطي. و رواه الطبري في تفسيره 568/1،و أبو عبيد في فضائل القرآن ص 131،و تفسير مجاهد 87/1، و الآجري في أخلاق حملة القرآن
4- ص 20-21 لمجاهد قوله.و هو مروي عن ابن عباس،و ابن مسعود،و عكرمة و غيرهم.
5- عزاه في الدر المنثور 118/1 لوكيع و ابن مردويه عن علي بن أبي طالب.
6- رواه البخاري،حديث رقم(3339)37/6،و حديث رقم(4487)171/8-172،و حديث رقم (7349)316/13 مختصرا،و الترمذي(2961)207/5،و النسائي في الكبرى(11006-11007) 292/6،و ابن ماجة(4284)،و أحمد في المسند 9/3-32-58،و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(6477)397/14،و حديث رقم(7216)199/16 مختصرا،و عبد بن حميد في المنتخب، حديث رقم(913)ص 286،و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1173)397/2،و حديث رقم (1207)416/2 مختصرا،و الطبري في تفسيره 9/2 مختصرا،و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(31684)310/6،و الخطيب في موضح أوهام الجمع و التفريق 551/2-552.و البيهقي في-

و أخرج الشّيخان و غيرهما،عن أبي سعيد الخدريّ،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«يدعى نوح يوم القيامة،فيقال له:هل بلّغت؟فيقول:نعم،فيدعى قومه فيقال لهم:هل بلّغكم؟ فيقولون:ما أتانا من نذير و ما أتانا من أحد،فيقال لنوح:من يشهد لك؟فيقول:محمد و أمته،قال:فذلك قوله تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً .قال:و الوسط:العدل، فتدعون فتشهدون له بالبلاغ،و أشهد عليكم» (1).

قوله:«و الوسط:العدل»مرفوع غير مدرج،نبه عليه ابن حجر في شرح البخاري (2).

و أخرج أبو الشيخ و الديلمي في مسند الفردوس،من طريق جويبر،عن الضّحاك، عن ابن عباس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152].

«يقول:اذكروني با معشر العباد بطاعتي،أذكركم بمغفرتي» (3).

و أخرج الطّبرانيّ،عن أبي أمامة قال:انقطع قبال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،فاسترجع،فقالوا:

مصيبة يا رسول اللّه؟.

فقال:«ما أصاب المؤمن مما يكرهه فهو مصيبة» (4).له شواهد كثيرة.

و أخرج ابن ماجة،و ابن أبي حاتم،عن البراء بن عازب،قال:كنّا في جنازة مع النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،فقال:«إنّ الكافر يضرب ضربة بين عينيه،فيسمعها كلّ دابة غير الثّقلين،فتلعنه3.

ص: 480


1- انظر الحديث السابق.
2- في الفتح 172/8.
3- في سنده:جويبر:ضعيف جدا.انظر التقريب 136/1.و رواه الديلمي في الفردوس،حديث رقم (4441)205/3 من حديث أبي هند الداري.و فيه ضعيفان.و انظر الإصابة 209/4،و الاتحافات السنية ص 26.
4- رواه الطبراني في المعجم الكير،حديث رقم(7824)240/8-241. من طريق عبيد اللّه بن زحر،عن علي بن يزيد،عن القاسم،عن أبي أمامة.و سنده ضعيف،جدا: 1-علي بن يزيد الألهاني:واهي الحديث،كثير المنكرات.انظر التهذيب 396/7-397.و انظر مجمع الزوائد 331/2. 2-عبيد اللّه بن زحر:ضعيف. قال ابن حبان:إذا روى عن علي بن يزيد،أتى بالطامات،و إذا اجتمع في إسناد خبر:عبيد اللّه بن زحر،و علي بن يزيد،و القاسم أبو عبد الرحمن،لم يكن متن ذلك الخبر إلاّ مما عملته أيديهم.انظر التهذيب 12/7-13.

كلّ دابة سمعت صوته،فذلك قول اللّه: وَ يَلْعَنُهُمُ اللاّعِنُونَ [البقرة:159]:يعني:دوابّ الأرض» (1).

و أخرج الطّبرانيّ،عن أبي أمامة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في: اَلْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ [البقرة:197].«شوّال،و ذو القعدة،و ذو الحجة» (2).

و أخرج الطّبرانيّ-بسند لا بأس به-،عن ابن عباس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197]،قال:«الرّفث:التعرض للنساء بالجماع،و الفسوق:المعاصي،و الجدال:جدال الرّجل صاحبه» (3).

أخرج أبو داود،عن عطاء:أنه سئل عن اللّغو في اليمين؟.

فقال:قالت عائشة:إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«هو كلام الرّجل في بيته:كلا و اللّه، و بلى و اللّه».أخرجه البخاري موقوفا عليها (4)..-

ص: 481


1- رواه ابن أبي حاتم في تفسيره،و ابن ماجة(4021).و سنده ضعيف،فيه:ليث بن أبي سليم:صدوق، اختلط جدا.و لم يتميز حديثه فترك،انظر التقريب 138/2،و الكاشف 13/3.
2- رواه الطبراني في الأوسط،حديث رقم(1607)350/2-351.و في الصغير 66/1.و سنده ضعيف، جدا،فيه: 1-حصين بن مخارق:قال الدار قطني:يضع الحديث.انظر لسان الميزان 319/2-320. 2-شهر بن حوشب:صدوق،كثير الإرسال،و الأوهام،انظر التقريب 14/2-15،و التهذيب 4/ 369-372،و المغني 301/1،و المراسيل ص 89-90. و انظر مجمع الزوائد 218/6.
3- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(10914)22/11.و العقيلي في الضعفاء،169/2.قال في مجمع الزوائد 318/6:«رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح،عن سوار بن محمد بن قريش،و كلاهما فيه لين.و قد وثقا،و رجاله رجال الصحيح»ا ه. قلت:سنده ضعيف،شاذ مرفوعا. 1-يحيى بن عثمان:قال ابن أبي حاتم:كتبت عنه،كتب عنه أبي،تكلموا فيه.انظر التهذيب 1/ 257. 2-سوار بن محمد:لا يتابع على رفع حديثه.انظر اللسان 128/3،و الضعفاء للعقيلي 169/2- 170. 3-الصواب أنه موقوف،و أخطأ سوار في رفعه،كما في اللسان 128/3.و انظر الضعفاء للعقيلي 2/ 169-170.
4- رواه أبو داود،حديث رقم(3254)223/3.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(4333)176/10. و الطبري في تفسيره 417/2.و البيهقي في سننه 49/10. قال أبو داود عقبه 223/3-224:«روى هذا الحديث داود بن أبي الفرات،عن إبراهيم بن الصائغ موقوفا على عائشة.-

و أخرج أحمد و غيره،عن أبي رزين الأسدي،قال:قال رجل:يا رسول اللّه، أ رأيت قول اللّه: اَلطَّلاقُ مَرَّتانِ [البقرة:229]،فأين الثالثة؟قال:«التسريح بإحسان الثالثة» (1).

و أخرج ابن مردويه،عن أنس،قال:جاء رجل إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:يا رسول اللّه ذكر اللّه الطّلاق مرتين،فأين الثالثة؟قال:«إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان» (2).س.

ص: 482


1- رواه عبد الرزاق في تفسيره 93/1،و أبو داود في المراسيل،حديث رقم(220)ص 189 و سعيد بن منصور،حديث رقم(1456)340/1-341.و الطبري في تفسيره 472/2،و البيهقي في سننه 7/ 340.و سنده حسن،إلاّ أنه مرسل،إسماعيل بن سميع:صدوق،انظر التهذيب 305/1-306، و التقريب 70/1 و أبو رزين:مسعود بن مالك:تابعي ثقة.انظر التهذيب 118/10-119. قال البيهقي:«و الصواب عن إسماعيل بن سميع،عن أبي رزين،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مرسلا:كذلك رواه جماعة من الثقات،عن إسماعيل»ا ه.و كذا قال الدار قطني 4/4.و عزاه في الدر المنثور 277/1 لوكيع،و عبد الرزاق،و سعيد بن منصور،و أحمد،و عبد بن حميد.و أبو داود في ناسخه.و ابن جرير، و ابن المنذر،و ابن أبي حاتم و النحاس،و ابن مردويه،و البيهقي.
2- رواه الدار قطني 3/4-4. و البيهقي في سننه 340/7.قال الدار قطني:«كذا قال:عن أنس،و الصواب،عن إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين مرسل،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم»ا ه. و قال البيهقي:ليس بشيء. و قال عبد الحق:المرسل أصح. أما ابن القطان فقال:المسند-أيضا-صحيح-و لا مانع أن يكون له في الحديث شيخان.انظر التلخيص الحبير 420/3-421. و عزاه في الدر المنثور 277/1 لابن مردويه،و البيهقي عن أنس.

و أخرج الطّبرانيّ-بسند لا بأس به-من طريق ابن لهيعة،عن عمرو بن شعيب،عن أبيه،عن جدّه،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «اَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ [البقرة:237]:

الزواج» (1).

و أخرج الترمذي و ابن حبّان في صحيحه،عن ابن مسعود قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:

«صلاة الوسطى صلاة العصر» (2).

و أخرج أحمد،و الترمذيّ-و صحّحه-،عن سمرة،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«صلاة الوسطى صلاة العصر» (3).

و أخرج ابن جرير،عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«الصّلاة الوسطى صلاة العصر» 4..-

ص: 483


1- رواه الطبراني في الأوسط،حديث رقم(6355)188/1.و في سنده ابن لهيعة:ضعيف،مختلط، مدلس.انظر الاغتباط ص 72-73.
2- رواه مسلم(628)437/1.و الترمذي،حديث رقم(181)339/1-340.و حديث رقم(2985)5/ 218.و أحمد في المسند 392/1-403-404-456.و الطيالسي في المسند،حديث رقم(366) ص 48.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(1746)41/5.و البيهقي في سننه 461/1.و الطبري في تفسيره 573/2-574.
3- رواه الترمذي،حديث رقم(182)340/1-341.و حديث رقم(2983)217/5.و أحمد في المسند 7/5-8-12-13-22.و الطبري في تفسيره 572/2-575،و البيهقي في سننه 460/1، و الطبراني في الكبير(6823-إلى-6826)241/7-242.و ابن أبي شيبة،حديث رقم(8622)2/ 245.و سنده منقطع،فإن الحسن لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة.انظر التهذيب 263/2- 271،و جامع التحصيل ص 162-166.و لكنه يرتقي بما قبله لدرجة الحسن لغيره.

و أخرج-أيضا-عن أبي مالك الأشعريّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«الصّلاة الوسطى صلاة العصر» (1).و له طرق أخرى و شواهد.

و أخرج الطّبرانيّ،عن عليّ،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«السّكينة ريح خجوج» (2).

و أخرج ابن مردويه،من طريق جويبر،عن الضّحاك،عن ابن عباس مرفوعا في قوله: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ [البقرة:269].قال:«القرآن».

قال ابن عباس:يعني:تفسيره؛فإنه قد قرأه البرّ و الفاجر (3).

آل عمران

أخرج أحمد و غيره عن أبي أمامة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ [آل عمران:7]قال:«هم الخوارج»و في قوله تعالى:

يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران:106]قال:«هم الخوارج» (4).

ص: 484


1- رواه الطبري في تفسيره 576/2. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-محمد بن إسماعيل بن عياش:لم يسمع من أبيه شيئا. 2-محمد بن إسماعيل:لم يكن بذاك.انظر التهذيب 60/9-61،و التقريب 145/2.
2- رواه الطبراني في الأوسط،حديث رقم(6937)475/7. 1-خالد بن عرعرة:مجهول،انظر الجرح و التعديل 343/1/2،و التاريخ الكبير 162/1/2-163. 2-عبد العزيز بن عثمان بن جبلة:مجهول.انظر التهذيب 349/6،و التقريب 511/1. 3-و اختلف فيه:فرواه العوام بن حوشب،عن سلمة بن كهيل،عن علي موقوفا.عند الطبري في تفسيره 624/2-625.
3- و في سنده جويبر:متروك.و رواه الطبري في تفسيره 89/3 موقوفا على ابن عباس.
4- -قلت:و سنده ضعيف،لجهالة:كهيل بن حرملة.انظر التاريخ الكبير 238/7،و الجرح و التعديل 7/ 173. ب-رواه من طريق موسى بن وردان،عن أبي هريرة: رواه الطحاوي 174/1 و سنده ضعيف جدا،فيه: 1-موسى بن وردان:ضعيف.انظر التهذيب 376/10-377. 2-محمد بن أبي حميد:منكر الحديث.انظر الجرح 233/7-234،و التهذيب 132/9-134. و انظر حاشية سنن سعيد بن منصور للأهمية. قال الدار قطني في علله 200/8:«يرويه سليمان التيمي،و اختلف عنه: أ-فرواه عبد الوهاب بن عطاء،عن سليمان التيمي،عن أبي صالح،عن أبي هريرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. ب-و وقفه يحيى القطان،و بشر بن المفضل،و الأنصاري،و معتمر،عن التيمي.و الموقوف هو المحفوظ»ا ه.

و أخرج الطبرانيّ و غيره عن أبي الدرداء:أنّ رسول اللّه سئل عن الرّاسخين في العلم؟.

فال:«من برّت يمينه،و صدق لسانه،و استقام قلبه،و عفّ بطنه و فرجه،فذلك من الرّاسخين في العلم» (1).

و أخرج الحاكم و صحّحه،عن أنس،قال:سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن قول اللّه:

وَ الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ [آل عمران:14].قال:«القنطار ألف أوقية» (2).

و أخرج أحمد،و ابن ماجة،عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«القنطار اثنا عشر ألف أوقية» (3).

و أخرج الطبرانيّ-بسند ضعيف-،عن ابن عباس،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً [آل عمران:83]:قال:«أمّا من في السّماوات فالملائكة،و أما من في الأرض فمن ولد على الإسلام،و أما كرها فمن أتي به.

ص: 485


1- رواه الطبري 185/3.و ابن أبي حاتم.و انظر تفسير ابن كثير 347/1.و في سنده نعيم بن حماد، ضعيف.و عبد اللّه بن يزيد الأودي،لم يذكراه بجرح أو تعديل في الجرح 200/2/2،و التاريخ الكبير 229/1/3،و ذكره في الثقات 58/7.
2- رواه الحاكم في المستدرك 178/2.و قال:«هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه»ا ه. و وافقه الذهبي. لكن فيه زهير بن محمد التميمي:رواية أبي حفص التنيسي عنه بواطيل موضوعة،كما قال أحمد و غيره.و هنا يروي عنه عمرو بن أبي سلمة،أبو حفص التنيسي.انظر التقريب 71/2،و264/1، و تهذيب التهذيب 348/3-350،و تهذيب الكمال 414/9-418،و الكاشف 256/1.
3- رواه ابن ماجة،حديث رقم(3660).و الدارمي،حديث رقم(3464)558/2.و أحمد في المسند 2/ 363.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(2573)311/6-312.و البيهقي في سننه 233/7. و الديلمي في الفردوس،حديث رقم(4733)288/7. قال الدارقطني في علله 169/8:«يرويه عاصم بن أبي النجود،و اختلف عنه: أ-فرواه عبد الصمد بن عبد الوارث،و أبو علي الحنفي عبيد اللّه بن عبد المجيد،عن حماد بن سلمة، عن عاصم،عن أبي صالح،عن أبي هريرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم. ب-و غيره يرويه عن حماد بن سلمة موقوفا.و كذلك قال حماد بن زيد،عن عاصم.و الموقوف أشبه» ا ه.

من سبايا الأمم في السلاسل و الأغلال،يقادون إلى الجنة و هم كارهون» (1).

و أخرج الحاكم-و صحّحه-عن أنس:أنّ رسول اللّه سئل عن قول اللّه تعالى: مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً [آل عمران:97]:ما السبيل؟.

قال:«الزاد و الراحلة» (2)..-

ص: 486


1- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(11473)194/11-195 و فيه محمد بن محصن العكاشي:متروك،كما في مجمع الزوائد 326/6.
2- رواه الحاكم في المستدرك 441/1-442.و الدار قطني في سننه 216/2-218.و البيهقي في سننه 4/ 330. قال البيهقي في سننه 330/4:«و روي عن سعيد بن أبي عروبة و حماد بن سلمة،عن قتادة،عن أنس، عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في الزاد و الراحلة و لا أراه إلا و هما»ا ه. ثم ذكر من طريق جعفر بن عون،عن سعيد بن أبي عروبة،عن قتادة،عن الحسن،مرسلا ثم قال: هذا هو المحفوظ عن قتادة،عن الحسن،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،مرسلا. و كذلك رواه يونس بن عبيد عن الحسن.و رواه الشافعي،عن عبد الوهاب،عن يونس.و رواه عتاب بن أعين،عن سفيان الثوري،عن يونس بن عبيد،عن الحسن،عن أمه،عن عائشة-قالت: سئل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:ما السبيل إلى الحج؟قال:«الزاد و الراحلة». أخبرناه أبو بكر بن الحارث الفقيه،أنبأنا أبو محمد بن حيان،ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: وجدت في كتاب عتاب بن أعين...فذكره. و روي من وجه آخر عن عتاب.و روي فيه أحاديث أخر،لا يصح شيء منها.و حديث إبراهيم بن يزيد أشهرها. و قد أكدناه بالذي رواه الحسن البصري،و إن كان منقطعا»ا ه. قلت:و في الباب عن: 1-عائشة:رواه العقيلي 332/3 ثم قال في ترجمة عتاب بن أعين:«في حديثه وهم»ا ه.و البيهقي 330/4.و هو وهم،كما قال البيهقي فيما سبق. 2-ابن عباس:رواه ابن ماجة(2897).و الدار قطني 218/2. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-أعل بالوقف.فقد رواه ابن المنذر في الأوسط،و الدار قطني 218/2.من قول ابن عباس. 2-حصين بن مخارق:قال الدار قطني:يضع الحديث.انظر اللسان 219/2-220. 3-ابن مسعود:رواه الدار قطني 216/2.و سنده ضعيف جدا،فيه:بهلول بن عبيد:قال أبو حاتم: ضعيف الحديث،ذاهب.و قال أبو زرعة:ليس بشيء.و قال ابن حبان:يسرق الحديث.انظر اللسان 67/2. 4-علي:رواه الطبري 364/3-365.و الدار قطني في سننه 218/2-219.و في سند الأول:أبو إسحاق السبيعي:مخلط،و مدلس،و الحارث الأعور:ضعيف،و هلال:منكر الحديث.انظر تفسير ابن كثير 368/1،و في سند الثاني:الحسين بن عبد اللّه بن ضميرة:كذبه مالك.و قال أبو حاتم:متروك الحديث،كذاب.انظر اللسان 289/2. 5-ابن عمرو:رواه الدار قطني 218/2.و فيه يزيد بن مروان الخلال:قال ابن معين:كذاب.-

و أخرج الترمذي مثله من حديث ابن عمر و حسّنه (1).

و أخرج عبد بن حميد في تفسيره،عن نفيع،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: وَ لِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ [آل عمران:97].

فقام رجل من هذيل،فقال:يا رسول اللّه،من تركه فقد كفر؟.

قال:«من تركه لا يخاف عقوبته و لا يرجو ثوابه» (2).

نفيع تابعيّ،و الإسناد مرسل،و له شاهد موقوف على ابن عباس (3).

و أخرج الحاكم-و صححه-عن ابن مسعود،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:

اِتَّقُوا اللّهَ حَقَّ تُقاتِهِ [آل عمران:102]:«أن يطاع فلا يعصى،و يذكر فلا ينسى» (4)..-

ص: 487


1- رواه الترمذي،حديث رقم(813)177/3.و حديث رقم(2998)225/5.و ابن ماجة في سننه، حديث رقم(2896)،و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(15703)432/3.و ابن عدي في الكامل 226/1-227.و الدار قطني في سننه 218/2.و العقيلي في الضعفاء 332/3.و الطبري في تفسيره 364/3.و البيهقي في سننه 327/4. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه:إبراهيم بن يزيد الخوزي:متروك الحديث،انظر التقريب 46/1، و المغني 30/1،و الكاشف 51/1،و التهذيب 179/1-180. و له طريق أخرى:رواه ابن أبي حاتم 297/1 في علله من حديث سعيد بن سلام العطار،عن عبد اللّه بن عمر العمري،عن نافع،عن ابن عمر:ثم قال:«هذا حديث باطل»ا ه. قلت:فيه،سعيد بن سلام العطار:كذّبه ابن نمير.و قال البخاري:يذكر بوضع الحديث.و قال أحمد: كذاب.انظر اللسان 31/3-32. قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير 422/2:«و طرقها كلها ضعيفة،و قد قال عبد الحق:إنّ طرقه كلها ضعيفة،و قال أبو بكر بن المنذر:لا يثبت الحديث في ذلك مسندا،و الصحيح من الروايات رواية الحسن المرسلة»ا ه.و انظر تفسير ابن كثير 386/1.
2- -6-ابن عمر:انظر الهامش الآتي.
3- رواه الطبري في تفسيره 368/3.و البيهقي في سننه 324/4.و عزاه في الدر المنثور 57/2 لابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و البيهقي.و سنده حسن-كما مر في الطرق عن ابن عباس.
4- رواه الحاكم في المستدرك 294/2 موقوفا.و أبو داود في الزهد،حديث رقم(155)ص 162 موقوفا.و عبد الرزاق في تفسيره 129/1 موقوفا.و الطبري في تفسيره 375/3-376 موقوفا.و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(34553)106/7-107.و ابن المبارك في الزهد،حديث رقم (22)ص 8.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(8501-8502)93/9 موقوفا،و الدار قطني في العلل 274/5. قال الدار قطني:«يرويه زبيد،عن مرة،عن عبد اللّه.و خالفه عمرو بن مرة:فرواه عن مرة،عن الربيع بن خثيم قوله.-

و أخرج ابن مردويه،عن أبي جعر الباقر،قال:قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ [آل عمران:104].قال:«الخير اتّباع القرآن و سنّتي».معضل (1).

و أخرج الديلميّ في مسند الفردوس-بسند ضعيف-،عن ابن عمر،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران:106]:قال:«تبيض وجوه أهل السنّة،و تسودّ وجوه أهل البدع» (2).

و أخرج الطّبرانيّ و ابن مردويه-بسند ضعيف-،عن ابن عباس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: مُسَوِّمِينَ [آل عمران:125]:قال:«معلّمين،و كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم سود،و يوم أحد عمائم حمر» (3).

أخرج البخاري،عن أبي هريرة قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«من آتاه اللّه مالا فلم يؤدّ زكاته مثّل له شجاع أقرع،له زبيبتان،يطوقه يوم القيامة،فيأخذ بلهزمتيه،فيقول:أنا مالك أنا كنزك»،ثم تلا هذه الآية: وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ [آل عمران:180]الآية (4).

النساء

أخرج ابن أبي حاتم،و ابن حبّان،في صحيحه،عن عائشة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: ذلِكَ أَدْنى أَلاّ تَعُولُوا [النساء:3]:قال:«ألاّ تجوروا» (5).

ص: 488


1- عزاه في الدر المنثور 62/2 لابن مردويه.و هو معضل مرسل.
2- رواه الديلمي في الفردوس،حديث رقم(8446)449/5.و عزاه في تنزيه الشريعة 319/1 للدار قطني و قال:«موضوع،و الحمل فيه على أبي النضر أحمد بن عبد اللّه الأنصاري.و الخطيب في الرواة عن مالك،من طريق أبي النضر،أحمد بن محمد بن عبيد اللّه القيسي.و قال الحافظ ابن حجر:فيحتمل أن يكون هو الأول نسب إلى جده.و يحتمل أن يكون آخر»ا ه.و انظر الدر المنثور 63/2.
3- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(11469)193/11.و في سنده:عبد القدوس بن حبيب:قال ابن المبارك:كذاب.و قال البخاري:تركوه،منكر الحديث.انظر اللسان 45/4-48، و مجمع الزوائد 327/6.
4- -قيل للشيخ:مرة الهمداني؟قال:نعم،هو مرة بن شرحبيل الطيب الهمداني،نبيل،جليل»ا ه.
5- رواه ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(4029)338/9-339.

و قال ابن أبي حاتم:قال أبي:هذا حديث خطأ،و الصحيح عن عائشة موقوف.

و أخرج الطبراني-بسند ضعيف-عن ابن عمر،قال:قرئ عند عمر: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها [النساء:56]،فقال معاذ:عندي تفسيرها:تبدّل في ساعة مائة مرة،فال عمر:هكذا سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم (1).

و أخرج الطبرانيّ-بسند ضعيف-،عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ [النساء:93]:قال:«إن جازاه» (2).

و أخرج الطّبرانيّ و غيره-بسند ضعيف-،عن ابن مسعود،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [النساء:173]:«الشفاعة فيمن وجبت له النار،ممّن صنع إليهم المعروف في الدنيا» (3).

و أخرج أبو داود في المراسيل،عن أبي سلمة بن عبد الرحمن،قال:جاء رجل إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يسأله،فسأله عن الكلالة،فقال:«أما سمعت الآية التي أنزلت في الصيف:

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [النساء:176]فمن لا يترك ولدا و لا فورثته كلالة».مرسل (4).6.

ص: 489


1- رواه الطبراني في الأوسط،حديث رقم(4514)262/5 و سنده واه،فيه:نافع مولى يوسف السلمي: قال أبو حاتم:متروك الحديث.و قال البخاري:منكر الحديث.انظر اللسان 147/6.و انظر مجمع الزوائد 6/7.
2- رواه الطبراني في الأوسط،حديث رقم(8601)275/9-276.و العقيلي في الضعفاء 346/3. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-محمد بن جامع البصري العطاء:ضعيف.انظر اللسان 99/5-100. 2-العلاء بن ميمون:قال العقيلي:لا يتابع عليه،و لا يعرف إلاّ به.انظر الضعفاء للعقيلي 346/3، و اللسان 186/4.و انظر مجمع الزوائد 13/7.
3- رواه الطبراني في الكبير،حديث رقم(10462)248/10.و سنده ضعيف،فيه: 1-بقية بن الوليد:مدلس تدليس التسوية،و لم يصرّح في سائر طبقات المسند،و هنا يروي عن الضعفاء.انظر التقريب 105/1،و طبقات المدلسين ص 121،و تهذيب الكمال 192/4-200، و التبيين رقم(5). 2-إسماعيل بن عبد اللّه الكندي:أتى بخبر عجيب منكر.كما في الميزان 235/1،و انظر اللسان 1/ 417،و مجمع الزوائد 13/7.
4- رواه أبو داود في المراسيل،حديث رقم(371)ص 271-272.و البيهقي في سننه 224/6.

أخرج أبو الشّيخ في كتاب«الفرائض»،عن البراء:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن الكلالة؟.

فقال:«ما عدا الولد و الوالد» (1).

المائدة

أخرج ابن أبي حاتم،عن أبي سعيد الخدريّ،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«كانت بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم و دابة و امرأة كتب ملكا» (2).

له شاهد من مرسل زيد بن أسلم عند ابن جرير (3).

و أخرج الحاكم-و صحّحه-عن عياض الأشعريّ،قال:لما نزلت فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ [المائدة:54]،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لأبي موسى:«هم قوم هذا» (4).

و أخرج الطبرانيّ،عن عائشة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: أَوْ كِسْوَتُهُمْ [المائدة:89]:قال:«عباءة لكلّ مسكين» (5).

و أخرج الترمذي-و صحّحه-عن أبي أمية السفياني،قال:أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له:كيف تصنع في هذه الآية؟قال:أية آية؟قلت:قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105].قال:أما و اللّه لقد سألت عنها خبيرا،سألت عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«ائتمروا بالمعروف،و تناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحا مطاعا،و هوى متّبعا،و دنيا مؤثرة،و إعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك،ودع العوامّ» (6).

ص: 490


1- عزاه في الدر المنثور 250/2.
2- لم أهتد لسنده.و انظر ما بعده.
3- رواه الطبري في تفسيره 510/4،و هو مرسل.
4- -و هو مرسل،ضعيف. أبو إسحاق السبيعي:مختلط،و مدلس،و قد عنعنه.و أشار أبو داود إلى خلاف في سنده.و كذا البيهقي ثم قال:«و حديث أبي إسحاق،عن أبي سلمة،منقطع،و ليس بمعروف»ا ه.و انظر الدر المنثور 2/ 251.
5- رواه الطبراني و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 313/2.
6- رواه أبو داود،حديث رقم(4341)123/4.و الترمذي في سننه،حديث رقم(3058)257/5-

و أخرجه أحمد،و الطبرانيّ و غيرهما،عن أبي عامر الأشعري قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن هذه الآية،فقال:«لا يضرّكم من ضلّ من الكفار إذا اهتديتم» (1).

الأنعام

أخرج ابن مردويه و أبو الشيخ من طريق نهشل،عن الضحاك،عن ابن عباس،قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«مع كلّ إنسان ملك إذا نام يأخذ نفسه،فإن أذن اللّه في قبض روحه قبضه و إلاّ ردّه إليه.فذلك قوله: يَتَوَفّاكُمْ بِاللَّيْلِ [الأنعام:60]».نهشل:كذاب (2).

و أخرج أحمد،و الشيخان،و غيرهم،عن ابن مسعود،قال:لما نزلت هذه الآية:

اَلَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ [الأنعام:82].شقّ ذلك على الناس،فقالوا:يا رسول اللّه،و أيّنا لا يظلم نفسه؟.

قال:«إنه ليس الذي تعنون،أ لم تسمعوا ما قال العبد الصالح: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].إنما هو الشرك» (3).

ص: 491


1- رواه أحمد في المسند 129/4-201-202.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(799)22/ 317.و رجاله ثقات إلا أنه لا يعرف لعلي بن مدرك سماعا من أحد من الصحابة،كما في المجمع 7/ 19.
2- و في سنده نهشل بن سعيد:متروك،و كذّبه إسحاق بن راهويه.انظر التهذيب 479/10،و التقريب 2/ 307،و المغني 702/2،و الكاشف 185/3. و في الباب عن عكرمة،رواه أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(430)891/3. و في سنده حفص بن عمر العدني:ضعيف.و انظر الدر المنثور 15/3.
3- رواه البخاري،حديث رقم(32)87/1،و حديث رقم(3360)389/6.و حديث رقم(3428- 3429)465/6.و حديث رقم(4629)294/8.و حديث(4776)513/8.و حديث رقم(6918) 264/12.و حديث رقم(6937)303/12. و مسلم في صحيحه،حديث رقم(124)114/1-115.و الترمذي في سننه،حديث رقم(3067) 262/5.و النسائي في التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم(11166)341/6.و حديث رقم (11390)427/6.و أحمد في المسند 387/1-424-444.و الطيالسي،حديث رقم(270)ص 35-36.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(5159)92/9.و ابن منده في الإيمان،حديث رقم-

و أخرج ابن أبي حاتم،و غيره-بسند ضعيف-،عن أبي سعيد الخدريّ،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ [الأنعام:103]قال:«لو أنّ الجنّ و الإنس و الشياطين و الملائكة منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفا واحدا،ما أحاطوا باللّه أبدا» (1).

و أخرج الفريابيّ،و غيره،من طريق عمرو بن مرّة،عن أبي جعفر،قال:سئل النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم عن هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ [الأنعام:125]قالوا:

كيف يشرح صدره؟.

قال:«نور يقذف به فينشرح له و ينفسح».

قالوا:فهل لذلك من أمارة يعرف بها؟.

قال:«الإنابة إلى دار الخلود،و التجافي عن دار الغرور،و الاستعداد للموت قبل لقاء الموت» (2).مرسل له شواهد كثيرة متّصلة و مرسلة،يرتقي بها إلى درجة الصحة أو.-

ص: 492


1- رواه أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(72)338/1-339.و العقيلي في الضعفاء 140/1.و ابن عدي في الكامل 10/2.و ابن الجوزي في الموضوعات 114/1. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-بشر بن عمارة:ضعيف،انظر التهذيب 455/1،و الضعفاء للعقيلي 140/1،و المجروحين 1/ 188-189. 2-عطية العوفي:يخطئ كثيرا.و هو صدوق.كان شيعيا مدلسا،و هو مشهور بالتدليس القبيح.انظر الكاشف 235/2،و طبقات المدلسين ص 130،و التقريب 24/2. و انظر تفسير ابن كثير 162/2،و اللآلئ المصنوعة 13/1،و تنزيه الشريعة 141/1،و الفوائد المجموعة ص 315.
2- رواه الطبري في تفسيره 335/5-336.و عبد الرزاق في تفسيره 217/2-218.و ابن المبارك في الزهد،حديث رقم(315)ص 106-107.و الحاكم 311/4.و البيهقي في الأسماء و الصفات 1/ 258 ثم قال:«هذا منقطع»ا ه. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-أبو جعفر،عبد اللّه بن المسور:متروك.انظر الجرح 169/2/2-170،و المجروحين 24/2، و الميزان 504/2-505،و اللسان 360/3-361. و عزاه في الدر المنثور 44/3 لابن المبارك في الزهد،و الفريابي،و ابن أبي شيبة،و عبد بن حميد،و ابن المنذر،و ابن مردويه،و البيهقي في الأسماء و الصفات. 2-و هو مرسل.-

الحسن (1).

و أخرج ابن مردويه،و النحاس-في ناسخه-،عن أبي سعيد الخدريّ،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: وَ آتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ [الأنعام:141]؟.

قال:«ما سقط من السنبل» (2).

و أخرج ابن مردويه-بسند ضعيف-من مرسل سعيد بن المسيّب،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها [الأنعام:152]:

فقال:«من أربى على يده في الكيل و الميزان،و اللّه يعلم صحّة نيّته بالوفاء فيهما،لم يؤاخذ،و ذلك تأويل وُسْعَها » (3).

و أخرج أحمد،و الترمذي،عن أبي سعيد،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها [الأنعام:158]:قال:«يوم طلوع الشمس من مغربها» (4).ي-

ص: 493


1- مرّ معنا أن من شواهده ما هو وهم.انظر التعليق السابق.
2- -3-و قد وقع في سنده خلاف: قال الدار قطني في العلل 188/5-190:«يرويه عمرو بن مرة،و اختلف عنه: أ-فرواه مالك بن مغول،عن عمرو بن مرة،عن عبيدة،عن عبد اللّه[عند ابن الجوزي في العلل المتناهية 803/2(1342)،و الطبري في تفسيره 336/5]. قاله عبد اللّه بن محمد بن المغيرة عنه،و تفرّد بذلك. ب-و رواه زيد بن أبي أنيسة،عن عمرو بن مرة،عن أبي عبيدة،عن عبد اللّه:قاله أبو عبد الرحيم، عن زيد.[عند الطبري في تفسيره 336/5]. ج-و خالفه يزيد بن سنان:فرواه عن زيد،عن عمرو بن مرة،عن عبد اللّه بن الحارث،عن عبد اللّه بن مسعود. د-و قال وكيع:عن المسعودي،عن عمرو بن مرة،عن أبي عبيدة،عن عبد اللّه.و كلها وهم. ه-و الصواب:عن عمرو بن مرة،عن أبي جعفر عبد اللّه بن المسور مرسلا،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.كذلك قاله الثوري.و عبد اللّه بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب هذا:متروك»ا ه.
3- عزاه السيوطي في الدر المنثور 55/3 لابن مردويه من حديث سعيد بن المسيب مرسلا.و المرسل:من أنواع الضعيف.و فيه:من أوفى الحديث.
4- رواه الترمذي،حديث رقم(3071)264/5،و أحمد 31/3،و عبد بن حميد،حديث رقم(902) ص 283.و الطبري في تفسيره 405/5-406،و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1353)505/2. و عزاه في الدر المنثور 57/3 لأحمد و عبد بن حميد في مسنده،و الترمذي،و أبي يعلى،و ابن أبي-

له طرق كثيرة في الصحيحين و غيرهما من حديث أبي هريرة و غيره (1).

و أخرج الطّبرانيّ و غيره-بسند جيّد-عن عمر بن الخطاب،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال لعائشة: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً [الأنعام:159]:«هم أصحاب البدع و أصحاب الأهواء» (2).

و أخرج الطّبرانيّ-بسند صحيح-،عن أبي هريرة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً :«هم أهل البدع و الأهواء في هذه الأمة» (3)..-

ص: 494


1- رواه البخاري،حديث رقم(6506)352/11.و حديث رقم(7121)81/13-82.و مسلم في صحيحه،حديث رقم(157)136/1-137.و أبو داود في سننه،حديث رقم(4312)115/4. و الترمذي،حديث رقم(3072)264/5.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم (11177)343/6-344.و ابن ماجة،حديث رقم(4068).و أحمد في المسند 231/2-313- 350-372-398.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(6085)472/10-473.و حديث رقم (6170)31/11-32.و حديث رقم(6517)398/11.
2- رواه الطبراني في المعجم الصغير 203/1.و أبو نعيم في الحلية 137/4-138 مطولا.و البيهقي في الشعب 449/5-450.و ابن أبي عاصم في السنة،حديث،رقم(4)8/1،و ابن أبي حاتم في علل الحديث 77/2،و الكامل لابن عدي 70/7،و ابن الجوزي في العلل المتناهية 144/1،و الدار قطني في العلل 163/2-164. قلت:سنده ضعيف،شاذ،فيه: 1-بقية بن الوليد:مدلس تدليس التسوية.و قد عنعنه. 2-مجالد بن سعيد:ليس بالقوي.انظر التقريب 229/2،و التهذيب 39/10-40،و الكاشف 3/ 106. 3-أعلّه العلماء بالوقف. قال ابن عدي في الكامل 70/7 عن طريق الشعبي،عن مسروق،عن عمر،و الشعبي،عن شريح،عن عمر:«و جميعا غير محفوظين»ا ه. قال الدار قطني في علله 163/2-164:«يرويه محمد بن مصفى،عن بقية،عن شعبة،عن مجالد، عن الشعبي،عن شريح،عن عمر. و تابعه جحدر بن الحارث،عن بقية. و خالفهما وهب بن حفص الحراني-و كان ضعيفا-فرواه عن الجدي عبد الملك،عن شعبة،عن مجالد،عن الشعبي،عن مسروق،عن عمر.و لا يثبت عن شعبة و لا عن مجالد.و اللّه أعلم»ا ه.
3- رواه الطبراني في الأوسط،حديث رقم(668)384/1.و الدار قطني في العلل 322/8.و الطبري 414/5.-

الأعراف

أخرج ابن مردويه و غيره-بسند ضعيف-،عن أنس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:

خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]:قال«صلّوا في نعالكم» (1).

له شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي الشيخ (2).

ص: 495


1- رواه العقيلي في الضعفاء 142/3-143.و تمام في فوائده،حديث رقم(1339-1340)142/4. و ابن حبان في المجروحين 172/2.و ابن الجوزي في الموضوعات 95/2.و الخطيب في تاريخ بغداد 287/14.و أبو الشيخ،و ابن مردويه،و ابن عساكر،كما في الدر المنثور 78/3. و سنده واه فيه:عباد بن جويرية:قال أحمد:كذّاب أفّاك.و كذّبه البخاري.و قال النسائي و غيره: متروك.انظر الميزان 365/2،و المجروحين 171/2.و الضعفاء للعقيلي 142/3.
2- رواه ابن عدي في الكامل 184/5.و أبو الشيخ،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 78/3. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-بقية بن الوليد:مدلس تدليس تسوية،و هنا يروي عن المجهولين و الضعفاء. 2-علي بن أبي علي القرشي:مجهول،و منكر الحديث،كما قال ابن عدي في الكامل 183/5، و انظر لسان الميزان 245/4،و الميزان 147/3. 3-صالح مولى التوأمة:ضعيف مختلط. و له طريق أخرى أشد ضعفا من هذه:فقد رواه ابن عدي 162/6 من طريق محمد بن الفضل،عن كرز بن وبرة الحارثي،عن عطاء،عن أبي هريرة:و فيه:محمد بن الفضل:متروك الحديث.انظر التهذيب 359/9،و ميزان الاعتدال 6/4،و الكامل 161/6-162. و فيه خلاف عليه قد ورد عن محمد بن الفضل،عن كرز،عن عطاء،عن جابر به:رواه ابن عدي في الكامل 162/6.

و أخرج أحمد،و أبو داود،و الحاكم،و غيرهم،عن البراء بن عازب:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ذكر العبد الكافر إذا قبضت روحه،قال:«فيصعدون بها،فلا يمرّون على ملأ من الملائكة إلاّ قالوا:ما هذا الروح الخبيث؟حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح فلا يفتح له.ثم قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ [الأعراف:40].فيقول اللّه:

اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى،فتطرح روحه طرحا.ثم قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:

وَ مَنْ يُشْرِكْ بِاللّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ [الحج:31]» (1).

و أخرج ابن مردويه،عن جابر بن عبد اللّه،قال:سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عمّن استوت حسناته و سيئاته؟.

فقال:«أولئك أصحاب الأعراف» (2).

له شواهد.

و أخرج الطبراني،و البيهقي،و سعيد بن منصور،و غيرهم،عن عبد الرحمن المزنيّ، قال:سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن أصحاب الأعراف،فقال:«هم أناس قتلوا في سبيل اللّه بمعصية آبائهم،فمنعهم من دخول الجنة معصية آبائهم،و منعهم من النار قتلهم في سبيل اللّه» (3).ه.

