ظلمات الهاوية في مثالب معاوية

هویة الکتاب

مكتبة الإمام الحكيم العامة / قسم المخطوطات

الرقم العام: 936

المكتبات -

اسم الكتاب: ظلمات الهاوية في مثالب معاوية

المؤلف : الحسين بن محمد تقي النوري

الناسخ: المؤلف

الموضوع: تاريخ

الحجم: 17*21

التاريخ: -

اللغة: عربي

عدد الصفحات: 114

عدد الأسطر: 19

الملاحظات:

ص: 1

المقدمة

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»

بقلم آية الله البحّاثة المتتبّع الشيخ آغابزرك الطهراني 1292 - 1389 هج- الشيخ الميرزا حسين النوري(1) 1254 - 1320 هو الشيخ الميرزا حسين بن الميرزا محمّد تقي بن الميرزا علي محمّد بن تقي النوري الطبرسي امام أئمة الحديث والرجال في الاعصار المتأخرة ومن اعاظم علماء الشيعة وكبار رجال الإِسلام في هذا القرن.

ولد في ( 18 - شوال - 1254 ) في قرية ( يالو ) من قرى نور احدى كور طبرستان ونشأ بها يتيماً ، فقد توفي والده الحجة الكبير وله ثمان سنين وقبل ان يبلغ الحلم اتصل بالفقيه الكبير المولى محمد علي المحلاتي ، ثم هاجر الى طهران واتصل فيها بالعالم الجليل ابي زوجته الشيخ عبد الرحيم البروجردي فعكف على الاستفادة منه ، ثم هاجر معه الى العراق في (1273) فزار أستاذه ورجع وبقي هو في النجف قرب اربع سنين ، ثم عاد الى ايران ، ثم رجع الى العراق في (1278) فلازم الآية الكبرى الشيخ عبد الحسين الطهراني الشهير بشيخ العراقين وبقي معه في كربلاء مدة وذهب معه الى مشهد الكاظمين (ع) فبقي سنتين ايضا وفي آخرهما رزق حج البيت وذلك في (1280) ، ثم رجع الى النجف الاشرف وحضر بحث الشيخ

ص: 2


1- ارتعش القلم بيدي عندما كتبت هذا الاسم ، واستوفقني الفكر عندما رأيت نفسي عازماً على ترجمة استاذي النوري ، وتمثل لي بهيئته المعهودة بعد أن مضى على فراقنا خمس وخمسون سنة ، فخشعت اجلالاً لمقامه ، ودهشت هيبة له ، ولا غرابة فلو كان المترجم له غيره لهان الأمر ، ولكن كيف بي وهو من أولئك الابطال غير المحدودة حياتهم واعمالهم ، أما شخصية كهذه الشخصية الرحبة العريضة فمن الصعب جداً أن يتحمل المؤرخ الأمين وزر الحديث عنها ، ولا أرى مبرراً في موقفي هذا سوى الاعتراف بالقصور عن تأدية حقه ، فها أنا ذا أشير الى طرف من ترجمته ، اداء لحقوقه علي والله المسؤول ان يجزيه عن الاسلام خير جزاء العاملين المحسنين.

المرتضى الانصاري اشهراً قلائل الى ان توفي الشيخ في (1281) فعاد الى ايران في (1284) وزار الإِمام الرضا ( عليه السلام ) ، ورجع الى العراق ايضا في (1286) وهي السنة التي توفي فيها شيخه الطهراني ، وكان اول من اجازه ورزق حج البيت ثانياً ، ورجع الى النجف فبقي فيها سنين لازم خلالها درس السيد المجدد الشيرازي ، ولما هاجر استاذه الى سامراء في (1291) لم يخبر تلاميذه بعزمه على البقاء بها في بادىء الأمر ولما اعلن ذلك خفَّ إليه الطلاب وهاجر اليه المترجم له في (1292) باهله وعياله مع شيخه المولى فتح علي السلطان آبادي وصهره على ابنته الشيخ فضل الله النوري وهم اول المهاجرين اليها ورزق حج البيت ثالثاً ولما رجع سافر الى ايران ثالثاً في (1297) وزار مشهد الرضا ( عليه السلام ) ورجع فسافر الى الحج رابعاً (1299) ورجع فبقي في سامراء ملازماً لاستاذه المجدد حتى توفي في (1312) فبقي المترجم له بعده بسامراء الى (1314) فعاد الى النجف عازماً على البقاء بها حتى ادركه الاجل انتهى ملخصاً عن ما ترجم به نفسه في آخر الجزء الثالث من كتابه « المستدرك » مع بعض الاضافات.

كان الشيخ النوري احد نماذج السلف الصالح التي ندر وجودها في هذا العصر ، فقد امتاز بعبقرية فذة ، وكان آية من آيات الله العجيبة ، كمنت فيه مواهب غريبة وملكات شريفة اهّلته لان يعدّ في الطليعة من علماء الشيعة الذين كرَّسوا حياتهم طوال أعمارهم لخدمة الدين والمذهب ، وحياته صفحة مشرقة من الاعمال الصالحة ، وهو في مجموع آثاره ومآثره ، انسان فرض لشخصه الخلود على مر العصور والزم المؤلفين والمؤرخين بالعناية به والاشادة بغزارة فضله ، فقد نذر نفسه لخدمة العلم ولم يكن يهمه غير البحث والتنقيب والفحص والتتبع ، وجمع شتات الاخبار وشذرات الحديث ونظم متفرقات الآثار وتأليف شوارد السير ، وقد رافقه التوفيق واعانته المشيئة الالهية ، حتى ليظن الناظر في تصانيفه ان الله شمله بخاصة

ص: 3

الطافه ومخصوص عنايته ، وادّخر له كنوزاً قيمة لم يظفر بها اعاظم السلف من هواة الآثار ورجال هذا الفن ، بل يخيل للواقف على امره ان الله خلقه لحفظ البقية الباقية من تراث آل محمّد عليه وعليهم السلام ( وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ( تشرفت بخدمته للمرة الاولى في سامراء في (1313) بعد وفاة المجدد الشيرازي بسنة وهي سنة ورودي العراق ، كما انها سنة وفاة السلطان ناصر الدين شاه القاجاري ، وذلك عندما قصدت سامراء زائراً قبل ورودي الى النجف فوفقت لرؤية المترجم له بداره حيث قصدتها لاستماع مصيبة الحسين ( عليه السلام ) وذلك يوم الجمعة الذي ينعقد فيه مجلس بداره ، وكان المجلس غاصاً بالحضور والشيخ على الكرسي مشغول بالوعظ ، ثم ذكر المصيبة وتفرق الحاضرون ، فانصرفت وفي نفسي ما يعلمه الله من اجلال واعجاب واكبار لهذا الشيخ اذ رأيت فيه حين رأيته سمات الابرار من رجالنا الاول. ولما وصلت الى النجف بقيت امني النفس لو ان تتفق لي صلة مع هذا الشيخ لاستفيد منه عن كثب ، ولما اتفقت هجرته الى النجف في (1314) لازمته ملازمة الظل ست سنين حتى اختار الله له دار اقامته ، ورأيت منه خلال هذه المدة قضايا عجيبة لو اردت شرحها لطال المقام ، وبودي ان اذكر مجملاً من ذلك ولو كان في ذلك خروج عن خطتنا الايجازية ، فهذا - وايم الحق - مقام الوفاء ، ووقت اعطاء النصف ، وقضاء الحقوق ، فاني لعلى يقين من انني لا التقي بأستاذي المعظم ومعلمي الأول بعد موقفي هذا الا في عرصات القيامة ، فما بالي لا أفي حقه وأغنم رضاه.

كان - أعلى الله مقامه - ملتزماً بالوظائف الشرعية على الدوام ، وكان لكل ساعة من يومه شغل خاص لا يتخلف عنه ، فوقت كتابته من بعد صلاة العصر الى قرب الغروب ، ووقت مطالعته من بعد العشاء الى

ص: 4

وقت النوم ، وكان لا ينام الا متطهراً ولا ينام من الليل الا قليلا ، ثم يستيقظ قبل الفجر بساعتين فيجدد وضوءه - ولا يستعمل الماء القليل بل كان لا يتطهر الا بالكر - ثم يتشرف قبل الفجر بساعة الى الحرم المطهّر ، ويقف - صيفا وشتاء - خلف باب القبلة فيشتغل بنوافل الليل الى ان يأتي السيد داود نائب خازن الروضة وبيده مفاتيح الروضة فيفتح الباب ويدخل شيخنا ، وهو اول داخل لها وقتذاك ، وكان يشترك مع نائب الخازن بايقاد الشموع ثم يقف في جانب الرأس الشريف فيشرع بالزيارة والتهجد الى ان يطلع الفجر فيصلي الصبح جماعه مع بعض خواصه من العباد والاوتاد ويشتغل بالتعقيب وقبل شروق الشمس بقليل يعود الى داره فيتوجه رأساً الى مكتبته العظيمة المشتملة على الوف من نفائس الكتب والآثار النادرة العزيزة الوجود او المنحصرة عنده ، فلا يخرج منها الا للضرورة ، وفي الصباح يأتيه من كان يعينه على مقابلة ما يحتاج الى تصحيحه ومقابلته مما صنفه او استنسخه من كتب الحديث وغيرها ، كالعلامتين الشيخ علي بن ابراهيم القمي ، والشيخ عباس بن محمد رضا القمي ، وكان معينه على المقابلة في النجف وقبل الهجرة الى سامراء وفيها ايضا المولى محمّد تقي القمي الباوزئيري الذي ترجمناه في القسم الاول من هذا الكتاب ص 238.

وكان اذا دخل عليه احد في حال المقابلة اعتذر منه او قضى حاجته باستعجال لئلا يزاحم وروده اشغاله العلمية ومقابلته ، اما في الايام الاخيرة وحينما كان مشغولا بتكميل ( المستدرك ) فقد قاطع الناس على الاطلاق ، حتى انه لو سئل عن شرح حديث او ذكر خبر او تفصيل قضية او تأريخ شيء او حال راوٍ او غير ذلك من مسائل الفقه والأصول ، لم يجب بالتفصيل بل يذكر للسائل مواضع الجواب ومصادره فيما اذا كان في الخارج ، واما اذا كان في مكتبته فيخرج الموضوع من احد الكتب ويعطيه للسائل ليتأمله كل ذلك

ص: 5

خوف مزاحمة الاجابة الشغل الاهم من القراءة او الكتابة(1) وبعد الفراغ من اشغاله كان يتغذّى بغداء معين كماً وكيفاً ثم يقيل ويصلي الظهر اول الزوال وبعد العصر يشتغل بالكتابة كما ذكرنا.

اما في يوم الجمعة فكان يغير منهجه ، ويشتغل بعد الرجوع من الحرم الشريف بمطالعة بعض كتب الذكر والمصيبة لترتيب ما يقرؤه على المنبر بداره ، ويخرج من مكتبته بعد الشمس بساعة الى مجلسه العام فيجلس ويحيّي الحاضرين ويؤدي التعارفات ثم يرقى المنبر فيقرأ ما رآه في الكتب بذلك اليوم ، ومع ذلك يحتاط في النقل بما لم يكن صريحاً في الاخبار الجزمية ، وكان اذا قرأ المصيبة تنحدر دموعه على شيبته وبعد انقضاء المجلس يشتغل بوظائف الجمعة من التقليم والحلق وقص الشارب والغسل والادعية والآداب والنوافل وغيرها ، وكان لا يكتب بعد عصر الجمعة - على عادته - بل يتشرف الى الحرم ويشتغل بالمأثور الى الغروب كانت هذه عادته الى ان انتقل الى جوار ربه.

ومما سنَّه في تلك الاعوام : زيارة سيد الشهداء مشياً على الاقدام ، فقد كان ذلك في عصر الشيخ الانصاري من سنن الاخيار واعظم الشعائر ، لكن ترك في الاخير وصار من علائم الفقر وخصائص الأدنين من الناس ، فكان العازم على ذلك يتخفى عن الناس لما في ذلك من الذل والعار ، فلما رأى شيخنا ضعف هذا الامر اهتم له والتزمه فكان في خصوص زيارة عيد الاضحى يكتري بعض الدواب لحمل الاثقال والامتعة ويمشي هو وصحبه ، لكنه لضعف مزاجه لا يستطيع قطع المسافة من النجف الى كربلاء بمبيت ليلة كما هو المرسوم عند اهله ، بل يقضي في الطريق ثلاث ليال يبيت الاولى في ( المصلى ) والثانية في ( خان النصف ) والثالثة في ( خان النخيلة ) فيصل كربلاء في الرابعة ويكون مشيه كل يوم ربع الطريق نصفه صبحاً ونصفه عصراً ، ويستريح وسط الطريق لاداء الفريضة وتناول الغذاء في ظلال خيمة يحملها معه ،

ص: 6


1- كان ذلك من الله فكأن هاتفاً هتف في اذنه وامره بترك اشغاله لانه توفي بعد تتميم الكتاب بقليل.

وفي السنة الثانية والثالثة زادت رغبة الناس والصلحاء في الامر وذهب ما كان في ذلك من الاهانة والذل إلى أن صار عدد الخيم في بعض السنين ازيد من ثلاثين لكل واحدة بين العشرين والثلاثين نفراً ، وفي السنة الاخيرة يعني زيارة عرفة (1319) - وهي سنة الحج الاكبر التي اتفق فيها عيد النيروز والجمعة والاضحى في يوم واحد ولكثرة ازدحام الحجيج حصل في مكة وباء عظيم هلك فيه خلق كثير - تشرفت بخدمة الشيخ الى كربلاء ماشيا ، واتفق انه عاد بعد تلك الزيارة الى النجف ماشيا ايضا - بعد ان اعتاد على الركوب في العودة - وذلك باستدعاء الميرزا محمد مهدي بن المولى محمد صالح المازندراني الاصفهاني صهر الشيخ محمد باقر بن محمد تقي محشي ( المعالم ) ، وذلك لأنه كان نذر ان يزور النجف ماشياً ولما اتفقت له ملاقاة شيخنا في كربلاء طلب منه ان يصحبه في العودة ففعل ، وفي تلك السفرة بدأ به المرض الذي كانت فيه وفاته يوم خروجه من النجف وذلك على اثر اكل الطعام الذي حمله بعض اصحابه في اناء مغطى الرأس حبس فيه الزاد بحرارته فلم ير الهواء وكل من ذاق ذلك الطعام ابتلي بالقيء والاسهال ، وكان عدة اصحاب الشيخ قرب الثلاثين ولم يبتل بذلك بعضهم لعدم الاكل - وانا كنت من جملتهم - ، وقد ابتلي منهم بالمرض قرب العشرين وبعضهم اشد من بعض وذلك لاختلافهم في مقدار الاكل من ذلك ، ونجا اكثرهم بالقيء الا شيخنا لما عرضت له حالة الاستفراغ امسك شديداً حفظاً لبقية الاصحاب عن الوحشة والاضطراب. فبقاء ذلك الطعام في جوفه اثر عليه كما أخبرني به بعد يومين من ورودنا كربلاء قال : اني احس بجوفي قطعة حجر لا تتحرك عن مكانها ، وفي عودتنا الى النجف عرض له القيء في الطريق لكنه لم يجده ، وابتلي بالحمى وكان يشتد مرضه يوماً فيوماً الى ان توفي في ليلة الاربعاء لثلاث

ص: 7

بقين من جمادى الثانية « 1320 » ودفن بوصية منه بين العترة والكتاب يعني في الايوان الثالث عن يمين الداخل الى الصحن الشريف من باب القبلة وكان يوم وفاته مشهوداً جزع فيه سائر الطبقات ولا سيما العلماء.

ورثاه جمع من الشعراء وأرخ وفاته آخرون منهم الشاعر الفحل الشيخ محمد الملا التستري المتوفى في (1322) قال :

مضى الحسين الذي تجسّد من نور علوم من عالم الذر قدس مثوى منه حوى علماً مقدّس النفس طيب الذكر اوصافه عطّرت فانشقنا منهن تأريخه ( شذى العطر )(1) ولجثمانه كرامة ، فقد حدثني العالم العادل والثقة الورع السيد محمد بن ابي القاسم الكاشاني النجفي قال : لما حضرت زوجته الوفاة اوصت ان تدفن الى جنبه ولما حضرت دفنها - وكان ذلك بعد وفاة الشيخ بسبع سنين - نزلت في السرداب لأضع خدها على التراب حيث كانت من محارمي لبعض الاسباب ، فلما كشفت عن وجهها حانت مني التفاتة الى جسد الشيخ زوجها فرأيته طريا كيوم دفن ، حتى ان طول المدة لم يؤثر على كفنه ولم يمل لونه من البياض الى الصفرة.

ترك شيخنا آثاراً هامة قلما رأت عين الزمن نظيرها في حسن النظم وجودة التأليف وكفى بها كرامة له ، ونعود الى حديثنا الاول فنقول : لو تأمل انسان ما خلفه النوري من الاسفار الجليلة ، والمؤلفات الخطيرة التي تموج بمياه التحقيق والتدقيق وتوقف على سعة في الاطلاع عجيبة ، لم يشك في انه مؤيد بروح القدس

ص: 8


1- الشذا بالألف لا الياء. وعليه فالتأريخ ينقص تسعة.

لان اكثر هذه الآثار مما افرغه في قالب التأليف بسامراء وهو يومذاك من اعاظم اصحاب السيد المجدد الشيرازي وقدمائهم وكبرائهم ، وكان يرجع اليه مهام اموره وعنه يصدر الرأي ، وكان من عيون تلامذته المعروفين في الآفاق فكانت مراسلات سائر البلاد بتوسطه غالباً واجوبة الرسائل تصدر عنه وبقلمه ، وكان قضاء حوائج المهاجرين بسعيه ايضا كما كان سفير المجدد ونائبه في التصدي لسائر الامور كزيارة العلماء والاشراف الواردين الى سامراء واستقبالهم ، وتوديع العائدين الى اماكنهم ، وتنظيم امور معاش الطلاب وارضائهم ، وعيادة المرضى وتهيئة لوازمهم وتجهيز الموتى وتشييعهم ، وترتيب مجالس عزاء سيد الشهداء ( عليه السلام ) والاطعامات الكثيرة وسائر اشغال مرجع عظيم كالمجدد الشيرازي ، وغير ذلك كالزمن الذي ضاع عليه في الاسفار المذكورة في اول ترجمته ، - وكانت له عند السيد المجدد مكانة سامية للغاية فكان لا يسميه باسمه بل يناديه ب- ( حاج آغا ) احتراماً له و ورث ذلك عنه اولاده فقد كان ذلك اسم النوري في ايام سكنانا بسامراء - افترى ان من يقوم بهذه الشواغل الاجتماعية المتراكمة من حوله يستطيع ان يعطي المكتبة نصيبها الذي تحتاجه حياته العلمية ، نعم ان البطل النوري لم يكن ذلك كله صارفا له عن اعماله فقد خرج له في تلك الظروف ما ناف على ثلاثين مجلداً من التصانيف الباهرة غير كثير مما استنسخه بخطه الشريف من الكتب النادرة النفيسة ، اما في النجف وبعد وفاة السيد المجدد فلم يكن وضعه المادي كما ينبغي أن يكون لمثله واتخطر الى الآن انه قال لي يوماً : اني اموت وفي قلبي حسرة (1) وهي اني ما رأيت احداً آخر عمري يقول لي يا فلان خذ هذا المال فاصرفه في قلمك وقرطاسك او اشتر به كتاباً او

ص: 9


1- كثيرون أولئك الذين يقضون وفي قلوبهم مثل هذه الحسرة من رجال هذا الفن لكن ذلك لا يؤدي بهم الى ترك العمل أو الفتور عنه ( وكم حسرات في نفوس كرام (

اعطه لكاتب يعنيك على عملك. ومع ذلك فلم يصبه ملل او كسل فقد كان باذلا جهده ومواصلا عمله حتى الساعة الاخيرة من عمره تصانيفه و تصانیفه صنفان « الاول » ما طبع في حياته وانتشرت نسخة في الآفاق وهو:

1)« نفس الرحمان » في فضائل سيدنا سلمان طبع في (1285).

2) « دار السلام » فيما يتعلق بالرؤيا والمنام فرغ من تأليف بسامراء في (1292) وطبع في طهران كلا جزأيه في (1305) ضمن مجلد ضخم كبير وطبع الجزء الاول منه مستقلا مرة ثانية ذكرناه مفصلا في « الذريعة » ج 8 ص 20 .

(3) « فصل الخطاب » في مسألة تحريف الكتاب فرغ منه في النجف في « 28 - ج2 - 1292 » وطبع في (1298) وبعد نشره اختلف بعضهم فيه وكتب الشيخ محمود الطهراني الشهير بمعرّب رسالة في الرد (1)عليه سماها « كشف الارتياب » عن تحريف الكتاب. واورد فيها بعض الشبهات وبعثها الى المجدد

ص: 10


1- ذكرنا في حرف الفاء من ( الذريعة ) - عند ذكرنا لهذا الكتاب - مرام شيخنا النوري في تأليفه لفصل الخطاب وذلك حسبما شافهنا به وسمعناه من لسانه في اواخر ايامه فانه كان يقول : أخطأت في تسمية الكتاب وكان الأجدر أن يسمى ب- ( فصل الخطاب ) في عدم تحريف الكتاب لأني أثبت فيه أن كتاب الاسلام ( القرآن الشريف ) الموجود بين الدفتين المنتشر في بقاع العالم - وحي آلهي بجميع سوره وآياته وجمله لم يطرأ عليه تغيير أو تبديل ولا زيادة ولا نقصان من لدن جمعه حتى اليوم وقد وصل الينا المجموع الأولي بالتواتر القطعي ولا شك لاحد من الامامية فيه فبعد ذا امن الانصاف أن يقاس الموصوف بهذه الأوصاف - بالعهدين أو الاناجيل المعلومة احوالها لدى كل خبير كما أني اهملت التصريح بمرامي في مواضع متعددة من الكتاب حتى لا تسدد نحوي سهام العتاب والملامة بل صرحت غفلة بخلافه وإنما اكتفيت بالتلميح الى مرامي في ص 22 اذ المهم حصول اليقين بعدم وجود بقية للمجموع بين الدفتين كما نقلنا هذا العنوان عن الشيخ المفيد في ص 26 واليقين بعدم البقية موقوف على دفع الاحتمالات العقلائية الستة المستلزم بقاء احدها في الذهب لارتفاع اليقين بعدم البقية وقد أوكلت المحاكمة في بقاء احد الاحتمالات أو انتفائه الى من يمعن النظر فيما ادرجته في الكتاب من القرائن والمؤيدات فان انقدح في ذهنه احتمال البقية فلا يدعي جزافاً القطع واليقين بعدمها وان لم ينقدح فهو على يقين و ( ليس وراء عبادان قرية ) كما يقول المثل السائر ولا يترتب على حصول هذا اليقين ولا على عدمه حكم شرعي فلا اعتراض لاحدى الطائفتين على الأخرى. هذا ما سمعناه من قول شيخنا نفسه واما عمله فقد رأيناه وهو لا يقيم لما ورد في مضامين الأخبار وزناً بل يراها اخبار آحاد لا تثبت بها القرآنية بل يضرب بخصوصياتها عرض الجدار سيرة السلف الصالح من اكابر الامامية كالسيد المرتضى ، والشيخ الطوسي ، وأمين الاسلام الطبرسي وغيرهم ، ولم يكن - العياذ بالله - يلصق شيئاً منها بكرامة القرآن وان الصق ذلك بكرامة شيخنا عصره والوحيد في فنه ولم يكن جاهلاً بأحوال تلك الأحاديث - كما ادعاه بعض المعاصرين - حتى يعترض عليه بأن كثيراً من رواة هذه الأحاديث ممن لا يعمل بروايته. فان شيخنا لم يورد هذه الاخبار للعمل بمضامينها بل للقصد الذي اشرنا اليه ولنا في ( هامش الذريعة ) تعليقة مبسوطة حول المبحث المعنون مسامحة بالتحريف وهي في هامش ج 3 ص 313 - 314 واخرى في ج 10 هامش ص 78 - 79 ففيهما ما لا غنى للباحث عن الوقوف عليه والله من وراء القصد.

الشيرازي فأعطاها للشيخ النوري و قد اجاب عنها برسالة فارسية مخصوصة نذكرها في القسم الثاني المخطوط من تآليفه .

4)« معالم العبر » في استدراك « البحار » السابع عشر .

5) « جنة المأوى » فيمن فاز بلقاء الحجة ( عليه السلام ) في الغيبة الكبرى من الذين لم يذكرهم صاحب « البحار » اورد فيه تسعاً وخمسين حكاية فرغ منه في (1302) وطبعه المرحوم الحاج محمّد حسن الاصفهاني الملقب ب- ( الكمپاني ) امين دار الضرب في آخر المجلد الثالث عشر من البحار الذي هو تتميم له وطبع ثانيا في طهران في (1333) راجع تفصيل ما ذكرناه في ( الذريعة ) ج 5 ص 159 - 160 .

6) ( الفيض القدسي ) في احوال العلامة المجلسي ، فرغ منه في (1302) وطبع بها في اول ( البحار ) طبعة امين الضرب المذكور .

7) ( الصحيفة الثانية العلوية ) .

8) ( الصحيفة الرابعة السجادية ).

9) ( النجم الثاقب ) في احوال الامام الغائب (ع) فارسي .

10) ( الكلمة الطيبة ) فارسي ايضا .

11) ( ميزان السماء ) في تعيين مولد خاتم الانبياء فارسي ألفه بطهران في زيارته (1299) بالتماس العلامة الزعيم المولى علي الكني .

12) ( البدر المشعشع ) في ذرية موسى المبرقع ، فرغ منه في (1308) وطبع فيها ببمبي على الحجر وعليه تقريظ المجدد ونسخة منه بخطه اهداها كتابة للحجة الميرزا محمّد الطهراني وهي في مكتبته بسامراء

ص: 11

كما فصلناه في ج 3 ص 68 .

13) ( كشف الاستار ) عن وجه الغائب عن الابصار في الرد على القصيدة البغدادية التي تضمنت انكار المهدي ( عليه السلام ).

14) ( سلامة المرصاد ) فارسي في زيارة عاشوراء غير المعروفة واعمال مقامات مسجد الكوفة غير ما هو الشائع الدائر بين الناس الموجود في المزارات المعروفة .

15) ( لؤلؤ ومرجان ) در شرط پله اول ودوم روضه خان ، يعني في الدرجة الأولى والثانية للخطيب يعني بذلك الاخلاص والصدق الفه قبل وفاته بسنة وطبع مرتين 16) ( تحية الزائر ) استدرك به على ( تحفة الزائر ) للمجلسي وطبع ثلاث مرات وهو آخر تصانيفه حتى انه توفي قبل اتمامه فأتمه الشيخ عباس القمي حسب رغبة الشيخ وارادته كما فصلناه في ج 3 ص 484 .

17)طبع ايضا ديوان شعره الفارسي بقطع صغير ويسمى ب- ( المولودية ) لأنه مجموع قصائد نظمها في الايام المتبركة بمواليد الأئمة وفيه قصيدة في مدح سامراء وهي قافيته وفيه قصيدته التي نظمها في مدح صاحب الزمان في (1295). وعد السيد محمّد مرتضى الجنفوري في رسالته التي الفها فهرسا لتصانيف الشيخ النوري من تصانيفه الفارسية المطبوعة ، جوابه عن سؤال السيد محمد حسن الكمال پوري المطبوع في ( البركات الاحمدية ).

واهم آثاره المطبوعة - وغير المطبوعة - واعظمها شأناً واجلها قدراً هو ( مستدرك الوسائل ) فيه على كتاب ( وسائل الشيعة ) الذي الفه المحدث الشيخ محمّد الحر العاملي المتوفى في (1104) والذي هو احد المجاميع الثلاثة المتأخرة وهذا الكتاب في ثلاث مجلدات كبار بقدر الوسائل اشتمل على زهاء ثلاثة وعشرين الف حديثاً جمعها من مواضيع متفرقة ومن كتب معتمدة مشتتة مرتباً لها على ترتيب الوسائل ،

ص: 12

وقد ذيلها بخاتمة ذات فوائد جليلة لا توجد في كتب الاصحاب وجعل لها فهرساً تاماً للابواب نظير فهرس الوسائل الذي سماه الحر ب- ( من لا يحضره الإِمام ). ولكن مباشر الطبع عمل جدولاً من نفسه للفهرست وكتب كل باب في جدول فادرج كل ما يسعه الجدول من الكلمات واسقط الباقي فصار الفهرس المطبوع ناقصا ، وبالجملة لقد حظي هذا الكتاب بالقبول لدى عامة الفحول المتأخرين ممن يقام لآرائهم الوزن الراجح فقد اعترفوا جميعاً بتقدم المؤلف وتبحره ورسوخ قدمه وأصبح في الاعتبار كسائر المجاميع الحديثية المتأخرة ، فيجب على عامة المجتهدين الفحول ان يطلعوا عليه ويرجعوا اليه في استنباط الاحكام عن الأدلة كي يتم لهم الفحص عن المعارض ويحصل اليأس عن الظفر بالمخصص حيث اذعن بذلك جل علمائنا المعاصرين للمؤلف من ادركنا بحثه وتشرفنا بملازمته ، فقد سمعت شيخنا المولى محمد كاظم الخراساني صاحب ( الكفاية ) يلقي ما ذكرناه على تلامذته الحاضرين تحت منبره البالغين الى خمس مائة او اكثر بين مجتهدا او قريب من الاجتهاد بان الحجة للمجتهد في عصرنا هذا لا تتم قبل الرجوع الى ( المستدرك ) والاطلاع على ما فيه من الاحاديث انتهى.

هذا ما قاله بنفسه عندما وصل بحث : العمل بالعام قبل الفحص عن المخصص. وكان بنفسه يلتزم ذلك عملا ، فقد شاهدت عمله على ذلك عدة ليال وفقت فيها لحضور مجلسه الخصوصي في داره الذي كان ينعقد بعد الدرس العمومي لبعض خواص تلامذته كالسيد أبي الحسن الموسوي ، والشيخ عبد الله الگلپايگاني ، والشيخ علي الشاهرودي ، والشيخ مهدي المازندراني ، والسيد راضي الاصفهاني وغيرهم ، وذلك للبحث في اجوبة الاستفتاءات ، فكان يأمرهم بالرجوع الى الكتب الحاضرة في ذلك المجلس وهي « الجواهر » و «

ص: 13

الوسائل » و « مستدرك الوسائل » فكان يأمرهم بقراءة ما في المستدرك في الحديث الذي يكون مدركا للفرع المبحوث عنه كما أشرت اليه في « الذريعة » ج 2 ص 110 - 111 ، واما شيخنا الحجة شيخ الشريعة الاصفهاني فكان من الغالين في المستدرك ومؤلفه ، سألته ذات يوم - وكنا نحضر بحثه في الرجال - عن مصدره في المحاضرات التي كان يلقيها علينا فاجاب : كلنا عيال على النوري. يشير بذلك الى المستدرك. وكذا كان شيخنا الاعظم الميرزا محمّد تقي الشيرازي وغير هؤلاء من الفطاحل مقر له بالعظمة رحمه الله.

و « الصنف الثاني » من آثار المترجم له مؤلفاته غير المطبوعة 18) وهي « مواقع النجوم » ومرسلة الدّر المنظوم. والشجرة المونقة العجيبة. وهو سلسلة في اجازات العلماء من عصره الى زمن الغيبة ، وهو اول مؤلفاته فرغ منه ليلة الاثنين « 24 - رجب - 1275 » 19) و رسالة فارسية في جواب شبهات فصل الخطاب .

20) و « ظلمات الهاوية » في مثالب معاوية .

21) « شاخه طوبى » في عشرة آلاف بيت في الختوم واعمال شهر ربيع الاول وبعض المطايبات.

22) و تقريرات بحث استاذه الطهراني وتقريرات المجدد رآهما بخطه الشريف في مكتبة الميرزا محمد العسكري ، لكنه احتمل ان الثاني لغيره وانما استنسخه بخطه ومجموعة في المتفرقات فيها فوائد نادره 23) « الاربعونيات » مقالة مختصرة كتبها على هامش نسخة « الكلمة الطيبة » المطبوع جمع فيها اربعين امراً من الامور التي اضيف اليها عدد الاربعين في اخبار الائمة الطاهرين ( عليهم السلام ) كما ذكرته في ج 1 ص 436 .

24) « اخبار حفظ القرآن » ورسالة في ترجمة المولى ابي الحسن الشريف رأيتها بخطه على تفسير الشريف الموجود في « مكتبة الميرزا محمّد العسكري » في سامراء.

ص: 14

25) و فهرس كتب خزانته رتبه على حروف الهجاء.

26) و رسالة في مواليد الأئمة « ع » على ما هو الاصح عنده اخذها الآغا نور محمّد خان الكابلي نزيل كرمنشاه .

27) و « مستدرك مزار البحار » لم يتم .

28) و « حواشي رجال ابي علي » لم تتم .

29) و « حواشي توضيح المقال » الذي طبع في آخر« رجال ابي علي » نقلت جملة منها على نسختي وضاعت مني .

30) وله ترجمة المجلد الثاني من « دار السلام » لم تتم الى غير ذلك من الحواشي والرسائل غير التامة .

31)« اجوبة المسائل » والاوراق المتفرقة ، وقد كتب ما كان يمليه في مجالس وعظه من الاخلاق والآداب جماعة منهم : المولى محمد حسين القمشهي الصغير الذي مر ذكره في القسم الاول من هذا الكتاب ص 520 كما انه لم يدع كتاباً في مكتبته الا وعلق عليه وشرح موضوعه واحوال مؤلفه ، وما هنالك من الفوائد ، واسفي شديد على ضياع تلك المكتبة وتفرقها حيث كان فيها بعض الاصول الاربعمائة التي لم يقف عليها احد قبله ، وله في جمع الكتب قضايا. مرّ ذات يوم في السوق فرأى اصلا من الاصول الاربعمائة في يد امرأة عرضته للبيع ولم يكن معه شيء من المال فباع بعض ما عليه من الالبسة واشترى الكتاب ، وامثال ذلك كثير وهو سند من اجلّ الاسناد الثابتة ليوم المعاد ، وكيف لا وهو خرّيت هذه الصناعة وامام هذا الفن فقد سبر غور علم الحديث حتى وصل الى الاعماق فعرف الحابل من النابل وماز الغث من السمين ، وهو خاتمة المجتهدين فيه اخذه عنه كل من تأخر من اعلام الدين وحجج الاسلام وقلما كتبت

ص: 15

اجازة منذ نصف قرن الى اليوم ولم تصدر باسمه الشريف ، وسيبقى خالد الذكر ما بقي لهذه العادة المتبعة من رسم ، وهو اول من اجازني والحقني بطبقة الشيوخ في سن الشباب وقد صدرت عنه اجازات كثيرة بين كبيرة ومتوسطة ومختصرة وشفاهية ذكرنا منها في ( الذريعة ) ج 1 ص 181 ست اجازات وقد ترجمنا والده في القسم الاول من ( الكرام البررة ) ص 222 ولشيخنا اربعة اخوة كلهم اكبر منه : الفقيه الكبير الشيخ الميرزا هادي اشتغل في النجف مدة طويلة وعاد الى بلاده بعد وفاة والده بسنين فصار مرجعاً للامور ثلاث عشرة سنة الى ان توفي في حدود (1290) وخلف ولده الميرزا مهدي العالم الحكيم الآغا ميرزا علي ، كان فقيهاً فيلسوفاً انتهت اليه المرجعية بعد اخيه المذكور الى ان توفي في نيف وتسعين ومائتين والف ، و والدته ابنة الميرزا ولي المستوفي والميرزا حسن والميرزا قاسم كانا من الفضلاء الاعلام كما كانا يدرسان سطوح الفقه والاصول وتوفيا قبل (1300) والمترجم له اصغرهم رحمهم الله جميعاً. هذا ملخص احوال شيخنا النوري ولعل الغير يرى فيه اطناباً او اغراقاً اما انا فلم اكتب عنه سوى مختصر مما رأيته ايام معاشرتي له ، والله شهيد على ما اقول فقد رأيته عالماً ربانياً الاهياً.

وما خفي عني اكثر واكثر والله المحيط. وقد ذكرته في ( هداية الرازي ) وفي ( الاسناد المصطفى ) الى آل بيت المصطفى المطبوع في النجف في (1356) ص 5 - 6 وحصل هناك في اسم جده تقديم وتأخير فقد جاء هناك : محمّد علي. وصحيحه كما هو مثبت هنا علي محمد(1).

ص: 16


1- نقباء البشر لآغا بزرگ الطهرانی ، ج2 ، ص543 الی 555.

ظلمات الهاوية في مثالب معاوية

مكتبة الإمام الحكيم العامة / قسم المخطوطات

الرقم العام: 936

المكتبات -

اسم الكتاب: ظلمات الهاوية في مثالب معاوية

المؤلف : الحسين بن محمد تقي النوري

الناسخ: المؤلف

الموضوع: تاريخ

الحجم: 17*21

التاريخ: -

اللغة: عربي

عدد الصفحات: 114

عدد الأسطر: 19

الملاحظات:-

ص: 1

ص: 2

«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» الحمد لله مظهر الحق و مزهق الباطل و الصلوة علی اشرف من برءه فی الاواخر و الاوائل محمد و آله الذین بهم یصول کل صائل و بعد فیقول العبد المذنب المسمی حسین بن محمد تقی النوری الطبرسی رزقه الله قوة البراءة عن اعداء الدین و جعله من شهبه الثاقبة عی الشیاطین من الجن و الانس الضالین المضلین.

إنّ فی لیلة الثانیة و العشرون من رجب من سنة ثلث و تسعین بعد الماتین و الالف ایام مجاورتی بسرّ من رأی و هی اللتی اهلک الله تعالی فی یومها فرعون هذه الامة ابن ابی سفیان، معاویه و وقعت بین جماعة من الاخوان الصالحین و الفضلاء الراسخین فی ولاء اهل البیت الطاهرین مذاکرة فی فضائل هذا الیوم من جهة المعقول و أنّه یوم ینبغی ان یجعله الشیعة من اعظم الاعیاد لأنه یوم قد طهر الله الارض ممن علا فی الارض و جعل اهلها شیعا یستضعف طائفة منهم ، یذبح ابنائهم و یستحی نسائهم و ینهب اموالهم و یقاتل امامهم و یهتک استارهم و یطمس انوارهم اسّس لما نباه من قبله اساساً لا ینهدم و وضع فی مدایحهم و فضائلهم احادیث لا تنعدم سنّ سبّ سایس العباد علی المنابر و الاعواد و فتح ابواب الظلم و الفساد و بغض اهل البیت و الفجور و الفسق فی جمیع البلاد فاستقرت الآراء علی جعله یوم فرح و سرور فیما یأتی من الاعوام و الشهور و حیث أنه کان من تمام سرور هذا الیوم و کمال شرایطه و آدابه ذکر احواله و افعاله و شناعة اطواره و اعماله و بدعه و قبایحه و سیرته و فضایحه فی محضر المسلمین و مجمع المومنین و لم یجمعها احد فی کتاب فیما اعلم من مؤلفات الاصحاب رایت جمع متشتتاتها من اجل القربات و نظم متبدداتها من اعظم المثوبات من غیر أن ارتب لها ابوابا و فصولا و فروعا و اصولا بل وضعت الکتاب موضع الکشکول إلّا أنّ کلّما فیه مما تعلق بهذا الغول و سمّیته ظلمات الهاویه فی مثالب معاویه.

النسب هو معاویة بن ابی سفیان -و اسمه صخر- بن حرب بن امیة بن عبدالشمس بن عبدمناف روی أن شریک الاعور دخل على معاوية و كان ذميما فقال له معاوية: إنك لذميم والجميل خير من الذميم ، وإنك لشريك وليس لله شريك ،

ص: 3

وأنّ أبوك الأعور و الصحيح خير من الأعور فكيف سِدتَ قومك؟ فقال له شريك : وإنك لمعاوية وما معاوية فی اللغة إلا كلبة عوت فاستعوت لها الكلاب ، وإنك ابن صخر والسهل خير الصخر وإنك لابن حرب والسلم خير من الحرب ، وانك ابن أمية فصغّرت فكيف صرت علینا أميرالمؤمنين !؟ و خرج من عنده و هو يقول :

أيشتمُني معاوية بن ح-رب وسيفي ص-ارم ومعي لساني(1) عن المداینی فی کتاب المثالب و الکلبی و الزمخشری فی ربیع الابرار كان معاوية يعزي إلى أربعة: إلى مسافر بن أبي عمرو ،و إلى عمارة بن الوليد و إلى العباس بن عبد المطلب، و إلى الصباح مُغنّ( أسود(2)) كان لعمارة بن ولید.

قالوا: كان أبو سفيان ذميما قصيرا، و كان الصباح شابا و سیما فدعته هند الی نفسها لأنّها کانت من المغتلمات تحُبّ السودان فغشیها.

و قالوا إنّ عتبة بن أبي سفيان من الصباح أيضا(3).

شرح النهج و كانت هند تذكر في مكة بفجور و عهر(4) .

الاحتجاج : روی الشعبی أن معاویة قدم المدينة فقام خطیبا فنال من أمير المؤمنين على (عليه السلام)، فقام الحسن (عليه السلام) فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال:

إن اللّه تعالى لم يبعث نبيا إلا جعل له عدوا من المجرمين؛ قال اللّه تعالى: (وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ(5))، فأنا ابن علي (عليه السلام) و أنت ابن صخر و أمك هند و أمي فاطمة وجدتك نثيلة و جدتي خديجة، فلعن اللّه ألأمنا حسبا و أخملنا ذكرا و أعظمنا كفرا و أشدنا نفاقا. فصاح أهل المسجد: آمين آمين، و قطع معاوية خطبته و دخل منزله(6).

امّ ابی سفیان حمامه کتاب الغارات لابراهیم بن محمد الثقفی باسناده عن عبد الصّمد البارقيّ عن الصادق عليه السّلام قال: قدم عقيل على عليّ- عليه السّلام- و هو جالس في صحن مسجد الكوفة فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللَّه، قال: و عليك السّلام يا أبا يزيد ثمّ التفت الى الحسن بن عليّ- عليه السّلام- فقال: قم و أنزل عمّك؛ فذهب به فأنزله و عاد اليه، فقال له: اشتر له قميصا جديدا و رداء جديدا و إزارا جديدا و نعلا جديدا،فغدا على عليّ- عليه السّلام- في الثياب، فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين قال: و عليك السّلام يا أبا يزيد، قال: يا أمير المؤمنين ما أراك أصبت من الدّنيا شيئا الّا هذه الحصباء؟! قال: يا أبا يزيد يخرج عطائي فأعطيكاه، فارتحل عن عليّ- عليه السّلام- الى معاوية، فلمّا سمع به معاوية نصب كراسيّه و أجلس جلساءه، فورد عليه، فأمر له بمائة ألف درهم؛ فقبضها، فقال له معاوية: أخبرني عن العسكرين، قال: مررت بعسكر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فإذا ليل كليل النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم و نهار كنهار النّبيّ الّا أنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم ليس في القوم، و مررت بعسكرك فاستقبلني قوم من المنافقين ممّن نفر برسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم- ليلة العقبة. ثمّ قال: من هذا الّذي عن يمينك يا معاوية؟- قال: هذا عمرو بن العاص، قال: هذا الّذي اختصم فيه ستّة نفر فغلب عليه جزّارها،فمن الآخر؟- قال: الضّحّاك بن قيس الفهريّ، قال: أما و اللَّه لقد كان أبوه جيّد الأخذ لعسب التّيس؛ فمن هذا الآخر؟- قال: أبو موسى الأشعريّ، قال: هذا ابن المراقة،فلمّا رأى معاوية أنّه قد أغضب جلساءه، قال: يا أبا يزيد ما تقول فيّ؟- قال: دع عنك، قال: لتقولنّ، قال: أ تعرف حمامة؟- قال: و من حمامة؟- قال: أخبرتك؛ و مضى عقيل، فأرسل معاوية الى النّسّابة؛ قال: فدعاه فقال: أخبرني من حمامة، قال:

أعطنى الأمان على نفسي و أهلي، فأعطاه، قال: حمامة جدّتك و كانت بغيّة في الجاهليّة، لها راية تؤتى.

قال الشّيخ: قال أبو بكر بن زبير: هي امّ أبي سفيان(7).

زهر الربیع: قال معاویة لرجل من اهل الیمن ما أجهل قومک حین ملکوا علیهم امراة فقال: اجهل من قومی، قومک الذین قالوا لما دعاهم الرسول کان هذا هو الحق من عندک فامطر علینا حجارة من السماء و ائتنا بعذاب الیم و لم یقولوا اللهم ان کان هذا هوا الحق فاهدنا الیه(8).

وخطب معاوية يوماً فقال: أيها الناس إن الله تعالى

ص: 4


1- الغارات ، ج2 ، ص794.معجم الرجال الحدیث ، علامه الخوئی ، ج10 ، ص26 عن ابن شهرآشوب.
2- اضافه از مصدر.
3- ربیع الابرار للزمخشری ، ج4 ، ص275 و 276 ؛ المناقب و المثالب للقاضی النعمان المغربی ، ج1 ، ص242.
4- شرح نهج البلاغة لابن ابی الحدید ، ج1 ، ص336.
5- السورة الشریفه الفرقان ، الآیة 31.
6- الاحتجاج للشیخ الطبرسی ، ج1 ، ص420
7- الغارات ، ج1 ، ص64.
8- زهر الربیع ، ص76

یقول: ( وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدرٍ معلوم(1) )، فعلام تلومونني (إذا قصرت عنكم في عطاياكم؟(2)) فقال له الأحنف (بن قيس: إنا والله (3))ما نلومك فيما في خزائن الله، ولكن( وضعت يدك(4)) على ما أنزل الله من خزائنه فجعلته في خزائنك وحلت بيننا وبينه(5).

عن کامل البهائی: أنّ معاوية یخطب علی المنبر يوم الجمعة فضرط ضرطة عظیمة فعجب الناس منه و من وقاحته فقطع الخطبة و قال : الحمد للّه الذي خلق أبداننا و جعل فيها رياحا و جعل خروجها للنفس راحة، فربّما انقلبت في غير وقتها فلا جناح على من جاء منه ذلك، و السلام.

فقام الیه صعصعة و قال:إنّ اللّه خلق أبداننا جعل فيها رياحا و جعل خروجها للنفس راحة، و لكن جعل إرسالها في الكنيف راحة و على منبر بدعة و قباحة ثمّ قال: يا أهل الشام، قوموا فقد خرأ (أحدث) أميركم فلا صلاة له و لا لكم ثم توجّه إلى المدينة(6).

و نقله الزمخشری فی ربیع الابرار ما یقرب منه(7).

و نقل عن ابی الاسود الدئلی أنّه قال من لم یکن علی ضرطة بأمین، فکیف یوتمن علی امارة المسلمین(8).

روي: أن معاوية قال للأحنف بن قيس: لتصعدن على المنبر فتسبّ علي بن أبي طالب.

فقال: والله لأنصفنك وأقول: أيها الناس، إن معاوية أمرني أن أسب عليا ألا وان معاوية وعليا اقتتلا واختلفا، فادعى كل واحد منهما أنه مبغي عليه وعلى فئته، فإذا دعوت فأمنوا يرحمكم الله.

ثم أقول: اللهم العن أنت وملائكتك وانبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه، والعن الفئة الباغية، اللهم العنهم لعنا كثيرا، أمنوا رحمكم الله.

فقال معاوية: إذن نعفيك يا أبا بحر.

وقال معاوية لعقيل بن أبي طالب: إنّ عليّاً قد قطعك و أنا وصلتك، ولا يرضيني منك إلّا أن تسبّه على المنبر؟ قال: أفعل.

فصعد المنیر ، ثُمّ قال بعد الحمد و الصلوة: أيّها النّاس معاویة بن ابی سفیان قد أمرني أن ألعن عليّ بن أبي طالب، فالعنوه، فعليه لعنة اللَّه والملائكة والنّاس أجمعين، ثُمّ نزل.

فقال له معاوية: إنّك لم تبيّن أبا يزيد من لعنت بيني وبينه؟ قال: واللَّه، لا زدت حرفاً، ولا نقصت آخر، والكلام إلى نيّة المتكلّم.(9) عن المجالس المفید و امالی ابن الشیخ الطوسی مسندا عن عبد الملك بن عمير اللخمي ، قال : قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية ، ومع معاوية على السرير الأحنف بن قيس والحتات المجاشعي ، فقال له معاوية :

من أنت؟ قال : أنا جارية بن قدامة. قال : وكان نبیلا(10)، فقال له معاوية : ما عسيت أن تكون هل أنت إلا نحلة؟ فقال : لا تفعل يا معاوية قد شبهتني بالنحلة ، وهي والله حامية اللسعة حلوة البصاق ، (والله(11)) ما معاوية إلا كلبة تعاوي الكلاب ، ولا أمية إلا تصغير أمة. فقال معاوية : لا تفعل. قال : إنك فعلت ففعلت.

قال له : فادن اجلس معي على السرير. فقال : لا أفعل. قال : ولم؟ قال : لأني رأيت هذين قد أماطالت(12) عن مجلسك ، فلم أكن لأشاركهما.

قال له معاوية : ادن أسارك ، فدنا منه فقال : يا جارية ، إني اشتريت من هذين الرجلين دينهما . قال : ومني فاشتر يا معاوية. قال له : لا تجهر(13).

الاحتجاج للشیخ طبرسی رحمه الله عن الشعبي وأبي مخنف ويزيد بن أبي حبيب المصري أنهم قالوا: لم يكن في الإسلام يوم في مشاجرة قوم اجتمعوا في محفل،

ص: 5


1- سورة الشریفة الحجر ، الأیة 21.
2- اضافه من المصدر.
3- اضافه من المصدر.
4- اضافه من المصدر.
5- زهر الربیع ، ص76.
6- تعریب کامل البهائی للعماد الدین الطبری ، ج2 ، ص325.
7- ربیع الابرار ، ج5 ، ص116.
8- زهر الربیع ، ص335.
9- زهر الربیع ، ج81.
10- فی المصدر : قليلا
11- اضافة من المصدر.
12- فی المصدر: أماطاك
13- الامالی للشیخ المفید ، ج1 ، ص171؛ امالی الشیخ الطوسی ، ج1 ، ص192.

أكثر ضجيجا ولا أعلى كلاما ولا أشد مبالغة في قول، من يوم اجتمع فيه عند معاوية بن أبي سفيان ،عمرو بن عثمان بن عفان، وعمرو بن العاص، وعتبة بن أبي سفيان، والوليد ابن عقبة بن أبي معيط، والمغيرة بن أبي شعبة، وقد تواطؤا على أمر واحد.

فقال عمرو بن العاص: لمعاوية ألا تبعث إلى الحسن بن علي فتحضره، فقد أحيى سیرة(1) أبيه، الی ان ذکر ؛ بعثه الیه و حضوره علیه السلام و تکلم کل واحد بما یلیق بشأنه غیر معاویة قال: فتكلم أبو محمد الحسن بن علي عليهما السلام فقال: الحمد لله الذي هدى أولكم بأولنا، وآخركم بآخرنا، وصلى الله على سیدنا(2) محمد النبي وآله وسلم.

ثم قال:اسمعوا مني مقالتي وأعيروني فهمكم وبك أبدء يا معاوية ثم قال لمعاویة: إنه لعمر الله يا أزرق ما شتمني غيرك وما هؤلاء شتموني، ولا سَبنِي غيرك وما هؤلاء سبوني ولكن شتمتني، وسببتني، فحشا منك، وسوء رأي، وبغيا، وعدوانا، وحسدا علينا، وعداوة لمحمد صلى الله عليه وآله، قديما وحديثا، وأنه والله لو كنت أنا وهؤلاء يا أزرق مشاورين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وحولنا المهاجرون والأنصار ما قدروا أن يتكلموا به، ولا استقبلوني بما استقبلوني به.

فاسمعوا مني أيها الملأ المجتمعون المتعاونون عليّ، ولا تكتموا حقا علمتوه، ولا تصدقوا بباطل إن نطقت به، وسأبدأ بك يا معاوية ولا أقول فيك إلا دون ما فيك.

أنشدكم بالله هل تعلمون أن الرجل الذي شتمتموه صلى القبلتين كلتاهما وأنت تراهما جميعا( وأنت في(3)) ضلالة تعبد اللات والعزى، وبايع البيعتين (كلتيهما(4)) بيعة الرضوان وبيعة الفتح، وأنت يا معاوية بالأولى كافر، وبالأخرى ناكث.

ثم قال: أنشدكم بالله هل تعلمون أن ما أقول حقا، أنه لقيكم مع رسول الله صلى الله عليه وآله (يوم بدر(5) )ومعه راية النبي صلى الله عليه وآله والمؤمنين، ومعك يا معاوية راية المشركين وأنت تعبد اللات والعزى، وترى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله فرضا واجبا، ولقيكم يوم أحد ومعه راية النبي، ومعك يا معاوية راية المشركين، ولقيكم يوم الأحزاب ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله، ومعك يا معاوية راية المشركين، كل ذلك يفلج الله حجته، ويحق دعوته، ويصدق أحدوثته، وينصر رايته، وكل ذلك يرى رسول الله عنه راضيا في المواطن كلها (ساخطا عليك(6)).

الی أن قال علیه السلام: أنشدكم بالله أتعلمون أن عليا أول من حرم الشهوات كلها على نفسه من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله ، فأنزل الله عز وجل: ((يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون(7))) وكان عندهم علم المنايا، وعلم القضايا، وفصل الكتاب، و رسوخ العلم، ومنزل القرآن، و كان رهط لا نعلمهم يتممون عشرة، نبأهم الله أنهم مؤمنون، وأنتم في رهط قريب من عدة أولئك لعنوا على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله، فأشهد لكم وأشهد عليكم: أنكم لعناء الله على لسان نبيه كلكم اهل البیت وأنشدكم بالله هل تعلمون: أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث إليك لتكتب (له(8)) لبني خزيمة حين أصابهم خالدبن الوليد فانصرف إليه الرسول فقال: " هو يأكل " فأعاد الرسول إليك ثلاث مرات كل ذلك ينصرف الرسول إليه ويقول " هو يأكل " فقال رسول الله " اللهم لا تشبع بطنه " فهي والله في نهمتك، وأكلك إلى يوم القيامة ثم قال: أنشدكم بالله هل تعلمون أن ما أقول حقا إنك يا معاوية كنت تسوق بأبيك على جمل أحمر يقوده أخوك هذا القاعد، وهذا: يوم الأحزاب، فلعن رسول الله القائد والراكب والسائق، فكان: أبوك الراكب، وأنت يا أزرق السائق، وأخوك هذا القاعد القائد؟ أنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله

ص: 6


1- فی المصدر: سنة
2- فی المصدر: جدي
3- إضافة من المصدر
4- إضافة من المصدر.
5- إضافة من المصدر.
6- إضافة من المصدر.
7- سورة الشریفة المائدة ، الأیة 87 /88.
8- إضافة من المصدر.

لعن أبا سفيان في سبعة مواطن:

أولهن: حين خرج من مكة إلى المدينة وأبو سفيان جاء من الشام، فوقع فيه أبو سفيان فسبه، وأوعده، وهمّ أن يبطش به، ثم صرفه الله عز وجل عنه.

والثانية: يوم العير حيث طردها أبو سفيان ليحرزها من رسول الله صلی الله علیه و آله.

والثالثة: يوم أحد قال رسول الله صلی الله علیه و آله: الله مولانا ولا مولى لكم، وقال أبو سفيان لنا العزى ولا عزى لكم، فلعنه الله، وملائكته، ورسله، والمؤمنون أجمعون.

