عنوان واسم المؤلف: موسوعة الامام الخمیني قدس سرة الشریف المجلد 20 الرسالات الفقية و الاصولية/ [روح الله الامام الخمیني قدس سرة].
مواصفات النشر : طهران : موسسة تنظیم و نشر آثارالامام الخمیني قدس سرة، 1401.
مواصفات المظهر: 413ص.
الصقيع: موسوعة الامام الخمیني قدس سرة
ISBN: 9789642123568
حالة القائمة: الفيفا
ملاحظة: الببليوغرافيا مترجمة.
عنوان : الخميني، روح الله، قائد الثورة ومؤسس جمهورية إيران الإسلامية، 1279 - 1368.
عنوان : الفقه والأحكام
المعرف المضاف: معهد الإمام الخميني للتحرير والنشر (س)
ترتيب الكونجرس: BP183/9/خ8الف47 1396
تصنيف ديوي : 297/3422
رقم الببليوغرافيا الوطنية : 3421059
عنوان الإنترنت للمؤسسة: https://www.icpikw.ir
جمعية خيرية رقمية: مركز خدمة مدرسة إصفهان
محرّر: محمّد علي ملك محمّد
ص: 1
ص: 2
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ص: 3
ص: 4
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطاهرين
وبعد، فقد كان دأب المدرّسين تدريس المباحث المختصرة أيّام العطل وما يقرب منها حتّى يستفيد الطالب ويشغل أوقاته بالدرس والتحصيل، وعلى هذا المنوال نهج الإمام الراحل الاُستاذ الكبير خلال تدريس الفقه والاُصول طوال فترة تدريسه بقم المشرّفة بعض المباحث المفيدة والمشكلة. وقد كتب بعض المباحث في رسالات وجيزة قيّمة، ومن هذه المباحث:
التقيّة فقد كتبها بعد تدريسها عام 1373 ه .ق عندما بقي من أيّام التحصيل غير أيّام قليلة، وهو بعد البحث عن التقيّة في الوضوء والمسح على الخفّين. والظاهر أنّ المؤلّف العلاّمة قد علّق على الرسالة عندما كتب «المكاسب المحرّمة» وقد
ص: 5
تداخلت الحواشي والمتن عند الطبع الأوّل للكتاب. ومن المؤسّف أنّ النسخة الخطّية للكتاب قد ضاعت ولا أثر لها، فاعتمدنا في تحقيقنا على النسخة المطبوعة.
هذه الرسالة قد طبعت أوّلاً عام 1385 ه .ق بجهود آية اللّه مجتبى الطهراني (طاب ثراه) في مؤسّسة إسماعيليان، وثانياً عام 1420 ه .ق في «الرسائل العشرة» مع تحقيق وتنقيح من قبل مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه .
وهي رسالة في سبعة من الفروع - بحسب ترتيب السيّد اليزدي قدّس سرّه في «العروة الوثقى» - كتبها المؤلّف عند تدريسه عام 1375 ه .ق، وهذه الفروع - على ما في تقريرات تلامذته - ألقاها على الطلاب قبل انتهاء الفترة الدراسية بشهر تقريباً عندما أتمّ مباحث الألفاظ في الاُصول، ولم يشرع في الجزء الثاني من الاُصول وأحاله إلى السنة الآتية، وفي الرسالة أبحاث قيّمة، والظاهر أنّ الإمام قدّس سرّه لم يُسعفه الوقت للنظر فيها مرّة اُخرى وبقيت كما هي مسودّة وناقصة. وهذه الرسالة قد طبعت قبل هذا الطبع في «الرسائل العشرة» أيضاً.
للإمام الخميني قدّس سرّه ثلاث رسائل لم يكتبها بل قد أفاضها على هذا المنوال وهي:
1 - المسائل المستحدثة.
2 - حكم من شغله السفر ومن شغله في السفر.
ص: 6
3 - حكم قضاء الصلوات عن الميّت.
وبأيدينا من هذه الأبحاث ثلاث رسائل بقلم بعض مقرّري بحثه الشريف وتلامذته الكرام ونرجو من اللّه سبحانه التوفيق لتنظيمها ونشرها.
وهذه الفوائد هي المكتوبة قبل سنين حين كان الإمام شابّاً ولعلّها أوّل ما صنّف في الفقه والاُصول - على ما نقله بعض تلامذته - لكنّها مشتملة على نكات هامّة ورسالات مفيدة وهي:
1 - قاعدة من ملك شيئاً ملك الإقرار به، وهذه الرسالة وكأنّها سجال علمي ينتقد فيها بموضوعية رسالة الشيخ الأعظم الأنصاري في هذه القاعدة.
2 - في تداخل الأسباب، وهي قاعدة اُصولية.
3 - في نقد قياس الأوامر التشريعية بالعلل التكوينية، الذي كثيراً ما وقع في كلام علماء الاُصول، ويكون من موارد الخلط بين التشريع والتكوين والاعتباريات والحقائق. وهذا القياس من مهمّات ما بنى آرائه عليه الاُستاذ العلاّمة الحائري اليزدي رحمه الله علیه ، فتكون هذه الرسالة بمثابة نقد علمي رصين على آراء هؤلاء العلماء.
4 - في موضوع علم الاُصول، وهو من المباحث التي طالما وقع التشاجر فيه بين علماء الاُصول، حتّى استقرّ رأي محقّقي المتأخّرين على إبهامه، وقد ألجأتهم إلى الالتزام به بعض الشبهات.
والمؤلّف قدّس سرّه لمّا كان الحقّ في نظره الشريف أنّ الموضوع هو الحجّة بعنوانها
ص: 7
أراد أن يدفع الشبهة المهمّة الداعية إلى ذلك؛ فأفرد لها هذه الرسالة المستقلّة.
وليعلم أنّ المؤلّف قد أعرض عن نظره هذا إلى القول بعدم احتياج الاُصول وسائر العلوم إلى الموضوع في «مناهج الوصول».
5 - في تبيّن الفجر فعلاً في الليالي المقمرة، وهي من الفتاوى التي انفرد بها الإمام الخميني قدّس سرّه بين أقرانه. وقد طبعت هذه الرسالة سابقاً بصورة منفردة. لكنّنا ننشرها مع هذه الفوائد مجتمعة ومرتبة كما هي كذلك في النسخة الخطّية.
وهذه الفوائد الخمس أيضاً قد طبعت قبل هذا الطبع في «الرسائل العشرة».
وجدنا مكتوبتين مختصرتين إحداهما باللّغة العربيّة والاُخرى بالفارسية
قدّم سماحة آية اللّه العظمى الشيخ جعفر السبحاني من تلامذة الإمام الخميني قدّس سرّه ومقرّري دروسه في الاُصول رسالة مختصرة كان قد ألّفها والده المرحوم آية اللّه الشيخ محمّد حسين الخياباني التبريزي رحمه الله علیه في موضوع التقابل في المنطق وكان مُصرّاً على أن يكتب الإمام قدّس سرّه تعليقة عليها وأخيراً قد أجاب الإمام هذا الطلب وكتب عليها تعاليق تشاهدونها ضمن هذه الموسوعة. هذه الرسالة والتي لم يلتفت إليها كثير ممّن جمعوا وأعدّوا فهارس لكتب الإمام ومؤلّفاته، قد نشرت من قبل في دوريّة «كلام إسلامي» في العددين 55 - 56.
في عام 1347 ش تلقّى الإمام قدّس سرّه رسالة تضمّنت موضوعات عاطفية
ص: 8
واستفتاءً شرعياً حول الذبح بالمكاين - ويبدو أنّها كانت من خارج إيران - أجاب سماحة الإمام قدّس سرّه في موضوع الذبح بالمكاين مستدلاً وبالإيجاز نشرت هذه الرسالة الحاوية للمطالب الفقهية والاستدلالية في صحيفة الإمام، ج 2، ص 217 والآن تنشر في موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه بسبب احتوائها على هذه المضامين.
وهناك ثلاث فوائد، توجد بخطّ الإمام الخميني قدّس سرّه :
1 - الفائدة الاُولى: في شرح حال العقود والإيقاعات.
2 - الفائدة الثانية: في حال الشروط المخالفة للكتاب والمباحث المتعلّقة بها.
3 - الفائدة الثالثة: في التكلّم في بعض جهات ما نقل عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم من قوله: «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» .
إلاّ أنّنا لانجزم بأنّها من إفاضاته هو قدّس سرّه حيث تختلف بعض مطالبها مع سائر تأليفاته وتوافق بعض تقريرات بحوث السيّد آية اللّه العظمى البروجردي قدّس سرّه ، ولعلّه استنسخها منها ولذلك وضعناها في الضميمة. كما أنّها نشرت من قبل كضميمة في «الرسائل العشرة».
1 - تقويم النصّ وتقطيعه وجعل العناوين المناسبة له، ووضع علامات الترقيم.
