احذر في بيتك شيطان

هویة الکتاب

احذر في بيتك شيطان

الكاتب: آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي

عدد المجلدات: 1ج

لسان: العربية

الناشر: دار الصادقين - النجف اشرف - العراق

ص: 1

اشارة

احذر في بيتك شيطان

كراس صغير من أوائل الإصدارات التي بدأ بها سماحة الشيخ حركة التوعية والإصلاح سنة 1420ه- /2000م للتحذير من البرامج الفاسدة التي كان يبثّها (تلفزيون الشباب) الذي يشرف عليه عدي صدام حسين.

وأصل الكراس بحث صغير كتبته إحدى الفاضلات فأضاف إليه سماحة الشيخ جملة من الملاحظات والتعليقات والإضافات التي أثرت البحث وجعلته بحجم الكراس، ودفعه إل-ى أحد فضلاء جامعة الصدر الدينية ليدخل الإضافة في الأصل بعد استئذان الكاتبة الفاضلة، فكان هذا الكراس الهام الذي كان له وقع وتأثير كبيران في المجتمع.

ص: 2

ص: 3

* احذر في بيتك شيطان

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيموالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وبعد :

يشهد العالم في يومنا هذا – ونحن على أعتاب ألف ميلادي ثالث - تطوراً عظيماً في جميع ميادين الحياة ، النظرية والعملية .

ولعل أبلغ التطور حصل في نظام المعلومات والاتصالات ، وكل هذا شاهد على أن الإنسان أعظم مخلوق على وجه البسيطة، سخر الله له باقي المخلوقات. ولكن ! – وما أقسى الحسرة في كلمة (لكن) – أهمل الإنسان في غمرة اكتشافاته ونشوة تطوره ذكر الله وشكره، ونسي أن هذا التطور هو جانب ضيق من جوانب نعمة الله عليه، بل ازداد اعتداده بنفسه وقدراته، وهو دائماً يجد الشاهد على محدودية إمكانياته العقلية [يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ](النحل:83).

والآثار الوضعية لنكران النعمة سريعة ومباشرة؛ لأن الله يطالبنا بشكر نعمه لا لحاجة منه لشكرنا بل لحاجة منا لشكره على النعم (وَالْحَمْدُ للهِ الَّذِي لَوْ حَبَسَ عَنْ عِبَادِهِ مَعْرِفَةَ حَمْدِهِ عَلَى مَا أَبْلاَهُمْ مِنْ مِنَنِهِ الْمُتَتَابِعَةِ وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ الْمُتَظَاهِرَةِ لَتَصَرَّفُوا فِي مِنَنِهِ فَلَمْ يَحْمَدُوهُ، وَتَوَسَّعُوا فِي رِزْقِهِ فَلَمْ يَشْكُرُوهُ، وَلَوْ كَانُوا كَذلِكَ لَخَرَجُوا مِنْ حُدُودِ الإنْسَانِيَّةِ إلَى حَدِّ الْبَهِيمِيَّةِ، فَكَانُوا كَمَا وَصَفَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ: إنْ هُمْ إلاّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً).

ص: 4

فكم تفاحة سقطت أمام نيوتن وغيره قبل أن يتنبه إلى قانون الجاذبية، إنما نبهه إلهام الله وإرادته عز وجل أن تخطو الإنسانية قُدماً بعد أن تتعرف على نواميس الطبيعة الدقيقة التي تكشف عظمة خالقها وحكمته ودقة خلقه، ولكننا غالباً نستخدم ما مَنَّ علينا الله في معصيته والعياذ بالله.

وكل الاكتشافات والاختراعات سلاحٌ ذو حدين يمكن أن توظف في خدمة الإنسان وحثه على طاعة الله، ويمكن أن تستخدم آلة للدعاية للشيطان وأساليبه، ولعل عِظم المحنة أن تفاصيل التطور كانت في غير دول الإسلام، فلقد تفنن أعداء الدين والإنسانية في السعي لإيجاد الوسائل المدمرة والعوامل التي من شأنها أن تجعل الانحطاط يدب في صفوف العالم الإسلامي، وتنخر أعمدة الدين الحبيب ..

ولقد سعوا إلى التركيز على كيفية جعل المسلم يفقد الثقة بنفسه، بحيث ينظر إلى معتقداته وحضارته بعين الاحتقار، وإن الحضارة الغربية مثال التقدم والارتقاء، وفيها الحياة والهناء، وعملوا وبشكل دؤوب على غرس هذه الفكرة في نفس الشعب المسلم، وهي أنه متخلف – كان ولا يزال وسيبقى – في دور النمو، وأنهم هم أسياده وأسياد العالم، وسعوا إلى سقي ما غرسوا بماء الغواية والدناءة من أجل أن تطرح الثمار، وهي خلق جيل مشبع بل غارق في الرذيلة والانحراف مُطلِق العنان للغرائز تتصرف هي به كيف تشاء، منكب على وجهه لا يقوى على الحراك ولا على ان ينبس ببنت شفة، فيقلبونه كيف شاءوا وأنَّى شاءوا...

وكان التلفزيون –ذاك السلاح ذو الحدين – وأحد تلك الأدوات الفعالة والأسلحة الفتاكة للعمل على إنجاز وتحقيق ما خطط ورسم إليه أعداء الله وأعداء رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم).

ص: 5

ونظراً لما حققه –التلفزيون – من إيجابيات لصالح العدو وسلبيات لجانب المجتمع الذي يحمل هوية الإسلام .. رأينا أن نضع بين يدي القارئ الكريم هذا البحث المصغر، وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم.

إننا نهيب بالعائلة الكريمة وأفرادها الأعزاء .. نهيب بالآباء والأمهات .. الفتى المسلم والفتاة المسلمة أن ينتبهوا من غفلتهم ويكفوا عن أخذ أقراص (الهيروين) التي يضعها العدو وسط غلاف، ظاهره ذو بهجة يشد النظر، وباطنه يحمل السم الزعاف، يرسله إلينا ونحن لا نتوانى في الأخذ منه دون فحص ونظر.. نهيب بالمسلمين كافة في أقطار الأرض أن يَعوا مخططات قوى الاستكبار والصهيونية، وألاَّ يجعلوا من أنفسهم فريسةً ولقمةً سائغة تنهشها الوحوش الضارية .. راجين التوفيق والسداد لمن أراد لقاء الله جل جلاله والفوز برضاه .. وهو تعالى من وراء القصد ومنه نستمد العون والتوفيق، [بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ](الأنبياء:18).