ص: 496


1- رواه أبو داود،حديث رقم(3212)213/3 مختصرا،و(4753-4754)239/4-240 بطوله، و النسائي 78/3 مختصرا،و ابن أبي شيبة(12559)54/3-56،و أحمد 287/4-288.و البيهقي في إثبات عذاب القبر(27-إلى-35-55)بطوله.و سنده حسن.
2- عزاه في الدر المنثور 87/3 لأبي الشيخ و ابن مردويه و ابن عساكر عن جابر.و في الباب عن ابن عباس، و ابن مسعود،و حذيفة موقوفا.
3- رواه ابن أبي عاصم في الآحاد و المثاني،حديث رقم(1123)352/2.و الخرائطي في مساوئ الأخلاق(253)ص 126.و ابن عبد البر في الاستيعاب 416/2. قال الحافظ ابن حجر في الإصابة 419/2:«هكذا أخرجه ابن مردويه في التفسير.و أخرجه عبد بن حميد و ابن جرير كلاهما من وجه آخر،عن أبي معشر،فقالا:عن محمد بن عبد الرحمن.قال أبو عمر:هذا هو الصواب في تسمية ولده. قلت:و أخرجه ابن شاهين و ابن مردويه-أيضا-من وجه آخر عن أبي معشر،فقالا:يحيى بن عبد الرحمن.و الاضطراب فيه عن أبي معشر،و هو نجيح بن عبد الرحمن،فإنه ضعيف.و قد رواه سعيد بن أبي هلال،عن يحيى بن شبل فخالف أبا معشر في سنده.و أخرجه ابن جرير،و ابن شاهين،من طريق الليث،عن خالد بن يزيد،عن سعيد،عن يحيى بن شبل أنّ رجلا من بني نصر أخبره،عن رجل من بني هلال،عن أبيه أنه أخبره أنه سأل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فذكر نحوه.

له شاهد من حديث أبي هريرة عند البيهقي (1)،و من حديث أبي سعيد عند الطّبراني (2).

و أخرج البيهقي بسند ضعيف:عن أنس مرفوعا:«أنّهم مؤمنو الجن» (3).

و أخرج ابن جرير،عن عائشة،قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«الطوفان:الموت» (4).

و أخرج أحمد،و الترمذيّ،و الحاكم-و صححاه-،عن أنس،أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قرأ:

فَلَمّا تَجَلّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا [الأعراف:143]:قال:«هكذا-و أشار بطرف إبهامه على أنملة إصبعه اليمنى-فساخ الجبل،و خرّ موسى صعقا» (5).

و أخرجه أبو الشيخ بلفظ:«و أشار بالخنصر،فمن نورها جعله دكا».

و أخرج أبو الشيخ من طريق جعفر بن محمد،عن أبيه،عن جده،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، قال:«الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة،كان طول اللوح اثني عشرت.

ص: 497


1- عزاه في الدر المنثور 88/3 لابن مردويه و البيهقي في البعث.
2- رواه الطبراني في المعجم الأوسط،حديث رقم(4641)325/5-326.و سنده ضعيف جدا،فيه: 1-عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:إذا روى عن أبيه،فهو متروك.انظر التهذيب 177/9-179. و الكاشف 146/2.و المغني 380/2،و الميزان 565/2. 2-محمد بن مخلد الحمصي الرعيني:قال ابن عدي:حدّث الأباطيل.انظر اللسان 375/5.
3- و أخرجه ابن مردويه،من طريق ابن لهيعة،عن خالد بن يزيد،لكن لم يقل:عن أبيه.و رواية الليث أوصل»ا ه. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-أبو معشر:ضعيف. 2-و قد اختلف على أبي معشر فيه،كما ذكر الحافظ فيما سبق نقله. 3-يحيى بن شبل:مجهول.انظر الجرح 157/2/4،و التهذيب 229/1. و ذكره البيهقي في الشعب 345/1 ثم قال:«مرسل ضعيف»ا ه.
4- رواه ابن جرير في التفسير 32/6.و عزاه في الدر المنثور 108/3 لابن أبي حاتم و أبي الشيخ و ابن مردويه.و المراد قوله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ [الأعراف:133].و سنده ضعيف،فيه: 1-الحجاج بن أرطأة:صدوق،كثير الخطأ و التدليس.انظر التقريب 152/1،و طبقات المدلسين ص 125،و التبيين(12)،و الكاشف 148/1. 2-المنهال بن خليفة:ضعيف،انظر التقريب 277/2.
5- رواه الترمذي،حديث رقم(3074)265/5-266.و أحمد في المسند 125/3-209.و الحاكم في المستدرك 320/2،و ابن جرير في تفسيره 54/6.و عبد بن حميد،و ابن المنذر،و ابن عدي،و أبو الشيخ،و ابن مردويه،و البيهقي في كتاب الرؤية،كما في الدر المنثور 119/3 و رجاله ثقات.

ذراعا» (1).

و أخرج أحمد،و النسائيّ،و الحاكم-و صحّحه-،عن ابن عباس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إنّ اللّه أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة،فأخرج من صلبه كلّ ذريّة ذرأها فنشرها بين يديه،ثم كلّمهم،فقال:أ لست بربكم؟قالوا:بلى (2).

و أخرج ابن جرير-بسند ضعيف-،عن ابن عمرو،قال:قال رسول اللّه في هذه الآية:«أخذ من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس،فقال لهم:أ لست بربكم؟قالوا:

بلى.قالت الملائكة:شهدنا» (3).

و أخرج أحمد،و التّرمذيّ-و حسّنه-،و الحاكم-و صحّحه-،عن سمرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«لما ولدت حوّاء طاف بها إبليس-و كان لا يعيش لها ولد-فقال:سميه عبد الحارث فإنّه يعيش،فسمّته عبد الحارث فعاش؛فكان ذلك وحي الشيطان و أمره» (4).

و أخرج ابن أبي حاتم،و أبو الشيخ،عن الشعبي،قال:لما أنزل اللّه: خُذِ الْعَفْوَ ... [الأعراف:199]الآية،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«ما هذا يا جبريل؟قال:لا أدري حتى أسأل العالم،فذهب ثم رجع،فقال:إنّ اللّه يأمرك أن تعفو عمّن ظلمك،و تعطي من حرمك،و تصل من قطعك».مرسل (5).ن-

ص: 498


1- عزاه في الدر المنثور 120/3 لابن أبي حاتم،و أبي الشيخ،و ابن مردويه.
2- رواه النسائي في سننه الكبرى،حديث رقم(11191)347/6.و أحمد في المسند 272/1.و ابن أبي عاصم في السنة،حديث رقم(202)89/1.و الطبري في تفسيره 110/6-111.و الحاكم في المستدرك 27/1-28،و 544/2.و البيهقي في الأسماء و الصفات 58/2-59،و في سننه 348/6. قال النسائي:«و كلثوم هذا ليس بالقوي.و حديثه ليس بالمحفوظ»ا ه.و انظر تفسير ابن كثير 262/2. و رواه ابن علية،و ربيعة بن كلثوم،و عبد الوارث،عن كلثوم،عن ابن جبير،عن ابن عباس موقوفا: عند الطبري في التفسير 110/6-111. و كلثوم:قال أحمد و ابن معين عنه:ثقة. و قال النسائي:ليس بالقوي،و ذكره ابن حبان في الثقات.انظر التهذيب 442/8 فالصحيح الوقف.و قد ذكر ذلك الحافظ ابن كثير في تفسيره أيضا.و لكن شيخنا حفظه اللّه تعالى صححه لشواهد عن جمع من الصحابة.انظر الصحيحة 158/4-159.
3- رواه الطبري 112/6.من حديث ابن عمرو مرفوعا.و فيه أحمد بن أبي ظبية:قال ابن عدي:حدّث بأحاديث أكثرها غرائب.و قال أبو حاتم:يكتب حديثه:انظر التهذيب 45/1.و قد خالف فيه من هو أوثق منه فرواه موقوفا و قد رواه 112/6-أيضا-موقوفا. و رواه اللالكائي في أصول الاعتقاد(993)562/3.
4- رواه الترمذي(3077)267/5.و قد سبق تخريجه و الحكم عليه.
5- رواه ابن جرير 154/6،و عبد الرزاق في التفسير 246/2،عن سفيان،عن رجل قد سماه،و مرة عن-

الأنفال

أخرج أبو الشّيخ،عن ابن عباس،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،في قوله: وَ اذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النّاسُ [الأنفال:26]:قيل:يا رسول اللّه،و من الناس؟.

قال:«أهل فارس» (1).

و أخرج الترمذي-و ضعّفه-،عن أبي موسى،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«أنزل اللّه عليّ أمانين لأمتي: وَ ما كانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ وَ ما كانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(33) [الأنفال:33].فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة» (2).

و أخرج مسلم و غيره،عن عقبة بن عامر،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول و هو على المنبر: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]:«ألا و إنّ القوّة الرمي» (3).

ص: 499


1- عزاه في الدر المنثور 177/3 لأبي الشيخ،و أبي نعيم،و الديلمي في مسند الفردوس.
2- رواه الترمذي،حديث رقم(3082)270/5.و تمام في فوائده،حديث رقم(1345)145/4. و سنده ضعيف،فيه: 1-إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر:ضعيف.انظر التقريب 66/1. 2-عباد بن يوسف:مجهول.انظر التقريب 395/1. 3-اختلف في وقفه و رفعه:فقد رواه أحمد في المسند 393/4-403.و البخاري في التاريخ 1/1/ 32.و الحاكم في المستدرك 542/1. من طريق محمد بن أبي أيوب،عن أبي موسى موقوفا.و في سنده:محمد بن أيوب:مجهول.انظر تعجيل المنفعة ص 359. -و رواه من طريق سعيد بن أبي بردة،عن أبيه،عن جده أبي موسى موقوفا:رواه الطبراني في الدعاء، حديث رقم(1792)1605/3-1606. قلت:و في الباب عن: 1-أبي هريرة موقوفا:رواه الحاكم في المستدرك 542/1.و البيهقي في الشعب 542/1.و رجاله ثقات. 2-ابن عباس:رواه البيهقي في سننه 45/5-46.و الطبري في تفسيره 233/6.و البيهقي في الشعب 182/2 موقوفا من طريقين يحسّن بهما. و قد ورد عن أبي العلاء: رواه الطبري في تفسيره 234/6.
3- رواه مسلم في صحيحه،حديث رقم(1917)1522/3.و أبو داود،حديث رقم(2514)13/3.-

فمعناه-و اللّه أعلم-:أنّ معظم القوّة و أنكاها للعدوّ الرمي.

و أخرج أبو الشيخ من طريق أبي المهديّ،عن أبيه،عمّن حدّثه عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: وَ آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ [الأنفال:60]قال:«هم الجنّ» (1).

و أخرج الطّبراني مثله من حديث يزيد بن عبد اللّه بن عريب،عن أبيه،عن جدّه مرفوعا (2).

براءة

أخرج الترمذيّ،عن عليّ،قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن يوم الحجّ الأكبر؟فقال:«يوم النّحر» (3).

ص: 500


1- عزاه في الدر المنثور 198/3 لأبي الشيخ عن أبي الهدى،عن أبيه،عمن حدّثه عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.و هو منقطع و مرسل.
2- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(506)889/17،و ابن أبي عاصم في الآحاد و المثاني، حديث رقم(2696)158/5.و أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(1089)1645/5-1646. و الديلمي في الفردوس،حديث رقم(7388)127/5. قلت:واه،في سنده مجاهيل،و ضعف،و اختلاف: 1-يزيد بن عبد اللّه بن عريب:مجهول.انظر اللسان 315/3. 2-عبد اللّه بن عريب:مجهول.انظر اللسان 315/3. 3-سعيد بن سنان:متروك،و رماه الدار قطني و غيره بالوضع.انظر الجرح 281/2-29،و المغني 261/1،و الكاشف 288/1،و الكامل 359/3-362،و التهذيب 46/4-47.و انظر مجمع الزوائد 27/7،و الاصابة 473/2،و الدر المنثور 198/3. 4-أشار الحافظ إلى خلاف في سنده في الإصابة 479/2،و اللسان 315/3،و نقل عن العلائي أنه قال:«هذا اختلاف شديد مع ما في روايته من الجهالة-يعني:عبد اللّه و يزيد و عمرا-»ا ه.و انظر تفسير ابن كثير 322/2 حيث قال:«و هذا الحديث منكر،لا يصح إسناده و لا متنه»ا ه.
3- -و الترمذي،حديث رقم(3083)270/5-271.و ابن ماجة في سننه،حديث رقم(2813). و الدارمي،حديث رقم(2404-2405)269/2-270.و أحمد في المسند 156/4-157.و الحاكم في المستدرك 328/2.و أبو يعلي في مسنده،حديث رقم(1743)283/3.و الطيالسي في مسنده، حديث رقم(1006)ص 135،و حديث رقم(1010)ص 136.و الطبري في تفسيره 274/6-275. و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(911)330/17.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم (4709)7/11.و البغوي في تفسيره 258/2.

و له شاهد عن ابن عمر،عند ابن جرير (1).

أخرج ابن أبي حاتم،عن المسور بن مخرمة،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«يوم عرفة هذا يوم الحجّ الأكبر» (2).

و أخرج أحمد،و الترمذيّ،و ابن حبّان،و الحاكم،عن أبي سعيد،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان،قال اللّه: إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ [التوبة:18]» (3).،-

ص: 501


1- رواه البخاري-معلقا-عقيب حديث رقم(1742)574/3.بصيغة الجزم،و وصله ابن حجر في تغليق التعليق،104/3-105.و أبو داود،حديث رقم(1945)195/2.و ابن ماجة،حديث رقم (3058).و الطبري في تفسيره 315/6.و البيهقي في سننه 139/5.
2- رواه الطبري في تفسيره 311/6 عن ابن جريج،عن محمد بن قيس بن مخرمة.و هو مرسل.و ابن جريج قد عنعنه. و عزاه في الدر المنثور 212/3 لابن أبي حاتم و ابن مردويه عن المسور.
3- 3-وقع في سنده اختلاف:فقد رواه أبو إسحاق و اختلف عنه: أ-رواه محمد بن إسحاق،عن أبي إسحاق،عن الحارث،عن علي مرفوعا. ب-و رواه غيره موقوفا: رواه سفيان بن عيينة،و مالك بن مغول،و شتير،و أبو الأحوص،و الأجلح،و عنبسة،و معمر:عن أبي إسحاق،عن الحارث،عن علي موقوفا:عند الترمذي،حديث رقم(958)291/3.و حديث رقم (3089)274/5.و عبد الرزاق في تفسيره 266/2-267.و الطبري في تفسيره 311/6-312.و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(15109)379/3.و روايتهم أولى. قال الترمذي:«و لم يرفعه-أي سفيان-.و هذا أصح من الحديث الأول. و رواية ابن عيينة موقوفا أصح من رواية محمد بن إسحاق مرفوعا.هكذا روى غير واحد من الحفاظ، عن أبي إسحاق،عن الحارث،عن علي موقوفا.و قد روى شعبة،عن أبي إسحاق،قال:عن عبد اللّه بن مرة،عن الحارث،عن علي موقوفا». ج-و رواه شعبة،فقال:عن أبي إسحاق،عن عبد اللّه بن مرة،عن الحارث،عن علي موقوفا.ذكره الترمذي عقيب رقم(958)291/3.و عقيب حديث رقم(3089)275/5. د-و رواه الشعبي،عن علي موقوفا:الطبري في تفسيره 313/6. ه-و رواه يحيى الجزار،عن علي موقوفا:ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(15110)3/ 379.

و أخرج ابن المبارك في الزّهد،و الطّبراني،و البيهقيّ في البعث،عن عمران بن الحصين و أبي هريرة،قال:سئل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن هذه الآية: وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنّاتِ عَدْنٍ [التوبة:72]؟.

قال:«قصر من لؤلؤ،في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء،في كلّ دار سبعون بيتا من زمرّدة خضراء،في كلّ بيت سرير،على كلّ سرير سبعون فراشا من كلّ لون،على كلّ فراش زوجة من الحور العين،في كلّ بيت سبعون مائدة،على كلّ مائدة سبعون لونا من الطعام،في كلّ بيت سبعون وصيفا و وصيفة،و يعطى المؤمن في كلّ غداة من القوة ما يأتي على ذلك كلّه أجمع» (1).

و أخرج مسلم و غيره،عن أبي سعيد،قال:اختلف رجلان في المسجد الّذي أسّس على التقوى:فقال أحدهما:هو مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.و قال الآخر:هو مسجد قباء، فأتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،فسألاه عن ذلك،فقال:«هو مسجدي» (2).2.

ص: 502


1- رواه ابن المبارك في الزهد،حديث رقم(1577)ص 550-551.و أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(609)1116/3-1118.و الطبراني في الأوسط،حديث رقم(4846)431/5.و في الكبير، حديث رقم(353)160/18-161.و الطبري في تفسيره 416/6.و ابن الجوزي في الموضوعات 3/ 252. قلت:و سنده ضعيف،فيه: 1-جسر بن فرقد:قال البخاري:ليس بذاك عندهم.و ضعّفه النسائي.انظر اللسان 104/2-105. و في سند العظمة:حسن بن خليفة:لا يعرف. 2-الحسن البصري:لم يسمع من أبي هريرة.و انظر مجمع الزوائد 420/10،و تنزيه الشريعة 2/ 382،و اللآلئ المصنوعة 452/2.
2- رواه مسلم،حديث رقم(1398)1015/2.و الترمذي،حديث رقم(323)144/2-145.و حديث رقم(3099)280/5.و النسائي 36/2. و في سننه الكبرى،حديث رقم(11228)359/6.و أحمد في المسند 8/3-23-24-91.و أبو الشيخ في طبقات المحدثين(66)393/1.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(985)272/2-273. و الحاكم في المستدرك 334/2،و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(7520-7526)148/2. و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(1606)483/4.و حديث رقم(1626)506/4.و الطبري في تفسيره 473/6-474-475.و البيهقي في الدلائل 544/2-545-و 263-264.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(455)340/2-341.و في تفسيره 327/2.

و أخرج أحمد مثله،من حديث سهل بن سعد (1)،و أبيّ بن كعب (2).

و أخرج أحمد،و ابن ماجة،و ابن خزيمة،عن عويم بن ساعدة الأنصاريّ،أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أتاهم في مسجد قباء،فقال:«إن اللّه قد أحسن عليكم الثناء في الطّهور في قصة مسجدكم،فما هذا الطّهور؟».

قالوا:ما نعلم شيئا إلاّ أنا نستنجي بالماء،قال:«هو ذاك فعليكموه» (3).

و أخرج ابن جرير،عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«السائحون:هم الصّائمون» (4).2.

ص: 503


1- رواه أحمد في المسند 331/5-335.و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(7522)148/2. و الطبراني في الكبير،حديث رقم(6025)207/6.و الطبراني في تفسيره 475/6.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(1604-1605)482/4-483.و الحاكم في المستدرك 334/2. قلت:في سنده ربيعة بن عثمان:صدوق،له أوهام.انظر التقريب 247/1.و قد و هم في سند هذا الحديث،كما سيأتي.انظر التعليق الآتي.
2- رواه أحمد في المسند 116/5.و الطبري في تفسيره 475/6.و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم (7528)149/2.و ابن عدي في الكامل 155/4. قلت:سنده ضعيف،شاذ،فيه: 1-عبد اللّه بن عامر الأسلمي:ضعيف.انظر الكامل 155/4،و التهذيب 275/5-276،و التقريب 425/1. 2-و قد خالف عبد اللّه من هو أوثق منه.كما سيذكر الدار قطني.قال الدارقطني في علله 271/11- 273:«يرويه عمران بن أبي أنس،و اختلف عنه: أ-فرواه الليث بن سعد،عن عمران بن أبي أنس،عن ابن أبي سعيد،عن أبيه.[و هو حديث مسلم]. ب-و رواه أبو الوليد،عن الليث،فلم يقم إسناده. ج-و رواه عبد اللّه بن عامر الأسلمي،عن عمران بن أبي أنس،عن سهل بن سعد،عن أبي بن كعب. د-و خالفه ربيعة بن عثمان التيمي،و أسامة بن زيد:«فروياه عن عمران بن أبي أنس،عن سهل بن سعد،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و لم يذكرا أبيا.و يشبه أن يكون القول قول الليث،عن عمران بن أبي أنس.و اللّه أعلم»ا ه.
3- رواه أحمد في المسند 421/3.و ابن خزيمة في صحيحه،حديث رقم(83)45/1-46.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(348)140/17.و في المعجم الصغير 23/2.و الحاكم 155/1. و الطبري في تفسيره 476/6-477. قلت:سنده ضعيف،فيه:شرحبيل بن سعد:ضعيف.انظر التهذيب 320/4-322،و التقريب 1/ 348. و له شواهد من حديث ابن عباس،و أبي هريرة،انظر تخريجها و الحكم عليها في تخريجنا لسنن ابن ماجة برقم(355-357)،و التلخيص الحبير 198/1-200.
4- رواه الطبري في تفسيره 484/6.و الدار قطني في العلل 206/8-207.و العقيلي في الضعفاء 317/1. و ابن عدي في الكامل 220/2.

يونس

أخرج مسلم عن صهيب،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال في قوله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ [يونس:26]:«الحسنى:الجنّة،و الزيادة:النّظر إلى ربهم» (1).

ص: 504


1- رواه مسلم في صحيحه،حديث رقم(181)163/1.و الترمذي،حديث رقم(2552)687/4. و حديث رقم(3105)286/5.و النسائي في سننه الكبرى،حديث رقم(11234)361/6-362. و ابن ماجة،حديث رقم(187).و أحمد في المسند 332/4-333 و 15/6-16.و الطيالسي في مسنده،حديث رقم(1315)ص 186-187.و هناد في الزهد،حديث رقم(171)131/1-132. و ابن أبي عاصم في السنة،حديث رقم(472)205/1-206.و ابن أبي زمنين في أصول السنة، حديث رقم(53)ص 122.و عبد اللّه في السنة،حديث رقم(443-444-445-446-449)1/ 143-245.و حديث رقم(459)249/1.و حديث رقم(1144)497/2. و ابن خزيمة في التوحيد،حديث رقم(258-259)443/2-446.و ابن جرير في تفسيره 551/6. و أبو عوانة 156/1.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7441)471/16-472.و الدارمي في الرد على الجهمية،حديث رقم(175)ص 104-105.و البزار في مسنده،حديث رقم(2087)13/6- 15.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(7314-7315)47/8.و أبو نعيم في الحلية 155/1. و الخطيب في تاريخه 402/1.و الآجري في الشريعة ص 261-262. و في التصديق بالنظر،حديث رقم(34-35-36)ص 50-52.و ابن منده في الإيمان،حديث رقم (782-783-784-785-786)772/2-775.و اللالكائي في أصول الاعتقاد،حديث رقم (778)455/3.و البيهقي في الاعتقاد ص 123-124.و في الأسماء و الصفات 33/2.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(4393)230/15-231.و في التفسير 351/2.

و في الباب عن أبيّ بن كعب (1)،و أبي موسى الأشعري (2)،و كعب بن عجرة (3)، و أنس (4)،و أبي هريرة (5).

و أخرج ابن مردويه،عن ابن عمر،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا :قال:

«شهادة أن لا إله إلاّ اللّه،الحسنى:الجنة،و زيادة:النظر إلى اللّه تعالى» (6).

و أخرج أبو الشيخ و غيره،عن أنس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ قال:«القرآن» وَ بِرَحْمَتِهِ [يونس:58]:أن جعلكم من أهله» (7).ا:

ص: 505


1- رواه ابن جرير في تفسيره 552/6.و اللالكائي في أصول الاعتقاد،حديث رقم(780)456/3، و حديث رقم(849)492/3 من طريقين:و في الأول مبهم،و في الثاني مجاهيل.و اللّه أعلم.
2- رواه اللالكائي في أصول الاعتقاد،حديث رقم(782)457/3 مرفوعا.و حديث رقم(785 مرفوع- 786 موقوف)458/3-459،و الطبري في تفسيره 550/6.و ابن خزيمة في التوحيد،حديث رقم (267)456/2،و الدارمي في الرد على الجهمية،حديث رقم(168)ص 119.و هناد في الزهد، حديث رقم(169)131/1 موقوف.و نعيم بن حماد في زوائد الزهد،حديث رقم(419)ص 127 موقوف.و سنده ضعيف جدا،فيه: 1-أبو بكر الهذلي:متروك الحديث،كما في التقريب 401/2،و انظر المغني 773/2،و الكامل 3/ 321-325،و الكاشف 279/3. 2-و قد اختلف في رفعه و وقفه-كما ذكر في التخريج.
3- رواه اللالكائي في أصول الاعتقاد،حديث رقم(781)456/3-457.و عبد اللّه في السنة،حديث رقم(484)262/1.و الطبري في تفسيره 551/6.و سنده ضعيف،فيه: 1-ابن جريج:ثقة،فقيه،فاضل،و كان يدلس و يرسل.قال الدار قطني:شر التدليس تدليس ابن جريج فإنه قبيح التدليس،لا يدلّس إلاّ فيما سمعه من مجروح.انظر طبقات المدلسين ص 95،و التقريب 1/ 520،و الكاشف 185/2. 2-عطاء بن أبي مسلم الخراساني:صدوق،يهم كثيرا،و يرسل،و يدلس.انظر التهذيب 212/7- 215،و الكاشف 233/2،و التقريب 23/2. 3-عطاء،عن كعب:مرسل:قال ابن معين:لا أعلمه لقي أحدا من أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.انظر جامع التحصيل ص 238. 4-إبراهيم بن المختار:ضعيف.انظر التقريب 43/1،و الكاشف 47/1.
4- رواه اللالكائي في أصول الاعتقاد،حديث رقم(779)456/3. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-مسلم بن سالم البلخي:ضعّفه ابن معين و النسائي و أحمد و أبو زرعة.انظر الميزان 185/2. 2-نوح بن أبي مريم:متروك الحديث.انظر التهذيب 486/10،و الميزان 279/4.
5- عزاه في الدر المنثور 305/3-306 لأبي الشيخ.
6- عزاه في الدر المنثور 305/3 لابن مردويه.
7- عزاه في الدر المنثور 308/3 لأبي الشيخ و ابن مردويه. و في الباب عن أبي سعيد موقوفا:

و أخرج ابن مردويه،عن أبي سعيد الخدري،قال:جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال:إنّي أشتكي صدري،قال:«اقرأ القرآن،يقول اللّه تعالى: وَ شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ »[يونس:57] (1).

له شاهد من حديث واثلة بن الأسقع،أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (2).

و أخرج أبو داود و غيره،عن عمر بن الخطاب،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّ من عباد اللّه ناسا يغبطهم الأنبياء و الشهداء».

قيل:من هم يا رسول اللّه؟.

قال:«قوم تحابّوا في اللّه من غير أموال و لا أنساب،لا يفزعون إذا فزع الناس،و لا يحزنون إذا حزنوا»ثم تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ(62) [يونس:62] (3).

و أخرج ابن مردويه،عن أبي هريرة،قال:سئل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم عن قول اللّه: أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ(62) ؟قال:«الذين يتحابّون في اللّه تعالى» (4).ي-

ص: 506


1- سبق تخريجه في باب خواص القرآن.
2- سبق تخريجه في باب خواص القرآن.
3- رواه أبو داود حديث رقم(3527)288/3.و أبو نعيم في الحلية 5/1.و الطبري في تفسيره 576/6. و البيهقي في الشعب 486/6.و المقدسي في المتحابين(55). قلت:سنده منقطع:فأبو زرعة حديثه عن عمر مرسل.انظر جامع التحصيل ص 224-225. و له طريق أخرى:فرواه من طريق طلق،عن عمر بن الخطاب:رواه هناد في الزهد،حديث رقم (475)ص 272. و للحديث شواهد من حديث أبي هريرة،و أبي مالك الأشعري.انظر الحديث الآتي.
4- رواه النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم(11236)363/6.و أبو يعلى في مسنده، حديث رقم(6110)495/10.و الطبري في تفسيره،575/6-576،و ابن حبان في صحيحه، حديث رقم(573)332/2-333.و ابن أبي الدنيا في الأخوان،حديث رقم(5)ص 45.و البيهقي في شعب الإيمان 487/6.ثم قال:«و المحفوظ عن أبي زرعة،عن عمر مرسلا»فأعلّه الحافظ البيهقي-

و ورد مثله من حديث جابر بن عبد اللّه،أخرجه ابن مردويه (1).

و أخرج أحمد،و سعيد بن منصور،و التّرمذي،و غيرهم،عن أبي الدرداء:أنه سئل عن هذه الآية: لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا [يونس:64]؟.

قال:ما سألني عنها أحد منذ سألت النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:«ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت؛هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم،أو ترى له،فهي بشراه في الحياة الدنيا،و بشراه في الآخرة الجنة» (2).له طرق كثيرة (3).ق.

ص: 507


1- انظر التعليق السابق.
2- رواه الترمذي،حديث رقم(2273)534/4.و حديث رقم(3106)286/5-287.و الحميدي في مسنده،حديث رقم(391-392)193/1.و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(30452)6/ 173.و الحاكم في المستدرك 391/4.عن رجل من أهل مصر،عن أبي الدرداء. قلت:في سنده الرجل المبهم،و اختلاف علي أبي صالح في سنده: أ-فقد رواه وكيع،عن الأعمش،عن أبي صالح،عن عطاء،عن رجل كان يفتي بمصر،عن أبي الدرداء. ب-و رواه الأعمش و عاصم،عن أبي صالح،عن أبي الدرداء: رواه الترمذي،حديث رقم(3106)287/5.و أحمد في المسند 445/6-452.و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(30454)173/6.و الطبري في تفسيره 95/11. ج-و فيه غير ذلك-كما سيأتي: قال الدار قطني في علله 212/6-213:«يروى عن أبي صالح السمان،و اختلف عنه: أ-فرواه عاصم بن أبي النجود،عن أبي صالح،عن أبي الدرداء. ب-و رواه الأعمش،عن أبي صالح،و اختلف عنه: 1-فرواه سليمان التيمي،عن الأعمش و عاصم،عن أبي صالح،عن عطاء بن يسار،عن أبي الدرداء. 2-و قال يحيى بن هاشم:عن الأعمش،عن أبي صالح،عن أبي الدرداء. 3-و قال الثوري و وكيع و أبو معاوية الضرير و شريك:عن الأعمش،عن أبي صالح،عن عطاء بن يسار،عن رجل من أهل مصر،عن أبي الدرداء. 4-و رواه عبد العزيز بن رفيع،عن أبي صالح كذلك،عن رجل من أهل مصر،عن أبي الدرداء. 5-و رواه محمد بن المنكدر،عن عطاء بن يسار،عن رجل من أهل مصر،عن أبي الدرداء. و هو الصواب»ا ه. و انظر العلل 207/10-208. و في الباب عن عبادة بن الصامت،و جابر بن عبد اللّه بن رئاب.انظر تخريجنا لسنن ابن ماجة(3898).
3- انظر التعليق السابق.

و أخرج ابن مردويه،عن عائشة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: إِلاّ قَوْمَ يُونُسَ لَمّا آمَنُوا [يونس:98].قال:«دعوا» (1).

هود

أخرج ابن مردويه-بسند ضعيف-،عن ابن عمر،قال:تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم هذه الآية: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [هود:7].فقلت:ما معنى ذلك يا رسول اللّه؟ قال:«أيّكم أحسن عقلا،و أحسنكم عقلا أورعكم عن محارم اللّه تعالى،و أعملكم بطاعة اللّه تعالى» (2).

و أخرج الطبراني-بسند ضعيف-،عن ابن عباس،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم-:«لم أر شيئا أحسن طلبا،و لا أسرع إدراكا من حسنة حديثة لسيّئة قديمة: إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ [هود:114]» (3).

ص: 508


1- عزاه في الدر المنثور 317/3 لابن مردويه.
2- رواه الطبري في تفسيره 7/7. و داود بن المحبر في كتاب العقل،و ابن حاتم،و الحاكم في التاريخ،و ابن مردويه،و ابن جرير،كما في الدر المنثور 322/3. و داود بن المحبر:متروك.و أكثر كتاب العقل الذي صنّفه موضوعات.انظر المغني 220/1،و الكاشف 224/1،و الميزان 20/2،و التقريب 234/1.
3- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(12798)173/12-174.و الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ص 239.و العقيلي في الضعفاء 174/4،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 353/3-354. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-مالك بن يحيى النكري:تكلّم فيه ابن حبان.و قال البخاري:في حديثه نظر.انظر الضعفاء للعقيلي 174/4،و اللسان 6/5-7،و الكامل 382/6،و مجمع الزوائد 39/7. 2-يحيى بن عمرو النكري:ضعيف،و يقال:إنّ حماد بن زيد كذّبه.انظر التهذيب 259/11-260، و التقريب 354/2.

و أخرج أحمد،عن أبي ذرّ،قال:قلت:يا رسول اللّه،أوصني؟ قال:«إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها».

قلت:يا رسول اللّه،أ من الحسنات:لا إله إلاّ اللّه؟.

قال:«هي أفضل الحسنات» (1).

و أخرج الطبرانيّ،و أبو الشيخ،عن جرير بن عبد اللّه،قال:لما نزلت: وَ ما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ(117) [هود:117].

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«و أهلها ينصف بعضهم بعضا» (2).

يوسف

أخرج سعيد بن منصور،و أبو يعلى،و الحاكم-و صححه-،و البيهقيّ في الدلائل، عن جابر بن عبد اللّه،قال:جاء يهوديّ إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:يا محمد،أخبرني عن النجوم التي رآها يوسف ساجدة له،ما أسماؤها؟فلم يجبه بشيء،حتى أتاه جبريل،فأخبره، فأرسل إلى اليهوديّ،فقال:«هل أنت مؤمن إن أخبرتك بها»؟قال:نعم،فقال:«خرثان، و طارق،و الذّيال،و ذو الكيعان،و ذو الفرع،و وثّاب،و عمودان،و قابس،و الصّروح، و المصبّح،و الفيلق،و الضياء،و النور».قال اليهوديّ:أي و اللّه إنها لأسماؤها؛

ص: 509


1- رواه أحمد في المسند 169/5.و البيهقي في الأسماء و الصفات 181/1-182.و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 354/3. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-رجال مبهمون:عن أشياخه. 2-فيه خلاف على الأعمش: أ-رواه أبو معاوية،عن الأعمش،عن شمر بن عطية،عن أشياخه،عن أبي ذر به.و قد سبق تخريجه. ب-و رواه يونس بن بكير الشيباني،عن الأعمش،عن إبراهيم التميمي،عن أبيه،عن أبي ذر به.عند البيهقي 181/1 ثم قال:«كذا وجدته بهذا الإسناد».
2- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(2281)308/2.و أبو الشيخ،و ابن مردويه،و الديلمي في الفردوس،كما في الدر المنثور 356/3 مرفوعا. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه:عبيد بن القاسم:متروك،كذّبه ابن معين،و اتهمه أبو داود بالوضع. انظر التقريب 544/1،و التهذيب 72/7-73. و قد خالفه محمد بن القاسم الأسدي،حيث رواه عن إسماعيل،عن قيس،عن جرير به موقوفا:عند الخرائطي في مساوئ الأخلاق(642)ص 256.و ابن أبي حاتم،كما في الدر المنثور 356/3. و محمد بن القاسم:كذّبه أحمد،و الدار قطني.انظر الميزان 11/4.

« وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ... يعني:أباه و أمّه-رآها في أفق السماء ساجدة له.فلما قصّ رؤياه على أبيه،قال:أرى أمرا متشتّتا يجمعه اللّه» (1).

و أخرج ابن مردويه،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«لما قال يوسف: ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ [يوسف:52].قال له جبريل:يا يوسف،اذكر همّك،قال: وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي [يوسف:53]» (2).

الرعد

أخرج الترمذيّ-و حسّنه-،و الحاكم-و صحّحه-،عن أبي هريرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: وَ نُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ [الرعد:4].قال:«الدّقل و الفارسيّ و الحلو و الحامض» (3).

و أخرج أحمد،و الترمذيّ-و صحّحه-،و النسائيّ،عن ابن عباس،قال:أقبلت

ص: 510


1- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(2220)35/2(كشف الأستار).و الحاكم في المستدرك 396/4. و العقيلي في الضعفاء 259/1.و ابن حبان في المجروحين 250/1-251.و ابن جرير في تفسيره 7/ 148.و أبو يعلى،و ابن المنذر،و ابن أبي حاتم،و أبو الشيخ،و سعيد بن منصور،و ابن مردويه،و أبو نعيم في الدلائل،و البيهقي في الدلائل،كما في الدر المنثور 4/4. و قال في مختصر إتحاف المهرة 382/5-383:«رواه أبو يعلى الموصلي بسند ضعيف و منقطع. و رواه البزار بتمامه إلاّ أنه قال:النمردات:بدل:العمودان.و الحاكم و قال:صحيح على شرط مسلم، و ليس كما زعم»ا ه. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-الحكم بن ظهير:ليس بشيء.و قال البخاري:منكر الحديث.انظر التاريخ الكبير 345/2/1، و المجروحين 250/1. 2-عبد الرحمن بن سابط:قال ابن معين:لم يسمع من جابر،و أثبت له ابن أبي حاتم السماع من جابر.انظر جامع التحصيل ص 222،و الجرح و التعديل 240/2/2.
2- عزاه في الدر المنثور 23/4 للحاكم في تاريخه،و ابن مردويه،و الديلمي. و رواه الحارث بن أبي أسامة موقوفا بسند ضعيف،لضعف خصيف،و لا سيما فيما رواه في حق الأنبياء،و هم معصومون قبل البعثة و بعدها.هذا هو الحق»ا ه كما في مختصر إتحاف المهرة 383/5.
3- رواه الترمذي،حديث رقم(3118)294/5.و ابن جرير في تفسيره 338/7.و أبو الشيخ،و البزار، و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 44/4. و سنده ضعيف جدا،فيه:سيف بن محمد الكوفي:كذّبوه.انظر الكامل 431/3-435،و التقريب 344/1. و لكن رواه ابن جرير من طريق أخرى:فقد رواه من طريق زيد بن أبي أنيسة،عن الأعمش،عن أبي صالح،عن أبي هريرة به.و سنده حسن إن شاء اللّه تعالى.

يهود إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،فقالوا:أخبرنا عن الرّعد ما هو؟.

قال:«ملك من ملائكة اللّه موكّل بالسحاب،بيده مخراق من نار يزجر به السحاب، يسوقه حيث أمره اللّه».

قالوا:فما هذا الصوت الذي نسمع؟.

قال:«صوته» (1).

و أخرج ابن مردويه،عن عمرو بن بجاد الأشعريّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«الرعد ملك يزجر السحاب،و البرق طرف ملك يقال له:روفيل» (2).

و أخرج ابن مردويه،عن جابر بن عبد اللّه،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إنّ ملكا موكّل بالسحاب يلمّ القاصية،و يلحم الرابية،في يده مخراق،فإذا رفع برقت،و إذا زجر رعدت،و إذا ضرب صعقت» (3).

و أخرج أحمد،و ابن حبّان،عن أبي سعيد الخدري،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:

«طوبى شجرة في الجنة،مسيرة مائة عام» (4).

و أخرج الطّبرانيّ-بسند ضعيف-،عن ابن عمر،سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:

« يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ [الرعد:39]:إلاّ الشقاوة و السعادة،و الحياة و الموت» (5)..-

ص: 511


1- سبق تخريجه.
2- عزاه في الدر المنثور 50/4 لابن مردويه.
3- عزاه في الدر المنثور 50/4 لابن مردويه عن جابر-رضي اللّه عنه-أن خزيمة بن ثابت-و ليس بالأنصاري-رضي اللّه عنه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم به.
4- جزء من حديث رواه أحمد في المسند 71/3 بتمامه. و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7230)213/16 بدون لفظ المصنف،و أبو يعلى في مسنده، حديث رقم(1374)519/2-520 بتمامه.و ابن جرير 384/7.و الآجري في الشريعة ص 271. و في التصديق بالنظر،حديث رقم(57)ص 75-76.و السجستاني في البعث،حديث رقم(67)ص 121-122.و الخطيب في تاريخ بغداد 91/4.و سنده ضعيف،فيه: دراج:في حديثه عن أبي الهيثم ضعف،و هنا يروي عنه.انظر التهذيب 208/3-209،و التقريب 1/ 235. و في الباب عن ابن عمر: رواه الآجري في التصديق بالنظر(58)ص 77-78 و في سنده:عبد اللّه بن زياد الفلسطيني،عن زرعة بن إبراهيم قال الذهبي في الميزان 425/2:«بخبر منكر.تكلّم فيه ابن حبان»ا ه.و زرعة:ليس بالقوي،كما في الجرح و التعديل 607/2/1.
5- رواه الطبراني في الأوسط،حديث رقم(9468)214/10.و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 66/4.-

و أخرج ابن مردويه،عن جابر بن عبد اللّه بن رئاب،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:

يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ [الرعد:39].قال:«يمحو من الرزق و يزيد فيه،و يمحو من الأجل و يزيد فيه» (1).

و أخرج ابن مردويه،عن ابن عباس،أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم سئل عن قوله يَمْحُوا اللّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ ؟.

قال:«ذلك كلّ ليلة القدر؛يرفع و يجبر و يرزق؛غير الحياة و الموت و الشقاء و السعادة،فإنّ ذلك لا يبدّل» (2).

و أخرج ابن مردويه،عن عليّ،أنّه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن هذه الآية فقال:«لأقرّنّ عينك بتفسيرها،و لأقرّنّ عين أمتي من بعدي بتفسيرها:الصدقة على وجهها،و برّ الوالدين،و اصطناع المعروف تحوّل الشقاء سعادة و تزيد في العمر» (3).

إبراهيم

أخرج ابن مردويه،عن ابن مسعود،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«من أعطى الشكر لم يحرم الزيادة؛لأنّ اللّه تعالى يقول: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7]» (4).