ص: 9
2 - استخراج مصادر الكتاب من الآيات والروايات والأقوال والإشارات، بضميمة ترجمة العلماء الذين ذكروا في المتن.
3 - وضع الفهارس الفنّية تسهيالاً للمطالب.
وهذه المراحل وإن وقعت على بعض هذه الرسائل قبلاً لكنّ الآن وبسبب الطبع في الموسوعة، جدّدنا التحقيق والتدقيق وفي الختام تقدّم المؤسّسة بالشكر الجزيل إلى كلّ الإخوة الفضلاء الذين ساهموا في تحقيق هذا الكتاب راجياً لهم دوام التوفيق وحسن الختام.
وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين وحسبنا اللّه ونعم الوكيل
مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه
فرع قم المقدّسة
ص: 10
الصورة

نموذج من خط الإمام قدّس سرّه لفائدة في تبيّن الفجر في الليالي المقمرة
ص: 11
الصورة

نموذج من خط الإمام قدّس سرّه لقاعدة من ملك شيئاً ملك الإقرار به
ص: 12
ص: 1
ص: 2
بسم اللّه الرحمن الرحيم
وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين
ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين
وبعد . . . فلمّا بلغ بحثنا في الدورة الفقهية إلى بعض فروع التقيّة ، أحببت أن اُفرد فيها رسالة كافلة لمهمّات مباحثها ، فيقع الكلام في مباحث :
ص: 3
ص: 4
ولمّا كانت «التقيّة» من العناوين التي تضاف إلى المتّقي ، والمتّقى منه ، والمتّقى فيه ، فلا محالة تنقسم بحسب ذاتها وإضافاتها إلى أقسام :
فتارةً : تكون التقيّة خوفاً .
واُخرى : تكون مداراةً .
والخوف قد يكون لأجل توقّع الضرر على نفس المتّقي ، أو عرضه ، أو ماله ، أو ما يتعلّق به . وقد يكون لأجل توقّعه على غيره من إخوانه المؤمنين . وثالثةً لأجل توقّعه على حوزة الإسلام ؛ بأن يخاف شتات كلمة المسلمين بتركها ؛ وخاف وقوع ضرر على حوزة الإسلام لأجل تفريق كلمتهم . . . إلى غير ذلك .
والمراد بالتقيّة مُداراةً : أن يكون المطلوب فيها نفس شمل الكلمة ووحدتها ؛ بتحبيب المخالفين وجرّ مودّتهم ، من غير خوف ضرر كما في التقيّة خوفاً ، وسيأتي التعرّض لها (1) .
ص: 5
وأيضاً : قد تكون التقيّة مطلوبة لغيرها ، كما تقدّم ، وقد تكون مطلوبة لذاتها ؛ وهي التي بمعنى الكتمان في مقابل الإذاعة ، على تأمّل فيه(1) .
وبالجملة : يظهر من مجموع ما ورد فيها أ نّها على أقسام :
منها : كونها كسائر الأعذار والضرورات ، فرخّصت للضرورة والاضطرار . ويدخل فيها التقيّة الإكراهية التي لم نتعرّض لها هاهنا ، وفصّلنا حولها في الرسالة المعمولة في المكاسب المحرّمة(2) .
ومنها : ما شرعت لأجل مداراة الناس وجلب محبّتهم وجرّ مودّتهم .
ومنها : ما تكون مطلوبة بذاتها في دولة الباطل إلى ظهور دولة الحقّ ؛ وهي التي في مقابل الإذاعة ، ومساوقة للكتمان .
فقد يكون المتّقي من الأشخاص المتعارفة ، كالسوقي وغيره .
وقد يكون من رؤساء المذهب ممّن له شأن ديني أو غيره بين الناس على حسب مراتبهم ، كالنبي صلی الله علیه و آله وسلم بناءً على جواز التقيّة له والأئمّة علیهم السلام والفقهاء ورؤساء المذهب وسلاطين الشيعة والاُمراء . وسنشير إلى إمكان اختلاف حكم التقيّة بحسب المتّقي(3) .
ص: 6
فتارةً : تكون التقيّة من الكفّار وغير المعتقدين بالإسلام ؛ سواء كانوا من قبيل السلاطين أو الرعية .
واُخرى : تكون من سلاطين العامّة واُمرائهم .
وثالثةً : من فقهائهم وقضاتهم .
ورابعةً : من عوامّهم .
وخامسةً : من سلاطين الشيعة أو عوامّهم . . . إلى غير ذلك .
ثمّ إنّ التقيّة من الكفّار وغيرهم قد تكون في إتيان عمل موافقاً للعامّة ، كما لو فرض أنّ السلطان ألزم المسلمين بالعمل بفتوى أبي حنيفة ، وقد تكون في غيره .
فتارةً : تكون التقيّة في فعل محرّم .
واُخرى : في ترك واجب .
وثالثةً : في ترك شرط أو جزء أو فعل مانع أو قاطع .
ورابعةً : في العمل على طبق الموضوع الخارجي الذي اعتقد المتّقى منه تحقّقه ؛ إمّا بسبب الثبوت عنده بحكم القضاة والسلاطين ، أو بسبب قيام البيّنة المعتبرة عنده ممّا لم تكن معتبرة عندنا ، كالإفطار في يوم عيّد المخالف فيه ، والوقوف بعرفات وسائر المواقف موافقاً للعامّة . فحينئذٍ قد يكون الموضوع الخارجي معلوم الخلاف عند المتّقي ، كما لو علم أنّ يوم عيدهم من شهر رمضان ، وقد يكون مشكوك التحقّق ، كما لو كان يوم عيدهم يوم الشكّ عنده .
ص: 7
ثمّ إنّه لا ريب في عموم أخبار التقيّة وإطلاقها - كصحيحة الفضلاء(1) قالوا : سمعنا أبا جعفر علیه السلام يقول : «التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه له»(2) ورواية الأعجمي عن أبي عبداللّه علیه السلام - في حديث - أ نّه قال : «لا دين لمن لا تقيّة له ، والتقيّة في كلّ شيء إلاّ في النبيذ والمسح على الخفّين»(3) وغيرهما (4) - بالنسبة إلى أشخاص المتّقي وأقسام التقيّة الخوفية ، على إشكال في بعض الصور ، كالخوف على إخوانه المؤمنين ؛ فإنّ صدق الاضطرار فيه محلّ إشكال ، بل منع .
بل صدقه في غير الخوف على نفسه وأتباعه وعشيرته القريبة [منه] لا يخلو من تأمّل . لكن مقتضى بعض الروايات أ نّها أعمّ(5) . لكن هنا كلام
ص: 8
يطلب من الرسالة المشار إليها (1) .
والظاهر أنّ غالب تقيّة الأئمّة علیهم السلام في الفتوى لأجل حفظ شيعتهم .
وكذا لا إشكال في شمولها بالنسبة إلى المتّقى منه؛ كافراً كان أو مسلماً، مخالفاً أو غيرهما . وكون كثير من أخبارها ناظراً إلى المخالفين ، لا يوجب اختصاصها بهم(2) لعدم إشعار فيها - على كثرتها - بذلك ؛ وإن كان بعض أقسامها مختصّاً بهم ، كما سيأتي التعرّض له(3) لكنّ الظاهر من كثير منها التعميم في الجملة .
وهل تعمّ بالنسبة إلى المتّقى فيه ؟ الظاهر منها ومن أدلّة نفي الحرج(4) والرفع(5) وإن كان ذلك ؛ وتكون تلك الأدلّة حاكمة على أدلّة المحرّمات والواجبات ، لكن يقع الكلام في موارد يمكن أن يقال باستثنائها منها ، أو دلّ دليل عليه .
ص: 9
منها : بعض المحرّمات والواجبات التي في نظر الشارع والمتشرّعة في غاية الأهمّية مثل هدم الكعبة والمشاهد المشرّفة بنحو يمحى الأثر ولا يرجى عوده ، ومثل الردّ على الإسلام والقرآن ، والتفسير بما يفسد المذهب ويطابق الإلحاد ، وغيرها من عظائم المحرّمات ، فإنّ القول بحكومة نفي الحرج أو الضرر وغيرهما على أدلّتها - بمجرّد تحقّق عنوان الحرج والاضطرار والإكراه والضرر والتقيّة - بعيدٌ عن مذاق الشرع غايته .
فهل ترى من نفسك إن عُرض على مسلم تخريب بيت اللّه الحرام وقبر رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أو الحبس شهراً أو شهرين ، أو أخذ مائة أو مائتين منه ، يجوز له ذلك تمسّكاً بدليل الحرج والضرر ؟ !
والظاهر هو الرجوع في أمثال تلك العظائم إلى تزاحم المقتضيات من غير توجّه إلى حكومة تلك الأدلّة على أدلّتها . ويشهد له - مضافاً إلى وضوحه - موثّقة مَسْعَدة بن صَدَقة عن أبي عبداللّه علیه السلام في حديث : «وتفسير ما يتّقى : مثل أن يكون قوم سوءٍ ظاهر حكمهم وفعلهم على غير حكم الحقّ وفعله ، فكلّ شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة - ممّا لا يؤدّي إلى الفساد في الدين - فإنّه جائز»(1) .