والرابعة يوم حنين: يوم جاء أبو سفيان يجمع قريش وهوازن، وجاء علیه(1) بغطفان واليهود، فردهم الله عزوجل بغيظهم لم ينالوا خيرا، هذا: قول الله عز وجل أنزل في سورتين في كلتيهما يسمي أبا سفيان وأصحابه كفارا، وأنت يا معاوية يومئذ مشرك على رأي أبيك بمكة، وعلي يومئذ مع رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى رأيه ودينه.

والخامسة: قول الله عز وجل: " والهدي معكوفا أن يبلغ محله(2) " وصددت أنت وأبوك ومشركوا قريش رسول الله، فلعنه الله لعنة شملته وذريته إلى يوم القيامة.

والسادسة: يوم الأحزاب يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش، وجاء عينية بن حصين بن بدر بغطفان، فلعن رسول الله القادة والأتباع، والساقة إلى يوم القيامة.

فقيل: يا رسول الله أما في الأتباع مؤمن؟ قال: لا تعيب اللعنة مؤمنا من الأتباع، أما القادة فليس فيهم مؤمن، ولا مجيب، ولا ناج.

والسابعة: يوم الثنية، يوم شدّ على رسول الله صلى الله عليه وآله اثنا عشر رجلا، سبعة منهم من بني أمية، وخمسة من سائر قريش، فلعن الله تبارك وتعالى ورسول الله من حل الثنية غير النبي صلى الله عليه وآله وسائقه وقائده(3).

کتاب زهر الربیع: حکی أن رجلا(4) ضرط عند معاوية فقال: أكتمها عليّ يا خلیفة المسلمین قال: لك ذلك.

فلما اجتمع الناس عنده قال أعلمتم:أن فلانا فقد ضرط فقال یا معاویة من لم يؤتمن على ضرطة فجدیر أن لا يؤتمن على أمر الأمة فخجل معاویة.(5) فیه حکی أن معاویة قال کنت یوما عند النبی صلی الله علیه و آله و قد قدم علیه علقمة بن وائل فقال لی رسول الله صلی الله علیه و آله یا معاویة امض مع علقمة و انزله للضیافة بدار فلان و کانت داره بعیدة من المسجد فرکب ناقته و مضیت أمشی معه و لا کان فی رجلی نعلان و الهواء فی غایة الحرارة و الارض کأنّها محمیّة بالنّار فقلت یا علقمة أردفنی معک فقال إنّک لا تصلح ردیفا للأکابر فقلت له أنا معاویة بن أبی سفیان فقال سمعت بک فقلت أعطنی نعلیک أمش بهما إنّک راکب لا تحتاج ألیهما فقال أنت أصغر من ذلک فبقیت أمشی معه و کأنّ رجلی بالنار حتی أوصلته إلی ذلک الرجل و ما لاقیت ذلّا مثل ذلک الیوم(6) فیه عن العقد قال: بينا معاویة جالس، إذ دخل رجل من أهل الشام فقام خطيبا، فسبّ علیا علیه السلام فقال الاحنف: يا أمير المؤمنين، إن هذا القائل (ما قال آنفا(7)) لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم، فاتق اللّه ودع عنك عليا، فإنّه(8) لقي ربّه، و أفرد في قبره فقال یا احنف لتصعدنّ المنبر و تسبّ علیا علیه السلام طوعا أو كرها فقال: إن أعفینی خير لك.

فقال: و ما أنت قائل؟ قال: أحمد اللّه و أصلّی على نبيه صلّى اللّه عليه و آله(9)، ثم أقول: و إن عليا و معاوية اقتتلا و اختلفا و ادّعى كلّ واحد منهما أنه مبغي عليه ؛ فإذا دعوت فأمّنوا (رحمكم اللّه. ثم أقول(10)): اللهم العن أنت و ملائكتك و أنبياؤك و رسلک(11) الباغي منهما على صاحبه؛ و العن الفئة الباغية؛!أمّنوا رحمكم اللّه يا معاوية، لا أزيد على

ص: 7


1- فی المصدر: عينية
2- السورة الشریف الفتح ، الأیة 25.
3- الاحتجاج للشیخ الطبرسی ، ج1 ، ص402.
4- فی المصادر هو أبا الأسود الدوئلی.
5- زهر الربیع ، ص335.
6- نفس المصدر ، ص397.
7- إضافة من المصدر.
8- فی المصدر: فقد
9- در عقد و سلم آمده و در متن آله.
10- إضافة من المصدر.
11- فی المصدر: جميع خلقك

هذا و لا أنقص (منه حرفا(1)) و لو كان فيه ذهاب نفسي؛ فقال معاوية: إذ أعفیک(2) و فیه أنه دخل علیه رجل و قال اطلب منک أن تزوّجنی أمّک فلها دبر کبیر فقال ذلک سبب حبّ اَبی لها و قال للخازن أعطه الف دینار یشتری بها جاریة(3).

و فیه لما کان عبدالله بن جعفر عند معاویة بالشام خبّروه بولد تولّد له ، فاخبر معاویة فاعطاه خمسماة الف درهم علی أن یسمیه معاویه فسماه و قال معاویةَ اشتری بها اسمی حتی لا أضیع(4) اقول: قبّح الله قوما یعدون امثال هذا منه و من قرنائه حلما و سخاء.

و فیه قال معاویة یوما: أیها الناس ، إنّ الله حبّا قریش بثلاث ، فقال لنبیه: (( و انذر عشیرته الاقربین(5))) و نحن عشیرته الاقربون، و قال تعالی: (( و إنّه لذکر لک و لقومک(6))) و نحن قومه و قال تعالی: ((لایلاف قریش إیلافهم(7))) و نحن قریش.

فأجابه رجل من الانصار فقال: إن الله تعالی قال: (( و کذب به قومک(8))) و انتم قومه و قال: (( و لما ضرب ابن مریم مثلا إذا قومک منه یصدون(9))) و أنتم قومه و قال: ((قال الرسول یا ربّ أن قومی اتخذوا هذا القرآن مهجورا(10))).

و أنتم قومه ، ثلاث بثلاث ، و لو زدت لزدناک(11).

و فیه دخل عقیل بن ابی طالب و قد کفّ بصره علی معاویة فاجلسه معاویة علی سریره ثم قال له انتم معشر بنی هاشم تصابون فی ابصارکم فقال له عقیل و انتم معشر بنی أمیّة تصابون فی بصایرکم(12).

و فیه إنّ العالم الجلیل الامیر ابوالقاسم الفندرسکی کان حاضر الجواب قال له سلطان الهند لأیّ شیء تجوّزون اللّعن علی معاویة و هو خال المؤمنین و من جملة کتّاب الوحی؟ فقال أعزّ الله السّلطان إذا اتّفق لک عسکران یتحاربان و کان مقدّم أحدهما أمیرالمومنین و مقدّم الآخر معاویة! فیکون السّلطان أعزّ الله مع أیّ عسکر؟ فقال: فی عسکر أمیرالمومنین أقاتل من یقاتله؟ فقال إذا أتی معاویة یضرب أمیرالمومنین علیه السلام بسیفه و قال لک أمیرالمومنین: أُقتُل معاویة ، أ تقتله أم لا؟ فقال: نعم یجب علیّ أن أضرب عنقه.

فقال أعزّ الله السطان إذا وجب قتله کیف یجوز لعنه فضحک السّلطان(13).

کتاب غرر الخصائص فی ذکر الخلاف لخلفاء: و کان معایة یبخل فی طعامه فواکله شخص فقال ارفق بیدیک فقال و اغضض من طرفک(14).

کتاب انیس الخاطر و جلیس المسافر للشیخ الاجل الشیخ یوسف البحرانی نقل فی غیر کتاب من کتب التواریخ و الاخبار أن المتوکل علیه اللعنة سهر ذات لیلة من اللیالی واقلقه السهر فطلب ندیما یفرج همه وغمه ، فارسل من یحضر له الحسن الکرکدان المعروف بدیک الجن ، وکان الحسن المذکور شاعرا ماهرا ادیبا ، وکان معروفا بحب اهل البیت ، فلما وصلوا الی داره طرق الشرطة الباب فقال: من فی الباب ؟ فقالوا: نحن رسل الخلیفة ، الخلیفة یدعوک الی حضرته الشریفة . فلما سمع مقالتهم قال: لا حول ولا قوة الا بالله العلی العظیم . وقام فی وقته وساعته فاغتسل غسل الاموات ، وتحنط بالذریرة والکافور ، ولبس کفنه ومضی الیه ، فلما وصل الخلیفة

ص: 8


1- إضافة من المصدر.
2- زهر الربیع ، ص81 عن عقد الفرید ، ج4 ، ص114.
3- زهر الربیع ، ص561.
4- زهر الربیع ، ص564.
5- سورة الشریفة الشعراء ، الأیة 214.
6- سورة الشریفة الزخرف ، الأیة 44.
7- سورة الشریفة القریش ، الأیة 1.
8- سورة الشریفة الانعام ، الأیة 66.
9- سورة الشریفة الزخرف ، الأیة 57.
10- سورة الشریفة الفرقان ، الأیة 30.
11- زهر الربیع ، ص133.
12- زهر الربیع ، ص230.
13- زهر الربیع ، ص471.
14- غرر الخصائص الواضحه ، ج1 ، ص374. و فی المصدر: طعامه قال لرجل و أکله أرفق فقال له الرجل: و أنت فاغضض من طرفک

قال: السلام علیک یا امیر المؤمنین .

فقال له المتوکل: لا سلام علیک ولا حیاک ولا رعاک ، فقال: علی رسلک یا امیر المؤمنین . فما امر الله عزوجل بهذا حیث یقول: (واذا حییتم بتحیة فحیوا باحسن منها او ردوها(1)) قال: فاستحسن المتوکل کلامه وخجل منه ، فقال له: ادن منی قریبا . فدنی فشم منه رائحة الکافور ، فقال له: ما لی اشم منک رائحة الموتی ؟ قال: لما دعوتنی فی هذا الوقت خفت علی نفسی القتل ، فاغتسلت غسل الاموات ، وحضرت بین یدیک ، افعل ما بدا لک ! فقال: لا تخف ان کنت صادقا ، قد بلغنی عنک کلام وانا اسالک عنه ، فاصدق تنج . قال: أسال:

اخبرک بعون الله وحسن توفیقه . قال: بلغنی انک اذا خلوت بنفسک تنشد هذه الابیات:

اصبحت جم بلابل الصدر ولیت مطویا علی الجمر ان یحب یوما طل فیه دمی وان سکنت یضیق بی صدری قال :قل لی: ما یطل دمک ولا یضیق صدرک ؟ فقال: و لی الامان ؟ قال: قل و لک الامان . فقال:

ممّا جناه علی ابی حسن عمر وصاحبه ابوبکر جعلوک رابعهم ابا حسن منعوک حق الارث والصهر والی الخلافة سابقوک وما سبقوک فی احد ولا بدر وقتلت فی بدر مشایخهم فلاجل ذا طلبوک بالوتر فعلی الذی یرضی بفعلهم اضعاف ما حملوا من الوزر فقال المتوکل: قاتلک الله یا کرکدان ! تشتمنی فی وجهی ؟ قال: حاشا الله ، بل اقول الحق ، وشیمتک العدل والانصاف . فقال له: یا کرکدان ، یجوز فی مذهبک واعتقادک ان یزید بن معاویة کان کافرا ؟ قال: نعم وراسک العزیز . قال: فیم ذا ؟ قال: لما قتل الحسین علیه السلام وحمل الیه سبایا الحسین علیه السلام والراس معهم ، حط الراس فی طشت من الذهب قدامه ، وبقی ینظر الی الاوصاف الهاشمیة والبهجة الفاطمیة ویقرع ثنایاه بقضیب کان عنده ، فنعق غراب من اعلی حیطان داره ، فاستوحش من کان فی مجلسه من بنی امیة ، فانشد یقول:

یا غراب البین ما شئت فقل انما تندب امرا قد فعل لیت اشیاخی ببدر شهدوا وقعة الخزرج مع وقع الاسل لاهلوا واستهلوا فرحا ثم قالوا یا یزید لا تشل قد قتلنا القرم من ساداتهم وعدلناه ببدر فاعتدل لست من خندف ان لم انتقم

ص: 9


1- سورة الشریفة النساء ، الأیة 86.

من بنی احمد ما کان فعل لعبت هاشم فی الملک فلا خبر جاء ولا وحی نزل قال: هذا شعر یزید ؟ قال: نعم و راسک العزیز . فقال: قاتله الله ، ما کان اجراه علی الکفر ! لکن یا حسن ، من این اخذ هذا ؟ والی من استند ؟ وعلی رای من اعتمد ؟ قال: علی رای معاویة . قال: یجوز فی مذهبک و اعتقادک ان معاویة کاتب الوحی کان کافرا ؟ قال: نعم . قال: بم ذا ؟ قال: لانه لما مرض مرض الموت عادته زوجته فقالت: وحقک لا انکح بعلا بعدک . فقال:

(انا(1)) اذ مت یا ام الحمیرة فانکحی فلیس لنا بعد الممات تلاقیا فان کنت قد اخبرت عن مبعث لنا اساطیر لهو تجعل القلب واهیا فقال المتوکل: هذا شعر معاویة ؟ قال: نعم و راسک العزیز . قال: یا حسن ، من این اخذ هذا والی من استند ؟ و علی رای من اعتمد ؟ قال: علی رای ابن الحبشیة صهاک . قال: ا یجوز فی مذهبک واعتقادک انه کان کافرا ؟ قال: نعم . قال: بم ذا ؟ قال: لانه دخل علیه یوم فی رمضان وهو مخمور فقال لزوجته: انبذی لنا تمرا فی ماء لنشربه منه . فقالت له: ا ما تستحی من الله تشرب النبیذ فی شهر رمضان ؟ فانشد یقول:

ءاوعد فی المعاد بشرب خمر وانهی الآن عن ماء وتمر أ بعث ثم حشر ثم نشر حدیث خرافة یا ام عمر قال المتوکل: هذا شعره ؟ قال: نعم وراسک العزیز ، فقال: قاتله الله ، ما اجراه علی الکفر ! لکن یا حسن ، من این اخذ هذا ؟ والی من استند ؟ وعلی رای من اعتمد ؟ فقال: علی رای الاول . فقال المتوکل: ما بقی بعد عبادان قریة ، لکن یا حسن ، یجوز فی مذهبک واعتقادک ان الاول کان کافرا ؟ قال: نعم . قال: بم ذا ؟ قال:

لانه نادی زوجته فی شهر رمضان: آتینا بغدائنا . فقالت له: ا ما تستحیی من الله یاکل فی شهر رمضان ؟ فانشا یقول:

دعینا نصطبح یا ام بکر فان الموت نقب عن هشام ونقب عن ابیک وکان قرما قدیدالناس فی شرب المدام یخبرنا ابن کبشة ان سخیا وکیف حیاة اسداغ وهام ولکن باطل قد قال هذا وافک من زخاریف الکلام ولا یکفیه جمع المال حتی امرنا بالصلاة وبالصیام ویعجز ان یکف الموت عنه ویحیینی اذا بلیت عظامی فقل الله یمنعنی شرابی وقل الله یمنعنی طعامی الا هل مخبر الرحمان عنی بانی تارک شهر الصیام

ص: 10


1- إضافة من المصادر.

وتارک کلما یوحی الیه حدیث من اساطیر الکلام ولکن الحکیم رای حمیرا فالجمنا فتاهت فی اللجام فقال المتوکل: ویلک یا کرکدان ، لقد رفعت القناع وازلت الخداع ، لکن یا حسن ، ارید منک تخبرنی من یکون یستحق ان یکون امیر المؤمنین ، ویسمی نفسه خلیفة رب العالمین ؟ وقال فی نفسه: ان قال عنی سلم وان عنی غیری قتلته . فقال: یا امیر المؤمنین ، لا یستحق ذلک الا من لمس العرق الیابس فاورقه ، ومسک الجمل والعنکبوت فیسحقه ، وقبض خالد بن الولید فطوقه ، وتفضل علی ابن ابی سفیان واعتقه ، وملک نعیم الدنیا فطلقه ، ودفع باب الشرک وغلقه ، وهزم جیش المشرکین ومزقه ، زین الزین وقرة العین ، والمصلی الی القبلتین ، الضارب بالسیفین ، الطاعین بالرمحین ، فارس احد و بدر وحنین ، امام الحرمین ، وابو الحسنین ، صفر الیدین من البیضاء واللجین ، المنزه عن کل شین ، العالی النسبین ، وامام الثقلین ، لیث بنی غالب ، مظهر العجائب ، مفرق الکتائب ، اعنی به علی بن ابی طالب علیه السلام .

قال: فلما سمع المتوکل ذلک جلس وقال: والله لقد کان ابن عمی افضل مما قلت . ثم انه ملا فم الحسن الکرکدان من الدر والجوهر ، ورده الی عیاله معافا سالما(1) و ذکر فی الکتاب المذکور حکایة اخری تشبه هذه القصة بل ربما یوهم الاتحاد.

قال رحمه الله نقل صاحب كتاب المناقب الفاخرة في العترة الطاهرة و هو من اصحابنا رضوان الله علیهم قال:

ذكر الشيخ المفيد محمد بن محمد ابن النعمان قدّس اللّه روحه و نوّر ضريحه، في كتابه كتاب المناقب فی المناقب تصنيفه-رحمه اللّه-قال: كان على عهد الرشيد بن المهدي رجل يقال له أبو إسحق بن إبراهيم الملقّب بديك الجنّ. كان عالما فاضلا شاعرا أديبا فقيها حاويا لكثير من العلوم، و كان مع ذلك شيعيّا، فوشي به إلى الرشيد و قيل له: إن ديك الجنّ رجل لا يثبت صانعا، و لا يقول ببعثة و لا نبوّة، و هو ممّن يقع في الإسلام و أهله، فإن قتله أمير المؤمنين أراح الناس منه، و الإسلام من شرّه.

فأحضره الرشيد، فلمّا مثل بين يديه، قال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال له الرشيد: لا أهلا و لا سهلا.

ويلك بلغني عنك أنك لا تثبت صانعا و لا تقول ببعثة و لا بنبوّة و أنك من يقع في الإسلام و أهله، و إن قتلتك يستريح الإسلام

ص: 11


1- جواهرالمطلب ، فخرالدین الطریحی النجفی ، ج1 ، ص260.

و المسلمون من شرّك! فقال له دیک الجن: معاذ الله إن يكن هكذا مذهبي أو تلك مقالتي و ما ينطوي عليه ضميري، و كيف يا أمير المؤمنين لا أثبت الصانع مع وجود الشواهد الدالّة عليه، و عندي أن الموت مثله كمثل النوم، و إن البعث مثله كمثل اليقظة، و عندي أن اللّه سبحانه و تعالى لا يخلي المكلّفين من لطف إمّا نبي أو وصيّ نبي يكون الناس معه أقرب للصلاح و أبعد عن الفساد، ثمّ واجب على اللّه تعالى أن لا يخرج ذلك النبي من الدنيا حتى يجعل له خليفة كهو، يكون الناس معه حتى يقوم مقامه فيهم، فهذا و اللّه يا أمير المؤمنين مذهبي، فلا تسمع فيّ قول المبدّلين المحرّفين المغيّرين المبتكين آذان الأنعام الهمج الرعاع، الذين يطيرون مع كل ريح و يتّبعون كلّ ناعق و ناهق، الذين تفرّعت الزندقة من مذاهبهم، و عملوا بالقياس في أديانهم، و زووا الخلافة عنك و عن أبيك العبّاس بما رووه كذبا عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم من قولهم: نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه يكون صدقة. كيف يقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ذلك، و قد قال اللّه تعالى: وَ وَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ (1)و قال زكريا: يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ(2) .

فقال له الرشيد: ويلك، أ لست القائل في شعرك:

أصبحت جمّ بلابل الصدر و أبيت مطويّا على الجمر إن بحت طلّ دمي لذاك و إن أكتم يضيق لذالكم صدري فقال: بلى و اللّه أنا القائل لما ذكرت، فأين تمامه؟قال له الرشيد:

ويلك و كان له تمام؟قال: نعم. قال: قله. فأنشد:

ممّا أتاه إلى أبي حسن عمر و صاحبه ابوبکر فعلی الذی یرضی بفعلها مثل الذی احتقبا من الوزر جعلوک رابعهم ابا حسن کذبوا و ربّ الشفع و الوتر و قتلت في بدر سراتهم لا غرو إن طلبوك بالوتر قال: فقطع الرشيد عليه شعره، و قال له: ويلك، جئت بك لأستتيبك عن الزندقة، خرجت إلى مذهب الرافضة.

لقد زدت كفرا إلى كفر! قال: يا أمير المؤمنين، إن كان كلّ من قال بمحبّتكم و ولايتكم و أعتقد أنك قرابة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ممّن تجب له المودّة بقول اللّه تعالى:

قُلْ لاَ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ اَلْمَوَدَّةَ فِي اَلْقُرْبى(3) يكون كافرا ، فأنا ذلک الکافر فقال الرشید: أ لست القائل في شعرك:

باح لفظي بمضمر الصدر ما ذاك إلاّ لمعظّم الأمر فليس بعد الممات مرتجع و إنّما الموت بيضة النقر فقال: معاذ اللّه يا أمير المؤمنين أن يكون هذا قولي، أو أكون ممّن تلفّظ به إلاّ ناقلا له عن أشياخي رافعا له إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك، فإنه كان زنديقا لا يثبت صانعا، و لا يقول ببعثة و لا نبوّة، و رووا عنه أنه تفأّل بالمصحف يوما، فخرج فيه ((وَ اِسْتَفْتَحُوا وَ خَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ `مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَ يُسْقى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ ...(4) )) الآية، فجعل المصحف غرضا للنشّاب و رماه بالنبل حتى خرقة، و قال:

تهدّدني بجبّار عنيد فها أنا ذاك جبّار عنيد إذا ما جئت ربّك يوم حشر فقل يا ربّ مزّقني الوليد فقال: و اللّه ما هذان البيتان الأخيران لك؟فقال: لا و اللّه يا أمير المؤمنين. فقال: لعن اللّه الوليد بن يزيد. ما كان يثبت

ص: 12


1- سورة الشریفة النمل ، الأیة 16.
2- سورة الشریفة المریم ، الأیة 6.
3- سورة الشریفة الشوری ، الأیة 23.
4- سورة الشریفة الابراهیم ، الأیة 15.

صانعا و لا يقول بنبوّة و لا بعثة. أ تدري ممّن أخذ فلک اللعين قوله هذا؟فقال: نعم إن أعطاني أمير المؤمنين الأمان عن النفس و الأهل و المال و ضمن الجائزة، قلت له ممّن أخذ ذلك. فقال: لك ذلك.

ثم أخرج خاتمه من إصبعه و رمى به إليّ فقلت: يا أمير المؤمنين من شعر عمر بن سعد حيث خرج إلى حرب الحسين بن علي عليه السّلام فأنشأ:

فو اللّه ما أدري و إنّي لصادق أ فكّر في نفسي على خطرين أ أترك ملك الريّ و الريّ منيتي أم أرجع مأثوما بقتل حسين حسين ابن عمّي و الحوادث جمّة و ما عاقل باع الوجود بدين يقولون إن اللّه خالق جنّة و نار و تعذيب و غلّ يدين فإن صدقوا فيما يقولون إنّني أتوب إلى الرحمن من سنتين و إن كذبوا فزنا بدنيا هنيئة و ملك عظيم دائم الحجلين فقال: لعن اللّه عمر بن سعد، كان لا يثبت صانعا و لا يقول ببعثة و لا نبوّة. أ تدري ممّن أخذ اللعين؟قال: نعم يا أمير المؤمنين أخذه من شعر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.

قال: و ما قال یزید بن معاویة؟ قال:

علیّة هاتی ناولینی و أعلنی حدیثک إنّی لا أحبّ التّناجیا حدیث أبی سفیان لمّا سمی به إلی احد حتّی أقام البواکیا فرام به عمروا علیّا ففاته و أدرکه الشّیخ اللعین معاویا فأن متّ یا أمّ الاحمیر فانکحی و لا تاملی بعد اللمات تلافیا فإنّ الذی حدّثت فی یوم بعثنا أحادیث زور تترک القلب ساهیا و لولا فضول الناس زرت محمدا بمشمولة صرف تروّی عظامیا و لا خلف بین الناس أن محمد تیوّأ قبرا بالمدینة ثاویا فقد ینبت المرعی علی دمن الثری له غصن من تحته السّرّ بادیا و نفنی و لا نبقی علی الارض دمنة و تبقی حزازات النّفوس کما هیا قال: لعن الله یزید بن معاویة ما کان یثبت صانعا و لا یقول ببعثة و لا نبوّة ، أ تدری من أین أخذه الّلعین؟ قال: نعم یا أمیرالمؤمنین ، أخذه من شعر أبیه معاویة ابن أبی سفیان، قال: و ما قال معاویة؟ قلت: قال:

سائلو الدّیر من بصری صبابات فلا تلمنی فما تغنی الملامات قم نجلی فی طور الظّلماء شمس ضحی نجومها الزّهر طاسات و کاسات لعلّنا إن یدع داعی الفراق بنا نمضی و أنفسنا منها رویّات خذ ما تعجّل و اترک ما وعدتّ به فعل الّلبیب فللتأخیر آفات قبل ارتجاع الّلیالی کلّ عاریة فأنّما خلع الدنیا استعارات فقال: لعن الله معاویة بن أبی سفیان، ما کان یثبت صانعا و لا یقول ببعثة و لا نبوة ، أ تدری من أین أخذ الملعون؟ قلت: نعم یا أمیرالمومنین ، أخذه من شعر عمر بن الخطّاب حین ولۀاه الشام و قلّده إیّاها ، قال: و ما قال عمر بن الخطّاب؟ قال: قلت: قال:

معاوی إنّ القوم ضلّت حلومهم بدعوة من عمّ العشیرة بالوتر صبوت إلی دین به باد أُسرتی فأبعد به دینا قصمت به ظهری فإن أنس لا أنسی الولید و عتبة و شیبة و العاص الصّریع لدی بدر توصّل إلی التّلخیص فی الّلیلة الّتی أتانا بها الماضی المموه بالسحر لهذا و قد قلّدتک الشّام راجیا و أنت جدیرٌ أن تعود إلی صخر فقال: یا أبا إسحاق ، أو کان عمرا کافر بما جاء علی محمّد؟ قلت: نعم یا أمیرالمومنین، فقال: من أین أخذها الزّندیق هذا؟ فقلت: أخذه من شعر أبی بکر ابن أبی قحافة ، قال: و ما قال أبوبکر بن أبی قحافة؟ قلت: قال:

أ تّوعد فی المعاد بشرب خمر

ص: 13

و تنهی الآن عن ماء و تمر کما قال الغراب لسهم رام لقد جمعت من ریشی بضرّی حدیدة صیقل و قضیب نبع و من عصب البعیر و ریش نسر أ تطمع فی حیاة بعد موت حدیث خرافة یا أُمّ عمرو فقال: یا أبا إسحاق، أو کان الصّدر الأوّل کافراً بما جاء علی النّبی؟ قلت: نعم یا أمیرالمومنین، فقال: أتدری من أین أخذ الزّندیث هذا؟ قلت: نعم، أخذها من شعر لنفسه حیث قال:

ذرینا نصطبح یا أمّ بکر فإنّ الموت نقّب عن هشام و نقّب عن أبیک و کان قرنا من الأبطال شرّیب المدام یؤدّبنی المغیرة لو فداه بألف مدحّج و بألف رام کأنّی بالقلیب قلیب بدر من الأقوام و الشّرف الکرام کأنّی بالطّویّ طویّ بدر من الشّیزی المکلّل بالسّنام أ یوعدنا ابن کبشة أن سنُحیا و کیف حیاة أصداء و هام و یعجز أن یکفّ الموت عنّا و یحیینا إذا بلیت عظام خلا أنّ الحکیم رأی حمیراً فألجمها فتاهت فی الّلجام و لم یکفیه جمع المال حتّی بلانا بالصّلاة و بالصّیام فهل من مبلغ الرّحمن عنّی بأنّی تارک شهر الصّیام فقل لله یمنعنی شرابی و قل لله یمنعنی طعامی فقال:

یا أبا إسحاق ، أو کان الصدر الأول کافراً بالله و بما أُنزل علی محمّد من الله و مکذّباً بآیات الله و شاکّاً فی قدرته؟ قلت: نعم یا أمیرالمومنین ، قال: و الله لقد کفر هذا الزّندیق کفرا ما کفر به فرعون ذو الأوتاد ، أ تدری من أین أخذ الزّندیق؟ قلت: نعم یا أمیرالمومنین ، قال: من أین أخذه لعنه الله؟ قلت: أخذه من شعر عبداللات بن الزبعری حیث قال:

لست من خندف إن لم أنتقم من بنی أحمد ما کان فعل لعبت هاشم بالملک فلا خبر جاء و لا وحیٌ نزل و لعبنا نحن فی دولتنا هکذا الأیّام و الدُّنیا دُوَل فقال:

ولالله لقد کفر هؤلاء القوم کفراً ما سبق إلیه الأوّلون ئ لا الآخرون ، أشهد علی أنّی أبرأ إلی الله من أولهم ، ثمّ اکتم ذلک علیّ ، ثم خلق علیه و أسنی له الجائزة و أخرجه مکرّما(1).

شرح النهج: فأما ملوک بنی امیة فلیس منهم إلا من کان یبخل علی الطعام و کان المعاویه یبغض الرجل النهم علی مائدته(2) و فیه عن تاریخ الطبری فی کتاب كتبه المعتضد بالله أبو العباس أحمد بن الموفق أبي أحمد طلحة بن المتوكل على الله في سنة أربع و ثمانين و مائتين و هی السنة التی عزم المعتضد على لعن معاوية بن أبي سفيان على المنابر و أمر ب(إنشاء (3))كتاب يقرأ على الناس فعملت به نسخ قرئت بالجانبين من بغداد(4) في الأرباع و المحال و الأسواق و هو طویل و فیه بعد: ذکر بعث النبی(صلی الله علیه و اله) و انذاره اهله و اسلام بعضهم و انکار آخرین و كان أشدهم في ذلك عداوة و أعظمهم له مخالفة أولهم في كل حرب و مناصبة و رأسهم في كل إجلاب و فتنة لا يرفع على الإسلام راية إلا كان صاحبها و قائدها و رئيسها أبا سفيان بن حرب صاحب و غيرهما و أشياعه من بني أمية الملعونين في كتاب الله ثم الملعونين على لسان رسول الله ص في مواطن عدة لسابق علم الله فيهم و ماضي حكمه في أمرهم و كفرهم و نفاقهم فلم يزل لعنه الله

ص: 14


1- تکمله امل الامل ج3 ص268 عن الکشکول البحرانی ج 3 ، ص1347
2- شرح نهج البلاغه ابن ابی الحدید ، ج15 ، ص252.
3- إضافة من المصدر.
4- جاء فی المصدر : مدینة السلام.

يحارب مجاهدا و يدافع مكايدا و يجلب منابذا حتى قهره السيف و علا أمر الله و هم كارهون فتعوذ بالإسلام غير منطو عليه و أسر الكفر غير مقلع عنه فقبله و قبل ولده على علم منه بحاله و حالهم ثم أنزل الله تعالى كتابا فيما أنزله على رسوله يذكر فيه شأنهم و هو قوله تعالى(( وَ اَلشَّجَرَةَ اَلْمَلْعُونَةَ فِي اَلْقُرْآنِ(1))) و لا خلاف بين أحد في أنه تعالى و تبارك أراد بها بني أمية .

و مما ورد من ذلك في السنة و رواه ثقات الأمة قول رسول الله ص فيه و قد رآه مقبلا على حمار و معاوية يقوده و يزيد يسوقه لعن الله الراكب و القائد و السائق.

و منه ما روته الرواة عنه من قوله يوم بيعة عثمان تلقفوها يا بني عبد شمس تلقف الكرة فو الله ما من جنة و لا نار و هذا كفر صراح يلحقه اللعنة من الله كما لحقت الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود و عيسى بن مريم ذلك بما عصوا و كانوا يعتدون .

و منه (ما يروى(2)) من وقوفه على ثنية أحد من بعد ذهاب بصره و قوله لقائده هاهنا رمينا محمدا و قتلنا أصحابه .

و منها الكلمة التي قالها للعباس قبل الفتح و قد عرضت عليه الجنود لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما فقال له العباس ويحك إنه ليس بملك إنها النبوة .

و منها قوله یوم الفتح و قد رأى بلالا على ظهر الكعبة يؤذن و يقول أشهد أن محمدا رسول الله لقد أسعد الله عتبة بن ربيعة إذ لم يشهد هذا المشهد .

و منه الرؤيا التي رآها رسول الله ص فوجم لها قالوا فما رئي بعدها ضاحكا رأى نفرا من بني أمية ينزون على منبره نزوة القردة .

و منها إطراد رسول الله صلی الله علیه و آله الحكم بن أبي العاص لمحاكاته إياه في مشيته و ألحقه الله بدعوة رسول الله صلی الله علیه و آله آفة باقية حين التفت إليه فرآه يتخلج يحكيه فقال كن كما أنت فبقي على ذلك سائر عمره . هذا إلى ما كان من مروان ابنه في افتتاحه أول فتنة كانت في الإسلام و احتقابه كل حرام سفك فيها أو أريق بعدها .

و منها ما أنزل الله تعالى على نبيه صلی الله علیه و آله ( لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)) قالوا ملك بني أمية .

و منها أن رسول الله صلی الله علیه و آله دعا معاوية ليكتب بين يديه فدافع بأمره و اعتل بطعامه فقال صلی الله علیه و اله لا أشبع الله بطنه فبقي لا يشبع و هو يقول و الله ما أترك الطعام شبعا و لكن إعياء.

و منها أن رسول الله ص قال يطلع من هذا الفج رجل من أمتي يحشر على غير ملتي فطلع معاوية.

و منها أن رسول الله ص قال إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه.

و منها الحديث المشهور المرفوع أنه صلی الله علیه و آله قال إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك من جهنم ينادي يا حنان

ص: 15


1- سورة الشریفة الاسراء ، الأیة 60.
2- إضافة من المصدر.
3- سورة الشریفة القدر ، الأیة 3.

يا منان فيقال له(( آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ اَلْمُفْسِدِينَ(1))).

و منها افتراؤه بالمحاربة لأفضل المسلمين في الإسلام مكانا و أقدمهم إليه سبقا و أحسنهم فيه أثرا و ذكرا علي بن أبي طالب ينازعه حقه بباطله و يجاهد أنصاره بضلاله أعوانه و يحاول ما لم يزل هو و أبوه يحاولانه من إطفاء نور الله و جحود دينه وَ(( يَأْبَى اَللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ كَرِهَ اَلْكَافِرُونَ(2))) و يستهوي أهل الجهالة و يموه لأهل الغباوة بمكره و بغيه اللذين قدم رسول الله صلی الله علیه و آله الخبر عنهما فقال لعمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة و يدعونك إلى النار . مؤثرا للعاجلة كافرا بالآجلة خارجا من ربقة الإسلام مستحلا للدم الحرام حتى سفك في فتنته و على سبيل غوايته و ضلالته ما لا يحصى عدده من أخيار المسلمين الذابين عن دين الله و الناصرين لحقه مجاهدا في عداوة الله مجتهدا في أن يعصى الله فلا يطاع و تبطل أحكامه فلا تقام و يخالف دينه فلا بد و أن تعلو كلمة الضلال و ترتفع دعوة الباطل و ((كلمة اَللَّهِ هِيَ اَلْعُلْيَا(3))) و دينه المنصور و حكمه النافذ و أمره الغالب و كيد من عاداه و حاده المغلوب الداحض حتى احتمل أوزار تلك الحروب و ما تبعها و تطوق تلك الدماء و ما سفك بعدها و سن سنن الفساد التي عليه إثمها و إثم من عمل بها و أباح المحارم لمن ارتكبها و منع الحقوق أهلها و غرته الآمال و استدرجه الإمهال و كان مما أوجب الله عليه به اللعنة قتله من قتل صبرا من خيار الصحابة و التابعين و أهل الفضل و الدين مثل عمرو بن الحمق الخزاعي و حجر بن عدي الكندي فيمن قتل من أمثالهم على أن تكون له العزة و الملك و الغلبة.

ثم ادعاؤه زياد بن سمية أخا و نسبته إياه إلى أبيه و الله تعالى يقول(( اُدْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اَللَّهِ(4))) رسول الله صلی الله علیه و اله يقول ملعون من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه و قال الولد للفراش و للعاهر الحجر، فخالف حكم الله تعالى و رسوله جهارا و جعل الولد لغير الفراش و الحجر لغير العاهر فأحل بهذه الدعوة من محارم الله و رسوله في أم حبيبة أم المؤمنين و في غيرها من النساء من شعور و وجوه قد حرمها الله و أثبت بها من قربى قد أبعدها الله ما لم يدخل الدين خلل مثله و لم ينل الإسلام تبديل يشبهه و من ذلك إيثاره لخلافة الله على عباده ابنه يزيد السكير الخمير صاحب الديكة و الفهود و القردة و أخذ البيعة له على خيار المسلمين بالقهر و السطوة و التوعد و الإخافة و التهديد و الرهبة و هو يعلم سفهه و يطلع على رهقه و خبثه و يعاين سكراته و فعلاته و فجوره و کفره الکتاب و هو طویل حسن بدیع(5).

و فیه روى الواقدي قال معاوية يوما بعد استقرار الخلافة له لعمرو بن العاص يا أبا عبد الله لا أراك إلا و يغلبني الضحك قال بما ذا قال أذكر يوم حمل عليك أبو تراب في فأزريت نفسك فرقا من شبا سنانه و كشفت سوأتك له فقال عمرو أنا منك أشد ضحكا إني لأذكر يوم دعاك إلى البراز فانتفخ سحرك و ربا لسانك في فمك و غصصت بريقك و ارتعدت فرائصك و بدا منك ما أكره (ذكره(6)) لك فقال معاوية لم يكن هذا كله و كيف يكون و دوني عك و

ص: 16


1- سورة الشریفة الیونس ، الأیة 91.
2- سورة الشریفة التوبة ، الأیة 32.
3- سورة الشریفة التوبة ، الأیة 40.
4- سورة الشریفة الاحزاب ، الأیة ، 5.
5- شرح نهج البلاغه ، ج15 ، ص171 و ما بعدها عن التاریخ الطبری ، ج3 ، ص2164 و ما بعهدها.
6- إضافة من المصدر.

والأشعريون قال إنك لتعلم أن الذي وصفت دون ما أصابك و قد نزل ذلك بك و دونك عك و الأشعريون فكيف كانت حالك لو جمعكما مأقط الحرب فقال يا أبا عبد الله خض بنا الهزل إلى الجد إن الجبن و الفرار من علي لا عار على أحد فيهما(1) .

و نقل ایضا عن کتاب اخبار الملوک لأحمد بن أبي طاهر أن معاوية سمع المؤذن يقول أشهد أن لا إله إلا الله فقالها سفقال أشهد أن محمدا رسول الله فقال لله أبوك يا ابن عبد الله لقد كنت عالي الهمة ما رضيت لنفسك إلا أن يقرن اسمك باسم رب العالمين(2) .

نهج البلاغه و من كلام له علیه السلام لأصحابه أَمَا إِنَّهُ سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن يأْكل ما يجد و يطلب ما لا يجد فاقتلوه و لن تقتلوه ألا و إِنَه سيأْمركم بسبّي و الْبراءة منّي فأَمّا السّبّ فسبّوني فإِنَّه لي زكَاة و لكمْ نجاة و أَمّا الْبراءة فلا تتبرءوا منّي فإِنّي ولدْت على اَلفطرة و سبقْت إِلى الْإِيمان و اَلْهجرة (3) قال ابن ابی الحدید: مندحق البطن بارزها و الدحوق من النوق التي يخرج رحمها عند الولادة و سيظهر سيغلب و رحب البلعوم واسعة و كثير من الناس يذهب إلى أنه علیه السلام عنى زيادا و كثير منهم يقول إنه عنى الحجاج و قال قوم إنه عنى المغيرة بن شعبة و الأشبه عندي أنه عنى معاوية لأنه كان موصوفا بالنهم و كثرة الأكل و كان بطينا يقعد بطنه إذا جلس على فخذيه و كان معاوية جوادا بالمال و الصلات و بخيلا على الطعام يقال إنه مازح أعرابيا على طعامه و قد قدم بين يديه خروف فأمعن الأعرابي في أكله فقال له ما ذنبه إليك أ نطحك أبوه فقال الأعرابي و ما حنوك عليه أ أرضعتك أمه .

و قال لأعرابي يأكل بين يديه و قد استعظم أكله أ لا أبغيك سكينا فقال كل امرئ سكينه في رأسه فقال ما اسمك قال لقيم قال منها أتيت .

كان معاوية يأكل فيكثر ثم يقول ارفعوا فو الله ما شبعت و لكن مللت و تعبت .

تظاهرت الأخبار أن رسول الله ص دعا على معاوية لما بعث إليه يستدعيه فوجده يأكل ثم بعث فوجده يأكل فقال اللهم لا تشبع بطنه .

قال الشاعر و صاحب لي بطنه كالهاوية كأن في أحشائه معاوية (4) قلت:

قد صرح فی ذکر مفاخرة بنی هاشم و بنی امیة بأنّ ما کان یعطیه معاویة و ابنه لم یکن عن جوده و سماععه قال: قالوا و معاوية أول رجل في الأرض وهب ألف ألف درهم و ابنه أول من ضاعف ذلك فإنه كان يجيز الحسن و الحسين علیهما السلام ابني علي علیه السلام في كل عام لكل واحد منهما بألف ألف درهم و كذلك كان يجيز عبد الله بن العباس و عبد الله بن جعفر فلما مات و قام يزيد وفد عليه عبد الله بن جعفر فقال له إن أمير المؤمنين

ص: 17


1- شرح نهج البلاغه ، ج6، ص317.
2- شرح نهج البلاغه ، ج10 ، ص101.
3- النهج البلاغه ، تحقیق محمد الدشتی ، ج1 ، ص46 ، الخطبة 57.
4- شرح نهج البلاغة ، ج4 ، ص55.

و ما كان في دومة الجندل ألين فيطمع في غرتي و سهمي قد خاض في المقتل فألمظه عسلا باردا و أخبأ من تحته حنظلي و أعليته المنبر المشمخر كرجع الحسام إلى المفصل فأضحي لصاحبه خالعا كخلع النعال من الأرجل و أثبتها فيك موروثة ثبوت الخواتم في الأنمل وهبت لغيري وزن الجبال و أعطيتني زنة الخردل و إن عليا غدا خصمنا سيحتج بالله و المرسل و ما دم عثمان منج لنا فليس عن الحق من مزحل فلما بلغ الجواب إلى معاوية لم يعاوده في شي ء من أمر مصر بعدها(1) .

و فیه عن أبی عثمان أيضا قال دخل الحسن بن علي علیه السلام على معاوية و عنده عبد الله بن الزبير و كان معاوية يحب أن يغري بين قريش فقال يا أبا محمد أيهما كان أكبر سنا علي أم الزبير فقال الحسن ما أقرب ما بينهما و علي أسن من الزبير رحم الله عليا فقال ابن الزبير رحم الله الزبير و هناك أبو سعيد بن عقيل بن أبي طالب فقال يا عبد الله و ما يهيجك من أن يترحم الرجل على أبيه قال و أنا أيضا ترحمت على أبي قال أ تظنه ندا له و كفؤا قال و ما يعدل به عن ذلك كلاهما من قريش و كلاهما دعا إلى نفسه و لم يتم له قال دع ذاك عنك يا عبد الله إن عليا من قريش و من الرسول ص حيث تعلم و لما دعا إلى نفسه أتبع فيه و كان رأسا و دعا الزبير إلى أمر و كان الرأس فيه امرأة و ((لما تَرَاءَتِ اَلْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ(2))) و ولى مدبرا قبل أن يظهر الحق فيأخذه أو يدحض الباطل فيتركه فأدركه رجل لو قيس ببعض أعضائه لكان أصغر فضرب عنقه و أخذ سلبه و جاء برأسه و مضى علي قدما كعادته مع ابن عمه رحم الله عليا فقال ابن الزبير أما لو أن غيرك تكلم بهذا يا أبا سعيد لعلم فقال إن الذي تعرض به يرغب عنك و كفه معاوية فسكتوا .

و أخبرت عائشة بمقالتهم و مرّ أبو سعيد بفنائها فنادته يا أبا سعيد أنت القائل لابن أختي كذا فالتفت أبو سعيد فلم ير شيئا فقال إن الشيطان يرانا و لا نراه فضحكت عائشة و قالت لله أبوك ما أذلق لسانك(3) .

و فیه ایضا دخل عبد الله بن العباس على عبد الملك بن مروان يوم قر و هو على فرش يكاد يغيب فيها فقال يا ابن عباس إني لأحسب اليوم باردا قال أجل و إن ابن هند عاش في مثل ما ترى عشرين أميرا و عشرين خليفة ثم هو ذاك على قبره ثمامة تهتز .فيقال إن عبد الملك أرسل إلى قبر معاوية فوجد عليه ثمامة نابتة(4) (در متن خطی نوشته: کتاب الامل للشیخ الحر العاملی..)

ص: 18


1- شرح نهج البلاغة ، ج10 ، ص56.
2- سوره الشریفة الانفال ؛ الأیة 48.
3- شرح نهج البلاغة ، ج11 ، ص19.
4- شرح نهج البلاغة ، ج11 ، ص171.

شرح النهج روى المدائني قال قال معاوية يوما لعقيل بن أبي طالب هل من حاجة فأقضيها لك قال نعم جارية عرضت عليّ و أبى أصحابها أن يبيعوها إلا بأربعين ألفا فأحب معاوية أن يمازحه فقال و ما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفا و أنت أعمى تجتزئ بجارية قيمتها خمسون درهما قال أرجو أن أطأها فتلد لي غلاما إذا أغضبته يضرب عنقك بالسيف فضحك معاوية و قال مازحناك يا أبا يزيد و أمر فابتيعت له الجارية التي أولد منها مسلما فلما أتت على مسلم ثماني عشرة سنة و قد مات عقيل أبوه قال لمعاوية يا أمير المؤمنين إن لي أرضا بمكان كذا من المدينة و إني أعطيت بها مائة ألف و قد أحببت أن أبيعك إياها فادفع إلي ثمنها فأمر معاوية بقبض الأرض و دفع الثمن إليه .

فبلغ ذلك الحسين علیه السلام فكتب إلى معاوية أما بعد فإنك غررت غلاما من بني هاشم فابتعت منه أرضا لا يملكها فاقبض من الغلام ما دفعته إليه و اردد إلينا أرضنا .

فبعث معاوية إلى مسلم فأخبره ذلك و أقرأه كتاب الحسين علیه السلام و قال اردد علينا مالنا و خذ أرضك فإنك بعت ما لا تملك فقال مسلم أما دون أن أضرب رأسك بالسيف فلا فاستلقى معاوية ضاحكا يضرب برجليه فقال يا بني هذا و الله كلام قاله لي أبوك حين ابتعت له أمك .

ثم كتب إلى الحسين علیه السلام إني قد رددت عليكم الأرض و سوغت مسلما ما أخذ (فقال الحسين علیه السلام أبيتم يا آل أبي سفيان إلا كرما(1))(2) .

و فیه عن الأعمش عن عمار الدهني عن أبي صالح الحنفي عن علي (علیه السلام ) قال: لنا يوما لقد رأيت الليلة رسول الله (صلی الله علیه و اله) في المنام فشكوت إليه ما لقيت حتى بكيت فقال لي انظر فنظرت فإذا جلاميد و إذا رجلان مصفدان قال الأعمش هما معاوية و عمرو بن العاص قال فجعلت أرضخ رئوسهما ثم تعود ثم أرضخ ثم تعود حتى انتبهت(3) و فیه عن الواقدی إن معاوية لما أراد أن يجري العين التي أحدثها بالمدينة و هي كظامة نادى مناديه بالمدينة من كان له قتيل بأحد فليشهد فخرج الناس إلى قتلاهم فوجدوهم رطابا يتثنون فأصابت المسحاة رجل رجل منهم فثعبت دما فقال أبو سعيد الخدري لا ينكر بعد هذا منكر أبدا(4) .

و قال ابن ابی الحدید قلت سألت النقيب أبا زيد عن معاوية هل شهد مع المشركين فقال نعم شهدها ثلاثة من أولاد أبي سفيان حنظلة و عمرو و معاوية قتل أحدهم و أسر الآخر و أفلت معاوية هاربا على رجليه فقدم مكة و قد انتفخ قدماه و ورمت ساقاه فعالج نفسه شهرين حتى برأ .

قال أما سمعت نادرة الاعمش و کان قد ناظر صاحبا له هل معاویة من أهل البدر أم لا؟ فقال له اصلحک الله هل شهد معاویة؟ فقال نعم من ذلک الجانب(5).

ص: 19


1- إضافة من المصدر.
2- شرح نهج البلاغة ، ج11 ، ص252.
3- شرح نهج البلاغة ، ج4 ، ص109.
4- شرح نهج البلاغة ، ج14 ، ص264.
5- شرح نهج البلاغه ، ج15 ، ص85.

(تابع من الصفحة 18 إلى الصفحة 20) معاوية كان يصل رحمي في كل سنة بألف ألف درهم قال فلك ألفا ألف درهم فقال بأبي أنت و أمي أما إني ما قلتها لابن أنثى قبلك قال فلك أربعة آلاف ألف درهم .

و هذا الاعتراض ساقط لأن ذلك إن صح لم يعد جودا و لا جائزة و لا صلة رحم هؤلاءقوم كان يخافهم على ملكه و يعرف حقهم فيه و موقعهم من قلوب الأمة فكان يدبر في ذلك تدبيرا و يريع أمورا و يصانع عن دولته و ملكه و نحن لم نعد قط ما أعطى خلفاء بني هاشم قوادهم و كتابهم و بني عمهم جودا فقد وهب المأمون للحسن بن سهل غلة عشرة آلاف ألف فما عد ذلك منه مكرمة و كذلك كل ما يكون داخلا في باب التجارة و استمالة القلوب و تدبير الدولة و إنما يكون الجود ما يدفعه الملوك في الوفود و الخطباء و الشعراء و الأشراف و الأدباء و السمار و نحوهم و لو لا ذلك لكان الخليفة إذا وفى الجند أعطياتهم احتسب ذلك في جوده فالعمالات شي ء و الإعطاء على دفع المكروه شي ء و التفضل و الجود شي ء انتهی(1).

و فی کتاب ابن عباس الی یزید فلعمری ما تؤتینا مما فی یدک من حقنا إلا قلیل و إنک لتحبس عنا منه العریض الطویل(2).

ففیه ایضا إنّ عثمان لما أخرج اباذر الی الشام كان ينكر على معاوية أشياء يفعلها فبعث إليه معاوية يوما ثلاثمائة دينار فقال أبو ذر لرسوله إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا أقبلها و إن كانت صلة فلا حاجة لي فيها و ردها عليه .

ثم بنى معاوية الخضراء بدمشق فقال أبو ذر يا معاوية إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة و إن كانت من مالك فهي الإسراف و كان أبو ذر يقول بالشام و الله لقد حدثت أعمال ما أعرفها و الله ما هي في كتاب الله و لا سنة نبيه صلی الله علیه و اله و الله إني لأرى حقا يطفأ و باطلا يحيا و صادقا مكذبا و أثرة بغير تقى و صالحا مستأثرا عليه .

قال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله إن كان لك فيه حاجة . (3) و روى شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب السفيانية عن جلام بن جندل الغفاري قال كنت غلاما لمعاوية على قنسرين و العواصم في خلافة عثمان فجئت إليه يوما أسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخا على باب داره يقول أتتكم القطار تحمل النار اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له فازبأر معاوية و تغير لونه و قال يا جلام أ تعرف الصارخ فقلت اللهم لا قال من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ثم قال أدخلوه علي فجي ء بأبي ذر بين قوم يقودونه حتى وقف بين يديه فقال له معاوية يا عدو الله و عدو رسوله تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع أما

ص: 20


1- شرح نهج البلاغه ، ج15 ، ص252.
2- تاریخ یعقوبی ، ج2 ، ص248.
3- شرح النهج البلاغة ، ج3 ، ص54.

أني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك و لكني أستأذن فيك قال جلام و كنت أحب أن أرى أبا ذر لأنه رجل من قومي فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره جنأ فأقبل على معاوية و قال ما أنا بعدو لله و لا لرسوله بل أنت و أبوك عدوان لله و لرسوله أظهرتما الإسلام و أبطنتما الكفر و لقد لعنك رسول الله صلی الله علیه و اله و دعا عليك مرات ألا تشبع سمعت رسول الله ص يقول إذا ولي الأمة الأعين الواسع البلعوم الذي يأكل و لا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه فقال معاوية ما أنا ذاك الرجل قال أبوذر بل أنت ذلک الرجل أخبرنی بذلک رسول الله صلی الله علیه و آله و سمعته و قد مررت به اللهم العنه و لا تشبعه إلا بالتراب و سمعته صلی الله علیه و آله یقول است معاویة فی النار فضحک معاویة و أمر بحبسه وکتب إلی عثمان فیه الخبر(1).

روی قاضی القضاة فی المغنی عن ابی علی عن زید بن وهب قال قلت لابی ذر و هو بالربذة ما انزلک هذا المنزل؟ قال اخبرک إنّی کنت بالشام فذکرت قوله تعالی (( و الذین یکنزون الذهب و الفضة و لا ینفقون(2))) فقال معاویة :هذه نزلت فی اهل الکتاب. فقلت فیهم و فینا . فکتب معاویة الی عثمان فی ذلک(3).

نقل عن تاریخ أبی جعفر الطبری أن عمرلما دخل الشام لقيه معاوية و عليه ثياب ديباج و حوله جماعة من الغلمان و الخول فدنا منه فقبل يده فقال ما هذا يا ابن هند و إنك لعلى هذه الحال مترف صاحب لبوس و تنعم و قد بلغني أن ذوي الحاجات يقفون ببابك فقال يا أمير المؤمنين أما اللباس فأنا ببلاد عدو و نحب أن يرى أثر نعمة الله علينا و أما الحجاب فأنا نخاف من البذلة جرأة الرعية فقال ما سألتك عن شي ء إلا تركتني منه في أضيق من الرواجب إن كنت صادقا فإنه رأي لبيب و إن كنت كاذبا فإنها خدعة أريب(4) .

قال و كتب معاوية إلى عمرو بن العاص و هو على مصر قد قبضها بالشرط الذي اشترط على معاوية أما بعد فإن سؤال أهل الحجاز و زوار أهل العراق كثروا علي و ليس عندي فضل عن أعطيات الحجاز فأعني بخراج مصر هذه السنة فكتب عمرو إليه معاوي إن تدركك نفس شحيحة فما مصر إلا كالهباءة في الترب و ما نلتها عفوا و لكن شرطتها و قد دارت الحرب العوان على قطب و لو لا دفاعي الأشعري و رهطه لألفيتها ترغو كراغية السقب .

ثم كتب في ظاهر الكتاب و رأيت أنا هذه الأبيات بخط أبي زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي رحمه الله معاوي حظي لا تغفل و عن سنن الحق لا تعدل أ تنسى مخادعتي الأشعري تابع 21 على الصفحة 18

ص: 21


1- شرح نهج البلاغة ، ج8 ، ص258.
2- سورة الشریفة التویة ، الأیة 34.
3- شرح نهج البلاغه ، ج8 ، ص261.
4- شرح نهج البلاغة ، ج8 ، ص299.