المدخل: التلفزيون ما هو ؟؟

هو عبارة عن جهاز انطوى على عدة عناصر بث وقوى أخرى مغناطيسية تعمل على جذب الأشعة والترددات التي تبث من الموقع الأصلي أو الإذاعة الأصلية، وعلى أسلاك كهربائية للتوصيل لكي تحرك تلك الشحنات الكامنة في ذلك الجهاز، ويبدأ بالعمل حيث تغلق الدائرة الكهربائية فتظهر الصورة أو الفلم المراد عرضه على الشاشة الصغيرة .. إنها حقاً قدرة إلهية في خلق وإبداع وتصوير تلك الشحن وتلك الأشعة (أشعة x والأشعة السينية) وتلك القوى المغناطيسية العاملة على كل ذلك، فسبحان الله الذي أبدع في خلق تلك القوى [وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ، أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ](الرحمن:7-8). ومع كل ذلك التقدم والإبداع الذي وصل إليه

ص: 6

الإنسان بفضل جوهرة العقل التي أودعها فيه الله تبارك وتعالى فإنه لم يصل إلا إلى نزر من العلم، وهناك أجزاء أخرى منه لم يعمل على اكتشافها بعد [وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً](الإسراء:85).

أثره في المجتمع :

لقد تعددت الوسائل التي من خلالها يصل الإعلام إلى الناس واتسعت بشكل كبير، ويعتبر التلفزيون أحد تلك الوسائل، وله أهمية ودور كبيران فإنه قناة لإيصال الفكرة إلى المجتمع لانشداد الناس إليه، ولقد بلغ مبلغه واتسع استعماله على رقعة واسعة من أنحاء العالم، ونحن بصدد الدول الإسلامية.يُعدُّ – التلفزيون – من ضروريات الحياة، فلم يخلو منه بيت إلا نادراً، حيث يشاهده الطفل الصغير والمراهق الشاب والعجوز، وكل فئات الناس، لقد دخل إلى حُجر أدمغة أطفالنا .. استوعبوا ما فيه من نكات ومواقف، تصرفوا إزاء ما عُرِض فيه من حركات وسكنات .. ترى أن البعض يقضي ساعات وهو جالس أمامه، فكذب من ادعى أن التلفزيون لم يكن له أثر في حياتنا، نعم، لقد عُدَّ من أحد الأفراد الذين يعيشون بيننا ويحومون من حولنا..

كثيراً ما تردد على مَسامِع البعض: هل إن مشاهدة التلفزيون حرام؟ ولماذا حرام؟ هل إن مشاهدة التلفزيون حلال؟ لماذا حلال؟!!

لا يوجد في الشريعة نص يحرم هذا الجهاز بالعنوان الأولي ولا يوجب مشاهدته، فالحكم الشرعي المُتعلِّق به يأتي من العنوان الثانوي، أي ما يعرض فيه، فلو عُرِض فيه ما ينفع المسلم في دينه ودنياه لكانت مشاهدته راجحة.

فباختصار إن المضار المذكورة في هذا البحث المصغر ليست في التلفزيون نفسه، بل فيما يبثه من سموم، ولذا فنحن ندعو الأسرة المسلمة أن تكون واعية، وأن تعمل على توظيف هذا السلاح ذي الحدين في خدمة الأهداف العليا لا

ص: 7

الهابطة. وسوف نشير هنا بصورة مختصرة لبعض منها تاركين إدراك الأعمق لوعي المؤمنين..

مضار التلفزيون :

1- غسل الدماغ:

من الواضح أن التلفزيون في العصر الحاضر يتبنى النظرية السلوكية التي تزعم أن سلوك الإنسان وصفاته وعاداته لا تخضع لأي تأثير سوى التربية والبيئة، أي إنها تسقط دور الوراثة تماماً. وبما أن الهدف الأول والأخير للإعلام هو خلق جيل بعيد عن الإسلام، يحمل فلسفة وروح وتأريخ أعداء الدين، يحملها له بقلب مفعم بالحب ولسان يلهج بالشكر، [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ](آل عمران:149). وبما أن هذا هو الهدف، فإن من الغريب أن يترك الواعي من الناس نفسه تنقاد وراء هذا التيار فيصبح جزءاً من قطيع.. تتحول لغته ولهجته.. حُب.. مسلسلة الموسم.. وتنطبع في ذهنه وعلى لسانه أغنية الموسم. عن الإمام الصادق (عليه السلام): (أدبني أبي بثلاث: من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن لا يقيد ألفاظه يندم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم).

المضحك المبكي أنك ترى في كل فترة بروز اسم تقدمه الشاشة، يصبح حديث الصغار والكبار في الشوارع والبيوت.. في الاجتماعات واللقاءات، دون أن يفكر أحد أن هذه الشخصية قد اقتحمت حياتهم لتشغلهم عن مشاكل مجتمعهم، فهم بدلاً من أن يتعاطفوا مع الأقارب والجيران، يبكون ويسعدون ويتفاعلون مع شخصية الشاشة، وبدلاً من أن يشاركوا مشاركة فعالة في حل عقدة يزخر الواقع بالكثير منها يحملون الفكر على حل عقدة تقدمها مسلسلة بوليسية.

ص: 8

ولعل امتصاص النقمة من الأشياء الخطرة التي يمارسها التلفزيون، فكم من إحساس بالثورة على المعاصي والمفاسد امتصه لهوّ بمسلسلة أو فلم، وكم من تفكير جدي بمشكلة يمتصه عالم لا صلة له بالواقع إلا بالقدر الذي يقيد الذهن ويحده، فهل من تفريغ للفكر وتسيير للعقل اكبر من هذا؟!! [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ، هَا أَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ](آل عمران:118-119).