هذا مع أنّ في دليل الضرر كلاماً تعرّضنا له في رسالة «لا ضرر» وذكرنا أنّه
ص: 10
أجنبيّ عن الحكومة على أدلّة الأحكام(1) .
ومن هذا الباب ما إذا كان المتّقي ممّن له شأن وأهمّية في نظر الخلق ؛ بحيث يكون ارتكابه لبعض المحرّمات تقيّة أو تركه لبعض الواجبات ، ممّا يعدّ موهناً للمذهب وهاتكاً لحرمته ، كما لو اُكره على شرب المسكر والزنا مثلاً ، فإنّ جواز التقيّة في مثله - تشبّثاً بحكومة دليل الرفع وأدلّة التقيّة - مشكل ، بل ممنوع . ولعلّه عليه محمول قوله في صحيحة زرارة الآتية(2) بعدم اتّقائه من شرب المسكر . . . إلى آخره .
وأولى من ذلك كلّه في عدم جواز التقيّة فيه : ما لو كان أصل من اُصول الإسلام أو المذهب أو ضروري من ضروريات الدين ، في معرض الزوال والهدم والتغيير ، كما لو أراد المنحرفون الطغاة تغيير أحكام الإرث والطلاق والصلاة والحجّ وغيرها من اُصول الأحكام ، فضلاً عن اُصول الدين أو المذهب ، فإنّ التقيّة في مثلها غير جائزة ؛ ضرورة أنّ تشريعها لبقاء المذهب وحفظ الاُصول وجمع شتات المسلمين لإقامة الدين واُصوله ، فإذا بلغ الأمر إلى هدمها فلا تجوز التقيّة . وهو - مع وضوحه - يظهر من الموثّقة المتقدّمة(3) .
ومنها: المسح على الخفّين ومتعة الحجّ وشرب المسكر والنبيذ والجهر ب «بسم اللّه» فإنّ مقتضى بعض الأخبار استثناؤها عن التقيّة ، كصحيحة زرارة قال : قلت له : في مسح الخفّين تقيّة ؟ فقال : «ثلاثة لا أتّقي فيهنّ أحداً :
ص: 11
شرب المسكر ، ومسح الخفّين ، ومتعة الحجّ» قال زرارة : ولم يقل : الواجب عليكم أن لا تتّقوا فيهنّ أحداً (1) .
ورواية أبي عمر الأعجمي ، عن أبي عبداللّه في حديث : «والتقيّة في كلّ شيء إلاّ في النبيذ والمسح على الخُفّين»(2) وغيرهما (3) .
وفي مقابلها بعض آخر ، كرواية أبي الورد ، قال : قلت لأبي جعفر : إنّ أبا ظبيان حدّثني أ نّه رأى علياً علیه السلام أراق الماء ، ثمّ مسح على الخفّين ، فقال : «كذب أبو ظبيان ؛ أما بلغك قول علي علیه السلام فيكم : سبق الكتاب الخفّين ؟ !» .
فقلت : هل فيهما رخصة ؟ فقال : «لا ، إلاّ من عدوّ تتّقيه ، أو ثلج تخاف على رجليك»(4) .
ص: 12
ورواية درست بن أبي منصور ، قال : كنتُ عند أبي الحسن موسى علیه السلام وعنده الكميت بن زيد ، فقال للكميت : أنت الذي تقول :
فالآن صِرتُ إلى اُميّ***ةَ فالاُمور لها مصائرْ
قال : قلت ذاك ، واللّه ِ ما رجعتُ عن إيماني ، وإنّي لكم لموالٍ ، ولعدوّكم لقالٍ ، ولكنّي قلته على التقيّة ، قال : «أما لئن قلتَ ذلك إنّ التقيّة تجوز في شرب الخمر»(1) .
ورواية عمرو بن مروان التي كالصحيحة(2) قال : قلت لأبي عبداللّه : إنّ هؤلاء ربّما حضرتُ معهم العشاء ، فيجيئون بالنبيذ بعد ذلك ، فإن لم أشربه خفتُ أن يقولوا : فلاني ، فكيف أصنع ؟ فقال : «اكسره بالماء» .
قلت : فإن أنا كسرته بالماء أشربه ؟ قال : «لا»(3) . وغيرها (4) .
ص: 13
والظاهر تعيّن العمل بها ؛ لعمل المشهور بل إعراضهم عمّا تقدّمت(1) فلا تصلح للحجّية . بل ضرورة العقل تحكم بأنّ ترك الصلاة أهمّ من المسح على الخفّين ، وتركَ الحجّ من ترك متعته ، مع أ نّهما داخلان في المستثنى منه .
مع أنّا نقطع بأنّ الشارع لا يرضى بضرب الأعناق إذا دار الأمر بينه وبين المسح على الخفّين ، بل وشرب الخمر والنبيذ وترك متعة الحجّ ، فلا بدّ من طرح تلك الروايات ، أو الحمل على بعض المحامل ؛ كأن يقال : في مثلها لا حاجة إلى التقيّة :
أمّا في المسح على الخفّين ، فلإمكان مسح القدم بقدر الواجب بعنوان الغسل ؛ بأن يسبق يده إلى قدميه ، ويمسحهما عند غسلهما . ويمكن أن يقال : إنّ الغسل مقدّم على المسح على الخفّين ، فلا يجوز المسح عند الدوران بينه وبين الغسل(2) .
وأمّا في متعة الحجّ ، فلأ نّهم يأتون بالطواف والسعي الاستحبابي عند القدوم على المحكيّ(3) فيمكن الإتيان بهما بعنوان متعة الحجّ ، فالنيّة أمر قلبي . وإخفاء
ص: 14
التقصير في غاية السهولة(1) .
وأمّا شرب الخمر والنبيذ ، فيمكن التخلّص عنه بأعذار غير الحرمة(2) ، ولهذا ورد في الرواية المتقدّمة جواز شربه وكسره بالماء عند عدم إمكان التخلّص .
وربّما يقال : إنّ ترك التقيّة فيها مختصّ بالإمام علیه السلام كما فهم زرارة(3) ؛ إمّا لأ نّهم كسائر فقهائهم في الفتوى ، وسلاطين الوقت لا يأبون عن فتواهم ، بل عن الاجتماع حولهم خوفاً من مزاحمتهم في رئاساتهم ، ولهذا كانوا يستفتون(4)
ص: 15
منهم في قبال سائر الفقهاء وإمّا لمعروفية فتواهم فيها بحيث لا تنفع فيها التقيّة(1) كما لا يبعد .
أو على غير ذلك من المحامل ، كالحمل على عدم جواز التقيّة المداراتية لا الخوفية ، والأمر سهل .
وقد فصّلنا في «المكاسب المحرّمة» - عند البحث عن الولاية من قبل الجائر- ما يناسب المقام وما يرجع إلى فقه الحديث(1) ، فراجع .
والأخبار فيها مختلفة :
فمنها : ما يظهر منه عدم الجواز :
كرواية محمّد بن ميمون عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه قال : «قال أمير المؤمنين : ستدعون إلى سبّي فسبّوني ، وتُدعون إلى البراءة منّي فمدّوا الرقاب ؛ فإنّي على الفطرة»(2) .
ورواية علي بن علي الخزاعي عن علي بن موسى ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي بن أبي طالب أ نّه قال : «إنّكم ستعرضون على سبّي ، فإن خفتم على أنفسكم فسبّوني ، ألا وإنّكم ستُعرضون على البراءة منّي فلاتفعلوا ؛ فإنّي على الفطرة»(3) .
ص: 17
وقريب منها ما عن «نهج البلاغة»(1) وما عن الكشّي في حال حجر بن عديّ(2) .
وعن المفيد في «الإرشاد» قال : استفاض عن أمير المؤمنين أنّه قال : «ستُعرضون من بعدي على سبّي فسبّوني ، فمن عرض عليه البراءة منّي فليمدد عنقه ، فإن برِئَ منّي فلا دنيا له ولا آخرة»(3) .
ومنها : ما يظهر منه الترخيص فيها وفي مدّ الرقاب :
فعن العيّاشي ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبداللّه علیه السلام - في حديث - أ نّه قيل له : مدّ الرقاب أحبّ إليك ، أم البراءة من علي علیه السلام ؟ فقال : «الرخصة أحبّ إليّ ؛ أما سمعتَ قول اللّه عزّ وجلّ في عمّار : (إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاْءِيمَانِ)(4) »(5) .
ص: 18
وقريب منها روايته الاُخرى ، عن عبداللّه بن عَجْلان عن أبي عبداللّه (1) .
ويظهر ذلك من رواية يوسف بن عمران في قضيّة ميثم بن يحيى التمّار(2) .