ص: 512


1- رواه ابن جرير في تفسيره 402/7.و ابن سعد،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 66/4. و في سنده الكلبي متهم بالكذب. و قد اختلف عنه،فرواه عبد الوهاب،عن الكلبي،عن أبي صالح نحوه،و لم يجاوز أبا صالح.عند الطبري في تفسيره 402/7.
2- عزاه في الدر المنثور 66/4 لابن مردويه.
3- عزاه في الدر المنثور 66/4 لابن مردويه و ابن عساكر.
4- عزاه في الدر المنثور 71/4 لابن مردويه. و رواه الطبراني في المعجم الصغير 92/2،و الخطيب في تاريخ بغداد 248/1،و ابن الجوزي في العلل المتناهية 839/2 ثم قال:«هذا حديث لا يصح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،تفرّد به محمود بن العباس،و هو مجهول»ا ه.و ذكره في الميزان 77/4-78.ثم قال:محمود بن العباس.عن هشيم:بخبر كذب، لعله واضعه،و له خبر آخر منكر.و انظر لسان الميزان 3/6. و في الباب عن أنس،و عطارد القرشي،و أبي هريرة.انظر تخريجنا لكتاب الترغيب في الدعاء ص 49.

و أخرج أحمد،و الترمذيّ،و النسائي،و الحاكم-و صحّحه-و غيرهم،عن أبي أمامة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: وَ يُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ [التوبة:16-17]:

قال:«يقرب إليه فيتكرّهه،فإذا أدني منه شوى وجهه،و وقع فروة رأسه،فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره،يقول اللّه تعالى: وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ [محمد:

15].و قال تعالى: وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ [الكهف:29]» (1)و أخرج ابن أبي حاتم،و الطّبراني،و ابن مردويه،عن كعب بن مالك-رفعه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فيما أحسب-في قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْنا أَ جَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ [إبراهيم:21].قال:«يقول أهل النار:هلمّوا فلنصبر،فيصبرون خمسمائة عام،فلما رأوا ذلك لا ينفعهم،قال:هلمّوا فلنجزع،فيكون خمسمائة عام،فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا: سَواءٌ عَلَيْنا أَ جَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ [إبراهيم:

21]» (2).

و أخرج التّرمذيّ،و النّسائيّ،و الحاكم،و ابن حبّان،و غيرهم،عن أنس،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ [إبراهيم:24].قال:«هي النخلة» وَ مَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ .قال:«هي الحنظل» (3).2.

ص: 513


1- رواه الترمذي،حديث رقم(2583)705/4-706.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى، حديث رقم(11263)371/6-372.و أحمد في المسند 265/5.و الطبري في تفسيره 430/7/5. و نعيم بن حماد في زوائد الزهد لابن المبارك،حديث رقم(314)ص 89.و الحاكم في المستدرك 2/ 351-368-369.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(7460)106/8.و أبو نعيم في الحلية 182/8.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(4405)243/15-244. قلت:في سنده: عبيد اللّه بن بسر:قال في التقريب 531/1 عنه:«مجهول.قال الترمذي:لعله أخو عبد اللّه بن بسر المازني الصحابي»ا ه.و انظر التهذيب 4/7-5،و سنن الترمذي 706/4،و تحفة الأشراف 174/4.
2- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(172)84/19-85.و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه، كما في الدر المنثور 74/4. و أسد بن موسى في الزهد،حديث رقم(2)ص 15. قلت:سنده ضعيف،فيه:أنس بن أبي القاسم:مجهول،كما قال أبو حاتم و الذهبي.انظر مجمع الزوائد 43/7-44.و انظر لسان الميزان 469/1-470.
3- رواه الترمذي،حديث رقم(3119)295/5.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم (11262)371/6.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(4165)182/7-183.و الحاكم في المستدرك 352/2.و الطبري في تفسيره،438/7.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(475)2/ 222-223.و أبو الشيخ في الأمثال،حديث رقم(357)ص 241-242.

و أخرج أحمد،و ابن مردويه-بسند جيد-،عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:

كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ :قال:«هي التي لا ينقص ورقها،هي النخلة» (1).

و أخرج الأئمة السّتة،عن البراء بن عازب،أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلاّ اللّه و أنّ محمدا رسول اللّه؛فلذلك قوله: يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ [إبراهيم:27]» (2)..-

ص: 514


1- روى أصله البخاري،حديث رقم(61)145/1.و حديث رقم(62)147/1.و حديث رقم(72)1/ 165.و حديث رقم(131)229/1.و حديث رقم(2209)405/4.و حديث رقم(4698)377/8. و حديث رقم(5444)569/9.و حديث رقم(5448)572/9.و حديث رقم(6122)523/10- 524.و حديث رقم(6144)536/10.و مسلم،حديث رقم(2811)2164/4-2166.و الترمذي، حديث رقم(2867)151/5.و الدارمي في سننه،حديث رقم(282)98/1.و أحمد في المسند 2/ 12-31-41 مختصرا-61-115-123-157.و الحميدي في مسنده،حديث رقم(676- 677)298/2.و البزار في مسنده،حديث رقم(43)31/1(كشف الأستار).و عبد بن حميد في المنتخب من المسند،حديث رقم(792)ص 253،و الطبري تفسيره 439/7-440.و ابن منده في الإيمان،حديث رقم(187-188-189-190)351/1-353.و أبو الشيخ في الأمثال،حديث رقم(355-356)ص 240-241.و الرامهرمزي في الأمثال،حديث رقم(32-33)ص 69-70. و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(243-244-245-246)478/1-481.و الطبراني في المعجم الكبير حديث رقم(13508)409/12.و حديث رقم(13513)410/12-411.و حديث رقم(13520-13521)412/12-413.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(143)307/1.
2- رواه البخاري في صحيحه،حديث رقم(1369)230/3-232.و حديث رقم(4699)378/8.-

و أخرج مسلم،عن ثوبان،قال:جاء حبر من اليهود إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،فقال:أين يكون الناس يوم تبدّل الأرض غير الأرض؟.

فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«هم في الظلمة دون الجسر» (1).

و أخرج مسلم،و الترمذيّ،و ابن ماجة،و غيرهم،عن عائشة،قالت:أنا أوّل الناس سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن هذه الآية: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ [إبراهيم:48]؟قلت:

أين الناس يومئذ؟.

قال:«على الصراط» (2).

و أخرج الطّبرانيّ في الأوسط،و البزّار،و ابن مردويه،و البيهقيّ في البعث،عن ابن مسعود،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قول اللّه: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ قال:«أرض بيضاء كأنها فضّة،لم يسفك فيها دم حرام،و لم يعمل فيها خطيئة» (3).2.

ص: 515


1- رواه مسلم،حديث رقم(315)252/1-253.و النسائي في سننه الكبرى،حديث رقم(9073- 9074)337/5-339.و الحاكم في المستدرك 481/3-482.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(1414)93/2.و في مسند الشاميين،حديث رقم(2668)109/4.و في المعجم الأوسط، حديث رقم(470)290/1-291.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7422)440/16-441. و ابن منده في التوحيد حديث رقم(86)227/1-228.و أبو نعيم في صفة الجنة(337).و البيهقي في البعث(315).
2- و مسلم في صحيحه،حديث رقم(2871)2201/4.و أبو داود في سننه،حديث رقم(4750)4/ 238.و الترمذي في سننه،حديث رقم(3120)295/5-296.و النسائي في سننه المجتبى،101/4 -102.و في سننه الكبرى،حديث رقم(11246)372/6.و ابن ماجة في سننه،حديث رقم (4269).و أحمد في المسند 283/4-291-292.و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم (12048)53/3،و الطيالسي في مسنده،حديث رقم(745)،و الطبري في التفسير 447/7-449. و الآجري في الشريعة ص 371.و البيهقي في عذاب القبر،حديث رقم(2-3-4-5-6)ص 20- 22.و حديث رقم(11)ص 25.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(1520)412/5.و في تفسيره 33/3-34.
3- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(1859)246/5-247.و الهيثم بن كليب في مسنده،حديث رقم (669)131/2-132.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(10323)199/10.و في الأوسط،حديث رقم(7163)82/8.و ابن عدي في الكامل 123/2.

الحجر

أخرج الطّبرانيّ،و ابن مردويه،و ابن حبّان،عن أبي سعيد الخدريّ،أنّه سئل:هل سمعت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول في هذه الآية: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (2) [الحجر:2]؟.

قال:نعم،سمعته يقول:«يخرج اللّه ناسا من المؤمنين من النّار بعد ما يأخذ نقمته منهم،لما أدخلهم النار مع المشركين قال لهم المشركون:تدّعون بأنكم أولياء اللّه في الدنيا،فما بالكم معنا في النار؟!.

فإذا سمع اللّه ذلك منهم أذن في الشفاعة لهم،فتشفع الملائكة و النبيون و المؤمنون حتى يخرجوا بإذن اللّه تعالى،فإذا رأى المشركون ذلك قالوا:يا ليتنا كنّا مثلهم،فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم؛فذلك قول اللّه: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (2) » (1).

ص: 516


1- رواه ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7432)457/16-458.و أبو نعيم في الحلية 253/7- 254 بجزئه الأخير.و الطبراني في الأوسط،حديث رقم(8106)50/9-51. قلت:سنده ضعيف،فيه:صالح بن أبي طريف:مجهول.انظر الثقات 376/4. و يرتقي بما في الباب: عن أبي موسى:رواه ابن أبي عاصم في السنة،حديث رقم(843)ص 391-392.و الحاكم في-

و له شاهد من حديث أبي موسى الأشعري (1)،و جابر بن عبد اللّه (2)،و عليّ (3).

و أخرج ابن مردويه،عن أنس،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله تعالى: لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ [الحجر:44]:قال:«جزء أشركوا،و جزء شكّوا في اللّه تعالى،و جزء غفلوا عن اللّه تعالى» (4).

و أخرج البخاريّ،و الترمذيّ،عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«أمّ القرآن هي السبع المثاني و القرآن العظيم» (5).

و أخرج الطّبرانيّ في الأوسط،عن ابن عباس،قال:سأل رجل رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم- قال:أ رأيت قول اللّه: كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ(90) [الحجر:90]؟.

قال:«اليهود و النصارى».

قال: اَلَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ(91) [الحجر:91]:ما عضين؟.

قال:«آمنوا ببعض و كفروا ببعض» (6).ا.

ص: 517


1- المستدرك 242/2،و ابن جرير في تفسيره 489/7. و رواه الطبراني و فيه خالد بن نافع الأشعري.قال أبو داود:متروك.قال الذهبي:هذا تجاوز في الحد. فلا يستحق الترك،فقد حدّث عنه أحمد بن حنبل و غيره،و بقية رجاله ثقات.كما في مجمع الزوائد 4/ 45. 2-جابر بن عبد اللّه:رواه الطبراني في الأوسط،حديث رقم(5142)68/6.و ابن مردويه كما في الدر المنثور 92/4.و رجاله رجال الصحيح غير بسام الصيرفي و هو ثقة،كما في المجمع 379/10. -و رواه أبو نعيم في الحلية من طريق مصعب بن خارجة،عن أبيه،عن مسعر،عن عطية،عن أبي سعيد بآخره. قلت:و سنده ضعيف جدا،فيه: 1-مصعب:مجهول.انظر اللسان 43/6. 2-خارجة:متروك،و كان يدلس عن الكذابين،و يقال:إنّ ابن معين كذّبه.انظر الكاشف 201/1، و المغني 200/1،و التقريب 210/1-211.
2- سبق تخريجه.
3- سبق تخريجه.
4- رواه الخطيب في تاريخه 29/9.و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 100/4،و انظر اللسان 107/3. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه:سليمان بن مهران المدائني:منكر جدا.انظر اللسان 107/3.
5- سبق تخريجه.
6- رواه الطبراني في المعجم الأوسط،حديث رقم(6200)115/7 من طريق حبيب بن حسان،عن أبي ظبيان،عن ابن عباس مرفوعا.

و أخرج الترمذيّ،و ابن جرير،و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه،عن أنس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(92) عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ(93) [الحجر:92-93]؟.

قال:«عن قول:لا إله إلاّ اللّه» (1).،-

ص: 518


1- رواه الترمذي،حديث رقم(3126)298/5.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(4058)111/7- 112،و البخاري في التاريخ الكبير 133/2/4-134.و تمام في فوائده،حديث رقم(1348)149/4 بزيادة في آخره.و الطبري في تفسيره 548/7.و الطبراني في الدعاء،حديث رقم(1491-1492- 1493)1493/3-1494.و أبو نعيم في الحلية 95/3. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-ليث بن أبي سليم:صدوق،اختلط جدا،فلم يتميّز حديثه،فترك.انظر التقريب 138/2، و المغني 536/2،و التهذيب 465/8-468،و الكاشف 13/3. 2-اختلف في رفعه و وقفه.رواه ليث و اختلف عنه: أ-رواه معتمر بن سليمان،عن ليث،عن بشر،عن أنس مرفوعا،و سبق تخريجه. و تابع معتمر:برد عند تمام،و شريك عن الطبراني في الدعاء و الطبري،و جرير عند أبي يعلى، و إسماعيل بن زكريا عند الطبراني،و عمار بن محمد عند الطبراني و أبي نعيم و لكنه عن داود،عن أنس به. ب-و رواه عبد اللّه بن إدريس،فرواه عن ليث،عن بشر،عن أنس نحوه و لم يرفعه.كما قال الترمذي في سننه. و تابعه:حفص بن غياث عند البخاري و الطبراني،و ابن حجر في التغليق 29/2 و أغلب الظن أن هذا الاختلاف هو من ليث نفسه-كما سيأتي-. ج-و رواه الثوري،عن ليث،عن مجاهد قوله:عند عبد الرزاق في تفسيره 351/3،و الطبري 7/ 548،و الطبراني في الدعاء(1496)1495/3،و ابن حجر في التغليق 28/2. و-و رواه عمار بن محمد،عن ليث،عن داود،عن أنس:رواه و أبو نعيم في الحلية،و ابن حجر في التغليق 29/2 ثم قال 30/2:«داود هذا:قيل:إنه ابن أبي هند.فإن يكن هو فما أظنه سمع من أنس» ا ه. ه-و فيه من الاضطراب غير ذلك.كما قال الحافظ في التغليق 30/2 و قال:«و الصواب فيه عن ليث،-

النحل

أخرج ابن مردويه،عن البراء،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم سئل عن قول اللّه: زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ [النحل:88]؟.

قال:«عقارب أمثال النخل الطوال،ينهشونهم في جهنم» (1).

الإسراء

أخرج البيهقيّ في«الدلائل»عن سعيد المقبريّ،أنّ عبد اللّه بن سلام سأل النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم عن السّواد الذي في القمر،فقال:«كانا شمسين،فقال اللّه: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ وَ النَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ [الإسراء:12]فالسواد الذي رأيت هو المحو» (2).

و أخرج الحاكم في التاريخ،و الديلميّ،عن جابر بن عبد اللّه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ [الإسراء:70]قال:«الكرامة الأكل بالأصابع» (3).

و أخرج ابن مردويه،عن عليّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قول اللّه: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ [الإسراء:71].

ص: 519


1- -ما قاله الثوري،لأنّ ليثا و هو ابن أبي سليم اختلط في آخر عمره،و نسب إلى الضعف،فأما ما سمع منه قبل الاختلاط فسماعه صحيح»ا ه. 3-بشر-غير منسوب.فيل:هو ابن دينار-:مجهول.انظر تهذيب الكمال 152/1،و التقريب 1/ 102،و قد اختلفوا في تسميته،و منهم من قال:بشير. قلت:فالحديث سنده ضعيف،لضعف ليث،و لاختلافه و اضطرابه في هذا الحديث،و الصواب فيه الوقف.و اللّه تعالى أعلم بالصواب.
2- رواه البيهقي في الدلائل 260/6-262. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-أبو معشر المدني:ضعيف،أسنّ و اختلط.انظر التقريب 298/2،و التهذيب 419/10-422، و الكاشف 175/2. 2-و هو مرسل-بل معضل-،و أصل الحديث بدون هذه الزيادة عند البخاري و غيره.
3- رواه الحاكم في التاريخ،و الديلمي،كما في الدر المنثور 193/4.

قال)«يدعى كلّ بإمام لهم و كتاب ربّهم» (1).

و أخرج ابن مردويه،عن عمر بن الخطاب،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الإيراء:78].قال:«لزوال الشمس» (2).

و أخرج البزّار،و ابن مردويه،بسند ضعيف،عن ابن عمر،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«دلوك الشمس:زوالها» (3).

و أخرج الترمذي-و صحّحه-،و النسائيّ،عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:

إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78].قال:«تشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار» (4).

و أخرج أحمد،و غيره،عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [الإسراء:79].قال:«هو المقام الذي أشفع فيه لأمّتي».

و في لفظ:«هي الشفاعة» (5).،-

ص: 520


1- و انظر الدر المنثور 193/4 و عزاه لابن مردويه. و في الباب عن أبي هريرة:رواه الترمذي(3136)302/5-303،و ابن حبان(7349)346/16، و الحاكم 242/2-243. و سنده ضعيف.فيه عبد الرحمن بن أبي كريمة:مجهول.و انظر الدر المنثور 317/5.
2- انظر الدر المنثور 195/4 و عزاه لابن مردويه.
3- رواه الديلمي في الفردوس،حديث رقم(2893)341/2.و البزار في مسنده،حديث رقم(2227)3/ 56.و أبو الشيخ،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 195/4. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-عمر بن قيس:متروك،انظر الضعفاء للعقيلي 186/3-188،و الكاشف 277/2،و المغني 2/ 472،و التهذيب 490/7-493،و التقريب 62/2. 2-اختلف في وقعه و رفعه،و الصواب وقفه. قال البزار:«إنما يروى موقوفا على ابن عمر،و لم يرفعه إلاّ عمر بن قيس.و هو:لين الحديث»ا ه.
4- رواه الترمذي،حديث رقم(3135)302/5.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم (11293)381/6.و ابن ماجة،حديث رقم(670).و أحمد في المسند 474/2.و الحاكم 1/ 211.و ابن جرير في تفسيره 127/8-128.و الديلمي في الفردوس،حديث رقم(7378)123/5. و سنده صحيح.
5- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(3137)303/5.و أحمد في المسند 444/2-478-528.و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(31745)319/6.و ابن أبي عاصم في السنة،حديث رقم(784) ص 350.و الدولابي في الكنى 164/2.و السهمي في تاريخ جرجان ص 195-196.و أبو نعيم في الحلية 372/8.و ابن المبارك في الزهد،حديث رقم(1312)ص 463.و الطحاوي في مشكل الآثار،-

و له طرق كثيرة مطوّلة و مختصرة في الصحاح و غيرها.

و أخرج الشيخان و غيرهما،عن أنس،قال:قيل:يا رسول اللّه،كيف يحشر الناس على وجوههم؟.

قال:«الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم» (1).

الكهف

أخرج أحمد،و الترمذيّ،عن أبي سعيد الخدريّ،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«لسرادق النار أربعة أجدر،كثافة كلّ جدار مثل مسافة أربعين سنة» (2).

و أخرجا عنه-أيضا-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: بِماءٍ كَالْمُهْلِ [الكهف:29]:

قال:«كعكر الزيت،فإذا قرّبه إليه سقطت فروة وجهه فيه» (3).

ص: 521


1- رواه البخاري،حديث رقم(4760)492/8.و حديث رقم(6523)377/11.و مسلم في صحيحه، حديث رقم(2806)2161/4.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم(11367) 420/6.و أحمد في المسند 229/3.و أبو نعيم في الحلية 343/2.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم (3046)385/5-386.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7323)315/16.و الحاكم 402/2.
2- رواه الترمذي عقيب حديث رقم(2584)706/4.و أحمد في المسند 29/3.و أبو يعلى في مسنده، حديث رقم(1389)526/2.و الطبري في تفسيره 218/8.و الحاكم في المستدرك 600/4-601. و المقدسي في ذكر النار،حديث رقم(68)ص 79،و حديث رقم(100)ص 103. قلت:سنده ضعيف،فيه:دراج:في حديثه عن أبي الهيثم ضعف.و هنا يروي عنه.انظر التهذيب 3/ 208-209،و التقريب 235/1.
3- رواه الترمذي،حديث رقم(2581)704/4.و حديث رقم(2584)706/4.و حديث رقم(3322) 426/5.و أحمد في المسند 70/3-71.و عبد بن حميد في المنتخب،حديث رقم(930)ص 290. و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1375)520/2.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7473) 514/16.و الطبري في تفسيره 218/8.و الحاكم في المستدرك 602/4.و نعيم بن حماد في الزهد-

و أخرج أحمد عنه-أيضا-عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «وَ الْباقِياتُ الصّالِحاتُ [الكهف:46]:التكبير،و التّهليل،و التسبيح،و الحمد للّه،و لا حول و لا قوة إلاّ باللّه» (1).

و أخرج أحمد،من حديث النعمان بن بشير،مرفوعا:«سبحان اللّه،و الحمد للّه،و لا إله إلاّ اللّه،و اللّه أكبر،هنّ الباقيات الصالحات» (2).

و أخرج الطبرانيّ مثله من حديث سعد بن جنادة (3).

و أخرج ابن جرير،عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«سبحان اللّه،و الحمد للّه،و لا إله إلاّ اللّه،و اللّه أكبر،هن الباقيات الصالحات» (4).ن-

ص: 522


1- رواه أحمد في المسند 75/3.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1384)524/2.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(840)121/1.و الطبراني في الدعاء،حديث رقم(1696-1697)1567/3 -1568.و الطبري في تفسيره 231/8-232.و الحاكم في المستدرك 512/1. و سنده ضعيف كسابقيه،لأجل دراج في روايته عن أبي الهيثم.و له شواهد.انظرها في الدر المنثور 4/ 224-225.و انظر ما سيأتي.
2- رواه أحمد في المسند 267/4-268.و الطبراني في الدعاء،حديث رقم(1699)1569/3. و سعيد بن منصور،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 224/4-225.و فيه رجل مبهم.
3- -(316)ص 90،و أسد بن موسى في الزهد،حديث رقم(27)ص 29.و الطبراني في الأوسط، حديث رقم(3161)107/4-108،و البيهقي في البعث(550).و المقدسي في ذكر النار،حديث رقم(100)ص 102-103. قلت:و سنده ضعيف،فيه:دراج عن أبي الهيثم:ضعيف.انظر التهذيب 208/3-209،و التقريب 235/1.
4- رواه النسائي في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(848)ص 488 و فيه قصة.و الحاكم في المستدرك 541/1.و ابن جرير في تفسيره 231/8.و الطبراني في المعجم الصغير 145/1.و في الدعاء،حديث رقم(1682)1561/3.و العلائي في جزء تفسير الباقيات الصالحات ص 35-36.و البيهقي في الدعوات 85-86(111).و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 225/4.و ابن أبي حاتم في العلل 2/ 100. -و رواه من طريق حكيم بن قيس،عن أبيه،عن أبي هريرة:الطبراني في الدعاء،حديث رقم(1684) 1562/3 و فيه مجاهيل.و أعله البخاري و الدار قطني و ابن أبي حاتم بالإرسال. قال البخاري في التاريخ الكبير 122/2/3:«رواه من طريق عبد الجليل بن حميد المصري،عن خالد بن أبي عمران،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فذكره و قال:قاله محمد بن أبي بكر،عن عمر بن علي،و عن ابن عجلان،عن عبد الجليل. و قال عبد العزيز بن سلمة،عن ابن عجلان،عن سعيد المقبري،عن أبي هريرة-رضي اللّه عنه-عن-

و أخرج أحمد،عن أبي سعيد،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«ينصب الكافر مقدار خمسين ألف سنة،كما لم يعمل في الدنيا،و إنّ الكافر ليرى جهنم،و يظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة» (1).

و أخرج البزّار-بسند ضعيف-،عن أبي ذرّ-رفعه-قال:«إنّ الكنز الذي ذكر اللّه في كتابه لوح من ذهب مصمّت،عجبت لمن أيقن بالقدر لم نصب؟و عجبت لمن ذكر النار كيف ضحك؟و عجبت لمن ذكر الموت ثم غفل عن لا إله إلاّ اللّه محمد رسول اللّه!» (2).

و أخرج الشيخان،عن أبي هريرة،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إذا سألتم اللّه فاسألوه.

ص: 523


1- رواه أحمد في المسند 75/3.و الحاكم في المستدرك 597/4.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم (1385)524/2.و ابن أبي الدنيا في الأهوال،حديث رقم(139)ص 169-170.و ابن جرير في تفسيره 241/8.و الحافظ المقدسي في ذكر النار،حديث رقم(46)ص 64-65. قلت:سنده ضعيف،فيه:دراج،عن أبي الهيثم،و قد سبق أن روايته عنه ضعيفة.و فيه اختلاف في سنده.فقد رواه الطبري من طريق ابن وهب،عن عمرو بن الحارث،عن دراج،عن أبي الهيثم،عن أبي سعيد به.و قد سبق تخريجه. و رواه ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7352)349/16 من طريق ابن وهب،عن عمرو بن الحارث.أن أبا السمح حدّثه،عن ابن حجيرة،عن أبي هريرة به.و لعل هذا الاختلاف من دراج نفسه،فإن روايته عن أبي الهيثم فيها ضعف و اضطراب.و اللّه أعلم الصواب.و انظر مجمع الزوائد 10/ 336.
2- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(2229)56/3-57(كشف الأستار). قال الهيثمي في مجمع الزوائد 53/7:«رواه البزار من طريق بشر بن المنذر،عن الحارث بن عبد اللّه اليحصبي،و لم أعرفهما.و بقية رجاله ثقات»ا ه.

الفردوس،فإنه أعلى الجنة و أوسط الجنّة،و منه تفجّر أنهار الجنّة» (1).

مريم

أخرج الطبرانيّ-بسند ضعيف-،عن ابن عمر،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«إنّ السّريّ الذي قال اللّه لمريم: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا [مريم:24]:نهر أخرجه اللّه لتشرب منه» (2).

و أخرج مسلم،و غيره،عن المغيرة بن شعبة،قال:بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى نجران،فقالوا:أ رأيت ما تقرءون: يا أُخْتَ هارُونَ [مريم:28]:و موسى قبل عيسى بكذا و كذا؟فرجعت فذكرت ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،فقال:«أ لا أخبرتهم أنهم كانوا يسمّون بالأنبياء و الصالحين قبلهم» (3).

و أخرج أحمد،و الشيخان،عن أبي سعيد،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار،يجاء بالموت كأنه كبش أملح،فيوقف بين الجنة و النار، فيقال:يا أهل الجنة،هل تعرفون هذا؟.

قال:فيشرفون فينظرون و يقولون:نعم،هذا الموت،فيؤمر به فيذبح،و يقال:يا أهل الجنة خلود و لا موت،و يا أهل النار خلود و لا موت».

ثم قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ هُمْ فِي غَفْلَةٍ [مريم:39].

و أشار بيده،و قال:«أهل الدنيا في غفلة» (4).

ص: 524


1- رواه البخاري حديث رقم(2790)11/6.و حديث رقم(7423)404/13.و الترمذي،حديث رقم (2529)674/4.و أحمد في المسند 335/2-339.و الحاكم في المستدرك 80/1.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(4611)471/10-472.و حديث رقم(7390)402/16.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(2610)346/10.
2- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(13303)346/12.و ابن مردويه،و ابن النجار،كما في الدر المنثور 268/4. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-يحيى بن عبد اللّه البابلتي:ضعيف.انظر التقريب 351/2،و مجمع الزوائد 55/7. 2-أيوب بن نهيك:ضعّفه أبو حاتم و غيره.انظر لسان الميزان 490/1.
3- رواه مسلم في صحيحه،حديث رقم(2135)1685/3.و الترمذي،حديث رقم(3155)315/5. و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم(11315)393/6.و أحمد في المسند 4/ 252.و ابن جرير في تفسيره 336/8.
4- رواه البخاري،حديث رقم(4730)428/8.و مسلم في صحيحه،حديث رقم(2849)2188/4-

و أخرج ابن جرير،عن أبي أمامة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«غيّ و أثام بئران في أسفل جهنم،يسيل فيهما صديد أهل النار» (1).

قال ابن كثير (2):حديث منكر.

و أخرج أحمد عن أبي سميّة،قال:اختلفنا في الورود،فقال بعضنا:لا يدخلها مؤمن،و قال بعضهم:يدخلونها جميعا،ثم ينجّي اللّه الذي اتّقوا،فلقيت جابر بن عبد اللّه فسألته،فقال:سمعت النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«لا يبقى برّ و لا فاجر إلاّ دخلها،فتكون على المؤمن بردا و سلاما،كما كانت على إبراهيم،حتى إنّ للنار ضجيجا من بردهم،ثم ينجّي اللّه الذي اتقوا و يذر الظالمين فيها جثيا» (3).

و أخرج مسلم،و الترمذيّ،عن أبي هريرة،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إذا أحبّ اللّه عبدا نادى جبريل:إني قد أحببت فلانا فأحبّه،فينادي في السماء،ثم تنزل له المحبّة في الأرض،فلذلك قوله: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا [مريم:96]» (4).،-

ص: 525


1- رواه ابن جرير في تفسيره 417/9.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(7731)206/8-207. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-لقمان بن عامر الوصابي:ضعيف.انظر التهذيب 455/8-456.و التقريب 138/2،و الكاشف 151/2. 2-شرقي بن قطامي:قال أبو حاتم:ليس بالقوي.انظر اللسان 142/3-143. 3-محمد بن زياد بن زبار الكلبي:ضعيف.انظر الجرح 258/2/3. 4-محمد بن زياد:لم يسمع من شرقي.قال:رأيت شرقي بن قطامي،و لم أسمع منه.كما في الجرح 258/2/3. 5-قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 128/35:«هذا حديث غريب،و رفعه منكر»ا ه.
2- في تفسيره 128/3.
3- رواه أحمد في المسند 328/3-329.و الحاكم في المستدرك 578/4.و المقدسي في ذكر النار، حديث رقم(99)ص 102. قلت:سنده ضعيف،فيه:أبو سمية:مقبول.انظر التقريب 431/2،و التهذيب 120/12.
4- -2189.و الترمذي،حديث رقم(3156)315/5-316.و النسائي في سننه الكبرى،حديث رقم (11316)393/6.و أحمد في المسند 9/3.و هناد في الزهد،حديث رقم(213)158/1.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1175)398/2-399.و الآجري في الشريعة ص 401.و ابن جرير في تفسيره 345/8.و نعيم بن حماد في زوائد الزهد،حديث رقم(281)ص 79.و أبو نعيم في صفة الجنة(106).و البيهقي في البعث(584).و البغوي في شرح السنة(4366)198/15.

طه

أخرج ابن أبي حاتم،و الترمذي،عن جندب بن عبد اللّه البجليّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إذا وجدتم الساحر فاقتلوه»،ثم قرأ: وَ لا يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتى [طه:69].

قال:«لا يؤمّن حيث وجد» (1).

و أخرج البزار-بسند جيّد-،عن أبي هريرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه:124]:قال:«عذاب القبر» (2).

ص: 526


1- رواه الترمذي،حديث رقم(1460)60/4 مختصرا. و في العلل الكبير،حديث رقم(430)ص 237.ثم قال:«سألت محمدا عن هذا الحديث؟فقال:هذا لا شيء،و إنما رواه إسماعيل بن مسلم.و ضعّف إسماعيل بن مسلم المكي جدا»ا ه.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(1665-1666)161/2.و الدار قطني في سننه 114/3.و الحاكم 4/ 360.و البيهقي في سننه 136/8. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-إسماعيل بن مسلم المكي.ساقط الحديث،متروك،كما قال النسائي.انظر التقريب 74/1، و التهذيب 331/1-333،و الكامل 282/1-285،و الضعفاء للعقيلي 91/1-93،و الكاشف 1/ 78. و تابعه:خالد العبد-عند الطبراني(1666)161/2:و خالد:متروك.انظر اللسان/379-38 و 2/ 393. 2-أعلّه الترمذي بالوقف،فقال:«و الصحيح عن جندب موقوف».و رواية الوقف عند الدار قطني 3/ 114،و البيهقي 136/8.
2- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(2233)58/3-59 بأتم فيه،و البيهقي في إثبات عذاب القبر، حديث رقم(80)ص 76 بأتم منه. و الطبري في تفسيره 472/8-483 من طريقين عن أبي حجيرة،عن أبي هريرة مطولا. الأولى:فيها هشام بن سعد:ضعيف.انظر الجرح و التعديل 61/2/4-62. و الثانية:فيها دراج.و هنا لم يرو عن أبي الهيثم.لكن قال ابن كثير:رفعه منكر جدا. -و رواه ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(3119)388/7-389.و الطبري في تفسيره 472/8 (موقوفا).و الحاكم في المستدرك 380/1-381.و البيهقي في إثبات عذاب القبر،حديث رقم(69- 70)ص 71. و سنده حسن،محمد بن عمرو:صدوق،له أوهام،إلاّ أنه اختلف في رفعه و وقفه:فرواه حماد بن سلمة،عن محمد بن عمرو،عن أبي سلمة،عن أبي هريرة مرفوعا.-

الأنبياء

أخرج أحمد،عن أبي هريرة،قال:قلت:يا رسول اللّه،أنبئني عن كلّ شيء.

قال:«كلّ شيء خلق من الماء» (1).

الحج

أخرج ابن أبي حاتم،عن يعلى بن أميّة،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«احتكار الطعام بمكة إلحاد» (2).

و أخرج الترمذيّ-و حسّنه-،عن ابن الزبير،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبّار» (3).

ص: 527


1- رواه أحمد في المسند 295/2-323-324-493 ضمن حديث طويل.و ابن حبان في صحيحه، حديث رقم(508)261/2 بالجزء الثاني.و حديث رقم(2559)299/6 بطوله.و الحاكم في المستدرك 129/4-160 و رجاله ثقات.
2- -و رواه يزيد-لعله ابن هارون-عن محمد بن عمرو،عن أبي سلمة،عن أبي هريرة،موقوفا.إلاّ أن مثل هذا لا يقال بالرأي:فحكمه الرفع.و في القلب من هذا الحديث شيء. فقد ورد من حديث أبي سلمة،عن أبي سعيد مرفوعا و موقوفا و اللّه تعالى أعلم.
3- رواه الترمذي،حديث رقم(3170)324/5.و البزار في مسنده،حديث رقم(2215)172/6-173. و ابن جرير في تفسيره،142/9.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(262)108/13-109 (الجزء المطبوع حديثا).و ابن أبي حاتم في العلل 274/1-275.و البخاري في التاريخ الكبير 1/1/ 201.و الحاكم في المستدرك 389/2.و البيهقي في الدلائل 125/1. قلت:عبد اللّه بن صالح:صدوق،كثير الخطأ،ثبت في كتابه،و كانت فيه غفلة.انظر تهذيب الكمال-

و أخرج أحمد،عن خريم بن فاتك الأسدي،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«عدلت شهادة الزور بالإشراك باللّه،ثم تلا: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَ اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج:30]» (1).

المؤمنون

أخرج ابن أبي حاتم،عن مرّة البهزيّ،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول لرجل:

«إنك تموت بالرّبوة»فمات بالرملة (2).

ص: 528


1- رواه أحمد في المسند 321/4-322.و أبو داود في سننه،حديث رقم(3599)305/3-306. و الترمذي،حديث رقم(2300)547/4.و ابن ماجة في سننه،حديث رقم(2372).و الطبري في تفسيره 144/9-145.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(4162)209/4. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-حبيب بن النعمان الأسدي:مجهول،كما في التقريب 151/1،و الكاشف 146/1،و تهذيب التهذيب 192/2. 2-زياد العصفري،والد سفيان:مجهول.انظر التهذيب 390/3،و التقريب 271/1.
2- رواه ابن جرير في تفسيره 218/9. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-أبو وعلة:مجهول.انظر الجرح و التعديل 452/2/4،و التاريخ الكبير ص 78(الكنى). 2-كريب بن أبرهة:ذكره ابن أبي حاتم في الجرح و البخاري في التاريخ الكبير و لم يذكراه بجرح أو تعديل،و وثقه العجلي و ابن حبان.انظر تعجيل المنفعة ص 351-353،و الجرح و التعديل 2/3/ 168،و التاريخ الكبير 231/1/4. قال ابن كثير في تفسيره 246/3:«و هذا حديث غريب جدا»ا ه.

قال ابن كثير (1):غريب جدّا.

و أخرج أحمد،عن عائشة،أنها قالت:يا رسول اللّه: وَ الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَ قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [المؤمنون:60]:هو الذي يسرق و يزني و يشرب الخمر و هو يخاف اللّه؟.

قال:«لا يا بنت الصدّيق،و لكنه الذي يصوم و يصلّي و يتصدّق و يخاف اللّه» (2).

و أخرج أحمد،و الترمذيّ،عن أبي سعيد،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،قال: وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ [المؤمنون:104]:قال:«تشويه النار،فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه،و تسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرّته» (3).

النور

أخرج ابن أبي حاتم،عن أبي سورة ابن أخي أبي أيوب،عن أبي أيوب،قال:

قلت:يا رسول اللّه،هذا السّلام،فما الاستئناس؟.

ص: 529


1- تفسير ابن كثير 246/3.
2- رواه أحمد في المسند 159/6-205. و الطبري في تفسيره 225/9.و الترمذي حديث رقم(3175)327/5-328.و ابن ماجة(4198)، و الحميدي في مسنده،حديث رقم(275)132/1-133.و الحاكم في المستدرك 393/2-394. و البغوي في تفسيره 311/3-312. قلت:سنده ضعيف،فيه:عبد الرحمن بن سعيد بن وهب:لم يدرك عائشة.انظر المراسيل ص 127. -و قد رواه عبد الرحمن بن سعيد بن وهب:و اختلف عنه: أ-فرواه مالك بن مغول،عن عبد الرحمن بن سعيد بن وهب،عن عائشة.و قد سبق تخريجه. ب-و رواه عمر بن قيس،عن عبد الرحمن،عن أبي حازم،عن أبي هريرة،عن عائشة. قال الدارقطني في علله 193/11:«و غيره يرويه عن عبد الرحمن مرسلا-عن عائشة،و هو المحفوظ» ا ه. -و رواه من طريق ليث،عن مغيث،عن رجل،عن عائشة:رواه الطبري في تفسيره 225/9-226. و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(4917)315 و لم يذكر فيه:مغيثا. و سنده ضعيف،فيه ليث،و الرجل المبهم. -و رواه ابن جرير من طريق ليث و هشيم،عن العوام،عن عائشة:انظر تفسير الطبري 225/9-226. و العوام لم يلق عائشة.انظر جامع التحصيل ص 249.
3- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(2587)708/4.و حديث رقم(3176)328/5.و أحمد في المسند 88/3.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1367)516/2.و الحاكم في المستدرك 395/2. و نعيم بن حماد في زوائد الزهد،حديث رقم(292)ص 84. و سنده ضعيف،فيه:دراج في روايته،عن أبي الهيثم:ضعف.و هنا يروي عنه.و اللّه أعلم.انظر التقريب 235/1،و التهذيب 208/3-209.

قال:«يتكلّم الرجل بتسبيحة،و تكبيرة،و تحميدة،و يتنحنح،فيؤذن أهل البيت» (1).

الفرقان

أخرج ابن أبي حاتم،عن يحيى بن أبي أسيد-يرفع الحديث إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-، سئل عن قوله تعالى: وَ إِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ [الفرقان:13]؟.

قال:«و الّذي نفسي بيده إنهم ليستكرهون في النار،كما يستكره الوتد في الحائط» (2).

القصص

أخرج البزّار،عن أبي ذرّ،أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم سئل:أيّ الأجلين قضى موسى؟.

قال:«أوفاهما و أبرّهما».

قال:«و إن سئلت:أيّ المرأتين تزوّج؟فقل:الصغرى منهما».

إسناده ضعيف؛و لكن له شواهد موصولة و مرسلة (3).

ص: 530


1- رواه ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(25674)242/5.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(4065)178/4.و الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ص 272.و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه، كما في الدر المنثور 38/5. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-أبو سورة:قال البخاري:منكر الحديث يروي عن أبي أيوب مناكير،لا يتابع عليه. و قال الترمذي:يضعّف في الحديث،ضعّفه يحيى بن معين جدا.انظر التهذيب 124/12،و التقريب 432/2. 2-قال البخاري:لا يعرف لأبي سورة سماع من أبي أيوب.انظر التهذيب 124/12. 3-واصل بن السائب:قال البخاري و أبو حاتم:منكر الحديث.و قال النسائي:متروك.انظر التهذيب 103/11-104،و الكامل 85/7-86،و التقريب 328/2.
2- عزاه في الدر المنثور 64/5 لابن أبي حاتم.و سنده ضعيف،فيه: 1-يحيى بن أسيد:مجهول.انظر الجرح 129/2/4. 2-و هو مرسل معضل.يحيى بينه و بين الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم مفاوز و اللّه أعلم،و انظر تفسير ابن كثير 311/3.
3- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(2244)63/3(كشف الأستار).و الطبراني في الأوسط،و الصغير، و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 127/5. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-إسحاق بن إدريس:قال أبو زرعة:واه.و قال البخاري:تركه الناس.و قال الدارقطني:منكر الحديث.و قال النسائي:متروك.انظر اللسان 352/1. 2-عوبد بن أبي عمران الجوني:قال البخاري:منكر الحديث.و قال النسائي:متروك.و قال ابن

العنكبوت

أخرج أحمد،و الترمذي-و حسّنه-،و غيرهما،عن أم هانئ،قالت:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن قوله: وَ تَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ [العنكبوت:29]؟.

قال:«كانوا يحذفون أهل الطريق و يسخرون منهم،فهو المنكر الذي كانوا يأتون» (1).

لقمان

أخرج الترمذيّ و غيره،عن أبي أمامة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«لا تبيعوا القينات و لا تشتروهنّ و لا تعلّموهنّ،و لا خير في تجارة فيهنّ،و ثمنهنّ حرام.في مثل هذا أنزلت: وَ مِنَ النّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ... [لقمان:6].

الآية..».إسناده ضعيف (2).

