الإِجتهاد في مقابل النص

هوية الکتاب

تأليف

الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي قدّس اللّه سِرَّهُ

تحقيق وتعليق

أبو مجتبى

محرر الرقمي: محمد رادمرد

ص: 1

اشارة

الإِجتهاد في مقابل النص

تأليف

الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي

قدَّسَ اللّه سِرَّه

تحقيق وتعليق

أبو مجتبى

ص: 2

مقدمة:

إشارة:

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه رب العالمين باري الخلائق أجمعين الذي سن لهم أحكاماً وتشريعات تعود عليهم بالنفع في عاجل الدنيا وآجل الاخرة وجعلها طبقاً لمصالح وعلل لا يعلمها الا هو ومن ارتضاه من رسله وعباده المخلصين.

والصلاة والسلام على منقذ البشرية من الظلمات الى النور، الذي حلاله حلال أبدأ إلى يوم القيامة وحرامه حرام أبداً الى يوم القيامة، الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى، وعلى آله الغر الميامين أمناء اللّه على دينه ومهبط وحيه ومعدن رحمته وخزان علمه... والذين هم منتهى الحلم واصول الكرم وقادة الامم وأولياء النعم وعناصر الابرار ودعائم الاخيار وساسة العباد وأركان البلاد وأبواب الايمان... حجج اللّه على أهل الدنيا والآخرة والاولى المظهرين لأمر اللّه ونهيه وعباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمرهيعملون.

ص: 3

الحرية :

الحرية هو شعار، كثيراً ما ادعته أديان و مذاهب وأحزاب وقوميات وشخصيات في العصر الحديث وفي العصر القديم وجعل هذا الشعار هدفاً مقصداً للانسان يسعى لتحقيقه ويتغنى به، واذا أراد الانسان أن يبحث عن المبدأ أو الفئة التي أعطت الانسان حريته وسعادته المنشودة لم يجد لها عين ولا أثر على وجه البسيطة حتى المذاهب التي اتخذت الحرية شعاراً اساساً لها كالرأسمالية الغربية أو الاشتراكية الشرقية والذي يوجد عندها انما هو لفظ الحرية ومصداق العبودية بمعنى الكلمة وبما يحمل اللفظ من معنى لهذا رجع الانسان من هذين المذهبين بل والمذاهب الأخرى الوضعية بخفي حنين الا العبودية الذليلة.

الانسان لا يجد حريته وسعادته الا في الاسلام وهو الدين والمبدأ الوحيد المجالات: المبدأية الذي ضمن للانسان سعادته وحريته الحقيقية في جميع والاقتصادية والاخلاقية الفردية والاجتماعية، وهذه هي الحرية التي تعلو به انسانیته و کرامته بل وتعلو به الى أعلى عليين حتى تقربه الى ما يتناسب معمن مولاه.

حرية الفكر في الاسلام :

من جملة الحريات التي منحها الاسلام للانسان هي حرية الفكر ودعاه وحثه على التفكر في جميع المجالات بمافيها الكون والحياة والاخرة وما سوف يؤول اليه وأشار الى حقيقة قد تخفى على الانسان وهي ان الذي يستفيد من الكون والحياة ويكون على سبيل نجاة هو الذي يفكر فيما حوله «إِنَّ

ص: 4

فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ...» (1)

وان الذي يأخذ عبرة من ذلك هو الانسان المفكر قال تعالى : «وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (2)

وفيالحث على الفكر وحريته فضله على كثير من العبادات فقد روي عن نبي الاسلام (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قوله : «فكرة ساعة أفضل من عبادة سنة»(3).

وأرجحية التفكر على العبادة ليس الا لان في التفكر ميزة خاصة لا توجد كثير من العبادات الجوفاء عن المعرفة والهداية.. تلك الميزة هي الوصول الى الحقيقة فكم انسان قد اهتدى الى الاسلام أو من الفسق والعصيان الى الايمان وخرج من الظلمات الى النور ومن الشقاء الى السعادة.. لانه استعمل فكره وعقله لفترة من الزمن وقد لا تتجاوز الساعات أو الدقائق فيرتبط مصيره بهذه اللحظات القيمة.

والشواهد على ذلك كثيرة جداً فالنقتبس من باب مدينة علم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعضها قال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «فكرك يهديك الى الرشاد، ويحدوك على اصلاح المعاد»(4). وقال أيضاً: «لكل شيء دليل ودليل العاقل التفكر» (5).

وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ): مشيراً الى انه كل ما كان تفكير الانسان أكثر وأعمق كان صوابه

ص: 5


1- سورة آل عمران: 190 - 191.
2- الجاثية: 13.
3- البحار 326/71.
4- غرر الحکم ص 227.
5- تحف العقول ص 285.

وقربه الى الحق أكثر وكل ماقل تفكيره كثر خطائه وقرب نحو الباطل «طول لفكر يحمد العواقب، ويستدرك فساد الامور» (1).

وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «تفكرك يفيدك الاستبصار ويكسبك الاعتبار» (2).

وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «من فكر قبل العمل كثر صوابه» (3).

المبدأ الاول وحرية الفكر :

والاسلام حينما دعى الى حرية الفكر وحث عليه لم يكن ذلك من باب التسلية والشعار الفارغ وانمارتب على ذلك الاثر كبقية الحقائق التي يدعو اليها.

فأهم شيء في وجهة نظر الاسلام بل في الوجود ككل هو معرفة المبدأ الأول المنشيء لهذا الكون بمافيه وهذه الحياة التي يعيشها الانسان على هذاالكوكب.

فالاسلام ابتدأ مع الانسان من هذه المهمة التي هي أول ما يحتاجه الانسان ولا يمكن أن يستقل عنها أو ينفصل عن فيضها ولو لحظة واحدة، فنبه الاسلام الانسان على أنه لابد له من الاعتراف بوجود اللّه سبحانه وعدالته من طريق العقل الحر والتفكير العميق ولا يكفي التقليد فيه وكذلك بقية اصول الدين كالنبوة والامامة والمعاد يلزم أن يعترف بها من طريق فكره وأدلتها متوفرة لجميع الناس مهما اختلفت مستوياتهم ويكتفي من كل بحسب حاله والايات والرواياتالتي تتحدث كأدلة ليست الا محض ارشاد والا لحصلت المصادرة.

وهذا لا يمنع من ان الاسلام اتخذ موقفاً آخر بالنسبة الى فروع الدين فقد فسح المجال للتقليد فيها لمن ليس أهلا للنظر والفحص وذلك لكثرتها وتشعب

ص: 6


1- غرر الحکم ص 208.
2- غرر الحکم ص 157.
3- غرر الحکم ص 277.

أدلتها خصوصاً مع البعد الزمني عن عصر الرسالة وتوقف النظام الاجتماعي لواشتغل الكل بتحصيل كل ما يحتاجه من مسائل الفقه.

حرية اختيار الاسلام :

بعد أن عرفنا ان معرفة المبدأ الاول لابد أن يكون من طريق العقل وحريته التامة.. نعرف ان كل شيء مهما سما فهو دون المولى سبحانه حتى الاسلام فاختیاره يكون بتفكر الانسان و بحثه وتدقيقاته «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» وعندما يستعمل عقله فالنتيجة هي الاعتراف بالاسلام ومباديه لهذا نرى ان الاسلام يعطي الانسان حرية التفكير في بحثه وهو مطمأن ان النتيجة هو الوصول الى الحقيقة والواقع وتراه يضع للانسان الداعية الطرق الحكيمة والخلقية عندما يدعو الانسان غيره ولايحتاج لان يستعمل الاساليب الملتوية من الكذب والغش والبهتان والشتم والتعصب الاعمى «ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ» (1) «وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ». (2).

واننا على علم ويقين تامين ان الانسان مهما كان اذا استعمل فكره ولم يتعصب الى فكرة معينة أو تقليد أعمى لابويه أو لبيئته التي يعيش فيها أو لحزب ينتمي اليه أو لمذهب ينتسب اليه وصار موضوعياً في فكره وبحثه وأخلص النية للّه تعالى الحق في هدفه فانه سوف يصل الى الحقيقه وتنكشف له كما سوف يتعرف على الباطل وموارد الاشتباه والالتباس عليه وذلك بعون اللّه وحسن لطفه وعنايته.

ص: 7


1- النحل : 125.
2- العنكبوت : 46.

منزلة العقل في الاسلام :

فاذا عرفنا هذه الاهمية الكبرى للفكر في الاسلام نعرف أهمية العقل في حياة الانسان وسعادته ووصوله الى الواقع... فان العقل أداة الفكر الذي يفكربها الانسان وقد وردت النصوص الكثيرة في مدح العقل وجعله حجة على الناس كما ان الرسل حجة عليهم.

قال الامام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ)

«یاهشام ان للّه على الناس حجتين : حجة ظاهرة وحجة باطنة. فأماالظاهرة فالرسل والانبياء و الائمة، وأما الباطنة فالعقول» (1).

بل جعل التمييز بين الخير والشر والنزوع عن الشر انما هو بالعقل. فقد روي عن الرسول الاعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ):

«انما يدرك الخير كله بالعقل ولادين لمن لا عقل له» (2).

وهكذا يتتابع المدح والثناء على العقل وما يلازمه من العلم والتفقه «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ» (3).

وقال الامام الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ):

«تفقهوا في دين اللّه فان الفقه مفتاح البصيرة» (4).

وقال الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ):

«ايها الناس لاخير في دين لا تفقه فيه» (5).

ص: 8


1- الكافي ج 16/1.
2- تحف العقول ص44.
3- فاطر : 28.
4- تحف العقول ص 302.
5- البحار ج 307/70.

الموضوعية عند أهل البيت :

لا نعجب لمانرى أئمة الهدى من آل الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ان هدفهم هو الوصولالى الحق مهما كان طريقه مراً وشائكاً وكأوداً واننا بملاحظة تعاليمهم (عَلَيهِم السَّلَامُ) وتربيتهم لامة جدهم نرى أروع الامثلة في الموضوعية والتجرد عن التقليد الاعمى والتعصب الجاهلي فمثلا نقرأ قول الامام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) في مناجاته لربه وتضرعه اليه :

«اللّهم اني لو وجدت شفعاء أقرب اليك من محمد وأهل بيته الاخيار الائمة الابرار لجعلتهم شفعائي اليك...».

فالميزان ليس الحسب أو النسب أو العشيرة أو تقليد الاباء مهما بلغوا في عظمتهم وشهرتهم بل المقصد هو الوصول الى الحق سبحانه والقرب اليه من أي طريق وبأي ثمن وانما يجب التمسك بالمبدأ المعين اذا كان موصلا الى اللّه تعالى ومقرباً نحوه والا لاقيمة له، فالامام الهادي (عَلَيهِ السَّلَامُ) يفترض - وفرض المحال ليس بمحال انه لو وجد شخص أقرب إلى اللّه من الرسول الاعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لوجب التمسك به، وهذا غاية الموضوعية والاخلاص الى اللّه سبحانه.

***

وان الموضوعية في الابحاث مهما كانت قد تبدو حساسة وشائكة وصعبة الا انها سوف تكون عاملا مساعداً للوحدة ولم شعث الامة الاسلامية ورص صفوفها في قبال الكفر العالمي، وأما السكوت عن القضايا المذهبية والخلافية أو اثارتها بالشتم والكذب والبهتان والتعصب فانه لن يجدي نفعاً للامة الاسلامية ووحدتها وعزها وكرامتها، بل يجب أن تتوحد الصفوف وتنصهر وتحابب القلوب مهما كان بينها من خلاف أو تعدد في المذاهب والافكار وتكون كالجسد

ص: 9

الواحد يتألم بعضه لبعض لتعود خير أمة أخرجت للناس.

وهذا الكتاب الذي بين أيدينا من جملة الكتب التي تعرض القضايا العلمية والتاريخية والفقهية والكلامية ويبحثها بحثاً موضوعياً بعيداً عن التعصب المذهبيأو الطائفي بل أعطى للفكر مجاله في مناقشات الابحاث التي تعرض لها.

وأول ما يلفت انتباهنا هو عنوان الكتاب (النص والاجتهاد) فماذا يراد بهذين اللفظين وماهو مقدار الصلة والتقابل بينهما.

النص :

أصل النص في اللغة : أقصى الشيء وغايته ثم سمي به ضرب من السير السريع.. ونصصت الحديث الى فلان : رفعته اليه (1).

وللنص معنيان:

1 - ان يكون في مقابل المجمل أو الغير الظاهر فيكون النص : «ما دلعلى معنى غير محتمل للنقيض بحسب الفهم» (2).

وقال صاحب المعارج : «هو الكلام الذي يظهر افادته لمعناه ولا يتناول أكثر مما هو مقول فيه» (3).

وهذا المعنى لم يكن محط لنظر المصنف.

2 - النص : المراد به الكتاب الكريم والسنة الشريفة بأقسامها الثلاثة :

أ - قول المعصوم. ب- وفعله. ج - وتقريره.

ص: 10


1- راجع : الصحاح ولسان العرب.
2- مجمع البحرين ج 4 / 186.
3- معارج الأصول ص 5 ج 1.

فقد أطلق على كل ذلك النص فاذا قيل عنده نص أي أحد هذه الأمور واذاقيل لم يكن عنده نص أي هذه الامور منتفية فيرجع معنى النص الى انه:

«الدليل الدال على الحكم الشرعي والثابت عن الشارع من طريق القطعأو الظن المعتبر سواء كان كتاباً أو سنة».

وهذا هو مراد المصنف كما هو واضح من ثنايا أبحاث الكتاب.

الاجتهاد :

والاجتهاد في اللغة مأخوذ من «الجهد» بالضم بمعنى الطاقة وبالفتحبمعنى المشقة فهو بذل الوسع والطاقة والقيام بعمل مامع المشقة. (1)

وبهذا المعنى استعمل في القرن الأول الاسلامي فالنصوص التي قدوردب وتحدثت عن الاجتهاد بناءاً على صحة تلك النصوص فالمراد هو الاجتهاد اللغوي ولم يكن لهم اصطلاح خاص غير المعنى اللغوي.

في الاصطلاح :

والاجتهاد في اصطلاح علماء الاصول قد تعدد تعريفه عندهم :

فقد عرفوه : «انه ملكة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي من الاصل فعلا أو قوة قريبة» كما عرفه البهائي بذلك.

وعرفه الغزالي بأنه : بذل المجتهد وسعه في طلب العلم بأحكام الشريعة».

وعرفه ثالث : من انه «الملكة التي يقتدر بها على ضم الصغريات لكبرياتها لانتاج حكم شرعي أو وظيفة عملية شرعية أو عقلية» (2).

ص: 11


1- راجع كتب اللغة الصحاح ولسان العرب.
2- الاجتهاد البحر العلوم والاصول العامة للحكيم، ومقدمة الكتاب للحكيم أيضاً.

وغيرها من عشرات التعاريف التي لا تتعدى انها شرح للاسم وليست تعاريف لحقيقة الاجتهاد خصوصاً بعد تطوره واختلافه من زمن إلى آخر.

التاويل :

عرفنا فيما سبق أنه في القرن الأول الاسلامي لم يستعمل الاجتهاد كمصطلح خاص يغاير المعنى اللغوي بل يستعملونه في المعنى اللغوي فقط.

وهم يستعملون مكانه كمصطلح خاص لفظ «التأويل» فالشخص الذي يرتكب مخالفة للكتاب أو السنة ويراد أن يعتذر عنه أو يصحح عمله يقال له تأول.

وأمثلة ذلك كثيرة في الصدر الاول :

منها : ان خالد بن الوليد لماقتل مالك بن نويرة عامل رسول اللّه علىصدقات قومه اعتذر خالد عن فعله وقال للخليفة أبي بكر :

«ياخليفة رسول اللّه اني تأولت وأصبت وأخطأت» (1).

ومنها : قول أبي بكر جواباً لعمر حين قال : «ان خالداً زنی فارجمه» : «ما كنت أرجمه فانه تأول فأخطأ» أو «هبه يا عمر، تأول فأخطأ... (2).

وهكذا كانوا يعتذرون لجملة من الصحابة في أعمالهم كاتمام الصلاة فيحال السفر لعائشة وعثمان والحروب التي دارت بين الصحابة (3).

وتطور الاعتذار الى حد صار الى كل جريمة ترتكب والمرتكب في نظرهممسكوت عنه.

ص: 12


1- راجع ما يأتي ص 125.
2- مقدمة مرآة العقول ج 67/1، وما يأتى من الكتاب ص 124.
3- صحيح مسلم باب صلاة المسافر وقصرها، وما يأتي من الكتاب ص 405 و 412.

فقد اعتذر ابن حزم :

عن أبي الغادية قاتل عمار (رضیَ اللّهُ عنهُ) من انه متأول مجتهد فاخطأ فله أجرواحد (1).

مع ماتواتر من قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في عمار انه «تقتله الفئة الباغية» (2).

بل تمادوا في الاعتذار عن أشقى الأولين والآخرين ابن ملجم في الجريمة التي هزت السموات والارض وهى قتله لسيد الوصيين (عَلَيهِ السَّلَامُ).

اعتذروا لابن ملجم كما اعتذروا ليزيد بن معاوية في قتله لسيد شباب أهل الجنة ريحانة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقرة عين الزهراء البتول الامام الحسين سبط الرسول (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

اعتذروا لهم انهم تأولوا فأخطأوا فلهم أجر واحد.

واذا رجعنا الى كتب اللغة في معنى التأويل لرأيناهم يذكرون ان التأويل هو بمعنى التفسير.. وتفسير ما يأول اليه الشيء(4).

ولكن المعتذرين استعملوه في غير معناه اللغوي بل في الافعال التي ارتكبت مخالفة للنصوص الصريحة(5).

مدرسة الراى :

وفي القرن الثاني تطورت أسباب الاعتذار والتبرير من «التأويل» الى

ص: 13


1- الفصل لابن حزم، والاصابة ج 151/4.
2- راجع مصادر هذا الحديث في كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات.
3- المحلي لابن حزم ج 484/10 والجوهر النقي لابن التركمان بذيل سننالبيهقى ج 58/8 و تاريخ ابن كثير ج223/8.
4- راجع كتب اللغة الصحاح ولسان العرب.
5- راجع ما يأتى من أبحاث في الكتاب، ومقدمة مرآة العقول.

الرأي وكانت مدارس الرأي كثيرة ادعى بعضهم وجودها في زمن الصحابة في الصدر الاول من الاسلام ولكن مدرسة الامام أبي حنيفة المتوفى 150ه- والمتواجدة في العراق فاقت بقية مدارس الرأي فقد بالغ بالاخذ به كمصدر أساسي للاحكام الشرعية ودليل قاطع فقد روى الخطيب البغدادي في ترجمة أبي حنيفة من تاريخ بغداد عن يوسف بن أسباط قال قال أبو حنيفة :

«لو أدركني رسول اللّه وأدركته لاخذ بكثير من قولي وهل الدين الا الرأي الحسن» (1).

ولهذا تشدد في أخذ النصوص من السنة النبوية الى حد كان يرفض جملةكبيرة منها، فقد روی الخطيب أيضاً عن علي بن عاصم انه قال :

حدثنا أبا حنيفة عن النبي فقال : لا آخذ به فقال : فقلت : عن النبي فقال: لا آخذ به وروي أيضاً عن أبي اسحاق الفزاري قال :

كنت آتي أبا حنيفة أسأله عن الشيء من أمر الغزو فسألته عن مسألة فأجاب فيها فقلت له : انه يروى فيه عن النبي كذا وكذا قال : دعنا عن هذا. وقال أيضاً

كان أبو حنيفة يجيئه الشيء عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيخالفه الى غيره (2).

وعلى هذا المبنى فقد أفتى بجملة من الاحكام الشرعية التي توجد كثير من الروايات على خلافها (3).

والحاصل : ان الرأي في مدرسة أبي حنيفة بل وفي غيرها يساوي الاجتهاد

ص: 14


1- تاریخ بغداد ج 387/13 – 390.
2- راجع هذه النصوص وغيرها في تاريخ بغداد للخطيب ج 387/13 – 390 وكتاب المجروحين لبستى ج 65/3 كما في مقدمة مرآة العقول ج1.
3- راجع ذلك في كتاب المحلى لابن حزم ج 81/7 و 111 وج 351/8 وج10/ 360 وبداية المجتهد ومقدمة مرآة العقول ج 40/2 - 46.

وهما بمعنى واحد يقول مصطفى عبدالرزاق :

«فالرأي الذي نتحدث عنه هو الاعتماد على الفكر في استنباط الاحكامالشرعية وهو مرادنا بالاجتهاد» (1).

وهذا الاجتهاد عندهم على الأقل عدل للكتاب والسنة فكما انهما مدركانللاحكام الشرعية كذلك الرأي يقول الدواليبي في تقسيم الاجتهاد الى ثلاثة :

أولا : البيان والتفسير لنصوص الكتاب والسنة.

ثانياً : القياس على الاشباه في الكتاب والسنة.

ثالثاً: الرأي الذي لا يعتمد على نص خاص وانما على روح الشريعة...»(2). ولعل الفقر العلمي الذي حصل لديهم وذلك من ان التلقي للاحاديث ومن مصدرها قد انقطع بوفاة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لهذا مست الحاجة الى مثل هذه الأمور بعكسه لمدرسة أهل البيت مثلا التي ترى ان الائمة (عَلَيهِم السَّلَامُ) هم استمرار لحركة الرسول الاعظم و هم قد حفظوا جميع آثاره وهم لسانه الناطق فبوجودهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) لاتحتاج شيعتهم الى الرأي والقياس وماشا كلهما.

مدرسة الحديث

ولما انتشرت مدرسة الرأي خرجت في قبالها مدرسة الحديث وقد أخذت هذه موقفاً عكسياً لمدارس الرأي فقد اعتمدت هذه على ظواهر الحديث وشجبت جميع القضايا العقلية كالقياس والاستحسان والرأي وتعبدت بظواهرالنصوص وكان من المؤيدين الى هذه المدرسة الامام مالك بن أنس ثم تمتشييدها على يد داود بن علي الظاهري المتوفى سنة 270ه وسميبالظاهري

ص: 15


1- تمهيد لتاريخ الفلسفة الاسلامية ص 138.
2- المدخل الى علم اصول الفقه ص 55.

لانه كان يعتمد على ظواهر الكتاب والسنة ولم يعتمد على الاجماع الا اذا اتفق جميع العلماء على الحكم. وهذه المدرسة لم تتمكن من مصارعة مدرسة الرأي بالرغم من وجود علماء وأنصار لها كابن حزم الاندلسي فقد انقرضت هذه المدرسة في القرن الثامن الهجري.

مدرسة أهل البيت :

ان مدرسة أهل البيت في تلقي الاحكام الالهية ونشرها لها مميزاتها ومباديها الخاصة ولها الاستقلالية التامة عن جميع المدارس الاخرى التي حدثت وتعتقد ان الاحكام الشرعية يجب أن تكون من مصدر الهي ومن منبع الرسالة المحمدية لا غيروان علومهم علوم جدهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولهذا كثيراً ما يكررون ويؤكدون ان حديثهم هو حديث جدهم سواء أسندوها اليه أم لا، وانهم لا يقولون بآرائهم بل علمهم موروث من جدهم الى الامام أمير المؤمنين الا ثم الى الحسن ثم الحسين ثم الأئمة من بعده واحداً بعد واحد فمثلا علوم سيد العترة الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) مأخوذة من علم الرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقد ورد عن الامام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله:

«ان اللّه علم رسول اللّه الحلال والحرام والتأويل وعلم رسول اللّه علمه كله علياً» (1).

و (سأل رجل أبا عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) - الامام الصادق - عن مسألة فأجابه فيها، فقال الرجل: أرأيت ان كان كذا وكذا ما يكون القول فيها ؟ فقال له : مه ما أجبتك من شيء فهو عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لسنا من أرأيت في شيء (2).

ص: 16


1- بصائر الدرجات ص290 وسائل الشيعة، وراجع ما يأتي في الكتاب من الاحاديث التي قد وردت عن طريق مدرسة الخلفاء بهذا الصدد ص568 وغيرها.
2- الکافی ج 58/1.

وفي حديث آخر للامام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ):

«مهما أجبتك فيه بشيء فهو عن رسول اللّه لسنا نقول برأينا من شيء» (1).

و غيرهما من عشرات الاحاديث في هذا الموضوع التي تؤكد انمصدرهم هو جدهم الاعظم.

موقف مدرسة أهل البيت من الرأى :

ان مدرسة أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وقفت من القياس والرأي والاستحسان موقفاً سلبياً بل ومن الاجتهاد الذي يساوي الرأي وانكرته أشد الانكار.

فقد ورد عنهم «ان دين اللّه لا يصاب بالمقائیس» و «ان دين اللّه لا يصاب بالقياس» وقالوا «ان السنة لاتقاس الاترى ان امرأة تقضى صومها ولا تقضى صلاتها يا أبان ان السنة اذا قيست محق الدين»(2).

وكان موقف الامام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) من مدرسة الرأي واضحاً فقد انكر على رائديها وخصوصاً أبي حنيفة وقد حصلت عدة مناقشات بين الامام الصادق وابي حنيفة حصلت الغلبة فيها للصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) (3).

وكذلك علماء مدرسة أهل البيت انكروا العمل بالرأي والاجتهاد الذييساويه.

وقد ألفوا الكتب في الرد على من عمل بالرأي أو القياس قبل الغيبة الصغرى

ص: 17


1- بصائر الدرجات ص 301.
2- راجع هذه الاحاديث في الكافي ج 56/1 579.
3- حلية الأولياء ج 196/3 وابطال القياس لابن حزم ص 71 وسائل الشيعة ج 19 ح 468 باب 44 من أبواب الديات.

وبعدها، فقد صنف عبد اللّه بن عبد الرحمن الزبيري كتاباً أسماه :

«الاستفادة في الطعون على الاوائل والرد على اصحاب الاجتهاد والقياس» وصنف هلال بن ابي الفتح المدني كتابا في الموضوع باسم : «الرد على من رد آثار الرسول واعتمد على نتائج العقول» (1).

وكان الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والسيد المرتضى ينكرون الاجتهاد والرأي والقياس والاستحسان وان هذه الامور ليست من مذهب الامامية (2).

ولهذا انكروا على ابن ابي الجنيد عمله بالقياس الى حد رفضوا فتاويه مع ان الشيخ المفيد والسيد المرتضى من كبار المجتهدين.

فيعرف من هذا ان الاجتهاد له مفهومان : مفهوم خاص ومفهوم عام اما المفهوم الخاص :

للاجتهاد فهو المفهوم الذي يساوي الرأي أو القياس أو الاستحسان يقول الشافعي.

«في القياس ؟ أهو الاجتهاد أم هما مفترقان قلت : هما اسمان بمعنى واحد»(3).

وهذا الاجتهاد هو الذي كانت تأخذ به مدارس الرأي والتي تجعله مصدراً ودليلا للاحكام الشرعية كالكتاب والسنة، وهذا بعينه الاجتهاد المرفوض لدى مدرسة أهل البيت وعلمائها رفضاً باتاً سواء كان في قباله نص صريح ام لا ولعل بعض الابحاث التي دار الحديث عنها في داخل الكتاب يكون من مصاديقه.

ص: 18


1- رجال النجاشى، المعالم الجديدة للاصول ص 24.
2- المعالم الجديدة ص 25، الذريعة للسيد المرتضى ج 2/ 308، الجواهر ج 89/40.
3- الرسالة للشافعي ص 477.

المفهوم العام للاجتهاد :

وهو قريب من المعنى اللغوي ان لم يكن هو فان هذا الاجتهاد هو ان يقوم الفقيه بعملية استنباط الاحكام الشرعية من أدلتها كالكتاب والسنة فبينما اصبح الاجتهاد بالمعنى الخاص دليلا يعتمد عليه الشخص حينما يسأل ويقول اجتهادي كان الاجتهاد بالمعنى العام هو بذل الجهد والطاقة في فهم الحكم الشرعي من الكتاب أو السنة الشريفة وان كان قد اختلف العناء والمشقة في استخراج الحكم من ظاهر الآية أو الرواية فبينما كان في السابق لا يوجد فيها اي عناء فلا يقال له اجتهاد بينما الان اصبح العناء فيها شديداً جداً لما يبذله الفقيه من جهد علمي لتحديد الحكم الشرعي فيصدق عليه انه مجتهد.

ومع البعد الزمني اصبحت عملية الاستنباط ليست جائزة فحسب بل واجبة وذلك لتوقف فهم الحكم الشرعي عليها وتحديد الوظيفة العملية للمكلف بها.

وبهذا يفسر موقف جملة من علمائنا الأخيار حيث شجبوا الاجتهاد.

واستدلوا على حرمته بالروايات السابقة وغيرها، فانه قد حصل اللبس والخلط بين المعنى الاول التي ترفضه مدرسة أهل البيت والمعنى الثاني التيتوجبه على نحو الكفاية.

الاجتهاد في قبال النص :

نعم مدرسة أهل البيت لاتجيز الاجتهاد مطلقا فيما اذا وجد نص على خلافه بل تلزم بالبحث عن النص قبل الحكم خصوصا مع احتمال وجوده وعلى هذا بنى المصنف كتابه هذا فانما هذه الموارد المذكورة يوجد على خلافها

ص: 19

النصوص الصريحة الواضحة والتي كانت منتشرة في البلاد وبين أيديهم الكثير منهم يعرفونها.

وعلى فرض عدم معرفتها لابد من الفحص ليتأكد عدم وجود الدليل، ومن الواضح جداً ان الرسول الاعظم حينما يحدث بحديث قد يكون عنده شخص أو شخصان أو اكثر لان اكثرية الصحابة مشغولون بامورهم وترتيب نظام اجتماعهم فيلزم بقية الصحابة الذين لم يحضر واوقت الحديث ان يفحصوا عنه والافلا يحق لهم الحكم بدون ذلك.

**

وهذا الكتاب لاهميته في الأوساط العلمية وفائدته الجليلة ولانه يعالج بعض القضايا بالرغم من كونها صعبة الا انها سوف تعود على الامة الاسلامية بالنفع الكثيرة وخدمتها وتوحيد كلمتها ولم شعثها خصوصا وان مؤلفه الامام شرف الدين لم يألوا جهداً في جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم وكتاباته في مراجعاته وفي فصوله المهمة تدل على ذلك لاجل ذلك وغيره طلب مني بعض الفضلاء والسادة الاجلة منذ زمن بعيد وتكرر الطلب على ان احققه واعلق عليه وبعد مد وجزر قمت بذلك وتم والحمد للّه فارجو من اللّه العلي القدير ان يجعله خالصاً لوجهه الكريم وان ينفعنا به يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى اللّه بقلب سليم وآخر دعوانا ان الحمد للّه رب العالمين.

قم ابو مجتبی

ص: 20

خطبة الكتاب

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)

الحمد للّه الذي اختص عبده ورسوله محمداً بما اختصه به من الكرامة والمنزلة والزلفى لديه، فعلمه علم ماكان وعلم ما بقي، وآتاه من الفضل مالم يؤت أحداً من العالمين، و « اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ» فختم به النبوة والوحي ونسخ بشريعته السمحة ما كان قبلها من شرائعه المقدسة المتعلقة بأفعال المكلفين (2) فحلال محمد هو الحلال الى يوم القيامة، وكذلك حرامه وسائر أحكامه (3)، سواء أكانت تكليفية أم وضعية. وهذا مما أجمع عليه المسلمون

ص: 1


1- بسم اللّه الرحمن الرحيم. الحمد للّه رب العالمين وصلى اللّه على محمد والائمة من آله شهداء دار الفناء وشفعاء دار البقاء وعلى الصالحين من ذريتهم ومواليهم في كل خلف ورحمة اللّه وبركاته (منه قدس).
2- دون ما كان منها متعلقاً بأصول الدين كالتوحيد والعدل والنبوة والبعث والجنة والنار والثواب والعقاب، فان هذه وأمثالها مما جاء به آدم وسائر من بعده من الانبياء حتى خاتمهم صلى اللّه عليه و آله وعليهم أجمعين (منه قدس)
3- مضمون الحديث القائل : حلال محمد حلال الى يوم القيامة . وسائل الشيعة ج 124/18 ح 47.

كافة، كاجماعهم على نبوته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم ينبس (1) منهم واحد بكلمة من خلاف فيه، ولا رتم بها أبداً.

وقد علموا - وللّه الحمد - ان الشرائع الاسلامية قد وسعت الدنيا والآخرة ينظمها وقوانينها وحكمتها في جميع أحكامها وقسطها في موازينها، وانها المدنية الحكيمة الرحيمة الصالحة لاهل الارض في كل مكان وزمان، على اختلافهم فى أجناسهم وأنواعهم وألوانهم ولغاتهم. لم يبق شارع الاسلام وهو علام الغيوب جل وعلا غاية الا اوضح سبيلها وأقام لاولي الالباب دلیلها، و حاشاه تعالت آلاؤه أن يوكل الناس الى آرائهم، أو يذرهم يسرحون في دينه على غلوائهم، بل ربطهم على لسان عبده وخاتم رسالته بحبليه، و عصمهم بثقليه، وبشرهم بالهدى ما ان أخذوا بهديهما، وأنذرهم الضلال ان لم يتمسكوا بهما، و اخبرهم انهما لن يفترقا و لن تخلو الارض منهما حتى يردا عليه الحوض (2)، فهما معاً مفزع الامة ومرجعها بعد نبيها، فالمنتهج نهجهما لاحق به، والمتخلف عنهما أو عن أحدهما مفارق له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (3)

ص: 2


1- أى ما تكلم، وكذا ما نبس ولادتم (منه قدس).
2- اشارة الى حديث الثقلين الاتى مع مصادره تحت رقم - 15 -.
3- مشيرا الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في القرآن وعترته : ف«لا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم» راجع الحديث في : الصواعق المحرقة ص 148 و 226ط المحمدية وص 89 1369 ط الميمنية، مجمع الزوائد ج 9 ص 163 ط بيروت، كنز العمال ج 1 ص 168 ح 958 ط 2، الدر المنثور للسيوطى ج 2 ص 60 ط مصر، ينابيع المودة للقندوزي ص 41 و 355 ط الحيدرية وص 37 و 296 ط اسلامبول، الغدير للاميني ج 1 ص 34 و ج 3 ص : 8 ط بیروت.

مثلهم فى هذه الامة كباب حطة فى بني اسرائيل، وكسفينة نوح فى قومه (1)، فليس لاحد - وان عظم شأنه - أن يتبع غير سبيلهم، «وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ» (2) وليس لأحد أن يحمل من المأثور عن اللّه تعالى آية أو عن رسوله سنة الاعلى ظاهرهما المتبادر منهما الى الاذهان، و ليس له أن يحيد عن الظاهر المتبادر فضلا عن المنصوص عليه بصراحة، الا بسلطان مبين، فان كان هناك سلطان يخرج به الظاهر عن ظاهره عمل بمقتضاه، والا فقد ضل وابتدع.

هذا ما عليه الأمة المسلمة - امة محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - بجميع مذاهبها، فان من دينهم التعبد بظواهر الكتاب والسنة، فضلا عن نصوصها الصريحة.

جروا في الأخذ بهما، والعمل على مقتضاهما مجرى أهل العرف من أهل اللغات كلها، فان أهل اللغات بأسرهم انما يحملون الفاظهم المطلقة على ما يسبق منها الى أذهانهم من المعاني، لايتأولون منها - عند انطلاقها - شيئاً، ولا يحملونها على ما تقتضيه أغراضهم ومصالحهم، شخصية كانت أم عامة.

نعم رأيت - بكل أسف - بعض ساسة السلف و كبرائهم يؤثرون اجتهادهم في ابتغاء المصالح على التعبد بظواهر الكتاب و السنة و نصوصهما

ص: 3


1- مشيراً الى حديث السفينة الاتى تحت رقم (17) فراجع.
2- أخرج ابن مردويه في تفسير الاية : ان المراد بمشاققة الرسول هنا انماهى المشافقة فى شأن على وان الهدى فى قوله بعد ما تبين له الهدى انما هو شأنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأخرج العياشي في تفسيره نحوه، والصحاح متواترة من طريق العترة الطاهرة، في ان سبيل المؤمنين انما هو سبيلهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) (منه قدس). تفسير على بن ابراهيم القمى ج 1 ص 152 ط النجف، البرهان في تفسير القرآن ج 2 ص 415 ط طهران.

الصريحة يتأولونها بكل جرأة ويحملون الناس على معارضتهما طوعاً وكرهاً بكل قوة وهذا أمر ليس له قبلة ولادبرة (1) فانا للّه وانا اليه راجعون.

وقد قال اللّه تعالى : «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ» (2) وقال عز سلطانه : «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا» (3) «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» (4) «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ» (5) «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ۚ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ»(6) «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ» (7). منطقه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كالقرآن الحكيم «لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» (8) فليس لمن يؤمن بهذه الايات أو يصدق بنبوته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يحيد عن نصوصه قيد شعرة فما دونها، وما كان القوم كحائدين، وانما كانوا كمجتهدين متأولين «وَهُم يُحْسِبُونَ انَّهُم يُحْسِنُونَ» فانا للّه وانا اليه

ص: 4


1- أى لا يعرف له وجه (منه قدس).
2- الحشر آية 7.
3- الاحزاب آية 36.
4- النساء آية 65.
5- التكوير آية 19.
6- الحاقة آية 40.
7- النجم آية 3.
8- فصلت آية 42.

راجعون.

واليك في كتابنا هذا (النص والاجتهاد) من موارد تأولهم للنصوص و اجتهادهم في ايثار المصلحة عليها ما تسعه العجالة وضعف الشيخوخة، وبلابل المحن والاحن ونوائب الزمن، وما توفيقي الا باللّه عليه توكلت واليه انيب.

فخذها اليك مائة مورد في فصول سبعة لتسمعن بها ولك بعد ذلك رأيك، واللّه الهادي الى الحق والصواب، واليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.

ص: 5

الفصل الاول: تأول أبي بكر واتباعه

يوم السقيفة

المورد (1) يوم السقيفة

اذ بسط أبو بكر يده ليبايع بالخلافة عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فبايعه من بايعه طوعاً، وبايعه بعد ذلك - آخرون كرها (1) مع علمهم جميعاً بعهد رسول

ص: 6


1- وقد تخلف عن بيعة أبي بكر جماعة منهم : 1 - على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) 2 - العباس بن عبد المطلب 3 - الفضل بن العباس 4 - عتبة بن أبي لهب 5- سلمان الفارسي 6 - أبو ذر الغفاری 7 - عمار بن ياسر - المقداد 9 - البراء بن عازب 10 – ابی بن کعب 11 سعد بن أبي وقاص 12 - طلحة بن عبيد اللّه 13 - الزبير بن العوام 14 - خزيمة بن ثابت 15 - فروة بن عمرو الانصارى 16 - خالد بن سعيد بن العاص الاموى سعد بن عبادة الانصارى لم يبايع حتى مات في خلافة عمر. وجماعة من بني هاشم راجع : العقد الفريد لابن عبد ربه ج4 ص 259 ط 2 بمصر و ج 2 ص 251 ط آخر و ج 3 ص 64 ط آخر أيضاً، عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 1 ص 105 ط بیروت، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 1 ص 131 - 134 ط 1 بمصر، الغدير للامينى جه ص370 - 371 وج7 ص 16 و 77 ط بیروت، مروج الذهب للمسعودى ج 2 ص 301 ط دار الاندلس بيروت، أسند الغابة لابن الاثير ج 3 ص 222 ط مصر، تاريخ الطبری ج3ص 208 ط دار المعارف بمصر الكامل في التاريخ لابن الاثير ج 2 ص 325 و 331 ط دار صادر، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 103 و 105 ط الغرى، سمط النجوم العوالي للعاصمي المكي ج 2 ص 244 ط السلفية، السيرة الحلبية ج 3 ص 356 ط البهية بمصر. استعمال القوة والاكراه في البيعة لابي بكر. راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 1 ص 219 وج 6 ص 9 و 11 و 19 و 40 و 47 و 48 و 49 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل و ج 1 ص 74 وج 2 ص 4 - 19 ط 1، وغيرها.

اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بها الى أخيه وابن عمه علي بن أبي طالب، وقد رأوه وسمعوه ينص عليه مستمراً في تكرار هذا النص من مبدأ أمره في نبوته - الى منتهى عمره الشريف. ويورده بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه.

ومن أراد التفصيل فعليه بكتابنا (المراجعات) (1) اذ استقصينا البحث ثمة عن تلك النصوص، وعن كل ماهو حولها مما يقوله الفريقان في هذا الموضوع، تبادلنا ذلك مع شيخنا شيخ الاسلام ومربي العلماء الاعلام الشيخ سليم البشري المالكي شيخ الجامع الازهر يومئذ رحمه اللّه تعالى، أيام كنا في خدمته (2) وكان اذ ذاك شيخ الازهر، فعني بي عنايته بحملة العلم عنه، وجرت بيننا وبينه حول الخلافة عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ونصوصها مناظرات

ص: 7


1- و كتابنا (سبيل النجاة في تتمة المراجعات) المطبوع ملحقاً بالمراجعات ط بغداد والطبعة الثانية في بيروت 1402 ه.
2- وذلك سنة 1329 والتي بعدها بعد رجوعنا من الجامعة العلمية في النجف الاشرف (منه قدس).

و مراجعات خطية بذلنا الوسع فيها ايغالا في البحث والتمحيص، وامعاناً فيما يوجبه الانصاف والاعتراف بالحق، فكانت تلك المراجعات بيمن نقيبة الشيخ سفراً من انفع أسفار الحق، يتجلى فيها الهدى بأجلى مظاهره والحمد للّه على التوفيق (1).

وها هي تلك، منتشرة في طول البلاد وعرضها، تدعو الى المناظرة بصدر شرحه اللّه للبحث، وقلب واع لما يقوله الفريقان، ورأي جميع ولب رصين، فلا تفوتنكم أيها الباحثون.

نعم لي رجاء انيطه بكم فلا تخيبوه. امعنوا في أهداف النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومراميه من أقواله وأفعاله. التي هي محل البحث بيننا وبين الجمهور، ولا تغلبنكم العاطفة على افهامكم وعقولكم كالذين عاملوها معاملة المجمل أو المتشابه من القول، لا يأبهون بشيء من صحتها ولا من صراحتها، واللّه تعالى يقول: «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ» (2) فأين تذهبون أيها المسلمون «إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ» (3).

ما رأيت كنصوص الخلافة صريحة متواترة صودرت من أكثر الأمة، والجرح لما يندمل والنبي لما يقبر.

على ان حياة النبي بعد النبوة كانت مليئة مفعمة بتلك النصوص منذ يوم الانذار في دار أبي طالب (4) فما بعده من الايام حتى سجي(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على فراش الموت

ص: 8


1- وقد بلغت مائة واثنتي عشرة مراجعة (منه قدس).
2- سورة التكوير آية : 19 - 22.
3- سورة الحاقة آية : 3 - 05
4- اذا دعا عشيرته الاقربين لينذرهم، وكان آخر كلامه معهم ان أخذ بيد على فقال : ان هذا أخي ووزيرى ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له واطيعوا، فلتراجع المراجعة 20 والتي بعدها من المراجعات (منه قدس). حديث الدار يوم الانذار وفيه قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «ان هذا أخى ووصيى وخليفتى فيكم فاسمعوا له واطيعوا» راجع: تاريخ الطبری ج 2 ص 319 - 321 ط دار المعارف بمصر، الكامل في التاريخ لابن الاثير الشافعى ج 2 ص 62 و 63 ط دار صادر في بيروت، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 13 ص 210 و 244 وصححه ط مصر بتحقيق أبو الفضل السيرة الحلبية للحلبى الشافعى ج 1 ص 311 ط البهية بمصر، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 41 و 42 ط الميمنية بمصر، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفى ج 1 ص 371 ح 514 و580 ط 1 بيروت، کنز العمال ج 6 ص 392 ط 1 و ج 15 ص 115 ح334 ط 2، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج1 ص 85 ح 139 و 140 و 141 ط 1 بيروت، حياة محمد لمحمد حسين هيكل ص104 الطبعة الأولى سنة 1354ه وفي الطبعة الثانية وما بعدها من طبعات الكتاب حذف من الحديث قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «وان يكون أخى ووصيي وخليفتي فيكم» !! وأكبر شاهد مراجعة الطبعة الاولى والطبعات الأخرى، جريدة السياسة المصرية لمحمد حسين هيكل ملحق عدد - 2751 - بتاريخ 12 ذی القعدة 1350ه ص 5 وص 6 من ملحق عدد 2785- ذكر الحديث بتمامه، تفسير الخازن ج 3 ص 371 و 390 ط مصر، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاوى ج 2 ص 118 ط3. تفسير الطبرى ج 19 ص 121 ط 2 ولكن المؤلف أو الطابع حرف آخر الحديث فحذف قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ان هذا أخي ووصيى وخليفتي فيكم» وذكر بدله «ان هذا أخى وكذا وكذا ! !» فيا للعجب لهذه الاعمال التي تنطوي على الحقد الدفين والحسد المشين مع انه ذكر الحديث تاماً في تاريخه ج 2 ص 219 كما تقدم و بلفظ آخر وفيه نزل قوله تعالى : «وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ» الشعراء: 214 يوجد في : شواهد التنزيل للحسكاني الحنفى ج 1 ص 372 ح514 و ج 2 ص 420 ح 10580 بيروت، مسند أحمد ج 1 ص 111 ط الميمنية بمصر، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 204 - 206 ط الحيدرية و ص 89 ط الغرى، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى الحنفى ص 38 ط الحيدرية وص 44ط النجف، كنز العمال ج 6 ص 396ط 1 وج 15 ص 113 و 115 ط 2، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمدج 5 ص 41 و 42 439 ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 105 ط اسلامبول وص 122 ط الحيدرية، تاريخ أبي الفداء ج 1 ص 119 ط القسطنطنية، الدر المنثور للسيوطى ج 5 ص97 ط مصر، تفسير ابن كثير ج 3 ص 351 ط مصر. و بلفظ ثالث يوجد في : خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 86ط الحيدرية وص 30 ط بیروت، نظم درر السمطين للزرندى الحنفى ص 83 ط النجف، مجمع الزوائد ج8 ص 302 و ج 9 ص 113 ط القدسي. ولاجل المزيد من المصادر راجع (سبيل النجاة فى تتمة المراجعات) تحت رقم - 711 - ط بیروت.

ص: 9

والحجرة غاصة بأصحابه فقال : «أيها الناس يوشك أن اقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي. و و قد قدمت اليكم الا أني مخلف فيكم كتاب اللّه عز و جل و عترتي أهل بيتي». ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال :«هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يفترقان حتى يردا علي الحوض» (1). وكفى بنصوص

ص: 10


1- يوجد في : الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعى ص 124 ط المحمدية وص 75ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 285 ط اسلامبول و ص 342 ط الحيدرية. وقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «على مع القرآن والقرآن مع على لن يفترقا حتى يردا على الحوض»، يوجد في : المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 ص 124 وصححه، تلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك ج 3 ص 124 وصححه أيضاً، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 110 ط الحيدرية وص 107 ط تبريز، المعجم الصغير للطبرانی ج1 ص 55ط دار النصر بالقاهرة، كفاية الطالب للكنجى الشافعى ص 399 ط الحيدرية وص254ط الغرى مجمع الزوائد ج 9 ص 134 ط القدسى، الصواعق المحرقة ص 122 و 124 ط المحمدية و ص 74 و 75 ط الميمنية، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 173 ط السعادة، اسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الابصار ص 157 ط السعيدية و ص 143 ط العثمانية، الغدير للاميني ج 3 ص 180 ط بیروت، نور الابصار للشبلنجي ص 73 ط السعيدية ينابيع المودة المقندوزی ص 40 و 90 و 185 و 237 و 283 و 285ط اسلامبول وص44 و 103 و 219 و 281 و 339 و 342 ط الحيدرية وج 1 ص 38 و 88 و ج 2 ص 10 و 61 و 108 و 110 ط العرفان بصيدا، فيض القدير للشوكاني ج 4 ص 358، الجامع الصغير للسيوطى ج 2 ص 56 ط الميمنية، الفتح الكبير للنبهاني ج 2 ص 242 ط مصر، غاية المرام ص 540 (باب) 45ط ایران، أسنى المطالب للحوت ص 201 ح898.

الثقلين حكماً بين الفريقين (1)، وخصائص علي كل نص جلي : «إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ» (2).

استأثروا بالامر يوم السقيفة، متأولين نصوص لايلوون على شيء، وقد قضوا امرهم بينهم بدون أن يؤذنوا به أحداً من بني هاشم وأوليائهم (3) وهم اهل بيت النبوة، وموضع الرسالة و مختلف الملائكة، و مهبط الوحي و التنزيل، حتى كأنهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) لم يكونوا ثقل رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأعدال كتاب اللّه عز وجل (4).

ص: 11


1- سوف تأتى مصادره تحت رقم (15).
2- سورة ق : 37.
3- لم يحضر أحد من بنى هاشم السقيفة بل كانوا متخلفين راجع المصادر تحت رقم (6).
4- اشارة الى النصوص الصريحة فى السنن الصحيحة، التي انزلت العترة من منزلة الكتاب فجعلتهما القدوة لاولى الالباب، وقد أخرجها مسلم في صحيحه، وأخرجها الترمذى والنسائي والامام أحمد في مسنده والطبراني في الكبير، والحاكم في مستدركه والذهبي في تلخيص المستدرك، وابن أبي شيبة وأبو يعلى في سنتهما، وابن سعد في الطبقات، وغير واحد من أصحاب السنن بطرق متعددة وأسانيد كثيرة، والتفصيل في المراجعة 8 من مراجعاتنا (منه قدس). أقول: إشارة الى مضمون الحديث المتواتر وهو حديث الثقلين قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «يا أيها الناس انى تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا، كتاب اللّه وعترتى أهل بيتي». راجع الحديث في : صحيح الترمذى ج 5 ص 328 ط بیروت و ج 13 ص 199 ط الصاوى و ج 2 ص 308 ط بولاق بمصر، تفسير ابن كثير ج4 ص 113 دار أحياء الكتب العربية بمصر، مصابيح السنة للبغوى ص 206 ط القاهرة و ج 2 ص 279 ط محمد على صبيح، جامع الاصول لابن الاثير ج1 ص 187 ط مصر، مشكاة المصابيح ج 3 ص 258 ط دمشق، احياء الميت للسيوطى بهامش الاتحاف ص 114 ط الحلبي، الفتح الكبير للنبهاني جا ص 503 و ج 3 ص 385 ط دار الكتب العربية، الشرف المؤبد للنبهاني أيضاً ص18 ط مصر، نظم درر السمطين للزرندى الحنفى ص 232 ط النجف، ينابيع المودة للقندوزي الحنفى ص 33 و 45 و 445ط الحيدرية وص 30 و 41 و 370 ط اسلامبول و بلفظ ثان قال(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «انى تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدى، أحدهما أعظم من الاخر كتاب اللّه حبل ممدود من السماء الى الارض وعترتي أهل بيتى ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما». راجع الحديث في : صحيح الترمذی ج 5 ص 329 ط دار الفكر بيروت وج 13 ص 200 ط الصاوى و ج 2 ص 308 ط بولاق بمصر، نظم درر السمطين للزرندى ص 231 ط النجف، الدر المنثور للسيوطي ج 6 ص 7 و 5ط مصر، ذخائر العقبی ص 16ط القدسي الصواعق المحرقة ص 89 ط الميمنية وص 147 و 226 ط المحمدية، أسد الغابة لابن الاثير ج 2 ص 12 ط مصر، المعجم الصغير للطبرانى ج 1 ص 135 ط دار النصر بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 33 و 40 و 226 و 355 ط الحيدرية وص 30 و 36 و 191 و 296 ط اسلامبول، تفسير ابن كثير ج 4 ص 113 ط مصر، عبقات الانوار ج 1 من حديث الثقلين ص 25 ط اصفهان، کنز العمال ج 1 ص 44 ح874 ط 1 و ج 1 ص 154 ط 2، الفتح الكبير للنبهاني ج 1 ص 451 ط مصر، تفسير الخازن ج 1 ص ط مصر، مصابيح السنة للبغوى ج 2 ص 279 ط محمد على صبيح وص 206 ط الخيرية، جامع الاصول لابن الاثير ج 1 ص 187 ط مصر، مشكاة المصابيح للعمرى ج3 ص 258 ط دمشق. وفي لفظ ثالث عن زيد بن ثابت قال : «قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اني تارك فيكم خليفتين كتاب اللّه حبل ممدود ما بين السماء والارض أو ما بين السماء الى الارض وعترتي أهل بيتى وانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض». راجع : الفضائل لاحمد بن حنبل بترجمة الامام الحسين ص 28 ح 56. مسند أحمد بن حنبل ج 5 / 182 و 189 ط 1، فرائد السمطين للحمويني ج2/ 144 عن زيد بن ثابت قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه عز وجل وعترتي أهل بيتي ألا وهما الخليفتان من بعدى ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض». وعن أبي سعيد الخدري أيضاً : «اني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الاخر كتاب اللّه حبل ممدود من السماءالى الارض وعترتي أهل بيتى وانهما لن يتفرقا حتى يردا على الحوض». الفضائل لاحمد بن حنبل ص 20 35 ترجمة الحسين وح36. ويوجد هذا الحديث بألفاظ اخرى متعددة ومصادر كثيرة جداً ولاجل المزيد من الاطلاع راجع (سبيل النجاة فى تتمة المراجعات تحت رقم - 30و 31 و 32 و34 و 33 و 35 و 36 ط في بغداد و بيروت مع المراجعات.

ص: 12

وأمان الأمة من الاختلاف (1).

ص: 13


1- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أهل بيتى أمان لامنى من الاختلاف، فاذا خالفتهم قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس. أخرجه الحاكم في ص 149 من الجزء 3 من المستدرك، ثم قال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (منه قدس). والصواعق المحرقة لابن حجر ص 91 و 140 ط الميمنية وص 150 و 234 ط المحمدية وصححه، احياء الميت للسيوطى بهامش الاتحاف ص 114 ط الحلبي بمصر، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 93 ط الميمنية بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 298 ط اسلامبول وص 357ط الحيدرية، جواهر البحار للنبهاني ج361/1. ولاجل المزيد من المصادر راجع كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات طبع ملحقاً بالمراجعات في بغداد و بيروت تحت رقم – 41 -).

وسفينة نجاتها من الضلال (1). و باب حطتها (2).

ص: 14


1- اشارة الى ما أخرجه الحاكم بالاسناد الى أبي ذر ص 151 من الجزء 3 من المستدرك قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ان مثل أهل بيتى فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها فرق (منه قدس). وراجع أيضاً : تلخيص المستدرك للذهبي، نظم درر السمطين للزرندى الحنفى ص 235 ط النجف، ينابيع المودة للقندوزى ص 30 و 370ط الحيدرية و ص27 و 308 ط اسلامبول، الصواعق المحرقة ص 184 و 234 ط المحمدية وص 111 و 140 ط الميمنية تاريخ الخلفاء للسيوطى ص اسعاف الراغبين للصبان ص 109 ط السعيدية و 102 ط العثمانية، جواهر البحارج 361/1، الفضائل لاحمد بن حنبل بترجمة الامام الحسين ص 28 ح 55.
2- اشارة الى ما أخرجه الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد قال : سمت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : انما مثل أهل بيتى كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وانما مثل أهل بيتى فيكم مثل باب حطة بنى اسرائيل من دخله غفر له (منه قدس). راجع : كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 378ط الحيدرية وص 234 ط الغرى، مجمع الزوائد ج 9 ص 168، المعجم الصغير للطبراني ج 2 ص 22 ط دار النصر بمصر، احياء الميت للسيوطى بهامش الاتحاف ص 113 ط الحلبي، ينابيع المودة ص 28 و 298 ط اسلامبول وص 30 و 358 ط الحيدرية رشفة الصادي لابي بكر الحضر می ص 79 ط مصر، الصواعق المحرقة ص 91 ط الميمنية وص 150 ط المحمدية وهذا الحديث من الاحاديث المتواترة وان شئت المزيد فراجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم - 39 و 40) ففيهما عشرات المصادر. وفي لفظ آخر يقول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «مثل أهل بيتى مثل سفينة نوح، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق». يوجد في حلية الأولياء ج 4 ص 306 ط السعادة بمصر، مناقب على بن أبى طالب لا بن المغازلى الشافعی ص 132 ح 173 و 176 ط 1 بطهران، ذخائر العقبي ص 20 ط القدسي، مجمع الزوائد ج 9 / 168، احياء الميت ص 113، الجامع الصغير للسيوطي ج 2/ 132 ط الميمنية، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 92/5 ط الميمنية، الفتح الكبير للنبهاني ج 3/ 123 ط مصر، ينابيع المودة ص187 و 193 ط اسلامبول و ص221 و 228 ط الحيدرية، مقتل الحسين للخوارزمی ج 104/1 ط مطبعة الزهراء. وغيرها من المصادر.

وكأنهم لم يكونوا من الأمة بمنزلة الرأس من الجسد، و بمنزلة العينين من الرأس (1).

بل كأنهم انما كانوا ممن عناهم الشاعر في المثل السائر.

ص: 15


1- نقل الامام الصبان في كتابه اسعاف الراغبين والشيخ يوسف النبهاني في الشرف المؤبد - وغير واحد من الثقات بالاسناد الى أبي ذر قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اجعلوا أهل بيتى منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العينين من الرأس، ولا يهتدى الرأس الا بالعينين، ومن أراد تفصيل هذه الاحاديث وما يجرى مجراها فعليه بمراجعاتنا، ولاسيما المراجعة 6 وما بعدها حتى المراجعة 13 (منه قدس). راجع: اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 110 ط السعيدية وص 102 ط العثمانية، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 8 ط الحيدرية، مجمع الزوائد ج 9 ص 172 ط بیروت، الشرف المؤبد للنبهاني.

ويقضي الأمر حين تغيب تيم***ولا يستأذنون وهم شهود (1)

أجل قضي الأمر في السقيفة و رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لقى بين عترته الظاهرة وأوليائهم ثلاثة أيام، و هم حوله يتقطعون حسرات، ويتصعدون زفرات قد أخذهم من الحزن ما تنفطر به المرائر، ومن الهم والغم ما يذيب لفائف القلوب، ومن الرعب و الوجل ما تميد به الجبال و من الهول والفرق ما أطار عيونهم، وضيق الأرض برحبها عليهم.

و اولئك في معزل عن المسجى ثلاثاً - بأبي و أمي - يرهفون لسلطانه عزائمهم و يشحذون لملكه آراءهم، لم يهتموا في شيء من أمره، حتى قضوا أمرهم مستأثرين به.

وما إن فاءوا الى مواراته حتى فاجأوا اولياءه وأحباءه بأخذ البيعة منهم، أو التحريق عليهم (2) كما قال شاعر النيل حافظ ابراهيم في قصيدته السائرة :

ص: 16


1- هذا البيت.
2- تهديدهم علياً بالتحريق ثابت بالتواتر القطعى، وحسبك ما أخرجه أبو بكر بن أحمد عبد العزيز الجوهرى فى كتاب (السقيفة) كما في ص 130 وفي ص 134 من المجلد الأول من شرح النهج الحميدى. وأخرجه ابن جرير الطبري في موضعين في أحداث السنة الحادية عشرة من تاريخ الامم والملوك. وذكره ابن قتيبة في أوائل كتابه - الامامة والسياسة -. وابن عبد ربه المالكي في حديث السقيفة في الجزء الثاني من العقد الفريد. والمسعودى فى مروج الذهب نقلا عن عروة بن الزبير في مقام الاعتذار عن أخيه عبد اللّه، اذ هم بالتحريق على بنى هاشم حين تخلفوا عن بيعته. وابن الشحنة حيث ذكر بيعة السقيفة في كتابه (روضة المناظر). وأبو الفداء حيث أتى على ذكر أخبار أبى بكر فى تاريخه الموسوم بالمختصر في أخبار البشر. ورواه الشهرستاني عن لنظام عند ذكره للفرقة النظامية من كتاب - الملل والنحل - ونقله العلامة الحلي في (نهج الصدق) عن كتاب (المحاسن وأنفاس الجواهر) وغرر ابن خنزابة. وأفرد أبو مخنف لبيعة السقيفة كتاباً فيه التفصيل (منه قدس). تهديد عمر علياً وفاطمة بالاحراق : راجع : الامامة والسياسة لابن قتيبة ج 12/1 ط مصر، العقد الفريد لابن عبد ربه المالكي ج 1259/4 و 60 ط 2 بمصر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 / 134 و ج 2 / 19 ط 1 بمصر و ج 2/ 56 و ج48/6 ط مصر بتحقيق أبو الفضل وج1 / 157 ط دار الفكر، تاريخ الطبرى ج 202/3 ط دار المعارف بمصر، الملل والنحل للشهرستانی ج57/1 ط بیروت، تاريخ أبي الفداء ج 156/1، أعلام النساء ج3/ 1207، تاریخ ابن شحنة بهامش الكامل ج164/7، بحار الانوار ج 28 / 328 و 339 ط الجديد، الغدير للامينى ج 77/7 ط بیروت، عبد اللّه بن سبأ ج 108/1 ط بيروت.

وقولة لعلي قالها عمر***أكرم بسامعها أعظم بملقيها

حرقت دارك لا أبقى عليك بها***ان لم تبايع وبنت المصطفى فيها

ما كان غير أبي حفص بقائلها***أمام فارس عدنان وحاميها (1)

فلو فرض ان لانص بالخلافة على أحد من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وفرض كونهم مع هذا غير مبرزين في حسب أو نسب، أو اخلاق، أو جهاد، أو علم، أو عمل، أو ايمان، أو اخلاص ولم يكن لهم السبق في مضامير كل فضل، بل كانوا كسائر الصحابة، فهل كان من مانع شرعى أو عقلي أو عرفي يمنع من تأجيل عقد البيعة الى فراغهم من تجهيز رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟؟؟ و لو بأن يوكل حفظ الامن الى القيادة العسكرية موقتاً حتى يستتب أمر الخلافة ؟

أليس هذا المقدار من التريث كان أرفق بأولئك المفجوعين؟ وهم وديعة النبي لديهم، و بقيته فيهم، و قد قال اللّه تعالى : «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ» (2) أليس على حق هذا الرسول - الذي يعز عليه عنت الأمة، و يحرص على

ص: 17


1- دیوان حافظ ابراهیم.
2- سورة التوبة : 128.

سعادتها، وهو الرؤوف بها الرحيم لها - ان لاتعنت عترته فلا تفاجأ بمثل ما فوجئت به، - والجرح لما يندمل، والنبي لما يقبر - ؟!!

و حسبها يومئذ فقد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قارعة تفترش بها القلق، و تتوسد الارق، وتساور الهموم، وتسامر النجوم، وتتجرع الغصص، وتعالج البرحاء، فالتريث الذي قلناه كان أولى بتعزيتها، وأدنى الى حفظ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيها، وأجمع لكلمة الامة، واقرب الى استعمال الحكمة، ولكن القوم صمموا على صرف الخلافة عن عن آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مهما كلفهم الأمر، فخافوا من التريث أن يفضي بهم الى خلاف ما صمموا عليه، فان آل محمد اذا حضروا المشورة ظهرت حجتهم وعلت كلمتهم، فبادر القوم بعقد البيعة، و اغتنموا اشتغال الهاشميين برزيتهم، وانتهزوا انصرافهم بكلهم الى واجباتهم بتجهيز جنازتهم المفداة.

وأعان أولئك على ما دبروه دهشة المسلمين وذعرهم، وتزلزل اقدامهم و اجتماع اكثر الانصار في السقيفة يرشحون سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج لكن ابن عمه بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي و أسيد بن الحضير سيد الأوس، كانا ينافسانه في السيادة فحسداه على هذا الترشيح و خافا أن يتم له الأمر، فأضمرا له الحسيكة مجمعين على صرف الأمر عنه بكل ما لديهما من وسيلة، وصافقهما على ذلك عويم بن ساعدة الاوسي، و معن بن عدي حليف الانصار، وقد كان هذان على اتفاق سري مع أبي بكر وعمر وحزبهما، فكانا من أولياء أبي بكر على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، و كانا مع ذلك ذوي بغض وشحناء لسعد بن أبي عبادة، فانطلق عويم الى أبي بكر و عمر مسرعاً فشحذ عزمهما لمعارضة سعد، و أسرع بهما الى السقيفة و معهما أبو عبيدة، وسالم مولى أبي حذيفة، ولحقهم آخرون من حزبهم من المهاجرين

ص: 18

فاحتدم الجدال بين المهاجرين والانصار، واشتدت الخصومة حتى ارتفعت أصواتهم بها وكادت الفتنة أن تقع، فقام أبو بكر بكلام اثنى فيه على الانصار، واعترف لهم بالجميل خاطباً ودهم بلين ورقة، واحتج عليهم : بأن المهاجرين شجرة رسول اللّه وبيضته التي تفقأت عنه، و رشحهم الوزارة اذا تمت للمهاجرين الامارة، ثم أخذ بضبعي عمر و أبي عبيدة فأمر المجتمعين بمبايعة أيهما شاؤا، وما ان فعل ذلك حتى تسابق الى بيعته عمر وبشير، وما ان بايعاه حتى تبارى الى بيعته أسيد بن الحضير، و عويم بن، و عویم بن ساعدة، ومعن بن عدي، وأبو عبيدة بن الجراح، و سالم مولي أبي حذيفة، وخالد بن الوليد (1) و اشتد هؤلاء على حمل الناس على البيعة بكل طريق، و كان أشدهم في ذلك عمر، ثم اسيد و خالد و قنفذ (2) بن عمير بن جدعان التميمي (3) وما بويع أبو بكر حتى اقبلت به الفئة التي بايعته تزفه الى مسجد

ص: 19


1- ولاجل المزيد من المصادر راجع : کتاب عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 82/1 – 132.
2- كان هؤلاء مع الجماعة الذين دخلوا بيت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) وحسبك ما هو منقول عنهم فى ص 19 من المجلد الثانى من شرح النهج الحميدي. وروى أحمد بن عبد العزيز الجوهرى - كما في ص 130 من المجلد الأول من شرح النهج - قال: لما بويع أبو بكركان الزبير والمقداد يختلفان في جماعة من الناس الى على وهو في بيت فاطمة فخرج عمر حتى دخل على فاطمة فقال : يابنت رسول اللّه ما من أحد من الخلق أحب الينا من أبيك، ومنك بعد أبيك وايم اللّه ما هذا بما نعى ان اجتمع هؤلاء النفر عندك ان آمر بتحريق البيت عليهم.. (الحديث) (منه قدس).
3- استعمال القوة والاكراه في البيعة لابي بكر : راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 219/1 و ج 9/6 و 11 و 19 و 40 و 47 و 48 و 49 ط مصر بتحقيق أبو الفضل و ج 74/1 ج 2 / 4 - 19 ط 1 بمصر.

رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) زفاف العروس (1) و النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثمة لقي بين أولئك المولهين و المولهات من الطيبين و الطيبات، فما وسع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) حيثذ الا التمثيل بقول القائل ؟

وأصبح أقوام يقولون ما اشتهوا***و يطغون لما غال زيداً غوائل (2)

وكان (عَلَيهِ السَّلَامُ) على علم من تصميم القوم على صرف الأمر عنه، وانه لو نازعهم فيه لنازعوه، ولو قاتلهم عليه لقاتلوه، وان ذلك يوجب التغرير في الدين والخطر بالامة، فاختار الكف احتياطاً على الاسلام، وايثاراً للصالح العام، وتقديماً للاهم على المهم، عهد معهود من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). صبر امیر المؤمنين على تنفيذه وفي العين قذى، وفي الحلق شجى (3). نعم قعد في بيته ساخطاً مما فعلوه، حتى أخرجوه كرهاً (4) احتفاظاً بحقه المعهود به اليه

ص: 20


1- نص على زفافه الزبير بن بكار في الموفقيات كما في ص 8 من المجلد الثاني من شرح النهج (منه قدس). و ج 19/6 ط مصر بتحقيق أبو الفضل.
2- نقل تمثله بهذا البيت أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب - السقيفة - كما فى صه من المجلد الثانى من شرح النهج الحميدى (منه قدس). شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 14/6 بتحقيق أبو الفضل.
3- وتفصيل هذه الأمور كلها في رسالتنا - فلسفة الميثاق والولاية - و حسبك المراجعة 82 و 84 من كتابنا - المراجعات - فان فيهما من التفصيل ما يثلج الغليل. وكذلك التنبيه المعقود في الفصل الثامن من - فصولنا المهمة - فراجع (منه قدس).
4- أخرج أبو بكر الجوهرى في كتاب السقيفة كما في ص 19 من المجلد الثانى من شرح النهج الحميدى - عن الشعبى حديثاً قال فيه : فانطلق عمر وخالد بن الوليد الى بيت فاطمة فدخل عمر ووقف خالد على الباب، فقال عمر للزبير : ما هذا السيف؟ قال: أعددته لابايع علياً. قال وكان في البيت ناس كثير منهم المقداد وجمهور الهاشميين، فاخترط عمر السيف وضرب به صخرة فى البيت فكسره ثم أخرجوا الزبير الى خالد ومن معه، وكان معه جمع كثير أرسلهم أبو بكر ردها لعمر وخالد، ثم قال عمر لعلى : قم فبايع. فتلكأ وأحتبس، فأخذ بيده فقال : قم، فأبى فحملوه ودفعوه الى خالد كما دفعوا الزبير وساقهما عمر ومن معه من الرجال سوقاً عنيفاً، واجتمع الناس ينظرون، وامتلات شوارع المدينة بالرجال، فلما رأت فاطمة ماصنع عمر صرخت وولولت، واجتمع معها نساء كثير من الهاشميات وغيرهن، فخرجت الى باب حجرتها ونادت : يا أبا بكر ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول اللّه. واللّه لا أكلم عمر حتى ألقى اللّه، (الحديث)، ومن استقصى ماكان منهم يومئذ تجلت له الحقيقة في قول أبي بكر عند موته : وددت أنى لم أكشف عن بيت فاطمة ولو أغلق على حرب. وأخرج أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة أيضاً من حديث أبي لهيعة عن أبي الاسود : ان عمر وأصحابه اقتحموا الدار وفاطمة تصيح و تناشدهم اللّه، وأخرجوا علياً والزبير يسوقهما عمر سوقاً، وأخرج أبو بكر الجوهري : ان عمر جاء الى بيت فاطمة في رجال من الانصار ونفر قليل من المهاجرين، فقال : والذي نفسي بيده لتخرجن الى البيعة أو لاحرقن البيت عليكم، فخرج اليه الزبير مصلتاً بالسيف، فاجتمعوا عليه حتى ندر السيف من يده، فضرب به عمر الحجر فكسره، ثم أخرجهم بتلابيهم يسوقهم سوقاً عنيفاً.. (الحديث)، فراجعه فى ص 19 من المجلد الثانى من شرح النهج، وكل ما ذكرناه هنا تجده هناك (منه قدس). اخراج الامام أمير المؤمنين (ع) كرها لاجل البيعة : راجع : العقد الفريد ج335/4 ط لجنة التأليف والنشر في مصر و ج 285/2 ط آخر، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج415/3 ط أفست بيروت و ج11/6 و 48 ط مصر بتحقيق أبو الفضل.

واحتجاجه على من استبد به (1) وما أبلغ حجته اذ قال مخاطباً لابي بكر :

فأن كنت بالقربی حججت خصيمهم***فغيرك أولى بالنبي وأقرب

ص: 21


1- مطالبة الامام (عَلَيهِ السَّلَامُ) بحقه واحتجاجه عليهم: راجع نهج البلاغة للامام على راجع الخطبة برقم : 2 و3 و 6 و 26 و 87 و 143 و 149 و 166 و 167) و (باب الكلام) برقم : 71 و 161 و (باب الحكم) برقم : 21، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحدید ج 138/1 و 205 و 223 و ج 2/ 20 وج 384/6 و ج 84/9 و 132 و 241 و 305 و 306 و 307 و ج 109/11 و ج 16 / 148 و ج 18 / 132 ط مصر بتحقيق أبو الفضل، الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 / 144 ط مصطفی محمد و ج 1 / 155 و 156 ط الحلبي و ج 134/1 ط سجل العرب تاريخ الطبری ج 236/4 ط دار المعارف بمصر، الكامل في التاريخ ج74/3 ط دار صادر، السقيفة والخلافة لعبد الفتاح عبد المقصود ص 15 - 17. وراجع : الاحتجاج للطبرسى ج 1 وج 2 ط النجف، بحار الانوار للعلامة المجلسي ج 28 باب - 4 - ص 175 وما بعدها ط الجديد، تلخيص الشافي للشيخ الطوسي ج 47/3 - 57 ط النجف. وان شئت المزيد من المصادر في ذلك فراجع كتابنا (سبيل النجاة في تتمة المراجعات رقم: 633 و 631 و 634 و 635 و 636 و 892 و 898 و 899 و 900 و 901 و 902 و 903 و 4 90 و 905 و 906 و 907 و 908 و 909 و 110 طبع في بغداد و بيروت مع المراجعات). وكذلك أهل البيت وغيرهم احتجوا على القوم في أمر الخلافة راجع مصادر ذلك فى (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم : 911 - الى – 925 و 829 و 625).

وان كنت بالشوری ملکت امورهم فكيف بهذا والمشيرون غيب (1)

ص: 22


1- البيتان في نهج البلاغة، وقد علق عليهما كل من الشيخ محمد عبده و عبد الحميد بن أبى الحديد في شرحيهما تعليقة يجدر بالباحثين أن يقفوا عليها، وقد نبهنا الى ذلك فيما علقناه عليهما حيث أوردناهما في المراجعة 80 من كتاب - المراجعات - و للعباس بن عبد المطلب احتجاج على أبي بكر كانه مأخوذ من هذين البيتين، وذلك اذ قال له في كلام دار بينهما : فان كنت برسول اللّه طلبت، فحقنا أخذت، وان كنت بالمؤمنين طلبت، فنحن متقدمون فيهم، وان كان هذا الأمر انما يجب لك بالمؤمنين فما وجب اذ كنا كارهين. وقال له مرة اخرى كما في ص 1 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى أما قولك نحن شجرة رسول اللّه، فانما أنتم جيرانها ونحن أغصانها أ ه_. وهذا مضمون قول أمير المؤمنين : احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة. وقال الفضل ابن العباس - فيما رواه الزبير بن بكار فى الموفقيات كما في ص 8 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى - : يا معشر قريش، وخصوصاً يابني تيم، انما أخذتم الخلافة بالنبوة ونحن أهلها دونكم ولو طلبنا هذا الأمر الذى نحن أهله لكانت كراهة الناس لنا أعظم من كرامتهم لغيرنا، حسدا منهم لنا، وحقداً علينا، وانا لنعلم ان صاحبنا عهداً هو ينتهى اليه اه، وقال عتبة ابن أبي لهب كما فى مختصر أبي الفداء، وآخر صفحة 8 من المجلد الثانى من شرح النهج الحميدي : ما كنت أحسب ان الامر منصرف***عن هاشم ثم منها عن أبي حسن أليس أول من صلى لقبلتكم***واعلم الناس بالقرآن والسنن وأقرب الناس عهداً بالنبي ومن***جبريل عون له بالغسل والكفن من فيه ما فيهم لايمترون به***وليس فى القوم مافيه من الحسن ماذا الذى ردهم عنه فنعلمه***ها ان ذا غبن من أعظم الغبن قال الزبير بن بكار - اذ نقل عنه هذه الابيات في الموفقيات - : فبعث اليه على فنهاه وأمره أن لا يعود. وقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سلامة الدين أحب الينا من غيرها. وروى الزبير في الموفقيات أيضاً كما في ص 7 من المجلد الثانى من شرح النهج الحميدى ان أبا سفيان بن حرب مر بالبيت الذى فيه على فوقف وأنشد : بنی هاشم لا تطمعوا الناس فيكم***ولاسيما تيم بن مرة أو عدى فما الامر الا فيكم واليكم***وليس لها الا أبو حسن على أبا حسن فاشدد بها كف حازم***فانك بالامر الذي يرتجى ملى فلم يكن لكلامه أثر عند على، وكان مماقاله : ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عهد الى عهدا فأنا عليه. قال الزبير فتركه أبو سفيان وعدل الى العباس بن عبد المطلب في منزله فقال : يا أبا الفضل أنت لها أهل وأحق بميراث ابن أخيك، أمدد يدك لا بايعك، فضحك العباس وقال : يدفعها على ويطلبها العباس ؟؟! فخرج أبو سنيان خائباً ا ه_. (منه قدس)

ص: 23

وقد كانت بيعتهم فلتة، وقى اللّه المسلمين شرها كما زعموا (1)، لكن تلك الوقاية انما كانت على يد أمير المؤمنين بصبره على الأذى، وغمضه على القذى، وتضحيته حقه في سبيل حياة الاسلام، فجزاه اللّه عن الاسلام وأهله خير جزاء المحسنين.

ص: 24


1- الفلتة : قال أبو بكر : «ان ييعنى كانت فلتة وقى اللّه شرها وخشيت الفتنة...» راجع : شرح نهج البلاغة لا بن أبى الحديد ج 132/1 و ج 19/2 ط 1 و ج311/1 ط مكتبة دار الحياة و ج 2 / 50 و ج 47/6 ط مصر بتحقيق أبو الفضل و ج 154/1 ط بيروت، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 590/1 ط مصر. وقال عمر : «ان بيعة أبى بكر كانت فلمتة وقى اللّه شرها...» يوجد في: صحیح البخارى ك الحدود باب رجم الحبلى من الزنا اذا أحصنت ج26/8 ط دار الفكر على ط استانبول و ج 210/8 ط مطابع الشعب وج 208/8 ط محمد علی صبیح و ج 4 / 179 ط دار احياء الكتب وج 4 / 119 ط المعاهد وج 4 / 125 ط الشرفية وج 8 / 140ط الفجالة وج 4 / 110 ط الميمنية وج 8/8 ط بمبي وج 4 / 128 ط الخيرية شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 1 / 123 و 124 ط 1 و ج 23/2 و 26 و 29 ط مصر بتحقيق أبو الفضل و ج 292/1 ط مكتبة دار الحياة و ج 144/1 ط دار الفكر بیروت، السيرة النبوية لابن هشام ج 4 / 226 ط دار الجيل وص 338 ط آخر، النهاية لابن الاثيز ج 3 / 466 ط بیروت، تاريخ الطبری ج 205/3 ط دار المعارف، الكامل فى التاريخ ج 327/2 ط دار صادر، الصواعق المحرقة صه و 8ط الميمنية و ص8 و 12 ط المحمدية، تاج العروس ج 568/1، لسان العرب ج 2 / 371، تاریخ الخلفاء للسيوطى ص 67، السيرة الحلبية ج 360/3 و 363. ولاجل المزيد من المصادر راجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم : 826).

عهد أبي بكر بالخلافة الى عمر

المورد – (2) - :

يوم حضرت أبا بكر الوفاة، اذ عهد بالخلافة الى عمر، وي. وي. (فيا عجباً بينا هو يستقيلها في حياته، اذ عقدها لاخر بعد وفاته، لشد ماتشطرا ضرعيها) (1) وي. وي. كأن الرجل يملك الاخر عن مالكه !! فعهد به الى من أراد لا يخشى عقاباً، ولاحساباً، ولاعتاباً، وي. وي كأنه نسي أو تناسى عهد النبي بالخلافة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى علي (2) ؟!! ثم من بعده الى الائمة من ولده أحد الثقلين الذين لا يضل من تمسك بهما ولا يهتدي الى الحق من لم ينتهج في الدين نهجهما عدل القرآن في الميزان لن يفترقا حتى يردا عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الحوض (3).

وهم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، وكباب حطة

ص: 25


1- من خطبة لمولانا أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) المسمات بالشقشقية وهي الخطبة الثالثة من كتاب نهج البلاغة.
2- نصوص الخلافة من النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلى (عَلَيهِ السَّلَامُ) كثيرة جداً حتى بلغت حد التواتر فراجع : ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 1/ 77 ح124 و 126 و 139 و 140 و 249 ط 1 بيروت، كفاية الطالب للكنجى الشافعي ص 187 ط الحيدرية وص 79ط الغرى، المناقب للخوارزمی الحنفی ص 89 و 90، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى الشافعي ص 200 ح 238 و 313، ذخائر العقبى ص 71، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفى ج 206/1 ح 269 وص 157 ح 211، الغدير للاميني ج 365/5. وراجع حديث الدار يوم الانذار وحديث الغدير وحديث الثقلين وحديث السفينة وغيرها من عشرات بل مئات النصوص في ذلك. وان شئت المزيد من البحث والتنقيب عن الحقيقة فراجع : كتاب الغدير للاميني وكتاب المراجعات اشرف الدین و کتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات والعبقات ودلائل الصدق واحقاق الحق للنسترى وغيرها من عشرات المصادر.
3- تقدم حديث الثقلين مع مصادره تحت رقم - 15 – فراجع.

من دخله غفر له (1).

وأمان أهل الأرض من العذاب، وأمن الامة من الاختلاف [ في الدين ] فاذا خالفتهم قبيلة اختلفت فصارت حزب ابلیس (2) الى آخر ما اقتضته النصوص الصريحة، التي اوجبت لهم الحق بالخلافة عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على جميع الخلق، وقد أوردنا طائفة منها في كتاب - المراجعات – فلتراجع (3).

التأمير في غزوة مؤتة

المورد – (3) -

غزوة مؤتة، وكانت في جمادي الاولى سنة ثمان استعمل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على الجيش فيها زيد بن حارثة وقال : ان أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب، فان اصيب جعفر فعبد اللّه بن رواحة، هذا ما يقو له جمهور المسلمين كافة، ولعل الصواب ما يقوله أصحابنا الامامية، ان الاول من هؤلاء الأمراء انما هو جعفر والثاني انما هو زيد وثالثهم عبد اللّه بن رواحة واخبارنا في هذا متظافرة من طريق العترة الطاهرة (4).

ص: 26


1- تقدم الحديث مع مصادره تحت رقمی - 17 و 18 - فراجع.
2- تقدم الحديث مع مصادره تحت رقم – 16 – فراجع.
3- تجدونها فى المراجعة 8 ص 20 (من الطبعة الثالثة) فما بعدها الى منتهى المراجعة 14 وقد احتدم النزاع في هذه المراجعات بينى و بين شيخ الاسلام البشرى رحمه اللّه تعالى، حتى قال فى آخر ما كتبه الي في هذا الموضوع : صعدت في كتابك الاخير نظرى وصوبته، فلمعت من مضامينه بوارق نجمك ولاحت لى أشراط فوزك. قلت: «والحمد للّه رب العالمين النجح والفوز» (منه قدس).
4- الامير الأول فى مؤتة هو جعفر الطيار : راجع: بحار الانوار للمجلسی، ج 55/1، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج 1 / 205 اعلام الورى بأعلام الهدى ص 110 ط 2، أعيان الشيعة ج 324/2، تاريخ، اليعقوبي ج 2/ 65 ط دار صادر، دراسات وبحوث في التاريخ والاسلام ج 1 / 210، كتاب سليم بن قيس ص 188 ط النجف، قاموس الرجال ج 40/6.

ويشهد لهذا مارواه محمد بن اسحاق في مغازيه عن كل من حسان بن ثابت و كعب بن مالك الانصاريين من شعرهما في رثاء جعفر ومدحه از استشهد (1).

وكيف كان الواقع من ترتيب رسول اللّه لهؤلاء الامراء الثلاثة فقد نص (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علی تأمیر زید (2)، سواء أكان الاول منهم، أم كان الثاني، وسمعه الجيش وسائر الصحابة يؤمره فلا وجه لطعن الطاعنين منهم بعد ذلك في تأميره (3) الا اذا جاز الاجتهاد من غير المعصوم، في مقابل النص من المعصوم.

وكان السبب فى هذه الغزوة ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعث من أصحابه الحرث بن عمير الأزدي الى ملك بصرى بكتاب يدعوه فيه الى اللّه تعالى ورسوله وطاعتهما ليكون من المسلمين له مالهم، وعليه ما عليهم، فعرض له شرحبيل

ص: 27


1- وقد أورد ابن أبى الحديد من شعرهما في هذا الموضوع في 607 والتي بعدها من المجلد الثالث من شرح النهج. فليراجع (منه قدس). المغازي لمحمد بن اسحاق، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 62/15 - 64 ط مصر بتحقيق أبو الفضل، ديوان حسان بن ثابت ج 98/1 ط دار صادر، السيرة النبوية لابن هشام ج 2/ 384 - 387، البداية والنهاية ج 4/ 260 - 261، السيرة الدحلانية ج 72/2، الاصابة ج 1 / 238، أعيان الشيعة ج 324/2 - 325، مقاتل الطالبين ص 15، تهذيب ابن عساکر ج 1 / 150 - 151، دراسات وبحوث في التاريخ 151 و الاسلام ج 1 / 212، الدرجات الرفيعة ص 77 – 78.
2- تأمیر زيد : ولا خلاف فيه راجع : الكامل في التاريخ ج234/2، شرح نهج البلاغة لا بن أبى الحديد ج 15 / 61 و 62 تاريخ الطبری ج 36/3 و 40.
3- وسوف يأتي تحت رقم (49) فراجع.

بن عمرو، فقال له : أين تريد ؟ فقال الشام. قال : لعلك من رسل محمد ؟ قال نعم. فأمر به فأوثق رباطاً ثم قدمه فضرب عنقه. ولم يقتل الرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رسول غيره. وبلغ رسول اللّه ذلك فبعث هذا البعث (1)، وأمر عليه الامراء الثلاثة، ورتبهم حسب ما اسلفناه.

أرسل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هذا البعث، والبعث الآخر مع اسامة بن زيد لفتح الشام فوقرت بهما مهابة الاسلام والمسلمين في الصدور، وامتلأت صدور الروم هيبة واجلالا بما رأنه من رباطة الجأش وصدق اللقاء، والتفاني في الفتح، والمسابقة الى الموت في سبيله من كلا الجيشين.

وللّه ذو الجناحين جعفر بن أبي طالب اذ اشند بمن معه وهم ثلاثة آلاف على عدوه هرقل وهو في مئتي الف (2) وهو يقول :

ياحبذا الجنة واقترابها***طيبة وبارد شرابها

والروم روم قد دنا عذابها***كافرة بعيدة أنسابها

علي اذ لاقيتها ضرابها

فلما اشتد القتال اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم فقطعت يداه وقتل. وكان جعفر أول من عقر فرسه في الاسلام، فوجدوا به بضعاً

ص: 28


1- شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 61/15، السيرة الحلبية ج77/3 ط مصطفى محمد.
2- مئة ألف من الروم ومئة ألف من المستعربة من لخم وجذام وغيرهما. كما فى كامل ابن الاثير وغيره (منه قدس) جعفر في ثلاثة آلاف وعدوه في مائة ألف : راجع : الكامل فى التاريخ ج234/2 و 235، تاريخ الطبرى ج37/3، السيرة النبوية لابن هشام ج 2 / 372 و 375، بحار الانوار ج 55/21، السيرة الحلبية ج3/ 77.

وثمانين جرحاً بين رمية وضربة وطعنة (1).

ويؤثر عن رسول اللّه (2) أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال: مر بي جعفر البارحة في نفر من الملائكة له جناحان مخضب القوادم بالدم (3).

واللّه موقف زيد بن حارثة وقد شاط في رماح القوم اعلى اللّه مقامه كما شرف في الدنيا ختامه وما أشرف موقف عبد اللّه بن رواحة اذ يشجع نفسه في مقابلة مئتي الف من عدوه فيقول :

يانفس ان لم تقتلى تموتي***هذا حمام الموت قد صليت

وما تمنيت فقد أعطيت***ان تفعلي فعلهما هديت

وقال: أقسمت يا نفس لتنزلنه***طائعة أو لا لتكرهنه

ان أجلب الناس وشدوا الرنة***مالي أراك تكرهين الجنة

قد طالما قد كنت مطمئنة***هل أنت الا نطفة في شنة

ثم نزل عن فرسه وأتاه ابن عم له بعرق من لحم، فقال له : شد بهذا صلبك فقد لقيت مالقيت فأخذه فانتهس منه نهسة ثم سمع الحطمة في ناحية العسكر فقال لنفسه وأنت في الدنيا.؟. ثم القاه وأخذ سيفه وتقدم فقاتل حتى قتل (4).

ص: 29


1- الكامل في التاريخ 236/2 مع تغيير يسير في اللفظ، تاريخ الخميس ج 71/2، السيرة النبوية لابن هشام ج 378/2.
2- كما في غزوة مؤتة من كامل ابن الاثير وغيره من كتب الحديث والاخبار. ولذا كان لقبه عند المسلمين كافة ذا الجناحين (منه قدس).
3- الكامل 238/2، تاريخ الطبرى 41/3.
4- مقتل زيد بن حارثة : راجع : الكامل 236/2 - 237، شرح النهج لابن أبي الحديد 69/15 - 70، السيرة النبوية لابن هشام ج 379/2 تاريخ الطبرى 39/3 - 40، تاريخ الخميس ج 71/2 - 72.

وكان بعض المسلمين من هذا الجيش - اذ علم أن عدوهم الناهد اليهم مئنا الف - رأى ان يخبر رسول اللّه بذلك، فشجعهم عبد اللّه بن رواحة (على المضي) بقوله :

«و اللّه ما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم الا بهذا الدين، الذي أكرمنا اللّه تعالى به، فانطلقوا فما هي الا احدى الحسنيين. اما ظهور و اما شهادة» فقال الناس : صدق واللّه (1) وساروا فما ضعفوا وما استكانوا، ان هذا واللّه لهو الشرف، يعلو جناح النسر، ويزحم منكب الجوزاء اجل، انما هو الايمان باللّه ورسوله، فياليتنا كنا فنفوز فوزاً عظيماً.

سرية اسامة ابن زيد

المورد – (4) - سرية اسامة ابن زيد :

ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد اهتم بهذه السرية اهتماماً عظيماً فأمر أصحابه بالتهيؤ لها و حضهم على ذلك، ثم عبأهم بنفسه الزكية، ارهاقاً لعزائمهم، واستنهاضاً لهممهم، فلم يبق أحداً من وجوه المهاجرين والانصار، كأبي بكر

ص: 30


1- راجع : شرح النهج لابن أبي الحديد 97/15 تاريخ الطبری 38/3، السيرة النبوية لابن هشام ج 375/2، بحار الانوار ج 56/21 و 61، السيرة الحلبية ج 3/ 77.

وعمر (1) وأبي عبيدة وسعد وأمثالهم الا وقد عباه بالجيش (2) و كان

ص: 31


1- أجمع أهل السير والاخبار على ان أبا بكر وعمر كانا في الجيش، وأرسلوا ذلك في كتبهم ارسال المسلمات وهذا مالم يختلفوا فيه. فراجع ماشئت من الكتب المشتملة على هذه السرية، كطبقات ابن سعد و تاریخی الطبرى وابن الاثير والسيرة الدحلانية وغيرها لتعلم ذلك. وقد أورد الحلبى ذكر هذه السرية فى الجزء الثالث من سيرته حكاية طريفة نوردها بعين لفظه. قال : ان الخليفة المهدى لما دخل البصرة رأى أياس بن معاوية، الذي يضرب به المثل في الذكاء. وهو صبي ووراءه أربعمائة من العلماء وأصحاب الطيالسة فقال المهدى : أف لهذه المثانين - أى اللحى - أما كان فيهم شيخ يتقدمهم غير هذا الحدث ! ثم التفت اليه المهدى وقال: كم سنك يافتي؟ فقال أطال اللّه بقاء أمير المؤمنين سن اسامة بن زيد بن حارثة لما ولاه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جيشاً فيه أبو بكر وعمر فقال : تقدم بارك اللّه فيك. (قال الحلبي) : وكان سنه سبع عشرة سنة، أ ه_ (منه قدس). أبو بكر وعمر في جيش اسامة : راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 / 190 وج 4 / 66، تاريخ اليعقوبي ج 2 / 93 ط الغرى و ج 74/2ط بيروت، الكامل لابن الاثير ج 317/2، شرح نهج البلاغة لا بن أبى الحديد ج 53/1 و ج 2/ 21 ط 1 و ج 1 / 159 و 52/6 بتحقيق أبو الفضل، سمط النجوم العوالي للعاصمى ج 224/2، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 2/ 339، کنز العمال ج 5 / 312 - 1 و ج 570/10 ط حلب، منتخب کنز ط العمال بهامش مسند أحمد ج 4 / 180، عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 1 / 71، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 474/1، تهذیب ابن عساکر ج 391/2، أسد الغابة ج 68/1، السيرة الحلبية ج 3 / 234، تاريخ أبي الفداء ج 156/1 ذكر عمر في السرية، مقدمة مرآة العقول ج 1 / 58 و 59.
2- كان عمر يقول الاساءة : مات رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأنت علي أمير. نقل ذلك عنه جماعة من الاعلام كالحلبي في سرية أسامة من سيرته الحلبية، وغير واحد من المحدثين والمؤرخين (منه قدس).

ذلك لاربع ليال بقين من صفر سنة احدى عشر للهجرة، فلما كان من الغد دعا اسامة فقال له :

«سر الى موضع قتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فأغز صباحاً على أهل أبنى (1) وحرق عليهم، وأسرع السير لتسبق الاخبار، فأن أظفرك اللّه عليهم، فأقل اللبث فيهم، و خذ معك الادلاء، و قدم العيون والطلائع معك» (2).

الثامن والعشرين من صفر بدأ به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مرض الموت، فلما كان يوم فحم - بأبي وأمي - وصدع، فلما أصبح يوم التاسع و العشرين و وجدهم مناقلين، خرج اليهم فحضهم على السير، و عقد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اللواء لاسامة بيده الشريفة تحريكاً لحميتهم، و ارهافاً لعزيمتهم، ثم قال : «اغز باسم اللّه و في سبيل اللّه، وقاتل من كفر باللّه» (3) فخرج بلوائه معقوداً، فدفعه الى بريدة وعسكر بالجرف، ثم تثاقلوا هناك فلم يبرحوا مع ما وعوه ورأوه من النصوص الصريحة في وجوب اسراعهم كقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اغز صباحاً على أهل ابني، وقوله : واسرع السير لتسبق الاخبار الى كثير من أمثال هذه الأوامر التي لم

ص: 32


1- ابنى، بضم الهمزة وسكون الباء ثم نون مفتوحة بعدها ألف مقصورة، ناحية بالبلقاء من أرض سوريا، بين عسقلان والرملة، وهى قرب مؤتة التي استشهد عندها جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين فى الجنة (عَلَيهِ السَّلَامُ)، و زید بن حارثة و عبداللّه بن رواحة رضى اللّه عنهما (منه قدس).
2- الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يحث على مسير جيش اسامة : راجع : ج117/3 : المغازى للواقدى ج 3 / 1117، السيرة الحلبية ج 3/ 207 ط البهية 23 ط مصطفی محمد، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 2/ 339، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 / 190.
3- السيرة الحلبية ج 234/3.

يعملوا بها في تلك السرية.

وطعن قوم منهم في تأمير اسامة، كما طعنوا من قبل في تأمير ابيه، وقالوا في ذلك، فأكثروا مع ما شاهدوه من عهد النبي له بالامارة، وقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) له يومئذ : فقد وليتك هذا الجيش، ورأوه يعقد له لواء الامارة: - وهو محموم - بیده الشريفة، فلم يمنعهم ذلك من الطعن في تأميره، حتى غضب (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من طعنهم غضباً شديداً، فخرج - بأبي وأمي - معصب الرأس (1) مدثراً بقطيفته محموماً ألماً، و كان ذلك يوم السبت لعشر خلون من ربيع الاول، قبل وفاته - بأبي وأمي - بيومين (فيما يرويه الجمور) فصعد المنبر فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال - فيما اجمع أهل الاخبار على نقله، و اتفق الخاصة والعامة من أولى العلم على صدوره منه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) :

«أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، واثن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيم اللّه ان كان لخليقاً بالامارة، وان ابنه من بعده لخليق بها (2)» وحضهم على المبادرة الى السير فجعلوا يودعونه ويخرجون الى العسكر بالجرف وهو يحضهم على التعجيل، ثم ثقل - بأبي وأمي - في مرضه، فجعل يقول : «جهزوا جيش أسامة،

ص: 33


1- كل من ذكر هذه السرية من المحدثين وأهل السير والاخبار نقل طعنهم فى تأمير اسامة، وأنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) غضب غضباً شديداً فخرج على الكيفية التي ذكرناها فخطب الخطبة التي أوردناها، فراجع سرية أسامة من طبقات ابن سعد، وسيرتي الحلبي والدحلاني وغيرهما من المؤلفات فى هذا الموضوع (منه قدس).
2- راجع المغازى للواقدى ج 1119/3، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2/ 190، شرح النهج لابن أبي الحديد ج 53/1 ط 1 و ج 1 / 159 ط مصر بتحقيق أبو الفضل السيرة الحلبية ج 3/ 207 و ج 3 / 234 ط آخر، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 2 / 339، عبداللّه بن سبأ ج 1 / 70، كنز العمال ج 572/10 - 573، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 182/4.

انفذوا جيش أسامة، ارسلوا بعث أسامة، يكرر ذلك» (1) وهم مثاقلون.

فلما كان يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول دخل أسامة من معسكره على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأمره بالسير قائلا له : «أغد على بركة اللّه تعالى» (2) فودعه وخرج الى المعسكر، ثم رجع ومعه عمر وأبو عبيدة فانتهوا اليه - بأبي وأمي - وهو يجود بنفسه، فتوفي - روحي وأرواح العالمين له الفداء - في ذلك اليوم، فرجع الجيش باللواء الى المدينة الطيبة، ثم عزموا على الغاء البعث بالمرة، وكلموا أبا بكر في ذلك وأصروا عليه غاية الاصرار (3).

مع ما رأوه من اهتمام النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في انفاذه، وعنايته التامة في تعجيل ارساله، ونصوصه المتوالية في الاسراع به، على وجه يسبق الاخبار، وبذله الوسع في ذلك منذ عبأه بنفسه، وعهد الى أسامة في أمره، وعقد لواءه بيده الى أن احتضر -بأبي وأمتي - فقال: «أغد على بركة اللّه تعالى» كما سمعت ولولا الخليفة لاجمعوا يومئذ على ردّ البعث وحلّ اللواء، لكنه أبى عليهم ذلك فلما رأوا منه العزم على ارسال البعث، جاءه عمر بن الخطاب حينئذ

ص: 34


1- الرسول يأمر بتنفيذ جيش اسامة : راجع : كنز العمال ج 573/10، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج4 / 182.
2- الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يأمر اسامة بالذهاب الى الحرب : راجع : المغازى للواقدى ج 3 / 1120، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 / 191 ج3 لسيرة الحلبية ج 3/ 208 و ج 235/3 ط آخر السيرة النبوية الدحلانية بهامش الحلبية ج 2 / 340، شرح النهج لا بن أبى الحديد ج 53/1 ط 1 و ج 1 / 160 بتحقيق أبو الفضل كنز العمال ج 574/10.
3- محاولة التراجع عن الغزو مع اسامة : راجع : الكامل ج 2 / 334 - 335، كنز العمال ج 575/10، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 4 / 183، السيرة الحلبية ج236/3.

يلتمس منه بلسان الانصار ان يعزل أسامة ويولي غيره.

هذا ولم يطل العهد منهم بغضب النبي وانزعاجه من طعنهم في تأمي-ر أسامة، ولا بخروجه من بيته بسبب ذلك محموماً ألماً، معصباً مدثراً، يرسف في مشيته، ورجله لا تكاد تقله مما كان به من لغوب، فصعد المنبر وهو يتنفس الصعداء، ويعالج البرحاء، فقال : «أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، ولئن طعنتم في تأميري أسامة، لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله، وأيم اللّه ان كان لخليقاً بالامارة، وان ابنه من بعده الخليق بها» (1).

فأكد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الحكم بالقسم وان، واسمية الجملة، ولام التأكيد ليقلعوا عما كانوا عليه فلم يقلعوا، لكن الخليفة أبي ان يجيبهم الى عزل أسامة، كما أبى أن يجيبهم الى الغاء البعث، ووثب فأخذ بلحية عمر (2) فقال : ثكلتك امك وعدمتك يا ابن الخطاب، استعمله رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وتأمرني أن أنزعه !» (3).

ولما سيروا الجيش - وما كادوا يفعلون - خرج أسامة في ثلاثة آلاف مقاتل فيهم الف فرس (4) وتخلف عنه جماعة ممن عباهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في

ص: 35


1- كما تقدم تحت رقم - 49 -.
2- نقله الحلبي والدحلاني في سيرتهما، وابن جرير الطبرى في أحداث سنة 11 من تاريخه، وغير واحد من أصحاب الاخبار (منه قدس).
3- بين أبي بكر وعمر : راجع : تاريخ الطبری ج 226/3، الكامل فى التاريخ ج 2 /335، السيرة الحلبية ج 3 / 209 و ج 3 / 236 ط آخر، السيرة النبوية بهامش الحلبية ج 2 / 340.
4- فشن الغارة على أهل ابنى فحرق منازلهم وقطع نخلهم وأجال الخيل في عرصاتهم وقتل من قتل منهم وأسر من أسر، وقتل يومئذ قاتل أبيه. ولم يقتل والحمد اللّه رب العالمين - من المسلمين أحد. وكان اسامة يومئذ على فرس أبيه وشعارهم يا منصور امت - وهو شعار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم بدر - واسهم للفارس سهمين وللراجل سهماً واحداً وأخذ لنفسه مثل ذلك (منه قدس).

جيشه، وقد قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - فيما اورده الشهرستاني في المقدمة الرابعة من كتاب الملل والنحل - «جهزوا جيش أسامة لعن اللّه من تخلف عنه» (1).

وقد تعلم انهم انما تثاقلوا عن السير أولا، وتخلفوا عن الجيش اخيراً، ليحكموا قواعد ساستهم، ويقيموا عمدها ترجيحاً منهم لذلك على التعبد بالنص حيث رأوه أولى بالمحافظة، وأحق بالرعاية، اذ لا يفوت البعث بثاقلهم عن السير، ولا بتخلف من تخلف منهم عن الجيش، اما الخلافة فانها تنصرف عنهم لا محالة اذا انصرفوا الى الغزوة قبل وفاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

وكان - بأبي وأمي - أراد أن تخلو منهم العاصمة فيصفو الامر من بعده لامير المؤمنين علي بن أبي طالب على سكون وطمأنينة، فاذا رجعوا وقد ابرم عهد الخلافة وأحكم لعلي عقدها، كانوا عن المنازعة والخلاف ابعد.

وانما امر عليهم اسامة وهو ابن سبع عشرة سنة (2) ليأ لاعنة البعض ورداً لجماح اهل الجماح منهم، واحتياطاً من الامن في المستقبل من نزاع اهل التنافس لو أمر أحدهم كما لا يخفى لكنهم فطنوا الى ما دبر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فطعنوا

ص: 36


1- راجع : الملل والنحل للشهرستاني الشافعى ج 23/1 أفست دار المعرفة فی بیروت و ج 20/1 بهامش الفصل لابن حزم أفست دار المعرفة.
2- على الاظهر وقيل كان ابن سنة 18 وقيل ابن 19 أو 20 سنة ولا قائل بأكثر من ذلك (منه قدس). اسامة عمره - 17 - سنة وهو أمير على شيوخ الصحابة : راجع : السيرة الحلبية ج 3 / 234، أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الاثير ج 64/1، الاصابة لابن حجر ج 46/1، الاستيعاب لابن عبد البر بذيل الاصابة ج 1 / 34.

في تأمير اسامة، وتثاقلوا عن السير معه فلم يبرحوا من الجرف حتى لحق النبي، بربه فهموا حينئذ بالغاء البعث وحل اللواء تارة، وبعزل إسامة اخرى ثم تخلف منهم عن الجيش وفي اولهم ابو بكر وعمر (1).

فهذه خمسة امور في هذه السرية، لم يتعبدوا فيها بالنصوص الجلية، ايثاراً لرأيهم في الامور السياسية، وترجيحاً لاجتهادهم فيها على التعبد بنصوصه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

اعتذر عنهم شيخ الاسلام البشري في بعض مراجعاتنا معه فقال : «نعم كان رسول اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد حضهم على تعجيل السير في غزوة اسامة، وأمرهم بالاسرع كما ذكرت، وضيق عليهم في ذلك حتى قال لاسامة حين عهد اليه : اغز صباحاً على اهل أبنى، فلم يمهله الى المساء، وقال له: اسرع السير فلم يرض منه الا بالاسراع لكنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) تمرض بعد ذلك بلا فصل فثقل حتى خيف عليه، فلم تسمح نفوسهم بفراقه وهو في تلك الحال، فتربصوا ينتضرون في الجرف ما تنتهى اليه حاله.

وهذا من وفور اشفاقهم عليه، وولوع قلوبهم به، ولم يكن لهم مقصد في تثاقلهم الا انتظار احدى الغايتين، اما قرة عيونهم بصحته، واما الفوز بالتشرف بتجهيزه، وتوطيد الأمر لمن يتولى عليهم من بعده، فهم معذورن

ص: 37


1- ولاكان في بعث ابن زيد مؤمراً***عليه ليضحى لا بن زيد مؤمرا ولا كان يوم الغار يهفو جنانه***حذاراً ولا يوم العريش تسترا و لا كان معزولا غداة براءة***ولا في صلاة أم فيها مؤخرا فتى لم يعرق فيه تيم ابن مرة***ولا عبد اللات الخبيثة أعصرا امام هدى بالقرص آثر فاقتضى***له القرص رد القرص أبيض أزهرا يزاحمه جبريل تحت عباءة***لها قيل كل الصيد في جانب الفرا لابن أبي الحديد المعتزلى الحنفى (منه قدس) تخلف أبي بكر وعمر من جيش اسامة معلوم بالوجدان بعد أن دل عليه التاريخ.

في هذا التربص، ولا جناح عليهم فيه.

واما طعنهم قبل وفاة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في تأمير اسامة مع ما وعوه ورأوه من النصوص قولا وفعلا على تأميره، فلم يكن منهم الا لحداثته، مع كونهم بين كهول وشيوخ، ونفوس الكهول والشيوخ تأبى - بجبلتها - ان تنقاد الى الاحداث، وتنفر - بطبعها - من النزول على حكم الشبان فكراهتهم لتأميره ليست بدعاً منهم، وانما كانت على مقتضى الطبع البشري، والجبلة الادمية.

وأما طلبهم عزل اسامة بعد وفاة الرسول، فقد اعتذر عنه بعض العلماء بأنهم ربما جوزوا ان يوافقهم الصديق على رجحان عزله، لاقتضاء المصلحة - بحسب نظرهم - لذلك.

(قال) : والانصاف اني لا اعرف وجهاً يقبله العقل في طلبهم عزله، بعد غضب النبى من طعنهم فى تأميره، وخروجه بسبب ذلك محموماً معصباً مدثراً مندداً بهم في خطبته تلك على المنبر التي كانت من الوقائع التاريخية الشائعة بينهم، وقد سارت كل مسير، فوجه معذرتهم بعدها لا يعلمه الا اللّه تعالى. وأما عزمهم على الغاء البعث، واصرارهم على الصديق في ذلك مع ما رأوه من اهتمام النبى في انفاذه، وعنايته التامة في تعجیل ارساله، ونصوصه المتوالية في ذلك، فانما كان منهم احتياطاً على عاصمة الاسلام ان يتخطفها المشركون من حولهم اذا خلت من القوة، وبعد عنها الجيش، وقد ظهر النفاق يموت النبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقويت نفوس اليهود والنصارى، وارتدت طوائف من العرب، ومنع الزكاة طوائف اخرى، فكلم الصحابة سيدنا الصديق في منع اسامة من السفر فأبى وقال: واللّه لان تخطفني الطير احب الي من أن ابدأ بشيء قبل انفاذ امر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، هذا ما نقله اصحابنا عن الصديق، وأما غيره فمعذور فيما اراد من ردّ البعث، اذا لم يكن له مقصد

ص: 38

سوى الاحتياط على الاسلام.

وأما تخلف ابي بكر وعمر وغيرهما عن الجيش حين سار به اسامة، فانما كان لتوطيد الملك الاسلامي، وتأييد الدولة المحمدية، وحفظ الخلافة التي لا يحفظ الدين وأهله يومئذ الا بها.

وأما ما نقلتموه عن الشهرستاني في كتاب الملل والنحل، فقد وجدناه مرسلا غير مسند، والحلبي والسيد الدحلاني في سيرتيهما قالا : لم يرد فيه حديث اصلا فان كنت سلمك اللّه تروي من طريق اهل السنة حديثاً في ذلك فدلني عليه اشكرك» (1).

قلنا في جواب الشيخ : «سلمتم - سلمكم اللّه تعالى - بتأخرهم في سرية اسامة عن السير، وتثاقلهم في الجرف تلك المدة ما قد امروا به من الاسراع والتعجيل.

وسلمتم بطعنهم في تأمير اسامة مع ما وعوه ورأوه من النصوص قولا وفعلا على تأميره.

وسلمتم بطلبهم من ابي بكر عزله، بعد غضب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من طعنهم في امارته، وخروجه بسبب ذلك محموماً معصباً مدثراً، مندداً بهم في خطبته تلك على المنبر التي قلتم انها كانت من الوقائع التاريخية، وقد اعلن فيها كون اسامة وأبيه اهلا للامارة.

وسلمتم بطلبهم من الخليفة الغاء البعث الذي بعثه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وحل اللواء الذى عقده بيده الشريفة، مع ما رأوه من اهتمامه في انفاذه، وعنايته التامة في تعجيل ارساله، ونصوصه المتوالية فى وجوب ذلك.

ص: 39


1- المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدین ص370 - 371 في مراجعة - 91 - الطبعة الثانية في بيروت.

وسلمتم بتخلف بعض من عباهم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فى ذلك الجيش، وأمرهم بالنفوذ تحت قيادة اسامة.

سلمتم بكل هذا كما نص عليه اهل الاخبار : واجتمعت عليه كلمة المحدثين وحفظة الآثار، وقلتم انهم معذورون في ذلك، وحاصل ما ذكرتموه من عذرهم انهم انما آثروا في هذه الامور مصلحة الاسلام بما اقتضته انظارهم، لا بما اوجبته النصوص النبوية، ونحن ما ادعينا - في هذا المقام - اكثر من هذا.

وبعبارة اخرى موضوع كلامنا انما هو في انهم اهل كانوا يتعبدون في جميع النصوص أم لا ؟ اخترتم الاول، ونحن اخترنا الثاني. فاعترافكم الآن بعدم تعبدهم فى هذه الأوامر يثبت ما اخترناه، وكونهم معذورين او غير معذورين، خارج عن موضوع البحث كما لا يخفى.

وحيث ثبت لديكم ايثارهم في سرية اسامة مصلحة الاسلام بما اقتضته انظارهم على التعبد بما اوجبته تلك النصوص، فلم لا تقولون انهم آثروا في امر الخلافة بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مصلحة الاسلام بما اقتضته انظارهم على التعبد بنصوص الغدير وأمثالها ؟ !.

اعتذرتم عن طعن الطاعنين في تأمير اسامة بأنهم انما طعنوا بتأميره لحداثه مع كونهم بين كهول وشيوخ، وقلتم : ان نفوس الكهول والشيوخ تأبى بجبلتها وطبعها أن تنقاد الى الاحداث فلم لم تقولوا هذا بعينه فيمن لهم يتعبدوا بنصوص الغدير المقتضية لتأمير علي وهو شاب على كهول الصحابة وشيوخهم، لانهم - بحكم الضرورة من اخبارهم - قد استحدثوا سنه يسوم مات رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما استحدثوا سن اسامة يوم ولاه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليهم في تلك السرية، وشتان بين الخلافة وامارة السرية. فاذا ابت نفوسهم بجبلتها ان تنقاد للحدث في سرية واحدة، فهي أولى بأن تأبى ان تنقاد للحدث مدة حياته في

ص: 40

جميع الشؤون الدنيوية والاخروية.

على ما ذكرتموه «من ان نفوس الشيوخ والكهول تنفر بطبيعتها من الانقياد للاحداث» فممنوع ان كان مرادكم الاطلاق في هذا الحكم، لانّ نفوس المؤمنين من الشيوخ الكاملين فى ايمانهم لاتنفر من طاعة اللّه ورسوله في الانقياد للاحداث ولا في غيره من سائر الاشياء «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» (1) «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» (2) «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا» (3).

اما الكلمة المتعلقة فيمن تخلف عن جيش اسامة التي ارسلها الشهرستاني ارسال المسلمات، فقد جاءت في حديث مسند اخرجه ابوبکر احمد بن عبد العزيز الجوهري فى كتاب السقيفة، انقله لك بعين لفظه، قال :

«حدثنا احمد بن اسحاق بن صالح عن احمد بن يسار عن سعيد بن كثير الانصاري عن رجاله عن عبد اللّه بن عبدالرحمن ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مرض موته امر اسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة المهاجرين والانصار منهم ابوبكر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجراح، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير وأمره ان يغير على مؤتة حيث قتل ابوه زيد وان يغزو وادي فلسطين فتثاقل اسامة وتثاقل الجيش بتثاقله، وجعل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مرضه يثقل ويخف ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث، حتى قال له اسامة

ص: 41


1- سورة النساء : 65.
2- سورة الحشر : 7.
3- سورة الاحزاب : 36.

بابي انت وأمّي : أتأذن لي ان امكث أياما حتى يشفيك اللّه تعالى.

فقال : اخرج وسر على بركة اللّه.

فقال : يارسول اللّه ان أنا خرجت وأنت على هذه الحال خرجت وفي قلبي قرحة.

فقال : سر على النصر والعافية.

فقال : يارسول اللّه اني أكره أن اسائل عنك الركبان.

فقال : انفذ لما امرتك به.

ثم أغمي على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وقام اسامة فتجهز المخروج، فلما افاق رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سأل عن اسامة والبعث، فأخبر انهم يتجهزون، فجعل يقول: أنفذوا بعث اسامة لعن اللّه من تخلف عنه، وكرر ذلك، فخرج اسامة واللواء على رأسه، والصحابة بين يديه. حتى اذا كان بالجرف نزل ومعه ابوبكر وعمر وأكثر المهاجرين، ومن الانصار اسيد بن خضير وبشير بن سعد وغيرهم من الوجوه، فجاءه رسول أم أيمن يقول له : ادخل فان رسول اللّه يموت، فقام من فوره فدخل المدينة واللواء معه فجاء به حتى ركزه بباب رسول اللّه ورسول اللّه قد مات في تلك الساعة» انتهى بعين لفظه (1).

وقد نقله جماعة من المؤرخين، منهم العلامة المعتزلي في آخر ص 20 والتي بعدها من المجلد الثاني من شرح نهج البلاغة، طبع مصر (2).

سهم المؤلفة قلوبهم

المورد – (5) - سهم المؤلفة قلوبهم :

وذلك أن اللّه تعالى فرض في محكم كتابه العظيم للمؤلفة قلوبهم سهماً

ص: 42


1- شرح النهج لا بن أبي الحديد ج52/6.
2- المراجعات مراجعة - 92 - ص 372 - 374 ط الثانية في بيروت مع سبيل النجاة في تتمة المراجعات.

فى الزكاة اذ يقول عز وجل (1) : «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ».

وقد كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعطي المؤلفة قلوبهم هذا السهم من الزكاة وهم اصناف، فمنهم اشراف من العرب كان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يتألفهم ليسلموا فيرضخ لهم، ومنهم قوم اسلموا ونياتهم ضعيفة فيؤلف قلوبهم باجزال العطاء، كأبي سفيان، و ابنه معاوية، وعيينة بن حصن، والاقرع ابن حابس، وعباس بن مرداس ومنهم من يترقب - باعطاهم - اسلام نظرائهم من رجالات العرب، ولعل الصنف الأول كان يعطيهم الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من سدس الخمس الذي هو خالص ماله، وقد عد منهم من كان يؤلف قلبه بشيء من الزكاة على قتال الكفار (2).

هذه سيرته المستمرة مع المؤلفة قلوبهم منذ نزلت الآية الحكيمة عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتى لحق بالرفيق الأعلى، ولم يعهد الى احد من بعده باسقاط هذا السهم اجماعاً من الامة المسلمة كافة وقولا واحداً.

لكن لما ولي ابوبكر جاء المؤلفة قلوبهم لاستيفاء سهمهم هذا جرياً على عادتهم مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فكتب ابوبكر لهم بذلك، فذهبوا بكتابه الى عمر ليأخذوا اخطه عليه فمزقه وقال : لا حاجة لنا بكم فقد اعز اللّه الاسلام وأغنى عنكم، فان اسلمتم والا السيف بيننا وبينكم، فرجعوا الى ابي بكر، فقالوا له : انت الخليفة أم هو ؟. فقال : بل هو ان شاء اللّه تعالى وأمضى ما

ص: 43


1- هى الآية 61 من سورة التوبة (منه قدس).
2- المؤلفة قلوبهم من قبل الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : راجع: تفسير القرطبي ج 179/8 - 180، فتح القدير للشوكاني ج355/2، الدر المنثور للسيوطى ج3 / 251.

فعله عمر (1).

فاستقر الامر لدى الخليفتين، ومن يرى رأيهما من منع المؤلفة قلوبهم من سهمهم هذا، وصرفه الى من عداهم من الأصناف المذكورين في الاية.

ولبعض فضلاء الاصوليين هنا كلام يجدر بنا نقله وتمحيصه لما في ذلك من الفوائد.

ص: 44


1- تجد هذه القضية بألفاظها في كتاب الجوهرة النيرة على مختصر القدوري في الفقه الحنفى ص 164 من جزئه الأول. وقد ذكرها غير واحد من اثباتهم في مناقب الخليفتين وخصائصهما. وكم لعمر من قضايا تشبه قضيته هذه، فمنها ما ذكره المؤرخون اذ قالوا : جاء عيينة بن حصن والاقرع بن حابس الى أبي بكر فقالا له : ان عندنا أرضاً سبخة ليس فيها كلا ولا منفعة قال رأبت أن تقطعناها لعل اللّه ينفع بها بعد اليوم فقال أبو بكر لمن حوله : ما تقولون ؟ فقالوا: لا بأس فكتب لهم كتاباً بها، فانطلقا الى عمر ليشهد لهم ما فيه، فأخذه منهم ثم تقل فيه فمحاه، فتذمرا وقالا له مقالة سيئة، ثم ذهبا الى أبي بكر وهما. يتذمران فقالا : واللّه ماندرى أأنت الخليفة أم عمر ؟!. فقال : بل هو، وجاء عمر حتى وقف على أبي بكر وهو مغضب. فقال : أخبرني عن هذه الأرض التي أقطعتها هذين أهى لك خاصة أم بين المسلمين ؟؟؟ فقال : بل بين المسلمين. فقال : ما حملك على أن تخص بها هذين؟ قال : استشرت الذين حولى. فقال : اوكل المسلمين وسعتهم مشورة ورضى فقال أبو بكر (رضیَ اللّهُ عنهُ) : فقد كنت قلت لك انك أقوى على هذا الامر مني لكنك غلبتني. نقل هذه القضية ابن أبي الحديد فى الجزء الثاني عشر من شرح النهج في ص 108 من المجلد الثالث. والعسقلاني في ترجمة عيينة من اصابته وغيرهما. وليتهما يوم السقيفة ومعاكل المسلمين مشورة، ويا حبذا لو تأنيا حتى يفرغ بنو هاشم من أمر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ليحضروا الشورى، فانهم أولى الامة بذلك (منه قدس). عمر يمنع سهم المؤلفة : راجع : تفسير المنار ج 496/10، الدر المنثور للسيوطى ج252/3.

قال الاستاذ المعاصر الدواليبي (1) في كتابه - اصول الفقه (2) - : «و لعل اجتهاد عمر رضي اللّه عنه في قطع العطاء الذي جعله القرآن الكريم للمؤلفة قلوبهم كان في مقدمة الاحكام التي قال بها عمر تبعاً لتغير المصلحة بتغير الازمان رغم أن النص القرآني في ذلك الذي لايزال ثابتاً غير منسوخ ايثاراً لرأيه الذي أدى الى اجتهاده» فتأمل فيما قال، ثم أمعن فيما يلي من كلامه.

قال : «والخبر في هذا ان اللّه سبحانه وتعالى فرض في أول الاسلام، وعندما كان المسلمون ضعافاً، عطاءاً يعطي لبعض من يخشى شرهم ويرجى خيرهم تألفاً لقلوبهم، وذلك في جملة من عددهم القرآن لينفق عليهم من أموال بيت المال الخاص بالصدقات. فقال : «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ». قال : وهكذا قد جعل القرآن الكريم المؤلفة قلوبهم في جملة مصارف الصدقات، و جعل لهم بعض المخصصات على نحو ما تفعله الدول اليوم في تخصيص بعض النفقات من ميزانياتها للدعاية السياسية (3) قال: «غير ان الاسلام لما اشتد ساعده، وتوطد سلطانه رأى عمر (رضي اللّه عنه) حرمان المؤلفة قلوبهم من هذا العطاء المفروض لهم بنصوص القرآن».

قلت : أعاد الاستاذ تصريحه بأن عمر (رضي اللّه عنه) قطع العطاء الذي

ص: 45


1- هو العلامة الشيخ محمد معروف استاذ علم اصول الفقه والحقوق الرومانية في كلية الحقوق بالجامعة السورية (منه قدس).
2- حيث ذكر الامثلة على تغير الأحكام بتغير الازمنة ص 239 (منه قدس).
3- لعلهم اقتبسوا ذلك من آية المؤلفة قلوبهم، فترى بريطانيا واميركا وأمثالهما يطعمون ويكسون الفقراء والمساكين من رعايا الدول الضعيفة وينعشونهم بمشاريع اصلاحية من غير حاجة لهم الى تلك الدول ورعاياها سوى الاخذ بالحكمة التي هي هدف القرآن في اعطاء المؤلفة قلوبهم (منه قدس).

جعله القرآن الكريم بنصه الصريح حقاً مفروضاً للمؤلفة قلوبهم، ايثاراً لرأى راه في ذلك، ثم اعتذر عن الخليفة.

فقال : «وليس معنى ذلك ان عمر قد ابطل او عطل نصاً قرآنياً، ولكنه نظر الى علة النص لا الى ظاهره واعتبر اعطاء المؤلفة قلوبهم معللا بظروف زمنية اي موقتة وتلك هي تألفهم واتقاء شرهم عندما كان الاسلام ضعيفاً، فلما قويت شوكة الاسلام، تغيرت الظروف الداعية للعطاء، كان من موجبات النص ومن العمل بعلته (1) أن يمنعوا من هذا العطاء».

قلت : لا يخفى ان النص على اعطائهم مطلق، واطلاقه جلي في الذكر الحكيم وهذا مما لا خلاف ولا شبهة فيه، وليس لنا ان نعتبره مقيداً - والحال هذه - او معللا بشيء ما الا بسلطان من اللّه تعالى أو من رسوله، وليس ثمة من سلطان (2).

فمن اين لنا ان نعتبر اعطاءهم معللا بظروف زمنية موقتة، هي تألفهم حينما كان الاسلام ضعيفاً دون غيره من الازمنة ؟؟.

على أنا لو أمنا من شر المؤلفة قلوبهم في عهد ما فان دخولهم في الاسلام

ص: 46


1- لاعلة هنا يدور الحكم مدارها وجوداً وعدماً، ليكون الأخذ بها من موجبات النص، فان تألف من جعل اللّه لهم هذا السهم في الصدقات ليس بعلة للحكم الشرعى، وانما هو من الحكم والمصالح التي لوحظت في اشتراعه والاصوليون يعلمون ان العلة فى الحكم شي والحكمة التى هى المصلحة في اشتراعه شيء آخر. ألا ترى ان المصلحة فى وجوب العدة على المطلقات المدخول بهن انما هى حفظ أنساب الاجنة اللواتي قد يكن في أرحامهن ؟! ومع ذلك فعدة المدخول بها منهن مما لابد منه اجماعاً حتى أو علم عدم حملها ! (منه قدس).
2- ونزول النص فى أول الاسلام وعندما كان الاسلام ضعيفاً ليس من تقييده في شيء كما لا يخفى (منه قدس).

بسبب اعطائهم لا ينقطع بذلك، بل ربما اشتد بقوة سلطان الاسلام، وكفى بهذا الامل موجباً لتألفهم بالعطاء. وكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يؤلف بعطائه هذا اصنافاً متعددة، صنفاً ليسلموا ويسلم قومهم باسلامهم، وصنفاً كانوا قد أسلموا ولكن على ضعف الايمان فيريد تثبيتهم باعطائه، وصنفاً يعطيهم لدفع شرهم فلو فرضنا أنا أمنا شر اهل الشر منهم، فليعط هذا الحق لمن يرجى اسلامه، او اسلام قومه، ولمن يقوي ايمانه ويثبته اللّه عليه بسبب هذا العطاء، تأسياً برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). وأحب العباد الى اللّه تعالى المتأسي بنبيه والمقتص اثره.

على ان قوة الاسلام تلك التي قهرت عدّو المسلمين وأمنتهم من شره قد تغيرت الى الضد مما كانت عليه. فاستحوذت عليهم الاجانب فاضطرتهم الى تألفها ومصانعتها بالعطاء وغيره، كما هو المشاهد العيان في هذا الزمان وما قبله، وبهذا تبين ان اسقاط سهم المؤلفة قلوبهم يوم كان الاسلام قوياً، انما كان عن اغترار بحالتهم الحاضرة في ذلك الوقت، لكن القرآن العظيم انما هو من لدن عليم حكيم (1).

والان نستأنف البحث عن النص المطلق وتقييده بالمصلحة التي باختلاف الازمان، فيختلف الحكم الشرعي باختلافها. نبحث عن تختلف هذا الاصل من حيث شروطه.

فنقول : نحن الامامية اجماعا وقولا واحدا لانعتبر المصلحة في تخصيص عام ولا في تقييد مطلق الا اذا كان لها في الشريعه نص خاص يشهد لها بالاعتبار فاذا لم يكن لها فى الشريعة اصل شاهد باعتبارها ايجابا او سلبا كانت عندنا مما لا اثر له، فوجود المصالح المرسلة وعدمها عندنا على حد سواء (2).

ص: 47


1- بنص آية المؤلفة قلوبهم فراجعها وامعن في هدفها الرفيع (منه قدس).
2- وتفصيل ذلك في محله من كتبنا في أصول الفقه المنتشرة ببركة المطابع (منه قدس). الشيعة الامامية لا تعتمد على المصالح المرسلة : ولاجل الاطلاع على ذلك راجع : المعالم الجديدة للاصول للشهيد الصدر ص 36 - 40، كتاب الرسائل (فرائد الاصول) للشيخ الانصارى، كفاية الاصول ج 2، حقائق الاصول ج 2، دروس في علم الاصول للشهيد الرابع الامام الصدر الحلقة الثالثة ج2.

وهذا هو رأي الطائفتين الشافعية والحنفية (1).

اما الحنابلة فانهم وان اخذوا بالمصالح المرسلة التي لا يكون لها في الشريعة اصل يشهدلها، لكنهم مع ذلك لا يقفون بالمصالح موقف المعارضة من النصوص بل يؤخرون المصلحة المرسلة عن النصوص (2) فهم اذن لا يقيدون بها نص المؤلفة قلوبهم، فليعطفوا فيه وفي امثاله على الامامية والشافعية والحنفية.

وكذلك المالكية في نص المؤلفة قلوبهم و أمثاله، لانهم وان اخذوا بالمصالح المرسلة، ووقفوابها موقف المعارضة المنصوص، لكنهم انتما يعارضون بها اخبار الاحاد وأمثالها مما لا يكون قطعي الثبوت، ويعارضون بها ايضاً بعض العمومات القرآنية التي لا تكون قطعية الدلالة على العموم، اما ما كان قطعي الثبوت وقطعي الدلالة كنص المؤلفة قلوبهم فلا يمكن عندهم ان تقف المصالح المرسلة معارضة لها ابداً (3) لانها قطعية الثبوت والدلالة معاً.

وبالجملة فان اصول الفقه على هذه المذاهب كلها لاتبيح حمل حرمان المؤلفة قلوبهم على ما قد افاده الاستاذ وقد فصلنا ذلك

ولولا اجماع الجمهور (4) على ان الخليفتين رضي اللّه عنهما قد الغيا

ص: 48


1- نقله عنهم الفاضل الدواليبى ص 204 من كتابه أصول الفقه (منه قدس).
2- فيما نقله عنهم الفاضل الدواليبى ص 206 من كتابه أصول الفقه (منه قدس).
3- نقل ذلك عنهم الفاضل الدواليبى ص 207 من كتابه أصول الفقه (منه قدس).
4- راجع من تفسير أبى السعود ما هو موجود في أول ص 150 من هامش الجزء الخامس من تفسير الرازي تجد دعوى الاجماع. وراجع ص 502 من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة الذى أخرجته وزارة الاوقاف المصرية تحقيقاً لرجاء الملك فؤاد الاول - تجد القول بأن المؤلفة قلوبهم منعوا من الزكاة في خلافة الصديق مرسلا ذلك أرسال المسلمات (منه قدس).

- بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - سهم المؤلفة قلوبهم وأبطلا هذا الحق الواجب لهم بنص القرآن (1) لكان من الوجاهة بمكان ان نقول انهما رضي اللّه عنهما لم يخالفا الاية وان لم يعطيا المؤلفة يومئذ لان اللّه عز وجل انما جعل الأصناف الثمانية في الآية مصارف الصدقات على سبيل حصر الصرف فيها خاصة دون غيرهما لا على سبيل توزيعها على الثمانية بأجمعها، وعلى هذا فمن وضع صدقاته كلها فى صنف واحد من الثمانية تبرأ ذمته، كما تبرأ ذمة من وزعها على الثمانية وهذا مما اجمع عليه المسلمون وعليه عملهم في كل خلف منهم بعد رسول اللّه فأي بأس بما فعله عمر وأمضاه ابوبكر، لولا القول بأنهما قد ابطلا هذا الحق وألغياه رغم النص القرآني الذي لا يزال ثابتاً غير منسوخ ؟ !.

وقبل ان نختم هذا البحث نرى لزاما علينا ان ننبه الاستاذ الدواليبي الى تدارك ما نقله عن الامامية (2) من الاخذ بالمصالح المرسلة وتقديمهم اياه على النصوص القطعية فان هذا مما لا صحة له ولم يقل به منهم احد، وسليمان الطوفي من الغلاة الذين ما زالت خصومنا تحملنا اوزارهم.

ورأي الامامية في هذه المسئلة ماقد ذكرناه آنفاً وعليه اجماعهم، وتلك كتبهم في اصول الفقه (3) منتشرة فليراجعها الاستاذ وليعتمد عليها فيما ينقله

ص: 49


1- سهم المؤلفة : راجع : تفسير القرطبي ج 181/8، تفسير المنار ج 496/10، الدر المنثور ج 252/3، الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 / 621، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 83/12 ط أبو الفضل.
2- ص 207 وفي أول ص 209 من كتابه أصول الفقه (منه قدس).
3- تقدم تحت رقم - 66 - فراجع.

عن الامامية بدلا من اعتماده في ذلك على كتاب ابن حنبل سامحه اللّه تعالى.

سهام ذى القربى

المورد - (6) - سهم ذى القربى :

المنصوص عليه بقوله عز من قائل : «وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ (1) فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ (2) وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ (3) وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (4)

وقد اجمع اهل القبلة كافة على ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان يختص بسهم من الخمس ويخص اقاربه بسهم آخر منه، وانه لم يعهد بتغيير ذلك الى احد حتى دعاه اللّه اليه، واختاره اللّه الى الرفيق الأعلى (5).

ص: 50


1- الغنم والغنيمة والمغنم حقيقة عند العرب في كل ما يستفيده الانسان ومعاجم اللغة صريحة في ذلك فلاوجه للتخصيص هنا بغنائم دار الحرب. وقوله من شيء بيان ما الموصولة في قوله أنما غنتم فيكون المعنى أن ما استفدتم من شيء ما كثر أو قل حتى الخيط فان للّه خمسه (منه قدس).
2- وقد أخرج الشيخان في صحيحيهما عن ابن عباس ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال لوفد عبد القيس لما أمرهم بالايمان باللّه وحده : أتدرون ما الايمان باللّه وحده - قالوا : اللّه ورسوله أعلم. قال شهادة أن لا اله الا اللّه وأن محمداً رسول اللّه واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصيام رمضان وأن تعطوا من المغتم الخمس (منه قدس).
3- معنى هذا الشرط ان الخمس حق شرعي لاربابه المذكورين في الاية يجب صرفه اليهم فاقطعوا عنه أطماعكم وأدوه اليهم ان كنتم آمنتم باللّه، وفيه من البعث على أداء الخمس والانذار لتاركيه مالا يخفى (منه قدس).
4- هذه الاية هى الاية 41 من سورة الانفال (منه قدس).
5- الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و سهم ذى القربة : راجع : الكشاف للزمخشرى ج158/2، فتح القدير المشوكاني ج295/2، تفسير القرطبي ج 8 / 10، تفسير الطبرى ج 4/10 - 5 و 7، الدر المنثور للسيوطى ج 3 / 185 - 186، تفسير المنار ج 10 / 15 و 16، سنن النسائى ك الفيء ب - ا - ج 120/7 و 122، تاريخ الطبری ج 19/3، تفسير النيسابورى بهامش تفسیر الطبری ج 10، الاموال لابي عبيد ص 325 و 14، أحكام القرآن للجصاص ج 60/3، مقدمة مرآة العقول ج 1 / 113، الاحكام السلطانية للماوردى ص 168 - 171، الاحكام السلطانية لأبي يعلى ص 181 - 185، شرح صحيح مسلم للنووى ج 82/12 باب حكم الفى من كتاب الجهاد.

فلما ولي ابو بكر رضي اللّه عنه تأول الاية فأسقط سهم النبي وسهم ذي القربي بموته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومنع - كما في الكشاف (1) وغيره - بني هاشم من الخمس، وجعلهم كغيرهم من يتامى المسلمين ومساكينهم وأبناء السبيل منهم (2).

وقد ارسلت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) تسأله ميراثها من رسول اللّه مما أفاء اللّه عليه بالمدينة و «فدك» وما بقي من خمس «خيبر» فأبى أبو بكر أن يدفع الى فاطمة منها شيئاً فوجدت فاطمة على أبي بكر فى ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا

ص: 51


1- قال حول بحثه عن آية الخمس، وعن أبن عباس انه - أى الخمس - على ستة أسهم اللّه ولرسوله سهمان، وسهم لاقاربه حتى قبض (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأجرى أبو بكر الخمس على ثلاثة، وكذلك روى عن عمر ومن بعده من الخلفاء قال : وروى ان أبا بكر قد منع بنی هاشم من الخمس... الخ (منه قدس).
2- منع مهم ذى القربى : راجع الكشاف ج 2/ 159، تفسير القرطى ج 10/8، فتح القدير المشوكاني ج 2 / 295، تفسير الطبرى ج 6/10، الدر المنثور ج 187/3، سنن النسائى ك الفيء ب - 1 - ج 121/7، شرح النهج لابن أبى الحديد ج 230/16 و 231 و ج 12/ 83، مقدمة مرآة العقول ج144/1.

و لم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها.. (الحديث) (1).

وفي صحيح مسلم عن يزيد بن هرمز. قال: كتب نجدة بن عامر الحروري الخارجي الى ابن عباس قال ابن هرمز : فشهدت ابن عباس حين قرأ الكتاب وحين كتب جوابه وقال ابن عباس واللّه لولا ان أرده عن نتن يقع فيه ما كتبت اليه ولا نعمة عين قال فكتب اليه انك سألتني عن سهم ذي القربى الذين ذكرهم اللّه من هم؟ وانا كنا نرى ان قرابة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هم نحن فأبى ذلك هلينا قومنا.. الحديث (2).

ص: 52


1- أخرجه البخارى ومسلم في صحيحيهما باسنادهما الى عائشة. فراجع من. صحيح البخارى أواخر باب غزوة خيبر ص36 من جزئه الثالث. وراجع من صحيح مسلم باب لانورث ماتر كناه فهو صدقة ص 72 من جزئه الثاني. وتجده أيضاً في مواضع أخر من الصحيحين (منه قدس). وجد فاطمة على أبي بكر فلم تكلمه حتى ماتت وذلك بعد أن طالبته ب (فدك) ومابقى من خمس (خيبر) وامتنع من دفعه اليها : راجع : صحيح البخارى ج 5 / 177 ط دار مطابع الشعب وج55/3 ط دار احياء الكتب العربية مع حاشية السندى، صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير باب - 16 -ج 1380/3 ط بيروت بتحقيق محمد فؤاد، مشكل الاثار ج 47/1 وقريباً منه أيضاً رواه البخارى كفضائل أصحاب النبي ب - 12 - ج 25/5 مطابع الشعب ورواه أيضاً بمعنى آخر ك الفرائض ب - 3 - ج 4 / 164 ط دار احياء الكتب العربية. ورواه فيك الخمس ب - 1 - ج 2 / 186 ط دار إحياء الكتب العربية، مسند أحمد ج 6/1 و 9 و ج 2 / 353، سنن النسائى ك الفيء ب - 1 - ج 7 / 120، شرح النهج لابن أبي الحديدج 217/19، صحيح الترمذى كتاب السير باب - 44 - ج 157/4.
2- راجعه فى باب النساء الغازيات يرضخ لهن وهو فى آخر كتاب الجهاد والسير ص 105 من جزئه الثاني (منه قدس). صحیح مسلم ك الجهاد والسيرب - 48 - ج 3 / 1444 وفي طبع العامرة ج 5 / 198، مسند أحمد ج 1 / 248 و 294 و 320، سنن النسائى ك الفيب- 1 - ج 7 / 117، الدر المنثور ج 186/3، فدك للقزويني ص 125، سنن الدارمي ج225/2 ك السير، مشكل الاثار للطحاوى ج 2 / 136 و 179، مسند الشافعي ص 183، حلية الاولياء لابی نعیم ج 205/3، الاموال لابی عبید ص333. وقريب منه أحاديث اخرى راجعها في : مقدمة مرآة العقول ج 1 / 112 و 154.

وأخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس في أواخر ص294 من الجزء الأول من مسنده، ورواه كثير من أصحاب المسانيد بطرق كلها صحيحة، وهذا هو مذهب أهل البيت المتواتر عن أئمتهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ).

لكن الكثير من أئمة الجمهور أخذوا برأي الخليفتين (رضي اللّه عنهما) فلم يجعلوا لذي القربي نصيباً من الخمس خاصاً بهم

فأما مالك بن أنس فقد جعله بأجمعه مفوضاً الى رأي الامام يجعله حيث يشاء من مصالح المسلمين، لا حق فيه لذي قربي ولا ليتيم ولا لمسكين ولا لا بن سبيل مطلقاً (1).

وأما أبو حنيفة وأصحابه فقد أسقطوا بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سهمه وسهم ذي قرباه وقسموه بين مطلق اليتامى والمساكين وابن السبيل على السواء، لافرق عندهم بين الهاشميين وغيرهم من المسلمين (2).

والشافعي جعله خمسة أسهم : سهماً لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يصرف الى ماكان يصرفه اليه من مصالح المسلمين كعدة الغزاة من الخيل والسلاح والكراع

رأى مالك وأبي حنيفة في مهم ذى القربي :

ص: 53


1- راجع : فتح القدير للشوكاني ج 295/2، تفسير القرطبي ج11/8، تفسیر المنار ج 16/10، الفقه على المذاهب الخمسة ص188.
2- نفس المصادر السابقة.

ونحو ذلك، وسهما لذوي القربى من بني هاشم وبني المطلب دون بني عبد شمس وبني نوفل يقسم بينهم للذكر مثل حظ الانثيين، والباقي للفرق الثلاث اليتامى والمساكين وابن السبيل مطلقاً (1).

أما نحن - الامامية - فنقسم (2) الخمس ستة أسهم: اللّه تعالى ولرسوله مهمان وهذان مع السهم الثالث - سهم ذي القربى - للامام القائم مقام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، والثلاثة الباقية لليتامى والمساكين وابن السبيل من آل محمد خاصة لايشاركهم فيها غيرهم لان اللّه سبحانه حرم عليهم الصدقات، فعوضهم عنها الخمس (3) وهذا مارواه الطبري في تفسيره عن الامامين علي بن الحسين زين العابدين وابنه محمد بن علي الباقر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) (4).

فائدة :

أجمع علماؤنا رضي اللّه عنهم على ان الخمس واجب في كل فائدة

ص: 54


1- نفس المصادر السابقة.
2- رأينا في الخمس وغيره من فروع الدين واصوله انما هو تبع لرأى الائمة الاثنى عشر من آل محمد (على والأوصياء من بنيه) (منه قدس).
3- رأى الشيعة في الخمس : راجع وسائل الشيعة للحر العاملى ك الخمس ب - ا - من أبواب قسمة الخمس ج 305/6 - 362، جواهر الكلام ج 16 / 84 - 114، مستمسك العروة الوثقى ج9 /567 - 596، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج 2/ 78 - 86، العروة الوثقى ج 2 / 403 – 407.
4- رأى الامام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الخمس : راجع : تفسير الطبری ج 7/10، فتح القدير ج 2/ 295، تفسير المنار ج10/ 15، تفسير القرطبي ج 10/8، مرآة العقول ج 1 / 115.

تحصل للانسان من المكاسب وأرباح التجارات والحرف ومن الزرع والضرع والنخيل والأعناب ونحوها، وتجب فى الكنوز والمعادن والغوص وغير ذلك مماهو مذكور في فقهنا وحديثنا (1).

ويمكن أن يستدل عليه بهذه الاية واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن كلاً من الغنيمة والغنم والمغنم حقيقة في كل ما يستفيده الانسان ومعاجم اللغة صريحة فى ذلك وتفصيل القول فى هذا كله موكول الى محله، وموضوع اسقاط البحث هنا انما هو الاجتهاد في سهم ذي القربى مع نص الاية بكل صراحة.

توريث الأنبياء

المورد - 7 - توريث الانبياء :

المنصوص عليه بعموم قوله عز من قائل «لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَفْرُوضًا» (2).

وقوله تعالى «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» (3) الى آخر آيات المواريث، وكلها عامة تشمل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فمن دونه من سائر البشر فهي على حد قوله عز وجل «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى

ص: 55


1- جواهر الكلام فی شرح شرایع الاسلام ج 5/16 - 83، المستمسك للسيد الحكيم ج 443/9 - 566، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج2 / 65 - 78 مسالك للشهيد الثانى ج 1 / 66، العروة الوثقى ج 366/2 – 403.
2- سورة النساء : 7.
3- سورة النساء : 11.

الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ» (الاية) (1). وقوله سبحانه وتعالى: «فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ» (الاية) (2). وقوله تبارك وتعالى : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ» (الاية) (3) ونحو ذلك من آيات الأحكام الشرعية يشترك فيها النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكل مكلف من البشر، لافرق بينه وبينهم غير ان الخطاب فيها متوجه اليه ليعمل به وليبلغه الى من سواه، فهو من هذه الحيثية أولى فى الالتزام بالحكم من غيره.

ومنها قوله عز و علاء «وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ» (4)جعل اللّه عزوجل في هذه الآية الكريمة، الحق في الارث لاولي قرابات الموروث، وكان التوارث قبل نزولها من حقوق الولاية في الدين، ثم لما أعز اللّه الاسلام وأهله نسخ بهذه الآية ما كان من ذي حق في الارث قبلها، وجعل حق الارث منحصراً بأولي الارحام الأقرب منهم للموروث فالاقرب مطلقاً، سواء أكان الموروث هو النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أم كان غيره، وسواء أكان الوارث من عصبة الموروث أم من أصحاب الفرائض، أم كان من غيرهما عملا بظاهر الآية الكريمة (5).

ومنها: قوله تعالى فيما اقتص من خبر زكريا «إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا

ص: 56


1- سورة البقرة : 183.
2- سورة البقرة : 182.
3- سورة المائدة : 3.
4- سورة الانفال : 75.
5- ومن راجع صحاح السنن الواردة في تشريع المواريث وجدها بأسرها عامة تشمل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وغيره على حد قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - من حديث أخرجه الشيخان كلاهما في كتاب الفرائض من صحيحيهما - : ومن ترك مالا فلورثته (منه قدس).

قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا» (1).

احتجت الزهراء والأئمة من بنيها بهذه الآية، على أن الانبياء يورثون المال، وان الارث المذكور فيها انما هو المال لا العلم ولا النبوة، وتبعهم فى ذلك أوليائهم من اعلام الامامية كافة. فقالوا: ان لفظ الميراث في اللغة (2) والشريعة لا يطلق الا على ما ينتقل من الموروث الى الوارث كالاموال، ولا يستعمل في غير المال الا على طريق المجاز والتوسع، ولا يعدل عن الحقيقة الى المجاز بغير دلالة (3).

وأيضاً فان زكريا (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال في دعائه : «وَاجْعَلْهُ رَبّ رَضِيّاً» أي اجعل يارب ذلك الولي الذي يرثني مرضياً عندك. ممتثلا لامرك، ومتى حملنا الأرث على النبوة لم يكن لذلك معنى وكان لغواً عبثاً ألا ترى انه لا يحسن أن يقول أحد : اللّهم ابعث لنا نبياً واجعله عاقلا مرضياً في أخلاقه لانه اذا كان نبياً فقد دخل الرضا وما هو أعظم من الرضا في النبوة.

ويقوي ما قلناه أن زكريا (عَلَيهِ السَّلَامُ) صرح بأنه يخاف بني عمه بعده بقوله :

ص: 57


1- سورة مريم : 3 - 6.
2- راجع تاج العروس مادة - ورث - ج 652/1، الصحاح ج 296/1 وغيرهما.
3- الارث في الشريعة : راجع تفسير البيان للشيخ الطوسي ج 14/8 - 95، تلخيص الشافي للطوسي أيضاً ج 132/3 - 136، مجمع البيان للطبرسي ج 503/6، شرح النهج لابن أبي الحديد ج 241/16 - 244، تفسير الفخر الرازى ج 21 / 184، تفسير الطبری ج 16 / 37.

«وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي» وانما يطلب وارثاً لاجل خوفه، ولا يليق خوفه منهم الا بالمال دون النبوة والعلم لانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) كان أعلم باللّه تعالى من أن يخاف ان يبعث نبياً من هو ليس بأهل للنبوة، وان يورث علمه وحكمته من ليس لهما بأهل ولانه انما بعث لاذاعة العلم ونشره في الناس، فكيف يخاف الأمر الذي هو الغرض في بعثته.

فان قيل : هذا يرجع عليكم فى وراثة المال لان في ذلك اضافة البخل اليه.

فالجواب : معاذ اللّه أن يستوي الأمران، فان المال قد يرزقه المؤمن والكافر والصالح والطالح، ولا يمتنع أن يأسى على بني عمه اذ كانوا من أهل الفساد أن يظفروا بماله فيصرفوه فيما لا ينبغي، بل في ذلك غاية الحكمة، فان تقوية أهل الفساد واعانتهم على أفعالهم المذمومة محظورة في الدين والعقل فمن عد ذلك بخلا فهو غير منصف.

وقوله: «خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي» يفهم منه أن خوفه انما كان من أخلاقهم وأفعالهم، والمراد خفت الموالي ان يرثوا بعدي أموالي فينفقوها في معاصيك فهب لي يارب ولداً رضياً يرثها لينفقها فيما يرضيك

وبالجملة لابد من حمل الارث في هذه الآية على ارث المال دون النبوة و شبهها حملا للفظ يرثني من معناه الحقيقي المتبادر منه الى الأذهان، اذ لاقرينة هنا على النبوة ونحوها، بل القرائن في نفس الاية متوفرة على ارادة المعنى الحقيقي دون المجاز.

وهذا رأي العترة الطاهرة في الآية (1). و هم أعدال الكتاب لا يفترقان أبداً.

ص: 58


1- راجع : الميزان في تفسير القرآن ج 9/14 - 15 وص 22 - 25.

وقد علم الناس ما كان بين الزهراء سيدة نساء العالمين، وبين أبي بكر، اذ أرسلت اليه تسأله ميراثها من رسول اللّه [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] فقال أبو بكر : ان رسول اللّه قال : «لانورث ما تركناه صدقة» (1) «قالت عائشة» : فأبى أبو بكر أن يدفع الى فاطمة منه شيئاً، واستأثر لبيت المال بكل ما تركه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من بلغة العيش لا يبقي ولا يذر شيئاً فوجدت فاطمة على أبي بكر فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت، وعاشت بعد النبي ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلا - بوصية منها (2) ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها.. الحديث (3).

ص: 59


1- هذا الحديث ردته الزهراء والائمة من بنيها، وهو - بألفاظه هذه الثابتة في باب غزوة خيبر من صحيح البخاري - لا يصلح لان يكون حجة عليها. الا أن يكون لفظه صدقة مرفوعاً على الاخبار به عن (ما) الموصولة في قوله ماتركنا، ولاسبيل الى اثبات ذلك اذ لعل (ما) هذه فى محل النصب على المفعولية لتركنا وتكون صدقة حالا من (ما)، فيكون المعنى ان ما نتركه في أيدينا من الصدقات لاحق لو ارثنا فيه (منه قدس).
2- كما اعترف به شارحا البخاری، القسطلاني في ارشاده، والانصاري في تحفته، فراجع ص 157 من المجلد الثامن من كل من الشرحين اذ ينتهيان فيهما الى هذا الحديث (منه قدس)
3- أخرجه أصحاب الصحاح بأسانيدهم الى عائشة فراجع منها ص37 والتي بعدها من الجزء الثالث من صحيح البخارى أثناء غزوة خير، وص 72 من الجزء الثاني من صحيح مسلم فى باب قول النبي : لا نورث ما تركنا فهو صدقة من كتاب الجهاد والسير، وص 6 من الجزء الاول من مسند أحمد (منه قدس) وجد فاطمة على أبي بكر : تقدمت مصادر الحديث تحت رقم - 71 - وأيضاً يوجد حديث مطالبتها بإرثها الترمذى ك السير ب - 44 - ج 157/4 ح 1608 و 1609، مسند أحمد ج في صحيح 16/12 و 9 و ج 353/2، سنن النسائى ك الفي- ب - 1 - ج 7 / 120، تاريخ اليعقوبي و ج 2 / 12، فدك للقزويني ص 87، وفاء الوفاء ج 2/ 995، فتوح البلدان البلاذرى ص 44.

نعم غضبت على اثارة (1) واستقلت غضباً (2) فلاتت خمارها واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها (3) ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخسرم مشيتها مشية رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتى دخلت على أبي بكر، و هو في حشد من المهاجرين والانصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة ثم أنت أنة أجهش لها القوم بالبكاء(4). وارتج المجلس، فأمهلتهم حتى اذا سكن نشيجهم، وهدأت فورتهم افتتحت الكلام «بحمد اللّه عز وجل»، ثم انحدرت في خطبتها (5).

تعظ القوم في أتم خطاب***حكت المصطفى به وحكاها (6)

فخشعت الابصار، وبخعت النفوس، ولولا السياسة ضاربة يومئذ بجرانها لردت شوارد الاهواء، وقادت حرون الشهوات، ولكنها السياسة توغل في غاياتها لا تلوي على شيء، ومن وقف على خطبتها في ذلك اليوم (7) عرف

ص: 60


1- انما يقولون : غضب فلان على اثارة بالفتح اذا كان غضبه مسبوقاً بغضب، كغضب الزهراء لارثها مسبوقاً بغضبها لكشف بينها، وذاك مسبوقاً أيضاً بما كان في السقيفة (منه قدس).
2- انما يقولون : استقل غضباً اذا أشخصه فرط الغضب، كما أشخص الزهراء من بيتها حتى دخلت على أبي بكر فخطبت محتجة بأشد لهجة (منه قدس).
3- أى خادماتها (منه قدس).
4- الملاءة الازار. والريطة ذات لفقين. ونيطت علقت (منه قدس).
5- من خطبة لسيدة النساء فاطمة الزهراء راجعها في : بلاغات النساء لا بن أبى طيفور المتوفى 280ه- ص 12 - 19، أعلام النساء العمر كحالة ج3/ 1208، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 211/16 - 213 و 249 - 253 ط مصر بتحقيق أبو الفضل، تلخيص الشافى للشيخ الطوسي ج 139/3.
6- هذا البيت للشيخ كاظم الازرى من قصيدته العصماء في أهل بيت النبوة.
7- السلف من بنى على وفاطمة يروى خطبتها في ذلك اليوم لمن بعده ومن بعدهه رواها لمن بعده، حتى انتهت الينا بدأ عن يد، فنحن الفاطميين نرويها عن آبائنا، و آبائنا يروونها عن آبائهم، وهكذا كانت الحال في جميع الاجيال، الى زمن الائمة من أبناء على وفاطمة، ودونكموها في كتاب الاحتجاج للطبرسى، وفي بحار الانوار، وقد أخرجها من اثبات الجمهور واعلامهم أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة وفدك بطرق وأسانيد ينتهى بعضها الى السيدة زينب بنت على وفاطمة، وبعضها الى الامام أبي جعفر محمد الباقر، وبعضها الى عبد اللّه بن الحسن بن الحسن يرفعونها جميعاً الى الزهراء كما في ص 78 من المجلد الرابع من شرح النهج الحميدى، وأخرجها أيضاً أبو عبيد اللّه محمد بن عمران المرزباني بالاسناد الى عروة بن الزبير عن عائشة ترفعها الى الزهراء كما فى صفحة 93 من المجلد الرابع من شرح النهج، وأخرجها المرزبانى أيضاً كما في صفحة 94 من المجلد المذكور بالاسناد إلى أبي الحسين زيد ابن على بن الحسين بن على بن أبي طالب عن أبيه عن جده يبلغ بها فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) ونقل ثمة عن زيد انه قال : رأيت مشايخ آل أبي طالب يروونها عن آبائهم ويعلمونها أولادهم (منه قدس).

ما كان بينها وبين القوم (1).

ص: 61


1- ومما كان بينها وبينهم ان قالت لابي بكر حين منعها ارثها لانمت اليوم يا أبا بكر من يرثك ؟. قال : ولدى وأهلى. قالت : فلم أنت ورثت رسول اللّه دون ولده وأهله؟ قال : ما فعلت يا بنت رسول اللّه. قالت : بلى انك عمدت الى فدك وكانت صافية لرسول اللّه فأخذتها منا، وعمدت الى ما أنزل اللّه من السماء فرفعته عنا. الحديث أخرجه أبو بكر ابن عبد العزيز الجوهرى فى كتاب السقيفة وفدك - كما في ص 87 من المجلد الرابع من شرح النهج بسنده الى مولى أم هانى. وأخرج الجوهرى فى كتابه المذكور كما في ص 82 من المجلد الرابع من شرح النهج - بالاسناد الى أبي سلمة : ان فاطمة لما طلبت ارثها قال لها أبو بكر : سمعت رسول اللّه يقول : ان النبى لا يورث، ولكن اعول على من كان النبي يعوله، وأنفق على من كان النبي ينفق عليه، فقالت : يا أبا بكر أيرلك بناتك ولا يرث رسول اللّه بناته؟ فقال هو ذاك. وأخرج الامام أحمد بالاسناد الى أبي سلمة نحوه فراجع ص10 من الجزء الاول من مسنده حيث أورد حديث أبي بكر. وأخرج الجوهرى فى كتاب السقيفة وفدك أيضاً كما في ص 81 من المجلد الرابع من شرح النهج - بالاسناد الى أم هاني بنت أبي طالب : ان فاطمة قالت لابي بكر من يرتك اذا مت ؟. قال : ولدى وأهلى. قالت : فمالك ترث رسول اللّه دونا ؟ قال : يا بنت رسول اللّه ماورث ابوك شيئاً. قالت : بلى سهم اللّه الذي جعله لنا وصار فيأنا وهو الان فى يدك. فقال لها : سمعت رسول اللّه يقول : انما هى طعمة اطعمناها اللّه فاذامت كانت بین المسلمين. وعن ابي الطفيل فيما اخرجه الجوهرى مثله. والاخبار في هذا متواترة ولاسيما من طريق العترة الطاهرة. وحسبك خطبتها العصماء التي أشرنا اليها في الأصل. ولها خطبة اخرى تتعلق بالخلافة اخرجها الجوهرى. في كتاب السقيفة وفدك - كما في ص 87 من المجلد الرابع من شرح النهج الحميدى - بالاسناد الى عبداللّه ابن الحسن بن الحسن عن امه فاطمة بنت الحسين قالت : لما اشتد بفاطمة بنت رسول اللّه الوجع وثقلت فى علتها اجتمع عندها نساء المهاجرين والانصار فقلن لها : كيف اصبحت يا ابنة رسول اللّه قالت : اصبحت واللّه عائفة لدينا كن قالية لرجالكن (الخطبة) وهى من ابلغ المأثور عن اهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلَامُ). وقد أخرجها أيضاً الامام ابو الفضل احمد بن ابى طاهر فى ص 23 من كتابه بلاغات النساء بالاسناد الى الزهراء و اصحابنا يروونها بالاسناد الى سويد بن غفلة بن عوسجة الجعفى عن الزهراء. وقد اوردها المجلسى فى البحار والطبرسى فى الاحتجاج. وغيرهما من الاثبات (منه قدس). بين الزهراء وأبى بكر : راجع صحيح الترمذىك السير باب - 44 - ج 157/4، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 16 / 211 - 213 و 251، فدك للقزويني ص 43 و 87 و 126، وفاء الوفاء ج 3 / 995، مشكل الآثار ج47/1.

حيث أقامت على ارثها آيات محكمات حججاً لاترد ولا تكابر، فكان مما أدلت به يومئذ ان قالت : «أعلى عمد تركتم كتاب اللّه ونبذتموه وراء ظهوركم؟ اذ يقول: «وَوَرِثَ سُلَيمَانُ دَاوُدَ». وقال فيما أقتص من خبر زكريا: «فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا».

ص: 62

وقال: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ.

وقال : «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ».

وقال : «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ».

ثم قالت : اخصكم اللّه بآية أخرج بها أبي ؟ أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و عمومه من أبي و ابن عمي ؟ ! أم تقولون : أهل ملتين لايتوارثان ؟ ! (الخطبة) (1).

فانظر كيف احتجت اولا : على توريث الانبياء بآيتي داود و زكريا الصريحتين بتوريثهما. ولعمري انها (عَلَيهَا السَّلَامُ) أعلم بمفاد القرآن ممن جاءوا متأخرين عن تنزيله، فصرفوا الارث هنا الى وراثة الحكمة والنبوة دون الاموال، تقديماً للمجاز على الحقيقة بلاقرينة تصرف اللفظ عن معناه الحقيقي المتبادر منه بمجرد الاطلاق، وهذا مما لايجوز، ولو صح هذا التكلف لعارضها ب-ه أبو بكر يومئذ أو غيره ممن كان في ذلك الحشد من المهاجرين و الانصار وغيرهم (2).

على أن هناك قرائن تعين وراثة الاموال كما بيناه سابقاً.

ص: 63


1- تقدمت مصادر الخطبة تحت رقم - 90 – فراجع.
2- لكنهم لم يعارضوها يومئذ به ولا بشيء سوى المصادرة، اذ أجابها أبو بكر بقوله : يا ابنة رسول اللّه، واللّه ما خلق اللّه خلقاً أحب الي من رسول اللّه أبيك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولوددت أن السماء وقعت على الارض يوم مات أبوك (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وواللّه لان تفتقر عائشة أحب الي من أن تفتقرى أترينني أعطى الابيض والاحمر حقه وأظلمك حقك ؟ وأنت بنت رسول اللّه ! ان هذا المال لم يكن للنبى ! وانما كان مالا من أموال المسلمين ! يحمل به النبي الرجال وينفقه في سبيل اللّه فلما توفى وليته كما كان يليه ؟. قالت. واللّه لا كلمتك أبداً قال : واللّه لا هجرتك أبداً. قالت : واللّه لادعون اللّه عليك. قال : واللّه لادعون اللّه للك فلما حضرتها الوفاة أوصت أن لا يصلى عليها. الحديث أخرجه أبو بكر الجوهرى بهذه الالفاظ في كتاب السقيفة وفدك - كما في ص 80 من المجلد الرابع من شرح النهج الحميدي - وتراه ما عارضها فيما فهمته من التوريث في آيتي داود وزكريا، وانما عارضها بدعواه ان هذا المال لم يكن للنبي فلم تقنع منه اذ هي أعلم بشؤون أبيها، ولا حول ولاقوة الا باللّه العلى العظيم (منه قدس).

واحتجت ثانياً : على استحقاقها الارث من أبيها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعموم آيات المواريث وعموم آية الوصية، منكرة عليهم تخصيص العمومات بلا مخصص شرعی من كتاب أو سنة.

وما أشد انكارها اذ قالت أخصكم اللّه بآية أخرج بها أبي ؟

فنفت بهذا الاستفهام الانكاري وجود المخصص في الكتاب.

ثم قالت : أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي ؟ فنفت بهذا الاستفهام التوبيخي وجود المخصص في السنة.

بل نفت وجوده مطلقاً، اذ لو كان ثمة مخصص لبينه لها النبي والوصي ويستحيل عليهما الجهل به لو كان في الواقع موجوداً، ولا يجوز عليهما أن يهملا تبيينه لها لما في ذلك من التفريط في البلاغ، والتسويف في الانذار، والكتمان للحق، والاغراء بالجهل، والتعريض لطلب الباطل، والتغرير بكرامتها، والتهاون في صونها عن المجادلة والمجابهة والبغضاء والعداوة بغير حق، وكل ذلك محال ممتنع عن الانبياء و أوصيائم.

وبالجملة كان كلف النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ببضعته الزهراء واشفاقه عليها فوق كلف الاباء الرحيمة، وشفاقهم على أبنائهم البررة، يؤويها الى الوارف من ظلال رحمته، ويفديها بنفسه (1) مستر سلا اليها بأنسه.

ص: 64


1- ذكرها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مرة فقال: فداؤها أبوها فداؤها أبوها ثلاث مرات - فيه حديث أخرجه الامام أحمد بن حنبل ونقله عنه وعن غيره ابن حجر في الامر الثاني من الامور التي ذكرها في خاتمة الاية الرابعة عشرة من الايات التي أوردها في الفصل الاول من الباب الحادي عشر من صواعقه ص 159 (منه قدس).

وكان يحرص بكل مالديه على تأديبها وتهذيبها وتعليمها وتكريمها حتى بلغ في ذلك كل غاية، يزقها المعرفة باللّه والعلم بشرائعه زقاً، لا يألو في ذلك جهداً، ولا يدخر وسعاً حتى عرج الى أوج كل فضل، ومستوى كل كرامة فهل يمكن أن يكتم عليها أمراً يرجع الى تكليفها الشرعي؟ حاشا للّه، وكيف يمكن ان يعرضها - بسبب الكتمان - لكل ما أصابها من بعده في سبيل الميراث، من الامتهان بل يعرض الامة المفتنة التي ترتبت على منع ارثها.

وما بال بعلها خليل النبوة، والمخصوص بالاخوة، يجهل حديث «لانورث» مع ما آتاه اللّه من العلم والحكمة، والسبق، والصهر، والقرابة، والكرامة والمنزلة والخصيصة، والولاية والوصاية والنجوى ومابال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يكنم ذلك عنه، وهو حافظ سره، و کاشف ضره و باب مدينة علمه، وباب دار حكمته، وأقضى أمته، وباب حطتها، وسفينة نجاتها وأمانها من الاختلاف.

وما بال أبي الفضل العباس وهو صنو أبيه، وبقية السلف من أهليه، لم يسمع بذلك الحديث.

وما بال الهاشميين كافة و هم عيبته وبيضته التي تفقأت عنه، لم يبلغهم الحديث حتى فوحثوا به بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

وما بال أمهات المؤمنين يجهلنه فيرسلن عثمان يسأل لهن ميراثهن من رسول اللّه (1)

ص: 65


1- أزواج النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) برسلن عثمان حول ميراثهن : راجع صحيح الترمذى ك السير باب - 44 - ج 157/4، شرح النهج لابن أبى الحديد ج 16 / 220 و 223، الصواعق لابن حجر ص 22 ط الميمنية، معجم البلدان للحموى ج 239/4، فتوح البلدان المبلاذرى ص 43.

و كيف يجوز على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يبين هذا الحكم لغير الوارث ويدع بيانه للوارث ؟.

ما هكذا كانت سيرته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذ يصدع بالاحكام فيبلغها عن اللّه عز وجل، ولا هذا هو المعروف عنه في انذار عشيرته الاقربين، ولا مشبه لما كان يعاملهم به من جميل الرعاية وجليل العناية.