ومنها : ما يدلّ على وجوب البراءة :
كموثّقة مَسْعَدة بن صَدَقة قال : قيل لأبي عبداللّه علیه السلام : إنّ الناس يروون أنّ علياً علیه السلام قال على منبر الكوفة : أيّها الناس ، إنّكم ستدعون إلى سبّي فسبّوني ، ثمّ تدعون إلى البراءة منّي فلا تبرأوا منّي ، فقال : «ما أكثر ما يكذب الناس على علي علیه السلام !» ثمّ قال : «إنّما قال : إنّكم ستدعون إلى سبّي
ص: 19
فسبّوني ، ثمّ تدعون إلى البراءة منّي ، وإنّي لعلى دين محمّد صلی الله علیه و آله وسلم ولم يقل : ولا تبرأوا منّي» .
فقال له السائل : أرأيت إن اختار القتل دون البراءة ؟ فقال : «واللّه ما ذلك عليه ، وما له إلاّ ما مضى عليه عمّار بن ياسر حيث أكرهه أهل مكّة . . .» (1) الحديث .
ورواية «الاحتجاج» عن أمير المؤمنين علیه السلام وفيها : «وقد أذنتُ لكم في تفضيل أعدائنا إن ألجأك الخوف إليه ، وفي إظهار البراءة إن حملك الوجل عليه . . .» إلى أن قال : «وإنّ إظهارك براءتك منّا عند تقيّتك لا يقدح فينا ولا ينقصنا . . .» إلى أن قال : «وإيّاك ثمّ إيّاك أن تترك التقيّة التي أمرتك بها . . .» إلى أن قال : «فإنّك إن خالفت وصيّتي كان ضررك على إخوانك ونفسك ، أشدَّ من ضرر الناصب لنا الكافر بنا»(2) .
وما روى المحدّث المجلسي عن صاحب كتاب «الغارات» عن الباقر والصادق علیهما السلام (3) .
ص: 20
ولا يخفى : أنّ رفع اليد عن تلك الروايات المشتملة على تكذيب ما نسب إلى علي علیه السلام وعن أخبار التقيّة ، وعن قوله تعالى : (لاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(1) وحكمِ العقل بلزوم حفظ النفس واهتمام الشارع به ، لا يمكن بمثل تلك الروايات التي لا تفيد علماً ولا عملاً ، ولم نجد فيها ما يسلم سنداً .
ودعوى المفيد(2) لا تفيدنا علماً ؛ فإنّا لم نعثر على رواية واحدة بمضمون ما ذكره . نعم بعض مضمونه موافق للروايات الضعاف المتقدّمة(3) المقابلة للروايات التي بعضها أسدّ منها سنداً .
مضافاً إلى استشمام رائحة الكذب والاختلاق منها ؛ ضرورة أنّ السبّ والشتم واللعن ، أشدّ من التلفّظ بالبراءة ممّا لا يقدح فيهم ولا ينقصهم ، ومن المقطوع
ص: 21
عدم رضا الشارع بمدّ الأعناق في مقابله ، كما في رواية «الاحتجاج»(1) .
وأمّا قضيّة ميثم(2) وإن كانت معروفة ، ولا يبعد ثبوتها إجمالاً ، ولكنّها قضيّة في واقعة ، ولعلّه كان عالماً بأنّ الدعيّ عبيداللّه بن زياد يقتله ؛ برِئَ من علي علیه السلام أو لا ، وكانت براءته منه غير مفيدة بحاله ، بل مضرّة وموجبة لفضاحته مضافاً إلى قتله ، فلا يجوز معه البراءة ولا السبّ ولا غيرهما .
ص: 22
قد تقدّم(1) أنّ التقيّة - على ما يظهر من الأخبار - على أقسام :
منها: ما يستعمل لأجل الخوف على النفس والعِرْض والمال، فهذه ليست واجبة لنفسها ، بل الواجب حفظ النفس عن الوقوع في الهلكة ، وتكون التقيّة مقدّمة له .
نعم ، يظهر من بعض الروايات أنّ اللّه رخّص التقيّة في كلّ اضطرار(2) أو ضرورة عرفية(3) . بل الظاهر أوسعية دائرتها منه أيضاً ، فتجوز لحفظ مال غيره
ص: 23
من إخوانه المؤمنين . بل الظاهر - كما يظهر من بعض الروايات(1) وجوبها لأجل حفظ النفوس والأموال والأعراض ؛ وإن كانت استفادة الوجوب النفسي في هذا القسم من التقيّة ، محلَّ تأمّل .
ومنها : ما تكون واجبة لنفسها ، وهي ما تكون مقابلة للإذاعة ، فتكون بمعنى التحفّظ عن إفشاء المذهب وعن إفشاء سرّ أهل البيت ، فيظهر من كثير من الروايات(2) أنّ التقيّة التي بالغ الأئمّة علیهم السلام في شأنها ، هي هذه التقيّة فنفس إخفاء الحقّ في دولة الباطل واجب ، وتكون المصلحة فيه جهات سياسية دينية ، ولولا التقيّة لصار المذهب في معرض الزوال والانقراض .
ويدلّ على هذا القسم ما ورد في تفسير قوله تعالى : (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ)(3) قال الصادق علیه السلام في صحيحة هشام بن سالم : «الحَسَنَة : التقيّة ، والسَيِّئَة : الإذاعة»(4) .
وفي تفسير قوله تعالى : (وَلاَ تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ)(5) عن
ص: 24
أبي عبداللّه قال : «(الْحَسَنَةُ) : التقيّة ، و(السَّيِّئَةُ) : الإذاعة»(1) فمقتضى مقابلتها للإذاعة أ نّها هي الاستتار والكتمان .
ويؤكّده ما دلّت على تقابل الكتمان والإذاعة ، كرواية سليمان بن خالد ، قال : قال أبو عبداللّه : «يا سليمان ، إنّكم على دِينٍ من كتمه أعزّه اللّه ، ومن أذاعه أذلّه اللّه»(2) . . . إلى غير ذلك من الروايات التي يظهر منها أنّ التقيّة هي الكتمان(3) والإسرار(4) والخباء(5) .
ص: 25
ثمّ إنّه من المحتمل أن يكون الواجب علينا التقيّة والكتمان ، وتكون الإذاعة منهيّاً عنها للغير .
وأن تكون الإذاعة محرّمة ، وتعلّق الأمر بالتقيّة لأجل عدم الإذاعة .
وأن يكون كلّ من العنوانين متعلّقاً للتكليف برأسه . والجمود على الظواهر يقتضي الأخير وإن كان بعيداً .
وكيف كان : لو ترك التقيّة وأتى بالعمل على خلافها ، فمقتضى القواعد صحّته ؛ سواء قلنا : بأ نّها واجبة ، أو الإذاعة محرّمة ، أو هي محرّمة وتلك واجبة ؛ وذلك لأنّ الأمر بالتقيّة لا يوجب النهي عن العمل ، وكذا النهي عن الإذاعة لا يوجب سرايته إلى عنوان العمل ؛ لما حُقّق في محلّه من أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه(1) والنهي عن عنوان لا يمكن سرايته إلى عنوان آخر(2) .
وحديث أنّ المبعِّد لا يمكن أن يصير مُقرِّباً (3) قد فرغنا عن تهجينه في الاُصول(4) .
ص: 26
لكن الشيخ الأعظم فصّل بين الموارد بعد الاعتراف بأنّ نفس ترك التقيّة ، لا يوجب إلاّ استحقاق العقاب ؛ ففي مثل السجدة على التربة الحسينية - مع اقتضاء التقيّة تركه - حكم بالبطلان ؛ لكونه منهيّاً عنه وموجباً لفساد الصلاة ، وفي مثل ترك التكفير وغسل الرجلين في الوضوء حكم بالصحّة ؛ لعدم اعتباره في المأمور به ، بل يكون كواجب خارجي .
ثمّ قال : «إن قلت : إذا كان إيجاب الشيء تقيّةً لا يجعله معتبراً في الصلاة ، لزم الحكم بصحّة وضوء من ترك المسح على الخفّين ؛ لأنّ المفروض أنّ الأمر بالمسح لا يجعله جزءاً .
قلت : ليس الحكم بالبطلان من جهة ترك ما وجب بالتقيّة ، بل لأنّ المسح على الخفّين ، متضمّن لأصل المسح الواجب مع إلغاء قيد مماسّة الماسح للممسوح ، فالتقيّة إنّما أوجبت إلغاء قيد المباشرة ، وأمّا صورة المسح ولو مع الحائل فواجبة واقعاً ، لا من حيث التقيّة ، فالإخلال بها يوجب بطلان الوضوء بنقص جزء منه»(1) .
ثمّ استشهد على هذا التحليل برواية عبد الأعلى آل سام(2) .