شرح النهج عن كتاب الغارات عن الأعمش عن أنس بن مالك قال سمعت رسول الله (صلی الله علیه و اله) يقول سيظهر على الناس رجل من أمتي عظيم السرم واسع البلعوم يأكل و لا يشبع يحمل وزر الثقلين يطلب الإمارة يوما فإذا أدركتموه فابقروا بطنه قال و كان في يد رسول الله ( صلی الله علیه و اله قضيب قد وضع طرفه في بطن معاوية .(1) و فیه قال معاوية لقيس بن سعد رحم الله أبا حسن فلقد كان هشا بشا ذا فكاهة قال قيس نعم كان رسول الله صلی الله علیه و آله يمزح و يبتسم إلى أصحابه و أراك تسر حسوا في ارتغاء و تعيبه بذلك أما و الله لقد كان مع تلك الفكاهة و الطلاقة أهيب من ذي لبدتين قد مسه الطوى تلك هيبة التقوى و ليس كما يهابك طغام أهل الشام (2).

کتاب الاحتجاج عن سليم بن قيس قال: قدم معاوية بن أبي سفيان حاجا في خلافته فاستقبله أهل المدينة، فنظر فإذا الذين استقبلوه ما فيهم أحد من قريش، فلما نزل قال:

ما فعلت الأنصار وما بالها لم تستقبلني؟ فقيل له: إنهم محتاجون ليس لهم دواب.

فقال معاوية: فأين نواضحهم؟ فقال قيس بن سعد بن عبادة - وكان سيد الأنصار وابن سيدها -: أفنوها يوم بدر واحد وما بعدهما من مشاهد رسول الله صلى الله عليه وآله، حين ضربوك وأباك على الإسلام حتى ظهر أمر الله وأنتم كارهون، فسكت معاوية، فقال قيس:

أما أن رسول الله صلى الله عليه وآله عهد إلينا أنا سنلقي بعده إثرة.

فقال معاوية: فما أمركم به؟ فقال: أمرنا أن نصبر حتى نلقاه.

قال: فاصبروا حتى تلقوه! ثم إن معاوية مر بحلقة من قريش فلما رأوه قاموا غير عبد الله بن عباس فقال له:

يا بن عباس ما منعك من القيام كما قام أصحابك، إلا لموجدة أني قاتلتكم بصفين، فلا تجد من ذلك يا بن عباس! فإن ابن عمي عثمان قد قتل مظلوما! قال ابن عباس: فعمر بن الخطاب قد قتل مظلوما.

قال: إن عمر قتله كافر.

قال ابن عباس: فمن قتل عثمان؟ قال: قتله المسلمون.

قال: فذلك أدحض لحجتك.

قال: فإنا قد كتبنا في الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي وأهل بيته، فكف لسانك.

فقال: يا معاوية أتنهانا عن قراءة القرآن؟! قال: لا.

قال: أتنهانا عن تأويله؟! قال: نعم.

قال: فنقرأه ولا نسأل عما عنى الله به؟ ثم قال: فأيهما أوجب علينا قرائته أو العمل به؟ قال: العمل به.

قال: فكيف نعمل به ولا نعلم ما عنى الله؟! قال: سل عن ذلك من يتأوله غير ما تتأوله أنت وأهل بيتك.

قال: إنما أنزل القرآن على أهل بيتي فأسأل عنه آل أبي سفيان يا معاوية أتنهانا أن نعبد الله بالقرآن بما فيه من حلال وحرام؟! فإن لم تسأل الأمة عن ذلك حتى تعلم تهلك وتختلف.

قال: اقرؤا القرآن وتأولوه ولا ترووا شيئا مما أنزل الله فيكم، وارووا ما سوى ذلك.

قال: فإن الله يقول في القرآن (( يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون(3))).

قال: يا بن عباس أربع على نفسك، وكف لسانك، وإن

ص: 22


1- شرح نهج البلاغه ، ج4 ، ص108.
2- شرح نهج البلاغة ، ج1 ، ص25.
3- سورة الشریفة التوبة ، الأیة 32.

كنت لا بد فاعلا فليكن ذلك سرا لا يسمعه أحد علانية.

ثم رجع إلى بيته فبعث إليه بمائة ألف درهم، ونادى منادي معاوية أن قد برئت الذمة ممن يروي حديثا من مناقب علي وفضل أهل بيته، وكان أشد الناس بلية أهل الكوفة، لكثرة من بها من الشيعة، فاستعمل زياد ابن أبيه وضمّ إليه العراقين: الكوفة والبصرة، فجعل يتتبع الشيعة وهو بهم عارف، يقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم، وقطع الأيدي والأرجل، وصلبهم في جذوع النخل، وسمل أعينهم، وطردهم وشردهم، حتى نفوا عن العراق فلم يبق بها أحد معروف مشهور، فهم بين مقتول أو مصلوب، أو محبوس، أو طريد، أو شريد.

وكتب معاوية إلى جميع عماله في جميع الأمصار: أن لا تجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة، وانظروا قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه ومحبي أهل بيته وأهل ولايته، والذين يروون فضله ومناقبه فأدنوا مجالسهم، وقربوهم، وأكرموهم، واكتبوا بمن يروي من مناقبه واسم أبيه وقبيلته، ففعلوا، حتى كثرت الرواية في عثمان، وافتعلوها لما كان يبعث إليهم من الصلات والخلع والقطايع، من العرب والموالي، وكثر ذلك في كل مصر، وتنافسوا في الأموال والدنيا، فليس أحد يجئ من مصر من الأمصار فيروي في عثمان منقبة أو فضيلة إلا كتب اسمه، وأجيز، فلبثوا بذلك ما شاء الله.

ثم كتب إلى عماله: إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر، فادعوا الناس إلى الرواية في معاوية وفضله وسوابقه، فإن ذلك أحب إلينا، وأقر لأعيننا، وأدحض لحجة أهل هذا البيت، وأشد عليهم، فقرأ كل أمير وقاض كتابه على الناس، فأخذ الرواة في فضائل معاوية على المنبر في كل كورة وكل مسجد زورا، وألقوا ذلك إلى معلمي الكتاتيب فعلموا ذلك صبيانهم، كما يعلمونهم القرآن، حتى علموه بناتهم ونساؤهم وحشمهم، فلبثوا بذلك ما شاء الله.

وكتب زياد بن أبيه إليه في حق الحضرميين: أنهم على دين علي، وعلى رأيه فكتب إليه معاوية: أقتل كل من كان على دين علي ورأيه فقتلهم ومثل بهم.

ثم كتب معاوية إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: (انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته، فامحوه من الديوان ولا تجيزوا له شهادة). ثم كتب كتابا آخر: (من اتهمتموه ولم تقم عليه بينة أنه منهم فاقتلوه). فقتلوهم على

ص: 23

التهم والظن والشبه تحت كل كوكب، حتى لقد كان الرجل يغلط بكلمة فيضرب عنقه.

ولم يكن ذلك البلاء في بلد أكبر ولا أشد منه بالعراق ولا سيما بالكوفة، حتى أنه كان الرجل من شيعة علي عليه السلام - وممن بقي من أصحابه بالمدينة وغيرها - ليأتيه من يثق به فيدخل بيته، ثم يلقي إليه سره فيخاف من خادمه ومملوكه، فلا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان المغلظة ليكتمه عليه.

وجعل الأمر لا يزداد إلا شدة وكثر عندهم عدوهم وأظهروا أحاديثهم الكاذبة في أصحابهم من الزور والبهتان، فنشأ الناس على ذلك ولم يتعلموا إلا منهم ومضى على ذلك قضاتهم وولاتهم وفقهائهم. وكان أعظم الناس في ذلك بلاء وفتنه القراء المراءون المتصنعون، الذين يظهرون لهم الحزن والخشوع والنسك، ويكذبون ويفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ويدنوا بذلك مجالسهم ويصيبوا بذلك الأموال والقطائع والمنازل. حتى صارت أحاديثهم تلك ورواياتهم في أيدي من يحسب أنها حق وأنها صدق، فرووها وقبلوها وتعلموها وعلموها وأحبوا عليها وأبغضوا، حتى جمعت على ذلك مجالسهم وصارت في أيدي الناس المتدينين الذين لا يستحلون الكذب ويبغضون عليه أهله. فقبلوها وهم يرون أنها حق، ولو علموا أنها باطل لم يرووها ولم يتدينوا بها ولا تنقصوا من خالفهم. فصار الحق في ذلك الزمان باطلا والباطل حقا والصدق كذبا والكذب صدقا فلما مات الحسن بن علي عليه السلام إزاد البلاء و الفتنة(1)، فلم يبق ولي لله إلا خائفا على دمه أو مقتولا أو طريدا أو شريدا، (ولم يبق عدو لله إلا مظهرا حجته غير مستتر ببدعته وضلالته(2)).

فلما كان قبل موت معاوية بسنة حج الحسين بن علي عليه السلام وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن عباس معه. فجمع الحسين عليه السلام بني هاشم، رجالهم ونسائهم ومواليهم وشيعتهم من حج منهم، ومن الأنصار ممن يعرفه الحسين عليه السلام وأهل بيته. ثم أرسل رسلا: (لا تدعوا أحدا ممن حج العام من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله المعروفين بالصلاح والنسك إلا أجمعوهم لي). فاجتمع إليه بمنى أكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادقه، عامتهم من التابعين ونحو من مائتي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وغيرهم. فقام فيهم الحسين عليه السلام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإن هذا الطاغية قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم، وإني أريد أن أسألكم عن شئ، فإن صدقت فصدقوني وإن كذبت فكذبوني. أسألكم بحق الله عليكم وحق رسول الله وحق قرابتي من نبيكم، لما سيرتم مقامي هذا ووصفتم مقالتي ودعوتم أجمعين في أنصاركم من قبائلكم من آمنتم من الناس ووثقتم به، فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا، فإني أتخوف أن يدرس هذا الأمر ويذهب الحق ويغلب، والله متم نوره ولو كره الكافرون.

وما ترك شيئا مما أنزل الله فيهم من القرآن إلا تلاه وفسره، ولا شيئا مما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله في أبيه وأخيه وأمه وفي نفسه وأهل بيته إلا رواه، وكل ذلك يقول الصحابة: (اللهم نعم، قد سمعنا وشهدنا)، ويقول التابعي: (اللهم قد حدثني به من أصدقه وأئتمنه من الصحابة). حتی لم یترک شیئا إلا قاله ثم قال أنشدکم بالله إلا رجعتم و حدّثتم به من تثقون به ثم نزل و تفرق الناس عن ذلک(3).

ص: 24


1- جاء فی المصدر: لم يزل الفتنة والبلاء يعظمان ويشتدان
2- إضافة من المصدر.
3- الاحتجاج ، ج1 ، ص293.

قال ابن ابی الحدید و روى أبو الحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب الأحداث قال كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب و أهل بيته فقامت الخطباء في كل كورة و على كل منبر يلعنون عليا و يبرءون منه و يقعون فيه و في أهل بيته و كان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي علیه السلام فاستعمل عليهم زياد بن سمية و ضم إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة و هو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي علیه السلام فقتلهم تحت كل حجر و مدر و أخافهم و قطع الأيدي و الأرجل و سمل العيون و صلبهم على جذوع النخل و طرفهم و شردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم و كتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق ألا يجيزوا لأحد من شيعة علي و أهل بيته شهادة و كتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان و محبيه و أهل ولايته و الذين يروون فضائله و مناقبه فادنوا مجالسهم و قربوهم و أكرموهم و اكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم و اسمه و اسم أبيه و عشيرته .

ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان و مناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات و الكساء و الحباء و القطائع و يفيضه في العرب منهم و الموالي فكثر ذلك في كل مصر و تنافسوا في المنازل و الدنيا فليس يجي ء أحد مردود من الناس عاملا من عمال معاویة فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه و قربه و شفعه فلبثوا بذلك حينا .

ثم كتب إلى عماله أن الحديث في عثمان قد كثر و فشا في كل مصر و في كل وجه و ناحية فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة و الخلفاء الأولين و لا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا و تأتوني بمناقض له في الصحابة فإن هذا أحب إلى و أقر لعيني و أدحض لحجة أبي تراب و شيعته و أشد عليهم من مناقب عثمان و فضله .

فقرئت كتبه على الناس فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها وجد الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر و ألقي إلى معلمي الكتاتيب فعلموا صبيانهم و غلمانهم من ذلك الكثير الواسع حتى رووه و تعلموه كما يتعلمون القرآن و حتى علموه بناتهم و نساءهم و خدمهم و حشمهم فلبثوا بذلك ما شاء الله(1) .

و ذکر قریبا مما تقدم.

قال و روی ابن عرفة المعروف بنفطويه و هو من أكابر المحدثين و أعلامهم في تاريخه ما يناسب هذا الخبر و قال إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم(2) قال ایضا فی شرح قوله علیه السلام يأمركم بسبي و البراءة مني فنقول إن معاوية أمر الناس بالعراق و الشام و غيرهما بسبّ علي علیه السلام و البراءة منه .

و خطب بذلك على منابر الإسلام و صار ذلك سنة في أيام بني أمية إلى أن قام عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه فأزاله و ذكر شيخنا أبو عثمان الجاحظ أن معاوية كان يقول في آخر خطبة الجمعة اللهم إن أبا تراب ألحد في دينك و صد عن سبيلك فالعنه

ص: 25


1- شرح نهج البلاغة ، ج11 ، ص44.
2- شرح نهج البلاغة ، ج11 ، ص46.

لعنا وبيلا و عذبه عذابا أليما و كتب بذلك إلى الآفاق فكانت هذه الكلمات يشار بها على المنابر إلى خلافة عمر بن عبد العزيز(1) .

و روى أبو عثمان أيضا أن قوما من بني أمية قالوا لمعاوية يا أمير المؤمنين إنك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن لعن هذا الرجل فقال لا و الله حتى يربو عليه الصغير و يهرم عليه الكبير و لا يذكر له ذاكر فضلا (2) قال و أمر المغيرة بن شعبة و هو يومئذ أمير الكوفة من قبل معاوية حجر بن عدي أن يقوم في الناس فليلعن عليا علیه السلام فأبى ذلك فتوعده فقام فقال أيها الناس إن أميركم أمرني أن ألعن عليا فالعنوه فقال أهل الكوفة لعنه الله و أعاد الضمير إلى المغيرة بالنية و القصد و أراد زياد أن يعرض أهل الكوفة أجمعين على البراءة من علي علیه السلام و لعنه و أن يقتل كل من امتنع من ذلك و يخرب منزله فضربه الله ذلك اليوم بالطاعون فمات لا رحمه الله بعد ثلاثة أيام و ذلك في خلافة معاوية (3) اقول روی الشیخ الطوسی رحمه الله فی امالیه مسندا عن يحيى بن ثعلبة أبو المقوم الأنصاري ، عن أمه عائشة بنت عبد الرحمن بن السائب ، عن أبيها ، قال:جمع زياد بن أبيه شيوخ أهل الكوفة وأشرافهم في مسجد الرحبة ليحملهم على سب أمير المؤمنين عليه السلام والبراءة منه ، وكنت فيهم ، فكان الناس من ذلك في أمر عظيم ، فغلبتني عيناي فنمت ، فرأيت في النوم شيئا طويلا ، طويل العنق ، أهدل ، أهدب فقلت :

من أنت؟ فقال : أنا النقاد ذو الرقبة. قلت : وما النقاد؟ قال : طاعون بعثت إلى صاحب هذا القصر لاجتثه من جديد الأرض ، كما عتا وحاول ما ليس له بحق. قال. فانتبهت فزعا ، وأنا في جماعة من قومي ، فقلت:

هل رأيتم ما رأيت؟ فقال رجلان منهم. رأينا كيت وكيت بالصفة ، وقال الباقون : ما رأينا شيئا ، فما كان بأسرع من أن خرج خارج من دار زياد ، فقال : يا هؤلاء انصرفوا ، فإن الأمير عنكم مشغول ، فسألناه عن خبره ، فخبرنا أنه طعن في ذلك الوقت ، فما تفرقنا حتى سمعنا الواعية عليه ، فأنشأت أقول في ذلك.

قد جشم الناس أمرا ضاق ذرعهم بحملهم حين ناداهم إلى الرحبة يدعو على ناصر الاسلام حين يرى له على المشركين الطول والغلبة ما كان منتهيا عما أراد بنا حتى تناوله النقاد ذو الرقبة فأسقط الشق منه ضربة عجبا كما تناول ظلما صاحب الرحبة (4) رواه مختصرا زمخشری فی الفائق(5) قال ابن ابی الحدید و ذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي رحمه الله أن معاوية وضع قوما من الصحابة و قوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي علیه السلام تقتضي الطعن فيه و البراءة منه و جعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله فاختلقوا ما أرضاه منهم أبو هريرة و عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة و من التابعين عروة بن الزبير(6) .

روى الأعمش قال لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء إلى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مرارا و قال يا أهل العراق أ تزعمون أني أكذب على الله و على رسوله و أحرق نفسي بالنار و الله لقد سمعت رسول الله ص يقول إن لكل نبي حرما و إن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور فمن أحدث

ص: 26


1- شرح نهج البلاغة ، ج4 ، ص56.
2- شرح نهج البلاغة ، ج4 ، ص57.
3- شرح نهج البلاغة ، ج4 ، ص58.
4- الامالی ، الشیخ الطوسی ، ج1 ، ص620.
5- الفائق فی غریب الحدیث ، ج4 ، ص120.
6- شرح نهج البلاغة ، ج4 ، ص63.

فيها حدثا فعليه لعنة اَللَّه و الْملاَئكَة و النَّاس أجمعين و أشهد بالله أن عليا أحدث فيها!!! فلما بلغ معاوية قوله أجازه و أكرمه و ولاه أمارة المدينة(1) کتاب الغارات قال: لمّا دخل معاوية الكوفة دخل أبو هريرة المسجد فكان يحدّث و يقول:قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم، و قال أبو القاسم، و قال خليلي، فجاءه شابّ من الأنصار يتخطّى النّاس حتّى دنا منه فقال:

يا أبا هريرة حديث أسألك عنه فان كنت سمعته من النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم فحدّثنيه، أنشدك باللَّه سمعت النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم) يقول لعليّ: من كنت مولاه فعليّ مولاه؛ اللَّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه؟ قال أبو هريرة: نعم؛ و الّذي لا إله إلّا هو لسمعته من النّبيّ صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم يقول لعليّ: من كنت مولاه فعليّ مولاه؛ اللَّهمّ وال من والاه و عاد من عاداه، فقال له الفتى: لقد و اللَّه واليت عدوّه و عاديت وليّه،.

فتناول بعض النّاس الشّابّ بالحصى، و خرج أبو هريرة فلم يعد الى المسجد حتّى خرج من الكوفة(2) .

و روی قریبا منه ابن ابی الحدید فی شرحه عن سفیان الثوری عن عبدالرحمن بن ابی القاسم عن عمر بن عبدالغفار و فی شرحه ایضا روى الواقدي أن معاوية لما عاد من العراق إلى الشام بعد بیعة الحسن علیه السلام و اجتماع الناس إليه خطب فقال أيها الناس إن رسول الله صلی الله علیه آله قال لي إنك ستلي الخلافة من بعدي فاختر الأرض المقدسة فإن فيها الأبدال!!! و قد اخترتكم فالعنوا أبا تراب فلعنوه فلما كان من الغد كتب كتابا ثم جمعهم فقرأه عليهم و فيه هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية صاحب وحي الله الذي بعث محمدا نبيا و كان أميا لا يقرأ و لا يكتب فاصطفى له من أهله وزيرا كاتبا أمينا!!! فكان الوحي ينزل على محمد و أنا أكتبه و هو لا يعلم ما أكتب فلم يكن بيني و بين الله أحد من خلقه فقال له الحاضرون كلهم صدقت يا أمير المؤمنين (3).

قال أبو جعفر و قد روي أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مائة ألف درهم حتى يروي أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب ((وَ مِنَ اَلنَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي اَلْحَيَاةِ اَلدُّنْيَا وَ يُشْهِدُ اَللَّهَ عَلى مَا فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ اَلْخِصَامِ ` وَ إِذَا تَوَلَّى سَعى فِي اَلْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَ يُهْلِكَ اَلْحَرْثَ وَ اَلنَّسْلَ وَ اَللَّهُ لاَ يُحِبُّ اَلْفَسَادَ (4) ))و أن الآية الثانية نزلت في ابن ملجم و هي قوله تعالى ((وَ مِنَ اَلنَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اَللَّهِ(5))) فلم يقبل فبذل له مائتي ألف درهم فلم يقبل فبذل له ثلاثمائة ألف فلم يقبل فبذل له أربعمائة ألف فقبل و روى ذلك(6) قال و كان علي علیه السلام يقنت في صلاة الفجر و في صلاة المغرب و يلعن معاوية و عمروا و المغيرة و الوليد بن عقبة و أبا الأعور و الضحاك بن

ص: 27


1- شرح نهج البلاغة ، ج4 ، ص67.
2- شرح نهج البلاغة ، ج2 ، ص659.
3- شرح نهج البلاغة ، ج4 ، ص72.
4- سورة الشریفة البقره ، الأیة 204/205.
5- سورة الشریفة البقرة ، الأیة 207.
6- شرح نهج البلاغة ، ج4 ، ص73.

قيس و بسر بن أرطاة و حبيب بن مسلمة و أبا موسى الأشعري و مروان بن الحكم و كان هؤلاء يقنتون عليه و يلعنونه .

و روى شيخنا أبو عبد الله البصري المتكلم عن نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال أتيت مسجد رسول الله صلی الله علیه و اله و الناس يقولون نعوذ بالله من غضب الله و غضب رسوله فقلت ما هذا قالوا معاوية قام الساعة فأخذ بيد أبي سفيان فخرجا من المسجد فقال رسول الله صلی الله علیه و آله لعن الله التابع و المتبوع رب يوم لأمتي من معاوية ذي الأستاه قالوا يعني الكبير العجز .

و قال روى العلاء بن حريز القشيري أن رسول الله ص قال لمعاوية لتتخذن يا معاوية البدعة سنة و القبح حسنا أكلك كثير و ظلمك عظيم قال و روى الحرث بن حضيرة(1) عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ قال قال علي علیه السلام نحن و آل أبي سفيان قوم تعادوا في الأمر و الأمر يعود كما بدا (2).

قال ایضا فی شرحه روی روى خالد بن عبد الله الواسطي عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم قال لما بويع لمعاوية أقام المغيرة بن شعبة خطباء يلعنون عليا علیه السلام فقال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أ لا ترون إلى هذا الرجل الظالم يأمر بلعن رجل من أهل الجنة(3) و روى العباس بن بكار الضبي قال حدثني أبو بكر الهذلي عن الزهري قال قال ابن عباس لمعاوية أ لا تكف عن شتم هذا الرجل قال ما كنت لأفعل حتى يربو عليه الصغير و يهرم فيه الكبير فلما ولي عمر بن عبد العزيز كف عن شتمه فقال الناس ترك السنة(4).

و روى أبو الحسن المدائني قال خرج على معاوية قوم من الخوارج بعد دخوله الكوفة و صلح الحسن علیه السلام له فأرسل معاوية إلى الحسن علیه السلام يسأله أن يخرج فيقاتل الخوارج فقال الحسن سبحان الله تركت قتالك و هو لي حلال لصلاح الأمة و ألفتهم أ فتراني أقاتل معك فخطب معاوية أهل الكوفة فقال يا أهل الكوفة أ تروني قاتلتكم على الصلاة و الزكاة و الحج و قد علمت أنكم تصلون و تزكون و تحجون و لكنني قاتلتكم لأتأمر عليكم و على رقابكم و قد آتاني الله ذلك و أنتم كارهون ألا إن كل مال أو دم أصيب في هذه الفتنة فمطلول و كل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين و لا يصلح الناس إلا ثلاث إخراج العطاء عند محله و إقفال الجنود لوقتها و غزو العدو في داره فإنهم إن لم تغزوهم غزوكم ثم نزل .

قال المدائني فقال المسيب بن نجبة للحسن (علیه السلام) ما ينقضي عجبي منك بايعت معاوية و معك أربعون ألفا

ص: 28


1- فی المصدر الحارث بن حصیره.
2- شرح نهج البلاغة ، ج4 ، ص79/80.
3- نفس المصدر ، ج13 ، ص220.
4- نفس المصدر ، ج13 ، ص222.

و لم تأخذ لنفسك وثيقة و عقدا ظاهرا أعطاك أمرا فيما بينك و بينه ثم قال ما قد سمعت و الله ما أراد بها غيرك قال فما ترى قال أرى أن ترجع إلى ما كنت عليه فقد نقض ما كان بينه و بينك فقال يا مسيب إني لو أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر عند اللقاء و لا أثبت عند الحرب مني و لكني أردت صلاحكم و كف بعضكم عن بعض فارضوا بقدر الله و قضائه حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر(1) قال المدائني و دخل عليه سفيان بن أبي ليلى النهدي فقال له السلام عليك يا مذل المؤمنين فقال الحسن اجلس يرحمك الله إن رسول الله صلی الله علیه و آله رفع له ملك بني أمية فنظر إليهم يعلون منبره واحدا فواحدا فشق ذلك عليه فأنزل الله تعالى في ذلك قرآنا قال له)) وَ مَا جَعَلْنَا اَلرُّؤْيَا اَلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَ اَلشَّجَرَةَ اَلْمَلْعُونَةَ فِي اَلْقُرْآنِ(((2) و سمعت عليا أبي رحمه الله يقول سيلي أمر هذه الأمة رجل واسع البلعوم كبير البطن فسألته من هو فقال معاوية و قال لي إن القرآن قد نطق بملك بني أمية و مدتهم قال تعالى(( لَيْلَةُ اَلْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْر(3))) قال أبي هذه ملك بني أمية (4).

ثم ذکر شخوصه علیه السلام الی مدینة فقال معاوية يومئذ للوليد بن عقبة بن أبي معيط بعد شخوص الحسن علیه السلام يا أبا وهب هل رمت قال نعم و سموت .

قال المدائني أراد معاوية قول الوليد بن عقبة يحرضه على الطلب بدم عثمان ألا أبلغ معاوية بن حرب فإنك من أخي ثقة مليم قطعت الدهر كالسدم المعنى تهدر في دمشق و لا تريم فلو كنت القتيل و كان حيا لشمر لا ألف و لا سئوم و إنك و الكتاب إلى علي كدابغة و قد حلم الأديم و روى المدائني عن إبراهيم بن محمد عن زيد بن أسلم قال دخل رجل على الحسن علیه السلام بالمدينة و في يده صحيفة فقال له الرجل ما هذه قال هذا كتاب معاوية يتوعد فيه على أمر كذا فقال الرجل لقد كنت على النصف فما فعلت فقال له الحسن علیه السلام أجل و لكني خشيت أن يأتي يوم القيامة سبعون ألفا أو ثمانون ألفا تشخب أوداجهم دما كلهم يستعدي الله فيم هريق دمه قال أبو الحسن و كان الحصين بن المنذر الرقاشي يقول و الله ما وفى معاوية للحسن بشي ء مما أعطاه قتل حجرا و أصحاب حجر و بايع لابنه يزيد و سم الحسن علیه السلام(5).

نهج البلاغه و من کتاب له علیه السلام إلى عمرو بن العاص فإِنّك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ ظاهر غيّه، مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، و يسفه الحليم بخلطته، فاتَّبعت أثره، و طلبت فضله، اتّباع الكلب للضّرغام يلوذ بمخالبه، و ينتظر ما يلقَى إِليه من فضل فريسته، فأذْهبت دنياك و آخرتك! و لو بالحق أَخذت أدركت ما طلبت. فإنْ يمكّنِي

ص: 29


1- شرح نهج البلاغة ، ج16 ، ص14/15.
2- سورة الشریفة الاسراء ، الأیة 60.
3- سورة الشریفة القدر ، الأیة 3.
4- شرح نهج البلاغة ، ج11 ، ص16.
5- نفس المصدر ، ج16 ، ص17.

اللهُ منك و من ابْن أَبي سفْيان أَجزكما بما قدَّمْتما، و إِن تعجزا و تبقَيا فما أَمامكما شرٌّ لكما، والسَّلام(1).

قال ابن ابی الحدید: كل ما قاله فيهما هو الحق الصريح بعينه لم يحمله بغضه لهما و غيظه منهما إلى أن بالغ في ذمهما به كما يبالغ الفصحاء عند سورة الغضب و تدفق الألفاظ على الألسنة و لا ريب عند أحد من العقلاء ذوي الإنصاف أن عمرا جعل دينه تبعا لدنيا معاوية و أنه ما بايعه و تابعه إلا على جعالة جعلها له و ضمان تكفل له بإيصاله و هي ولاية مصر مؤجلة و قطعة وافرة من المال معجلة و لولديه و غلمانه ما ملأ أعينهم .

فأما قوله علیه السلام في معاوية ظاهر غيه فلا ريب في ظهور ضلاله و بغيه و كل باغ غاو .

أما مهتوك ستره فإنه كان كثير الهزل و الخلاعة صاحب جلساء و سمار و معاوية لم يتوقر و لم يلزم قانون الرئاسة إلا منذ خرج على أمير المؤمنين و احتاج إلى الناموس و السكينة و إلا فقد كان في أيام عثمان شديد التهتك موسوما بكل قبيح و كان في أيام عمر يستر نفسه قليلا خوفا منه إلا أنه كان يلبس الحرير و الديباج و يشرب في آنية الذهب و الفضة و يركب البغلات ذوات السروج المحلاة بها و عليها جلال الديباج و الوشي و كان حينئذ شابا و عنده نزق الصبا و أثر الشبيبة و سكر السلطان و الإمرة و نقل الناس عنه في كتب السيرة أنه كان يشرب الخمر في أيام عثمان في الشام و أما بعد وفاة أمير المؤمنين و استقرار الأمر له فقد اختلف فيه فقيل إنه شرب الخمر في ستر و قيل إنه لم يشربه و لا خلاف في أنه سمع الغناء و طرب عليه و أعطى و وصل عليه أيضا .

و روى أبو الفرج الأصفهاني قال: قال عمرو بن العاص لمعاوية في قدمة قدمها إلى المدينة أيام خلافته قم بنا إلى هذا الذي قد هدم شرفه و هتك ستره عبد الله بن جعفر نقف على بابه فنسمع غناء جواريه فقاما ليلا و معهما وردان غلام عمرو و وقفا بباب عبد الله بن جعفر فاستمعا الغناء و أحس عبد الله بوقوفهما ففتح الباب و عزم على معاوية أن يدخل فدخل فجلس على سرير عبد الله فدعا عبد الله له و قدم إليه يسيرا من طعام فأكل فلما أنس قال يا أمير المؤمنين أ لا تأذن لجواريك أن يتممن أصواتهن فإنك قطعتها عليهن قال فليقلن فرفعن أصواتهن و جعل معاوية يتحرك قليلا قليلا حتى ضرب برجله السرير ضربا شديدا فقال عمرو قم أيها الرجل فإن الرجل الذي جئت لتلحاه أو لتعجب من امرئ أحسن حالا منك فقال مهلا فإن الكريم طروب .

أما قوله يشين الكريم بمجلسه و يسفه الحليم بخلطته فالأمر كذلك فإنه لم يكن في مجلسه إلا شتم بني هاشم و قذفهم و التعرض بذكر الإسلام و الطعن عليه و إن أظهر الانتماء إليه(2) نهج البلاغه من كتاب له علیه السلام إلى زياد ابن أبيه و قد بلغه أن معاوية كتب إليه يريد خديعته باستلحاقه و قد عرفت أَنّ معاويةَ كتب إِليك يستزلّ لُبَك و يستفلّ غربك فاحذره فإِنَّما هو اَلشّيطان يأْتي الْمرء من بين يديه و من خلْفه و عن يمينه و عن شماله ليقْتحم غفْلته و يستلب غرَّته و قد كان من أَبي سفْيان

ص: 30


1- نهج البلاغة ، ج1 ، ص 279 ، الکتاب 39.
2- شرح نهج البلاغة ، ج16 ، ص160/162.

في زمن عمر بن الْخطّاب فلتةٌ من حديث النَفس و نزغةٌ من نزغات الشَّيْطان لا يثْبت بها نسب و لا يستحقُّ بها إِرث و المتعلّق بها كالواغل الْمدفّع و النّوط الْمذبذب. فلمّا قرأ زياد الْكتاب قَال شهد بها و ربّ الكعبة و لم تزل في نفْسه حتّى ادَّعاه معاويةُ قال الرضي رحمه الله تعالى قوله علیه السلام الواغل هو الذي يهجم على الشرب ليشرب معهم و ليس منهم فلا يزال مدفعا محاجزا و النوط المذبذب هو ما يناط برحل الراكب من قعب أو قدح أو ما أشبه ذلك فهو أبدا يتقلقل إذا حث ظهره و استعجل سيره(1) قال ابن ابی الحدید : روى أبو عمر بن عبد البر في كتاب الإستيعاب عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس أن عمر بعث زيادا في إصلاح فساد واقع باليمن فلما رجع من وجهه خطب عند عمر خطبة لم يسمع مثلها و أبو سفيان حاضر و علي علیه السلام و عمرو بن العاص فقال عمرو بن العاص لله أبو هذا الغلام لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه فقال أبو سفيان إنه لقرشي و إني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه فقال علي علیه السلام و من هو قال أنا فقال مهلا يا أبا سفيان فقال أبو سفيان أما و الله لو لا خوف شخص يراني يا علي من الأعادي لأظهر أمره صخر بن حرب و لم يخف المقالة في زياد و قد طالت مجاملتي ثقيفا و تركي فيهم ثمر الفؤاد(2) و روى علي بن محمد المدائني قال لما كان زمن علي علیه السلام ولى زيادا فارس أو بعض أعمال فارس فضبطها ضبطا صالحا و جبى خراجها و حماها و عرف ذلك معاوية فكتب إليه أما بعد فإنه غرتك قلاع تأوي إليها ليلا كما تأوي الطير إلى وكرها و ايم الله لو لا انتظاري بك ما الله أعلم به لكان لك مني ما قاله العبد الصالح ((فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لاَ قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَ لَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَ هُمْ صَاغِرُونَ(3))) و كتب في أسفل الكتاب شعرا من جملته تنسى أباك و قد شالت نعامته إذ يخطب الناس و الوالي لهم عمر .

فلما ورد الكتاب على زياد قام فخطب الناس و قال العجب من ابن آكلة الأكباد و رأس النفاق يهددني و بيني و بينه ابن عم رسول الله صلی الله علیه و اله و زوج سيدة نساء العالمين و أبو السبطين و صاحب الولاية و المنزلة و الإخاء في مائة ألف من المهاجرين و الأنصار و التابعين لهم بإحسان أما و الله لو تخطى هؤلاء أجمعين إلي لوجدني أحمر مخشا ضرابا بالسيف ثم كتب إلى علي علیه السلام و بعث بكتاب معاوية في كتابه .

فكتب إليه علي علیه السلام و بعث بكتابه أما بعد فإني قد وليتك ما وليتك و أنا أراك لذلك أهلا و إنه قد كانت من أبي سفيان فلتة في أيام عمر من أماني التيه و كذب النفس لم تستوجب بها ميراثا و لم تستحق بها نسبا و إن معاوية كالشيطان الرجيم يأتي المرء من بين يديه و من خلفه و عن يمينه و عن شماله فاحذره ثم احذره ثم احذره( و السلام). (4) و روى أبو جعفر محمد بن حبيب قال كان علي علیه السلام قد ولى زيادا قطعة من أعمال فارس و اصطنعه لنفسه فلما قتل علي علیه السلام بقي زياد في عمله و خاف معاوية جانبه و علم صعوبة ناحيته و أشفق من ممالأته الحسن

ص: 31


1- نهج البلاغه ، ج1 ، ص283 ، الکتاب 44.
2- شرح نهج البلاغة ، ج 16 ، ص180 عن الاستیعاب ص201.
3- سورة الشریفة النمل ، الأیة 37.
4- إضافة من المصدر.

بن علي علیهما السلام .

فكتب إليه من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن عبيد أما بعد فإنك عبد قد كفرت النعمة و استدعيت النقمة و لقد كان الشكر أولى بك من الكفر و إن الشجرة لتضرب بعرقها و تتفرع من أصلها إنك لا أم لك بل لا أب لك قد هلكت و أهلكت و ظننت أنك تخرج من قبضتي و لا ينالك سلطاني هيهات ما كل ذي لب يصيب رأيه و لا كل ذي رأي ينصح في مشورته أمس عبد و اليوم أمير خطة ما ارتقاها مثلك يا ابن سمية و إذا أتاك كتابي هذا فخذ الناس بالطاعة و البيعة و أسرع الإجابة فإنك أن تفعل فدمك حقنت و نفسك تداركت و إلا اختطفتك بأضعف ريش و نلتك بأهون سعي و أقسم قسما مبرورا إلا أوتى بك إلا في زمارة تمشي حافيا من أرض فارس إلى الشام حتى أقيمك في السوق و أبيعك عبدا و أردك إلى حيث كنت فيه و خرجت منه و السلام فلما ورد الكتاب على زياد غضب غضبا شديدا و جمع الناس و صعد المنبر فحمد الله ثم قال ابن آكلة الأكباد و قاتلة أسد الله و مظهر الخلاف و مسر النفاق و رئيس الأحزاب و من أنفق ماله في إطفاء نور الله كتب إلي يرعد و يبرق عن سحابة جفل لا ماء فيها و عما قليل تصيرها الرياح قزعا و الذي يدلني على ضعفه تهدده قبل القدرة أ فمن إشفاق علي تنذر و تعذر كلا و لكن ذهب إلى غير مذهب و قعقع لمن ربي بين صواعق تهامة كيف أرهبه و بيني و بينه ابن بنت رسول الله ص و ابن ابن عمه في مائة ألف من المهاجرين و الأنصار و الله لو أذن لي فيه أو ندبني إليه لأريته الكواكب نهارا و لأسعطته ماء الخردل دونه الكلام اليوم و الجمع غدا و المشورة بعد ذلك إن شاء الله ثم نزل .

و كتب إلى معاوية أما بعد فقد وصل إلي كتابك يا معاوية و فهمت ما فيه فوجدتك كالغريق يغطيه الموج فيتشبث بالطحلب و يتعلق بأرجل الضفادع طمعا في الحياة إنما يكفر النعم و يستدعي النقم من حاد الله و رسوله و سعى في الأرض فسادا فأما سبك لي فلو لا حلم ينهاني عنك و خوفي أن أدعى سفيها لأثرت لك مخازي لا يغسلها الماء و أما تعييرك لي بسمية فإن كنت ابن سمية فأنت ابن جماعة و أما زعمك أنك تختطفني بأضعف ريش و تتناولني بأهون سعي فهل رأيت بازيا يفزعه صغير القنابر أم هل سمعت بذئب أكله خروف فامض الآن لطيتك و اجتهد جهدك فلست أنزل إلا بحيث تكره و لا أجتهد إلا فيما يسوؤك و ستعلم أينا الخاضع لصاحبه الطالع إليه و السلام .

فلما ورد كتاب زياد على معاوية غمه و أحزنه و بعث إلى المغيرة بن شعبة فخلا به و قال يا مغيرة إني أريد مشاورتك في أمر أهمني فانصحني فيه و أشر علي برأي المجتهد و كن لي أكن لك فقد خصصتك بسري و آثرتك على ولدي قال المغيرة فما ذاك و الله لتجدني في طاعتك

ص: 32

أمضى من الماء إلى الحدور و من ذي الرونق في كف البطل الشجاع قال يا مغيرة إن زيادا قد أقام بفارس يكش لنا كشيش الأفاعي و هو رجل ثاقب الرأي ماضي العزيمة جوال الفكر مصيب إذا رمى و قد خفت منه الآن ما كنت آمنه إذ كان صاحبه حيا و أخشى ممالأته حسنا فكيف السبيل إليه و ما الحيلة في إصلاح رأيه قال المغيرة أنا له إن لم أمت إن زيادا رجل يحب الشرف و الذكر و صعود المنابر فلو لاطفته المسألة و ألنت له الكتاب لكان لك أميل و بك أوثق فاكتب إليه و أنا الرسول فكتب معاوية إليه من أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان إلى زياد بن أبي سفيان أما بعد فإن المرء ربما طرحه الهوى في مطارح العطب و إنك للمرء المضروب به المثل قاطع الرحم و واصل العدو و حملك سوء ظنك بي و بغضك لي على أن عققت قرابتي و قطعت رحمي و بتت نسبي و حرمتي حتى كأنك لست أخي و ليس صخر بن حرب أباك و أبي و شتان ما بيني و بينك أطلب بدم ابن أبي العاص و أنت تقاتلني و لكن أدركك عرق الرخاوة من قبل النساء فكنت كتاركة بيضها بالعراء و ملحفة بيض أخرى جناحا.

و قد رأيت أن أعطف عليك و لا أؤاخذك بسوء سعيك و أن أصل رحمك و أبتغي الثواب في أمرك فاعلم أبا المغيرة إنك لو خضت البحر في طاعة القوم فتضرب بالسيف حتى انقطع متنه لما ازددت منهم إلا بعدا فإن بني عبد شمس أبغض إلى بني هاشم من الشفرة إلى الثور الصريع و قد أوثق للذبح فارجع رحمك الله إلى أصلك و اتصل بقومك و لا تكن كالموصول بريش غيره فقد أصبحت ضال النسب و لعمري ما فعل بك ذلك إلا اللجاج فدعه عنك فقد أصبحت على بينة من أمرك و وضوح من حجتك فإن أحببت جانبي و وثقت بي فأمره بأمره و إن كرهت جانبي و لم تثق بقولي ففعل جميل لا علي و لا لي و السلام .

فرحل المغيرة بالكتاب حتى قدم فارس فلما رآه زياد قربه و أدناه و لطف به فدفع إليه الكتاب فجعل يتأمله و يضحك فلما فرغ من قراءته وضعه تحت قدمه ثم قال حسبك يا مغيرة فإني أطلع على ما في ضميرك و قد قدمت من سفرة بعيدة فقم و أرح ركابك قال أجل فدع عنك اللجاج يرحمك الله و ارجع إلى قومك و صل أخاك و انظر لنفسك و لا تقطع رحمك قال زياد إني رجل صاحب أناة و لي في أمري روية فلا تعجل علي و لا تبدأني بشي ء حتى أبدأك ثم جمع الناس بعد يومين أو ثلاثة فصعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس ادفعوا البلاء ما اندفع عنكم و ارغبوا إلى الله في دوام العافية لكم فقد نظرت في أمور الناس منذ قتل عثمان و فكرت فيهم فوجدتهم كالأضاحي في كل عيد يذبحون و لقد أفنى هذان اليومان وما ينيف على مائة ألف كلهم يزعم أنه طالب حق و تابع إمام و على بصيرة من أمره فإن كان الأمر هكذا فالقاتل و المقتول في الجنة كلا ليس كذلك و لكن أشكل الأمر و التبس على القوم و إني

ص: 33

لخائف أن يرجع الأمر كما بدأ فكيف لامرئ بسلامة دينه و قد نظرت في أمر الناس فوجدت أحد العاقبتين العافية و سأعمل في أموركم ما تحمدون عاقبته و مغبته فقد حمدت طاعتكم إن شاء الله ثم نزل و كتب جواب الكتاب أما بعد فقد وصل كتابك يا معاوية مع المغيرة بن شعبة و فهمت ما فيه فالحمد لله الذي عرفك الحق و ردك إلى الصلة و لست ممن يجهل معروفا و لا يغ لا يغفل حسبا و لو أردت أن أجيبك بما أوجبته الحجة و احتمله الجواب لطال الكتاب و كثر الخطاب و لكنك إن كنت كتبت كتابك هذا عن عقد صحيح و نية حسنة و أردت بذلك برا فستزرع في قلبي مودة و قبولا و إن كنت إنما أردت مكيدة و مكرا و فساد نية فإن النفس تأبى ما فيه العطب و لقد قمت يوم قرأت كتابك مقاما يعبأ به الخطيب المدره فتركت من حضر لا أهل ورد و لا صدر كالمتحيرين بمهمة ضل بهم الدليل و أنا على أمثال ذلك قدير و كتب في أسفل الكتاب إذا معشري لم ينصفوني وجدتني أدافع عني الضيم ما دمت باقيا و كم معشر أعيت قناتي عليهم فلاموا و ألفوني لدى العزم ماضيا و هم به ضاقت صدور فرجته و كنت بطبي للرجال مداويا أدافع بالحلم الجهول مكيدة و أخفى له تحت العضاه الدواهيا فإن تدن مني أدن منك و إن تبن تجدني إذا لم تدن مني نائيا.

فأعطاه معاوية جميع ما سأله و كتب إليه بخط يده ما وثق به فدخل إليه الشام فقربه و أدناه و أقره على ولايته ثم استعمله على العراق .

و روى علي بن محمد المدائني قال لما أراد معاوية استلحاق زياد و قد قدم عليه الشام جمع الناس و صعد المنبر و أصعد زيادا معه فأجلسه بين يديه على المرقاة التي تحت مرقاته و حمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إني قد عرفت نسبنا أهل البيت في زياد فمن كان عنده شهادة فليقم بها فقام ناس فشهدوا أنه ابن أبي سفيان و أنهم سمعوا ما أقر به قبل موته فقام أبو مريم السلولي و كان خمارا في الجاهلية فقال أشهد يا أمير المؤمنين أن أبا سفيان قدم علينا بالطائف فأتاني فاشتريت له لحما و خمرا و طعاما فلما أكل قال يا أبا مريم أصب لي بغيا فخرجت فأتيت بسمية فقلت لها إن أبا سفيان ممن قد عرفت شرفه و جوده و قد أمرني أن أصيب له بغيا فهل لك فقالت نعم يجي ء الآن عبيد بغنمه و كان راعيا فإذا تعشى و وضع رأسه أتيته فرجعت إلى أبي سفيان فأعلمته فلم نلبث أن جاءت تجر ذيلها فدخلت معه فلم تزل عنده حتى أصبحت فقلت له لما انصرفت كيف رأيت صاحبتك قال خير صاحبة لو لا ذفر في إبطيها .

فقال زياد من فوق المنبر يا أبا مريم لا تشتم أمهات الرجال فتشتم أمك .

فلما انقضى كلام معاوية و مناشدته قام زياد و أنصت الناس فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إن معاوية و الشهود قد قالوا ما سمعتم و لست أدري حق هذا من باطله و هو و الشهود أعلم بما قالوا و إنما عبيد أب مبرور و وال مشكور ثم نزل .

قال ابن ابی الحدید و روى شيخنا أبو عثمان أن زيادا مر و هو والي البصرة بأبي العريان العدوي و كان شيخا مكفوفا ذا لسن و عارضة شديدة فقال أبو العريان ما هذه الجلبة قالوا زياد بن أبي سفيان قال و الله ما ترك أبو سفيان إلا يزيد و معاوية و عتبة و عنبسة و حنظلة و محمدا فمن أين جاء زياد فبلغ الكلام زيادا و قال له قائل لو سددت عنك فم هذا الكلب فأرسل إليه بمائتي دينار فقال له رسول زياد إن ابن عمك زيادا الأمير قد أرسل إليك مائتي دينار لتنفقها فقال وصلته رحم إي و الله ابن عمي حقا ثم مر به زياد من الغد في موكبه فوقف عليه فسلم

ص: 34

فبکی أبو العريان فقيل له ما يبكيك قال عرفت صوت أبي سفيان في صوت زياد فبلغ ذلك معاوية فكتب إلى أبي العريان ما ألبثتك الدنانير التي بعثت أن لونتك أبا العريان ألوانا أمسى إليك زياد في أرومته نكرا فأصبح ما أنكرت عرفانا لله در زياد لو تعجلها كانت له دون ما يخشاه قربانا.

فلما قرئ كتاب معاوية على أبي العريان قال اكتب جوابه يا غلام أحدث لنا صلة تحيا النفوس بها قد كدت يا ابن أبي سفيان تنسانا أما زياد فقد صحت مناسبه عندي فلا أبتغي في الحق بهتانا من يسد خيرا يصبه حين يفعله أو يسد شرا يصبه حيثما كانا(1).

و فیه و روى أبو عمر بن عبد البر في هذا الكتاب قال دخل بنو أمية و فيهم عبد الرحمن بن الحكم على معاوية أيام ما استلحق زيادا فقال له عبد الرحمن يا معاوية لو لم تجد إلا الزنج لاستكثرت بهم علينا قلة و ذلة يعني على بني أبي العاص فأقبل معاوية على مروان و قال أخرج عنا هذا الخليع فقال مروان إي و الله إنه لخليع ما يطاق فقال معاوية و الله لو لا حلمي و تجاوزي لعلمت أنه يطاق أ لم يبلغني شعره في و في زياد ثم قال مروان أسمعنيه فأنشد ألا أبلغ معاوية بن حرب لقد ضاقت بما يأتي اليدان أ تغضب أن يقال أبوك عف و ترضى أن يقال أبوك زان فأشهد أن رحمك من زياد كرحم الفيل من ولد الأتان و أشهد أنها حملت زيادا و صخر من سمية غير دان(2) .

کتاب الرجال للکشی روى أن مروان بن الحكم كتب إلى معاوية وهو عامله على المدينة: أما بعد فإنّ عمرو بن عثمان ذكر أن رجلا من أهل العراق ووجوه أهل الحجاز يختلفون إلى الحسين بن علي، وذكر أنه لايأمن وثوبه، وقد بحثت عن ذلك فبلغني أنه يريد الخلاف يومه هذا، ولست آمن أن يكون هذا أيضا لما بعده، فاكتب الي برأيك في هذا، والسلام.

فكتب اليه معاوية: أما بعد: فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه من أمر الحسين، فاياك أن تعرض للحسين في شئ واترك حسينا ماتركك، فانا لانريد أن تعرض له في شئ ماوفي ببيعتنا ولم ينز على سلطاننا، فاكمن عنه مالم يبد لك صفحته، والسلام.

وكتب معاوية إلى الحسين بن علي عليه السلام بن علي عليه السلام أما بعد - فقد انتهيت الي أمور عنك.

ان كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها، ولعمر الله ان من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء وان كان الذي بلغني باطلا فانك أنت أعذل الناس لذلك وعظ نفسك فاذكره ولعهد الله أوف، فانك متى ما أنكرك تنكرني ومتى أكدك تكدني فاتق شق عصا هذه الامة وان يردهم الله على يديك في فتنة، وقد عرفت الناس وبلوتهم، فانظر لنفسك ولدينك ولامة محمد (صلى الله عليه وآله) ولا يسخفنك السفهاء والذين لايعلمون.

فلما وصل الکتاب إلی الحسین علیه السلام کتب إلیه أما بعدفقد بلغنی کتابک ، تذکر أنه قدبلغک عنی أمور أنت لی عنها راغب و أنابغیرها عندک جدیر فإن الحسنات لایهدی لها و لایسدد إلیها إلا الله ، و أما ماذکرت أنه انتهی إلیک عنی فإنه إنما رقاه إلیک الملاقون المشاءون بالنمیم ، و ماأرید لک حربا و لاعلیک خلافا، وایم الله إنی لخائف لله فی ترک ذلک و ماأظن الله راضیا بترک ذلک و لاعاذرا بدون الإعذار فیه إلیک و فی أولیائک القاسطین الملحدین حزب الظلمة وأولیاء الشیاطین ، ألست القاتل حجر بن عدی أخا کندة والمصلین العابدین الذین کانوا ینکرون الظلم ویستعظمون

ص: 35


1- شرح نهج البلاغة ، ج16 ، ص181 الی 188.
2- شرح نهج البلاغة ، ج16 ، ص189.

البدع و لایخافون فی الله لومة لائم (1)ثم قتلتهم ظلما وعدوانا من بعد ماکنت أعطیتهم الأیمان المغلظة والمواثیق المؤکدة لاتأخذهم بحدث کان بینک وبینهم و لابإحنة تجدها فی نفسک ، أ ولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلی الله علیه و اله العبد الصالح ألذی أبلته العبادة فنحل جسمه وصفرت لونه بعد ما آمنته وأعطیته من عهود الله ومواثیقه ما لوأعطیته طائرا لنزل إلیک من رأس الجبل ، ثم قتلته جرأة علی ربک واستخفافا بذلک العهد، أ و لست المدعی زیاد ابن سمیة المولود علی فراش عبید ثقیف فزعمت أنه ابن أبیک و قد قال رسول الله صلی الله علیه اله الولد للفراش وللعاهر الحجر،فترکت سنة رسول الله صلی الله علیه و اله تعمدا وتبعت هواک بغیر هدی من الله ، ثم سلطته علی العراقین یقطع أیدی المسلمین وأرجلهم ویسمل أعینهم ویصلبهم علی جذوع النخل کأنک لست من هذه الأمة ولیسوا منک ، أو لست صاحب الحضرمیین الذین کتب فیهم ابن سمیة أنهم کانوا علی دین علی علیه السلام فکتبت إلیه أن أقتل کل من کان علی دین علی فقتلهم ومثل بهم بأمرک ، ودین علی علیه السلام و الله ألذی کان یضرب علیه أباک ویضربک ، و به جلست مجلسک ألذی جلست ، و لو لا ذلک لکان شرفک وشرف أبیک(2) الرحلتین ، و قلت فیما قلت انظر لنفسک ولدینک ولأمة محمد واتق شق عصا هذه الأمة و أن تردهم إلی فتنة وإنی لاأعلم فتنة أعظم علی هذه الأمة من ولایتک علیها و لاأعظم نظرا لنفسی ولدینی ولأمة محمد صلی الله علیه و اله وعلینا أفضل من أن أجاهدک ، فإن فعلت فإنه قربة إلی الله و إن ترکته فإنی أستغفر الله لدینی وأسأله توفیقه لإرشاد أمری، و قلت فیما قلت إنی إن أنکرتک تنکرنی و إن أکدک تکدنی فکدنی مابدأ لک فإنی أرجو أن لایضرنی کیدک فی و أن لا یکون علی أحد أضر منه علی نفسک ، علی أنک قدرکبت بجهلک وتحرضت علی نقض عهدک ، ولعمری ماوفیت بشرط ولقد نقضت عهدک بقتلک هؤلاء النفر الذین قتلتهم بعدالصلح والأیمان والعهود والمواثیق ،فقتلتهم من غیر أن یکونوا قاتلوا وقتلوا، و لم تفعل ذلک بهم إلالذکرهم فضلنا وتعظیمهم حقنا،فقتلتهم مخافة أمر لعلک لو لم تقتلهم مت قبل أن یفعلوا أوماتوا قبل أن یدرکوا،فأبشر یامعاویة بالقصاص واستیقن بالحساب واعلم أن لله تعالی کتابالا یُغادِرُ صَغِیرَةً وَ لا کَبِیرَةً إِلّا أَحصاها، و لیس الله بناس لأخذک بالظنة وقتلک أولیائه علی التهم ونفیک أولیائه من دورهم إلی دار الغربة، وأخذک للناس ببیعة ابنک غلام حدث یشرب الخمر ویلعب بالکلاب ، لاأعلمک إلا و قدخسرت نفسک وتبرت دینک وغششت رعیتک وأخربت أمانتک وسمعت مقالة السفیه الجاهل وأخفت الورع التقی لأجلهم و السلام . فلما قرأ معاویة

ص: 36


1- .و یوثرون حکم الکتاب. احتجاج.
2- تجشم الرحلتین اللتین بنا من الله علیکم فوضعهما عنکم. الاحتجاج صحّ.