بقي للطاهرة البتول كلمة استفزت بها حمية القوم، واستثارت حفائظهم بلغت بها أبعد الغايات ألا وهي قولها : «أم تقولون : أهل ملتين لايتوارثان» تريد بهذا أن عمومات المواريث لا نتخصص بمثل ما زعمتم وانما تتخصص بمثل قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «لا توارث بين أهل ملتين» واذن فهل تقولون، اذ تمنعونني الارث من أبي: اني لست على ملته فتكونون - لو أثبتم خروجي عن الملة - على حجة شرعية فيما تفعلون. فانا للّه وانا اليه راجعون.

نحلة الزهراء

المورد (8) نحلمة الزهراء :

وذلك أن اللّه عز سلطانه لما فتح لعبده وخاتم رسله حصون خيبر، قذف اللّه الرعب في قلوب أهل فدك فنزلوا على حكم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صاغرين، فصالحوه عن نصف أرضهم (1) فقبل ذلك منهم أفكان نصف فدك ملكاً خالصاً لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذ لم يوجف المسلمون عليها بخيل ولا ركاب، وهذا مما

ص: 66


1- وقيل : بل صالحوه على جميعها (منه قدس).

أجمعت الامة عليه بلا كلام لاحد منها في شيء منه (1).

ثم لما أنزل اللّه عز وجل عليه «وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ» أنحل فاطمة فدكاً، فكانت في يدها (2) حتى انتزعت منها لبيت المال.

هذا ما ادعته الزهراء بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأوقفت في سبيله موقف المحاكمة بإجماع الامة، واليك ما جاء في محاكمتها :

قال الامام فخر الدين الرازي: فلما مات رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ادعت فاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ) أنه كان ينحلها فدكاً، فقال لها أبو بكر : أنت أعز الناس علي

ص: 67


1- فدك ملك لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : راجع : السيرة النبوية لا بن هشام ج 353/2، فدك للقزوینی ص 29، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 210/16، تاريخ الطبری ج 20/3، الكامل في التاريخ ج 2 / 224 و ج 2 / 152 ط آخر معجم البلدان للحموي مادة - فدك فدك - ج 238/4 240، وفاء الوفاء ج 3 / 997 و 998، فلدك فى التاريخ ص 20، فتوح البلدان للبلاذری ص 42 و 43، سنن أبى داود ج 47/2 باب صفايا رسول اللّه ك الخراج، الاموال لابي عبيد ص 9 سيرة ابن هشام ج 408/2، الاكتفاء ج 2/ 259، الاحكام السلطانية للماوردي ص 170، الاحكام السلطانية لأبي يعلى ص 185، المغازى للواقدى ص 706. أمتاع الاسماع ص 331، مقدمة مرآة العقول ج 1 / 133، شواهد التنزيل للحسكاني ج338/1 و 443.
2- أئمة أهل البيت وشيعتهم كافة لايرتابون فى أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنحل بضعته الزهراء ما كان خالصاً له من فدك، وانه كان في يدها حتى انتزع منها، و حسبك قول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فيما كتبه الى عامله في البصرة عثمان بن حنيف : بلی كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء فشحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس قوم آخرين، ونعم الحكم اللّه... الى آخر كلامه وهو في نهج البلاغة، وفي معناه نصوص متواترة عن أئمة العترة الطاهرة. والمحدثون الاثبات رووا بالاسناد الى أبي سعيد الخدرى انه قال : لما نزل قوله تعالى (وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ) أعطى رسول اللّه فاطمة فدكا أخرجه الامام الطبرسى فى جمع البيان فليراجع منه تفسير «وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ» وهى الآية 26 من سورة الاسراء. وتجد ثمة ان هذا الحديث مما ألزم المأمون برد فدك على ولد فاطمة (منه قدس). فدك في يد فاطمة : راجع : شواهد التنزيل للحسكانى الحنفى ج 1 / 338 ح 467 و 468 و 469 و 470 و 471 و 472 و 473، الدر المنثور ج 4 / 177، مجمع الزوائد ج49/7، تفسير الطبرى ج 15 / 82 ط 2، ينابيع المودة للقندوزى ص 49 و 140 ط الحيدرية وص 119 ط اسلامبول، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 228/1، احقاق الحقج 549/3، فضائل الخمسة ج 136/3، النبيان في تفسير القرآن للطوسى ج 468/6، تلخيص الشافى له أيضاً ج 121/3، مجمع البيان ج 411/6، شرح النهج لابن أبى الحديد ج 268/16 و 275، كنز العمال ج 3 / 767 86965، فتوح البلدان للبلاذرى ص 46 - 47، مقدمة مرآة العقول ج 1 ص 133، السبعة من السلف ص 35، الميزان الذهبي / 228 ط السعادة.

فقراً، وأحبهم الي غنى، لكني لا أعرف صحة قولك (1) فلايجوز أن أحكم لك، [ قال ] : فشهدت لها ام أيمن ومولى لرسول اللّه (2) فطلب منها أبو بكر الشاهد الذي يجوز قبول شهادته في الشرع فلم يكن (انتهى بلفظه) (3).

ص: 68


1- بجدك قل لى يا أبا بكر هل كنت في الواقع وحقيقة الامر لا تعرف صحة قولها ولاسيما بعد أن شهدت بصحته ام أيمن وشهد به أمير المؤمنين وهل كنت تراهم جميعاً من أهل الزور والعدوان أو أنهم كانوا جميعاً من الخطأ بمكان كلا بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل واللّه المستعان على ما تصفون (منه قدس).
2- الشاهد لها مع أم أيمن انما هو أمير المؤمنين على بن أبي طالب وهذا مما لاريب فيه، وكأن الرازي استفظع رد شهادة على فلم يصرح بأسمه احتراماً له ولابي بكر معاً فكنى عنه بمولى رسول اللّه (منه قدس).
3- فراجعه فى تفسير آية الفيء من سورة الحشر تجده في ص 125 الجزء الثامن من تفسيره مفاتيح الغيب (منه قدس). شهادة ام أيمن وغيرها : راجع : تفسير الفخر الرازى ج 29 / 284 ط 2. وممن ذكر ان الشاهد مع ام أيمن هو أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) الذى مع الحق والحق معه يدور حيث دار. السمهودى فى وفاء الوفاء باخبار دار المصطفى ج 999/3.

وفي الصواعق المحرقة لابن حجر الهيثمي ما هذا لفظه الهيثمي ما هذا لفظه : ودعوى فاطمة أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نحلها فدكاً لم تأت عليها الا بعلي وام أيمن فلم يكمل نصاب البينة... الى آخر كلامه (1).

وهذا بعينه ما هو المنقول في هذا الموضوع عن ابن تيمية وابن القيم وغيرهما من أعلام الجماعة (2).

قلت: عفا اللّه عنا وعنهم ورضي عن أبي بكر الصديق وأرضى عنه فاطمة وأباها وبعلها وبنيها، ليته آثر ما هو الاليق به فلم يوقف وديعة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهي ثكلى مواقفها تلك منه، تارة في سبيل ارثها، وأخرى في سبيل نحلتها، وثالثة ورابعة في شؤون وشجون، وليته لم يدعها تنقلب عنه راغمة يائسة، ثم تموت مدلهمة هاجرة له فتوصي بما أوصت.

سبحان اللّه وبحمده أين حلمه وأناته ؟. و أين نظره البعيد في عواقب الامور ؟. وأين احتياطه على ربح المسلمين ؟.

فليته أتقى فشل الزهراء في مواقفها بكل ما لديه من سبل الحكمة، ولو فعل لكان ذلك أحمد في العقبى، وأبعد عن مظان الندم، وأنأى عن مواقف

ص: 69


1- فراجعه فى آخر ص 21 أثناء كلامه فى الشبهة السابعة من شبه الرافضة (منه قدس).
2- راجع : وفاء الوفاج 3 / 999، فدك للقزويني، كتاب الخراج لابي يوسف 24، سنن النسائى ج 179/1، الاموال لابی عبید ص 332، تفسير الطبرى ج 10/ 6، مقدمة مرآة العقول ج151/1.

اللوم، وأجمع لشمل الامة، وأصلح له بالخصوص.

وقد كان في وسعه أن يربأ بوديعة رسول اللّه ووحيدته عن الخيبة، ويحفظها عن ان تنقلب عنه وهي تتعثر بأذيالها، وماذا عليه، اذ احتل محل أبيها، لو سلمها فدكاً من غير محاكمة ؟ ! فان الامام أن يفعل ذلك بولايته العامة، وما قيمة فدك في سبيل هذه المصلحة ؟ ودفع هذه المفسدة.

وهذا ما قد تمناه لأبي بكر كثير من متقدمي أوليائه ومتأخريهم.

و اليك كلمة في هذا الموضوع لعيلم المنصورة الاستاذ محمود أبورية المصري المعاصر، قال : بقي أمر لابد أن نقول فيه كلمة صريحة : ذلك هو موقف أبي بكر من فاطمة رضي اللّه عنها بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وما فعل معها في ميراث أبيها، لانا اذا سلمنا بأن خبر الاحاد الظني يخصص الكتاب القطعي، وأنه قد ثبت أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد قال: «انه لايورث» وانه لا تخصيص في عموم هذا الخبر، فان أبا بكر كان يسعه أن يعطي فاطمة رضي اللّه عنها بعض تركة أبيها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كأن يخصها بفدك، وهذا من حقه الذي لا يعارضه فيه أحد، اذ يجوز للخليفة أن يخص من يشاء بما شاء.

قال: وقد خص هو نفسه الزبير بن العوام(1)، ومحمد بن مسلمة وغيرهما ببعض متروكات النبي (2).

على ان فدكاً هذه التي منعها أبو بكر لم تلبث أن أقطعها الخليفة عثمان

ص: 70


1- وكان صهره على أسماء أم عبد اللّه (منه قدس).
2- قلت : وخص بنته أم المؤمنين بالحجرة فدفنته حين مات فيها الى جنب رسول اللّه ثم دفن فيها خليفته عمر برخصة منها، فلما توفى الحسن ريحانة رسول اللّه أراد بنوهاشم تجديد العهد فيه بجده. فكان ما كان مما لست أذكره***فظن خيراً ولا تسأل عن الخبر فانا للّه وانا اليه راجعون (منه قدس).

لمروان (1) هذا كلامه بنصه (2).

ونقل ابن أبي الحديد عن بعض السلف كلاماً مضمونه العتب على الخليفتين والعجب منهما في مواقفهما مع الزهراء بعد أبيها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قالوا في آخره : «وقد كان الاجلّ أن يمنعهما التكرم عما ارتكباه من بنت رسول اللّه فضلا عن الدين». فذيله ابن أبي الحديد بقوله (3) : «وهذا الكلام لاجواب عنه».

قلت: دعنا من مقتضيات التكرم، ولننظر في المسألة من حيث مقتضيات المحاكمة فنقول : قد تمت الموازين الشرعية التي توجب الحكم للزهراء بنحلتها وكانت مع تمامها متعددة كما لا يخفى على المنصفين من أولي الالباب.

و حسبهم منها علم الحاكم يومئذ ان هذه المدعية انما هي بمثابة من

ص: 71


1- عثمان يعطى فدكاً لمروان بن الحكم راجع : المعارف لابن قتيبة ص 195، تاريخ أبي الفداء ج 169/1، سنن البيهقى ج 301/6، العقد الفريد ج 283/4 ط لجنة التأليف والنشر، شرح نهج البلاغة لا بن أبي الحديد ج 198/1، الغدير للامينى ج 195/7 و ج 8 / 236 - 238، وفاء الوفاء ج 3 / 1000، فدك في التاريخ ص 20 - 21، سنن أبي داود ج49/2. وقيل ان الذى أقطعها لمروان هو معاوية بن أبي سفيان : راجع : معجم البلدان للحموى ج 4 / 240، الغدير للاميني ج 195/7، وفاء الوفاء ج 3 / 1000، فدك في التاريخ ص 21 - 22، فتوح البلدان للبلاذرى ص 46.
2- وقد نشرته مجلة الرسالة المصرية في عددها 518 من السنة 11 فراجعه في ص 457 (منه قدس). وقريب منه نقله في كتابه شيخ المضيرة أبو هريره ص 169 ط 3.
3- في ص 106 من المجلد الرابع من شرحه لنهج البلاغة حين أنى على شرح قول أمير المؤمنين في كتابه اعثمان بن حنيف : بلى كانت في أيدينا فدك (منه قدس).

القدس تعدل بها مريم بنت عمران (1) وانها أفضل منها (2) وانها ومريم

ص: 72


1- بحكم النصوص الصريحة في السنن المتظافرة الصحيحة. فمنها ما أخرجه ابن عبد البر في ترجمة الزهراء من استيعابه وغيره من أعلام اثباتهم : ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عادها وهي مريضة فقال : كيف تجدينك يا بنية ؟ قالت : انى لوجعة و انه ليزيدني اني مالی طعام آکله، قال : يابنية أما ترضين أنك سيدة نساء العالمين. قالت : يا أبة فأين مريم بنت عمران ؟. قال : تلك سيدة نساء عالمها وأنت سيدة نساء عالمك، أما واللّه لقد زوجتك سيداً في الدنيا والاخرة اه_ (منه قدس).
2- تفضيلها على مريم (عَلَيهَا السَّلَامُ) أمر مفروغ منه عند أئمة العترة الطاهرة وأوليائهم من الأمامية وغيرهم، و صرح بأفضليتها على سائر النساء حتى السيدة مريم كثير من محققى أهل السنة والجماعة كالتقى السبكى، والجلال السيوطي، والبدر، والزركشى، والتقى المقريزى، وابن أبي داود، والمناوي فيما نقله عنهم العلامة النبهانى فى فضائل الزهراء ص 59 من كتابه - الشرف المؤبد - وهذا هو الذي صرح به السيد أحمد زینی دحلان مفتى الشافعية، ونقله عن عدة من أعلامهم وذلك حيث أورد تزويج فاطمة بعلى في سيرته النبوية فراجع (منه قدس). فاطمة الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ) أفضل من مريم بنت عمران. راجع : نور الابصار للشبلنجي ص 42 ط اليوسفية، الاستيعاب بذيل الاصابة ج 364/4، حلية الأولياء ج 42/2، جالية الكدر في شرح منظومة البرزنجي ص202 الانوار المحمدية للنبهاني ص 150، مقتل الحسين للخوارزمی ج 79/1، مشكل الاثار ج 1 / 48 و 50 و 52، ذخائر العقبى ص 42، المعتصر من المختصر للباجي ج 247/2 تاريخ الاسلام للذهبى ج 91/2، نظم درر السمطين ص 179، طرح التثريب ج1 / 149، الاصابة ج 4 / 275، وسيلة المآل ص 8، الثغور الباسمة للسيوطى ص 14، ينابيع المودة ص 174، السيرة النبوية ازين دحلان بهامش الحلبية ج 2 /6، مشارق الانوار للحمزاوى ص 105، الشرف المؤبد ص، رشفة الصادى ص 226، أعلام النساء لعمر كحالة ج 3 / 1215، كنز العمال ج 145/13.

و خديجة و آسية أفضل نساء الجنة (1) و انها و الثلاث خير نساء العالمين (2)، وهي التي قال لها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) :

ص: 73


1- أخرجه الأمام أحمد من حديث ابن عباس في ص 293 من الجزء الاول من مسنده، ورواه أبو داود كما في ترجمة خديجة من الاستيعاب، وقاسم بن محمد كما في ترجمة الزهراء من الاستيعاب أيضاً (منه قدس). راجع مسند أحمد بن حنبل ج 293/1 و 322 ط الميمنية بمصر، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 4 / 284 و 376 ط السعادة، المستدرك للحاكم ج 160/3، تلخيص المستدرك المذهبي بذيل المستدرك ج 3 / 160 وصححه، ذخائر العقبى ص 42، أسد الغابة ج 447/5، الاصابة لابن حجر ج 4 / 378ط السعادة وج 4 / 366ط مصطفى محمد بمصر، ينابيع المودة ص 172 و 173 و 198 و 246ط اسلامبول و ص 202 و 204 و 234 ط الحيدرية، مشكل الآثار للطحاوى ج 48/1، الاعتقاد البيهقى ص 165، تاريخ الاسلام للذهبي 92/2، تذهيب التهذيب للذهبي ص 134، كنز العمال ج 143/13 ج منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 284، الخصائص الكبرى للسيوطى ج 2 / 265، الجامع الصغير للسيوطى ج 1 / 168، الفتح الكبير للنبهاني ج214/1، البداية والنهاية لابن كثير ج 59/2، تهذيب التهذيب لابن حجر ج 12 / 441، طرح التشريب ص 169، ارشاد الشارى ج 168/6، البيان والتعريف للحمزاوى ج 123/1، وسيلة المال ص 80، حسن الاسورة ص 31، أرجح المطالب ص 240 2439، جواهر البحار للنبهاني ج 1 / 361، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 238 رقم 770.
2- أخرجه أبو داود كما في ترجمة خديجة من الاستيعاب بالاسناد الى أنس ورواه عبدالوارث بن سفيان كما في ترجمة الزهراء وخديجة من الاستيعاب (منه قدس). راجع : الاستيعاب بهامش الاصابة ج 284/4 و 285 و 377 ط السعادة وبذيل الاصابة ج 4 / 365 ط مصطفى محمد بمصر، الاصابة لابن حجر العسقلاني ج 378/4 ط السعادة و ج 4 / 366 ط مصطفى محمد بمصر، أسد الغابة ج 5 / 437، ذخائر العقبى ص 44، ينابيع المودة ص 204 و 218 ط الحيدرية وص 1710 ط اسلامبول، تاریخ بغداد ج 404/9، البداية والنهاية ج2/ 59، تفسير ابن كثير ج 224/2، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج : / 284، كنز العمال ج 143/13، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 239 رقم 771.

«يا فاطمة الا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، او سيدة نساء هذه الامة» (1).

ص: 74


1- أخرجه البخارى فى ص 64 من الجزء الرابع من صحيحه، ومسلم في فضائل فاطمة من الجزء الثاني من صحيحه، والترمذى فى الصحيح، وصاحب الجمع بين الصحيحين وصاحب الجمع بين الصحاح الستة، و الامام أحمد من حديث الزهراء ص 282 على الجزء السادس من مسنده و ابن عبد البر في ترجمتها من استيعابه، ومحمد بن سعد في ترجمتها من الجزء الثامن من طبقاته، وفي باب ما قاله النبي في مرضه من المجلد الثانى من الطبقات أيضاً. واللفظ الذى تسمعه للبخارى فى آخر ورقة من كتاب الاستئذان من الجزء الرابع من صحيحه، قال : حدثنا موسى عن أبي عوانة عن فراس، عن عامر، عن مسروق، قال : حدثتني عائشة أم المؤمنين قالت : أنا كنا أزواج النبي عنده جميعاً لم تغادر منا واحدة، فأقبلت فاطمة تمشى لا واللّه ما تخفى مشيتها من مشبة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلما رآها رحب، وقال : مرحباً بابنتى، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارها فبكت بكاءاً شديداً، فلما رأى حزنها سارها الثانية، اذا هي تضحك، تضحك، فقلت لها أنا من بين نسائه : خصك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالسر من بيننا، ثم أنت تبكين ؟! فلما قام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سألتها : عم سارك ؟ قالت : ماكنت لافشى على رسول اللّه سره، فلما توفى قلت لها : عزمت عليك بمالى عليك من الحق لما أخبرتني، قالت : أما الان فنعم فأخبرتنى قالت : أما سارنى فى الامر الاول فانه أخبرني ان جبرئيل كان يعارضه بالقرآن كل سنة مرة، وانه عارضی به العام مرتين، ولا أرى الاجل الا قد اقترب، فاتقى اللّه واصبری، فاني نعم السلف انا لك، قالت فبكيت بكائي الذي رأيت. فلما رأى جزعى سارنى الثانية، قال : يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين، أو نساء هذه الامة أ ه_. قلت : ولفظه فيما ذكره ابن حجر في ترجمتها من الاصابة، وغير واحد من المحدثين : ألا ترضين أن تكونى سيدة نساء العالمين ؟ وكيف كان فالحديث صحيح، والنص في تفضيلها صريح. و أخرج ابن سعد فى باب ما قاله النبي لها في مرضه من المجلد الثانى من طبقاته بالاسناد الى ام سلمة، قالت : لما حضر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الوفاة دعا فاطمة فناجاها فبكت، ثم ناجاها فضحكت، فلم أسألها حتى توفى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فسألتها عن بكائها وضحكها فقالت أخبرني انه يموت، ثم أخبرني اني سيدة نساء أهل الجنة. الحديث أخرجه أيضاً أبو يعلى - كما في ترجمة الزهراء من الاصابة - بالاسناد إلى أم سلمة، ورواه عنها غير واحد من أهل الحديث (منه قدس). فاطمة الزهراء سيدة نساء المؤمنين : راجع : صحيح البخارى ك الاستئذان ب من ناجى بين يدى الناس ج79/8 ط مطابع الشعب وج 4 / 96 ط الحلبي بحاشية السندى، صحيح مسلم ك فضائل الصحابة ب 15 - فضائل فاطمة ج 1905/4 ط بتحقيق محمد فؤاد، سنن ابن ماجة ك الجنائز ب 13 518/1 بتحقيق محمد فؤاد، الاستيعاب بذيل الاصابة ج 363/4، أسد الغابة ج 522/5، التاج الجامع للاصول ج 371/3، حلية الاولياء ج 2/ 39، مسند أحمد 282/29، نور الابصار للشبلنجی ص 45، مسند أبي داود الطيالسي ص 196، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 26/8، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص، جواهر البحار للنبهاني ج 360/1، المستدرك للحاكم ج 3 / 156، مقتل الحسين للخوارزمی ج1/ 156/3، 54، مصابيح السنة المبغوى ج ص، أسد الغابة ج 522/5، تاريخ الاسلامي للذهبي ج 94/2، الخصائص الكبرى للسيوطى ج 2/ 265، كنز العمال ج 110/12، مخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 97/5 ينابيع المودة ص 260، احقاق الحق ج 10/ 27، مشكل الآثار ج 48/1.

وقد علم المسلمون كافة ان اللّه عز وجل اختارها من نساء الامة. كما اختار ولديها من الابناء، و اختار بعلها من الانفس، فهم الخيرة مع رسول اللّه للمباهلة يوم اوحى اللّه سبحانه «فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ» (1).

ص: 75


1- لنا في الفصل الاول من كلمتنا الغراء حول هذه الخصيصة - المباهلة - مباحث جمة يجدر بكل بحاثة أن يقف عليها (منه قدس). سورة آل عمران آية : 61. أجمعت الامة الاسلامية ان الآية نزلت فى النبي وعلى وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) راجع : صحیح مسلم كتاب الفضائل باب من فضائل على بن أبى طالب ج 2 / 360 ط عيسى الحلبي وج 176/15 ط مصر بشرح النووى وج 7 / 120 ط محمد على صبيح و ج 1871/4 ط مصر بتحقيق محمد فؤاد، صحيح الترمذى ج 393/4 و ج 301/5 افست بيروت، شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 / 120 - 129 ح 198 و 170 و 171 و 172 و 173 و 175، المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 3 / 150 وصححه، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 263 ح 310، مسند أحمد ج 1 / 185 ط الميمنية وج 3 / 17 ح 1608 ط دار المعارف، كفاية الطالب للكنجى ص 54 و 85 و 142 ط الحيدرية وص 13 و 28 - 29 و 5 5 و 59 ط الغرى، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 21/1 30 و 1 27، تفسیر الطبری ج 3 / 299 و 300 و 301 ط 2 و ج 3 / 192 ط الميمنية، الكشاف للزمخشری ج 1 / 193 ط مصطفى محمد و ج 1 / 368 - 270 ط بیروت، تفسير ابن كثير ج 370/1 - 371، تفسير القرطبي ج 104/4 ط 3، أحكام القرآن للجصاص ج2 / 295 ط 2 بتحقيق القمحاوي وادعى عدم الاختلاف في ذالك، أحكام القرآن لابن عربي ج 1 / 115 ط السعادة و ج 1 / 275 ط 2، التسهيل لعلوم التنزيل ج 109/1، فتح البيان فى مقاصد القرآن ج 72/2، زاد المسير لابن الجوزى ج 399/1، فتح القدير للشوكاني ج 1/ 316 ط 1 و ج 347/1 ط 2، تفسير الفخر الرازی ج699/2 ط دار الطباعة العامرة بمصر وج 85/8ط البهية، تفسير أبى السعود بهامش تفسير الرازي ج 143/2 ط دار الطباعة بمصر، جامع الاصول ج 470/9، تفسير الخازن ج 302/1، معالم التنزيل البغوى بهامش تفسير الخازن، تفسير الجلالين للسيوطی ج33/1 ط مصر وص 77 ط بیروت، تفسير البيضاوى ج 2/ 22، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 169، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 72 و 87 و 93 ط الميمنية وص 119 و 13 و 153 ط المحمدية وفى المورد الأول من هذه الطبعة حذف اسم الامام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو موجود في الطبعة الأولى ص 12 فراجع، الاتحاف بحب الاشراف الشبراوى صه، السيرة الحلبية ج 212/2 ط البهية : ج 2 / 240ط محمد علی صبح السيرة النبوية ازیر دحلان بهامش الحلبية ج 3 / 5 ط البهية، المناقب للخوارزمی ص 60 975، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 110، شرح النهج لا بن أبى الحديد ج 4 / 108 ط 1 وج 291/16 ط مصر بتحقيق أبو الفضل، أسد الغابة ج 4 / 26، الاصابة لابن حجر ج 509/2ط السعادة و ج 503/2 ط مصطفى محمد، مرآة الجنان لليافعي ج1 / 109، مشكاة المصابيح ج 254/3، البداية والنهاية ج 54/5 ولم يذكر أمير المؤمنين، الرياض النضرة ج 2/ 248، فضائل الخمسة ج 1 / 244، احقاق الحق المتسترى ج3/ 46 - 62 و ج 9 / 70 - 71، شذرات الذهبية (الأئمة الاثنا عشر) ص 53، فرائد السمطين ج 1 / 77 و ج 2/ 23 وألف بخصوص هذه الاية عدة مؤلفات منها المباهلة الشيخ عبد اللّه السبيتي ط في النجف.

ص: 76

فخرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما نص عليه الامام الرازي في تفسير الآية من تفسيره الكبير وعليه مرط من شعر اسود وقد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم: اذا انا دعوت فامنوا. فقال اسقف نجران : يا معشر النصارى اني لارى وجوهاً لو سألوا اللّه أن يزيل جبلا لازاله بها، فلاتباهلوهم فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الارض نصراني الى يوم القيامة (1).

وأيضاً أجمع المسلمون كافة على ان الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ) ممن أنزل اللّه عز وجل فيهم «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ

ص: 77


1- وهذا الحديث ذكره المفسرون والمحدثون وأهل السير والاخبار، وكل من أرخ حوادث السنة العاشرة للّهجرة وهى سنة المباهلة، قال الرازی بعد ایراده في تفسيره الكبير : واعلم ان هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث. قلت : أين كان الصديق عن هذه الوجوه يوم طالبته بالنحلة فرد دعواها ولم يقبل شهادة من شهد يومئذ منهم (منه قدس). تفسير الرازي ج 80/8، الميزان في تفسير القرآن ج 322/3 -- 0244

تَطْهِيرًا» (1).

ص: 78


1- كما فصلناه في الفصل الثاني من كلمتنا الغراء فليراجع با معان (منه قدس). سورة الاحزاب آية : 33 نزلت هذه الآية في النبي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأهل بيته وهم : على وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) يوجد ذلك في : صحیح مسلم ك فضائل الصحابة ب - فضائل أهل بيت النبي - ج 368/2 ط عيسى الحلبي وج 194/15 ط مصر بشرح النووى، صحيح الترمذى ج 30/5 و 328 ط أفست دار الفكروج 209/2 و 308 و 319 ط بولاق و ج 200/13 ط آخر المستدرك للحاكم ج 133/3 و 146 و 147 و 158 و ج 2 / 416، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك، المعجم الصغير للطبراني ج 1 / 65 و 135، شواهد التنزيل للحسكانى الحنفى ج 2/ 11 - - 92 حديث : 637 و 638 و 639 و 640 و 641 و 644 و 648 و 649 و 650 و 651 و 652 و 653 و 656 و 657 و 658 و 659 و 660 و 661 و 663 و 664 و 665 و 666 و 667و 668و 670 و 671 و 672 و 673 و 675 و 678 و 680 و 681 و 686 و 689 و 690 و 691= و 694 و 707 و 710 و 713 و 714 و 717 و 718 و 729 و 740 و 751 و 754 و 755 و 756 و 757 و 758 و 759 و 760 و 761 و 762 و 764 و 765 و 767 و 768 و 769 و 770 و 774، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 4 ط مصر و 8 ط بیروت و ص 49 ط النجف، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 / 185 ح 250 و 272 و 320 و 321 و 322، كفاية الطالب للكنجى الشافعي ص 54 و 372 و 174 و 375 و قد صححه و376ط الحيدرية و ص 13 و 227 و 230 وقد صححه و 231 و 232 ط الغرى، مسند أحمد بن حنبل ج1 / 330 و ج 3 / 259 و 285 و ج 14 / 107 و ج 22/6 و 296 و 298، و 304 و 306 ط الميمنية وج 25/5 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر، أسد الغابة ج12/2 و 20وج 413/3 و ج 5 / 521 و 589، ذخائر العقبى ص 21 و 23 و 24، أسباب النزول للواحدى ص203، المناقب للخوارزمی ص 23 و 224، تفسير الطبرى ج 6/22و7 و 8 ط 2، الدر المنثور ج 5 / 198 و 199، أحكام القرآن للجصاص ج 230/5 ط عبدالرحمن محمد وج 443/5 ط القاهرة، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 301 ح 345 و 348 و 349 و 350 و 351، مصابيح السنة للبغوى ج 2 / 278 ط محمد علی صبیح وج 204/2 ط الخشاب، مشكاة المصابيح ج 254/3، الكشاف للزمخشری ج 193/1 ط مصطفى محمد وج 1 / 369 ط بیروت، تفسير ابن كثير ج 483/3 و 484 و 485 ط 2، تفسير القرطبي ج 14 / 182، التسهيل لعلوم التنزيل ج 137/3، التفسير لمعالم التنزيل للجاوى ج 2/ 183، الاتقان في علوم القرآن ج 4 / 240 ط المشهد الحسيني بمصر و ج 2/ 200 ط آخر، تذکرة الخواص للسبط بن الجوزی ص 233، مطالب السؤل ج 1 / 19 و 20 ط النجف و ص 8 ط طهران، أحكام القرآن لابن عربی ج 2/ 166 ط مصر وج 1526/3 ط آخر، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 8، الاصابة لابن حجر ج 502/2 وج 14 / 367 ط مصطفی محمد وج 509/2 و ج 4 / 378 ط السعادة، فرائد السمطين للحمويني ج 9/2 و 22، ترجمة الامام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص63 ح113 - 128، الصواعق المحرقة ص 85 و 137 ط الميمنية وص 141 و 227 ط المحمدية، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 96، السيرة النبوية الزين دحلان بهامش الحلبية ج 329/3 و 330 ط البهية وج 3 / 365 ط محمد علی صبیح اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 104 و 105 و 106 ط السعيدية و ص 97 و 98 ط العثمانية، فتح القدير للشوكاني ج279/4 نور الابصار للشبلنجی ص 102 ط السعيدية وص 101 ط العثمانية وص 112 ط مصطفى محمد، احقاق الحق للتسترى ج 502/2 - 547، فضائل الخمسة ج 224/1 - 243، الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الاصابة ج 37/3 ط السعادة وج 37/3 ط مصطفى محمد، ينابيع المودة للقندوزى ص 107 و 108 و 228 و 229 و 230 و 244 و 260 و 294 ط اسلامبول وص 124 و 125 و 126 و 135 و 196 و 229 و 269 و 271 و 272 و 352 و 353 ط الحيدرية، العقد الفريد ج311/4 ط لجنة التأليف والنشر بمصر وج 394/2 ط دار الطباعة العامرة وج275/2ظ آخر فتح البيان في مقاصد القرآن ج 363/7 و 364 و 365، الرياض النضرة ج 248/2 ط 2، الانوار المحمدية للنبهاني ص 434، جواهر البحار المنبهاني ج 360/1، الفضائل لاحمد بن حنبل ترجمة الامام الحسين ص 28 - 57، ولاجل المزيد من المصادر، وان أهل البيت هم على وفاطمة والحسن والحسين، دون نساء النبي باعتراف أم سلمة زوجة الرسول وعائشة، وان الرسول كان يمر على باب على وفاطمة ستة أشهر ويقرء الاية. راجع كل ذلك في كتابنا (سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص36 رقم 69 طبع في بغداد و بیروت.

ص: 79

وأنها ممن افترض اللّه مودتهم على الامة وجعلها أجر رسالته «صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ » (1).

ص: 80


1- كما فصلناه في الفصل الثالث من كلمتنا الغراه (منه قدس). اشارة الى قوله تعالى : «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ» سورة الشورى آية : 23. هذه الآية نزلت في قربي الرسول وهم : على وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِمُ السَّلَامُ). راجع : شواهد التنزيل للحسکانی ج 2/ 130 ح 822 و 823 و 824 و 826 و 827 و 828 و 832 و 833 و 834 و 838، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 307 ح352 ذخائر العقبى ص 25 و138، المستدرك للحاكم ج 3/ 172، تفسير الطبري ج14/25 و 15 ط الميمنية وج 25/25 0 2، تفسير الكشاف للزمخشرى ج 402/3 ط مصطفی محمد وج 4/ 220 ط بیروت، تفسير الفخر الرازي ج 405/7 - 406 ط الدار العامرة وج 166/27 ط عبد الرحمن محمد، تفسير البيضاوى ج 123/4 ط مصطفى محمد و ج 53/5ط بيروت وص 642ط العثمانية، تفسير ابن كثير ج112/4 ط 2، مجمع الزوائد ج 7/ 103 و ج 9 / 168، فتح البيان في مقاصد القرآن ج 372/8 تفسير القرطبي ج 16/ 22، فتح القدير للشوكاني ج 537/4، الدر المنثور ج7/6، تفسير النسفى ج 4 / 105، الصواعق المحرقة ص 101 و 135 و 136 ط الميمنية وص 198 و 225 ط المحمدية، مطالب الدول لابن طلحة ص 8 ط طهران و ج 21/1 ط النجف، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 11، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 91 و 93 و 313 ط الحيدرية وص 31 و 32 و 175 و 178 ط الغرى، مقتل الحسين للخوارزمي ج 1/1 و 57، الاتحاف بحب الاشراف الشبراوى صه و 13، احياء الميت للسيوطي بهامش الاتحاف ص 110، نظم درر السمطين ص 24، نور الابصار ص 102ط السعيدية وص 106 ط العثمانية، تلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك للحاكم ج 172/3، ينابيع المودة القندوزى ص 106 و 194 و 261 ط اسلامبول و ص 123 و 29 و 311 ط الحيدرية وج 1 / 105 و ج 2 / 19 و 85 ط صيدا، حلية الأولياء ج3/ 201، الغدير للاميني ج 306/2 - 311 ط بیروت، احقاق الحق للتسترى ج 2/3-22، /92 - 101، فضائل الخمسة ج 259/1، الانوار المحمدية للنبهاني ص 434.

وأنها ممن تعبد اللّه الخلق بالصلاة عليهم (1) كما تعبدهم بالشهادتين في كل فريضة.

وللّه ما قاله - الامام الشافعي - كما في الصواعق المحرقة وغيرها :

يا أهل بيت رسول اللّه حبكم***فرض من اللّه في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر***انكم من ام يصل عليكم لا صلاة له (2)

وقال الشيخ ابن العربي - كما في الصواعق المحرقة وغيرها :

رأيت ولائي آل طه فريضة***على رغم أهل البعد يورثني الغربي

ص: 81


1- وجوب الصلاة على آل محمد في أثناء الصلاة الواجبة : راجع : الغدير للامينى ج 302/2، الصواعق لابن حجر ص 87 و 139 ط الميمنية وص 144 - 145 و 231 ط المحمدية، تفسير الرازي ج 7 / 391ط الدار العامرة بمصر، ذخائر العقبى ص 19، المستدرك للحاكم ج 1 / 269، فضائل الخمسة ج1 / 208. ولاجل المزيد من المصادر وكيفية الصلاة على آل محمد ونزول آية (ان اللّه وملائكته ...) راجع (سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت تسلسل - 126 -).
2- أبيات الامام الشافعي في حب أهل البيت : راجعها في الصواعق المحرقة ص 88ط الميمنية وص 146 ط المحمدية ينابيع المودة للقندوزي ص 354 ط الحيدرية وص 295 ط اسلامبول، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 118 ط السعيدية وص 108 ط العثمانية، الاتحاف بحب الاشراف ص 29، نور الابصار للشبلنجى ص 105 ط السعيدية وص 103 ط العثمانية، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 3/ 332، الغدير للاميني ج 3/ 173. وغيرها من مصادر.

فما طلب الرحمن أجر أعلى الهدى***بتبليغه الا المودة في القربى (1)

وقال العلامة النبهاني في كتابه الشرف المؤبد.

آل طه يا آل خير نبي***جدكم خيرة وأنتم خيار

أذهب اللّه عنكم الرجس أهل ال***بيت قدماً فأنتم الاطهار

لم يسل جدكم على الدين أجراً***غيرود القربى ونعم الاجار (2)

وأيضاً فان الزهراء أبرة الابرار الذين قال اللّه عز وجل عنهم «إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا، عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا، يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا، وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا، إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا» الايات (3) الى آخرها (4).

ص: 82


1- الصواعق المحرقة لابن حجر ص 101 ط الميمنية، اسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الابصار ص 117.
2- الشرف المؤبد للنبهاني ص.
3- أجمع أصحابنا الامامية تبعاً لائمتهم على ان هذه الايات انما نزلت في شأن على وفاطمة والحسن والحسين بسبب صدقة منهم آثروا بها المسكين واليتيم والاسير على أنفسهم في ثلاث ليال متوالية لم يذوقوا فيها الا الماء وصاموا أيامها الثلاثة وفاءاً بنذرهم. والقضية هذه أرسلها الزمخشرى في سورة الدهر من كشافه عن ابن عباس وأخرجها بالاسناد اليه كل من الامام الواحدى فى كتابه البسيط، والامام أبى اسحاق الثعلبي في تفسيره الكبير، والامام أبى المؤيد موفق بن أحمد في كتابه الفضائل، و أرسلها ارسال المسلمات في كتب المناقب جماعة من الثقات، وفي الفصل الرابع من كلمتنا الفراء فى تفضيل الزهراء تعليقات وتنبيهات ألفت اليها أولى البحث والتحقيق فلتراجع (منه قدس).
4- الايات في سورة الدهر آية : 5 - 22. هذه الايات نزلت في : على وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) بمناسبة قصة النذر راجع ذلك في : شواهد التنزيل للحسكاني ج 2/ 298 ح 1042 و 1046 و 1047 و 1048 و 1051 و 1053 و 1054 و 1055 و 1056 و 1057 و 1058 و 1059 و 1061، المناقب للخوارزمی ص 188 - 194، كفاية الطالب ص 345 - 348 ط الحيدرية و ص 201 ط الغرى، تذكرة الخواص المسبط بن الجوزی ص 312 - 317، نور الابصار للشبلنجي ص 102 - 104 ط السعيدية وص 101 – 102 ط العثمانية، الجامع لاحكام القرآن (تفسير القرطبي) ج 19 / 130 ط 3، الكشاف الزمخشرى ج 197/4 ط مصطفی محمد وج 670/4 ط بيروت وج 11/2ه ط آخر، روح المعاني الالوسى ج 157/29، تفسير الفخر الرازی ج 13 / 243 ط البهية وج 392/8 ط الدار العامرة بمصر، تفسير أبي السعود بهامش تفسير الرازي ج 393/8 ط الدار العامرة، التسهيل لعلوم التنزيل الكلبي ج 4 / 167، فتح القدير للشوكاني ج 5 / 349 ط 2 مصطفی محمد و ج 338/5 ط 1 الحلبی، الدر المنثور ج299/6 تفسير الخازن ج 7 / 159، معالم التنزيل للبغوى بهامش تفسير الخازن ج 7/ 159، تفسير البيضاوى ج 5 / 165 ط بیروت و ج 4 / 235 ط مصطفی محمد وج 2 / 571 ط آخر، تفسير النسفى ج4 / 318، أسد الغابة ج 530/5، أسباب النزول المواحدى ص 251، ذخائر العقبى ص 88 و 102، مطالب السئول لابن طلحة ج 1 / 88، العقد الفريد ج 5 / 96 5 2 لجنة التأليف والنشر و ج 45/3 ط آخر، الاصابة لابن حجر ج 387/4 ط السعادة وج 4 / 376 ط مصطفى محمد، اللائى المصنوعة للسيوطي ج 1 / 370، الغدير للامينى ج 107/3 - 111، احقاق الحق للتسترى ج158/3 - 169 وج 9 / 110 - 123، ينابيع المودة المقندوزى ص 93 و 212 ط اسلامبول و ص 107 - 108 و 251 ط الحيدرية، نوادر الأصول للحكيم الترمذى ص 64، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 21/1 وج 276/13، الرياض النضرة ج274/2 و 302 ط 2، فضائل الخمسة ج 254/1.

و بالجملة فان للزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ) من منازل القدس عند اللّه عز وجل ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والمؤمنين ما يوجب الثقة التامة في صحة ما تدعي، والطمأنينة الكاملة بكل ما تقول لانحتاج في اثبات دعواها الى شاهد، فان لسانها ليتجافي عن الباطل، و حاشا اللّه أن ينطق بغير الحق، فدعواها بمجردها تكشف عن

ص: 83

صحة المدعى به كشفاً تاماً ليس فوقه كشف وهذا مما لايرتاب فيه أحد ممن عرفها (عَلَيهَا السَّلَامُ) وأبو بكر من أعرف الناس بها وبصدق دعواها ولكن الامر كما حكاه علي بن الفارقي وكان من اعلام بغداد. مدرساً في مدرستها الغربية، وهو أحد شيوخ ابن ابي الحديد المعتزلي، اذ سأله.

فقال له : أكانت فاطمة صادقة - في دعواها النحلة - ؟. قال : نعم.

قال له - ابن أبي الحديد - : فلم لم يدفع لها أبو بكر فدكا وهي عنده صادقة ؟ فتبسم ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته قال : لو أعطاها اليوم فدكاً بمجرد دعواها لجأت اليه غداً وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ولم يكن يمكنه حينئذ الاعتذار بشيء، لانه يكون قد سجل على نفسه بأنها صادقة فيما تدعى كائناً ما كان من غير حاجة الى بينة ولا شهرد» (1).

قلت : وبهذا استباح أبو بكر رد شهادة علي بن أبي طالب لفاطمة بالنحلة والا فان يهود خيبر على اؤمهم وأن علياً دمرهم لينزهونه عن شهادة الزور وبهذا أيضاً لا بسواه استنوق الجمل فاعتبر ذات اليد المتصرفة مدعيه فطالبها بالبينة انما هي عليه، الأمر الذي علمنا أنه دبر بليل.

وما ينس فلاينس قوله في مجابهة فاطمة لست أعلم صحة قولك مع أن قولها بمجرده من أوضح موازين الحكم لها بما ادعت.

ولو تنازلنا عن هذا كله وسلمنا أنها كسائر المؤمنات الصالحات تحتاج في اثبات دعواها الى بينة، فقد شهد لها علي وحسبها اخو النبي ومن كان منه

ص: 84


1- شرح النهج لابن أبي الحديد ج 284/16.

بمنزلة هارون من موسی (1) شاهد حق تشرق بشهادته انوار اليقين وليس بعد اليقين غاية يطلبها الحاكم في المرافعات ولهذا جعل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شهادة خزيمة بن ثابت كشهادة عدلين (2)، ولعمر اللّه أن علياً أولى بهذا من خزيمة وغيره وأحق بكل فضيلة من سائر ابدال المسلمين.

ولو تنازلنا فسلمنا أن شهادة علي كشهادة رجل واحد من عدول المؤمنين فهلا استحلف ابوبكر فاطمة الزهراء بدلا عن الشاهد الثاني، فان حلفت والا رد دعواها، ما رأيناه فعل ذلك ! وانما رد الدعوى ملغياً شهادة علي وأم أيمن (3) وهكذا كما ترى مما لم يكن بالحسبان ! ! بينا كان علي عدل

ص: 85


1- كما سوف يأتي مع مصادره.
2- شهادة خزيمة بشهادتين : راجع شرح النهج لابن أبى الحديد ج 16 / 273، فدك للقزويني ص 52، الاصابة ج 1/ 425، الاستيعاب بذيل الاصابة ج 1/ 416، أسد الغابة ج 2 / 114، كنز العمال ج 13 / 379 - 380، مسند أحمد بن حنبل ج 5 / 189 ط 1 189.
3- هی مولاة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وحاضنته اسمها بركة بنت ثعلبة وكان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : أم أيمن أمى بعد أمي. وكان اذا نظر اليها يقول: هذه بقية أهل بيتي. وقد أخبر عنها (كما في ترجمتها من الاصابة) انها من أهل الجنة. وترجم لها ابن حجر في اصابته، وابن عبد البر في استيعابه وكل من ترجم للصحابة من أهل المعاجم فأثنوا عليها بامتيازهافي الدين والعقل وحسن السيرة، وابنها أيمن استشهد بين يدى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في غزوة خيبر فأحتسبته عند اللّه صابرة تبتغى الاجر والمثوبة (منه قدس). شهادة على أم أيمن لفاطمة الزهراء : شرح النهج لابن أبى الحديد ج 16 / 214 و 216 و 225، فدك للقزويني ص 45 السيرة الحلبية ج 3 / 390، معجم البلدان للحموى ج 4/ 239، وفاء الوفاء ج3 / 999 و 1000، فتوح البلدان للبلاذرى ص 44. كفاية شاهد ويمين : صحيح مسلم ك الاقضية ب - 2 - ج 3 / 1337، کنز العمال ج 3 / 23 ح 17786.

القرآن في الميزان (1) وكان مع القرآن والقرآن معه لا يفترقان (2) وهو في آية التباهل نفس المصطفى ليس غيره اياها (3) اذا هو في هذه

ص: 86


1- اشارة الى الحديث المستفيض وقد أخرجه أصحاب الصحاح وغيرهم - حديث الثقلين - أعنى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انى تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا كتاب اللّه وعترتى. ولا كلام فى ان امام العترة وسيدها انما هو على (عَلَيهِ السَّلَامُ) (منه قدس). تقدمت مصادر حديث الثقلين تحت رقم - 15 – فراجع.
2- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من حديث ام سلمة اذ قالت: سمعت رسول اللّه يقول : «على مع القرآن والقرآن مع على لا يفترقان حتى يردا على الحوض. أخرجه الحاكم فى باب على مع القرآن والقرآن مع على ص 124 من الجزء الثالث من مستدر که وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأورده الذهبي فى تلخيصه مصرحاً بصحته. وقد قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مرض موته والحجرة غاصة بأصحابه : أيها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي و قد قدمت اليكم القول معذرة اليكم الا أنى مخلف فيكم کتاب ربي عز وجل وعترتي أهل بيتى. ثم أخذ بيد على فرفعها فقال : هذا على مع القرآن والقرآن مع على لا يفترقان.» (الحديث) تجده في الفصل 2 من الباب 9 من الصواعق المحرقة ص 75 فراجع (منه قدس). حديث الثقلين وكون على مع القرآن والقرآن معه : راجع : المعجم الصغير للطبراني ج 55/1، المناقب الخوارزمي ص 110، كفاية الطالب ص 399 ط الحيدرية وص254 ط الغرى، مجمع الزوائد ج134/9، الصواعق المحرقة ص 122 و 124 ط المحمدية وض74 و 75 ط الميمنية، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 173، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 157 ط السعيدية و ص 143 ط العثمانية، نور الابصار للشبلنجي ص 73 ط السعيدية، الغدير للامينى ج 180/3، ينابيع المردة للقندوزي ص 40 و 90 و 185 و 237 و 283 و 285 ط اسلامبول وص 44 و 103 و 219 و 281 و 339 و 342 ط الحيدرية. راجع بقية المصادر فيما تقدم تحت رقم (11).
3- البيت للشيخ كاظم الأزرى. ديوانه الازرية (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لاجل المزيد من الاطلاع حول فدك يراجع : مقدمة مرآة العقول ج 1 / 151 – 176.

المحاكمة ممن لا أثر لشهادتهم. يالها مصيبة في الاسلام تلقيناها بقولنا انا للّه وانا اليه راجعون.

ايذاء الزهراء

المورد - (9) - ايذاء الزهراء :

وذلك أنه بمجرده مخالف للنصوص الصريحة، بقطع النظر عما كان من أسبابه ومقتضياته(1)، وحسبك منها ما اخرجه ابن ابي عاصم - كما في ترجمة الزهراء من الاصابة - بسنده الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أنه قال لفاطمة (عَلَيهَا السَّلَامُ): «ان اللّه يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» (2).

قلت : وأخرجه الطبراني وغيره باسناد حسن، - كما في احوال الزهراء من الشرف المؤبد للعالم النبهاني البيروتي -.

ص: 87


1- فان المباح في أصل الشرع قد يكون مع استلزامه المحرام حراماً وفروض ذلك في الاسلام كثيرة، وأقربها لما نحن فيه انه يباح لك أن تصاحب من شئت من اخوانك المؤمنين وتتزوج من أردت من غير محارمك فاذا استلزم فعلك هذا عقوق والديك حرم ذلك عليك هذا هو الحكم التكليفى فى هذه المسألة ونحوها فتأمل لتفهم (منه قدس).
2- راجع : الاصابة ج 4 / 366، کنز العمال ج 111/12 و ج 646/13، المستدرك للحاكم ج 154/3، جواهر البحار للنبهاني ج 360/1، فرائد السمطين ج 46/2 ح 378، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 351 ح401، أسد الغابة ج 322/5، تهذيب التهذيب ج 441/12، ذخائر العقبی ص 39، مقتل الحسين للخوارزمی ج 1 / 52، مجمع الزوائد ج 203/9، فضائل الخمسة ج 3 / 155، الغدير ج 180/3.

وأخرج الشيخان البخاري ومسلم - كما في ترجمة الزهراء من الاصابة وغيرها - عن المسور قال : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول على المنبر: «فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها ويريبني ما رابها» (1).

و نقل الشيخ يوسف النبهاني في احوال الزهراء - من كتابه الشرف المؤبد - عن البخاري بسنده الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها - قال النبهاني : وفي رواية فمن أغضبها أغضبني» (2) (قال) وفي الجامع الصغير: فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها» (3).

قلت : وقد قالت - بأبي وأمي - لابي بكر وعمر(4). نشد تكما اللّه تعالى ألم تسمعا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول: «رضا فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من

ص: 88


1- راجع : صحيح البخارى ك النكاح ب ذب الرجل عن ابنته ج47/7 ط مطابع الشعب، صحيح مسلم ك فضائل الصحابة ب 15 فضائل فاطمة ج 4 / 1902 ط 2 بتحقيق محمد فؤاد، صحيح الترمذى ك المناقب ب - 61 - فضل فاطمة ج 5 / 698 ح 3867، الاصابة ج 4 / 366، حلية الأولياء ج 2 / 40، منن ابن ماجة ك النكاح ب 56 الغيرة ج 644/1 ح 1998، كنز العمال ج 107/12 و 112.
2- غضب الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لغضب فاطمة : راجع : صحيح البخارى ك فضائل الصحابة ب مناقب قرابة رسول اللّه ج 26/5 وب مناقب فاطمة ج 36/5 ط مطابع الشعب، الجامع الصغير للمناوى ج 122/2، الشرف المؤبد للنبهاني ص.
3- الجامع الصغير للمناوى ج 2 / 122، کنز العمال ج 108/12 و 111، المستدرك للحاكم ج158/3.
4- كما صرح به ابن قتيبة في أوائل كتابه الامامة والسياسة وغير واحد من اثبات أهل السير والاخبار (منه قدس).

سخطي فمن احب ابنتي فاطمة فقد احبني ومن ارضى فاطمة فقد ارضاني ومن اسخط فاطمة فقد اسخطني. قالا : نعم سمعناه من رسول اللّه» (1).

قلت : ان من امعن في هذه الأحاديث فتدبرها ممن يقدر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حق قدره رآها ترمى الى عصمتها لدلالتها بالالتزام على امتناع وقوع كل من اذيتها وريبتها وسخطها ورضاها وانقباضها وانبساطها في غير محله، كما هو الشأن في اذية النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وريبته ورضاه وسخطه و انقباضه وانبساطه وهذا هو كنه العصمة وحقيقتها كما لا يخفى.

وأخرج جماعة من المتهم كالامام احمد من حديث أبي هريرة قال (2) : نظر النبي الى علي والحسن والحسين وفاطمة، فقال «أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم» (3).

ص: 89


1- قول فاطمة لابي بكر وعمر : «نشدتكما اللّه ألم تسمعا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : رضى فاطمة من رضاى وسخط فاطمة من سخطى فمن أحب ابنتى فاطمة فقد أحبنى ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ومن أسخط فاطمة فقد أسخطنى. قالوا : نعم سمعناه من رسول اللّه. قالت فاني أشهد اللّه وملائكته انكما أسخطتمانى وما أرضيتمانى ولئن لقيت النبي لا شكونكما اليه الخ.... راجع : الامامة والسياسة لا بن قتيبة ص 14، فدك في التاريخ ص 92.
2- كما في ص 442 من الجزء الثانى من مسنده (منه قدس).
3- راجع : مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى ص 64، المستدرك للحاكم ج 149/3، تلخيص المستدرك المذهبي بذيل المستدرك، صحيح الترمذى ج 360/5 ط بیروت، سنن ابن ماجة ج 52/1 145، أسد الغابة ج 11/3 وج 5 /523، ذخائر العقبى ص 25، الصواعق المحرقة ص 112 ط الميمنية وص 185 ط المحمدية مجمع الزوائد ج 9 / 166 و 169، كفاية الطالب الكنجى ص 330 و 331 ط الحيدرية وص 188 و 189 ط الغرى، ينابيع المودة للقندوزى ص 35 و 165 و 172 و 194 و 230 و 261 و 294 و 309 و 370 ط اسلامبول، شواهد التنزيل للحسكانی ج27/2، المناقب للخوارزمی ص 91، مقتل الحسين للخوارزمى أيضاً ج 1 / 61 و 99، المعجم الصغير للطبرانی، ج 3/2، الفتح الكبير للنبهانی ج271/1، منتخب کنز العمال بهامش مسند 3/2 أحمد 5 ج 5 / 92، احقاق الحق ج 9 / 161 - 174 كنز العمال ج 640/13 الفضائل، لاحمد بن حنبل بترجمة الامام الحسين ضمن مجموعة «الحسين والسنة» ص 10 ح3. وسوف يأتى مع مصادر اخرى تحت رقم (686).

قلت وأخرجه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير بالاسناد الى ابي هريرة ايضاً. وأخرج الترمذي من حديث زيد بن أرقم - كما في ترجمة الزهراء من الاصابة أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذكر علياً وفاطمة والحسن والحسين (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) فقال : «أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم» (1).

وعن أبي بكر قال : رأيت رسول اللّه خيم خيمة (2) وهو متكيء على

ص: 90


1- وأخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه والضياء في مختارته والطبرانى و ابن شيبة عن زيد بن أرقم أيضاً، ورواه أبو يعلى في السنة، والضياء في المختارة عن سعد ابن أبي وقاص ونقله جماعة من أعلام الفضل كالامام علوى في ص7 من الجزء 2 من قوله الفصل (منه قدس) وراجع الصواعق المحرقة ص 142 و 185 ط المحمدية و ص 85 و 112 ط الميمنية، الاصابة لابن حجر ج 4 / 378 ط السعادة، ينابيع المودة ص 229 و 294 و 309 ط اسلامبول، نظم درر السمطين ص 232 و 239، مصابیح السنة للبغوى ج2 / 280، مشكاة المصابيح للعمرى ج 3 / 258، ذخائر العقبی ص 23، الرياض النضرة ج 2 / 249 ط2.
2- لعل هذه الخيمة هى الكساء الذي جللّهم به حين أوحى اليه فيهم : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» وقد فصلنا ذلك في الفصل الثاني من المطلب الأول من كلمتنا الغراء فى تفضيل الزهراء فليراجعها من أراد الشفاء من كل داء (منه قدس).

قوس عربية وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «معشر الناس أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة حرب لمن حاربهم، ولي لمن والاهم لا يحبه الا سعيد الجد طيب المولد ولا يبغضهم الا شقي الجد رديء المولد» (1).

رواه الاستاذ الكبير عباس محمود العقاد المصري المعاصر بعين لفظه فليراجع في كتابه عبقرية محمد تحت عنوان النبي والامام والصحابة.

وأخرج الامام أحمد (2) عن عبد الرحمن الازرق عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : دخل علي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأنا نائم على المنامة فاستسقى الحسن أو الحسين، قال : فقام النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى شاة لنا بكيء (3) فحلبها قدرت، فجاءه الحسن فنحاه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقالت فاطمة : يارسول اللّه كأنه أحبهما اليك قال : لا ولكنه استسقى قبله، ثم قال : اني واياك وهذين وهذا الراقد في مكان واحد يوم القيامة أه_ (4).

ص: 91


1- راجع : فرائد السمطين ج 2 / 40 ح 373، المناقب للخوارزمی ص211 سمط النجوم ج 488/2، الرياض النضرة ج 2 / 189 ط 1، الغدير للعلامة الأمينى ج 323/4.
2- في ص 101 من الجزء الاول من مسنده (منه قدس).
3- أى قل لبنها وقيل انقطع وهذا الحديث أشار اليه صاحب لسان العرب في مادة بكأ (منه قدس).
4- کنز العمال، ج 13 / 642، ترجمة الامام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 117 ح 191 و 192 وقريب منه ح 182، فرائد السمطين ج 2 / 28، مسند أحمد ج 1 / 101 ط 1 و ج 2 / 128 ح 792، الرياض النضرة ج 277/2، مجمع الزوائد ج 9 / 169، أسد الغابة ج 269/5، مسند أبي داود الطيالسي ص 29 رقم 190، ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق لابن عساکر ص 111 ط 1، الاصابة ج 157/4 في ترجمة أبي فاخنة، وقد ذكره سليم بن قيس الهلالي في كتابه ص 150، والشيخ الطوسي في أماليه ج206/2.

قلت : كان من حقهم على الامة ولاسيما على أهل الحول والطول منها أن لا ينا جأوا (ابان رزيتهم الكارثة) بما فوجئوا به من الاستئثار بمكانتهم في الامة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والاستغناء عنهم حتى في المشورة مع شدة الوطأة عليهم في أمر البيعة والتنمر لهم في فيثهم وخمسهم وارثهم ونحلتهم وسوقهم مع سائر الرعايا بعضاً واحدة والجرح لما يندمل والنبي لما يقبر.

وكان المستولون على الامة يومئذ ومقوية سلطانهم ابرموا أمرهم على وجه لم يبقوا لاحد من الامة أن يخالف الا أن تشق عصا المسلمين وبهذا آمنوا من مقاومة علي وأوليائه وتفصيل ذلك كله في كتاب المراجعات فلا يفوتنّ أهل البحث والتدقيق (1).

وكان من مبادىء القائمين بالامر اذ ذاك شدة الوطأة في تنفيذ الاحكام من غیر فرق بين القريب والبعيد و الشريف والدنيء و ايثار بيت المال بالوفر والثراء والمساواة بين أهل السوابق وغيرهم في الاحكام.

وقد أعانهم على تنفيذ مبادئهم هذه بعدهم عن الطمع والاستكثار من حطام الدنيا وتقشفهم في الحياة و استغناؤهم بالبلغة لهم ولمن اليهم وبهذا أرضوا العامة فاستتب لهم الأمر. وحين جد الجد في محاكمة الزهراء كانت بضعة النبي لديهم كسائر النساء لا ينزهن عن الافتراء (2).

ص: 92


1- المراجعات ص 337 المراجعة 80 و 82 وراجع سبيل النجاة في تتمة المراجعات ط بیروت.
2- بل لم تعامل معاملتهن لان المرأة المسلمة التى لا تتنزه عن الافتراء اذا أقامت على دعواها شاهداً واحداً من عدول المسلمين يكتفى منها باليمين عوضاً عن الشاهد الثاني ولا ترد دعواها الابعد نكولها عن اليمين أما الزهراء فقد شهد لها على، وكان عليهم أن يستحلفوها فان نكلت ردوا حينئذ دعواها لكنهم أسرعوا في رد الدعوى ولم يطلبوا منها اليمين. على انها (عَلَيهَا السَّلَامُ) كانت ذات اليد على فدك وذات التصرف فالبينة انما هي على المعارض لها المدعى عليها، عملا بقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر» الحديث. وهذا من النصوص التي عارضوها بالاجتهاد كما لا يخفى (منه قدس).

أمر النبى أبا بكر وعمر بقتل ذى الثدية

المورد - (10) - :

يوم أمر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الشيخين أبا بكر وعمر كليهما يقتل ذي الثدية لاول مرة صدر منه الأمر بذلك فلم يقتلاه.

وذو الثدية هذا هو الخويصرة التميمي الخويصرة التميمي (1) حرقوص بن زهير ذو الثدية رأس المارقة، أراد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) استئصال شأفة عيثه وفساده في الارض فأمر بقتله، لكن رياء هذا المارق بتخشعه في صلاته غرّ الشيخين فكرها قتله و آثرا استحياءه !.

وحسبك في ذلك ما أخرجه جماعة من أهل السنن والمسانيد من الائمة وحفظة الآثار، واللفظ لابي يعلى في مسنده - كما في ترجمة ذي في ترجمة ذي الندية من اصابة ابن حجر - عن أنس، قال : كان في عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رجل يعجبنا تعبده واجتهاده، وقد ذكرناه لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) باسمه فلم يعرفه، فوصفناه بصفته فلم يعرفه، فبينا نحن نذكره اذ طلع الرجل علينا فقلنا : هو هذا. قال:

ص: 93


1- ذكره ابن الاثير فى أسد الغابة مستدركاً على من لم يذكره في الصحابة، وأورد في ترجمته ما أخرجه البخارى من حديث أبي سعيد قال : بينا رسول اللّه يقسم ذات يوم قسماً، فقال ذو الخويصرة رجل من بني تميم : يا رسول اللّه أعدل، فقال : ويلك من يعدل اذا لم أعدل وأخرجه مسلم أيضاً (منه قدس).

انكم لتخبروني عن رجل ان في وجهه لسفعة من الشيطان. فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم، فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أنشدك اللّه، هل قلت حين وقفت على المجلس : ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني ؟ قال : اللّهم نعم.

ثم دخل يصلي فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من يقتل الرجل ؟ قال ابوبكر : أنا. فدخل عليه فوجده يصلي، فقال : سبحان اللّه : أقتل رجلا يصلي ؟ وقد نهى رسول اللّه عن قتل المصلين ؟ فخرج فقال رسول اللّه : ما فعلت ؟ قال كرهت أن أقتله وهو يصلي وقد نهيت عن قتل المصلين. قال رسول اللّه:من يقتل الرجل ؟ قال عمر : أنا فدخل فوجده واضعاً جبهته، قال عمر : أبو بكر أفضل مني. فخرج فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مهيم ؟ قال : وجدته واضعاً جبهته اللّه فکرهت أن أقتله. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من يقتل الرجل ؟ فقال علي: أنا. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أنت ان أدركته. فدخل عليه فوجده قد خرج، قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لو قتل ما اختلف من أمتي رجلان. (الحديث). (1).

وأخرجه الحافظ محمد بن موسى الشيرازي في كتابه الذي استخرجه من تفاسير يعقوب ابن سليمان، ويوسف القطان، والقاسم بن سلام، ومقاتل بن حياد، وعلي بن حرب، والسدي، ومجاهد، وقتادة، ووكيع، وابن جريح وغيرهم.

وأرسله ارسال المسلمات جماعة من الاثبات كابن عبد ربه الاندلسي عند

ص: 94


1- أمر الرسول يقتل ذى الثدية : راجع : الاصابة لابن حجر ج 1 / 484ط السعادة، حلية الأولياء ج 317/2 و ج 227/3، تاریخ ابن كثير ج 298/7، الغدير ج216/7، الطرائف لابن طاووس ج 429/2 عن محمد بن مؤمن الشيرازى. ويوجد الحديث عن أبي سعيد الخدري كما في مسند أحمد ج 15/3 ط 1.

انتهائه الى القول في أصحاب الاهواء من أواخر الجزء الاول من عقده الفريد، وقد جاء في آخر ما أورده. من هذا الحديث أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : هذا أول قرن يطلع في أمتي لو قتلتموه ما اختلف بعده اثنان، ان بني اسرائيل افترقت اثنتين وسبعين فرقة، وان هذه الامة ستفترق ثلاثاً وسبعين فرقة، كلها في النار الا فرقة واحدة. (الحديث) (1).

أمر النبي اياهما بقتله للمرة الثانية

المورد - (11) - :

يوم أمر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كلا من الشيخين في المرة الثانية بقتل هذا المارق فكان حالهما في هذه المرة كما كانت في المرة الأولى.

وذلك أن فيما حدثني من أثق به في فضله وورعه وتتبعه أن أبا بكر مرّ بهذا المارق - بعد أن أمر بقتله فكره قتله - فوجده يصلي في بعض الأودية حيث لا يطلع عليه سوى اللّه تعالى، فراقه خشوعه وتضرعه، فحمد اللّه تعالى على عدم قتله، وأتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شافعاً به و ذكر له ما رآه من صلاته ضارعاً مبتهلا حيث لا يطلع عليه الّا اللّه عز وجل، فلم يسمع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شفاعته، بل أمره على الفور بقتله، فلما لم يقتله أمر عمر ثم علياً بذلك وشدد عليهم القول بوجوب قتله وقتل أصحابه، هذا ما حدثني به من أعرفه بالتقصي في البحث و التنقيب (2) يرسله لي ارسال المسلمات، وقد فاتني سؤاله عن

ص: 95


1- العقد الفريد ج 403/2 - 404 5 2 وج 1 / 167 ط آخر. والفرقة الناجية هم على وشيعته : راجع : احقاق الحق للتسترى ج184/7 نقله عن : الالزام الصيمري مخطوط، السيف اليمانى المسلول ص 169 وغيرها.
2- هو شيخ المحدثين في عصره وصدوق حملة الاثار شيخنا ومولانا الاورع الميرزا حسين النورى صاحب المستدركات على الوسائل (منه قدس).

مصدر حديثه هذا.

لكني - واللّه الحمد - لم يفتني البحث عنه بنفسي حتى وجدته - والحمد للّه - في مسند أحمد ابن حنبل من حديث أبي سعيد الخدري ص 15 من جزئه الثالث

قال : ان أبا بكر جاء الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : يارسول اللّه اني مررت بوادي كذا وكذا فاذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي، فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): اذهب فاقتله قال : فذهب اليه أبو بكر فلما رآه على تلك الحال كره أن يقتله، فرجع الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قال : فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعمر : اذهب فاقتله فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر عليها، قال : فكره أن يقتله. قال : فرجع فقال : يارسول اللّه اني رأيته يصلي متخشعاً، فكرهت أن أقتله. قال : ياعلي اذهب فاقتله. قال : فذهب علي فلم يره فرجع علي فقال: يارسول اللّه انه لم يره. قال : فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ان هذا وأصحابه يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه فاقتلوهم هم شر البريّة.

تنبيه

ان من أمعن في حديثي هذا المارق حديث أبي يعلي عن أنس الذي أوردناه في المورد (10) وحديث الامام أحمد بن حنبل عن أبي سعيد الذي أوردناه الان في هذا المورد، علم ان لهذا المارق من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يومين أمر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في كل منهما بقتله فلم يقتل، وذلك ان الحديث الأول - حديث أنس - صريح بأن النبي لم يكن مسبوقاً بمعرفة هذا المارق و قد ذكروه و وصفوه له فلم يعرفه، و لذا لم يأمر ميه بشيء حتى رآه وعرفه بصفعة من

ص: 96

الشيطان بين عينيه وبما هو عليه من العجب بنفسه. وحينئذ أمر بقتله، وكانت صلاة هذا المارق التي اعجبت الشيخين يومئذ في المسجد بعد صدور الامر لهما بقتله.

أما حديث الامام أحمد في مسنده عن أبي سعيد فصريح بأن أبا بكر رأى هذا المارق يصلي في بعض الأودية لا في المسجد فأعجبه خشوعه اللّه تعالى حيث لايراه سواه عز وجل فأخبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بذلك، فأمره فوراً بقتله بدون أن يراه وهذا ليس الا لانه كان محكوما عليه من قبل ذلك بالقتل كما لا يخفى فالحديثان في واقعتين متعددتين - بلاريب - قوبل النص فيهما بالاجتهاد.

فصل في الخوارج

إشارة:

فصل (1)

الخوارج : هم الذين خرجوا عن الدين، بخروجهم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقد أنكروا عليه التحكيم الذي اضطروه اليه، وكانوا ثمانية آلاف أو أكثر، فاستدعاهم اليه ليذكرهم اللّه تعالى والدار الآخرة، وليبين لهم خطأهم فيما رأوه، ويزيل شبهتهم التي تشبشوا بها «وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» فأبوا ان يأتوه، وكلفوه بأن يقر بالكفر على نفسه ثم يتوب الى اللّه منه. ولما لم يأتوه أرسل اليهم عبد اللّه بن العباس فلم يأل جهداً، ولم يدخر وسعاً في الاحتجاج عليهم وتسفيه رأيهم بكل حجة بالغة، وبيان ناصع، والقوم مصرون على بغيهم وضلالهم كأن في آذانهم وقرا وعلى قلوبهم أكنة (2).

ص: 97


1- ترك «السيد» رحمه اللّه هذا الفصل كما جاء في الطبعة الأولى (النهج).
2- سورة العنكبوت : 41 محاورة عبد اللّه بن عباس للخوارج توجد في : الرياض النضرة ج 2 / 240 ط 1، الخصائص للنسائى ص 48 ط مصر.

وقد اجمعوا على تكفير كل من لا يرى رأيهم من المسلمين، وأباحوا دمه وماله وأهله وثاروا على المسلمين يقتلون من مر بهم كائنا من كان، فكان ممن قتلوه عبداللّه بن الخباب بن الأرت التميمي، وبقروا بطن زوجته وهي حامل متم (1). واستفحل شرهم، فأناهم أمير المؤمنين ناصحاً اللّه تعالى ولكتابه ولرسوله والمسلمين عامة ولهم خاصة، فاعذر الى اللّه تعالى فيما أوضحه لهم من الخطأ في خروجهم عليه وفيما احتج به عليهم مما يوجب رجوعهم اليه، وفيما انذرهم به اذا اصروا على البغي من سوء العاقبة في الدنيا بقتلهم، وفي الآخرة بمصيرهم الى النار وبئس القرار.

ولكنهم أصروا على بغيهم لا يفيئون الى شيء من أمر اللّه عز وجل على شاكلة من قوم نوح «اذ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا» وبذلك قتلهم أمير المؤمنين (2) ولم ينج منهم عشرة، ولم يقتل ممن كان معه (عَلَيهِ السَّلَامُ) عشرة وكان قد أخبرهم بذلك أثناء احتجاجه عليهم فلم يرعووا.

ثم انضم الى هذا النفر اليسير - الذي لم يقتل من الخوارج - جماعة آخرون من أهل الضلال يرون رأيهم في التحكيم، والخروج على الولاة، فلما ولي عبد اللّه بن الزبير ظهر منهم جماعة في العراق مع نافع بن الازرق،

ص: 98


1- مقتل ابن الخباب على أيدى الخوارج : راجع : أسد الغابة ج 3 / 150، الاصابة ج 2 / 294.
2- عملا بأوامر الكتاب والسنة : أما الكتاب فقوله عز من قائل : «فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ وقوله عز سلطانه : إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا» الاية وحسبك من أوامر السنة ما سأتلوه عليك في الاصل (منه قدس).

وظهر باليمامة جماعة منهم آخرون مع نجدة بن عامر الحروري، وزاد نجدة على مذهبهم ان من لم يخرج معهم لمحاربة المسلمين فهو كافر، وتوسعوا حتى أبطلوا رجم المحصن، وأوجبوا قطع يد السارق من الابط. وفرضوا الصلاة على الحائض حال حيضها. الى كثير من مبتدعاتهم التي ليس هذا محل ذكرها.

وان منهم الى الان لبقية من شراذم الفساد، في أنحاء من البلاد، مر بهم في عمان (1) ابن بطوطة الرحالة في سياحته التي كانت في القرن الثامن للّهجرة وذكرهم في الجزء الأول من رحلته (2).

فقال : «هم أباضية المذهب، ويصلون الجمعة ظهراً أربعاً، فاذا فرغوا قرأ الامام آيات من القرآن، ونثر كلاماً شبه الخطبة يرضى فيه عن أبي بكر وعمر ويسكت عن عثمان وعلي، واذا أرادوا ذكر علي كنوا عنه : بالرجل، ويرضون عن الشقي اللعين ابن ملجم ويقولون فيه العبد الصالح مع الفتنة قال: ونساؤهم يكثرون الفساد، ولاغيرة عندهم ولا انكار لذلك.

(قال) : وكنت يوماً عند سلطانهم أبي محمد بن نبهان وهو من قبيلة الأزد فأنته امرأة صغيرة السن حسنة الصورة بادية الوجه فوقفت بين يديه وقالت له: يا أبا محمد طغى الشيطان في رأسي. فقال لها : اذهبي واطردي الشيطان فقالت له : لا أستطيع وأنا في جوارك. فقال اذهبي فافعلي ماشئت فذكر لي لما انصرفت عنه : أن هذه ومن فعل فعلها تكون في جوار السلطان وتذهب للفساد، ولا يقدر أبوها ولاذوو قرابتها أن يغيروا عليها، وان قتلوها قتلوا بها لانها في جوار

ص: 99


1- عمان سلطنة صغيرة واقعة في الجنوب الشرقي من بلاد العرب تمتد على ساحل بحر العرب والخليج الفارسي. سلطانها اليوم سعيد بن تيمور (منه قدس).
2- ص 172 والتي بعدها (منه قدس).

السلطان» انتهى كلامه بعين كلامه لفظه.

قلت : صدق اللّه عز وجل وبلغ رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذ قال :

«لا يبغضك يا علي الا ابن زنا أو ابن حيضة أو منافق» (1).

قتل الخوارج

جاء في قتل الخوارج نصوص متضافرة، ولاسيما من طريق العترة الطاهرة (2). وحسبك من طريق غيرهم، قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حديث (3) وصفهم فيه فقال : «يقرأون القرآن، لا يجاوز تراقيهم، يقتلون أهل الاسلام ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الاسلام، كما يمرق السهم من الرمية، لتن أدركنهم لا قتلنهم قتل عاد» (4).

وفي حديث آخر (5) قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود» (6).

ص: 100


1- سورة نوح : 7. راجع : ينابيع المودة للقندوزى ص 252، احقاق الحق للتسترى ج222/7 نقله عن المناقب المرتضوية ص 203، الغدير للاميني ج 322/4.
2- البحار ج /، كشف الغمة ج 264/1.
3- أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدرى فى باب ذكر الخوارج وصفاتهم ص 393 من الجزء الاول من صحيحه (منه قدس).
4- صحيح مسلم ك الزكاة ب 47 ذكر الخوارج وصفاتهم ج 2 / 741.
5- أخرجه مسلم من طريقين عن أبي سعيد في ص 394 من الجزء الأول من صحيحه في باب ذكر الخوارج أيضاً (منه قدس).
6- صحيح مسلم ك الزكاة ب 47 ذكر الخوارج ج 742/2، كنز العمال ج 308/11.

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في وصفهم من حديث ثالث (1) : «انهم أحداث الاسنان، سفهاء الاحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيمة، وهم فاقتلوهم، فان في قتلهم أجراً لمن قيلهم عند اللّه يوم القيامة» (2) الى كثير من أمثال هذه الصحاح الواردة في التحريض على قتلهم، وحسبك في دلالتها على كفرهم، ان قتلهم كقتل عاد و ثمود.

الخوارج شر الخلق والخليقة

الاخبار في ان الخوارج شر الخلق والخليقة متواترة من طريق العترة الطاهرة، وحسبك من طريق غيرهم ما أخرجه مسلم (3) عن أبي ذر ورافع بن عمر الغفاريين عن رسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذ قال : «أن بعدي من أمتي، أو سيكون بعدي من امتي قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم (4) يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية، ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة أه_ (5).

ص: 101


1- أخرجه مسلم عن على (عَلَيهِ السَّلَامُ) في باب التحريض على قتل الخوارج ص 396 من الجزء الأول من صحيحه (منه قدس).
2- صحیح مسلم ب 48 التحريض على قتل الخوارج ج 746/2، کنز العمال ج 11 / 204 و 206.
3- فى باب الخوارج شر الخلق والخليقة ص 398 من الجزء الأول من صحيحه (منه قدس).
4- أى لا تفهمه قلوبهم، ولا ينتفعون بما يتلونه منه، ولالهم حظ سوى تقطيع حروفه في حلاقيمهم حين تلاوته، فقلوبهم غلف قد ران عليها ما يكسبون لا ينفذ اليها شيء من نور القرآن لا تقبل لهم تلاوة ولا يصعد لهم عمل (منه قدس).
5- صحيح مسلم ك الزكاة ب 49 الخوارج شر الخلق والخليقة ج 2 / 750، كنز العمال ج 200/11 و 307.

وفي صحيح مسلم أيضاً بالاسناد الى أبي سعيد الخدري ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذكر قوماً يكونون في امته يخرجون في فرقة من الناس، سيماهم التحالق قال : «هم شر الخلق، أو من أشر الخلق، يقتلهم أدنى الطائفتين الى الحق قال : فضرب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مثلا : الرجل يرمي الرمية. أو قال : الغرض فينظر النصل فلا يرى بصيرة، وينظر في النضي فلايرى بصيرة، وينظر في الفوق فلايرى بصيرة» (1) الحديث (2).

وفي مسند الامام أحمد من حديث عن أبي برزة من طريقين (3) اليه، ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وصف الخوارج فقال: «يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون فيه، سيماهم التحليق، لايزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع الدجال، فاذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإذا لقيتموه، فاذا لقيتموهم فاقتلوهم، فاذا لقيتموهم فاقتلوهم، هم شر الخلق والخليقة، هم شر الخلق والخليقة، هم شر الخلق والخليقة» (4).

قلت : اذا كانوا شر الخلق والخليقة، أو من أشرهم، لاتكون عبدة الأوثان ولا منكروا الاديان شراً منهم، وكفى بهذا حجة على كفرهم.

ص: 102


1- الحديث راجعه فى باب ذكر الخوارج وصفاتهم ص 395 من جزئه الاول. وأخرجه الامام أحمد من حديث أبي سعيد أيضاً فى ص 5 من الجزء الثالث من مسنده (منه قدس).
2- صحيح مسلم ك الزكاة ب 47 ذكر الخوارج وصفتهم ج 2 / 745.
3- أحدهما في آخر ص 424 والتي بعدها. وثانيهما في أول صر 422 من الجزء الرابع من مسنده (منه قدس).
4- كنز العمال ج 11 / 305 و 306، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمدج 305/11.

مروق الخوارج من الدين وأخباره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عنهم بالمغيبات

تواتر عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نصوص صريحة بمروق الخوارج من الدين وحسبنا منها - مضافاً الى ما سمعته آنفاً - ما أخرجه أصحاب الصحاح بأسانيدهم الصحيحة، وطرقهم الكثيرة، وحيث لا يسعنا استقصاؤها في هذا الاملاء، فلنكتف بما أخرجه الشيخان في صحيحيهما بالاسناد الى أبي سعيد الخدري (1) واللفظ للبخاري.

قال : «بينا نحن عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو يقسم قسماً اذ أناه ذو الخويصرة (2) وهو رجل من بني تميم. قال : «يا رسول اللّه اعدل». فقال رسول اللّه : «ويلك ومن يعدل اذا لم أعدل وقد خبت وخسرت ان لم أكن أعدل» فقال عمر: «ائذن لي فأضرب عنقه (3)» فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «دعه فان له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يقرؤون

ص: 103


1- أما البخاري فقد أخرجه فى باب علامات النبوة فى الاسلام من كتاب بده الخلق ص 184 من الجزء الثانى من صحيحه، وفي مواضع اخر من الصحيح، وأما مسلم فقد أخرجه فى باب ذكر الخوارج وصفاتهم ص 393 وما بعدها من الجزء الاول من صحيحه (منه قدس).
2- بضم الخاء المعجمة وفتح الواو وسكون الياء وكسر الصاد، واسمه حرقوص ابن زهير (منه قدس).
3- ليته ضرب عنقه حين أمر بذلك (منه قدس).

القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين (1) كما يمرق السهم من الرمية (2) ينظر الى نصله فلا يوجد فيه شيء (3) ثم، ينظر الى رصافه فلايوجد فيه شيء، ثم ينظر الى نضيه وهو قدحه فلايوجد فيه شيء، ثم ينظر الى قذذه فلا يوجد فيه شيء، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود احدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة تدر در.(4). ويخرجون على حين (5) فرقة من الناس.

قال أبو سعيد : فأشهد اني سمعت هذا الحديث من رسول اللّه، وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه، فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتى به حتى نظرت

ص: 104


1- أى يخرجون من دين الاسلام وهذه الكلمة من الادلة على كفر الخوارج وعليه اجماع الأمامية واليه ذهب جماعة من أعلام الجمهور كالخطاب والقاضي أبي بكر ابن العربي في شرح الترمذى لقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما في صحيح مسلم - «يمرقون من الاسلام» (منه قدس).
2- الرمية كفعيلة بمعنى مفعولة هى الصيد المرمى، والمروق سرعة نفوذ السهم من الرمية حتى يخرج من الطرف الاخر ومنه مروق البرق لخروجه بسرعة، شبه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مروقهم من الدين بالسهم الذي يصيب الصيد فيدخل فيه ويخرج منه، ولشدة سرعة خروجه لقوة ساعد الرامى لا يعلق على السهم يمرقون من الاسلام (منه قدس).
3- ينظر بالبناء المفعول والنصل حديدة السهم. أى لا يوجد فيها شيء ما من الصيد مطلقاً لادم ولاغيره (منه قدس).
4- تدر در فعل مضارع أصلها تندر در حذفت احدى التامين تخفيفاً - أى تتحرك وتذهب وتجيء (منه قدس).
5- قال النووى في تعليقه على هذا الحديث ص 86 من الجزء السادس من شرح صحیح مسلم : ضبطوه في الصحيح بوجهين أحدهما على حين فرقة بحاء مهملة ثم ياء بعد نون. وثانيهما على خير فرقة بخاء معجمة مفتوحة بعدها ياء ثم راء. قلت : هذا هو المأثور الصحيح عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والمراد بخير فرقة على وأصحابه كما لا يخفى(منه قدس).

اليه على نعت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الذي نعته» (1).

والاخبار عن الخوارج بهذا ونحوه - من أفعالهم وصفاتهم الخلقية والخلقية - متواترة من طريقنا عن العترة الطاهرة، متضافرة من طريق الجمهور عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - فلتراجع في مضانها من حديث الفريقين (2) وانها لمن أعلام النبوة وآيات الاسلام لما فيها من أنباء الغيب التي ظهرت بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) للناس كفلق الصبح، اذ رأي الناس مروق هؤلاء من الاسلام بخروجهم على الامام (3) وكان خروجهم على افتراق من الناس (4) وقد قتلوا

ص: 105


1- تجد هذا الحديث عن أبي سعيد في مسند أحمد فراجعه ص 56 من الجزء الثالث من مسنده (منه قدس). أخبار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالمارقين وصفاتهم : راجع صحيح البخارى ك بدء الخلق بعلامات النبوة في الاسلام ج 243/4 ط مطابع الشعب، صحيح مسلم ك الزكاة ب47 ذكر الخوارج ج 744/2، مسند أحمد ج 3 / 56 و 65، خصائص النسائى ص 43 و 44 ط التقدم، المناقب الخوارزمی ص 182، أسد الغابة ج 2 / 140، الانوار المحمدية ص 487، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 432 و 433، كنز العمال ج 202/11 و 307.
2- ولاسيما الصحاح الستة وغيرها من المسانيد التي هي مدار الجمهور في علمهم وعملهم (منه قدس). صفات الخوارج : من طريق الجمهور فراجع : كنز العمال ج 198/11 - 208 و 286 - 323، احقاق الحق للتسترى ج8/ 475 - 522، المناقب للخوراز می ص 182 - 185.
3- كما أخبر به النبي عنهم اذا قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يخرجون على خير فرقة بكسر الفاء - يعنى علياً وأصحابه - (منه قدس).
4- كما أخبر به (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذ قال: «يخرجون على حين فرقة بضم الفاء وكان خروجهم في صفين والناس فئتان، احداهما مع على (عَلَيهِ السَّلَامُ)، واخرى باغية مع معاوية (منه قدس).

وكان قاتلهم امام الحق (1) وكانوا في بقية شؤونهم كما أخبر عنهم، يقتلون أهل الايمان، ويدعون عبدة الأوثان، ويتشددون في الدين في غير موضع التشدد، يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم. لان قلوبهم غلف قد ران عليها مروقهم من الدين فلاينفذ اليها شيء من نور القرآن يبالغون في الصلاة والصيام لكنهم لا يقيمون حقوق الاسلام، لمروقهم منه غير متأثرين بشيء من هداه، مروق السهم من الرمية، يسبق الفرث والدم.

وقد ظهرت للناظرين آيتهم الخاصة بهم، رجل أسود احدى عضديه مثل ثدى المرأة، أو مثل البضعة تدر در كما أخبر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وقد تضمنت أخباره عن هذه المارقة بقاء الامة بعده وبقاء الشوكة والطول لها، على خلاف ما أرجف المرجفون، وكل ذلك علم بالغيب، واللّه تعالى «لَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِنْ رَسُولٍ»(2).

ولنختم ماعنينا به من شؤون هذه المارقة بحديث أخرجه الطبراني في الاوسط (3) عن جندب (4).

ص: 106


1- كما أخبر به أذ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «يقتلهم أدنى الطائفتين الى الحق»، وقال في حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي سعيد : «يقتلهم أولى الطائفتين بالحق» (منه قدس).
2- سورة الجن آية : 26 و 27. الامام أمير المؤمنين على بن أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) طبق ما أخبر به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من أمر الخوارج : راجع صحیح مسلم ك الزكاة ب 47 ج 2/ 745 و 746، كنز العمال ج 310/11 و 314 ذخائر العقبى ص 110.
3- كما في ص 71 من الجزء السادس من كنز العمال في سنن الاقوال والافعال وهو الحديث 1179 (منه قدس).
4- هو جندب بن زهير بن الحارث بن كثير بن سبع بن مالك الازدى الغامدي كان من أصحاب أمير المؤمنين وخاصة أوليائه، وقد ذكره ابن حجر العسقلاني في العسقلاني في القسم الاول من اصابته. على أن في صحبته لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خلافاً، لكنه لا كلام في كونه من كبار التابعين ورؤسائهم وزهادهم شهد مع أمير المؤمنين حروبه أيام الجمل وصفين والنهروان وكان في صفين على الرجالة. وعن أبي دريد في أماليه بسنده الى أبي عبيدة عن يونس قال: كان عبد اللّه بن الزبير اصطفنا يوم الجمل فخرج علينا صالح فقال: يا معشر فتيان قريش احذركم رجلين جندب ابن زهير والاشتر، فانكم لا تقومون لسيوفهما قلت: جندب بن زهير هذا غير جندب الذى قتل الساحر بين بدى الوليد بن عقبة، فان قاتل الساحر جندب بن كعب العبدى قتل بصفين مع على (عَلَيهِ السَّلَامُ) نص على ذلك الزبير بن بكار في كتابه الموفقيات، وهو المنقول عن ابن الكلبي وغيره (منه قدس).

قال: لما فارقت الخوارج علي خرج في طلبهم وخرجنا معه، فانتهينا الى عسکر القوم. فاذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن واذا فيهم من أصحاب النقبات، وأصحاب البرانس، فلما رأيتهم دخلني من ذلك شدة، فتنحيت فركزت رمحي، ونزلت عن فرسي، ونزعت برنسي، فنشرت عليه درعي، وأخذت بمقود فرسي، فقمت أصلي الى رمحي وأنا أقول : اللّهم ان كان قتال هؤلاء القوم لك طاعة فأذن لي فيه، وان كان معصية فأرني براءك. فبينا أنا كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب فلما دنا مني قال : تعوذ باللّه يا جندب من شر السخط، فجئت أسعى اليه، ونزل فقام يصلي، واذا برجل أقبل.

فقال : يا أمير المؤمنين ألك حاجة في القوم ؟

قال : وماذاك ؟

قال : قطعوا النهر فذهبوا.

قال : ماقطعوه.

قال : سبحان اللّه !

ثم جاء آخر فقال : قد قطعوا النهر فذهبوا.

النص والاجتهاد

ص: 107

قال : ماقطعوه.

قال : سبحان اللّه.

ثم جاء آخر فقال : قد قطعوا النهر فذهبوا.

قال علي : ماقطعوه ولا يقطعونه وليقتلن دونه عهد من اللّه ورسوله.

ثم ركب فقال لي : يا جندب اني باعث اليهم رجلا يدعوهم الى كتاب ربهم وسنة نبيهم، فلا يقبل عليهم بوجهه حتى يرشقوه بالنبل، ياجندب : انه لا يقتل منا عشرة ولا ينجو منهم عشرة.

ثم قال : من يأخذ هذا المصحف فيمشي به الى هؤلاء القوم فيدعوهم الى کتاب اللّه وسنة نبيه وهو مقتول وله الجنة، فأجابه شاب من بني عامر بن صعصعة فخرج الشاب بالمصحف الى القوم. فلما دنا منهم نشبوه.

فقال علي : دونكم القوم.

قال جندب : فقتلت بكفي هذه ثمانية قبل أن أصلي الظهر، وما قتل منا عشرة، ومانجا منهم عشرة كما قال علي (1) والحمد للّه.

قتال المتريثين في أمر الزكاة

المورد - (12) - :

قتال المتريثين في النزول على أمر أبي بكر في أمر الزكاة لارتيابهم في ولايته عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لافي افتراضها عليهم.

وكان أبو بكر (2) قد جمع الصحابة يستشيرهم في قتال هؤلاء فكان

ص: 108


1- ظهور الحق لجندب بعد أن اطلع على حقائق الخوارج : راجع : كنز العمال ج 1 1 / 289، مجمع الزوائد ج242/6.
2- فيما رواه الثقات الاثبات من حفظة الاثار فراجع الفصل الخامس أو ص 104 من كتاب الصديق للاستاذ الكبير المتتبع هيكل (منه قدس).

رأي عمر بن الخطاب وطائفة من المسلمين معه أن لا يقاتلوا قوماً يؤمنون باللّه ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأن يستعينوا بهم على عدوهم. ولعل أصحاب هذا الرأي كانوا أكثر الحاضرين في حين كان الذين أشاروا بالقتال هم القلة، وأغلب الظن ان المجادلة بين القوم في هذا الامر البالغ الخطر طالت واحتدمت أيما احتدام فقد اضطر أبو بكر أن يتدخل بنفسه فيها يؤيد القلة، ولقد اشتد في تأييد رأيه في ذلك المقام.

يدل على ذلك قوله : «واللّه لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لقاتلهم على منعه» (1) ولم يثن هذا المقال عمر عن أن يرى ما في القتال من تعريض المسلمين لخطر تخشى مغبته، فقال في شيء من الحدة : كيف تقاتل الناس وقد قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا اللّه وأن محمداً رسول اللّه، فمن قالها عصم منى ماله ودمه الابحقها وحسابهم على اللّه» ! (2).

لكن أبا بكر لم يتريث ولم يتردد في اجابة عمر فقال : «واللّه لا قاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فان الزكاة حق المال وقد قال: «الابحقها (3).

قلت : عفى اللّه عن أبي بكر ما أراد أن يكون كالضارب بهذا النص عرض الجدار فحمله بلباقة على ما تقتضيه سياسته مما كان عازماً عليه من القتال. والا فان المؤمنين باللّه ورسوله ممن قوتلوا يومئذ وقتلوا، فلم يكن منهم من يفرق

ص: 109


1- صحيح مسلم ك الايمان ب8 ج1/51.
2- راجع : صحيح مسلم ك الايمان ب 8 ج 1 / 51، سنن ابن ماجة ك الفتن ب 1 ج 2 / 1295، خصائص النسائى ص، سنن البيهقى ج 19/8 و 196، الغدير للاميني ج 7 / 163.
3- نفس المصادر السابقة.

بين الصلاة والزكاة في شيء، وانما كانوا متريثين في النزول على حكمه في الزكاة وغيرها، اذ لم تكن نيابته عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الحكم حينئذ ثابتة لديهم لشبهة دخلت عليهم (1) اضطرتهم الى الارتياب فيها، فكانوا معذورين في تريثهم بل مأجورين به (2).

وقد أدوا بتريثهم هذا أموالهم وحق زكاتها، فان من حقهما أن لا ينزلوا في كل منهما الا على حكم اللّه ورسوله أو حكم من تثبت له الولاية عليهم من قبل اللّه ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

ولو بلغ أبا بكر عذرهم هذا، لعده حجة عليه في امهالهم يتريثون، لكن أنى لهؤلاء المظلومين حينئذ بأبي بكر لينصفهم.

وأنت ترى صحاح السنن المتوالية (3) صريحة بعصمة دماء هؤلاء المؤمنين وأمثالهم وانها على كثرتها بين عام ومطلق وليس ثمة من مخصص لعامها ومقيد لمطلقها ليتشبث به المبيح لقتالهم وقتلهم.

ص: 110


1- كما سنوضحه فيما بعد انشاء تعالى (منه قدس).
2- وذلك بناءاً على ان المنقاد الى أمر اللّه تعالى أو برجاء المطلوبية يكون مستحقاً للثواب كالمطيع لامره سبحانه لان الغلة فيهما واحدة وان اختلفت في المصادفة وعدمه كما ذكر وحقق في اصول الفقه.
3- مصادر الاحاديث في حقن دماء المؤمنين : كما تقدم تحت رقم - 149 - وراجع أيضاً الغدير ج7 / 163، الفصول المهمة لشرف الدين ص 11 - 17 ط 5، صحيح البخارى ك الديات ب6 ج6/9 ط مطابع الشعب، صحيح مسلم ك القسامة ب 6 ج 1302/3 ح 25 و 26 ط بیروت بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، صحيح الترمذى ك الحدود ب 15 ج 4 / 49 ح1444، مسند أحمد بن حنبل ج 1/ 61 و 63 و 65 و 70 و 163 و 382 و 428 و 444 و 465 وج 181و 214/6 ط 1، سنن أبي داودك الحدود ب 1، سنن الدارمى ك السير ب 11، سنن ابن ماجة ك الحدود ب 1 ج 2 / 847 ح 253 و 2534، کنز العمال ج 148/15.

أما ما ذكره أبو بكر من كون الزكاة حق المال فليس من التخصيص والتقييد في شيء اذ لا يستفاد منه أكثر من وجوبها على المكلفين بها، وان اولي الامر القائم مقام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يطالبهم بها ويأحذها منهم فان امتنعوا عن دفعها اليه طائعين أخذها منهم مرغمين بقوته القاهرة لهم مجردة عن القتال.

أما قتالهم عليها فمعارض لحقن دمائهم المنصوص على عصمتها في صحاح عامة تأبى التخصيص بمجرد ماظنه أبو بكر مخصصاً كما بيناه.

واليك منها ما تجده في باب فضائل علي من صحيح مسلم (1) من حديث جاء فيه أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حين أعطاه الراية يوم خيبر قال له : «امش ولا تلتفت وأنه مشى شيئاً ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ: يارسول اللّه، على ماذا أقاتل الناس ؟ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : قاتلهم حتى يشهدوا أن لا اله الا اللّه وأن محمداً رسول اللّه. فان فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على اللّه» (2).

وفي صحيحي البخاري ومسلم بالاسناد الى اسامة بن زيد قال : بعثنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت

ص: 111


1- ص 324 من جزئه الثاني (منه قدس).
2- راجع : صحيح مسلم ك فضائل الصحابة ب4 من فضائل على بن أبى طالب ج 1 / 1871 ح33، مسند أحمد بن حنبل ج 384/2، مسند أبي داود الطيالسی ص 320، الخصائص للنسائي ص، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى ص 186، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي ص 28 ط العلمية، ذخائر العقبى ص73 كنز العمال ج 468/10 وج 13 / 116، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 44، ينابيع المودة للقندوزي ص 49 ط اسلامبول، احقاق الحق للتسترى ج 5/ 384 – 390.

أنها ورجل من الانصار رجلا منهم فلما غشيناه قال : لا اله الا اللّه، فكف بر محي فلما قدمنا بلغ النبي ذلك فقال : يا أسامة أقتلته

الانصاري عنه فطعنته، بعدما قال لا اله الا اللّه. قلت : كان متعوذاً. فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم» (1)

قلت : ماتمنى ذلك حتى ظن ان جميع ما عمله قبل هذه الواقعة من ايمان وصلاة وزكاة وصوم وصحبة وجهاد وغيرها لا يمحو عنه هذه السيئة وأن أعماله الصالحة بأجمعها قد حبطت بها، ولا يخفي مافي كلامه من الدلالة على انه كان يخشى أن لا يغفر له بعدها، ولذا تمنى تأخر اسلامه عنه، ليكون داخلا في حكم قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «الاسلام يجب ما قبله. وناهيك بها حجة على احترام أهل لا اله الا اللّه وعصمة دمائهم. وأخرج البخاري في باب بعث علي وخالد الى اليمن من صحيحه ان رجلا قام فقال : يارسول اللّه اتق اللّه. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ويلك ألست أحق أهل الأرض أن

؟! يتقي اللّه ؟ !. فقال خالد : يارسول اللّه ألا اضرب عنقه ؟ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): لا، لعله أن يكون يصلي» (2).

ص: 112


1- عدم رضا النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما قتل أسامة رجلا قال لااله الا اللّه : راجع : صحيح البخارى ك المغازى ب 45 ج 183/5 وك الديات ب2 ج 4/9ط مطابع الشعب، صحيح مسلم ك الايمان ب 41 ح 109 ج 1 / 97 تحقیق محمد فؤاد، مسند أحمد بن حنبل ج 5 / 200، أسد الغابة ج 65/1.
2- وهذا الحديث أخرجه أحمد من مسند أبي سعيد الخدري في ص4 من الجزء الثالث من مسنده. ومثله ما نقله العسقلاني في ترجمة مرحوق المنافق في الاصابة من أنه أتى به ليقتل قال رسول اللّه : هل يصلى ؟ قالوا : اذا رآه الناس. قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : (اني نهيت عن قتل المصلين وكذالك ما أخرجه الذهبي في ترجمة عامر بن عبد اللّه بن يسار من ميزانه عن أنس قال : ذكر عن النبي رجل فقيل ذلك كهف المنافقين فلما أكثر وافيه رخص لهم في قتله ثم قال : هل يصلى ؟ قالوا: نعم صلاة لاخير فيها قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اني نهيت عن قتل المصلين. قلت : ليت خالد بن الوليد احترم صلاة مالك بن نويرة، فانتهى بها عن قتله، وقد شهد له عبد اللّه بن عمر وأبو قتادة الانصارى ان مالكاً صلى صلاة الصبح معهم يوم قتله، لكنه افتتن بعرس ما لك كما قال معاصره أبو زهير السعدى : قضی خالد بغياً عليه بعرسه***وكان له فيها هوى قبل ذلك (الابيات) (منه قدس). و راجع صحيح البخارى ك المغازى ب 59 ج 0/ 207 طمطابع الشعب، الفصول المهمة لشرف الدين ص 14 ط 5.

وفي الصحيحين بالاسناد الى ابن عمر قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو بمنى

وقد أشار الى الكعبة : «أتدرون أي بلد هذا ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ان هذا بلد حرام، أندرون أي يوم هذا ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم. قال انه يوم حرام. أتدرون أي شهر هذا ؟ قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: شهر حرام، و ان اللّه حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا في شهر كم هذا في بلدكم هذا (1).

والصحاح وغيرها من كتب المسانيد مشحونة بهذه السنن ومضمونها مما

ص: 113


1- (156) راجع : صحيح البخارى ك الحج ب 132 ج 2 / 216 وك العلم ب 9 ج1 /26 وك الأضاحى ب 5 ج 129/7 وك الحدود ب9 ج 198/8 ط مطابع الشعب، صحيح مسلم ك القسامة ب 8 ج 1305/3 ح 29 و 30، صحيح الترمذى ك الفتن ب 2 ج 461/4 ح 2159 وك التفسير ب 10 ج 5 / 273 ح 3087، سنن ابن ماجة ك المناسك ب 76 ج 2/ 1015 ح 3055 و 3057 و 3058 وب 84 ح 3074 وك الفتن ب 2 ج 1297/2 ح 3931، مسند أحمد ج 20/1 و ج 3 / 80 و 313 و 371 و ج 4 / 76 و 305 و 337 وج 30/5 و 37 و 39 و 40 و 49 و 68 و 72 و 411 و 412 ط 1، سنن أبي داودك المناسك ب 56، سنن الدارمي ك المناسك ب 31.

لا ريب فيه للمسلمين (1). وبها لا يحل قتال المسلم بمجرد تريثه في دفع الزكاة الى الامام، ولاسيما اذا كان تريثه عن شبهة اضطرته الى الريب في امامته كما كان هو الشأن في بعض القبائل يوم لحق رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالرفيق الاعلى فاحتدمت الفتنة يومئذ واستطار شرها في آفاق العرب، وارتد عن الاسلام كثير منهم (2).

واختلف المهاجرون والانصار في أمر الخلافة، فكان كل منهما على رأيين وربما كان الانصار على ثلاثة آراء (3)، وبويع أبو بكر أثناء هذه الشرور فكانت بيعته - كما قيل - فلتة وقى اللّه المسلمين شرها (4).

ص: 114


1- سنن ابن ماجة ك الفتن ب 2 ج 2 / 1297 - 1298، کنز العمال ج 15 /146، الفصول المهمة لشرف الدين ص 11 - 17 ط 5.
2- راجع كتب التاريخ والسير : المختصر لأبي الفداء ج 1/ 155 و 157.
3- عبداللّه بن سبأ للعسكرى ج 1 /، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 24/2 ط مصر بتحقيق أبو الفضل.
4- قال أبو بكر في أوائل خلافته : «ان بیعتی كانت فلنة، وقى اللّه شرها وخشيت الفتنة...» راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 132/1 و ج 19/2 ط 1 بمصر وج 1 / 311 ط مكتبة دار الحياة وج 2/ 50 وج 47/6 ط مصر بتحقيق أبو الفضل وج 1/14 ط دار الفكر، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 590/1 ط مصر. وقال عمر بن الخطاب: «... ان بيعة أبي بكر فلتة وقى اللّه شرها...» راجع : صحيح البخارى ك الحدود ب رجم الحبلى من الزنا اذا احصنت ج8/ 26 ط دار الفكر و ج 210/8 ط مطابع الشعب و ج 208/8 ط محمد على صبيح وج 179/4 ط دار احياء الكتب وج 119/4 ط المعاهدوج 4 / 125ط الشرفية وج 140/8 ط الفجالة وج 8/8 ط بمبی و ج 4 / 128 ط الخيرية، شرح نهج البلاغة لا بن أبي الحديد ج 1 / 123 و 124 ط 1 بمصر و ج 2 / 23 و 26 و 29 ط مصر بتحقيق أبو الفضل وج 292/1 ط مكتبة دار الحياة وج 1 / 144 ط دار الفكر السيرة النبوية لابن هشام ج 4 / 226 ط دار الجيل و 33 ط آخر النهاية لابن الاثير ج 466/3، تاریخ الطبری ج 205/3، الكامل لابن الاثير ج 2 / 327، الصواعق المحرقة ص 5 و 8ط الميمنية وص8 و 12ط المحمدية، تاج العروس ج 1 / 568، لسان العرب ج 371/2، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 67، السيرة الحلبية ج 360/3 و 363، مسند أحمد ج 55/6، أنساب الاشراف للبلاذری ج 15/5، تیسیر الوصول ج 42/2 و 44، الرياض النضرة ج 1 / 161، تمام المتون للصفدى ص 137. ولاجل المزيد من المصادر راجع : سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 254 تحت رقم (826). وقال عمر مرة أخرى : «ان بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى اللّه شرها فمن عاد الى مثلها فاقتلوه...». راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 / 123 ط 1 وج 2 / 26 بتحقيق أبو الفضل، الصواعق المحرقة ص 21 ط الميمنية وص 34 ط المحمدية، الملل والنحل 22 ط دار المعرفة.

فكان من الطبيعي يومئذ أن يقع الريب في صحة البيعة وانعقاد الاجماع عليها والحال هذه (1).

ص: 115


1- بل لا اجماع فانه قد تخلف عن بيعة أبي بكر كثير من كبار الصحابة وأهل الحل والعقد : 1 - أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) 2 - العباس بن عبد المطلب -3 عتبة بن أبى لهب 4 - سلمان الفارسي 5 - أبو ذر الغفاري 6 - عمار بن ياسر 7 - المقداد 8 - البراء بن عازب 9 - أبي بن كعب 10 - سعد بن أبي وقاص 11 - طلحة بن عبيد اللّه 12 - الزبير بن العوام 13 - خزيمة بن ثابت 14 - فروة بن عمر الانصارى 15 - خالد بن سعيد بن العاص الاموى 16 - سعد بن عبادة الانصاري لم يبايع حتى توفى بالشام في أيام خلافة عمر. الفضل بن العباس. وجماعة من بنى هاشم وغيرهم. راجع : العقد الفريد ج 259/4، عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 1/ 105، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 / 131، ط 1، الغدير للامينى ج 370،10، مروج الذهب ج 2/ 301 أسد الغابة ج 222/3، تاريخ الطبری ج 3/ 208، الكامل لابن الاثير ج 2 / 325 و 331 تاريخ اليعقوبي ج 2 / 103 و 105، سمط النجوم العوالي ج 2 / 244، السيرة الحلبية 2/ وه ج 356/3، المختصر لأبي الفداء ج 156/1.

بل كان الحال ابانئذ أفظع مما ذكرناه وأدعى الى الارتياب والاضطراب.

واذا لا جناح على اوائك المرتابين في خلافة الصديق من المؤمنين اذا لم ينزلوا على حكمه في أمر الزكاة وغيرها حتى يحصل لهم العلم بقيامه شرعاً مقام رسول اللّه في أوامره ونواهيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

وقعة يوم البطاح ومقتل مالك بن نويرة

المورد - (13) - :

يوم البطاح، أو يوم مالك بن نويرة وقومه من خالد، وذلك انّ القيادة العامة كانت يومئذ لخالد بن الوليد، فكان يأمر بما يشاء ويحكم فيها بما يريد، لم يقتصر يومئذ على قتل المؤمنين صبراً بل تجاوز ذلك الى المثلة و سبي المسلمات و استباحة ما حرم اللّه تعالى من الاموال والفروج وتعطيل الحدود الشرعية في احداث ما أظن ان لها نظيراً في الجاهلية (1).

من هو مالك ؟

هو مالك بن نويرة بن حمزة بن شداد بن عبد بن ثعلبة بن يربوع التميمي

ص: 116


1- الغدير للاميني ج 158/7 وغيرو ممن تحدث عن هذه الواقعة.

اليربوعي هامة الشرف في بني تميم وعرنين المجد في بني يربوع من علية العرب وممن تضرب الامثال بفتوته نجدة وكرماً وحفيظة وشجاعة وبطولة بكل معانيها، و هو من أرداف الملوك، أسلم و أسلم بنو يربوع باسلامه و ولاه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على صدقات قومه ثقة به واعتماداً عليه (1).

جرم مالك وموقفه

انما كان جرمه تريثه في النزول على حكم أبي بكر في أمر الزكاة وغيرها باحثاً عن تكليفه الشرعي في ذلك ليقوم به على ما شرع اللّه عز وجل ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

أما موقفه فلم يكن عن ارتياب ولا عن شق عصا ولا ابتغاء فتنة ولا ارادة قتال، وانما فوجيء بهذه الغارة عليه من خالد في مستهل خلافة أبي بكر حيث كان الخلاف محتدماً بين السابقين الأولين في أمر الخلافة (2).

فأهل البيت وأولياؤهم كانوا فيها على رأي (3).

وأبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسالم وأتباعهم على رأي آخر (4).

وكذلك الانصار «الَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا» حتى غلب نقيبهم سعد بن

ص: 117


1- أسد الغابة ج 4 / 295، عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 145/1، الاصابة لابن حجر ج336/3.
2- عبد اللّه بن سبأ ج 1 / 90 - 100، 100، تاريخ الطبرى ج264/3.
3- عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 1 / 90 و 103 - 120، الامامة والسياسة لابن قتيبة ج 4/1 وراجع ما تقدم تحت رقم (161).
4- عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 93/1 - 98، تاريخ الطبری ج 201/3 و 202 و 203.

عبادة على أمره فاعتزلهم واعتزل أمرهم يحلف باللّه انه لو وجد أعواناً عليهم لقاتلهم ثم لم تجمعه جمعتهم ولم يفض بافاضتهم حتى مات في حوران (1). الى كوارث أخر حول البيوت التي أذن اللّه أن ترفع ويذكر فيها اسمه أعني البيوت التي قال اللّه عز وجل في حقها: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ» (2) وحول وديعة رسول اللّه وزهرائه وحول ارثها ونحلتها وخمسها و مجابهتها اياهم بكل حجة بالغة الى غير ذلك من الامور التي أنذر بها القرآن الحكيم.

فكان من الطبيعي لمثل مالك في عقله ونبله ومكانته في قومه ان يتربص - والحال هذه - في النزول على حكم من يظهر في المدينة و يقهر خصومه على الخلافة حتى يتبين له انه انما قهرهم بالحق وظهر عليهم باجتماعهم عليه بعد ذلك التنازع، وبهذا لا يسواه تريث مالك في دفع الزكاة باحثاً عمن تبراً ذمته يدفعها اليه. فكان عليهم أن يمهلوه مدة تسع البحث عن هذه الحقيقة الغامضة في تلك الاوقات ولا يعا جلوه مفاجئيه بتلك النكبات فانه لم يكن ممن أنكر الزكاة ولا ممن فرق بينها وبين الصلاة ولا ممن استحل قتال أبي بكر أو غيره من المسلمين.

هذه هي الحقيقة في موقف مالك وأصحابه، يدل على ذلك نصحه لقومه في تثبيته اياهم على الاسلام وعدم المناوأة لخالد و أمره اياهم بالتفرق لشلا يصطدموا بجيشه الناهد الى بطاحهم ونهيه اياهم عن الاجتماع في مكان ما

ص: 118


1- عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 92/1 - 93، تاریخ الطبرى ج218/3 - 223.
2- سورة الاحزاب آية : 53.

لثلا يظن أحد بأنهم معسكرون (1).

زحف خالد الى البطاح

لما فرغ خالد من أسد وغطفان ازمع على المسير الى البطاح يلقي فيها مالك بن نويرة وقومه، وكان مالك أخلى له البطاح، وفرق قومه لما بيناه من عزمه على السلام احتياطاً منه على الاسلام في تلك الايام. فلما عرف الانصار عزم خالد على المسير الى مالك، توقفوا عن المسير معه و قالوا : «ما هذا بعهد الخليفة الينا انما عهده ان نحن فرغا من البزاخة واستبرأنا بلاد القوم أن نقيم حتى يكتب الينا».

فأجابهم خالد : «انه ان لم يكن عهد اليكم بهذا فقد عهد اليّ أن أمضي وأنا الامير والي تنتهي الاخبار، ولو انه لم يأنني كتاب ولا أمر، ثم رأيت فرصة ان أعلمته بها فاتتني لم أعلمه حتى انتهزها، وكذلك اذا ابتلينا بأمر لم يعهد لنا فيه لم ندع أن نرى أفضل ما يحضرنا ثم نعمل به، و هذا مالك بن نويرة بحيالنا وأنا قاصد له بمن معي (2)» ثم سار ومن معه يقصد البطاح.

ص: 119


1- نص على ذلك كله الاستاذ هيكل في كتابه «الصديق أبو بكر» فراجع منه ماهو تحت عنوان مالك ينصح لقومه ص 144. وقال الاستاذ العقاد في عبقرية خالد سطر 14 ص 121 حيث ذكر موقف مالك : انه ليس موقف عناد وتحفز لقتال. لكن العقاد أخطأ في أبيات لما الك اذ حملها على غير معناها المتبادر منها الى الاذهان كما لا يخفى على من أمعن بها (منه قدس). وراجع الغدير للاميني ج 158/7-168، عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 1 / 145-149.
2- ذكر هذه المحاورة (بألفاظها) بينه وبين من كان فى جيشه من الانصار كل من هيكل في كتابه «الصديق أبو بكر» ص 143 والتي بعدها، والعقاد في آخر ص 267 من عبقرية عمر وغيرهما من أهل الاخبار وقد استفاضت بينهم فلتراجع. وترى كلام الانصارى في هذه المحاورة صريحاً بأن الخليفة لم يعهد اليهم با از حف على مالك، لكن خالداً أدعى العهد من الخليفة اليه خاصة وبناءاً على هذا فالخليفة قد استعمل اللياقة والحيلة في أن لا يكون مسؤولا من الناس عن جرائم يوم البطاح، وانما يكون المسؤول عنها خالداً وحينئذ يحفظه معتذراً بأنه تأول فأخطأ، وهذه الواقعة تدل على تعمقه في السياسة الى أبعد حد (منه قدس).

فلما بلغوها لم يجدوا فيها أحداً (1).

مجيؤهم بمالك فى نفر من قومه وقتلهم صبرا

فلما لم يجدوا فيها أحداً أرسل خالد سر اياه في أثرهم فجاءته بمالك بن

ص: 120


1- كلمة أهل السير والاخبار كافة متفقة على أن خالداً حين احتل البطاح بجيشه لم يجد فيها أحداً من أهلها، وان مالكاً قد فرق قومه من قبل في ديارهم قائلا لهم اياكم والمناواة وناصحاً لهم بالبقاء على الاسلام وأن يبقوا متفرقين حتى يلم اللّه هذا الشعث، فراجع من كتاب الصديق أبو بكر ص 144 و غيره من مظان هذا الامر (منه قدس). من مختلفات (سيف بن عمر التميمي) في ارتداد مالك بن نويرة : هذه الرواية موجودة في تاريخ الطبرى ج 276/3 وفى سند هذه (سيف بن عمر) وهو من الرواة الوضاعين وقد حاول فى قصة مالك بن نويرة أن يصوره مرتداً عن الاسلام ويختلق المعاذير لجناية خالد فقد اختلق هذا الرجل روايات وحرف اخرى فى سبيل التوصل لرغباته الدنيئة ولاجل معرفة الروايات المتخلفة التي رواها سيف في قصة مالك والروايات الأخرى التي رواها غیره راجع : کتاب عبداللّه بن سبأ للعسكرى ج 145/1 - 155 ط بیروت، فسوف تجد الحقيقة سالمة. ولاجل المزيد من الاطلاع على حياة (سيف بن عمر) ومعرفة حقيقته ومختلقاته من الروايات والحوادث والاسانيد والبلدان وغيرها. راجع : كتاب عبداللّه بن سبأ للسيد مرتضى العسكرى ج 1 و ج 2 ط بیروت، و کتاب خمسون ومائة صحابي مختلق القسم الاول والثاني ط بیروت.

نويرة في نفر من بني يربوع فحبسهم، ثم كان ما كان من أمرهم ممتا سنأتي على طرف منه بكل حسرة وأسف فانا للّه وانا اليه راجعون.

وقد روى الطبري بسنده الى أبي قتادة الانصاري وكان من رؤساء تلك السرايا أنه كان يحدث، أنهم لما غشوا القوم راعوهم تحت الليل، فأخذ القوم السلاح (قال أبو قتادة) فقلنا : انا المسلمون. (قال) : فقالوا ونحن المسلمون. قلنا : ما بال السلاح معكم ؟ قالوا لنا : فما بال السلاح معكم ؟ فقلنا: فان كنتم كما تقولون فضعوا السلاح، ثم صلينا وصلوا اه_ (1).

قلت : و بعد الصلاة خفوا الى الاستيلاء على أسلحتهم و شد وثاقهم وسوقهم أسرى الى خالد وفيهم زوجة مالك ليلى بنت المنهال أم تميم، وكانت كما نص عليه أهل الاخبار (واللفظ للاستاذ عباس محمود العقاد في عبقرية خالد) من أشهر نساء العرب بالجمال، ولاسيما جمال العينين والساقين قال : يقال أنه لم ير أجمل من عينيها ولاساقيها

ففتنت خالداً وقد تجاول في الكلام مع مالك وهي الى جنبه، فكان ممّا قاله خالد : اني قاتلك.

قال له مالك : أو بذلك أمرك صاحبك ؟ (يعني أبا بكر).

قال : واللّه لأقتلك. وكان عبد اللّه بن عمر وأبو قتادة الانصاري اذ ذاك حاضرين، فكلما خالداً في أمره، فكره كلامهما.

فقال مالك : ياخالد ابعثنا الى أبي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا فقد بعثت اليه غيرنا ممن جرمه أكبر من جرمنا، وألح عبد اللّه بن عمر وأبو قتادة

ص: 121


1- الخدعة بمالك بن نويرة : تاريخ الطبری ج 280/3 وهذه الرواية من الروايات التي لم يروها (سيف المختلق)، عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 1481 الغدير ج159/7.

على خالد بأن يبعثهم الى الخليفة فأبى عليهما ذلك.

وقال خالد: لا أقالني اللّه ان لم أقتله. وتقدم الى ضرار بن الازور الاسدي بضرب عنقه. فالتفت مالك الى زوجته وقال لخالد : هذه التي قتلتني. فقال له خالد : بل اللّه قتلك برجوعك عن الاسلام.

فقال له مالك : اني على الاسلام.

فقال خالد : ياضرار اضرب عنقه. فضرب عنقه (1) وقبض خالد على زوجته فبنى بها في تلك الليلة (2).

وفي ذلك يقول أبوزهير السعدي :

ألا قل لحي أوطئوا بالسنابك***تطاول هذا الليل من بعد مالك

قضی خالد بغياً عليه لعرسه***وكان له فيها هوى قبل ذلك

فأمضى هواه خالد غير عاطف***عنان الهوى عنها ولا متمالك

وأصبح ذا أهل وأصبح مالك***على غير شيء هالكاً في الهوالك

فمن اليتامى والارامل بعده ؟***ومن للرجال المعدمين الصعالك ؟

أصيبت تميم عنها وسمينها***بفارسها المرجو سحب الحوالك (3)

ص: 122


1- وجعل رأسه أثفية لقدر كما في ترجمة وثيمة بن الفرات من وفيات الاعيان (منه قدس).
2- أبو قنادة الانصارى وعبداللّه بن عمر يعترضان على خالد في قتله مالسك وكان السبب في قتل مالك هو جمال زوجته الذي كان مطمعاً لخالد. راجع: تاريخ أبي الفداء ج 108/1، وفيات الاعيان ترجمة وثيمة ج14/6، فوات الوفيات ج 2 /، عبداللّه بن سبأ للعسكرى ج 147/1، تاريخ اليعقوبي ج، تاریخ ابن الشحنة هامش الكامل ج 114/11، الغدير للامينى ج 160/7.
3- تاريخ أبي الفداء ج 158/1، وفيات الأعيان ج15/6، تاریخ ابن الشحنة هامش الكامل ج 114/11، عبد اللّه بن سبأ ج 148/1، الغدير للاميني ج7/ 160.

و كان خالد قد أمر بحبس تلك السراة الأسرى من قوم مالك، فحبسوا والبرد شديد فنادى مناديه في ليلة مظلمة أن أدفئوا أسراكم وهي في لغة كنانة كناية عن القتل فقتلوهم بأجمعهم.

وكان قد عهد الى الجلادين من جنده، أن يقتلوهم عند سماعهم هذا النداء، وتلك حيلة منه توصل بها الى أن لايكون مسئوولا عن هذه الجناية، لكنها لم تخف على أبي قنادة وأمثاله من أهل البصائر وانتما خفيت على رعاع الناس وسوادهم بقوة الساسة والسياسة.

هذه هي الحقيقة الواقعة الحقيقة الواقعة بين خالد و مالك و قومه يلمسها من ممحص-ي الحقائق كل من أمعن فيما سجلته كتب السير والاخبار عن يوم البطاح وسائر ما اليه.

فلا يصدتك عنها ما تجده هناك من أقوال أخر متناقضة كل التناقض نسجتها الاغراض الشخصية و التزلف الى ولي الامر يومئذ و القائد العام لجيوشه تصحيحاً لاعمالهم (1).

وقد أعطينا الامعان فيها حقه، فلم نر منها الا الدلالة على تضييع الحقيقة اخلاصاً في الحب لخالد والدفاع عنه واللّه على ما يقول وكيل.

ثورة ابي قتادة وعمر بن الخطاب

قال الاستاذ هيكل في كتابه «الصديق أبوبكر (2)» : ان أباقتادة الانصاري

ص: 123


1- وأكثر هذه الروايات ان لم يك كلها قد أختلقها (سيف بن عمر) الزنديق المعروف بالكذب والوضع. راجع ترجمته في كتاب : عبداللّه بن سبأ للعسكرى ج 1 / 61 - 64، خمسون ومائة صحابی مختلق ج 1 و ج 2.
2- ص 147 والتي بعدها (منه قدس).

غضب لفعلة خالد اذ قتل مالكاً وتزوج امرأته فتركه منصرفاً الى المدينة مقسماً أن لا يكون أبداً في لواء عليه خالد، وان متمم بن نويرة أحا مالك ذهب معه، فلما بلغا المدينة ذهب أبو قتادة ولايزال الغضب آخذاً منه مأخذه فلقي أبا بكر فقص عليه أمر خالد، وقتله مالكا وزواجه من ليلى، وأضاف أنه أقسم أن لا يكون أبداً في لواء عليه خالد قال: لكن أبا بكر كان معجباً بخالد وانتصاراته، ولم يعجبه أبو قتادة، بل أنكر منه أن يقول في سيف الاسلام ما يقوله !

قال :هيكل: أترى الانصاري - يعني أبا قتادة - هاله غضب الخليفة فأسكته. ثم قال: كلا فقد كانت ثورته على خالد عنيفة كل العنف لذلك ذهب الى عمر ابن الخطاب فقص عليه القصة، وصور له خالداً في صورة الرجل الذي يغلب هواه على واجبه، ويستهين بأمر اللّه ارضاء لنفسه. قال : وأقره عمر على رأيه وشاركه في الطعن على خالد والنيل منه، وذهب عمر الى أبي بكر وقد أثارته فعلة خالد أيما ثورة، وطلب اليه أن يعزله، و قال ان سيف خالد رهقا (1) وحق عليه أن يقيده ولم يكن أبو بكر يقيد من عماله (2)، لذلك قال حين ألح عمر عليه غير مرة : هبه ياعمر، تأول فأخطأ، فارفع لسانك عن خالد.

ولم يكتف عمر بهذا الجواب، ولم يكف عن المطالبة بتنفيذ رأيه فلما ضاق أبو بكر ذرعاً بالحاح عمر قال : لا ياعمر ما كنت لاشيم (3) سيفاً سله اللّه على الكافرين. قال هيكل : لكن عمر كان يرى صنيع خالداً نكراً فلم تطب نفسه و لم

ص: 124


1- الرهق السفه والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم (منه قدس).
2- وهذا من اجتهاده مقابل النص فان اللّه تعالى يقول : «وكتبنا عليهم ان النفس بالنفس» (الآية) (منه قدس).
3- أشيم : أغمد والشيم يستعمل في كل من السل والاغماد (منه قدس).

يسترح ضميره.

«كيف اذن يسكت وكيف يذر خالداً في طمأنينته يشعر كأنه لم يأثم ولم يجن ذنباً»، قال : لابد أن يعيد القول على أبي بكر، وأن يذكر له في صراحة ان عدوّ اللّه عدا على امريء مسلم فقتله ونزا على امرأته فليس من الانصاف في شيء أن لا يؤاخذ بصنيعه. قال : ولم يسع أبا بكر ازاء ثورة عمر الا أن يستقدم خالداً ليسأله ما صنع. قال : وأقبل خالد من الميدان الى المدينة، ودخل المسجد في عدة الحرب مرتدياً قباءاً له، صدأ الحديد، وقد غرز في عمامته أسهماً، وقام اليه عمر از رآه يخطو في المسجد، فنزع الاسهم من رأسه وحطمها وهو يقول : قتلت امرؤاً مسلماً ثم نزوت على امرأته، واللّه لارجمنك بالاحجار (1).

قال : و أمسك خالد فلم يعتذر و دخل على أبي بكر فقص عليه قصة مالك وتردده، وجعل يلتمس المعاذير فعذره أبو بكر وتجاوز عما كان منه منه في الحرب، لكنه عنفه على الزواج من امرأة لم يجف دم زوجها، وكانت العرب تكره النساء في الحرب وترى الاتصال بهنّ عاراً أي عار قلت : و الاسلام يحرم نكاح المتوفي عنها زوجها حتى تعتد فان نكحت

ص: 125


1- أبو قتادة وعمر يغضبان من فعل خالد بمالك : راجع : عبد اللّه بن سبأ العسكرى ج 146/1 - 149، تاریخ الیعقوبی ج110/2، تاريخ أبي الفداء ج 1 / 158، الطبری ج 3 / 280، الاصابة ج 336/3. أبو قتادة وعبد اللّه بن عمر يشهدان لمالك بالاسلام : راجع: تاريخ الطبری ج 280/3، عبد اللّه بن سبأ ج 146/1، كنز العمال ج 3 /132 ط 1، وفيات الاعيان لابن خلكان ج 66/5، فوات الوفيات ج627/2 تاریخ ط ابن شحنة بهامش الكامل ج 114/11.

و بنى بها الناكح و هي في العدة حرمت عليه مؤبداً، و لو فرضنا ان خالداً اعتبرها سبية، فالسبية لا يحل وطؤها الا بعد الاستبراء الشرعي، ولا استبراء هنا وانما قتل زوجها ووطئها في تلك الحال.

قال هيكل: على ان عمر لم يتزحزح عن رأيه فيما صنع خالد، فلما توفي أبوبكر و بويع عمر خليفة له، كان أول ما صنع أن أرسل الى الشام ينعي أبا بكر، وبعث مع البريد الذي حمل النعي رسالة يعزل بها خالداً عن امارة الجيش.

قال الاستاذ هيكل: اجماع المؤرخين منعقد على أن عمر بقي متأثراً برأيه في موقف خالد من مقتل مالك بن نويرة وزواجه امرأته وان هذا الرأي له أثره من بعد في عزل خالد.

عجب وای عجب

ان من أعجب الامور وأغربها، أن تذهب في عهد أبي بكر، تلك الدماء. و هاتيك الاعراض و الأموال هدراً، و أن تستباح تلك الحرمات، وتعطل حدودها الشرعية، حتى يعزل خالد عن تلك الامارة، ولم ينقص شيء من صلاحياتها الواسعة، واستمر ماضياً فيها غلوائه حتى توفي الخليفة، فعزله الخليفة الثاني بمجرد تبوله الخلافة.

و ان رأي أبي بكر في الجناة يوم البطاح، لمن أوائل الاراء المخالفة لنصوص الكتاب والسنة، قدم رأيه في المصلحة على التعبّد بها (1).

ص: 126


1- ولاجل المزيد من الاطلاع على ذلك راجع : الغدير للاميني ج158/7 - 169، مقدمة مرآة العقول ج 64/1 .

بیان الرای

مثل الاستاذ هيكل «في كتابه الصديق» رأي أبي بكر وحجته فيه قال: أما أبو بكر، فكان يرى الموقف، أخطر من أن يقام فيه لمثل هذه الأمور وزن (1) قال : وما قتل رجل، أو طائفة من الرجال، لخطأ في التأويل أو لغير خطأ، والخطر محيط بالدولة كلها، والثورة ناشبة في بلاد العرب من أقصاها الى أقصاها (2).

قال : وهذا القائد الذي يتهم بأنه أخطأ (3) من أعظم القوى التي يدفع

ص: 127


1- لا تخفى المبالغة فى هذه الكلمة، على ان الموقف كان خطراً، وخطراً الى الغاية، لكن لا يترك الميسور فيه تبعاً للمعسور، وكان الميسور يومئذ فى أقل الفروض، عزل خالد وتولية غيره من الاكفاء كعمر أو أبي عبيدة أو معاذ بن جبل أوسعد أو غيرهم وتأجيل محاكمة خالد الى أول أزمنة الامكان والحكم عليه حينئذ بما تقتضيه النصوص الشرعية (منه قدس).
2- وهذا الكلام لا يخلو من المبالغة أيضاً، وقوله فيه لخطأ في التأويل أو غير خطأ، لا يخلو من تخليط وتغليط فان اسلام مالك اذ قتله خالد، مما لا يرتاب فيه، خالد ولا أبو بكر، وان البناء بزوجة مالك، وهى فى العدة، لمما يستوجب الرجم باجماع المسلمين، وهذا هو الذى تأهب له عمر لو قدر عليه، ولا يخفى ما في قوله : وما قتل رجل أو طائفة، من الاستخفاف بالقتل، واللّه تعالى يقول : «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا» «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا» (الاية) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا، (منه قدس).
3- لم يكن خالد في الواقع الا قاتل نفس حرم اللّه قتلها، وناكح فرج حرم اللّه نكاحه طلب هذا الحرام فلم يخطئه، بل أصابه مصراً عليه حتى الى ما بعد أن نهاه الخليفة (منه قدس).

بها البلاء ويتّقي بها الخطر (1)

قال : و ما التزوج من امرأة على خلاف تقاليد العرب، بل ما الدخول بها قبل أن يتم اذا وقع ذلك من فاتح غزا فحق له بحكم الغزو أن تكون له سبايا يصحبن ملك يمينه (2).

قال: فان التزمنا في تطبيق التشريع، لا يجب أن يتناول النوابغ والعظماء من أمثال خالد (3) قال : وبخاصة اذا كان ذلك يضر بالدواسة أو يعرضها للخطر (4).

ص: 128


1- كان من الامكان أن يستبدل بمن يسد فراغه ويقوم مقامه، كواحد ممن ذکر ناهم (منه قدس).
2- هذا الكلام وسابقه ولاحقه، مما أربا باستاذنا الكبير هيكل عنه، فضلا عن أبي بكر الصديق، وما أظن بالاستاذانه ممن يستخف بالفروج فيقول: وما التزوج من امرأة الى آخر كلامه. ولا أظنه يبيح لكل فاتح غزا ما قد أباحه في هذه العبارة لخالد. فانه ممن لا يخفى عليهم ان هذا انماقد يباح للغازى المسلم اذا فتح بلاد المحاربين للمسلمين الكافرين برب العالمين، ولم يكن مالك وقومه الا من المؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالاخرة يوقنون، وانما تريث مستهل خلافة أبي بكر في النزول على حكمه حتى يتجلى له الحق فيها (منه قدس).
3- صدور هذه الكلمة من أمثال استاذنا هيكل عجيب غريب. وما عشت أراك الدهر عجباً، وأن تعجب فعجب قول هيكل بلسان أبى بكر الصديق ان الحدود الشرعية لا يجب أن تتناول النوابغ من أمثال خالد، وانه ليعلم ان اللّه عز وجل، خلق الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدا حبشياً والنارخلقها لمن عصاه ولو كان سيداً.فرشياً. وان ليس بين اللّه وبين أحد من خلقه هوادة فيحابيه، والناس كلهم عنده سواء، فالعزيز ذليل حتى يؤخذ الحق منه، ويقام الحد عليه، والذليل عزيز حتى يؤخذ له بحقه (منه قدس).
4- اذا كان فى اقامة الحدود الشرعية تعريض الخطر، وجب تأجيل اقامتها حتى يزول الخطر، لكن، لم نر الخليفة مؤجلا اقامتها ولا منتظراً في سبيل ذلك زوال الخطر ليقيمها، وانما كان عافياً عن تلك الخطايا،غافراً لتلك الجنايات راضياً كل الرضامن اولئك الجناة (منه قدس).

قال : ولقد كان المسلمون في حاجة الى سيف خالد، وكانوا في حاجة اليه يوم استدعاه أبو بكر وعنفه، أكثر من حاجتهم اليه من قبل، فقد كان مسيلمة باليمامة على مقربة من البطاح في أربعين الفأ من بني حنيفة، وكانت ثورته في الاسلام والمسلمين أعنف ثورة (1) فمن أجل مقتل مالك بن نويرة أم من أجل ليلى الجميلة التي فتنت خالداً، و تتعرض جيوش المسلمين لتغلب مسيلمة عليها (2) ؟؟ ويتعرض دين اللّه لما يمكن أن يتعرض له، ان خالداً آية اللّه، سيفه سيف اللّه، فلتكن سياسة أبي بكر حين استدعاه اليه أن يكتفي بتعنيفه (3) وأن يأمره في الوقت نفسه بالمسير الى اليمامة ولقاء مسيلمة (4).

قال هيكل : ولعل أبو بكر انما أصدر أمره الى خالد يومئذ بالمسير للقاء مسيلمة، ليرى اهل المدينة «ومن كان على رأي عمر منهم خاصة». ان خالداً

ص: 129


1- تكرر هذا المعنى من الاستاذ. وتكرر الجواب منا عنه والان نعود فنقول : كان في الامكان استبداله. بقائد ممن هم أمثاله ولو فرض انحصار الامر به فهل تبطل حدود اللّه بذلك ؟ كلا بل تؤجل، واذا فما الوجه في تعطيلها بالمرة، حتى كأن لم يكن هناك جناة ولم تكن جنايات !! (منه قدس).
2- نعم يعزل ويقتل فوراً بحكم اللّه عز وجل على القاتل بالقتل والزاني المحصن بالرجم فاذا كان في تعجيل اقامة الحد عليه خطر، تؤجل الحدود الى أن يزول الخطر ولا يجوز الغاؤها اجماعاً وقولا واحدا (منه قدس).
3- لكن اللّه عز وجل ام يكتف بذلك، والنصوص صريحة بالقتل والرجم. لكن أبا بكر الصديق تأولها فقدم فى مقام العمل رأيه عليها وبهذا كانت من موارد موضوعنا» الاجتهاد مقابل النص» (منه قدس).
4- ولاجل معرفة بطلان هذه الاراجيف راجع : الغدير الاميني ج161/7- 169.

رجل الملمات، وانه قذف به «حين أصدر اليه هذا الأمر» الى جحيم امّا يبتلعه و يقضي عليه، فيكون ذلك خير عقاب له على ما صنع بأم تميم ليلى وزوجها مالك (1) وأما يصهره النصر فيه ويطهره (2) فيخرج مظفراً غانماً قد سكن من المسلمين روعاً لا تعد فعلته بالبطاح شيئاً مذكوراً الى جانيه.

قال : وقد صهرت اليمامة خالداً وطهرته (3) وان تزوج في أعقابها بنتاً كما فعل مع ليلى ولما تجف دماء المسلمين ولادماء أتباع مسيلمة، ولقد عنفه أبو بكر على فعلته هذه، بأشد مما عنفه على فعلته مع ليلى (4)... الى آخر... کلامه (5).

ص: 130


1- انظر معى وامعن فيما يقوله هذا الاستاذ الكبير بلسان الصديق، فهل تراهما يجهلان ان عقاب المحصن اذا زنى واجب على الحاكم الشرعي، وان عقابه انما هو الرجم خاصة، لا القاؤه في جحيم اليمامة أو غيرها، وانه لاتصهره ولاتطهره اليمامة وأهوالها، وانما تطهره التوبة والعمل الصالح بدليل قوله في سورة الفرقان «الَّا مَنْ تَابَ وَ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً» (منه قدس).
2- انما يصهر المذنبين ويطهرهم، الرجوع الى اللّه تعالى، بالانابة والتوبة والندم والعمل الصالح مخلصين اللّه تعالى وحده بذلك (منه قدس).
3- انا لترباً بالاستاذ عن مثل هذه الاساليب فانها بالحرص أشبه، وقد ثبت الحد والقود على خالد، فاليمامة وجحيمها لا ينسخان الحكم المبرم في كتاب اللّه عز وجل وسنة نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فان تعذر التعجيل في اقامة الحد وجب على الحاكم تنفيذه في أول أزمنة الامكان (منه قدس).
4- لعل هذه البنت كانت ذات بعل فنزا عليها، ولذلك عنفه أبو بكر على فعلته معها الى أكثر مما عنفه على فعلته مع زوجة مالك ولو لم تكن محصنة ولم تكن من محارمه لكانت الزيادة من أبي بكر في تعنيفه في غير محلها، بل لا وجه حينئذ للتعنيف أصلا (منه قدس).
5- فراجعه فى ص 152 من كتاب الصديق أبو بكر (منه قدس).

وتراه قد اوضح بكل جلاء ما قد كان عليه الخليفة من ايثاره العمل بما تقتضيه المصالح على العمل بما يقتضيه التعبد بالنصوص، وهذا رأي كثير من الفضلاء الازهريين في أبي بكر و عمر، شافهوني به اذا اجتمعت بهم في الازهر سنة 1329 والتي بعدها.

لكن عمر وان اغرق نزعاً في تأويل النصوص لم يوافق أبا بكر في عفوه عن خالد كما سمعته مفصلا. وقد اعلن الاستاذ هيكل رأي عمر بتفصيل فقال أما عمر، وكان مثال العدل الصارم فكان يرى ان خالداً عدا على امريء مسلم ونزا على امرأته قبل انقضاء عدتها فلا يصح بقاؤه في قيادة الجيش حتى لا يعود لمثلها فيفسد أمر المسلمين ويسيء الى مكانتهم بين العرب قال : ولا يصح ان يترك بغير عقاب على ما اثم مع ليلى، ولو صح انه تأول فأخطأ في امر مالك، وهذا ما لايجيزه عمر، وحسبه ما صنع مع زوجته ليقام عليه الحد، وليس ينهض عذراً له أنه سيف اللّه، وانه القائد الذي يسير النصر في ركابه، فلو ان مثل هذا العذر يقبل، لا بيحت لخالد وأمثاله المحارم، ولكان ذلك اسوأ مثل يضرب للمسلمين في احترام كتاب اللّه، لذلك لم يفتأ عمر يعيد على ابي بكر، ويلح عليه، حتى استدعى خالداً وعنفه.. هذا كلام الاستاذ هيكل بعين لفظه في ص 151 من كتابه «الصديق ابو بكر» تحت عنوان رأي عمر وحجّته في الامر.

بعض الانصاف

ان الاستاذ العقاد، بعد أن ذكر الاقوال المتضاربة حول مقتل مالك دفاعاً

ص: 131

عن خالد، قال (1) : وحسبنا من هذه الاقوال جميعاً، أن نقف منها على الثابت الذي لانزاع فيه، ان وجوب القتل لم يكن صريحاً قاطعاً في أمر مالك بن نويرة (2) وان مالكاً كان احق بارساله الى الخليفة من زعماء فزارة وغيرهم، الذين أرسلهم خالد بعد وقعة البزاخة، وان خالداً تزوج امرأة مالك وتعلق بها وأخذها معه الى اليمامة بعد لقاء الخليفة (3).

قال : وأوجب ما يوجبه الحق علينا، بعد ثبوت هذا كله، أن نقول: ان وقعة البطاح صفحة في تاريخ خالد، كان خيراً له (4) وأجمل لو أنها حذفت ولم تكتب على قول من جميع تلك الاقوال... الى آخر كلامه

ص: 132


1- فى ص 134 من عبقرية خالد (منه قدس).
2- بل كانت حرمة قتله فى غاية الصراحة والقطع، وكانت من الكبائر الموبقة الموجبة للقصاص الشرعى، لان اسلام مالك مما لاريب فيه لكل منصف ألم بوقعة البطاح على حقيقتها وعرف السر في ثورة عمر، وأبي قتادة، وأهل المدينة بكنهها، وقد كان آخر ما تكلم به مالك فى حياته اني على الاسلام على أن الشيخين عمر وأبا بكر اتفقا على موته مسلماً، وذلك ان عمر اذ قال للخليفة : ان خالداً قد زني فارجمه قال الخليفة: ما كنت لارجمه فانه تأول فأخطأ قال عمر : انه قتل مسلماً فاقتله به. فلم يقل له : انه قتل مرتداً. وانما قال : ما كنت لا قتله به فانه تأول فأخطأ. وهذا اعتراف منه باسلام مالك. والذلك وداه من بيت مال المسلمين، واعتبر السبايا و الاسرى من آله أحراراً فخلى سبيلهم، ولم يقر خالداً على سبيهم (منه قدس).
3- هب ان خالداً اذ وطى امرأة ما لك متأولا فما عذره في تعلقه بها ولا سيما بعد لقاء الخليفة، وما عذر الخليفة فى ابقائه عليه بعد أخذها معه الى اليمامة يسافحها وهو محصن (منه قدس).
4- بل كان خيراً للخليفة أولا وله ثانياً (منه قدس).

ختام الكلام فى هذا المقام

نختم كلامنا في في هذا الموضوع بالاشارة الى من كتب في مالك، من حيث مكانته في العروبة والاسلام، ومن حيث ما مني به وقومه يوم البطاح. وحسبنا من ذلك تاريخ الامم والملوك لمحمد بن جرير الطبري، وجمهرة النسب لابن الكلبي، والكامل لابن الأثير (1)، وكتاب الردة والفتوح لسيف بن عمر (2)، وكتاب الموفقيات للزبير بن بكار، وكتاب الاغاني

ص: 133


1- تاريخ الطبرى ج 276/3 - 280 وقد خلط فيه الحابل بالنابل والغث بالسمين، الكامل ج357/2 - 360 وهذا كسابقه، جمهرة النسب للكلبي.
2- کتاب الفتوح والردة لسيف بن عمر التميمي المتوفى بعد 170ه وهذا الكتاب قد أخذ عنه جملة من علماء التأريخ 1 – الطبرى. المتوفى الطبرى المتوفى 310 ه_ في تاريخه 2 - ابن عساکر (ت571) في تاريخ دمشق 3 - ابن أبي بكر (ت741ه) في كتاب (التمهيد والبيان فى مقتل الشهيد عثمان) 4 - الذهبي (ت 748) في كتابه تاريخ الاسلام وغيرهم عنهم، حتى انتشرت رواياته فى التاريخ الاسلامي. و (سيف بن عمر) هذا من ضعفاء الحديث بل من الزنادقة والمختلقين للاحاديث والاسانيد والبقاع والحوادث. قيمة أحاديث سيف، ورأي العلماء فيه : قال يحيى بن معين (ت 233) : «ضعيف الحديث فلس خير منه» يعني سيف بن عمر. وقال النسائى صاحب الصحيح (ت303) «ضعيف متروك الحديث ليس بثقة ولا مأمون». وقال أبو داود (ت 316 ه) «ليس بشيء كذاب». وقال ابن أبي حاتم (ت327ه) «متروك الحديث». وقال ابن السكن (ت353ه-) : «ضعیف» وقال ابن عدی (ت 365ه) : «ضعيف بعض أحاديثه مشهورة وعامتها منكرة لم يتابع عليها». وقال ابن حبان (ت354ه) : «يروى الموضوعات عن الاثبات، اتهم بالزندقة». وقال : «قالوا كان يضعف الحديث». وقال الحاكم (ت 405ه) «متروك انهم بالزندقة». وغيرهم من العلماء الذين نصوا على زندقته ووضعه واختلاقه للاحاديث راجع ذلك : في ميزان الاعتدال للذهبي ج 2/ 200، آفة أصحاب الحديث لابي الفرج عبد الرحمن بن الجوزى الحنبلى المتوفى 597ه ص 85 و 89 و 91، عبد اللّه سبأ للعسكري ج 1 / 62 - 63، خمسون ومائة صحابي مختلق ج 1 و ج 2 وبعد أن نقل الطبرى وغيره من المتقدمين عن سيف من الروايات انشترت في أكثر المصادر الاسلاميه ان لم يكن كلها واختلط الغث بالسمين والحابل بالنابل وانتشرت من الخرافات والمختلقات ولاجل المزيد من ذلك : راجع : كتاب عبداللّه بن سبأ للسيد مرتضى العسكرى ج 1 و 2 وكتاب خمسون ومائة صحابي مختلق للسيد العسكرى أيضاً ج 1 و 2.

لابي فرج الأصبهاني وكتاب الدلائل لثابت بن قاسم، ونزهة المناظر لابن الشحنة، والمختصر لأبي الفداء، وما هو في احوال عمر، من المجلد الأول من شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد المعتزلي، وغيرها من كتب السير والمعاجم في التراجم (1).

وهاك الان ما ذكره القاضي ابن خلكان «في ترجمة وثيمة بن موسى بن الفرات الوشاء الفارسي من وفيات الاعيان نقلا عن كتابي وثيمة والواقدي» اذ قال : كان مالك بن نويرة رجلا سرياً نبيلا يردف الملوك. قال : وللردافة موضعان، أحدهما أن يردفه الملك على دابته في صيد او غيره من مواضع الانس والموضع الثاني انبل وهو أن يردف الملك اذا قام عن مجلس الحكم فينظر ما بين الناس بعده. قال : و هو الذي يضرب به المثل، فيقال مرعی ولا كسعدان، وماء ولاكصداء وفتى ولا كمالك. قال : وكان فارساً شاعراً

ص: 134


1- تلخيص الشافي للطوسي ج 3 / 188 - 195، المختصر لأبي الفداء ج 1/ 158، نزهة الناظر لابن الشحنة، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 / 179.

مطاعاً في قومه، وكان فيه خيلاء وتقدم، وكان ذا لمة كبيرة، وكان يقال له الجفول (1). قال : وقدم على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيمن قدم من العرب فأسلم فولاه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صدقات قومه.. الى آخر ما روي عنه وعن موقفه مع خالد بن الوليد يوم البطاح وانهما تجاولا في الكلام طويلا فقال له خالد: اني قاتلك. قال مالك : أو بذلك امرك صاحبك ؟. - يعني ابابكر - قال واللّه لاقتلنك وكان عبداللّه ابن عمر وأبو قتادة اذ ذاك حاضرين، فكلما خالداً في امره فكره كلامهما فقال مالك : يا خالد ابعثنا الى ابي بكر فيكون هو الذي يحكم فينا فقد بعثت اليه غيرنا ممن جرمه اكبر من جرمنا فقال خالد : لا أقالني اللّه ان لم اقتلك. و تقدم الى ضرار بن الازور بضرب عنقه. فالتفت مالك الى زوجته أم تميم و قال لخالد. هذه التي قتلتني. قال ابن خلكان : وكانت في غاية الجمال. فقال له خالد : بل اللّه قتلك برجوعك عن الاسلام فقال مالك : اني على الاسلام. فقال خالد ياضرار اضرب عنقه. قال فضرب عنقه وجعلى رأسه اثفية لقدر. قال : قال ابن الكلبي في جمهرة النسب : قتل مالك يوم البطاح وقبض خالد امرأته فتزوجها، وفي ذلك يقول ابوزهير السعدي : ألا قل لحى اوطئوا بالسنابك (2).

قلت وذكر الابيات الستّة الانفة الذكر.

ثم ذكر ابن خلكان بعد هذا ثورة عمر على خالد وقوله لابي بكر : انّ خالداً قد زنى فأرجمه. قال : ما كنت لارجمه فأنّه تأول فأخطأ. قال : انه

ص: 135


1- الجفول هو ذو النجدة والحفائظ والغيرة الممسك بعنان فرسه في سبيل ذلك سمع بهيعة طار اليها (منه قدس).
2- وفيات الاعيان لابن خلكان ترجمة وثيمة ج 13/6 - 15 وقد ترك المصنف بعض الحديث.

قتل رجلا مسلماً فاقتله به. فقال : ما كنت لاقتله به فانه تأول فأخطأ. قال : فاعزله. قال : ما كنت لاشيم سيفاً سله اللّه عليهم. واسترسل ابن خلكان فيما هو حول هذه القضية فذكر وقوف متمم بن نويرة بحذاء ابي بكر، متكئاً على سية قوسه ينشد قوله :

نعم القتيل اذا الرياح تناوحت***خلت البيوت قتلت يا ابن الازور

أدعوته باللّه ثم غدرته***لو هو دعاك بذمة لم يغدر

قال : وأوماً الى ابي بكر، فقال ابوبكر : فواللّه ما دعوته ولا غدرته. ثم أنشد :

ولنعم حشو الدرع كان وحاسراً***ولنعم مأوى الطارق المتنور

لا يمسك الفحشاء تحت ثيابه***حلو شمائله عفيف المئزر

ثم بكى وانحط عن سية قوسه (1).

الى آخر ما في وفيات الاعيان من هذا الموضوع. وقد ذكر من شجاعة مالك وحفيظته وسخائه ومكانته ما يجدر بالباحثين أن يقفوا عليه.

وممن ذكر مالكاً من اهل المعاجم واثبات السير والاخبار، ابوالفضل احمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني في القسم الأول من الاصابة في تمييز الصحابة (2).

فقال: (مالك) ابن نويرة بن حمزة بن شداد بن عبد بن ثعلبة بن يربوع التميمي اليربوعي يكنى أبا حنظلة ويلقب بالجفول

ص: 136


1- وفيات الاعيان ج 15/6، المختصر لابی الفداء ج1 / 158.
2- وذكره الطبرى في معجمه فقال - كما في ترجمة متهم من الاستيعاب - : مالك بن نويرة بن حمزة التميمي بعثه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على صدقة بنى بريوع وكان قد أسلم هو وأخوه متمم.. الخ (منه قدس).

(قال) قال المرزباني كان شاعراً شريفاً فارساً معدوداً في فرسان بني يربوع في الجاهلية واشرافهم وكان من - ارداف الملوك وكان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - الصدقة (1) استعمله على صدقات قومه فلما بلغته وفاة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) امسك عن وقال في ذلك :

فقلت خذوا اموالكم غير خائف***ولا ناظر فيما يجيء من الغد (2)

فان قام بالدين المخوف قائم***اطعنا (3) وقلنا الدين دين محمد

ص: 137


1- قلت : أمسك أخذها من قومه بعد لحاقه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالرفيق عن الاعلى تورعاً منه واحتياطاً وكان ينتظر من يثبت لديه قيامه شرعاً مقام رسول اللّه لينزل على حكمه في الصدقة وغيرها كما يدل عليه شعره الذي ستسمعه الان فامعن به وبما سنعلقه عليه (منه قدس).
2- انما فرقها فى الفقراء والمساكين من قومه لانه قبضها منهم وله الولاية عليها من رسول اللّه وكان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حينئذ حياً، وبذلك رأى ان له التصرف بها فوضعها مواضعها الشرعية. وكان معروفاً بالعاطفة على اليتامى والارامل والمساكين يدل على ذلك قول معاصره في رثائه وقد مر عليك آنفاً في الاصل : فمن لليتامى والارامل بعده***ومن للرجال المعدمين الصعالك أراد بهذا البيت انه لم يقترف فى أموالهم (حيث جمها منهم ولا حيث فرقها فيهم) خيانة يخشاها ولاائماً يخافه في غده اذا بعث (منه قدس).
3- أورد الامام العقلاني هذا البيت بلفظ أطعنا ونقله بهذا اللفظ عن ابن سعد عن الواقدى كما تراه في ترجمة مالك بن نويرة من الاصابة طبع سنة 1328 وفي هامشها كتاب الاستيعاب لابن عبد البر وأورده بلفظ أطعنا علم الهدى الشريف المرتضى في كتابه (الشافي) مع ابيات أخر لما لك استدل بها على انه حين بلغه وفاة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمسك عن أخذ الصدقة من قومه قائلا لهم : تربصوا حتى يقوم قائم بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و تنظر ما يكون من أمره قال : وصرح مالك بذلك في شعره حيث يقول : وقال رجال سدد اليوم ما لك***وقال رجال مالك لم يسدد فقلت دعوني لا أباً لا بيكم***فلم أخط رأياً في المقام ولا الندى وقلت خذوا أموالكم غير خائف***ولا ناظر فيما يجيء من الغد فدونكموها انما هي مالكم***مصورة أخلاقها لم تجدد سأجعل نفسي دون ما تحذرونه***وأرهنكم حقاً بما قلته يدى فان قام بالامر المجدد قائم***أطعنا وقلنا الدين دين محمد لكن الاستاذين هيكل في كتاب الصديق أبو بكر، والعقاد في عبقرية خالد أوردا البيت بلفظ (منعنا) وأظن أنهما رويا البيت من بعض المتحاملين على مالك المتعصبين لخالد أو للصديق وعلى كلا الروايتين في البيت ما يوجب ردة ولادوتها، أما على فرض قوله أطعنا فواضح وأما على فرض منعنا (وما أظن له صحة) فلان الدين دين محمد وقد ولاه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على صدقات قومه ولم يعزله، ولم تثبت له خلافة القائم مقامه لينزل على حكمه. فهو متريث باحث بكل مالديه من جهود عمن له الامر بعد محمد شرعاً لينزل على حكمه وقد طلب من خالد أن يرسله الى أبي بكر ليبحث معه عن هذه المهمة فأبى الا قتله (منه قدس). راجع: الاصابة لابن حجر ج336/3 ط مصطفى محمد، تلخيص الشافي للطوسي ج 3/ 192، معجم الشعراء للمرزباني ص 260.

فقتل صبراً هو وأصحابه، ومثل به وبرأسه بعد القتل، ووطئت زوجته، وعطلت في ذلك كله حدود اللّه، وانتهكت حرماته، و العذر في ذلك كله انهم تأولوا فأخطأوا، فانا للّه وانا اليه راجعون.

منع كتابة العلم عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

المورد - (14) - :

في منع كتابة العلم عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وذلك ان الحاكم اخرج في

ص: 138

تاريخه بالاسناد الى أبي بكر عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «من كتب عليّ علماً أو حديثاً لم يزل يكتب له الاجر ما بقي ذلك العلم أو الحديث» (1) ومع ذلك لم يدون ايام ابي بكر وعمر شيء من السنن.

وقد كان أبو بكر اجمع ايام خلافته على تدوين الحديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وسلم فجمع خمسمائة حديث فيات ليلته يتقلب كثيراً، قالت عائشة : فغمني تقلبه، فلما اصبح قال لي أي بنية هلمي الاحاديث التي عندك فجئته بها فأحرقها... (الحديث) (2).

ص: 139


1- كل ماروت الامة عن أبى بكر من حديث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انما هو مائة واثنان وأربعون حديثاً، وقد أوردها الحافظ السيوطي في فصل خاص بها في أحوال أبي بكر من كتابه - تاريخ الخلفاء - فكان هذا الحديث هو الحديث التاسع والثمانين منها، وربما أيدوا مضمونه بما رووه عن كل من أمير المؤمنين على بن أبي طالب وعبد اللّه بن عمر وعبد اللّه بن مسعود وأبي سعيد الخدري وأبي الدرداء وأنس بن مالك ومعاذ بن جبل وأبى هريرة من طرق كثيرة متنوعة أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : من حفظ على امتى أربعين حديثاً بعثه اللّه يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء، وفي رواية : بعثه اللّه فقيهاً عالماً، وفي رواية أبي الدرداء. كنت له يوم القيامة شاهداً وشفيعاً. وفي رواية ابن مسعود قيل له : ادخل من أى أبواب الجنة شئت وفي رواية ابن عمر : كتب في زمرة العلماء وحشر في زمرة الشهداء. وربما أيدوه أيضاً بقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ليبلغ الشاهد منكم الغائب. وبقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نضر اللّه امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها (منه قدس). تاريخ الخلفاء للسيوطى ص.
2- أخرجه عماد الدين بن كثير فى مسند الصديق عن الحاكم أبي عبد اللّه النيسابورى ورواه القاضي أبو أمية الأحوص بن المفضل الغلابى وهو الحديث 4845 في ص 237 من الجزء الخامس من كنز العمال (منه قدس). كنز العمال ج 10 / 285 ح 29460 ط 2، تذكرة الحفاظ ج 5/1، وقد أحرقها عمر بن الخطاب أيضا : راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ج 188/5، مقدمة الدارمي ص126.

وعن الزهري عن عروةان عمر بن الخطاب اراد ان يكتب السنن فاستفتى اصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأشاروا عليه ان يكتبها فطفق عمر يستخير اللّه فيها شهراً، ثم اصبح يوماً [ وقد عزم اللّه له ] فقال : اني كنت اريد ان اكتب السنن، واني ذكرت قوماً قبلكم كتبوا كتباً فأكبوا عليها وتركوا كتاب اللّه، واني واللّه ولا اشوب كتاب اللّه بشيء ابدأ (1).

وعن ابي وهب قال سمعت مالكاً يحدث ان عمر بن الخطاب اراد أن يكتب هذه الاحاديث أو كتبها، ثم قال : لاكتاب مع كتاب اللّه (2).

وعن يحيى بن جعدة قال اراد عمر ان يكتب السنة، ثم بدا له ان لا يكتبها،

ص: 140


1- هذا هو الحديث 4860 من أحاديث الكنز ص 239 من جزئه الخامس وأخرجه ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم وفضله فراجع من مختصره ص33. وأخرجه ابن سعد أيضاً من طريق الزهرى كما في ص 239 من الجزء الخامس من الكنز (منه قدس). عمر يمنع كتابة العلم والحديث : راجع : تنوير الحوالك شرح موطأ مالك ج 4/1 ط الحلبي، الامام الصادق والمذاهب الاربعة ج 543/4 ط بيروت، جامع أحاديث الشيعة ج 2/1 - 3، كنز العمال 291/10 ح 2974، جامع بيان العلم وفضله لا بن عبد البر ج77/1، الغدير للاميني ج297/6، الطبقات لابن سعد ج 188/5، مقدمة الدارمي ص 126، مقدمة مرآة العقول 29، أضواء على السنة المحمدية ص 47.
2- وهذا هو الحديث 4861 فى الصفحة المتقدمة الذكر من الكنز. ورواه ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم وفضله فراجع من مختصره ص32 (منه قدس). جامع بیان العلم وفضله لابن عبد البر ج 77/1، كنز العمال ج 292/10 ح 29475.

ثم كتب في الامصار : من كان عنده شيء فليمحه (1).

وعن القاسم بن محمد بن ابي بكر قال : ان الاحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب فأنشد الناس ان يأتوه بها فلما اتوه بها امر بتحريقها...(الحديث) (2).

وعن ابن عمر ان عمر اراد أن يكتب السير (السنن خ ل) فاستخار اللّه شهراً فأصبح وقد عزم له، ثم قال: اني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتاباً فأقبلوا عليه وتركوا كتاب اللّه (3).

وفي ايام عمر جاء رجل من اصحابه فقال : يا امير المؤمنين انا لما فتحنا المدائن اصبنا كتباً فيها من علوم الفرس وكلام معجب. قال : فدعا بالدرة فجعل يضربها بها حتى تمزقت، ثم قرأ : نحن نقص عليك احسن، ويقول : ويلك اقصص احسن من كتاب اللّه ؟.. (الحديث) (4).

ص: 141


1- أخرجه ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم وفضله. ورواه ابن خيثمة وهو الحديث 4862 في الصفحة المتقدمة الذكر من الكنز (منه قدس). وراجع جامع بيان العلم وفضله لا بن عبد البر ج 1 / 87، کنزا اعمال ج292/10 ح 29476.
2- أخرجه ابن سعد في ترجمة المقاسم بن محمد بن أبي بكر ص 140 من الجزء الخامس من طبقاته (منه قدس). وراجع: الطبقات لابن سعد ج 188/5 ط بيروت في ترجمة القاسم بن محمد بن أبي بكر، تقييد العلم للبغدادى ص 52، أضواء على السنة المحمدية ص 47.
3- أخرجه السافي في الطيوريات بسند صحيح. ونقله السيوطى في أخبار عمر وقضاياه من كتابه تاريخ الخلفاء (منه قدس). وراجع : كنز العمال ج 293/10 ح 29480.
4- أخرجه أصحاب السنن. وأورده ابن أبي الحديد في أحوال عمر ص 122 من المجلد الثالث من شرح النهج. وقد كان الواجب هنا من حق هذه الكتب وحق الامة أن يأمر الخليفة بتمحيصها فيخص بالتمزيق مالافائدة به أما ذو القائدة كعلم الطب والعلوم الرياضية وعلم طبقات الارض - الجلوجيا - والجغرافيا والعلم بأخبار الماضين من الامم الماضية والقرون الخالية وما أشبه ذلك مما يبيحه الاسلام فلاوجه لتمزيقه. وقد قال أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) العلم ضالة المؤمن فخذوه ولو من المشركين... (الحديث). وقال : الحكمة ضالة المؤمن يطلبها ولو من أيدى الشرط. روى هذين القولين عن على (عَلَيهِ السَّلَامُ) أبو عمر ابن عبد البر في باب الحال التي تنال به العلم من كتابه - جامع بيان العلم وفضله - فراجع ص 51 من مختصره (منه قدس). وراجع الغدير للاميني ج 297/6 - 298، کنز العمال ج 292/10 ح29479، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 101/12 ط أبو الفضل.

والاخبار متواترة في منعه الناس عن تدوين العلم، وردعه اياهم عن جمع السنن والآثار، وربما حظر عليهم الحديث عن رسول اللّه مطلقاً، وحبس اعلامهم في المدينة الطيبة لكيلا يذيعوا الاحاديث في الافاق (1).

ولا يخفى ماقد ترتب على هذا من المفاسد التي لا تتلافى أبداً، فليت الخليفتين

ص: 142


1- فمنهم عبد الرحمن بن عوف. قال : واللّه ما مات عمر حتى بعث الى أصحاب رسول اللّه فجمعهم من الافاق : عبد اللّه بن حذيفة وأبي الدرداء وأبي ذر وعقبة بن عامر فقال : ما هذه الاحاديث التي قد أفشيتم عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الافاق، قالوا: تنهانا قال : لا. أقيموا عندى، لا واللّه لا تفارقوني ماعشت.. (الحديث)، أخرجه ابن اسحاق وهو الحديث 4865 ص 239 من الجزء الخامس من الكنز (منه قدس). وراجع الغدير للاميني ج 294/6 - 297، سنن الدارمی ج1 /، سنن ابن ماجة ج 1، مستدرك الحاكم ج 1 / 102 و 110، جامع بيان العلم ج 147/2 وما بعدها تذكرة الحفاظ للذهبي ج 4/1 79، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 61/4، مقدمة مرآة العقول ج 1 / 29، تاریخ ابن كثير ج 107/8، تذكرة الحفاظ للذهبي ج1 / 3، تاريخ التشريع الاسلامي للخضرى ج 7/1 و 123، تمهيد لتاريخ الفلسفة الاسلامية ص 161، أضواء على السنة المحمدية ص 53.

143

صبرا نفسيهما مع علي بن أبي طالب (1) وسائر الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه من آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والخيرة من أصحابه فيحبساهم على جمع السنن والآثار النبوية وتدوينها في كتاب خاص يرثه عنهم من جاء بعدهم من التابعين فتابعيهم في كل خلف من هذة الامة، شأن الذكر الحكيم والفرقان العظيم، فان في السنة ما يوضح متشابه القرآن ويبين مجمله، ويخصص عامه ويقيد مطلقه، ويوقف اولي الالباب على كنهه، فيحفظها حفظه، وبضياعها ضياع لكثير من أحكامه، فما كان أولاها بعناية الخليفتين واستفراغ وسعهما في ضبطها وتدوينها، واوفعلا ذلك لعصما الامة والسنة من معرة الكاذبين بما افتأتوه على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، اذ لو كانت السنن مدونة من ذلك العصر في كتاب تقدسه الامة لارتج على الكذابين باب الوضع، وحيث فاتهما ذلك كثرت الكذابة على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولعبت في الحديث أيدي السياسة، وعاثت به السنة الدعاية الكاذبة، ولاسيما على عهد معاوية وفئته الباغية، حيث سادت فوضى الدجاجيل، وراج سوق الاباطيل (2).

ص: 143


1- تقدم أمير المؤمنين على بن أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وشيعته في تدوين علوم الاسلام راجع : كتاب تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام للسيد حسن الصدر ط في العراق، الشيعة و فنون الاسلام للصدر أيضاً، الامام الصادق و المذاهب الاربعة ج 4 / 546 - 555، المراجعات ص 335، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات تحت رقم (970 و 973 الی 1028) طبع ملحقاً بالمراجعات، جامع أحاديث الشيعة ج 7/1 - 11.
2- وضع الاحاديث كذباً على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : راجع : الغدير للاميني ج 297/5 - 375 و ج 87/7 - 114 و 237- 329 و ج 30/8 - 96 و ج218/9 - 396 و ج 67/10 - 137 وج 74/11 - 195، كتاب أبو هريرة للسيد شرف الدين، شيخ المضيرة أبو هريرة للشيخ أبى رية، أضواء على السنة المحمدية لابى رية شرح نهج البلاغة لا بن أبى الحديد ج63/4 64 و 67 و 69 و 73 وج 11 / 44 ج 13/ 219 و 223 ط أبو الفضل، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 173 تحت رقم (614 و 701) ط بیروت.