ص: 27
وأنت خبير بما فيه :
أمّا أوّلاً : فلما عرفت أنّ الأمر بالتقيّة ، لا يقتضي النهي عن الأفعال الصادرة على خلافها ؛ سواء في ذلك ما إذا وجبت التقيّة بعنوانها - أي التحفّظ عن إفشاء المذهب وكتمان الحقّ - لأنّ هذا العنوان ضدّ الأفعال الموجبة للإفشاء والإذاعة ، والأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه ، أو كان الواجب هو التحفّظ عن ضرر الغير ، ووجبت التقيّة مقدّمة له عقلاً أو شرعاً ؛ بناءً على وجوبها كذلك :
أمّا بناءً على الوجوب العقلي فواضح .
وأمّا بناءً على الوجوب الشرعي فلأنّ وجوب الفعل الموافق للتقيّة ، لا يقتضي حرمة مقابلاته . مع أنّ الحرمة الغيرية لا توجب الفساد . هذا مضافاً إلى منع وجوب المقدّمة ، كما حقّق في محلّه(1) .
ولو قلنا بحرمة الإذاعة ، فلا توجب حرمتها بطلان العمل المنطبق عليه عنوانها ؛ بناءً على جواز اجتماع الأمر والنهي ، كما هو التحقيق(2) .
وأمّا ثانياً : فلأنّ ما وجّه البطلان به - من ترك المأمور به الواقعي ؛ بدعوى تحليل المسح إلى أصل الإمرار ولو على الحائل - ممّا لا يساعد عليه العرف ؛ ضرورة أنّ المسح على الرجل والرأس لا ينحلّ إلى المسح ولو على غيرهما ،
ص: 28
فالمسح على الخفّ أجنبيّ عن المأمور به ، كما ورد عن أمير المؤمنين علیه السلام : «فلئن أمسح على ظهر حماري أحبّ إليّ من أن أمسح على الخفّين»(1) .
ولو بنينا على هذا النحو من التحليل لاتّسع الخرق على الراقع ؛ لإمكان أن يقال : إنّ المسح ينحلّ إلى أصل الإمرار ولو بغير اليد وعلى غير الرجل ، فإذا تعذّر المسح باليد وعلى الرجل يجب مسح شيء آخر ، وهو كما ترى .
وأمّا رواية عبد الأعلى فلم يظهر منها أنّ المسح على المرارة يُعلم من كتاب اللّه ، بل يحتمل أن يكون المراد أ نّه يفهم من كتاب اللّه رفع المسح على الرجل ، لا الإمرار على المرارة ، أو أ نّه علیه السلام يعرف هذا الحكم من كتاب اللّه لا سائر الناس ؛ ضرورة أنّ العرف لا يعرف من كتاب اللّه ذلك .
فوجه بطلان الوضوء مع ترك المسح على الخفّين ليس ما أفاده رحمه الله علیه بل لأجل ترك الفرد الاضطراري والاختياري ، وإنّما قام الاضطراري مقام الاختياري في الإجزاء ، ومع ترك البدل والمبدل منه لا وجه لصحّته .
ص: 29
المبحث الثالث في ذكر ما دلّ على أنّ إتيان المأمور به على وجه التقيّة يوجب الإجزاء، ولا تجب بعد رفعها الإعادة والقضاء
وهي كثيرة وعلى طوائف :
منها : ما دلّت على الإجزاء في التقيّة الاضطرارية من أيّ سبب حصل الاضطرار .
ومنها : ما دلّت عليه فيما يقتضي عنوان التقيّة إتيان المأمور به على خلاف الحقّ .
ومنها : ما دلّت عليه في التقيّة المداراتية .
وليعلم : أنّ محطّ البحث في الإجزاء ما إذا أتى المكلّف بمصداق المأمور به بكيفية خاصّة تقتضيها التقيّة ، كترك جزء أو شرط أو إيجاد مانع ، كما لو اقتضت إتيان الصلاة بلا سورة ، أو مع نجاسة الثوب ، أو إتيان الصوم إلى سقوط الشمس ، أو وقوف عرفة يوم التروية والمشعر ليلة عرفة ، لا ما إذا اقتضت ترك المأمور به رأساً ، كترك الصوم في يوم تعييد الناس ، وترك الصلاة والحجّ ؛ فإنّ الإجزاء في
ص: 30
مثله ممّا لا معنى له ، ولا يكون ذلك محطّ البحث .
ففرقٌ بين إتيانِ الصوم إلى سقوط الشمس تقيّةً ، وتركِ الصوم رأساً ؛ لأجل ثبوت الهلال عندهم ولزوم التقيّة في تركه ؛ ففي الأوّل يقع البحث في إجزائه ، دون الثاني ، فما في بعض الكلمات من التسوية بينهما (1) في غير محلّه . وحينئذٍ تكون ما وردت في إفطار يوم شهر رمضان وقضائه(2) غير مخالفة لما سيأتي من الإجزاء .
إذا عرفت ذلك فمن الطائفة الاُولى : - أي ما كان العنوان هو «الضرورة والاضطرار» - حديث الرفع(3) وقد تعرّضنا لفقه الحديث وحدود دلالته ودفع
ص: 31
بعض الإشكالات عنه في محلّه(1) نشير إلى لمحة منها :
فمن ذلك : أ نّه لا إشكال في أنّ إسناد الرفع إلى المذكورات في الحديث ، يحتاج إلى ادّعاء ، والمصحِّح للدعوى إمّا رفع جميع الآثار ، بمعنى أنّ الموضوع الذي لم يكن له أثر في عالم التشريع مطلقاً ، يصحّ أن يدّعى أ نّه مرفوع ، فيقال : «رفع ما لا يطيقون ، وما اضطرّوا إليه» .
وإمّا رفع المؤاخذة ، فيدّعى أنّ ما لا مؤاخذة عليه مرفوع وليس بمحقّق ، فلا بدّ حينئذٍ من دعوى أنّ سائر الآثار - غير المؤاخذة - ليس بشيء ، أو أنّ المؤاخذة تمام الآثار ؛ حتّى تصحّ دعوى أ نّه برفعها رفع الموضوع ، فلا محيص عن دعويين : دعوى عدم شيئية سائر الآثار ، أو كون المؤاخذة جميعها ، وإلاّ فمع تحقّق سائرها والنظر إليها ، لا تصحّ دعوى رفع الموضوع ، ودعوى أنّ ما لا أثر له مرفوع ذاتاً ، بخلاف رفع جميع الآثار ، فإنّه معه لا يحتاج إلاّ إلى ادّعاء واحد ، فالحمل على جميع الآثار أسلم وأظهر .
وأمّا احتمال أن يكون في كلٍّ من العناوين أثر خاصّ به ؛ هو أظهر آثاره(2) فبعيد عن الصواب ؛ لعدم مساعدة العرف ، وعدم أثر خاصّ لكلّ منها هو أظهر الآثار ، فلا محيص عن الحمل على جميعها . كما أنّ العرف أيضاً يساعده عليه .
ص: 32
واستشهاد الإمام علیه السلام به في صحيحة صفوان والبزنطي(1) أقوى شاهد على عدم الاختصاص بالمؤاخذة .
ومنه : أنّه قد يقال : إنّ حديث الرفع يختصّ بالوجوديات ، مثل التكتّف ، وقول : «آمين» دون العدميات ، فلا يشمل مثل ترك القراءة ؛ فإنّ شأن الرفع تنزيل الموجود منزلة المعدوم لا العكس ، فإنّه يكون وضعاً لا رفعاً ، فلا يجعل عدم القراءة بمنزلة وجودها حتّى يقال: إنّ الصلاة تامّة؛ لأجل اشتمالها على القراءة(2).
وفيه : أنّ الرفع متوجّه إلى العناوين المأخوذة فيه ؛ أي «ما لا يطيقون ، وما استكرهوا عليه . . .» إلى آخره ، وهذه العناوين لها نحو ثبوت قابل للرفع ، فالموصول فيها وإن كان إشارة إلى ما ينطبق عليه العناوين ، وهي قد تكون عدمية ، لكنّ الرفع غير متوجّه إلى العدم ، بل إلى عنوان «ما اضطرّوا إليه» وهو قابل للرفع عرفاً ، والرفع لمّا كان بلحاظ الآثار وترك السورة موجباً للبطلان ، فهو مرفوع بلحاظه ، ولا يحتاج إلى إثبات تحقّق السورة في صحّة الصلاة . مع أنّ استلزام رفع الترك لوضع الوجود عرفاً - على فرضه - غير متّضح الفساد .
ص: 33
وبالجملة : لا قصور للحديث عن شمول كلّ ما يضطرّ إليه . بل لا ينقدح في ذهن العرف من قوله : «رفع ما اضطرّوا إليه» وغيرِه غيرُ تلك العناوين ؛ من غير انتسابها إلى الوجوديات والعدميات .
فاتّضح ممّا ذكر : أنّ ما يضطرّ إليه المكلّف - من إتيان المانع وترك الشرط أو الجزء - مرفوع بلحاظ جميع الآثار . وبعضها وإن كان عقلياً ، إلاّ أنّ شمول الحديث له لا مانع منه بعد كون منشئه بيد الشارع إثباتاً ونفياً ، كما أنّ الأمر كذلك في مثل قاعدة التجاوز .
