المؤلف : شیخ عزّ الدين ابو محمّد الحسن بن سليمان بن محمّد الحلّي
المحقّق : سيد علي أشرف
عدد المطبوع: 1200 نسخة
سنة الطبع : 1424 – 1382 ش
عدد الصفحات: 340 صفحة وزيري
المبطعه: شريعت
السعر 2000 تومان
الطبعة الأولی
محرر الرقمي: مرتضی حاتمي فرد
ص: 1
بسم اللّه الرحمن الرحيم
والحمد للّه ربّ العالمين وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين
«مَا جَعَلَ اللّه لِرَجُل مِن قَلبَينِ فِي جَوفِه».
هكذا خلق اللّه الإنسان منذ أن عجن طينته.. قلب واحد لا أكثر.. قلب واحد وعينين.. يبصر بأحدهما الحقّ وبالأخرى الباطل، فيختار أحدهما ويجعل مسكنه القلب; لأنّه لا يسعهما معاً.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لرجل قال له إنّي أحبك وأهوى عثمان، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أنت الآن أعور فأما أن تعمى أو تبصر (1).
ومنذ اليوم الأوّل لمسيرة الإنسان خيره اللّه أن يختار أحدهما.. فأما اللّه وأما إبليس.. والقلب ميدان الصراع بين جنود الرحمن وجنود الشيطان، وكلّما تراجع أحد الجندين تقدّم الجيش الآخر بلا هوادة ولا يمكن أن تبقى مساحة من القلب خالية من أحدهما...!
ص: 2
المختصر
الشیخ عزّ الدين ابو محمّد الحسن بن سليمان بن محمّد الحلّي
(من أعلام القرن الثامن)
تحقیق: سیّد علي أشرف
ص: 3
والدين عند اللّه إنّما هو «الحب والبغض» وقد أدبنا القرآن على ذلك حيث تجد في كثير من آياته المباركة التصريح بأن اللّه يحبّ هذه الطائفة من البشر ولا يحبّ تلك، فهو يحبّ التوّابين، ويحب المتطهّرين، ويحبّ المتّقين، ولا يحبّ المعتدين والمفسدين والظالمين... ويحببّ الإيمان ويكرّه الكفر والفسوق والعصيان.. ويأمرنا بأن نتولى قوما لأن اللّه تولّاهم فيما يأمرنا بالبراءة من آخرين لأنّ اللّه تبرأ منهم...
وعلّمنا منذ اليوم الأوّل وقبل أن نهبط إلى الأرض أنّ ثمّة عدو (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) وعلينا أن نحذر منه.. لا نحبّه ولا نقربه.. نتباعد عنه ولا نسمح له بالإقتراب منّا (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ).. (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)...
ولكي نلمس عاقبة التسامح والتهاون في «البراءة» ومجانبة الحزم والعزم في الموقف أمام العدو، خضنا غمار الابتلاء، وكانت العاقبة الهبوط إلى الأرض والاستماع إلى خطاب الرب وهو يذكرنا مرّة بعد أخرى..: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ).
كما أدبنا القرآن على أن اللّه يعادي من عادى أولياءه وأنبياءه وملائكته ورسله.. (مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ).
وعلينا أيضاً أن نتبرأ ممّن عاداه اللّه.. (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ..).
وقد وبّخ القرآن من حاد عن سبيل «البراءة»... (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذرّيّته أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا).
ويلاحظ مدى اهتمام القرآن بأصل البراءة من خلال تسمية سورة كاملة في القرآن وابتدائها بهذا المفهوم والأصل الأساس في حركة الإنسان وبناء شخصيته العقائدية والاجتماعية والفردية والدنيوية والأخروية.
وكذا هي سيرة النبي الأكرم (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) والأئمّة المعصومين (عليهم السلام) وما أكثر الشواهد والأدلة على ذلك في الحديث والسيرة، بل إننا نجد أن لا معنى ولا مفهوم للدين ما لم يتصف «بالحب والبغض» كما ورد في عدد غفير جداً من الروايات حتّى عقد لها أكثر من باب في كتب الحديث والرواية..
ص: 4
كما أكّد أهل البيت (عليهم السلام) أنّ حبّهم وحبّ عدوّهم لا يمكن أن يجتمع في قلب أبدا.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا يجتمع حبّنا وحبّ عدوّنا في جوف إنسان إنّ اللّه - عزّ وجلّ - يقول: (ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه). (1).
وفي تفسير الإمام: يعني قلبا يحبّ محمّد وآله ويعظّمهم وقلباً يعظّم به غيرهم كتعظيمهم أو قلبا يحبّ به أعداءهم، بل من أحب أعداءهم فهو يبغضهم ولا يحبّهم، ومن سوى بهم مواليهم فهو يبغضهم ولا يحبّهم (2)...
وقد أخذ النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) البيعة يوم الغدير وغيره من الأيّام على البراءة كما أخذها على الولاية وفي دعائه يومذاك دلالة واضحة على هذا الأمر «اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحقّ معه حيثما دار...» فليس ثمّة حقّ يتبع من وراء أمير المؤمنين (عليه السلام)...
* * *
بل يلاحظ أنّ الأدب الربّاني يقدّم البراءة دائما على الولاية فلابد من نفي الأغيار.. كما نصنع كلّ يوم في أول الأذان وفي آخره «أشهد أن لا إله إلّا اللّه».. «لا إله إلّا اللّه».. ونقرأ في آية الكرسي (..فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ..).. وفي سورة الزمر: (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ..).
فلابد من تطهير القلب أولا من الأغيار ومن جنود الشيطان وإلّا فلا يمكن لجنود الرحمن أن تعمره لأنّ الإناء النجس لا يطهر ما دامت عين النجاسة باقية فيه حتّى لو صببت فيه بحار الدنيا، ولابد من فرز الأوراق وتمييز السبل ليتضح الصراط المستقيم عن السبل المتفرقة في متاهات الضلالة..
* * *
ولو أننا تابعنا مسيرة الإنسان منذ إنطلاقتها نرى أنه كان يسير في الخطين أما الضلال وأما الهدى، حتّى قامت راية الحقّ بقيام النبي الخاتم، فرأى رؤوس الضلالة
ص: 5
أنّ صمودهم أمام هذه الراية سيأتي عليهم ويجتث جذورهم حيث كمل الدين وتمّت النعمة ولم تبق ثغرة يمكن أن يتسلل منها الشياطين ويئس الكفار بعد أن نصب اللّه أمير المؤمنين (عليه السلام) وباءت كلّ محاولات إغتيال النبي والقضاء على رسالته وقرآنه الخالد، فاجتمعت كلمة الكفر على أن يتوغلوا بين صفوف المؤمنين ويؤسسوا خطا ثالثا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، فخلطوا الأوراق وأخذوا ضغثا من هنا وضغثا من هناك، وجمعوا - بزعمهم - بين عبادة اللّه وعبادة إبليس في دين واحد، ولا يزالون...
وهكذا هم اليوم تماما كما هم بالأمس.. ولربما قام من هذا الجانب من ينادي بذلك وقام من يسانده من ذاك الجانب، وزعموا أن التنازل عن شيء من عقائدنا والتنازل عن شيء من عقائدهم قد يؤدي إلى رفع الوحشة من خلال إيجاد القاسم المشترك في العقيدة والموقف، ونسوا أنّهم يؤسسون بذلك طائفة جديدة يرفضها الملتزمون من الطرفين.
ولربما تمسّك البعض بمواقف أهل البيت (عليهم السلام) - ولا نشك في أن مواقفهم حقّ - وزعموا أنّ كلّ ما روي ممّا يسمونه بالمغالاة في مصنفات كلا الفريقين إنّما هو موضوع لا يمت إلى الدين يصلة!! ولا أدري ماذا يجاب كلّ هذا الكم الهائل من الروايات والأحاديث التي تجاوزت حد التواتر المعنوي - على أقل التقادير - في بيان البراءة واللعن على أعداء اللّه وأعداء رسوله وأهل بيته (عليهم السلام).
فيما نرى أنّ ثمّة فرق كبير وواضح جداً في مواقف أهل البيت (عليهم السلام) بين مواقفهم العقائدية ومواقفهم العملية.. فإن الإمام (عليه السلام) حينما يكون في مقام بيان العقيدة الحقّة وتحديد الموقف العقيدي من الآخرين ينطق بالشقشقية وزيارة الجامعة الكبيرة وزيارة عاشوراء.. وهذا هو واقع العقيدة الشيعية.. وهذه هي هوية التشيع...
وحينما يكون في مقام بيان الموقف العملي فهو يداري عقول النّاس ونفوسهم ويحتاط للمجتمع الإسلامي من كيد المنافقين والكفار والمشركين، فيجلس في داره ساكتا عن حقه خمسة وعشرين سنة.
ص: 6
فهو يقرر هناك الموقف العقيدي ويقرر هنا الموقف العملي من دون أن يتنازل عن شيء من عقائده ولا يفرط بالموقف العملي...
وبهذا نفهم بكلّ بساطة ما ورد عنهم (عليهم السلام) في الموقفين.
المؤلف (1)
هو الشيخ عزّ الدين أبو محمّد الحسن بن سليمان بن محمّد بن خالد العاملي الحلي.
ولربما كان عاملي الأصل حلي الموطن، كما جاء في «أعيان الشيعة» حيث قال: «نسبته بالعاملي وجدتها في مسودة الكتاب ولا أعلم من أين أخذتها، ولعل أصله كان عامليا توطن الحلة، ولم يوصف بالعاملي في أمل الآمل ولا في رياض العلماء..».
وفي أمل الآمل حذف من أجداده محمّد وصحف «الحلي» ب_«الحلبي».
يبدو أنّه كان حيّاً سنة 802 ه_ لأنّه كتب فيها إجازته للحموياني.
قال فيه صاحب أمل الآمل: فاضل فقيه.
وقال صاحب رياض العلماء: من أجلة تلامذة شيخنا الشهيد ويروي عنه وعن السيد بهاء الدين عليّ بن السيد عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني، وهو محدث جليل وفقيه نبيه، وقد وجدت بخط الشيخ محمّد بن عليّ بن حسن الجباعي تلميذ ابن فهد الحسن بن راشد قال في وصف هذا الشيخ الصالح العابد الزاهد عزّ الدين ما صورته: الشيخ حسن بن سليمان بن محمّد بن خالد الحلي، فاضل، فقيه، كان من أجلاء تلاميذ الشهيد الأول، ويروي عنه إجازة، وهو معاصر لأحمد بن فهد الحلي، وقد أجازه الشهيد إجازة طويلة..
ص: 7
1 - الشهيد محمّد بن مكي العاملي «الشهيد الأول» ويروي عنه إجازة بتاريخ 12 شعبان سنة 757 ه_.
2 - السيد بهاد الدين عليّ بن السيد عبد الكريم بن عبد الحميد الحسيني النيلي.
3 - الشيخ محمّد بن إبراهيم بن محسن المطار آبادي.
4 - رضي الدين علي.
1 - الشيخ حسين بن محمّد بن الحسن الحموياني وله إجازة من أستاذه هذه صورتها كما في روضات الجنات:
صورة إجازته للشيخ العالم الموفق عزّ الدين حسين بن محمّد بن الحسن الحموياني: «قرأ علي الجزء الأوّل والثاني من كتاب الخصال تصنيف الشيخ الفاضل السعيد المرحوم محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه الفقيه القمي من أوله إلى آخره، وأذنت له في روايته عنّي عن شيخي العالم الشهيد ولي آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أبي عبد اللّه محمّد بن مكي الشامي عن شيخه السيد عميد الدين عبد المطلب بن الأعرج الحسيني عن جدّه السيد فخر الدين أبي الحسن علي عن شيخه السيد عبد الحميد بن فخار عن السيد أبي علي فخار عن شيخه محمّد بن إدريس عن الحسين بن رطبة السوراوي عن الشيخ أبي علي الطوسي عن والده عن الشيخ المفيد محمّد بن النعمان عن الشيخ الصدوق محمّد بن بابويه فليروه عنّي لمن شاء كيف شاء بهذا الطريق وبغيره من طرقي إلى مصنفه نفعه اللّه بما كتب وقرأ ووفقه للعمل بما علم وأنا أطلب منه أن يدعو لي عند قراءته له ونشر علمه والإفادة به فقد روي في الحديث: «من دعا لأخيه المؤمن نودي من العرش لك مائة ألف ضعف».
ص: 8
وكتب عبد اللّه حسن بن سليمان بن محمّد في الثالث والعشرين من شهر محرم الحرام سنة 802 هجرية والحمد للّه وحده.
2 - السيد تاج الدين عبد الحميد بن أحمد بن علي الهاشمي الزيني يروي عنه إجازة.
1 - كتاب منتخب بصائر الدرجات أو مختصر بصائر الدرجات لسعيد بن عبد اللّه الأشعري القمي المعاصر للإمام الحسن العسكري (عليه السلام).
2 - كتاب الرجعة والرد على أهل البدعة.
3 - رسالة أحاديث الذر.
4 - رسالة تفضيل محمّد وآله (عليهم السلام) على الأنبياء والملائكة.
5 - كتاب المحتضر في إثبات حضور النبي والأئمّة (عليهم السلام) عند المحتضر (1).
قال المرحوم الآغا بزرك في الذريعة: 20 / 143 رقم 2308:
«كتاب المحتضر» في ذكر روايات دالة على حضور الإمام عند كلّ ميت في حال الاحتضار، للشيخ حسن بن سليمان الحلي، صاحب «مختصر البصائر»، رأيته عند حيدر محمّد خان الملقب بسردار خان بن نور محمّد خان نائب السلطنة الكابلي نزيل كرمنشاه، وينقل عنه الميرزا محمّد تقي المامقاني في كتابه «صحيفة الأبرار»، لكنه ذكر أنه مختصر منه بحذف الأسانيد، وموجود في خزانة الشيخ علي كاشف الغطاء.
ص: 9
أوله: ذكر الشيخ المفيد في المقالات ما حكايته القول في رؤية المحتضرين رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأمير المؤمنين (عليه السلام)، وبعد نقل كلامه ذكر إنكاره لرؤية البصر، ثمّ ذكر عذره للخوض في هذه المسألة، ثمّ ذكر أدلته والرد على الشيخ المفيد في ما أوله من أحاديث الباب، وبعد ذلك أورد أربع عشرة بابا في مناقب كلّ واحد من المعصومين وذكرهم مختصرا.
توجد نسخة منه في مكتبة مدرسة سبهسالار وذكر في فهرسها في «1 / 313» من كتب الحديث بعنوان «مناقب الأئمّة» بكلمة وقعت من المؤلف في آخر الكتاب وجزم بأنه غير الحسن بن سليمان بن محمّد بن خالد العاملي الحلي تلميذ الشهيد مع أن الكتاب معروف ومؤلفه أشهر حتّى أن الشيخ الحر ترجمه في «الأمل» بعنوان حسن بن سليمان بن خالد، فخالد من أجداده، وذكر نسبه في «الرياض» كما مر وصرح بوجود النسخة عنده، ونسخة منه عند السيد جلال المحدث بطهران بخط الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عبد اللّه بن فتح اللّه بن عبد الملك بن إسحاق، فرغ من الكتابة 12 رجب 919.
أقول: إن الكاتب هو وجيه الدين عبد اللّه بن علاء الدين بن فتح اللّه بن رضي الدين بن شمس الدين إسحاق بن عبد الملك بن محمّد بن محمّد بن فتحان الواعظ القمي المحتد الكاشاني المولد الذي يروي عند محمّد بن عليّ بن أبي جمهور، وهو طريقه السابع في أول العوالي.
وآخر أحاديث هذه النسخة ما رواه محمّد بن الحسن الصفّار في «بصائر الدرجات» عن محمّد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن أبي سلمة قال: قرأ رجل على أبي عبد اللّه (عليه السلام) حروفا من القرآن ليست على ما يقرؤنها فقال له: يا هذا كف عن هذه واقرأ كما يقرء هؤلاء.
وألحق بآخر النسخة حديث ذات القلاقل.
ص: 10
يبدو من كلام الآغا (رحمه اللّه) أنّ ثمّة نسخة أكثر تفصيلا، بيد أننا لم نعتمد نسخة خطيّة معينة وإنّما اعتمدنا الطبعة السابقة للكتاب المطبوعة في المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف.
وطبقنا ما نقله المصنف من مصدر ذكره بالاسم على ذلك المصدر وما لم ينص على اسمه لم نطبقه إلا ما خرجه عنه البحار ولم نعثر عليه في غيره حسب المصادر المتوفرة لدينا.
وكلّما قلنا «في المصدر كذا» أو «لا يوجد في المصدر كذا» فنقصد به المصدر المطبوع المتوفر لدينا ولا ندري فلربما كانت النسخة الواصلة بيد المؤلف أصحّ وأدقّ.
وكلّ ما وضعناه بين معقوفتين فهو من المصدر أو من البحار.
ثم إننا قمنا بتوثيق النصوص وتخريج الأحاديث ما استطعنا إلى ذلك سبيلا.
وعرضنا الآيات القرآنية الواردة في الكتاب على القرآن الكريم وأشرنا إلى مواضعها من كتاب اللّه العزيز.
وأضفنا على الكتاب عناوين مناسبة، فما كان عبارة من أصل الكتاب ميّزناه بالخط الغامق وما كان إضافة منا جعلناه بين معقوفتين.
وقمنا بترقيم الأحاديث والروايات بترقيم واحد من أول الكتاب إلى آخره.
وألحقنا الكتاب بفهارس للآيات والأحاديث الشريفة.
وأخيرا:
أتقدم بشكري لأخي الأستاذ الطيب الحاج محمّد صادق الكتبي حفظه اللّه ورعاه على ما بذله من اهتمام بالغ في سبيل طبع هذا الكتاب وتابع بكلّ عناية مراحل العمل فيه، وليس ذلك بجديد عليه، فقد ورث هذا الحظّ الوافر في نشر آثار آل محمّد من أبيه المرحوم الفقيد الشيخ كاظم الكتبي الذي ساهم بدور فاعل في نشر الكثير من تراثنا الثر، وأنقذ الكثير من مصنفات الشيعة الأطياب من الاندثار والضياع، وكانت الطبعة الأولى من هذا الكتاب على يديه المباركتين في النجف
ص: 11
الأشرف، فجزاه اللّه خير الجزاء على ما قدّم وجعله اللّه له نورا على الصراط يوم القيامة، فرحمه اللّه وحشره مع أمير المؤمنين والأئمّة المعصومين (عليهم السلام).
وأشكر ولدي السيد محمّد حسين أشرف - حفظه اللّه ورعاه - على ما بذله من جهد في إخراج الكتاب.
أسأل اللّه الرؤوف الرحيم أن يتقبل منا هذا القليل - على ما فيه - ويرفعه إلى سيدنا ومولانا وجدنا سيد الخلق أجمعين وأخيه سيد الأوصياء أمير المؤمنين وأمنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين والأئمّة المعصومين عليهم أفضل الصلوات أجمعين ويجعله لنا ولمن قرأه مؤمنا مسلما ذخرا يوم لا ينفع مال ولا بنون.
اللّهمّ عجّل لوليك الفرج والنصر والعافية وإجعلنا من أعوانه وأنصاره والمسلّمين له والمستشهدين بين يديه واغفر لنا ولوالدينا ومن ولدوا إنك أنت السميع العليم.
* * *
ص: 12
الحمد للّه ربّ العالمين وصلاته وسلامه على خيرة الخلق أجمعين محمّد وآله الميامين وبعد; فقد ذكر الشيخ السعيد المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي «رضوان اللّه عليه» في كتابه (المقالات) ما حكايته:
(القول في رؤية المحتضرين رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأميرالمؤمنين (عليه السلام) عند الوفاة:
هذا باب قد استقرّ وأجمع عليه أهل الإمامة، وتواتر الخبر به عن الصادقين من الأئمّة «صلوات اللّه عليهم» وقد جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام)) الخبر به، وأورد الشعر المشهور الذي يروى أنّ أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه وسلامه» قاله للحارث الهمداني (1) وهو:
يا حار همدان من يمت يرني***من مؤمن أو منافق قبلا
يعرفني شخصه وأعرفه***باسمه والكنى وما فعلا
وأنت يا حار إن تمت ترني***أسقيك ماءا تخاله عسلا
ص: 13
ثم قال - رحمه اللّه تعالى -: (غير أنّي أقول فيه أنّ معنى رؤية المحتضر لهما (عليهما السلام) هو العلم بثمرة ولايتهما، و (1) الشك فيهما والعداوة لهما، أو التقصير في حقهما (2) على اليقين بعلامات يجدها في نفسه [وأمارات ومشاهدة أحوال ومعاينة مدركات لا يرتاب معها بما ذكرناه] (3) دون رؤية البصر لأعيانهما (عليهما السلام) ومشاهدة النواظر لأجسادهما باتصال الشعاع. [وقد قال اللّه - عزّ وجلّ -: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (4)، وإنما أراد - جل شأنه - بالرؤية ههنا معرفة ثمرة الأعمال على اليقين الذي لا يشوبه ارتياب.
وقال: - سبحانه -: (مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ) (5) ولقاء اللّه - تعالى - هو لقاء جزائه على الأعمال، وعلى هذا القول محققوا النظر من الإماميّة، وقد خالفهم فيه جماعة من حشويتهم، وزعموا أنّ المحتضر يرى نبيه ووليه ببصره كما يشاهد المرئيات، وانهم يحضران مكانه ويجاورانه بأجسامهما في المكان] (6).
ثم قال (رحمه اللّه) في الكتاب أيضاً: (القول في رؤية المحتضر الملائكة (عليهم السلام):
والقول عندي في ذلك كالقول في رؤيته لرسول اللّه وأميرالمؤمنين «صلّى اللّه عليهما» وجائز أن يراهم ببصره بأن يزيد اللّه - تعالى - في شعاعه ما يدرك به أجسامهم الشفافة الرقيقة، ولا يجوز مثل ذلك في رسول اللّه وأميرالمؤمنين «صلوات اللّه عليهما وسلامه»، لاختلاف ما بين أجسامهم وأجسام الملائكة في التركيبات...) (7).
يقول عبد اللّه الحسن بن سليمان بن محمّد: عذري عند إخواني المؤمنين في ذكري
ص: 14
ولا سيما في شرحي لهذه المسألة أحاديث مروية عن أهل البيت (عليهم السلام) بطريق معتبر، والحديث الذي تجهل راويه لا يحتج بمثله عند أهل العلم والنظر.
فاعلم; هدانا اللّه - تعالى - لدينه وإيّاك، وأرشدنا إلى معرفة ما ظهر ونقل عن الأئمّة الإثنى عشر (عليهم السلام)، من أسرارهم الشريفة، وعلومهم اللطيفة المنيفة، التي خص بها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أخاه وجعله خازنا لها، وجعل الباب الذي يؤتى منه وصيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأورثها آله الطاهرين (عليهم السلام) فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم):
[1] أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها (1).
وهذا أمرٌ منه لساير اُمّته ليس فيه ترخّص ولا عنه بدّ.
[2] وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لكميل بن زياد: يا كميل! لا تأخذ إلّا عنا تكن منّا (2).
[3] وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: كلّ علم - أو قال: شيء - لم يخرج من هذا البيت فهو باطل (3)، وأشار بيده إلى بيته.
وهذا حق; لقوله عز اسمه: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (4) وهو عام لا
ص: 15
يجوز تخصيصه; لقوله - سبحانه -: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثمّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا ممّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (1) وفي الآية الشريفة بلاغ لمن (أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (2).
فنقول: الشيخ - رحمه اللّه تعالى - اعترف بالحديث وصدقه، لكنّه أوّله بمعنى: «علم المحتضر بثمرة ولايتهما والشك فيهما والعداوة لهما والتقصير في حقوقهما على اليقين بعلامات يجدها في نفسه دون رؤية البصر لأعيانهما (عليهما السلام) ومشاهدة النواظر لأجسادهما باتّصال الشعاع».
فيقال له: أهذا الذي أنكرت من رؤية البصر لأجسادهما بعينهما (عليهما السلام) وقلت: إنّه ليس المراد بل المراد العلم بثمرة ولايتهما أو عداوتهما، هل هو شيء استندت فيه إلى برهان من الكتاب أو السنّة يجب التسليم له والانقياد له والاعتماد عليه؟!
[4] كما روي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: من أخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال ومن أخذ دينه من الكتاب والسنّة زالت الجبال ولم يزل (3).
أو أخذته من غيرهما؟
فإذا وجدنا هذا التأويل لا يوافق الأخبار الواردة عنهم (عليهم السلام)، الصريحة الصحيحة، من أنّ الأموات يرون الأموات والأحياء بعد الموت، وكذلك الأحياء يرونهم حقيقة في اليقظة والنوم، ويرون أهاليهم وما يسرّهم فيهم وما يغمّهم.
ونذكر إن شاء اللّه - تعالى - بعض ما رويناه في هذا المعنى وأنّه حقيقة لا مجاز.
ص: 16
ومنعه (رحمه اللّه) من رؤيته لهما (عليهما السلام) بسبب عدم اتصال الشعاع جوابه أن يقال له:
هبك علمت أنّ شرط الرؤية في هذا العالم اتصال الشعاع من الرائي إلى المرئي، فمن أين لك أنّ هذا الحكم يجري بعد الموت في عالم البقاء؟! واللّه - سبحانه - يقول: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كلّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا) (1) ويقول: (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (2).
[5] وقد جاء في الحديث عنهم (عليهم السلام): لا تقدر عظمة اللّه - تعالى - على عقلك فتهلك (3); فقدرته - سبحانه - بلا كيف ولا يحيط بها العلم.
ولو سُئِلَ المنكر لرؤية المحتضر لهما «صلّى اللّه عليهما» عند موته عيانا:
هل يقدر اللّه - سبحانه - أن يري المحتضرين الحجج «صلوات اللّه عليهم» عند الممات وبعده كما أقدر النائم أن يرى من يراه في أبعد البلاد في حياة المرئي، وبعد موته، على صورته وقالبه الذي كان يعرفه به، وربما أكل معه وشرب وتحدثا بما قد يفيد العلم أو لا يقدر؟ لا سبيل إلى إنكار القدرة، فإذا جاز وقوعها فلا يجوز تأويله والعدول عن الظاهر من غير ضرورة ولا امتناع.
فأما الرواية في ذلك:
ص: 17
[6] فقد روي عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّه قال: من رآني فقد رآني فإنّي لا يتمثّل بي شيطان (1) ومن رأى أحداً من أوصيائي فقد رآه فإنّه لا يتمثّل بهم شيطان (2).
وهذا الحديث يعمّ في الحياة وبعد الممات وهو نصٌّ في الباب.
[7] وروى محمّد بن يعقوب في «الكافي» عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد، ومحمّد بن أبي عبد اللّه ومحمّد بن الحسن عن سهل بن زياد جميعاً عن الحسن بن العبّاس بن حريش عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام):
إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لأبي بكر يوماً: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (3) فأشهد أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) مات شهيدا، واللّه ليأتينّك فأيقن إذا جاءك، فإنّ الشيطان لا يتمثّل به (4)، فأخذ عليّ (عليه السلام) بيد أبي بكر فأراه النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا أبا بكر! آمن بعليٍّ وبأحد عشر من ولده إنهم مثلي إلّا النبوّة، وتب إلى اللّه ممّا في يدك فإنّه لا حقّ لك فيه، [قال:] ثمّ ذهب فلم ير (5).
[8] وروى الفضل بن شاذان في «كتاب القائم» عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته في حديث طويل يذكر فيه أنّ أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» خرج من الكوفة ومرّ حتّى أتى الغريين فجازه فلحقناه وهو مستلق على الأرض بجسده ليس تحته ثوب.
فقال له قنبر: يا أمير المؤمنين! ألا أبسط ثوبي تحتك؟ فقال (عليه السلام): لا، هل هي إلّا تربة مؤمن أو مزاحمته في مجلسه.
قال الأصبغ: فقلت: يا أمير المؤمنين! تربة مؤمن قد عرفناها كانت أو تكون فما مزاحمته في مجلسه؟
ص: 18
فقال (عليه السلام): يا بن نباته! لو كشف لكم لألفيتم (1) أرواح المؤمنين في هذا الظهر حلقاً يتزاورون ويتحدّثون، إنّ في هذا الظهر روح كلّ مؤمن وفي وادي (2) برهوت نسمة كلّ كافر (3).
ظهر من هذا الحديث فوائد جمّة; منها:
أنّه (عليه السلام) أخبر بأن هذه البقعة الشريفة به «صلوات اللّه عليه» تكون تربة يدفن بها المؤمنون، وقد وقع ذلك.
وأفاد أنه زاحم أرواح المؤمنين في ذلك الوقت وهو تصديق لما روي أن الأرواح خلقت قبل الأجسام بألفي عام (4).
وأنّ هناك مجتمعها التي لم تسكن الأبدان بعد، والتي خرجت منها تنتظر عودها إليها.
وأنّه لو كشف لنا كما قد كشف له لرأيناهم الآن هناك جلوسا حلقا يتحدّثون (5).
والحديث والاجتماع وأنهم حلق يدلّ على ما روي أن المؤمن إذا مات خلق اللّه له قالبا كقالبه الأوّل فيه يتعارفون، وسيأتي بيانه إن شاء اللّه.
وأفاد أيضاً أنّه لا يشذّ عن هذا المكان منها شاذّ بل هي أجمع هنا (6).
[9] وقد روي أنّ النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال لعلي (عليه السلام): ميعاد ما بيني وبينك وادي السلام (7)، وهذا المكان الشريف المشار إليه عند قبره (عليه السلام).
ص: 19
[10] وذكر الفضل بن شاذان في «كتاب القائم» أيضاً قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل عن محمّد بن سنان عن عمار بن مروان عن زيد الشحام عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال:
إنّ أرواح المؤمنين ترى (1) آل محمّد (عليهم السلام) في جبال رضوى، فتأكل من طعامهم، وتشرب من شرابهم، وتتحدّث معهم في مجالسهم حتّى يقوم قائمنا أهل البيت، فإذا قام قائمنا بعثهم اللّه - تعالى - وأقبلوا معه يلبون زمرا زمرا، فعند ذلك يرتاب المبطلون، ويضمحل المنتحلون، وينجو المقرّبون (2).
وهذا الحديث يدلّ على ما رويناه من القالب للروح بعد خروجها من الأوّل كما يدلّ عليه أكلهم وشربهم وحديثهم.
[11] وروى محمّد بن الحسن الصفّار في كتاب «بصائر الدرجات» عن محمّد بن عيسى عن عثمان ابن عيسى عمّن أخبره عن عباية الأسدي قال: دخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) وعنده رجل رثّ الهيئة، وأميرالمؤمنين (عليه السلام) مقبل عليه يكلّمه، فلمّا قام الرجل، قلت: يا أمير المؤمنين! من هذا الذي أشغلك عنا؟
قال (عليه السلام): هذا وصي عيسى (عليه السلام) (3)، (4).
[12] وروى محمّد بن عليّ بن بابويه بإسناده عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: من أحبّ لقاء اللّه - تعالى - أحب اللّه لقاءه، ومن كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه.
فقال أصحابه: هلكنا يا بن رسول اللّه فإنّا لا نحب الموت.
فقال (عليه السلام): ذاك عند معاينة رسول اللّه وأميرالمؤمنين «صلوات اللّه عليهما» عند الموت،
ص: 20
ما من ميّت يموت إلّا حضر عنده محمّد وعليّ «صلوات اللّه عليهما» فإذا رآهما المؤمن استبشر وسّر، فيقوم النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لينصرف.
فيقول: إلى أين وقد كنت أتمنّى أن أراكما؟ فيقول (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أتحبّ أن ترافقنا؟ فيقول: نعم.
فيوصي به ملك الموت ويخبره أنّه لهما محبّ، فهذا يحبّ لقاء اللّه ويحبّ اللّه لقاءه.
وأما عدوّهما فلا شيء أكره عليه وأبغض عنده من رؤيتهما فيعرف الملك أنه عدو لهما فهو يكره لقاء اللّه واللّه يكره لقاءه (1).
وهذا الحديث يصرح بحضور محمّد وعليّ «صلوات اللّه عليهما» عند كلّ ميّت ورؤية المؤمن لهما حقيقة لا مجازا.
[13] وروى الصدوق ابن بابويه بإسناده عن الصادق (عليه السلام) أنّ أمير المؤمنين علم أصحابه في مجلس واحد أربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه.
وقال (عليه السلام):... تمسّكوا بما أمركم اللّه به فما بين أحدكم وبين أن يغتبط ويرى ما يحبّ إلّا أن يحضره رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) (وما عند اللّه خير وأبقى) (2) فتأتيه البشارة من عند اللّه - عزّ وجلّ - وتقرّ عينه ويحبّ لقاء اللّه (3).
وهذا الحديث أيضاً فيه نص صريح بحضور النبي (صلّى اللّه عليه وآله) على الحقيقة ولا يجوز حمله على المجاز لعدم تعذّر الحقيقة هنا.
ص: 21
[14] وروى الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) في أماليه بإسناده عن يونس بن ظبيان قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) فقال: ما تقول النّاس في أرواح المؤمنين بعد موتهم؟
قلت: يقولون: في حواصل طير (1) خضر.
فقال: سبحان اللّه! المؤمن أكرم من ذلك على اللّه (2).
يا يونس (3); إذا كان ذلك أتاه رسول اللّه وعليّ وفاطمة والحسن والحسين «صلوات اللّه عليهم» ومعهم ملائكة اللّه المقرّبون (4)، فإن أنطق اللّه لسانه بالشهادة للّه (5) بالتوحيد وللنبي بالنبوّة ولأهل البيت بالولاية (6) شهد على ذلك رسول اللّه وعلي وفاطمة والحسن والحسين «صلوات اللّه عليهم» ومن حضر معهم من الملائكة (عليهم السلام)، فإذا قبضه اللّه (7) إليه صير تلك الروح إلى الجنّة في صورة كصورته [في الدنيا] فيأكلون ويشربون فإذا قدم عليهم القادم عرفهم بتلك الصورة التي كانت في الدنيا (8).
فقوله (عليه السلام): (إذا كان ذلك أتاه رسول اللّه وعليّ وفاطمة والحسن والحسين «صلوات اللّه عليهم» ومعهم ملائكة اللّه المقرّبون (عليهم السلام)، فإن أنطق اللّه لسانه بالشهادة للّه بالتوحيد، وللنبي بالنبوّة، ولأهل البيت بالولاية، شهد على ذلك رسول اللّه وعليّ وفاطمة والحسن والحسين ومن حضر معهم من الملائكة «صلوات اللّه عليهم أجمعين»)، صريح بحضورهم عنده على الحقيقة; لسماعهم قوله وشهادتهم على إقراره واعترافه دون المجاز، ولا يجوز العدول عن هذا الظاهر من الحديث وتأوّله بشيء لم يدلّ عليه الحديث ولا غيره من الأحاديث، ولو جاز هذا التأويل والعدول لجاز تأويل كلّ ما
ص: 22
جاء عنهم (عليهم السلام) من أسرارهم التي أمروا أهل ولايتهم باحتمالها وأن لا ينكروها لعدم احتمال عقولهم لها.
وقد روى الثقات عن النبي وآله «صلوات اللّه عليهم» بطرق كثيرة وعبارات مختلفة اللفظ متّفقة المعنى ومتغايرة في أنفسها وهو:
[15] حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبيّ مرسل أو عبدٌ امتحن اللّه قلبه للإيمان (1).
فغير الملك المقرب وغير النبيّ المرسل وغير العبد الممتحن لا يحتمله أي لا يصدق به قلبه ويؤمن به كما احتمله وصدقه وآمن به المذكورون أوّلًا; ولهذا كان من أركان الإيمان الرضا والتسليم، وهل يكلّف الإنسان بالتسليم لأهله وترك الاعتراض إلّا لشيء قد حصل منه نفرة القلوب؟!
وقد حكى اللّه - سبحانه وتعالى - ما جرى بين موسى والخضر (عليهما السلام) من كون موسى لم يقدر على احتمال ما أراه الخضر، هذا مع علمه بأنّ اللّه - سبحانه - أمره أن يتبعه ويتعلم منه ومع وعده إيّاه أنّه لا يعصي له أمرا بعد أن شرط عليه القبول والتسليم، فلمّا رأى ما لا يقبله عقله ولا يتمكّن من إحتماله أنكره عليه (2)، وهو نبي جليل المقدار، معصوم، أحد اُولي العزم، فما ظنّك فيمن دونه؟!.
فعلى هذا التقرير لا يجوز تأويل الحديث الذي تنكره العقول وتبادر إلى ردّه لجواز كونه من أسرارهم التي لا تحتمل، بل لا يجب على المكلف اعتقادها والتدين بها إلّا أن تكون قد جاء بها القرآن العزيز أو السنّة المتفق عليها عن آل محمّد (عليهم السلام) ويجب ردها إلى آل محمّد (عليهم السلام) وسؤالهم عنها والتسليم إليهم.
ص: 23
[16] وروي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: إنّما اُمر النّاس أن يعرفوا إمامهم ويردّوا إليه ويسلّموا له.
وإنّما للحصر.
قال اللّه - تعالى -: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (1).
[17] وقد روي عنهم (عليهم السلام) أنّ المعني بالمستنبط هم (رحمه اللّه) خاصّة (2).
فعلى هذا التقرير إذا مات في اللحظة الواحدة عدة أموات في أطراف الدنيا يجب الإقرار والاعتراف بحضورهم (عليهم السلام) عند كلّ واحد لوعدهم الصادق للمؤمن وإغاثته من كربه وتفرّج همّه والوصيّة فيه لملك الموت.
ولا يلتفت هنا إلى الوهم وضعف العقل ولا يقال: كيف يكون الجسم الواحد في الزمان الواحد يحضر الأماكن المتعدّدة؟!
فإذا عرض الشيطان للعاقل ذلك ردّه بقول اللّه - سبحانه - (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كلّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا) (3).
ص: 24
[18] وبما روي عنهم «صلوات اللّه عليهم» من قولهم: لا تقدّر عظمة اللّه على قدر عقلك فتهلك (1).
ونظر فيما حكى اللّه - تعالى - في كتابه العزيز في قصة آصف وإحضاره عرش بلقيس من مسيرة شهرين ذاهبا وآئبا في طبق جفن على جفن (2)، وهذا آصف وصي سليمان (عليه السلام) وكان عنده حرف من الاسم الأعظم فما ظنّك فيمن عنده اثنان وسبعون حرفا (3)؟!
[19] وروي عن الصادق (عليه السلام) أن نسبة علم آصف إلى علم آل محمّد «صلوات اللّه عليهم» كما تأخذ البعوضة على جناحها من البحر (4).
ص: 25
[20] وروى محمّد بن الحسن الصفّار بإسناده عن عبد المطّلب الجعفي قال: دخلت على الرضا (عليه السلام) ومعي صحيفة - أو قال: قرطاس - فيه عن جعفر بن محمّد (1) (عليهما السلام): إن الدنيا مثلت لصاحب هذا الأمر في مثل فلقة الجوزة.
فقال: يا أبا عمرة! ذا حقّ فانقله إلى آدم. (2)
وما يكون محمّد ولا عليّ ولا فاطمة ولا الحسن ولا الحسين «صلوات اللّه عليهم» بدون ملك الموت (عليه السلام) حين يقبض الأرواح المتفرّقة في مشارق الأرض ومغاربها في الوقت الواحد كما يأمر خالقها ومقدر آجالها، بل الحقّ اليقين أنّه أعظم شرفه بمحبته لهم وإقراره بولايتهم ومعرفته لحقهم، ولولا محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأهل بيته (عليهم السلام) ما خلق اللّه - سبحانه - من ملك ونبي وغيره (3)، هكذا جاء عنهم (عليهم السلام)، فالذي أقدر ملك الموت قادر أن يؤتي محمّداً وآله (عليهم السلام) من القدرة ما آتاه ويزيدهم من فضله.
[21] كما قال مولانا أبو الحسن عليّ بن محمّد الهادي (عليهما السلام) في الزيارة الجامعة: آتاكم اللّه ما لم يؤت أحداً من العالمين، طأطأ كلّ شريف لشرفكم، وبخع كلّ متكبر لطاعتكم، وذلّ كلّ جبار لعزتكم (4).
[22] ولهذا الوهم ومثله قال الصادق (عليه السلام): نجا المسلمون وهلك المتكلمون (5).
ص: 26
[23] وعنه (عليه السلام): هلك أصحاب الكلام إلا من أخذ عنّا (1).
[24] وروي عنه أيضاً أنّه قال لرجل من أصحابه حين جاء رجل من الشام لمناظرة أصحابه (عليه السلام): لو كنت متكلّما كلّمته.
فقال له: يا بن رسول اللّه! سمعتك تذمّ أهل الكلام وتقول: ويل لأهل الكلام يقولون: هذا ينقاد وهذا لا ينقاد وهذا نعقله وهذا لا نعقله.
فقال (عليه السلام): إنّما قلت: ويل لقوم تركوا قولي وأخذوا برأيهم (2).
قال اللّه - تعالى -: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كلّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) (3).
وقال - سبحانه -: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (4).
وقال اللّه - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
ص: 27
فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) (1).
[25] وروي عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: الردّ إلى اللّه الردّ إلى كتابه، والردّ إلى الرسول الردّ إلى سنّته (2).
والحافظ لسنته المبين لها هم الأوصياء الذين أوجب اللّه سؤالهم والردّ إليهم (3).
وقال - سبحانه -: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثمّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا ممّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (4).
[26] وقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها (5).
وهذا أمر يقتضي الوجوب.
[27] ولهذا المعنى قال الصادق (عليه السلام): كلّ شيء لا يخرج من هذا البيت فهو باطل (6) (أشار إلى بيته (عليه السلام)).
[28] وروى محمّد بن الحسن الصفّار عن السندي بن محمّد عن أبان بن عثمان عن عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول لرجل كان عنده من أهل
ص: 28
البصرة يقال له عثمان الأعمى، قال: إن الحسن البصري يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار.
فقال (عليه السلام): فهلك إذا مؤمن آل فرعون، ما زال العلم مكتوما منذ بعث اللّه نوحا فليذهب الحسن يمينا وشمالا، فواللّه ما يوجد العلم إلّا هاهنا (1).
محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) مدينة العلم وجامعه ومعدنه وعلي (عليه السلام) بابه الذي فتحه اللّه ورسوله وأباح الدخول للخلق إلى هذه المدينة والأخذ منها بهذا الباب; فمن دخل وأخذ بغيره سمي سارقاً (2).
[29] وروى محمّد بن يعقوب عن عدة من أصحابه عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر عن مثنّى عن زرارة قال: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فقام إليه (3) رجل من أهل الكوفة يسأله عن قول أمير المؤمنين (عليه السلام): سلوني عمّا شئتم، فواللّه (4) لا تسألوني عن شيء إلّا نبأتكم [به].
فقال (عليه السلام): إنّه ليس أحد عنده علم إلا بشيء (5) خرج من عند أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» فليذهب النّاس حيث شاؤوا فواللّه ليس الأمر إلّا من هاهنا; (وأشار إلى بيته (عليه السلام)) (6).
ويقرب من هذا المعنى قول مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام):
ص: 29
[30] ربّ عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه (1).
فهو عالم عند عامّة النّاس قد اتّفقوا عليه بالعلم، وهو عند اللّه وعند رسوله وعند أهل بيته «صلوات اللّه عليهم» قد قتله جهله; لأنّه لم يأخذ علمه عن الباب الذي فتحه اللّه ورسوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، وامتنا به على الخلق، وأذنا لهم بالدخول منه إلى خزانة العلم ومدينة الحكمة التي فيها حياة كلّ ميت، وغنى كلّ فقير، وعز كلّ ذليل، وبصر كلّ أعمى، وسمع كلّ أصمّ، بل أخذ علمه عن أفواه الرجال.
[31] وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: من أخذ دينه من أفواه الرجال أزالته الرجال ومن أخذ دينه عن الكتاب والسنّة زالت الجبال ولم يزل (2).
[32] وذم أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» قوما من العلماء فقال: ينقل بعضهم من فم بعض.
[33] وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: تمصون الثمار وتدعون النهر العظيم.
فقيل: وما النهر العظيم؟
فقال (عليه السلام): رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) (3).
ص: 30
وقال اللّه - سبحانه -: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) (1).
وقال - سبحانه -: (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا) (2).
ثم نرجع إلى البحث عن معاني حديث يونس بن ظبيان:
فقوله (عليه السلام): «فإذا قبضه اللّه إليه صيّر تلك الروح إلى الجنّة في صورة كصورته، فيأكلون ويشربون، وإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا».
صدق عليه السلام، فقد روى صاحب الاحتجاج عن الصادق (عليه السلام):
[34] إنّ الروح لا توصف بثقل ولا خفة وهي جسم رقيق قد البس قالباً كثيفاً فهي بمنزلة الريح في الزق فإذا نفخت فيه امتلأ الزقّ منها فلا يزيد في وزن الزقّ ولوجها ولا ينقصه خروجها، وكذلك الروح ليس لها وزن ولا ثقل (3).
فحينئذٍ لابدّ لها من قالب تقوم به ويقوم بها، ويأكل البدن ويشرب، فحياته بها وبملازمتها إيّاه، وبه تعرف وتقصد وتحدث، وبها يأمر وينهى ويثاب ويعاقب، وقد تفارقه ويلبسها اللّه - تعالى - غيره على ما تقتضيه حكمته، كما جاء في هذا الحديث وغيره: أنّ أرواح المؤمنين يأكلون ويشربون ويتحدّثون ويزورون أهاليهم (4)، وكلّ هذا يدلّ على ما قالوه (عليهم السلام) من الذي ينقلها اللّه إليه مثل قالبها الأوّل.
[35] وروى الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) في مصباحه في الزيارة الجامعة التي خرجت من الناحية المقدسة يزار بها كلّ إمام إذا حضر مشهده في
ص: 31
شهر رجب: الحمد للّه الذي أشهدنا مشهد أوليائه في رجب وأوجب علينا من حقّهم ما قد وجب.... إلى أن قال:
وأن يرجعني من حضرتكم خير مرجع إلى جناب ممرع وخفض عيش موسع ودعة ومهل إلى حين الأجل وخير مصير ومحلّ في النعيم الأوّل والعيش المقتبل ودوام الاُكُل وشرب الرحيق والسلسل وعل ونهل لا سأم منه ولا ملل ورحمة اللّه وبركاته وتحياته حتّى العود إلى حضرتكم والفوز في كرتكم والحشر في زمرتكم (1).
فعلم (عليه السلام) الزائر ما يسأل من بعد رجوعه إلى أهله ووطنه من طيب عيش وسعة ورزق ومهلة إلى حين حضور أجله.
ثم ما يسأل أن يكون انتقاله بعد موته إلى خير مصير ومحلّ من تنعّم وأكل وشرب من غير سأم ولا ملل إلى حين كرّته إلى الدنيا مع إمامه «صلوات اللّه عليه» وذلك ممّا أجمع عليه الإماميّة.
نقل الإجماع من الشيعة على هذه المسألة: الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان (2) (رضي اللّه عنه).
ونقل الإجماع أيضاً: السيّد المرتضى (3) (رضي اللّه عنه).
ص: 32
فقد نقلا إجماع الإماميّة على رجعة جماعة من المؤمنين من قبورهم بعد موتهم مع الإمام (عليه السلام) إذا ظهر.
[36] وذلك ما روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: ليس منّا من لم يؤمن برجعتنا ويقرّ بمتعتنا (1).
وخصّوا بإيجاب الخمس في أرباح التجارات والصناعات والزراعات (1).
وخصّوا باستحباب إتمام الصلوات للمسافر عند قبر النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وعند قبر الحسين (عليه السلام) (2).
وخصّوا بتعفير الجبين والجهر ب «بسم اللّه الرحمن الرحيم» (3)...
إلى غير ذلك من الخصوصيّات التي شرّفهم اللّه - تعالى - بها وميّزهم عن أبناء نوعهم في أوّل الخلق، وفي دار الدنيا ودار الآخرة، ممّا لا يحصيه إلّا المعطي الوهّاب - سبحانه وتعالى -.
وممّا يدلّ على صحّة ما قلناه; من أن المؤمن يأكل ويشرب ويتنعّم بعد موته وقبل بعثه
قوله - سبحانه -: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) (4).
ص: 34
[37] ما رواه محمّد بن الحسن الصفّار عن محمّد بن عيسى عن إبراهيم بن أبي البلاد عن عبيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال:
خرجت مع أبي (عليه السلام) إلى بعض أمواله فلمّا صرنا في الصحراء استقبله شيخ، فنزل إليه أبي وسلم عليه، فجعلت أسمعه وهو يقول: جعلت فداك، ثمّ تساءلا طويلا ثمّ ودعه وقام الشيخ وانصرف وأبي ينظر خلفه حتّى غاب شخصه عنه.
فقلت لأبي: من هذا الشيخ الذي سمعتك تعظمه في مسائلتك؟ قال: يا بني! هذا جدك الحسين (1) (عليه السلام).
[38] وما رواه عن محمّد بن عيسى عن إبراهيم بن أبي البلاد عن عبيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال: خرجت مع أبي (عليه السلام) إلى بعض أمواله، فلمّا برزنا إلى الصحراء استقبله شيخ أبيض الرأس واللحية، فسلم عليه فنزل إليه أبي، فجعلت أسمعه يقول له: جعلت فداك، ثمّ جلسا فتساءلا، طويلا ثمّ قام الشيخ وانصرف وودع وقام أبي ينظر في قفاه حتّى توارى عنه.
فقلت لأبي: من هذا الشيخ الذي سمعتك تقول له ما لم تقله لأحد؟ قال: هذا أبي (2).
[39] وما رواه عن الحسن بن عليّ بن فضّال عن أبيه عن العلا بن يحيى المكفوف عن محمّد بن أبي زياد عن عطيّة الأبزاري أنه قال: طاف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فإذا آدم (عليه السلام) بحذاء الركن اليماني فسلم عليه، ثمّ انتهى إلى الحجر فإذا نوح (عليه السلام) بحذائه، وهو رجل طويل، فسلّم عليه (3).
ص: 35
[40] فقد روى محمّد بن الحسن الصفّار عن الحسن بن علي عن العبّاس بن عامر عن أبان عن بشير النبّال عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: كنت خلف أبي وهو على بغلته فنظرت (1) فإذا رجل [شيخ] في عنقه سلسلة ورجل يتبعه، فقال لأبي (2): يا عليّ بن الحسين إسقني [إسقني]. فقال الرجل الذي خلفه وكأنه موكل به (3): لا تسقه لا سقاه اللّه، فإذا هو معاوية (4)، (5).
[41] وروى أبو الصخر عن أبيه عن جدّه أنّه كان مع الباقر (عليه السلام) بمنى وهو يرمي الحجار، فرمى وبقي في يده خمس حصيات، فرمى بإثنتين في ناحية من الجمرة وبثلاث في ناحية منها.
فقال له جدّي: جعلني اللّه فداك; لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعه أحد; إنّك رميت بحصياتك في العقبات ثمّ رميت بخمس بعد ذلك يمنة ويسرة.
فقال: نعم يا بن العم، إذا كان في كلّ موسم يخرج اللّه الفاسقين الناكثين غضين طريّين فيصلبان هاهنا لا يراهما إلا الإمام; فرميت الأوّل اثنتين والثاني ثلاثا; لأنّه أكفر وأظهر لعداوتنا، والأوّل أدهى وأمر (6).
ص: 36
[42] وروى مولانا الباقر عن أبيه (عليهما السلام) قال: صار جماعة من النّاس بعد الحسن إلى الحسين (عليهما السلام) فقالوا له: يا بن رسول اللّه! أعندك عجايب أبيك التي كان يريناها؟
فقال لهم: هل تعرفون أبي؟
قالوا: كلنا نعرفه.
فرفع لهم سترا كان على باب البيت ثمّ قال: انظروا في البيت.
فنظروا وقالوا: هذا أمير المؤمنين ونشهد أنك خليفة اللّه حقّاً (1).
هذا الحديث فيه نصّ صريح بأنّ جماعة رأوا أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاته عيانا بغير شكّ ولا شبهة وهو نصّ في الباب.
[43] وروى عبّاد بن سليمان عن أبيه عن عيثم بن أسلم عن معاوية بن عمار الدهني قال: دخل أبو بكر على علي (عليه السلام) فقال له: إن رسول اللّه لم يحدث إلينا في أمرك شيئاً بعد أيّام الولاية في الغدير وأنا أشهد أنّك مولاي مقر لك بذلك وقد سلمت عليك على عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بإمرة المؤمنين وأخبرنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّك وصيه ووارثه وخليفته في أهله ونسائه، وميراثه قد صار إليك، ولم يخبرنا أ نك خليفته من بعده في امته، ولا جرم لي فيما بيني وبينك، ولا ذنب لنا فيما بيننا وبين اللّه - تعالى -.
فقال له علي (عليه السلام): إن أريتك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حتّى يخبرك أنّي أولى بالأمر الذي أنت فيه منك ومن غيرك وأنك إن لم تنعزل عنه فقد خالفت اللّه ورسوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)؟!
قال: إن رأيته حتّى يخبرني ببعض هذا إكتفيت به.
قال: فتلقّاني إذا صليت المغرب حتّى اريكه.
فرجع إليه بعد المغرب، فأخذ بيده وأخرجه إلى مسجد قبا، فإذا هو برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) جالس في القبلة.
ص: 37
فقال: يا فلان! وثبت على مولاك علي وجلست مجلسه وهو مجلس النبوّة لا يستحقه غيره; لأنّه وصيي، فنبذت أمري وخالفت ما قلت لك فيه وتعرضت لسخط اللّه وسخطي، فانزع هذا السربال الذي تسربلته بغير حق، فما أنت من أهله وإلّا فموعدك النّار.
قال: فخرج مذعورا ليسلم الأمر إليه، وانطلق أمير المؤمنين (عليه السلام) فحدث سلمان بما جرى.
فقال له سلمان «رضوان اللّه عليه»: ليبدين هذا الحديث لصاحبه وليخبرنه بالخبر.
فضحك أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: أما إنه سيخبره وليمنعنّه إن هم بأن يفعل، لا واللّه لا يتركان ذلك حتّى يموتا.
قال: فلقي صاحبه وحدّثه بالحديث كله.
فقال له: ما أضعف رأيك وأخوف قلبك، أما تعلم أن ما أنت فيه الساعة من بعض سحر ابن أبي كبشة، أنسيت سحر بني هاشم، أقم على ما أنت عليه (1).
وهذا أيضاً يدلّ صريحا على أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أرى الأوّل النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بعد وفاته عيانا وعرّفه وكلّمه، فصحّ ما قلناه ولله الحمد.
[44] ومن كتاب جمعه السيّد المرحوم الحسن بن كبش الحسيني (رضي اللّه عنه) قال: روى محمّد بن محمّد بن النعمان يرفع الحديث إلى اُمّ سلمة قالت:
قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام): يا علي! إن اللّه - تبارك وتعالى - وهب لك حبّ المساكين... وساق الحديث إلى أن قال:
يا علي! إخوانك يفرحون في ثلاثة مواطن: عند خروج أنفسهم وأنا وأنت نشاهدهم، وعند المسألة في قبورهم، وعند العرض على الصراط (2).
ص: 38
[45] وروى محمّد بن عليّ بن بابويه بإسناده عن الصادق (عليه السلام) في الميّت تدمع عينه عند الموت.
فقال (عليه السلام): ذلك (1) عند معاينة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يرى (2) ما يسره [وما يحبه قال: ثمّ قال:]، أما ترى يرى الرجل ما يسرّه (3) فتدمع عينه ويضحك (4).
وقد جاء في الحديث أن الميّت يزور أهله في دار الدنيا المؤمن والكافر.
[46] فروى محمّد بن علي الصدوق في كتابه «من لا يحضره الفقيه» عن إسحاق بن عمار أنّه سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن المؤمن يزور أهله؟
قال: نعم.
قال: في كم؟
قال: على قدر فضائلهم; منهم من يزور [في] كلّ يوم، ومنهم من يزور [في] كلّ يومين، ومنهم من يزور [في] كلّ ثلاثة أيّام.
قال: و (5) رأيت في مجرى كلامه أنّه يقول: أدناهم جمعة.
فقال له: في أي ساعة؟
قال: عند زوال الشمس أو قبيل ذلك فيبعث اللّه - تعالى - ملكاً يريه ما يسرّ به ويستر عنه ما يكرهه، فيرى سرورا ويرجع إلى قرّة عين (6).
ص: 39
[47] وروى حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أن الكافر يزور أهله فيرى ما يكرهه ويستر عنه ما يحبّ (1).
[الحديث بين الخاتم (صلّى اللّه عليه وآله) وموسى (عليه السلام) في المعراج] [48] وروى محمّد بن عليّ بن بابويه في «كتاب من لا يحضره الفقيه» عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لمّا اُسري به أمره ربّه - تعالى - بخمسين صلاة، فمر على النبيّين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتّى انتهى إلى موسى بن عمران (عليه السلام)، فقال له (2): بأي شيء أمرك ربّك؟
فقال: بخمسين صلاة.
قال: سل ربّك التخفيف فإنّ اُمّتك لا تطيق ذلك.
فسأل ربّه، فحطّ عنه عشرا.
ثم مر بالنبيّين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتّى مرّ بموسى [بن عمران] (عليه السلام)، فقال: بأيّ شيء أمرك ربّك؟ [ف] قال: بأربعين صلاة.
[ف] قال: سل ربّك التخفيف فإنّ اُمّتك لا تطيق ذلك.
فسأل ربّه [عزّ وجلّ] فحطّ عنه عشراً.
ثم مرّ بالنبيّين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتّى مرّ بموسى [بن عمران] (عليه السلام) فقال له: بأيّ شيء أمرك ربّك؟ [ف] قال: بثلاثين صلاة.
[ف] قال: سل ربّك التخفيف فإنّ اُمّتك لا تطيق ذلك.
ص: 40
فسأل ربّه [عزّ وجلّ] فحطّ عنه عشراً.
ثم مر بالنبيّين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتّى مرّ بموسى [بن عمران] (عليه السلام) فقال له: بأيّ شيء أمرك ربّك؟ [ف] قال: بعشرين صلاة.
[ف] قال: فسل ربّك التخفيف فإن اُمّتك لا تطيق ذلك.
فسأل ربّه فحطّ عنه عشراً.
ثمّ مرّ بالنبيّين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتّى مرّ بموسى [بن عمران] (عليه السلام) فقال له: بأيّ شيء أمرك ربّك؟ [ف] قال: بعشر صلوات.
[ف] قال: فسل ربّك التخفيف فإنّ اُمّتك لا تطيق ذلك، فإني جئت إلى بني إسرائيل بما افترض اللّه - تعالى - عليهم فلم يأخذوا به ولم يقووا [عليه]، فسأل النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ربّه فخفف عنه فجعلها خمسا.
ثمّ مرّ بالنبيّين نبي نبي لا يسألونه عن شيء حتّى مرّ بموسى (عليه السلام) فقال له: بأيّ شيء أمرك ربّك؟ قال: بخمس صلوات.
قال: فسل (1) ربّك التخفيف فإنّ اُمّتك لا تطيق ذلك.
فقال النبي: إنّي لأستحي أن أعود إلى ربي، فجاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بخمس صلوات.
[وقال الصادق (عليه السلام): جزى اللّه موسى عنّا خيراً] (2).
وهذا الحديث الشريف يدلّ على مرور محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بالنبيّين «صلوات اللّه عليهم» مرّة بعد اخرى، فرآهم ورأوه، بدليل قول الصادق (عليه السلام): «لا يسألونه عن شيء»، ولو لم يرهم ولم يروه لم يقل: «لا يسألونه عن شيء».
ص: 41
وكذلك موسى (عليه السلام) رأى كلّ واحد منهما صاحبه، فسأله وأجابه، ولم تتعذّر الرؤية هنا بفقد الهواء بين الرائي والمرئي الذي ينفذ شعاع البصر (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون) (1).
وكان معراجه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وصعوده إلى الملأ الأعلى ببدنه الشريف، لا كما يقوله من لا يحتمل أمر آل محمّد «صلوات اللّه عليهم» لاستصعابه على عقله وضعفه عن حمله من تأويله بإسراء روحه الشريفة دون بدنه.
[49] يدلّ على ما قلناه من رفعه ببدنه الشريف ما روي أنّه جاء جبرئيل (عليه السلام) بالبراق من الجنّة، وهي دابة أكبر من الحمار وأصغر من البغل، ووصف يديها ورجليها وسرعة سيرها (2)،
وهذا يدلّ على ركوبه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ببدنه.
[50] وفي حديث آخر: أنّه جاءه بمحمل (3) جلس فيه، ذي حلق وسلاسل، وكلّما بلغ سماء زيد له في محمله سلاسل وحلقا (4).
وهذا يدلّ على أنّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عرج به ببدنه.
[51] وما روي: أنّه توضأ من «صاد» وهو نهر يخرج من ساق العرش، فغسل وجهه وغسل يمينه ثمّ غسل شماله ثمّ مسح رأسه ثمّ مسح رجليه (5)، وهو صريح فيما قلناه.
ص: 42
ثمّ وصف صلاته وقراءته بلسانه وركوعه وسجوده وانتصابه وطمأنينته، وهذا كلّه من فعل البدن وتعبّده (1).
[52] ثمّ ما روي: أنّه (عليه السلام) مرّ بعير لقريش في الليل وقد أصابه عطش ولهم ماء في وعاء، فشرب منه ودفق الباقي، وعرف قريش بكرة ما صنع بالماء، فعرفوه ولم ينكروه (2)، والعطش والشرب من توابع البدن.
[53] ثمّ صلاته (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بالملائكة والنبيّين عند البيت المعمور، وهو في السماء الرابعة ويسمّى أيضاً «الضراح»، وهو مقابل العرش ومقابل الكعبة، فلمّا صلّى وسلّم عن يمينه أرسل اللّه - سبحانه - ملكا يأمره (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا) (3) فالتفت إليهم وقال: يا معشر الأنبياء! بماذا بعثتم؟ أو قال: ارسلتم؟
فقالوا: بُعثنا - أو ارسلنا - بتوحيد اللّه ونبوّتك وولاية أهل بيتك (4).
فظهر بما روي وسطرناه أن المعراج كان ببدنه الشريف.
ويدلّ عليه أيضاً:
[54] ما روي من قول عيسى ابن مريم (عليهما السلام) فيما ذكره الرضا (عليه السلام) من قوله: إنّه لا يصعد إلى السماء إلّا من نزل منها، إلّا راكب الجمل فإنه يصعد وينزل (5).
ص: 43
[55] وروي أنّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عرج به مائة وعشرين مرّة (1).
وما يكون إدريس النبي (عليه السلام) بأرفع من نبيّنا محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فإن اللّه - سبحانه - يقول:( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) (2).
[56] وروي أنّه سأل ربّه أن يريه ملك الموت، فرفعه اللّه إليه حتّى جاوز السماء الرابعة فلقي ملك الموت، فلمّا رآه حرّك رأسه وقال: إن ربّي أمرني أن أقبض روحك في هذه الساعة، فقبض روحه بين الرابعة والخامسة (3)، وهذا صريح لرفعه ببدنه بقبض روحه.
فصحّ أن المعراج كان بالبدن والروح معا لا الروح وحدها، ولو كان معراجه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بروحه خاصّة دون بدنه لم يكن في المعراج به ثمّ خصوصية له دون غيره من المؤمنين.
[57] فقد روي عن مولانا أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» أن المؤمن إذا نام عُرج بروحه إلى اللّه - سبحانه - فيقبلها ويبارك عليها ثمّ يردها إلى بدنها إن كان أجلها لم يحضر بعثه مع امنائه من ملائكته (4).
وإعلم - هداك اللّه - أنّ لهذا المقام الشريف أصلا من عرفه لم ينكر المعراج البدني واستسهله ولم يتوغر على عقله فيقذفه وهو:
ص: 44
[58] ما روي عن الصادق (عليه السلام): إنّ اللّه خلق أرواحنا من عليين ولم يجعل لأحد ممّا خلقنا منه نصيباً، وخلق اللّه أبداننا من دون ذلك من طينة مخزونة مكنونة تحت العرش، وخلق أرواح شيعتنا ممّا خلق منه أبداننا ولم يجعل لأحد فيه نصيبا إلّا الأنبياء، وخلق أجسادهم من دون ذلك; ولهذا إنّ أرواحهم تهوي إلينا (1).
فعلى هذا أرواح الشيعة خلقت ممّا خلقت منه أبدان الأئمّة (عليهم السلام).
[59] فقد روى الصدوق محمّد بن بابويه بإسناده عن الصادق عن أبيه عن جدّه (عليهم السلام) أنّ أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» قال:.. لا ينام المسلم وهو جنب ولا ينام إلا على طهور، فإن لم يجد الماء فليتيمّم بالصعيد; فإن روح المؤمن ترفع إلى اللّه - تبارك وتعالى - فيقبلها ويبارك عليها، فإن كان أجلها قد حضر جعلها في مكنون رحمته (2)، وإن لم يكن أجلها قد حضر بعث بها مع امنائه من ملائكته فيردها (3) في جسدها (4).
فروح المؤمن التي هي قسيم جسد النبي والإمام «صلوات اللّه عليهما» يعرج بها في الدنيا، مع مجاورتها للبدن المتلوث بالذنوب والخطايا، إلى المحل الأعلى فكيف ببدن النبي والإمام المعصوم من كلّ خطأ وزلل مع مجاورته لروحه الشريفة التي خلقت من عليّين بغير مشارك ولا مماثل، لا سواء (ومن لم يجعل اللّه له نورا فماله من نور) (5).
ولهذا إنّ روح المؤمن شابهت بدن الحجّة (عليه السلام) من حيث أنّها لا يصيبها الكفر ولا الشكّ ولا العصيان في الاعتقاد، بل عارفة بالحقّ وأهل الحقّ، معصومة من الخطأ في الاعتقاد الذي هو عملها، قال اللّه - تعالى -: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) (6).
ص: 45
[60] روي عن الصادق (عليه السلام) أنّ الشيطان ليس له على شيعتنا سلطان (1) أن يضلهم عن اعتقاد الحقّ كما أن جسد الحجة ليس للشيطان عليه سبيل أن يوقعه في الخطايا والذنوب.
[61] كما قال أبو الحسن الهادي في الزيارة الجامعة: عصمكم اللّه من الزلل وآمنكم من الفتن وبرأكم من العيوب وائتمنكم على الغيوب.
ولهذا اتّصفت أبدانهم الشريفة بما لم تتّصف به أبدان سائر الخلق.
[62] كما روي عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّه يرى من خلفه كما يرى من بين يديه، وأنّه إذا مشى أثر قدمه الشريف في الحجر ولم يؤثّر في الرمل (2)، وأنّ الخلق بعد الموت تبلى أجسادهم وتصير ترباً وجسده «صلوات اللّه عليه» لا يبلى ولا يصير رميما، وأنّه إذا وقف في الشمس لا ظلّ له، وأنّ الإمام إذا مات لا يبقى في الأرض أكثر من ثلاثة أيّام ثمّ ينتقل إلى الجنّة مصاحبا للنبي، وإنما يزار (عليه السلام) في مكانه الذي تشرّف بدنه فيه، وهو (عليه السلام) يرى زوّاره ويسمع كلامهم ولا يخفى عليه شيء منهم، هكذا جاء في الأثر عنهم (عليهم السلام).
وكلّما ثبت من الفضل للنبي «صلوات اللّه عليه» ثبت مثله للوصي (عليه السلام) لقول النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) الذي صحّ عنه:
ص: 46
[63] ما خلق اللّه خلقاً أفضل منّي ولا أكرم عليه منّي، والفضل بعدي لك يا علي وللأئمّة من ولدك (1).
والبعديّة هنا لا في الزمان; فمرتبة الإمام في الفضل بعد مرتبة الرسول (عليه السلام) بغير فصل بينهما.
[64] ولهذا روي أنّ درجة أمير المؤمنين (عليه السلام) في الجنّة دون النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بدرجة كما جاء في حديث الوسيلة، ولا فاصل بينهما، والأئمّة (عليهم السلام) عن أيمانهم، والأنبياء والرسل دونهم على الدرجات هم والشيعة.
[65] وروي في الحديث عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: كلّما كان للرسول (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فلنا مثله إلا النبوّة والأزواج (2).
والاستثناء دليل العموم، فهم شركاؤه في كلّ ما رويناه له من الفضل، وما لم نروه، وما لم يصل علمه إلينا.
فمن عرف هذا العلم الشريف الذي جاء عنهم (عليهم السلام) لا يصعب عليه المعراج بالنبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بجسده الشريف (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) (3)، (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) (4).