وقد كان في وسع الخليفتين وأوليائهما أن يكفوا الامة شر هؤلاء بتدوين السنن على نحو ماذكرناه، وما كان ليخفى عليهم رجحان ذلك، ولعلك تعلم أنهم كانوا أعرف منا بلزومه، لكن مطامعهم التي تأهبوا وأعدوا وتعبأوالها، لا تتفق مع كثير من النصوص الصريحة المتوافرة التي لابد من تدوينها لو أبيح التدوين لكونها مما لا يجحد صدوره ولا يكابر في معناه (1) ومن هاهنا أتينا فانا اللّه وانا اليه راجعون.

أما رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقد استودع كلا من الكتاب والسنة ومواريث الأنبياء وصيه ووليه علي بن أبي طالب، وبذلك أحصاها في امام مبين «لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ»، وعهد اليه أن يحصيها فيمن بعده من الائمة (2). وهكذا يكون احصاؤها في أئمة العترة اماماً بعد امام ثقل رسول اللّه واعدال كتاب اللّه لن يفترقا حتى يردا الحوض على رسول اللّه.

وقد صحح عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قوله: «علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا علي الحوض» (3).

ص: 144


1- مثل حديث الغدير المتواتر وغيره من الاحاديث راجع : كتاب المراجعات لشرف الدين، سبيل النجاة في تتمة المراجعات طبع مع المراجعات في بغداد و بيروت عبقات الانوار ط الهند وايران و بيروت دلائل الصدق للمظفر، الغدير للاميني.
2- جامع أحاديث الشيعة ج 1 / 126 - 319، وراجع ما تقدم من حديث الثقلين تحت رقم (15) وحديث السفينة وغيره تحت رقم (16 و 17 و18 و 19).
3- أخرجه الحاكم بالاسناد الصحيح الى ام سلمة عن رسول اللّه في باب مع القرآن على من كتاب معرفة الصحابة ص 124 من الجزء الثالث من المستدرك ثم قال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه قلت : وأورده الذهبي في تلخيصه معترفاً بصحته ومما يجدر بنا أن نلفت القراء هنا الى هذه المعية المقدسة المتبادلة بين القرآن وعلى سبيل الدوام والاستمرار فى كل لحظة حتى يردا على الحوض. والى نفى الافتراق بينهما بلن دون لا وغيرها من أدوات النفى، والى موت على قبل وروده مع القرآن على الحوض بمئات من السنين فكيف والحال هذه يتحقق عدم افتراقهما. «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ۚ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (منه قدس). راجع مصادر الحديث أيضاً في : تلخيص المستدرك للذهبي ج124/3 بذيل المستدرك وصححه، المناقب للخوارزمي ص 110، المعجم الصغير للطبراني ج 1 / 55، كفاية الطالب ص 399 ط الحيدرية وص 254 ط الغرى، مجمع الزوائد ج 9/ 134، الصواعق ص 122 و 124 ط المحمدية وص74 و 75ط الميمنية، تاريخ الخلفاء للسيوطی ص173، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 157 ط السعيدية و 143 ط العثمانية، نور الابصار ص 73، الغدير للامينى ج 180/3، ينابيع المودة للقندوزي ص 40 و 90 و 185 و 237 و 283 و 285 ط اسلامبول و ص 44 و 103 و 219 و 281 و 393 و 342 ط الحيدرية و ج 1 / 138 و 88 و ج 2 / 10 و 61 و 108 و 110 ط صيدا، غاية المرام ص 540 (باب) 45 ط ایران، فيض القدير للشوكاني ج 358/4، الجامع الصغير للسيوطى ج 56/2، احقاق الحق ج 5 / 640، فرائد السمطين ج 1 / 177 ح 140، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 123/3 بالهامش الفتح الكبير للنبهاني ج 242/2، أسنى المطالب للحوت ص 201 898، المناقب لابن مردويه كما في الطرائف لابن طاوس ج 103/1، ولاجل المزيد من المصادر لهذا الحديث راجع : سبيل النجاة فى تتمة المراجعات تحت رقم (716) طبع ملحقا بالمراجعات في بيروت و بغداد.

ما صنعه أبو بكر وعمر عندما أحال لهما النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جماعة من المشركين

المورد - (15) - :

مجيء أناس من المشركين الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مهمة لهم فأحالهم

فيها على صاحبيه ليعتذرا اليهم فكانا شافعين لا معتذرين، وذلك أن أناساً من

ص: 145

المشركين جاؤا اليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقولون «يا محمد انا جيرانك وحلفاؤك، وان ناساً من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين، ولا رغبة في الفقه، وانما فروامن ضياعنا وأموالنا فارددهم الينا. فلم يجبهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى ما أرادوا مخافة أن يفتنوهم عن دينهم، لكنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كره أن يكاشفهم فقال لابي بكر ما تقول يا أبا بكر. أملا بأن يرد، طلبهم. فقال أبو بكر : صدقوا يارسول اللّه فتغير وجه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذ لم يكن جوابه موافقاً لما يريده اللّه ورسوله فسأل عمر أملا بأن يكاشفهم فقال : ما تقول يا عمر فقال : صدقوا یا رسول اللّه انهم لجيرانك وحلفاؤك فتغير وجه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

الحديث أخرجه أحمد من حديث علي (ع) في ص 155 من الجزء الاول من مسنده وأخرجه النسائي في ص 11 من الخصائص العلوية، واليك تمام هذا الحديث بلفظ النسائي، قال: فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): يا معشر قريش واللّه ليبعثن اللّه عليكم رجلا منكم امتحن اللّه قلبه للايمان فيضر بكم على الدين قال أبو بكر - أنا هو يا رسول اللّه. قال : لا. ولكن ذلك الذي يخصف النعل. وقد كان أعطى عليا نعلا يخصفها. انتهى بلفظ النسائي في خصائصه العلوية (1).

ص: 146


1- الرجل الذى أمتحن اللّه قلبه بالايمان : هو الامام أمير المؤمنين على بن ابی طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). وبما ان السيد قد نقل الحديث بغير ما هو موجود في النسخة التي هي بين أيدينا فاليك نص الحديث بلفظ النسائي : عن على (عَلَيهِ السَّلَامُ): قال جاء النبى أناس من قريش فقالوا يا محمد انا جيرانك وحلفائك وان اناساً من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين ولارغبة في الفقه انما فردا من ضياعنا وأموالنا فارددهم الينا، فقال لابي بكر : ما تقول ؟ قال : صدقوا انهم جيرانك وحلفائك. قال : فتغير وجه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثم قال لعمر : ما تقول ؟ قال : صدقوا انهم لجيرانك وحلفائك، فتغير وجه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). فقال : يا معشر قريش، واللّه ليبعثن اللّه عليكم رجلا قد امتحن اللّه قلبه بالايمان فيضر بكم على الدين، فقال أبو بكر : أنا يارسول اللّه قال : لا. قال عمر: أنا يا رسول اللّه، قال : لا، ولكن الذى يخصف النعل، وكان قد أعطى علياً نعله يخصفها». خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 11 ط التقدم و ص 68 ط الحيدرية و ص 19 ط بیروت، مسند أحمد بن حنبل ج 2/ 338 ح 1335 بسند صحيح. مع حذف الاخر ط دار المعارف بمصر، كنز العمال ج 112/15 ح 317 و 434 ط 20. وقريب منه فى : ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 366/2 ح 866 . راجع : بقية اجتهاداته مقابل النص. فى مقدمة مرآة العقول ج 60/1.

ص: 147

الفصل الثانى: تأول عمر وأتباعه

رزية يوم الخميس

المورد - (16) - رزية يوم الخميس.

وقد كانت سنة 11 للّهجرة في مرض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قبيل وفاته (1) (بأبي هو وأمي) بيسير.

الحقيقة الثابتة في هذه الرزية

والحقيقة هنا على سبيل التفصيل: ماقد أخرجه أصحاب الصحاح وسائر أهل المسانيد، وأرسله أهل السير والاخبار ارسال المسلمات.

واليك الان بعض ما أخرجه البخاري (2) بسنده الى عبيد اللّه بن عبد اللّه بن مسعود عن ابن عباس. قال : لما حضر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وفي البيت رجال فيهم عمر

ص: 148


1- وكانت وفاته (بأبي وأمى يوم الاثنين بعد هذه الرزية بأربعة أيام (منه قدس).
2- راجع باب قول المريض : (قوموا عنى) من كتاب المرضى من الجزء الرابع من صحيحه وكتاب العلم من الجزء الأول من الصحيح (منه قدس).

ابن الخطاب. قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «هلم اكتب لكم كتاباً لاتضلوا (1) بعده. فقال عمر: ان النبي قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب اللّه. فاختلف أهل البيت فاختصموا منهم من يقول: قربوا يكتب لكم النبي كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول: ماقال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي قال لهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : قوموا (عني خل) - قال عبيد اللّه بن عبد اللّه بن مسعود - : فكان ابن عباس يقول: ان الرزية كل الرزية ماحال بين رسول اللّه وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم. أه- بنصه (2).

وهذا الحديث أخرجه مسلم في آخر الوصايا أوائل الجزء الثاني من صحيحه. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده من حديث ابن عباس (3) وسائر

ص: 149


1- بحذف النون مجزوماً لكونه جواباً ثانياً لقوله (هلم) (منه قدس).
2- الرزية كل الرزية : راجع : صحيح البخارى ك المرضى ب قول المريض قوموا عنى ج9/7 أفست دار الفكر على ط استانبول و ج 156/7 ط محمد على صبيح بمصر و طبع مطابع الشعب وج 7/4 ط دار احياء الكتب وج 4 / 5 ط المعاهد وج 4 / 5 ط الميمنية وج97/6 ط به ب و ج 6/4 ط الخيرية. وتوجد عين هذه الرواية في مواضع أخر من صحيح البخاري. منها : كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة ب كراهية الخلاف ج 161/8 ط دار الفكر وج 18 / 564 بمبی و ج 194/4 ط الخيرية. ومنها كتاب النبي الى كسرى وقيصر ب مرض النبى ووفاته، صحیح مسلم فی آخر کتاب الوصية ج 5 / 75 ط محمد على صبيح وط المكتبة التجارية وج 2/ 16 ط عيسى الحلبي وج 95/11ط مصر بشرح النووى، مسند أحمد ج 4 / 356 ح2992 بسند صحیح ط دار المعارف بمصر.
3- ص 325 من جزئه الأول (منه قدس).

أصحاب السنن والاخبار، وقد تصرفوا فيه فنقلوه بالمعنى، لأن لفظه الثابت: «ان النبي يهجر» لكنهم ذكروا أنه قال: «ان النبي قد غلب عليه الوجع»، تهذيباً للعبارة واتقاء فظاعتها.

ويدل على ذلك ما أخرجه أبو بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري في كتاب السقيفة (1) بالاسناد الى ابن عباس، قال : لما حضرت رسول اللّه الوفاة وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال رسول اللّه : «ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده قال: فقال عمر كلمة معناها أن الوجع قدغلب على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثم قال : عندنا القرآن حسبنا كتاب اللّه. فاختلف من في البيت واختصموا فمن قائل يقول : القول ما قال رسول اللّه، ومن قائل يقول : القول ماقال عمر فلما، أكثروا اللغط واللغوا والاختلاف غضب صلى اللّه عليه و آله فقال: قوموا...» (الحديث) (2). وتراه صريحاً بأنهم انما نقلوا معارضة عمر بالمعنى لابعين لفظه.

ويدلك على هذا أيضاً أن المحدثين حيث لم يصرحوا باسم المعارض يومئذ نقلوا المعارضة بعين لفظها. قال البخاري - في باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير من صحيحه (3) - : حدثنا قبيصة حدثنا ابن عيينة عن سلمان الاحول عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: «يوم الخميس وما يوم الخميس» ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء، فقال : اشتد برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وجعه يوم

ص: 150


1- كما في ص 20 من المجلد الثاني من شرح النهج للعلامة المعتزلى (منه قدس).
2- ادعاء ان النبي يهجر : شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 51/6 ط أبو الفضل وج 294/2 ط دار مكتبة الحياة وج 30/2 ط دار الفكر.
3- ص118 من جزئه الثاني (منه قدس).

الخميس، فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع. فقالوا : «هجر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )» قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني مما تدعوني (1) اليه. وأوصى عند موته بثلاث : «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم (قال) : و نسيت الثالثة» أم (2).

و هذا الحديث أخرجه مسلم أيضاً في آخر كتاب الوصية من صحيحه، وأحمد من حديث ابن عباس في مسنده (3) ورواه سائر المحدثين.

وأخرج مسلم في كتاب الوصية من الصحيح عن سعيد بن جبير من طريق آخر عن ابن عباس، قال : «يوم الخميس وما يوم الخميس» ثم جعل تسيل

ص: 151


1- تدعوني بالتشديد لانها مرفوعة بثبوت النون فادغمت نون الرفع بنون الوقاية (منه قدس).
2- ليست الثالثة الا الامر الذى أراد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يكتبه حفظاً لهم من الضلال لكن السياسة اضطرت المحدثين الى ادعاء نسيانه كما نبه اليه مفتى الحنفية في (صور) الشيخ أبو سليمان الحاج داود الدادا (منه قدس). رزية يوم الخميس وتناسى الوصية : راجع : صحيح البخارى ك الجهاد والسير ب جوائز الوفد ج 31/4 ط دار الفكر وج 4 / 85 ط مطابع الشعب وج 2/ 178 ط دار احياء الكتب وج 2 / 120 ط المعاهد وج 2 / 125 ط الشرفية وج 5 / 85ط محمد على صبيح وج55/4 ط الفجالة و ج2 / 111 ط الميمنية وج 3 / 115 ط بمبى. صحيح مسلم ك الوصية ب ترك الوصية ج 16/2 ط عيسى الحلبي وج 5 / 75 ط محمد على صبيح والمكتبة التجارية وج 89/11 والمكتبة التجارية وج 89/11 - 94 ط مصر بشرح النووى مسند أحمد ج 222/1 ط الميمنية و ج 3 / 286 ح 1935 بسند صحیح وج 5 / 45 ح 3111 ط دار المعارف بمصر.
3- ص 222 من جزئه الأول (منه قدس).

دموعه حتى رؤيت على خديه كأنها نظام الاؤلؤ قال : «قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فقالوا : ان رسول اللّه يهجر» أم (1).

ومن ألمّ بما حول هذه الرزية من الصحاح (2) يعلم ان أول من قال

ص: 152


1- وأخرج هذا الحديث بهذه الألفاظ أحمد في مسنده ج1 ص 355 وغير واحد من اثبات السنن (منه قدس). التطاول على الساحة المقدسة بدعواهم ان الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يهجر : صحيح مسلم ك الوصية بترك الوصية لمن ليس عنده شيء ج 16/2 ط الحلبي وج 5/ 75 ط صبيح و ج 94/11 ط مصر بشرح النووى. مسند أحمد ج 5 / 116 ح3336 بسند صحیح ط دار المعارف بمصر، تاريخ الطبرى ج 3/ 193، الكامل لابن الاثير ج320/2.
2- رزية يوم الخميس لها مصادر كثيرة غير ما تقدم راجع منها : أ - صحيح البخارى ك العلم بكتابة العلم ج 371 ط دار الفكر وج39/1 ط مطابع الشعب و ج 14/1 ط بمبی و ج 1 / 32 ط دار احياء الكتب وج 1 / 22 و المعاهد وج 1 / 22 ط الشرفية و ج 38/1 ط صبيح و ج 1 / 28 ط الفجالة وج 20/1 ط الميمنية. ب - صحيح البخاري أيضاً كتاب النبي الى كسرى وقيصر ب مرض النبي ووفاته ج 11/6 ط مطابع الشعب وج 5 / 40 ط بمبي وج 66/3 ط الخيرية. ج - صحيح البخارى أيضاً ك الجزية ب اخراج اليهود من جزيرة العرب ج4 / 65 ط دار الفكر وج 4 / 12 ط بمبی و ج 132/2 ط آخر. تاريخ الطبری ج 3/ 192 – 193، عبداللّه بن سبأ للعسكرى ج79/1، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج133/1 ط 1، الملل والنحل للشهرستاني ج22/1، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 242/2 - 244. فالمتتبع اذا راجع هذه المصادر مع ما تقدم يحصل له القطع ان القائل بأن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يهجر انما هو عمر. فانا للّه وانا اليه راجعون.

يومئذ : «هجر رسول اللّه» انما هو عمر (1). ثم نسج على منواله من الحاضرين من كانوا على رأيه. وقد سمعت قول ابن عباس - في الحديث الاول (2) - : فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي كتاباً لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ماقال عمر (3) - أي يقول: هجر رسول اللّه - وفي رواية أخرجها الطبراني في الاوسط عن عمر (4) قال: لما مرض النبي قال : ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً. فقال النسوة من وراء الستر : ألا تسمعون ما يقول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ قال عمر فقلت : انكن صواحبات يوسف اذا مرض عصر تن أعينكن واذاصح ركبتن عنقه ؟ قال: فقال رسول اللّه : «دعوهن فانهن خير منكم». اه_ (5).

وأنت ترى انهم لم يتعبدوا هنا بنصه الذي لو تعبدوا به لامنوا من الضلال وليتهم اكتفوا بعدم الامتثال ولم يردوا قوله اذ قالوا : «حسبنا كتاب اللّه» حتى كأنه لا يعلم بمكان كتاب اللّه منهم، أو أنهم أعلم منه بخواص الكتاب وفوائده.

وليتهم اكتفوا بهذا كله ولم يفاجئوه بكلمتهم تلك «هجر رسول اللّه» وهو محتضر بينهم وأي كلمة كانت وداعاً منهم له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكأنهم - حيث لم

ص: 153


1- قول عمر ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ليهجر صرح به كل من : السبط بن الجوزي في كتابه تذكرة الخواص ص 62 ط الحيدرية، وأبي حامد الغزالى في كتابه سر العالمين و کشف ما فى الدارين ص 21 ط النعمان.
2- الذى أخرجه البخارى عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن مسعود عن ابن عباس، وأخرجه مسلم أيضاً وغيره (منه قدس).
3- تقدمت مصادر الحديث تحت رقمی (199 و 203) فراجع.
4- كما في ص 138 من الجزء الثالث من كنز العمال (منه قدس).
5- النساء خير من الرجال : راجع : عبد اللّه بن سبأ للعسكرى ج 79/1، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 243/2.

يأخذوا بهذا النص اكتفاء منهم بكتاب اللّه على ما زعموا لم يسمعوا هتاف الكتاب آناء الليل وأطراف النهار في أنديتهم «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا» (1) وكأنهم «حيث قالوا : هجر» لم يقرأوا قوله تعالى : «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ» (2) وقوله عز من قائل: «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ۚ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (3) وقوله جل وعلا : «مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ» (4).

على أن العقل بمجرده مستقل بعصمته، لكنهم علموا أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انما أراد توثيق العهد بالخلافة، وتأكيد النص بها على علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) خاصة، وعلى الائمة من عترته عامة فصدوه عن ذلك، كما اعترف به الخليفة الثاني في كلام دار بينه وبين ابن عباس (5).

وأنت اذا تأملت في قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده وقوله في حديث الثقلين : «اني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا، کتاب اللّه وعترتي» (6) تعلم ان المرمى في الحديثين واحد، وانه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما أراد

ص: 154


1- سورة الحشر آية : 7.
2- سورة التكوير آية : 19 - 22.
3- سورة الحاقة آية : 40 - 43.
4- سورة النجم آية : 2 - 6.
5- راجع شرح النهج الحديدى ج 3 / 114 ص 27 طبع مصر (منه قدس). شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 79/12 بتحقيق أبو الفضل وج803/3 ط دار مكتبة الحياة وج 3/ 167 ط دار الفكر.
6- حديث الثقلين تقدم مع مصادره تحت رقم (15) فراجع.

في مرضه أن يكتب لهم تفصيل ما أوجبه عليهم في حديث الثقلين.

وانما عدل عن ذلك، لان كلمتهم تلك التي فاجؤه بها اضطرته الى العدول اذ لم يبق بعدها أثر لكتابة الكتاب سوى الفتنة والاختلاف من بعده في انه هل هجر فيما كتبه «والعياذ باللّه» أو لم يهجر. كما اختلفوا في ذلك فاختصموا وأكثروا اللغو واللغط نصب عينيه فلم يتسن له يومئذ أكثر من قوله لهم : قوموا كما سمعت، ولو أصر فكتب الكتاب للجوا في قولهم هجر، ولاوغل أشياعهم في اثبات هجره (والعياذ باللّه) فسطروا به أساطيرهم، وملاوا طو اميرهم رداً على ذلك الكتاب، وعلى من يحتج به.

لهذا اقتضت الحكمة البالغة أن يضرب (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن ذلك الكتاب صفحاً، لئلا يفتح هؤلاء وأولياؤهم باباً الى الطعن في النبوة «نعوذ باللّه وبه نستجير» وقد رأى أن علياً وأولياءه خاضعون لمضمون ذلك الكتاب، سواء عليهم أكتب أم لم يكتب، وغيرهم لا يعمل به، ولا يعتبره لو كتب، فالحكمة - والحال هذه - توجب تركه، اذ لا أثر له بعد تلك المعارضة سوى الفتنة كما لا يخفى.

اعدار المعارضين و تزييفها

وقد اعتذر شيخنا الشيخ سليم البشري المالكي (1) شيخ الجامع

ص: 155


1- البشرى شيخ الجامع الأزهر : ولد سنة 1248ه- وتوفى 1335ه- وكان الامام السيد عبد الحسين شرف الدين (قدس اللّه روحه) في أواخر سنة 1329ه قد سافر الى مصر واجتمع بالشيخ التحرير الشيخ سليم وكان فى ذلك الوقت شيخ الأزهر وقد دارت بين هذين العلمين مناظرات و مباحثات علمية موضوعية وكان من نتائجها كتاب (المراجعات) الذي هو فريد في نوعه وقد طبع أكثر من عشرين طبعة وترجم الى عدة لغات وقد قام الأقل الحقير بتحقيقه والتعليق عليه وقد طبع مع التعليق في بغداد وذلك برعاية وأمر السيد الاستاذ الشهيد الامام السيد محمد باقر الصدر (قدس) وطبع أخيراً في بيروت. فمن أراد الاطلاع على الحقيقة الناصعة فعليه بمراجعة الكتاب مع تعليقته (سبيل النجاة في تتمة المراجعات).

الأزهر في بعض «مراجعات» كانت بيني وبينه في مصر سنة 1329 والتي بعدها.

فقال رحمه اللّه: لعل النبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) حين أمرهم باحضار الدواة والبياض لم يكن قاصداً لكتابة شيء من الاشياء، وانما أراد بكلامه مجرد اختبارهم لا غیر، فهدى اللّه عمر الفاروق لذلك دون غيره من الصحابة فمنعهم من احظارهما، فيجب - على هذا - عد تلك الممانعة في جملة موافقاته لربه تعالى وتكون من كراماته (رضي اللّه عنه).

قال (رحمه اللّه) : هكذا أجاب بعض الاعلام (ثم قال : لكن الانصاف ان قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لاتضلوا بعده يأبى ذلك، لانه جواب ثان الامر، فمعناه انكم ان أتيتم بالدواة والبياض وكتبت لكم ذلك الكتاب لاتضلوا بعده، ولا يخفى ان الاخبار بمثل هذا الخبر لمجرد الاختبار انما هو من نوع الكذب الواضح الذي يجب تنزيه كلام الانبياء عنه، ولاسيما في موضع يكون ترك احضار الدواة والبياض أولى من احضارهما.

(قال) : على أن في هذا الجواب نظراً من جهات أخر، فلابد هنا من اعتذار آخر.

قال : وحاصل ما يمكن أن يقال : ان الأمر لم يكن أمر عزيمة وايجاب حتى لا تجوز مراجعته ويصير المراجع عاصياً، بل كان أمر مشورة، وكانوا يراجعونه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في بعض تلك الأوامر ولاسيما عمر فانه كان يعلم من

ص: 156

نفسه أنه موفق للصواب في ادراك المصالح، وكان صاحب الهام من اللّه تعالى و قد أراد التخفيف عن النبي اشفاقاً عليه من التعب الذي يلحقه بسبب املاء الكتاب في حال المرض والوجع وقد رأى رضي اللّه عنه أن ترك احضار الدواة والبياض أولى.

وربما خشي أن يكتب النبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) أموراً يعجز عنها الناس فيستحقون العقوبة بسبب ذلك، لانها تكون منصوصة لاسبيل الى الاجتهاد فيها.

ولعله خاف من المنافقين أن يقدحوا في صحة ذلك الكتاب. لكونه في حال المرض فيصير سبياً للفتنة، فقال : حسبنا كتاب اللّه لقوله تعالى : «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ» (1) وقوله : «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» (2) وكأنه رضي اللّه عنه أمن من ضلال الامة، حيث أكمل اللّه لها الدين وأتم عليها النعمة.

قال (رحمه اللّه) : هذا جوابهم وهو كما ترى، لان قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لا تضلوا يفيد ان الامر أمر عزيمة وايجاب، لان السعي فيما يوجب الامن من الضلال واجب مع القدرة بلا ارتياب، واستياؤه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) منهم، وقوله لهم قوموا حين لم يمتثلوا أمره دليل آخر على أن الأمر انما كان للايجاب لا للمشورة.

قال : [ فان قلت:] لو كان واجب ماتركه النبي (عَلَيهِ السَّلَامُ) بمجرد مخالفتهم، كما انه لم يترك التبليغ بسبب مخالفة الكافرين. فالجواب: أن هذا الكلام لوتم فانما يفيد كون كتابة ذلك الكتاب لم تكن واجبة على النبي بعد معارضتهم له (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وهذا لاينافي وجوب الاتيان بالدواة والبياض عليهم حين أمرهم النبي به، وبين لهم ان فائدته الامن من الضلال اذ الأصل في الأمر انما هو الوجوب

ص: 157


1- سورة الانعام : 38.
2- سورة المائدة آية : 3.

على المأمور لا على الأمر، ولاسيما اذا كانت فائدته عائدة الى المأمور خاصة والوجوب عليهم هو محل الكلام، لا الوجوب عليه.

قال : على انه يمكن أن يكون واجباً عليه أيضاً، ثم سقط الوجوب عنه بعدم امتثالهم وبقولهم هجر، حيث لم يبق لذلك الكتاب أثر سوى الفتنة كما قلت حرسك اللّه.

قال (رحمه اللّه) : وربما اعتذر بعضهم بأن عمر رضي اللّه عنه ومن قالوا يومئذ بقوله لم يفهموا من الحديث ان ذلك الكتاب سيكون سبباً لحفظ كل فرد من أفراد الامة من الضلال على سبيل الاستقصاء، بحيث لايضل بعده منهم أحد أصلا، وانما فهموا من قوله لاتضلوا أنكم لا تجتمعون على الضلال بقضكم وقضيضكم، ولا تتسرى الضلالة بعد كتابة الكتاب الى كل فرد من أفرادكم، وكانوا (رضي اللّه عنهم) يعلمون ان اجتماعهم بأسرهم على الضلال ممالا يكون أبداً وبسبب ذلك لم يجدوا أثراً لكتابته، وظنوا ان مراد النبي ليس الا زيادة الاحتياط في الأمر لما جبل عليه من وفور الرحمة، فعارضوه تلك المعارضة، بناء منهم أن الأمر ليس للايجاب وأنه انما هو أمر عطف و مرحمة ليس الا، فأرادوا التخفيف عن النبي بتركه. اشفاقاً منهم عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قال : هذا كل ماقيل في الاعتذار عن هذه البادرة، لكن من أمعن النظر فيه جزم ببعده عن الصواب لان قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) : لاتضلوا يفيد أن الامر للايجاب كما ذكرنا واستياؤه منهم دليل على أنهم تركوا أمراً من الواجبات عليهم، وأمره اياهم بالقيام مع سعة ذرعه وعظيم تحمله، دليل على أنهم انما تركوا من الواجبات ما هو أوجبها وأشدها نفعاً، كما هو معلوم من خلقه العظيم.

قال : فالأولى ان يقال في الجواب : هذه قضية في واقعة كانت منهم على

ص: 158

خلاف سيرتهم كفرطة سبقت، وفلتة ندرت، لانعرف وجه الصحة فيها على سبيل التفصيل، واللّه الهادي الى سواء السبيل (1).

قلت : قد استفرغ شيخنا وسعه في الاعتذار عن هذه المعارضة، وفي حمل المعارضين فيها على الصحة، فلم يجد الى ذلك سبيلا، لكن علمه واعتداله و انصافه وكل ذلك أبى عليه الا أن يصدع برد تلك الترهات، ولم يقتصر في تزييفها على وجه واحد حتى استقصى مالديه من الوجوه، شكر اللّه حسن بلائه في ذلك.

تزييف الاعذار من نواحى اخر

وحيث كان لدينا في رد تلك الاعذار وجوه أخر، أحببت يومئذ عرضها عليه، وجعلت الحكم فيها موكولا اليه.

فقلت : قالوا في الجواب الأول : لعله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حين أمرهم باحضار الدواة لم يكن قاصداً لكتابة شيء من الاشياء، وانما أراد مجرد اختبارهم لاغير.

فنقول - مضافاً الى ما أفدتم - : ان هذه الواقعة انما كانت حال احتضاره - بأبي وامي - كما هو صريح الحديث، فالوقت لم يكن وقت اختبار، وانما كان وقت اعذار وانذار ونصح تام للامة والمحتضر بعيد عن الهزل والمفاكهة مشغول بنفسه ومهماته ومهمات ذويه ولاسيما اذا كان نبياً.

واذا كانت صحته مدة حياته كلها لم تسع اختبارهم، فكيف يسعها وقت احتضاره.

على أن قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - حين أكثروا اللغو واللغط والاختلاف عنده - :

ص: 159


1- كتاب المراجعات لشرف الدين مراجعة – 87 - و ص 357 - 360 ط بیروت.

«قوموا» ظاهر في استيائه منهم، ولو كان الممانعون مصيبين لاستحسن ممانعتهم وأظهر الارتياح اليها.

ومن ألمّ بأطراف هذا الحديث، ولاسيما قولهم : «هجر رسول اللّه» يقطع بأنهم كانوا عالمين أنه انما يريد أمراً يكرهونه، ولذا فاجؤوه بتلك الكلمة وأكثروا عنده اللغو واللغط والاختلاف كما لا يخفى.

و بكاه ابن عباس بعد ذلك لهذه الحادثة وعدها رزية دليل على بطلان هذا الجواب.

قال المعتذرون : ان عمر كان موفقاً للصواب في أدراك المصالح، وكان صاحب الهام من اللّه تعالى. وهذا مما لا يصغي اليه في مقامنا هذا لانه يرمي الى ان الصواب في هذه الواقعة انما كان في جانبه، لافي جانب النبي، وأما الهامه يومئذ كان أصدق من الوحي الذي نطق عنه الصادق الامين (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

وقالوا : بأنه أراد التخفيف عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اشفاقاً عليه من التعب الذي يلحقه بسبب املاء الكتاب في حال المرض، وأنت تعلم ان في كتابة ذلك الكتاب راحة قلب النبي، وبرد فؤاده وقرة عينه، وأمنه على امته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الضلال.

على ان الامر المطاع، والارادة المقدسة مع وجوده الشريف انما هما له، وقد أراد - بأبي وأمي - احضار الدواة والبياض، وأمر به فليس لاحد أن يرد أمره أو يخالف ارادته «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا» (1).

على ان مخالفتهم لامره في تلك المهمة العظيمة، و لغوهم واغطهم واختلافهم هنده كان أثقل عليه وأشق من املاء ذلك الكتاب الذي يحفظ أمنه من الضلال

ص: 160


1- سورة الاحزاب آية : 36.

واذا كان خائفاً من المنافقين ان يقدحوا في صحة ذلك الكتاب، فلماذا بذر لهم بذرة القدح، حيث عارض ومانع وقال: «هجر»؟!

وأما قولهم في تفسير قوله: «حسبنا کتاب اللّه»: انه تعالى قال: «مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ» وقال عز من قائل: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» فغير، لان الايتين لاتفيدان الأمن من الضلال، ولا تضمنان الهداية للناس، صحيح، فكيف يجوز ترك السعي فى ذلك الكتاب اعتماداً عليهما ؟ ولو كان وجود القرآن العزيز موجباً للامن من الضلال لما وقع في هذه الامة من الضلال والتفرق مالايرجى زواله (1).

وقالوا في الجواب الأخير : ان عمر لم يفهم من الحديث ان ذلك الكتاب سيكون سبباً لحفظ كل فرد من امته من الضلال وانما فهم انه سيكون سبباً لعدم اجتماعهم - بعد كتابته - على الضلال (قالوا) : وقد علم رضي اللّه عنه ان اجتماعهم على الضلال مما لا يكون أبداً، كتب ذلك الكتاب أو لم يكتب ولهذا عارض يومئذ تلك المعارضة.

وفيه مضافاً الى ما أشرتم اليه : ان عمر لم يكن بهذا المقدار من البعد

ص: 161


1- وأنت تعلم ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يقل : ان مرادى أن اكتب الاحكام، حتى يقال في جوابه : حسبنا في فهمها كتاب اللّه تعالى ولو فرض ان مراده كان كتابة الاحكام، فلعل النص عليها منه كان سبباً للامن من الضلال، فلا وجه لترك السعى فى ذلك النص اكتفاء بالقرآن، بل لولم يكن لذلك الكتاب الا الامن من الضلال بمجرده لماصح تركه والاعراض عنه اعتماداً على ان كتاب اللّه جامع لكل شيء. وأنت تعلم اضطرار الامة الى السنة المقدسة وعدم استغنائها عنها بكتاب اللّه وان كان جامعاً مانعاً، لان الاستنباط منه غير مقدور لكل أحد، ولو كان الكتاب مغنياً عن بيان الرسول لما أمر اللّه تعالى ببيانه للناس، اذ قال عز من قائل : (وأنزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما أنزل اليهم (منه قدس).

عن الفهم، وما كان ليخفى عليه من هذا الحديث ماظهر لجميع الناس لان القروي و البدوي انما فهما منه ان ذلك الكتاب لو كتب لكان علة تامة في حفظ كل فرد من الضلال، وهذا المعنى هو المتبادر من الحديث الى افهام الناس.

وعمر كان يعلم ان الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يكن خائفاً على امته ان تجتمع على الضلال، اذ كان يسمع قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): لا تجتمع أمتي على الضلال، ولا تجتمع على الخطأ، وقوله: لاتزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق.. (الحديث) (1).

وقوله تعالى : «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا» (2) الى كثير من نصوص الكتاب والسنة الصريحة بأن الامة لا تجتمع بأسرها على الضلال، فلا يعقل مع هذا ان يسنح في خاطر عمر أو غيره ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حين طلب الدواة والبياض كان خائفاً من اجتماع أمته على الضلال.

والذي يليق بعمر أن يفهم من الحديث ما يتبادر منه الاذهان، لا ما تنفيه صحاح السنه ومحكمات القرآن، على ان استياء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) منهم المستفاد من قوله «قوموا» دليل على ان الذي تركوه كان من الواجب عليهم، ولو كانت معارضة عمر عن اشتباه منه فى فهم الحديث كما زعموا، لازال النبي

ص: 162


1- قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : (.... لاتزال طائفة من امتى ظاهرين على الحق....). راجع : كنز العمال ج 1 / 185 ح 1030 و 1031 ط 2 و ج 160/1 ح 910 ط2، الدر المنثور للسيوطى ج 2/ 222 ط 1.
2- سورة النور آية : 55.

(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شبهته، وأبان لهم مراده منه بلاو كان فى وسع النبي أن يقنعهم بما أمرهم به لما آثر اخراجهم عنه.

وبکاه ابن عباس وجزعه من أكبر الأدلة على مانقول.

والانصاف ان هذه الرزية لمما يضيق عنها نطاق العذر، ولو كانت - كما ذكرتم - قضية في واقعة كفلتة سبقت، وفرطة ندرت لهان الأمر، وان كانت بمجردها بائقة الدهر، وفاقرة الظهر (1)، والحق ان المعارضين انما كانوا ممن يرون جواز الاجتهاد في مقابل النص، فهم فى هذه المعارضة وأمثالها اذاً مجتهدون، فلهم رأيهم واللّه تعالى رأيه ؟.

اعجاب الشيخ بما قلنا

وما ان وقف شيخنا على ما قلناه في رد تلك الاعذار، حتى كتب الينا مایلی :

«قطعت على المعنذرين وجهتهم، وملكت عليهم مذاهبهم، وحلت بينهم وبين مايرومون، فلا موضع للشبهة فيما ذكرت، ولا مساغ للريب في شيء مما به صدعت» الى آخر ماقال (2).

صلح الحديبية وانفة عمر من قبول شروط الصلح

المورد - (17) - صلح الحديبية (3)

آثر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الصلح يوم الحديبية على الحرب وأمر به عملا بما

ص: 163


1- كتاب المراجعات مراجعة – 88 - وص 360 - 364 ط بيروت.
2- كتاب المراجعات ص364 ط بیروت.
3- الحديبية بالتخفيف تصغير حدباء، وتشديدها غلط، وهى بئر أو شجرة أو قرية أو أرض على تسعة أميال من مكة أكثر أرضها في الحرم (منه قدس).

أوحى اليه ربه عز وعلا. وكانت المصلحة في الواقع ونفس الامر توجبه، لكنها خفيت على أصحابه فأنكره بعضهم عليه وعارضه فيه علانية بكل مالديه من قول، فلم يعبأ (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بمعارضتهم ومضى قدماً في تنفيذ ما كان مأموراً به، فكانت عاقبته من أحسن عواقب الفاتحين والحمد للّه رب العالمين.

بيان هذه الحقيقة بشيء من التفصيل

خرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من المدينة يوم الاثنين مستهل ذي القعدة سنة 6 للّهجرة يريد العمرة، وكان يخشى من قريش أن يتعرضوا له بحرب، أو يصدوه عن البيت - كما فعلوا - فاستنفر الناس الى العمرة معه، فلبّاه من المهاجرين والانصار وغيرهم من الاعراب الف وأربعمائة رجل (1) فيهم مئتا فارس، و ساق معه الهدي سبعين بدنة، ولم يخرج بسلاح الا سلاح المسافر - السيوف في القرب - (2) فلما كان بذي الحليفة قلد الهدي وأحرم هو و أصحابه منها، ليأمن الناس حربه، وليعلموا أنه انما خرج زائراً، ومعظماً له.

ثم سار حتى اذا كان في بعض الطريق علم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ان خالد بن الوليد في

ص: 164


1- وقيل أكثر من ذلك، وقيل أقل منه، وأخرج معه أم المؤمنين زوجته السيدة أم سلمة رضى اللّه عنها، وتخلف عنه كثير من الاعراب منافقون ذمهم اللّه تعالى في سورة الفتح المنزلة في هذه الواقعة بعد انتهائها (وغضب اللّه عليهم وأمنهم وأعد لهم جهنم وساعت مصيرا). وكان ممن خرج معه المغيرة بن شعبة وابن سلول وبايعاه مع من بايعه في الحديبية تحت الشجرة (منه قدس).
2- فقال له عمر بن الخطاب : أتخشى يارسول اللّه أبا سفيان وأصحابه ولم تأخذ للحرب عدتها ؟ فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «لا أحمل السلاح معتمرا (منه قدس).

الغميم - موضع قرب مكة في خيل لقريش فيها مئتا فارس، طليعتهم عكرمة ابن ابي جهل فأخبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أصحابه بذلك، وأمرهم أن يأخذوا ذات اليمين ليسلك بهم غير طريق خالد، فسلكوا بين ظهري الحمض(1) فما شعر بهم خالد: حتى رأى فترة جيشهم - غباره الاسود ودنا خالد في خيله نحو رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأصحابه، فأمر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عباد بن بشر فتقدم في خيله ازاء خالد وخيله.

وحانت صلاة الظهر فصلاها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأصحابه، فقال المشركون لقد امكنكم محمد وأصحابه من انفسهم وهم في الصلاة، فقال خالد نعم قد كانوا في غرة لو حملنا عليهم أصبنا منهم، وستأتي الساعة صلاة أخرى، هي أحب اليهم من أنفسهم وأبنائهم، فأوحى اللّه عزوجل الى نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا * وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (2)».

ص: 165


1- الحمض بفتح الحاء المهملة والضاد المعجمة موضع يخرج على مهبط الحديبية (منه قدس).
2- الآية 102 - 104 من سورة النساء (منه قدس).

فصلى رسول اللّه فريضة العصر بأصحابه صلاة الخوف المشروعة بهذه الايات «وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا» (1).

شراسة قريش وحكمة النبى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

لقي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الحديبية حين أتاها أذى كثيراً من المشركين، وغلظة وجفاء ومكاشفة له ولاصحابه في العداوة والبغضاء، ولقي المشركون من أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مثل ذلك وأشد عملا منهم رضي اللّه عنهم بقوله تعالى : «وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً»، لكن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وسع المشركين بحلمه الموحى يومئذ اليه من ربه عز وعلا بحكمته التي فطر عليها، وبخلقه العظيم الذي فضله اللّه به على سائر النبيين والمرسلين عليه و آله و علیه السلام.

صدّه المشركون عن مكة صداً شكساً شرساً لثيماً، فما استخفه بذلك غضب، ولاروّع حلمه رائع، كان يأخذ الامور - مع اولئك الجفاة - بالملاينة والاغماض، وله في شأنهم كلمات متواضعة، على ان فيها من الرفعة والعلاء ما يريهم اياه فوق الثري، ويريهم انفسهم تحت الثرى، وفيها من النضج لهم و الاشفاق عليهم ما لم يكن فيه ريب لاحد منهم، ومن الحكمة الالهية ما يأخذ بمجامع قلوبهم - على قسوتها وغلظتها - باجتياحهم اليه، ومن الوعيد والتهديد باستصال جذرتهم وبذرتهم ما يقطع نياط قلوبهم (2).

ص: 166


1- سورة الاحزاب / 25.
2- سياسة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مع قريش : راجع : السيرة الحلبية ج 2 / 692 و 693 - 697 و 699، السيرة النبوية لابن كثير ج 315/3 و 316 و 317، الكامل في التاريخ ج 2 / 136 ط دار الكتاب العربي، الطبقات لابن سعد ج 2 / 96.

واليك بعض المأثور عنه من ذلك. فأمعن به لتقف على أهدافه، قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «ياويح قريش نهكتهم الحرب فماذا عليهم لو خلوابيني وبين العرب، فان هم أصابوني كان الذي أرادوه، وان أظهرني اللّه عليهم دخلوا في الاسلام وافرين وان أبواقانلوني وبهم قوة ؟ فما تظن قريش فواللّه الذي لا اله الا هو لا أزال اجاهد على الذي بعثني به ربي حتى يظهره اللّه او تنفرد هذه السالفة !» (1) - وهي صفحة العنق كناية عن قتله -.

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يطمعهم في خلقه الكريم وفضله العميم : «والذي نفس محمد بيده لاتدعوني اليوم قريش الى خطة يسألوني فيها صلة الرحم الا أعطيتهم اياها» (2).

أعلن رحمته هذه بكلماته هذه الحكيمة الرحيمة، ثم جمع أصحابه يستشيرهم في حرب قريش اذا اصرّوا على صدّه عن البيت، فكان جلهم - ان لم يكونوا كلهم - متأهبين للقتال، متعبئين لجهاد قريش وغيرها، مندفعين الى ذلك، و نهض المقداد أثنا اندفاعهم يتكلم بلسان الجميع، فقال : «يا رسول اللّه نحن لا نقول لك ما قال بنو اسرائيل لموسى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : اذهب أنت وربك فقاتلا انا هيهنا قاعدون، وانما نقول : اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكم مقاتلون، واللّه

ص: 167


1- راجع : السيرة الحلبية ج 2 / 692، الكامل فى التاريخ ج 136/2 ط دار الكتاب العربي.
2- راجع : السيرة الحلبية ج 2 / 693، الكامل في التاريخ ج 136/2 ط دار الكتاب العربي. وقريب منه فى : الطبقات لابن سعد ج 2/ 96.

يارسول اللّه او سرت بنا الى برد الغماد (1) لسرنا معك ما بقي منا رجل» (2) فتهلل وجه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

ثم اخذ منهم البيعة فبايعوه بأجمعهم على الموت في نصرته، وكانوا الفاً وأربعمائة رجل فيهم كهف المنافقين ابن سلول (3) لم يتخلف منهم عن هذه البيعة الا

ص: 168


1- حصن في اليمن من أمنع حصون العرب كان مسيرهم اليه مسيراً الى الموت لامحالة لشدة حصانته فى نفسه وفى بأس حاميته - وكانت يومئذ على الشرك - مضافاً الى وعودة طرقه، وحزونة ماحوله من الجبال (منه قدس).
2- موقف مقداد المشرف : قال : «يارسول اللّه امض لما أمرك اللّه فنحن معك واللّه لا نقول لك كما قالت بنو اسرائيل لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا انا ههنا قاعدون) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا انا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا الى برك الغماد يعنى مدينة الحبشة - لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خيراً ودعا له بخير». راجع: تاريخ الطبرى ج 2/ 273 ط دار القلم، الكامل في التاريخ ج 83/2 ط دار الكتاب العربي، السيرة الحلبية ج 692/2 ط مصطفى الحلبي.
3- ذكر أهل السير والاخبار ممن أرخ غزوة الحديبية - واللفظ للحلبي في سيرته - : ان قريشاً بعثت الى ابن سلول - وهو مع رسول اللّه في الحديبية - ان أحببت أن تدخل - مكة - تطوف بالبيت فافعل. فقال له ابنه عبداللّه رضى اللّه عنه يا أبت اذكرك اللّه أن لا تفضحنا في كل موطن فتطوف ولم يطوف رسول اللّه ؟ فأبى الرجل حينئذ وقال : لا أطوف حتى يطوف رسول اللّه، فلما بلغ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذلك رضى عنه وأثنى عليه، فابن سلول اذا ممن بايع تحت الشجرة اذ لم يتخلف أحد عن هذه البيعة ممن كان مع رسول اللّه في الحديبية الا الجد بن قيس الانصارى بإجماع أهل الاخبار (منه قدس).

رجل يدعى الجد بن قيس الانصاري (1) دون غيره من أمثاله (2).

رعب المشركين و طلبهم للصلح

ما بلغ قريشاً هذه البيعة - وهي بيعة الرضوان (3) - حتى انخلعت قلوبهم، وملئت صدورهم رعباً، ولا سيما بعد خروج عكرمة بن أبي جهل على المسلمين يومئذ في خمسمائة فارس، فبعث النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - كما في الكشاف - من هزمه

ص: 169


1- ففى السيرة الحلبية عن سلمة بن الأكوع، قال : بايعنا الرسول على الموت ولم يتخلف الا الجد بن قيس لكأني أنظر اليه لاصقاً بابط ناقته يستتر بها من الناس (منه قدس).
2- مبايعة الصحابة للرسول ما عدى الجد بن قيس الانصاري : راجع : السيرة الحلبية ج 2 / 701 الحلبي، السيرة النبوية لابن كثير ج 319/3، الكامل في التاريخ ج 2 / 138 ط دار الكتاب العربي، الطبقات لابن سعد ج 2 / 100.
3- كانت تحت شجرة من سمر فقيل عنها بيعة الشجرة واضيفت الى الرضوان لقوله تعالى في شأن المؤمنين من المبايعين يومئذ : (لقد رضي اللّه عن المؤمنين اذيبا يعونك تحت الشجرة) الى قوله عز من قائل في آخر السورة عنهم : «وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۙ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ». بخ بخ طوبى وحسن مآب للمقيمين من هؤلاء على الايمان والعمل الصالح حتى لقوا ربهم عز وجل اختصهم اللّه تعالى بالرضا عنهم والثناء العظيم في محكمات القرآن عليهم، ووعدهم - دون غيرهم من المبايعين - بالمغفرة والاجر العظيم. فالاية هذه هى على حد قوله عزوجل في آية اخرى تختص بأمهات المؤمنين «وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا» وهدفها انما هو الهدف الذي يرمى اليه قوله عز من قائل : «إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ»، وما أغنى أولياء اللّه عما افتأته لهم المفتئون من أحاديث يضرب بها عرض الجدار بمخالفتها لمحكمات القرآن الحكيم (منه قدس).

و أصحابه و أدخلهم حيطان مكة، وعن ابن عباس أظهر اللّه المسلمين عليهم بالحجارة حتى أدخلوه البيوت، و علموا أنهم لا قبل لهم بمحمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و أصحابه. (1)

فاضطر حينئذ أهل الرأي والمشورة منهم الى طلب الصلح من رسول اللّه وكان قد بلغهم قوله : «والذي نفس محمد بيده لاتدعوني اليوم قريش الى خطة يسألوني فيها صلة الرحم الاأعطيتهم اياها، فأرسلوا اليه عدة من كبارهم كان على رأسهم سهيل بن عمرو بن عبد ود العامري يمثلهم جميعاً لدى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في طلب المهادنة على شروط اشترطوها كانت ثقيلة على المسلمين الى الغاية، فأبوها كل الاباء، وأسرف بعضهم في انكارها. لكن المشركين تشبئوا في اشتراطها باطلاق الخطة التي وعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) باعطائهم اياها متى دعوه الى ذلك، وكان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مأموراً بهذا الوعد، وبالعمل على مقتضاه وانما قبل شروطهم على مافيها من الشدة عملا بالوحي، وبما توجبه المصلحة التي كان اللّه عز وجل بها عليماً، وقد علمها الجميع بعد ذلك واعترفوا بها (2)، ستسمعه ان شاء اللّه تعالى.

انفة عمر من شروط الصلح

وما أن تقرر رر الصلح بين الفريقين على تلك الشروط حتى وثب عمر بن الخطاب وقد أدركته الحمية، ونزت في رأسه سورة الانفة فأتى أبا بكر وقد استشاط غيظاً وغضباً. فقال (3) : «يا أبا بكر أليس هو برسول اللّه ؟. قال: بلى

ص: 170


1- الكشاف للزمخشرى ج 547/3.
2- السيرة الحلبية ج 705/2 - 706.
3- كما في السيرة الحلبية وغيرها من كتب الاخبار (منه قدس).

قال أو لسنا بالمسلمين ؟ قال : بلى. قال : أليسوا بالمشركين ؟ قال : بلی قال : فعلى من نعطي الدنية في ديننا. فقال له :أبو بكر: أيها الرجل انه رسول اللّه وليس يعصي ربه، وهو ناصره استمسك بغرزه (1) حتى تموت، فأني أشهد أنه رسول اللّه (2)... (الحدیث) (3).

وأخرج مسلم - في باب صلح الحديبية من الجزء الثاني من صحيحه - انه قال لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ألسنا على حقوهم على الباطل ؟. قال رسول اللّه بلى. قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟. قال : بلى. قال : ففيم تعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم اللّه بيننا وبينهم ؟!. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا ابن الخطاب اني رسول اللّه ولن يضيعني اللّه أبداً. (قال) : فانطلق عمر فلم يصبر متغيظاً فأتى أبا بكر فقال يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل ؟! قال: بلی قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ ! قال : بلى. قال: فعلی من نعطي الدنية في ديننا وترجع ولما يحكم اللّه بيننا وبينهم ؟ فقال يابن الخطاب انه

ص: 171


1- الفرز ركاب من جلد يضع الراكب رجله فيه فيكون المعنى اعتلق به وأمسكه واتبع قوله وفعله ولا تخالفه، فاستعار له الغرز كالذى يمسك بركاب الراكب ويسير بسيره، وفي القاموس غرز كسمع أطاع السلطان بعد عصيان وعلى هذا فلفظ غرزه هنا مصدر غرز فيكون المعنى استمسك بطاعته بعد هذا العصيان (منه قدس).
2- وى كأنه أوجس منه شكا في الرسالة (منه قدس).
3- راجع : السيرة الحلبية ج 706/2ط الحلبي، السيرة النبوية لابن كثير ج 320/3، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 2 / 177 و 184 ط البهية بمصر. وقريب منه في: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 59/12 ط بتحقيق أبو الفضل.

رسول اللّه ولن يضيعه أبداً» (1) (الحديث). وأخرجه غير واحد من أصحاب المسانيد بلهجة أشد من هذا.

وأخرج البخاري - في آخر كتاب الشروط من صحيحه (2) - حديثاً جاء فيه أنه قال : فقلت ألست نبي اللّه حقاً.

قال : بلى.

قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟

قال : بلى.

قلت فلم نعطي الدنية في ديننا اذا ؟

قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اني رسول اللّه ولست أعصيه (3) وهو ناصرى.

(قال) قلت : أو ليس كنت تحدثنا أناسنأتي البيت فنطوف به.

قال : بلى. أفأخبرتك أنا نأتيه العام ؟

قلت : لا.

قال : فانك آتيه ومطوف به (4).

ص: 172


1- راجع : صحيح مسلم ك الجهاد والسير ب 34 ج 3 / 1412 ح 1785، صحيح البخارى ك التفسير سورة 48 ج 6/ 170 ط مطابع الشعب، تفسير القرطبي ج 277/16، فتح القدير للشوكاني ج 55/5، الطرائف لابن طاوس ج 440/2 عن عدة مصادر.
2- ص 81 من جزئه الثاني (منه قدس).
3- قوله : ولست أعصيه صريح بما قلناه آنفاً من أنه كان مأموراً من اللّه تعالى بالصلح على الوجه الذي وقع (منه قدس).
4- فلما كان عام الفتح و أخذ المفتاح قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - كما في السيرة الحلبية وغيرها - : ادعوا لى عمر بن الخطاب فلما أتاه قال : يا عمر هذا الذي قلت لكم، ولما كان في حجة الوداع ووقف (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعرفة استدعى عمر أيضاً فقال له : هذا الذى قلت لكم أه_. (منه قدس).

قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي اللّه حقاً ؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى قلت فلم نعطي الدنية في ديننا اذا ؟ قال : أيها الرجل انه لرسول اللّه وليس يعصي ربه (1) وهو ناصره فاستمسك بغرزه، فواللّه انه لعلى الحق. (قال) فقلت : أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: بلى. أفأخبرتك انك تأتيه العام. (قال) قلت: لا. قال : فانك آتيه ومطوف به قال عمر : فعملت لذلك أعمالا (2).

قال : فلما فرغ - رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - من الكتاب - الذي كتب يومئذ في الصلح - قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لاصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا (قال) : فواللّه ماقام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات (3) فلما لم يقم منهم أحد دخل خباءه ثم خرج فلم يكلم أحداً منهم بشيء حتى نحر بدنة بيده، ودعا حالقه فحلق رأسه، فلما رأى أصحابه ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً».. (4) الحديث.. وأخرجه الامام أحمد - من حديث المسوّر بن مخرمة، ومروان بن الحكم - في مسنده.

ص: 173


1- قول أبي بكر هنا : وليس يعصى ربه دليل على أنه كان عالماً بأن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان مأموراً بالصلح على الذي وقع (منه قدس).
2- لا تخفى دلالة كلمته هذه على أن أعماله كانت عظيمة في مصادرة الصلح وبسببها لم يمتثلوا أمره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أياهم بالنحر حتى أمرهم بذلك ثلاثاً كما ستسمعه بالاصل (منه قدس).
3- ابتلى الامام أبو محمد الحسن الزكي السبط سيد شباب أهل الجنة في صلحه مع معاوية بمثل ما ابتلي به جده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في هذا الصلح وله فيه أسوة حسنة (منه قدس).
4- راجع : صحيح البخارى ك الشروط باب الشروط في الجهاد ج 2 / 122 ط دار الكتب العربية بحاشية السندى و ج 256/3 ط مطابع الشعب، مسند أحمد ج4 / 330 ط 1.

ونص الحلبي في غزوة الحديبية من سيرته وغير واحد من أهل الاخبار: ان عمر جعل يرد على رسول اللّه الكلام. فقال له أبو عبيدة ابن الجراح : ألا تسمع يا ابن الخطاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول ما يقول نعوذ باللّه من الشيطان الرجيم (1) (قال الحلبي وغيره) وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يومئذ: ياعمر اني رضيت وتأبى (2) ! ونقل الحلبي وغيره : ان عمر كان بعد ذلك يقول ما زلت أصوم وأتصدق وأصلي وأعتق مخافة كلامي الذي تكلمت به (3).. الى آخر ما هو مأثور عنه في هذه القضية.

تنفيذ خطة الصلح

لكن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يأبه يومئذ لمعارضة من عارضه في انقاذ الخطة التي كان مأموراً بها - خطة الصلح بتلك الشروط الثقيلة - فاستدعى علياً لتسجيل كتابها. فقال له : اكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم. فقال سهيل بن عمرو : لانعرف هذا فليكتب باسمك اللّهمّ. فضح المسلمون وقالوا : واللّه لا يكتب الا ما أمر به رسول اللّه لكن رسول اللّه قطع النزاع بقوله لعلي: اكتب باسمك اللّهم. فكتبها علي ممتثلا أمره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثم قال له النبي : اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول اللّه سهيل بن عمرو.

فقال سهيل : أو كنا نعلم انك رسول اللّه ما قاتلناك ولا صددناك عن البيت ولكن ليكتب هذا ماصالح عليه محمد بن عبد اللّه، سهيل بن عمرو، فقامت قيامة المسلمين في الانكار على سهيل بذلك وأبوا الا أن يكتب رسول اللّه كل

ص: 174


1- السيرة الحلبية ج 706/2.
2- السيرة الحلبية ج 706/2، السيرة النبوية لابن كثير ج 320/3.
3- السيرة الحابية ج 706/2 .

الاباء، وكادت الفتنة أن تقع لولا ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال: أنا محمد رسول اللّه، وان كذبتموني، وأنا محمد بن عبد اللّه، فاكتب يا علي : هذا ما صالح عليه محمد بن عبداللّه سهيل بن عمرو فكتبها علي متغيضاً متزفراً. فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ان لك يا أبا الحسن مثلها أو أنه قال: ستسام يا أبا الحسن مثلها فتجيب وأنت مضطهد (1).

و كان الصلح على أن يرجع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأصحابه من الحديبية، فاذا كان العام القابل تخرج قريش من مكة فيدخلها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأصحابه فيقيم بها ثلاثاً، وليس معه من السلاح سوى السيوف في القرب، وأن توضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين (2) يأمن فيها الناس، ويكف فيها بعضهم عن بعض، وأنه من أحب من العرب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه (3) وأن يكون بين الفريقين عيبة

ص: 175


1- هذه الكلمة من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) معدودة عند المسلمين كافة من أعلام النبوة وآيات الاسلام والتفصيل فى السيرة الحلبية والدحلانية وغيرهما من كتب السير و الاخبار فلتراجع (منه قدس). راجع: السيرة الحلبية ج 706/2 - 707، الكامل في التاريخ ج 2/ 138 ط دار الكتاب العربي، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 177/2 - 178 ط البهية بمصر. و قريب منه في : الكشاف ج 549/3، الطبقات لابن سعد ج97/2.
2- وقيل سنتين، وفي رواية صححها الحاكم أربع سنين (منه قدس).
3- فدخلت خزاعة في عقد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعهده، وكانوا من قبل حلفاء جده عبد المطلب، ودخلت بكر في عقد قريش وعهدها، ثم كان بين خزاعة وبكر حرب أمدت قريش فيه حلفاءها - أعنى بنى بكر على حلفاء رسول اللّه - أعنى خزاعة - وبذالك نقضت قريش ما عاهدت عليه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم الحديبية، و بهذا استباح رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) غزو قريش فكان الفتح المبين والنصر العزيز والحمد للّه رب العالمين (منه قدس).

مكفوفة : «أي صدور منطوية على ما فيها لاتبدي عداوة» وأنه لا اسلال ولا اغلال (أي لاسرقة ولاخيانة) وأنه من أتى محمداً من قريش ممن هو على دین محمد بغیر اذن ولیه رد اليه، ومن أتى قريشاً ممن كان مع محمد فارتد عن الاسلام لاترده قريش اليه فقال المسلمون: سبحان اللّه كيف نرد المشركين من جاءنا منهم مسلماً ؟! وعظم عليهم هذا الشرط، فقالوا: يارسول اللّه أتكتب هذا على نفسك ؟! قال: نعم انه من ذهب منا مرتداً أبعده اللّه، ومن جاءنا مسلماً فرددناه اليهم سيجعل اللّه له فرجاً ومخرجاً.

فبينا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) هو و سهيل بن عمرو يكتبان الكتاب بالشروط المذكورة اذ جاء أبو جندل - واسمه العاص - بن سهيل بن عمرو الى المسلمين يرسف في قيوده، وكان أسلم بمكة قبل ذلك، فمنعه أبوه من الهجرة وحبسه موثوقاً، وحين سمع أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأصحابه في الحديبية احتال حتى خرج من السجن، وتنكب الطريق في الجبال حتى هبط على المسلمين ففرحوا به وتلقوه، لكن أخذه أبوه بتلابيبه يضرب وجهه ضرباً شديداً (1) وهو يقول : يا محمد هذا أول ما أقاضيك عليه أن ترده اليّ.

فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : انا حتى الآن لم نفرغ من كتابة الكتاب.

قال سهيل : اذن لا أصالحك على شيء.

فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : فأجره لي.

قال: ما أنا بمجيره لك. قال: بلى فافعل قال: ما أنا بفاعل. فقال مكرز بن حفص وحويطب بن عبدالعزى وهما من وجوه قريش. قد أجرناه لك يا محمد

ص: 176


1- والمسلمون يبكون رحمة له متذمرين الى الغاية (منه قدس).

فأخذاه وأدخلاه فسطاطاً وكفا أباه عنه. ثم قال سهيل: يا محمد قد تمت القضية ووجبت بيني وبينك قبل أن يأتي ابني اليك. قال: صدقت. وحينئذ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لابي جندل. اصبر واحتسب فقد تم الصلح قبل أن تأتي، ونحن لانغدر وقد تلطفنا بأبيك فأبى، وان اللّه جاعل لك وأمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً.

وهنا وثب عمر بن الخطاب الى أبي جندل يغريه بقتل أبيه، ويدني اليه السيف. قال عمر - كما في السيرة الدحلانية وغيرها -. رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه وجعل يقول له : أن الرجل يقتل أباه واللّه لو أدركنا آباءنا لقتلناهم، لكن أبا جندل لم يجبه الى قتل أبيه خشية الفتنة (1) وعملا بما أمره به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الصبر والاحتساب (2) وقال لعمر. مالك لاتقتله أنت ؟قال عمر. نهانا رسول اللّه عن قتله وقتل غيره (3) فقال أبو جندل. ما أنت أحق بطاعة رسول اللّه مني (4).

ورجع مع أبيه الى مكة في جوار مكرز وحويطب فأدخلاه مكاناً وكفا

ص: 177


1- اذ لو قتل يومئذ سهيل لكان بين قريش والمسلمين فتنة تجتاحهما جميعاً ويكون شرها مستطيراً فالحمد للّه على العافية (منه قدس).
2- لا يخفى مافى اغراء أبي جندل بقتل أبيه من المعارضة لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في أمره أياه بالصبر والاحتساب (منه قدس).
3- لا يخفى مافى اغراء أبي جندل بقتل أبيه من معارضة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فى نهيه اياهم عن قتل سهيل،وغيره فهنا معارضتان لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) احداهما في أمره، والثانية فى نهيه (منه قدس).
4- ولابي جندل هذا أخ هو عبد اللّه بن سهيل بن عمر، كان اسلامه سابقاً على اسلام شقيقه أبي جندل، لان عبد اللّه خرج مع المشركين الى بدر، وكان قبل ذلك مسلماً لكنه كنم اسلامه حتى أتى بدراً فانحاز فيها الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وشهد معه بدراً والمشاهد كلها، أما أبو جندل فأول مشاهده الفتح (منه قدس).

عنه أباه وغيره، وفاء بالجوار، وجعل اللّه بعد ذلك له ولسائر المستضعفين من المؤمنين فرجاً ومخرجاً، (1) كما ستسمعه ان شاء اللّه تعالى قريباً، والحمد للّه الذي نصر عبده وأنجز وعده.

عائدة الصلح

كفى بالصلح عائدة انه كان سبباً في اختلاط المسلمين بالمشركين، فكان المشركون يأتون بعده الى المدينة، كما ان المسلمين كانوا يأتون مكة.

فاذا جاء المشركون الى المدينة، ورأوا رسول اللّه بهرهم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأخلاقه وقدسي سيرته، وعظم في أنفسهم أمره، هدياً ورأياً وسمتاً ونعتاً، وقولا وفعلا وراقهم الاسلام بشرائعه وأحكامه، من حلاله وحرامه، وعباداته ومعاملاته، وسائر نظمه، وبالغ حكمه، وملكهم القرآن بآياته وبيناته، فأخذ بسمعهم و أبصارهم وأفئدتهم، وأدهشهم أصحاب رسول اللّه بتعبدهم بأوامره وزواجره فاذا هؤلاء على مقربة من الايمان بعد ان كانوا قبل صلح الحديبة في منتهى العمه والطغيان، واذا هم يرجعون الى اهليهم كمبشرين بمحمد ومنذرين بفتحه.

واذا أتى المسلمون مكة وخلوا بأرحامهم وأصدقائهم لا يألونهم نصحاً ودعاية الى اللّه ورسوله بما يوقفونهم عليه من اعلام النبوة وآيات الاسلام، ومافي

ص: 178


1- صبر أبي جندل في سبيل اللّه : راجع المسيرة الحلبية ج 2 / 708 - 711، السيرة النبوية ازين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 2 / 182 ط البهية. وقريب منه : فى الكامل لابن الاثير ج 2/ 139 ط دار الكتاب العربي، الطبقات لابن سعد ج 97/2.

القرآن الحكيم من علم وحكمة، ونظم اجتماعية، وسنن وفرائض و آداب وأخلاق، ومواعظ و عبر، وأخبار الامم الماضية، والقرون الخالية، فاذا هؤلاء أيضاً مبشرون - ببطن مكة - ومنذرون، وقد كان لعملهم هذا أثره العظيم في تسهيل أمر الفتح بلاقتال ولاممانعة، والحمد للّه.

وهناك من فوائد الصلح ماحصل بمجرد اجتماع المشركين مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الحديبية، ووقوفهم على هديه وخلقه بامعان، وكان أكثر قريش - اذ ذاك - لا يعرفون منهما شيئاً، ولاسيما شبابهم، اذ كان أبو جهل والوليد وأبو سفيان وشيبة وعتبة وأمثالهم من مشيخة الاوثان والجاهلية أرجفوا برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وتسنى لهم تسميم الرأى العام الجاهلي فيه، وقد أجلبوا عليه بكل مالديهم من حول وطول، وبكل ما يستطيعونه من فعل وقول، ليطفئوا نور اللّه بأفواههم ويأبى اللّه الا أن يتم نوره.

قصدوه وهو في دار هجرته محاربين ليقتلوه وأصحابه، وليستأصلوا شأفة الذين آووه ونصروه بغياً وعدواناً، فنصره اللّه عليهم في بدر وأحد والاحزاب «فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (1).

لكن ظل أهل مكة - بعد هذه الحروب - على ضلال رأيهم المسموم في رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذ لم تره أعينهم بعد الهجرة، ولم يبلغهم عنه الا ما سمعوه من اولئك المرجفين، فلما كان يوم الحديبية، واختلطوا به وبأصحابه، رأوا منه خلقاً عظيماً.

كانوا كلما تبغضوا اليه بجفاء وسوء صنع، تحبب اليهم بحنو وعاطفة وحسن صنع، فاذا قسوا وأغلظوا له لان وخفض لهم جناح الرحمة، مستمراً

ص: 179


1- سورة الانعام : 45.

معهم على هذه الحال، يقابل اساءتهم باللقيا عليهم، والاحسان اليهم ؟ عملا بقوله تعالى: «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ، وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» (1).

كان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يومئذ قادراً على دخول مكة وزيارة البيت عنوة، بدليل قوله تعالى في هذه الواقعة : «وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا» (2) وقوله فيها أيضاً عز من قائل «وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ» (3).

وكان المشركون على يقين من ظفره عليهم لو قاتلهم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد علموا باصرار أصحابه عليه في القتال، وأنه أبى عليهم ذلك كل الاباء، ايثاراً للسلم وحسن عواقبه، وحقناً للدماء، واحتراماً للحرم، واحتياطاً على حرماته، وأدركت قريش اشفاقه عليها، ورعايته لحقوقها الرحيمة منه، وانّه لذلك «قبل المهادنة على مافيها من الشروط القاسية» لم تأخذه الانفة من صدّهم اياه عن المسجد الحرام وارجاعه - على حافزته بأصحابه رغماً لكثير منهم - الى المدينة.

وهذا ما كان في نظر قريش كفارة له عما كان في بدر وأحد والاحزاب، اذ تجلى يومئذ لهم - بكفه عن قتالهم - انه غير مسؤول عن شيء من ذلك، وانما المسؤول عن تلك الدماء المسفوكة انما هم مشائخ قريش كأبي سفيان وأبي جهل وأضرابهما الذين غزوه وهو في مهجره الذي فر منه اليه - فاضطروه الى دفع عدوانهم عنه وعن أصحابه، ولو كفوا عنه وعن الذين آووه ونصروه

ص: 180


1- سورة فصلت : 34 و 35.
2- سورة الفتح : 22.
3- سورة الفتح : 24.

لكف عنهم مقتصراً في دعوته الى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة.

أطفأ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - في الحديبية - وقدة قلوب هؤلاء المشركين، واستل سخائمهم، وأزال أضغانهم، وأغراهم بسادتهم وكبرائهم، حتى أيقنوا بعدوانهم عليه، وجنايتهم على انفسهم، وبهذا لانت قلوبهم مطمئنة بحسن عواقبهم معه اذا انضموا الى لوائه، معتصمين بولائه، حكمة بالغة، أعقبت الفتح المبين، والنصر العزيز، ودخول الناس في دين اللّه أفواجاً (1).

رجوعه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى المدينة

كانت اقامته في الحديبية تسعة عشر يوماً، قفل بعدها الى المدينة، فلما كان بكراع الغميم - موضع بين الحرمين - نزلت عليه سورة الفتح، وعمر لا يزال حينئذ آسفاً من صد المشركين اياهم عن مكة ورجوعهم و هم على خلاف ما كانوا يأملون من الفتح، فأراد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حين نزلت عليه السورة أن يزيل بث عمر، ويذهب برحاء صدره.

فقال له - كما في صحيح البخاري بالاسناد اليه (2) - «لقد أنزلت عليّ سورة هي أحب اليّ مما طلعت عليه الشمس» ثم قرأ : «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا». فقال رجل من اصحابه «ماهذا بفتح (3) لقد صدّ هدينا عن البيت، وصد. هدينا، ورد رجلان من المؤمنين كانا خرجا الينا» فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «بئس

ص: 181


1- السيرة الحلبية ج 711/2.
2- من حديث تجده في باب غزوة الحديبية من الجزء الثالث من الصحيح (منه قدس).
3- يا سبحان اللّه يقول اللّه تعالى : «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا» الى آخر السورة، ويتلوها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نفسه عن اللّه عز وجل، وهذا الرجل يقول : ما هذا بفتح ؟! فمن هو هذا الرجل ياترى ؟! ليتكم تعرفونه (منه قدس).

الكلام هذا بل هو أعظم الفتح، قد رضي المشركون أن يدفعوكم بالبراح عن بلادهم، ويسألوكم الفضية، ويرغبوا اليكم في الامان، وقد رأوا منكم ماكرهوا، وأظفركم اللّه عليهم، وردكم سالمين مأجورين، فهو أعظم الفتوح أنسيتم يوم أحد اذ تصعدون ولاتلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم ؟؟ أنسيتم يوم الاحزاب «إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا».

فقال المسلمون : صدق اللّه ورسوله، واللّه يا نبي اللّه ما فكرنا فيما فكرت فيه، ولانت أعلم باللّه وبأوامره منا (1).

لكن قال عمر حينئذ : يارسول اللّه ألم تقل انك تدخل مكة آمنا؟

قال : بلى، أفقلت لكم من عامي هذا ؟ قال : لا... الحديث (2).

وعن سعيد بن منصور باسناد صحيح الى الشعبي في قوله تعالى : «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا» قال : لم يكن في الاسلام فتح قبله أعظم منه، فانه لما كانت الهدنة ووضع الحرب، وأمن الناس بعضهم بعضا ؟ والتقوا وتفاوضوا في الحديث والمنازعة، لم يكلم أحد من المسلمين ذا عقل في تلك المدة

ص: 182


1- راجع قصة الحديبية من السيرة النبوية الدحلانية وغيرها تجد كلما قلناه بنصه (منه قدس). معارضة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 / 105.
2- تجده في السير الحلبية وغيرها (منه قدس). صحيح البخاري، السيرة الحلبية ج 2 / 715، السيرة النبوية ازين دحلان. و ذکر صدره في: الكشاف ج 541/3، تفسير القرطبي ج260/16، سورة الفتح آية : 1.

بالاسلام الا دخل فيه، وقد دخل في تينك السنتين مثل من كان دخل في الاسلام قبل ذلك أو أكثر (قال) : ويدلك عليه أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خرج الى الحديبية في ألف وأربعمائة، ثم خرج بعد سنتين الى فتح مكة في عشرة آلاف (قال) : ومما ظهر من مصلحة الصلح أنه كان مقدمة بين يدي الفتح الاعظم الذي دخل الناس عقبه في دين اللّه أفواجا فكان صلح الحديبية مقدمة الفتح، فسميت فتحاً اذ مقدمة الظهور ظهور» ا ه_ (1).

الفرج الذي وعد به المستضعفون

مرّ عليك حديث أبي جندل اذ احتال حتى خرج من السجن وتنكب الطريق يرسف في قيوده، حتى هبط على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهو في الحديبية مستغيثاً به وحيث لم يتمكن يومئذ من اغائنه اعتذر اليه وعزاه، وأمره بالصبر والاحتساب فكان مما قاله له : «ان اللّه جاعل لك و لمن معك من المستضعفين فرجاً و مخرجاً» (2).

وكان في المستضعفين المعذبين في مكة رجل من أبطال المسلمين يدعى أبا بصير (3) احتال حتى خرج من السجن ففر هارباً الى رسول اللّه و

ص: 183


1- السيرة النبوية لابن كثير ج 3 / 324 : الكامل لابن الاثير ج 2/ 139 ط دار الكتاب العربي.
2- الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعد المستضعفين بالفرج : الكامل لابن الاثير ج 2 / 139 ط دار الكتاب، الطبقات لابن سعد ج97/2، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 192/2 ط البهية.
3- واسمه عتبة بن أسيد بن جارية بن أسيد الثقفى ترجم له أبو عمر يوسف بن عبد البر في الكنى من استيعابه وغير واحد من أصحاب المعاجم، وقصته هذه ذكرها ابنه اسحاق وغيره من أهل السير والاخبار وهى من أشهر القضايا نقلناها عن الحلبي في سيرته (منه قدس). راجع : الاستيعاب لابن عبد البر في ترجمة أبي بصير ج 20/4، الكامل لابن الاثير ج 2/ 139 ط دار الكتاب العربى.

هو في المدينة بعد رجوعه من الحديبية، فكتبت قريش في رده كتاباً بعثت به رجلا من بني عامر يقال له خنيس ومعه مولى يهديه الطريق، فقد ما على رسول اللّه بالكتاب غاذا فيه قد عرفت ما شارطناك عليه من رد من قدم عليك من أبنائنا فابعث الينا أبا بصير».

فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «يا أبا بصير انا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت، و لا يصح الغدر منا فان اللّه جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً فانطلق راشداً».

قال : «يا رسول اللّه انهم يفتنوني عن ديني».

قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «يا أبا بصير انطلق فأن اللّه سيجعل لك و لمن حولك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً» فودّع الرجل رسول اللّه وانطلق معهما، حتى اذا كانوا بذي الحليفة جلس الى جدار و معه صاحباه. فقال لاحدهما : «أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر ؟» قال : «نعم» قال أبو بصير : «أرنيه» فناوله اياه فاسنله أبو بصير، ثم علاه فاذا هو يتشحط بدمه. ثم هم بالثاني فهرب منه حتى أتى رسول اللّه، فلما رآه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والحصى يطير من تحت قدميه من شدة عدوه، وأبو بصير في أثره.

قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «قد رأى هذا ذعراً» فلما انتهى الى النبي قال له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «ويحك ؟ مالك ؟» قال «ان صاحبك قتل صاحبي وأفلت منه ولم أكد، واني لمقتول فأغثني يا محمد» فأمنه رسول اللّه، واذا بأبي بصير يدخل متوشحاً سيفه يقول:

ص: 184

«بأبي أنت وأمي يارسول اللّه وفيست ذمتك أسلمتني بيد القوم وقد امتنعت منهم بديني أن أفتن فيه أو يفتن بي». فقال له : «اذهب حيث شئت»، فقال : «یارسول اللّه هذا سلب العامري الذي قتلته، رحله وسيفه فخمسه».

فقال له (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «اذا خمسته رأوني لم أوف لهم بالذي عاهدتهم عليه ولكن شأنك بسلب صاحبك» وعند ذلك هب أبو بصير الى محل من طريق تمر به عيرات قريش واجتمع اليه جمع من المسلمين المستضعفين الذين كانوا قد احتبسوا بمكة اذ بلغهم خبره وان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال في حقه : «انه مسعر حرب لوكان معه رجال» فتسللوا حينئذ اليه وانفلت أبو جندل بن سهيل ابن عمرو، وخرج من مكة في سبعين فارساً أسلموا فلحقوا بأبي بصير، و كرهوا ان يقدموا على رسول اللّه في تلك المدة - مدة المهادنة - وانضم اليهم ناس من غفار، وجهينة، وأسلم، وطوائف أخر من العرب حتى بلغوا ثلثمائة مقاتل، فقطعوا مارة قريش، لا يظفرون بأحد منها الا قتلوه، ولا مرّ بهم عير الا أخذوها، ومنعوا الدخول الى مكة والخروج منها، فاضطرت قريش أن تكتب لرسول اللّه تسأله بالارحام التي بينه وبينها، الا آواهم، وأرسلت أبا سفيان بن حرب في ذلك، فأبلغه أبو سفيان: «انا أسقطنا هذا الشرط من شروط الهدنة، فمن جاءك منهم فأمسكه من غير حرج» وحينئذ كتب رسول اللّه الى أبي جندل وأبي بصير ان يقدما عليه، وان يلحق من معهما من المسلمين بأهليهم، ولا يتعرضوا لاحد مر بهم من قريش ولا لعيراتهم، فقدم كتاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عليهما وأبو بصير (رضي اللّه عنه) يموت، فمات والكتاب في بده، فدفنه أبو جندل مكانه، وجعل عند قبره مسجداً، وقدم أبو جندل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مع ناس من أصحابه، ورجع باقيهم الى أهليهم، وأمنت قريش على عيراتهم.

ص: 185

وحينئذ عرف الصحابة الذين عظم عليهم رد أبي جندل الى قريش مع أبيه - ان طاعة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خير مما أحبوه، وعلموا أن الحكمة كانت فى الحديبية توجب الصلح فرضاً على التعيين، وأنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لا ينطق عن الهوى وندموا كل الندم على ما بدر منهم من هناة معترفين بالخطأ، وقدرت قريش موقفه يومئذ معها في حقن دمائها، وحسن عواقبها، وعرفوه صادق الضمير، مخلص السريرة ودوداً مشفقاً، والحمد للّه رب العالمين (1).

صلاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على ابن أبي المنافق

المورد - (18) - صلاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علی ابن ابی المنافق

وقد عارضه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بغلظة وعنف، وحسبك من عنفه يومئذ ما أثبته أهل الصحاح والمسانيد، وأرسله أهل الاخبار والسير ارسال المسلمات (2).

واليك منه ما أخرجه البخاري في كتاب اللباس من صحيحه (3) بسنده الى عبداللّه بن عمر قال لماتوفي عبد اللّه بن أبي جاء ابنه فقال : يارسول اللّه

ص: 186


1- السيرة الحلبية ج 718/2 - 721، الاستيعاب بهامش الاصابة ج20/4، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 2 / 192 - 193. وقريب منه في : الكامل لابن الاثير ج 2/ 139، الطبقات لابن سعد ج 134/4.
2- شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 87/12ط أبو الفضل، الطرائف لابن طاوس ج 443/2 عن الجمع بين الصحيحين.
3- فى ص 18 من جزئه الرابع، وأخرجه أيضاً في باب قوله تعالى : (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ)، من تفسير سورة التوبة ص 92 من الجزء الثالث من الصحيح. ورواه الامام أحمد وغير واحد من حديث عبداللّه بن عمر وغيره في مسانيدهم فراجع (منه قدس).

أعطني قميصك أكفنه فيه، وصل عليه واستغفر له، فأعطاه قميصه (1) وقال له اذا فرغت منه فآذنا، فلما فرغ منه آدنه به، فجاء (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ليصلي عليه، فجذبه عمر فقال له : أليس قد نهاك اللّه أن تصلي على المنافقين ؟! فقال لك «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ». (قال ابن عمر) فنزلت (بعد ذلك) «وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ على قبره» (قال): فترك الصلاة عليهم بعد نزولها (2).

كان عمر فهم النهي عن الصلاة على المنافقين من قوله تعالى «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ..» (الاية) - وهذا خطأ في فهمها كما سنوضحه - وكأن هذه الآية نزلت قبل الصلاة على هذا المنافق، فلما رأى عمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) واقفاً ليصلي عليه، توهم انه خالف النهي، فلم يتمالك من غضبه وانكاره، فجذبه من موقفه منكراً عليه ما توهمه من المخالفة.

حاشاه، وحاشا للّه، ومعاذ اللّه ونعوذ باللّه. فان قوله تعالى «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ» ليس من النهي في شيء ما اصلا، وانما هو مجرد اخبار بعدم انتفاعهم باستغفاره لهم، وان استغفاره لهم وان كثر، وعدم استغفاره لهم بالمرة على حد سواء في عدم المغفرة لهم.

ص: 187


1- وقد قيل له لم أعطيته قميصك ؟ فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ان قميصى لم تغن عنه من اللّه شيئاً، وأنى أرجوا أن يدخل به فى الاسلام خلق كثير». قلت : وقد حقق اللّه بذلك رجاءه (منه قدس).
2- صحيح البخارى ك اللباس، صحيح البخارى أيضاً ك التفسير باب تفسير صورة التوبة، مسند أحمد عن عبد اللّه بن عمر، صحيح مسلم ك صفات المنافقين ج 8/ 120، الكامل لابن الاثير ج 2 / 199 ط دار الكتاب العربي.

والامة مجمعة على ان النهي عن الصلاة على المنافقين انما كان بقوله تعالى: «وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ»، وان ذلك انما نزل بعد هذه الواقعة بالاجماع على ان هذا الحديث - حديث ابن عمر الذي تلوناه عليك الان - بمجرده صريح في ذلك، فتدبر آخره تجده نصاً في تأخره عن هذه الواقعة.

لذلك لم يأبه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لهذه المعارضة، لكنه وسعها بحلمسه العظيم، وحكمته البالغة جرياً على عادته المستمرة، فلما أكثر عمر عليه واقفاً ازاء صدره يمنعه من الصلاة بكلام كنا نربا بمثله ان يواجه به رسول اللّه قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - من حديث صحيح - : أخر عني يا عمر اني خبرت، قيل لي : «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ» فلو أعلم أني ان زدت على السبعين غفر اللّه له لزدت، ثم صلى عليه، ومشى خلفه وقام على قبره... (الحديث) (1).

قلت: جرى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في صلاته على ابن أبي»، حسبما اقتضاه يومئذ تكليفه من المعاملة على مقتضى الظاهر، ولم يكن ابن أبي) في عداد الكافرين الذين أبوا الدعوة الى الاسلام فردوها وانما كان ممن أجاب الدعوة في ظاهر حاله، ونطق بالشهادتين ولم يتظاهر بالردة وانما نافق، ولم يكن حينئذ نهى عن الصلاة على المنافقين كما سمعت فصلى عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جرياً على ظاهر حكم

ص: 188


1- أخرجه بالاسناد الى عمر كل من البخارى ومسلم والترمذى والامام أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وغيرهم فيما نقله المتقى الهندى عنهم جميعاً في اول ص 247 من الجزء الأول من كنز العمال. وهو الحديث 4403 من أحاديث الكنز (منه قدس). وراجع : الكامل في التاريخ ج 2/ 199 ط بیروت.

الاسلام، واستئلافاً لقومه الخزرج، وقد أسلم بذلك منهم الف رجل، فكان قميص النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وصلاته هذه مما فتح اللّه به على المسلمين فتحاً مبيناً و الحمد اللّه ربّ العالمين (1).

وحينئذ ندم عمر على تسرعه، وكان بعد ذلك يقول - من حديث له - : أصبت في الاسلام هفوة ما أصبت مثلها قط، أراد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يصلي على عبد اللّه بن أبي فأخذت بثوبه فقلت له : واللّه ما أمرك اللّه بهذا لقد قال اللّه لك : «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ» (قال) فقال رسول اللّه : خيرني ربي فقال : «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ» فاخترت... (الحديث) (2).

صلاته على بعض المؤمنين

المورد - (19) صلاته على بعض المؤمنين.

وذلك فيما أورد ابن حجر العسقلاني في ترجمة أبي عطية من الجزء الرابع من اصابته، اذ قال : أخرج البغوي، وأبو أحمد الحاكم من طريق اسماعيل بن عياش، وروى الطبراني من طريق بقية، كلاهما عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن أبي عطية :

«ان رجلا توفى على عهد رسول اللّه فقال بعضهم - يعني عمر : يارسول اللّه لاتصلّ عليه، فقال رسول اللّه : هل رآه أحد منهم على شيء من أعمال الخير ؟. فقال رجل حرس معنا ليلة كذا وكذا. فصلى عليه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

ص: 189


1- وأما الشيعة الامامية فيرون ان الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دعا عليه وهى صلاة صورية كما في صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) راجع وسائل الشيعة ج 2 ص 770، الجواهر ج 13 ص 50.
2- أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن عمر وهو الحديث 4404 من أحاديث الكنز فراجع هذا والذى قبله في كل من الكنز ومنتخبه المطبوع في هامش مسند الامام أحمد (منه قدس).

ثم مشى معه الى قبره، ثم حثا عليه وهو يقول : ان أصحابك يظنون انك من أهل النار، وأنا أشهد أنك من أهل الجنة، ثم قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعمر : انك لاتسأل عن أعمال الناس، وانما تسأل عن الغيبة... (الحديث) (1).

وأورده أيضاً في ترجمة أبي المنذر من الاصابة، اذ قال : أخرج مطين عن محمد بن حرب الواسطي عن عن حماد بن خالد عن هشام بن سعد، عن يزيد بن ثعلب عن أبي المنذر : أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حثا في قبره ثلاث حثيات.

(قال) : وأخرجه الطبراني مطولا عن عمرو بن أبي الطاهر بن السرح عن أبيه عن عبد اللّه بن نافع عن هشام بن سعد ان رجلا جاء الى النبي فقال: يارسول اللّه ان فلاناً هلك فصل عليه. فقال عمر: انه فاجر فلاتصل عليه فقال الرجل: يارسول اللّه أرأيت الليلة التي أصبحت فيها في الحرس فانه كان فيهم فقام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثم اتبعه حتى اذا فرغ منه، حثا عليه ثلاث حثيات، وقال : يثني الناس عليه شراً، وأثني عليه خيراً، فقال عمر : وما ذاك يارسول اللّه ؟ فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): دعنا منك ياعمر من جاهد في سبيل اللّه وجبت له الجنة (قال) : أبو موسى في الذيل تقدم هذا المتن من حديث أبي عطية: «قال ابن حجر في أبي المنذر» قلت : وحديث أبي المنذر أخرجه أبو داود كتاب المراسيل عن أحمد بن منيع عن حماد بن خالد كرواية ابن نافع ولم يذكره أبو أحمد في الكنى) قال (وأما حديث أبي عطية فقد تقدم كما قال أبو موسى في ترجمته (قال) وذكره الحاكم أبو أحمد وقال : أخلق بهذا أن يكون صحابياً، لكن مخرج الحديثين مختلف وان تقاربا في سياق المتن. انتهى بلفظ الاصابة في ترجمة أبي المنذر (2).

ص: 190


1- الاصابة لابن حجر ج134/4 ط 1 بمصر.
2- الاصابة لابن حجر ج 4 / 185 ط 1 بمصر ترجمة أبي المنذر.

تبشير النبى بعض المؤمنين بالجنة ومنع عمر من ذلك

المورد - (20) -

تبشيره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالجنة لكل من لقي اللّه عز وجل بالتوحيد، مطمئناً به قلبه. وذلك حيث اقتضت حكمة اللّه تعالى ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يؤذن في الناس بهذه البشرى، تبياناً للحقيقة من عاقبة الموحدين، وكشفاً عن الواقع من أمرهم، وتنشيطاً لاهل الايمان، وترغيباً فيه، وقد أمر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أبا هريرة بذلك فقال له : اذهب فمن لقيته يشهد أن لا اله الا اللّه مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة. فكان أول من لقيه عمر فسأله عن شأنه، فأخبره بما أمره به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال أبو هريرة - فيما أخرجه بالاسناد اليه مسلم في صحيحه (1) -. فضرب عمر بيده بين ثديي فخررت لاستي، فقال : فقال : ارجع يا أبا هريرة، فرجعت الى رسول اللّه فأجهشت بكاء، وركبني عمر واذاهو على أثري. فقال لي رسول اللّه : مالك يا أبا هريرة ؟ فقلت : لقيت عمر فأخبرته بالذي بعثتني به فضرب بين ثديي ضربة فخررت لاستي فقال ارجع. فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ياعمر ما حملك على ما فعلت؟ قال يارسول اللّه أبعثت أبا هريرة بان من لقى اللّه يشهد أن لا اله الا اللّه مستيقناً بها قلبه يبشره بالجنة؟ قال رسول اللّه : نعم. قال: لا نفعل فاني أخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون قال رسول اللّه : فخلهم اه_ (2).

ص: 191


1- راجع باب (من لقى اللّه تعالى بالايمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار) من أوائل جزئه الأول (منه قدس).
2- راجع : صحيح مسلم ج 44/1، الغدير ج 176/6، سيرة عمر لابن الجوزى ص 38، شرح ابن أبى الحديد ج 3/ 108 و 119 ط 1، فتح الباری ج1 / 184، الطرائف لابن طاوس ج 437/2 عن الجمع بين الصحيحين.

وللنووي هنا عذر عن هذه المعارضة، نقله عن القاضي عياض وغيره، حاصله ان عمر لم يكن في هذه الواقعة معترضاً على رسول اللّه، أو راداً عليه فيما بعث به أبا هريرة من تبشير المؤمنين بالجنة، ولكنه خشي أن يتكل المؤمنون على البشرى اذا بلغتهم، ويتركوا العمل، فرأى ان كتمها عنهم أصلح لهم، وأعود عليهم بالخير من ابلاغهم اياها، وهذا ما دعاه الى ضرب أبي هريرة و ارجاعه على حافرته، وهو الذي حمله على القول لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لا تفعل نهياً له عما كان قد أصدر أمره به من تبشير المؤمنين بالجنة (1).

وأنت تعلم أن عذرهم هذا لا يعدو ما قلناه من اجتهاده في مقابل النص، وتقديمه الرأى الاجتهادي في مقام العمل على التعبد بالنصوص.

على أنه فى هذه الواقعة لم يقتصر على نفسه في مقابلة النص، حتى حمل عليها أبا هريرة بالعنف مهانة وضرباً خر به لاسته، ولم يقف على هذا الحد حتى كلف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالعدول عما كان قد أصدر به أمره اذ قال بكل جرأة وصراحة: لا تفعل.

لكنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وسعه بعلمه وطول أناته، وكان كما قال اللّه تعالى: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ» (2).

لم يكن لهذه المعارضة عنده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أي أثر، وقد بلغ تلك البشرى للامة بنفسه متوكلا على اللّه، فسمعها منه عمر نفسه، وعثمان بن عفان ومعاذ بن جبل

ص: 192


1- شرح النووى على صحيح مسلم ج ص.
2- سورة آل عمران : 159.

وعبادة بن الصامت وعتبان بن مالك (1) وغيرهم حتى تجاوزت حد التواتر، فكانت من الضروريات بين المسلمين على اختلافهم في المذاهب و المشارب (2).

وان مما يدهش العقلاء، قول هؤلاء العلماء الاجلاء - العلامة النووي و القاضي عياض وأمثالهما - : ان الصواب في هذه الواقعة انما كان في جانب عمر وادّعوا ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صوبه حين عرض عليه رأيه، فحق لنا بهذا، ان نعوذ باللّه من كل محال ونبرأ اليه من كل باطل.

واليك كلام النووي قال (3) : وفي هذا الحديث - أي حديث أبي هريرة في هذه الواقعة - دليل على أن الامام والكبير مطلقاً اذا رأى شيئاً ورأى بعض أتباعه خلافه، ينبغي للتابع أن يعرضه على المتبوع لينظر فيه، فان ظهر له ما قاله التابع هو الصواب، رجع المتبوع اليه، والا بين للتابع جواب الشبهة التي عرضت له..

قلت : انما يصفى بهذا الكلام اذا لم يكن المتبوع نبياً بحق، أما اذا كان نبياً فليس لاحد من الامة كافة الا السمع والطاعة والايمان الخالص من كل شبهة «وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ

ص: 193


1- وحديث هؤلاء موجود في باب (من لقى اللّه بالايمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة) من أوائل صحيح مسلم (منه قدس).
2- صحیح مسلم ج 41/1 ط مشكول. وراجع أيضاً : الغدير ج176/6.
3- في ص 404 من الجزء الاول من شرحه لصحيح مسلم المطبوع في هامش شرحی البخاری - ارشاد السارى، وتحفة الباري - (منه قدس).

إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ»(1) «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ» (2) «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ۚ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (3) «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ» (4) «فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ* لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ» (5).

متعة الحج اذ نهى عنها عمر

المورد - (21) - متعة الحج اذ نهى عنها عمر :

وقد عملها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأمر بها عن اللّه عز وجل، وهي ممانص الذكر الحكيم [عليها ظ] بقوله عز من قائل في سورة البقرة: «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ (6) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ (7)

ص: 194


1- سورة الحشر آية : 7 - 8.
2- سورة التكوير آية : 19 - 22.
3- سورة الحاقة آية : 40 - 43.
4- سورة النجم آية : 2 - 6.
5- سورة التكوير آية : 26 - 29.
6- أى فعليه ما تيسر له على الهدى (منه قدس).
7- أى فمن لم يجد الهدى ولائمنه فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج هي يوم السابع من ذى الحجة ويوم الثامن منه وهو يوم التروية ويوم التاسع وهو يوم عرفة، وان صام أول العشرة جاز له ذلك رخصة، وان صام يوم التروية ويوم عرفة قضى يوماً آخر بعد انقضاء أيام التشريق، وان فاته صوم يوم عرفة أيضاً صام الايام الثلاثة بعد أيام التشريق متتابعات (منه قدس).

وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ (1) تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (2).

صفة هذا التمتع

أما صفة التمتع بالعمرة الى الحج، فهي أن ينشىء المتمتع بها أحرامه في أشهر الحج (3) من الميقات فيأتي مكة ويطوف بالبيت ثم يسعى بين الصفا والمروة ثم يقصر ويحل من أحرامه فيقيم بعد ذلك حلالا، حتى ينشيء في تلك السنة نفسها احراماً آخر للحج من مكة والافضل من المسجد، ويخرج الى عرفات، ثم يفيض الى المشعر الحرام، ثم يأتي بأفعال الحج على ماهو مفصل في محله هذا هو التمتع بالعمرة الى الحج (4).

قال الامام ابن عبدالبر القرطبي: لا خلاف بين العلماء أن التمتع المراد بقوله تعالى : «فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ» هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج (5) قلت : وهو فرض من نأى عن

ص: 195


1- أى رجعتم الى بلادكم (منه قدس).
2- أى ذلك الذى تقدم ذكره حول التمتع بالعمرة الى الحج ليس لاهل مكة ومن يجرى مجراهم فى القرب اليها كما بيناه في الاصل (منه قدس). سورة البقرة آية : 196 وراجع : مقدمة مرآة العقول ج 205/1، تفسير القرطبي ج 2 / 388.
3- وهي شوال وذو القعدة وذو الحجة (منه قدس).
4- راجع : العروة الوثقى المسيد كاظم اليزدى ج 540/2، اللمعة الدمشقية ج 304/2، جواهر الكلام للشيخ محمد حسن النجفى ج 2/18 - 5، مجمع البيانج 291/2.
5- نقل الفاضل النوونى هذا القول عن ابن عبدالبر في بعض بحثه عن حج التمتع من شرحه لصحيح مسلم، وشرح مسلم مطبوع على هامش شرحی البخاری فراجع منه ما هو في هامش ص 46 من الجزء السابع من الشرحين (منه قدس). تفسير القرطبي ج 391/2.

مكة بثمانية وأربعين ميلا من كل جانب على الاصح (1).

وانما أضيف الحج بهذه الكيفية الى التمتع، أوقيل عنه: التمتع بالحج لما فيه من المتعة: أي اللذة باباحة محظورات الاحرام في المدة المتخللة بين الاحرامين وهذا ما كرهه عمر وبعض أتباعه فقال قائلهم - كما أخرجه أبو داود في سننه (2). - : أننطلق الى منى وذكورنا تقطر ؟ (3).

ص: 196


1- للاخبار الصحيحة الدالة عليه، وقيل يعتمر بعده عن مكة باثني عشر ميلا من كل جانب حملا للثمانية والاربعين على كونها موزعة على الجهات الاربع (منه قدس). لصيحة زرارة عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وغيرها راجع : وسائل الشيعة ج 187/8 ك الحج ب 6 من أبواب أقسام الحج، العروة الوثقى ج 2 / 535، جواهر الکلام ج6/18، اللمعة الدمشقية ج 204/2، جامع أحاديث الشيعة ج 345/10.
2- سنن أبي داود مطبوعة في هامش شرح الزرقاني لموطىء مالك وهذا الحديث تجده بعين لفظه في هامش ص103 من الجزء الثانى من شرح الزرقاني فراجع (منه قدس).
3- سنن أبي داود ج 2/ 213 ح1789 تحقيق محمد عبد الحميد، تفسير القرطبي ج 395/2، صحيح مسلم ك الحج باب وجوه الاحرام ج 37/4 ط العامرة، صحيح البخاري ك التمنى باب لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ج 213/1 وج4 / 166، مسند أحمد ج 305/3، ط 1، سنن البيهقى ج 3/5 باب من اختار الافراد وج338/4 زاد المعاد ج 246/1 فصل في احلال من لم يكن ساق الهدى، مقدمة مرآة العقول ج 214/1. وفي لفظ عمر : تقطر رؤسهم. راجع : صحيح مسلم ج 46/4.

وفي مجمع البيان. ان رجلا قال انخرج حجاجاً ورؤوسنا تقطر؟ وان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال له انك لن تؤمن بها أبداً (1).

وعن أبي موسى الاشعري. أنه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل. رويدك ببعض فتياك فانك لاتدري ما أحدث أمير المؤمنين - عمر - في النسك بعدك، حتى لقيه أبو موسى بعد فسأله عن ذلك، فقال عمر: قد علمت ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد فعله هو وأصحابه، ولكن كرهت ان يظلوا بهن معرسين في الاراك ثم يروحون بالحج تقطر رؤوسهم (2).

وعن أبي موسى من طريق آخر أن عمر قال: هي سنة رسول اللّه - يعني المتعة - لكني أخشى أن يعرسوا بهن تحت الاراك ثم يروحون بهن حجاجاً (3).

ص: 197


1- راجع تفسير الآية 195 من سورة البقرة من المجمع «فمن تمتع بالعمرة الى الحج»، (منه قدس). مجمع البيان ج 2 / 291، وسائل الشيعة ج 151/8 ك الحج أبواب أقسام الحج ب 2 ح 4 و 14، جامع أحاديث الشيعة ج 332/10، جواهر الکلام ج3/18.
2- أخرجه الامام أحمد من حديث عمر في ص 50 من الجزء الأول من مسنده (منه قدس). وراجع: مسند أحمد ج 1 / 50، سنن ابن ماجة ج 229/2 وفی طبع محمد فؤاد عبدالباقی ج 2 / 992 ح 1979، صحیح مسلم ج 1 / 472، سنن البيهقى ج 20/5، سنن النسائي ج 5 / 153، تيسير الوصول ج 288/1، شرح الموطأ للزرقانی ج 179/2، الغدیر ج 200/6.
3- أخرجه الامام أحمد من حديث عمر في ص 49 من الجزء الاول من مسنده (منه قدس). مسند أحمد ج 49/1، الغدير ج 202/6 عن المسند. وعن ابن عباس قال : «سمعت عمر يقول: واللّه اني لانها كم عن المتعة وانها لفي كتاب اللّه ولقد فعلتها مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعنى العمرة في الحج». راجع : سنن النسائى ج 2/ 19، تاریخ ابن کثیر ج109/5. اعتراف عمر ان الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فعل متعة الحج وهي في كتاب اللّه : صحیح مسلم ص 896 ح157، مسند الطيالسي ج 2 / 51670، مسند أحمدج 49/1 و 50 ط 1، سنن ابن ماجة ص 692 ح 2979، كنز العمال ج 5 / 86 ط 1، مقدمة مرآة العقول ج 225/1، حلية الأولياء ج 205/5.

وعن أبي نضرة قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها قال: فذكرت ذلك لجابر بن عبد اللّه فقال: على يدي دار الحديث، تمتعنا مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلما قام عمر أي بأمر الخلافة - قال : ان اللّه كان يحل لرسوله ماشاء بماشاء، وان القرآن قد نزل منازله، فأتموا الحج والعمرة كما أمركم اللّه (1) وأبتوا نكاح هذه النساء، فلن أوتى برجل نكح امرأة الى أجل الا رجمته بالحجارة (2).

ص: 198


1- ما أدرى واللّه ما المراد بهذا الكلام فهل كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يتم الحج والعمرة على خلاف ما أمر اللّه ؟!. وهل كان ه-و ومخاطبوه أعرف منه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأوامر اللّه ونواهيه ؟! (منه).
2- راجع من صحيح مسلم الباب فى المتعة بالحج ص 467 من جزئه الأول تجد هذا الحديث وتجد بعده بلافصل حديثاً آخر هو أصرح في زجره عن التمتع بالعمرة الى الحج (منه قدس). وراجع : صحيح مسلم باب المتعة في الحج ج 467/1 وفي طبع العامرة ج4 / 38، سنن البيهقى ج 5 / 21 وفى ج 7 / 206 بتفصيل أكثر، أحكام القرآن للجصاص ج 7 178/2، تفسير الرازي ج 26/3، کنز العمال ج 293/8، الدر المنثور ج216/1، الغدير ج210/6، البيان للخولى ص 319 عن مسلم والبيهقى، مسند الطیالسی ص 247 ح 1792، الدر المنثور ج 216/1.

وقد خطب الناس ذات يوم فقال وهو على المنبر بكل حرية وكل صراحة «متعتان كانتا على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما : متعة الحج ومتعة النساء» (1).

وفي رواية أخرى (2) أنه قال : أيها الناس ثلاث كن على عهد رسول اللّه وأنا أنهى عنهن، وأحرمهن، وأعاقب عليهن : متعة الحج، ومتعة النساء، وحي على خير العمل» (3).

ص: 199


1- هذا القول مستفيض عنه (وقد نقله الامام الرازي حول تفسير قوله تعالى : فمن تمتع بالعمرة الى الحج. من سورة البقرة. ونقله أيضاً في تفسير قوله عز من قائل: فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ. من سورة النساء فراجع (منه قدس). راجع : تفسير الرازي ج 2 / 167 وج 3/ 201 و 202 ط 1، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 201/12 و 252 و ج 1 / 182، البيان والتبيان للجاحظ ج223/2، أحكام القرآن للجصاص ج 1 / 342 و 345 و ج 2 / 184، تفسير القرطبي ج 2/ 270 وفي طبع آخر ج 39/2، المبسوط للسرخسى الحنفى باب القرآن من كتاب الحج وصححه ج، زاد المعاد لابن القيم ج 444/1 فقال ثبت عن عمر وفى طبع آخر ج205/2 فصل اباحة متعة النساء، كنز العمال ج 293/8 و 294 ط 1، ضوء الشمس ج94/2، سنن البيهقى ج 7 / 206، الغدير للاميني ج 211/6، المغني لابن قدامة ج 527/7، المحلى لابن حزم ج 10/7، شرح معانی الاثار باب مناسك الحج للطحاوى ص374، مقدمة مرآة العقول ج 200/1. وفي رواية اخرى قال عمر : «متعتان كانتا على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلى عهد أبي بكر رضى اللّه عنه وأنا أنهى عنهما». راجع : وفيات الاعيان لابن خلکان ج2 /359 ط ایران، الغدير ج211/6.
2- أرسلها الامام القوشجى ارسال المسلمات فراجعها في أواخر مباحث الامامة من كتابه (شرح التجريد) وهو من أئمة المتكلمين من الاشاعرة، وقد اعتذر بأن هذا القول انما كان من عمر عن اجتهاد (منه قدس).
3- راجع : شرح التجريد للقوشجي ط ایران ص484، الغدير ج 213/6 عن المستبين للطبرى، كنز العرفان ج158/2. السبب في المنع عن عمرة التمتع : عن الاسود بن يزيد قال : «بينما أنا واقف مع عمر بن الخطاب بعرفة عشية عرفة فاذا هو برجل مرجل شعره يفوح منه ريح الطيب فقال له عمر : أمحرم أنت ؟ قال نعم. فقال عمر : ماهيئتك بهيئة محرم انما المحرم الاشعث الاغبر الاذفر قال : اني قدمت متمتعاً وكان معى أهلى وانما أحرمت اليوم فقال عمر عند ذلك لا تتمتعوافي هذه الايام فاني لورخصت في المتعة لهم لعرسوا بهن فى الاراك، ثم راحوا بهن حجاجا». راجع: زاد المعاد ج 1 / 258 و 259 وقال ابن القيم بعد هذه الرواية : وهذا يبين ان هذا من عمر رأى رآه، قال ابن حزم: وكان ماذا وحبذا ذلك وقد طاف النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على نسائه ثم أصبح محرماً ولا خلاف ان الوطء مباح قبل الاحرام بطرفة عين. وراجع أيضاً : كنز العمال ج 5 / 86 ط 1، حلية الاولياء ج 205/5.

فصل

وقد أنكر عليه في هذا أهل البيت كافة، وتبعهم في ذلك أولياؤهم جميعاً (1).

ولم يقره عليه كثير من أعلام الصحابة وأخبارهم في ذلك متواترة (2).

وحسبك منها ما أخرجه مسلم في باب جواز التمتع من كتاب الحج من

ص: 200


1- راجع : جامع أحاديث الشيعة ج 329/10 - 343، وسائل الشيعة ج 151/8 ك الحج ب 2 من أبواب أقسام الحج ح4 و 14، مجمع البیان ج291/2.
2- كما سوف يأتى جملة منها. وقد أنكر عليه أيضاً النظام استاذ الجاحظ وأحد رؤساء المعتزلة كما في الملل والنحل ج 1/ 78ط مصر 1368ه.

صحيحه (1) فان فيه عن شقيق، قال : كان عثمان ينهي عن المتعة، وكان علي يأمر بها، فقال عثمان لعلي كلمة.

ثم قال علي : لقد علمت - باعثمان - انا تمتعنا على عهد رسول اللّه.

فقال عثمان : أجل ولكنا كنا خائفين ! (2).

وفيه عن سعيد بن المسيب، قال : اجتمع علي وعثمان بعسفان، فكان عثمان ينهي عن المتعة والعمرة.

فقال له علي : ماتريد الى أمر فعله رسول اللّه تنهى عنه ؟

فقال عثمان : دعنا منك.

فقال علي : اني لا أستطيع أن أدعك... (الحديث) (3).

وفيه عن غنيم بن قيس، قال : سألت سعد بن أبي وقاص عن المتعة،

ص: 201


1- ص 472 وما بعدها الى ص 475 من جزئه الاول فراجع (منه قدس).
2- صحيح مسلم ك الحج ج 472/1 وفي طبع العامرة ج4 / 46 أنا قد تمتعنا مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال أجل، كنز العمال ج 33/3 ط 1، مسند أحمدج 97/1 ح 756 و ص 60 ح 431 و 432 ط 2، سنن البيهقى ج 22/5، المنتقى ح 2382، مقدمة مرآة العقول ج1 / 229.
3- صحیح مسلم ج 1 / 349 وفى طبع العامرة ج 46/4 فكان عثمان ينهي عن المتعة أو العمرة. وقريب منه في : صحيح البخارى ج 3 / 69 و 71، سنن النسائى ج 5 / 148 و152، مستدرك الحاكم ج 472/1، سنن البيهقى ج 22/5 و ج 4 / 352، تيسير الوصول ج 282/1، الغدير ج 219/6، مسند الطيالسي ج 1 / 16، مسند أحمد ج 1 / 136 ح 1146، منحة المعبود ج 1 / 210 باب ماجاء في القرآن ح 1005، مقدمة مرآة العقول ج231/1.

فقال : فعلناها وهذا (1) كافر بالعرش (2).

وفيه عن أبي العلاء عن مطرف، قال : قال لي عمران بن حصين اني لاحدثك بالحديث اليوم، ينفعك اللّه به بعد اليوم. واعلم ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد أعمر طائفة من أهله في العشر فلم تنزل آية تنسخ ذلك، ولم ينه عنه حتى مضي لوجهه، ارتأى كل امريء بعد ماشاء أن يرتئي (3).

وفيه عن حميد بن هلال عن مطرف، قال : قال لي عمران بن حصين أحدثك حديثاً عسى اللّه أن ينفعك به، ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جمع بين حجة

ص: 202


1- الاشارة (بهذا) الى معاوية بن أبي سفيان اذكان حينئذ بني عن المتعة بالعمرة الى الحج تبعاً لعمر وعثمان، والمراد بالكفر هنا دين الجاهلية كما صرح به القاضى عياض فيما نقله النووى عنه في تعليقته على هذا الحديث من شرحه المصحيح (قال) : والمراد بالمتعة العمرة التي كانت سنة سبع للّهجرة (قال) : وكان معاوية يومئذ كافراً، وانما أسلم بد ذلك عام الفتح وفي قوله وهذا كافر بالعرش المضاف اليه محذوف تقديره وهذا کافر برب العرش (منه قدس).
2- صحيح مسلم ك الحج باب جواز المتعة ج 47/4 ط العامرة وص 898 ح 164 ط آخر، وبشرح النووى ج 304/7، المنتقى 2386، تاریخ ابن کثیر ج 5/ 127 و 135، مقدمة مرآة العقول ج1 / 237.
3- صحیح مسلم ج 47/4ط العامرة و ج 474/1 ط آخر وفي ثالث ح165، سنن ابن ماجة ج 2 / 991 ح 2978. وقال ابن حاتم في روايته ارتأى رجل برأيه ماشاء يعني عمر. راجع : صحيح مسلم أيضاً ج47/4. وراجع أيضاً : سنن ابن ماجة ج 2/ 229 ح 2978، مسند أحمد ج 434/ و 429 و 436 و 438 ط 1، سنن البيهقى ج 344/4 و ج 14/5، فتح البارى ج 3/ 338، الغدير ج200/6، سنن الدارمي ج 2/ 30، صحيح البخارى ك الحج باب النمتبع ج 1/ 190، المنتقى ح 2380 و 2381، زاد المعاد ج 1 / 217 و 220، تاریخ ابن كثير ج 126/5 و 137.

وعمرة، ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل فيه قرآن يحرمه.. الحديث (1).

وفيه عن قتادة عن مطرف، قال : بعث اليّ عمران بن حصين في مرضه الذي توفي فيه فقال : اني كنت محدثك بأحاديث لعل اللّه أن ينفعك بها بعدي فان عشت فأكتم عني، وان مت فحدث بها ان شئت..... واعلم ان نبي اللّه قد جمع بين حج وعمرة، ثم لم ينزل فيها كتاب ولم ينه عنها نبي اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قال رجل فيها برأيه ماشاء (2).

وفيه من طريق آخر عن قتادة عن مطرف بن الشخير عن عمران بن حصين قال : اعلم ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جمع بين حج وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب ولم ينهنا عنها. قال فيها رجل برأيه ماشاه (3).

وفيه من طريق عمران بن مسلم عن أبي رجاء. قال : قال عمران بن حصين. نزلت آية المتعة في كتاب اللّه يعني متعة الحج فأمرنا بها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثم لم ينزل آية تنسخ آية متعة الحج ولم ينه عنها رسول اللّه حتى مات قال رجل برأيه بعد ماشاء (4).

ص: 203


1- صحیح مسلم ج47/4 ط العامرة، سنن الدارمي ج35/2، الغدير ج6 / 200.
2- صحيح مسلم ك الحج ج 474/1 وفى طبع العامرة ج48/4 ان شئتانه قد سلم على. وفى طبع آخر ص 899 ح168 وبشرح النووى ج 305/7، مسند أحمد ج 4 / 428، سنن النسائى ج 149/5، الغدير ج 201/6.
3- صحيح مسلم ك الحج ج 474/1 وفى طبع العامرة ج48/4 ولم ينهنا عنهما رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). وفى السند : قنادة عن مطرف بن عبد اللّه بن الشخير، تفسير القرطبي ج 2/ 365 كنز العمال ج /، الغدير ج198/6.
4- صحيح مسلم ك الحج ج 1 / 274، وفي طبع العامزة ج4 / 48 قال رجل برأيه بعد ما شاه، كنز العمال ج /، تفسير القرطبي ج 2/ 265 وفي طبع آخر ج 2/ 388، الغدير للاميني ج198/6.

قلت : ولهذا الحديث طرق اخر في صحيح مسلم عن عمران بن حصين اكتفينا عنها بما أوردناه، وقد أخرجه البخاري أيضاً عن عمران بن حصين في باب التمتع من كتاب الحج من صحيحه فراجعه في ص 187 من جزئه الأول.

وفيما جاء في التمتع من موطأ مالك (1) عن محمد بن عبداللّه بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكر ان التمتع بالعمرة الى الحج، فقال الضحاك بن قيس : لا يفعل ذلك الا من جهل أمر اللّه عز وجل، فقال سعد : بئس ماقلت یا ابن أخي، فقال الضحاك : فان عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك، فقال سعد : قد صنعها رسول اللّه وصنعناها معه (2).

وفي مسند الامام أحمد من حديث ابن عباس (3) قال : تمتع النبي(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال عروة بن الزبير : نهى أبو بكر وعمر عن المتعة، فقال ابن عباس : ما يقول

ص: 204


1- ص 130 من جزئه الأول (منه قدس).
2- ان للزرقانى فى ص 178 من الجزء الثانى من شرحه لموطأ مالك كلاماً في شرح هذا الحديث لا يستغنى عنه الباحثون فليراجع. صرح فيه بأن صنع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وصنع أصحابه معه هو الحجة المقدمة على الاستنباط بالرأى (منه قدس). راجع موطأ مالك ص 235 ح 767، كتاب الام للشافعي ج199/7، سنن النسائي ج 52/5، صحيح الترمذى ج 157/1 وفي ط آخر ج4 / 38، تفسير القرطبي ج 2 / 365 وفي طبع آخر ج 2 ص 388 وقال هذا حديث صحيح، زاد المعاد لابن القيم ج 1 ص 84 و ذكر تصحيح الترمذى له، المواهب اللدنية للقسطلاني ج ص، شرح المواهب للزرقانی ج8 ص 153، الغدير ج 6 ص 201، بدائع المنن ح903، تاريخ ابن كثير ج 5 ص 127 و 135.
3- ص 337 من جزئه الأول (منه قدس).

عريّة (1). قال: يقول نهى أبو بكر وعمر عن المتعة، فقال ابن عباس أراهم سيهلكون. أقول : قال النبي، ويقولون نهى أبو بكر وعمر (2).

وعن أيوب قال : عروة لابن عباس : ألا تتقي اللّه؟ ترخص في المتعة ؟! قال ابن عباس سل أمك ياعرية. قال عروة اما أبو بكر وعمر فلم يفعلاها فقال ابن عباس : واللّه ما أراكم منتهين حتى يعذبكم اللّه تعالى، نحدثكم عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وتحدثوننا عن أبي بكر وعمر.. الحديث (3).

وفي باب متعة الحج من كتاب الحج من صحيح مسلم (4) عمن سأل ابن عباس عن متعة الحج فرخص فيها، وكان ابن الزبير ينهى عنها فقال - ابن عباس هذه أم ابن الزبير تحدثك ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رخص فيها فادخلوا عليها، قال : فدخلنا عليها فاذا هي لمرأة ضخمة عمياء، فقالت :

ص: 205


1- تصغير عروة (منه قدس).
2- هذا الحديث أخرجه الامام ابن عبد البر النمرى الاندلسي القرطبي في سفره الجليل - جامع بيان العلم وفضله - فراجع منه باب فضل السنة ومباينتها لاقاويل علماء وراجع هذا الباب من مختصره للعلامة المحمصانى البيروتي ص226 (منه قدس). وراجع: جامع بيان العلم وفضله لابن عبدالبرج 2 ص 239 و 240، تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3 ص 53، زاد المعاد لابن القيم ج 1 ص 219، الغدير ج6 ص202، مسند أحمد ج 1 ص 337 ط 1، مقدمة مرآة العقول ج 1 ص 242.
3- راجعه فى الباب المذكور فى التعليقة من كل من كتاب جامع بيان العلم و مختصره (منه قدس). جامع بيان العلم ج 2 ص 239.
4- تجد هذا الحديث في الباب الذي عنوانه (باب في متعة الحج) من كتاب الحج ص 479 من جزئه الاول وبعد هذا الحديث حديث هو أصرح منه فليراجع (منه قدس).

قد رخص رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيها (1).

وفي صحيح الترمذي (2) ان عبد اللّه بن عمر سئل عن متعة الحج، قال: هي حلال، فقال له السائل : ان أباك قد نهى عنها، فقال : أرأيت ان كان أبي نهى عنها وصنعها رسول اللّه أأمر أبي نتبع أم أمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )؟ فقال الرجل بل أمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). قال لقد صنعها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (3). الى كثير من أمثال هذه الصحاح الصراح في انكار النهي عنها (4).

على ان في حجة الوداع بلاغاً لقوم يؤمنون، فراجع حديثها في باب حجة النبي من صحيح مسلم (5) تجده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد اعلنها على رؤس الاشهاد، وكانوا

ص: 206


1- صحيح مسلم ك الحج باب في متعة الحج ج 4 ص 55 طبع العامرة، سنن البيهقى ج 5 ص 21 و 22.
2- ص 157 من جزئه الأول (منه قدس).
3- راجع : صحيح الترمذى ج 1 ص 157 وفي طبع آخر ج4 ص 38، تفسير القرطبي ج 2 ص 365 وفي طبع 2 ببيروت ج 2 ص 388، زاد المعاد لابن القيم ج 1 ص 194، وفي هامش شرح المواهب للزرقاني ج 2 ص 252.
4- بل عمر هو اعترف بمشروعيتها : «قال واللّه انى لانهاكم عن المتعة وانها لفى كتاب اللّه ولقد فعلها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعنى العمرة في الحج». راجع : سنن النسائى جه ص 153. وقال عمر : «قد علمت أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن يظلوا معرسين بهن في الاراك ثم يروحون في الحج تقطر رؤسهم». راجع: صحيح مسلم ك الحج ج 4 ص 46 ط العامرة. و راجع بقية الروايات والمصادر : فى الغدير ج 6، مقدمة مرآة العقول ج 1 ص 205 – 249.
5- فراجعه في ص 467 وما بعدها الى ص 470 من جزئه الأول تجد ثمة فوائد جمة لا يستغنى عنها الباحثون (منه قدس).

أكثر من مائه ألف رجالا ونساء من امته قد اجتمعوا ليحجوا معه من سائر الأقطار وحين أعلن ذلك قام سراقة بن مالك بن خثعم فقال : يارسول اللّه ألعامنا هذا التمتع أم للابد ؟ فشبك أصابعه واحدة بعد الاخرى وقال : دخلت العمرة في الحج دخلت العمرة في الحج لابد أبد (1).

وقدم علي من اليمن ببدن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فوجد فاطمة ممن حل ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت فأنكر ذلك عليها، فقالت ان أبي أمرني بهذا، قال: فذهبت الى رسول اللّه مستفتياً فأخبرته. فقال : صدقت صدقت... (2).

متعة النساء

المورد - (22) - : متعة النساء

وقد شرعها اللّه ورسوله، وعمل بها المسلمون على عهده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتى لحق بالرفيق الأعلى ثم عملوا بها بعده على عهد أبي بكر حتى مضى لسبيله، فقام

ص: 207


1- راجع : صحيح البخارى ك الحج باب عمرة التنعيم ج 3 ص 148، مسند أحمد ج 3 ص 388 وج 4 ص 175 ط 1، سنن أبي داود ج 2 ص 282، صحيح النسائي ج 5 ص 178، صحيح مسلم ك الحج ج 1 ص 346، وفي طبع العامرة ج4 ص 40، سنن البيهقى ج 5 ص 19، الطبقات لابن سعد ج 2 ص 188، وراجع الغدير ج6 ص 214 - 215، سنن ابن ماجة ج 2 ص 1022، سنن الدارمي ج 2 ص 44، وقريب من هذا اللفظ في سنن البيهقى جه ص 6، المحلى لابن حزم ج 7 ص 100، مقدمة مرآة العقول ج7 ج 1 ص 211.
2- صحيح مسلم ك الحج باب حجة النبي ج 4 ص 40 ط العامرة، كنز العمال ج ص. ولاجل المزيد من الاطلاع في الموضوع راجع : الغدير للاميني ج 6 ص 213 - 220، زاد المعاد لابن القيم الجوزية ج 1 ص 177 - 225، المحلى لابن حزم ج 7 ص 101، مقدمة مرآة العقول ج 1 ص 200 – 272.

بعده عمر وهم مستمرون على العمل بها حتى نهى عنها بقوله وهو على المنبر «متعتان كانتا على عهد رسول اللّه وأنا انهى عنهما واعاقب عليهما: متعة الحج ومتعة النساء» (1).

وحسبك من الذكر الحكيم والفرقان العظيم نصاً في اباحتها قوله عز من قائل : «فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَة» (2). والأنكحة

ص: 208


1- حتى احتج الرازي على تحريم المتعة بهذا القول من عمر وهو على المنبر فراجع من تفسيره الكبير ما هو حول قوله تعالى في سورة النساء «فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً» (منه قدس). تقدمت مصادر القول تحت رقم (272) فراجع.
2- في الآية 34 من سورة النساء (منه قدس). المتعة في القرآن : أجمعت الامة الاسلامية على أصل مشروعية متعة النساء وانما الخلاف الذي وقع هل انها منسوخة أم لا ؟ قال مشهور علماء السنه بالاول وأجمعت الشيعة على الثاني أما أصل مشروعيتها فقد دل عليه القرآن الكريم والسنة النبوية أما القرآن : فقوله تعالى «فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً» النساء آية : 24. راجع نزول هذه الآية في متعة النساء : تفسير القرطبي ج 5 ص 130، مصنف عبد الرزاق ج 7 ص 497 و 498، الايضاح لابن شاذان ص 440، تفسير ابن كثير ج1 ص 474، تفسير الرازی ج 3 ص 200 و 201 ط العامرة بمصر، تفسير الطبرى ج 5 ص 9 ط قديم، شرح النووى على صحيح مسلمك النكاح ج 9 ص 181، تفسير أبى السعود هامش تفسیر الرازی ج 3 ص 251، الدر المنثور ج 2 ص 140، مستدرك الحاكم ج 2 ص 305، أحكام القرآن للجصاص ج 2 ص 178، الزواج الموقت فى الاسلام ص 32 و 33، البيان للخولى ص 313، تفسير النيشابوري هامش الطبری ج ص 18، سنن البيهقى ج 7 ص 205، الكشاف للزمخشرى ج1 ص 498 ط بیروت، تفسير الخازن ج 1 ص 357، الطرائف لا بن طاوس ص 459، التسهيل ج 1 ص 137، نيل الأوطار ج 6 ص 270 و 275، تفسير الالوسى جه صه، بداية المجتهد ج 2 ص 178، البغوى بهامش تفسير الخازن ج 1 ص 423، الجواهر ج 30 ص 148 ط النجف، كنز العرفان ج 2 ص 151، المتعة للفكيكى، دلائل الصدق للمظفر ج 3، الفصول المهمة، مسائل فقهية لشرف الدين، الغدير ج6 ص 229 – 235، مسند أحمد ج 4 ص 436 ط قديم، تفسير ابى حيان ج 3 ص 218، أحكام القرآن لابي بكر الاندلسي القاضى ج 1 ص 162 - تفسير البيضاوى ج 1 ص 259. متعة النساء غير منسوخة : راجع : الغدير ج6 ص 223، البيان للخولى ص 214، الزواج الموقت في الاسلام ص 34 - 66، الفصول المهمة ص 60، الدر المنثور للسيوطى ج 2 ص 140. وقد نسب القول بجواز المتعة : 1 - الى الامام مالك : راجع : الهداية فى شرح البداية ص 385 ط بولاق مع فتح القدير، البيان للخولى ص 314، الغدير ج6 ص 223. 2 - الى أحمد بن حنبل عند الضرورة : راجع : تفسير ابن كثير ج 1 ص 474، البيان للخولى ص 314، القراءة : وبعض الصحابة كابن عباس وأبي بن كعب ومجاهد وسعید ابن جبير وابن مسعود والسدى وغيرهم كانوا يقرءون «فما استمتعتم به منهن الى أجل مسمى». راجع : المصنف لعبد الرزاق الصنعانی ج 7 ص 497 و 498، تفسير الطبرى ج 5 ص 9، أحكام القرآن الجصاص ج 2 ص 147، سنن البيهقى ج 7 ص 205، شرح النووى على صحيح مسلم ج9 ص 179، الكشاف للزمخشرى ج 1 ص 519، تفسير القرطبي جه ص 130، الدر المنثور للسيوطى ج 2 ص 140 – 141.

في الاسلام أربعة، شرعها اللّه في أربع آيات من سورة النساء كما فصلناه فيما كتبناه في المتعة فلتراجع (1).

أما نصوص السنن فقد اخرجها اصحاب الصحاح بكل ارتياح وحسبنا منها حديث أبي نضرة فيما اخرجه مسلم في باب التمتع بالحج ص 467 من

ص: 209


1- كما في الفصول المهمة ص 54 - 67، الغدير للاميني ج6 ص229.

الجزء الأول من صحيحه اذ قال: «كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها، فذكر ذلك لجابر فقال: على يدي دار الحديث، تمتعنا مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلما قام عمر (1) قال: «ان اللّه كان يحل لرسوله ماشاء بماشاء (2) فأتموا الحج والعمرة وأبتوا نكاح هذه النساء، فلن أوتي برجل نكح امرأة الى أجل الا رجمته بالحجارة» (3).

وحسب الباحثين بدقة المتتبعين بامعان ماقد فصلناه من هذا الموضوع في كل من فصولنا المهمة، ومسائلنا الفقهية الخلافية، وأجوبة موسى جار اللّه، وما نشرته مجلة العرفان في الجزء العاشر من مجلدها السادس والثلاثين (4).

ص: 210


1- أى فلما قام بأمر الخلافة وهذا صريح بأن هذه الاحداث النهى والتحريم والانذار لم تكن من قبل قيامه (منه قدس).
2- ليت أحداً من الناس يعرف لهذه الكلمة وجهاً يقتضي تحريم المتعة أتراه كان پراها أنها من خواص الرسول أو أنها كانت من خواص زمانه، كلا ان حلال محمد حلال الى يوم القيامة، وحرامه، حرام الى يوم القيامة (منه قدس).
3- الرجم حدمن حدود اللّه عز وجل لا يشترعه الا نبي، على ان القائل بالمتعة مستنبط اباحتها من الكتاب والسنة فان كان مصيباً فيهما أخذ، وان كان مخطئاً فانما هو مشتبه لاحد عليه لو فعلها : فان الحدود تدراً بالشبهات (منه قدس). تقدمت مصادره تحت رقم – 271 - فراجع.
4- مصادر في المتعة : الفصول المهمة لشرف الدين ص 54 - 67، مسائل فقهية لشرف الدين ص 106 البيان في تفسير القرآن الخوئى ص 313 - 330، الغدير للاميني ج 6 ص 205-240 المتعة للفكيكي طبع عدة طبعات، المتعة في الاسلام للسيد حسين مكى ط بیروت، الزواج الموقت السيد محمد تقى الحكيم طبيروت، الزواج الموقت في الاسلام للسيد جعفر مرتضى طقم، مقدمة مرآة العقول ج1 ص 273. سبب نهى عمر عن متعة النساء : عن جابر بن عبداللّه قال : «كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الايام على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأبى بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث». راجع : صحيح مسلم ك النكاح باب نكاح المتعة ج 4 ص 131 ط العامرة وفي طبع آخر ص 1023 ح 1405 و بشرح النووى ج 1 ص 183، المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 500، سنن البيهقى ج 7 ص 237، مسند أحمد ج 3 ص 304، فتح البارى ج 11 ص 76، زاد المعاد لابن القيم ج 1 ص 405، كنز العمال ج 8 ص 293. وتوجد روايات أخرى في سبب منعه في عمرو بن حريث وغيره راجعها في : المصنف لعبد الرزاق ج 7 ص 496 و 500 و 501، كنز العمال ج 8 ص 294، مسند الشافعى ص 132، الاصابة ج 1 ص 514 و ج 4 ص 324 وج 2 ص 61، الام للشافعی ج 7 ص 219، الدر المنثور للسيوطى ج 2 ص 141.

حيث استوفينا القول فيها من كل النواحي، وكان ذلك في فصول ثمانية.

1 - حقيقة هذا النكاح بكنهه ولوازمه الشرعيّة.

2 - اجماع الأمة على اشتراعه في الدين الاسلامي.

3 - دلالة الكتاب على اشتراعه

4 - اشتراعه بنصوص السنن.

5 - القول بنسخه وحجة القائلين بذلك والنظر فيها.

6- صحاح تنم على الخليفة بأنه هو الذي نسخها.

7 - المنكرون عليه في ذلك من الصحابة والتابعين (1).

ص: 211


1- كان منهم عبد المالك بن عبد العزيز بن جريج أبو خالد المكي المولودسنة ثمانين والمتوفى سنة تسع وأربعين ومائة، وكان من أعلام التابعين ترجمه ابن خلكان في وفياته وابن سعد في ص 361 من الجزء الخامس من طبقاته. وقد احتج به أهل الصحاح و ترجمه ابن القيسراني في ص 314 من كتابه «الجمع بين رجال الصحيحين» وأورده الذهبي في ميزانه فقال : انه أحد الاعلام الثقات مجمع على ثقته مع كونه قد تزوج نحوا من تسعين امرأة بنكاح المتعة وانه كان يرى الرخصة في ذلك وكان فقيه أهل مكة في زمانه. و ممن أنكرها المأمون أيام خلافته كما في ترجمة يحيى بن أكثم لا بن خلكان وأمر أن ينادى بتحليلها فدخل عليه محمد بن منصور وأبو العيناء فوجداه يستاك ويقول وهو منغيظ : متعتان كانتا على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعهد أبى بكر وأنا أنهى عنهما ! قال : ومن أنت ياجعل حتى تنهى عما فعله رسول اللّه وأبو بكر ؟! فأراد محمد بن منصور أن يكلمه فأوماً اليه أو العيناء وقال : رجل يقول فى عمر بن الخطاب ما يقول نكلمه نحن؟! فلم يكلماه، قال : ودخل عليه يحيى بن أكثم فخلا به وخوفه من الفتنة، الى آخر ما قال ابن خلكان فى وفياته (منه قدس). الصحابة والتابعون الذين قالوا بحلية متعة النساء منهم : 1 - عمران بن الحصين : صحیح مسلم ك الحج ج 1 ص 474، صحيح البخارى ك التفسير سورة البقرة ج 7 ص 24 ط سنة 1277ه، تفسير القرطبي ج 2 ص 265 وج 5 ص 33، تفسير الرازی ج3 ص 200 و 202 ط 1، تفسیر ابی حیان ج 3 ص 218، تفسير النيسابوری بهامش تفسیر الرازى ج 3 ص 200، السنن الكبرى للبيهقى ج 5 ص 20، سنن النسائى جه ص 155، مسند أحمد ج4 ص 436 ط 1 بسند صحيح، فتح البارى ج 3 ص 338، الغدير للاميني ج 6 ص 198 - 201، المحبر لابن حبيب ص 289، المتعة للفكيكي ص64، الزواج الموقت في الاسلام ص 124. 2 - جابر بن عبد اللّه الانصاري : عمدة القاريء للعينى ج 8 ص 310، بداية المجتهد لابن رشد ج 2 ص 58، صحیح مسلم ك النكاح ب نكاح المتعة ج 1 ص 395 وفي طبع ج 4 ص 131، مسند أحمد ج3 ص 380، تبيان الحقائق شرح كنز الدقائق ج ص، سنن البيهقى ج 7 ص 206، الغدير للاميني ج 6 ص 205 و 206 و 208 و 209 - 211، جامع الاصول لابن الاثبر، تيسير الوصول لابن الدييع ج 4 / 262، زاد المعاد لابن القيم ج 144/1، فتح الباري لابن حجر ج 9 / 141، و 150وج 9 ص 172 و 174 ط دار المعرفة كنز العمال ج 294/8 ط 1، هامش المنتقى للفقى ج 2 / 520، المحلى لابن حزم ج 9 / 519، نيل الأوطار ج 270/6، السرائر ص 311، الجواهر ج 150/30، مستدرك الوسائل ج595/2، الزواج الموقت في الاسلام ص 124، المتعة للفكيكي ص 44 أجوبه مسائل جار اللّه لشرف الدين ص111 المصنف لعبد الرزاق ج 496/7. قيل انه أفتى بالحرمة وهو غير صحيح راجع : مقدمة مرآة العقول ج299/1. 3 - عبد اللّه بن مسعود : صحيح البخارى ك النكاح ج، صحيح مسلم ج 4 / 130، أحكام القرآن للجصاص ج 2 / 184، سنن البيهقي ج 7 / 200، تفسير القرطبي ج 130/5، تفسیر ابن کثیر ج 2 / 87، الدر المنثور ج 307/2 نقلا عن تسعة من الحفاظ، الغدير ج220/6، المحلى لابن حزم ج 9 ص 519، شرح الموطأ للزرقانی ج نص الاخيران على بقائه على الحلية، هامش المنتقى ج 520/2، البيان للخولى ص 320، زاد المعاد ج4 / 6 و ج 2 / 184، شرح اللمعة ج 282/5، فتح البارى ج 9/ 102 و 150 و ج 9 ص 174 ط دار المعرفة شرح النهج للمعتزلى ج 12 ص 254، السرائر من 311، الجواهر ج 150/30، مستدرك الوسائل ج 2 ص 595. 4 - عبد اللّه بن عمر : روى الترمذى في صحيحه : عن ابن عمر وقد سأله رجل من أهل الشام عن متعة النساء فقال هي حلال فقال : ان أباك قد نهى عنها فقال ابن عمر : أرأيت ان كان أبي نهى عنها وصنعها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يترك السنة وتتبع قول أبي كذا «عن متعة النساء» رواها كل من ابن طاوس فى الطرائف ص 460 طقم، والشهيد الثاني في شرح اللمعة ج 283/5، والنجفي في جواهر الكلام ج 145/30، والعلامة في نهج الحق ضمن دلائل الصدق ج 97/3، والمجلسي في البحار ج 286/8 ط قديم عن الشهيد والعلامة عن صحيح الترمذى. ولكن لم نجد هذه الرواية فى صحيح الترمذى بهذه الكيفية وانما وجدت رواية قريبة منها في متعة الحج حيث سئل عن متعة الحج. راجع : صحيح الترمذى ج 157/1 وفى طبع آخر ج 184/3. فلعل الرواية الأولى حذفت عنه أو حرفت واللّه العالم. وعن الاعرجي قال : سأل رجل ابن عمر عن المتعة وأنا عنده متعة النساء فقال: «واللّه ما كنا على عهد رسول اللّه زانين ولا مسافحين» راجع : سند أحمد ج 2/ 95 ح 5694 و ج 2 / 104 ح 5808، مجمع الزوائد ج 332/7 - 333، مقدمة مرآة العقول ج295/1. ونقل عن ابن عمر انه يقول بالتحريم: راجع مجمع الزوائد ج 265/4 وضعف الرواية، المصنف عبد الرزاق ج 502/7، مصنف ابن أبي شيبة ج293/4، تفسير السيوطى ج 140/2، سنن البيهقى ج 206/7، مقدمة مرآة العقول ج 295/1 وما بعدها. 5 - معاوية بن أبي سفيان : راجع : المحلى لابن حزم ج9 ص 519، هامش المنتقى للفقى ج520/2، البيان للخوئى ص 314، الطرائف لابن طاوس ص 458، الغدير ج221/6، جواهر الكلام ج 150/30، شرح الموطأ للزرقاني، المصنف لعبد الرازاق ج7 ص 496 و 499 باب المتعة، فتح الباى ج 9 ص 174 ط دار المعرفة. 6 - أبو سعيد الخدرى : راجع : المحلى لابن حزم ج9 / 519، عمدة القارى للعينى ج310/8، هامش المنتقى للفقى ج 520/2، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج254/12، فتح البارى ج 9 ص 174 ط دار المعرفة، السرائر لابن ادريس ص 311، البيان للخولى ص514، الغدير ج 208/6 و 221، جواهر الکلام، ج 3 ص 150، الزواج الموقت في الاسلام ص 125، الزيلعي الفكيكي في المتعة، مسند أحمد ج 22/3، مجمع الزوائد ج4 / 264، مصنف عبد الرزاق ج 458/7، المغني لابن قدامة ج571/7. 7 - سلمة بن امية بن خلف : راجع : المحلى لابن حزم ج 519/9، شرح الموطأ للزرقاني ج، الاصابة ج 63/2، هامش المنتقى ج 2/ 520، البيان للخولى ص 314، الغدير ج221/6، الجواهر ج 30 ص 150، الزواج الموقت في الاسلام ص 127، الفكيكي في المتعة، فتح البارى ج 9 ص 174 ط دار المعرفة، نيل الأوطار الاصابة ج 61/2 وج 324/4، المصنف لعبد الرزاق ج499/7. 8 - معبد ابن امية : راجع: المحلى لابن حزم ج519/9، شرح الموطأ للزرقاني ج، هامش المنتقى ج 520/2، الغدير ج221/6، الجواهرج 150/30، الزواج الموقت في الاسلام ص137، الفكيكي في المتعة، المصنف لعبد الرزاق ج7/ 499 وفيه ان معبد قد ولد من نكاح المتعة. فتح البارى ج 9 ص 174 دار المعرفة. 9 - الزبير بن العوام : وقد تمتع بأسماء بنت أبي بكر وأولدها عبداللّه. راجع: المحاضرات للراغب الأصفهاني ج 94/2، العقد الفريد ج 2/ 139، مسند أبي داود الطيالسي ج 227، الغدير ج 208/6 و 209، مروج الذهب ج 81/3، الزواج الموقت فى الاسلام ص 127 و 101، شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد ج130/20. 10 - خالد بن مهاجر بن خالد المخزومي : صحيح مسلم ك النكاح باب نكاح المنعة ج 4 / 133 ط العامرة، سنن البيهقى ج7 / 205، الغدير ج 221/6، المصنف لعبد الرزاق ج 502/7. 11 - عمرو بن حريث : فتح البارى ج 9 / 141 و ج 76/11 وفي طبع محمد فؤاد ج 174/9، كنز العمال ج 293/8، هامش المنتقى ج 2/ 520، البيان للخولى ص 314، الغدير ج221/6، صحيح مسلم ك النكاح باب المتعة ج 4 / 131 ط العامرة، المصنف لعبد الرزاق ج 500/7 وفيه عمرو بن حوشب وهو تحريف عمرو بن حريث. 12 - أبي بن كعب: تفسير الطبرى ج 9/5 في قراءة أبي الآية الى أجل، الغدير ج221/6، الجواهر ج 150/30، أحكام القرآن للجصاص ج147/2. 13 - ربيعة بن أمية : الموطأ لمالك ج 2/ 30 وطبع آخر ص 542 42، کتاب الام للشافعي ج7/ 219، السنن الكبرى للبيهقى ج 206/7، الغدير ج 221/6، الجواهر ج 150/30، مسند الشافعي ص 132، مصنف عبد الرزاق ج 503/7، الاصابة ج 514/1، تفسير السيوطى ج 141/2 اجوبة مسائل جار اللّه لشرف الدين ص 116. 14 - سمير - ولعله سمرة بن جندب - : الاصابة لابن حجر ج 2 / 81، الغدير ج 221/6. 15 - سعيد بن جبير : المحلى لابن حزم ج519/9، تفسير الطبرى ج 9/5، الغدير ج221/6، تفسیر ابن كثير، المصنف لعبد الرزاق ج 7 / 496 شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد ج12 ص 254. 16 - طاوس اليماني : المحلى لابن حزم ج519/9، هامش المنتقى للفقى ج 2 / 520، الغدير ج6/ 222، المغنی لابن قدامة ج 571/7. 17 - عطاء أبو محمد المدني : المصنف لعبد الرزاق ج 497/7 ط بيروت، بداية المجتهدين لابن رشد ج2 / 63، المحلى لابن حزم ج519/9، الغدير ج 222/6، الدر المنثور ج 140/2، مختصر جامع بيان العلم ص 196 كما نقله في أجوبة موسى جار اللّه ص 105 راجع دراسات وبحوث في التاريخ والاسلام ج 14/1، ولكن السعودية حذفت الحديث من أصل كتاب جامع بيان العلم وفضله عندما طبعته سنة 1388ه. 18 - السدى : كما في تفسيره، الغدير ج 222/6، تفسير ابن كثير. 19 - مجاهد : تفسير الطبرى ج 9/5، الغدير ج 222/6، تفسير ابن كثير شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد ج 12 ص 254. 20 - زفر بن أوس المدني : البحر الرائق لابن نجيم ج 3/ 115، الغدير ج 222/6. 21 - عبد اللّه بن عباس : راجع : تفسير الطبرى ج 9/5، أحكام القرآن للجصاص ج 147/2، سنن البيهقى ج 205/7، الكشاف للزمخشرى ج 519/1، تفسير القرطبي ج 5 / 130 و 133، المحلى لا بن حزم ج519/9، المغني لابن قدامة ج 571/7 فتح البارى ج 172/9 ط دار المعرفة وشرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد ج 12 ص 254. وقيل انه يقول بالتحريم وهو غير صحيح راجع : مقدمة مرآة العقول ج 196/1. 22 - أسماء بنت أبي بكر مسند الطيالسي ح1637، المحلى لابن حزم ج519/9، شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد ج 130/20. قال ابن حزم في المحلى ج519/9 بعد عده جملة ممن ثبت على اباحة المتعة من الصحابة : ورواه جابر عن جميع الصحابة مدة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأبى بكر وعمر إلى قرب خلافة عمر ثم قال : ومن التابعين طاوس وسعيد بن جبير وعطاء وساير فقهاء مكة. وقال أبو عمر صاحب «الاستيعاب» أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عباس وحرمها سائر الناس. وراجع : تفسير القرطبي ج 133/5، فتح الباری ج142/9 و ج 173/9 ط دار المعرفة هامش المنتقى ج 520/2 وقال القرطبي في تفسيره ج 132/5 : أهل مكة كانوا يستعملونها كثيراً. وقال الرازي في تفسيره ج 2000/3 في آية المتعة : أختلفوا في انها نسخت أم لا ؟ فذهب السواد الأعظم من الامة الى انها صارت منسوخة. وقال السواد منهم انها بقيت مباحة كما كانت. وقال أبو حيان في تفسيره جص بعد نقل حديث اباحتها : وعلى هذا جماعة من أهل البيت والتابعين. وقد ذهب الى اباحة المتعة ابن جريح عبد الملك بن عبد العزيز المكي المتوفى 150ه قال الشافعى استمتع ابن جريح بسبعين امرأة. وقال الذهبي تزوج نحواً من تسعين امرأة نكاح المتعة. راجع : تهذيب التهذيب ج 406/6، ميزان الاعتدال ج151/2. وممن قال بجواز المتعة الامام مالك بن أنس. المبسوط للسرخسى ج ص. تبيان الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي ج ص، فتاوى الفرغاني، خزانة الروايات للقاضى جكن الحنفى، الكافى فى الفروع الحنفية، وفي العناية شرح الهداية، ويظهر من شرح الموطأ للزرقانى انه أحد قولى مالك ج3/ كما في الغدير ج 222/6 - 223، تفسير القرطبي ج 130/5. ومن أراد الاطلاع على بطلان دعوى نسخها وبطلان تحريمها وعدم مشروعيتها فليراجع كتاب الغدير ج 223/6 - 240، البيان للسيد الخوئي ص315، مقدمة مرآة العقول ج 273/1 - 325. وأما مذهب أهل البيت جميعاً وعلى رأسهم الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فهو الجواز وهذا معلوم بالتواتر وقد اشتهر عن الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) قوله الصحيح: «لولا ان عمر نهى عن المتعة ارقى الا شقى» راجع في ذلك : تفسير الطبرى ج9/5 باسناد صحیح، تفسير الرازي ج 3 / 200، تفسیر ابن حیان ج 3 / 218، تفسير النيسابوری بهامش تفسیر الرازى ج 3 /، الدر المنثور ج 2 / 140 كنز العمال ج 294/8، شرح نهج البلاغة لابن ابى الحديد ج 12 ص 253 و 254. وأما أحاديثهم من طريق الشيعة في الحلية فهى كالشمس في رابعة النهار، راجع: وسائل الشيعة ج 14 ص 436 وما بعدها.

8 - رأي الامامية فيها وحجتهم عليه.

كان - كما يشهد اللّه - رائدنا الحق في هذه الفصول وما حولها مجرداً عن كل ما عدا الدليل الشرعي من كتاب أو سنة، وأصل من الاصول التي أجمعت الأمة على العمل بمقتضاه، فلا يفوتن باحثاً ومدققاً من أمة محمد أن يمعن فيما كتبناه عن هذا الموضوع، وله الحكم بعد ذلك بما يطمئن به من حل أو حرمة.

ص: 212

ص: 213

ص: 214

ص: 215

ص: 216

ص: 217

التصرف في الاذان باشتراع فصل فيه

المورد - (23) - : التصرف في الاذان باشتراع فصل فيه :

وذلك انا تتبعنا السنن المختصة بفصول الاذان والاقامة على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلم يكن فيها (الصلاة خير من النوم) بل لم يكن هذا الفصل على عهد أبي بكر، كما يعلمه جهابذة السنن ونقدة الحديث، وانما أمر به عمر بعد مضي شطر من خلافته، حيث استحبه واستحسنه في أذان الفجر فاشترعه حينئذ وأمر به، والنصوص في ذلك متواترة عن أئمة العترة الطاهرة (1).

ص: 218


1- جامع أحاديث الشيعة ج 4 / 622 و 672 - 687، وسائل الشيعة ك الصلاة ب 19 من أبواب الاذان والاقامة ج 4 / 642، الجواهر ج 81/9، الحدائق ج 398/9.

وحسبك من غيرها ما تراه في سنن غيرهم من حفظة الاثار كالامام مالك في موطئه «اذ بلغه ان المؤذن جاء الى عمر بن الخطاب يؤذنه بصلاة الصبح فوجده نائماً. فقال : الصلاة خير من النوم. فأمره عمر أن يجعلها في نداء الصبح» (1). انتهى بلفظه.

قال الزرقاني في تعليقه على هذه الكلمة من شرحه للموطىء ماهذا لفظه (2) هذا البلاغ أخرجه الدارقطني في السنن من طريق وكيع في مصنفه عن العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال وأخرج عن سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه قال لمؤذنه : اذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل : الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم.

قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة من حديث هشام بن عروة، ورواه غير واحد من اثبات أهل السنة والجماعة (3).

ولا وزن لما جاء عن محمد بن خالد بن عبداللّه الواسطي عن أبيه عن عبد الرحمن بن اسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه: ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) استشار الناس لما يهمهم الى الصلاة فذكروا البوق فكرهه من اجل اليهود ثم ذكروا الناقوس فكرهه من اجل النصارى، فأري النداء في تلك الليلة رجل من الانصار يقال له عبد اللّه بن زيد وعمر بن الخطاب، فطرق الانصاري رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ليلا، فأمر رسول اللّه بلالا فأذن به.

(قال) : قال الزهري وزاد بلال في نداء صلاة الغداة : الصلاة خير من

ص: 219


1- الموطأ للامام مالك ص 58 ح151 ط بیروت.
2- راجع منه ماجاء فى النداء للصلاة ص 25 من جزئه الأول (منه قدس).
3- المصنف لا بن أبي شيبة ج.

النوم، فأفرها النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )... (الحديث). أخرجه ابن ماجة في باب الاذان من سننه (1).

وحسبك في بطلانه أنه من حديث محمد بن خالد بن عبداللّه الواسطي الذي قال فيه يحيى كان رجل سوء، وقال مرة : هو لاشيء، وقال ابن عدي أشد ما أنكر عليه أحمد ويحيى روايته عن أبيه ثم له مناكير غير ذلك، وقال أبو زرعة ضعيف، وقال يحيى بن معين محمد ابن خالد بن عبداللّه كذاب ان لقيتموه فاصفعوه.

قلت : وذكره الذهبي في ميزانه فنقل عن أئمة الجرح والتعديل ما قد ذكرناه فراجع (2).

ونحو هذا الحديث في البطلان ما قد جاء عن أبي محذورة، اذ قال : قلت يارسول اللّه علمني سنة الاذان قال فمسح مقدم رأسي وقال: تقول اللّه أكبر اللّه أكبر ترفع بها صوتك، ثم تقول أشهد أن لا اله الا اللّه أشهد أن لا اله الا اللّه أشهد أن محمداً رسول اللّه أشهد أن محمداً رسول اللّه تخلص بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة أشهد أن لا اله الا اللّه أشهد أن لا اله الا اللّه، اشهد ان محمداً رسول اللّه اشهد ان محمداً رسول اللّه حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، فان كانت لصلاة الصبح قلت الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم، اللّه أكبر اللّه أكبر، لا اله الا اللّه (3) أخرجه أبو

ص: 220


1- سنن ابن ماجة ج 1 / 233 ح 707، الطبقات لابن سعد ج 1 / 147.
2- الميزان للذهبي ج 3 / 51، الغدير ج 257/5. وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد ج 1 حول الحديث : في اسناده محمد بن خالد ضعفه : أحمد، وابن معين، وأبو زرعة، وغيرهم.
3- سنن أبي داود ج 1 / 196 ح 500 و 501 ط السعادة.

داود عن أبي محذورة من طريقين : (أحدهما) عن محمد بن عبدالملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده. ومحمد بن عبد الملك هذا ممن لا يحتج بهم بنص الذهبي اذ أورده في ميزان الاعتدال (1).

(ثانيهما) عن عثمان بن السائب عن ابيه. وأبوه من النكرات المجهولة بنص الذهبي حيث أورده في الميزان (2).

على أن مسلماً أخرج هذا الحديث (3) بلفظه عن أبي محذورة نفسه، ولا أثر فيه لقولهم : الصلاة خير من النوم (4).

وستسمع قريباً ما أخرجه أبو داود وغيره عن محمد بن عبداللّه بن زيد من فصول الاذان الذي قام به بلال يمليه عليه عبد اللّه بن زيد، وليس فيه الصلاة خير من النوم، مع أنه انما كان لصلاة الصبح.

على أن أبا محذورة انما كان من الطلقاء والمؤلفة قلوبهم في الاسلام بعد فتح مكة، وبعد أن قفل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من حنين منتصراً على هوازن ولم يكن شيء أكره الى أبي محذورة يومئذ من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولا مما يأمر به. وكان يسخر بمؤذن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيحكيه رافعاً صوته استهزاءاً، لكن صرة الفضة التي اختصه بها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وغنائم حنين التي أسبغها على الطلقاء من أعدائه ومحاربيه وأخلاقه العظيمة التي وسعت كل من اعتصم بالشهادتين من اولئك المنافقين مع شدة وطأته على من لم يعتصم بها، ودخول العرب في دين اللّه أفواجاً كل ذلك ألجأ أبا محذورة وأمثاله الى الدخول فيما دخل

ص: 221


1- الميزان للذهبي.
2- الميزان للذهبي.
3- فى باب صفة الاذان من صحيحه (منه قدس).
4- صحيح مسلم ك الصلاة باب صفة الاذان ج 3/2 ط العامرة.

فيه الناس: ولم يهاجر حتى مات في مكة (1) واللّه يعلم بواطنه (2).

على أن لرسول اللّه كلمة قالها لثلاثة أبي محذورة، وأبي هريرة، وسمرة بن جندب، حيث أنذرهم بقوله آخر كم موتاً فى النار (3).

وهذا اسلوب حكيم من أساليبه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في اقصاء المنافقين عن التصرف فى شؤون الاسلام والمسلمين، فانه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما كان عالماً بسوء بواطن هؤلاء الثلاثة أراد أن يشرب فى قلوب امته الريب فيهم، والنفرة منهم اشفاقاً عليها ان تركن الى واحد منهم في شيء مما يناط بعدول المؤمنين وثقاتهم، فنص بالنار على واحد منهم وهو آخرهم موتاً، لكنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أجمل القول فيه على وجه جعله دائراً بين الثلاثة على السواء، ثم لم يتبع هذا الاجمال بشيء من البيان وتمضي الايام والليالي على ذلك، ويلحق (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالرفيق الأعلى ولا بیان، فيضطر أولى الالباب من امته الى اقصائهم جميعاً عن كل أمر يناط بالعدول و الثقات من الحقوق المدنية في دين الاسلام، لاقتضاء العلم الاجمالي ذلك بحكم القاعدة العقلية فى الشبهات المحصورة، فلولا أنهم في وجوب الاقصاء على السواء لاستحال عليه - وهو سيد الحكماء - عدم البيان في مثل هذا المقام.

فان قلت : لعله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بهنّ هذا الاجمال بقرينة خفيت علينا بتطاول المدة.

ص: 222


1- كل ما نقلناه هنا عن أبي محذورة موجود في ترجمته من الاستيعاب بهامش الاصابة وغيرها وهو مما لا خلاف فيه (منه قدس).
2- الاستيعاب بهامش الاصابة ج 179/4 ط 1.
3- كما في ترجمة سمرة من الاستيعاب والاصابة وغيرهما (منه قدس). الاصابة ج 79/2، الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الاصابة ج 2/ 78.

قلنا : لو كان ثمة قرينة ما كان كلا من هؤلاء الثلاثة في الوجل من هذا الانذار على السواء (1).

على انه لا فرق فى هذه المشكلة بين عدم البيان واختفائه بعد صدوره لاتحاد النتيجة فيهما بالنسبة الينا، اذ لا مندوحة لنا عن العمل بما يوجبه العلم الاجمالي من تنجيز التكليف فى الشبهة المحصورة على كلا الفرضين.

فان قلت : انما كان المنصوص عليه بالنار منهم مجملا قبل موت الاول والثاني ولسبقهما الى الموت تبين وتعين أنه انما هو الباقي بعدهما بعينه دون سابقيه وحينئذ لا اجمال ولا اشكال.

قلنا. أولا : أن الانبياء (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) كما يمتنع عليهم ترك البيان مع الحاجة اليه يستحيل عليهم تأخيره عن وقت الحاجة، ووقت الحاجة هنا متصل بصدور هذا الانذار لو كان لواحد من الثلاثة شيء من الاعتبار، لأنهم منذ أسلموا كانوا محل ابتلاء المسلمين في الحقوق المدنية شرعاً كالامامة في الصلاة جماعة، وقبول الشهادة في المرافعات الشرعية ونحوها، وكالافتاء و القضاء، مع استجماعهم لشروطهما، ونحو ذلك مما يشترط فيه العدالة والورع فلولا وجوب اقصائهم عنها ما أخر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) البيان اتكالا على صروف الزمان، و حاشا لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يقصي أحداً عن حقه طرفة عين، ومعاذ اللّه أن يخزي من لا يستحق الخزي ثم يبقيه على خزيه حتى يموت مخزياً اذ لانعرف براءته - بناء على هذا الفرض الفاسد - الا بتقدم موته.

وثانياً : أنا (شهد اللّه) بذلنا الطاقة بحثاً وتنقيباً فلم يكن بالوسع ان نعلم أيهم المتأخر موتاً، لان الاقوال في تاريخ وفياتهم بين متناقض متساقط (2) وبين

ص: 223


1- كما يعلمه متتبعوا شؤونهم حول هذا الوعيد (منه قدس).
2- أما تناقضها فلان بعضها نص بموت سمرة سنة ثمان وخمسين وموت أبي هريرة سنة تسع وخمسين وهذا منقوض بالقول بأن موت أبي هريرة كان سنة سبع وخمسين وهكذا بقية الأقوال فى موت الثلاثة. وأما المجمل المتشابه منها فكالقول بموت الثلاثة كلهم في سنة تسع وخمسين، من غير بيان الساعة واليوم والشهر الذى وقع فيه الموت (منه قدس).

مجمل متشابه لايركن اليه كما يعلمه المتتبعون (1).

وثالثاً: لم يكن من خلق رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - وهو العزيز عليه عنت المؤميين الحريص عليهم الرؤوف بهم الرحيم لهم - أن يجابه بهذا القول من يحترمه وما كان (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (2) لیفاجيء به غير مستحقه، ولو أن في واحد من هؤلاء الثلاثة خيراً ما أشركه فى هذه المفاجئة القاسية، والمجابهة الغليظة، لكن اضطره الوحي الى ذلك نصحاً اللّه تعالى وللامة «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ» (3).

تنبيه

ان من عرف رأي اخواننا - من أهل المذاهب الاربعة - في بدء الاذان والاقامة واشتراعها لا يعجب من استسلامهم للزيادة فيهما أو للنقيصة منهما، فانهم هدانا اللّه واياهم - لا يرون أن الاذان والاقامة مما شرعه اللّه تعالى بوحيه الى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولا مما ابتدأ به النبي صادعاً به عن اللّه عز وجل كسائر النظم والاحكام، وانما كان طيف رآه بعض الصحابة في المنام كما صرحوا به

ص: 224


1- راجع : شيخ المضير أبو هريرة ط، أبو هريرة لشرف الدين.
2- مضمون الاية الكريمة «وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ»، القلم : 4.
3- لهذا الكلام بقية فلتراجع في خاتمة كتابنا (أبو هريرة) (منه قدس). سورة النجم آية : 3 وراجع : كتاب «أبو هريرة»، لشرف الدين.

ونقلوا الاجماع عليه ورووا فيه أحاديث صححوها وادعوا تواترها (1).

واليك منها ماهو من أصحها عندهم، فعن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الانصار قال اهتم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) للصلاة كيف يجمع الناس لها، فقيل له : أنصب راية فاذا رأوها أذن بعضهم فلم يعجبه ذلك فذكروا له القبع - يعني الشبور شبور اليهود - فلم يعجبه ذلك، وقال: هو من أمر اليهود، فذكروا له الناقوس، فقال هو من أمر النصارى - وكأنه كرهه أولا ثم أمر به فعمل من خشب - فانصرف عبد اللّه بن زيد وهو مهتم لهمّ رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأري الاذان في منامه. قال: فغدا على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأخبره فقال له : يارسول اللّه اني لبين نائم ويقظان اذ أتاني آت فأراني الاذان، قال: وكان عمر بن الخطاب قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوماً، ثم خبر به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال له: ما منعك ان تخبرني ؟ فقال سبقني عبد اللّه بن زيد فاستحييت ! فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا بلال قم فانظر ما يأمرك به عبد اللّه بن زید فافعله قال فأذن بلال.. (الحديث) (2).

ص: 225


1- راجع : الصحيح من سيرة النبي الاعظم ص 81، عن سنن أبي داودج /335 - 338، المصنف لعبد الرزاق ج 405/21 - 465، السيرة الحلبية ج2 / 93 97، تاريخ الخميس ج 359/1، الموطأ ج 1 وشرحه للزرقاني ج 120/1-125، صحيح الترمذى ج 1 / 358 - 361، مسند أحمد ج 42/4، سنن ابن ماجة ج 124/1، سنن البيهقى ج 1 / 390، سيرة ابن هشام ج 2/ 4 15 و 155 و 125، نصب الراية ج 1 / 259 - 261، فتح البارى ج 63/2 - 66، الطبقات لابن سعد ج 1 قسم 2 ص 8، البداية والنهاية ج 232/3 - 233 المواهب اللدنية ج 1 / 71، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 3/ 273 و 275، تبيين الحقائق الزيلعي ج 1 / 90، الروض الانف ج2 / 285 - 286، حياة الصحابة ج 3/ 131، كنز العمال ج 263/4، سنن الدارقطني ج 21/1 و 242 و 245 وغير ذلك من مصادر.
2- أخرجه أبو داود في باب بدء الاذان من الجزء الاول من سننه، ورواه غير واحد من أصحاب السنن والمسانيد وأرسله أهل السير والاخبار منهم ارسال المسلمات فراجع (منه قدس). راجع : سنن أبي داود ج 194/1 ط السعادة، كنز العمال.

وعن محمد بن عبداللّه بن زيد الانصاري عن أبيه عبداللّه بن زيد قال: لما أمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمعهم للصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده فقلت له : أتبيع هذا الناقوس؟ قال : وماتصنع به؟ فقلت: ندعوا به الى الصلاة قال: أفلا أدلك على ماهو خير من ذلك؟ فقلت بلى. فقال: تقول اللّه اكبر اللّه اكبر، اللّه أكبر، اللّه اكبر، أشهد أن لا اله الا اللّه، أشهد أن لا اله الا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه أشهد أن محمداً رسول اللّه، حي على الصلاة، على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، اللّه اكبر، اللّه اكبر لا اله اللّه (1). قال : ثم استأخر عني غير بعيد، ثم قال: وتقول اذا أقمت الصلاة: اللّه أكبر اللّه أكبر، أشهد أن لا اله الا اللّه أشهد أن لا اله الا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قدقامت الصلاة، قد قامت الصلاة، اللّه أكبر، لا اله الا اللّه.

فلما أصبحت أتيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأخبرته بمارأيت، فقال: انها لرؤيا حق ان شاء اللّه تعالى، فقم مع بلال فألق عليه مارأيت فليؤذن به أندى صوتاً منك، فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يارسول

ص: 226


1- هذا الاذان كان - بزعم المحدثين به عن عبد اللّه بن زيد - أول أذان في الاسلام وهو كما تراه ليس فيه (الصلاة خير من النوم) مع كونه انما كان لصلاة الفجر فمن أين جاء هذا الفصل يا مسلمون ؟! (منه قدس).

اللّه لقد رأيت مثل ما رأي... (الحديث) (1).

واختصره الامام مالك في ماجاء في النداء للصلاة من موطأه، فحدث عن يحيى بن سعيد أنه قال : كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أراد أن يتخذ خشبتين (2).

يضرب بهما ليجمع الناس للصلاة فأري عبد اللّه بن زيد الانصاري من بني الحارث بن الخزرج خشبتين في النوم، فقال: ان هاتين الخشبتين لنحو مما يريد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يجمع به الناس للصلاة، فقيل له : ألا تؤذنون للصلاة؟ وأسمعه الاذان، فأتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حين استيقظ فذكر له ذلك فأمر رسول اللّه بالاذان انتهى مافي الموطأ مختصراً مرسلا (3).