لكن التحقيق التفصيل بين الاضطرار إلى إيجاد المانع ، فيرفع المانعية بلسان رفع المانع ، ونحكم بصحّة المأتيّ به ، وبين الاضطرار إلى ترك الجزء والشرط ؛ لأنّ الاضطرار إليه لا إليهما ، فلا يمكن رفع الجزئية والشرطية بالحديث . ولا أثر لتركهما شرعاً ؛ لأنّ وجوب الإعادة عقلي لا شرعي ، وبقاء أمر الشارع ليس أثراً لترك الجزء أو الشرط ، بل لازم عقلي لعدم الإطاعة ، أو موجب آخر للسقوط ، فالترك المضطرّ إليه لا أثر شرعي له حتّى يرفع بلحاظه . والقياس بقاعدة التجاوز في غير محلّه ؛ لاختلاف لسانهما ومفادهما .
ومنها : صحيحة الفضلاء قالوا : سمعنا أبا جعفر علیه السلام يقول : «إنّ التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه»(1) .
ولا تكون الحلّية قرينة على تخصيص «كلّ شيء» بالتكليفيات ؛ ضرورة أنّ الحلّية أعمّ من التكليفية والوضعية ، ألا ترى أنّ قوله تعالى : (أَحَلَّ اللّه ُ الْبَيْعَ)(2)
ص: 34
ظاهر في الوضع ، ومورد تمسّكهم - خلفاً عن سلف - لنفوذ البيع ومضيّه من غير شبهة تأوّل وتجوّز ؟ !(1) .
ف«الحلال» ليس - في العرف واللغة والكتاب والحديث - مختصّاً بالتكليف ، ف«المحرّم» و«المحلّل» عبارة عن الممنوع والمرخّص فيه ، فشرب الخمر لدى الاضطرار حلال مرخّص فيه غير ممنوع ، والتكتّف في الصلاة ، وترك السورة ، ولبس الحرير فيها ، والإفطار عند سقوط الشمس ، والوقوف بعرفات والمشعر قبل وقته ، كلّ ذلك إذا اضطرّ إليه ابن آدم أحلّه اللّه وأمضاه ، والصلاة بالكيفية
الكذائية والصوم والحجّ كذلك ، مرخّص فيها وممضاة من قبل اللّه تعالى .
والحاصل : أ نّه يستفاد من الصحيحة رفع المنع - تكليفاً ووضعاً - عن كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم . ونحن الآن لسنا بصدد بيان موضوع الاضطرار ، بل بصدد حكمه لدى تحقّقه ، ولا ريب في استفادة الوضع منها ، خصوصاً مع ندرة موارد ابتلاء الشيعة في دار التقيّة - في تلك الأعصار التي انحصرت التقيّة فيها من العامّة - بالنسبة إلى التكليفيات ، كشرب النبيذ مثلاً ، وكثرة ابتلائهم بالوضعيات ليلاً ونهاراً ، فحمل الحديث على التكليف ممّا لا مجال فيه .
ومثلها ما عن «نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى» عن سَماعة عن أبي عبداللّه علیه السلام قال : «إذا حلف الرجل تقيّةً لم يضرّه إذا هو اُكره واضطرّ إليه» وقال : «ليس شيء ممّا حرّم اللّه إلاّ وقد أحلّه لمن اضطرّ إليه»(2) .
ص: 35
ولعلّها أظهر في شمول الوضع ؛ لأنّ عدمَ إضرار الحلف عدمُ ترتّب الأثر والكفّارة عليه ، وقوله بعده بمنزلة الكبرى الكلّية .
ولا يبعد استفادة الصحّة من مثل قول أبي جعفر علیه السلام في صحيحة زرارة : «التقيّة في كلّ ضرورة ، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به»(1) .
حيث يظهر منها مشروعية التقيّة في إتيان العمل ، كالصلاة متكتّفاً إذا اقتضت الضرورة ، أو مشروعية التكتّف فيها ، فدلّت على صحّة الصلاة المأتيّ بها كذلك ، تأمّل .
ثمّ اعلم : أنّ «الضرورة» أعمّ من «الاضطرار» من حيث المورد ، فربّما لا يضطرّ الإنسان إلى شيء ، لكنّ الضرورة تقتضي الإتيان به ، كما إذا كان في تركه ضرر على حوزة المسلمين أو رئيس الإسلام ، أو كان مورثاً لهتك حرمة مقام محترم .
ومن الطائفة الثانية موثّقة مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبداللّه علیه السلام وفيها : «وتفسير ما يتّقى : مثل أن يكون قوم سوء ظاهرٌ حكمهم وفعلهم على غير حكم الحقّ وفعله ، فكلّ شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة - ممّا لا يؤدّي
ص: 36
إلى الفساد في الدين - فإنّه جائز»(1) .
ولا ريب في أنّ «الجواز» هو المضيّ وكون الشيء مرخّصاً فيه تكليفاً ووضعاً (2) ، فيستفاد منه صحّة العمل ومضيّه . وهذا نظير قوله : «الصلح جائز بين المسلمين»(3) ، فلا يختصّ بالتكليفي ، بل يعمّ الوضعي .
فتكفير المؤمن في صلاته ، وإفطاره لدى السقوط ، ووقوفه بعرفات قبل وقته ، وإيقاعه الطلاق مع فقد العدلين ، ووضوؤه بالنبيذ . . . وهكذا ، يكون جائزاً نافذاً ماضياً لدى الشرع حال التقيّة ، فتسقط الأوامر المتعلّقة بالطبائع بالفرد المأتيّ به تقيّة ، فإذا اقتضى عنوان «التقيّة وكتمان السرّ والخوف من إذاعة المذهب» إتيان عمل على خلاف الواقع ، يكون جائزاً ومصداقاً في هذا الحال للمأمور به .
وهذه الموثّقة أعمّ مورداً من الطائفة الاُولى ؛ لشمولها للتقيّة الاضطرارية والمداراتية .
ومنها : صحيحة أبي الصباح إبراهيم بن نعيم المرويّة في كتاب الأيمان ، قال : واللّه لقد قال لي جعفر بن محمّد علیهما السلام : «إنّ اللّه علّم نبيّه التنزيل والتأويل ، فعلّمه رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم عليّاً علیه السلام » قال : «وعلّمنا واللّه» ثمّ قال : «ما صنعتم من شيء أو حلفتم عليه من يمين في تقيّة ، فأنتم منه في سعة»(4) .
ص: 37
تدلّ على أنّ كلّ ما صنع المكلّف من زيادة في المأمور به أو نقيصة فيه ، فهو في سعة منه ، فلا يترتّب عليه الإعادة والقضاء . فهو كقوله : «الناس في سعة ما لا يعلمون»(1) والاختصاص بالحكم التكليفي ممّا لا يساعد عليه العرف .
ومنها : موثّقة سماعة(2) قال : سألته عن رجل كان يصلّي ، فخرج الإمام وقد صلّى الرجل ركعة من صلاة فريضة ، قال : «إن كان إماماً عدْلاً فليصلّ اُخرى وينصرف ويجعلهما تطوّعاً ، وليدخل مع الإمام في صلاته كما هو ، وإن لم يكن إمام عدْل فليبن على صلاته كما هو ، ويصلّي ركعة اُخرى ، ويجلس قدر ما يقول : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، ثمّ ليتمّ صلاته معه على ما استطاع ؛ فإنّ التقيّة واسعة ، وليس شيء من التقيّة إلاّ وصاحبها مأجور عليها إن شاء اللّه»(3) .
ولا يخفى : أنّ هذه الموثّقة أوضح دلالة على المطلوب من غيرها ؛ ضرورة أ نّها كالنصّ على صحّة صلاته بمحضر منهم مع ترك ما لم يستطع فعله أو إتيان
ص: 38
ما لم يستطع تركه من الأجزاء والشرائط والموانع ، وبعد التعليل بأنّ ذلك من أجل أنّ التقيّة واسعة ومأجور عليها ، تتعدّى إلى كلّ عمل .
ومنها : رواية أبي عمر الأعجمي قال : قال لي أبو عبداللّه : «يا أبا عمر ، إنّ تسعة أعشار الدين في التقيّة ، ولا دين لمن لا تقيّة له ، والتقيّة في كلّ شيء إلاّ في النبيذ والمسح على الخفّين»(1) .
وفي صحيحة زرارة قال : قلت له : في مسح الخفّين تقيّة ؟ فقال : «ثلاثة لا أتّقي فيهنّ أحداً : شرب المسكر ، ومسح الخفّين ، ومتعة الحجّ»(2) .
والظاهر منها اتّقاؤه في غيرها ، ولا ريب في أنّ استثناء مسح الخفّين ومتعة الحجّ ، دليل على شمولهما للوضع ؛ فإنّ المسح عليهما ممنوع غيري لأجل عدم تحقّق الوضوء به ، ولا حرمة ذاتية فيه ، فيظهر منهما صحّة الأعمال المأتيّ بها تقيّة .