ص: 531


1- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(3190)342/5.و أحمد في المسند 341/6-424.و الطبري في تفسيره 136/10.و الطيالسي في مسنده،حديث رقم(1617)ص 225.و الحاكم في المستدرك 2/ 409.و ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت،حديث رقم(282)ص 167-168.و في كتاب الغيبة، حديث رقم(145)ص 109.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(1000-1001-1002) 411/24-412. قلت:سنده ضعيف،فيه: أبو صالح:مولى أم هانئ:ضعيف،و مدلس،انظر التقريب 93/1.
2- رواه الترمذي،حديث رقم(1282)579/3.و حديث رقم(3195)345/5-346.و ابن ماجة، حديث رقم(2168).و الحميدي في مسنده،حديث رقم(910)405/2.و الطبري في تفسيره 10/ 202.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(7749)212/8.و حديث رقم(7805)233/8. و حديث رقم(7855)251-252.و حديث رقم(7861-7862)253/8-254.و البيهقي في سننه 14/6-15.و سعيد بن منصور،و ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي،و ابن مردويه،و ابن المنذر،و ابن أبي حاتم،كما في الدر المنثور 159/5. قلت:سنده ضعيف جدا،فإنه من رواية عبيد اللّه بن زحر،عن علي بن يزيد،عن القاسم. 1-و عبيد اللّه بن زحر:ضعيف،فإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات،و إذا اجتمع في إسناد خبر عبيد اللّه بن زحر،و علي بن يزيد،و القاسم أبو عبد الرحمن لم يكن متن ذلك الخبر إلاّ مما عملته

السجدة

أخرج ابن أبي حاتم،عن ابن عباس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ خَلَقَهُ [السجدة:7].قال:«أما إن است القردة ليست بحسنة،و لكنه أحكم خلقها» (1).

و أخرج ابن جرير،عن معاذ بن جبل،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله تعالى تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ [السجدة:16]:قال:«قيام العبد من الليل» (2).

ص: 532


1- رواه ابن أبي حاتم،كما في الدر المنثور 172/5.
2- أيديهم،كما قال ابن حبان،انظر التهذيب 12/7-13. 2-علي بن يزيد الألهاني:ضعيف.انظر التقريب 46/2،و الكاشف 259/2،و المغني 457/2، و التهذيب 396/7-397.و انظر مجمع الزوائد 122/8.

و أخرج الطبرانيّ،عن ابن عباس،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله تعالى: وَ جَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ [السجدة:23]:قال:«جعل موسى هدى لبني إسرائيل».و في قوله: فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ [السجدة:23]قال:«من لقاء موسى ربّه» (1).

الأحزاب

و أخرج الترمذيّ،عن معاوية،سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«طلحة ممّن قضى نحبه» (2).

و أخرج الترمذيّ،و غيره،عن عمر بن أبي سلمة،و ابن جرير و غيره،عن أم سلمة:

أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم دعا فاطمة و عليّا و حسنا و حسينا لما نزلت: إِنَّما يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً [الأحزاب:33] (3).

ص: 533


1- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(12758)160/12.و سنده حسن.
2- و البزار في مسنده،حديث رقم(27)23/1-24.و الدارقطني في العلل 76/6-77.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(11)24/1-26 منهم من طوّله و منهم من اختصره بألفاظ مختلفة.و انظر العلل للدارقطني 73/6-79.
3- رواه الترمذي،حديث رقم(3205)351/5.و حديث رقم(3787)663/5.و الطبري في تفسيره 8/22 من حديث عمر بن أبي سلمة.و في سنده: 1-يحيى بن عبيد:قال الحافظ ابن حجر:يحتمل أن يكون الذي قبله-المكي-،و إلاّ فمجهول»ا ه. قلت:وقع عند الطبري إنه المكي،فهو ثقة.و اللّه أعلم.انظر التقريب 353/2. 2-محمد بن سليمان الأصبهاني:صدوق،يخطئ.انظر التقريب 116/2،و التهذيب 201/9. و يرتقي بشواهده لدرجة الحسن لغيره. -و رواه الترمذي،حديث رقم(3871)699/5.و أحمد في المسند 292/6-298-304-323. و في الفضائل(1029)602/2.و عبد اللّه في زوائد الفضائل،حديث رقم(1392)782/2-783. و ابن عساكر في تاريخه(تهذيبه لابن منظور 119/6).و الدولابي في الذرية الطاهرة،حديث رقم(201

سبأ

أخرج أحمد،و غيره،عن ابن عباس:أنّ رجلا سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن سبأ،أرجل هو،أم امرأة،أم أرض؟فقال:«بل هو رجل،ولد له عشرة،فسكن اليمن منهم ستة، و بالشام منهم أربعة» (1).

و أخرج البخاريّ،عن أبي هريرة مرفوعا،قال:«إذا قضى اللّه الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله،كأنها سلسلة عن صفوان؛فإذا فزّع عن قلوبهم قالوا:ما ذا قال ربكم؟قالوا:الحق،و هو العليّ الكبير» (2).

فاطر

أخرج أحمد،و الترمذيّ،عن أبي سعيد الخدريّ،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال في هذه الآية:

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ [فاطر:32].قال:«هؤلاء كلّهم بمنزلة واحدة،و كلهم في الجنة» (3).

ص: 534


1- رواه أحمد 316/1.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(12992)240/12.و الحاكم 423/2. و في سنده ابن لهيعة.و انظر مجمع الزوائد 197/1 و 94/7. و في الباب عن فروة بن مسيك:رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(3222)361/5.و أبو داود، حديث رقم(3988)35/4.و البخاري في التاريخ الكبير 226/7.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم (6852)250/12-251.و الطبري في تفسيره 360/10.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم (834-835-836-838)323/18-326.و الحاكم في المستدرك 424/2.و ابن أبي عاصم في الآحاد و المثاني،و حديث رقم(1700)322/3.و حديث رقم(2469)418/4. و في سنده ثابت بن سعيد:مجهول.و أبوه:كذلك.
2- رواه البخاري في صحيحه،حديث رقم(4701)380/8.و حديث رقم(4800)537/8-538. و حديث رقم(7481)453/13.و أبو داود،حديث رقم(3989)34/4-35 مختصرا.و الترمذي، حديث رقم(3223)362/5.و ابن ماجة،حديث رقم(194).و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم (36)222/1-223.و ابن خزيمة في التوحيد،ص 147-148.و الحميدي في مسنده،حديث رقم (1151)487/2.و البخاري في خلق أفعال العباد ص 93.و البيهقي في الأسماء و الصفات ص 200. و ابن منده في الإيمان،حديث رقم(700)702/2-703.
3- -202)ص 107-108.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(2662-2663-2664- 2665-2666-2668)46/3-49.و الحاكم 146/3.و الطبري في تفسيره 6/22-8.و البغوي في تفسيره 529/3.و سنده صحيح لغيره.و اللّه أعلم. و في الباب عن واثلة،و سعد،أنس،و أبي سعيد،و عائشة،و ابن عباس،انظر تخريجها في تخريجنا لمسند السيدة فاطمة-رضي اللّه عنها-ص 124-127.

و أخرج أحمد،و غيره،عن أبي الدرداء،قال:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:«قال اللّه: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ [فاطر:32]:فأمّا الذين سبقوا فأولئك يدخلون الجنة بغير حساب،و أما الذين اقتصدوا فأولئك يحاسبون حسابا يسيرا،و أما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك الذين يحبسون في طول المحشر،ثم هم الذين تلافاهم اللّه برحمته،فهم الذين يقولون: اَلْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ... [فاطر:32]» (1).

و أخرج الطّبراني،و ابن جرير،عن ابن عباس،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إذا كان يوم القيامة قيل:أين أبناء الستين؟و هو العمر الذي قال اللّه: أَ وَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ [فاطر:37]» (2).0.

ص: 535


1- رواه أحمد في المسند 194/5-198 و 444/6.و عبد الرزاق في تفسيره 136/2.من طرق عن أبي الدرداء. في سند الإمام أحمد:ثابت أو أبو ثابت:مجهول.انظر الجرح و التعديل 352/2/4،و الكنى للبخاري ص 17-18. و رواه 198/5 من طريق علي بن عبد اللّه الأزدي،عن أبي الدرداء.و انظر كلام الإمام البخاري فيما بعد. و في سند عبد الرزاق:أبان بن أبي عياش:متروك.انظر التقريب 31/1،و تهذيب التهذيب 97/1- 101. و أشار البخاري إلى الاختلاف في سنده فقال في الكنى ص 17-18:«قال محمد بن يوسف،نا سفيان،عن الأعمش،عن رجل،عن أبي ثابت،قال لي أبو الدرداء،سمعت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«و منهم سابق بالخيرات»قال:بغير حساب. قال وكيع:عن سفيان،عن الأعمش،عن ثابت أو أبي ثابت. و قال أبو نعيم:عن سفيان،عن الأعمش،عن أبي الدرداء،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مرسل. و قال بعضهم:عن سفيان،عن الأعمش،عن أبي زياد،عن أبي الدرداء،و لا يصح. و قال الحميدي:عن ابن عيينة،عن طعمة بن عمرو،عن رجل،عن أبي الدرداء،و لم يصح حديثه. و قال محمد بن علي،نا سعيد بن عبد الحميد،قال:نا ابن أبي الزناد،عن موسى بن عقبة،عن عبد اللّه بن علي الأزدي،عن أبي خالد البكري،أن رجلا جاء المدينة.فلقي أبا الدرداء نحوه»ا ه. و انظر مجمع الزوائد 95/7-96.
2- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(11415)177/11-178. و في المعجم الأوسط،حديث رقم(7921)448/8-449.و حديث رقم(9134)66/10-67. و ابن جرير في تفسيره 418/10.

يس

أخرج الشيخان،عن أبي ذرّ،قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن قوله: وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها [يس:38]؟.

قال:«مستقرّها تحت العرش» (1).

و أخرجا عنه،قال:كنت مع النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في المسجد عند غروب الشمس،فقال:«يا أبا ذرّ،أ تدري أين تغرب الشمس؟».

قلت:اللّه و رسوله أعلم.

قال:«فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش،فذلك قوله: وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها (2).

الصافات

أخرج ابن جرير،عن أم سلمة،قالت:قلت:يا رسول للّه،أخبرني عن قوله:

وَ حُورٌ عِينٌ(22) [الواقعة:22]؟.

قال:«العين الضخام العيون،شفر الحوراء مثل جناح النسر».

قلت:يا رسول اللّه،أخبرني عن قول اللّه: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ(49) [الصافات:

49]؟.

ص: 536


1- رواه البخاري في صحيحه،حديث رقم(3199)297/6.و حديث رقم(4802-4803)541/8. و حديث رقم(7424)404/13.و حديث رقم(7433)416/13.و مسلم في صحيحه،حديث رقم (159)138/1.و أبو داود،حديث رقم(4002)37/4.و الترمذي،حديث رقم(2186)479/4. و حديث رقم(3227)364/5،و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم(11176) 343/6.و حديث رقم(11430)439/6.و أحمد في المسند 145/5-152-158-177. و القطيعي في جزء الألف دينار،حديث رقم(116)ص 183.و الطيالسي في مسنده،حديث رقم (460)ص 62.و الطحاوي في شرح مشكل الآثار،حديث رقم(281)254/1.و الطبري في تفسيره 441/10.و أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(652-إلى-659)1188/4-1193.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(6152-6153-6154)20/14-25.و البيهقي في الأسماء و الصفات 2/ 135-136،و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(4293)94/15-95.و في تفسيره 12/4-13.
2- -قلت:سنده ضعيف جدا،فيه:إبراهيم بن الفضل المخزومي:متروك.انظر التقريب 41/1،و المغني 22/1،و الكاشف 44/1،و التهذيب 150/1-151.

قال:«رقّتهنّ كرقة الجلدة التي في داخل البيضة التي تلي القشر» (1).

قوله«شفر»:هو هو بالفاء،مضاف إلى الحوراء،و هو هدب العين،و إنما ضبطته و إن كان واضحا،لأني رأيت بعض المهملين من أهل عصرنا صحفه بالقاف،و قال:

الحوراء مثل جناح النسر مبتدأ و خبر،يعني:في السرعة و الخفة،و هذا كذب و جهل محض،و إلحاد في الدين،و جرأة على اللّه و رسوله.

و أخرج التّرمذيّ،و غيره،عن سمرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله: وَ جَعَلْنا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْباقِينَ(77) [الصافات:77]:قال:«حام،و سام،و يافث» (2).4.

ص: 537


1- رواه الطبري في تفسيره 488/10-489.و العقيلي في الضعفاء 138/2 ثم قال:«و لا يتابع عليه،و لا يعرف إلاّ به»ا ه.و رواه الطبراني في المعجم الأوسط،حديث رقم(3165)109/4-111 مطولا و سيأتي في تفسير سورة الواقعة-إن شاء اللّه تعالى-. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-سليمان بن أبي كريمة:ضعّفه أبو حاتم.و قال العقيلي:يحدث بمناكير،و لا يتابع على كثير من حديثه.و قال ابن عدي:عامة أحاديثه مناكير.انظر الميزان 221/2،و الضعفاء للعقيلي 138/2. 2-خيرة-أم الحسن البصري:مقبولة.انظر التقريب 596/2،و الكاشف 425/3،و التهذيب 12/ 416.
2- رواه الترمذي،حديث رقم(3230)365/5.و في العلل الكبير،حديث رقم(658)ص 355. و الطبري في تفسيره 497/10.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(6872-6873)254/7. و سنده ضعيف،فيه: 1-سعيد بن بشير:ضعيف،انظر التهذيب 8/4-10،و الكاشف 282/1،و المغني 256/1. و التقريب 292/1. 2-الحسن،عن سمرة:لم يسمع الحسن منه إلاّ أحاديث معدودة منها حديث العقيقة،و ليس حديثنا منها،و اللّه أعلم. و في الباب عن:أبي هريرة مرفوعا:«ولد لنوح ثلاثة:سام و حام و يافث»الحديث:رواه البزار في مسنده،حديث رقم(218)118/1 و أشار إلى وقفه.و ابن حبان في المجروحين 107/3.و ابن عدي في الكامل 271/7.و الدار قطني في العلل 283/7 و سنده ضعيف،فيه: 1-يزيد بن سنان:ضعيف.انظر الكامل 271/7،و المجروحين 107/3. 2-رجّح الدار قطني وقفه،فقال:«يرويه يحيى بن سعيد الأنصاري،و اختلف عنه: أ-فرواه يزيد بن سنان الرهاوي،عن يحيى بن سعيد،عن ابن المسيب،عن أبي هريرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.و قاله عنه ابنه محمد بن يزيد. ب-و غيره يرويه عن يحيى بن سعيد،عن ابن المسيب من قوله»ا ه.و رواية الوقف أشار إليها البزار 118/1،و الحاكم 463/4.

و أخرج من وجه آخر قال:«سام:أبو العرب،و حام:أبو الحبش،و يافث:أبو الروم» (1).

و أخرج عن أبيّ بن كعب،قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن قول اللّه: وَ أَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ(147) [الصافات:147]؟.

قال:«يزيدون عشرين ألفا» (2).

و أخرج ابن عساكر،عن العلاء بن سعد أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال يوما لجلسائه:«أطّت السماء و حقّ لها أن تئطّ،ليس منها موضع قدم إلاّ عليه ملك راكع أو ساجد».ثم قرأ:

وَ إِنّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ(165) وَ إِنّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ(166) [الصافات:165-166] (3).

الزمر

أخرج أبو يعلى،و ابن أبي حاتم،عن عثمان بن عفان،أنه سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن تفسير: لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ [الزمر:63].فقال:«ما سألني عنها أحد قبلك؛ تفسيرها:لا إله إلاّ اللّه،.و اللّه أكبر؛و سبحان اللّه و بحمده،أستغفر اللّه،و لا حول و لا قوّة إلاّ باللّه،هو الأوّل و الآخر و الظاهر و الباطن،بيده الخير يحيي و يميت» (4).

ص: 538


1- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(3231)365/5.و حديث رقم(3931)725/5.و في العلل الكبير،حديث رقم(659)ص 355-356.و أحمد في المسند 9/5-10-11.و الحاكم في المستدرك 546/2.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(6871)253/7-254.و حديث رقم (309)145/8-146.و فيه:عن سمرة و عن عمران.و فيه:الحسن:عن سمرة.منقطع.
2- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(3229)365/5.و الطبري في تفسيره 532/10.و سنده ضعيف، فيه رجل مبهم.و الوليد بن مسلم،لكن تابعه عمرو بن أبي سلمة عند الطبري.
3- رواه ابن نصر في تعظيم قدر الصلاة،حديث رقم(255)261/1-262.و ابن عساكر في تاريخ دمشق 130/22 المختصر(لابن منظور).و انظر الدر المنثور 293/5،و الإصابة 491/2.و في سنده من لم أهتد إليه. و في الباب:عن ابن مسعود موقوفا:رواه الطبري في تفسيره 539/10.و عبد الرزاق في تفسيره 2/2/ 158.و رجاله ثقات.
4- رواه أبو يعلى،و يوسف القاضي في سننه،و أبو الحسن القطان في المطولات،و ابن المنذر،و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه.كما في الدر المنثور 333/5-334.و ابن السني في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(73)ص 30-31.و العقيلي في الضعفاء 231/4-232. قلت:سنده ضعيف جدا،واه بمرة،فيه: 1-أغلب بن تميم:قال البخاري:منكر الحديث.و قال ابن معين:ليس بشيء.انظر اللسان 464/1- 465.

الحديث غريب،و فيه نكارة شديدة (1).

و أخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة،عن أبي هريرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:سأل جبريل عن هذه الآية: فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللّهُ [الزمر:68]«من الّذين لم يشأ اللّه أن يصعق؟.

قال:«هم الشهداء» (2).

غافر

أخرج أحمد،و أصحاب السنن،و الحاكم،و ابن حبّان،عن النعمان بن بشير،قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّ الدعاء هو العبادة،ثم قرأ: اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [غافر:60]» (3).

ص: 539


1- هذا قول ابن كثير في تفسيره 61/4.
2- عزاه في الدر المنثور 336/5 لأبي يعلى و الدار قطني في الأفراد و ابن المنذر و الحاكم و صححه و ابن مردويه،و البيهقي في البعث،عن أبي هريرة.و انظر المطالب العالية(3721)،و مختصر إتحاف المهرة 413/4-414.
3- رواه أبو داود،حديث رقم(1479)76/2-77.و الترمذي،حديث رقم(2969)211/5.و حديث رقم(3372)456/5.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم(11464)450/6. و أحمد في المسند 267/4-276-277.و ابن ماجة في سننه،حديث رقم(3828).و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(29167)21/6-22.و ابن المبارك في الزهد،حديث رقم(1298- 1299)ص 459.و في مسنده حديث رقم(74)ص 138.و البخاري في الأدب المفرد،حديث رقم (714)ص 249.و الطيالسي في مسنده،حديث رقم(801)ص 108.و الطبري في تفسيره 73/11. و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(890)172/3.و الطبراني في الدعاء،حديث رقم(1-2-3- 4-5-6-7)786/2-788.و في المعجم الصغير،حديث رقم(1041)208/2.و الحاكم في المستدرك 491/1-492.و ابن منده في التوحيد،حديث رقم(325)180/1.و القضاعي في مسند الشهاب،حديث رقم(29-30)51/1-53.و أبو نعيم في الحلية 120/8.و البيهقي في شعب الإيمان 37/2.و في الدعوات(4).و البغوي في تفسيره 103/4.و في شرح السنة،حديث رقم (1384)184/5-185.و المزي في تهذيب الكمال 1548/3.و الحافظ عبد الغني المقدسي في الترغيب في الدعاء،حديث رقم(8)ص 38-39 بتحقيقنا،و الضياء في المنتقى(22)بتحقيقنا. قلت:سنده صحيح،رجاله ثقات.

فصلت

أخرج النسائيّ،و البزّار،و أبو يعلى،و غيرهم،عن أنس،قال:قرأ علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم هذه الآية: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا [فصلت:30]:«قد قالها ناس من النّاس ثم كفر أكثرهم؛فمن قالها حتى يموت فهو ممن استقام عليها» (1).

الشورى

أخرج أحمد،و غيره،عن عليّ،قال:أ لا أخبركم بأفضل آية في كتاب اللّه،و حدّثنا به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم؟.

قال: «وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ(30) [الشورى:30].و سأفسّرها لك يا عليّ:ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم،و اللّه أحلم من أن يثنّي عليه العقوبة في الآخرة،و ما عفا اللّه عنه في الدنيا فاللّه أكرم من أن يعود بعد عفوه» (2).

الزخرف

أخرج أحمد،و الترمذيّ،و غيرهما،عن أبي أمامة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلاّ أوتوا الجدل».ثم تلا: ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ [الزخرف:58] (3).

ص: 540


1- رواه الترمذي،حديث رقم(3250)376/5.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم (11470)452/6.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(3495)213/6.و الطبري في تفسيره،11/ 106.و ابن عدي في الكامل 450/3. قلت:سنده ضعيف،فيه:سهيل بن أبي حزم القطعي:ضعيف.انظر التهذيب 261/6،و التقريب 1/ 338.
2- رواه الترمذي،حديث رقم(2626)16/5 ببعضه.و ابن ماجة في سننه،حديث رقم(2604).و أحمد في المسند 85/1-99-159.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(453)351/1-352.و حديث رقم(608)453/1.و عبد بن حميد في المنتخب من المسند،حديث رقم(87)ص 58.و الحاكم في المستدرك 445/2 و 262/4.و ابن أبي الدنيا في حسن الظن باللّه،حديث رقم(52)ص 53-54. و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(4182)379/14-380.و في التفسير 128/4. و في سنده أبو إسحاق:ثقة،إلاّ أنه اختلط،و كان مدلسا.و يونس الراوي عنه روى عنه في الاختلاط. لكن للحديث شواهد عن عبادة بن الصامت عند البخاري و غيره.
3- رواه الترمذي،حديث رقم(3253)378/5-379.و أحمد في المسند 252/5-256.و ابن ماجة-

و أخرج ابن أبي حاتم،عن أبي هريرة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«كلّ أهل النار يرى منزله من الجنّة حسرة؛فيقول: لَوْ أَنَّ اللّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [الزمر:

57]،و كلّ أهل الجنة يرى منزله من النار فيقول: وَ ما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللّهُ [الأعراف:43]،فيكون له شكر».

قال:و قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«ما من أحد إلاّ و له منزل في الجنة و منزل في النار، فالكافر يرث المؤمن منزله من النار،و المؤمن يرث الكافر منزله من الجنة.فذلك قوله تعالى: وَ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ(72) [الزخرف:72]» (1).

الدخان

أخرج الطبرانيّ،و ابن جرير-بسند جيّد-،عن أبي مالك الأشعريّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّ ربكم أنذركم ثلاثا:الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة،و يأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كلّ مسمع منه،و الثانية الدابّة،و الثالثة الدجّال» (2).له شواهد (3).

و أخرج الترمذيّ،و أبو يعلى،و ابن أبي حاتم،عن أنس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«ما من عبد إلاّ و له في السماء بابان،باب يخرج منه رزقه،و باب يدخل منه عمله و كلامه، فإذا مات فقداه و بكيا عليه».و تلا هذه الآية: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ [الدخان:

29].و ذكر أنّهم لم يكونوا يعملون على وجه الأرض عملا صالحا تبكي عليهم،و لم

ص: 541


1- رواه ابن أبي حاتم،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 23/6.و رجاله ثقات.
2- جزء من حديث طويل رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(3440)331/3-332 بطوله. و ابن جرير في تفسيره 227/11-228.و رواه أبو داود بجزئه الأول فقط غير الجزء الذي معنا.حديث رقم(4253)98/4. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-شريح بن عبيد:عن أبي أمامة:مرسل.انظر جامع التحصيل ص 195. 2-محمد بن إسماعيل بن عياش:عابوا عليه أنه حدّث عن أبيه بغير سماع.انظر التهذيب 60/9- 61،و التقريب 145/2.
3- -في سننه،حديث رقم(48)و الحاكم في المستدرك 447/2-448.و الطبراني في المعجم الكبير، حديث رقم(8067)333/8. و في سنده:أبو غالب:قال أبو حاتم:ليس بالقوي..و قال النسائي و ابن سعد:ضعيف.و قال ابن حبان:لا يجوز الاحتجاج به إلاّ فيما وافق الثقات،أما ابن معين فقد قال:صالح الحديث. و الدار قطني:ثقة.انظر التهذيب 197/12-198،و الكاشف 449/2،و التقريب 460/2.

يصعد لهم إلى السماء من كلامهم و لا من عملهم كلام طيّب و لا عمل صالح فتفقدهم، فتبكي عليهم (1).

و أخرج ابن جرير،عن شريح بن عبيد الحضرميّ-مرسلا-،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلاّ بكت عليه السماء و الأرض».ثم قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ [الدخان:29].ثم قال:«إنهما لا يبكيان على كافر» (2).

الأحقاف

أخرج أحمد،عن ابن عباس،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ [الأحقاف:4]:

قال:«الخط» (3).

ص: 542


1- رواه الترمذي،حديث رقم(3255)380/5.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(4133)160/7- 161.و أبو نعيم في الحلية 53/3.و الخطيب في تاريخ بغداد 212/11.و ابن أبي الدنيا في ذكر الموت،و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 30/6. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-موسى بن عبيدة:ضعيف.انظر التهذيب 356/10-360،و الكاشف 164/3،و المغني 2/ 685،و التاريخ الصغير 87/2،و التقريب 286/2. و تابعه صفوان بن سليم:ثقة،عند أبي نعيم،لكن الراوي عنه:إبراهيم بن مهاجر بن مسمار:ضعيف. انظر التقريب 44/1. 2-يزيد بن أبان الرقاشي:ضعيف،انظر التهذيب 309/11-311،و الكامل 257/7-258، و المغني 747/2،و الكاشف 240/3،و التقريب 361/2.
2- رواه ابن جرير في تفسيره 238/11.و ابن أبي الدنيا،كما في الدر المنثور 30/6 و هو مرسل.
3- رواه أحمد في المسند 226/1،و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(10725)363/10.و في الأوسط،حديث رقم(271)193/1.و عبد الرزاق في تفسيره 215/2.و القطيعي في جزء الألف دينار،حديث رقم(271)ص 412.و ابن المنذر،و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 37/6.و رجاله ثقات.إلاّ أنه ورد موقوفا على ابن عباس:رواه الحاكم في المستدرك 454/2 من طريق محمد بن كثير العبدي،عن سفيان،عن صفوان به. و رواه الطبري في تفسيره 272/11 من طريق أبي عاصم،عن سفيان،عن صفوان به. -و رواه الحاكم 454/2 من طريق أخرى:رواه من طريق عمرو بن الأزهر،عن ابن عون،عن الشعبي،عن ابن عباس قوله:جودة الخط.و كذلك رواه الخطيب في الجامع 398/1،و الطبراني في الأوسط،حديث رقم(475)294/1.ثم قال الحاكم:«هذه زيادة عن ابن عباس في قوله-عز و جل- غريبة في هذا الحديث». و عمرو بن الأزهر تفرد بها و هو و قد اتهمه أحمد بوضع الحديث،و كذّبه البخاري و غيره،و ضعّفه ابن معين.انظر لسان الميزان 353/4-354.و الدر المنثور 37/6. -و في الباب عن أبي سعيد:رواه ابن مردويه،كما في الدر المنثور 38/6.

الفتح

أخرج الترمذيّ،و ابن جرير،عن أبيّ بن كعب،أنه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول:

«وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى [الفتح:26]:قال:لا إله إلاّ اللّه» (1).

الحجرات

أخرج أبو داود،و الترمذي،عن أبي هريرة،قال:قيل:يا رسول اللّه ما الغيبة؟.

قال:«ذكرك أخاك بما يكره».

قيل:أ فرأيت إن كان في أخي ما أقول؟.

قال:«إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته،و إن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتّه» (2).

ق

أخرج البخاريّ،عن أنس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«يلقى في النار و تقول: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ [ق:30].حتى يضع قدمه فيها فتقول:قط قط» (3).

ص: 543


1- رواه الترمذي،حديث رقم(3265)386/5.و عبد اللّه في زوائد المسند 138/5.و الطبري في تفسيره 364/11.و البيهقي في الأسماء و الصفات 181/1.و الدار قطني في الأفراد،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 80/6. قلت:سنده ضعيف،فيه:ثوير بن أبي فاختة:ضعيف،رمي بالرفض.انظر التقريب 121/1، و التهذيب 36/2-37. قال الترمذي:«هذا حديث غريب،لا نعرفه مرفوعا إلاّ من حديث الحسن بن قزعة.قال:و سألت أبا زرعة عن هذا الحديث،فلم يعرفه مرفوعا إلاّ من هذا الوجه»ا ه. و في الباب عن أبي هريرة،و سلمة بن الأكوع،رواه ابن مردويه،كما في الدر المنثور 80/6.
2- رواه مسلم في صحيحه،حديث رقم(2589)2001/4.و أبو داود،حديث رقم(4874)269/4. و الترمذي،حديث رقم(1934)329/4.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم (11518)467/6.و الدارمي في سننه،حديث رقم(2714)387/2.و أحمد في المسند،230/2- 384-386-458.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(6493)378/11-379.و حديث رقم (6528)405/11.و حديث رقم(6532)406/11.و ابن أبي الدنيا في الصمت،حديث رقم(204) ص 134.و في الغيبة،حديث رقم(71)ص 71.و الطبري في تفسيره 395/11.و الخطيب في الكفاية ص 37.و الخرائطي في مساوئ الأخلاق،حديث رقم(207-208)ص 108-109.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(5758-5759)71/13-72.و في المجروحين 16/1-17.و البيهقي في سننه 247/10.و في شعب الإيمان 300/5-301.و في الآداب،حديث رقم(154)ص 110. و البغوي في تفسيره 216/4.و في شرح السنة،حديث رقم(3560-3561)138/13-139.
3- رواه البخاري في صحيحه،حديث رقم(4848)594/8.و حديث رقم(6661)545/11.و حديث-

الذاريات

أخرج البزار،عن عمر بن الخطاب،قال: وَ الذّارِياتِ ذَرْواً(1) :هي الرياح، فَالْجارِياتِ يُسْراً(2) :هي السفن، فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً(4) :هي الملائكة،و لو لا أني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقوله ما قلته (1).

الطور

أخرج عبد اللّه بن أحمد في زوائد المسند،عن عليّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّ المؤمنين و أولادهم في الجنة،و إنّ المشركين و أولادهم في النّار»ثم قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:

وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ... [الطور:21]الآية (3).

ص: 544


1- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(299)423/1-424 ضمن حديث طويل. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-أبو بكر بن أبي سبرة المديني:متروك.رموه بالوضع.انظر الكامل 295/7-297،و التقريب 2/ 397. 2-سعيد بن سلام العطار:قال البخاري:يذكر بوضع الحديث.انظر التاريخ الصغير ص 228، و الجرح 31/1/1-32،و المجروحين 321/1-322،و الميزان 141/2،و اللسان 31/3-32. 3-قال ابن كثير في تفسيره 231/4-232:«فهذا الحديث ضعيف رفعه،و أقرب ما فيه أنه موقوف على عمر-رضي اللّه عنه-فإنّ قصة صبيغ بن عسل مشهورة مع عمر-رضي اللّه عنه-و إنما ضربه لأنه ظهر له من أمره فيما يسأل تعنتا و عناء و اللّه أعلم.و قد ذكر الحافظ ابن عساكر هذه القصة في ترجمة صبيغ مطولة»ا ه.و انظر مجمع الزوائد 112/7-123.
2- -رقم(7384)369/13.و مسلم في صحيحه،حديث رقم(2848)2187/4-2188.و الترمذي في سننه،حديث رقم(3272)390/5.و أحمد في المسند 134/3-141-234.و أبو يعلى في مسنده، حديث رقم(3140)438/5-439.و عبد بن حميد في المنتخب من المسند،حديث رقم(1182) ص 356.و الطبري في تفسيره 472/11.و اللالكائي في أصول الاعتقاد،حديث رقم(719)425/3. و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(268)501/1.و ابن خزيمة في التوحيد،حديث رقم(124- 125-126-127-128-129-130)218/1-223.و ابن أبي عاصم في السنة،حديث رقم (531-532-533-534)ص 234-235.و البيهقي في الأسماء و الصفات 84/2-85.و البغوي في تفسيره 225/4.و في شرح السنة،حديث رقم(4421)255/15-256.
3- رواه عبد اللّه في زوائد المسند 134/1-135 و في أوله قصة.و البغوي في تفسيره 239/4.و ذكره في الميزان 642/6. و سنده ضعيف،فيه:محمد بن عثمان:مجهول.قال الذهبي في الميزان:لا يدرى من هو،فتشت عليه في أماكن،و خبره منكر.و ذكره الأزدي في الضعفاء.و ابن حبان في الثقات.انظر الميزان 642/3 و تعجيل المنفعة ص 372،و لسان الميزان 279/5-280.

النجم

أخرج ابن جرير،و ابن أبي حاتم-بسند ضعيف-،عن أبي أمامة،قال:تلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم هذه الآية:؟ وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفّى(37) [النجم:37]ثم قال:«أ تدري ما وفّى؟».

قلت:اللّه و رسوله أعلم.

قال:«وفّى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار» (1).

و أخرجا عن معاذ بن أنس،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«أ لا أخبركم لم سمى اللّه إبراهيم خليله اَلَّذِي وَفّى ؟إنه كان يقول كلما أصبح و أمسى: فَسُبْحانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ(17).. [الروم:17]...»حتى ختم الآية (2).

و أخرج البغوي،من طريق أبي العالية،عن أبيّ بن كعب،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:

وَ أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى(42) [النجم:42]:قال:«لا فكرة في الرب» (3).

قال البغوي (4):و هو مثل حديث:«تفكّروا في مخلوقات اللّه،و لا تفكّروا في

ص: 545


1- رواه الطبري في تفسيره 533/11.و البغوي في تفسيره 254/4.و سعيد بن منصور،و عبد بن حميد، و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه،و الشيرازي في الألقاب،و الديلمي،كما في الدر المنثور 129/6. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه:جعفر بن الزبير:متروك الحديث،و كان صالحا في نفسه.انظر التقريب 130/1،و تهذيب التهذيب 90/2-92،و المغني 132/1،و الكاشف 129/1،و تهذيب الكمال 1/ 195.
2- رواه الطبري في تفسيره 533/11.و أحمد في المسند 439/3.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(427-428)192/20 قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-رشيدين بن سعد:ضعيف.انظر التقريب 251/1،و الكاشف 241/1. و تابعه عليه ابن لهيعة:ضعيف،مختلط،عند الطبراني. 2-زبان بن فائد:ضعيف الحديث مع صلاحه و عبادته.انظر التقريب 257/1،و الكاشف 247/1. 3-سهل بن معاذ:لا بأس به،إلا في روايات زبان عنه.و هنا يروي عنه زبان.انظر المغني 288/1، و الكاشف 326/1،و التهذيب 258/4-259.و انظر مجمع الزوائد 117/10.
3- رواه البغوي في تفسيره 255/4.و الدار قطني في الأفراد،كما في الدر المنثور 130/6. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-أبو جعفر الرازي:صدوق،سيّئ الحفظ.انظر التهذيب 56/12-57،و التقريب 406/2. 2-الربيع بن أنس:صدوق.و ذكره ابن حبان في ثقاته و قال:الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه؛لأنّ في أحاديثه عنه اضطرابا كثيرا.انظر التهذيب 238/3-239،و التقريب 243/1.
4- ذكره في تفسيره 255/4 حيث قال:«و هذا مثل ما روي عن أبي هريرة مرفوعا:«تفكروا في الخلق و لا تتفكروا في الخالق»ا ه.و قد ورد هذا الحديث عن:

ذات اللّه» (1).ا-

ص: 546


1- رواه ابن ماجة،حديث رقم(202).و ابن أبي عاصم في السنة حديث رقم(301)ص 129-130. و أبو نعيم في الحلية 252/5-253.و أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(148)479/2-480. و ابن أبي الدنيا في الفرج بعد الشدة،حديث رقم(5)ص 25-26.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(689)464/2.و الطبراني في الأوسط،حديث رقم(3164)109/4.و الديلمي في الفردوس، حديث رقم(4812)311/3 و البزار في مسنده،حديث رقم(2667)73/3.و البيهقي في الأسماء و الصفات 138/1.و الحسن بن سفيان،و ابن مردويه،و الطبري في تفسيره،و البيهقي في الشعب،كما-

الرحمن

أخرج ابن أبي حاتم،عن أبي الدرداء،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله تعالى كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن:29]:قال:«من شأنه أن يغفر ذنبا و يفرّج كربا،و يرفع قوما و يضع آخرين» (1).

و أخرج ابن جرير مثله من حديث عبد اللّه بن منيب،و البزار مثله من حديث ابن عمر (2).

و أخرج الشيخان،عن أبي موسى الأشعري،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«جنتان من فضة آنيتهما و ما فيهما،و جنتان من ذهب آنيتهما و ما فيهما» (3).

ص: 547


1- -في الدر المنثور،143/6.و رواه البخاري معلقا 620/8 و هو موقوف عنده. و سنده ضعيف فيه: 1-الوزير بن صبيح:مقبول.انظر التقريب 330/2. لكن له طريق أخرى فرواه عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل،عن الوليد بن مسلم،عن يحيى بن إسماعيل بن عبيد اللّه،عن أبيه.انظر العلل للدار قطني. 2-أعله الدار قطني بالوقف،فقال في علله 229/6:«يرويه يونس بن ميسرة بن حلبس،عن أم الدرداء،عن أبي الدرداء،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:حدّث بن روح الوزير بن صبيح عنه. و تابعه عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد اللّه المخزومي:فرواه عن الوليد بن مسلم،عن يحيى بن إسماعيل بن عبيد اللّه،عن أبيه،عن أم الدرداء،عن أبي الدرداء مرفوعا-أيضا. و رواه أصحاب الوليد بن مسلم عنه بهذا الإسناد موقوفا. و كذلك رواه سعيد بن عبد العزيز،عن إسماعيل بن عبيد اللّه موقوفا،و هو الصواب»ا ه.
2- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(2268)74/3(كشف الأستار).و فيه: 1-محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني:ضعيف جدا.انظر التقريب 182/2،و الكاشف 59/3، و المغني 603/2،و التهذيب 293/9-294. 2-و عبد الرحمن والده:ضعيف.انظر التقريب 474/1،و الكاشف 141/2.
3- رواه البخاري في صحيحه،حديث رقم(4878)623/8-624.و حديث رقم(4880)624/8. و حديث رقم(7444)423/13.و مسلم،حديث رقم(180)163/1.و الترمذي،حديث رقم (2528)673/4-674.و ابن ماجة في سننه،حديث رقم(186).و أحمد في المسند 411/4-

و أخرج البغويّ،عن أنس بن مالك،قال:قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ(60) [الرحمن:60].و قال:«هل تدرون ما قال ربكم؟».

قالوا:اللّه و رسوله أعلم.

قال:«يقول:هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلاّ الجنة» (1).

الواقعة

أخرج أبو بكر النجاد،عن سليم بن عامر،قال:أقبل أعرابيّ فقال:يا رسول اللّه، ذكر اللّه في الجنة شجرة تؤذي صاحبها،قال:«و ما هي؟».

قال:السّدر،فإنّ له شوكا مؤذيا،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«أ ليس يقول اللّه: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ(28) [الواقعة:28]:خضد اللّه شوكه،فجعل مكان كلّ شوكة ثمرة» (2).

و له شاهد من حديث عتبة بن عبد السلميّ،أخرجه ابن أبي داود في البعث (3).

ص: 548


1- رواه البغوي في تفسيره 276/4.و الديلمي في الفردوس،حديث رقم(7214)72/5.و ابن النجار في ذيل التاريخ،كما في الدر المنثور 149/6.و الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ص 215. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه:بشر بن الحسين:قال البخاري:فيه نظر.و قال الدار قطني:متروك. و قال أبو حاتم:يكذب على الزبير.انظر اللسان 21/2-23. قلت:و في الباب عن: 1-ابن عمر:رواه ابن أبي حاتم،و ابن مردويه،و البيهقي في الشعب 371/1-372 ثم قال:«تفرد به إبراهيم بن محمد الكوفي هذا،و هو منكر،و اللّه أعلم»ا ه. 2-جابر:رواه ابن مردويه،كما في الدر المنثور 149/6. 3-علي بن أبي طالب:أخرجه ابن النجار في تاريخه،كما في الدر المنثور 149/6.
2- رواه نعيم بن حماد في زوائد الزهد برقم(263)ص 74-75 و هو مرسل. و رواه الحاكم في المستدرك 476/2،و البيهقي في البعث،كما في الدر المنثور 156/6 من طريق سليم بن عامر،من أبي أمامة مرفوعا.و اللّه أعلم.
3- -416.و ابن أبي عاصم في السنة،حديث رقم(613)ص 272.و الدولابي في الكنى 271/2.و أبو بكر السجستاني في البعث،حديث رقم(58)ص 105.و ابن خزيمة في التوحيد،حديث رقم(12) 39/1.و ابن منده في الإيمان برقم(780).و اللالكائي في أصول الاعتقاد،حديث رقم(831)3/ 478-479.و الطبري في تفسيره 603/11.و أبو نعيم في الحلية 316/2-317.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7386)394/16-395.و البيهقي في الاعتقاد ص 130.و في الأسماء و الصفات 26/2.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(4830)216/15-217.

و أخرج الشيخان،عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إنّ في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها،اقرءوا إن شئتم: وَ ظِلٍّ مَمْدُودٍ(30) [الواقعة:

30]» (1).

و أخرج التّرمذيّ،و النسائيّ،عن أبي سعيد الخدريّ،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:

وَ فُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ(34) [الواقعة:34]:قال:«ارتفاعها كما بين السماء و الأرض،و مسيرة ما بينهما خمسمائة عام» (2).