2- الإثارة الجنسية

دأب الإسلام على تهذيب هذه الغريزة، فوضع التشريعات وأكد على المستحبات للحد من شهوة لعلها من أقوى الشهوات، فإذا كانت التربية الإسلامية توجب الحجاب للمرأة، وغض البصر للرجل والمرأة، وتؤكد على التفريق في المضاجع بين الأخوة والأخوات، ويشدد بعض الفقهاء على عدم التبرج والزينة حتى أمام المحارم .. فإذا كان الإسلام يرسم لنا هذا الطريق ليضمن مجتمعاً عفيفاً طاهراً.. فماذا يصنع التلفزيون؟!!

إنهم أرادوا جعل مناظر الفسوق مألوفة لدينا، بل هي مقتضى عرفنا، فإن أخف المناظر خلاعة وأقلها مجوناً مذيعة بأبهى حلة وأزهى مكياج وأعمق خضوع في القول، وإن من أشرف المواقف التي يقفها الشاب رجل أو امرأة هو أن يصمد بوجه التقاليد ليثبت للأهل أن الاختلاط حرية وأن ممارسة الفساد تقدم، وأن السلوك الديني هو الرجعية، وأن القضية الأساسية في الحياة هي (الحب)، حتى أن المشاهِد صار يستشعر نقصاً في الفلم إن طرح الحب فيه كأمر ثانوي، وبالغوا في هذا الجانب حتى لجأوا إلى تشويه التأريخ الإسلامي في

ص: 9

المسلسلات من خلال افتعال قصة حب للشخصية الإسلامية موضوع المسلسلة، كما في فلم (بلال الحبشي) ومسلسل (عمر بن عبد العزيز) وغيرها كثير تبلغ حد التلفيق، كل ذلك لجعل قصة الحب وتفاصيلها من أبجديات حياة الإنسان، ويعكسون كل هذه كمواقف شريفة وقيم راقية تطرحها فضلى الأفلام .

أما عن المجون فحدِّث ولا حرج، العري صورة طبيعية بل ضرورية في كل يوم، القُبُلات والمداعبات أيسر ما تقدمه الشاشة، صورة الجنس مشهد عادي أدركه حتى الأطفال الصغار، ولا أريد أن أحصر مشاهد الفساد فهي فوق الحصر وفوق التعداد، إذ أن كثيراً من الحركات والضحكات لا تستهدف إلا الإثارة، ولهذا أستطيع أن أقول إن من أهم أهداف التلفزيون – إن لم يكن هو الهدف الأهم – جعل ممارسة الفحش أمراً طبيعياً كما هو الحال في الدول التي يطلق عليها ( متقدمة)، [إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُوَأَنتُمْ لا تَعْلَمُونَ] (النور:20)، وبالتالي تحويل الشعب وخاصة الشباب إلى حيوانات تحركها الغريزة ولا رأي لها ولا هدف إلا الضياع.

لو ننظر اليوم إلى أطفالنا في السادسة أو السابعة من العمر وأي عمر أقل أو أكثر، لو ننظر أي إدراك لهم للجنس!! حيث ينقل أحد الأشخاص أنه شاهد بعينه طفلة في الرابعة من العمر يحمرُّ وجهها خجلاً وتغُضّ البصر إذ ترى على الشاشة شاب يتقدم إلى صديقته ويمسك يدها.. إنه الجنون بعينه أن تدرك طفلة في الرابعة أن إمساك الفتى بيد الفتاة شيء يثير الحياء والخجل.. سل أي معلمة في مدرسة ابتدائية مختلطة لتقص الفضائح العجيبة من أطفال أكبرهم في الحادية أو الثانية عشر من العمر. لقد صارت براءة الأطفال شيئاً يكتب على الأوراق، إذ تستعر الرغبات لديهم في وقت غير معقول، وما السبب؟!! يخالف نفسه وعقله من يرفض أن للتلفزيون الدور الأكبر في هذا، أما المراهقين والشباب

ص: 10

فنظرة واحدة إلى مختبرات التحليل تعطيك نسبة عن عدد الحوامل غير المحصنات في مجتمعنا المحافظ!!

أنظر وتأمل في هذا الكلام: (يجب أن نخلق الجيل الذي لا يخجل من كشف عورته)(1)). كم للتلفزيون من دور في إنجاز هذا المخطط يا ترى؟!!

3- إباحة المحرمات

لكي نصنع جيلاً نقياً قادراً على اكتساب درجة من العدالة لا بد أن نوفر له جواً خاصاً يتناسب والروح التي يريد الإسلام بثها فيه، فيما يروى عن عيسى (عليه السلام) أن الله تعالى قال له: (أدّب قلبك بالخشية)، والروح التي يبثها هذا الجهاز ليس فيها إلا الجو الذي يريده الاستعمار، وقد روي في الخبر: (إن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك)(2)

لأن النفس تكتسب أي صفة –فاضلة كانت أم سيئة – عن طريق تركيز مفهوم هذه الصفة في الذهن، ومن ثم تجربته مرة أخرى حتى يتحول إلى ملكة تتطبع في النفس ولا تزول إلا بشق الأنفس، والتلفزيون يعرض لنا يومياً أنواع المحرمات التي يلتقطها الذهن وترسخ فيه، فمن السفور إلى العلاقات المحرمة إلى شرب الخمر والغناء وإلى ما لا يحصى من الأمور.

إن من الأسباب المهمة التي أكسبت مجتمع الإسلام الأول الروح الخلقية العالية هو التأمين شبه التام من حضارات وعادات الأقوام الأخرى التي كانت إما مشركة أو كافرة، هذا التأمين جعل الأفكار والمشاعر التي يحملها المسلم صافية تعكس صورة عن الشريعة لا تعاكسها صورة، وجعل سمع المسلم وبصره لا يقعان إلا على كل خير، بل أصبح المجتمع المسلم مصدراً لإشعاع روح الطاعة والتسامحوالتآلف الاجتماعي، [وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ

ص: 11


1- الماسونية في العراء ص 89.
2- بحار الأنوار:67/36.

أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَ-ئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] (التوبة:71)، ولكي نحتذي بهذا المثال لا بد من توفير جو نقي لأبنائنا على غرار المجتمع الأول، وهذا ما لا سبيل له في قرن يربط أقاصي الأرض ببعضها في لحظات، ولكن على الأقل نتوخى الحيطة والحذر في الاطلاع على الحضارات الأخرى، والتلفزيون لا يعكس الحضارة، بل مصور الحضارة، هذه القشور التي تتكرر كل يوم حتى تألفها العين ثم القلب ثم العقل وتتحول إلى سلوك لا يرضاه الله ولا الرسول ولا المؤمنون.

ورد في الحديث الشريف عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (كيف بكم إذا تركتم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ... إلى أن قال: كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكراً والمنكر معروفاً ...؟)(1)

وهو أسوء الاحتمالات أو المراتب، حيث يصد عن رؤية الحق ويلقي غشاوة على العين، لذا ورد في الدعاء: (اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه، والباطل باطلاً وارزقني اجتنابه)، حكمة الإسلام : أن التقوى هي معيار التفضيل [إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ](الحجرات:13). وللتلفزيون كلمات ومعايير متعددة في التفضيل إلاَّ التقوى، فمرة يكون المال وأخرى الجمال وثالثة لشهادة راقية أو وظيفة ممتازة .. وهكذا، حينما تسود هذه المفاهيم يصبح من الصعب إكساب صفة التقوى للناس، فإن أول فعل لهذه المعايير هو قتل التقوى وإحلال الباطل محلها. ورد في كلام لوزير يهودي بريطاني أنه قال: (يجب أن نسحب بساط الإسلام من المسلمين، ونمزق القرآن بهدوء) .. فليتأمل أولو البصائر...

إن البرامج والأفلام تتبنى مختلف النظريات، فمنها ما يؤكد أن الجنس هو العامل المحرك لسلوك الإنسان، ومنها ما يثبت أن البقاء للأقوى، ومنها ما

ص: 12


1- الكافي: 5/59.

يوضح أن للعامل الاقتصادي السيادة على العوامل الأخرى.. وشتى المذاهب والاتجاهات اللا إسلامية، وهذه تنطبع بصورة لا شعورية في الأذهان بشكل قصة مرة وبشكل حوار أخرى)، [اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ](التوبة:31)، وأصحاب النظريات المزعومة هم رهبان العصر وأحباره يريدوننا أن نعبدهم ونطيعهم فيما يزعمون.

وقد يكون في هذه الأفلام البقاء للخير والصلاح، ولكن النظر من هو البطل الذي يكون النصر على يديه، بل حتى من يظهر أنه على حق يصور للناس مشروعية فعله في الاقتصاص لنفسه، وإن كانت أساليب هذا الاقتصاص مرفوضة شرعاً كخطوة لخلط أوراق الحق بالباطل، ليضيع أصحاب الحق حقهم، [يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ](التوبة:32).

وبالنتيجة من هو الذي استقطب مشاعر الناس وأصبح القدوة والمثل الأعلى؟!! بكل بساطة تجده شخصاً فاسقاً، آخر ما يعكسه في دينه هو تعاليم الدين؟!،بل يزني، ويشرب الخمر، لكنه قد يحارب عصابة لصوص أو فساد اقتصادي.. هذا القدوة سيقلده الكثيرون في سلوكه ومفاهيمه وقيمه، فأي فائدة في انتصاره للحق وهو يسير إليه في طريق معوج ضال.. لقد صار لهذا الانتصار مفسدة كبيرة هي إكساب الجيل عادات إنسان فاسق.

عندما تنطمس سمة الحياء في نفس الإنسان يجترئ على معصية الله تعالى وعلى كبير الأعراف والتقاليد، وتكرار هذه الصورة يجعلها شيئاً عادياً لا يستنكره المشاهد مع أشد أنواع المحرمات، وبالتالي يتحول عدم الاستذكار إلى... فيصبح لدينا جيلٌ آخِر ما يفكر به هو مراعاة تعاليم الدين.

4- التربية اللا إسلامية

للتربية حديث ذو شجون، فبالرغم من كونها عماد المجتمع الصالح، إلا إنها تلقى إهمالاً وتضييعاً شديدين من غالبية الناس، في حين تلقى من جانب

ص: 13

آخر توجيهاً واستغلالاً استعماريين، وأفضل الوسائل المستخدمة في ذلك هو التلفزيون، إن لكل مذهب أو دين طريقته الخاصة في تربية النشئ وتركيز مفاهيمه في أذهان الناس، والإعلام له قيمه التي تكفل جيلاً نقياً خالياً من شوائب الحضارات المختلفة محرراً من ذاته وشهواته متحلياً بأعلى القيم الخلقية. الأخلاق ليست نسبية كما يدعون، بل هي أسس وخطوات ثابتة ومرسومة في طريق واضح وهادف.

ولعل أفضل مثال تتجسد فيه هو مجتمع الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم).. لقد قال الإسلام مقولته الخالدة: (من لا حياء له لا إيمان له)، وما أعمق هذه المقولة وأوسع مدلولها!!، وإن أوائل تأثيرات التلفزيون هو طمس الحياء الناتج من تكرار مشاهدة المناظر الخليعة وعلاقات الحب والغرام المحرمة، [الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ](التوبة:67).

ولقد تُصوِّر كثير من الأفلام والمسلسلات أردى صور نظريات العلاقات العائلية، والشيء الطبيعي أنها تعتمد على نظريات الغربيين في التربية، والتي يعاكسها الإسلام تمام المعاكسة في كثير من المفاهيم، وغالباً ما تحوي أفضل صورة على كثير من الجفاء والعقوق، فإذا كانت الصورة المثلى مليئة بالأخطاء والقصور، فما بال الصورة الرديئة ؟!!

وكما هو معلوم فإن طريقة استجابة الناس وخاصة المراهقين منهم مختلفة حيال ما يشاهدون، فقد تعجبهم الصورة الرديئة بما تحمل من شموخ وتكبر وحصول على كثير من المكاسب، وبهذا تعلمهم معنى العقوق والصراع مع أقرب الناس ...