الکتاب ، قال لقد کان فی نفسه ضب ماأشعر به . فقال یزید یا أمیر المؤمنین أجبه جوابا تصغر إلیه نفسه وتذکر فیه أباه بشر فعله قال ، ودخل عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال له معاویة أ ما رأیت ماکتب به الحسین قال و ما هو قال ،فاقرأه الکتاب ، فقال و مایمنعک أن تجیبه بما یصغر إلیه نفسه وإنما قال ذلک فی هوی معاویة، فقال یزید کیف رأیت یا أمیر المؤمنین رأیی فضحک معاویة فقال أمایزید فقد أشار علی بمثل رأیک ، قال عبد الله فقد أصاب یزید. فقال معاویة أخطأتما أرأیتما لوأنی ذهبت لعیب علی محقا ماعسیت أن أقول فیه ، ومثلی لایحسن أن یعیب بالباطل و ما لایعرف ، ومتی ماعبت رجلا بما لایعرفه الناس لم یحفل بصاحبه و لایراه الناس شیئا کذبوه ، ومتی ماعسیت أن أعیب حسینا، و و الله ماأری للعیب فیه موضعا و قدرأیت أن أکتب إلیه أتوعده وأتهدده ثم رأیت ألا أفعل و لاأمحله(1) .(2) رواهه فی الاحتجاج(3) باختلاف یسیر.

للسیّد الاید المسددّ السید الشریف الکاظمی رحمه الله اباالحسن یا خیر من وطاء الثری و سارت به قبّ المهار وقودها اتدفع یا مولی الوری عن مناصب الخلافة عدوانا و انت عمیدها و تمنع عن میراث احمد فاطم و یضربها الطاغی و انت شهیدها و ما لاخی تیم بن مرّة و العلا هل قومه فی الناس إلا عبیدها و کیف تهادی الامر حتی رقی لها من ابن صهّاک فضّها و کنودها و صبّرها شوری خداعا و غیلة فیا لک شوری ما اطیع رشیدها و ما لابنة التیمی و البیض و الفنا و قطع الفیافی و الجیوش تقودها و این بنو سفیان من ملک احمد و قد تعست فی الغابرین جدودها اتملک امر المسلمین و قد بدا بکلّ زمان کفرها و جحودها إلّا یابن هند لاسقی الله توبة ثویت بمثواها و لا اخضرّ عودها أ تغضب جلباب الخلافة ها شما و تطردها عنها و انت طریدها و تقضی بها ویل لأُمّک قسوة

ص: 37


1- إختیار معرفة الرجال المعروف برجال الکشی ، الشیخ الطوسی ج1 ، ص 47 الی 52
2- من المحکی الاحتجاج: وأهدده، وأجهله ثم رأيت لا أفعل. قال: فما كتب إليه بشئ يسوءه، ولا قطع عنه شيئا كان يصله به، كان يبعث إليه في كل سنة ألف ألف درهم سوى عروض وهدايا من كل ضرب (احتجاج).
3- الاحتجاح ، ج2 ، ص15

إلی فاجر قامت قامت علیه شهودها فواعجبا حتی یزید ینالها و هل دابة إلّا المدام و عودها و واحزنا مما جری لمحمد و عترته من کل امر یکیدها یسودها الرحمن جل جلاله و تابی شرار الخلق ثم تسودها فما عرفت تالله یوما حقوقها و لا رعیت فی الناس یوما عهودها و ما قتل السبط الشهیدین فاطم لعمرک إلّا یوم ردّت شهودها و ما ان اری تطفی الجوی غیر دولة تدین لها فی الشوق و الغرب صیدها تعید علینا شرعة الحق بهجة تزهو بنا الدینا و یعلو سعودها إما و الذی لا یعلم الغیب غیره لان ذهبت یوما فسوف یعیدها و تقدم من ارض الحجاز جنودها تخفق فی الارض العراق بنودها فعجل رعاک الله ان قلوبنا یزید علی مرّ اللیالی وفودها و تلک حدود الله فی کل وجهة معطلة من أن تقام حدودها علیک سلام الله ما تسبک الحیا و ابقلت الارضون و اخفرّ عودها المناقب لابن شهرآشوب عن ابن عباس: قال سألت هند عائشة أن تسأل النبي تعبير رؤيا، فقال صلى الله عليه وآله قولي لها فلتقصص رؤياها، فقالت: رأيت كأن الشمس قد طلعت من فوقي والقمر قد خرج من مخرجي وكأن كوكبا قد خرج من القمر اسود فشد على شمس خرجت من الشمس اصغر من الشمس فابتلعها فاسود الافق لابتلاعها ثم رأيت كواكب بدت من السماء وكواكب مسودة في الارض إلا ان المسودة أحاطت بافق الارض من كل مكان فاكتحلت عين رسول الله بدموعه ثم قال: هي هند اخرجي يا عدوة الله، مرتين، فقد جددت علي احزاني ونعيت إلي احبابي، فلما خرجت قال: اللهم العنها والعن نسلها فسئل عن تعبيرها فقال اما الشمس التي طلعت عليها فعلي بن ابي طالب والكوكب الذي خرج من القمر اسود فهو معاوية مفتون فاسق جاحد لله وتلك الظلمة التي زعمت ورأت كوكبا يخرج من القمر اسود فشد على شمس خرجت من الشمس اصغر من الشمس فابتلعتها فاسودت فذلك ابني الحسين يقتله ابن معاوية فتسود الشمس ويظلم الافق، واما الكواكب المسودة

ص: 38

في الارض احاطت الارض من كل مكان فتلك بنو امية(1) تفسیر مجمع البیان للشیخ الطبرسی فی تفسیر قولی تعالی ((يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولدهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحیم(2) )).

وروي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بايعهن، وكان على الصفا، وكان عمر أسفل منه، وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء، خوفا أن يعرفها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال. أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا. فقالت هند: إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيناك أخذته على الرجال، وذلك أنه بايع الرجال يومئذ على الاسلام والجهاد فقط، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ولا تسرقن. فقالت هند: إن أبا سفيان رجل ممسك، وإني أصبت من ماله هنات، فلا أدري أيحل لي أم لا. فقال أبو سفيان: ما أصبت من مالي فيما مضى، وفيما غبر، فهو لك حلال. فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعرفها فقال لها: وإنك لهند بنت عتبة؟ قالت:

نعم، فاعف عما سلف يا نبي الله، عفا الله عنك! فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ولا تزنين. فقالت هند: أو تزني الحرة؟ فتبسم عمر بن الخطاب لما جرى بينه وبينها في الجاهلية.

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ولا تقتلن أولادكن. فقالت هند: ربيناهم صغارا، وقتلتموهم كبارا، وأنتم وهم أعلم وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتله علي بن أبي طالب عليه السلام يوم بدر. فضحك عمر حتى استلقى، وتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولما قال: ولا تأتين ببهتان، فقالت هند: والله إن البهتان قبيح، وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق.

ولما قال: ولا يعصينك في معروف، فقالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شئ(3).

شرح ابن ابی الحدید قال الواقدي و حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون عن الزهري عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال غزونا الشام في زمن عثمان بن عفان فمررنا بحمص بعد العصر فقلنا وحشي فقيل لا تقدرون عليه هو الآن يشرب الخمر حتى يصبح فبتنا من أجله و إننا لثمانون رجلا فلما صلينا الصبح جئنا إلى منزله فإذا شيخ كبير قد طرحت له زربية قدر مجلسه فقلنا له أخبرنا عن قتل حمزة و عن قتل مسيلمة فكره ذلك و أعرض عنه فقلنا ما بتنا هذه الليلة إلا من أجلك فقال إني كنت عبدا لجبير بن مطعم بن عدي فلما خرج الناس إلى أحد دعاني فقال قد رأيت مقتل طعيمة بن عدي قتله حمزة بن عبد المطلب فلم تزل نساؤنا في حزن شديد إلى يومي هذا فإن قتلت حمزة فأنت حر فخرجت مع الناس و لي مزاريق كنت أمر بهند بنت عتبة فتقول إيه أبا دسمة اشف و اشتف فلما وردنا أحدا نظرت إلى حمزة يقدم الناس يهدهم هدا فرآني و قد كمنت له تحت شجرة فأقبل نحوي و تعرض له سباع الخزاعي فأقبل

ص: 39


1- مناقب آل ابی طالب ، ج3 ، ص227.
2- سورة الشریفة الممتحنة ، الأیة 550.
3- مجمع البیان فی تفسیر القرآن ، ج9 ، ص457.

إليه و قال و أنت أيضا يا ابن مقطعة البظور ممن يكثر علينا هلم إلي و أقبل نحوه حتى رأيت برقان رجليه ثم ضرب به الأرض و قتله و أقبل نحوي سريعا فيعترض له جرف فيقع فيه و أزرقه بمزراق فيقع في لبته حتى خرج من بين رجليه فقتله و مررت بهند بنت عتبة فآذنتها فأعطتني ثيابها و حليها و كان في ساقيها خدمتان من جزع ظفار و مسكتان من ورق و خواتيم من ورق كن في أصابع رجليها فأعطتني بكل ذلك(1) و قال روى محمد بن إسحاق في كتاب المغازي قال علت هند يومئذ صخرة مشرفة و صرخت بأعلى صوتها نحن جزيناكم بیوم بدر الحرب بعد الحرب ذات سعر ما كان عن عتبة لي من صبر و لا أخي و عمه و بكري شفيت نفسي و قضيت نذري شفيت وحشي غليل صدري فشكر وحشي على عمري حتى ترم أعظمي في قبري .

قال فأجابتها هند بنت أثاثة بن المطلب بن عبد مناف:

خزيت في بدر و غير بدر يا بنت غدار عظيم الكفر أفحمك الله غداة الفجر بالهاشميين الطوال الزهر بكل قطاع حسام يفري حمزة ليثي و علي صقري إذ رام شيب و أبوك قهري فخضبا منه ضواحي النحر.

قال محمد بن إسحاق و من الشعر الذي ارتجزت به هند بنت عتبة:

شفيت من حمزة نفسي بأحد حين بقرت بطنه عن الكبد أذهب عني ذاك ما كنت أجد من لوعة الحزن الشديد المعتمد و الحرب تعلوكم بشؤبوب برد نقدم إقداما عليكم كالأسد قال محمد بن إسحاق حدثني صالح بن كيسان قال حدثت أن عمر بن الخطاب قال لحسان يا أبا الفريعة لو سمعت ما تقول هند و لو رأيت شرها قائمة على صخرة ترتجز بنا و تذكر ما صنعت بحمزة فقال حسان و الله إني لأنظر إلى الحربة تهوي و أنا على فارع يعني أطمة فقلت و الله إن هذه لسلاح ليس بسلاح العرب و إذا بها تهوي إلى حمزة و لا أدري {و لكن} أسمعني بعض قولها أكفيكموها فأنشده عمر بعض ما قالت فقال حسان يهجوها أشرت لكاع و كان عادتها لؤما إذا أشرت مع الكفر أخرجت مرقصة إلى أحد في القوم مقتبة على بكر بكر ثفال لا حراك به لا عن معاتبة و لا زجر أخرجت ثائرة محاربة بأبيك و ابنك بعد في و بعمك المتروك منجدلا و أخيك منعفرين في الجفر فرجعت صاغرة بلا ترة منا ظفرت بها و لا وتر.

و قال أيضا يهجوها لمن سواقط ولدان مطرحة باتت تفحص في بطحاء أجياد باتت تمخض لم تشهد قوابلها إلا الوحوش و إلا جنة الوادي يظل يرجمه الصبيان منعفرا و خاله و أبوه سيدا النادي في أبيات كرهت ذكرها لفحشها قلت لیته ذکرها (2).

و قال الواقدی و كانت هند بنت عتبة أول من مثل بأصحاب النبي ص و أمرت النساء بالمثل و بجدع الأنوف و الآذان فلم تبق امرأة إلا عليها معضدان(3) و مسكتان (4) و خدمتان (5) .(6) هند و صواحبها يحرضن

ص: 40


1- شرح نهج البلاغة ، ج15 ، ص12.
2- شرح نهج البلاغة ، ج15 ، ص13 الی 15.
3- الدملج، و هو حلى يلبس في المعصم.
4- الأسورة من القرون و العاج.
5- الخلخال.
6- شرح نهج البلاغه ، ج14 ، ص271.

و يذمرن الرجال و يذكرن من أصيب و يقلن نحن بنات طارق نمشي على النمارق إن تقبلوا نعانق أو تدبروا نفارق فراق غير وامق(1).

بصائرالدرجات للصفار عن بشیر النبال عن ابى جعفر عليه السلام انه قال كنت خلف ابى وهو على بغلته فنفرت بغلته فإذا رجل شيخ في عنقه سلسلة ورجل يتبعه فقال يا على بن الحسين اسقنى اسقنى فقال الرجل لاتسقه لاسقاه الله قال وكان الشيخ معاویه(2).

و عن على بن المغيرة قال نزل أبو جعفر عليه السلام بوادي ضجنان فقال ثلث مرات لا غفر الله لك ثم قال لاصحابه اتدرون لم قلت ما قلت قالوا لم قلت جعلنا الله فداك قال مر معاوية يجر سلسلة قد ادلى لسانه يسئلنى ان استغفر له وانه يقال هذا وادى ضجنان من اودية جهنم(3).

و عن مالك بن عطية عن ابى عبد الله عليه السلام قال كنت اسير مع ابى في طريق مكة ونحن على ناقتين فلما صرنا بوادي ضجنان خرج رجل في عنقه سلسلة يجرها فقال يا ابا جعفر اسقنى سقاك الله فتبعه رجل آخر فاجتذب السلسلة وقال يابن رسول الله صلى الله عليه وآله لاتسقه لاسقاه الله قال ثم التفت إلى ابى فقال يا ابا جعفر عرفت هذه معاویه(4).

کتاب سلیم بن قیس الهلالی كان لزياد بن سمية كاتب يتشيع وكان لي صديقا، فأقرأني كتابا كتبه معاوية إلى زياد جواب كتابه إليه: سيرة معاوية في قبايل العرب أما بعد، فإنك كتبت إلي تسألني عن العرب، من أكرم منهم ومن أهين ومن أقرب ومن أبعد، ومن آمن منهم ومن أحذر ؟ وأنا - يا أخي - أعلم الناس بالعرب. انظر إلى هذا الحي من اليمن، فأكرمهم في العلانية وأهنهم في الخلاء فإني كذلك أصنع بهم، أقرب مجالسهم وأريهم أنهم آثر عندي من غيرهم ويكون عطائي وفضلي على غيرهم سرا منهم لكثرة من يقاتلني منهم مع هذا الرجل.

وانظر (ربيعة بن نزار)، فأكرم أشرافهم وأهن عامتهم، فإن عامتهم تبع لأشرافهم وساداتهم. وانظر إلى (مضر) فاضرب بعضها ببعض فإن فيهم غلظة وكبرا وأبهة ونخوة شديدة، وإنك إذا فعلت ذلك وضربت بعضهم ببعض كفاك بعضهم بعضا، ولا ترض بالقول منهم دون الفعل ولا بالظن دون اليقين.

سيرة معاوية في إهانة العجم والموالي وانظر إلى الموالي ومن أسلم من الأعاجم، فخذهم بسنة عمر بن الخطاب فإن في ذلك خزيهم وذلهم، أن تنكح العرب فيهم ولا ينكحوهم وأن ترثهم العرب ولا يرثوهم وأن تقصر بهم في عطائهم وأرزاقهم، وأن يقدموا في المغازي يصلحون الطريق ويقطعون الشجر، ولا يؤم أحد منهم العرب في صلاة ولا يتقدم أحد منهم في الصف الأول إذا حضرت العرب إلا أن يتموا الصف. ولا تول أحدا منهم ثغرا من ثغور المسلمين ولا مصرا من أمصارهم، ولا يلي أحد منهم قضاء المسلمين ولا أحكامهم فإن هذه سنة عمر فيهم وسيرته، جزاه الله عن أمة محمد وعن بني أمية خاصة أفضل الجزاء كيف طمع معاوية في الخلافة وكيف نالها ؟ فلعمري لو لا ما صنع هو وصاحبه وقوتهما وصلابتهما في دين الله لكنا وجميع هذه الامة لبني هاشم الموالي، ولتوارثوا الخلافة واحدا بعد واحد كما يتوارث أهل كسرى وقيصر، ولكن الله أخرجها بأيديهما من بني هاشم وصيرها إلى بني تيم بن مرة، ثم خرجت إلى بني عدي بن كعب، وليس في قريش حيان أقل وأذل منهما ولا أنذل ، فأطمعانا فيها وكنا أحق منهما ومن عقبهما، لأن فينا الثروة والعز ونحن أقرب إلى رسول الله في الرحم منهما. ثم نالها قبلنا صاحبنا عثمان بشورى ورضا من العامة بعد شورى ثلاثة أيام بين الستة، ونالها من نالها قبله بغير شورى. فلما قتل صاحبنا عثمان مظلوما نلناها به لأن من قتل مظلوما فقد جعل الله لوليه سلطانا أمر معاوية بإهانة الأعاجم ولعمري يا أخي، لو أن عمر سن دية المولى نصف دية العربي لكان أقرب إلى التقوى، ولو وجدت السبيل إلى ذلك ورجوت أن تقبله العامة لفعلت ولكني قريب عهد بحرب فأتخوف فرقة الناس واختلافهم علي. وبحسبك ما سنه عمر فيهم فهو خزي لهم وذل. فإذا جاءك كتابي هذا فأذل العجم وأهنهم وأقصهم ولا تستعن بأحد منهم ولا تقض لهم حاجة. معاوية يستلحق زيادا بأبي سفيان فو الله إنك لابن أبي سفيان خرجت من صلبه(وما تناسب عبيدا نسبا دون آدم(5) )

ص: 41


1- نفس المصدر ، ج14 ، ص235.
2- بصائر الدرجات ، ج1 ، ص285، ح1.
3- نفس المصدر ، ح3
4- نفس المصدر ، ح5
5- إضافة من المصدر.

وقد كنت حدثتني - وأنت يا أخي عندي صدوق -: أنك قرأت كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري بالبصرة وكنت يومئذ كاتبه وهو عامل بالبصرة وأنت أنذل الناس عنده، وأنت يومئذ ذليل النفس تحسب أنك مولى لثقيف، ولو كنت تعلم يومئذ يقينا - كيقينك اليوم - أنك ابن أبي سفيان لأعظمت نفسك وأنفت أن تكون كاتبا لدعي الأشعريين. وأنت تعلم ونحن يقينا أن أبا سفيان خرج معه جده أمية بن عبد شمس في بعض تجارته إلى الشام فمر بصفورية فاشترى قينا وابنه عبد الله وأن أبا سفيان كان يحذو حذو أمية عبد شمس. سيرة عمر في إهانة الأعاجم وسبب ذلك وحدثني ابن أبي معيط أنك أخبرته: انك قرأت كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري وبعث إليه بحبل طوله خمسة أشبار، وقال له: أعرض من قبلك من أهل البصرة. فمن وجدته من الموالي ومن أسلم من الأعاجم قد بلغ خمسة أشبار، فقدمه فاضرب عنقه فشاورك أبو موسى في ذلك، فنهيته وأمرته أن يراجع عمر. فراجعه وذهبت أنت بالكتاب إلى عمر، وإنما صنعت ما صنعت تعصبا للموالي وأنت يومئذ تحسب أنك منهم وأنك ابن عبيد. فلم تزل بعمر حتى رددته عن رأيه وخوفته فرقة الناس فرجع. وقلت له: ما يؤمنك - وقد عاديت أهل هذا البيت - أن يثوروا إلى علي فينهض بهم فيزيل ملكك، فكف عن ذلك وما أعلم يا أخي إنه ولد مولود من آل أبي سفيان أعظم شؤما عليهم منك حين رددت عمر عن رأيه ونهيته عنه وخبرني أن الذي صرفت به عن رأيه في قتلهم أنك قلت: إنك سمعت علي بن أبي طالب يقول: لتضربنكم الأعاجم على هذا الدين عودا كما ضربتموهم عليه بدءا، وقال: ليملأن الله أيديكم من الأعاجم ثم ليصيرن أشداء لا يفرون، فليضربن أعناقكم وليغلبنكم على فيئكم. فقال لك عمر: قد سمعت ذلك عن رسول الله، فذاك الذي حملني على الكتاب إلى صاحبك في قتلهم، وقد كنت عزمت على أن أكتب إلى عمالي في سائر الأمصار بذلك.

فقلت لعمر: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنك لن تأمنهم أن يدعوهم علي إلى نصرته وهم كثير وقد علمت شجاعة علي وأهل بيته وعداوته لك ولصاحبك، فرددته عن ذلك. فأخبرتني أنك لم ترده عن ذلك إلا عصبية وأنك لم ترجع عن رواية جبنا. وحدثتني أنك ذكرت ذلك لعلي بن أبي طالب في إمارة عثمان فأخبرك أن أصحاب الرايات السود التي تقبل من خراسان هم الأعاجم، وأنهم الذين يغلبون بني أمية على ملكهم ويقتلونهم تحت كل حجر وكوكب. فلو كنت - يا أخي - لم ترد عمر عن رأيه لجرت سنة ولاستأصلهم الله وقطع أصلهم وإذا لاستنت به الخلفاء من بعده حتى لا يبقى منهم شعر ولا ظفر ولا نافخ نار، فإنهم آفة الدين بدع عمر على لسان معاوية فما أكثر ما قد سن عمر في هذه الامة بخلاف سنة رسول الله، فتابعه الناس عليها وأخذوا بها، فتكون هذه مثل واحدة منهن. فمنهن تحويله المقام من الموضع الذي وضعه فيه رسول الله، وصاع رسول الله ومده حين غيره وزاد فيه، ونهيه الجنب عن التيمم، وأشياء كثيرة سنها أكثر من ألف باب، أعظمها وأحبها إلينا وأقر ها لأعيننا زيلة الخلافة عن بني هاشم وهم أهلها ومعدنها، لأنها لا تصلح إلا لهم ولا تصلح الأرض إلا بهم.

سليم يستنسخ الرسالة السرية فإذا قرأت كتابي هذا فاكتم ما فيه ومزقه. قال: فلما قرأ زياد الكتاب ضرب به الأرض، ثم أقبل علي فقال: ويلي مما خرجت وفيما دخلت كنت والله من شيعة آل محمد وحزبه، فخرجت منها ودخلت في شيعة الشيطان وحزبه وفي شيعة من يكتب إلي مثل هذا الكتاب. إنما والله مثلي كمثل إبليس أبى أن يسجد لادم كبرا وكفرا وحسدا. قال سليم: فلم أمس حتى نسخت كتابه. فلما كان الليل دعا زياد بالكتاب فمزقه وقال: لا يطلعن أحد من الناس على ما في هذا الكتاب، ولم يعلم أني قد نسخته(1) تفسیر علی بن ابراهیم قمی قوله ((فلا صدق ولا صلى(2))) فانه كان سبب نزولها ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا إلى بيعة علي يوم غدير خم فلما بلغ الناس واخبرهم في علي ما اراد الله ان يخبر، رجعوا الناس، فاتكأ معاوية على المغيرة بن شعبة وابي موسى الاشعري ثم اقبل يتمطى نحو اهله ويقول ما نقر لعلي بالولاية (بالخلافة خ ل) ابدا ولا نصدق محمد صلی الله علیه و اله

ص: 42


1- کتاب سلیم بن قیس ، ج1 ، ص281.
2- سورة الشریفة القیامه ، الأیة 31.

مقالته فيه فانزل الله جل ذكره (فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى ثم ذهب إلى اهله يتمطى اولى لك فاولى(1)) عبد الفاسق ك (وعيد الفاسق ط) فصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر وهو يريد البراءة منه فانزل الله (لا تحرك به لسانك لتعجل به(2)) فسكت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يسمّه (3) شرح نهج قال معاوية لشداد بن أوس قم فاذكر عليا علیه السلام فانتقصه فقام شداد فقال الحمد لله الذي افترض طاعته على عباده و جعل رضاه عند أهل التقوى آثر من رضا غيره على ذلك مضى أولهم و عليه مضى آخرهم أيها الناس إن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قاهر و إن الدنيا أكل حاضر يأكل منها البر و الفاجر و إن السامع المطيع لله لا حجة عليه و إن السامع العاصي لله لا حجة له و إنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق و إذا أراد الله بالناس خيرا استعمل عليهم صلحاءهم-و قضى بينهم فقهاؤهم و جعل المال في سمحائهم و إذا أراد بالعباد شرا عمل عليهم سفهاؤهم و قضى بينهم جهلاؤهم و جعل المال عند بخلائهم و إن من إصلاح الولاة أن تصلح قرناءها ثم التفت إلى معاوية فقال نصحك يا معاوية من أسخطك بالحق و غشك من أرضاك بالباطل فقطع معاوية عليه كلامه و أمر بإنزاله ثم لاطفه و أمر له بمال فلما قبضه قال أ لست من السمحاء الذين ذكرت فقال إن كان لك مال غير مال المسلمين أصبته حلالا و أنفقته إفضالا فنعم و إن كان مال المسلمين احتجبته دونهم أصبته اقترافا و أنفقته إسرافا ((فإن الله يقول إِنَّ اَلْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ اَلشَّيَاطِينِ(4))) (5) و فیه لما بلغ الحسن بن علی علیه السلام قول معاوية إذا لم يكن الهاشمي جوادا و الأموي حليما و العوامي شجاعا و المخزومي تياها لم يشبهوا آباءهم فقال إنه و الله ما أراد بها النصيحة و لكن أراد أن يفنى بنو هاشم ما في أيديهم فيحتاجوا إليه و أن يشجع بنو العوام فيقتلوا و أن يتيه بنو مخزوم فيمقتوا و أن يحلم بنو أمية فيحبهم الناس(6).

و فیه أتى وائل بن حجر النبي صلی الله علیه و آله فأقطعه أرضا و أمر معاوية أن يمضي معه فيريه الأرض و يعرضها عليه و يكتبها له فخرج مع وائل في هاجرة شاوية و مشى خلف ناقته فأحرقته الرمضاء فقال أردفني قال لست من أرداف الملوك قال فادفع إلي نعليك قال ما بخل يمنعني يا ابن أبي سفيان و لكن أكره أن يبلغ أقيال اليمن أنك لبست نعلي و لكن امش في ظل ناقتي فحسبك بذاك شرفا و يقال إنه عاش حتى أدرك زمن معاوية فأجلسه معه على سريره(7) .

قال أوصى معاوية يزيد ابنه لما عقد له الخلافة بعده فقال إني لا أخاف عليك إلا ممن أوصيك بحفظ قرابته و رعاية حق رحمه من القلوب إليه مائلة و الأهواء نحوه جانحة و الأعين إليه طامحة و هو الحسين بن علي فاقسم له نصيبا من حلمك و اخصصه بقسط وافر من مالك و متعه بروح الحياة و أبلغ له كل ما أحب في أيامك فأما من عداه فثلاثة و هم عبد الله بن عمر رجل قد وقذته العبادة فليس يريد الدنيا إلا أن تجيئه طائعة لا تراق فيها محجمة دم و عبد الرحمن بن أبي بكر رجل هقل لا يحمل ثقلا و لا يستطيع نهوضا و ليس بذي همة و لا شرف و لا أعوان و عبد الله بن الزبير و هو الذئب الماكر و الثعلب الخاتر فوجه إليه جدك و عزمك و نكيرك و مكرك و اصرف إليه سطوتك و لا تثق إليه في حال فإنه كالثعلب

ص: 43


1- سورة الشریفة القیامة ، الأیة 32 الی 35.
2- سورة الشریفة القیامة ، الأیة 16.
3- تفسیر القمی ، ج2 ، ص397.
4- سورة الشریف الإسراء ، الأیة 27.
5- شرح نهج البلاغة ، ج18 ، ص389.
6- شرح نهج البلاغة ، ج19 ، ص354.
7- شرح نهج البلاغة ، ج19 ، ص352.

راغ بالختل (1)عند الإرهاق و الليث صال بالجراءة عند الإطلاق و أما ما بعد هؤلاء فإني قد وطئت لك الأمم و ذللت لك أعناق المنابر و كفيتك من قرب منك و من بعد عنك فكن للناس كما كان أبوك لهم يكونوا لك كما كانوا لأبيك (2).

امالی ابن الشیخ عن هشام بن السائب ، عن أبيه ، قال : خطب الناس يوما معاوية بمسجد دمشق وفي الجامع يومئذ من الوفود علماء قريش وخطباء ربيعة ومدارهها ، وصناديد اليمن وملوكها ، فقال معاوية : إن الله تعالى أكرم خلفاءه فأوجب لهم الجنة فأنقذهم من النار ، ثم جعلني منهم وجعل أنصاري أهل الشام الذابين عن حرم الله ، المؤيدين بظفر الله ، المنصورين على أعداء الله.

قال : و کان في الجامع من أهل العراق الأحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان ، فقال الأحنف لصعصعة :

أتكفيني أم أقوم أنا إليه؟ فقال صعصعة : بل أكفيكه أنا. ثم قام صعصعة فقال : يا بن أبي سفيان ، تكلمت فأبلغت ولم تقصر دون ما أردت ، وكيف يكون ما تقول وقد غلبتنا قسرا وملكتنا تجبرا ودنتنا بغير الحق ، واستوليت بأسباب الفضل علينا؟! فأما إطراؤك أهل الشام فما رأيت أطوع لمخلوق وأعصى لخالق منهم ، قوم ابتعت منهم دينهم وأبدانهم بالمال ، فإن أعطيتهم حاموا عنك ونصروك ، وإن منعتهم قعدوا عنك ورفضوك. فقال معاوية :

اسكت يا بن صوحان ، فوالله لولا أني لم أتجرع غصة غيظ قط أفضل من حلم وأحمد من كرم سيما في الكف عن مثلك والاحتمال لدونك لما عدت إلى مثل مقالتك. فقعد صعصعة فأنشأ معاوية يقول :

قبلت جاهلهم حلما وتكرمة والحلم عن قدر في فضل من الكرم(3) اختصاص للشیخ المفید رحمه الله عن عبد الله بن يزيد الغساني يرفعه قال : قدم وفد العراقیين على معاوية فقدم في وفد أهل الكوفة عدي ابن حاتم الطائي وفي وفد أهل البصرة الأحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان فقال :عمرو بن العاص لمعاوية هؤلاء رجال الدنيا وهم شيعة علي الذين قاتلوا معه يوم الجمل ويوم صفين فكن منهم على حذر ، فأمر لكل رجل منهم بمجلس سري واستقبل القوم بالكرامة فلما دخلوا عليه قال لهم : أهلا " وسهلا "قدمتم أرض المقدسة والأنبياء والرسل والحشر والنشر ، فتكلم صعصعة وكان من أحضر الناس جوابا " فقال : يا معاوية أما قولك :

" أرض المقدسة " فإن الأرض لا تقدس أهلها وإنما تقدسهم الأعمال الصالحة ، وأما قولك :

" أرض الأنبياء والرسل " فمن بها من أهل النفاق والشرك والفراعنة والجبابرة أكثر من الأنبياء والرسل ، وأما قولك : " أرض الحشر والنشر " فإن المؤمن لا يضره بعد الحشر و

ص: 44


1- الخداع. من المولف.
2- شرح نهج البلاغة ، ج20 ، ص133.
3- الامالی للشیخ الطوسی ، ج1 ، ص5.

المنافق لا ينفعه قربه . فقال معاوية : لو أن الناس كلهم أولدهم أبو سفيان لما كان فيهم إلا كيسا " رشيدا " فقال صعصعة : قد أولد الناس من كان خيرا " من أبي سفيان فأولد الأحمق والمنافق والفاجر والفاسق والمعتوه والمجنون - آدم أبو البشر - . فخجل معاوية .(1) کتاب البحار عن امالی المفید عن عبد الله بن مصعب، عن أبيه قال: حضر عبد الله بن عباس مجلس معاوية بن أبي سفيان، فأقبل عليه معاوية فقال: يا ابن عباس إنكم تريدون أن تحرزوا الامامة كما اختصصتم بالنبوة ؟! والله لا يجتمعان أبدا، إن حجتكم في الخلافة مشتبهة على الناس، إنكم تقولون: نحن أهل بيت النبي ( صلی الله علیه و اله ) فما بال خلافة النبوة في غيرنا ؟ وهذه شبهة لانها تشبه الحق وبها مسحة من العدل، وليس الامر كما تظنون، إن الخلافة تتقلب في أحياء قريش برضى العامة وشورى الخاصة، ولسنا نجد الناس يقولون: ليت بني هاشم ولونا، ولو ولونا كان خيرا لنا في دنيانا واخرانا. ولو كنتم زهدتم فيها أمس كما تقولون ما قاتلتم عليها اليوم، و والله لو ملكتموها يا بني هاشم لما كانت ريح عاد ولا صاعقة ثمود بأهلك للناس منكم. فقال ابن عباس رحمه الله: أما قولك يا معاوية: إنا نحتج بالنبوة في استحقاق الخلافة فهو والله كذلك، فإن لم يستحق الخلافة بالنبوة فبم يستحق وأما قولك: إن الخلافة والنبوة لا يجتمعان لاحد، فأين قول الله عزوجل: " أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما "(2) فالكتاب هو النبوة، والحكمة هي السنة، والملك هو الخلافة، فنحن آل إبراهيم، والحكم بذلك جار فينا إلى يوم القيامة.

وأما دعواك على حجتنا أنها مشتبهة، فليس كذلك، وحجتنا أضوء من الشمس، وأنور من القمر، كتاب الله معنا وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فينا، وإنك لتعلم ذلك ولكن ثنى عطفك وصعرك قتلنا أخاك وجدك وخالك وعمك، فلا تبك على أعظم حائلة، وأرواح في النار هالكة، ولا تغضبوا لدماء أراقها الشرك، وأحلها الكفر، و وضعها الدين. وأما ترك تقديم الناس لنا فيما خلا، وعدولهم عن الاجماع علينا ، فما حرموا منا أعظم مما حرمنا منهم، وكل أمر إذا حصل حاصله ثبت حقه وزال باطله. وأما افتخارك بالملك الزائل الذي توصلت إليه بالمحال الباطل، فقد ملك فرعون من قبلك فأهلكه الله. وما تملكون يوما يا بني أمية إلا ونملك بعدكم يومين، ولا شهرا إلا ملكنا شهرين، ولا حولا إلا ملكنا حولين. وأما قولك: إنا لو ملكنا كان ملكنا أهلك للناس من ريح عاد و صاعقة ثمود ، فقول الله يكذبك في ذلك قال الله عزوجل: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " (3) فنحن أهل بيته الادنون ورحمة الله خلقه كرحمته بنبيه خلقه ظاهر، والعذاب بتملكك رقاب المسلمين ظاهر للعيان، و سيكون من بعدك تملك ولدك وولد أبيك أهلك للخلق من الريح العقيم، ثم

ص: 45


1- الاختصاص ، ج1 ، ص65.
2- سورة الشریفة النساء ، الأیة 54.
3- سورة الشریفة الانبیاء ، الأیة 107.

ينتقم الله بأوليائه ويكون العاقبة للمتقين(1) کتاب الغارات لابراهیم بن الثقفی عن محارب بن ساعدة الإياديّ قال: كنت عند معاوية بن أبي سفيان و عنده أهل الشّام ليس فيهم غيرهم إذ قال: يا أهل الشّام قد عرفتم حبّي لكم و سيرتي فيكم و قد بلغكم صنيع عليّ بالعراق و تسويته بين الشّريف و بين من لا يعرف قدره، فقال رجل منهم: لا يهدّ اللَّه ركنك، و لا يهيض جناحك ، و لا يعدمك ولدك، و لا يرينا فقدك فقال: فما تقولون في أبي تراب؟- قال: فقال كلّ رجل منهم ما أراد؛ و معاوية ساكت و عنده عمرو بن العاص و مروان بن الحكم فتذاكرا عليّا عليه السّلام بغير الحقّ.

فوثب رجل من آخر المجلس من أهل الكوفة {و كان قد} دخل مع القوم فقال: يا معاوية تسأل أقواما في طغيانهم يعمهون اختاروا الدّنيا على الاخرة و اللَّه لو سألتهم عن السّنّة ما أقاموها فكيف يعرفون عليّا و فضله؟! أقبل عليّ أخبرك ثمّ لا تقدر أن تنكر أنت و لا من عن يمينك يعني عمرا :

هو و اللَّه الرّفيع جاره، الطّويل عماده، دمّر اللَّه به الفساد، و أبار به الشّرك، و وضع به الشّيطان و أولياءه، و ضعضع به الجور، و أظهر به العدل، و أنطق زعيم الدّين، و أطاب المورد، و أضحى الدّاجي، و انتصر به المظلوم، و هدم به بنيان النّفاق و انتقم به من الظّالمين، و أعزّ به المسلمين، العلم المرفوع، و الكهف للعوّاذ، ربيع الرّوح، و كنف المستطيل، وليّ الهارب ، كريح رحمة أثارت سحابا متفرّقا بعضها إلى بعض حتّى التحم و استحكم فاستغلظ فاستوى ثمّ تجاوبت نواتقه، و تلألأت بوارقه، و استرعد خرير مائه فأسقى و أروى عطشانه، و تداعت جنانه، و استقلّت به أركانه و استكثرت وابله، و دام رذاذه ، و تتابع مهطوله، فرويت البلاد و اخضرّت و أزهرت، ذلك عليّ بن أبي طالب، سيّد العرب، إمام الأمّة و أفضلها و أعلمها و أجملها و أحكمها، أوضح للنّاس سيرة الهدى بعد السّعي في الرّدى، فهو و اللَّه إذا اشتبهت الأمور، و هاب الجسور، و احمرّت الحدق، و انبعث القلق، و أبرقت البواتر استربط عند ذلك جأشه، و عرف بأسه و لاذ به الجبان الهلوع؛ فنفّس كربته و حمى حمايته، عند الخيول النّكراء و الدّاهية الدّهياء مستغن برأيه عن مشورة ذوى الألباب برأي صليب و حلم أريب مجيب للصّواب مصيب، فأمسكت القوم جميعا. و أمر معاوية بإخراجه؛ فاخرج، و هو يقول: ((قد جاءَ الْحَقُّ وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ کان زهوقا(2))) و کان معاویة تعجبه الفصاحة و یصغی للمتکلم حتی یفرغ من کلامه(3).

ص: 46


1- بحارالانوار ، ج44 ، ص117. الامالی للشیخ المفید ، ج1 ، ص15.
2- سورة الشریفة الاسراء ، الأیة 81.
3- شرح نهج البلاغة ، ج2 ، ص549.

ابن ابی الحدید دخل عبد الله بن الزبير على معاوية فقال يا أمير المؤمنين لا تدعن مروان يرمي جماهير قريش بمشاقصه و يضرب صفاتهم بمعوله أما و الله إنه لو لا مكانك لكان أخف على رقابنا من فراشة و أقل في أنفسنا من خشاشة و ايم الله لئن ملك أعنة خيل تنقاد له لتركبن منه طبقا تخافه .

فقال معاوية إن يطلب مروان هذا الأمر فقد طمع فيه من هو دونه و إن يتركه يتركه لمن فوقه و ما أراكم بمنتهين حتى يبعث الله عليكم من لا يعطف عليكم بقرابة و لا يذكركم عند ملمة يسومكم خسفا و يسوقكم عسفا .

فقال ابن الزبير إذن و الله يطلق عقال الحرب بكتائب تمور كرجل الجراد تتبع غطريفا من قريش لم تكن أمه راعية ثلة .

فقال معاوية أنا ابن هند أطلقت عقال الحرب فأكلت ذروة السنام و شربت عنفوان المكرع و ليس للآكل بعدي إلا الفلذة و لا للشارب إلا الرنق .

فسكت ابن الزبير(1) .

تاریخ ابن خلدون ذکر أنّ معاویة مازح یوما یؤنبه بصحبة علی علیه السلام فقال له عدي : واللّه ان قلوبنا التي ابغضناك بها لفي صدورنا ، وان أسيافنا التي قاتلناك بها لعلى عواتقنا ، ولئن أدنيت لنا من الغدر فترا لندنين اليك من الشر شبراً! وان حز الحلقوم ، وحشرجة الحيزوم ، لاهون علينا من أن نسمع المساءة في علي فسلم السيف يا معاوية لباعث السيف(2).

کیفیة شهادة حجر بن عدی علی ما فی الکتاب المذکوركان المغيرة بن شعبة أيام إمارته على الكوفة كثيرا ما يتعرّض لعليّ في مجالسه وخطبه، ويترحّم على عثمان ويدعو له فكان حجر بن عديّ إذا سمعه يقول:

بلاياكم قد أضلّ الله ولعن. ثم يقول أنا أشهد أنّ من تذمّون أحق بالفضل، ومن تزكّون أحق بالذم. فبعث له المغيرة يقول: يا حجر اتّق غضب السلطان وسطوته، فإنّها تهلك أمثالك لا يزيده على ذلك. ولما كان آخر إمارته المغيرة قال في بعض أيامه مثل ما كان يقول فصاح به حجر ثم قال له: مر لنا بأرزاقنا فقد حبستها منا وأصبحت مولعا بذم المؤمنين، وصاح الناس من جوانب المسجد صدق حجر فر لنا بأرزاقنا، فالذي أنت فيه لا يجدي علينا نفعا. فدخل المغيرة إلى بيته وعذله قومه في جراءة حجر عليه يوهن سلطانه، ويسخط عليه معاوية فقال لا أحبّ أن آتي بقتل أحد من أهل المصر. وسيأتي بعدي من يصنع معه مثل ذلك فيقتله ثم توفي المغيرة و ولي زياد

ص: 47


1- شرح نهج البلاغة ، ج20 ، ص141.
2- مروج الذهب ، ج3 ، ص13 ؛ العقد الفرید ، ج3 ، ص86 ؛ الامالی للسید المرتضی ، ج1 ، ص217.

فلما قدم خطب الناس وترحم على عثمان ولعن قاتليه. وقال حجر ما كان يقول فسكت عنه ورجع إلى البصرة واستخلف على الكوفة عمرو بن حريث وبلغه أنّ حجرا يجتمع إليه شيعة عليّ ويعلنون بلعن معاوية والبراءة منهم وأنهم حصبوا عمرو بن حريث فشخص إلى الكوفة حتى دخلها ثم خطب الناس وحجر جالس يسمع فتهدّده وقال: لست بشيء إن لم أمنع الكوفة من حجر وأودعه نكالا لمن بعده ثم بعث إليه فامتنع من الإجابة فبعث صاحب الشرطة شدّاد بن الهيثم الهلالي إليه جماعة فسبهم على أمشاء أهل الكوفة، يشهدون علينا، وأهل الشام يقتلوننا.

فبعث صاحب الشرطة شداد بن الهيثم الهلالي إليه جماعة فسبهم أصحابه فجمع زياد أهل الكوفة وتهددهم فتبرؤا فقال ليدع كل رجل منكم عشيرته الذين عند حجر ففعلوا حتى إذا لم يبق معه الا قومه قال زياد لصاحب الشرطة انطلق إليه فأت به طوعا أو كرها فلما جاءه يدعوه امتنع من الإجابة فحمل عليهم وأشار إليه أبو العمرطة الكندي بأن يلحق بكندة فمنعوه هذا وزياد على المنبر ينتظر ثم غشيهم أصحاب زياد وضرب عمرو بن الحمق فسقط ودخل في دور الأزد فاختفى وخرج حجر من أبواب كندة فركب ومعه أبو العمرطة إلى دور قومه واجتمع إليه الناس ولم يأته من كندة الا قليل ثم أرسل زياد وهو على المنبر مذحج وهمدان ليأتوه بحجر فلما علم أنهم قصدوه تسرب من داره إلى النخع ونزل على أخي الأشتر وبلغه أن الشرطة تسأل عنه في النخع فأتى الأزد واختفى عند ربيعة بن ناجد وأعياهم طلبه فدعا حجر محمد بن الأشعث أن يأخذ له أمانا من زياد حتى يبعث به إلى معاوية فجاء محمد ومعه جرير بن عبد الله وحجر بن يزيد وعبد الله بن الحرث أخو الأشتر فاستأمنوا له زيادا فأجابهم ثم أحضروا حجرا فحبسه وطلب أصحابه فخرج عمرو بن الحمق إلى الموصل ومعه زواعة بن شداد فاختفى في جبل هناك ورفع أمرهما إلى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عثمان الثقفي ابن أخت معاوية ويعرف بابن أم الحكم فسار إليهما وهرب زواعة وقبض على عمرو وكتب إلى معاوية بذلك فكتب إليه انه طعن عثمان سبعا بمشاقص كانت معه فاطعنه كذلك فمات في الأولى والثانية ثم جد زياد في طلب أصحاب حجر وأتى بقبيصة بن ضبعة العبسي بأمان فحبسه وجاء قيس بن عباد الشبلي برجل من قومه من أصحاب حجر فأحضره زياد وسأله عن علي فأثنى عليه فضربه وحبسه وعاش قيس بن عباد حتى قاتل مع ابن الأشعث ثم دخل بيته في الكوفة وسعى به إلى الحجاج فقتله ثم أرسل زياد إلى عبد الله ابن خليفة الطائي من أصحاب حجر فتوارى وجاء الشرط فأخذوه ونادت أخته الفرار بقومه فخلصوه فأخذ زياد عدى بن حاتم وهو في المسجد وقال ائتني بعبد الله وخبره جهرة فقال آتيك بابن عمى تقتله والله لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه فحبسه فنكر ذلك الناس وكلموه وقالوا تفعل هذا بصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبير طيئ قال أخرجه على أن يخرج ابن عمه عنى فأطلقه وأمر عدى عبد الله أن يلحق بجبل طيئ فلم يزل هنالك حتى مات وأتى زياد بكريم بن عفيف الخثعمي من أصحاب حجر وغيره ولما جمع منهم اثنى عشر في السجن دعا رؤس الأرباع يومئذ ( (1))وهم عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان وقيس ابن الوليد على

ص: 48


1- بیاض فی الاصل.

ربع ربيعة وكندة وأبو بردة بن أبي موسى على ربع مذحج وأسد فشهدوا كلهم أن حجرا جمع الجموع وأظهر شتم معاوية ودعا إلى حربه وزعم أن الامر لا يصلح الا في الطالبيين ووثب بالمصر وأخرج لعامل وأظهر غدر أبى تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه وأن النفر الذين معه وهم رؤس أصحابه على مقدم رأيه ثم استكثر زياد من الشهود فشهد اسحق وموسى ابنا طلحة والمنذر ابن الزبير وعمارة بن عقبة بن أبي معيط وعمر بن سعد بن أبي وقاص وغيرهم وفى الشهود شريح بن الحرث وشريح بن هانئ ثم استدعى زياد وائل بن حجر الحضرمي وكثير ابن شهاب ودفع إليهما حجر بن عدى وأصحابه وهم الأرقم بن عبد الله الكندي وشريك ابن شداد الحضرمي وصيفي بن فضيل الشيباني وقبيصة بن ضبيعة العبسي وكريم ابن عفيف لخثعمي وعاصم بن عوف البجلي وورقاء بن سمى البجلي وكرام بن حبان العنزي وعبد الرحمن بن حسان العنزي ومحرز بن شهاب التميمي وعبد الله بن حوية السعدي تم أتبع هؤلاء الإحدى عشر بعتبة بن الأخنس من سعد بن بكر وسعد بن غوات الهمداني وأمرهما أن يسيرا بهم إلى معاوية ثم لحقهما شريح بن هانئ ودفع كتابه إلى معاوية بن وائل ولما انتهوا إلى مرج عذراء قريب دمشق تقدم ابن وائل وكثير إلى معاوية فقرأ كتاب شريح وفيه بلغني أن زيادا كتب شهادتي وانى أشهد على حجر أنه ممن يقيم الصلاة ويؤتى الزكاة ويديم الحج والعمرة ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر حرام الدم والمال فإن شئت فاقبله أو فدعه فقال معاوية ما أرى هذا الا أخرج نفسه من شهادتكم وحبس القوم بمرج عذراء حتى لحقهم عتبة بن الأخنس وسعد بن غوات اللذين ألحقهما زياد بهما وجاء عامر بن الأسود العجيلى إلى معاوية فأخبره بوصولهما فاستوهب يزيد بن أسد البجلي عاصما وورقاء ابني عمه وقد كتب يزيد يزكيهما ويشهد ببراءتهما فأطلقهما معاوية وشفع وائل بن حجر في الأرقم وأبو الأعور السلمي في ابن الأخنس وحبيب بن سلمة في أخويه فتركهم وسأله مالك بن هبيرة السكوتي في حجر فرذه فغضب وحبس في بيته وبعث معاوية هدبة بن فياض القضاعي والحسين بن عبد الله الكلابي وأبا شريف البدري إلى حجر وأصحابه ليقتلوا منهم من أمرهم بقتله فأتوهم وعرض عليهم البراءة من على فأبوا وصلوا عامة ليلتهم ثم قدموا من الغد للقتل وتوضأ حجر وصلى وقال لولا أن يظنوا بي الجزع من الموت لاستكثرت منها اللهم انا نستعديك على أمشاء أهل الكوفة يشهدون علينا وأهل الشأم يقتلوننا ثم مشى إليه هدبة بن فياض بالسيف فارتعد فقالوا كيف وأنت زعمت أنك لا تجزع من الموت فابرأ من صاحبك وندعك فقال ومالي لا أجزع وأنا بين القبر والكفن والسيف وان جزعت من الموت لا أقول ما يسخط الرب فقتلوه وقتلوا ستة معه وهم شريك بن شداد وصيفي بن فضيل وقبيصة بن حنيفة ومحرز بن شهاب وكرام ابن حبان ودفنوهم وصلوا عليهم بعبد الرحمن بن حسان العنزي وجئ بكريم بن الخثعمي إلى معاوية فطلب منه البراءة من على فسكت واستوهبه سمرة بن عبد الله الخثعمي من معاوية فوهبه له على أن لا يدخل الكوفة فنزل إلى الموصل ثم سأل عبد الرحمن بن حسان عن علي فأثنى خيرا ثم عن عثمان فقال أول من فتح باب الظلم وأغلق باب الحق فرده إلى زياد ليقتله

ص: 49

شر قتلة فدفنه حيّا وهو سابع القوم. وأمّا مالك بن هبيرة السكونيّ فلما لم يشفعه معاوية في حجر جمع قومه وسار ليخلصه وأصحابه فلقي القتلة وسألهم فقالوا مات القوم وسار إلى عديّ فتيقن قتلهم فأرسل في إثر القتلة فلم يدركوهم، وأخبروا معاوية فقال: تلك حرارة يجدها في نفسه وكأني بها قد طفئت. ثم أرسل إليه بمائة ألف وقال: خفت أن يعيد القوم حربا فيكون على المسلمين أعظم من قتل حجر فطابت نفسه. ولما بلغ عائشة خبر حجر وأصحابه، أرسلت عبد الرحمن بن الحرث إلى معاوية يشفع فيهم فجاء وقد قتلوا فقال لمعاوية: أين غاب عنك حلم أبي سفيان؟ فقال: حيث غاب عليّ مثلك من حلماء قومي وحملني ابن سميّة فاحتملت وأسفت عائشة لقتل حجر وكانت تثني عليه. وقيل في سياقة الحديث غير ذلك وهو أنّ زيادا أطال الخطبة في يوم جمعة فتأخرت الصلاة فأنكر حجر ونادى بالصلاة فلم يلتفت إليه. وخشي فوت الصلاة فحصبه بكف من الحصباء، وقام إلى الصلاة فقام الناس معه فخافهم زياد ونزل فصلى. وكتب إلى معاوية وعظّم عليه الأمر، فكتب إليه أن يبعث به موثقا في الحديد وبعث من يقبض عليه فكان ما مرّ.

ثم قبض عليه وحمله إلى معاوية، فلما رآه معاوية أمر بقتله فصلى ركعتين وأوصى من حضره من قومه لا تفكوا عني قيدا ولا تغسلوا دما فإنّي لاق معاوية غدا على الجادّة وقتل انتهى.

وقالت عائشة لمعاوية: أين حملك عن حجر؟ قال: لم يحضرني رشيد انتهى.

وكان زياد قد ولّى الربيع بن زياد الحارثيّ على خراسان سنة إحدى وخمسين بعد أن هلك حسن بن عمر الغفاريّ وبعث معه من جند الكوفة والبصرة خمسين ألفا فيهم بريدة بن الحصيب، وأبو برزة الأسلمي من الصحابة وغزا بلخ ففتحها صلحا، وكانوا انتقضوا بعد صلح الأحنف بن قيس. ثم فتح قهستان عنوة واستلحم من كان بناحيتها من الترك، ولم يفلت منهم إلّا قيزل طرخان وقتله قتيبة ابن مسلم في ولايته فلما بلغ الربيع بن زياد بخراسان قتل حجر سخط لذلك وقال: لا تزال العرب تقتل بعده صبرا ولو نكروا قتله منعوا أنفسهم من ذلك، لكنهم أقرّوا فذلوا. ثم دعا بعد صلاة جمعة لأيام من خبره وقال للناس: إني قد مللت الحياة، واني داع فأمّنوا ثم رفع يديه وقال: اللَّهمّ إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك عاجلا وأمّن الناس. ثم خرج فما تواترت ثيابه حتى سقط، فحمل إلى بيته، واستخلف ابنه عبد الله ومات من يومه. ثم مات ابنه بعده بشهرين واستخلف خليد ابن عبد الله الحنفي وأقرّه زياد(1) اقول الاصح فی کیفیه الشهاده عمرو بن حمق ما رواه الکشی و الدیلمی و اللفظ للأول قال حدثنی جبریل بن أحمد الفاریابی، حدثنی محمد بن عبد الله بن مهران ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبی القاسم و هو معاویة بن عمار رفعه ، قال أرسل رسول الله (صلی الله علیه و اله ) سریة، فقال لهم إنکم تضلون ساعة کذا من اللیل فخذوا ذات الیسار،فإنکم تمرون برجل(2) فی شأنه فتسترشدونه ،فیأبی أن یرشدکم حتی تصیبوا من طعامه فیذبح لکم کبشا فیطعمکم ثم یقوم فیرشدکم ،فاقرأوه منی السلام وأعلموه أنی قدظهرت بالمدینة.فمضوا فضلوا الطریق ، فقال قائل منهم أ لم یقل لکم رسول الله (صلی الله علیه و اله)تیاسروا ففعلوا فمروا بالرجل ألذی قال لهم رسول الله (صلی الله علیه و اله) فاسترشدوه فقال لهم الرجل لاأفعل حتی تصیبوا من طعامی ففعلوا،فأرشدهم الطریق . ونسوا أن یقرأوه السلام من رسول الله(صلی الله علیه و اله) قال فقال لهم الرجل

ص: 50


1- تاریخ ابن خلدون ، ج4 ، ص 11 الی 14.
2- فاضل خیر. دیلمی.

و هوعمرو بن الحمق (رضی الله عنه ) أظهر النبی بالمدینة فقالوا نعم .فلحق به ولبث معه ماشاء الله ، ثم قال له رسول الله (صلی الله علیه و اله) ارجع إلی الموضع ألذی منه هاجرت فإذا تولی أمیر المؤمنین (علیه السلام) فأته فانصرف الرجل حتی إذاتولی أمیر المؤمنین (علیه السلام) الکوفة،أتاه فأقام معه بالکوفة، ثم إن أمیر المؤمنین (علیه السلام) قال له لک دار قال نعم . قال بعها واجعلها فی الأزد،فإنی غدا لوغبث لطلبت ،فمنعک الأزد حتی تخرج من الکوفة متوجها إلی حصن الموصل ،فتمر رجل مقعد فتقعد عنده ثم تستسقیه فیسقیک ، ویسألک عن شأنک فأخبره وادعه إلی الإسلام فإنه یسلم ، وامسح بیدک علی ورکیه فإن الله یمسح ما به وینهض قائما فیتبعک ، وتمر برجل أعمی علی ظهر الطریق فتستسقیه فیسقیک ، ویسألک عن شأنک فأخبره وادعه إلی الإسلام فإنه یسلم ، وامسح یدک علی عینیه فإن الله عز و جل یعیده بصیرا فیتبعک ، وهما یواریان بدنک فی التراب ، ثم تتبعک الخیل فإذاصرت قریبا من الحصن فی موضع کذا وکذا رهقتک الخیل ،فانزل عن فرسک ومر إلی الغار فإنه یشترک فی دمک فسقه من الجن والإنس .ففعل ما قال أمیر المؤمنین (علیه السلام) قال ، فلما انتهی إلی الحصن قال للرجلین اصعدا فانظرا هل تریان شیئا قالا نری خیلا مقبلة،فنزل عن فرسه ودخل الغار وعار فرسه فلما دخل الغار ضربه أسود سالخ فیه ، وجاءت الخیل فلما رأوا فرسه عائرا قالوا هذافرسه و هوقریب ،فطلبه الرجال فأصابوه فی الغار فکلما ضربوا أیدیهم إلی شیء من جسمه تبعهم اللحم فأخذوا رأسه فأتوا به معاویة فنصبه علی رمح و هوأول رأس نصب فی الإسلام (1).