[66] ما قد جاء في تفسير الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) أنّ المؤمن الموالي
ص: 47
لمحمّدٍ وآله الطيّبين و (1) المتّخذ لعليّ بعد محمّد إمامه الذي يحتذي مثاله، وسيّده الذي يصدّق أقواله، ويصوب أفعاله، ويطيعه بطاعة من يندبه من أطايب ذرّيّته لامور الدين وسياسته، إذا حضره من أمر اللّه ما لا يردّ، ونزل به من قضائه ما لا يصد، وحضره ملك الموت وأعوانه، وجد عند رأسه محمّداً رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) [سيد النبيّين] من جانب، ومن جانب آخر عليّاً سيد الوصيّين، وعند رجليه من جانب الحسن سبط سيّد النبيّين، ومن جانب آخر الحسين سيّد الشهداء أجمعين، وحواليهم (2) بعدهم خيار خواصّهم ومحبّيهم الذين هم سادات (3) هذه الاُمّة بعد ساداتهم من آل محمّد «صلوات اللّه عليهم»، ينظر (4) إليهم العليل المؤمن، فيخاطبهم بحيث يحجب اللّه صوته عن آذان حاضريه كما يحجب رؤيتنا أهل البيت ورؤية خواصنا عن عيونهم; ليكون إيمانهم بذلك أعظم ثوابا لشدة المحنة عليهم منه (5).
فيقول المؤمن: بأبي واُمّي أنت يا رسول اللّه ربّ العزة (6)! بأبي [أنت] وامي يا وصي رسول اللّه ربّ الرحمة (7)، بأبي وأمي أنتما (8) يا شبلي محمّد وضرغاميه وولديه وسبطيه، [و] يا سيدي شباب أهل الجنّة المقربين من الرحمة والرضوان.
مرحبا بكم معاشر خيار أصحاب محمّد وعليّ وولديه، ما كان أعظم شوقي إليكم و [ما] أشد سروري بكم الآن في لقائكم (9).
يا رسول اللّه! هذا ملك الموت قد حضرني ولا أشكّ في جلالتي في صدره لمكانك ومكان أخيك مني.
فيقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): كذلك هو.
ص: 48
ثمّ يقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) على ملك الموت فيقول: يا ملك الموت! إستوص بوصيّة اللّه في الإحسان إلى مولانا وخادمنا ومحبّنا ومؤثرنا.
فيقول ملك الموت: يا رسول اللّه! مره أن ينظر إلى ما [قد] أعد اللّه له في الجنان.
فيقول له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): انظر [إلى العلو].
فينظر في العلو إلى ما لا تحيط به الألباب ولا يأتي عليه العدد والحساب.
فيقول ملك الموت: كيف لا أرفق بمن ذلك ثوابه، وهذا محمّد وعترته زوّاره؟ يا رسول اللّه! لولا أن اللّه جعل الموت عقبة لا يصل إلى تلك الجنان إلا من قطعها لما تناولت روحه، لكن لخادمك ومحبّك هذا اُسوة بك وبسائر أنبياء اللّه ورسله وأوليائه الذين اُذيقوا الموت بحكم اللّه.
ثمّ يقول محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا ملك الموت! هاك أخانا قد سلّمناه إليك فاستوص به خيرا.
ثمّ يرتفع هو ومن معه إلى روض الجنان، وقد كشف الغطاء والحجاب لعين ذلك المؤمن العليل، فيراهم [المؤمن] هناك بعد ما كانوا حول فراشه.
فيقول: يا ملك الموت! الوحا الوحا تناول روحي ولا تبقني هنا، فلا صبر لي على محمّد وعترته (1)، ألحقني بهم.
فعند ذلك يتناول ملك الموت روحه فيسلها كما يسلّ الشعرة من الدقيق، وإن كنتم ترون أنّه في شدّة (2) فليس هو في شدة، بل هو في رخاء ولذة.
فإذا دخل (3) قبره وجد جماعتنا هناك، وإذا (4) جاء منكر ونكير قال أحدهما للآخر:
ص: 49
هذا محمّد وعليّ والحسن والحسين وخيار أصحابهم (1) بحضرة صاحبنا فلنتّضع لهم.
فيأتيان فيسلمان (2) على محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) سلاما منفردا، ثمّ يسلّمان على عليّ (عليه السلام) سلاما منفردا، ثمّ يسلمان على الحسن والحسين (عليهما السلام) [سلاما] يجمعانهما فيه، ثمّ يسلمان على سائر من معنا من أصحابنا.
ثم يقولان: قد علمنا يا رسول اللّه زيارتك في خاصتك لخادمك ومولاك، ولولا أن اللّه يريد إظهار فضله لمن بهذه الحضرة من أملاكه، ومن سمع من ملائكته (3)، لما سألناه، ولكن أمر اللّه لابدّ من امتثاله.
ثم يسألأنّه فيقولان: من ربّك؟
وما دينك؟
ومن نبيّك؟
ومن إمامك؟
وما قبلتك؟
ومن إخوانك؟
فيقول: اللّه ربّي، ومحمّد نبيّي، وعليّ وصيّ محمّد إمامي، والكعبة قبلتي، والمؤمنون الموالون لمحمّد وعليّ وأوليائهما والمعادون لأعدائهم إخواني، أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّداً عبده ورسوله، وأنّ أخاه عليّاً ولي اللّه، وأن من نصبهم للإمامة من أطايب عترته وخيار ذرّيّته الخلفاء والأئمّة ولاة الحقّ (4) والقائمون بالصّدق.
ص: 50
فيقولان (1): على هذا حييت، وعلى هذا متَّ، وعلى هذا بعثت (2) إن شاء اللّه، فستكون (3) مع من تتولّاه في دار كرامة اللّه ومستقرّ رحمته.
قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): وإن كان لأوليائنا معاديا ولأعدائنا موالياً [ولأضدادنا بألقابنا ملقّبا] فإذا جاءه ملك الموت ينزع روحه يمثل (4) اللّه - تعالى - لذلك الفاجر سادته الذين إتّخذهم من دون اللّه أربابا (5)، عليهم من أنواع العذاب ما يكاد نظره إليهم يهلكه، ولا يزال يصل إليه من حر عذابهم ما لا طاقة له به.
فيقول له ملك الموت: أيّها الفاجر الكافر! تركت أولياء اللّه - تعالى - إلى أعدائه؟ فاليوم لا يغنون عنك شيئاً،ً ولا تجد إلى المناص سبيلاً.
فيردّ عليه من العذاب ما لو قسم أدناه على أهل الدنيا لأهلكهم.
ثمّ إذا دُلي (6) في قبره رأى باباً من الجنّة مفتوحا إلى قبره يرى منه خيراتها (7)، فيقول له منكر ونكير: اُنظر ما حرمته من تلك الخيرات.
ثم يفتح له من (8) قبره باب من النار يدخل عليه منه عذابها.
فيقول: يا ربّ! لا تقم الساعة، يا ربّ! لا تقم الساعة (9).
[67] ومن التفسير أيضاً عنه (عليه السلام): ثمّ وصف الخاشعين فقال: (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ) (10) الذين يقدرون أنّهم يلقون ربّهم، اللقاء الذي هو أعظم كراماته لعباده وإنّما قال: (يَظُنُّونَ) لأنّهم لا يدرون بماذا يختم لهم والعاقبة مستورة عنهم (وَأَنَّهُمْ
ص: 51
إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) إلى كراماته ونعيم جناته; لإيمانهم وخشوعهم لا يعلمون ذلك يقينا; لأنّهم لا يؤمنون أن يغيّروا ويبدّلوا (1).
[68] قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة لا يتيقّن الوصول إلى رضوان اللّه حتّى يكون وقت نزوع (2) روحه وظهور ملك الموت له، وذلك أن ملك الموت يرد على المؤمن وهو في شدة علته، وعظيم ضيق صدره لما (3) يخلفه من أمواله، ولما هو عليه من اضطراب أحواله في معامليه وعياله، وقد بقيت في نفسه حسراتها فانقطع (4) دون أمانيه فلم ينلها.
فيقول له ملك الموت: مالك تجرع غصصك؟
فيقول: لاضطراب أحوالي واقتطاعك لي دون آمالي.
فيقول له ملك الموت: وهل يحزن عاقل من فقد درهم زائف واعتياض ألف ألف ضعف الدنيا؟
فيقول: لا. فيقول ملك الموت: انظر (5) فوقك.
فينظر فيرى درجات الجنان وقصورها التي تقصر دونها الأماني.
فيقول ملك الموت: تلك منازلك ونعمك وأموالك وأهلك وعيالك ومن كان من أهلك هنا (6) وذرّيّتك صالحاً فهم هناك معك، أترضى (7) بهم بدلا عمّا هنالك (8)؟
فيقول: بلى واللّه.
ثم يقول: انظر، فينظر محمّداً وعليّاً والطيّبين من آلهما في أعلى علّيّين.
ص: 52
فيقول: أو تراهم هؤلاء ساداتك وأئمتك هم هناك جلساؤك (1) واُناسك أفما ترضى بهم بدلا عمّا تفارق هاهنا؟ فيقول: بلى وربي، فذلك ما قال اللّه - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثمّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا) (2) فأما ما أمامكم (3) من الأهوال فقد كفيتموها (وَلَا تَحْزَنُوا) على ما تخلفونه من الذراري والعيال، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منه (وَأَبْشِرُوا بِالجنّة الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (4) هذه منازلكم وهؤلاء ساداتكم واُناسكم وجلساؤكم (5)، (6).
فهذان الحديثان يصرحان برؤية المحتضر محمّداً وعليّاً (عليهما السلام) وغيرهما ليس للشكّ فيهما مجال.
وكيف يقع الشكّ في مثل هذه الأحاديث المجمع عليها التي يروونها عن الأئمّة «صلوات اللّه عليهم» جماعة علماء الإماميّة؟ لا يشكون ولا يرتابون في رؤية المحتضر لهم (عليهم السلام) حقيقة.
ولا يجوز حملها على المجاز وإلّا لجاز حمل كثير من الامور الشرعيّة المنقولة على هوى الأنفس والتجوّز وفيه التشريع.
وقوله (عليه السلام): وإنما قال: (يظنون) لأنّهم لا يدرون بماذا يختم لهم والعاقبة مستورة عنهم، ثمّ قال: لا يؤمنون أن يغيّروا ويبدلّوا.
ص: 53
قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لا يزال المؤمن خائفاً من سوء العاقبة لا يتيقّن الوصول إلى رضوان اللّه حتّى يكون وقت نزوع روحه وظهور ملك الموت له.
صدق النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وصدق آله الطاهرون، قال اللّه - سبحانه -: (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) (1).
[69] وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): الإيمان منه المستقر الثابت في القلوب، ومنه العواري بين القلوب والصدور (2).
فالمستقر لا يزول، والمستودع لابدّ من ارتجاعه ولو قبل خروج الروح بلحظة.
وأصل هذا الأمر ما روي عنهم «صلوات اللّه عليهم» في الحديث المشهور من أخذ العهد والميثاق على بني آدم في الذرّ حين قال اللّه - سبحانه - لهم:
(أَلَستُ بِرَبِّكُم) ومحمّد نبيّكم، وعلي إمامكم، والأئمّة من ذرّيّته أئمتكم؟
فمنهم من أقرّ بلسانه وقلبه، فذلك إيمانه مستقر به لا يموت إلّا على الإيمان وإن ظهر منه غيره أيّام حياته.
[70] وهو الذي قال مولانا زين العابدين (عليه السلام) في دعائه: فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها (5).
ومنهم من أقرّ بلسانه دون قلبه، فهذا إن ظهر على لسانه في الدنيا الإيمان وعلى جوارحه فهو مستودع مستعار، لا يموت حتّى يرجع إلى ما كان عليه أولا في الذر.
قال - سبحانه -: (فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) (6) إشارة إلى تكذيبه بقلبه يوم قال (ألست بربّكم) (7). هكذا روي معناه:
ص: 54
[71] وهو قول مولانا زين العابدين (عليه السلام): ومن كان من أهل الشقاق خذلته [لها] (1) لما لم يستحق في الحكمة أن يوفق لسبق عصيانه أوّلاً، وإن كان مخلى بينه وبين نفسه عقوبة لعصيانه وجزاءاً لفعله، (وَلَا يَظْلِمُ ربّك أَحَدًا) (2)، ومن خلى اللّه - تعالى - بينه وبين نفسه ضل عن سواء السبيل (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (3).
[72] ومن هذا المعنى قول أمير المؤمنين (عليه السلام): أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما (4).
ففي هذا الحديث إيماء وانتظار للخاتمة.
[73] ومن ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام): إذا كان لكم من أحد براءة فانتظروا به عند الموت، فعنده يقع أخذ البراءة (5).
[74] وقوله أيضاً: لا تأمنن على خير هذه الاُمّة عذاب اللّه لقوله - تعالى -: (فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (6) ولا تيأس لشر هذه الاُمّة من روح اللّه لقوله - تعالى -: (لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) (7)، (8).
وقد ذكر هذا المعنى روح اللّه عيسى بن مريم (عليه السلام).
[75] فروي أنّه قال يوماً للحواريّين: يا معاشر الحواريّين! بحق أقول: إنّ النّاس يقولون إنّ أصل البناء اسه وأنا أقول: إنّ أصل البناء خاتمته (9).
ص: 55
ومما يدلّ على رؤية الأحياء للأموات في دار الدنيا ورؤية الأموات للأحياء وإعانتهم للأحياء على ما ينوبهم من امور الدنيا
[76] ما رواه صاحب كتاب «الخرائج والجرائح» القطب الراوندي (رحمه اللّه) بإسناده إلى المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قلت له: يا بن رسول اللّه (1)! كيف كانت ولادة فاطمة (عليها السلام)؟
فقال (عليه السلام): إنّ خديجة لما تزوّجها النبي (2) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) هجرتها نسوة قريش فكنّ لا يدخلن منزلها (3) ولا يسلمن عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها [فاستوحشت خديجة لذلك، وكان جزعها وغمها حذرا عليه]، فلمّا حملت بفاطمة (عليها السلام) كانت [فاطمة] تحدّثها في (4) بطنها وتصبرها وتسكنها (5) و [كانت] تكتم ذلك عن (6) رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، فدخل عليها يوماً فسمع تحديث فاطمة (7).
فقال [لها]: يا خديجة! لمن (8) تحدثين؟
فقالت: للجنين (9) الذي في بطني فهو (10) يحدّثني ويؤنسني.
فقال: يا خديجة! هذا جبرئيل يبشّرني أنها (11) اُنثى، وأنّها النسل الطاهر الميمون (12)، وأنّ اللّه سيجعل نسلي منها، ويجعل (13) من نسلها أئمّة، ويجعلهم خلفاء في أرضه بعد انقضاء وحيه.
ص: 56
فلم تزل خديجة على ذلك إلى أن حضرت ولادتها، فوجهت إلى نساء قريش أن تعالين إلي (1) [لتلين منّي ما تلي النساء من النساء]، فأرسلن إليها: أنّك (2) عصيتينا ولم تقبلي قولنا وتزوّجت محمّداً [يتيم أبي طالب] فقيرا لا مال له، فلسنا نجيء إليك ولا نلي من امورك (3) شيئاً.
فاغتمت خديجة غما شديدا (4)، فبينما هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة طوال كأنهن من نساء بني هاشم، ففزعت منهن حين (5) رأتهن.
فقالت إحداهن: لا تخافي (6) ولا تحزني [خديجة] إنّا (7) رسل ربّك إليك، ونحن أخواتك: أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنّة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه اُمّ البشر اُمّنا حوّاء (8)، بعثنا اللّه إليك لنلي من أمرك (9) ما تلي النساء من النساء، ثمّ جلست (10) واحدة عن يمينها، واخرى (11) عن شمالها، والثالثة بين يديها، [من] خلفها، فوضعت فاطمة (عليها السلام) طاهرة مطهّرة، والرابعة فلمّا سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتّى دخل بيوت (12) مكة ولم يبق في مشرق الأرض ولا في مغربها بيت (13) إلّا أشرق من ذلك النّور، ودخل عليها (14) عشر من الحور العين بيد كلّ واحدة منهن (15) وإبريق من الجنّة وفي الإبريق ماء من الكوثر، فناولتها
ص: 57
الامرأة (1) التي كانت بين طست فغسلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشدّ بياضاً من اللبن [من الجنّة] يديها وأطيب ريحا من المسك والعنبر، فلفّتها بواحدة وقنعتها بالاخرى (2) ثمّ استنطقت فاطمة (3) (عليها السلام) فنطقت بالشهادة (4).
فقالت: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأنّ أبي محمّداً رسول اللّه، وأنّ بعليّ عليّاً سيد الأوصياء، وولدي سادة الأسباط، ثمّ سلمت عليهن وسمت كلّ واحدة باسمها، وأقبلن عليها (5) وتباشرت الحور [العين] بولادتها (6)، وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادتها (7)، ووجد (8) في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك.
ثم قالت (9) النسوة: خذيها يا خديجة [طاهرة، مباركة، زكية، ميمونة، بورك فيها وفي نسلها]،
فأخذتها (10) فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها، فكانت فاطمة (عليها السلام) تنمي في اليوم كما ينمي المولود في الشهر، وتنمي في الشهر كما ينمي المولود في السنّة (11).
وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إنّ فاطمة (عليها السلام) مكثت بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) خمسة وسبعين يوماً، وكان قد (12) دخلها حزن شديد [على أبيها]، وكان جبرئيل (عليه السلام) يأتيها ويطيب نفسها، تسمع صوته ولا ترى شخصه (13)، [و] يخبرها عن أبيها بمكانه، ويخبرها عمّا يكون بعدها (14) في ذرّيّتها، وكان علي (عليه السلام) يكتب ذلك (15).
ص: 58
وهذان الحديثان يدلّان بنزول هؤلاء النسوة التي متن وخرجن من الدنيا، ثمّ أعادهنّ اللّه - سبحانه - إلى الدنيا ورأتهنّ واحدة من أهل الدنيا، وتولّين ما أمرهنّ اللّه بتوليته منها، ولم تتعذّر رؤية خديجة لهن لعدم اتصال الشعاع كما قاله (رحمه اللّه) في تعذّر رؤية المحتضر لمحمّد وعليّ «صلوات اللّه عليهما» عند الموت لأنّه إذا صح وثبت أنه - سبحانه - أحضر عند خديجة النسوة الأربع اللاتي قد متن وخرجن من الدنيا ورأتهنّ وكلّمتهنّ وتولّين من أمرها ما تولّين، فليثبت ذلك فيمن هو أفضل منهنّ إذا رآه بعض شيعته ومحبيه، وقد أجمعت الإماميّة عليه.
وما تأوله (رحمه اللّه) خلاف الظاهر من الأحاديث، ولا يجوز العدول عن الحقيقة إلى المجاز إلّا مع تعذّر الحقيقة، وليست الحقيقة هنا متعذرة لقوله - تعالى -: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كلّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا) (1) ولمّا تقدّم من الأحاديث الصحيحة.
وقوله (رحمه اللّه): «والقول عندي في رؤية المحتضر للملائكة كالقول في رؤيته لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ولأمير المؤمنين» أي لا يجوز أن يرى المحتضر الملائكة ببصره كما لا يجوز أن يرى محمّداً وعليّاً (عليهما السلام) ببصره ما تقدّم فيه قوله.
ثمّ جوّز (رحمه اللّه) رؤيته للملائكة بأن يزيد اللّه في شعاعه ما يدرك به أجسامهم الشفافة الرقيقة.
ثمّ قال (رحمه اللّه): ولا يجوز مثل ذلك في رسول اللّه وأميرالمؤمنين «صلوات اللّه عليهما» لاختلاف ما بين أجسامهما وأجسام الملائكة في التركيبات.
ص: 59
فنقول: أمّا قوله (رحمه اللّه): والقول عندي في رؤية المحتضر للملائكة كالقول في رؤيته لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأميرالمؤمنين (عليه السلام) الخ.
فقد أجبنا عنه بما سهل اللّه، واستدللنا على جواز وقوعه بتواتر الأحاديث الصحيحة عنهم (عليهم السلام) من أنه كائن لابدّ منه، ولا مدفع عنه بغير شكّ حقيقة لا مجازاً.
وأمّا قوله (رحمه اللّه) فيما بعد بتجويز رؤية المحتضر للملائكة، فالحقّ ذلك لأن في نوع الإنسان من يرى الملك في الدنيا، وهم طائفة من الأنبياء، كما قد روي أنّ من الأنبياء من يرى الملك، ومنهم من يسمع الصوت، ومنهم من يرى في المنام (1)، فصح رؤية جانب من بني آدم في دار الدنيا للملائكة، فلا يتعذّر حينئذٍ رؤية المحتضرين لهم في وقت مخصوص، كما يشاء اللّه، عند الموت وفي القبر ويوم البعث من القبور وكل نفس معها سائق وشهيد، وفي الجنّة وهم (يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كلّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (2)، وفي النار قالوا: (يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا ربّك) (3).
فأما تعليله (رحمه اللّه) جواز رؤيته للملك بأن يزيد اللّه في شعاعه ما يدرك به أجسامهم الشفافة الرقيقة فليس بشرط في الرؤية وجوازها; لأّن قوّة بصر الإنسان وزيادة شعاعه لا يوجب له رؤية الملك، فربّ قوي البصر لا يرى الملك، وربّ ضعيف
ص: 60
البصر يراه كما يشاء اللّه، فإن قدرة اللّه لا تقدر على عقل ولا يدركها وهم، لأنّها نفس الذات المقدسة، وهي لا يحيط بها علم، وإنما هو أمر اللّه - سبحانه - (إِذَا أَرَادَ شيئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (1)، (لَا يُسْأَلُ عمّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) (2) فقوة الأنبياء والمحتضرين على رؤية الملائكة ليست بقوة جسمانية يفهمها الإنسان ويحيط علمه بها، بل هو أمر اللّه لا يعلل ولا يأول، بل يجب التسليم فيه لأهل الذكر (عليهم السلام).
[77] فقد قال الصادق (عليه السلام): إنّما امر النّاس بمعرفة إمامهم والردّ إليه والتسليم له (3).
وأمّا قوله (رحمه اللّه): ولا يجوز مثل ذلك في رسول اللّه وأميرالمؤمنين (عليهما السلام) لاختلاف ما بين أجسامهما وأجسام الملائكة في التركيبات.
فهذا الفرق الذي ذكره (رحمه اللّه) لا يصلح للتعليل; لما تقدّم في حديث يونس عن الصادق (عليه السلام)، وهو أنّ الإنسان إذا مات صير اللّه روحه في قالب كقالبه الأول، فبه يعرف ويأكل ويشرب ويجالس ويتحدّث، فلو ساغ الحكم هنا بالعقل دون النقل عن أهل الذكر «صلوات اللّه عليهم» لرجحنا رؤية المحتضر لمحمّد وعليّ (عليهما السلام) على رؤية الملك; لحديث يونس والقالب للروح وأن اللّه - سبحانه - يسلكها فيه إلى يوم البعث.
فعلى هذا صار الآدمي أولى بالرؤية من الملك; لكنّا نقول كما قال - سبحانه وتعالى -: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (4).
وقال - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (5).
وقال - تعالى -: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) (6).
ص: 61
وهذا الأمر والحكم عام في كلّ شيء ذي أجل لا يجوز أن يستثنى منه شيء بعد معرفة اللّه بالعقول والرسول والإمام (عليهما السلام)، ولا يجوز أخذ العلم إلّا من الباب الذي فتحه اللّه لمدينة العلم وخزانته.
قال اللّه - تعالى -: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (1).
وقال - تعالى -: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (2) والمستنبطون هم الحجج (عليهم السلام) لا غيرهم كما روي عنهم (عليهم السلام).
[78] ومن كتاب الأمالي للشيخ أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) روى بإسناده في الكتاب عن الحارث الهمداني قال: دخلت على أمير المؤمنين [عليّ بن أبي طالب] (عليه السلام) فقال: ما جاء بك؟.
فقلت: حبّك يا أمير المؤمنين (3).
فقال: يا حارث! أتحبّني؟
[ف] قلت: نعم [واللّه] يا أمير المؤمنين.
فقال (4): أما لو بلغت نفسك الحلقوم لرأيتني (5) حيث تحب، [و] لو رأيتني وأنا أذود الرجل (6) عن الحوض ذود غريبة الإبل لرأيتني حيث تحبّ، ولو رأيتني وأنا مار على الصراط بلواء الحمد بين يدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لرأيتني حيث تحب (7).
[79] ومن كتاب «كشف الغمّة» لعليّ بن عيسى أبي الفتح (رحمه اللّه) قيل: دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين (عليه السلام) في نفر من الشيعة.
ص: 62
قال الأصبغ بن نباته: وكنت ممّن (1) دخل، فجعل الحارث يتأود في مشيته ويخبط الأرض بمحجنه وكان مريضا، فأقبل عليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وكانت له منه منزلة.
فقال: كيف تجدك يا حار؟ قال: نال الدهر منّي يا أمير المؤمنين وزادني أوارا وغليلا إختصام أصحابك ببابك.
فقال (2) (عليه السلام): وفيم خصومتهم؟
قال: في شأنك، والبلية من قبلك; فمن مفرط غال، ومبغض قال، ومن متردّد مرتاب لا يدري أيقدم أم يحجم؟
قال: فحسبك يا أخا همدان [- أي كفاك هذا القول -]، ألا خير شيعتنا النمط الأوسط; إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق التالي.
قال: لو كشفت - فداك أبي وامّي - الرين عن قلوبنا وجعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا.
فقال (3) (عليه السلام): قدك فإنك امرء ملبوس عليك، إنّ دين اللّه لا يعرف بالرجال بل بآية الحقّ [والآية العلامة] فاعرف الحقّ تعرف أهله.
يا حار! إنّ الحقّ أحسن الحديث، والصادع به (4) مجاهد، وبالحقّ أخبرك، فارعني سمعك، ثمّ خبر به من كانت له حصاة من أصحابك. ألا إنّي عبد اللّه وأخو رسوله وصديقه الأوّل; صدقته وآدم بين الروح والجسد، ثمّ إنّي صديقه الأوّل في اُمّتكم حقّاً; فنحن الأولون، ونحن الآخرون، ألا وأنّا خاصّته - يا حار - وخالصته وصنوه ووصيّه ووليّه وصاحب نجواه وسرّه، اوتيت فهم الكتاب وفصل الخطاب وعلم القرون والأسباب، واستودعت ألف مفتاح يفتح كلّ مفتاح ألف باب، يفضي كلّ باب إلى ألف ألف عهد، وايدت - أو قال: وامددت - بليلة القدر نفلا، وإنّ ذلك ليجري لي ولمن استحفظ من ذريتي ما جرى الليل والنهار حتّى يرث اللّه الأرض ومن عليها.
ص: 63
يا حار! ليعرفني - والذي فلق الحبة وبرىء النسمة - وليّي وعدوّي في مواطن شتّى، ليعرفني عند الممات وعند الصراط وعند المقاسمة.
قال: وما المقاسمة يا مولاي؟
[ف_] قال لي (عليه السلام): مقاسمة النّار; أقسمها قسمة صحيحة (1)، أقول: هذا وليّي وهذا عدوّي.
ثمّ أخذ أمير المؤمنين (عليه السلام) بيد الحارث وقال: يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بيدي (2) وقال لي - وقد شكوت إليه حسد قريش (3) والمنافقين لي -: إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل أو حجزة [يعني: عصمة] من ذي العرش - تعالى - وأخذت أنت يا علي بحجزتي، وأخذت (4) ذرّيّتك بحجزتك، وأخذت (5) شيعتكم بحجزكم، فماذا يصنع اللّه - تعالى - بنبيّه؟ وماذا (6) يصنع نبيه بوصيّه؟ وماذا يصنع وصيه بأهل بيته وشيعتهم (7)؟ خذها إليك يا حار قصيرة من طويلة، أنت مع من أحببت ولك ما اكتسب - أو قال: ما اخترت (8) -. قالها ثلاثا.
فقام الحارث يجرّ ردائه جذلا ويقول (9): ما اُبالي وربّي بعد هذا لقيت (10) الموت أو لقيني.
[80] قال جميل بن صالح: وقد روى ذلك السيّد الحميري في كلمته له:
ص: 64
قول علي لحارث عجب***كم ثمّ اعجوبة له حملا (1)
يا حار همدان من يمت يرني***من مؤمن أو منافق قبلا
يعرفني طرفه وأعرفه***بنعته واسمه وما فعلا
وأنت عند الصراط تعرفني***فلا تخف عثرة ولا زللا
أسقيك من بارد على ظمأ***تخاله في الحلاوة العسلا
أقول للنار حين تعرض للعر***ض دعيه لا تقربي الرجلا
دعيه لا تقربيه إن له**حبلا بحبل الوصيّ متّصلا (2)
[81] وقال الصادق (عليه السلام): إجعلوا لنا ربا نؤب إليه وقولوا فينا ما شئتم (3).
وممّا يدلّ على تفضيل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) على سائر الأنبياء والرسل من جهة التكليف بالصلاة والأمر بها فإذا ثبت ذلك للنبيّ ثبت للوصي وذرّيّته «صلوات اللّه عليهم أجمعين»
[82] ومن كتاب «علل الشرايع» لمحمّد بن عليّ بن بابويه (رحمه اللّه) بإسناده إلى هشام بن الحكم قال:
سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن علّة الصلاة فإن فيها مشغلة للناس عن حوائجهم ومتعبة لهم في أبدانهم؟
فقال (4) (عليه السلام): فيها علل; وذلك أن النّاس لو تركوا بغير تنبيه ولا تذكّر لرسول اللّه (5) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بأكثر من الخبر الأوّل وبقاء الكتاب في أيديهم فقط لكانوا على ما كان
ص: 65
عليه الأوّلون فإنّهم قد كانوا اتّخذوا دينا ووضعوا كتابا ودعوا اُناساً إلى ما هم عليه وتولوهم على ذلك (1)، فدرس أمرهم وذهب حين ذهبوا، فأراد اللّه - تعالى - أن لا ينسيهم أمر محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ففرض عليهم الصلاة يذكرونه في كلّ يوم خمس مرات ينادون باسمه ويتعبدون (2) بالصلاة وذكر اللّه - سبحانه - كيلا (3) يغفلوا عنه فينسونه ويدرس (4) ذكره (5).
فأعلم مولانا الصادق (عليه السلام) أنّ علّة الأمر بالصلاة لئلا يدرس ذكر محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وينسى كغيره من الأنبياء بعد موتهم; إذ في نسيان ذكر محمّد «صلوات اللّه عليه» وتركه وعدم الاهتمام بذكره وطاعته وأمره وعدم (6) الوفاء بالعهد والميثاق المأخوذ على سائر الخلق.
[83] وروى الصدوق (رحمه اللّه) في كتاب «التوحيد» بإسناده عن داود الرقي قال:
سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن قول اللّه - عزّ وجلّ -: (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) (7).
فقال [لي]: ما يقولون في ذلك؟ قلت: يقولون: إن العرش كان على الماء والرب فوقه.
فقال (عليه السلام): كذبوا من يزعم هذا فقد صيّر اللّه - تعالى - محمولا ووصفه بصفة المخلوق وألزمه (8) أن الشيء الذي يحمله أقوى منه.
قلت: بيّن لي جعلت فداك.
فقال: إنّ اللّه - عزّ وجلّ - حمل دينه وعلمه (9) الماء قبل أن تكون أرض أو سماء أو جن أو إنس أو شمس أو قمر، فلمّا أراد أن يخلق الخلق نثرهم بين يديه فقال لهم:
ص: 66
من ربّكم؟ فكان أول من نطق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأميرالمؤمنين والأئمّة «صلوات اللّه عليهم أجمعين»، فقالوا: أنت ربّنا، فحملهم العلم والدين.
ثم قال للملائكة: هؤلاء حملة علمي وديني وامنائي في خلقي وهم المسؤولون.
ثم قيل لبني آدم: أقروا للّه بالربوبيّة ولهؤلاء النفر بالطاعة.
فقالوا: نعم ربّنا أقررنا.
فقال للملائكة اشهدوا. فقالوا: شهدنا; لئلا يقولوا غدا (إنَّا كُنَّا عَن هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا) (1) الآية (2).
يا داود! ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق (3).
ويجب الوفاء بالعقود، قال اللّه - تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (4) ولا عقد ألزم للعباد ممّا أخذ اللّه عليهم لنفسه ولرسوله ولأهل بيته (عليهم السلام) في ذلك المقام العظيم.
[84] وقد جاء في الحديث عن الصادق (عليه السلام): كلّ ظاهر في الكتاب له باطن، وهما حقّ يجب العمل بهما والتصديق لمن جاء بهما، فظاهر الكتاب ما عرف من الكتاب والسنّة، والصلاة الباطنة هي معرفة محمّد وأهل بيته «صلّى اللّه وسلم عليهم» إذ لولا معرفتهم والإقرار بفضلهم والصلاة عليهم لم تصح الصلاة ولم تقبل، إذ هي فرع مبني على أصل، ولا يصح الفرع من دون الأصل (5).
ص: 67
[85] وقد قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لعلي (عليه السلام): حربك حربي وسلمك سلمي (1).
وقال - سبحانه -: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) (2)
فإذا ثبت أنّ وليّهم وليّ اللّه وعدوّهم عدوّ اللّه.
وكما وجبت الصلاة عليهم وجب اللعن لعدوّهم إذ محمّد وآله (عليهم السلام) وعدوّهم متقابلان فمهما ثبت لمحمّد وآله من الفضل والكمال فلعدوّهم مقابله من النقص والانفصال.
ولمحمّد واله السبق إلى الإقرار لما قال - سبحانه -: (ألست بربكم) ومحمّد نبيّكم وعلي إمامكم والأئمّة من ولده أئمّتكم؟ بقول: بلى.
ولعدوّهم الإنكار هناك وعدم التصديق بالقلب الذي هو محلّ الإيمان والكفر والشك.
ولمحمّد وآله السبق إلى دخول النار، فكان أول من دخل النار محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وتبعه علي (عليه السلام) وتبعه الذرية الطاهرة وتبعتهم شيعتهم، فكانوا بطاعتهم هم (السابقون السابقون أولئك المقرّبون).
ولعدوّهم في ذلك الامتحان السبق إلى معصية اللّه والتأخّر عن طاعته وعدم قبول أمره حيث امتنعوا عن دخول النّار وخالفوا أمره.
ص: 68
ولمحمّد وآله أعلى درجات الجنان.
ولعدوّهم أسفل دركات النيران.
ومحمّد وآله أهل العلم وخزانه ومعدنه.
وعدوّهم أهل الجهل وموضعه.
وقد قال اللّه - تعالى -: (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (1).
[86] وقال الصادق (عليه السلام): نحن الذين نعلم وعدوّنا الذين لا يعلمون (2).
واللّه - سبحانه - أمر سائر خلقه بالصلاة على محمّد تأسيّاً به - تعالى - وتشبّها بملائكته (عليهم السلام)، فقال - تعالى -: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (3) وقد تقدّم أنّ الصلاة لا تقبل ولا ترفع حتّى يصلّى على أهله.
وأمر - سبحانه - بلعن أعداء آل محمّد في كتابه حيث يقول: (أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (4) والألف واللام للجنس، ولا أحد من الخلق أظلم ممّن أنكر فضل محمّد وفضل أهل بيته، وقدم عدوّهم عليهم، وأثبت له مقامهم الذي جعله اللّه لهم، وجحد العهد والميثاق الذي أخذه اللّه - تعالى - على سائر العباد لهم، وأنكر وجوب طاعتهم، واللّه - سبحانه - يقول: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (5).
ص: 69
واُولوا الأمر الذي قال اللّه - سبحانه -: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ) (1) وهم علي وأهل بيته الأحد عشر «صلوات اللّه عليهم» كما تقدّم.
قال اللّه: (مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا) (2).
[87] وقد روي عن الصادق (عليه السلام): إن الآيات في باطن القرآن هم آل محمّد (عليهم السلام).
فلا أظلم ممّن كذّب بفضل آل محمّد وأنكر إمامتهم وولايتهم، فإن اللّه - تعالى - قد لعن أعداء آل محمّد في كتابه، والرسول مقتد بربه، والعترة الطاهرة مقتدية بالرسول، وشيعتهم مقتدون بهم.
[88] وروي عن الصادق (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة جاءت شيعتنا آخذين بحجزتنا، وجئنا آخذين بحجزة نبيّنا، وجاء نبيّنا آخذ بحجزة اللّه، فإلى أين مصيرنا؟ إلى الجنّة واللّه (3).
[89] وقد روي: أن الحجزة النّور (4).
[90] وفي رواية اخرى: الحجزة الطاعة (5).
والحجزة في اللغة مشدّ الوسط (6) وإنما مثل به (عليه السلام) هنا مجازا; لأن من تمسك
ص: 70
بمشدّ الوسط من آخر لا يكاد يفترق عنه ولا يتخلّص منه، فهو أينما راح تبعه وبلغ ما يريد في ملازمته من حاجته.
وقال اللّه - تعالى -: (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا) (1).
وقال - تعالى -: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (2).
فيجب اللعن لأعداء آل محمّد (عليهم السلام) تأسيا بآل محمّد المتأسّين بمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) المتأسّي باللّه - تعالى -.
وقد أمر - سبحانه - خلقه باللعن لأهله بقوله: (أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (3) فإن لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر أي إلعنوهم كما ألعنهم وتأسوا بي كما تقدم في قوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) (4) أمرهم أن يفعلوا كما يفعل - سبحانه - وتفعل ملائكته.
والكتاب مشحون باللعن لمن تدبره.
[91] وقد روى العلماء أنّ النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) رأى يوماً أبا سفيان راكباً ومعاوية وأخاه قائداً وسائقاً، فلعن «صلوات اللّه عليه» الراكب والقائد والسائق (5).
[92] وروي عنه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّه لعن يوماً آل فلان.
فقيل: يا رسول اللّه! إنّ فيهم فلانا وهو مؤمن.
فقال: إنّ اللعنة لا تصيب مؤمنا (6).
[93] وقد روي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قنت في صلاته بقوله: اللّهمّ العن صنمي قريش... الخ.
ص: 71
[94] واشتهر عنه (عليه السلام) أنه كان مداوماً على لعن معاوية (1).
[95] وقد روى الشيخ أبو جعفر الطوسي (رحمه اللّه) في كتاب التهذيب عن الصادق (عليه السلام) أنّه كان يلعن عقيب الفرائض أربعة من الرجال وأربعا من النساء ويسمّيهم بأسمائهم (2).
[96] وروى يونس عن صباح بن صبيح عن زرارة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في قول اللّه عزّوجلّ: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) (3) قال: من ذكر فلانا وفلانا فلعنهما كلّ غداة كتب اللّه له - عزّ وجلّ - سبعين حسنة، ومحا عنه عشر سيّئات، ورفع له عشر درجات (4).
[97] وروى محمّد بن علي الصدوق (رحمه اللّه) في كتاب «معاني الأخبار» بإسناد ذكره عن أنس بن مالك قال: كنت عند عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) في الشهر الذي اصيب فيه، وهو شهر رمضان، فدعا ابنه الحسن (عليه السلام) ثمّ قال له (5): يا أبا محمّد! إعل المنبر فاحمد اللّه كثيراً واثن عليه واذكر جدك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بأحسن الذكر وقل: لعن اللّه ولداً عق أبويه - ثلاثاً (6) -، لعن اللّه عبداً أبق من مواليه، لعن اللّه غنما ضلت عن الراعي، وانزل.
ص: 72
فلمّا فرغ من خطبته ونزل اجتمع إليه النّاس فقالوا: يا بن رسول اللّه! أنبئنا (1).
فقال لهم (2): الجواب عند أمير المؤمنين (عليه السلام).
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): كنت مع النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في صلاة صلّاها، فضرب بيده اليمنى إلى يدي اليمنى فاجتذبها وضمّها (3) إلى صدره ضمّاً شديداً ثمّ قال [لي]: يا عليّ! قلت: لبّيك يا رسول اللّه.
قال: أنا وأنت أبوا هذه الاُمّة فلعن اللّه من عنّا، قل: آمين.
فقلت: آمين.
[ثم] قال: و (4) أنا وأنت موليا هذه الاُمّة فلعن اللّه من أبق عنّا، قل: آمين.
فقلت: آمين.
قال: وأنا وأنت راعيا هذه الاُمّة فلعن اللّه من ضلّ عنّا، قل: آمين.
فقلت (5): آمين.
قال علي (6) (عليه السلام): وسمعت قائلين يقولون (7) معي: آمين، فقلت: يا رسول اللّه! [و] من القائلان معي آمين؟
فقال (8) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): جبرئيل وميكائيل (9).
وهذا الباب أشهر من أن يخفى في الكتاب والسنّة على لسان الرسول وأهل بيته (عليهم السلام) فتجب الطاعة للّه والتأسّي به - تعالى - والمتابعة للّه ولرسوله والأئمّة (عليهم السلام).
ص: 73
[98] قال الصادق (عليه السلام): لا يكون المؤمن مؤمناً حتّى يكون فيه سنّة من ربّه، وسنّة من نبيّه، وسنّة من وليّه، وسنّة من ذرّيّتهم (1).
وهذا يدلّ على الأمر بالاستنان باللّه وبرسوله وبوصيه وبآله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، فثبت وجوب البراءة من أعداء آل محمّد واللعن لهم كما ثبت وجوب الصلاة على محمّد وآله (عليهم السلام).
فأمّا كيفيّة الصلاة على محمّد وآل محمّد (عليهم السلام) فقد جاء فيها عبارات كثيرة لا تكاد تحصى:
[99] منها ما روي عنهم: إذا سمعتم (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) (2) إلى آخر الآية فقولوا: صلوات اللّه وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمّد وآله والسلام عليه وعليهم ورحمة اللّه وبركاته (3).
ص: 74
[100] ومنها ما تقدّم (1) عقيب صلاة الفجر والمغرب أن يتلو (إن اللّه وملائكته) الخ ويقول: اللّهمّ صلّ على محمّد وذرّيّته (2).
[101] ومنها ما جاء عقيب صلاة الصبح والظهر أن يقول: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم (3).
[102] ومنها عقيبهما أن يقول: اللّهمّ اجعل صلاتك وصلاة ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلقك على محمّد وأهله (4).
[103] ومنها ما جاء عقيب صلاة العصر من يوم الجمعة أن يقول: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وبارك على محمّد وآل محمّد، وارحم محمّداً وآل محمّد، وإرفع محمّداً وآل محمّد، الذين أذهبت عنهم الرجس وطهرتهم تطهيرا. ألف مرّة إن قدر وإلّا فمأة مرّة (5).
[104] ومنها ما جاء عقيب عصر الجمعة أن يقول سبع مرّات: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد الأوصياء المرضيّين بأفضل صلواتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة اللّه وبركاته (6).
[105] ومنها ما روي أنّه يقال مأة مرة: اللّهمّ صلّ على محمّد وأهل بيته الأئمّة
ص: 75
المعصومين بأفضل صلاتك، وبارك عليهم بأفضل بركاتك، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة اللّه وبركاته (1).
[106] ومنها ما رواه أبو الصباح عن الصادق (عليه السلام) قال: ألا اُعلّمك شيئاً يقي اللّه به وجهك عن حر جهنم؟ قال: قلت: بلى.
قال: قل بعد الفجر: اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، مائة مرّة، يقي اللّه به وجهك عن حرّ جهنّم (2).
[107] ومنها ما رواه محمّد بن عليّ الصدوق (رحمه اللّه) عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: وجدت في بعض الكتب - يعني كتب اللّه المنزلة -: من صلى على محمّد وآل محمّد كتب اللّه له مائة حسنة، ومن قال: صلّى اللّه على محمّد وأهل بيته كتب اللّه له ألف حسنة (3).
[108] ومنها ما روي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: تستحبّ الصلاة على محمّد وعليّ وآلهما.
[109] ومنها ما روى الصدوق أيضاً عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنّه قال: من قال في يوم مائة مرّة ربّ صلّ على محمّد وأهل بيته قضى اللّه له مائة حاجة، ثلاثون منها للدنيا [وسبعون منها للآخرة] (4).
وقد جاء عنهم (عليهم السلام) الأمر برفع الصوت بالصلاة على محمّد وآله «صلوات اللّه عليهم».
[110] روى عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إرفعوا أصواتكم بالصلاة علي فإنها تذهب بالنفاق (5).
ص: 76
وآله (عليهم السلام) لا ينفكّون عنه كما تقدّم.
وهذا بحر ليس له ساحل، وطريق ليس له آخر، ولا يحيط بعلمه إلّا اللّه والراسخون في العلم «صلوات اللّه عليهم» خزنة علمه، وأبواب حكمته، وتراجمة وحيه، ومؤيّدو بريّته في علمهم وعملهم وحسابهم وجنّتهم ونارهم.
[111] وقد روي عن مولانا أبي الحسن عليّ بن الحسين (عليه السلام) أنّه كان يوماً يصلّي فسقط طرف ردائه عن كتفه فلم يسوه حتّى فرغ من صلاته.
فقال له رجل: ألا عدّلت رداءك؟
فقال له: يا هذا! أتدري بين يدي من كنت واقفا، إنّ اللّه لا يقبل من العبد من صلاته إلّا ما أقبل عليه فيها.
فقال الرجل: إذاً هلكنا.
فقال (عليه السلام): كلّا إنّ اللّه متمّم لكم ذلك بالنوافل (1).
فالنوافل الراتبة تتمة الفرايض اليوميّة، فما كان فيها من نقص تجبره وتتمّه.
[112] وقد روي عن الصادق (عليه السلام): إنّ اللّه يستحي أن يقبل من العبد أقل من ثلث عمله.
ولهذا كانت النوافل اليوميّة بقدر الفرض مرتين، وكذا الصوم الواجب بشهر رمضان، والمؤكد منه في السنّة شهر شعبان والثلاثة أيّام في كلّ شهر، تكون في العشرة أشهر ثلاثين يوماً، فيكون مقدار السنّة بقدر الفرض مرّتين; فإذا صلى العبد المؤمن الفرائض وأضاف إليها النوافل الراتبة تمّت صلاته وقضى عقيب صلاته على محمّد وآل محمّد (عليهم السلام) قريبا من ضعفين آخرين.
فالحمد للّه على ما من علينا بمحمّد وآل محمّد وبمعرفتهم ومعرفة فضلهم الذي أتاهموه ربّ العباد، وخصّهم به دون من سواهم; إذ هم لا يقاس بهم أحد من النّاس
ص: 77
ولا يساوي بهم ولا يفضل عليهم، ومن فضّل عليهم أحداً من خلق اللّه لم يعقد قلبه على معرفتهم المعرفة التي خصّهم اللّه بها، ولا عرف منزلتهم من مولاهم المعطي الوهّاب.
[113] يدلّ على ذلك قول النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا علي! ما عرف اللّه إلّا أنا وأنت، وما عرفني إلّا اللّه وأنت، وما عرفك إلّا اللّه وأنا (1).
وحكم الذرّيّة الصالحة الشريفة حكم أمير المؤمنين (عليه السلام) وحكم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لما تقدّم، فما عرف فضلهم إلّا اللّه، فهم خاصّة.
[114] ولما سألت الملائكة محمّداً (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حين عرج به عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا ملائكة ربّي! أتعرفوننا حقّ معرفتنا؟
قالوا: فلم لا نعرفكم يا رسول اللّه وأنتم أوّل خلق خلقه اللّه، خلقكم أشباح نور من نوره - تعالى ذكره - وجعل لكم مقاعد في ملكوته بتسبيح وتهليل وتكبير وتقديس وتمجيد، ثمّ خلق الملائكة، فلمّا خلقنا كنا نمر بأرواحكم فنسبح بتسبيحكم، ونحمد بتحميدكم، ونهلل بتهليلكم، ونكبر بتكبيركم، ونقدس بتقديسكم، ونمجد بتمجيدكم، فما نزل من عند اللّه فاليكم، وما صعد إلى اللّه فمن عندكم، إقرأ عليّاً منا السلام (2).
روي هذا الحديث عن أبي ذر (رضي اللّه عنه).
وإعلم أن الملائكة قالوا: ما وصل مقامهم إليه وعرفوه من فضل محمّد وعليّ وآلهما «صلوات اللّه عليهم أجمعين» وهو بنسبة الذي غاب عنهم يسير حقير.
[115] يدلّ عليه قولهم (عليهم السلام): إنّ أمرنا صعب مستصعب; لا يحتمله إلّا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان (3).
وفي هذا الحديث كفاية لمكتف، وعبرة لمعتبر، وما يعقلها إلّا العالمون.
ص: 78
قال - سبحانه -: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (1).
وقال - تعالى -: (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) (2) في غير موضع / فصحّ أنّ كلّ شيء من خلقه يسبح اللّه حقيقة لا مجازاً، كما قاله بعض المتكلمين، وتأوله على معنى: أنّ الخليقة تشهد لخالقها بخلقه إيّاها، لا أنّها تسبح أجمع حقيقة.
ويدلّ على بطلان هذا قوله - سبحانه - (وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ولو كان كما تأوله كان كلّ عاقل يفقهه.
وحديث الحسين بن علي (عليهما السلام) الذي ذكر فيه كلّ صنف يسبح بتسبيح غير تسبيح الصنف الآخر وبينه، فإنه كذلك يدلّ على ما قلناه، فإذا ثبت أن كلّ مسبِّح يسبّح اللّه ويحمده فهو بتعليم محمّد وعليّ وآلهما (عليهم السلام).
[116] روى ابن عبّاس عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في حديث طويل يقول فيه الرسول (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ثمّ خلق الملائكة فسبّحنا فسبحت الملائكة، وهللنا فهللت الملائكة، وكبّرنا فكبرت الملائكة، فكان ذلك من تعليمي وتعليم علي، وكان ذلك في علم اللّه السابق (3) أن تتعلم الملائكة منا التسبيح والتهليل والتكبير، وكلّ من سبّح اللّه وكبّره وهلّله فبتعليمي وتعليم عليّ... إلى آخره.
فقد ثبت في الكتاب أن كلّ شيء يسبّح اللّه ويذكره، وثبت في الحديث أنّه بتعليم محمّد وعليّ (عليهما السلام)، وتقدم أنّ اسم محمّد لا ينفكّ عن اسم اللّه، يذكر الرسول عند ذكر الرب - سبحانه -.
وثبت أنّ آل محمّد (عليهم السلام) يذكرون عند ذكر محمّد (4) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فلا يرفع عمل عند ترك
ص: 79
ذكرهم عند ذكره بل يصلي عليه وعليهم، فظهر أنّ كلّ شيء من خلق اللّه - تعالى - يذكر محمّداً وآله (عليهم السلام) إذا كان مطيعا ربّه - تعالى - ممتثلاً أمرهم مجتنبا معصيته.
[117] أنّ موسى بن عمران (عليه السلام) حكى اللّه - سبحانه - عنه فقال: (وَإِذْ نَادَى ربّك مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ) (1) إلى قوله: (فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) (2) فحكى خوفه من القتل والتكذيب، واعتذاره بضيق صدره وعدم انطلاق لسانه، وإرادته أن يكون المرسل هارون.
ومولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) لما قال له سيدنا الرسول الكريم على اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا علي! إنّ قريشا اجتمعوا أن يبيتوني وهم يريدون قتلي فهل لك أن تنام على فراشي وتفديني بنفسك؟
قال له: وتسلم يا رسول اللّه؟
قال: نعم.
فسر أمير المؤمنين (عليه السلام) واستبشر وقال: نعم - يا رسول اللّه - أفعل (3).
ولم يخف العدوّ والقتل، ولم يعتذر عليه بذلك، ولم يتوقّف ولم يتردّد، ولم يشر على النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أن يبيت على فراشه غيره، بل فداه بنفسه، وبذل مهجته لرضى ربّه، ولم يطلب سوى اللّه مونسا فيوحشته، ولا واقيا من عدوّه، ولم يطلب شريكا مسعدا له عليهم يشدّ به عضده ويقوي بأسه، بل رضي عن اللّه وعن رسوله، وسلم لقضاء اللّه وقدره.
[118] وقد جاء في الحديث: إنّ اللّه - سبحانه - قال في تلك الليلة لجبرئيل
ص: 80
وميكائيل (عليهما السلام): إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر فأيّكما يؤثر أخاه بتلك الزيادة؟ فسكتا.
فقال - سبحانه -: إهبطا إلى الأرض فاحفظا عليّاً حتّى يصبح فإنّه وقى محمّداً رسولي بنفسه وفداه بمهجته (1).
[119] ولما قال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): كيف صبرك - يا أبا الحسن - إذا فعلت بك قريش كذا وكذا، وعدّ عليه ما يلاقي بعده من كيدهم وشرهم ومكرهم وظلمهم إيّاه وغصبهم حقه.
قال: يا رسول اللّه! مع سلامة في ديني؟
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): مع سلامة في دينك.
قال: يا رسول اللّه! ليس هذا من مواطن الصبر والبلوى، بل من مواطن الرضا والبشرى (2).
فانظر - رحمك اللّه - إلى مقدار جلالة هذا الإمام وعلو درجته عند خالقه - تعالى - وتسليمه لقضاء ربّه - عزّ وجلّ - وقدره، لم يحزنه ما أخبره به الرسول الصادق (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عن ربّه، إذ هو ما ينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى:
من حكم عدوّه عليه.
وإستيثاره بخمسه، وحقّه وحقّ زوجته، وخلافته ومنصبه الذي جعله اللّه له وحرّمه على غيره.
ص: 81
وضرب سيّدة نساء العالمين، وإسقاطها محسناً، ثمّ وفاتها بسببه، وهي راغمة كاظمة ساخطة.
ثم قتل الاُمّة له وخضب لحيته بدم رأسه.
ثم قتل ولديه الحسن الحسين (عليهما السلام) زينتي عرش اللّه - تعالى -.
وسبي نسائه وحرمه.
وقتل أطفاله ورجاله وأهل بيته ومنعهم من شرب ماء الفرات حتّى قتلوا ومضوا بكربهم وعطشهم.
رضي الرسول (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) منه (عليه السلام) بالصبر عند إعلامه بهذه المحن والشدائد، فأجابه بالسرور والرضا، وبالحمد والشكر، ولم يطلب من اللّه الإعفاء، ولا سأل عن الرسول أن يسأل اللّه في كف الأذى دعوة منه، ولو سأل لاجيب، ولم يرهب المحن المخبر بها، ولا القتل والشهادة التي وعد بها، بل أظهر السرور والفرح والرضا بما يأتي به القضاء، بل تطلب سرعة الوقت وجعل يقول: «متى؟».
وكذلك ولده الحسين (عليه السلام) اخبر واعلم أنّه يقتل بأرض كربلا، فقصدها بحرمه وأطفاله ومن أحبّه من أهل بيته وخاصّته ورجاله وكتب إلى بني هاشم:
[120] ألا فمن لحق بنا استشهد ومن لم يلحق بنا لم يدرك الفتح والسلام (1).
وهذا إخبار منه (عليه السلام) بقتل أصحابه.
[121] ولمّا عوتب في أخذ حرمه معه أجاب بقوله: شاء اللّه أن يراهن سبايا (2).
[122] ولمّا جاءه الملائكة لينصروه لم يأذن لهم وقال: نحن أقدر منكم على هلاكهم.
ولم يظهر منه وهن ولا خوف ولا استكانة، بل الذي ظهر منه (عليه السلام) الشدة في قتالهم والسرور بلقاء ربّه - عزّ وجلّ - والتشجيع لأصحابه عند لقائهم عدوّهم، وأمره لهم بالصبر هنيئة حتّى يشربوا من حوض الرسول، وإنّما كان قوله لعدوه:
ص: 82
[123] هل من ذاب عن حرم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) (1).
لتأكيد الحجة على الاُمّة، ولتعريفهم ما جهلوا، وللاحتجاج عليهم يوم القيامة لئلّا يقولوا (إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) (2) وهذا شأن الأنبياء والرسل يحتجون على رعإيّاهم بما لا يقدرون على إنكاره ولا دفعه يوم لقائهم ربّهم - تعالى - يوم تشهد عليهم جوارحهم بما عملوا لما ينكرون أعمالهم ويتبرؤون منها، وكفى باللّه شهيداً وحسيباً ومكافياً ورقيباً.
[خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) في منصرفه من النهروان وقد بلغه أنّ معاوية يسبّه وهي آخر خطبة له (عليه السلام) على المنبر]
[124] من كتاب «معاني الأخبار» تصنيف محمّد بن بابويه (رحمه اللّه) قال:
حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني عن عبد العزيز بن يحيى بالبصرة قال:
حدّثني المغيرة بن محمّد عن رجال بن سلمة عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمّد بن علي (عليهما السلام) قال:
خطب أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب «صلوات اللّه عليه» بالكوفة في منصرفه من النهروان وقد (3) بلغه أنّ معاوية يسبه ويعيبه (4) ويقتل أصحابه، فقام خطيبا فحمد اللّه - عزّ وجلّ - وأثنى عليه وصلّى على رسول اللّه وذكر ما أنعم اللّه على نبيّه وعليه، ثمّ قال:
ص: 83
لولا آية في كتاب اللّه - تعالى - ما ذكرت ما أنا ذاكره في مقامي هذا، يقول اللّه - عزّ وجلّ -: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ ربّك فَحَدِّثْ) (1)، اللّهمّ لك الحمد على نعمك التي لا تحصى، وفضلك الذي لا ينسى.
يا أيّها النّاس! إنه بلغني ما بلغني، وأنه قد اقترب أجلي، وكأني بكم وقد جهلتم أمري، وإني تارك فيكم ما تركه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كتاب اللّه وعترتي، وهي عترة الهادي إلى النجاة خاتم الأنبياء وسيد النجباء والنبي المصطفى.
يا أيّها النّاس! لعلكم لا تسمعون قائلا بعدي يقول مثل قولي (2) إلا مفتريا:
أنا أخو رسول اللّه وابن عمه وسيف نقمته وعماد نصرته وبأسه وشدته.
أنا رحى جهنم الدائرة وأضراسها الطاحنة.
وأنا مؤتم البنين والبنات.
و (3) أنا قابض الأرواح، وبأس اللّه الذي لا يردّه عن [القوم] المجرمين.
أنا مجدل الأبطال، وقاتل الفرسان، ومبير من كفر بالرحمان، وصهر خير الأنام.
أنا سيد الأوصياء ووصي خير الأنبياء.
أنا باب مدينة العلم وخازن علم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ووارثه.
[و] أنا زوج البتول سيدة نساء العالمين فاطمة التقية [النقية] المهذّبة (4) الزكية [المبرة المهديّة] حبيبة حبيب اللّه وخيرة بناته وسلالته، وأبو ريحانتي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فهما (5) سبطاه خير الأسباط وولداي خير الأولاد.
فهل (6) أحد ينكر ما أقوله (7)؟
أين مسلمو أهل الكتاب؟
ص: 84
أنا اسمي في التوراة «بوي»، وفي الإنجيل «إليا»، وفي الزبور «أربى»، وعند الهند «كنكر» (1)، وعند الروم «بطريسا»، وعند الفرس «حبير» (2)، وعند الترك «ثبين» (3)، وعند الزنج «جبتر» (4)، وعند الحبشة «بتريل» (5)، وعند امي «حيدرة»، وعند ظئري «ميمون»، وعند العرب «علي»، وعند الأرمن «فريق»، وعند أبي «ظهير».
ألا وإني مخصوص في القرآن بأسماء إحذروا أن تغلبوا عليها فتضلّوا في دينكم:
يقول اللّه - تعالى -: (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) فأنا (6) ذلك الصادق.
ويقول: (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) (7) فأنا ذلك المؤذن في الدنيا والآخرة (8). ويقول (9): (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) (10) فأنا ذلك الأذان.
ويقول: (إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (11) فأنا ذلك المحسن (12).
ويقول: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ) (13) فأنا ذوالقلب (14).
ويقول: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) (15) فأنا الذاكر (16).
ص: 85
ويقول: (وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ) (1) فنحن أصحاب الأعراف، أنا وعمّي وأخي وابن عمّي، فواللّه فالق الحب والنوى، لا يلج النار لنا محب، ولا يدخل الجنّة لنا مبغض (2).
ويقول - تعالى -: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا) (3) فأنا الصهر (4).
ويقول: (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) (5) فأنا الاذن الواعية (6).
ويقول: (وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ) (7) فأنا السلم لرسول اللّه (8).
وأنا الذي من ولدي (9) «مهدي» هذه الاُمّة.
وأنا الذي جعلت ميزانا، فبحبّي امتحن اللّه المؤمنين وببغضي تعرفون المنافقين، فهذا (10) عهد النبي الاُمّي إلي: أنّه لا يحبك إلّا مؤمن ولا يبغضك إلّا منافق.
وأنا صاحب لواء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في الدنيا والآخرة، ورسول اللّه فرطي وأنا فرط شيعتي، واللّه لا حزن (11) محبّي ولا خاف موالي (12).
أنا ولي المؤمنين واللّه وليي، فحسب (13) محبّي أن يحبوا من (14) أحب اللّه وحسب مبغضي أن يبغضوا من (15) أحبّ اللّه.
ص: 86
ألا وإنّني قد بلغني أن معاوية يسبّني ويلعنني (1)، اللّهمّ اشدد وطأتك عليه وأنزل اللعنة على المستحقّ، آمين [يا] ربّ العالمين، ربّ إسماعيل وآل (2) إبراهيم، إنك حميد مجيد.
ثم نزل عن أعواده وما (3) عاد إليها حتّى قتله ابن ملجم، لعنه اللّه وأخزاه.
قوله «صلوات اللّه عليه» في هذه الخطبة: عند الهند «كنكر»: [و] هو الذي إذا أراد شيئاً لج فيه فلم (4) يفارقه حتّى يبلغه.
وقوله: وعند الروم «بطريسا»: هو مختلس الأرواح.
وقوله: وعند الفرس «حبير»: هو الباز الذي يصطاد.
وقوله: وعند الترك «ثبين»: هو النمر الذي إذا وضع شيء في مخلبه هتكه.
وقوله: وعند الزنج «جبتر»: هو الذي يقطع الأوصال.
وقوله: وعند الحبشة «بتريل»: هو المدبّر على كلّ شيء أتى عليه.
وقوله: وعند امي «حيدرة»، هو الحازم الرأي الخبير النقاب النظار في دقائق الأشياء (5).
وقوله: وعند ظئري «ميمون»:
[125] قال جابر: أخبرني محمّد بن علي (عليهما السلام) قال: كانت (6) ظئر علي (عليه السلام) التي
ص: 87
أرضعته امرأة من بني هلال، فخلفته في خباها (1) ومعه أخ [له] من الرضاعة، وكان أكبر منه سنّاً بسنّة إلّا أيّاماً، وكان عند الخباء قليب، فمر الصبي نحو القليب ونكس رأسه [فيه] فحبا عليّ (عليه السلام) خلفه فتعلّقت رجل عليّ (عليه السلام) بطنب الخبا (2) فجر الحبل حتّى أتى على أخيه، فتعلق بأحد (3) قدميه [وفرد يديه] وأخذ يده ورجله (4)، أمّا (5) اليد ففي فيه، وأمّا الرجل ففي يده، فجاءت اُمّه وأدركته (6) فنادت: يا للحي يا للحي من غلام ميمون أمسك على ولدي، فأخذوا الطفل (7) من [عند] رأس القليب وهم يعجبون من قوته على صباه [و] لتعلق رجله بالطنب وجره (8) للطفل حتّى أدركوه، فسمته اُمّه «ميمونا»، وسمّي الغلام الهلالي «معلق ميمون»، وعرف في بني هلال بهذا (9).
وقوله: وعند الأرمن «فريق»: هو الجسور الذي يهابه النّاس.
وقوله: وعند أبي «ظهير»، قيل (10): كان أبوه - أبو طالب - يجمع ولده وولد إخوته ثمّ يأمرهم بالصراع، فكان (11) علي (عليه السلام) يحسر عن ساعدين له غليظين قصيرين، وهو طفل، ثمّ يصارع كبار إخوته وبني عمومته (12) فيصرعهم فيقول أبوه: ظهر عليّ; فسمي (13) «ظهيراً» (14).
ص: 88
وممّا جاء في عمر بن الخطاب من أنّه كان منافقاً
[ما روي في فضل يوم التاسع من ربيع الأول]
[126] ما نقله الشيخ الفاضل عليّ بن مظاهر الواسطي عن محمّد بن العلا الهمداني الواسطي ويحيى بن جريح البغدادي قال (1):
ص: 89
ص: 90
ص: 91
ص: 92
تنازعنا في أمر ابن الخطّاب فاشتبه علينا أمره فقصدنا جميعاً أحمد بن إسحاق القمي صاحب العسكر (عليه السلام) بمدينة قم وقرعنا عليه الباب فخرجت إلينا من داره صبية عراقية، فسألناها عنه فقالت: هو مشغول بعياله; فإنه يوم عيد.
فقلنا: سبحان اللّه! الأعياد عند الشيعة أربعة: الأضحى والفطر ويوم الغدير ويوم الجمعة.
قالت: فإنّ أحمد يروي عن سيده أبي الحسن عليّ بن محمّد العسكري (عليه السلام) أنّ هذا اليوم يوم عيد وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت وعند مواليهم.
قلنا: فاستأذني لنا بالدخول عليه وعرفيه بمكاننا.
فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا، فخرج إلينا; وهو متّزر بمئزر له، محتضن لكسائه يمسح وجهه، فأنكرنا ذلك عليه، فقال: لا عليكما، فإني كنت اغتسلت للعيد.
قلنا: أو هذا يوم عيد؟ وكان ذلك اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل.
قال: نعم، ثمّ أدخلنا داره وأجلسنا على سرير له وقال: إنّي قصدت مولانا أبا الحسن العسكري (عليه السلام) مع جماعة من إخوتي بسر من رأى كما قصدتماني، فأستأذنا بالدخول عليه في هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول; وسيدنا قد أوعز إلى كلّ واحد من خدمه أن يلبس ماله من الثياب الجدد، وكان بين يديه مجمرة وهو يحرق العود بنفسه.
قلنا: بآبائنا أنت وأمهاتنا يا بن رسول اللّه! هل تجدد لأهل البيت فرح؟
فقال: وأيّ يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم، ولقد حدّثني أبي أنّ
ص: 93
حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل على جدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال:
فرأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين (عليهم السلام) يأكلون مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ورسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يتبسم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين (عليهما السلام):
كُلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم الذي يقبض اللّه فيه عدوّه وعدوّ جدّكما ويستجيب فيه دعاء أمكما.
كُلا فإنّه اليوم الذي فيه يقبل اللّه أعمال شيعتكما ومحبيكما كلا فإنه اليوم الذي يصدق فيه قول اللّه - تعالى -: (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا) (1).
كُلا فإنّه اليوم الذي تكسر فيه شوكة مبغض جدّكما.
كُلا فإنّه اليوم الذي يفقد فيه فرعون أهل بيتي وظالمهم وغاصب حقهم.
كُلا فإنّه اليوم الذي يعمد اللّه فيه إلى ما عملوا من عمل فيجعله هباء منثورا.
قال حذيفة: فقلت: يا رسول اللّه! وفي اُمّتك وأصحابك من ينتهك هذه الحرمة؟ فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا حذيفة! جبت من المنافقين يترأس عليهم، ويستعمل في أمّتي الرياء، ويدعوهم إلى نفسه، ويحمل على عاتقه درة الخزي، ويصد عن سبيل اللّه، ويحرف كتابه، ويغير سنّتي، ويشتمل على إرث ولدي، وينصب نفسه علما، ويتطاول علي من بعدي، ويستحلّ أموال اللّه من غير حله، وينفقها في غير طاعته، ويكذب أخي ووزيري، وينحي ابنتي عن حقها; فتدعو اللّه عليه ويستجيب دعائها في مثل هذا اليوم.
قال حذيفة: فقلت: يا رسول اللّه! فلم لا تدعو اللّه ربّك عليه ليهلكه في حياتك؟
ص: 94
فقال: يا حذيفة; لا أُحبّ أن أجترأ على قضاء اللّه - تعالى - لما قد سبق في علمه، لكني سألت اللّه أن يجعل اليوم الذي يقبض فيه له فضيلة على سائر الأيّام; ليكون ذلك سنة يستن بها أحبائي وشيعة أهل بيتي ومحبوهم.
فأوحى اللّه إلي - جل ذكره - أن: يا محمّد! كان في سابق علمي أن تمسك وأهل بيتك محن الدنيا وبلاؤها، وظلم المنافقين والغاصبين من عبادي، الذين نصحتهم وخانوك، ومحضتهم وغشوك، وصافيتهم وكاشحوك، وصدقتهم وكذبوك، وأنجيتهم وأسلموك، فأنا آليت بحولي وقوتي وسلطاني لأفتحنّ على روح من يغصب بعدك عليّاً حقّه ألف باب من النيران من أسفل الفيلوق، ولأصلينّه وأصحابه قعرا يشرف عليه إبليس فيلعنه، ولأجعلنّ ذلك المنافق عبرة في القيامة لفراعنة الأنبياء وأعداء الدين في المحشر، ولأحشرنهم وأوليائهم وجميع الظلمة والمنافقين إلى نار جهنم زرقا كالحين أذلة خزايا نادمين، ولأخلدنهم فيها أبد الآبدين.
يا محمّد! لن يرافقك وصيّك في منزلتك إلا بما يمسه من البلوى من فرعونه وغاصبه الذي يجترئ علي، ويبدل كلامي، ويشرك بي، ويصد النّاس عن سبيلي، وينصب نفسه عجلا لاُمّتك، ويكفر بي في عرشي.
إني قد أمرت سبع سماواتي لشيعتكم ومحبيكم أن يتعيدوا في هذا اليوم الذي أقبضه فيه إلي.