أود أن أقول إن ما ذكرت أشياء بارزة في معالم التربية، يستطيع المرء أن يحصيها، إلا أن التلفزيون يرسم حياة لا علاقة لها بالإسلام، يطبعها في قلوب

ص: 14

الأجيال من طريقة الأكل، والشرب، والمشي، والكلام والتعامل مع الناس، إلى معاني التضحية والإيثار والحب والبغض والانتقام ... والمؤلم أنهم لا يقدِّمون صورة واحدة لطريقةالعيش تخالف الصورة الإسلامية كي نقدر على مناقشتها، بل يرسمون صوراً مختلفة مشوشة لا هدف لها إلا أن يضيع الجيل وأن تصبح اللا قيم هي القيم .

وأخيراً فإن كل ما يكتب عن التربية يقلل من ضخامة الفساد الذي حل بنا من جراء توجيه هذا الجهاز.

5- تحويل الدين إل-ى تراث والتربية إل-ى ملل

إن هذا الجهاز موجه بطريقة شيطانية تنفذ إلى أعماق الجيل الغافل فتملأ قلبه بالأوساخ والسموم، والخطة الأولى التي يتبعها هي إقصاء الدين عن مسرح الحياة، وذلك بتحويله إلى تراث لا صلة له بالواقع إلا كذكرى تكون مصدراً للخجل أحياناً كما يريدون، والطريقة المتبعة في الظاهر:

1- حصر الفترة الدينية في مدة قصيرة لا تساوي شيئاً أمام أي فترة أخرى.

2- الأحاديث النبوية منتقاة لغرض خاص، هو توجيه الرأي العام توجيهاً خاصاً يتناسب والأزمة المعاصرة.

3- الأفلام الدينية لا تعرض إلا في مناسبات معينة، وهي تحوي تشويه الحقائق أكثر من أي شيء آخر، كما أنها ثابتة لا تتغير منذ سنين حتى ملَّها؛ المشاهد .. وهذا هو كل الدين في التلفزيون.

4- البرامج الدينية أو ذات النفس التربوي تكون عادة رديئة الإخراج، ثقيلة التقديم بحيث لا تستخدم التقنيات لتشجيع المشاهد على المتابعة، بل يكون مصوَّراً بكاميرا واحدة تواجه الموجودين غالباً.

ص: 15

5- حتى هذه البرامج بمواصفاتها الآنفة توضع في الساعات المهملة في العرض اليومي، بحيث تكون متابعتها متعذرة أو شاقة، وبالمقابل فإن البرامج ذات النفس الهدام تكون متطورة إخراجاً وتقديماً وتصويراً بتكريس أحدث التقنيات في إنتاجها، كما أنها تعرض في ساعات تجمع العائلة إلى شاشة التلفزيون.

6- الإكثار من البرامج المنوعة التي تكون الأغنية عصبها الحي، بحيث تحاصر السامع من حيث يريد أو لا يريد، وموضوع الأغنية الماجنة وأساليب تصويرها وما فيها من مكيدة كبرى تحتاج إلى بحث منفرد، يكفينا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها: (لا تستمعوا للمعازف والغناء؛ فإنها تُنبِت في القلب النفاق كما يُنبِت الماء البقل) .

6- الشعور بالحقارة:

لكي يحقق المستعمر أهدافه لا بد وأن يقطع الصلة بين الجيل وبين دينه وقيمه وتاريخه وأهدافه، وليس أفضل من رسم هذه القيم بصورة مشوهة تثير الاشمئزاز. فالأفلام والمسلسلات توضح لنا التطور العلمي الهائل والنمو الحضاري في الغرب، تصور لنا مفاهيمهم وقيمهم ونظرتهم للحياة على أنها الحق وأن ما سواهم الباطل، كلحركة تصدر عنهم لا بد وأن تعبر عن روح العصر المتقدمة، إن خططهم في هذا السبيل قد نجحت إلى الدرجة التي جعلت من أبنائنا يخجلون حتى من لغتهم، وأصبح خلطها بلهجات ولغات أخرى من علامات التقدم والرقي، وصارت عاداتنا بل وتعاليم ديننا أموراً مثيرة للاستنكار، حيث يخجلون من عزاء الحسين (عليه السلام) مثلاً أو زيارة قبور الأئمة والأولياء (عليهم السلام) وكثير غيرها .

ص: 16

7- شغل القلب:

تطلق كلمة القلب تارة على :

1- تلك القطعة من اللحم الواقعة على يسار الصدر بشكل صنوبري يتدفق الدم فيه، والذي يولده الكبد وينقيه جهاز التنفس، فيتصاعد منه بخار لطيف، فيجري إلى الدماغ وجميع أعضاء الجسم، وبواسطته يتم الحس والحركة ويسميه العلماء بالروح الحيوانية.

2- عبارة عن مخلوق إبداعي، ونفخة ربانية ليست من سنخ الموجودات، بل هي من عالم الأمر المجرد من المادة والمتعلق بهذا البدن..

القلب بمعنى المتقلب بين العقل والنفس. هناك معنى آخر للقلب، فهو مشتق من التقلب بين العقل والطبع ، أي مرة يطيع العقل وأخرى يطيع النفس حتى يغلب أحدهما الآخر.. حين يغلب العقل ويحكم مملكة الإنسان، يصبح الإنسان سعيداً ويرتقي في مدارج الكمال، وإن غَلَبَ الطبع يكون كالبهائم، وإن غَلَبَ الغضب يصير كالوحوش، وإن غَلَبَ المكر يصبح كالشيطان.. وتظهر هذه الحالات الأربع بعد انفصال الروح عن البدن، حيث يحشر الناس على صورهم الباطنية [يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ](الطارق:9)، إذن القلب هو النفس الناطقة الإنسانية، قال الله تعالى: [يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ ، إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ] (الشعراء:88-89)، في الكافي: (السليم الذي يلقى ربه وليس فيه أحد سواه)، وروي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: (هو القلب الذي سَلِمَ من حب الدنيا)(1))، ويؤيده قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (حب الدنيا رأس كل خطيئة)(2))، وورد في الحديث الشريف عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (القلب حَرَمْ الله فلا تُدْخِلْ حَرَمْ الله أحداً غير الله)(3)،

ص: 17


1- بحار الأنوار:7/152.
2- بحار الأنوار:67/239.
3- بحار الأنوار:67/25.