و فی لفظ الدیلمی وتمرّ برجل محجوب جالس على الجادة، فتستسقيه الماء فيسقيك ويسألك عن قضيّتك وما الذي أخافك وممّ تتوقّى، فحدّثه بأنّ معاوية طلبك ليقتلك ويمثّل بك بايمانك بالله ورسوله صلّى الله عليه وآله، وطاعتك واخلاصك في ولايتي، ونصحك لله تعالى في دينك، وادعه إلى الإسلام(2) اسد الغابه: عمرو بن الحمق الخزاعي عَمرو بن الحمق بن الكاهن بن حبيب بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو ابن سعد بن كعب بن عمرو بْن رَبِيعة الخزاعي .

هاجر إِلى النبيّ صلَّى اللَّه عليه و سلَّم بعد الحديبية، وقيل: بل أسلم عام حجة الوداع، والأول أصح.

صحب النَّبيّ صلَّى اللَّه عليه و سلَّم، و حفظ عنه أحاديث، وسكن الكوفة، وانتقل إِلَى مصر، قاله أَبُو نعيم.

وقَال أَبو عُمَر: سكن الشام، ثُمَّ انتقل إِلَى الكوفة فسكنها، والصحيح أَنَّهُ انتقل من مصر إِلَى الكوفة.

روى عنه جبير بن نفير، ورفاعة بن شداد القتباني، وغيرهما.

أَنبأَنا أَبو منصور بن مكارم بن أَحمد الْمؤَدب بإِسناده إِلى أَبي زكَريّا يزيد بن إِياس قَال:

حدثنا ابن أَبي حفص، حدَّثنا عليُّ بن حرب، حدّثنا الْحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، عن إسحاق بن أبي فروة، عن يوسف بن سليمان، عن جدّته ناشرةَ، عن عَمرو بن الحمق أَنَّه سقَى النّبيّ صلَّى اللَّه عليه و سلَّم، فقَال: اللَّهمّ متعه بشبابه. فرت عليه ثمانون سنة لا ترى في لحيته شعرةً بيضاء.

وكان ممن سار إِلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو أحد الأربعة الَذين دخلوا عليه الدار، فيما ذكروا، وصار بعد ذلك من شيعة عليّ، وشهد معه مشاهده كلها: الجمل، وصفين، والنهروان. وأعان حجر بن عدي، وكان من أصحابه، فخاف زيادًا، فهرب من العراق إِلَى الموصل، واختفى فِي غار بالقرب منها، فأرسل معاوية إِلَى العامل بالموصل ليحمل عُمَر إِلَيْه، فأرسل العامل عَلَى الموصل ليأخذه من الغار الَّذِي كَانَ فِيهِ، فوجده ميتًا، كَانَ قَدْ نهشته حية فمات، وكان العامل عَبْد الرَّحْمَن بْن أَم الحكم، وهو ابْنُ أخت معاوية.

أنبأنا أَبُو منصور بن مكارم بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَبِي زكريا قَالَ: أنبأنا إِسْمَاعِيل بْن إِسْحَاق، حَدَّثَنِي عليّ بْن المديني، حَدَّثَنَا سُفْيَان قَالَ: سَمِعْتُ عمارًا الدهني إن شاء اللَّه- قَالَ: أول رأس حمل فِي الْإِسْلَام رأس عَمْرو بْن الحمق إِلَى معاوية- قَالَ سُفْيَان: أرسل معاوية ليؤتي بِهِ، فلدغ، وكأنهم خافوا أن يتهمهم، فأتوا برأسه.

قَالَ أَبُو زكريا: حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن المغيرة الْقُرَشِيّ، عَنِ الحكم بن موسى، عن يحيى ابن حمزة، عن إسحاق بن أبي فروة، عن يُوسف بْن سُلَيْمَان، عَنْ جدته قَالَتْ: كَانَ تحت عَمْرو بْن الحمق آمنة بِنْت الشريد، فحبسها معاوية فِي سجن دمشق زمانًا، حَتَّى وجه إليها إليها رأس عمرو بْن الحمق، فألقى فِي حجرها، فارتاعت لذلك، ثُمَّ وضعته فِي حجرها، ووضعت كفها عَلَى جبينه، ثُمَّ لثمت فاه، ثُمَّ قَالَتْ: غيبتموه عني طويلًا ثُمَّ أهديتموه إليَّ قتيلًا!.

فأهلًا بها من هدية غير قالية ولا مقلية. وقيل: بل كَانَ مريضًا لم يطق الحركة، وكان معه رفاعة بْن شداد، فأمره بالنجاء لئلا يؤخذ معه، فأخذ رأس عَمْرو، وحمل إِلَى معاوية بالشام.

وكان قتله سنة خمسين:

أَنبأَنا عبد الْوهّاب بن هبة الله بإسناده عن عبد الله بن أَحمد: حدَّثني أَبي، حدَّثنا عبد اللَّه بن نمير، حدَّثنا عيسى الْقَاريُّ أَبو عمر، حدَّثنا السّدِّيّ، عن رفاعة بن شدَّاد القتبانيُّ قال: دخلت على الْمختار فألْقى إِلَيّ وسادةً و قَال:

لولا أَنّ أَخي جبريل قام من هذه لأَلْقيتها إِليك. فأَردت أَن أَضرب عنقه، فذكرت حديثًا حدَّثنيه عمرو بن الحمق قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما مؤمنٍ أَمّن مؤْمنًا على دمه فقتلهُ، فأَنا من القاتل بريء و قبره مشهور بظاهر الموصل يزار، وعليه مشهد كبير، ابتدأ بعمارته أَبُو عَبْد اللَّه سَعِيد بْن حمدان، - وهو ابْنُ عم سيف الدولة- وناصر الدولة ابني حمدان، فِي شعبان من سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وجرى بين السنة والشيعة فتنة بسبب عمارته(3).

رجال الکشی باسناده عن عاصم بن ابی النجود عمن شهد ذلک أنّ معاویة حین قدم الکوفة دخل علیه رجال من أصحاب علی (علیه السلام) و کان الحسن(علیه السلام) قد أخذ الأمان لرجال منهم مسمین بأسمائهم وأسماء آبائهم و کان فیهم صعصعة، فلما دخل علیه صعصعة، قال معاویة لصعصعة أما و الله إنی کنت لأبغض أن تدخل فی أمانی قال و أنا و الله أبغض أن أسمیک بهذا الاسم ، ثم سلم علیه

ص: 51


1- إختیار معرفة الرجال المعروف برجال الکشی ، ج1 ، ص47.
2- ارشاد القلوب ، ج2 ، ص122.
3- اسد الغابة ، ج4 ، ص205.

بالخلافة، قال فقال معاویة إن کنت صادقا فاصعد المنبر فالعن علیا قال فصعد المنبر وحمد الله وأثنی علیه ، ثم قال أیها الناس أتیتکم من عند رجل قدم شره وأخر خیره و أنه أمرنی أن ألعن علیا فالعنوه لعنه الله فضج أهل المسجد بأمین ، فلما رجع إلیه فأخبره بما قال ، قال لا و الله ماعنیت غیری ارجع حتی تسمیه باسمه ،فرجع وصعد المنبر، ثم قال أیها الناس إن أمیر المؤمنین أمرنی أن ألعن علی بن أبی طالب فالعنوا من لعن ، علی بن أبی طالب قال فضجوا بأمین ، قال ، فلما خبر معاویة قال لا و الله ماعنی غیری،أخرجوه لایساکننی فی بلد،فأخرجوه (1).

و فیه باسناده عن أبی الحسن الرضا(علیه السلام) قال ، کان أمیر المؤمنین (علیه السلام) یقول إن المحامدة تأبی أن یعصی الله عز و جل ، قلت و من المحامدة قال محمد بن جعفر، و محمد بن أبی بکر، و محمد بن أبی حذیفة، و محمد بن أمیر المؤمنین (علیه السلام)(2).

قال الکشی : أما محمد بن ابی حذیفه هو ابن عتبة بن ربیعة و هو ابن خال معاویةي و أخبرنی بعض رواة العامة، عن محمد بن إسحاق ، قال حدثنی رجل من أهل الشام ، قال کان محمد بن أبی حذیفة عن ابن عتبة بن ربیعة مع علی بن أبی طالب (علیه السلام) و من أنصاره وأشیاعه ، و کان ابن خال معاویة، و کان رجلا من خیار المسلمین ، فلما توفی علی )علیه السلام) أخذه معاویة وأراد قتله فحبسه فی السجن دهرا، ثم قال معاویة ذات یوم أ لانرسل إلی هذاالسفیه محمد بن أبی حذیفة فنبکته ونخبره بضلالة ونأمره أن یقوم فیسب علیا قالوا نعم .فبعث إلیه معاویة فأخرجه من السجن ، فقال له معاویة یا محمد بن أبی حذیفة أ لم یأن لک أن تبصر ماکنت علیه من الضلالة بنصرتک علی بن أبی طالب الکذاب ، أ لم تعلم أن عثمان قتل مظلوما و أن عائشة وطلحة والزبیر خرجوا یطلبون بدمه ، و أن علیا هو ألذی دس فی قتله ، ونحن الیوم نطلب بدمه قال محمد بن أبی حذیفة إنک لتعلم أنی أمس القوم بک رحما وأعرفهم بک ، قال أجل ، قال فو الله ألذی لاإله غیره ماأعلم أحدا أشرک فی دم عثمان وألب علیه غیرک ، لمااستعملک و من کان مثلک ،فسأله المهاجرون والأنصار أن یعزلک فأبی ،ففعلوا به مابلغک ، و و الله ماأحد اشترک فی قتله بدئیا وأخیرا إلاطلحة والزبیر وعائشة،فهم الذین شهدوا علیه بالعظیمة وألبوا علیه الناس ، وشرکهم فی ذلک عبدالرحمن بن عوف و ابن مسعود وعمار والأنصار جمیعا، قال قد کان ذاک قال و الله إنی لأشهد أنک منذ عرفتک فی الجاهلیة والإسلام لعلی خلق واحد مازاد الإسلام فیک قلیلا و لاکثیرا، و أن علامة ذلک فیک لبینة،تلومنی علی حبی علیا خرج مع علی کل صوام قوام مهاجری وأنصاری، وخرج معک أبناء المنافقین والطلقاء والعتقاء خدعتهم عن دینهم وخدعوک عن دنیاک ، و الله یامعاویة ماخفی علیک ماصنعت و ماخفی علیهم ماصنعوا إذ أحلوا أنفسهم بسخط الله فی طاعتک ، و الله لاأزال أحب

ص: 52


1- إختیار معرفة الرجال ، ج1 ، ص69.
2- إختیار معرفة الرجال ، ج1 ، ص70.

علیاعلیه السلام لله وأبغضک فی الله و فی رسوله أبدا مابقیت ، قال معاویة وإنی أراک علی ضلالک بعد ردوه فمات فی السجن(1) کتاب الغارات لابراهیم الثقفی حدثنا محمّد بن أبي سيف أنّ محمّد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس أصيب( لمّا فتح عمرو بن العاص مصر(2)) فبعث به الى معاوية بن أبي سفيان و هو يومئذ بفلسطين، فحبسه معاوية في سجن له فمكث فيه غير كثيرا ثمّ انّه هرب و كان ابن خال- معاوية فأرى معاوية النّاس أنّه كره انفلاته من السّجن فقال لأهل الشّأم: من يطلبه؟ و قد كان معاوية فيما يرون يحبّ أن ينجو، فقال رجل من خثعم يقال له:

عبيد اللَّه بن عمرو بن ظلام و كان شجاعا و كان عثمانيّا: أنا أطلبه، فخرج في خيله فلحقه بحوّارين و قد دخل في غار هناك فجاءت حمر تدخله (و قد أصابها المطر(3))، فلمّا رأت الحمر الرّجل في الغار فزعت منه فنفرت، فقال حمّارون كانوا قريبا من الغار:

و اللَّه انّ لنفر هذه الحمر من الغار لشأنا، ما نفّرها من هذا الغار الّا أمر، فذهبوا ينظرون، فاذاهم به فخرجوا، فوافاهم عبيد اللَّه بن عمرو بن ظلام فسألهم عنه و وصفه لهم، فقالوا له: ها هو ذا في الغار، فجاء حتّى استخرجه و كره أن يحمله الى معاوية فيخلّي سبيله، فضرب عنقه، رحمه اللَّه تعالى(4).

رجال الکشی باسناده عن صالح بن میثم ، قال أخبرنی أبوخالد التمار، قال کنت مع میثم التمار بالفرات یوم الجمعة،فهبت ریح و هو فی سفینة من سفن الرمان ، قال فخرج فنظر إلی الریح فقال شدوا برأس سفینتکم إن هذه ریح عاصف مات معاویة الساعة، قال فلما کانت الجمعة المقبلة قدم برید من الشام فلقیته فاستخبرته ،فقلت له یا عبد الله ماالخبر قال الناس علی أحسن حال توفی أمیر المؤمنین وبایع الناس یزید، قال قلت أی یوم توفی قال یوم الجمعة(5).

وروی أن الأحنف بن قیس وفد إلی معاویة وجاریة بن قدامة والخبات بن یزید، فقال معاویة للأحنف أنت الساعی علی أمیر المؤمنین عثمان وخاذل أم المؤمنین عائشة والوارد الماء علی علی بصفین فقال یا أمیر المؤمنین من ذاک ما أعرف و منه ماأنکر، أما أمیر المؤمنین عثمان فأنتم معشر قریش حصرتموه بالمدینة والدار منا عنه نازحة، و قدحصره المهاجرون ، والأنصار عنه بمعزل ، وکنتم بین خاذل وقاتل ، و أماعائشة فإنی خذلتها فی طول باع ورحب سرب ، و ذلک أنی لم أجد فی کتاب الله إلا أن تقر فی بیتها، و أماورودی الماء بصفین فإنی وردت حین أردت أن تقطع رقابنا عطشا،فقام معاویة وتفرق الناس ، ثم أمر معاویة للأحنف بخمسین ألف درهم ولأصحابه بصلة، و قال للأحنف حین ودعه حاجتک قال تدر علی الناس عطیاتهم وأرزاقهم فإن سألت المدد أتاک منا رجال سلیمة الطاعة شدیدة النکایة، وقیل إنه کان یری رأی العلویة ووصل الخبات بثلاثین ألف درهم و کان یری رأی الأمویة،فصار الخبات إلی معاویة و قال یا أمیر المؤمنین تعطی الأحنف ورأیه رأیه خمسین ألف درهم وتعطینی ورأیی رأیی ثلاثین ألف درهم فقال یاخبات إنی اشتریت بهادینه ، فقال الخبات یا أمیر المؤمنین تشتری منی أیضا دینی فأتمها له وألحقه بالأحنف ،فلم یأت علی الخبات أسبوع حتی مات ورد المال بعینه إلی معاویة، فقال الفرزدق یرثی الخبات أتأکل میراث الخبات ظلامة ومیراث حرب جامد لک ذائبة أبوک وعمی یامعاوی أورثا تراثا فیختار التراث أقاربه و لو کان هذاالدین فی جاهلیة عرفت من المولی القلیل حلائبه و لو کان هذاالأمر فی غیرملککم لأدیته أوغص بالماء شاربه

ص: 53


1- إختیار معرفة الرجال ، ج1، ص70.
2- إضافة من المصدر.
3- إضافة من المصدر.
4- الغارات ، ج1 ، ص327 الی 329.
5- إختیار معرفة الرجال ، ج1 ، ص80.

فکم من أب لی یامعاوی لم یکن أبوک ألذی من عبدشمس یقاربه(1) قواعد العلامة فی الوصیة و لو قال: لأحمقهم تبع العرف قال المحقق الثانی: لا أرى لهذه الوصية مصرفا أقرب من القائل بأن معاوية مأجور على حرب أميرالمؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام، و على سبه إياه، و على إهانة أهل البيت عليهم السلام و إيذائهم، فإن هؤلاء يكادون ان يكونوا شرا من عبدة الأوثان و أجهل منهم(2) انیس الخاطر للشیخ المحدث البحرانی عن کتاب الاربعین للفاضل فتح الله الواعظ عن خاتمة الاربعین عن الاربعین فی فضایل امیرالمومنین(علیه السلام) بإسناده أَبو الْفرج عبد الواحد بن نصر الْمخزومیّ المعروف بالببغا و کتبته بإِملَائه، قَال:

کنت بصور فی سنی نَیِّف و خمسین و ثلاثمائَه عند أَبی علیٍّ محمّد بن علیٍّ المستأْمن- و إِنَّما لقِّب بذلک لأَنَّه استأْمن من عسکر القَرامطه إِلی أَصحاب السُّلطان بالشَّام و هو علی حمایه البلد- فجاءه قَاضیها أَبو القَاسم علیُّ بن ریَّان- و کان شابّاً أَدیباً، فاضلًا، جلیلًا واسع الْمال، عظیم الثَّروه- لیلًا، فاستأذن علیه فأَذن له، فلمَّا دخل علیه قَال له:

أَیّها الْأمیر قد حدث اللَّیله أَمرٌ ما لَنا بمثْله عهدٌ، و هو أَنَّ فی هذا الْبلد رجلًا ضریراً یقوم کلَّ لیله فی الثُلُث الْأَخیر و یطوف بالْبلد و یقول بأَعلی صوته:

یا غافلین اذکروا اللَّهَ، یا مذنبین استغفروا اللَّهَ، یا مبغضی معاویه علَیکم لعنه اللَّه و أنَّ دایتی الَّتی ربَّتنی کَانت لها عاده أَن تنتبه علی صوته.

فجاءتنی اللَّیله و أَیقظتنی، و قالت لی: کنت نائمهً فرأیت فی منامی کأَنَّ النَاس یهرعون إِلی المسجد الجامع فسألت عن السّبب؟ فقَالوا: رسول اللَّه هناک. فتوجّهت إِلَی الْمسجد و دخلته فرأَیت النَّبیّ صلَّی اللَّهُ علیه و آله علی المنبر و بین یدیه رجل واقف و عن یمینه و یساره غلامان واقفان، و النَّاس یسلِّمون علیه، و یردّ علیهم السّلام حتّی رأَیت الضَّریر الَّذی یطوف فی الْبلد و یذکر و یقول کذا و کذا- و أَعادت ما یقوله دخل و سلَّم فأَعرض عنه النَّبیُّ حتَّی عاوده ثلاثاً، فأَعرض عنه، فقال الرَّجل الواقف:

یا رسول اللَّه رجلٌ من أُمَّتک ضریر یحفظ الْقرآن یسلِّم علَیک، فلم حرمته الرّدّ علیه؟ فقَال: یا أَبا الحسن هذا یلعنک، و یلعن ولدیک، منذ ثلاثین سنهً.

فالتفت الرَّجل الواقف، فقال: یا قنبر. فإِذا برجل قد بدر، فقال: اصفعه.

فصفعه صفعه، فخرَ علی وجهه، ثُمَّ انتبهت فلم أَسمع له صوتاً.

و هذا هو الوقت الَّذی جرت عادته فیه بالصّیاح و الطَّواف و التَّذکیر.

قَال أَبو الْفرج: فقلت: أَیُّها الْأمیر ننفذ من یعرف خبره.

فأنفذنا فی الحال رسولا قاصداً لیخبرنا عن أَمره، فجاءنا یعرّفنا أَنَّ امرأَته ذکرت أَنَّهُ عرض له فی هذه اللّیله حکاک شدید فی قفاه، فمنعه من الطّواف، و التَّذکیر.

فقلت لأَبی علیٍّ المستأمن: أَیُّها الْأمیر هذه آیهٌ یجب أَن نشاهدها.

فرکبنا و قد بقیت من اللَّیل بقیَّه یسیره و جئنا إِلی دار الضَّریر، فوجدناه نائماً علی وجهه یخور فسألنا زوجته عن حاله، فقالت ابنته: ... و حکّ هذا الموضع و أَشارت إِلَی قفاه- و کان قدْ ظهر فیه مثل العدسه- و قد اتّسعت الْآن و انتفخت و تشقَقت و هو الآن علی ما تشاهدونه یخور، و لَا یعقل. فانصرفنا و ترکناه.

فلمَّا أَصبحنا توفِّی و أَکبّ أهل {صور} علی تشییع جنَازته و تعظیمه.

قال أَبو الفرج: و اتَّفق أَنَّنی لمَّا وردت إِلی باب عضد الدَّولَه بالموصل سنه ثمان و ستِّین و ثلَاثمائَه لزمت دار خازنه

ص: 54


1- إختیار معرفة الرجال ، ج1 ، ص91.
2- جامع المقاصد ج10 ، ص175.

أبی نصر خورشید بن یزدیار و کان یجتمع فیها کلَّ یوم خلق کثیر من طبقَات النَّاس، فحدَّثت بهذه الحکایه جماعه فی دار أَبی نصر، منهم القَاضی أَبو علیٍّ التَّنوخیُّ و أَبو القَاسم الحسین بن محمّد الجنابیّ و أَبو إِسحاق النَّصیبینیّ و ابن طرخان و غیرهم، و کلُّهم ردّ علیّ و استبعد ما حکیته علی أَشنع وجه غیر الْقاضی التّنوخیِّ، فإِنّه جوَّزه و شیّده، و حکی فی معناه ما یضاهیه.

ثُمَّ مضت علی هذه مدَّه یسیره فحضرت دار أَبی نصر هذا علی العاده و اتّفق حضور أَکثر الجماعه، فلمَّا استقرَّ بی المجلس سلَّم علیَّ فتًی شابٌّ لم أَعرفه، فاستبنته؟ فقال: أنا أَبو القاسم بن ریَّان قاضی صور. فبدأت فأقسمت علیه باللّه- یمینا مکرَّره مؤَکَّده مغلَّظهً محرَّجه- إِلَّا صدق فیما أَسأل عنه. فقال:

نعم، عندی أَنَّک ترید أَن تسأَلَنی عن الضَّریر المذکِّر، و میتته الظَّریفه؟ فقلت:

نعم، هو ذاک. فبدأَهم، و حدَّثهم بمثْل ما حدَّثتهم، فعجبوا من ذلک و استظرفوه(1).

کتاب الخصال للصدوق باسناده عن عبد الملك بن مروان قال: كنا عند معاوية ذات يوم وقد اجتمع عنده جماعة من قريش وفيهم عدة من بني هاشم، فقال معاوية: يا بني هاشم بم تفخرون علينا؟ أليس الأب والام واحدا؟ والدار والمولد واحدا؟ فقال ابن عباس: نفخر عليكم بما أصبحت تفخر به على سائر قريش، وتفخر به قريش على سائر الأنصار، وتفخز به الأنصار على سائر العرب، وتفخر به العرب على سائر العجم:

برسول الله صلى الله عليه وآله و بما لا تستطيع له إنكارا ولا منه فرارا، فقال معاوية: يا ابن عباس لقد أعطيت لسانا ذلقا، تكاد تغلب بباطلك حق سواك، فقال ابن عباس: مه فان الباطل لا يغلب الحق، ودع عنك الحسد فلبئس الشعار الحسد، فقال معاوية: صدقت أما والله إني لأحبك لخصال أربع مع مغفرتي لك خصالا أربعا، فأما إني أحبك فلقرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله وأما الثانية فإنك رجل من أسرتي وأهل بيتي ومن مصاص(2) عبد مناف. وأما الثالثة فأبي كان خلا لأبيك، وأما الرابعة فإنك لسان قريش وزعيمها وفقيهها.

وأما الأربع التي غفرت لك: فعدوك علي بصفين فيمن عدا، وإساءتك في خذلان عثمان فيمن أساء، وسعيك على عائشة أم المؤمنين فيمن سعى، ونفيك عني زيادا فيمن نفى، فضربت أنف هذا الامر وعينه حتى استخرجت عذرك من كتاب الله عز وجل وقول الشعراء، أما ما وافق كتاب الله عز وجل فقوله " خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا "(3) وأما ما قالت الشعراء فقول أخي بني ذبيان:

ولست بمستبق أخا لا تلمه على شعث أي الرجال المهذب فاعلم أني قد قبلت فيك الأربع الأولى، وغفرت لك الأربع الأخرى، و كنت في ذلك كما قال الأول:

سأقبل ممن قد أحب جميله وأغفر ما قد كان من غير ذلكا ثم أنصت فتكلم ابن عباس فقال بعد حمد الله والثناء عليه: وأما ما ذكرت أنك تحبني لقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله فذلك الواجب عليك وعلى كل مسلم آمن بالله وبرسوله، لأنه الاجر الذي سألكم رسول الله صلى الله عليه وآله على ما آتاكم به من الضياء والبرهان المبين، فقال عز وجل: " قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى "(4) فمن لم يجب رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ما سأله خاب وخزي وكبا (5) في جهنم، وأما ما ذكرت أني رجل من أسرتك وأهل بيتك، فذلك كذلك وإنما أردت به صلة الرحم ولعمري إنك اليوم وصول مما قد

ص: 55


1- الاربعین عن الاربعین فضائل امیرالمومنین علیه السلام ، ص93.
2- الأسرة: العشیرة. و المصاص خالص کل شیء ، یقال فلان مصاص قومه إذا کان أخلصهم نسبا.
3- سورة الشریفة التوبة ، الأیة 102.
4- سورة الشریفة الشوری ، الأیة 23.
5- کبا لوجهه، یکبوا ،نکب علی وجهه

كان منك مما لا تثريب عليك فيه اليوم. وأما قولك إن أبي كان خلا لأبيك فقد كان ذلك، وقد سبق فيه قول الأول:

سأحفظ من آخى أبي في حياته وأحفظه من بعده في الأقارب ولست لمن لا يحفظ العهد وامقا ولا هو عند النائبات بصاحب وأما ما ذكرت من أني لسان قريش وزعيمها وفقيهها فاني لم اعط من ذلك شيئا إلا وقد أوتيته غير أنك قد أبيت بشرفك وكرمك إلا أن تفضلني، وقد سبق في ذلك قول الأول:

وكل كريم للكرام مفضل يراه له أهلا وإن كان فاضلا وأما ما ذكرت من عدوي عليك بصفين فوالله لو لم أفعل ذلك لكنت من ألام العالمين، أكانت نفسك تحدثك يا معاوية أني أخذل ابن عمي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقد حشد له المهاجرون والأنصار والمصطفون الأخيار. ولم يا معاوية!! أشك في ديني؟ أم حيرة في سجيتي؟ أم ضن بنفسي؟. وأما ما ذكرت من خذلان عثمان، فقد خذله من كان أمس رحما به مني ولي في الأقربين والأبعدين أسوة، وإني لم أعد عليه فيمن عدا بل كففت عنه كما كف أهل المروات والحجى. وأما ما ذكرت من سعيي على عائشة فان الله تعالى أمرها أن تقر في بيتها وتحتجب بسترها فلما كشفت جلباب الحياء وخالفت نبيها صلى الله عليه وآله: وسعنا ما كان منا إليها.

وأما ما ذكرت من نفي زياد، فاني لم أنفه بل نفاه رسول الله صلى الله عليه وآله إذ قال: " الولد للفراش وللعاهر الحجر " وإني من بعد هذا لأحب ما سرك في جميع أمورك.

فتكلم عمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين والله ما أحبك ساعة قط غير أنه قد أعطي لسانا ذربا (1) فقلبه كيف شاء، وإن مثلك ومثله كما قال الأول - وذكر بيت شعر - فقال ابن عباس إن عمرا داخل بين العظم واللحم والعصا واللحاء(2) و قد تكلم فليستمع فقد وافق قرنا. أما والله يا عمرو إني لأبغضك في الله وما أعتذر منه، إنك قمت خطيبا فقلت: أنا شانئ محمد، فأنزل الله عز وجل " إن شانئك هو الأبتر(3) " فأنت أبتر الدين والدنيا، وأنت شانئ محمد في الجاهلية والاسلام، وقد قال الله تبارك وتعالى: " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله(4))) وقد حاددت الله ورسوله قديما وحديثا ولقد جهدت على رسول الله جهدك، وأجلبت عليه بخيلك ورجلك حتى إذا غلبك الله على أمرك ورد كيدك في نحرك وأوهن قوتك وأكذب احدوثتك، نزعت وأنت حسير، ثم كدت بجهدك لعداوة أهل بيت نبيه من بعده ليس بك في }ذلك{حب معاوية ولا آل معاوية إلا العداوة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وآله مع بغضك وحسدك القديم لأبناء عبد مناف ومثلك في ذلك كما قال الأول:

تعرض لي عمرو وعمرو خزاية تعرض ضبع القفر للأسد الورد فما هو لي ند فأشتم عرضه ولا هو لي عبد فأبطش بالعبد فتكلم عمرو بن العاص، فقطع عليه معاوية، وقال: أما والله يا عمرو ما أنت من رجاله فان شئت فقل وإن شئت فدع فاغتنمها عمرو وسكت، فقال ابن عباس: دعه يا معاوية فوالله لاسمنه بميسم يبقى عليه عاره وشناره إلى يوم القيامة تتحدث به الإماء والعبيد ويتغنى به في المجالس ويتحدث به في المحافل، ثم قال ابن عباس: يا عمرو وابتدأ في الكلام، فمد معاوية يده فوضعها على في ابن عباس

ص: 56


1- الذرب: سلیط اللسان، و الجاد من کل شیء.
2- اللحاء: قشرة الشجرة أو العصا مثل یضرب فی المتصادفیین المتحابین لا یحسن أن یدخل.
3- سورة الشریفة الکوثر، الأیة 3.
4-

، وقال له: أقسمت عليك يا ابن عباس إلا أمسكت، وكره أن يسمع أهل الشام ما يقول ابن عباس، وكان آخر كلامه: اخسأ أيها العبد وأنت مذموم، وافترقوا(1).

ابن شهرآشوب فی المناقب باسناده عن عبد الملك بن عمير، والحاكم، والعباس قالوا: خطب الحسن عائشة بنت عثمان فقال مروان: ازوجها عبد الله بن الزبير، ثم ان معاوية كتب إلى مروان وهو عامله على الحجاز يأمره ان يخطب ام كلثوم بنت عبد الله بن جعفر لابنه يزيد فأبى عبد الله بن جعفر فأخبره بذلك فقال عبد الله: ان امرها ليس إلي إنما هو إلى سيدنا الحسين وهو خالها، فأخبر الحسين بذلك فقال: استخير الله تعالى، اللهم وفق لهذه لجارية رضاك من آل محمد، فلما اجتمع الناس في مسجد رسول الله اقبل مروان حتى جلس إلى الحسين (علیه السلام) وعنده من الجلة وقال: ان امير المؤمنين امرني بذلك وان اجعل مهرها حكم ابيها بالغا ما بلغ مع صلح ما بين هذين الحيين مع قضاء دينه واعلم ان من يغبطكم بيزيد اكثر ممن يغبطه بكم والعجب كيف يستمهر يزيد وهو كفو من لا كفوله وبوجهه يستسقى الغمام فرد خيرا يا ابا عبد الله. فقال الحسين(علیه السلام ) الحمد لله الذي اختارنا لنفسه وارتضانا لدينه واصطفانا على خلقه، إلى آخر كلامه ثم قال: يا مروان قد قلت فسمعنا، اما قولك مهرها حكم ابيها بالغا ما بلغ فلعمري لو اردنا ذلك ما عدونا سنة رسول الله في بناته ونسائه واهل بيته وهو اثنتا عشرة اوقية يكون اربعمائة وثمانين درهما، واما قولك مع قضاء دين ابيها فمتى كن نساؤنا يقضين عنا ديوننا، واما صلح ما بين هذين الحيين فانا قوم عاديناكم في الله ولم نكن نصالحكم للدنيا فلعمري فلقد أعيى النسب فكيف السبب، واما قولك العجب ليزيد كيف يستمهر فقد استمهر من هو خير من يزيد ومن أب يزيد ومن جد يزيد، واما قولك ان يزيد كفو من لا كفو له فمن كان كفوه قبل اليوم فهو كفوه اليوم ما زادته امارته في الكفاءة شيئا، واما قولك بوجهه يستسقى الغمام فانما كان ذلك بوجه رسول الله، واما قولك من يغبطنا به اكثر ممن يغبطه بنا فانما يغبطنا به اهل الجهل ويغبطه بنا اهل العقل. ثم قال بعد كلام: فاشهدوا جميعا اني قد زوجت ام كلثوم بنت عبد الله ابن جعفر من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر على اربعمائة وثمانين درهما وقد نحلتها ضيعتي بالمدينة، أو قال ارضى بالعقيق، وان غلتها في السنة ثمانية آلاف دينار ففيها لها غنى انشاء الله. قال: فتغير وجه مروان وقال: أغدرا يا بني هاشم تأبون إلا العداوة، فذكره الحسين خطبة الحسن عائشة وفعله ثم قال: فأين موضع الغدر يا مروان ؟ فقال مروان:

اردنا صهرك لنجد ودا قد اخلقه به حدث الزمان فلما جئتكم فجبهتموني وبحتم بالضمير من الشنان فأجابه ذكوان مولى بني هاشم:

أماط الله منهم كل رجس وطهرهم بذلك في المثاني فلما لهم سواهم من نظير ولا كفؤ هناك ولا مداني أيجعل كل جبار عنيد إلى الاخيار من اهل الجنان ثم انه كان الحسين (علیه السلام) زوج بعائشة بنت عثمان.(2) الزام الناصب للصیمری(رحمه الله) أن أمّه ميسون بنت بجدل الكلبية ، أمكنت عبد أبيها من نفسها فحملت بيزيد لعنة الله عليه ، والى هذا المعنى أشار النسابة البكري بقوله :

ف-ان يك-ن الزم-ان أتى علينا بقتل الترك والم-وت الوحي-يّ فقد ق-تل الدّع-يّ وعبد كلب بأرض الط--ف أولاد النّ--بي أراد ب- : الدّعيّ : عبيد الله بن زياد ، فإن أباه زياد بن سميّة ، كانت أمه سميّة مشهورة بالزنا ، و ولد على فراش أبي عبيد عبد بني علاج من ثقيف ، فادّعى معاوية أن

ص: 57


1- الخصال ، ج1 ، ص215.
2- مناقب آل ابی طالب، ج3 ، ص199.

أبا سفيان زنا بأم زياد فأولدها زيادا ، وأنه أخوه ، فصار إسمه : الدّعيّ ، و كانت عائشة تسميّه : زياد بن أبيه ، لأنه ليس له أب معروف .

ومراده ب- : عبد كلب : يزيد بن معاوية لعنه الله ؛ لأنه من عبد بجدل الكلبي .

و أمّا عمر بن سعد وقد نسبوا أباه سعداً الى غير أبيه ، وأنه من رجل من بني عذرة ، كان خدنا لأمه ، ويشهد بذلك قول معاوية له حين قال سعد لمعاوية : أنا أحق بذلك الأمر منك ، فقال له معاوية : يأبى عليك ذلك بنو عذرة وضرط له .

روی ذلک النوفلی بن سلیمان من علماء السنة ويدل على ذلك قول السيد الحميري ق-وم ت-داع-وا زن-يما ثمّ سادهم لولا خمول ب-ني س-عد لم-ا س-ادا(1) امالی ابن شیخ مسندا عن شرقي القطامي ، عن أبيه ، قال : خاصم عمرو بن عثمان بن عفان أسامة بن زيد إلى معاوية بن أبي سفيان مقدمه المدينة ، في حائط من حيطان المدينة ، فارتفع الكلام بينهما حتى تلاحيا (2)، فقال عمرو : تلاحيني وأنت مولاي؟ فقال أسامة : والله ما أنا بمولاك ولا يسرني أني في نسبك ، مولاي رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال : ألا تسمعون بما يستقبلني به هذا العبد؟ ثم التفت إليه عمرو فقال له : يا بن السوداء ، ما أطغاك! فقال : أنت أطغى مني وألام ، تعيرني بأمي ، وأمي والله خير من أمك ، وهي أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، بشرها رسول الله صلى الله عليه وآله في غير موطن بالجنة،و أبي خير من أبيك ، زيد بن حارثة صاحب رسول الله (صلی الله علیه واله) وحبه ومولاه ، قتل شهيدا بمؤتة على طاعة الله وطاعة رسوله ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وانا أمير على أبيك ، وعلى من هر خير من أبيك ، على أبي بكر وعمر وأبي عبيدة ، وسروات(3) المهاجرين والأنصار ، فاتى تفاخرني يا بن عثمان! فقال عمرو : يا قوم أما تسمعون بما يجبهني به هذا العبد؟ فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جنب عمرو بن عثمان ، فقام الحسن بن علي عليه السلام فجلس إلى جنب أسامة ، فقام عتبة بن أبي سفيان فجلس إلى جنب عمرو ، فقام عبد الله بن عباس فجلس إلى جنب أسامة ، فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو ، فقام عبد الله بن جعفر فجلس إلى جنب أسامة.

فلما رآهم معاوية قد صاروا فريقين من بني هاشم وبني أمية ، خشي أن يعظم البلاء ، فقال : إن عندي من هذا الحائط لعلما. قالوا : فقل بعلمك فقد رضينا.

فقال معاوية : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وآله جعله لأسامة بن زيد ، قم يا أسامة فاقبض حائطك هنيئا مريئا ، فقام أسامة والهاشميين وجزوا معاوية خيرا.

فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية ، فقال : لا جزاك الله عن الرحم خيرا ، ما زدت على أن كذبت قولنا ، وفسخت حجتنا ، وشمت بنا عدونا.

فقال معاوية : ويحك يا عمرو! إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد اعتزلوا ، ذكرت أعينهم تزور(4) إلي من تحت المغافر بصفين فكاد يختلط علي عقلي ، وما يؤمنني يا بن عثمان منهم وقد أحلوا بأبيك ما أحلوا ، ونازعوني مهجة نفسي حتى نجوت منهم بعد نبأ عظيم وخطب جسيم ، فانصرف فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك إن شاء الله ( تعالى )(5).

شرح النهج عن امالی ابی جعفر و عن ابن عباس قال دخل الحسن بن علي (علیه السلام) على معاوية بعد و هو جالس في مجلس ضيق فجلس عند رجليه فتحدث معاوية بما شاء أن يتحدث ثم قال عجبا لعائشة تزعم أني في غير ما أنا أهله و أن الذي أصبحت فيه ليس لي بحق ما لها و لهذا يغفر الله لها إنما كان ينازعني في هذا الأمر أبو هذا الجالس و قد استأثر الله به

ص: 58


1- الزام النواصب بإمامة علی بن ابی طالب ، ج1 ، ص171 الی 173.
2- لاحاه: نازعه و خاصمه.
3- السری: الرجل الشریف، و الجمع أسریاء و سراة ، و جمع الجمع سروات.
4- تزور: تدور و تنحرف.
5- الامالی ، ج1 ، ص214.

فقال الحسن علیه السلام أو عجب ذلك يا معاوية قال إي و الله قال أ فلا أخبرك بما هو أعجب من هذا قال ما هو قال جلوسك في صدر المجلس و أنا عند رجليك فضحك معاوية و قال يا ابن أخي بلغني أن عليك دينا قال إن لعلي دينا قال كم هو قال مائة ألف فقال قد أمرنا لك بثلاثمائة ألف مائة منها لدينك و مائة تقسمها في أهل بيتك و مائة لخاصة نفسك فقم مكرما و اقبض صلتك فلما خرج الحسن (علیه السلام) قال يزيد بن معاوية لأبيه تالله ما رأيت رجلا استقبلك بما استقبلك به ثم أمرت له بثلاثمائة ألف قال يا بني إن الحق حقهم فمن أتاك منهم فاحث له (1) کتاب الغارات عن الأصبغ بن نباتة قال:كتب صاحب الرّوم الى معاوية يسأله عن عشر خصال فارتطم كما يرتطم الحمار في الطّين فبعث راكبا الى عليّ- عليه السّلام- و هو في الرّحبة فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين قال عليّ- عليه السّلام- أما انّك لست من رعيّتي ؟- قال: أجل أنا رجل من أهل الشّام بعثني إليك معاوية لأسألك عن عشر خصال كتب اليه بها صاحب الرّوم فقال: ان أجبتني فيها حملت إليك الخراج و الّا حملت اليّ أنت خراجك، فلم يحسن أن يجيبه فبعثني إليك أسألك.

قال على- عليه السّلام-: و ما هي؟ قال: ما أوّل شي ء اهتزّ على وجه الأرض؟ و أوّل شي ء ضجّ على الأرض؟ و كم بين الحقّ و الباطل؟ و كم بين المشرق و المغرب؟ و كم بين الأرض و السّماء؟ و أين تأوى أرواح المسلمين؟ و أين تأوى أرواح المشركين؟ و هذه القوس ما هي؟ و هذه المجرّة ما هي؟ و الخنثى كيف يقسم لها الميراث؟ فقال له عليّ- عليه السّلام:

أمّا أوّل شي ء اهتزّ على الأرض فهي النّخلة، و مثلها مثل ابن آدم إذا قطع رأسه هلك و إذا قطعت رأس النخلة انّما هي جذع ملقى. و أوّل شي ء ضجّ على الأرض واد باليمن و هو أوّل واد فار منه الماء. و بين الحقّ و الباطل أربع أصابع، بين أن تقول: رأت عيني، و سمعت ما لم يسمع . و بين السّماء و الأرض مدّ البصر، و دعوة المظلوم. و بين المشرق و المغرب يوم طراد للشمس . و تأوى أرواح المسلمين عينا في الجنّة تسمّى سلمى، و تأوى أرواح المشركين في جبّ في النّار تسمّى برهوت.

و هذه القوس أمان الأرض كلّها من الغرق، إذا رأوا ذلك في السّماء. و أمّا هذه المجرّة فأبواب السّماء فتحها اللَّه على قوم نوح ثمّ أغلقها فلم يفتحها. و أمّا الخنثى فانّه يبول، فان خرج بوله من ذكره فسنّته سنّة الرّجل، و ان خرج من غير ذلك فسنّته سنّة المرأة.

فكتب بها معاوية الى صاحب الرّوم فحمل اليه خراجه، و قال: ما خرج هذا الّا من كتب نبوّة، هذا فيما أنزل اللَّه من الإنجيل على عيسى بن مريم عليه السّلام(2).

الامالی للصدوق (عن يونس بن ظبيان(3)،) عن سعد بن طريف، عن الاصبغ ابن نباتة، قال: دخل ضرار بن ضمرة النهشلي على معاوية بن أبي سفيان، فقال له: صف لي عليا. قال: أو تعفيني. فقال: لا، بل صفه لي. فقال له ضرار: رحم الله عليا، كان والله فينا كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، ويقربنا إذا زرناه، لا يغلق له دوننا باب، ولا يحجبنا عنه حاجب، ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا، لا نكلمه لهيبته، ولا نبتديه لعظمته، فإذا تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم. فقال المعاوية: زدني من صفته. فقال ضرار: رحم الله عليا، كان والله طويل السهاد، قليل الرقاد، يتلو كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار، ويجود لله بمهجته، ويبوء إليه بعبرته، لا تغلق له

ص: 59


1- شرح نهج البلاغة ، ج16 ، ص12.
2- الغارات ، ج1 ، ص189.
3- إضافه من المصدر.

الستور، ولا يدخر عنا البدور، ولا يستلين الاتكاء، ولا يستخشن الجفاء، ولو رأيته إذ مثل في محرابه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وهو قابض على لحيته، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين، وهو يقول: يا دنيا، إلي تعرضت، أم إلي تشوقت، هيهات هيهات لا حاجة لي فيك، أبنتك ثلاثا لا رجعة لي عليك. ثم يقول: واه واه لبعد السفر، وقلة الزاد، وخشونة الطريق. قال: فبكى معاوية، وقال: حسبك يا ضرار، كذلك كان والله علي، رحم الله أبا الحسن علیه السلام(1).

و فی روایة غیر الصدوق دخلت ضرار الضبابی علی معاویة بعد موت امیرالمومنین علیه السلام.

فقال معاوية لضرار الضبابی ، يا ضرار صف لي عليا، وقال:

أعفني يا أمير المؤمنين، قال لتصفنه.

قال: أما إذا لا بد من وصفه فقال: كان والله بعيد المدى شديد القوى، يقول فضلا ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل ووحشته، غزير العبرة طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن، وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه وينبئنا إذا استفتيناه، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظم أهل الدين ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول: " يا دنيا غري غيري، أبي تعرضت أم إلي تشوقت؟ هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيها، وعمرك قصير وخطرك حقير، آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق " فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا حسن كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ قال حزن من ذبح ولدها في حجرها.

قال: كيف صبرك عنه يا ضرار؟قال: صبر من ذبح واحدها على صدرها فهي لا ترقئ عبرتها و لا تسكن حرارتها، ثم قام و خرج و هو باك، فقال معاوية أما إنكم لو فقدتموني لما كان فيكم من يثني عليّ مثل هذا الثناء، قال بعض الحاضرين الصاحب على قدر الصاحب.(2) المناقب لابن شهرآشوب و قَدم معاوية المدينةَ جلس في أوَّل يومٍ يجيز من دخل عليه من خمسة آلَاف إِلى مائة ألف فدخل عليه الحسن بن عليٍّ علیه السلام في آخر النَّاس فقال أبطأت يا أَبا محمَّد فلعلّك أردت تبخِّلني عند قريش فانتظرت يفنى ما عندنا يا غلام أعط الحسن مثل جميع ما أَعطينا في يومنا هذا يا أبا محمَّد و أنا ابن هند فقال الحسن علیه السلام لَا حاجة لي فيها يا أَبا عبد الرَّحمن و رددتها و أنا ابن فاطمةَ بنت محمَّد رسول اللَّه(صلی الله علیه و اله)(3) و فیه عن حلية الْأَولياء لابی نعیم عن ابن عبَّاس قال لمَّا أُصيب معاوية قال ما آسى على شي ء إِلَّا على أَن أحجّ ماشيا و لقد حجَّ الحسن بن عليٍّ خمسا و عشرين حجَّة ماشياً و إِنَّ النّجائب لَتقاد معه و قد قَاسم اللَّه ماله مرَّتين حتَّى أَن كان ليعطي النّعل و يمسك النَّعل و يعطي الخفّ و يمسك الخف (4) فرج المهموم للسید بن طاوس رحمه الله عن أبي عبد الله علیه السلام قال

ص: 60


1- الامالی ، ج1 ، ص724.
2- کشکول شیخ بهایی ص217 ج2 ؛ ارشاد القلوب للدیلمی ، ج2 ، ص25.
3- مناقب آل ابی طالب ، ج3 ، ص183.
4- نفس المصدر ، ج3 ، ص180.

لما صالح الحسن بن علي علیهما السلام معاوية جلسا بالنخيلة فقال معاوية يا أبا محمد بلغني أن رسول الله صلی الله علیه و آلهكان يخرص النخل فهل عندك من ذلك علم فإن شيعتكم يزعمون أنه لا يعزب عنكم علم شي ء في الأرض و لا في السماء فقال الحسن إن رسول الله صلی الله علیه و اله كان يخرص كيلا و أنا أخرص عددا فقال معاوية كم في هذه النخلة من بسرة قال الحسن أربعة آلاف بسرة و أربع بسرات فأمر معاوية بها فصرمت فجاءت أربعة آلاف بسرة و ثلاث بسرات ثم صح الحديث بلفظها فقال الحسن و الله ما كذبت و لا كذبت فنظرنا فإذا في يد عبد الله بن عامر بن كريز بسرة ثم قال علیه السلام أما و الله يا معاوية لو لا أنك تكفر لأخبرتك بما أعلم و ذلك أن رسول الله صلی الله علیه و اله كان في زمان لا يكذب و أنت تكذب و تقول متى سمع من جده على صغر سنه و الله لتدعن زيادا و لتقتلن حجرا و يحمل إليك الروس من بلد الی بلد فادعی زیادا و قتل حجرا و حمل الیه رأس عمرو بن الحمق(1) مناقب وابن شهرآشوب كتب ملك الرّوم إِلى معاويةَ يسأله عن ثلَاث عن مكان بمقدار وسط السَّماء و عن أَوَّل قطرة دم وقعت على الأرض و عن مكان طلعت فيه الشَّمس مرَّة فلم يعلم ذلك فاستغاث بالحسن بن عليٍّ (علیه السلام) فَقَال :ظهر الكعبة و دم حوَّاء و أَرض البحر حين ضربه موسى (2) العلل الشرایع للصدوق رحمه الله دسّ معاوية إلى عمرو بن حريث و الأشعث بن قيس و إلى حجر بن الحجر و شبث بن ربعي دسيسا أفرد كل واحد منهم بعين من عيونه أنك إن قتلت الحسن بن علي فلك مائتا ألف درهم و جند من أجناد الشام و بنت من بناتي فبلغ الحسن (علیه السلام) ذلك فاستلام و لبس درعا و كفرها و كان يحترز و لا يتقدم للصلاة بهم إلا كذلك فرماه أحدهم في الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من اللامة فلما صار في مظلم ساباط ضربه أحدهم بخنجر مسموم فعمل فيه الخنجر فأمر (علیه السلام) أن يعدل به إلى بطن جريحي و عليها عم المختار بن أبي عبيد مسعود بن قيلة فقال المختار لعمه تعال حتى نأخذ الحسن و نسلمه إلى معاوية فيجعل لنا العراق فبدر بذلك الشيعة من قول المختار لعمه فهموا بقتل المختار فتلطف عمه لمسألة الشيعة بالعفو عن المختار ففعلوا فقال الحسن : ويلكم والله إن معاوية لا يفي لاحد منكم بما ضمنه في قتلي ، وإني أظن أني إن وضعت يدي في يده فاسالمه يتركني أدين لدين جدي وإني أقدر أن أعبدالله عزوجل وحدي ، ولكني كأني أنظر إلى أبناءكم واقفين على أبواب أبنائهم ، يستسقونهم ويستطعمونهم ، بما جعله الله لهم فلا يسقون ولا يطعمون ، فبعدا وسحقا لما كسبته أيديهم ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون فجعلوا يعتذرون بما لا عذر لهم فيه ، فكتب الحسن من فوره ذلك إلى معاوية : أما بعد فان خطبي انتهى إلى اليأس من حق احييه وباطل اميته ، وخطبك خطب من انتهى إلى مراده ، وإنني أعتزل هذا الامر ، واخليه لك ، وإن كان تخليتي إياه شرا لك في معادك ، ولي شروط أشترطها ، لا تبهظنك إن وفيت لي بها بعهد ولا تخف إن غدرت وكتب الشروط في كتاب آخر فيه يمنيه بالوفاء ، وترك الغدر وستندم يا معاوية كما ندم غيرك ممن نهض في الباطل ، أو قعد عن الحق حين لم ينفع الندم ، والسلام.(3)

ص: 61


1- فرج المهموم للسید بن طاووس ، ج1 ، ص226.
2- مناقب آل ابی طالب، ج3 ، ص179.
3- علل الشرایع ، ج1 ، ص221.

الامالی له رحمه الله مسند عن عن عدي بن أرطاة، قال: قال معاوية يوما لعمرو بن العاص: يا أبا عبد الله، أينا أدهى؟ قال عمرو: أنا للبديهة، وأنت للروية. قال معاوية: قضيت لي على نفسك، وأنا أدهى منك في البديهة. قال عمرو: فأين كان دهاؤك يوم رفعت المصاحف؟ قال: بها غلبتني يا أبا عبد الله، أفلا أسألك عن شئ تصدقني فيه؟ قال: والله إن الكذب لقبيح، فسل عما بدا لك أصدقك. فقال: هل غششتني منذ نصحتني؟ قال: لا. قال: بلى والله، لقد غششتني، أما إني لا أقول في كل المواطن، ولكن في موطن واحد، قال: وأي موطن هذا؟ قال: يوم دعاني علي بن أبي طالب للمبارزة فاستشرتك، فقلت: ما ترى يا أبا عبد الله؟ فقلت:

كفؤ كريم، فأشرت علي بمبارزته وأنت تعلم من هو، فعلمت أنك غششتني. قال: يا أمير المومنين، دعاك رجل إلى مبارزته عظيم الشرف جليل الخطر، فكنت من مبارزته على إحدى الحسنيين، إما أن تقتله فتكون قد قتلت قتال الاقران، وتزداد به شرفا إلى شرفك وتخلو بملكك، وإما أن تعجل إلى مرافقة الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. قال معاوية: هذه شر من الاول، والله إني لاعلم أني لو قتلته دخلت النار، ولو قتلني دخلت النار. قال له عمرو: فما حملك على قتاله؟! قال: الملك عقيم، ولن يسمعها مني أحد بعدك(1) شهادة الاشتر بأمر معاویة و تدلیسه کتاب الغارات عن عاصم عن أبيه: أنّ عليّا عليه السّلام لمّا بعث الأشتر إلى مصر واليا عليها و بلغ معاوية خبره بعث رسولا يتبع الأشتر إلى مصر يأمره باغتياله فحمل معه مزودين فيهما شراب و صحب الأشتر(2) يوما فسقاه من أحدهما ثمّ استسقى ثانية فسقاه من الآخر و فيه سمّ فشربه فمالت عنقه، فطلبوا الرّجل ففاتهم.

عن مغيرة الضّبيّ أنّ معاوية دسّ للأشتر مولى لآل عمر فلم يزل المولى يذكر للأشتر فضل عليّ و بنى هاشم حتّى اطمأنّ إليه الأشتر و استأنس [به] فقدّم الأشتر يوما ثقله أو تقدّم ثقله [فاستسقى ماء] فقال له مولى عمر: هل لك- أصلحك اللَّه- في شربة سويق؟- فسقاه شربة سويق فيها سمّ فمات.

قال: و قد كان معاوية قال لأهل الشّام لمّا دسّ اليه مولى عمر: ادعوا على الأشتر، فدعوا عليه، فلمّا بلغه موته قال: ألا ترون كيف استجيب لكم(3).

عن علی بن محمد المداینی عن بعض اصحابه أنّ معاوية أقبل يقول لأهل الشّام : أيّها النّاس انّ عليّا قد وجّه الأشتر إلى أهل مصر فادعوا اللَّه أن يكفيكموه، فكانوا كلّ يوم يدعون اللَّه عليه في دبر كلّ صلاة، و أقبل الّذي سقاه السّمّ إلى معاوية فأخبره بهلاك الأشتر، فقام معاوية في النّاس خطيبا فقال:

أمّا بعد فإنّه كان لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان، فقطعت إحداهما يوم صفّين يعنى عمّار بن ياسر، و قطعت الأخرى اليوم و هو مالك الأشتر(4) و قال ایضا قال المداینی فی اسناده انّ الأشتر لمّا أتى القلزم أتى الخراخر الّذي دسّه معاوية

ص: 62


1- الامالی ، ج1 ، ص132.
2- أی فاستسقى الأشتر
3- الغارات ، ج1 ، ص262.
4- نفس المصدر ، ج1 ، ص263.