ومنها : ما عن علم الهدى في «رسالة المحكم والمتشابه» نقلاً عن «تفسير النعماني» عن علي علیه السلام - في حديث - قال : «وأمّا الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار ، فإنّ اللّه نهى المؤمن أن يتّخذ الكافر وليّاً ، ثمّ منّ عليه بإطلاق الرخصة له - عند التقيّة في الظاهر - أن يصوم بصيامه ، وأن يفطر بإفطاره ، ويصلّي بصلاته ، ويعمل بعمله ، ويظهر له استعمال ذلك موسّعاً عليه فيه ، وعليه أن يدين اللّه تعالى في الباطن بخلاف ما يظهر لمن يخافه من المخالفين المستولين على الاُمّة ؛ قال اللّه تعالى : (لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ
ص: 39
أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّه ِ فِى شَىْ ءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّه ُ نَفْسَهُ)(1) فهذه رحمة تفضّل اللّه بها على المؤمنين رحمة لهم ؛ ليستعملوها عند التقيّة في الظاهر . وقال رسول اللّه : إنّ اللّه يحبّ أن يؤخذ برخصه كما يحبّ أن يؤخذ بعزائمه»(2) .
فإنّ الظاهر من العمل بعمله والصلاة بصلاته وتوسعة استعمال التقيّة - خصوصاً مع قوله : «إنّ اللّه يحبّ . . .» - هو صحّة العمل وإجزاؤه ، وأنّ ما يؤتى به تقيّة صحيح محبوب له تعالى . وظاهر قوله : «وعليه أن يدين اللّه في الباطن بخلاف ما يظهر» أنّ لماهية العبادات مصداقين مختلفين في حال التقيّة وغيرها ، وليس المراد منه إعادة ما يأتي به تقيّة بلا إشكال .
ومنها : ما عن أبي عبداللّه علیه السلام في رسالته إلى أصحابه ، وفيها : «وعليكم بمجاملة أهل الباطل ؛ تحمّلوا الضيم منهم ، وإيّاكم ومماظّتهم ، دينوا فيما بينكم وبينهم - إذا أنتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم الكلام ؛ فإنّه لا بدّ لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم الكلام - بالتقيّة التي أمركم اللّه أن تأخذوا بها فيما بينكم وبينهم»(3) .
فقوله : «بالتقيّة» متعلّق بقوله : «دينوا» والظاهر منه أنّه اعملوا بالديانة على
ص: 40
نحو التقيّة ، واعبدوا اللّه فيما بينكم وبينهم عبادة على صفة التقيّة ، فيدلّ على أنّ الأعمال التي تعمل تقيّة عبادة اللّه وديانته تعالى ، ولا تكون صورة العبادة ، فيدلّ على صحّتها وكون المأتيّ به مصداقاً للمأمور به حال التقيّة .
ومنها : ما عن «بصائر الدرجات» لسعد بن عبداللّه بسنده الصحيح عن معلّى ابن خنيس قال : قال لي أبو عبداللّه : «يا معلّى ، اكتم أمرنا . . .» إلى أن قال : «يا معلّى ، إنّ التقيّة ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقيّة له ، يا معلّى ، إنّ اللّه يحبّ أن يعبد في السرّ كما يحبّ أن يعبد في العلانية ، والمذيع لأمرنا كالجاحد له»(1) .
والظاهر أنّ العبادة سرّاً هي العبادة تقيّة ؛ حيث يعبد اللّه المتّقي مع إسرار الحقّ ، وقد قال علیه السلام : «إنّ اللّه يحبّ أن يعبد في السرّ» ، فالعبادة الواقعة على وجه التقيّة عبادة ومحبوبة ، فوقعت صحيحة .
والظاهر أنّ المراد من قوله في موثّقة(2) هشام بن سالم : «ما عبداللّه بشيءٍ
ص: 41
أحبّ إليه من الخب ء» قلت : وما الخب ء ؟ قال : «التقيّة»(1) هو العبادة على نعت التقيّة ، ويكون مضمونها كمضمون رواية معلّى .
ومنها : رواية سفيان بن سعيد عن أبي عبداللّه علیه السلام وفيها : «يا سفيان ، من استعمل التقيّة في دين اللّه فقد تسنّم الذروة العليا من القرآن»(2) .
والظاهر من «استعمالها في دين اللّه» أن يأتي بالعبادة تقيّة ، فتكون العبادة المأتيّ بها كذلك دين اللّه ، ولا تكون من دين اللّه ما لا تكون صحيحة مصداقاً للمأمور به .
ونظيرها رواية «الاحتجاج» عن أمير المؤمنين ، وفيها : «وآمرك أن تستعمل التقيّة في دينك»(3) ويظهر من ذيلها أ نّها من الطائفة الاُولى .
ولا يخفى : أنّ هذه الطائفة أعمّ مورداً من الطائفة الاُولى . بل يستفاد من بعضها الإجزاء في التقيّة المداراتية .
ومن الطائفة الثالثة صحيحة هشام بن الحكم، قال: سمعت أبا عبداللّه علیه السلام يقول:
«إيّاكم أن تعملوا عملاً نعيّر به ؛ فإنّ ولد السوء يعيّر والده بعمله ، كونوا لمن
ص: 42
انقطعتم إليه زَيناً، ولا تكونوا علينا شَيناً، صلّوا في عشائرهم، وعودوا مرضاهم ، واشهدوا جنائزهم ، ولا يسبقونكم إلى شيء من الخير ؛ فأنتم أولى به منهم ، واللّه ِ ما عُبد اللّه بشيءٍ أحبّ إليه من الخباء» قلت : وما الخباء ؟ قال : «التقيّة»(1) .
فإنّ الظاهر منها الترغيب في العمل طبق آرائهم وأهوائهم وإتيان الصلاة في عشائرهم ، وكذا سائر الخيرات . مع أنّ الإتيان في عشائرهم وبمحضر منهم ، مستلزم لترك بعض الأجزاء والشرائط وفعل بعض الموانع، وتذييلها بقوله : «واللّه ِ ما عُبد اللّه ُ بشيء . . .» ، لدفع استبعاد الشيعة صحّة العمل المخالف للواقع ، فقال : إنّ ذلك أحبّ العبادات وأحسنها .
ومنها : رواية أبي بصير قال : قال أبو جعفر : «خالطوهم بالبرّانية وخالفوهم بالجوّانية(2) إذا كانت الإمرة صبيانية»(3) .
فإنّ الظاهر أنّ المراد من «المخالطة في الظاهر» إتيان الأعمال على طبق التقيّة ، و«المخالفة في الباطن» إتيانها على طبق الواقع ، فيكون كلٌّ في مورده مصداق المأمور به . . . إلى غير ذلك(4) .
ص: 43
وليعلم : أنّ المستفاد من تلك الروايات صحّة العمل الذي يؤتى به تقيّة ؛ سواء كانت التقيّة لاختلاف بيننا وبينهم في الحكم ، كما في المسح على الخفّين والإفطار لدى السقوط ، أو في ثبوت الموضوع الخارجي ، كالوقوف بعرفات اليوم الثامن لأجل ثبوت الهلال عندهم . والظاهر عدم الفرق بين العلم بالخلاف والشكّ .
وممّا يشهد لترتّب أثر التقيّة في الموضوعات ؛ وأنّ الوقوفين في غير وقتهما مجزيان : أنّه من بعد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم إلى زمان خلافة أمير المؤمنين ، ومن بعده إلى زمن الغيبة ، كان الأئمّة وشيعتهم مبتلين بالتقيّة أكثر من مائتي سنة ، وكانوا يحجّون مع اُمراء الحاجّ من قبل خلفاء الجور أو معهم ، وكان أمر الحجّ وقوفاً وإفاضةً بأيديهم ؛ لكونه من شؤون السلطنة والإمارة ، ولا ريب في كثرة تحقّق يوم الشكّ في تلك السنين المتمادية ، ولم يرد من الأئمّة علیهم السلام ما يدلّ على جواز التخلّف عنهم ، أو لزوم إعادة الحجّ في سنة يكون هلال شهر ذي الحجّة ، ثابتاً لدى الشيعة مع كثرة ابتلائهم .
ولا مجال لتوهّم عدم الخلاف في أوّل الشهر في نحو مائتين وأربعين سنة ،
ص: 44
ولا في بنائهم على إدراك الوقوف خفاءً ، كما يصنع جهّال الشيعة في هذه الأزمنة ؛ ضرورة أ نّه لو وقع ذلك منهم ولو مرّة أو اُمروا به ولو دفعة ، لكان منقولاً إلينا ؛ لتوفّر الدواعي إليه ، فعدم أمرهم به ومتابعتهم لهم ، أدلّ دليل على إجزاء العمل تقيّة ولو في الخلاف الموضوعي . وهذا ممّا لا إشكال فيه ظاهراً .