والمحصل أن مدار السعادة يومئذ على سلامة القلب، والذي يعوق ذلك هو إشغاله وملئه بأمور أخرى تجعله سقيماً وليس سليماً.

إن قلب الإنسان كالوعاء تماماً يمتلئ بما يوضع فيه، كما أنه يمتلئ بالهواء إذا ترك فارغاً، إذن فالقلب يتشبع بما يوضع فيه، والتلفزيون ليس مجرد لغو، بل منهاج مخطط له ومرسوم ليشغل القلب عن كل أمر مهم، فبدل أن يخشع ويبكي من خشية الله، يرتجف ويتحرك لقصة حب أو جريمة قتل، ويبقى مشغولاً بها لساعات من الزمن، حتى عند الانشغال لوقت الصلاة والعبادة، فما أسماها من صلاة تواجه بها خالق الأكوان!! قال تعالى: [كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ](المطففين:14)، والرين هو صدأ يعلو الشيء، أي صار ذلك كصدأ على قلوبهم فعمي عليهم معرفة الخير من الشر، فكون ما كانوا يكسبون وهو الذنوب ريناً على قلوبهم هو حيلولة الذنوب بينهم وبين أن يدركوا الحق على ما هو عليه، ومن هنا يظهر أن للأعمال السيئة نقوشاً وصوراً في النفس تنتقش وتتصور بها، وأن هذه النقوش والصور تمنع النفس أن تدرك الحق كما هو، وتحول بينها وبينه، وأن للنفس بحسب طبعها الأولي صفاءً وجلاءً تدرك به الحق كما هو وتميز بينه وبين الباطل وتفرق بين التقوى والفجور(1)، وللتلفزيون أيها الأخوة دور كبير في اكتساب الرين.

أما طرق علاجه ووسائل إزالته فهو كما ورد عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: (تذاكروا وتحدثوا؛ فإن الحديث جلاء للقلوب، إن القلوب لترين كما يرين السيف، وجلاؤه الحديث)(2)، وقال الباقر (عليه السلام): (ما من شيء أفسد للقلب من الخطيئة، إذ القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتى تَغلِب عليه، فيصير أسفله

ص: 18


1- الميزان : 20 / 259-260.
2- بحار الأنوار:2/152.

أعلاه وأعلاه أسفله)(1)،

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب ونزع واستغفر صُقِلَ قلبه منه، وإن ازداد زادت، فذلك الرين الذي ذكره الله تعالى في كتابه: [كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ].

8- لهو ولغو:

قال تعالى: [وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ](المؤمنون:3) وذلك في وصف المؤمنين، والذي يسعى إلى الإيمان والتقوى يعرض عن اللغو واللهو غير الهادف، وإذا كان التلفزيون هادفاً ولكن نحو الفساد والانحراف فماذا يكون الموقف منه؟!!

الإسلام يريد أن يحوِّل الإنسان إلى كتلة من نور لا يستشعر السعادة إلا في عمل الله مهما كان يسيراً ، فهو يرفض وسائل اللهو ويُحرِّم الكثير منها، لأنها تشغلالقلب وتهدر الوقت، هذا الوقت الذي هو رأس مال الإنسان وقيمته في هذه الحياة والذي هو عبارة عن أيامه ولياليه، فبهذا الرأسمال يكتسب الصديقون مكان الصديقين، وبهذا الوقت أو (الزمن) يكون الأولياء أولياءَ، والعلماء علماءَ، والعارفون عارفين، إذن الزمن عامل (بناء)، والذي يصعد ويعرج إلى لقاء الله يصعد بهذه الأيام وبهذه الأسابيع.. هذا الذي جعله الله لعباده جميعاً، فأناس يستغلون الوقت للبناء والعروج إلى الله، وآخرون لا يعرفون ولا يعُون قيمة الوقت وأهميته، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (يا ابن آدم إنما أنت أيامك)، وجاء في الحديث أن كل يوم يمر على ابن آدم يحاسبه: (أنا يوم جديد، وغداً عليك شهيد، افعل فيَّ خيراً تجد خيراً، فإنك لن تلقاني بعده أبداً)(2)، فانظروا أيها المؤمنون وكونوا واعين كم يهدر التلفزيون

ص: 19


1- بحار الأنوار:67/54.
2- بحار الأنوار:7/325.

من الوقت؟، وكم هي الساعات الطويلة التي يقضيها الفرد أمام تلك الشاشة؟، وقد تمتد إلى وقت متأخر أو حتى إلى الفجر، فلا استيقاظ حتماً لأداء الصلاة، فأي كارثة أشد من هذا ؟!!

وإن البعض يعللون ذلك بأنهم يتمتعون بالنظر إلى التقدم التكنولوجي الحديث، وإلى الطبيعة الساحرة الخلابة، وإلى الأزياء والديكورات.. فيا له من عسل قد مزج به السم!!

إن ما يدعيه المدمنون عليه – التلفزيون – من فوائد إن هي إلا تبريرات تخالف عقولهم ونفوسهم، والتخلص من العادة القبيحة يستلزم قبل كل شيء العزم على تركها عزماً صادقاً، يحركها الإيمان بالله، ومن ثم الإرادة القوية التي يتحدى الإنسان بها هواه.

الفوائد المزعومة :

أولاً : النقطة التي يُعلِّل بها المشاهد للتلفزيون انجذابهُ إليه هي الاطلاع على مشاكل المجتمع وزواياه المختلفة، ومعرفة عادات وتقاليد المجتمعات الأخرى، وطرق تعاملها.

إن هذه المعرفة لو نظرنا إليها بشكل مجرد لكانت شيئاً حسناً ومفيداً، إلا أنها – المعرفة – لا تأتينا من التلفزيون بشكل خالٍ من الشوائب، كما قلنا من قبل إن التلفزيون يستهدف أموراً كثيرة، منها فصل الناس عن الدين وزرع الإحساس بالتبعية للغرب في نفوسهم.

يستطيع الراغب في الاطلاع على الأقوام الأخرى قراءة كتب عن ذلك أو روايات عالمية تصور لنا واقعهم بصورة أدق عشرات المرات، أو الاختلاط بالمجتمع والتحسس بآلامه وآماله بدل المسلسلات التي لا تظهر واقعنا المُر.