فقال: هذا منزل فيه طعام و علف و انّى رجل من أهل الخراج [فأقم و استرح] فنزل به الأشتر فأتاه الدّهقان بعلف و طعام حتّى إذا طعم أتاه بشربة من عسل قد جعل فيها سمّا فسقاه إيّاه فلمّا شربها مات(1).

و فیه عنه حدیث تولیة امیرالمومنین علیه السلام الشتر ولایة مصر قال: فخرج الأشتر من عند عليّ عليه السّلام فأتى رحله فتهيّأ للخروج إلى مصر، و أتت معاوية عيونه فأخبروه بولاية الأشتر مصر، فعظم ذلك عليه، و قد كان طمع في مصر، فعلم أنّ الأشتر ان قدم عليها كان أشدّ عليه من محمّد بن أبى بكر فبعث معاوية إلى رجل من أهل الخراج {يثق به} فقال له: إنّ الأشتر قد ولّى مصر فإن كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيت و بقيت، فاحتل له بما قدرت عليه.

فخرج الأشتر من عند عليّ عليه السّلام حتّى أتى القلزم حيث تركب السّفن من مصر إلى الحجاز فلمّا انتهى إليه أقام انتهی(2).

و ایضا أنّ ذیل الخبر ما تقدم.

کتاب اسدالغابة لابن اسیر الجزری کتاب اسد الغابه أَخبرنا يحيى بن محمود وغيره بإسنادهما عن مسلم قال:

أخبرنا محمَد بن مثنى، ومحمد ابن بشَّار- واللَّفظ لابن مثنَّى- حدَّثنا أميَّة بن خالد، حدَّثنا شعبة، عن أَبي حمزة القَصّاب، عن ابْن عبَّاس قَال: كنت ألْعب مع الصّبيان، فجاء رسول اللَّه صلَّى اللَّهُ علَيْه و سلَّم فتواريت خلف باب، قال: فجاء فحطأني حطأةً ، وقال: اذهب فادع لي معاوية. قَال: فجئْت فقلت:

هو يأكل. ثُمَّ قال: اذهب، فادع لي معاوية. قال: فجئت فقلت: هو يأْكل. فقال:

لا أَشْبع اللَّهُ بطنه.(3) و فیه ولما دخل عمر بْن الخطاب الشام، ورأى معاوية، قَالَ: هَذَا كسرى العرب(4).

قال و لما نزل بِهِ الموت قَالَ: ليتني كنت رجلا من قريش بذي طوى، وأني لَمْ أل من هَذَا الأمر شيئا .

ولما مات أخذ الضحاك بْن قيس أكفانه، وصعد المنبر وخطب الناس وقال: إن أمير المؤمنين معاوية كَانَ حد العرب، وعود العرب، قطع اللَّه بِهِ الفتنة، وملكه عَلَى العباد، وسير جنوده فِي البر والبحر، وَكَانَ عبدا من عُبَيْد اللَّه، دعاه فأجابه، وقد قضى نحبه، وهذه أكفانه فنحن مدرجوه ومدخلوه قبره، ومخلوه وعمله فيما بينه وبين ربه، إن شاء رحمه، وَإِن شاء عذبه.

وصلى عَلَيْهِ الضحاك، وَكَانَ يزيد غائبا بحوارين ، فلما ثقل معاوية أرسل إليه الضحاك، فقدم وقد مات معاوية، فقال: .

جاء البريد بقرطاس يحثّ بِهِ فأوجس القلب من قرطاسه فزعا قلنا: لك الويل! ماذا فِي صحيفتكم؟ قالوا: الخليفة أمسى مثبتا وجعا وهي أكثر من هَذَا.

وَكَانَ معاوية أبيض جميلا، إذا ضحك انقلبت شفته العليا، وَكَانَ يخضب.

روي عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: ما زلت أطمع فِي الخلافة مذ قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن وليت فأحسن وروي عبد الرحمن بْن أبزى، عَنْ عمر أَنَّهُ قَالَ: هَذَا الأمر فِي أهل بدر ما بقي منهم أحد، ثُمَّ فِي أهل أحد ما بقي منهم أحد، ثُمَّ فِي كذا وكذا، وليس فيها لطليق، ولا لولد طليق، ولا لمسلمة الفتح شيء.(5) و فیه المهاجر بْن خَالِد بْن الْوَلِيد، وهو ابن عم الأول، وهو قرشي مخزومي كَانَ غلاما عَلَى عهد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم هُوَ

ص: 63


1- نفس المصدر ، ج1 ، ص259؛ ذكره الطبري عند ذكره حوادث سنة ثمان و ثلاثين (ج 6 من طبعة مصر، ص 54) و ابن أبى الحديد في شرح النهج (ج 2، ص 29) و نقله المجلسي (رحمه الله) في ثامن البحار في باب الفتن الحادثة بمصر (ص 648) نقلا عن أمالى المفيد كما أشرنا اليه سابقا (ص 257) و نص عبارته هكذا: «و خرج الأشتر حتى أتى القلزم و استقبله ذلك الدهقان فسلم عليه و قال: أنا رجل من أهل الخراج و لك و لأصحابك على حق في ارتفاع أرضى، فانزل على أقم بأمرك و أمر أصحابك و علف دوابكم و احتسب بذلك لي من الخراج، فنزل عليه الأشتر فأقام له و لأصحابه بما احتاجوا اليه، و حمل اليه طعاما دس في جملته عسلا جعل فيه سما، فلما شربه الأشتر قتله و مات
2- نفس المصدر ، ج1 ، ص259.
3- اسد الغابة ، ج4 ، ص434.
4- نفس المصدر.
5- اسد الغابة ، ج4 ، ص435/436.

وأخوه عبد الرحمن. وكانا مختلفين: شهد عبد الرحمن صفين مع معاوية، وشهدها المهاجر مع عَليّ كرم اللَّه وجهه ، وشهد معه الجمل أيضا، وفقئت عينه بِهَا، وقتل بصفين.

وله ابن اسمه خَالِد، ولما قتل ابن أثال الطبيب عبد الرحمن بْن خَالِد بالسم الَّذِي سقاه، ولم يطلب خَالِد بثأر عمه، عيره عروة بْن الزبير، فسار خَالِد إِلَى دمشق هُوَ ومولاه نَافِع، فرصدا ابن أثال ليلا، وَكَانَ يسمر عند معاوية، فلما انتهى إليهما ومعه غيره من سمار معاوية، حمل عَلَيْهِ خَالِد وَنَافِع، فتفرقوا، وقتل خَالِد الطبيب، ثُمَّ انصرف إِلَى المدينة وهو يقول لعروة بْن الزبير :

قضى لابن سيف اللَّه بالحق سيفه وعري من حمل الذحول رواحله فإن كَانَ حقا فهو حق أصابه وإن كَانَ ظنا فهو بالظن فاعله سل ابن أثال هل ثأرت ابن خَالِد؟ وهذا ابن جرموز فهل أنت قاتله؟ يعني أن ابن جرموز قتل الزبير، فلم يطلب أحد من أولاده بثأره(1).

تاریخ ابن خلدون و غیره ان عبد الرحمن بن ملجم المرادي والبرك بن عبدالله التميمي الصريمي واسمه الحجاج وعمرو بن بكر التميمي السعدي ثلاثتهم من الخوارج لحقوا من فلهم بالحجاز واجتمعوا فتذاكروا ما فيه الناس وعابوا الولاة وترحموا على قتلى النهروان وقالوا ما نصنع بالبقاء بعدهم فلو شرينا أنفسنا وقتلنا أئمة الضلال وأرحنا منهم الناس فقال ابن ملجم وكان من مصر أنا أكفيكم عليا وقال البرك أنا أكفيكم معاوية وقال عمرو بن بكر التميمي أنا أكفيكم عمرو بن العاصي وتعاهدوا أن لا يرجع أحد عن صاحبه حتى يقتله أو يموت واتعدوا لسبع عشرة من رمضان إلی أن قال و أما البرك فإنه قعد لمعاوية تلك الليلة فلما خرج للصلاة ضربه بالسيف في أليته واخذ فقال عندي بشرى أتنفعني ان أخبرتك بها قال نعم قال إن أخا لي قتل عليا هذه الليلة قال فلعله لم يقدر عليه قال بلى ان عليا ليس معه حرس فأمر به معاوية فقتل وأحضر الطبيب فقال ليس إلا الكي أو شربة تقطع منك الولد فقال في يزيد وعبد الله ما تقربه عيني والنار لا صبر لي عليها وقد قيل إنه أمر بقطع البرك فقطع وأقام إلى أيام زياد فقتله بالبصرة وعند ذلك اتخذ معاوية المقصورة وحرس الليل وقيام الشرط على رأسه إذا سجد ويقال ان أول من اتخذ المقصورة مروان بن الحكم سنة أربع وأربعين حين طعنه اليماني(2) و این چند بیت از جمله قصیده بعضی از علماء معاصرین سلمه الله در مثالب عیون اربعة که متعلق است به معاویة و تمام آن را در شاخه طوبی(3) درج کردم

ص: 64


1- اسدالغابة ، ج4 ف ص502.
2- تاریخ ابن خلدون ، ج3 ، ص184/185.
3- شاخه طوبی ، ص40 ، نسخه خطی.

گفتم از چارم بگو ای کشتی بحر هدی *** گفت دل از امواج علم و معرفت دریا شده گفت این آن ناکس نامرد کز نامردمی*** نام او از باب و مام خود سگ أُنثی شده نام او ماده سگ اندر لفظ و در معنی ولی *** سه فزون بر ماده سگ در لفظ و در معنی شده پور سفیان پیر شیطان آنکه در تلبیس و عذر*** کرده شاگردی او ابلیس و بس دانا شده آنکه در صفین ز هول ضربت تیغ سعید ***ریده در تنبان بسی چون بند خشتکش وا شده آنکه اندر جنگ بدر از ضربت تیغ شاه دین ***کشته دیده عمّ و خال و خود سوی بطحا شده باب او از کین شکسته در دندان نبی *** پور شومش قاتل نوباده زهرا شده مام او خائیده لخت دل ز غم شاه دین *** زین سبب خون در دل سلطان او ادنی شده آن جگر خای ذکر خوار زنا زا کز زنا *** شهره اندر یثرب و معروف در بطحا شده و لبعض السادة من العلماء المعاصرین فی تهنیة یوم وفات معاویة:

اصبح الشرک یتیم الابوین *** فابشر التوحید قل قرة عین قد اصیب فی ربیع الاوّل *** بابیه ذی الخناین الکافرین و ابن هند أمّه مات إذا *** ما أتانا رجب ذوالشرفین أیّ یوم مثل یوم مات فیه *** و استراحت منه اهل الخافقین لا یدانیه علی عبد هَلِ *** الانجم الشهب یدانی القمرین ای رجس میت هل تعلمون *** من الی النیران مغلول الیدین هو لله عدوّ و الرّسول *** و الوصی المرتضی و الحسنین اظهر الاسلام خوفا و لقد *** کان سِرّاً عابد للوثنین إن سمعتم قوم عاد و ثمود *** ذلکم قائدها فی العالمین کم له سابقة فی المشرکین *** و علی الاسلام من ضرّ و شین هو فرع من اصول لعنت *** في کتاب الله ربّ الثقلین

ص: 65

واسع البلعوم ذو البطن الکبیر*** قابض الکفین مفلول الیدین شجر الزّقوم فی بلعومه *** کخلال حلّ بین الطاحنین إنِ عوی کلب یعاویه و قد *** ظلّ یکفیک اسمه من شاهدین هو ابلیس بل الابلیس منه *** شعرة تنبت تحت الانثیین شملت والده اللعنة في *** یوم بدر مثله یوم الحنین و علیه لعنة حضّت به *** فهو اللعنة و ابن اللعنتین قتل لمن والی ابن هند کم یکفیک *** ضرظة الملحدین الخطبتین یا لها من ضرطة امسک بها *** لا تطالب أثراً من بعد عین ان تسل عن أمّهات ولدت *** ذلک الرجس فقل من غیرمین فاعلات فاعلات فاعلات *** هکذا المشهور بین الفرقتین أمّه الزانیة الهند البغی *** فی الشتا و الصیف عند الرحلتین شرکت فی بضعه کل الرجال *** کاشتراک الارث بین التوامین حرة لکنها تهوی العبید *** سیّما اغلظهم فی الشّفتین و اذا ما شئت من اجداده *** فاجمع المفعول کرّر مرتین و ابوه فیه خلفٌ وقعا *** لکن الجمع اصحّ المذهبین و ابوسفیان عند الاربع ***کان من ذلک شر الابوین عجبا للشافعی و الحنبلی *** و لنعمان و لابن الابرصین مالک کیف ارتضوا یکون *** من ابی سفیان نجل الکافرین و لقد حدّث عن فاروقهم *** مع هند نشاءت فی النشأتین إن یقل قائلهم قول الفراش *** این هند من فراش أین أین إن یکن من ذلکم أو لم یکن *** فهو رجس نجس من نجسین قل لعمرو صاحب السیف الصقیل *** یشکر السوءة شکر الابوین فلقد انجاه فی یوم الهیاج *** حدّ سیف هو ماض الشفرتین لعنات خرّت سبعون و قد *** ضوعفت تلک بیوم الحکمین

ص: 66

لا تلام إن تکن أمّ الفساد *** فلقد کنتِ لئیم النبین شکرت فیک رجال لا تعد *** سل بنی القیس و سود الحرمین أنت ذاک الشانی الرجس الخبیث*** أنت ذاک الابترین الابترین فاسئل الکوثر عما قلته *** فهو المنبئ صدق الجزین حیوة الحیوان کان معاوية يلبس الثياب الفاخرة، و العدة الكاملة، و يركب الخيل المسومة و هو أول من اتخذ المقاصير و أقام الحرسي و الحجاب. و أول من مشى بين يديه صاحب الشرطة بالحربة، و أول من تنعم في مأكله و ملبسه و مشربه. (1) و ذكر غير واحد أنه لما ثقل في الضعف و تحدث الناس أنه الموت، قال لأهله: احشوا عيني اثمدا و اسبغوا رأسي دهنا ففعلوا، و برقوا وجهه بالدهن ثم مهدوا له مجلسا و أسندوه، و أذنوا للناس فدخلوا و سلموا عليه قياما، فلما خرجوا من عنده أنشد قائلا:

و تجلدي للشامتين أريهم أني لريب الدهر لا أتضعضع فسمعه رجل من العلويين فأجابه:

و إذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع و توفي في دمشق في نصف رجب و قيل في مستهل رجب سنة ستين.

و صلى عليه الضحاك الفهري لغيبة ابنه يزيد ببيت المقدس. و اختلف في عمره فقيل ثمانون و قيل خمس و سبعون سنة و قيل خمس و ثمانون سنة و قيل ثمان و ثمانون سنة و قيل تسعون. و كانت خلافته منذ خلص له الأمر تسع عشرة سنة و ثلاثة أشهر و خمسة أيام.(2) مسار الشیعه للمفید رحمه الله في اليوم الثاني و العشرين منه أی من شهر رجب سنة ستين من الهجرة كان هلاك معاوية بن أبي سفيان و سنة يومئذ ثمان و سبعون سنة و هو يوم مسرة للمؤمنين و حزن لأهل الكفر و الطغيان(3).

اخبار الظریفة و حکایات لطیفة

ص: 67


1- حیاة الحیوان الکبری ، ج1 ، ص90.
2- نفس المصدر ، ج1 ، ص91.
3- مسار الشیعه ، ج1 ، ص34.

تهش الناظرین و تسرّ المؤمنین فی ذکر اخبار النساء الوادفین علی معاویة فی أیّام استقلاله بالملک(1) روی ابومخنف باسانیده عن ابی عبدالله محمد بن زکریا بن دینار البصری عن ابی الحجاج یوسف بن خلیل الله الدمشقی قال اخبرنا ابوالعزیز احمد بن عبدالله بن کاوش العکبری فی سنة عشرین و خمسمائة قال حدّثنی ابوالحسین محمّد بن اسماعیل بن شمعون الواعظ فی الجامع الکبیر بدمشق الشام عن ابی بکر عبدالله بن سلیمان عن الزّهری قال بینا معاویة یسمر مع عمرو بن العاص و مروان بن سعد و عتبة و الولید و قد ذکروا الزرقاء بنت عدی بن قیس الهمدانیة و هی امراة من اهل الکوفة شهدت مع قومها صفین فَقَالَ ايكم يحفظ كلأمها يَوْم صفّين قَالَ الْقَوْم كلهم نَحن نَحْفَظهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ مَا تشيرون عَليّ فِي أمرهَا قَالَ بَعضهم نشِير عَلَيْك بقتلها قَالَ بئس الراي اشرتم ايحسن بمثلي ان يتحدث عَنهُ أَنه قتل أمْرَأَة بعد ان ظفر فَكتب إِلَى عأمله بِالْكُوفَةِ ان أوفد إِلَى الزَّرْقَاء بنت عدي مَعَ ثِقَة من محرمها وعدة من فرسَان قَومهَا ومهد لَهَا وطاء لينًا واسترها بستر حصيف وأوسع عَلَيْهَا فِي النَّفَقَة فَأرْسل إِلَيْهَا فاقراها الْكتاب فقات أما أَنا فَغير زائغة عَن طَاعَة فان كَانَ أَمِير الْمُؤمنِينَ جعل إلاختيار لي لم ارْمِ من بلدي هَذَا وان كَانَ حتم إلامر فالطاعة لَهُ فحملها فِي هودج جعل متناه خَزًّا مبطنا بعصب الْيمن ثمَّ احسن صحبتهَا فَلَمَّا قدمت على مُعَاوِيَة قَالَ لَهَا مرْحَبًا وَأهلا خير مقدم اقدموك وافضل كَيفَ أَنْت يَا خَالَة وَكَيف كَانَ مسيرك قَالَت خير مسير كإني كنت ربيبة بَيت أَو طفْلا فِي مهد قَالَ بِذَاكَ أَمرتهم فَهَل تعلمين لم بعثت اليك قَالَت لَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله قَالَ السِّت راكبة الْجمل إلاحمر يَوْم صفّين وَأَنت بَين الصفين توقدين الْحَرْب وتحضين عَلَيْهَا قَالَت بلَى قَالَ فَمَا حملك على ذَلِك قَالَت يَا معاویة إِنَّه قد مَاتَ الرَّأْس وبتر الذَّنب و و لن یعود ما ذهب و الدهر ذُو عجبلا یعتب من عتب و من تفکّر ابصر وإلامر يحدث بعد إلامرفقالَ معاویة لَلهَ انت فَهَل تحفظين كلأمك یوم الصفین قَالَت وَالله مَا احفظه قَالَ و لكني وَالله احفظه لله أَبوك یوم تقومین خطیبة تَقُولِينَ ايها النَّاس

ص: 68


1- من الکتاب أخبار الوافدين من الرجال على معاوية بن أبي سفيان لمولفه ابن بَكَّار

إرعووا و ارجعوا إنّکم قد اصبحتم فِي فتْنَة غشيتكم جلأبيب الظُّلم وحادت بكم عَن قصد المحجة فیَا لَهَا من فتْنَة عمياء صماء لَا تسمع لداعيها وَلَا تنساق لسائقها ايها النَّاس ان الْمِصْبَاح لَا يضيء فِي الشَّمْس وان الْكَوْكَب لَا تبین مع الْقَمَر وان الْبَغْل لا تساوی الْفرس وان الدق لَا يوازي الْحجر وَلَا يقطع الْحَدِيد إِلَّا الْحَدِيد إِلَّا من استرشدنا أرشدناه وَمن سالنا اجبناه و ان الْحق كَانَ يطْلب ضَالَّة فاصابها فصبرا يَا معاشر الْمُهَاجِرِي وإلانصار على المضض فَكَانَ قد التأم شعب الشتات وَظَهَرت كلمة الْعدْل وَغلب الْحق باطله فَلَا يعجلن اُحْدُ فَيَقُول كَيفَ وانى وَلَكِن ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا وَ ان خضاب النِّسَاء الْحِنَّاء وان خضاب الرِّجَال الدِّمَاء وَلِهَذَا مَا بعده وَالصَّبْر خير فِي العواقب ايه إِلَى الْحَرْب قدما غير ناكصين رحکم الله البتّه فَقَالَ مُعَاوِيَة يَا زرقاء لقد شاركت عليا فِي كل دم سفكه قَالَت احسن الله بشارتك يَا معاویة وادأم سلأمتك فمثلك من بشر بِخَير وسرجلیسه قَالَ لَهَا معاویة وَقد سرك ذَلِك قَالَت إی والله لقد سررت بالخیر انى بتصديق الفعل فضحک المعاویةَ قَالَ لها وَالله لوفاؤكم بعلی بعد مَوته أعجب الي من حبكم لَهُ فِي حَيَاته لقد جبلت محبته فی طینتکم و التفت الی الحاضرین و قال هکذا یکون الوفاء الصادر عن اخلاص المودة جزاک الله عن علی خیر اذكري حَاجَتك قَالَت يَا معاویة اليت على نَفسِي أَلا اسال احدا اعنت عَلَيْهِ ابدا وَمثلك من اعطى من غير مسالة وجاد من غير طلب قَالَ صدقت و امر لها و للذین کانوا معها یجاویزو ردّها الی الکوفه (1) من الوافدات عكرشة بنت إلاطش(2) وبالاسناد السابق عن عِكْرِمَة قَالَ دخلت عكرشة بنت رواحة على مُعَاوِيَة و بیدها عکاز فی اسفله مسقی فَسلمت عَلَيْهِ بالخلافة فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة هيه يَا عكرشة الْآن صرت أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَت نعم اذ لَا عَليّ بن ابی طالب حَيّ فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَة السِّت صَاحِبَة الكور المسدول وَالْوسط المشدود والمتقلدة بِالسَّيْفِ ذِي الحمائل وَأَنت واقفة بَين الصفين يَوْم صفّين تَقُولِينَ ايها النَّاس عَلَيْكُم انفسكم لَا يضركم من ضل اذ اهْتَدَيْتُمْ ان الْجنَّة دَار لَا يرحل من قطنها

ص: 69


1- تاریخ دمشق ابن عساکر ، ج69 ص165 به اختلاف یسیر و آخره: صدقت ثمَّ اقطعها ضَيْعَة استغلتها فِي أول سنة عشرَة إلاف دِرْهَم
2- فی بعض عكرشة بنت رواحة بن إلاطش .منه.

يتبع في الصفحة 79 في الصفحة 70 أرضی وقد عهدتك تشتمينا وتُحضين علينا عدونا ؟ قالت : إنّ لبني عبد مناف أخلاقاً طاهرة ، وأعلاماً ظاهرة ، وأحلاماً وافرة ، لا يجهلون بعد علم ، ولا يسفهون بعد حلم ، ولا ينتقمون بعد عفو ، وإنّ أولى الناس باتباع ما سنَّ آباؤه لأنتَ .

قال : صدقتِ! نحن كذلك ، فكيف قولك :

عَزبَ الرُّقادُ فمقلتي لا تَرقُدُ والليلُ يصدرُ بالهمومِ ويُورِدُ يا آلَ مِذْحجَ لا مقامَ فشمِّرُوا إنّ العَدو لآلِ أحمدَ يقصدُ هذا عليّ كالهلالِ تحفُهُ وسط السَّماء مِن الكواكبِ أسعدُ خيرُ الخلائِقِ وابنُ عمِّ مُحمّدٍ إن يهدكمْ بالنورِ منْهُ تهتدوا ما زالَ مُذ شَهِدَ الحروبَ مظفَّراً والنصرُ فَوقَ لوائِهِ ما يفقدُ قالت : كان ذلك يا أميرالمؤمنين ، و إنا لنطمع بک خَلفاً .

فقال رجل من جلسائه : كيف يا أميرالمؤمنين وهي القائلة :

امّا هَلَكتَ أبا الحسين فَلَمْ تَزلْ بالحقِ تُعرفُ هادياً مَهديا فاذهب عَليكَ صلاة ربِّك ما دَعتْ فوقَ الغُصونِ حَمامةٌ قمريَّا قد كُنتَ بعدَ محمّدٍ خَلَفاً كما أوصى إليكَ بِنا فكُنتَ وفيَّا فالي-ومْ لا خَلَفاً يؤمَّل بَعدهُ هَيهات نأمُلُ بعده إنسيَّا قالت : هیهات يا معاویةي لسان نطقَ ، وقول صدقَ ، والله ما ورَّثك الشَنان في قلوب المسلمين إلاّ مثل هؤلاء السفهاء ، فادحض مقالتهم وأبعد منزلتهم ، فإنّك إن فعلت ذلك ازددت بذلک من الله قرباً ، ومن المسلمین حُبّاً .

قال معاویة: وانّك لتقولين ذلك ؟ قالت : سبحان الله! والله ما مثلك مُدح بباطل ، ولا اعتذر إليه بكذب ، وأنّك لتعلم ذلك من رأينا وضمير قلوبنا ، كان والله عليٌّ بن ابی طالب أحب إلينا منك ،إذا کان حیا وأنتَ أحبُ إلينا من غيرك إذ انت باق.

قال : ممّن ؟ قالت : من سعید و مروان بن الحکم قال : وبمَ أستحقّ ذلك علیهم ؟ قالت : بحسن جودک وكريم عفوك .

قال : و إنّهما يطمعان في ذلك .

قالت : والله هما من الرأي على ما كنتَ علیه لعثمان.

قال : والله لقد قاربتِ ، فما حاجتك ؟ قالت : إنّ مروان تَبَنَّكَ بالمدينة مَن لا يُريد البراح منها ، لا يحكم بعدل ، ولا يقضي بسنّة ، يتتبّع عثرات المسلمين ، ويكشف عورات المؤمنين ، حبس ابن ابني فأتيته فقال لی كيت وكيت ،

ص: 70

فألقمته أخشن من الحجر ، وألعقته أمرّ من الصاب . ثم رجعت إلى نفسي باللائمة وقلت : لمَ لا أصرف ذلك إلى مَن هو أولى بالعفو منه ، فأتيتك يا أميرالمؤمنين لتكون في أمري ناظراً وعليه مهدياً .

قال : صدقتِ ، لا أسألك عن ذنبه و لا أسأله القيام بحجّته ، و ما انت فاعف الله عما سلف و بالحکیم لا یؤاخذ بالجریرة الکتبوالها باخراجه و التعرض لمروان و سعید بما فعلاه .

فقالت : يا معاویظ إنّی لنائیة الوطن فإنّی لی بالرجوع وقد نفد زادي وكلّت راحلتي ؟ فأمر لها براحلة موطنة وخمسة آلاف درهم و قال خذ بهما مهناة انا بن عبدالشمس بن عبد مناف فاخذتها و انصرفت.(1) من الوادفات بكارة إلهلالية وبإسناد المذکور عن مُحَمَّد بن عبد الله الْخُزَاعِيّ عَن الشّعبِيّ قَالَ قدم مُعَاوِيَة الْمَدِينَة فاستاذنت عَلَيْهِ بكارة إلهلالية فاذن لَهَا فَدخلت وكأنت أمراة فصيحة قد اسنت وغشي بصرها وضعفت قوتها ترعش بین جاریتین لهَا عكازها فَسلمت .جلست فَقال مُعَاوِيَة كَيفَ أَنْت يَا خَالَة قَالَت بِخَير یا معاویة قَالَ لَهَا غَيْرك الدَّهْر قَالَت كَذَلِك هُوَ ذلک ذُو غير من عَاشَ كبر وَمن مَاتَ قبر فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ هِيَ وَالله القائلة يَا زيد دُونك فاحتفر من دَارنَا سَيْفا حسأما فِي التُّرَاب دَفِينا قد كنت اذخره ليَوْم كريهة فاليوم ابرزه الزَّمَان مصونا فَقَالَ مَرْوَان بن الحكم وَهِي القائلة:

أَتَرَى ابْن هِنْد للخلافة مَالِكًا هَيْهَات ذَاك وان اراد بعيد منتك نَفسك فِي الْخَلَاء ضَلَالَة اغراك عَمْرو للشقا وَسَعِيد ارْجع بانكد طَائِر منحوسة لاقت عليا اِسْعَدْ وسعود وفقال سعيد بن الْعَاصِ وَهِي القائلة يَا معاویة:

قد كنت اطمع ان أَمُوت وَلَا ارى فَوق المنابر من أُميَّة خاطبا فَالله اخر مدتي فتطأولت حَتَّى رايت من الزَّمَان عجائبا فِي كل يَوْم لَا يزَال خطيبهم بَين الجموع لال احْمَد عائبا ثمَّ سكتوا فَقَالَت يَا مُعَاوِيَة تنبحتني كلابك إذ عشي بَصرِي وَقصرت محجتي وَ أَنا وَالله القائلة مَا قَالُوا وَمَا خَفِي عَلَيْك مني اكثرففعل ما بدا لک فَضَحِك مُعَاوِيَة وَقَالَ لَيْسَ ذَاك بِالَّذِي مما يمنعنا من برك يَا خَالَة فاذكري حَاجَتك فقَالَت أما الآن فَلَا وقأمت وَخرجت مغضبة فاتبعها معاویة بکیس مال فأبت أخذه فاتبهچعها بآخر فأخذتهما و ذهبت(2)من الوادفات

ص: 71


1- أخبار الوادفین ، ج1 ، ص23.
2- أخبار الوافدین ، ج1 ، ص71.

من الوادفات دارمية الحجونية روی عن سهل التَّمِيمِي عَن أَبِيه عَن عمته قَالَت حج مُعَاوِيَة سنة من السنين فَسَأَلَ عَن امْرَأَة من بني كنَانَة تنزل الْجحْفَة يُقَال لَهَا دارمية الحجونية وَكَانَت امْرَأَة سَوْدَاء كَثِيرَة اللَّحْم فاخبر بسلامتها فَبعث إِلَيْهَا فجيىء بهَا فَلَمَّا راها قَالَ لَهَا كَيفَ حالك يَا بنت حأم قَالَت بِخَير وَلست لحأم وَلَكِنِّي ابْنة أَبِيك وَلنْ يضر الْمَرْء نسب أمه قَالَ صدقت فَهَل تعلمين لم بعثت اليك قَالَت يَا سُبْحَانَ الله الْعَظِيم لَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله قَالَ بعثت الیک اسألك علام أَحْبَبْت عليا وابغضتني وعلام واليته وعاديتني قَالَت أوتعفيني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ من ذَلِك قَالَ مَا كنت بفاعل وَلَا اعفيك و لذلک دعوتک قَالَت أما إِذا أَبيت عَليّ فَإِنِّي أَحْبَبْت عليا على عدله فِي الرّعية وقسمته بِالسَّوِيَّةِ وابعضتك على قتالك من هُوَ أولى بالامر مِنْك وطلبك مَا لَيْسَ لَك وواليت عليا علی ما عقد له رسول الله صلی الله علیه و اله نجم من الولاء بمشهد منک و حبّ علی الْمَسَاكِين و تعظیمه لاهل الدین و اعطائه أهل السَّبِيل وفقهه فِي الدّين وبذله الْحق من نَفسه وعاديتك على ارادتك الدُّنْيَا وسفكك الدِّمَاء وشقك الْعَصَا فتغیر وجه معاویة ثم قَالَ مُعَاوِيَة لها فَلذَلِك أنتفخ بَطْنك وَكبر ثديك وعظمت عجزتك قَالَت يَا هَذَا بهند وَالله يضْرب الْمثل لابی قَالَ مُعَاوِيَة يَا هَذِه لا تغضینی فأنا لم نقل إِلَّا خيرا إِنَّه إِذا أنتفخ بطن الْمَرْأَة تمّ خلق وَلَدهَا وَإِذا كبر ثديها حسن غذَاء وَلَدهَا وَإِذا عظمت عجيزتها وزن کسیسها فرجعت مرءة راضیة قَالَ لَهَا مُعَاوِيَة هَل رَأَيْت عليا قطّ قَالَت اي وَالله لقد رايته قَالَ كَيفَ رَأَيْته وَقَالَت رَأَيْته شثن لم یعجبه الْملكِ وَلم تصقله النِّعْمَة قَالَ فَهَل سَمِعت كَلَامه قَالَت نعم قَالَ كَيفَ سمعته قَالَت كَانَ والله يجلو الْقُلُوب من الْعَمى كَمَا يجلو الزَّيْت الطست من الصدأ قَالَ صدقت هَل لَك من حَاجَة قَالَت أَو تفعل ذَلِك یا معاویة إِذا سَأَلتك قَالَ نعم قَالَت تُعْطِينِي مائَة نَاقَة حَمْرَاء والف راعية من رواعي نجد فِيهَا فحولها وغلمانها قَالَ لَهَا مُعَاوِيَة مَا تصنعين بهَا قَالَت اغذو بألبانها الصغار واتحف بهَا الْكِبَار و اکتسب بها المکارم و اصلح بهَا بَين العشایر الْعَرَب قال فان أنا أعطيتك هذا أحل منك محل علي عليه السلام قالت يا سبحان الله أو دونه أو دونه فقال معاوية:

إذا لم أجد منكم بالحلم منی عليكم فمن ذا الذي بعدي يؤمل بالحلم خذيها هنيئاً واذكري فعل ما جد حباك على حرب العداوة بالسلم أما والله لو كان علياً ما أعطاك شيئاً

ص: 72

قالت أي والله ولا برة واحدة من مال المسلمين يعطني ثم أمر لها بما سألت و ردّها مکرمة.(1) من الوادفات ام سلمی بنت عبدالله الذکوانیة و بذلک الاسناد عن أبيه عن خالد بن سعيد عن رجل من بني أمية قال حضرت معاوية يوماً و قد أذن للناس اذناً عاماً فدخلوا عليه لمظالمهم وحوائجهم فدخلت امرأة كأنها قلعة ومعها جاريتان لها فحدرت اللثام عن لون كأنما أشرب ماء الدر في حمرة التفاح ثم قالت الحمد لله يا معاوية الذي خلق اللسان فجعل فيه البيان ودل به على النعم وأجرى به القلم فيما أبرم وحتم ودرأ وبرأ وحكم وقضا صرف الكلام باللغات المختلفة على المعاني المتفرقة الفها بالتقديم والتأخير والأشباه والمناكر والموافقة والتزايد فأدَّتهُ الآذان إلى القلوب وأدته القلوب إلى الألسن بالبيان استدل به على العلم وعبد به الرب وأبرم به الأمر وعرفت به الأقدار وتمت به النعم فكان من قضاء الله وقدره أن قربت زياداً وجعلت له بين آل سفيان نسباً ثم وليته أحكام العباد يسفك الدماء بغير حلها ولا حقها ويهتك الحرم بلا مراقبة الله فيها خؤون غشوم كافر ظلوم يتحير من المعاصي أعظمها لا يرى لله وقاراً ولا يظن أن له معاداً وغداً يعرض عمله في صحيفتك وتوقف على ما أجترم بين يدي ربك ولك برسول الله صلى الله عليه وسلم لى الله عليه أسوة وبينك وبينه صهر فلا الماضين من أئمة الهدى اتبعت ولا طريقتهم سلكت جعلت عبد ثقيف على رقاب أمة محمد صلى الله عليه يدبر أمورهم ويسفك دماءهم فماذا تقول لربك يا معاوية وقد مضى من أجلك أكثره وذهب خيره وبقي وزره إني امرأة من بني ذكوان وثب زياد المدعي إلى أبي سفيان على ضيعتي ورثتها عن أبي وأمي فغصبنيها وحال بيني وبينها وقتل من نازعه فيها من رجالي فأتيتك مستصرخة فإن أنصفت وعدلت وإلا وكلتك وزياد إلى الله عز وجل فلن تبطل ظلامتي عندك ولا عنده والمنصف لي منكما حكم عدل فبهت معاوية ينظر إليها متعجباً من كلامها ثم قال ما لزياد لعن الله زياداً فإنه لا يزال يبعث على مثالبه من ينشرها وعلى مساويه من يثيرها ثم أمر كاتبه بالكتاب إلى زياد يأمره بالخروج إليها من حقها وإلا صرفه مذموماً مدحوراً ثم أمر لها

ص: 73


1- بلاغات النساء لابن طيفور ج1 ، ص76.

وأمر لها بعشرين ألف درهم وعجب معاوية وجميع من حضره من مقالتها وبلوغها حاجتها(1).

روی ابن عبدالبر فی کتابه المسمی بالعقد الثمین: أن معاوية بن ابی سفیان كتب معاوية إلى واليه بالكوفة أن يحمل إليه أمّ الخير بنت الحريش بن سراقة البارقي برحلها، و أعلمه أنه مجازيه بالخير خيرا و بالشر شرّا بقولها فيه، فلما ورد عليه كتابه ركب إليها فأقرأها كتابه؛ فقالت: أما أنا فغير زائغة عن طاعة، و لا معتلة بكذب، و لقد كنت أحبّ لقاء أمير المؤمنين لأمور تختلج في صدري.

فلما شيّعها و أراد مفارقتها قال لها: يا أم الخير، إن أمير المؤمنين كتب إليّ أنه مجازيني بالخير خيرا و بالشر شرا؛ فمالي عندك؟قالت: يا هذا لا يطمعنك برّك بي أن أسرك بباطل. و لا تؤيسك معرفتي بك أن أقول فيك غير الحق.

فسارت خير مسير حتى قدمت على معاوية. فأنزلها مع الحرم؛ ثم أدخلها في اليوم الرابع و عنده جلساؤه؛ فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته.

فقال لها: و عليك السلام يا أم الخير، بحقّ ما دعوتني بهذا الاسم. قالت: يا أمير المؤمنين، مه، فإن بديهة السلطان مدحضة لما يحب علمه، و لكلّ أجل كتاب. قال:

صدقت!فكيف حالك يا خالة؟و كيف كنت في مسيرك؟قالت: لم أزل يا أمير المؤمنين في خير و عافية حتى صرت إليك؛ فأنا في مجلس أنيق، عند ملك رفيق. قال معاوية: بحسن نيتي ظفرت بكم. قالت: يا أمير المؤمنين، يعيذك اللّه من دحض المقال و ما تردي عاقبته. قال: ليس هذا أردنا. أخبرينا كيف كان كلامك إذ قتل عمار بن ياسر؟قالت: لم أكن زوّرته قبل، و لا روّيته بعد؛ و إنما كانت كلمات نفثها لساني عند الصدمة؛ فإن أحببت أن أحدث لك مقالا غير ذلك فعلت. فالتفت معاوية إلى جلسائه فقال: أبكم يحفظ كلامها؟فقال رجل منهم:

أنا أحفظ بعض كلامها يا أمير المؤمنين. قال: هات. قال: كأني بها و عليها برد زبيديّ كثيف بين النسيج، و هي على جمل أرمك و قد أحيط حولها، و بيدها سوط منتشر الضفيرة، و هي كالفحل يهدر في شقشقته ، تقول:

يا أيّها النّاس اتّقوا ربّكم، إنّ زلزلة السّاعة شي ء عظيم!إن اللّه قد أوضح لكم الحق، و أبان الدليل، و بين السبيل، و رفع العلم، و لم يدعكم في عماء مبهمة و لا عشواء

ص: 74


1- أخبار الوافدین ، ج1 ، ص60.

مدلهمة: فأين تريدون رحمكم اللّه؟أ فرارا عن أمير المؤمنين، أو فرارا من الزحف، أم رغبة عن الإسلام، أم ارتدادا عن الحق؟أ ما سمعتم اللّه جل ثناؤه يقول: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ اَلْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَ اَلصَّابِرِينَ وَ نَبْلُوَا أَخْبَارَكُمْ .

ثم رفعت رأسها إلى السماء و هي تقول: اللهم قد عيل الصبر، و ضعف اليقين، و انتشرت الرعبة، و بيدك يا ربّ أزمّة القلوب، فاجمع اللهم بها الكلمة على التقوى، و ألف القلوب على الهدى، و اردد الحق إلى أهله. هلمّوا رحمكم اللّه إلى الإمام العادل و الرضيّ التقيّ، و الصديق الأكبر؛ إنها إحن بدرية، و أحقاد جاهلية، و ضغائن أحدية وثب بها واثب حين الغفلة، ليدرك ثارات بني عبد شمس.

ثم قالت: ((فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ اَلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ .))(1) صبرا يا معشر المهاجرين و الأنصار، قاتلوا على بصيرة من ربكم، و ثبات من دينكم؛ فكأني بكم غدا و لقد لقيتم أهل الشام كحمر مستنفرة، فرّت من قسورة ، لا تدري أين يسلك بها من فجاج الأرض، باعوا الآخرة بالدنيا، و اشتروا الضلالة بالهدى و باعوا البصيرة بالعمى و عما قليل ليصبحنّ نادمين، حتى تحلّ بهم الندامة فيطلبون الإقالة، و لات حين مناص. إنه من ضلّ و اللّه عن الحق وقع في الباطل. ألا إن أولياء اللّه استصغروا عمر الدنيا فرفضوها، و استطابوا الآخرة فسعوا لها فاللّه اللّه أيها الناس، قبل أن تبطل الحقوق، و تعطّل الحدود، و يظهر الظالمون، و تقوى كلمة الشيطان؛ فإلى أين تريدون رحمكم اللّه عن ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و صهره و أبي سبطيه، خلق من طينته، و تقرّع من نبعته ، و خصّه بسرّه، و جعله باب مدينته، و أعلم بحبه المسلمين، و أبان ببغضه المنافقين؛ ها هو ذا مفلق الهام، و مكسّر الأصنام؛ صلى و الناس مشركون، و أطاع و الناس كارهون، فلم يزل في ذلك حتى قتل مبارزي بدر، و أفنى أهل أحد، و هزم الأحزاب، و قتل اللّه به أهل خيبر، و فرّق به جمع هوازن؛ فيا لها من وقائع زرعت في قلوب نفاقا، و ردّة و شقاقا، و زادت المؤمنين إيمانا، و قد اجتهدت في القول؛ و بالغت في النصيحة، و باللّه التوفيق، و السلام عليكم و رحمة اللّه.

فقال معاوية: يا أم الخير، ما أردت بهذا الكلام الا قتلي، و لو قتلتك ما حرجت في ذلك.

ص: 75


1- سورة الشریفة التوبة ، الأیة 12.

في ذلك قالت: و اللّه ما يسوؤني أن يجري قتلي علي يدي من يسعدني اللّه بشقائه ففعل ما بدا لک.

فضحک و امر لها بجائزة و ردّها مکرمة(1).

و نقل ابن حجة الحموی فی کتابه ثمراة الاوراق قالت: إنّ أروى بنت الحارث بن عبد المطلب دخلت على معاوية ، وهي عجوز كبيرة ، فلمّا رآها معاوية ، قال : مرحباً بك وأهلاً يا خالة ، فكيف كنت بعدنا؟ فقالت يابن أخي ، لقد كفرتَ يد النعمة ، وأسأت لابن عمّك الصُحبة ، وتسمّيت بغير اسمك ، وأخذت غير حقّك ، من غير دين كان منك ولا من آبائك ، ولا سابقة في الإسلام بعد أنْ كفرتم برسول الله (صلی الله علیه و اله) ، فأتعس الله منكم الجدود ، وأضرع منكم الخدود ، وردّ الحقّ إلى أهله ولو كره المشركون. وكانت كلمتنا هي العليا ، ونبيّنا (صلی الله علیه و اله) هو المنصور ، فوليتم علينا من بعده ، وتحتجّون بقرابتكم من رسول الله (صلی الله علیه و اله) ، ونحن أقرب إليه منكم وأولى بهذا الأمر ، فكنّا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون ، وكان علي (علیه السلام) بعد نبيّنا (صلی الله علیه و اله) بمنزلة هارون من موسى ، فغايتنا الجنّة ، وغايتكم النّار. فقال لها عمرو بن العاص : كُفّي أيتها العجوز الضالّة ، واقصري عن قولك مع ذهاب عقلك ، إذ لا تجوز شهادتك وحدك. فقالت له : وأنت يابن النّابغة ، تتكلم واُمّك كانت أشهر امرأة تُغنّي بمكّة ، وآخذهنّ لاُجرة! إدعاك خمسةُ نفرٍ من قريش ، فسُئلت اُمّك عنهم ، فقالت : كلّهم أتاني ، فانظروا أشبههم به. فألحقوه به ، فغَلب عليك شبه العاص بن وائل ، فلحقت به. فقال مروان : كُفّي أيتها العجوز ، واقصري لما جئت له. فقالت : وأنت أيضاً يابن الزرقاء ، تتكلم! ثمّ التفتت إلى معاوية ، فقالت : والله ، ما جرّأ عليّ هؤلاء غيرك ، فإنّ اُمّك القائلة في قتل حمزة :

نحنُ جزيْناكُمْ بيَومِ بدْرِ والحرْبُ بعدَ الحرْبِ ذاتَ سَعْرِ ما كانَ عنْ عُتبةَ ليْ مِنْ صبْرِ وشُكْر وحشيٍّ عليَّ دَهْري حتى ترمَّ أعظُمِي في قبري فأجابتها بنت عمّي ، وهي تقول :

خُزِيتِ في بدرٍ و غیرَ بدرِ يا بنةَ جبَّارٍ عظيمِ الكُفرِ فقال معاویة: عفا الله ما سلف یا خالة ، هاتی حاجتک قالت:ما الی الیک حاجة و خرجت عنه(2).

ص: 76


1- أخبار الوافدین ، ج1 ، ص27.
2- أخبار الوافدین ، ج1 ، ص47.

و روی عن ابن کلبی عن ابیه قال کنت جالسا عند معاویة فی دارالامارة فی الشام اذ اتاه غلام فقال إن بالباب امراة اسمها ام الخیر بنت سراقة البارقیة(1) شعثة غبراء علیها آثار السفر و هی ترید الدخول علیک فما ذا تقول؟ قال ادخلها الینا لذی خبرها فلما دخلت کأنّها الان حلّ الشجاع.

فقالت السلام علی من اتبع الهدی یا معاویة إنّك أصبحت للناس سيّدا و لأمرهم متقلّدا و اللّه سائلك من أمرنا و ما افترض عليك من حقّنا،و لا يزال يقدم علينا من ينوء بعزّك و يبطش بسلطانك،فيحصدنا حصد السنبل و يدوسنا دوس البقر و يسومنا الخسيسة و يسلبنا الجليلة،هذا بسر بن أرطاة قدم علينا من قبلك فقتل رجالي و أخذ مالي يقول لي:فوهي بما أستعصم اللّه منه و ألجأ إليه فيه-تعني سبّ أمير المؤمنين عليه السّلام فإمّا عزلته عنّا فشكرناك و إمّا لا فعرفناك!فقال:أ تهدّديني بقومك؟لقد هممت أن أحملك على قتب أشرس فأردّك إليه ينفذ فيك حكمه،فأطرقت تبكي ثمّ أنشأت تقول:

صلّى الإله على جسم تضمّنه قبر فأصبح فيه العدل مدفونا قد حالف الحقّ لا يبغي به بدلا فصار بالحقّ و الإيمان مقرونا قال:و من ذلك؟قالت:عليّ بن أبي طالب،قال:و ما صنع لك حتّى صار عندك كذلك؟قالت:قدمت عليه في رجل ولاّه صدقتنا قدم علينا من قبله فكان بيني و بينه ما بين الغثّ و السمين،فأتيت عليّا عليه السّلام لأشكو إليه ما صنع بنا فوجدته قائما يصلّي،فلمّا نظر إليّ انفتل من صلاته،ثمّ قال لي برأفة و تعطّف:أ لك حاجة؟ فأخبرته الخبر،فبكى ثمّ قال:اللّهمّ إنّك أنت الشاهد عليّ و عليهم أنّي لم آمرهم بظلم خلقك و لا بترك حقّك»ثمّ أخرج من جيبه قطعة جلد فكتب فيها:

بسم اللّه الرحمن الرحيم :قد جاءتكم بيّنة من ربّكم فأوفوا الكيل و الميزان و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوا في الأرض مفسدين،بقيّة اللّه خير لكم إن كنتم مؤمنين و ما أنا عليكم بحفيظ،فإذا قرأت كتابي فاحتفظ بما في يديك حتّى يقدم عليك من يقبضه منك،و السلام، فأخذته منه ما فعزلته به فقال :اكتبوا لها بردّ مالها و العدل عليها قالت:إليّ خاصّة أم لقومي عامّ؟قال:ما أنت و قومك؟قالت:تالله أنّه للئوم والفحشاء إن کان عدلا شاملا و الا فلی اسوة بقومی

ص: 77


1- فی المصادر هو سودة بنت عمارة

(تم إعادة ترتيب الصفحات واقتباسها من مصادر استمرارية أراكشا واديفيا، استمرارًا في الصفحة 69 في الصفحة 78)

من قطنها وَلَا يحزن من سكنها وَلَا يَمُوت من دَخلهَا فَلَا تَبِيعُوهَا بدار لَا يَدُوم نعيمها وَلَا تتصرم همومها فكونوا قوما مستبصرين ان مُعَاوِيَة دلف اليكم بعجم الْعَرَب غلف الْقُلُوب لَا يعْرفُونَ إلايمان وَلَا يَدْرُونَ مَا الْحِكْمَة دعاهم بالدنيا فَأَجَابُوهُ واستدعاهم إِلَى الْبَاطِل فلبوه فَالله الله عباد الله فِي دين الله واياكم والتواكل فان ذَلِك نقض عرى الاسلام واطفاء نور الْحق واظهار الْبَاطِل وَذَهَاب للسّنة هَذِه بدر الصُّغْرَى والعقبة إلاخرى يَا معاشر الْمُهَاجِرين والانصار أمضوا على بصيرتكم واصبروا على نياتكم فَكَأَنِّي بكم غَدا وَقد لَقِيتُم أهل الشأم وهم كالحمر الناهقة وَالْبِغَال الشاحجة يضجون ضجيج الْبَقر وَلَا يروثون رَوْث الْعتاق فَقَالَ مُعَاوِيَة وَكَأَنِّي اراك على عكازتك هَذِه وَقد انكفأ عَلَيْك العسكران يَقُولُونَ هَذِه عكرشة بنت الاطش فان كدت لتؤلبين عَليّ أهل الشَّام لَوْلَا مَا قدر الله وَمَا حعل لنا من هَذَا الامر وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا ثمَّ قَالَ مَا حملك على ذَلِك قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يَقُول الله عز وَجل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تسألوا عَن أَشْيَاء إِن تبد لكم تَسُؤْكُمْ}.

ان اللبيب إِذا كره شَيْئا لَا يحب اعادته قَالَ صدقت اذكري حَاجَتك قَالَت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ان الله تَعَالَى جعل صَدَقَاتنَا على فقرائنا ومساكيننا ورد أَمْوَالنَا فِينَا إِلَّا بِحَقِّهَا وَإِنَّا فَقدنَا ذَلِك فَمَا ينتعش لنا فَقير وَلَا ينجبر لنا كسير فَإِن كَانَ ذَلِك من رَأْيك فمثلك من أنتبه من الْغَفْلَة وراجع الْعقل وان كَانَ عَن غير رايك فَمَا مثلك من اسْتَعَانَ بالخونة وَاسْتعْمل الظلمَة قَالَ مُعَاوِيَة يَا هَذِه إِنَّه تنوبنا النوائب هِيَ أولى بِنَا مِنْكُم من بحور تنبثق وثغور تنفتق قَالَت يَا سُبْحَانَ الله مَا فرض الله لنا حَقًا جعل فِيهِ ضَرَرا على غَيرنَا وَلَو علم جلّ ثَنَاؤُهُ ان فِي مَا جعل لنا ضَرَرا على غَيرنَا لما جعله لنا وَهُوَ علام الغيوب قَالَ مُعَاوِيَة هَيْهَات يَا أهل الْعرَاق قد فقهكم عَليّ بن أبي طَالب فَلَنْ تطاقوا ثمَّ أَمر لَهَا برد صدقاتها وانصافها وضيفها واطرفها وردهَا إِلَى أَهلهَا مكرمَة (1) (الصفحة 78، نهاية الصفحة كان من المفترض في الأصل أن تكون في الصفحة 69، لكن الصفحات اختلطت) من الوادفات ام لبد بنت صفوان الهلالیه و بالاسناد المذکور سابقا عن سهل التیمی عن جعدة بن هبیرة المخزومی

ص: 78


1- أخبار الوادفین من الرجال ، ج1 ، ص37.

قال استأذنت أم البراء بنت صفوان بن هلال على معاوية فأذن لها فدخلت في ثلاثة دروع تسحبها قد كارت على رأسها كوراً كهيئة المنسف فسلمت ثم جلست فقال كيف أنت يا بنت صفوان قالت بخير يا معاویه لعنة الله علیه قال فكيف حالك قالت ضعفت بعد جلدٍ وكسلت بعد نشاط قال سيان بينك اليوم وحين تقولين:

يا عمرو دونك صارماً ذا رونق عضب المهزة ليس بالخوار أسرج جوادك مسرعاً ومشمراً للحرب غير معرّد لفرار أجب الإمام ودب تحت لوائه وافر العدو بصارم بتار يا ليتني أصبحت ليس بعورة فأذب عنه عساكر الفجار قالت قد كان ذاك يا معاویة ومثلك عفا والله تعالى يقول عفا الله عما سلف قال هيهات أما أنه لو عاد لعدت ولكنه اخترم دونك فكيف قولك حين قتل قالت نسيته يا أمير المؤمنين فقال بعض جلسائه هو والله حين تقول يا أمير المؤمنين:

يا للرجال لعظم هول مصيبته فدحت فليس مصابها بالهازل الشمس كاسفة لفقد إمامنا خير الخلائق والإمام العادل يا خير من ركب المطايا ومن مشى فوق التراب لمحتف أو ناعل حاشاالنبي صلى الله عليه وسلم قد هددت قواءنا فالحق أصبح خاضعاً للباطل فقال معاوية قاتلك الله يا بنت صفوان ما تركت لقائل فقال مقالاً اذكري حاجتك قالت هيهات بعد هذا والله لا سألتك شيئاً ثم قامت فعثرت فقالت تعس شانئ عليّ فقال يا بنت صفوان زعمت إلا قالت هو ما علمت فلما كان من الغد بعث إليها بكسوة فاخرة ودراهم كثيرة وقال إذا أنا ضيعت الحلم فمن يحفظه؟(1) من الوادفات اُم سنان بنت خيثمة بن فرشة المذحجيّة .

روى ابن عبدربّه في العقد الفريد عن سعيد بن حُذافة قال : حَبس مروان بن الحكم - وهو والي المدينة - غلاماً من بني ليث ، في جناية جناها ، فأتته جدّة الغلام اُم أبيه ، وهي اُم سنان بنت خيثمة بن فرشة المذحجيّة ، فكلّمته في الغلام فأغلظَ لها مروان . فخرجت إلى معاوية ، فدخلت عليه فانتسبت فعرفها ، فقال لها : مرحباً يا ابنه خيثمة ، ما أقدمكِ ارضي

ص: 79


1- بلاغات النساء ج1 ، ص78.

(يتبع في الصفحة 80).

اسوة بقومي فقال معاویة هیهات لمظلم ابن ابی طالب الجرأة علی السلطان ، اکتوا لها حاجتها(1).