و أخرج التّرمذيّ،عن أنس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إِنّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً(35) [الواقعة:35-37]:عجائز كن في الدنيا عمشا رمصا» (3).2.

ص: 549


1- رواه البخاري،حديث رقم(4881)627/8.و مسلم حديث رقم(2826)2175/4-2176.و أحمد في المسند 257/2-404-418-438 و 110/3.و الترمذي،حديث رقم(3292)400/5.و ابن ماجة،حديث رقم(4335).و عبد الرزاق في المصنف،حديث رقم(20877-20878)417/11. و في التفسير 271/2.و هناد في الزهد،حديث رقم(114)97/1-98.و أبو يعلى في مسنده،رقم (5853)235/10.و أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(578)1075/3.و الرامهرمزي في المحدث الفاصل ص 291.و الطيالسي في مسنده،حديث رقم(2547)،ص 332.و الدارمي،حديث رقم (2838)435/2-436.و ابن المبارك في الزهد،حديث رقم(1485)ص 523،و في المسند، حديث رقم(129)ص 60-61.و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(33974)30/7 و(33983)31/7-32.و الطبراني في مسند الشاميين،حديث رقم(140)95/1.و الطبري في تفسيره 638/11-639.و الحميدي في مسنده،حديث رقم(1131)479/2،و حديث رقم(1180) 498/2-499.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7411)426/16.و البغوي في شرح السنة، حديث رقم(4372)209/15-210.و في تفسيره 282/4.و الخطيب في تاريخه 348/9 من طرق عن أبي هريرة-رضي اللّه عنه-به.
2- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(2540)679/4.و حديث رقم(3294)401/5.و أحمد في المسند 75/3.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1395)528/2.و أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(272)678/2-679.و حديث رقم(593)1096/3.و الطبري في تفسيره 640/11.و أبو نعيم في صفة الجنة حديث رقم(357).و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7405)418/16-419. و البيهقي في البعث،حديث رقم(311).و البغوي في تفسيره 283/4. و فيه:دراج،عن أبي الهيثم.و قد مرّ معنا كثيرا أن روايته عنه ضعيفة.
3- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(3296)402/5.و هناد في الزهد،حديث رقم(21)57/1. و الطبري في تفسيره 640/11-641.و البغوي في التفسير 283/4. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-موسى بن عبيدة:ضعيف،انظر التقريب 286/2،و الكاشف 164/3،و المغني 685/2، و التهذيب 360/10. 2-يزيد بن أبان الرقاشي:ضعيف.انظر التقريب 361/2،و الكاشف 240/3،و التهذيب 309/11- 311،و الكامل 257/7-258،و المغني 747/2.

و أخرج في«الشمائل»،عن الحسن،قال:أتت عجوز فقالت:يا رسول اللّه،ادع اللّه أن يدخلني الجنة.

فقال:«يا أمّ فلان،إنّ الجنة لا يدخلها عجوز».

فولّت تبكي،قال:«أخبروها أنّها لا تدخلها و هي عجوز،إنّ اللّه يقول: إِنّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً(35) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً(36) عُرُباً أَتْراباً(37) [الواقعة:35-37]» (1).

و أخرج ابن أبي حاتم،عن جعفر بن محمد،عن أبيه،عن جدّه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«عربا:كلامهنّ عربيّ» (2).

و أخرج الطّبرانيّ،عن أمّ سلمة،قالت:قلت:يا رسول اللّه،أخبرني عن قول اللّه تعالى: وَ حُورٌ عِينٌ(22) [الواقعة:22]؟.

قال:«حور بيض.عين:ضخام العيون،شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر».

قلت:أخبرني عن قول اللّه تعالى: كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ(23) [الواقعة:22]؟.

قال:«صفاؤهنّ كصفاء الدرّ الذي في الأصداف الذي لم تمسّه الأيدي».

قلت:أخبرني عن قوله: فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ(70) [الرحمن:70]؟.

قال:«خيرات الأخلاق،حسان الوجوه».

قلت:أخبرني عن قوله: كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ(49) [الصافات:49]؟.م.

ص: 550


1- رواه الترمذي في الشمائل،حديث رقم(240)ص 297-298 بتحقيقنا.و البغوي في تفسيره 4/ 283.و في الشمائل،حديث رقم(320)258/1.و عبد بن حميد في مسنده،كما في تفسيره ابن كثير 291/4.و ابن المنذر،و البيهقي في البعث مرسلا،كما في الدر المنثور 158/6. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-الإرسال. 2-المبارك بن فضالة:صدوق،مشهور بالتدليس،يدلّس،و يسوّي.انظر التقريب 227/2،و طبقات المدلسين ص 104. و قد ورد الحديث عن عائشة-رضي اللّه عنها-:من طرق عنها: أ-سعيد بن أبي عروبة،عن قتادة،عن سعيد بن المسيب،عن عائشة:رواه هناد في الزهد،حديث رقم(24)ص 58.و ابن أبي عروبة مدلس. ب-ليث،عن مجاهد،عن عائشة:رواه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ص 78-79.و الديلمي في الفردوس،حديث رقم(4075)109/3.و ليث ضعيف.فيرتقي لدرجة الحسن لغيره. ج-رواه الطبراني في الأوسط-كما في الدر المنثور 158/6-.و فيه مسعدة بن اليسع:كذّبه أحمد و أبو داود،كما في اللسان 23/6.
2- عزاه في الدر المنثور 159/6 لابن أبي حاتم.

قال:«رقتهنّ كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشر».

قلت:أخبرني عن قوله: عُرُباً أَتْراباً(37) [الواقعة:37]؟.

قال:«هن اللواتي قبضهنّ في دار الدنيا عجائز رمصا شمطاء،خلقهنّ اللّه بعد الكبر، فجعلهنّ عذارى عربا:متعشقات محبّبات.أترابا:على ميلاد واحد» (1).

و أخرج ابن جرير،عن ابن عباس في قوله ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ(39) وَ ثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ(40) [الواقعة:39-40]:قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«هما جميعا من أمّتي» (2).

و أخرج أحمد،و الترمذيّ،عن عليّ،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ يقول:شكركم أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ [الواقعة:82]:يقولون:مطرنا بنوء كذا و كذا» (3).ا.

ص: 551


1- سبق تخريجه.
2- رواه الطبري في تفسيره 646/11.و ابن عدي في الكامل 387/1.و الفريابي،و عبد بن حميد،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 159/6. و فيه أبان بن أبي عياش،متروك.انظر الكامل 381/1-387،و التهذيب 97/1-101،و التقريب 31/1. قلت:و في الباب عن أبي بكرة: رواه أبو داود الطيالسي في مسنده،حديث رقم(886)ص 120 موقوفا.و مسدد في مسنده،و ابن المنذر،و الطبراني،و ابن مردويه-كما في الدر المنثور 159/6 مرفوعا. قال البوصيري في مختصر اتحاف المهرة 429/8:«رواه أبو داود الطيالسي موقوفا،و مسدد موقوفا و مرفوعا،و مدار إسناديهما على علي بن زيد بن جدعان،و هو ضعيف.و له شاهد من حديث أبي هريرة.رواه أحمد بن حنبل»ا ه. و قال الدار قطني في العلل 164/7:«يرويه خاقان بن عبد اللّه بن الأهتم،عن علي بن زيد،عن ابن صبهان،عن أبي بكرة مرفوعا. و رواه حماد بن زيد،عن علي بن زيد،عمن سمع أبا بكرة موقوفا.و لم يثبت،و خاقان:ليس بالقوي. و كان يحيى القطان حدّث به عن حماد بن سلمة،عن علي بن زيد،عن عقبة بن صبهان،عن أبي بكرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،ثم تركه»ا ه.
3- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(3295)401/5-402.و أحمد في المسند 108/1.و عبد اللّه في الزوائد 131/1.و البزار في مسنده،حديث رقم(593)208/2.و الخرائطي في مساوئ الأخلاق، حديث رقم(777)ص 310.و الطبري في تفسيره 662/11.و الدار قطني في العلل 163/4-164. و ابن أبي حاتم،و ابن المنذر،و عبد بن حميد،و ابن منيع،و ابن مردويه،و الضياء في المختارة،كما في الدر المنثور 163/6.من طريق إسرائيل،و أبان بن تغلب،عن عبد الأعلى التغلبي،عن أبي عبد الرحمن السلمي،عن علي مرفوعا. قلت:خالف سفيان الثوري:إسرائيل،و أبان:فرواه عن عبد الأعلى،عن أبي عبد الرحمن،عن علي موقوفا.

الممتحنة

أخرج الترمذي-و حسّنه-،و ابن جرير،عن أمّ سلمة،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم في قوله:

وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ [الممتحنة:12]:قال:«النّوح» (1).

الطلاق

أخرج الشيخان،عن ابن عمر،أنّه طلّق امرأته و هي حائض،فذكر ذلك عمر لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم،فتغيّظ فيه،ثم قال:«ليراجعها،ثم يمسكها حتى تطهر،ثم تحيض فتطهر،فإنّ بدا له أن يطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدّة التي أمر اللّه أن يطلق لها النساء.ثم قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] (2).

ص: 552


1- رواه الترمذي،حديث رقم(3307)411/5-412 مطولا.و ابن ماجة،حديث رقم(1579) مختصرا.و ابن أبي شيبة في المصنف،حديث رقم(12101)60/3.و الطبراني في المعجم الكبير، حديث رقم(458)181/24-182.و ابن جرير في تفسيره 75/12.و عبد بن حميد،و ابن سعد، و ابن المنذر،و ابن أبي حاتم،و أحمد،و ابن مردويه.كما في الدر المنثور 210/6. قلت:سنده ضعيف،فيه:شهر بن حوشب:صدوق،كثير الإرسال و الأوهام.انظر التقريب 355/1، و الكاشف 14/2-15،و التهذيب 369/4-372،و المغني 301/1.
2- رواه البخاري(5251-5332)و مسلم(1471)،و النسائي 138/6-212-213،و أبو داود (2179)،و ابن ماجة(2019)،و مالك 576/2،و الطيالسي(68-1853)،و عبد الرزاق(10952- 10953-10954)،و أحمد 6/2-54-63-64-102-124.و الطحاوي 53/3،و الدار قطني 7/4-9،و ابن حبان(4267)77/10،و البيهقي 323/7-324-414،و ابن الجارود(734)، و البغوي(2351)من طرق عن ابن عمر-رضي اللّه عنهما-.

ن

أخرج الطبراني،عن ابن عباس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إن أوّل ما خلق اللّه القلم و الحوت،قال:اكتب.

قال:ما أكتب؟.

قال:كلّ شيء كائن إلى يوم القيامة،ثم قرأ: ن وَ الْقَلَمِ [ن:1]:و النون:

الحوت،و القلم:القلم» (1)انظر تفسير ابن كثير 401/4.(2).

و أخرج ابن جرير،عن معاوية بن قرّة،عن أبيه،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ(1) لوح من نور،و قلم من نور،يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة» (3).

قال ابن كثير (3):مرسل غريب.

و أخرج-أيضا-،عن زيد بن أسلم،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«تبكي السماء من عبد أصحّ اللّه جسمه،و أرحب جوفه،و أعطاه من الدنيا مقضما،فكان للناس ظلوما، فذلك العتل الزّنيم» (4).مرسل له شواهد (5).

و أخرج أبو يعلى،و ابن جرير-بسند فيه مبهم-،عن أبي موسى،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:

ص: 553


1- رواه أبو يعلى(2329)217/4،و الطبراني في الأوائل(1)،و ابن أبي عاصم في الأوائل
2- ،و في السنة(108)،و الدارمي في الرد على الجهمية(253)،و الطبري في تفسيره 176/12،و أبو نعيم في الحلية 181/8،و البيهقي في الأسماء و الصفات 117/2-118،و ابن بطة في الإبانة(1361)1/ 337(الكتاب الثاني). و رجاله ثقات،و قد اختلف في وقفه و رفعه،و قد سبق. و في الباب عن أبي هريرة،و عبادة بن الصامت.و قد سبق تخريجهما.
3- رواه الطبري في تفسيره 177/12. قلت:سنده ضعيف جدا،و فيه: 1-الفرات بن أبي الفرات:ضعيف.انظر اللسان 432/4. 2-الحسن بن شبيب:قال ابن عدي:حدّث بالبواطيل عن الثقات.انظر اللسان 213/2-214.قال ابن كثير:مرسل غريب.
4- رواه عبد الرزاق في تفسيره 308/2.و ابن جرير الطبري في تفسيره 185/12.و ابن المنذر،كما في الدر المنثور 252/6.و رجاله ثقات،إلاّ أنه مرسل.
5- و في الباب عن أبي الدرداء:رواه أبو الشيخ،و ابن مردويه،و الديلمي،كما في الدر المنثور 252/6.

يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ [ق:42]:قال:«عن نور عظيم يخرّون له سجّدا» (1).

سأل

أخرج أحمد،عن أبي سعيد،قال:لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ [المعارج:4]:ما أطول هذا اليوم!.

فقال:«و الذي نفسي بيده،إنّه ليخفّف عن المؤمن حتى يكون أخفّ عليه من صلاة مكتوبة يصلّيها في الدنيا» (2).

المزّمل

أخرج الطّبراني،عن ابن عباس،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل:

20]:قال:«مائة آية» (3).

قال ابن كثير (4):غريب جدّا.

ص: 554


1- رواه أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(7283)269/13-270.و ابن جرير في تفسيره 200/12. و البيهقي في الأسماء و الصفات 83/2.و ابن المنذر،و ابن مردويه،و ابن عساكر،كما في الدر المنثور 254/6. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-روح بن جناح:ضعيف،انظر الجرح و التعديل 494/3،و التاريخ الكبير 308/3،و المجروحين 300/1. 2-مولى لعمر بن عبد العزيز:مبهم. 3-الوليد بن مسلم:ثقة-إلاّ أنه مدلّس تدليس التسوية،و لم يصرّح بالتحديث في سائر طبقات السند، و هنا يروي عن الضعفاء.
2- رواه أحمد في المسند 75/3.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1390)527/2.و الطبري في تفسيره 227/12-228.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7334)329/16.و البغوي في تفسيره 4/ 392.و البيهقي في البعث،كما في الدر المنثور 264/6-265. و في سنده:دراج،عن أبي الهيثم،ضعيف-كما مر كثيرا. و في الباب عن الحسن مرسلا:رواه عبد الرزاق في تفسيره 316/2،و عبد بن حميد،كما في الدر المنثور 265/6.و رجاله ثقات.إلاّ أنه مرسل.
3- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(10940)29/11.و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 280/6. قال ابن كثير في تفسيره 439/4:«و هذا غريب جدا،لم أره إلاّ في معجم الطبراني-رحمه اللّه تعالى»ا ه. و قال في مجمع الزوائد 130/7:«و فيه عبد الرحمن بن طاوس،و لم أعرفه.و بقية رجاله وثقوا»ا ه.
4- تفسير ابن كثير 439/4 و قد سبق قريبا.

المدثر

أخرج أحمد،و الترمذيّ،عن أبي سعيد،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«الصّعود:جبل من نار،يتصعد فيه سبعين خريفا،ثم يهوي به كذلك» (1).

و أخرج أحمد،و الترمذيّ-و حسّنه-،و النسائيّ،عن أنس،قال:قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ [المدثر:56].فقال:«قال ربكم:أنا أهل أن أتّقى فلا يجعل معي إله،فمن اتّقى أن يجعل معي إلها كان أهلا أن أغفر له» (2).

ص: 555


1- رواه الترمذي،حديث رقم(2576)703/4.و حديث رقم(3326)429/5.و أحمد في المسند 3/ 75.و الطبري في تفسيره 308/12.و الحاكم في المستدرك 596/4.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم (1383)523/2.و في سنده دراج،عن أبي الهيثم و قد سبق ضعف روايته،عن أبي الهيثم. و للحديث طريق أخرى:فرواه من طريق عمار الدهني،عن عطية،عن أبي سعيد نحوه:الطبري في تفسيره 308/12.و الطبري في تفسيره 308/12.و الطبراني في الأوسط،حديث رقم(5569)266/6 -267.و البغوي في تفسيره 415/4،و انظر العلل للدار قطني 290/11-291. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-عطية بن سعد العوفي:صدوق،يخطئ كثيرا،كان شيعيا،مدلسا.و هو مشهور بالتدليس القبيح. انظر طبقات المدلسين ص 130،و الكاشف 235/2،و التقريب 24/2. 2-اختلف في وقفه و رفعه:يرويه عمار الدهني،عن عطية،و اختلف عنه: أ-فرواه شريك،عن عمار،عن عطية،عن أبي سعيد مرفوعا.و قد سبق تخريجه. ب-و رواه عبيدة بن حميد،و ابن عيينة،عن عمار موقوفا.و كذلك رواه إبراهيم بن مهاجر،عن عطية، عن أبي سعيد موقوفا.و عطية:مضطرب الحديث.انظر العلل للدار قطني 290/11-291: رواه نعيم بن حماد في زوائد الزهد،حديث رقم(335)ص 96.و هناد في الزهد،حديث رقم(281) 184/1.و عبد الرزاق في تفسيره 331/2.و الدار قطني في العلل 290/11-291.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(4410)248/15.و أشار إليه الطبراني في الأوسط 267/6.
2- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(3328)430/5.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى، حديث رقم(11630)501/6.و ابن ماجة في سننه،حديث رقم(4299)،و الدارمي،حديث رقم (2724)392/2.و أحمد في المسند 142/3-243.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(3317)6/ 66.و الحاكم في المستدرك 508/2.و السنة لابن أبي عاصم،حديث رقم(969)ص 454.و البغوي في تفسيره 420/4. قلت:سنده ضعيف،فيه.سهيل بن أبي حزم:ضعيف،كما في التقريب 338/1،و انظر التهذيب 6/ 261. و له طرق أخرى:رواه الخطيب في تاريخه 52/5-53 من طريق أبي الحسن أحمد بن محمد التمار، عن عثمان بن أبي شيبة،عن يزيد بن هارون،عن حميد الطويل،عن أنس به.و سنده واه. فيه أبو الحسن أحمد بن محمد التمار:روى أحاديث باطلة.انظر تاريخ بغداد 52/5-53. و في الباب عن أبي هريرة،و ابن عمر،و ابن عباس:رواه ابن مردويه،كما في الدر المنثور 287/6.

عمّ

أخرج البزار،عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«و اللّه لا يخرج من النار أحد حتى يمكث فيها أحقابا،و الحقب بضع و ثمانون سنة،كلّ سنة ثلاثمائة و ستون يوما ممّا تعدّون» (1).

التكوير

أخرج ابن أبي حاتم،عن بريد بن أبي مريم،عن أبيه:أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال في قوله تعالى: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) [التكوير:1].قال:«كوّرت في جهنم» وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) [التكوير:2].قال:«في جهنم» (2).

و أخرج عن النعمان بن بشير،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ(7) [التكوير:

7].قال:«القرناء،كلّ رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله» (3).

الانفطار

أخرج ابن جرير،و الطّبرانيّ-بسند ضعيف-،من طريق موسى بن عليّ بن رباح، عن أبيه،عن جدّه،أنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال له:«ما ولد لك؟».

قال:ما عسى أن يولد لي؟إمّا غلام أو جارية.

قال:«فمن يشبه؟».

قال:من عسى أن يشبه؟إمّا أباه و إمّا أمّه.

فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم:«مه،لا تقولنّ هذا،إنّ النطفة إذا استقرّت في الرحم أحضرها اللّه تعالى كلّ نسب بينها و بين آدم،أما قرأت: فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ(8) [الانفطار:8].

قال:سلكك» (4).

ص: 556


1- رواه الديلمي في الفردوس،حديث رقم(7260)87/5.و ابن عدي في الكامل 286/3.و البزار،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 308/6. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه:سليمان بن مسلم الخشاب:قال ابن عدي:شبه المجهول.انظر الكامل 286/3-287 و في اللسان 106/3:متهم بالوضع.و انظر تنزيه الشريعة 386/2.
2- عزاه في الدر المنثور 318/6 لابن أبي حاتم،و الديلمي.
3- رواه ابن مردويه،كما في الدر المنثور 319/6.
4- رواه الطبري في تفسيره 479/12-480. و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(4624)74/5.و البخاري في تاريخه،و ابن المنذر،و ابن-

و أخرج ابن عساكر في تاريخه،عن ابن عمر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إنما سماهم الأبرار،لأنهم برّوا الآباء،و الأبناء».

المطففين

أخرج الشيخان،عن ابن عمر،أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (6) [المطففين:6]:حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه» (1).

و أخرج أحمد،و الترمذيّ،و الحاكم-و صحّحه-،و النسائي،عن أبي هريرة،قال:

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّ العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه،فإن تاب منها صقل قلبه،و إن زاد زادت حتى تعلو قلبه،فذلك الرّان الذي ذكر اللّه في القرآن: كَلاّ بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ(14) [المطففين:14]» (2).

ص: 557


1- رواه البخاري،حديث رقم(4938)696/8.و حديث رقم(6531)392/11.و مسلم،حديث رقم (2862)2196/4 و الترمذي،حديث رقم(2442)615/4.و حديث رقم(3335)434/5.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى،حديث رقم(676)503/2-504.و حديث رقم(11657)6/ 509.و أحمد في المسند 13/2-19-64-70-105-112-125-126.و ابن ماجة في سننه، حديث رقم(4278).و الطبري في تفسيره 484/12-485-486.و ابن أبي شيبة في المصنف، حديث رقم(34353)81/7.و هناد في الزهد،حديث رقم(326)199/1-200.و ابن المبارك في مسنده،حديث رقم(102-103)ص 50.و عبد بن حميد في المنتخب من المسند،حديث رقم (763)ص 246.و أبو الشيخ في طبقات المحدثين،حديث رقم(406)120/3.و عبد الرزاق في التفسير 355/3.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7331-7332)326/16-328.و في الثقات 60/10.و الطرسوسي في مسند ابن عمر،حديث رقم(32)ص 29.و البيهقي في الشعب 243/1. و في الاعتقاد ص 208.و ابن عدي في الكامل 176/1.و بيبي في جزئها،حديث رقم(53)ص 53. و الديلمي في الفردوس،حديث رقم(8443)448/5.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(4316) 127/15.و الذهبي في تذكرة الحفاظ 832/3
2- رواه الترمذي في سننه،حديث رقم(3334)434/5.و النسائي في سننه الكبرى،في كتاب التفسير، حديث رقم(11658)509/6.و في عمل اليوم و الليلة،حديث رقم(418)ص 37.و ابن ماجة في سننه،حديث رقم(4244)،و أحمد في المسند 297/2.و الطبري في تفسيره 490/12.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(930)210/3.و حديث رقم(2787)27/7.و الحاكم في المستدرك 517/2. و البيهقي في شعب الإيمان 440/5.و البغوي في تفسيره 459/4-460.و سنده حسن.

الانشقاق

أخرج أحمد،و الشيخان،و غيرهما،عن عائشة،قالت:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«منّ نوقش الحساب عذّب».

و في لفظ عند ابن جرير:«ليس يحاسب أحد إلاّ عذّب».

قلت:أ ليس يقول اللّه: فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً(8) [الانشقاق:8]؟.

قال:«ليس ذلك بالحساب،و لكن ذاك العرض» (1).

و أخرج أحمد،عن عائشة،قالت:قلت:يا رسول اللّه،ما الحساب اليسير؟.

قال:«أن ينظر في كتابه،فيتجاوز له عنه،إنّه من نوقش الحساب يومئذ هلك» (2).

البروج

أخرج ابن جرير،عن أبي مالك الأشعري،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«اليوم الموعود:يوم القيامة،و شاهد:يوم الجمعة،و مشهود:يوم عرفة» (3)له شواهد (4).

ص: 558


1- سبق تخريجه.
2- رواه أحمد في المسند 48/6-185 و هو جزء من الحديث السابق.و رجاله ثقات.
3- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(3458)338/3.و في مسند الشاميين،حديث رقم (1680)449/2.و ابن جرير في تفسيره 520/12-521.و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 6/ 332. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-شريح بن عبيد:عن أبي مالك:مرسل.انظر جامع التحصيل ص 195،و التقريب 349/1. 2-ضمضم بن زرعة:قال ابن معين:ثقة.و ذكره ابن حبان في الثقات.و وثقه ابن نمير،و قال أحمد بن محمد بن عيسى صاحب تاريخ الحمصيين:لا بأس به. و قال أبو حاتم:ضعيف.انظر التهذيب 462/4،و الكاشف 510/1،و الجرح 468/1/2،و التقريب 375/1. 3-محمد بن إسماعيل بن عياش:عابوا عليه أنه حدّث عن أبيه بغير سماع.قال أبو حاتم:لم يسمع من أبيه شيئا.و قال أبو داود:لم يكن بذاك.انظر التهذيب 60/9،و التقريب 145/2،و الكاشف 2/ 158.و مجمع الزوائد 135/7.
4- ففي الباب،عن: 1-جبير بن مطعم:رواه ابن عدي في الكامل 73/5،و تمام في فوائده،حديث رقم(1369)4/ 174. و سنده ضعيف جدا،فيه:عمار بن مطر:كذّبه أبو حاتم.و قال ابن عدي:متروك الحديث.انظر اللسان 275/4.-

و أخرج الطبرانيّ،عن ابن عباس،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إنّ اللّه خلق لوحا محفوظا من درّة بيضاء،صفحاتها من ياقوتة حمراء،قلمه نور،و كتابه نور،للّه تعالى فيه في كلّ يوم ستون و ثلاثمائة لحظة،يخلق و يرزق،و يميت و يحيي،و يعزّ و يذلّ،و يفعل ما يشاء» (1).

سبح

أخرجه البزّار،عن جابر بن عبد اللّه،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى(14) :قال:

ص: 559


1- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(12511)72/12.و أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم (160)496/2.و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 335/6 من طريق زياد البكائي،عن عبد الملك بن سعيد،عن أبيه،عن ابن عباس. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-زياد بن عبد اللّه البكائي:صدوق،ثبت في المغازي،و في حديثه عن غير ابن إسحاق لين،انظر التقريب 268/1،و تهذيب الكمال 489/9-490،و الكاشف 260/1. 2-ليث بن أبي سليم:صدوق،اختلط جدا،و لم يتميز حديثه فترك.انظر التقريب 138/2، و الكاشف 13/3،و المغني 536/2،و التهذيب 465/8-468. -و له طريق أخرى:فقد رواه أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(60)496/2.من طريق أبي حمزة، عن الضحاك،عن ابن عباس به.و سنده ضعيف،فيه: 1-محمد بن المتوكل:صدوق،له أوهام كثيرة.انظر التهذيب 424/9،و تقريب التهذيب 317/1. 2-الضحاك:لم يلق ابن عباس.انظر التهذيب 453/4،و جامع التحصيل ص 199-200. 3-أبو حمزة الثمالي:ضعيف رافضي.انظر التهذيب 7/2،و التقريب 50/1. 4-و قد اختلف في سنده:رواه أبو حمزة،و اختلف عنه: أ-رواه سفيان بن عيينة،عن أبي حمزة،عن الضحاك،عن ابن عباس مرفوعا.و قد سبق تخريجه. ب-رواه يزيد أبو خالد،عن أبي حمزة،عن سعيد بن جبير،عن ابن عباس موقوفا:رواه أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(158)492/2-493.و الطبري في تفسيره.و الحاكم في المستدرك 474/2 -519.و البيهقي في الأسماء و الصفات ص 492-606-607 من طرق عن أبي حمزة به.و الموقوف أولى.و اللّه تعالى أعلم.

«من شهد أن لا إله إلاّ اللّه و خلع الأنداد،و شهد أنّي رسول اللّه». وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى 15 [الأعلى:14-15].قال:«هي الصلوات الخمس و المحافظة عليها و الاهتمام بها» (1).

و أخرج البزّار،عن ابن عباس،قال:لمّا نزلت: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى 18 [الأعلى:18].قال النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم:«كان هذا-أو كلّ هذا-في صحف إبراهيم و موسى» (2).

الفجر

أخرج أحمد،و النّسائيّ،عن جابر،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم قال:«إنّ العشر:عشر الأضحى، و الوتر:يوم عرفة،و الشفع:يوم النحر» (3).

قال ابن كثير (4):رجاله لا بأس بهم،و في رفعه نكارة.

و أخرج ابن جرير،عن جابر مرفوعا:«الشفع:اليومان.و الوتر:اليوم الثالث» (5).

ص: 560


1- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(2284)80/3(كشف الأستار)،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 339/6. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-عباد بن أحمد العرزمي:قال الدار قطني:متروك.انظر اللسان 228/3. 2-عطاء بن السائب:مختلط.انظر الاغتباط ص 82-83. 3-عبد الرحمن بن سابط:قال ابن معين:لم يسمع من جابر.و قال أبو حاتم:سمع منه.انظر جامع التحصيل ص 222،و التقريب 480/1.
2- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(2285)80/3(كشف الأستار).و الحاكم في المستدرك 237/2- 425 و 426-470.و ابن المنذر،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 341/6.قال البزار:لا نعلم الثقات،عن عطاء،عن عكرمة،عن ابن عباس،إلاّ هذا الحديث،و حديثا آخر. قلت:فيه عطاء بن السائب:ثقة،إلاّ أنه اختلط.و لم يتميز عندي أسمع سليمان بن بلال التيمي عنه قبل الاختلاط أم بعده.و اللّه تعالى أعلم.
3- رواه النسائي في سننه الكبرى،حديث رقم(4101)445/2.و حديث رقم(11671-11672)6/ 515.و أحمد في المسند 327/3.و البزار في مسنده،حديث رقم(2286)80/3-81(كشف الأستار).و الطبري في تفسيره 561/12.و الحاكم في المستدرك 220/4. قلت:رجاله ثقات،إلاّ أن ابن كثير قال في تفسيره 505/4:«و هذا إسناد رجاله لا بأس بهم،و عندي أن المتن في رفعه نكارة»ا ه. قلت:للخلاف في متنه.و انظر الأقوال في معنى الشفع و الوتر في تفسير ابن كثير 505/4-506.
4- تفسير ابن كثير 505/4.
5- رواه الطبري في تفسيره 563/12 من طريق زيد بن حباب،عن عياش،عن خير،عن أبي الزبير،عن جابر. و هو نفس طريق الحديث السابق.و هو مما يدل على الاختلاف في متنه.لذلك قال ابن كثير في تفسيره-

و أخرج أحمد،و الترمذيّ،عن عمران بن حصين،أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم سئل عن الشفع و الوتر؟.

قال:«الصّلاة بعضها شفع و بعضها وتر» (1).

البلد

أخرج أحمد،عن البراء،قال:جاء أعرابيّ إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال:علّمني عملا يدخلني الجنة.

قال:«عتق النسمة،و فك الرقبة».

قال:أو ليستا بواحدة؟.

قال:«لا،إنّ عتق النّسمة أن تفرد بعتقها،و فك الرقبة أن تعين في عتقها» (2).

الشمس

أخرج ابن أبي حاتم،من طريق جويبر،عن الضحاك،عن ابن عباس:سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول في قول اللّه: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها 9 [الشمس:9]:«أ فلحت نفس زكاها اللّه تعالى» (3).

ص: 561


1- رواه الترمذي،حديث رقم(3342)440/5.و أحمد في المسند 437/4-442.و الطبري في تفسيره 563/12.و الحاكم في المستدرك 522/2. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-عمران بن عصام الضبعي:وثق.انظر الكاشف 301/2،و التهذيب 134/8-135،و التقريب 2/ 84. 2-اختلف في سنده: فقد رواه ابن أبي حاتم عن طريق قتادة،عن عمران بن عصام،عن عمران بن معين مباشرة.فأسقط ذكر الشيخ المبهم. 3-أعلّه بعض العلماء بالوقف.قال ابن كثير في تفسيره 506/4:«و عندي أن وقفه على عمران بن حصين أشبه.و اللّه أعلم»اه. 4-فيه رجل مبهم.
2- رواه أحمد في المسند 299/4.و الطيالسي في مسنده،حديث رقم(739)ص 100.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(374)97/2-98.و البيهقي في سننه 272/10-273.و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(2419)354/9.و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 354/6.و رجاله ثقات.
3- رواه ابن أبي حاتم،و أبو الشيخ،و ابن مردويه،و الديلمي،كما في الدر المنثور 357/6.

أ لم نشرح

أخرج أبو يعلى،و ابن حبّان في صحيحه،عن أبي سعيد،عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.قال:

«أتاني جبريل فقال:إنّ ربك يقول:أ تدري كيف رفعت ذكرك؟.

قلت:اللّه أعلم.

قال:إذا ذكرت ذكرت معي» (1).

الزلزلة

أخرج أحمد،عن أبي هريرة،قال:قرأ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم هذه الآية: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها 4 [الزلزلة:4].قال:«أ تدرون،ما أخبارها؟».

قالوا:اللّه و رسوله أعلم.

قال:«أن تشهد على كلّ عبد أو أمة بما عمل على ظهرها؛أن تقول:عمل كذا و كذا في يوم كذا و كذا» (2).

ص: 562


1- رواه أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(1380)522/2.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(3382) 175/8.و ابن جرير في تفسيره 627/12.و ابن المنذر في تفسيره،و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه،و أبو نعيم في الدلائل،كما في الدر المنثور 364/6. و سنده ضعيف،فيه دراج عن أبي الهيثم.و روايته عنه ضعيفة كما مر معنا كثيرا،و اللّه تعالى أعلم بالصواب.
2- رواه الترمذي،حديث رقم(3353)446/5-447.و النسائي في كتاب التفسير من سننه الكبرى، حديث رقم(11693)520/6.و أحمد في المسند 374/2.و الحاكم في المستدرك 265/2-532. و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(7360)360/16.و المقدسي في ذكر النار،حديث رقم(27) ص 50-51.و البغوي في تفسيره،515/4.و في شرح السنة،حديث رقم(4308)116/15- 117. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-يحيى بن أبي سليمان:قال البخاري:منكر الحديث.و قال أبو حاتم:مضطرب الحديث،ليس بالقوي،يكتب حديثه.انظر التهذيب 228/11،و التقريب 349/2. 2-سعيد المقبري:اختلط قبل موته بأربع سنين.

العاديات

أخرج ابن أبي حاتم-بسند ضعيف-،عن أبي أمامة،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:

إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ 6 [العاديات:6]:قال:«الكنود:الذي يأكل وحده،و يضرب عبده،و يمنع رفده» (1).

ألهاكم

أخرج ابن أبي حاتم،عن زيد بن أسلم،عن أبيه،-مرسلا-قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ 1 [التكاثر:1]عن الطاعة حَتّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ 2 [التكاثر:2] حتى يأتيكم الموت» (2).

أخرج أحمد،عن جابر بن عبد اللّه،قال:أكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أبو بكر و عمر رطبا و شربوا ماء،فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«هذا من النعيم الذي تسألون عنه» (3).

ص: 563


1- رواه الطبري في تفسيره 672/12.و الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(7778)221/8-222. و حديث رقم(7958)292/8.و البيهقي،و ابن أبي حاتم في العلل 78/2،و ابن مردويه،و ابن عساكر،كما في الدر المنثور 384/6-385. و سنده ضعيف جدا،فيه: 1-جعفر بن الزبير:متروك الحديث،و كان صالحا في نفسه.انظر التهذيب 90/2-92،و المغني 132/1،و الكاشف 129/1،و التهذيب 92/2-93،و التقريب 130/1. و انظر مجمع الزوائد 142/7،و تفسير ابن كثير 542/4،و العلل لابن أبي حاتم 78/2. 2-و قد ورد موقوفا. فقد رواه من طريق حمزة بن هانئ،عن أبي أمامة موقوفا:رواه البخاري في الأدب المفرد،حديث رقم(160)ص 68.و الطبري في تفسيره 673/12.و عبد بن حميد،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 384/6.و هذا الموقوف ضعيف،فيه حمزة بن هانئ:مجهول،انظر اللسان 360/2-361.
2- رواه ابن أبي حاتم في تفسيره،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 387/6. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-سنده مرسل. 2-زكريا بن يحيى المصري الوقاد:قال ابن عدي:يضع الحديث.كذّبه صالح جزرة.انظر اللسان 2/ 485. 3-خالد بن عبد الدائم:قال ابن عدي:في حديثه بعض ما فيه.و قال الحاكم و النقاش:روى أحاديث موضوعة.و قال ابن طاهر:متروك الحديث.انظر اللسان 379/2.
3- رواه النسائي في سننه 246/6.و أحمد بن المسند 338/3-351-391.و الطبري في تفسيره 12/ 681.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم(3411)201/8.و البيهقي في الشعب 143/4 و 86/5- 87.و ابن المنذر،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 388/6.

و أخرج ابن أبي حاتم،عن ابن مسعود،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ 8 [ألهاكم:8]:قال:«الأمن و الصحّة» (1).

الهمزة

أخرج ابن مردويه،عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ 8 [الهمزة:

8].قال:«مطبقة» (2).

أ رأيت

أخرج ابن جرير،و أبو يعلى،عن سعد بن أبي وقاص،قال:سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عن: اَلَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ 5 [الماعون:5]؟.

قال:«هم الذين يؤخّرون الصّلاة عن وقتها» (3).

ص: 564


1- رواه عبد اللّه في زوائد الزهد،حديث رقم(855)ص 230.و ابن أبي حاتم،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 388/6،و انظر تفسير ابن كثير 546/4-547. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-محمد بن سليمان الأصبهاني:قال أبو حاتم:لا بأس به،يكتب حديثه،لا يحتج به. و قال ابن عدي:مضطرب الحديث،قليل الحديث،و مقدار ماله قد أخطأ في غير شيء منه.انظر التهذيب 201/9،و التقريب 166/2. 2-محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري:صدوق،سيّئ الحفظ جدا،انظر التقريب 184/2، و التهذيب 301/9-303،و المغني 603/3،و الكاشف 61/3. 3-و قد اختلف في رفعه و وقفه:فقد رواه موقوفا:هناد في الزهد،حديث رقم(694)364/2. و الطبري في تفسيره 680/12.و البيهقي في الشعب 149/4.و عبد بن حميد،و ابن المنذر،و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 388/6.
2- قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-شريك النخعي:صدوق،يخطئ كثيرا،تغيّر حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة.انظر التقريب 1/ 351. 2-أعلّ بالوقف: فقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة من طريق أبي صالح قوله،و لم يرفعه.انظر تفسير ابن كثير 548/4، و الدر المنثور 393/6.
3- -قلت:سنده حسن:عمار بن أبي عمار:صدوق،ربما أخطأ.انظر التقريب 48/2. و في الباب عن أبي هريرة،و أبي بكر الصديق،و أبي عسيب،انظر تخريجنا لشمائل الترمذي ص 456- -459،و تفسير ابن كثير 545/4-546.

الكوثر

أخرج أحمد،و مسلم،عن أنس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«الكوثر:نهر أعطانيه ربّي في الجنة» (1).له طرق لا تحصى.

النصر

أخرج أحمد،عن ابن عباس،قال:لما نزلت: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ 1 [النصر:1]قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«نعيت إليّ نفسي» (2).

الإخلاص

أخرج ابن جرير،عن بريدة-لا أعلمه إلاّ رفعه-،قال:«الصّمد:الذي لا جوف له» (3).

ص: 565


1- سبق تخريجه.
2- رواه أحمد في المسند 217/1.و الطبري في تفسيره 731/12.و البيهقي في الدلائل 167/7. و في سنده:عطاء بن السائب و قد وهم في رفع هذا الحديث.و الصواب أنه موقوف على ابن عباس: و هو فهمه من هذه السورة،كما رواه البخاري برقم(4969)،و النسائي في كتاب التفسير حديث رقم (731)565/2-566.و حديث رقم(7077).و الطبري في تفسيره 730/12. أفاده الحافظ ابن حجر في الفتح 736/8،و انظر تفسير ابن كثير 561/4-562.
3- -145.و العقيلي في الضعفاء 377/3.و ابن أبي حاتم في العلل 187/1-188.و الدار قطني في العلل 320/4-321.و البيهقي 214/2-215.و ابن المنذر،و ابن مردويه،و ابن أبي حاتم،كما في الدر المنثور 400/6.من طريق عكرمة بن إبراهيم،عن عبد الملك بن عمير،عن مصعب بن سعد،عن سعد مرفوعا. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-عكرمة بن إبراهيم:قال يحيى و أبو داود:ليس بشيء.و قال النسائي:ضعيف.و قال العقيلي:في حديثه اضطراب.انظر اللسان 181/4. 2-اختلف في وقفه و رفعه:فقد رواه عبد الملك بن عمير،و اختلف عنه: أ-أسنده عكرمة بن إبراهيم،عن عبد الملك بن عمير،عن مصعب بن سعد،عن سعد مرفوعا. ب-و غيره يرويه عن عبد الملك بن عمير،موقوفا على سعد.و هو الصواب،كما قال الدار قطني.انظر العلل للدار قطني 321/4،و مسند البزار 344/3-345،و الأوسط للطبراني 145/3. و للموقوف طرق أخرى: فقد رواه عاصم بن أبي النجود،و طلحة بن مصرف،و الثوري،و حماد بن زيد،و أبو عوانة،و قيس بن الربيع،و الأعمش،و سماك بن حرب،و موسى الجهني:عن مصعب بن سعد،عن سعد موقوفا:رواه أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(704)63/2-64.و البيهقي في سننه 214/2،و الطبري في تفسيره 706/12،و الدار قطني في العلل 321/4،و العقيلي 377/3.

الفلق

أخرج ابن جرير،عن أبي هريرة،عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم،قال:«الفلق:جبّ في جهنم مغطى» (1).

قال ابن كثير (2):غريب لا يصحّ رفعه.

و أخرج أحمد،و الترمذيّ-و صححه-،و النسائيّ،عن عائشة،قالت:أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بيدي،فأراني القمر حين طلع،و قال:«تعوّذي باللّه من شرّ هذا،الغاسق إذا وقب» (3).