ص: 20

وعلى أية حال فلو اقتصر الإنسان على مشاهدة البرامج النافعة لما اعترضنا عليه، فإننا لا نستنكر أصل التلفزيون، ولكن ما يعرض فيه من الانحرافات المتقدم ذكرها.

ثانياً : فترة برامج الأطفال التي يتعلم فيها الطفل بعض القصص والمعلومات عن الحيوانات ومعيشتها.

أول ما أقول: إن الطفل لا يقتصر على مشاهدة الرسوم المتحركة، بل يشاهد أطول الأفلام وأكثرها مجوناً، وقلما يتحكم الآباء فيها، وإذا منعوه فعلاً إلا من مشاهدة الفترة المخصصة للأطفال فلننظر بإنصاف إلى أفلام الكارتون، هل تخلو من الاختلاط، من الحب والقبلات، من الملابس الخليعة، والرقص والغناء؟!!

إن متابعته للتلفزيون في هذا العمر المبكر يكسبه مادة لا يستطيع الإقلاع عنها في الكبر؛ إذ يتحول التلفزيون كله لا فترة منه إلى جزء لا يتجزأ من حياته .

لماذا نفكر أن عدم وجود هذا الجهاز في البيت يولد الشعور بالحرمان؟ إن مسألة إحساسه بالحرمان يمكن تجاوزها بكل سهولة، بل وتحويلها إلى إحساس بالثقة بالنفس، فالطفل صفحة بيضاء مستعد للاستجابة لأي توجيه ويفهم معنى الحرام، ويمكن أن يدعو الآخرين بكل براءة إلى ترك هذا الجهاز.

هناك ظاهرة في البيوت المحافظة التي تدعي أنها تنتقي البرامج للأطفال قد لا تخلو من شخص لا يتحرج في الدين، في مثل هذا البيت، عندما تمنعه – الطفل – من سماع الأغنية لأنها محرمة ستوقعه في تناقض، فمثله الأعلى – الكبير – غالباً ما يمارس الحرام (يستمع إلى الأغنية ويشاهد الرقص... الخ)، في مثل هذه الحالة ستهتز القيم وتهتز صورة هذا المثل – وهم الكبار– ولن يكون مستعداً لسماع أي توجيه .

حالة أخرى: يحاول معظم أصحاب الأطفال التخلص من عبثهم وضوضائهم بالتلفزيون، وأحسب هذا لمطلق الأنانية؛ فلكي تكسب الأم وقتاً

ص: 21

للراحة تسقي ولدها سُمَّاً يجعله يعيش في جو موجّهٍ يبعده عن قيم الإسلام وروحه، وتتركه يعاني في الكبر صراعاً وآلاماً، فعند ذلك مهما بالغ الأهل في منعهم فإنهم سيشاهدون أفلاماً ومسلسلات وأغاني...

ثالثاً : يشاهد كتسلية:

من أين تولد مفهوم التسلية؟

طبيعي هو ناتج من الإحساس بالفراغ ومحاولة شغله بأي صورة، الوقت قيمة كبرى – كما سبق أن ذكرنا – يدخل في العمليات الاقتصادية كبعد مهم في المفاهيم الحديثة، لكن الإسلام يعطيه قيمة أجَّل وأهم؛ فالحياة الدنيا قصيرة، لذا نحن في أمس الحاجة لكل دقيقة منها كي نتزود للآخرة [وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى](البقرة:197)، لهذا يرسم لنا الإسلام حياة هادفة بكل دقائقها، صادقة حتى في وسائل التسلية التي قد تكون ضرورية لبعض الناس، ومن الطبيعي أن التلفزيونليس من هذه الوسائل، فهو كتلة من المفاسد والمآثم، وصدق من شبهه بالخمر والميسر [قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا](البقرة:219).

ما هي التسلية؟ أليست الحصول على راحة ولذة في وقت الفراغ، وبذلك ننسى أن هناك إلهاً، بل ونعصيه من أجل لحظات واهية تنزل عشرات المفاسد ورائها، أفَلَسْنَا قادرين على أن نسامر عائلتنا ونسعد معها في هذا الوقت، فنحصل على الراحة وعلى رضا الرب؟ يمكننا أن نخلق أكثر من وسيلة لهؤلاء لا يرفضها الدين، كالحضور في المساجد لأداء الصلوات جماعة، ولقاء الأخوان، وتبادل الأحاديث الهادفة، والزيارات وصلة الرحم، واجتماع العوائل فيما بينها، وقراءة الكتب النافعة، وتلاوة القرآن وحفظه، وإحياء الشعائر الدينية، والقيام بكل ما هو نافع دينياً أو دنيوياً، كالكسب الحلال، والتفكير في مشاريع اقتصادية واجتماعية مثمرة.. علماً أن الإنسان المؤمن لا يجد

ص: 22

رغبة ولا حاجة للهو، فهو مشغول، وقته وقلبه وسعادته بالعمل لله وذكره في كل حين، ومن ثم فالتلفزيون ليس وسيلة لهو، بل مجرد وسيلة إرباك للعقيدة وتوجيه نحو أمور أشرنا إليها، [وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ](البقرة:109).

حلول ممكنة جداً :

قبل تعداد الحلول التي نراها ممكنة للتخلص من قبضة التلفزيون المستحكمة على نفوسنا الأمارة بالسوء، نحتاج الالتفات إلى أن هذه الحلول تكون فعالة وناجحة إذا أقبلنا عليها بهمة عالية وإرادة قوية مستمدة من طلب رضا الله علينا، فبدون هذه الإرادة لن نتوصل إلى حلول، بل ستكون هذه الحلول عبارة عن مآزق أخرى نوقع فيها أنفسنا لقمة سائغة للشيطان.