وقال الامام ابن عبد البر : روى قصة عبد اللّه بن زيد هذه في بدء الاذان جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة، ومعان متقاربة، والاسانيد في ذلك متواترة

ص: 227


1- أخرجه أبو داود السجستاني فى باب كيف الاذان من سننه، والترمذى في صحيحه وقال : حسن صحيح، ورواه كل من ابن حيان وابن خزيمة وصححاه وابن ماجة في باب بدء الاذان من سننه وغير واحد من أصحاب السنن والاخبار (منه قدس). راجع: سنن أبي داود ج 1 / 195 ط السعادة، صحيح الترمذى، سنن ابن ماجة ج1 / 232 ح 706، الطبقات لابن سعد ج 246/1 ونقله العلامة في تذكرة الفقهاء ج 1 / 104 ط قديم.
2- قال الزرقاني في تعليقه على هذا الحديث من شرحه للموطأ : هما الناقوس وهى خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها فيخرج منهما صوت (قال) كما في الفتح وغيره. قلت : و للزرقاني هنا (حول حديث عبد اللّه بن زيد فى الأذان والاقامة) كلام ألفت اليه الباحثين فليراجعوه في ص 120 الى منتهى ص 125 من الجزء الاول من شرح الموطأ (منه قدس).
3- والتفصيل فى شرح الزرقاني فليراجع (منه قدس) راجع : موطأ مالك ص 55 ح144 وفي طبع محمد فؤاد عبد الباقي ج67/1.

وهي من وجوه حسان (1). هذا كلامه بلفظه (2).

قلت. في ثبوت هذه الاحاديث نظر من وجوه :

(أحدها) ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يكن ليؤ آمر الناس في اشتراع الشرائع الالهية وانما كان يتبع فيها الوحي «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ (3)». والانبياء كلهم صلوات اللّه وسلامه عليهم لايؤ آمرون أممهم فيما يشترعون «بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ» (4) وحسبنا قوله عز وجل لعبده وخاتم رسله : «قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِنْ رَبِّي ۚ هَٰذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» (5) «قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» (6). «قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ» (7). وقد حظر، عز سلطانه عليه العجل و لو بحركة اللسان فقال جل وعلا : «لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ» (8). و أثنى جل ثناؤه على قول رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال وهو أصدق القائلين : «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ۚ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ»

ص: 228


1- الطبقات لابن سعد ج 246/1 وغيره.
2- نقله الزرقاني عنه فيما تقدمت الاشارة اليه من شرح الموطأ (منه قدس).
3- الاية - 3 و 4 و 5 - من سورة النجم.
4- الآية - 26 و 27 - من سورة الانبياء.
5- في آخر سورة الاعراف آية : 402.
6- الآية - 15 - من سورة يونس.
7- الآية - 9 - من سورة الاحقاف.
8- الآية - 16 - 19 - من سورة القيامة.

تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (1) «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ» (2).

(ثانيهما) ان الشورى المذكورة في هذه الاحاديث لمما يحكم العقل مستقلا بعدم اعتبارها في تشريع الشرائع الالهية فالعقل بمجرده يحيل وقوعها من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وهل رأي الناس فيها الا تقول محض على اللّه تعالى؟ «وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ» (3).

نعم كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يتألف أصحابه بمشورتهم في أمور الدنيا، كلقاء العدو ومكائد الحرب ونحوها عملا بقوله تعالى «وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ» (4). وفي مثل ذلك يجوز عليه أن يتألفهم بمشاورتهم فيها مع استغنائه بالوحي عن آرائهم، لكن شرائع الدين لايجوز فيها عليه الا اتباع الوحي المبين.

(ثالثها) ان هذه الاحاديث تضمنت من حيرة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مالا يجوز على مثله من المتصلين باللّه عزوجل، حتى مثلنه وقد ضاق في أمره ذرعاً فاحتاج الى مشورة الناس، وأنه كره الناقوس أولا، ثم أمر به بعد تلك الكراهة، وأنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعد أن أمر به عدل عنه الى ما اقتضته رؤيا عبد اللّه بن زيد، وان عدوله عن الناقوس كان قبل حضور وقت العمل به. وهذا من البداء المستحيل على اللّه تعالى وعلى موضع رسالته ومختلف ملائكته ومهبط وحيه وتنزيله، وسيد

ص: 229


1- الآية - 40 - 43 - من سورة الحاقة.
2- الآية - 19 - 22 - من سورة التكوير.
3- الآية 44 الى 47 من سورة الحاقة.
4- من الاية 159 من سورة آل عمران.

أنبيائه وخاتم رسله.

على أن رؤيا غير الانبياء لا يبتني عليها شيء من الاشياء باجماع الامة (1).

(رابعها) ان في احاديثهم هذه من التعارض ما يوجب سقوطها، وحسبك منها الحديثان اللذان أوردناهما آنفاً - حديث أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الانصار، وحديث محمد ابن عبد اللّه بن زيد عن أبيه - (2) فأمعن فيما يتعلق منهما برؤيا عمر تجد التعارض بيناً بأجلى مظاهره.

وأيضاً فان هذين الحديثين المشار اليهما يقصران الرؤيا على ابن زيد وابن الخطاب، لكن حديث الرؤيا للطبراني في الأوسط (3) صريح في صدورها من أبي بكر أيضاً، وهناك من أحاديثهم ماهو صريح بأن تلك الرؤيا كانت من أربعة عشر رجلا من الصحابة، كما في شرح التنبيه للجبيلي، وروي ان الرائين تلك الليلة كانوا سبعة عشر من الانصار، وعمر وحده من المهاجرين وفي رواية أن بلالا ممن رأى الاذان أيضاً وثمة متناقضات في هذا الموضوع أورد الحلبي منها ما يورث العجب العجاب، و حاول الجمع بينها فحبط عمله (4).

ص: 230


1- تذكرة الفقهاء للعلامة الحلى ج 1 / 104 و 105 ط قديم، فتح الباري ج 62/2.
2- قد تقدم الحديثان تحت رقم (304و305) فراجع وراجع أيضاً : الصحيح من سيرة النبي ج81/3.
3- المعجم الاوسط للطبراني مخطوط، الصحيح من سيرة النبي ج81/3.
4- فلتراجع فى باب بده الاذان ومشروعيته من الجزء الثاني من سيرته الحلبية، فان هناك ما يوجب العجب والاستغراب (منه قدس). السيرة الحلبية ج 296/2 وما بعدها، الصحيح من سيرة النبي ج 82/3.

اذ قال يجمع شملا غير مجتمع***منها ويجبر كسراً غير منجبر

(خامسها) أن الشيخين - البخاري ومسلماً - قد أهملا هذه الرؤية بالمرة فلم يخرجاها في صحيحيهما أصلا، لا عن ابن زيد، ولاعن ابن الخطاب. ولا عن غيرهما، وما ذاك الا لعدم ثبوتها عندهما. نعم أخرجا في باب بدء الاذان من صحيحيهما عن ابن عمر قال كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس ينادي بها أحد، فتكلموا يوماً في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقاً مثل بوق اليهود. فقال عمر : ألا تبعثون رجلا ينادي للصلاة ؟ فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يابلال قم فناد الصلاة. فنادى بالصلاة. اه_ (1).

هذا كل مافي صحيحي البخاري ومسلم مما يتعلق ببدء لاذان ومشروعيته وقد اتفق الشيخان على إخراجه كما اتفقا على اهمال ما عداه مما يتعلق بهذا الموضوع و کفی به معارضاً لما رووه من أحاديث الرؤيا كلها، لان مقتضى هذا الحديث ان بدء الاذان انما كان برأي عمر لا برؤياه، ولا برؤيا عبد اللّه بن زيد ولاغيرهما، ومقتضى تلك ان بدأه وبدء الاقامة انما كان بالرؤيا التي سبق فيها عبد اللّه بن زيد، عمر بن الخطاب : ولذلك يدعى عندهم برائي الاذان وربما قالوا صاحب الاذان.

وأيضاً فان حديث الشيخين هذا صريح في أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انما أمر بلالا - بالنداء للصلاة - في مجلس التشاور، وعمر حاضر عند صدور الامر منه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وتلك الاحاديث أحاديث الرؤيا كلها - صريحة بأنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انما امر بلالا بالنداء عند الفجر اذ قص ابن زيد عليه رؤياه، وذلك

ص: 231


1- صحیح مسلم ك الصلاة باب بده الاذان ج 2/2 ط العامرة.

بعد الشورى بليلة في اقل ما يتصور ولم يكن عمر حينئذ حاضراً وانما سمع الاذان وهو في بيته فخرج آنذاك يجر رداءه ويقول : والذي بعثك بالحق يارسول اللّه لقد رأيت مثل ما رأى.

بجدك قل لي هل يمكن الجمع بين هذا وتلك ؟ كلا. وشرف الانصاف، وعلو الحق. وعزة ربنا عز سلطانه.

على أن الحاكم قد اهمل احادیث رؤبا الاذان والاقامة، فلم يرو في مستدر كه منها شيئاً اصلا، كما اهملها الشيخان فلم يرويا في الصحيحين شيئاً منها بالمرة، هذا مما يلمسك سقوطها عن درجة الصحة عندهما، وذلك لان الحاكم قد اخذ على نفسه ان يستدرك عليهما كل ما لم يخرجاه في صحيحيهما من السنن الصحاح من شرطهما، وقد قام في مستدركه بما اخذه على نفسه اتم قيام، وحيث - أنه مع ذلك كله - لم يخرج من احاديث الرؤيا في المستدرك شيئاً، علمنا انه لم يثبت منها على شرط الشيخين شيء لا في صحيحيهما ولافي غير الصحيحين كما لا يخفى.

وللحاكم هنا كلمة تفيد جزمه ببطلان احاديث الرؤيا وأنها كأضاليل ألا وهي قوله: وانما ترك الشيخان حديث عبداللّه بن زيد في الاذان والرؤيا لتقدم موت عبد اللّه. قلت : هذا لفظه بعينه (1).

ويؤيد ذلك أن ابتداء الاذان عند الجمهور انما كان بعد وقعة احد. وقد اخرج ابو نعيم في ترجمة عمر بن عبد العزيز من كتاب حلية الأولياء بسند صحيح (2) عن عبد اللّه العميري، قال : دخلت ابنة عبد اللّه بن زيد بن ثعلبة

ص: 232


1- فراجعه فى باب رد الصدقة ميراثاً، من كتاب الفرائض ص 348 من جزئه الرابع (منه قدس).
2- صرح بصحته ابن حجر العسقلاني اذ نقله عن الحلية في ترجمة عبداللّه بن زيد الانصاري في اصابته فراجع (منه قدس).

على عمر بن عبدالعزيز فقالت له : أنا ابنة عبد اللّه ابن زيد شهد ابي بدراً وقتل بأحد، فقال سلي ماشئت فأعطاها (1).. قلت : لو كان عبد اللّه بن زيد كما يقولون أنه رأى الاذان لذكرت ابنته ذلك عنه كما نقلت حضوره بدراً وشهادته في احد كما لا يخفى.

(سادسها) ان اللّه عز وجل حظر على الذين آمنوا ان يتقدموا بين يدي اللّه ورسوله وأن يرفعوا اصواتهم فوق صوته وأن يجهروا له بالقول كجهر بعضهم البعض، وأنذرهم بحبوط اعمالهم الصالحة اذا ارتكبوا شيئاً من ذلك فقال عز من قائل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ» (2) (الايات).

و كان سبب نزولها أن قدم على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ركب من بني تميم يسألونه أن يؤمر عليهم رجلا منهم، فقال ابوبكر - فيما اخرجه البخاري في تفسير الحجرات من الجزء الثالث من صحيحه ص 127 يارسول اللّه أمر عليهم القعقاع بن معبد متقدماً يقوله هذا ومبادراً برأيه، فقال عمر على الفور من قول صاحبه بل امتر الافرع بن حابس اخابني مجاشع يارسول اللّه فقال ابوبكر : ما أردت الاخلافي، وتماريا جدالا وخصومة، وارتفعت اصواتها في ذلك، فأنزل اللّه تعالى هذه الآيات الحكيمة بسبب تسرعهما في الرأي، وتقدمهما فيه بين يدي رسول اللّه ورفع اصواتهما فوق صوته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (3).

ص: 233


1- حلية الاولياء ج، الاصابة لابن حجر ج312/2 ط 1.
2- سورة الحجرات آية : 1 - 2.
3- صحيح البخارى، تفسير القرطبي ج 300/16.

خاطب المؤمنين كافة بهذه الايات لتكون قانونهم المتبع وجوباً في آدابهم وأخلاقهم مع رسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). وهذه الايات كلها كما تراها قد منعت كل مؤمن ومؤمنة عن كل افتئات على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكل اقدام على أمر بين يديه، فان معنى قوله تعالى : «لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ» ان لا تفتئتوا عندهما برأي ما حتى يقضي اللّه على لسان نبيه ماشاء، وكأن المقترحين المتقدمين بين يديه كانا قد جعلا لانفسهما وزناً ومقداراً ومدخلا في الشؤون العامة، فنبه اللّه المؤمنين على خطأهما فيما رأياه، وأوقفهما على حدهما الذي يجب أن يقفا عليه.

وقوله تعالى : «لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ» نهى عن القول المشعر بأن لهم مدخلا في الامور، أو وزناً عند اللّه ورسوله، لان من رفع صوته فوق صوت غيره فقد جعل لنفسه اعتباراً خاصاً، وصلاحية خاصة، وهذا مما لايجوز ولا يحسن من أحد عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

ومن أمعن في قوله تعالى : «وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»، وقوله عز من قائل : «أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ» علم الحقيقة بكنهها. ومن علم ان اللّه ما أقر أبا بكر الصديق وعمر الفاروق على تقدمهما بين يدي اللّه ورسوله لايقران الناس على تشاورهم في اشتراع شرائعه، ونظمه وأحكامه، بطريق أحق لو كان قومنا يعلمون.

(سابعها) أن الاذان والاقامة من معدن الفرائض اليومية نفسه، فمنشئها هو الفرائض نفسه، بحكم كل نسابة للالفاظ والمعاني، خبير بأساليب العظماء وأهدافهم، وانهما لمن أعظم شعائر اللّه عز وجل، امتازت بهما الملة الاسلامية على سائر الملل والاديان، اذ جاءت آخراً ففاقت مفاخراً فليمعن معي الممعنون من أولي الألباب بما في فصولهما من بلاغة القول وفصاحته،

ص: 234

وفخامة المعاني وسموها وشرف الاهداف واعلان الحق بكل صراحة - اللّه أكبر، أشهد أن لا اله الا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه - مع الدعوة اليه بكل ترغيب فيه، وكل ثناء عليه. حي على الصلاة حي على الفلاح، حي على خير العمل، لا تأخذ الداعي لومة لائم ولا سطوة مخالف غاشم.

تلك دعوة حية - كما قال عنها بعض الاعلام - كأنما تجد الاصغاء والتلبية من عالم الحياة باسرها، وكأنما يبدأ الانسان في الصلاة من ساعة مسراها الى سمعه، ويتصل بعالم الغيب من ساعة اصغائه اليها.

دعوة تلتقي فيها الأرض والسماء، ويمتزج فيها خشوع المخلوق بعظمة الخالق، وتعيد الحقيقة الابدية الى الخواطر البشريه في كل موعد من مواعيد الصلاة، كأنها نباً جديد

اللّه أكبر اللّه أكبر - لا اله الا اللّه لا اله الا اللّه -.

تلك هي دعوة الاذان التي يدعوبها المسلمون الى الصلاة، وتلك هي الدعوة الحية التي تنطق بالحقيقة الخالدة ولا تومي اليها، وتلك هي الحقيقة البسيطة غاية البساطة، العجيبة غاية العجب، لانها أغنى الحقائق عن التكرار في الايد الابيد، وأحوج الحقائق الى التكرار بين شواغل الدنيا وعوارض الفناء.

المسلم في صلاة منذ يسمعها تدعوه للصلاة، لانه يذكر بها عظمة اللّه، رهي لب لباب الصلوات.

وتنفرج عنها هدأة الليل فكأنها ظاهرة من ظواهر الطبعية الحية تلبيها الاسماع والارواح وينصت لها الطير والشجر، ويخف لها الماء والهواء، وتبرز الدنيا كلها بروز التأمين والاستجابة منذ تسمع هتفة الداعي الذي يهتف

ص: 235

بها... الى آخر كلامه (1).

وبالجملة فان الاذان والاقامة لمما لايأتي به البشر ولو اجتمعوا له، فنعوذ باللّه من مخ الحقائق الناصعة ولاسيما اذا كانت من شرائع اللّه السائغة، وآياته البالغة.

(ثامنها) ان سنهم في بدء الاذان والاقامة كلها يناقض المأثور الثابت عن أئمة أهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلَامُ)، ولا وزن عندنا لما خالف الثابت عنهم من رأي أو رواية مطلقاً.

ففي باب الاذان والاقامة من كتاب وسائل الشيعة الى أحكام الشريعة بالسند الصحيح عن الامام أبي عبد اللّه جعفر الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)، قال : لما هبط جبرائيل على رسول اللّه بالاذان أذن جبرائيل وأقام، وعندها أمر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علياً ان يدعوله بلالا فدعاه فعلمه رسول اللّه الاذان وأمره به، وهذا مارواه كل من ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني، والصدوق محمد بن علي بن بابويه القمي، وشيخ الامامية محمد بن الحسن الطوسى، وناهيك بهؤلاء صدقاً وورعاً (2) و روی شيخنا الشهيد السعيد محمد بن مكي في كتابه (الذكرى) ان الصادق - الامام جعفر بن محمد الباقر - ذم قوماً زعموا ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أخذ الاذان عن عبد اللّه بن زيد الانصاري، فقال: ينزل الوحي به على نبيكم فتزعمون

ص: 236


1- فراجعه فى ص 136 الى ص 142 من كتاب - داعى السماء - لكاتب الشرق الاستاذ العقاد (منه قدس).
2- الاذان بوحى من اللّه : ونص الرواية هي : عن أبي عبداللّه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : لما هبط جبرئيل (عَلَيهِ السَّلَامُ) بالاذان على رسول اللّه كان رأسه في حجر على (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأذن جبرئيل وأقام، فلما انتبه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : ياعلى سمعت ؟ قال : نعم. قال : حفظت ؟ قال : نعم، قال : ادع لى بلالا تعلمه فدعا على (عَلَيهِ السَّلَامُ) بلالا فعلمه». راجع : وسائل الشيعة للحر العاملى ك الصلاة باب من أبواب الاذان والاقامة. الكافي لثقة الاسلام الكلينى المتوفى 328 أو 329ه ج 302/3، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق المتوفى 381ه ج 1 / 282 ح 865، التهذيب للشيخ الطوسي المتوفى 460 ه_ ج 2 / 277 ح2640، جامع أحاديث الشيعة ج 622/4.

انه أخذه عن عبد اللّه بن زيد ! (1).

وعن أبي العلاء - كما في السيرة الحلبية - قال: قلت لمحمد بن الحنفية انا لنتحدث أن بدء الاذان كان من رؤيار آها رجل من الانصار في منامه، قال: ففزع ذلك محمد بن الحنفية فزعاً شديداً. وقال عمدتم الى ماهو الأصل في شرائع الاسلام ومعالم دينكم فزعتم انه كان من رؤيا رآها رجل من الانصار في منامه تحتمل الصدق والكذب وقد تكون أضغاث أحلام، قال : فقلت له هذا الحديث قد استفاض في الناس، قال : هذا واللّه هو الباطل.. الى آخر کلامه (2).

وعن سفيان بن الليل قال: لما كان من الحسن بن علي ماكان قدمت عليه المدينة قال : فتذاكر وا عنده الاذان، فقال بعضنا انما كان بدء الاذان، برؤيا عبد اللّه بن زيد فقال له الحسن بن علي : ان شأن الاذان أعظم من ذلك، أذن جبرائيل في السماء مثنى مثنى وعلمه رسول اللّه، وأقام مرة مرة فعلمه رسول اللّه... (الحديث) (3).

وعن هارون بن سعد عن الشهيد زيد بن الامام علي بن الحسين عن آبائه

ص: 237


1- الذكرى للشهيد الأول ص 16، جامع أحاديث الشيعة ج 623/4، البحار ج 18 / 354، علل الشرايع ص 112، الکافی ج 3 /، الجواهر ج9 ص8.
2- السيرة الحلبية ج 2/ 300 ط مصطفى الحلبي وفي طبع آخر ج96/2.
3- أخرجه الحاكم في كتاب معرفة الصحابة من المستدرك ص 171 من جزئه الثالث (منه قدس).

عن علي : أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علم الاذان ليلة أسري به وفرضت عليه الصلاة (1).

اسقاط حى على خير العمل من الاذان والاقامة

المورد - (24) - : اسقاط حى على خير العمل من الاذان والاقامة

وذلك ان هذا الفصل كان على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جزءاً من الاذان ومن الاقامة (2) لكن أولي الأمر على عهد الخليفة الثاني كانوا يحرصون على

ص: 238


1- أخرجه الطحاوى فى مشكل الآثار، وابن مردويه فيما نقله المتقى الهندى ص 277 من الجزء السادس من كنز العمال وهو الحديث 397 من أحاديث الكنز (منه قدس). من يقول ان الاذان كان بالوحى : الصحيح من سيرة النبي ج 84/3 نقله عن كل من الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) و ابن عمر والامام الباقر وعايشة. راجع : منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 273/3، السيرة الحلبية ج1 / 273 و ج 2 / 93 و 95، مجمع الزوائد ج 329/1، نصب الراية ج 262/1 و 260، والمواهب اللدنية ج 1 / 71، فتح البارى ج 63/2، الروض الانف ج 2 / 285 و 286 البداية والنهاية ج233/3.
2- «حي على خير العمل» كان في الاذان على عهد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : و به قالت الامامية بل عندهم اجماعى كما عن السيد المرتضى في الانتصار ص 39 الجواهر ج9 ص 81 وغيرهما، بل اعترف به غیرهم : راجع : سنن البيهقى ج 1/ 524 - 525، السيرة الحلبية ج 2 / 105 ط 1382ه سعد السعود ص 100، مقاتل الطالبيين ص 297، جامع أحاديث الشيعة ج 4 / 685 - 686، البحار ج 107/84، جواهر الاخبار والاثار المستخرجة من لجة البحر الزخار 291 و 192، الامام الصادق والمذاهب الأربعة ج 283/5، میزان الاعتدال للذهبي ج 1 / 139، لسان الميزان ج 1 / 268، نيل الأوطار للشوكاني ج 32/2، دعائم الاسلام ج 45/1، البحار ج 179/84، الروض النضير ج 542/1 و ج 2/2؟ تخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 276/3، كنز العمال ج 4 / 266، دلائل الصدق ج 3 / 99 و 100 عن مبادى الفقه الاسلامي للعرفى ص 38 سيرة المصطفى للسيد هاشم معروف ص 274.

أن تفهم العامة ان خير العمل انما هو الجهاد في سبيل اللّه ليندفعوا اليه، وتعكف هممهم عليه، ورأوا أن النداء على الصلاة بخير العمل مقدمة لفرائضها الخمس ينافي ذلك (1).

بل أو جسوا خيفة من بقاء هذا الفصل في الاذان والاقامة ان يكون سبباً في تنشيط العامة عن الجهاد، اذ لو عرف الناس ان الصلاة خير من العمل مع مافيها من الدعة والسلامة لاقتصروا في ابتغاء الثواب عليها وأعرضوا عن خطر الجهاد المفضول بالنسبة اليها.

وكانت همم أولي الأمر يومئذ منصرفة الى نشر الدعوة الاسلامية، وفتح المشارق والمغارب.

وفتح الممالك لا يكون الا بتشويق الجند الى التورط في سبيله بالمهالك بحيث يشربون في قلوبهم الجهاد، حتى يعتقدون انه خير عمل يرجونه يوم المعاد.

ص: 239


1- السبب في حذف «حي على خير العمل» من الاذان ؟ عن عكرمة قال : قلت لابن عباس أخبرني لاى شيء حذف من الاذان (حي على خير العمل» قال : أراد عمر أن لا يتكل الناس على الصلاة ويدعوا الجهاد فلذلك حذفها من الاذان. راجع : دراسات وبحوث في التاريخ والاسلام 238/1 عن الايضاح ص 201 - 202 دعائم الاسلام ج 1 / 144، البحار ج 156/84 و 140، علل الشرائع ج56/2، دلائل الصدق ج 3 / 100 عن مبادى الفقه الاسلامي للعرفى ص 38، الروض النضير ج42/2 سيرة المصطفى للسيد هاشم معروف ص 274، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج3 / 97.

ولذا ترجح في نظر هم اسقاط هذا الفصل تقديماً لتلك المصلحة على التعبد بما جاء به الشرع الاقدس فقال الخليفة الثاني وهو على المنبر - فيما نص عليه القوشجي (1) في اواخر مبحث الامامة من شرح التجريد، وهو من أئمة المتكلمين على مذهب الاشاعرة - : «ثلاث كن على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأنا أنهى عنهن وأحر مهن وأعاقب عليهن : متعة النساء، ومتعة الحج، وحي على خير العمل» (2).

وتبعه في اسقاطها عامة من تأخر عنه من المسلمين، حاشا أهل البيت ومن

ص: 240


1- القوشجى هو علاء الدين على بن محمد ذكره طاش کبری زاده في كتابه الشقائق النعمانية وغير واحد من أصحاب المعاجم فذكروا انه قرأ على علماء سمرقند وأخذ العلوم الرياضية عن المولى الفاضل القاضی زاده الرومي وعلى الامير الغ بنك، ثم ذهب الى بلاد کرمان فقرأ على علمائها، ثم عاد الى سمرقند، ثم أتى القسطنطينية على عهد السلطان محمد خان فأكرمه وأعطاه مدرسة أيا صوفيا ورتب له في كل يوم مائتي درهم، وعين لكل من أولاده وأتباعه منصباً. وله من التصانيف شرح التجريد المشهور بالشرح الجديد في علم الكلام، والرسالة المحمدية في علم الحساب نسبها الى السلطان محمد خان، والرسالة الفتحية في علم الهيئة سماها بذلك لفتح السلطان محمد خان عراق العجم، وله حاشية على أوائل شرح الكشاف للتفتازاني وقد جمع عشر بن متنا في عشرين علماً سماه محبوب الحمائل. كان بعض تلامذته يحمله ولا يفارقه. أما شرحه للتجريد - تجريد الخواجة نصير الدين الطوسى أعلى اللّه مقامه فمن أحسن الشروح علماً وهو منتشر بطبعه، وتوفى القوشجي في القسطنطينية سنة 879 ودفن بجوار أبي أيوب الانصارى (رضى اللّه عنهما) (منه قدس).
2- واعتذر بعد أن أرسله عنه ارسال المسلمات بأنه قد اجتهد في ذلك (منه قدس). راجع شرح التجريد لنق و شجى طایران ص 484 مبحث الامامة، كنز العرفان للسيوري ج 158/2 عن الطبرى فى المستنير، الغدير ج 213/6، جواهر الاخبار والاثارج 2 / 192 عن التفتازاني في حاشيته على شرح العضدى، الصراط المستقيم المبياضي ج.

يرى رأيهم «حي على خير العمل» من شعارهم، كماهو بديهي من مذهبهم، حتى ان شهيد فخ - الحسين بن علي بن الحسن بن أمير المؤمنين (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) - لماظهر بالمدينة أيام الهادي من ملوك العباسيين، أمر المؤذن أن ينادي بها ففعل نص على ذلك أبو الفرج الأصبهاني حيث ذكر صاحب فخ ومقتله في کتابه مقاتل الطالبين (1).

وذكر العلامة الحلبي في باب بدء الاذان ومشروعيته ص 110 على الجزء الثاني من سيرته ان ابن عمر (رضیَ اللّهُ عنهُ) والامام زين العابدين علي بن الحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ)، كان يقولان في الاذان - بعد حي على الفلاح - حي على خير العمل. أم (2).

ص: 241


1- وكل من ذكر شهيد فخ - وثورته المبرورة على الظلم والظالمين - نص على ذلك (منه قدس). الذي أمر هو عبد اللّه بن الحسن وليس الحسين بن على راجع : مقاتل الطالبيين لابى الفرج الأصبهاني ص 446 وفي طبع الحيدرية ص 297، دراسات وبحوث في التاريخ والاسلام ج1 / 237 – 238.
2- السيرة الحلبية ج 2 / 305 ط مصطفى الحلى. القائلون بحى على خير العمل فى الاذان من الصحابة والتابعين : 1 - عبد اللّه بن عمر : سنن البيهقى ج 424/1 و 425، دلائل الصدق ج 3 / 100 عن مبادى الفقه الاسلامي للعرفى ص 38، مصنف عبدالرزاق ج 1 / 464 9 460، جامع ابن أبي شيبة ج 145/1، الروض النضير ج192/1، دراسات وبحوث في التاريخ والاسلام ج 234/1، المحلى لابن حزم ج 160/3، جواهر الاخبار والاثار المستخرجة من لجة بحر الزخار للصعيدى ج 2 / 192، السيرة الحلبية ط 1382 ج 2 / 105، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 89/3. 2 - على بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : سنن البيهقى ج 425/1، دلائل الصدق ج 3 / 100 عن مبادى الفقه الاسلامي للعرفى ص 38، جواهر الاخبار والاثار ج 2 / 192، المحلى لابن حزم ج160/3، دعائم الاسلام ج 145/1، البحار ج 179/84، السيرة الحلبية ج 2/ 105 ط 1382ه- باب الاذان، الصحيح من سيرة النبي ج96/3. 3 - سهل بن حنيف : سنن البيهقى ج 425/1، دلائل الصدق ج 3 / 100 عن مبادى الفقه الاسلامي للعرفى ص 38، المحلى لابن حزم ج 160/3، الصحيح من سيرة النبي ج91/3. 4 - بلال مؤذن الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 3 / 276، دلائل الصدق ج 99/3، كنز العمال ج 4 / 266، الصحيح من سيرة النبي ج91/3. 5 - الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : جواهر الاخبار والاثارج 191/2، الامام الصادق والمذاهب الأربعة ج 284/5. 6 - أبي محذورة أحد مؤذنى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : البحر الزخارج 2 / 191 و 192، وجواهر الاخبار والاثار هامش نفس الصفحة ميزان الاعتدال ج 1 / 139، لسان الميزان ج 268/1. 7 - زيد بن أرقم: الامام الصادق والمذاهب الأربعة ج 283/5 . 8 - الامام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : البحر الزخار وجواهر الاخبار والاثار ج 2 / 192، دعائم الاسلام ج 1/ 145، البحار ج 156/84. 9 - الامام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : دعائم الاسلام ج 142/1، البحار ج 156/84. ولاجل المزيد من الاطلاع على هذا الموضوع : راجع: دراسات وبحوث فى التاريخ والاسلام ج1 / 233 - 241، الصحيح من سيرة النبي ج 88/3 وما بعدها.

ص: 242

قلت: وهذا متواتر عن أئمة أهل البيت، فراجع حديثهم وفقههم لتكون على بصيرة من رأيهم وروايتهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) (1).

فصل

فصول الاذان عندنا ثمانية عشر، اللّه أكبر أربعاً، أشهد أن لا اله الا اللّه، أشهد أن محمداً رسول اللّه، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على خير العمل، اللّه أكبر. لا اله الا اللّه كل منها مرتان.

وفصول الاقامة سبعة عشر، هي فصول الاذان غير أنها مثنى مثنى الا «لا اله الا اللّه» فمرة واحدة ويزاد فيها «بعد الحيعلات الثلاث قبل التكبير» قد قامت الصلاة مرتين (2).

ويستحب الصلاة على محمد و آل محمد بعد ذكره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما يستحب اكمال الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية اللّه تعالى وامرة المؤمنين في الاذان والاقامة.

وقد أخطأ وشذّ من حرّم ذلك، وقال بأنه بدعة فان كل مؤذن في الاسلام

ص: 243


1- راجع : وسائل الشيعة للحر العاملى ك الصلاة باب 19 من أبواب الاذان ح 5 و 6 و 8 و 9 و 12، جامع أحاديث الشيعة ج 4 / 665 و 673 و 674 و 676 و 679 و 680 و 683 و 684 و 685، بحار الانوار ج 136/84 و 140 و 141 و 149 و 150 و 154 و 156 و 171، وراجع أيضاً الكافى للكليني، التهذيب والاستبصار للطوسي، من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ج1 / 290 ح 897. وراجع من كتب الفقه : جواهر الكلام ج 81/9 – 92، الحدائق، ج398/7، تذكرة الفقهاء ج 104/1 ط قديم.
2- راجع المصادر المتقدمة تحت رقم (334).

يقدم كلمة للاذان يوصلها به كقوله «وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا» (الاية)، (1) أو نحوها ويلحق به كلمة يوصله بها كقوله : الصلاة والسلام عليك يا رسول اللّه أو نحوها. وهذا ليس من المأثور عن الشارع في الاذان، وليس ببدعة ولا هو محرم قطعاً لان المؤذنين كلهم لا يرونه من فصول الاذان، وانما يأتون به عملا بأدلة عامة تشمله وكذلك الشهادة لعلى بعد الشهادتين في الاذان فانما هي عمل بأدلة عامة تشملها.

على ان الكلام القليل من سائر كلام الادميين لا يبطل به الاذان ولا الاقامة ولا هو حرام في اثنائها، فمن أين جاءت البدعة والحرام؟ وما الغاية بشق عصا المسلمين في هذه الأيام ؟.

الطلاق الثلاث وما أحدثوا فيه بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

المورد - (25) - الطلاق وما أحدثوا فيه بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ):

وذلك أن الطلاق الثلاث الذي لاتحل المطلقة بعده لمطلقها الا بالمحلل الشرعي المعروف، انما هو الطلاق الثالث، المسبوق برجعتين مسبوقتين بطلاقين، وذلك بأن يطلقها أولا ثم يرجعها، ثم يطلقها ثانياً ثم يرجعها، ثم يطلقها ثالثاً وحينئذ لا تحل له حتى تأتي بالمحلل المعلوم. هذا هو الطلاق الثالث الذي لاتحل المطلقة بعد لمطلقها حتى تنكح زوجاً غيره، وبسه جاء التنزيل: «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ» الى أن قال عز من قائل: «فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ» (الآية) (2)

ص: 244


1- سورة الاسراء : 111. راجع: البحارج 111/84، الحدائق ج 403/7.
2- سورة البقرة : 229 و 230.

واليك ماقاله أئمة العربية في تفسيرها، واللفظ للزمخشري في كشافه جعله كشرح مزجي، قال: «الطَّلَاقُ» بمعنى التطليق كالسلام بمعنى التسليم «مَرّتَان» أي التطليق الشرعي تطليقة بعد تطليقة على التفريق دون الجمع والارسال دفعة واحدة. ولم يرد بالمرتين التثنية ولكن أراد التكرير كقوله: «ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ» أي كرة بعد كرة الى أن قال : وقوله تعالى فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ» تخيير لهم - بعد ان علمهم كيف يطلقون - بين أن يمسكوا النساء بحسن المعاشرة والقيام بواجبهن وبين أن يسرحوهن السراح الجميل الذي لهن عليهم. قال : وقيل معناه الطلاق الرجعي مرتان - مرة بعد مرة - لانه لا رجعة بعد الثلاث.. الى أن قال : (فان طلقها) الطلاق المذكور الموصوف بالتكرار في قوله تعالى «الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ» واستوفى نصابه أوفان طلقها مرة ثالثة بعد المرتين «فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ» أي بعد ذلك التطليق «حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ»... الخ (1).

قلت : هذا هو معنى الاية وهو المتبادر منها الى الاذهان و به فسرها المفسرون كافة، ولا يمكن أن يكون قوله تعالى «فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ» متناولا لقول القائل لزوجته أنت طالق ثلاثاً الا أن يكون قبل ذلك قد تكرر منه طلاقها مرتين بعد كل مرة منهما رجعة كما لا يخفى.

لكن عمر رأى أيام خلافته تهافت الرجال على طلاق أزواجهم ثلاثاً بانشاء واحد فألزمهم بما ألزموا به أنفسهم عقوبة أو تأديباً، والسنن صريحة في نسبة ذلك اليه (2).

ص: 245


1- الكشاف للزمخشرى ج، أحكام القرآن للجصاص ج447/1، الغديرج 6 / 181.
2- الغدير للاميني ج 178/6 - 179، صحیح مسلم ك الطلاق باب طلاق الثلاث سنن أبی داود ج 344/1، أحكام القرآن للجصاص، سنن النسائي، سنن البيهقي، الدر المنثور ج279/1 تيسير الوصول، عمدة القارى للعيني ج 233/20، كنز العمال.

وحسبك منها ما عن طاووس من ان أبا الصهباء قال لابن عباس : هات من هناتك ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأبي بكر واحدة؟ فقال: قد كان ذلك فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأجازه عليهم انتهى بلفظ مسلم في صحيحه (1).

وعن ابن عباس من عدة طرق كلها صحيحة قال: كان الطلاق على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: أن الناس قد استعجلوا في أمر قد كان لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم انتهى بلفظ مسلم في صحيحه (2).

وأخرجه الحاكم في مستدركه مصرحاً بصحته على شرط الشيخين، وأورده الذهبي، في تلخيص المستدرك معترفاً بصحته على شرطهما أيضاً (3).

ص: 246


1- فى باب طلاق الثلاث من كتاب الطلاق ص 575 من الجزء الاول من صحيحه وأخرجه البيهقى ص 336 من الجزء السابع من سننه. وأبو داود في كتاب الطلاق من السنن فراجع منه الحديث الاخير من باب نسخ المراجعة بعد الثلاث تطليقات (منه قدس). صحيح مسلم ك الطلاق باب طلاق الثلاث ج 184/4 ط العامرة، سنن أبي داود ج 1 / 574، الغدير ج 179/6.
2- في باب طلاق الثلاث من كتاب الطلاق من جزئه الأول (منه قدس). صحيح مسلم ك الطلاق باب طلاق الثلاث ج 184/4 ط العامرة، ارشاد الساري ج 127/8، الدر المنثور ج 279/1، الغدير ج 178/9، مسند أحمد ج 314/1، سنن البيهقى ج 336/7، تفسير القرطبي ج130/3.
3- راجع من كل من المستدرك وتلخيصه كتاب الطلاق ص 196 من الجزء الثاني فان هذين الكتابين مطبوعان معاً وصحائفهما متحدة (منه قدس).

وأخرجه الإمام أحمد من حديث ابن عباس في مسنده (1). ورواه غير واحد من أصحاب السنن واثبات السنن (2).

ونقله العلامة الشيخ رشيد رضا في ص 210 من المجلد الرابع من مجلته «المنار» عن كل من أبي داود والنسائي والحاكم والبيهقي ثم قال - ما هذا - لفظه: ومن قضاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بخلافه ما أخرجه البيهقي عن ابن عباس (3) قال: طلق ركانة زوجته ثلاثاً في مجلس واحد فحزن عليها حزناً شديداً فسأله رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): كيف طلقتها ؟ قال ثلاثاً. قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): في مجلس واحد ؟. قال نعم قال :(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): فانما تلك واحدة فارجعها ان شئت اه_ (4).

وأخرج النسائي من رواية مخرمة بن بكير عن أبيه عن محمود بن لبيد ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أخبر عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعاً فقام (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) غضبان ثم قال : أيلعب بكتاب اللّه وأنا بين أظهر كم!. حتى قام رجل، فقال یا رسول اللّه ألا نقتله ؟ (5) الى آخر ما جاء من السنن الصحيحة صريحاً

ص: 247


1- راجع من المسند ص 314 من جزئه الأول (منه قدس).
2- كالبيهقى ص 336 من الجزء السابع من سننه، والقرطبي في الجزء الثالث ص 130 من تفسيره جازماً بصحته وغير هؤلاء من أمثالهم (منه قدس).
3- ذكره ابن اسحاق في ص 191 من الجزء الثاني من سيرته (منه قدس).
4- بداية المجتهد ج 2 / 61، الغدير ج182/6.
5- وقد نقله قاسم بك أمين المصرى ص 172 من كتابه - تحرير المرأة عن النسائى والقرطبي والزيلعي لكن بالاسناد الى ابن عباس، وربما دل هذا الحديث على فساد الطلاق الثلاث بالمرة لكونه لعباً، وبذلك قال سعيد بن المسيب وجماعة من التابعين، لكن الصواب أن اللعب انما هو فى قول ثلاثاً فيلغى، وأما قوله أنت طالق يؤثر أثره لانه جد لا لعب فيه (منه قدس). سنن النسائى ج 142/6، تيسير الوصول ج160/3، تفسیر ابن کثیر ج 377/1، ارشاد السارى ج 128/8، الدر المنثور ج 283/1، الغدير ج181/6.

فى ذلك ولذا ترى علماء الاسلام واثباتهم يرسلونه ارسال المسلمات.

الاستاذ الكبير خالد محمد خالد المصري المعاصر وقد

وحسبك منهم قال في كتابه «الديمقراطية» : ترك عمر بن الخطاب النصوص الدينية المقدسة من القرآن والسنة عندما دعته المصلحة لذلك، فبينا يقسم القرآن للمؤلفة قلوبهم حظاً من الزكاة ويؤديه الرسول وأبو بكر، يأتي عمر فيقول : لا نعطي على الاسلام شيئا، وبينا يجيز الرسول وأبو بكر بيع أمهات الاولاد يأتي عمر فيحرم بيعهن، وبينا الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع واحداً بحكم السنة والاجماع جاء عمر فترك السنة وحطم الاجماع.

هذا كلامه بعين لفظه فراجعه في ص 150 من «ديمقراطيته». وقال الاستاذ الدكتور الدواليبي - حيث ذكر عمر وايقاعه الطلاق الثلاث بكلمة واحدة في كتابه أصول الفقه (1) ما هذا لفظه - : «ومما أحدثه عمر (رضي اللّه عنه) تأييداً لقاعدة تغير الاحكام بتغير الزمان، هو ايقاعه الطلاق الثلاث بكلمة واحدة، مع أن المطلق في زمن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وزمن خليفته أبي بكر وصدراً من خلافة عمر كان اذا جمع الطلقات الثلاث بفم واحد جعلت واحدة كما ثبت ذلك في الخبر الصحيح عن ابن عباس، وقد قال عمر بن الخطاب : ان الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم.

قال : وقال ابن القيم الجوزية في ذلك ولكن أمير المؤمنين عمر (رضي اللّه عنه) رأى أن الناس قد استهانوا بأمر الطلاق، وكثر منهم ايقاعه جملة واحدة فرأى من المصلحة عقوبتهم بامضائه عليهم فاذا علموا ذلك كفوا عن الطلاق فرأى عمر أن هذا مصلحة لهم في زمانه. ورأى ان ما كان عليه في عهد النبي وعهد الصديق وصدراً من خلافته كان الاليق بهم لانهم لم يتتابعوا فيه، وكانوا

ص: 248


1- فراجع منه آخر ص 246 والتي بعدها (منه قدس).

يتقون اللّه في الطلاق.

الى أن قال : فهذا مما تغيرت به الفتوى لتغير الزمان (1) (قال) : وعلم الصحابة حسن سياسة عمر وتأديبه لرعيته في ذلك فوافقوه على ما ألزم به (2) وصرحوا لمن استفتاهم بذلك (3) (قال) : غير ان ابن القيم نفسه جاء فأبدى ملاحظته بالنسبة لزمنه، رغبة في الرجوع بالحكم الى ما كان عليه في عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لان الزمن قد تغير أيضاً، وأصبح ايقاع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة مدعاة لفتح باب التحليل الذي كان مسدوداً على عهد الصحابة (4) وقال : بأن العقوبة اذا تضمنت مفسدة أكثر من الفعل المعاقب عليه كان تركها أحب الى اللّه ورسوله (5).

(قال) : وقال ابن تيمية : ولو رأى عمر (رضي اللّه عنه) عبث المسلمين في تحليل المبانة لمطلقها ثلاثاً لعاد الى ماكان عليه الأمر في عهد الرسول.

(قال) : وان ما أبداه ابن تيمية من الملاحظات القيمة قد كان مدعاة لعودة المحاكم الشرعية في مصر الان الى ماكان عليه الحكم في عهد الرسول عملا بقاعدة تغير الازمان (6).

ص: 249


1- سبحانك اللّهم اذا صح للمجتهدين تغيير أمثال هذه الفتوى بتغيير الزمان حتى في هذه الفترة الوجيزة الكائنة بين خلافة الخليفتين، فعلى أحكام الكتاب والسنة ونصوصهما السلام. وى. وى. ما أفظع هذا الخطر اذا بنى المجتهدون على مثل هذه القاعدة التى ما أنزل اللّه بها من سلطان (منه قدس).
2- هذا ممالادليل عليه. بل الادلة قائمة على خلافه (منه قدس).
3- قل هاتوا برهانكم (منه قدس).
4- لم يكن في الزمن تغير ولا تغير الزمن يوجب تغير الحكم الشرعي المنصوص عليه في الكتاب أو السنة وانما عمل ابن القيم به علماً منه انه حكم اللّه تعالى (منه قدس)
5- سبحان اللّه ما هذا التلاعب (منه قدس).
6- بل عملا بنص الكتاب وصريح السنة (منه قدس). ولاجل الاطلاع على الموضوع بصورة أوسع راجع : الغدير ج178/6 – 183.

صلاة التراويح

المورد - (26) - صلاة التراويح :

وذلك ان صلاة التراويح ماجاء بها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولا كانت على عهده بل لم تكن على عهد أبي بكر ولا شرع اللّه الاجتماع لأداء نافلة من السنن غير صلاة الاستسقاء.

وانما شرعه في الصلوات الواجبة كالفرائض الخمس اليومية، وصلاة الطواف، والعيدين والايات وعلى الجنائز.

وكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقيم ليالي رمضان بأداء سننها في غير جماعة، وكان يحض على قيامها، فكان الناس يقيمونها على نحو ما رأوه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقيمها.

وهكذا كان الأمر على عهد أبي بكر حتى مضى لسبيله سنة ثلاثة عشر للهجرة (1) وقام بالأمر بعده عمر بن الخطاب، فصام شهر رمضان من تلك السنة لا يغير من قيام الشهر شيئاً، فلما كان شهر رمضان سنة أربع عشرة أتى المسجد ومعه بعض أصحابه، فرأى الناس يقيمون النوافل وهم ما بين قائم وقاعدو راكع و ساجد وقاريء ومسبح ومحرم بالتكبير ومحل بالتسليم في مظهر لم يرقه، ورأى من واجبه اصلاحه فسن لهم التراويح (2) أوائل الليل من الشهر وجمع الناس عليها حكماً مبرماً، وكتب بذلك الى البلدان ونصب للناس في المدينة

ص: 250


1- وكان ذلك ليلة الأربعاء لثمان بقين من ج 2 وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشرة أيام (منه قدس).
2- التراويح هي النافلة جماعة فى ليالي شهر رمضان، وانما سميت تراویح للاستراحة فيها بعد كل أربع ركعات. ونحن الامامية لاتفوتنا والحمد للّه نؤديها كما كان يؤديها رسول اللّه كماً وكيفاً عملا بقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : صلوا كما رأيتموني أصلى (منه قدس).

امامين يصليان بهم التراويح اماماً للرجال واماماً للنساء، وهذا كله أخبار متواترة (1).

وحسبك منها ما أخرجه الشيخان في صحيحهما (2) من أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : من قام رمضان - أي بأداء سننه - ايماناً واحتساباً غفر اللّه ما تقدم من ذنبه وانه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) توفي والامر كذلك - أي أمر القيام في شهر رمضان لم يتغير عما كان عليه قبل وفاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر اه_ (3).

وأخرج البخاري في كتاب التراويح أيضاً من الصحيح عن عبدالرحمن ابن عبدالقاري (4) قال : خرجت مع عمر ليلة في رمضان الى المسجد فاذا

ص: 251


1- عمر يضع اماماً لصلاة التراويح: الكامل في التاريخ ج 31/3، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 281/3 وذكر ان ذلك كان سنة 14 للهجرة. وذكر النظام ان عمر هو الذى أبدع صلاة التراويح كما في : الملل والنحل للشهرستاني ج78/1 ط 1368ه.
2- فراجع من صحيح البخارى كتاب صلاة التراويح ص 233 من جزئه الاول. وراجع من صحيح مسلم باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح من كتاب صلاة المسافرين وقصرها ص 283 والتي بعدها من جزئه الأول (منه قدس).
3- فى عهد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صلاة التراويح كانت فرادى : صحيح مسلم ك الصلاة باب الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح ج 177/2 ط العامرة، صحيح البخارى ج 251/2، الطرائف لابن طاوس ج454/2 عن الجمع بين الصحيحين، موطأ مالك ج113/1.
4- عبد القارى بتنوين عبد وتشديد ياء القارى نسبة الى قارة وهو ابن دیش بن ملحم ابن غالب المدنى. كان هذا عامل عمر على بيت المال وهو حليف بني زهرة. روى عن عمر وأبي طلحة، وأبي أيوب، وأبي هريرة، وروى عنه ابنه محمد، والزهرى ويحيى بن جعدة بن هبيرة. مات سنة ثمانين. وله ثمان وسبعونى سنة (منه قدس).

الناس أوزاع متفرقون، الى أن قال : فقال عمر : اني أرى لو جمعت هؤلاء على قارىء واحد كان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب (قال) : ثم خرجت معه ليلة اخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم. قال عمر: نعمت البدعة هذه... (1).

قال العلامة القسطلاني في أول الصفحة الرابعة من الجزء الخامس من ارشاد الساري في شرح صحيح البخاري عند بلوغه الى قول عمر في هذا الحديث : نعمت البدعة هذه، ماهذا لفظه : سماها بدعة لأن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يسن لهم، ولا كانت في زمن الصديق (رضي اللّه عنه). ولا أول الليل، ولا هذا العدد... الخ. وفي تحفة الباري وغيره من شرح البخاري مثله فراجع.

وقال العلامة أبو الوليد محمد بن الشحنة حيث ذكر وفاة عمر في حوادث سنة 23 من تاريخه - روضة المناظر - : هو أول من نهى عن بيع امهات الاولاد، وجمع الناس على أربع تكبيرات في صلاة الجنائز، وأول من جميع الناس من امام يصلي بهم التراويح... الخ (2).

ولما ذكر السيوطي في كتابه - تاريخ الخلفاء - أوليات عمر نقلا عن العسكري (3) قال : هو أول من سمي أمير المؤمنين، وأول من من قيام شهر

ص: 252


1- صحيح البخارى ك التراويح ج252/2، موطأ مالك ج 114/1، الطرائف لابن طاوس ص 445 عن الجمع بين الصحيحين.
2- أول من جعل اماماً للتراويح عمر : روضة الناظرين لابن الشحنة بهامش الكامل ط قدیم ارشاد الساری فی شرح صحیح البخاري ج.
3- العسكرى هو الحسن بن عبد اللّه بن سهيل بن سعيد بن يحيى يكنى أبا اللغوى له كتاب الأوائل فرغ من تأليفه يوم الاربعاء لعشر خلت من شعبان سنة 395 (منه قدس).

رمضان - بالتراويح - وأول من حرم المتعة، وأول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات... الخ (1).

وقال محمد بن سعد - حيث ترجم عمر في الجزء الثالث من الطبقات - : وهو أول من سن قيام شهر رمضان - بالتراويح - وجمع الناس على ذلك، وكتب به الى البلدان، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة، وجعل للناس بالمدينة قارئين قارئاً يصلي التراويح بالرجال، وقارثاً يصلي بالنساء الخ (2).

وقال ابن عبدالبر في ترجمة عمر من الاستيعاب : وهو الذي نور شهر الصوم بصلاة الاشفاع فيه (3).

كان هؤلاء عفا اللّه عنهم وعنا، رأوه رضي اللّه عنه قد استدرك (بتراويحه) على اللّه ورسوله حكمة كانا عنها غافلين.

بل هم بالغفلة - عن حكمة اللّه في شرائعه حكمة اللّه في شرائعه ونظمه - أخرى، وحسبنا في عدم تشريع الجماعة في سنن شهر رمضان وغيرها انفراد مؤدّيها - جوف الليل في بيته - بربه عز وعلا يشكو اليه بثه وحزنه، ويناجيه بمهماته مهمة مهمة حتى يأني على آخرها ملحاً عليه، متوسلا بسعة رحمته اليه راجياً لاجئاً، راغباً، منيباً تائباً، معترفاً لائذاً عائذاً، لايجد ملجاً من اللّه تعالى الا اليه، ولا منجي منه الا به.

ص: 253


1- تاريخ الخلفاء للسيوطى ص، الكامل في التاريخ ج31/3.
2- صلاة التراويح جماعة كانت سنة 14ه : الطبقات لابن سعد ج 281/3، تاریخ الطبری ج 22/3 ط الحسينية، الكامل لابن الاثير ج 3 / 31 ط دار الكتاب العربي شرح نهج البلاغة لابن ابی الحدید ج 75/12.
3- الاستيعاب لابن عبدالبر بهامش الاصابة ج 460/2 ط 1.

لهذا ترك اللّه السنن حرة من قيد الجماعة ليتزودوا فيها من الانفراد باللّه ما أقبلت قلوبهم عليه، ونشطت أعضاؤهم له، يستقل منهم ما يستقل، ويستكثر من يستكثر، فانها خير موضوع كما جاء في الأثر عن سيد البشر.

أما ربطها بالجماعة فيحدّ من هذا النفع ويقلل من جدواه.

أضف الى هذا ان اعفاء النافلة من الجماعة يمسك على البيوت حظها من البركة والشرف بالصلاة فيها، ويمسك عليها حظها من تربية الناشئة على حبها والنشاط لها، ذلك لمكان القدوة في عمل الاباء والامهات والاجداد والجدات وتأثيره في شد الابناء اليها شداً يرسخها في عقولهم وقلوبهم، وقد سأل عبداللّه ابن مسعود رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أيما أفضل : الصلاة في بيتي أو الصلاة في المسجد؟. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ألا ترى الى بيتي ما أقربه من المسجد فلان اصلي في بيتي أحب الي من أن أصلى في المسجد الا ان تكون صلاة مكتوبة» رواه أحمد وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه كما في باب الترغيب في صلاة النافلة من كتاب الترغيب والترهيب للامام زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري (1). وعن زيد بن ثابت ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «صلوا أيها الناس في بيوتكم فان أفضل صلاة المرء في بيته الا الصلاة المكتوبة» رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه (2).

وعن أنس بن مالك قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اكرموا بيوتكم ببعض

ص: 254


1- يستحب صلاة النافلة في البيت : مسند أحمد ج، سنن ابن ماجة ج 1/ 439 ح 1378 صحيح ابن خزيمة ج، الترغيب والترهيب للمنذرى ج 279/1، مجمع الزوائد وصححه.
2- الترغيب والترهيب للمنذرى ج 1 / 380، الفتح الكبير للنبهاني ج2 / 190.

صلاتكم» (1). وعنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «مثل البيت الذي يذكر اللّه فيه والبيت الذي لا يذكر اللّه فيه مثل الحي والميت أخرجه البخاري ومسلم (2). وعن جابر قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «اذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته وان اللّه جاعل في بيته من صلاته خيراً» رواه مسلم وغيره ورواه ابن خزيمة في صحيحه بالاسناد الى أبي سعيد. (3) والسنن في هذا المعنى لا يسعها هذا الاملاء (4).

لكن الخليفة رضي اللّه عنه رجل تنظيم وحزم، وقد راقه من صلاة الجماعة ما يتجلى فيها من الشعائر بأجلى المظاهر الى مالا يحصى من فوائدها الاجتماعية التي أشبع القول علماؤنا الاعلام ممن عالجوا هذه الأمور بوعي المسلم الحكيم وأنت تعلم أن الشرع الاسلامي لم يهمل هذه الناحية، بل اختص الواجبات من الصلوات بها، وترك النوافل للنواحي الآخر من مصالح البشر «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ» (5).

ص: 255


1- الترغيب والترهيب ج 1 / 280، الفتح الكبير للنبهاني ج227/1.
2- صحیح مسلم ك الصلاة باب استحباب صلاة النافلة في بيته ج 2 / 188 ط العامرة، الفتح الكبير ج 3/ 128، الترغيب والترهيب ج 1 / 278.
3- صحيح مسلم ك الصلاة باب استحباب صلاة النافلة في بيته ج187/2ط العامرة، صحيح ابن خزيمة الفتح الكبير ج 142/1، الترغيب والترهيب ج278/1.
4- راجع : صحيح مسلم ك الصلاة باب استحباب صلاة النافلة في بيته ج2 / 187.
5- سورة الاحزاب : 36.

صلاة الجنائز وعدد التكبيرات فيها

المورد - (27) - صلاة الجنائز :

وذلك أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان يكبر على الجنائز خمساً، لكن الخليفة الثاني راقه أن يكون التكبير فى الصلاة عليها أربعاً فجمع الناس على الاربع، نص على ذلك جماعة من أعلام الامة كالسيوطي (نقلا عن العسكري) حيث ذكر أوليات عمر من كتابه تاريخ الخلفاء وابن الشحنة حيث ذكر وفاة عمر سنة 23 من كتابه «روضة المناظر» المطبوع في هامش تاريخ ابن الاثير وغيرهما من أثبات المتتبعين (1).

وحسبك ما في كتاب الديمقراطية لمؤلفه الاستاذ خالد محمد خالد مما أوردناه آنفاً في مبحث الطلاق الثلاث فراجع.

وقد أخرج الامام أحمد من حديث زيد بن أرقم عن عبد الاعلى، قال صليت خلف زيد ابن أرقم على جنازة فكبر خمساً، فقام اليه أبو عيسى عبد الرحمن بن أبي ليلى فأخذ بيده فقال: أنسيت ؟ قال : لا، ولكني صليت خلف أبي القاسم خليلي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فكبر خمساً فلا أتركه أبداً (انتهى) (2).

قلت: وصلى زيد بن أرقم على سعد بن جبير المعروف بسعد بن حبتة وهي أمه، وهو من الصحابة فكبر على جنازته خمساً، فيما رواه ابن حجر في ترجمة سعد من اصابته، ورواه ابن قتيبة فى أحوال أبي يوسف من معارفه، (3)

ص: 256


1- راجع : روضة الناظر لابن الشحنة بهامش الكامل ج 203/1 ط قديم، الكامل فى التاريخ ج 3 / 31، الغدير ج245/6.
2- راجعه فى ص370 من الجزء الرابع من المسند (منه قدس).
3- الاصابة لابن حجر ج 22/2، المعارف لابن قتيبة ص، الطبقات لابن سعد.

وكان سعد هذا جد أبي يوسف القاضي.

وأخرج الامام أحمد من حديث حذيفة من طريق يحيى بن عبد اللّه الجابر قال صليت خلف عیسی مولى لحذيفة بالمدائن على جنازة فكبر خمساً، ثم التفت الينا فقال: ما وهمت ولا نسيت ولكن كبرت كما كبر مولاي وولي نعمتي حذيفة بن اليمان صلى على جنازة وكبر خمساً ثم التفت الينا فقال : مانسيت ولا وهمت ولكن كبرت كما كبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (الحديث) (1).

اشتراط التوارث بين الاخوة والاخوات ان لايكون للموروث منهم ولد

المورد - (28) اشتراط التوارث بين الاخوة والاخوات ان لايكون للموروث منهم ولد

قال اللّه تعالى: «يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ۚ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ ۚ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ۚ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ ۚ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ۗ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (2) الاية صريحة فى اشتراط التوارث بين الاخوة والاخوات أن لا يكون للموروث منهم ولد والبنت ولد لغة وعرفاً (3).

ص: 257


1- راجعه فى أول ص 406 من الجزء الخامس من المسند. ورواه الحافظ الذهبي في ترجمة يحيى بن عبداللّه الجابر من ميزان الاعتدال عن جرير الضبي عن يحيى الجابر (منه قدس). عمدة القارى ج 4 / 129، الغدير ج 245/6.
2- سورة النساء : 176.
3- ومعاجم اللغة كلها تشهد بذلك: وحسبك (يوصيكم اللّه في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) وبشر بعض العرب ببنت فقال : واللّه ماهي بنعم الولد (منه قدس). مجمع البحرين ج165/3، معجم مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني ص 569.

لكن عمر بن عمر بن الخطاب حمل الولد في الآية على الذكر خاصة فواسى في الميراث بين بنت الميت وأخته لابيه وأمه، فجعل لكل منهما النصف مما ترك، وتبعه في ذلك أهل المذاهب الأربعة (1).

أما أئمة العترة الطاهرة وأولياؤهم الامامية فقد أجمعوا بأن لاحقّ للاخوة وسائر العصبة مطلقاً مع وجود الولد ذكراً كان أم أنثى متعدداً كان أم منفرداً محتجين بهذه الاية، وبقوله تعالى «وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ» ولهم في سقوط العصبة مع وجود الولد ولو كان بنتاً واحدة لهجة شديدة يعرفها من راجع نصوصهم في المواريث، ودونه كتاب وسائل الشيعة الى أحكام الشريعة وسائر مسانيدهم (2).

وقد مثل ابن عباس عن رجل توفي وترك بنته وأخته لابيه وأمّه فقال : ليس لاخته شيء والبنت تأخذ النصف فرضاً و الباقي تأخذه رداً قال السائل :

ص: 258


1- العصبة : الفقه على المذاهب الخمسة ص 514 ط دار العلم للملايين، الفقه على المذاهب الاربعة ج ص. وكان الخليفة الثانى يجهل تفسير هذه الاية وحكم الكلالة وقد وردت على لسانه عدة روايات في ذلك. راجع : صحيح مسلم ك الفرائض باب ميراث الكلالة ج61/5، وراجع بقية الروايات في الغدير ج 127/9 ومع هذا فقد حكم الخليفة عمر بأن الذكر في الطبقة اللاحقه يشارك الانثى في الطبقة السابقة.
2- أهل البيت لا يقولون بالعصبة : وسائل الشيعة ك الفرائض والمواريث باب 17 من أبواب ميراث الابوين ح 3 و 6 وباب 19 ح 1 و 2 و 3 و 4 و 6 وباب 1 من أبواب ميراث الاخوة والاجداد ح1 و2 و 3 و 4 و5 و7 و 8 و 9 و 12 وباب (2) أن الاخ اذا انفرد فله المال ح2 و5 الى غير ذلك من الاحاديث.

فان عمر قضى بغير ذلك. قال ابن عباس : أأنتم أعلم أم اللّه ؟. قال السائل : ما أدري وجه هذا ؟ حتى سألت ابن طاووس فذكرت له قول ابن عباس، فقال: أخبرني أبي أنه سمع ابن عباس يقول : قال اللّه عز وجل : «إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ»، فقلتم أنتم : لها نصف ماترك وان كان لها ولد (1).

عول الفرائض

المورد - (29) - عول الفرائض

اختلف المسلمون في جواز العول،وعدمه، وحقيقة العول ان تنقص التركة عن ذوي السهام كأختين وزوج فان للاختين الثلثين وللزوج النصف، وقد التبس الأمر فيها على الخليفة الثاني فلم يدر أيهم قدم اللّه فيها ليقدمه، وأيهم أخر ليؤخّره، فقضى بتوزيع النقص على الجميع بنسبة سهامهم، و هذا غاية مايتحراه من العدل مع التباس الأمر عليه (2).

لكن أئمّة أهل البيت وعلماؤهم عرفوا المقدم عند اللّه فقدموه، وعرفوا المؤخر فأخروه - وأهل البيت أدرى بالذي فيه -.

ص: 259


1- أخرج هذا الحديث جماعة من حفظة السنن وهو موجود في كتاب الفرائض ص 339 من الجزء الرابع من مستدرك الحاكم. وقد صرح ثمة بأنه صحيح على شرط الشيخين وأورده الذهبي في تلخيص المستدرك حاكماً بصحته على شرطهما أيضاً فراجع (منه قدس). وراجع الفقه على المذاهب الخمسة ص 514.
2- العول : الفقه على المذاهب الخمسة ص 519، جواهر الكلام فی شرح شرایع الاسلام ج 39 / 106 - 109.

قال : الامام أبو جعفر الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : كان أمير المؤمنين - علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - يقول: «ان الذي أحصى رمل عالج ليعلم أن السهام لانعول على ستة (1) لو يبصرون وجهها» (2).

وكان ابن عباس يقول: من شاء باهلته عند الحجر الاسود ان اللّه لم يذكر في كتابه نصفين وثلثاً، وقال أيضاً: سبحان اللّه العظيم أترون ان الذي أحصى رمل عالج عدداً جعل في مال نصفاً ونصفاً وثلثاً، هذان النصفان قد ذهبا بالمال فاین مو موضع الثلث.؟ فقيل له يا أبا العباس فمن أول من أعال الفرائض ؟ فقال: لما التفت الفرائض عند عمر ودفع بعضها بعضاً، قال : واللّه ما أدري أيكم قدم اللّه وأيكم أخر، وما أجد شيئاً هو أوسع من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص قال ابن عباس : وأيم اللّه لو قدمتم من قدم اللّه، وأخرتم من أخر اللّه ماعالت الفريضة، فقيل له : أيها قدم اللّه وأيها أخر، فقال : كل فريضة لم يهبطها اللّه الا الى فريضة، فهذا ما قدم اللّه وأما ما أخر فكل فريضة اذا زالت عن فرضها لم يكن لها الا مابقي، فتلك التي أخر قال : فأما التي قدم فالزوج له النصف، فاذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع الى الربع لايزيله عنه شيء ومثله

ص: 260


1- كان الناس على عهده (عَلَيهِ السَّلَامُ) يفرضون كمل شيء سنة أجزء كل جزاء سدس كما يفرضون اليوم في عرفنا أربعة وعشرين قيراطاً، وعليه فيكون مراده (عَلَيهِ السَّلَامُ) انكم لو تبصرون وجوه السهام اذا تعارضت لم تتجاوز السهام عن الستة، وحيث أنكم لم تبصروا طرقها فقد تجاوزن عن السنة اذ أنكم تزيدون على الستة بقدر الناقص، مثلا اذا اجتمع أبوان وبنتان وزوج فللابوين اثنان من الستة والبنتين أربعة منها فتمت الستة فتزيدون على الستة واحداً ونصفاً للزوج فتتجاوز السهام من الستة الى سبعة ونصف وهذا ممتنع ولا يجوز على اللّه تعالى أن يفرضه أبدأ (منه قدس).
2- وسائل الشيعة ج 423/17 ح 9 و 14، الجواهر ج 106/39.

الزوجة والام قال: وأما التي أخر ففريضة البنات والاخوات لها النصف والثلثان، فاذا أزالتهنّ الفرائض عن ذلك لم يكن لهنّ الّا مابقي (قال) : فاذا اجتمع ما قدم اللّه وما أخر بدىء بما قدم فأعطي حقه كاملا فان بقي شيء كان لما أخر الحديث أورده شيخنا الشهيد الثاني في الروضة قال وانما ذكرناه على طوله لاشتماله على أمور مهمة (1).

قلت : وأخرج الحاكم في كتاب الفرائض ص 340 من الجزء الرابع من المستدرك عن ابن عباس أنه قال : أول من أعال الفرائض عمر وأيم اللّه لو قدم من قدم اللّه وأخر من أخر اللّه ما عالت فريضة، فقيل له : وأيها قدم اللّه، وأيها أخر، فقال : كل فريضة لم يهبطها اللّه عزوجل عن فريضة الا الى فريضة، فهذا ما قدم اللّه عز وجل كالزوج والزوجة والام وكل فريضة اذا زالت عن فرضها لم يكن لها الا ما بقي فتلك التي أخر اللّه عزوجل كالاخوات والبنات فاذا اجتمع من قدم اللّه عز وجل ومن أخر بدىء بمن قدم فاعطى حقه كاملا، فان بقي شيء كان لمن أخر.. (الحديث) (2).

وعلى هذا فاذا اجتمع الزوج والام والبنات بدىء بالزوج والام فأعطيا

ص: 261


1- أهل البيت لا يعترفون بالعول : راجع : الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج88/8 - 92، الكافي للكليني ج 79/7 - 80 2، من لا يحضره الفقيه ج 187/4، كنز العمال ج 19/11- 20 ح 121، وسائل الشيعة ج 426/17 ب 7 من أبواب موجبات الارث ح6، جواهر الكلام ج 106/3، الطرائف لابن طاوس ج 469/2 عن أبي هلال العسكرى.
2- قال الحاكم بعد ایراده هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه قلت : والذهبي لم يتعقبه اذ أورده في التلخيص اذعاناً بصحته. ولنا حول العول في أجوبة موسى جار اللّه أبحاث دقيقة فليراجعها كل ولوع بتمحيص الحقيقة (منه قدس). وراجع : أحكام القرآن للجصاص ج 2/ 109، السنن الكبرى ج253/6، الغدير ج 6 / 270، أجوبة مسائل جار اللّه ص 88 ط 2.

فريضتهما الثانية الربع للزوج والسدس للام كاملين، وأعطي الباقي للبنتين بالسواء، ولو اجتمع الاختان مع هؤلاء لم يكن لهما شيء أصلا، لان مراتب الارث بالنسب عند أئمة أهل البيت وأوليائهم ثلاث «المرتبة الاولى»: الاباء والامهات دون آبائهم وأمهاتهم، والابناء والبنات على ما هو مفصل في محله «المرتبة الثانية»: الاخوة والاخوات والاجداد والجدات على ما هو مبين في مظانه من كتب الفقه والحديث المرتبة الثالثة الاعمام والعمات والاخوال والخالات على ما هو مفصل في فقهنا وحديثنا فلايرث أحد من المرتبة التالية مع وجود أحد من سابقتها «وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ» (1).

هذا مذهب الائمة من العترة التي جعلها اللّه ورسوله بمنزلة الكتب الى يوم الحساب، وعليه اجماع الامامية. فالاختان من أهل المرتبة الثانية كما بيناه فلا ترثان مع وجود الام. واللّه تعالى أعلم (2).

ميراث الجد مع الاخوة

المورد - (30) - ميراث الجد مع الاخوة

أخرج البيهقي في سننه وفي شعب الايمان كليهما (3) ان عمر سأل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن ميراث الجد مع الاخوة فقال له : ماسؤالك عن هذا يا عمر ؟ اني أظنك تموت قبل أن تعلمه، قبال راوي هذا الحديث - سعيد بن المسيب - فمات عمر قبل أن يعلمه (4).

ص: 262


1- سورة الانفال : 75.
2- جواهر الکلام ج 39/ 111 - 195، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ج 22/8 – 24.
3- وأخرجه الشيخ في فرائضه. ونقله المتقى الهندى فى ص 15 من ج6 من كنز العمال (منه قدس).
4- الغدير للاميني ج116/6.

قلت : وقد اضطرب فى هذه السألة أيام خلافته حتى قضى فيها - فيما قيل عنه - بسبعين حكماً. قال عبيدة السلماني (1):لقد حفظت لعمر بن الخطاب في الجد مائة قضية مختلفة (2).

وعن عمر قال قال (3) : اني قضيت في الجد قضيات لم آل فيها عن الحق. ورجع أخيراً في هذه المعضلة الى زيد بن ثابت (4).

قال طارق بن شهاب الزهري (5) : كان عمر بن الخطاب قضى في ميراث الجد مع الاخوة قضايا مختلفة، ثم أنه جمع الصحابة وأخذ كتفاً ليكتب فيه وهم يرون أنه يجعله أبا فخرجت حية فتفرقوا فقال : لو أراد اللّه تعالى ان يمضيه لامضاه ثم أنه أتى الى منزل زيد بن ثابت فقال له : جئتك في أمر الجد وأريد أن أجعله أباً، فقال زيد: لا أوافقك على ان تجعله أباً فخرج عمر مغضباً ثم أرسل اليه في وقت آخر فكتب زيد مذهبه فيه في قطعة قتب، فلما أتى عمر كتاب زيد خطب الناس ثم قرأ قطعة القتب عليهم (ثم قال) : ان زيداً قد قال: في الجد قولا قد امضيته (6)

ص: 263


1- فيما أخرجه عنه ابن أبي شيبة والبيهقي في سننهما وابن سعد في طبقاته و نقله صاحب كنز العمال في الفرائض ص 15 من جزئه السادس (منه قدس).
2- سنن البيهقى ج 245/6، الجامع لابن أبي شيبة، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2/ 336، الغدير للاميني ج 6 / 116 و 117.
3- فيما أخرجه البيهقى فى شعب الايمان كما في ص 15 من ج6 من كنز العمال (منه قدس).
4- الغدير للاميني ج117/6.
5- فيما نقله الدميرى فى تتمة مادة الحية من حياة الحيوان. ومن أراد الوقوف على ارتباك عمر في هذه الفضية فعليه بالوقوف على ما حولها من صحاح السنة ومسانيدها وحسبك ما فى الفرائض من كنز العمال ومن مستدرك الحاكم (منه قدس).
6- حياة الحيوان للدميرى.

الفريضة المشتركة وتعرف بالحمارية

المورد - (31) - الفريضة المشتركة وتعرف بالحمارية

مجمل هذه الفريضة ان امرأة ماتت عن زوج وأم، وأخوين لامها دون أبيها وأخوين آخرين لامها وأبيها معاً، وذلك على عهد الخليفة الثاني فرفعت اليه هذه القضية مرتين، فقضى في المرة الأولى باعطاء زوجها فرضه وهو النصف و اعطاء امها فرضها وهو السدس، واعطاء أخويها لامها خاصة الثلث لكل منهما السدس فتم المال، واسقط أخويها الشقيقين.

وفي المرة الثانية أراد أن يحكم بذلك أيضاً فقال له أحد الشقيقين : هب ان أبانا كان حماراً فأشر كنا في قرابة امنا، فأشرك بينهم بتوزيع الثلث على الاخوة الأربعة بالسواء، فقال له رجل : انك لم تشر كهما عام كذا، فقال عمر: تلك على ما قضينا يومئذ، وهذه على ما قضينا الان (1).

و تعرف هذه المسألة بالفريضة الحمارية؟ لقوله : هب أن أبانا كان حماراً

ص: 264


1- أخرجه البيهقى وابن أبي شيبة في سننهما، وعبد الرزاق في جامعه كما في أول الصفحة الثانية من فرائض كنز العمال وهو الحديث 110 من أحاديث الكنز في ص من جزئه السادس، وذكر في هذه القضية الفاضل الشرقاوى في حاشيته على التحرير للشيخ زكريا الأنصارى، ونقل صاحب مجمع الانهر في شرح ملتقى الابحر : ان عمر كان أولا يقول بعدم التشريك ثم رجع. قال : وسبب رجوعه انه سئل عن هذه المسألة فأجاب كما هو مذهبه فقام واحد من الاولاد لاب وأم وقال : يا أمير المؤمنين لئن سلمنا أن أبانا كان حماراً ألسنا من أم واحدة فأطرق رأسه مليا وقال: صدقت لانكم بنو أم واحدة فشركهم في الثلث. أه، وهذه الواقعة نقلها أحمد أمين بهذه الكيفية على سبيل الاختصار في ص 285 من الجزء المختص بالحياة العقلية وه-و الجزء الاول من فجر الاسلام (منه قدس). راجع : سنن البيهقى ج255/6.

وربما سميت بالحجرية واليمية، اذ روى ان بعضهم قال : هب أن أبانا كان حجراً ملقى في اليم، وقد تسمى العمرية لاختلاف قولي عمر فيها، ويقال لها المشتركه (1) وهي من المسائل المعروفة عند فقهاء المذاهب الأربعة، وهم مختلفون فيها فأبو حنيفة وصاحباه، وأحمد بن حنبل وزفر، وابن أبي ليلى، يرون حرمان الاخوين الشقيقين على ماقضى به عمر أولا، بخلاف مالك والشافعي فانهما يشر كان الشقيقين مع الاخوين لام في الثلث (2) علی ماقضی به خیر (3).

أما أئمة أهل البيت وشيعتهم الأمامية فانهم كما بيناه آنفاً يجعلون الورثة بالنسب ثلاث طبقات مرتبة لايرث واحد من الطبقة اللاحقة مع وجود وارث واحد من الطبقة السابقة مطلقاً، والام عندهم من الطبقة الاولى بخلاف الاخوة والاخوات مطلقاً فانهم من الطبقة الثانية كما هو مفصل في فقههم، وعليه فالحكم في هذه المسألة عندهم أن يأخذ الزوج فرضه وهو النصف، والباقي للام فرضاً ورداً، وليس لواحد من الاخوة مطلقاً مع وجودها شيء (4).

ص: 265


1- وبهذه المناسبة ذكرها الواسطى في تاج العروس فى مادة شرك تجدها مفصلة (منه قدس).
2- كما قال بعضهم : وان تجد زوجاً وأماً ورثا***واخوة للام حازوا الثلثا و اخوة أيضاً لام و أب***واستغرقوا المال بفرض النصب فاجعلهم كلهم لام***واجعل أباهم حجراً في اليم واقسم على الاخوة ثلث التركة***فهذه المسألة (المشتركة) (منه قدس)
3- الفقه على المذاهب الخمسة ص 539 المغني لابن قدامة ج 6 / 180 ط 3.
4- جواهر الکلام ج 39/ 112، تحرير الوسيلة للامام الخميني ج 378/2 وما بعدها، الروضة البهية فى شرح اللمعة الدمشقية ج94/8.

ان نصيب الورثة (مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ) مطلق من حيث العروبة وغيرها

المورد - (32) - ان نصيب الورثة (مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ) مطلق من حيث العروبة وغيرها

قال اللّه عز من قائل : «لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا» (1) وقال سبحانه وتعالى : * «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» (2) وآيات الفرائض والمواريث كلها على هذا النسق في اطلاقها وهي في سورة النساء فلتراجع ومثلها السنن المأثورة في هذا الموضوع، وعلى ذلك اجماع الامة بأسرها نصاً وفتوى.

قال الامام أبو عبد اللّه جعفر الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «الاسلام شهادة ان لا اله الا اللّه والتصديق برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و به حقنت الدماء، وعليه جرت المناكح والمواريث» (3).

وقال الامام ابو جعفر محمد الباقر في صحيح حمران من كلام له والاسلام ماظهر من قول أو فعل وهو الذي عليه جماعة من الناس من الفرق الاسلامية كلها، و به حقنت الدماء، وعليه جرت المواريث وجاز النكاح، واجتمعوا على الصلاة والزكاة وصوم الشهر وحج البيت، فخرجوا بذلك عن الكفر وأضيفوا الى الايمان» (4).

ص: 266


1- الآية 6 من سورة النساء.
2- الآية 10 من سورة النساء.
3- الارث والعروبة : راجع : الكافي ك الايمان والكفر ضمن مرآة العقول ج151/7 ط جدید صحیح الكافي ج 69/1 ط بیروت.
4- جامع أحاديث الشيعة ج 1 / 468 ب 20 ح 24 الكافي ضمن مرآة العقول ج 7 / 105، الغدير ج 187/6.

لكن حدث مالك في الموطأ عن الثقة عنده انه سمع سعيد بن المسيب يقول : أبي عمر ابن الخطاب ان يورث احداً من الاعاجم (1) الا احداً ولد في العرب، قال مالك : وان جاءت امرأة حامل من ارض العدو فوضعته في ارض العرب فهو ولدها يرثها ان ماتت وترثه ان مات ميراثها في كتاب اللّه انتهى بعين لفظه (2).

ارث الخال لابن اخته

المورد - (33) - ارث الخال لابن اخته :

أخرج سعيد بن منصور في سننه : أن رجلا عرف اخنا له سبيت له في الجاهلية فوجدها بعد ذلك ومعها ابن لها لا يدري من أبوه، فاشتراهما ثم اعتقهما، فأصاب الغلام مالا ثم مات فأنوا ابن مسعود فذكروا له ذلك. فقال : أئت عمر فسله ثم ارجع الي فأخبرني بما يقول لك، فأتى عمر فذكر ذلك له فقال: ما أراك عصبته ولا بذي فريضة ولم يورثه، فرجع الى ابن مسعود فأخبره فانطلق ابن مسعود معه حتى دخل على عمر فقال له كيف أفنيت هذا الرجل ؟ قال: لم أره عصبة ولا بذي فريضة ولم أر وجهاً لتوريثه، فما نرى أنت ياعبداللّه قال: أراه ذا رحم لكونه خاله وولي نعمة - لكونه معتقاً - وأرى أن يورث به، فأبطل عمر حكمه الأول وورثه به (3).

ص: 267


1- لعل اباء عمر عن توريث اولئك الاعاجم مسبب عن عدم ثبوت كونهم من ورثته شرعاً، أما لكون ميتهم مسلماً وهم كفار أو لكونهم لم يثبت لديه انهم من أرحامه الوارثين له واللّه تعالى أعلم (منه قدس).
2- فراجعه فى كتاب الفرائض ص 11 من ج 2 قبل الكلام في ميراث من جهل أمره بالقتل (منه قدس).
3- الفقه على المذاهب الخمسة ص554.

نقل هذه الواقعة صاحب كنز العمال في كتاب الفرائض ص 8 من الجزء السادس من كنزه، وانما تصح فتوى ابن مسعود اذا كانت أم الغلام متوفاة قبل ولدها.

عدة الحامل يتوفى عنها زوجها

المورد - (32) - عدة الحامل يتوفى عنها زوجها :

ذكر البيهقي في شعب الايمان ان امرأة استفتت عمر فقالت له: وضعت حملي بعد وفاة زوجي قبل انقضاء العدة، فأفناها بوجوب التربص الى أبعد الاجلين، فعارضه أبي بن كعب بمحضر من المرأة، وروى له ان عدتها ان تضع حملها، وأباح لها ان تتزوج قبل الأربعة أشهر والعشر فلم يقل عمر لها سوى اني أسمع ما تسمعين (1) وعدل عن فتواه متوقفاً، لكنه بعد ذلك وافق أبي بن كعب فقال، بأنها لو وضعت ذا بطنها وزوجها على السرير لم يدفن حلت للازواج (2) وعلى هذا المنهاج سلك أهل المذاهب الاربعة الى هذه الايام (3).

لكنا نحن الامامية وجدنا في القرآن الحكيم آيتين تتعارضان في عدة المتوفي عنها زوجها وهي حبلى، وهما قوله عز من قائل، «وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ

ص: 268


1- وهذا الحديث هو الحديث 3376 في ص 166 من جه من كنز العمال فراجع (منه قدس). عدة الحامل يتوفى عنها زوجها : كنز العمال ج.
2- هذه الفتوى أخرجها عنه بالاسناد اليه كل من البيهقي وابن أبي شيبة في سنتهما وهى الحديث 3379 في ص 166 من الجزء الخامس من الكنز (منه قدس).
3- الفقه على المذاهب الخمسة ص 433.

أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» (1) وقوله تبارك وتعالى : «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» (2) فالحبلى المتوفي عنها زوجها اذا أخذت بالاية الأولى حلت للازواج بوضع حملها وان لم تمض المدة المضروبة في الآية الثانية وان أخذت بالاية الثانية حلت للازواج بمضي المدة المضروبة فيها وان لم تضع حملها، وعلى كلا الفرضين تكون مخالفة لاحدى الايتين، ولا يمكنها الأخذ بكلتيهما معاً الا اذا تربصت الى أبعد الاجلين فاذا لا مندوحة لها عن ذلك، وهذا هو المروي عن أمير المؤمنين علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وابن عباس (3) وعليه الامامية عملا بنصوص أثمتهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) (4).

فصل

اختلف المسلمون في ابتداء عدة الوفاة التي هي أربعة أشهر وعشر، فالذي عليه الجمهور ان ابتداءها انما هو موت زوجها سواء أعلمت بموته اذ مات أم لم تعلم لغيبته عنها أو لسبب آخر (5).

ص: 269


1- سورة الطلاق : 4.
2- سورة البقرة : 234.
3- رواه عنهما الزمخشرى فى الكشاف فراجع منه تفسير قوله تعالى «وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» من سورة الطلاق وهذا مذهب أهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) وهو الاحوط (منه قدس).
4- راجع : وسائل الشيعة ج 455/15ك الطلاق باب 31 من أبواب العدد جواهر الكلام ج 275/32، الروضة البهية للشهيد الثانى ج62/6، الفقه على المذاهب الخمسة ص 434، كشف اللثام ج134/1 ك الطلاق.
5- الفقه على المذاهب الخمسة ص 435.

اما ما نحن عليه من الرأي والعمل في هذه العدة، فانما ابتداؤها علم الزوجة بوفاة زوجها فلو تأخر علمها بذلك مهما تأخر فلا تتزوج حتى تمضي عليها - بعد علمها بالوفاة - أربعة أشهر وعشر، وحينئذ تحل للازواج عملا بالتربص الذي هو صريح الآية، واخذا بالحداد الواجب على المرأة بموت زوجها (1).

تزويج زوجة المفقود

المورد - (35) - تزويج زوجة المفقود.

قال الفاضل الدواليبي (2) : وكذلك اجتهد عمر في زوجة المفقود حيث حكم بأن لزوجة المفقود بعد ان يمضي اربع سنوات على فقدانه ان تتزوج بعد ان تقضي عدتها، وان لم يثبت موت زوجها، وذلك دفعاً لضرر بقاء الزوجة معلقة مدى العمر.

(قال) : وبذلك اخذ الامام مالك خلافاً لمذهب الحنفية والشافعية الذين قالوا ببقاء الزوجة في عصمة زوجها المفقود حتى تثبت وفاته أو تموت اقرانه لان الاصل النظري في ذلك اعتبار الاستمرار في حياته حتى يقوم دليل على انقطاعها.

(قال) : غير ان رأى عمر رضي اللّه عنه أجدر بالاعتبار لما فيه من دفع ضرر ظاهر عن زوجة المفقود، وفيه كماترى اطلاق النكاح لها خلافاً لظواهر نصوص الشريعة التي أخذ بها بقية الائمة.

ص: 270


1- تحرير الوسيلة للامام الخميني ج 340/2، جواهر الکلام ج 372/32، الروضة البهية للشهيد الثانى ج 82/6، الفقه على المذاهب الخمسة ص 433.
2- في ص 241 والتي بعدها من كتابه اصول الفقه (منه قدس).

(قال) : وما هذا الا تغيير للاحكام تبعاً للاحوال، وذلك تقدير لظروف، خاصة لابد من تقديرها دفعاً للضرر والحرج، فقد قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لا ضرر ولا ضرار» (1) وقال اللّه سبحانه وتعالى : «وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (2) (قال): وليس ذلك في الحقيقة تعطيل للنصوص بل اعمال لها على ضوء المصلحة والظروف. انتهى بلفظه.

قلت: أما نحن الامامية فان لدينا عن أئمة العترة الطاهرة نصوصاً تحكم على الاصل النظري في ذلك، لتصريحها بأن المفقود اذا جهل خبره، وكان لزوجته من ينفق عليها، وجب عليها التربص الى أن يحضر أو تثبت وفاته، أو ما يقوم مقامهما وان لم يكن ثمة من ينفق عليها فلها أن ترفع أمرها الى الحاكم الشرعي، فان فعلت بحث الحاكم عن أمره أربع سنين من حين رفع أمرها اليه في الجهة التي فقد فيها ان كانت معينة والا ففي الجهات الاربع، ثم يطلقها الحاكم نفسه، أو يأمر الولي. والاحوط تقديم أمر الولي به فان امتنع طلق الحاكم لانه مدلول الاخبار الصحيحة، وانما يصح هذا الطلاق بعد المدة، ورجوع الرسل أومافي حكمه، وتعتد بعده عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً، وتحل بعد العدة للزواج، فان جاء المفقود في العدة فهو أملك بها، والا فلا سبيل له عليها، سواء أوجدها قد تزوجت أم لا. هذا مذهب الامامية في المسألة تبعاً لائمتهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) (3).

ص: 271


1- قاعدة لاضرر ولاضرار : القواعد الفقيهية للبجنوردى ج 1/ 176، وقد أورد الشيخ الانصاري هذا الحديث بطرق متعددة في رسالة خاصة طبعت ملحقاً في آخر المكاسب له طبع ایران، القواعد الفقهية للشيخ ناصر مكارم الشيرازي ص 22.
2- سورة الحج : 78.
3- تحرير الوسيلة للامام الخميني ج 2 / 340، جواهر الكلام ج 288/32 الروضة البهية للشهيد الثاني ج 65/6، وسائل الشيعة ج 14 ك النكاح باب - 44 - من أبواب ما يحرم بالمصاهرة وج 389/15 باب - 23 - من أبواب أقسام الطلاق.

بيع امهات الاولاد

المورد - (36) - بيع امهات الاولاد:

تصافق الجمهور أعني أهل المذاهب الاربعة من المسلمين على أن الذي حرم بيع أمهات الاولاد ونهى عنه انما هو عمر، وان بيعهن كان مباحاً، على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعهد أبي بكر وفي شطر من خلافة عمر وعدوا ذلك في مناقبه (1) كما عدوا التراويح وأمثالها (2).

لكن الباحثين عن حقيقة هذا الأمر وجدوا في السنن الثابتة عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ماهو ظاهر في تحريم بيعهن، فعلموا ان عمر انما أخذ بتلك السنن وعمل على مقتضاها، وحسبك من علمه بها ماحدث به ابنه عبداللّه انه سمع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول: أم الولد لا تباع ولاتوهب ولاتورث ولاتوقف، يستمتع بها «أي مالكها» مدة حياته، فاذا مات عتقت بموته (3).

وحدث ابن عباس فقال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبره (4).

وهذان الحديثان أوردهما بعين لفظهما عن ابن عمر وابن عباس، شیخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في كتاب أمهات الاولاد وهو في

ص: 272


1- وحسبك في ذلك ما قاله خالد محمد خالد مما نقلناه عنه في مبحث الطلاق الثلاث على كتابنا هذا فراجع (منه قدس).
2- الكامل في التاريخ ج 31/3، الطبقات لابن سعد ج281/3.
3- الخلاف للشيخ الطوسي ج.
4- الخلاف للشيخ الطوسي ج. وقريب منه في : الفتح الكبير ج262/1.

آخر المجلد الثاني من كتاب الخلاف وعلى مقتضى الظاهر منهما، ان منع عمر لم يكن عن رأي رآه، وانما كان منه عملا بحديث ابنه عبداللّه وحديث ابن عباس ولعل هذا لا يخفى.

لكن الشيخ قد اضطرته نصوص الائمة من أهل البيت في هذا الموضوع الى تأويل الحديثين بحملهما على ما يقتضيه مذهبهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) كما سنتلوه عليك من كلامه. واليك نصه :

قال : اذا استولد الرجل أمة في ملكه ثبت لها حرمة الاستيلاد، ولايجوز بيعها مادامت حاملا فاذا ولدت لم يزل الملك عنها ولم يجز بيعها مادام ولدها باقياً الا في ثمن رقبتها، فان مات ولدها جاز بيعها على كل حال، فان مات سیدها جعلت في نصيب ولدها وعتقت عليه، فان لم يخلف غيرها عتق منها نصيب ولدها واستسعت لباقي الورثة.

(قال) وبه قال علي عليه الصلاة والسلام وابن الزبير، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وابن مسعود، والوليد ابن عقبة وسويد غفلة، وعمر بن بن عبد العزيز وابن سيرين، وعبد الملك بن يعلى من أهل الظاهر.

(قال) : وقال داود : يجوز التصرف فيها على كل حال ولم يفصل.

(قال) وقال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي ومالك: لا يجوز بيعها ولا التصرف في رقبتها بوجه وتعتق عليه بوفاته.

(قال): دليلنا اجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضأفلاخلاف انه يجوز وطؤها بالملك فلو كان الملك قد زال لما جاز ذلك، وأيضاً فلاخلاف انه يجوز عتقها، فلو كان زال الملك عنها لما جاز ذلك، وأيضاً فالاصل كونها رقاً فمن ادعى زوال ذلك وثبوت عتقها بعد وفاته فعليه الدلالة.

(قال) : ومارواه ابن عباس عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انه قال: «أيما أمة ولدت من

ص: 273

سیدها فهي حرة عن دبره» فمحمول على انه اذا مات سيدها فحصلت لولدها فانها تنعتق عليه.

(قال) : ومارواه عبداللّه بن عمر ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «أم الولد لا تباع ولا توهب ولا تورث ولا توقف. يستمتع بها مدة حياته فاذا مات عتقت بموته».

فالمعنى فيه أن لا يجوز بيعها مادام ولدها حياً فاذا مات سيدها انعتقت على ما قلناه في الخبر الاول. هذا كلام الشيخ بنصه أعلى اللّه مقامه (1).

وجوب التيمم للصلاة ونحوها مع فقد الماء

المورد - (37) - وجوب التيمم للصلاة ونحوها مع فقد الماء.

حسبك من النصوص على ذلك قوله عز من قائل في سورة المائدة : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ» (2).

وقوله سبحانه وتعالى في سورة النساء: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ

ص: 274


1- الخلاف الشيخ الطوسي ج. وراجع : جواهر الكلام ج 374/22، الروضة البهية في شرح الممعة ج 256/3.
2- وجوب التيمم عند فقد الماء : سورة المائدة : 6.

كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا» (1).

والسنن المأثورة فى ذلك صحاح متضافرة، والمسألة مما اجمعت الامة عليه لم ينقل فيها مخالفة (2) الا عن عمر بن الخطاب، فان المشهور عنه (3) سقوط الفريضة عمن فقد الماء حتى يجده (4).

وقد أخرج البخاري ومسلم في التيمم من صحيحيهما عن سعيد بن عبد الرحمن بن ابزي عن أبيه : ان رجلا أتى عمر فقال: اني اجنبت فلم أجد ماء فقال: لا تصل - وكان عمار بن ياسر اذ ذاك حاضراً - فقال : عمار : أما تذكر يا أمير المؤمنين اذأنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء، فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت فى التراب وصليت فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : انما كان يكفيك ان تضرب بيديك الارض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك. فقال عمر : اتق اللّه ياعمار. قال: ان شئت لم احدّث به (5) !!. فقال عمر نوليك ماتوليت»

ص: 275


1- سورة النساء : 43.
2- صحيح البخاری ج 1 / 129، صحيح مسلم ك الطهارة باب التيمم ج 1 / 191، مسند أحمد ج434/4، سنن البيهقى ج 1 / 216 و 217 و 219 و220، تاریخ بغداد ج 377/8، الغدير ج 85/6 – 92.
3- نقل عنه هذه الشهرة عدة من الاعلام كالقسم الاني في مباحث التيمم ص 131 من الجزء الثاني من ارشاد السارى في شرح صحيح البخارى (منه قدس).
4- عمر وسقوط الفريضة عند عدم الماء : راجع : الغدير للامينى ج 84/6 و 85، عمدة القارى لامینی ج172/2، فتح البارى ج 352/1، صحیح مسلم ج193/1.
5- انما قال ذلك خوفاً بدليل قول عمر له. نوليك ما توليت تهديداً له (منه قدس).

انتهى واللفظ لمسلم (1).

وقيل: مال الى رأي عمر في هذه المسألة ابن مسعود، اذ أخرج البخاري و غيره من أصحاب الصحاح والسنن واللفظ للبخاري من طريق شقيق بن سلمة (2) قال: كنت عند عبد اللّه بن مسعود وأبي موسى الاشعري، فقال له أبو موسى يا أبا عبدالرحمن اذا أجنب المكلف فلم يجد ماء كيف يصنع؟ قال عبد اللّه : لا يصلي حتى يجد الماء، فقال أبو موسى: فكيف تصنع بقول عمار حين قال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : كان يكفيك ؟ قال : ألم تر عمر لم يقنع بذلك فقال أبو موسى : دعنا من قول عمار فما تصنع بهذه الآية - وتلا عليه آية المائدة - قال: فمادری عبد اللّه ما يقول... (الحديث) (3).

قلت: انما كان ابن مسعود في كلامه هذا مع أبي موسى متقباً من عمر ومن صاحبه أبي موسى، لا ريب في ذلك واللّه تعالى أعلم.

التطوع بركعتين بعد العصر

المورد - (38) - : التطوع بركعتين بعد العصر.

أخرج مسلم في صحيحه (4) عن عروة بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت:

ص: 276


1- صحيح مسلم ك الطهارة باب التيمم ج 1 / 193، صحيح البخاری ج1 / 87، الطرائف لابن طاوس ص 464 عن الجمع بين الصحيحين، سنن أبى داود ج1 / 53، سنن ابن ماجة ج 1 / 200، مسند أحمد ج 4 / 265، منن النسائى ج1 / 59 و 61، سنن البيهقى ج 1 / 209، الغدير ج 83/6.
2- فى ص 50 من الجزء الأول من صحيحه (منه قدس).
3- ابن مسعود والتيمم : صحيح البخاری ج 128/1، صحیح مسلم ج 1 / 110 وطبع العامرة ج 192/1، سنن أبي داود ج 53/1، تيسير الوصول ج 97/3، سنن البيهقى ج 1 / 226.
4- راجع باب معرفة الركعتين المتين كان يصليهما النبى بعد العصر ص309 والتي بعدها من جزئه الأول تجد ثمة هذا الحديث والحديثين اللذين بعده (منه قدس).

ماترك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ركعتين بعد العصر عندي قط (1).

وأخرج أيضاً عن عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه عن عائشة قالت: صلانان

ما تركهما رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فى بيتي قط سراً ولا علانية، ركعتان قبل الفجر و ركعتان بعد العصر (2).

وأخرج أيضاً عن الأسود ومسروق. قالا نشهد على عائشة انها قالت : ما كان يومه الذي يكون عندى الاصلاهما رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فى بيتي تعني الركعتين بعد العصر. انتهى بلفظه (3).

لكن عمر بن الخطاب كان ينهى عنهما ويضرب من يقيمهما من المسلمين أخرج الامام مالك في الموطا (4) عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد : انه رأى عمر بن الخطاب يضرب المكندر (5) فى الصلاة بعد العصر.

وروى عبد الرزاق عن زيد بن خالد (6) ان عمر رآه وهو خليفة ركع

ص: 277


1- التطوع عند العصر : صحيح مسلم ك الصلاة باب معرفة الركعتين اللتين بعد العصر ج 2 / 211.
2- صحیح مسلم ج 2 / 211، الغدير ج185/6.
3- صحیح مسلم ج 211/2.
4- راجع من الموطأ آخر موارد النهي عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر. وراجع من شرح الموطأ للزرقاني آخر الجزء الأول منه (منه قدس).
5- المكندر هو ابن محمد بن هو ابن محمد بن المكندر القرشي التيمى المدنى المتوفى سنة ثمانين للّهجرة كما في شرح الموطأ للزرقاني. وتوفى أبوه محمد بن المكندر فيما نص عليه القيسراني في كتابه الجمع بين رجال الصحيحين سنة 130 للّهجرة أي بعد وفاة ابنه بخمسين سنة (منه قدس).
6- فيما نقله الزرقاني في آخر الجزء الأول من شرح الموطأ وغير واحد من الاثبات (منه قدس).

بعد العصر فضربه فذكر الحديث. وفيه فقال عمر: يازيد لولا اني أخشى ان يتخذها الناس سلماً الى الصلاة حتى الليل لم أضرب فيهما (1).

وروى عن تميم الدارى نحو ذلك وفيه : ولكني أخاف ان يأتي بعدكم قوم يصلون ما بين العصر الى الغروب حتى يمروا بالساعة (2) التي نهى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يصلي فيها انتهى بلفظه (3).

تأخير مقام ابراهيم عن موضعه

المورد - (39) - تأخير مقام ابراهيم عن موضعه :

مقام ابراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو الحجر الذي يصلي الحاج عنده بعد الطواف عملا بقوله تعالى: «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى» وكان ابراهيم و اسماعيل (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) - لما بنيا البيت وارتفع بناؤه - يقفان عليه لمناولة الحجر و الطين، وكان ملصقاً بالكعبة أعزها اللّه تعالى لكن العرب بعد ابراهيم واسماعيل أخرجوه الى مكانه اليوم، فلما بعث اللّه محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وفتح له ألصقه بالبيت، كما كان على عهد أبويه ابراهيم واسماعيل فلما ولي عمر أخّره الى موضعه

ص: 278


1- مجمع الزوائد ج 2/ 222 وحسن سنده، الغدير ج184/6.
2- أراد بالساعة التي نهى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن الصلاة فيها ساعة الغروب، والحديث في ذلك ثابت في الصحاح ولفظه عند الامام مالك في الموطأ بالاسناد الى ابن عمر مرفوعاً لا تحروا طلوع الشمس ولا غروبها... (الحديث) والحكمة فيه أن لا تشبه الامة في عبادتها بالمجوس يعبدون الشمس عند مالموعها وعند الغروب وقد احتاط الخليفة فنهى عن الصلاة بعد العصر مطلقاً غير مقتصر على وقت الغروب، فخالف بذلك من حيث بريد الطاعة كما ترى. وايته اكتفى بمجرد النهى ولم يضرب عباد اللّه وهم ماثلون بين يديه عز رجل محرمين في الصلاة (منه قدس).
3- الغدير ج183/6.

اليوم وكان على عهد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأبي بكر ملصقاً بالبيت (1).

وفي السنة السابعة عشرة للّهجرة وسع عمر المسجد الحرام باضافة دور جماعة من حوله اليه، وكانوا أبوا بيعها فهدمها عليهم (2) ووضع أثمانها في بيت المال حتى أخذوها (3).

البكاء على الموتى

المورد - (40) - البكاء على الموتى :

حزن الانسان عند موت احبته، وبكاؤه عليهم من لوازم العاطفة البشرية، وهما من مقتضيات الرحمة، مالم يصحبهما شيء من منكرات الاقوال أو الافعال.

وقد قال رسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حديث عنه صحيح أخرجه الامام أحمد عن ابن

ص: 279


1- كما نص عليه ابن سعد في ترجمة عمر من طبقاته فى صفحة 204 من جزئه الثالث، والسيوطى فى أحوال عمر من كتابه - تاريخ الخلفاء - صفحة 53 منه، وابن أبى الحديد في أحوال عمر صفحة 113 من المجلد الثالث من شرح نهج البلاغة، والدميرى في مادة الديك من كتابه حياة الحيوان، وأبو الفرج ابن الجوزى أول صفحة 60 من كتابه - تاريخ عمر - (منه قدس). عمر زحزح مقام ابراهيم عن موضعه : الطبقات لابن سعد ج 3 / 284، تاریخ الخلفاء ص 137، روضة الكافى ص58 - 63، جامع أحاديث الشيعة ج 55/10 ب 9 ح 7 و 8 و 9 و 10، مقدمة مرآة العقول ج 2 / 128.
2- كما نص عليه ابن الاثير في حوادث تلك السنة من كامله، وغير واحد من أهل السير والاخبار (منه قدس).
3- الكامل فى التاريخ لابن الاثير ج 376/2، تاريخ الخلفاء ص 137، روضة الكافى ص 58، مقدمة مرآة العقول ج 128/2 تاريخ الطبري في حوادث سنة 17ه، الغدير ج 266/6.

عباس (1) مهما يكن من القلب والعين فمن اللّه والرحمة ومهما يكن من اليد و اللسان فمن الشيطان (2).

والسيرة القطعية بين المسلمين وغيرهم مستمرة على ذلك من غير نكير و اصالة الاباحة تقتضيه.

على ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نفسه يكي في مقامات عديدة، وأقرّ غيره على البكاء فی موارد، واستحسنه في موارد أخر، وربما دعا اليه (3).

ص: 280


1- فى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 335 من الجزء الأول من مسنده (منه قدس).
2- البكاء على الميت : الغدير للاميني ج 6 / 159، السنن الكبرى ج70/4. البكاء على الميت سنة طبيعية 1 - بكاء آدم علی ابنه ها بیل : وقال : ومالي لا أجود بسكب دمع***وها بيل تضمنه الضريح راجع : العرائس للثعالبي ص 64 ط بمبى، دعوة الحسينية ص 75. 2 - بكاء ابراهيم على اسماعيل : راجع : العرائس ص 130، دعوة الحسينية ص75. 3 - بكاء اسماعيل : العرايس ص 130، دعوة الحسينية ص 70. 4 - بكاء يعقوب على يوسف : الآيات القرآنية في سورة يوسف، العرايس ص 155. 5 - بكاء زكريا وزوجته على يحيى : راجع : دعوة الحسينية ص76.
3- بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على جده عبدالمطلب : راجع : تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي في ذكر والد على بن أبى طالب، دعوة الحسينية ص 48. بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على عمه أبي طالب : راجع الطبقات لابن سعد ج 1 / 123 ط بیروت، دعوة الحسينية ص 48. بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على على (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عن ابن عباس : قال : خرجت أنا والنبى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وعلى (رضى اللّه عنه) في حيطان المدينة فمررنا بحديقة فقال على رضى اللّه عنه : ما أحسن هذه الحديقة يارسول اللّه ؟ فقال حديقتك في الجنة أحسن منها، ثم أوماً بيده الى رأسه ولحيته ثم بكى حتى علا بكاه. قيل ما يبكيك ؟ قال : ضغائن فى صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني». وفي لفظ عن الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «... فلما خلا له الطريق اعتنقي وأجهش باكيا !!! فقلت : يارسول اللّه ما يبكيك ؟ قال : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها لك الا بعدى !!! فقلت : في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من دينك». وفي لفظ عن عن أنس ابن مالك : «...ثم وضع النبي رأسه على احدى منكبي على فبكى ! فقال له : ما يبكيك يارسول اللّه ؟ صلى اللّه عليك. قال : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها حتى أفارق الدنيا...». المصادر : سيرتنا وسنتنا للاميني ص 29، فرائد السمطين ج 1 / 152 ح114، المصنف لا بن أبي شيبة باب فضائل على (عَلَيهِ السَّلَامُ) ج 6، كنز العمال ج 146/15، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 327/2 ح 831، مجمع الزوائدج 118/9، الفضائل لاحمد بن حنبل ح231، المستدرك للحاكم ج139/3، تاریخ بغداد ج 398/12، المناقب للخوارزمی ص 26، دعوة الحسينية ص 65، ينابيع المودة ص 53. بكاء الرسول على امه : زار الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قبر امه وبكا عليها وأبكى من حوله : راجع: سنن البيهقى ج 70/4، تاریخ بغداد للخطيب ج 279/7، الغدير ج6/ 165. بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على أهل بيته : راجع : ينابيع المودة ص 135 باب 45 فرائد السمطين ج 34/2 ح 371، سيرتنا وسنتنا ص 112، المصنف لابن أبى شيبة ج 12، سنن ابن ماجة ج 518/2، المستدرك للحاكم ج 464/4، مقاتل الطالبيين ص 290 ط الحيدرية. بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على فاطمة : فرائد السمطين ج 34/2 بكاء الرسول على الامام الحسن : فرائد السمطين ج 34/2، المستدرك للحاكم ج464/4. بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على الامام الحسين : راجع سير تناو سنتناص 34 و 35 و 38 و 39 و 47 و 55 و 64 و 66 و 74 و 75 و 78 و 79 و 82 و 97 و 103 و 106 و 108 و113 و 115 و 116 و 119، مقتل الحسين للخوارزمی ج 1 / 87 و 88 و 158 و 159 و 162 و 170 و ج 2 / 167، ذخائر العقبى ص 119و147 و 148، فرائد السمطين ج 104/2 412 وص 172 ح 460، دلائل النبوة للبيهقي في ترجمة الامام الحسين، ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق لابن عساکر ح629 و 630 و 631 و 622 و 626 و 627 و 628 و 611 و 612 و 613 و 614، الفصول المهمة ص 154 و 145، الصواعق ص 115 ط 1 وص 190 ط المحمدية، الخصائص الكبرى ج 125/2 و 126، المستدرك ج 176/3، المعجم الكبير للطبراني ترجمة الامام الحسين كفاية الطالب في مناقب على بن أبي طالب للكنجى الشافعى ص 279 ط الغری، مجمع الزوائد ج 187/9 و 188 و 189 و 179، أعلام النبوة الماوردی ص 83 ب12، جوهرة الكلام ص 117 و 120 کنز العمال ج 6/ 223 ط 1 و ج 13 / 112 ط 2 و ج 3/ 108 ط 1، المصنف لابن أبي شيبة ج 12، نظم درر السمطين للزرندى ص 215، الطبقات الكبرى لابن سعد بترجمة الامام الحسين مخطوط، المسند لاحمد بن حنبل ج60/2 و 61 ط 2، البداية والنهاية لا بن كثير ج 230/6 و ج 199/8، الروض النفير ج 1 / 89 و 92 و 93، المعجم الكبير للطبرانى ترجمة الامام الحسين طبع ضمن مجموعة الحسين والسنة، ص 122 ح 45 و 48 و 51 و 53 و 54 و 95، طرح التثريب للعراقي ج 42/1، المواهب اللدنية ج 195/2، تذكرة الخواص ص 142، السراط السوى للشيخاني ص 93، أمالى الشجرى ص 163 و 166 و 181 و 169، تهذيب التهذيب ج، 347/2، فضائل أحمد بن حنبل ترجمة الحسين، ينابيع المودة ص 220 و 318 و 320 تاريخ الاسلام للذهبي ج 3 / 10، سير أعلام النبلاء ج 193/3 و 194. بكاء الرسول على عثمان بن مضمون : راجع سيرتنا وسنتنا ص 162، المستدرك للحاكم ج 3 /، سنن أبى داود ج 63/2، سنن ابن ماجة ج 445/1، الغدير ج 214/7 عن سنن البيهقى ج 406/3، حلية الأولياء ج 1 / 105، الاستيعاب ج 2/ 495، الاصابة ج 464/2، أسد الغابه ج387/3، سنن الترمذى أبواب الجنائز، دعوة الحسينية ص53. بكاء الصحابة بمحضر الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على الامام الحسين : مقتل الحسين للخوارزمی ج 163/1. بكاه الرسول على رقية : راجع : الغدير ج 214/7 و ج 24/3، الروض الانف ج 24/3، مستدرك الحاكم ج 4 / 47، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 348/2 وصححه، الاصابة ج 4 / 304 و 489 الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 288/3 و ج 4 / 15، الطبقات لابن سعد ج 38/8، ذخائر العتبى ص 166 وفيه ام كلثوم، قاموس الرجال ج439/10و 440. 7 - بكاء الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على فاطمة : راجع : فرائد السمطين ج 2/ 88 ح405، مروج الذهب للمسعودى ج 2 / 298 دعوة الحسينية ص 65، مستدرك الحاكم ج 3 ك معرفة الصحابة. بكاء الامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ) على الامام الحسين : راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد بترجمة الامام الحسين مخطوط، سيرتنا وسنتنا ص 116 و 117 و 119 و 120 و 121 و 123 و163، المعجم الكبير للطبراني ج 1، تذكرة الامة للسبط بن الجوزى ص 142، مقتل الحسين للخوارزمی ج162/1، مجمع الزوائد ج 9 / 191، دعوة الحسينية ص 116. بكاء الامام أمير المؤمنين على ولده حين مر بكربلاء : راجع : ينابيع المودة ص 319 و 320، دعوة الحسينية ص 96 و 97. بكاه الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على عمه حمزة : راجع: فرائد السمطين ج 127/2 ح 427. الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يأمر بالبكاء على مالك الاشتر : قال في حقه : «على مثل مالك فلتبك البواكي». راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2/ 30 ط 1 وج77/6 بتحقيق أبو الفضل، الكامل لابن الاثير ج 178/3 وفي طبع آخر ج 153/3، تاج العروس ج2 / 454، لسان العرب ج336/4. 8 - فاطمة الزهراء تبكى على أبيها : راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ج 311/2 و 312، صحيح البخارى باب مرض النبى ووفاته، سنن أبى داود ج 2 / 197، سنن النسائی ج13/4، مستدرك الحاكم ج 3 / 163، تاریخ بغداد ج 289/7، صحيح مسلم ك الفضائل باب فضائل فاطمة، سنن الترمذى أبواب المناقب باب مناقب فاطمة ج 5 ص 361 ح3964، خصائص النسائى ص 48ط النجف، دعوة الحسينية، البيان في أخبار صاحب الزمان للكنجي الشافعي ص 80 – 81 ط 1 النجف، المناقب للخوارزمي ص 62، ينابيع المودة ص 80 و 81 و 265. وروى ابن عساکر في (التحفة) قال : جاءت فاطمة (رضى اللّه عنها) فوقفت على قبره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وأخذت قبضة من تراب القبر ووضعت على عينيها وبكت وأنشأت تقول : ماذا على من شم تربة أحمد***أن لا يشم مدى الزمان غواليا صبت على مصائب لو أنها***صبت على الايام عدن لياليا راجع: وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى ج 4 / 1405، السيرة النبوية لابن سيد الناس ج 340/2، الشمائل للقارى ج 2/ 210، الاتحاف للشبراوى ص 9، صلح الاخوان ص 57، مشارق الانوار للحمزاوى ص 63، السيرة النبوية لزين دحلان ج 391/3، أعلام النساء لعمر رضا كحالة ج 3 / 1205، الغدير ج 147/5 وغيرهم. 9 - بكاء ام سلمة على الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع: سيرتنا وسنتنا ص 62 و 129 و 130 و 131 و 134، الصواعق المحرقة ص 115 ط 1، صحيح الترمذى ج 13/ 193، دلائل النبوة للبيهقى باب رؤية النبي في المنام، ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق لابن عساكر ص، المستدرك للحاكم ج 19/4، دعوة الحسينية ص 101، كفاية الطالب للكنجى ص 286 ط الفرى، جامع الاصول ج، أسد الغابة ج 22/2، تيسير الوصول لابن الديبع ج277/3، نظم درر السمطين للزرندى ص 217، مطالب السئول لابن طلحة ص 71، مشكاة المصابيح ج 2 / 171، تاریخ الخلفاء للسيوطى ص139، الخصائص الكبرى للسيوطي ج126/2، شرح بهجة المحافل ج 236/2، نور العين في مشهد الحسين الاسفراييني ص 70، ينابيع المودة ص 331. بكاء أم سلمة على الوليد بن الوليد : قالت أم سلمة بنت أبي أمية : جزعت حين مات الوليد بن الوليد جزعاً لم أجزعه على ميت فقلت لا بكين عليه بكاءا تحدث به نساء الأوس والخزرج، وقلت غریب توفی في بلاد غربة، فاستأذنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فأذن لي في البكاء....». راجع : الطبقات الكبرى لابن سعد ج 133/4 وقريب منه في : وسائل الشيعة ج 2 / 922 ك التجارة ب17 من أبواب ما يكتسب به ح2. 10 - بكاء أم أيمن على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : راجع : صحيح مسلم ج 7 ك الفضائل فضائل ام أيمن، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 311/2. وقالت ترثيه : عين جودى فان بذلك للد***مع شفاء، فأكثر من البكاء حين قالوا: الرسول أمسى فقيداً***ميتاً كان ذاك كل البلاء وأبكيا خير من رزثناه في الدن***يا ومن خصه بوحي السماء بدموع غزيرة منك حتى***يقضى اللّه فيك خير القضاء راجع : الطبقات ج 332/2 و 333، سيرة ابن هشام ج 346/4. 11 - الجن تبكي على الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع : المعجم الكبير للطبرانى ترجمة الامام الحسين ضمن «الحسين و السنة» ص 141 ح 96 و 99 و 100 و 101 و 102، كفاية الطالب ص 442 - 443 باب الحسين - وشهادته، دعوة الحسينية ص 103، ينابيع المودة ص319 و 320. 12 - الصحابة يبكون على الامام الحسين فى مجلس الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : راجع : مقتل الحسين للخوارزمى الحنفى ج 163/1، سيرتنا وسنتنا ص47. 13 - الناس يبكون على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع : أنساب الاشراف ج 3 / 29 ح 435. 14 - نساء آل البيت يبكين الامام الحسين عند الوداع : راجع : دعوة الحسينية ص 111. 15 - الامام الحسين يبكى على أبيه (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع: ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج304/3 ح 1404. 16 - الامام الحسين يبكي على طفله الرضيع : راجع : تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 252، دعوة الحسينية ص 111. الامام الحسين يبكي على ابنه على الاكبر : راجع : دعوة الحسينية ص 111، ينابيع المودة ص. 17 - الامام على بن الحسين يقيم المأتم على أبيه في كربلاء بعد رجوعه : راجع: نور العين في مشهد الحسين للاسفراييني، دعوة الحسينية ص 117. الامام على بن الحسين يبكي على أبيه : راجع : نور العين في مشهد الحسين للاسفراييني ينابيع المودة، حلية الأولياء لابی نعیم، دعوة الحسينية ص 116 و 121، وسائل الشيعة ج 2 / 922. ك الطهارة ب 87 من أبواب الدفن ح 7 و 10 و 11، اللّهوف لابن طاوس ص 80، مثیر الاحزان ص92، مقدمة مرآة العقول ج318/2 18 - ابن عباس يبكى الامام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع : الامامة والسياسة لابن قتيبة ج 144/1، الغدير ج 12/11. ابن عباس يبكى الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع: الصواعق لابن حجر ب 11 فصل 3 ص 194، دعوة الحسينية ص98، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 206 - 207، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 152 ط الحيدرية. 19 - محمد بن الحنفية يبكى على أخيه الحسن : راجع : مروج الذهب ج 429/2 ط دار الاندلس وفيه رثاه بقوله : سأبكيك ما ناحت حمامة أبكة***وما خضر في دوح الحجاز قضيب محمد بن الحنفية يبكى على أخيه الحسين : راجع أنساب الاشراف للبلاذرى ترجمة الامام الحسين ضمن «الحسين والسنة»ص 52 نور العين في مشهد الحسين للاسفراييني، دعوة الحسينية ص 97، ينابيع المودة ص 334 - 337، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 137. بكاء زينب على أخيها الامام الحسين : راجع : ينابيع المودة ص 163 ب 61، دعوة الحسينية ص 99 و 112. 21 - سكينة تبكي أباها : راجع : دعوة الحسينية ص 112. 22 - أم كلثوم تبكي على أبيها : راجع : ينابيع المودة ص 163، دعوة الحسينية ص74. أم كلثوم تبكي على أخيها الحسين : راجع : دعوة الحسينية ص 119، مقتل الحسين لابي مخنف. 23 - نساء آل البيت يبكين على الاكبر : راجع : دعوة الحسينية ص 111. 24 - النساء والصبيان والرجال يبكون الامام الحسن سبعة أيام : راجع : ترجمة الامام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساکر ص 235 ح 373. 25 - فاختة بنت قرظة تبكى الامام الحسن : راجع: مروج الذهب ج 2/ 430 ط دار الاندلس. 26 - سودة بنت عمارة تبكي أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع: ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 345/3 ح 1503. 27 - سائر الناس يبكون على الامام الحسين عند شهادته : راجع : أنساب الاشراف للبلاذرى ج 6/3، شرح ابن أبي الحديد ج11/16، ترجمة الامام الحسن من تاريخ ابن عساكر ص 236 ح374، تهذیب تاریخ ابن عساکر ج 265/3. 28 - المسلمون يبكون حمزة : راجع: شرح ابن أبي الحديد ج 38/15، دعوة الحسينية ص 79. 29 - الحارث بن الصمة يبكى على حمزة : راجع : فرائد السمطين ج 127/2 ح 427. 30 - أبو هريرة يبكى على الامام الحسن : راجع : ترجمة الامام الحسن من تاريخ ابن عساكر ص 229 ح 367. 31 - بكاء بلال على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : راجع : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى ج1356/4 و 1405، شفاء السقام للسبكى ص 39 و 40، الغدير ج 5 / 147، أسد الغابة ج 1 / 208، صلح الاخوان ص 57، مشارق الانوار للحمزاوى ص 57، المواهب اللدنية. 32 - الامام الشافعي يرثى الامام الحسين : راجع: معراج الوصول للمزرندى، ينابيع المودة ب 62، دعوة الحسينية ص 122 و 123. 33 - الزهرى يبكى اذا ذكر السجاد (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع : حلية الأولياء ج 135/3، ينابيع المودة ص 378ط اسلامبول، كفاية الطالب ص 299 ط الغرى، اثبات الهداة ج 30/3 ط جديد. 34 - ابن الهبارية يبكى الامام الحسين : راجع : تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى، دعوة الحسينية ص 122. 35 - سليمان بن قتة يبكى الامام الحسين : راجع : الاستيعاب لابن عبد البر في ترجمة سليمان المذكور، دعوة الحسينية ص 123. 36 - بكاء حمنة بنت جحش على زوجها وتقرير الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذلك : راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 18/15، سيرة ابن هشام ج3/ 104 غزوة أحد. 37 - أنس بن مالك يبكى على الامام الحسين : راجع : الصواعق لابن حجرص عن الترمذى، ينابيع المودة ص، دعوة الحسينية ص 113. 38 - زيد بن أرقم يبكى الامام الحسين : راجع : الصواعق لابن حجر ص، ينابيع المودة ص، دعوة الحسينية ص 113. 39 - راهب يبكي على الامام الحسين ثم يسلم : راجع : رشفة الصادى لابي بكر الحضرمي، الصواعق لابن حجر، ينابيع المودة تذكرة الخواص، دعوة الحسينية ص 114 - 117، مقتل الحسين لابی مخنف. 40 - الحسن البصرى يبكى على الامام الحسين : راجع: تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى، دعوة الحسينية ص117، الاستيعاب لابن عبد البر. 41 - أهل المدينة يبكون على الامام الحسين : راجع: نور العين في مشهد الحسين للاسفراييني ص، دعوة الحسينية ص117، ينابيع المودة، مقتل الحسین لابی مخنف. 42 - فاطمة بنت عقيل تبكى اخوتها : راجع : دعوة الحسينية ص 122. صفية بنت عبد المطلب تبكى الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وتقول : أفاطم بكى ولا تسأمى***بصبحك ما طلع الكوكب هو المرء يبكى وحق البكاء***هو الماجد السيد الطيب... الخ وقالت أيضاً : أعينى جودا بدمع سجم***يبادر غرباً بما منهدم أعينى فاسحفرا واسكبا***بوجد وحزن شديد الالم وقالت أيضاً : عين جودى بدمعة تسكاب ***لنبى المطهر الاواب واند بي المصطفى فهمى وخصی***بدموع غزيرة الاسراب عين من تند بین بعد نبی***خصه اللّه ربنا : الكتاب راجع بقية أشعارها في : الطبقات لابن سعد ج 2/ 28 و 329 و 330. 44 - هند بنت الحارث بن عبدالمطلب تبكي الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ونقول: يا عين جودى بدمع منك وابتدرى***كما تنزل ماء الغيث فانشعبا الطبقات لابن سعد ج 2/ 330. 45 - أبو الطفيل يبكي على الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع : المناقب للخوارزمی ص 239، دعوة الحسينية ص 70. 46 - الخضر يبكى على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : صحیح مسلم ك الفضائل فضائل ام أيمن، دلائل البيهقى 47 - أروى بنت عبدالمطلب تبكى الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بقولها : ألا ياعين ويحك أسعدينى***بدمعك ما بقيت وطاوعينى ألا ياعين ويحك و استهلى***على نور البلاد وأسعديني... الخ راجع : الطبقات لابن سعد ج 2 /325. 480 - عاتكة بنت عبدالمطلب تبكى الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وتقول : باعين جودي ما بقيت بعبرة***سحاً على خير البرية أحمد يا عين فاحتفلی و سحی و اسجمی*** وابكى على نور البلاد محمد الى ان قالت : فابكى المبارك والموفق ذا التقى***حامى الحقيقة ذا الرشاد المرشد وقالت : عينى جودا طوال الدهر وانهمرا***سكباً وسحاً بدمع غير تعذير ياعين فاسحنفرى بالدمع واحتفلى***حتى الممات بسجل غير منزور یاعين فانهملى بالدمع واجتهدى***للمصطفى دون خلق اللّه بالنور راجع : الطبقات لابن سعد ج 326/2. وقالت أيضاً : أعينى جودا بالدموع السواجم***على المصطفى بالنور من آل هاشم راجع : نفس المصدر. 49 - هند بنت أثاثة بن عباد بن عبد المطلب تبك الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وتقول : ألا ياعين بكى لا تملى***فقد بكر النعى بمن هويت الطبقات لابن سعد ج 2 / 331. 50 - عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل تبكى الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وتقول : أمست مراكبه أوحشت***وقد كان يركبها زينها وأمست تبكي على سيد***تردد عبرتها عينها الطبقات لابن سعد ج2 / 332. 51 - بكاء زينب الصغرى بنت عقيل بن أبي طالب على قنلا الطف وتقول : ماذا تقولون ان قال النبى لكم***ماذا فعلتم وكنتم آخر الامم بأهل يتى وأنصارى وذريتي***منهم أسارى وقتلی ضرجوا بدم ما كان ذاك جزائي اذ نصحت لكم***ان تخلفونی بسوء فى ذوى رحم راجع: المعجم الكبير للطبراني ترجمة الامام الحسين طبع ضمن «الحسين والسنة» ص 137 ح 87، دعوة الحسينية ص 121 و 124، ينابيع المودة باب 60. 51 - أبو بكر يبكي على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ويقول : ياعين فابكي ولا تسأمى***وحق البكاء على السيد راجع : الطبقات لابن سعد ج 319/2. وذكر بكائه على الرسول في : الغدير ج 214/7 عن صحيح البخارى كالمغازى ج 281/6، سيرة ابن هشام ج 334/4، طبقات ابن سعد ط مصر رقم التسلسل 785، تاريخ الطبری ج 3/ 198، صحيح مسلم ج 7 ك الفضائل فضائل أم أيمن. 52 - عبد اللّه بن أنيس يقول في رثاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ولكننى باك عليه ومتبع***مصيبته اني الى اللّه راجع راجع : الطبقات لابن سعد ج2 / 321. 53 - حسان بن ثابت يرثى الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : ياعين جودى بدمع منك اسبال***ولا تملن من سح واعوال وقال أيضاً : ياعين فأبكى رسول اللّه اذ ذكر***ذات الاله فنعم القائد الوالي راجع : الطبقات لابن سعد ج 323/2 و 324. 54 - كعب بن مالك يبكى الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ويقول : ياعين فابكي بدمع ذرى***لخير البرية والمصطفى وبكى الرسول وحق البكاء***عليه لدى الحرب عند اللقا راجع : الطبقات لابن سعد ج2 / 324. 55 - بكاء عمر بن الخطاب على شيخ قد مات : راجع : الرياض النضرة ج 54/2 ط 1، الغدير ج 164/6 وج 155/5، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 310/4. بكي عمر على النعمان بن مقرن الذى توفى سنة 21ه : وهذا يدل على ان الاسباب السياسية التي دعت الى المنع عن البكاء في هذا الوقت قد ارتفعت. والا لماذا يصعد المنبر ويضع يده على رأسه ويبكى على النعمان ؟ راجع في بكائه على النعمان: الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الاصابة ج297/1 بترجمة النعمان، الغدير ج 164/6 و ج 5/ 155. 56 - ابن عمر يبكى على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : الطبقات لابن سعد ج 2 / 312.

ص: 281

ص: 282

ص: 283

ص: 284

ص: 285

ص: 286

ص: 287

ص: 288

ص: 289

ص: 290

ص: 291

ص: 292

بكي على عمه الحمزة أسد اللّه وأسد رسوله، قال ابن عبدالبر (1) وغيره لما رأى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حمزة قتيلا بكي، فلما رأى ما مثل به شهق (2).

وذكر الواقدي (3) : ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان يومئذ اذا بكت صفية يبكي واذا نشجت ينشج (قال): وجعلت فاطمة تبكي، فلما بكت بكى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (4).

ص: 293


1- في ترجمة حمزة من الاستيعاب (منه قدس).
2- بكاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على عمه حمزة : الاستيعاب لابن عبد البر بهامش الاصابة ج 1 / 275 ط 1، الغدير للاميني ج6/ 165، الامتاع المقريزى ص 154، الكامل فى التاريخ ج 2/ 170، مجمع الزوائد ج 120/6، الصحيح من سيرة النبي الأعظم ج 307/4 و 310، ذخائر العقبى ص 180، دعوة الحسينية ص 80، سيرة ابن هشام ج 105/3 غزوة أحد. وروی ابن مسعود قال : مارأينا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) باكياً قط أشد من بكائه على حمزة ابن عبد المطلب لما قتل... - الى ان قال الى ان قال - ووضعه في القبر ثم وقف (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) على جنازته وانتحب حتى نشغ من البكاء...... ذخائر العقبى ص 181 قال محب الدين الطبرى فى شرح الحديث : النشغ :الشهيق حتى يبلغ به الغشى، السيرة الحلبية ج 246/2.
3- كما فى أوائل الجزء الخامس عشر من شرح النهج الحميدي في أواخر ص 387 من ج3 (منه قدس).
4- اشتمل هذا الحديث على بكاء النبي وتقريره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما لا يخفى (منه قدس). الرسول يبكى مع صفية على حمزة : شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 17/15، الامتاع للمقريزى ص 154، الغدير ج 165/6، السيرة الحلبية ج247/2.

وعن أنس قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - اذ كان جيش المسلمين في مؤتة : أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب، ثم أخذها عبد اللّه بن رواحة فأصيب. وان عيني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لتذرفان... (الحديث) (1).

وذكر ابن عبد البر في ترجمة زيد من استيعابه : ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بكى على جعفر وزيد، وقال : أخواي ومؤنساي ومحدثاي (2).

وعن أنس من حديث أخرجه البخاري في صحيحه (3) قال فيه. ثم دخلنا عليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و ابراهيم يجود بنفسه فجعلت عينا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تذر فان فقال له عبد الرحمن بن عوف : وأنت يارسول اللّه فقال : يابن عوف انها رحمة، ثم أتبعها باخرى فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ان العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول الا

ص: 294


1- أخرجه البحترى فى باب الرجل ينعى الى أهل الميت بنفسه صفحة 148 من الجزء الأول من صحيحه المطبوع سنة 1334 بالمطبعة الملجية، وأخرجه أيضاً في باب غزوة مؤتة أواخر صفحة 39 من جزئه الثالث (منه قدس). بكاء الرسول على جعفر : الكامل ج 161/2 ط دار الكتاب العربي، الطبقات الكبرى لابن سعد ج282/8، أنساب الاشراف للبلاذرى ج43/2، صحيح البخارى ك الجنائز باب الرجل ينعى الى أهل الميت و كتاب فضل الجهاد والسير باب من تأمر فى الحرب بغير امرة وكتاب المغازى باب غزوة مؤتة، ابن أبى الحديد ج 71/15.
2- بكاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على جعفر وزيد : الاستيعاب بهامش الاصابة ج 548/1، سنن البيهقى ج 4 / 70، وسائل الشيعة ج 70/4 922/2 ك الطهارة ب 87 من أبواب جواز البكاء ح6، صحيح البخارى ك المناقب باب علامات النبوة فى الاسلام، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 47/3، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 43/2، شرح ابن أبي الحديد ج73/15.
3- راجع باب قول النبى انا بك لمحزونون من أبواب الجنائز ص154 والتي بعدها من ج 1 (منه قدس).

ما یرضی ربنا، وانا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون (1).

وعن أسامة بن زيد قال أرسلت ابنة النبي اليه ان ابناً ليقبض فأتنا فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذة بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت فرفع الصبي الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ونفسه تتقعقع ففاضت عينا رسول اللّه، فقال سعد : یارسول اللّه ما هذا ؟ فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : هذه رحمة جعلها اللّه في قلوب عباده، وانما يرحم اللّه من عباده الرحماء... (الحديث) (2).

وعن عبداللّه بن عمر قال : اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي يعوده ومعه عبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، وعبداللّه بن مسعود فوجده في غاشية أهله فقال قد قضى؟ قالوا: لا يارسول اللّه، فبكى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلما رأى القوم بكاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بكوا فقال: ألا تسمعون، ان اللّه لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا - وأشار الى لسانه - أو يرحم

ص: 295


1- بكاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على ابنه ابراهيم : صحيح البخارى ك الجنائز باب قول النبى انا بك لمحزونون وسائل الشيعة ج 2 / 921 ب 87 من أبواب جواز البكاءك الطهارة ح3 و 4 و 8، سنن أبي داود ج08/3، سنن ابن ماجة ج 482/1، الغدير ج164/6، الطبقات الكبرى لابن سعد ج137/1 و 138 و 139 و 140 و 142 و 143 و 144، ذخائر العقبى ص 153 و 155، دعوة الحسينية ص 50 و 51.
2- أخرجه الشيخان في صحيحيهما، فراجع من صحيح البخاري صفحة 152 من جزئه الاول ومن صحيح مسلم باب البكاء على الميت من جزئه الأول (منه قدس). بكاه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علی ابن بنته : راجع : سنن أبى داود ج63/2، الغدير للاميني ج165/6، سنن ابن ماجةج 481/1، صحيح البخارى ك الجنائز، دعوة الحسينية ص 48، صحيح مسلم ك الجنائز باب البكاء على الميت ج 39/3 ط العامرة.

... (الحديث) (1).

وفي ترجمة جعفر من الاستيعاب قال: لما جاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نعي جعفر، أتى امرأته أسماء بنت عميس فعزاها، قال : ودخلت فاطمة وهي تبكي وتقول : واعماه، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «على مثل جعفر فلتبكي البواكي» (2).

وذكر أهل السير والاخبار كأبن جرير وابن الاثير وابن كثير وصاحب العقد الفريد وغيرهم ماقد أخرجه الامام أحمد بن حنبل من حديث ابن عمر في ص 40 من الجزء الثاني من مسنده : من أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما رجع من أحد جعلت نساء الانصار يبكين على من قتل من أزواجهن، قال: فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ولكن حمزة لا بواكي له. قال : ثم نام فانتبه وهن يبكن، قال فهن اليوم اذا يبكين يندبن حمزة (3).

ص: 296


1- أخرجه البخارى فى باب البكاء عند المريض من أبواب الجنائز صفحة 155 من الجزء الأول من صحيحه، وأخرجه أيضاً مسلم في باب البكاء على الميت صفحة 341 من الجزء الأول من صحيحه (منه قدس). بكاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وجملة من الصحابة على سعد بن عبادة : راجع: صحيح البخارى ك الجنائز باب البكاء عند الميت، صحيح مسلم ك الجنائز باب البكاء على الميت ج 40/3 ط العامرة، دعوة الحسينية ص 52.
2- تضمن هذا الحديث تقريره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على البكاء وأمره به على أن مجرد صدوره من سيدة النساء حجة (منه قدس). بكاء فاطمة الزهراء على جعفر وأمر النبي به : الاستيعاب بهامش الاصابة ج 211/1، أسد الغابة ج، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 282/8، أنساب الاشراف للبلاذری ج42/2 ط بیروت.
3- أى يبكينه ويعددن محاسنه (منه قدس). النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعتب على الانصار لعدم البكاء على حمزة : الكامل لابن الأثير ج 2 / 113، السيرة النبوية لابن هشام ج 104/3، الغدير اللاميني ج 165/6، مجمع الزوائد ج 120/6، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 44/2 وج 11/3 و 17، وسائل الشيعة ج 2/ 922 ك الطهارة ب 88 من أبواب الدفن ح3.

وفي ترجمة حمزة من الاستيعاب نقلا عن الواقدي، قال: لم تبك امرأة من الانصار على ميت - بعد قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لكن حمزة لا بواكي له - الى اليوم، الا بد أن بالبكاء على حمزة (1).

قلت : حسبك تلك السيرة المستمرة على بكاء حمزة من عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعهد أصحابه والتابعين لهم باحسان، وكفى بها في رجحان البكاء على من هو كحمزة وان بعد العهد بموته.

ولا تنسى مافي قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لكن حمزة لا بواكي له من العتب عليهن لعدم نياحتهن عليه والبعث لهن على ندبه وبكائه. وحسبك به وبقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «على مثل جعفر فلتبك البواكى» دليلا على الاستحباب

ومع ذلك كله فقد كان من رأي الخليفة عمر بن الخطاب النهي عن البكاء على الميت مهما كان عظيماً حتى أنه كان يضرب فيه بالعصا ويرمي بالحجارة، ويحثي بالتراب (2) يفعل هذا على عهد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) واستمرّ عليه طيلة حياته (3).

ص: 297


1- نساء الانصار يبدئن بالبكاء على حمزة قبل البكاء على موتاهن : راجع : الاستيعاب بهامش الاصابة ج 1 / 275، أسد الغابة ج، الطبقات الكبرى لا بن سعد ج 44/2 و ج 3 / 11 و 17 و 18 و 19، ذخائر العقبى ص 183، السيرة النبوية لابن هشام ج 104/3، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 42/15.
2- تجد فعله هذا كله فى آخر باب البكاء عند المريض ص 255 من ج 1 من صحيح البخارى (منه قدس).
3- زجر وضرب عمر لمن يبكى على ميته : راجع : شرح نهج البلاغة لا بن أبي الحديد ج 68/12، الغدير للاميني ج 6/ 160، السنن الكبرى للبيهقى ج 4/ 70، المستدرك للحاكم ج 181/1 و ج 3/ 191، سنن ابن ماجة ج181/1، مسند أحمد ج 23 / 333 و ج 1 / 237 و 335، عمدة القاري 87/4، مسند الطيالسي ص 351، الاستيعاب بهامش الاصابة ترجمة عثمان بن مظعون ج 2 / 482، مجمع الزوائد ج 17/3، الطبقات لابن سعد ج37/8.

وقد أخرج الامام أحمد من حديث ابن عباس (1) من جملة حديث ذكر فيه موت رقية بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ربكاء النساء عليها، قال: فجعل عمر يضربهن بسوطه، فقال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : دعهن يبكين، وقعد على شفير القبر وفاطمة الى جنبه تبكي، قال فجعل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها. اه_ (2).

وأخرج أيضاً في مسند أبي هريرة أبي هريرة (3) حديثاً جاء فيه: انه مر على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جنازة معها بواكي فنهر من عمر فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : دعهن فان النفس مصابة، والعين دامعة» (4).

وكانت عائشة وعمر في هذه المسألة على طرفي نقيض، فكان عمر وابنه

ص: 298


1- في ص 335 من الجزء الأول من مسنده (منه قدس).
2- النساء يبكين على رقية وعمر يضربهن : راجع: مسند أحمد ج 335/1 ط 1، وفاء الوفاء بأخبار دارالمصطفى ج894/3، سنن البيهقي ج 4 / 70، الغدير ج159/6، الطبقات لابن سعد ج 37/8.
3- في ص 333 من الجزء الثاني من مسنده (منه قدس).
4- وسمع يوماً نائحة في بيت فدخل عليها - وذلك في عهد خلافته - فعال عليهن ضرباً بدرته حتى بلغ النائحة فضربها حتى سقط خمارها ثم قال الغلامه : اضرب النائحة ويلك اضربها فانها نائحة لاحرمة لها الى آخر ما كان منه يومئذ مما ذكره ابن أبي الحديد من هذه الواقعة ص 111 من المجلد الثالث من شرح النهج (منه قدس). السنن الكبرى للبيهقى ج 4/ 70، مسند أحمد ج 408/2، الغدير ج 160/6.

عبد اللّه يرويان عن النبي انه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال: ان الميت يعذب ببكاء أهله عليه (1).

وفي رواية : ببعض بكاء أهله عليه (2)

وفي ثالثة : ببكاء الحي عليه (3).

وفي رابعة : يعذب في قبره بما ينح عليه (4).

وفي رواية خامسة : من يبك عليه يعذب (5). وهذه الروايات كلها خطأ من راويها بحكم العقل والنقل.

قال الفاضل النووي (حيث أورد هذه الروايات في باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه من شرح صحيح مسلم) :هذه الروايات كلها من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبد اللّه (قال) : وأنكرت عائشة عليهما ونسبتهما الى النسيان والاشتباه واحتجت بقوله تعالى : «وَلَاتَزِرُ وَازِرَةً وِزرَ أُخرَى» (6).

قلت : وأنكر هذه الروايات ايضاً ابن عباس (7). وأئمة أهل البيت

ص: 299


1- صحيح مسلم ك الجنائز باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه ج3 / 41 و 42 ط العامرة.
2- صحیح مسلم ج 43/3.
3- صحیح مسلم ج 41/3.
4- صحيح مسلم ج 41/3.
5- صحيح مسلم ج42/3.
6- سورة الانعام : 164.
7- ابن عباس ينكر روايات المنع عن البكاء : صحیح مسلم ج 42/1 و 43، اختلاف الحديث للشافعي في هامش كتاب الام ج 266/7، صحيح البخاري في أبواب الجنائز، مسند أحمد ج 41/1، سنن النسائى ج 18/4، سنن البيهقى ج 73/4، الغدير ج 159/6.

كافة واحتجوا على خطأ راويها (1)، وما زالت عائشة وعمر في هذه المسألة على طرفي نقيض (2) حتى ناحت على أبيها يوم وفاته، فكان بينها وبينه ما قد أخرجه الطبري عند ذكر وفاة أبي بكر في حوادث سنة 13 من الجزء الرابع من تاريخه بالاسناد الى سعيد بن المسيب

ص: 300


1- أهل البيت ينكرون روايات منع البكاء : وقد روت الشيعة عدة روايات في جواز البكاء على الميت مالم يقل ما يسخط الرب. راجع : وسائل الشيعة ك الطهارة ب 87 و 88 من أبواب الدفن ج 2/ 920، جامع أحاديث الشيعة ج 469/3 ب 6.
2- عائشة تنكر روايات عمر وابنه في المنع عن البكاء وتخطائهما فى ذلك : راجع : صحيح مسلم ج42/3 و 43 و 44 و 45، الغدير ج 160/6 عن المستدرك للحاكم /381، اختلاف الحديث للشافعي بهامش كتاب الام ج 266/7، صحيح البخارى أبواب الجنائز، مسند أحمد ج 41/1، جامع بيان العلم ج 2 / 105، سنن النسائي ج 4 / 18، سنن البيهقي ج 73/4، مختصر المزنی هامش كتاب الام ج 1 / 187، الموطأ لمالك ج 1 / 96، دعوة الحسينية للّهمداني ص 23. سنن الترمذى ك الجنائز باب ماجاء في الرخصة في البكاء على الميت ج236/2 ح 1009 وقال هذا الحديث صحيح وح 1010 (وقال بعده): حديث عائشة حديث حسن صحيح وقد روى من غير وجه عن عائشة. (وقال) وقد ذهب أهل العلم الى هذا وتأولوا هذه الاية (ولاتزروا وازرة وزر أخرى) وهو قول الشافعي. وقد رجح الشافعى في اختلاف الحديث حديث عائشة على أحاديث عمر عمر لا يمنع عن البكاء في موت خالد بن الوليد المتوفى 22 ه: راجع : الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 4/ 308 عن الاصابة ج 1 / 415، صفة الصفوة ج 1 / 655، أسد الغابة ج 2 / 96، حياة الصحابة ج 465/1، تاريخ الخميس ج 247/2. النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ينهى عمر عن التعرض للذين يبكون موتاهم : راجع : الغدير ج6، مسند أحمد ج 1 / 237 و 5 33 و ج 408/2 و ج 333/3، مستدرك الحاكم ج 3/ 191 وصححه و ج 381/1، تلخیص المستدرك للذهبي، مسند أبي داود الطيالسي ص 351 الاستيعاب بهامش الاصابة بترجمة عثمان بن مضمون ج 482/2 مجمع الزوائد ج 17/3، سنن البيهقى ج 4 / 70، عمدة القاری ج 87/4، سنن ابن ماجة ج 1 / 481، دعوة الحسينية ص 16، كنز العمال ج 117/8 ط 1.

قال : لما توفي أبو بكر أقامت عليه عائشة النوح فأقبل عمر بن الخطاب حتى قام ببابها فنهاهنّ عن البكاء عليه، فأبين أن ينتهين فقال عمر لهشام بن الوليد : ادخل فأخرج الي ابنة أبي قحافة، فقالت عائشة لهشام حين سمعت ذلك من عمر : اني أحرج عليك بيتي. فقال عمر لهشام : ادخل فقد أذنت لك، فدخل هشام فأخرج أم فروة أخت أبي بكر الى عمر فعلاها بالدرة فضربها ضربات فتفرق النوح حين سمعوا ذلك.ا ه_ (1).

وهنا نلفت أولي الالباب الى البحث عن السبب في تنحي الزهراء عن البلد في نياحتها على أبيها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وخروجها بولديها في لمة من نسائها الى البقيع يندبن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في ظل أراكة كانت هناك فلما قطعت بنى لها علي بيتاً

ص: 301


1- عمر يضرب النساء في البكاء على أبي بكر : كنز العمال ج 119/8، الاصابة لابن حجر ج 606/3، الغدير ج 161/6 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد. عمر يسمح لعائشة فقط أن تبك على أبيها: كنز العمال ج 119/8، الاصابة لابن حجر ج 606/3، الغدير ج161/6. ولاجل المزيد من الاطلاع على جواز البكاء راجع : كتاب دعوة الحسينية الى مواهب اللّه السنية للشيخ محمد باقر الهمدانی فقیه مباحث جيدة ومفيدة.

في البقيع كانت تأوى اليه للنياحة يدعى بيت الاحزان (1) وكان هذا البيت يزار في كل خلف من هذه الأمة كما نزار المشاهد المقدسة حتى هدم في هذه الايام بأمر....................... الجندي لما استولى على الحجاز وهدم المقدسات في البقيع عملا بما يقتضيه مذهبه الوهابي وذلك سنة 1344 للّهجرة وكنا سنة 1339 تشرفنا بزيارة هذا البيت (بيت الاحزان) اذ من اللّه علينا في تلك السنة بحج بيته وزيارة نبيه ومشاهد أهل بيته الطيبين الطاهرين في البقيع (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) (2).

ص: 302


1- راجع : كشف الارتياب للسيد محسن الامين ص 55 و 287 ط 2، وسائل الشيعة ج 2 / 922 ك الطهارة ب 87 من أبواب الدفن.
2- .........يمحون الاثار الاسلامية في مكة والمدينة : فقد..........: 1 - البيت الذي ولد فيه النبي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بشعب الهواشم بمكة المكرمة. 2 - هدموا بيت السيدة خديجة أم المؤمنين وأول امرأة آمنت بالرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والرسالة الاسلامية وبذلت كل أموالها في سبيل الدعوة الالهية. 3 - هلموا البيت الذي ولدت فيه الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء. 4 - هدم................ بيت أبي بكر ويقع بمحلة المسفلة بمكة. 5 - هدم................ بيت حمزة بن عبد المطلب عم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أسد اللّه وأسد رسوله ويقع بيته في المسفلة بمكة. 6 - هدم........ بيت الأرقم وهو أول بيت تكونت فيه خلايا الثورة الاسلامية وكان الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يجمع فيه مع أصحابه سراً وهذا البيت يقع بجوار الصفا بمكة. أما الآن فقد شيد في مكانه قصر أعطى لتاجر الفتاوى السعودية الباطلة عبدالملك بن ابراهیم لیتاجر به وذريته ويفسدون. 7- هدم......... قبور الشهداء الواقعة فى المعلى بأعلى مكة وبعثروا رفاتها. 8 – هدم........قبور الشهداء في بدر 9 – هدم.........البيت الذي ولد فيه الحسن والحسين (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) في المدينة. 1 - سرق....... الذهب الموجود في القبة الخضراء. في المدينة 11 – دمر......بقيع الغرقد الذى يرقد فيه الائمة الاربعة من أهل البيت وهم الحسن بن على وزين العابدين والامام الباقر والامام الصادق (عَلَيهِمُ السَّلَامُ)، وزوجات النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وبناته وأولاده وجملة كبيرة من أصحابه. 12 - هدموا بيت الاحزان الذى بناه الامام لسيدة النساء فاطمة الزهراء لتبكى على أبيها فيه. 13 - طموا المكان الذى ربضت فيه ناقة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عند قدومه الى المدينة. 14 - مكتبات من أثمن المكتبات في العالم أحرقتها الهمجية بمكة والمدينة : فقد أحرق..... المكتبة العربية (الاثرية الاسلامية التاريخية العلمية التي كانت في مكة المكرمة وهي التي تعد من أثمن المكتبات في العالم اذ لاتقدر بالمال أبداً، ولا بمليارات العملات. لقد كان بهذه المكتبة (60000) من الكتب النادرة الوجود الجامعة لمختلف المناهل العلمية والتاريخية. وفيها (40000) مخطوطة نادرة الوجود من مخطوطات (جاهلية) خطت كمعاهدات بين طفات قريش واليهود وتكشف الغدر اليهودى وعدم ارتباط اليهود بالدين والوطن من قديم الزمان وتكشف مؤامرات اليهود على - النبي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - وفيها وثائق خطت قبل الثورة المحمدية بمئات السنين وفيها ما يعطى فكرة ممتازة عن تلك الحضارات العربية القديمة. وفى هذه المكتبة وغيرها من مكتبات المدينة بعض المخطوطات المحمدية التي كتبت بخط النبي محمد في أيام كفاحه السرى وهناك ما هو بخط على بن أبي طالب وأبي بكر وعمر و خالد بن الوليد وطارق بن زياد وعدد من الصحابة، ومن هذه المخطوطات ما يسجل العديد من الخطاط الحربية التي أرسلها خالد بن الوليد لعمر بن الخطاب والتي أرسلها – عمر - لخالد والتي يظهر بعضها بعض الخلاف الاجتهادى فى وجهات النظر. ومن تلك المخطوطات ماهو مخطوط على جلود الغزلان وعلى فرش من الحجارة وألواح من عظام فخوذ الابل وغيرها من الوسائل القابلة للكتابة كالالواح الخشبية والفخارية والطين المصهور بالافران .. والمكتبة العربية التاريخية في مكة المكرمة بالاضافة الى كونها مكتبة نادرة فهى متحف أيضاً يحتوى على مجموعة آثار ماقبل الاسلام وبعده، وأنواع من أسلحة النبي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وفيها آخر الاصنام المعبودة التي حطمتها الثورة المحمدية، مثل اللات، والعزى، ومناة، وهبل.. وغيرها... ويقول ناصر السعيد المختطف حالياً من قبل السلطات اليهودية... و يحدثنا أحد المشايخ المؤرخين المعاصرين (ونمتنع عن ذكر اسمه خشية عليه من جهنم. ........) فيقول : و كنت أزور هذه المكتبة مع والدى قبل الاحتلال.... وكان يرودها العديد من الدارسين، فتقدم بعضهم بشكوى للحسين بن على يطلبون منه «احراق بعض المخطوطات النادرة لان فيها كفريات»، فقال لهم : (اى الشريف حسين) : «اننى معكم قد لا أويد هذه الكفريات وبعض هذه المخطوطات هي ليست من حقى أو حقكم أو حق أى كائن من البشر احراق التاريخ»!.. وقال ان في هذه المكتبة وثائق تكشف أصل............ بانهم من اليهود الذين أسلموا... وان فيها مخطوطات بأقلام مجموعة من الصحابة ومنهم عبداللّه بن مسعود سجلوا فيها عدداً من الآيات القرآنية الكريمة التي دار الصراع عليها وقال التجار انها (منسوخة) وقال الفقراء فى اللجنة انها غير (منسوخة) من القرآن الكريم، وفي تلك المخطوطات اتهام واضح لعثمان بن عفان في محاولاته حذف آيات من القرآن الكريم ویری عدم تسجيلها في المصحف الذي شكلت لجنة لتحقيقه الذى أمر بجمعه في عهده من أفواه وصدور الرواة من حفظة القرآن ومن السجلات الجلدية وغيرها. ويتابع الثائر المقدام ناصر السعيد نقلا عن ذلك المؤرخ قائلا: وقال المؤرخ : ان من هذه الآيات التى رأى عثمان عدم اثباتها في القرآن واعتبارها آيات منسوخة تلك الايات التي تقطع فى اعطاء الفقراء حقوقهم ودعوتهم للقتال من أجلها، وكذلك مساواة النساء بالرجال ومساواة الناس أجمعين ودعوة المغلوبين على أمرهم لاخذ حقوقهم بقوة القتال، وان من تمتع بحقوق الناس فهو باغ وان الناس شركاء في الخير والشر والسراء والضراء، وان ملكية الاشياء والارض مشاعة، وان الملوك بغاة... الى غير ذلك... وقال ناصر السعيد نقلا عن ذلك المؤرخ : وقال : ان بعض هذه المخطوطات كانت بخط الصحابي الجليل عبداللّه بن مسعود وهو من أوائل الذين رافقوا النبي محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومن المسؤلين عن «لجنة» أو جماعة الاشراف التى تشكلت في عهد عثمان لجمع القرآن في كتاب موحد، وكان ابن مسعود ممن يعبرون عن رأى محمد وعلى والكادحين لكونه من رعاة الاغنام فشهر ابن مسعود سيفه بوجه «يمين» اللجنة وبحضور عثمان وقال : ما معناه واللّه لا أعيدن سيفى الى غمده حتى تعيدون للقرآن آية - الكنز التي تأمر بحرق أصحاب الأموال بالنار.... «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ» انتهى كلامه. راجعه في كتابه تاریخ ........ج 1 / 158 160 ط بیروت. وكذلك راجع جملة.......... في كتاب : كشف الارتياب في أتباع محمد بن عبدالوهاب ص 55 و 187 و 324 و 86، أعيان الشيعة ج 7/2، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 1 / 81.............. من أين الى أين ص 47، مذكرات مستر هنفر. أقول : في سنة 1389ه تشرفت بزيارة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأهل بيته ورأيت جملة من الاماكن المقدسة والاثار القديمة والتي الان أعفى أثرها ومن جملتها : أنى زرت قبر السيدة فاطمة بنت أسد أم الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والتي ربت الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعد والدته وجده وكان يعبر عنها بامه قال السمهودى : «لما استقر بفاطمة وعلم بذلك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال اذا توفيت فأعلموني، فلما توفيت خرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأمر بقبرها فحفره فى موضع المسجد الذى يقال له اليوم قبر فاطمة، ثم لحد لها لحداً، ولم يضرح لها ضريحاً فلما فرغ منه نزل فاضطجع في اللحد وقرأ فيه القرآن ثم نزع قميصه فأمر ان تكفن فيه، ثم صلى عليها عند قبرها فكبر تسعاً وقال : ما أعفى أحد من ضغطة القبر الا الا فاطمة بنت أسد... قال السمهودى قلت : وقوله في موضع المسجد الى آخره يقتضى انه كان على قبرها مسجد يعرف به في ذلك الزمان». وفاء الوفاء باخبار دار المصطفى ج 897/3. أقول : زرت هذا المرقد الطاهر الذى شرفه الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالاضطجاع فيه وكان هذا المرقد حجرة مبنية من الطين قد اردمت من جوانبها الأربع وفى سنة 1400ه. تشرفت بزيارة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أيضاً ومررت على هذا المكان فلم أرى أثراً لذلك القبر الشريف فقد حرثه وأنشأوا مكانه عمارات شاهقة فنادق وغيرها وهذا مرقد وأثر واحد من مئات بل آلاف الاماكن المقدسة التى كانت فى مكة والمدينة لا نجد لها فى يومنا هذا عين ولا أثر فبعد احتلال................ مكة والمدينة أذهبوا بتلك الاثار والاماكن المشرفة وحققوا أهداف أجدادهم اليهود في القضاء على الاسلام ومآثره. ولاحول ولاقوة الا باللّه العلى العظيم. من أراد مزيد الاطلاع على فساد مذهب الوهابية، وجواز زيارة القبور، والدعاء من حرقهم عندها، والتبرك بها، والنذور، وجواز نقل الميت، وجرائم للاثار الاسلامية، وهدم القبور وعمالتهم للاستعمار وغيرها من الجرائم. فاليرجع الى : تاريخ........... ج 1 ط بيروت لناصر السعيد، كشف الارتياب للسيد محسن الامين ط بيروت، هكذا رأيت الوهابيين، هذه هي الوهابية، الغدير للاميني ج 66/5 - 207 مذکرات مستر هنفر الجاسوس البريطاني في البلاد الاسلامية وغيرها من عشرات المصادر.

ص: 303

ص: 304

ص: 305

ص: 306

نصه على صدق حاطب ونهيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اياهم عن ان يقولوا له الا خيراً

المورد - (41) - : نصه على صدق حاطب ونهيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اياهم عن ان يقولوا له الا خيراً

أخرج البخاري في صحيحه عن أبي عوانة عن حصين، قال : تنازع أبو عبدالرحمن وحبان بن عطية، فقال أبو عبدالرحمن لحبان : لقد علمت الذي جرأ صاحبك على الدماء - يعني علياً - قال: ماهو ؟ لا أباً لك. قال : شيء سمعته يقوله. قال : ماهو ؟ قال : بعثني رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والزبير وأبا مرثد، وكلنا فارس، قال : حتى تأتوا روضة حاج (1) (قال أبو سلمة هكذا قال أبو عوانة حاج) فان فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة الى المشركين فأتوني بها، فانطلقنا على أفراسنا حتى أدركناها حيث قال لنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تسير على بعير لها، وكان حاطب كتب الى أهل مكة بمسير رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اليهم، فقلنا: أين الكتاب الذي معك؟ قالت: ما معي كتاب. فأنخنا بها بعيرها فابتغاه في رحلها فما وجدنا شيئاً، فقال صاحباي: مانري معها كتاباً. قال: فقلت لقد علمنا ما كذب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثم حلف علي : والذي يحلف به لنخرجن الكتاب أو لا جردنك (2) فأهوت الى حجزتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة فأتوا بها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال عمر : يارسول اللّه قد خان اللّه و رسوله والمؤمنين دعني فأضرب عنقه، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : يا حاطب ما حملك على ما صنعت؟. قال يارسول اللّه مالي أن لا أكون مؤمناً باللّه ورسوله،

ص: 307


1- لعل الصواب روضة خاخ وهو موضع بين الحرمين بخاءين معجمتين (منه قدس).
2- انما تهددها بتجريدها من حجزتها التي كانت محتجزة بها وهي الكساء وقد كان الكتاب فى تلك الحجيزة (منه قدس).

ولكني أردت أن يكون لي عند القوم يد يدفع بها عن أهلي ومالي، وليس من أصحابك أحد الا له هناك من قومه من يدفع اللّه به عن أهله وماله قال : صدق لاتقولوا له الا خيراً، قال فعاد عمر فقال : يارسول اللّه قد خان اللّه و رسوله والمؤمنين دعني فلاضرب عنقه.. (الحديث) (1).

قلت: كان الواجب أن لا يقولها عمر بعد أن اخبرهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بصدق الرجل ونهيه اياهم عن أن يقولوا له الا خيراً.

كتابه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى امرائه فيمن يبردونه اليه

المورد - (42) - كتابه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى امرائه فيمن يبردونه اليه :

أخرج الامام مالك والبزاز - كما في مادة لقحة (2) بوزن بركة من حياة الحيوان - للدميري - عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انه كتب الى امرائه اذا ابردتم الي بريدا فابردوه حسن الاسم حسن الوجه، فقام عمر حين علم بذلك قائلا: لا أدري أقول أم أسكت؟ فقال له النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : بل قل ياعمر فقال : كيف نهيتنا عن الطيرة وتطيرت؟ فقال ماتطيرت ولكن اخترت. اه_.

لمزه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الصدقات

المورد - (43) - لمزه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الصدقات :

أخرج الامام أحمد من حديث عمر في مسنده (3) عن سلمان بن ربيعة

ص: 308


1- فراجعه فى كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم من ج4 من صحيحه (منه قدس). مجمع البيان للطبرسي ج 269/9، الكامل في التاريخ ج 163/2، السيرة الحلبية 75/3، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج245/2.
2- اللقحة هی الناقة الحلوب (منه قدس).
3- ص 20 من جزئه الأول (منه قدس).

قال: سمعت عمر يقول: قسم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قسمة، فقلت: يارسول اللّه لغير هؤلاء أحق منهم اهل الصفة. قال : فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): انكم تسألوني بالفحش وتبخلوني ولست بباخل .ا ه_ (1).

قلت : وأتم القسمة على ما أراد اللّه ورسوله، وعن أبي موسى ان عمر سأل النبي عن أشياء يكرهها رسول اللّه فغضب (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتى رأى عمر ما في وجهه من الغضب. (الحديث) أخرجه البخاري فى باب، الغضب في الموعظة والتعليم اذا رأى ما يكره، من أبواب كتاب العلم ص 19 من الجزء الأول من صحيحه.

قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعمر حين اسلم استر اسلامك

المورد - (44) - قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعمر حين اسلم استر اسلامك :

روى شيخ العرفاء محي الدين ابن العربي (2) ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال لعمر بن الخطاب حين أسلم: أستر اسلامك وان عمر أبي الا اعلانه (3).

ص: 309


1- صحیح مسلم ج 2/ 730 ط محمد فؤاد و ج 3/ 103 ط مشکول، الطرائف ص 465. وهناك أحاديث اخرى في الاعتراض على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في القسمة ولا يعتبر عدالة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الا انه لقضايا سياسية لم يصرح باسم قائلها راجع هذه الاحاديث في : صحيح مسلم ج 3 / 109 ط مشکول
2- فيما نقله عنه الكاتب محمد لطفى المصرى في تاريخ فلسفة الاسلام ص 301 (منه قدس).
3- اختلاف فى أى وقت أسلم محمر فهل أسلم قبل انتشار الدعوة أم بعد انتشارها وظهورها ولعل الصحيح انه أسلم قبل هجرة الرسول الى المدينة بقليل فقد روى البخاري في صحيحه ج 5 / 163 ط مشكول عن نافع قال ان الناس يتحدثون ان ابن عمر أسلم قبل عمر.. الخ. وابن عمر أسلم وعمره عشر سنين قبيل الهجرة فيكون هذا المورد من قبيل السالبة بانتفاء الموضوع. راجع: الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج93/4.

قلت: كانت الحكمة يومئذ تضطر الى الكتمان وكانت الدعوة الى اللّه ورسوله لا سبيل اليها الا بالتستر، لكن بطولة عمر تأبى عليه الا الصراحة برأيه وان خالف النص.

ماكان فى بدء الاسلام مما يتعلق بالصيام

المورد - (45) - ماكان فى بدء الاسلام مما يتعلق بالصيام :

وذلك ان الصائم كان اذا امسى حلّ له فى شهر رمضان الأكل والشرب والنساء وسائر المفطرات الى أن يصلي العشاء الآخرة أو يرقد فاذا صلاها أو رقد حرم عليه ماحرم على الصائم الى الليلة القابلة (1).

لكن عمر أتى أهله بعد العشاء واغتسل فندم على ما فعل، فأتى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قائلا: يارسول اللّه اني اعتذر الى اللّه واليك من نفسي هذه الخاطئة، وأخبره بما فعل، وحينئذ قام رجال فاعترفوا بأنهم كانوا يصنعون كما صنع عمر بعد العشاء، فأنزل اللّه عز وجل «أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ ۖ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ۚ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ» (2)

ص: 310


1- راجع : الميزان في تفسير القرآن ج45/2، تفسير القمي، الدر المنثور وغيرها.
2- وهي الآية 187 من سورة البقرة، فليراجع تفسيرها في الكشاف وغيره من سائر التفاسير، وقد أخرجه الامام الواحدى فى كتابه أسباب النزول ص 33 منه (منه قدس).

الاية (1) وان كانت صريحة بأنهم كانوا يختانون أنفسهم غير مرة، لكنها نص بالتوبة عليهم والعفو عنهم وقد وسع اللّه عليهم، وخفف مما كان قد كلفهم به. فالحمد للّه على عفوه ومغفرته، وله الآلاء على سعة رحمته.

حول الخمر وتحريمها

المورد - (46) - حول الخمر وتحريمها..

وذلك أن اللّه عز وجل أنزل في الخمر ثلاث آيات، الاولى قوله تعالى : «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ» (2)... (الآية)، فكان من المسلمين شارب وتارك الى ان شرب رجل فدخل في الصلاة فهجر، فنزل قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ»(3)... (الآية)، فشربها بعد من شربها من المسلمين وتركها من تركها، قال أهل الاخبار حتى شربها عمر بن الخطاب فأخذ بلحي بعير وشج به رأس عبدالرحمن بن عوف ثم قعد ينوح على قتلى بدر بشعر الاسود بن يعفر اذ يقول :

وكائن بالقليب قليب بدر***من الفتيان والعرب الكرام

أبو عدنا ابن كبشة أن سنحيا***وكيف حياة أصداء وهام

ص: 311


1- ذكرت ان السبب في ذلك عمر عدة روايات : راجع : مجمع البيان للطبرسي ج 280/2، تفسير الطبري، الدر المنشور الميزان في تفسير القرآن ج 50/2.
2- سورة البقرة : 219.
3- سورة النساء : 43.

312

أيعجز أن يرد الموت عني***وينشرني اذا بليت عظامي

ألا من مبلغ الرحمن عني***بأني تارك شهر الصيام

فقل اللّه يمنعني شرابي***وقل اللّه يمنعني طعامي

فبلغ ذلك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فخرج مغضباً يجر ردائه فرفع شيئاً كان في يده فضربه به فقال : أعوذ باللّه من غضبه وغضب رسوله فأنزل اللّه تعالى : «إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» (1) قال: فقال عمر انتهينا انتهينا (2).