ص: 566


1- رواه الطبري في تفسيره 746/12-747. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-مسعود بن موسى بن مشكان:مجهول.انظر اللسان 27/6. 2-نصر بن خزيمة الخراساني:لم أهتد لمعرفته.و في الجرح 473/1/4:نصر بن خزيمة الحضرمي الحمصي و لم يذكره يجرح أو تعديل. 3-قال ابن كثير في تفسيره 573/4:«حديث مرفوعا منكر،إسناده غريب.و لا يصح رفعه»اه.
2- تفسير ابن كثير 573/4.
3- -قال ابن كثير في تفسيره 570/4:«و هذا غريب جدا،و الصحيح أنه موقوف على عبد اللّه بن بريدة»ا ه. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-صالح بن حيان:ضعيف.انظر التهذيب 386/4-387،و التقريب 358/1. 2-عبيد اللّه بن سعيد،قائد الأعمش:ضعيف،انظر المجروحين 239/1،و التاريخ الكبير 1/3/ 383،و التهذيب 16/6،و التقريب 533/1. 3-قد سبق أن ابن كثير أعلّه بالوقف.

و أخرج ابن جرير،عن أبي هريرة،عن النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم: وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ 3 ،قال:«النجم:الغاسق» (1).

قال ابن كثير (2):لا يصح رفعه.

الناس

أخرج أبو يعلى،عن أنس،قال:قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:«إنّ الشيطان واضع خرطومه على قلب ابن آدم،فإن ذكر اللّه خنس-أي:سكن-،و إن نسي التقم قلبه،فذلك الوسواس الخنّاس» (3).

فهذا ما حضرني من التفاسير المرفوعة المصرّح برفعها،و صحيحها و حسنها،ضعيفها و مرسلها و معضلها،و لم أعوّل على الموضوعات و الأباطيل.

ص: 567


1- رواه الطبري في تفسيره 749/12.و أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(692-693)1218/4. و الديلمي في الفردوس،حديث رقم(7410)133/5.و ابن مردويه،كما في الدر المنثور 418/6. قلت:سنده ضعيف جدا،فيه: 1-بكاء بن عبد اللّه بن يحيى،ابن أخي همام بن يحيى:قال أبو حاتم:ليس بالقوي.و قال مرة: شيخ.انظر ميزان الاعتدال 341/2. 2-محمد بن عبد العزيز:متروك.انظر الميزان 628/3. 3-قال ابن كثير في تفسيره 573/4:«و هذا الحديث لا يصح رفعه إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم»اه.
2- تفسير ابن كثير 573/4.
3- رواه أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(4301)278/7-279.و أبو نعيم في الحلية 268/6.و البيهقي في شعب الإيمان 402/1-403.و ابن عدي في الكامل 186/3-187.و ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال،حديث رقم(154)ص 189. و في الترغيب في الذكر،و ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان،كما في الدر المنثور 420/6. قلت:سنده ضعيف،فيه: 1-زياد بن عبد اللّه النميري:ضعيف.انظر التقريب 269/1. 2-عدي بن أبي عمارة:ضعيف.انظر مجمع الزوائد 149/7.و اللسان 160/4-161. و انظر تفسير ابن كثير 575/4 و قال:غريب.و ضعّفه الحافظ في الفتح 742/8. و في الباب عن: ابن عباس قوله:رواه الطبري 752/12،و الحاكم. و في إسناده حكيم بن جبير:ضعيف جدا.انظر التهذيب 445/2-446.و الضعفاء للعقيلي 316/1، و الكامل 216/2-219،و التقريب 193/1. و رواه الطبري 752/12،و ابن فارس في الذكر،و في إسناده:محمد بن حميد الرازي:ضعيف.انظر التقريب 156/2،و الكاشف 32/3.و انظر فتح الباري 741/8.

و قد ورد من المرفوع في التفسير ثلاثة أحاديث طوال تركتها.

أحدها:الحديث في قصّة موسى مع الخضر،و فيه تفسير آيات الكهف،و هو في صحيح البخاريّ و غيره (1).

الثاني:حديث الفتون (2)،طويل جدا في نصف كرّاس،يتضمّن شرح قصة موسى، و تفسير آيات كثيرة تتعلّق به،و قد أخرجه النّسائيّ و غيره،لكن نبّه الحفاظ؛منهم المزّيّ، و ابن كثير،على أنه موقوف من كلام ابن عباس،و أنّ المرفوع منه قليل،صرّح بعزوه إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم.

قال ابن كثير (3):و كأنّ ابن عباس تلقّاه من الإسرائيليات.

الثالث:حديث الصور (4)،و هو أطول من حديث الفتون،يتضمّن شرح حال).

ص: 568


1- رواه البخاري في صحيحه،حديث رقم(74)168/1.و حديث رقم(78)173/1-174.و حديث رقم(122)217/1-218.و حديث رقم(2267)445/4.و حديث رقم(3278)336/6.و حديث رقم(3400-3401)431/6-432.و حديث رقم(4725-4726-4727)409/8-412. و حديث رقم(4737)422/8-423.و حديث رقم(6672)550/11.و حديث رقم(7478)13/ 448. و مسلم في صحيحه،حديث رقم(2380)135/15-147(شرح النووي).و الترمذي،حديث رقم (3149)309/5-312.و النسائي في الكبرى،حديث رقم(5844)427/3-429.و حديث رقم (11306)386/6-387.و حديث رقم(11307)387/6-389.و حديث رقم(11308)389/6 -390.و حديث رقم(11309)391/6.و الطبراني في الأحاديث الطوال،حديث رقم(45)289/25 -292.
2- رواه النسائي في سننه الكبرى،حديث رقم(11326)396/6-406.و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم(2618)10/5-29.و الطبري في تفسيره 415/8-417. و ذكره ابن كثير في تفسيره 148/3-153. قال ابن كثير في تفسيره 153/3:«و هو موقوف من كلام ابن عباس،و ليس فيه مرفوع إلاّ قليل منه، و كأنه تلقاه ابن عباس-رضي اللّه عنهما-مما أبيح نقله من الإسرائيليات،عن كعب الأحبار،أو غيره. و اللّه أعلم.و سمعت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي يقول ذلك أيضا»اه.و انظر مختصر إتحاف السادة المهرة 390/8-403،و مجمع الزوائد 56/7.
3- تفسير ابن كثير 153/3.
4- رواه الطبراني في المعجم الكبير،حديث رقم(36)266/25-277.و أبو الشيخ في العظمة،حديث رقم(386-387-388)821/3-839.و الطبري في تفسيره مطولا و مختصرا 110/17-111، و 30/24 و 41/29-42 و 26/30-31-32-186-188-330-331(دار المعرفة). و البيهقي في البعث و النشور(ق 1/170).

القيامة،و تفسير آيات كثيرة من سور شتى في ذلك،و قد أخرجه ابن جرير،و البيهقيّ في البعث،و أبو يعلى،و مداره على إسماعيل بن رافع قاضي المدينة،و قد تكلّم فيه بسببه، و في بعض سياقه نكارة،و قيل:إنه جمعه من طر أو أماكن متفرقة،و ساقه سياقا واحدا.

و قد يصرّح ابن تيمية (1)فيما تقدّم و غيره:بأنّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم بيّن لأصحابه تفسير جميع القرآن أو غالبه.4.

ص: 569


1- مقدمة في أصول التفسير ص 18 بتحقيقنا،و انظر تفسير البغوي 70/3،و روح المعاني 150/14.

و يؤيد هذا:ما أخرجه أحمد،و ابن ماجة،عن عمر،أنه قال:من آخر ما نزل آية الرّبا،و إن كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قبض قبل أن يفسّرها (1).

دلّ فحوى الكلام على أنه كان يفسّر لهم كلّ ما نزل،و أنه إنما لم يفسر هذه الآية لسرعة موته بعد نزولها،و إلاّ لم يكن للتخصيص بها وجه.

و أما ما أخرجه البزّار عن عائشة،قالت:ما كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يفسّر شيئا من القرآن إلاّ آيا بعد علمه إياهنّ من جبريل (2).

فهو حديث منكر،كما قاله ابن كثير؛و أوّله ابن جرير و غيره على أنها إشارات إلى آيات مشكلات أشكلن عليه،فسأل اللّه علمهنّ،فأنزله إليه على لسان جبريل.

و قد منّ اللّه تعالى بإتمام هذا الكتاب البديع المثال،المنيع المنال،الفائق بحسن نظامه على عقود اللآل،الجامع لفوائد و محاسن لم تجتمع في كتاب قبله في العصور الخُوّال.

أسّست فيه قواعد معينة على فهم الكتاب المنزل،و بيّنت فيه مصاعد يرتقى فيها للإشراف على مقاصده و يتوصّل،و أركزت فيه مراصد تفتح من كنوزه كلّ باب مقفل.

فيه لباب العقول،و عباب المنقول،و صواب كلّ قول مقبول.محّضت فيه كتب العلم على تنوّعها،و أخذت زبدها و درّها،و مررت على رياض التفاسير على كثرة عددها و اقتطفت ثمرها و زهرها،و غصت بحار فنون القرآن فاستخرجت جواهرها و دررها،و بقرت عن معادن كنوز فخلّصت سبائكها،و سبكت فقرها.

فلهذا تحصّل فيه من البدائع ما تبتّ عنده الأعناق بتا،و تجمّع في كلّ نوع منه ما تفرّق في مؤلّفات شتى،على أني لا أبيعه بشرط البراءة من كلّ عيب،و لا أدّعي أنه جمع سلامة،كيف و البشر محلّ النقص بلا ريب،هذا و إنّي في زمان ملأ اللّه قلوب أهليه من.

ص: 570


1- رواه ابن ماجة في سننه،حديث رقم(2276)و أحمد في المسند 36/1-49-50. و سنده ضعيف،فيه:سعيد بن المسيب،لم يسمع من عمر بن الخطاب.انظر جامع التحصيل ص 184 -185.
2- رواه البزار في مسنده،حديث رقم(2185)39/3(كشف الأستار).و أبو يعلى في مسنده،حديث رقم (4528)23/8. قلت:فيه راو مبهم عند أبي يعلى،و سماه حفص-أظنه ابن عبد اللّه-عند البزار. قال الهيثمي في مجمع الزوائد 303/6:«رواه أبو يعلى و البزار بنحوه،و فيه راو لم يتحرر اسمه عند واحد منهما،و بقية رجاله رجال الصحيح. أما البزار فقال:حفص-أظنه ابن عبد اللّه-،عن هشام بن عروة. و قال أبو يعلى:«عن فلان بن محمد بن خالد،عن هشام»اه.

الحسد،و غلب عليهم اللؤم حتى جرى منهم مجرى الدم من الجسد.

و إذا أراد اللّه نشر فضيلة طويت أتاح لها لسان حسود

لو لا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يعرف طيب عرف العود

قوم غلب عليهم الجهل و طمّهم،و أعماهم حبّ الرئاسة و أصمّهم،قد نكبوا عن علم الشريعة و نسوه،و أكبّوا على علم الفلاسفة و تدارسوه؛يريد الإنسان منهم أن يتقدّم، و يأبى اللّه إلاّ أن يزيده تأخيرا،و يبغي العزّ و لا علم عنده فلا يجد له وليا و لا نصيرا.

أتمشي القوافي تحت غير لوائنا و نحن على أقوالها أمراء

و مع ذلك فلا ترى إلاّ أنوفا مشمّرة،و قلوبا عن الحق مستكبرة،و أقوالا تصدر عنهم مزورة،كلّما هديتهم إلى الحق كان أصمّ و أعمى لهم،كأنّ اللّه لم يوكّل بهم حافظين يضبطون أقوالهم و أعمالهم،فالعالم بينهم مرجوم يتلاعب به الجهال و الصبيان،و الكامل عندهم مذموم داخل في كفة النقصان.

و أيم اللّه،إنّ هذا لهو الزمان الذي يلزم فيه السكوت و المصير حلسا من أحلاس البيوت،و ردّ العلم إلى العمل،لو لا ما ورد في صحيح الأخبار:«من علم علما فكتمه ألجمه اللّه بلجام من نار» (1).و للّه در القائل:

ادأب على جمع الفضائل جاهدا و أدم لها تعجب القريحة و الجسد

و أقصد بها وجه الإله و نفع من بلغته ممن جدّ فيها و اجتهد

و اترك كلام الحاسدين و بغيهم هملا فبعد الموت ينقطع الحسد

و أنا أضرع إلى اللّه جلّ جلاله،و عزّ سلطانه،كما منّ بإتمام هذا الكتاب أن يتمّ النعمة بقبوله،و أن يجعلنا من السابقين الأولين من أتباع رسوله،و ألاّ يخيّب أملنا فهو الجواد الذي لا يخيّب من أمّله،و لا يخذل من انقطع عمّن سواه و أمّله.

و صلّى اللّه على من لا نبي بعده،سيدنا محمد و آله و صحبه و سلّم،كلّما ذكره الذاكرون،و غفل عن ذكره الغافلون.ح.

ص: 571


1- رواه أبو داود في سننه،حديث رقم(3658)321/3.و الترمذي،حديث رقم(2649)29/5.و ابن ماجة في سننه،حديث رقم(261)،و أحمد في المسند 263/2-305-344-353-495-499 -508.و الطيالسي في مسنده،حديث رقم(2534)ص 330.و ابن حبان في صحيحه،حديث رقم (95)297/1.و الطبراني في المعجم الصغير 60/1-114-162.و الحاكم في المستدرك 101/1. و البغوي في شرح السنة،حديث رقم(140)301/1.و سنده صحيح.

خاتمة التحقيق

ختم لنا اللّه بالحسنى

يقول العبد الفقير إلى عفو مولاه و رحمته و مغفرته و شكره:أبو عبد الرحمن،فوّاز أحمد زمرلي:

انتهيت من تحقيق هذا الكتاب الماتع صباح يوم الثلاثاء الموافق في 28 شعبان المعظم لسنة 1417 هجرية.

و لقد استغرق معي هذا العمل ما يزيد على السنتين،و لقد كان الأخ فاروق حسن الترك خير معين لي على إخراجه بهذا التحقيق فجزاه اللّه خيرا.

فنسأل اللّه العلي القدير أن يتقبّل منا أعمالنا و أن يسدّد خطانا،و يهدينا صراطه المستقيم.

و أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.إنه نعم المجيب.

و الحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات و كتب أبو عبد الرحمن فوّاز أحمد زمرلي 28 شعبان 1417 هجرية

ص: 572

الفهارس

1-فهرس الأحاديث الشريفة

أول الحديث رقم الجزء/الصفحة حرف الألف -ائتمروا بالمعروف و تناهوا عن المنكر 490/2 -آخر سورة البقرة 149/1 -آدم(من أول الأنبياء؟)289/2 -آدم،طوال جعد 294/2 -آمنوا ببعض و كفروا ببعض 517/2 -آمين-ثلاث مرات 347/1 -آية،آية 555/1 -آيتان هما قرآن،و هما يشفيان 394/2 -آية العز وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً 206/1 و 354/2 -آية الكرسي أعطيها نبيكم من كنز تحت العرش 150/1 -آية الكرسي ربع القرآن 352/2 -آية الكرسي سيدة آي القرآن 372/2 -أبشر بنورين قد أوتيتهما 152/1 -أتاني جبريل فأمرني أن أضع هذه 215/1 -أتاني جبريل فقال:إنّ ربك يقول لك 562/2 -أتاني ربي فقال:فيم يختصم الملأ الأعلى 169/1 -أ تدرون ما أخبارها؟562/2 -أ تدري ما و فى؟545/2 -أتيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم-فقلت:يا رسول اللّه،أ لا أقاتل 77/1 -أحب الأعمال إلى اللّه الحال المرتحل 364/1 -احتكار الطعام بمكة إلحاد 527/2 -أحسن الناس قراءة من إذا قرأ 350/1 -أحفظ عورتك إلاّ من زوجتك 498/1

ص: 573

-أحلت لي ساعة من نهار 142/1 -أخبرني بهن جبريل آنفا 134/1 -أخبروها أنها لا تدخلها و هي عجوز 550/2 -اختتن إبراهيم بعد عشرين و مائة سنة بالقدوم 291/2 -أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-بيدي فأراني القمر 566/2 -أخذ من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس 498/2 -أخير سورة من القرآن 347/2 -إذا أحب اللّه عبدا نادى جبريل 525/2 -إذا استصعبت الدابة أو كانت شموسا 395/2 -إذا التقى المسلمان بسيفهما 638/1 -إذا تكلم اللّه بالوحي أخذت السماء 166/1 -إذا تكلم اللّه بالوحي سمع أهل السموات 166/1 - إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ ربع القرآن 368/2 -إذا حدثكم أهل الكتاب 439/2 -إذا خلوت وحدي سمعت نداء 109/1 -إذا دخل أهل الجنة الجنة و أهل النار النار 524/2 -إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه 595/1 -إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد 501/2 - إِذا زُلْزِلَتِ تعدل بنصف القرآن 365/2-380 -إذا زنا الشيخ و الشيخة 662/1 -إذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس 523/2 -إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها 509/2 -إذا قرأت السورة فأنفذها 358/1 -إذا قرأتم الحمد فاقرءوا بسم اللّه الرحمن الرحيم 184/1-268 -إذا قضى اللّه الأمر في السماء 534/2 -إذا كان يوم القيامة قيل:أين أبناء الستين 535/2 -إذا كان يوم القيامة يدفع إلى كل مسلم 384/2 -إذا وجدتم الساحر فاقتلوه 526/2 -إذا وضعت جنبك على القرآن 391/2 -ارتفاعها كما بين السماء و الأرض 549/2 -أرض بيضاء كأنها فضة 515/2 -أسجع كسجع الكهان 188/2

ص: 574

-اسق يا زبير 126/1 -أسمع صلاصل،ثم أسكت عند ذلك 168/1 -أشاروا على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ألا يخرج من المدينة 87/2 -اشتكى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم-فلم يقم ليلة أو ليلتين 128/1 -أصدق الرؤيا بالأسحار 100/1 -أصدق الرؤيا ما كان نهارا 100/1 -أطت السماء و حق لها أن تئط 538/2 -أعربوا القرآن 370/1 -أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد 153/1 -أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز 150/1 -أعطيت فاتحة الكتاب و خواتيم سورة البقرة 149/1 -أعطيت مكان التوراة السبع الطوال 206/1-222 -أعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة 149/1 -أعطي يوسف شطر الحسن 293/2 -أعظم آية في كتاب اللّه 351/2 -أعظم سورة في القرآن 348/2 -أفرضكم زيد 455/2 -أفضل عبادة أمتي قراءة القرآن 334/1 -أفضل القرآن اَلْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ 347/2 -أفضل القرآن سورة البقرة 359/2 -أفلحت نفس زكاها اللّه 561/2 -أقبلت يهود النبي صلّى اللّه عليه و سلّم-فقالوا:أخبرنا عن الرعد 510/2-511 -اقتدوا باللذين من بعدي 259/2 -اقرأ آية الكرسي فإنه يحفظك 394/2 -اقرأ السورة على وجهها 358/1 -اقرأ القرآن 391/2-506 -اقرأ القرآن في شهر 336/1 -اقرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ و المعوذتين 369/2 -اقرأ قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ثم نم على خاتمتها 365/2 -أقرأني جبريل على حرف 172/1 -أقرأني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-سورة في الثلاثين 233/1 -أقرأنيها المن الصدقات للفقراء و المساكين 315/1

ص: 575

-أقرأه فنظرت إلى ميكائيل 173/1 -اقرأه في جمعة 336/1 -اقرأه في سبع و لا تزد على ذلك 336/1 -اقرأه في شهر 349/1 -اقرأه في عشر 336/1 -اقرءوا الزهراوين 222/1 -اقرءوا القرآن بالحزن 350/1 -اقرءوا القرآن بلحون العرب 299/1-351 -اقرءوا القرآن فإنه يأتي 333/1 -اقرءوا هاتين الآيتين 149/1 -أكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-و أبو بكر و عمر رطبا 563/2 -اللهم اجعلها رياحا و لا تجعلها ريحا 574/1 -اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري 228/2 -اللهم أمرت بالدعاء و تكفلت بالإجابة 346/1 -اللهم بارك فيه و انشر منه 467/2 -اللهم علمه التأويل 455/2-467 -اللهم فالق الإصباح و جاعل الليل سكنا 366/1 -اللهم فقه في الدين و علمه التأويل 601/1 و 445/2 -467 - أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ :عن الطاعة 563/2 -الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة 497/2 -أ ليس يقول اللّه: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ 548/2 -أما إنّ است القردة ليست بحسنة 532/2 -أما إنه صدقك و هو كذوب 349/2 -أما سمعت الآية التي أنزلت في الصيف 101/1 -أما سمعت الآية التي نزلت في الصيف 489/2 -أمان لأمتي من الغرق 395/2 -أما يستطيع أحدكم أن يقرأ: أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ 365/2 -أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا 637/1 -إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان 482/2 -أملى عليّ رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-هذه الآية 197/2 -أما من في السموات فالملائكة 485/2

ص: 576

-أم القرآن هي السبع المثاني 517/2 -الأمن و الصحة 564/2 -الإنابة إلى دار الخلود 492/2 -أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل 562/2 -أن تعبد اللّه كأنك تراه 76/2 -إن جازاه 489/2 -أن جعلكم من أهله 505/2 -أنزلت التوراة لست مضين من رمضان 160/1 -أنزلت علي آنفا سورة 170/1-268 -أنزلت عليّ سورة الإنعام جملة واحدة 146/1 -أنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء 341/2 -أنزلت عليّ الليلة آيات لم ير مثلهن 100/1 -أنزلت هذه السورة: إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ 95/1 -أنزل علي آنفا سورة 103/1-104 -أنزل القرآن بالتفخيم 170/1-171 -أنزل القرآن على أربعة أحرف 597/1 و 452/2 -أنزل القرآن على سبعة أحرف:عليما حكيما 176/1 -أنزل القرآن في ثلاثة أمكنة 55/1 -أنزل اللّه عليّ أمانين لأمتي 499/2 -أنزل اللّه مائة و أربع كتب 211/2-258 -إن سرّك أن تطوق بهما طوقا من نار 331/1 -انطلقوا بنا نزور الشهيدة 250/1 -إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته 543/2 -إن مت مت شهيدا 361/2 -إن آثاركم تكتب 78/1 -إن أبيّ بن خلف جاء بعظم ففتّه 284/2 -إنّ أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب اللّه 330/1 -إنّ أخا لكم قد مات فصلوا عليه 130/1 -إن أفضلكم من تعلّم القرآن و علّمه 344/2 -إنّ أفواهكم طرق للقرآن 339/1 -إنّ أول ما خلق اللّه القلم و الحوت 553/2 -إنّ أول ما نزل سورة من المفصل 110/1

ص: 577

-إنّ بلالا أتى النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-يؤذنه لصلاة الصبح 79/1 -إنّ البيت الذي تقرأ فيه البقرة 392/2 -إنّ البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره 339/2 -إنّ ثقيفا قالوا للنبي صلّى اللّه عليه و سلّم 130/1 -إنّ جبريل أتاني فقال:إن عفريتا 394/2 -إنّ جبريل قال:يا محمد،اقرأ القرآن 176/1 -إنّ جبريل لقن رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-عند خاتمة البقرة 347/1 -إنّ جبريل نزل بذلك على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم-و هو في الصلاة 230/1 -إنّ جبريل و ميكائيل أتياني 173/1 -إنّ الدعاء هو العبادة 539/2 -إنّ الذي ليس في جوفه شيء من القرآن 345/2 -إنّ الذين قتلوا من الصحابة كان يقال لهم القراء 245/1 -إنّ ربكم أنذركم ثلاثا:الدخان 541/2 -إن ربي أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف 141/1-173 -إن رجلا شكا إلى النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-وجع حلقه 391/2 -إن رحمتي غلبت غضبي 628/1 -إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أقرأني بعد هذا آيتين 116/1-219 -إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم ذكر العبد الكافر إذا قبضت روحه 496/2 -إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لما دنا ولادها أمر أم سلمة 395/2 -إنّ رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-لما هاجر إلى المدينة 129/1 -إن روح القدس نفث في روعي 168/1 -إن السري الذي قال اللّه لمريم 524/2 -إن سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها 238/1 -إن الشيطان واضع خرطومه على قلب ابن آدم 567/2 -إن الشيطان يخرج من البيت 348/2 -إنّ العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء 557/2 -إنّ العشر:عشر الأضحى 560/2 -إنّ عيسى ربعة أحمر 299/2 -إن في أمتي قوما يقرءون القرآن و ينثرونه نثر الدقل 476/2 -إن في الجنة شجرة يسير الراكب 549/2 -إنّ القبر الذي جلست عنده قبر أمي 133/1 -إن القرآن أنزل على سبعة أحرف 172/1

ص: 578

-إن القرآن شافع مشفع 342/2 -إن القرآن كله صواب ما لم تجعل 177/1 -إن القرآن لم ينزل ليكذّب بعضه بعضا 596/1 -إن القرآن نزل على خمسة أوجه 271/2 -إن الكافر يضرب ضربة بين عينيه 480/2 -إنك تموت بالربوة 528/2 -إن الكريم ابن الكريم 291/2 -إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر 525/1 -إنكم لا ترجعون إلى اللّه بشيء أفضل 346/2 -إن الكنز الذي ذكر اللّه في كتابه لوح من ذهب 523/2 -إنّ اللّه أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان 498/2 -إن اللّه أعطاني فيما منّ به عليّ 149/1 -إنّ اللّه أمرني أن أقرأ عليك القرآن 663/1 -إنّ اللّه جعل الحق على لسان عمر و قلبه 137/1 -إنّ اللّه خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء 559/2 -إنّ اللّه قد أحسن عليكم الثناء في الطهور 503/2 -إنّ اللّه كتب كتابا قبل أن يخلق السموات 352/2 -إنّ اللّه ليسمع قراءة: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا 364/2 -إنّ اللّه مهّد لك شهادة 250/1 -إنّ اللّه يأمرك أن تعفو عمن ظلمك 498/2 -إنّ اللّه يقول:أنا أنزل المال لإقام الصلاة 663/1 -إنّ لكل شيء سناما 350/2-351 -إنّ لكل شيء قلبا،و قلب القرآن يس 356/2 -إنّ لكل شيء لبابا،و لباب القرآن الخواتيم 358/2 -إنما حرم أكلها 86/2 -إنما سماهم الأبرار لأنهم بروا الآباء 557/2 -إنما سمي البيت العتيق 527/2 -إنما نحن و بنو المطلب شيء واحد 114/2 -إنّ المغضوب عليهم هم اليهود 477/2 -إنّ ملكا موكل بالسحاب يلم القاصية 511/2 -إنّ من عباد اللّه ناسا يغبطهم الأنبياء 506/2 -إنّ المؤمنين و أولادهم في الجنة 544/2

ص: 579

-إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-أوصى رجلا إذا أتى مضجعه 361/2 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-دعا فاطمة و عليا 533/2 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-رأى بني أمية على قبره 68/1 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-قام بآية يردّدها 348/1 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-قرأ في المغرب بالطور 250/2 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-قرأ متكئين على رفارف 262/1 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-قرأ: وَ إِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي 346/1 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-كان إذا جاء جبريل 266/1 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-كان إذا قرأ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى 345/1 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-كان إذا قرأ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النّاسِ 364/1 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-كان يصلي نحو بيت المقدس 96/1 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-كان يقرأ 236/1-265 -284 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-كان يقرأ المسبحات كل ليلة 360/2 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-كان يكره الرقى إلاّ بالمعوذات 399/2 -إنّ النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-الموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن 154/1 -إنها المنجية و المجادلة 202/1 -إنها من كنز الرحمن تحت العرش 150/1 -إنها نزلت من كنز تحت العرش 149/1 -إنها نزلت و النبي صلّى اللّه عليه و سلّم-في سفر 98/1 -إنها نزلت و هو في الركعة الأخيرة 100/1 -إنها نعتت قراءة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قراءة مفسرة 342/1 -إنها مما نسخ فالهوا عنها 664/1 -إنّ هذا القرآن سبب 345/2 -إنّ هذا القرآن ليس منه حرف إلاّ له حد 459/2 -إنّ هذا القرآن نزل بحزن و كآبة 348/1 -إنه-صلّى اللّه عليه و سلّم-قرأ: فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ 262/1 -إنه-صلّى اللّه عليه و سلّم-قرأ: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ 262/1 -إنه-صلّى اللّه عليه و سلّم-قرأ: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ 262/1 -إنه-صلّى اللّه عليه و سلّم-كان إذا آوى إلى فراشه 222/1 -إنه قد آذن لكنّ أن تخرجن لحاجتكن 99/1 -إنه قد أنزل فيك و في صاحبتك قرآن 131/1

ص: 580

-إنه قرأ على الجن 217/1 -إنه قرأها عليهم حين أنزلت 218/1 -إنه قرأها في الصبح 216/1 -إنه كان يقرأ بهما في صلاة الجمعة 218/1 -إنه كان يقرؤها مع ق في العيد 218/1 -إنه كان يقرؤها في الخطبة 217/1 -إنه كان يقرؤهما في صبح الجمعة 217/1 -إنه ليس الذي تعنون أ لم تسمعوا ما قال العبد الصالح 491/2 -إنهما لا يبكيان على كافر 542/2 -إنهم مؤمنو الجن 497/2 -إنهن من العتاق الأول 222/1 -أن لا تجوروا أَلاّ تَعُولُوا 488/2 -إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء 108/1 -أن يطاع فلا يعصى،و يذكر فلا ينسى 487/2 -أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه 558/2 -إني قارئ عليكم سورة 349/1 -إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب 397/2 -إني نسيت أفضل المسبحات 364/2 -أني لا أحلّ إلاّ ما أحلّ اللّه 258/2 -أهل الدنيا في غفلة 524/2 -أهل فارس 499/2 -أهل القرآن هم أهل اللّه 342/2 -أوتيت جوامع الكلم 75/2 -أوحي إليّ:أنّ مع العسر يسرا 571/1 -أولئك أصحاب الأعراف 496/2 -أول ما بدئ به رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم من الوحي 106/1 -أول ما خلق اللّه القلم و الحوت 619/1 -أول ما نزل جبريل على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم-قال:يا محمد استعذ 109/1 -أول ما نزل من القرآن بمكة: اِقْرَأْ 110/1 -أول من خط بالقلم 290/2 -أ لا أخبرتهم أنهم كان يسمون بالأنبياء 524/2 -أ لا أخبرك بأفضل ما تعوّذ به المتعوذون 369/2

ص: 581

-أ لا أخبركم بسورة ملء عظمتها ما بين السماء و الأرض 148/1 -أ لا أخبركم لم سمّى اللّه إبراهيم خليلا 542/2 -أ لا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإشراك باللّه 367/2 -أ لا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك من الدين 394/2 -أ لا أعلمك سورا ما أنزل في التوراة 368/2 -ألا إن كلكم مناج لربه 303/1 -ألا إني أوتيت القرآن و مثله معه 434/2 -ألا و إنّ القوة الرمي 499/2 -ألا لا وصية لوارث 653/1 -أ لا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية 365/2 -ألاّ الشقاوة و السعادة 511/2 -أ يحب أحدكم إذا رجع إلى أهله 342/2 -أي عم قل:لا إله إلاّ اللّه أحاجّ لك بها 132/1 -أيكم أحسن عقلا،و أحسنكم عقلا أورعكم 508/2 -أين السائل عن العمرة؟86/1 -أيها الناس انصرفوا فقد عصمني اللّه 87/1 حرف الباء -باسمك اللهم وضعت جنبي 87/2 -بأي شيء تفتح القرآن إذا افتتحت الصلاة 266/1 -بئسما لأحدكم أن يقول:نسيت آية 365/1 -بعثت بجوامع الكلم 75/2-77 -بعث رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-خيلا 69/1 -بعث اللّه نوحا لأربعين سنة 289/2 -بعثني رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى نجران 524/2 -البقرة سنام القرآن و ذروته 148/1 -بل هو رجل ولد له عشرة 534/2 -بلى 85/2 -بلى 615/1 -بها ختمت 197/2 -البيت الذي يقرأ فيه القرآن يتراءى 334/1 -بينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء 108/1

ص: 582

-بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بين أظهرنا 70/1 -بينا رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-ذات يوم بين أظهرنا 268/1 -البينة،أو حدّ في ظهرك 131/1 -بينما رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-بقباء في صلاة الصبح 96/1 -بينما نحن مع النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-في غار بمنى 94/1 حرف التاء -تبدل في ساعة مائة مرة 489/2 -تبكي السماء من عبد أصح اللّه جسمه 553/2 -تبيض وجوه أهل السنة 488/2 -تجيء الم السجدة يوم القيامة لها جناحان 356/2 -التسريح بإحسان:الثالثة 482/2 -تشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار 520/2 -تشويه النار فتقلص شفتيه 529/2 -تعاهدوا القرآن 338/1 -تعلموا سورة البقرة 349/2 -تعوّذي باللّه من شر هذا 566/2 -تفرق الناس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-ليلة الأحزاب 102/1 -تفكروا في مخلوقات اللّه 545/2 -التكبير و التهليل و التسبيح 522/2 -تكفيك آية الصيف 216/1 حرف الثاء -ثم يلقى الثالث فيقول 8/2 -ثلاث آيات يقرأ بهن أحدكم 343/2 -ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر 339/2 حرف الجيم -جاء الوليد بن المغيرة إلى النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-240/2 -جاء يهودي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-فقال:يا محمد 509/2 -الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة 352/1 -جب في جهنم 308/2 -جزء أشركوا،و جزء شكوا 517/2

ص: 583

-جعل موسى هدى لبني إسرائيل 533/2 -جنتان من فضة آنيتهما و ما فيهما 547/2 حرف الحاء -حام و سام و يافث 537/2 -حديث الصور 568/2 -حديث الفتون 568/2 -حديث موسى مع الخضر 568/2 -حرمت الخمر 113/1 -حسن الصوت:زينة القرآن 351/1 -حسنوا القرآن بأصواتكم 351/1 -الحسنى:الجنة،و الزيادة:النظر إلى ربهم 504/2 -حلف رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-لحفصة لا يقرب أمته 329/2 -الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات 499/1 -الحمد لله على كل حال 499/1 -حملة القرآن عرفاء أهل الجنة 342/2 -حملة القرآن في ظل اللّه يوم لا ظل إلا ظله 346/2 -الحواميم ديباج القرآن 358/2 -حور بيض،عين:ضخام العيون 551/2 -الحلال ما أحلّ اللّه في كتابه 258/2 حرف الخاء -خذوا القرآن من أربعة 245/1 -خرثان و طارق و الذيال 509/2 -خرج أمية بن خلف و أبو جهل 130/1 -الخضر(قصة الخضر مع موسى)322/2 -الخط 542/2 -خفف على داود القرآن 191/1 -خيرات الأخلاق 550/2 -خير الحديث كتاب اللّه 343/2 -خير الدواء القرآن 390/2 -خيركم من تعلم القرآن و علمه 322/2-344

ص: 584

حرف الدال -دخل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم-مكة يوم الفتح 143/1 -درج الجنة على قدر آي القرآن 234/1 -دعوا(لما أمنوا)508/2 -دعوة ذي النون إذ دعا بها 396/2 -الدقل و الفارسي و الحلو و الحامض 510/2 -دلوك الشمس:زوالها 520/2 -دواب الأرض 481/2 حرف الذال -ذكرك أخاك بما يكره 543/2 -ذلك العرض 430/2 -ذلك كل ليلة القدر 512/2 -الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم 521/2 -الذين يتحابون في اللّه تعالى 506/2 حرف الراء -رب اغفر لي آمين 347/1 -الرعد ملك يزجر السحاب 511/2 -الرفث:التعرض للنساء بالجماع 481/2 -رقتهن كرقة الجلدة التي في داخل البيضة 536/2 حرف الزاي -الزاد و الراحلة 486/2 -الزواج(عقدة النكاح)483/2 -زينوا القرآن بأصواتكم 350/1 حرف السين -السائحون:هم الصائمون 503/2 -سألت ربي مسألة وددت أني لم أكن سألته 169/1 -سأل جبريل عن هذه الآية 539/2 -سأل قوم من التجار رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم 297/1 -سبحان ربي الأعلى 345/1

ص: 585

-سبحان اللّه و الحمد لله و لا إله إلاّ اللّه 522/2 -سبع يجري للعبد أجرهن بعد موته 425/2 -ستكون فتن 258/2-338 -سحر لبيد بن الأعصم 71/1 -سقطت قلادة لي بالبيداء 143/1 -السكينة ريح خجوج 482/2 -سمعت رجلا يستغفر لأبويه و هما مشركان 132/1 -سمعت رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-و هو يصلي نحو الركن 66/1 -سؤال اليهود عن الروح 586/1 -سورة في القرآن ما هي إلاّ ثلاثون آية 238/1 -سورة يس تدعى في التوراة المعممة 199/1 - سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ 143/1 حرف الشين -الشفاعة فيمن وجبت له النار 489/2 -الشفع:اليومان،و الوتر:اليوم الثالث 560/2 -شهادة أن لا إله إلا اللّه،الحسنى:الجنة 505/2 -شوال و ذو القعدة و ذو الحجة 481/2 -الشيخ و الشيخة إذا زنيا 666/1 -شيع هذه السورة من الملائكة 147/1 حرف الصاد -صعدت إلى السماء الخامسة 295/2 -الصعود:جبل في جهنم 307/2 -الصعود:جبل من نار 555/2 -صلوا في نعالكم 495/2 -صليت مع النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-ذات ليلة فافتتح بالبقرة 343/1 -الصمد:الذي لا جوف له 565/2 -الصلاة بعضها شفع و بعضها وتر 561/2 -الصلاة الوسطى صلاة العصر 483/2-484 -صلاة الوسطى صلاة العصر 483/2 -الصيام و القرآن يشفعان للعبد 346/2

ص: 586

حرف الضاد -ضعوا آية كذا 220/1 حرف الطاء -طرأ عليّ حزبي من القرآن 223/1 -طلحة ممن قضى نحبه 533/2 -طوبى شجرة في الجنة 511/2 حرف العين -عباءة لكل مسكين 490/2 -عتق النسمة و فك الرقبة 561/2 -عجائز كنّ في الدنيا عمشا رمصا 549/2 -عدد درج الجنة عدد آي القرآن 234/1 -عدلت شهادة الزور بالإشراك باللّه 528/2 -العدل:الفدية 478/2 -عدلا 479/2 -عذاب القبر(ضنا)526/2 -عربا:كلامهن عربي 550/2 -عرضت عليّ ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم 337/1 -عقارب أمثال النخل الطول 519/2 -على الصراط 515/2 -عليك بقراءة القرآن 391/2 -عليكم بالشفاءين:العسل و القرآن 390/2 -عن قول:لا إله إلاّ اللّه 518/2 -عن نور عظيم يخرون له سجدا 554/2 -عوّذني رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-بفاتحة الكتاب 292/2 -العين:الضخام العيون 536/2 حرف الغين -غي و آثام:بئران في أسفل جهنم 525/2 حرف الفاء -فاتحة الكتاب أفضل سور القرآن 372/2

ص: 587

-فاتحة الكتاب تعدل ثلثي القرآن 348/2 -فاتحة الكتاب شفاء من السم 391/2 -فاتحة الكتاب شفاء من كلّ شيء إلاّ السامّ 391/2 -فائتني به 393/2 -فاحذروهم 598/1 -فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه 595/2 -فإذا عيناه تذرفان 348/1 -فأما الذين سبقوا فأولئك يدخلون الجنة 535/2 -فأنت يا عمر 132/10 -فأنزل اللّه توبتنا حين بقي 98/1 -فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش 536/2 -فسطاط القرآن 376/2 -فضل قراءة القرآن نظرا 355/1 -فضل اللّه قريشا بسبع 230/1 -الفلق:جب في جهنم مغطى 566/2 -فمن يشبه؟556/2 -في أربعين يوما 337/1 -في جهنم 556/2 -في خمسة عشر 336/1 -فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة 496/2 -في القرآن سورة ثلاثون آية 362/2 -فينا نزلت 337/2 -فيهن آية خير من ألف آية 360/2 حرف القاف -قالت قريش لليهود:أعطونا شيئا 131/1 -قال ربكم:أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله 555/2 -قد قالها ناس من الناس ثم كفر أكثرهم 540/2 -قراءة الرجل في غير المصحف ألف درجة 355/1 -القرآن(تفسير:الحكمة)484/2 -القرآن(تفسير:قل بفضل اللّه)505/2 -القرآن أحب إلى اللّه من السموات 338/2

ص: 588

-القرآن ألف ألف حرف 243/1 -القرآن تحت العرش له ظهر و بطن 459/2 -القرآن شافع مشفع و ما حل مصدق 341/2 -القرآن غنى لا فقر بعده 339/2 -قرأ-صلّى اللّه عليه و سلّم-بالسبع الطوال في ركعة 222/1 -قرأها على الكفار و سجد في آخرها 218/1 -قرأها في المغرب 216/1 -القرناء كل رجل مع كل قوم 556/2 -قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين 196/1 -قصة أصحاب بئر معونة الذين قتلوا 665/1 -قصر من لؤلؤ في ذلك القصر سبعون دارا 502/2 -قلب القرآن يس 378/2 - قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القرآن 367/2-374 -380 - قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ربع القرآن 365/2 -قمت مع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة 344/1 -قم فانطلق إلى عسكر الأحزاب 102/1 -القنطار اثنا عشر ألف أوقية 485/2 -القنطار ألف أوقية 485/2 -قوم تحابوا في اللّه من غير أموال 506/2 -قيام العبد من الليل 532/2 -قيل لبني إسرائيل: وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً 478/2 حرف الكاف -كان إذا رأى ما يعجبه 499/1 -كان أعبد البشر 295/2 -كان أول من صلّى بنا الجمعة 144/1 -كانا شمسين 519/2 -كانت بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم و دابة و امرأة 490/2 -كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي مائتي آية 662/1 -كانت مدا 342/1 -كانت اليهود و تقول:من أتى امرأته 126/1