وأمرتهم أن ينصبوا كرسيّ كرامتي حذاء البيت المعمور ويثنوا علي ويستغفروا لشيعتكم ومحبيكم من ولد آدم.
وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلّهم ثلاثة أيّام (1)
ص: 95
ص: 96
من ذلك اليوم لا يكتبون شيئاً من خطإيّاهم كرامة لك ولوصيك.
يا محمّد! إني قد جعلت ذلك اليوم عيدا لك ولأهل بيتك ولمن تبعهم من شيعتهم، وآليت على نفسي بعزتي وجلالي وعلوي في مكاني لأحبون من يعيد في ذلك اليوم - محتسبا - ثواب الخافقين في أقربائه وذوي رحمه، ولأزيدن في ماله إن
ص: 97
وسع على نفسه وعياله فيه، ولأعتقن من النار من كلّ حول في مثل ذلك اليوم ألفا من مواليكم وشيعتكم، ولأجعلن سعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا وأعمالهم مقبولة.
قال حذيفة: ثمّ قام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى أم سلمة فدخل ورجعت عنه وأنا غير شاك في أمر الشيخ حتّى ترأس بعد وفاة النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأعاد الكفر، وإرتد عن الدين، وشمر للملك، وحرف القرآن، وأحرق بيت الوحي، وأبدع السنن، وغير الملة، وبدل السنّة، ورد شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكذب فاطمة (عليها السلام)، وإغتصب فدكا، وأرضى المجوس واليهود والنصارى، وأسخط قرّة عين المصطفى، ولم يرضهم، وغير السنن كلّها، ودبر على قتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأظهر الجور، وحرّم ما أحلّ اللّه وأحلّ ما حرّم اللّه، وألقى إلى النّاس أن يتّخذوا من جلود الإبل دنانير، ولطم حر وجه الزكيّة، وصعد منبر الرسول (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) غصبا وظلما، وإفترى على أمير المؤمنين (عليه السلام) وعانده وسفه رأيه.
قال حذيفة: فاستجاب اللّه دعاء مولاتي على ذلك المنافق وأجرى قتله على يد قاتله (رحمه اللّه)، فدخلت على أمير المؤمنين (عليه السلام) لأهّنئه بقتله ورجوعه إلى دار الانتقام، فقال لي: يا حذيفة! أتذكر اليوم الذي دخلت فيه على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأنا وسبطاه نأكل معه فدلّك على فضل ذلك اليوم الذي دخلت عليه فيه؟ قلت: بلى يا أخا رسول اللّه.
فقال: هو - واللّه - هذا اليوم الذي أقر اللّه به عين آل الرسول، وإنّي لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين إسما.
قال حذيفة: فقلت: يا أمير المؤمنين! أحب أن تسمعني أسماء هذا اليوم.
فقال (عليه السلام): هذا يوم الاستراحة.
ويوم تنفيس الكربة.
ويوم العيد الثاني.
ص: 98
ويوم حط الأوزار.
ويوم الخيرة.
ويوم رفع القلم.
ويوم الهدو.
ويوم العافية.
ويوم البركة.
ويوم الثار.
ويوم عيد اللّه الأكبر.
ويوم إجابة الدعاء.
ويوم الموقف الأعظم.
ويوم التوافي.
ويوم الشرط.
ويوم نزع السواد.
ويوم ندامة الظالم.
ويوم انكسار الشوكة.
ويوم نفي الهموم.
ويوم القنوع.
ويوم عرض القدرة.
ويوم التصفح.
ويوم فرح الشيعة.
ويوم التوبة.
ويوم الإنابة.
ويوم الزكاة العظمى.
ويوم الفطر الثاني.
ويوم سيل الشعاب.
ويوم تجرع الدقيق.
ويوم الرضا.
ويوم عيد أهل البيت.
ويوم ظفر بني إسرائيل.
ويوم قبول الأعمال.
ص: 99
ويوم تقديم الصدقة.
ويوم الزيارة.
ويوم قتل النفاق.
ويوم الوقت المعلوم.
ويوم سرور أهل البيت.
ويوم الشهود.
ويوم القهر للعدو.
ويوم هدم الضلالة.
ويوم التنبيه.
ويوم التصريد.
ويوم الشهادة.
ويوم التجاوز عن المؤمنين.
ويوم الزهرة.
ويوم التعريف.
ويوم الإستطابة.
ويوم الذهاب.
ويوم التشديد.
ويوم إبتهاج المؤمن.
ويوم المباهلة.
ويوم المفاخرة.
ويوم قبول الأعمال.
ويوم التبجيل.
ويوم إذاعة السر.
ويوم النصرة.
ويوم زيادة الفتح.
ويوم التودد.
ويوم المفاكهة.
ويوم الوصول.
ويوم التذكية.
ويوم كشف البدع.
ص: 100
ويوم الزهد.
ويوم الورع.
ويوم الموعظة.
ويوم العبادة.
ويوم الاستسلام.
ويوم السلم.
ويوم النحر.
ويوم البقر.
قال حذيفة: فقمت من عنده وقلت في نفسي: لو لم أدرك من أفعال الخير وما أرجو به الثواب إلا فضل هذا اليوم لكان مناي.
قال محمّد بن العلا الهمداني ويحيى بن جريح: فقام كلّ واحد منا وقبل رأس أحمد بن إسحاق بن سعيد القمي وقلنا له: الحمد للّه الذي قيضك لنا حتّى شرفتنا بفضل هذا اليوم، ثمّ رجعنا عنه، وتعيدنا في ذلك.
فهذا الحديث الشريف فيه دلالة وتنبيه على كون هذا الشخص من أكبر المنافقين وأعظمهم معاداة لآل محمّد (عليهم السلام) وشنآنا وبغضا بنص رسول اللّه ونص وصيه «صلوات اللّه عليهما» وشهادة حذيفة بن اليمان الذي قال فيه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم):
[127] أعرفكم بالمنافقين حذيفة بن اليمان.
بسبب رؤيته إيّاهم ومعرفته بهم ليلة العقبة والدباب التي دحرجوها لتنفير ناقة النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وقتله (1) (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ) (2)
ص: 101
وهذا الفعل منهم يشهد بنفاقهم وكفرهم، ويصرح بما قلناه فيهم، ويؤيّد هذا الحديث الذي ذكرناه عن مولانا عليّ بن محمّد الهادي (عليه السلام).
وكيف لا تصدر هذه الامور الفظيعة الشنيعة عنه وقد أجمعت الشيعة الإماميّة على أنه ولد زنا (1).
[128] وقد روي في الحديث: أنّ ولد الزنا لا ينجب (2).
وهو يعم ولد الزنا في سائر الأزمنة ولا يخصه في زمن دون زمن.
[129] لأنّه قد روي عنهم (عليهم السلام): إنّ علامة ولد الزنا بغضنا أهل البيت (3).
ومبغض أهل البيت كافر يلحقه هذا الاسم وهذه الصفة في كلّ أحواله وطول عمره، ولا ينفك عن بغضهم ما دام يسمى ولد زنا.
فثبت بما قلناه كفره باطنا وكونه في إظهار الإسلام منافقا.
وإذا ثبت أنه كان منافقا فصاحبه كذلك لعدم القائل بالفرق، ولا يجوز إحداث قول ثالث بغير دليل.
ولو لم يكن منهما إلّا الأمر بإحراق بيت فيه فاطمة وعلي والحسن والحسين
ص: 102
الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراٌ، وجعل نفس علي نفس محمّد في آية المباهلة، وجعل فاطمة بضعة من النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يؤذيه ما يؤذيها، وجعل الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنّة، وسائر أهل الجنّة شباب من نبي ووصي ومؤمن، وجعلهما زينة عرش اللّه - تعالى -، فلمّا صحّ أنّهما همّا بإحراق هذا البيت الشريف على من فيه علمنا أنهما إنتهيا إلى غاية من الكفر والنفاق ليس ورائها منتهى.
[130] وروى محمّد بن الحسن الصفّار في كتاب «بصائر الدرجات» بإسناده عن يزيد الكناسي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لما كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في الغار ومعه أبو الفصيل.
قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إني لأنظر الآن إلى جعفر وأصحابه [الساعة] تعوم بهم سفينتهم في البحر وإني أنظر (1) إلى رهط من الأنصار في مجالسهم محتبين بأقبيتهم (2).
فقال له أبو الفصيل (3): أتراهم يا رسول اللّه الساعة؟
قال: نعم.
فقال: أرنيهم (4).
[قال] فمسح رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) على عينه وقال (5): انظر.
فنظر فرآهم، فقال له (6) رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أرأيتهم؟
قال: نعم، وأسرّ في نفسه أنه ساحر (7).
ص: 103
[131] وروى بإسناده فيه عن خالد بن نجيح قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): جعلت فداك سمى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أبا بكر: «الصديق»؟
قال: نعم.
قلت (1): فكيف؟
قال: حين كان معه في الغار قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إنّي لأرى سفينة جعفر [بن أبي طالب] تضطرب في البحر ضالة.
فقال (2): يا رسول اللّه! وإنك لتراها؟
قال: نعم.
قال: أفتقدر (3) أن ترينيها؟ قال: ادن مني.
[قال:] فدنا منه، فمسح على عينيه ثمّ قال: انظر.
فنظر أبو بكر فرأى السفينة وهي تضطرب في البحر ثمّ نظر إلى قصور أهل المدينة، فقال في نفسه: الآن صدقت أنّك ساحر.
فقال رسول اللّه: الصدّيق أنت (4).
ص: 104
[132] ما رواه محمّد بن يعقوب الكليني في «الكافي» بإسناده عن أبي بصير قال:
بينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ذات يوم جالس إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إن فيك شبها من عيسى بن مريم، ولولا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت فيك قولا لا تمر بملأ من النّاس إلّا أخذوا التّراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة.
قال: فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم وقالوا: أما (1) رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى بن مريم; فأنزل اللّه على نبيه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا) (2) إلى آخر الآية (3).
[133] وروى بإسناده فيه عن يونس بن صهيب عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) قال: إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أقبل يقول لأبي بكر في الغار - وقد أخذته الرعدة (4) -: أسكن فإن اللّه معنا، وهو لا يسكن، فلمّا رأى [رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)] حاله قال له: أتريد (5) أن أريك أصحابي من الأنصار في مجالسهم يتحدّثون وأريك (6) جعفرا وأصحابه في البحر يعومون (7)؟ [قال: نعم] ومسح (8) رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بيده على وجهه فنظر إلى الأنصار يتحدّثون في مجالسهم (9)، ونظر إلى جعفر وأصحابه يعومون في البحر (10) فأضمر في (11) تلك الساعة أنّه سحر (12) ،(13).
ص: 105
[134] وروى بإسناده فيه عن سليمان الجعفري قال: سمعت أبا الحسن (عليه السلام) يقول في قوله - تعالى -: (إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ) (1)[قال:] يعني فلانا وفلانا وأبا عبيدة الجراح (2).
[135] وروى بإسناده فيه عن عليّ بن الحسين (عليهما السلام) في حديث طويل يذكر فيه مهاجرة النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى المدينة وانتظاره أمير المؤمنين بقباء حتّى قدم عليه.
قال سعيد بن المسيب لعليّ بن الحسين (عليه السلام): جعلت فداك! كان أبو بكر مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حين أقبل إلى المدينة، فأين فارقه؟
فقال له (3): [إنّ أبا بكر] لما قدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى قباء ونزل بأهلها (4) ينتظر قدوم علي (عليه السلام).
قال (5) له أبو بكر: إنهض بنا إلى المدينة فإن القوم قد فرحوا بقدومك وهم يستريثون إقبالك إليهم فانطلق بنا ولا تقم هاهنا تنتظر عليّاً فما أظنه يقدم عليك إلى شهر.
فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): كلّا! ما أسرعه، ولست أريم حتّى يقدم ابن عمّي وأخي [في اللّه عزّ وجلّ] وأحبّ أهل بيتي إلي; فقد وقاني بنفسه من المشركين.
[قال:] فغضب أبو بكر من ذلك (6) واشمأز وداخله من ذلك حسد لعلي (عليه السلام); وكان ذلك أول عداوة بدت منه لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في علي (عليه السلام)، وأول خلاف لرسول اللّه (7) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، ثمّ انطلق فدخل المدينة (8) وتخلف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بقبا ينتظر عليّاً (9) (عليه السلام)... إلى آخر الحديث.
ص: 106
[136] وروى أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) - في حديث طويل قال فيه -: ولقد قال لأصحابه الأربعة أصحاب الكتاب: الرأي - واللّه - أن ندفع محمّداً برمّته [إليهم] ونسلّم، وذلك حين جاء العدوّ من فوقنا ومن تحتنا، كما قال اللّه - تعالى -: (وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا... وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا... وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) (1).
فقال [له] صاحبه: لا، ولكن نتخذ صنما ونعبده; لأنا لا نأمن أن يظفر ابن أبي كبشة فيكون هلاكنا، ولكن يكون هذا الصنم ذخرا لنا; فإن ظهرت قريش أظهرنا عبادة هذا الصنم وأعلمناهم أنا كنا لم نفارق ديننا، وإن رجعت دولة ابن أبي كبشة كنا مقيمين على عبادة هذا الصنم سرا.
فنزل جبرئيل (عليه السلام) فأخبر النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ثمّ أخبرني به رسول اللّه بعد قتلي ابن عبد ود، ودعاهما فقال: كم صنم عبدتما في الجاهلية؟ فقالا: يا محمّد! لا تعيرنا بما مضى في الجاهليّة.
فقال [لهما] (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): كم صنم تعبدان يومكما هذا؟ فقالا: والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما نعبد إلّا اللّه منذ أظهرنا لك من دينك ما أظهرنا.
فقال لي: يا علي! خذ هذا السيف وانطلق إلى موضع كذا وكذا فاستخرج الصنم الذي يعبدانه واهشمه، فإن حال بينك وبينه أحد فاضرب عنقه.
فانكبا على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وقالا: استرنا سترك اللّه.
فقلت أنا لهما: إضمنا للّه ولرسوله أن لا تعبدا إلّا اللّه ولا تشركا به شيئاً.
فعاهدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) على ذلك.
وانطلقت حتّى استخرجت الصنم [من موضعه] فكسرت وجهه ويديه وجذمت
ص: 107
رجليه ثمّ انصرفت إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، فواللّه لقد عرف ذلك منهما في وجوههما علي... (1) وساق الحديث إلى آخره.
[137] وروى أبان عن سليم أيضاً بتلك الرواية قال سليم: شهدت أبا ذر يوم الربذة حين سيره عثمان أوصى إلى علي (عليه السلام) في أهله وماله.
فقال له قائل: لو كنت أوصيت إلى أمير المؤمنين [عثمان].
فقال: قد أوصيت إلى أمير المؤمنين حقا، [أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)] فقد سلمنا عليه بإمرة المؤمنين على عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) [بأمر اللّه] إذ قال لنا: سلّموا على أخي ووزيري ووارثي وخليفتي في امتي وولي كلّ مؤمن بعدي بإمرة المؤمنين، فإنّه ربّ (2) الأرض الذي تسكن إليه، ولو قذفتموه (3) أنكرتم الأرض وأهلها.
فرأيت عجل هذه الاُمّة وسامريها راجعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقالا: بأمر من اللّه ورسوله (4)؟ فغضب رسول اللّه وقال: بحق من اللّه ورسوله أمرني بذلك.
فلمّا سلّما (5) عليه أقبلا على أصحابهما [معاذ و] سالم وأبي عبيدة بعد ما خرجا من بيت علي (عليه السلام) [من] بعد ما سلّما عليه، فقالا لهما: ما يزال هذا الرجل يرفع خسيسة ابن عمه.
فقال أحدهما: إذا يحسن (6) أمر ابن عمه.
ص: 108
ثمّ قال الجميع: مالنا عنده خير ما بقي ابن عمّه (1).
قال: فقلت: يا أبا ذر! هذا التسليم قبل حجة الوداع أو بعدها؟ فقال: أما التسليمة الاولى فقبل حجّة الوداع، وأما التسليمة الاخرى فبعد حجة الوداع.
فقلت: فمعاقدة هؤلاء الخمسة متى كانت؟
قال: في حجة الوداع.
قلت: فأخبرني - أصلحك اللّه - عن الإثنى عشر أصحاب العقبة المتلثّمين الذين أرادوا أن ينفروا برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ناقته ومتى كان ذلك؟
قال: بغدير خم مقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) من حجة الوداع.
قلت: أصلحك اللّه أتعرفهم؟
قال: أي واللّه أعرفهم كلهم.
قلت: من أين تعرفهم وقد أسرّهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى حذيفة؟
قال: إنّ عمّار بن ياسر كان قائدا وحذيفة [كان] سائقا، فأمر حذيفة بالكتمان ولم يأمر بذلك عمارا.
قلت: فسمهم لي.
قال: خمسة أصحاب الصحيفة، وخمسة أصحاب الشورى، وعمرو بن العاص ومعاوية (2).
[138] وروى أبان عن سليم بن قيس عن سلمان الفارسي - في حديث طويل يقول فيه: - ولما انتهى بعلي (عليه السلام) إلى أبي بكر إنتهره عمر وقال: بايع ودع عنك هذه الأباطيل.
ص: 109
فقال له علي (عليه السلام): فإن لم أفعل فما أنتم صانعون؟ قالوا: نقتلك ذلا وصغارا.
قال: إذا تقتلون عبد اللّه وأخا رسوله.
فقال أبو بكر: أما عبد اللّه فنعم وأما أخا رسوله فلا نقرّ لك بهذا.
فقال: أتجحدون أن رسول اللّه آخى بيني وبينه؟
قالوا: نعم نجحدها.
فأعادها [عليهم] ثلاث مرّات، ثمّ أقبل علي (عليه السلام) فقال: يا معاشر المسلمين [و] المهاجرين والأنصار! اُنشدكم اللّه - تعالى - أسمعتم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول يوم غدير خم كذا وكذا، ويقول يوم غزاة تبوك كذا وكذا؟ فلم يدع علي شيئاً قاله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) له علانية للعامّة إلّا ذكره وذكرهم به، فقالوا: نعم.
فلمّا تخوف أبو بكر أن ينصره النّاس وأن يمنعوه بادرهم وقال له: كلّما قلته حقّ قد سمعته آذاننا ووعته قلوبنا، ولكن قد سمعت رسول اللّه بعد هذا يقول: إنا أهل بيت اصطفانا اللّه واختار لنا الآخرة على الدنيا وإن اللّه لم يكن ليجمع لنا أهل البيت النبوّة والخلافة.
فقال علي: هل أحد من أصحاب رسول اللّه يشهد بهذا معك؟
فقال عمر: صدق خليفة رسول اللّه قد سمعت منه كما قال.
وقال أبو عبيدة وسالم مولى [أبي] حذيفة ومعاذ بن جبل: [صدق] قد سمعنا ذلك من رسول اللّه.
فقال [لهم] علي (عليه السلام): قد وفيتم بصحيفتكم [الملعونة] التي تعاقدتم عليها في الكعبة إن قتل اللّه محمّداً أو مات لتزوون عنا أهل البيت هذا الأمر.
فقال له أبو بكر: فما علمك بذلك [ما] أطلعناك عليها.
فقال علي (عليه السلام): أنت يا زبير وأنت يا سلمان وأنت يا أبا ذر وأنت يا مقداد أسألكم
ص: 110
باللّه والإسلام أسمعتم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول ذلك وأنتم تسمعون أن فلانا وفلانا [حتى عد هؤلاء] الخمسة [قد] تعاهدوا وكتبوا بينهم كتابا وتعاقدوا على ما صنعوا؟
فقالوا: اللّهمّ نعم قد سمعنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: إنّهم قد تعاهدوا وتعاقدوا أيمانا على ما صنعوا فكتبوا بينهم كتابا إن قتلت أو مُتُّ ليزووا عنك هذا الأمر يا علي.فقلت له: بأبي أنت يا رسول اللّه فما تأمرني أن أفعل إذا كان ذلك؟ فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إن وجدت أعوانا عليهم فجاهدهم ونابذهم وإن لم تجد أعوانا فبايع واحقن دمك،... (1) إلى آخر الحديث.
ومما يدلّ على ما قلناه من أنهما كانا منافقين غير مؤمنين
[139] ما سمع من قنوت مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو هذا:
اللّهمّ (2) [صلّ على محمّد وآل محمّد و] العن صنمي قريش، وجبتيهما، وطاغوتيهما، وإفكيهما، وابنتيهما (3)، اللذين خالفا أمرك، وأنكرا وحيك، وجحدا إنعامك، وفصيا (4) رسولك، وقلبا دينك، وحرفا كتابك، [وأحبا أعداءك وجحدا آلاءك] وعطّلا أحكامك، وأبطلا فرائضك، وألحدا في آياتك، وعاديا أوليائك، وواليا أعدائك، وخربا بلادك، وأفسدا عبادك.
ص: 111
اللّهمّ العنهما وأتباعهما [وأولياءهما] وأشياعهما ومحبيهما.
[فقد أخربا بيت النبوّة، وردما بابه، ونقضا سقفه، وألحقا سماءه بأرضه، وعاليه بسافله، وظاهره بباطنه، وإستأصلا أهله، وأبادا أنصاره، وقتلا أطفاله، وأخليا منبره من وصيه ووارث علمه، وجحدا إمامته، وأشركا بربهما، فعظم ذنبهما، وخلدهما في سقر، وما أدراكما سقر لا تبقي ولا تذر].
اللّهمّ إلعنهم بعدد كلّ منكر أتوه، وحقّ أخفوه، ومنبر علوه، ومؤمن آذوه، ومنافقٍ ولوه، وولي عزلوه (1)، وطريد آووه، وصادق طردوه [وكافر نصروه]، وإمام قهروه، وفرض غيروه، وأثرٍ أنكروه، وشرٍّ آثروه، ودم أراقوه، وخبرٍ (2) بدّلوه، وكفر ٍنصبوه، وحكم قلبوه، (3) وإرث غصبوه، وفيء اقتطعوه، وسحت أكلوه، وخمس إستحلوه، وباطل أسسوه، وجور بسطوه، ونفاق أسروه، وغدر أضمروه، وظلم نشروه، ووعد أخلفوه، وأمان خانوه، وعهدٍ نقضوه، وحلالٍ حرّموه، وحرام أحلوه، وبطن فتقوه، [وجنين أسقطوه]، وضلع دقّوه، وصك مزّقوه، وشمل بدّدوه، وعزيزٍ أذلوه، وذليل أعزوه، وحقٍّ منعوه، وكذب دلسوه.
اللّهمّ إلعنهم بعدد كلّ (4) آية حرفوها، وفريضةٍ تركوها، وسنة غيّروها، وأحكام عطلوها، ورسوم قطعوها (5)، ووصيّةٍ ضيعوها، وبيعةٍ نكثوها، ودعوى أبطلوها، وبيّنةٍ أنكروها، وحيلةٍ أحدثوها، وخيانة أوردوها، وعقبة إرتقوها، ودباب دحرجوها، وأزيافٍ لزموها، وشهاداتٍ كتموها.
اللّهمّ إلعنهم (6) في مستسر (7) السر وظاهر العلانية لعنا كثيرا أبدا دائما [دائبا]
ص: 112
سرمداً، لا انقطاع لعدده، ولا نفاد لمدده (1)، لعناً يعود (2) أوله ولا ينقطع (3) آخره، لهم ولأنصارهم ولأعوانهم ولمحبيهم ومواليهم [والمسلمين لهم و] المائلين إليهم والناهضين بأجنحتهم (4) والمقتدين بكلامهم والمصدقين بأحكامهم.
فكان (عليه السلام) يقنت به ثمّ يقول أربع مرات:
اللّهمّ عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار في النار آمين ربّ العالمين (5)، (6).
[140] ومن كتاب التفسير المنقول برواية محمّد بن بابويه عن رجاله عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في قوله - تعالى -: (وَمِنَ النّاس مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (7) قال الإمام الحسن: قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لما وقف بأمير المؤمنين (8) (عليه السلام) في يوم الغدير موقفه المعروف المشهور.
[ثم] قال: يا عباد اللّه! أنسبوني.
فقالوا: أنت محمّد بن عبد اللّه بن عبد المطلب بن هاشم بن [عبد] مناف.
فقال (9): أيّها النّاس! ألست أولى بكم من أنفسكم؟
قالوا: بلى يا رسول اللّه! [قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): مولاكم أولى بكم من أنفسكم؟].
[قالوا: بلى يا رسول اللّه].
فنظر إلى السّماء وقال: اللّهمّ إشهد. يقول هو ذلك ويقولونه (10) ثلاثا.
ثم قال: ألا من كنت مولاه وأولى به، فهذا [علي] مولاه وأولى به، اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.
ص: 113
ثمّ قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): قم يا أبا بكر فبايع له بإمرة المؤمنين; ففعل (1).
[ثمّ قال: قم يا عمر، فبايع له بإمرة المؤمنين، فقام فبايع له بإمرة المؤمنين].
ثمّ قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بعد ذلك لتمام تسعة نفر (2) ثمّ لرؤساء المهاجرين والأنصار فبايعوا كلهم.
فقام من بين جماعتهم عمر بن الخطاب فقال: بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة، ثمّ تفرّقوا عن ذلك، وقد أكدت عليهم (3) العهود والمواثيق.
ثمّ إنّ قوماً من مردتهم (4) وجبابرتهم تواطؤا بينهم لئن كانت لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كائنة لندفعن (5) هذا الأمر عن علي ولا نتركه (6) له.
فعلم اللّه - تعالى - ما في قلوبهم (7).
وكانوا يأتون رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فيقولون له (8): لقد أقمت عليّاً (9) أحبّ خلق اللّه إلى اللّه وإليك وإلينا وكفيتنا فيه مؤنة الظلمة والجبارين (10) في سياستنا، وعلم اللّه - تعالى - من قلوبهم خلاف ذلك ومن مواطأة بعضهم لبعض و (11) أنّهم على العداوة مقيمون ولدفع الأمر عن مستحقّه مؤثرون.
فأخبر اللّه - سبحانه - نبيه محمّداً (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عنهم فقال: يا محمّد! (َمِنَ النّاس مَنْ يَقُولُ
ص: 114
آمَنَّا بِاللَّهِ) الذي أمرك بنصب علي إماما وسائسا لاُمّتك ومدبرا (وما هم بمؤمنين) بذلك [و] لكنهم متواطؤون على هلاككم وهلاكه وموطنون (1) أنفهسم على التمرد [على علي] إن كانت بك كائنة - إلى قوله - تعالى - - (يخادعون اللّه) (2) الآیة.
قال موسى بن جعفر (عليهما السلام): فاتصل ذلك من مواطأتهم وقيامهم (3) في علي (عليه السلام) وسوء تدبيرهم عليه برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فدعاهم وعاتبهم فاجتهدوا بالأيمان (4).
فقال (5) أوّلهم: يا رسول اللّه! [واللّه] ما اعتددت بشيء كاعتدادي بهذه البيعة، ولقد رجوت أن يفسح اللّه لي بها [في] قصور الجنان ويجعلني بها (6) [من] أفضل النزّال والسكّان.
وقال ثانيهم: بأبي أنت واُمّي [يا رسول اللّه]! ما وثقت بدخول الجنّة والنجاة من النار إلا بهذه البيعة، واللّه ما يسرني إن نقضت (7) أو نكثت بعد ما أعطيت من نفسي [ما أعطيت] وإن [كان] لي طلاع ما بين الثرى إلى العرش لئالي رطبة وجواهر فاخرة.
وقال ثالثهم: [واللّه] يا رسول اللّه! لقد صرت من الفرح بهذه البيعة والسرور والفسح من الآمال في رضوان اللّه ما تيقنت أن (8) لو كانت ذنوب أهل الأرض كلّها في عنقي (9) لمحصت عنّي [ب] هذه البيعة وحلف أنه ما قال ذلك ولعن من بلغ عند رسول اللّه بعد ما حلف (10).
ثم تتابع بمثل هذا الاعتذار من بعدهم من الرجال المتهمين (11).
ص: 115
فقال اللّه عزّوجلّ [لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)]: (يخادعون اللّه) و (1) [يعني] يخادعون رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بإبدائهم (2) خلاف ما في جوانحهم ويخادعون (3) (الذين آمنوا) الذين سيدهم وفاضلهم عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
ثم ّقال: (وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) (4) أي (5) [و] ما يضرون بتلك الخديعة إلا أنفسهم، فإن اللّه غني عنهم وعن نصرتهم [و] لولا إنهاء الإمام (6) ما قدروا على شيء من فجورهم وطغيانهم (وما يشعرون) أن الأمر كذلك، وأن اللّه يطلع نبيه على نفاقهم وكفرهم وكذبهم ويأمره بلعنهم في لعنه الظالمين الناكثين; وذلك أنهم (7) لا يفارقهم في الدنيا يلعنهم خيار عباد اللّه وفي الآخرة يبتلون بشدائد عذاب (8) اللّه (9).
[141] ومن التفسير الشريف المذكور أيضاً في قوله - تعالى -: (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا) (10)... إلى آخر الآيتين قال:
قال موسى الكاظم «صلوات اللّه عليه»: وإذا لقى (11) هؤلاء الناكثون البيعة (12) المتوطؤون على مخالفته (عليه السلام) بدفع (13) الأمر عنه (قَالُوا آمَنَّا) كإيمانكم، و (14) إذا لقوا سلمان والمقداد وأبا ذر وعمارا قالوا [لهم]: آمنا بمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وسلمنا له بيعة علي (عليه السلام) لتفضيله وأنفذنا (15) لأمره كما آمنتم.
ص: 116
أي: إذا لقى أولهم وثانيهم وثالثهم إلى تاسعهم، وربّما كانوا يلتقون في بعض طرقهم مع سلمان وأصحابه (1) فإذا لقوهم إشمأزوا منهم وقالوا: هؤلاء أصحاب الساحر والأهوج; يعنون محمّداً وعليّاً (عليهما السلام)، ثمّ يقول بعضهم لبعض: احترزوا منهم لا يقفون على (2) فلتات كلامكم في (3) كفر محمّد فيما قاله في علي فينمون عليكم ويكون (4) فيه هلاككم.
فيقول أولهم: انظروا إلي كيف أسخر منهم وأكف عاديتهم عنكم، فإذا التقوا قال أولهم: مرحبا بسلمان ابن الإسلام الذي قال فيه محمّد سيد الأنام: «لو كان الدين معلقا بالثريا لتناولته (5) رجال من أبناء فارس، هذا أفضلهم» يعنيك، وقال فيه:«سلمان منا أهل البيت».
وكذلك يخاطب كلّ واحد واحد بما قال فيه الرسول «صلوات اللّه عليه وآله وسلّم» من المدح له والثناء عليه (6).
وساق الحديث إلى أن قال:
فيقول الأوّل لأصحابه: كيف رأيتم سخريتي بهؤلاء وكيف كففت عنكم وعني عاديتهم (7)؟ فيقولون: لا نزال بخير ما عشت لنا.
فيقول [لهم]: فهكذا فلتكن مجاملتكم (8) لهم إلى أن تنتهزوا الفرصة فيهم [مثل
ص: 117
هذا]، فإنّ اللّبيب العاقل من تجرّع الغصّة حتّى ينال الفرصة، ثمّ يعودون إلى أخدانهم من المتمرّدين والمنافقين والمشاركين (1) [لهم] في تكذيب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فيما أداه إليهم عن اللّه - تبارك وتعالى - من ذكر [وتفضيل] أمير المؤمنين (عليه السلام) ونصبه إماما على كافّة المكلّفين.
فإذا حضروهم (2) (قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ) (3) على ما واطأناكم عليه من دفع [علي عن] هذا الأمر إن كانت بمحمّد (4) كائنة فلا يغرركم (5) ويهولنّكم ما تسمعونه منا من تقريظهم وترون ما نجترىء عليه (6) من مداراتهم [ف] (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) (7) [بهم] ثمّ ذكر تفسير الآيتين إلى آخره (8).
[142] ومن الكتاب «الخصال» لمحمّد بن بابويه (رحمه اللّه) بإسناده إلى أبي مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد اللّه (عليه السلام) يقول: ثلاثة لا يكلمهم اللّه - تعالى - يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: من ادعى إماما وليس (9) إمامته من اللّه - تعالى -، ومن جحد إماما إمامته من [عند] اللّه - تعالى -، ومن زعم أن لهما في الإسلام نصيبا (10).
[143] ومنه أيضاً عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: لما نزلت ولاية علي (عليه السلام) قال رجلان من النّاس: واللّه ما هذا من تلقاء اللّه ولكنه أراد أن يشرف ابن عمه، فأنزل اللّه - تعالى -:
ص: 118
(وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثمّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ * وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) يعني به عليّاً (عليه السلام) (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ) يعني به الرجلين اللذين قالا: َإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ) يعني به عليّاً (عليه السلام) (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) يعني به ولاية علي (عليه السلام) (فَسَبِّحْ بِاسْمِ ربّك الْعَظِيمِ) (1) ،(2).
[144] ومنه أيضاً عن الصادق (عليه السلام) قال: لما كان من [أمر] أبي بكر وبيعة النّاس له وفعلهم بعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ما كان، لم يزل أبو بكر يظهر له الانبساط ويرى منه الإنقباض، فكبر ذلك على أبي بكر فأحب لقائه واستخراج ما عنده والمعذرة إليه ممّا (3) اجتمع النّاس عليه وتقليدهم إيّاه أمر الخلافة وقلة رغبته في ذلك وزهده فيه، فأتاه (4) في وقت غفلة وطلب منه الخلوة.
فقال (5) له: يا أبا الحسن! واللّه ما [كان] هذا الأمر مواطأة مني، ولا رغبة فيما وقعت فيه، ولا حرصا له (6)، ولا ثقة بنفسي فيما تحتاج إليه الاُمّة، ولا قوة لي بمالي (7)، ولا كثرة عشيرتي (8)، ولا استبزاز لي (9) دون غيري، فمالك تضمر علي ما لم أستحقّه منك، وتظهر لي الكراهة فيما صرت فيه (10)، وتنظر إليّ بعين السامة منّي؟
[قال:] فقال له علي (عليه السلام): فما حملك عليه إن لم تكن رغبت (11) فيه، ولا حرصت عليه، ولا وثقت بنفسك في القيام به وبما يحتاج منك فيه؟
وساق الحديث إلى أن ذكر ما احتجّ به أمير المؤمنين عليه ممّا لا يستطيع إنكاره
ص: 119
ولا التكذيب به، ولم يزل يعدّد له مناقبه التي جعلها اللّه - سبحانه - له دونه ودون غيره، فيقول له أبو بكر: بهذا وشبهه تستحق القيام بامور امة محمّد.
فقال له علي (عليه السلام): فما الذي غرك عن اللّه وعن رسوله وعن دينه وأنت خلو ممّا يحتاج إليه أهل دينه؟
[قال:] فبكى أبو بكر وقال: صدقت يا أبا الحسن! أنظرني يومي هذا فادبر ما أنا فيه وما سمعته منك.
[قال:] فقال له عليّ (عليه السلام): لك ذلك [يا أبا بكر].
فرجع من عنده وخلا بنفسه يومه ولم يأذن لأحد إلى اللّيل، وعمر يتردّد في النّاس لما بغله [من] خلوته بعلي (عليه السلام)، فبات أبو بكر (1) في ليلته، فرأى في منامه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) متمثلا له في مجلسه،
فقام إليه [أبو بكر] ليسلم عليه فولى بوجهه عنه (2).
فقال [أبو بكر]: يا رسول اللّه! هل أمرت بأمر فلم أفعل؟ فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أرد السلام عليك وقد عاديت [اللّه ورسوله وعاديت] من والاه اللّه ورسوله، رد الحقّ إلى أهله.
قال: من أهله؟
قال: من عاتبك عليه وهو علي.
قال: فقد رددته إليه (3) يا رسول اللّه بأمرك.
فبكّر مصبحاً (4) وقال لعلي (عليه السلام): أبسط يدك فبايعه وسلّم إليه الأمر، وقال له:نخرج (5) إلى مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فاُخبر النّاس بما رأيت في ليلتي وما جرى بيني وبينك، فأخرج نفسي من هذا الأمر واسلم عليك بالإمرة.
ص: 120
[قال:] فقال له علي (عليه السلام): نعم، فخرج من عنده متغيّراً لونه، فصادفه عمر وكان (1) في طلبه، فقال [له]: مالك (2) يا خليفة رسول اللّه؟
فأخبره بما كان منه وما رأى وما جرى بينه وبين عليّ (عليه السلام).
فقال له عمر: أنشدك اللّه (3) يا خليفة رسول اللّه أن تغترّ بسحر بني هاشم فليس هذا بأوّل سحر منهم.
فما زال به حتّى ردّه عن رأيه، وصرفه عن عزمه، ورغّبه فيما هو فيه، وأمره بالثبات [عليه]، والقيام به.
فأتى عليّ (عليه السلام) المسجد للميعاد فلم ير فيه منهم أحدا، فحس (4) بالشرّ [منهم]، فقعد إلى قبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فمر به عمر فقال: يا علي! دون ما تروم خرط القتاد، فعلم بالأمر وقام [ورجع] إلى بيته (5).
[145] وذكر بعض العلماء عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري (رضي اللّه عنه) أنّه قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يخرج كلّ ليلة جمعة (6) إلى ظاهر المدينة ولا يعلم أحد إلى أين يمضي، وبقي (7) على ذلك برهة من الزمان.
[فلمّا كان في بعض الليالي] فقال عمر [بن الخطاب]: لابدّ لي أن أخرج وأبصر أين يمضي علي [بن أبي طالب].
فقعد له عند باب المدينة حتّى خرج ومضى على عادته، فتبعه عمر، وكان كلّما وضع علي (عليه السلام) قدمه في موضع وضع عمر قدمه (8) مكانها، فما كان إلّا قليلاً حتّى
ص: 121
وصل إلى بلدة عظيمة ذات نخل وشجر ومياه غزيرة، فدخل أمير المؤمنين (1) (عليه السلام) إلى حديقة بها ماء جار فتوضّأ ووقف بين النخل يصلّي إلى أن مضى من الليل أكثره، فنام عمر، ولما (2) قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) وطره من الصلاة عاد [ورجع] إلى المدينة حتّى وقف خلف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وصلى الفجر معه، فانتبه عمر فلم يجد أمير المؤمنين (عليه السلام) في موضعه، فلمّا أصبح رأى موضعا لا يعرفه وقوما لا يعرفهم ولا يعرفونه، فوقف على رجل منهم.
فقال له الرجل: من أين أنت؟ ومن أين أتيت؟
فقال [عمر]: عربي أتيت (3) من يثرب مدينة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).
فقال الرجل: [يا شيخ] تأمل أمرك [وابصر ما تقول] يا هذا وانظر أيش تقول (4).
فقال: هذا الذي أقوله لك.
قال [الرجل]: فمتى خرجت من المدينة؟
قال: البارحة.
فقال: اُسكت لا يسمع النّاس هذا منك فتقتل أو يقولوا: هذا مجنون.
فقال: ما قلت إلا حقا (5).
قال [له الرجل]: فحدّثني كيف [حالك و] مجيئك إلى هاهنا؟
فقال [عمر]: كان عليّ بن أبي طالب في كلّ ليلة جمعة يخرج من المدينة ولا نعلم أين يمضي، فلمّا كانت (6) [في] هذه الليلة تبعته وقلت: اريد أن أنظر (7) أين يمضي، فوصلنا إلى هاهنا فوقف يصلي ونمت ولا أدري ما صنع.
ص: 122
فقال له الرجل: ادخل هذه المدينة وابصر النّاس واقطع أيّامك إلى ليلة الجمعة فمالك من يحملك إلى موضعك الذي جئت منه إلا [الرجل] الذي جاء بك، فبيننا وبين المدينة زيادة على سنتين (1)، فإذا رأينا من رأى المدينة ورأى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) نتبرك به ونزوره، [وفي الأحيان نرى من أتى بك]، وتقول: أنك جئت في بعض ليلة إلى هنا من المدينة (2).
فدخل عمر [إلى المدينة] فرأى النّاس كلّهم يلعنون ظالمي آل محمّد (عليهم السلام) ويسمونهم (3) بأسمائهم واحدا واحدا، وكل صاحب صناعة يفعل ذلك اللعن (4) وهو على صناعته، فلمّا سمع [عمر] ذلك ضاقت عليه الأرض بما رحبت وطالت عليه الأيّام حتّى جاءت ليلة الجمعة، فمضى إلى ذلك المكان، فأتى أمير المؤمنين (عليه السلام) على عادته، فجعل عمر (5) يترقّبه حتّى مضى معظم الليل وفرغ من صلاته وهم بالرجوع فتبعه عمر حتّى وصلا إلى المدينة وقت الفجر، فدخل أمير المؤمنين (عليه السلام) المسجد وصلى خلف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وصلى عمر أيضاً.
فالتفت (6) النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى عمر، فقال: أين كنت يا عمر؟ فلك اُسبوع لا نراك عندنا (7).
فقال له [عمر]: كان من شأني كذا وكذا، وقص عليه ما جرى له.
فقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لا تنس ما شهدت بنظرك.
ص: 123
فلما سأله من سأله عن ذلك، [ف] قال: نفذ في سحر بني هاشم (1).
[146] ومن كتاب «عقاب الأعمال» تصنيف الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه (رحمه اللّه)، حدّثني محمّد بن الحسن الصفّار قال: حدّثني عباد بن سليمان عن محمّد بن سليمان عن أبيه سليمان الديلمي عن إسحاق بن عمار الصيرفي عن موسى الكاظم (عليه السلام) قال:
قلت: جعلت فداك! حدّثني فيهما بحديث فقد سمعت عن أبيك فيهما أحاديث عدة.
قال: فقال لي: يا إسحاق! الأوّل بمنزلة العجل والثاني بمنزلة السامري.
قال: قلت: جعلت فداك! زدني فيهما.
قال: هما - واللّه - نصرا وهودا ومجسا، فلا غفر اللّه ذلك (2) لهما.
قال: قلت: جعلت فداك! زدني فيهما.
قال: ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم ولا يزكّيهم ولهم عذاب أليم.
قال: قلت: جعلت فداك! فمن هم؟
قال: رجل ادَّعى إماما من غير اللّه، وآخر طغى في إمام من اللّه، وآخر زعم أن لهما في الإسلام نصيبا.
قال: قلت: جعلت فداك! زدني فيهما.
قال: ما ابالي يا إسحاق محوت المحكم من كتاب اللّه أو جحدت محمّداً (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) النبوّة أو زعمت أن ليس في السماء إله، أو قدمت على عليّ بن أبي طالب (3) (عليه السلام).
قال: قلت: جعلت فداك زدني.
ص: 124
قال: فقال لي (1): يا إسحاق! إن في النار لواديا يقال له: محيط لو طلع منه شرارة لأحرقت من على وجه الأرض، وإن أهل النار يتعوذون من حر ذلك الوادي ونتنه وقذره وما أعد اللّه فيه لأهله، وإن في ذلك الوادي لجبلا يتعوذ جميع (2) أهل ذلك الوادي من حر ذلك الجبل ونتنه وقذره وما أعد اللّه فيه لأهله، وإن في ذلك الجبل لشعبا يتعوذ جميع أهل ذلك الجبل من حر ذلك الشعب ونتنه وقذره وما أعد اللّه فيه لأهله، وإن في ذلك الشعب لقليبا يتعوذ أهل ذلك الشعب من حرّ ذلك القليب ونتنه وقذره وما أعدَّ اللّه فيه لأهله، وإن في ذلك القليب لحية يتعوَّذ جميع أهل ذلك القليب من خبث تلك الحية ونتنها وقذرها وما أعد اللّه عزّوجلّ في أنيابها من السم لأهلها، وإن في جوف تلك الحية لسبع صناديق فيها خمسة من الامم السالفة واثنان من هذه الاُمّة.
قال: قلت: جعلت فداك! ومن الخمسة؟ ومن الاثنان؟
قال: أمّا الخمسة فقابيل الذي قتل هابيل، ونمرود الذي حاج إبراهيم في ربّه، قال: (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) (3)، وفرعون الذي قال: (أَنَا ربّكمُ الْأَعْلَى) (4)، ويهودا الذي هود اليهود، وبولس الذي نصر النصارى، ومن هذه الاُمّة أعرابيّان (5).
[147] ومنه أيضاً بإسناده عن عبد اللّه بن بكير (6) الأرجاني قال: صحبت أبا عبد اللّه (عليه السلام) في طريق مكة من المدينة فنزلنا (7) منزلا يقال له «عسفان»، ثمّ مررنا بجبل أسود على يسار الطريق وحش.
ص: 125
فقلت: يا بن رسول اللّه! ما أوحش هذا الجبل فما (1) رأيت في الطريق جبلاً مثله.
فقال: يا بن بكير! أتدري أيّ جبل هذا؟ هذا جبل يقال له: «الكمد»، وهو على واد من أودية جهنّم فيه قتلة أبي (2) الحسين «صلوات اللّه عليه» [إستودعهم اللّه]، تجري (3) من تحته مياه جهنم من غسلين (4) والصديد والحميم وما يخرج من طينة خبال وما يخرج من الهاوية وما يخرج من السعير (5)، وما مررت بهذا الجبل في مسيري فوقفت إلّا رأيتهما يستغيثان ويتضرعان، وإنّي لأنظر إلى قتلة أبي فأقول لهما: إنّ هؤلاء إنما فعلوا بما أسّستما (6)، لم ترحمونا إذ ولّيتم، وقتلتمونا وحرمتمونا، ووثبتم على حقّنا، واستبددتم بالأمر دوننا، فلا رحم اللّه من يرحمكما، فذوقا (7) وبال ما صنعتما، وما اللّه بظلّامٍ للعبيد (8).
[148] ومن كتاب «علل الشرايع» له أيضاً بإسناده عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): بم (9) صار أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قسيم الجنّة والنار؟
فقال (10) (عليه السلام): لأنّ حبّه إيمان وبغضه كفر، وإنما خلقت الجنّة لأهل الإيمان وخلقت النار لأهل الكفر، فهو (عليه السلام) قسيم الجنّة والنار لهذه العلّة; فالجنّة لا يدخلها إلّا أهل محبّته، والنار لا يدخلها إلّا أهل بغضه.
ص: 126
قال المفضّل: فقلت: يا بن رسول اللّه! فالأنبياء والأوصياء هل (1) كانوا يحبونه وأعداؤهم يبغضونه؟
قال: نعم.
قلت: فكيف ذلك؟
قال (عليه السلام): أما علمت أن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال يوم خيبر: لاعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله، لا (2) يرجع حتّى يفتح اللّه على يديه، [فدفع الراية إلى علي (عليه السلام) ففتح اللّه - تعالى - على يديه]؟.
فقلت: بلى.
قال: أما علمت أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لمّا اُتي بطائر المشوي قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): اللّهمّ ائتني بأحب خلقك إليك [وإليّ] يأكل معي من هذا الطائر فأتاه علي (3) (عليه السلام)؟
قلت: بلى.
قال: أفيجوز (4) أن لا يحبّ أنبياء اللّه ورسله وأوصيائهم رجلاً يحبّه اللّه ورسوله ويحب اللّه ورسوله؟ قلت: لا.
قال (عليه السلام): فهل يجوز أن يكون المؤمنون من اممهم لا يحبّون حبيب اللّه وحبيب رسوله وأنبيائه؟
قلت: لا.
قال (عليه السلام): فقد ثبت أن جميع أنبياء اللّه ورسله وأوصيائهم (5) وجميع المؤمنين كانوا لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) محبّين، وثبت أن [أعداءهم و] المخالفين لهم كانوا لهم ولجميع أهل محبّتهم مبغضين.
ص: 127
قلت: نعم.
قال (عليه السلام): فلا يدخل الجنّة إلا من أحبه من الأوّلين والآخرين، ولا يدخل النار إلّا من أبغضه من الأوّلين والآخرين; فهو إذا قسيم الجنّة والنار.
قال المفضّل [بن عمر]: فقلت [له]: يا بن رسول اللّه! فرجت عنّي فرج اللّه عنك، فزدني ممّا علمك اللّه.
فقال (1): سل يا مفضل.
فقلت [له]: أسأل يا بن رسول اللّه; فعليّ بن أبي طالب يدخل محبه الجنّة ومبغضه النار أم رضوان (2) ومالك؟
فقال (عليه السلام): يا مفضّل! أمّا علمت أن اللّه - تبارك وتعالى - بعث رسوله (3) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وهو روح إلى الأنبياء وهم أرواح قبل خلق الخلق بألفي عام؟
قلت: بلى.
قال (عليه السلام): أمّا علمت أنّه دعاهم إلى توحيد اللّه وطاعته واتباع أمره ووعدهم الجنّة على ذلك وأوعد من خالف ما أجابوا إليه وأنكره النار؟
[ف] قلت: بلى.
قال (عليه السلام): أفليس النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ضامنا لما وعدوّاً وعد عن ربّه عزّوجلّ؟
قلت: بلى.
قال (عليه السلام): أوليس عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) خليفته وإمام امته؟
قلت: بلى.
قال (عليه السلام): أوليس رضوان ومالك من جملة الملائكة المستغفرين (4) لشيعته الناجين بمحبّته؟
ص: 128
قلت: بلى.
قال (عليه السلام): فعليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إذا قسيم الجنّة والنار عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ورضوان ومالك صادران عن أمره بأمر اللّه - تعالى -.
يا مفضل! خذ هذا فإنه من مخزون العلم ومكونه لا تخرجه إلّا إلى أهله (1).
وممّا يدلّ على تفضيل علي (عليه السلام) على سائر الأنبياء [حديث البساط] ما أورده بعض علمائنا الإماميّة في كتاب له سماه «منهج التحقيق إلى سواء الطريق» قال فيه:
[149] روي عن سلمان الفارسي «رضوان اللّه عليه» قال: كنّا جلوسا مع أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) بمنزله لما بويع عمر بن الخطاب (2)، كنت أنا والحسن والحسين ومحمّد بن الحنفية ومحمّد بن أبي بكر وعمار بن ياسر والمقداد بن الأسود الكندي.
فقال له ابنه الحسن (عليه السلام): يا أمير المؤمنين! إنّ سليمان بن داود سأل ربّه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه ذلك، فهل ملكت ما (3) ملك سليمان بن داود؟
فقال (عليه السلام): والذي فلق الحبّة وبرء النسمة! إن سليمان [بن داود] سأل ربّه (4) - تبارك وتعالى - الملك فأعطاه وإن أباك ملك ما لم يملكه بعد جدّك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أحد قبله ولا يملكه أحد بعده.
ص: 129
فقال له (1) الحسن (عليه السلام): نريد أن ترينا ممّا فضّلك اللّه - عزّ وجلّ - به من الكرامة.
فقال (عليه السلام): أفعل إن شاء اللّه.
فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وتوضّأ وصلى ركعتين ودعا اللّه - عزّ وجلّ - بدعوات لم نفهمها، ثمّ أومى بيده إلى جهة المغرب، فما كان بأسرع من أن جاءت سحابة فوقفت على الدار وإلى جانبها سحابة اخرى. فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أيّتها السحابة إهبطي بإذن اللّه، فهبطت وهي تقول: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، وأن محمّداً رسول اللّه، قو أنك خليفة اللّه (2) ووصيه، من شك فيك فقد هلك، ومن تمسك بك سلك سبيل النجاة.
قال: ثمّ إنبسطت السحابة في (3) الأرض حتّى كأنّها بساط موضوع.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إجلسوا على الغمامة، فجلسنا وأخذنا مواضعنا.
فأشار إلى السحابة الاخرى، فهبطت وهي تقول كمقالة الاولى، فجلس (4) أمير المؤمنين (عليه السلام) عليها منفرداً (5).
ثمّ تكلّم بكلام وأشار إليها بالمسير نحو المغرب، وإذا بالريح قد دخلت تحت السحابتين فرفعتهما رفعا رفيقا، فتأملت نحو أمير المؤمنين (عليه السلام) وإذا به على كرسي والنور يسطع من وجهه فيكاد (6) يخطف الأبصار.
فقال له (7) الحسن (عليه السلام): يا أمير المؤمنين! إن سليمان [بن داود] كان مطاعا بخاتمه فبماذا أمير المؤمنين مطاع (8)؟
فقال (عليه السلام): أنا عين اللّه في أرضه، أنا لسان اللّه الناطق في خلقه، أنا نور اللّه الذي لا يطفى، أنا باب اللّه الذي يؤتى منه، وحجّته على عباده.
ص: 130
ثمّ قال: أتحبّون أن اريكم خاتم سليمان بن داود؟
قلنا: نعم.
فأدخل يده إلى جيبه فأخرج خاتما من ذهب، فصه من ياقوتة حمراء، عليه مكتوب: محمّد وعلي.
قال سلمان: فعجبنا (1) من ذلك.
فقال (عليه السلام): من أي شيء تعجبون؟ وما العجب من مثلي، أنا اريكم اليوم ما لا ترون أبداً (2).
فقال الحسن (عليه السلام): اُريد أن تريني يأجوج ومأجوج والسدّ الذي بيننا وبينهم.
فسارت السحابة فوق الريح (3) فسمعنا لها دويا كدوي الرعد، وعلت في الهواء وأميرالمؤمنين يقدمنا حتّى انتهينا إلى جبل شامخ في العلو وإذا شجرة جافة قد تساقطت أوراقها وجفت أغصانها.
فقال الحسن (عليه السلام): ما بال هذه الشجرة قد يبست؟
فقال (عليه السلام) له (4): سلها فإنها تجيبك.
فقال الحسن (عليه السلام): أيّتها الشجرة! مالك (5) قد حدث بك ما نراه من الجفاف؟
فلم تجبه.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): بحقّي عليك إلّا ما أجبته (6).
قال [الراوي]: فواللّه (7) لقد سمعتها تقول: لبّيك لبّيك يا وصي رسول اللّه وخليفته، ثمّ قالت: يا أبا محمّد! إنّ أمير المؤمنين كان يجيئني في كلّ ليل وقت
ص: 131
السحر ويصلي عندي ركعتين ويكثر من التسبيح، فإذا فرغ من دعائه جاءته غمامة بيضاء ينفح منها ريح المسك وعليها كرسي فيجلس عليه وتسير (1) به وكنت أعيش ببركته، فانقطع عنّي منذ أربعين يوماً فهذا سبب ما تراه مني.
فقام أمير المؤمنين (عليه السلام) وصلى ركعتين ومسح بكفه عليها فاخضرت وعادت إلى حالها.
ثمّ أمر (2) الريح فسارت بنا وإذا نحن بملك يده في المغرب واخرى (3) بالمشرق، فلمّا نظر الملك إلى أمير المؤمنين قال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون، وأشهد أنّك وصيه وخليفته حقّاً وصدقاً.
فقلنا: يا أمير المؤمنين! من هذا الذي يده في المغرب والاخرى في المشرق (4)؟ فقال (عليه السلام): هذا الملك الذي وكله اللّه - عزّ وجلّ - بالليل (5) والنهار، فلا (6) يزول إلى يوم القيامة، وإنّ اللّه تعالى جعل أمر الدنيا إلي وإن أعمال الخلائق (7) تعرض [في] كلّ يوم علي ثمّ ترفع إليه - تبارك وتعالى - (8).
ثمّ سرنا حتّى وقفنا على سد يأجوج ومأجوج، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) للريح:اهبطي بنا ممّا يلي هذا الجبل، وأشار [بيده] إلى جبل شامخ في العلو، وهو جبل الخضر (عليه السلام)، فنظرنا إلى السد وإذا ارتفاعه مد البصر، وهو أسود كقطعة ليل دامس، يخرج من أرجائه الدخان.
فقال [أمير المؤمنين (عليه السلام)]: يا أبا محمّد! أنا صاحب هذا الأمر على هؤلاء العبيد.
ص: 132
قال سلمان: فرأيت أصناما (1) ثلاثة طول أحدها (2) مائة وعشرون ذراعاً والثاني طوله أحد (3) وسبعون والثالث مثله ولكنه (4) يفرش إحدى اذنيه تحته ويلتحف بالاخرى (5).
ثمّ إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أمر الريح فسار بنا (6) إلى جبل «قاف» فانتهينا (7) إليه وإذا هو من زمردة خضراء وعليها ملك على صورة النسر، فلمّا نظر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال الملك: السلام عليك يا وصي رسول اللّه وخليفته أتأذن لي في الكلام؟ فرد عليه السلام وقال: إن شئت فتكلّم وإن شئت أخبرتك عمّا تسألني عنه.
فقال الملك: بل تقول أنت يا أمير المؤمنين.
فقال (8): تريد أن آذن لك أن تزور الخضر.
قال: نعم.
قال (9): قد أذنت لك.
فأسرع الملك بعد أن قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم.
ثم مشينا (10) على الجبل هنيئة فإذا الملك قد عاد إلى مكانه بعد زيارة الخضر.
فقلت (11): يا أمير المؤمنين! رأيت الملك ما زار [الخضر] حتّى أخذ الإذن (12).
فقال (عليه السلام): يا سلمان (13)! والذي رفع السماء بغير عمد لو أنّ أحدهم رام أن يزول من مكانه بقدر نفس واحد لما زال حتّى آذن له وكذلك يصير حال ولدي الحسن بعدي ثمّ الحسين بعده ثمّ تسعة (14) من ولد الحسين تاسعهم قائمهم.
ص: 133
فقلنا: ما اسم الملك الموكل بقاف؟
فقال: برجائيل (1).
فقلنا: يا أمير المؤمنين! كيف تأتي كلّ ليلة إلى هذا الموضع وتعود؟
فقال (عليه السلام) كما أتيت بكم، والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، إنّي لأملك من ملكوت السماوات والأرض ما لو علمتم ببعضه لما احتمله جنانكم، إنّ الاسم الأعظم (2) على اثنين وسبعين حرفاً، وكان عند آصف بن برخيا حرف واحد فتكلّم به، فخسف اللّه - عزّ وجلّ - الأرض ما بينه وبين عرش بلقيس حتّى تناول السرير ثمّ عادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين، وعندنا - واللّه - اثنان وسبعون حرفا وحرف واحد [عند اللّه - عزّ وجلّ -] إستأثر اللّه (3) به في علم الغيب ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه العلي العظيم، عرفنا من عرفنا وأنكرنا من أنكرنا.
ثم قام (عليه السلام) وقمنا، فإذا [نحن] بشاب في الجبل يصلي بين قبرين، قلنا (4): يا أمير المؤمنين! من هذا الشاب؟
فقال (عليه السلام): صالح النبي، [فقال (عليه السلام):] وهذان القبران لاُمّه وأبيه، [وإنّه] يعبد اللّه - تعالى - بينهما.
فلما نظر إليه الشاب (5) لم يملك نفسه حتّى بكى وأومأ بيده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) و (6) أعادها إلى صدره وهو يبكي، فوقف أمير المؤمنين (عليه السلام) عنده حتّى فرغ من صلاته، فقلنا له: ما بكاؤك؟
فقال: إنّ أمير المؤمنين كان يمر بي عند كلّ غداة فيجلس فتزداد عبادتي بنظري إليه، فانقطع عنّي مدة عشرة أيّام (7) فأقلقني ذلك.
ص: 134
فعجبنا (1)، فقال (عليه السلام): أتريدون أن اريكم سليمان بن داود؟
قلنا: نعم.
فقام ونحن معه حتّى دخل بستانا ما رأينا أحسن منه وفيه من جميع الفواكه والأعناب تجري فيه الأنّهار وتتجاوب الأطيار على الأشجار، فلمّا رأته (2) الأطيار أتت ترفرف حوله حتّى توسطنا البستان وإذا سرير عليه شاب ملقى على ظهره واضع يده على صدره، فأخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) الخاتم من جيبه وجعله في إصبع سليمان [بن داود]، فنهض قائما وقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ووصي رسول [اللّه] ربّ العالمين، أنت - واللّه - الصديق الأكبر والفاروق الأعظم، قد أفلح من تمسك بك وقد خاب وخسر من تخلف عنك، وإني سألت اللّه [عزّ وجلّ] بكم أهل البيت فاعطيت ذلك الملك.
قال سلمان: فلمّا سمعت (3) كلام سليمان بن داود لم أملك (4) نفسي أن (5) وقعت على أقدام أمير المؤمنين اقبلها وحمدت اللّه [عزّ وجلّ] على جزيل عطائه بهدايته إلى ولاية أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ففعل (6) أصحابي كما فعلت، ثمّ سألنا (7) أمير المؤمنين (عليه السلام) ما وراء «قاف»؟!.
فقال: (عليه السلام): وراءه ما لا يصل إليكم علمه.
فقلنا: أتعلم (8) ذلك [يا أمير المؤمنين]؟
فقال (عليه السلام): علمي بما وراءه كعلمي بحال هذه الدنيا وما فيها، وإنّي الحفيظ الشهيد عليها بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وكذلك الأوصياء من ولدي بعدي.
ص: 135
ثم قال (عليه السلام): إني لأعرف بطرق السماوات منّي بطرق (1) الأرض، نحن الاسم المخزون المكنون، نحن الأسماء الحسنى التي إذا سئل اللّه - عزّ وجلّ - بها أجاب، نحن الأسماء المكتوبة على العرش ولأجلنا خلق اللّه [عزّ وجلّ] السماوات والأرض والعرش والكرسي والجنّة والنار، ومنا تعلمت الملائكة التسبيح والتقديس والتوحيد والتهليل والتكبير، ونحن الكلمات التي تلقاها آدم من ربّه فتاب عليه.
ثمّ قال (عليه السلام): أتريدون أن اريكم عجبا؟ قلنا: نعم.
قال (عليه السلام): غضوا أعينكم.
ففعلنا.
ثمّ قال: إفتحوها، ففتحنا [ها ف] إذا نحن في مدينة (2) ما رأينا أكبر منها، فيها أسواق (3) قأئمّة، وفيها اناس ما رأينا أعظم من خلقهم على طول النخل.
فقلنا (4): يا أمير المؤمنين! من هؤلاء؟ قال (عليه السلام): بقية قوم عاد، كفار لا يؤمنون باللّه - عزّ وجلّ -، أحببت أن اريكم إيّاهم، وهذه المدينة وأهلها اريد أن أهلكهم وهم لا يشعرون.
فقلنا (5): يا أمير المؤمنين! أتهلكهم (6) بغير حجّة؟ قال (عليه السلام): لا، بل بحجّة عليهم، ثمّ دنا (7) منهم وتراءى إليهم (8) فهموا أن يقتلوه ونحن نراهم وهم لا يروننا (9).
ص: 136
ثم تباعد عنهم ودنا منا ومسح بيده على صدورنا وأبداننا وتكلّم بكلمات لم نفهمها وعاد إليهم ثانية حتّى صار بإزائهم وصعق فيهم صعقة [قال سلمان:] فكأن الأرض (1) قد انقلبت بنا (2) والسماء قد سقطت علينا (3) وظننا أن الصواعق قد خرجت من فيه (4)، فاهلكوا (5) ولم يبق منهم في تلك الساعة أحد.
فقلنا: يا أمير المؤمنين! ما صنع اللّه بهم؟
قال: هلكوا وصاروا [كلهم] إلى النار.
فقلنا (6): هذا معجز ما رأينا ولا سمعنا بمثله.
فقال (عليه السلام): أتريدون أن اريكم أعجب من ذلك؟
فقلنا: لا نطيق [بأسرنا على] احتمال شيء آخر، فعلى من لا يتولاك ويؤمن بفضلك وعظيم قدرك عند (7) اللّه - تعالى - لعنة اللّه ولعنة اللاعنين من (8) الملائكة والخلق أجمعين [إلى يوم الدين].
ثم سألناه (9) الرجوع إلى أوطاننا.
فقال (عليه السلام) أفعل إن شاء اللّه.
ثم أشار (10) إلى السحابتين فدنتا منا، فقال (عليه السلام): خذوا مواضعكم، فجلسنا على السحابة، وجلس (عليه السلام) على الاخرى، وأمر الريح فحملتنا حتّى صرنا في الجو ورأينا الأرض كالدرهم ثمّ حطتنا في دار أمير المؤمنين (عليه السلام) في أقل من طرفة عين، وكان وصولنا إلى المدينة وقت الظهر والمؤذن يؤذن، وكان خروجنا منها وقت ارتفاع (11)
ص: 137
الشمس، فقلنا: ياللّه (1) العجب! كنا في جبل «قاف» مسيرة خمس سنين وعدنا في خمس ساعات [من النهار].
فقال [أمير المؤمنين] (عليه السلام): لو أني (2) أردت أن أخرق (3) الدنيا بأسرها والسماوات السبع وارجع في أقل من طرفة عين (4) لفعلت لما (5) عندي من اسم اللّه الأعظم.
قلنا (6): يا أمير المؤمنين! وأنت واللّه الآية العظمى والمعجز الباهر بعد أخيك وابن عمك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) (7).
ص: 138
[150] وروى الصدوق محمّد بن بابويه (رحمه اللّه) بإسناده أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أخذ بطيخة ليأكلها فوجدها مرة، فرمى بها وقال (1): بعدا وسحقا.
فقيل: يا أمير المؤمنين! وما هذه البطيخة؟ فقال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إن اللّه - تبارك وتعالى - أخذ عهد (2) مودتنا على كلّ حيوان ونبات (3); فما قبل الميثاق كان عذبا طيبا وما لم يقبل كان [ملحا] زعافا (4)، (5).
[151] وروى في كتابه «علل الشرايع» بإسناده عن عليّ بن محمّد العسكري (عليه السلام) أنه قال:
إنما اتخذ اللّه - تعالى - إبراهيم خليلا لكثرة صلاته على محمّد وأهل بيته (6) اللّه وسلامه عليهم».
ص: 139
[152] وروى فيه عن أبي ذر «رضوان اللّه عليه» قال:
قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ليلة اسري بي إلى السماء ما مررت بملأ من الملائكة إلّا سألني عن علي حتّى ظننت أن اسمه أشهر من اسمي، فلمّا رقيت إلى السماء السابعة إذا أنا بملك لم أر في الملائكة أعظم منه خلقا وهو جالس على منبر من نور ينظر في لوح، فلمّا مثلت بين يديه إرتعدت فرائصي.
فقال لي جبرئيل: لا روع عليك يا محمّد، هذا ملك الموت، ادن منه فسلم عليه.
فدنوت وسلمت، فرد علي السلام وقال: يا محمّد! ما فعل علي؟
فقلت: حبيبي ملك الموت هل تعرفون عليا؟
فقال: والذي بعثك بالحقّ وإصطفاك بالرسالة من الخلق ما في السماوات موضع ولا في الأرض موضع إلّا واسمك واسم علي مكتوب عليه، وإني لأتولى قبض أرواح الخلايق بيدي ما خلاك وعليّاً فإن اللّه يتولى ذلك، وإني لم أقبض أرواحكما إكراما لكما (1).
[153] وروى بإسناد فيه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لما اسري بي إلى السماء دخلت
ص: 140
الجنّة فإذا أنا بقصر من درة بيضاء مجوفة وعليها باب مكلل بالياقوت والدر، وعلى الباب ستر، فرفعت رأسي وإذا مكتوب على الباب: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، علي ولي اللّه، بخ بخ من مثل شيعة علي ".
ومضيت فإذا أنا بقصر من عقيق أصفر مجوّف وعليه باب من فضّة مكلّل بالزبرجد الأخضر وعلى الباب ستر، فرفعت رأسي وإذا مكتوب على الباب: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، علي ولي المصطفى، بشرى لشيعة علي بطيب المولد ".
ومضيت فإذا أنا بقصر من زمرد أخضر مجوف لم أر أحسن منه، وعليه باب من ياقوتة حمراء مكلّل باللؤلؤ، وعلى الباب ستر، فرفعت رأسي وإذا مكتوب على الستر: " شيعة علي هم الفائزون ".
فقلت: حبيبي جبرئيل! لمن هذا؟
فقال: يا محمّد! لابن عمك ووصيك عليّ بن أبي طالب، تحشر النّاس حفاة عراة إلّا شيعة علي، وتدعى النّاس بأسماء امهاتهم إّلا شيعة علي فيدعون بأسماء آبائهم.
فقلت: حبيبي كيف يدعون بأسماء امهاتهم وتدعى شيعته بأسماء آبائهم؟
قال (عليه السلام): لأنّهم أحبوا عليّاً فطاب مولدهم (1).
[154] وروى فيه بإسناده عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ بن أبي طالب (عليه السلام): يا علي! أنت صاحب حوضي، وصاحب لوائي، ومنجز عداتي، وحبيب قلبي، ووارث علمي، وأنت مستودع مواريث الأنبياء، وأنت أمين اللّه في أرضه، وأنت حجة اللّه على بريته، وأنت ركن الإيمان، وأنت مصباح الهدى (2)، وأنت منار الدجى (3)، وأنت العلم المرفوع لأهل الدنيا; من تبعك نجا ومن تخلف عنك هلك،
ص: 141
وأنت الطريق الواضح، وأنت الصراط المستقيم، وأنت قائد الغر المحجلين، وأنت يعسوب الدين (1) والمؤمنين، وأنت مولى من أنا مولاه، وأنا مولى كلّ مؤمن ومؤمنة; لا يحبك إلّا طيب (2) الولادة، ولا يبغضك إلّا خبيث الولادة، وما عرج بي [ربي - عزّ وجلّ -] إلى السماء قط وكلمني ربّي إلا قال [لي]: يا محمّد! إقرء عليّاً منّي السلام وعرفه أنه إمام أوليائي ونور أهل طاعتي; فهنيئا لك يا علي [هذه الكرامة] (3).