ص: 312


1- سورة المائدة : 91.
2- تجد هذه القضية بلفظها في الباب الرابع والسبعين المختص بتحريم الخمر وذمها والنهى عنها من الجزء الثانى من كتاب المستطرف في كل فن مستظرف للامام شهاب الدين الابشيهي وهو من الكتب المنتشرة، ونقلها جماعة من الاثبات عن ربيع الابرار للزمخشرى. وقد ألمع الامام الرازى الى شيء منها في تفسير قوله تعالى: «إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ» من سورة المائدة، فى ص 446 من الجزء الثالث من تفسيره الكبير اذ قال : روى أنه لما نزل قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ» قال عمر بن الخطاب : اللّهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً، فلما نزلت هذه الآية : «إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ ۖ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» قال عمر : انتهينا يارب (منه قدس). الغدير للاميني ج251/6، عن المستطرف ج 1/2 29، ربیع الابرار للزمخشرى مخطوط، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 48/4 وغيرها. و من أراد مزيد اطلاع على هذا الموضوع فاليراجع كتاب الغدير ج6/ 251 فقد نقل شرب الخليفة في الجاهلية ولم ينته عن شربه الا بعد نزول آية «فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» التى في سورة المائدة، والمائدة آخر سورة نزلت في القرآن والتي نزلت على الرسول في حجة الوداع. ثم بعد ذلك صار يشرب النبيذ الشديد وكان يقول: انا نشرب هذا الشراب الشديد لنقطع به لحوم الابل في بطوننا أن تؤذينا... الخ وقد شرب شخص من النبيذ الذى كان يشرب منه فأسكره فأقام عليه الخليفة الحد قال الشعبي: «شرب اعرابي من أدواة عمر فأغشي فحده عمر. ثم قال وانما حده للسكر لا للشرب». العقد الفريد ج 416/3. وقريب منه فى : أحكام القرآن للجصاص ج565/2. لاجل المزيد من الاطلاع على هذا الموضوع راجع الغدير ج257/6. ناد الخمر في دار أبي طلحة : ولعل الاية الأخيرة نزلت بسبب نادى الخمر الذى عقد فى دار أبي طلحة وكان يضم أحد عشر رجلا من كبار الصحابة : ذكر الطبري في تفسيره ج 203/2 وفي طبعة اخرى ج 211/2 عن أبي القموص قال : أنزل اللّه عز وجل في الخمر ثلاث مرات فأول مانزل قال اللّه : «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا» قال : فشربها من المسلمين ماشاء اللّه منهم على ذلك حتى شرب رجلان فدخلا في الصلاة فجعلا يهجران كلاماً لا يدرى - عوف - ماهو فأنزل اللّه عز وجل فيها : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ» فشربها من شربها منهم وجعلوا يتقونها عند الصلاة حتى شربها فيما زعم أبو القموص رجل فجعل ينوح على قتلى بدر : تحيي باللامة ام عمرو***وهل لك بعد رهطك من سلام ؟ ذرینی اصطبح بكراً فانی***رأيت الموت نقب عن هشام وود بنو المغيرة لو فدوه***بألف من رجال أو سوام كاني بالطوى طوى بدر***من الشيزى يكلل بالسنام کانی بالطوی طوی بدر***من الفتيان والحلل الكرام قال فبلغ ذلك رسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فجاء فزعاً يجر رداءه من الفزع حتى انتهى اليه فلما عاينه الرجل فرفع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شيئاً كان بيده ليضر به قال أعوذ باللّه من غضب اللّه ورسوله واللّه لا أماممها أبداً فأنزل اللّه تحريمها «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ الى قوله - فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» فقال عمر بن الخطاب (رضى اللّه عنه) : انتهينا. انتهينا وفي هذه الرواية تحريف من الطبرى أو غيره فحذف اسم (أبو بكر) وجعل مكانه (رجل) وفي الابيات حذف اسم (ام بكر) وجعل مكانه (ام عمرو) والذي قال الابيات هو أبو بكر كما في مجمع الزوائد ج 51/5 وذكر القصة كل من : الحكيم الترمذى في نوادر الاصول ص 66، وابن حجر في الاصابة ج22/4، وابن حجر في فتح البارى ج 30/10، والعيني في عمدة القاری ج 82/10. وكان النادى يضم أحد عشر رجلا وهم : 1 - أبو بكر وهو الذي قرأ الابيات. 2 - عمر 3 - أبو عبيدة بن الجراح. 4 - أبو طلحة زيد بن سهل صاحب النادى. 5 - سهيل بن بيضاء 6 - أبي بن كعب 7 - أبو دجانة سماك بن خرشة 8 - أبو أيوب الانصارى 9 - أبو بكر ابن شغوب 10 - أنس بن مالك ساقي القوم ذكر هؤلاء ابن حجر في فتح البارى ج 30/10 وغيره 11 - معاذ بن جبل كما في صحيح مسلم ج 88/6 وغيره. وكانت هذه الحادثة في سنة 8 ه_ عام الفتح راجع : في خصوصيات هذه الحادثة مصادرها والاراء في تحريم الخمر ومتى كان. الغدير للعلامة الاميني ج95/7 - 102، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج50/4 وغيرهما.

ص: 313

النهى عن قتل العباس

المورد - (47) - النهى عن قتل العباس وغيره (1).

وذلك ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال لاصحابه وقد حمي الوطيس يوم بدر : عرفت رجالا من بني هاشم وغيرهم أخرجوا كرهاً لا حاجة لهم لقتالنا، فمن

ص: 314


1- أما نهيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن قتل العباس فمما لاريب فيه. والاخبار فيه متواترة، والصحاح مشحونة به، وكل من أرخ بدراً من أهل السير نص عليه. وعلى النهى عن قتل بنی هاشم كافة (منه قدس).

لقي أحداً من بني هاشم فلا يقتله (1) ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله (2) ومن لقي العباس بن عبدالمطلب عم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فلا يقتله، فانه خرج مستكرهاً. (3)

تراه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نهى عن قتل بني هاشم عامة، ثم نهى عن قتل عمه العباس بالخصوص، تأكيداً للمنع من قتله، وتشديداً ومبالغة في ذلك، ولما أسر

ص: 315


1- الكامل في التاريخ ج 89/2، تاريخ الطبری ج 281/2، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 172/3، السيرة النبوية لابن هشام ج 2/ 281 ط بیروت، السيرة الحلبية ج168/2، شرح النهج لابن ابى الحديد ج 14 ص 182.
2- تجد هذا في غزوة بدر العظمى ص 284 والتي بعدها من جزء 3 من البداية والنهاية لابن كثير، وفى غيرها من كتب السير والاخبار كسيرة بن اسحاق وغيرها وانما نهى عن قتل أبى البخترى لانه كان ممن قام في نقض الصحيفة، وكان لا يؤدى رسول ولم يبلغه عنه شيء يكرهه، فكان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يؤثر بقاؤه حياً أملا بتوفيقه وهدايته الى اللّه تعالى ورسوله، لكن لقيه في حومة الحرب المجذر بن زياد البلوي حليف الانصار، فقال له ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نهانا عن قتلك، ومع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة، وهو جنادة بن مليحة من بنى ليث قال : وزميلى ؟ قال له المجذر لا واللّه ما نحن بنار کی زميلك، ما أمرنا رسول اللّه الا بك وحدك، قال: لا واللّه اذن لاموتن وهو جميعاً لا تتحدث عنى نساء قريش بمكة انى تركت زميلي حرصاً على الحياة. فاقتتلا فقتله المجذر أتى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : والذي بعثك بالحق لقد جهدت عليه أن يستأسر فآتيك به فأبى الا أن يقاتلنى فقاتلته فقتلته (منه قدس). الكامل في التاريخ ج 2/ 89، تاريخ الطبری ج 282/2، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 3/ 172، السيرة النبوية لابن هشام ج 281/2، السيرة الحلبية ج2/ 168، شرح النهج لابن ابى الحديد ج 133/14 و 183.
3- الكامل فى التاريخ ج 2 / 89، الدرجات الرفيعة ص80، تاريخ الطبري ج 2/2، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 172/3، السيرة النبوية لابن هشام ج 281/12، السيرة الحلبية ج 168/2، شرح النهج الحديدي ج 183/14.

العباس بات رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ساهراً أرقاً فقال له أصحابه - كما نص عليه كل من أرخ وقعة بدر من أهل السير والاخبار - يارسول اللّه ما لك لا تنام قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سمعت تضور عمي العباس في وثاقه فمنعني النوم فقاموا اليه فأطلقوه فنام رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (1).

وعن يحيى بن أبي كثير : أنه لما كان يوم بدر أسر المسلمون من المشركين سبعين رجلا، فكان ممن أسر العباس عم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فولي وثاقه عمر بن الخطاب، فقال العباس: أما واللّه ياعمر ما يحملك على شدوثاقي الا لطمي اياك في رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : فكان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يسمع أنين العباس فلا يأتيه النوم. فقالوا : يارسول اللّه ما يمنعك من النوم ؟ فقال رسول اللّه : كيف أنام وأنا أسمع أنين عمي. فأطلقه الانصار... (الحديث) (2).

وكان أصحاب رسول اللّه كافة من مهاجرين وأنصار وغيرهم يعلمون مالابي الفضل العباس من المنزلة عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وحب السلامة له والكرامة، ولما بلغه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كلمة أبي حذيفة ابن عتبة بن ربيعة بن عبدشمس - وكان معه في بدر اذ قال أنقتل آبائنا واخواننا ونترك العباس، واللّه لئن لقيته لا لجمنه بالسيف ساءه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذلك من أبي حذيفة فاستنجد بعمر يقول له مثيراً حفيظته : يا أبا حفص أيضرب وجه عم الرسول بالسيف ؟. قال عمر : واللّه انه لاول يوم كناني فيه

ص: 316


1- الكامل لابن الأثير ج 89/2، الدرجات الرفيعة ص 80، مجمع البيان ج 559/4، شرح النهج لابن ابى الحديد ج 14 / 182.
2- تجده فى ج 272/5 من الكنز وهو حديث 5391 وقد أخرجه ابن عساكر (منه قدس). وراجع : الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج520/3 عن جملة من المصادر.

رسول اللّه بأبي حفص (1).

وما ان وضعت الحرب أوزارها - ونصره اللّه عبده، وأعز جنده وقتل الطواغيت سبعين وأسر سبعين آخرين. وجيء بهم موثوقين - حتى قام أبو حفص يحرض على قتلهم بأشد لهجة قائلا : يارسول اللّه انهم كذبوك وأخرجوك وقاتلوك فمكني من فلان - لقريب أو نسيب له - فأضرب عنقه، ومكن علياً من أخيه عقيل فيضرب عنقه، ومكن حمزة من أخيه العباس فيضرب عنقه (2).

قلت : ياسبحان اللّه لم يكن عباس ولا عقيل ممن كذبوا رسول اللّه، ولا ممن أخرجوه، ولا ممن آذوه، وقد كانوا معه في الشعب أيام حصرهم فيه يكا بدون معه تلك المحن، وقد أخرجا الى بدر كرهاً بشهادة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لهما بذلك. ونهى رسول اللّه عن قتلهم والحرب قائمة على ساقها، فكيف يقتلان وهما أسيران ؟. واذا كان تضور العباس أقلق رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومنعه النوم، فما ظنك بقتله صبراً بلا مقتض لذلك، فان العباس كان من قبل ذلك مسلماً، وانما كتم إسلامه الحكمة كان اللّه ورسوله فيها رضاً، وله وللامة فيها صلاح (3)

ص: 317


1- نقل ذلك عنه ابن اسحاق وغيره من أهل السير والاخبار فراجع ص285 من الجزء 3 من البداية والنهاية (منه قدس). أقول وراجع أيضاً الكامل في التاريخ ج89/2، تاريخ الطبری ج 282/2، السيرة النبوية لابن هشام ج 281/2، السيرة الحلبية ج 168/2، ابن ابی الحدید ج 14 /183.
2- الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 249/3، صحيح مسلم ك الجهاد والسير باب الامداد بالملائكة ج 157/6، الدرجات الرفيعة ص 82، السيرة الحلبية ج2 / 190 و 191، ابن ابی الحديد ج 183/14.
3- قال مفتى الشافعية في عصره السيد أحمد زینی دحلان حيث ذكر العباس في غزوة بدر من سيرته النبوية ص 504 من جزئه الأول المطبوع في هامش السيرة الحلبية نقلا عن المواهب ما هذا لفظه : وكان العباس فيما قاله أهل العلم بالتاريخ قد أسلم قديماً وكان يكتم اسلامه وكان يسره ما يفتح اللّه على المسلمين، وكان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يطلعه على أسراره حين كان بمكة وكان يحضر مع النبي حين كان يعرض نفسه على القبائل، وكان يحثهم ويحرضهم على مناصرته كما تقدم ذلك في حضوره بيعة العقبة التي كانت مع الانصار، فهذا كله يدل على اسلامه. (قال) : وكان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمره بالمقام بمكة ليكتب له أسرار قريش وأخبارهم، ولما أرادت قريش الخروج الى بدر واستنفرت الناس لم يمكنه التخلف عنها، ولهذا قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم بدر : من لقى العباس فلا يقتله فانه خرج مستكرها. (قال) ولاينافى ذلك قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لما طلب منه الفداء : ظاهر أمرك انك كنت علينا لان كونه عليهم فى الظاهر لا ينافي كونه مكرهاً فى الباطن، وانما عامله النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بظاهر حالة تطييباً لقلوب الصحابة حيث فعل مثل ذلك بآبائهم وأبنائهم وعشائرهم. (قال) وكان للعباس مال وديون في قريش وكان يخشى ان أظهر اسلامه ضياعها عندهم، فكان يخفي اسلامه بأذن من النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ولم يظهر النبي للصحابة اسلام همه رفقاً به وخوفاً على ضياع ماله. (قال) وللنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) غرض فى اخفاء اسلامه ليكون عيناً له ينقل أخبار القوم اليه ومن ثم لما قهرهم الاسلام يوم فتع مكة أظهر اسلامه، فهو لم يظهر اسلامه الايوم فتح مكة. (قال) وكان العباس كثيراً ما يطلب الهجرة الى رسول اللّه، فكتب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) له: مقامك بمكة خير لك. (قال) وفى رواية كتب اليه : ياعم أقم مكانك الذى أنت فيه، فان اللّه عزوجل يختم بك الهجرة كما ختم بي النبوة، فكان الأمر كذلك فقد كان آخر المهاجرين لانه التقى بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الابواء ولا علم له بخروج النبى لفتح مكة فرجع معه الى آخر كلامه، وللحلبي في سيرته كلام أصرح فى تقدم اسلام العباس وزوجته أم الفضل على الهجرة، فليراجعه من شاء التتبع، وليراجع نصوص العلماء في هذا الموضوع (منه قدس). الدرجات الرفيعة ص80، السيرة النبوية لابن هشام ج 301/2، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج242/3.

ص: 318

اخذ الفداء من الاسرى يوم بدر

المورد - (48) - اخذ الفداء من الاسرى يوم بدر :

لما نصر اللّه عز وجل عبده ورسوله يون الفرقان يوم التقى الجمعان في في بدر، وجيء بالأسرى اليه علم من عزمه انه سيبقي عليهم، أملابأن يهديهم اللّه - فيما بعد - لدينه، ويوفقهم لما دعا اليه من سبيله - كما وقع ذلك والحمد للّه - وهذا هو النصح اللّه تعالى ولعباده.

لكن قرر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - مع العفو عنهم - أخذ الفداء منهم ليضعفهم عن مقاومته ويقوى به عليهم، وهذا هو الاصح - في الواقع للفريقين، وفيه النصح اللّه تعالى ولعباده أيضاً كما لا يخفى «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ» (1) على أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان مطبوعاً على الرحمة ما وجد اليها سبيلا.

وكان من رأي عمر بن الخطاب أن يقتلوا، بأجمعهم، جزاء بما كذبوا و آذوا وهموا بما لم ينالوا، وأخرجوا وقاتلوا، وكان قوي العزيمة شديد الشكيمة في استئصالهم قتلا بأيدي أرحامهم من المسلمين، حتى لا يبقى منهم أحد (2).

لكن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مثل فيهم كلمته التي حكامها اللّه تعالى عنه في محكم فرقانه العظيم (3) ألا وهي قوله : «إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ

ص: 319


1- سورة النجم : 3.
2- الدرجات الرفيعة ص 82، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج242/3، صحیح مسلم ج 157/5.
3- هى الاية 16 من سورة يونس (منه قدس).

عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ».

فخلى سبيلهم عفواً عنهم وكرماً - بعد أن أخذ منهم الفداء، فكان الجاهلون بعصمته وحكمته بعد ذلك «يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا» إِنَّمَا كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في بقياه عليهم، وأخذه الفداء منهم مجتهداً (1) و كان الصواب قتلهم، واستئصال شأفتهم، محتجين بأحاديث مفتأتة لا يجيزها عقل ولا نقل.

فمنها: أن عمر غدا على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعد أخذه الفداء فاذا هو وأبو بكر يبكيان فقال: ما يبكيكما فان وجدت بكاء بكيت والا تباكيت لبائكما فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ان كاد ليمسنا في خلاف ابن الخطاب عذاب عظيم، ولو نزل عذاب ما أفلت منه الا ابن الخطاب (2).

(قالوا) وأنزل اللّه تعالى «مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ

ص: 320


1- نقل ذلك عنهم السيد الدحلاني في السطر الأخير من ص 512 من الجزءالاول من سيرته النبوية المطبوعة في هامش السيرة الحلبية (منه قدس).
2- تجد هذا اللفظ في ص 512 من الجزء الأول من السيرة النبوية للدحلاني و تجد غيره مما هو في معناه فيها وفى السيرة الحلبية، وفى البداية والنهاية لا بن كثير نقلا عن كل من الأمام أحمد ومسلم وأبي داود والترمذى بالاسناد الى عمر بن الخطاب (منه قدس). راجع صحیح مسلم ج 157/5، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 243/3 عن: تاريخ الطبرى ج 1 / 169، الكامل في التاريخ ج 136/2، السيرة الحلبية ج 190/2، أسباب النزول للواحدى ص 137، حياة الصحابة ج 42/2 كنز العمال ج 265/5 عن عدة كتب، الدر المنثور ج 201/3 – 203، مشكل الاثار ج 4 / 291، المغازي للواقدى ج 1 / 107، فواتح الرحموت بهامش المستصفى للغزالي ج 267/2، تاريخ الخميس ج 393/1، المستصفى للغزالي ج356/2.

فِي الْأَرْضِ ۚ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ» الآيات (1).

«وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» (2) اذ أمعنوا في التيه. فجوزوا الاجتهاد على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) واللّه تعالى يقول: «إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ» وقد أوغلوا في الجهل اذ نسبوا اليه الخطأ، وتسكعوا في الضلال، از آثروا قول غيره، واشتبهت عليهم في هذه الآية - معالم القصد، وعميت لديهم - فيها - وجوه الرشد، فقالوا بنزولها في التنديد برسول اللّه وأصحابه، حيث آثروا - بزعم هؤلاء الحمقى - عرض الدنيا على الآخرة فاتخذوا الاسرى، وأخذوا منهم الفداء قبل ان يثخنوا في الأرض، وزعموا أنه لم يسلم يومئذ من هذه الخطيئة الا عمر، وأنه لو نزل العذاب لم يفلت منه الا ابن الخطاب.

وكذب من زعم أنه اتخذ الاسرى وأخذ منهم الفداء قبل أن يثخن في الارض فانه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انما فعل ذلك بعد أن أثخن في الارض، وقتل صناديد قريش وطواغيتها كأبي جهل بن هشام، وعتبة، وشيبة بن أبي ربيعة، والوليد بن عتبة، والعاص بن سعيد والاسود بن عبد الاسد المخزومي وامية بن خلف، وزمعة بن الاسد، وعقيل بن الاسود ونبيه، ومنبه، وأبي البختري وحنظلة بن أبي سفيان، وطعيمة بن عدي بن نوفل ونوفل بن خویلد والحارث ابن زمعة والنظر بن الحارث بن عبد الدار، وعمير بن عثمان التميمي، وعثمان ومالك اخوي طلحة، ومسعود بن امية بن المغيرة وقيس بن الفاكه بن المغيرة، وحذيفة بن أبي حذيفة ابن المغيرة، وأبي قيس بن الوليد بن المغيرة، وعمرو بن مخزوم، وأبي المنذرين

ص: 321


1- سورة الانفال : 67.
2- سورة الانعام : 91.

أبي رفاعة وحاجب بن السائب بن عويمر، وأوس بن المغيرة بن لوذان، وزيد بن مليص، وعاصم بن أبي عوف، وسعيد بن وهب حليف بني عامر ومعاوية بن عبد القيس، وعبد اللّه بن جميل بن زهير بن الحارث بن أسد والسائب بن مالك، وأبي الحكم بن الاخنس، وهشام بن ابي أمية بن المغيرة. (1) الى سبعين من رؤس الكفر، وزعماء الشرك كما هو معلوم بالضرورة، فكيف يمكن بعد هذا ان يكون (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد أخذ الفداء قبل أن يثخن في الارض لو كانوا يعقلون؟ وكيف يتناوله هذا اللوم بعد اثخانه يا مسلمون ؟ ! وقد تنزه رسول اللّه وتعال اللّه عن ذلك علوا كبيراً.

والصواب ان الاية انما نزلت في التنديد بالذين كانوا يودون العير و أصحابه على ما حكاه اللّه تعالى عنهم في قوله - عن هذه الواقعة - عز من قائل: «وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ» (2) وكان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد استشار أصحابه فقال لهم (3) : ان القوم قد خرجوا على كل صعب وذلول فما تقولون؟ العير أحب اليكم أم النفير ؟ قالوا : بل العير أحب الينا من لقاء العدو، وقال بعضهم حين رآه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مصراً على القتال : هلا ذكرت لنا القتال لتتأهب له ؟ انا خرجنا للعير لا للقتال، فتغير وجه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأنزل اللّه تعالى: «كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي

ص: 322


1- الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 3/ 192 وما بعدها، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديدج 208/14 - 212، المغازى للواقدى ص 143 - 151.
2- الآية 7 من سورة الانفال (منه قدس).
3- كما في السيرتين الحلبية والدحلانية وغيرهما من الكتب المشتملة على هذه الواقعة (منه قدس).

الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ» (1).

وحيث اراد اللّه عز وجل أن يقنعهم بمعذرة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في اصراره على القتال، وعدم مبالاته بالعير وأصحابه قال عز من قائل «مَا كَانَ لِنَّبِيّ» من الانبياء المرسلين قبل نبيكم محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ» فنبيكم لا يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض على سنن غيره من الانبياء الذين اتخذوا أسرى أبي سفيان وأصحابه حين هربوا بعيرهم الى مكة، لكنكم أنتم «تُرِيدُونَ» اذ تودون أخذ العبر وأسر أصحابه «عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ» باستئصال ذات الشوكة من أعدائه «وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» والعزة والحكمة تقتضيان يومئذ اجتثاث عن العدو، واطفاء جمرته، ثم قال تنديداً بهم «لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ» في علمه الازلي بأن يمنعكم من أخذ العير، وأسر أصحابه لاسرتم القوم وأخذتم هيرهم، ولو فعلتم ذلك «لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ» قبل أن تثخنوا في الأرض «عَذَابٌ عَظِيمٌ».

هذا معنى الآية الكريمة، ولا يصح حملها على غيره، على اني لا أعلم أحداً سبقني اليه، اذ أوردت الآية وفسرتها في الفصول المهمة (2).

اسرى حنين

المورد - (49) - اسرى حنين :

لما نصر اللّه عبده ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على هوازن يوم حنين، وفتح اللّه له يومئذ فتحه المبين نادى مناديه: ان لا يقتل اسير من القوم، فمر عمر بن الخطاب برجل من الاسرى يعرف بابن الأكوع وهو مغلول، وكانت هذيل بعثته يوم الفتح إلى مكة عيناً لها على رسول اللّه يتجسس أخباره وأخبار أصحابه، فيخبرها

ص: 323


1- الآية 5 و 6 من سورة الانفال (منه قدس).
2- راجع منها الفصل الثامن (منه قدس).

بما يكون منهم قولا وفعلا، فلما رآه عمر قال - كما نص عليه شيخنا المفيد في غزوة حنين من ارشاده - : هذا عدو اللّه كان عيناً علينا هاهو أسير فاقتلوه فضرب بعض الانصار عنقه، فلما بلغ ذلك رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لامهم على قتله، وقال: ألم آمركم ان لا نقتلوا اسيراً. اه_ (1).

وقتلوا بعده من أسرى حنين - كما في ارشاد شيخنا المفيد أيضاً - جميل بن معمر بن زهير (قال) فبعث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى الانصار وهو مغضب يقول لهم : ما حملكم على قتله، وقد جاءكم رسولي أن لا تقتلوا أسيراً ؟ فاعتذروا بأنا انما قتلناه بقول عمر، فأعرض رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتى كلمه عمير بن وهب في الصفح عن ذلك (2).

قلت : وممن قتل في حنين امرأة من هو ازن قتلها خالد بن الوليد فساء رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قتلها اذ مر بها والناس مجتمعون عليها، فقال لبعض أصحابه أدرك خالداً فقل له : ان رسول اللّه ينهاك أن تقتل وليداً أو امرأة أو عسيفاً - أي أجيراً - هكذا رواه ابن اسحاق منقطعاً (3).

وقد قال الامام أحمد (4) : حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو وحدثنا المغيرة بن عبدالرحمن عن أبي الزناد قال حدثني المرقع بن صيفي عن جده رباح بن ربيع أخي بني حنظلة الكاتب انه أخبره انه رجع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

ص: 324


1- الارشاد للشيخ المفيد ص 76 ط الحيدرية.
2- غضب النبى على بعض أصحابه: الارشاد للشيخ المفيد ص 76ط الحيدرية.
3- النبي يستاء من خالد : الكامل لا بن الأثير ج 2/ 180، السيرة النبوية لابن هشام ج 4 / 100.
4- فيما نقله ابن كثير في آخر غزوة حنين من كتابه البداية والنهاية (منه قدس).

في غزوة غزاها وعلى مقدمته خالد بن الوليد، فمر رباح وأصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة، فوقفوا ينظرون اليها ويتعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على راحلته، فانفرجوا عنها فوقف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : ما كانت هذه لتقاتل، فقال لاحدهم : الحق خالدا فقل له : لانفتلن ذرية ولا عسيفا، وكذلك رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث المرقع بن صيفي (1).

فرار من فر منهم من الزحف

المورد - (50) - فرار من فر منهم من الزحف :

حسب المسلم نصاً على تحريم الفرار من الزحف مطلقاً قوله عز من قائل وقد نادى المؤمنين كافة : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَىٰ فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» (2).

نص صريح مطلق (3) في آية محكمة من آيات الذكر الحكيم والفرقان العظيم، وتأوله من الصحابة من يؤثر رأيه - في مقام العمل - على التعبّد بالنصوص، ثم لم يكن ذلك منهم في مقام واحد، بل كان في مواقف عديدة.

ص: 325


1- سنن ابن ماجة ج 2 / 948 ح 2842. وقريب من هذا فى الغدير ج168/7. الفرار من الزحف
2- سورة الانفال : 15.
3- لم يتقيد ولم يتخصص، حتى لو سلمنا نزول الآية يوم بدر، لان اطلاقها وعمومها مما لاريب فيه، كما انه لاريب فى ان المورد لا يقيد الوارد ولا يتخصصه با تفاق أهل العلم (منه قدس).

فمنها يوم أحد لذ حمل ابن قمئة على مصعب بن عمير (رَحمهُ اللّه) فقتله، و هو يظنه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فرجع الى قريش يبشرهم بقتل محمد فجعل المشركون يبشر بعضهم بعضاً يقولون : قتل محمد قتل محمد، قتله ابن قمئة، فانخلعت قلوب المسلمين، وأوغلوا في الهرب مولهين مدلهين لا يلوون على أحد، كما حكاه اللّه عز وجل عنهم حيث قال «إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ» الآية (1).

والاصعاد هو الذهاب في الأرض والابعاد فيها، يقال : صعد في الجبل وأصعد في الارض اذ أبعد، وكان الرسول يدعوهم فيقول : الي عباد اللّه الي عباد اللّه أنا رسول اللّه من كر وله الجنة، كان يدعوهم بهذا ونحوه، وهو في اخراهم، أي في ساقتهم وجماعتهم المتأخرة، يقال : جئت في آخر الناس وأخراهم، كما تقول في أخراهم وأولاهم، وهم لايلوون على أحد، أي لا يلتفتون الى أحد مطلقاً.

قال ابن جرير وابن الأثير في تاريخيهما وانتهت الهزيمة بجماعة المسلمين وفيهم عثمان بن عفان وغيره الى الاعوص فأقاموا بها ثلاثاً، ثم أتوا النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال لهم حين رآهم : لقد ذهبتم فيها عريضة (2).

ص: 326


1- سورة آل عمران : 153. راجع : الكامل لابن الاثير ج 2/ 108.
2- انتهاء الهزيمة بهؤلاء الى الاعوص ورجوعهم بعد ثلاث ليال وقول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لهم : لقد ذهبتم فيها عريضة مما لا يخلو منه كتاب يفصل غزوة أحد من كتب أهل الاخبار (منه قدس). فرار عثمان و غيره في أحد ثلاثة أيام : تاريخ الطبری ج 203/2، الكامل لابن الاثير ج 2/ 110، السيرة الحلبية ج 2/ 227 قال : وكان من جملة من انهزم عثمان بن عفان... الخ، سيرة المصطفى لهاشم معروف ص 411، مجمع البيان ج 524/2، الارشاد للشيخ المفيد ص 48، البحار ج 84/20، البداية والنهاية ج 4/ 28، السيرة النبوية لابن كثير ج55/3، شرح النهج للمعتزلي ج 21/15 وقال ج 15 / 20 مع اتفاق الرواة كافة على ان عثمان لم يثبت الدر المنثور ج2/ 89. فرار عثمان يوم حنين : دلائل الصدق ج 3 ق 1 ص 362، وذكر ابن هشام فى السيرة النبوية ج85/4 أسماء من ثبت مع الرسول ولم يكن عثمان منهم.

وذكر ابن جرير الطبري وابن الأثير الجزري في تاريخيهما: ان أنس بن النضر وهو عم أنس بن مالك انتهى الى عمر وطلحة في رجال من المهاجرين قد ألقوا بأيديهم، فقال : ما يحبسكم. قالوا : قتل النبي. قال : فما تصنعون بالحياة بعده؟ موتوا على ما مات عليه النبي. ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل، فوجد به سبعون ضربة وطعنة وما عرفته الا اخته. عرفته بحسن بنانه.

(قالوا) وسمع أنس بن النضر نفراً من المسلمين - الذين فيهم عمر وطلحة يقولون لما سمعوا أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قتل: ليت لنا من يأني عبد اللّه بن أبي سلول ليأخذ لنا أماناً من أبي سفيان قبل أن يقتلونا، فقال لهم أنس : ياقوم ان كان محمد قد قتل فان رب محمد لم يقتل، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد اللّهم اني أعتذر اليك مما يقول هؤلاء وأبرء اليك مما جاء به هؤلاء، ثم قاتل حتى استشهد (1) رضوان اللّه وبركاته عليه (2).

ص: 327


1- هذه الحكاية عن أنس بن النضر رحمه اللّه تعالى نقلها كل من فصل غزوة أحد من المحدثين وأهل الاخبار (منه قدس) .
2- فرار عمر يوم أحد : راجع : شرح النهج الحديدى ج 276/14 وج20/15 و21 و 22 و 24 و25، لباب الاداب ص 179 حياة حمد الهيكل ص 265، الارشاد للمفيد ص 48، البحار ج 24/20 و53، تفسير الرازي ج67/9، سيرة المصطفى لهاشم معروف ص 411، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 246/4 عن، الدر المنثور ج 2 / 88980، دلائل الصدق ج 2 / 358، كنز العمال ج 242/2، حياة الصحابة ج 497/3، المغازى للواقدى ج609/2، تفسير القى ج 114/1، الكامل في التاريخ ج 2/ 108.

ومنها: يوم حنين إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا (1) وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ» (2) الذين ثبتوا معه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حين فرّ عنه أصحابه وولوا الدبر، و كان فيهم عمر بن الخطاب. كما نص عليه البخاري (3) في حديث أخرجه عن أبي قتادة الانصاري اذ قال : وانهزم المسلمون - يوم حنين - و انهزمت معهم فاذا عمر بن الخطاب في الناس، فقلت له : ماشأن الناس : قال : أمر اللّه.. (الحديث) (4).

ص: 328


1- كان الجيش يومئذ اثنى عشر ألفاً فيهم ألفان من مسلمة الفتح فقال أبو بكر: لن نغلب اليوم من قلة (منه قدس).
2- سورة التوبة : 24. الذى أعجبه الكثرة هو أبو بكر. راجع : الارشاد للشيخ المفيد ص 74.
3- فى باب قوله تعالى: «ويوم حنين إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ» من الجزء الثالث من صحيحه ص 46 وذكر ابن كثير في غزوة حنين من كتابه - البداية والنهاية - نقلا عن البخاري ومسلم وغيره فراجع ص 329 من جزئه الرابع (منه قدس).
4- فرار عمر يوم حنين : صحيح البخارى ك التفسير باب قوله تعالى : ويوم حنين «إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ»، دلائل الصدق ج 3 ق 1 ص 362، سيرة المصطفى لهاشم معروف ص 618. لم يثبت في أحد غير على (عَلَيهِ السَّلَامُ) : شرح التجريد للقوشجي ص 486، دلائل الصدق ج 357/2 عنه، نور الابصار للشبلنجي ص 87، الارشاد للمفيدص 49، البحارج 20 / 69 و 86 و 87 و 113، الاحتجاج ج 1 / 199، حياة محمد لمحمد حسين هيكل. فرار أبي بكر يوم أحد : عن عائشة : كان أبو بكر اذا ذكر يوم أحد بكي ثم قال : ذاك كان يوم طلحة... ثم أنشأ يحدث قال كنت أول من فاء يوم أحد فرأيت رجلا يقاتل مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقلت كن طلحة حيث فاتني ما فاتني يكون رجلا من قومي». راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 23/15 و 24، سيرة المصطفى لمعروف ص 411 و 414، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 243/4 عن منحة المعبود في تهذيب مسند الطيالسي ج 2/ 99، طبقات ابن سعد ج 3/ 155 و ط دار صادر ج3 /218، والسيرة النبوية لابن كثير ج 3 / 58، تاريخ الخميس ج431/1، البداية والنهاية ج 29/4، كنز العمال ج 268/10 و 269، حياة الصحابة ج1 / 272، دلائل الصدق ج 2/ 359. وهناك نصوص اخرى تدل على فراده يوم أحد راجعها في : مستدرك الحاكم ج 27/3، تلخيص الذهبى للمستدرك نفس الصفحة، مجمع الزوائد ج 6/ 112، لباب الاداب ص 179، حياة محمد لهيكل ص 265، سيرة المصطفى لهاشم معروف ص 411 - راجع بقية المصادر في الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 4 / 244. فرار أبي بكر يوم حنين : راجع : شرح النهج للمعتزلى ج13 / 293، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 282/3، دلائل الصدق ج 3 ق 1 ص 360.

ومنها يوم سار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى خيبر، فبعث أبا بكر اليها فسار بالناس فانه زم حتى رجع (1).

ص: 329


1- هذا حديث أخرجه الحاكم في غزوة خيبر ص 37 من الجزء3 من المستدرك بعين لفظه الذي أوردناه ثم قال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وأورده الذهبي بعين لفظهفي تلخيصه للمستدرك مصرحاً بصحته (منه قدس). فرار أبي بكر وعمر يوم خيبر : راجع : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عسا كرج 169/1 ح 233 و 234 و 235 و 236 و 240 و241 و 247 و 261 و 262 ط 1، مناقب علی بن أبي طالب لابن المغازلی ص 181 ح 217 ط 1، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 52 و 53، أسد الغابة ج 21/4، مسند أحمد ج 353/6، البداية والنهاية ج 4 / 186، الغدير ج 381، مجمع الزوائد ج 122/9 و 124، مصنف ابن أبي شيبة ج 154/6، الصحيح من سيرة النبي الاعظم ج 282/3، تذكرة الخواص، مسند البزاز ج 1، الكامل لابن الأثير ج 149/2.

وعن علي سار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى خيبر، فلما أتاها بعث عمر وبعث معه الناس الى مدينتهم، أو قصرهم، فلم يلبثوا ان هزموا عمر وأصحابه، فجاؤا يجبنونه.... ويجبنهم.. (الحديث) (1).

وعن جابر بن عبد اللّه من حديث طويل أخرجه الحاكم وصححه في المستدرك (2) قال فيه : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «لا بعثنّ غداً رجلا يحبّ اللّه ورسوله، ويحبانه، لايولي الدبر يفتح اللّه على يديه، فتشرف لها الناس، وعلي يومئذ أرمد. فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سر. فقال يارسول اللّه ما أبصر موضعاً. فتفل في عينيه، وعقد له، ودفع اليه الراية. فقال علي : يارسول اللّه على من أقاتلهم ؟! فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : على أن يشهدوا أن لا اله الا اللّه واني رسول اللّه، فاذا فعلوا ذلك فقد حقنوا مني دماءهم وأموالهم الا بحقهما وحسابهم على اللّه عز و جل، قال : فلقيهم ففتح اللّه عليه. اه_ (3).

ص: 330


1- أخرجه الحاكم في المستدرك أيضاً يعين لفظه. ثم قال : هذا حديث حدیث صحیح الاسناد ولم يخرجاه. وأورده الذهبي بلفظه في تلخيصه معترفاً بصحته (منه قدس). فرارهما أيضاً بروايات اخرى : راجع : ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج1 / 177 ح 242 و 243 و 247، شذرات الذهبية لابن طولون ص 52.
2- راجعه فى كتاب المغازى ص 38 من جزئه الثالث (منه قدس).
3- قول الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلى (عَلَيهِ السَّلَامُ) يوم خيبر : «لاعطين الراية رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله ليس بفرار»، فدفعها الى على بن أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكان أرمد العين فتفل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيها فبرأت... الخ. حديث الراية في خيبر: 1 - برواية جابر بن عبداللّه الانصاري : فرائد السمطين ج 1 / 259 ح 200، المعجم الصغير للطبرانی ج 2/ 100، مجمع الزوائد ج 151/6، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکرجا / 205 ح 269، المستدرك للحاكم ج 3 / 38، عيون الاثر ج 2 / 132، احقاق الحقج 400/5، فرائد السمطين ج260/1 ح 200 و 202. 2 - برواية أبي هريرة : ترجمة الامام على من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 157/1 219 و 220 و 221 و 222 و 223 و 225 و 226 و 227، مسند أحمد ج 2 / 384 ط 1، صحیح مسلم ج 7 / 121 ط العامرة، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 2 / 93، خصائص النسائى ص 7 ط مصر وص 58 ط الحيدرية، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلی ص 181 2219217، مسند أبي داود الطيالسي ص 320، احقاق الحق ج 5 / 410، الطبقات لابن سعد ج2 / 110 ط دار صادر، ينابيع المودة ص 49 ط اسلامبول، نزل الابرار ص 43. 2 - برواية سهل بن سعد الساعدي : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 163/1 ح 227 و 228 و 229 و 230 و 231، فرائد السمطين ج 253/1 ح 196، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 24 ط الحيدرية، صحيح البخارى ج 22/5، صحیح مسلم ج 7/ 121 ط العامرة بمصر، خصائص النسائى ص 55 ط الحيدرية، السنن الكبرى للبيهقى ج 106/9، حلية الاولياء ج 62/1، ينابيع المودة ص 48 ط اسلامبول، أسنى المطالب للجزرى ص 62 وقال الحديث متفق على صحته، فضائل الخمسة ج161/2. 4 - برواية سلمة بن الأكوع : صحيح البخاری ج 23/5 باب مناقب على بن أبى طالب صحیح مسلم باب مناقب على بن أبى طالب ج 122/7 ط العامرة، الاستيعاب بهامش الاصابة ج36/3، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 168/1 ح 232 و 233 و 234 و 235 و 236 و 237 و 238، نزل الابرار للبدخشانی ص44. 5- برواية بريدة الاسلمى : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکرج 174/1 ح239 و 240 و 241 و 242 و 243، المسند لاحمد ج 5 / 353 و 355 و 358 ط 1، أسد الغابة ج 21/4، البداية والنهاية ج 4 / 182، تاریخ الطبری ج 2/ 300 ط الاستقامة وج 11/3 ط دار المعارف، احقاق الحق ج 5/ 415، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 187 222، الخصائص للنسائى صه ط مصر، المستدرك للحاكم ج3/ ح 437، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 29، الكامل فى التاريخ لابن الاثير ج 149/2، ينابيع المودة للقندوزى ص 49 ط اسلامبول، تذكرة الخواص ص 25. 6 - برواية عبد اللّه بن عباس : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج182/1 ح147 و 148 و 149 و 250 و 251، مجمع الزوائد ج 124/9، البداية والنهاية ج 337/7، أنساب الاشراف للبلاذری ج 106/2 ط 1. 7 - رواه ابن عباس ضمن حديث طويل راجع : المستدرك للحاكم ج 3/ 132، وتلخيصه للذهبي، مسند أحمد ج 25/5 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر، خصائص النسائى ص 61ط الحيدرية وص 15 ط بيروت وص 8 ط التقدم بمصر، ذخائر العقبى ص 87، كفاية الطالب للكنجى الشافعي ص 240 ط الحيدرية وص 115 ط الغرى، المناقب للخوارزمي ص 72، الاصابة لابن حجر ج 509/2، بنابيع المودة ص 34 ط اسلامبول و ص 38 ط الحيدرية وج33/1ط العرفان الرياض النضرة ج 2/ 269 و 270 ط 2، فضائل الخمسة ج 1 / 230، الغدير ج 51/1 270 وج 3 / 197، فرائد السمطين ج 1 / 328 255، المراجعات ص 195 ط 2 المحققة، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 116 تحت رقم (468) ط 2 بيروت. 8 - برواية عمران بن حصين : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج191/1 ح 252 و 253 و 254 و 255، الخصائص للنسائى ص 7 ط مصر و 59 ط الحيدرية، البداية والنهاية ج 338/7، المناقب لابن المغازلی ص 180 ح 215 ط 1، مجمع الزوائدج 9 / 124، التهذيب ج 237/3، تهذيب التهذيب ج 480/7، الروض الانف للسهيلي ج 2/ 229، تاريخ الاسلام للذهبي ج 2 / 194، صبح الأعشى ج174/10. 9 - برواية أبي سعيد الخدري : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج193/1 ح256 و 257 و 290، المسند لاحمد ج 3 / 16 ط 1، مجمع الزوائد ج 151/6 و ج124/9، البداية والنهاية ج4 / 185 و ج 7 / 338، المناقب لابن المغازلى ص 184 ح 220، عمدة القارى ج 216/16، الشافى لعلم الهدى ص 70، تلخيص الشافي للطوسي ج 13/3. 10 - برواية أبي ليلى الانصاري : التاريخ الكبير للبخارى ج 4 / 262، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 21 / 1902 ح 258 و 259 و 260 و 261 و 262 و 263 و 264، الخصائص للنسائي ص 52 ط الحيدرية، المستدرك للحاكم ج 37/3، تذكرة الخواص ص 25، الغدير ج 38/1، مجمع الزوائد ج 122/9، دلائل النبوة لابي نعيم ص 397 ط حیدر آباد، العقد الفريد ج 2 / 194 ط الاشرفية، المسند لاحمد ج 78/1 و 99 و 133 ط 1، سنن ابن ماجة ج 56/1، كنز العمال ج 106/15 ط 2، فرائد السمطين ج 20 263/1 ح 205، أسنى المطالب للجزري ص 64، نزل الابرار ص 43. 11 - برواية أم موسى : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج203/1 265 و 266، مسند أبي داود الطيالسي ص 26 ط حیدر آباد، المناقب لابن المغازلي ص 179 ح214، البداية والنهاية ج 339/7، تاريخ الاسلام للذهبي ج2 / 193، فرائد السمطين ج 1 / 262 ح 203، مسند أحمد ج 1 / 78 ط 1 و ج 2 / 27 ط2، مجمع الزوائد ج 122/9. 12 - برواية أبي رافع مولى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج1 / 204 ح 268 فرائد السمطين ج1 / 291 ح 201، الكامل في التاريخ ج 2/ 149، تذكرة الخواص ص 27. 13 - برواية سعد بن أبي وقاص : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج205/1 ح 270 و 271 و 272 و 273 و 274 - 280، المناقب للخوارزمي ص 59، الغدير ج 257/1 وج 3 / 200، المناقب لابن المغازلى ص188 ح 223، المسند لاحمد ج 185/1، صحیح مسلم ج 119/7 ط صبيح وص 1871 ط محمد فؤاد وج 120/7 ط العامرة وج 360/2 ط الحلبي، صحيح الترمذی ج 171/13 ط الصاوى و ج 301/5 ط آخر، الخصائص للنسائى ص 16 ط مصر، المستدرك للحاكم ج 3/ 108، فرائد السمطين ج 1378/11 ح 307، شواهد التنزيل للحسکانی ج 2/ 19 ح 654 و 656، نظم درر السمطين للزرندي ص 107، كفاية الطالب للكنجى ص 84ط الحيدرية وص28 ط الغرى، أسد الغابة ج 1 / 134 و ج 4 / 25، الاصابة لابن حجر ج 509/2، العقد الفريد ج29/4ط لجنة التأليف وج 144/2 ط آخر، وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص 92 و 82، شرح النهج لابن أبى الحديد ج 256/1 و 361 ط 1 و ج 3 / 100 و ج 72/4 ط مصر بتحقيق 3 أبو الفضل، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 63، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 218 ط 2 بیروت، کنز العمال ج 15 / 143 ط 2، مروج الذهب للمسعودي ج3/ 14 ط دار الاندلس بيروت، مقتل الحسين للخوارزمی ج 2/1، ينابيع المودة ص51 ط اسلامبول. 14 - برواية عمر بن الخطاب : ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 1 / 119 ح 282 كنز العمال ج 1002/15 و 108 2 و ج 6 / 393 و 395 ط 1، منتخب كنز العمال بهامش ط مسند أحمد ج 44/5 و 45 ط 1، مجمع الزوائد ج 9 / 120، المناقب للخوارزمي ص 12. 15 - بزواية عبد اللّه بن عمر : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 1 / 220 ح 283 و 284 و 285 و 286 و 287 و 289 وص 180 ح 245 و 246، شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 /197 ح 903، سمط النجوم ج 2 / 461، مجمع الزوائد ج 120/9 و 123. 16 - وقال عمر بن الخطاب : «لقد اعطى على بن أبى طالب ثلاثاً لان تكون لى واحد منها أحب الى من حمر النعم : زوجته فاطمة بنت رسول اللّه، وسكناه المسجد مع رسول اللّه يحل له ما يحل له فيه والراية يوم خيبر». يوجد في : المستدرك للحاكم ج 3/ 125، مسند أحمد ج 2/ 26 ط 1 و ج 21/7 ح 4797 ط بسند صحيح دار المعارف بمصر، ينابيع المودة للقندوزی ص210 ط اسلامبول وص 248 ط الحيدرية، المناقب للخوارزمى ص 238 ط الحيدرية، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 1 / 220 ح 283، الصواعق المحرقة ص 76 ط 1 وص 125 ط المحمدية، مجمع الزوائد ج120/9، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 172 نظم درر السمطين ص 129، كنز العمال ج 101/15 ح 291 ط 2، الرياض النضرة ج 5254/2 2، الغدير ج 204/3، فرائد السمطين ج 345/1 168 ط 1، فضائل الخمسة ج 2/ 250، أسنى المطالب للجزرى ص 65.

ص: 331

ص: 332

ص: 333

ص: 334

قال الحاكم بعد ایراده قد اتفق الشيخان على اخراج حديث الراية ولم يخرجاه بهذه السياقة وكذلك قال الذهبي بعد ايراده في تلخيصه.

وعن أياس بن سلمة قال: حدثني أبي قال: شهدنا مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خيبر حين بصق في عيني علي فبرأنا فأعطاه الراية، فبرز اليه مرحب وهر

يقول :

قد علمت خيبر أني مرحب***شاكي السلاح بطل مجرب

اذا الحروب أقبلت تلهب

قال: فبرز اليه علي رضي اللّه عنه وهو يقول :

ص: 335

أنا الذي سمتني امي حيدرة***کلیت غابات كريه المنظرة

أو فيكم بالصاع كيل السندرة (1)

قال فضرب مرحبا ففلق رأسه فقتله، وكان الفتح (2)

ومنها: غزوة السلسلة بوادي الرمل. وهي كغزوة خيبر اذ بعث رسول اللّه اولا فيها أبا بكر فرجع بالجيش منهزماً، ثم بعث عمر فرجع بمن معه كذلك، قبعث بعدهما علياً ففتح اللّه عليه، ورجع بالغنائم والأسرى والحمد للّه وقد ذكر هذه الغزوة على سبيل التفصيل شيخنا المفيد أعلى اللّه مقامه في كتابه - الارشاد - فليراجعها من أراد الوقوف على كنبهها بتفصيل (3).

وغزوة السلسلة هذه غير غزوة ذات السلاسل التي كانت سنة سبع للّهجرة

وكانت امرة الجيش فيها لعمرو بن العاص، وفي الجيش يومئذ أبوبكر وعمر وأبو عبيدة كمانص عليه أهل السير والاخبار كافة (4).

ص: 336


1- قال في أقرب الموارد : أكيلكم بالسيف كيل السندرة : أي أقتلكم قتلا واسعاً كبيراً ذريعاً (منه قدس).
2- أخرجه الحاكم بلفظه في غزوة خيبر من مستدر كه ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة، وصححه الذهبي على هذا الشرط اذ أورده في التلخيص (منه قدس). وراجع المناقب للخوارزمي ص 103 ط الحيدرية، تذكرة الخواص ص 26 ط الحيدرية مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلی ص178و182، ترجمة أمير المؤمنين على ابن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 171/1 ح 237، صحيح مسلم ك الجهاد والسير باب غزوة ذى قرد وغيرها ج 195/5 ط العامرة، الطبقات لابن سعد ج 112/2 ط دار صادر تاريخ الطبری ج 2/ 300، ينابيع المودة ص 49 ط اسلامبول، نزل الابرارص44.
3- الارشاد للشيخ المفيد ص 60 - 61 ط الحيدرية.
4- السيرة النبوية لابن هشام ج 4 / 272 و 274، الكامل لابن الاثير ج 2 / 156، السيرة الحلبية ج 190/3.

وكان بين عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص هنات ذكرها الحاكم في كتاب المغازي من الجزء الثالث من مستدر که ص 43 بالاسناد الى عبداللّه بن بريدة عن أبيه. قال: بعث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عمرو بن العاص في غزوة ذات السلاسل وفيهم أبو بكر وعمر، فلما انتهوا الى مكان الحرب أمرهم عمرو ان لاينوّروا ناراً فغضب عمر بن الخطاب وهم ان ينال منه فنهاه أبو بكر وأخبره انه لم يستعمله رسول اللّه عليك الا لعلمه بالحرب فهدأ عنه عمر. اه_.

قال الحاكم بعد اخراجه: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وقد أورده الذهبي في التلخيص مصرحاً بصحته أيضاً.

تنبيه

كان لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في التنويه بعلي، وتفضيله على من سواه من أهل السوابق الاساليب حكيمة عرفها متدبروا سيرته المقدسة (1).

ص: 337


1- تفضيل الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) على من سواه كثيرة جداً و فضائل أمير المؤمنين على ابن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا تعد ولا تحصى وقد ربت على حد التواتر وقد ألف في فضائله عشرات الكتب بل المئات قديماً وحديثاً منها : مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلی الشافعی طایران، المناقب للخوارزمی الحنفى ط النجف، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى الحنفى ط النجف، نور الابصار للشبلنجی، فرائد السمطين للحموینی ط بیروت، نظم درر السمطين للزرندي الحنفى ط النجف، ترجمة الامام على بن أبي طالب لابن عساكر الشافعى ج1 و ج2 وج 3 ط بيروت، كفاية الطالب في مناقب على بن أبي طالب للكنجي الشافعيط الغرى والحيدرية، الغدير للامینی ج 1 - ج 11 ط ایران،و بیروت فضائل الخمسة من الصحاح الستقط النجف وبيروت، شواهد التنزيل للحسكانى الحنفى ج 1 و 2 ط بیروت ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ط في اسلامبول وايران والنجف وصيدا طبع 8 طبعات، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ط فى مصر وبيروت والنجف، وغيرها من الكتب المطبوعة والمخطوطة ولاجل المزيد من الاطلاع على ذلك راجع مقدمة ينابيع المودة للقندوزي ط الحيدرية في النجف. وقد ألف أبو جعفر الاسكافى المعتزلى المتوفى 240 في خصوص أفضلية الامام على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) على غيره كتاباً أسماه (المعيار والموازنة) طبع في بیروت.

فمنها : أنه لم يؤمر عليه أحداً أبداً لا في حرب ولا في سلم، وقد أمرت الامراء على من سواه (1) فأمر ابن العاص على أبي بكر وعمر في غزوة ذات السلاسل كما سمعت (2)، ولحق النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالرفيق الأعلى وأسامة بن زيد - على حداثته - امير على مشيخة المهاجرين والانصار كأني بكر وعمر عمر وأبي عبيدة وأمثالهم، وهذا معلوم بحكم الضرورة من أخبار السلف (3).

ص: 338


1- سئل الحسن البصري عن على (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فقال: ما أقول فيمن جمع الخصال الاربع ائتمانه على براءة وماقاله له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في غزوة تبوك فلو كان يفوته شيء غير النبوة لاستثناه، وقول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الثقلان كتاب اللّه وعترتي، وانه لم يؤمر عليه أمير قط، وقد أمرت الامراء على غيره. هذا كلامه بعين لفظه فراجعه فى ص 369 من المجلد الأول من شرح النهج نقلا عن الواقدى (منه قدس).
2- أبو بكر وعمر في جيش عمرو بن العاص : الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 / 131، الاستيعاب بهامش الاصابة، الكامل في التاريخ ج 2 / 156، السيرة النبوية لابن هشام ج 4 / 272 و 274، السيرة الحلبية ج3 / 190، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 232/2، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 319/6.
3- أبو بكر وعمر في جيش اسامة الذي بعثه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مرضه يوجد في : الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2/ 190، تاریخ الیعقوبی ج 93/2 ط الغرى وج 74/2 ط دار صادر، الكامل لابن الأثير ج 317/2، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1/ 159 وج 52/6 بتحقيق أبو الفضل و ج 53/1 و ج 2 / 21 ط 1 بمصر سمط النجوم العوالى لصد الملك العاصمي المكي ج 224/2، السيرة الحلبية ج207/3، السيرة النبوية ازين دحلان بهامش الحلبية ج 2 / 339، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 4 / 180، المراجعات ص 365، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 268 تحت رقم (862) ط 2 بیروت، عبد اللّه بن سبأ ج 71/1.

وكان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذا أمر علياً في غزوة أو سرية ضم الى لوائه من سواه من أهل السوابق، فاذا أمر غيره استثناه مستأثراً به لنفسه (1).

واذا بعث سريتين احداهما معه والاخرى مع غيره عهد اليهما أنكما اذا اجتمعتما فالامارة لعلي وحده على السريتين كلتيهما، وان افترقتما فكل منكما على سريته (2).

ص: 339


1- كما فعل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في غزوة خيبراذ أمر أبا بكر ثم أمر عمر ولم يكن على معهما فلما أمر علياً كانا معه حتى فتح اللّه عليه. والحمد للّه على ذلك كله (منه قدس). ترجمة أمير المؤمنين على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج1 / 156 - 225 وراجع ما تقدم من مصادر تحت رقم (474).
2- أخرج الامام أحمد من حديث بريدة ص 356 من المجلد الخامس من مسنده قال : بعث رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعثين الى اليمن، على أحدهما على بن أبي طالب وعلى الاخر خالد بن الوليد، فقال : اذا التقيتم فعلى على الناس، وان افترقنما فكل واحد منكما على جنده، قال : فلقينا بنى زبيدة من أهل اليمن فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى على امرأة من السبي لنفسه، قال بريدة : فكتب مدی خالد بن الوليد الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يخبره بذلك، فلما أتيت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دفعت الكتاب فقرى عليه، فرأيت الغضب على وجه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقلت : يا رسول اللّه هذا مكان العائذ بعثتنى مع رجل وأمرتني أن أطيعه ففعلت ما أرسلت به، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): (لاتقع فى على فانه منى وأنا منه وهو وليكم بعدى، وانه منى وأنا منه وهو وليكم بعدى). انتهى بلفظ أحمد. وأخرجه غير واحد من أصحاب السنن والمسانيد أشرنا اليهم في المراجعة 36 من كتابنا (المراجعات) فليراجع (منه قدس). على هو الامير اذا كان في سرية : راجع : خصائص أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) للنسائى ص 24 ط مصر وص98 ط الحيدرية، مجمع الزوائد ج 127/9، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 369/1 ح 466 و 467 و 468 و 469 و 473 - 482، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 2 / 450 ط مصر وج 9 / 170 بتحقيق أبو الفضل، فضائل الخمسة ج 1 / 341، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 134 تحت رقم (530).

وربما بعث غيره في الغزوة فيرجع بجيشه غير فاتح ولا مفلح، فيبعث علياً بعده فيظفر بالنصر العزيز والفتح المبين (1) وبذلك يظهر من فضله مالم يكن ليظهر منه لو بعثه من أول الأمر كما لا يخفى.

وربما بعث غيره في المهمة، تطاول اليها الاعناق، فيوحي اللّه عز وجل اليه: لايؤدي عنك الا أنت أو رجل منك يعني علياً، كما كانت الحال في براءة اللّه ورسوله من المشركين ونبذ عهودهم يوم الحج الأكبر (2).

ص: 340


1- كما كانت الحال في غزوة خيبر الانفة الذكر، وفى غزوة السلسلة التي احلناك فيها على ارشاد شيخنا المفيد فراجع (منه قدس). راجع : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 / 169 - 233 - 236 و 240 و 241 و 247 و 261 و 262، الكامل في التاريخ ج 2 / 149. راجع ما تقدم تحت رقم (472).
2- ان لنا في بعث براءة لبحثا وفقنا اللّه فيه للصواب، وقد أسفر فيه الحق به لاولى الالباب، فراجعه فى الحديث 18 ص 157 وما بعدها الى ص188 من كتاب - أبو هريرة - (منه قدس). أخذ الامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ) سورة براءة من أبى بكر بأمر من الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). راجع : صحيح الترمذى ج 339/4 3085، مسند أحمد ج2 / 319 ح1286 بسند صحیح و ج 2 / 322 ح 1296 ط دار المعارف بمصر و ج 3/1 و 150 و 331 وج /212 و 283 ط الميمنية، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 91 و 92 ط الحيدرية وص 33 و 34 ط بیروت، المستدرك للحاكم ج 51/2 و 331 و ج 2051/3 0، الدر المنشور ج 209/3 و 210، فضائل الخمسة ج 343/2، تفسير الطبري ج 64/10 و 65 ط 2، مجمع الزوائد ج 29/7، تفسير ابن كثير ج 333/2 و 334، الغدير للاميني 245/3 و 338/6، ذخائر العقبى ص 69، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 22، تذكرة الخواص ص 42 ط النجف وص37 ط الحيدرية، ينابيع المودة للقندوزي ص 88 و 89 ط اسلامبول وص 101 ط الحيدرية، التفسير المنير لمعالم التنزيل للجاويج 330/1، الكشاف للزمخشری ج 243/2 ط بیروت، شواهد التنزيل للحسكاني ج1 / 231 - 309 - 318 و 322 - 327، أنساب الاشراف للبلاذری ج 2/ 155 ح164 ط بیروت، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 45/6 بتحقيق أبو الفضل، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 376/2 ح871 - 882 و 883 و 885 و 886، كفاية الطالب للكنجى الشافعي ص 285 ط الحيدرية وص152 ط الغرى، المناقب للخوارزمی ص 99 - 100 و 223، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 116 155، تاریخ الطبری ج 123/3، الكامل لابن الاثير ج291/2، ح الملل والنحل الشهرستاني ج 1 / 163، أبو هريرة لشرف الدين ص 120، الرياض النضرة ج 227/2 - 229، تفسير الخازن ج 47/3، معالم التنزيل للبغوى بهامش تفسير الخازن ج 2/ 49، جامع الأصول لابن الأثير ج475/9، كنز العمال ج 2595/15، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 148 تحت رقم (567).

نهيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لاصحابه عن جواب ابی سفیان فی احد

المورد - (51) - نهيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لاصحابه عن جواب ابی سفیان فی احد.

كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نزل يوم احد بأصحابه - وهم سبعمائة - في عدوة الوادي، وجعل ظهره الى الجبل، وكان المشركون ثلاثة آلاف فيهم سبعمائة دارع ومائنا فارس، ومعهم خمسة عشر امرأة وفي المسلمين مائتا دارع و فارسان.

وتعبأ الجيشان للقتال، فاستقبل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) المدينة، وترك أحداً

ص: 341

خلف ظهره، وجعل وراءه الرماة وهم خمسون رامياً، أمّر عليهم عبد اللّه بن جبير وقال له: انضح عنا الخيل بالنبل لا يأنونا من خلفنا واثبتوا مكانكم ان كانت لنا او كانت علينا، فانا انما نؤتى من هذا الشعب شعب أحد (1).

وخرج طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين ينادي: يا معشر اصحاب محمد انكم تزعمون ان يعجلنا بسيوفكم الى النار، ويعجلكم بسيوفنا الى الجنة فهل أحد منكم يعجله سيفي الى الجنة، ويعجلني سيفه الى النار ؟

قال ابن الاثير في كامله فبرز اليه علي بن أبي طالب فضر به فقطع رجله فسقط وانكشفت عورته، فناشده اللّه فتركه - لمابه يخور بدمه حتى هلك -فکبر رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقال: كبش الكتيبة، وكبر المسلمون بتكبيره، وقال لعلي: ما منعك ان تجهز عليه ؟ فقال ناشدني اللّه والرحم فاستحييت منه.

وصمد علي بعده لأصحاب اللواء يحمل عليهم فيقتلهم واحداً بعد واحد. قال ابن الاثير وغيره: وقد كان المسلمون قتلوا أصحاب اللواء وبقي مطروحاً لا يدنو منه أحد، فأخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فرفعته فاجتمعت قريش حوله، وأخذه صواب عبد لبني عبد الدار - كان من أشد الناس قوة - فقتل عليه (قال) وكان الذي قتل أصحاب اللواء علي بن أبي طالب، قاله أبو رافع.

واقتتل الناس قتالا شديداً. وأمعن حمزة وعلي وأبودجانة في رجال من المسلمين وأبلو ابلاء حسناً، وأنزل اللّه نصره عليهم وكانت الهزيمة على المشركين، وهرب النساء مصعدات في الجبل، ودخل المسلمون عسكرهم ينهبون، فلما نظر بعض الرماة الى اخوانهم ينهبون، آثروا النهب على البقاء في الشعب، ونسوا ما أمرهم به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وحضهم عليه.

وحين رأى خالد بن الوليد قلة من بقي من الرماة حمل عليهم فقتلهم، وشد

ص: 342


1- الشعب بالكسر ما انفرج بين الجبلين (منه قدس).

بمن معه على أصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من خلفهم، وتبادر المنهزمون من المشركين حينئذ بنشاط مستأنف لقتال المسلمين حتى هزموهم بعد أن قتلوا سبعين من أبطالهم، فيهم أسد اللّه وأسد رسوله حمزة بن عبدالمطلب وقاتل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يومئذ قتالا شديداً، فرمى بالنبل حتى فني نبله وانكسرت سية قوسه، وانقطع وتره، وأصيب بجرح في وجنته، و آخر في جبهته وكسرت رباعيته السفلي، وشقت - بأبي هو وأمي - شفته، وعلاه ابن قمئة بالسيف.

وقاتل دونه علي ومعه خمسة من الانصار استشهدوا في الدفاع عنه رضي اللّه عنهم وأرضاهم، وترس أبو دجانة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بنفسه، فكان يقع النبل بظهره وهو منحن عليه، وقاتل مصعب بن عمير فاستشهد، قتله ابن قمئة الليثي وهو يظنه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فرجع الى قريش يقول لهم : قتلت محمداً، فجعل الناس يقولون: قتل محمد، قتل محمد فأوغل المسلمون في الهرب على غير رشد، وكان أول من عرف رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كعب بن مالك، فنادى بأعلى صوته يا معشر المسلمين ابشروا هذا رسول اللّه حي لم يقتل فأشار اليه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن أنصت (1).

وحينئذ نهض علي بمن كان معه حتى خلصوا برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى الشعب، فتحصن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) به، وهم يحوطونه مدافعين عنه.

قال ابن جرير وابن الاثير في تاريخيهما وسائر أهل الاخبار : فأبصر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - أي وهو في الشعب - جماعة من المشركين، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلي : احمل عليهم، فحمل عليهم ففرقهم وقتل منهم، ثم أبصر جماعة أخرى، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اكفنيهم ياعلي فحمل عليهم وفرقهم وقتل منهم. فقال جبرائيل : يارسول اللّه هذه المواساة، فقال رسول اللّه [ص]: انه مني و أنا منه. فقال

ص: 343


1- مخافة أن يسمع العدو فيهجم عليه (منه قدس).

جبرائيل : وأنا منكما. (قالوا) وسمع صوت :

لا سيف الا ذوالفقا***ر ولا فتى الا علي (1)

وجعل علي ينقل الماء لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في درقته من المهراس يغسل به جرح النبي فلم ينقطع الدم (2).

ووقعت هند وصواحباتها على الشهداء يمثلن بهم، فاتخذت واتخذت من آذان الرجال وآنافهم وأصابع أيديهم وأرجلهم ومذاكيرهم قلائد ومعاضد، وكانت أعطت وحشياً معاضدها وقلائدها جزاء قتلة حمزة فلاكتها فلم تسغها فلفظتها (3).

ثم أشرف أبوسفيان على المسلمين، فقال : أفي القوم محمد ؟ ثلاثاً، فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (4) : لا تجيبوه (5) فقال أبو سفيان: أنشدك اللّه ياعمر أقتلنا

ص: 344


1- لا سيف الا ذو الفقا***ر ولا فتى الا على راجع : فرائد السمطين للحمويني الشافعي ج 1 / 207 ح 198، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعى ج 1/ 148 ح 215، الكامل فى التاريخ ج 107/2، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلي ص197، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 26، المناقب للخوارزمی ص 213 ط الحيدرية، السيرة النبوية لابن هشام ج 106/3، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 251/14 وقد نقل تصحيحه عن شيخه عبدالوهاب ابن سكينة.
2- حتى أحرقت سيدة نساء العالمين بعد ذلك حصيراً وجعلت على الجرح من رماده فانقطع الدم، وقد شهدت الواقعة (عَلَيهَا السَّلَامُ) فكانت تعانقه وهو مجروح وتبكي (منه قدس).
3- الكامل فى التاريخ ج 2/ 111، الدرجات الرفيعة ص66 - 69، السيرة النبوية لابن هشام ج 96/3-97، السيرة الحلبية ج246/2.
4- كما في غزوة احد من تاريخی ابن جرير وابن الاثير وطبقات ابن سعد والسيرتين الحلبية والدحلانية وكتاب البداية والنهاية لابى الفداء وسائر الكتب المشتملة على غزوة أحد (منه قدس).
5- كأن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يكن آمناً من أبي سفيان وأصحابه أن يشدوا عليه اذا علموا ببقائه حياً، ولذلك نهاهم عن جوابه، وكأن عمر اذ أجابه لم يكن خائفاً ولم يكن يرى لهذا الاحتياط وجهاً (منه قدس).

محمداً ؟ قال عمر : اللّهم لا وانه ليسمع كلامك (1).

قلت : هذا محل الشاهد من هذه الحكاية اذ آثر رأيه في جواب أبي سفيان على نهي النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اياهم عن جوابه كما ترى.

التجسس مع النهى عنه

المورد - (52) - التجسس مع النهى عنه :.

قال اللّه عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ» (2).

وفي الصحيح عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : اياكم والظن، فان الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تناجشوا ولا تحاسد، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد اللّه اخواناً... الحديث (3).

لكن عمر رأى في أيام خلافته ان بالتجسس نفعاً للامة وصلاحاً للدولة، فكان يعس ليلا، ويتجسس نهاراً، حتى سمع وهو يعس في المدينة صوت

ص: 345


1- الطبقات الكبرى لابن سعد ج 47/2، الكامل لابن الاثير ج 2/ 111، السيرة الحلبية ج245/2.
2- سورة الحجرات : 12.
3- مجمع البيان ج 137/9 البيان ج 137/9، صحیح مسلم ج 10/8ط العامرة، صحيح الترمذى ج 1 / 359، صحيح البخاری ج 3 / 431 و ج 4 / 128 البخارى ج 431/2 وج 4 / 128، مسند أحمد ج245/2 و 287 و 265 و 517، الجامع الصغير ح 2901، وصحيح الجامع الصغير ح2676، أسنى المطالب ص 98، الفتح الكبير ج 490/1.

رجل يتغنى في بيته فسور عليه فوجد عنده امرأة وزقاً من خمر، فقال: أي عدو اللّه ظننت ان اللّه يسترك وأنت على معصية، فقال لا تعجل يا أمير المؤمنين ان كنت اخطأت في واحدة، فقد اخطأت انت في ثلاث قال اللّه تعالى: «وَلَا تَجَسَّسُوا» فقد تجسست وقال : «وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا» وقد تسورت وقال: «اذَا دَخَلتُم فَسَلِّمُوا» وما سلمت فقال: هل عندك من خير ان عفوت عنك؟. قال نعم فعفا عنه وخرج (1).

وعن السدي قال: خرج عمر بن الخطاب فاذا هو بضوء نار ومعه عبداللّه بن مسعود واتبع الضوء حتى دخل الدار، فاذا سراج في بيت، فدخل وحده وترك ابن مسعود في الدار، فاذا شيخ جالس وبين يديه شراب وقينة تغنيه، فلم يشعر حتى هجم عليه عمر، فقال : مارأيت منظراً أقبح من شيخ ينتظر أجله فرفع الشيخ رأسه فقال : بلى صنيعك أنت أقبح ممارأيت مني، اذ تجسست وقد نهى اللّه عن التجسس، ودخلت بغير اذن، فقال عمر : صدقت ثم خرج عاضاً على ثوبه يبكي. وقال : ثكلت عمر أمه، الى أن قال : وهجر الشيخ مجلس عمر حيناً، فبينا عمر بعد ذلك جالس از به قد جاء شبه المستخفي حتى جلس في أخريات الناس فرآه عمر فقال: علي بهذا، فقيل له: أجب فقام وهو یری ان عمر سيسوئه بما رأى منه. فقال عمر : ادن مني فلا زال يدنيه حتى

ص: 346


1- أخرجه الخرائطى فى كتاب مكارم الاخلاق وهو الحديث 3696 من أحاديث الكنز في ص 167 من جزئه الثاني، وأورده ابن أبي الحديد في ص 96 من المجلدا الثالث من شرح نهج البلاغة، وذكره الغزالى فى ص 137 من كتابه احیاء العلوم (منه قدس). الغدير للاميني ج 121/6، الرياض النضرة ج 46/2 ط 1، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 1/ 61 وج 3 / 16 ط 1، الدر المنثور ج 93/6، الفتوحات الاسلامية ج 477/2 .

أجلسه بجنبه، فقال : ادن مني اذنك فالتقم أذنه فقال له. والذي بعث محمداً بالحق ما اخبرت أحداً من الناس بمارأيت منك ولا ابن مسعود فانه كان معي... (الحديث) (1).

وعن الشعبي : ان عمر فقد رجلا من أصحابه، فقال لابن عوف : انطلق بنا الى منزل فلان فننظر فأتيا منزله فوجدا بابه مفتوحاً وهو جالس وامرأته نصب له في الاناء فتناوله أياه، فقال عمر لابن عوف : هذا الذي شغله عنا، فقال ابن عوف لعمر ومايدريك ما في الاناء؟ فقال عمر: أتخاف ان يكون هذا تجسساً؟ :قال بل هو التجسس. قال : وما التوبة من هذا؟ قال : لا تعلمه بما اطلعت عليه من أمره !!.. (الحديث) (2).

وعن المسور بن مخرمة، عن عبد الرحمن بن عوف انه حرس المدينة مع عمر بن الخطاب ليلة فبيناهم يمشون شب لهم سراج في بيت فانطلقوا يؤمونه فلما دنوامنه فاذا باب مجاف – مغلق - على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط، فأخذ عمر بید عبدالرحمن بن عوف فقال له: هذا بيت ربيعة بن امية، وهم الان يشربون الخمر فما ترى ؟ قال أرى انا قد أتينا مانهى اللّه عنه از تجسسنا، فانصرف عنهم عمر وتركهم ! (3).

ص: 347


1- أخرجه أبو الشيخ في كتاب القطع والسرقة، ونقله صاحب كنز العمال فى ص 141 من جزئه الثانى وهو الحديث 3254 (منه قدس).
2- أخرجه سعيد بن منصور و ابن المنذر وهو الحديث 3694 في ج2 من الكنز (منه قدس).
3- أخرجه عبد الرزاق و عبد بن حميد و الخرائطى فى مكارم الاخلاق وهو الحديث 3693 من أحاديث الكنز في الجزء المتقدم ذكره. وأخرجه الحاكم أيضاً وصححه في باب النهي عن التجسس من كتاب الحدود صفحة 377 من الجزء الرابع من المستدرك أورده الذهبي في تلخيصه مصرحاً بصحته (منه قدس). الغدير للامينى ج 122/6، سنن البيهقى ج334/8، الاصابة ج 531/1، الدر المنثور ج 93/6، السيرة الحلبية ج 3/ 293، الفتوحات الاسلامية ج2 / 476.

وعن طاووس : ان عمر خرج ليلة فمر ببيت فين ناس يشربون فناداهم أفسقاً؟ أفسقاً؟ فقال بعضهم: قد نهاك اللّه عن هذا، فرجع عمر وتركهم. وعن أبي قلابة : ان عمر حدث ان أبا محجن الثقفي يشرب الخمر في

بيته هو وأصحابه فانطلق عمر حتى دخل عليه، فقال أبو محجن: يا أمير المؤمنين ان هذا لا يحل لك قد نهاك اللّه عن التجسس، أفسأل عمر زيد بن ثابت وعبد الرحمن بن الارقم فقالا : صدق يا أمير المؤمنين فخرج عمر وتركه!! (1).

قلت: من تتبع ماجاء من الاخبار حول تجسسه رأى من نشاطه في سياسته وعزائمه المبذولة في سبيلها ماهو مائل بأجلى المظاهر (2).

و كأنه التجسس مع النهى عنه كان يرى أن الحدود الشرعية تدراً بخطأ الحاكم في طريق اثباتها، ولذلك لم يقم على واحد من هؤلاء المجرمين حداً، بل لم يؤذ منهم أحداً، وماندري كيف رضي أن لايكون لتجسسه أثر، الا تمرد المجرمين في اجرامهم، بعد أن رأو هذا التسامح من أمامهم ؟!!.

تشريع حد لمهور النساء

المورد - (53) - تشريع حد لمهور النساء

يجب في المهر أن يكون مما يملكه المسلم، عيناً كان أم ديناً، أم منفعة،

ص: 348


1- هذا الحديث وحديث طاووس موجودان فى ج 141/2 من كنز العمال (منه قدس). مجمع البيان ج9 / 135.
2- الغدير للاميني ج 121/6، مجمع البيان ج 135/9.

وتقديره راجع الى الزوجين فيما يتراضيان عليه، كثيراً كان أم قليلا، مالم يخرج بسبب القلة عن المالية كحبة من طعام مثلا، نعم يستحب في جانب الكثرة أن لا يزيد على مهر السنة وهو خمسمائة درهم (1).

وكان عمر (رضیَ اللّهُ عنهُ) عزم على النهي عن الغلو في مهور النساء، تسهيلا لامر التناكح الذي به التناسل، و به صون الاحداث عن الحرام وأن من تزوج أحرز ثلثي دينه (2) فقام في بعض أيامه خطيباً في هذا المعنى، فكان مما قاله في خطابه لايبلغني ان امرأة تجاوز صداقها صداق زوجات رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الا أرجعت ذلك منها. فقامت اليه امرأة فقالت : واللّه ما جعل اللّه ذلك لك، انه يقول: «وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا» (3) فعدل عن حكمه قائلا : الا تعجبون من امام أخطأ وامرأة أصابت ؟! ناضلت امامكم فنضلته (4).

وفي رواية (5) انه قال : كل أحد أعلم من عمر، تسمعونني اقول مثل

ص: 349


1- الوسائل باب - 2 - من أبواب المهود ح 1، جواهر الكلام ج 3/31 و 14 و 15، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 161/8 ط بیروت.
2- مستدرك الوسائل ك النكاح باب - 1 - من أبواب مقدمات النهح ح2 و 3، الروضة البهية فى شرح اللمعة الدمشقية ج 86/5.
3- سورة النساء آية : 20.
4- رواه بهذه الالفاظ كثير من حفظة السنن وسدنة الاثار، وأرسله ابن أبی الحدید في أحوال عمر ص 96 من المجلد الثالث من شرح النهج - ارسال المسلمات (منه قدس). وراجع: الغدير للاميني ج 98/6، وشرح النهج الحديدى ج 61/1 و ج 3 / 96 ط 1.
5- ذكرها الزمخشري في تفسير : و آتيتم احداهن قنطاراً من سورة النساء في كشافه (منه قدس).

هذا القول فلا تنكرونه علي حتى ترد عليّ امرأة ليست أعلم من نسائكم ؟! (1).

وفي رواية اخرى (2) فقامت امرأة فقالت: يابن الخطاب اللّه يعطينا وأنت تمنع و تلت هذه الآية، فقال عمر : كل الناس أفقه من عمر و رجع عن حكمه (3).

قلت: استدلوا بهذه الواقعة وأمثالها على انصافه واعترافه، وكم له من قضايا مع الخاصة والعامة من رجال ونساء تمثل له الانصاف والاعتراف و كان اذا أعجبه القول أو الفعل يستفزه العجب، وربما ظهر عليه الطرب.

كما اتفق له مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد سئل عن أشياء كرهها، فيما أخرجه البخاري عن أبي موسى الأشعري اذ قال: سئل النبي عن أشياء كرهها لكونها

ص: 350


1- الغدير للاميني ج 977/6، الكشاف للزمخشرى ج357/1 وفي طبع آخر ج 514/1، شرح صحيح البخارى للقسطلانی ج57/8.
2- ذكرها الرازى فى تفسير الاية آخر ص 175 من الجزء الثالث من تفسيره الكبير، وله ثمة عثرة لليدين وللفم، اذ قال : وعندى ان الاية لادلالة فيها على جو المثالاة.. الى آخر كلامه الملتوى عن الفهم الذى أراد به تخطئه المرأة دفاعاً عن عمر وقد زاد في طينته بلة من حيث لايدرى، فليراجع الباحثون كلامه ليعجبوا من أسفافه، وفي ص 150 من تاريخ عمر بن الخطاب لابي الفرج ابن الجوزى حديث عن عبداللّه ابن مصعب و آخر عن ابن الأجدع يتضمنان خطاب عمر فى نهيه عن الغلو في مهود النساء ورد المرأة عليه بما ألزمه بالرجوع عما نهى عنه معترفاً بخطأه وصواب المرأة (منه قدس).
3- الغدير للاميني ج 98/6، تفسير القرطى ج 99/5، تفسير النيسابوري ج 1، تفسير الخازن ج 353/1، الفتوحات الاسلامية ج 477/2 وزاد فيه حتى النساء. وهناك روايات اخرى من أراد الاطلاع عليها مع مصادرها فاليراجعها في الغدير ج 95/6 وما بعدها.

مما لا يعنى العقلاء بها، ولا هي مما بعث الانبياء لبيانها، فلما أكثروا عليه غضب لتعنتهم في السؤال، وتكلمهم فيما لا حاجة لهم به، ثم قال للناس. سلوني، كأنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رآهم فشلوا أو خجلوا حيث أغضبوه فتبسط لهم بقوله: سلوني، رأفة بهم ورحمة فقال رجل هو عبد اللّه بن حذافة : من أبي يارسول اللّه؟ قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): أبوك حذافة، فقام آخر وهو سعد بن سالم فقال: من أبي يارسول اللّه؟. فقال : أبوك سالم مولى أبي شيبة. وكان سبب هذا السؤال منهما طعن الناس في نسبيهما، فلما رأى عمر ما في وجه رسول اللّه من الغضب قال: يارسول اللّه انا نتوب الى اللّه عز وجل مما يوجب غضبك اه_.

وسره من رسول اللّه الحاق عبداللّه بحذافة، والحاق سعد بسالم تصديقاً لاميهما في نسبيهما.

وفي صحيح البخاري أيضاً عن أنس بن مالك ان عبد اللّه بن حذافة سأل رسول اللّه فقال له : من أبي ؟. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): أبوك حذافة.

وفي صحيح مسلم : انه كان يدعى لغير أبيه، فلما سمعت أمه سؤاله هذا، قالت : ما سمعت بابن أعق منك أأمنت أن تكون أمك قارفت ما يقارف نساء الجاهلية فتفضحها على أعين الناس فبرك عندها عمر على ركبتيه أمام رسول اللّه فقال عجباً بتصديق النبي لام عبد اللّه ابن حذافة فى نسبه: رضينا باللّه رباً، وبالاسلام ديناً وبمحمد نبياً (1) قالها طرباً بستره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على كثير من الامهات المفارقات في الجاهلية وقد جب الاسلام ماقبله.

ص: 351


1- تجد هذا الحديث في باب من برك على ركبتيه عند الامام أو المحدث، وتجد قبله حديث أبي موسى في أواخر كتاب العلم صفحة 19 من الجزء الأول من صحيح البخارى (منه قدس). صحيح مسلم.

استبدال الحد الشرعى بامر آخر يختاره الحاكم

المورد - (54) - استبدال الحد الشرعى بامر آخر يختاره الحاكم

وذلك ان غلمة الحاطب بن بلتعة اشتركوا في سرقة ناقة لرجل من مرينة فجي بهم الى عمر فأقروا، فأمر عمر كثير بن الصلت ان يقطع أيديهم، فلما ولي بهم ردهم عمر اليه ثم استدعى ابن مولاهم وهو عبدالرحمن بن حاطب فقال له: أما واللّه لولا انكم تستعملونهم وتجيعونهم لقطعت أيديهم. وأيم اللّه اذ لم أفعل، لاغرمتك غرامة توجعك الى آخر ماكان من هذه الواقعة فلتراجع فى ص 32 والتي بعدها من الجزء الثالث من أعلام الموقعين. ونقلها عنه العلامة المعاصر أحمد أمين فى ص 287 من (فجر الاسلام). وأشار اليها ابن حجر العسقلاني في ترجمة عبد الرحمن بن حاطب، حيث أورده في القسم الثاني من الاصابة فقال: وله قضية مع عمر (1).

قلت: لعل ما فعله عمر من درء الحد عن هؤلاء الغلمة وجهاً، وذلك حيث لاتكون السرقة الا عن مخمصة اضطرتهم اليها بقياً على رمقهم ليكونوا ممن عناهم اللّه عز وجل بقوله : «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ» (2).

لكنهم أقروا بالسرقة فثبتت عليهم ولم يدعوا الضرورة الملجئة اليها، ولو فرض انهم ادعوها، لكان على الحاكم ان يطالبهم بما يثبتها، لكنا لم تر منه سوى أنه وسعهم باشفاقه مشتداً على ابن حاطب، وماندري من أين علم

ص: 352


1- وقريب من هذا ما وقع منه مع المغيرة بن شعبة وذلك لمازني المغيرة بام جميل قدرأ عنه الحد. راجع تفصيل القضية في كتاب الغدير ج137/6 – 144.
2- سورة البقرة آية : 173.

انهم كانوا يجيعونهم هذا الجوع ؟.

اخذ الدية حيث لم تشرع

المورد - (55) - اخذ الدية حيث لم تشرع :

وذلك ان أبا خراش الهذلي الصحابي الشاعر، أتاه نفر من أهل اليمن قدموا عليه حجاجاً، فأخذ قربته وسعى نحو الماء تحت الليل حتى استقى لهم ثم أقبل صادراً فنهشته حية قبل ان يصل اليهم، فأقبل مسرعاً حتى أعطاهم الماء وقال: اطبخوا شاتكم وكلوا ولم يعلمهم ما أصابه، فباتوا على شأنهم يأكلون حتى أصبحوا، وأصبح أبو خراش وهو في الموتى، فلم يبرحوا حتى دفنوه وقال وهو يموت في شعر له :

لقد أهلكت حية بطن واد***على الاخوان ساقاً ذات فضل

فما تركت عدواً بين بصری***الى صنعاء يطلبه بذحل

فبلغ خبره عمر بن الخطاب فغضب غضباً شديداً وقال : لولا ان تكون سنة لامرت ان لا يضاف يماني ابداً، ولكتبت بذلك الى الافاق. ثم كتب الى عامله باليمن ان يأخذ النفر الذين نزلوا على أبي خراش الهذلي فيلزمهم ديته ويؤذيهم بعد ذلك بعقوبة يمسهم بها جزاء لفعلهم !!؟ (1).

اقامة حد الزنى حيث لم يثبت مقتضيه

المورد - (56) - اقامة حد الزنى حيث لم يثبت مقتضيه

وذلك فيما اخرجه ابن سعد في أحوال عمر ص 205 من الجزء الثالث

ص: 353


1- هذه القضية أوردها ابن عبد البر في أحوال أبى خراش الهذلي من كتابه الاستيعاب وأورده الدميرى في حياة الحيوان بمادة حية (منه قدس).

من طبقاته (1) بسند معتبر، أن بريداً قدم على عمر فنثر كنانته، فبدرت صحيفة فأخذها فقرأها فاذا فيها :

ألا أبلغ أبا حفص رسولا***فدا لك من أخي ثقة ازاري

قلائصنا هداك اللّه انا***شغلنا عنكم زمن الحصار

فما قلص وجدن معقلات***قفا سلع بمختلف البحار

قلائص من بني سعد بن بكر***وأسلم أو جهينة أو غفار

يعقلهن جعدة من سليم***معيداً يبتغي سقط العذار

فقال: ادعوا لي جعدة من سلیم [قال] فدعوا به فجلده مائة معقولا ونهاه ان يدخل على امرأة مغيبة. انتهى بلفظ ابن سعد (2).

قلت: لا وجه لاقامة الحد هنا بمجرد هذه الابيات، اذ لم يعرف قائلها ولا مرسلها، على انها لا تتضمن سوى استعداء الخليفة على جعدة بدعوى انه تجاوز الحد فتيات من بني سعد ابن بكر، وسلم، وجهينة، وغفار، فكان يعبث بهن فيعقلهن كما تعقل القلص، يبتغي بذلك سقط عذار من، أي سقط الحياء والحشمة، هذا كل مافي الابيات مما نسب الى جعدة. وهو لوثبت شرعاً لا يوجب بمجرده اقامة الحد، نعم يوجب تربيته وتعزيره ولعل ما فعله الخليفة انما كان من هذا الباب وشتان ما كان منه هنا، وما كان منه مع المغيرة بن شعبة مما ستسمعه قريباً ان شاء اللّه.

درؤه الحد عن المغيرة بن شعبة

المورد - (17) - درؤه الحد عن المغيرة بن شعبة :

وذلك حيث فعل المغيرة (مع الاحصان) مافعل مع ام جميل بنت عمرو

ص: 354


1- وأخرجه ابن عساكر في تاريخه، وذكر جلده ونفيه الى عمان (منه قدس).
2- الطبقات الكبرى ج 2 / 285 ط دار صادر.

امرأة من قيس في قضية هي من أشهر الوقائع التاريخية في العرب، كانت سنة 17 للّهجرة لا يخلو منها كتاب يشتمل على حوادث تلك السنة، وقد شهد هليه بذلك كل من أبي بكرة - وهو معدود فى فضلاء الصحابة وحملة الاثار النبوية - ونافع بن الحارث - وهو صحابي أيضاً - وشبل بن معبد، وكانت شهادة هؤلاء الثلاثة صريحة فصيحة بأنهم رأوه يولجه فيها ايلاج الميل في المكحلة لا يكنون ولا يحتشمون، ولما جاء الرابع - وهو زياد بن سمية. ليشهد، أفهمه الخليفة رغبته في ان لايخزي المغيرة، ثم سأله عما رآه فقال : رأيت مجلساً وسمعت نفساً حثيثاً وانتهازاً، ورأيته مستبطنها فقال عمر: أرأيته يدخله ويخرجه كالميل فى المكحلة ؟ فقال لا لكن رأيته رافعاً رجليها فرأيت خصيتيه تتردد الى ما بين فخذيها، ورأيت حفزاً شديداً، وسمعت نفساً عالياً فقال عمر: رأيته يدخله ويخرجه كالميل فى المكحلة ؟. فقال : لا. فقال عمر: اللّه أكبر قم يامغيرة اليهم فاضر بهم. فقام يقيم الحدود على الثلاثة.

واليكم تفصيل هذه الواقعة بلفظ القاضي أحمد الشهير بابن خلكان في كتابه - وفيات الاعيان - اذ قال ما هذا لفظه : وأما حديث المغيرة بن شعبة والشهادة عليه، فان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه كان قد رتب المغيرة أميراً على البصرة، وكان يخرج من دار الامارة نصف النهار، وكان أبو بكرة يلقاه فيقول : أين يذهب الامير ؟. فيقول : في حاجة. فيقول : ان الامير يزار ولا يزور.

[قال] : وكان يذهب الى امرأة يقال لها أم جميل بنت عمرو وزوجها الحجاج بن عتيك بن الحارث بن وهب الجشمي، ثم ذكر نسبها، ثم روى عن أبا بكرة بينما هو في غرفته مع اخوته، وهم نافع وزياد، وشبل بن معبد أولاد سمية فهم اخوة لام، وكانت أم جميل المذكورة في غرفة اخرى قبالة هذه الغرفة فضرب الريح

ص: 355

باب غرفة أم جميل ففتحه ونظر القوم فاذا هم بالمغيرة مع المرأة على هيئة الجماع، فقال أبو بكرة : بلية قد ابتليتم بها فانظروا فنظروا حتى أثبتوا فنزل أبو بكرة فجلس حتى خرج عليه المغيرة فقال له ان كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا.

(قال) وذهب المغيرة ليصلي بالناس الظهر ومضى أبو بكرة. فقال أبو بكرة لا و اللّه لاتصل بنا وقد فعلت ما فعلت. فقال الناس : دعوه فليصل فانه الامير واكتبوا بذلك الى عمر رضي اللّه عنه، فكتبوا اليه فأمرهم ان يقدموا عليه جميعاً، المغيرة والشهود، فلما قدموا عليه جلس عمر رضي اللّه عنه، فدعا بالشهود والمغيرة، فتقدم أبو بكرة فقال له: رأيته بين فخذيها ؟ قال : نعم واللّه لكأني انظر الى تشريم جدري بفخذيها، فقال له المغيرة ألطف النظر ؟ فقال أبو بكرة: لم آل ان اثبت ما يخزيك اللّه به. فقال عمر رضي اللّه عنه : لا واللّه حتى تشهد لقدر أيته يلج فيه ايلاج المرود في المكحلة. فقال : نعم أشهد على ذلك.فقال: اذهب مغيرة ذهب ربعك.

ثم دعا دعا نافعاً فقال له : على تشهد ؟ قال على مثل ما شهد أبو بكرة. قال: لاحتى تشهد انه واج فيها ولوج الميل في المكحلة. قال : نعم حتى بلغ قذذة فقال له عمر رضي اللّه عنه : اذهب مغيرة قد ذهب نصفك.

ثم دعا الثالث فقال له : على من تشهد ؟ فقال : على مثل شهادة صاحبي فقال له عمر اذهب مغيرة فقد ذهب ثلاثة أرباعك. ثم كتب الى زياد وكان غائباً وقدم فلما رآه جلس له في المسجد واجتمع عنده رؤس المهاجرين والانصار فلما راه مقبلا قال : الي أرى رجلا لا يخزي اللّه على لسانه رجلا من المهاجرين، ثم ان عمر رضي اللّه عنه رفع رأسه اليه فقال ما عندك يا سلح الحبارى ؟ فقيل ان المغيرة قام الى زياد. فقال : لامخبأ لعطر بعد عروس.

ص: 356

فقال له المغيرة : يازياد اذكر اللّه تعالى واذكر موقف يوم القيامة فان اللّه تعالى وكتابه ورسوله وامير المؤمنين قد حقنوا دمي الا ان تتجاوز الى ما لم تر مما رأيت فلا يحملنك سوء منظر رأيته على أن تتجاوز الى ما لم تر فواللّه لو كنت بين بطني وبطنها ما رأيت أن يسلك ذكري فيها. قال: فدمعت عينا زياد واحمر وجهه وقال : يا أمير المؤمنين أما ان أحق ما حقق القوم فليس عندي، ولكن رأيت مجلسا وسمعت نفساً حيثياً وانتهازاً ورأيته مستبطنها.

فقال له عمر (رضي اللّه عنه): رأيته يدخله ويولجه كالميل في المكحلة فقال: لا. وقيل قال :زياد: رأيته رافعاً رجليها فرأيت خصیتیه تردد ما بين فخذيها ورأيت حفزاً شديداً وسمعت نفساً عالياً. فقال عمر (رضي اللّه عنه). رأيته يدخله ويولجه كالميل في المكحلة : فقال لا، فقال عمر: اللّه اكبر قم يا مغيرة اليهم فاضر بهم فقال الى أبي بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين، وأعجبه قول زياد ودراً الحد عن المغيرة.

فقال ابو بكرة بعد أن ضرب أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا. فهم عمر ان يضر به حداً ثانياً، فقال له على بن ابى طالب : ان ضربته فارجم صاحبك فتر كه واستناب عمر أبا بكرة فقال: انما تستنبني لتقبل شهادتي. فقال : أجل. فقال : لا أشهد بين اثنين ما بقيت في الدنيا، فلما ضربوا الحد قال المغيرة : اللّه أكبر الحمد للّه الذي أخزاكم. فقال عمر رضي اللّه عنه : اخزى اللّه مكاناً رأوك فيه.

(قال) وذكر عمر بن شيبة في كتاب أخبار البصرة ان أبا بكرة لما جلد أمرت أمه بشاة فذبحت وجعل جلدها على ظهره فكان يقال ما كان ذاك الا من ضرب شدید

(قال) وحكى عبد الرحمن بن ابى بكرة : ان أباه حلف لا يكلم زياداً ما

ص: 357

عاش، فلما مات أبو بكرة كان قد أوصى ان لايصلى عليه الا أبو برزة الاسلمي وكان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) آخى بينهما، وبلغ ذلك زياداً فخرج الى الكوفة، وحفظ المغيرة بن شعبة ذلك لزياد وشكره. ثم ان ام جميل وافت عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه بالموسم والمغيرة هناك، فقال له عمر : أتعرف هذه المرأة يا مغيرة ؟ فقال : نعم هذه أم كلثوم بنت على. فقال عمر : أتتجاهل علي واللّه ما أظن أبا بكرة كذب فيما شهد عليك، وما رأيتك الا خفت أن أرمي بحجارة من السماء.

(قال) ذكر الشيخ أبو اسحاق الشيرازي في أول باب عدد الشهود في كتابه المهذب : وشهد على المغيرة ثلاثة أبو بكرة، ونافع، وشبل بن معبد.

(قال) وقال :زیاد رأيت استاً تنبو ونفساً يعلو ورجلين كأنهما اذنا حمار ولا أدري ما وراء ذلك فجلد عمر الثلاثة ولم يحد المغيرة.

(قال) قلت : وقد تكلم الفقهاء على قول علي رضي اللّه عنه لعمر : ان ضربته فارجم صاحبك. فقال أبو نصر بن الصباغ : يريد ان هذا القول ان كان شهادة اخرى فقد تم العدد، وان كان هو الاولى فقد جلدته عليه واللّه أعلم. انتهت هذه المأساة ومما اليها بلفظ القاضي ابن خلكان عيناً فراجعه في ترجمة يزيد بن زياد الحميري من الجزء الثاني من وفيات الاعيان المنتشرة (1).

وأخرج الحاكم هذه القضية في ترجمة المغيرة ص 449 والتي بعدها من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك، وأوردها الذهبي في تلخيص المستدرك أيضاً، وأشار اليها مترجمو كل من المغيرة، وأبي بكرة، ونافع، وشبل بن

ص: 358


1- وفيات الاعيان ج455/2.

معبد، ومن أرخ حوادث سنة 17 للّهجرة من أهل الاخبار (1).

تشدده على جبلة بن الايهم

المورد - (58) - تشدده على جبلة بن الايهم

وذلك انه وفد عليه في خمسمائة من فرسان عك وجفنة، تخب بهم مطهماتهم العربية، وعليهم الوشي المنسوج بالذهب والفضة، وفي - مقدمتهم جبلة وعلى رأسه تاجه وفيه قرط جدته مارية فاسلموا جميعاً، وفرح المسلمون بهم وبمن وراءهم من أتباعهم فرحاً شديداً، وحضر جبلة بأصحابه الموسم من عامهم ذاك مع الخليفة، فبينا جبلة يطوف بالبيت اذ وطأ ازاره رجل من فزارة فحله فلطمه جبلة، فاستعدى الفزاري عمر فأمر عمر جبلة أن يقيده من نفسه أو يرضيه، وضيق عليه في ذلك حتى بلغ اليأس، فلما جنه الليل خرج بأصحابه فأتوا القسططينية فتنصروا جميعاً مرغمين، وقد نالهم ثمة من الخطوة بهرقل ومن العز والابهة فوق ما يتمنون (2) وكان جبلة مع هذا كله يبكي أسفاً

على مافاته من دين الاسلام. وهو القائل :

ص: 359


1- الاغاني لأبي الفرج الأصبهاني ج146/14، الغدير للاميني ج137/6ح 144 و 274، فتوح البلدان للبلاذرى ص 352، تاريخ الطبری ج 207/4، الكامل لابن الاثير ج 2 / 378، البداية والنهاية لابن كثير ج 81/7، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 161/3 ط 1 وج 12 / 231 - 239 ط بتحقيق أبو الفضل، عمدة القارى 231/12 ج 240/6، سنن البيهقى ج235/8.
2- كما فصله ابن عبد ربه الاندلسى حيث ذكر وفود جبلة على عمر في كتابه - الجمانة - في الوفود صفحة 187 من الجزء الأول من عقده الفريد. وتجد أيضاً في صفحة 62 من الجزء الأول من كتاب الدروس العربية للمدارس الثانوية المطبوع في مطبعة الكشاف ببيروت نقلا عن الاغانى لابى الفرج الأصفهاني (منه قدس). وكذلك تغريبه : ربيعة بن أمية بن خلف الى خيبر ثم دخل أرض الروم وارند. راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج 282/3.

تنصرت الاشراف من أجل لطمة***وما كان فيها لو صبرت لها ضرر

تكنفني منها لجاج ونخوة***وبعت لها العين الصحيحة بالعور

فياليت أمي لم تلدني وليتني***رجعت الى القوم الذي قال لي عمر

ويا ليتني ارعى المخاض بقفرة***وكنت أسيراً في ربيعة أو مضر

قلت : ليت الخليفة لم يحرج هذا الامير العربي وقومه ولو ببذل كل ما لديه من الوسائل الى رضا الفزاري من حيث لا يدري ذلك الأمير أو من حيث يدري، وهيهات أن يفعل عمر ذلك.

انه أراد أن يقود جبلة في أول بادرة تبدر منه ببرة (1) الصغار، فيجدع أنف عزه، وهذه سيرته مع كل عزيزي الجانب منيعي الحوزة كما يعلمه متتبعو سيرته من أولي الالباب.

وقد مر عليك تشدده على خالد وهو من أخواله.

وشتان بین يوميه، يومه مع صاحبه المغيرة اذ درأ عنه حد الزنى محصناً

كما سمعته آنفاً، ويومه مع خالد اذ أصر على رجمه ولولا أبو بكر الرج- كما سمعته أيضاً، فان قوة شكيمة خالد واعتداده بنفسه أوجبا شدة وطأة عمر عليه، كما ان شمم جبلة وعزة نفسه أوجبا ذلك عليه أيضاً، بخلاف المغيرة فانه كان - مع دهائه ومكره وحيله - أطوع لعمر من ظله، وأذل من نعله، ولذلك استبقاه مع فجوره.

وكانت سياسته تقتضي ارهاب الرعية بالتشدد على من كان عزيزاً كجبلة وخالد، و ربما أرهبهم بالوقيعة بذوي رحمه كما فعله بابنه أبي شحمة وبأم فروة أخت أبي بكر وبمن لافائدة له به ممن لافائدة له به ممن لا يكون في عير السياسة ولا في نفیرها، كما فعله بجعدة السلمي، وضبيع التميمي، ونصر بن حجاج، وابن

ص: 360


1- البرة حلقة من صفر أو نحوه توضع في أنف الجمل الشرود، فيربط بها حبل يقاد به ذلك الجمل (منه قدس).

عمه أبي ذؤيب، وأبي هريرة المسكين وأمثالهم (1).

وقد اعتصم بتقشفه في مأكله ومشربه ومسكنه ومركبه، وأخذه بالصبر عن الشهوات، والكف عن الملذات، والاكتفاء بالبلغة وأسباغه عطاياه على الامة من الغنائم، لايؤثر نفسه وأهله بشيء منها، ووفره على بيست المال. وأخذه بالحزم في محاسبة العمال. ومقاسمتهم الى كثير من أمثال هذه الامور التي ساقت الامة بعصاه. وأخرست الالسن وألجمت الافواه. لم يسلم منه أحد من عماله سوى معاوية على ما بينهما من تباين المشرب والسيرة. فانه لم يحاسبه في شيء ولا عاقبه في أمر. بل تركه يسرح ويمرح على غلوائه اذ قال له : لا آمرك ولا أنهاك. ومن عرف عمر علم انه لامر ما آثر معاوية هذا الايثار (2).

تشدده على ابى هريرة

المورد - (59) - تشدده على ابى هريرة

وذلك إن عمر بعثه والياً على البحرين سنة احدى وعشرين، فلما كانت سنة ثلاث وعشرين عزله وولى عثمان بن أبي العاص الثقفي، ولم يكتف بعزله استنقذ منه لبيت المال عشرة آلاف زعم انه سرقها من مال اللّه في قضية

حتى مستفيضة، وحسبك منها ما ذكره ابن عبد ربه المالكي (فيما يأخذ به السلطان من الحزم والعزم من أوائل الجزء الاول من عقده الفريد) اذ قال - وقد ذكر عمر - ثم دعا أبا هريرة فقال له : علمت اني استعملتك على البحرين و أنت بلا نعلين ؟.

ثم بلغني انك ابتعت افراساً بألف دينار وستمائة دينار !!. قال : كانت لنا

ص: 361


1- الغدير ج 316/6، راجع ما تقدم تحت رقم (434) والطبقات الكبرى لابن سعد ج 285/3.
2- شيخ المضيرة أبو هريرة ص 86.

أفراس تناتجت وعطايا تلاحقت قال: حسبت لك رزقك ومؤنتك وهذا فضل فاده قال : ليس لك ذلك. قال : بلى واللّه وأوجع ظهرك، ثم قام اليه بالدرة فضر به حتى أدماه، ثم قال : انت بها. قال : احتسبها عند اللّه. قال : ذلك لو أخذتها من حلال وأديتها طائعاً، أجئت من أقصى حجر البحرين يجبى الناس لك لا اللّه ولا للمسلمين ؟ مارجّعت (1) بك أميمة الا لرعية الحمر.

قال ابن عبد ربه : وفي حديث أبي هريرة : لما عزلني عمر عن البحرين قال لي : ياعدو اللّه وعدو كتابه !! سرقت مال اللّه ؟. قال فقلت : ما أنا عدو اللّه وعدو كتابه، ولكني عدو من عاداك وما سرقت مال اللّه، قال: فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف.؟ قال فقلت خيل تناتجت وعطايا تلاحقت وسهام تتابعت. قال : فقبضها مني فلما صليت الصبح استغفرت لامير المؤمنين !! (الحديث).

وقد أورده ابن أبي الحديد اذ ألم بشيء من سيرة عمر في المجلد الثالث من شرح النهج (2) وأخرجه ابن سعد في ترجمة أبي هريرة من طبقاته الكبرى (3) من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال لي عمر: ياعدو اللّه وعدو كتابه أسرقت مال اللّه ؟ الى آخر الحديث.

و أورده ابن حجر العسقلاني في ترجمة أبي هريرة من اصابته فحوره عطفاً على أبي هريرة تحويراً خالف فيه الحقيقة الثابتة باتفاق أهل العلم، وذهل

ص: 362


1- الرجع والرجيع العذرة والروث سميا رجعياً لانهما رجعا من حالتهما الأولى بعد ان كانا طعاماً وعلفاً، وأميمة أم أبي هريرة، وكلمة الخليفة هذه من أفظع كلمات الشتم (منه قدس).
2- ص 104 طبع مصر (منه قدس).
3- ص 90 من قسمها الثاني من جزئها الرابع (منه قدس).

عما يستلزمه ذلك التحوير من الطعن بمن ضرب ظهره فأدماه وأخذ ماله وعزله (1).

تشدده علی سعد بن ابی وقاص بتحريق قصره عليه

المورد - (60) - تشدده علی سعد بن ابی وقاص بتحريق قصره عليه.

وذلك انه استعمله على الكوفة فبلغه انه يحتجب في قصره عن الرعية، فدعا محمد بن مسلمة فقال له : اذهب الى سعد بالكوفة فحرق عليه قصره، ولا تحدثن حدثاً حتى تأتيني. فذهب محمد الى الكوفة فأضرم النار في القصر يفاجيء بذلك سعداً، فخرج سعد وهو يقول : ما هذا ؟ فقال له محمد : هذا حزم أمير المؤمنين، فتركه حتى أحرق ثم انصرف الى المدينة (الحديث) (2).

تشدده على خالد بن الوليد

المورد - (61) - تشدده على خالد بن الوليد.

وذلك اذ انتجعه (وهو على قنسرين من قبل عمر) الاشعث بن قيس فأجازه بعشرة آلاف، فسمع بذلك عمر بن الخطاب، وكان لا يخفى عليه شيء مسن عمله، فدعا عمر البريد، فكتب معه الى أبي عبيدة - عامله على حمص-: أن أقم خالداً على رجل واحدة معقول الاخرى بعمامته وانزع قلنسوته على رؤس الاشهاد، من موظفي الدولة، ووجوه الشعب، حتى يعلمك من أين

ص: 363


1- تاريخ الذهبي ج 2/ 338، سير أعلام النبلاء للذهبي ج 444/2، الغدير للامينى 271/6، شيخ المضيرة أبو هريرة لابي رية ص 79، فتوح البلدان للبلاذری ص 82 ط أوربا.
2- الكامل فى التاريخ ج 2 / 369، فتوح البلدان للبلاذرى ص 286، الغدير ج 271/1.

أجاز الاشعث أمن ماله، فهو الاسراف، واللّه لا يحب المسرفين، أم من مال الامة ؟ فهي الخيانة، واللّه لا يحب الخائنين، واعزله على كل حال، واضمم اليك عمله، فكتب أبو عبيدة الى خالد فقدم عليه ثم جمع الناس، وجلس لهم على المنبر في المسجد الجامع، فقام البريد فسأل خالداً من أين أجاز الاشعث ؟ فلم يجبه، وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئاً، فقام بلال الحبشي فقال ان أمير المؤمنين أمر فيك بكذا وكذا ونزع عمامته، ووضع قلنسوته، ثم أقامه فعقله بعمامته، وقال : من أين أجزت الاشعث ؟ أمن مالك ؟ أم من مال الامة؟ فقال من مالي. فأطلقه وأعاد قلنسوته، ثم عممه بيده وهو يقول: نسمع لولاتنا. ونفخم ونخدم موالينا، و أقام خالد متحيراً لايدري أمعزول أم غير معزول، اذ لم يعلمه أبو عبيدة بعزله تكرمة وتفخمة له، فلما تأخر قدومه على عمر ظن الذي كان فكتب الى خالد انك معزول فتنح، ثم لم يوله بعد ذلك عملا حتى مضى لسبيله (1).

وقد ذكر العقاد هذه القضية كما في ص 245 من أصل الكتاب الى آخر المورد.

نفيه لضبيع التمیمی و ضربه اياه

المورد - (62) - : نفيه لضبيع التمیمی و ضربه اياه :

وذلك ان رجلا جاء اليه فقال : ان ضبيعاً التميمي لقينا فجعل يسألنا يا أمير المؤمنين عن تفسير آيات من القرآن. فقال لي اللّهم أمكني منه فبينا هو يوماً جالس يغدي الناس اذ جاءه ضبيع وعليه ثياب وعمامة، فتقدم فأكل مع

ص: 364


1- الكامل في التاريخ ج 2/ 375، الغدير ج 274/6، الحلبية ج220/3، البداية والنهاية ج115/7.

الناس حتى اذا فرغ قال : يا أمير المؤمنين ما معنى قوله تعالى : «وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا». فقال له ويحك : أنت هو ؟. فقام اليه فحسر عن ذراعيه فلم يزل بجلده حتى سقطت عمامته فاذا له ضفيرتان، فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقاً ضربت رأسك.

ثم أمر به فحبس في بيت ثم كان يخرجه كل يوم فيضر به مائة !!فاذا برى أخرجه فضربه مائة أخرى !!! ثم حمله على قتب وسيره الى البصرة، فكتب الى عامله أبي موسى يأمره أن يحرم على الناس مجالسته وأن يقوم في الناس خطيباً يقول لهم: ان ضبيعاً قد ابتغى العلم فأخطأه. فلم يزل بعدها ضبيع عند الناس وفي قومه حتى هلك، وقد كان من قبل سيد قومه (1).

نفيه نصر بن حجاج

المورد - (63) - نفيه نصر بن حجاج

وذلك فيما رواه عبداللّه بن بريد اذ قال (2) بينا عمر يعس ذات ليلة انتهى الى باب مجاف وامرأة تغني نسوة :

هل من سبيل الى خمر فأشربها***أم هل سبيل الى نصر بن حجاج

فقال عمر : أما، ماعاشت فلا. فلما أصبح دعا نصر بن حجاج - و هو نصر بن حجاج بن علابط البهزي السلمي - فأبصره وهو من أحسن الناس وجهاً وأصبحهم وأملحهم حسناً فأمر أن يطم شعره فخرجت جبهته فازدادت حسناً فقال له عمر اذهب فاعتم. فاعتم فبدت وفرته فأمره بحلقها فازداد حسناً.

ص: 365


1- أخرجها أهل الاخبار مسندة وأرسلها المتتبع ابن أبي الحديد في أحوال عمر ص 122 من المجلد الثالث من شرح النهج طبع مصر (منه قدس). وج 102/12 ط مصر بتحقيق أبو الفضل.
2- كما في ص 99 من المجلد الثالث من شرح نهج البلاغة (منه قدس).

فقال له : فتنت نساء المدينة يا ابن حجاج لاتجاورني في بلدة أنا مقيم بها. ثم سيره الى البصرة فأقام بها أياماً، ثم كتب لعمر كتاباً فيه هذه الابيات :

لعمري لئن سيترتني أو حرمتني***لما نلت من عرضي عليك حرام

أئن غنّت الدنفاء يوماً بمنية***و بعض أماني النساء غرام

ظننت بي الظن الذي ليس بعده***بقاء فمالي في الندي كلام

وأصبحت منفياً على غير ريبة***و قد كان لي بالمكتين مقام

فيمنعني مما تظن تكرّمي***و آباء صدق سالفون کرام

ويمنعها مما تغنت صلاتها***وحال لها في دينها وصيام

فهاتان حالانا فهل أنت راجع***فقد جب مني كاهل وسنام

فقال عمر : أما ولي ولاية فلا. فلما قتل عمر ركب نصر راحلته ولحق بأهله في المدينة (1).

تجاوزه الحد الشرعى فى الغلظة على ولده

المورد - (64) - تجاوزه الحد الشرعى فى الغلظة على ولده :

وذلك أن ولده عبد الرحمن المكنى أبا شحمة شرب الخمر في مصر أيام ولاية عمرو بن العاص عليها فأمر به الوالي ابن العاص فحلق رأسه وجلد الحد الشرعي بمحضر من أخيه عبد اللّه بن عمر، فلما بلغ عمر ذلك كتب الى ابن العاص أن يبعث به اليه في عباءة على قتب بغير وطاء و شدد عليه في ذلك، وأغلظ له القول، فارسله اليه على الحال التي أمر بها أبوه.

وكتب الى عمر أني أقمت الحد عليه بحلق رأسه وجلده في صحن الدار، وحلف باللّه الذي لا يحلف بأعظم منه أنه الموضع الذي تقام فيه الحدود على

ص: 366


1- الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 / 285.

المسلمين والذميين، وبعث بالكتاب مع عبد اللّه بن عمر، فقدم عبد اللّه بن عمر بالكتاب وبأخيه عبد الرحمن على أبيهما وهو في عباءة لا يستطيع المشي المرضه واعبائه ومما فيه من عقر القتب، فشدد أبوه عليه وقال: ياعبد الرحمن فعلت وفعلت !!. ثم صاح : السياط السياط. فكلمه عبد الرحمن بن عوف وقال : ياأمير المؤمنين قد أقيم عليه الحد، وشهد بذلك أخوه عبد اللّه. فلم يلتفت اليه وزبره فأخذته السياط، وجعل يصيح: أنا مريض وأنت واللّه قاتلي. فلم يرق له وتصام عن صياحه حتى استوفى الحد وحبسه بعده شهراً فمات (1).

ومحل الشاهد هنا ان ابن العاص ان كان مأموناً على حدود اللّه وثقة في نفس عمر فقد أخبره باقامة الحد على ولده أبي شحمة بحضور أخيه عبد اللّه، وكان عبد اللّه من أوثق آل الخطاب في نفس أبيه، واذا فلاوجه لاقامة الحد

ص: 367


1- هذه الواقعة من الوقائع المشهورة ذكرها أهل الاخبار في أحوال عمر وخصائصه فلتراجع فى ص 123 وما بعدها من المجلد الثالث من شرح النهج الحميدى طبع مصر. وتجد في ص 127 من المجلد نفسه عن بعض أولياء عمر: أنه ضرب ابناً له على الشراب فمات من ضر به. وكل من ذكر أبا شحمة ذكر ذلك حتى أن ابن عبدالبر أورد هذه القضية بنحو من التنسيق والتنميق في ترجمة عبد الرحمن الاكبر بن عمر هو أخو أبي شحمة الذى هو عبد الرحمن الأوسط، ولهما أخ ثالث يدعى عبدالرحمن الاصغر كما نقلها ابن عبدالبر. وقال الدميري في مادة ديك من حياة الحيوان : وكان عمر قد حد ابنه عبداللّه على الشراب فقال له وهو يحده قتلتني يا أبتاه. (قال) : والذي في كتب السير ان المحدود في الشراب ابنه الاوسط أبو شحمة أه-. وعقد ابن الجوزي باباً مختصاً بضرب عمر لولده على شرب الخمر، وهو الباب 77 من تاريخ عمر (منه قدس). الغدير للاميني ج 316/6، سنن الكبرى للبيهقى ج 312/8، العقد الفريد ج 370/3، تاریخ بغداد للخطيب ج 405/5، سيرة عمر لابن الجوزي ص170 وفى طبع آخر ص 207، الرياض النضرة ج 32/2 ط 1، ارشاد السارى ج 439/9، الاستيعاب بهامش الاصابة ج394/2.

عليه مرة أخرى، وان كان ابن العاص غير مأمون على حدود ولا صادق فيما يخبر به حتى لو حلف الايمان المغلظة كما فعل فكيف يوليه مصر فيسلطه على أحكام اللّه وحدوده ؟ ودماء عباده ؟ وأعراضهم وأموالهم ؟!!.

على أن المريض لا يحد قبل شفائه والمحدود لا يحبس بعد اقامة الحد عليه ولاسيما اذا كان مريضاً أو أضره الحبس، لكن عمر مولع بايثار رأيه في المصلحة على النصوص.

قطعه شجر الحديبية

المورد - (65) - قطعه شجر الحديبية :

شجرة الحديبية هذه بويع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بيعة الرضوان تحتها، فكان من عواقب تلك البيعة ان فتح اللّه لعبده ورسوله فتحاً مبيناً، ونصره نصراً عزيزاً، وكان بعض المسلمين يصلون تحتها تبركاً بها، وشكراً اللّه تعالى على ما بلغهم من أمانيهم في تلك البيعة المباركة.

فبلغ عمر ما كان من صلاتهم تحتها فأمر بقطعها وقال (1): ألا لا أوتى منذ اليوم بأحد عاد الى الصلاة عندها الا قتلته بالسيف كما يقتل المرتد. اه_ (2).

سبحان اللّه وبحمدة واللّه أكبر !!! يأمره بالامس رسول اللّه بقتل ذي الخويصره وهو رأس المارقة فيمتنع عن قتله احتراماً لصلاته (3) ثم يستل

ص: 368


1- كما فى السطر الاخير من ص 59 من المجلد الأول من شرح النهج الحميدى (منه قدس).
2- الغدير للامينى ج 146/6، شرح النهج الحديدى ج122/3، سيرة عمر لابن الجوزى ص 107، الطبقات الكبرى لابن سعد، السيرة الحلبية ج29/3، فتح الباري ج 7 / 361 وقد صححه، ارشاد السارى ج 337/6، شرح المواهب للزرقاني ج 207/2، الدر المنثور ج 73/6، عمدة القارى ج284/8 وقال : اسناد صحيح.
3- كما تقدم تحت رقم (131) فراجعه مع مصادره.

اليوم سيفه لقتل من يصلي من أهل الايمان تحت الشجرة شجرة الرضوان؟؟!!

وي، وي ما الذي أرخص له دماء المصلين من المخلصين اللّه تعالى في ؟؟ ان هذه البذرة أجذرت وآتت أكلها في نجد (حيث يطلع قرن صلواتهم الشيطان) (1).

وكم لفاروق الامة من أمثال هذه البذرة كقوله للحجر الاسود : «انك الحجر لا تنفع ولا تضر، ولولا اني رأيت رسول اللّه يقبلك ما قبلتك.....» (2).

ولقد كانت هذه الكلمة منه كأصل من الأصول العملية بني عليها بعض الجاهلين تحريم التقبيل للقرآن الحكيم، والتعظيم لضريح النبي الكريم ولسائر الضرائح المقدسة، ففاتهم العمل بكثير من مصاديق قوله تعالى : «ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ذَٰلِكَ * وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ» (3). ولم يكونوا في شغفهم بحب اللّه عز وجل على حد قول القائل :

وما حب الديار شغفن قلبي***ولكن حب من سكن الديارا

ص: 369


1- صحيح البخارى ك الجهاد والسير باب ماجاء في بيوت أزواج النبيج 46/4ط استانبول و ج 10/4 ط مطابع الشعب.
2- أخبار مكة للازرقى ج 23/1 و 329 و 330 ط دار الاندلس، الغدير ج 103/6، المستدرك للحاكم ج 457/1، سيرة عمر لابن الجوزي ص 106، ارشاد السارى ج 195/3، عمدة القارى ج 4 / 606، شرح النهج الحديدي ج122/3 ط 1 وج 100/12 ط مصر بتحقيق أبو الفضل، الفتوحات الاسلامية ج 486/3، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 40/3 ح1073 ط بیروت.
3- الايتان في سورة الحج (منه قدس).

يوم شكته أم هانى الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

المورد - (66) - يوم شكته أم هانى الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) :

أخرج الطبراني في الكبير عن عبد الرحمن بن أبي رافع عن أم هاني بنت أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) انها قالت: يارسول اللّه ان عمر بن الخطاب لقيني فقال لي : ان محمداً لا يغني عنك شيئاً. فغضب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقام خطيباً فقال : ما بال أقوام يزعمون ان شفاعتي لاتنال أهل بيتي، وان شفاعتي لتنال حاء وحكم (1).

وغضب (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مقام آخر اذ توفي لعمته صفية ولد فعزاها (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، فلما خرجت لقيها رجل (2) فقال لها : ان قرابة محمد لن تغني عنك شيئاً. فيكت حتى سمع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صوتها ففزع من ذلك، فخرج اليها فسألها فأخبرته فغضب فقال : يابلال هجر بالصلاة، ثم قام فحمد اللّه وأثنى عليه وقال: مابال أقوام يزعمون ان قرابتي لا تنفع، ان كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي، وان رحمي موصولة في الدنيا والآخرة (3).

ص: 370


1- قبيلتان في اليمن بعيدتا النسب من قريش (منه قدس). ينابيع المودة للقندوزی ص 267 ط اسلامبول.
2- هو عمر بن الخطاب بلاريب (منه قدس).
3- أخرجه المحب الطبرى فى ذخائر العقبى بالاسناد الی ابن عباس ((منه قدس). مجمع الزوائد ج 216/8 وصرح بأن القائل هو عمر بن الخطاب، المعرفة والتاريخ 499/2، ينابيع المودة ص 267 ط اسلامبول. وقريب منه في : فرائد السمطين ج 2 / 288 ح548 و 549، المسند لاحمد ج 18/3 و 39 629 طا، تفسیر ابن کثیر ج34/7، احقاق ج 514/9، شرح نهج البلاغة ج2187/2 القول الفصل للحداد ج 2 /16. قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي»، عن عمر بن الخطاب : راجع : مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 108 ح 150 و 151 و 152 و 153، تاريخ بغداد للخطيب ج 182/6، سنن البيهقى ج 63/7 و 64، حلية الأولياء ج 314/7، شرح النهج لابن أبى الحديد ج 124/3، تذكرة الحفاظ ج17/3 اوفى ط 910، مجمع الزوائد ج 271/4 وج 173/9، الطبقات الكبرى لابن سعد ج8/ 463ط بيروت، ينابيع المودة ص267 ط اسلامبول. وعن ابن عباس : تاریخ بغداد للخطيب ج 271/10، مجمع الزوائدج 9 / 173 وج 216/8، الجامع الصغير ص 236، كفاية الطالب ص 380ط الحيدرية ينابيع المودة ص 267 ط اسلام.

یوم النجوى

المورد - (67) - يوم النجوى :

وقد فات الخير يومئذ جميع الناس حاشا علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فانه الفائز بخيرها لايشاركه فيه فاروق ولا صديق ولاغيرهما من سائر البشر. واليك آيتها فتدبرها ولاتكن ممن عناهم اللّه بقوله تعالى: أم على قلوب أقفالها. والاية في سورة المجادلة وهي قوله عز وجل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ» قلم يعمل بها سوى علي باجماع هذه الأمة، كما تراه في تفسير الآية من كل من كشاف الزمخشري، والتفسير الكبير للطبري، والتفسير العظيم للثعلبي، ومفاتيح الغيب للرازي، وسائر التفاسير.

ودونك من الصحاح ما أخرجه الحاكم في تفسير الآية ص 842 من الجزء الثاني من صحيحة المستدرك عن علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال : ان في كتاب اللّه لاية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدى، آية النجوى، كان عندي

ص: 371

دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت كلما ناجيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قدمت بين يدي نجواي در هماً ثم نسخت بقوله تعالى : «أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ (1) فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (2).

فشمل هذا التقريع عمر وغيره من سائر الصحابة حاشا عليا (عَلَيهِ السَّلَامُ) فانه ما اشفق من تقديم الصدقات ولاخاف الامر ليحتاج الى التوبة.

وقد قام الرازي هنا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنه

آية النجوى لم يعمل به الا الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

ص: 372


1- قال الحاكم بعد ايراد هذا الحديث هنا بلفظه : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، قلت وصححه الذهبي من شرط الشيخين اذ أورده في تلخيص المستدرك (منه قدس).
2- راجع: شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفى 230/2 949 و 950 و 951 و 952 و 953 و 954 و 955 و 956 و 957 و 958 و 959 و 960 و 961 و 962 و 963 و 964 و 965 و 966 و 967 ط 1، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى ص 325 ح 372 و 373 ط 1، فرائد السمطين للحمويني ج 322/1 و 357 ح283 و 284 دلائل الصدق ج 104/2، نظم درر السمطين للزرندى ص 90، مقام أمير المؤمنين العسكرى ص58، ينابيع المودة للقندوزی ص 100 ط اسلامبول، المستدرك للحاكم ج 481/2، مسند أحمد ج 21/2 ط 1، المناقب الخوارزمى ص 196 ط الحيدرية، تفسير الطبرى ج 19/28، كفاية الطالب ص 135، سمط النجوم الغوالی ج474/2، تفسیر الحبرى، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 39 ط مصر، تفسیر ابن كثير ج326/4، صحيح الترمذى ج 8015 رقم - 3355 - و ج 2 / 227 ط آخر الذهبي ج 146/3، أحكام القرآن للجصاص ج526/3، صحيح ابن حبان ج 2/ 180، المصنف لابن أبي شيبة ج6، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 21/2، تفسير النسفى بهامش تفسير الخازن ج 242/4، تاريخ الطبری ج 184/8، دلائل الصدق ج 212/3، الاستيعاب بترجمة معاوية.

قال : ان الاية تضيق قلب الفقير وتوجب حزنه لعدم تمكنه من الصدقة، وتوحش الغني بما تشتمل عليه من التكليف، وتوجب طعن بعض المسلمين ببعض، فالعمل بها يسبب فرقة ووحشة، وترك العمل بها يسبب الفة، والذي يكون سبباً للالفة أولى مما يكون سبباً للوحشة، الى آخر هذيانه المعارض لقوله تعالى: «ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ». والمناقض لقوله عن اسمه: «فِاِن لَم تَفْعَلُوا وَتَابَ اللّهُ عَلَيكُم فَأَقِيمُوا الصَلَاةَ» فراجع هذا الهذيان منه في ص168 من الجزء 8 من تفسيره الكبير مفاتيح الغيب.

ولم يبق عليه الا أن يقول : ان الزكاة والحج مثلا يضيقان قلب الفقير ويوجبان حزنه لعدم تمكنه من فعلهما، ويوحشان الغنى بما يشتملان عليه من التكليف، فالعمل بها يسبب فرقة ووحشة وترك العمل بهما يسبب الفة ومحبة والذي يكون سبباً للالفة أولى من الذي يكون سبباً للوحشة، فترك الزكاة والحج أولى على قياس هذا الامام، بل قياسه يوجب ترك الاديان كلها ترجيحاً للاتفاق على الاختلاف. نعوذ باللّه من سبات العقل وخطل القول وبه نستجير ولا حول ولاقوة الا باللّه العلي العظيم.

تسامحه مع معاوية اذ ولاه امر الشام

المورد - (68) - تسامحه مع معاوية اذ ولاه امر الشام

حيث أملى له في غيه، وخلا بينه وبين ما أراد، مطلقاً ل-ه العنان، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، مسوماً مترفاً راكباً سجيحة رأسه، لايبالي في غير ما يختاره لنفسه على نقيض ما يعجب عمر من سيرة امرائه، وقد رآه في الشام أبهة كسروية، وأزياء تنفر منها جبلة عمر ويبرأ منها فما قال له عندها سوى لا آمرك ولا أنهاك، يقلده حبله، ويقرّطه عنانه، فعاث ما شاء أن يعيث ولا راد لجماح غلوائه، ولا مقوم من صعره، فكانت عاقبة هذا الاملاء له ما

ص: 373

كان منه في صفين من بغيه على أمير المؤمنين، وبعدها ماكان منه في ساباطمع سيد الاسباط.

وبهذا اتخذ بنوامية مال اللّه دولا، وعباد اللّه خولا، ودين اللّه دغلا (1) فانا اللّه وانا اليه راجعون وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

أمره بما يخالف الشرع ورجوعه عن ذلك بعد تنبيهه وموارد ذلك كثيرة

المورد - (69) -

أمره بما يخالف الشرع ورجوعه عن ذلك بعد تنبيه وموارد ذلك كثيرة : أولا : ما أخرجه محمد بن مخلد العطار في فوائد (2) : ان عمر (رضیَ اللّهُ عنهُ) قد أمر برجم حبلى زنت. فقال له معاذ بن جبل منكراً عليه ذلك : ان يكن لك عليها سبيل، فلا سبيل لك على ما في بطنها، فأبطل عمر حكمه. وقال : عجزت النساء ان يلدن معاذ، ولولا معاذ لهلك عمر (3).

ثانياً : : ما أخرجه الحاكم - فى رفع عنه القلم من كتاب الحدود ص 389 الجزء الرابع من مستدرکه - بالاسناد الى ابن العباس. قال : اتي عمر بامرأة مجنونة حبلى، فأراد أن يرجمها. فقال له علي : أو ما علمت أن القلم رفع عن ثلاثة ؟. عن المجنون حتى يعقل، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى

ص: 374


1- شيخ المضيرة أبو هريرة ص 3586، المستدرك للحاكم ج479/4 و 480، كنز العمال ج 6 / 39 ط 1، الغدير ج250/8.
2- كما نص عليه ابن حجر العسقلاني في ترجمة معاذ بن جبل من اصابته (منه قدس).
3- الاصابة لابن حجر ج427/3 15. وروى ان الذى اعترض عليه هو الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). راجع : الغدير ج 6/ 110 و 111، الرياض النضرة ج 2 / 196 ط 1، ذخائر العقبى ص 80 و 81، مطالب السئول ص 13، المناقب للخوارزمی ص 39ط الحيدرية.

يستيقظ. فخلى عمر عنها (1).

قلت : هذه غير تلك التي نبهه فيها معاذ لم تكن مجنونة، فكان له عليها سبيل، ولكن بعد وضع حملها، والا من عليه في حضانته بعد رجمها. اما هذه فلا سبيل له عليها مطلقاً لجنونها كما لا يخفى.

ولقاضي القضاة عبد الجبار في كتابه المغني كلام حول الأمر برجم الحبلى كان محل البحث بينه وبين الشريف المرتضى في كتابه - الشافي - وقد أورد كلاميهما ابن أبي الحديد في هذه المواضيع ص 150 الى ص 152 من المجلد الثالث من شرح النهج طبع مصر.

ثالثاً : ما أخرجه الإمام أحمد من حديث علي ص154 والتي بعدها من الجزء الاول من مسنده - عن أبي ظبيان الجنبي (2) قال : ان عمر أتى بامرأة

ص: 375


1- سنن أبي داود ج 227/2، الغدير ج 101/6، سنن ابن ماجة ج 227/2 المستدرك للحاكم ج 2/ 59 و ج 4 / 389 وصححه، السنن الكبرى للبيهقى ج264/8، تيسير الوصول ج 2/ 5، الرياض النضرة ج 2/ 196، ذخائر العقبى ص 81، ارشاد السارى ج 9/10، فيض القدير ج 357/4، حاشية العزيزي على الجامع الصغير ج 2 / 417، مصباح الظلام ج 56/2، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 147 ط النجف، فتح البارى ج 12 / 101، عمدة القارى ج 151/11، المناقب للخوارزميص 38 ط الحيدرية، الطرائف لابن طاوس ج 473/2.
2- أخرجه الحاكم باسناده الى ابن عباس بألفاظ تقارب ألفاظ أحمد. فراجع باب من رفع عنه القلم من كتاب الحدود أول ص 389 من الجزء الرابع من المستدرك تجده صحيحاً على شرط الشيخين. وأورده الذهبي فى تلخيصه مصرحاً بصحته. و اختصره البخاري في كتاب الحدود من صحيحه فقال ما هذا لفظه : باب لا يرجم المجنون والمجنونة وقال على لعمر : أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يدرك، وعن النائم حتى يستيقظ انتهى بلفظ البخاري في أول ص 117 من جزئه الرابع (منه قدس).

قد زنت فأمر برجمها، فانتزعها علي من أيديهم وردهم بها، فرجعوا الى عمر فقالوا : ردنا علي بن أبي طالب. قال : ما فعل هذا الا لشيء قد علمه، فارسل الى علي فجاءه وهو شبه المغضب. فقال له عمر مالك رددت هؤلاء ؟. قال: أما سمعت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المبتلى حتى يعقل. قال : بلى. قال علی : فان هذه مبتلاة بني فلان فلعله أتاها وهو بها فقال عمر: لا أدرى فلم يرجمها (1).

رابعاً : ما ذكره ابن القيم في كتابه الطرق الحكيمة في السياسة الشرعية: ان امرأة جيء بها الى عمر بها الى عمر فأقرت بالزنى فأمر برجمها فاستمهله علي اذ لعل لها عذراً يدرأ عنها الحد ثم قال لها : ما حملك على الزنى ؟. قالت : كان لي خليط، وفي ابله ماء ولبن، ولم يكن في ابلي ماء و لبن فظمئت فاستسقيته فابی أن يسقيني حتى أعطيه نفسي، فأبيت عليه ثلاثاً، فلما ظمئت وظننت ان نفسى ستخرج أعطيته الذي أراد فسقاني. فقال علي : اللّه أكبر، «فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (2).

وروى البيهقي في سننه (3) عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : أني عمر بامرأة جهدها العطش فمرت على راع فاستسقته فأبى أن يسقيها الا أن تمكنه من نفسها ففعلت. فشاور عمر الناس في رجمها فقال علي: هذه مضطرة أرى

ص: 376


1- الغدير للامينى ج 101/6، المناقب للخوارزمي ص 38، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 147 ط الحيدرية.
2- الآية 115 من سورة النحل (منه قدس). كنز العمال ج 3 / 96، الغدير ج 120/6.
3- فيما نقله ابن القيم في ص 53 من كتابه (الطرق الحكمية في السياسة الشرعية) (منه قدس).

أن يخلى سبيلها، ففعل عمر ذلك (1).

خامساً : ماذكره ابن القيم في أول ص 55 من طرقه الحكيمة، اذ قال : رفعت الى عمر امرأة أخرى وقد زنت فأقرت لديه بذلك، وكررت الاقرار به و أيدت ما فعلت من فجورها، وكان علي اذ ذاك حاضراً فقال : انها لتستهل به استهلال من لا يعلم انه حرام، قدراً الحد عنها.

قال ابن القيم : وهذا من دقيق الفراسة.

سادساً : ما نقله العلامة المعاصر أحمد أمين بك في ص 285 من كتابه (فجر الاسلام) نقلا على كتاب (أعلام الموقعين) قال : رفعت الى عمر قضية رجل قتلته امرأة أبيه وخليلها، فتردد عمر في قتل اثنين بواحد. فقال له علي : أرأيت لو أن نفراً اشتركوا في سرقة توجب القطع أكنت قاطعهم ؟. قال : نعم قال : فكذلك. فعمل برأي علي. وكتب الى عامله أن اقتلهما فلو اشترك فيه أهل صنعاء أقتلتهم.

سابعاً : ماقد رواه أهل السير والاخبار، و اللفظ للمتتبع علامة المعتزلة ابن أبي الحديد (2) اذ قال : استدعى عمر امرأة ليسألها عن أمر وكانت حاملا فلشدة هيبته ألقت مافي بطنها، فأجهضت به جنيناً ميتاً، فاستفتى أكابر الصحابة في ذلك. فقالوا : لاشيء عليك، انما أنت مؤدب. فقال له علي : ان كانوا

ص: 377


1- سنن البيهقى ج 236/8، الغدير للامينى ج 6/ 119، الرياض النضرة ج 2 / 196 ط 1، ذخائر العقبى ص 81.
2- في ص 58 من ج 1 من شرح النهج الحديدى أثناء شرح الخطبة الشقشقية (منه قدس).

راقبوك فقد غشوك، وان كان هذا جهد رأيهم فقد أخطأوا، عليك غرة، يعني عتق رقبة، فرجع عمر والصحابة الى قوله (1).

ثامناً: تحيره في أمر رجل من المهاجرين الأولين من أهل بدر، - وهو قدامة بن مظعون : جيء به وقد شرب الخمر فأمر به عمر أن يجلد. فقال : لم تجلدني ؟ بيني و بينك كتاب اللّه عز وجل. فقال عمر : في أي كتاب اللّه اني لا أجلدك ؟. فقال : ان اللّه تعالى يقول في كتابه : «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا» الآية. فأنا من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا. شهدت مع رسول اللّه بدراً والحديبية و الخندق والمشاهد - فلم يدر عمر ما يقول في رده - فقال : ألا تردون عليه. فقال ابن عباس : ان هذه الايات أنزلت عذراً للماضين، و حجة على الباقين، لان اللّه عز وجل يقول: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّیطَان» ثم قرأ حتى أتم الاية الاخرى.

[ ومنها ] لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا» (2) فان اللّه عز وجل قد نهى عن أن يشرب الخمر فأين شاربها عن التقوى بعد أن نهى عنها ؟ فقال عمر: صدقت فماذا ترون فأفتى علي بجلده ثمانين وجرى الامر على هذا من ذلك اليوم (3).

ص: 378


1- الغدير للاميني ج 6/ 119، سيرة عمر لابن الجوزي ص 117، فضل العلم لابي عمر ص 146، كنز العمال ج 7 / 300 ط 1، أنساب الأشراف للبلاذرى ج2 / 178 206 ط بیروت
2- الآية 90 - 93 من سورة المائدة.
3- أخرجه الحاكم فى باب مشورة الصحابة في حد الخمر من كتاب الحدود 4 / 376 من مستدر که مصرحاً بصحته. وأورده الذهبي في التلخيص وصححه أيضاً (منه قدس). المناقب للخوارزمي ص 53 ط الحيدرية.

تاسعاً : ما نقله ابن القيم في ص 27 من كتابه (الطرق الحكمية) في قضية امرأة تعلقت بشاب من الانصار وكانت تهواه، فلما لم يساعدها احتالت عليه فأخذت بيضة فألقت صفرتها وصبت البياض على ثوبها وبين فخذيها ثم جاءت عمر صارخة تستعديه عليه فقالت : هذا الرجل غلبني على نفسي وفضحني في أهلي، وهذا أثر ما فعله بي. فسأل عمر : النساء ؟، فقلن له : ان يبدنها و ثوبها أثر المني. فهم بعقوبة الشاب، والشاب يستغيث ويقول : يا أمير المؤمنين تثبت في أمري، فواللّه ما أتيت بفاحشة، وماهممت بها ولقد راودتني عن نفسي فاعتصمت. وكان علي حاضراً، فقال عمر: يا أبا الحسن ما ترى في أمرهما ؟ فنظر علي الى الثوب ثم دعا بماء حار شديد الغليان، فصبه على الثوب فجمد ذلك البياض ثم أخذه فشمه وذاقه فعرف طعم البيض وزجر المرأة فاعترفت (1).

عاشراً : ماذكر ابن القيم في ص 30 والتي بعدها من طرقه الحكمية من ان رجلين من قريش دفعا الى امرأة مائة دينار وديعة وقالا لاتدفعيها الى واحد منا دون صاحبه، فلبنا حولا فجاء أحدهما فقال : ان صاحبي قد مات، فادفعي الي الدنانير. فأبت وقالت انكما قلتما لاتدفعيها الى واحد منا دون صاحبه فلست بدافعتها اليك. فتوسل اليها بأهلها وجيرانها حتى دفعتها اليه. وبعد حول تسام جاء الآخر فقال: ادفعي الي الدنانير. فقالت : ان صاحبك قد جاءني فزعم انك قدمت فطالبني بها، فدفعتها اليه. فترافعا الى عمر: فأراد أن يقضي عليها.

فقالت : ارفعنا الى علي بن أبي طالب، فرفعهما اليه، فعرف علي انهما

ص: 379


1- الغدير للاميني ج 126/6.

قد مكرا بها فقال للرجل أليس قلتما لها لاتدفيعها الى واحد منا دون صاحبه؟. قال : بلى. قال : فاذهب اذا فجيء بصاحبك تدفعه اليكما، والا فلا سبيل لك عليها (1).

الحادي عشر: ما أخرجه الامام أحمد من حديث ابن عباس ص190 من الجزء الاول من مسنده : أن عمر تحير في حكم الشك في الصلاة فقال له : يا غلام هل سمعت من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أو من أحد أصحابه اذا شك الرجل في صلاته ماذا يصنع ؟. قال : فبينا هو كذلك أقبل عبدالرحمن بن عوف. فقال: فيم أنتما ؟ فقال عمر: سألت هذا الغلام هل سمعت من رسول اللّه أو أحد أصحابه اذا شك الرجل في صلاته ماذا يصنع. فقال عبد الرحمن: سمعت رسول اللّه يقول : اذا شك أحدكم في صلاته... (الحديث) (2) وفيه فتوى عبد الرحمن وهي على خلاف المأثور عن رسول اللّه عندنا فلتراجع (3).

وما أكثر أمثال هذه القضايا من نوادره الدالة على انقياده للحق في مثل هذه المسائل اذا عرفه واستسلامه الى من ينبهه اليه اذا جهله (4) لكنه كان

ص: 380


1- الغدير للامينى ج 126/6، الاذكياء لابن الجوزي ص18، أخبار الظراف لابن الجوزى ص 19، الرياض النضرة ج 197/2، ذخائر العقبي ص 80، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 148 ط الحيدرية، المناقب للخوارزمي ص 53 ط الحيدرية.
2- الغدير للاميني ج 92/6، مسند أحمد ج 1 / 190 و 195، سنن البيهقى ج 332/2.
3- فانه فى فتوى عبد الرحمن البناء على الاقل. وأما عندنا فالبناء على الاكثر اذا لم يكن مبطلا هذا في الركعات. راجع : جامع أحاديث الشيعة ج 591/5 - 614.
4- الاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 / 39، ذخائر العقبی ص 81 و 82، تذكرة الخواص ص 144 - 148، كفاية الطالب للكنجى ص 192 ط الغرى وص334 ط الحيدرية، الرياض النضرة ج 2/ 255 - 261، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 17 المناقب الخوارزمى ص 38 و 39 و 50 و 51 و 3ه و 54، احقاق الحق للتسترى ج18 182 - 242، فرائد السمطين ج 1 / 337 و 342 و 346 - 351 و 354، سبيل النجاة 337/1 في تتمة المراجعات ص 259 تحت رقم (836) ط بیروت.

مع ذلك يشهد فيما يبرمه من سياسته لا يلوي فيه على أحد وكانت له وطأة على ولاته في أنفسهم و أموالهم، اذ كان يقاسمهم فيها لبيت المال عنوة، و يسوقهم بعصاه بكل قسوة، وربما حرق عليهم كما فعله مع عامله في الكوفة سعد بن أبي وقاص اذ فاجأه بتحريق قصره عليه. وخفقه بالدرة مرة اذ زاحم الناس في الوصول اليه ورأى مرة أناساً يتبعون أبي بن كعب في الطريق، فرفع عليه الدرة ليعلوه بها. فقال له أبي : اتق اللّه يا أمير المؤمنين. قال. عمر : فما هذا الجموع خلفك؟ يا بن كعب، أما علمت انها فتنة للمتبوع ومذلة للتابع (1).

وكانت درته كسوط عذاب يخشاها أكابر الصحابة، حتى قيل (2) انها كانت أهيب من سيف الحجاج (3).

وقد أوجع عمر بها أم فروة بنت أبي قحافة، يوم مات أخوها أبو بكر، اذ ناحت عليه في نسوة صحابيات ترأسهن عائشة، لم تأخذه في ذلك حرمتها، ولا احترام عائشة ولا حفظها فى عمتها، ولا حفظ أبي بكر في اخته اذ جرها هشام بن الوليد سحباً الى الطريق بكل امتهان أخاف النسوة المجتمعات فاذا

ص: 381


1- الغدير للامينى ج 271/6، الكامل ج 369/2، فتوح البلدان للبلاذري ص 286.
2- كما في ص 60 من المجلد الأول من شرح النهج الحميدي (منه قدس).
3- وقريب منه فى : الطبقات لابن سعد ج282/3.

هن منهزمات (1) وكم له من قبل ومن بعد سطوة في سبيل مبدئه، لا تأخذه فيه عاطفة، ولا يخاف في سبيله عاقبة.

وحسبك قوله لعلي ومن كان معه من أوليائه اذ قعدوا عن البيعة في بيت الزهراء والذي نفسي بيده لتخرجنّ الى البيعة، أو لاحرقن عليكم. فخرجت وديعة رسول اللّه وبقيته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيهم تبكي وتصيح (2) وفي رواية : انها لما رأت ما يصنع بعلي والزبير، وقفت على باب الحجرة وقالت ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول اللّه (3).

الى كثير من أمثال هذه المواقف السياسية التي تمثل فيها قول علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - وقد ذكر عهد أبي بكر اليه بالخلافة - : فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها (4) و بخشن مسّها، ويكثر العثار فيها، والاعتذار منها، فصاحبها كراكب

ص: 382


1- تاريخ الطبرى فى حوادث السنة - 13 -.
2- الامامة والسياسة لابن قتيبة ج 21/1 ط مصطفی محمد بمصر، العقد الفريد لابن عبد ربه ج 259/4 و 260 ط لجنة التأليف، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 / 134 و ج 2 / 19 ط 1 و ج 2 / 56 و 48/6 ط بتحقيق أبو الفضل، تاريخ الطبرى ج 202/3، الملل والنحل للشهرستاني ج 57/1 ط دار المعرفة، بحار الانوار ج 28/ 338 و 339 ط الجديد، الغدير ج 77/7، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 261 تحت رقم (842) ط بیروت.
3- تجد هذا كله فى شرح النهج لابن أبي الحديد عند انتهائه الى قول على (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «فنظرت فاذا ليس لي معين الا أهل بيتي فضننت بهم عن الموت» فراجع من الشرح ج 134/1 (منه قدس). الغدير للامينى ج 77/7، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 261 تحت رقم (842) ط بیروت.
4- الكلام بالضم : الارض الغليظة (منه قدس).

الصعبة (1) ان اشنق لها خرم، وان أسلس لها تقحم فمني الناس لعمر اللّه بخيط وشماس (2) وتلون واعتراض.. الى آخر الخطبة الشقشقية (3).

عهده بالشورى

المورد - (70) - عهده بالشورى

يوم دنى أجل عمر فجعلها في سنة، زعم ان أخا النبي ووصيه أحدهم

وهو بعد النبي خير البرايا***والسما خير ما بها قمراها

وهو في آية التباهل نفس***المصطفى ليس غيره اياها

وهما مقلتا العوالم يسرا***ها علي وأحمد يمناها

انما المصطفى مدينة علم***وهو الباب من أتاه أتاها (4)

فيا للّه والشورى، متى اعترض الريب فيه مع الاول منهم، حتى صار يقرن الى هذه النظائر، لكنه - بأبي وامي - أسف اذ أسفوا، فصغى رجل منهم لضغنه - هو سعد - ومال الآخر - عبد الرحمن - لصهره - عثمان - مع من وهن (5).

الى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال اللّه خضمة الابل نبتة الربيع، الى أن انتكث عليه فتله، وأجهز

ص: 383


1- الصعبة من الابل : ما ليست بذلول (منه قدس).
2- الشماس بالكسر : اباء ظهر الفرس عى الركوب (منه قدس).
3- فليراجع شرحها في المجلد الأول من شرح النهج، فهناك الفوائد، والعلم الجم (منه قدس). الموجودة في نهج البلاغة وهي الخطبة – 3 -.
4- هذه الابيات للشيخ كاظم الأزرى من قصيدته الهائية المعروفة بالازرية.
5- اشارة الى احداث فظيعة كره (عَلَيهِ السَّلَامُ) التصريح بها. وهى كما قيل : - على هنوات شوها متتابع - (منه قدس).

عليه عمله و کبت به بطنته وكانت الفتنة (1).

ولهذه الشورى لوازم سيئة، وعواقب شر، كانت من أضر العواقب في الاسلام، وكان لعمر فيها متناقضات يربا - بالفاروق - عن مثلها

وذلك انه لما طعن (2) ويئس من الحياة، وقيل له: لو استخلف قال لو كان أبو عبيدة حيا استخلفته، لانه أمين هذه الامة (3) ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا استخلفته لانه شديد الحب اللّه تعالى (4) فذكر له ابنه عبداللّه فأبى أن يستخلفه فخرج القوم ثم رجعوا اليه فقالوا له : يا أمير المؤمنين لو عهدت عهداً فقال : قد كنت أجمعت بعد مقالتي الأولى ان اولي أمركم رجلا هو أحراكم أن يحملكم على الحق - يشير الى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) - فقالوا له: ما يمنعك منه ؟. قال: لا أتحملها حياً وميتاً ! !. ثم قال: عليكم بهؤلاء الرهط، علي. وعثمان وعبد الرحمن. وسعد. والزبير. وطلحة. فلتشوروا بينهم، وليختاروا واحد أمنهم، فاذا ولوه فاحسنوا مؤازرته وأعينوه، ثم استدعى اولائك الرهط فقال لهم : اذا أنا مت فليصل بالناس صهيب، وتشاوروا أنتم ثلاثة أيام

ص: 384


1- من مضمون كلام الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من خطبة الشقشقية. راجع نهج البلاغة الخطبة - 3 - ص 34.
2- صبح الاربعاء لاربع بقين من «حج» سنة 23 ومات بعد ثلاث ودفن يوم الاحد (منه قدس).
3- ان كان أبو عبيدة أمين هذه الامة كما يحدثون - فعلى (عَلَيهِ السَّلَامُ) أولى بالامة من نفسها كما يعلمون، وقد بخيخ له عمر يومئذ فيمن يبخبخون (منه قدس).
4- ما أظنه نسی رجوعه بعد رجوع صاحبه باللواء من خيبر فشلين كثيبين، ولانسی بشارة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالفتح المبين على يد على، ولا قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يومئذ معرضا : أما واللّه لاعطين الراية غداً رجلا يفتح اللّه على يديه يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله. وفي رواية : كمرار غیر فرار (منه قدس).

ولايات اليوم الرابع الا وعليكم أمير منكم.

ثم أمر أبا طلحة الانصاري ان يختار خمسين رجلا من الانصار يقومون معه مسلحين على رؤوس الستة حتى يختاروا رجلا منهم في ثلاثة أيام من موته وأمر صهيباً ان يصلي في الناس تلك المدة، وان يدخل اولائك الستة بيتاً فيقوم عليهم بسيفه مع أبي طلحة وأصحابه، وقال له : ان اجتمع خمسة وأبى واحد فاشدخ رأسه بالسيف، وان اتفق أربع وأبى اثنان فاضرب رأسيهما، وان افترقوا ثلاثة وثلاثة فالخليفة في الذين فيهم عبد الرحمن، واقتلوا اولائك ان خالفوا، فان مضت الثلاثة أيام ولم يتفقوا على واحد منهم فاضربوا أعناق الستة (1)، ودعوا الأمر شورى بين المسلمين يختارون لانفسهم من شاؤوا. هذا ملخص عهد الشورى (2).

واذا كان كارهاً لتحملها كما يقول، فلم زج نفسه بما فر منه، وألقى بيده اليه على أسوأ الوجوه، وأشدها ضرراً وخطراً ؟؟؟ !!. حيث اختص من الامة

ص: 385


1- وما يدريك لعلها استخفافه بدمائهم أوجب استخفاف قاتلی عثمان بدمه : و استخفاف الخوارج يومي الجمل بالبصرة. وفي النهروان وصفين بقتال على وقتله ؟ و استخفاف یزید بدم سيد الشهداء في كربلاء فان الفاروق منزلته القدوة ولا سيما عند هؤلاء كما لا يخفى (منه قدس).
2- عهده فى الشورى على هذه الكيفية التي لخصناها ثابت بالتواتر. وقد ذكره ابن الاثير حيث ذكر قصة الشورى فى حوادث سنة 23 من الجزء الثالث من كامله وابن جرير في حوادث تلك السنة من كتابه تاريخ الامم والملوك. وابن أبي الحديد في شرح خطبة الشقشقية ص 62 من المجلد الأول من شرح النهج وسائر أهل الاخبار (منه). تاريخ الطبرى ج 5 / 33، الكامل لابن الاثير ج34/3. وقريب منه في : الطبقات لابن سعد ج 3/ 338.

كلها ستة، ووصفهم بما يمنع استخلافهم مما لم نذكره (1) ثم رتب الامر ترتيباً يوجب استخلاف عثمان على كل حال (2) وأي صور التحمل يكون هذا ؟. وما الفرق بين ان يعهد بها الى عثمان توأً أو يفعل ما فعل أكثر من من الحصر والترتيب المؤدي الى خلافة عثمان، وقتل من يخالف ؟؟

وليته عهد بها اليه، أو الى من يشاء ولم يوقف ذلك العبد صهيباً على رؤوسهم مع أبي طلحة وشرطته مصلتي سيوفهم لقتلهم اذا خرجوا من تلك الخطة الضيقة الحرجة التي خطها لهم.

ولو عهد بها توأ الى من شاء، مارأته الامة مستخفاً بدمائهم، لا يتأثم ولا يتحرج، ولا يأبه لسفكها (3) ولا رأنه الامة يمتهنهم بتقديم العبد صهيب في الصلاة على جنازته، وفي الصلوات الخمس.

وكأنه ما اكتفى بما ألحق بهم من الهوان والامتهان، بقوله : لو كان أبو عبيده حياً لاستخلفته، ولو كان سالماً حياً لاستخلفته، تفضيلا لهم على الستة.

ص: 386


1- راجع ما وصفهم به فى ص 72 من المجلد الأول من شرح النهج الحميدي. فهناك العجب العجاب (منه قدس). تاريخ الطبری ج 35/5.
2- فلهذا قال على (عَلَيهِ السَّلَامُ) : عدلت عنا. فقال عمه العباس - كما في كامل ابن الاثير وتأريخ ابن جرير وغيرهما - : وما علمك ؟ قال قرن بی عثمان، وقال: كانوا مع الاكثر، فان اختار رجلان رجلا و رجلان رجلا آخر، فكانوامع الذين فيهم عبد الرحمن، فسعد لا يخالف همه عبدالرحمن أبداً، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفان أبداً، فلو كان الاخران معى لم ينفعانى أم (منه قدس).
3- مع ما عظمه اللّه عز وجل من حرماتها في محكمات الكتاب، وصحاح السنن المتواترة واجماع الامة على بكرة أبيها (منه قدس).

وفيهم أخو النبي (1) ووليه (2) ووارثه (3)

ص: 387


1- قد تواتر الاحاديث بالمؤاخات بين النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ). راجع منها : صحيح الترمذى ج 5 / 300 ح3804، كفاية الطالب ص 193و194 ط الحيدرية وص 82 و 83 ط الغرى، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 21، تذكرة الخواص ص 20 - 24، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلی ص 37 ح 57 و 59 و 60 و 65، المناقب للخوارزمي ص 7، نظم درر السمطين للزرندي ص 94 و 95، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 170، السيرة النبوية لابن هشام ج 2 / 108 ط بیروت، أسد الغابة ج 221/2 وج 137/3 وج 4 / 29، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديدج 167/6 وج 18 / 24 بتحقيق أبو الفضل وج 2 / 61 و 450 ط 1 الى غيرها من عشرات المصادر ولاجل المزيد راجع : سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 113 تحت رقم 459 و 482 و 484 و 488 و 490 و 492 و 493 و 494 - 506 ط بیروت.
2- على ولى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : المستدرك للحاكم ج 132/3 و صححه تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك وصححه، مسند أحمد ج 25/5 ح 3062 بسند صحیح ط دار المعارف، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 61ط الحيدرية وص 15 ط بيروت و ص 8 ط مصر، ذخائر العقبى ص 87، كفاية الطالب للكنجى الشافعى ص 240 ط الحيدرية وص 155 ط الغرى، المناقب للخوارزمي ص 72، الاصابة لابن حجر ج 509/2، ينابيع المودة ص34 ط اسلامبول و ص 38 ط الحيدرية و ج 33/1 ط صيدا، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج1 / 183 ح 249 و 251 و 251، الرياض النضرة ج 2 / 269، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 106/2، فضائل الخمسة ج 1 / 230، الغدير ج1 / 51 وج 197/3، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 277 - میزان الاعتدال ج 75/2، سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (503) ط بیروت.
3- على وارث النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : كفاية الطالب للكنجى ص 1 26 ح 309، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 / 89 ح 141 و 148، ينابيع المودة ص 53 و 114 ط اسلامبول وص 59 و 135 ط الحيدرية، فتح الملك بصحة حديث باب مدينة العلم على ص 19ط الاسلامية وص48ط الحيدرية، الرياض النضرة ج 234/2. ولاجل المزيد من المصادر راجع : سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (718 و 503).

ووصيه (1) وهارون هذه الامة (2) وأقضاها (3)

ص: 388


1- على وصى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : تاريخ الطبرى ج 319/2، الكامل لابن الاثير ج 62/2، شرح النهج لابن أبي الحديد ج 13 / 210 و 244 وصححه بتحقيق أبو الفضل، السيرة الحلبية ج 311/1، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 41/5 و 42، شواهد التنزيل للحسكاني ج1 / 371 ح 514 و 580، ترجمة الامام على بن أبى طالب لابن عساکر ج85/1 ح 139 و 140 و 141. ولاجل المزيد من المصادر راجع : سبيل النجاة في تتمة المراجعات. تحت رقم (459 و 717 و 718 و 719) وقد عقد القندوزى الباب الخامس عشر من ينابيع المودة في وصية الرسول لعلى ص78 ط اسلامبول.
2- على هارون هذه الامة : شواهد التنزيل للحسكاني ج 1/ 368، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلي ص 328، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 107/1، سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (473 و 374 و 375 و 376).
3- على أعلم الامة وأقضاها : قول الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : (أعلم امتى من بعدى على بن أبي طالب). راجع : كفاية الطالب ص 332 ط الغرى، المناقب للخوارزمی ص 39 و 40، مقتل الحسين الخوارزمي ج 43/1، کنز العمال ج 153/6 و 156، الغدير ج 96/3، كنوز الحقائق ص 18، فرائد السمطين ج 97/1 ح 66. قول الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «أقضى امتى على» : يوجد في : المناقب للخوارزمي ص 41، الغدير ج 96/3، مصابيح السنة للبغوى ج 2 / 277، الرياض النضرة ج 2/ 198، فتح البارى ج 136/8، بغية الوعاة ص 447، ينابيع المودة ص 70 اسلامبول. قول الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «أقضاكم على» : يوجد في : الغدير ج 3 / 96، الاستيعاب هامش الأصابة ج 3/ 38، المواقف للقاضي الايجى ج 276/3، شرح ابن أبي الحديد ج 235/2 ط 1، مطالب السئول ص 23، تمييز الطيب من الخبيث ص 25، كفاية الشنقيطي ص 46. قول ابن عباس : (أعلمنا بالقضاء وأقر أونا للقرآن على بن أبي طالب). يوجد في : شواهد التنزيل للحسكانی ج 1/ 25 21. قول عمر بن الخطاب : «على أقضانا» : يومئدٍ في : ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج3 / 27 ح 1054 و 1055 و 1056 و 1057 و 1058 و 1059 و 1060 و 1061 و 1062ط 27 ح بيروت، حلية الأولياء ج 65/1، صحيح البخارى ك التفسير ج 23/6، المستدرك للحاكم ج 305/3، أنساب الاشراف للبلاذری ج 97/2 ح 21 و 23، احقاق الحق ج 61/8، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 39/3 و 40، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 / 339 و 340، تذكرة الحفاظ ج 3/ 38، أخبار القضاة ج 88/1، المناقب للخوارزمی ص 47، أسنى المطالب للجزري ص 72، البداية والنهاية ج 359/7، تاريخ الخلفاء ص 115، الغدير ج97/3. قول عبداللّه بن مسعود : (أقضى أهل المدينة على بن أبي طالب) : يوجد في : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکرج 3/ 34 - 1063 و 1064 و 1065 و 1066 و 1067 و 1068 و 1069 ط بيروت، أنساب الاشراف للبلاذری، ج 97/2 22، الطبقات الكبرى ج 2/ 338، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 / 39 و 41، شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 / 24 20، المستدرك للحاكم ج 3/ 135، أخبار القضاة ج 1 / 89، احقاق الحق ج57/8، الرياض النضرة ج2 / 209 ط 1، مجمع الزوائد ج 116/9، فتح البارى ج59/8، المناقب للخوارزميص 47، أسنى المطالب للجزرى ص 73، تمييز الخبيث من الطيب ص 25.

و باب دار الحكمة (1) وباب مدينة العلم (2) ومن عنده علم الكتاب (3).

ص: 389


1- سوف يأتي مصادره تحت رقم (912).
2- سوف يأتي مع مصادره تحت رقم (910).
3- اشارة الى الاية الكريمة : «قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ». سورة الرعد : 43. والذي عنده علم الكتاب هو على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) كما رواه عن الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كل من : أبي سعيد الخدري، وابن عباس. وروى أيضاً عن أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) و ابن الحنفية وأبي صالح. راجع: شواهد التنزيل للحسكاني ج 306/1 – ح 422 و 423 و 424 و 425 و 426 و 427 المناقب لابن المغازلی ص 314 ح358، تفسير القرطبي ج336/9، ينابيع المودة ص 102 ط اسلامبول، دلائل الصدق ج 134/2. الامام على أعلم بعلوم القرآن من غيره : فقد عقد الحاكم الحسكاني الحنفى فى كتابه شواهد التنزيل فصلا خاصاً بذلك روى فيه عدة أحاديث فراجع ج 29/1 وما بعدها حديث : 28 و 29 و 30 و 31 و 32 و 33 و 34 و 35 و 36 و 37 و 38 و 39 و 40 و 41 - 48، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق ج 3 / 20 ح 1035 و 1036 و 1037 و 1038 و 1039 و 1040 و 1043 و 1044 و 1045 و 1046 و 1047 و 1048 و 1049و 1050 و 1051 و 1052. وراجع أيضاً : الغدير ج 193/6، تفسير ابن كثير ج 231/4، جامع بيان العلم ج 1 / 114، الرياض النضرة ج 2/ 198، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 124، الاتقان ج 319/2، تهذيب التهذيب ج 338/7، فتح البارى ج485/8، عمدة القارى ج9/ 167، مفتاح السعادة ج 1 / 400، حلية الأولياء ج 68/1، ينابيع المودة ص74 وص 274، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2/ 338، أنساب الأشراف ج 2/ 98، مجمع الزوائد ج 9 / 116 و 288، دلائل الصدق ج 2/ 335، أسنى المطالب للجزري ص 73 الغدير ج 3 / 99، الصواعق ص 76 ط 1.

على أن سالماً لم يكن من قريش، ولامن العرب، وانما هو أعجمي من اصطخر أو من كرمد، وكان عبداً مملوكاً لزوجة أبو حذيفة بن عتبة، واسمها ثبيتة بنت يعار بن زيد بن عبید ابن زيد الانصاري الاوسي (1) وقد انعقد

ص: 390


1- نص على ذلك ابن عبدالبر في ترجمة سالم من الاستيعاب. وذكر ان هذا لم يختلف فيه (منه قدس).

الاجماع نصاً وفتوى على عدم جواز عقد الامامة لمثله (1) فكيف مع هذا يقول : لو كان سالم مولى أبي حذيفة حياً استخلفته (2)؟.

على ان هذه الشورى قد انشأت بين رجالها السنة من التنافس والفتن ماقد فرق جماعة المسلمين، وشق عصاهم، اذ رأى كل من رجالها نفسه كفواً للخلافة، ورأى أنه نظير الاخرين منها، ولم يكونوا قبل الشورى على هذا الرأي، بل كان عبد الرحمن تبعاً لعثمان وسعد كان تبعاً لعبد الرحمن، والزبير انما كان من شيعة علي، والقائمين بنصرته يوم السقيفة على ساق، وهو الذي استل سيفه (3) ذوداً عن حياض أمير المؤمنين وكان فيمن شيع جنازة

ص: 391


1- صرح بانعقاد الاجماع نصاً وفتوى على ذلك غير واحد من الاعلام كالفاضل النووي في أول كتاب الامامة من شرح صحيح مسلم (منه قدس). أو القاضى الايجى في المواقف، وأبو الثناء في مطالع الانظارص 470 وراجع الغدير ج 140/7.
2- اعتذروا عنه بأنه انما قال ذلك عن اجتهاد كان منه، ورأى أدى اليه نظره. وممن صرح بهذا العذر صاحب الاستيعاب في ترجمة سالم. فراجع لتعلم أنهم كانو الا توقفهم النصوص عما يرون (منه قدس).
3- أخرج أبو بكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهرى في كتاب السقيفة حديثاً طويلا أورده ابن أبي الحديد في أول المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي جاء فيه ماهذا لفظه : ذهب عمر ومعه عصابة الى بيت فاطمة منهم أسيد بن خضير، وسلمة بن أسلم، فقال لهم - أى لعلى ومن كان معه في البيت - : انطلقوا فبايعوا فأبوا عليه وخرج اليهم الزبير بسيفه، فقال عمر عليكم الكلب، فوثب عليه سلمة بن أسلم فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار... الحديث (منه قدس). شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 219/1 وج 9/6 و 11 و 19 و 40 و 47 و 48 9 49 ط بتحقيق أبو الفضل وج 1 / 74 ط 1. وكان الزبير في يوم السقيفة آخذ بقائم سيفه وهو يقول : لا أحد أولى بهذا الأمر من ابن أبي طالب». راجع : الامامة والسياسة لا بن قتيبة ج 57/1، العقد الفريد ج 2/ 278، شرح النهج الحديدى ج 2 / 81 ط 1، الغدير ج106/9.

الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ)، وحضر الصلاة عليها اذ دفنت سراً في ظلام الليل(1) بوصية منها (2) وهو القائل على عهد عمر واللّه لو مات عمر بايعت علياً (3) لكن الشورى سولت له الطمع بالخلافة، ففارق علياً مع المفارقين، وخرج

ص: 392


1- وصلى عليها على (عَلَيهِ السَّلَامُ)، ولم يؤذن بها أبا بكر كما أخرجه البخارى في غزوة خيبر ص 29 من الجزء الثاني من صحيحه. وأخرجه مسلم في باب قول النبي : لا نورث ما تركنا فهو صدقة ص 72 من الجزء الثانى من صحيحه (منه قدس).
2- دفنت بضعت المصطفى سراً في ظلام الليل ولم يؤذن بها أبو بكر ولا عمر : راجع : الشرف المؤبد للنبهاني ص، الاصابة لابن حجر، الاستيعاب، بهامش الاصابة ج، اسد الغابة، كشف الغمة ج 1 ص 504، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 49/6 و 50 وقال : والصحيح عندى أنها ماتت وهي واجدة على أبي بكر وعمر وأنها أوصت ألا يصليا عليها.
3- أن لعمر كلاماً طويلا أشاد به على المنبر فقال فيه : ثم أنه بلغني أن قائلا منكم يقول واللّه لومات عمر بايعت فلاناً، فلا يغترن امرؤ أن يقول انما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت، الا وأنها كانت كذلك، ولكن اللّه وفى شرها الى آخر كلامه. وقد أخرجه البخاري عنه في باب رجم الحبلى من الزنى اذا أحصنت 119 من الجزء الرابع من صحيحه. وذكر القسطلاني في شرح هذا الحديث من كتابه - ارشاد الساری - ان الزبير بن العوام كان يقول : لومات عمر بايعت علياً فقد كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت فبلغ عمر قوله فغضب وخطب تلك الخطبة وهذا ما صرح به شارحوا البخاري أجمع (منه قدس). راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 23/2 و 26 و 29 بتحقيق أبو الفضل، تاریخ الطبری ج 205/3، الكامل ج 2 / 327.

عليه يوم الجمل الاصغر (1) ويوم الجمل الاكبر مع الخارجين (2).

كما أن عبد الرحمن بن عوف ندم على ما فعله من ايثار عثمان على نفسه بالخلافة، ففارقه وعمل على خلعه فلم يأل جهداً، ولم يدخر وسعاً في ذلك. لكنه لم يفلح (3).

وقد علم الناس ماكان من طلحة والزبير من التأليب على عثمان (4) وانضمام عائشة في ذلك اليهما نصرة لطلحة، وأملا منها برجوع الخلافة الى تيم وكانت تقول : «اقتلوا نعثلا فقد كفر» (5).

ص: 393


1- تاريخ الطبرى ج 474/4، أسد الغابة ج 2/ 38، شرح النهج لابن أبي الحديد 2/ 38 ط 1، أنساب الاشراف ج288/2.
2- راجع : كتاب صفين لنصر ابن مزاحم، أحاديث ام المؤمنين عائشة ق 1 ص 121 – 200.
3- الغدير للاميني ج 86/9، أنساب الاشراف للبلاذری ج 57/5، العقد الفريد ج 2 / 258 و 261 و 272، تاريخ أبي الفداء ج 1/ 166، تاريخ الطبری ج 5 / 113، الكامل لابن الاثير ج 70/3، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 65/1 و 66 و 165 و 63 و 64 ط 1.
4- تأليب طلحة والزبير على عثمان : راجع : الغدير للاميني ج 91/9 - 109، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 506/2، تاریخ الطبری ج 5 / 139 و 122 و 43 و 165 و 154 راجع بقية المصادر الغدير.
5- أرجافها بعثمان وانكارها عليه ونبذها اياه، وقولها اقتلوا نعثلا فقد كفر مما لا يخلوا منه كتاب يشتمل على تلك الحوادث وقد أنبها بعض معاصريها فقال : فمنك البداء ومنك الغير***ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الامام***وقلت لنا : انه قد كفر الى آخر الابيات وهى فى ص 80 من ج 3 من كامل ابن الأثير حيث ذكر وقعة الجمل (منه قدس). تاريخ الطبرى ج459/4، الكامل فى التاريخ لابن الاثير ج206/3، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 61 و 64، الامام والسياسة لابن قتيبة ج 1 / 49 وفيه (فجر) بدل (كفر)، السيرة الحلبية ج 286/3، أحاديث ام المؤمنين عائشة للعسكري ق 1 ص 105، المناقب للخوارزمی ص 117 ط الحيدرية، الغدير ج80/9 و 81.

وقد عمل هؤلاء وأولياؤهم من الانكار على عثمان، ما أهاب بأهل المدينة وأهل الامصار الى خلعه وقتله (1) فلما قتل وبايع الناس عليا كان طلحة والزبير أول من بايع (2) لكن مكانتها في الشورى أطمعتهما بالخلافة، وحملتهما على نكث البيعة، والخروج على الامام، فخرجا عليه، وخرجت معهما عائشة طمعاً باستخلاف طلحة، وكان ما كان في البصرة وصعين والنهروان من الفتن الطاغية، والحروب الطاحنة وكلها من آثار الشورى، حيث صورت انداداً لعلي ينافسونه في حقه، ويحاربونه عليه بل نهبت معاوية الى هذا، وأطمعته بالخلافة (3) فكان معاوية وكل واحد من اصحاب الشورى عقبة كؤوداً في

ص: 394


1- الغدير للامينى ج 198/9 و ما بعدها وراجع بقية المصادر فيه.
2- أول من بايع علياً طلحة والزيير: راجع : المعيار والموازنة للاسكافى ص 22 و 51، تذكرة الخواص ص 57، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 31/3، تاریخ الطبری ج 102/5 و 157 و 199، الكامل لابن الاثير ج 3 / 98 ط دار الكتاب العربي، مروج الذهب للمسعودى ج 364/2 ط بيروت، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 2/ 200 و 250 و 272 و 275 ط بیروت.
3- أخرج أبو عثمان في كتاب السفيانية كما في ص 62 من المجلد الأول من شرح النهج الحميدى عن معمر بن سليمان التميمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول لاهل الشورى : انكم ان تعاونتم و تو ازرتم وتناضحتم أكلتموها وأولادكم، وان تحاسدتم وتقاعدتم وتدابرتم وتباغضتم غلبكم على هذا الامر معاوية بن أبي سفيان، وكان معاوية يومئذ أمير الشام من قبل عمر. ولا يخفى ما في هذه الكلمة من ترشيح معاوية وحمله على طلب الخلافة بكل ما لديه من خول وطول، وفعل وقول، ومكر وخداع. على أن مصير الخلافة بعد عمر الى عثمان كاف في مصيرها بعد عثمان الى معاوية، ولذلك رتب عمر عهده با اشورى ترتيباً ينتج استخلاف عثمان كما بيناه. وبالجملة لم يقض عثمان نحبه حتى صور خمسة يكافئون عليا وينافسونه في حقه، ويحاربونه عليه ولم يكتف بهذا حتى أغرى معاوية وأطعمه في الامر كما لا يخفى على أولى النظر (منه قدس).

سبيل ما يبتغيه الامام من اصلاح الخلائق، واظهار الحقائق (1).

على أن الشورى أغرت الامة بعثمان (2) وبذرت بذوراً أجذرت بعد قتله فاستغلها الناكثون والقاسطون والمارقون (3).

والعجب العجاب أمره بقتل السنة - الذين رشحهم يوم الشورى لانتخاب أحدهم خليفة عنه - اذا لم ينفذوا عهده هذا قبل انتهاء اليوم الثالث من وفاته.

وي، وي. ما كنا لنؤمن أو لنجوز عليه الأمر بقتل هؤلاء الستة، أو واحدمنهم بمجرد تأخر انفاذ عهده عن اليوم الثالث من وفاته!!!.

ص: 395


1- الغدير ج 146/7، البيان والتبيين للجاحظ ج85/2 راجع بقية المصادر في الغدير.
2- حيث ان عمر قال يوم عهده بالشورى لعثمان : كأني بك وقد قلدتك قريش هذا الأمر، فحملت بني أمية وبي أبي معيط على رقاب الناس، وآثرتهم بالفيء فسارت اليك عصابة من ذوبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحاً، واللّه لئن فعلوا لتفعلن، وان فعلت ليفعلن : ثم أخذ بناصية عثمان فقال : اذا كان كذلك فاذكر قولى فانه كائن. أه_. (قال) ابن أبي الحديد بعد نقل هذا الخبر في ص 22 من المجلد الأول من شرح النهج ذكر هذا الخبر كله شيخنا أبو عثمان في كتاب السفيانية، وذكره جماعة غيره في فراسة عمر (قلت) : وهذا مما يؤيد نظرتنا في أن عمر انما أراد من خلافة عثمان تمهيد الأمر لمعاوية علماً منه أنه سيقتل فيفتح لمعاوية طريقاً مهيماً يوصله الى الخلافة بل هو مجرد خلافة عثمان طريق لحب يوصله الى الخلافة (منه قدس).
3- الناكثون: أصحاب الجمل. والقاسطون : أهل صفين والمارقون: أهله النهروان وقد وردت الرواية عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأمر الامام على بن أبى طالب بقتال هؤلاء الطوائف الثلاث : راجع : المستدرك للحاكم ج 3 / 139، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 3 / 168 ح 1200 - 1208 المناقب للخوارزمی ص 110 و 122 و 125. راجع بقية المصادر، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص163 تحت رقم (597)، المعيار والموازنة للاسكافى ص 37 و 55 وهذا الحديث من علامات النبوة وقد عده أبو حاتم الرازى من علامات نبوته كما في كتابه اعلام النبوة فصل - 5 - ص 110.

لكن الحقيقة في الواقع أنه أمر بقتلهم مرتاحاً الى ذلك، مطمئناً اليه كل الاطمئنان، وأوعز الى أبي طلحة الانصاري وجنوده بهذا الامر، وشدد عليهم وعلى صهيب في انفاذه.

والمسلمون بمنظر وبمسمع***لا منكر منهم ولا متفجع

وهذا غاية ماتمادى به الفاروق. ومضى فيه على غلوائه، وقد كان من أعرف الناس بمكانة السنة من الصحبة، وشهد يومئذ بأن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مات راضياً عنهم (1).

على أن في الستة من هو من رسول اللّه كالصنو من الصنو، و الذراع من العضد وكان منه بمنزلة هارون من موسى الا أنه ليس بنبي(2) ولكنه

ص: 396


1- تاريخ الطبرى ج 34/5، الكامل في التاريخ ج 35/3.
2- سوف تأتى مصادره وراجع سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص117 رقم (475) ط بیروت.

الوزير (1) والوصي (2) وأبو السبطين (3) و صاحب بدر وأحد وحنين (4) ومن عنده علم الكتاب (5).

فما كان أغنى فاروق الأمة عن تعريضه و تعريض بقية الستة لهذا الخطر، وهذه المهانة، و قد كان في وسعه أن لا يعهد الى أحد ما فيذر الامر شورى بين أفراد الامة كافة، يختارون لانفسهم من شاؤوا، وحينئذ يكون قد صدق في قوله لا أتحملها حياً وميتاً.

أو يعهد الى عثمان بكل صراحة، كما عهد أبو بكر اليه فيكون حينئذ صريحاً فيما يريد - غير مما كر ولامداور - حيث رتب أمر الشورى ترتيباً

ص: 397


1- مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 111 ح154، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 3 / 261 ط 1 وج 228/13 بتحقيق أبو الفضل، تذكرة الخواص ص 43، المناقب للخوارزمي ص 62 و 250، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج1 / 89 ح 141 و 143 و 155 و 107 و 158، احقاق الحق للتسترى ج27/4، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 116 تحت رقم (468) ط بیروت.
2- سوف يأتي الحديث مع مصادره.
3- هذا معلوم بالوجدان. وراجع سبيل النجاة في تتمة المراجعات صور 229 تحت رقم (738).
4- كتب السير والاخبار والتاريخ شاهد على ذلك. وراجع فرائد السمطين ج 251/1 وما بعدها، المناقب للخوارزمى ص 102 وما بعدها، المناقب لابن المغازلى ص 176 و 197 و 200، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 / 156 وما بعدها، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات تحت رقم (519 و 520) وراجع ما تقدم تحت رقم (469 و 471 و 472 و 473 و 474)، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 2/ 94 و 106، الطبقات لابن سعد ج 23/3 ط بیروت، دلائل الصدق ج 2 / 253.
5- تقدم تحت رقم (559) فراجع.

يفضي الى استخلاف عثمان لا محالة، فان ترجيح عبدالرحمن على الخمسة ليس الا لعلمه بأنه سيؤثر بالامر، وان سعداً لا يخالف عبدالرحمن أبداً.

وقد علم الناس هذا من فاروقهم، وان ظن انه موه الامر على الناس وقال لا أتحملها حياً وميتاً.

ومارأى المسلمين لو سمع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عمر يأمر أبا طلحة فيقول : ان اجتمع خمسة وأبى واحد فاشدخ رأسه بالسيف، وان اتفق أربعة وأبي اثنان فأضرب رأسيهما، وان افترقوا ثلاثة وثلاثة فالخليفة في الذين فيهم عبد الرحمن، واقتلوا أولئك ان خالفوا، فان مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على واحد منهم فاضربوا أعناق السنة» (1) أفتونا أيها المسلمون، وكونوا أحراراً فيما تفتون. وانا للّه وانا اليه راجعون.

ص: 398


1- تاريخ الطبرى ج 5/ 35، الكامل لابن الاثير ج35/3.

الفصل الثالث: تأول عثمان وأتباعه

صلته لارحامه

المورد - (70) - صلته لارحامه :

كان عثمان وصولا لارحامه (1) [آل أبي العاص] (2) ولوعاً بحبهم وايثارهم، حتى لم تأخذه في سبيلهم ملامة اللائمين، ولا ثورات الثائرين، وقد استباح في صلتهم مخالفات كثيرة من أدلة الكتاب الحكيم، و السنن المقدسة، والسيرة التي كانت مستمرة من قبله.

ص: 399


1- ان له في سبيل أرحامه مخالفات لنصوص شتى و موارده في ذلك لا تستقصى في هذا الكتاب، ولعلها لا تنقص عن موارد الخليفتين السابقتين بأجمعها (منه قدس). اعطائه الاموال وصلاته لارحامه مما لا يشك فيه أدنى انسان مطلع على التاريخ. راجع : الغدير للامينى ج 286/8، شيخ المضيرة أبو هريرة لمحمود أبى رية المصرى ص 166.
2- وقد قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): اذا بلغ بنو العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال اللّه دولا، وعباد اللّه خولا ودين اللّه دغلا أخرجه الحاكم بالاسناد الى كل من على أمير المؤمنين، وأبي ذر، وأبي سعيد الخدري، وصححه في ص 480 من الجزء الرابع من مستدرکه. واعترف بصحته الذهبي اذ أورده في تلخيص المستدرك. والصحاح في ذم آل أبي العاص متواترة، وقد أعلن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمر هؤلاء المتغلين من المنافقين ولعنهم «ليهلك من هنك عن بيئة ويحيى من حي عن بينة» وحسبك من اعلانه ما أخرجه الحاكم في كتاب الفتن والملاحم من صحيحه «المستدرك» ويكفيك ما أوردناه في كتابنا «أبو هريرة» مما علقناه على الحديث الرابع عشر وهو في ص118 الى منتهى ص128 فراجع (منه قدس). لعن الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) آل أبي العاص في مواطن كثيرة : راجع : الصواعق لابن حجرص 179 ط المحمدية وص 108 ط الميمنية تطهير الجنان لابن حجر ص 63 ملحقاً بالصواعق ط المحمدية وص 144 بهامش الصواعق ط الميمنية، مقتل الحسين للخوارزمی ج1 / 172، الدر المنثور للسيوطى ج 191/4 وج 41/6، سير أعلام النبلاء، ج 2/ 80، أسد الغابة ج 2/ 34، السيرة الحلبية ج 317/1 السيرة الدحلانية بهامش الحلبية ج 1 / 225 - 226، الغدير للاميني ج245/8، شیخ المضيرة أبو هريرة ص160.

قال ابن أبي الحديد (1) : وصحت فيه فراسة عمر، اذ قد أوطا بني أمية رقاب الناس، وأولادهم الولايات، وأقطعهم القطائع، و افتتحت أرمينيا في أيامه فأخذ الخمس كله فوهبه لمروان فقال عبد الرحمن بن الحنبل الجمحي:

أحلف باللّه رب الانام****ما تر اللّه شيئاً سدى

ولكن خلقت لنا فتنة***لكي نبتلي بك أو نبتلى

فان الامينين قد بيّنا***منار الطريق عليه الهدى

فما أخذا درهماً غيلة***ولا جعلا درهماً في هوى

وأعطيت مروان خمس البلاد***فهيهات سعيك من سعى (2)

ص: 400


1- فى ج 1 /66 من شرحه للنهج طبع مصر، فراجع ما أورده ثمة من أحداث عثمان (منه قدس).
2- اعطائه خمس أرمينيا لمروان مشهور لاشك فيه : راجع : الغدير للامينى ج257/8، المعارف لابن قتيبة ص 84، تاريح أبي الفداء / 198، أنساب الاشراف للبلاذری ج 38/5، تاریخ الطبری ج 50/5.

قال ابن أبي الحديد : وطلب منه عبد اللّه بن خالد بن أسيدصلة، فأعطاه اربعمائة الف درهم (1)[فال]: وأعاد الحكم بن أبي العاص بعد أن سيره رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ثم لم يرده أبو بكر ولا عمر، وأعطاه مائة الف درهم (2) وتصدق رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بموضع سوقه بالمدينة يعرف بنهروز على المسلمين، فأقطعه عثمان الحارث بن الحكم أخا مروان بن الحكم (3). واقطع مروان فدكا وقد كانت فاطمة طلبتها بعد وفاة أبيها رسول اللّه تارة بالميراث، وتارة

ص: 401


1- صلته لعبد اللّه بن خالد بن أسيد : راجع : الغدير للأمينى ج 276/8، العقد الفريد ج 261/2، المعارف لابن قتيبة ص 84.
2- ارجاعه للحكم بن أبي العاص : راجع : الغدير للاميني ج 241/8 وما بعدها وفيه مصادر كثيرة، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 168. وقد لعن الرسول الحكم بن أبي العاص وما يخرج من صلبه : راجع : نفس المصادر التي تقدمت تحت رقم - 583 مع نفس الصفحات لها الغدير 245/8 عن مصادر متعددة.
3- الغدير الامينى ج268/8، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 169، العقد الفريد ج 28، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 67/1 وفي لفظ شرح النهج (بهزور) وهو تحريف بل في عقد الفريد (مهزور). وراجع أيضاً : محاضرات المراغب ج 211/2، المعارف لابن قتيبة ص 84، الاحكام السلطانية للماوردى وأبي يعلى في بيان باب تركة الرسول، مقدمة مرآة العقول ج 159/1.

بالنحلة فدفعت عنها (1).

(قال) : وحمى المراعي حول المدينة كلها عن مواشي المسلمين كلهم الا عن بني أمية (2) (قال) : وأعطى عبداللّه ابن أبي سرح جميع ما أفاء اللّه عليه من فتح افريقية، وهي من طرابلس الغرب الى طنجة، من غير أن يشرك فيه أحداً من المسلمين (3).

(قال) : وأعطى أبا سفيان بن حرب مائتي الف من بيت المال (4) في اليوم الذي أمر فيه لمروان بن الحكم بمائة الف من بيت المال، وقد كان زوجه ابنته أم أبان، فجاء زيد بن أرقم صاحب بيت المال بالمفاتيح ووضعها

ص: 402


1- عثمان يعطى فدكاً لمروان : راجع : المعارف لابن قتيبة ص 195، تاريخ أبي الفداء ج 169/1 وفي طبع آخر 232/1، سنن البيهقى ج 301/6، العقد الفريد ج 283/4، وفاء الوفاء ج 3 / 1000، فدك في التاريخ ص 20، الغدير للاميني ج 195/7 وج 236/8 – 238. وراجع بقية المصادر فيما تقدم تحت رقم - 99 - من هذا الكتاب. ومقدمة مرآة العقول ج 1/2، الطبقات لابن سعد ج 388/5، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 169. ويعطيه أيضاً خمس الغز والثاني لافريقيا : راجع: تاريخ الذهبي ج 2/ 79، الكامل لابن الاثير ج 46/3، أنساب الاشراف للبلاذری، ج 25/5 و 28، تاريخ الخلفاء ص 156.
2- الغدير للاميني ج235/8، أنساب الاشراف للبلاذرى ج37/5، السيرة الحلبية ج 87/2، شرح النهج الحديدى ج 1 / 67 و 235 وغيرها.
3- عثمان يعطى بن أبي سرح خمس الغز والاول لافريقيا : الغدير للاميني ج 279/8، شرح النهج ج 67/1، تاريخ الذهبي ج79/2، الكامل لا بن الاثير ج 46/2، أسد الغابة ج 173/3، تاريخ ابن كثير ج 152/7، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 26/5.
4- الغدير ج277/8.

بين يدي عثمان وبكى. فقال عثمان : أتبكي ان وصلت رحمی ! قال : لا اولكن أبكي لاني اظنك انك أخذت هذا المال عوضاً عما كنت انفقته في سبيل اللّه في حياة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) واللّه لو أعطيت مروان مائه درهم لكان كثيراً. فقال عثمان ألق المفاتيع يا ابن أرقم فانا سنجد غيرك (1).

قال ابن أبي الحديد : وأتاه أبو موسى بأموال من العراق جليلة فقسمها كلها في بني أمية (2) و أنكح الحارث بن الحكم ابنته عائشة فأعطاه مائة الف من بيت المال أيضاً بعد صرفه زيد بن أرقم عن خزنه (3)(قال) : وانضم الى هذه الامور امور اخرى نقمها عليه المسلمون، كتسيير أبي ذر الى الربذة (4) وضرب عبد اللّه بن مسعود حتى كسر اضلاعه (5)، وما أظهر من الحجاب

ص: 403


1- الغدير للاميني ج 259/8، شرح النهج الحديدي ج 67/1، السيرة الحلبية ج 87/2.
2- شرح النهج الحديدى ج 67/1.
3- وقيل ثلاث مائة ألف كما في أنساب الاشراف للبلاذری ج 52/5 و 28، الغدير ج267/8. وأما ثروة الخليفة نفسه : فراجع : الغدير ج 285/8، مروج الذهب، ج332/2، الطبقات لابن سعد ج 3 / 58.
4- الغدير للاميني ج292/8 - 386، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 52/5 - 54، صحيح البخارى ك الزكاة والتفسير، الطبقات لابن سعد ج 232/4، مروج الذهب ج 2/ 339، تاريخ اليعقومى ج 148/2 ط الغرى، شرح ابن أبي الحديد ج 20/12 - 242 ط 1، فتح البارى ج 3/ 213، عمدة القارى ج291/4.
5- الغدير ج3/9 - 14، أنساب الاشراف للبلاذری ج 36/5، تاریخ اليعقوبي ج 147/2.

والعدول عن طريقة عمر في اقامة الحدود، ورد المظالم، وكف الابدي العادية.

والانتصاب لسياسة الرعية، وختم ذلك بما وجدوه من كتابه الى معاوية يأمره فيه بقتل قوم من المسلمين (1) فاجتمع عليه كثير من أهل المدينة مع القوم الذين وصلوا من مصر لتعديد احداثه عليه فقتلوه وقد كان الواجب عليهم أن يخلعوه من الخلافة ولا يعجلوا بقتله (قال) : وأمير المؤمنين أبرأ الناس من دمه.

وقد صرح بذلك في كثير من كلامه، فمن ذلك قوله : واللّه ما قتلت عثمان ولا مالات على قتله. وقد صدق صلوات اللّه عليه... الى آخر ما قاله ابن أبي الحديد فليراجع.

قلت : وبالجملة فان احداث [ذي النورين] كلها أو جلها متواترة عنه. رواها المحدثون وأهل السير والاخبار بأسانيدهم متعددة الطرق المعتبرة، وأرسلها الكثير منهم ارسال المسلمات فلتراجع (2).

ص: 404


1- الغدير للامينى ج177/9، مروج الذهب ج 2 / 344، أنساب الاشراف للبلاذرى 26/5، الامامة والسياسة ص 33 - 37، تاريخ الطبری ج 119/5، الكامل ج في التاريخ ج 85/3.
2- وان ممن أرسلها كمسلمات لاريب فيها الشهرستاني افي كتابه الملل والنحل فليراجع الخلاف التاسع من الاختلافات التي أوردها فى المقدمة الرابعة من المقدمات التي جعلها في أول كتابه المذكور، وكم لذى النورين من أحداث غيرها نقمها عليه المسلمون كاحراقه المصاحف جمعاً للناس على قراءة واحدة واعطائه المقاتلة من مال الصدقة مع انهم ليسوا من الاصناف الثمانية التي حصر اللّه الصدقة بهم وقصرها عليهم في قوله عز وجل : «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ» (الاية). و كضر به عمار بن یاسر ذلك الضرب المبرح وعدم اقامته الحد على عبيد اللّه بن عمر اذ قتل الهرمزان و کتابه الى أهل مصر بقتل محمد بن أبي بكر وجماعة من المؤمنين معه (منه قدس). ولاجل المزيد من الاطلاع : راجع : الغدير للامينی ج 8 و 9 ط بیروت.

وحسبك ما في الخطبة الشقشقية لامير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقد ذكره فيها فقال : الى ان قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بيه نثيله ومعتلفه وقام معه بنو أبيه يخضمون مال اللّه خضمة الا بل نبتة الربيع الى أن انتكسث عليه فتله وأجهز عليه عمله و كبت به بطنته (1)... الى آخر كلامه وانه (عَلَيهِ السَّلَامُ) لمن لا يأثم فيمن يحب ولا يحيف على من يكره، يشهد له بذلك عدوه ووليه.

صلاته في السفر

المورد - (72) - صلاته في السفر :

وذلك ان الصلاة الرباعية تقصر في السفر الى ركعتين، سواء أكان ذلك في حال الخوف أم كان في حال الامن، وقد ثبتت مشروعية التقصير بالكتاب والسنة والاجماع. قال اللّه تعالى : «وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا» (2).

وعن يعلى بن أمية. قال قلت لعمر: مالنا نقصر وقد أمنا فقال: عجبت مما عجبت منه فسألت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن ذلك. فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صدقة تصدق اللّه بها عليكم مأقبلوا صدقته. أخرجه مسلم (3).

ص: 405


1- قال ابن أبي الحديد في تعليقه على هذا الكلام من شرحه لنهج البلاغة : هذا من ممض الذم وأشد من قول الحطيئة الذى قيل أنه أهجى بيت قالته العرب : دع المكارم لا ترحل لبغينها***واقعد فانك أنت الطاعم الكاسي (منه قدس)
2- سورة النساء : 101.
3- في كتاب صلاة المسافرين وقصرها ص 258 من الجزء الاول من صحيحه (منه قدس). صحیح مسلم ج 191/1 - 192 وفي طبع العامرة ج 2 / 143، سنن أبي داود ج 187/1، سنن ابن ماجة ج 1 / 329، سنن النسائى ج 3 / 116، سنن البيهقى ج3/ 134 و 141، أحكام القرآن للجصاص ج 2/ 308، المحلى لابن حزم ج267/4، الغدير ج111/8.

وعن ابن عمر فيما أخرجه مسلم في صحيحه (1) قال: اني صحبت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في السفر فلم يزد على الركعتين حتى قبضه اللّه تعالى اليه، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه اللّه تعالى، وصحبت عمر فلم يزد علی ركعتين حتى قبضه اللّه تعالى ثم صحبت عثمان فلم يزد علی رکعتین (2).

وقد قال اللّه تعالى: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» (3) وروى ابن أبي شيبة ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال: «ان خيار أمتي من شهد أن لااله الا اللّه، وان محمداً رسول اللّه، والذين اذا أحسنوا استبشروا، واذا أسأوا استغفروا، واذا سافروا قصروا» (4).

وعن أنس بن مالك - فيما أخرجه الشيخان في صحيحيهما - قال: خرجنا مع النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من المدينة الى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا الى المدينة (5).

ص: 406


1- ص 259 في كتاب صلاة المسافرين وقصرها (منه قدس).
2- على هذا كان عمل عثمان حتى مضى من خلافته ست سنوات أو تسع ثم لم يقصر وانما كان يتم حتى مضى لسبيله كما سنبينه في الاصل (منه قدس).
3- الغدير ج 111/8، مسند أحمد ج 2/ 45، سنن ابن ماجة ج 330/1، سنن النسائى ج 123/3، أحكام القرآن للجصاص ج 310/2، زاد المعاد هامش شرح المواهب للزرقاني ج 2/ 29، صحیح مسلم ج 144/2 ط العامرة.
4- المصنف لابن أبي شيبة.
5- صحيح البخارى ج 153/2، صحیح مسلم ج 1 / 260 وفي طبع العامرة 145/2، مسند أحمد ج3 / 190، سنن البيهقى ج 136/3 و 145.

وعن ابن عباس - فيما أخرجه البخاري في صحيحه - قال: قام النبي في مكة تسعة عشر يقصر (الحدیث) (1) قلت وانما قصر مع اقامته تسعة عشر يوماً لعدم نية الاقامة.

وثبت عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انه كان يصلي بأهل مكة اماماً بعد الهجرة فيسلم في الرباعيات على رأس الركعتين الأوليين وكان قد تقدم الى القوم بأن يتموا صلاتهم أربع ركعات معتذراً عن نفسه وعمن جاء معه بأنهم قوم سفر (2).

وعن أنس قال: صليت مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الظهر في المدينة أربعاً، وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين (3).

قلت: دلت الآية المحكمة على مشروعية القصر للمسافر في حال خوفه، ودل ما بعدها من النصوص الصحاح المتظافرة على مشروعيته للمسافر مطلقاً وعلى ذلك اجماع الامة، بلاخلاف ينقل عن أحد منها غير عائشة وعثمان، وقد تواتر عنهما الاتمام في السفر. (4) وكان ذلك أول ما نكلم الناس فيه على

ص: 407


1- تجده في باب ما جاء في التقصير من أبواب التقصير ص 131 من ج 1 من صحيحه (منه قدس).
2- سنن البيهقى ج 153/3، الغدير ج 100/8.
3- أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها من الجزء الأول من صحيحه (منه قدس). أصحیح مسلم ج 144/2 ط العامرة.
4- صحيح البخاری ج 154/2، صحیح مسلم ج 260/2 وفي طبع العامرة ج 2 / 146، مسند أحمد ج 148/2 ط 1، سنن البيهقى ج 126/3، الموطأ ج 282/1 سنن النسائى ج 3/ 120. راجع بقية المصادر في الغدير ج98/8 وما بعدها.

عثمان وعده المؤرخون من حوادث سنة تسع وعشرين للّهجرة - (1) و دلت عليه صحاح كثيرة.

فمنها ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما عن نافع عن ابن عمر واللفظ لمسلم قال : صلى رسول اللّه بمنى ركعتين، وأبو بكر بعده، وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدراً من خلافته، ثم ان عثمان صلى بعد أربعاً... (الحديث) (2).

ومنها ما أخرجاه أيضاً عن عبد الرحمن بن يزيد انه قال : صلى بنا عثمان ابن عفان بمنى أربع ركعات فقيل لعبد اللّه بن مسعود فاسترجع، ثم قال: صليت مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بمنى ركعتين وصليت مع أبي بكر ركعتين، وصليت مع عمر بمنی رکعتین، فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان (3).

وأخرجا أيضاً عن حارثة بن وهب الخزاعي قال : صلى بنا النبي والناس أكثر ما كانوا فكانت صلاته ركعتين (4).

ص: 408


1- فراجعها في كامل ابن الاثير ج 3 / 49 وفي ج 322/3 من تاريخ الطبرى (منه قدس). الغدير ج 101/8، الكامل في التاريخ ج51/3.
2- صحيح البخارى ج 2 / 154، مسند أحمد ج 148/2، صحیح مسلم ج 1/ 260 وفي طبع العامرة ج 146/2، سنن البيهقى ج 3 / 126، الغدير ج 98/8.
3- صحيح البخارى ج 154/2، الغدير ج 99/8، مسند أحمد ج1، صحيح مسلم ج 261/1 وفي طبع العامرة ج 146/2.
4- وان ممارواه حفظة الاثار في هذا الموضوع من أهل السنن والاخبار مارواه الامام أحمد بن حنبل من حديث معاوية في مسنده ص 94 من جزئه الرابع بالاسناد الى عباد بن عبد اللّه بن الزبير عن أبيه عباد. قال لما قدم علينا معاوية حاجاً قدمنا معه من مكة (قال) : فصلى بنا الظهر ركعتين (قال): وكان عثمان حين أتم الصلاة اذا قدم مكة مسافراً صلى بنا الظهر والعصر والعشاء الاخرة أربعاً أربعاً، واذا أتى منى أتم الصلاة (فيها وفي عرفات). قال : فلما صلى بنا معاوية الظهر ركعتين نهض اليه مروان بن الحكم وعمرو ابن عثمان فقالا له : ماعاب ابن عمك أحد بأقبح مما عبته به، فقال لهما : ومم ذلك ؟ قال : فقالا له : ألا تعلم انه أتم الصلاة (وهو اذ ذاك في سفر) قال : فقال لهما : ويحكما وهل كان غير ما صنعت ؟ وقد صليتهما مع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومع أبي بكر وعمر قصراً. قالا : لكن ابن عمك قد كان أتمهما، وان خلافك اياه لعيب له. قال: فخرج معاوية الى العصر فصلاها أربعاً، وكان قد صلى الظهر قصراً (منه قدس). صحیح مسلم ج 147/2 ط العامرة.

وأخرج مسلم من عدة طرق عن الزهري عن عروة عن عائشة: ان الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر، قال الزهري فقلت لعروة مابال عائشة تتم في السفر. قال: انها تأولت كما تأول عثمان. انتهى بلفظ مسلم في أول كتاب صلاة المسافرين ص258 من جزئه الاول (1).

قلت : قال الفاضل النووي عند انتهائه الى هذا الحديث من شرح مسلم: اختلف العلماء في تأولهما فقيل: لان عثمان أمير المؤمنين وعائشة امهم فكأنهما في منازلهما، قال : وأبطله المحققون بأن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان أولى بذلك منهما وكذلك أبو بكر وعمر قال: وقيل بأن عثمان تأهل بمكة. وأبطلوه بأن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سافر بأزواجه وقصر.

وقيل : فعلا ذلك من أجل الاعراب الذين حضروا معه اثلا يظنوا ان الصلاة ركعتان ابداً حضراً وسفراً. وأبطلوه بأن هذا المعنى كان موجوداً فرض في زمن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بل اشتهر أمر الصلاة في زمن عثمان وعائشة أكثر مما كان(قال): وقيل لان عثمان وعائشة نويا الاقامة بمكة بعد الحج. وأبطلوه بأن الاقامة بمكة حرام على المهاجرين فوق ثلاث (فال): وقيل كان لعثمان أرض

ص: 409


1- صحیح مسلم ج 143/2 ط العامرة.

بمنى. وأبطلوه بأن ذلك لا يقتضي الاتمام والاقامة، قال: والصواب انهما رأيا القصر جائزاً، والاتمام جائزاً فأخذا بأحد الجائزين (1).

قلت والحق ان مخالفتهما للنصوص لم تكن مقصورة على هذا المورد على أنه مما لم تهتك به حرمات، ولم تسفك به دماء، ولم تبح به أموال وأعراض كغيره من موارد تأولاتهما، فأمره سهل بالنسبة الى ما سواه مما تأولا فيه الادلة (2).

ص: 410


1- الغدير ج115/8، الكامل فى التاريخ ج51/3
2- قضائه في امرأة ولدت لستة أشهر: راجع : الغدير للاميني ج97/8 وج 94/6. 1 - ابطال عثمان الحدود وصلاة الوليد وهو سكران : راجع : أنساب الاشراف ج 33/5، الغدير ج 120/8، الاغاني ج4 / 178، مسند أحمد ج 1 / 144، سنن البيهقى ج 318/8، تاريخ اليعقوبي ج2 /142، الكامل لابن الاثير ج 53/3، أسد الغابة ج 91/0 و 92، تاريخ أبي الفداء ج 176/1، الاصابة ج 3 / 638 وغيرها. 2 - احدوثة الأذان الثالث يوم الجمعة : راجع : الغدير ج 125/8 عن مصادر كثيرة. 3 - توسعة المسجد الحرام : راجع: تاريخ الطبری ج 47/5، تاریخ الیعقوبی ج142/2، الكامل ج51/3 الغدير ج129/8 عن مصادر اخرى : 4 - منعه عن متعة الحج : راجع: صحيح البخارى ج 69/3 و 71، صحيح مسلم ج 349/1، مسند أحمد ج 61/1 و 95، سنن النسائی ج 5 / 148 و 102، سنن البيهقى ج 352/4 وج 1 / 22، مستدرك الحاكم ج 472/1، تيسير الوصول ج 282/1، الغدير ج 130/8. 5 - تعطيل الخليفة القصاص. تاريخ الطبرى ج 42/5، الرياض النضرة ج 2/ 150، الاصابة ج619/3، أنساب الاشراف ج 24/5، تاريخ اليعقوبي ج 2 / 141، طبقات ابن سعد ج 5 / 8 ط ليدن، الغدير ج132/8 عن مصادر أخرى. 6- رأيه فى الجنابة : صحیح مسلم ج 142/1، الغدير ج143/8 عن مصادر كثيرة : 7 - كتمان الحديث : راجع : الغدير ج151/8 عن مصادر عديدة. 8 - رأيه في زكاة الخيل : أنساب الاشراف ج 5 / 26، الغدير ج154/8 عن مصادر كثيرة. 9 - تقديم عثمان الخطبة على الصلاة في العيدين : فتح البارى ج 361/2، الغدير ج8 / 160 عن مصادر اخرى. 10 - رأى عثمان في القصاص والدية : سنن البيهقى ج 33/8، الغدير ج167/8 عن مصادر كثيرة. 11 - رأى عثمان في القراءة : الغدير ج 173/8 عن مصادر متعددة. 12 - رأى عثمان في صلاة المسافر: الغدير ج185/8. 13 - رأى عثمان في صيد الحرم : الغدير ج 186/8 عن مصادر كثيرة. وراجع بقية أفعاله في كتاب الغدير ج 8 ط بیروت.

ص: 411

الفصل الرابع: تأول عائشة واثباتها

صلاة عائشة في السفر

المورد - (73) - صلاة عائشة في السفر :

شرع اللّه تقصير الفرائض الرباعية في السفر في محكم كتابه وعلى لسان نبيه في الصحاح من سننه المقدسة، وعلى ذلك اجماع الامة كمابيناه آنفاً بلاخلاف ينقل عن أحد منهما، غير عثمان وعائشة، وقد تواتر عنهما الاتمام في السفر (1).

هذا مع ما أخرجه مسلم من عدة طرق عن الزهري عن عروة عن عائشة نفسها: ان الصلاة أول ما فرضت ركعتين قالت عائشة فأذرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر. هذا حديثها بعين لفظه (2).

ص: 412


1- صحيح مسلم ج 143/2.
2- فراجعه فى أول ص 258 من الجزء الاول من صحيح مسلم المطوع في المكتبة العربية الكبرى بمصر سنة 1327 وأعمل بماروت، ودع عنك مادرت (منه قدس). صحيح مسلم ج 143/2.

يوم زفت اسماء بنت النعمان الجونية عروساً الى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

المورد - (74) - يوم زفت اسماء بنت النعمان الجونية عروساً الى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) :

وذلك فيما أخرجه حفظة الآثار بالاسناد الى حمزة بن أبي أسيد الساعدي عن أبيه وكان بدرياً قال: تزوج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أسماء بنت النعمان الجونية فأرسلني فجئت بها، فقالت حفصة لعائشة اخضبيها أنت !! وأنا أمشطها !! ففعلتا ثم قالت لها احداهما : ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعجبه من المرأة اذا دخلت عليه أن تقول: أعوذ باللّه منك !!. فلما دخلت عليه وأغلق الباب وأرخى الستر مدّ يده اليها فقالت: أعوذ باللّه منك.

فقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لكمه على وجهه فاستتر به وقال: عذت بمعاذ ثلاث مرات ثم خرج الى أبي اسيد فقال يا أبا اسيد الحقها بأهلها ومتعها برازقيتين يعني كرباسين. (وطلقها) فكانت تقول : ادعوني الشقية. قال ابن عمر قال هشام ابن محمد فحدثني زهير بن معاوية الجعفي انها ماتت كمداً (1).

يوم قال أهل الأفك والزور ماقالوا في ابراهيم بن رسول اللّه وامه مارية

المورد - (75) - :

يوم قال اهل الافك والزور ما قالوا في ابراهيم بن رسول اللّه وامه ام

ص: 413


1- أخرجه بهذه الالفاظ كل من الحاكم في ترجمة أسماء بنت النعمان ص37 من الجزء من المستدرك، وابن سعد في الجزء8 من طبقاته ص 104 وأخرجها ابن جرير وغيره (منه قدس). تلخيص المستدرك للذهبى بذيل المستدرك للحاكم ج 37/4، الاصابة لابن حجر ج 233/4، تاريخ اليعقوبي ج 69/2، أحاديث ام المؤمنين عايشة ق1 ص 21 تاريخ الطبري ج ص، الطبقات لابن سعد ج 145/8 ط بیروت.

المؤمنين مارية.

وذلك أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دخل بعدها على عائشة بولده ابراهيم - وكان فيه شبه من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - فسألها عن ذلك؟. قالت : فحملني ما يحمل النساء من الغيرة ان قلت مارأيت شبها !!. أرادت بهذا تأييد افك الافكين (نعوذ باللّه كما يدل عليه قولها فحملني ما يحمل النساء من الغيرة، لكن براً اللّه ابراهيم (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وأمه على يد أمير المؤمنين براءة محسوسة بالباصرة ملموسة باليد، يثبت ذلك كله ما أخرجه الحاكم في صحيحه المستدرك و الذهبي في تلخيصه بالاسناد الى عائشة نفسها فراجع (1).

يوم المغافير

المورد - (76) - يوم المغافير :

وحسبك منه ما أخرجه البخاري (2) عن عائشة نفسها، قالت: كان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يشرب عسلا عند زينب بنت جحش ويمكث عندها، فتواطأت أنا وحفصة

ص: 414


1- ص 39 من الجزء من كل من المستدرك وتلخيصه وأعجب (منه قدس). و مع اختلاف بسير يوجد في : صحیح مسلم ج 119/8 ط مشکول، الاستيعاب هامش الاصابة ج 4 / 411 و 412 الاصابة ج 334/3، السيرة الحلبية ج 309/3 و 312، الكامل في التاريخ ج 212/2 أسد الغابة ج 542/5 و 544 وج 4 / 268، الطبقات لابن سعد ج 1 / 137 و ج 214/8 مجمع الزوائد ج 161/9، الدر المنثور ج 240/6، البداية والنهاية ج 305/3، تاريخ اليعقوبي ج 87/2 ط دار صادر، حديث الافك ص 242 – 246. ومن طريق الشيعة : تفسير القمي ج 2/ 99 و 318، تفسير البرهان ج126/3وج 200/4، تفسير نور الثقلين ج 581/3، تفسير الميزان ج 103/15.
2- في تفسير سورة التحريم ص 136 من جزئه الثالث. فراجع ولك الخيار أن تعجب (منه قدس).

على ايّتنا دخل عليها فلتقل له أكلت مغافير؟ قال: لا. ولكن أشرب عسلاعند زينب بنت جحش فلن اعود له، لا تخبري بذلك أحداً (1).

تكليفهما بالتوبة

المورد - (77) - تكليفهما بالتوبة

وذلك لان التوبة لاتطلب الا من المذنب بمخالفته لاوامر اللّه عزوجل ونواهيه فقوله تعالى «اِنْ تَتُوبَا اِلَى اللّهِ» بمجرده دال على معصيتهما، على انه عز سلطانه صرح بمخالفتهما في قوله: «فَقَد صَغَت قُلُوبُكُمَا» أي عدلت ومالت عن الحق الواجب عليهما (2).

تظاهرهما على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

المورد - (78) - تظاهرهما على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) :

وحسبك في ذلك قوله عز من قائل: «وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَىٰ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ» الآية (3).

ص: 415


1- سنن النسائى ج 151/6 وج 71/7، تفسير الطبري ج156/28 - 158 ط 2، الدر المنثور ج 239/6، الكشاف للزمخشرى ج 563/4، تفسير القرطبي ج 18/ 177، تفسير الفخر الرازى ج231/8 ط العامرة.
2- الكشاف للزمخشرى ج 566/4 ط بيروت، التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي ج 131/4، فتح البيان لصديق حسن خان ج480/9، تفسير الرازي ج 332/8، تفسیر أبي السعود بهامش تفسير الرازى ج 332/8، الدر المنثور ج 239/6 و 342، تفسیر القرطبي ج 177/18 و 188، فتح القدير للشوكاني ج 250/5، تفسير ابن كثير ج 4 / 387 و 388.
3- سورة التحريم : 5.

أخرج البخاري في تفسيرها من صحيحه (1) عن عبيد بن حنين انه سمع ابن عباس يحدث انه قال: مكنت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله عنها هيبة لها حتى خرج حاجاً فخرجت معه، فلما رجعت وكنا ببعض الطريق عدل الى الاراك لحاجة له، قال: فوقفت له حتى فرغ ثم سرت معه فقلت: يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من أزواجه فقال: تلك حفصة وعائشة الحديث وهو طويل (2) فراجعه وامعن في الاية وماتعطيك من ابتلائه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وابتلاء وصيته من بعده في أمتي المؤمنين اللتين أعد اللّه لدفاعهما عن رسوله مالا يعده لدفاع أهل الارض في الطول والعرض بل لا يعده لدفاع الثقلين من الانس والجن ولحربهما جميعاً

المثل العظيم في آخر سورة التحريم

المورد - (79) - المثل العظيم في آخر سورة التحريم :

ألا وهو قوله تعالى: «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ» «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» الآية (3) هذا ماضر به اللّه لهما مثلا لينذرهما به ولتعلما ان الزوجية بمجردها لاي كان لاتنفع ولا تضر

ص: 416


1- ص 136 من جزئه الثالث. وأخرجه أيضاً في ص 137 فی ج3 من طريق آخر (منه قدس).
2- الكشاف ج 4 / 566 ط بیروت، التسهيل لعلوم التنزيل ج 131/4، تفسير الرازي ج332/8، تفسير القرطبي ج 202/18، فتح القدير ج 252/5، تفسير ابن كثير ج 388/5.
3- سورة التحريم آية : 10.

والنافع والضار للمرء انما هو علمه (1).

يوم أراد رسول اللّه أن يخطب لنفسه شراف أخت دحية الكلبي

المورد - (80) - :

يوم أراد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن يخطب لنفسه شراف أخت دحية الكلبي وذلك أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعث عائشة تنظر اليها فذهبت ثم رجعت، فقال لها رسولا. (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مارأيت؟. فقالت: ما رأيت طائلا !!. فقال لها رسول اللّه لقدر أيت طائلا! لقد رأيت خالا تجدها اقشعرت منه ذوائبك. فقالت يارسول اللّه مادونك سر ومن يستطيع أن يكتمك (2).

يوم خاصمت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى أبيها

المورد - (81) - يوم خاصمت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى أبيها :

أخرج أهل السير والاخبار بالاسناد الى عائشة قالت: خاصمت النبي الى أبي بكر فقلت : يارسول اللّه أقصد (3) !!. فلطم أبوبكر خدي وقال : تقولين لرسول اللّه اقصد ؟!! وجعل الدم يسيل من أنفي. (الحديث) (4).

ص: 417


1- تفسير القرطبي ج 202/18، فتح القدير للشوكاني ج 255/5.
2- أخرج هذا الحديث أصحاب السنن والمسانيد كالمنقى الهندى عن عائشة نفسها ص 294 من الجزء 6 من كنز العمال وهو الحديث 5084، وأخرجه ابن سعد في ص 115 من الجزء من طبقاته بالاسناد الى عبدالرحمن بن ساباط (منه قدس). الطبقات لابن سعد ج 161/8 ط دار صادر، تاریخ بغداد، ترجمة محمد بن أحمد بن أبي بكر المؤدب، عيون الاخبار ك النساء، عبقات الانوار (حديث الثقلين) ج 2 / 334، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 246 تحت رقم (792).
3- أقصد، من القصد وهو العدل (منه قدس).
4- أخرجه أصحاب المسانيد بالاسناد الى عائشة. وهو الحديث 1020 من أحاديث الكنز ص 116. وأورده الغزالي في آداب النكاح ص 35 من الجزء الثاني من أحياء القلوب ونقله أيضاً في الباب 94 من كتابه مكاشفة القلوب آخر ص238 فراجع (منه قدس). سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 246 تحت رقم (793).

يوم اغضبها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

المورد - (82) - يوم اغضبها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) :

وذلك انها خرجت عن الحشمة معه يومئذ فكان مماقالت له: أنت الذي تزعم أنك نبي اللّه !!! (1).

أورده الغزالي في آداب النكاح ص 35 من الجزء الثاني من أحياء القلوب وذكره في الباب 94 من كتابه مكاشفة القلوب ص 237 فراجع.

ذمها لعثمان وامرها بقتله

المورد - (83) - ذمها لعثمان وامرها بقتله.

ان ممالاريب فيه لاحد من المؤرخين وأرباب السير والاخبار وأصحاب المسانيد ذم عائشة لعثمان، ونبزها اياه، وأمرها بقتله، وقد تظافرت الروايات عنها بكل ذلك، مرسلة به ارسال المسلمات ومسندة اليها السنن التي لاريب فيها (2).

ص: 418


1- سبيل النجاة تحت رقم (794).
2- ذم عايشة لعثمان : راجع : أحاديث ام المؤمنين عائشة للعسكرى ق 58/1 و 103 - 111، تاریخ اليعقوبي ج 152/2 ط الغرى، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 2 / 77 و 86 ط وج 2015/6 - 2166 بتحقيق أبو الفضل و ج 408/2 ط دار مكتبة الحياة، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 2/ 192، تذكرة الخواص ص 61 و 64، تاريخ الطبرى ج 407/4 و 459 و 465، الكامل لابن الأثير ج 206/3، تاج العروس ج 141/8، لسان العرب ج 14 / 193، الامامة والسياسة ج 43/1 5 46 و 57، العقد الفريد ج 295/4-306 ط لجنة التأليف وج 2/ 267 و 272ط آخر، الغدیر ج77/9 وما بعدها، الطبقات لابن سعد ج 5/ 25 ط لندن و ج 5 / 36 ط بيروت، أنساب الاشراف للبلاذري ج 70/5 و 75 و 91، تاريخ أبي الفداء ج1 / 172.

قال ابن أبي الحديد - في المجلد الثاني من شرح النهج (1) - : كل من صنف في السير و الاخبار ذكر ان عائشة كانت من أشد الناس على عثمان، حتى أنها أخرجت ثوباً من ثياب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فنصبته في منزلها وكانت تقول للداخلين اليها : هذا ثوب رسول اللّه لم يبل وعثمان قد أبلى سنته (قال) وقالوا: أول من سمى عثمان نعثلا (2) عائشة. وكانت تقول : «اقتلوا نعثلا قتل اللّه نعثلا» (3) (قال) : وروى المدائي في كتاب الجمل قال : لماقتل عثمان كانت عائشة بمكة، وبلغ قتله اليها فلم تشك في أن طلحة هو صاحب الامر فقالت : بعداً لنعثل وسحقاً. قال : وقد كان طلحة حين قتل عثمان أخذ مفاتيح بيت المال : وأخذ نجائب كانت لعثمان في داره، ثم فسد أمره فدفعها الى علي.

(قال): قال أبو مخنف في كتابه ان عائشة لما بلغها قتل عثمان بمكة وهي أقبلت مسرعة وهي تقول : «ايه ذا الاصبع اللّه أبوك، أما انهم وجدوا طلحة لها

ص: 419


1- ص 77 من شرح قوله (عَلَيهِ السَّلَامُ) من خطبته : معشر الناس ان النساء نواقص الايمان (منه قدس).
2- النعثل : الكثير من شعر اللحية والجسد، وهذا لقب عثمان عند امه : (بئس الاسم الفسوق بعد الايمان) (منه قدس).
3- النهاية لابن الاثير الجزرى ج 80/5، تاج العروس ج141/8، لسان العرب ج 193/14، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 77/2 ط 1 وج 215/6 تحقيق أبو الفضل وج 408/2 ط مكتبة الحياة وج 121/2 ط دار الفكر الغدير ج9/ 80 و 81 و 84، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 181.

كفواً. قال: وقد روى قيس بن ابي حازم انه حج في العام الذي قتل فيه عثمان وكان مع عائشة، قال فسمعها تقول في بعض الطريق. ايه ذا الاصبع، واذا ذكرت عثمان قالت أبعده اللّه.

قال وروي من طريق آخر انها قالت لما بلغها قتله أبعده اللّه قتله ذنبه، وأفاده اللّه بعمله، يا معشر قريش لا يسوء نكم قتل عثمان كما ساء أو حيمر ثمود قومه. أحق الناس بهذا الامر لذو الاصبع - يعني طلحة - قال : فلما جاءت الاخبار ببيعة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) قالت تعسوا تعسوا لايردون الأمر في تيم أبداً (1).

وستسمع قريباً ان شاء اللّه تعالى من أقوالها وأفعالها حول مقتل عثمان وبيعة علي ماتستك منه المسامع، وتأباه الشرائع، بنصوصها الصريحة كتاباً وسنة، وأدلتها القطعية. عقلية ونقلية.

بعض حديثها عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

المورد - (84) - بعض حديثها عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) :

وذلك انها كانت كثيراً ما ترسل عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الحديث مالا يمكن ان يصح بوجه من الوجوه.

فمن ذلك ما أخرجه البخاري وغيره في الصحاح اذ قالت : أول ما بدىء به رسول اللّه من الوحي الرؤيا الصالحة، فكان لايرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب اليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء، فجاءه الملك. فقال : اقرأ. قال ما أنا بقاريء، فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني. فقال : اقرأ، فقلت ما أنا بقارىء، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني. فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من

ص: 420


1- سوف تأتى مصادره.

علق. اقرأ وربك الاكرم. قالت عائشة : فرجع بها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يرجف بها فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد، فقال: زملوني. زملوني. فزملوه فقال لخديجة وقد أخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي. فقالت خديجة : كلا واللّه لا يخزيك أبداً، انك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. قالت عائشة فانطلقت به خديجة حتى أتت به ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر، وكان يكتب الكتاب العبراني، فكتب من الانجيل بالعبرانية ماشاء اللّه أن يكتب، وكان شيخاً كبيراً قد عمى. فقالت له خديجة : يا ابن عم اسمع من ابن أخيك. فأخبره رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بما رأى. فقال له ورقة : هذا الناموس الذي نزل اللّه على موسى ياليتني فيها جذعاً شاباً ليتني أكون حياً اذ يخرجك قومك. فقال: أومخرجي هم؟. (الحديث) (1).

تراه نصاً في ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان - والعياذ باللّه - مرتاباً في نبوته بعد تمامها، وفي الملك بعد مجيئه اليه، وفي القرآن بعد نزوله عليه، وانه كان من الخوف على نفسه في حاجة الى زوجته تشجعه، والى ورقة الهم الاعمى الجاهلي المتنصر يثبت قدمه، ويربط على قلبه، ويخبره عن مستقبله اذ يخرجه قومه وكل ذلك ممتنع محال.

وقد أمعنا في أخذ الملك لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وغطّه اياه مرتين يبلغ منه الجهد فيأخذ نفسه ويرجف فؤاده، ويخيفه على مشاعره، فلم نجد له وجهاً يليق باللّه تعالى ولا بملائكته ولا برسله، ولاسيما مع اختصاص خاتم النبيين

ص: 421


1- راجع من ارشاد السارى في شرح صحيح البخارى ص 171 من جزئه الاول (منه قدس).

بهذا، اذ لم ينقل عن أحد منهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) انه جرى له مثل ذلك عند ابتداء الوحي اليه كما صرح به بعض شارحي هذا الحديث من صحيح البخاري (1).

وقد وقفنا على المحاورة التي جرت - بمقتضى هذا الحديث السخيف - بین الملك والنبي فرأينا النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعيدا كل البعد عن فهم مراد الملك من تکلیفه اياه بالقراءة، اذ قال له : اقرأ. فقال : ما أنا بقارىء، فان مراد الملك ان يتابعه النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيما يتلوه عليه، لكن النبي انما فهم منه أن ينشىء القراءة في حال انه لم يكن قارئاً، وكأنه ظن - والعياذ باللّه - أن يكلفه بغير المقدور وكل ذلك ممتنع ومحال، ومامن شك في انه قرية ضلال، وهل يليق بالنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن لا يفهم خطاب الملك ؟ أو يليق بالملك ان يكون قاصراً عن الاداء فيما يوحيه عن اللّه، تعالى اللّه * ورسله عن ذلك.

فالحديث باطل من حيث متنه وباطل من حيث سنده، وحسبك في بطلانه من هذه الحيثية كونه من المراسيل، بدليل انه حديث عما قبل ولادة عائشة بسنين عديدة فانها انما ولدت بعد المبعث بأربع سنين في أقل ما يفرض، فأين هي عن مبدء الوحي ؟؟ وأين كانت حين نزول الملك في غار حراء على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟

فان قلت: أي مانع لها أن تسند هذا الحديث الى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذا سمعته ممن حضر مبدأ الوحي.

قلنا: لامانع لها من ذلك، غير ان هذا الحديث في هذه الصورة لايكون حجة، ولا يوصف بالصحة، وانما يكون مرسلا، حتى نعرف الذي سمعته

ص: 422


1- تجده في باب بدء الوحى من الجزء الأول من صحيح البخاري. وفي تفسير سورة اقرأ من جزئه الثالث، وأخرجه أيضاً في التعبير والايمان. وتجده في الايمان من صحيح مسلم. وأخرجه الترمذى والنسائي في التفسير (منه قدس).

منه، ونحرز عدالته، فان المنافقين على عهد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كانوا كثيرين، وكان فيهم من يخفي نفاقه على عائشة، بل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ» (1).

والقرآن الكريم يثبت كثرة المنافقين على عهد النبي، واخواننا يوافقوننا على ذلك، لكنهم يقولون ان الصحابة بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأجمعهم عدول، حتى كأن وجود النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بين ظهرانيهم كان موجباً لنفاق المنافقين منهم، فلما لحق بالرفيق الأعلى، وانقطع الوحي، حسن اسلام المنافقين وتم ايمانهم، فاذا هم أجمعون اكتعون أبصعون ثقات عدول مجتهدون، لا يسألون عما يفعلون وان خالفوا النصوص ونقضوا محكماتها.

وهذا الحديث يمثل سائر مراسيلها «يَالَيتَ قَومِي يَعلَمُونَ» (2).

خروجها على الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ)

المورد - (85) - خروجها على الامام :

وحسبك خروجها على الامام طلباً بدم عثمان بعد تحاملها عليه، واغرائها الناس به وقولها فيه ماقالت (3).

ص: 423


1- سورة التوبة : 101.
2- سورة يس : 26.
3- هنا نصوص شتى خالفتها أم المؤمنين فى سيرتها مع على وعثمان، لعلها تربو في عددها على كل ما تقدمها من النصوص التي تأولها الخلفاء الثلاثة، فلم يعملوا على مقتضاها، وحسبك من موارد مخالفتها ماتراه في أصل الكتاب كمورد واحد، ولا تنس ما مر عليك آنفاً مما أخرجه مسلم عنها من عدة طرق : ان الصلاة أول ما فرضت كانت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت الحضر، روت ذلك ثم لم تعمل به، بل تأولته كما سمعت نصه في صحيح مسلم (منه قدس). كما تقدم تحت رقم (568 و 628 و 629).

وقد قال اللّه تعالى فيما أمر به نساء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في محكمات الكتاب من سورة الاحزاب «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (1)، لكن السيدة خرجت على الامام بعد انعقاد البيعة له، و اجماع أهل الحل والعقد عليه، وكان أول من بايعه طلحة والزبير من السابقين الأولين الى ذلك (2).

خرجت هذا الخروج من بيتها الذي أمرها اللّه أن تقر فيه، وكان خروجها على قعود من الابل، تقود ثلاثة آلاف من طغام الناس، وأوباش العرب، وفيهم - بكل أسف - طلحة والزبير، وقد نكنا البيعة، فكانت تعلو بجيشها الجبال، وتهبط الاودية، وتجوب الفيافي وتقطع المفاوز والقفار، حتى أتت البصرة وعليها من قبل أمير المؤمنين عثمان بن حنيف الانصاري، ففتحها بعد تلك الدماء المسفوكة، والحرمات المهتوكة، وكان ما كان مما لم يكن في الحسبان من فظائع وفجائع فصلها أهل السير والاخبار، وتعرف هذه الواقعة عندهم بوقعة الجمل الاصغر، وكان لخمس بقين من ربيع الثاني سنة ست وثلاثين للّهجرة، وذلك قبل مجيء علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) الى البصرة (3).

ثم لما أتى الى البصرة بمن معه نهدت اليه عائشة بمن معها تذوده عنها،

ص: 424


1- سورة الاحزاب : 33.
2- لاجل المزيد من الاطلاع حول خروجها على أمير المؤمنين : راجع : أحاديث ام المؤمنين عائشة ق 1، كتاب الجمل للشيخ المفيد ط الحيدرية وراجع ما تقدم تحت رقم (568 و 570 و 628).
3- تاريخ الطبرى ج 474/4، أنساب الاشراف للبلاذری ج228/2، أسد الغابة ج 2/ 38، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 481/2 ط 1. وراجع ما تقدم تحت رقم (570)، سبيل النجاة في تنمة المراجعات رقم (443).

فكف يده ودعاها الى السلام بكلام يأخذ بالاعناق الى ذلك، لكنها أصرت على الحرب وبدأته بالقتال، فلم يسعه حينئذ الا العمل بقوله تعالى: «فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ» (1) وبذلك فتح اللّه عليه، لكن بعد جهاد عظيم أبلى فيه المؤمنون بلاء حسناً، وتسمى هذه الواقعة وقعة الجمل الاكبر وكانت يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين للّهجرة. وهاتان الوقعتان متواترتان تواتر وقعات صفين والنهروان وبدر وأحد والاحزاب، وقد فصلهما من فصل حوادث سنة ست وثلاثين للهجرة (2) وذكرهما أو أشار اليهما كل من أرخ حياة علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعائشة وسائر من كان مع كل منهما من الصحابة والتابعين من أهل المعاجم والتراجم (3).

ص: 425


1- سورة الحجرات : 9.
2- کهشام بن محمد الكلبي في كتابه الجمل. والطبرى في تاريخ الامم والملوك وابن الأثير في كامله. والمدائني في كتابه الجمل وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين. ولا يفوتنكم ما فى المجلد الثاني من شرح النهج لابن أبي الحديد طبع مصر وعليكم منه ص 77 وما بعدها الى ص 82 اذ شرح قول أمير المؤمنين (النساء نواقص الحظوظ. الى آخره، ولا تفوتنكم منه ص 496 وما بعدها اذ شرح قوله : فخرجوا يجرون حرمة رسول اللّه.. الخطبة (منه قدس).
3- وحسبكم من ذلك الاستيعاب وأسد الغابة، والاصابة، وطبقات ابن سعد وغيرها (منه قدس). لاجل التفصيل حول ذلك وأسماء الصحابة الذين استشهدوا مع أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في يوم الجمل الاكبر : راجع : أحاديث ام المؤمنين عائشة ق 121/1 - 200، الجمل للشيخ المفيدط الحيدرية، مروج الذهب ج 2/ 359 - 360، أسد الغابة ج 1 / 385 و ج 2 / 114 و 178 وج 4 / 46 و 100 و ج 5 / 143 و 146 و 286، الاصابة ج 1 / 248 و 501 و ج 395/2، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 104 تحت رقم (444).

حول هذه المأساة

وقال كل من صنف في السير والاخبار «فيما نص عليه ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة (1)» : ان عائشة كانت من أشد الناس على عثمان، حتى انها أخرجت ثوباً من ثياب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فنصبته في منزلها، وكانت تقول للداخلين اليها : هذا ثوب رسول اللّه لم يبل، وعثمان قد أبلى سنته (2).

(قالوا) : أن أول من سمى عثمان نعثلا لعائشة، وكانت تقول: «اقتلو انعثلا قتل اللّه نعثلا اقتلوا نعثلا فقد كفر» (3) وكان طلحة والزبير من أشد المؤلبين عليه وأشدهما كان طلحة (4) وروى المدائني في كتاب الجمل وغير واحد من اثبات السير (قالوا) : لما قتل عثمان كانت عائشة بمكة، وحين بلغها قتله لم تكن تشك في أن طلحة هو صاحب الامر، فقالت : بعداً لنعثل وسحقاً ايه ذا الاصبع ايه أباشبل ايه يا ابن عم، لكأني أنظر الى اصبعه وهو يبايع (5)

ص: 426


1- ص 77 من المجلد الثاني (منه قدس).
2- تاريخ أبي الفداء ج 1 / 172، انساب الاشراف ج 48/5 ح 889، الاغاني لابي الفرج الأصفهانی ج4 / 180، الغدير ج 123/8 و ج 77/9 وما بعدها وراجع ما تقدم تحت رقم (628)، المعيار والموازنة ص 21، شيخ المضيرة أبو هريرة ص181.
3- تقدما تحت رقمی (628 و 629).
4- الغدير ج 91/9 - 109، شرح النهج الحديدى ج15506/2، تاریخ الطبرى ج 5 / 139 و 122 و 143 و 165 و 154، الكامل لابن الاثير ج 87/3 ط بیروت تاریخ ابن خلدون ج 2 / 397، أنساب الاشراف ج 44/5 و 90 و 74 و 79 و 81، الإمامة والسياسة ج 1 / 34، العقد الفريد ج 269/2. راجع بقية المصادر في الغدير ج 9.
5- الغدير ج 82/9، أنساب الاشراف للبلاذری ج217/2.

(قالوا) : وكان طلحة حين قتل عثمان أخذ مفاتيح بيت المال، وأخذ نجائب كانت لعثمان في داره، ثم لما فسد أمره دفعها الى علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) (1).

وروى الطبرى (2) وغيره بالاسناد الى أسد بن عبد اللّه عمن أدركهم من أهل العلم : ان عائشة لما انتهت الى سرف راجعة في طريقها الى مكة، لقيها عبد ابن أم كلاب، وهو عبد ابن أم سلمة ينسب الى أمه، فقالت له: مهيم؟ قال: قتلوا عثمان فمكثوا ثمانياً. قالت: ثم صنعوا ماذا. قال : أخذها أهل المدينة بالاجماع، فجازت بهم الامور الى خير مجاز، اجتمعوا على علي بن أبي طالب فقالت: واللّه ليت أن هذه انطبقت على هذه ان تم الامر لصاحبك، ردوني ردوني فارتدت الى مكة وهي تقول: قتل واللّه عثمان مظلوماً، واللّه لاطلين بدمه. فقال لها ابن أم كلاب ولم؟ فواللّه ان أول من أمال حرفه لانت، ولقد كنت تقولين اقتلوا نعثلا فقد كفر قالت انهم استنادوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الاخير من قولي الأول فقال لها ابن أم كلاب :

فمنك البداء ومنك الغير***ومنك الرياح ومنك المطر

وأنت أمرت بقتل الامام***وقلت لنا انه قد کفر

فهبنا اطعانك في قتله***وقاتله عندنا من أمر

ولم يسقط السقف من فوقنا***ولم تنكسف شمسنا والقمر

وقد بايع الناس ذا تدرؤ***يزيل الشبا ويقيم الصعر

ويلبس للحرب أثوابها***وما من وفى مثل من قد غدر (3)

ص: 427


1- الغدير ج82/9.
2- في ص 476 من الجزء الثالث من تاريخ الامم والملوك (منه قدس).
3- أورد ابن الاثير وغيره هذه القضية وهذه الابيات، وهي من الشهرة بمكان (منه قدس).

قال : فانصرفت الى مكة فنزلت على باب المسجد، فقصدت الحجر واجتمع الناس اليها فقالت : يا أيها الناس ان عثمان قتل مظلوماً، واللّه لاطلبن بدمه (1) وأثارتها فتنة عمياء بكماء انتقاماً من علي خليل النبوة، والمخصوص بالاخوة، وما كان بالقاتل لعثمان أو المحرض عليه، أو الراضي بقتله (2) وكان مما قالته - كما في الكامل (3) لابن الاثير وغيره : ان الغوغاء من أهل الامصار، وأهل المياه، وعبيد أهل المدينة، اجتمعوا على هذا الرجل فقتلوه ظلماً، ونقموا عليه استعمال من حدثت سنه.

وقد استعمل أمثالهم من كان قبله، ومواضع من الحمى حماها، فتاب ونزع لهم عنها. فلما لم يجدوا حجة ولا غدراً بادره بالعدوان، فسفكوا الدم الحرام، واستحلوا البلد الحرام، والشهر الحرام، وأخذوا المال الحرام، واللّه لاصبع من عثمان خير من طباق الارض أمثالهم، وواللّه لو أن الذي اعتدوا به علیه كان ذنباً لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه، أو الثوب من درنه اذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء. فقال عبد اللّه بن عامر الحضرمي، وكان عامل عثمان على مكة : ها أنا أول طالب. وتبعه بنو أمية على ذلك، وكانوا

ص: 428


1- تاريخ الطبری ج 5 / 172، الكامل في التاريخ ج105/3، الغدير ج9 / 80، تذكرة الخواص ص 64.
2- كما يعلمه كل مصنف من هذه الامة وغيرها (منه قدس). بل كان محايداً كما يشير اليه قوله : (لو أمرت به لكنت قائلا أو نهيت عنه لكنت ناصراً غير ان من نصره لا يستطيع أن يقول خذله من أنا خير منه ومن خذاه لا يستطيع أن يقول نصره من هو خير منى وأنا جامع لكم أمره : استأثر فأساء الأثرة وجزعتم فأسأتم الجزع واللّه حكم واقع في المستأثر والجازع نهج البلاغة الخطبة - 30 -.
3- ص 103 من جزئه الثالث (منه قدس).

هربوا من المدينة بعد قتل عثمان الى مكة (1).

موقف أم سلمة في هذه الفتنة

ذكر أهل السير والاخبار - كما في ص 77 والتي بعدها من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي - : ان عائشة جاءت الى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان، فقالت لها : يا ابنة أبي أمية أنت أول مهاجرة من ازواج النبي، وأنت أكبر أمهات المؤمنين، وكان رسول اللّه يقسم لنا في بيتك، وكان تبرائيل أكثر ما يكون في منزلك. فقالت لها أم سلمة : لامر ما قلت هذه المقالة فقالت عائشة: ان القوم استابوا عثمان، فلما تاب قتلوه صائماً في الشهر الحرام وقد عزمت على الخروج الى البصرة، ومعي الزبير وطلحة، فاخرجي معنا لعل اللّه يصلح هذا الامر على أيدينا. فقالت أم سلمة : انك كنت بالامس تحرضين على عثمان، وتقولين فيه أخبث القول، وماكان اسمه عندك الا نعثلا، وانك لتعرفين منزلة علي عند رسول اللّه؟.

قالت: نعم. قالت: أتذكرين يوم أقبل ونحن معه حتى اذا هبط من قديد ذات الشمال فخلا بعلي يناجيه فأطال فأردت ان تهجمي عليهما فنهيتك فعصيتني وهجمت عليهما، فما لبثت أن رجعت باكية، فقلت: ما شأنك؟. فقلت: أتيتهما وهما يتناجيان، فقلت لعلي : ليس لي من رسول اللّه الا يوم من تسعة أيام أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي؟. فأقبل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علي وهو محمر الوجه غضباً فقال: ارجعي وراءك واللّه لا يبغضه احد من الناس الا وهو خارج من الايمان فرجعت نادمة ساخطة.

ص: 429


1- الكامل لابن الاثير ج 606/3، تاريخ الطبری ج 165/5.

فقالت عائشة : نعم أذكر ذلك (1) قالت وأذكرك أيضاً: كنت أنا وأنت مع رسول اللّه، فقال لنا أيتكن صاحبة الجمل الادب (2) تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة عن الصراط؟ فقلنا نعوذ باللّه وبرسوله من ذلك فضرب على ظهرك فقال: اياك أن تكونيها ياحميراء. قالت أم سلمة: أما أنا فقد أنذرتك قالت عائشة: أذكر ذلك (3) فقالت أم سلمة واذكري أيضاً يوم كنت أنا وأنت مع رسول اللّه في سفر له، وكان علي يتعاهد نعل رسول اللّه فيخصفها. و ثيابه فيغسلها، فنقب نعله فأخذها يومئذ يخصفها وقعد في ظل سمرة، وجاء أبوك ومعه عمر، وقمنا الى الحجاب ودخلا يحدثانه فيما أراد الى أن :قالا يارسول اللّه انا لاندري أمد ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعاً. فقال لهما : أما اني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم هنه كما تفرق بنواسرائيل عن هارون فسكتا ثم خرجا، فلما خرجا خرجنا الى رسول اللّه فقلت له أنت وكنت أجرأ عليه منا: يارسول اللّه من كنت مستخلفاً عليهم؟ فقال: خاصف النعل فنزلنا فرأيناه علياً فقلت: يارسول اللّه ما أرى الا علياً.

فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): هو ذاك. قالت عائشة: نعم اذكر ذلك. فقالت لها أم سلمة فأي خروج تخرجين بعد هذا ياعائشة. فقالت: انما أخرج للاصلاح بين الناس (4).

ص: 430


1- حديث مناجات الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مع على (عَلَيهِ السَّلَامُ) ومجيئها اليهما يوجد في :
2- الادب : الجمل الكثير الشعر (منه قدس).
3- سوف يأتي هذا الحديث مع مصادره.
4- مجىء عائشة الى ام سلمة وطلبها الخروج معها يوجد في : المعيار والموازنة للاسكافى المعتزلى ص 27 – 29، الغدير ج 319/2 و ج 9 / 83.

وجاءتها أم سلمة بعد هذا - فيمارواه أبو محمد عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة في كتابه المصنف في غريب الحديث - فنهتها عن الخروج بكلام شديد جاء فيه ان عمود الاسلام لا يثاب بالنساء ان مال ولا يرأب بهن ان صدع حماديات النساء غض الأطراف، وخفر الاعراض ماكنت قائلة لو أن رسول اللّه عارضك في بعض هذه الفلوات، ناصة قلوصا من منهل الى آخر ؟ واللّه لوسرت مسيرك هذا ثم قيل لي ادخلي الفردوس، لاستحييت أن ألقى محمداً هاتكة حجابا ضربه عليّ، الى آخر كلامها (1) الذي لم تصغ اليه عائشة.

وحينئذ كتبت أم سلمة الى علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) من مكة.

أما بعد: فان طلحة والزبير وأشياعهم أشياع الضلالة يريدون أن يخرجوا بعائشة ومعهم عبداللّه بن عامر، يذكرون أن عثمان قتل مظلوماً واللّه كافيهم بحوله وقوته، ولولا مانهانا اللّه عن الخروج، وأنت لم ترض به لم أدع الخروج اليك والنصرة،لك، ولكني باعثة اليك بابني وهو عدل نفسي عمر بن أبي سلمة يشهد مشاهدك فاستوص به يا أمير المؤمنين خيراً، فلما قدم عمر على علي أكرمه، ولم يزل معه حتى شهد مشاهده كلها (2).

ص: 431


1- وقد أورده بتمامه علامة المعتزلة ابن أبى الحديد فى ص 79 من المجلد الثاني من شرح النهج، وفسر ثمة ألفاظه الغريبة فراجع. وقد أبلت أم سلمة بكلامها هذا البلاء الحسن من النصح اللّه تعالى ولرسوله وللامة ولعائشة بالخصوص وجاهدت به في سبيل اللّه أتم الجهاد وأفضله، وشتان بين جهادها وجهاد تلك (منه قدس). وقريب منه في : تذكرة الخواص ص 65.
2- المعيار والموازنة للاسكافى ص30 الكامل في التاريخ ج113/3، تاريخ الطبرى ج 5 / 167، تذكرة الخواص ص 65.

موقف حفصة

أرسلت عائشة الى حفصة وغيرها من أمهات المؤمنين (كمانص عليه غير واحد من اثبات أهل الاخبار) تسألهن الخروج معها الى البصرة (1) فما أجابها الى ذلك منهن الا حفصة، لكن أخاها عبد اللّه أتاها فعزم علیها بترك الخروج فحطت رحلها بعد أن همست (2).

موقف الاشتر

وكتب الاشتر من المدينة الى عائشة وهي بمكة : أما بعد فانك ظعينة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وقد أمرك أن تقري في بيتك، فان فعلت فهو خير لك، وان أبيت الا أن تأخذي منسأتك، وتلقي جلبابك، وتبدي للناس شعيراتك قاتلتك حتى أردك الى بيتك، والموضع الذي يرضاه لك ربك.

القيادة العامة في هذه الفتنة

كانت القيادة العامة فيها لعائشة، تصدر الأوامر وتنظم العساكر، وتعين الامراء، وتعزل منهم من تشاء (3)، وتوجه الرسل بكتبها التي أشاعتها في

ص: 432


1- وكن حينئذ معتمرات كما كانت عائشة وطلحة والزبير (منه قدس).
2- كما في ص 80 من المجلد الثاني من شرح النهج (منه قدس). تاريخ الطبری ج 167/5 و 169، الكامل في التاريخ ج106/3.
3- روى الشعبي عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه أبى بكرة (كما في ص 81 من حديثاً عن رسول اللّه كنت سمعته : «لن يفلح قوم تدبر أمرهم امرأة»، فانصرفت عنهم واعتزلتم. أه_. قال ابن أبى الحديد. وقد روى هذا الخبر على صورة اخرى : ان قوماً يخرجون بعدى فى فئة رأسها امرأة. قال وكان الجمل لواء البصرة لم يكن لواء غيره (منه قدس).

المسلمين تؤلبهم على أمير المؤمنين، وتدعوهم الى نصرتها عليه، قلباها من لباها، ورد عليها جماعة من ذوي البصائر وأولي الألباب، لكن بني أمية بذلوا لهذا الخروج أموالهم، وأقبلوا من كل حدب الى حيث وقفت، وكان مروان فى جيشها، لكنه كان يرمي بنبله تارة جيشها وأخرى جيش علي ويقول أيهما أصيب كان الفتح، حتى قيل هو الذي رمى طلحة فقتله (1).

خروج عائشة من مكة الى البصرة

ولما أرادت عائشة الخروج من الى مكة البصرة، جمعت اليها بني أمية وأولياءهم فأداروا الرأي، فقال بعضهم: نسير الى علي فنقاتله، فقالت عائشة وجماعة آخرون ليس لكم طاقة بأهل المدينة، وقال بعضهم: نسير الى الشام. فقالت عائشة وغيرها : يكفيكم الشام معاوية، ولكن نسير حتى ندخل البصرة

ص: 433


1- مروان هو الذي قتل طلحة : الغدير ج 96/9، تاریخ ابن عساكر ج84/7، تذكرة الخواص ص77، الاصابة ج 2 / 230، المستدرك للحاكم ج 370/3، الرياض النضرة ج 259/2، مروج الذهب 2/ 365، العقد الفريد ج 279/2، الكامل لابن الأثير ج 3 / 124، صفة الصفوة ج1 / 132، أسد الغابة ج 3 / 61، دول الاسلام المذهبي ج 18/1، تاریخ ابن کثیر ج7/ 247، مرآة الجنان لليافعي ج17/1، تهذيب التهذيب ج 51/5، تاريخ ابن الشحنة بهامش الكامل ج 189/7.

والكوفة، ولطلحة في الكوفة هوى، وللزبير بالبصرة أولياء، فاتفقوا على ذلك.

وحينئذ تبرع عبد اللّه بن عامر لهم في مال كثير، و ابل كثيرة، وأعانهم يعلى بن أمية بأربعمائة ألف وحمل سبعين رجلا منهم، وحمل عائشة على جمل يقال له عسكراً (1) وكان عظيم الخلق شديداً، فلما رأته أعجبها، وأنشأ الجمال يحدثها بقوته وشدته، ويسميه في أثناء كلامه عسكراً، فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت وقالت ردوه لا حاجة لي فيه، وذكرت ان رسول اللّه ذكره لها بهذا الاسم ونهاها عن ركوبه فطلب لها الناس غيره فلم يجدوا لها ما يشبهه فغيروا لها جلاله وقالوا لها : أصبنا لك أعظم منه وأشد قوة. فهدأ روعها ورضيت به (2) وما خرجت من مكة حتى استنفذت مافي وسع الامويين من نصرة لها ثم مضت على غلوائها.

ماء الحواب

روى الاثبات من أهل الاخبار، عن عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس عن رسول اللّه انه قال يوماً لنسائه وهن جميعاً عنده: أيتكن صاحبة الجمل الادب، تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها وشمالها قتلى كثيرة كلهم في النار، وتنجو بعد ما كادت؟ (3).

ص: 434


1- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2/ 80 ط 1 وج 224/6، نور الابصار ص 82، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 65، تاريخ الطبری ج 5 / 167 الكامل، لابن الاثير ج 107/3.
2- تجد هذا في ص 80 من المجلد الثانى من شرخ النهج الحديدى (منه قدس).
3- تجد هذا الحديث بلفظه في ص 497 من المجلد الثاني من شرح النهج الحديدى (منه قدس). وراجع الاعلام للماوردى ص 82، الفائق للزمخشرى ج 1 / 190، النهاية لابن الاثير ج 2 / 10، القاموس ج 1 / 65، كفاية الطالب ص 71 ط الغرى وص 171 ط الحيدرية، المواهب اللدنية ج 2 / 195، شرح الزرقاني ج 216/7، مجمع الزوائد ج234/7 كنز العمال ج 83/6، السيرة الحلبية ج 3/ 313، السيرة الدحلانية بهامش الحلية ج 3/ 193، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 67، الغدير للاميني ج 188/3.

وقد روى جميع أهل السير والاخبار : ان عائشة لما انتهت في مسيرها الى الحوأب، وهو ماء لبني عامر بن صعصعة نبحتها الكلاب حتى نفرت صعاب ابلها، فقال قائل من أصحابها ألا ترون ما أكثر كلاب الحوأب وأشد نباحها. فأمسكت أم المؤمنين بزمام بعيرها وقالت وانها لكلاب الحوأب ؟ !! ردوني ردوني فاني سمعت رسول اللّه يقول. وذكرت الحديث.

فقال لها قائل: مهلا يرحمك اللّه فقد جزنا ماء الحوأب فقالت : هل من شاهد؟ فلفقوا لها خمسين أعرابياً جعلوا لهم جعلا فحلفوا لها ان هذا ليس بماء الحوأب (1) فسارت لوجهها حتى انتهت الى حفر أبي موسى قريباً من البصرة (2).

ص: 435


1- تجد ذلك كله بعين لفظه في آخر ص 80 من المجلد الثاني من شرح النهج الحديدى، لكن انذاره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بركوب الجمل والمرور على ماء الحوأب ونبح كلابه لمن الحديث المستفيض عنه، المعدود في أعلام النبوة وآيات الاسلام، لا يجهله أحد من خاصة هذه الامة والكثير من عوامها في كل خلف منها حتى هذه الايام (منه قدس).
2- النبي يحذر عائشة من أن تنبحها كلاب الحوأب وقد نقل بألفاظ متعددة راجع : العقد الفريد ج 332/4 ط 2،و ج 2/ 283 ط آخر تاريخ الطبرى ج4 / 457 و 469 ط دار المعارف، النهاية لابن الاثير ج 1 / 456 و ج 96/2، كفاية الطالب ص 171 ط الحيدرية وص 71 ط الغرى، مجمع الزوائد ج 7 / 134، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 64 ط العثمانية وص 65ط السعيدية، المستدرك على الصحيحين ج 3 / 120، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 361/4، الامامة والسياسة لابن قتيبة ج1 / 59 ط مصطفى محمد، نور الابصار ص 82 ط العثمانية تذكرة الخواص ص 66، تاريخ اليعقوبي ج 157/2 ط الغرى، الكامل لابن الاثير ج 3/ 107، مروج الذهب ج 357/2، تاج، العروس ج 1 / 244 و 195، الغدير للاميني ج 3 / 188 - 191.

موقف ابی الاسود الدؤلى من عائشة وطلحة والزبير

لما انتهت عائشة بجيشها الى حفر أبي موسى، أرسل عثمان بن حنيف وهو يومئذ عامل أمير المؤمنين على البصرة أبا الاسود الدولي الى القوم ليعلم له علمهم، فدخل على عائشة فسألها عن مسيرها فقالت: أطلب بدم عثمان. :قال انه ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد قالت: صدقت، ولكنهم مع علي ابن أبي طالب في المدينة، وجئت استنهض أهل البصرة لقتاله، أنغضب لكم من سوط عثمان، ولا نغضب لعثمان من سيوفكم ؟! فقال لها : ما أنت من السوط والسيف، انما أنت حبيس رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمرك أن تقري في بيتك وتتلي کتاب ربك، وليس على النساء قتال ولا لهن الطلب بالدماء، وان أمير المؤمنين لاولى بعثمان منك وأمس رحماً، فانهما أبناء عبد مناف، فقالت: لست بمنصرفة حتى أمضي لما قدمت اليه أفتظن يا أبا الاسود ان أحداً يقدم على قتالي ؟! قال أما واللّه لنقاتلنك قتالا أهونه الشديد !.

ثم قام فأتى الزبير فقال: يا أبا عبد اللّه عهد الناس بك وأنت يوم بويع أبو بكر آخذ بقائم سيفك تقول: لاأحد أولى بهذا الامر من علي بن أبي طالب، فأين هذا المقام من ذاك؟ فذكر له دم عثمان فقال: انما أنت وصاحبك وليتماه فيما بلغنا قال فانطلق الى طلحة فاسمع ما يقول. فذهب الى طلحة فوجده

ص: 436

سادراً في غيه مصراً على الحرب والفتنة، فرجع حينئذ الى عثمان بن حنيف فقال: انها الحرب فتأهب لها (1).

عائشة وابن صوحان

كتبت عائشة - وهي في البصرة - الى زيد بن صوحان العبدي: من عائشة ام المؤمنين بنت أبي بكر الصديق زوجة رسول اللّه، الى ابنها الخالص زيد ابن صوحان (اما بعد) فأقم فى بيتك وخذل الناس عن ابن ابي طالب وليبلغني عنك ما أحب فانك أوثق أهلي عندي والسلام.

فأجابها - كمافي شرح النهج الحديدي الحميدي - : من زيد بن صوحان الى عائشة بنت أبي بكر.

(أما بعد) فان اللّه أمرك بأمر، وأمرنا بأمر، أمرك أن تقري في بيتك، وأمرنا ان نجاهد، وقد أتاني كتابك تأمريني ان أصنع خلاف ما أمرني اللّه به، فأكون قد صنعت ما أمرك به اللّه وصنعت أنت ما به أمرني، فأمرك عندي غير مطاع، وكتابك لا جواب له (2).

جارية بن قدامة السعدي وعائشة

روى الطبري، بالاسناد إلى القاسم بن محمد بن أبي بكر قال (3): أقبل

ص: 437


1- الامامة والسياسة ج 57/1، شرح النهج لابن أبي الحديد ج181/2، العقد الفريد ج 2/ 278، الغدير ج 106/9.
2- شرح النهج لابن أبي الحديد، أحاديث ام المؤمنين عائشة للعسكري، الكامل فى التاريخ ج 110/3، تاريخ الطبری ج 183/5 و 188.
3- فى الجزء السادس من تاريخه ص 482 منه، وكذلك حكاية السعدى مع طلحة والزبير ومحاورة الجهينى مع محمد بن طلحة (منه قدس).

جارية بن قدامة السعدي على عائشة فقال: يا أم المؤمنين واللّه لقتل عثمان بن عفان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح، انه قد كان لك من اللّه ستر و حرمة، فهتكت سترك، وأبحت حرمتك، انه من رأى قتالك فانه يرى قتلك ان كنت أتيتنا طائعة فأرجعي الى منزلك، وان كنت أتيتينا مستكرهة فاستعيني بالناس (1).

شاب من بنی سعد يؤنب طلحة والزبير فيقول لهما

صنتم حلائلكم وقدتم امكم***هذا لعمرك قلة الانصاف

أمرت بجر ذيولها في بيتها***فهوت تشق البيد بالايجاف

غرضاً يقاتل دونها ابناؤها***بالنبل والخطي والاسياف (2)

غلام من جهينة ومحمد بن طلحة

أقبل الجهيني على محمد بن طلحة فقال: أخبرني عن قتلة عثمان. فقال: نعم دم عثمان ثلاثة أثلاث، ثلث على صاحبة الهودج يعني عائشة، وثلث على صاحب الجمل الاحمر يعني أباه طلحة، وثلث على علي بن أبي طالب فضحك الغلام الجهيني ولحق بعلي وهو يقول :

سألت ابن طلحة عن هالك***بجوف المدينة لم يقبر

فقال ثلاثة رهط هم***أماتوا ابن عفان فاستعبر

فثلث على تلك في خدرها***وثلث على راكب الاحمر

ص: 438


1- تاريخ الطبرى ج 176/5، أحاديث ام المؤمنين عائشة للعسكرى، تذكرة الخواص ص 67، الامامة والسياسة ج 60/1، الغدير ج 9 / 100.
2- تاريخ الطبرى ج 5 / 176، تذكرة الخواص ص 67.

وثلث على ابن أبي طالب***ونحن بدوية قرقر

فقلت صدقت على الاولين***وأخطأت في الثالث الازهر (1)

الاحنف بن قيس وعائشة

روى البيهقي في المحاسن والمساوي (ج 1 ص 35) عن الحسن البصري ان الاحنف ابن قيس قال لعائشة يوم الجمل : يا أم المؤمنين هل عهد اليك رسول اللّه هذا المسير؟ قالت: اللّهم لا. قال: فهل وجدته في شيء من كتاب اللّه جل ذكره قالت ما نقرأ الا ما تقرأون. قال: فهل رأيت رسول اللّه عليه الصلاة والسلام استعان بشيء من نسائه اذا كان في قلة والمشركون فى كثرة قالت : اللّهم لا. قال الأحنف: فاذا ماهو ذنبنا ؟ (2).

وفي رواية اخرى انه قال لها : يا أم المؤمنين اني سائلك ومغلظ لك في المسألة فلا تجدي علي. فقالت له : قل نسمع. قال : أعندك عهد من رسول اللّه في خروجك هذا ؟. فلم يكن في وسعها الا أن تقول : لا. فقال : أعندك عهد منه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انك معصومة من الخطأ ؟ قالت: لا. قال: صدقت ان اللّه رضي لك المدينة فأبيت الا البصرة، وأمرك بلزوم بيت نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فنزلت بيت أحد بني ضبة، ألا تخبريني يا أم المؤمنين أللحرب قدمت أم للصلح ؟ أجابت وهي متألمة : بل للصلح. فقال لها : واللّه لو قدمت وليس بينهم الا الخفق بالنعال والرمي بالحصى ما اصطلحوا على يديك فكيف والسيوف على عواتقهم ؟

ص: 439


1- تاريخ الطبری ج 176/5.
2- وقريب منه في : الغدير ج81/9.

فأحرجها قائلة : الى اللّه أشكو عقوت أبنائي.

عبداللّه بن حكيم التميمي وطلحة

جاء عبد اللّه بن حكيم يناشد طلحة فيقول له (1) : يا أبا محمد أما هذا كتبك الينا ؟ قال طلحة: بلى قال : كتبت أمس تدعونا الى خلع عثمان وقتله، حتى اذا قتلته أتيتنا ثائراً بدمه ! فلعمري ماهذا رأيك ان تريد الا هذه الدنيا، فمهلا مهلا. ولم قبلت من علي ماعرض عليك من البيعة، فبايعته طائعاً راضياً، ثم نكثت بيعتك، وجئت لتدخلنا في فتنتك ؟ فقال: ان علياً دعاني الى بيعته بعدما بايعه الناس (2)، فعلمت اني لولم أقبل ما عرضه عليّ لم يتم لي الامر، ثمّ يغري بي من معه (3).

حكيم من بنى جشم ينصح أهل البصرة

لما انتهت عائشة بمن معها الى المربد - مكان من البصرة - قام الجشمي يخاطب أهل البصرة وقد اجتمعوا هناك فيقول (4) : أنا فلان بن فلان الجشمي وقد أتاكم هؤلاء القوم، فان أتوكم خائفين، فانما أتوكم من المكان الذي يأمن فيه الطير والوحش والسباع، وان كانوا أتوكم بدم عثمان فغيرنا ولي

ص: 440


1- كما في ص 500 من المجلد الثانى من شرح النهج الحميدى (منه قدس).
2- كذب هذا الناكث، اذ كان أول مبايع لعلى، نعوذ باللّه من سوء الخاتمة (منه قدس).
3- الغدير ج 99/9.
4- كما في أواخر ص 498 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى (منه قدس).

قتله، فأطيعوني أيها الناس وردوهم من حيث أقبلوا، فانكم ان لم تفعلوا لم تسلموا من الحرب الضروس والفتنة الصماء، فحصبه من أهل البصرة أشياع الجمل (1).

خطاب عائشة فى أهل البصرة

ثم أقبلت عائشة على جملها عسكر، فنادت بصوت مرتفع (2) : أيها الناس أقلوا الكلام واسكتوا، فسكت الناس لها فقالت : أيها الناس ان أمير المؤمنين عثمان كان قد غير وبدل، ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتى قتل مظلوماً تائباً، وانما نقموا عليه ضربه بالسوط، وتأميره الشبان، وحمايته موضع الغمامة فقتلوه محرماً في حرمة الشهر وحرمة البلد ذبحاً كما يذبح الجمل، ألا وان قريشاً رمت غرضها بنبالها وأدمت أفواهها بأيديها، ومانالت بقتلها اياه شيئاً، ولا سلكت به سبيلا قاصداً، أما واللّه ليرونها بلايا عقيمة تنبه القائم، وتقيم الجالس، وليسلطن اللّه عليهم قوماً لا يرحمونهم، يسومونهم سوء العذاب.

أيها الناس انه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه ماصوه كما يماص الثوب الرحيض، ثم عدوا عليه فقتلوه بعد توبته وخروجه من ذنبه، وبايعوا ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ابتزازاً وغصباً، أترونني أغضب لكم من سوط عثمان ولسانه، ولا أغضب لعثمان من سيوفكم ! ألا ان عثمان قتل مظلوماً فاطلبوا قتلته، فاذا ظفرتم بهم فاقتلوهم ثم اجعلوا الأمر شورى بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ولا يدخل فيهم من شرك

ص: 441


1- تاريخ الطبرى ج 175/5.
2- كما في ص 469 من المجلد الثانى من شرح النهج الحميدى (منه قدس).

في دم عثمان.

قال أهل السير والاخبار : فماج الناس واختلفوا. فمن قائل : القول ما قالت أم المؤمنين. ومن قائل يقول : ماهي وهذا الامر انما هي امرأة مأمورة بلزوم بيتها وارتفعت الاصوات وكثر اللغط، حتى تضاربوا بالنعال وتراموا بالحصى، ثم تمايزوا فريقين فريقاً مع عثمان بن حنيف، وفريقاً مع عائشة وأصحابها (1).

وقوف الفريقين للقتال

ثم أصبح الفريقان من غد، فصفا للحرب، وخرج عثمان بن حنيف (2) فناشد عائشة اللّه والاسلام، وأذكر طلحة والزبير بيعتهما علياً. فقالا : نطلب بدم عثمان فقال لهما : وما أنتما وذاك، أين بنوه؟ أين بنو أعمامه الذين هم أحق به منكم ؟ كلا ولكنكما حسدتما علياً حيث اجتمع الناس عليه، وكنتما ترجوان هذا الامر، وتعملان له وهل كان أحد أشد على عثمان قولا منكما؟! فشتماه شتماً قبيحاً وذكرا أمه فقال للزبير : لولا صفية ومكانها من رسول اللّه، فانها أدنتك الى الظل، وان الأمر بيني وبينك يا ابن الصعبة يعني طلحة.

ثم قال : اللّهم اني قد أعذرت. ثم حمل فاقتتل الناس قتالا شديداً، ثم تحاجزوا واصطلحوا على كيفية خاصة، فصلها المؤرخون، أرجأوا فيها الامر الى ما بعد وصول أمير المؤمنين الى البصرة، وأعطى الفريقان على ما كتبوه

ص: 442


1- وقريب منه في : الكامل لابن الاثير ج 109/3.
2- كما في ص 500 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدى (منه قدس).

من الصلح عهد اللّه وميثاقه، وأشد ما أخذه على نبي من أنبيائه من عهد وذمة وميثاق، وختم الكتاب من الفريقين (1).

لكن عائشة وطلحة والزبير أجمعوا على مراسلة القبائل واستمالة العرب ووجوه الناس وأهل الرئاسة والشرف، من حيث لا يشعر الأمير ابن حنيف وأصحابه، فلما استوثق لاصحاب الجمل أمرهم، خرجوا في ليلة مظلمة ذات ريح ومطر، وقد لبسوا الدروع وظاهروا فوقها بالثياب، فانتهوا الى المسجد وقت صلاة الفجر وقد سبقهم عثمان بن حنيف اليه واقيمت الصلاة فتقدم عثمان ليصلي، فأخره أصحاب طلحة والزبير وقدموا الزبير، فجاءت الشرطة وحرس بيت المال فأخرجوا الزبير وقدموا عثمان، ثم غلبهم أصحاب الزبير وقدموه، فلم يزالوا كذلك حتى كادت الشمس تطلع، فصاح بهم أهل المسجد : الانتقون باللّه يا أصحاب محمد؟ وقد طلعت الشمس، فغلب الزبير وصلي بالناس.

فلما فرغ من صلاته صاح بأصحابه المسلحين أن خذوا عثمان بن حنيف فلما أسر ضرب ضرب الموت ونتفت لحيته وشارباه وحاجباه وأشفار عينيه، وكل شعرة في رأسه ووجهه، وأخذوا الشرطة وحراس بيت المال وهم سبعون رجلا من المؤمنين من شيعة علي فانطلقوا بهم وبعثمان بن حنيف الى عائشة فقالت لابان بن عثمان : اخرج اليه فاضرب عنقه فان الانصار قتلوا أباك.

فنادى عثمان بن حنيف: يا عائشة وباطلحة وياز بيران أخي سهلا خليفة علي على المدينة، وأقسم باللّه ان لو قتلت ليضعن السيف في نبي أبيكم ورهطكم فلايبقي ولايذر. فكفوا عنه، وأمرت عائشة الزبير أن يقتل الشرطة وحراس بيت المال وقالت له : قد بلغني الذى صنعوا بك، فذبحهم واللّه الزبير كما

ص: 443


1- راجع : الكامل ج 3/ 110، مروج الذهب ج358/2 ط بیروت.

يذبح الغنم، ولي ذلك منهم ابنه عبد اللّه وهم سبعون رجلا، وبقيت منهم طائفة مستمسكين بيت المال قالوا : لاندفعه اليكم حتى يقدم أمير المؤمنين. فسار اليهم الزبير في جيش ليلا فأوقع بهم وأخذ منهم خمسين أسيراً فقتلهم صبراً. فكان هذا الغدر بعثمان بن حنيف أول غدركان في الاسلام، وكان قتل الشرطة وحراس بيت المال أول قوم ضربت أعناقهم من المسلمين صبراً، وكانوا مائة و عشرين رجلا، وقيل كانوا (كما في 501 من المجلد الثاني من شرح النهج الحميدي) أربعمأة رجل (1).

ثم طردوا عثمان بن حنيف فلحق بعلي، فلما رآه بكى وقال له: فارقتك شيخاً وجئتك أمرد. فقال علي : انا للّه وانا اليه راجعون. يقولها ثلاثاً (2) وقد مني (عَلَيهِ السَّلَامُ) في هذه المأساة بغصة لاتساغ، كان يشكوبثه فيها وحزنه الى اللّه فيقول على المنبر : «اللّهم اني استعديك على قريش ومن أعانهم، فانهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمراً هولي ثم قالوا : ألا ان في الحق ان تأخذه، وفي الحق أن تتركه» (3) (ثم ذكر أصحاب الجمل فقال): «فخرجوا يجرون حرمة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما تجر الأمة عند شرائها متوجهين بها الى البصرة، فحبسا نساءهما في بيوتهما، وأبرزا حبيس رسول اللّه لهما ولغيرهما في جيش ما منهم رجل الا وقد أعطاني الطاعة وسمح لي بالبيعة طائعأ غير مكره فقدموا على عامل بها وخزان بيت مال المسلمين وغيرهم من أهلها، فقتلوا طائفة صبراً وطائفة غدراً...» الخطبة وهي في نهج

ص: 444


1- مروج الذهب ج358/2.
2- تاريخ الطبرى ج 186/5.
3- نهج البلاغة الخطبة – 217 -.

البلاغة (1).

موقف حكيم بن جبلة (2)

لما بلغ حكيم بن جبلة ماصنع القوم بعثمان بن حنيف وخزان بيت مال المسلمين وغيرهم خرج في ثلثمائة من عبد القيس وكان سيدهم. فخرج القوم اليه وحملوا عائشة على جمل، فسمي ذلك اليوم يوم الجمل الاصغر، ويومها مع علي يوم الجمل الاكبر. وتجالد الفريقان بالسيوف وأبلى حكيم واصحابه بلاء حسناً، لكن شد رجل من الازد من عسكر عائشة على حكيم فضرب رجل فقطعها، ووقع الازدى عن فرسه فجثا حكيم فأخذ رجله المقطوعة فضرب بها الازدي فصرعه ثم دب اليه فقتله خنقاً متكئاً عليه حتى زهقت نفسه، فمر بحکیم انسان وهو يجود بنفسه فقال له : من فعل بك هذا ؟ قال : وسادي فنظر فاذا الازدي تحته.

و كان حكيم من أبطال العرب وشجعان المسلمين المستبصرين في شأن أهل البيت، وقد قتل معه ابنه الاشرف واخوة له ثلاثة، وقتل معه أصحابه كلهم وهم ثلثمائة من عبد القيس وكلهم من الاخيار وربما كان بعض المقتوليسن يومئذ من بكر بن وائل.

فلما صفت البصرة لعائشة وطلحة والزبير بعد قتل حكيم وأصحابه، وطردا ابن حنيف عنها. اختلف طلحة والزبير في الصلاة، وأراد كل منهما أن يؤم بالناس، وخاف أن تكون صلاته خلف صاحبه تسليماً له، ورضي بتقدمه،

ص: 445


1- نهج البلاغة الخطبة - 172 -.
2- فصله أهل السير والاخبار فراجعه فى ص 501 من المجلد الثاني من شرح النهج (منه قدس).

فأصلحت بينهما عائشة بأن جعلت الامامة يوماً لعبد اللّه بن الزبير، ويوماً لمحمد ابن طلحة ولما دخلوا بيت المال في البصرة ورأوا مافيه من الأموال قرأ الزبير - وقد استفزه الفرح - : «وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَٰذِهِ» فنحن أحق بها من أهل البصرة (1).

هذا مجمل ما كان في البصرة من الاحداث قبل وصول أمير المؤمنين اليها.

وصول على الى البصرة والتقاء الجمعين

ثم جاء علي بعدها الى البصرة بمن معه فنهدت اليه عائشة بمن معها تذوده عنها، وكانت رابطة الجأش، مشيعة القلب فكف يده عنها وعنهم باذلا وسعه في اصلاح ذات البين على ما يرضي اللّه تعالى ورسوله، وبلغ في ذلك كل مبلغ من قول أو فعل.

حتى روى ابن جرير الطبري (2) وغيره من اثبات اهل السير والاخبار ان علياً دعا اليه الزبير يومئذ فذكره بكلمة قالها النبيله بمسمع منه وهي قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ليقاتلنك ابن عمتك هذا وهو لك ظالم» (3) فانصرف عنه الزبير

ص: 446


1- اختلاف طلحة والزبير في الامارة : مروج الذهب ج 357/2، تاریخ الطبری ج 182/5.
2- في خبر وقعة الجمل أو اخرص 519 من الجزء الثالث من تاريخ الامم و الملوك (منه قدس).
3- يوجد هذا الحديث بهذا اللفظ وقريب منه في كل من : المستدرك للحاكم ج 366/3 وصححه هو والذهبي، الاغاني لابي الفرج ج16 / 131 و 132، العقد الفريد ج2 / 279، مروج الذهب ج 2 / 363، الكامل لابن الأثير ج 2 / 122، مطالب السئول ص 41، الرياض النضرة ج 2/ 273 مجمع الزوائدج 7 /235، فتح البارى لابن حجر ج 46/13، المواهب اللدنية للقسطلاني ج195/2، شرح المواهب للزرقاني ج 318/3 وج 217/7، الخصائص الكبرى للسيوطى ج2 / 137، السيرة الحلبية ج 315/3، شرح الشفا للخفاجي ج 3 / 165، الغدير للامينيج 13 / 11 و ج 1 / 101، تاریخ الطبری ج 5 / 200 و 204، تذكرة الخواص ص 70.

وقال : فاني لا أقاتلك ورجع الى ابنه عبد اللّه فقال : مالي في هذا الحرب بصيرة، فقال له ابنه انك قد خرجت على بحيرة ولكنك رأيت رايات ابن ابي طالب وعرفت ان تحتها الموت فجبنت فأحفظه ولده حتى أرعد وغصب وقال ويحك اني قد حلفت له أن لا أقاتله، فقال ابنه : كفر عن يمينك بعتق غلامك سرجس. فأعتقه وقام في الصف معهم (1).

وقال الطبري : وكان علي قال للزبير : أتطلب مني دم عثمان وأنت قتلته سلط اللّه على أشدنا عليه اليوم مايكره (2)، ودعا علي طلحة فقال: باطلحة جئت بعرس رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تقاتل بها وخبأت عرسك في البيت، أما بايعتني؟. قال : بايعتك وعلى عنقى اللج، وأصرّ طلحة على الحرب.

وحينئذ رجع علي الى أصحابه فقال لهم (فيما حكاه الطبري وغيره): أيكم يعرض عليهم هذا المصحف (3) وما فيه، فان قطعت يده أخذه بيده الأخرى فان قطعت أيضاً أخذه بأسنانه. قال فتى شاب : أنا، فطاف علي على أصحابه يعرض ذلك عليهم، فلم يقبله الا ذلك الشاب. فقال له علي : أعرض عليهم هذا

ص: 447


1- تاريخ الطبرى ج 200/5، الكامل في التاريخ ج123/3، مروج الذهب ج 363/2، تذكرة الخواص ص70.
2- راجع ص 520 من الجزء الثالث من تاريخ الامم والملوك، وقد استجاب اللّه دعاء على فسلط اللّه على الزبير عمرو بن جرموز فقتله في ذلك اليوم (منه قدس).
3- تنبغى الاشارة الى ان ابن العاص أخذ حيلة المصاحف في صفين من هذه الواقعة وأساء استخدامها كما لا يخفى (منه قدس).

وقل هو بيننا وبينكم من أوله ألى آخره، واللّه اللّه في دمائنا ودمائكم. فلما جاءهم الفتى حملوا عليه وفي يده المصحف فقطعوا يديه، فأخذه بأسنانه حتى قتل، وعندئذ قال علي لاصحابه : قد طاب لكم الضراب فقاتلوهم

ورثت أم الغلام المرسل بالمصحف بقولها فيما رواه الطبري (1):

لاهم ان مسلما دعاهم***يتلو كتاب اللّه لا يخشاهم

وامهم قائمة تراهم***يأتمرون الغي لا تناهم

قد خضبت من علق لحاهم (2)

وبرزت ربه الجمل والهودج الى المعركة، وقد عصفت في رأسها النخوة ونزت فيه سورة الانفة، فأدركتها حمية منكرة، وكانت أجرأ من ذي لبدة، قد جمعت ثيابها على أسد، تلهب حماسها في جيشها، فتدفعهم به الى الموت دون جملها، وقد نظرت عن يسارها فقالت : من القوم عن يساري ؟. فأجابها صبرة بن شيمان (كما في الكامل لابن الأثير وغيره) : نحن بنوك الازد. فقالت : يا آل غسان حافظوا اليوم على جلادكم الذي كنا نسمع به في قول القائل :

وجالد من غسان أهل حفاظها***و كعب وأوس جالدت وشبيب

فكان الازد يأخذون بعر الجمل يشمونه ويقولون بعر جمل أمنا ريحه ريح المسك، وقالت لمن يمينها : من القوم عن يميني ؟. قالوا : بكر بن وائل. قالت : لكم يقول القائل :

وجاءوا الينا في الحديد كأنهم***من العزة القعساء بكر بن وائل

ص: 448


1- راجع ص 522 من الجزء الثالث من تاريخ الأمم والملوك (منه قدس).
2- تاريخ الطبری ج 204/5 و 206، تذكرة الخواص ص 71، مروج الذهب ج 361/2.

انما بازائكم عبد القيس.

و أقبلت على كتيبة بين يديها فقالت من القوم ؟ قالوا : بنو ناجية قالت: بخ بخ سيوف أبطحية قرشية، فجالدوا جلاداً يتفادى منه، فكأنما أشعلت فيهم من الحماسة ناراً تلظى. وتتابع حملة اللواء على خطام جملها مستميتين يقولون :

يا أمنا يا زوجة النبي***يا زوجة المبارك المهدي

نحن بنوضية لانفر***حتى نرى جما جما تخر

يخر منها العلق المحمر

وما زالت تستفز حميتهم حتى عقر الجمل، بعد ان قتل على خطامه أربعون رجلا وكانت الهزيمة بأذن اللّه. ولو عناية أمير المؤمنين ساعتئذ في حفظها، ووقوفه بنفسه على صونها، لكان ما كان مما أعادها اللّه منه في هذه الفتنة العمياء التي شفت عصا المسلمين الى يوم الدين وعلى أسسها كانت صفين والنهروان ومأساة كربلا وما بعدها. حتى نكبة فلسطين، في عصرنا هذا.

لكن أخا النبي وأبا سبطيه، وقف على الجمل بنفسه، حين أطفئت الفتنة بعقره، وما ان هوى بالهودج حتى آواه - وفيه عائشة - الى وارف من ظله منيع، وجعل معها أخاها محمداً ليقوم بمهامها في نسوة من الصالحات، ومن على محاربيه و تفضل عليهم، وأطلق الاسرى من أعدائه الالداء، واختص عائشة من الكرامة بكل ما يناسب خلقه الكريم. وفضله العميم، وحكمته البالغة وهذا كله معلوم بحكم الضرورة من كتب السير والاخبار.

وتسمى هذه الوقعة وقعة الجمل الاكبر. وكانت يوم الخميس لعشر خلون من جمادي الآخرة سنة ست وثلاثين، وتفصيل الوقعتين في كتب السير والتواريخ فلتراجع.

ص: 449

وقد كانت القتلى يوم الجمل الاكبر ثلاثة عشر الفاً من أبناء عائشة فيهم طلحة والزبير بكل أسف، واستشهد يومئذ من أولياء علي - اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه - ألف أو دونه أو أكثر منه (1).

هذا وقد كانت أم المؤمنين من أعلم الناس بأن عليا أخو رسول اللّه ووليه ووارثه ووصيه (2) وانه يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله (3) وانه

ص: 450


1- ولاجل المزيد من الاطلاع حول هذه الواقعة راجع : أحاديث ام المؤمنين عائشة ق 1 / 121 - 200، الجمل للشيخ المفيدط الحيدرية مروج الذهب، ج 2/ 359 - 360، أسد الغابة ج 2 / 114 و 178 و ج 1 / 385 وج4 / 46 و 100 و ج 5 / 143 و 146 و 286، الاصابة ج 1/ 248 و ج 395/2، تاریخ الطبری ج 5 / 163، الكامل لابن الاثير ج 105/3، تاريخ الاسلام للذهبي ج149/2.
2- كما تقدم تحت رقم (551 و 552 و 553 و 554).
3- ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج1 / 157 ح 219 و 220 و 221 و 222 و 227 و 232 و 238 و 240 و 242 و 243 و 244 و 246 و 247 و 252 و253 و 262 و 263 و 264 و 270 و 271 و 273 و 275 و 276 و278 و 279 و 289 و 290 ط 1، المستدرك للحاكم ج 3/ 38، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 45/5، فرائد السمطين ج253/1 مصنف ابن أبي شيبة ج 154/6، مجمع الزوائد ج 123/9، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 36/3، تاريخ بغداد ج 5/8، احقاق الحق ج 5 / 400، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 93/2، مناقب علی بن أبي طالب لابن المغازلى ص 181 ح 217 و 221 ط 1، السنن الكبرى للبيهقى ج 106/9، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 55 و 56، ينابيع المودة للقندوزى ص 48 ط اسلامبول، صحیح مسلم فى باب مناقب على بن أبي طالب ج 121/7 ط العامرة بمصر حلية الأولياء ج 62/1، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 2 / 110 ط دار صادر، السيرة النبوية لابن هشام، البداية والنهاية ج 4 / 186 وج 7 / 336 صحيح البخارى باب مناقب على بن أبى طالب ج 23/5، الكامل في التاريخ ج 2/ 149، أسد الغابة ج 21/4، تذكرة الخواص ص 25، التاريخ الكبير للبخاري ج 4 / 262، نزل الابرارص 43. راجع بقية المصادر فيما تقدم تحت رقم (474).

منه بمنزلة هارون من موسى الا في النبوة (1) وقد سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اللّه يقول : «اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره و اخذل من خذله» (2)، «رحم اللّه علياً اللّهم أدر الحق معه حيث دار» (3).

ص: 451


1- حديث المنزلة : من الاحاديث المتواترة ولاجل الاطلاع على مصادره راجع كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 117 تحت رقم (475) ففيه الكفاية.
2- حديث المولاة : ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 2 / 13 ح 508 و 513 و 514 و 523 و 544 و 562 و 569، كفاية الطالب ص 63 ط الحيدرية وص 17 ط الغرى، كنز العمال ج 403/6 ط 1 وج 115/15 ح 332 و 25402، شواهد التنزيل للمحسکانی ج1 / 157 ح 211 وص192 ح 250، مجمع الزوائد ج105/9، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 151 ط السعيدية وص 137 ط العثمانية، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 96ط الحيدرية وص 26 و 27 ط مصر، الملل والنحل للشهرستاني ج 163/1 ط بیروت وبهامش الفصل لابن حزم ج 1 / 220، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 / 206 و 289 ط 1 و ج 2 / 289 و ج 3/ 208 بتحقيق أبو الفضل، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 32/5 ط الميمنية، أنساب الاشراف للبلاذرى ج2 / 112، نظم درر السمطين للزرندى ص 112، المناقب للخوارزمی ص 80 و 94 و 130، ينابيع المودة للقندوزي ص 289 ط اسلامبول وص 297 ط الحيدرية، فرائد السمطين للحمويني ج 1/ 69 36 و 39 و 40، نزل الابرار للبدخشاني ص 51 - 54، وراجع بقية مصادر الحديث في كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص182.
3- حدیث : «الحق مع على». صحيح الترمذى ج 297/5 ح 3798، المستدرك للحاكم ج 124/3، المناقب للخوارزمی ص 56، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكرج 117/3 1159 و 1160، غاية المرام ص 539 (باب) 45، شرح النهج لابن أبي الحديد ج 2 / 572 ط 1 وج 270/10 بتحقيق أبو الفضل، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 62/5، الفتح الكبير للنبهاني ج 131/2، جامع الاصول لابن الاثيرج 420/9، احقاق الحق للتسترى ج 626/5، فرائد السمطين للحمويني ج176/1 ح 138، الغدير ج 3 / 179، دلائل الصدق ج 2 / 302، المعيار والموازنة للاسكافي المعتزلى ص 35 و 119، نزل الابرار للبدخشاني ص 56، راجع بقية المصادر في كتاب سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 170 ط بیروت.

وقد شهدت حجة الوداع مع رسول اللّه فرأته يوم الموقف يشيد بفضله آمراً أمته بالتمسك بثقليه تارة وبخصوص علي أخرى، منذراً بضلال من لم يأخذ بهما معاً (1).

و يوم الغدير رأته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد رقى منبر الحدائج يعهد الى علي عهده، ويوليه على الامة بعده، بمسمع ومنظر من تلك الالوف المؤلفة قافلة من حجة الوداع، حيث تفترق بهم الطرق الى بلادهم (2).

ورأته وقد نظر إلى علي وفاطمة والحسن والحسين يقول لهم : «أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم» أخرجه كل من الامامين أحمد في مسنده (3) والحاكم في صحيحه المستدرك، والطبراني في الكبير، ورواه الترمذي بسنده الصحيح الى زيد بن أرقم، كما في ترجمة الزهراء من الاصابة (4).

ص: 452


1- تقدم حديث الثقلين مع مصادره تحت رقم (15) وسوف يأتي أيضاً.
2- الغدير للامینی ج9/1، فرائد السمطين للحموينی ج 1 / 73 ح 39. ولاجل المزيد من الاطلاع على هذه الحادثة مع مصادرها راجع : سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص173 تحت رقم (615 و 616 و 617 و 618 و 619 و 620 و 621 و 622) ففيها مئات المصادر لهذه الواقعة المباركة. وسوف يأتي بعض منها.
3- راجع من المستدص 442 من جزئه الثاني بالاسناد الى أبي هريرة (منه قدس).
4- صحيح الترمذى ج 5 / 360 ح 39624، سنن ابن ماجة ج 02/1 145، المستدرك للحاكم ج 3 / 149، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى ص 64 ح 90 ط 1، أسد الغابة ج 11/3 و ج 523/5 ذخائر العقبى ص 25، الصواعق المحرقة ص 112 ط الميمنية وص 185 ط المحمدية، الزوائد ج 9 / 166 و 169، كفاية الطالب ص 330 و 331 ط الحيدرية وص 188 مجمع و 189 ط الغرى، ينابيع المودة للقندوزی ص 35 و 165 و 172 و 194 و 230 و 261 و 294 و 309 و 370 ط اسلامبول، شواهد التنزيل للحسكانى ج 27/2، المناقب للخوارزمی ص 91، مقتل الحسين للخوارزمی ج 1 / 61 و 99، المعجم الصغير للطبراني ج 3/2، الفتح الكبير للنبهاني ج 271/1، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج /92، احقاق الحق ج 9 / 161 - 174، نزل الابرار ص 35 و 105، فرائد السمطين للحمويني ج 2/ 39، سمط النجوم ج 2 / 488. وقد تقدم مع مصادر اخرى تحت رقم (126).

و رأته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذ جللّهم بكسائه يقول حينئذ : «أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم وعدو لمن عاداهم» (1) الى كثير من أمثال هذه النصوص الصحيحة التي لم يخف شيء منها على أم المؤمنين فانها عيبة الحديث حتى قيل عنها :

حفظت أربعين ألف حديث***ومن الذكر آية تنساها (2)

و حسبها ماقد رواه أبوها أبو بكر اذ قال : رأيت رسول اللّه اللّه خيم

ص: 453


1- نقل ابن حجر الهيثمي في تفسير الآية من آيات فضلهم التي وردت في الفصل الحادى عشر من صواعقه، وقد استفاض قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حرب على حربی و سلمه سامی (منه قدس). الصواعق لابن حجر ص 142 و 185 ط المحمدية و 85 و 112 ط الميمنية، الاصابة ج 4 / 378 ينابيع المودة ص 229 و 294 و 309 ط اسلامبول، نظم درر السمطين ص 232 و 239، مصابيح السنة للبغوى ج 2/ 280، مشكاة المصابيح ج258/3، خائرد العقبي ص 23، الرياض النضرة ج 249/2، وقد تقدم تحت رقم (128).
2- هذا البيت للشيخ كاظم الأزرى راجع الازرية ص.

خيمة (1) وهو متكيء على قوس عربية، وفي الخيمة علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «معشر الناس أنا سلم لمن سالم أهل الخيمة، حرب لمن حاربهم ولي لمن والاهم، لا يحبهم الا سعيد الجد طيب المولد. ولا يبغضهم الاشقي الجد رديء المولد» (2).

فهل ياترى كانت ام المؤمنين في هذا الخروج وما اليه تريد اللّه و رسوله والدار الآخرة، وأنها من المحسنات ؟ تبتغي بذلك الاجر والثواب الذي وعد اللّه به نساء نبيه اذ يقول : «وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا» (3).

أم كانت ترى أن بينها و بين اللّه هوادة، تبيح لها ماقد حرمه اللّه على العالمين ؟ فارتكبت بخروجها - على الامام - ما أرتكبت آمنة من وعيده اذ يقول : «يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ

ص: 454


1- لعل هذه الخيمة هى الكساء الذي جللّهم به حين أوحى اليه فيهم : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا». وقد فصلنا ذلك في الفصل الثانى من المطلب الأول من كلمتنا الغراء في تفضيل الزهراء، فليراجعها من أراد الشفاء من كل داء (منه قدس).
2- تجد هذا الحديث منقولا عن أبي بكر الصديق في كتاب عبقرية محمد للاستاذ الكبير عباس محمود العقاد بعين لفظه تحت عنوان - النبي والامام والصحابة - فراجع (منه قدس). وأيضاً في: فرائد السمطين للحمويني ج 2 / 40 ح 373، المناقب للخوارزمی ص211، مقتل الحسين للخوارزمی ج4/1، سمط النجوم ج 488/2 راجع بقية المصادر فيما تقدم تحت رقم (128).
3- سورة الاحزاب : 29.

وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرَاً» (1).

أم أنها ياترى رأت خروجها ذلك الخروج، عبادة اللّه وقنوتاً منها له ولرسوله وعملا صالحاً ؟ فاستأثرت به عملا بقوله تعالى: «وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا» (2) !

أم أنها أرادت أن تمثل التقوى والورع بخروجها دون صواحبها من نساء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لتستأثر من بينهن بالعمل بقوله تعالى: «يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ» (3).

وهل رأت بيت ابن ضبة بيتها الذي أمرها اللّه أن تقرء فيه ؟ ورأت قيادتها لتلك الجيوش سرداقاً ضربه طلحة والزبير عليها يصونها عن تبرج الجاهلية الأولى : ويفرغها للصلاة والزكاة وطاعة اللّه ورسوله ؟ (4).

ورأت أنها تكون بذلك كله نصب أمر اللّه ونهيه اذ يقول عز وجل: «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» (5).

وماذا تقول ؟ أو يقول أولياؤها ؟ في خطاب اللّه لها ولصاحبتها بقوله : «إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا (6) وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ

ص: 455


1- سورة الاحزاب : 30.
2- سورة الاحزاب : 31.
3- سورة الاحزاب : 32.
4- اشارة الى البيت الذي استقرت فيه في البصرة. راجع : شرح ابن أبي الحديد.
5- سورة الاحزاب : 33.
6- ثبت بهذه الآية صدور الذنب منهما، ووجوب النوبة عليهما (منه قدس).

وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ (1)، عَسَىٰ رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ» (2).

وحسبهما من اللّه تعالى حجة عليهما، مثله العظيم، الذي ضربه لهما في سورة التحريم، أعني قوله عز من قائل : «ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ۖ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» (3).

وللّه قول من يقول من أبطال أهل البيت علماً وعملا :

عائش ما نقول في قتالك***سلكت في مسالك المهالك و

حسبك ما أخرج البخاري***من الصحيح مومنا للدار (4)

ص: 456


1- هذه هى الغاية في الاستعداد لمكافحتهما فى نصرته والدفاع عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بحيث لو تظاهر عليه أهل الأرض فى الطول والعرض، ما أعد لمكافحتهم أكثر من هذه القوة كما لا يخفى (منه قدس).
2- سورة التحريم : 4 و 5. راجع ما تقدم من مصادر تحت رقم (620).
3- سورة التحريم: 9 و 10. راجع : تفسير القرطبي ج 202/18، فتح القدير للشوكاني ج255/5.
4- یشیر فى هذا البيت الى ما أخرجه البخارى فى باب ماجاء في بيوت أزواج النبي من كتاب الجهاد والسير ص 125 من الجزء الثانى من صحيحه عن عبداللّه قال : قام النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأشار الى مسكن عائشة فقال : ههنا الفتنة ههنا الفتنة حيث يطلع قرن الشيطان، ولفظه عند مسلم : خرج رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من بيت عائشة فقال رأس الكفر من ههنا حيث يطلع قرن الشيطان. فراجعه فى كتاب الفتن واشراط الساعة ص 503 من الجزء الثانى من صحيحه (منه قدس).

قد قيل تبت وعلي غمضا***«فلم سجدت الشكر لما قبضا» (1)

ولم ركبت البغل في يوم الحسن***تؤججين نار هاتيك الفتن (2).

ص: 457


1- اشارة الى ماكان من أم المؤمنين، حين بلغها نعي على (عَلَيهِ السَّلَامُ) من أنها سجدت اللّه شكراً ثم رفعت رأسها قائلة : فألقت عصاها واستقر بها النوى***كما قدر عيناً بالاياب المسافر ثم سألت : من قتله ؟ فقيل لها : رجل من مراد. فقالت : فان يك نائياً فلقد نعاه***غلام ليس فى فيه التراب فأنكرت عليها زينب بنت أم سلمة قائلة لها، العلى تقولين هذا ياعائش ؟! فأجابت عائش: أني نسيت، فاذا نسيت فذکرونی !!! (منه قدس).
2- كان الامام أبو محمد الحسن الزكي سيد شباب أهل الجنة، أنذر الهاشميين قبل وفاته بفتنة يخشاها من بني أمية اذا أراد الهاشميون دفنه عند جده رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعهد الى أخيه سيد الشهداء أن يتدارك الشر اذا هبت عواصفه، بدفنه في البقيع عند جدته فاطمة بنت أسد، وأقسم عليه أن لا يريق فى سبيله ملء محجمة من دم. فلما قضى (بأبي وأمي) نحبه، أراد الهاشميون أن يجددوا به العهد بجده رسول اللّه، أو أنهم أرادوا أن يدفنوه عنده اذا أمنوا الفتنة، فقامت قيامة بني امية، وأعدوا للحرب عدتها متجهزين بجهازها، وعلى رأسهم مروان بن الحكم وسعيد بن العاص، وكان مروان ينادى يارب هيجاء هي خير من دعة، أيدفن أمير المؤمنين (عثمان) في أقصى المدينة، ويدفن الحسن مع رسول اللّه. وجاؤا بعائشة وهي على بغل، تذودهم عن بيتها قائلة : لا تدخلوه بيتى. ففى ترجمة الحسن من كتاب (مقاتل الطالبيين) لابي الفرج الاصفهاني المرواني عن على بن طاهر بن زيد يقول : لما أرادوا دفنه، أى الحسن، ركبت عائشة بغلا و استعونت بني أمية ومروان ومن كان هناك منهم ومن حشمهم وهو قول القائل : يوماً على بغل، ويوماً على جمل. وذكر المسعودى ركوب عائشة البغلة الشهباء، ليومها الثانى من أهل البيت قال: فأتاها القاسم بن محمد بن أبي بكر فقال: ياعمة ماغسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الاحمر أتريدين أن يقال : يوم البغلة الشهباء. أه_. وفى ذلك يقول القائل : تجملت تبغلت ولو عشت تفيلت***لك التسع من الثمن وفي الكل تصرفت ولنا هنا أن نبحث عن الوجه في كون بيت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بيتها تدخل فيه من تحب، وتنرود عنه من لا تحب ؟ شأن المالك يتصرف في ملكه المطلق كيف يشاء، فهل ياترى ملكها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بيته ببيع أو هبة أو نحوهما ؟ كلا. وما أظن ان أحداً قال ذلك أو توهمه. نعم أسكنها في حجرة من حجرات داره، كما أسكن غيرها من نسائه في حجرات اخر وكما يسكن كل رجل زوجته في بيته قياماً بواجب المرأة على زوجها فان اسكانها من نفقاتها الواجبة لها عليه اجماعاً وقولا واحدا. والمرأة انما تسكن في بيت زوجها. فيدها على مسكنها ليست من امارات الملك في شيء، لان المتصرف في مسكنها في الحقيقة، انما هو الرجل، حيث انه هو الذى أسكنها فيه وحيث انه كان يساكنها في نفس البيت، ولو في يومها وليلتها في أقل الفروض. على انه لو سلمنا ان يد عائشة على حجرتها، امارة تملكها، فلم لم تكن يد الزهراء على فدك امارة على تملكها ؟؟! وشتان بين هاتين اليدين، فان يد البنت على شيء من أملاك أبيها تتصرف فيه على عهده بمنظر منه ومسمع، لمن امارات الملك بلا كلام، ولاسيما اذا كانت نازحة على بيت أبيها الى بيت زوجها. بخلاف يد الزوجة على جرة من حجرات دار زوجها، ونحن نحكم العرف البشرى في هذا الفرق بين هاتين اليدين. ولعل الخليفة يومئذ وهو أبوها، ملكها بيت رسول اللّه بعد وفاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بولايته العامة، وهذا ليس بالبعيد، لكنا كنا نأمل منه أن يعامل بنت رسول اللّه فيما كان في يدها، معاملة بنته، ولو فعل لكان ذلك أقرب الى اجتماع الكلمة، ولم شعث الامة، ولاحول ولاقوة الا باللّه العلى العظيم (منه قدس). هذه الابيات.

ص: 458

الفصل الخامس: تأول خالد بن الوليد

ما فعله خالد يوم فتح مكة مع سبق نهى النبي عن القتل

المورد - (86) - :

ذلك ما فعله خالد بن الوليد يسوم فتح مكة، وقد نهاه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يومئذ عن القتل والقتال، كما نص عليه أهل السير والاخبار، ورواه أثبات المحدثين بأسانيدهم الصحيحة، وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) له يومئذ وللزبير : «لاتقاتلا الا من قاتلكما». ولكن خالداً قاتل مع ذلك وقتل نيفاً وعشرين رجلا من قريش وأربعة نفر من هذيل فدخل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مكة، فرأى امرأة مقتولة، فسأل حنظلة الكاتب : من قتلها ؟ قال : خالد بن الوليد. فأمره أن يدرك خالد أفينهاه أن يقتل امرأة أو وليداً، أو عسيفاً - أي أجيراً - (1) الى آخر ما تجده من هذه القضية في عبقرية عمر للاستاذ العقاد ص 266.

ص: 459


1- هذه الحادثة رواها ابن هشام في غزوة حنين فى السيرة النبوية ج14 / 100 ولطها قد تكررت من خالد.

بطشته الجاهلية في بني جذيمة

المورد - (87) - بطشته الجاهلية في بني جذيمة :

وقد أرسله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اليهم، داعياً لهم الى الاسلام (1)، ولم يبعثه مقاتلا، وكان بنو جذيمة قتلوا في الجاهلية عمه الفاكه بن المغيرة. فلما جاءهم بمن معه قال لهم : ضعوا أسلحتكم فان الناس قد أسلموا. فوضعوا أسلحتهم، وأمر بهم فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل منهم مقتلة عظيمة (2) فلما انتهى الخبر الى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) رفع يديه الى السماء فقال كما في باب بعث خالد بن الوليد الى بني جذيمة من كتاب المغازي من صحيح البخاري (3): «اللّهم اني أبرأ اليك مما صنع خالد بن الوليد. مرتين» (4).

ثم أرسل علياً - كما في تاريخي ابن جرير وابن الاثير وغيرهما - ومعه مال وأمره أن ينظر في أمرهم، فودى لهم الدماء والاموال حتى انه ليدي

ص: 460


1- في ثلثمائة من المهاجرين والانصار، وكان ذلك في شوال بعد فتح مكة وقبل وقعة حنين (منه قدس).
2- لم يقتصر خالد هنا على مخالفة النص الصريح في عهد النبي اليه في بني جذيمة، بل كان في بطشته هذه بهم خارجاً على عدة قواعد للاسلام الاساسية، كهدر دماء الجاهليه، وككون الاسلام يجب ما قبله. وكقوله عز من قائل في محكم فرقانه العظيم ومن) قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلايسرف فى القتل وقد أسرف هذا الرجل فى القتل على ان عمه كان مهدور الدم لاقيمة له، وعلى أنه لا ولاية له على عمه، ففعله هذا مع كونه مرسلا من قبل رسول اللّه، من أفحش المنكرات التي لا تنسى الى يوم القيامة ولا تقل عن منكراته يوم البطاح (منه قدس).
3- ص 48 من جزئه الثالث حيث أخرج البخارى حديث خالد مع بني جذيمة وقتله اياهم، وأخرجه أيضاً الامام أحمد من حديث عبد اللّه بن عمر في مسنده (منه قدس).
4- الاستيعاب بهامش الاصابة ج 153/1، الغدير للاميني ج 7 / 168 و 169.

ميلغة الكلب وبقى معه من المال فضلة فقال لهم : هل بقي لكم مال أو دم لم يؤد ؟ قالوا لا. قال : فاني أعطيكم هذه البقية احتياطاً لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ففعل ثم رجع فأخبر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فقال : أصبت وأحسنت - هذا ما نقله المؤرخون ومترجموا خالد - حتى قال ابن عبدالبر بعد ان ذكر هذا الخبر عنه في ترجمته من الاستيعاب ماهذا لفظه : وخبره في ذلك من صحيح الأثر. أه_. (1).

وأورد هذه القضية من أساتذة أهل الفضل وحفظة الاثار عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية «عمر» فقال : بعث رسول اللّه خالداً الى بني جذيمة داعياً الى الاسلام، ولم يبعثه للقتال، وأمره ألا يقاتل أحداً ان رأى مسجداً أو سمع أذاناً. ثم وضع بنو جذيمة السلاح بعد جدال بينهم واستسلموا. فأمر بهم خالد فكتفوا، ثم عرضهم السيف فقتل منهم، وأفلت من القوم غلام يقال له السميدع حتى اقتحم على رسول اللّه وأخبره وشكاه اليه، فسأله رسول اللّه هل أنكر عليه أحد ماصنع. قال نعم رجل أصفر ربعة، ورجل أحمر طويل... وكان عمر حاضراً فقال: أنا واللّه يارسول اللّه أعرفهما أما الاول : فهو ابني وأما الثاني : فهو سالم مولى أبي حذيفة. وظهر بعد ذلك ان خالداً أمر كل من أسر أسيراً أن يضرب عنقه. فاطلق عبد اللّه بن عمر وسالم مولى أبي حذيفة أسيرين كانا معهما... فرفع رسول اللّه يديه حين علم ذلك وقال : «اللّهم اني أبرأ اليك مماصنع خالد»... ثم دعا علي بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأمره أن يقصد الى القوم ومعه ابل وورق، فودى لهم الدماء وعوضهم من الاموال (2).

ص: 461


1- تاريخ الطبری ج 122/3، الكامل لابن الاثير ج 2/ 173، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 1 / 153، الغدير للاميني ج7/ 169، دلائل الصدق ج3 ق 1 ص 33 و 34.
2- راجع قضية بني جذيمة في كل من : الاستيعاب بهامش الاصابة ج 153/1، الاصابة ج 1 / 318 و 227 و ج 2 / 81 : السيرة النبوية لابن هشام ج 53/4، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 147/2، تاریخ أبي الفداء ج 145/1، أسد الغابة ج 102/3، الغدير ج 168/7 - 169، صحيح البخارى ك المغازى باب بعث خالد الى بني جذيمة، دلائل الصدق ج 3 ق 1 ص 34.

قلب ولم يقتل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بقتلاهم أحداً، اذ كان القاتلون لهم من المسلمين، والمقتولون لم يقولوا : أسلمنا. وانما قالوا : صبأنا. وهي ليست صريحة في اسلام، ولا يقتل مسلم بكافر.

وقد ارتكب خالد يوم البطاح من مالك بن بن نويرة وقومه ماقد أتينا على كثير منه في الفصل الأول من هذا الكتاب ص 61، فليراجع بامعان وتحرر (1) ليعلم من المسؤول عن تلك الفظائع والفجائع، وكيف ذهبت أموال المسلمين ودماؤهم وأعراضهم سدى، وفيم تعطلت حدود اللّه وانتهكت حرماته. وبم هدأت ثورة الثائرين على خالد، وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب وبم كان خالد في السقوط عن درجة الاعتبار لدى الخليفة الثاني بمثابة أوجبت عليه المبادرة الى عزله فعزله فوراً وبعث بعزله وبنعي أبي بكر الى الشام مع بريد واحد، كما صرح به ابن الاثير وغيره (2).

ص: 462


1- راجع فى جرائم خالد بن الوليد : الغدير للامينى ج158/7 - 169، وما تقدم تحت رقم (171) وما بعده.
2- الكامل لابن الاثير ج 293/2.

الفصل السادس: في بعض ماكان من معاوية

الحاق معاوية لزياد بأبي سفيان

المورد - (88) - الحاق معاوية لزياد بأبي سفيان :

وذلك أنه انما ألحقه بأبيه أبي سفيان بدعوى أنه عاهر في الجاهلية سمية وهي على فراش عبيد فحملت بزياد، مستنداً في ذلك الى شهادة أبي مريم، المتجر بالخمر والقيادة - كما في المختصر لابن الشحنة - (1) وقد قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «الولد للفراش وللعاهر الحجر» (2) وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مسن

ص: 463


1- الكامل لابن الأثير ج 220/3، الغدير للاميني ج 223/10، الفصول المهمة لشرف الدين ص 115، العقد الفريد ج 2/3، تاریخ ابن عساکر ج 409/5 وراجع أيضاً في استلحاق معاوية زياداً : دلائل الصدق ج3 ق 1 ص 217.
2- هذا الحديث مشهور بل متواتر فقد رواه أصحاب الصحاح الستة وغيرهم عن أبي هريرة : صحيح البخارى ك الفرائض ج 2/ 199، صحيح مسلم ك الرضاع ج471/1، صحيح الترمذى ج 1 / 150 و ج 2 / 34، سنن النسائى ج 2/ 110، سنن أبي داود ج1 / 310، سنن البيهقى ج 402/7 و 412. وعن عائشة : رواه الحفاظ الا الترمذى كما في نصب الراية ج 236/3. وعن عمر وعثمان : في سنن البيهقى ج 412/7. وراجع أيضاً : مسند أحمد ج 104/1 و ج 409/2 و ج 5 / 326. الغدير للاميني ج216/10، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 52/2 ح551، الفصول المهمة لشرف الدين ص115.

حدیث (1): «... ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد».

وحسبنا قوله عز من قائل : «ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ» (2).

وكان فعل معاوية هذا أول عمل جاهلي عمل به في الاسلام علانية، فأنكر عليه كافة الناس فلم يرعو ولم يبال بذلك، وكان يغضب اذا لم يدع زياد الى أبيه، فأنكر عليه بعض معاصر به فقال :

أتغضب أن يقال أبوك عف***وترضى أن يقال أبوك زان (3)

عهده بالخلافة الى ابنه يزيد

المورد - (89) - عهده بالخلافة الى ابنه يزيد:

عهد بها اليه وانه للصبي الجاهل، يشرب الشراب، و يلعب بالكلاب، والقردة، ولا يعرف من الدين موطيء قدمه مسرف في لهوه كل الاسراف، وأبوه يعرف ليله ونهاره، واعلانه و اسراره (4) ويعرف منزلة الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) من اللّه

ص: 464


1- أخرجه البخارى فى باب النجش من كتاب البيوع ص 12 من الجزء الثاني من صحيحه (منه قدس).
2- سورة الاحزاب : 5.
3- يروى هذا البيت لزياد (يزيد) بن ربيعة بن مفرغ الحميري الشاعر الشهير وقيل لعبد الرحمن بن الحكم. راجع الغدير للاميني ج220/10 – 221.
4- مقتل الحسين للمقرم ص 12 و 13 - 16، الفصول المهمة لشرف الدين ص 116، نيل الأوطار ج 147/7، روح المعاني للالوسى ج 73/6/ تفسير آية : فهل عسيتم ان توليتم، النجوم الزاهرة ج 163/1، الامامة والسياسة ج 153 و 155/1 الغدير ج 260/3 : تاريخ الطبری ج 358/11 ط قدیم، شیخ المضيرة أبو هريرة ص 163.

ومكانته من رسول اللّه [ص] ومحله في نفوس المؤمنين (1).

على أنه كان يومئذ في المهاجرين والانصار - وبقية البدريين وأهل بيعة الرضوان - (2) جم غفير، وعدة وافرة كلهم قاريء للقرآن، عالم بمواقع الاحكام، خبير بالسياسة، حقيق (على رأي الجمهور) بالخلافة والرآسة، فلم يراع سابقتهم في الاسلام ولا عناءهم في تأييد الدين، وأمر عليهم شريره المتهتك وسكيره المفضوح، فكان منه في طف كربلاء مع خامس أصحاب الكساء، وسيد شباب أهل الجنة ما أشكل النبيين وأبكي الصخر الاصم دماً، ورمى المدينة الطيبة بمجرم بن عقبة، - بعهد اليه في ذلك من أبيه (3)

ص: 465


1- ويكفى فى فضله ما تقدم من نزول آية التطهير والمودة وسورة هل أتى وآية المباهلة وحديث الثقلين وحديث السفينة وغيرها فيه وفى أبيه وامه وأخيه راجع ما تقدم من مصادر تحت رقم 105 و 106 و 107 و 108 و 109 و 113 و 15 و16 و 17).
2- الفصول المهمة لشرف الدين ص 116، الغدير ج205/3.
3- كما نص عليه الامام ابن جرير الطبري في الصفحة الأخيرة من حوادث سنة 63 من أوائل الجزء 7 على تاريخه، وابن عبد ربه المالكي حيث ذكر وقعة الحرة في الجزء الثاني من عقده الفريد، ولم يبال يزيد ولا أبوه بقول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من أخاف المدينة أخافه اللّه عز وجل وعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل اللّه منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلا أخرجه الامام أحمد من حديث السائب بن خلاد بطريقين اليه في ص96 من الجزء من مسنده (منه قدس). ضرب الكعبة الكعبة بالمنجيليق وحرقها : راجع : الفصول المهمة لشرف الدين ص 116، مقتل الحسين للمقرم ص 11، رسائل الجاحظ ص 298، الرسالة الحادية عشر في بني أمية، سير أعلام النبلاء للذهبي، وفاء الوفاء ج 127/1 وص 137. وأما الاحاديث في حرمة المدينة ولعنة (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من أخاف أهل الدينة وغير ذلك فراجعها في : الغدير للاميني ج 34/11 - 36، وفاء الوفاء ج 43/1 – 47.

فكانت امور تكاد السماوات يتفطرن منها، وحسبك أنهم أباحوا المدينة الطيبة ثلاثة أيام، حتى افتض فيها ألف عذراء (1) من بنات المهاجرين والأنصار، وقتل يؤمئذ من المهاجرين والانصار وأبنائهم وسائر المسلمين عشرة آلاف وسبعمائة وثمانون رجلا، ولم يبق بعدها بدري (2) وقتل من النساء والصبيان عدد كثير، وكان الجندي يأخذ برجل الرضيع فيجذبه من أمه ويضرب به الحائط حتى ينثر دماغه على الأرض وأمه تنظر اليه (3) ثم أمروا بالبيعة ليزيد على أنهم حول وعبيد، ان شاء استرق وان شاء أعتق، فبايعوه على ذلك

ص: 466


1- كما نص عليه السيوطى في تاريخ الخلفاء وعلمه جميع الناس حتى قال ابن الطقطقى فى ص 107 من تاريخه المعروف بالفخرى ماهذا نصه : فقيل أن الرجل من أهل المدينة بعد ذلك كان اذا زوج ابنته لا يضمن بكارتها، ويقول لعلها اقتضت في وقعة الحرة. أه-، وقال الشبراوى في ص 66 من كتابه (الاتحاف) وافتض فيها نحو ألف بكر وحمل فيها من النساء اللاتى لا أزواج لهن نحو من ألف امرأة. (قلت) وقال ابن خلكان حيث ذكر وقعة الحرة في ترجمة يزيد بن القعقاع القارىء المدنى من وفياته ماهذا لفظه : كان يزيد بن معاوية في مدة ولايته قد سير الى المدينة جيشاً مقدمه مسلم بن عقبة المرى فنهبها وأخرج أهلها الى هذه الحرة فكانت الوقعة فيها، وجرى فيها ما يطول شرحه وهو مسطور في التواريخ، حتى قيل أن بعد وقعة الحرة ولدت أكثر من ألف بكرمن أهل المدينة بسبب ماجرى فيها من الفجور (منه قدس).
2- نص على ذلك ابن قتيبة في كتاب الامامة والسياسة وغير واحد من أهل الاخبار (منه قدس).
3- راجع ص 200 من كتاب الامامة والسياسة للامام ابن قتيبة الدينوري (منه قدس). وقعة الحرة : قتل فيها من حملة القرآن سبعمائة نفس وقتل من وجوه قريش سبعمائة سوى من قتل من الانصار. وممن قتل من الصحابة صبراً عبداللّه بن حنظلة غسيل الملائكة وقتل الملائكة وقتل معه ثمانية من بنيه وقتل أيضاً معقل بن سنان الاشجعي وعبد اللّه بن زيد، والفضل بن العباس بن ربيعة، و اسماعيل بن خالد، ويحيى بن نافع، وعبد اللّه بن عتبة، والمغيرة بن عبداللّه، وعياض ابن حمير ومحمد بن عمرو بن حزم وعبد اللّه بن أبي عمرو وعبيد اللّه وسليمان ابنا عاصم، ونجا اللّه أبا سعيد وجابراً وسهل بن سعد راجع : الغدير ج 35/10، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 42/5، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 258/1، تاریخ ابن كثير ج 221/2، الاصابة ج 473/3. وقال السمهودى : وقتل من سائر الناس أكثر من عشرة آلاف. وذكر جرائم أخرى في هذه الواقعة ج 1/ 125 - 137 ط3 بیروت.

وأموالهم مسلوبه، ورحالهم منهوبة، ودماؤهم مسفوكة، ونساؤهم مهتوكة، وبعث مجرم بن عقبة برؤس أهل المدينة الى يزيد. فلما ألقيت بين يديه تمثل بقول القائل : ليت أشياخي ببدر شهدوا الابيات (1).

ثم توجه مجرم لقتال ابن الزبير (وهو اذ ذاك في مكة) وقد بويع بالخلافة فهلك المجرم في الطريق، وتأمر بعده الحصين بن نمير بعهد من يزيد، فأقبا بجيشه حتى نزل على مكة المكرمة ونصب عليها العرادات والمجانيق، وفرض

ص: 467


1- مقتل الحسين للمقرم ص 461، اللّهوف فى قتل الطفوف لابن طاوس ص 102، الفصول المهمة لشرف الدين ص 117، روح المعاني للالوسى ج73/6 في تفسير آية : (فهل عسيتم ان توليتم) الغدير للاميني ج 260/3، تاریخ الطبری ج 11/ 358 ط قديم. وذكر السمهودى بايعوا على انهم خول ليزيد يحكم فى دمائهم وأموالهم وأهليهم بما شاء. وفاء الوفاء ج 131/1.

على أصحابه عشرة آلاف صخرة في يوم يرمونها بها، فحاصروهم بقية المحرم وصفر وشهري ربيع يغدون على القتال ويروحون حتى جاءهم موت طاغيتهم يزيد، وكانت المجانيق أصابت البيت الحرام فهدمته مع الحريق الذي أصابه (1).

وفظائع يزيد من أول عمره الى انتهاء أمره أكثر من أن تحويها الدفاتر أو تحصيها الاقلام والمحابر، وقد شوهت وجه التاريخ، وسودت صحائف السير، وكان أبوه معاوية يرى كلابه وقروده، وصقوره وفهوده، ويطلع على خموره وفجوره، ويشاهد الفظائع من أموره، ويعاين لعبه مع الغواني ويعرف لؤمه وخبثه بكل المعاني. ويعلم أنه ممن لايؤتمن على نقير، ولا يولى أمر قطمير، فكيف رفعه والحال هذه الى أوج الخلافة عن رسول اللّه ؟!! وأحله عرش الملك وامامة المسلمين ؟! وملكه رقاب الامة ؟ ! فغشها بذلك (2) وقد قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (فيما أخرجه البخاري من الورقة الأولى من كتاب الاحكام ص 155 من الجزء من صحيحه) : «ما من وال يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم الا حرم اللّه عليه الجنة» أه_. (3) وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (فيما أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي بكر في الصفحة السادسة من الجزء

ص: 468


1- شهداء الفضيلة للامينى ص 191، مقتل الحسين للمقرم ص 8 و 12، الامامة والسياسة لابن قتيبة، الفصول المهمة لشرف الدین ص 118، روح المعاني للالوسى ج 73/6 تفسير آية، فهل عسيتم ان توليتم رسائل الجاحظ ص298، الرسالة الحادي عشر في بني امية.
2- الفصول المهمة لشرف الدين ص 118، الغدير ج260/3.
3- وأخرجه مسلم في باب استحقاق الوالى الغاش لرعيته ص 67 من ج 1 من صحيحه (منه قدس).

الاول من مسنده) : «من ولي من أمور المسلمين شيئاً فأمر عليهم أحداً محاباة فعليه لعنة اللّه، لا يقبل منه صرفاً ولا عدلا حتى يدخله جهنم».

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (فيما أخرجه البخاري في الورقة الانفة الذكر من صحيحه) : «ما من عبد استرعاه اللّه رعيته فلم يحطها بنصيحة الا لم يجدرائحة الجنة».

عينه في اليمن وما فعله بسر بن ارطاة

المورد - (90) - عيثه في اليمن :

وذلك ان معاوية بعث بسر بن ارطاة الى اليمن سنة أربعين ليعيث فيها، وكان الوالي عليها يومئذ من قبل أمير المؤمنين ابن عمه عبيد اللّه بن العباس وأهلها كانوا من أولياء أمير المؤمنين والمخلصين اللّه تعالى في ولايته. فسامهم بسر سوء العذاب !! يذبح أبناءهم !! ويستحيي نساءهم !!! على سنة من فرعون، وعهد اليه بذلك من معاوية.

وحسبك ما أجمع أهل الاخبار على نقله، فراجع ماشئت من كتبهم مما يشتمل على احداث تلك السنة، لتعلم فظاعة هذه الواقعة، من قبل الشيوخ الركع، وذبح الاطفال الرضع، ونهب الاموال، وسبي العيال (1).

و ماینسی فلن ینسی مافعله بنساء همدان (با خلاصهن اللّه في ولاية آل محمد) اذ سياهن فأقامهن (كما في ترجمة بسر من الاستيعاب) في السوق و كشف عن سوقهن !!! فأيتهن كانت اعظم ساقاً اشتريت على عظم ساقها !!! قال ابن

ص: 469


1- الفصول المهمة لشرف الدين ص 122، أنساب الاشراف للبلاذرى ج2 /453 - 457، تاريخ الطبری ج 140/5، الكامل لابن الاثير ج 383/3، الغديرج 11/16 و 20، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 1 / 65 و 66، وفاء الوفاء ج31/1، البداية والنهاية ج 319/7 - 322، تاریخ ابن عساكر ج 3 / 222 و 459

عبد البر في الاستيعاب : كن اول مسلمات سبين في الاسلام (1).

وما أدري اهذه افظع وأفجع وأوجع، أم فعله بطفلي عبيد اللّه بن العباس؟!! الوالي يومئذ على اليمن، فهرب من بسر واستخلف عبیداللّه بن عبد المدان الحارثي وهو عند الطفلين لامهما، فقتله بسر فيمن قتلهم يومئذ من الالوف المؤلفة من خيار المسلمين وقتل ابنه وبحث عن الطفلين حتى وجدهما عند رجل من كنانة في البادية، فلما أراد بسر قتلهما قال له الكناني (كما في تاريخ ابن الأثير) : لم تقتلهما وهما طفلان لا ذنب لهما ؟!! فان كنت قاتلهما فاقتلني قبلهما. فقتله !! ثم ذبحهما بين يدي أمهما !!! (كما نص عليه ابن عبدالبر في ترجمة بسر من الاستيعاب) فهامت أمهما على وجهها جنوناً مما نالها، وكانت تأتي الموسم تنشدهما فتقول :

يامن أحس بابني الذين هما***كالدرتين تشظي عنهما الصدف

يامن أحس بابني الذين هما ***خ العظام فمخي اليوم مزدهف

يامن أحس بابني الذين هما***قلبي وسمعي فقلبي اليوم مختطف

من دل والهة حيرى مدلهة***على صبيين ذلا اذ غدا السلف

نبئت بسراً وماصدقت مازعموا***من افكهم ومن الاثم الذي اقترفوا

احني (2) على ودجي ابني مرهفة***مشحودة و كذاك الاثم يقترف (3)

ص: 470


1- الفصول المهمة لشرف الدين ص122.
2- كذا في رواية ابن الأثير، لكن فى رواية الاستيعاب وأبي الفداء، أنحى (منه قدس).
3- الفصول المهمة لشرف الدين ص 122، الغدير ج17/11، الاغانی ج 44/15، تاریخ ابن عساکر ج223/3، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 1 / 65، النزاع والتخاصم ص13، تهذيب التهذيب ج435/1.

وقالت له امرأة من كنانة لما ذبحهما (كما في تاريخ ابن الاثير) : ياهذا قتلت الرجال !! فعلام قتلت هذين ؟؟!! واللّه ما كانوا يقتلون في الجاهلية، واللّه يابن أبي ارطاة ان سلطاناً لايقوم الا بقتل الصبي الصغير، والشيخ الكبير ونزع الرحمة وعقوق الارحام لسلطان سوء. (الى آخر ما أوردناه من هذه الفظائع التي تربأ عنها البرابرة فلتر اجع في الفصول المهمة) (1).

قتله للصالحين من عباد اللّه

المورد - (91) - قتله للصالحين من عباد اللّه :

وحسبه ظلماً وعدواناً أن قتل الحسن الزكي سيد اهل البيت في عصره، وامامهم بعد أبيه صلوات اللّه وسلامه عليهما بسم دسته اليه فسقته اياه جعدة بنت الاشعث، والنصوص في ذلك متواترة عن ائمة العترة الطاهرة. وقد اعترفت به جماعة من اهل الاخبار، قال ابو الحسن المدائني (كما في اوائل الجزء 16 من شرح النهج الحديدي الحميدي في ص 4 من المجلد 4 طبع مصر) : كانت وفاة الحسن سنة 49، وكان مريضاً 40 يوماً وكان سنه 47 سنة، دس اليه معاوية سماً على يد جعدة بنت الاشعث (قال) وقال لها : ان قتلتيه بالسم فلك مائة الف وأزوجك يزيد. فلما مات الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) وفي لها بالمال ولم يزوجها من يزيد وقال : اخاف أن تصنعي بابني كما صنعت بابن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). اه_.

ونقل المدائني عن الحصين بن المنذر الرقاشي (كما في ص 70 من المجلد 4 من شرح النهج الحميدي طبع مصر أيضاً) أنه كان يقول : واللّه ما وفي معاوية للحسن بشيء مما اعطاه، قتل حجراً وأصحابه وبايع لابنه يزيد

ص: 471


1- الفصول المهمة لشرف الدين ص 123، تاريخ الطبرى ج 77/6، كامل ابن الأثير ج 3 / 162، وفاء الوفاء ج 1 / 31، الغدير ج20/11.

وسم الحسن. اه_.

وقال ابو الفرج الأصفهانى المرواني في كتابه مقاتل الطالبين ما هذا لفظه: وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن شيء اثقل عليه من امر الحسن بن علي، وسعد بن ابي وقاص، فدس اليهما سماً فماتا منه.

وروى ابن عبدالبر في ترجمة الحسن من استيعابه عن قتادة وأبي بكر بن حفص : ان بنت الاشعث سقت الحسن بن علي السم، (قال) : وقالت طائفة كان ذلك منها بتسديس معاوية اليها (1).

وقد علم الناس ما ارتكبه في مرج عذراء من الفظاعة بقتل أولئك الاخيار الابرار صبراً وهم حجر بن عدي الكندي الصحابي وأصحابه، قتلهم اذ لم يلعنوا له علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وكانوا من «الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (2). وكان قتلهم سنة احدى وخمسين للّهجرة المباركة وأنكرها على معاوية جميع من كان في ذلك العهد من الصحابة والتابعين ومن كان بعدهم من أولي الألباب. وقد فصلها كل من ارخ حوادث تلك السنة

ص: 472


1- وفي ص17 من المجلد الرابع من شرح النهج لابن أبي الحديد طبع مصر ما تلفت اليه المتتبعين. وما أولاهم بالوقوف عليه (منه قدس). معاوية هو الذى قتل الامام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع: تاريخ اليعقوبي ج2 / 191، مروج الذهب للمسعودى ج 427/2، صلح الحسن للشيخ راضی آل یاسین ص 364 - 368، دلائل الصدق للمظفر ج3 ق233/1 الفصول المهمة لشرف الدین ص 120، مقاتل الطالبين لابى الفرج الاصفهاني ص 73 تحقيق أحمد صقر، الغدير ج 8/11 - 15، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديدج 16 / 49، نزل الابرار بالهامش ص 142 عن عدة مصادر.
2- سورة آل عمران : 191.

من المتقدمين والمتأخرين، فراجع منها ماشئت (1).

وما اخالك تنسى قتله عمرو بن الحمق الخزاعي (2) وكان بحيث ابلته

ص: 473


1- راجع : الغدير للامينى ج 53/11، تاريخ الطبری ج 277/5، کنز العمال ج 157/15 445 ط 2، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 184. بل قتل معاوية بن أبي سفيان خلقاً كثيراً من شيعة آل محمد : منهم : 1 - حجر بن عدي الكندى الصحابي الجليل وستة من أصحابه وهم : 2 - شريك بن شداد الحضرمي. 3- وصیفی بن فسيل الشيباني. 4 - وقبيصة بن ضيعة العبسي. 5 - ومحرز بن شهاب المنقرى. 6 - وكدام بن حيان العنزى. 7 - وعبد الرحمن بن حسان العنزى. كلهم في مرج عذراء. وقد وفقنا اللّه في هذه السنة في شوال 1403ه_ لزيارتهم والجمهورية الاسلامية مشغولة بتجديد ضريح لهم. 8 - وقتل أيضاً عمرو بن الحمق الخزاعي الصحابي العظيم وحمل رأسه وهو أول رأس حمل في الاسلام. 9 - مسلم بن زيمر الحضرمي. 10 - عبد اللّه بن نجي الحضرمي. 11 - مالك بن الحارث الاشتر النخعي. 12 - محمد بن أبي بكر قتل ووضع في جيفة حمار ثم احرق. كل هؤلاء من أولياء اللّه ورسوله وعظماء الامة. راجع تاريخ الطبری ج 253/5 - 280 و 95 - 105، عيون الاخبار لابن قتيبة 280 ج 1 / 147، الكامل لابن الأثير ج 352/3 - 357 و 482 - 488، الغدير للاميني ج 37/11 - 70، أحاديث ام المؤمنين عائشة للعسكرى ج257/1 - 260، الاغانی لامى الفرج الأصفهاني ج2/16 - 11.
2- راجع : القدير ج 41/11.

العبادة، ورأسه اول رأس حمل في الاسلام، قتله وهو من خيار اصحاب رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، ولا ذنب له غير حبه علي بن ابي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، اذ ان علياً يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله.

ولم يقتصر معاوية على قتل اولياء اللّه، حتى قتل في ذلك اخص اوليائه به، وأشدهم ملازمة له، عبدالرحمن بن خالد بن الوليد حارب معه في صفين، وحالفه على عداوة أمير المؤمنين، ثم بعدها باعه بالتافه الزهيد، وقتله مخافة أن ترغب الناس به عن يزيد، وقصته مشهورة عند اهل الاخبار، مستفيضة بين اهل السير والاثار فراجع ترجمة عبد الرحمن من الاستيعاب تجد التفصيل (1).

بوائق اعماله وعماله

المورد - (92) - بوائق اعماله وعماله :

ولو أردنا أن نتصدى الاحكام التي بدلها، والحدود التي عطلها، والبواثق التي ارتكبها، والفواقر التسي احتقبها، والاحداث التي أحدثها في زمانه، والغاشمين الذين أشركهم في سلطانه، كابن شعبه، وابن العاص، وابن ارطاة، وابن جندب، ومروان، وابن السمط، وزياد، وابن مرجانة، والوليد وأمثالهم ممن فعلوا الافاعيل، وقهررا الامة بالاباطيل و ساموا عباد اللّه سوء العذاب، يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، لافنينا المحابر، واستغرقنا الصحف والدفاتر، وهيهات أن نبلغ غايتنا المقصودة أو نظهر (فيما بذلناه من وسع) بضالتنا المنشودة (2) و الحمد للّه رب العالمين من المستبصرين آل محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وضلال أعدائهم.

ص: 474


1- الفصول المهمة لشرف الدين ص 121، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 175.
2- راجع: الغدير ج 16/11 - 36، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 43/11، الفصول المهمة لشرف الدين ص 115 - 129، النصائح الكافية لمن يتولى معاوية لمحمد بن عقيل، تقوية الايمان في الرد على بن أبي سفيان له أيضاً صلح الحسن الشيخ راضی آل ياسين المراجعات لشرف الدين ص 296 تحت رقم 700 وما بعده، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 215 تحت رقم (699) ط بیروت.

بغضه علياً وعدوانه اياه

المورد - (93) - بغضه علياً وعدوانه اياه :

ان بغضه لعلي، وعدواته اياه، لمن المسلمات البديهيات لكل من يعرفهما أو يسمع بهما من جميع أهل الأرض في الطول والعرض، على اختلافهم في الاديان، والالسنة والالوان، فحكمهما في ذلك حكم آدم والشيطان بلاريب (1)، واليك في هذه العجالة طرفاً من النصوص الصريحة في حكمي حبه وبغضه المتناقضين في دين الاسلام. فعن سلمان الفارسي (وقد قيل له : ما أشد حبك لعلي) قال: سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول: «من أحب علياً فقد أحبني (2) ومن أبغض علياً فقد أبغضني» (3).

ص: 475


1- لاجل المزيد من ذلك راجع : كتاب المراجعات اشرف الدین ص 296، الغدير للاميني ج 257/10، النصائح الكافية لمن يتولى معاوية، تقوية الايمان في الرد على بن أبي سفيان، العنب الجميل كلها لمحمد بن عقيل، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 11، شيخ المضيرة أبو هرارة ص 174، الفصول المهمة لشرف الدين ص 115 - 129.
2- أخرجه الحاكم فى ص 130 من الجزء3 من المستدرك. ثم قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأورده الذهبي في تلخيص المستدرك معترفاً بصحته على شرطيهما (منه قدس).
3- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 172/9 بتحقيق أبو الفضل وج2 / 431 ط افست بيروت، الرياض النضرة ج 1 / 651 ط الخانجي وج 218/2 ط 2 دار التأليف بمصر، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 30/5، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى الشافعي ص 109 ح 151، الجامع الصغير للسيوطى ج136/2 ط الميمنية و ج 479/2 ط مصطفی محمد، مجمع الزوائد ج 129/9 - 133، نور الابصاء للشبلنجي ص 73 ط العثمانية وص 72 السعيدية اسعاف الراغبين للصبان الشافعي بهامش نور الابصار ص 141 - 142 ط العثمانية وص 156 ط السعيدية، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 74ط الميمنية وص 121 ط المحمدية، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 /37 تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 28، أسد الغابة ج483/4، الميزان للذهبي ج 2/ 128 و السعادة، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 205 و 272 و 282 و 303 ط اسلامبول وص 242 و 325 و 338 والحيدرية، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 152 تحت رقم (572) ط بیروت، نزل الابرار ص 55.

و عن عمار بن ياسر قال : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول لعلي: «يا علي طوبى لمن أحبك و صدق فيك، و ويل لمن أبغضك و كذب فيك» أخرجه الحاكم في ص 135 من الجزء 3 من المستدرك ثم قال : هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (1).

ص: 476


1- نظم درر السمطين للزرندى الحنفى ص 102، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 111 ط الحيدرية وص109 الغرى، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعى ج 2 / 211 ح 700 و 706، ذخائر العقبى ص 92 المناقب للخوارزمي ص 30 و 66، مجمع الزوائد ج 132/9، ينابيع المودة للقندوزى ص 91 و 213 ط اسلامبول وص 104 و 252ط الحيدرية، نور الابصار للشبلنجي ص 74 ط العثمانية وص 73ط السعيدية، الرياض النضرة ج 2/ 285 ط 2 و ج 214/2 ط الخانجی، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 34/5 كنوز الحقائق للمناوى ص 303 ط بولاق و ص 121 طآخر فرائد السمطين للحمويني ج 129/1 و 310 ح 248، احقاق الحق ج 271/7، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 154 تحت رقم (575) ط بيروت، نزل الابرار ص 67، تاریخ بغداد ج 71/9، أسد الغابة ج 23/4.