فی کتاب محمد بن ابی بکر الی معاویة من محمد بن ابی بکر الصدیق الی معاویة بن ابی سفیان أمّا بعد: فإن الله بجلاله وعظمته وسلطانه وقدرته خلق خلقه بلا عبث منه ولا ضعف في قوته ولا من حاجة به إليهم ولكنه خلقهم عبيدا " ، فجعل منهم غويا " ورشيدا " وشقيا " و سعيدا " ، ثم اختار على علم فاصطفى وانتخب محمدا " صلى الله عليه وآله فانتجبه واصطفاه برسالاته وأرسله بوحيه وائتمنه ( وائتمنه ) على أمره وبعثه رسولا " مصدقا " ودليلا " ، فكان أول من أجاب وأناب وصدق وآمن وأسلم وسلم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب صدقه بالغيب المكتوم ، وآثره على كل حميم ، ووقاه كل هول وواساه بنفسه في كل خوف ، حارب من حاربه وسالم من سالمه ، ولم يزل باذلا " نفسه في ساعات الخوف والجوع والجد والهزل حتى أظهر الله دعوته و أفلج حجته وقد رأيتك أيها الغاوي تسأميه وأنت أنت وهو هو المبرز السابق في كل حين أول الناس إسلاما " وأصدق الناس نية وأطيب الناس ذرية وخير الناس زوجة وأفضل الناس إخوة ، وابن عمه ووصيه وصفيه وأخوه الشاري لنفسه يوم مؤتة وعمه سيد الشهداء يوم أحد وأبوه الذاب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله وعن حوزته وأنت اللعين بن اللعين ، لم تزل أنت وأبوك تبغيان على رسول الله صلى الله عليه وآله الغوائل وتجهدان على إطفاء نوره وتجمعان عليه الجموع وتؤلبان عليه القبائل وتبذلان فيه المال ، هلك أبوك على ذلك وعلى ذلك خلفك ، والشاهد عليك بفعلك من يأوي ويلجأ إليك من بقية الأحزاب ورؤوس النفاق وأهل الشقاق لرسول الله صلى الله عليه وآله وأهل بيته والشاهد لعلي بن أبي طالب عليه السلام بفضله المبين وسبقه القديم أنصاره الذين معه الذين ذكروا بفضلهم في القرآن أثنى الله عليهم من المهاجرين والأنصار ، فهم معه كتائب وعصائب من حوله يجالدون بأسيافهم ويهريقون دماءهم دونه يرون الحق في اتباعه والشقاء في خلافه ، فكيف يا لك الويل تعدل نفسك بعلي وعلي أخو رسول الله صلى الله عليه وآله و وصيه وأبو ولده وأول الناس له اتباعا " وآخرهم به عهدا " ، يخبره بسره ويشركه في أمره وأنت عدوه ، وابن عدوه ، فتمتع ما استطعت بباطلك وليمددك ابن العاصي في غوايتك وكأن أجلك قد انقضى وكيدك قد وهي ، ثم تستبين لمن تكون العاقبة العليا ، واعلم أنك إنما تكايد

ص: 80


1- بلاغات النساء ، ج1 ، ص35.

ربك . الذي قد أمنت كيده في نفسك ، وأيست من روحه ، وهو لك بالمرصاد ، وأنت منه في غرور وبالله ورسوله وأهل رسوله عنك الغنى والسلام على من اتبع الهدى .

وكتب محمد بن أبي بكر - رضي الله - عنه بهذا الشعر إلى معاوية :

معوي ما أمسى هوى يستقيدني إليك ولا أخفي الذي لا أعالن ولا أنا في الأخرى إذا ما شهدتها بنكس ولا هيابة في المواطن حللت عقال الحرب جبنا وإنما يطيب المنايا خائنا وابن خائن فحسبك من إحدى ثلاث رأيتها بعينك أو تلك التي لم تعاين ركوبك بعد الأمن حربا " مشارفا " وقد دميت أظلافها والسناسن وقدحك بالكفين توري ضريمة من الجهل أدتها إليك الكهائن ومسحك أقراب الشموس كأنها تبس بإحدى الداحيات الحواضن تنازع أسباب المروءة أهلها وفي الصدر داء من جوى الغل كامن فلما قرأ معاوية كتاب محمد كتب إليه :

بسم الله الرحمن الرحيم من معاوية بن أبي سفيان إلى محمد بن أبي بكر الزاري على أبيه أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر فيه ما الله أهله من سلطانه وقدرته واصطفاه رسوله مع كلام ألفته ووضعته ، لرأيك فيه تضعيف ، ولأبيك فيه تعنيف ، وذكرت فضل علي بن أبي طالب وقديم سوابقه وقرابته لرسول الله صلى الله عليه وآله ونصرته له ومواساته إياه في كل خوف وهول ، فكان احتجاجك علي وعيبك لي بفضل غيرك لا بفضلك ، فأحمد ربا " صرف ذلك الفضل عنك وجعله لغيرك ، فقد كنا وأبوك معنا في حياة نبينا محمد صلى الله عليه وآله نرى حق ابن أبي طالب لازما " لنا ، وفضله مبرزا " علينا حتى اختار الله لنبيه صلى الله عليه وآله ما عنده ، وأتم له وعده ، وأظهر له دعوته وأفلج له حجته ، ثم قبضه الله إليه فكان أول من ابتزه حقه أبوك وفاروقه ، وخالفاه في أمره ، على ذلك اتفقا واتسقا ، ثم إنهما دعواه ليبايعهما فأبطأ عنهما وتلكأ عليهما ، فهما به الهموم ، وأرادا به العظيم ، ثم إنه بايع لهما وسلم فلم يشركاه في أمرهما ولم يطلعاه على سرهما حتى قبضا على ذلك ، [ وانقضى أمرهما ] ثم قام ثالثهما من بعدهما عثمان بن عفان فاقتدى بهديهما [ وسار بسيرتهما ] فعتبه أنت وصاحبك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي وبطنتما له و أظهرتما له العداوة حتى بلغتما فيه منا كما ، فخذ حذرك يا ابن أبي بكر وقس شبرك بفترك فكيف توازي من يوازن الجبال حلمه ، ولا تعب من مهد له أبوك مهاده ، وطرح لملكه وساده ،

ص: 81

فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك فيه أول ، ونحن فيه تبع ، وإن يكن جورا " فأبوك أول من أسس بناه ، فبهديه اقتدينا ، وبفعله احتذينا ، ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا عليا " ولسلمنا إليه ولكن عب أباك بما شئت أو دعه والسلام على من أناب ورجع عن غوايته.

وروي عن زيد بن علي عليهما السلام أنه كان يقول في قول الله تبارك وتعالى : " وريشا " ولباس التقوى " : السيف (1).

ص: 82


1- اختصاص ج1 ، ص125

کتاب بشارة المصطفی لعماد الدین باسناده عن هشام بن محمد عن ابیه قال: اجتمع الطرماح وهشام المرادي ومحمّد بن عبدالله الحميري عند معاوية بن أبي سفيان ، فأخرج بدرة فوضعها بين يديه وقال : يا معشر شعراء العرب قولوا ( قولكم) في علي بن أبي طالب ولا تقولوا إلاّ الحقّ وأنا نفي من صخر بن حرب ان اعطيت هذه البدرة إلاّ من قال الحق في علي ، فقام الطرماح وتكلّم في علي عليه السلام ووقع فيه ، فقال معاوية : اجلس فقد عرف الله نيّتك ورأى مكانك ، ثم قام هشام المرادي ، فقال : أيضاً ووقع فيه ، فقال معاوية : اجلس ( مع صاحبك) فقد عرف الله مكانكما فقال عمرو بن العاص لمحمّد بن عبدالله الحميري وكان خاصاً به : تكلّم ولا تقل إلاّ الحقّ ، ثم قال : يامعاوية قد آليت ان لا تعطي هذه البدرة إلاّ لمن قال الحق في عليّ ، قال : نعم أنا نفي بن صخر بن حرب ان أعطيتها ( منهم ) إلاّ من قال الحق في علي ، فقام محمّد بن عبدالله فتكلم ثم قال :

بحق محمّد قولوا بحقِ فانّ الافك من شيم اللئام أبعد محمّد بأبي واُمي رسول الله ذي الشرف الهمام أليس عليّ أفضل خلق ربي وأشرف عند تحصيل الأنام ولايته هي الايمان حقاً فذرني من أباطيل الكلام وطاعة ربنا فيها وفيها شفاء للقلوب من السقام عليٌّ إمامنا بأبي واُمي أبو الحسن المطهّر من حرام إمام هدى أتاه الله علماً به عرف الحلال من الحرام ولو انّي قتلت النفس حباً له ما كان فيها من آثام يحلّ النار قوماً أبغضوه وإن صلّوا وصاموا ألف عام ولا والله لا تزكوا صلاة بغير ولاية العدل الإمام أمير المؤمنين بك اعتمادي وبالغرّ الميامين إعتصامي فهذا القول لي دين وهذا إلى لقياك يا ربِّ كلامي برئت من الّذي عادى عليّاً وحاربه من أولاد الحرام تناسوا نصبه في يوم « خم » من الباري ومن خير الأنام برغم الأنف من يشنأ كلامي علي فضله كالبحر طام وأبرء من اُناس أخّروه وكان هو المقدّم بالمقام عليٌّ مدمّر الابطال لمّا رأوا في كفّه لمع الحسام على آل الرسول صلاة ربي صلاة بالكمال وبالتمام فقال معاوية : أنت أصدقهم قولاً ، فخذ هذه البدرة(1) فی القاموس وابن نفي كغني: نفاه أبوه(2) کتاب الاربعین عن الاربعین للشیخ منتجب الدین علی بن عبیدالله بن

ص: 83


1- بشارة المصطفی لشیعة المرتضی ، ج1 ، ص31.
2- قاموس المحیط ، ج4 ، ص 396.

بابویه و قد الحق بأخرها ثلثة عشر حکایة الثالثة: أَخبرنا السَّیِّدُ الْعالم الصَّفیُّ أَبو تراب المرتضی بن الدَّاعی بن القاسم الحسنیُّ(رحمه الله) أخبرنا المفید عبد الرّحمن بن أحمد النَّیسابوریُّ، إِملاء من لفظه:أَخبرنا السّیّد أَبو المعالی إِسماعیل بن الحسن بن محمَّد الحسنیُّ النَقیب بنیسابور قراءهً علیه، و أَبو بکر محمَّد بن عبد العزیز الحیریّ الکَرَّامی قَالا:

أخبرنا الحاکم أَبو عبد اللَّه محمَّد بن عبد اللَّه الحافظ، إِجازهً: أَخبرنا أَبو بکر أحمد بن کامل بن خلف القَاضی:

حدَّثنا علیُّ بن عبد الصَّمد، لفظاً: حدَّثنا یحیی بن معین:حدَّثنا أَبو حفص الْأَبَّار: حدَّثنا إسماعیل بن عبد الرَّحمن و شریک عن إِسماعیل بن أَبی خالد ، عن حبیب ابن أَبی ثابت، قال: لمَّا بویع معاویه خطب و ذکر علیّاً علیه الصَّلاه و السَّلَام فنال منه و نال من الحسن، فقام الحسین علیه السّلام لیردّ علیه، فأخذ الحسن علیه السّلام بیده فأجلسه، ثُمَّ قام الحسن علیه السَّلام و قَال:

أَیُّها الذّاکر علیّا، أنا الحسن، و أبی علیّ، و أنت معاویه، و أبوک صخر، و أُمّی فاطمه، و أمُّک هند، و جدِّی رسول اللَّه، و جدّک حرب، و جدَّتی خدیجه، و جدَّتک قتیلَه.

فلعن اللَّه أخملنا ذکرا، و ألأمنا حسباً، و شرَّنا قدماً، و أَقدمنا کفراً و نفاقاً.

فقال طوائف أَهل المسجد: آمین. قال:

فقال ابن معین: و أنا أقول آمین. قال ابن عبد الصَّمد: و أنا أقول آمین.

قال لنا القاضی: و أنا أقول آمین. فقولوا: آمین.

و قال محمَّد بن عبد اللَّه الحافظ: و أنا أقول آمین، آمین.

قال السّیِّد و الحیریّ: و نحن نقول آمین، آمین، آمین.

قال الشّیخ المفید عبد الرّحمن: و أنا أقول آمین، آمین، فإِنّ الملائکه تقول آمین.

قَال السّیّد الصّفیُّ: و أَنا أقول آمین. اللَّهُمَّ آمین.

قَال ابن بابویه: و أَنا أَقول آمین، ثُمَّ آمین، ثُمَّ آمین، ثُمَّ آمین قال مولف هذا الکتاب حسین بن محمد تقی النوری و انا اقول آمین(1) الرابعه:أخبرنا أَبو علیّ تیمان بن حیدر بن الحسن بن أبی عدیٍّ البیِّع: حدَّثنا الشَّیخ المفید أَبو محمَّد عبد الرّحمن بن أَحمد بن الحسین الحافظ: حدَّثنا السّیِّد أَبو الفتح

ص: 84


1- [1] الاربعین عن الاربعین ، ص 74. قال الکاتب هذه النسخة فی 1283 و هو احمد بن الشیخ حسن قفطان و أنا اقول آمین و هکذا حاجی محمد النهاوندی حین استنسخ هذه النسخة قال آمین اللهم آمین ثم آمین ثم آمین. و یقول مصحح هذه الکتاب: انا أقول آمین.

عبید اللَّه بن موسی بن أَحمد بن الرّضا علیه السَّلام:إِنَّ أَبا محمَّد جعفر بن أَحمد حدَّثهم.

حدَّثنا أحمد بن عمران: حدَّثنا عبد اللَّه بن جعفر النّحویُّ، عن الحارث بن محمَّد التّمیمیِّ عن علیِّ بن محمَّد قال:

رأیت ابنه أَبی الْأسود الدّؤلیّ و بین یدی أَبیها خبیص فقالت: یا أبه أطعمنی فقال: افتحی فاک. قَال: ففتحت فوضع فیه مثل اللَوزه، ثمَّ قال لها:

علیک بالتّمر فهو أَنفع و أَشبع.

فقالت: هذا أَنفع و أَنجع؟ فقال: هذا الطّعام بعث به إلینا معاویه یخدعنا به عن حبّ علیِّ بن أَبی طالب علیه السلام.

فقالت: قبَّحه اللَّه، یخدعنا عن السّیِّد المطهَّر بالشَّهد المزعفر، تَبّاً لمرسله و آکله، ثُمَّ عالجت نفسها و قاءت ما أَکلت منه، و أنشأت تقول باکیه:

أَ بالشّهد المزعفر یا ابن هند نبیع إِلیک إِسلاماً و دیناً فلا و اللَّه لیس یکون هذا و مولانا أَمیر المؤْمنینا (1) الخامسه(2):أَخبرنا أَبو سعد یحیی بن طاهر بن الحسین المؤَدِب السّمّان، بقراءتی علیه: حدَّثنا السّیّد أَبو الْحسین یحیی بن إِسماعیل الحسنیُّ النّسّابه الحافظ، إِملاء بالرّیّ: أخبرنا أَبو أَحمد محمّد بن علیِّ بن محمَّد المکفوف، بقراءتی علیه بأصبهان: أخبرنا أَبو محمَّد عبد اللَّه بن محمّد بن جعفر بن حیَّان: حدَّثنا أَحمد بن علِیِّ بن عیسی بن ماهان الرَّازیّ: حدَّثنا محمَّد بن عبد الملک بن زنجویه: حدَّثنا العبَّاس بن بکَّار، عن عبد الواحد بن أبی عمرو الأَسدیِ عن محمَّد بن السَّائب عن أَبی صالح، قال: دخل ضرار بن ضمره الکنانیّ علی معاویه، فقال له:

صف لی علیاً. قال: أ و تعفینی یا أَمیر المؤْمنین؟ قال: لَا أعفیک. قال: إِذا لا بدَّ، فإِنَّه کان و اللَّه بعید المدی، شدید القوی، یقول فصلًا و یحکم عدلا، ینفجر العلم من فیه، و تنطق الحکمه من نواجذه یستوحش من الدنیا و زهرتها، و یستأنس باللَیل و ظلمته.

و کان و اللَّه غزیر الدّمعه، طویل الفکره، یقلب کفَیه و یخاطب نفسه، یعجبه من اللّباس ما قصِّر، و من الطَّعام ما خشن.

کان و اللَّه کأَحدنا، یدنینا إِذا أَتیناه، و یجیبنَا إِذا سألناه.

و کان مع قربه منّا لا نکَلّمه هیبه له، فإِن تبسّم فعن مثل اللُؤلؤ المنظومِ یعظّم أَهل الدین، و یحبّ المساکین، لا یطمع القویّ فی باطله، و لَا ییأَس الضَّعیف من عدله، فأَشهد باللَّه لقدْ رأَیته فی بعض مواقفه و قد أرخی اللَیل سدوله

ص: 85


1- الاربعین عن الاربعین ، ص76.
2- بل الحکایة السادسة

سدوله و غارت نجومه ماثلًا فی محرابه، قَابضاً علی لحیته، یتململ تململ السلیم و یبکی بکاء الواله الحزین، و کأَنِّی أَسمعه الآن و هو یقول: ربَّنا ربّنا- یتضرَّع إِلیهِ-.

ثمّ یقول للدُّنیا: أَ بی تعرّضت؟! أم لی تشوَّقت؟! هیهات هیهات هیهات غرّی غیری، لَا حان حینک، قد أَبنتک ثلاثاً، فعمرک قَصیر، و عیشک حقیر، و خطرک یسیر آه آه من قلة الزَّاد، و بعد السّفر، و خشیه الطّریق.

قال: فوکفت دموع معاویه علی لحیته، ما یملکها و جعل ینشفه بکمّه و قد اختنق القوم بالبکَاء، فقال: کذا کان و اللَّه أَبو الحسن، فکیف وجدک علیه یا ضرار؟ قَال:

وجد من ذبح واحدها فی حجرها، لا ترقی دمعتها و لا یسکن حزنها، ثُمَّ قام فخرج(1).

السادسة(2): حدَّثنا شیخنا الفقیه الدّیِّن أَبو الحسن علیّ بن الحسین بن علیٍّ الحاستی [الجاسی] رحمه اللَّه من لفظه، إملاء: حدّثنا السّیّد الرّئیس العالم تاج الدّین أَبو جعفر محمّد بن الحسین بن محمّد الحسنیّ الکیسکِیّ رحمه اللَّه تعالی، إملاء من لفظه، سنه سبع َ سبعین و أربعمائه: حدَّثنا السّیّد الرّئیس جدِّی أَبو محمَّد زید بن علیّ بن الْحسین الحسنیّ: حدَّثنا الشَّیخ أَبو جعفر محمّد بن علیّ بن الحسین بن موسی بن بابویه الفقیه رضی اللَّه عنه: حدَّثنا حمزه بن محمَّد بن أَحمد الحسینیّ: حدَّثنا عبد العزیز بن محمّد الأَبهریّ: حدَّثنا محمَّد بن زکریّا:

حدَّثنا العبَّاس بن بکَّار: حدَّثنا أَبو بکر الهذلیُّ و عبد اللَّه بن سلیمان عن قتاده أَنَّ أَرْوی بنت الحارث بن عبد المطَّلب دخلت علی معاویه بالْمدینه و هی عجوز کبیره، فلمَّا رآها معاویه قال: مرحباً بک یا خاله، کیف أنت بعدی؟ قالت:

کیف أَنت یا ابن أخی؟ لقد کفرت النّعمه، و أَسأْت لابن عمِّک الصّحبه و تسمَّیت بغیر اسمک، و أَخذت غیر حقّک بلا بلاء کَان منک، و لا من آبائک فی دیننا و لا سابقَه کَانت لکم مع نبیّنا صلَّی اللَّه علیْه و آله، بل کفرتم بما جاء به محمَّد صلَّی اللَّه علیه و آله، فأَتعس اللَّه منکم الجدود، و صعَّر منکم الخدود حتَّی یردّ اللَّه الحقَّ إلی أهله، فکانت کلمتنا هی العلیا، و نبیُّنا محمَّد صلَّی اللَّه علیه و آله هو المنصور علی من ناواه، فوثبت قریش علینا من بعده حسداً لنا و بغیاً علینا.

فکنَّا بحمد اللَّه أَهل بیت محمَّد فیکم بعد نبیّنا صلَّی اللَّه علیه و آله بمنزله هارون من موسی، و غایتنا الْجنَّه، و غایتکم النَّار.

فقال لها عمرو بن العاص:

ص: 86


1- نفس المصدر ، ص79.
2- بل الحکایة العاشر

کفّی أَیَّتها العجوز، الضَّالَّه، و اقصری من قولک مع ذهاب عقلک، فلا تجوز شهادتک وحدک.

فقالت:

و أَنت یا ابن الْباغیه تتکَلَّم و أمُّک أشهر بغی بمکَّه، و أقَلُّهنَّ أجره، ادَّعاک خمسه من قریش، فسئلت أمُّک عن ذلک، فقالت: کلّ قد أتانی، فانظروا أَشبههم به فأَلحقوه [به.] فغلب علیک شبه العاص بن وائل السّهمیّ، جزّار قریش.

فقال مروان بن الحکم: کفِّی أَیتها العجوز، و اقصری لما جئت له.

قالت:

و أنت یا ابن الزّرقَاء تتکلَّم؟ و اللَّه لأنت بشعر مولی الحارث بن کلده أشبه منک بالحکم بن أبی العاص، و لقد رأَیت الحکم سبط الشَّعر، مدید القَامه ما بینکما قرابه إِلَّا قرابه الفرس الضَّامر من الأَتان المقرف.

فسل عمّا أَخبرتک أُمّک فإنّها ستعلمک بذلک. ثمَّ التفتت إِلی معاویه فقالت: ما جرَّأ هؤلاء علیّ غیرک، و إِنّ أمّک القائله فی قتل عمّنا حمزه رضی اللَّه عنه:

نحن جزیناکم بیوم بدر و الحرب بعد الحرب ذات سعر ما کان عن عتبه لی من صبر و لا أخی و عمّه و بکر فأجابتها ابنه عمِی تقول :

خزیت فی بدر و غیر بدر یا ابنه وقّاع عظیم الکفر صبّحک اللَّه غداه النَّحر بالهاشمِیِّین الطّوال الزُّهر حمزه لیثی و علیّ صقری و نذرک الشَّرّ فَشرّ نذر هتک وحشیٌّ ضمیر صدری هتک وحشیٌّ حجاب ستری ما للبغایا بعدها من فخر فالتفت معاویه إِلی عمرو بن الْعاص و مروان بن الحکم و قال: ما جرّأها علیّ غیرکما، ثُمَّ قال لها: یا خاله اقصدی لحاجتک، و دعی عنک أَساطیَ الأَوَلین.

قالت:

تعطینی ألفی دینار، و ألفی دینار، و ألفی دینار.

قال: و ما تصنعین بألفی دینار؟ قالت:

أشتری بها عینا خرّاره فی أرض خوّاره تکون لفقَراء بنی الحارث بن عبد المطَّلب. قال: هی لک. قال: فما تصنعین بألفی دینار؟ قالت:

أزوّج بها فقَراء بنی الحارث بن عبد المطّلب من أکفائها.

قال:

فما تصنعین بألفی دینار؟ قالت:

أستعین بها علَی شدَّه الأَیّام، و زیاره بیت اللَّه الحرام.

قال:

هی لک، أَما و اللَّه لو کان ابن عمّک علیٌّ حیّا لما أمر لک بهذا؟ قالت:

صدقت، إِنّ علِیّاً حفظ للَّه أَمانته، و ضیّعتها، و خنت فی ماله.

ثُمّ قالت: اترک علیّاً، فضّ اللَّه فاک، و أَجهد بلاک.

ثمَّ علا نحیبها و بکَاؤها، و أَنشدت شعر أَبی

ص: 87

أَبی الأسود الدّؤَلیّ، و قیل: إِنَّه لها:

أَلا یا عین ویحک أسعدینا أَلا فابک أمیر المؤمنینا رزینا خیر من رکب المطایا و جرّبها، و من رکب السّفینا و من لبس النّعال، و من حذاها و من قرأ المثانیَ و المبینا إِذا استقبلت وجه أَبی حسین رأَیت البدر رأْی النّاظرینا أَلا أبلغ معاویه بنَ حرب فلا قَرّت عیون الشَّامتینا أَ فی الشَّهر الحرام فجعتمونا بخیر النَّاس طرّا أَجمعینا نعی بعد النَّبیِّ- فدته نفسی أَبو حسن و خیر الصَّالحینا کأنَّ النَّاس إذ فقدوا علیا نعام ضلَّ فی بلد عزیناً فلا و اللَّه لَا أنْسی علیّا و حسن صلاته فی الرَّاکعینا لقد علمت قریش حیث کانت بأَنَّک خیرهم حسبا و دینا قال:

فبکی معاویه و قال: کان و اللَّه أَبو الحسن یا خاله، کما قلت و أفضل. و أمر لها بما سألت(1).

دلائل (2)قال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: كنت أنا ومعاوية بن أبي سفيان بالشام فبينا نحن ذات يوم إذ نظرنا إلى شيخ وهو مقبل من صدر البرية من ناحية العراق فقال معاوية: عرجوا بنا إلى هذا الشيخ لنسأله من أين أقبل وإلى أين يريد وكان مع معاوية أبو الأعور السلمي و ولدا معاوية خالد ويزيد وعمرو بن العاص قال: فعرجنا إليه فقال له معاوية:

من أين أقبلت يا شيخ وإلى أين تريد؟ فلم يجبه الشيخ فقال {له} عمرو بن العاص: لما لا تجيب أمير المؤمنين! فقال الشيخ: إن الله جعل التحية غير هذه! فقال معاوية:

صدقت يا شيخ {أصبت} وأخطأنا وأحسنت وأسأنا السلام عليك يا شيخ. فقال {الشيخ} وعليك السلام.

فقال معاوية: ما اسمك يا شيخ؟ فقال: اسمي جبل وكان ذلك الشيخ طاعنا في السن بيده شئ من الحديد ووسطه مشدود بشريط من ليف المقل وفي رجليه نعلان من ليف المقل وعليه كساء قد سقط لحامه وبقي سدانه وقد بانت شراسيف خديه وقد غطت حواجبه على عينيه.

فقال معاوية: يا شيخ من أين أقبلت وإلى أين تريد؟ قال: أتيت من العراق أريد بيت المقدس قال معاوية: كيف تركت العراق؟ قال: على الخير والبركة والنفاق. قال: لعلك أتيت من الكوفة من الغري؟

ص: 88


1- اربعین عن الاربعین ، ص85.
2- لم أجد فی الدلائل الإمامة.

قال الشيخ: وما الغري؟ قال معاوية: الذي فيه أبو تراب. قال الشيخ: من تعني بذلك ومن أبو تراب؟ قال ابن أبي طالب. قال له الشيخ: أرغم الله أنفك ورض الله فاك ولعن الله أمك وأباك ولم لا تقول: الإمام العادل والغيث الهاطل يعسوب الدين وقاتل المشركين والقاسطين والمارقين وسيف الله المسلول ابن عم الرسول وزوج البتول تاج الفقهاء وكنز الفقراء وخامس أهل العباء والليث الغالب أبو الحسنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام.

فعندها قال معاوية: يا شيخ إني أرى لحمك ودمك قد خالط لحم علي بن أبي طالب عليه السلام ودمه حتى لو مات علي ما أنت فاعل؟ قال: لا أتهم في فقده ربي وأجلل في بعده حزني وأعلم أن الله لا يميت سيدي وإمامي حتى يجعل من ولده حجة قائمة إلى يوم القيامة.

فقال: يا شيخ هل تركت من بعدك أمرا تفتخر به؟ قال: تركت الفرس الأشقر والحجر والمدر والمنهاج لمن أراد المعراج قال عمرو بن العاص: لعله لا يعرفك يا أمير المؤمنين.

فسأله معاوية فقال: يا شيخ أتعرفني قال الشيخ: ومن أنت؟ قال: أنا معاوية بن أبي سفيان أنا الشجرة الزكية والفروع العلية سيد بني أمية. فقال له الشيخ: بل أنت اللعين على لسان نبيه وفي كتابه المبين إن الله قال: " والشجرة الملعونة في القرآن "(1) والشجرة الخبيثة والعروق المجتثة الخسيسة الذي ظلم نفسه وربه وقال فيه نبيه الخلافة محرمة على أبي سفيان الزنيم ابن الزنيم ابن آكلة الأكباد الفاشي ظلمه في العباد.

فعندها اغتاظ معاوية وحنق عليه فرد يده إلى قائم سيفه وهم بقتل الشيخ ثم قال: لولا أن العفو حسن لاخذت رأسك ثم قال: أرأيت لو كنت فاعلا ذلك قال الشيخ إذا والله أفوز بالسعادة وتفوز أنت بالشقاوة وقد قتل من هو أشر منك من هو خير مني وعثمان شر منك.

قال معاوية: يا شيخ هل كنت حاضرا يوم الدار قال: وما يوم الدار؟ قال معاوية: يوم قتل علي عثمان فقال الشيخ: تالله ما قتله ولو فعل ذلك لعلاه بأسياف حداد وسواعد شداد وكان يكون في ذلك مطيعا لله ولرسوله. قال:

معاوية: يا شيخ هل حضرت يوم صفين قال: وما غبت عنها قال: كيف كنت فيها؟ قال الشيخ: أيتمت منك أطفالا وأرملت منك إخوانا وكنت كالليث أضرب بالسيف

ص: 89


1- سورة الشریفة الاسراء ، الأیة 60.

بالسيف تارة وبالرمح أخرى.

قال معاوية هل ضربتني بشئ قط؟ قال الشيخ: ضربتك بثلاثة وسبعين سهما فأنا صاحب السهمين اللذين وقعا في بردتك وصاحب السهمين اللذين وقعا في مسجدك وصاحب السهمين اللذين وقعا في عضدك ولو كشفت الآن لأريتك مكانهما.

فقال معاوية: يا شيخ هل حضرت يوم الجمل؟ قال: وما يوم الجمل؟ قال معاوية: يوم قاتلت عائشة عليا. قال: وما غبت عنها. قال معاوية: يا شيخ الحق {كان} مع علي أم مع عائشة قال الشيخ: بل مع علي. قال معاوية:

ألم يقل الله وأزواجه أمهاتهم وقال النبي صلى الله عليه وآله {لها} أم المؤمنين! قال الشيخ : ((ألم يقل الله تعالى: يا نساء النبي و قرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى(1))).

وقال النبي صلى الله عليه وآله: أنت يا علي خليفتي على نسواني وأهلي وطلاقهن بيدك أفترى في ذلك معها حق حتى سفكت دماء المسلمين وأذهبت أموالهم فلعنة الله على القوم الظالمين وهما كامرأة نوح في النار ولبئس مثوى الكافرين.

قال معاوية يا شيخ ما جعلت لنا شيئا نحتج به عليك فمتى ظلمت الأمة وطفيت عنهم قناديل الرحمة قال لما صرت أميرها وعمرو بن العاص وزيرها.

قال فاستلقى معاوية على قفاه من الضحك وهو على ظهر فرسه فقال: يا شيخ هل من شئ نقطع به لسانك؟ قال:

وماذا قال عشرون ناقة حمراء محملة عسلا وبرا وسمنا وعشرة آلاف درهم تنفقها على عيالك وتستعين بها على زمانك قال الشيخ: لست أقبلها. قال: ولم ذلك. قال الشيخ: لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:

درهم حلال خير من ألف درهم حرام.

قال معاوية: لان أقمت في دمشق لأضر بن عنقك قال: ما أنا مقيم معك فيها.

قال معاوية: ولم ذلك؟ قال الشيخ: لان الله تعالى يقول: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون(2)).

وأنت أول ظالم وآخر ظالم. ثم توجه الشيخ إلى بيت المقدس(3).

فی الاختصاص كتب معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه :

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا علي لأضربنك بشهاب قاطع لا يدكنه الريح ولا يطفئه الماء إذا اهتز وقع وإذا وقع نقب والسلام .

فلما قرأ علي عليه السلام كتابه دعا بدواة و قرطاس ثم كتب :

بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد يا معاوية

ص: 90


1- سوره شریفه احزاب ، آیه 33.
2- سوره شریفه هود ، آیه 113.
3- الفضائل ، للشاذان بن جبرئیل القمی ، ج1 ، ص77.

فقد كذبت ، أنا علي بن أبي طالب ، وأنا أبو الحسن والحسين قاتل جدك وعمك وخالك وأبيك ، وأنا الذي أفنيت قومك في يوم بدر ويوم فتح ويوم أحد ، وذلك السيف بيدي ، تحمله ساعدي بجرأة قلبي كما خلفه النبي صلى الله عليه وآله بكف الوصي ، لم أستبدل بالله ربا " وبمحمد صلى الله عليه وآله نبيا " وبالسيف بدلا " والسلام على من اتبع الهدى .

ثم طوى الكتاب ودعا الطرماح بن عدي الطائي وكان رجلا " مفوها " طوالا " ، فقال له : خذ كتابي هذا فانطلق به إلى معاوية ورد جوابه ، فأخذ الطرماح الكتاب ودعا بعمامة فلبسها فوق قلنسوته ، ثم ركب جملا " بازلا " فتيقا " مشرفا " عاليا " في الهواء ، فسارحتى نزل مدينة دمشق فسأل عن قواد معاوية ، فقيل له : من تريد منهم ؟ فقال : أريد جرولا " وجهضما " وصلادة وقلادة وسوادة وصاعقة أبا المنايا ، وأبا الحتوف ، وأبا الأعور السلمي ، وعمرو بن العاص ، وشمر بن ذي الجوشن والهدى بن محمد بن الأشعث الكندي ، فقيل إنهم يجتمعون عند باب الخضراء ، فنزل وعقل بعيره وتركهم حتى اجتمعوا ركب إليهم ، فلما بصروا به قاموا إليه يهزؤون به ، فقال واحد منهم : يا أعرابي أعندك خبر من السماء ؟ قال : نعم جبرئيل في السماء وملك الموت في الهواء وعلي في القضاء فقالوا له :

يا أعرابي من أين أقبلت ؟ قال : من عند التقي النقي إلى المنافق الردي ، قالوا له : يا أعرابي فما تنزل إلى الأرض حتى نشاورك ؟ قال : والله ما في مشاورتكم بركة ولا مثلي يشاور أمثالكم ، قالوا : يا أعرابي فإنا نكتب إلى يزيد بخبرك وكان يزيد يومئذ ولي عهدهم ، فكتبوا إليه :

أما بعد يا يزيد فقد قدم علينا من عند علي بن أبي طالب أعرابي له لسان يقول فما يمل و يكثر فما يكل والسلام .

فلما قرأ يزيد الكتاب أمر أن يهول عليه وأن يقام له سماطان بالباب بأيديهم أعمدة الحديد فلما توسطهم الطرماح قال : من هؤلاء كأنهم زبانية مالك في ضيق المسالك عند تلك الهوالك ؟ قالوا : اسكت هؤلاء أعدوا ليزيد ، فلم يلبث أن خرج يزيد ، فلما نظر إليه قال : السلام عليك يا أعرابي ، قال : الله السلام المؤمن المهيمن وعلى ولد أمير المؤمنين ، قال : إن أمير المؤمنين يقرء عليك السلام ، قال : سلامه معي من الكوفة ، قال :

إنه يعرض عليك الحوائج ، قال : أما أول حاجتي إليه فنزع روحه من بين جنبيه وأن يقوم من مجلسه حتى يجلسه فيه من هو أحق به وأولى منه ، قال له : يا أعرابي فإنا ندخل عليه ، فما فيك حيلة والسرير

ص: 91

قال : السلام عليك أيها الملك ، قال : وما منعك أن تقول : يا أمير المؤمنين ؟ قال : نحن المؤمنون فمن أمرك علينا ؟ فقال :

ناولني كتابك ، قال : إني لأكره أن أطأ بساطك ، قال فناوله وزيري ، قال : خان الوزير وظلم الأمير ، قال :

فناوله غلامي ، قال : غلام سوء اشتراه مولاه من غير حل واستخدمه في غير طاعة الله ، قال : فما الحيلة يا أعرابي ؟ قال : ما يحتال مؤمن مثلي لمنافق مثلك قم صاغرا " فخذه ، فقام معاوية صاغرا " فتناوله ثم فصه وقرأ ثم قال : يا أعرابي كيف خلفت عليا " ؟ قال : خلفته والله جلدا " ، حريا " ، ضابطا " ، كريما " ، شجاعا " ، جوادا " ، لم يلق جيشا " إلا هزمه ولا قرنا " إلا أرداه ولا قصرا " إلا هدمه ، قال :

فكيف خلفت الحسن والحسين ؟ قال : خلفتهما صلوات الله عليهما صحيحين ، فصيحين ، كريمين ، شجاعين ، جوادين ، شابين ، طريين مصلحان للدنيا والآخرة ، قال : فكيف خلفت أصحاب علي ؟ قال : خلفتهم وعلي عليه السلام بينهم كالبدر وهم كالنجوم ، إن أمرهم ابتدروا وإن نهاهم ارتدعوا ، فقال له : يا أعرابي ما أظن بباب علي أحدا أعلم منك ، قال :

ويلك استغفر ربك وصم سنة كفارة لما قلت ، كيف لو رأيت الفصحاء الأدباء النطقاء ، و وقعت في بحر علومهم لغرقت يا شقي ، قال : الويل لأمك ، قال : بل طوبى لها ولدت مؤمنا " يغمز منافقا " مثلك ، قال له : يا أعرابي هل لك في جائزة ؟ قال : أرى استنقاص روحك ، فكيف لا أرى استنقاص مالك ، فأمر له بمائة ألف درهم ، قال : أزيدك يا أعرابي ؟ قال أسد يدا " سد أبدا " ، فأمر له بمائة ألف أخرى ، فقال ثلثها فإن الله فرد ، ثم ثلثها ، فقال : الآن ما تقول ؟ فقال : أحمد الله وأذمك ، قال : ولم ويلك ؟ قال : لأنه لم يكن لك ولأبيك ميراثا " ، إنما هو من بيت مال المسلمين أعطيتنيه .

ثم أقبل معاوية على كاتبه فقال اكتب للأعرابي جوابا " فلا طاقة لنا به فكتب أما بعد يا علي فلأوجهن إليك بأربعين حملا " من خردل مع كل خردلة ألف مقاتل يشربون الدجلة ويسقون الفرات ، فلما نظر الطرماح إلى ما كتب به الكاتب أقبل على معاوية فقال له : سوءة لك يا معاوية فلا

ص: 92

أدري أيكما أقل حياء أنت أم كاتبك ؟ ويلك لو جمعت الجن والإنس وأهل الزبور والفرقان كانوا لا يقولون بما قلت ، قال : ما كتبه عن أمري ، قال :

إن لم يكن كتبه عن أمرك فقد استضعفك في سلطانك وإن كان كتبه بأمرك فقد استحييت لك من الكذب ، أمن أيهما تعتذر ومن أيهما تعتبر ؟ أما إن لعلي صلوات الله عليه ديكا " أشتر جيد العنصر يلتقط الخردل لجيشه وجيوشه ، فيجمعه في حوصلته ، قال : و من ذلك يا أعرابي ؟ قال : ذلك مالك بن الحارث الأشتر ، ثم أخذ الكتاب والجائزة و انطلق به إلى علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فأقبل معاوية على أصحابه فقال : نرى لو وجهتكم بأجمعكم في كل ما وجه به صاحبه ما كنتم تؤدون عني عشر عشير ما أدى هذا عن صاحبه(1) بیان(2): الطرماح بكسر الطاء والراء وتشديد الميم. وقال الجوهري: فاه بالكلام : لفظ به. والمفوه: المنطيق وقال: بزل البعير: فطرنا به أي انشق فهو بازل ذكرا كان أو أنثى وذلك في السنة التاسعة وربما بزل في السنة الثامنة وقال: يقال: جمل فتيق إذا انفتق سمنا. وفي بعض النسخ بالنون قال الجوهري الفنيق: الفحل المكرم. وقال الجرول: الحجارة.

والجهضم: الضخم الهامة المستدير الوجه. والأسد. والصلد والصلب: الأملس. ويحتمل أن تكون تلك أسامي خدمه وأن يكون قال ذلك نبزا واستهزاءا. والسماط بالكسر: الصف من الناس. والنخل والجلد: الصلابة والجلادة. تقول منه جلد الرجل بالضم فهو جلد ذكره الجوهري وقال: حرب الرجل بالكسر:

اشتد غضبه. ورجل حرب وأسد حرب. " أسد يدا سد أبدا " أي أعط نعمة تكون أبدا سيدا للقوم. والأجيد:

الحسن العنق أو طويله. والأعسر هو الذي يعمل باليد اليسرى. ويقال: إنه أشد شئ رميا أقول(3): وجدت الروایة بخط بعض الافاضل لاختلاف ما ، فأحببت ایرادها علی هذا الوجه ایضا.

قال الشیخ الادیب ابوبکر بن عبدالعزیز البستی بالاسانید الصحاح أن أمير المؤمنين عليه السلام لما رجع من وقعة الجمل كتب اليه معاوية ابن ابي سفيان : بسم اللّه الرحمن الرحيم من عبد اللّه و ابن عبد اللّه معاوية ابن ابي سفيان ، الى علي بن ابي طالب ، اما بعد : فقد إتبعت ما يضرك ، و تركت ما ينفعك ، و خالفت كتاب اللّه ، و سنة رسوله فقد انتهى إلى ما فعلت بحواري رسول اللّه طلحة و الزبير ، و ام المؤمنين

ص: 93


1- الاختصاص ، ج1 ، ص138.
2- البیان للعلامة المجلسی، بحارالأنوار ، ج33 ، ص288.
3- القائل هو العلامة المجلسی.

ام المؤمنين عايشة ، فو اللّه لارمينك بشهاب لا تطفيه المياه ، و تزعزعه الرياح ، اذا وقع وقب ، و اذا وقب ثقب ، و اذا ثقب نقب ، و اذا نقب إلتهب ، فلا تغرنك الجيوش ، و استعد للحرب ، فاني ملاقيك بجنود لا قبل لك بها و السلام فلما وصل الكتاب إلى أمير المؤمنين عليه فكّه و قرأه ، و دعي بدواة و قرطاس و كتب : بسم اللّه الرحمن الرحيم من عبد اللّه و ابن عبده علي بن ابي طالب أخي رسول اللّه و ابن عمه ، و وصيه ، و مغسله و مكفنه ، و قاضي دينه ، و زوج ابنته البتول سبطيه . الحسن و الحسين الى معاوية بن ابي سفيان .

اما بعد . فاني أفنيت قومك يوم بدر ، و قتلت عمك و خالك و جدك ، و السيف الذي قتلتهم به معي ، يحمله ساعدي ، بثبات من صدري ، و قوة من بدني ، و نصرة من ربي كما جعله النبي صلى اللّه عليه و آله في كفي ، فو اللّه ما اخترت على اللّه ربا ، و لا على الاسلام دينا ، و لا على محمد صلى اللّه عليه و آله نبيا ، و لا على السيف بدلا ، فبالغ من رأيك ، فاجتهد فلا تقصّر ، فقد استحوذ عليك الشيطان و استفزّك الجهل و الطغيان ، و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، و السلام على من اتبع الهدى ، و خشى عواقب الردى .

ثم طوى الكتاب ، و ختمه ، و دعى رجلا من اصحابه يقال له . الطرماح بن عدي بن حاتم الطائي ، و كان رجلا جسيما طويلا ، اديبا لبيبا فصيحا لسنا ، متكلما لا يكل لسانه ، و لا يعي عن الجواب ، فعمّمه بعمامته ، و دعى له بجمل بازل وثيق فايق أحمر ، فسوّى راحلته ، و وجّهه الى دمشق ، فقال له .

يا طرماح انطلق بكتابي هذا الى معاوية بن ابي سفيان ، و خذ الجواب .

فأخذ الطرماح الكتاب ، و كور بعمامته ، و ركب مطيته ، و انطلق حتى دخل دمشق فسأل عن دار الامارة ، فلما وصل الى الباب قال له الحجاب . من بغيتك ؟ الطرماح . اريد اصحاب الأمير اولا ، ثم الأمير ثانيا .

الحاجب . من تريد منهم ؟ الطرماح . اريد جشعما ، و جرولا ، و مجاشعا ، و باقعا ، يريد ابا الاعور و ابا هريرة و ابن العاص و مروان الحاجب : هم بباب الخضراء يتنزهون في بستان .

انطلق الطرماح و سار حتى اشرف على ذلك الموضع ، فاذا قوم ببابه ، فقالوا جائنا أعرابي بدوي ، دوين إلى السماء ، تعالوا نستهزي ء به . فلما وقف عليهم قالوا :

القوم : يا اعرابي هل عندك من السماء خبر ؟ الطرماح : بلى اللّه تعالى في السماء ، و ملك الموت

ص: 94

في الهواء و أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب في القفاء ، فاستعدوا لما ينزل عليكم من البلاء يا اهل الشقاوة الشقاء .

القوم : من اين أقبلت ؟ الطرماح من عند حرّ تقي نقي زكي ، مؤمن رضي مرضي .

القوم : و أي شي ء تريد ؟ الطرماح : اريد هذا الدعي الردي المنافق المردي الذي تزعمون أنه اميركم ، القوم : هو في هذا الوقت مشغول .

الطرماح : بما ذا ؟ بوعد أو وعيد :

القوم : لا ، و لكنه يشاور أصحابه فيما يلقيه غدا .

الطرماح : فسحقا له و بعدا .

فكتبوا الى معاوية بخبره : اما بعد فقد ورد من عند علي بن ابي طالب رجل اعرابي بدوي ، فصيح لسن ، طليق ، يتكلم فلا يكل ، و يطيل فلا يمل ، فاعد لكلامه جوابا بالغا ، و لا تكن عنه غافلا و لا ساهيا و السلام .

فلما علم الطرماح بذلك أناخ راحلته ، و نزل عنها ، و عقلها و جلس مع القوم الذين يتحدثون فلما بلغ الخبر الى معاوية أمر ابنه يزيد أن يخرج و يضرب المصاف على باب داره . فخرج يزيد على وجهه أثر ضربة ، فاذا تكلم كان جهر الصوت ، فأمر بضرب المضاف ، ففعلوا ذلك ، و قالوا للطرماح : هل لك أن تدخل على أمير المؤمنين الطرماح : لهذا جئت ، و به أمرت . قام الطرماح يمشي ، فلما رأى اصحاب المصاف و عليهم ثياب سود قال : من هؤلاء القوم : كأنهم زبانية المالك ، على ضيق المسالك فلما دنى من يزيد نظر اليه فقال : من هذا الميشوم ؟ الواسع الحلقوم ، المضروب على الخرطوم ؟ القوم : مه يا اعرابي ابن الملك يزيد الطرماح : و من يزيد ؟ لا زاده اللّه مزاده ، و لا بلغه مراده ، و من أبوه ؟ كانا قدما غائصين في بحر الجلافة و اليوم استويا على سرير الخلافة .

سمع يزيد ذلك ، فاستشاظ ، و همّ بقتله ، غضبا ، ثم كره أن يحدث دون ابيه فلم يقتله خوفا منه و كظم غيظه ، و خبأ ناره ، و سلّم عليه ، فقال : يا اعرابي ان أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام .

الطرماح : سلامه معي من الكوفة.

يزيد : سلنى عما شئت ، فقد أمرني أمير المؤمنين بقضاء حاجتك .

الطرماح : حاجتي اليه أن يقوم من مقامه ، حتى يجلس من هو اولى منه بهذا الأمر :

يزيد : فما ذا تريد آنفا ؟ الطرماح : الدخول عليه . فأمر يزيد برفع الحجاب ، و ادخله الى معاوية ، فلما دخل الطرماح و هو منتعل قالوا له اخلع نعليك الطرماح

ص: 95

فالتفت يمينا و شمالا : هذا رب الواد المقدس فاخلع نعلي ؟ فنظر فاذا هو معاوية قاعد على السرير مع قواعده و خاصته ، و مثل بين يديه خدمه فقال الطرماح : السلام عليك ايها الملك العاصي فقرب إليه عمرو بن العاص ، و قال : يا اعرابى ما منعك ان تدعوه بأمير المؤمنين :

الطرماح . ثكلتك امك يا احمق : نحن المؤمنون فمن أمّره علينا بالخلافة معاوية : ما معك يا اعرابي ؟ الطرماح : كتاب مختوم ، من إمام معصوم .

معاوية : ناولنيه .

الطرماح : اكره ان اطأ بساطك .

معاوية : ناوله وزيري . و اشار الى ابن العاص الطرماح : هيهات هيهات ، ظلم الامير ، و خان الوزير معاوية : ناوله ولدي هذا . و اشار الى يزيد .

الطرماح : ما نرضى بابليس فكيف باولاده ؟ معاوية : ناوله مملوكلي هذا . و اشار الى غلام قائم على راسه الطرماح : مملوك اشتريته من غير حل ، و تستعمله في غير حق .

معاوية : ويحك يا اعرابي فما الحيلة ؟ كيف نأخذ الكتاب :

الطرماح : ان تقوم من مقامك ، و تأخذه بيدك ، على غير كره منك ، فانه كتاب رجل كريم و سيّد عليم ، و حبر حليم ، بالمؤمنين رؤف رحيم فلما سمع منه معاوية وثب من مكانه ، و اخذ منه الكتاب بغضب ، و فكه و قرأه ، و وضعه تحت ركبتيه ثم قال معاوية : كيف خلفت ابا الحسن و الحسين ؟ الطرماح : خلفته بحمد اللّه كالبدر الطالع ، حواليه أصحابه كالنجوم الثواقب اللوامع ، اذا أمرهم بأمر إبتدروا ، و اذا نهاهم عن شي ء لم يتجاسروا عليه ، و هو من بأسه يا معاوية في تجلد بطل شجاع سيد سميدع . ان لقي جيشا هزمه و اراده ، ان لقي قرنا سلبه و افناه ، و ان لقي عدوا قتله و جزّاه .

معاوية : كيف خلفت الحسن و الحسين؟ الطرماح : خلفتهما بحمد اللّه شابين تقيين نقيّين ، زكيين عفيفين صحيحين سيدين ، فاضلين ، عاقلين ، عالمين ، مصلحين في الدنيا و الآخرة .

فسكت معاوية ساعة ، ثم قال : ما افصحك يا اعرابي الطرماح : لو بلغت باب أمير المؤمنين علي بن ابي طالب لوجدت الادباء الفصحاء البلغاء الفقهاء النجباء ، الاتقياء الأصفياء لرايت رجالا سيماهم في وجوههم من اثر السجود حتى اذا استعرت نار الوغى قذفوا بأنفسهم في تلك الشعل ، لابسين القلوب على مدارعهم

ص: 96

، قائمين ليلهم ، صائمين نهارهم ، لا تأخذهم في اللّه و لا في ولي اللّه علي لومة لائم فاذا انت يا معاوية رايتهم على هذه الحالة غرقت في بحر عميق لا تنجو من لجته .

فقال عمرو بن العاص لمعاوية سرا : هذا رجل اعرابي بدوي ، و لو ارضيته بالمال لتكلم فيك بخير .

معاوية : يا اعرابي ما تقول في الجائزة ؟ أ تأخذها مني ام لا ؟ الطرماح : آخذها ، فو اللّه أنا اريد استقباض روحك من جسدك ، فكيف باستقباض مالك من خزانتك ؟ فامر له معاوية بعشرة الاف درهم ثم قال معاوية : أ تحب ان أزيدك ؟ ؟ الطرماح : زدنا ، فانك لا تعطيه من مال أبيك ، و ان اللّه تعالى ولي من يزيد معاوية : اعطوه عشرين الفا .

الطرماح : اجعلها وترا ، فان اللّه تعالى هو الوتر ، و يحب الوتر .

معاوية : اعطوه ثلاثين الفا .

فمدّ الطرماح بصره إلى إيراده ، فأبطأ عليه ساعة فقال :

الطرماح : يا ملك : تستهزء بي على فراشك ؟ معاوية : لما ذا يا اعرابي ؟ الطرماح : انك امرت لي بجائزة لا اراها و لا تراها ؟ فانها بمنزلة الريح التي تهب من قلل الجبال . فاحضر المال ، فلما قبض المال سكت و لم يتكلم بشي ء .

ابن العاص : يا اعرابي كيف ترى جائزة أمير المؤمنين الطرماح : هذا مال المسلمين ، من خزانة رب العالمين ، اخذه عبد من عباد اللّه الصالحين .

التفت معاوية الى كاتبه و قال : اكتب جوابه ، فو اللّه لقد اظلمت الدنيا علي ، و ما لي طاقة فاخذ الكاتب القرطاس و كتب .

بسم اللّه الرحمن الرحيم . من عبد اللّه و ابن عبده معاوية بن ابي سفيان ، الى علي بن ابي طالب . اما بعد فاني اوجه إليك جندا من جنود الشام ، مقدمته بالكوفة ، و ساقته بساحل البحر ، و لأرمينك بالف حمل من خردل تحت كل خردل مقاتل ، فان أطفأت نار الفتة ، و سلمت إلينا قتلة عثمان و إلا فلا تقل . غال ابن ابي سفيان . و لا يغرنك شجاعة اهل العراق و اتفاقهم ، فان إتفاقهم نفاق فمثلهم كمثل الحمار الناهق ، يميلون مع كل ناعق و السلام .

فلما نظر الطرماح إلى ما يخرج تحت قلمه قال .

الطرماح : سبحان الله لا ادري أيكما اكذب ؟ انت بادعائك ؟ او كاتبك فيما كتب ؟ لو اجتمع أهل الشرق و الغرب من الجن و الانس لم يقدروا به على ذلك معاوية : و الله لقد كتب من غير امري .

الطرماح : إن كنت كاذبا فقد استضعفك ، و إن كنت أمرته فقد استفضحك إن كتب من تلقاء نفسه فقد خانك ، و إن أمرته بذلك

ص: 97

بذلك فأنتما خائنان كاذبان في الدنيا و الآخرة . يا معاوية : أظنك تهدد البط بالشط .

شعر:

فدع الوعيد فما وعيدك ضائر أ طنين اجنحة الذباب تضير و الله إن لأمير المؤمنين علي بن ابي طالب لديكا عليّ الصوت ، عظيم المنقار يلتقط الجيش بخيشومه و يصرفه إلى قانصته ، و يحطه إلى حوصلته .

فقال معاوية : و الله كذلك ، هو مالك الاشتر النخعي ، إرجع بسلام مني.

و فی روایة اخری خذ المال و الكتاب ، و انصرف فجزاك الله عن صاحبك خيرا . فأخذ الطرماح الكتاب و حمل المال ، و خرج من عنده و ركب مطيّته و سار .

ثم التفت معاوية الى اصحابه قائلا . لو اعطيت جميع ما املك لرجل منكم لم يؤد عني عشر عشير ما ادى هذا الأعرابي من صاحبه .

عمر بن العاص : لو ان لك قرابة كقرابة امير المؤمنين علي بن ابي طال علیه السلام و كان معك الحق كما هو معه لأدينا عنك افضل من ذلك اضعافا مضاعفة معاوية : فض اللّه فاك ، و قطع شفتيك ، و اللّه لكلامك علي اشد من كلام الاعرابي ، و لقد ضاقت عليّ الدنيا بحذافيرها(1) توضيح:

الزعزعة: تحريك الرياح لشجرة ونحوها ذكره الفيروزآبادي وقال: وقب الظلام: دخل والشمس وقبا ووقوبا: غابت: والوثيق: المحكم. والمصاف: جمع المصف وهو موضع الصف. والسميدع بفتح السين والميم بعدها مثناة تحتانية: السيد الكريم الشريف السخي الموطأ الأكتاف والشجاع. وفي الصحاح: ضاره يضوره ويضيره ضورا وضيرا أي ضره(2).

أقول: نقل من خط الشهيد قدس سره أنه قال: قال معاوية لأبي المرقع الهمداني: اشتم عليا. قال: بل أشتم شاتمه وظالمه. قال: أهو مولاك؟ قال: ومولاك إن كنت من المسلمين! قال: فادع عليه قال: بل أدعو على من هو دونه. قال: ما تقول في قاتله؟ قال: هو في النار مع من سره ذلك قال: من قومك؟ قال: الزرق من همدان الذين أسحبوك يوم صفين.

و من خطه أيضا قال: روى أبو عمر الزاهد في كتاب فائت الجمهرة أن رجلا سأل معاوية يوم صفين عن مسألة فقال له: سل عليا فإنه أعلم مني قال: فقال له الرجل: جوابك أحب

ص: 98


1- بحارالانوار ، ج33 ، ص289.
2- بحارالانوار ، ج33 ، ص294

إلي من جوابه فقال له: لقد كرهت رجلا رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يغره [بالعلم غرا] ولقد رأيت عمر إذا أشكل عليه الشئ قال:

أهاهنا أبو الحسن؟ قم لا أقام الله رجليك ومحا اسمه من الديوان.