[155] وروى بإسناده فيه عن أبي ذر الغفاري (رضي اللّه عنه) قال: كنت عند النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في منزل ام سلمة وهو يحدّثني وأنا مستمع لحديثه إذ دخل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فلمّا بصر به النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أشرق وجهه نوراً وسروراً، ثمّ ضمه إليه وقبل بين عينيه، ثمّ التفت إلي وقال: يا أبا ذر! هل تعرف هذا الرجل حقّ معرفته؟
فقلت: يا رسول اللّه! هذا أخوك وابن عمك وزوج البتول وأبو الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنّة.
فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا أبا ذر! هذا الإمام الأزهر، ورمح اللّه الأطول، وباب اللّه الأكبر; من أراده فليدخل الباب.
يا أبا ذر! هذا القائم بقسط اللّه، والذاب عن حرم اللّه، والناصر لدين اللّه، وحجة اللّه على خلقه في الامم السالفة كلها، كلّ امّة فيها نبي اخذ العهد عليه بولايته.
يا أبا ذر! إن اللّه جعل على كلّ ركن من أركان عرشه سبعة آلاف ملك ليس لهم تسبيح ولا عبادة إلا الدعاء لعليّ بن أبي طالب وشيعته والدعاء على أعدائه.
يا أبا ذر! تول عليّاً فما يبين بعدي حقّ من باطل ولا مؤمن من كافر إلّا به، ولولاه لما عبد اللّه - تعالى -; لأنّه ضرب رؤوس المشركين حتّى أسلموا وعبدوا، ولولا ذلك ما كان ثواب ولا عقاب.
ص: 142
يا أبا ذر! هذا راية الهدى، والعروة الوثقى، وإمام أوليائي، ونور من أطاعني، وهو الكلمة التي ألزمها اللّه - تعالى - المتّقين; فمن أحبّه كان مؤمناً ومن أبغضه كان كافراً، ومن ترك حبه وولايته كان ضالّاً ومن جحد حقّة كان مشركاً.
يا أبا ذر! يؤتى بجاحد علي يوم القيامة أعمى أصمّ أبكم يتكبكب ظلمات القيامة وفي عنقه طوق من نار، لذلك الطوق ثلاثمأة شعبة، على كلّ شعبة شيطان يبصق في وجهه، ويكلح من جوف قبره إلى النار.
قال أبو ذر: فقلت: فداك أبي وامي زدني.
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا أبا ذر! لما عرج بي فصرت إلى السماء الدنيا أذن ملك من الملائكة وأقام الصلاة وأخذ بيدي جبرئيل فقدمني وقال: يا محمّد! صل بالملائكة. فصليت بسبعين صفا، الصف ما بين المشرق إلى المغرب، لا يعلم عددهم إلّا اللّه - تعالى -.
فلما قضيت الصلاة إلتفت فإذا شرذمة من الملائكة يسلمون علي ويقولون: يا محمّد! لنا إليك حاجة. فظننت أنهم يسألوني الشفاعة فإن اللّه - تعالى - فضلني بالحوض والشفاعة على جميع الأنبياء.
فقلت: ما حاجتكم يا ملائكة ربي؟
قالوا: إذا رجعت إلى الأرض فاقرأ عليّاً منا السلام وأعلمه أنّ شوقنا إليه قد طال.
فقلت: يا ملائكة ربي! أتعرفوننا حقّ معرفتنا؟
قالوا: ولم لا نعرفكم - يا رسول اللّه - وأنتم أول خلق خلقه اللّه - تعالى -، خلقكم أشباح نور من نوره، وجعل لكم مقاعد في ملكوته بتسبيح وتحميد وتهليل وتكبير وتقديس وتمجيد، ثمّ خلق الملائكة، فكنّا نمرّ بأرواحكم فنسبّح بتسبيحكم ونحمد بتحميدكم ونهلّل بتهليلكم ونكبر بتكبيركم ونقدّس بتقديسكم ونمجّد بتمجيدكم، فما نزل من اللّه فإليكم وما صعد إلى اللّه فمن عندكم، فاقرأ عليّاً منّا السلام.
قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ثمّ عرج بي إلى السماء الثانية، فقالت الملائكة مثل مقالة أصحابهم.
ص: 143
فقلت: أتعرفوننا يا ملائكة ربّي؟
قالوا: لم لا نعرفكم وأنتم صفوة اللّه - تعالى - من خلقه وخزّان دينه، وأنتم العروة الوثقى والحجة العظمى، فاقرأ عليّاً منا السلام.
ثم عرج بي إلى السماء الثالثة، فقالت الملائكة لي مثل مقالة أصحابهم.
فقلت: أتعرفوننا؟
فقالوا: ولم لا نعرفكم ونحن نمر بالعرش وعليه مكتوب: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، أيده بعليّ بن أبي طالب " فعلمنا أن علي ولي اللّه; فاقرأه منّا السلام.
ثم عرج بي إلى السماء الرابعة، فقالت الملائكة مثل مقالة أصحابهم.
فقلت: أتعرفوننا؟
قالوا: ولم لا نعرفكم وأنتم شجرة النبوّة، وبيت الرحمة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، وعليكم ينزل جبرئيل بالوحي من الجليل; فاقرأ عليّاً منّا السلام.
ثم عرج بي إلى السماء الخامسة فقالت الملائكة مثل مقالة أصحابهم.
فقلت: أتعرفوننا؟
فقالوا: ولم لا نعرفكم وأنتم باب المقام، وحجة الخصام، وعلي فصل القضاء، وصاحب العصا، وقسيم النار غدا، وسفينة النجاة; من ركبها نجا ومن تخلف عنها تردى، وأنتم الدعائم لتخوم الأقطار والأعمدة وفساطيط السجاف الأعلى وكواهله; فاقرأ عليّاً منا السلام.
ثم عرج بي إلى السماء السادسة، فقالت الملائكة مثل مقالة أصحابهم.
فقلت: أتعرفوننا؟
قالوا: ولم لا نعرفكم وقد خلق اللّه جنة الفردوس وعلى بابها شجرة ما فيها ورقة إلّا عليها مكتوب بالنور: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، علي وليّ اللّه وعروته الوثقى وحبله المتين ".
ص: 144
ثم عرج بي إلى السماء السابعة فسمعت الملائكة يقولون: الحمد للّه الذي صدقنا وعده.
ثم قالوا: يا رسول اللّه! إن اللّه - تبارك وتعالى - خلقكم أشباح نور من نوره وعرض علينا ولايتكم فقبلناها وشكرنا اللّه على ما من به علينا من محبتكم; أما أنت فقد وعدنا ربّنا أن يريناك في السماء وقد فعل، وأما علي فخلق - سبحانه - لنا ملكا في صورته فأقعده على يمين عرشه على سرير مرصع بالدر والجوهر، عليه قبة من لؤلؤة بيضاء يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها بلا علاقة من فوقها ولا دعامّة من تحتها، قال لها صاحب العرش - جلّ جلاله -: قومي بقدرتي، فقامت، فكلما إشتقنا إلى رؤية علي نظرنا إلى ذلك الملك في ذلك الموضع.
قال أبو ذر: فقلت: يا رسول اللّه! لقد اعطي علي فضلا كثيراً.
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (1) (2).
[156] وروى فيه بإسناده إلى ابن عبّاس قال: سمعت النبي (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: ليلة عرج بي إلى السماء شاء ربّي أن يرفعني حتّى وقفني في السماء السابعة، ثمّ انقطع عنّي جبرئيل.
فقلت: حبيبي جبرئيل! في مثل هذا الموضع يترك الخليل خليله؟
فقال: كلّ ملك منّا له مقام معلوم لا يقدر أن يتخطاه إلى الأمام قدماً واحداً وإلّا احترق بالنور.
فإذا أنا بالنداء من أمامي: سر يا أحمد فأنا خليلك أنا ميكائيل، فسار بي ما شاء اللّه وعلم، ثمّ انقطع عني.
فقلت: حبيبي ميكائيل! أفي هذا الموضع يترك الخليل خليله؟
ص: 145
فقال: نحن الصافون ولكل ملك منا مقام لا يقدر أن يزول منه وإلّا احترق بالنور.
فإذا أنا بالنداء من أمامي: سر يا محمّد أنا خليلك أنا دردائيل، فسار بي علم اللّه ومشيته، ثمّ انقطع عني.
فقلت: يا دردائيل! في مثل هذا الموضع يترك الخليل خليله؟ فقال: نحن الحافون من حول العرش لا نقدر أن نسلك الجبروت وإلّا احترقنا بالنور.
وإذا بصوت خمدت الأصوات من دونه وهدأ كلّ شيء لجبروته وسكن كلّ شيء لعزته يقول: ادن منّي يا أحمد.
فدنوت خطوة كان مقدارها خمسمائة عام، فناداني ربّي ادن يا أحمد أنا ربّك أنا اللّه.
فدنوت، فكلّمني ربّي من وراء حجاب بكلام كأنه من لسان عليّ بن أبي طالب، فاختلج في سري أن عليّاً يخاطبني، فناداني: يا أحمد! قد اطلعت على سرّك:ظننت أن عليّاً يخاطبك، يا أحمد! أنا ربّك أنا اللّه وأنا على كلّ شيء قدير، أتحبّ أن اريك عليّاً؟
قلت: أي وعزتّك يا رب.
فأمر اللّه - تعالى - أن تنخرق الحجب، والسماوات أن تنفتح وما كان من الأرض مرتفعاً أن يخفض وما كان منخفضا أن يرتفع، فنظرت من عرش ربّي إلى الأرض، فرأيت سرير علي وعلي واقف يصلي وفاطمة عن يمينه والحسن والحسين عن شماله يصلون بصلاته والملائكة تنزل عليهم أفواجاً أفواجاً تقف في نورهم وتسمع قرائتهم.
فناداني ربّي: يا أحمد! وعزتي وجلالي وجودي ومجدي وارتفاعي في علو مكاني; لقد اطلعت على سرّك وما استكن في صدرك فلم أجد أحداً أحبّ إليك من
ص: 146
علي في سرك فخاطبتك بلسانه لتطمئن إلى الكلام وتهدأ في الخطاب، ولو خاطبتك بلسان الجبروت لما استطعت أن تسمع، وهؤلاء إشتققت أسماءهم من أسمائي; فهذا علي وأنا العالي، وهذه فاطمة وأنا الفاطر، وهذا الحسن وأنا المحسن، وهذا الحسين وأنا ذوالحسنى; فهؤلاء خيرتي من عبادي، وصفوتي من أوليائي، لا يتوسّل إلي أحد بهم خاصّته إلّا أوجبت وسيلته وأقلت عثرته وكشفت كربه، بعد أن يعرف فضلهم عندي ويبرأ من أعدائهم، فأنا وليهم في الدنيا والآخرة، وأنا ولي من والاهم وعدوّ من عاداهم، من أحبّهم فعليه صلواتي ورحمتي، ومن أبغضهم فعليه غضبي ولعنتي.
[157] وروى فيه بإسناده عن ابن عبّاس أيضاً قال: كنت عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إذ ذكر أبو بكر وعمر ولم يذكر علي (عليه السلام)، فاحمر وجهه ونبط العرق الذي بين عينيه وسال العرق على خده، فجعل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقذفه بيده على الأرض، ثمّ التفت إلي وقال:
يا بن عبّاس! إنّه - واللّه - لما اسري بي إلى السماء السابعة ناداني جبرئيل: يا أحمد! تقدم، فلو أن أحداً من خلق ربّي تقدم إلى هذا الموضع سواك لاحترق بالنور، فأدليت إلى رفرفة خضراء جعلت تخفض بي وترفعني حتّى صرت إلى حجاب ربّي، فإذا جميع ما خلق ربّي كحلقة درع في فلاة، وإذا بمناد ينادي: يا أحمد! من خلفت على اُمّتك؟
فقلت: أخي عليّ بن أبي طالب.
فإذا بالنداء يقول: نعم الأخ أخوك - يا أحمد - علي سيد الوصيّين، وإمام المتّقين، وقائد الغر المحجلين إلى جنّات النعيم، وهو سيف نقمتي، ولولاه ما عرف أوليائي من أعدائي، به عذبت المنافقين في أسفل درك من ناري، وبه أدخلت المؤمنين جنّتي.
يا محمّد! أحبه فإني أحبه واحب من أحبه.
ص: 147
[158] وروى الشيخ أبو جعفر الطوسي (رحمه اللّه) في كتاب «الأمالي» بإسناده عن ابن عبّاس قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: [يا] أيّها النّاس! نحن في القيامة ركبان أربعة ليس غيرنا.
فقال له قائل: بأبي أنت واُمّي يا رسول اللّه! من الركبان؟
فقال (1) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أنا على البراق، وأخي صالح على ناقة اللّه التي عقرها قومه، وإبنتي فاطمة على ناقتي العضباء، وعليّ بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنّة; خطامها من لؤلؤ رطب (2)، وعيناها من ياقوتتين حمراوين، وبطنها من زبرجد أخضر، عليها قبة من لؤلؤة بيضاء، يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، ظاهرها من رحمة اللّه، وباطنها من عفو اللّه [إذا أقبلت زفت وإذا أدبرت زفت]، و [هو أمامي] على رأسه تاج من نور يضيء لأهل الجمع، لذلك (3) التّاج سبعون ركنا، كلّ ركن يضيء كالكوكب الدري في افق السماء، وبيده لواء الحمد وهو ينادي في القيامة: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه "، فلا يمرّ بملأ من الملائكة إلّا قالوا:" نبي مرسل "، ولا يمر (4) بنبي إلا قال (5): " ملك مقرب ".
فينادي مناد من بطنان العرش: يا أيّها النّاس! ما هذا ملك مقرّب ولا نبي مرسل (6) ولا حامل عرش، هذا عليّ بن أبي طالب.
وتجيء (7) شيعته من بعده فينادي مناد [لشيعته]: من أنتم؟
ص: 148
فيقولون: نحن العلويون.
فيأتيهم النداء: أيّها العلويون! أنتم آمنون، ادخلوا الجنّة مع من كنتم توالون (1).
[159] وروى فيه بإسناده عن بشير الدهان قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أي الفصوص أفضل اركبه على خاتمي؟
فقال (عليه السلام): يا بشير! أين أنت عن العقيق الأحمر والعقيق الأصفر والعقيق الأبيض، فإنّها ثلاثة جبال في الجنّة; أمّا الأحمر فمطل على دار رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، وأمّا الأصفر فمطل على دار فاطمة (عليها السلام)، وأمّا الأبيض فمطل على دار أمير المؤمنين (عليه السلام)، والدور كلّها واحدة يخرج منها ثلاثة أنهار من تحت كلّ جبل نهر أشدّ برداً من الثلج وأحلى من العسل وأشدّ بياضاً من اللبن، لا يشرب منها إلا محمّد وآله وشيعتهم، ومصبها كلّها واحد، ومجراها من الكوثر، و [إن] هذه الثلاثة الجبال (2) تسبح اللّه وتقدّسه وتمجده [وتحمده] وتستغفر لمحبّي آل محمّد (عليهم السلام); فمن تختم بشيء منها من شيعة آل محمّد لم ير إلّا الخير والحسنى والسعة في رزقه والسلامة من جميع أنواع البلاء، وهو أمان من السلطان الجائر ومن كلّ ما يخافه الإنسان ويحذره (3).
[160] وروى فيه بإسناده عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش: أين خليفة اللّه في أرضه؟
فيقوم داود النبي (عليه السلام).
فيأتي النداء من عند اللّه - تعالى -: لسنا إيّاك أردنا وإن كنت للّه خليفة.
ثم ينادي [مناد] ثانية: أين خليفة اللّه في أرضة؟
فيقوم أمير المؤمنين علي [عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)].
ص: 149
فيأتي النداء من قبل اللّه - عزّ وجلّ -: يا معشر الخلايق! هذا عليّ بن أبي طالب خليفة اللّه في أرضه وحجته على عباده; فمن تعلق بحبله في دار الدنيا فليتعلق بحبله في هذا اليوم، وليستضيء (1) بنوره وليتبعه إلى الدرجات العلى من الجنان.
قال: فيقوم ناس (2) قد تعلقوا بحبله في الدنيا فيتبعونه إلى الجنّة.
ثم يأتي النداء من عند اللّه - جلّ جلاله -: ألا من ائتم بإمام في دار الدنيا فليتبعه إلى حيث يذهب به; فحينئذٍ يتبرأ (الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (3) (4).
[161] وروى فيه بإسناده أيضاً إلى محمّد بن سيرين قال: سمعت غير واحد من مشيخة أهل البصرة يقولون (5): لما فرغ أمير المؤمنين (عليه السلام) من حرب أهل (6) الجمل لحقه مرض وحضرت الجمعة، فقال لابنه الحسن (عليه السلام): انطلق يا بني فاجمع النّاس (7).
فأقبل الحسن (عليه السلام) إلى المسجد، فلمّا استوى (8) على المنبر حمد اللّه وأثنى عليه وتشهد وصلى على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ثمّ قال:
[أيّها النّاس] إنّ اللّه اختارنا لنبوته واصطفانا على خلقه وبريته، وأنزل علينا كتابه ووحيه، وأيم اللّه لا ينتقصنا أحد من حقّنا شيئاً إلّا انتقصه اللّه في عاجل دنياه وآجل آخرته، ولا تكون (9) علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة، (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (10).
ص: 150
ثم جمع النّاس (1) وبلغ أباه كلامه، فلمّا انصرف إلى أبيه (عليه السلام) نظر إليه فما ملك عبرته أن سالت على خديه، ثمّ دعاه (2) فقبل بين عينيه فقال (3): بأبي أنت وامي (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (4) (5).
[162] وروى فيه بإسناده عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري (رضي اللّه عنه) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إنّ جبرئيل نزل علي وقال: إنّ اللّه - تبارك وتعالى - أمرك أن تقوم بتفضيل عليّ بن أبي طالب خطيباً على أصحابك ليبلغوا من بعدهم ذلك عنك، وأمر (6) جميع الملائكة أن يسمعوا (7) ما تذكره، و [اللّه] يوحي إليك [يا محمّد] أن من خالفك في أمره فله (8) النار وأن من أطاعك فله الجنّة.
فأمر النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) منادياً ينادي (9) بالصلاة جامعة. فاجتمع النّاس وخرج حتّى علا (10) المنبر، فكان (11) أوّل ما تكلّم به: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم، بسم اللّه الرحمين الرحيم.
ثم قال: أيّها النّاس! أنا البشير وأنا النذير وأنا النبي الاُمّي، إنّي مبلغكم عن اللّه - تعالى - في أمر رجل لحمه من لحمي، ودمه من دمي، وهو عيبة علمي (12)، وهو الذي انتجبه (13) اللّه من هذه الاُمّة واصطفاه وهداه [وتولاه]، وخلقني وإيّاه من طينة واحدة (14) ففضلني (15) بالرسالة وفضله بالتبليغ عني، وجعلني مدينة العلم وجعله
ص: 151
الباب، وجعله خازن العلم والمقتبس منه الأحكام، وخصّه اللّه (1) - تعالى - بالوصية، وأبان أمره، وخوف من عداوته، وأزلف من والاه، وأعزّ شيعته (2)، وأمر النّاس جميعاً بطاعته، وإنه - تعالى - يقول: من عاداه عاداني ومن والاه والاني، ومن ناصبه ناصبني، ومن خالفه خالفني، ومن عصاه عصاني، ومن آذاه آذاني، ومن كاده كادني، ومن أبغضه أبغضني، ومن أحبّه أحبّني، ومن أراده أرادني، ومن نصره نصرني.
[يا] أيّها النّاس! إسمعوا ما آمركم به وأطيعوا فإني احذركم عذاب (3) اللّه (َوْمَ تَجِدُ كلّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) (4) (و إلى اللّه المصير).
ثم أخذ بيد علي (عليه السلام) فقال: أيها (5) النّاس! هذا مولى المؤمنين، وحجة اللّه على الخلق أجمعين، والمجاهد للكافرين، اللّهمّ إني قد بلغت وهم عبادك وأنت القادر على صلاحهم، فأصلحهم [برحمتك] يا أرحم الراحمين، وأستغفر اللّه لي ولكم.
ثم نزل عن المنبر، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) وقال: يا محمّد! إن اللّه - تبارك وتعالى - يقرؤك السلام ويقول [لك]: جزاك اللّه عن تبليغك خيراً، قد بلغت رسالات ربّك ونصحت لاُمّتك وأرضيت المؤمنين وأرغمت الكافرين.
يا محمّد! إن ابن عمك مبتلى ومبتلى به.
يا محمّد! قل في كلّ أوقاتك (الْحَمْدُ لِلَّهِ ربّ الْعَالَمِينَ) (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (6) (7).
ص: 152
[163] وروى فيه مرفوعا إلى يعقوب بن شعيب عن صالح بن ميثم التمّار قال:
وجدت في كتاب ميثم يقول فيه: أمسينا (1) ليلة عند أمير المؤمنين [عليّ بن أبي طالب] (عليه السلام) فقال لنا: ليس من عبد امتحن اللّه قلبه للإيمان (2) إلا أصبح يجد مودّتنا على قلبه، وما (3) أصبح عبد ممّن سخط اللّه عليه إلّا يجد بغضنا على قلبه، فأصبحنا نفرح بحبّ المحبّ (4) لنا، ونعرف بغض المبغض لنا، وأصبح محبّنا مغتبطا بحبّنا برحمة [من] اللّه ينتظرها كلّ يوم، وأصبح مبغضنا يؤسس (بنيانه على شفا جرف هار) (5) فكان ذلك الشفا قد انهار (به في نار جهنم)، وكان أبواب الرحمة قد انفتحت لأهل (6) الرحمة، فهنيئا لأصحاب الرحمة برحمتهم (7)، وتعسا لأهل النار بمثواهم، إنّ عبداً لن يقصر في حبنا لخير جعله اللّه في قلبه، ولن يحبنا من يحبّ مبغضنا فإن (8) ذلك لا يجتمع في قلب واحد و (ما جعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه) (9) يحبّ بهذا قوما ويحب بالآخر عدوّهم، والذي يحبنا فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب لا غشّ فيه، نحن النّجباء، وفرطنا فرط (10) الأنبياء، وأنا وصيّ الأنبياء (11)، وأنا حزب اللّه ورسوله، والفئة الباغية حزب الشيطان; فمن أحب أن يعلم حاله في حبنا فليمتحن قلبه، فإن وجد فيه شيئاً من بغضنا (12) فليعلم أن اللّه عدوه وجبريل وميكال واللّه عدوّ للكافرين (13).
ص: 153
[علم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)]
[خبر رشيد الهجري]
[164] وروى فيه مرفوعا إلى أبي حسان العجلي قال: لقيت " أمة اللّه بنت رشيد الهجري " فقلت لها: حدّثيني ما سمعت عن أبيك (1)؟
قالت: سمعته يقول: قال لي حبيبي أمير المؤمنين (عليه السلام): يا رشيد! كيف تجدك (2) إذا أرسل إليك دعي بني امية فقطع يديك ورجليك [ولسانك]؟!
فقلت: يا أمير المؤمنين! أيكون آخر ذلك إلى الجنّة؟ قال: نعم - يا راشد (3) - وأنت معي في الدنيا والآخرة.
قالت: فواللّه ما ذهبت الأيّام حتّى أرسل إليه الدعي عبيد اللّه بن زياد - لعنه اللّه - فدعاه إلى البراءة من أمير المؤمنين (عليه السلام) فأبى أن يتبرأ منه.
فقال له ابن زياد: فبأي ميتة قال لك صاحبك تموت؟
قال: خبرني (4) خليلي «صلوات اللّه عليه» أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرأ فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني.
فقال: واللّه لأكذبن صاحبك، قدموه فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه; فقطعوهما، ثمّ حمل (5) إلى منزلنا.
فقلت له: يا أباه (6)! جعلت فداك، هل تجد لما أصابك ألما؟
قال: لا - واللّه (7) - يا بنية إلا كالزحام بين النّاس.
ص: 154
ثمّ دخل عليه جيرانه ومعارفه يتوجعون له، فقال: ايتوني بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون ممّا علّمنيه مولاي أمير المؤمنين (عليه السلام).
فأتوه بحصيفة ودواة، فجعل يذكر ويملي عليهم أخبار الملاحم الكائنات ويسندها إلى أمير المؤمنين (عليه السلام).
فبلغ ذلك ابن زياد، فأرسل إليه الحجام حتّى قطع لسانه، فمات من ليلته [تلك] (رحمه اللّه)، وكان يسميه أمير المؤمنين راشد (1) المبتلى، وكان قد ألقى (عليه السلام) إليه علم البلايا والمنايا، فكان يلقي الرجل فيقول له: يا فلان ابن فلان تموت موتة (2) كذا، ويا فلان ابن فلان تقتل أنت قتلة كذا (3) فيكون [الأمر] كما قال (4).
[165] وروى فيه بإسناده عن الصادق (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اعطيت أشياء (5) لم يعطها (6) أحد قبلي سوى النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لقد فتح إلي السبيل (7)، وعلمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب، ولقد نظرت في الملكوت بإذن ربي، فما غاب عنّي ما كان قبلي ولا ما يكون (8) بعدي، وإن بولايتي أكمل اللّه - تعالى - لهذه الاُمّة دينهم وأتم عليهم النعم ورضي لهم الإسلام (9); إذ يقول - تبارك اسمه - يوم الولاية لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله): يا محمّد أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم وأتممت عليهم نعمتي (10)
ص: 155
ورضيت لهم الإسلام دينا (1)، كلّ ذلك منّ من (2) اللّه - تعالى - منّ (3) به علي; فله الحمد (4).
[166] وروى فيه بإسناده عن سعيد الأعرج قال: دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي [عبد اللّه] جعفر [بن محمّد] (عليه السلام) فابتدأنا وقال (5): يا سليمان! ما جاء عن أمير المؤمنين [عليّ بن أبي طالب] (عليه السلام) يؤخذ به وما لم يجيء ينتهى عنه (6)، جرى له من الفضل ما جرى لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ولرسول اللّه (7) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) الفضل على جميع من خلق اللّه.
يا سليمان (8)! العائب على أمير المؤمنين كالعائب على اللّه - تعالى - وعلى رسوله، والراد عليه في صغيرة أو كبيرة (9) على حد الشرك باللّه - تعالى -.
يا سليمان (10)! كان أمير المؤمنين (عليه السلام) باب اللّه الذي (11) لا يؤتى إلا منه، وسبيله الذي من سلك غيره (12) هلك، وبذلك جرت للأئمّة واحداً بعد واحد (13)، جعلهم اللّه أركان الأرض أن تميد بهم (14)، و [هم] الحجة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.
ص: 156
يا سليمان (1)! أما علمت أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان يقول: أنا قسيم الجنّة والنار، وأنا الفاروق الأكبر، وأنا صاحب العصا والميسم، ولقد أقرّ لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقروا لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، ولقد حملت مثل حمولة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وهي حمولة الرب، وأنّ محمّداً (صلّى اللّه عليه وآله) يدعى فيكسى، ويستنطق فينطق، وادعى فاكسى، واستنطق فأنطق، ولقد اعطيت خصالا لم يعطها أحد قبلي، عُلّمت المنايا (2) والبلايا [والقضايا] وفصل الخطاب (3).
[167] وروى عبد العزيز بن يحيى الجلودي في «كتاب الخطب» لأمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» قال: وخطب (عليه السلام) فقال:
سلوني قبل أن تفقدوني فأنا نمط الحجاز (4)، وأنا عيبة رسول اللّه (5) (صلّى اللّه عليه وآله)، سلوني فأنا فقأت عين الفتنة ظاهرها وباطنها، سلوني فأنا من عنده علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب، سلوني فأنا يعسوب الدين (6) حقّاً، ما من فئة تهدي مأة أو تضلّ مأة إلّا وقد نبأت (7) بقائدها وسائقها، سلوني فوالذي نفسي بيده لو ثنيت لي الوسادة (8) فأجلس عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم وأهل الإنجيل بإنجيلهم وأهل الزبور بزبورهم وأهل الفرقان بفرقانهم.
ص: 157
قال: فقام ابن الكوّا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يخطب [النّاس]، فقال:يا أمير المؤمنين! أخبرني عن نفسك؟!
فقال (عليه السلام): ويلك أتريد أن اُزكّي نفسي وقد نهى اللّه - تعالى - عن ذلك؟! إني كنت مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إذا سألته أعطاني وإذا سكتُّ ابتدأني، فبين (1) الجوانح [مني] علم جم، ونحن أهل البيت لا نقاس بأحد (2).
[168] وروى فيه قال: وخطب (عليه السلام) فقال: سلوني فإني لا أسأل عن شيء دون العرش إلا أجبت فيه، كلمة (3) لا يقولها بعدي إلا جاهل مدّعٍ أو كذّابٍ مفتر.
فقام رجل من جانب مجلسه في عنقه كتاب كأنّه مصحف، وهو رجل أدم ضرب طوال جعد الشعر كأنه من مهودة العرب، وقال (4) رافعا صوته [لعلي]: أيها المدعي ما لا يعلم، والمقلد ما لا يفهم، أنا سائل فأجب.
فوثب [به] أصحاب علي (عليه السلام) وشيعته من كلّ ناحية وهموا به، فنهاهم (عليه السلام) وقال (5) لهم: دعوه ولا تعجلوه، فإنّ الطيش لا تقوم به حجج اللّه، ولا تظهر به (6) براهين اللّه.
ثم التفت إلى الرجل وقال [له]: سل بكلّ لسانك وما في جوانحك فإني مجيبك (7)، إن اللّه - تعالى - لا تعتلج عليه الشكوك ولا يهيجه وسن.
فقال الرجل: كم بين المغرب والمشرق؟
فقال (عليه السلام): مسافة الهواء.
قال: وما مسافة الهواء؟
فقال [علي]: دوران الفلك.
ص: 158
قال [الرجل]: وما قدر دوران الفلك؟ فقال: مسيرة يوم للشمس.
قال [الرجل]: صدقت، [قال:] فمتى القيامة؟
فقال (عليه السلام): عند حضور المنيّة (1) وبلوغ الأجل.
قال [الرجل]: صدقت، فكم عمر الدنيا؟
فقال [علي]: يقال سبعة آلاف ثمّ لا تحديد.
قال [الرجل]: صدقت، فأين بكّة من مكّة؟
قال [علي] (عليه السلام): بكة موضع البيت ومكّة [من] أكناف الحرم (2).
قال: فلم سميت مكّة مكّة؟ قال (عليه السلام): لأن اللّه - تعالى - مك الأرض من تحتها.
قال: صدقت (3)، فلم سمّيت تلك (4) بكّة؟ فقال (عليه السلام): لأنّها بكت رقاب الجبارين وعيون المذنبين.
قال: صدقت، وأين كان اللّه قبل أن يخلق عرشه؟
فقال [علي]: سبحان من لا يدرك (5) كنه صفته حملة عرشه على قرب زمرهم (6) من كرسي كرامته، ولا الملائكة المقرّبون من أنوار سبحات جلاله، ويحك لا يقال له (7) أين ولا ثمّ ولا فيم ولا لم ولا أنى ولا حيث ولا كيف.
قال [الرجل]: صدقت، فكم مقدار ما لبث اللّه عرشه على الماء من قبل أن يخلق الأرض والسماء؟
ص: 159
فقال له (1): أتحسن أن تحسب؟ قال: نعم.
فقال (عليه السلام): لعلك لا تحسن.
قال: لا بل (2) إنّي لأحسن الحساب.
فقال [علي] (عليه السلام): أرأيت (3) لو [كان] صب خردل في الأرض حتّى سّد الهواء [و] ما بين الأرض والسماء، ثمّ أذن لمثلك أن تنقله على ضعفك حبة حبة من [مقدار] المشرق إلى المغرب، ثمّ مد في عمرك واعطيت القوة على ذلك حتّى تنقله وأحصيته لكان ذلك أيسر من إحصاء عدد أعوام ما لبث عرشه على الماء من قبل أن يخلق الأرض والسماء، وإنما وصفت لك [ب] بعض عشر عشير العشير من جزء مأة ألف جزء، وأستغر اللّه من التقليل (4) في التحديد.
قال: فحرك الرجل رأسه وقال: أشهد (5) أن لا إله إلّا اللّه وأشهد (6) أن محمّداً رسول اللّه (7).
[169] وروى محمّد بن عليل الحائري في مزاره بإسناده عن يونس بن أبي وهب القصري قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبد اللّه (عليه السلام) فقلت: جعلت فداك! أتيتك ولم أزر قبر أمير المؤمنين (عليه السلام).
فقال: بئسما صنعت، فلولا أنت من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور من يزوره اللّه مع الملائكة [ويزوره الأنبياء] ويزوره المؤمنون؟!
قلت: جعلت فداك! ما علمت ذلك.
ص: 160
قال: فاعلم أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أفضل عند اللّه من الأئمّة كلّهم وله ثواب أعمالهم وعلى قدر أعمالهم فضُِّلوا (1).
[170] وروى الفضل بن شاذان في كتاب القائم أن أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» قال على منبر الكوفة: واللّه إني لديان النّاس يوم الدين، وقسيم اللّه بين الجنّة والنار، لا يدخلهما داخل إلا على أحد قسمي، وأنا الفاروق الأكبر، والقرن (2) من حديد، وباب الإيمان، وصاحب الميسم، وصاحب السنين، و [أنا] صاحب النشر الأوّل والنشر الآخر، وصاحب القضاء، وصاحب الكرات ودولة الدول، وأنا الإمام (3) لمن بعدي، والمؤدي عمن (4) قبلي، لا (5) يتقدمّني إلّا أحمد «صلوات اللّه عليه وآله»، فإنّ (6) جميع الملائكة والرسل والروح خلفنا، وإن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ليدعى فينطق وأدعى فأنطق على حدّ منطقه، ولقد اعطيت السبع التي لم يسبق إليها أحد قبلي: بصرت سبل الكتاب، وفتحت لي الأسباب، وعلمت الأنساب، ومجرى الحساب، وعلمت المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب، ونظرت في الملكوت فلم يعزب عنّي شيء غاب عني، [و] لم يفتني ما سبقني ولم يشركني أحد فيما أشهدني يوم شهادة الأشهاد، وأنا الشاهد عليهم وعلى يدي يتم موعد اللّه، وتكمل كلمته، وبي يكمل الدين، وأنا النعمة التي أنعمها اللّه على خلقه، وأنا الإسلام الذي ارتضاه لنفسه، كلّ ذلك من من اللّه - تعالى - (7).
[171] وروى محمّد بن يعقوب بإسناده عن يونس بن رباط قال: دخلت أنا وكامل التمّار على أبي عبد اللّه (عليه السلام)، فقال له كامل التمار: جعلت فداك! حديث رواه فلان.
ص: 161
فقال (عليه السلام): اُذكره.
[ف_] قال: حدّثني أن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حدث عليّاً (عليه السلام) بألف باب في (1) يوم توفّي فيه (2)، كلّ باب يفتح منه ألف باب فذلك ألف ألف باب.
فقال (عليه السلام): [ل_] قد كان ذلك.
فقلت (3): جعلت فداك! أفظهر من ذلك لمواليكم وشيعتكم (4)؟
فقال: يا كامل! باب أو بابان.
[ف_] قلت [له]: جعلت فداك! فما نروي (5) من فضلكم من ألف ألف باب إلّا باباً أو بابين؟!
[قال:] فقال (عليه السلام): وما عسيتم أن ترووا من فضلنا [ما تروون من فضلنا] إلّا ألفاً (6) غير معطوفة (7).
[172] وروى محمّد بن بابويه (رحمه اللّه) في كتاب «عيون الأخبار» بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لما اسري بي إلى السماء أوحى إليّ ربّي - جلّ جلاله - [فقال]: يا محمّد! إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها
ص: 162
فجعلتك نبيّاً وشققت لك من اسمي إسماً، فأنا المحمود وأنت محمّد، ثمّ إطلعت ثانية فاخترت منها عليّاً وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذرّيّتك وشققت له إسما من اسمي (1)، فأنا العليّ الأعلى وهو علي، وجعلت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثمّ عرضت ولايتكما على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين.
يا محمّد! لو أنّ عبداً عبدني حتّى ينقطع ويصير كالشن البالي ثمّ يأتي (2) جاحدا لولايتهم ما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي.
يا محمّد! أتحبّ أن تراهم؟
قلت: نعم يا ربّ (3).
فقال - عزّ وجلّ -: إرفع رأسك.
فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن علي، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن علي، وعليّ بن محمّد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن، وهو قائم في وسطهم كأنه كوكب دري.
قلت: يا ربّ! من هؤلاء؟
قال: هؤلاء الأئمّة والقائم هذا الذي (4) يحلّ حلالي ويحرم حرامي، [و] به أنتقم من أعدائي، وهو راحة أوليائي (5) وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين، فيخرج اللات والعزى طريين فيحرقهما، فلفتنة النّاس [بهما] يومئذ أشدّ من فتنة العجل والسامري (6).
ص: 163
[173] وروى فيه أيضاً قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إثنى عشر من أهل بيتي أعطاهم اللّه - تعالى - فهمي وعلمي وحكمتي وخلقهم من طينتي، فويل للمتكبرين (1) عليهم بعدي القاطعين فيهم صلتي ما لهم لا أنالهم اللّه شفاعتي (2).
[174] وروى فيه بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: في جناح كلّ هدهد خلقه اللّه - عزّ وجلّ - مكتوب بالسريانيّة: " آل محمّد خير البريّة " (3).
[175] وروى فيه بإسناده عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: إن اللّه - عزّ وجلّ - قال: أنا اللّه لا إله إلا أنا، خلقت الخلق بقدرتي، فاخترت منهم من شئت من أنبيائي، واخترت من جميعهم محمّداً خليلاً وحبيباً وصفيّاً فبعثته رسولا إلى خلقي واصطفيت له عليّاً، فجعلته له أخا ووصيّاً ووزيراً ومؤديّاً عنه من بعده إلى خلقي، وخليفتي على عبادي يبين لهم كتابي ويسير فيهم بحكمي، وجعلته العلم الهادي من الضلالة وبابي الذي اوتى منه، وبيتي الذي من دخله كان آمنا من ناري، وحصني الذي من لجأ إليه حصنته من مكروه الدنيا والآخرة، ووجهي الذي من توجه إليه لم أصرف عنه وجهي (4)، وحجتي في السماوات والأرضين (5) على جميع من فيهن من جميع (6) خلقي، لا أقبل عمل عامل منهم إلا بالإقرار بولايته مع نبوّة أحمد (7) رسولي، وهو يدي المبسوطة على عبادي، وهو النعمة التي أنعمت بها على جميع (8) من أحببته من عبادي; فمن أحببته من عبادي وتوليته عرفته ولايته [ومعرفته]، ومن أبغضته من
ص: 164
عبادي أبغضته لعدوله عن معرفته وولايته; فبعزّتي حلفت وبجلالي أقسمت (1): أنّه لا يتولى عليّاً عبد من عبادي إلّا زحزحته عن النار وأدخلته الجنّة، ولا يبغضه عبد من عبادي ويعدل عن ولايته إلّا أبغضته وأدخلته النار وبئس المصير (2).
[176] وروى فيه بإسناده قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة (3).
[177] وروى فيه بإسناده عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنّه قال: أخبرني جبرئيل عن اللّه عزّ اسمه الجليل أنّه قال: عليّ بن أبي طالب حجتي على خلقي، وديان ديني، اخرج من صلبه أئمّة يقومون بأمري ويدعون إلى سبيلي، بهم أدفع البلاء عن عبادي وإمائي وبهم أنزل [من] رحمتي (4).
[178] وروى فيه عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: الأئمّة من ولد الحسين; من أطاعهم فقد أطاع اللّه ومن عصاهم فقد عصى اللّه، هم العروة الوثقى وهم الوسيلة إلى اللّه (5).
[179] وروى فيه عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنه قال: أنت يا علي وولدك (6) خيرة اللّه من خلقه (7).
[180] وروى فيه عنه (صلّى اللّه عليه وآله) أنّه قال: الحسن والحسين خير أهل الأرض بعدي وبعد أبيهما، واُمّهما أفضل نساء أهل الأرض (8).
ص: 165
[181] وروى فيه عنه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّه قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها (1).
[182] وروى فيه عنه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّه قال: إن اللّه - عزّ وجلّ - اطّلع إلى أهل الأرض اطّلاعة فاختارني ثمّ اطّلع الثانية فاختارك يا علي (2) بعدي، فجعلك القائم (3) بأمر امتي [من] بعدي وليس أحد بعدنا مثلنا (4).
[183] وروى فيه بإسناده عن الحسن بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون يوماً وعنده عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) وقد اجتمع عنده (5) الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال [له]: يا بن رسول اللّه! بأي شيء تصحّ الإمامة لمدعيها؟
قال (عليه السلام): بالنصّ والدليل.
قال [له]: فدلالة الإمام فيم هي؟
قال (عليه السلام): في العلم واستجابة الدعوة.
قال: فما وجه إخباركم بما يكون؟
قال (عليه السلام): ذلك بعهد معهود إلينا من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).
قال: فما وجه إخباركم بما في قلوب النّاس؟
قال (عليه السلام) له: أما بلغك قول رسول اللّه: اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور اللّه.
قال: بلى.
قال (عليه السلام): فما من مؤمن إلّا وله فراسة لنظره (6) بنور اللّه على قدر إيمانه ومبلغ استبصاره وعلمه، وقد جمع اللّه في (7) الأئمّة منّا ما فرّقه في جميع المؤمنين،
ص: 166
[و] قال - تعالى - في كتابه العزيز: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (1) فأول المتوسّمين رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ثمّ أمير المؤمنين من بعده ثمّ الحسن ثمّ الحسين ثمّ (2) الأئمّة من ولد الحسين إلى يوم القيامة.
قال: فنظر إليه المأمون وقال [له] (3): يا أبا الحسن! زدنا ممّا جعل اللّه لكم أهل البيت.
فقال الرضا (عليه السلام): إن اللّه - تعالى - قد أيّدنا بروح منه مقدّسة مطهّرة (4) لم تكن مع أحد ممّن مضى إلا مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وهي مع الأئمّة منّا تسدّدهم وتوفّقهم وهي (5) عمود من نور بين اللّه وبينهم (6) وليست بملك (7).
[184] وروى فيه بإسناده عن الريّان بن الصلت قال: حضر الرضا (عليه السلام) مجلس المأمون بمرو وقد اجتمع بمجلسه (8) جماعة من علماء أهل العراق وخراسان، فقال المأمون:أخبروني عن معنى هذه الآية: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا)؟
فقالت العلماء: أراد اللّه - تعالى - في ذلك (9) الاُمّة كلها.
فقال المأمون: ما تقول يا أبا الحسن؟ فقال [الرضا] (عليه السلام): لا أقول كما قالوا ولكنّي أقول: أراد - تعالى - بذلك العترة الطاهرة.
فقال المأمون: وكيف عنى العترة [من] دون الاُمّة؟
ص: 167
فقال [له] الرضا (عليه السلام): لو أراد الاُمّة لكانت بأجمعها (1) في الجنّة لقول اللّه - عزّ وجلّ -: (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (2)... (3).
[185] وروى في كتاب الأمالي الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) بإسناده عن عبد اللّه بن مسعود قال: رأيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وكفه في كفّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وهو يقلّبه.
فقلت: يا رسول اللّه! ما منزلة عليّ منك؟
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): كمنزلتي من اللّه - تعالى - (4).
[186] وروى فيه بإسناده عن جابر بن عبد اللّه قال: كنّا عند النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إذا أقبل (5) عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال النّبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): قد أتاكم أخي، ثمّ التفت إلى الكعبة فضربها بيده، ثمّ قال: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته هم (6) الفائزون يوم القيامة، [ثم قال:] إنّه أوّلكم إيماناً معي، وأوفاكم بعهد اللّه، وأقومكم بأمر اللّه، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسويّة، وأعظمكم عند اللّه مزيةّ، فنزلت (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ البريّة) (7).
قال: فكان أصحاب محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) إذا جاء علي (عليه السلام) قالوا: قد جاء خير البريّة (8).
ص: 168
[187] وروى فيه بإسناده إلى الأصبغ بن نباته، قال: سمعت الأشعث بن قيس الكندي وجوهر الكلبي (1) قالا لعليّ (عليه السلام): يا أمير المؤمنين! حدّثنا في خلواتك أنت وفاطمة.
قال (عليه السلام): نعم، بينما (2) أنا وفاطمة في كساء، إذ أقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) نصف الليل وكان يأتيها بالتمر واللبن ليعينها على الغلامين، فدخل بيننا ووضع (3) رجلا بحيالي ورجلا بحيالها، فبكت فاطمة (4).
فقال لها [رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)]: ما يبكيك يا بنية [محمّد]؟
فقالت: حالنا كما ترى في كساء نصفه تحتنا ونصفه فوقنا.
فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا فاطمة! أما تعلمين أنّ اللّه - تعالى - إطلع إطلاعة من سمائه إلى أرضه فاختار منها أباك فاتخذه نبيّاً (5) صفيا، وبعثه (6) برسالته وائتمنه على وحيه.
يا فاطمة! أوما (7) تعلمين أنّ اللّه إطّلع إطّلاعة ثانية (8) من سمائه إلى أرضه فاختار منها بعلك وأمرني أن ازوجه إيّاك (9) و [أن] أتّخذه وصيا؟
يا فاطمة! أوما (10) تعلمين أن العرش سأل (11) ربّه أن يزيّنه بزينة لم يزين بها شيئاً (12) من خلقه فزينه بالحسن والحسين ركنين (13) من أركان الجنّة (14)؟
ص: 169
[188] وروى فيه بإسناده إلى أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يقول اللّه - تعالى - يوم القيامة لي ولعليّ بن أبي طالب: أدخلا الجنّة من أحبكما وأدخلا النار من أبغضكما، وذلك قوله - تعالى -: (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كلّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) (1) (2).
[189] وروى فيه بإسناده عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّه قال: إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على جهنم لم يجز عليه إلا من معه جواز فيه ولاية عليّ بن أبي طالب [وذلك قوله - تعالى -: (وقفوهم إنهم مسؤولون) يعني عن ولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) (3).
[190] وروى فيه بإسناده عن عطيةّ العوفي قال: سألت جابر بن عبد اللّه عن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فقال: ذاك خير البشر (4).
[191] وروى فيه بإسناده عن المفضّل عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إن اللّه - عزّ وجلّ - جعل عليّاً علما بينه وبين خلقه ليس بينهم علم غيره; فمن أقرّ بولايته كان مؤمنا، ومن جحدها (5) كان كافراً، ومن جهله كان ضالّاً ومن نصب معه كان مشركاً، ومن جاء بولايته دخل الجنّة، ومن أنكرها دخل النار (6).
[192] وفي حديث آخر: ومن عدل بينه وبين غيره كان مشركا (7).
[193] وروى عليّ بن عيسى (رحمه اللّه) في كتاب «كشف الغمة» عن أنس قال: كنت
ص: 170
جالسا مع النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إذ أقبل عليّ بن أبي طالب، فقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أنا وهذا حجة اللّه على خلقه (1).
[194] وفيه قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): خلق اللّه من نور وجه عليّ بن أبي طالب سبعين ألف ملك يستغفرون [له و] لمحبيه إلى يوم القيامة (2).
[195] وفيه عن مسروق قال: دخلت على عايشة فقالت لي: من قتل الخوارج؟
فقلت: قتلهم عليّ بن أبي طالب.
[قال:] فسكتت.
[قال:] فقلت لها: يا اُمّ المؤمنين! إني انشدك اللّه وبحق نبيه محمّد (3) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إن كنت سمعت من رسول اللّه شيئاً في ذلك فأخبرينيه (4).
[قال:] فقالت: سمعت رسول اللّه يقول: هم شر الخلق والخليقة، يقتلهم خير الخلق والخليقة وأعظمهم عند اللّه يوم القيامة وسيلة (5).
[196] وفيه عن عبد اللّه بن عمر قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: وقد سئل (6) بأي لغة خاطبك ربّك ليلة المعراج؟ فقال (7): خاطبني بلغة عليّ بن أبي طالب فألهمني أن قلت: يا ربّ أنت خاطبتني أم علي؟
فقال: يا أحمد! أنا شيء ليس (8) كالأشياء لا اقاس بالنّاس ولا اوصف بالأشياء،
ص: 171
خلقتك من نوري وخلقت عليّاً من نورك، فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد أحداً أحب من عليّ بن أبي طالب إلى قلبك (1) فخاطبتك بلسانه كيما يطمئن قلبك (2).
[197] وفيه عن أسماء بنت عميس قالت: سمعت سيّدتي فاطمة (عليها السلام) تقول: ليلة دخل بي علي أفزعني في فراشي.
فقلت: ممّ فزعت (3) يا سيدة النساء؟
قالت: سمعت الأرض تحدّثه ويحدّثها فأصبحت وأنا فزعة فأخبرت أبي (4) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فسجد سجدة طويلة ثمّ رفع رأسه وقال: يا فاطمة! أبشري بطيب النسل فإن اللّه - عزّ وجلّ - فضل بعلك على سائر خلقه، وأمر الأرض أن تحدثه بأخبارها وما يجري على وجهها من مشرق الأرض إلى مغربها (5) (6).
[198] وروى الخوارزمي في كتابه عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لو أن الرياض (7) أقلام والبحر مداد والجن حساب والإنس كتاب ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) (8).
[199] وروى فيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يوم فتحت خيبر: لولا أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم لقلت - اليوم - فيك (9) مقالاً لا تمرّ بملأ (10) من المسلمين إلّا أخذوا من تراب رجليك
ص: 172
وفضل طهورك ليستشفوا به (1)، ولكن حسبك أن تكون منّي وأنا منك، ترثني وأرثك، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدي، و (2) أنت تؤدي ديني وتقاتل على سنّتي، وأنت في الآخرة أقرب النّاس مني، وأنت غدا على الحوض خليفتي تذود عنه المنافقين، وأنت أول من يرد علي الحوض، وأنت أوّل من يدخل (3) الجنّة من امتي، وإن شيعتك على منابر من نور روّاء مرويّين مبيضّة وجوههم حولي، أشفع لهم فيكونون [غدا] في الجنّة جيراني، وإن عدوك [غدا] ظماء مظمأون مسودة وجوههم مقمحون (4)، حربك حربي وسلمك سلمي، وسرك سري وعلانيتك علانيتي، وسريرة صدرك سريرة (5) صدري، وأنت باب علمي، وإن ولدك ولدي، ولحمك لحمي ودمك دمي، وإنّ الحقّ معك والحق على لسانك [وفي قلبك] وبين عينيك، والإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي، وإن اللّه [عزّ وجلّ] أمرني أن ابشرك أنك وعترتك في الجنّة وأن عدوك في النار، لا يرد الحوض علي (6) مبغض لك ولا يغيب عنه محب لك.
[قال] قال عليّ (عليه السلام): فخررت للّه - سبحانه - ساجدا وحمدته علىّ ما أنعم به علي من الإسلام والقرآن وحببني إلى خاتم النبيّين وسيّد المرسلين (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) (7).
[200] وروى فيه عن جابر قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إن اللّه - تعالى - لما خلق السماوات والأرض دعاهن فأجبنه، فعرض عليهن نبوتي وولاية عليّ بن أبي طالب فقبلتها (8)، ثمّ خلق الخلق وفوّض إلينا أمر الدين; فالسعيد من سعد بنا،
ص: 173
والشقي من شقي بنا، نحن المحللون لحلاله والمحرّمون لحرامه (1).
[201] وروى فيه عن سلمان قال: سمعت حبيبي المصطفى (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: كنت أنا وعلي نورا بين يدي اللّه - عزّ وجلّ - مطيعا (2) يسبح اللّه [ذلك النور] ويقدسه قبل أن يخلق آدم [بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق اللّه - تعالى - آدم]، ثمّ (3) ركّب ذلك النور في صلبه فلم نزل في شيء واحد حتّى افترقنا في صلب عبد المطّلب، فجزأ أنا وجزء علي (4).
[202] وروى فيه قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): كنت أنا وعلي نوراً بين يدي اللّه - عزّ وجلّ - [من] قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق اللّه - تعالى - آدم سلك ذلك النور في صلبه، فلم يزل اللّه ينقله من صلب إلى صلب حتّى أقره في صلب عبد المطلب، فقسّمه قسمين: قسما في صلب عبد اللّه وقسماً في صلب أبي طالب; فعلي منّي وأنا منه، لحمه من لحمي ودمه دمي; فمن أحبه فبحبّي أحبّه، ومن أبغضه فببغضي أبغضه (5).
[203] وروى فيه عن جابر قال: كنا عند رسول اللّه (عليه السلام) فتذاكر أصحابه الجنّة.
فقال (عليه السلام): إنّ أوّل [أهل] الجنّة دخولاً إليها عليّ بن أبي طالب.
فقال (6) أبو دجانة الأنصاري: يا رسول اللّه! ألست (7) أخبرتنا أن الجنّة محرمة على الأنبياء حتّى تدخلها أنت، وعلى الامم حتّى تدخلها اُمّتك؟
قال: بلى يا أبا دجانة! أما علمت أنّ للّه - تعالى - لواء من نور وعموداً من ياقوت
ص: 174
مكتوب على ذلك اللواء (1): " لا إله إلّا اللّه (2)، محمّد رسول اللّه، آل محمّد خير البريّة " وصاحب اللواء هذا إمام القوم (3).
وضرب بيده إلى علي [بن أبي طالب] (عليه السلام) [قال:] فسر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عليّاً (عليه السلام)، فقال علي (4) (عليه السلام): الحمد للّه الذي أكرمنا وشرفنا بك يا رسول اللّه (5).
فقال له: أبشر يا علي ما من عبد ينتحل مودّتك إلّا بعثه اللّه - تعالى - معنا يوم القيامة [ثم قرأ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم):] (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) (6).
[204] وروى الجلودي في كتاب الخطب خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) من جملتها: أيّها النّاس! سلوني قبل أن تفقدوني، أنا يعسوب المؤمنين، وغاية السابقين، ولسان المتّقين، وخاتم الوصيّين، وخليفة ربّ العالمين، أنا قسيم النيران (7)، أنا صاحب الجنان، أنا صاحب الأعراف، أنا صاحب الحوض، إنه ليس منّا إمام إلّا وهو عارف بجميع أوليائه (8)، وأنا الهادي بالولاية (9).
وممّا يدلّ على تفضيل محمّد وآله «صلوات اللّه عليهم» على جميع أوليائه ورسله قوله - تعالى -: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (10).
ص: 175
[205] فروي عن مولانا الصادق (عليه السلام) أن المراد بالغيب هنا ثلاثة أشياء: يوم قيام القائم، ويوم الكرّة، ويوم القيامة; من آمن بها فقد آمن بالغيب (1).
وهذا بعينه هو معنى قوله - تعالى -: (وَذَكِّرهُم بِأيّام اللّه) (2).
[206] وروي عن الصادق (عليه السلام) أن أيّام اللّه ثلاثة: يوم القائم ويوم الكرة ويوم القيامة (3).
[207] وروى الخوارزمي في مناقبه بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إنّ اللّه - تعالى - جعل لأخي فضائل لا تحصى كثرة; فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها له غفر اللّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة (4) رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر اللّه له بالاستماع لها الذنوب التي اكتسبها بالسمع (5)، ومن نظر إلى فضيلة (6) من فضائله غفر اللّه له الذنوب التي اكتسبها بالنظر.
ثم قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): النظر إلى عليّ بن أبي طالب عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل اللّه إيمان عبد إلّا بولايته والبراءة من أعدائه (7).
[208] وروى فيه بإسناده إلى ابن عبّاس قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): علي منّي مثل رأسي من بدني (8).
ص: 176
وممّا يدلّ على تفضيل أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» على سائر من مضى ومن يأتي
[209] ما رواه الخوارزمي عن ابن عبّاس قال: لما قتل علي (عليه السلام) عمرو بن عبد ود أتى إلى النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وسيفه يقطر دماً، فلمّا رآه النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كبّر وكبّر (1) المسلمون.
فقال رسول اللّه (2) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): اللّهمّ أعط عليّاً فضيلة لم تعطها أحداً قبله ولا تعطيها أحداً بعده.
فهبط جبرئيل (عليه السلام) ومعه اترجة من الجنّة، فقال له: إنّ اللّه - جلّ جلاله - يقرأ عليك السلام ويقول لك: حي بهذه عليّ بن أبي طالب.
فدفعها إليه فانفلقت في يده فلقتين، فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب عليها سطران بالخضرة (3):
" تحيّة من اللّه (4) الغالب " " إلى عليّ بن أبي طالب " (5).
[210] وروى فيه عن محمّد بن الحنفية قال: قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لمّا عرج بي إلى السماء رأيت في السماء الرابعة أو السادسة ملكاً نصفه من نار ونصفه من ثلج وفي جبهته مكتوب: " أيّد اللّه محمّداً بعلي ".
فبقيت متعجّباً.
ص: 177
فقال لي ذلك الملك: ممّن تعجب؟ كتب اللّه في جبهتي ما ترى قبل خلق الدنيا بألفي عام (1).
[211] وروى فيه بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: خرجت مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ذات يوم نمشي في طرق (2) المدينة فمررنا (3) بنخل من نخلها فصاحت نخلة باخرى:" هذا محمّد المصطفى وعلي المرتضى ".
ثمّ جزنا [ها]، فصاحت ثانية بثالثة: " هذا موسى وأخوه هارون ".
ثمّ جزناها فصاحت رابعة بخامسة: " هذا نوح وإبراهيم ".
ثمّ جزنا صاحت (4) خامسة بسادسة: " هذا محمّد سيّد النبيّين و [هذا] علي سيد الوصيّين ".
فتبسّم النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ثمّ قال: يا علي! إنما سمي نخل المدينة «صيحاني» (5) لأنّه صاح بفضلي وفضلك (6).
[212] وعن ابن عبّاس قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: ليلة اُسري بي إلى السّماء دخلت الجنّة فرأيت نوراً ضرب به وجهي، فقلت لجبرئيل: ما هذا النور الذي رأيته؟ قال: يا محمّد! ليس هذا نور الشمس، ولا نور القمر، ولكن جارية من جواري عليّ بن أبي طالب إطلعت من قصرها ونظرت إليك فضحكت، وهذا النور (7) خرج من فيها، وهي تدور في الجنّة إلى أن يدخلها أمير المؤمنين (8) (عليه السلام).
ص: 178
[213] وعن النّبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: نزل عليّ جبرئيل صبيحة يوم فرحاً مستبشراً، فقلت: حبيبي! [ما لي] أراك فرحا مستبشراً؟
فقال: [يا محمّد] وكيف لا أكون كذلك وقد قرّت عيني بما أكرم اللّه به أخاك ووصيك وإمام اُمّتك عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
[ف_] قلت: بماذا (1) أكرم اللّه - سبحانه - أخي وإمام اُمّتي؟
قال: [باهى] بعبادته البارحة ملائكته وحملة عرشه، وقال: يا ملائكتي! اُنظروا إلى حجتي في خلق أرضي (2) بعد نبيي محمّد (3) وقد عفّر وجهه في التراب (4) تواضعاً لعظمتي، اشهدكم أنّه إمام خلقي ومولى بريّتي (5).
[214] وعن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: إذا كان يوم القيامة أقامني اللّه - عزّ وجلّ - وجبرئيل على الصراط فلا يجوز أحد (6) إلّا من كان معه براءة من عليّ بن أبي طالب (7).
[215] وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): دخلت يوماً منزلي فإذا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) [جالس] والحسن عن يمينه والحسين عن يساره وفاطمة بين يديه وهو يقول: يا حسن يا حسين! أنتما كفّتا الميزان وفاطمة لسانه ولا يعتدل (8) الكفّتان إلّا باللسان، ولا يقوم اللسان إلا بالكفتين (9)، أنتما الإمامان ولاُمّكما الشفاعة.
ص: 179
ثم التفت إليّ فقال: يا أبا الحسن! أنت توفّي المؤمنين اجورهم وتقسم الجنّة بين أهلها (1) (2).
[216] وروى سعد الأربلي في كتاب «الأربعين» قال: وجد في ذخيرة أحد حواري المسيح (عليه السلام) رق مكتوب بالقلم السرياني منقول (3) من التوراة أنّه (4) لما تشاجر موسى والخضر في قضية السفينة والجدار والغلام (5)، ورجع موسى إلى قومه، سأله [أخوه] هارون عمّا استعمله من الخضر [في السفينة] وشاهده من عجائب البحر.
فقال (6): بينما أنا والخضر على شاطىء البحر إذ سقط بين أيدينا طائر فأخذ في منقاره قطرة من ماء البحر ورمى بها نحو المشرق، ثمّ أخذ ثانية ورمى بها نحو المغرب، ثمّ أخذ ثالثة ورمى بها نحو السماء، ثمّ أخذ رابعة ورمى بها نحو الأرض، ثمّ أخذ خامسة وعادها (7) إلى البحر، فبهتنا لذلك (8)، [قال موس:] وسألت (9) الخضر [عن ذلك] فلم يجب، وإذا نحن بصيّاد يصطاد، فنظر إلينا وقال: ما لي أراكما في فكر من الطائر (10) وتعجب؟
فقلنا: هو ذاك (11).
فقال: أنا رجل صيّاد وقد فهمت (12) إشارته وأنتما نبيّاًن ولا (13) تعلمان؟!
فقلنا: لا نعلم (14) إلّا ما علّمنا اللّه - عزّ وجلّ -.
ص: 180
فقال: هذا طائر في البحر يسمى «مسلماً» أشار برمي الماء من منقاره إلى نحو المشرق والمغرب والسماء والأرض ورميه في البحر إلى أنه يأتي (1) في آخر الزمان نبي يكون علم أهل المشرق والمغرب وأهل السماء والأرض عند علمه مثل هذه القطرة الملقاة في البحر، ويرث علمه ابن عمه ووصيه، فسكن ما كنا فيه من المشاجرة، واستقل كلّ واحد منا علمه بعد ما (2) كنّا معجبين بأنفسنا (3) [ومشينا]، ثمّ غاب الصياد عنّا فعلمنا أنّه ملك بعثه اللّه - تعالى - إلينا يعرفنا نقصنا (4) حيث ادّعينا الكمال (5).
[217] وروى فيه عن سلمان الفارسي قال: كنّا عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فأتى إليه أعرابي (6) من بني عامر فوقف وسلم سلاماً حسناً ثمّ قال: أيّكم رسول اللّه؟
فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أنا يا أعرابي (7).
فقال: [يا رسول اللّه] جاء منك رسول يدعونا إلى الإسلام فأسلمنا، ثمّ إلى الصلاة والصيام والجهاد فرأينا ذلك حسناً (8)، ثمّ نهانا (9) عن الزنا والسرقة [والغيبة] والمنكر فرأينا ذلك حسنا، ففعلنا ذلك وانتهينا عن هذا (10). فقال لنا رسولك: علينا أن نحبّ صهرك عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، فما السرّ في ذلك وما نراه عبادة؟
ص: 181
فقال (1) رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ذلك (2) لخمس خصال:
أولها: أني كنت يوم «بدر» جالسا بعد أن غزونا فهبط (3) جبرئيل (عليه السلام) وقال: إن اللّه - تعالى - يقرئك السلام ويقول: باهيت اليوم بعلي ملائكتي وهو يجول بين الصفوف ويقول: اللّه أكبر، والملائكة تكبر معه، فوعزتي (4) وجلالي لا الُهم حبّه إلّا من احبّه، ولا اُلهم بغضه إلّا من أبغضه.
والثانية: أنّي كنت يوم «احد» جالسا وقد فرغنا من جهاز عمّي حمزة فأتاني (5) جبرئيل (عليه السلام) وقال: إن اللّه يقول: يا محمّد (6)! فرضت الصلاة ووضعتها عن المريض، وفرضت الصوم ووضعته عن المريض والمسافر، وفرضت الحج ووضعته عن المقل المدقع، وفرضت الزكاة ووضعتها عمن لا يملك النصاب، وجعلت حب عليّ بن أبي طالب ليس فيه رخصة.
والثالثة: أنه ما أنزل اللّه كتابا ولا خلق خلقا إلا جعل له سيدا; فالقرآن سيد الكتب المنزلة، وجبرئيل سيّد الملائكة - أو قال: إسرافيل - وأنا سيّد الأنبياء، وعلي سيّد الأوصياء، ولكل امرئ من عمله سّيد (7)، وحبّي وحبّ عليّ سيّد ما تقرّب به المتقرّبون من طاعة ربّهم.
والرابعة: أن اللّه - تعالى - ألقى في روعي أنّ حبّ عليّ (8) شجرة طوبى التي غرسها اللّه [تعالى] بيده.
والخامسة: أنّ جبرئيل أخبرني أنّه إذا كان (9) يوم القيامة نصب لي (10) منبر عن
ص: 182
يمين العرش والنبيّون كلّهم عن يساره (1) [وبين يديه] ونصب لعليّ (عليه السلام) كرسي إلى جانبي (2) إكراماً له، ومن هذه خصاله، أفما ترى لقومك أن يحبّوه ويحبّوا إلى ذلك (3)؟ فقال الأعرابي: سمعا وطاعة (4).
[218] وروى الثعلبي في تفسيره عن ابن عبّاس مرفوعا في قوله - تعالى -: (طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) (5)، قال: طوبى هي شجرة أصلها في دار علي (عليه السلام) في الجنّة وفي دار كلّ مؤمن منها غصن.
(وَحُسْنُ مَآبٍ)، قال: حسن المرجع (6).
[219] وعن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: إنّ طوبى شجرة غرسها اللّه - تعالى - بيده ونفخ فيها من روحه، تنبت الحلي والحلل، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنّة (7)، أصلها في داري.
فقيل: يا رسول اللّه! سألناك عنها فقلت: شجرة في الجنّة أصلها في دار علي، ثمّ سألنا عنها فقلت: شجرة في الجنّة أصلها في دارى؟! فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): داري ودار علي غدا واحدة في مكان واحد (8).
[220] وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن جابر عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: رأيت مكتوباً على باب الجنّة: " لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه عليٌّ أخوه " (9).
ص: 183
[221] وروى فيه عن ابن عمر قال: آخى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بين أصحابه فجاء عليٌّ (عليه السلام) تدمع عيناه، فقال: يا رسول اللّه! آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد؟! قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول له: أنت أخي في الدنيا والآخرة (1).
[222] وروى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إن للّه - تعالى - بالمشرق مدينة يقال لها (2) «جابلقا»، لها إثنا عشر ألف باب من ذهب م (3) ا بين كلّ باب إلى صاحبه فرسخ، على كلّ باب برج فيه إثنا عشر ألف مقاتل يهيّؤون (4) الخيل ويشهرون السيوف (5) والسلاح ينتظرون قيام قائمنا، وإني الحجة عليهم (6).
[223] وروى عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن ميراث العلم ما مبلغه؟ أجوامع [ما] هو من [هذا] العلم أم تفسير كلّ شيء من هذه الامور التي نتكلم فيها؟
فقال (عليه السلام): إنّ للّه - عزّ وجلّ - مدينتين: مدينة بالمشرق ومدينة بالمغرب فيهما قوم لا يعرفون إبليس ولا يعلمون بخلق إبليس، نلقاهم في كلّ حين فيسألونا عمّا
ص: 184
يحتاجون إليه [ويسألونا عن الدعاء] فنعلّمهم، ويسألونا عن قائمنا متى يظهر، وفيهم عبادة واجتهاد شديد، ولمدينتهم أبواب ما بين المصراع إلى المصراع مائة فرسخ، لهم تقديس وتمجيد ودعاء واجتهاد شديد، لو رأيتهم لحقّرت عملكم (1)، يصلي الرجل منهم شهراً لا يرفع رأسه من سجدته، طعامهم التسبيح، ولباسهم الورع، ووجوههم مشرقة بالنور، وإذا رأوا منّا واحداً إحتوشوه (2) واجتمعوا إليه وأخذوا من أثره من الأرض يتبركون به، لهم دويٌّ إذا صلّوا كأشدّ من دوي الريح العاصف، فيهم (3) جماعة لم يضعوا السلاح منذ كانوا ينتظرون قائمنا، يدعون اللّه أن يريهم إيّاه، يعمر (4) أحدهم ألف سنة، إذا رأيتهم رأيت الخشوع والاستكانة وطلب ما يقربهم من (5) اللّه، إذا احتبسنا عنهم ظنوا أن ذلك من سخط، يتعاهدون أوقاتنا التي نأتيهم فيها، لا يسأمون ولا يفترون، يتلون كتاب اللّه - عزّ وجلّ - كما علّمناهم، وإن فيما نعلمهم ما لو تلي على النّاس لكفروا به ولأنكروه، و (6) يسألونا عن الشيء إذا وردّ عليهم من القرآن لا يفهمونه (7)، فإذا أخبرناهم به إنشرحت صدورهم لما يسمعونه (8) منا، وسألوا لنا طول البقاء وأن لا يفقدونا، ويعلمون أن المنة من اللّه - تعالى - عليهم فيما نعلّمهم به (9) عظيمة، ولهم خرجة مع الإمام إذا قام يسبقون فيها أصحاب السلاح منكم (10)، ويدعون اللّه - تعالى - أن يجعلهم ممّن ينتصر به (11) لدينه، فيهم كهول وشباب (12)، إذا رأى شابّ منهم الكهل جلس بين يديه جلسة العبد لا يقوم حتّى يأمره [لهم طريق هم أعلم به من الخلق إلى حيث يريد الإمام (عليه السلام)]، فإذا
ص: 185
أمرهم الإمام أمر (1) قاموا إليه (2) أبدا حتّى يكون هو الذي يأمرهم بغيره، لو أنّهم وردوا على ما بين المشرق والمغرب [من الخلق] لأفنوهم في ساعة واحدة، ل لا يختل فيهم الحديد] هم سيوف من حديد غير هذا الحديد لو ضرب أحدهم بسيفه جبلا لقده حتّى يفصله، ويغزو بهم الإمام الهند والديلم والكرد والروم وبربر وفارس، وبين جابرسا إلى جابلقا، وهما مدينتان واحدة بالمشرق وواحدة بالمغرب، لا يأتون على أهل دين إلا دعوهم إلى اللّه - تعالى - وإلى الإسلام والتوحيد والإقرار بمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وولايتنا أهل البيت، فمن أجاب منهم ودخل في الإسلام تركوه وأمروا عليه أميرا منهم، ومن لم يجب ولم يقر بمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) و [لم يقرّ] بالإسلام [ولم يسلم] قتلوه حتّى لا يبقى بين المشرق والمغرب [وما دون الجبل] أحد إلا آمن (3).