وبعبارة أخرى علينا أن نفكر بهذه الحلول وسيلة لا هدف جديد نطلبه بنفسه، فنَضِلَّ عن خيرنا وصلاحنا، كما كانت عند الجيل السابق لعبة (الدومنة) أو (الشطرنج) أو (الطاولي) هدف بنفسها – رغم حرمتها الشرعية – بعد أن اتخذوه وسيلة للتخلص من الفراغ، وكما يحصل مع الجيل المقبل أو الحالي، بأن اتخذ (الأتاري) وسيلة للترويح وشحذ القدرات العقلية (كمبرر) فأصبح عند الكثير غاية وهدف يتعبد إليه ساعات طويلة، تاركاً الدراسة والتثقيف وطلب الوعي.

أما الحلول فيمكن أن تكون :

(1) الاستغناء عن التلفزيون بالجلسات العائلية الناجحة التي تستثمر في توطيد العلاقة بين أفراد الأسرة، وجلي الروابط التي تصدأت من كثرة الإهمال، خصوصاً إذا انتبهنا إلى أن التلفزيون والانقطاع إليه (بدل الانقطاع إلى الله) عامل أساسي أو مساعد في تفكيك الروابط الأسرية، فمع الاستعاضة عنه

ص: 23

بها يكون رب الأسرة على بينة من تفاصيل حياة أفرادها، وكل منهم ينتبه إلى أخيه ليمد يد العون له عند احتياجه، فكثرة متابعة التلفزيون جعلت البعض على معرفة دقيقة بأخبار الفنانين تفوق بكثير معرفته بأخبار أسرته.(2) الاستعاضة بالمذياع (الراديو) لمتابعة تفاصيل أخبار العالم وما يحيط بنا من كوارث أو أحداث، ونحن لم نلتفت إليها لانشغالنا بالمسلسلات والمنوعات، فمع المذياع تكون ناحية الاختيار بيد المستمع يغير الموجة أنَّى شاء حسبما يجد فيه المنفعة والصلاح، وننتبه إلى عدم جعل الجانب السلبي من المذياع هو المسيطر علينا، كما تستعمله بعض ربات البيوت والموظفات لاستماع الأغاني أثناء أداء أعمالهن، وهذه مأساة من نوع آخر.

(3) اقتناء جهاز كاسيت للاستماع إلى كاسيتات القرآن الكريم، والمحاضرات، والقصائد، فيكون المستمع هو المتسلط على اختيار ما يستمع ولا يفرض عليه .

(4) القراءة والمطالعة، لا نقول الكتب، لأنها أصبحت مستحيلة عند البعض، ومتابعة الإصدارات الأخيرة من الجهات الواعية، من مجلات وكتيبات ممكن أن تنفع القارئ في دينه أو دنياه.

(5) تخصيص أوقات لقراءة القرآن والأدعية، بل لتعلم قراءة القرآن؛ لأن عدداً كبيراً من أفراد مجتمعنا المسلم لا يعرف كيف يقرأ القرآن، فضلاً عن فهمه، فعلينا أن نترك كتاب الشيطان – التلفزيون - ونحث الخطى في العلاقة مع القرآن قبل أن ينادى بنا [وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً](الفرقان:30).

(6) التدرج في التخلص من قبضة هذا الشيطان، بحيث تكون هناك قناعة بالبدائل المختارة، ويتم ذلك من خلال الاتفاق مع أفراد الأسرة على جعل ساعات قليلة محددة لمشاهدة التلفزيون، ثم تدريجاً يتم الاستغناء عنه كلياً ..وصدقوني أن الحياة لن تتوقف إذا أهملنا هذا الشيطان..!

ص: 24

(7) وهذا الحل قد يبدو غير واقعي للوهلة الأولى، ولكن إذا حاولنا دراسته بموضوعية فهو ليس ببعيد.. وهو محاولة اقتناء جهاز كمبيوتر في البيت، خصوصاً العوائل المتمكنة مادياً من ذلك، فيكون تجربةً جديدة للأحداث والكبار في الأسرة لتطوير معلوماتهم وقدراتهم، واستثمار وقتهم فيما هو نافع لهم دنيا وآخرة، وفرصة للتخلص من سيطرة شيطان البيت..(التلفزيون).

هذا ويجدر الإشارة إلى أن الإخلاص والتصميم على ترك متابعة التلفزيون تجعل الإنسان على اطّلاع ومعرفة بحلول غير التي ذكرنا، تتهيأ له من حيث يعلم أو لا يعلم [وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ](الطلاق:3).

كلمة أخيرة :

أود أن أقول كلمة للذين لا يريدون الامتناع :

إن كل إنسان لو عاد إلى ضميره ووجدانه لوجد ما خفي علينا أكثر بكثير من السلبيات والمآثم في التلفزيون .. إنه الشيطان أولاً، هذا المخلوق ذو الكيد الفعال الذي نضعف أمامه، وإن النفس لأمارة بالسوء ثانياً، هي التي تزين لنا معصية الله، إن من يرفض الاعتراف بخطر الجهاز إنما يخالف المنطق والعقل ويتبع الهوى [أَفَرَأَيْتَ مَنِاتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ](الجاثية:23).

إنني لم أكتب فكرة نظرية، تحتمل القبول والرفض ولم أكتب عن مجتمع آخر لا نعايشه، إنما كتبت عن واقع ملموس، يدركه كل من تجرد عن هواه وكل من عاد إلى وجدانه، وإن كان من الصعب العودة إلى الوجدان. فلننظر نظرة يسيرة إلى ما يعمنا من فساد وانحلال، ألا يكفي فساد الواقع؟!!

إن من لا يقنع ويجد التبرير تلو التبرير إنما هو إنسان قد وقع في شباك الشيطان فعلاً، لأن الإيمان الحق شيء فوق كل هذا، إنه دليل العقل والقلب،

ص: 25

إنه النور الذي يرتفع عن رذائل يندى بها الجبين، إنه الخشوع والارتباط القلبي بالله الذي يجعلنا نستقبح كل ما يشدنا عن ذكر الله لحظات، الإيمان الحق هو أن نعرف خطأنا ونستغفر الله بدل أن نُصِّرَ مستكبرين على طريق يمهد لجهنم.

وأخيراً ندعو لكم ولنا بالتوفيق والسداد من الله، وأن نعرف الحق من الباطل ، وألاَّ يختلط علينا لنكون من الصالحين.

اللهم هل بلغت ... اللهم فاشهد ... والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيد الأولين والآخرين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

ص: 26

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.