قال ابن عباس: فكنت جالسا عند أمير المؤمنين عليه السلام فجاءنا الرجل وقد سبقه خبره إلينا فقال: يا أمير المؤمنين قد جئتك مستأمنا فقال له: أنت صاحب الكلام أنت تعرف معاوية من أنا؟ فكيف رأيت جواب المنافق قم لا أقام الله رجليك. فبقي مذبذبا.

وذكر ابن النديم في الفهرست أن هذا أبا عمر كان نهاية في النصب والميل على علي عليه السلام(1).

فضائل شاذان بن جبرئیل قال جابر بن عبد الله الأنصاري: قال كنت أنا ومعاوية بن أبي سفيان بالشام فبينا نحن ذات يوم جلوس إذ نظرنا إلى شيخ وهو مقبل من صدر البرية من ناحية العراق فقال معاوية:

عن جوابنا(2) إلى هذا الشيخ لنسأله من أين أقبل وإلى أين يريد وكان مع معاوية (أبو) الأعور السلمي وولدا معاوية( خالد ويزيد و)عمرو بن العاص قال: فقمنا فعرجنا إليه فقال له معاوية:

من أين أقبلت يا شيخ وإلى أين تريد؟ فلم يجبه الشيخ فقال له عمرو بن العاص: لما لا تجيب أمير المؤمنين! فقال الشيخ: إن الله جعل التحية غير هذه! فقال له معاوية: صدقت يا شيخ وأخطأنا وأحسنت وأسأنا السلام عليك يا شيخ. فقال {الشيخ} وعليك السلام.

فقال معاوية: ما اسمك يا شيخ؟ فقال: معاذ ابن جبل، و کان کبیر السنّ، بيده شي ء من الحديد، و وسطه مشدود بشريط من ليف المقل، و في رجليه نعلان من ليف المقل، و عليه كساء قد سقط لحامه و بقي سدانه، و قد بانت شراسيف حذبه، و قد غطت حواجبه على عينيه.

فقال معاوية: يا شيخ! من أين أقبلت! و إلى أين تريد؟ قال الشيخ: من العراق أريد بيت المقدس.

قال:

فهل عندک من اخبار العراق شیء؟ قال:

امهل قال:

کیف خلّفت العراق؟ قال: فی امن عاف و ظلم خاف قال معاوية: و کبف خلّفت أبا تراب؟ قال الشيخ: من تعني بذلك؟ قال:علی ابن أبي طالب.

قال له الشيخ: أرغم اللّه أنفك، و رضّ اللّه فاك، و لعن اللّه امّك و أباك، و لم لا تقول: کیف خلّفت العبد الصالح و الامام الناصح و المیزان الراجح و الطریق الواضح ، سید الاوصیاء و امام الاولیاء و المفرق بین اولاد الحلال و الادعیاء ، الإمام العادل، و الغيث الهاطل، يعسوب الدين، و قاتل المشركين و القاسطين و المارقين، سيف اللّه المسلول ابن عمّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و بحر الفقهاء و ترجمان الکتب اذا استشکلت علی القراء، خاتم الاوصیاء

ص: 99


1- بحارالانوار ، ج33 ، ص294 و 295.
2- جاء فی المصدر: عرجوا بنا

خاتم الاوصیاء و اخوا خاتم الانبیاء ، خبر من تقمص و ارتدی و اشجع من رکب و مشی و قاتل من شقّ فی دین الله العصی الذی قال فیه محمد المصطفی انت منی بمنزلة هارون من موسی ، مدرک المطالب ، مقلل الکتائب ، فارس نبی غالب و زوج البتول، تاج الفقهاء، و كنز الفقراء، و خامس أهل العباء، و الليث الغالب، علی بن ابی طالب ، امیرالمومنین حبیب رسول ربّ العالمین قال له المعاویة: من ذکرتَه کیف خلّفته؟ قال:

خلّفته معافی فی دینه و دنیاه و أخرته و تقویه قال : ما عن هذا سألتک لیف خلّفت اهل الکوفة معه؟ قال أخرجوا الیه سرایرهم و ما نرجوا بنوره عقولهم و غنوابه عن طلب سواه و علقوا منه بالعروة الوثقی التی لا انفصام لها و قال و من استخلف علیّ علی اهل الکوفة قال ولده الحسن علیه السلام.

قال و علی قضائها؟ قال شریحا.

قال و علی شرطتها؟ قال الاصبغ بن نباته قال و علی بیت المال؟ قال جابر بن عبدالله الانصاری قال فما یصنع علی فی لیله؟ قال:یجزّیه اربعة اجزاء ، فجز ینام فیه مع اهله و جزء یناجی به و جزء یحرس به المؤمنین و جزء یرتقب به الفجر قال معاویة: یا شیخ قد خالط حبّ علی لحمک و دمک و لو مات علیّ ما کنت تصنع من بعده؟ قال لو مات لم أتّهم ربی فی فقده و اطیل الحزن علیه و کنت أعلم أن الله لم یمُته ختّی یجعل له ولدا و للوالد ولدا فلا اعدل عن حجّتهم ابداً فالتفت عمرو بن العاص الی معاویة و قال: إنّک سالته من غیر أن یعرفک فقال یاشیخ أو تعرفنی؟ قال و لا انکرک قال:

انا الحجة المضیئة و الشیبة البهیة سیّد بنی امیّة قال له الشیخ: کذبت أنت الدّعی بن الدّعی و عدو الوصی و ابن آکلة کبد الزّکی قال:

یا شیخ من تعنی بذلک؟ قال:

اباک اعنی فلما سمع معاویة ذلک انقلبت عیناه فی أمّ رأسه و انفتفخت اوداجه حتّی کادت تنقطع ازداده و قال: یا شیخ والله لولا أنّی أعلم أنّ العفو عند المقدورة حسن ، لأخذتُ ما بین عینیک فقال الشیخ: و الله لقد کنت أرجو أن یشقیک الله بسعادتی بأن أکون خصمک

ص: 100

فی الأخرة لبغضی لک فی الدنیا فقال معاویة: إنّی أرید ان انفیک عن بلادی فقال:

لقد نفی من هو شرّ منک من هو خیر منّی! قال: و من ذاک؟ قال:

عثمان بن عفان نفی اباذر الغفاری رحمه الله قال معاویة: یا شیخ متی ضلّت الامة قال:

حیث اطفاؤا قنادیل البصائر و غلّقوا ابواب الحقائق و نکسوا رأیات الایمان و عصوا رسل الرحمن قال:

یا شیخ متی هلکت الامة؟ قال:

حیث کنت امیرها و عمرو بن العاص وزیرها و ابن مرجانة حاکمها و یزید الذی بعدک یرومها قال معاویة: یا شیخ هل شهدت الدار یوم قتل علیُّ عثمانَ بین بنی خزیمة؟ قال الشیخ: و الله کذبت لحیتک و ذلّت شیبتک ، والله ما فعل ذلک علیّ و لو فعل لفعلنا معه و ما کنا نقعد عن امر نهض الیه و قد کنّا معه أینما کان ، فإنّه قصّ اقدامکم و اذلّ اعناقکم و أنّه لا یقتل بسیفه إلّا فاسقا و أو منافقا أو مارقاً او فاجراً أو کافرا قال معاویة: یا شیخ هل شهدت البصرة؟ قال و لا غبت عنها و لو رأیتنی أرمی بالسّهام اذا بعدت و أضرب بالسیف إذا قربت و احرض المؤمنین علی القتال إذا رجعت قال معاویة: یا شیخ هل شهدت هودج عایشة؟ قال ما لی و إمراة ، خالفت ربّها و عصیت نبیّها و قاتلت ولیّها قال : یا شیخ ، فهل شهدت صفین؟ قال:

نعم و لو رأیتنی بین قطبها و رحائها أرمی بقوس شدید بین یدی امام حمید قال:

یا شیخ فهل تعمدّتنی بشیئی ذلک الیوم؟ قال:

نعم قال کیف؟ قال کان معی ستة و سبعون سهما ، و الله ما رمیت إلّا و اصبته و الله ما أخطات سهامی قط و انا صاحب السهمین الذین احدهما قتل جوادک و الآخر اثر فی وجهک ، فاطرق معاویة ملیّا ثم رفع رأسه خجلا و قال کیف رأیت عمّاراً بها مجدّلا قال:

رأیته نوراً اناره الله تعالی ، قد صدق بنبوة محمد المصطفی(صلی الله علیه و اله) ادرکته خیول اهل البدع لیصلبهم الله جهنم و ساعرت مصیرا فقال معاویة: لمن حضره انطلقوا به و احتفظوا علیه حتّی ارجع ، فلما رجع دخل الی دمشق و احضر عبیده و غلمانه و اقامهم صوفوا بین یدیه و احضر الطعام و قال: أتونی بالشیخ ، فدخل و هو یقول سلام الله خیر السلام ، لا غفر الله الظالمین

ص: 101

الأخذین ما لیس لهم بحقّ و اصلاهم نار السعیر فقال له معاویة: قل خیرا فإنۀک مقتول قال: أ ما سمعت قول الله عزّ و جل إذا جاء أجلهم لا یستأخرون ساعة و لا یستقدمون فقال:

هلمّ الی الطّعام فقال:

حتّی یأذن لی اصحابه فقال:

أنا صاحبه قال کلبا ، أنما صاحبه الفقراء و المساکین و ابناء السّیل و فی الرّقاب فقال عمرو بن العاص: أمسک یا شیخ عن کلامک و انظر مع من تکلّم و تخاطب؟ فقال:

و الله لقد أخذه من یستحقه و وضعه فی غیر مستحقه مثلک یابن الفاعله فقال معاویة لاصحابه اعطوه نفقه و اخرجوه عنیفقال: ما لی الی نفقتک من حاجة و آن معی نفقه تکفنی وصلت الیّ من امام عدل یعطی بلا إسراف و إقتار.

فقال معاویة: ألقوه الی عمّان فقال الشیخ: و الیها أرید ثم انشاء شعر أ مفنّدي في حبّ آل محمّد حجر بفيك فدع ملامك أو زد لو لم تكن في حبّ آل محمّد ثكلتك أمّك غير طيب المولد(1) ثم القوه الی عمان حتّی توفی بها رحمه الله(2).

حکی أنه قال لعقیل بن ابی طالب : أنا خير لك من أخيك عليّ ، فقال : أخي آثر دينه على دنياه ، وأنت آثرت دنياك على دينك ، فأخي خير لنفسه منك ، وأنت خير لي منه(3) و قال لعقیل یوما، أين ترى عمّك أبا لهب؟فقال: إذا دخلت النار فانظر عن يسارك تجده فوق عمّتك(4) و قال له لیلة الهریرة بصفین ، یا ابا یزید أنت معنا اللیلة ، فقال: و یوم بدر کنت معکم و قال له يوما: إنّ فيكم لشبقا يا بنى هاشم، فقال: هو منّا فى الرّجال، و منكم فى النساء.(5)

حکیم سنائی

خالِ ما بود خصم او (6)حالی*** لیک از جمله خیرها خالی

خال مشکین نبود بر خورشید *** خال بر دیده بود لیک سپید

آنکه مرد دها و تلبیس است *** آن نه خال و نه عم که ابلیس است

وانکه خوانی کنون معاویه اش *** دان که در هاویه ست زاویه اش

شیر حق زین جهان بپرهیزد *** سگ بود کز کلیجه نگریزد

تابش روح خواهد و تفِ صدر *** روز خود بدر خواهد و شب قدر

آنکه جز ابله و منافق نیست *** شرم مخلوق و ترس خالق نیست

کرده خصمان او چه بنده چه حر *** مطبخ اینجا و دوزخ آنجا پر

ص: 102


1- غرر الاخبار و درر الآثار ، ج1 ، ص366. نسبها ابن شهرآشوب إلى أبي الأسود الكنديّ، في مناقب آل أبي طالب 3: 514، باب إمامة الحسن بن عليّ العسكريّ، و ثانيهما فيه: من لم يكن بحبالهم مستمسكا فليعرفن بولاة لم تشهد
2- فضائل ، شاذان بن الجبرئل القمی ج1 ، ص77، باختلاف کثیره ، بحیث یکون نقلها المحدث النوری عن غیر هذه الکتاب.
3- لأمالي ، سید المرتضی ، 1 ،276 .
4- قال السید المرتضی فی الامالی: عمّته حمّالة الحطب. و عمة معاوية أمّ جميل بنت حرب بن أميّة، و كانت امرأة أبى لهب. الامالی ، ج1 ، ص276
5- همان.
6- یعنی امیرالمومنین علیه السلام.

بهر کردی به زیر چرخ کبود *** کیسه با کاسه پر تواند بود

چه خطر دارد آل بوسفیان *** که برآرند نامشان به زبان

آل مروان و آل سفله زیاد *** که نرفتند جز به راه عناد

با علی کی بود مخنّث دوست*** کی زُبیر عوام بابت اوست

در ره دین یک زیاد بدند *** طاغیان همچو قوم عاد بدند

دور دورند در نهاد و سرشت *** باغیانش ز باغهای بهشت

دین باغی میان خوف و رجا *** طمع لقمه دان و بیم قفا

کی بُوَد آن کسی حکیم که او *** درِ دکان دماغ شش پهلو

کند از بهر لوت و باد بروت *** سینه را همچو قلعهٔ الموت

از برای دو سیر روغن گاو *** معده چون آسیا گلو چون ناو

هرکه او برعلی برون آید *** روز محشر بگو که چون آید

هرکه باشد خوارج و ملعون *** واجب آنست کش بریزی خون

بغی کردن برو حلیمی نیست *** علی آزردن از حکیمی نیست

آنکه بر مرتضی برون آید *** سوی عاقل امام چون آید

مصطفی گاه رفتن از دنیا *** چون بسیجید منزل عقبی

جمله اصحاب مر ورا گفتند *** که چه بگذاشتی برآشفتند

گفت بگذاشتم کلام اللّٰه *** عترتم را نکو کنید نگاه

آنکه ز ابلیس حیله جویدر و غدر*** او مر ادریس را چه داند قدر

نه علی از خسان زبون بودی *** شیر با گاو میش چون بودی

صورت ملک را که روح نداشت*** از پی مرد صورتی بگذاشت

دور گردان دوکیر ناخوش را *** سیر گردان دو گونه آتش را

جانب هرکه با علی نه نکوست *** هرکه گو باش من ندارم دوست

هرکه او با علیست دین می دان *** ورنه چون نقش پارگین می دان

هرکه چون خاک نیست بر در او *** گر فرشته است حاک بر سر او

داد حق شیر این جهان همه را *** جز طامش نداد فاطمه را

خال ما داد بهر دنیا را *** زهر مر نورِ چشم زهرا را

آنکه خونش همیشه با نان بود *** هم دعاء رسول یزدان بود

هرکه را خال از این شمار بود *** مرورا با علی چه کار بود

گر همی خال بایدت ناچار

ص: 103

پور بوبکر را به خاک انکار از چه مخصوص شد به خالی ما ابن سفیان زیان حالی ما اعلام الناس لمحمد دیّات الاتلیدی قیل: إن معاوية جلس يوماً بين أصحابه، إذ أقبلت قافلتان من البرية، فقال لبعض من كان بين يديه: انظروا هؤلاء القوم وائتوني بأخبارهم. فمضوا وعادوا وقالوا: يا أمير المؤمنين، إحداهما من اليمن والأخرى من قريش. فقال: ارجعوا إليهم وادعوا قريشاً يأتونا، وأما أهل اليمن فينزلون في أماكنهم إلى أن نأذن لهم في الدخول.

فلما دخلت قريش سلم عليهم وقربهم وقال: أتدرون يا أهل قريش لم أخرت أهل اليمن وقربتكم؟ قالوا: لا والله يا أمير المؤمنين. قال: لأنهم لم يزالوا يتطاولون علينا بالفخار ويقولون ما ليس فيهم، وإني أريد إذا دخلوا غداً وأخذوا أماكنهم من الجلوس أن أقوم فيهم نذيرا وألقي عليهم من المسائل ما أقل به إكرامهم وأرخص به مقامهم، فإذا دخلوا وأخذوا أماكنهم من الجلوس وسألوا عن شيء فلا يجبهم أحد غيري.

قال الراوي: وكان المقدم عليهم رجلاً يقال له الطرماح بن الحكم الباهلي، فأقبل على أصحابه، وقال: أتدرون يا أهل اليمن لم أخركم ابن هند وقدم قريشاً؟ قالوا: لا قال: لأنه في غداة غد يقوم فيكم نذيراً ويلقي عليكم من المسائل ما يقل به إكرامكم ويرخص به مقامكم، فإذا دخلتم عليه وأخذتم أماكنكم من الجلوس وسألكم عن شيء فلا يجبه أحد غيري.

فلما كان من الغد دخلوا عليه وأخذوا أماكنهم فنهض معاوية قائماً على قدميه، وقال: أيها الناس من تكلم قبل العرب، وعلى من أنزلت العربية؟ فقام الطرماح وقال: نحن يا معاوية، ولم يقل يا أمير المؤمنين.

فقال: لماذا؟ فقال: لأنه لما نزلت العرب ببابل وكانت العبرانية لسان الناس كافة أرسل الله تعالى العربية على لسان يعرب بن قحطان الباهلي، وهو جدّنا فقرأ العربية وتداولها قومه من بعده إلى يومنا هذا، فنحن يا معاوية عرب بالجنس وأنتم عرب بالتعليم.

فسکت معاویة زمانا ثم رفع رأسه و قال: أیّها الناس من أقوی العرب ایمانا و من شهد له بذلم؟ فقال الطماح نحن یا معاویة قال: و لم قال؟ قال لأنِ الله بعث محمدا صلی الله علیه و اله فکذّبتموه و سفهّتموه

ص: 104

و جعلتموه مجنونا فآویناه و نصرناه فانزل الله و الذین آووا و نصروا اولئک هم المومنون حقّا و کان النبی صلی الله علیه و اله محسنا متجاوزا عن سیئاتنا ، فلم لم تفعل انت کک کأنّک خالفت رسول الله صلی الله علیه و اله قال: فسكت زماناً ثم رفع رأسه وقال: أيها الناس، من أفصح العرب لساناً ومن شهد له بذلك؟ قال الطرماح:

نحن يا معاوية.

قال: ولم ذلك؟ قال: لأن امرأ القيس بن حجر الكندي منا قال في بعض قصائده يطعمون الناس غباً في السنين الممحلات في جفانٍ كالخوابي وقدور راسيات وقد تكلم بألفاظ جاء مثلها في القرآن، وشهد له رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بذلك.

قال: فسكت معاوية زماناً وقال: أيها الناس، من أقوى العرب شجاعة وذكراً ومن شهد له بذلك؟ قال الطرماح:

نحن يا معاوية.

قال: ولم ذلك؟ قال: لأن منا عمرو بن معد يكرب الزبيدي، كان فارساً في الجاهلية وفارساً في الإسلام وشهد له بذلك النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فقال له معاوية: وأين أنت وقد أتي به مصفداً بالحديد؟ فقال له الطرماح: ومن أتى به؟ قال معاوية: أتى به علي.

قال الطرماح: والله لو عرفت مقداره لسلمت إليه الخلافة ولا طمعت فيها أبداً.

فقال له معاوية: أتحجني يا عجوز اليمن؟ قال: نعم أحجك يا عجوز مضر لأن عجوز اليمن بلقيس آمنت بالله، وتزوجت بنبيه سليمان بن داود، عليهما السلام، وعجوز مضر جدتك التي قال الله في حقها: " وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد ".

قال: فسكت معاوية زماناً ثم رفع رأسه وقال: جزاك الله خيراً من صاحب و وفر عقلك ورحم سلفك وأعطاه وأحسن إليه(1) حیوه الحیوان : ذكر الطّرطوشي و غيره أن الفيل دخل دمشق، في زمن معاوية بن أبي سفيان رضي اللّه تعالى عنهما، فخرج أهل الشام لينظروه لأنهم لم يكونوا رأوا الفيل قبل ذلك، و صعد معاوية سطح القصر للفرجة، فلاحت منه التفاتة، فرأى رجلا مع بعض حظاياه في بعض حجر القصر، فنزل مسرعا إلى الحجرة، فطرق بابها فقيل: من؟قال: أمير المؤمنين، ففتح الباب، إذ لا بد من فتحه طوعا أو كرها ، فدخل أمير المؤمنين معاوية فوقف على رأس الرجل و هو منكس رأسه، و قد خاف خوفا عظيما، فقال له معاوية: يا هذا ما الذي حملك على ما صنعت من دخولك قصري

ص: 105


1- نوادر الخلفاء اعلام الناس بما وقع للبرامكه مع بني العباس نویسنده، الإتليدي، محمد دياب ج1 ، ص29.

و جلوسك مع بعض حرمي؟أ ما خفت نقمتي؟أ ما خشيت سطوتي؟أخبرني يا ويلك، ما الذي حملك على ذلك؟فقال: يا أمير المؤمنين، حملني على ذلك حلمك. فقال له معاوية: أ رأيت إن عفوت عنك تسترها علي، فلا تخبر بها أحدا؟قال: نعم. فعفا عنه و وهب له الجارية، و ما في حجرتها و كان شيئا له قيمة عظيمة(1).

حکیم سنائی پسر هند اگرچه خال من است دوستی ویم به کاری نیست ور نوشت او خطی ز بهر رسول به خطش نیز افتخاری نیست در جهانی که شیر مردانند به خط و خال افتخاری نیست و له ایضا دوستانِ پسر هند مگر بی خبرند که از احوال بد او به پیمبر چه رسید پدر او لب و دندان پیمبر بشکست مادر او جگر عم پیمبر بدرید او بناحق حق داماد پیمبر بستد پسر او سر فرزند پیمبر ببرید کتاب الاربعین فی الامامة للمولی الجلیل محمد طاهر القمی رحمه الله فی کتاب حلية الأولياء ، ان سعيد بن المسيب سبّ معاوية برده قضاء رسول الله صلى الله عليه وآله بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر.

و في تفسير الثعلبي : أن معاوية صلى بالمدينة ، ولم يقرأ البسملة في الفاتحة ، رواه عن جماعة ، ونحوه في مسند الشافعي .

قال صاحب المصالت : كان على المنبر يأخذ البيعة ليزيد ، فقالت عائشة ، هل استدعى الشيوخ لبنيهم البيعة ؟ قال : لا ، قالت : فبمن تقتدي ؟ فخجل ، وهيأ لها حفرة ، فوقعت فيها ، فماتت .

وروي أنه كان يهدد الناس لأخذ البيعة ليزيد ، فبلغه عنها كلام ، فدخلت بعد عماها راكبة حمارا ، فبال وراث على بساطه ، فقال : لا طاقة لى بكلام هذه الفاجرة ، ثم دبر لها الحافر ، وكان عبد الله بن الزبير يعرض به .

لقد ذهب الحمار بام عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار وفي الحديث الثاني من أفراد البخاري من الجمع بين الصحيحين ، أنه نازع عمر في الخلافة ، وقال : من أراد أن يتكلم في الأمر فليطلع لنا قرنه ، فنحن أحق به منه ومن أبيه ، ذکر الکلبی فی المثالب أنّه کان یکتب عن نفسه کاتب الوحی

ص: 106


1- حیاة الحیوان الکبری ، ج2 ، ص312.

و قد صحّ فی التاریخ أنّه اظهر الاسلام سنة ثمان من الهجرة و قیل قبل وفاة النبی صلی الله علیه و اله بخمسة فکیف یثق النبی صلی الله علیه و اله مع قرب عهد اسلامه و لم سلم ذلک فیدعه تسقط تلک الفضیله و في المجلد الثالث من صحيح مسلم ، أن النبي صلى الله عليه وآله أرسل ابن عباس يدعو له معاوية ، فدعاه فلم يأته وقال : انه يأكل ، فقال : لا أشبع الله بطنه وقيل : لما سمع من كعب الأحبار وسطيح : كيف لا تؤمن بمحمد وأنت ولي الثارات من أولاده ، ففرحت هند بذلك وأسلما .

وفي صفوة التاريخ لأبي الحسن الجرجاني ، أنه لعن عليا عليه السلام على المنبر وكتب الى عماله بذلك ، فلعنوه.

وروى الأعمش أنه لما قدم الكوفة ، قال : ما قاتلتكم على أن لم تصلوا أو لم تصوموا ، فاني أعلم أنكم تفعلون ذلك ، بل لأتأمر عليكم ، فقال الأعمش : هل رأيتم رجلا أقل حياء منه ؟ قتل سبعين ألفا فيهم عمار ، وخزيمة ، وحجر ، وعمرو بن الحمق ، ومحمد بن أبي بكر ، والأشتر ، واويس ، وابن صوحان ، وابن التيهان ، وعائشة ، وأبي حسان ، ثم يقول هذا(1) .

کتاب مطالب السئول لمحمد بن طلحة الشافعی النصیبی فی کلام له فی معنی قوله(صلی الله علیه و اله) هذا و الله قاتل الناکثین و القاسطین و المارقین ، مشیرا الی علی علیه السلام ، قال:

و أما القاسطون فهم الجائرون عن سنن الحق المائلون إلى الباطل المعرضون عن إتباع الهدى الخارجون عن طاعة الإمام الواجبة طاعته، فإذا فعلوا ذلك و اتصفوا به تعين قتالهم كما اعتمده طائفة تجمعوا و اتبعوا معاوية و خرجوا لمقاتلة علي (عليه السلام) على حقه و منعوه إياه، فقاتلهم و هي وقائع صفين و ليلة الهرير فهؤلاء القاسطون.

فإن قيل: معاوية كان من كتاب النبي (صلى اللّه عليه و آله و سلم) و كان خال المؤمنين فكيف تحكم عليه و على من معه بكونهم بقتال عليّ بغاة في فعلهم جائرين عن سنن الصواب بقصدهم، قاسطين بما ارتكبوه من بغيهم و الجين في جملة الخارجين عن طاعة ربهم.

قلت لم أحكم عليهم بصفة البغي و لوازمها وضعا و اختراعا، بل حكمت بها نقلا و اتباعا، فإنه روى الأئمة الأعيان من المحدثين في مسانيدهم الصحاح أحاديث متعددة رفع كل واحد منهم حديثه بسنده إلى رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلم) أنه قال لعمار بن ياسر (رضی الله عنه) تقتلك

ص: 107


1- الاربعین فی امامة ، محمد طاهر قمی ، ج1 ، ص630 الی 633 عن الصراط المستقیم ، ص45 الی 48.

الفئة الباغية و في حديث آخر: تقتل عمارا الفئة الباغية و في حديث آخر أنه(صلى اللّه عليه و آله و سلم) قال لعمار: أبشر تقتلك الفئة الباغية و هذه أحاديث لا دخل في إسنادها و لا اضطراب في متونها.

فثبت بها أن النبي (صلى اللّه عليه و آله و سلم) وصف الفئة القاتلة عمارا بكونها باغية و صفة البغي لا ينفك عنها لازمها.

و البغي في اللغة عبارة عن الظلم و قصد الفساد فكل من كان باغيا كان ظالما جائرا، و من كان ظالما جائرا كان قاسطا خارجا عن طاعة ربه، فتكون الفئة القاتلة عمارا متصفة بهذه الصفات بخبر الصادق المعصوم (صلى اللّه عليه و آله و سلم).

و قد ثبت ثبوتا محكوما بصحته منقولا بالخبر المستند إلى الإدراك بالحواس أن عمارا كان يقاتل بين يدي علي (عليه السلام) لمعاوية و أصحابه في أيام صفين، و أنه في آخر أمره استسقى يوما من صفين فأتي بقعب فيه لبن، فلما نظر إليه كبر و قال: أخبرني رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلم) أن آخر رزقي من الدنيا ضياح لبن في مثل هذا القعب، فشربه ثم حمل فلم يثن حتى قتل في سنة سبع و ثلاثين من الهجرة و عمره يومئذ ثلاث و تسعون سنة و دفن بالرقة و قبره الآن بها.

و روى صاحب كتاب صفة الصفوة بسنده أن عبد اللّه بن سلمة قال: سمعت عمارا يوم صفين و هو شيخ في يده الحربة، و قد نظر إلى عمرو بن العاص معه الراية في فئة معاوية يقول: إن هذه راية قد قاتلتها مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلم) ثلاث مرات، و هذه الرابعة و اللّه لو ضربونا حتى بلغونا سعاف هجر لعرفت أنا على الحق و أنهم على الضلالة.

و إذا وضح أن عمارا تقتله الفئة الباغية، فثبت لها تلك الأوصاف المقدم ذكرها على لسان رسول اللّه (صلى اللّه عليه و آله و سلم).(1) الکافی عن أبو عبد الله (عليه السلام): إن معاوية أول من علق على بابه مصراعين بمكة فمنع حاج بيت الله ما قال الله عز وجل: " سواء العاكف فيه والبا "(2) و كان الناس إذا قدموا مكة نزل البادي على الحاضر حتى يقضي حجة وكان معاوية صاحب السلسلة التي قال الله تعالى: " في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه * إنه كان لا يؤمن بالله العظيم "(3) وكان فرعون هذه الأمة.

و فیه عن أبيه عليهما السلام قال: لم يكن لدور مكة أبواب وكان أهل البلدان يأتون بقطرانهم(4) فيدخلون فيضربون بها وكان أول من بوبها معاوية(5).

الفقیه قال سئل الصادق عليه السلام عن قول الله عزوجل : سواء العاكف فيه والباد فقال : لم يكن ينبغي أن يصنع على دور مكة أبواب لان للحاج أن ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار حتى يقضوا مناسكهم ، فإن أول من جعل لدور مكة أبوابا معاوية(6).

التهذیب عن الحسين بن ابي العلا قال : ذكر أبو عبد الله عليه السلام هذه الآية : سواء العاكف فيه والباد فقال :

كانت مكة ليس على شئ منها باب وكان اول من علق على بابه المصراعين معاوية بن ابي سفيان لعنه الله وليس ينبغي لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور ومنازلها(7).

قرب الاسناد عن جعفر، عن أبيه، عن عليٍّ عليه السّلام:

أَنّ رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله

ص: 108


1- مطالب السؤوال ، ج1 ، ص105 و 106.
2- سورة الشریفة الحج ، الأیة 25.
3- سورة الشریفة الحاقه ، الأیة 32 ، 33.
4- کأنه جمع القطار علی غیر القیاس أو هو تصحیف قطرات.
5- الکافی ، ج4 ، ص244.
6- من لا یحضره الفقیه ، ج2 ، ص194.
7- تهذیب الأحکام ، ج5 ، ص420.

نهى أَهل مكَة أَن يؤَاجروا دورهمْ، و أَن يعلّقوا عليها أَبوابا، و قال: سوٰاء الْعٰاكف فيه و البٰاد .

قال: و فعل ذلك أَبو بكر و عمر و عثْمان و عليٌّ عليه السّلام حتَّى كان في زمن معاويةَ(1).

الاحان حین الباف فابشر لک البشر*** و قم فاسقنی خمرا و قل لی هر الخمر

الا فابشرن جاء البشیر مبشرا *** لقد مات نفس الشرک و انقلع الشر

علی رغم آل الکفر اصبحت منشا *** قواف تهادی من مصارعها البعر

و اسماء صوت یا الها من تنغّم*** اذا رفعت صوتا ففی رفعها جرّ

تهادی الی الپفیوز من آل پرحق *** هو ابن ابی سفیان فی ریشة تِرّ

و کان لنزّاح الکنائف خُمرة *** بها تنزح الابوال و الروث و العذر

فاصبح یداها لیملاها پُنَحا *** فاملاها شوقا ففاجاها کسر

فقد اصبح ابن العاص ینعاه حاسرا *** جزینا کئیبا کالحمیر له عسرُّ

و آل ابی سفیان (2)آل بنی الزنی *** لخمرتها تنغی و فی صدرها و غر

شقایق ابریق الایار مجلفقا *** و انجم خفّاش الامارة مُحَمَّرُ

حشلحف حشک دابه الکوز فی الملاء *** مشلهف پشم غاص فی هجره الفکر

ص: 109


1- قرب الاسناد ، ج1 ، ص108.
2- خصیان. صح.

میاجع بُوع فی معالیه جعجع *** مجاعر فکر ینقعرّ له الوعر

حوادث نیزالپیز فی ریشة العلی *** له جُفتک یوم الایور و لا فخر

مهندس پشم العقل کرباس فکره *** مقرنص طاق الالیتین له قصر

وکامیش فضل شاخه یوق ماجد *** و اشتر منجد حمله النکر و الکفر

ومَرُتع یعفور الکمال و بتره *** لبهجة میزان القلنبة و القطر

هو ابن دبنک ریشة خایة *** لکلب عقور ضاق من شره البر

هو ابن دنبکوز البریة فی الوری*** هو ابن التی کانت لعابرُها جِسر

هوالهرة الافلاک و الپنبة التی *** بها خصّ فی الافاق جلاحها البدر

هو ابن تلنک الماجدین و تنکها *** هو ابن پلنگ البرجث جری النهر

یری اسدا عند الایور مجرّدا *** له خایة الابطال و الاسد الحِبز

حمامة دیک الوحی بزغالة الکری *** ابو الایر خوک الپیر ، انسابه البکر

و أیة پشم الپیز فی شانه ریشه اتت *** و یا ایّها التنکوز فیه و لا نکر

ص: 110

و أیة أنّ الخیک فی مدح ذاته *** چو قد کان إنّ الدّیک فی وصفه قشر

شلنک مفاتیح الکنوز و لنکها *** و نداف دیک الغیب سهمه السّمر

و کردن تریاق الانام مُحَقچَقا *** و بَربُوق بوق العارفین له الصدر

و نثر معانی الباف فی مدح ذاته *** و نظم مضامین الکزاف له ذکر

ایاخصیة الملهوف یا خایة المنی *** و یا خمرة المعروف اذ قضی الامر

وچَقچَق چقماق العوالم کلّها *** ابوالپشم باد المشک اعلامه الغرّ

و سطوة خرکوش السموات کلّها *** و پیزر پالون الشجاعة و الکبر

غُرة المفتاح المجاعد نفجعا *** و قمبرة الافلاک قِرقوة یقر

و نسمة باد الجعیاء اذا انبعث *** جراقع دحو الارض اشعارها النشر

وقنعرة قد یَنعَری فنک فارس *** مُعرپفة إن الشقور لها جقر

وکُمبزة الاسحار اذ لقلق السّهی *** و لمپنة منح الارض ان تقتق الشعر

ص: 111

و جُرت یعافیر الکرام اذ ارتقت *** علی کلّه الاکوان پُشتکة مُهر

وشُرشُر بحر الباد فی تنک لنکه *** امیر بنی الانجاس اذ پشلش الهرّ

فقم و افسون و اضرط علی ریش پشمه *** و فی ریش من والاه لا سیّما عُمر

هذه قصیدة تمترانیة فی رذائل معاویة

مرتبة علی مقدمة و فصلین

و خاتمة

اصل شرّ پنج شر ، سرمایۀ کفر و نفاق *** عجل رابع خوک سابع چنبر چوق حماق

بهر اظهار فضیلت آن سگ پلید شوم *** قد علی اعواد منبر را همی با تمتراق

واله {و} حیران شد و کم کرد راه نطق خود *** فم بود پا زیر ، پر دم آن ابله پر سپوتاق

در زمان تیز خران را کت جفتک باد کرد *** گفت انی منطق بود پترند و د پلا بدندا

زانکه در حضار مجلس ضحک محکی دری باد گفت نی منطق بود بالا و گفت آن پیر نفاق

الفصل الاول فی خطبة

حبذا از گریه نسرین که از وی آفتاب *** موشک بهر هنر از جفت روید تاق تاق

آفرین بر کتک پشم چشم کو سال سپهر*** ز آنکه روباه پرپوش مرکز کرک عراق

شهر عنقاد درهت سرو و زیبای منار *** چرخ چهارم کردن کرد درخشان یراق

ص: 112

عطسه بز ، جفتک خر، نعرۀ اشتر نرک *** تا که دیوار و فار اشک مشکش راق راق

سرو بستان عطار و کوس طنبور نبرد *** شرق مشرق از شفق ز نیکوتر گردد شاق شاق

عال شلغم زلف زردک چشم بادمجان نکر *** چون چقندر زین سبب چون تاف کبری

گاو جوغ بوستان را نفر چون فرفر نکر*** عرعر غولون درویشان نوای الفراق ذو شقاق

کردن دیوار کشتی بحر عمان را نبرد *** تخم طونه آب دجله قامت صوق صماق

کنید کفتار مهوش آفتاب انجمن *** سبزه مبز سمرقد پیاز شرا وفاق

ترشی انبه پز ار پنبه کلنگ پیب بان *** بر قلی افا یقرخان چون شتر یک عاق عاق

شیر شهرآشوب شهیر شلغم عالی سپر*** چین ماچین را نکر چون پنبه دار و احتراق

پیر لنگر بحر بربر لنگه در بهاد *** ابر خود چون ماه تابان سروستان تراق

در جهان ابر صقاهان در میان *** چون در دیوار عمان در بیابان اعتناق

سر و کرمک چون چغندر بلغم آسمان چنک *** آتش برق سترنک طره طرز طلاق

گربه شیرین سخن دریای زهد کبلابن اداک *** زلف مشکیش دریاچه لن ترا لیاق

عنبر افشان درخت لا و لولا را کلنک *** هندوی خال مهین مان مهما افتراق

حضرت ببدانکه می چسبید از همیان باد *** چون دربش بخیه کرد ربیل یاغیش اشتیاق

چون جود خنا راز لاله داد کونکاد *** چون همای اوج موج برج هر عقد و وثاق

فند فنداق قمر قمریس از فاش *** قماش خرمن یاد بیابان تیرفاق اتفاق

الفصل الثانی فی حلمه لبعض مسائله المشکله

بعد از آن غویّد و گفتا فاسئلونی مل لحبّ *** قام شیخ سائلا همچون بز پشمین یراق

ترکها ترشی منا و سامره افشانده اند *** گفت در وقت پریدن زاغ گوید واق واق

از چه راه جکنک خبارش قامت رعنا فزود *** گفت خود در آسمان خود در زمین گیرد سیاق

ص: 113

دیگرش پرسید بام شاخ ، بن افسار کیست؟*** گفت عنقا را منارهقمش آید سیاق

بازگو کان کردن دروازة باز که بود *** گفت خف سوره بعر شکل بقر کادو و ساق

باز پرسید او که است سگ چه اش جاروب بود *** گفت کانت لحیتی جاروبه با اشتیاق

باز گو کان باد خیک کند صهبا چه بود *** گفت مثلی لا جرم سوی طویله مثل ساق

گفت لوه کهکشان نوازشبان گیرد صداق *** بازگو کان چه چه خر به رافقه چه بود

باز کان عین و واو نواز کردی دیده *** قال من کلب کبیر از عوی شب در اتاق

حل گره این مشکل که اصطبل قناعت زهد کیست *** گفت جمشید بیابان قوس جولان را شقاق

یاز گو کان فرفر جوغ شبستان را چه شد *** گفت علاج نراج باغبان را انطباق

الخاتمه فی فضائله و مناقبه

مرحبا پنج بر پلنگ و پیر کفتار و قاد *** مغز اشک تخم کبک پر حقی ازربق راق

ضرطه خوئیک استر ریش بن سهنان نکر *** گاو زرد و داست سگ بر دور حلقش سد حلاق

آن آخ عنبر به یک ابتر در ویل سقر *** او چغر بل او پغربا آن سگ لنگ و طباق

کوس طبل تر تر فرفر شجاعت را نکر *** ده خر مرده سگ یک لقمه آسان زر نشات

بعد از آن عار دنه چون تیز دچه عرهر خر *** ده گرازش با پیازش در پیازه پیوقاق

عو عو سگ زا و معاویست هر پست پلید *** دزدی هر کریه زاد ، ادا صد من جهل چماق

خایة فرعون و است پست نمرود مرید *** شر شر بیت الخلاء تیز یهودان را تراقپ

عین او عین معوس مایۀ ادراک کو *** زلف سگ خاک کپک ینبوع آن را به مرات

باد خیک خایة هامان و ریش بوسفین *** است هستی اصل مسئی پنج پستی را سیاق

آیه پیل بیل سرابیلا ز سبیل عمرو عاص *** ذره ذره قطره قطره حقه حقه واق واق

آن مسک اسود گراز ازرق هندوستان *** موش خرمای بیابان لم یزل در احتراق

آن ابر خصیان ابوسفیان آل ابو حبتر *** بن امیة آل ابومروان آل عاق باق

ص: 114

الابوکافر بنی مشرک هم الابو زیاد *** الابوسگ آل ابن خوک بیابان عراق

آل ابو اشک بنی کپک بنی جفر بغر*** آل ابو پنچ ابو بعر بعیر قلچماق

آلابوخناسُ بو نسناس بن کناس ناس *** آل ابو چلپاس بن همیان بادتر پراق

آلابو فرعون و بن همامان بنی جوموع مرّ *** کلّهم مع من یعادی حیدر در احتراق

لم یزالوا لقمة للکرک ناد کردکار *** در طباق نارقها سقر لا زال باق

ص: 115

کتاب بستان المحدثین لعبدالعزیز الدهلوی ذکر فی سبب تصنیف ، أبی عبدالرحمن احمد بن شعیب بن علی بن بحر بن سنان النسائی صاحب السنن کتاب الخصائص فی مناقب المرتضی علیه السلام: إنّ الناس قد مالوا النواصب فأراد رحمه الله أن یوعظهم و یزکیهم من مذهب الباطل فجمع هذه الرسالة و قرء علیهم یوم عاشوراء فی جامع دمشق ، فأسأله الناصب ، هل صنفتَ فی مناقب معاویة؟ قال لا یصح عندی فی منقبته شیء إلّا قول رسول الله صلی الله علیه و اله : لا أشبع الله بطنه فغضب النواصب فضبوه و لم یزالوا یضربوه حتی خرّ مغشیاً فانتشروا عنه ، فلما أفاق قال: إذهبوا بی الی مکة ، فذهبوا به فلما بلغوا بین الصفا و المروة مات بإذن الله یوم الثلثا سنة ثلث و ثلثماة(1)

ص: 116


1- بستان المحدثین ، ص189 ، شاه عبدالعزیز محدث دهلوی ، ترجمه مولانا عبدالسمیع صاحب ، نشر میر محمد کتب خانه مرکز علم و ادب ، کراچی ، پاکستان.

مصادر

1)القرآن الکریم

2)إختیار معرفة الرجال-معروف به رجال الکشیّ- : لشیخ الطائفة أبی جعفر محمّد بن الحسن بن علیّ

الطوسی، تحقیق حسن المصطفوی، دانشکده الهیات و معارف اسلامی مشهد.

3)الاربعين في امامه الائمه الطاهرين :قمی ، محمدطاهر بن محمد حسین ، مطبعة الأمير الطبعة :الاولى

: 1418 ه ق .

4)إرشاد القلوب: للشیخ أبی محمّد الحسن بن محمّد الدیلمی، بیروت: مؤسسة الأعلمی للمطبوعات، الطبعة

الاولی، 1413 ه- ق.

5)أُسد الغابة فی معرفة الصحابة: عزّالدّین بن الأثیر أبی الحسن علی بن محمّد الجزری، تحقیق و تعلیق:

علی محمّد معوض و ... ، بیروت، دار الکتب العلمیة، الطبعة الاولی، 1415 ه- ق.

6)الإحتجاج : لأبی منصور أحمد بن علی بن أبی طالب الطبرسی، تحقیق السید محمّدباقر الموسوی

الخرسان، النجف الاشرف: دار النعمان، 1386 ه- ق.

7)الإختصاص: للشیخ المفید أبی عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العکبری البغدادی، تحقیق: علی اکبر

الغفاری، السید محمود الزرندی، بیروت: دار المفید، الطبعة الثانیة، 1414 ه- ق.

8)الاربعون حديثا عن أربعين من أربعين :منتجب الدين علي بن عبيد الله بن بابويه الرازي ،تحقيق ونشر

:مدرسة الامام المهدي عليه السلام ، قم المقدسة: 1408 ه- ق.

9)الإستیعاب فی معرفة الأصحاب: الحافظ أبوعمر بن عبدالبرّ النمری القرطبی ، تحقیق: الشیخ علی محمّد

معوض و الشیخ عادل أحمد عبدالموجود، بیروت: دارالکتب العلمیة.

10)الکشکول: الشيخ

البهائي ، بیروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.

11)الأمالی: لرئیس المحدثین أبی جعفر الصدوق محمّد بن علی بن الحسین بن بابویه القمّی، تحقیق و

نشر: مؤسسة البعثة ، الطبعة الاولی، 1417 ه- ق.

12)الأمالی: للشیخ المفید أبی عبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان العکبری البغدادی، تحقیق: حسین الاستاد

ولی، علی اکبر الغفاری، بیروت: دار المفید، الطبعة الثانیة ، 1414 ه- ق.

13)الأمالی: لشیخ الطائفة أبی جعفر محمّد بن الحسن بن علیّ الطوسی، تحقیق و نشر: مؤسسة البعثة ، قم،

الطبعة الاولی، 1414 ه- ق.

14)حیاة الحیوان الکبری: کمال الدین محمّد بن موسی الدمیری، تحقیق: ابراهیم صالح، دمشق: دار

البشائر ، الطبعة الاولی، 1426 ه- ق.

15)الخصال، لرئیس المحدّثین أبی جعفر الصدوق محمد بن علیّ بن الحسین بن بابویه القمیّ ، تحقیق:

علی اکبر الغفاری، قم: مؤسسة النشر الاسلامی، 1403 ه- ق.

16)العقد الفرید: لأحمد بن محمّد بن عبدربّه الأندلسی، بیروت: دار الکتاب العربی، 1384 ه- ق.

17)الغارات: ثقفى، ابراهيم بن محمد بن سعيد بن هلال،مصحح: محدث، جلال الدين، تهران: انجمن آثار

ملى: تهران، طبعة الاولی: 1395 ه- ق.

18)الفائق فی غریب الحدیث: لأبی قاسم ، جارالله ، محمود بن عمر الزمخشری الخوارزمی، تحقیق:

إبراهیم شمس الدین ، بیروت: دارالکتب العلمیة ، 1417 ه- ق.

19)الفضائل:لأبی الفضل سدیدالدین شاذان بن جبرئیل بن اسماعیل بن أبی طالب القمّی ، النجف: المکتبة

الحیدریة ، 1381 ه- ق.

20)القاموس المحیط: للعلامة اللغوی محمّد بن یعقوب الفیروزآبادی، بیروت: دار احیاء التراث العربی،

الطبعة الاولی، 1420 ه- ق.

21)الکافی: لثقة الاسلام أبی جعفر محمد بن یعقوب الکلینی الرازی، تحقیق: علی أکبر الغفاری، طهران:

دارالکتب الاسلامیة، الطبعة الخامسة، 1363 ه- ش.

22)المناقب و المثالب: ابن حیون ، نعمان بن محمد ، تحقیق: ماجد بن احمد عطیه ، بیروت: مؤسسة

الأعلمی للمطبوعات ، طبعة الاولی ، 1423 ه- ق.

23)أخبار الوافدین من الرجال من أهل البصرة و الكوفة علی معاوية بن أبي سفيان : عباس بن بکار ضبی

، بیروت: مؤسسة الرسالة ، الطبعة الاولی ، 1403 ه- ق.

24)إلزام الناصب بإمامة علی بن ابی طالب(علیهما السلام): شیخ مفلح بن الحسین بن راشد ابن صلاح

البحرانی، تحقیق: الشیخ عبدالرضا النجفی، بی تا ، بی جا.

25)أمالی للمرتضی: الشریف المرتضی ، بیروت: دارالفکر العربی ، 1998 م.

26)أنیس المسافر و جلیس الخواطر: یوسف بن احمد بحرانی، بیروت: دار و مکتبة الهلال، طبعة الاولی

: 1998 م.

27)بحارالانوار الجامعة لدرر الأخبار الأئمة الأطهار: للعلامة محمّدباقر المجلسی، تحقیق: عبدالرحیم

الربانی الشیرازی، العابدی الزنجانی، بیروت: دارالوفاء ، الطبعة الثانیة ، 1403 ه- ق.

28)بستان المحدثین ، ص189 ، شاه عبدالعزیز محدث دهلوی ، ترجمه مولانا عبدالسمیع صاحب ، نشر

میر محمد کتب خانه مرکز علم و ادب ، کراچی ، پاکستان.

29)بشارة المصطفی لشیعة المرتضی: للحافظ محمّد بن جریر بن رستم الطبری الامامی، تحقیق: جواد

القیومی، قم: مؤسسة النشر الاسلامی، الطبعة الاولی، 1420 ه- ق.

30)بصائرالدرجات: محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار القمّی ، تحقیق: میرزا محسن کوچه باغی

التبریزی، طهران: مؤسسة الاعلمی، 1404 ه- ق.

31)بلاغات النساء: احمد بن أبی طیفور ، قم: مکتبة بصیرتی.

32) تاریخ ابن خلدون: ابن خلدون، عبدالرحمن بن محمد ،مصحح: خلیل شحاده ، بیروت: دارالفکر ،

الطبعة الثانیة.

33)تاریخ الطبری(تاریخ الامم و الملوک): لمحمد بن جریر الطبری، تحقیق: محمّد أبوالفضل ابراهیم: دار

الکتاب العربی، الطبعة الاولی، 1407 ه- ق.

34)تاریخ مدینة دمشق: علی بن الحسن بن هبة الله بن عبدالله الشافعی المعروف بابن عساکر، تحقیق: علی

شیری، بیروت: دارالفکر، 1415 ه- ق.

35)تاریخ یعقوبی : احمدبن اسحاق یعقوبی، بیروت: مؤسسة الاعلمی للمطبوعات ، 1358 ه- ق.

36)تعریب کامل البهائی: حسن بن علی الطبرسی ، مترجم و محقق: سید محمد شعاع فاخر، نجف: مکتبة

الحیدریة ، طبعة الاولی ، 1426 ه- ق.

37)تفسیر القمّی: لأبی الحسن علی بن ابراهیم القمّی، تحقیق: السید طیب الموسوی الجزائری، قم:

دارالکتاب، الطبعة الثالثة، 1404 ه- ق.

38)تکملة أمل الآمل: للسید حسن الصدر، تحقیق: السید أحمد الحسینی ، قم: مکتبة آیة الله المرعشی النجفی العامّة ، 1406 ه- ق.

39)تهذیب الاحکام: لشیخ الطائفة أبی جعفر محمّد بن الحسن بن علیّ الطوسی، تحقیق: السید حسن

الموسوی الخرسان، طهران: دارالکتب الاسلامیة، الطبعة الثالثة، 1364 ه- ق.

40)جامع المقاصد في شرح القواعد: شيخ نور الدين على بن حسین بن عبدالعالى كركى معروف به محقق

ثانى یا محقق كركى ، قم:مؤسسه آل البيت عليهم السلام ، الطبعة الثانیة :1414ق.

41)جواهرالمطالب: فخرالدين بن محمدعلى طريحى ،تحقيق: مهدى هوشمند، میراث حدیث شیعه، 1382 ش.

42)حیاة الحیوان الکبری: کمال الدین محمّد بن موسی الدمیری، تحقیق: ابراهیم صالح، دمشق: دار

البشائر ، الطبعة الاولی، 1426 ه- ق.

43)ربیع الأبرار و نصوص الأخبار: لأبی قاسم، جارالله، محمود بن عمر الزمخشری الخوارزمی ،

تحقیق: عبدالأمیر مهنا، بیروت: مؤسسة الاعلمی، الطبعة الاولی، 1412 ه- ق.

44)زهرالربیع:سید نعمت الله جزایری، مؤسسة العالمیة للتجلید، 1421 ه- ق.

45)شاخه طوبی ، نسخه الخطیه بخط مصنفها ، موجودة ثلاثة نسخ مصوره منها عندنا.

46)شرح نهج البلاغه : لابن إبی الحدید، عزّالدین أبی حامد المدائنی، تحقیق : محمّد أبوالفضل ابراهیم،

بیروت ، بی تا.

47)صراط المستقیم : بیاضی النبطی، علی، نجف:المکتبة الحیدریة، 1384ق.

48)علل الشرایع: لرئیس المحدّثین أبی جعفر الصدوق محمّد بن علیّ بن الحسین البابویه القمی، بیروت:

دار احیاء التراث العربی.

49)غرر الاخبار و درر الآثار :دیلمی، حسن بن ابی الحسن، قم :دلیل ما، 1427ق.

50)غرر الخصائص الواضحة و عرر النقائص الفاضحه ، وطواط ، محمد بن ابراهیم، مصحح: شمس

الدین ، ابراهیم ، بیروت: دارالکتب العلمیة ، 1429 ه- ق.

51)فرج المهموم في تاريخ علماء النجوم: حلّى، سيد ابن طاووس، رضى الدين، على ، قم: دار الذخائر ،

طبعة الاولی ، 1368 ه- ق.

52)قاموس المحیط:محمد بن یعقوب فیروزآبادی ، بیروت: دارالکتب العلمیة ، الطبعة الأولی:1415ه- ق.

53)قرب الاسناد: لأبی العبّاس عبدالله بن جعفر الحمیری، تحقیق و نشر: مؤسسة آل البیت (علیهم السلام)

لاحیاء التراث، قم: الطبعة الاولی، 1413 ه- ق.

54)کتاب لسلیم بن قیس الهلالی: تحقیق: محمّدباقر الانصاری الزنجانی الخوئینی، طهران: مکتبة نینوی

الحدیثة، الطبعة الثانیة، 1400 ه- ق.

55)مجمع البیان فی تفسیر القرآن: لأبی علی الفضل بن الحسن الطبرسی ، تحقیق لجنة من العلماء ،

بیروت: مؤسسة الرسالة ، الطبعة الاولی، 1415 ه- ق.

56)مروج الذهب: المسعودی، علی بن حسین، الشافعی، بیروت: دارالاندلس للطباعة و النشر ، 1985 م.

57)مسار الشیعه: شیخ المفید، محمد بن نعمان، بیروت: دار المفید، 1414ق.

58)مطالب السوؤل فی مناقب آل الرسول: کمال الدین محمّد بن طلحة الشافعی، تحقیق: ماجد بن أحمد

عطیة، بیروت: مؤسسة أمّ القری للتحقیق و النشر، الطبعة الاولی، 1420 ه- ق.

59)معجم رجال الحدیث: سید ابوالقاسم خوئی ، مرکز نشر الثقافة السلامیة فی العالم ، 1390 ق.

60)مناقب آل ابی طالب: لابن شهرآشوب، أبی جعفر، محمّد بن علی المازندرانی السروی، تحقیق: لجنة

من الاستاذة ، النجف الاشرف، المکتبة الحیدریة.

61)من لا یحضره الفقیه: لرئیس المحدّثین أبی جعفر الصدوق محمّد بن علیّ بن حسین بن بابویه القمّی ،

تحقیق السیّد حسن الخرسان، دار الاضواء ، بیروت، 1405 ه- ق.

62)نقباء البشر فی القرن الرابع عشر: الشیخ آقا بزرگ الطهرانی، تعلیق: السید عبالعزیز الطباطبائی ،

مشهد: دارالمرتضی ، 1404 ه- ق.

63)نوادر الخلفاء اعلام الناس بما وقع للبرامكه مع بني العباس: الإتليدي، محمد دياب ، تحقیق:

سالم ، نشر العلمية.

64)نهج البلاغة: سید الرضی ، مصحح و مترجم: محمد دشتی، مشهد: مشهور ، طبعة الاولی ، 1379 ش.

ص: 117

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.