[224] وروى عن الحسن بن علي (عليهما السلام) أنه قال: إن للّه - عزّ وجلّ - مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب عليهما سور من حديد، يدور على كلّ واحدة منهما سبعون ألف ألف مصراع ذهبا، وفيهما ألف ألف لغة كلّ لغة بخلاف الاخرى، وأنا أعرف جميع اللغات، وليس بينهما حجة غيري وغير الحسين أخي (4).
[225] وروى عنه (عليه السلام) أيضاً في رواية اخرى أنه قال: إنّ للّه مدينتين بالمشرق ومدينة بالمغرب على كلّ واحدة سور من حديد، في كلّ سور سبعون ألف مصراع ذهباً، يدخل من كلّ مصراع سبعون ألف لغة آدمي، ليس فيها لغة إلا مخالفة للاخرى، وما
ص: 186
منها لغة إلّا وقد علمناها، وما فيهما وما بينهما ابن بنت نبيّ غيري وغير أخي، وإنّي حجة اللّه عليهم (1).
[226] وروى عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إن للّه - عزّ وجلّ - إثنى عشر ألف عالم، كلّ عالم منهم أكبر من سبع سماوات وسبع أرضين، لا يرى كلّ عالم (2) منهم أن للّه - تعالى - عالما غيره، وإني الحجة عليهم (3).
[227] وروى عن ابن عبّاس أنّه قال: لما فتح رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) مكّة ورفع الهجرة إذ قال: لا هجرة بعد الفتح، قال لعليّ (عليه السلام): إذا كان الغد كلمّ الشمس لتعرف كراُمّتك على اللّه - تعالى -.
فلمّا كانت الغداة جاء علي (عليه السلام) إلى مشرق الشمس حين طلعت، فقال: السلام عليك أيّها العبد المطيع لربّه.
فقالت الشمس: وعليك يا أخا رسول اللّه ووصيه السلام، أبشر فإنّ ربّ العزّة يقرئك السلام ويقول لك: أبشر فإنّ لك ومحبيك وشيعتك ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
فخرّ علي (عليه السلام) ساجدا.
فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إرفع رأسك يا حبيبي فقد باهى اللّه بك الملائكة (4).
ص: 187
[228] ما روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: لا تشدّ الرحال إلى شيء من القبور إلّا قبورنا أهل البيت (1).
[229] وروي أنّ رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو بجامع الكوفة فقال: جئتك يا أمير المؤمنين اودّعك.
فقال له: إلى أين تذهب؟
قال: أزور بيت المقدس.
فقال له: بع راحلتك وكل زادك وصل في مسجدنا هذا فهو أفضل لك (2).
وهذا دليل أفضليّتهم على من سواهم.
[230] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: لمّا اُسري بي إلى السماء رأيت على ساق العرش: " أنا اللّه وحدي لا إله غيري، غرست جنة عدن بيدي، محمّد صفوتي، أيدته بعلي (3) خيرته ".
[231] وروي عنه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أن على أحد جناحي جبرئيل مكتوبا: " لا إله إلّا اللّه محمّد
ص: 188
النبي "، وعلى الآخر: " لا إله إلّا اللّه عليّ الوصي " (1).
[232] وروي في حديث «صلصائيل» المبشر بتزويج فاطمة بن علي (عليهما السلام) أنّه قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): فلمّا عرج نظرت إليه وإذا بين كتفيه مكتوب: لا إله إلّا اللّه محمّد رسول اللّه عليّ بن أبي طالب مقيم الحجّة.
فقلت: يا صلصائيل منذ كم كتب هذا بين كتفيك؟
قال: من قبل أن يخلق اللّه آدم بإثني عشر ألف عام (2).
[233] وروي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): مكتوب على العرش: " لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، محمّد عبدي ورسولي، أيدته بعليّ بن أبي طالب ".
قال: وذلك قوله - تعالى - في كتابه: (هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين) (3) يعني بعليّ بن أبي طالب (4).
[234] وروي أنه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: ليلة اسري بي إلى السماء أمر اللّه - عزّ وجلّ - بعرض الجنّة والنار علي، فرأيتهما جميعاً، رأيت الجنّة وألوان نعيمها، ورأيت النار وألوان عذابها، ورأيت على كلّ باب من أبواب الجنّة الثمانية مكتوبا: لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، علي ولي اللّه (5).
ص: 189
[235] وروي أنّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: إن اللّه لمّا خلق السماوات والأرض دعاهنّ فأجبنه، ثمّ عرض عليهنّ نبوتّي وولاية عليّ بن أبي طالب فقبلنهما، ثمّ خلق الخلق وفوّض إلينا أمر الدين; فالسعيد من سعد بنا، والشقي من شقي بنا، نحن المحلّلون لحلاله - تعالى - والمحرّمون لحرامه (1).
[236] وروي أنّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: لو علم النّاس أنّه متى سمّي علي أمير المؤمنين ما أنكروا فضله; سمي وآدم بين الروح والجسد، قال اللّه - تعالى -: (وَإِذْ أَخَذَ ربّك مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذرّيّتهمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى) (2) قال: فأنا ربّكم ومحمّد نبيّكم وعلي أميركم (3).
[237] وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنّه قال: إنّ اللّه - عزّ وجلّ - كان إذ لا كان، فخلق الكان والمكان، وخلق نور الأنوار الذي نوّرت منه الأنوار، وأجرى فيه من نورّه الذي نورت منه الأنوار، وهو النور الذي خلق منه محمّداً وعليا، فلم يزالا نورين
ص: 190
أولين لم يكن شيء قبلهما، ولم يزالا يجريان طاهرين مطهَّرين في الأصلاب الطاهرة حتّى افترقا في أطهر طاهرين، في عبد اللّه وأبي طالب (1)، وهما أخوان لاُمّ واحدة ابنا عبد المطّلب.
[238] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنه قال: ليلة اسري بي إلى السماء جاوزت الحجب حتّى دنوت من ربّي - جلّ جلاله - فلم يبق بيني وبين ربّي إلا حجاب النّور، وهو يتلألأ، فأوحى إلي: يا أحمد!
قلت: لبّيك.
فقال: من خلفت على اُمّتك؟
قلت: خيرها.
فقال: خلّفت عليها عليّ بن أبي طالب وأنا أعلم؟
قلت: نعم يا رب.
فأوحى إلي: يا محمّد! إنّي اطلعت إلى الأرض إطّلاعة فاخترتك منها نبيّاً، فلا اذكر إلا وأنت معي، وشققت لك إسما من اسمي; فأنا المحمود وأنت محمّد.
ثم إطّلعت إلى الأرض إطلاعة اخرى فاخترت منها عليّاً، فجعلته وصيّك، وشققت له إسما من أسمائي; فأنا الأعلى وهو علي.
فأنت سيد الأنبياء وهو سيّد الأوصياء، خلقتك من نوري وخلقته من نورك، وخلقت فاطمة والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين من نوركما.
ص: 191
ثم عرضت ولايتكم على خلقي; فمن قبلها كان من المقربين الذين (لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (1)، ومن جحدها كان من الكافرين.
يا محمّد! لو أن عبدا عبدني حتّى يتقطّع إرباً إرباً ثمّ لقيني جاحدا لولايتكم لأدخلته النار وعذبته العذاب الأليم.
يا محمّد! أتحبّ أن ترى صورة شبحك وأشباح خلفائك من بعدك; عليٌّ وأحد عشر إماما من ذرّيّته؟
قلت: نعم يا رب.
فأوحى - تعالى - إلي أن تقدّم أمامك.
فتقدّمت، فإذا أنا بأشباح من نور يتلألأ مكتوب عليها بالنور أسمائنا وهي:" محمّد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن علي، وجعفر بن محمّد، وموسى بن جعفر، وعليّ بن موسى، ومحمّد بن علي، وعليّ بن محمّد، والحسن بن علي، و «م ح م د» بن الحسن "، وهو في وسطهم شبيه الكوكب الدري.
فقلت: يا ربّ! من هؤلاء؟
فأوحى إلي: أن يا محمّد! هذه ابنتك والخلفاء من ولدها من ذريّة وصيّك عليّ، وهذا الذي بينهم كالكوكب الدري هو القائم المهدي; يهدي اُمّتك إلى الإيمان ويخرجها من الضلالة والطغيان، أملأ به الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا.
قلت: يا ربّ! ما اسمه؟
فأوحى إلي: هو سميّك والموفي بعهدك، وهؤلاء الأئمّة من إئتمّ بهم نجا وسلم،
ص: 192
وعذابي مقيم على من جحدهم حقّهم، وهم أوليائي وخلفائي، وسكّان جنّتي، وهم خيرتي من خلقي، فطوبى لمن أحبهم وصدقهم، وويل لمن جحد حقّهم وكذّب بهم (1).
[239] وروي أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال لعلي (عليه السلام): ليلة اُسري بي إلى السماء رأيت ملكوت السماوات والأرض، وكشف لي حتّى نظرت ما فيها، فاشتقت إليك، فدعوت اللّه - عزّ وجلّ - فإذا أنت رافع رأسك إلي، ولم أر شيئاً إلّا وقد رأيته.
[240] وروي أنّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: ليلة اسري بي إلى السماء وصرت كقاب قوسين أو أدنى أوحى اللّه - تعالى - إلي أن يا محمّد من أحب خلقي إليك؟
فقلت (2): يا ربّ! أنت أعلم.
فقال [عزّ وجلّ]: أنا أعلم ولكن اريد أن أسمعه منك (3).
فقلت: ابن عمي عليّ بن أبي طالب.
فأوحى [اللّه - عزّ وجلّ -] إلي أن التفت.
فالتفت فإذا بعلي واقفا (4) معي وقد خرقت حجب السماوات له وهو (5) رافع رأسه يسمع ما يقال (6)، فخررت للّه [تعالى] ساجداً (7).
[241] وروي أنّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: أعطاني اللّه - جلّ جلاله - خمسا وأعطى عليّاً خمساً:أعطاني جوامع الكلم وأعطى عليّاً جوامع العلم، وجعلني نبيّاً وجعله وصيا، وأعطاني الوحي وأعطاه الإلهام، وأسرى بي إليه وفتح له أبواب السماء والحجب حتّى نظر إليّ ونظرت إليه، وأعطاني الكوثر وأعطاه السلسبيل.
ص: 193
قال ابن عبّاس: ثمّ بكى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، فقلت: ما يبكيك فداك أبي واُمّي؟!
قال: يا بن عبّاس! إنّ أوّل ما كلّمني به ربّي أن قال: يا محمّد! انظر تحتك.
فنظرت إلى الحجب قد انخرقت، وإلى أبواب السماء قد إنفتحت، ونظرت إلى علي وهو رافع رأسه إلي، فكلّمني وكلّمته وكلّمني ربّي.
فقلت: يا رسول اللّه! بم كلمك ربّك؟
قال: قال لي: يا محمّد! إني جعلت عليّاً وصيك ووزيرك وخليفتك من بعدك فاعلمه بها فهاهو يسمع كلامك، فأعلمته وأنا بين يدي ربّي - عزّ وجلّ -، فقال: قد قبلت ذلك وأطعت.
فأمر - سبحانه - الملائكة أن تسلم عليه، ففعلت، وردّ (عليهم السّلام)، فرأيت الملائكة تتباشر به، فما مررت على ملأ منهم إلا هنأوني وقالوا: يا محمّد! والذي بعثك بالحقّ نبيّاً لقد دخل السرور على جميع الملائكة باستخلاف اللّه لك ابن عمك، ورأيت حملة العرش قد نكسوا رؤوسهم فسألت جبرئيل فقال: إنهم استأذنوا اللّه بالنظر إليه (عليه السلام) فأذن لهم، فلمّا عدت جعلت أخبر عليّاً وهو يخبرني، فعلمت أني لم أطأ موطّأ إلّا وقد كشف له عنه.
قال ابن عبّاس: فقلت: يا رسول اللّه! أوصني.
فقال: عليك بحب عليّ بن أبي طالب.
فقلت: يا رسول اللّه! أوصني.
فقال: عليك بمودّة عليّ بن أبي طالب، فوالذي بعثني بالحقّ نبيّاً لا يقبل اللّه من عبد حسنة حتّى يسأله عن حبّ علي، وهو - تعالى - أعلم، فإن جاء بولايته قبل عمله على ما كان فيه، وإن لم يجيء بولايته لم يسأله عن شيء وأمر به إلى النار.
يا بن عبّاس! والذي بعثني بالحقّ نبيّاً، إنّ النار لأشدّ غضباً على مبغض علي [منها على من زعم أن للّه ولداً] وإنّ الجنّة لأشدّ سروراً بمن يحبّ عليّاً.
ص: 194
[يا ابن عبّاس; لو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغض علي، ولن يفعلوا، لعذبّهم اللّه.
قلت: يا رسول اللّه; وهل يبغضه أحد؟
قال: يا ابن عبّاس نعم، يبغضه قوم يذكرون أنّهم من أمتي، لم يجعل اللّه لهم في الإسلام نصيباً.
يا ابن عبّاس; إن من علامة بغضهم تفضيلهم من هو دونه عليه، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً، ما بعث اللّه نبيّاً أكرم عليه مني، ولا وصياً أكرم عليه من وصيي علي.
قال ابن عبّاس: فلم أزل له كما أمرني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ووصاني بمودته، وإنه لأكبر عملي عندي.
قال ابن عبّاس: فلمّا مضى من الزمان ما مضى، وحضرت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) الوفاة حضرته.
فقلت له: فداك أبي وأمي يا رسول اللّه; قد دنا أجلك، فما تأمرني؟
فقال: يا ابن عبّاس، خالف من خالف عليّاً، ولا تكونن لهم ظهيراً ولا ولياً.
قلت: يا رسول اللّه; فلم لا تأمر النّاس بترك مخالفته؟
قال: فبكى (عليه السلام) حتّى أغمي عليه.
ثم قال: يا ابن عبّاس، قد سبق فيهم علم ربي، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً لا يخرج أحد ممّن خالفه من الدنيا وأنكر حقه حتّى يغير اللّه ما به من نعمة.
يا ابن عبّاس، إذا أردت أن تلقى اللّه وهو عنك راض، فاسلك وريقة عليّ بن أبي طالب، مل معه حيث مال، وإرض به إماما، وعاد من عاداه، ووال من والاه.
يا ابن عبّاس، إحذر أن يدخلك شك فيه، فانّ الشكّ في علي كفر باللّه تعالى] (1).
ص: 195
[242] وعن ابن عبّاس قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كان جالسا ذات يوم إذ أقبل الحسن (عليه السلام) فلمّا رآه بكى ثمّ قال: إلي إلي يا بني، فما زال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليمنى، ثمّ أقبل الحسين (عليه السلام)، فلمّا رآه بكى، ثمّ قال: إليّ إليّ يا بني، فما زال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليسرى، ثمّ أقبلت فاطمة (عليها السلام)، فلمّا رأها بكى، ثمّ قال: إلي إلي يا بنية، فأجلسها بين يديه، ثمّ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فلمّا رآه بكى، ثمّ قال: إلي إلي، يا أخي فما زال يدنيه حتّى أجلسه إلى جنبه الأيمن، فقال له أصحابه: يا رسول اللّه; ما ترى واحدا من هؤلاء إلا بكيت أو ما فيهم من تسر برؤيته؟!].
[فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم):] وإني لأسر برؤيته ورؤية زوجته وولديها، ثمّ بكى.
فقلت: بأبي وامي ما يبكيك؟!
قال: يا بن عبّاس! والذي بعثني بالرسالة واصطفاني على جميع البريّة لنحن أكرم الخلق على اللّه - تعالى -، وما على وجه الأرض أحب إلي منهم;
أمّا علي فأخي وشقيقي وصاحب الأمر بعدي وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة وصاحب حوضي وشفاعتي، وهو مولى كلّ مسلم، وإمام كلّ مؤمن، وقائد كلّ تقيٍّ، وهو وصيّي وخليفتي في أهلي وامتي في حياتي وبعد وفاتي، محبّه محبّي ومبغضه مبغضي، بولايته صارت امتي مرحومة، وبعداوته صارت المخالفون له ملعونة، وإنّي بكيت حين ذكرت مصابه لأني ذكرت غدر الاُمّة به بعدي حتّى أنّه ليزال عن مقعدي وقد جعله اللّه - تعالى - بعدي، ثمّ لا يزال الأمر به حتّى أنّه ليضرب على قرنه
ص: 196
- أي على هامته - ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) (1).
وأما فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين، وهي بضعة منّي، نور عيني وثمرة فؤادي وروحي التي بين جنبيِ، وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربّها - جلّ جلاله - يزهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض فيقول اللّه - جل وعلا -: يا ملائكتي! انظروا إلى أمتي، سيّدة إمائي، قأئمّة بين يدي ترعد فرائصها من خشيتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، اشهدكم أنّي قد آمنت شيعتها من النار، وإنّي لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي، كأني بها وقد دخل بيتها، وإنتهكت حرمتها، وغصب حقها، ومنع إرثها، وكسر جنبها، وأسقط جنينها وهي تنادي: وامحمّداه! فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية تذكر انقطاع الوحي عنها (2) مرة وتذكر فراقي اخرى، وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تلوت القرآن، ثمّ ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيّامي عزيزة، فعند ذلك يؤنسها اللّه - تعالى - بالملائكة فتناديها بما نادت به مريم ابنة عمران: يا فاطمة! [إن اللّه إصطفاك وطهرك وإصطفاك على نساء العالمين، يا فاطمة;] اقنتي لربّك واسجدي واركعي مع الراكعين، ثمّ يبتدئ بها الوجع فتمرض فيبعث اللّه - تعالى - إليها مريم [تمرضها] فتؤنسها في علّتها فتقول: يا ربّ! قد سئمت الحياة وتبرمت من أهل الدنيا فالحقني بأبي، فتقدم علي محزونة، مكروبة، مغمومة، مغصوبة، مقتولة، فأقول: اللّهمّ العن من ظلمها وعاقب من غصبها وأذل من أذلها وخلّد في النار من ضرب جنبها حتّى ألقت ولدها، فتقول الملائكة: آمين.
ص: 197
وأمّا الحسن فإنه ابني وولدي وقرّة عيني، وهو أحد سيدي شباب أهل الجنّة، وحجة اللّه - تعالى - على الاُمّة، أمره أمري وقوله قولي، من تبعه فهو منّي ومن عصاه فإنه ليس مني، وإني لما نظرت إليه ذكرت ما يجري عليه من الذل بعدي، فلا يزال الأمر به حتّى يقتل بالسم ظلماً وعدواناً، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته، ويبكيه كلّ شيء حتّى الطير في جو السماء والحيتان في جوف الماء; فمن بكى عليه لم تعم عينه أبداً يوم تعمى العيون، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، ومن زاره في بقعته ثبت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام.
وأما الحسين فإنه مني، وهو ابني وولدي وخير الخلق بعد أخيه، إمام المسلمين، ومولى المؤمنين، وخليفة ربّ العالمين، وغياث المستغيثين، وكهف المستجيرين، وحجة اللّه على خلقه أجمعين، وهو ثاني سيّدي شباب أهل الجنّة، وباب نجاة الاُمّة، أمره أمري وطاعته طاعتي، من تبعه فإنه منّي ومن عصاه فليس منّي، وإنّي لما رأيته ذكرت ما يصنع به بعدي، وكأنّي به وقد استجار بحرمي وقبري إذ لا يجار، فأضمه في منامه إلى صدري وآمره بالرحلة عن دار هجرتي وابشره بالشهادة، فيرتحل إلى أرض مقتله وموضع مصرعه - أرض كربلا - فتنصره عصابة من المسلمين، أولئك من سادة شهدائي (1) يوم القيامة، وكأني أنظر إليه وقد رمي بسهم في نحره فيخرّ عن فرسه صريعا ثمّ يذبح كما يذبح الكبش مظلوما.
ثم بكى [رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وبكى من حوله وإرتفعت أصواتهم بالضجيج] وقال:اللّهمّ أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي من بعدي، وقام فدخل منزله (2).
ص: 198
[243] وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) خطب النّاس بمسجد الخيف في حجّة الوداع فقال في خطبته: إني فرطكم وإنكم واردون علي الحوض; حوض ما بين بصرى وصنعاء، فيه قدحان بعدد نجوم السماء، ألا وإنّي مخلّف فيكم الثقلين: الثقل الأكبر القرآن والثقل الأصغر عترتي أهل بيتي، وهما حبل ممدود بينكم وبين اللّه - عزّ وجلّ -; فإن تمسكتم به لن تضلّوا فهو سبب بيد اللّه وسبب بأيديكم.
[244] وفي رواية اخرى: طرف بيد اللّه وطرف بأيديكم، إنّ اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض كهاتين - وجمع بين سبابتيه - ولا أقول كهاتين - وجمع بين سبابته والوسطى (1) -.
[245] وروي عن ميثم الهاشمي قال: بينما أنا في السوق إذ أتى الأصبغ فقال:ويحك! لقد سمعت من أمير المؤمنين (عليه السلام) حديثاً صعباً شديداً.
قلت: وما هو؟
قال: سمعته يقول: إن حديث أهل البيت صعب مستعصب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان.
ص: 199
فقمت من فوري وأتيت عليّاً (عليه السلام) وقلت: يا أمير المؤمنين! حديث أخبرني به عنك الأصبغ ضقت به ذرعا.
فقال (عليه السلام): ما هو؟
فأخبرته.
فتبسّم (عليه السلام) وقال: إجلس يا ميثم، أو كلّ علم يحتمله عالم؟! إنّ اللّه قال: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُون) (1) فهل رأيت الملائكة تحتمل ذلك؟
قلت: إن هذا أعظم من ذلك.
قال: وإنّ موسى بن عمران أنزل اللّه - سبحانه - عليه التوراة فظنّ أن لا أحد أعلم منه، فأخبره اللّه - تعالى - أنّ في خلقه من هو أعلم منه، وذلك أنّه - تعالى - خاف على نبيه العجب، فأرشده بدعائه إلى العالم وجمع بينه وبين الخضر، فخرق السفينة فلم يحتمل ذلك موسى، وقتل الغلام فلم يحتمل، وأقام الجدار فلم يحتمل، هذا في الملائكة والأنبياء، وأمّا غيرهم فإن نبيبًا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أخذ بيدي يوم غدير خم فقال: اللّهمّ من كنت مولاه فإن عليّاً مولاه، فهل رأيت احتملوا ذلك إلا من عصمه اللّه منهم، فأبشروا ثمّ أبشروا فإن اللّه - تعالى - قد خصّكم بما لا يخصّ به الملائكة والنبيّين بما احتملهم ذلك من أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وعلمه; فحدثوا عن فضلنا ولا حرج، وعن عظيم أمرنا ولا إثم.
ثم قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): امرنا معاشر الأنبياء أن نخاطب النّاس على قدر عقولهم (2).
ص: 200
[246] وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: إن اللّه - تعالى - فضّل اُولي العزم من الرسل على الأنبياء بالعلم، وورثنا علمهم وفضلنا عليهم في فضلهم، وعلم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ما لا يعلمون وعلمنا علم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، ثمّ تلا: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) (1) فروينا لشيعتنا فمن قبل منهم فهو أفضلهم، وأينما تكون شيعتنا فهم معنا.
ثمّ قال: إن اللّه - تعالى - أوحى إلى رسوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) علم النبيّين بأسره، وعلّمه ما لم يعلمهم، وأسرّ النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ذلك كلّه إلى أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فكان علي (عليه السلام) أعلم من الأنبياء، ثمّ تلا قوله - تعالى -: الذي (عِندَهُ عِلمُ الكِتَابِ) (2) ثمّ فرق بين أصابعه ووضعها على صدره وقال: عندنا واللّه علم الكتاب كلّه (3).
[247] وروي عن ابن عبّاس أنه قال: سئل النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربّه فتاب عليه؟
فقال: سأله بحق محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين أن يتوب عليه فتاب عليه (4).
[248] وروي في حديث عفراء الجنّة أنه قال لها النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أي شيء رأيت من العجائب؟
فقالت: رأيت عجائب كثيرة.
قال (عليه السلام): فما أعجب ما رأيت؟
ص: 201
فقالت: رأيت إبليس في البحر الأخضر على صخرة بيضاء مادّاً يديه إلى السماء وهو يقول: إلهي! إذا بررت قسمك وأدخلتني نار جهنّم فإنّي أسألك بحق محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين إلّا خلصتني منها.
فقلت له: يا أبا الحرث! ما هذه الأسماء التي تدعو اللّه بها؟
فقال: رأيتها على ساق العرش قبل أن يخلق اللّه آدم بسبعة آلف سنة فعلمت أنهم أكرم الخلق على اللّه فأنا أسأله بحقهم.
فقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): واللّه لو أقسم أهل الأرض على اللّه - تعالى - بهذه الأسماء لأجابهم اللّه - تعالى (1) -.
[249] وروي عن جابر أنّه قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: إنّ اللّه - عزّوجلّ - خلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين من نور ثمّ عصر ذلك النور عصرة فخرج منه شيعتنا; فسبّحنا فسبّحوا، وقدّسنا فقدّسوا، وهلّلنا فهلّلوا، ومجدّنا فمجدّوا، وحمدنا فحمدوا، ثمّ خلق اللّه السماوات والأرض وخلق الملائكة، فمكثت الملائكة مأة عام لا تعرف تسبيحاً ولا تقديساً; فسبّحنا فسبح شيعتنا فسبحت الملائكة، وقدّسنا فقدّست شيعتنا وقدست الملائكة - وكذلك البواقي - فنحن الموحّدون حيث لا موحّد غيرنا، وحقيق على اللّه - تعالى - بما اختصّنا واختصّ شيعتنا أن يزلفنا وشيعتنا في أعلى عليين، إن اللّه اصطفانا واصطفى شيعتنا من قبل أن نكون أجساما، ودعانا فأجبناه فغفر لنا ولشيعتنا من قبل أن نستغفره - تعالى (2) -.
ص: 202
وممّا يدلّ على تفضيل محمّد وآله (عليهم السلام) بالعلم الذي اُوتوه وخصّهم (عليهم السلام) اللّه - عزّ وجلّ - به دون أنبيائه ورسله وسائر خلقه
[250] ما رواه محمّد بن يعقوب (رحمه اللّه) في الكافي عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد اللّه (عليه السلام) فقلت [له]: جعلت فداك! إني اريد (1) أن أسألك عن مسألة، أهاهنا (2) أحد يسمع كلامي؟
[قال:] فرفع (عليه السلام) ستراً بينه وبين بيت آخر وإطلع (3) فيه ثمّ قال: يا أبا محمّد! سل عمّا بدا لك.
[قال:] فقلت (4): جعلت فداك! إن شيعتك يتحدّثون أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) علم عليّاً (عليه السلام) بابا يفتح له منه ألف باب؟!.
فقال: يا أبا محمّد! إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) علم عليّاً (5) (عليه السلام) ألف باب يفتح له من كلّ باب ألف باب.
[قال:] فقلت (6): هذا واللّه هو (7) العلم.
قال: فنكث (عليه السلام) ساعة في الأرض ثمّ قال: إنّه لعلم وما هو بذاك.
[قال: ثمّ قال:] يا أبا محمّد! [و] إن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة؟
[قال:] قلت: [جعلت فداك] وما الجامعة؟
قال (عليه السلام): صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وإملائه من فلق فيه وخط علي (عليه السلام) بيمينه، فيها كلّ حرام وحلال وكل شيء يحتاج النّاس إليه حتّى الأرش في الخدش، وضرب بيده إلي وقال (8): تأذن يا أبا محمّد؟!
ص: 203
[قال:] قلت: جعلت فداك! إنّما أنا لك فاصنع ما شئت.
[قال:] فغمزني بيده وقال: حتّى أرش هذا، كأنّه مغضب.
[قال:] فقلت (1): هذا واللّه العلم.
فقال (2) (عليه السلام): إنّه لعلم وليس بذاك، و (3) سكت ساعة، ثمّ قال: وإنّ عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر؟
[قال:] قلت: ما الجفر؟
قال: وعاء من أدم فيه علم النبيّين والوصيّين وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل.
قال: قلت: إنّ هذا لهو (4) العلم.
قال: إنّه لعلم وليس بذاك، و (5) سكت ساعة ثمّ قال: وإنّ عندنا لمصحف فاطمة «صلوات اللّه عليها» وما يدريهم ما مصحف فاطمة (عليها السلام)؟
[قال:] قلت: وما مصحف فاطمة (عليها السلام)؟
قال (عليه السلام): مصحف فاطمة (6) [منه] مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، واللّه ما فيه من قرآنكم هذا حرف واحد.
[قال:] قلت: هذا واللّه العلم.
فقال (7): إنهّ لعلم وما هو بذاك، ثمّ سكت ساعة، ثمّ قال: و (8) إن عندنا لعلم (9) ما كان و [علم] ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة.
ص: 204
[قال:] فقلت (1): جعلت فداك! هذا - واللّه - [هو] العلم.
قال: إنّه لعلم وليس بذاك.
[قال:] قلت: جعلت فداك! فأي شيء العلم؟
قال (عليه السلام): ما يحدث بالليل والنهار الأمر [من] بعد الأمر والشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة (2).
[251] وروي عنه (عليه السلام) أيضاً أنّه لا ينزل ملك من السماء إلى الأرض عن اللّه - سبحانه - بأمر حتّى يبدأ بالإمام فيعرضه عليه (3).
[252] وروي أنه ما تسقط قطرة مطر ولا ثلجة إلّا ومعها ملك يوصلها حيث اُمر (4).
[253] وروي عن الصادق (عليه السلام) أنّه قال: واللّه ما يتقلب جناح طائر في الهواء - أو قال في جوّ السّماء - إلّا ولنا فيه علم (5).
[254] وروي أنّه سئل النّبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عن قوله - تعالى -: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) (6) فقيل: أهو التوراة؟
قال: لا.
ص: 205
فقيل: أهو الإنجيل؟
قال: لا، هو هذا - وأشار إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) (1) -.
[255] لما تقدم من قول النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): والفضل بعدي لك يا علي وللأئمّة من ولدك (2).
[256] ولقول الصادق (عليه السلام): علمنا واحد وفضلنا واحد ونحن شيء واحد (3).
[257] وروى محمّد بن يعقوب (رحمه اللّه) في الكافي بإسناده عن سيف التمار قال: كنا مع أبي عبد اللّه (عليه السلام) جماعة من الشيعة في الحجر، فقال (عليه السلام): علينا عين؟
فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا، فقلنا: ليس علينا عين.
فقال: ورب الكعبة ورب البنية - ثلاث مرات - لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما أني أعلم منهما ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما; لأن موسى والخضر اعطيا علم ما كان ولم يعطيا علم ما يكون، وأنا اعطيت علم ما كان وما هو كائن إلى
ص: 206
أن تقوم الساعة، وقد ورثناه عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) (1) (2).
[258] وروى محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: نزل جبرئيل (عليه السلام) على محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) برمّانتين [من الجنّة] فلقيه عليّ (عليه السلام) فقال له (3): ما هاتان [الرمانتان] اللتان في يدك؟
فقال: أمّا هذه فالنبوّة ليس لك فيها نصيب، وأما هذه فالعلم، ثمّ فلقها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) نصفين (4) فأعطى عليّاً (عليه السلام) نصفاً وقال له (5): أنت شريكي فيه وأنا شريكك فيه.
قال (عليه السلام): فلم يعلم - واللّه - رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حرفا ممّا علمه اللّه - عزّ وجلّ - إلا وقد علمه عليّاً (عليه السلام).
ثم قال (عليه السلام): وانتهى (6) العلم إلينا، ووضع يده على صدره (7).
[259] وروي أنّة قال أبو جعفر (عليه السلام): وجدنا في كتاب علي (عليه السلام) (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (8) أنا وأهل بيتي الذين أورثنا اللّه الأرض ونحن
ص: 207
المتقون والأرض كلّها لنا (1)... إلى آخر الحديث.
[260] وقال (عليه السلام): الدنيا كلّها (2) وما فيها للّه - تعالى - ولرسوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ولنا; فمن غلب على شيء منها فليتق اللّه وليؤدّ حقّ اللّه وليبر إخوانه، فإن لم يفعل ذلك فاللّه ورسوله ونحن منه (3) براء (4).
[261] وقال أبو بصير: قلت لأبي عبد اللّه (5) (عليه السلام): [أما] على الإمام الزكاة؟
فقال: أحلت يا أبا محمّد [أما علمت] إن الدنيا والآخرة للإمام يضعهما (6) حيث يشاء ويدفعهما (7) إلى من يشاء إجازة له (8) من اللّه - عزّ وجلّ -، إن الإمام يا أبا محمّد لا يبيت ليلة ولله في عنقه حقّ يسأله - تعالى - عنه (9).
[262] وروي عن المعلّى قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): مالكم من هذه الأرض؟
فتبسّم (عليه السلام) ثمّ قال: إن اللّه - تبارك وتعالى - بعث جبرئيل (عليه السلام) وأمره أن يخرق بإبهامه في الأرض ثمانية أنهار، منها (10) سيحان، وجيحان وهو نهر بلخ، والخشوع وهو نهر الشاش، ومهران وهو نهر الهند، ونيل مصر، ودجلة، والفرات; فما سقت أو استقت فهو لنا، وما كان لنا فهو لشيعتنا، وليس لعدوّنا منه شيء إلا ما غصب عليه، وإنّ وليّنا لفي أوسع ممّا بين ذه إلى ذه - يعني بين السماء والأرض -،
ص: 208
ثمّ تلا (عليه السلام): (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) المغصوبين عليها (خَالِصَةً) لهم (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (1) بلا غصب (2).
[263] وروي عن محمّد بن الريان قال: كتبت إلى العسكري (عليه السلام): جعلت فداك! روي لنا أن ليس لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) من الدنيا إلا الخمس.
فجاء الجواب: إن الدنيا وما عليها لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) (3).
[264] قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): خلق اللّه - تعالى - آدم وأقطعه الدنيا قطيعة، فما كان لآدم (عليه السلام) فهو لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، وما كان لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فهو للأئمّة من آل رسول (4) اللّه (5) عليه وعليهم السلام.
[265] وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إن جبرئيل كرى برجله خمسة أنهار، ولسان الماء يتبعه:
الفرات، ودجلة، ونيل مصر، ومهران، ونهران (6) وهو نهر بلخ; فما سقت أو سقي منها فللإمام، والبحر المطيف بالدنيا [للإمام] (7).
[266] وقال حماد بن عيسى (عليه السلام): سأل رجل أبا عبد اللّه (عليه السلام) فقال: الملائكة أكثر أم بنو آدم؟
فقال (عليه السلام): والذي نفسي بيده الملائكة في السماوات أكثر من التراب في الأرض، وما في السماء موضع قدم إلّا وفيه ملك يسبح اللّه ويقدسه، وما في الأرض شجرة ولا عودة إلّا وفيه ملك موكل يأتي اللّه بعلمها وهو أعلم بها، وما منهم أحد إلّا ويتقرّب بولايتنا أهل البيت ويستغفر لمحبينا ويلعن أعدائنا ويسأل اللّه أن يرسل
ص: 209
عليهم من العذاب إرسالا (1).
[267] وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قول اللّه - تعالى -: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) (2). قال: عهد إليه في محمّد والأئمّة من بعده، فترك فلم (3) يكن له عزم أنّهم هكذا، وإنما سموا (4) اولي العزم; لأنّه عهد إليهم في محمّد والأوصياء من بعده والمهدي وسيرته، فأجمع عزمهم أنّهم كذلك وأنهم يقرون (5) به (6).
[268] وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن اللّه - تبارك وتعالى - حين خلق الخلق خلق ماء عذباً وماء مالحاً اجاجاً، فامتزج الماءان، فأخذ طينا من أديم الأرض فعركه عركاً شديداً.
فقال لأصحاب اليمين - وهم كالذرّ يدّبون -: إلى الجنّة بسلام.
وقال لأصحاب الشمال: إلى النار ولا ابالي.
ثم قال: (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) (7).
ثم أخذ الميثاق على النبيّين، فقال: ألست بربكم؟
قالوا: بلى.
ص: 210
فقال (1): وأنّ [هذا] محمّداً رسولي و [أن هذا] عليّاً أمير المؤمنين [قالوا: بلى، فثبت لهم النبوّة.
وأخذ الميثاق على أولي العزم: أنّني ربّكم ومحمّد رسولي وعلي أمير المؤمنين] وأوصياءه من بعده ولاة أمري وخزّان علمي، وأن المهدي أنتصر به لديني وأظهر به دولتي وأنتقم به من أعدائي واعبد به طوعاً وكرهاً؟
فقالوا: قد أقررنا (2) يا ربّ وشهدنا.
ولم يجحد آدم ولم يقر، فثبتت العزيمة [لهؤلاء] الخمسة من الأنبياء (3) في المهدي، ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به، وذلك قوله - تعالى - في آدم (4): (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ: مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)، [قال: إنما هو فترك].
ثم أمر - تعالى - نارا فتأجّجت (5)، فقال لأصحاب الشمال: ادخلوها، فهابوها، وقال لأصحاب اليمين: ادخلوها، فدخلوها فكانت عليهم برداً وسلاماً. فقال أصحاب الشمال: يا ربّ! أقلنا. فقال: قد أقلتكم إذهبوا فادخلوها، فهابوها، فثم ثبتت الطاعة والمعصية والولاية (6).
[269] وروي عن أبي الحسن (عليه السلام) أنّه قال: ولاية عليّ (عليه السلام) مكتوبة في جميع الصحف (7)، ولن يبعث اللّه - تعالى - نبيّاً (8) إلّا بنبوّة محمّد ووصيّه عليّ (عليهما السلام) (9).
ص: 211
[270] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: يا علي! ما بعث اللّه - تعالى - نبيّاً إلّا وقد دعاه إلى ولايتك طائعاً أو كارهاً (1).
[271] وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: إن اللّه - تبارك وتعالى - أخذ ميثاق النبيّين بولاية علي (2) (عليه السلام).
[272] وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في قوله - عزّ وجلّ -: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاس عَلَيْهَا) (3) قال (عليه السلام): على التوحيد له وعلى أن محمّداً رسول اللّه وعلى أن عليّاً أمير المؤمنين (4) (عليهما السلام).
وممّا خصّ اللّه به محمّداً وآله (عليهم السلام) أن جعل عندهم أسماء محبيهم وشيعتهم واحدا بعد واحد وأسماء أعدائهم واحداً بعد واحد
[273] وروى أبو بكر الحضرمي عن رجل من بني حنيفة أنّه دخل على عليّ بن الحسين (عليهما السلام) يوماً فرأى بين يديه صحائف ينظر فيها.
فقال: أيّ شيء هذه الصحف جعلت فداك!
قال (عليه السلام): هذا ديوان شيعتنا.
ص: 212
قال: أفتأذن لي أن أطلب اسمي فيه؟
قال (عليه السلام): نعم.
قال: لست أقرأ وإن ابن أخي على الباب فأذن له يدخل حتّى يقرأ.
قال (عليه السلام): نعم.
قال الراوي ابن أخيه: فأدخلني عمي فنظرت في الكتاب فأول شيء هجمت عليه اسمي، فقلت: اسمي ورب الكعبة.
قال: ويحك! فأين أنا؟
فجزت خمس أو ست فوجدت اسم عمّي.
فقال عليّ بن الحسين (عليهما السلام): أخذ اللّه ميثاقكم فلا تزيدون ولا تنقصون، إنّ اللّه خلقنا من علّيّين وخلق شيعتنا من طينة أسفل من ذلك، وخلق عدوّنا من سجّين وخلق أولياءهم من طينة أسفل منها (1).
[274] وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: ليس مخلوق إلّا بين عينيه مكتوب " مؤمن " أو " كافر "، وذلك محجوب عنكم وليس بمحجوب عن الأئمّة من آل محمّد (عليهم السلام)، ولم يكن يدخل عليهم أحد إلا عرفوه مؤمنا أو كافرا، ثمّ تلا قوله - تعالى -: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) (2) [فهم المتوسّمون] (3).
[275] وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): إن اللّه - عزّ وجلّ - أدّب رسوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حتّى قومه على ما أراد ثمّ فوّض إليه فقال - تعالى -: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ
ص: 213
فَانْتَهُوا) (1) فما فوّضه (2) اللّه إلى رسوله فقد فوّضه إلينا. (3).
[276] قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) علّمني ألف باب من الحلال والحرام ممّا كان ومما هو كائن إلى يوم القيامة، وكلّ باب يفتح إلى ألف باب، فذلك ألف ألف باب، فعلمت علم المنايا والبلايا وفصل الخطاب (4).
[277] وقال عليّ بن الحسين (عليه السلام): علّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عليّاً (عليه السلام) ألف كلمة كلّ كلمة تفتح ألف كلمة (5).
[278] وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): أوصى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى علي (عليه السلام) بألف كلمة وألف باب، ففتح كلّ كلمة وكلّ باب ألف كلمة وألف باب (6).
[279] وروي عن أبي جعفر قال: دخلت على أبي عبد اللّه (عليه السلام) فقلت له: إنّ الشيعة يتحدّثون أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) علم عليّاً بابا يفتح ألف باب.
فقال (عليه السلام): يا أبا محمّد! علم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عليّاً (عليه السلام) ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب.
فقلت: واللّه هذا العلم.
فقال: إنّه لعلم وليس بذاك (7).
[280] وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): لما مرض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) مرضه الذي توفي فيه بعث
ص: 214
إلى عليٍّ (عليه السلام)، فلمّا جاءه انكبّ عليه فلم يزل يحّدثه ويحدّثه، فلمّا خرج لقياه فقالا: بم حدّثك صاحبك؟
فقال: حدّثني بباب يفتح ألف باب كلّ باب منها يفتح ألف باب (1).
[281] وقال أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» على المنبر: أيّها النّاس! إن رسول اللّه أسر إلي ألف حديث، في كلّ حديث ألف باب، لكل باب ألف مفتاح (2).
[282] روى محمّد بن إسماعيل البرمكي قال: حدّثني موسى بن عبد اللّه النخعي قال: قلت لعليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السلام): علمني يا بن رسول اللّه قولا أقوله بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم.
فقال (عليه السلام): إذا صرت إلى الباب فقف وإشهد الشهادتين وأنت على غسل، فإذا دخلت ورأيت القبر فقف وكبر اللّه ثلاثين مرّة، ثمّ امش قليلاً وعليك السكينة والوقار وقارب بين خطاك، ثمّ قف وكبر اللّه ثلاثين مرّة، ثمّ ادن من القبر وكبّر أربعين تمام المائة ثمّ قل:
السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحي، ومعدن الرحمة، وخُزّان العلم، ومنتهى الحلم، واصول الكرم، وقادة الامم، وأولياء النعم، وعناصر الأبرار، ودعائم الأخيار، وساسة العباد، وأركان البلاد، وأبواب الإيمان، وامناء الرحمن، وسلالة النبيّين، وصفوة المرسلين، وعترة خيرة ربّ العالمين ورحمة اللّه وبركاته.
ص: 215
السلام على أئمّة الهدى، ومصابيح الدجى، وأعلام التُقى، وذوي النهى، واولي الحجى، وكهوف الورى، وذرية الأنبياء، والمثل الأعلى، والدعوة الحسنى، وحجج اللّه على أهل الدنيا والآخرة والاولى ورحمة اللّه وبركاته.
السلام محال معرفة اللّه، ومساكن بركة اللّه، ومعادن حكمة اللّه، وحفظة سر اللّه، وخزنة علم اللّه، وحملة كتاب اللّه، وأوصياء نبي اللّه، وذريّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ورحمة اللّه وبركاته.
السلام على الدعاة إلى اللّه، والأدلاء على مرضاة اللّه، والمستقرين في أمر اللّه، والتامين في محبة اللّه، والمخلصين في توحيد اللّه، والمظهرين لأمر اللّه ونهيه، وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ورحمة اللّه وبركاته.
السلام على الأئمّة الدعاة، والقادة الهداة، والسادة الولادة، والذادة الحماة، وأهل الذكر، واولي الأمر، وبقية اللّه، وخيرته وحزبه، وعيبة علمه، وحجّته وصراطه، نوره وبرهانه، ورحمة اللّه وبركاته.
أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له كما شهد اللّه لنفسه وشهدت له ملائكته واولوا العلم من خلقه، لا إله إلا هو العزيز الحكيم.
وأشهد أن محمّداً عبده المنتجب ورسوله المرتضى أرسله بالهدى ودين الحقّ ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون.
وأشهد أنّكم الأئمّة الراشدون المهديون المعصومون المقرّبون المكّرمون المتّقون الصادقون المصطفَون، المطيعون لله، القوامون بأمره، العاملون بإرادته، الفائزون بكرامته، اصطفاكم لعلمه، وارتضاكم لغيبه، واختاركم لسره، واجتباكم بقدرته، وأعزكم بهداه، وخصكم ببرهانه، وانتجبكم بنوره، ورضيكم خلفاء في أرضه، وحججا على بريته، وأنصارا لدينه، وحفظة لسرّة، وخزنة لعلمه، ومستودعا لحكمته، وتراجمة لوحيه، وأركانا لتوحيده، وشهداء على خلقه، وأعلاما لعباده، ومنارا في بلاده، وأدلاء على صراطه.
ص: 216
عصمكم اللّه من الزلل، وآمنكم من الفتن، وطهركم من الدنس، وأذهب عنكم الرجس وطهّركم تطهيراً، فعظمتم جلاله، وأكبرتم شأنه، ومجّدّتم كرمه، وأدمتم ذكره، ووكدتم ميثاقه، وأحكمتم عقد طاعته، ونصحتم له في السر والعلانية، ودعوتم إلى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة، وبذلتم أنفسكم في مرضاته، وصبرتم على ما أصابكم في جنبه، وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة، وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر، وجاهدتم في اللّه حقّ جهاده، حتّى أعلنتم دعوته، وبيّنتم فرائضه، وأقمتم حدوده، ونشرتم شرايع أحكامه، وسننتم سنته، وصرتم في ذلك منه إلى الرضا، وسلمتم له القضاء، وصدقتم من رسله من مضى، فالراغب عنكم مارق، واللازم لكم لاحق، والمقصرّ في حقّكم زاهق.
والحق معكم وفيكم ومنكم وإليكم، وأنتم أهله ومعدنه، وميراث النبوّة عندكم، وإياب الخلق إليكم، وحسابهم عليكم، وفصل الخطاب عندكم، وآيات اللّه لديكم، وعزائمه فيكم، ونوره وبرهانه عندكم، وأمره إليكم، من والاكم فقد والى اللّه، ومن عاداكم فقد عادى اللّه، ومن أحبكم فقد أحب اللّه، ومن أبغضكم فقد أبغض اللّه، ومن اعتصم بكم فقد اعتصم باللّه، أنتم السبيل الأعظم، والصراط الأقوم، وشهداء دار الفناء، وشفعاء دار البقاء، والرحمة الموصولة، والآية المخزونة، والأمانة المحفوظة، والباب المبتلى به النّاس، من أتاكم نجا، ومن لم يأتكم هلك، إلى اللّه تدعون، وعليه تدلّون، وبه تؤمنون، وله تسلمون، وبأمره تعملون، وإلى سبيله ترشدون، وبقوله تحكمون.
سعد من والاكم، وهلك من عاداكم، وخاب من جحدكم، وضلّ من فارقكم، وفاز من تمسك بكم، وأمن من لجأ إليكم، وسلم من صدقكم، وهدي من اعتصم بكم، من اتّبعكم فالجنّة مأواه، ومن خالفكم فالنار مثواه، ومن جحدكم كافر، ومن حاربكم مشرك، ومن ردّ عليكم فهو في أسفل درك من النار، أشهد أن هذا سابق لكم فيما مضى، وجار لكم فيما بقي.
وأشهد أن أرواحكم ونوركم وطينتكم واحدة، طابت وطهرت بعضها من بعض، خلقكم اللّه أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين، حتّى من علينا بكم، فجعلكم في بيوتٍ أذن اللّه
ص: 217
أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وجعل صلواتنا عليكم، وما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا، وطهارة لأنفسنا، وتزكية لنا، وكفّارة عن ذنوبنا، فكنّا عنده مسلّمين بفضلكم، ومعروفين بتصديقنا إيّاكم.
فبلغ اللّه بكم أشرف محل المكرمين، وأعلى منازل المقرّبين، وأرفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لاحق، ولا يفوقه فائق، ولا يسبقه سابق، ولا يطمع في إدراكه طامع، حتّى لا يبقى ملك مقرب، ولا نبيٌّ مرسل، ولا صديق ولا شهيد، ولا عالم ولا جاهل، ولا نبيّ ولا فاضل، ولا مؤمن صالح، ولا فاجر طالح، ولا جبار عنيد، ولا شيطان مريد، ولا خلق فيما بين ذلك شهيد إلّا عرّفهم جلالة أمركم، وعظم خطركم، وكبر شأنكم، وعلو قدركم، وتمام نوركم، وصدق مقاعدكم، وثبات مقامكم، وشرف محلكم ومنزلتكم عنده، وكراُمّتكم عليه، وخاصّتكم لديه، وقرب منزلتكم منه.
بأبي أنتم واُمّي ونفسي وأهلي ومالي واسرتي، اشهد اللّه واشهدكم أني مؤمن بكم وبما آمنتم به، كافر بعدوّكم وبما كفرتم به، مستبصر بشأنكم وبضلالة من خالفكم، موال لكم ولأوليائكم، مبغض لأعدائكم ومعاد لهم، سلم لمن سالمكم، وحرب لمن حاربكم، محقّق لما حقّقتم، مبطل لما أبطلتم، مطيع لكم، عارف بحقكم، محتمل لعلمكم، محتجب بذمتكم، معترف بكم، مؤمن بايابكم، مصدق برجعتكم، منتظر لأمركم، مرتقب لدولتكم، آخذ بقولكم، عامل بأمركم، مستجير بكم، زائر لكم، عائذ بقبوركم، مستشفع إلى اللّه - عزّ وجلّ - بكم، ومتقرب بكم إلى اللّه، ومقدمكم أمام طلبتي وحوائجي وإرادتي في كلّ أحوالي واموري. مؤمن بسرّكم وعلانيتكم، وشاهدكم وغائبكم، وأوّلكم وآخركم، ومفوّض في ذلك كلّه إليكم، ومسلم فيه معكم، وقلبي لكم مسلِّم، ورأيي لكم تبع، ونصرتي لكم معدة حتّى يحيي اللّه دينه بكم، ويردكم في أيّامه، ويظهركم لعدله، ويمكنكم في أرضه، فمعكم معكم لا مع غيركم، آمنت بكم وتوليت آخركم بما توليت به أولكم، وبرئت إلى اللّه - عزّ وجلّ - من الجبت والطاغوت والشياطين وحزبهم الظالمين لكم، الجاحدين لحقّكم،
ص: 218
والمارقين عن ولايتكم، والغاصبين لإرثكم، والشاكّين فيكم، والمنحرفين عنكم، ومن كلّ وليجة دونكم وكل مطع سواكم، ومن الأئمّة الذين يدعون إلى النّار.
فثبّتي اللّه أبدا ما حييت على موالاتكم ومحبتكم ودينكم، ووفّقني لطاعتكم، ورزقني شفاعتكم، وجعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم إليه، وجعلني ممّن يقتص لآثاركم، ويسلكم سبيلكم، ويهتدي بهداكم، ويحشر في زمرتكم، ويكر في رجعتكم، ويملك في دولتكم، ويشرف في عافيتكم، ويمكّن في أيّامكم، وتقرّ عينه غداً برؤيتكم.
بأبي أنتم وامّي ونفسي وأهلي ومالي واسرتي، من أراد اللّه بدأ بكم، ومن وحده قبل عنكم، ومن قصده توجه إليكم.
مواليّ لا اُحصي ثنائكم، ولا أبلغ من المدح كنهكم، ومن الوصف قدركم، وأنتم نور الأخيار، وهداة الأبرار، وحجج الجبار، بكم فتح اللّه وبكم يختم، وبكم ينزِّل الغيث، وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وبكم ينفس الهم ويكشف الضر، وعندكم ما نزلت به رسله، وهبطت به ملائكته، وإلى جدكم بعث الروح الأمين.
[فإن كانت الزيارة لأمير المؤمنين (عليه السلام) فقل:] وإلى أخيك بعث الروح الأمين.
آتاكم اللّه ما لم يؤت أحداً من العالمين، طأطأ كلّ شريف لشرفكم، وبخع كلّ متكبّرٍ لطاعتكم، وخضع كلّ جبّار لفضلكم، وذل كلّ شيء لكم، وأشرقت الأرض بنوركم، وفاز الفائزون بولايتكم، فبكم يسلك إلى الرضوان، وعلى من جحد ولايتكم غضب الرحمن.
بأبي أنتم وامّي ونفسي وأهلي ومالي واسرتي، ذكركم في الذاكرين، وأسمائكم في الأسماء، وأجسادكم في الأجساد، وأرواحكم في الأرواح، وأنفسكم في النفوس، وآثاركم في الآثار، وقبوركم في القبور; فما أحلى أسمائكم وأكرم أنفسكم، وأعظم شأنكم، وأجل خطركم، وأوفى عهدكم، وأصدق وعدكم.
كلامكم نور، وأمركم رشد، ووصيتكم التقوى، وفعلكم الخير، وعادتكم الإحسان، وسجيتكم الكرم، وشأنكم الحقّ والصدق والرفق، وقولكم حكم وحتم، ورأيكم علم وحلم وحزم، إن ذكر الخير كنتم أوله وأصله وفرعه ومعدنه ومأواه ومنتهاه.
ص: 219
بأبي أنتم واُمّي ونفسي كيف أصف حسن ثنائكم، واحصي جميل بلائكم، وبكم أخرجنا اللّه من الذل، وفرّج عنّا غمرات الكروب، وأنقذنا من شفا جرف الهلكات ومن النار.
بأبي أنتم وامُّي ونفسي بموالاتكم علّمنا اللّه معالم ديننا، وأصلح ما كان فسد من دنيانا، وبموالاتكم تمت الكلمة، وعظمت النعمة، وائتلفت الفرقة، وبموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة، ولكم المودّة الواجبة، والدرجات الرفيعة، والمقام المحمود، والمقر المعلوم عند اللّه - عزّ وجلّ -، والجاه العظيم، والشأن الكبير، والشفاعة المقبولة.
ربنا آمنا بما أنزلت واتبعا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا.
يا وليّ اللّه إنّ بيني وبين اللّه - عزّ وجلّ - ذنوباً لا يأتي عليها إلّا رضاكم، فبحق من ائتمنكم على سرّه واسترعاكم أمر خلقه وقرن طاعتكم بطاعته لما استوهبتم ذنوبي وكنتم شفعائي، فإني لكم مطيع، من أطاعكم فقد أطاع اللّه، ومن عصاكم فقد عصى اللّه، ومن أحبّكم فقد أحبّ اللّه، ومن أبغضكم فقد أبغض اللّه.
اللّهمّ إنّي لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمّد وأهل بيته الأخيار الأئمّة الأبرار لجعلتهم شفعائي إليك، فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم، وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم إنّك أنت أرحم الراحمين، وصلّى اللّه على محمّد وآله وسلّم كثيراً وحسبنا اللّه ونعم الوكيل.
فإن أردت الانصراف والوداع فقل:
السلام عليكم سلام مودع لا سئم ولا قال ورحمة اللّه وبركاته عليكم يا أهل بيت النبوّة إنه حميد مجيد، سلام ولي غير راغب عنكم ولا مستبدل بكم ولا مؤثر عليكم ولا منحرف عنكم ولا زاهد في قربكم، فلا جعله اللّه آخر العهد من زيارة قبوركم وإتيان
ص: 220
مشاهدكم، والسلام عليكم، وحشرني اللّه في زمرتكم وأوردني حوضكم، وجعلني من حزبكم، وأرضاكم عني، ومكنني في دولتكم، وأحياني في رجعتكم، وملكني في أيّامكم، وشكر سعيي بكم، وغفر ذنبي بشفاعتكم، وأقال عثرتي بحبكم، وأعلى كعبي بمحبتكم وبموالاتكم، وشرفني بطاعتكم، وأعزني بهداكم، وجعلني ممّن انقلب مفلحا منجحاً غانماً سالماً معافى غنياً، قد استوجب غفران الذنوب، وكشف الكروب، فائزا برضوان اللّه وفضله وكفايته، بأفضل ما ينقلب به أحد من زواركم ومواليكم ومحبيكم وشيعتكم، ورزقني العود ثمّ العود أبداً ما أبقاني ربّي، بنية وإيمان وتقوى وإخبات ورزق واسع حلال طيّب.
اللّهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارتهم وذكرهم والصلاة عليهم، وأوجب لي المغفرة والخير والبركة والنور والإيمان وحسن الإجابة كما أوجبت لأوليائك العارفين بحقهم الموجبين طاعتهم والراغبين في زيارتهم المقربين إليك وإليهم.
بأبي أنتم واُمّي ونفسي ومالي، إجعلوني في همكم وصيروني في حزبكم وادخلوني في شفاعتكم واذكروني عند ربّكم.
اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وأبلغ أرواحهم وأجسادهم منّي السلام، والسلام عليه وعليهم ورحمة اللّه وبركاته، وحسبنا اللّه ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير (1).
ص: 221
[283] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّه قال في حديث الإسراء: فإذا ملك أتاني فقال:يا محمّد! سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟
فقلت: معاشر الرسل والنبيّين! على ما بعثتم؟
فقالوا: على ولايتك يا محمّد وولاية عليّ بن أبي طالب (1).
[284] وأنه قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): فدخلت الجنّة فرأيت بأعلى بابها مكتوبا بالذهب: " لا إله إلّا اللّه، محمّد حبيب اللّه، علي ولي اللّه، فاطمة أمة اللّه، الحسن والحسين صفوة اللّه، على مبغضيهم لعنة اللّه " (2).
[285] وروي أنّه سأل حمران أبا جعفر (عليه السلام) عن قول اللّه - عزّ وجلّ - في كتابه العزيز:( ثمّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى) (3)؟
فقال (عليه السلام): أدنى اللّه - تعالى - محمّداً نبيه (صلّى اللّه عليه وآله) فلم يكن بينه وبينه إلا قفص من لؤلؤ فيه فراش يتلألأ من ذهب، فرأى صورة فقيل: يا محمّد! أتعرف هذه الصورة؟ فقال:نعم هذه صورة عليّ بن أبي طالب، فأوحى اللّه إليه أن زوجه فاطمة واتّخذه وليّاً (4).
[286] وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: هبط إلى النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ملك له عشرون ألف رأس يقال له «محمود»، فإذا بين منكبيه: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، علي الصديق الأكبر ".
ص: 222
فقال له النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): حبيبي محمود! منذ كم هذا الكتاب مكتوب بين منكبيك؟ قال: من قبل أن يخلق اللّه أباك آدم بأثني عشر ألف عام (1).
[287] وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: أنا المقصود المعني بقوله - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ البريّة) (2) وشيعتي، وعدوّنا المقصود المعني بقوله - تعالى -: (إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) (3)الآية وشيعتهم (4).
[288] وروي أنّه قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لعلي (عليه السلام) في مرضه الذي توفي فيه: ادن منّي يا علي.
فدنا منه.
فقال: أدخل اذنك في فمي.
ففعل.
فقال: يا أخي! ألم تسمع قول اللّه - عزّ وجلّ -: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ البريّة) (5)؟ قال: بلى.
قال: هم أنت وشيعتك تجيئون شباعا مروّيين غرّاً محجّلين.
ثم قال: يا علي! ألم تسمع قول اللّه - عزّ وجلّ -: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ البريّة) (6) البينة / 6.؟
ص: 223
قال: بلى يا رسول اللّه.
قال: هم عدوّك وشيعتهم يجيئون يوم القيامة جائعين ظامئين أشقياء معذّبين كفاراً منافقين، ذلك لك ولشيعتك، وهذا لعدوك وشيعتهم (1).
[289] وروي عنه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: أتاني جبرئيل فرحا مستبشراً، فقلت حبيبي جبرئيل! مع ما أنت فيه من الفرح، ما منزلة أخي وابن عمي عليّ بن أبي طالب عند ربه؟
فقال: والذي بعثك بالنبوّة واصطفاك بالرسالة ما هبطت في وقتي هذا إلا لهذا، يا محمّد! العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول: محمّد نبيي ورحمتي، وعلي مقيم حجتي، لا اعذب من والاه وإن عصاني، ولا أرحم من عاداه وإن أطاعني.
ثم قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل بلواء وهو سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر، وأنا على كرسي من كراسي الرضوان، فوق منبر من منابر القدس، فآخذه وأدفعه إلى عليّ بن أبي طالب.
فوثب عمر بن الخطاب فقال: يا رسول اللّه! كيف يطيق علي حمل هذا اللواء وقد ذكرت أنه سبعون شقّة، الشقّة منه أوسع من الشمس والقمر؟
فقال «صلوات اللّه عليه»: إذا كان يوم القيامة يعطي اللّه عليّاً من القوة مثل قوة جبرئيل، ومن النور مثل نور آدم، ومن الحلم مثل حلم رضوان، ومن الجمال مثل جمال يوسف، ومن الصوت مثل صوت داود، وإن عليّاً أول من يشرب من السلسبيل والزنجبيل، ولا يجوز لعلي قدم على الصراط إلّا وثبتت له مكانها اخرى، وإن لعلي وشيعته مكانا يغبطه به الأولون والآخرون (2).
ص: 224
[290] روي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: إنّ اللّه - عزّ وجلّ - خلقني وخلق عليّاً وفاطمة والحسن والحسين من نور واحد فعصر منه عصرة فخرج منه شيعتنا فسبّحنا فسبّحوا، وقدّسنا فقدّسوا، وهلّلنا فهلّلوا، ومجّدنا فمجّدوا، ثمّ خلق - تعالى - السماوات والأرض وخلق الملائكة، فمكثت الملائكة لا تعرف تسبيحاً ولا تقديساً، فلمّا رأونا سبّحنا وقدّسنا وهلّلنا ومجّدنا وتبعنا شيعتنا، سبّحت الملائكة وقدست تبعت بذلك (1); فنحن الموحدون حيث لا موحد غيرنا، فحقيق على اللّه - عزّ وجلّ - بما اختصّنا واختصّ شيعتنا أن يزلفنا وشيعتنا في أعلى عليين. إن اللّه اصطفانا واصطفى شيعتنا من قبل أن نكون أجساما فدعانا فأجبناه، فغفر لنا ولشيعتنا من قبل أن نستغفر اللّه - عزّ وجلّ - (2).
[291] وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنّه قال (3): إن الإمام ليسمع (4) الصوت في بطن اُمّه فإذا سقط إلى الأرض كتب على عضده الأيمن: (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ ربّك صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (5)، فإذا ترعرع نصب له عمود من نور من السماء إلى الأرض يرى به أعمال العباد (6).
ص: 225
[292] وفي رواية يونس بن ظبيان في هذه الرواية (1): فإذا خرج إلى الأرض اوتي الحكمة وزين بالحلم والوقار، والبس الهيبة، وجعل له مصباح يعرف به الضمير ويرى به أعمال العباد (2).
[293] وفي رواية فضيل بن يسار فيها (3): فإذا وقع على الأرض سطع له نور من السماء إلى الأرض يرى به ما بين المشرق والمغرب (4).
[294] وقال أسود بن سعيد: كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) فقال مبتدئاً من غير أن أسأله:نحن حجّة اللّه، ونحن باب اللّه، ونحن لسان اللّه، ونحن وجه اللّه، ونحن عين اللّه في خلقه، ونحن ولاة أمر اللّه في عباده (5).
يا أسود بن سعيد! إن بيننا وبين كلّ أرض ترّاً مثل ترّ البناء، فإذا أمرنا بأمر جذبنا ذلك الترّ فأقبلت إلينا الأرض بأسواقها ودورها حتّى ننفذ فيها ما أمرنا فيها من أمر اللّه - عزّ وجلّ (6) -.
[295] وروي عن صالح بن سهل قال: كنت جالسا عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) فقال ابتداء منه: إن اللّه - تعالى - جعل بينه وبين الرسول سبيلاً ولم يجعل بينه وبين الإمام رسولاً.
قلت: وكيف ذلك؟ قال: جعل بينه وبين الإمام عمودا من نور ينظر اللّه - تعالى - به إلى الإمام وينظر الإمام به إليه فإذا أراد علم شيء نظر في ذلك العمود النور فعرفه (7).
ص: 226
[296] وروي عن المفضّل بن عمر عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال: لو اُذن لنا أن نعلّم النّاس حالنا عند اللّه ومنزلتنا منه لما احتملتم.
فقال له: في العلم؟
قال (عليه السلام): العلم أيسر من ذلك، إنّ الإمام وكر لإرادة اللّه - عزّ وجلّ - لا يشاء إلّا ما شاء اللّه (1).
[297] وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: نحن جنب اللّه، ونحن صفوة اللّه، ونحن خيرة اللّه، ونحن مستودع مواريث الأنبياء، ونحن امناء اللّه، ونحن حجج اللّه، ونحن حبل اللّه، ونحن رحمة اللّه على خلقه، ونحن الذين بنا يفتح وبنا يختم، ونحن أئمّة الهدى ومصابيح الدجى، ونحن منار الهدى، ونحن السابقون ونحن الآخرون، ونحن العلم المرفوع للخلق، من تمسك بنا لحق ومن تخلف عنا غرق، ونحن قادة الغر المحجلين، ونحن الطريق والصراط المستقيم إلى اللّه، ونحن المنهاج القويم، ونحن نعمة اللّه على خلقه، ونحن معدن النبوّة وموضع الرسالة، ونحن الذين تختلف الملائكة إلينا، ونحن السراج لمن استضاء بنا، ونحن السبيل لمن اقتدى بنا، ونحن الهداة إلى الجنّة، ونحن عزّ الإسلام، ونحن الجسور والقناطر; فمن مضى عليها سبق ومن تخلّف عنها محق، ونحن السنام الأعظم، ونحن الذين بنا تنالون الرحمة وبنا تسقون الغيث، ونحن الذين بنا يصرف اللّه عنكم العذاب; فمن أبصرنا وعرفنا وعرف حقنا وأخذ بأمرنا فهو منا [وإلينا] (2).
ص: 227
[298] وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال: إن اللّه خلقنا فأحسن خلقنا وصورنا [فأحسن صورنا] وجعلنا [عينه في عباده، ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدلّ عليه، و] خزانه في سماواته وأرضه، بنا أثمرت الأشجار [وأينعت الثمار وجرت الأنّهار وبنا ينزل غيث السماء وينبت عشب الأرض]، وبعبادتنا عبد اللّه، ولولانا ما عرف اللّه (1).
[299] وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال (2): إن اللّه - عزّ وجلّ - خلق أربعة عشر نورا من نور عظمته قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فهي أرواحنا.
فقيل له: يا بن رسول اللّه! [عدّهم بأسمائهم] فمن هؤلاء الأربعة عشر نورا؟
فقال: هو (3) محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والتسعة (4) من ولد الحسين [و] تاسعهم قائمهم.