وعن أبي سعيد الخدري (1) قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد الا أدخله اللّه النار» (2).

و عن أبي ذر قال : «ما كنا نعرف المنافقين الا بتكذيبهم رسول اللّه والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب» (3).

وعن ابن عباس قال (رضي اللّه عنه) : «نظر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى علي فقال : يا علي أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب اللّه وعدوك عدوي وعدوي عدو اللّه عز وجل، والويل لمن أبغضك بعدي» (4).

ص: 477


1- فيما أخرجه الحاكم فى ص 150 من الجزء3 من المستدرك ثم قال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وأورده الذهبي في تلخيصه ولم يناقش في صحته (منه قدس).
2- مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 138 ح 181، جواهر البحار للنبهاني ج 1/ 36، احياء الميت للسيوطى بهامش الاتحاف للشبراوی ص 111، اسعاف الراغبين للمبان ص 104 ط العثمانية وص 112 ط السعيدية، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 172 و 237 ط المحمدية وص 104 و 143 ط الميمنية. وذكر تصحيحه للحديث في المورد الاول، ينابيع المودة للقندوزی ص 104 ط اسلامبول وص 365 ط الحيدرية، نظم درر السمطين للزرندى ص 106، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 94/5، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 333/3، احقاق الحق للتسترى ج 461/9، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 33 رقم (61)، نزل الابرار ص 35.
3- أخرجه الحاكم في أول ص 129 من الجزء الثالث من المستدرك، ثم قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (منه قدس). الرياض النضرة ج 2 / 215 ط 1، أسنى المطالب للجزرى ص 47، الغدير ج 3/ 182، تاریخ بغداد ج 255/2، کنز العمال ج 394/6.
4- أخرجه الحاكم فى ص 128 من الجزء3 من المستدرك، وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقد اعترف الذهبي على تشدده بوثاقة رواته كلهم حيث أورد في تلخيصه (منه قدس). المناقب للخوارزمی ص 234، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 103، نور الابصار للشبلنجى ص 74ط العثمانية وص 73ط السعيدية، الميزان للذهبي ج 2 / 613، ينابيع المودة للقندوزى ص 91 و 248 و 314ط اسلامبول وص104 و 295ط الحيدرية، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج171/9 بتحقيق أبو الفضل وج2 / 30 ط بيروت، الرياض النضرة ج 2 / 219 و 220، فرائد السمطين للحمويني ج1 / 128، نزل الابرارص 66. ولاجل المزيد من المصادر في ذلك راجع : كتاب المراجعات لشرف الدين مع تعليقتنا عليه تحت رقم (49 و 572 و 577 و 751).

وعن عمرو بن شاس الاسلمي - وكان من أهل الحديبية - «قال : خرجت مع علي الى اليمن فجفاني في سفره ذلك، حتى وجدت في نفسي، فلما أقدمت أظهرت شكايته في المسجد حتى بلغ رسول اللّه ذلك، فلما رآني أبد في عينيه (أي حدد الي النظر) حتى اذا جلست قال : يا عمرو اما و اللّه لقد آذيتني. فقلت أعوذ باللّه أن أؤذيك يارسول اللّه، قال : بلی، من آذى علياً فقد آذاني» (1).

ص: 478


1- أخرجه الحاكم في ص 122 من الجزء الثالث من المستدرك ثم قال : حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. واعترف الذهبي بصحته اذ أورده في تلخيص المستدرك (منه قدس). مسند أحمد بن حنبل ج 483/3 ط 1، فرائد السمطين للحمويني ج1 / 298 ح 236، ذخائر العقبى ص 65، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر 1/ 38 ح496 - 499، البداية والنهاية ج 104/5 و ج 7 / 346. ومثل هذا يوجد : عن بريدة الاسلمى وعن عمران بن حصين وعن وهب بن حمزة. ولاجل المزيد في ذلك راجع تعليقتنا على المراجعات تحت رقم (520 و 526 و 531)، نزل الابرارص 54. وأما آخر الحديث من قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «من آذى عليا فقد آذانی» فهو من الاحادیث المتواترة. راجع : ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج1 / 389 ح495 - 502 شواهد التنزيل للحسکانی ج 2/ 98 ح 777 و 778، كفاية الطالب للكنجى الشافعى ص 276 ط الحيدرية وص144 ط الغرى، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 52 ح 76، المناقب للخوارزمی ص 93، مجمع الزوائد ج129/9 نور الابصار للشبلنجى ص 73 الاستيعاب بهامش الاصابة ج 37/3، الصواعق المحرقة لابن حجرص 73 و 74 ط الميمنية وص 121 ط المحمدية، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 146/2 و 147، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 173، الاصابة لابن حجر ج 543/2، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 44، ينابيع المودة للقندوزي ص181 و 187 و 205 و 272 و 282 و 303 ط اسلامبول و ص 213 و 221 و 243 و 338 ط الحيدرية، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 156 ط السعيدية وص 141 ط العثمانية، كنوز الحقائق للمناوى ص 144 ط بولاق وص 121 ط آخر، کنز العمال ج 125/15 ح 360 ط 2، الرياض النضرة ج 2/ 218 ط 2، الجامع الصغير للسيوطى 135/21، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 30/5، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 332/3 ط البهية و ج 3 / 369 ط محمد على صبيح، احقاق الحق ج381/6، فرائد السمطين للحموينی ج 1 / 298، 236، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 151 رقم (571).

وعن أبي ذر قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «يا علي من فارقني فقد فارق اللّه تعالى، ومن فارقك ياعلي فقد فارقني» (1).

ص: 479


1- أخرجه الحاكم فى ج 3 ص 124 من المستدرك، ثم قال : صحيح الاسناد ولم يخرجاه (منه قدس). ذخائر العقبى ص 66، مجمع الزوائد ج 135/9، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج2 / 268 789، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى ص 241 ح188، الرياض النضرة ج 2/ 220 ط 2، ينابيع المودة للقندوزي ص 91 و 181 و 205 ط اسلامبول و ص 105 و 214 و 243 ط الحيدرية، الميزان للذهبي ج 18/2، احقاق الحق ج 396/6، فرائد السمطين ج 1 / 300 ح 238، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 150 رقم (569)، المعيار والموازنة ص 224، نزل الابرار ص 56.

وقال الامام الحافظ ابن عبد البر في ترجمة علي من الاستيعاب ماهذا لفظه وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن آذى علياً فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللّه» (1).

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيما أخرجه الطبراني وغيره من حفظة الاثار النبوية : «ما بال أقوام يبغضون (2) علياً ومن أبغض علياً فقد أبغضني ومن فارق عليأفقد فارقني ان علياً مني وأنا منه خلق من طينتي وخلقت من طينة ابراهيم (3) ذرية بعضها من بعض واللّه سميع عليم، يا بريدة أما علمت ان لعلي أفضل من الجارية التي أخذ وانه وليكم بعدي» (4).

وشكا علياً اليه بعض أصحابه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وكانوا قد تعاقدوا على شكايته لتنمره في ذات اللّه فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ماتريدون من علي، ماتريدون من علي ماتريدون من علي، ان علياً مني وأنا منه وهو وليكم بعدي» (5).

ص: 480


1- ذخائر العقبى ص 65، المعيار والموازنة للاسكانى ص 224، نزل الابرار ص 55. وصدر الحديث الى - فقد أبغضنى - تقدم مع مصادره تحت رقم (728) ووسطه تحت رقم (733) فراجع.
2- في الصواعق لابن حجر : ينتقصون بدل (يبغضون).
3- في الصواعق زيادة وهى : وأنا أفضل من ابراهيم.
4- الصواعق المحرقة لابن حجر ص 103 ط الميمنية وص ط المحمدية مجمع الزوائد ج 128/9، ينابيع المودة للقندوزي ص 272 ط اسلام بول وص326ط الحيدرية.
5- صحيح الترمذى ج 5 / 296 ح 3796، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 97 ط الحيدرية وص 38 ط بيروت وص 23 ط التقدم بمصر، المناقب للخوارزمی ص 92، المستدرك للحاكم ج 3/ 111 وصححه، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك، الاصابة لابن حجر ج509/2، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 2 / 450 ط 1، نور الابصار للشبلنجي ص 158 ط السعيدية، حلية الأولياء ج 294/6، نزل الابرار للبدخشاني ص 54، أسد الغابة ج 27/4، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 381/1 ح 487 و 488، الرياض النضرة ج 2/ 225 ط 2، مصابيح السنة للبغوى ج 2/ 275، جامع الاصول لابن الأثير 470/9، كنز العمال ج 124/15 ح 359 ط 2 بحیدر آباد، ينابيع المودة للقندوزی ص53 ط اسلامبول، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 36، الغدير ج 3 / 216، مطالب السئول لابن طلحة ج 1 / 48، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 133 رقم (518) ط بیروت، المراجعات ص 222، وفى بعض هذه المصادر : «ماتريدون» مرة واحدة بدل ثلاث.

اذا أراد اللّه نشر فضيلة***طويت، أتاح لهالسان حسود

وفي ترجمة علي من الاستيعاب ماهذا نصه: وروى طائفة من الصحابة : ان رسول اللّه [ص] قال لعلي (رضي اللّه عنه) : «لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق» (1) (قال) : وكان علي (رضي اللّه عنه) يقول «واللّه انه لعهد النبي

ص: 481


1- صحيح الترمذى ج 5 / 306 ح 3819، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 27 ط التقدم و ص 105 ط الحيدرية وص 44 ط بیروت، سنن النسائى ج116/8، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 188/2 حدیث 671 و 674 و 675 و 678 و 680 و 683 و 684 و 686 و 687 و 688 و 689 و 690 و 691 و 692 و 693 و 694 و 695 و 702 و 703، أسد الغابة ج 4 / 26، حلية الاولياء ج 4 / 185 وصححه وذكره بعدة طرق، ميزان الذهبي ج 2 / 41، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 37/3، مجمع الزوائد ج133/9، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج520/4 ط 1 وج221/20 بتحقيق أبو الفضل، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى ص 190 ح 225 و 226 و 228 و 229 و 231، ينابيع المودة للقندوزي ص 47 و48 و 182 ط اسلامبول وص 52 و 53 و 210 ط الحيدرية، كنوز الحقائق للمناوى ص 46 و 192 ط بولاق وص 38 و 171 ط آخر منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 30/5، كنز العمال ج 157/15 ح2444، الرياض النضرة ج 284/2 ط 2، فرائد السمطين للحمويني ج 1 / 133، تاریخ بغداد للخطيب البغدادى ج 417/8 وج 426/14، معالم التنزيل للبغوى ج 180/6، لسان الميزان ج 446/2، الفتح الكبير للنبهاني ج1/ ج 1 / 446، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 272 رقم (884)، أضواء على السنة المحمدية ص 217. ونقله في احقاق الحق جل عن : مسند أحمد ج 1 / 95 ط 1، علل الحديث لابى حاتم ج 2/ 400 ط السلفية، سنن البيهقى ج 1/2 ط الميمنية، طبقات الحنابلة ج 1 / 320 ط القاهرة. موضح الجمع للبغدادی ص 468 ط حیدر آباد، سعد الشموس و الاقمار ص 210ط التقدم شرح دیوان امير المؤمنين للميبدى ص 191 مخطوط، الشفاء للقاضی عیاض ج 41/2، تذكرة الحفاظ للذهبي ج 1 / 10 حیدر آباد، نقد عين الميزان لمحمد بهجت ص 14 ط مجلة القمرية، السيف اليمانى المسلول ص 49.

الامي، انه لايحبني الا مؤمن، ولا يبغضني الا منافق. أه_. (1).

ص: 482


1- صحيح مسلم ج 1/ 48 عیسى الحلبي و ج 1 / 60ط محمد على صبيح سنن النسائى ج 117/8، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 37/3، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 109، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج1 / 120 ح 166 و ج 2 / 191 ح 676 و 679 و 681 و 682 و 685، نور الابصار للشبلنجي ص 72 ط العثمانية و 71 ط السعيدية، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزی ص28، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج214/4 4519 ط 1، ذخائر العقبى ص91، ينابيع المودة للقندوزى ص 47 و 48 و 213 و 282 ط اسلامبول و 52 و 53 و 252 و 337 ط الحيدرية، سنن ابن ماجة ج 42/1 وص 114، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 27 ط التقدم وص 44 ط بيروت و ص 104 و 105 ط الحيدرية، مطالب السئول لابن طلحة الشافعى ج 1/ 48، نظم درر السمطين للزرندی ص 102، تاریخ الخلفاء للسيوطى ص 170، الصواعق المحرقة ص 73ط الميمنية وص 120 ط المحمدية، اسعاف الراغبين بها مش نور الابصار ص 154 ط السعيدية وص 140 ط العثمانية، كفاية الطالب للگنجي الشافعي ص 68ط الحيدرية وص 20 ط الغرى، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 192 ح 227 و 232، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 97/2 20، مصابیح السنة للبغوى ج 2/ 275، الرياض النضرة ج 2 / 284، كنوز الحقائق للمناوي ص 192 بولاق وص203 ط آخر، جامع الاصول لابن الاثير ج 473/9 ح 6488، مشكاة المصابيح 3 / 24، كنز العمال ج 15 / 105 ح 300 2، الغدير للاميني ج183/3، احقاق الحق 7/ 190، فرائد السمطين للحمويني ج 1 / 121 و 132، شذرات الذهبية لابن ج طاولون ص56، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص 153 رقم (173)، أسنى المطالب للجزرى ص 54، نزل الابرار ص 55.

قلت : وأخرجه مسلم في كتاب الايمان من صحيحه : وتواتر قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): من كنت مولاه فعلي مولاه اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه» (1) وان

ص: 483


1- هذا من الاحاديث المتواتر التى أطبق على روايته عموم المسلمين على أختلاف مذاهبهم واليك جملة من مصادره : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج211/1 ح 275 و ج 2 / 5 ح 501 و 5025 و 503 و 504 و 505 و 506 و 512 و 526 و 527 و532 و 535 و و 539 و 543 و 545 و 546 و 549 و 561 و 566 و 567 و 568 و 570 و 571 و572 و 573 و 580 و 583، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 96 و 100 و104ط الحيدرية و 23 و 25 ط التقدم، كفاية الطالب للكنجي ص 56 و 59 و 62 ط الحيدرية وص17914 ط الغرى، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى ص 16 ح 23 و 26 و 27 و 29 و 33 و 37 و 38 و 155، أسد الغابة لابن الأثير ج 1 / 367 و ج 2 / 233 وج 92/3 و 93 و 307 و 321 و ج 4 / 28، مسند أحمد ج2 / ح 961 بسند صحيح ط دار المعارف وج 4 / 281 ط 1، شواهد التنزيل للحاكم الحسكانى ج 1 / 190 ح 245 و 9247 248 مجمع الزوائد ج 7 / 17 و ج 104/9 و 105 و 106 و 107 و 108، ينابيع المودة للقندوزي ص 29 و 30 و 31 و 32 و 3 3 و 37 و 38 و 206 و 249 و 274 وصححه وص 281 ط اسلامبول وص 33 و 34 و 35 و 36 و 37 ط الحيدرية، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 2 / 112، تاريخ اليعقوبي ج 93/2ط الغرى، المستدرك للحاكم ج 116/3 و 371 - مقتل الحسين للخوارزمی ج 47/1، مناقب الكلابي من المسند ح31 مطبوع في آخر المناقب لابن المغازلي، نظم درر السمطين للزرندي ص 109، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 23 و 24، نزل الابرار ص 51 - 54، ذخائر العقبي ص 67، المناقب للخوارزمی ص 93، الحاوی للفتاوى ج 122/1، میزان الذهبي ج294/3، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 36/3، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 169، الصواعق لابن حجر ص 25 وصححه وص 73ط الميمنية وص 41 و 120 ط المحمدية، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 4 / 388 ط 1 و ج 19 / 217 بتحقيق أبو الفضل، تفسير الرازی ج3/ 636 ط الدار العامرة بمصر وج 50/12 طالبهية، مشكاة المصابيح للعمرى ج 246/3، كنز العمال ج 15/ 138 ح 400 5 401 و 426 و 430 ط 2، الرياض النضرة ج 223/2، أخبار اصفهان لابی نعیم ج 1 / 107 و ج 227/2، تاریخ بغداد للخطيب البغدادى ج 14/ 236، الشرف المؤبد للنبهاني ص 113، صفة الصفوة لابن الجوزى الحنبلي ج1 / 121 ط حيدر آباد، نهاية العقول الفخر الرازى ص 199، المعتصر من المختصر ليوسف بن موسى الحنفى ج 2 / 301، البداية والنهاية لابن كثير ج 5 / 210 و 211 و 213 و 219 و 366 وج 7 / 346، وفاء الوفاء للسمهودى ج 173/2، أسنى المطالب للجزرى ص 48 قال وهو متواتر أيضاً عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). وفى احقاق الحق ج233/6 عن : أرجح المطالب ص 213 و 560 و 562 و 563 و 572 و 574 و 577 و 580 و 679 طلاهور، تفسير الثعلبي مخطوط، الاعتقاد على مذهب السلف المبيهقى ص 195، الكاف الشاف لابن حجر العسقلانی ص 29 و 95 ط مصر فضائل الصحابة للسمعاني مخطوط، الروض الازهر ص 100 حیدر آباد، سعد الشموس الاقمارص 209 ط التقدم، درر بحر المناقب ص 92 مخطوط، مفتاح النجا للبدخشى ص 57 وصححه مخطوط، نقد عين الميزان للشيخ محمد بهجت ص 22 طمجلة القمرية، تاريخ آل محمد لبهجت أفندى ص 48 45، مختلف الحديث لابن قتيبة الدينورى ص 276، معجم ما استعجم لابى ط ع، عبيدة الاندلسي ج 368/2 ط لجنة التأليف والنشر فى القاهرة، الشفاء للقاضي عياض ج 41/2، روضات الجنات للاستفزادى ص 158 ط الحيدري في طهران، الكواكب الدرية للمناوى ج 1/ 39 ط الازهرية في مصر. وغيرها من عشرات بل مئات المصادر وروى عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انه قال في يوم غدير خم : «من كنت مولاه فعلی مولاه اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره و أخذل من خذله» سوف يأتى مع مصادره تحت رقم. ولاجل المزيد من الاطلاع على باقى المصادر راجع سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 178 رقم (622).

ص: 484

مقامنا ليضيق عما جاء في وجوب موالاته، ولا يني باستيفاء ما دل على نفاق معاداته، فنلفت الباحثين الى ما أوردناه من الصحاح، في كتابنا سبيل المؤمنين (1)، فان فيه للحق المبين، والحمد للّه رب العالمين.

ص: 485


1- هذا الكتاب يقع في ثلاث مجلدات فى أمامة أئمتنا الاثنى عشر وأحوالهم ومناقبهم وهديهم (عَلَيهِ السَّلَامُ) لا نظير له فى موضوعه. كما عبر عنه مؤلفه. ويا للاسف الشديد ان هذا الكتاب من جملة تسعة عشر كتاباً للمؤلف قد احرقت وأتلفت من قبل الاستعمار الفرنسى حينما هجم وقتل وشرد أبناء جبل عامل. قال المؤلف حول هذا الكتاب بعد تلفه : نكبنا في سبيل المؤمنين - لا يخفى لطافة هذا التعبير - سنة 1920 غربية وهي سنة 1338 هجرية يوم رزثنا بجل ما ألفناه قبل تلك النازلة التي عمت أبناء عاملة وأختصت بهذا الضعيف حيث أوغل الغاشمون فى طغيانهم ولجوا في عدوانهم ومضوا في التنكيل والتقتيل والتشرتد على غلوائهم وأطلقوا في البنادق والمشانق والنهب والضرب والتحريق والتمزيق أعنة أهوائهم، ركبوا في ذلك رؤوسهم متهافتين في أعمالهم لا يلوون على أحد، وكنت في طليعة من تبدد وتشرد. وليتهم كفوا عن تلك الكتب القيمة واكتفوا بما سواها عند اللّه أحتسب تلك المؤلفات التى أفنيت فيها عمرى ورهقني بفقدها ما نقض مرة صبرى فانا للّه وانا اليه راجعون. أنشد اللّه امرءاً وقع في يده شيء منها الا أثلج به كمبدى الحرى فان لكل كبد حرى أجرا.... الخ ثم عدد تلك المؤلفات العظيمة. راجع : كتاب الكلمة الغراء في تفضيل فاطمة الزهراء مطبوع في آخر الفصول المهمة ص 245 – 246. وهكذا في هذه السنوات يقوم العمل الزنيم صدام التكريتي، مقام الاستعمار الفرنسى بل مقسام الاستعمار العالمي في القضاء على العلم والعلماء فقد فتت وهدم الحوزات العلمية في الأماكن المقدسة كالنجف الاشرف وكربلاء المقدسة والكاظميين وسامراء فبعد أن كانت تعج بالالاف المؤلفة من العلماء والمجتهدين والطلاب لم يبق فيها الا شرذمة قليلة بل ولم يبق في بعضها شيء من العلم والعلماء. فقد هجر الالاف من العلماء وصادر أموالهم وأحرق كتبهم وسجن المئات منهم وأعدم العشرات من تلك الوجوه النيرة والبدور المشرقة والانجم الزاهرة ثم لم يكتف بذلك كله بل مديده الأثيمة الكافرة بالتعاون والتواطى مع الدول الرجعية في المنطقة والدول الاستعمارية على قدسية سيدنا واستاذنا الامام العظيم والمرجع الشهير والفيلسوف الكبير والمفكر الاسلامي والفقيه التحرير سماحة آية اللّه العظمى السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) فبعد اعتقاله فى بيته ما يقرب من سنة وعزل الجماهير المتعطشة اليه عنه أخذه إلى بغداد وبعد تعذيبه هو وأخته العلوية العالمة بنت الهدى نالا درجة الشهادة الرفيعة على يد ألثم خلق اللّه وأقذر عميل للصهيونية والاستعمار العالمي «صدام التكريتي الكافر» الذى لم يؤمن باللّه طرفة عين ولم يبق للاسلام حرمة الا استباحها ولاعرض للمسلمين الا هتكه. فعليك ياسيدى يا أبا جعفر سلام اللّه ورضوانه يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا. فأنت قد ذهبت واسترحت من كرب الدنيا وبلائها ونلت درجة الشهادة وختمت لك بالسعادة الأبدية. وفي هذه الأيام تمر علينا ذكرى استشهادك الثانية ونحن نقاسي ونتحمل من الآلام والمصائب ما تكادنا ثقلها من قبل عميل الامبريالية والصهيونية (صدام الكافر) ومساعدة ومساندة الرجعيين له في المنطقة. فقد سفك دمائنا وسلب أموالنا وهتك أعراضنا ولم يسلم من تعذيبه حتى الشيخ الهرم ولا المرأة المسنة بل حتى الطفل الرضيع فهاهم يمزقون ويقطعون اربا اربا ولا من رادع ولامانع بل الدول التي تدعى التقدم والتي تنادى بحقوق الانسان كامريكا وغيرها هي التي تمده بالسلاح والعتاد وتسانده مادياً واعلامياً وهاهو يعمل هذه الاعمال اللانسانية و بمسمع وبمرى من منظمة الامم المتحدة ومنظمة حقوق الانسان ومنظمة العفو الدولية ومجلس الأمن لم تنطق واحدة منها بكلمة واحدة في مقابله ولم تحرك قلماً اتجاهه أليس الحق أصبح باطلا عندها والباطل حقاً بخدمتها للدول الكبرى والسير في فلكها وفي مصالحها؟ ولماذا تريد دول عدم الانحياز أن تعقد مؤتمرها السنوى في بغداد أليس يعطيها صفة عدم الانحياز الا الى الباطل ومقاومة الحق؟ أليس ذلك مساندة لصدام على ظلمه و اجرامه ؟؟

ص: 486

لعنه في قنوط الصلاة سادة تعبد اللّه المسلمين بالصلاة عليهم في كل الصلوات

المورد - (94) - :

لعنه في قنوط الصلاة (1)، سادة تعبد اللّه المسلمين بالصلاة عليهم في كل الصلوات فرائضها ونواقلها (2).

أولئك الذين أذهب اللّه عنهم الرجس في محكم التنزيل، وهبط بتطهيرهم جبرائيل (3)، و باهل بهم النبي أعداءه بأمر ربه الجليل (4)، وقد

ص: 487


1- معاوية يسب أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) : راجع : العقد الفريد لابن عبد ربه ج 4 / 366 ط لجنة التأليف والنشر وج 2 / 301 ط آخر، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 1 / 356 و ج 258/3 ط 1 و ج 4 / 56 و ج 13 / 220 بتحقيق أبو الفضل، الغدير ج 132/2، أسد الغابة ج 144/3، تاريخ ابن عساکر ج 407/3، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 180 و 198، معاوية بن أبي سفيان فى الميزان ص 16.
2- وجوب الصلاة عليهم (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) تقدم تحت رقم (109 و 110 و 112) فراجع.
3- تقدمت الآية مع مصادرها تحت رقم (107) فراجع.
4- تقدمت الآية مع مصادرها تحت رقم (105) فراجع.

فرض اللّه مودتهم (1)، وأوجب الرسول عن اللّه تعالى ولايتهم (2) وهم أحد الثقلين لا يضل من تمسك بهما، ولا يهتدي الى الحق من ضل عنهما (3)، ألا وهم علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين (4).

ص: 488


1- تقدمت الآية مع مصادرها تحت رقم (108) فراجع.
2- اشارة الى قوله تعالى : «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ... الخ» المائدة آية : 55 نزلت هذه الاية في سيد العترة الامام أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو راكع في الصلاة. راجع : شواهد التنزيل للحاكم الحسكانى ج 1 / 161 - 184 ح 216 - 241، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 409/2 ح908 و 909، أسباب النزول للواحدى ص 113 و 114، كفاية الطالب للكنجى ص 228 و 250 و 251 ط الحيدرية وص 106 و 122 و 123 ط الغرى، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلي ص 311 ح354 و 355 و 356 و 357 و 358، ينابيع المودة للقندوزي ص 115 ط اسلامبول وص 135 ط الحيدرية وج 1 / 114 ط العرفان بصيدا، الكشاف للزمخشرى ج 1 649 ط بیروت و ج 624/1 ط مصطفى محمد بمصر، تفسير الطبری ج 288/6 و 289 ط 2، راجع بقية المصادر للاية الكريمة ونزولها في (الامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ)) سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 137 رقم (533).
3- اشارة الى حديث الثقلين وقد تقدم بألفاظ مختلفة مع مصادره تحت رقم (15) فراجع.
4- الوصية لعلى (عَلَيهِ السَّلَامُ) من قبل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مما لاريب فيها فقد بلغت الاحاديث في ذلك حد التواتر من طريق العترة الطاهرة وأما من طريق غيرهم فراجع : مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى الشافعي ص 89 ح 132 و 144 و 280 و 309 و 322 و 326 و 353، المناقب للخوارزمی ص 63 و 149 و 234، كفاية الطالب للكنجى الشافعي ص 168 و 261 ط الحيدرية و 70 و 131 ط الغرى، البيان في أخبار صاحب الزمان له أيضاً مطبوع في آخر كفاية الطالب ص 502 ط الحيدرية، الفصول المهمة لا بن الصباغ ص 281، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 / 87 ح 139 و 140 و 141 و 143 وص 239 ح 303 و ج 3/ 5 ح 1021 و 1022 و 1023، المستدرك للحاكم ج 172/3، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي ص 43، مجمع الزوائد ج 253/8، ينابيع المودة للقندوزى ص 53 و 81 و 82 و 114 و 122 و 123 و 329 ط اسلامبول وص 59 و 89 و 90 و 91 و 92 و 93 و 98 و 135 و 145 ط الحيدرية، فرائد السمطين ج 1 / 150 و 272 و 315 و ج 2/ 35 ح 371 و 403 و 431 و 564. وغيرها من عشرات الكتب ولاجل المزيد من المصادر راجع : سبيل النجاة فى تتمة المراجعات تحت رقم (459) و 708 و 718 و 719 و 720 و 721 و 919 و 920 و 924 - 963) ففيها عشرات المصادر. وأيضاً راجع : على والوصية للشيخ نجم الدين العسكرى ط النجف.

أخو الرسول (1).

ص: 489


1- المؤخاة بين الرسول الاعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ) راجع : ذخائر العقبى ص 66، صحيح الترمذى ج 5/ 300 ح 3804، كفاية الطالب للكنجى الشافعى ص 193 و 194 ط الحيدرية وص 82 و 83ط الغرى، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 21، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 20 و 22 و 23 و 24، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى الشافعى ص 37 ح 57 و 59 و 60 و 65، المناقب للخوارزمی ص 7، نظم درر السمطين للزرندي ص 94 و 95، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 170، السيرة النبوية لابن هشام ج 2 / 108 ط بيروت، أسد الغابة ج 221/2 وج3 / 137 و ج 4 / 29، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 24/18 وج 167/6 بتحقيق أبو الفضل وج 2 / 61 و 450 ط 1، مقتل الحسين للخوارزمي ج 18/1، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 140 ط العثمانية وص 154 ط السعيدية، مجمع الزوائد ج 9/ 112، فتح الملك العلى بصحة حديث باب مدينة العلم على ص 48ط الحيدرية وص19 ط مصر، الاصابة لابن حجر ج 507/2، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 35/3، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 1 / 103 ح 143 و 144 و 148 و 150 و 167 و 168، الطبقات الكبرى لابن سعد ج 22/3، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 30/5 و 45 و 46، الرياض النضرة ج 2/ 220 و 221 و 222 و 277 ط 2، جامع الاصول لابن الاثير ج468/9، مصابيح السنة للبغوى ج175/2، کنز العمال ج 2/10 ح 260 و 271 و 286 و 299 و 304 و 325 و 334 و 350 و 355 و 365 و 383 ط 2 بحیدر آباد، فرائد السمطين ج 1 / 111 و 117 و 321، احقاق الحق للتسترى ج 171/4 وج 462/6، الغدير للاميني ج 113/3 وغيرها من مئات المصادر ولاجل المزيد من الاطلاع على بقية المصادر راجع : سبيل النجاة فى تتمة المراجعات تحت رقم (459 و 482 و 484 و 488 و 490 و 492 و 493 و 494 و 495 و 496 و 497 و 498 و 49 و 500 و 501 و 502 و 504 و 505 و 506) ففيها ما يشفى الغليل.

ووليه (1)، وصاحب العناء وحسن البلاء بتأسيس دينه ووصيه، و من شهد الرسول بأنه يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله (2)، وانه منه

ص: 490


1- مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 278 ح 323، المستدرك للحاكم ج 132/3، تلخيص المستدرك الذهبي بذيله، مسند أحمد بن حنبل ج25/5 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر، خصائص أمير المؤمنين النسائي ص 61 - 64 ط الحيدرية وص 15 ط بیروت و ص 8ط التقدم بمصر، ذخائر العقبي ص87 راجع بقية المصادر فى سبيل التجاة فى تتمة المراجعات تحت رقم (468 و 741).
2- هذا اشارة الى الحديث المتواتر عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في يوم خيبر و المعروف بحديث الراية وهو قوله : (لاعطين الراية رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله ليس بفرار ولا يرجع حتى يفتح اللّه على يديه قال فدعى علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) فأعطاه الراية فسار بها ففتح اللّه عليه». وهناك ألفاظ أخرى أيضاً. وهذا الحديث رواه عدة من أصحاب الرسول الاكرم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) منهم : عمران بن حصين، أبو هريرة، سلمة بن الأكوع، أبو سعيد الخدري، بريدة، سعد بن أبي وقاص، سهل بن سعد الساعدى، أبو رافع مولى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، عكرمة جابر بن عبد اللّه الانصارى، أم موسى على بن أبى طالب، عبدالرحمن بن أبي ليلى. راجع : صحیح مسلم ج 5 / 189 وج 121/7 ط محمد على صبيح وص 1440 - 1441 وص 1871 محمد فؤاد، الطبقات لابن سعد ج 2 / 111 و مصر و ج 2 ق 80/1 - 81 ط لندن، مسند أحمد بن حنبل ج 1 / 185 و ج 4 / 52 و ج 353/5، مستدرك الحاكم / 437 و 108، سنن البيهقى ج 9 / 131، البداية والنهاية ج4 / 186 و 188 و ج 338/7، نهاية الأرب ج 252/17، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 176 ح 213 - 224، فرائد السمطين للحمويني ج209/1 ح 200 و 201 و 202 و 203 و 4 20 و 5 20 و 206 ط 1 بيروت، تهذيب التهذيب ج 7 / 480، الروض الانف لاسهيلي ج 2/ 2229، مجمع الزوائد ج 124/9، تاریخ الاسلام للذهبي ج 194/2، صبح الأعشى ج 174/10، حلية الأولياء ج 62/1، عمدة القارى ج313/14، السيرة، الحلبية ج 3/3، المناقب للخوارزمي ص 95، ينابيع المودة للقندوزي ص 95، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 194، كفاية الطالب للكنجى ص 38 ط الغرى وص 16 ط مصر و 21 طایران وص 98 و 104 ط الحيدرية، تاريخ بغداد ج 5/8، تاريخ الطبرى ج 11/3 ط دار المعارف و ج 2/ 300 ط دار الاستقامة، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 29، صحيح الترمذى ج 13/ 171 ط الصاوي، خصائص أمير المؤمنين للنسائى رواه بعدة طرق، نزل الابرار ص 43، أسد الغابة ج 21/4 و 334، السيرة النبوية لابن هشام ج 2 / 330، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج1 / 157 وما بعدها، مسند الكلابي المعروف بابن اخت تبوك المطبوع بآخر المناقب لابن المغازلى ص 443 ط طهران. راجع بقية المصادر فيما تقدم تحت رقمی (474 و 680).

بمنزلة هارون من موسى الا أنه ليس بنبي ولكنه وزير النبوة (1) وامام الامة

ص: 491


1- اشارة الى الحديث المتواتر عن النبي الاعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلى (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لانبى بعدى». سوف يأتي مع مصادره، وراجع سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 117 رقم (475) ط بیروت.

ووالد سبطي رسول اللّه (1) وريحانتيه من الدنيا (2)، الحسن والحسين

ص: 492


1- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ان اللّه جعل ذرية كل نبي من صلبه وان اللّه عز و علا جعل ذرية محمد من صلب على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)) وغيره من الالفاظ المتعددة. راجع : مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 49 72، فرائد السمطين للحمويني ج 324/1، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 112/1 ح 152 و ج 2/ 159 ح 643، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 36ط التقدم وص 122 ط الحيدرية وص 85 ط بيروت، ينابيع المودة للقندوزی ص53 ط اسلامبول وص 59 ط الحيدرية، الرياض النضرة ج 2 / 221 ط 2، المناقب الخوارزمي ص 27، المستدرك للحاكم ج 217/3، تلخيص المستدرك للذهبي بذيله، الفتح الكبير للنبهاني ج 330/1، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 229 رقم (497 و 738)، ذخائر العقبي ص 67.
2- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «ان الحسن والحسين هما ريحانتاى من الدنيا». راجع : صحيح الترمذى ج 339/4 وبشرح الاحوذى ج 13/ 193، مسند أحمد ابن حنبل تحت رقم (5568 و 5940 و 5975) ط دار المعارف بمصر، صحيح البخاري ك الفضائل بمناقب الحسن والحسين ج 33/5 وفي باب رحمة الولد ج 8/7 و باب الادب المفرد ص 14، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 124 ط الحيدرية، ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق لابن عساکرج 1 ص ح 08، أنساب الاشراف للبلاذرى ج3 / 227 ح 80 ط 1، فرائد السمطين للحمويني ج 2 / 109 ح 410، فضائل الخمسة من الصحاح السنة ج83/3، الفتح الكبير للنبهاتى ج 298/1، ترجمة الامام الحسن من تاریخ دمشق لابن عساكر ص 85 ح144 ط بيروت، مقتل الحسين للخوارزمی ج91/1، ذخائر العقبى ص 124، نزل الابرارص 92.

سيدي شباب أهل الجنة (1)، شبر الامة وشبيرها (2)، ولعن معهم عبداللّه بن عباس حبر الامة وابن عم نبيها

ص: 493


1- قول الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» كما عن ابن عباس وبريدة وفي رواية اخرى بزيادة : «وأبوهما خير منهما» كما عن ابن عمر وابن مسعود. هذا الحديث من الاحاديث المشهورة بين الامة الاسلامية أجمع راجع: فرائد السمطين للحمويني ج 2 / 98 ح 409 و 410 و 428، ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 45 و 66 - 71، المستدرك للحاكم ج3/ 167، فضائل الخمسة من الصحاح السنة ج 3/ 215، الفتح الكبير للنبهاني ج 80/2، مقتل الحسين للخوارزمی ج 1 / 92، ترجمة الامام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 79 ح 138 و 139 و 140 و 141 و 142 و 143 ط بيروت بتحقيق المحمودي أخبار اصبهان ج 343/2، المسند لاحمد ج 3 / 62 و 82 ط 1، الاصابة ج 255/1، المعيار والموازنة ص 206 و 151 ط بیروت، الخصائص للنسائى ص 118 ط الحيدرية، كنز العمال ج 221/6 ط 1، أسنى المطالب فى أحاديث مختلف المراتب للحوت ص132 ح 589 ط بیروت، ذخائر العقبی ص 92 و 129، الجامع الصغير ح3822، صحيح الجامع الصغير للالباني ح3177، الاحاديث الصحيحة للالبانی ح976، المقاصد الحسنة للسخاوى ح407، تمييز الطيب من الخبيث للشيباني 532، كشف الخفا للعجلوني ح1139، سنن ابن ماجة ح 108، حلية الأولياء ج 58/5 و 71 و ج 139/4 و 140، الدرر المتناثرة للسيوطى، ح187، تاريخ بغداد الخطيب ج 2 / 185 و ج 4 / 207 و ج 132/6 و ج 232/19 وج 11 / 90، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 376/1، نزل وج 232/9 الابرار للبدخشانی ص 93 عن عدة من الرواة.
2- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «سمی هارون ابنيه شبراً وشبيرا واني سميت ابنى الحسن والحسين بما سمى به هارون ابنيه شبر و شبيراً»، ويوجد بألفاظ أخرى. راجع: مناقب على بن أبى طالب لا بن المغازلی ص 379 ح 426، المستدركه للحاكم ج 165/3 و 168، مسند أحمد ج 1 / 98 ط 1 و ج 2 / 155 ح 769 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 115 ط الميمنية وص 190 ط المحمدية، مجمع الزوائد ج 52/8، الاستيعاب بذيل الاصابة ج 100/3 ط مصر بتحقيق الزيني، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 193، الفتح الكبير للنبهاني ج 2 / 161، ذخائر العقبی ص 120، ترجمة الامام الحسن من تاريخ لابن عساكر ص 16 ح 19 و 20 و 21 و 22، ترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق ص 19 ط 1.

لعنهم مع ماعلم من وجوب تعظيمهم بحكم الضرورة من دين الاسلام، ومع ماثبت بالعيان والوجدان من شرف مقامهم لدى سيد الانام، وكيف لا يكونون كذلك وهم أهل بيت النبوة وموضع الرسالة، و مختلف الملائكة، ومهبط الوحي والتنزيل، ومعدن العلم والتأويل (1).

ص: 494


1- قد نزلت في فضلهم وعلومقامهم مئات الآيات وآلاف الاحاديث وقد ألفت في فضائلهم ومناقبهم مئات الكتب ذهب الكثير منها وبقى القليل وقد طبع منها عشرات الكتب فعلى سبيل المثال راجع : شواهد التنزيل في الآيات النازلة فى أهل البيت للحاكم الحسكاني الحنفى من أعلام القرن الخامس الهجرى ذكر فيه (210) من الايات التي نزلت في أهل البيت بروايات متعددة تبلغ (1163) رواية طبع في بيروت، احقاق الحق للقاضي التسترى مع تعاليق وملاحق آية اللّه العظمى المرعشي النجفى 1 - 16 ط طهران، عبقات الانوار للسيد حامد الهندى طفى الهند واصفهان وقد ترجم بعض أجزائه الى العربية وطبع في قم المقدسة وبيروت، الغدير للاميني 1 - 11 ط بيروت، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعی 1 - 3 ط بیروت، مناقب على بن أبي طالب لا بن المغازلى الشافعى ط 1 بطهران، فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين والائمة من ذريتهم 1 - 2 ط بيروت، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي طفي اسلامبول وصيدا والنجف وايران، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ط الحيدرية، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى الحنفى الحيدرية وغيرها، نور الابصار للشبلنجي اسعاف الراغبين للصبان ومصر، المناقب للخوارزمى الحنفى الحيدرية، فضائل الخمسة من الصحاح الستة النجف خصائص أمير المؤمنين للنسائى الشافعي ط التقدم العلمية بمصر وط بيروت والنجف، نزل الابرارط طهران.

لم يكتف معاوية بذلك مقتصراً فيه على نفسه، حتى أمر الناس بلعن أخي الرسول، وكفؤ البتول، وأبي الائمة، وسيد الامة لا يدافع، وحمل الناس كافة على هذا المنكر طوعاً وكرهاً بالترهيب والترغيب وجعله سنة يجهر بها الأنحاء على منابر المسلمين في كل عيد وجمعة، ومازال الخطباء في جميع تعد تلك المنكرة الفظيعة جزءاً من خطبة الجمعة والعيدين الى سنة 99 فأزالها خير بني مروان عمر بن عبدالعزيز جزاه اللّه خيراً، وهذا كله معلوم بالتواتر (1)

ص: 495


1- العقد الفريد ج 2 / 301، أسد الغابة ج 1 / 134، الاصابة ج 77/1، الغدير ج164/8 للاميني ج 260/10 و 265 و ج 8 / 164 – 167، المحلى لابن حزم ج 86/5. الذين يلعنون على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) امتثالا لامر معاوية منهم : 1 - بسر بن أرطاة. تاريخ الطبرى ج96/6 ط مصر. 2 - كثير بن شهاب. الكامل لابن الاثير ج 179/3. 3 - المغيرة بن شعبة : المستدرك للحاكم ج 1 / 385، مسند أحمد ج 188/1ط 1 وج 369/4، الاغانی ج 2/16، شرح ابن أبى الحديد ج 360/1، شيخ المضيرة أبو هريرة ص198، الغدير ج 263/10 وج 143/6، رسائل الجاحظ ص 92، الاذكياء ص 98. 4 - مروان بن الحكم. تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 127، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 33، الغدير ج263/10. 5- زياد بن سمية. الغدير ج31/3. 6 - عمرو بن سعيد بن العاص الاشدق. ارشاد الساری شرح صحيح البخاري ج 368/4، الغدير ج 264/10. الذين أمرهم معاوية باللعن للامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وامتنعوا منهم : 1 - سعد بن أبي وقاص. سوف تأتى مصادره. 2 - عقيل بن أبي طالب. العقد الفريد ج 144/2، المستطرف ج54/1. 3- عبیداللّه بن عمر بن الخطاب. وقعة صفين لنصر ابن مزاحم ص 92، شرح النهج لابن أبي الحديد ج 256/1. 4 - صيفى بن فسيل. تاريخ الطبرى ج 149/6، الغدير ج262/10. 5- حجر بن قيس المدرى. المستدرك ج 358/2، الغدير للاميني ج0257/10. 6 - الاحنف بن قيس. العقد الفريد ج 144/2 تقديم، المستطرف ج54/1، الغدير ج261/10. وكان جملة من الاشخاص يلعنون علياً راجع ذلك في : الغدير ج 294/5. كان في عهد بني امية سبعون ألف منبر يلعن عليها سيد الوصيين وأخى رسول رب العالمين وحبيب اله العالمين الامام أمير المؤمنين على بن أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). راجع : الغدير ج 2 / 102 وج 266/10 نقلا عن الزمخشري في ربيع الأبرار عن السيوطي والشيخ أحمد الحفظي الشافعي والذى يظهر من التأريخ ان عمر بن عبدالعزيز منع عن لعن أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الخطبة فحسب وأما مطلق اللعن فلم يعلم انه منع عنه وعاقب عليه. راجع: مروج الذهب ج 2 / 167، تاريخ اليعقوبي ج48/3 ط الغرى، الكامل في التاريخ : 17/7، تاریخ الخلفاء للسيوطى ص 161، الغدير ج266/10. ومهما يكن من قصده فى نهيه فانها تعد من حسناته. وقال السبط بن الجوزى فى تذكرة خواص الائمة ص 63 نقلا عن الغزالي : استفاض لعن على (عَلَيهِ السَّلَامُ) على المنابر ألف شهر وكان ذلك بأمر معاوية أتراهم أمرهم بذلك كتاب أوسنة أو اجماع ؟؟».

فراجع ماشئت من كتب الاخبار (1) تعرف الحقيقة فيما قلناه.

وكان الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) قد شرط على معاوية حيث اصطلحا شروطاً منها أن لا

ص: 496


1- لعلك تراجع كلام الشارحين لنهج البلاغة عند انتهائهم من شروحهم الى قول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما أنه سيظهر عليكم بعدى رجل رحب البلعوم مندحق البطن يأمركم بسبى والبراءة منى.. الخ، وأياكم أن يفوتكم شرح ابن أبي الحديد لهذا الكلام فعليكم منه ص 463 والتي بعدها من المجلد الأول طبع بیروت فقيه العجب العجاب وأفحش ما يكون من السباب (منه قدس).

يشتم أباه، فلم يجبه الى هذه وأجابه الى ماسواها، فطلب الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) عندها أن لا يسمعه شتم أبيه، قال ابن الاثير في كامله، وابن جرير في تاريخ الامم والملوك، وأبو الفداء وابن الشحنة، وكل من ذكر صلح الحسن ومعاوية : فأجابه الى ذلك ثم لم يف له به. اه_. (1) - بل شتم علياً والحسن على منبر الكوفة الكوفة، فقام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) ليرد عليه فأجلسه الحسن سلام اللّه عليه ثم قام - بأبي وأمي - ففضح معاوية وألقمه حجراً، ذكر هذه القضية أبو الفرج الاصفهاني المرواني في مقاتل الطالبيين، وغير واحد من أهل السير والاخبار (2).

ولم يزل معاوية يلعن أمير المؤمنين ويبرأ منه أمام البر والفاجر، ويحمل عليهما الاكابر والاصاغر، حتى أمر بذلك الاحنف بن قيس (3) فلم يجيبه وطمع في عقيل بن أبي طالب فكلفه به فلم يفعل (4).

ص: 497


1- تاريخ الطبری ج 92/6 ط قديم، الكامل لابن الاثير ج175/3 ط قديم البداية والنهاية ج 14/8، تذكرة الخواص المسبط بن الجوزى ص 113، الاتحاف للشبراوى ص 10، المختصر في أخبار البشرج، الغدير ج 262/10، ترجمة الامام الحسن من تاريخ دمشق لابن عساكر ص 186، مقاتل الطالبيين ص 45.
2- مقاتل الطالبيين ص 46 ط الحيدرية. شرح النهج لابن أبي الحديد ج 4 / 16 ط 1، الغدير للاميني ج 10 / 160، الاتحاف بحب الاشراف ص 10، المستطرف ج 157/1.
3- نص على ذلك أبو الفداء في أحداث سنة 67 فراجع (منه قدس). وراجع : العقد الفريد ج 144/2 ط قديم، المستطرف ج 54/1، الغدير ج 10 / 161، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 195.
4- العقد الفريد ج 144/2 ط قديم، المستطرف ج 54/1، الغدير ج 10 / 260.

وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص، (فيما أخرجه مسلم في باب فضائل علي من صحيحه) قال : أمر معاوية سعد بن أبي وقاص فقال له : ما منعك أن تسب أبا تراب.؟ فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول اللّه فلن أسبه لان تكون لي واحدة منهن أحب الي من حمر النعم، سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول له وقد خلفه في بعض مغازيه. فقال له : يارسول اللّه خلفتنى مع النساء والصبيان؟. فقال له رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لانبوة بعدي، وسمعته يقول يوم خيبر : لاعطين الراية رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله. (قال) فتطاولنا لها فقال : ادعو لي علياً. فأني به أرمد فبصق في عينيه ودفع الراية اليه ففتح اللّه عليه. (قال) و لما نزلت هذه الآية : «قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ» دعا رسول اللّه علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً. فقال : اللّهم هؤلاء أهلي أه_ (1).

ص: 498


1- وقد أخرجه النسائى فى الخصائص العلوية والترمذي في صحيحه وصاحب الجمع بين الصحيحين وصاحب الجمع بين الصحاح الستة (منه قدس). صحیح مسلم ج 2 / 360 ط الحلبي بمصر وج 120/7 ط صبيح وص 1871 ط محمد فؤاد، صحيح الترمذى ج 5/ 301 ح 3808 ط دار الفكر و ج 171/13 طمع شرح الاحوذى، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج1 / 206 ح 271 و 272، المستدرك للحاكم ج 3/ 108 و 150، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 48 و 81 الحيدرية، نظم درر السمطين للزرندى ص 107، كفاية الطالب للكنجى ص84 - 86 ط الحيدرية وص 27 ط الغرى، المناقب للخوارزمی ص 59، أسد الغابة ج 25/4، الاصابة ج 509/2، جامع الاصول لابن الاثير ج 469/9، الرياض النضرة ج 247/2 ط 2، فرائد السمطين ج 378/1 ح 307، شواهد التنزيل للحاكم الحسکانی ج 2/ 19 ح654، مروج الذهب للمسعودى ج 14/3 ط بیروت، الغدير ج 257/1 و ج 3 / 200، مقتل الحسين للخوارزمی ج 2/1 ط الزهراء، أضواء على السنة المحمدية ص 0217 وراجع ما تقدم تحت رقم (474). وتوجد هذه الرواية بطرق مختلفة : راجع : ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق ج 209/1 ح 273 - 281، الغدير ج 257/10، سبيل النجاة في تتمة المراجعات ص218 رقم (703).

وقد علم أهل الاخبار كافة ان معاوية لم يقتل حجراً وأصحابه الابدال الا لامتناعهم عن لعن أمير المؤمنين، ولو أجابوه لحقنت دماؤهم فراجع مقتل حجر من اوائل الجزء 16 من كتاب الاغاني لابى الفرج الاصفهاني، وأحداث سنة 51 من تاريخي ابن جرير وابن الأثير (1) وغيرهما لتعلم الحقيقة وتعرف ان عبد الرحمن بن حسان العنزي لما أبى أن يلعن علياً في مجلس معاوية أرسله الى زياد وأمره أن يقتله قتلة ماقتلها أحد في الاسلام، فدفنه زیاد حياً (2)، ومازال معاوية يحمل الناس على لعن أمير المؤمنين بكل طريق (3)، وقد قال له قوم من بني أمية - كما في أواخر ص 463 من المجلد الأول من شرح النهج الحميدي طبع بيروت: يا أمير المؤمنين انك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن لعن هذا الرجل. فقال : لا و اللّه حتى يربو عليها فالصغير، ويهرم عليها الكبير ولا يذكر له ذاكر فضلا.

هذا مع ما صح من نص رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذ قال : «من سب علياً فقد سبني» (4) أخرجه الحاكم وصححه. وأخرج الامام أحمد (في ص 323

ص: 499


1- تاريخ الطبرى ج 5/ 95 - 105 و 253 - 280، الكامل لابن الاثير ج 352/3 - 357 و 472 – 488. وراجع بقية المصادر تحت رقم (683) والغدير ج 10 / 160، الامامة والسياسة ج 131/1 وفي طبع آخر ص 148، جمهرة الرسائل ج 67/2.
2- الغدير ج 52/11.
3- الغدير ج 257/10 - 267 وراجع ما تقدم تحت رقم (761).
4- ذخائر العقبى ص 66، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات تحت رقم (570). وراجع ما يأتي قريباً تحت رقم (772).

من الجزء6 من مسنده) من حديث أم سلمة عن عبد اللّه أو أبي عبداللّه (1) قال: «دخلت على أم سلمة فقالت لي : أيسب رسول اللّه فيكم؟! !. قال قلت : معاذ اللّه، أو سبحان اللّه، أو كلمة نحوها قالت : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «من سب عليا فقد سبني» (2).

ص: 500


1- هذا هو الصحيح وهو أبو عبد اللّه الجدلي أحد عظماء التابعين ومن كبار رجالات الشيعة نص على توثيقه أحمد بن حنبل وكان صاحب راية المختار وقد أنقذ محمد بن الحنفية وبنى هاشم من الحرق بالنار والحصار الذي وضعه عليهم عبداللّه بن الزبير. راجع : الميزان للذهبي ج 544/4، الطبقات الكبرى لابن سعد ج159/6، الملل والنحل للشهرستانی ج 1 / 190 ط بیروت، المعارف لابن قتيبة ص 624. وقد روى عنه في سنن أبي داود ج 180/3 ح 3081.
2- المستدرك للحاكم ج 3/ 121، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 / 184 ح 660، ح فرائد السمطين ج 1 / 302 ح 240، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 24 ط التقدم وص 99 ط الحيدرية وص 39 ط بيروت، المناقب الخوارزمی ص 82 و 91، مجمع الزوائد ج 9/ 130، تاريخ الخلفاء للسيوطى ص 73، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصارص 141 ط العثمانية وص 156 ط السعيدية، ينابيع المودة للقندوزي ص 48 و 187 و 246 و 282 ط اسلامبول، نور الابصار للشبلنجى ص 73 ط العثمانية، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 74ط الميمنية وص 121 ط المحمدية، الرياض النضرة ج 2/ 220 ط 2، مشكاة المصابيح ج245/3، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 30/5، الفتح الكبير النبهاني ج 196/3. وعن ابن عباس في حديث طويل ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «من سب علياً فقد سبنى ومن سبنى فقد سب اللّه ومن سب اللّه أكبه اللّه على منخريه في النار». راجع: فرائد السمطين للحمويني ج 302/1 - 241، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى الشافعی ص 394 ح 447، كفاية الطالب للكنجى ص 83 ط الحيدرية وص 27 ط الغرى، الرياض النضرة ج 2/ 219 ط 2، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 111، أخبار شعراء الشيعة للمرزبانى ص 30 ط الحيدرية، ذخائر العقبي ص 66، ينابيع المودة للقندوزي ص 205 ط اسلامبول، نور الابصارص 100، المناقب للخوارزمى ص 81، نظم درر السمطين للزرندى ص 105.

وقال ابن عبدالبر في ترجمة علي من استيعابه ماهذا لفظه : قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن آذى عليا فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللّه» (1) والصحاح في ذلك متواترة ولاسيما من طرقنا عن العترة الطاهرة (2).

على ان من البديهيات ان «سباب المسلم فسق» (3) باجماع أهل القبله وفي صحيح مسلم : «سباب المسلم فسق وقتاله كفر» (4) (ألا لعنة اللّه على الكافرين).

ص: 501


1- ذخائر العقبى ص 65. و تقدم صدره ووسطه تحت رقم (728 و 733).
2- راجع البحار للعلامة المجلسى، غاية المرام للبحراني، بصائر الدرجات للصفارط تبریز، كشف الغمة للاربلى ج1 / 90 وما بعدها.
3- حديث مروى عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أخرجه : البخارى، ومسلم، والترمذى، والنسائى، وابن ماجة، وأحمد، والبيهقي، والطبرى، والدارقطني، والخطيب، وغيرهم من طريق : ابن مسعود، وأبي هريرة، وسعد بن أبي وقاص، وجابر وعبد اللّه بن مغفل، وعمرو بن النعمان. راجع : الغدير ج 267/10، الفتح الكبير للنبهاني ج 2/ 150 و151.
4- الغدير ج 272/10، الفتح الكبير ج 2 / 150 و151، أسنى المطالب للحوت ص 168 ح 746، الجامع الصغير ح4634، صحيح الجامع الصغير ح3580 التمييز بين الخبيث والطيب ح 702، تاريخ بغداد ج 144/5 و ج 86/10 و ج 13 / 185، صحيح البخارى ج 7/ 769 ك الادب، حلية الأولياء ج 5 / 23 و 24 و ج 204/6 و 343 و ج 123/8 و 359 وج 215/10.

حربه علياً

المورد - (90) - حربه علياً :

زحف مغيراً بطعام أهل الشام على أمير المؤمنين [(عَلَيهِ السَّلَامُ)] بعد انعقاد البيعة له. فأججها ناراً حامية، أثار بها كمين ضعنه، وبعث دفين حقده، ماضياً فيها على غلوائه، مطلقاً لنفسه عنان هواه. وأمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يدعوه الى اللّه تعالى، ومعه البقية الباقية من أهل بدر وأحد والاحزاب، وبيعة الرضوان وجم غفير من صالحي المؤمنين (1)، وكلهم دعاة الى اللّه عز وجل، والى طاعة أمير

ص: 502


1- كان مع الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) في حرب صفين (100) من البدريين كما في وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص 238، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 1 / 474 ط 1 وج 191/5 بتحقيق أبو الفضل، الغدير ج362/2. و (800) من أهل بيعة الشجرة قتل منهم (360) نفساً. راجع: الاصابة ج 381/2 ط مصطفى محمد و ج 2/ 389ط السعادة، الاستيعاب بذيل الاصابة في ترجمة عمار ج 2 / 471 ط مصطفى محمد، المستدرك للحاكم ج3 / 104، الغدير ج362/9 . وقد استشهد منهم خلق كثير منهم : 1 - عمار بن ياسر 2 - ثابت بن عبيد الانصارى 3 - خزيمة ذو الشهادتين 4- أبو الهيثم بن التيهان 5 - أبو عمرة الانصارى 6 - أبو فضالة الانصارى 7 - بريدة الاسلمي 8 - جندب بن زهير الازرى 9 - حازم بن أبي حازم الاحمسي 10 - سعد ابن الحارث الانصارى 11 - سهل بن عمرو الانصاری 12 - صفر بن عمرو بن محصن 13 - عائذ المحاربي الجسرى 14 - عبد اللّه بن بديل الخزاعي 15 - عبد اللّه بن كعب المرادى 16 - عبدالرحمن بن بديل الخزاعي 17 – عبد الرحمن الجمحی 18 - الفاكه ابن سعد الانصاري 19 قيس بن المكشوح المرادي 20 - محمد بن بديل الخزاعي 21 - المهاجر بن خالد بن الوليد المخزومي 22 هاشم المرقال 23 - أبو شحر الابرهى 24 - أبو ليلى الانصاري. وغيرهم. راجع: سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (445)، مروج الذهب ج2 / 352. وقد ذكر العلامة الأمينى 145 اسماً منأسماء الصحابة الذين كانوا مع الامام أمير المؤمنين في حرب صفين. راجع الغدير ج362/9 – 368.

المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ). لكن في اذني معاوية وقرأ عن دعوتهم فهو اصم عنهم اصلح (1) مصر على بغيه، لا يألو في ذلك، ولا يدخر وسعاً، حتى قتل يومئذ من المسلمين عدة ماقتل مثلها من قبل في فتنة أصلا (2).

وقد قاله رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - فيما أخرجه الشيخان في صحيحيهما (3) : «سباب المسلم فسق، وقتاله کفر» (4).

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - فيما أخرجه مسلم في باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو

ص: 503


1- يقال في توكيد الصمم : أصم أصلخ. وأصم أصلج (منه قدس).
2- وفي جملة المقتولين كثير من أهل السوابق في الاسلام من وجوه أصحاب الرسول (منه قدس). عدد القتلى في صفين : من أهل العراق: خمسة وعشرون ألف. ومن أهل الشام : سبعون ألف. وقيل غير ذلك. راجع : تذكرة خواص الائمة للسبط بن الجوزي ص 81.
3- راجع من صحيح البخارى باب قول النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، من كتاب الفتن آخر ص 147 من جزئه الرابع. وراجع من صحيح مسلم كتاب الايمان ص 44 من جزئه الأول (منه قدس).
4- تقدم الحديث مع مصادره تحت رقم (776) فراجع.

مجتمع من كتاب الامارة من صحيحه - : «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه. أه_ (1).

وقال ابن عبد البر في ترجمة علي من الاستيعاب - ماهذا لفظه : وروي من حديث علي، ومن حديث ابن مسعود، ومن حديث أبي أيوب الانصاري - يعني علياً - أمر بقتال الناكثين - يوم الجمل - والقاسطين - بوم صفين - والمارقين - يوم النهروان - (2) وروي عنه أنه (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «ماوجدت

ص: 504


1- صحیح مسلم ج 23/6، سنن البيهقى ج 169/8، تيسير الوصول ج 2 / 35، المحلى لابن حزم ج630/9، الغدير ج 28/10، الفتح الكبير للنبهاني ج3/ 146.
2- هذا الحديث ورد عن عدة من الصحابة منهم : 1 - أمير المؤمنين على بن أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) راجع: ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 3 / 158 ح 1195 - 1202، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 435/5 و 437، مجمع الزوائد ج 23/7 و ج 5 / 186، احقاق الحق ج 68/6، المناقب للخوارزمی ص 125، البداية والنهاية ج 305/7، تاریخ بغداد ج 8 / 340 و ج 187/12، کنز العمال ج 15 / 98 ط 2 و ج 392/6 15، الغدير ج 3/ 192، فرائد السمطين للحمويني ج 379/1 ج3 ح 217 و 224، المعيار والموازنة للاسكافی ص 37 و 54 ط بیروت، أعلام النبوة لایی حاتم الرازی ص 210. 2 - عن عبداللّه بن مسعود : راجع : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج3 / 192 ح 1203 و 120، مجمع الزوائد ج 238/7، احقاق الحق ج 244/4، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 53/3، الرياض النضرة ج 240/2 ط 1، تاریخ ابن كثير ج 305/7 مطالب السئول ص 24، كنز العمال ج 391/6، فرائد السمطين للحمويني ج 282/1 ح 223 و 257. 3 - عن عبداللّه بن عباس : كفاية الطالب للكنجى ص 167ط الحيدرية وص 69 ط الغرى، فرائد السمطين ج 1 / 150 ح 113. 4 - عن أبي أيوب الانصارى : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عسا كرج 3 / 168 ح 1206 و 1207 و 1208، فرائد السمطين للحمويني ج 281/1 ح 221 و 222، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 207/3، البداية والنهاية ج 306/7، كنز العمال ج 88/6، الغدير ج 3/ 192 و ج 337/1، تاریخ بغداد ج 187/13، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 53/3، المستدرك للحاكم ج 3 / 139، الخصائص للسيوطى ج2 / 138. 5 - عن أبي سعيد الخدري : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 3 / 168 ح 1200، المناقب للخوارزمی ص 121، فرائد السمطين للحموينی ج281/1 ح220، كفاية الطالب للگنجى ص 72 ط الغرى وص 172 ط الحيدرية، البداية والنهاية ج7/ 305، الغدير ج3/ 192. 6 - عن عمار بن ياسر : مجمع الزوائد ج 238/7، شرح ابن أبى الحديد ج 293/3، الغدير ج3/ 192، المعيار والموازنة للاسكافي ص 119.

الا القتال أو الكفر بما أنزل اللّه تعالى» أه_ (1).

وحسبه (عَلَيهِ السَّلَامُ) في قتاله لمعاوية وغيره قوله عز سلطانه «وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ» (2).

ص: 505


1- فرائد السمطين للحمويني ج1 / 279 ح 217، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 3 / 174 ح 1211 و 1212، المستدرك للحاكم ج 3/ 115، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 2/ 236 ط 1، المعيار والموازنة للاسكافي ص 54.
2- سورة الحجرات : 9.

ولاريب ببغي معاوية وأصحابه، فان بغيهم مما أجمعت الامة عليه. وقد أنذر به رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيما صح عنه من حديث أبي سعيد الخدري قال : كنا ننقل لبن المسجد لبنة لبنة، وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين، فمر به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ومسح عن رأسه الغبار وقال : «ويح عمار تقتله الفئة الباغية عمار يدعوهم الى اللّه تعالى ويدعونه الى النار (1).

ص: 506


1- أخرجه البخارى بهذا الاسناد وبهذه الالفاظ في باب مسح الغبار عن الناس في السبيل من كتاب الجهاد والسيرص 93 من الجزء الثانى من صحيحه. وأخرجه أيضاً بهذا الاسناد في باب التعاون في بناء المساجد من كتاب الصلاة ص 61 من الجزء الاول من صحيحه الا ان لفظه هنا : يدعوهم الى الجنة، ويدعونه الى النار (منه قدس). وهذا الحديث من الأحاديث المتواترة عن الرسول الاعظم كما نص عليه ابن حجر في الاصابة وابن عبد البر فى الاستيعاب، وهو من الاحاديث عن الاخبار بالغيب. فيا لاضافة الى رواية أبي سعید الخدری رواه جملة من الصحابة : كعثمان بن عفان، عمرو بن العاص، معاوية بن أبي سفيان، حذيفة بن اليمان، عبد اللّه بن عمر خزيمة بن ثابت، كعب بن مالك، جابر بن عبد اللّه، عبد اللّه بن عباس، أنس بن مالك، أبي هريرة، عبداللّه بن مسعود، أبي أمامة، أبي رافع، أبي قتادة، زيد بن أبي أوفى، عمار بن ياسر عبداللّه بن أبى هذيل، أبي اليسر، زياد بن الفرد، جابر بن سمرة، عبد اللّه بن عمرو بن العاص، ام سلمة، عائشة. راجع : صحيح الترمذى ج 333/5 ح3888، المستدرك للحاكم ج 148/2 و 149 و ج 3 / 386 و 387 و 391 و 397، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 132 - 135 ط الحيدرية وص 67 - 69 ط بیروت، حلية الأولياء ج 4 / 172 و 361 وج 7/ 197 و 198، مجمع الزوائد ج 240/7 و 242 و 244 و ج 9 / 295 وحكم بصحة جل طرقه، تاريخ الطبری ج 5 / 39 ح 419 و ج 59/10، أسد الغابة ج 2 / 114 و 143 و 217 وج 4 / 46، الامامة والسياسة لابن قتيبة ج 1 / 117 ط مصطفی محمد، تاريخ اليعقوبيج 164/2 ط الغرى، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 2 / 313 و 314 و 317، وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص 341 و 343، العقد الفريد ج 4 / 341 و 343، المناقب للخوارزمی ص 57 و 123 و 124 و 159 و 160، الكامل في التاريخ لابن الاثير ج 310/3 و 311، أحكام القرآن لابن عربی ج 4 / 1705 ط 2، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص128 و 129 ط 1 اسلامبول وصر 151 و 152 ط الحيدرية وج 1 / 128 و 129 ط العرفان، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 93 و 94، كفاية الطالب للكنجى ص 172 - 175 ط الحيدرية وص 71 - 73 ط الغرى، نور الابصار ص 17 و 89 ط السعيدية، سيرة ابن هشام ج 2 / 102 ط دار الجيل، شرح ابن أبى الحديد للنهج 10/8 و 17 و 19 و 24 وج 177/15 بتحقيق أبو الفضل وج 2 / 274 ط 1، المعجم الصغير للطبراني ج187/1 الطبقات الكبرى لابن سعد ج 3 / 251 و 252، الغدير للاميني ج 21/9، احقاق الحق ج 422/8، الاصابة لابن حجر ج 2 / 512 ط السعادة وج 2/ 506 ط مصطفی محمد، الاستيعاب لابن عبدالبر بهامش الاصابة ج 436/2 ط السعادة، المعيار والموازنة للاسكافي ص 96، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص108 ط بيروت، الفتح الكبير ج 304/3.

وناهيك في معاوية أن يكون بحكم هذا الحديث من مصاديق قوله تعالى «وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ» (1).

يالها نصوصاً صريحة من كتاب اللّه عز وجل وسنن نبيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الصحيحة، لاريب فيها هدى للمتقين. فأمعن معي أيها المؤمن ولسك الخيار في رأيك فيها. ولا ننس قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «حرب علي حربي وسلمه سلمي» (2) وقوله

ص: 507


1- الايتان في سورة القصص : 41 و 42 (منه قدس).
2- حرب على حرب الرسول وسلمه سلم الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : راجع : مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 50 ح 73 و 285، المناقب للخوارزمي ص 76، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 221/2 ط 1 ونقل ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال لعلى (عَلَيهِ السَّلَامُ) في ألف مقام «أنا حرب لمن حاربت وسلم لمن سالمت» وج 24/17 بتحقيق محمد أبو الفضل ولكن في هذه الطبعة يوجد تحريف حيث أزيد قبل قول النبي كلمة «لو» وهو خطأ، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص233.

(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يوم جلل الخمسة بالكساء : «أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم وعدو لمن عاداهم» (1)وقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في علي : «اللّهم وال من والاه، وعاد عاداه، وأنصر من نصره، وأخذل من خذله» (2) الى مالا يحصى من من أمثال هذه النصوص المتواترة في كل خلف من هذه الامة.

وضع الحديث في ذم امیرالمؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ)

المورد - 96 - وضع الحديث في ذم امیرالمؤمنین (عَلَيهِ السَّلَامُ):

ذكر شيخ المعتزلة الامام أبو جعفر الاسكافي رحمه اللّه تعالى - فيما نقله عنه ابن أبي الحديد (3)- : ان معاوية حمل قوماً من الصحابة، وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) تقتضي الطعن فيه والبراءة

ص: 508


1- تقدم هذا الحديث بضمير الخطاب وبضمير الغائب تحت رقمی (126 و 127) فراجع.
2- ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج13/2 50 و 513 و 514 و 515 و 523 و 544 و 562 و 569، كفاية الطالب ص 63 ط ح08 الحيدرية وص 17 ط الغزى، كنز العمال ج 403/6 ط 1 و ج 15 / 115 ح 332 و 402 ط 2، شواهد التنزيل للحسكاني ج 157/1 ح 211 وص 192 ح 250، مجمع الزوائد للّهيثمي ج 9/ 105، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 151 ط السعيدية وص 137 ط العثمانية، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 96 ط الحيدرية وص 26 و 27 ط التقدم بمصر الملل والنحل للشهرستاني ج 163/1 ط بیروت وطبع بهامش الفصل لابن حزم ج 220/1، مصر، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 209/1 و 289 ط 1 بمصروج 28/12 و 13 / 10 ط مصر بتحقيق أبو الفضل، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 32/5، نظم درر السمطين للزرندى ص 112 ط النجف، المناقب للخوارزمی ص 80، و 94 و 130، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 249 ط اسلامبول وص 297ط الحيدرية أسنى المطالب للجزرى ص 48 و 49 قال : وهو أيضاً متواتر عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).
3- في شرح قول أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : أما انه سيظهر عليكم بعدى رجل حب البلعوم يدعوكم الى مسبتى والبراءة منى ص 358 والتي بعدها من ج 1 من شرح النهج (منه قدس).

منه، وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله، فاختلفوا له ما أرضاه.

(قال) : منهم أبو هريرة (1).

ص: 509


1- أبو هريرة : لم يختلف الناس في اسم أحد - في الجاهلية والاسلام - كما اختلفوا في اسم «أبي هريرة»، فلا يعرف أحد على التحقيق الاسم الذى سماه به أهله ليدعى بين الناس به. كما انه لم يعلم عن نشأته وأصله شيء. قدم على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في السنة - 7 ه_ - فى شهر صفر. وبقى في الصفة الى شهر ذى القعدة سنة 8ه_ ثم انتقل الى البحرين مع العلاء بن الحضرمي فيكون مدة اقامته في المدينة سنة وتسعة أشهر وكان في البحرين مع العلاء بن الحضرمي مؤذناً حيث لا يحسن غيره ومات سنة 59ه_ ومع هذا فقد كان أكثر الصحابة رواية فقد ذكر ابن مخلد الاندلسی في مسنده لابي هريرة (5374) حديثاً روى منها البخارى (446). وكان كبار الصحابة يكذبونه في أحاديثه وعلى رأسهم عمر بن الخطاب فانه كان سيىء الرأى فيه حتى ضربه بالدرة على روايته للاحاديث ولم يتمكن أبو هريرة أن يحدث في زمان عمر ولومات أبو هريرة في زمان عمر لما وصلتنا الالاف من أحاديثه. وكذلك أكذبه على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعثمان وكانت عائشة أشدهم انكاراً عليه لتطاول عمرها وعمره. وكان مؤيداً ومشايعاً لبني أمية وبالخصوص معاوية بن أبي سفيان فكان يضع الحديث على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مدحه وفضائله ويضع الذم والقدح في سيد الوصيين وامام المتقين أمير المؤمنين على بن أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). وكان أبو هريرة : أول راوية اتهم فى الاسلام، كما قال ابن قتيبة. هذا ما استخلصناه من كتاب، شيخ المضيرة أبو هريرة للعلامة الشيخ محمود أبورية وهو أحسن كتاب ألف في دراسة شخصية «أبى هريرة» الطبعة الثالثة طبع دار المعارف بمصر. ولاجل التوسع في «أبي هريرة» راجع : كتاب «أبو هريرة» للسيد عبد الحسين شرف الدين طبع عدة طبعات، أضواء على السنة المحمدية لابى رية ص 194 - 223.

وعمرو بن العاص (1) والمغيرة بن شعبة (2) ومن التابعين :

ص: 510


1- ابن النابغة : وهو عمرو بن العاص بن وائل أبو محمد وأبو عبد اللّه. أبوه : هو الابتر بنص الذكر الحكيم (ان شانئك هو الابتر) كما ذكره الرازي في تفسيره : روى ان العاص بن وائل كان يقول : ان محمداً أبتر لا ابن له يقوم مقامه بعده فاذا مات انقطع ذكره واسترحتم منه. امه : ليلى وتسمى النابغة وكانت أشهر بغى بمكة وأرخصهن اجرة ولما وضعته ادعا خمسة كلهم أتوها غير ان ليلى ألحقته بالعاص لكونه أقرب شبهاً به وأكثرهم نفقة عليها. والذين وقعوا عليها في طهر واحد : العاص وأبوسفيان وأبو لهب وامية بن خلف وهشام بن المغيرة فولدت عمروا فاختلفوا فيه فلحقته بالعاص. وقد انتحل الاسلام لاغراض دنيوية ولم يعتنق الدين اعتناقاً صحيحاً. فقد كان متصفاً بالرذائل ومساوى الاخلاق متصفاً بالوضاعة والغواية والغدر والنفاق والمكر والحيلة والخيانة والفجور ونقض العهد وكذب القول وخلف الوعد وقطع الآل والحقد والوقاحة والحسد والرياء والشح والبذاء والسفه والوغد والجور والظلم والمراء والدناءة واللثم والملق و الجلافة والبخل والطمع واللدد و عدم الغيرة على حليلته وهذه ان دلت فانما تدل على عدم الاسلام المستقر وانتفاء الايمان باللّه وبما جاء به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). فلاغر وحينئذ أن يكون زائغاً عن الاسلام ناكباً عن الصراط المستقيم منحرفاً عن سيد الوصيين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يضع فيه الاحاديث الباطلة زوراً وبهتاناً. وقد كان سبباً في خذلان الحق واضعافه ومشيداً لاركان الباطل واسناده وقد قتل عشرات الالاف من المسلمين فجرائمه وبوائقه لا تعد ولا تحصى يكل عنها اللسان وتعجز عنها الاقلام وتجل عنها الكتب والمؤلفات. راجع : مخازيه ولئمه ونفاقه ورذائله في كتاب : الغدير للعلامة الاميني ج2 / 120 - 176 فقد بسط القول في ترجمته.
2- وهو من شيعة بني امية والمؤيدين لهم فى جرائمهم ولما تولى الامام أمير المؤمنين الخلافة الظاهرية بعد قتل عثمان أشار عليه المغيرة أن يبقى معاوية اميراً على الشام ولكن الامام لم يوافقه فى ذلك ولم يرضى ببقائه ولاساعة واحدة لانها مساعدة للظالم في ظلمه. وكان المغيرة قد غدر بجماعة في سفر كان معهم فيه كما ذكره ابن سعد في طبقاته ج 4 / 286. وكان أميراً على البصرة من قبل عمر بن الخطاب فزنا بأم جميل من بني هلال و جاء الشهود وشهدوا عليه بالزنا ولكن الخليفة حاول أن يدرأ عنه الحد بتشكيك الشاهد الرابع و بالاحرى الاشارة اليه بعدم ذكر الشهادة تامة كما تقدم تحت رقم (508 و 509). كما انه من المتحاملين على امام المتقين وسيد الوصيين الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) فكان يسب الامام ويلعنه جهرة على المنابر كما تقدم تحت رقم (761). والذى خبث لا يخرج الا نكداً فلا عجب أن يختلق الاحاديث في ذم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) والتقليل من شأنه ومقامه. راجع : الغدير ج137/6 – 144.

عروة بن الزبير (1) (قال) وروى الزهري : ان عروة بن الزبير حدثه فقال: حدثتني عائشة قالت : كنت عند رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ )، إذ أقبل العباس وعلي، فقال لي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «ياعائشة ان هذين يموتان على غير ملتي. أو

ص: 511


1- عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعزی بن قصی بن كلاب. وأمه : أسماء ابنة أبي بكر وقد تمتع بها الزبير وأولدها عبد اللّه كما ذكره الراغب الأصفهانى فى المحاضرات ج 94/2، وابن أبي الحديد في شرح النهج ج 20 / 13، مروج الذهب ج 3 / 81 وقد تقدم ص 215 عن عدة مصادر. وكان عروة من المنحرفين عن امام المتقين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وتأييده لخالته عائشة في جميع أفعالها ومنها خروجها على امام زمانها وعدواتها له. وكان بينه وبين ابن عباس محاورات و محاججات فى المتعتين وكان يستدل على حرمتهما بقول أبي بكر وعمر وابن عباس يستدل على حليتهما بقول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وفعله. راجع : مقدمة العقول ج 242/1. فهو على شاكلة أخيه عبد اللّه في قتاله لامام زمانه أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) توفى عزوة سنة 94 كما في الطبقات لابن سعد ج 5 / 182.

قال : على غير ديني». (1). [ قال وروى عبد الرزاق عن معمر قال: كان عند

ص: 512


1- كيف يصح مثل هذا القول في العباس عم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وقد كان صلى اللّه عليه وآله يتضور لاجل أنين العباس عند أسره يوم بدر ولما هدد أبو حذيفة بن عتبة بقتل العباس تأذى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). راجع ما تقدم تحت رقم (450 و 451 و 452 و 453). وكيف يصح هذا القول فى أخى النبى وابن عمه ووصيه وأبي ولده وسبطيه وزوج ابنته سيدة نساء العالمين وأنه منه بمنزلة الرأس من الجسد وبمنزلة العين من الرأس وبمنزلة هارون من موسى غير النبوة وفيه وفي ذريته نزلت سورة هل أتى وآية التطهير وآية المودة وهو أحد الثقلين الذى أمرنا أن نتمسك بهما، وغير ذلك من الايات والروايات. وقد صح فيه قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «أنا وهذا - يعنى علياً - حجة على امتى يوم القيامة». راجع : سبيل النجاة فى تتمة المراجعات تحت رقم (586) عن مصادر متعددة وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : مخاطباً علياً : «ان الامة ستغدر بك بعدى وأنت تعيش على ملتى وتقتل على سنتى، من أحبك أحبنى، ومن أبغضك أبغضنى، وان هذه ستخضب من هذا - يعنى لحيته من رأسه-» راجع : كنز العمال ج 157/6، المستدرك للحاكم ج 147/3 واعترف بصحته، تلخيص المستدرك للذهبي واعترف بصحته أيضا، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 435/5، احقاق الحق ج 237/7، فضائل الخمسة ج 52/3، سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (593). وقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلى أيضاً : «أما أنك ستلقى بعدى جهداً، قال في سلامة من ديني ؟ قال : في سلامة من دينك». راجع : المستدرك للحاكم ج 140/3 واعترف بصحته، تلخيص المستدرك للذهبي واعترف بصحته أيضاً، نظم درر السمطين ص 118، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 34/5، فضائل الخمسة ج 52/3، احقاق الحق ج 9/7 فرائد السمطين ج 1 / 377 ح 318. وغيرها من مئات الاحاديث.

الزهري حديثان عن عروة عن عائشة في علي (عَلَيهِ السَّلَامُ) فسألته عنهما يوماً فقال : ما تصنع بهما وبحديثهما ؟ اللّه أعلم بهما وبحديثهما أني لاتهمهما في بني هاشم. قال : فأما الحديث الأول فقد ذكرناه. وأما الحديث الثاني فهو : ان عروة زعم ان عائشة حدثته قالت : كنت عند النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأقبل العباس وعلي. فقال : ياعائشة ان سرك ان تنظري الى رجلين من أهل النار فانظري الى هذين قد طلعا فنظرت فاذا العباس وعلي بن أبي طالب (1) (قال) وأما عمرو بن العاص فروى فيه الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما مسنداً متصلا بعمرو بن العاص قال : سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «ان آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء، انما ولبي اللّه وصالح المؤمنين» (2). (قال) وأما أبو هريرة فروى عنه الحديث الذي معناه ان علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) خطب ابنة أبي جهل في حياة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فأسخطه، فخطب [(صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )] على المنبر وقال: لاها اللّه لا تجتمع ابنة ولي اللّه وابنة عدو اللّه أبي جهل، ان فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها، فان كان علي بريد ابنة أبي جهل فليفارق ابنتي، وليفعل ما يريد (3) (قال) والحديث مشهور في رواية الكرابيسي. (قال) قلت: وهذا

ص: 513


1- هذا القول كسابقه فى دلالته على نفاق قائله وزندقته.
2- هذا القول يراد به الانتقاص والتقليل من شأن سيد الوصيين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأبيه حام الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ)، وقد بكى الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على عمه أبي طالب وحزن عليه حزناً شديداً كما تقدم في مورد البكاء وسمى ذلك العام الذى توفى فيه عام الحزن بالاضافة الى ذلك فبطلانه من أوضح الواضحات.
3- أصل الحادثة لم تقع وانما يراد تشويه سمعة الامام أمير المؤمنين ومحاولة دفع غضب فاطمة على أبي بكر وعمر باختلاق هذه الاكاذيب. والا فان فاطمة أجل من أن تعترض على حق من حقوق زوجها شرعاً. كما ان الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كيف يشرع الجواز لغيره ثم لا يقبل به على ابنته وهذا فى الحقيقة يراد به الطعن في على بن أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) وهو طعن في سيدة نساء العالمين وأبيها خاتم المرسلين.

الحديث مخرج أيضاً في صحيح مسلم والبخاري عن المسور بن مخرمة الزهري فقد ذكره المرتضى في كتابه المسمى - تنزيه الانبياء والائمة - (1) وذكر انه من رواية حسين الكرابيسي (2)، وانه مشهور بالانحراف عن أهل البيت (عَلَيهِم السَّلَامُ) وعداوتهم والمناصبة لهم فلا تقبل روايته، - الى ان قال أبو جعفر - وروى الاعمش قال : لماقدم أبو هريرة العراق مع معاوية عام الجماعة جاء الى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة من استقبله من الناس جنا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مراراً وقال: يا أهل العراق أتزعمون اني أكذب على اللّه ورسوله وأحرق نفسي بالنار ؟ واللّه لقد سمعت رسول اللّه يقول : ان لكل نبي حرماً وان المدينة خرمي، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين [قال] : وأشهد باللّه أن علياً أحدث فيها ؟؟؟ فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه امارة المدينة. أه_. ؟؟ (3).

وروى سفيان الثوري - كما في ص 360 من المجلد الأول من شرح النهج عن عبدالرحمن بن قاسم عن عمر بن عبد الغفار : أن أبا هريرة لماقدم الكوفة

ص: 514


1- تنزيه الانبياء للسيد المرتضى ص ط الحيدرية.
2- أبو على الحسين بن على الكرابيسى الشافعى المتوفى 245ه_ أو 248ه_ وكان من المتحاملين حتى على أحمد بن حنبل فضلا عن أهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) فقد تكلم على امام الحنابلة ويقول اما سمع قوله في القرآن ايش نعمل بهذا الصبي ؟ ان قلنا القرآن مخلوق. قال : بدعة، وان قلنا : غير مخلوق قال : بدعة. راجع : تاريخ بغداد للخطيب ج64/8، الغدير ج 287/5.
3- شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 63/4 - 73 ط مصر بتحقيق أبو الفضل، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 236، قبول الاخبار لابي قاسم البلخی (مخطوط).

مع معاوية كان يجلس بالعشيات بياب كندة ويجلس الناس اليه فجاءه شاب من الكوفة لعله الأصبغ بن نباتة فجلس اليه فقال : يا أبا هريرة أنشدك اللّه أسمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول لعلي بن أبي طالب : اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه ؟ فقال : اللّهم نعم. قال فأشهد باللّه لقد واليت عدوه، وعاديت وليه. ثم قام عنه وانصرف (1).

وبالجملة فان معاوية لم يدع طريقاً من ظلم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) الا سلكه وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

نقض العهود والمواثيق التي أعطاها لسيد شباب أهل الجنة يوم الصلح

المورد - (97) - :

نقض العهود والمواثيق التي أعطاها لسيد شباب أهل الجنة يوم الصلح : وذلك أنه دعا الحسن الى الصلح، فلم يجد الحسن بدأ من اجابته، وكان التسليم أقل الشرين، وأهون المحذورين المحظورين (2) ولا سيما بعد

ص: 515


1- وهذا الاحتجاج نقله ابن أبى الحديد عن كتاب المعارف لابن قتيبة الدينورى ولكن الايدى الأثيمة قد لعبت بكتاب المعارف عند طبعه وحذفت هذه المناشدة كما قد لعبت في مواضع أخرى منه. راجع : الغدير ج192/1 و204. وقد تزلف كثير من أهل الحديث الذين يعبدون المادة فينعقون مع كل ناعق فيضعون الاحاديث تقولا وزوراً و كذباً واختلاقاً على الرسول الاعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). راجع : الغدير للاميني ج 208/5 - 356 وج 7 / 87 - 114 وص 237-329 وج 30/8 - 96 وج 9 / 218 - 396 وج 67/10 - 137 و ج 74/11 - 195، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 1 / 358 وج 3 / 15 و 258 ط 1 بمصر وج63/4 وج 44/11 وج 13/ 219 بتحقيق أبو الفضل، كتاب «أبو هريرة» للسيد عبد الحسين شرف الدین ص 132.
2- كما فصلناه فيما صدرنا به کتاب - صلح الحسن - لسماحة شيخنا الامام المقدس الشيخ راضى آل ياسين. فليراجع ثمة ما فصلناه بامعان (منه قدس).

أن أعطاه معاوية في صلحه ماشاء من شرط يعاهد اللّه عليه، وقد ابتدأه في ذلك في كلا المصرين، الشام والعراق.

وقد روى كثير من المؤرخين - فيهم ابن جرير (1) وابن الاثير (2) - : أن معاوية أرسل الى الحسن صحيفة بيضاء مختوماً على أسفلها بخاتمه، وكتب اليه : أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ماشئت فهولك.

وأرسل كتابه هذا والصحيفة الى الحسن عليه مع عبد اللّه بن عامر فلم يشأ الحسن عليه أن تكون الشروط التي يشترطها على معاوية مكتوبة بخطه (عَلَيهِ السَّلَامُ)، فأملاها على عبداللّه بن عامر وعبد اللّه بن عامر كتبها كما أملاها عليه. فكتب معاوية جميع ذلك بخطه، وختمه بخاتمه، وبذل عليه العهود المؤكدة والايمان المغلظة، وأشهد على ذلك جميع رؤساء أهل الشام، ووجه به الى عبداللّه بن عامر، فأوصله الى الحسن (3).

وختم هذه المعاهدة بقوله : وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد اللّه وميثاقه وما أخذ اللّه على أحد من خلقه بالوفاء بما أعطى اللّه من نفسه (4).

لكن معاوية كان بالاستخفاف بما عاهد اللّه عليه أولى منه بالوفاء به، لذلك جعل العهود والمواثيق تحت قدميه، وسب علياً والحسن بمحضر من سيدي

ص: 516


1- ص 93 من الجزء6 من كتابه الأمم والملوك (منه قدس).
2- فى ج 162/3 من تاريخه (منه قدس).
3- روى هذا كله ابن قتيبة في ص 200 من كتابه الامامة والسياسة فليراجع (منه قدس). وراجع نص المعاهدة في كتاب صلح الحسن الشيخ راضی آل ياسين ص 259- 291، الغدير ج 6/11، مقاتل الطالبيين ص 43 ط الحيدرية.
4- صلح الحسن ص 262.

شباب أهل الجنة في مسجد الكوفة، وهو اذ ذاك غاص بالمجتمعين احتفالا بالصلح (1).

ثم تتابعت سياسته تتفجر بكل مايخالف الكتاب والسنة، كل منكر في الاسلام قتلا الابرار، وهتكاً للاعراض، وسلباً للاموال، وسجنا للاحرار وتشريداً للمصلحين، وتأميراً للمفسدين، الذين جعلهم وزراء دولته : كابن العاص، وابن شعبة، وابن سعيد، وابن أرطاة، وابن جندب وابن السمط، وابن الحكم الوزغ ابن الوزغ، وابن مرجانة، وابن عقبة، وابن سمية الذي نفاه عن أبيه الشرعي عبيد، وألحقه بالمسافح أبيه أبي سفيان ليجعله صنوه يسلطه على الشيعة في العراق يسومهم سوء العذاب، يذبح أبناءهم، ويستحيي نساءهم، ويشردهم عباديد تحت كل كوكب، ويحرق بيوتهم، ويصطفي أموالهم، لا يألو جهداً في ظلمهم. يعين معاوية على الوفاء للحسن بشروطه؟؟!. (2).

ص: 517


1- فاجأ الناس بهذا المنكر استخفافاً منه بهم، بل بالدين وسيد المرسلين، بل برب العالمين جل جلاله، لكن الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) لم تنل من صبره هذه الوقاحة، ورقى بعدها المنبر، فلم يدع ولم يذر، مما يحق به الحق وأهله، ويبطل به الباطل ودونكم الخطبة في آخر ص 279 وما بعدها الى ص 282 من كتاب - صلح الحسن - لشيخنا الامام المقدس الشيخ راضى آل ياسين فلا تفوتكم، وأمعنوا في مراميها السامية وأهدافها الشريفة (منه قدس). صلح الحسن ص 285، الغدير ج 7/11، مقاتل الطالبيين لا بن الفرج الاصفهاني ص 45 ط الحيدرية. ثم خطب الامام السبط خطبة رائعة في الرد على معاوية راجعها في : صلح الحسن ص 286 -- 289، الغدير ج 8/11، شرح النهج لا بن أبي الحديد ج 4 / 16 ط 1، مقاتل الطالبيين ص 46 ط الحيدرية. راجع ما تقدم تحت رقم (762 و 763).
2- فساد معاوية وظلمه وهنكه لحرمات الاسلام وقتله للصالحين كثيرة بل جرائمه لا تعد ولا تحصى وقد تقدم شطر كبير منها. وراجع أيضاً : الغدير للاميني ج 10 و 11، صلح الحسن لشيخ راضی آل یاسین النصائح الكافية لمن يتولى معاوية لمحمد بن عقيل، تقوية الايمان في الرد على تزكية ابن أبي سفيان أيضاً لمحمد بن عقيل المراجعات لشرف الدين مع التتمة تحت رقم (700 و 701 و 703)، شيخ المضيرة أبو هريرة لابي رية المصرى مصر، دلائل الصدق ج3 ق 209/1 وما بعدها وق 2 ج 4/3 وما بعدها

وختم معاوية منكراته هذه بسم الحسن الزكي. تمهيداً لسلطان سكيره المتهتك فكانت منه تلك الفظائع والفجائع في المدينة الطيبة، و في مكة المعظمة، وفي طف كربلاء، وفي كل يوم من أيام حياته الموبوءة المملوءة بمحاربة اللّه عز وجل ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (1) نعوذ باللّه، ونبراً الى اللّه تعالى منك وممن ملكك - على علم - رقاب المسلمين «لَقَد جِئتُم شَیئَاً اذَا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا» (2).

ص: 518


1- الغدير للاميني ج 11، صلح الحسن للشيخ راضی آل یاسین، مقتل الحسين للقرم النجف، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 174 - 200، مقاتل الطالبيين لابي الفرج الاصفهاني ص 73 تحقیق احمد صقر.
2- سورة مريم : 89.

الفصل السابع: ما فعله جمهور الامة

احتجاج الجمهور بمطلق من صحب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مسلماً

المورد - (98)-

احتجاج الجمهور بمطلق من صحب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مسلماً :

نعم هذا دأبهم، وعليه سيرتهم، كأن الصحبة - بما هي من حيث هي تعصم الصحابي عما ينافي العدالة (1)وتوجد له اياها، لذلك اطمأنوا بكل

ص: 519


1- قال النووى في شرح صحیح مسلم بهامش الارشاد ج 22/8 : ان الصحابة (رضى اللّه عنهم) كلهم هم صفوة الناس وسادات الامة وأفضل ممن بعدهم وكلهم عدول قدوة لانخالة فيهم وانما جاء التخليط ممن بعدهم وفيمن بعدهم كانت النخالة. الغدير ج267/10. وحول عدالة الصحابة قاطبة أو في الجملة. راجع : أضواء على السنة المحمدية فصل عدالة الصحابة ص 339 ط 5 دار المعارف بمصر، شيخ المضيرة أبو هريرة ص 288 ط 3 كلا الكتابين تأليف الشيخ محمود أبو دية المصرى، دلائل الصدق ج3 ق4/2.

ما يحدثهم الصحابي به عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من شرائع اللّه وأحكامه، يحتجون به ويعملون على مقتضاه من غير بحث منهم عن عدالته ولا عن استقامته ولاعن صدقه وأمانته، وهذا ما لا يمكن أن يقوم على جوازه دليل من عقل أو نقل أبداً فان الصحبة بمجردها وان كانت فضيلة لكنها مما لا دليل على عصمتها بلا ريب فالصحابة من حيث العصمة انما هم كسائر الناس فيهم الثقة العدل النزيه عن معصية اللّه تعالى وهم كثيرون، وفيهم العصاة العتاة، وفيهم مجهول الحال.

وقد قامت الادلة الشرعية على اشتراط عدالة الراوي للخبر الواحد مطلقاً (1) و ان كان صحابياً، أما من لم يكن عدلا فلاوزن لحديثه بحكم الادلة القطعية مطلقاً أيضاً، ومجهول الحال - على الاطلاق - تتبينه حتى تثبت عدالته، فنحتج حينئذ به في الفروع خاصة، دون أصول الدين، وان لم تثبت عدالته، فلا سبيل الى العمل بما حدث.

وهذا ما نعلمه من رأي الجمهور في خبر الاحاد، لاخلاف بيننا وبينهم فيه وانما تجشموا في الاحتجاج بحديث الصحابة من غير بحث ولاتريث بناءاً على عدالتهم أجمعين أكتعين أبصعين، وكأنهم أرادوا تقديس رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بتعديل أصحابه عامة، وحفظه فيهم كافة، وهذا خطأ واضح، وجهل نرياً بهم عنه، فان تنزيهه وحفظه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انما يكون بتنزيه سنته وحفظهما من تشويه الكذابة عليه، وقد أنذر أمته وحذرها بقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «ستكثر الكذابة علي

ص: 520


1- كما ثبت ذلك في علم : أصول الفقه. راجع دروس في علم الاصول للسيد الشهيد الصدر (قدس)، الحلقة الثالثة ج223/1 - 252، اصول الفقه للمظفر ج 69/3، أضواء على السنة المحمدية ص 331. والصحيح هو اشتراط الوثاقة فى قبول الخبر ولا يشترط العدالة كما عليه جمهور المتأخرين من العلماء.

فمن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» (1).

ولوتدبر اخواننا - هداهم اللّه وايانا - محكمات القرآن لوجداها مشحونة بذكر المنافقين، وأذى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) منهم، وحسبك من سورة التوبة الفاضحة واذا جاءك المنافقون، والاحزاب. «وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا» الى آخر السورة (2).

وحسبك من آياته المحكمة قوله تعالى : «وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ» (3) «لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ» (4) «وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ» (5).

ص: 521


1- الفتح الكبير للنبهانی ج234/3 - 235، الغيبة للنعماني ص 76. و بروايات مختلفة راجع : أضواء على السنة المحمدية ص59 وما بعدها.
2- سورة الاحزاب : 10 - 12.
3- من يتدبر هذه الاية وغيرها من أمثالها يحصل له العلم الاجمالي بوجود المنافقين في غير معلومى الأيمان والعدالة ونحن في غنى عن أطراف هذه الشبهة المحصورة بحديث معلومى العدالة من الصحابة وهم علماؤهم وعظماؤهم وأهل الذكر الذين أمر اللّه بسؤالهم، والصادقون الذين أمر اللّه سبحانه بأن نكون معهم. على أن في حديث الائمة من أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومهبط الوحى والتنزيل كفاية، فهم أعدال الكتاب وبهم يعرف الصواب (منه قدس). سورة التوبة : 101.
4- سورة التوبة : 48.
5- سورة التوبة : 74، وراجع فهرس بقية الايات في كتاب أضواء على السنة المحمدية ص 356.

فليتني أدري أين ذهب المنافقون بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ؟ وكانوا قد جرعوه الغصص مدة حياته، حتى دحرجوا الدباب (1) و صدوه عن الكتاب (2). وقد أجمع أهل الاخبار أنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) خرج أحد بألف من أصحابه، فرجع منهم قبل الوصول ثلاثمائة من المنافقين (3) وربما بقي من المنافقين من لم يرجعوا خوف الشهرة. على أنه لو لم يكن في الالف الا ثلاثمائة منافق لكفى دليلا على أن النفاق كان زمن الوحي فاشياً بينهم، فكيف انقطع بمجرد انقطاع الوحي، ولحوق النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالرفيق الأعلى.؟ فهل كانت حياته سبباً في نفاق المنافقين ؟؟ أوموته سبباً في ايمانهم وعدالتهم، وصيرورتهم أفضل الخلائق بعد الانبياء ؟؟ وكيف انقلبت حقائقهم بوفاته.؟ فأصبحوا - بعد ذلك النفاق - بمثابة من القدس لا يقدح لها فيها شيء مما ارتكبوه من الجرائم والعظائم ؟؟؟. وما المقتضي للالتزام بهذه المكابرات التي تنفر منها الاسماع والابصار والافئدة ؟؟؟.

على أن في الكتاب والسنة ما يثبت بقاء المنافقين على نفاقهم، لايؤوبون الى اللّه تعالى ولا يرعوون. وحسبك من محكمات الكتاب قوله عز من قائل:

ص: 522


1- كان قوم من الصحابة دحرجوا الدباب ليلة العقبة لينفروا برسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ناقته فيطرحوه، وكان (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اذ ذاك راجعاً من وقعة تبوك التي استخلف فيها علياً. وحديث أحمد بن حنبل في آخر الجزء الخامس من مسنده عن أبي الطفيل في هذه الطامة طويل، وفي آخره : ان رهطاً من الصحابة لعنهم رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يومئذ هذا الحديث مشهور مستفيض بين المسلمين كافة (منه قدس).
2- الذى أراد أن يكتبه الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فى مرضه : هو الامان للامة من الضلال ولكن عمر بن الخطاب مانعه وزعم أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يهجر. راجع : ما تقدم تحت رقم (199 - 206).
3- نص على هذا كل من أرخ غزوة أحد من أهل السير والاخبار فراجع (منه قدس). الكامل فى التاريخ ج 2 / 105 وكان الذين رجعوا بقيادة عبد اللّه بن أبي.

«وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» (1).

ويكفيك من صحاح السنن ما أخرجه البخاري - في باب الحوض وهو في آخر كتاب الرقاق ص 94 من الجزء الرابع من صحيحه - بالاسناد الى أبي هريرة عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «بينا أنا قائم فاذا زمرة حتى اذا عرفتهم، خرج رجل من بيني وبينهم، قال : هلم (2) قلت: أين قال : الى النار و اللّه. قلت : وما شأنهم ؟ قال : انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى، ثم اذا زمرة حتى اذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، قال : هلم. قلت : أين ؟ قال: الى النار واللّه. قلت : وما شأنهم ؟ قال : انهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أرى يخلص منهم الا مثل همل النعم» (3).

وأخرج في آخر الباب المذكور عن أسماء بنت أبي بكر. قالت : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم، وسيؤخذ ناس دوني. فأقول : يارب مني ومن أمتي فيقال : هل شعرت ما عملوا بعدك؟

ص: 523


1- سورة آل عمران : 144.
2- هلم في لغة أهل الحجاز يستوى فيها المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث. تقول: هلم.بازید و هلم بازیدان وهلم بازیدون وهلم ياهند وهلم ياهندات. فهى اسم فاعل وفاعلة ضمير مستتر تقديره في هذا الحديث : أنتم لان المخاطبين بها انما هم الزمرة (منه قدس).
3- قال السندى فى تعليقته على صحيح البخاری: همل النعم بفتح الهاء والميم الابل بلاداع، أى لا يخلص منهم من النار الا قليل (منه قدس). أضواء على السنة المحمدية ص 354 ط 5 بمصر وفيه روايات اخرى أيضاً، دلائل الصدق ج 3 ق 2 / 11 عن الجمع بين الصحيحين للحميدي.

واللّه ما برحوا يرجعون على أعقابهم. فكان ابن مليكة يقول : اللّهم انا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا، أو نفتن عن ديننا» (1).

وأخرج في الباب المذكور أيضاً عن ابن المسيب أنه كان يحدث عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «يرد علي الحوض رجال من أصحابي فيحلاون عنه، فأقول : يارب أصحابي. فيقول انك لا علم لك بما أحدثوا بعدك، انهم ارتدوا علی ادبارهم القهقرى» (2).

وأخرج في الباب المذكور عن سهل بن سعد قال : قال النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اني فرطكم على الحوض من مر علي شرب من شرب لم يظمأ أبداً. ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم. قال أبو حازم : فسمعني النعمان ابن أبي عياش. فقال : هكذا سمعت من سهل ؟ فقلت : نعم. فقال : أشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها : فأقول انهم مني. فيقال : انك لاتدري ما أحدثوا بعدك ؟ فأقول سحقاً سحقاً لمن غير بعدي» (3).

وأخرج في الباب المذكور أيضاً عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «يرد عليّ يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلاون على الحوض فأقول : يارب أصحابي. فيقول انك لا علم لك بما أحدثوا بعدك،

ص: 524


1- الفتح الكبير للنبهانى ج 455/1، أضواء على السنة المحمدية ص 355.
2- الفتح الكبير للنبهاني ج423/3.
3- قال القسطلاني في شرح هذه الكلمة من أرشاد السارى ما هذا لفظه لمن غير بعدى أى دينه لانه لا يقول في العصاة بغير الكفر : سحقاً سحقاً بل يشفع لهم ويهتم بأمرهم كما لا يخفى (منه قدس). الفتح الكبير للنبهاني ج 455/1، أضواء على السنة المحمدية ص 355، دلائل الصدق ق 2 ج 2/3 عن الجمع بين الصحيحين أقول : والحديث متفق عليه.

انهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى» (1).

وأخرج في أول الباب المذكور عن عبد اللّه عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني، فأقول : يارب أصحابي، فيقال انك لاتدري ما أحدثوا بعدك» (2) قال البخاري : تابعه عاصم عن أبي وائل وقال حصين : عن أبي وائل عن حذيفة عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

وأخرج أيضاً - في باب غزوة الحديبية ص 30 من صحيحه - عن العلاء ابن المسيب عن أبيه. قال : لقيت البراء بن عازب. فقلت له : طوبى لك صحبت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وبايعته تحت الشجرة. فقال : يا ابن أخي انك لاتدري ما أحدثنا بعده (3).

وأخرج أيضاً - في أول باب قوله تعالى «وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا» من كتاب بدء الخلق ص 154 من جزئه الثاني - عن ابن عباس عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال من حديث : «وان أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول : صحابي أصحابي. فيقال انهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. (الحدیث)»(4).

اعراضهم عن أئمة العترة الطاهرة في أصول الدين وفروعه وفيما هو اليهما

المورد - (99) -

اعراضهم عن أئمة العترة الطاهرة في أصول الدين وفروعه وفيما هو اليهما.

ص: 525


1- الفتح الكبير ج 423/3، أضواء على السنة المحمدية ص355.
2- الفتح الكبير ج 475/1، أضواء على السنة المحمدية ص 355.
3- أضواء على السنة المحمدية ص 355.
4- أضواء على السنة المحمدية ص 355. وتوجد أحاديث أخرى غير هذه راجعها في : دلائل الصدق ج 3 ق 9/2 وما بعدها، مسند أحمد ج 297/6، صحيح مسلم ك 297/6 الجنة وصفة نعيمها ج 350/2.

و ذلك أنهم أخذوا أصول الدين عن أبي الحسن الاشعري والماتريدي وأضرابهما. وأخذوا الفروع عن الفقهاء الاربعة مع ما يؤثرونه من النصوص الصريحة التي أنزلت أئمة العترة الطاهرة منزلة الكتاب «لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ» (1) وجعلهم في هذه الامة بمنزلة سفينة نوح في قومه، من ركبها نجا، و من تخلف عنها غرق، و كباب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له وكانوا في الامة مكان الرأس من الجسد، بل مكان العينين من الرأس الى كثير من أمثال هذه النصوص (2).

وقد فصلنا القول في هذا المورد وما اليه في المقصد الأول من الفصل 13 من فصولنا المهمة، اذ ذكرنا اعراض الجمهور عن اهل البيت. والان نتلو عليك ماقد قلناه هناك اتماماً للفائدة بنصه وعين لفظه.

فقلنا أعرض اخواننا أهل السنة عن مذهب الائمة من أهل البيت، فلم يعنوا بأقوالهم في أصول الدين و فروعه بالمرة، ولم يرجعوا اليهم في تفسير القرآن العزيز - وهو شقيقهم - الادون ما يرجعون الى مقاتل بن سليمان المجسم المرجىء الدجال (3)، ولم يحتجوا بحديثهم الا دون

ص: 526


1- سورة فصلت : 42.
2- تقدمت هذه النصوص وغيرها تحت رقم (15 و 16 و 17 و 18 و 19).
3- مقاتل بن سليمان البلخلى المتوفى 150، كذاب دجال وضاع عده النسائي من الكذابين المعروفين بوضع الحديث على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كان يقول لابي جعفر المنصور : أنظر ما تحب أن أحدثه فيك حتى أحدثه، وقال للمهدى : ان شئت وضعت لك أحاديث في العباس ؟ قال لاحاجة لي فيها. راجع: تاریخ بغداد ج 168/13، تاريخ الشام لابن عساكر ج 160/5، میزان الاعتدال ج 3 / 196 ط 1، تهذيب التهذيب ج 284/10، المثالي المصنوعة للسيوطى ج 128/1 و ج 2 / 60 و 122. وراجع أيضاً : الغدير للاميني ج 266/5، الفصول المهمة لشرف الدين ص 212. بل هو أحد الأربعة المشهورين بوضع الاحاديث : راجع : أضواء على السنة المحمدية ص 126.

ما يحتجون بالخوارج والمشبهة والمرجئة والقدرية، ولو أحصيت جميع ما في كتبهم من حديث ذرية المصطفى (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لكان الادون ما أخرجه البخاري وحده عن عكرمة البربري الخارجي المكذب (1) وأنكى من هذا كله عدم احتجاج البخاري في صحيحه بأئمة أهل البيت النبوي، اذ لم يرو شيئاً عن الصادق (2).

ص: 527


1- مكرمة البربرى مولى ابن عباس : روى عنه أصحاب الصحاح الستة وهو أحد الاشخاص المنحرفين عن أهل البيت وهو يرى رأى الحرورية من الخوارج بل يرى رأى الأباضية الذين هم غلاة الخوارج وكان على بن عبد اللّه بن عباس قد أوثقه كتافاً لانه كان يكذب على أبيه عبد اللّه بن عباس وفى رواية أنه يكذب أيضاً على ابن مسعود. وكذبه ابن المسيب وابن عمر ويحيى بن سعيد وذكر عند أيوب أنه لا يحسن الصلاة فقال : أيوب أو كان يصلى ؟ وعن مطرف كان مالك يكره أن يذكره. وقال محمد ابن سيرين كذاب. وقال ابن أبي ذؤيب : غير ثقة. وقال الشافعي قال مالك : لا أرى لاحد أن يقبل حديثه. الى غير ذلك مماذكروه في ترجمته. راجع: میزان الاعتدال للذهبي ترجمة عكرمة، معجم الادباء لياقوت الحموي ترجمة عكرمة، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني في ترجمته أيضاً، الفصول المهمة لشرف الدين ص 209 - 212، دلائل الصدق ج 48/1.
2- الامام الهمام أبو عبد اللّه جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على بن الحسين ابن على بن أبي طالب (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) ولد في 17 من ربيع الاول وقيل في النصف من رجب سنة 83ه_ وتوفى 25 من شوال سنة 148ه_ وهو أكبر الائمة سناً ودفن بالبقيع. عظمته : لا يقدر الكاتب والمفكر الاحاطة بعظمة هذا الرجل وفضله فقد حمل عنه من العلم ما سارت به الركبان وقد تخرج عليه أكثر من أربعة آلاف عالم فيهم الفلاسفة والمفكرون والمتكلمون كجابر بن حيان الكوفي وهشام بن الحكم وامامي الحنفية والمالكية أبو حنفية النعمان بن ثابت ومالك بن أنس وزرارة ومحمد بن مسلم والالاف من أضرا بهم وقد فاق جميع أهل عصره في مختلف العلوم العقلية منها والنقلية الارشاد للشيخ المفيد ص 270 - 287، كشف الغمة للاوبلي ج 154/2 - 211 وقد ألف في ترجمة حياته عشرات الكتب : منها : كتاب الامام الصادق والمذاهب الاربعة للشيخ أسد حيدر 1 - 6 ط في النجف وبيروت، الامام الصادق ملهم الكيمياء طبع في العراق، الامام الصادق لابي زهرة طبع في مصر وله ترجمة وافية فى أعيان الشيعة للسيد الامين ج 4 ق29/2 - 79، والجزء السابع والاربعون من البحار في الطبع الجديد يختص بحياة هذا الامام العظيم. وغيرها من عشرات الكتب.

والكاظم (1)، والرضا (2)

ص: 528


1- هو الامام أبو الحسن الأول موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) الملقب بالكاظم وباب الحوائج والعالم والعبد الصالح. ولد فى يوم 7 من صفر سنة 128ه_ بالابواء بين مكة والمدينة وتوفى مسموماً في حبس السندی بن شاهك بأمر من هارون الرشيد فى 25 من رجب سنة 183ه_ ودفن في بغداد حيث قبره الان كان (عَلَيهِ السَّلَامُ) سابع أئمة الهدى من أهل البيت وقد عاش مدة من حياته في زنزانات السجون ينقل من سجن الى سجن وأقل رواية تقول انه عاش في السجن سبع سنين. وأكثر السادة الموجودين فعلا ينسبون اليه ويقال لهم الموسوية. الارشاد للشيخ المفيد ص 288 - 303، كشف الغمة ج 212/2 - 258، أعيان الشيعة ج 4 ق80/2. وقد ألفت في حياته وجهاده وعبادته عدة تأليفات أشهرها : حياة الامام موسى بن جعفر للشيخ باقر القرشي 1 - 2 طبع في النجف وغيرها والجزء الثامن والاربعون من البحار من طبع الجديد يختص بحياته.
2- الامام أبو الحسن الثانى على بن موسى بن جعفر بن محمد بن علی بن الحسين بن على بن أبى طالب سلام اللّه عليهم ثامن أئمة الهدى الملقب بالرضا. ولد في 11 من ذى القعدة 1486ه_ بالمدينة المنورة وتوفى مسموماً على يد المأمون العباسي في 17 من صفر وقيل في 23 ذي القعدة سنة 203ه في خراسان ودفن حيث قبره هناك. الارشاد للمفيد ص 304 - 316 كشف الغمة ج 2/ 259 - 342، أعيان الشيعة، - ج 4 ق102/2. وقد ألف في حياته عدة مؤلفات منها : الحياة السياسية للامام الرضا للسيد جعفر مرتضى العاملي طبع، والجزء التاسع والاربعون من البحار من الطبع الجديد يختص بحياة هذا الامام.

والجواد (1)، والزكي العسكري (2) - وكان معاصراً له -

ص: 529


1- الامام أبو جعفر الثانى محمد بن علی موسی بن جعفر بن محمد بن علی ابن الحسين بن على بن أبي طالب (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) تاسع أئمة أهل البيت يلقب بالجواد والتقى. ولد فى اليوم العاشر من شهر رجب وقيل في رمضان سنة 195ه_ بالمدينة المنورة مات مسموماً في آخر ذى القعدة220ه_ على يد المعتصم العباسي بواسطة زوجته ام الفضل في بغداد و دفن بجوار جده الامام موسى بن جعفر الكاظم. وكان أقصر الائمة عمراً الارشاد للشيخ المفيد ص 316 - 326، كشف الغمة للار بلی ج 343/2 - 373، أعيان الشيعة للسيد الأمين ج 4 ق2 / 161، وكذلك له ترجمة ضافية في الجزء الخمسين من البحار.
2- الامام أبو محمد الحسن بن على النقي بن محمد بن على بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) الملقب بالزكي والعسكرى الحادي عشر من أئمة أهل بيت العصمة. ولد في اليوم 4 وقيل في 10 من ربيع الثاني سنة 232ه_ في المدينة المنورة مات مسموماً على يد المعتمد العباسي في 8 ربيع الأول سنة 260 ودفن بسر من رأى حيث قبره الان. وله من الفضائل والمزايا الكثيرة ويكفيه ان المهدى مصلح البشرية ولده. راجع : الارشاد للشيخ المفيد ص 334 - 346، كشف الغمة ج 402/2 - 435 أعيان الشيعة ج 4 ق 173/2، وفى البحار ج235/50 – 337.

ولاروى عن الحسن (1) ابن الحسن (2) ولا عن زيد بن علي بن الحسين (3)

ص: 530


1- الحسن هو الامام بعد عمه الحسين السبط على رأى الشيعة الزيدية، وبعده زيد، ثم من ذكرناهم بعد زيد وترتيبهم في الامامة على حسب ما رتبناهم في المذكر (عَلَيهِم السَّلَامُ) (منه قدس).
2- هو أبو محمد الحسن بن الامام السبط الحسن بن على بن أبى طالب (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) المعروف بالحسن المثنى وقد شهد مشهد الطف مع عمه الامام الطاهر وجاهد وأبلى وأرتث بالجراح فلما أرادوا أخذ الرؤوس وجدوا به رمقاً فحمله خاله أبو حسان أسماء ابن خارجة الفزارى الى الكوفة وعالجه حتى برىء. ثم لحق بالمدينة. قال الشيخ المفيد في الارشاد ص 196 كان جليلا رئيساً فاضلا ورعاً وكان يلى صدقات أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) في وقته وله مع الحجاج بن يوسف خبر ذكره الزبير بن بكار ... الخ قتل سنة 97ه_ حيث دس اليه السم سليمان بن عبدالملك. راجع : الغدير للاميني ج 271/3 و 275، أعيان الشيعة للسيد الأمين ج 21 / 166 - 184 الارشاد للمفيدص 196، عمدة الطالب ص 98، اعلام الورى بأعلام الهدى ص 212.
3- زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب (عَلَيهِمُ السَّلَامُ). أحد أباة الضيم وقد اكتنفته الفضائل من شتى جوانبه وأحد علماء أهل البيت علم متدفق وورع موصوف وبسالة معلومة وشدة في البأس وقد وردت في مدحه والثناء عليه الاحاديث ونص علماء الامة على عظمته وجلالته كما رثته شعراء أهل البيت قديماً وحديثاً وألف العلماء فيه الكتب أما الاحاديث فمنها : قول الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) للحسين السبط : يخرج من صلبك رجل يقال له زيد يتخطأهو وأصحابه رقاب الناس يدخلون الجنة بغير حساب. وقول الامام الصادق لما سمع قتله : انا للّه وانا اليه راجعون عند اللّه أحتسب عمى انه كان نعم العم، ان عمى كان رجلا لدنيانا وآخرتنا، مضى واللّه عمى شهيداً كشهداء استشهدوا مع رسول اللّه وعلى والحسين مضى واللّه شهيداً»، عيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق الباب (25). وفي رواية صحيحة عن الامام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) قال: «ان زيداً كان عالماً وكان صدوقاً ولم يدعكم الى نفسه وانما دعاكم الى الرضا من آل محمد صلى اللّه عليه و آله ولو ظهر (ظفر) لوفى بمادعا كم اليه انما خرج الى سلطان مجتمع لينقضه». وسائل الشيعة ج 36/11 باب 13 من كتاب الجهاد وغيرها من عشرات الاحاديث في مدحه وعظمته. كما نص الشيخ المفيد في الارشاد ص 268 على فضله وعظمته قال : وكان زيد بن على بن الحسين عين أخوته بعد أبي جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأفضلهم وكان عابد اورعاً فقيهاً سخياً شجاعاً وظهر بالسيف يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويطلب بثارات الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وكذلك نص كل من الخزار القمى فى كفاية الاثر، والنسابة العمري في المجدى، وابن داود في رجاله، والشهيد الأول فى القواعد، وصاحب المعالم في شرح الاستبصار، والاستربادى فى رجاله، وابن أبي جامع في رجاله والعلامة المجلسي في مرآة العقول، وميرزا عبداللّه الأصبهاني في رياض العلماء ج 318/2، والكاظمي في تكملة الرجال، والحر العاملي في خاتمة الوسائل ج 202/20، والسيد محمد جد آية اللّه بحر العلوم في رسالته، والشيخ أبى على فى رجاله، والنوري في خاتمة المستدرك والمامقاني في تنقيح المقال، والخولى في معجم رجال الحديث، والتفريشي في نقد الرجال ص 143، وابن مهنا فى عمدة الطالب ص 255 على مدحه وتبجيله والثناء عليه. واستشهد سنة 122 ه_ وقبل 121 ه_ وقيل 120 ه_ وبقى مصلوباً بالكناسة أربع سنين. ولاجل المزيد من الاطلاع على حاله راجع : الغدير للاميني ج 69/3 - 76، كتاب زيد الشهيد للسيد عبد الرزاق المقرم ط في النجف عيون أخبار الرضاب باب 25، معجم رجال الحديث في ترجمته، مقاتل الطالبيين ص 86 - 102، عمدة الطالب ص 255.

ولا عن يحيى بن زيد (1)

ص: 531


1- يحيى بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) الشهيد بن الشهيد البطل العظيم وهو الذى يروى عن أبيه الطاهر ان الائمة اثناعشر وسماهم بأسمائهم : وقال انه عهد معهود عهد الينا رسول اللّه. قتله الوليد بن يزيد بن عبدالملك سنة 125ه_ والمباشر في قتله سلم بن أحوز الهلالي. راجع : الغدير ج269/3 و 274، مقاتل الطالبيين ص103 ط الحيدرية. وحديث الأئمة أو الامراء أو الخلفاء اثنا عشر كلهم من قريش. رواه البخاري ومسلم وأحمد وأبو داود والطبراني وغيرهم. أضواء على السنة المحمدية ص 233 ط ه، فرائد السمطين ج 2 / 134 و 139 و 153. وراجع : كتاب طرق حديث الأئمة من قريش ص7 - 21، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 440 - 447 ط اسلامبول، دلائل الصدق ج314/2.

ولا عن النفس الزكية محمد بن عبد اللّه الكامل بن الحسن الرضا بن الحسن السبط (1) ولا عن أخيه ابراهيم بن عبد اللّه (2) ولا عن الحسين الفخي بن علي بن الحسن

ص: 532


1- وسبب تلقيبه بالنفس الزكية لماروى عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انه قال : تقتل باحجار الزيت من ولدى نفس زكية) وهو المقتول بأحجار الزيت وكان من أصحاب الامام الصادق كما ذكره الطوسي في رجاله. وذكر ابن طاووس في الاقبال ص 53 : انه خرج للامر بالمعروف والنهي عن المنكر وانه كان يعلم بقتله ويخبر به - الى أن قال - كل ذلك يكشف عن تمسكهم باللّه والرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ). قتله حميد بن قحطبة سنة 145ه_ وجاء برأسه الى عيسى بن موسى وحمله الى أبي جعفر المنصور فنصبه بالكوفة وطاف به البلاد. الغدير ج 272/3، مقاتل الطالبيين ص 157، عمدة الطالب ص 104. وراجع : الكامل لابن الاثير ج 2/5.
2- المكنى بأبى الحسن قتيل «باخمري» عده الشيخ الطوسي من رجال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) في رجاله ص 143، وقال ابن المهنا فى عمدة الطالب كان من كبار العلماء فى فنون كثيرة. وذكره شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي في تاثيته المشهورة - مدارس آیات -. قتله المنصور العباسي حيث ندب عيسى بن موسى من المدينة الى قتاله فقاتل ب«با خمرى» حتى قتل سنة 145ه_ وجيء برأسه الى المنصور فوضعه بين يديه وأمر به فنصب في السوق : ثم قال للربيع : احمله الى أبيه عبد اللّه في السجن فحمله اليه. راجع : الندير ج 3/ 272 و 275، أعيان الشيعة ج 308/5، مقاتل الطالبيين ص 210 - 256، الكامل فى التاريخ ج 5/ 15، عمدة الطالب ص108.

بن الحسن (1) ولا عن يحيى بن عبد اللّه بن الحسن (2) ولا عن أخيه

ص: 533


1- بطل فخ الحسين بن على بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب صاحب فخ. كنيته : أبو عبد اللّه استشهد في أيام الهادى العباسى بفخ يوم التروية سنة 169ه__ وقيل 170 ه_. وكانت مصيبته تشابه مصيبة الامام الحسين في كربلاء ولولا مأساة كربلاء لحلت محلها.. ولما كانت بيعة الحسين بن على صاحب فخ قال : أبا يعكم على كتاب اللّه وسنة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وعلى ان يطاع اللّه ولا يعصى، وأدعوكم الى الرضا من آل محمد وقد صارت حرب طاحنة بينه وبين موسى بن عيسى والحسين صاحب فخ قد أبلى بلاءاً حسن. ولكن خصمة لما كان طالب ملك كانت أعوان الظلمة معه. ذكر أبو العرجاء الجمال : ان موسى بن عيسى دعاه فقال له أحضر لي جمالك. قال فجئته بمائة جمل ذكر، فختم أعناقها وقال : لا أفقد منها وبرة الاضربت عنقك، ثم تهيأ للمسير للحسين حتى تراه و تخبرني بكل مارأيت. فمضيت قدرت فمارأيت خللا ولا فلا، ولا رأيت الا مصلياً او مبتهلا أو ناظراً في مصحف أو معداً للسلاح قال : فجئته فقلت : ما أظن القوم الا منصورين. فقال: وكيف يابن الفاعلة ؟ فأخبرته فضرب يداً على يد وبكى حتى ظننت انه سينصرف ثم قال : هم واللّه أكرم عند اللّه، وأحق بما في أيدينا منا، ولكن الملك عقيم، ولو أن صاحب هذا القبر - يعنى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ ) - نازعنا الملك ضربنا خيشومه بالسيف، ياغلام اضرب بطبلك. ثم سار اليهم فواللّه ما انثنى عن قتلهم. مقاتل الطالبيين ص 301، بطل فخ للامينيط الحيدرية، عمدة الطالب ص 183.
2- يحيى بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) ويكنى أبا الحسن. وامه قريبة بنت عبد اللّه. قال أبو الفرج الاصفهاني وكان حسن المذهب والهدى مقدماً في أهل بيته بعيداً مما يعاب على مثله. روى عن الامام جعفر بن محمد الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعن أبيه وعن أخيه محمد وعن أبان ابن تغلب. وروى عنه مخول بن ابراهيم و بكار بن زياد و يحيى بن مساور وعمرو بن حماد. وبعد ان عاش مدة طويلة في السجن استشهد على يد هارون الرشيد فقيل انه بنى عليه فى الاسطوانة وهو حى وقبل أدخل عليه رجلا وخنقه في السجن وقيل رماه للسباع فأكلوا لحمه. راجع: مقاتل الطالبيين ص 308 - 321، عمدة الطالب ص 151 - 153.

أدريس بن عبد اللّه (1) ولا عن محمد بن جعفر الصادق (2) ولا عن محمد

ص: 534


1- ادريس بن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ). وامه : عاتكة بنت عبدالملك بن الحرث المخزومي. وقد فلت من وقعت فخ وفر الى مصر ثم الى افريقيا في طنجة حتى دس اليه الرشيد العباسي سماً على يد عملائه فنال درجة الشهادة. راجع : مقاتل الطالبيين ص 324 - 326، عمدة الطالب ص 157.
2- محمد بن الامام جعفر الصادق بن الامام محمد الباقر بن الامام على بن الحسين بن على بن أبى طالب (عَلَيهِمُ السَّلَامُ). أمه : أم ولد. ويكنى أبا جعفر قال أبو الفرج : كان فاضلا مقدماً في أهله. وقال المفيد : وكان محمد بن جعفر شجاعاً وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً ويرى رأى الزيدية في الخروج بالسيف. قال أبو الفرج الاصفهاني كان رجل قد كتب كتاباً في أيام أبي السرايا يسب فاطمة بنت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ) وجميع أهل البيت، وكان محمد این جعفر معتزلا تلك الامور لم يدخل في شيء منها، فجاء الطالبيون فقرؤه عليه فلم يرد عليهم جواباً حتى دخل بيته فخرج عليهم وقد لبس الدرع، وتقلد السيف. وخرج على المأمون العباسي في سنة 199ه_ بمكة و اتبعته الزيدية و الجارودية فخرج لقتاله عيسى الجلودى ففرق جمعه فأخذه وأنفذه الى المأمون. وتوفى بخراسان أيام المأمون. راجع : الارشاد للمفيد ص 286، كشف الغمة للاريلى ج2 / 181، مقاتل الطالبيين ص258، تاريخ الطبرى ج 233/10 وقد ذكر اموراً لا تصح. وكذلك الكامل لابن الاثير ج 5 / 177، مروج الذهب ج 439/3.

بن ابراهیم بن اسماعیل ابن ابراهيم بن الحسن بن الحسن المعروف بابن طباطبا (1) ولا عن أخيه القاسم الرسي (2) ولاعن محمد بن محمد بن زیدبن علي (3) ولا عن محمد بن القاسم بن علي بن عمر الاشرف بن زين العابدين

ص: 535


1- قيل ان الذى يعرف بطباطبا هو جده اسماعیل بن ابراهيم. وقيل والده ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم فلهذا يقال لمحمد ابن طباطبا وقد ثار على طواغيت زمانه وذلك في يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الاولى سنة 199ه_ وكان يدعو الى الرضا من آل محمد والعمل بالكتاب والسنة. كما ذكر الطبري في تاريخه ج 227/10. وفي مقاتل الطالبيين ص 348 عن زيد بن على بن الحسين انه قال : يبايع الناس لرجل منا عند قصر الضرتين سنة تسع وتسعين ومائة في عشر من جمادى الأولى يباهي اللّه به الملائكة. وفيه أيضاً عن جابر الجعفى عن أبي جعفر محمد بن على قال: «يخطب على أعواد كم رجل يا أهل الكوفة سنة تسع وتسعين ومائة في جمادى الاولى رجل منا أهل البيت، يباهي اللّه به الملائكة». وقد خرج معه أبو السرايا وكانت بينهما وبين بني العباس مصادمات وحروب كان النصر فيها لمحمد بن ابراهيم مع أبي السرايا حتى توفى محمد يوم الخميس لليلة خلت من رجب سنة 199 ه_ كما ذكره الطبرى. وكان يكنى بأبي عبداللّه. راجع : مقاتل الطالبيين ص 344 - 354، تاريخ الطبری ج 237/10، الكامل لابن الاثير ج 10 / 173، مروج الذهب ج 439/3، عمدة الطالب ص 172.
2- أبو محمد و كمان ينزل جبل الرس وكان عفيفاً زاهدا ودعا الى الرضا من آل محمد. عمدة الطالب ص 174.
3- محمد بن محمد بن زيد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب (عَلَيهِم السَّلَامُ). وامه : فاطمة بنت على بن جعفر بن اسحاق بن على بن عبد اللّه بن جعفر بن أبى طالب. وقد تولى الرئاسة بعد وفاة محمد بن ابراهيم بن اسماعیل بن ابراهيم بن الحسن بن الحسن المتقدم ذكره تحت رقم (842) وكان ذلك سنة 199ه وكان غلاماً حدث السن فقام مقام ابن عمه مع أبي السرايا. حتى استشهد على يد المأمون العباسي في سنة (201 ه_) وقيل 202 ه_. راجع : مقاتل الطالبيين ص 343 و 354 - 357، تاريخ الطبری ج 228/10 و 244، عمدة الطالب ص 299.

صاحب الطالقان (1) المعاصر للبخاري (2). ولا عن غيرهم من أعلام العترة الطاهرة، وأغصان الشجرة الزاهرة. كعبد اللّه بن الحسن (3) وعلي

ص: 536


1- أمه : صفية بنت موسى بن عمر بن على بن الحسين. ويكنى أبا جعفر. وقال أبو الفرج الأصفهاني : وكان من أهل العلم والفقه والدين والزهد وحسن المذهب. خرج على طواغیت زمانه بالطالقان وكان في أيام المعتصم وبايعه أربعون ألف أو أكثر وحصلت بينه وبين أعوان الظلمة حروب كان النصر فيها له. ثم أعطى بعض الجواسيس خبره حتى قبض عليه في قرية (نسا) احدى قرى خراسان وذلك بتدبير من عبد اللّه ابن طاهر الوالى على (الرقة) حتى أتى به الى المعتصم في بغداد في يوم الأثنين 14 شهر ربيع الآخر وقيل الأول سنة 219ه_. قال أحد أعدائه والذى قبض عليه وهو ابراهيم بن غسان في حقه : «ما رأيت قط أشد اجتهاداً منه ولا أعف ولا أكثر ذكراً للّه تعالى مع شهامة نفس و اجتماع قلب، ماظهر منه جزع ولا انكسار ولا خضوع في الشدائد التي مرت به..». ثم دس اليه سم في حبسه في أيام المتوكل واستشهد على يد أعداء اللّه. راجع : الكامل فى التاريخ ج 231/5، مقاتل الطالبيين ص 382، تاریخ الطبری ج 10/ 300، مروج الذهب ج 464/3، عمدة الطالب ص 305.
2- قتل في العراق سنة 250 قبل وفاة البخارى بست سنوات (منه قدس).
3- وهو ابن الحسن المثنى ويقال له عبداللّه المحض وقد كان من أصحاب الامام الصادق والباقر (عَلَيهِمَا السَّلَامُ). ووصفه الامام الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : بالعبد الصالح ودعا له ولبنى عمه بالاجر والسعادة. قال السيد ابن طاوس في الاقبال ص 51 بعد هذا : وهذا يدل على ان الجماعة المحمولين - يعنى عبداللّه وأصحابه الحسنيين - كانوا عند مولانا الصادق معذورين وممدوحين ومظلومين وبحقه عارفين وقد يوجد في الكتب انهم كانوا للصادقين (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) مفارقين وذلك محتمل للتقبة لثلا ينسب اظهارهم لانكار المنكر الى الائمة الطاهرين، ومما يدلك على انهم كانوا عارفين بالحق و به شاهدین ما رويناه - وقال بعد ذكر السند وانهائه الى الصادق - ثم بكا (عَلَيهِ السَّلَامُ) حتى علا صوته وبكينا ثم قال حدثني أبي عن فاطمة بنت الحسين عن أبيه انه قال : «يقتل منك أو يصاب نفر بشط الفرات ما سبقهم الأولون ولا يعدلهم الآخرون» ثم قال : أقول وهذه شهادة صريحة من طرق صحيحة بمدح المأخوذين من بني الحسن عليه و(عَلَيهِمُ السَّلَامُ) وأنهم مضوا الى اللّه جل جلاله بشرف المقام والظفر بالسعادة والاكرام. وقال ابن المهنا فى العمدة فى وصف عبد اللّه هذا : كان يشبه رسول اللّه وكان شيخ بنی هاشم في زمانه... وكان يتولى صدقات أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) بعد أبيه الحسن. وعبداللّه المحض كان المنصور العباسي يسميه : عبداللّه المذلة قتله في حبسه با لهاشمية سنة 145ه- لما حبسه مع تسعة عشر من ولد الحسن ثلاث سنين وقد غيرت السياط لون أحدهم وأسالت دمه وأصاب سوط احدى عينيه فسالت وكان يستسقى الماء فلا يسقى فردم عليهم الحبس فماتوا. وقيل انهم وجدوا مسمرين في الحيطان. وعبد اللّه بن الحسن يكنى أبا محمد وامه فاطمة بنت الحسين بن على بن أبى طالب (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) راجع: الغدير ج 3/ 371 و 375، الاقبال لابن طاوس ص 51، تاریخ الیعقوبی : ج 106/3، تذكرة السبط ص 217، مقاتل الطالبيين ص 121 - 125، تاریخ الطبری، عمدة الطالب ص 101.

بن جعفر العريضي (1) وغيرهما من ثقل رسول اللّه وبقيته في امته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )،

ص: 537


1- كنيته أبو الحسن وقد اتفق الفقهاء والمحدثون على ثقته وجلالته والاعتماد على أخباره سكن في أول أمره العريض من نواحي المدينة فنسب هو وولده اليها. قال الشيخ المفيد : وكان على بن جعفر رضى اللّه عنه راوية للحديث سديد الطريقة شديد الورع كثير الفضل ولزم أخاه موسی (عَلَيهِ السَّلَامُ) وروى عنه شيئاً كثيراً من الاخبار» الارشاد ص 287. وقال الطوسي : «جليل القدر ثقة وله كتاب المناسك ومسائل لاخيه موسى الكاظم بن جعفر (عَلَيهِ السَّلَامُ) سأله عنها..». ثم ذكر طرقه اليهما. الفهرست للطوسى ص 87 و 88 وكتابه الفقهی مطبوع متداول. توفی 210 هجرية وكان من الاشخاص الذين تعاونوا مع محمد بن محمد بن زيد بن على بن الحسين وقد قاتل هو وابن أخيه زيد بن موسى بن جعفر قاتلا والى البصرة الحسن بن على المعروف بالمأمون فهزموه. راجع: مقاتل الطالبيين ص 355، عمدة الطالب ص 241.

حتى أنه لم يروشيئاً من حديث سبطه الاكبر وريحانته من الدنيا أبي محمد الحسن المجتبى سيد شباب أهل الجنة (1) مع احتجاجه بداعية الخوارج وأشدهم عداوة لاهل البيت - عمران بن حطان - القائل في ابن ملجم، وضربته لامير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) :

يا ضربة من تقي ما أراد بها***الا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

ص: 538


1- ثانى أئمة الهدى من أهل البيت (عَلَيهِمُ السَّلَامُ). السبط الاول للرسول الاعظم سيد شباب أهل الجنة ريحانة الرسول وقرة عين البتول كنيته : أبو محمد. وألقابه كثيرة منها : المجتبى والمصلح. ولد ليلة النصف من شهر رمضان سنة 3 من الهجرة وقيل في السنة الثانية. قتله معاوية بن أبي سفيان بواسطة زوجته جعيدة بنت الاشعث في شهر صفر سنة خمسين من الهجرة وله يومئذ ثمان وأربعون سنة وكانت خلافته عشر سنين. وقد ألفت في أحواله عدة مؤلفات منها : حياة الامام الحسن للشيخ باقر القرشی 1 - 2، صلح الحسن للشيخ راضی آل ياسين، وله ترجمة وافية في البحارج 43 و 44 ط الجديد، وفي أعيان الشيعة ج 3/3- 46.

اني لا ذكره يوماً فأحسبه***اوفى البرية عند اللّه ميزانا (1)

أما ورب الكعبة، وباعث النبيين، لقد وقفت هنا وقفة المدهوش، وقمت مقام المذعور، وما كنت أحسب أن الأمر يبلغ هذه الغاية.

وقد باح العلامة ابن خلدون، بسرها المكنون، حيث قال - في الفصل الذي عقده لعلم الفقه وما يتبعه من مقدمته الشهيرة بعد ذكر مذاهب أهل السنة ما هذا لفظه : وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها، وفقه انفردوا به، بنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة (2) بالقدح، وعلى قولهم بعصمة الائمة ورفع الخلاف عن أقوالهم عن أقوالهم، (قال) وهي كلها اصول واهية (3) (قال) : وشذ

ص: 539


1- الغدير ج 1 / 324 و 294/5، الاستيعاب بهامش الأصابة ج62/3. و عمران بن حطان صاحب هذين البيتين رأس الخوارج وشاعرهم وهذين البيتين يدلان على خبثه بل كفر قائلهما. ومع هذا وثقه العجلي وجعله البخارى من رجال صحيحه وأخرج عنه الأحاديث. وقد رد على هذين البيتين جملة من الشعراء راجع : الاستيعاب بهامش الاصابة ج 62/3 - 63، الغدير ج324/1 - 328 وج 5 / 294، العتب الجميل على أهل الجرح والتعديل لمحمد بن عقيل ط بیروت، أضواء على السنة المحمدية ص 312.
2- ما أدرى كيف تبنى المذاهب الفقهية على تناول بعض الصحابة بالقدح، وما عرفت كيف تستنبط الاحكام الشرعية الفرعية من تناول أحد من الناس، وابن خلدون يعد من الفلاسفة، فما هذا الهذيان منه يا أولى الالباب (منه قدس). الشيعة لا يقولون بعصمة كل الصحابة ولا عدالتهم كلهم بل فيهم المنافق والفاسق وفيهم المؤمن التقى. راجع ما تقدم تحت رقم (807 - 823) وكتاب أضواء على السنة المحمدية لابى رية فصل عدالة الصحابة ص 339 ط 5.
3- ان أصحابنا - الامامية - أثبتوا في كتبهم الكلامية عصمة أئمتهم بالادلة العقلية والنقلية والمقام لايسع بيانها، ولو تصدينا لها لخرجنا عن موضوع هذه الرسالة وحسبك دليلا على عصمتهم كونهم بمنزلة الكتاب الذى لا يأتيه الباطل، وكونهم أمانه هذه الامة من الاختلاف فإذا خالفتهم قبيلة من العرب كانت حزب ابليس، وكونهم سفينة النجاة، وباب حطة هذه الامة، وكونهم النافين عن هذا الدين تحريف الضالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين (منه قدس).

بمثل ذلك الخوارج (1) ولم يحتفل الجمهور بمذاهبهم، بل اوسعوها جانب الانكار والقدح، فلا تعرف شيئاً من مذاهبهم (2)، ولانروي كتبهم، ولا أثر لشيء منها في مواطنهم (3) فكتب الشيعة في بلادهم، وحيث كانت دولتهم قائمة في المغرب والمشرق واليمن والخوارج كذلك، ولكل كتب منهم و تأليف وآراء في الفقه غريبة هذا كلامه فتأمله واعجب.

ثم رجع الى مذاهب أهل السنة فذكر : انتشار مذهب أبي حنيفة في العراق ومذهب مالك في الحجاز، ومذهب أحمد في الشام وفي بغداد. ومذهب الشافعي في مصر. وهنا قال ما هذا لفظه ثم انقرض فقه أهل السنة من مصر بظهور دولة الرافضة، وتداول بها فقه أهل البيت (4) وتلاشى من سواهم، الى أن ذهبت دولة

ص: 540


1- انظر كيف جعل أهل البيت «الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» شذاذ مارقة كالخوارج نعوذ باللّه (منه قدس).
2- كذب ابن خلدون نفسه فى هذه الكلمة، فانه اذا كان لا يعرف شيئاً من مذاهبهم ولا يروى كتبهم، ولا أثر لشيء منها عنده فمن أين عرف أنهم شذاذ ضلال مبتدعون؟ ومن أين عرف أن اصولهم واهية ؟ (قتل الخراصون) (منه قدس).
3- كتب الشيعة منتشرة فى العالم وقد ملئت الطوامير وصارت بوحدها مكتبات وقد بلغت مئات الآلاف. فراجع أسمائها في كتاب الذريعة الى تصانيف الشيعة للشيخ آقا بزرگ الطهراني وقد طبع منه خمسة وعشرون مجلداً. وهو فهرست لاسماء كتب الشيعة من زمان الرسول الى القرن الرابع عشر الهجرى.
4- انظر كيف اعترف بأن الرافضة يدينون اللّه بمذهب أهل البيت. لكم ذخر كم ان النبي ورهطه***وجيلهم ذخرى اذا التمس الذخر جعلت هوای الفاطميين زلفة***الى خالقی ما دمت أودام لى عمره و کوفتی دیني على ان منصبى***شام و نجرى اية ذكر النجر (منه قدس)

العبيديين من الرافضة من يد صلاح الدين يوسف بن أيوب، ورجع اليهم فقه الشافعي... الخ.

اذا وصف الطائي بالبخل مادر***وعيّر قساً بالفهاهة باقل

وقال السهى للشمس أنت ضئيلة***وقال الدجى للصبح لونك حائل

وطاولت الارض السماء سفاهة***وكاثرت الشهب الحصى والجنادل

وقال ابن خلدون وأمثاله: أنهم على الهدى والسنة، وان أهل البيت شذاذ ومبتدعة، وضلال رافضة :

فيا موت زر ان الحياة ذميمة***و یا نفس جدي ان سبقك هازل

ولا غرو أن قام المسلم عند سماع هذه الكلمة وقعد، بل لاعجب ان مات أسفاً على الاسلام وأهله، اذ بلغ الأمر هذه الغاية، فلا حول ولا قوة الا باللّه العلي العظيم.

أيقول ابن خلدون : أن أهل البيت شذاذ ضلال مبتدعون، وهم الذين أذهب اللّه عنهم الرجس بنص التنزيل (1) وهبط بطهيرهم جبرائيل، وباهل بهم النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (2) بأمر ربه الجليل (3) وقد فرض القرآن

ص: 541


1- اشارة الى قوله «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» فراجع ما علقناه على هذه الاية فى الفصل الثانى من المطلب الأول من كلمتنا الغراء (منه قدس)و تقدم نزول آية التطهير فى أهل البيت مع مصادرها تحت رقم (107) فراجع.
2- اشارة الى قوله تعالى : «فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ» (الاية) فراجع ما علقناه عليها في الفصل الأول من الكلمة الغراء أيضاً (منه قدس).
3- تقدمت آية المباهلة مصادرها تحت رقم (105).

مودتهم (1) و أوجب الرحمن ولايتهم (2) وهم سفينة النجاة (3) اذا

ص: 542


1- اشارة الى قوله تعالى : «قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ». فراجع ما علقناه عليها في الفصل الثالث من الكلمة الغراء (منه قدس). تقدمت آية المودة مع مصادرها تحت رقم (108).
2- اشارة الى ما أخرجه الديلمي وغيره - كما في الصواعق المحرقة وغيرها - عن أبي سعيد الخدرى : أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : «وقفوهم انهم مسؤولون» عن ولاية على. وقال الامام الواحدى - كما في تفسير هذه الآية من الصواعق أيضاً - انهم مسؤولون عن ولاية على وأهل البيت (منه قدس). قوله تعالى : «وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ» الصافات آية : 24. مسؤلون عن ولاية أمير المؤمنين على بن أبي طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ). راجع : شواهد التنزيل للحاكم الحسکانی ج 106/2 ح 785 و 789، كفاية الطالب للكنجى ص 247 ط الحيدرية وص 120 ط الغری، نظم درر السمطين للزرندى ص 109، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 17، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 112 و 114 و 270 و 295 ط اسلامبول و ص 131 و 133 و 324 و 354 و 355 ط الحيدرية، المناقب للخوارزمي ص 195، الصواعق المحرقة ص 147 ط المحمدية وص 89ط الميمنية، روح المعاني للالوسى عند تفسير هذه الاية، فرائد السمطين للحمويني ج1 / 79.
3- قال ابن حجر في ص 93 من صواعقه حيث تكلم في تفسير الاية من الايات التي أوردها فى الباب 11 من الصواعق ما هذا لفظه : وجاء من طرق عديدة يقوى بعضها بعضاً «انما مثل أهل بيتى فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا». (قال) وفي رواية مسلم ومن تخلف عنها غرق وهلك الخ (منه قدس).

طغت الحج النفاق (1) وأمان الامة (2) اذا عصفت عواصف الشقاق (3) وباب حطة (4) يأمن من دخلها (5) والعروة الوثقى لا انفصام لها (6) وأحد

ص: 543


1- حديث السفينة تقدم مع مصادره تحت رقم (17) فراجع.
2- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : النجوم أمان لاهل الارض من الغرق وأهل بيتي أمان لامتى من الاختلاف، فاذا خالفتهم قبيلة من العرب، اختلفوا فصاروا حزب ابليس. أخرجه الحاكم عن ابن عباس مرفوعاً وصححه على شرط البخاري ومسلم كما في ص 93 من الصواعق المحرقة لابن حجر حيث تكلم في الاية 7 من الباب 11، وأخرج ابن أبي شيبة ومسدد في مسنديهما. والترمذى في نوادر الاصول. وأبو يعلى، والطبراني والحاكم عن سلمة بن الأكوع قال قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «النجوم أمان لاهل السماء، وأهل بيتي أمان لامتى». وقد نقله الحافظ السيوطي في كتابه أحياء الميت بفضائل أهل البيت والنهبانى فى أربعينه وغير واحد من العلماء (منه قدس).
3- تقدم تحت رقم (16) فراجع وراجع أيضاً كتاب المراجعات مع تتمته تحت رقم (41).
4- اشارة الى قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «مثل أهل بيتى فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، ومثل باب حطة فى بنى اسرائيل». أخرجه الحاكم عن أبي ذر عليه الرحمة. وأخرجه الطبرانى فى الصغير والاوسط عن أبي سعيد. قال : سمعت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «انما مثل أهل بيتى فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، وانما مثل أهل بيتى فيكم مثل باب حطة في بني اسرائيل، من دخله غفر له» (منه قدس).
5- تقدم ذلك تحت رقم (18) فراجع.
6- قال القندوزى الحنفى وعن على كرم اللّه وجهة قال قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «من أحب أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل اللّه المتين فليوالي علياً وليعاد عدوه وليأتم بالائمة الهداة من ولده فانهم خلفائي وأوصيائي وحجج اللّه على خلقه من بعدى وسادات امتى وقواد الانقياء الى الجنة حزبهم حزبی و حزبى حزب اللّه، وحزب أعدائهم حزب الشيطان». راجع : ينابيع المودة ص 445 ط اسلامبول.

الثقلين (1) لايضل من تمسك بهما (2) ولا يهتدي الى اللّه من ضل عن احدهما وقد أمرنا (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بأن نجعلهم منا مكان الرأس (3) من الجسد. بل مكان العينين

ص: 544


1- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «انى تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدى الثقلين كتاب اللّه وعترتي أهل بيتى ولن يفترقا حتى يردا على الحوض، فانظروا كيف تخلفونى فيهما». أخرجه الترمذي والحاكم كما في احياء الميت للسيوطى، وهو من الاحاديث المستفيضة. رواه أكثر المحدثين بألفاظ متقاربة، وأسانيدهم فيه صحيحة. قال ابن حجر بعد نقله اياه عن الترمذى وغيره فى أثناء تفسيره الاية الرابعة من الباب 11 من صواعقه - ماهذا لفظه : ثم أعلم أن لحديث التمسك بذلك طرقاً كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابياً (قال) مرطرق مبسوطة في حادى عشر الشبه، وفي بعض تلك الطرق انه قال ذلك بحجة الوادع بعرفة، وفي أخرى انه قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلات الحجرة بأصحابه، وفي اخرى انه قال ذلك بغدير خم وفى اخرى انه قاله لما قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف (قال) ولا تنافى اذ لامانع من أنه ذكر، عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة الى آخر كلامه فراجعه في ص 92 من الصواعق (منه قدس).
2- حديث الثقلين قد تقدم مع مصادره تحت رقم (15) فراجع.
3- اشارة الى ما نقله غير واحد من الاعلام كالعلامة الصبان في ص114 من اسعافه المطبوع في هامش نور الابصار حيث قال ما هذا لفظه : وروى جماعة من أهل السنن عن عدة من الصحابة أن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال: «مثل أهل بيتى فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها هلك» (قال) وفي رواية غرق (قال) وفي رواية اخرى زج فى في النار (قال) وفى اخرى عن أبي ذر زيادة وسمعته يقول : اجعلوا أهل بيتى منكم مكان الرأس من الجسد، ومكان العينين من الرأس (منه قدس).

من الرأس (1) ونهانا عن التقدم عليهم (2) والتقصير عنهم (3) ونص على أنهم القوامون على الدين، النافون عنه في كل خلف من هذه الأمة (4) تحريف الضالين (5) وقد أعلن (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : بأن معرفتهم براءة من النار (6) وحبهم جواز على الصراط، والولاية لهم أمان من العذاب (7) وان الاعمال الصالحة

ص: 545


1- قد تقدم هذا الحديث مع مصادره تحت رقم (19) فراجع.
2- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حديث التمسك بالثقلين : فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم. ونقله غير واحد من العلماء كالامام أبي بكر العلوى في الباب 5 من رشفة الصادى. وابن حجر حيث تكلم في تفسير الآية الرابعة من الباب 11 من صواعقه (منه قدس).
3- راجع : مجمع الزوائد ج 163/9، ينابيع المودة للقندوزي ص 41 و 353 ط الحيدرية وص 37 و 296 ط اسلامبول، الدر المنثور للسيوطى ج 60/2، الغدير 80، کنز العمال ج 1 / 168 ط 2، أسد الغابة ج 137/3، عبقات الانوار قسم حديث الثقلين ج 1 / 184 و ج 2 /49.
4- اشارة الى ما أخرجه الملا فى سيرته بسنده الی رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : في كل خلف من أمتى عدول من أهل بيتي، ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين و انتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ألا وان أئمتكم وفدكم الى اللّه فانظر و امن تو فدون» وقد نقله ابن حجر في ص 92 من صواعقه (منه قدس).
5- الصواعق ص 148 ط المحمدية، ينابيع المودة للقندوزي ص 226 و 326 - 327 ط الحيدرية وص 191 و 271 و 273 و 297 ط اسلامبول، ذخائر العقبی ص 17 المعيار والموازنة للاسكافي ص 204.
6- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «معرفة آل محمد براءة من النار، وحب آل محمد جواز على الصراط والولاية لال محمد أمان من العذاب». رواه القاضي عياض في الفصل الذي عقده لبيان: ان من توقيره وبره (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بر آله وذريته من كتابه - الشفاه فراجع أول ص 41 من قسمه الثاني طبع الاستانة سنة 1328 (منه قدس).
7- الاتحاف للشبراوى ص 4، ينابيع المودة للقندوزى ص 24 و 286 و 314 و 444 ط الحيدرية وص 22 و 241 و 263 و 370ط اسلامبول، احقاق الحق للتسترى ج 494/9 ط 1 بطهران، فرائد السمطين ج 257/2 ح 525.

لا تنفع عامليها الا بمعرفة حقهم (1) ولا تزول يوم القيامة قدما أحد من هذه الامة(2) حتى يسأل عن حبهم (3) ولو أن رجلا أفنى عمره قائماً وقاعداً

ص: 546


1- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «الزموا مودتنا أهل البيت، فانه من لقى اللّه وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا، والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله الا بمعرفة حقنا» أخرجه الطبراني في الاوسط. ونقله السيوطى فى أحياء الميت بفضائل أهل البيت. والنبهاني في أربعينه (منه قدس). احياه الميت للسيوطى بهامش الاتحاف ص111، الصواعق المحرقة ص138 ط الميمنية وص 230 ط المحمدية، ينابيع المودة للقندوزى ص 293 و 323 و 326 و 364 ط الحيدرية وص 246 و 272 و 303 - 304 ط اسلامبول، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصارص 111 ط السعيدية وص 103 ط العثمانية، مجمع الزوائد ج9/ 172.
2- اشارة الى قول رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لاتزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه، ومن أبن اكتسبه، وعن محبتنا أهل البيت. أخرجه الطبراني عن ابن عباس مرفوعاً، ونقله السيوطي في احياء الميت. والنبهاني في أربعينه (منه قدس).
3- مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى ص 119 ح157، احياء الميت للسيوطى بهامش الاتحاف ص 115، ينابيع المودة للقندوزى ص 113 و 270 و 271 ط اسلامبول وص133 و 324 ط الحيدرية، المناقب الخوارزمي ص 53 - 56، مقتل الحسين للخوارزمي ج 42/1، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 109، مجمع الزوائد ج 146/10. و بلفظ آخر يوجد في : كفاية الطالب للگنجى ص 324 ط الحيدرية وص 183 ط الغرى، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 159/2 644، فرائد السمطين ج 301/2 ح 557.

و راكعاً وساجداً بين الركن والمقام ثم مات غير موال لهم دخل النار (1).

ص: 547


1- اشارة الى قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من حديث أخرجه الطبراني والحاكم كما في أحياء الميت وأربعين النبهاني وغيرهما أ - : «فلو أن رجلا صفن أي صف قدميه - بين الركن والمقام فصلى وصام وهو مبغض لال محمد دخل النار. أه_. وأخرجه الحاكم وابن حبان في صحيحه - كما في أحياء الميت وأربعين النبهاني وغيرهما ب - عن أبي صعيد قال : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل الادخل النار، وأخرج الطبراني - كما في احياء الميت للسيوطى ج - عن الحسن السبيط أنه قال لمعاوية بن خديج : «اياك وبغضنا، فان رسول اللّه قال : لا يبغضنا، ولا يحسدنا أحد الا ذيد يوم القيامة بسياط من النار» أه_. وأخرج الطبرانى فى الأوسط- كما في احياء الميت وأربعين النبهاني د - عن جابر قال : خطبنا رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فسمعته وهو يقول: «أيها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره اللّه يوم القيامة يهودياً». أه_ (منه قدس) مصادر هذه الأحاديث التي ذكرها في الهامش هي : أ - المستدرك للحاكم ج 149/3 وصححه، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك، الصواعق لابن حجر ص 172 ط المحمدية وص 104 الميمنية، احياء الميت للسيوطى بهامش الاتحاف ص 111، ذخائر العقبى ص 18، ينابيع المودة للقندوزي ص 226 و 331 ط الحيدرية وص 192 و 277 و 305 ط اسلامبول، احقاق الحق ج9 / 492، جواهر البحار للنبهاني ج 361/1. ب - المستدرك للحاكم ج 150/3، تلخيص المستدرك للذهبي بذيل المستدرك احياء الميت للسيوطى بهامش الاتحاف مصن 111، اسعاف الراغبين ص 104 ط العثمانية وص 112ط السعيدية الصواعق لابن حجر ص 172 و 237ط المحمدية وص104 وصححه وص 143 ط الميمنية، ينابيع المودة للقندوزي ص 104 ط اسلامبول وص 365ط الحيدرية، نظم درر السمطين للزرندى ص 106، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 94/5 ط الميمنية، السيرة النبوبة لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج 333/3، احقاق الحق للتسترى ج 461/9، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى ص 138 ح 181، جواهر البحار للنبهاني ج 1 / 361. ج - احياء الميت للسيوطى بهامش الاتحاف ص 111، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 104ط العثمانية وص 112 ط السعيدية، مجمع الزوائد ج 172/9، الصواعق المحرقة ص172 ط المحمدية وص 104 ط الميمنية، ينابيع المودة للقندوزي ص 365 الحيدرية وص 304 ط اسلامبول. د - احياء الميت بهامش الاتحاف ص 112، مجمع الزوائد ج172/9، میزان الاعتدال للذهبي ج 2 / 116، احقاق الحق ج 468/9.

فهل يحسن من الامة المسلمة بعد هذا ان تجري الاعلى اسلوبهم وهل يتسنى المسلم يؤمن باللّه ورسوله ان يستن بغير سنتهم فكيف يعدهم ابن خلدون من أهل البدع بكل صراحة ووقاحة من غير خجل ولا وجل.

أبهذا أمرته آية القربى (1) وآية التطهير (2)و آيتا أولي الامر(3)والاعتصام بحبل اللّه تعالى؟ (4) أم بهذا أمره اللّه سبحانه حيث يقول: وَكُونُوا

ص: 548


1- تقدمت هذه الآية مع مصادرها تحت رقم (108).
2- تقدمت هذه الآية مع مصادرها تحت رقم (107) فراجع.
3- مشيراً الى قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ» سورة النساء آية 59. أولى الأمرهم : على أمير المؤمنين والائمة من أولاده (عَلَيهِمُ السَّلَامُ). راجع : ينابيع المودة للقندوزى ص 134 و 137 ط الحيدرية وص114 و117 ط اسلامبول، شواهد التنزيل للحسكاني ج 14/1 ح 202 و 203 و 204، تفسیر الرازی ج 357/3 ط 1 بمصر، احقاق الحق ج 424/3، فرائد السمطين ج 314/1 ح 250.
4- قوله تعالى : «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» آل عمران آية : 103. حبل اللّه هم أهل البيت. راجع : شواهد التنزيل للحسکانی ج 1 / 130 ح 177 و 178 و 179 و 180، الصواعق المحرقة ص 149 ط المحمدية وص 90 ط الميمنية، بينابيع المودة للقندوزى الحنفي ص 139 و 328 و 356 ط الحيدرية وص 119 و 274 و 297 ط اسلامبول، الاتحاف للشبراوى ص 76، روح المعاني للالوسى ج 4 / 16، نور الابصار للشبلنجي ص 102 ط السعيدية وص 101 ط العثمانية، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 107 ط السعيدية وص 100 ط العثمانية.

مَعَ الصَّادِقِينَ» ؟؟ (1) أم به صدع رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في نصوصه المجمع على صحتها ؟ وقد استقصيناها بطرقها وأسانيدها في كتابنا سبيل المؤمنين واستقصتها علماؤنا الاعلام في مؤلفاتهم، فراجعها لتعلم حقيقة أهل البيت، ومنزلتهم في دين الاسلام (2).

ص: 549


1- قوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» التوبة آية : 119. أي مع على (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأصحابه. راجع : شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 / 259 ح 350 - 356، كفاية الطالب للكنجى ص 236، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج421/2 ح 923، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 16، المناقب للخوارزمي ص 198، نظم درر السمطين للزرندى ص 91، فتح القدير للشوكاني ج414/2 25 مصطفی الحلبي، الصواعق المحرقة لابن حجرص 150 ط المحمدية وص 90 ط الميمنية، ينابيع المودة للقندوزي ص 136 و 140 ط الحيدرية وص 116 و 119 ط اسلامبول، الدر المنثور للسيوطى ج390/3، الغدير للاميني ج 2/ 305، روح المعاني للالوسى ج 41/11 ط المنيرية، غاية المرام باب 42 ص 248 ط ایران، فرائد السمطين للحمويني ج1 / 314 ح 250 وص 370 ح 299 و 300.
2- الكتب التي ألفت في الحديث عن أهل البيت وفضائلهم وسجاياهم قديماً وحديثاً تفوق حد الاطراء والعد من مختلف المذاهب فمنها على سبيل المثال : شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني الحنفی 1 - 2 طبع بیروت، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعى ج 1 - 3 طبع بیروت، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلى الشافعى ط 1 بطهران، المناقب للخوارزمي الحنفيط الحيدرية، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي الحيدرية ينابيع المودة للقندوزي الحنفى الحيدرية واسلامبول وغيرهما، ذخائر العقبى لمحب الدين الطبرى طبع مكتبة القدسي، فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين للحمويني ج 1 - 2 ط بیروت، نظم درر السمطين للزرندى الحنفى ط النجف، مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ج 1 - 2 النجف، مطالب السئول لابن طلحة الشافعي طايران والنجف، نور الابصار للشبلنجی مصر اسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الابصار، النصائح الكافية لمن يتولى معاوية النجف، تقوية الايمان في الرد على تزكية بن أبي سفيان النجف، نزل الابرار ططهران. وغيرها من عشرات بل مئات الكتب في ذلك. ومن الامامية : بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار المتوفى 290 ط تبریز، بحار الانوار للعلامة المجلسى فيه عشرات المجلدات في مناقب وفضائل أهل البيت طايران الجديد غاية المرام للسيد البحراني طايران، الغدير للاميني ج 1 - 11 طایران و بیروت، احقاق الحق للتسترى مع ملحقاته للسيد المرعشي النجفي 1 - 16 طايران. وغيرها من مئات الكتب.

على انهم لا ذنب لهم يستوجب الجفاء، ولا قصور بهم يقتضي هذا الاعراض فليت أهل المذاهب الاربعة نقلوا في مقام الاختلاف مذهب أهل البيت كما ينقلون سائر المذاهب التي لا يعملون بها، ما رأيناهم يعاملون أهل البيت هذه المعاملة في عصر من الاعصار، وانما يعاملونهم معاملة من لم يخلقه اللّه عز وجل أو من لم يؤثر عنه شيء من العلم والحكمة.

نعم ربما تعرضوا لشيعتهم فنبز وهم بالرفض، وسلة وهم بألسنة الافتراء (1)وقد ولى زمن الاعتداء، وأقبل عصر الاخاء، و آن لجميع المسلمين أن يدخلوا

ص: 550


1- نبز الشيعة بالرفض وافتراء الاكاذيب عليهم : راجعها مع أجوبتها في كتاب الغدير للاميني ج 78/3 وما بعدها. وقد صدر حديثاً كتاب للسيد الرضوی بعنوان : كذبوا على الشيعة فراجعه، أجوبة مسائل موسى جار اللّه.

مدينة العلم النبوي من بابها، ويلجوا من باب حطة، ويلجأوا الى أمان أهل الارض بركوب سفينتهم، ومقاربة شيعتهم، فقد زال سوء التفاهم من البين وأسفر الصبح عن توثق الروابط بين الطائفتين. والحمد للّه رب العالمين

الدعوة الى الصفاء

المورد - (100) - الدعوة الى الصفاء :

حتى من يا اخوتاه هذه الشحناء؟. وفي من هذه العداوة والبغضاء، نعوذ باللّه أليس اللّه عزوجل وحده لاشريك له ربنا جميعاً ؟ والاسلام ديننا ؟. والقرآن الحذر كتابنا ؟! والكعبة مطافنا وقبلتنا.؟ وسيد النبيين وخاتم المرسلين محمد بن عبداللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نبينا؟. وقوله وفعله وتقريره سنتنا؟. والفرائض الخمسة اليومية وصوم شهر رمضان المبارك، والزكاة المفروضة وحج البيت فرائضنا؟. والحلال ما أحله اللّه ورسوله. والحرام ماحرماه، والحق ما حققاه، والباطل ما أبطلاه، وأولياء اللّه ورسوله أولياءنا، وأعداء اللّه ورسوله أعداءنا و أن الساعة آتية لاريب فيها، وان اللّه يبعث من في القبور «لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى» (1)أليس الشيعيون والسنيون في ذلك كله سواء ؟ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (2).

والنزاع بينهما في جميع المسائل الخلافية صغروي في الحقيقة، ولا نزاع بينهما في الكبرى عند أهل النظر أبداً. ألا تراهما اذا تنازعا في وجوب شيء، أو حرمته، أو في استحبابه، أو في كراهته، أو في اباحته، أو تنازعا في

ص: 551


1- سورة النجم : 31.
2- سورة البقرة : 285.

صحته أو بطلانه، أو في جزئيته أو في شرطيته أو في مانعيته، أو في غير ذلك، كما لو تنازعا في عدالة شخص، أو فسقه، أو في ايمانه، أو في نفاقه أو في وجوب موالاته لانه ولي اللّه، أو وجوب معاداته لانه عدو اللّه، فانما يتنازعان في ثبوت ذلك بالادلة المثبتة شرعاً - من كتاب أو سنة أو اجماع أو عقل – وعدم ثبوته، فيذهب كل منهما الى ما اقتضته الادلة الشرعية، ولو علم الفريقان ثبوت الشيء في دين الاسلام، أو علما جميعاً عدم ثبوته في الدين الاسلامي أو شكا كلاهما في ذلك لم يتنازعا ولم يختلفا أبداً.

وقد أخرج البخاري في صحيحه (1) عن أبي سلمة وغيره عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) انه قال : «اذا حكم الحاكم واجتهد ثم أصاب فله أجران، واذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد» (2).

وقال ابن حزم حيث تكلم فيمن يكفر أو لا يكفر - ص 247 من الجزء الثالث من كتابه - الفصل في الملل والنحل - ماهذا لفظه: وذهبت طائفة الى انه لا يكفر، ولا يفسق مسلم بقول قاله في اعتقاد أوفتيا، وان كل من اجتهد في شيء من ذلك، فدان بمارأى انه الحق فانه مأجور على كل حال. ان أصاب فأجران، وان أخطأ فأجر واحد. (قال) وهذا قول ابن أبي ليلى، وأبي حنيفة، والشافعي، وسفيان الثوري، وداود بن علي، وهو قول كل من عرفنا له قولا في هذه المسألة من الصحابة، لانعلم منهم خلافاً في ذلك أصلا الى آخر

ص: 552


1- راجع باب أجر الحاكم اذا اجتهد فأصاب أو أخطأ. وهو في أواخر كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة قبل كتاب التوحيد بأقل من ورقتين تجده في ج4 ص 177 من الصحيح (منه قدس).
2- ورواه أيضاً مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجة. الفتح الكبير ج 102/1.