ص: 589

-كان جبريل إذا جاء بالوحي أول ما يلقي علي 267/1 -كان الرجل إذا قرأ البقرة و آل عمران 231/1-437 -كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-إذا أوحي إليه أتيناه 663/1 -كان رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-إذا قرأ آية الكرسي 150/1 -كان رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-إذا نزل عليه الوحي يغط 171/1 -كان رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-تنزل عليه السور ذوات العدد 215/1 -كان رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-يتعوذ من الجان 399/2 -كان-صلّى اللّه عليه و سلّم-يكره أن يذكر اللّه إلا على طهر 338/1 -كان فيما أنزل عشر رضعات 651/1 -كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد 179/1-596 -كان المسلمون لا يعرفون انقضاء السورة حتى 266/1 -كان نبي اللّه إدريس أبيض 290/2 -كان النبي لا يعرف فصل السورة حتى 266/1 -كان النبي يحرس حتى نزلت 97/1 -كان هاد أمين 612/1 -كان هذا-أو كل هذا-في صحف إبراهيم و موسى 560/2 -كأنهما عمامتان أو غيابتان 349/2 -كانوا يحذفون أهل الطريق 531/2 -كان يقرئنا القرآن على كل حال 339/1 -كتاب اللّه،فيه نبأ ما قبلكم 258/2-338 -الكرامة:الأكل بالأصابع 519/2 -كعكر الزيت فإذا قرّبه إليه سقطت فروة 521/2 -كلّ أهل النار يرى منزله من الجنة 541/2 -كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت 450/1 -كل شيء خلق من الماء 527/2 -كل شيء كائن إلى يوم القيامة 553/2 -كل مؤدب يجب أن تؤتى مأدبته 334/1 -كلها في صحف إبراهيم و موسى 153/1 -كنت أمشي مع النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-131/1 -كنا جلوسا عند النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-فأنزل عليه سورة الجمعة 67/1 -كنا في سفر في ليلة مظلمة 129/1 -كنا عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-نؤلف القرآن من الرقاع 207/1

ص: 590

-كنا عند النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-نؤلف القرآن من الرقاع 214/1 -كنا نحرس رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-بالليل 97/1 -كنا نرى هذا من القرآن 70/1 -كنا نسميها في عهد رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-المانعة 202/1 -الكنود:الذي يأكل وحده 563/2 -الكوثر:نهر أعطانيه ربي في الجنة 565/2 -كورت في جهنم 556/2 حرف اللام -لأستغفرن لك ما لم أنه عنك 73/1-134 -لأعلمنك آية لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري 155/1 -لأعلمنك سورة هي أعظم السور 374/2 -لأقرن عينك بتفسيرها 512/2 -لأمثلن بسبعين منهم مكانك 133/1 -لأن تغدو فتتعلم آية من كتاب اللّه 345/2 -لدغت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم-عقرب فدعا بماء و ملح 399/2 -لزوال الشمس 520/2 -لست بنبيء اللّه و لكن نبي اللّه 320/1 -لسرادق النار أربعة جدر 521/2 -لعن اللّه الواشمات و المتوشمات 259/2 -لقد أقرأنا رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-آية الرجم 662/1 -لقد أنزلت علي سورة هي أحبّ 99/1 -لقد قرأتها على الجن فكانوا أحسن 345/1 -لكل آية ظهر و بطن 459/2-461 -لكل شيء عروس و عروس القرآن الرحمن 360/2 -لم أر شيئا أحسن طلبا 508/2 -لما أخرج النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-من مكة 91/1 -لما أسري برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم-انتهى إلى سدرة المنتهى 105/1 -لما طاف النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-85/1 -لما قال يوسف ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ 510/2 -لما قدم النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-المدينة كانوا من أخبث الناس كيلا 67/1 -لما قرأ رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-على أصحابه سورة الرحمن 65/1

ص: 591

-لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار 133/1 -لما كان يوم بدر ظهرت الروم 91/1 -لما نزلت إِذا جاءَ نَصْرُ اللّهِ وَ الْفَتْحُ 565/2 -لما نزلت إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى 560/2 -لما نزلت سورة الأنعام سبّح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم 147/1 -لما نزلت على النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم- يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ 90/1 -لما نزلت فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ 69/1 -لما نزلت لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ 69/1 -لما ولدت حواء طاف بها إبليس 498/2 -لن يغلب عسر يسرين 571/1 -لو أن ابن آدم سأل واديا من مال 663/1 -لو أن الجن و الإنس و الشياطين منذ خلقوا 492/2 -لو أنّ رجلا موقنا قرأ بها على جبل لزال 397/2-400 -لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقته النار 341/2 -لو رأيت مع أم رومان رجلا 132/1 -لو كانت الدنيا تزن عند اللّه جناح بعوضة 369/1 -لو كان القرآن في إهاب 340/2-341 -لو كان لابن آدم واد من ذهب 70/1 -لو لا أني رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقبلك ما قبلتك 423/2 -لو لا بهائم رتع و شيوخ ركع 202/2 -ليراجعها،ثم يمسكها حتى تطهر 552/2 -ليس ذلك بالحساب،و لكن ذلك العرض 558/2 -ليس في الحلي زكاة 639/1 -ليس لظالم عليك عهد أن تطيعه 479/2 -ليس يحاسب أحد إلاّ عذب 558/2 حرف الميم -ما أبين من حي فهو ميت 638/1 -مائة آية 554/2 -ما أذن اللّه لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت 352/1 -ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا 385/2-540 -ما أصاب المؤمن مما يكرهه فهو مصيبة 480/2

ص: 592

-ما أنا بقارئ 106/1 -ما أنزل اللّه في التوراة و لا في الإنجيل 347/2-371 -ما أنعم اللّه على عبد نعمة في أهل و لا مال 396/2 -ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال 215/1 -ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت 507/2 -ما سألني عنها أحد قبلك 538/2 -ما سقط من السنبل 493/2 -ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه 540/2 -ما عدا الولد و الوالد 490/2 -ما قرأت في أذنه؟397/2 -ما كان بين إسلامهم و بين أن عوتبوا 140/2 -ما كان رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-يفسر شيئا من القرآن إلاّ آيا 570/2 -ما كربني أمر إلاّ تمثّل لي جبريل 396/2 -ما مات مؤمن في غربة غابت عنه 542/2 -ما من أحد إلا و له منزل في الجنة 541/2 -ما من الأنبياء نبي إلاّ أعطي ما مثله آمن عليه البشر 238/2 -ما من رجل يعلم ولده القرآن إلاّ توّج 343/2 -ما من عبد إلاّ و له في السماء بابان 541/2 -ما من مسلم يأخذ مضجعه فيقرأ سورة 339/2 -ما من ميت يموت فيقرأ عنده يس 397/2 -ما نزل عليّ الوحي في فراش امرأة غيرها 103/1 -ما هذا يا جبريل 498/2 -ما همز رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و لا أبو بكر و لا عمر 320/1 -الماهر بالقرآن مع السفرة 344/2 -ما ولد لك؟556/2 -ما ينبغي لعبد أن يقول:أنا خير من يونس 297/2 -مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة 344/2 -مررنا يوما و رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-قاعد 97/1 -مر ياسر بن أخطب في رجال من يهود 615/1 -مر يهودي سألني فقال 134/1 -مستقرها تحت العرش 536/2 -المسلم إذا سئل في القبر 514/2

ص: 593

-مطبقة(تفسير:مؤصدة)564/2 -مع كل إنسان ملك إذا نام يأخذ نفسه 491/2 -معلمين و كانت سيما الملائكة يوم بدر 488/2 -ملك من ملائكة اللّه موكل بالسحاب 511/2 -ملك من الملائكة موكل بالسحاب 300/2 -من آتاه اللّه مالا فلم يؤد زكاته 488/2 -من آخر ما نزل آية الربا 570/2 -من أحب أن يقرأ القرآن غضا 324/1 -من أخذ السبع الطوال فهو خير 354/2 -من أربى على يده في الكيل و الميزان 493/2 -من أعطى الشكر لم يحرم الزيادة 512/2 -من برت يمينه و صدق لسانه 485/2 -من تركه لا يخاف عقوبته و لا يرجو ثوابه 487/2 -من تعلم آية من كتاب اللّه استقبله 343/2 -من تعلّم كتاب اللّه ثم اتبع ما فيه 345/2 -من تكلّم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ 445/2-453 -من جعل يس أمام حاجة قضيت له 397/2 -من جمع القرآن كانت له عند اللّه دعوة مستجابة 344/2 -من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف 216/1-355 -من الحيض و الغائط و النخامة و البزاق 477/2 -من ختم القرآن فله دعوة مستجابة 363/1 -من دام على قراءة يس كل ليلة 358/2 -من سره أن يحب اللّه و رسوله فليقرأ من المصحف 355/1 -من شأنه أن يغفر ذنبا و يفرج كربا 547/2 -من شغله القرآن و ذكري عن مسألتي 332/1 -من شهد أن لا إله إلاّ اللّه و خلع الأنداد 560/2 -من عمل بما علم ورثه اللّه علم ما لم يعلم 451/2 -من فارق الدنيا على الإخلاص 118/1 -من قال من القرآن بغير علم 446/2 -من قرأ آخر آل عمران في ليلة 353/2 -من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد 396/2 -من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة 351/2

ص: 594

-من قرأ آية الكرسي و خواتيم سورة البقرة 394/2 -من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة 352/2 -من قرأ إِذا زُلْزِلَتِ عدلت بنصف القرآن 364/2 -من قرأ أول سورة الكهف 355/2 -من قرأ بثلاثمائة آية كتب له قنطار 241/1 -من قرأ بخمسين آية في ليلة 240/1 -من قرأ بعد صلاة الجمعة قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ 369/2 -من قرأ بعشر آيات لم يكتب من الغافلين 240/1 -من قرأ البقرة و آل عمران في ليلة 350/2 -من قرأ بمائة آية كتب 240/1 -من قرأ بمائتي آية كتب من الفائزين 241/1 -من قرأ تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ 363/2 -من قرأ حرفا من كتاب اللّه فله به حسنة 243/1-334 -من قرأ حم الدخان في ليلة 358/2 -من قرأ حين يصبح ثلاث آيات من آخر سورة الحشر 361/2 -من قرأ خواتيم الحشر في ليل أو نهار 361/2-362 -من قرأ الدخان كلها أو غافر 398/2 -من قرأ سورة البقرة توّج بتاج 350/2 -من قرأ سورة البقرة و آل عمران 351/2 -من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة 354/2 -من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف 216/1 -من قرأ في ليلة فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ 355/2 -من قرأ القرآن ثم نسيه لقي اللّه 338/1 -من قرأ القرآن عند ظالم ليدفع عنه 365/1 -من قرأ القرآن فاستظهره 343/2 -من قرأ القرآن فأعربه 371/1 -من قرأ القرآن فأكمله و عمل به 343/2 -من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة 339/2 -من قرأ القرآن فليسأل الرب 365/1 -من قرأ القرآن في سبيل اللّه كتب مع الصديقين 343/2 -من قرأ القرآن و حمد الرب و صلى على النبي صلّى اللّه عليه و سلّم 363/1 -من قرأ القرآن يقوم به آناء الليل و النهار 341/2

ص: 595

-من قرأ: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ بعد صلاة الصبح 369/2 -من قرأ: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ عشر مرات 368/2 -من قرأ: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ في مرضه الذي يموت فيه 367/2 -من قرأ: قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ كل يوم مائة مرة 367/2 -من قرأ قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ مائة مرة 268/2 -من قرأ كل ليلة سورة الواقعة 398/2 -من قرأ وَ التِّينِ وَ الزَّيْتُونِ 344/1 -من قرأ يس في ليلة 357/2 -من كتب بسم اللّه الرحمن الرحيم مجودة 416/2 -من لقاء موسى ربه 533/2 -من نوقش الحساب عذّب 558/2 -مه،لا تقولن هذا 556/2 حرف النون -نبدأ بما بدأ اللّه به 628/1 -النجم:الغاسق 567/2 -نزلت بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ في كل سورة 267/1 -نزلت سورة الأنعام و معها موكب 147/1 -نزلت سورة يوسف بسبب طلب الصحابة 112/2 -نزلت علي سورة الأنعام جملة 145/1 -نزلت في تحريك النبي-صلّى اللّه عليه و سلّم-لسانه حالة نزول الوحي 222/2 -نزلت في الخمر ثلاث آيات 112/1 -نزلت في رجل من الأنصار 93/1 -نزلت هذه الآية في حمزة و عبيد 324/2 -نزلت: وَ لَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ في عشرة 337/2 -نزل القرآن بالتفخيم 304/1-352 -نزل القرآن على سبعة أحرف 172/1 و 228/2 -النصارى 477/2 -نعم أ فلا نتخذه مصلى85/1 -نعم إن استطعت 336/1 -نعم ترجمان القرآن أنت 467/2 -نعم لعلها سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى 364/2

ص: 596

-نعيت إلي نفسي 565/2 -نعيت له نفسه 215/2 -نهر في الجنة(الكوثر)307/2 -نهى عن تسمية المدينة يثرب 305/2 -النوح 552/2 -نوح،و بينهما عشرون قرنا 289/2 -نوروا منازلكم بالصلاة 334/1 -نور يقذف به فينشرح له و ينفسح 492/2 - ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ :لوح من نور 553/2 حرف الهاء -هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة 192/1 -هذا من النعيم الذي تسألون عنه 563/2 -هذه الآية أمان من السرق 396/2 -هكذا علمهن رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-300/1 -هكذا فساخ الجبل 497/2 -هل تدرون ما قال ربكم 548/2 -هل لك في بنات بني الأصفر 102/1 -هما جميعا من أمتي 551/2 -هم أصحاب البدع و أصحاب الأهواء 494/2 -هم أناس قتلوا في سبيل اللّه بمعصية آبائهم 496/2 -هم أهل البدع و الأهواء في هذه الأمة 494/2 -هم الجن 500/2 -هم الخوارج 484/2 -هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها 564/2 -هم الشهداء 539/2 -هم علي و فاطمة و الحسن و الحسين 326/2 -هم قوم هذا 490/2 -هم في الظلمة دون الجسر 515/2 -هو أجل رسول اللّه-صلّى اللّه عليه و سلّم-أعلمه به 215/2-468 -هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة 534/2 -هو ذاك فعليكموه 503/2

ص: 597

-هو الطهور ماؤه 223/2 -هو كلام الرجل في بيته:كلا و اللّه 481/2 -هو مسجدي 502/2 -هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي 520/2 -هي أفضل الحسنات 509/2 -هي أم القرآن و هي السبع المثاني 194/1 -هي أم القرآن و هي فاتحة الكتاب 193/1 -هي الحنظل 513/2 -هي الرياح(الذاريات)544/2 -هي الشفاعة 520/2 -هي الصلوات الخمس و المحافظة عليها 560/2 -هي التي لا ينقص ورقها 514/2 -هي المانعة هي المانعة هي المنحية 202/1-362 -هي النخلة 513/2 -هي هي 266/1 حرف الواو -و أحيانا يتمثل لي الملك 168/1 -واد في جهنم 308/2 -واد في جهنم من فيح 308/2 -وافقت ربي-أو وافقني ربي-في أربع 138/1 -وافقت ربي في ثلاث 137/1-138 - وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى :قال:لا إله إلا اللّه 543/2 -و إن سئلت:أي المرأتين 530/2 -و إن كان الوحي لينزل عليه و هو في أهله 103/1 -و أهلها ينصف بعضهم بعضا 509/2 -و تجعلون رزقكم:يقول:شكركم 551/2 -وجهت وجهي 366/1 -وددت أنها في قلب كل مؤمن 363/2 -و الشر ليس إليك 92/2 -وفّى عمل يومه بأربع ركعات 545/2 -و اللّه لا يخرج من النار أحد حتى يمكث فيها أحقابا 556/2

ص: 598

-و الذي نفسي بيده إنهم ليستكرهون في النار 530/2 -و الذي نفسي بيده إنه ليخفف عن المؤمن 554/2 -و الذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم 299/2 -و الليلة أنزلت علي سورة مريم 98/1 -و ما كان يدريه أنها رقية 392/2 -و ما هي 548/2 -و ما وجعه 393/2 -و ما يمنعني أن أبكي 97/1 -و لا سكنى 654/1 -ويحك 542/1 -ويل لمن قرأها و لم يتفكر 97/1 -ويل:واد في جهنم 308/2-479 حرف لا -لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال 596/1 -لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية 266/1 -لا،إنّ عتق النسمة أن تفرد بعتقها 561/2 -لا تبيعوا القينات و لا تشتروهن 531/2 -لا تحل الصدقة لغني 638/1 -لا تستطيع 667/1 -لا تعلموا النساء سورة يوسف 112/1 -لا تقرءوا القرآن في أقل من ثلاث 335/1 -لا تقولوا سورة البقرة 192/1 -لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن 207/1 -لا تنقضي عجائبه 195/2 -لا حسد إلاّ في اثنتين 332/1 -لا طاعة إلاّ في المعروف 479/2 -لا فكرة في الرب 545/2 -لا يا بنت الصديق،و لكنه الذي يصوم 529/2 -لا يحفظ منافق سورا 354/2 -لا يخلق على كثرة الرد 251/2 -لا يضركم من ضلّ من الكفار إذا اهتديتم 491/2

ص: 599

-لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث 335/1 -لا يقولن أحدكم أم الكتاب 193/1 -لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى 440/1 -لا يمسّ القرآن إلاّ طاهر 424/2 -لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع 380/2 -لا يؤمنّ حيث وجد 526/1 حرف الياء -يا أبا ذر،أ تدري أين تغرب الشمس 536/2 -يا أم فلان،إن الجنة لا يدخلها عجوز 550/2 -يا أهل القرآن لا تتوسدوا القرآن 334/1 - يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ تعدل ربع القرآن 365/2 -يا أيها الناس إني أريد الروم 101/1 -يا بلال مررت بك و أنت تقرأ 358/1 -يا حميراء 542/1 -يا خولة ما حدث في بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم؟128/1 -يا عمر،أ لا تكفيك آية الصيف 101/1 -يتبعونه حق اتباعه 479/2 -يتكلّم الرجل بتسبيحة 530/2 -يجيء صاحب القرآن يوم القيامة 346/2 -يخرج اللّه ناسا من المؤمنين من النار 516/2 -يدعى كل بإمام لهم و كتاب ربهم 520/2 -يدعى نوح يوم القيامة 480/2 -يزيدون عشرين ألفا 538/2 -يس قلب القرآن 199/1 و 356/2 -372 -يقال لصاحب القرآن:اقرأ و ارق 342/1 -يقرب إليه فيتكرهه 513/2 -يقول:اذكروني يا معشر العباد بطاعتي 480/2 -يقول أهل النار:هلموا فلنصبر 513/2 -يقول الرب سبحانه و تعالى:من شغله 332/1 -يقول:هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد 548/2

ص: 600

-يلقى في النار و تقول:هل من مزيد 543/2 -يمحو من الرزق و يزيد فيه 512/2 -ينزل عيسى في آخر الزمان 299/2 -ينصب الكافر مقدار خمسين ألف سنة 523/2 -اليهود 477/2 -اليهود و النصارى 517/2 -يؤتى بالقرآن يوم القيامة 349/2 -يؤم القوم أقرؤهم لكتاب اللّه 248/1 -يوم عرفة هذا يوم الحج الأكبر 501/2 -اليوم الموعود:يوم القيامة 558/2 -يوم النحر 500/2 - يَوْمَ يَقُومُ النّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ حتى يغيب أحدكم 557/2

ص: 601

2-فهرس المصادر و المراجع

1-الآحاد و المثاني،لابن أبي عاصم،تحقيق باسم الجوابرة،الطبعة الأولى 1411 ه دار الراية- الرياض.

2-الآداب،للإمام البيهقي،تحقيق محمد عطا،الطبعة الأولى 1406 ه دار الكتب العلمية- بيروت.

3-الأباطيل و المناكير،للجوزقاني،تحقيق عبد الرحمن الفريوائي،الطبعة الثالثة 1415 ه دار الصميعي-الرياض.

4-الإبانة عن معاني القراءات،لمكي بن أبي طالب،تحقيق محيي الدين رمضان-الطبعة الأولى 1399 ه-دار المأمون-دمشق.

5-الإبانة،لابن بطة،تحقيق رضا معطي،الطبعة الأولى 1409 ه دار الراية-الرياض.

6-إتحاف فضلاء البشر،لأحمد البنا،تحقيق شعبان إسماعيل،الطبعة الأولى 1407 ه عالم الكتب-بيروت.

7-إثبات صفة العلو،لابن قدامة،تحقيق بدر البدر،الطبعة الأولى 1406 ه الدار السلفية- الكويت.

8-إثبات عذاب القبر،للبيهقي،الطبعة الأولى 1407 ه دار الجيل-بيروت.

9-إثبات نبوة النبي،لأحمد بن الحسين بن هارون الزبيدي،تحقيق خليل الحاج،الطبعة الأولى 1399 ه دار التراث العربي-القاهرة.

10-اجتماع الجيوش الإسلامية،لابن القيم،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1408 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

11-الأحاديث الطوال،للطبراني(آخر المعجم الكبير للطبراني).

12-الأحرف السبعة،للدكتور حسن العتر،دار البشائر-بيروت.

13-الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان،تحقيق شعيب الأرناءوط،الطبعة الأولى 1408 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

14-أحكام سجود السهود،لشيخ الإسلام ابن تيمية،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1416 ه دار ابن حزم-بيروت.

15-الإخوان،لابن أبي الدنيا،تحقيق مصطفى عطا،الطبعة الأولى 1409 ه دار الكتب العلمية- بيروت.

ص: 602

16-أخلاق حملة القرآن،للآجري،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1407 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

17-أخلاق النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و آدابه،لأبي الشيخ،الطبعة الثانية 1406 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

18-الأدب المفرد،للإمام البخاري،تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي،الطبعة الثالثة 1409 ه دار البشائر الإسلامية-بيروت.

19-الأذكار،للنووي،تحقيق بشير عيون،الطبعة الثانية 1414 ه مكتبة دار البيان-دمشق.

20-الأربعون الصغرى،للبيهقي،تحقيق أبي إسحاق الحويني-الطبعة الأولى 1408 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

21-الأربعون في الجهاد،لأبي الفرج محمد بن عبد الرحمن المقرئ،تحقيق بدر البدر،الطبعة الأولى 1413 ه دار ابن حزم-بيروت.

22-إرشاد العقل السليم،لأبي السعود،دار إحياء التراث العربي-بيروت.

23-الإرشاد،للخليلي،تحقيق محمد إدريس،الطبعة الأولى 1409 ه،مكتبة الرشد-الرياض.

24-إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل،للشيخ محمد ناصر الدين الألباني،الطبعة الثانية 1405 ه المكتب الإسلامي-بيروت.

25-أسباب النزول،للواحدي،تحقيق عصام الحميدان،الطبعة الأولى 1411 ه-مؤسسة الريان- بيروت.

26-استخراج الجدال من القرآن الكريم،لابن نجم،تحقيق الدكتور زاهر الألمعي،الطبعة الأولى 1400 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

27-الاستيعاب،لابن عبد البر،دار الكتاب العربي-بيروت.

28-الأسرار المرفوعة،لعلي القاري،تحقيق محمد الصباغ،المكتب الإسلامي،بيروت.

29-الإسرائيليات و الموضوعات في كتب التفسير،تأليف محمد أبو شهبة،الطبعة الرابعة 1408 ه مكتبة السنة-القاهرة.

30-الأسماء و الصفات،للبيهقي،الطبعة الأولى 1405 دار الكتاب العربي-بيروت.

31-الإشارة إلى المجاز،للعز ابن عبد السلام،دار المعرفة-بيروت.

32-الإصابة،لابن حجر-دار الكتاب العربي-بيروت.

33-أصول السنة،للإمام أحمد(ضمن عقائد أئمة السلف)،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1414 ه،دار الكتاب العربي-بيروت.

34-أصول السنة،لابن أبي زمنين،تحقيق عبد الله البخاري،الطبعة الأولى 1413 ه مكتبة الغرباء الأثرية-المدينة المنورة.

35-الاعتقاد،للبيهقي،تحقيق أحمد عصام الكاتب،الطبعة الأولى 1401 ه دار الآفاق الجديدة- بيروت.

36-إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم-لابن خالويه،مؤسسة الإيمان-بيروت.

37-الإعجاز اللغوي في القصة القرآنية،تأليف محمود مصطفى،الناشر مؤسسة شباب الجامعة-

ص: 603

الاسكندرية.

38-الاغتباط بمعرفة من رمي بالاختلاط،لسبط ابن العجمي-تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1408 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

39-الإكسير في علم التفسير،للطوفي،تحقيق عبد القادر حسين،مكتبة الآداب-القاهرة.

40-الإكليل،لابن تيمية،تحقيق فواز أحمد زمرلي(تحت الطبع).

41-الإكليل،للسيوطي،دار الكتب العلمية-بيروت.

42-الإلماع إلى معرفة أصول الرواية و تغيير السماع،للقاضي عياض،تحقيق أحمد صقر،طبعة سنة 1398 ه دار التراث-القاهرة.

43-الأمالي،للمحاملي،تحقيق إبراهيم القيسي،الطبعة الأولى 1412 ه المكتبة الإسلامية- عمان،دار ابن القيم-الدمام.

44-الأمثال،لابن قيم الجوزية،تحقيق سعيد الخطيب-طبعه سنة 1981-دار المعرفة-بيروت.

45-الأمثال،للرامهرمزي،الطبعة الأولى 1409 ه مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت.

46-الأمر بالاتباع،للإمام السيوطي،تحقيق مشهور سلمان،الطبعة الأولى 1410 ه دار ابن القيم للنشر-الدمام.

47-الإنصاف،للمرداوي،تصحيح حامد الفقي،الطبعة الثانية-دار إحياء التراث العربي-بيروت.

49-أنموذج جليل،للرازي،تحقيق محمد الداية،الطبعة الأولى 1411 ه دار الفكر المعاصر- لبنان.

50-الأنوار في شمائل المختار،للبغوي،تحقيق إبراهيم اليعقوبي،الطبعة الأولى 1409 ه دار الضياء-بيروت.

51-الأوائل،للطبراني،تحقيق محمد إمرير،الطبعة الأولى 1403 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

52-الأوائل،لابن أبي عاصم،تحقيق عبد الله الجبوري،الطبعة الأولى 1405 ه المكتب الإسلامي-بيروت.

53-الأوسط،لابن المنذر،تحقيق صغير حنيف،الطبعة الثانية 1414 ه دار طيبة-الرياض.

54-أوضح المسالك،لابن هشام،تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد،طبعة سنة 1399 ه دار الجيل-بيروت.

55-الإيضاح لناسخ القرآن و منسوخه،لمكي بن أبي طالب،تحقيق أحمد فرحات،الطبعة الأولى 1406 ه دار المنارة-جدة.

56-الإيمان،لابن تيمية،تحقيق زكريا يوسف،دار التضامن للنشر-بيروت.

57-الإيمان،لابن منده،تحقيق علي الفقيهي،المطبعة الثانية 1406 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

58-الإيمان،للعدني،تحقيق حمد بن حمدي الجابري،الطبعة الأولى 1407 ه الدار السلفية- الكويت.

59-الإيمان،للقاسم بن سلام،تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني،الطبعة الثانية 1403 ه المكتب الإسلامي-بيروت.

ص: 604

60-البحر الزخار،للبزار،تحقيق محفوظ الرحمن زين اللّه،الطبعة الأولى 1409 ه مؤسسة علوم القرآن،سوريا،و مكتبة العلوم و الحكم-المدينة المنورة.

61-بحر العلوم،للسمرقندي،تحقيق علي معوض و عادل عبد الموجود و زكريا النوتي،الطبعة الأولى،1413 ه-دار الكتب العلمية-بيروت.

62-البحر المحيط،لأبي حيان،دار الفكر-بيروت.

63-البحر المحيط،للزركشي،تحقيق جماعة بإشراف عمر الأشقر،نشر وزارة الشئون الإسلامية- الكويت.

64-بدائع الفوائد،لابن قيم الجوزية،دار الكتاب العربي-بيروت.

65-بداية المجتهد،لابن رشد،تحقيق ماجد الحموي،الطبعة الأولى 1416 دار ابن حزم- بيروت.

66-البدر الطالع،للشوكاني،دار المعرفة-بيروت.

67-البدع،لابن وضاح،تحقيق بدر البدر،دار الصميعي-الرياض.

68-البدور الزاهرة،لعبد الفتاح القاضي،الطبعة الأولى 1401 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

69-البرهان،للزركشي،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم،دار المعرفة بيروت.

70-البرهان في توجيه متشابه القرآن،للكرماني،تحقيق عبد القادر عطا،الطبعة الأولى 1398 ه دار الاعتصام-مصر.

71-بصائر ذوي التمييز،للفيروزآبادي،المكتبة العلمية-بيروت.

72-البعث،لأبي بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث،تحقيق أبي إسحاق الحويني،الطبعة الأولى 1408 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

73-البعث،للبيهقي،مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت.

74-بغية الوعاة،للسيوطي،دار الكتب العلمية-بيروت.

75-بيان السبب الموجب لاختلاف القراءات،للإمام المهدوي.

76-تاريخ بغداد،للخطيب البغدادي،دار الكتاب العربي-بيروت.

77-تاريخ جرجان،للسهمي،تحقيق محمد عبد المعيد خان،عالم الكتب-بيروت.

78-التاريخ الصغير،للبخاري،تحقيق محمود إبراهيم زائد،الطبعة الأولى 1406 ه دار المعرفة- بيروت.

79-التاريخ الكبير،للإمام البخاري،دار الكتب العلمية-بيروت.

80-تأويل مشكل القرآن،لابن قتيبة،تحقيق السيد أحمد صقر،الطبعة الثالثة 1401 ه المكتبة العلمية-بيروت.

81-التبصرة في القراءات السبع،لمكي بن أبي طالب،الطبعة الثانية 1402 ه الدار السلفية-الهند.

82-التبصرة و التذكرة،للعراقي،دار الكتب العلمية-بيروت.

83-التبيان في آداب حملة القرآن،لابن كثير،دار المعرفة-بيروت.

84-التبيان في أقسام القرآن،لابن قيم الجوزية،تحقيق فواز أحمد زمرلي-الطبعة الأولى 1414 ه

ص: 605

دار الكتاب العربي-بيروت.

85-التبيين لأسماء المدلسين،لسبط ابن العجمي،تحقيق فواز أحمد زمرلي(تحت الطبع).

86-تحذير المسلمين،للبشير الأزهري،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1406 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

87-تدريب الراوي،للسيوطي،دار إحياء السنة النبوية.

88-التذكار في أفضل الأذكار،للقرطبي،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1408 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

89-التذكرة،للقرطبي،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 140 ه دار الكتاب العربي- بيروت.

90-تذكرة الموضوعات،للفتني،دار إحياء التراث العربي-بيروت.

91-الترغيب في فضائل الأعمال،لابن شاهين،تحقيق صالح الوعيل،الطبعة الأولى 1415 ه دار ابن الجوزي-السعودية.

92-الترغيب في الدعاء،للحافظ عبد الغني المقدسي،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1416 ه دار ابن حزم-بيروت.

93-التسهيل لعلوم التنزيل،لابن جزي الكلبي،الطبعة الثانية 1393 ه دار الكتاب العربي- بيروت.

94-التصديق بالنظر إلى اللّه تعالى في الآخرة،للآجري،تحقيق سمير الزهيري،الطبعة الأولى 1408 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

95-تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة-للحافظ ابن حجر،دار الكتاب العربي-بيروت.

96-تعريف أهل التقديس،للحافظ ابن حجر،تحقيق عبد الغفار البنداري و محمود عبد العزيز، الطبعة الأولى 1405 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

97-التعريف و الإعلام،للسهيلي،دار الكتب العلمية-بيروت.

98-تعظيم قدر الصلاة،للمروزي،تحقيق عبد الرحمن الفريوائي،الطبعة الأول 1406 ه مكتبة الدار-المدينة المنورة.

99-تغليق التعليق،للحافظ ابن حجر،تحقيق سعيد القزقي،الطبعة الأولى 1405،المكتب الإسلامي-بيروت-دار عمار الأردن.

100-تفريح الكروب،شرح حديث:«دعوة أخي ذي النون»لشيخ الإسلام ابن تيمية،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1418 ه مؤسسة الريان-بيروت.

101-تفسير السراج المنير،للخطيب الشربيني،الطبعة الثانية،دار المعرفة-بيروت.

102-تفسير ابن أبي حاتم،تحقيق أحمد الزهراني،الطبعة الأولى 1408 ه مكتبة الدار و دار طيبة، و دار ابن القيم-السعودية.

103-تفسير عبد الرزاق،تحقيق مصطفى مسلم،الطبعة الأولى 1410 ه-مكتبة الرشد-الرياض.

104-تفسير القرآن العظيم،دار المعرفة-بيروت.

ص: 606

105-التفسير الكبير،لشيخ الإسلام ابن تيمية،تحقيق عبد الرحمن عميرة-دار الكتب العلمية- بيروت.

106-تفسير مجاهد،للإمام مجاهد بن جبر،تحقيق عبد الرحمن السورتي،المنشورات العلمية- بيروت.

107-التفسير و المفسرون،للدكتور محمد الذهبي،الطبعة الثانية 1396 ه دار الكتب الحديثة- القاهرة.

108-تقريب التهذيب،للحافظ ابن حجر،تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف،الطبعة الثانية 1395 ه -دار المعرفة-بيروت.

109-تقييد العلم،للخطيب البغدادي،دار المعرفة-بيروت.

110-التقييد و الإيضاح،للعراقي،تحقيق عبد الرحمن عثمان-دار الفكر-بيروت.

111-تلخيص البيان في مجازات القرآن،للشريف الرضي،الطبعة الأولى 1406 ه،عالم الكتب بيروت.

112-التلخيص الحبير،للحافظ ابن حجر،تحقيق حسن قطب،الطبعة الأولى 1416 ه مؤسسة قرطبة-مصر.

113-التلخيص في علوم البلاغة،للقزويني،شرح عبد الرحمن البرقوقي،دار الكتاب العربي- بيروت.

114-التمهيد في علم التجويد،لابن الجزري،تحقيق غانم قدوري حمد،الطبعة الأولى 1407 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

115-التمهيد،لابن عبد البر،تحقيق سعيد أعراب و جماعة،طبعة سنة 1387 ه-المغرب.

116-تنزيه الشريعة،لابن عراق،تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف و عبد الله الصديق،الطبعة الثانية 1401 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

117-تهذيب التهذيب،لابن حجر،الطبعة الأولى 1325 ه-دائرة المعارف-الهند.

118-تهذيب الكمال،للمزي،تصوير دار المأمون-دمشق،و طبع مؤسسة الرسالة-بيروت.

119-التوحيد،لابن منده،تحقيق علي الفقيهي،الطبعة الثانية 1398 ه نشر الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

120-التوحيد،لابن خزيمة،تحقيق محمد هراس،سنة 1398 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

121-تيسير العلم في أخذ الأجرة،تأليف عصام بن مرعي،الطبعة الأولى 1413 ه مكتبة ابن كثير -مصر.

122-التيسير في قواعد التفسير،للكافيجي،تحقيق ناصر المطرودي،الطبعة الأولى 1410 ه دار القلم-دمشق،و دار الرفاعي-الرياض.

123-الثقات،لابن حبان،دار الفكر-بيروت.

124-البيان في تأويل القرآن،للإمام الطبري،الطبعة الأولى 1413 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

125-جامع التحصيل في أحكام المراسيل،للعلائي،تحقيق حمدي السلفي،الطبعة الثانية 1407 ه

ص: 607

-عالم الكتب،بيروت.

126-الجامع لأحكام القرآن،للقرطبي،تحقيق عبد الرزاق المهدي،الطبعة الأولى 1418 ه دار الكتاب العربي-بيروت،و طبعة دار الكتب العلمية.

127-الجامع لأخلاق الراوي،للخطيب البغدادي،تحقيق محمد عجاج الخطيب،الطبعة الأولى 1412 ه-مؤسسة الرسالة-بيروت.

128-الجرح و التعديل،لابن أبي حاتم،دار الكتب العلمية-بيروت.

129-جزء الألف دينار،لأحمد بن جعفر القطيعي،تحقيق بدر البدر،الطبعة الأولى 1414 ه دار النفائس-الكويت.

130-جزء بيبي،تحقيق عبد الرحمن الفريوائي،الطبعة الأولى 1406 ه دار الخلفاء-الكويت.

131-جزء تفسير الباقيات الصالحات،للعلائي،تحقيق علي أبو زيد،و حسن مروة،الطبعة الأولى 1407 ه دار ابن كثير دمشق.

132-جمال القراء،لعلم الدين السخاوي،تحقيق علي البواب،الطبعة الأولى 1408 ه مكتبة التراث-مكة المكرمة.

133-الجمان في تشبيهات القرآن،لابن ناقيا البغدادي،تحقيق مصطفى الصاوي-منشأة المعارف بالإسكندرية.

134-الجهاد،لابن المبارك،تحقيق نزيه حماد،طبعه سنة 1391 ه دار النور-بيروت.

135-جواب أهل العلم و الإيمان،لابن تيمية،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1408 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

136-الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح،لابن تيمية،مطابع المجد،الرياض.

137-حاشية الصاوي،لأحمد الصاوي،دار إحياء التراث العربي-بيروت.

138-الحجة في بيان الحجة،تحقيق محمد ربيع،الطبعة الأولى 1411 ه دار الراية-الرياض.

139-الحجة للقراء السبعة،لأبي علي الفارسي،تحقيق بدر الدين قهوجي-و بشير جوربجاني، الطبعة الأولى 1404 ه دار المأمون-دمشق.

140-حسن الظن باللّه،لابن أبي الدنيا،تحقيق مجدي إبراهيم،مكتبة القرآن-مصر.

141-حلية الأولياء،لأبي نعيم،الطبعة الرابعة 1405 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

142-الحوادث و البدع،للطرطوشي،تحقيق علي عبد الحميد،الطبعة الأولى 1411 ه دار ابن الجوزي-السعودية.

143-خلق أفعال العباد،للبخاري،تحقيق بدر البدر،الطبعة الأولى 1405 ه الدار السلفية- الكويت.

144-درة التنزيل،للخطيب الاسكافي،الطبعة الثالثة 1979،دار الآفاق الجديدة-بيروت.

145-الدر المصون،للسمين الحلبي،تحقيق الدكتور أحمد الخراط،الطبعة الأولى 1406 ه دار القلم-دمشق.

146-الدر الملتقط،للصغاني،الطبعة الأولى 1405 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

ص: 608

147-الدر المنثور،للسيوطي-دار المعرفة-بيروت.

148-الدعاء،للطبراني،تحقيق محمد البخاري،الطبعة الأولى 1407 ه دار البشائر-بيروت.

149-دليل الحيران على موارد الظمآن،للخراز،مكتبة النجاح-ليبيا.

150-دليل مخطوطات السيوطي،لأحمد الخازندار و محمد الشيباني-الطبعة الأولى 1405 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

152-دلائل النبوة،لأبي نعيم،عالم الكتب-بيروت.

153-الديات،لابن أبي عاصم،و معه:الومضات في تخريج أحاديث الديات،للدكتور خالد الجميلي،الطبعة الثانية 1406 ه دار الندوة الجديدة-بيروت.

154-الذرية الطاهرة،للدولابي،تحقيق سعد الحسن،الطبعة الأولى 1407 ه-الدار السلفية- الكويت.

155-ذكر أخبار أصبهان،لأبي نعيم،دار الكتب العلمية-بيروت.

156-ذكر النار،للحافظ عبد الغني المقدسي،تحقيق أديب الغزاوي،الطبعة الأولى 1415،دار البشائر،بيروت.

157-ذم الدنيا،للحافظ ابن أبي الدنيا،تحقيق مجدي إبراهيم-مكتبة القرآن-القاهرة.

158-الرحلة في طلب الحديث،للخطيب البغدادي،تحقيق نور الدين عتر،دار الكتب العلمية- بيروت.

159-رد ادعاء المجاز،للإمام الشنقيطي،ملحق بأضواء البيان.

160-الرد على بشر المريسي(ضمن سلسلة عقائد السلف)الطبعة الأولى 1971،تحقيق علي سامي النشار،و طبعة دار الكتب العلمية.

161-الرد على الجهمية،لابن منده،تحقيق علي الفقيهي-الطبعة الأولى 1401 ه.

162-الرد على الجهمية،للدارمي،تحقيق بدر البدر،الطبعة الأولى 1405 ه الدار السلفية- الكويت.

163-الرد على من يقول:أ لم حرف،لابن منده،تحقيق عبد الله الجديع،الطبعة الأولى 1405 ه دار العاصمة-الرياض.

164-الردود و التعقبات،لمشهور سلمان،الطبعة الأولى 1413 ه دار الهجرة-الرياض.

165-الرسالة التدمرية،لشيخ الإسلام ابن تيمية،نشر جامعة للإمام محمد بن سعود الإسلامية- الرياض.

166-رسم المصحف،للدكتور عبد الفتاح شلبي،طبعة سنة 1380 ه مكتبة نهضة مصر.

167-رصف المباني،للإمام المالقي،تحقيق الدكتور أحمد الخراط،الطبعة الثانية 1405 ه دار القلم-دمشق.