ثمّ عدّهم بأسمائهم وقال: نحن واللّه الأوصياء الخلفاء من بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، ونحن المثاني التي أعطاها اللّه - تعالى - نبينا محمّداً (5) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، ونحن شجرة النبوّة، ومنبت الرحمة، ومعدن الحكمة [ومصباح العلم]، وموضع الرسالة [و] مختلف الملائكة، وموضع سرّ اللّه، ووديعة اللّه [جل اسمه] في عباده، وحرم اللّه الأكبر، وعهده المسؤول عنه; فمن وفى بعهدنا فقد وفى بعهد اللّه، ومن خفره فقد خفر ذمّة اللّه وعهده، عرفنا من عرفنا وجهلنا من جهلنا، نحن الأسماء الحسنى الذين (6) لا
ص: 228
يقبل اللّه من العباد عملا إلّا بمعرفتنا، ونحن - واللّه - الكلمات التي تلقاها (آدَمُ مِنْ ربّه فَتَابَ عَلَيْهِ)، إن اللّه [تعالى] خلقنا فأحسن خلقنا، وصورنا فأحسن صورنا، وجعلنا عينه على عباده، ولسانه الناطق في خلقه، ويده المبسوطة عليهم بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدلّ عليه، وخزان علمه، وتراجمة وحيه، وأعلام دينه، والعروة الوثقى، والدليل الواضح لمن اهتدى، وبنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار، وجرت الأنّهار، ونزل الغيث من السماء، ونبت عشب الأرض، وبعبادتنا عبد اللّه - تعالى -، ولولانا لما عرف اللّه - تعالى -، وأيم اللّه لولا كلمة (1) سبقت وعهد اخذ علينا لقلت قولا يعجب [منه] أو يذهل منه الأولون والآخرون (2).
[300] وروي عن ابن عبّاس قال: كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ذات يوم جالساً إذ أقبل الحسن (عليه السلام)، فلمّا رآه بكى، ثمّ قال: إلي يا بني، فما زال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليمنى.
ثم أقبل الحسين (عليه السلام) فلمّا رآه بكى ثمّ قال: إلي يا بني، فما زال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليسرى.
ثم أقبلت فاطمة (عليها السلام) فلمّا رآها بكى ثمّ قال: إلي يا بنية، فما زال يدنيها حتّى أجلسها بين يديها.
ثم أقبل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فلمّا رآه بكى ثمّ قال: إليّ يا أخي، فما زال يدنيه حتّى أجلسه إلى جنبه الأيمن.
فقال له أصحابه: يا رسول اللّه! ما ترى واحداً من هؤلاء إلّا بكيت؟!
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ذكرت ما يصيبهم بعدي.
ص: 229
ثم قال لي: يا بن عبّاس! أحبّ عليّاً، فلو أن الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين اجتمعوا على بغضه، ولن يفعلوا، لعذّبهم اللّه بالنار.
فقلت: يا رسول اللّه! وهل يبغضه أحد؟
فقال: يا بن عبّاس! يبغضه قوم يزعمون أنهم من امتي لم يجعل اللّه لهم في الإسلام نصيبا.
يا بن عبّاس! إنّ من علامة بغضهم له تفضيل من دونه عليه، والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ما خلق اللّه نبيّاً أكرم عليه منّي وما خلق اللّه وصياً أكرم عليه من وصيي علي.
قال ابن عبّاس: ثمّ نقضي زمن وحضرت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) الوفاة فحضرته فقلت له: فداك أبي وأمي يا رسول اللّه; قد دنا أجلك فما تأمرني؟
فقال: يا بن عبّاس; خالف من خالف ولا تكونن له ظهيرا ولا وليا.
قلت: يا رسول اللّه فلم لا تأمر النّاس بترك مخالفته.
فبكى - صلوات اللّه عليه - حتّى أغمي عليه، ثمّ قال: سبق الكتاب فيهم وعلم ربّي والذي بعثني بالحقّ نبيّاً لا يخرج أحد ممّن خالفه من الدنيا وأنكر حقه حتّى يغير اللّه ما به من نعمة.
يا بن عبّاس; إن أردت وجه اللّه وأن تلقاه وهو عنك راض فاسلك طريق علي ومل معه حيثما مال، وارض به إماما وعاد من عاداه ووال من والاه.
يا بن عبّاس; إحذر أن يدخلك شك فيه فإن الشك فيه كفر (1).
[301] وروي أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال على منبر الكوفة: أيّها النّاس; إنّه كان لي من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عشر خصال هي أحّب إلي ممّا طلعت عليه الشمس:
قال لي: يا علي; أنت أخي، وأنت خليفتي، وأنت صاحب لوائي في الدنيا
ص: 230
والآخرة، وأنت أقرب الخلائق إليّ يوم القيامة في الموقف بين يدي الجبار، ومنزلك في الجنّة مواجه منزلي، كما تتواجه منازل الاخوان في اللّه - تعالى -، وأنت الوارث مني، وأنت الوصي من بعدي وأسرتي، وأنت الحافظ في أهلي عند غيبتي، وأنت وليي، ووليي ولي اللّه، وعدوك عدوي، وعدوي عدو اللّه (1).
[302] وروي عن رسول اللّه أنه قال لأصحابه: أخبروني بأفضلكم؟
قالوا: أنت يا رسول.
قال: صدقتم، أنا أفضلكم ولكن أخبركم بأفضلكم أنتم، أفضلكم أقدمكم سلماً وأكثركم علما وأعظمكم حلماً عليّ بن أبي طالب، واللّه، ما استودعت علماً إلّا وقد أودعته، ولا علمت شيئاً إلّا وقد علمته، ولا أمرت بشيء إلّا وقد أمرته به، ولا وكّلت بشيء إّلا وكّلته به، ألا وأنّي قد جعلت أمر نسائي بيده وهو خليفتي عليكم بعدي، فانّ أشهدكم فاشهدوا له (2).
[303] وروي عن الإمام عليّ بن موسى الرضا (عليه السلام) في حديث طويل عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول في آخره: وإن شئتم أخبرتكم بما هو أعظم من ذلك.
قالوا: فافعل.
فقال (عليه السلام): كنت ذات ليلة تحت سقيفة مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وإنّي لاحصي ستّا ًوستّين وطأة من الملائكة [كل وطأة من الملائكة] أعرفهم بلغاتهم وصفاتهم وأسمائهم [ووطئهم] (3).
فبهتوا من ذلك وانصرفوا.
ص: 231
[304] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: لما خلق اللّه - تعالى - آدم وحوّا تبخترا في الجنّة.
فقال آدم لحوّاء: ما خلق اللّه خلقا أحسن منا.
فأوحى اللّه - عزّ وجلّ - إلى جبرئيل: ائتني بعبدتي التي في جنة الفردوس الأعلى.فلما دخلا الفردوس نظرا إلى جارية على درنوك من درانيك الجنّة، على رأسها تاج من نور، وفي اذنيها قرطان من نور، وقد أشرقت الجنان من حسن وجهها.
فقال آدم: حبيبي جبرئيل! من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنان من حسن وجهها؟ فقال: هذه فاطمة بنت محمّد نبي من ولدك يكون في آخر الزمان.
قال: فما هذا التاج الذي على رأسها؟
قال: بعلها عليّ بن أبي طالب.
قال: فما القرطان اللذان في اذنيها؟
قال: ولداها الحسن والحسين.
قال: حبيبي جبرئيل! أُخلقوا قبلي؟
قال: هم موجودون في غامض علم اللّه - تعالى - قبل أن تخلق بأربعة آلاف سنة (1).
[305] وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنّه قال في حقّ فاطمة «صلوات اللّه عليها»: واللّه لقد فطمها اللّه - عزّ وجلّ - بالعلم وعن الطمث بالميثاق (2).
ص: 232
[306] وروي أنّ فاطمة (عليها السلام) لما توفي أبوها (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قالت لأمير المؤمنين (عليه السلام): إني لأسمع من يحدّثني بأشياء ووقائع تكون في ذريتي.
قال: فإذا سمعتيه فأمليه علي.
فصارت تمليه وهو يكتبه (1).
[307] فروي أنه بقدر القرآن ثلاث مرات ليس فيه شيء من القرآن، فلمّا كمله سماه مصحف فاطمة; لأنّها كانت محدَّثة تحدّثها الملائكة (2).
[308] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: يا فاطمة! أتدرين لم سميت فاطمة؟
فقال علي (عليه السلام): لم سمّيت يا رسول اللّه؟
قال: لأنّها فطمت هي وشيعتها من النار (3).
[309] وروي عنه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: إن لفاطمة وقفة على باب جهنم، فإذا كان يوم القيامة كتب بين عيني كلّ أحد: " مؤمن " أو " كافر "; فيؤمر بمحب قد كثرت ذنوبه إلى النار، فتقرأ فاطمة (عليها السلام) بين عينيه محبا، فتقول: إلهي وسيّدي! سميّتني فاطمة وفطمت بي من تولّاني وتولّى ذرّيّتي من النار، ووعدك الحقّ وأنت لا تخلف الميعاد.
فيقول اللّه - عزّ وجلّ -: صدقت يا فاطمة وفطمت بك من أحبك وتولّاك وأحبّ ذرّيّتك وتولّاهم من النار ووعدي الحقّ وأنا لا أخلف الميعاد، وأنا أمرت بعبدي هذا إلى النار لتشفعي فيه فاُشفّعك ليتبين لملائكتي وأنبيائي ورسلي وأهل الموقف موقفك منّي ومكانك عندي; فمن قرأت بين عينيه مؤمناً أو محبّاً فخذي بيده وأدخليه الجنّة (4).
ص: 233
[310] وروي أنّه سئل النّبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لم سميت فاطمة الزهراء؟
فقال: لأنّ اللّه - عزّ وجلّ - خلقها من نور عظمته، فأضاءت السماوات والأرض بنورها وغشيت أبصار الملائكة فخروا للّه ساجدين وقالوا: إلهنا وسيدنا! ما هذا النور؟ فأوحى اللّه - تعالى - إليهم: هذا نور من نوري، أسكنته في سمائي، وخلقته من نور عظمتي، أخرجه من صلب نبي من أنبيائي، اُفضّله على جميع النبيّين، واخرج من ذلك النور أئمّة يقومون بأمري ويهدون إلى حقي، وأجعلهم خلفاء في أرضي بعد انقطاع الوحي (1).
[311] وقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لولا عليّ بن أبي طالب لم يكن لفاطمة كفو (2).
[312] وقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا علي! إن اللّه - تعالى - زوجك فاطمة وجعل صداقها الأرض; فمن مشى عليها مبغضا لك مشى حراماً (3).
[313] وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) سأل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال: يا رسول اللّه! أنا أحبّ إليك أم فاطمة؟ فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أنت عندي أعزّ منها وهي أحب إلي منك (4).
[314] وعن مجاهد قال: خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وقد أخذ بيد فاطمة (عليها السلام) وقال: من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها هي فاطمة بنت محمّد، وهي بضعة مني، وهي قلبي الذي بين جنبي; فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللّه - جل وعلا - (5).
ص: 234
[315] وروي عن الحسن بن علي (عليهما السلام) قال: بينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في بيت اّمّ سلمة إذ هبط عليه ملك له عشرون رأسا، في كلّ رأس ألف لسان يسبح اللّه ويقدسه، بكلّ لسان لغة لا تشبه الاخرى، فحسب النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه جبرئيل، فقال: يا جبرئيل!! لم تأتني في مثل هذه الصورة قط.
فقال: ما أنا جبرئيل! أنا صرصائيل، بعثني اللّه - تبارك وتعالى - لتزوج النور من النّور.
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: من ممّن؟
فقال: ابنتك فاطمة من علي بشهادة جبرئيل وميكائيل وصرصائيل.
فنظر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وإذا بين كتفي صرصائيل مكتوبا: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ بن أبي طالب مقيم الحجة ".
فقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا صرصائيل! منذ كم هذا كتب بين كتفيك؟
قال: من قبل أن يخلق اللّه - عزّ وجلّ - آدم باثني عشر ألف عام (1).
[316] روى الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه (رحمه اللّه) في كتاب عيون الأخبار بإسناده إلى الرضا عن آبائه (عليهم السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: لقد هممت بالتزويج فلم أجسر (2) أن أذكر ذلك لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، وإعتلج ذلك في صدري بليلي (3) ونهاري حتّى دخلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).
فقال لي: يا علي!
قلت: لبّيك يا رسول اللّه!
ص: 235
فقال: هل لك بالتزويج (1)؟
قلت: رسول اللّه أعلم، وظننت أنّه يريد أن يزوجني بعض نساء قريش، وإنّي خائف (2) على فوت فاطمة، فما شعرت بشيء حتّى (3) دعاني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فأتيته في بيت اُمّ سلمة، فلمّا نظر إلي تهلّل وجهه وتبسّم حتّى نظرت إلى بياض أسنانه يبرق.
فقال لي: يا علي! أبشر فقد كفاني اللّه (4) - سبحانه - ما كان همني من أمر تزويجك.
قلت: وكيف [ذاك] يا رسول اللّه؟!
فقال: أتاني جبرئيل (عليه السلام) ومعه من سنبل الجنّة وقرنفلها فناولنيهما (5)، فأخذتهما وشممتهما (6) وقلت: يا جبرئيل! ما سبب هذا القرنفل والسنبل (7)؟
فقال: إن اللّه - تعالى - أمر سكّان الجنان من الملائكة وغيرهم ممّن فيها (8) أن يزينوا الجنان كلّها بمغارسها وأنهارها وثمارها وأشجارها وقصورها، وأمر ريحاً (9) فهبت بأنواع العطر والطيب، وأمر الحور العين (10) بالقراءة فيها بسورة (11) طه وطس وحم عسق.
ثم أمر [اللّه - عزّ وجلّ -] ملكاً (12) فنادى: [ألا] يا ملائكتي وسكّان جنّتي! اشهدوا أنّي قد زوجت فاطمة بنت محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) من عليّ بن أبي طالب رضىً منّي لبعضهما ببعض (13).
ص: 236
ثم أمر [اللّه - تبارك وتعالى -] ملكاً في الجنّة (1) يقال له " راحيل "، وليس في الملائكة أبلغ منه، فخطب بخطبة لم يخطب بمثلها أهل السماء ولا أهل الأرض.
ثم أمر مناديا فنادى: يا ملائكتي وسكّان جنّتي! باركوا على عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) حبيب محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وفاطمة بنت محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فإني قد باركت عليهما.
فقال راحيل: [يا رب] وما بركاتك عليهما - يا ربّ - بأكثر (2) ما رأينا لهما في جناتك ودار كراُمّتك (3)؟
فقال [اللّه] - تعالى -: يا راحيل! إنّ من بركتي عليهما أن أجمعهما على محبّتي وأجعلهما حجتي على خلقي; وعزّتي وجلالي، لأخلقنّ منهما خلقا، ولأنشأن منهما ذرّيّة، أجعلهم خزاني في أرضي، ومعادن حكمتي (4)، بهم أحتج على خلقي بعد النبيّين والمرسلين.
فأبشر يا علي! فقد زوّجتك (5) [ابنتي] فاطمة على ما زوجك الرحمن، وقد رضيت لكما (6) بما رضى اللّه به لكما (7)، فدونك أهلك فأنت أحق بها مني، ولقد أخبرني جبرئيل أن الجنّة وأهلها مشتاقون إليكما، ولولا أن اللّه - تعالى - أراد أن يتخذ منكما ما يتّخذ به على الخلق حجة لأجاب فيكما الجنّة وأهلها، فنعم الأخ أنت، ونعم الختن أنت، ونعم الصاحب أنت، وكفاك برضى اللّه - عزّ وجلّ - رضى.
[ف] قال علي (عليه السلام): فقلت (8): ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت بها (9) علي.
ص: 237
فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): آمين (1).
[317] وروى فيه بإسناده أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: أتاني ملك فقال: يا محمّد! إن اللّه يقرأ عليك السلام (2) ويقول لك: زوجت فاطمة من علي فزوّجها منه، وإنّي (3) أمرت شجرة طوبى أن تحمل الدرّ والياقوت والمرجان، وإن أهل السماء قد فرحوا بذلك، وسيولد منهما ولدان هما (4) سيدا شباب أهل الجنّة وبهما تزيّن أهل الجنّة، فأبشر يا محمّد فإنك خير الأوّلين والآخرين (5).
[318] وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) كان يكثر من تقبيل فاطمة (عليها السلام)، فعاتبته عائشة وقالت: يا رسول اللّه! إنّك لتكثر تقبيل فاطمة (عليها السلام).
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لها: إنه لما عرج بي إلى السماء مرّ بي جبرئيل على شجرة طوبى وناولني من ثمرها فأكلته فحول اللّه ذلك ماء إلى ظهري، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبلتها إلّا وجدت رائحة شجرة طوبى منها (6).
[319] وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: قيل لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إنك لتلثم فاطمة وتكثر منها (7) وتدنيها منك [وتفعل بها] ما لا تفعله مع إحدى بناتك الأخر؟!
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إن جبرئيل أتاني بتفّاحة من تفاح الجنّة فأكلتها فتحوّلت ماء في صلبي، ثمّ واقعت خديجة فحملت بفاطمة; فأنا أشم منها رائحة الجنّة (8).
ص: 238
[320] وروي عن ابن عبّاس قال: دخلت عائشة على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وهو يقبّل فاطمة، فقالت له: أتحبها يا رسول اللّه؟
فقال لها: أما واللّه لو علمت حبي لها لازددت لها حبا، إنه لما عرج بي إلى السماء الرابعة أذن جبرئيل وأقام ميكائيل، ثمّ قيل لي: ادن يا محمّد.
فقلت: أتقدّم وأنت بحضرتي يا جبرئيل؟!
فقال: نعم، إن اللّه فضّل أنبيائه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلك أنت خاصّة عليهم أجمعين.
فدنوت فصليت بأهل السماء الرابعة، ثمّ التفت عن يميني فإذا أنا بإبراهيم (عليه السلام) في روضة من رياض الجنّة قد إكتنفته جماعة من الملائكة، ثمّ إنّي صرت إلى السماء الخامسة، ومنها إلى السماء السادسة، فنوديت: أنّ يا محمّد نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي.
فلمّا وصلت إلى الحجب أخذ بيدي جبرئيل وأدخلني الجنّة، فإذا أنا بشجرة من نور، في أصلها ملكان يطويان الحلي والحلل، فقلت: حبيبي جبرئيل! لمن هذه الشجرة؟
فقال: لأخيك عليّ بن أبي طالب، وهذان الملكان يطويان له الحلي والحلل إلى يوم القيامة.
ثم تقدمت أمامي، فإذا أنا برطب ألين من الزبد، وأطيب رائحة من المسك، وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها فتحولت الرطبة نطفة في صلبي، فلمّا هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة; ففاطمة حوراء إنسيّة، فإذا اشتقت إلى الجنّة شممت رائحة فاطمة (1).
ص: 239
[321] وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): لولا أن اللّه - عزّ وجلّ - خلق عليّاً أمير المؤمنين لفاطمة (عليها السلام) ما كان لها كفو على وجه الأرض [آدم فمن دونه] (1).
[322] وقال (عليه السلام): حرم اللّه - تعالى - النساء على علي «صلوات اللّه عليه» ما دامت فاطمة حية.
قيل: وكيف؟
قال: لأنّها طاهرة لا تحيض (2).
[323] وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): فاطمة بضعة منّي من سرها فقد سرني، ومن ساءها فقد ساءني، فاطمة أعز البريّة علي (3).
[324] وروي عن الضحاك بن مزاحم قال: سمعت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) يقول:أتاني أبو بكر وعمر فقالا: لو أتيت رسول اللّه فذكرت له فاطمة.
قال: فأتيته، فلمّا رآني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ضحك ثمّ قال: ما جاء بك يا أبا الحسن [ما] حاجتك.
فذكرت له قرابتي وقدمي في الإسلام ونصرتي وجهادي.
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): صدقت وأنت أفضل ممّا تذكر.
فقلت: يا رسول اللّه! فاطمة تزوجنيها.
قال: فإنه قد ذكرها قبلك رجال فذكرت لها ذلك فرأيت الكراهة في وجهها، ولكن على رسلك حتّى أخرج إليك.
ص: 240
فدخل عليها، فقامت إليه فأخذت رداءه ونزعت نعليه وأتته بوضوء فوضّأته بيدها وغسّلت رجليه ثمّ قعدت.
فقال لها: يا فاطمة!
قالت: لبّيك لبّيك، حاجتك يا رسول اللّه.
قال: إنّ عليّ بن أبي طالب ممّن قد عرفت قرابته وفضله وإسلامه، وإني قد سألت ربّي أن يزوجك خير خلقه وأحبّهم إليه، وقد ذكر من أمرك شيئاً، فما ترين؟ فسكتت ولم تول وجهها، ولم ير رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فيه كراهة.
فخرج وهو يقول: اللّه أكبر، سكوتها إقرارها.
فأتاه جبرئيل، فقال: يا محمّد! زوجها عليّاً فإن اللّه قد رضيها له ورضيه لها.
قال: فزوّجني رسول اللّه ثمّ أتى فأخذ بيدي وقال: قم، بسم اللّه، وقل: على بركة اللّه، ما شاء اللّه لا قوة إلّا باللّه، توكلت على اللّه.
ثم جاء بي حتّى أقعدني عندها، ثمّ قال: اللّهمّ إنّهما أحبّ خلقك إليّ، فأحبّهما وبارك في ذرّيّتهما، واجعل عليهما منك حافظا، وإنّي اعيذهما بك وذرّيّتهما من الشيطان الرجيم (1).
[325] وروي عن جابر بن عبد اللّه أنه قال: لما زوج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فاطمة من علي (عليهما السلام) أتاه ناس من قريش فقالوا: إنك قد زوجت فاطمة من علي بمهر خسيس.
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ما أنا زوجت عليّاً ولكن اللّه زوجه بها ليلة اسري بي إلى السماء وصرت عند سدرة المنتهى، فأوحى اللّه إلى السدرة أن انثري ما عليك; فنثرت الدر والمرجان والجوهر، فابتدرت الحور العين فالتقطن منه، فهن يتهادينه ويتفاخرن به ويقلن: هذا من نثار فاطمة بنت محمّد.
ص: 241
فلما كانت ليلة الزفاف أتى النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ببغلته الشهباء وثنّى عليها قطيفة وقال لفاطمة (عليها السلام): إركبي، وأمر سلمان يقودها، والنبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يسوقها، فبينا هو في الطريق إذ سمع «صلوات اللّه عليه» وجبة فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفا وميكائيل في سبعين ألفا.
فقال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ما أهبطكم إلى الأرض؟
قالوا: جئنا نزفّ فاطمة الزهراء إلى زوجها عليّ بن أبي طالب، ثمّ كبر جبرئيل، وكبّر ميكائيل، فكبر النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ووقع التكبير على العرائس من تلك الليلة (1).
[326] وقال أبو جعفر (عليه السلام): لما ولدت فاطمة (عليها السلام) أوحى اللّه - عزّ وجلّ - إلى ملك فأنطق لسان محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فسمّاها فاطمة، ثمّ قال: قد فطمك بالعلم وفطمك (2) عن الطمث.
ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): واللّه لقد فطمها اللّه - تعالى - بالعلم وفطمها عن الطمث في الميثاق (3).
[327] وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): جاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ذات ليلة يطلبني، فقال: أين أخي يا ام أيمن؟
قالت: ومن أخوك؟
قال: علي.
قالت: يا رسول اللّه! تزوّجه ابنتك وهو أخوك؟!
قال: نعم، أما - واللّه - يا اُم أيمن، لقد زوجتها كفواً شريفاً وجيهاً في الدنيا والآخرة [ومن المقربين] (4).
ص: 242
[328] وروي عن بلال بن حمامة قال: طلع علينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ذات يوم متبسّماً ضاحكاً، فقام إليه عبد الرحمن بن عوف فقال له: بأبي واُمّي يا رسول اللّه! ما الذي أضحكك؟
قال: بشارة أتتني من عند اللّه - عزّ وجلّ - في ابن عمّي وأخي وابنتي فاطمة، إن اللّه - تعالى - لما زوّجها بعليّ أمر رضوان فهزّ شجرة طوبى فحملت رقاقا (يعني صكاكاً، جمع صك، وهو الكتاب) بعدد محبينا أهل البيت، ثمّ أنشأ من تحتها ملائكة من نور فأخذ كلّ ملك رقاً، فإذا استوت القيامة بأهلها ماجت الملائكة في الخلائق فلا يلقون محبّا لنا أهل البيت محضا إلا أعطوه رقّاً فيه براءة من النار; فنثار أخي وابن عمي وابنتي فكاك رقاب نساء ورجال من اُمّتي من النار (1).
[329] وروي عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وقد كنت شهدت فاطمة (عليها السلام) وقد ولدت بعض ولدها ولم أر لها دما، فسألته، فقال لي: إن فاطمة خلقت حورية في صورة إنسيّة (2).
[330] وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنه قال: لفاطمة (عليها السلام) تسعة أسماء عند اللّه - عزّ وجلّ -:فاطمة، والصدّيقة، والمباركة، والطاهرة، والزكيّة، والحوريّة، والرضيّة، والمحدّثة، والزهراء.
قال (عليه السلام): وسمّيت فاطمة لأنّها فطمت من الشرّ، ولولا عليّ (عليه السلام) لما كان لها كفو في الأرض (3).
ص: 243
[331] وروي عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): اهتدوا بالشمس، فإذا غاب فاهتدوا بالقمر، فإذا غاب فاهتدوا بالزهرة، فإذا غاب فاهتدوا بالفرقدين.
فقيل: يا رسول اللّه! من الشمس؟ ومن القمر؟ ومن الزهرة؟ ومن الفرقدان؟
فقال: الشمس أنا، والقمر علي، والزهرة فاطمة، والفرقدان الحسن والحسين (1) وتسعة من ذريّة الحسين.
[332] وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): عرج بالنبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) مأة وعشرين مرّة، ما من مرّة إلّا وقد أوصى اللّه عزّوجلّ فيها النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بالولاية لعليّ (عليه السلام) والأئمّة (عليهم السلام) أكثر ممّا أوصى بالفرائض (2).
[333] وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لما اسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فإذا مثبت على ساق العرش الأيمن: " لا إله إلا أنا وحدي، غرست جنة عدن بيدي وأسكنتها ملائكتي، محمّد صفوتي من خلقي، أيدته بعليّ " (3).
[334] وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): مسطور بخط جلي حول العرش: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، علي أمير المؤمنين " (4).
[335] وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ليلة اسري بي إلى سبع سماوات أخذ بيدي حبيبي جبرئيل فأدخلني الجنّة، وأجلسني على درنوك من درانيك الجنّة، وناولني سفرجلة
ص: 244
فانفلقت نصفين، فخرجت عليّ منها جارية حوراء، فقالت: السلام عليك يا محمّد، السلام عليك يا أحمد، السلام عليك يا رسول اللّه.
فقلت: وعليك السلام، من أنت يرحمك اللّه؟
قالت: أنا الراضية المرضية، خلقني ربّي من ثلاثة أنواع: أسفلي من المسك، ووسطي من العنبر، وأعلاي من الكافور، وعجنت بماء الحيوان، قال لي ربي:كوني، فكنت، خلقني اللّه لأخيك وابن عمك ووصيك عليّ بن أبي طالب (1).
[336] وروي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لمّا صعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) [إلى السماء] صعد به على سرير من ياقوتة حمراء مكلبَل (2) من زبرجدة خضراء تحمله الملائكة.
فقال جبرئيل: يا محمّد! أذن.
فقال: اللّه أكبر، اللّه أكبر.
فقالت الملائكة: اللّه أكبر، اللّه أكبر.
فقال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه.
فقالت الملائكة: نشهد أن لا إله إلّا اللّه.
فقال: أشهد أن محمّداً (3) رسول اللّه.
فقالت الملائكة: نشهد أن محمّداً رسول اللّه، فما فعل وصيك علي؟ قال: خلفته في امتي.
فقالوا: نعم الخليفة خلفت، أما إن اللّه قد فرض علينا طاعته.
ثم صعد به إلى السماء الثانية، فقالت الملائكة مثل ما قالت ملائكة السماء الاولى (4).
ص: 245
فلمّا صعد به إلى السماء السابعة لقيه عيسى (عليه السلام) فسلّم عليه وسأله عن علي (عليه السلام) فقال: خلّفته في امتي.
قال: فنعم (1) الخليفة خلّفت، أمّا إنّ اللّه فرض على الملائكة طاعته.
ثم لقيه موسى (عليه السلام) والنبيون، نبيّاً نبيّاً (2)، فكلهم يسلم عليه (3) ويقول له مقالة عيسى.
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لهم (4): فأين [أبي] إبراهيم؟
[ف_] قالوا [له]: هو مع أطفال شيعة علي.
فدخل الجنّة فإذا هو بشجرة (5) لها ضروع كضروع البقر فإذا انفلت الضرع من فم الصبي قام إبراهيم فرده (6) عليه.
فلما رآه إبراهيم قام إليه فسلّم (7) عليه وسأله عن عليّ.
فقال: خلفته على (8) امتي.
فقال: نعم الخليفة خلفت، أمّا إنّ اللّه فرض على الملائكة طاعته، وهؤلاء أطفال شيعته، سألت اللّه - تعالى - أن يجعلني القائم عليهم، ففعل، وإن الصبي ليجرع الجرعة فيجد طعم ثمار الجنّة وأنهارها في تلك الجرعة (9).
[337] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: لما عرج بي إلى السماء أتاني النداء من ربّي - تعالى (10) -: يا محمّد!
ص: 246
قلت: لبّيك ربّ العظمة [لبّيك].
فأوحى إلي: يا محمّد! فيم اختصم الملأ الأعلى؟
فقلت: إلهي! لا علم لي.
فقال [لي]: يا محمّد! هلا (1) اتّخذت من الآدميّين وزيراً وأخاً ووصيّاً من بعدك؟
فقلت: إلهي! ومن أتّخد، إختر (2) أنت لي يا إلهي.
فأوحى إلي: يا محمّد! قد اخترت لك [من الآدميين] عليّ بن أبي طالب.
فقلت: إلهي! ابن عمي.
فأوحى إلي: يا محمّد! إنّ عليّاً وارثك، ووارث العلم من بعدك، وصاحب لوائك لواء الحمد يوم القيامة، وصاحب حوضك يسقي من ورد عليه من مؤمني اُمّتك.
ثم أوحى إلي: إني قد أقسمت [على نفسي] قسماً حقّاً لا يشرب من ذلك الحوض مبغض لك ولأهل بيتك وذرّيّتك [الطيّبين]، [حقّاً] حقّاً أقول يا محمّد! لأدخلن الجنّة جميع اُمّتك إلا من أبى.
فقلت: إلهي! أو يأبى أحد (3) دخول الجنّة؟!
فأوحى إلي: بلى يأبى.
قلت: وكيف يأبى؟
فأوحى إلي: يا محمّد! إخترتك من خلقي واخترت لك وصيا من بعدك، وجعلته منك بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبي بعدك، وألقيت محبّته في قلبك، وجعلته أبا لولدك، فحقّه بعدك على اُمّتك كحقك عليهم في حياتك; فمن جحد حقّه جحد حقك، ومن أبى أن يواليه فقد أبى أن يواليك (4)، ومن أبى أن يواليك فقد أبى أن يدخل الجنّة.
ص: 247
فخررت للّه [عزّ وجلّ] ساجداً شكراً لما أنعم به (1) علي.
فإذا النداء (2): يا محمّد! إرفع رأسك و (3) سلني أعطك.
فقلت: إلهي! أجمع اُمّتي من بعدي على ولاية عليّ بن أبي طالب ليردوا عَلَيّ جميعاً حوضي يوم القيامة.
فأوحى إلي: [يا محمّد] إني قد قضيت في عبادي قبل أن أخلقهم، وقضائي ماض فيهم، لأهدينّ به من أشاء، وأهلكنّ به من أشاء (4)، وقد آتيته علمك من بعدك، وجعلته وزيرك وخليفتك من بعدك على أهلك واُمّتك، عزيمة منّي فلا يدخل النار إلّا من (5) أبغضه وعاده وأنكر ولايته من بعدك; فمن أبغضه أبغضك ومن أبغضك فقد (6) أبغضني، ومن عاداه [فقد] عاداك ومن عاداك فقد عاداني، ومن أحبّه [فقد] أحبّك ومن أحبّك فقد أحبّني، وقد جعلت فضيلة له (7) [وأعطيتك] أن اخرج من صلبه أحد عشر مهديّاً كلّهم من ذرّيّتك، من البكر البتول، آخر رجل منهم يصلي خلفه عيسى ابن مريم، يملأ الأرض قسطا و (8) عدلا كما ملئت جورا وظلما، أنجي به من الهلكة، وأهدي به من الضلالة، وأبرىء به الأعمى، وأشفي به المريض.
قلت: إلهي! ومتى (9) يكون ذلك؟ فأوحى إلي [عزّ وجلّ]: يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر الجهل، وكثر القرّاء وقلّ العمل، وكثر القتل (10)، وقل الفقهاء الهادون، وكثر فقهاء الضلالة و (11) الخونة،
ص: 248
وكثرت (1) الشعراء، واتّخذ اُمّتك قبورهم مساجد، وحليت المصاحف، وزخرفت المساجد، وكثر الجور والفساد، وظهر المنكر وأمر اُمّتك به ونهوا عن المعروف، واكتفى الرجال بالرجال والنساء بالنساء، وصارت الامراء كفرة، وأولياؤهم فجرة، وأعوانهم ظلمة، وذوو الرأي منهم فسقة، وتبدو ثلاث خسوفات (2): خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ويكون (3) خراب البصرة على يدي رجل من ذرّيّتك تتبعه الزنوج، وخروج رجل (4) من ولد الحسن (5) بن علي، وظهور الدجال يخرج بالمشرق من سجستان، وظهور السفياني.
فقلت: إلهي! وماذا (6) يكون من (7) بعدي من الفتن؟
فأوحى إلي وأخبرني - جل اسمه - ببلاء بني امية وفتنة ولد عمي وما هو كائن إلى يوم القيامة فأوصيت بذلك أخي (8) حين هبطت إلى الأرض وأديت الرسالة، فأحمد اللّه (9) على ذلك كما حمده النبيون وكما حمده كلّ شيء قبلي [وما هو خالقه إلى يوم القيامة] (10).
[338] وروي عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): [ما بال أقوام يلومونني في محبتي لأخي عليّ بن أبي طالب، فوالذي بعثني بالحقّ نبيّاً ما أحببته حتّى أمرني ربّي - جلّ جلاله - بمحبته]
[ثم قال:] ما بال أقوام يلوموني (11) في تقديم علي (12) بن أبي طالب؟ فوعزة
ص: 249
ربّي ما قدمته حتّى أمرني ربّي (1) بتقديمه وجعله أمير المؤمنين وأمير امتي وإمامها.
أيّها النّاس! إنه لما عرج بي إلى السماء السابعة وجدت على باب السماء (2) مكتوبا: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين ".
ولمّا صرت إلى حجب النور رأيت على كلّ حجاب مكتوباً: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، علي ابن أبي طالب أمير المؤمنين ".
ولمّا صرت إلى العرش وجدت على كلّ ركن من أركانه: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين " (3).
[339] وروي عن ابن عبّاس أنّه قال: إن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لما اسري به إلى السماء إنتهى به جبرئيل إلى نهر يقال له «النور» وذلك قوله - تعالى -: (جعل الظلمات والنور) (4)، فلمّا إنتهى به إلى ذلك النهر قال: يا محمّد! اعبر على بركة اللّه، فقد نور اللّه بصرك ومد أمامك، فإن هذا نهر لم يعبره أحد لا ملك مقرب ولا نبيّ مرسل غير أن لي في كلّ يوم اغتماسة فيه، ثمّ اخرج منه فانفض أجنحتي، فليس من قطرة تخرج من أجنحتي إلّا خلق اللّه منها ملكا مقربا له عشرون ألف وجه وأربعون ألف لسان، يلفظ كلّ لسان بلغة لا يفقهها اللسان الآخر.
فعبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حتّى إنتهى إلى الحجب، وهي خمسمأة حجاب، من الحجاب إلى الحجاب خمسمأة عام، ثمّ قال لي: تقدّم يا محمّد.
فقلت: ولم لم تكن معي؟
قال: ليس لي أن أجوز هذا المكان.
فتقدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ما شاء اللّه أن يتقدم حتّى سمع ما قال الرب - تبارك وتعالى -:
ص: 250
أنا المحمود وأنت محمّد، شققت لك إسما من اسمي; فمن وصلك وصلته، ومن قطعك بتكته، أنزل إلى عبادي فأخبرهم بكرامتي إيّاك، وإنّي لم أبعث نبيّاً إلّا وجعلت له وزيرا، وأنّك رسولي وأنّ عليّاً وزيرك (1).
[340] وقال ابن عبّاس: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: لمّا اسري به إلى السماء السابعة وأهبط إلى الأرض مخاطبا لعليّ بن أبي طالب: يا علي! إن اللّه - تبارك وتعالى - كان ولا شيء معه، خلقني وخلقك زوجين من نور جلاله، فكنّا أمام عرش ربّ العالمين نسبّح اللّه ونقدّسه ونحمده ونهلّله قبل أن يخلق السماوات والأرضين، فلمّا أراد اللّه - عزّ وجلّ - أن يخلق آدم خلقني وإيّاك من طينة واحدة من طينة عليين وعجننا بذلك النور وغمسنا في جميع الأنّهار وأنهار الجنّة، ثمّ خلق آدم واستودع صلبه تلك الطينة والنور، فلمّا خلقه استخرج ذرّيّته من ظهره واستنطقهم وقررهم بربوبيته، فأول ما خلق أقرّ للّه بالربوبيّة والتوحيد أنا وأنت، ثمّ النبيون على قدر منازلهم وقربهم من اللّه، فقال اللّه - تبارك وتعالى -: صدقتما وأقررتما، يا محمّد ويا علي، وسبقتما خلقي إلى طاعتي، وكذلك كنتما في سابق علمي فيكما، فأنتما صفوتي والأئمّة من ذرّيّتكما وشيعتكما، ولذلك خلقتكما.
[ثم] قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) له (عليه السلام): فكانت تلك الطينة في صلب آدم، ونوري ونورك فيما بين عينيه، فما زال النور ينتقل فيما بين أعين النبيّين والطينة في أصلابهم حتّى وصلا إلى صلب عبد المطلب وبين عينيه، فافترقا نصفين، فخلقني من نصف واتخذني نبيّاً ورسولا، وخلقك من النصف الآخر واتخذك خليفة على خلقه ووليا.
فلمّا كنت من عظمته - جلّ جلاله - كقاب قوسين أو أدنى قال لي: يا محمّد! من أطوع خلق اللّه لك؟
ص: 251
فقلت: عليّ بن أبي طالب.
قال: فاتخذه خليفة ووصيا بعد أن اتخذته صفيا ووليا.
يا محمّد! كتبت اسمك واسم علي على عرشي من قبل أن أخلق خلقي محبة منّي لكما ولمن أحبكما وتولاكما وأطاعكما; فمن أحبكما وأطاعكما وتولّاكما كان عندي من المقرّبين ومن جحد ولايتكما وعدل عنكما كان عندي من الكافرين الضالين.
ثم قال النّبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا علي! فمن ذا يلج بيني وبينك وأنا وأنت من نور واحد وطينة واحدة، وأنت أحقّ النّاس بي في الدّنيا والآخرة، وولدك ولدي، وشيعتك شيعتي، وأولياءك أوليائي، وهم معك غدا في الجنّة جيراني (1).
[341] وقال أيضاً ابن عبّاس: لما زوج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فاطمة من علي (عليهما السلام) تحدّثن نساء قريش وعيّرنها وقلن لها: زوجك رسول اللّه من عائل لا مال له.
فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا فاطمة! أما ترضين أن يكون اللّه - تعالى - اطّلع إلى أهل الأرض اطلاعة فاختار منها رجلين جعل أحدهما أباك والآخر بعلك.
يا فاطمة! كنت أنا وعلي نورا بين يدي اللّه - تبارك وتعالى - مطيعا من قبل أن يخلق اللّه آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق آدم قسم ذلك النور جزئين: جزء أنا وجزء علي.
ثم إن قريشا تكلّمت في ذلك وفشا الخبر فبلغ النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فأمر بلالا فجمع النّاس وخرج «صلوات اللّه عليه» إلى مسجده ورقى منبره وحدث النّاس بما خصه اللّه - تعالى - به وبما خص عليّاً وفاطمة (عليهما السلام) من الكرامة.
فقال: معاشر النّاس! إنه بلغني مقالتكم، وأنّي محدّثكم حديثا فعوه واحفظوه
ص: 252
منّي وأبلغوه عنّي، فإنّي مخبركم بما خصنا اللّه به أهل البيت، وبما خصّ به عليّاً من الفضل والكرامة وفضلّه عليكم فلا تخالفوه فتنقلبوا (عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شيئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ) (1).
معاشر النّاس! إن اللّه إختارني من بين خلقه فبعثني إليكم رسولاً واختار لي عليّاً فجعله لي أخاً وخليفة ووصيّاً.
معاشر النّاس! إنّه لمّا اسري بي إلى السماء السابعة ما مررت بملأ من الملائكة في سماء من السماوات إلّا سألوني عن عليّ بن أبي طالب وقالوا لي: يا محمّد! إذا رجعت فاقرأ عليّاً وشيعته منا السلام، فلمّا بلغت السماء السابعة وتخلف عنّي جميع من كان معي من ملائكة السماوات وجبرئيل والملائكة المقرّبون، ووصلت إلى حجاب ربّي، دخلت سبعين ألف حجاب، من حجاب إلى حجاب، حجاب العزّة، والقدرة، والبهاء، والكبرياء، والعظمة، والنور، والجمال، والظلمات، والكمال، حتّى وصلت إلى حجاب الجلال، فكشف لي عن حجاب الجلال فناجيت ربّي - عزّ وجلّ - وقمت بين يديه، فتقدّم إلي بما أحبّ وأمرني بما أراد، ولم أسأله لنفسي شيئاً ولعليّ إلّا أعطاني ووعدني الشفاعة في شيعته وأوليائه.
ثم قال لي الجليل - جلّ جلاله -: يا محمّد! من تحبّ من خلقي؟
قلت: أحب الذي تحبّه أنت يا رب.
فقال - جلّ ثنائه -: فأحبّ عليّاً، فإنّي احبّه، واحب من يحبّه، واحبّ من يحبّ من يحبّه، فخررت ساجداً مسبّحاً شاكراً له - تعالى -.
فقال لي: يا محمّد! عليّ ولييّ وخيرتي بعدك من خلقي، إخترته لك أخاً ووصيّاً ووزيراً وخليفة وصفيّاً وناصراً لك على أعدائي، أيدته بنصرتي وأمرت بنصرته ملائكتي، وجعلته نقمة لي على أعدائي.
ص: 253
يا محمّد! وعزّتي وجلالي، لا يناوي عليّاً جبار إلّا قصمته، ولا يقاتل عليّاً عدو من أعدائي إلّا هزمته وأبدته.
يا محمّد! إنّي اطّلعت على قلوب عبادي فوجدت عليّاً أنصح خلقي لك وأطوعهم لك، فاتّخذه أخاً وخليفة ووصّياً، وزوِّجه ابنتك، فإنّي سأهب لهما غلامين طيّبين طاهرين تقيين نقيين، فبي حلفت وعلى نفسي حتمت، أنّه لا يتولى عليّاً وزوجته وذرّيّتهما أحد من خلقي إلّا رفعته إلى قأئمّة عرشي، وقصور جنّتي، وبحبوحة كرامتي، وأسكنته في حظيرة قدسي، ولا يعاديهم أحداً ويعدل عن ولايتهم إلّا سلبته ودي، وباعدته من قربي، وضاعفت عليه عذابي ولعنتي.
يا محمّد! وعلى ولايتك بأنّك رسولي إلى خلقي وأنّ عليّاً وليي وأميرالمؤمنين أخذت ميثاق النبيّين وملائكتي وجميع خلقي، وهم أرواح من قبل أن أخلق خلقا في سمائي وأرضي، محبة لك منّي - يا محمّد - ولعلي ولولدكما ولمن أحبّكما وكان من شيعتكما، ولذلك خلقته من طينتكما.
فقلت: إلهي وسيّدي! فاجمع الاُمّة عليه.
فأبى عَلَيّ وقال لي - تعالى -: أما علمت أنّه مبتلى ومبتلى به، وأني جعلتكما حجتي لأسكن السماوات واُزينّها لمن أطاعني فيكم، وأحلّ عذابي ولعنتي على من خالفني فيكم وعصاني، فبكم اميز الخبيث من الطيّب.
يا محمّد! وعزّتي وجلالي، لولاك ما خلقت آدم، ولولا علي ما خلقت الجنّة; لأنّي بكم أجزي العباد يوم المعاد بالثواب والعقاب، وبعلي والأئمّة من ولده أنتقم من أعدائي في دار الدنيا، ثمّ إلي مصير العباد في المعاد، فاحكمكما في جنتي وناري، فلا يدخل الجنّة لكما عدو، ولا يدخل النار لكما ولي، وبذلك أقسمت على نفسي.
ثم انصرفت راجعا فجعلت لا أخرج من حجاب من حجب ربّي ذي الجلال والإكرام إلّا سمعت:
ص: 254
يا محمّد! أحبب عليّاً،
يا محمّد! أكرم عليّاً،
يا محمّد! استخلف عليّاً،
يا محمّد! أوص إلى عليّ،
يا محمّد! آخ عليّاً،
يا محمّد! استوص بعليٍّ وشيعته خيراً.
فلما وصلت إلى الملائكة جعلوا يهنئوني في السماوات ويقولون: هنيئاً لك يا رسول اللّه! بكرامة اللّه لك ولعلي أخيك.
معاشر النّاس! علي أخي في الدنيا والآخرة ووصيي وأميني على اُمّتي بأمر ربّ العالمين، ووزيري وخليفتي عليكم في حياتي وبعد وفاتي، لا يتقدّمه أحد بعدي، ولقد أعلمني ربّي أنه سيد المسلمين، وأميرالمؤمنين، وإمام المتّقين، ووارثي ووارث النبيّين، وحجة ربّ العالمين، وقائد الغرّ المحجّلين من شيعته وأهل ولايته إلى جنات النعيم بأمر ربّ العالمين، يبعثه اللّه يوم القيامة بمقام يغبطه به الأولون والآخرون، بيده لوائي، لواء الحمد، يسير به أمامي، تحته آدم وجميع من ولد من ولده من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين إلى جنات النعيم، حتما من اللّه العظيم محتوما، ووعداً وعدنيه ربي، ولن يخلف اللّه وعده، وأنا على ذلك من الشاهدين (1).
[342] وروي عن الأعمش عن جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السلام) قال: قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم):ليلة اسري بي إلى السماء وبلغت [السماء] الخامسة نظرت إلى صورة عليّ بن أبي طالب فقلت: حبيبي جبرئيل! ما هذه الصورة؟
فقال: اشتهت الملائكة أن ينظروا إلى [صورة] علي فقالوا: ربّنا! إنّ بني آدم في
ص: 255
دنياهم يتمتّعون غدوة وعشية بالنظر إلى عليّ ابن عمّ حبيبك (1) محمّد وخليفته ووصيه وأمينه، فمتّعنا بصورته قدر ما تمتّع أهل الدنيا به، فصوّر لهم صورته من نور قدّسه - عزّ وجلّ - فصورة عليّ (2) بين أيديهم ليلاً ونهاراً يزورونه وينظرون إليه غدوة وعشية.
قال أبو عبد اللّه (3) (عليه السلام): فلمّا ضربه [اللعين] ابن ملجم [على رأسه] صارت تلك الضربة في صورته التي في السماء، فالملائكة ينظرون إليه غدوة وعشية و (4) يلعنون قاتله [ابن ملجم]، فلمّا قتل الحسين (عليه السلام) هبطت الملائكة وحملته حتّى أوقفته مع صورة علي في السماء الخامسة، فكلما هبطت الملائكة من السماوات العليا وصعدت ملائكة السماء الدنيا فما (5) فوقها إلى السماء الخامسة لزيارة صورة علي (عليه السلام) والنظر إليه وإلى الحسين [بن علي] (عليه السلام) بصورته التي تشحطت بدمائه لعنوا ابن ملجم ويزيد وابن زياد ومن قاتل الحسين (عليه السلام) إلى يوم القيامة (6).
قال الأعمش: قال لي أبو عبد اللّه جعفر بن محمّد (7) (عليه السلام): هذا من مكنون العلم ومخزونه فلا تخرجه إلّا إلى أهله (8).
[343] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنه قال: لما اسري بي إلى السماء، ثمّ من سماء إلى سماء، ثمّ إلى سدرة المنتهى، اوقفت بين يدي ربّي - جلّ وعلا -.
فقال لي: يا محمّد!
ص: 256
فقلت: لبّيك ربّي وسعديك.
قال: إنك قد بلوت خلقي فأيهم رأيت أطوع لك؟ قلت: عليا.
قال: صدقت يا محمّد، فهل اتّخذت خليفة لنفسك يؤدي عنك ويعلّم عبادي من كتابي ما لا يعلمون؟
قلت: إختر لي فإن خيرتك خير لي.
قال: قد إخترت لك عليّاً فاتخذه لنفسك خليفة ووصياً، ونحلته علمي وحكمي، فهو أمير المؤمنين، لم يكن لأحد هذا الاسم قبله وليس لأحد بعده.
يا محمّد! علي راية الهدى وإمام من أطاعني ونور أوليائي، وهو الكلمة التي ألزمتها المتّقين; من أحبّه فقد أحبّني ومن أبغضه فقد أبغضني، فبشره بذلك.
قلت: ربّي قد بشرته، فقال: أنا عبد اللّه وفي قبضته; إن يعاقبني فبذنوبي ولم يظلمني شيئاً، وإن يتمّ وعده لي فاللّه مولاي.
قال: أجل.
فقلت: اجعل ربيعه الإيمان بك (1).
قال: قد فعلت ذلك به - يا محمّد - غير أني مختصه بشيء من البلاء لم أختصّ به أحداً من أوليائي.
قلت: ربّي! أخي وصاحبي.
قال: قد سبق في علمي أنّه مبتلى ومبتلى به فلولا عليٌّ لم يعرف حزبي ولا أوليائي ولا أولياء رسلي (2).
ص: 257
[344] وروي عن زين العابدين (عليه السلام) أنه قال: لما عرج بالنبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى السماء قال العزيز - تبارك وتعالى - له: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ).
فقال: (وَالْمُؤْمِنُونَ).
قال - تعالى -: صدقت يا محمّد، إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها، ثمّ شققت لك إسما من أسمائي، فلا اذكر في موضع إلا ذكرت معي; فأنا المحمود وأنت محمّد، ثمّ اطلعت إطلاعة اخرى فاخترت عليّاً وجعلته وصيك; فأنت خير الأنبياء وهو خير الأوصياء.
يا محمّد! إني خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة والحسن والحسين من شبح نوري، ثمّ عرضتهم على الملائكة وسائر خلقي وأردت ولايتهم وهم أرواح; فمن قبلها كان عندي من المقربين، ومن جحدها كان عندي من الكافرين.
يا محمّد! وعزتي وجلالي، لو أن عبدا عبدني حتّى ينقطع ويصير كالشن البالي ثمّ أتاني جاحدا لولايتهم لم أدخله جنتي ولا اظله تحت عرشي (1).
[345] وروي عن النبي (2) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: لما عرج بي إلى السماء الدنيا إذا أنا بقصر من فضة بيضاء على بابه ملكان، فقلت: يا جبرئيل! سلهما لمن هذا القصر؟ فسألهما، فقالا: لفتى من بني هاشم.
فلما صرت في السماء الثانية إذا أنا بقصر من ذهب أحمر، أحسن من الاولى، على بابه ملكان، فقلت: يا جبرئيل! سلهما لمن هذا القصر؟
ص: 258
فسألهما، فقالا: لفتى من بني هاشم.
فلما صرت في السماء الثالثة إذا أنا بقصر من ياقوتة حمراء على بابه ملكان، فقلت لجبرئيل (1): سلهما لمن هذا القصر (2).
فسألهما، فقالا: لفتى من بني هاشم.
فلمّا صرت في السماء الرابعة إذا أنا بقصر من درّة بيضاء على بابه ملكان، فقلت لجبرئيل (3) في البحار: «يا جبرئيل».(4) في البحار: «وقفت» (5) إلى سدرة المنتهى، فإذا جبرئيل (عليه السلام) انصرف (6)، قلت: حبيبي جبرئيل! أفي مثل هذا المكان (7) - أو في مثل هذا الحال (8) - تخلفني وتمضي؟
ص: 259
فقال لي (1): [حبيبي] والذي بعثك بالحقّ نبيّاً إن هذا المسلك ما سلكه نبي مرسل ولا ملك مقرب، أستودعك ربّ العزّة.
فلم أزل (2) واقفا حتّى قذفت في بحار النور، فلم تزل الأمواج تجذبني من نور إلى ظلمة ومن ظلمة إلى نور حتّى وقفني (3) ربّي - تعالى - الموقف الذي أحبّ أن يقفني عنده من ملكوته (4)، فقال - عزّ وجلّ -: يا أحمد! قف.
فوقفت منتفضا مرعوباً.
فنوديت من الملكوت: يا أحمد!
فألهمني الرحمن أن قلت (5): لبّيك ربّي وسعديك، ها أنا ذا عبدك بين يديك.
فنوديت: يا أحمد! العزيز يقرئك السلام (6).
[قال:] فقلت: هو السلام ومنه السلام (7) وإليه يعود السلام.
ثم نوديت: يا أحمد! فقلت: لبّيك وسعديك سيدي ومولاي.
فقال: يا أحمد! (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ..).
فألهمني - تعالى - أن قلت (8): (وَالْمُؤْمِنُونَ كلّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ).
وقلت (9): قد (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).
فنوديت (10): (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ).
فقلت: (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا).
ص: 260
فقال [فقال اللّه - عزّوجلّ -]: قد فعلت.
فقلت: (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا).
[فقال: قد فعلت].
[فقلت:] (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).
فقال [اللّه - عزّ وجلّ]: قد فعلت.
وجرى (1) القلم بما جرى، فلمّا قضيت وطري من مناجاة ربّي نوديت أنّ العزيز يقول [لك]: من خلفت في الأرض؟ [ف] قلت: خيرهم (2) [خلفت فيهم] ابن عمي.
فنوديت: يا أحمد! من ابن عمك؟
قلت: أنت أعلم، عليّ بن أبي طالب.
فنوديت من الملكوت سبعا متوالية (3): يا أحمد! استوص بابن عمك عليّ بن أبي طالب (4) خيرا.
ثم نوديت (5): التفت.
فالتفت عن يمين العرش، فوجدت على ساق العرش الأيمن مكتوباً: " لا إله إلّا أنا وحدي لا شريك لي، محمّد رسولي، أيدته بعلي ".
ثم نوديت (6): يا أحمد! شققت اسمك من اسمي; أنا [اللّه المحمود] الحميد وأنت أحمد، وشققت اسم ابن عمك من اسمي; أنا الأعلى وهو علي (7).
ص: 261
يا أبا القاسم! إمض هادياً مهدياً، نعم المجيء جئت ونعم المنصرف انصرفت، فطوبى لك (1) وطوبى لمن آمن بك وصدقك.
ثم قذفت في بحار النور، فلم تزل الأمواج تقذفني حتّى تلقّاني جبرئيل (عليه السلام) في سدرة المنتهى، فقال لي: [خليلي] نعم المجيء [جئت] ونعم المنصرف [انصرفت]، ماذا قلت وماذا قيل لك؟
فقلت بعض ما جرى، فقال [لي]: وما كان آخر الكلام الذي القي عليك (2)؟
فقلت [له]: أن (3) نوديت: يا أبا القاسم! إمض هادياً مهدياً فطوبى لك (4) وطوبى لمن آمن بك وصدقك.
فقال [لي جبرئيل (عليه السلام)]: ألم تستفهم ماذا أراد (5) بأبي القاسم؟ قلت: لا يا روح اللّه.
فنوديت: يا أحمد! إنّما كنيتك بأبي القاسم لأنّك تقسم الرحمة [مني] بين عبادي يوم القيامة.
فقال لي (6) جبرئيل: هنيئاً [مريئاً] لك (7) يا حبيبي، والذي اختصك بالرسالة و [اختصك ب] النبوّة وبعثك (8) ما أعطي [اللّه] هذا آدميا قبلك.
ثم انصرفنا فجئنا (9) إلى السماء السابعة فإذا القصر [على حاله]، فقلت [حبيبي جبرئيل]: سل الملكين (10): من الفتى من بني هاشم؟
فسألهما: فقالا: عليّ بن أبي طالب ابن عم رسول اللّه (11).
ص: 262
ثمّ نزلنا سماء سماء نسأل عن الفتى ملائكة تلك القصور فيقولون (1): عليّ بن أبي طالب (2).
[346] وروي عن رسول اللّه (3) (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: لما اسري بي إلى السماء ما سمعت شيئاً قط هو أحلى من كلام ربّي - جلّ وعلا -.
[قال:] فقلت: يا ربّ! اتّخذت إبراهيم خليلاً، وكلمت موسى تكليما، ورفعت إدريس مكانا عليّاً، وآتيت داود زبورا، وأعطيت سليمان ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فماذا لي يا ربّ؟!
فقال - جلّ وعزّ -: يا محمّد! إتخذتك خليلاً كما إتّخذت إبراهيم خليلاً، وكلّمتك تكليما كما كلّمت موسى تكليما، وأعطيتك فاتحة الكتاب وسورة البقرة ولم أعطهما نبيّاً قبلك، وأرسلتك إلى أسود أهل الأرض وأحمرهم وإنسهم وجنهم ولم أرسلهم إلى جماعتهم نبيّاً قبلك، وجعلت لك ولاُمّتك الأرض (4) مسجداً وطهوراً، وأطعمت اُمّتك الفيء ولم احله لأحد قبلها، ونصرتك بالرعب حتّى أن عدوك ليرعب منك، وأنزلت سيد الكتب كلّها مهيمنا عليك قرآنا عربياً مبيناً، ورفعت لك ذكرك حتّى لا اذكر بشيء من شرايع ديني إلّا ذكرت معي (5).
ص: 263
[347] وروي عن يزيد بن قعنب قال: كنت جالسا مع العبّاس بن عبد المطّلب وفريق من بني عبد العزى بإزاء بيت اللّه الحرام إذ أقبلت فاطمة بنت أسد اُمّ أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وكانت حاملة به لتسعة أشهر وقد أخذها الطلق، فقالت: ربّي! إني مؤمنة بك وبمن جاء من عندك من رسلك وكتبك، وإنّي مصدقة بكلام جدي إبراهيم الذي بنى هذا البيت، فبحقّه وحقّ هذا المولود الذي في بطني لما يسرت علَيّ ولادتي.
قال يزيد بن قعنب: فرأيت البيت وقد ا نفتح من ظهره فدخلت فيه فاطمة وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح فعلمنا أن ذلك أمر من أمر اللّه - تعالى -، ثمّ خرجت بعد الرابع وبيدها علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وهي تقول: إني فضلت من تقدمني من النساء; فإن آسية بنت مزاحم عبدت اللّه سرا في موضع لا يحبّ أن يعبد اللّه فيه إلّا إضطراراً، وإن مريم بنت عمران هزّت النخلة اليابسة حتّى أكلت منها رطباً جنياً، وإني دخلت بيت اللّه الحرام فأكلت من ثمار الجنّة وأرزاقها، فلمّا أردت أن أخرج هتف بي هاتف وقال سميه عليّا;ً فالعليّ الأعلى يقول: شققت اسمه من اسمي وأدّبته بأدبي ووقفته على غامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام عن بيتي وهو الذي يقدسني فوق ظهر بيتي ويؤذّن عليه ويمجدني; فطوبى لمن أحبّه وأطاعه وويل لمن أبغضه وعصاه (1).
[348] وروي عن أبي ذر (رضي اللّه عنه) قال: نظر النّبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقال:
ص: 264
هذا خير الأوّلين وخير الآخرين من أهل السماوات وأهل الأرضين، هذا سيّد الصديقين وسيد الوصيّين، هذا إمام المتّقين وقائد الغر المحجّلين، إذا كان يوم القيامة جاء على ناقة من نوق الجنّة وقد أضاءت القيامة من نور وجهه، على رأسه تاج مرصع بالزبرجد والياقوت.
فتقول الملائكة: هذا نبيٌّ مرسل.
وتقول الأنبياء: هذا ملك مقرب.
فينادي مناد من بطنان العرش: هذا الصديق الأكبر، هذا وصي رسول اللّه، هذا عليّ بن أبي طالب.
فيقف على متن جهنّم فيخرج منها من يحبّ ويدخل فيها من يبغض، ثمّ يأتي أبواب الجنّة فيدخل فيها من يشاء بغير حساب (1).
[349] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنّه قال: قال لي جبرئيل: يا محمّد! علي خير البشر من أبى فقد كفر (2).
[350] وروي عنه (صلّى اللّه عليه وآله) أنه قال لعلي (عليه السلام): يا علي! أنت خير البشر لا يشك فيك إلّا من كفر (3).
[351] وروي عن عايشة أنّها قالت: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: عليّ بن أبي طالب خير البشر ومن أبى فقد كفر.
فقيل لها: لم حاربتيه؟
قالت: واللّه ما حاربته من نفسي وما حملني عليه إلّا طلحة والزبير (4).
ص: 265
[352] وروي في حديث الجالوت (1) النصراني - بعد كلام طويل - فقلت: يا رسول اللّه! أخبرني بهذه الأسماء التي لم نشهدها واشهدنا قسٌّ بها.
فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا جالوت! ليلة اسري بي إلى السماء أوحى اللّه - تعالى - إلي أن أسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا؟
فقلت لهم: على ماذا بعثتم؟
قالوا: على نبوّتك وولاية علي ابن أبي طالب والأئمّة من ذرّيّتكما.
ثم أوحى إلي أن التفت إلى يمين العرش.
فالتفت فإذا علي، والحسن، والحسين، وعلي، ومحمّد، وجعفر، وموسى، وعلي، ومحمّد، وعلي، والحسن، والمهدي في ضحضاح من نور يصلون.
فقال الربّ - تعالى -: هؤلاء الحجج أوليائي، وهذا منهم المنتقم من أعدائي.
قال الجالوت: فقلت: هؤلاء المذكورون في التوراة والإنجيل والزبور (2).
[353] وروي عن سلمان قال: دخلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فلمّا نظر إلي قال: يا سلمان! إن اللّه لم يبعث نبيّاً ولا رسولاً إلّا جعل له اثني عشر نقيباً.
فقلت: يا رسول اللّه! قد عرفت هذا من الكتابين.
قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): فهل عرفت نقبائي الإثنى عشر الذين اختارهم اللّه للإمامة من بعدي؟
ص: 266
فقلت: اللّه ورسوله أعلم.
قال: يا سلمان! خلقني اللّه من صفاء نوره ودعاني فأطعته، وخلق من نوري عليّاً ودعاه فأطاعه، وخلق من نوري ونور علي فاطمة ودعاها فأطاعته، وخلق من نوري ونور علي وفاطمة الحسن والحسين ودعاهما فأطاعاه; فسمانا اللّه بخمسة أسماء من أسمائه.
فاللّه المحمود وأنا محمّد.
واللّه الأعلى وهذا علي.
واللّه فاطر وهذه فاطمة.
واللّه الحسن وهذا الحسن.
واللّه ذو الإحسان وهذا الحسين.
ثم خلق من نور الحسين تسعة أئمّة ودعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق اللّه سماء مبنيّة وأرضا مدحية وهواء وماء وملكاً وبشراً، فكنّا بعلمه أنواراً نسبحه ونسمع له ونطيع.
فقلت: يا رسول اللّه! بأبي أنت وامي ما لمن عرف هؤلاء؟
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا سلمان! من عرفهم حقّ معرفتهم وإقتدى بهم، فوالى وليّهم وتبرّأ من عدوّهم، فهو واللّه منا يرد حيث نرد.
فقلت: يا رسول اللّه! أيكون إيمان بهم بغير معرفتهم بأسمائهم وأنسابهم؟
قال: لا.
فقلت: يا رسول اللّه! فانّى لي بهم.
قال: الحسين عرفته.
ثم سيد العابدين عليّ بن الحسين.
ثم ابنه محمّد باقر علم الأوّلين والآخرين.
ص: 267
ثم ابنه جعفر لسان الصادقين.
ثم ابنه موسى الكاظم غيظه صبرا في اللّه.
ثم ابنه علي الرضا لأمر اللّه.
ثم ابنه محمّد الجواد المختار لله.
ثم ابنه علي الهادي إلى اللّه.
ثم ابنه الحسن الأمين الصامت العسكري.
ثم ابنه محمّد المهدي الناطق القائم بحق اللّه.
فسكت، ثمّ قلت: يا رسول اللّه! اُدع لي بإدراكهم.
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إنّك مدركهم وأمثالك ومن تولّاهم بحقيقة المعرفة.
فشكرت اللّه، ثمّ قلت: يا رسول اللّه! مؤجل إلى عهدهم.
فقال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا سلمان! (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثمّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) (1).
فكثر بكائي واشتدّ شوقي، فقلت: يا رسول اللّه! بعهد منك؟
قال (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): أي والذي أرسل محمّداً إنّه لبعهد منّي وعلي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة أئمّة منه، وكل من هو منا مظلوم فينا، أي واللّه يا سلمان ثمّ ليحضرنّ إبليس وجنوده وكل من محّض الإيمان ومحّض الكفر محضاً حتّى يؤخذ بالقصاص والترات ولا يظلم ربّك أحدا، نحن تأويل هذه الآية: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أئمّة وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (2).
ص: 268
فقمت من بين يدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وقلت: ما يبالي سلمان لقي الموت أو لقيه الموت (1).
[354] وروي عن أبي الصلت الهروي قال: قلت للرضا (عليه السلام): أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم وحوّاء ما كانت فقد اختلف النّاس فيها; فمنهم من يروي أنّها الحنطة، ومنهم من يروي أنّها العنب، ومنهم من يروي أنّها شجرة الحسد؟!
فقال (عليه السلام): كلّ هذه حقّ.
فقلت: ما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟
فقال: يا أبا الصلت! إنّ شجرة الجنّة تحمل أنواعاً فكانت شجرة الحنطة تحمل العنب وليست كشجرة الدنيا، وإن آدم لما أكرمه اللّه بإسجاد ملائكته له وبإدخاله الجنّة قال في نفسه: هل خلق اللّه بشراً أفضل مني؟ فعلم اللّه ما وقع في نفسه فناداه - عزّ وجلّ -:إرفع رأسك يا آدم وانظر إلى ساق عرشي. فرفع رأسه ونظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا: " لا إله إلّا اللّه، محمّد رسول اللّه، عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين، وزوجته سيدة نساء العالمين، والحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ".
فقال آدم: يا ربّ! من هؤلاء؟
فقال - عزّ وجلّ -: هؤلاء من ذرّيّتك، وهم خير منك ومن جميع خلقي، ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنّة والنار ولا السماء والأرض، فإيّاك أن تنظر لهم بعين الحسد، فتسلط الشيطان عليهما حتّى أكلا من الشجرة فأخرجهما اللّه من جنته وأهبطهما عن جواره إلى الأرض (2).
ص: 269
[355] وروي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) أنّه قال: إن اللّه خلقنا فأحسن خلقنا، وصوّرنا فأحسن صورنا، وجعلنا عينه في عباده، ولسانه الناطق، ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة، ووجهه الذي يؤتى منه، وبابه الذي يدلّ عليه، وخزانه في سماواته وأرضه، بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار، وجرت الأنّهار، وبنا نزل الغيث من السماء، وبنا أعشبت الأرض، وبعبادتنا عبد اللّه ولولانا ما عبدوا (1).
[356] وروي عن أبي بصير أنه قال: قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إن عندنا سرا من سر اللّه وعلما من علم اللّه لا يحتمله ملك مقرّب ولا نبيٌّ مرسل ولا مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان، واللّه ما كلّف اللّه - تعالى - أحداً ذلك الحمل غيرنا، ولا استعبد بذلك أحداً سوانا، وإنّ عندنا شيئاً من ذلك امرنا بتبليغه عن اللّه عزّوجلّ فبلغنا ما امرنا بتبليغه عنه - تعالى - من نجده، فلم نجد له موضعاً ولا أهلاً ولا حمالة يحملونه حتّى خلق اللّه أقواما خلقوا من طينة خلق منها محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وذرّيّته (عليهم السلام) من نور خلق منه محمّداً وذرّيّته وصنعهم بفضل صنع رحمته التي صنعه اللّه - تعالى - منها فبلغناهم عن اللّه - عزّ وجلّ - ما امرنا بتبليغه فقبلوه، وإحتملوه، وبلغهم ذلك عنا فقبلوه، وبلغهم ذكرنا فمالت قلوبهم إلى معرفتنا وحديثنا، فلولا أنهم خلقوا من ذلك لما كانوا كذلك قبلوه واحتملوه.
ثم قال (عليه السلام): إنّ اللّه خلق قوماً لجهنم والنار فاُمرنا أن نبلّغهم كما بلّغنا أولئك فاشمأزّوا من ذلك ونفرت قلوبهم وردّوه علينا ولم يحتملوه وكذبّوا به وقالوا: ساحرٌ كذّاب، فطبع اللّه على قلوبهم وأنساهم ذلك، ثمّ أطلق ألسنتهم ببعض الحقّ فهم ينطقون به وقلوبهم منكرة ليكون ذلك دفعا عن أوليائه وأهل طاعته، ولولا ذلك ما عبد اللّه في أرضه، فامرنا بالكف عنهم والستر والكتمان منهم.