کلامه (1).

والذين صرحوا بهذا ونحوه من أعلام الامة كثيرون، فأي وجه اذن لهذه المشاغبات أيها المسلمون ؟ واللّه عزوجل يقول : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ» (2) «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» (3) «وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (4).

وقال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم، وهم يد على من سواهم فمن اخفر مسلماً فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل (5).

والصحاح في هذا ونحوه متواترة، ولاسيما من طريق العترة الطاهرة. وفي فصولنا المهمة ما يشرح صدور الامة (6).

ص: 553


1- بل اعتذروا لاشخاص صدرت منهم جرائم وأفعال سودت وجه التاريخ وأخرجتهم من ربقة الاسلام. اعتذروا لمعاوية في قتاله سيد الوصيين بالاجتهاد وكذلك ابنه يزيد في قتله سبط الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وابن ملجم قاتل امام المتقين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وقاتل عمار بن ياسر وطلحة والزبير وعائشة وغيرهم. اعتذروا لهم بالاجتهاد فلاجرم عليهم بل لهم أجر واحد. راجع: الغدير ج 340/10 وما بعدها. وراجع ما تقدم من الاحاديث في حقن الدماء تحت رقم (149 و 152).
2- سورة الحجرات : 10.
3- سورة الانفال : 46.
4- سورة آل عمران : 105.
5- صحيح البخارى ك58 ب 10 و 17 وك 96ب 5، مسند احمد ج1 / 81 وج 2/2 و ج 2 / 12 و 21 و 398 كما في مفتاح كنوز السنة.
6- فلتراجع منها الفصول السبعة الأول، فانها فى 7 مواضيع (منه قدس). الوحدة الاسلامية : الاسلام الذي جاء به سید المرسلین من قبل رب العالمين هو دين الوحدة والتعاطف والتكاتف والتحابب وحث على هذه الامور بلامزيد عليه في أي دين أو مذهب كما انه حذر من الاختلاف والتنازع والتباغض والتنابز وغيرها من الأمور التي تؤدى الى تفتيت الامة وتمزيقها، وشدد النكير عليه. قال تعالى : «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ» وقال تعالى : «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» وقال تعالى : «إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ» وقال تعالى : «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا». وتوجد سورة فى القرآن باسم الصف» لاجل توحيد الصفوف وتراصها لما لها من الموقعية والقوة فيقول فيها : «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ». وقد وردت عشرات الروايات ان لم تكن المئات بهذا الصدد ولنقتصر على جملة منها : قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )» «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء اذا فعلتموه تحابيتم : افشوا السلام بينكم» وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «الدين النصيحة. قلنا : لمن ؟ قال : اللّه ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين ولعامتهم والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اياكم والظن فان الظن أكذب الحديث ولاتحسسوا ولا تجسسوا ولا تناجشوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد اللّه اخواناً ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام» وقال الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «المسلم أخو المسلم، هو عينه ومرآته ودليله لايخونه ولا يخدعه ولا يظلمه ولا يكذبه ولا يغتا به». الى غير ذلك من الروايات التي بهذا المضمون. ونحن نفهم من هذه النصوص الاسلامية وغيرها اهتمام الاسلام بالوحدة ان المؤمن لا يكمل ايمانه الا اذا كان يحب لاخيه المؤمن ما يحب لنفسه. وان المسلمين جميعاً كتلة واحدة لا تتجزأ وهم كالجسد الواحد لانسان واحد فخالقهم واحد ودينهم واحد وكتابهم واحد وقبلتهم واحدة وهم لاب واحد ولام واحدة فما هذا الاختلاف والتشاجر و التناحر. نعم الاسلام حذر المسلمين جميعاً من الاختلاف والتنازع وطعن البعض في البعض الاخر وجعل ذلك سبباً للفشل والخذلان وعدم العز فى الدنيا والعقاب في الاخرة فيقول تعالى : «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» وذهاب الريح هنا هو ذهاب النصر الذي يؤيد به المسلمين حالة قتالهم ومجابهتهم العدو فعدم نصرهم مسبباً عن تنازعهم واختلافهم. وعن عبد المؤمن الانصارى قال : دخلت على الامام أبي الحسن (الكاظم (عَلَيهِ السَّلَامُ) وعنده محمد بن عبداللّه الجعفرى، فتبسمت اليه فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : «أتحبه؟ قلت : نعم وما أحببته الا لكم. فقال (عَلَيهِ السَّلَامُ) : هو أخوك والمؤمن أخو المؤمن لابيه وأمه ملعون معلون من اتهم أخاه، ملعون ملعون من غش أخاه، ملعون ملعون من لم ينصح أخاه ملعون ملعون من استأثر على أخيه ملعون ملعون من أغتاب أخاه». بل في نصوص اسلامية اخرى قد سلبت عنوان الاسلام الحقيقي عن الشخص اذا لم يهتم بأمر أخيه فضلا عن الطعن فيه ومحاولة هتك حرمته. والاستعمار الشرقى والغربي لما أراد أن يستولى على بلاد المسلمين ويأخذثرواتهم ويستعبدهم ويجعلهم طعمة سائغه درس حالتهم الاجتماعية والنفسية فرأى من أهم الاسباب التى يتمكن بها على استعبادهم بعد انحرافهم عن دينهم وعدم تمسكهم به – هى الفرقة والاختلاف فصدر القاعدة المعروفة «فرق تسد»، والى يومنا هذا الاستعمار يستعملها كسلاح فتاك لاجل تمزيق وحدة المسلمين واذلالهم. فهاهي دويلة اسرائيل الصهيونية تغتصب الاراضى الاسلامية والعربية بما فيها القدس الشريف القبلة الأولى للمسلمين وعددها لا يتجاوز المليونين بينما المسلمون مع قوتهم وعددهم الذى يتجاوز مليار مسلم فى أنحاء العالم وليس ذلك الا لاجل تفرقهم و اختلاف كلمتهم وكل واحد يريد أن يأكل الآخر. أليس من العار على العرب 18سنة بهرجون ويطبلون ويرفعون عقيرتهم ليلا نهاراً بأنهم يريدون أن يحرروا فلسطين ولم يتمكنوا أن يحرروا شبراً واحداً بل نرى اسرائيل بين الفينة والفينة تستولى على أرض اخرى وتجعلها تحت سيطرتها. كيف يحررون فلسطين وهم خدام وعملاء الى الشرق أو الغرب ويأكل بعضهم البعض الاخر. ومن أهم الأسلحة الفتاكة التي اتخذها الاستعمار في اضعاف المسلمين والاستيلاء عليهم واستعبادهم هو التفرقة باسم السنة والشيعة فكان يثير التشاجر وكيل الاتهام لكل طرف من الطرف الآخر والسباب والشتم والتكفير وغيرها ولعل هذه الأمور لا أصل ولا موجب لها، بل لو رجعوا جميعاً الى الاسلام والى منابعه الاصلية الاولية مع الموضوعية وعدم التعصب لمذهب معين أو لفئة أو لشخص لعاشوا بسلام ووئام وان عمل كل على حسب ما يؤدى اليه نظره وبحثه العلمى. وهذا الكتاب الذي بين يديك بالرغم من انه يتعرض الى مواضيع حساسة جداً الا انه يحاول أن يبحثها بحثاً موضوعياً متجنباً التعصب المذهبي والتحيز القومى. فنرجوا من اللّه أن يكون هذا سباً للتعرف على الحقيقة ووحدة المسلمين حتى ترجع اليهم عزتهم ومجدهم التليد والحمد للّه رب العالمين.

ص: 554

ص: 555

ص: 556

خاتمة الكتاب

نختتم كتابنا فيما افتتحناه به من البحث عن الامامة بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لمكانها من عناية اللّه تعالى ورسوله ومسيس حاجة الأمة اليها في دينها ودنياها ولما بذله رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فى سبيلها من النصح لربه عز وعلا، ولامته لا يألو في ذلك جهداً ولا يدخر وسعاً.

أحاط علماً بسيرته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في تأسيس دولة الاسلام منذ قام باعبائها ومن وجد عليا وزيره (1) من أهله وشريكه فى أمره، وظهيره على عدوه (2) وعيبة علمه ووارث حكمه (3) وولي عهده، وصاحب الامر من بعده (4)

ص: 557


1- لاجل الاطلاع على ذلك راجع كتاب : المراجعات وكتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (498 و 739) وسوف يأتي الحديث أيضاً.
2- كما فى بدر الكبرى واحد وحنين والاحزاب، وهو صاحب لوائه في كل حروبه.
3- راجع كتاب المراجعات وكتاب مسبيل النجاة فى تتمة المراجعات تحت رقم (558 559).
4- راجع كتاب المراجعات لشرف الدين وكتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم 517 و 518 و 520 و 521 و 523 و 524 و 525 و 526 و 527 و 537 و 622 و 626).

ومن ألمّ ممعناً في أقواله وأفعاله، فى حله وترحاله، يجد الكثير منها متوالياً في الدلالة على ذلك، من أول أمره الى منتهى عمره. وقد استمر في بثها بأساليبه الحكيمة العظيمة ثلاثاً وعشرين سنة، منذ بعث بالحق الى أن لحق بالرفيق الأعلى، يشيد بخصائصه فيرفع بذلك ذكره، ويوليه من الثناء عليه في كل مناسبة ما يعظم به قدره.

وقد صدع بالنص عليه فى أوائل بعثته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قبل ظهور دعوته في مكة، حين أنذر عشيرته الاقربين على عهد شيخ البطحاء وبيضة البلد عمه أبي طالب فى داره، فقال لهم وقد أخذ برقبة علي وهو أصغر القومسنا: «ان هذا أخي ووصبي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا...» الحديث (1).

ص: 558


1- أوردناه - مع الاشارة الى أسانيده ومصادره من كتب الجمهور - في المراجعة وأثبتنا تصحيح الجمهور له فى المراجعة 22 من كتاب المراجعات، فلا يفوتن باحثاً مراجعتهما معاً فان هناك الفوائد والعوائد. ولاتنس مافي قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعشيرته الاقربين وفيهم : أعمامه أبو طالب وغيره : فاسمعوا له وأطيعوا، من وجوب السمع والطاعة عليهم كافة لعلى في حياة النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الامر الذي دل على انه كان من يومئذ من رسول اللّه بمنزلة هارون من موسى الا أنه ليس بنسى (منه قدس). حديث الدار يوم الانذار : هذا من صحاح السنن المأثورة. راجع : تاريخ الطبری ج 2/ 319 - 321، الكامل لابن الأثير ج62/2 و 63، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 13 / 210 و 244 وصححه لمصر بتحقيق أبو الفضل، السيرة الحلبية ج 1 / 311، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 41/5 و 42، شواهد التنزيل للحسكاني ج 371/1 ح 514 و 580، کنز العمال ج 115/15 ح334 ط 2، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعى ج 1 / 85 ح 139 و 140 و 141، حياة محمد المحمد حسين هيكل ص 104 الطبعة الاولى سنة 1354ه_ وفي الطبعة الثانية وما بعدها من طبعات الكتاب. حذف من الحديث قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «وان يكون أخى ووصى وخليفتي فيكم». ومن راجع الطبعة الأولى والطبعات التي بعدها وراجع جريدة السياسة المصرية لمحمد حسين هيكل ملحق عدد (2751) بتاريخ 12 ذى القعدة سنة 1350ه صوص 6 من ملحق عدد (2785) رأى الحقيقة كاملة فانه في الطبعة الأولى والجريدة ذكر الحديث تاماً وفي الطبعات الاخرى من الكتاب حرفه. كما ان الطبري ذكر هذا الحديث في تفسيره ج 121/19 ط 2 ولكن المؤلف أو الطابع حرف آخر الحديث وذكر بدله و «ان هذا أخي وكذا وكذا». وذكر الحديث أيضاً : الجاوى فى التفسير المنير لمعالم التنزيل ج 2 / 118 ط 3، الخازن في تفسيره ج 3/ 371 و 390. ولاجل المزيد على بقية المصادر راجع كتاب المراجعات وكتاب سبيل النجاة تحت رقم (459) ففيه كفاية.

ولم يزل بعدها يدلل على خلافته، تارة بدلالة المطابقة نصاً كقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - حين استخلفه على المدينة في غزوة تبوك -: «انه لا ينبغي أن أذهب الاوأنت خليفتي» (1).

ص: 559


1- تجد هذا النص بعين لفظه في حديث صحيح عظيم فيه بضع عشرة خصيصة من خصائص على كل خصيصة منها ترشحه أو تنص عليه بالامامة، أوردناه في المراجعة 26 من كتاب المراجعات. وقد كان بيننا وبين شيخ الاسلام البشري رحمه اللّه تعالى مناظرات ومحاضرات حول هذا الحديث من كل نواحيه تبادلنا فيها الانصاف والحب والاخلاص للفهم والعلم واتباع الحق لانألوا جهداً ولا ندخر وسعاً حتى لم تبق شبهة واللّه الحمد الا أدينا فيها حقه، فلتراجع مناضر اتنا هذه في المراجعة المذكورة وما بعدها الى نهاية المراجعة 34. ووصيتى الى الباحثين من أولى الالباب أن لا يفوتنهم شيء من ذلك الا وسعوه تدبراً وأمعاناً، فعسى أن تقر بذلك عيون المؤمنين و تنشرح صدورهم فى كل ما ثمة من أبحاث ولاسيما حول حديث المنزلة وعمومها ودلالته وانه صور علياً وهارون في الارض كالفرقدين في السماء (منه قدس). المستدرك للحاكم ج 3/ 132 وصححه، تلخيص المستدرك للذهبي وصححه 132/3 مطبوع بذيل المستدرك، مسند أحمد ج 5/ 25 ح 3062 بسند صحيح طدار المعارف بمصر، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 61 - 64 ط الحيدرية وص15 ط بيروت وص ط التقدم، ذخائر العقبى ص 87، كفاية الطالب للكنجى الشافعي ص 240ط الحيدرية وص 115 ط الغرى، المناقب للخوارزمى الحنفى ص 72 الاصابة لابن حجر ج 509/2 ينابيع المودة للقندوزي ص 34 ط اسلامبول وص38 ط الحيدرية وج 33/1 ط العرفان ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 183/1 ح249 و 250 و 251، الرياض النضرة ج 2/ 269 و 270 ط 2، أنساب الاشراف للبلاذری ج 106/2 ح43، فضائل الخمسة ج 230/1، الغدير للاميني ج 51/1 وج 197/3، فرائد السمطين ج 1 / 328 ح 255.

واخرى بالالتزام البين بالمعنى الاخص كقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) - وقد شكي بريدة اليه علياً - : لا نقع في علي فانه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي» هذا لفظه عند الامام أحمد (1).

أما عند النسائي فلفظه: «لا تبغضن لي يا بريدة علياً، فان علياً مني وأنا منه وهو وليكم بعدي» (2).

وقد أخرجه الطبراني على سبيل التفصيل فقال: قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مغضباً: «مابال أقوام ينتقصون علياً، من أبغض علياً فقد أبغضني، ومن فارق علياً فقد فارقني.

ص: 560


1- مسند أحمد ج 356/5 ط الميمنية، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 24 و التقدم وص 98 الحيدرية، مجمع الزوائد ج 127/9، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 1 / 369 ح 466 و 467 و 468، شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد ج 2 / 450 ط 1 وج 9 / 170 بتحقيق أبو الفضل، فضائل الخمسة ج 241/1 وراجع بقية المصادر في كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (520).
2- خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 24ط التقدم و ص 98 ط الحيدرية.

ان علياً مني وأنا منه، خلق من طينتي، وأنا خلقت من طينة ابراهيم، وأنا أفضل من ابراهيم ذرية بعضها من بعض واللّه سميع عليم، بابريدة، أما علمت ان لعلي أكثر من الجارية التي أخذ، وانه وليكم بعدي؟ !!» (1).

ومثله ماصح عن عمران بن حصين اذ روى ان أربعة من أصحاب رسول اللّه تعاقدوا على شكاية علي، فقام أحدهم فقال يارسول : ألم تر أن علياً صنع كذا وكذا فأعرض عنه، فقام الثاني فقال مثل ذلك فأعرض عنه، وقام الثالث فقال مثل ماقال صاحباه فأعرض عنه، وقام الرابع فقال مثل ماقالوا، فأقبل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والغضب يبصر في وجهه فقال: «ما تريدن من علي ؟ ان علياً مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي» (2).

ونحوه حديث وهب بن حمزة قال - كمافي ترجمة وهب من الاصابة -

ص: 561


1- مجمع الزوائد ج 128/9، ينابيع المودة للقندوزی ص272ط اسلامبول وص 326 ط الحيدرية. وقد تقدم تحت رقم (738).
2- صحيح الترمذى ج 5 / 296 و 3796 ط دار الفكر، خصائص أمير المؤمنين النسائى ص 97 ط الحيدرية وص 38 ط بيروت وص23 ط مصر، المناقب الخوارزمي ص 97 92، المستدرك للحاكم ج 111/3 وصححه، تلخيص المستدرك للذهبي مطبوع بذيل المستدرك، الاصابة لابن حجر ج 509/2، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج2 / 450 ط 1، مسند أحمد ج 4 / 438، كنز العمال ج 6 / 400 ط 1 وج 124/15 359 ط 2، ينابيع المودة للقندوزي ص 53 ط اسلامبول، نور الابصار للشبلنجي ص158 ط السعيدية، حلية الأولياء ج 294/6، أسد الغابة ج 4 / 27، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 381/1 ح487 و 488، الرياض النضرة ج 2 / 225 ط 2، مصابيح السنة للبغوى ج 2 / 275، جامع الاصول لابن الاثير ج470/9، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 36 ط الحيدرية، الغدير ج216/3، مطالب السئول لابن طلحة الشافعى ج48/1 وقد تقدم تحت رقم (739).

سافرت مع علي فرأيت منه جفاء، فلما رجعت ذكرت علياً لرسول اللّه فنلت منه، فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «لا تقولن هذا لعلي فانه وليكم بعدي» (1).

وأخرجه الطبراني فى الكبير عن وهب غير انه قال: «لا تقل هذا لعلي فهو أولى الناس بكم بعدي» (2).

وقد يختص (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالنص على علي بعض أوليائه من المخلصين كسلمان فيما رواه الطبراني عنه في الكبير اذ قال: قال رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «ان وصيي، وموضع سري، وخير من أترك بعدي، ينجز عدتي، ويقضي ديني علي بن أبي طالب (3).

وقد يختص بعض من في قلوبهم مرض كبريدة فيما أخرجه عنه محمد بن حميد الرازي قال: سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول: «لكل نبي وصي ووارث، وان وصيي ووارثي علي بن أبي طالب» (4)

ص: 562


1- الاصابة لابن حجر ج 3 / 641ط السعادة وج 3 / 604 ط مصطفی محمد، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج385/1 ح491، ينابيع المودة للقندوزي ص 55 ط اسلامبول وص 61ط الحيدرية، الغدير للاميني ج3/ 216. وقريب منه في : أسد الغابة ج 94/5، مجمع الزوائد ج109/9.
2- شكاية كل من بريدة والأربعة المتعاقدين عليها، ووهب بن حمزة وغضب النبى منهم ورده عليهم كل ذلك فى المراجعة 36 من كتاب المراجعات فلا تفوتن الباحثين مراجعتها مع ما هو ما هو ثمة حولها (منه قدس). كنز العمال ج 155/6 ح 2579 ط 1، مجمع الزوائد ج109/9.
3- مجمع الزوائد ج 113/9، کنز العمال ج 154/6 ح 2570 ط 1، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 32/5، احقاق الحق ج75/4.
4- ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 5/3 ح 1021 و 1022 مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلي الشافعي ص 200 ح، 238 ط 1 بطهران، المناقب للخوارزمى ص 42، ذخائر العقبى ص 71 الميزان للذهبي ج 2/ 273، بنابيع المودة للقندوزى ص 79 و 207 و 232 و 2480ط اسلامبول وص90 و 5 27 و 295 ط الحيدرية وج 1 / 77 و ج 2/ 56 و 72ط العرفان بصيدا، على والوصية للشيخ نجم الدين العسكرى ص 59، كفاية الطالب للكنجى الشافعي ص 620 ط الحيدرية وص 131 الفرى، شرح الهاشميات للرافعي ص 29 ط 2، الرياض النضرة ج 2 / 234 ط 2، كنوز الحقائق للمناوى ص 130 ط بولاق و ص 110 ط آخر، احقاق الحق ج 4 / 72.

وكأنس فيما رواه عنه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء اذ قال قال لي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «یا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب امام المتقين، وسيد المسلمين، ويعسوب الدين وخاتم الوصيين وقائد الغر المحجلين، قال أنس: فجاء علي فقام اليه رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مستبشراً فاعتنقه وقال له: أنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي» (1).

وعن أنس أيضاً، فيما أخرجه عنه الخطيب قال: سمعت رسول اللّه يقول أنا وهذا يعني عليا حجة على امتي يوم القيامة تجده في ص 157 من الجزء6

ص: 563


1- حديث أنس هذا واللذان قبله أعنى حديث بريدة وحديث سلمان موجودة في المراجعة 68 فلتراجع مع ما علقناه عليها (منه قدس). حلية الأولياء لابی نعیم ج 63/1، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج9/ 169 بتحقيق أبو الفضل و ج 2 / 430 ط 1، المناقب للخوارزمى ص 42، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 487/2 1005، كفاية الطالب للگنجی الشافعي ص 212 ط الحيدرية وص 93 ط الغری، میزان الاعتدال ج64/1، فضائل الخمسة ج 254/2، مطالب السئول لابن طلحة ص 21 ط طهران و ج 1 / 60 ط النجف، ينابيع المودة للقندوزی ص 313 ط اسلامبول، فرائد السمطين ج 1 / 145.

من الكنز وهو الحديث 2632 (1).

وكم اختص بذلك أولات الفضل من النساء كزوجته أم المؤمنين أم سلمة وأم الفضل زوجة عمه، وأسماء بنت عميس، وأم سليم الانصارية، وأمثالهن. وربما نوه بذلك على منبره الشريف. وربما أفضى به الى بعض أصحابه في البقيع (2) ونوّه به يومي المؤاخاة وكانت الأولى (3) منهما في مكة قبل الهجرة والثانية كانت بعدها في المدينة بين المهاجرين والانصار (4) وفي كلتا المرتين يصطفي لنفسه منهم علياً فيتخذه من دونهم أخاه، تفضيلا له على من سواه، ويقول له «أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي

ص: 564


1- ومناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى الشافعى ص 45 675 وص 197، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 273/2 ح 793 و 194 و 795، ينابيع المودة للقندوزی ص 239 ط اسلامبول وص284ط الحيدرية، كنوز الحقائق للمناوى ص 38، الميزان للذهبي ج 4 / 128، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 34/5. وقريب منه في : الرياض النضرة ج 254/2، الميزان للذهبي ج 127/4.
2- لاجل المزيد من الاطلاع راجع كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات خصوصاً ماتحت رقم (465).
3- تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 23، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج 1 / 107 ح 148 و 150، ينابيع المودة للقندوزي ص 56 و 57 ط اسلامبول وص 63 و 64ط الحيدرية، كنز العمال ج 290/6 ح5972 ط 1 و ج 12/15 ح 260 ط 2، الغدير للامينى ج 110/3، فرائد السمطين للحمويني ج 1 / 115 و 121.
4- المناقب للخوارزمي ص 7، تذكرة الخواص ص 20، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 21.

بعدي» (1).

وكذلك فعل يوم سد الابواب غير باب علي (2).

ص: 565


1- هذا الحديث من الاحاديث المتواترة وقد صدر عن الرسول في عدة موارد فقد رواه أكثر من خمس وعشرين صحابياً. و قال شمس الدين الجزري الشافعى بعد ذكر الحديث : متفق على صحته. بمعناه من حديث سعد بن أبي وقاص، قال الحافظ أبو القاسم ابن عساکر : وقد روی هذا الحديث عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) جماعة من الصحابة منهم عمر، وعلى و ابن عباس، وعبد اللّه بن جعفر، ومعاذ، ومعاوية، وجابر بن عبد اللّه، وجابر بن سحرة، وأبو سعيد، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وزيد بن أبي أوفى، ونبيط بن شريط، و حبشي بن جنادة، وماهر بن الحويرث، وأنس بن مالك، وأبو الطفيل، وام سلمة، وأسماء بنت عميس، وفاطمة بنت حمزة. راجع: أسنى المطالح للجزرى ص 53، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاریخ دمشق لابن عساکر ج 1 ط بیروت، وخرج هذا الحديث أبو حازم الحافظ بخمسة آلاف اسناد كما ذكره الحسكاني فى شواهد التنزيل ج 152/1. وأفرد فيه صاحب عبقات الانوار مجلدين ضخمين وأتى بمافوق المتوقع. وقال ابن عبدالبر في الاستيعاب عند ترجمته لامير المؤمنين : وهو أى حديث المنزلة - من أثبت الاثار وأصحها. وبما ان مصادره كثيرة جداً فمن أرادها فليراجعها في كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (473 و 474 و 475 – 484)فتوجد مئات المصادر.
2- حدیث سد الابواب هذا وحديث المؤاخاة أوردناهما في المراجعة 32 وهناك سبعة موارد لحديث منزلة هارون من موسى. فلتراجع وماحولها (منه قدس). أحاديث أبواب الصحابة الشارعة الى المسجد ما عدى باب على (عَلَيهِ السَّلَامُ) كثيرة فراجعها مع مصادرها في كتاب سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (507 و 508 و 509 و 510 و 511 و 512 و 513 و 514). وعقد القندوزى الحنفى باباً خاصاً بذلك فراجعه فى ينابيع المودة ص87 باب 17 ط اسلامبول.

ولم تنس الامة ولن تنسى مارواه أبوبكر - وهو الخليفة الأول - عن رسول اللّه من قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «علي مني بمنزلتي من ربي» (1).

وقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «كفي وكف علي في العدل (2) سواء» (3).

وفسر (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) آية المنذر والهاد (من سورة الرعد) فقال : «أنا المنذر وعلي الهاد، وبك يا علي يهتدي المهتدون من بعدي» (4).

ص: 566


1- أخرجه ابن السماك، ونقله عن ابن حجر في المقصد الخامس من مقاصد، الآية 14 من الايات التي أوردها في الباب 11 من صواعقه فراجع منها ص 106 (منه). ذخائر العقبى ص 64، الرياض النضرة ج 2/ 215 0 2، الصواعق المحرقة ص 106 ط الميمنية وص 175 ط المحمدية، احقاق الحق ج 217/7.
2- هذا هو الحديث 2539 في ص 153 من الجزء 6 من الكنز فراجع، وحديثا أبي بكر هذان كلاهما في المراجعة 48 الحديث الأول منهما ص 167 والثاني ص 172 من كتاب المراجعات الطبعة الثالثة (منه قدس).
3- مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلی ص 129 ح 170، ترجمة الامام على ابن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2/ 438 و 946، المناقب للخوارزمي ص 211، ينابيع المودة للقندوزى ص 234 ط اسلامبول وص 277 ط الحيدرية وج2 / 58 ط العرفان بصيدا، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 31، فرائد السمطين ج 50/1، تاريخ بغداد للخطيب ج 383/5.
4- فيما أخرجه الديلمي من حديث ابن عباس وهو الحديث 2631 ص 157 من الجزء السادس من كنز العمال (منه قدس). شواهد التنزيل الحاكم الحكانى ج 293/1 - 303 حدیث 398 - 416، كفاية الطالب للكنجى الشافعي ص 233 ط الحيدرية وص 109 ط الغرى، تفسير الطبري ج 13/ 108 ط 2، تفسیر ابن كثير ج 502/2، تفسير الشوكاني ج 70/3 ط 2، تفسیر الفخر الرازى ج 5 / 271 ط 1 و ج 21 / 14 ط آخر ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 / 415 913 و 114 و 15 9 و 916، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 107، المستدرك للحاكم ج 3 / 129، نور الابصار الشبلنجي ص 71 ط العثمانية، ينابيع المودة للقندوزى ص 1219115 ط الحيدرية وص 99 و 104 ط اسلامبول الدر المنثور ج4 / 45، زاد المسير لابن الجوزى ج 307/4، نظم درر السمطين للزرندي ص 90، فتح البيان اصدیق حسن خان ج 75/5، روح المعاني للالوسي ج97/13، احقاق الحق ج 3 / 88 - 93، فضائل الخمسة ج 1 / 266، فرائد السمطين ج 148/0، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 34/5.

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فيما أخرجه الخطيب من حديث البراء والديلمي من حديث ابن عباس، «علي مني بمنزلة رأسي من بدني» (1).

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «علي مع القرآن والقرآن مع علي، لن يفترقا حتى يردا

ص: 567


1- ونقله ابن حجر في ص 75 من صواعقه وهو الحديث 35 من الاربعين حديثاً التي أوردها في الفصل الثانى من الباب؟ من الصواعق (منه قدس). ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج375/2 ح 870، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 123 ط المحمدية وص 75ط الميمنية، نور الابصار ص 73ط السعيدية، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 158 ط السعيدية وص 143 ط العثمانية، بنيابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 180 و 185 و 254 و 284 ط اسلامبول وص 212 و 219 و 303 و 341 ط الحيدرية و ج 2 / 4 و 10 و 79 و 109 ط العرفان بصيدا، المناقب للخوارزمی ص 87 و 91 مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 92 ح 135 و 136، الجامع الصغير للسيوطى ج56/2 ط الميمنية وج 2 / 140 ح 5596 ط مصطفى محمد، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 30/5، الرياض النضرة ج 2 / 214 ط 2. وفي احقاق الحق ج 236/5 عن : فردوس الاخبار للديلمي، المناقب المرتضوية ص 88 طبمبي، كنوز الحقائق ص 18 ط بولاق، مفتاح النجا في مناقب آل العبا للبدخشى ص 28 و 43 مخطوط، مشارق الانوار للحمزاوى ص 91 ط الشرفية، تاريخ بغداد للخطيب ج 12/7، انتهاء الافهام ص 213. وقريب من هذا في : مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 92 ح 135 و 136، ذخائر العقبی ص63.

علي الحوض» (1).

قلت : حسبك من علي انه عدل القرآن في الميزان، وانهما لا يفترقان، فأية حجة أبلغ من هذه في عصمته وافتراض طاعته بعد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يا مسلمون.

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): «أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب» (2) أخرجه الطبراني عن ابن عباس كما في ص 107 من الجامع الصغير للسيوطي

ص: 568


1- أخرجه الحاكم في كتاب معرفة الصحابة من المستدرك ص 124 من جزئه الاسناد ولم يخرجاه، وأورده الذهبي في تلك الصفحة من تلخيصه الثالث وقال صحيح معترفاً بصحته على تشدده، والحمد اللّه (منه قدس). المعجم الصغير للطبراني ج 55/1، كفاية الطالب ص 399ط الحيدرية وص254 ط الفرى، مجمع الزوائد ج 134/9، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 123/3 بالهامش، الغدير ج 180/3. وقد عقد القندوزى الحنفى فى ينابيعه ص 90 الباب العشرين في هذا الحديث. راجع بقية المصادر فيما تقدم تحت رقم (11 و 119 و 197) وراجع أيضاً سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (716) ط بیروت.
2- وقد رواه عدة من الصحابة منهم : 1 - على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) : ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج464/2 ح 984 و 998، میزان الاعتدال ج 1 / 436، البداية والنهاية ج 358/7، شواهد التنزيل للحسكاني ج 2/1 ح 119 و 120 و 121 وص 334 459، مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى ص 81 ح 122 وص 185 ح 126، كفاية الطالب للگنجی ب 58 ص 220 ط الحيدرية وص 98 ط الغرى، فتح الملك العلى للمغربي ص 22 و 23، ينابيع المودة ص 72 و 73 و 183 و 210 و 282، ذخائر العقبي ص 77، تذكرة الخواص ص 47، نزل الابرار ص 73. 2 - عبد اللّه بن عباس : شواهد التنزيل للحسكاني ج1 / 81 ح 118، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 / 466 ح 985 و 186 و 987 و 988 - 994، اللالي المصنوعة 171/1، تاریخ جرجان ص 24، احقاق الحق ج 470/5، المعجم الكبير للطبراني ج 3/ 108، فتح الملك العلى ص 23 ط 2 وص 4 ط 1، كنز العمال ج 15 / 129 ط 2، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلي ص 81 ح 121 و 123 و 124، تاريخ بغداد للخطيب ج 11/ 48 و ج 2 / 377، البداية والنهاية ج 358/7، الجامع الصغير للسيوطى ج 1 / 374 ح 2705، الصواعق ص 37، تاریخ الخلفاء للسيوطي ص ح 107 اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 174، احقاق الحق ج 483/5، المستدرك للحاكم ج 3 / 126، مقتل الحسين للخوارزمی ج 43/1، تهذيب التهذيب ج320/6، تذكرة الحفاظ ج28/4 ط حیدر آباد، فرائد السمطين ج 98/1، الفتح الكبير ج1 / 276، المناقب للخوارزمی ص 40، مسند الكلابی مطبوع بآخر مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلي ص 427 ط طهران، نزل الابرار ص 73. 3 - جابر بن عبداللّه الانصاري : ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 2 / 476 و 997، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلي ص 80 ح 120 و 125، كفاية الطالب ح 58 ص 221 تاریخ بغداد ج 377/2، المستدرك للحاكم ج127/3، ينابيع المودة ص 72 و 234 و 254، میزان الاعتدال رقم 429، لسان الميزان لابن حجر ج197/1 برقم 620، الجامع الصغير ج 1 / 364 رقم 2705، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 30/5، الفتح الكبير ج 1 / 276، أسنى المطالب للجزري ص70 و 71 وقد ذكر في مقدمة كتابه انه لا يذكر فيه الا الحديث المتواتر أو الصحيح أو الحسن، نزل الابرار ص 73. و للحديث مصادر اخرى راجع : دلائل الصدق ج 2 / 332، أسد الغابة ج 4 / 22، نظم درر السمطين ص 113، فتح الملك العلى بصحة حديث مدينة العلم على ط مصر وطبع في النجف وهو خاص بهذا الحديث، فيض الغدير للشوكاني ج 46/3، الاستعیاب بهامش الاصابة ج38/3، الميزان للذهبي ج 415/1 وج 2 / 251 و ج 182/3، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج7/ 219 بتحقيق أبو الفضل وج 2 / 236 ط أفست، جامع الاصول ج 9 / 473 ح 6489، فضائل الخمسة ج 2 / 250، الغدير للاميني ج 61/6 - 81 كنز العمال ج 129/15 ح 378 ط 2، الرياض النضرة ج 2 / 255، سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (558)، عبقات الانوار الجزء الخامس طبع في الهند وهو خاص بهذا الحديث.

ص: 569

وأخرجه الحاكم في مناقب علي ص 126 وص127 من الجزء الثالث من صحيحة المستدرك بسندين صحيحين، أحدهما عن ابن عباس من طريق الحيحين والثاني عن جابر بن عبد اللّه الانصاري، أقام الحاكم على صحة طرفه أدلة قاطعة. وفراد الامام أحمد بن محمد بن الصديق المغربي المعاصر نزيل القاهرة لتصحيح هذا الحديث كتاباً حافلا سماه - فتح الملك العلمي بصحة حديث باب مدينة العلم علي - وقد طبع سنة 1354 ه_ بالمطبعة الاسلامية بمصر. فحقيق بالباحثين أن يقفوا عليه فان فيه علماً جماً، ولاوزن للنواصب وجرأتهم على هذا الحديث الدائر - كالمثل السائر - على ألسنة الخاصة والعامة من أهل الامصارو البوادي، وقد نظرنا في طعنهم فوجدناه تحكماً محضاً لم يدلوا فيه بحجة ماغير الوقاحة في التعصب كما صرح به الحافظ صلاح الدين العلائي حيث نقل القول ببطلانه عن الذهبي وغيره فقال: ولم يأتوا في ذلك بعلة قادحة سوى دعوى الوضع دفعا بالصدر (1).

ص: 570


1- وممن سار على شنشنة بطلان هذا الحديث المحدث شمس الدين ابن طولون في كتابه شذرات الذهبية في ترجمة الائمة الاثنى عشر عند الامامية ص56 ط بيروت ولكنه لم يأت بطائل. بل دعوى بلا برهان وتهمة بلا وجدان. وكذلك غيره الذى لم يكن عنده انصاف أو امتلثت قلوبهم حسداً وحقداً على سيد الوصيين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وأولاده المعصومين. مع انه قد صحح الحديث جماعة من أعلام السنة منهم : 1 - الحاكم النيسابورى فى المستدرك ج 126/3. 2 - الجزري الشافعي في كتابه أسنى المطالب ص 70 و 71 وقد قال في مقدمة كتابه انه لا يذكر الا الحديث المتواتر أو الصحيح أو الحسن كما حكى تصحيح الحاكم له. 3 - محمد بن جرير الطبرى المتوفى 310ه_. الغدير ج62/6. 4 - الحسن بن أحمد السمرقندى المتوفى 491ه_. الغدير ج64/6. 5 - عبد الكريم السمعاني المتوفى 562 ه_. الغدير ج64/6. 7 - الگنجی الشافعی المتوفى 658ه_. أخرجه في كفاية الطالب ص 98 - 102 ط الغرى وقال بعد اخراجه بعدة طرق قلت : هذا حديث حسن معل - الى أن قال : ومع هذا فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين وأهل بيته بتفضيل على (عَلَيهِ السَّلَامُ) وزيادة علمه وغزارته وحدة فهمه ووفور حكمته وحسن قضاياه، وصحة فتواه، وقد كان أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الاحكام ويأخذون بقوله فى النقض والابرام، اعترافاً منهم يعلمه، ووفور فضله، ورجاحة عقلة، وصحة حكمه، وليس هذا الحديث فى حقه بكثير لان رتبته عند اللّه وعند رسوله وعند المؤمنين من عباده أجل وأعلا من ذلك. 7 - الحافظ الذهبي المتوفى 748ه_ صححه في تذكرة الحفاظ ج 28/4. 8 - صلاح الدين العلائي الشافعي الدمشقى المتوفى 761ه_. صححه من طريق ابن معين وانتقد كل من ضعف الحديث وقال لم يأتوا بجواب على هذه الروايات الصحيحة راجع كلامه في اللالى المصنوعة للسيوطى ج 333/1، الغدير ج66/6 و 9. 9 - الزركشى المصرى الشافعى المتوفى 5794 حسن الحديث. فيض القدير ج 3/ 47، الغدير ج67/6. 10 - مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادى المتوفى 816 أو 817ه_ حسن الحديث الغدير ج 67/6. 11 - السخاوى المصرى المتوفی 902 ه_، حسن الحدیث، ذكره في المقاصد الحسنة. الغدير ج68/6. 12 - جلال الدين السيوطى المتوفى 911ه_ حسنه في الجامع الصغير ج1 / 474 ثم صححه في جمع الجوامع كما في كنز العمال ج 401/6، الغدير ج68/6. 13 - فضل بن روزبهان. الغدير ج69/6. 14 - محمد بن يوسف الشافعى المتوفى 942 ه_ حسنه الغدير ج 70/6. 15 - ابن حجر الهيثمي الشافعي المكي المتوفى 974 ه_، حسنه کمافی تطهير الجنان بهامش الصواعق ص 74 ط 1، والفتاوى الحديثية ص 126 و 197، الغدير ج 70/6 و 71. 16 - جمال الذين محمد طاهر الهندى المتوفى 986ه_. الغدير ج 71/6. 17 - عبد الحق الذهلوى المتوفى 1052ه_. الغدير ج73/6. 18 - السيد محمد بن السيد جلال بن حسن البخارى. صححه. الغدير ج6/ 73. 19 - أبو الضياء الشبراملسي الشافعى المتوفى 1082ه_. حسنه. الغدير ج6/ 73. 20 - الزرقاني المالكي المتوفى 1122ه_، حسنه كما في شرحه المواهب اللدنية ج 3 / 143، الغدير ج 74/6 21 - البدخشانی صححه کما فی نزل الابرار ص 73، الغدير ج74/6. 22 - محمد بن اسماعيل اليمنى الصنعاني المتوفى 1182ه_. الغدير ج 74/6. 23 - محمد بن على الصبان المتوفى 1205ه_. حسنه. اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 156. 24 - القاضى ثناء اللّه پانی بنى المتوفى،1225ه_، صححه السيف المسلول، الغدير ج75/6. 25 - الشوكاني الصنعاني المتوفى،1250ه_ حسنه الغدير ج76/6. وهناك جماعة كثيرة غير هؤلاء قالوا بصحته أو حسنه وبعضهم استدل به على فضل أمير المؤمنين من أعلام القوم. راجع : الغدير ج 61/6 - 77، عبقات الانوار للسيد مير حامد حسین الموسوی میرحامد اللكهنوى المتوفى 1306 الجزء الخامس من كتابه الكبير ط الهند.

ص: 571

ص: 572

وقال : (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «أنا دار الحكمة وعلي بابها» (1). وقال : (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (ياعلي أنت تبين لامتي ما اختلفوا فيه من بعدي» (2).

ص: 573


1- أخرجه الترمذى في صحيحه وابن جرير، ونقله عنهما غير واحد من الاعلام كالمتقى الهندى فى ص 401 من الحز60 من الكنز وهو الحديث 6069 (منه قدس). صحيح الترمذى ج 301/5 ح 3807، حلية الاولياء ج 63/1، مناقب علی بن أبي طالب لابن المغازلى ص 87 ح 129، فتح الملك العلى بصحة حديث باب مدينة العلم على ص 22 و 23 ط مصر وص 45 و 53 و هوط الحيدرية، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصارص 140 ط العثمانية وص 154 ط السعيدية، ذخائر العقبى ص 77، الصواعق ص 73 ط الميمنية وص 120 ط المحمدية، ينابيع المودة ص 81 و 211 ط الحيدرية وص 71 و 183 ط اسلامبول، ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر 2 / 45 ح 983، فضائل الخمسة ج 2/ 248 كنوز الحقائق ص 46 ط بولاق وص 37 ط آخر، مصابيح السنة للبغوى ج2/ 275، الرياض النضرة ج 255/2، الجامع الصغير للسيوطى ج 1 / 93 الميمنية وج 1 / 364 2704 مصطفی محمد، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 30/5، الفتح الكبير للنبهانسی ج 272/1، أسنى المطالب للجزرى ص 70، تذكرة الخواص ص 48، دلائل الصدق ج 333/2.
2- أخرجه الحاكم فى ص 122 من الجزء الثالث من المستدرك من حديث أنس ثم قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (منه قدس). ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج488/2 ح 1007 و 1008 و 1009، مقتل الحسين للخوارزمي ج 1/ 86، المناقب للخوارزميص 236، كنوز الحقائق للمناوى ص203 ط بولاق و ص 170 ط آخر، ينابيع المودة ص 182 ط اسلامبول، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 33/5، احقاق الحق ج 53/6، ميزان الاعتدال ج 1 / 472، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 146 تحت رقم (561) وفيه أيضاً حديث قريب من هذا راجعه تحت رقم (554).

وقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) «من أطاعني فقد اطاع اللّه، ومن عصاني فقد عصى اللّه ومن أطاع علياً فقد أطاعني، ومن عصى علياً فقد عصاني» (1).

الى مالا تحصيه هذه العجالة من أمثال هذه السنن، وكلها تتساير في طريق واحد، وتتوارد في سبيل فاصد، تواترت في معناه وان اختلف لفظها، تعطي علياً من منازل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مالا يجوز اعطاؤه من نبي الا لولي عهده، وخليفته من بعده، هذا هو المتبادر منها الى الاذهان، بحكم العرف واللغة من أهل اللسان (2).

على ان في صحاح السنن لنصوصاً أخر، بوأت علياً والائمة من أوصيائه مبوأ الخلافة عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وفرضت على الامة في كل خلف منها طاعتهم اذ ربط (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمته فيها بحبليه وعصمها الى يوم القيامة بثقليه، علماؤها وجهلاؤها أحرارها ومماليكها، ملوكها وسوقتها، لم يستثن من الامة صديقاً، ولا فاروقاً، ولا ذا نور، أونورين، أو أكثر، ولا، ولا، (كتاب اللّه تعالى والائمة من عترته)، سواء في ذلك رجال الامة ونساؤها وانذر الجميع من امته بالضلال عن الحق ان لم يأخذوا بهديها وأخبرهم انهما لن يفترقا، ولن تخلو الارض منهما،

ص: 574


1- أخرجه الحاكم في ص 121 من الجزء الثالث من المستدرك، والذهبي في تلك الصفحة من تلخيصه وصرح كل منهما بصحته على شرط الشيخين (منه قدس). عن أبي ذر الغفاري: يوجد في ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج2 / 268 ح 788 و 786 و 787، الرياض النضرة ج 2/ 220، ينابيع المودة ص 205 و 257، ذخائر العقبى ص 66، نزل الابرار ص 56، سبيل النجاة فى تتمة المراجعات ص 150 تحت رقم (568 و 747).
2- راجع جملة من هذه الاحاديث في : سبيل النجاة في تتمة المراجعات ط بیروت.

حتى يردا علي الحوض، وبهذا قد انحسر لثام الشك، وأسفر وجه اليقين والحمد للّه رب العالمين.

على انه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لم يكتف بمجرد سنن الثقلين حتى مثلهم في هذه الامة تارة بسفينة نوح في قومه، من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، وأخرى بباب حطة في بني اسرائيل من دخله غفر له، وجعلهم أمان أهل الأرض من الاختلاف فاذا خالفتهم قبيلة اختلفت فصارت حزب ابلیس (1).

وهذا غاية ما في وسعه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من الزام أمته باتباعهم واقتفاء أثرهم. لم يبق لاحد من جميع الناس مندوحة عن ذلك، لامالكاً ولا مملوكاً ولا، ولا، ولا.

وانى تكون لاحد مندوحة بعد أن كانوا كسفينة نوح لا يسلم الا راكبها و كباب حطة لا يغفر الا لمن دخله، وكانوا عدل القرآن في الميزان، لا يجد المسلم عنهم حولا ولا يرتضي بهم بدلا.

ولعل قائلا يقول : كيف يجوز على أصحاب رسول اللّه لو (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على أمر ان يخالفوا نصه؟.

ولم ترك علي حقه المعهود به اليه، فلم يدافعهم عنه ولم ينازعهم فيه، وقعد في بيته مدة خلافة الخل، الثلاثة وبذل لهم من النصح جهده ؟ وماتقول الشيعة في قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : لا تجتمع امتي على ضلال، ولاعلى خطاً.؟

وهلا احتج علي وأولياؤه من الهاشميين وغيرهم يوم السقيفة على بيعتها؟

وهلا كان النص بالخلافة على علي من اللّه تعالى بآية من القرآن صريحة جليلة في ذلك صراحة آيات التوحيد والعدل والنبوة، والبعث، في مضامينها؟

فالجواب : أما عن مخالفتهم للنصوص، فتعرفه من موضوع كتابنا هذا؟

ص: 575


1- تقدمت هذه الاحاديث مع مصادرها تحت رقم (15 و 16 و 17 و 18).

وفيه من موارد مخالفاتهم ما يتجلى به الحق بأجلى مظاهره.

وقد أفادتنا سيرة الحول القلب من الساسة وأهل الطموح وأوليائهم من أصحاب رسول اللّه، أنهم انما كانوا يتعبدون بالنصوص النبوية اذا كانت متمحضة للدين كالصلاة وكونها الى القبلة، والصوم وكونه في شهر رمضان وأمثال ذلك دون ما كان متعلقاً بالسياسات، كالولايات، والتأميرات، وتدبير شؤون الدولة والمملكة ونحو ذلك، فانهم لم يكونوا يرون التعبد به واجباً، بل جعلوا لارائهم فيه مسرحاً للبحث، كما بيناه على سبيل التفصيل في كتابينا - المراجعات والفصول المهمة (1):

وأما ترك علي حقه، وعدم نزاعه، وقعوده في بيته، ونصحه للخلفاء قبله ورأي الشيعة في الاجماع. فقد استوفينا الكلام في كل منها بما لامزيد عليه. في كتاب «المراجعات» (2).

وأما الاحتجاج على البيعة يوم السقيفة وعدمه فقد استوفينا الكلام فيه في المراجعة 102 من كتاب «المراجعات» فليراجع ثمة فان فيه الشفاء من كل داء.

وأما عدم النص على الامامة بآية من الكتاب الحكيم صريحة فيه، صراحة آيات كل من التوحيد والعدل، والنبوة، والبعث بعد الموت. فنحيل السائل

ص: 576


1- راجع المراجعة 84 ص 262 - 265 من كتاب المراجعات الطبعة الثالثة والفصل الثامن من الفصول المهمة ص 81 - 85 تحت عنوان تنبيه، الطبعة الثانية (منه قدس).
2- تجد ذلك كله في المراجعة 82 والمراجعة 84 مفصلا كل التفصيل، فلا يفوتن باحثاً على الحق فانه ضالته، و به يشرح اللّه صدره (منه قدس).

في الجواب على ما فصلناه في كلمتنا «فلسفة الميثاق والولاية» (1) اذ صرح الحق ثمة عن محضه وبين الصبح واللّه الحمد لذي عينين. ولترجع الى ما كنا فيه فنقول : لم يزل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بعد نصه في الدار يوم الانذار (2) ويؤهل علياً لمقامه في الامة بعده يدلل على ذلك بطرق له مختلفة في وضوح الدلالة قوة وضعفاً، حتى مرض مرض الموت، وسجي على فراشه في حجرته الشريفة والحجرة غاصة بأصحابه فقال: «أيها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً فينطلق بي، وقد قدمت اليكم القول معذرة اليكم، ألا اني مخلف، فيكم كتاب اللّه عز و جل وعترتي أهل بيتي» ثم أخذ بيدعلي فرفعها فقال : «هذا علي مع القرآن والقرآن مع علي لا يتفرقان حتى يردا علي الحوض...» (الحديث) (3).

وحسبك في أمر الولاية «وحرصه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على تبليغها» انه لما نعيت اليه نفسه ودنا منه أجله، أذن في الناس بالحج «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ» فكانت حجة الوداع أو اخر حياته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وقد خرج فيها من المدينة بتسعين الفاً وقيل أكثر كما السيرة الحلبية والدحلانية وغيرهما - (4) غير الذين وافوه في الطريق في وفي عرفة، فلما كان يوم الموقف أهاب بالحجاج يوصيهم بوصاياه ووصايا

ص: 577


1- فليراجع منها ما هو فى ص 17 الى منتهى الرسالة، ليرى الحق وقد خرج ظلمات الغموض، وانزاح عنه حجاب الشبهات، فخلص الى نور اليقين والحمد اللّه من رب العالمين (منه قدس).
2- تقدم الحديث مع مصادره تحت رقم (10) فراجعه.
3- راجعه فى ص 75 أو اخر الفصل 2 من الباب 9 من الصواعق المحرقة لابن حجر بعد الاربعين حديثاً من الاحاديث المذكورة في ذلك الفصل (منه قدس). تقدم الحديث مع مصادره تحت رقم (11 و 119 و 197).
4- السيرة الحلبية ج 257/3، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش الحلبية ج 331/3 ط البهية بمصر.

الانبياء من قبله مبشراً ونذيراً، فكان مما قاله لهم يومئذ: «أيها الناس اني يوشك ان أدعي فأجيب، واني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما» (1).

وكم له من موقف قبل هذا وبعده كما سمعت - كما سمعت - ربط فيه الامة بحبليه وعصمها في كل خلف منها بثقليه (كتاب اللّه والأئمة من عترته) يبشرها بالبقاء على الهدى ان أخذت بهديهما وينذرها الضلال أن لم تتمسك بهما ويخبرها انهما لن يفترقا ولن تخلو الارض منهما.

لكن مواقفه تلك في هذا المعنى لم تكن عامة، أما موقفه هذا يوم عرفات والذي بعده يوم الغدير فقد كانا على رؤس الاشهاد (2) من الامة عامة (3).

ص: 578


1- تقدم حديث الثقلين تحت رقم (11 و 15).
2- قال ابن حجر اذ أورد حديث الثقلين في صواعقه : ثم أعلم ان لحديث التمسك بهما طرقاً كثيرة وردت عن نيف وعشرين صحابياً (قال): ومر له طرق مبسوطة في حادى عشر الشبه. وفى بعض تلك الطرق أنه قال ذلك بحجة الوداع بعرفة. وفي أخرى انه قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلات الحجرة بأصحابه. وفى اخرى أنه قال ذلك بغدير خم. وفى اخرى أنه قال ذلك لما قام خطيباً بعد انصرافه من الطائف. (قال): ولا تنافى اذ لامانع من أنه كرد عليهم ذلك فى تلك المواطن كلها وغيرها اهتماماً بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة... الى آخر كلامه فراجعه في ص 89 في تفسير الاية الرابعة (وقفوهم انهم مسؤلون) من الايات التي ذكرناها في الفصل الأول من الباب 11 من الصواعق. قلت : يعترف الرجل بأن النبي صدع بحديث الثقلين في هذه المواقف كلها وفي غيرها، ثم يقول : ان طرقه وردت عن نيف وعشرين صحابياً، مع أنه أولم يصدع (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الا في أحدم وقفيه أما عرفة أو الغدير لوجب أن يكون متواتراً، لان الذين حملوه عن رسول اللّه في كل من اليومين كانوا تسعون ألفاً على أقل الروايات (منه قدس).
3- حديث الثقلين من الاحاديث المتواترة والذى رواه أكثر من خمس وثلاثين صحابياً وأكثر من مائتي عالم من علماء أهل السنة راجع: كتاب عبقات الانوار (قسم حديث الثقلين ج 1 وج2) طقم. وقد ذكر تواتر الحديث ج 11/1. وراجع أيضاً : سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (28 و 29 و 30 و 31 و 32 - 37) ط بیروت.

ولم يفض (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يومئذ من عرفة، حتى انبر راحلته يهيب بأهل الموقف رافعاً صوته و هم به محدقون يشخصون اليه أبصارهم وأسماعهم وأفئدتهم، فاذا هو يقول لهم : (علي مني وأنا من علي ولايؤدي عني الا أنا أو علي» (1).

ص: 579


1- أخرجه الامام أحمد بن حنبل في ص 164 من الجزء الرابع من مسنده من حديث حبشى بن جنادة بطرق متعددة كلها صحيحة، وحسبك انه رواه عن يحيى بن آدم عن اسرائيل بن يونس عن جده اسحاق السبيعي عن حبشى، وكل هؤلاء عند حجج الشيخين وقد احتجا بهم في الصحيحين، ومن راجع هذا الحديث في مسند أحمد علم ان صدوره انما كان فى حجة الوداع. وقد أخرجه أيضاً ابن ماجة في باب فضائل الصحابة ص 92 من الجزء الأول من سننه، والترمذى والنسائي في صحيحهما وهو الحديث 2531 فى ص 153 من الجزء السادس من كنز العمال (منه قدس). صحيح الترمذى ج 5 / 300 ح 3803، سنن ابن ماجة ج 44/1 119 ط دار الكتب، خصائص أمير المؤمنين للنسائى ص 20 ط التقدم وص 33 ط بیروت وص90 ط الحيدرية، ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساکر ج2 / 378 ح 870 - 880، المناقب للخوارزمی ص 79، مناقب على بن أبى طالب لابن المغازلي ص 221 ح 267 و 272 و 273، ينابيع المودة للقندوزى ص 55 و 180 و 181 و 371 و 267 ط اسلامبول وص 60 و 61 و 212 و 219 و 246 ط الحيدرية، الصواعق المحرقة لابن حجرص 120 ط المحمدية وص 73 ط الميمنية، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصارص 140 ط العثمانية وص 154 ط السعيدية، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى ص 36، نور الابصار للشبلنجی ص 72، مصابيح السنة للبغوى ج 2 / 275، جامع الاصول ج9 / 471 ح 6481، الجامع الصغير للسيوطى ج 06/2 ط الميمنية، الرياض النضرة ج2 /229 ط 2، مطالب السئول ص 18 ط طهران وج 1 / 50 ط النجف، المشكاة للعمرى ج 243/3، منتخب کنز العمال بهامش مسند أحمد ج 30/5، فرائد السمطين ج58/1 و 59، نزل الابرار ص 38. وراجع بقية المصادر في سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (468).

ياله من عهد خفيف على اللسان ثقيل في الميزان جعل لعلي من صلاحية الاداء عن الاداء عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عين الصلاحية الثابتة للنبي في نفسه، وهذه رخصة له بتشريع ما استودعه أياه من أحكام شرعية لا تكون محل ابتلاء الناس الا بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) (1) أشركه بها في أمره، والتمنه على ما أوحى اليه من ربه، كما كان هارون من موسى الا أن علياً ليس بنبي وانما هو وزير ووصي، يطبع على غراره، و يتعبد بآثاره، ويؤدي عنه ما لا يؤديه عنه سواه مما استودعه اياه.

بهذا الشكل الحكيم بلغ النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أمر الولاية، وبهذه الطرق السائغة بثها في أمته. تدرج فيها بأحاديثه المختلفة، وأساليبه المتنوعة على حسب مقتضيات الاحوال في مقامات مختلفة ودواعي شتى.

لم يسد على المعارضين طرق التمويه تمويه النصوص تضليلا عنها باسم التأويل، حذراً من أن يحرجهم بذلك فيخرجهم على اللّه تعالى ورسوله، لذلك جرى معهم على سنن الحكماء في استدراج المناوىء لهم، وتبليغه الامر الذي يأباه بلباقة في حكمة كانت من معجزاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ).

ص: 580


1- هذا هو المراد بالاداء عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الثابت لعلى، المنفى عمن سواه والا فالفقهاء يؤدون عن رسول اللّه فروع الدين والاصوليون يؤدون عنه أصوله : والمحدثون يؤدون سننه، وحملة الاثار يؤدون آثاره، لا حرج على أحد في ذلك الاان يكون مشرعاً عن اللّه أو عن رسوله، ومن كذب على أحدهما فليتبوأ مقعدة من النار (منه قدس).

بهذا خفض من غلوائهم، وخدر من أعصابهم، فتدرجوا معه بالقبول في الظاهر من أحوالهم شيئاً فشيئاً والقلوب منهم منطوية على الخلاف والمناوأة وهذا ما أوجب شدة الاشفاق من رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على الدين والامة، حتى قفل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من حجة الوداع بمن معه من الحجاج، وهو يوجس في نفسه خيفة عظيمة ضارعاً الى اللّه تعالى في أن يرحمه وامته بالعصمة مسن الناس، فما بلغ غدير خم حتى أوحى اللّه تعالى اليه : «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (1).

ص: 581


1- لاكلام عندنا في نزولها بولاية على يوم غديرخم وأخبارنا في ذلك متواترة عن أئمة العترة الطاهرة، وحسبك مماجاء في ذلك طريق غيرهم ما أخرجه الامام الواحدى في تفسير الآية من سورة المائدة ص 50 من كتابه أسباب النزول من طريقين معتبرين عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال : نزلت هذه الآية «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ» يوم غدير خم فى على بن أبى طالب قلت : وهذا هو الذي أخرجه الحافظ أبو نعيم فى تفسيرها من كتابه (نزول القرآن) بسندين أحدهما عن أبي سعيد، أحدهما عن أبي سعيد، والاخر عن أبي رافع، ورواه الامام ابراهيم بن محمد الحمويني في كتابه (الفرائد) بطرق متعددة عن أبي هريرة، وأخرجه الامام أبو اسحاق الثعلبي في معنى الآية من تفسيره الكبير بسندين معتبرين، وأخرج العياشي في تفسيره كما في مجمع البيان - باسناده عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و جابر بن عبداللّه قالا : أمر اللّه محمد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن ينصب علياً للناس فيخبرهم بولايته، فتخوف رسول اللّه أن يقولواحايي ابن عمه وأن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى اللّه اليه هذه الآية، فقام (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بولايته يوم غدیر خم (قال) في مجمع البيان : وهذا الخبر بعينه قد حدثناه السيد أبو الحمد عن الحاكم أبى القاسم الحسكاني باسناده عن ابن أبي عمير في كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفصيل والتأويل (قال) في المجمع : وفيه بالاسناد المرفوع الى حيان (حبان) ابن علی النوى (الغنزى) عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في على فأخذ رسول اللّه بيده فقال : «من كنت مولاه فعلی مولاه اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه...» الى آخر ما في تفسير الآية من مجمع البيان من السنن في هذا المعنى فليراجع. ومما يشهد له أن الصلاة قبل نزولها، والزكاة تجبى، وصوم رمضان بودی، والبيت كان محجوجا، والحلال بيناً، والحرام بيناً، والحدود مقامة والشريعة منسقة، والاحكام مستتبة، فأى شيء غير ولاية العهد يستوجب من اللّه هذا التأكيد ويقتضى الحض على بلاغه بهذا التهديد الشديد، وأى أمر غير الخلافة يخشى النبي الفتنة بتبليغه ويحتاج الى العصمة من أذى الناس بأدائه، ويهدد المعارضين بقوله : «إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (منه قدس). هذه الآية في سورة المائدة آية 67، وقد نزلت يوم (18) من ذى الحجة سنة 10ه_ في غديرخم حينما أمر اللّه رسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أن ينصب علياً (عَلَيهِ السَّلَامُ) علماً للناس وخليفة من بعده وذلك يوم الخميس فقد نزل عليه جبرئیل بعد مضى خمس ساعات من النهار فقال : (يا محمد ان اللّه يقرؤك السلام ويقول لك : يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ.... الخ) وقد روى نزول هذه الآية فى هذا اليوم وفي هذه المهمة عشرات من العلماء في كتبهم كما روى نزولها عشرات من الصحابة الذين حضروا الحادثة وغيرهم منهم 1 - عبد اللّه بن عباس : شواهد التنزيل للحسكاني الحنفى ج 1 / 189 ح 245 و 249 و 250 ط 1، بیروت تفسير الثعلبي مخطوط، أسباب النزول للواحدى ص 115 ط الحلبي بمصر، أمالي المحاملي كما في الغدير ج 51/1، ما نزل من القرآن في على لابي بكر الفارسي الشيرازي المتوفى 407 أو 411 ه_ كما في الغدير ج 1 / 216، كتاب الولاية، لابي سعيد السجستاني، المتوفى 477ه كما في الطرائف لابن طاوس ج 121/1، تفسير الرازي ج10636/3 مفتاح النجا للبدخشانی، كشف الغمة ج 311/1، الاربعين لجمال الدين الشيرازي المتوفى 1000ه_ كما في الغدير ج 1 / 222، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 120 ط اسلامبول، دلائل الصدق ج 51/2. 2 - عبد اللّه بن أبي أوفى : شواهد التنزيل للحاكم الحسكانى الحنفى ج 1 / 190 ح 247. 3 - جابر بن عبداللّه الانصاري : شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 / 192 ح 249. 4 - البراء بن عازب : مودة القربى للسيد على الهمداني المتوفى 786ه_، تفسير النيسابورى ج170/6 كما في الغدير ج 221/1، تفسير عبدالوهاب البخاري عند تفسير آية المودة كما في الغدير ج1 / 221، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 249، دلائل الصدق ج51/2. 5 - أبو هريرة : شواهد التنزيل / 187/21 ح 143، فرائد السمطين للحمويني ج 1/ 158 ح 120 ط 1 بيروت، بنابيع المودة ص 120. 6 - أبو سعيد الخدرى : شواهد التنزيل ج 188/1 ح244، أسباب النزول للواحدى ص 115 ط الحلبي ترجمة الامام على بن أبى طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج86/2 5865، الدر المنثور للسيوطى ج298/2، فتح القدير للشوكاني ج 57/2، مطالب السئول ص 16 ط طهران و ج 44/1 ط النجف، الفصول المهمة لابن الصباغ ص 131، تفسیر النیسابوری ج 170/6 كما في الغدير ج 1 / 221، تفسیر شاهی روح المعاني للالوسي ج 348/2 ينابيع المودة ص 120، دلائل الصدق ج51/2. 7 - زيد بن أرقم : كتاب الولاية فى طرق حديث الغدير للطبرى صاحب التاريخ المتوفى 310ه_ كما في الغدير ج 1 / 214. 8 - ابن مسعود : الدر المنثور للسيوطى ج 298/2، کشف الغمة ج 319/1، مفتاح النجا للبدخشانی مخطوط، روح المعانى للالوسى ج 348/2، دلائل الصدق ج 51/2. 9 - الامام محمد الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) : الكشف والبيان للثعلبي كما في الغدير ج1 / 217، الخصائص العلوية لابى فتح النطنزي كما في الغدير ج 219/1، تفسير الرازي ج 636/3 ط 1، عمدة القاري في شرح صحيح البخارى للعينى الحنفى المولود 762 والمتوفى 855 ه_ ج 584/8، ينابيع المودة للقندوزي ص 120، دلائل الصدق ج 51/2. 11 - عطية العوفي : مانزل من القرآن في على لابي نعيم الأصبهاني المتوفى 430ه_ كما في الغدير ج 218/1، الخصائص العلوية لابى فتح النطنزي، دلائل الصدق ج 51/2 راجع بقية المصادر للاية : في سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (626) احقاق الحق ج 347/6. وأما من كتب الشيعة فراجع بحار الانوار ج 37 ط طهران الجديد.

ص: 582

ص: 583

حسب الامة أمة الذكر الحكيم والفرقان العظيم أن يتدبروا هذه الاية ومافيها من الوعيد الشديد بقوله تعالى : «وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ» ولو تدبروها لعلموا ان منزلة الولاية في دينهم الاسلامي الحنيف دون منزلة النبوة بمرقاة، وانها من فصيلتها ولاسيما بعد قوله عز وجل في ختامها : «إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ».

ألا ترون أن التهديد على تركها جرى في الذكر الحكيم مجرى التهديد على ترك التوحيد «وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ» (1).

ولو أمعنت الامة «أمة القرآن ومحمد» وتدبرت آية التبليغ، لعلمت أن لوازم الوعيد فيها انما هو متوجه الى أولئك المعارضين لتبليغ الولاية، لا الى رسول اللّه، وحاشا للّه أن يتوجه التهديد اليه نفسه، انما هو على حد المثل العامي «اياك أعني واسمعي ياجارة» وكذلك قوله تعالى «لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ» وانما هو تهديد لمن يشرك باللّه عزوجل، لالسيد أنبيائه، وهذا أمر

ص: 584


1- سورة الزمر: 65.

مفروغ عنه.

وبنزول الآية نزل (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) واستنزل من معه عن رواحلهم، فأرسل من استرجع المتقدمين من الحجاج، وانتظر المتأخرين، حتى اجتمع الناس كلهم في صعيد واحد، فصلى بهم فريضة الوقت، وعمل له منبر عال من حدائج الابل بين دوحتين من سمر ظللوا عليه من الشمس بينهما، فرقي ذروة المنبر وأجلس علياً دونه بمرقاة، ووقف للخطابة عن اللّه عزوجل في تلك الجماهير فابتدأ ببسم اللّه والحمد للّه، والثناء على اللّه، والشكر لالائه، فقال في ذلك ماشاء أن يقول، ثم أهاب بالناس يسمعهم صوته، فقصروا عليه أسماعهم وأفئدتهم صاغين، واليكم نص بعض المأثور من خطابه يومئذ بعين لفظه :

«أيها الناس يوشك أن أدعى فأجيب (1) واني مسؤول وانكم مسؤولون (2) فماذا أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وجاهدت ونصحت، فجزاك اللّه خيراً فقال : أليس تشهدون أن لا اله الا اللّه، وأن محمداً عبده ورسوله وأن جنته

ص: 585


1- انما نعى اليهم نفسه الزكية تنبيهاً الى أن الوقت قد استوجب تبليغ عهده. والاذان بتعيين الخليفة من بعده، وانه لا يسعه تأخير ذلك مخافة أن يدعى فيجيب قبل أحكام هذه المهمة التي لا مندوحة له عن أحكامها، ولا غنى لامته عن اتمامها (منه قدس).
2- لما كان عهده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى أخيه ثقيلا على أهل التنافس والحسد والشحناء والنفاق، أراد (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قبل أن ينادى به أن يتقدم بالاعتذار اليهم تأليفاً لقلوبهم. فقال : وانی مسؤول وانكم مسؤولون ليعلموا أنه مأمور به، ومسؤول عن بلاغه، وانهم مأمورون بالطاعة فيه ومسؤولون عنها، فلاسبيل الى ترك البلاغ، كما لا مندوحة لهم عن البخوع لامر اللّه ورسوله. وقد أخرج الديلمى وغيره - كما في الصواعق المحرقة وغيرها - عن أبى سعيد ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : وقفوهم انهم مسؤولون عن ولاية على. (قال) : الامام الواحدى انهم مسؤولون عن ولاية على وأهل البيت (منه قدس).

حق، وأن ناره حق، وأن الموت حق، وأن البعث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لاريب فيها، وأن اللّه يبعث من في القبور ؟ قالوا : بلی نشهد بذلك.(1). قال : اللّهم اشهد ثم قال : يا أيها الناس ان اللّه مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم (2) فمن كنت مولاه، فهذا علي مولاه، اللّهم وال من والاه، وعاد من عاداه، ثم قال: يا أيها الناس اني فرطكم وانكم واردون على الحوض، حوض أعرض مما بين بصرى الى صنعاء فيه عدد النجوم قدحان من فضة، واني سائلكم حين تردون علي عن الثقلين كيف تخلفوني فيهما، الثقل الاكبر كتاب اللّه عز وجل سبب طرفه بيد اللّه تعالى وطرفه بأيديكم فاستمسكوا به لاتضلوا ولاتبدلوا و عترتي اهل بيتي، فانه قد نبأني اللطيف الخبير انهما لن ينقضيا حتى يردا علي الحوض اه_... (الحديث) (3).

ص: 586


1- تدير هذه الخطبة. فمن تدبرها وأعطى التأمل فيها حقه. علم انها ترمى الى ان ولاية على من اصول الدين كما عليه الامامية، حيث سألهم أولا فقال: أليس تشهدون ان لا اله الا اللّه، وان محمداً عبده ورسوله الى أن قال : وان الساعة آتية لا ريب فيها، وان اللّه يبعث من فى القبور، ثم عقب ذلك بذكر الولاية ليعلم انها على حد تلك الامور التي سألهم عنها فأقروا بها. وهذا ظاهر لكل من عرف أساليب الكلام ومغازيه من أولى الافهام (منه قدس).
2- قوله : وأنا أولى قرينة لفظية على أن المراد من المولى انما هو الأولى، فيكون المعنى أن اللّه أولى بي من نفسى وأنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ومن كنت أولى به من نفسه فعلی أولی به من نفسه (منه قدس).
3- هذا لفظ الحديث عن الطبراني وابن جرير والحكيم والترمذي عن زيد بن أرقم. وقد نقله عن زيد غير واحد من أعلام الجمهور كابن حجر الهيثمي باللفظ الذي أوردناه وأرسل صحته ارسال المسلمات فراجع من صواعقه ص 25 أثناء الشبهة 11 من الشبه التي أورها في الفصل الخامس من الباب الأول من الصواعق (منه قدس). ذكر هذه الخطبة جماعة غير ابن حجر منهم : الهيثمي في مجمع الزوائد ج 164/9، ابن عساکر في ترجمة الامام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق ج 2/ 45 ح545، المنفى الهندي في كنز العمال ج 1 / 168 ح 959 ط 2، الحكيم الترمذى في نوادر الاصول ص 289 طبع مصر ويد الطبع الائيمة قد حذفت منه الحديث ولم تبق الا الاشارة اليه وقد نقل عنه الحديث تاماً البدخشاني في كتابه نزل الابرار ص 50 فراجع، القندوزى الحنفى فى ينابيع المودة ص 37 ط اسلامبول وص 41 ط الحيدرية، العلامة الأمينى فى الغدير ج 1 / 26 - 27، السيد حامد الموسوى في عبقات الانوار ج 156/1 قسم حديث الثقلين طقم، سبيل النجاة في تتمة المراجعات تحت رقم (615).

لا كلام في صحة هذا الحديث بلفظه، ولاريب في تواتره من حيث المعنى بألفاظ متقاربة (1) غير ان شيخ الاسلام شيخنا البشري رحمه اللّه تعالى

ص: 587


1- (926) وقد أثبتنا ذلك فى المراجعة 56 من المراجعات بالحجة البالغة والحمد للّه فلتراجع بامعان (منه قدس) قد اعترف بتواتر هذا الحديث جملة من أعلام أهل السنة منهم : 1 - شمس الدين الجزري الشافعي في كتابه أسنى المطالب في مناقب سيدنا على بن أبي طالب ص 48 قال وهو متواتر أيضاً عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). 2 - جلال الدين السيوطى فى الفوائد المتكاثرة. 3 - الملا على القارى فى المرقاة شرح المشكاة. 4 - جمال الدين عطاء اللّه الشيرازي في كتابه الاربعين 5 - المناوى الشافعي في كتابه التيسير 6 - محمد بن اسماعيل اليماني الصنعاني في : الروضة الندية. 7 - محمد صدر عالم. معارج العلى. 8 - الشيخ عبد اللّه الشافعي في كتابه الاربعين. 9 - الشيخ ضياء الدين المقبلى فى الابحاث المسددة في الفنون المتعددة. 10 - ابن كثير الدمشقى في ترجمة ابن جرير الطبرى. 11 - ميرزا مخدوم بن میر عبدالباقى فى كتابه نواقض الروافض. راجع بقيتهم : احقاق الحق ج 423/2، الغدير ج 1، عبقات الانوار.

قال فيما راجعنا به مما يتعلق بهذا الحديث ان حمل الصحابة على الصحة يستوجب تأويل هذا الحديث - حديث الغدير - متواتراً كان أو غير متواتر ولذا قال أهل السنة لفظ المولى يستعمل في معاني متعددة، ورد بها في القرآن العظيم، فتارة يكون بمعنى الاولى كقوله تعالى مخاطباً للكفار «مَأْوَاكُمُ النَّارُ ۖ هِيَ مَوْلَاكُمْ» أي أولى بكم، وتارة بمعنى الناصر كقوله عز اسمه : «ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ» وبمعنى الوارث كقوله سبحانه «وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ» أي ورثة، وبمعنى العصبة نحو قوله عز وجل : «وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي» وبمعنى الصديق : «يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا» وكذلك لفظ الولي يجيء بمعنى الأولى بالتصرف، كقولنا : فلان ولي القاصر، وبمعنى الناصر والمحبوب قالوا: فلعل معنى الحديث من كنت ناصره، أو صديقه أو حبيبه، فان علياً كذلك وهذا المعنى يوافق كرامة السلف الصالح، وامامة الخلفاء الثلاثة رضي اللّه عنهم أجمعين.

فقلت له في الجواب: أنا أعلم بأن قلوبكم لا تطمئن بما نقلتموه ونفوسكم لاتركن اليه، وانكم تقدرون رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حكمته البالغة، وعصمته الواجبة، ونبوته الخاتمة، وانه سيد الحكماء، وخاتم الانبياء «وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ» فلو سألكم فلاسفة الاغيار عما كان منه يوم غدیر خم فقال: لماذا منع تلك الالوف المؤلفة يومئذعن المسير؟ وعلى من حبسهم في تلك الرمضاء بهجير؟ وفيم اهتم بارجاع من تقدم منهم والحاق من تأخر؟ ولم أنزلهم جميعاً في ذلك العراء على غير كلاء ولا

ص: 588

ماء ؟ ثم خطبهم عن اللّه عز وجل في ذلك المكان الذي منه يتفرقون، ليبلغ الشاهد منهم الغائب، وما المقتضي لنعي نفسه اليهم في مستهل خطابه؟ اذ قال: يوشك ان يأتيني رسول ربي فأجيب، واني مسؤول، وانكم مسؤولون، وأي أمر يسأل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) عن تبليغه؟ وتسأل الامة عن طاعتها فيه ؟ ولماذا سألهم فقال؟ ألستم تشهدون ان لا اله الا اللّه وان محمداً عبده ورسوله، وان جنته حق وأن ناره حق، وان الموت حق وان البحث حق بعد الموت، وأن الساعة آتية لاريب فيها، وأن اللّه يبعث من فى القبور ؟ قالوا بلى نشهد بذلك. ولماذا أخذ حينئذ على سبيل الفور بيد علي فرفعها اليه حتى بان بياض ابطيهما؟ فقال يا أيها الناس ان اللّه مولاي وأنا مولى المؤمنين، ولماذا فسر كلمته - وأنا مولى المؤمنين - بقوله وأنا أولى بهم من أنفسهم؟ ولماذا قال بعد هذا التفسير «فمن كنت مولاه فهذا مولاه»، أو من كنت وليه فهذا وليه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ؟ولم خصه بهذه الدعوات التي لا يليق لها الا أئمة الحق، وخلفاء الصدق؟ ولماذا أشهدهم من قبل فقال: ألست أولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا: بلى. فقال: من كنت مولاه، فعلي مولاه، أو من كنت وليه فعلي وليه ولماذا قرن العترة بالكتاب، وجعلها قدوة لاولي الالباب الى يوم الحساب؟ وبم كانت لديه عدل القرآن؟ ولم أخبر أنهما لا يفترقان ؟ وفيم بشر بهدى من تمسك بهما، وأنذر بضلال تخلف من عنهما؟ وعلى من هذا الاهتمام العظيم من النبي الحكيم (1)؟ وما المهمة التي

ص: 589


1- سبحان اللّه وبحمده، ما أعجب نتيجة هذا الاهتمام العظيم، بينا يبوىء النبي علياً والائمة من عترته منزلة القرآن، ويجعلهم عدله في الميزان فيحق لهم الأمر والنهي والقول الفصل، والحكم العدل، وتكون الناس تبعاً لهم ؟ فاذا هم من سوقة تيم وعدى وآل أبي العاص وأضرابهم، وليس لهم من أمر الامة شيء !!! لا يعرج عليهم في فروع من الدين، ولا فى أصول منه، ولافي آية أو في رواية !!! والمرجع في كل ذلك سواهم وليتهم مع ذلك لم يكونوا بين ضحايا وسبايا، ولم يوقفوهم على درج الجامع في دمشق والمسلمون بمنظر وبمسمع لا منكر منهم ولا متفجع (منه قدس).

احتاجت إلى هذه المقدمات كلها ؟ وما الغاية التي توخاها في هذا الموقف المشهود؟ وما الشيء الذي امره اللّه تعالى بتبليغه اذ قال عز من قائل: «يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» وأي مهمة استوجبت من اللّه هذا التأكيد، واقتضت الحض على تبليغها بما يشبه التهديد؟ وأي أمر يخشى النبي الفتنة بتبليغه؟ ويحتاج الى عصمة اللّه من أذى المنافقين ببيانه ؟

أكنتم - بجدك لو سألكم عن هذا كله - تجيبونه بأن اللّه عز وجل ورسوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انما أرادا بيان نصرة علي للمسلمين، وصداقته لهم ليس الا ؟؟ ما أراكم ترتضون هذا الجواب ولا أتوهم أنكم ترون مضمونه جائزاً على رب الارباب ولا على سيد الحكماء، وخاتم الرسل والانبياء، وأنتم أجل من أن تجوزوا عليه أن يصرف هممه كلها، وعزائمه بأسرها، الى تبيين شيء بين لا يحتاج الى بيان وتوضيح أمر واضح بحكم الوجدان والعيان، ولاشك انكم تنزهون أفعاله وأقواله عن ان تزدري بها العقلاء، أو ينتقدها الفلاسفة والحكماء، بل لاريب في انكم تعرفون مكانة قوله وفعله من الحكمة والعصمة، وقد قال اللّه تعالى «إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ» فيهتم بتوضيح الواضحات وتبيين ماهو بحكم البديهيات، ويقدم لتوضيح هذا الواضح مقدمات أجنبية لا ربط له بها، ولا دخل لها فيه تعالى اللّه عن ذلك ورسوله علوا كبيراً، وأنت - نصر اللّه بك الحق تعلم ان الذي يناسب مقامه واهتمامه

ص: 590

في ذلك الهجير، ويليق بأقواله وأفعاله يوم الغدير، انما هو تبليغ عهده وتعيين القائم مقامه من بعده، والقرائن القطعية والادلة العقلية، توجبان القطع الثابت الجازم بأنه صلى اللّه عليه و آله وسلم ما أراد يومئذ الا تعيين علي واليا لعهده وقائما مقامه من بعده. فالحديث مع ماقد حف به من القرائن، نص جلي، في خلافة علي لا يقبل التأويل، وليس الى صرفه عن هذا المعنى من سبيل، وهذا واضح والحمد للّه «لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ».

على ان هذا الحديث لم يسلم من الاختصار بحذف شيء من نصوصه قطعاً لان القوة الفعالة والاكثرية الساحقة يومئذ انما كانتا في جانب المعارضين الحول القلب، ولهم كانت الغلبة وعاقبة السلطة، ومع ذلك فان الشذرة الباقية من شذور الحديث كافية وافية والحمد للّه، والعجب كل العجب من بقائها، وانما بقيت «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ» «ولِلّهِ الحُجَّةُ البَالِغَةُ عَلَى النَّاسِ».

اما نحن الامامية فقد تواتر لدينا من طريق الامام ابي عبداللّه الصادق عن آبائه الميامين (عَلَيهِم السَّلَامُ) عن جدهم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) انه نص على علي يوم الغدير بالخلافة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نصاً صريحاً بكل جلاء، و انه امر اصحابه يومئذ بأن يسلموا عيله بامرة المؤمنين، وان البعض منهم سلم ولم يقل شيئاً. والبعض انما سلم بعد ان قال للنبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : أعن اللّه ورسوله ذلك يارسول اللّه ؟ فقال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) نعم انما هو عن اللّه ورسوله (1). فصرح الحق يومئذ عن محضه. واسفر

ص: 591


1- أخرجه ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكلينى فى أصول الكافي، وناهيك به حجة (منه قدس). الكافي للكليني ج 2 / ، بحار الانوار ج 37 ط طهران، اثبات الهداة للحر العاملي ج 1.

الصبح والحمد للّه لذي عينين. كما قال ابو تمام الطائي رحمه اللّه من قصيده له عصماء هي في ديوانه :

ويوم الغدير استوضح الحق أهله***بفيحاء ما فيها حجاب و لا ستر

يمد بضيعيه و يعلم أنه***ولي ومولاكم فهل فهل لكم خبر

يروح ويغدو بالبيان لمعشر***يروح بهم غمر ويغدو بهم غمر (1)

فكان له جهر باثبات حقه***و كان لهم في بزهم حقه جهر (2)

أثم جعلتم حظه حد مرهف***من البيض يوماً حظ صاحبه القبر (3)

ص: 592


1- الغمر من الناس : جماعتهم ولفيفهم (منه قدس).
2- الضمير فى له، عائد الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، أى كان له جهر باثبات حق على في الخلافة عنه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، وكان لهم، أى لاهل المعارضة منهم، جهر في بزهم اياه هذا الحق (منه قدس).
3- الابيات من قصيدة تحتوى على 73 بيتاً موجودة في ديوانه ص 143، الغدير ج 2/ 330 و 331 وفيه بعد البيت الأول : أقام رسول اللّه يدعوهم بها***ليقربهم عرف ويناهم نكر الشاعر : أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس بن الاشجع بن يحيى بن مزينا ....الخ ينتهي نسبه الى يعرب بن قحطان. وهو أحد رؤساء الامامية كما قال الجاحظ والاوحد من شيوخ الشيعة في الادب في العصور المتقادمة ومن أئمة اللغة وكان حفظ أربعة آلاف ديوان غير ألف ارجوزة وأصله من الشام وكان من الموالين لاهل البيت والمتفانين في حبهم وله ديوان الحماسة الذائع الصيت، والاختيارات من شعر الشعراء وغيرهما، وقد ألف في أخباره وحياته عدة من العلماء منهم : 1 - ابن أبى طاهر ت280 ه_، 2 - الصولى ت 236 ه_، 3 - أبو القاسم الامدى ت 371ه_، 4 - أبنا هاشم الخالديان : أبو بكر وأبو عثمان، 5 - المرزباني ت 444 ه_، 6 - المرزوقي ت 421ه_، 7 - السيد الامين العاملي وغيرهم راجع البقية في الغدير ج340/2. و توجد ترجمته في : طبقات ابن المعتزص 33 فهرست ابن النديم، ص 235 تاريخ الطبری ج 9/11 ح 35 فهرست النجاشی ص 102، تاريخ الخطيب ج 248/8، مروج الذهب ج 474/3، الغدير ج 2/ 329 - 343 ولها مصادر اخرى. اختلف في ولادته : 172، 188، 190، 192ه_. وكذلك اختلف في وفاته فقيل : 228ه وقيل 231 وقیل 232.

وقال الكميت بن زيد رحمه اللّه تعالى :

ويوم المدوح دوح غدير خم***أبان له الخلافة لو أطيعا

و لكن الرجال تبايعوها***فلم أر مثلها خطراً مبيعا

ولم أر مثل ذاك اليوم يوماً***ولم أر مثله حقاً أضيعا

فلم أبلغ بها لعنا ولكن***أقول أساء أولهم صنيعا (1)

ص: 593


1- هذه الابيات من قصيدة عصما من غرر قصائد الكميت والمعروفة ب(الهاشميات) والتي تقدر ب(578) بيتاً، الغدير ج 2/ 180. الشاعر : أبو المستهل الكميت بن زيد بن حنيس بن مخلد ينتهي نسبه الى مضر بن نزار وكان شاعراً عالماً بلغات العرب، خبيراً بأيامها. وقال الفرزدق يخاطبه : «أنت واللّه أشعر من مضى وأشعر من بقى وكان من الموالين لاهل البيت والمتفانين في حبهم وكان من المعادين لبني أمية وأشياعهم ومن قوله في تشيعه : فمالي الا آل أحمد شيعة***ومالي الا مشعب الحق مشعب وقد حضى بدعاء الأئمة الهداة (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) فقد دعى له الامام الباقر و الصادق (عَلَيهِمَا السَّلَامُ) بل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) دعى له كما في بعض المنامات. وقد تحمل أصناف العذاب والتشريد في حب آل الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حتى استشهد بأيدى أعوان الظلمة سنة 126ه في خلافة مروان بن محمد. وقد ولد سنة 860 سنة استشهاد الامام السبط الحسين بن على (عَلَيهِ السَّلَامُ) راجع : ترجمته المفصلة في الغدير ج 180/2 – 212.

وقال اللّه تعالى : «لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّىٰ جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ» (1).

ما كان المعارضون ليحسبوا ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) سيقف موقفه الذي وقفه يوم الغدير أبداً، فلما فاجأهم به وأدى فيه عن اللّه ما أدى، رأوا أن معارضته في آخر أمره وقد بخعت الغرب لطاعته، ودخل الناس في دين اللّه أفواجاً لا تجديهم نفعاً، بل تسبب لهم الويلات، لانها تستلزم اما سقوطهم بالخصوص، أو سقوط الاسلام والعرب عامة، وحينئذ يفوتهم الغرض الذي كانوا يأملون، والمنصب الذي كانوا له يعملون.

لهذا رأوا ان الصبر عن الوثبة أحجى، فأجمعوا على تأجيلها الى بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )، لئلا يكون الخروج عليه نفسه، وهكذا كان الأمر منهم بكل لباقة ممكنة، وكل عناية بالشعائر الاسلامية واحتياط عليها، وجهاد في سبيلها أبلوا فيه بلاءاً حسناً، وقد أوحى اللّه عز وجل الى نبيه بما كانوا يضمرون، وأطلعه على ما سيكون، لكن الدين لابد من اكماله، والنعمة لأمحيص من اتمامها، والرسالة لامندوحة من تبليغها، ِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى

ص: 594


1- سورة التوبة : 48.

مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ» (1) «وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ» (2).

نعم عهد لوصيه وخليفته من بعده، أن يتغمدهم حين يعارضونه بسعة ذرعه، ويتلقاهم بطول أناته، وأمره ان يصبر على استثثارهم بحقه، وان يتلقى تلك المحنة بكظم الغيظ والاحتساب، احتياطاً على الاسلام، وايثار التصالح العام، وأمر الامة بالصبر على تلك الملمة - كما فصلناه في كتاب المراجعات -.

وحسبك مما صح من أوامره بذلك قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حديث حذيفة (3) ابن اليمان : «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان انس قال حذيفة : كيف أصنع يارسول اللّه ان أدركت ذلك. قال : تسمع وتطيع للامير وان ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع له وأطع» (4).

ومثله قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في حديث عبد اللّه بن مسعود (5): «ستكون بعدي اثرة وأمور تنكرونها قالوا يارسول اللّه كيف تأمر من أدرك

ص: 595


1- سورة الانفال : 42.
2- سورة المائدة : 99.
3- فيما أخرجه مسلم ص 120 من ج2 من صحيحه، ورواه سائر أصحاب السنن (منه قدس).
4- ان من عرف ما ألم بالمسلمين عند فقد النبي يعلم ان ذلك الوقت لا يسع نزاعاً ولا يليق به الا الصبر على الاذى لان النزاع يؤدى الى ذهاب ريح المسلمين (منه قدس). صحيح مسلم ك الأمارة ج 2 / 35 ط عيسى الحلبي وج 20/6 ط صبيح و ج 12/ 238 بشرح النووى.
5- أخرجه مسلم في ص 18 من الجزء الثانى من صحيحه (منه قدس).

منا ذلك؟. قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ): تؤدون الحق الذي عليكم وتسألمون اللّه الذي لكم» (1) وكان أبو ذر يقول (2) : ان خليلي رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) أوصاني ان اسمع وأطيع وان كان عبداً مجدع الاطراف (3). وقال سلمة الجعفي فيما أخرجه عنه مسلم ص 119 من الجزء2 من صحيحه يا نبي اللّه أرأيت ان قامت علينا امراء يسألوننا حقهم، ويمنعوننا حقنا فما تأمرنا قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) : «اسمعوا وأطيعوا، فانما عليهم ماحملوا وعليكم ما حملتم» (4).

وعن أم سلمة : ان رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قال : ستكون امراء عليكم فتعرفون وتنكرون، فمن عرف بريء، ومن أنكر سلم (5) قالوا أفلا نقاتلهم ؟. قال لا

ص: 596


1- صحیح مسلم ك الامارة باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة ج2 / 133 ط عيسى الحلبي وج 17/6 ط مشکول و ج 232/12 بشرح النووي، المعجم الصغير للطبراني ج 80/2.
2- فيما أخرجه مسلم فى الجزء الثانى من صحيحه (منه قدس).
3- صحيح مسلم ك الامارة باب وجوب طاعة الامراء ج 14/6 ط مشكول وج 30/2 الحلبى و ج 225/12 ط مصر بشرح النووى.
4- هذه الأحاديث كلها مستفيضة (منه قدس). صحيح مسلم ج 19/6 ط مشكول و ج 134/2 ط الحلبي وج236/12 بشرح النووي.
5- هذا الحديث أخرجه مسلم في ص 122 من الجزء 2 من صحيحه والمراد بقوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فمن عرف بری ان من عرف المنكر ولم يشتبه عليه فقد صار له طريق الى البراءة من ائمه وعقوبته بأن يغيره بيده أو بلسانه فان عجز فليكرهه ولينكرهه بقلبه. انتهى وللّه الحمد ما أردنا تعليقه على كتاب «النص والاجتهاد» بقلم مؤلفه الفقير الى اللّه عبده و ابن عبديه المذنب الخاطيء عبدالحسين شرف الدين الموسوى العاملي. وكان الفراغ من هذه التعليقة يوم الفراغ من أصل الكتاب. والحمد للّه أولا وآخراً وصلى اللّه على محمد وآله وسلم (منه قدس).

ما صلوا» (1).

والصحاح في هذا المعنى متواترة، ولاسيما من طرق العترة الطاهرة.

ص: 597


1- صحیح مسلم ج 22/6ط مشکول و ج 2 / 137ط الحلبي وج 242/12. ط مصر بشرح النووى. الخلافة والعدالة : هذا الحديث والاحاديث الاربعة التي قبله لا يمكن قبولها ويشك في صحتها كبقية الاحاديث المدعاة على هذا الطراز ومن هذا المعنى كما في سنن البيهقى ج159/8. فان هذه الأحاديث مخالفة اروح الدين الاسلامى وللعدالة الاسلامية التي اشترطت في الخليفة بالاجماع قال القاضي عبد الرحمن الايجى الشافعى المتوفى 756ه في كتابه المواقف في شرائط الامام «يجب أن يكون عدلا لئلا يجور»، وقال أبو الثناء في مطالع الانظارص 470 في صفات الأئمة. «الرابعة : أن يكون الامام عدلا لانه متصرف في رقاب الناس وأموالهم وأبضاعهم فلو لم يكن عدلا لا يؤمن تعديه..» الخ. وراجع تفسير القرطبي ج 1 ص 231 و 232. الحديث للسياسة : بعد رحلة الرسول الاعظم (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى الرفيق الأعلى قام المنافقون وخدام السلاطين ووعاظهم بوضع الحديث لصالحهم كما وقع في عهد الخليفة الثالث وبعدها تطور الوضع وكثر في عهد معاوية بن أبي سفيان فصار طلاب الدنيا يضعون عشرات الاحاديث في فضائله وفضائل بني أمية ويضعون الذم لاعدائه. راجع الغدير ج 9/ 264 - 396 وج 10 و 11، أضواء على السنة المحمدية ص 126 - 134. وقال أبو جعفر الاسكافي فيما نقله عنه ابن أبى الحديد ان معاوية حمل قوماً من الصحابة، وقوماً التابعين على رواية أخبار قبيحة في على (عَلَيهِ السَّلَامُ) تقتضى الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على ذلك جعلا يرغب في مثله فاختلقوا له ما أرضاه (قال) منهم : أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ومن التابعين عروة بن الزبير». وفي دولة بني العباس لم يكن وضع الحديث أقل من الدور الذي كان في عهد الدولة الأموية فقد وضع الوضاعون الحديث في فضائل بني العباس واخبار النبي بدولتهم راجع : أضواء على السنة المحمدية ص 135. وهذه الاحاديث الخمسة وما شاكلها في الحقيقة قد وضعتها يد السياسة ومصلحة الملوك والامراء وتدعو الى تأييدهم ودعمهم أو على الاقل الى الغض عنهم مهم صدر منهم من جرائم وانحراف عن الاسلام الحقيقي مادام يقيمون الصلاة الشكلية أو حتى لولم يقيموها وهذا مالايقره الاسلام ولا يرضى به، وبنشر هذه الروايات «تمكن معاوية بن أبي سفيان من أن يجلس بالكوفة للبيعة ويبايعه الناس على البراءة من على بن أبى طالب» البيان والتبيين للجاحظ ج 2/ 85. و تمكن يزيد الفجور والكفر أن يكون أميراً على المسلمين وخليفة لهم كما تمكن. بنو أمية وبنو العباس من اقامة دولتيهما وادعاء الخلافة عن الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وجر ذلك على الامة الويلات والمصائب. ولنأخذ لذلك مثالا في لمحة خاطفة الى شخصية قد عاشت في صدر الاسلام و صحبت النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) حقبة من الزمن وكيف انها تلونت بمختلف الاحوال ألا ذلك هو الراوى المشهور عبداللّه بن عمر. عبداللّه بن عمر والبيعة : ابن عمر من الاشخاص الذين تخلفوا عن بيعة الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) محتجاً بعدم الاجماع على بيعته كما زعمه له ابن حجر في فتح البارى ج 19/5 وج13 / 165. و لكن الصحيح ان السبب في عدم بيعته للامام أمير المؤمنين هو نفس السبب الذي كان عند والده وما يحمله أبوه من نفسية اتجاه الامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ). والا فهل حصل اجماع على بيعة أبى بكر ؟ ألم يتخلف عنها بنو هاشم وعلى رأسهم الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) وجملة من الصحابة كعمار وأبي ذر والمقداد وسعد بن عبادة وغيرهم؟ ثم كسروا سيف الزبير لتخلفه ولببوا الامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ) بحمائل سيفه وأكرهوه على البيعة والا يقتل وهل حصل اجماع على البيعة لابيه عمر؟ فياعجبا بين هو يستقيلها في حياته اذ عقدها لاخر بعد وفاته. ابن عمر يبايع ليزيد : وبينما ابن عمر يتقاعس عن البيعة لامام الحق يقوم بعد فترة من الزمن بالبيعة لاخس خلق اللّه على وجه الارض وهو يزيد بن معاوية يزيد الخمور والفجور والكفر والالحاد فبايعه ازاء مائة ألف قدمها معاوية اليه. في حال حياته. ولما انتشر الحاده للمجتمع وما فعل من أعمال منكرة وفي مقدمتها قتل سيد شباب أهل الجنة سبط الرسول وقرة عين الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ). وقام أهل المدينة بخلع بيعة يزيد وقف ابن عمر في قبالهم وصار يصف لهم الاحاديث لاجل دعم جرائم يزيد وأفعاله بهذه الاحاديث : روى البخارى وغيره : عن نافع قال : لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه ومواليه. وفي رواية سليمان : حشمه وولده وقال : اني سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول : «ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة» وزاد الزهرى : «وانا قد بايعنا هذا الرجل على بيعة اللّه ورسوله واني لا أعلم غدراً أعظم من أن تبايع رجلا على بيعة اللّه ورسوله ثم تنصب له القتال وانى لا أعلم أحداً منكم خلع ولا بايع فى هذا الامر الاكانت الفيصل بيني وبينه». صحيح البخارى ج 1 / 166، سنن البيهقى ج159/8، مسند أحمد ج 96/2. وقعة الحرة وابن عمر : غار يزيد على المدينة المنورة وأباحها ثلاثة أيام حتى أفتضت أكثر من ألف بنت باكر وولدت أكثر من ألف امرأة من غير زوج وقتل أكثر من سبعمائة من حملة القرآن من الصحابة والتابعين من المهاجرين والانصار وأكثر من عشرة آلاف من سائر الناس وفيهم النساء والصبيان في هذه الواقعة مع هذا يأتي ابن عمر ليحدث بحديث ليدعم موقف يزيد و يبرر جرائمه. فقد روى مسلم ج 22/6 عن نافع : قال جاء عبداللّه ابن عمر الى عبد اللّه بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية فقال اطرحوا لاني عبدالرحمن وسادة فقال: انى لم آتك لاجلس أتيتك لاحدثك حديثاً سمعت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يقول: «من خلع بدأ من طاعة لقى اللّه يوم القيامة لاحجة له ومن مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» وبناء على ذلك فقد بايع سفاك الدماء في العراق الحجاج ببيعة هي الذلة والهوان حيث مد ابن عمر يده ليبايع الحجاج فمد الحجاج رجله اليه وبايعه بها. وهكذا في عصرنا الحاضر اتخذ سلاطين وشياطين الجور والفجور هذه الروايات مدركاً لتسلطهم على الشعوب الاسلامية وسفك دمائهم وبيع ثرواتهم الى الاستكبار العالمي وصاروا أداة قمع الكافر الاجنبي مثل الانكليز والامريكان والشيوعية ومن يدور في فلكهم. والعلاج أن تعى الشعوب اسلامها وتعرف مسؤليتها وذلتها وعزتها لنقوم بواجبها وتثأر لكرامتها واسلامها وتقيم حكم اللّه فى الارض ليعم العدل الاجتماعي والسعادة الابدية.

ص: 598

ص: 599

ولذا صبروا (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) وفي العين ترمذى، وفي الحلق شجي، عملا بهذه الأوامر المقدسية، وغيرها مما عهد النبي اليهم بالخصوص، احتياطاً على الامة، واحتفاظاً بالشوكة، وايثار للدين، وضنا بريح المسلمين، فكانوا (عَلَيهِمُ السَّلَامُ) كما قلناه (في المراجعات وغيرها من كتبنا) يتحرون للقائمين بأمور الامة وجوه النصح، وهم من استئثارهم - على أمر من العلقم ويتوخون لهم مناهج الرشد وهم - من تبوئهم عرشهم - على آلم للقلب من حز الشفار تنفيذا للعهد، وعملا بمقتضى العقد، وقياماً بالواجب عقلا وشرعاً من تقديم الاهم (فى مقام التعارض) على المهم، وبهذا محض أمير المؤمنين كلا من الخلفاء الثلاثة نصحه، واجتهد لهم في المشورة، فانه بعد ان يئس من حقه في الخلافة شق بنفسه طريق الموادعة، وآثر مسالمة القائمين بالامر، فكان يرى عرشه - المعهود به اليه - في قبضتهم فلم يحاربهم عليه، ولم يدافعهم عنه، احتفاظاً بالامة، واحتياطاً على الملة، وضناً بالدين وايثار اللاجلة على العاجلة، وقد مني بما لم يمن به أحد، حيث وقف بين خطبين فادحين :

الخلافة بنصوصها وعهودها الى جانب تستصرخه وتستفزه اليها بصوت يدمي الفؤاد، وشكوى تفتت الأكباد، والفتن الطاغية، الى جانب آخر تنذره بانتقاض الجزيرة وانقلاب العرب، واجتياج الاسلام، وتهدده بالمنافقين «وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ»، وبمن حولهم من الاعراب وهم منافقون بنص الكتاب، بل هم أشد كفراً ونفاقاً، وأجدر ألا يعلموا حدود

ص: 600

ما انزل اللّه على رسوله، وبأهل مكة الطلقاء مضمري العداوة والبغضاء ومن كان على شاكلتهم من ضواري الفتنة، وطواغي الغي وسباع الغارة وأعداء الحق، وقد قويت بفقد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) شوكتهم، اذ صار المسلمون بعده (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية بين ذئاب عادية ووحوش ضارية، ومسيلمة الكذاب، وطليحة بن خويلد الدجال، وسجاح بنت الحارث الافاكة، وأصحابهم قائمون (في محق الاسلام وسحق المسلمين) على ساق.

والرومان والاكاسرة وغيرهما من ملوك الارض كانوا للمسلمين بالمرصاد الى كثير من هذه العناصر الجياشة بكل حنق من محمد و آله وأصحابه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وبكل حقد وحسيكة لكلمة الاسلام تريد أن تنقض أساسها، وتستأصل شأفتها وانها لنشيطة في ذلك مسرعة متعجلة، ترى ان الامر قد استتب، لها وان الفرصة بفقد رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) قد حانت، فأرادت أن تسخر تلك الفرصة وتنتهز تلك الفوضى، قبل أن يعود الاسلام الى قوة وانتظام، فوقف أمير المؤمنين بين هذين الخطرين، فكان من الطبيعي له أن يضحي حقه قرباناً لدين الاسلام وايثاراً للصالح العام، لذلك قعد في بيته - فلم يبايع حتى اخرجوه كرهاً - (1) احتفاظاً بحقه واحتجاجاً على المستأثرين به وعلى اوليائهم يوم القيامة ولو اسرع الى البيعة ما قامت له بعد حجة، ولا سطع لاوليائه برهان، لكنه جمع فيما فعل بين حفظ الدين والمسلمين والاحتفاظ بحقه في امرة المؤمنين فدل هذا على اصالة رأيه، ورجاحة حلمه، وسعة صدره، وايثار المصلحة

ص: 601


1- العقد الفريد ج 335/4، شرح نهج البلاغة لا بن أبي الحديد ج 11/6 و 48 بتحقيق أبو الفضل وراجع ما تقدم تحت رقم (28 و 29). والحمد للّه رب العالمين تم في عصر يوم السبت 16 / جمادى الأولى / 1404ه_في مدينة قم عش آل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام. ابو مجتبی

العامة بحكمة بالغة، ومتى سخت نفس امريء عن هذا الخطيب الجليل والامر العظيم ينزل من اللّه تعالى بغاية منازل الدين، وانما كانت غايته مما فعل اربح الحالين له واعود المقصودين عليه بالاجر والثواب، والقرب من رب الارباب «سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» وصلى اللّه على سيد النبيين وخاتم المرسلين وآله الهداة الميامين.

تم هذا الاملاء بعون اللّه تعالى وتوفيقه وله الحمد والالاء في مدينة (صور) يوم الاربعاء عاشر رجب المرجب سنة 1375 بقلم الفقير الى اللّه عز وجل الراجي عفو اللّه وغفرانه، عبدالحسین، بن یوسف بن الجواد، بن اسماعيل بن محمد، بن محمد بن ابراهيم وهو شرف الدين بن زين العابدين بن علي نورالدين بن نور الدين علي، بن الحسين بن محمد بن الحسين ابن علي بن محمد بن تاج الدين المعروف بأبي الحسن بن محمد ولقبه شمس الدين بن عبداللّه ويلقب جلال الدین بن احمد بن حمزة، بن سعد اللّه، بن حمزة، بن ابي السعادات محمد، ابن ابي محمد عبد اللّه نقيب نقباء الطالبين في بغداد، بن ابي الحرث محمد بن ابي الحسن علي المعروف بابن الديلمية، بن ابي طاهر عبد اللّه، بن ابي الحسن محمد المحدث، بن أبي الطيب طاهر بن الحسين القطعي، بن موسى ابى سبحة، بن ابراهيم المرتضى بن الامام الكاظم ابن الامام الصادق بن الامام الباقر بن الامام زين العابدين بن الامام ابی عبداللّه الحسين سيد الشهداء وخامس اصحاب الكساء سبط خاتم النبيين والمرسلين وابوه امير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن ابي طالب صلوات اللّه وسلامه عليهم. وآخر دعواهم ان الحمد للّه رب العالمين.

ص: 602

الفهارس

إشارة:

1 - الايات

2 - الاحاديث

3 - الموارد

4 - المواضيع

5 - المصادر

ص: 603

ص: 604

الايات

(أ)

رقم / ص

أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ / 525 / 372

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ... / 443 / 310

ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ / 707 / 464

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ / 180

إِذَا دَخَلْتُمْ فَسَلِّمُوا / 346

إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ / 328

إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ / 326

اذ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا / 98

إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ... / 85 / 56

اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ... / 187، 188، 189

وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ / 554

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ / 157

إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا... / 554

إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ / 554

ص: 605

رقم / ص

إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ / 319

إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا... / 113 / 82

إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا / 696 / 415، 455

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ / 11

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ / 43 و 45

إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ / 446 / 312

إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ / 107 / 77

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ / 404

إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ / 98

إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ... / 749 / 488

إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ.. / 4 و 154 و 194 و 228

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا.. / 553

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا / 181

الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ / 472

(ب ح ذ ض ط)

بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ / 228

حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ / 56

ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ.. / 558

ذَٰلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ / 373

ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ / 369

وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ / 369

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ / 416 و 456

الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ / 337 / 244

ص: 606

(ف ق)

رقم / ص

فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ / 373

فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ * إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ... / 194

فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ... / 193

فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ / 637 / 98 و 425

فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ۚ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ... / 179

فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا / 4 و 41

فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً / 293 / 208

فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ / 263 / 194

فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا... / 105 / 75

فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ / 55 / 352

فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ / 56

فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي / 62

قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ... / 228

قُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ / 498

قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ / 559 / 389

قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ / 108 / 80

قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي... / 228

قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي / 228

(ك ل م)

كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ.. / 63

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ / 55

كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ... / 551

كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ / 222

ص: 607

رقم / ص

لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ... / 228

لَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِنْ رَسُولٍ / 106

لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ/ 824 / 4 و 526

يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ / 320

لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ / 601 / 406

لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ / 930 / 594

لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ / 23 / 17

لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ / 79 / 55 و 266

لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ / 591

لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ... / 378

لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ / 591 و 594

لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا / 875 / 551

مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ / 157

مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ... / 154

مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَىٰ / 320

مَأْوَاكُمُ النَّارُ ۖ هِيَ مَوْلَاكُمْ

(و)

وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ / 67

وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ.. / 165

وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ / 97

وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ... / 50

وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا / 525

وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى / 278

وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ.. / 809 / 521

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا / 554

ص: 608

رقم / ص

وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ / 224

وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ / 10 / 9

وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ / 56 و 63 و 258 و 262

وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ / 385 / 268

وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ / 386 / 269

وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا / 346

وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ... / 449 / 349

وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا * فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا / 365

وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ / 415

وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ.. / 690 / 454

وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا... / 783 / 505

وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ... / 599 / 405

وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي / 588

وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ / 322

وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ / 507

وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا / 166

وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ / 229

وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ / 623 / 416

وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا / 446

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ... / 162

وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ / 634 و 695 / 424

وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ / 855 / 542

وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ / 187

وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا / 553

وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ... / 353

ص: 609

ص / رقم

وَلَا تَجَسَّسُوا / 346

وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ / 588

فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ عَلَى النَّاسِ / 591

وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ... / 229

وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ.. / 180

وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً / 166

وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ / 584

وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا / 4 و 154 و 193

وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ... / 4 و 41 و 160 و 255

وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ.. / 815 / 523

وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ / 4 و 194 و 224 و 228 و 319 و 588

وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ /321

وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ / 932 / 959

وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ / 810 / 521

وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ / 5 / 3

وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا.. / 692 / 455

وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ / 631 / 423

وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ / 62

وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ / 180

وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ۚ وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ / 812 / 521

(ى)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ / 397 / 274

ص: 610

رقم / ص

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ.. / 398 / 274 و 311

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ / 446 / 325

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ / 488 / 345

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً / 371

يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ / 423

يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ.. / 691 / 454

يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ۚ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ / 693 / 455

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ... 923 / 581 و 590

يَوْمَ لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا / 588

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ... / 870 / 548

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ / 872 / 549

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ / 168 / 118

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ... / 233

يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ... / 362 / 257

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ / 444 / 311

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ ۖ لِلذَّكَرِ مِثْلُ.../ 55 و 63 و 66

ص: 611

الاحاديث

(أ)

رقم / ص

ائتوني بدواة وصحيفة أكتب لكم كتاباً... 200 / 150

ائتونى بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده... 201 / 151

ائتوني بصحيفة ودواة أكتب لكم كتاباً... 206 / 153

ائتونى بالكتف والدواة أكتب لكم كتاباً... 202 / 152

أبوك حذافة (في جواب عبداللّه بن حذافة) 351

أتدرون أي بلد هذه ؟... 156 / 113

أتطلب منى دم عثمان وأنت قتلته على (عَلَيهِ السَّلَامُ) 447

اجعلوا أهل بيتى منكم مكان الرأس من الجسد.. 19 / 15

أخذ الراية زيد فأصيب ثم أخذها جعفر... 414 / 294

أخر عنى يا عمر اني خبرت قيل لى استغفر لهم... 249 / 188

أخواى ومؤنسای و محدثای 415 / 294

أخرج على بركة اللّه.. 62 / 41

أدرك خالداً فقل له : ان رسول اللّه ينهاك أن تقتل 646 / 324

اذا أنا دعوت فأمنوا فقال : أسقف.. 106 / 77

اذا شك أحدكم في صلاته... 538 / 380

ص: 612

رقم / ص

اذهب فاقتله 96

إذا فرغت منه فآذنا 248 / 187

اذهب فمن لفيته يشهد أن لا اله الا اللّه... 254 / 191

اذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً 356 / 255

اذا أبردتم الى بريداً فابردوه حسن الوجه 438 / 308

اذا بلغ بنو العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال اللّه دولا.. 583 / 399

اذا حكم الحاكم واجتهد ثم أصاب... 877 / 552

ارجعى وراءك واللّه لا يبغضه أحد من الناس الا وهو خارج من الايمان 429

استر اسلامك 441 / 309

اسمعوا وأطيعوا فانما عليهم ماحملوا... 936 / 596

أعلم أمتى من بعدى على بن أبي طالب 556 / 388

اغد على بركة اللّه 51 / 34

اغز باسم اللّه وفي سبيل اللّه 48 / 32

أقضى أمتى على 388

أقضا كم على 388

أكتب بسم اللّه الرحمن الرحيم قال سهيل... 234 / 174

اكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم 354 / 254

الاسلام شهادة أن لا اله الا اللّه والتصديق... 380 / 266

ألا ترى الى بيتى ما أقر به الى المسجد... 352 / 254

ألم آمركم أن لا تقتلوا أسيراً 462 / 324

اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه 787 و 682 / 508 و 451

اللّهم انى استعديك على قريش على (عَلَيهِ السَّلَامُ) 672 / 444

اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه ؟ فقال نعم... 799 / 515

اللّهم اني أبرأ اليك مما صنع خالد بن الوليد 700 / 460

ص: 613

الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة 758 / 493

الدين النصيحة 554

الولد للفراش وللعاهر الحجر 706 / 463

المسلم أخو المسلم هو عينه... (الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 554

الزموا مودتنا أهل البيت فمن لقى 865 / 546

أما واللّه لاعطين الراية غداً رجلا يفتح اللّه... 384

أما أني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه 430

أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هارون من موسى 498

أما أنك ستلقى بعدى جهداً... 512

أم الولد لاتباع ولا توهب... 394 / 272

أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولو الا اله الا اللّه... 149 / 109

امش ولا تلتفت وانه مشى شيئاً ثم وقف... 153 / 111

أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم 126 و 686 / 89 و 452

أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم 127 و 687 و 686 / 90 و 453

أنا وهذا - يعنى علياً - حجة على أمتي 899 / 512 و 563

أنا مدينة العلم وعلى بابها.. 910 / 568

أنا دار الحكمه وعلى بابها 912 / 573

أنا المنذر وعلى الهاد وبك ياعلى.. 907 / 566

أنا فرطكم على الحوض وليرفعن رجال منكم... 821 / 525

ان هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم... 10 و 888 / 9 و 558

ان مثل أهل بيتى فيكم مثل سفينة نوح.. 17 / 14

ان اللّه يغضب لغضبك ويرضى لرضاك 121 /87

ان بعدى أو سيكون بعدى من أمتى أقوام يقرأون 140 / 101

ان في كتاب اللّه آية ما عمل بها أحد قبلی... (علی (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 371

ص: 614

رقم / ص

ان خيار أمتى من شهد ان لا اله الا اللّه 602 / 406

ان اللّه جعل ذرية كل نبي من صلبه وان اللّه... 756 / 492

ان الحسن والحسين هما ريحانتاى من الدنيا 757 / 492

ان الامة ستغدر بك بعدى 512

ان آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء... 794 / 513

ان لكل نبي حرماً وان المدينة حرمى.. 798 / 515

ان زيداً كان عالماً وكان صدوقاً (الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 513

ان وصيي وموضع سرى وخير من أترك 896 / 562

ان اللّه جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً.. 244 / 183

ان الميت يعذب ببكاء أهله 425 / 299

ان الذى أحصى رمل عالج ليعلم ان السهام لاتعول.. 368 / 260

أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه..903 / 564

انكم لتخبروني عن رجل في وجهه لسفعة من الشيطان... 131 / 94

انكم تسألونى بالفحش و تبخلوني ولست بباخل 439 / 309

انما مثل أهل بيتى كسفينة نوح من ركبها نجا 18 / 14

انما كان يكفيك أن تضرب يبديك الارض ثم تنفخ

انا للّه وانا اليه راجعون عند اللّه أحتسب عمى... (الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 530

انا حتى الان لم تفرغ من كتابة الكتاب.. 235 / 176

انه منى وأنا منه 343

انه لا ينبغى أن أذهب الا وأنت خليفتي 889 / 559

انها لرؤيا حق انشاء اللّه... 314 / 226

اني تارك فيكم الثقلين كتاب اللّه عز وجل وعترتى 15 / 13

انى تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الاخر... 15 / 13

اني تارك فيكم خليفتين كتاب اللّه 15 / 13

ص: 615

رقم / ص

اني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا.. 15 و 112 / 12 و 154

انى على الحوض حتى أنظر من يرد على منكم... 817 / 523

انى فرطكم على الحوض من مرعلى شرب 819 / 524

أهل بيتى أمان لامتى من الاختلاف 16 / 13

اياك وبغضنا أهل البيت فان رسول اللّه.... (الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 547

اياكم والظن فان الظن أكذب الحديث 489 / 345 و 554

أيتكن صاحبة الجمل الادب تنبحها كلاب الحوأب 657 / 434

أيكم يعرض عليهم هذا المصحف على (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 447

أيلعب بكتاب اللّه وأنا بين أظهر كم 343 / 247

أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة عن دبره / 395 / 272

أيها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره اللّه... 547

أيها الناس يوشك أن أدعى فأجيب وانى مسؤل... 585

أيها الناس انى يوشك أن أدعى فأجيب واني تارك... 920 / 578

أيها الناس يوشك أن أقبض قبضاً سريعاً 11 و 925 / 10 و 577

أيها الناس ما مقالة بلغتنى عن بعضكم في... 49 / 33

(ب)

بلى. قال أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم في النار. قال بلی.. 229 / 171

بلی قلت ألسنا على الحق وعدونا على الباطل.. 172

بينا أنا قائم فاذا زمرة حتى اذا عرفتهم خرج رجل.. 816 / 523

(ت)

تعوذ باللّه يا جندب من شر السخط 147 / 107

تقتل بأحجار الزيت من ولدى نفس زكية 532

ص: 616

رقم / ص

تقول اللّه أكبر اللّه أكبر ترفع بها صوتك 303 / 220

(ج)

جهزوا جيش اسامة ارسلوا بعث اسامة 50 / 33

جهزوا جيش اسامة لعن اللّه من تخلف عنه 55 / 36

(ح)

حرب على حربی وسلمه سلمی 785 / 507

حلال محمد حلال الى يوم القيامة وحرامه حرام الى يوم القيامة 1 / 1

حيث يطلع قرن الشيطان 369

(خ)

خیرنی ربى فقال : اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ فاخترت... 251 / 189

(د)

دخل على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وأنا نائم على المنامة فاستسقى الحسن... (على (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 129 / 91

دعهن يبكين وقعد على شفير القبر وفاطمة الى جنبه تبكى 423 / 298

دعهن فان النفس مصابة والعين دامعة 424 / 298

(ذ)

ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم... 882 / 553

ص: 617

(ر)

رقم / ص

رحم اللّه علياً اللّهم أدر الحق معه حيث دار 683 / 451

رضا فاطمة من رضاى وسخط فاطمة من سخطى.. 125 / 88 و 89

رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ وعن... 376

(س)

سباب المسلم فسق 775 / 501

سباب المسلم فسق وقتاله كفر 776 / 501

ستكثر الكذابة على فمن كذب علي متعمداً... 808 / 521

ستكون بعدى اثرة وامور تنكرونها.. 934 / 595

ستكون امراء عليكم فتعرفون وتنكرون.. 937 / 596

الى موضع قتل أبيك فأومائهم الخيل... 47 / 32

سلونى... 351

سمعت تضور عمى العباس في وثاقه 451 / 316

سمى هارون ابنيه شبراً وشيراً واني سميت... 759 / 493

(ص)

صدقت صدقت...291 / 207

صدقة تصدق اللّه بها عليكم فأقبلوا صدقته 600 / 405

صلوا أيها الناس في بيوتكم 353 / 254

(ع)

عدت بمعاذ 617 / 413

عرفت رجالا من بنی هاشم وغيرهم أخرجواكرهاً 314

على مثل جعفر فلتبكي البواكي 419 / 296

على مع القرآن والقرآن مع على لن يفترقا حتى يردا

ص: 618

رقم / ص

على الحوض 11 و 197 و 99 / 10 و 144 و 567

على منى وأنا من على ولا يؤدى عنى الا أنا أو على 922 / 579

على منى بمنزلتي من ربى 905 / 566

على منى بمنزلة رأسى من بدنى 908 / 567

(ف)

فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها و یریبنی ما را بها 122 / 88

فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها 123 / 88

فاطمة بضعة منى يقبضنى ما يقبضها 124 / 88

فخرجوا يجرون حرمة رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) كما تجر الامة... على (عَلَيهِ السَّلَامُ) 673 / 444

فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم 3 / 2 و 454

فلو أن رجلا صفن - أى صف - قدميه بين الركن... 867 / 547

في كل خلف من امتى عدول من أهل بيتي... 545

(ق)

قومو فانحروا ثم حلقوا (قال) فو اللّه ما قام منهم رجل... 230 / 173

قد قضى ؟ قالوا لا يارسول اللّه فبكى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )... 418 / 295

(ك)

كفى و كف على في العدل سواء 906 / 566

كان يكفيك 402 / 276

كيف طلقتها ؟ قال : ثلاثاً. قال (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في مجلس واحد؟.. 342 / 247

كيف أنام وأنا أسمع أنين عمى 452 / 316

كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي 371

ص: 619

(ل)

رقم / ص

لا تقاتلا الا من قاتلكما 459

لاها اللّه لا تجتمع ابنة ولى اللّه.. (مختلق) 795 / 513

لاتزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع : 546

لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا 554

لا تقع في على فانه منى وأنا منه وهو وليكم بعدى 890 / 560

لا تبغضن لى يا بريدة علياً فان علياً... 891 / 560

لا تقولن هذا لعلى فانه وليكم بعدى 894 / 562

لا تقل هذا لعلى فهو أولى الناس بكم بعدى 895 / 562

لا تجيبوه (يعنى أبا سفيان) 487 / 344

لا تجتمع امتي على الضلال ولا...

لاتزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق 218 / 162

لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق 740 / 481

لا بعثن غداً رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبانه 474 / 330

لاعطين الراية رجلا يحب اللّه ورسوله ويحبه اللّه ورسوله 680 / 331 و 450 و 490 و 498

لا يبغضك يا على الا ابن زنا أو ابن حيضة أو منافق 135 / 100

لاضرر ولا ضرار 390 / 271

لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود 138 / 100

لقد انزلت على سورة هي أحب الى مما... 141 / 181

لقد علمت - ياعثمان - أنا تمتعنا على عهد رسول اللّه (على (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 276 / 201

لكل نبي وصى ووارث وان وصيى ووارثي على بن أبي طالب 897 / 562

ليقاتلنك ابن عمتك هذا وهو لك ظالم 675 / 446

ص: 620

(م)

رقم / ص

ما تريدون من على ؟ ان علياً منى وأنا منه 893 / 561

ما بال أقوام ينتقصون علياً من أبغض علياً فقد.. 892 / 560

ما وجدت الا القتال أو الكفر بما أنزل اللّه تعالى 782 / 505

ما منعك أن تخبرني ؟ فقال سبقني عبد اللّه زید.. 313 / 225

ما سؤالك عن هذا يا عمر ؟ انى أظنك تموت قبل أن تعلمه 373 / 262

ما حملكم على قتله وقد جاءكم رسولی 463 / 324

ما كانت هذه لتقاتل فقال لاحدهم... 465 / 325

ما بال أقوام يزعمون ان شفاعتي لاتنال أهل بيتى 523 / 325

ما أسرع ما أغرتم على أهل بيتى رسول اللّه (فاطمة الزهراء(عَلَيهِ السَّلَامُ)) 545 / 382

مارأيت ؟ فقالت مارأيت طائلا.. 625 / 417

ما أنا بقارى، فأخذني فقطني.. 420

ما من وال يلى رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم الا حرم اللّه عليه الجنة 468

ما من عبد استرعاه اللّه رعيته فلم يحطها بنصيحة الا لم يجد رائحة الجنة 469

ما بال أقوام يبغضون علياً ومن أبغض علياً فقد... 737 / 480

ما تريدون من على ما تريدون من على... 739 / 480

من خلع يداً من طاعة لقى اللّه يوم القيامة لاحجة له 599

مثل أهل بيتى مثل سفينة نوح من ركبها نجا 18 / 15

مثل البيت الذى يذكر اللّه فيه والبيت الذى... 355 / 255

مر بي جعفر البارحة في نفر من الملائكة... 43 / 29

معشر الناس أنا سلم لمن سالم أهل هذه الخيمة 128 و 689 / 91 و 454

من كتب على علماً أو حديثاً لم يزل يكتب له الاجر 184 / 139

ص: 621

رقم / ص

من ولى من أمور المسلمين شيئاً فأمر عليهم أحداً محاباة فعليه لعنة اللّه... 469

من أحب عليا فقد أحبنى ومن أبغض علياً. 728 و 735 و 733 / 475 و 480 و 501

من آذى علياً فقد آذاني 478

من سب عليا فقد سبني 770 و 772 / 449 و 500 و 599

من كنت مولاه فعلی مولاه اللّهم 742 / 483 و 582

من أطاعنى فقد أطاع اللّه ومن عصاني فقد... 914 / 574

من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد... 780 / 504

من أحب أن يركب سفينة النجاة ويستمسك... 859 / 543

معرفة آل محمد براءة من النار وحب آل محمد جواز... 545

مهما يكن من القلب والعين فمن اللّه والرحمة 410 / 280

(و)

وان أناساً من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال... 823 / 525

و الاسلام ماظهر من قول أو فعل وهو الذي عليه جماعة من الناس... (الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 381 / 266

والذي نفس محمد بيده لا تدعونى اليوم قريش الى خطة يسألوني فيها صلة الرحم الا أعطيتهم اياها 224 / 167

والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد الا أدخله اللّه النار 730 / 477

واللّه انه لعهد النبى الأمى انه لا يحبنى الا مؤمن ولا يبغضني الا منافق (على (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 741 / 482

والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت... 547

ولكن حمزة لابواكي له... 420 / 296

ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد 464

ويلك ومن يعدل اذا لم أعدل... 143 / 103

ص: 622

رقم / ص

ويلك ألست أحق أهل الارض أن ينقى اللّه ؟... 155 / 112

ويح عمار تقتله الفئة الباغية عمار بدعوهم... 784 / 506

(ه_)

هذا على مع القرآن والقرآن مع على لا يفترقان 119 / 86 و 577

هذا أول قرن يطلع فى أمتى او قتلتموه ما اختلف بعده اثنان... 132 / 95

هذه رحمة جعلها اللّه في قلوب عباده 417 / 295

هم شر الخلق أو من أشر الخلق يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق 141 / 102

هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده... 199 / 149

هل رآه أحد منهم على شيء من أعمال الخير ؟... 252 / 189

هل بقى لكم مال أودم لم يؤد ؟ قالوا لا... ((علی (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 701 / 461

هل أنكر عليه أحد ماصنع ؟... 461

(ى)

يا أيها الناس انى تركت فيكم ما أن أخذتم به لن تضلوا كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي 15 / 12

يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا اله الا اللّه ؟... 154 / 112

يا أنس أول من يدخل عليك من هذا الباب امام المتقين.. 933 / 563

يا ويح قريش نهكتهم الحرب فماذا عليهم أو خلوا بيني وبين العرب 223 / 167

يا عمر انی رضیت و تابی 232 / 167

يا بلال قم فناد الصلاة. فنادى بالصلاة 321 / 231

یا ابن عوف انها رحمة... 416 / 295

با حاطب ما حملك على ما صنعت ؟ 437 / 307

يا أبا حفص أيضرب وجه عم رسول اللّه بالسيف ؟ 453 / 317

ص: 623

رقم / ص

يا بلال هجر بالصلاة... ما بال أقوام يزعمون ان قرابتي لا تنفع 524 / 370

يا طلحة جئت بعرس رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) تقاتل بها وخبات عرسك... (الامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ) 447

يا عمرو أما واللّه لقد آذيتني... بلى من آذى عليا فقد آذانی 733 / 478

يا عائشة ان هذين يموتان على غير ملتي... (من المختلقات) 792 / 511

ياعائشة ان سرك الى رجلين من أهل النار.. (من المختلقات) 793 / 513

يا على أنت تبين لامتى ما أختلفوا فيه من بعدى 913 / 573

يا على طوبى لمن أحبك وصدق فيك وويل لمن.. 729 / 476

يا على أنت سيد فى الدنيا سيد في الآخرة 732 / 477

يا على من فارقني فقد فارق اللّه ومن فارقك.. 734 / 479

يا فاطمة ألا ترضى أن تكونى سيدة نساء المؤمنين 104 / 74

يثنى عليه الناس شراً وأثنى عليه خيراً 253 / 190

يخرج من صلبك رجل يقال له زيد.. 530

يردعلى الحوض رجال من أصحابي فيحلاون... 818 / 524

يرد على يوم القيامة رهط من أصحابي... 820 / 524

يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم 141 / 102

يكون بعدى أئمة لا يهتدون بهداى ولا... 933 / 959

ينزل الوحى به على نبيكم وتزعمون أنه أخذه... (الصادق (عَلَيهِ السَّلَامُ)) 326 / 237

ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة 599

ص: 624

الموارد

خطبة الكتاب

الفصل الاول : تاول أبي بكر واتباعه

المورد / ص

يوم السقيفة 1 / 6

عهد أبي بكر بالخلافة الى عمر 2 / 25

التأمير في غزوة مؤتة 3 / 26

سرية اسامة بن زيد 4 / 30

سهام المؤلفة قلوبهم 5 / 32

سهام ذى القربى 6 / 50

توريث الانبياء 7 / 55

نحلة الزهراء 8 / 66

ايذاء الزهراء 9 / 87

أمر النبى أبا بكر وعمر بقتل ذى الثدية 10 / 93

أمر النبي اياهما بقتله للمرة الثانية 11 / 95

فصل في الخوارج 97

قتل الخوارج 100

ص: 625

المورد / ص

الخوارج شر الخلق والخليقة 101

مروق الخوارج من الدين 103

قتال المتريثين في أمر الزكاة 12 / 108

وقعة يوم البطاح ومقتل مالك بن نويرة 13 / 116

منع كتابة العلم عن النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ )

ما صنعه أبو بكر وعمر عندما أحال لهما النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) جماعة من المشركين 15 / 145

الفصل الثانى : تأول عمر وأتباعه

رزية يوم الخميس 16 / 148

صلح الحديبية وانفة عمر من قبول شروط الصلح 17 / 163

صلاته (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على ابن أبي المنافق 18 / 186

صلاته على بعض المؤمنين 19 / 189

تبشير النبى بعض المؤمنين بالجنة ومنع عمر من ذلك 20 / 191

متعة الحج اذ نهى عنها عمر 21 / 194

متعة النساء 22 / 207

التصرف فى الاذان باشتراع فصل فيه 23 / 218

اسقاط (حي على خير العمل» من الاذان والاقامة 24 / 238

الطلاق الثلاث وما أحدثوا فيه بعد النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 25 / 244

صلاة التراويح 26 / 250

صلاة الجنائز وعدد التكبيرات فيها 27 / 256

اشتراط التوارث بين الاخوة والاخوات أن لا يكون الموروث منهم ولد 28 / 257

عول الفرائض 29 / 259

ص: 626

المورد / ص

ميراث الجد الاخوة 30 / 262

الفريضة المشتركة وتعرف بالحمارية 31 / 264

ان نصيب الورثة (مما ترك الوالدان والاقربون) مطلق من حيث العروبة 32 / 266

ارث الخال لابن اخته 33 / 267

عدة الحامل يتوفى عنها زوجها 34 / 268

تزويج زوجة المفقود 35 /270

بيع امهات الاولاد 36 / 272

وجوب التيمم للصلاة ونحوها مع فقد الماء 37 / 274

التطوع بركعتين بعد العصر 38 / 276

تأخير مقام ابراهيم عن موضعه 39 / 278

البكاء على الموتى 40 / 279

نصه على صدق حاطب ونهيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اياهم عن ان يقولوا له الاخيرا 41 / 307

كتابه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى امرائه فيما يبردونه اليه 42 / 308

لمزه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) في الصدقات 43 / 308

قوله (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) اعمر حين أسلم استر اسلامك 44 / 309

ما كان في بدء الاسلام مما يتعلق بالصيام 45 / 310

حول الخمر وتحريمها 46 / 311

النهي عن قتل العباس 47 / 314

أخذ الفداء من الأسرى يوم بدر 48 / 319

أسرى حنين 49 / 323

فرار من فرمنهم من الزحف 50 / 335

نهيه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لاصحابه عن جواب أبي سفيان في أحد 51 / 341

التجسس مع النهى عنه 52 / 345

ص: 627

المورد / ص

تشریع حد لمهور النساء 53 / 348

استبدال الحد الشرعى بأمر آخر يختاره الحاكم 54 / 352

أخذ الدية حيث لم تشرع 55 / 353

اقامة حد الزنا حيث لم يثبت مقتضيه 56 / 353

درؤه الحد عن المغيرة بن شعبة 57/ 354

تشدده على جبلة بن الايهم 58 / 359

تشدده على أبي هريرة 59 / 361

تشدده على سعد بن أبي وقاص بتحريق قصره، وعلى خالد بن الوليد 60 و 61 / 363

نفيه لضبيع التميمي وضربه اياه 62 / 364

نفيه لنصر بن الحجاج 63 / 365

تجاوزه الحد الشرعى فى الغلظة على ولده 64 / 366

قطعه شجرة الحديبية 65 / 368

يوم شكتهام هانى الى رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 66 / 370

يوم النجوى 67 / 371

تسامحه مع معاوية اذ ولاه أمر الشام 68 / 373

أمره بما يخالف الشرع ورجوعه عن ذلك بعد تنبيهه وموارد ذلك كثيرة 69 / 374

عهده بالشورى 70 / 383

الفصل الثالث : تأول عثمان وأتباعه

صلته لارحامه 71 / 399

صلاته في السفر 72 / 405

ص: 628

الفصل الرابع : تاول عائشة واتباعها

المورد / ص

صلاة عائشة في السفر 73 / 412

يوم زفت أسماء بنت النعمان الجونية عروساً الى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 74 / 413

يوم قال أهل الأفك والزور ماقالوا في ابراهيم بن رسول اللّه وامه مارية 75 / 413

يوم المنافير 76 / 413

تكليفهما بالتوبة 77 / 415

تظاهرهما على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 78 / 415

المثل العظيم في آخر سورة التحريم 79 / 416

يوم أراد رسول اللّه أن يخطب لنفسه شراف أخت دحية الكلبي 80 / 417

يوم خاصمت رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) الى أبيها 81 / 417

يوم أغضبها رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 82 / 418

ذمها لعثمان وأمرها بقتله 83 / 418

بعض حديثها عن رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 84 / 420

خروجها على الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 85 / 423

الفصل الخامس : تأول خالد بن الوليد

ما فعله خالد يوم فتح مكة مع سبق نهى النبي عن القتل 86 / 459

بطشته الجاهلية في بني جذيمة 87 / 460

الفصل السادس : فى بعض ما كان من معاوية

الحاق معاوية لزياد بأبي سفيان 88 / 463

عهده بالخلافة الى ابنه يزيد 89 / 464

ص: 629

عينه في اليمن وما فعله بسر بن ارطاة 90 / 469

قتله الصالحين من عباد اللّه 91 / 471

بوائق أعماله وعماله 92 / 474

بغضه علياً وعداوته اياه 93 / 475

لعنه في قنوط الصلاة سادة تعبد اللّه المسلمين بالصلاة عليهم في كل الصلوات 94 / 487

حربه علياً 95 / 502

وضع الحديث في ذم أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 96 / 508

نقض العهود والمواثيق التي أعطاها لسيد شباب أهل الجنة يوم الصلح 97 / 515

الفصل السابع : ما فعله جمهور الامة

احتجاج الجمهور بمطلق من صحب النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مسلماً 98 / 519

اعراضهم عن أئمة العترة الطاهرة في أصول الدين وفروعه وفيما هو اليهما 99 / 525

الدعوة الى الصفاء 100 / 551

خاتمة الكتاب في البحث عن الامامة 557

ص: 630

المواضيع

(أ)

الموضوع / ص

استعمال القوة والاكراه في البيعة لابي بكر 7و 19

أسماء من المتخلفين عن بيعة أبي بكر 6 و 115

اخراج الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) كرهاً لاجل البيعة 21

ان بيعتي (أبو بكر) كانت فلتة 24 و 114

ان بيمة أبي بكر فلتة وقى اللّه شرها 24 و 114 و 115

الامير الأول فى مؤتة هو جعفر الطيار 26

أبو بكر وعمر في جيش اسامة 31

اسامة عمره (17) سنة وهو أمير على شيوخ الصحابة 36

الارث في الشريعة 57

ازواج النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يرسلن عثمان حول ميراثهن 65

أفضل نساء الجنة 72

أبيات الشافعي في حب أهل البيت 81

أخبار النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) بالمارقين وصفاتهم 81

الامام أمير المؤمنين على بن أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) طبق ما أخبر 105

ص: 631

الموضوع / ص

به النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) من أمر الخوارج 106

أبو قتادة الانصارى وعبد اللّه بن عمر يعترضان على خالد.. 122

أبو قتادة وعمر يغضبان من فعل خالد بمالك 125

أبو قتادة وعبد اللّه بن عمر يشهدان لمالك بالاسلام 125

اعتراف عمر أن الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) فعل متعة الحج وهي في كتاب اللّه 198

الاذان بوحى من اللّه 236

أول من جعل اماماً للتراويح عمر 252

أهل البيت لا يقولون بالعصبة 258

أهل البيت لا يعترفون بالعول 261

الارث والعروبة 266

ابن مسعود والتيمم 276

الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يأمر بالبكاء على مالك الاشتر 284

الامام على بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) يقيم المأتم على أبيه في كربلاء بعد رجوعه 286

ابن عباس ينكر روايات المنع عن البكاء 299

أهل البيت ينكرون روايات منع البكاء 300

......يمحون الاثار الاسلامية في مكة والمدينة 302

أبو بكر وعمر في جيش عمرو بن العاص 338

أبو بكر وعمر في جيش أسامة 338

أخذ الامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ) سورة براءة من أبى بكر بأمر من الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 340

آية النجوى لم يعمل بها الا الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 372

الامام على أعلم بعلوم القرآن من غيره 390

ارجاف عائشة بعثمان 393

أول من بايع علياً طلحة والزبير 394

اعطاء عثمان خمس أرمينيا لمروان 400

ارجاع عثمان الحكم بن أبي العاص 401

ص: 632

الموضوع / ص

ابطال عثمان الحدود وصلاة الوليد وهو سكران 410

احدوثة الأذان الثالث يوم الجمعة 410

الاحنف بن قيس وعائشة 439

اختلاف طلحة والزبير في الامارة 446

ابن عمر يبايع ليزيد 598

أسماء الصحابة المستشهدين مع أمير المؤمنين 502

أمر النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلى (عَلَيهِ السَّلَامُ) بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين 504

أبو هريرة 509

ابن النابغة 510

أبو على الحسين بن على الكرابيسي 514

الامام الصادق 527

الامام الكاظم 528

الامام الرضا 528

الامام الجواد 529

الامام العسكري 529

البشرى شيخ الجامع الازهر 155

ادريس بن عبد اللّه بن الحسن المثنى534

الامام الحسن 538

أسماء من صحح حديث أنا مدينة العلم وعلى بابها 571

أسماء من تخلف عن بيعة أبي بكر 6

(ب)

البكاء على الميت

1 - بكاء آدم على ابنه هابیل 280

ص: 633

الموضوع / ص

2 - بكاء ابراهيم على اسماعيل 280

3 - بكاء اسماعيل 280

4 - بكاء يعقوب على يوسف 280

5 - بكاء زكريا وزوجته على يحيى 280

6 - بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على جده عبد المطلب 280

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على عمه أبي طالب 281

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على فاطمة بنت أسد : كما في أعيان الشيعة ج 8/1 عن المستدرك للحاكم

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على على (عَلَيهِ السَّلَامُ) 281

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على أمه 282

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على أهل بيته 282

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على فاطمة 282

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على الامام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) 282

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 282

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على عثمان بن مضعون 283

بكاء الصحابة بمحضر الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 283

بكاء الرسول (ض) على رقية 283

بكاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على عمه حمزة 293

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مع صفية على حمزة 293

بكاء الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على جعفر 294

بكاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على جعفر وزيد 294

بكاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) على ابنه ابراهيم 295

بكاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علی ابن بنته 295

بكاء النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) وجملة من الصحابة على سعد بن عبادة 296

7 - بكاء الامام أمير المؤمنين على (عَلَيهِ السَّلَامُ) على فاطمة 283

ص: 634

الموضوع / ص

بكاء الامام على (عَلَيهِ السَّلَامُ) على الامام الحسين 283

بكاء الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ولده حين مر بكربلاء 284

بكاء الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على عمه حمزة 284

8 - بكاء فاطمة الزهراء على أبيها 284

بكاء فاطمة الزهراء على جعفر 296

9 - بكاه أم سلمة على الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 285

بكاء أم سلمة على الوليد بن الوليد 285

10 - بكاء أم أيمن على رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 285

11 - بكاء الجن على الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 286

12 - بكاء الصحابة على الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 286

13 - بكاء الناس على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 286

14 - بكاء نساء آل البيت على الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) عند الوداع 286

15 - بكاء الامام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أبيه 286

16 - بكاء الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على طفله الرضيع 286

بكاء الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على ابنه على الاكبر 286

17 - بكاء الامام على بن الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) على أبيه 286

18 - بكاء ابن عباس على الامام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) 287

بكاه ابن عباس على الامام الحسين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 287

19 - بكاء محمد بن الحنفية على أخيه الحسن 287

بكاء محمد بن الحنفية على أخيه الحسين 287

20 - بكاء زينب على أخيها الامام الحسين 287

21 - بكاء سكينة على أبيها 287

22 - بكاء أم كلثوم على أبيها 287

بكاء أم كلثوم على أخيها 287

23 - بكاء نساء آل البيت على على الاكبر 288

ص: 635

الموضوع / ص

24 - بكاء النساء والصبيان والرجال على الامام الحسن سبعة أيام 288

بكاء نساء الانصار على حمزة قبل بكائهن على موتاهن 297

بكاء النساء على رقية وعمر يضر بهن 298

25 - بكاء فاختة بنت قرضة على الامام الحسن 288

26 - بكاء سودة بنت عمارة على أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 288

27 - بكاء سائر الناس على الامام الحسين عند شهادته 288

28 - بكاء المسلمين على حمزة 288

29 - بكاء الحارث بن الصمة على حمزة 288

30 - بكاء أبى هريرة على الامام الحسن 288

31 - بكاء بلال على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 288

32 - بكاء الامام الشافعى على الامام الحسين 288

33 - بكاء الزهرى على الامام السجاد 289

34 - بكاء الهبارية على الامام الحسين 289

35 - بكاء سليمان بن قنة على الامام الحسين 289

36 - بكاء حمنة بنت جحش على زوجها وتقرير الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ذلك 289

37 - بكاء أنس ابن مالك على الامام الحسين 289

38 - بكاء زيد بن أرقم على الامام الحسين 289

39 - بكاء راهب على الامام الحسين ثم يسلم 289

40 - بكاء الحسن البصري على الامام الحسين 289

41 - بكاء أهل المدينة على الامام الحسين 289

42 - بكاء فاطمة بنت عقيل على اخوتها 290

43 - بكاء صفية بنت عبد المطلب على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 290

44 - بكاء هند بنت الحارث بن عبد المطلب على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 290

45 - بكاء أبي الطفيل على الامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 290

46 - بكاء الخضر على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 290

ص: 636

الموضوع / ص

47 - بكاء أروى بنت عبد المطلب على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 290

48 - بكاء عائكة بنت عبدالمطلب على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 291

49 - بكاء هند بنت أثاثة بن عباد بن عبد المطلب على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 291

50 - بكاه عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 291

51 - بكاء زينب الصغرى بنت عقيل بن أبي طالب على قتلا الطف 291

52 - بكاء أبي بكر على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 292

53 - بكاء عبد اللّه بن أنيس على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 292

54 - بكاء حسان بن ثابت على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 292

55 - بكاء كعب بن مالك على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 292

56 - بكاء عمر بن الخطاب على شيخ قد مات 292

بكاء عمر على النعمان بن مقرن 292

57 - بكاء ابن عمر على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 293

بطل فخ الحسين بن على 533

بين أبي بكر وعمر 35

بين الزهراء وأبى بكر 62

(ت ث)

تهديد عمر علياً وفاطمة بالاحراق 17

تأمیر زید 27

تقدم أمير المؤمنين على بن أبي طالب وشيعته في علوم الاسلام..143

التطاول على الساحة المقدسة بدعواهم ان الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يهجر 152

تفضيل الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) علياً على من سواه 337

تأليب طالحة والزبير على عثمان 393

توسعة المسجد الحرام 410

تواتر الاحاديث بالمؤاخات بين النبي وعلى 387

ثروة الخليفة عثمان 403

ص: 637

(ج ح خ)

جعفر في ثلاثة آلاف وعدوه في مائة ألف 28

جاريه بن قدامة السعدى وعائشة 437

حكيم من بنى جشم ينصح أهل البصرة 440

حول مأساة يوم الجمل 426

حديث المنزلة 451

حي على خير العمل كانت فى الاذان على عهد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 238

حبل اللّه هم أهل البيت 458

الحسن المثنى 530

حديث المولاة 451

حديث الحق مع على 451

حديث الثقلين من الاحاديث المتواترة 578

الحديث للسياسة 597

حديث الراية في خيبر 331

الخلافة والعدالة 597

خروج عائشة من مكة الى البصرة 433

خطاب عائشة في أهل البصرة 441

الخدعة بمالك بن نويرة 121

خير نساء العالمين 73

(دذ)

دفنت بضعة المصطفى سراً 392

دم عائشة اعثمان 418

الذين يلعنون على بن أبى طالب امتثالا لامر معاوية 495

ص: 638

(رز)

رثاء حسان لجعفر حين استشهد 27

الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يحث على مسير جيش اسامة 32

الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يأمر اسامة با الذهاب الى الحرب 34

الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) و سهم ذى القربى 50

رأى مالك وأبي حنيفة في سهم ذى القربي 53

رأى الشيعة في الخمس 54

رأى الامام الباقر (عَلَيهِ السَّلَامُ) في الخمس 54

الرجل الذى امتحن اللّه قلبه بالايمان 146

رزية يوم الخميس وتناسى الوصية 151

رزية يوم الخميس لها مصادر كثيرة 152

الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعد المستضعفين بالفرج 183

زجر وضرب عمر لمن يبكي على ميته 297

زيد الشهيد 530

(س ش)

سهم المؤلفة 49

سياسة الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) مع قريش 166

السبب في المنع عمرة التمتع 200

سبب نهى عمر عن متعة النساء 210

السبب في حذف «حي على خير العمل» من الاذان 239

شاب من بنى سعد يؤنب طلحة والزبير 438

شهادة أم أيمن وغيرها 69

شهادة خزيمة بشهادتين 85

ص: 639

(ص ض)

صفات الخوارج من طريق الجمهور 105

صبر أبي جندل في سبيل اللّه 178

الصحابة والتابعون الذين قالوا بحلية متعة النساء 212

صلاة التراويح جماعة كانت سنة 14ه_ 253

صلة عثمان لعبد اللّه بن خالد بن أسيد 401

ضرب الكعبة بالمنجنيق وحرقها 465

(ع غ)

عبد اللّه بن عمر والبيعة 598

عمر يمنع سهم المؤلفة 44

عثمان يعطى فدكاً لمروان بن الحكم 71

عمر يمنع كتابة العلم والحديث 140

عمر يضع اماماً لصلاة التراويح 251

العصبة 258

العول 259

عمر زحزح مقام ابراهيم عن موضعه 279

عائشة تنكر روايات عمر وابنه في المنع عن البكاء 300

عمر لا يمنع عن البكاء في موت خالد بن الوليد 300

عمر يضرب النساء في البكاء على أبي بكر 301

عمر يسمح لعائشة فقط أن تبكي على أبيها 301

على هو الامير اذا كان في سرية 340

على ولى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 387

على وارث النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 387

على وصى النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 387

ص: 640

الموضوع / ص

على هارون هذه الامة 388

على أعلم الامة وأقضاها 388

على وزير الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 397

عثمان يعطى فدكاً لمروان 402

عثمان يعطى بن أبي سرح خمس الغزو الأول لافريقيا 402

عثمان يعطى لمروان خمس الغزو الثاني لافريقيا 402

عائشة وابن صوحان 437

عروة بن الزبير 511

عدالة الصحابة 519

عكرمة البربرى 527

غلام من جهينة ومحمد بن طلحة 438

(ف ق)

فدك ملك لرسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 67

فدك في يد فاطمة 68

فاطمة الزهراء (عَلَيهَا السَّلَامُ) أفضل من مريم بنت عمران 62

فاطمة الزهراء سيدة نساء المؤمنين 75

في عهد الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) صلاة التراويح كانت فرادى 251

الفرار من الزحف 325

فراد عثمان وغيره في أحد ثلاثة أيام 326

فرار دنمان يوم حنين 327

فرار عمر يوم أحد 327

فرار عمر يوم حنين 328

فراد أبي بكر يوم أحد 329

فرار أبي بكر يوم حنين 329

ص: 641

الموضوع / ص

فراد أبي بكر وعمر يوم خيبر 329

فرارهما أيضاً بروايات اخرى 330

قاعدة لاضرر ولا ضرار 271

قول عمر ان النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ليهجر 253

القائلون بحى على خير العمل في الاذان من الصحابة والتابعين 241

قيمة أحاديث سيف ورأى العلماء فيه 133

قضاء عثمان في امرأة ولدت استة أشهر 410

القيادة العامة في فتنة البصرة 432

قتل معاوية خلقاً كثيراً من شيعة آل محمد 473

قتیل با خمری 532

(ك ل)

كيف تجدينك يا بنية ؟ قالت اني لوجعة..62

کتاب الفتوح والردة لسيف بن عمر التميمي 133

الكتب التي أنت في أهل البيت 549

لم يثبت في أحد غير على (عَلَيهِ السَّلَامُ) 328

لاسيف الا ذو الفقا***ر ولا فتى الاعلى 344

لعن الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) آل أبي العاص في مواطن كثيرة 400

(م)

مطالبة الامام بحقه واحتجاجه عليهم 21

مقتل زيد بن حارثة 29

محاولة التراجع عن الغزو مع اسامة 34

المؤلفة قلوبهم من قبل رسول اللّه (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 43

ص: 642

الموضوع / ص

منع مهم ذى القربى 51

من خطبة فاطمة الزهراء 60

مصادر الاحاديث في حقن دماء المؤمنين 110

من مختلفات سيف بن عمر التميمي 120

موقف مقداد المشرف 168

مبايعة الصحابة للرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ما عدى الجد بن قيس الانصارى 169

المتعة في القرآن 208

متعة النساء غير منسوخة 209

مصادر في المتعة 210

المؤاخات بين النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) والامام أمير المؤمنين (عَلَيهِ السَّلَامُ) 387 و 489

منع عثمان عن متعة الحج 410

مروان هو الذي قتل طلحة 433

موقف أم سلمة في فتنة البصرة 429

موقف حفصة 432

موقف الاشتر 432

ماء الحواب 435

موقف حكيم بن جبلة في فتنة البصرة 445

معاوية هو الذى قتل الامام الحسن (عَلَيهِ السَّلَامُ) 472

معاوية يسب أمير المؤمنين على بن أبى طالب (عَلَيهِ السَّلَامُ) 487

مقاتل بن سليمان البلخي 526

محمد بن الامام الصادق 534

(ن و ی)

نصوص الخلافة من النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) لعلى 25

النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) يعتب على الانصار لعدم البكاء على حمزة 296

ص: 643

الموضوع / ص

النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) ينهى عمر عن التعرض للذين يبكون موتاهم 301

نادى الخمر في دار أبي طلحة 313

الناكثون والقاسطون والمارقون 395

النبي يحذر عائشة من أن تنبحها كلاب الحوأب 435

النفس الزكية 532

نيز الشيعة بالرفض وافتراء الاكاذيب عليهم 550

الوحدة الاسلامية 554

وقعة الحرة وابن عمر 599

وجد فاطمة على أبي بكر فلم تكلمه حتى ماتت 52 و 59

وجوب الصلاة على آل محمد في أثناء الصلاة الواجبة 81

وضع الاحاديث كذباً على الرسول (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 143

وقد نسب القول بجواز المتعة 209

وقوف الفريقين فى يوم الجمل للقتال 442

وصول على الى البصرة والنقاء الجمعين 446

وقعة الحرة 467

الوصية لعلى (عَلَيهِ السَّلَامُ) من قبل النبي (صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَسَلَّمَ ) 488

يستحب صلاة النافلة في البيت 254

يوم الجمل الاكبر 425

يحيى بن زيد 531

يحيى بن عبد اللّه بن الحسن المثنى 533

ص: 644

المصادر

(أ)

الكتاب / المؤلف / الطبعة

أعلام النساء / عمر رضا كحالة / طبع في دمشق

الاصابة في تمييز الصحابة / ابن حجر العسقلاني / طبع مصطفى محمد

أسد الغابة في معرفة الصحابة / ابن الاثير الجزري / افست على طبع مصر

الاستيعاب / ابن عبدالبر / بهامش الاصابة طالسعادة

احقاق الحق ج 1 - 12 / الشهيد التسترى / ط طهران فی ایران

الاتحاف بحب الاشراف / الشبراوى / ط الحلبي

احياء الميت / جلال الدين السيوطي / بهامش الاتحاف الحلبي

أسباب النزول / الواحدی / ط الحلبي بمصر

الامامة والسياسة / ابن قتيبة / ط الحلبي بمصر 1388ه_

أحاديث ام المؤمنين عائشة / مرتضى العسكرى / ط الحيدري في طهران

أنساب الاشراف ج 2 و 3 / البلاذری / ط بيروت بتحقيق المحمودي

أخبار اصفهان / أبو نعيم الاصفهاني / ط لیدن

أحكام القرآن / ابن عربی / ط 2 بتحقيق البجاوي

أسنى المطالب في مناقب / شمس الدين الجزري

ص: 645

الكتاب / المولف / الطبعة

سيدنا على بن أبي طالب / الشافي / ط طهران بتحقيق الامينى

أسنى المطالب في أحاديث / محمد درويش الحوت / ط دار الكتاب العربي بيروت

مختلف المراتب أخبار مكة / الازرقى / ط بيروت دار الاندلس

أضواء على السنة المحمدية / أبورية / ط 5 دار المعارف بمصر

الاستبصار / الشيخ الطوسي / ط النجف 1 - 4

الارشاد / الشيخ المفيد / ط الحيدرية

(ب)

بلاغات النساء / أحمد بن أبي طيفور المتوفى 280ه_ / ط الحيدرية في النجف

البداية والنهاية / ابن كثير / ط السعادة بمصر

بحار الانوار / العلامة المجلسي / ط جدید

(ت)

تاريخ الطبري / الطبرى / ط 2 دار المعارف بمصر

تاج العروس / الزبيدي / ط مطبعة الخيرية

تاريخ الخلفاء / السيوطي / ط السعادة بمصر

تاريخ الخميس / لحسين الديار / بكرى ط مؤسسة شعبان

تفسير المنار / محمد رشید رضار / ط أفست دار المعرفة في بيروت

ترجمة الامام علی بن ابی طالب من تاريخ دمشق / ابن عساکر / ط 1 في بيروت بتحقيق المحمودي

تاريخ اليعقوبي / اليعقوبي / ط دار صادر

التاج الجامع للاصول / ط الحلبي بمصر

تفسير ابن كثير / ابن كثیر /ط دار احياء الكتب العربية

تفسير الخازن / ط مصطفى محمد بمصر

ص: 646

الكتاب / المؤلف / الطبعة

تفسير البيضاوي / البيضاوي / ط أفست بيروت على ط دار الكتب العربية

تذكرة الخواص / السبط بن الجوزي / ط الحيدرية في النجف

التفسير المنير لمعالم / التنزيل الجاوى / ط 3 مصطفى محمد بمصر

تفسير النسفى / النسفى الحنفى / ط دار احياء الكتب العربية

تاريخ الاسلام / الذهبي / ط دار المعارف بمصر

تاریخ بغداد / الخطيب / البغدادى ط السعادة بمصر

التسهيل لعلوم التنريل / الكلبي / ط مصطفى محمد بمصر

تلخيص المستدرك / الذهبي / بذيل المستدرك للحاكم أفست على

على الصحيحين / ط حیدر آباد

تفسير الفخر الرازي / الرازي / ط الدار العامرة بمصر

تفسير أبي السعود / أبو السعود / بهامش تفسير الفخر الرازي طالدار العامرة

تقوية الايمان في الرد على ابن أبي سفيان / لمحمد بن عقيل / ط الحيدرية

تاریخ آل سعود / ناصر السعيد / ط بيروت

التهذيب / الطوسی / ط النجف 1- 10

(ج)

الجامع لاحكام / القرطبي / ط مصور عن ط دار الكتب 1387ه_

القرآن (تفسير القرطبي جامع البيان في تفسير القرآن تفسير الطبرى) / ابن جریر الطبري / أفست بيروت على طبع بولاق

ص: 647

الكتاب / المؤلف / الطبعة

جامع الأصول / ابن الاثير الجزري / ط السنة المحمدية بمصر

جامع بيان العلم وفضله / ابن عبدالبر القرطبي / ط 2 مطبعة العاصمة بالقاهر تصحيح عبد الرحمان محمد عثمان

جواهر / البحار النبهاني / ط الحلبي بمصر

الجامع الصغير / السيوطي / ط الميمنية بمصر

جامع أحاديث الشيعة / السيد البروجردي / ط العلمية في قم

جواهر الكلام في شرح شرائع الاسلام / الشيخ محمد حسن النجفي / ط الجديد

(ح)

حلية الأولياء/ أبو نعيم الاصفهاني / أفست على ط السعادة

(د)

الدر المنثور في التفسير بالمأثور / جلال الدين السيوطي / أفست بیروت على ط مصر

(ذ)

ذخائر العقبي في مناقب ذوى القربى / محب الدين الطبري / ط مكتبة القدسي

(ر)

الرياض النضرة / محب الدين الطبري / ط 2 مطبعة لجنة دار التأليف والنشر بمصر

روح المعاني / الالوسى / ط المنيرية بمصر

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية / الشهيد الثاني / ط النجف

ص: 648

الكتاب / المؤلف / الطبعة

(ز)

زاد المسير / ابن الجوزي / ط المكتب الاسلامي

(س)

السقيفة والخلافة / عبد الفتاح عبدالمقصود / ط دار غريب للطباعة بالقاهرة

سنن ابن ماجة / ابن ماجة / ط دار احياء الكتب العربية

السيرة الحلبية / الحلبي / ط البهية بمصر

السيرة النبوية / لزین دحلان / بهامش السيرة الحلبية طالبهية

سمط النجوم العوالى / عبد الملك العاصمي المكي / ط المطبعة السلفية

السيرة النبوية / أبو الفداء اسماعيل بن كثير / ط الحلبي تحقيق مصطفى عبد الواحد

السيرة النبوية / ابن هشام / ط الحلبي بمصر 1375ه_

سنن النسائي / النسائي الشافعي / ط 1 الحلبي بمصر

سنن أبي داود / أبو داود / ط دار احياء السنة النبوية

(ش)

شواهد التنزيل / الحاكم الحسكاني الحنفى / ط 1 بيروت بتحقيق الشيخ المحمودي

شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد المعتزلى / مصر بتحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم

شهداء الفضيلة / عبدالحسين الاميني / ط دار الشهاب

الشرف المؤبد / النبهاني / ط مصر

شرح الهاشميات / محمد محمود الرافعی / ط 2 مطبعة شركة التمدن بمصر

شيخ المضيرة أبو هريرة / أبو دية / ط 3 دار المعارف بمصر

ص: 649

الكتاب / المؤلف / الطبعة

(ص )

صلح الحسن / الشيخ راضی آل ياسين / ط 3 بیروت

صحيح الترمذي / الترمذي / ط دار الفکر بيروت

(ط)

الطبقات الكبرى / ابن سعد / ط دار صادر في بيروت

(غ)

الغدير فى الكتاب والسنة والادب / عبد الحسين الاميني / ط ایران

(ف)

فتح البيان في مقاصد القرآن / صدیق حسن خان / ط العاصمة بالقاهرة

فتح القدير / الشوكاني / ط 1 الحلبي بمصر

الفقه على المذاهب الأربعة / عبد الرحمن الجزيرى / ط 3 الاستقامة بمصر

فضائل الخمسة من الصحاح السنة / الفيروز آبادی / ط بیروت على ط النجف

الفصول المهمة / ابن الصباغ المالكي / ط الحيدرية

الفصول المهمة / عبد الحسين شرف الدين / ط 5 في النجف

فرائد السمطين في فضائل المرتضى و البتول والسبطين / ابراهيم الجويني الحمويني / ط 1 فی بیروت تحقيق المحمودی

الفتح الكبير فى ضم الزيادة الى الجامع الصغير / الشيخ يوسف النبهاني / ط دار الكتب العربية

ص: 650

الكتاب / المؤلف / الطبعة

(ع)

العقد الفريد / ابن عبد ربه المالكي / ط لجنة التأليف والترجمة والنشر

عبد اللّه بن سبأ / السيد مرتضى العسكرى / ط3 في بيروت

على والوصية / الشيخ نجم الدين العسكري / ط الاداب في النجف

العروة الوثقى / السيد كاظم اليزدي / ط المكتبة العلمية الاسلامية وعليها تعاليق عشرة من أعلام العصر

عمدة الطالب / ابن المهنا / ط الحيدرية

عبقات الانوار / السيد حامد / ط ایران و بيروت (المترجم)

(م)

مجمع البحرين ومطلع النيرين / الشيخ الطريحي / ط النجف 1386ه تحقيق الحسيني

معجم مفردات القرآن / الراغب الأصفهاني / ط التقدم العربي تحقيق نديم مرعشی

المناقب / الخوارزمی / ط الحيدرية في النجف

مناقب على بن أبي طالب / ابن المغازلي الشافعي / ط 1 بطهران

منتخب كنز العمال / المنقى الهندى / بهامش مسند أحمد ط الميمنية

المغازي / محمد بن اسحاق الواقدى / ط جامعة اكسفورد تحقيق جونس

المعالم الجديدة للاصول / الشهيد الصدر / ط النعمان في النجف

مجمع الزوائد / الهيثمي / افست بیروت على ط القدسي

مقتل الحسين / الخوارزمی / ط النجف

مطالب السؤل / ابن طلحة الشافعي / ط النجف

ص: 651

الكتاب / المؤلف / الطبعة

المعارف / ابن قتيبة الدينوري / ط دار الكتب تحقيق ثروت عكاشة 1960م

معجم البلدان / الحموي / ط دار صادر في بيروت

المختصر في أخبار البشر / أبو الفداء / ط بیروت

آة الجنان / اليافعي / أفست بيروت

مشكاة المصابيح / العمري / ط دمشق

مستدرك الصحيحين / الحاكم النيسابورى / أفست على طحيدر آباد

معالم التنزيل / البغوى / بهامش تفسير الخازن ط مصطفى محمد

المعجم الصغير / الطبراني / ط دار النصر بمصر

مروج الذهب / المسعودى / ط دار الاندلس في بيروت

مصابيح السنة / البغوى / ط محمد على صبيح بمصر

مقتل الحسين / المقرم / ط الاداب النجف

الميزان في تفسير القرآن / العلامة الطباطبائي / ط الاعلمی بیروت

المراجعات / عبد الحسين شرف الدين / ط بیروت مع سبيل النجاة

الميزان / الذهبي / ط دار احياء الكتب العربية

المعارف / ابن قتيبة الدينوري / ط دار الكتب

مجمع البيان / الشيخ الطبرسي / ط دار احياء التراث العربي

المعيار والموازنة / أبو جعفر الاسكافي / ط 1 بیروت

من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق / ط النجف وط ايران تحقیق الغفاري

(ن)

نظم درر السمطين / الزرندي / ط القضاء في النجف

النهاية / ابن الاثير / ط بیروت تحقيق الطناحى

ص: 652

الكتاب / المؤلف / الطبعة

نور الابصار / الشبلنجي / ط اليوسفية

النصائح الكافيه لمن يتولى معاوية / لمحمد بن عقيل / ط الحيدرية

(ل)

اللالي المصنوعة / جلال الدين السيوطي / ط 1

لسان العرب / ابن منظور / ط بولاق بمصر

(ك)

الكامل في التاريخ / ابن الاثير / ط دار صادر 1385ه_

الكشاف في تفسير القرآن / الزمخشری / ط الحلبي بمصر 1385ه_

كنز العمال / المتقى الهندى / ط حلب 1 - 16

كشف الارتياب / السيد الأمين / ط 2 بیروت

(و)

وقعة صفين / نصر ابن مزاحم / ط 2 بمصر

وفاء الوفاء / السمهودى / ط مصر تحقیق محمد محی الدین

(ى)

ينابيع المودة / القندوزى الحنفى / ط اسلامبول

ص: 653

الكتاب : الاجتهاد في مقابل النص

المؤلف : الامام شرف الدين (قدّس سِرُّه)

المحقق : أبو مجتبى

الناشر : أبو مجتبى

الطبعة : الأولى 1404ه_

الطبع : 2000 نسخة

المطبعة: سيد الشهداء (عَلَيهِ السَّلَامُ) - قم

ص: 654

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.