168-الرعاية لتجويد القراءة،لمكي بن أبي طالب،تحقيق الدكتور أحمد فرحات،الطبعة الثانية 1404 ه دار عمار-الأردن.

169-روضة الطالبين،للنووي،المكتب الإسلامي-بيروت.

ص: 609

170-الروض البسام بترتيب فوائد تمام،ترتيب جاسم الدوسري،الطبعة الأولى 1408 ه دار البشائر-بيروت.

171-روح المعاني،للآلوسي،طبعة سنة 1408 ه-دار الفكر-بيروت.

172-زاد المسير في علم التفسير،لابن الجوزي،الطبعة الرابعة 1407 ه المكتب الإسلامي- بيروت.

173-الزهد،لأسد بن موسى،تحقيق أبي إسحاق الحويني،الطبعة الأولى 1413 ه مكتبة التوعية الإسلامية،و مكتبة الوعي الإسلامي-مصر.

174-الزهد،لابن أبي عاصم،تحقيق عبد العلي الأعظمي،الطبعة الثانية 1408 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

175-الزهد،للإمام أحمد،تحقيق محمد بسيوني،الطبعة الأولى 1406 ه دار الكتاب العربي- بيروت.

176-الزهد،لأبي داود،تحقيق ضياء الحسن السلفي،الطبعة الأولى 1413 ه الدار السلفية- الهند.

177-الزهد،لهناد،تحقيق عبد الرحمن الفريوائي،الطبعة الأولى 1406 ه دار الخلفاء-بيروت.

178-الزهد،لابن المبارك،تحقيق عبد الرحمن الأعظمي،دار الكتب العلمية-بيروت.

179-الزهد،لوكيع،تحقيق عبد الرحمن الفريوائي،الطبعة الأولى 1404 ه مكتبة الدار-المدينة الشريفة.

180-السبعة،لابن مجاهد،تحقيق الدكتور شوقي ضيف-الطبعة الثانية-دار المعارف-مصر.

181-السنة،لابن أبي عاصم،تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني،الطبعة الثانية 1405 ه- المكتب الإسلامي-بيروت.

182-السنة،لعبد اللّه ابن الإمام أحمد،تحقيق محمد القحطاني،الطبعة الثانية 1414 ه رمادي للنشر و المؤتمن للتوزيع-السعودية.

183-سنن البيهقي الكبرى،الطبعة الأولى 1344 ه دار المعرفة-بيروت.

184-سنن البيهقي الصغرى،دار الجيل-بيروت.

185-سنن الترمذي،تحقيق أحمد شاكر و جماعة،دار إحياء التراث العربي-بيروت.

186-سنن الدار قطني،تحقيق عبد الله اليماني،دار المحاسن للطباعة مصر،مطبعة دار الكتب العلمية الجديدة.

187-سنن الدارمي،تحقيق فواز أحمد زمرلي و خالد السبع،الطبعة الأولى 1407 ه-دار الكتاب العربي-بيروت.

188-سنن أبي داود،تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد،دار الفكر-بيروت.

189-سنن سعيد بن منصور،تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي،الطبعة الأولى 1405-دار الكتب العلمية-بيروت.

190-سنن سعيد بن منصور(التكملة)،تحقيق سعد بن عبد الله آل حميد،الطبعة الأولى 1414 ه

ص: 610

دار الصميعي-الرياض.

191-سنن ابن ماجة،تحقيق فواز أحمد زمرلي،دار الكتاب العربي-بيروت.

192-سنن النسائي(الكبرى)،تحقيق عبد الغفار البنداري و سيد حسن،الطبعة الأولى 1411 ه- دار الكتب العلمية-بيروت.

193-سنن النسائي(المجتبى)،دار الكتاب العربي-بيروت.

194-سؤلات نافع بن الأزرق،تحقيق الدكتور محمد الدالي،الطبعة الأولى 1413 ه الجفان و الجابي-دمشق.

195-شذرات الذهب،لابن العماد،دار إحياء التراث العربي-بيروت.

196-شذور الذهب،لابن هشام،دار الكتب العلمية-بيروت.

197-شرح أصول اعتقاد أهل السنة،للإمام اللالكائي،تحقيق أحمد حمدان،الطبعة الثانية-دار طيبة-الرياض.

198-شرح حديث«إنما الأعمال بالنيات»،لشيخ الإسلام ابن تيمية،تحقيق فواز أحمد زمرلي، الطبعة الأولى 1418 ه مؤسسة الريان-بيروت.

199-شرح الزرقاني على موطأ مالك،طبعة سنة 1398 ه دار المعرفة-بيروت.

200-شرح السنة،للبغوي،تحقيق شعيب الأرناءوط و زهير الشاويش،الطبعة الثانية 1403 ه المكتب الإسلامي-بيروت.

201-شرح صحيح مسلم،للنووي،دار الكتب العلمية-بيروت.

202-شرح كلا و بلى،لمكي بن أبي طالب،تحقيق الدكتور أحمد فرحات،الطبعة الأولى 1398 ه دار المأمون للتراث-دمشق.

203-شرح معاني الآثار،للطحاوي،تحقيق محمد زهري النجار،الطبعة الأولى 1399 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

204-الشريعة،للآجري،تحقيق محمد الفقي،الطبعة الأولى 1403 ه دار الكتب العلمية- بيروت.

205-شعب الإيمان،للبيهقي،تحقيق محمد زغلول،الطبعة الأولى 1410 ه دار الكتب العلمية- بيروت.

206-الشمائل النبوية و الخصائل المصطفوية،للترمذي،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1416 ه دار الكتب العربي-بيروت.

207-الصاحبي في فقه اللغة،لابن فارس،تحقيق عمر الطباع،الطبعة الأولى 1414 ه-مكتبة المعارف-بيروت.

208-صحيح الجامع،للسيوطي،للشيخ الألباني،الطبعة الثانية 1399 ه المكتب الإسلامي- بيروت.

209-صحيح ابن خزيمة،تحقيق محمد الأعظمي،الطبعة الثانية 1412 ه المكتب الإسلامي، بيروت.

ص: 611

210-صحيح مسلم،تحقيق محمد فواز عبد الباقي،نشر رئاسة إدارات البحوث العلمية-الرياض.

211-صريح السنة،للطبري،تحقيق فواز أحمد زمرلي-الطبعة الأولى 1411 ه مكتب البحوث الثقافية-طرابلس الشام.

212-الصفات،للدار قطني،تحقيق علي الفقيهي،الطبعة الأولى 1403 ه مؤسسة الرسالة- بيروت.

213-الصفات،للمقدسي،تحقيق فواز أحمد زمرلي-الطبعة الأولى 1414 ه دار الكتاب العربي- بيروت(ضمن عقائد أئمة السلف).

214-الصمت،لابن أبي الدنيا،تحقيق أبي إسحاق الحويني،الطبعة الأولى 1410 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

215-الضعفاء الكبير،للعقيلي،تحقيق عبد المعطي قلعجي،الطبعة الأولى 1404 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

216-ضعيف الجامع،للشيخ الألباني،الطبعة الثانية 1399 ه المكتب الإسلامي-بيروت.

217-الضوء اللامع،للسخاوي-دار الجيل-بيروت.

218-طبقات ابن سعد،دار صادر-بيروت-لبنان.

219-طبقات المحدثين،لأبي الشيخ،تحقيق عبد الغفور البلوشي-الطبعة الأولى 1407 ه- مؤسسة الرسالة-بيروت.

220-طبقات المفسرين،للسيوطي،تحقيق علي محمد عمر،الطبعة الأولى 1396 ه مكتبة وهبة- القاهرة.

221-العدة للكرب و الشدة،للمقدسي،تحقيق ياسر إبراهيم،الطبعة الأولى 1414 ه دار المشكاة القاهرة.

222-العظمة،لأبي الشيخ،تحقيق رضاء اللّه المباركفوري-الطبعة الأولى 1408 ه دار العاصمة- الرياض.

223-عقائد أئمة السلف،اعتنى بها فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1415 ه دار الكتاب العربي- بيروت.

224-عقيدة السلف و أصحاب الحديث،للصابوني،تحقيق بدر البدر،الطبعة الثانية 1415 ه مكتبة الغرباء الأثرية-المدينة النبوية الشريفة.

225-العلل،لابن أبي حاتم،تحقيق محب الدين الخطيب،طبعة سنة 1405-دار المعرفة- بيروت.

226-العلل الكبير،للترمذي،تحقيق صبحي السامرائي و أبو المعاطي النووي،و محمود الصعيدي، الطبعة الأولى 1409 ه-عالم الكتب و مكتبة النهضة العربية-بيروت.

227-العلل المتناهية في الأحاديث الواهية،لابن الجوزي،تحقيق إرشاد الحق الأثري-الهند.

228-العلل الواردة في الأحاديث،للدار قطني،تحقيق محفوظ السلفي،الطبعة الأولى 1405 ه- دار طيبة-الرياض.

ص: 612

229-علل الوقوف،للسجاوندي،تحقيق الدكتور محمد عبد اللّه العيدي،الطبعة الأولى 1415 ه مكتبة الرشد-الرياض.

230-العلم،لخيثمة،تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني-المكتب الإسلامي-بيروت.

231-العلو للعلي الغفار،للإمام الذهبي،تحقيق عبد الرحمن عثمان،الطبعة الثانية 1388 ه المكتبة السلفية بالمدينة المنورة.

232-عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ،للسمين الحلبي،تحقيق محمد التونجي،الطبعة الأولى 1414 ه عالم الكتب-بيروت.

223-عمل اليوم و الليلة،لابن السني،تحقيق سالم أحمد السلفي،الطبعة الأولى 1408 ه مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت.

234-عمل اليوم و الليلة،للنسائي،تحقيق فاروق حمادة،الطبعة الثانية 1406 ه مؤسسة الرسالة- بيروت.

235-غريب الحديث،للقاسم بن سلام،دار الكتاب العربي-بيروت.

236-غوث المكدود بتخريج منتقى ابن الجارود،لأبي إسحاق الحويني،الطبعة الأولى 1408 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

237-الفاصلة القرآنية،لمحمد الحسناوي،الطبعة الثانية 1406 ه المكتب الإسلامي بيروت و دار عمار-الأردن.

238-الفتاوي الحموية،لابن تيمية،دار الكتب العلمية-بيروت.

239-فتح الباري،بشرح صحيح البخاري،للحافظ ابن حجر،تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، المكتبة السلفية-القاهرة.

240-فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن،لزكريا الأنصاري،تحقيق محمد الصابوني،الطبعة الأولى 1403 ه دار القرآن الكريم-بيروت.

241-فتح القدير،للإمام الشوكاني،دار المعرفة-بيروت.

242-فتح المغيث،للسخاوي،تحقيق علي حسين علي،الطبعة الثانية 1412 ه-دار الإمام الطبري.

243-الفرج بعد الشدة،لابن أبي الدنيا،دار المشرق-القاهرة.

244-فردوس الأخبار،للديلمي،تحقيق فواز أحمد زمرلي و محمد البغدادي-الطبعة الأولى 1407 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

245-الفرقان،لشيخ الإسلام ابن تيمية،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1415 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

246-الفروق،لابن القيم،جمعها من كتبه يوسف الصالح،الطبعة الأولى 1413 ه مطابع الفرزدق التجارية-الرياض.

247-الفروق،للعسكري،دار الكتب العلمية-بيروت.

248-فضائل الصحابة،للإمام أحمد،تحقيق وصي اللّه عباس،الطبعة الأولى 1403 ه مؤسسة

ص: 613

الرسالة-بيروت.

249-فضائل القرآن،للرازي،تحقيق عامر صبري،الطبعة الأولى 1415 ه دار البشائر-بيروت.

250-فضائل القرآن،لأبي عبيد،تحقيق مروان عطية،و محسن خرابة،و وفاء تقي الدين،الطبعة الأولى 1415 ه،دار ابن كثير-دمشق.

251-فضائل القرآن،للفريابي،تحقيق يوسف جبريل،الطبعة الأولى 1409 ه مكتبة الرشد- الرياض.

252-فضائل،لابن كثير،مكتبة الصحابة-مصر.

253-فضائل القرآن،لابن الضريس،تحقيق غزوة بدير،الطبعة الأولى 1408 ه،دار الفكر- سوريا.

254-فضائل المدينة،للجندي،تحقيق محمد الحافظ و غزوة بدير،الطبعة الأولى 1405 ه دار الفكر-دمشق.

255-الفوائد،لتمام(انظر الروض البسام).

256-الفوائد،لابن القيم،تحقيق أحمد عرموش،الطبعة السابعة 1406 ه دار النفائس-بيروت.

257-الفوائد في مشكل القرآن،للعز ابن عبد السلام،تحقيق سيد الندوي،الطبعة الثانية 1402 ه، نشر وزارة الأوقاف الإسلامية-الكويت.

258-الفوائد المجموعة،للشوكاني،تحقيق عبد الرحمن اليماني،مطبعة السنة المحمدية-مصر.

259-فيض القدير شرح الجامع الصغير،للمناوي،الطبعة الثانية 1391 ه دار المعرفة-بيروت.

260-القاموس المحيط، للفيروزآبادي،طبعة مؤسسة الرسالة الملونة.

261-قبضة البيان في ناسخ و منسوخ القرآن،للبذوري،تحقيق زهير الشاويش و محمد كنعان،الطبعة الأولى 1404 ه-المكتب الإسلامي-بيروت.

262-القرآن و الصورة البيانية،للدكتور عبد القادر حسين،دار نهضة مصر-القاهرة.

263-الكاشف،للذهبي،الطبعة الأولى 1403 ه دار الكتب العلمية-بيروت و طبعة مؤسسة علوم القرآن.

264-الكافي الشاف،للحافظ ابن حجر،مطبوع بذيل الكشاف للزمخشري،مطبعة البابي الحلبي- مصر.

265-الكافي،لابن قدامة،الطبعة الخامسة 1408 ه المكتب الإسلامي-بيروت.

266-الكامل في ضعفاء الرجال،لابن عدي،تحقيق سهيل زكار،الطبعة الثالثة 1409 ه دار الفكر -بيروت.

267-كشف الأستار عن زوائد البزار،للهيثمي،تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي،الطبعة الأولى 1399 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

268-كشف السرائر في معنى الوجوه و الأشباه و النظائر،لابن العماد،تحقيق فؤاد عبد المنعم أحمد، نشر مؤسسة شباب الجامعة-القاهرة.

269-الكشف عن وجوه القراءات السبع،لمكي بن أبي طالب،تحقيق محيي الدين رمضان،الطبعة

ص: 614

الثانية 1401 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

270-الكافية في علم الرواية،للخطيب البغدادي،دار الكتب العلمية-بيروت.

271-الكنى،للبخاري،آخر التاريخ الكبير،دار الفكر-بيروت.

272-الكنى،للدولابي،دار الكتب العلمية-بيروت.

273-كيف نتدبر القرآن؟،تأليف فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1413 ه دار البشائر-بيروت.

274-اللآلئ المصنوعة،للسيوطي-دار المعرفة-بيروت.

275-اللامات،للزجاجي،تحقيق مازن المبارك،الطبعة الثانية 1405 ه دار الفكر-سوريا.

276-اللباب في تهذيب الأنساب،لابن الأثير-دار صادر-بيروت.

277-لباب النقول في أسباب النزول،للسيوطي،الطبعة الأولى،دار ابن زيدون-بيروت.

278-لسان الميزان،لابن حجر،الطبعة الأولى 1329 ه دائرة المعارف-الهند.

279-لطائف الإشارات،للقسطلاني،تحقيق عامر السيد عثمان و عبد الصبور شاهين،المجلس الأعلى للشئون الإسلامية-القاهرة سنة 1392 ه.

280-اللؤلؤ المرصوع،للقاوقجي،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1415 ه دار البشائر- بيروت.

281-المتوكلي،للسيوطي،تحقيق عبد الكريم الزبيدي،طبعة سنة 1986،منشورات جامعة سبها- ليبيا.

282-مجاز القرآن،لأبي عبيدة،تحقيق محمد فؤاد سزكين،مكتبة الخانجي-مصر.

283-المجروحين،لابن حبان،تحقيق محمود زائد،دار المعرفة-بيروت.

284-مجمع الزوائد،للهيثمي،دار الكتاب العربي-بيروت.

285-المجموع،للنووي،دار الفكر-لبنان.

286-محاضرة الأوائل و مسامرة الأواخر،للشيخ علي ددة،الطبعة الثانية 1398 ه دار الكتاب العربي -بيروت.

287-المحرر الوجيز،لابن عطية،تحقيق عبد السلام شافي،الطبعة الأولى 1413 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

288-مختصر إتحاف المهرة،للبوصيري-تحقيق سيد حسن،الطبعة الأولى 1417 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

289-مختصر الصواعق المرسلة،لابن قيم الجوزية،توزيع رئاسة إدارات البحوث العلمية بالرياض.

290-مختصر قيام رمضان،للمقريزي،تحقيق إبراهيم العلي و محمد أبو صعليك،الطبعة الأولى 1413 ه مكتبة المنار-الأردن.

291-مختصر قيام الليل،للمقريزي،تحقيق إبراهيم العلي،و و محمد أبو صعليك،الطبعة الأولى 1413 ه مكتبة المنار-الأردن.

292-المدخل،للحاكم،تحقيق الشيخ ربيع المدخلي،الطبعة الأولى 1404 ه مؤسسة الرسالة- بيروت.

ص: 615

293-مذكرة في أصول الفقه،للشنقيطي،الطبعة الأولى 1409 ه مكتبة ابن تيمية-القاهرة.

294-المراسيل،لابن أبي حاتم،تحقيق شكر اللّه قوجاني،الطبعة الثانية 1402 ه مؤسسة الرسالة- بيروت.

295-المراسيل،لأبي داود،تحقيق شعيب الأرناءوط،الطبعة الأولى 1408 ه مؤسسة الرسالة- بيروت.

296-المرشد الوجيز،لأبي شامة،تحقيق طيار آلتي قولاج،طبعة سنة 1395 ه دار صادر- بيروت.

297-مساوئ الأخلاق-للخرائطي،تحقيق مصطفى عطا،الطبعة الأولى 1413 ه مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت.

298-المستدرك،للحاكم،دار الكتاب العربي-بيروت.

299-المستغيثين باللّه تعالى،لابن بشكوال،تحقيق غنيم عباس،الطبعة الأولى 1414 ه دار المشكاة-القاهرة.

300-مسند أحمد،دار الفكر-بيروت.

301-مسند إسحاق،تحقيق عبد الغفار البلوشي،الطبعة الأولى 1412 ه مكتبة الإيمان-المدينة المنورة.

302-مسند أبي بكر الصديق-رضي اللّه تعالى عنه-للمروزي،تحقيق شعيب الأرناءوط،الطبعة الثالثة 1319 ه المكتب الإسلامي-بيروت.

303-مسند الحميدي،تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي،دار الكتب العلمية-بيروت.

304-مسند الروياني،تحقيق أيمن علي،الطبعة الأولى 1416 ه مؤسسة قرطبة-مصر.

305-مسند سعد،للدورقي،تحقيق عامر صبري،الطبعة الأولى 1407 ه دار البشائر-بيروت.

306-مسند الشاميين،للطبراني،تحقيق حمدي السلفي،مؤسسة الرسالة-بيروت.

307-مسند الشهاب،للقضاعي،تحقيق حمدي السلفي،الطبعة الأولى 1405 ه مؤسسة الرسالة- بيروت.

308-مسند الطيالسي،دار المعرفة-بيروت.

309-مسند علي بن الجعد،الطبعة الثانية 1417 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

310-مسند ابن عمر،للطرطوسي،تحقيق أحمد عرموش،الطبعة الأولى 1393 ه دار النفائس- بيروت.

311-المسند،للهيثم بن كليب،تحقيق محفوظ الرحمن زين اللّه،الطبعة الأولى 1410 ه-مكتبة العلوم و الحكم-المدينة المنورة.

312-مسند أبي يعلى،تحقيق حسين أسد،الطبعة الأولى 1404 ه دار المأمون للتراث دمشق.

313-مشكل الآثار،للطحاوي،تحقيق شعيب الأرناءوط،مؤسسة الرسالة-بيروت.

314-المصاحف،لابن أبي داود،دار الكتب العلمية-بيروت.

315-المصباح المنير،للفيومي،مكتبة لبنان-بيروت.

ص: 616

316-المصنف،لابن أبي شيبة،الطبعة الأولى 1409 ه دار التاج-بيروت.

317-المصنف،لعبد الرزاق،تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي،الطبعة الثانية 1403 ه المكتب الإسلامي-بيروت.

318-المصنوع،لعلي القاري،تحقيق عبد الفتاح أبو غدة،الطبعة الثانية 1398 ه مؤسسة الرسالة- بيروت.

319-معالم التنزيل،للبغوي،تحقيق خالد العك و مروان سوار،الطبعة الأولى 1406 ه-دار المعرفة-بيروت.

320-معترك الأقران،للسيوطي،تحقيق أحمد شمس الدين،دار الكتب العلمية-بيروت.

321-المعجم الأوسط،للطبراني،تحقيق محمود الطحان،الطبعة الأولى 1405 ه مكتبة المعارف- الرياض.

322-المعجم،للإسماعيلي،تحقيق زياد منصور،الطبعة الأولى 1410 ه مكتبة العلوم و الحكم- المدينة المنورة.

323-المعجم،لابن الأعرابي،تحقيق أحمد البلوشي،الطبعة الأولى 1412 ه مكتبة الكوثر- الرياض.

324-معجم الشيوخ،للذهبي،تحقيق محمد الهيلة،الطبعة الأولى 1408 ه مكتبة الصديق- السعودية.

325-معجم الصحابة،لابن قانع،تحقيق صلاح سالم المصراتي،الطبعة الأولى 1418 ه مكتبة الغرباء الأثرية-المدينة النبوية.

326-المعجم الصغير،للطبراني،تحقيق عبد الرحمن عثمان،المكتبة السلفية-المدينة المنورة.

327-المعجم الكبير،للطبراني،تحقيق حمدي السلفي،مكتبة ابن تيمية-القاهرة.

328-معجم المؤلفين،لعمر كحالة،مكتبة المثنى ببغداد،و دار إحياء التراث العربي-بيروت.

329-معرفة السنن و الآثار،للبيهقي،تحقيق سيد حسن،الطبعة الأولى 1412 ه دار الكتب العلمية -بيروت.

330-معرفة الصحابة،لأبي نعيم،تحقيق محمد راضي،الطبعة الأولى 1408 ه مكتبة الدار و مكتبة الحرمين-السعودية.

331-معرفة علوم الحديث،للحاكم،تحقيق معظم حسين،الطبعة الثالثة 1979،دار الآفاق الجديدة -بيروت.

332-المغني في الضعفاء،للذهبي،تحقيق نور الدين عتر،دار الوعي،حلب.

333-مفحمات الأقران في مبهمات القرآن،للسيوطي،تحقيق إياد الطباع،الطبعة الأولى 1406 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

334-المفردات،للراغب الأصفهاني،تحقيق محمد سيد كيلاني،دار المعرفة-بيروت.

335-المقاصد الحسنة،للسخاوي،تحقيق عبد الله الصديق و عبد الوهاب عبد اللطيف،الطبعة الأولى 1399 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

ص: 617

336-المقاصد السنية،لابن بلبان،تحقيق محيي الدين مستو و محمد الخطراوي،الطبعة الثانية 1408 ه دار ابن كثير-دمشق.

337-مقدمة المباني(و معه مقدمة تفسير ابن عطية)،تحقيق آرثر جفري،مكتبة الخانجي-مصر.

338-مقدمة في أصول التفسير،لشيخ الإسلام ابن تيمية،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1414 ه دار ابن حزم-بيروت.

339-المقنع،لابن قدامة،مع حاشية الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب،الطبعة الثالثة-المؤسسة السعيدية بالرياض.

340-مكارم الأخلاق،لابن أبي الدنيا،تحقيق أحمد شمس الدين،دار الكتب العلمية-بيروت.

341-المكتفى في الوقف و الابتداء،لأبي عمرو الداني-تحقيق يوسف مرعشلي،الطبعة الثانية 1407 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

342-الملتقى بتخريج أحاديث المنتقى،للضياء المقدسي،تخريج فواز أحمد زمرلي(تحت الطبع).

343-المنار المنيف،لابن القيم،تحقيق عبد الفتاح أبو غدة،طبعة سنة 1390 ه مكتب المطبوعات-حلب.

344-مناهل العرفان،للزرقاني،تحقيق فواز أحمد زمرلي،الطبعة الأولى 1415 ه دار الكتاب العربي-بيروت.

345-المناهل المسلسلة،تأليف محمد الأيوبي،الطبعة الأولى 1403 ه دار الكتب العلمية- بيروت.

346-من بلاغة القرآن،تأليف أحمد بدوي،دار نهضة مصر-القاهرة.

347-المنتخب من المسند،لعبد بن حميد،تحقيق صبحي السامرائي،و محمود الصعيدي،الطبعة الأولى 1408 ه مكتبة السنة-القاهرة.

348-المنتقى من مكارم الأخلاق،للخرائطي،تحقيق مطيع الحافظ و غزوة بدير،الطبعة الأولى 1406 ه دار الفكر-دمشق.

349-منتهى الآمال بشرح حديث:إنما الأعمال،للسيوطي،تحقيق مصطفى عطا،الطبعة الأولى 1406 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

350-منجد المقرئين،لابن الجزري،طبعة سنة 1400 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

351-المنهاج في شعب الإيمان،للحليمي،تحقيق حلمي فودة،الطبعة الأولى 1399 ه دار الفكر -بيروت.

352-موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان،تحقيق محمد حمزة،دار الكتب العلمية-بيروت.

353-المؤتلف و المختلف،للدار قطني،تحقيق موفق عبد القادر،الطبعة الأولى 1406 ه دار الغرب الإسلامي-بيروت.

354-الموجز في الناسخ و المنسوخ،لابن خزيمة الفارسي(ملحق بالناسخ و المنسوخ لأبي جعفر النحاس).

355-موضح أوهام الجمع و التفريق،للخطيب البغدادي،تحقيق عبد المعطي قلعجي،الطبعة الأولى

ص: 618

1407 ه-دار المعرفة-بيروت.

356-الموضح في وجوه القراءات،لابن أبي مريم،تحقيق عمر الكبيسي-الطبعة الأولى 1414 ه الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن-جدة.

357-الموضوعات،لابن الجوزي،تحقيق عبد الرحمن عثمان،الطبعة الثانية 1403 ه دار الفكر- بيروت.

358-الموطأ،للإمام مالك،تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي،مكتبة البابي الحلبي-مصر.

359-ملاك التأويل،لابن الزبير الغرناطي،تحقيق سعيد الفلاح،الطبعة الأولى 1403 ه دار الغرب الإسلامي-بيروت.

360-ميزان الاعتدال،للذهبي،تحقيق علي البجاوي،دار المعرفة-بيروت.

361-الناسخ و المنسوخ،لقتادة،تحقيق حاتم الضامن،الطبعة الأولى 1404 ه مؤسسة الرسالة- بيروت.

362-الناسخ و المنسوخ،لأبي عبيد،تحقيق محمد صالح المديفر،الطبعة الأولى 1411 ه مكتبة الرشد-الرياض.

363-الناسخ و المنسوخ،للنحاس،الطبعة الأولى 1409 ه مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت.

364-الناسخ و المنسوخ،لابن البارزي،تحقيق حاتم الضامن،الطبعة الثانية 1403 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

365-الناسخ و المنسوخ،لابن حزم،تحقيق عبد الغفار بغدادي،الطبعة الأولى 1406 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

366-الناسخ و المنسوخ،لهبة اللّه المقري،تحقيق زهير الشاويش و محمد كنعان،الطبعة الأولى 1404 ه المكتب الإسلامي-بيروت.

367-النبوة و العصمة،تأليف فواز أحمد زمرلي(تحت الطبع).

368-نزهة الأعين النواظر،لابن الجوزي،تحقيق محمد راضي،الطبعة الأولى 1404 ه مؤسسة الرسالة-بيروت.

369-النسخ في القرآن،لمصطفى زيد،الطبعة الثالثة 1408 ه دار الوفاء-مصر.

370-النشر في القراءات العشر،لابن الجزري،دار الكتاب العربي-بيروت.

371-نظم الدرر في تناسب الآيات و السور،للبقاعي،تصحيح محمد خان،طبعة سنة 1389 ه- مجلس دائرة المعارف العثمانية-الهند.

372-نكت الحافظ ابن حجر على مقدمة ابن الصلاح،تحقيق الشيخ ربيع بن هادي،الطبعة الثانية 1408 ه-دار الراية-الرياض.

373-النكت الظراف-هامش تحفة الأشراف-للحافظ ابن حجر.

374-النكت و العيون،للماوردي،دار الكتب العلمية-بيروت.

375-نهاية الإيجاز،للرازي،تحقيق بكري أمين،الطبعة الأولى 1985،دار العلم للملايين- بيروت.

ص: 619

376-النهاية في غريب الحديث،لابن الأثير،دار الكتب العلمية-بيروت.

377-النهاية في الفتن و الملاحم،لابن كثير تصحيح الشيخ حماد الانصاري.

378-نوادر الأصول في معرفة أحاديث الرسول،للحكيم الترمذي،دار صادر-بيروت.

379-نواسخ القرآن،لابن الجوزي،الطبعة الأولى 1405 ه دار الكتب العلمية-بيروت.

380-النوافح العطرة في الأحاديث المشتهرة،للصفدي،تحقيق محمد عطا،الطبعة الأولى 1412 ه مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت.

381-هدي الساري مقدمة فتح الباري،المكتبة السلفية-بيروت.

382-الهم و الحزن،لابن أبي الدنيا،تحقيق مجدي السيد،الطبعة الأولى 1413 ه-مؤسسة الكتب الثقافية-بيروت.

383-وضح البرهان في مشكلات القرآن،لبيان الحق النيسابوري-تحقيق صفوان داوي،الطبعة الأولى 1410 ه دار القلم-دمشق.

ص: 620

3-فهرس موضوعات الجزء الثاني

-النوع الثامن و الأربعون:في مشكله و موهم الاختلاف و النقص 5 -فصل في أسباب الاختلاف 10 -النوع التاسع و الأربعون:في مطلقه و مقيده 15 -النوع الخمسون:في منطوقه و مفهومه 17 -فصل:المفهوم و أقسامه 18 -النوع الحادي و الخمسون:في وجوه مخاطباته 20 -النوع الثاني و الخمسون:في حقيقته و مجازه 29 -فصل في أنواع مختلف في عدّها من المجاز 41 -النوع الثالث و الخمسون:في تشبيهه و استعاراته 45 -أقسام التشبيه 46 -فصل:الاستعارة 50 -فرع:أركان الاستعارة 51 -خاتمة:من المهم تحرير الفرق بين الاستعارة و التشبيه المحذوف الأداة 57 -النوع الرابع و الخمسون:في كناياته و تعريضه 59 -فصل:الفرق بين الكناية و التعريض 62 -النوع الخامس و الخمسون:في الحصر و الاختصاص 64 -فصل:طرق الحصر 65 -تنبيه:تقديم المعمول يفيد الحصر 70 -النوع السادس و الخمسون:في الإيجاز و الإطناب 74 -فصل:أقسام الإيجاز 75 -تنبيهات 81 -أسباب إيجاز الحذف 82 -قاعدة في حذف المفعول اختصارا و اقتصارا 84 -قاعدة:الأصل أن يقدر الشيء في مكانه الأصلي 89 -قاعدة:يمكن تقليل المقدر مهما أمكن 90 -فصل في أنواع الحذف 91

ص: 621

-خاتمة 101 -فصل:انقسام الإطناب إلى بسط و زيادة 101 -الحكمة من عدم تكرير قصة يوسف 112 -قاعدة:الصفة العامة لا تأتي بعد الخاصة 115 -قاعدة:إذا وقعت الصفة بعد متضايفين أولهما عدد:جاز إجراؤها على المضاف و المضاف إليه 115 -قاعدة:قطع النعوت في مقام المدح و الذم أبلغ من إجرائها 116 -البدل 116 -عطف البيان 117 -عطف الخاص على العام 118 -عطف العام على الخاص 119 -الإيضاح بعد الإبهام 120 -التفسير 121 -وضع الظاهر موضع المضمر 122 -الإيغال 125 -التذييل 126 -التكميل 126 -التتميم 127 -الاستقصاء 127 -التعليل 129 -النوع السابع و الخمسون:في الخبر و الإنشاء 130 -فصل:القصد بالخبر إفادة المخاطب 131 -فرع:من أقسامه-على الأصح-التعجب 132 -قاعدة:إذا ورد التعجب من اللّه صرف إلى المخاطب 133 -فرع:من أقسام الخبر:الوعد و الوعيد 133 -فرع:من أقسام الخبر:النفي 133 -تنبيهات 134 -فائدة 137 -فصل:من أقسام الإنشاء:الاستفهام 138 -تنبيهات 144 -فصل:الأمر 145 -فصل:النهي 147 -فصل:التمني 148

ص: 622

-فصل:الترجي 148 -فصل:النداء 149 -فصل:القسم 150 -فصل:الشرط 150 -النوع الثامن و الخمسون:في بدائع القرآن 151 -الإيهام 152 -الالتفات 155 -تنبيهات 159 -الاطراد 160 -الانسجام 161 -الادماج 162 -الافتتان 162 -الاقتدار 162 -الاستدراك و الاستثناء 164 -الاقتصاص 164 -الإبدال 165 -تأكيد المدح بما يشبه الذم 165 -التفويت 166 -التقسيم 166 -التدبيج 167 -التنكيت 167 -التجريد 168 -التعديد 168 -الترتيب 169 -التضمين 169 -الجناس 170 -تنبيه 171 -الجمع 172 -الجمع و التفريق 173 -الجمع و التقسيم 173 -الجمع مع التفريق و التقسيم 173 -جمع المؤتلف و المختلف 173 -حسن النسق 174

ص: 623

-عتاب المرء نفسه 174 -العكس 174 -العنوان 175 -الفرائد 176 -القسم 176 -اللف و النشر 176 -المشاكلة 178 -المزاوجة 179 -المبالغة 179 -فائدة 179 -المطابقة 180 -ترصيع الكلام 181 -المقابلة 182 -المواربة 183 -المراجعة 183 -النزاهة 184 -الإبداع 184 -النوع التاسع و الخمسون:في فواصل الآي 186 -فصل:الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاة للمناسبة 191 -فصل:أقسام الفواصل 196 -تنبيهات 198 -التصدير 203 -التوشيح 204 -فصل:أقسام السجع 204 -فصل:التشريع و الالتزام 205 -تنبيهات 207 -النوع الستون:في فواتح السور 209 -النوع الحادي و الستون:في خواتم السور 213 -النوع الثاني و الستون:في مناسبة الآيات و السور 216 -فصل:تعريف المناسبة 218 -قاعدة:الأمر الكلي المفيد لعرفان مناسبات الآيات 221 -تنبيه:الآيات التي أشكلت مناسبتها لما قبلها 221 -فصل:مناسبة فواتح السور و خواتمها 224

ص: 624

-فصل:و من ذلك افتتاح السور بالحروف المقطعة،و اختصاص كل واحدة بما بدئت به 217 -فصل:مناسبة أسماء السور لمقاصدها 230 -النوع الثالث و الستون:في الآيات المشتبهات 232 -النوع الرابع و الستون:في إعجاز القرآن 240 -فصل:وجوه إعجاز القرآن 241 -تنبيهات:252 -قدر المعجز من القرآن 252 -هل يعلم إعجاز القرآن ضرورة؟252 -هل يتفاوت القرآن في مراتب الفصاحة؟253 -الحكمة في تنزيه القرآن عن الشعر الموزون 253 -النوع الخامس و الستون:في العلوم المستنبطة من القرآن 258 -فصل:آيات الأحكام خمسمائة آية 268 -النوع السادس و الستون:في أمثال القرآن 271 -فصل:أمثال القرآن قسمان 272 -فائدة:إرسال المثل 275 -النوع السابع و الستون:في أقسام القرآن 277 -النوع الثامن و الستون:في جدل القرآن 282 -فصل:في السبر و التقسيم 285 -النوع التاسع و الستون:فيما وقع في القرآن من الأسماء و الكنى و الألقاب 288 -فائدة:سمى اللّه عشرة أجناس من الطير 309 -فصل:في الكنى 309 -النوع السبعون:في المبهمات 312 -أسباب الإبهام 312 -تنبيه:لا يبحث عن مبهم أخبر اللّه باستئثاره بعلمه 313 -فصل:علم المبهمات مرجعه النقل المحض 314 -القسم الأول:فيما أبهم من رجل أو امرأة أو ملك أو جني 315 -القسم الثاني:في مبهمات الجموع 331 -النوع الحادي و السبعون:في أسماء من نزل فيهم القرآن 337 -النوع الثاني و السبعون:في فضائل القرآن 338 -الفصل الأول:فيما ورد في فضله على الجملة 338 -الفصل الثاني:فيما ورد في فضل سور بعينها 347 -ما ورد في الفاتحة 347 -ما ورد من البقرة و آل عمران 348

ص: 625

-ما ورد في آية الكرسي 351 -ما ورد في خواتيم البقرة 352 -ما ورد في آخر آل عمران 353 -ما ورد في الأنعام 353 -ما ورد في السبع الطوال 354 -ما ورد في هود 354 -ما ورد في آخر الإسراء 354 -ما ورد في الكهف 354 -ما ورد في الم السجدة 356 -ما ورد في يس 356 -ما ورد في الحواميم 358 -ما ورد في الدخان 358 -ما ورد في المفصل 359 -الرحمن 360 -المسبحات 360 -تبارك 362 -الأعلى 364 -القيمة 364 -الزلزلة 364 -العاديات 365 -ألهاكم 365 -الكافرون 365 -الإخلاص 367 -المعوذتان 368 -فصل:الحديث الموضوع في فضائل القرآن الطويل 369 -النوع الثالث و السبعون:في أفضل القرآن و فاضله 371 -النوع الرابع و السبعون:في مفردات القرآن 382 -النوع الخامس و السبعون:في خواص القرآن 390 -النوع السادس و السبعون:في مرسوم الخط و آداب كتابته 402 -فصل:القاعدة العربية أن اللفظ يكتب بحروف هجائية 403 -القاعدة الأولى:في الحذف 404 -القاعدة الثانية:في الزيادة 408 -القاعدة الثالثة:في الهمز 409

ص: 626

-القاعدة الرابعة:في البدل 411 -القاعدة الخامسة:في الوصل و الفصل 411 -القاعدة السادسة:فيما فيه قراءتان،فكتب على إحداها 413 -فرع:فيما كتب موافقا لقراءة شاذة 415 -فصل:في آداب كتابته 415 -هل تجوز كتابته بقلم غير العربي 418 -مسألة:اختلف في نقط المصحف و شكله 418 -فرع:حكم أخذ الأجرة على كتابة المصحف 421 -فرع:حكم القيام للمصحف 422 -فرع:يستحب تقبيل المصحف 422 -فرع:يستحب تطييب المصحف 423 -فرع:يجوز تحليته على الصحيح 423 -حكم:تعطيل بعض أوراق المصحف 423 -حكم مس المصحف للمحدث 424 -النوع السابع و السبعون:في معرفة تفسيره و تأويله 426 -فصل:الحاجة إلى التفسير 429 -فصل:شرف علم التفسير 430 -النوع الثامن و السبعون:في معرفة شروط المفسر و آدابه 434 -تنبيه:من المهم معرفة التفاسير الواردة عن الصحابة بحسب قراءة مخصوصة 456 -فصل:كلام الصوفية في القرآن ليس بتفسير 457 -فصل:يجب على المفسر أن يتحرى في التفسير مطابقة المفسّر 461 -النوع التاسع و السبعون:في غرائب التفسير 464 -النوع الثمانون:في طبقات المفسرين 466 -التفاسير المصرح برفعها إليه صلّى اللّه عليه و سلّم 476 -الفاتحة 477 -البقرة 477 -آل عمران 484 -النساء 488 -المائدة 490 -الأنعام 491 -الأعراف 495 -الأنفال 499 -براءة 500

ص: 627

-يونس 504 -هود 508 -يوسف 509 -الرعد 510 -إبراهيم 512 -الحجر 516 -النحل 519 -الإسراء 519 -الكهف 521 -مريم 524 -طه 526 -الأنبياء 527 -الحج 527 -المؤمنون 528 -النور 529 -الفرقان 530 -القصص 530 -العنكبوت 531 -لقمان 531 -السجدة 534 -الأحزاب 533 -سبأ 534 -فاطر 534 -يس 536 -الصافات 536 -الزمر 538 -غافر 539 -فصلت 540 -الشورى 540 -الزخرف 540 -الدخان 541 -الأحقاف 542 -الفتح 543

ص: 628

-الحجرات 543 -ق 543 -الذاريات 544 -الطور 544 -النجم 545 -الرحمن 547 -الواقعة 548 -الممتحنة 552 -الطلاق 552 -نون 553 -سأل 554 -المزمل 554 -المدثر 555 -عم 556 -التكوير 556 -الانفطار 556 -المطففين 557 -الانشقاق 558 -البروج 558 -سبح 559 -الفجر 560 -البلد 561 -الشمس 561 -أ لم نشرح 562 -الزلزلة 562 -العاديات 563 -ألهاكم 563 -الهمزة 564 -أ رأيت 564 -الكوثر 565 -النصر 565 -الإخلاص 565 -الفلق 566

ص: 629

-الناس 567 -خاتمة التحقيق 572 -فهرس الأحاديث الشريفة 573 -فهرس المصادر و المراجع 602 -فهرس موضوعات الجزء الثاني 621 ختم الله لنا بالحسنى

ص: 630

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
هَلْ یَسْتَوِی الَّذِینَ یَعْلَمُونَ وَالَّذِینَ لَا یَعْلَمُونَ
الزمر: 9

عنوان المکتب المرکزي
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.