ص: 270
ثم رفع (عليه السلام) يده وبكى وقال: اللّهمّ إنّ هؤلاء لشرذمة قليلون فاجعل محياهم محيانا ومماتهم مماتنا ولا تسلط عليهم عدوّاً لك فتفجعنا بهم فإنك إن أفجعتنا بهم لم تعبد أبدا في أرضك (1).
[357] وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): ما من نبيٍّ جاء قط إلّا بمعرفة حّقنا وبفضلنا على من سوانا (2).
[358] وروي عنه (عليه السلام) أنه قال: إذا كان يوم القيامة يجمع اللّه الأوّلين والآخرين لفصل الخطاب، فيدعو رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ويدعو أمير المؤمنين (عليه السلام)، فيكسى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حلّة خضراء تضيء ما بين المشرق والمغرب، ويكسى علي (عليه السلام) مثلها، ثمّ يكسى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حلّة ورديّة تضيء ما بين المشرق والمغرب، ويكسى عليّ (عليه السلام) مثلها، ثمّ يدعى بنا فيدفع إلينا حساب النّاس; فنحن واللّه ندخل أهل الجنّة الجنّة وندخل أهل النّار النّار، ثمّ يدعى بالنبيّين فيقامون صفيّن عند عرش اللّه حتّى نفرغ من حساب النّاس، فإذا ادخل أهل الجنّة الجنّة وأهل النّار النّار بعث اللّه - تعالى - عليّاً (عليه السلام) إلى الجنّة فأنزلهم منازلهم فيها وزوجهم بالحور، فعلي هو - واللّه - الذي يزوج أهل الجنّة وما ذلك لأحد غيره، كرامة من اللّه له وفضلا ومنة، وهو واللّه يدخل أهل النّار النّار، ويغلق الأبواب إذا دخلوا فيهما; لأنّ أبواب الجنّة إليه وأبواب النّار إليه (3).
[359] وروى يونس بن سعيد قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السلام) ذات يوم فقال لي:إذا كان يوم القيامة وجمع اللّه - تعالى - النّاس كلّهم فأول من ينادى نوح فيقال له: هل بلّغت؟
ص: 271
فيقول: نعم.
فيقال: من يشهد لك؟
فيقول: محمّد.
ويخرج يتخطّى رقاب الخلق حتّى يجيء إلى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وهو على كثيب مسك ومعه علي (عليه السلام) وهو قوله - تعالى -: (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) (1).
فيقول نوح لمحمّد: يا محمّد! إن اللّه - تعالى - سألني: هل بلّغت؟ فقلت: نعم.
فقال: من يشهد لك؟ فقلت: محمّد.
فيقول (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا جعفر ويا حمزة إذهبا فاشهدا له أنّه قد بلّغ.
قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): فجعفر وحمزة هما الشاهدان للأنبياء بما بلغوا.
فقلت: جعلت فداك! فأين علي (عليه السلام)؟
فقال: هو أعظم منزلة من ذلك (2).
[360] وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): خطب أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» يوم الجمعة فأطرد في خطبته إلى أن قال: اللّهمّ أعط محمّداً الوسيلة والشرف والفضيلة والمنزلة الكريمة، اللّهمّ اجعل محمّداً وآل محمّد أعظم الخلائق كلّها يوم القيامة شرفا، وأقربهم عندك مقعدا، وأوجههم عندك جاها، وأفضلهم عندك منزلة ونصيبا، اللّهمّ أعط محمّداً عندك شرف المقام (3).
[361] وروى أبو حمزة عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سمعته يقول لرجل من الشيعة: أنتم
ص: 272
الطيبون ونسائكم الطيّبات [كلّ مؤمنة حوراء عيناء] وكلّ مؤمن صديّق (1).
[362] قال: وسمعته يقول: شيعتنا أقرب الخلق من عرش اللّه - تعالى - يوم القيامة بعدنا، وما من شيعتنا أحد يقوم إلى الصلاة إلا اكتنفه فيها عدد من خلفه من الملائكة يصلون عليه جماعة حتّى يفرغ من صلاته، وإن الصلاة منهم ليرتع في رياض الجنّة تدعو له الملائكة حتّى يفطر (2).
[363] وقال سماعة: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): إذا كان لك - يا سماعة - حاجة عند اللّه - تعالى - فقل:
اللّهمّ إنّي أسألك بحق محمّد وعليّ فإن لهما عندك شأنا من الشأن وقدراً من القدر فبحقّ ذلك الشأن وبحقّ ذلك القدر أن تصلي على محمّد وآل محمّد وأن تفعل بي كذا وكذا.
فإنه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملك مقرّب ولا نبيٌّ مرسل ولا مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان إلّا وهو محتاج إليهما في ذلك اليوم (3).
[364] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنه قال: لما بعث اللّه - تعالى - موسى بن عمران واصطفاه نجيا وفلق له البحر فنجا بنو إسرائيل وأعطاه التوراة والألواح رأى مكانه من اللّه - تعالى - فقال: يا ربّ! لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحداً قبلي.
فقال اللّه - عزّ وجلّ -: يا موسى! أما علمت أنّ محمّداً أفضل عندي من جميع خلقي؟
ص: 273
فقال موسى: يا ربّ! فإذا كان محمّد أكرم من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟
فقال - عزّ وجلّ -: يا موسى! أما علمت أن فضل آل محمّد على جميع آل النبيّين كفضل محمّد على جميع المرسلين؟
فقال: يا ربّ! فإذا كان فضل آل محمّد عندك كذلك فهل في صحابة الأنبياء عندك أكرم من صحابتي؟
فقال: يا موسى! أما علمت أن فضل صحابة محمّد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمّد على جميع آل النبيّين وفضل محمّد على جميع المرسلين؟
فقال موسى: يا ربّ! فإذا كان كما وصفت فهل في امم الأنبياء أفضل عندك من اُمّتي، ظللت عليهم الغمام، وأنزلت عليهم المن والسلوى، وفلقت لهم البحر؟
فقال اللّه - عزّ وجلّ -: يا موسى! إن فضل امة محمّد على جميع الامم كفضلي على خلقي.
قال موسى: ليتني أراهم.
فأوحى اللّه إليه: إنك لن تراهم الآن، فليس هذا أوان ظهورهم، ولكن سوف تراهم في الجنات، جنات عدن والفردوس، بحضرة محمّد يتقلبون في نعيمها ويتبجحون في خزائنها، أفتحب أن اسمعك كلامهم؟
فقال: نعم إلهي.
قال: فقم بين يدي واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي السيد الجليل.
ففعل، فنادى - سبحانه -: يا اُمّة محمّد! فأجابوه وهم في أصلاب آبائهم وأرحام امهاتهم: " لبّيك ربنا لبّيك، إنّ الحمد والنعمة لك لا شريك لك لبّيك ".
فجعل اللّه تلك الإجابة منهم شعار الحج.
ص: 274
ثم نادى: يا امة محمّد! إن فضلي ورحمتي سبقا غضبي، وإنّ عفوي قبل عقابي فقد استجبت لكم قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني، من لقينني منكم يشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأن محمّداً عبده ورسوله الصادق في أقواله المحق في أفعاله، وأنّ عليّ بن أبي طالب أخوه ووصيه من بعده ووارثه تلتزم طاعته كما تلتزم طاعة محمّد، وإن أبنائه المطهرين المصطفين القائمين بعجائب آيات اللّه ودلائل حجج اللّه من بعدهما أوليائه، أدخلته جنتي وإن كانت ذنوبه مثل زبد البحر وذلك قوله - سبحانه -: (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا) (1) اُمّتك بهذه الكرامة (2).
[365] وروي عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّه قال: عباد اللّه! إن آدم لما رأى النّور ساطعاً من صلبه إذ نقل اللّه - تعالى - أرواحنا من ذروة العرش إلى صلبه رأى النور ولم تبن الأشباح، فقال: يا ربّ! ما هذه الأنوار؟
قال - عزّ وجلّ -: أنوار أشباح نقلتها من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك، ولذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الأشباح.
فقال آدم: يا ربّ! لو بينتها لي.
فقال - تعالى -: انظر يا آدم إلى ذروة العرش.
قال (عليه السلام): فانطبعت فيه صور أشباحنا التي في ظهره كما ينطبع وجه الإنسان في المرآة الصافية فرأى أشباحنا.
فقال: ما هذه الأشباح يا ربّ؟
ص: 275
قال: يا آدم! هذه أشباح أفضل خلقي وبريّتي:
هذا محمّد وأنا المحمود في فعالي، شققت له إسما من اسمي.
وهذا عليّ وأنا العليّ الأعلى، شققت له إسما من اسمي.
وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والأرض، فاطم أعدائي من رحمتي يوم فصل قضائي، وفاطم أوليائي عمّا يغويهم ويشينهم، شققت لها إسما من اسمي.
وهذا الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن ذو الإحسان، شققت لهما اسمين من اسمي.
فهؤلاء خيار خلقي وأكرم بريّتي، بهم آخذ وبهم أعطي وبهم اعاقب وبهم اُثيب، فتوسل بهم إليّ، يا آدم، إذا دهتك داهية أجعلهم شفعاءك، فإني آليت على نفسي قسما حقّاً أن لا أخيب لهم آملا ولا أرد بهم سائلا، فلذلك لما نزلت به الخطيئة دعا اللّه بهم فتاب عليه وغفر له (1).
[366] وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: إن اللّه - تعالى - أخبر رسوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بما كان من إيمان الامم السابقة، وأن اليهود قبل ظهوره كانوا يستفتحون على أعدائهم بذكره والصلاة عليه وكان اللّه - عزّ وجلّ - أمر اليهود في أيّام موسى وبعده إذا دهمهم أمراً ودهمتهم داهية أن يدعوا اللّه بمحمّد وآله، وكانوا يفعلون ذلك ويستنصرون به حتّى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور النبي (عليه السلام) بسنين كثيرة يفعلون ذلك ويكفّون البلاء والداهية الدهياء (2).
[367] وروي عن الباقر (عليه السلام) أنّه قال: لقد سأل موسى العالم مسألة فلم يكن عنده جواب، ولو كنت شاهدهما لأخبرتهما بالجواب ولسألتهما مسألة لم يكن لهما فيها جواب (3).
ص: 276
[368] وروي عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنه قال: اختار اللّه - تعالى - من الأيّام يوم الجمعة، ومن الشهور شهر رمضان، ومن الليالي ليلة القدر، وإختار من النّاس الأنبياء والرسل، وإختار منّي عليّاً، وإختار من علي الحسن والحسين، وإختار من الحسين الأوصياء يمنعون عن التنزيل تحريف الضالين وإنتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، تاسعهم باطنهم ظاهرهم قائمهم وهو أفضلهم (1).
[369] وروي عن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): أيما أفضل: الحسن أم الحسين (عليهما السلام)؟
فقال (عليه السلام): إن فضل أولنا يلحق بفضل آخرنا وفضل آخرنا يلحق بفضل أوّنا، فكلّ له فضل.
قلت: جعلت فداك! وسع عَلَيّ في الجواب فإني واللّه ما سألتك الأمر تادا.
فقال (عليه السلام): نحن من شجرة طيّبة، برأنا اللّه من طينة واحدة، فضلنا من اللّه، وعلمنا من عند اللّه، ونحن امنائه على خلقه، والدعاة إلى دينه، والحجاب فيما بينه وبين خلقه.
أزيدك يا زيد؟
قلت: نعم.
فقال (عليه السلام): خلقنا واحد، وعلمنا واحد، وفضلنا واحد، وكلّنا واحد عند اللّه - عزّ وجلّ -.
قلت: فأخبرني بعدّتكم.
فقال: إثنا عشر، هكذا حول عرش ربّنا في مبتدأ خلقنا: أولنا محمّد وأوسطنا محمّد وآخرنا محمّد (2).
ص: 277
[370] وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال لسلمان: يا سلمان! الويل كلّ الويل لمن لا يعرفنا حقّ معرفتنا وأنكر فضلنا.
يا سلمان! أيما أفضل: محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أم سليمان بن داود؟
فقال سلمان: بل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).
قال: فهذا آصف بن برخيا قدر أن يحمل عرش بلقيس من مكانه إلى سليمان في طرفة عين إذ كان عنده علم من الكتاب، وكيف لا أفعل أنا أضعاف ذلك وعندي علم ألف كتاب؟!، أنزل اللّه على شيث ابن آدم خمسين صحيفة وعلى إدريس ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم عشرين صحيفة وعلم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.
فقال: صدقت يا سيّدي.
قال: إعلم - يا سلمان - إن الشاك في أمرنا وعلومنا كالممتري في معرفتنا وحقوقنا وقد فرض ولايتنا في كتابه في غير موضع وبيّن فيه ما وجب العمل به وهو غير مكشوف (1).
[371] وروي عنه (عليه السلام) أنّه قال: أنا قسيم اللّه بين الجنّة والنّار لا يدخلهما داخل إلّا على حد قسمي، وأنا الفاروق الأكبر وأنا الإمام لمن بعدي والمؤدي لمن كان قبلي لا يتقدّمني أحد إلّا أحمد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، وإني وإيّاه لعلى سبيل واحد إلّا أنّه هو المدعو باسمه، ولقد اعطيت الست: علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب وإنّي لصاحب الكرات ودولة الدول، وإنّي لصاحب العصا والميسم، وإنّي الدابة التي تكلّم النّاس (2).
ص: 278
[372] وقال الباقر (عليه السلام): إنّ اللّه خلق جبلاً محيطاً بالدنيا من زبرجدة خضراء، وإنّما خضرة السماء من خضرة ذلك الجبل، وخلق خلفه خلقا لم يفترض عليهم شيئاً ممّا افترضه على خلقه من صلاة وزكاة، كلّهم يلعن رجلين من هذه الاُمّة.. وسمّاهما (1).
[373] وقال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): إن للّه - تعالى - خلق هذا النطاق زبرجدة خضراً، فمن خضرتها إخضرت السماء.
قيل: وما النطاق؟
قال: الحجاب، ولله - عزّ وجلّ - وراء ذلك سبعون ألف عالم أكثر من عدد الجن والإنس، كلّهم يلعن فلاناً وفلاناً (2).
[374] وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إنّ اللّه - تبارك وتعالى - خلق الأرواح قبل الأجسام بألفي عامّ، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ولده «صلوات اللّه عليهم أجمعين»، فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم.
فقال اللّه - تعالى - للسماوات والجبال: هؤلاء أحبّائي وأوليائي وحججي على خلقي وأئمّة بريتي، ما خلقت خلقا هو أحبّ إلي منهم، لهم ولمن تولّاهم خلقت جنّتي، ولمن خالفهم وعاداهم خلقت ناري، فمن ادعى منزلتهم منّي ومحلّهم من
ص: 279
عظمتي عذّبته عذاباً لا اعذبه أحداً من العالمين، وجعلته مع المشركين بي في أسفل درك من ناري، ومن أقرّ بولايتهم ولم يدع منزلتهم منّي ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناني، وكان لهم فيها ما يشاؤون عندي وأبحتهم كرامتي وأحللتهم جواري وشفّعتهم في المذنبين من عبادي وإمائي; فولايتهم أمانة عند خلقي فأيّكم يحملها بأثقالها ويدعيها لنفسه؟
فأبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن من ادعاء منزلتها وتمني محلها من عظمة ربها.
فلمّا أسكن اللّه - عزّ وجلّ - آدم وزوجته الجنّة وقال لهما: (كُلَا مِنهَا رَغَدَاً حَيثٌ شِئتُمَا وَلَا تَقرَبَا هَذِهِ الشَجَرَةِ فَتَكُونَا مِنَ الظَالِمِينَ)، نظراً إلى منزلة محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة بعدهم في الجنّة فوجداها أشرف منازل أهل الجنّة، فقالا: يا ربّنا! لمن هذه المنزلة؟
فقال اللّه - تعالى -: إرفعا رأسيكما إلى ساق عرشي.
فرفعا رأسيهما فوجدا أسماء محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة «صلوات اللّه عليهم» مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجلال
فقالا: يا ربّنا! ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك وما أحبّهم إليك وما أشرفهم لديك.
فقال - سبحانه -: لولاهم ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي وامنائي على سري فإيّاكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد، وتتمنّيا منزلتهم عندي، ومحلهم من كرامتي، فتدخلا بذلك في نهيي وعصياني فتكونا من الظالمين.
قالا: ربّنا ومن الظالمون؟ قال - عز اسمه -: المدعون لمنزلتهم بغير حقّ.
قالا: فأرنا - يا ربّنا - منزلة ظالميهم في نارك حتّى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك.
ص: 280
فأمر اللّه النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال في العذاب وقال لهما:مكان الظالمين لهم المدّعين لمنزلتهم في أسفل درك منها، (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا) (1)، و (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا) (2) فلا تنظرا أنوار حججي بعين الحسد فأهبطكما من جواري وأحلّكما هواني.
(فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا ربّكمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ) (3) وحملهما على تمنّي منزلتهم، فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتّى أكلا من تلك الشجرة، وهي شجرة الحنطة، فعاد مكان ما أكلا شعيراً; فأصل الحنطة ما لم يأكلاه، وأصل الشعير ما عاد مكان ما أكلاه، فلمّا أكلا طار الحلي والحلل من أجسادهما وبقيا عاريين، (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الجنّة وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ) (4).
(قَالَا: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (5).
قال: إهبطا من جواري فلا يجاورني في الجنّة من يعصيني.
فهبطا موكّلين إلى أنفسهما في طلب المعاش، فلمّا أراد اللّه أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما: إنكما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضّل عليكما فجوزيتما بالهبوط من جوار اللّه - تعالى - إلى أرضه فاسألا ربّكما بحق الأسماء التي رأيتماها على ساق العرش ليتوب عليكما.
فقالا: اللّهمّ إنا نسألك بحقّ الأكرمين عليك محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة التسعة إلّا تبت علينا ورحمتنا.
ص: 281
فتاب اللّه عليهما إنه هو التواب الرحيم.
قال: فلم يزل أنبياء اللّه بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة ويخبرون بها أوصيائهم والمخلصين من اُممهم فيأبون حملها ويشفقون من ادعائها وحملها الإنسان الذي عرف كلّ ظلم منه إلى يوم القيامة وذلك قول اللّه (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) (1) (2).
[375] وقال أبو جعفر (عليه السلام): خطب أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه» بالمدينة بعد وفاة الرسول (صلّى اللّه عليه وآله) بأيّام قليلة فقال بعد حمد اللّه والثناء عليه والصلاة على رسوله:
أيّها النّاس! إن اللّه - عزّ وجلّ - وعد نبيه صلواته عليه الوسيلة ووعده الحقّ فلن يخلف اللّه وعده، ألا وإنّ الوسيلة أعلى درج الجنّة، وذروة رواتب الزلفة، ونهاية غايات الامنية، لها ألف مرقاة، ما بين مرقاة إلى مرقاة حضر الفرس الجواد مأة عام (وفي نسخة ألف عام، وفي اخرى مأة ألف) فمرقاة درّة، ومرقاة جوهرة، ومرقاة زبرجدة، ومرقاة لؤلؤة، ومرقاة ياقوتة، ومرقاة زمرّدة، ومرقاة مرجانة، إلى مرقاة كافور، إلى مرقاة عنبر، إلى مرقاة يلنجوج، إلى مرقاة ذهب، إلى مرقاة فضّة، إلى مرقاة غمام، إلى مرقاة هواء، إلى مرقاة نور، قد أنافت على كلّ الجنان، فهو قاعد عليها متزّر بريطتين: ريطة من رحمة اللّه وريطة من نور اللّه، عليه تاج النبوّة وأكليل الرسالة، قد أشرق بنوره الموقف.
ص: 282
وأنا يومئذ على الدرجة الرفيعة دون درجته وعَلَيّ ريطتان: ريطة من ارجوان النور وريطة من كافور.
والأنبياء والرسل دوننا على المراقي، وأعلام الأزمنة وحجج الدهور على أيماننا قد جللتهم حلل الكرامة والنور، فلا يرانا ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا بهت من أنوارنا وعجب من ضيائنا وجلالنا.
وعن يمين الوسيلة عن يمين رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) غمامة بسطة البصر يأتي منها النداء: يا أهل الموقف طوبى لمن آمن بالنبي فأحب الوصي، والنار لمن كفر به.
وعن يسار الوسيلة عن يسار النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ظله يأتي منها النداء: يا أهل الموقف! طوبى لمن آمن بالنبي فأحب الوصي، فوالذي له الملك الأعلى، لا فاز أحد ولا نال الروح والجنّة إلّا من لقي خالقه بالإخلاص لهما والاقتداء بنجومهما،.
فأيقنوا يا أهل ولاية اللّه ببياض وجوهكم، وشرف مقعدكم، وكرم ما بكم، وفوزكم اليوم على سرر متقابلين.
وأيقنوا يا أهل الانحراف والصدود عن اللّه ورسوله وصراطه وأعلام الأزمنة بسواد وجوهكم، وغضب ربّكم جزاء بما كنتم تعملون (1).. إلى آخر الحديث بطوله.
[376] وقال أبو عبد اللّه (عليه السلام): إن اللّه - تعالى - خلقنا من نور عظمته، ثمّ صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة تحت العرش فأسكن ذلك النور فيه، فكنا خلقا بشرا نورانيين لم يجعل لأحد في مثل ما خلقنا منه نصيبا، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا، وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من تلك الطينة، ولم يجعل لأحد في مثل
ص: 283
الذي خلقهم منه نصيباً إلّا للأنبياء والمرسلين; فلذلك صرنا نحن وهم علماء النّاس وصار سائر النّاس همجاً للنّار (1).
[377] وقال رجل لأبي الحسن (عليه السلام): أخبرني عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أورث النبيّين كلهم؟ قال: نعم من لدن آدم حتّى انتهى إلى نفسه الشريفة، فما بعث اللّه نبيّاً إلا ومحمّد (عليه السلام) أعلم منه.
فقال: إنّ عيسى كان يحيي الموتى بإذن اللّه؟
قال: صدقت.
قال: وكان سليمان بن داود يفهم منطق الطير؟
قال: صدقت.
قال: أفيقدر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) على هذه المنازل؟
فقال (عليه السلام): إنّ سليمان بن داود قال للهدهد حين فقده وشك في أمره: (مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ) (2)، وغضب عليه فقال: (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) (3)، وإنما غضب لأنّه كان يدلّ على الماء وهو ظاهر، وقد اعطي ما لم يعط من قبله، فقد كانت الريح والنمل والجن والإنس والشياطين والمردة له طائعين، ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء، وإن اللّه - تعالى - يقول في كتابه: (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى) (4) ونحن نعرف الماء تحت الهواء، وإنّ في كتاب اللّه لآيات ما يراد بها أمرٌ إلّا أن يأذن
ص: 284
اللّه - تعالى - به ممّا كسبه الماضون جعله اللّه لنا في ام الكتاب، إن اللّه يقول: (وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (1) ويقول: (ُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) (2); فنحن الذين اصطفانا اللّه وأورثنا الكتاب الذي فيه تبيان كلّ شيء (3).
[378] وقال محمّد بن سنان: كنت عند أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فأجريت اختلاف الشيعة.
فقال: يا محمّد! إن اللّه - تعالى - لم يزل متفرداً بوحدانيته، ثمّ خلق محمّداً وعليّاً وفاطمة والحسن والحسين «صلوات اللّه عليهم» فمكثوا ألف دهر، ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوض امورها إليهم، فهم يحلون ما يشاؤون ولن يشاؤوا إلّا ما شاء اللّه.
ثم قال (عليه السلام): يا محمّد! هذه الديانة التي من تقدّمها مرق، ومن تخلّف عنها محق، ومن لزمها لحق; خذها إليك يا محمّد (4).
[379] وقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا علي! ما عرف اللّه - تعالى - إلّا أنا وأنت، وما عرفني إلّا اللّه وأنت، وما عرفك إلّا اللّه وأنا (5).
ص: 285
[380] وقال ابن عبّاس: كنّا عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فأقبل علي (عليه السلام) فلمّا رآه النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) تبسّم في وجهه وقال: مرحبا بمن خلقه اللّه قبل أبيه آدم بأربعين ألف عام.
فقلت: يا رسول اللّه! أكان الابن قبل الأب؟!
قال: نعم، إن اللّه خلقني وخلق عليّاً قبل أن يخلق آدم بهذه المدّة نوراً فقسمه نصفين; فخلقني من نصف وخلق عليّاً من النصف الآخر قبل الأشياء; فنورها من نوري ونور علي، ثمّ جعلنا عن يمين العرش، ثمّ خلق الملائكة فسبّحنا فسبّحت الملائكة، وهلّلنا فهلّلت، وكبّرنا فكبرّت، فكان ذلك من تعليمي وتعليم علي، وكان ذلك في علم اللّه السابق أنّ الملائكة تتعلم منا التسبيح والتهليل والتكبير، وكل شيء سبح اللّه وكبره فبتعليمي وتعليم علي، وكان في علم اللّه السابق أن لا يدخل النار محب لي ولعلي، وكذا كان في علمه أن لا يدخل الجنّة مبغض لي ولعليّ (1).
وممّا يدلّ على ما اخترناه من تفضيل محمّد وآله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أنّ جميع الأنبياء والمرسلين والأوصياء والمؤمنين يتوسّلون بهم عند حوائجهم وضروراتهم فتقضى حوائجهم وتدفع ضروراتهم بهم.
[381] فقد روي أن آدم لمّا نزل إلى الدنيا بكى حتّى صار في خدّيه نهران ثجّاجان، فنزل عليه جبرئيل وقال: يا آدم! أتحبّ أن يتوب اللّه عليك؟ قال: نعم.
ص: 286
قال: فقل: اللّهمّ إنّي أسألك بحق الأكرمين عليك محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين وعلي ومحمّد وجعفر وموسى وعلي ومحمّد وعليّ والحسن ومحمّد صلواتك عليهم إلّا تبت علينا. فتاب اللّه عليهما.
ونوحا لمّا أدركه الغرق وهو في السفينة توسل بهم فأنجاه اللّه ومن معه من الغرق.
وإبراهيم لمّا قذف به في النار توسل بهم فجعلت النار عليه برداً وسلاماً.
وأيّوب لمّا ابتلي بالبلاء والسقم وآيس من الصحة توسل بهم فشفاه اللّه من مرضه.
ويونس لمّا صار في بطن الحوت وضاق عليه أمره توسل بهم فخلصه اللّه من الحبس وأنبت عليه شجرة من يقطين وأرسله مرّة اخرى إلى قومه.
وموسى لمّا اشتدّ عليه العبور في البحر توسل بهم ففلق اللّه له البحور، أغرق فرعون وجنوده فيه.
ويعقوب لمّا فقد يوسف وابيضّت عيناه توسل بهم فأقرّ اللّه عينيه برؤية قرّة عينيه.
ويوسف لمّا القي في الجبّ توسّل إلى اللّه بهم فأخرجه اللّه منه وملّكه مصر.
وداود لمّا بارز جالوت توسّل بهم فظفره اللّه عليه وقتله وألان له الحديد وعلّمه صنعة الدروع.
وسليمان لمّا نازله إخوانه في الميراث توسّل بهم فأعطاه اللّه الملك وسخر له الجن والإنس والشياطين.
وإسماعيل لمّا صار في المذبح توسل بهم فأنجاه اللّه من الذبح وفداه بكبش عظيم.
وسارة لمّا تمنّت الولد - على عقم وهرم - توسلت بهم فوهبها اللّه إسحاق.
وهاجر لمّا عطشت وجاعت بواد غير ذي زرع توسلت بهم فرزقها اللّه الطعام والشراب.
وآسية لمّا اسرت في يد فرعون توسلت بهم فأنجاها اللّه من ظلمه.
ص: 287
ومريم لما حبست في الحجرة وغفل عنها زكريّاً أيّاما لم يأتها بغداء ولا عشاء توسلت بهم فأنزل اللّه عليها قوتها من عنده ووهبها عيسى وحصّنها من مساس الرجال.
وكذلك كلّ نبيٍّ وكل وصيٍّ وكلّ مؤمن كان في الدنيا يتوسّل بهم (عليهم السلام) فيما أهمه ودهمه إلى اللّه - عزّ وجلّ - فينجح اللّه - تعالى - بهم (عليهم السلام) مطالبه.
وحيث وصلنا إلى هذا المكان فلنذكر دعاء سريع الإجابة للمقاصد الدنيوية والاخروية في باب التوسل بهم (عليهم السلام) ذكره الكليني (رحمه اللّه) في كافيه، والطوسي (رحمه اللّه) في أماليه بسند متّصل عن محمّد الجعفي عن أبيه قال: كنت كثيراً ما أشتكي عيني، فشكوت ذلك إلى أبي عبد اللّه (عليه السلام).
فقال (عليه السلام): ألا اعلمك دعاء لدنياك وآخرتك وتكفى به وجع (1) عينيك؟
قلت: بلى.
قال: قل (2) في دبر الفجر ودبر المغرب:
اللّهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد عليك أن تصلي (3) على محمّد وآل محمّد وأن تجعل (4) النور في بصري والبصيرة في ديني واليقين في قلبي والإخلاص في عملي والسلامة في نفسي والسعة في رزقي والشكر لك أبداً ما أبقيتني (5).
ص: 288
[382] وروي عن معتب مولى أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سمعته يقول لداود بن سرحان: يا داود! أبلغ موالي عنّي السلام وأني أقول:
رحم اللّه عبدا اجتمع مع إخوانه (1) فتذاكر أمرنا [فان ثالثهما ملك يستغفر لهما]; فما (2) اجتمع اثنان على ذكرنا إلا باهى اللّه - عزّ وجلّ - بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذكر، فإن باجتماعكم وتذاكركم (3) إحياءنا، وخير النّاس من بعدنا من ذاكر بأمرنا ودعا إلى ذكرنا (4).
* * *
وفيما ذكرناه في هذا الكتاب من مناقب الأئمّة الأنجاب عليهم صلوات ربّ الأرباب كفاية لاولي الألباب; لأن مناقبهم خارجة عن حد الحساب ولا يحيط بإحصائها الكتاب عددا: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ ربّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ ربّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) (5).
* * *
ص: 289
يقول الفقير إلى اللّه الغني شير محمّد بن صفر علي الهمداني الجورقاني:
هذا تمام ما في النسخة التي نسخت هذه منها واتفق لي الفراغ بعون اللّه - تعالى - يوم الجمعة السادس والعشرين من شهر ذي الحجة من سنة 1362 اثنتين وستين بعد الثلثمأة والألف من الهجرة المقدسة بمشهد سيّدي ومولاي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام وأكمل التحية والإكرام.
ص: 290
فهرست الآيات
الآية / الصفحة
الفاتحة 2 (الْحَمْدُ لِلَّهِ ربّ الْعَالَمِينَ) 152
البقرة
3 (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ...) 175
8 (وَمِنَ النّاس مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ...) 113
9 (وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ...) 116
9 (يُخَادِعُونَ اللَّهَ...) 115، 116
14 (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا...) 116
14 (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) 118
14 (قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ...) 118
30 (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً...) 200
35 (كلا منها رغدا حيث شئتما...) 280
37 (آدَمُ مِنْ ربّه كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ...) 229
46 (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ...) 51
46 (وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) 52
156 (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ...) 71
159 (أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ...) 71
166 (الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا...) 150
167 (وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا...) 150
185 (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ...) 197
189 (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا...) 31
258 (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ...) 125
285 (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ...) 258، 260
285 (وَالْمُؤْمِنُونَ كلّ آمَنَ بِاللَّهِ...) 260
285 (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا...) 260
286 (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا...) 260
286 (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا...) 260
286 (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا...) 261
286 (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ...) 261
ص: 291
الآية / الصفحة
آل عمران
8 (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ...) 220
30 (يَوْمَ تَجِدُ كلّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ...) 152
34 (ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ...) 151
53 (ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا...) 220
144 (عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ...) 253
169 (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي...) 18 و 34
170 (فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ...) 34
191 (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا...) 85
النساء
44 (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ...) 85
56 (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ...) 281
59 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا...) 27، 61
59 (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ...) 69
65 (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ...) 16، 28، 61
80 (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ...) 68
83 (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى...) 24، 62
108 (إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ...) 106
المائدة
1 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) 67
55 (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ...)
70 الأنعام (جعل الظلمات والنور) 250
115 (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ ربّك صِدْقًا...) 225
157 (مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ...) 70
160 (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ...) 72
الأعراف
20 (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ...) 281
22 (وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ...) 281
23 (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ...) 281
32 (يَوْمَ الْقِيَامَةِ...) 209
32 (قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي...) 209
46 (وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ...) 86
99 (فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا...) 55
101 (فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا...) 54
ص: 292
الآية / الصفحة
128 (إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ...) 207
172 (وَإِذْ أَخَذَ ربّك مِنْ بَنِي آدَمَ...) 190
172 (إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ...) 67، 83
172 (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا...) 54، 68، 210
الأنفال
62 (هو الذي أيدك بنصره...) 189
التوبة
3 (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ...) 85
109 (بنيانه على شفا جرف هار) 153
109 (به فِي نَارِ جَهَنَّمَ) 153
119 (وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) 85
يونس
62 (أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) 192
هود
7 (وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ...) 66
18 (أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) 69
يوسف
87 (لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا...) 55
الرعد
29 (طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) 183
29 (وَحُسْنُ مَآبٍ) 183
23 (يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كلّ بَابٍ...) 60
24 (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ...) 60
31 (وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ...) 284
43 (عنده علم الكتاب) 201
إبراهيم
5 (وذكرهم بأيّام اللّه) 176
الحجر
42 (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) 45
75 (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ...) 167، 213
النحل
8 (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) 17
ص: 293
الآية / الصفحة
43 (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ...) 15، 27، 61
53 (سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا...) 47
53 (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ...) 47
118 (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا...) 55
الاسراء
5 (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا...) 268
36 (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ...) 27
44 (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ...) 79
44 (وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) 79
108 (سبحان ربنا إن كان وعد...) 220
الكهف
45 (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ...) 17، 24، 59
49 (وَلَا يَظْلِمُ ربّك أَحَدًا) 55
103 (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ...) 31
109 (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا...) 289
مريم
57 (وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا) 44
طه
115 (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ...) 210، 211
الأنبياء
23 (لا يسئل عمّا يفعل وهم يسئلون) 61
الحج
22 (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا...) 281
النور
40 (ومن لم يجعل اللّه له نورا فما له...) 45
الفرقان
54 (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا...) 86
الشعراء
10 (وَإِذْ نَادَى ربّك مُوسَى أَنِ ائْتِ...) 80
14 (فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) 80
227 (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا...) 152
ص: 294
الآية / الصفحة
النمل
20 (مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ...) 284
21 (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا...) 284
52 (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا) 94
75 (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ...) 167، 285
75 (وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ...) 285
القصص
5 (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ...) 268
46 (وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ...) 275
60 (وما عند اللّه خير وأبقى) 21
العنكبوت
5 (فمن كان يرجو لقاء ربّه فان...) 14
69 (إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) 85
الروم
30 (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النّاس...) 212
الأحزاب
4 (ما جعل اللّه لرجل من قلبين...) 153
11 (وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا...) 107
21 (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ...) 71
56 (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ...) 69، 71، 74، 75
72 (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى...) 282
فاطر
32 (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ...) 168
يس
12 (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) 205
82 (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شيئاً...) 42
82 (إِذَا أَرَادَ شيئاً أَنْ يَقُولَ...) 61
الصافات
24 (وقفوهم إنهم مسئولون) 170
ص
88 (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) 150
ص: 295
الآية / الصفحة
الزمر
9 (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ...) 69 و 201
29 (وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ...) 86
غافر
45 (فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا...) 101
فصلت
20 (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا...) 281
30 (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ...) 53
30 (وَأَبْشِرُوا بِالجنّة الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) 53
الشورى
37 (وما عند اللّه خير وأبقى) 21
الزخرف
45 (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ...) 43
57 (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا...) 105
ق
24 (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كلّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) 170
37 (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ...) 85
37 (أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) 16
النجم
8 (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ...) 222
القمر
55 (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ...) 175
الواقعة
10 (السابقون السابقون) 68
11 (أولئك المقرّبون) 68
الحديد
21 (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ...) 145
ص: 296
الآية / الصفحة
الحشر
1 (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا في...) 79
7 (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ...) 62، 214
الصف
1 (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا...) 79
الملك
27 (فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ...) 272
الحاقة
12 (وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ) 86
44 (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ) 119
45 (لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) 119
46 (ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ) 119
47 (فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) 119
48 (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) 119
49 (وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ) 119
50 (وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ) 119
51 (وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ) 119
52 (فَسَبِّحْ بِاسْمِ ربّك الْعَظِيمِ) 119
النازعات
24 (أَنَا ربّكمُ الْأَعْلَى) 125
الضحى
11 (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ ربّك فَحَدِّثْ) 84
البينة
6 (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا...) 223
7 (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا...) 168، 223
الزلزلة
7 (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ) 17
8 (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) 14
ص: 297
ص: 298
فهرست الأحاديث آتاكم اللّه ما لم يؤت أحداً من العالمين 26، 219
آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني 184
آل محمّد خير البريّة 164
آمنا بمحمّد وسلّمنا له بيعة 116
ائتني بعبدتي التي في جنة 232
الأئمّة من ولد الحسين 165
ابسط يدك فبايعه وسلم اليه الامر 120
ابشر فان لك ومحبيك وشيعتك 187
ابشر فقد كفاني اللّه ما كان همني 236
ابشر يا علي ما من عبد ينتحل مودتك 175
أبشري بطيب النسل فان اللّه 172
أبلغ موالي عنّي السلام 289
ابنتك فاطمة من علي بشهادة جبرئيل 235
ابن عمي علي 193
اتاني أبو بكر وعمر فقالا لو 240
اتاني جبرئيل فرحا مستبشراً 224
اتاني جبرئيل ومعه من سنبل 236
اتاني ملك فقال يا محمّد ان اللّه 238
اتجحدون ان رسول اللّه آخى 110
اتحبّ ان ترافقنا؟ 21 اتحب ان تراهم؟ 163
اتحبّ ان ترى صورة شبحك وأشباح خلفائك 192
اتحبّون ان اريكم خاتم سليمان 131
اتحبّها يا رسول اللّه؟ 239
أتحسن ان تحسب؟ 160
أتدري اي جبل هذا؟ 126
أتدري بين يدي من كنت واقفاً ان اللّه 77
أتدرين لم سميت فاطمة؟ 233
أتذكر اليوم الذي دخلت فيه على رسول اللّه 98
أتراهم يا رسول اللّه الساعة 103
أترضى بهم بدلا عمّا هنالك 52
أتريد ان ازكي نفسي وقد نهى اللّه 158
أتريد ان أريك أصحابي من الأنصار 105
أتريدون ان اريكم أعجب من ذلك 137
أتريدون ان اريكم سليمان 135
أتريدون ان اريكم عجباً؟ 136
ص: 299
اتعرفوننا حقّ معرفتنا؟ 78، 143
اتعرفوننا يا ملائكة ربّي؟ 144
أتعرف هذه الصورة؟ 222
أتعلم ذلك يا أمير المؤمنين 135
اتقدّم وأنت بحضرتي يا جبرئيل 239
اتّقوا فراسة المؤمن فانّه ينظر 166
اتهلكهم بغير حجة 136
اتيتك ولم ازر قبر أمير المؤمنين 160
اثنا عشر هكذا حول عرش ربنا 277
اثنى عشر من أهل بيتي أعطاهم 164
اجعل ربيعه الايمان بك 257
اجعلوا لنا ربّا نؤبّ اليه وقولوا 65
اجلسوا على الغمامة 130
اجلس يا ميثم أو كلّ علم يحتمله عالم 200
اجمع امتي من بعدي على ولاية 248
احب الذي تحبه أنت يا ربّ 253
احبب حبيبك هونا ما عسى ان 55
احبّ عليّاً فلو ان الملائكة 230
احبّه فانّي احبّه واحبّ من 147
احذر ان يدخلك شك فيه 230
احذر ان يدخلك شك فيه، فان الشك 195
أحلت يا ابا محمّد اما علمت 208
أخبرني بهذه الأسماء التي لم نشهدها 266
أخبرني جبرئيل عن اللّه عزّ اسمه الجليل 165
أخبرني عن الشجرة التي اكل 269
أخبرني عن النبي أورث النبيّين كلّهم 284
أخبروني بأفضلكم؟ 231
اختار اللّه من الأيّام يوم الجمعة 277
اختر لي فان خيرتك خير لي 257
اخذ اللّه ميثاقكم فلا تزيدون ولا تنقصون 213
اخلقوا قبلي 232
أخي عليّ بن أبي طالب 147
ادخلا الجنّة من احبكما 170
ادخل اذنك في فمي 223
اُدخلوا الجنّة مع من كنتم توالون 149
ادخل هذه المدينة وابصر النّاس 123
اُدع لي بادراكهم 268
اُدن منه فسلم عليه 140
اُدن منّي يا عليّ 223
أدنى اللّه محمّداً نبيّه 222
إذا أردت ان تلقى اللّه وهو عنك راض 195
إذا بررت قسمك وادخلتني نار جهنم 202
اذا تقتلون عبد اللّه واخا 110
إذا حضره من امر اللّه ما لا يردّ 48
إذا خرج إلى الأرض اوتي الحكمة وزيّن 226
إذا رجعت إلى الأرض فاقرا عليّاً 143
إذا سمعتم (إن اللّه وملائكته 74
إذا صرت إلى الباب فقف واشهد الشهادتين 215
ص: 300
إذا فعلت بك قريش كذا وكذا 81
إذا كان الغد كلم الشمس 187
إذا كان في كلّ موسم يخرج اللّه الفاسقين 36
إذا كان لكم من أحد براءة فانتظروا 55
إذا كان لك يا سماعة حاجة عند اللّه 273
إذا كان يوم القيامة اخذت بحبل أو حجزة 64
إذا كان يوم القيامة أقامني اللّه 179
إذا كان يوم القيامة جاءت شيعتنا آخذين 70
إذا كان يوم القيامة جاء على ناقة 265
إذا كان يوم القيامة نادى مناد من 149
إذا كان يوم القيامة نصب لي 182
إذا كان يوم القيامة وجمع اللّه النّاس 271
إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط 170
إذا كان يوم القيامة يأتيني جبرئيل 224
إذا كان يوم القيامة يجمع اللّه الأوّلين.. 271
إذا كان يوم القيامة يعطي اللّه عليّاً 224
إذا لقى اوّلهم وثانيهم وثالثهم 117
إذا لقى هؤلاء الناكثون البيعة 116
إذا مشى اثر قدمه 46
إذا وقع على الأرض سطع له نور من 226
اذا يحسن امر ابن عمه 108
أراد بذلك العترة الطاهرة 167
أرأيت لو كان صبّ خردل في الأرض 160
ارد السلام عليك وقد عاديت 120
ارفعا راسيكما إلى ساق عرشي 280
ارفع رأسك يا آدم وانظر إلى ساق 269
ارفع رأسك يا حبيبي فقد باهى اللّه 187
ارفعوا أصواتكم بالصّلاة عليّ فانها تذهب 76
اريد ان تريني يأجوج ومأجوج 131
أزور بيت المقدس 188
اسأل يا بن رسول اللّه; فعلي يدخل 128
استرنا سترك اللّه 107
استوص بابن عمك عليّ 261
استوص بوصيّة اللّه 49
أسفلي من المسك 245
اسكت لا يسمع النّاس هذا منك فتقتل 122
اسكن فان اللّه معنا وهو لا يسكن 105
اسمعوا ما آمركم به وأطيعوا 152
اسمي ورب الكعبة 213
اشتهت الملائكة ان ينظروا إلى 255
اشهد ان لا اله إلّا اللّه وان أبي محمّداً 58
اشهدكم اني قد آمنت شيعتها من النار 197
أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة 114
اضمنا للّه ولرسوله ان لا تعبدا 107
اعبر على بركة اللّه 250
أعرفكم بالمنافقين حذيفة بن اليمان 101
أعطاني اللّه خمسا وأعطى عليّاً خمساً 193
أعطاني جوامع الكلم وأعطى عليّاً 193
ص: 301
أعطاني الوحي وأعطاه الالهام 193
اعطيت أشياء لم يعطها أحد قبلي سوى 155
اعطيت السبع التي لم يسبق إليها أحد قبلي 161
اعل المنبر فاحمد اللّه كثيرا 72
اعلم يا سلمان ان الشاك في أمرنا 278
أعلى الامام الزكاة 208
أفتأذن لي ان اطلب اسمي فيه 213
افتقدر ان ترينيها 104
أفضلكم أقدمكم سلما 231
افظهر من ذلك لمواليكم وشيعتكم 162
افليس النبي ضامنا لما وعدوا 128
أفيجوز ان لا يحبّ أنبياء اللّه ورسله 127
افيقدر رسول اللّه على هذه المنازل 284
أفي هذا الموضع يترك الخليل خليله 145
اقروا للّه بالربوبية ولهؤلاء النفر بالطاعة 67
أقم على ما أنت عليه 38 أقول: هذا وليي 64
أكان الابن قبل الأب؟ 286
الا اعلمك دعاء لدنياك وآخرتك 288
الا اعلمك شيئاً يقي اللّه به وجهك عن حر 76
الا اني عبد اللّه وأخو رسوله 63
الا خير شيعتنا النمط الأوسط 63
الا عدلت رداءك؟ 77
الأعياد عند الشيعة أربعة الأضحى 93
الا فمن لحق بنا استشهد ومن لم يلحق 82
الا من ائتم بامام في دار الدنيا 150
الا من كنت مولاه وأولى به 113
الآن صدّقت انك ساحر 104
الا وانا خاصته وخالصته 63
الا وانني قد بلغني ان 87
الا وان الوسيلة أعلى درج الجنّة 282
الا واني قد جعلت امر نسائي بيده 231
الا واني مخصوص في القرآن 85
الا وانّي مخلّف فيكم الثقلين 199
الذين يقدرون انهم يلقون ربهم 51
الست أخبرتنا ان الجنّة محرمة 174
الست أولى بكم من أنفسكم 113
الست بربّكم 210
اللّه ربّي ومحمّد نبيّي 50
اللّهمّ ائتني بأحب خلقك إليك 127
اللّهمّ اجعل صلاتك وصلاة ملائكتك 75
اللّهمّ اجعل محمّداً وآل محمّد أعظم 272
اللّهمّ اشدد وطأتك عليه وانزل 87
اللّهمّ اشكو إليك ما يلقى أهل بيتي 198
اللّهمّ اعط عليّاً فضيلة لم تعطها 177
اللّهمّ اعط محمّداً الوسيلة والشرف 272
اللّهمّ العن صنمي 111
اللّهمّ العن من ظلمها وعاقب من غصبها 197
ص: 302
اللّهمّ العنهما واتباعهما 112
اللّهمّ العنهم بعدد كلّ 112
اللّهمّ العنهم بعدد كلّ منكرٍ اتوه 112
اللّهمّ العنهم في مستسرّ السرّ 112
اللّهمّ انا نسألك بحق الأكرمين 281
اللّهمّ انّهما احب خلقك الي 241
اللّهمّ ان هؤلاء لشرذمة قليلون 271
اللّهمّ انّي أسألك بحق الأكرمين عليك 287
اللّهمّ انّي أسألك بحق محمّد وآل محمّد 288
اللّهمّ انّي أسألك بحق محمّد وعليّ 273
اللّهمّ انّي قد بلغت وهم عبادك 152
اللّهمّ انّي لو وجدت شفعاء أقرب 220
اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد الأوصياء 75
اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد مائة مرة 76
اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وأبلغ 221
اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد والعن صنمي 111
اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وبارك على 75
اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وعجل 75
اللّهمّ صلّ على محمّد وأهل بيته الأئمّة 75
اللّهمّ صلّ على محمّد وذرّيّته 75
اللّهمّ عذبهم عذابا يستغيث 113
اللّهمّ لا تجعله آخر العهد من زيارتهم 221
اللّهمّ من كنت مولاه فان عليّاً مولاه 200
اللّهمّ نعم قد سمعنا رسول اللّه 111
اللّهمّ وال من 113
ألم تستفهم ماذا أراد 262
ألم تسمع قول اللّه إن الذين آمنوا وعملوا 223
الهي إذا بررت قسمك وادخلتني نار جهنم 202
الهي وسيدي! سميتني فاطمة 233
الي الي يا أخي 196
الي الي يا بني 196
الي الي يا بنية 196
الي ان تقدم امامك 192
إلى اين تذهب؟ 188
إلى اين وقد كنت اتمنى ان أراكما 21
إلى الجنّة بسلام 210
إلى الجنّة واللّه 70
إلى النار ولا ابالي 210
إليهم يرجع الغالي وبهم يلحق 63
اليّ يا أخي 229
اليّ يا بني 229
اليّ يا بنيّة 229
امّا ان اللّه فرض على الملائكة 246
امّا ان اللّه فرض على الملائكة طاعته 246
امّا انّه سيخبره وليمنعنه 38
اما بلغك قول رسول اللّه اتقوا فراسة 166
اما ترضين ان يكون اللّه اطّلع 252
اما ترى يرى الرجل ما يسره 39
ص: 303
اما التسليمة الاولى فقبل حجة 109
اما تعلم ان ما أنت فيه الساعة 38
اما تعلمين ان اللّه اطلع اطلاعة 169
اما الحسن فانه ابني وولدي وقرة عيني 198
اما الحسين فانه منّي وهو ابني وولدي 198
اما الخمسة فقابيل الذي قتل هابيل 125
اما رضي ان يضرب لابن عمه مثلا 105
اما عبد اللّه فنعم واما أخا رسوله 110
اما علمت ان اللّه بعث رسوله 128
اما علمت ان أمير المؤمنين كان يقول 157
اما علمت ان رسول اللّه لما اتي بطائر 127
اما علمت ان فضل آل محمّد على جميع 274
اما علمت ان فضل صحابة محمّد 274
اما علمت ان محمّداً أفضل عندي 273
اما علمت ان النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال يوم خيبر 127
اما علمت انه دعاهم إلى توحيد اللّه 128
اما علمت انه مبتلى ومبتلى به 254
اما علي فأخي وشقيقي وصاحب الامر 196
اما فاطمة فانها سيدة نساء العالمين 197
اما لو بلغت نفسك الحلقوم لرايتني 62
اما واللّه لو علمت حبي لها لازددت لها 239
اما هذه فالعلم ثمّ فلقها 207
اما هذه فالنبوّة ليس لك فيها نصيب 207
امرنا معاشر الأنبياء ان نخاطب النّاس 200
امره أمري وطاعته طاعتي 198
امره أمري وقوله قولي 198
امره ربّه بخمسين صلاة 40
أمسينا ليلة عند أمير المؤمنين 153
امض هاديا مهديا فطوبى 262
ان آدم لما رأى النور ساطعا 275
ان آدم لما نزل إلى الدنيا بكى حتّى صار 286
انا احب إليك أم فاطمة؟ 234
انا أخو رسول اللّه وابن عمه وسيف نقمته 84
انا اريكم اليوم ما لا ترون ابدا 131
انا اسمي في التوراة بوي 85
انا اعلم ولكن اريد ان اسمعه منك 193
انا أفضلكم ولكن أخبركم بأفضلكم أنتم 231
انا الاذن الواعية 86
انا الذي جعلت ميزانا 86
انا الذي من ولدي مهدي 86
انا اللّه المحمود الحميد 261
انا الامام لمن بعدي 161
انا باب اللّه الذي يؤتى منه 130
ان ابا بكر لما قدم رسول اللّه 106
انا باب مدينة العلم وخازن علم 84
انا البشير وانا النذير 151
ان ابن عمك مبتلى ومبتلى به 152
انا الراضية المرضية 245
ص: 304
انا رجل صياد وقد فهمت اشارته 180
انا رحى جهنم الدائرة وأضراسها 84
ان أردت وجه اللّه وان تلقاه 230
ان أرواح المؤمنين ترى آل محمّد في جبال 20
ان أرواح المؤمنين يأكلون ويشربون 31
ان أريتك رسول اللّه حتّى يخبرك 37
انا زوج البتول سيدة نساء العالمين 84
انا سارة وهذه آسية بنت مزاحم 57
انا السلم لرسول اللّه 86
انا سيد الأوصياء ووصي خير 84
انا شيء ليس كالأشياء 171
انا صاحب الأعراف 175
انا صاحب الجنان 175
انا صاحب الحوض 175
انا صاحب العصا والميسم 157
انا صاحب لواء رسول اللّه 86
انا صاحب هذا الامر على هؤلاء العبيد 132
انا صرصائيل بعثني اللّه 235
ان أصل البناء خاتمته 55
انا عبد اللّه وفي قبضته 257
انا على البراق وأخي صالح على 148
انا عيبة رسول اللّه 157
انا عين اللّه في ارضه 130
انا الفاروق الأكبر 157، 161
انا قابض الأرواح 84
انا قسيم اللّه بين الجنّة والنار 278
انا قسيم الجنّة والنار 157
انا قسيم النيران 175
انا لسان اللّه الناطق في خلقه 130
ان اللّه اخبر رسوله بما كان 276
ان اللّه اختارنا لنبوته واصطفانا 150
ان اللّه اختارني من بين خلقه فبعثني 253
ان اللّه اخذ عهد مودتنا على كلّ حيوان 139
ان اللّه اخذ ميثاق النبيّين 212
ان اللّه ادب رسوله حتّى قومه 213
ان اللّه اصطفانا واصطفى شيعتنا 202
ان اللّه اصطفانا واصطفى شيعتنا من قبل 225
ان اللّه اطلع إلى أهل الأرض 166
ان اللّه امر سكان الجنان 236
ان اللّه أوحى إلى رسوله علم النبيّين 201
ان اللّه بعث جبرئيل وأمره 208
ان اللّه جعل بينه وبين الرسول 226
ان اللّه جعل عليّاً علما 170
ان اللّه جعل على كلّ ركن من أركان 142
ان اللّه جعل لأخي فضائل 176
ان اللّه جعل الموت عقبة لا يصل 49
ان اللّه حمل دينه وعلمه 66
ان اللّه حين خلق الخلق خلق 210
ص: 305
ان اللّه خلق أربعة عشر نورا 228
ان اللّه خلق الأرواح قبل الأجسام 279
ان اللّه خلق أرواحنا من عليين 45
ان اللّه خلق جبلا محيطا بالدنيا 279
ان اللّه خلق قوما لجهنم والنار 270
ان اللّه خلقكم أشباح نور 145
ان اللّه خلقنا فأحسن خلقنا 229، 270
ان اللّه خلقنا فأحسن خلقنا وصورنا 228
ان اللّه خلقنا من نور عظمته 283
ان اللّه خلقني وخلق عليّاً 202، 225
ان اللّه خلقني وخلق عليّاً قبل ان 286
ان اللّه زوجك فاطمة 234
ان اللّه سألني هل بلغت 272
ان اللّه - عزّ وجلّ - وعد نبيه 282
ان اللّه فضل أنبيائه المرسلين 239
ان اللّه فضل اولي العزم من 201
ان اللّه قال في تلك الليلة لجبرئيل 80
ان اللّه قد ايدنا بروح منه 167
ان اللّه قد فرض علينا طاعته 245
ان اللّه القى في روعي 182
ان اللّه كان إذ لا كان 190
ان اللّه كان ولا شيء معه 251
ان اللّه لا تعتلج عليه الشكوك 158
ان اللّه لا يقبل من العبد من 77
ان اللّه لما خلق السماوات والأرض 173
ان اللّه لما خلق السماوات والأرض دعاهن 190
ان اللّه لم يبعث نبيّاً ولا رسولا 266
ان اللّه لم يزل متفردا بوحدانيته 285
ان اللّه متمم لكم ذلك بالنوافل 77
ان اللّه يريد اظهار فضله لمن بهذه 50
ان اللّه يستحي ان يقبل من العبد اقل من ثلث 77
ان اللّه يقرئك السلام 182
ان اللّه يقرا عليك 177
ان اللّه يقرا عليك السلام 238
ان الامام إذا مات لا يبقى في الأرض 46
ان الامام ليسمع الصوت في بطن امه 225
ان الامام وكر لإرادة اللّه 227
ان الامام يا ابا محمّد لا يبيت ليلة 208
انا مجدل الابطال وقاتل الفرسان 84
انا المحمود وأنت محمّد 251
انا مدينة العلم وعلي بابها 166
انا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد 28
انا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الحكمة 15
ان أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك 78
انا المقصود المعني بقوله إن الذين آمنوا 223
انا مولى كلّ مؤمن ومؤمنة 142
ان أمير المؤمنين قنت في صلاته بقوله اللّهمّ العن صنمي 71
ان أمير المؤمنين خرج من الكوفة 18
ص: 306
ان أمير المؤمنين علم أصحابه في مجلس 21
ان أمير المؤمنين قال على منبر الكوفة 230
ان أمير المؤمنين قال لأبي بكر يوماً 18
ان أمير المؤمنين كان يجيئني في كلّ 131
ان أمير المؤمنين كان يمر بي عند كلّ 134
انا مؤتم البنين والبنات 84
انا النبي الامي 151
انا نور اللّه الذي لا يطفى 130
انا وأنت أبوا هذه الاُمّة فلعن اللّه 73
انا وأنت راعيا هذه الاُمّة فلعن اللّه 73
انا وأنت من نور واحد وطينة واحدة 252
انا وأنت موليا هذه الاُمّة فلعن اللّه 73
انا وأهل بيتي الذين أورثنا 207
انا وعمي وأخي وابن عمي 86
ان اول أهل الجنّة دخولا 174
ان اول ما كلمني به ربّي 194
انا ولي المؤمنين واللّه وليي 86
انا الهادي بالولاية 175
انا يا اعرابي 181
ان الآيات في باطن القرآن هم آل محمّد 70
ان أيّام اللّه ثلاثة: يوم القائم ويوم 176
انا يعسوب المؤمنين 175
انا يومئذ على الدرجة الرفيعة 283
ان بني آدم في دنياهم يتمتعون 256
ان بيننا وبين كلّ ارض ترا مثل تر 226
انت أخي 230
انت أخي في الدنيا والآخرة 184
انت اعلم علي 261
انت أقرب الخلائق الي يوم القيامة 231
انت امين اللّه في ارضه 141
انت اول من يدخل الجنّة 173
انت اول من يرد علي 173
انت توفي المؤمنين اجورهم وتقسم 180
انت تؤدي ديني وتقاتل 173
انت الحافظ في أهلي عند 231
انت حجة اللّه على بريته 141
انت خليفتي 230
انت خير البشر لا يشك فيك 265
انت ربنا فحملهم العلم والدين 67
انت ركن الايمان 141
انت شريكي فيه وانا شريكك 207
انت صاحب حوضي وصاحب لوائي 141
انت صاحب لوائي في الدنيا 230
انت الصراط المستقيم 142
انت الطريق الواضح 142
انت العلم المرفوع لأهل الدنيا 141
انت عندي اعز منها 234
انت غدا على الحوض 173
ص: 307
أنت في الآخرة أقرب النّاس 173
انت قائد الغر المحجلين 142
انتم آمنون ادخلوا الجنّة 149
انتما الامامان ولامكما الشفاعة 179
انتما كفتا الميزان وفاطمة لسانه 179
انت محمّد بن عبد اللّه بن عبد 113
انت مستودع مواريث الأنبياء 141
انت مصباح الهدى 141
انتم الطيبون ونسائكم الطيبات 273
انت مع من أحببت ولك ما اكتسب 64
انت منار الدجى 141
انت منّي بمنزلة هارون من موسى 173
انت مولى من انا مولاه 142
انت وشيعتك تجيئون شباعا 223
انت الوصي من بعدي 231
انت وليي، ووليي ولي اللّه 231
انت يا رسول 231
انت يا زبير وأنت يا سلمان وأنت 110
انت يا علي وولدك خيرة اللّه 165
انت يعسوب الدين 142
ان جبرئيل اتاني بتفاحة من تفاح 238
ان جبرئيل أخبرني انه إذا كان يوم القيامة 182
ان جبرئيل كرى برجله خمسة انهار 209
ان جبرئيل نزل علي وقال ان اللّه 151
ان حب علي شجرة طوبى التي 182
ان الحجزة النور 70
ان حديث أهل البيت صعب مستعصب 199
ان الحسن البصري يزعم ان الذين يكتمون 29
ان الحقّ معك والحق على لسانك 173
ان خديجة لما تزوجها النبي هجرتها 56
ان الخلق بعد الموت تبلى أجسادهم 46
ان درجة أمير المؤمنين في الجنّة دون النبي 47
ان الدنيا مثلت لصاحب هذا الامر في مثل 26
ان الدنيا والآخرة للامام يضعهما 208
ان الدنيا وما عليها لرسول اللّه 209
ان دين اللّه لا يعرف بالرجال بل 63
ان رايته حتّى يخبرني ببعض هذا 37
ان ربّي امرني ان اقبض روحك 44
ان رجلا جاء إلى أمير المؤمنين وهو بجامع 188
ان رسول اللّه اسر الي الف حديث 215
ان رسول اللّه اقبل يقول لأبي بكر 105
ان رسول اللّه خطب النّاس بمسجد الخيف 199
ان رسول اللّه علم عليّاً الف باب 203
ان رسول اللّه علمني الف باب من الحلال 214
ان رسول اللّه قال لعلي ليلة اسري 193
ان رسول اللّه كان جالسا ذات يوم إذ اقبل الحسن 196
ان رسول اللّه لما اتي بطائر المشوي 127
ان رسول اللّه لما اسري به 40
ص: 308
ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لما اسري به إلى السماء 250
ان رسول اللّه لم يحدث الينا في امرك 37
ان الروح لا توصف بثقل ولا خفة 31
ان روح المؤمن ترفع إلى اللّه 45
ان سليمان بن داود سأل ربّه ملكا 129
ان سليمان بن داود قال للهدهد 284
ان سليمان سأل ربّه الملك فأعطاه 129
انسيت سحر بني هاشم 38
ان شئت فتكلم وان شئت أخبرتك 133
ان شئتم أخبرتكم بما هو أعظم من ذلك 231
ان الشاك في أمرنا وعلومنا 278
ان شجرة الجنّة تحمل انواعا 269
انشدك اللّه يا خليفة رسول اللّه ان تغتر 121
ان الشيطان ليس له على شيعتنا سلطان 46
ان شيعتك على منابر من نور 173
ان شيعتك يتحدّثون ان رسول اللّه علم 203
ان الشيعة يتحدّثون ان رسول اللّه 214
انطلق يا بني فاجمع النّاس 150
ان طوبى شجرة غرسها اللّه بيده 183
انظر إلى العلو 49
انظر فوقك 52
انظر ما حرمته من تلك الخيرات 51
انظرني يومي هذا فادبر ما 120
انظروا الي كيف اسخر منهم 117
انظروا في البيت 37
انظر يا آدم إلى ذروة العرش 275
ان عدوك غدا ظماء مظمأون 173
ان العرش كان على الماء والرب فوقه 66
ان علامة ولد الزنا بغضنا أهل البيت 102
ان على أحد جناحي جبرئيل مكتوبا 188
ان عليّاً وارثك 247
ان علي ممّن قد عرفت قرابته 241
ان عمار بن ياسر كان قائدا 109
ان عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة 203
ان عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر 204
ان عندنا سرا من سر اللّه 270
ان عندنا لعلم ما كان 204
ان عندنا لمصحف فاطمة 204
ان عيسى كان يحيي الموتى 284
ان فاطمة خلقت حورية في صورة 243
ان فاطمة لما توفي أبوها 233
ان فاطمة مكثت بعد رسول اللّه خمسة وسبعين 58
ان فضل امة محمّد على جميع الامم 274
ان فضل اولنا يلحق بفضل آخرنا 277
ان فضلي ورحمتي سبقا غضبي 275
ان فيك شبها من عيسى بن مريم 105
ان في النار لواديا يقال له 125
ان في هذا الظهر روح كلّ مؤمن وفي وادي 19
ص: 309
ان فيهم فلانا وهو مؤمن 71
ان الكافر يزور أهله فيرى 40
ان كان اجلها لم يحضر بعثه 44
انك تدعوني إلى البراءة منه 154
انك جئت في بعض ليلة إلى هنا 123
انك رميت بحصياتك في العقبات 36
انك قد بلوت خلقي فأيهم رايت 257
انك قد زوجت فاطمة من علي 241
انك لتكثر تقبيل فاطمة 238
انك لتلثم فاطمة وتكثر منها 238
انك لن تراهم الآن فليس هذا أوان 274
انك مدركهم وأمثالك ومن تولاهم 268
ان اللطيف الخبير نبأني 199
ان اللعنة لا تصيب مؤمنا 71
ان لفاطمة وقفة على باب جهنم 233
ان للّه اثنى عشر الف عالم 187
ان للّه بالمشرق مدينة يقال لها 184
ان للّه خلق هذا النطاق زبرجدة 279
ان للّه مدينتين إحداهما بالمشرق 186
ان للّه مدينتين بالمشرق ومدينة بالمغرب 186
ان للّه مدينتين مدينة بالمشرق 184
ان ليس لرسول اللّه من الدنيا الا الخمس 209
انما اتخذ اللّه إبراهيم خليلا لكثرة صلاته 139
انما امر النّاس ان يعرفوا امامهم ويردوا اليه 24
انما امر النّاس بمعرفة امامهم 61
انما انا لك فاصنع ما شئت 204
انما سموا اولي العزم لأنّه عهد إليهم 210
انما سمي نخل المدينة صيحاني 178
انما كنيتك بأبي القاسم 262
انما هو فترك 211
ان المراد بالغيب هنا ثلاثة أشياء 176
ان المعني بالمستنبط هم 24
ان من بركتي عليهما ان اجمعهما 237
ان من علامة بغضهم تفضيلهم من هو دونه 195
ان من علامة بغضهم له تفضيل من دونه 230
ان المؤمن إذا نام عرج بروحه 44
ان المؤمن الموالي لمحمّد وآله الطيّبين 48
ان النار لاشد غضبا على مبغض علي 194
ان النّاس لو تركوا بغير تنبيه 65
ان النّاس يقولون ان أصل البناء 55
ان النبي حدث عليّاً بألف باب 162
ان النبي رأى يوماً أبا سفيان راكبا ومعاوية 71
ان النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال يوم خيبر: لاعطين الراية 127
ان النبي كان يكثر من تقبيل فاطمة 238
ان نسبة علم آصف إلى علم آل محمّد 25
انني ربّكم ومحمّد رسولي وعلي 211
انني قد بلغني ان معاوية يسبني 87
انوار أشباح نقلتها من اشرف بقاع 275
ص: 310
ان ولد الزنا لا ينجب 102
انه إذا وقف في الشمس لا ظل له 46
انه اولكم ايمانا معي 168
انه بقدر القرآن ثلاث مرات ليس فيه شيء 233
انه بلغني ما بلغني وانه قد اقترب اجلي 84
انه بلغني مقالتكم 252
انه توضأ من «صاد» 42
انه جاء جبرئيل بالبراق 42
انه جاءه بمحمل جلس فيه 42
انه دخل على عليّ بن الحسين 212
ان هذا أعظم من ذلك 200
ان هذا لهو العلم 204
ان هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة 168
انه سأل أبا الحسن عن المؤمن يزور أهله؟ 39
انه سأل ربّه ان يريه ملك الموت 44
انهض بنا إلى المدينة فان القوم 106
انه عرج به مائة وعشرين مرة 44
انه كان لي من رسول اللّه عشر خصال 230
انه كان مع الباقر بمنى 36
انه كان يلعن عقيب الفرائض أربعة من 72
انه كان يوماً يصلي فسقط طرف ردائه 77
انه لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك 86
انه لا يصعد إلى السماء الا 43
انه لا ينزل ملك من السماء إلى الأرض 205
انه لبعهد منّي وعلي 268
انه لعلم وليس بذاك 204، 205، 214
انه لعلم وما هو بذاك 204
انه لعن يوماً آل فلان 71
انه لما اسري بي إلى السماء السابعة 253
انه لما تشاجر موسى والخضر في قضية 180
انه لما عرج بي إلى السماء مر 238
انه ليس أحد عنده علم الا بشيء خرج 29
انه ليس منا امام الا وهو عارف 175
انه ما انزل اللّه كتابا ولا خلق خلقا 182
انه ما تسقط قطرة مطر ولا ثلجة الا ومعها 205
انهما لن يفترقا حتّى يردا علي الحوض 199
انه مر بعير لقريش في الليل 43
انهم قد تعاهدوا وتعاقدوا 111
انه يرى من خلفه كما يرى من 46
اني اريد ان أسألك عن مسألة 203
اني لأرى سفينة جعفر 104
اني لاسمع من يحدّثني بأشياء 233
اني اطلعت إلى الأرض اطلاعة 162، 191، 258
اني اطلعت على قلوب عبادي 254
اني لأعرف بطرق السماوات منّي 136
اني اعلم منهما ولا نبأتهما بما ليس 206
اني لاملك من ملكوت السماوات والأرض 134
اني انشدك اللّه وبحق نبيه محمّد 171
ص: 311
اني لانظر الآن إلى جعفر وأصحابه 103
اني تارك فيكم ما تركه رسول اللّه 84
ان يتوب عليه فتاب عليه 201
اني جعلت عليّاً وصيك ووزيرك 194
اني خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة 258
اني الدابة التي تكلم النّاس 278
ان يرجعني من حضرتكم خير مرجع 32
اني فرطكم وانكم واردون علي الحوض 199
اني فضلت من تقدمني من النساء 264
اني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما 81
اني قد آمنت شيعتها من النار 197
اني قد أقسمت على نفسي قسما 247
اني قد أمرت سبع سماواتي لشيعتكم 95
اني قد جعلت ذلك اليوم عيدا 97
اني قد قضيت في عبادي قبل ان اخلقهم 248
اني قصدت مولانا أبا الحسن العسكري 93
اني كنت مع رسول اللّه إذا سألته أعطاني 158
اني كنت يوم احد جالسا وقد فرغنا 182
اني كنت يوم بدر جالسا بعد ان غزونا 182
اني لديان النّاس يوم الدين 161
اني لصاحب العصا والميسم 278
اني لصاحب الكرات ودولة الدول 278
اني لما رايتها ذكرت ما يصنع بها 197
اني لما رايته ذكرت ما يصنع به بعدي 198
اني لما نظرت اليه ذكرت ما يجري عليه 198
اني مبلغكم عن اللّه 151
اني محدثكم حديثا فعوه 252
اني مخصوص في القرآن بأسماء احذروا 85
اني مخلف فيكم الثقلين 199
اني مؤمنة بك وبمن جاء من عندك 264
او تراهم هؤلاء ساداتك 53
اوتيت فهم الكتاب وفصل الخطاب 63
اوصى رسول اللّه إلى علي بألف كلمة 214
او كلّ علم يحتمله عالم؟ 200
الأوّل بمنزلة العجل والثاني بمنزلة 124
اولنا محمّد وأوسطنا محمّد وآخرنا محمّد 277
اوليس رضوان ومالك من جملة الملائكة 128
اوليس عليّ بن أبي طالب خليفته 128
اوما تعلمين ان اللّه اطلع اطلاعة ثانية 169
اوما تعلمين ان العرش سأل 169
او هذا يوم عيد؟ 93
اهبطا إلى الأرض فاحفظا عليّاً حتّى يصبح 81
اهبطا من جواري فلا يجاورني 281
اهبطي بنا ممّا يلي هذا الجبل 132
اهتدوا بالشمس فإذا غاب 244
اهو الإنجيل؟ 206
ايتوني بصحيفة ودواة اذكر 155
ايتها الشجرة! مالك قد حدث بك 131
ص: 312
ايد اللّه محمّداً بعلي 177
ايدته بعلي 189
اي شيء رايت من 201
اي شيء هذه الصحف جعلت فداك 212
اي الفصوص أفضل اركبه على 149
ايكون آخر ذلك إلى الجنّة؟ 154
ايكون ايمان بهم بغير معرفتهم 267
ايما أفضل الحسن أم الحسين 277
ايما أفضل محمّد أم سليمان 278
الايمان منه المستقر الثابت في 54
اين أخي يا ام أيمن 242
اين أنت عن العقيق الأحمر والعقيق 149
اين خليفة اللّه في ارضه؟ 149
اين خليفة اللّه في ارضة؟ 149
اين كنت يا عمر؟ 123
اين مسلمو أهل الكتاب؟ 84
اي والذي ارسل محمّداً انه لبعهد 268
اي واللّه اعرفهم كلّهم 109
ايها العلويون أنتم آمنون 149
ايها الفاجر الكافر 51
ايها المدعي ما لا يعلم 158
أيّها النّاس! اسمعوا ما آمركم به 152
أيّها النّاس انا البشير وانا النذير 151
أيّها النّاس ان اللّه اختارنا 150
أيّها النّاس ان اللّه وعد نبيه 282
أيّها النّاس ان رسول اللّه اسر الي الف 215
أيّها النّاس انه كان لي من رسول اللّه عشر 230
أيّها النّاس انه لما عرج بي إلى السماء السابعة 250
أيّها النّاس الست أولى بكم 113
أيّها النّاس سلوني قبل ان تفقدوني 175
أيّها النّاس نحن في القيامة 148
أيّها النّاس هذا مولى المؤمنين 152
احب أن تسمعني أسماء هذا اليوم 98
باهيت اليوم بعلي ملائكتي 182
بايع ودع عنك هذه 109
بأبي أنتم وامي ونفسي بموالاتكم 220
بأبي أنتم وامي ونفسي كيف أصف 220
بأبي أنتم وامي ونفسي وأهلي ومالي 218، 219
بأبي أنتم وامي ونفسي ومالي اجعلوني 221
بأبي أنت وامي ما وثقت 115
بأمر من اللّه ورسوله 108
بأي شيء امرك ربّك؟ 40
بحق من اللّه ورسوله امرني بذلك 108
بحقي عليك الا ما أجبته 131
بخ بخ لك يا بن أبي طالب 114
بخ بخ من مثل شيعة علي 141
بخمسين صلاة 40
بشارة اتتني من عند اللّه في ابن عمي 243
ص: 313
بصرت سبل الكتاب 161
بعثنا اللّه إليك لنلي من امرك 57
بعثنا بتوحيد اللّه 43
بع راحلتك وكل زادك وصل 188
بعلها علي 232
بغدير خم مقبل رسول اللّه 109
بكة موضع البيت ومكة 159
بل تقول أنت يا أمير المؤمنين 133
بم صار أمير المؤمنين علي قسيم الجنّة 126
بينا رسول اللّه ذات يوم جالس إذ اقبل 105
بينا رسول اللّه في بيت ام سلمة 235
بين لي جعلت فداك 66
بينما انا في السوق إذ اتى الأصبغ 199
بينما انا والخضر على شاطىء البحر 180
تحية من اللّه الغالب 177
تريد ان آذن لك ان تزور الخضر 133
تستحب الصلاة على محمّد وعليّ وآلهما 76
تلك منازلك ونعمك واموالك 52
تمسكوا بما امركم اللّه به فما بين أحدكم 21
تمصون الثمار وتدعون النهر العظيم 30
تنازعنا في امر ابن الخطاب 93
تول عليّاً فما يبين بعدي حقّ من باطل 142
ثلاثة لا يكلمهم اللّه يوم 118
ثلاثة لا ينظر اللّه إليهم ولا يزكيهم 124
ثم اني صديقه الأوّل 63
ثم خلق الملائكة فسبحنا فسبحت الملائكة 79
ثم قام رسول اللّه إلى أم سلمة 98
ثم وصف الخاشعين فقال: الذين 51
جئتك يا أمير المؤمنين اودعك 188
جئنا نزف فاطمة الزهراء 242
جاء رسول اللّه ذات ليلة يطلبني 242
جبت من المنافقين يتراس عليهم 94
جزى اللّه موسى عنا خيرا 41
جعل بينه وبين الامام عمودا من نور 226
جعلت فداك ان شيعتك يتحدّثون 203
جعلت فداك انما انا لك فاصنع ما شئت 204
جعلت فداك حدّثني فيهما بحديث 124
الجواب عند أمير المؤمنين 73
حالنا كما ترى في كساء نصفه 169
حبك يا أمير المؤمنين 62
حبيبي جبرئيل اخلقوا قبلي 232
حبيبي جبرئيل في مثل هذا الموضع 145
حبيبي جبرئيل ما هذه الصورة 255
حبيبي جبرئيل من هذه الجارية 232
حبيبي كيف يدعون بأسماء امهاتهم 141
حبيبي محمود منذ كم هذا الكتاب 223
حبيبي ملك الموت هل تعرفون عليّاً 140
حبيبي ميكائيل أفي هذا الموضع 145
ص: 314
حتى أرش هذا 204
الحجزة الطاعة 70
حدّثني بباب يفتح الف باب كلّ باب 215
حدّثني فيهما بحديث فقد سمعت عن أبيك 124
حدثيني ما سمعت عن أبيك 154
حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله الا ملك 23
حربك حربي وسلمك سلمي 68، 173
حرم اللّه النساء على 240
الحسن والحسين خير أهل الأرض بعدي 165
حضرت مجلس المأمون يوماً 166
حضر الرضا مجلس 167
الحمد للّه الذي أكرمنا وشرفنا بك 175
الحمد للّه الذي صدقنا وعده 145
الحمد للّه الذي قيضك لنا حتّى شرفتنا 101
حي بهذه علي 177
خاطبني بلغة علي فألهمني 171
خالف من خالف عليّاً 195
خالف من خالف ولا تكونن له 230
خذها إليك يا حار قصيرة من طويلة 64
خذ هذا السيف وانطلق إلى موضع 107
خذ هذا فانه من مخزون العلم 129
خذيها يا خديجة طاهرة مباركة زكية، 58
خرجت مع أبي إلى بعض أمواله 35
خرجت مع أبي إلى بعض أمواله فلمّا صرنا في... 35
خرجت مع رسول اللّه ذات يوم نمشي في 178
خرج رسول اللّه وقد اخذ بيد فاطمة 234
خطب أمير المؤمنين بالكوفة في منصرفه 83
خطب أمير المؤمنين بالمدينة بعد وفاة 282
خطب أمير المؤمنين يوم الجمعة فأطرد 272
خلفت عليها علي 191
خلفته في امتي 245، 246
خلق اللّه آدم واقطعه الدنيا 209
خلق اللّه من نور وجه علي سبعين 171
خلقتك من نوري وخلقت عليّاً 172
خلقنا واحد وعلمنا واحد 277
خلقني اللّه من صفاء نوره 267
خمسة أصحاب الصحيفة 109
خير النّاس من بعدنا من 289
داري ودار علي غدا واحدة 183
دخلت انا وسليمان بن خالد على 156
دخلت عائشة على رسول اللّه وهو يقبل 239
دخلت على أبي عبد اللّه 203
دخلت على أبي عبد اللّه فقلت له ان الشيعة 214
دخلت على أمير المؤمنين علي 62
دخلت على أمير المؤمنين وعنده رجل رث 20
دخلت على رسول اللّه فلمّا نظر الي 266
دخلت على الرضا ومعي صحيفة 26
دخلت على عايشة فقالت لي من قتل 171
ص: 315
دخلت يوماً منزلي فإذا رسول اللّه 179
دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين 62
دعوه ولا تعجلوه 158
الدنيا كلّها وما فيها للّه 208 دوران الفلك 158
ذاك خير البشر 170
ذاك عند معاينة رسول اللّه وأمير المؤمنين 20
ذكرت ما يصيبهم بعدي 229
ذلك بعهد معهود الينا من رسول اللّه 166
ذلك عند معاينة رسول اللّه 39
رايت إبليس في البحر الأخضر على 202
رايت رسول اللّه وكفه في كف علي 168
رايت عجائب كثيرة 201
رايت مكتوبا على باب الجنّة 183
رايت الملك ما زار الخضر حتّى 133
رايتها على ساق العرش قبل ان يخلق اللّه 202
الرأي واللّه ان ندفع محمّداً 107
رب عالم قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه 30
ربنا ان بني آدم في دنياهم 256
ربنا ومن الظالمون؟ 280
ربي أخي وصاحبي 257
ربي اني مؤمنة بك وبمن جاء 264
ربي قد بشرته 257
رجل ادعى اماما من غير اللّه 124
رحم اللّه عبدا اجتمع مع اخوانه فتذاكر أمرنا 289
الرد إلى اللّه الرد إلى كتابه 28
رد الحقّ إلى أهله 120
زدنا ممّا جعل اللّه لكم أهل البيت 167
زوجك رسول اللّه من عائل لا مال له 252
سئل النبي عن الكلمات التي تلقاها آدم 201
سألت ابا عبد اللّه عن علة الصلاة 65
سألت ابا عبد اللّه عن قول اللّه وكان عرشه 66
سألت ابا عبد اللّه عن ميراث العلم ما مبلغه 184
سألت اللّه ان يجعلني القائم 246
سألت ربّي ان يزوجك خير خلقه 241
سأل رجل ابا عبد اللّه فقال الملائكة 209
سأله بحق محمّد وعليّ وفاطمة 201
سبحان اللّه الأعياد عند الشيعة 93
سبحان اللّه المؤمن أكرم من ذلك على اللّه 22
سبحان من لا يدرك كنه صفته 159
سر يا احمد فأنا خليلك 145
سر يا محمّد انا خليلك 146
سعد من والاكم 217
السلام على الأئمّة الدعاة 216
السلام على أئمّة الهدى 216
السلام على الدعاة إلى اللّه 216
السلام عليك ايها العبد المطيع لربه 187
السلام عليكم سلام مودع لا سئم 220
ص: 316
السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة 215
السلام عليك يا محمّد 245
السلام عليك يا وصي رسول اللّه 133
السلام محال معرفة اللّه ومساكن بركة اللّه 216
سل بكلّ لسانك وما في جوانحك 158
سل ربّك التخفيف فان اُمّتك 40
سل عمّا بدا لك 203
سلمان منا أهل البيت 117
سل من أرسلنا قبلك من رسلنا 222
سلموا على أخي ووزيري ووارثي 108
سلوني عمّا شئتم فواللّه لا تسألوني 29
سلوني فاني لا اسأل عن شيء 158
سلوني فأنا فقأت عين الفتنة 157
سلوني فأنا من عنده علم المنايا 157
سلوني فأنا يعسوب الدين حقا 157
سلوني قبل ان تفقدوني 175
سلوني قبل ان تفقدوني فأنا نمط الحجاز 157
سلها فانها تجيبك 131
سلهما لمن هذا القصر 258
سل يا مفضل 128
سمعت أبا جعفر يقول لرجل كان عنده من أهل 29
سمعت الأرض تحدثه ويحدثها 172
سمعته يقول لداود بن سرحان يا داود 289
سمعته يقول لرجل من الشيعة: أنتم 272
سميت فاطمة لأنّها فطمت من الشر 243
سميتني فاطمة وفطمت بي 233
شاء اللّه ان يراهن سبايا 82
شجرة في الجنّة أصلها في دارى 183
شققت اسمك من اسمي 261
شققت اسمه من اسمي وادبته 264
شققت له اسما من اسمي 276
الشمس انا 244
شهدت أبا ذر يوم الربذة حين سيره عثمان 108
شهدنا لئلا يقولوا غدا 67
شيعتنا أقرب الخلق من عرش اللّه 273
شيعة علي هم الفائزون 141
شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة 165
صار جماعة من النّاس بعد الحسن إلى الحسين 37
صحبت ابا عبد اللّه في طريق مكة 125
صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع 203
صدقتم انا أفضلكم ولكن أخبركم بأفضلكم 231
صدقت وأنت أفضل ممّا تذكر 240
صدقت يا أبا الحسن انظرني يومي 120
صدقت يا فاطمة وفطمت بك من احبك 233
صدقت يا محمّد اني اطلعت إلى الأرض 258
صدقت يا محمّد فهل اتخذت 257
صدق خليفة رسول اللّه قد 110
الصديق أنت 104
ص: 317
صلوات اللّه وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله 74
صلّى اللّه على محمّد وأهل بيته كتب اللّه له 76
طاف رسول اللّه فإذا آدم 35
طأطأ كلّ شريف لشرفكم 26
طرف بيد اللّه وطرف بأيديكم 199
طلع علينا رسول اللّه ذات يوم متبسما 243
طوبى هي شجرة أصلها في دار علي 183
العائب على أمير المؤمنين كالعائب على اللّه 156
عباد اللّه ان آدم لما رأى النور ساطعا 275
عربي اتيت من يثرب مدينة 122
عرج بالنبي مأة وعشرين مرة 244
عصمكم اللّه من الزلل 217
عصمكم اللّه من الزلل وآمنكم 46
العلم أيسر من ذلك 227
علم رسول اللّه عليّاً الف باب يفتح 214
علم رسول اللّه عليّاً الف كلمة 214
علمنا واحد وفضلنا واحد ونحن شيء 206
علمني يا بن رسول اللّه قولا أقوله بليغا 215
علمي بما وراءه كعلمي بحال هذه 135
علي أخي في الدنيا والآخرة 255
عليّ بن أبي طالب خير البشر ومن أبى 265
عليّ بن أبي طالب مقيم الحجة 235
على التوحيد له وعلى ان محمّداً رسول اللّه 212
علي حجتي على خلقي 165
علي خير البشر من أبى فقد كفر 265
علي راية الهدى وامام 257
على قدر فضائلهم 39
عليك بحب علي 194
عليك بمودة علي 194
على ماذا بعثتم؟ 266
علي منّي مثل 176
على نبوتك وولاية علي 266
على ولايتك يا محمّد وولاية علي 222
علي وليي وخيرتي بعدك 253
على هذا حييت وعلى هذا مت 51
عند حضور المنية وبلوغ الاجل 159
عند خروج أنفسهم وانا 38
عند زوال الشمس أو قبيل ذلك 39
عند العرض على الصراط 38
عند المسألة في قبورهم 38
عهد اليه في محمّد والأئمّة من بعده 210
فإذا خرج إلى الأرض اوتي الحكمة 226
فإذا قبضه اللّه اليه صير تلك الروح إلى الجنّة 31
فإذا وقع على الأرض سطع له نور من 226
فاستجاب اللّه دعاء مولاتي على ذلك المنافق 98
فاطمة اعز البريّة علي 240
فاطمة بضعة منّي من سرها 240
فأحب عليّاً 253
ص: 318
فحسبك يا أخا همدان 63
فداك أبي وأمي يا رسول اللّه قد دنا اجلك 230
فدخلت الجنّة فرأيت بأعلى بابها 222
فرجت عنّي فرج اللّه عنك 128
فطمت هي وشيعتها من النار 233
فعلي اذا قسيم الجنّة 129
فقد ثبت ان جميع أنبياء اللّه ورسله 127
فقد رددته اليه 120
فكانت تلك الطينة في صلب آدم 251
فلا يدخل الجنّة الا من احبه 128
فلم لا نعرفكم يا رسول اللّه وأنتم اول 78
فما الذي غرك عن اللّه وعن رسوله 120
فما حملك عليه ان لم تكن رغبت 119
فمن كان من أهل السعادة ختمت له بها 54
فنحن الاولون ونحن الآخرون 63
فهلك اذا مؤمن آل فرعون ما زال العلم 29
فهل يجوز ان يكون المؤمنون من اممهم 127
في اي ساعة؟ 39
في جناح كلّ هدهد خلقه اللّه 164
في حواصل طير خضر 22
في شأنك والبلية من قبلك 63
في العلم واستجابة الدعوة 166
في الميّت تدمع عينه عند الموت 39
فيها علل وذلك ان النّاس لو تركوا 65
قال لي جبرئيل يا محمّد علي خير 265
قال لي رسول اللّه وقد كنت شهدت فاطمة 243
قد اتاكم أخي 168
قد اخترت لك عليّاً فاتخذه 257
قد أقررنا يا ربّ وشهدنا 211
قد اقلتكم اذهبوا فادخلوها 211
قد أوصيت إلى أمير المؤمنين حقا 108
قد جاء خير البريّة 168
قد دنا اجلك فما تأمرني 230
قد سبق في علمي انه مبتلى 257
قد سبق فيهم علم ربّي 195
قد علمنا يا رسول اللّه زيارتك في خاصتك 50
قد فطمك بالعلم وفطمك عن الطمث 242
قد فعلت ذلك به يا محمّد غير اني 257
قد قبلت ذلك وأطعت 194
قدك فانك امرء ملبوس عليك 63
قد وفيتم بصحيفتكم 110
قضى اللّه له مائة حاجة ثلاثون منها 76
قل بعد الفجر اللّهمّ صل 76
قلت لأبي عبد اللّه ايما أفضل الحسن 277
قل في دبر الفجر ودبر 288
قم يا أبا بكر فبايع له بامرة 114
قم يا عمر فبايع له 114
كان أبو بكر مع رسول اللّه 106
ص: 319
كان أمير المؤمنين باب اللّه الذي لا يؤتى الا منه 156
كان أمير المؤمنين يخرج كلّ ليلة جمعة 121
كانت ظئر علي التي 87
كانت فاطمة تحدثها في بطنها 56
كان رسول اللّه ذات يوم جالسا إذ اقبل الحسن 229
كان علي في كلّ ليلة 122
كان في سابق علمي ان تمسك 95
كان من شأني كذا وكذا 123
كتبت إلى العسكري جعلت فداك 209
كذبوا من يزعم هذا فقد صير اللّه 66
كلا ان اللّه متمم لكم ذلك بالنوافل 77
كلا فانه اليوم الذي تكسر فيه شوكة 94
كلا فانه اليوم الذي فيه يقبل اللّه اعمال 94
كلا فانه اليوم الذي يصدق فيه قول اللّه 94
كلا فانه اليوم الذي يعمد اللّه فيه إلى 94
كلا فانه اليوم الذي يفقد فيه فرعون 94
كلا ما اسرعه، ولست اريم حتّى 106
كلامكم نور وأمركم رشد 219
كلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم 94
كل شيء لا يخرج من هذا البيت فهو باطل 28
كل ظاهر في الكتاب له باطن 67
كل علم لم يخرج من هذا البيت فهو باطل 15
كلما كان للرسول فلنا مثله الا النبوّة 47
كل ملك منا له مقام معلوم لا يقدر 145
كلنا نعرفه 37
كل هذه حقّ 269
كلهم يلعن رجلين من هذه الاُمّة 279
كلهم يلعن فلانا وفلانا 279
كما تأخذ البعوضة على جناحها من البحر 25
كم بين المغرب والمشرق؟ 158
كم صنم تعبدان يومكما هذا؟ 107
كنا جلوسا مع أمير المؤمنين علي بمنزله لما بويع عمر 129
كنا عند رسول اللّه فأتى اليه 181
كنا عند رسول اللّه فأقبل علي فلمّا رآه 286
كنا عند رسول اللّه فتذاكر أصحابه الجنّة 174
كنا عند النبي إذا اقبل علي 168
كنا مع أبي عبد اللّه جماعة من الشيعة 206
كنت انا وعلي نورا بين يدي اللّه 174
كنت انا وعلي نورا بين يدي اللّه 174، 252
كنت جالسا عند أبي عبد اللّه فقال ابتداء 226
كنت جالسا مع العبّاس بن عبد المطلب 264
كنت جالسا مع النبي إذ اقبل علي 171
كنت خلف أبي وهو على بغلته فنظرت 36
كنت ذات ليلة تحت سقيفة مع رسول اللّه 231
كنت عند أبي جعفر الثاني فأجريت اختلاف 285
كنت عند أبي جعفر فقام اليه رجل من أهل الكوفة 29
كنت عند أبي عبد اللّه ذات يوم فقال لي 271
كنت عند أبي عبد اللّه فقال: ما تقول 22
ص: 320
كنت عند رسول اللّه إذ ذكر أبو بكر وعمر 147
كنت عند عليّ بن أبي طالب في الشهر الذي 72
كنت عند النبي في منزل ام سلمة 142
كنت كثيرا ما اشتكي عيني 288
كنت مع النبي في صلاة صلاها فضرب 73
كيف تأتي كلّ ليلة إلى هذا 134
كيف تجدك يا حار؟ 63
كيف رأيتم سخريتي بهؤلاء 117
كيف صبرك يا أبا الحسن إذا فعلت بك قريش 81
كيف لا ارفق بمن ذلك ثوابه 49
كيف يطيق علي حمل هذا اللواء 224
لا أحب أن أجترأ على قضاء اللّه 95
لابد لي ان اخرج وابصر 121
لا تأمنن على خير هذه الاُمّة عذاب اللّه 55
لا تخافي ولا تحزني خديجة انا رسل 57
لا تسقه لا سقاه اللّه 36
لا تشد الرحال إلى شيء من القبور 188
لا تعيرنا بما مضى في الجاهلية 107
لا تقدر عظمة اللّه على عقلك فتهلك 17
لا تقدر عظمة اللّه على قدر عقلك فتهلك 25
لا تنس ما شهدت بنظرك 123
لأخيك عليّ بن أبي طالب 239
لا روع عليك يا محمّد هذا ملك 140
لاضطراب أحوالي واقتطاعك 52
لاعطين الراية غدا رجلا 127
لان اللّه خلقها من نور 234
لان اللّه مك الأرض من تحتها 159
لان حبه ايمان وبغضه كفر 126
لا نزال بخير ما عشت لنا 117
لا نعلم الا ما علمنا اللّه 180
لأنّها بكت رقاب الجبارين 159
لأنّها طاهرة لا تحيض 240
لأنّها فطمت من الشر 243
لأنّها فطمت هي وشيعتها من النار 233
لأنّها كانت محدثة تحدثها 233
لأنّهم احبوا عليّاً فطاب مولدهم 141
لأنّهم لا يدرون بماذا يختم 51
لأنّهم لا يدرون بماذا يختم لهم 53
لأنّهم لا يؤمنون ان يغيروا 52
لا ولكن نتخذ صنما ونعبده 107
لا هجرة بعد الفتح 187
لا هل هي الا تربة مؤمن أو مزاحمته 18
لا يبغضك الا خبيث الولادة 142
لا يحبك الا طيب الولادة 142
لا يزال المؤمن خائفا من سوء 52، 54
لا يسمع النّاس هذا منك فتقتل 122
لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون فيه سنة 74
لا يلج النار لنا محب 86
ص: 321
لا ينام المسلم وهو جنب ولا ينام 45
لا يناوي عليّاً جبار 254
لا يؤمنون ان يغيروا ويبدلوا 53
لبّيك لبّيك يا وصي رسول اللّه 131
لبّيك يا رسول اللّه 73
لست اقرا وان ابن أخي على الباب 213
لسنا إيّاك أردنا وان كنت للّه خليفة 149
لعلكم لا تسمعون قائلا بعدي يقول مثل قولي 84
لعن اللّه عبدا ابق من مواليه 72
لعن اللّه غنما ضلت عن الراعي 72
لعن اللّه ولدا عق أبويه 72
لفاطمة تسعة أسماء عند اللّه 243
لفتى من بني هاشم 258، 259
لقد اطلعت على سرك وما استكن 146
لقد اعطيت السبع التي لم يسبق إليها 161
لقد اعطيت الست علم المنايا والبلايا 278
لقد اعطي علي فضلا كثيرا 145
لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم 273
لقد رأيتك صنعت شيئاً ما صنعه أحد 36
لقد زوجتها كفوا شريفا 242
لقد سأل موسى العالم مسألة فلم يكن 276
لقد سمعت من أمير المؤمنين (عليه السلام) حديثا صعبا 199
لقد صرت من الفرح بهذه البيعة 115
لقد فتح الي السبيل وعلمت 155
لقد فطمها اللّه بالعلم 232، 242
لقد هممت بالتزويج فلم اجسر 235
لقيت أمة اللّه بنت رشيد الهجري 154
للجنين الذي في بطني 56
لما اسري به إلى السماء انتهى به جبرئيل 250
لما اسري به إلى السماء السابعة 251
لما اسري بي إلى السماء 188
لما اسري بي إلى السماء أوحى الي ربّي 162
لما اسري بي إلى السماء ثمّ من سماء 256
لما اسري بي إلى السماء دخلت 140، 244
لما اسري بي إلى السماء السابعة 147، 253
لما اسري بي إلى السماء ما سمعت 263
لما بعث اللّه موسى 273
لما تشاجر موسى والخضر في قضية 180
لما خلق اللّه آدم وحوا 232
لما زوج رسول اللّه فاطمة من علي 241
لما زوج رسول اللّه فاطمة من علي 252
لما صعد رسول اللّه إلى السماء 245
لما عرج بالنبي إلى السماء 258
لما عرج بي إلى السماء اتاني 246
لما عرج بي إلى السماء الدنيا إذا انا 258
لما عرج بي إلى السماء الرابعة 239
لما عرج بي إلى السماء رايت في السماء الرابعة 177
لما عرج بي إلى السماء السابعة 250
ص: 322
لما عرج بي فصرت إلى السماء الدنيا 143
لما عرج نظرت اليه وإذا بين كتفيه مكتوب 189
لما فتح رسول اللّه مكة ورفع الهجرة 187
لما فرغ أمير المؤمنين من حرب أهل 150
لما قتل علي عمرو 177
لما قدم رسول اللّه إلى قباء 106
لما كان رسول اللّه في الغار 103
لما كان من أبي بكر 119
لما مرض رسول اللّه مرضه الذي توفي فيه 214
لما نزلت ولاية علي 118
لما ولدت فاطمة أوحى اللّه 242
لم تأتني في مثل هذه 235
لم حاربتيه؟ 265
لم سميت فاطمة الزهراء 234
لم سميت يا رسول اللّه؟ 233
لم لا نعرفكم وأنتم صفوة اللّه 144
لمن هذه المنزلة؟ 280
لم يزل أبو بكر يظهر له 119
لن يرافقك وصيك في منزلتك 95
لو اتيت رسول اللّه فذكرت له فاطمة 240
لو اذن لنا ان نعلم النّاس حالنا 227
لو أراد الاُمّة لكانت بأجمعها 168
لو اقسم أهل الأرض على اللّه بهذه الأسماء 202
لو ان الرياض أقلام والبحر 172
لو ان عبدا عبدني حتّى يتقطع اربا 192
لو ان عبدا عبدني حتّى ينقطع 163
لو ان عبدا عبدني حتّى ينقطع 258
لو ان الملائكة المقربين والأنبياء المرسلين 195
لو اني أردت ان اخرق الدنيا 138
لو ثنيت لي الوسادة فأجلس عليها 157
لو علم النّاس انه متى سمي علي أمير المؤمنين 190
لو كان الدين معلقا بالثريا 117
لو كشفت الرين عن قلوبنا 63
لو كشف لكم لالفيتم أرواح 19
لو كنت أوصيت إلى أمير المؤمنين 108
لو كنت بين موسى والخضر لأخبرتهما 206
لو كنت متكلما كلمته 27
لولا آية في كتاب اللّه ما ذكرت ما 84
لولا ان اللّه جعل الموت عقبة لا يصل 49
لولا ان اللّه خلق عليّاً 240
لولا ان تقول فيك طوائف من امتي 172
لولا ان تقول فيك طوائف من أمتي ما 105
لولا علي لما كان لها كفو في 243
لولا علي لم يكن لفاطمة كفو 234
لولا علي ما خلقت الجنّة 254
لولاك ما خلقت آدم 254
لولاهم ما خلقتكما 280
لو لم أدرك من افعال الخير 101
ص: 323
ليبدين هذا الحديث لصاحبه 38
ليتني أراهم 274
ليس علينا عين 206
ليس لي ان أجوز هذا المكان 250
ليس مخلوق الا بين عينيه مكتوب 213
ليس منا من لم يؤمن برجعتنا 33
ليس من عبد امتحن اللّه قلبه للايمان 153
ليس هذا من مواطن الصبر والبلوى 81
ليعرفني عند الممات وعند الصراط 64
ليلة اسري بي إلى سبع سماوات 244
ليلة اسري بي إلى السماء 140
ليلة اسري بي إلى السماء 178
ليلة اسري بي إلى السماء امر اللّه 189
ليلة اسري بي إلى السماء أوحى اللّه 266
ليلة اسري بي إلى السماء جاوزت 191
ليلة اسري بي إلى السماء رايت 193
ليلة اسري بي إلى السماء وبلغت 255
ليلة اسري بي إلى السماء وصرت كقاب 193
ليلة دخل بي علي أفزعني 172
ليلة عرج بي إلى السماء شاء ربّي 145
ما ابالي يا إسحاق محوت المحكم من كتاب اللّه 124
ما اسرعه، ولست اريم حتّى 106
ما اسم الملك الموكل بقاف 134
ما أضعف رأيك وأخوف قلبك 38
ما اعتددت بشيء كاعتدادي 115
ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك 280
ما الذي أضحكك 243
ما انا جبرئيل انا صرصائيل 235
ما انا زوجت عليّاً 241
ما أوحش هذا الجبل فما 126
ما اهبطكم إلى الأرض 242
ما بال أقوام يلومونني في محبتي لأخي 249
ما بال أقوام يلوموني في تقديم علي 249
ما بال هذه الشجرة قد يبست؟ 131
ما بعث اللّه - تعالى - نبيّاً الا وقد 212
ما تقول النّاس في أرواح المؤمنين بعد موتهم 22
ما تقول يا أبا الحسن؟ 167
ما جاء بك؟ 62
ما جاء بك يا أبا الحسن 240
ما جاء عن أمير المؤمنين 156
ما الجفر 204
ما حاجتكم يا ملائكة ربي؟ 143
ما خلق اللّه خلقا أحسن منا 232
ما خلق اللّه خلقا أفضل منّي 47
ما ذكرت ما انا ذاكره في مقامي هذا 84
ما سبب هذا القرنفل والسنبل 236
ما عرف اللّه الا انا وأنت 78
ما عرف اللّه الا انا وأنت 285
ص: 324
ما كان أعظم شوقي إليكم 48
مالك تجرع غصصك؟ 52
مالك قد حدث بك ما نراه من 131
مالكم من هذه الأرض 208
مالك يا خليفة رسول اللّه؟ 121
ما لمن عرف هؤلاء؟ 267
مالنا عنده خير ما بقي ابن عمه 109
ما معنى هذه الوجوه على اختلافها 269
ما منزلة أخي وابن عمي علي 224
ما من فئة تهدي مأة أو تضل مأة 157
ما من مرة الا وقد أوصى اللّه 244
ما من ميت يموت الا حضر عنده محمّد و 21
ما من نبي جاء قط الا بمعرفة حقنا 271
ما نعبد إلّا اللّه منذ أظهرنا لك 107
ما وثقت بدخول الجنّة والنجاة 115
ما هبطت في وقتي هذا الا لهذا 224
ما هذا ملك مقرب ولا نبي 148
ما هذا من تلقاء اللّه ولكنه أراد 118
ما هذا النور الذي رايته؟ 178
ما هذه الأسماء التي تدعو اللّه بها 202
ما هذه الأشباح يا ربّ 275
ما هذه الأنوار؟ 275
ما هذه الصورة 255
ما يبالي سلمان لقي الموت أو لقيه 269
ما يبكيك فداك أبي وامي؟ 194
ما يبكيك يا بنية 169
ما يتقلب جناح طائر في الهواء 205
ما يحدث بالليل والنهار الامر 205
ما يزال هذا الرجل يرفع خسيسة ابن عمه 108
ما يقولون في ذلك؟ 66
محبه محبي ومبغضه مبغضي 196
محمّد نبيي ورحمتي، وعلي مقيم حجتي 224
المدعون لمنزلتهم بغير حقّ 280
مرحبا بسلمان ابن الاسلام 117
مرحبا بكم معاشر خيار أصحاب محمّد و 48
مرحبا بمن خلقه اللّه قبل أبيه آدم 286
مره ان ينظر إلى ما 49
مسافة الهواء 158
مسيرة يوم للشمس 159
مصحف فاطمة منه مثل قرآنكم هذا ثلاث 204
معاشر الرسل والنبيّين على ما بعثتم 222
معاشر النّاس ان اللّه اختارني من بين خلقه 253
معاشر النّاس انه بلغني مقالتكم 252
معاشر النّاس انه لما اسري بي إلى السماء السابعة 253
معاشر النّاس علي أخي في الدنيا والآخرة 255
مع سلامة في دينك 81
مع سلامة في ديني؟ 81
مقاسمة النار اقسمها 64
ص: 325
مكتوب على العرش لا اله إلّا اللّه 189
مم فزعت يا سيدة النساء؟ 172
من آذاها فقد آذاني ومن آذاني 234
من ائتم بامام في دار الدنيا 150
من احب لقاء اللّه احب اللّه لقاءه 20
من احبه فقد احبني 257
من اخذ دينه من أفواه الرجال ازالته 16، 30
من ادعى اماما وليس 118
من أطاعهم فقد أطاع اللّه 165
من أنت يرحمك اللّه؟ 245
من اي شيء تعجبون؟ 131
من اين أنت؟ ومن اين اتيت؟ 122
من اين تعرفهم وقد اسرهم رسول اللّه 109
من تبعك نجا ومن تخلف عنك هلك 141
من تبعه فانه منّي ومن عصاه فليس منّي 198
من تبعه فهو منّي ومن عصاه 198
من تحب من خلقي 253
من تمسك بنا لحق ومن تخلف عنا غرق 227
من خلفت على اُمّتك؟ 191
من خلفت في الأرض 261
من ذكر فلانا وفلانا فلعنهما 72
منذ كم هذا الكتاب مكتوب بين منكبيك 223
منذ كم هذا كتب بين كتفيك 235
من رآني فقد رآني فاني لا يتمثل بي شيطان 18
من رأى أحداً من أوصيائي فقد رآه 18
من ربّك؟ 50
من ربّكم؟ فكان اول من نطق رسول اللّه 67
من صلى على محمّد وآل محمّد كتب اللّه له 76
من عاتبك عليه وهو علي 120
من عرف هذه فقد عرفها 234
من عرفهم حقّ معرفتهم واقتدى بهم 267
من قال في يوم مائة مرة ربّ صلّ على 76
من قبل ان يخلق اللّه آدم باثني 189
من قبل ان يخلق اللّه آدم باثني عشر 235
من قبل ان يخلق اللّه أباك آدم 223
من قتل الخوارج؟ 171
من كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه 20
من كنت مولاه فان عليّاً مولاه 200
من كنت مولاه وأولى به 113
من هذا الذي يده في المغرب 132
من هذا الشيخ الذي سمعتك تعظمه 35
من هذا الشيخ الذي سمعتك تقول له 35
من هذه الجارية التي قد أشرقت 232
منهم من يزور في كلّ يوم 39
من يزعم هذا فقد صير اللّه 66
موالي لا احصي ثنائكم 219
مولاكم أولى بكم من أنفسكم 113
ميعاد ما بيني وبينك وادي السلام 19
ص: 326
المؤمن أكرم من ذلك على اللّه 22
نال الدهر منّي يا أمير المؤمنين 63
نجا المسلمون وهلك المتكلمون 26
نحن أئمّة الهدى ومصابيح الدجى 227
نحن الأسماء الحسنى الذين 228
نحن أقدر منكم على هلاكهم 82
نحن الذين بنا تنالون الرحمة وبنا تسقون 227
نحن الذين بنا يصرف اللّه عنكم العذاب 227
نحن الذين تختلف الملائكة الينا 227
نحن الذين نعلم وعدوّنا الذين لا يعلمون 69
نحن الذين بنا يفتح وبنا يختم 227
نحن امناء اللّه 227
نحن باب اللّه 226
نحن الجسور والقناطر 227
نحن جنب اللّه 227
نحن الحافون من حول العرش لا نقدر 146
نحن حبل اللّه 227
نحن حجج اللّه 227
نحن حجة اللّه 226
نحن خيرة اللّه 227
نحن رحمة اللّه على خلقه 227
نحن السابقون ونحن الآخرون 227
نحن السبيل لمن اقتدى بنا 227
نحن السراج لمن استضاء بنا 227
نحن السنام الأعظم 227
نحن الصافون ولكل ملك منا 146
نحن صفوة اللّه 227
نحن الطريق والصراط المستقيم إلى اللّه 227
نحن عز الاسلام 227
نحن العلم المرفوع للخلق 227
نحن العلويون 149
نحن عين اللّه في خلقه 226
نحن في القيامة ركبان أربعة ليس غيرنا 148
نحن قادة الغر المحجلين 227
نحن لسان اللّه 226
نحن المحللون لحلاله 190
نحن مستودع مواريث الأنبياء 227
نحن معدن النبوّة وموضع الرسالة 227
نحن منار الهدى 227
نحن المنهاج القويم 227
نحن نعمة اللّه على خلقه 227
نحن واللّه الأوصياء الخلفاء 228
نحن واللّه الكلمات التي 229
نحن وجه اللّه 226
نحن ولاة امر اللّه في عباده 226
نحن الهداة إلى الجنّة 227
نريد ان ترينا ممّا فضلك اللّه به من الكرامة 130
نزل جبرئيل على محمّد برمانتين 207
ص: 327
نزل علي جبرئيل صبيحة يوم فرحا 179
النظر إلى علي عبادة 176
نظر النبي إلى علي 264
نعم الأخ أخوك يا احمد علي سيد 147
نعم الخليفة خلفت 245، 246
نعم ربنا أقررنا 67
نعم من لدن آدم حتّى انتهى 284
نعم واللّه يا أمير المؤمنين 62
نعم هذه صورة علي 222
نعم يا بن العم 36
نعم يا رسول اللّه افعل 80
نفذ في سحر بني هاشم 124
نقتلك ذلا وصغارا 110
هاك أخانا قد سلمناه 49
هبط إلى النبي ملك له عشرون الف 222
هبط عليه ملك له عشرون راسا 235
هذا أبي 35
هذا أخوك وابن عمك وزوج البتول 142
هذا الذي أقوله لك 122
هذا الامام الأزهر 142
هذا أمير المؤمنين ونشهد انك 37
هذا التسليم قبل حجة الوداع 109
هذا الحسن وهذا الحسين وانا المحسن ذو الاحسان 276
هذا خير الأوّلين وخير الآخرين 265
هذا ديوان شيعتنا 212
هذا راية الهدى والعروة الوثقى 143
هذا الصديق الأكبر 265
هذا طائر في البحر يسمى مسلما 181
هذا علي 265
هذا علي وانا العلي 276
هذا القائم بقسط اللّه 142
هذا محمّد سيد النبيّين 178
هذا محمّد المصطفى وعلي المرتضى 178
هذا محمّد وانا المحمود 276
هذا محمّد وعليّ والحسن والحسين 50
هذا معجز ما رأينا ولا سمعنا 137
هذا الملك الذي وكله اللّه 132
هذا ملك مقرب 265
هذا ملك الموت ادن منه فسلم 140
هذا ملك الموت قد حضرني 48
هذا من مكنون العلم ومخزونه فلا تخرجه 256
هذا من نثار فاطمة 241
هذا منهم المنتقم من أعدائي 266
هذا موسى واخوه هارون 178
هذا مولى المؤمنين وحجة اللّه 152
هذا نبي مرسل 265
هذا نوح وإبراهيم 178
هذا نور من نوري 234
ص: 328
هذا واللّه العلم 204
هذا واللّه هو العلم 203
هذا وصي رسول اللّه 265
هذا وصي عيسى 20
هذا وليي 64
هذا يوم الاستراحة 98
هذا اليوم الذي اقر اللّه به عين آل 98
هذه أشباح أفضل خلقي وبريتي 276
هذه الديانة التي من تقدمها مرق 285
هذه فاطمة بنت محمّد نبي من ولدك 232
هذه فاطمة وانا فاطر السماوات 276
هكذا حول عرش ربنا في مبتدأ 277
هل أحد من أصحاب رسول اللّه يشهد 110
هل أمرت بأمر فلم افعل؟ 120
هل بلغت 271
هل تجدد لأهل البيت فرح 93
هل تجد لما أصابك الما؟ 154
هل تعرفون أبي 37
هل تعرف هذا الرجل حقّ معرفته 142
هل خلق اللّه بشرا أفضل منّي 269
هلك أصحاب الكلام الا من اخذ عنا 27
هلكنا يا بن رسول اللّه فانا لا نحب الموت 20
هل لك بالتزويج 236
هل من ذاب عن حرم رسول اللّه 83
هم أنت وشيعتك تجيئون شباعا 223
هما واللّه نصرا وهودا ومجسا 124
هم شر الخلق والخليقة 171
هم عدوك وشيعتهم يجيئون يوم القيامة 224
هم موجودون في غامض علم اللّه 232
هو أعظم منزلة من ذلك 272
هو محمّد وعليّ وفاطمة والحسن 228
هو مشغول بعياله; فانه يوم عيد 93
هو مع أطفال شيعة علي 246
هو واللّه هذا اليوم الذي اقر اللّه 98
هؤلاء الأئمّة والقائم هذا الذي 163
هؤلاء احبائي وأوليائي وحججي 279
هؤلاء الحجج أوليائي 266
هؤلاء حملة علمي وديني وامنائي 67
هؤلاء خزنة علمي وامنائي 280
هؤلاء المذكورون في التوراة 266
هؤلاء من ذرّيّتك 269
وإذا لقى هؤلاء الناكثون 116
والذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما نعبد 107
والذي نفسي بيده الملائكة في السماوات 209
واللّه اني لديان النّاس يوم الدين 161
واللّه لقد فطمها اللّه بالعلم 232، 242
واللّه لو اقسم أهل الأرض على اللّه بهذه 202
واللّه ما حاربته من نفسي وما حملني 265
ص: 329
واللّه ما هذا من تلقاء اللّه 118
واللّه ما يتقلب جناح طائر في الهواء 205
وان يرجعني من حضرتكم خير مرجع 32
واي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت 93
وتسلم يا رسول اللّه؟ 80 وثبت على مولاك علي 38
وجدت في بعض الكتب يعني كتب اللّه 76
وجد عند رأسه محمّداً رسول اللّه 48
وجدنا في كتاب علي 207
وراءه ما لا يصل إليكم علمه 135
ورب الكعبة ورب البنية لو كنت بين موسى 206
وسع علي في الجواب فاني 277
وعاء من ادم فيه علم النبيّين والوصيّين 204
ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق 67
ولاية علي مكتوبة في جميع الصحف 211
ولداها الحسن والحسين 232
وما عسيتم ان ترووا من فضلنا 162
وما المقاسمة يا مولاي؟ 64
وما النهر العظيم؟ 30
ومن كان من أهل الشقاق خذلته 55
ويحك فأين انا 213
ويحك لقد سمعت من أمير المؤمنين 199
ويلك أتريد ان ازكي نفسي 158
الويل كلّ الويل لمن لا يعرفنا 278
ويل لأهل الكلام يقولون: هذا ينقاد 27
ويل لقوم تركوا قولي واخذوا برأيهم 27
يا آدم هذه أشباح أفضل خلقي وبريتي 276
يا أبا بكر! آمن بعلي وبأحد عشر من ولده 18
يا ابا الحرث ما هذه الأسماء التي 202
يا أبا الحسن أنت توفي المؤمنين 180
يا أبا الحسن انظرني يومي هذا 120
يا أبا الحسن زدنا ممّا جعل اللّه لكم 167
يا أبا الحسن! واللّه ما هذا الامر 119
يا أبا ذر ان اللّه جعل على كلّ ركن 142
يا أبا ذر تول عليّاً فما يبين 142
يا أبا ذر لما عرج بي فصرت إلى 143
يا أبا ذر هذا الامام الأزهر 142
يا أبا ذر هذا التسليم قبل حجة 109
يا أبا ذر هذا راية الهدى 143
يا أبا ذر هذا القائم بقسط اللّه 142
يا أبا ذر هل تعرف هذا الرجل حقّ 142
يا أبا ذر يؤتى بجاحد علي يوم 143
يا ابا الصلت ان شجرة الجنّة تحمل انواعا 269
يا ابا عمرة ذا حقّ فانقله إلى آدم 26
يا أبا القاسم امض هاديا مهديا 262
يا ابا محمّد اعل المنبر 72
يا ابا محمّد انا صاحب هذا الامر 132
يا ابا محمّد ان أمير المؤمنين كان يجيئني 131
ص: 330
يا ابا محمّد ان رسول اللّه علم عليّاً 203
يا ابا محمّد! علم رسول اللّه عليّاً الف باب 214
يا ابا محمّد وان عندنا الجامعة 203
يا ابن عبّاس، احذر ان يدخلك شك فيه 195
يا ابن عبّاس، إذا أردت ان تلقى اللّه وهو 195
يا ابن عبّاس ان من علامة بغضهم 195
يا ابن عبّاس خالف من خالف عليّاً 195
يا ابن عبّاس قد سبق فيهم علم ربّي 195
يا ابن عبّاس لو ان الملائكة المقربين 195
يا ابن عبّاس نعم يبغضه قوم 195
يا احمد استوص بابن عمك علي 261
يا احمد انا شيء ليس كالأشياء 171
يا احمد انما كنيتك بأبي القاسم 262
يا احمد تقدم فلو ان 147
يا احمد شققت اسمك من اسمي 261
يا احمد العزيز يقرئك السلام 260
يا احمد من ابن عمك 261
يا احمد وعزتي وجلالي وجودي 146
يا أخي ألم تسمع قول اللّه 223
يا إسحاق الأوّل بمنزلة العجل والثاني 124
يا إسحاق! ان في النار لواديا 125
يا إسحاق محوت المحكم من كتاب اللّه 124
يا اسود بن سعيد ان بيننا وبين كلّ ارض ترا 226
يا ام المؤمنين اني انشدك اللّه 171
يا امة محمّد 274
يا امة محمّد ان فضلي ورحمتي 275
يا أمير المؤمنين اتهلكهم بغير حجة 136
يا أمير المؤمنين احب أن تسمعني 98
يا أمير المؤمنين أخبرني عن نفسك؟ 158
يا أمير المؤمنين! الا ابسط ثوبي تحتك 18
يا أمير المؤمنين ان سليمان سأل ربّه ملكا 129
يا أمير المؤمنين تربة مؤمن قد عرفناها 18
يا أمير المؤمنين حدّثنا في خلواتك 169
يا أمير المؤمنين رايت الملك 133
يا أمير المؤمنين كيف تأتي 134
يا أمير المؤمنين ما صنع اللّه بهم 137
يا أمير المؤمنين من هذا الذي اشغلك عنا 20
يا أمير المؤمنين من هذا الذي يده 132
يا أمير المؤمنين! وأنت واللّه الآية العظمى 138
يا أمير المؤمنين وما هذه البطيخة 139
يا أهل الموقف طوبى لمن آمن بالنبي 283
يا أيّها النّاس اسمعوا ما آمركم به 152
يا أيّها النّاس انه بلغني ما بلغني 84
يا أيّها النّاس لعلكم لا تسمعون قائلا 84
يا أيّها النّاس ما هذا ملك مقرب 148
يا أيّها النّاس نحن في القيامة 148
يا بشير اين أنت عن العقيق الأحمر 149
يا بن بكير أتدري اي جبل هذا؟ 126
ص: 331
يا بن رسول اللّه انبئنا 73
يا بن رسول اللّه بأي شيء تصح الإمامة 166
يا بن رسول اللّه سمعتك تذم أهل الكلام 27
يا بن رسول اللّه عدهم بأسمائهم فمن هؤلاء 228
يا بن رسول اللّه! فالأنبياء والأوصياء 127
يا بن رسول اللّه فرجت عنّي 128
يا بن رسول اللّه كيف كانت ولادة فاطمة 56
يا بن رسول اللّه ما أوحش هذا الجبل فما 126
يا بن رسول اللّه هل تجدد لأهل البيت فرح 93
يا بن عبّاس احب عليّاً 230
يا بن عبّاس احذر ان يدخلك شك فيه 230
يا بن عبّاس ان أردت وجه اللّه 230
يا بن عبّاس ان اول ما كلمني به ربّي 194
يا بن عبّاس ان من علامة بغضهم له تفضيل 230
يا بن عبّاس انه واللّه لما اسري بي 147
يا بن عبّاس خالف من خالف ولا تكونن 230
يا بن عبّاس والذي بعثني بالحقّ نبيّاً ان النار 194
يا بن عبّاس والذي بعثني بالرسالة 196
يا بن عبّاس يبغضه قوم يزعمون انهم 230
يا بن نباته لو كشف لكم لالفيتم أرواح 19
يا بني هذا جدك الحسين 35
يا بنية الا كالزحام بين النّاس 154
يا جالوت ليلة اسري بي إلى السماء 266
يا جبرئيل سلهما لمن هذا القصر 258
يا جبرئيل لم تأتني في مثل هذه 235
يا جبرئيل ما سبب هذا القرنفل والسنبل 236
يا جعفر ويا حمزة اذهبا فاشهدا 272
يا حار ان الحقّ أحسن الحديث 63
يا حارث اتحبني؟ 62
يا حارث اخذت بيدك كما اخذ 64
يا حار قصيرة من طويلة 64
يا حار ليعرفني والذي فلق الحبة و... وليي 64
يا حذيفة! أتذكر اليوم الذي دخلت فيه 98
يا حذيفة جبت من المنافقين يتراس 94
يا حسن يا حسين أنتما كفتا الميزان 179
يا خديجة لمن تحدثين؟ 56
يا خديجة هذا جبرئيل يبشرني 56
يا داود أبلغ موالي عنّي السلام 289
يا داود ولايتنا مؤكدة عليهم في الميثاق 67
يا دردائيل في مثل هذا الموضع 146
يا راحيل ان من بركتي عليهما ان اجمعهما 237
يا ربّ اتخذت إبراهيم خليلا 263
يا ربّ أنت خاطبتني أم علي 171
يا ربّ فإذا كان فضل آل محمّد 274
يا ربّ فإذا كان كما وصفت فهل في امم 274
يا ربّ فإذا كان محمّد أكرم من جميع 274
يا ربّ قد سئمت الحياة وتبرمت 197
يا ربّ لا تقم الساعة 51
ص: 332
يا ربّ لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم 273
يا ربّ لو بينتها لي 275
يا ربّ ما هذه الأنوار؟ 275
يا ربنا! لمن هذه المنزلة؟ 280
يا ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك 280
يا ربّ وما بركاتك عليهما 237
يا رسول اللّه آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ 184
يا رسول اللّه أخبرني بهذه الأسماء التي 266
يا رسول اللّه ادع لي بادراكهم 268
يا رسول اللّه أكان الابن قبل 286
يا رسول اللّه الست أخبرتنا 174
يا رسول اللّه انا احب 234
يا رسول اللّه! ان اللّه خلقكم أشباح نور 145
يا رسول اللّه ان فيهم فلانا 71
يا رسول اللّه انك لتكثر تقبيل فاطمة 238
يا رسول اللّه أوصني 194
يا رسول اللّه أيكون ايمان بهم بغير 267
يا رسول اللّه بأبي أنت وامي ما لمن عرف 267
يا رسول اللّه بعهد منك 268
يا رسول اللّه! بم كلمك ربّك؟ 194
يا رسول اللّه تزوجه ابنتك وهو أخوك 242
يا رسول اللّه سألناك عنها فقلت شجرة 183
يا رسول اللّه فاطمة تزوجنيها 240
يا رسول اللّه فانى لي بهم 267
يا رسول اللّه فلم لا تأمر النّاس 195
يا رسول اللّه فلم لا تأمر النّاس بترك 230
يا رسول اللّه فلم لا تدعو اللّه ربّك 94
يا رسول اللّه قد دنا اجلك فما 230
يا رسول اللّه قد دنا اجلك فما تأمرني 195
يا رسول اللّه قد عرفت هذا من الكتابين 266
يا رسول اللّه! كيف يطيق علي حمل هذا 224
يا رسول اللّه لقد اعطي علي فضلا 145
يا رسول اللّه لقد صرت من الفرح بهذه 115
يا رسول اللّه ليس هذا من مواطن الصبر 81
يا رسول اللّه ما اعتددت 115
يا رسول اللّه ما الذي أضحكك 243
يا رسول اللّه ما ترى واحدا من هؤلاء 229
يا رسول اللّه ما ترى واحدا من هؤلاء الا 196
يا رسول اللّه ما منزلة علي منك 168
يا رسول اللّه مره ان ينظر إلى ما 49
يا رسول اللّه! مع سلامة في 81
يا رسول اللّه من الركبان؟ 148
يا رسول اللّه من الشمس 244
يا رسول اللّه مؤجل إلى عهدهم 268
يا رسول اللّه وانك لتراها 104
يا رسول اللّه وفي اُمّتك وأصحابك 94
يا رسول اللّه ومن القائلان معي آمين 73
يا رسول اللّه وهل يبغضه أحد 230
ص: 333
يا رسول اللّه هذا أخوك وابن عمك 142
يا رسول اللّه هذا ملك الموت قد حضرني 48
يا رسول اللّه! هل أمرت بأمر فلم افعل؟ 120
يا رشيد كيف تجدك 154
يا سلمان ان اللّه لم يبعث نبيّاً 266
يا سلمان ان الشاك في أمرنا وعلومنا 278
يا سلمان ايما أفضل محمّد أم سليمان 278
يا سلمان خلقني اللّه من صفاء نوره 267
يا سلمان فإذا جاء وعد 268
يا سلمان من عرفهم حقّ معرفتهم 267
يا سلمان والذي رفع السماء بغير 133
يا سلمان الويل كلّ الويل لمن لا يعرفنا 278
يا سليمان اما علمت ان أمير المؤمنين 157
يا سليمان العائب على أمير المؤمنين 156
يا سليمان كان أمير المؤمنين 156
يا سليمان! ما جاء عن أمير المؤمنين 156
يا صرصائيل منذ كم هذا كتب بين كتفيك 235
يا صلصائيل منذ كم كتب هذا بين كتفيك 189
يا عباد اللّه انسبوني 113
يا علي ابشر فقد كفاني اللّه 236
يا علي اخوانك يفرحون في ثلاثة مواطن 38
يا علي ألم تسمع قول اللّه 223
يا علي ان اللّه زوجك فاطمة 234
يا علي ان اللّه كان ولا شيء معه 251
يا علي ان اللّه وهب لك حب المساكين 38
يا علي; أنت أخي 230
يا علي! أنت خير البشر لا يشك 265
يا علي أنت صاحب حوضي 141
يا علي ان قريشا اجتمعوا ان يبيتوني 80
يا علي! انما سمي نخل المدينة صيحاني 178
يا عليّ بن الحسين اسقني 36
يا علي! خذ هذا السيف وانطلق 107
يا علي دون ما تروم خرط القتاد 121
يا علي فمن ذا يلج بيني وبينك 252
يا علي! ما بعث اللّه نبيّاً 212
يا علي ما عرف اللّه الا انا وأنت 78
يا علي! ما عرف اللّه الا انا وأنت 285
يا فاطمة أبشري بطيب النسل 172
يا فاطمة أتدرين لم سميت فاطمة 233
يا فاطمة اما ترضين ان يكون اللّه اطلع 252
يا فاطمة اما تعلمين ان اللّه 169
يا فاطمة ان اللّه اصطفاك 197
يا فاطمة أوما تعلمين ان اللّه اطلع 169
يا فاطمة أوما تعلمين ان العرش سأل 169
يا فاطمة كنت انا وعلي نورا بين يدي اللّه 252
يا فاطمة وفطمت بك من احبك 233
يا فلان وثبت على مولاك علي 38
يا كامل باب أو بابان 162
ص: 334
يا كميل! لا تأخذ الا عنا تكن منا 15
يا محمّد آخ عليّاً 255
يا محمّد اتحب ان تراهم؟ 163
يا محمّد اتحب ان ترى صورة شبحك وأشباح 192
يا محمّد اتخذتك خليلا 263
يا محمّد أتعرف هذه الصورة؟ 222
يا محمّد احبب عليّاً 255
يا محمّد احبه فاني احبه 147
يا محمّد أخبرهم اني أكملت لهم اليوم 155
يا محمّد اخترتك من خلقي 247
يا محمّد ارفع رأسك 248
يا محمّد استخلف عليّاً 255
يا محمّد استوص بعلي وشيعته خيرا 255
يا محمّد اعبر على بركة اللّه 250
يا محمّد اقرأ عليّاً منّي السلام 142
يا محمّد أكرم عليّاً 255
يا محمّد ان ابن عمك مبتلى ومبتلى به 152
يا محمّد! ان اللّه سألني 272
يا محمّد ان اللّه لم يزل متفردا 285
يا محمّد ان اللّه يقرا عليك السلام 238
يا محمّد انظر تحتك 194
يا محمّد ان عليّاً وارثك 247
يا محمّد اني اطلعت إلى الأرض 162، 258
يا محمّد اني اطلعت إلى الأرض اطلاعة 191
يا محمّد اني اطلعت على قلوب عبادي 254
يا محمّد اني جعلت عليّاً وصيك ووزيرك 194
يا محمّد اني خلقتك وخلقت عليّاً وفاطمة 258
يا محمّد اني قد جعلت ذلك 97
يا محمّد أوص إلى علي 255
يا محمّد زوجها عليّاً فان اللّه 241
يا محمّد سل من أرسلنا قبلك من رسلنا 222
يا محمّد صل بالملائكة 143
يا محمّد! العلي الاعلى 224
يا محمّد علي خير البشر 265
يا محمّد! علي راية الهدى وامام 257
يا محمّد علي وليي وخيرتي بعدك 253
يا محمّد فرضت الصلاة ووضعتها 182
يا محمّد فيم اختصم الملا 247
يا محمّد قد اخترت لك من الآدميين 247
يا محمّد قل في كلّ أوقاتك 152
يا محمّد! كان في سابق علمي 95
يا محمّد لابن عمك ووصيك علي 141
يا محمّد لا تعيرنا بما مضى في الجاهلية 107
يا محمّد لن يرافقك وصيك في 95
يا محمّد لو ان عبدا عبدني حتّى يتقطع اربا 192
يا محمّد لو ان عبدا عبدني حتّى ينقطع 163
يا محمّد ليس هذا نور الشمس 178
يا محمّد من تحب من خلقي 253
ص: 335
يا محمّد! وعزتي وجلالي 254
يا محمّد وعزتي وجلالي لو ان عبدا عبدني 258
يا محمّد وعزتي وجلالي لولاك ما 254
يا محمّد وعلى ولايتك بأنك رسولي 254
يا محمّد ويا علي وسبقتما خلقي 251
يا محمّد هذا ملك الموت 140
يا محمّد هذه الديانة التي من تقدمها مرق 285
يا محمّد هلا اتخذت من الآدميين 247
يا معاشر الحواريين! بحق أقول: ان النّاس 55
يا معشر الأنبياء! بماذا بعثتم؟ 43
يا معشر الخلايق هذا علي 150
يا مفضل اما علمت ان اللّه 128
يا مفضل خذ هذا فانه من مخزون العلم 129
يا ملائكتي انظروا إلى أمتي 197
يا ملائكتي وسكان جنتي 236
يا ملائكتي وسكان جنتي باركوا 237
يا ملائكة ربّي اتعرفوننا حقّ 78، 143
يا ملك الموت استوص بوصية اللّه 49
يا ملك الموت الوحا الوحا تناول 49
يا ملك الموت هاك أخانا قد سلمناه 49
يا موسى اما علمت ان فضل آل محمّد 274
يا موسى اما علمت ان فضل صحابة محمّد 274
يا موسى اما علمت ان محمّداً أفضل 273
يا موسى ان فضل امة محمّد 274
يا ولي اللّه ان بيني وبين اللّه 220
يا هذا أتدري بين يدي من كنت واقفا 77
يا يونس; إذا كان ذلك اتاه رسول اللّه وعلي 22
يبغضه قوم يذكرون انهم من أمتي 195
يعني فلانا وفلانا وأبا 106
يقال سبعة آلاف ثمّ لا تحديد 159
يقي اللّه به وجهك عن حر جهنم 76
يكون ذلك إذا رفع العلم وظهر 248
ينقل بعضهم من فم بعض 30
يوم فتحت خيبر 172
يوم قيام القائم 176
يؤتى بجاحد علي يوم القيامة أعمى 143
ص: 336
مقدمة المحقّق...3
المؤلف...7
مشايخه...8
تلاميذه...8
مؤلفاته ...9
الكتاب وعملنا فيه...9
قول المفيد له في رؤية المحتضر رسول اللّه (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند الوفاة...13
أمر ليس فيه ترخيص ولا عنه محيص...14
أين دليل التأويل ؟ ...16
هل أن شرط الرؤية في هذا العالم يجري بعد الموت؟...17
الروايات الدالة على إمكان الرؤية في الحياة وبعد الممات...17
حضورهم عند عدة أموات في أطراف الدنيا في نفس اللحظة...24
إن المؤمن يأكل ويشرب ويتنعم بعد موته....31
الإجماع على ثبوت الرجعة إلى الدنيا بعد الموت...32
من خصائص الإماميّة...33
ومما يدلّ على صحّة ما قلناه من أن المؤمن يأكل ويشرب...34
ومما يدلّ أيضاً على أن الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) يرون بأجسامهم على الحقيقة...35
ثم إنهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) يرون أعدائهم ويرونهم أيضاً بعد الموت ويتحدّثون بينهم...36
ص: 337
إن الميّت يزور أهله في دار الدنيا المؤمن والكافر...39
الحديث بين الخاتم (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وموسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في المعراج...40
المعراج بالبدن الشريف...42
روح المؤمن قسيم جسد النبي والإمام (عَلَيهِم السَّلَامُ)...44
ما ثبت من الفضل للنبي (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثبت مثله للوصي (عَلَيهِ السَّلَامُ)...46
ومما يدلّ على رؤية المحتضر النبي وعليّاً والأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ) عند الموت...47
الإيمان مستقر ومستودع...53
و ممّا يدلّ على رؤية الأحياء للأموات في دار الدنيا ورؤية الأموات...56
عودة إلى قول الشيخ المفيد له...56
أما قوله بأن رؤية المحتضر للملائكة كالقول في رؤيته للنبي والوصي (عَلَيهِم السَّلَامُ)...60
القول بتجويز رؤية المحتضر للملائكة...60
القول بالتفريق بين رؤية الملك ورؤية النبي والوصي (عَلَيهِم السَّلَامُ)...61
أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يحدث الحارث عن رؤيته في مواطن عديدة...62
و ممّا يدلّ على تفضيل محمد (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على سائر الأنبياء والرسل من جهة...65
ما لمحمد وآله (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وما لعدوّهم...68
الأمر بلعن أعداء آل محمد (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...69
كيفية الصلاة على محمد وآل محمد...74
من فضل عليهم أحداً من خلق الله لم يعقد قلبه على معرفتهم...77
أن كلّ شيء من خلق الله يذكر محمداً وآل محمد (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...79
و ممّا يدلّ على تفضيل آل محمد (عَلَيهِم السَّلَامُ) على أولي العزم...80
ومما جاء في تفضيل العترة على جميع العالمين...83
معاني أسماء أمير المؤمنين...87
ومما جاء في عمر بن الخطاب من أنه كان منافقاً...89
في أن صاحبه - أيضاً - كان منافقاً...102
ومما يدلّ على نفاقها وكفرهما في حياة رسول الله (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )...105
ص: 338
دعاء صنمي قريش...111
علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قسيم الجنّة والنار ورضوان ومالك صادران عن أمره...126
و ممّا يدلّ على تفضيل علي على سائر الأنبياء...129
إن اللّه أخذ عهد مودتهم على كلّ نبات وحيوان...139
فضائل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في المعراج...140
فضائل أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشيعته يوم القيامة...148
علم الإمام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...154
أمير المؤمنين وولده المعصومون والشيعة...162
ومما يدلّ على تفضيل محمد وآله « صلوات اللّه عليهم»...175
ومما يدلّ على تفضيل أمير المؤمنين «صلوات اللّه عليه»...177
جابلقا وجابرسا...184
أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يكلم الشمس...187
و ممّا يدلّ على أن مشهد هم أفضل المشاهد ومسجدهم أفضل المساجد...188
مواضع شريفة كتب عليها إسم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...188
متى سمي علي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)...190
إتحاد نور النبي (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والوصي (عَلَيهِ السَّلَامُ)...190
رسول اللّه (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يرى عليّاً وولده في المعراج...191
رسول اللّه (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يذكر فضائل أهل بيته ومصائبهم...196
حديث الثقلين...199
فضائل الشيعة...199
ومما يدلّ على تفضيل محمد وآله (عَلَيهِم السَّلَامُ) بالعلم الذي أوتوه وخصهم (عَلَيهِم السَّلَامُ)...203
وهذا الفضل بعده لولده الأحد عشر (عَلَيهِم السَّلَامُ)...206
أن الدنيا وما فيها للّه ولرسوله ولاهل بيته (عَلَيهِم السَّلَامُ)...207
و ممّا خص اللّه به محمداً وآله (عَلَيهِم السَّلَامُ) أن جعل عندهم أسماء محبيهم وشيعتهم...212
أن رسول اللّه علم عليّاً ألف كلمة وألف باب...213
ص: 339
زيارة جامعة الجميع الأئمّة (عَلَيهِم السَّلَامُ)! يذكر فيها أحوالهم وأوصافهم...215
بعث الرسل والأنبياء على ولاية محمد (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلي (عَلَيهِ السَّلَامُ)...222
فضل الشيعة...223
ان للإمام عموداً من نور يرى به أعمال العباد...225
ان الإمام وكر لإرادة اللّه....227
فضائل الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ)...232
حديث تزويج سيدة النساء من سيّد الأوصياء (عَلَيهِم السَّلَامُ)...235
حديث النبي (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن فضائل الوصي في المعراج...244
ولادة أمير المؤمنين في الكعبة...264
علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) خير البشر ومن شك فقد كفر...264
النص على الأئمّة الإثنى عشر...266
أنهم أفضل الخلق أجمعين في الدنيا والآخرة وأمتهم أفضل الأمم...269
أن اللّه خلق خلقاً كلّهم يلعنون رجلين من هذه الاُمّة...279
ولايتهم أمانة عند الخلق....279
خطبة أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد وفاة النبي (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأيّام قليلة...282
سبق خلقهم (عَلَيهِم السَّلَامُ)...283
ما بعث اللّه نبيّاً إلا ومحمد (صلّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أعلم منه...284
الديانة التي من تقدمها مرق ومن تخلف عنها محق ومن لزمها لحق...285
أن كلّ شيء وكلّ وصي وكلّ مؤمن يتوسل بهم إلى الله وأن الله ينجح طلبته...286
دعاء سريع الإجابة للمقاصد الدنيوية والأخروية في باب التوسل بهم...288
مسك الختام....289
فهرست الآيات...291
فهرست الأحاديث...299
المحتويات...337
ص: 340