إنّما الإشكال في أ نّه تثبت الموضوعات الخارجية بحكم حاكمهم مع الشكّ في الثبوت ؛ فيكون حكمهم كحكم حكّام العدل .
أو يجب ترتّب آثارها عليها ولو مع العلم بالخلاف .
أو لا تترتّب ولا تثبت مطلقاً .
الظاهر هو الأخير ؛ لأنّ عمومات التقيّة وإطلاقاتها لا تفي بذلك ؛ لأنّ مثل قوله : «التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم»(1) أو قوله : «التقيّة في كلّ شيء إلاّ . . . المسح على الخفّين»(2) ظاهر في إجزاء العمل على وجه التقيّة ، لا في ثبوت الموضوع تعبّداً ، أو لزوم ترتيب آثار الواقع مطلقاً على ما ثبت عندهم . وهذا واضح .
نعم ، روى الشيخ بإسناده عن أبي الجارود زياد بن منذر قال : سألت أبا جعفر : إنّا شككنا سنة - في عام من تلك الأعوام - في الأضحى ، فلمّا دخلت على أبي جعفر وكان بعض أصحابنا يضحّي ، فقال : «الفطر يوم يفطر
ص: 45
الناس ، والأضحى يوم يضحّي الناس ، والصوم يوم يصوم الناس»(1) .
والظاهر منه أنّ يوم يضحّي الناس يكون أضحى، ويترتّب عليه آثار الموضوع واقعاً ، وبإلغاء الخصوصية عرفاً يفهم الحكم في سائر الموضوعات التي يترتّب عليها الآثار الشرعية ، فحينئذٍ إن قلنا بأنّ التعبّد لا يناسب ولا يكون مع العلم بالخلاف ، يختصّ بمورد الشكّ ، فيكون حكم حكّامهم كحكم الحاكم العدل .
وإن قلنا : بأ نّه بملاحظة وروده في باب التقيّة يترتّب الأثر حتّى مع العلم بالخلاف ، فحينئذٍ يقيّد إطلاقه بالروايات الواردة في قضيّة إفطار أبي عبداللّه علیه السلام تقيّة من أبي العبّاس في يوم يعلم أنّه من شهر رمضان قائلاً : «إفطاري يوماً وقضاؤه أيسر عليّ من أن يضرب عنقي ولا يعبد اللّه»(2) .
لكن إثبات الحكم بمثل رواية أبي الجارود الضعيف(3) غير ممكن ، فترك
ص: 46
الصوم يوم الشكّ تقيّة لا يوجب سقوط القضاء على الظاهر ، وهذا بخلاف إتيان أعمال الحجّ على وفق التقيّة ؛ فإنّ مقتضى إطلاق أدلّة التقيّة إجزاؤه حتّى مع العلم بالخلاف ، كما يصحّ الوضوء والصلاة مع العلم بكونهما خلاف الواقع الأوّلي .
ثمّ إنّه قد وردت روايات خاصّة تدلّ على صحّة الصلاة مع الناس والترغيب في الحضور في مساجدهم والاقتداء بهم والاعتداد بها ، كصحيحة حمّاد بن عثمان عن أبي عبداللّه أ نّه قال : «من صلّى معهم في الصفّ الأوّل كان كمن صلّى خلف رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في الصفّ الأوّل»(1) .
ولا ريب أنّ الصلاة معه صحيحة ذات فضيلة جمّة ، فكذلك الصلاة معهم حال التقيّة .
وصحيحة حفص بن البختري عنه قال : «يحسب لك إذا دخلت معهم - وإن كنت لا تقتدي بهم - مثل ما يحسب لك إذا كنت مع من تقتدي به»(2) .
وصحيحة ابن سنان عنه ، وفيها : «وصلّوا معهم في مساجدهم»(3) .
ص: 47
وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه قال : «صلّى حسن وحسين خلف مروان ونحن نصلّي معهم»(1) .
وموثّقة(2) سماعة قال : سألته عن مناكحتهم والصلاة خلفهم ، فقال : «هذا أمر شديد لن تستطيعوا ذلك، قد أنكح رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وصلّى علي علیه السلام وراءهم»(3).
ورواية إسحاق بن عمّار - في حديث - قال : قلت لأبي عبداللّه علیه السلام : إنّي أدخل المسجد ، فأجد الإمام قد ركع وقد ركع القوم ، فلا يمكنني أن اُؤذّن واُقيم واُكبّر ، فقال لي : «فإذا كان ذلك فادخل معهم في الركعة واعتدّ بها ؛ فإنّها من أفضل ركعاتك . . .»(4) الحديث .
ورواية زرارة ، عن أبي جعفر علیه السلام قال : «لا بأس بأن تصلّي خلف الناصب ولا تقرأ خلفه فيما يجهر فيه ؛ فإنّ قراءته تجزيك . . .»(5) .
إلى غير ذلك ممّا هو صريح أو ظاهر في الصحّة والاعتداد بالصلاة تقيّة(6) .
ص: 48
ولا تنافيها ما دلّت على إيقاع الفريضة قبل المخالف أو بعده وحضورها معه(1) ممّا هي محمولة على الاستحباب حملاً للظاهر على النصّ . بل الظاهر من كثير منها صحّة الصلاة معه ، كصحيحة عبداللّه بن سنان ، عن أبي عبداللّه أ نّه قال : «ما من عبد يصلّي في الوقت ويفرغ ، ثمّ يأتيهم ويصلّي معهم وهو على وضوء ، إلاّ كتب اللّه له خمساً وعشرين درجة»(2) ومثلها رواية(3)
عمر بن يزيد ، وهما دالّتان على صحّتها ، وإلاّ فلا وجه للوضوء ، فتكون الصلاة معادة .
نعم ، في رواية عمرو(4) بن ربيع : أ نّه سأل عن الإمام : إن لم أكن أثق به ، اُصلّي خلفه وأقرأ ؟ قال(5) : «لا ، صلّ قبله أو بعده» .
ص: 49
قيل له : أفاُصلّي خلفه وأجعلها تطوّعاً ؟ قال : «لو قبل التطوّع لقبلت الفريضة ، ولكن اجعلها سبحة»(1) .
وهي مع ضعفها (2) يكون ذيلها مشعراً بصحّة الصلاة معه . وكيف كان فهذه الضعيفة لا تصلح لمعارضة الصحاح المتقدّمة وغيرها (3) .
كما لا تعارضها رواية ناصح المؤذّن ، قال : قلت لأبي عبداللّه علیه السلام : إنّي اُصلّي في البيت وأخرج إليهم ؟ قال : «اجعلها نافلة ، ولا تكبّر معهم فتدخل معهم في الصلاة ؛ فإنّ مفتاح الصلاة التكبير»(4) فإنّها - مع جهالة راويها - ظاهرة في صحّة صلاته لو كبّر معهم .
ولا رواية عبيد بن زرارة عن أبي عبداللّه قال : قلت : إنّي أدخل المسجد وقد صلّيت ، فاُصلّي معهم فلا أحتسب تلك الصلاة ؟ قال : «لا بأس ، وأمّا أنا فاُصلّي معهم واُريهم أ نّي أسجد وما أسجد»(5) لضعف
ص: 50
سندها (1) ودلالتها ؛ لأنّ عدم الاحتساب بعد إتيان صلاة لا يدلّ على عدم الصحّة ، كما أنّ إراءة السجدة مع عدم النيّة ، لا تدلّ على عدمها لو اقتدى . بل لعلّها مشعرة بها على فرض الاقتداء .
وأمّا ما ورد من عدم جواز الصلاة خلفهم وأ نّهم «بمنزلة الجُدر»(2) وأ نّه «لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدينه»(3) فهي بحسب الحكم الأوّلي ، فلا منافاة بينهما .
وكيف كان : فلا ينبغي الشبهة في صحّة الصلاة وسائر العبادات المأتيّ بها على وجه التقيّة .
بقي شيء : وهو أ نّه لا إشكال في أنّ التقيّة الاضطرارية تابعة لتحقّق عنوان «الاضطرار والضرورة» من غير نظر إلى سببه ، فلو فرض أنّ كافراً أو سلطاناً شيعياً أو غيرهما اضطرّه إلى إتيان العبادة بوجه خاصّ ، يكون مجزياً عن المأمور به ، وسيأتي الكلام في ميزان تحقّقه(4) .
ص: 51
وأمّا التقيّة المداراتية المرغّب فيها ممّا تكون العبادة معها أحبّ العبادات وأفضلها فالظاهر اختصاصها بالتقيّة من العامّة ، كما هو مصبّ الروايات على كثرتها . ولعلّ السرّ فيها صلاح حال المسلمين بوحدة كلمتهم وعدم تفرّق جماعتهم ؛ لكي لا يصيروا أذلاّء بين سائر الملل وتحت سلطة الكفّار وسيطرة الأجانب .
أو صلاح حال الشيعة ؛ لضعفهم - خصوصاً في تلك الأزمنة - وقلّة عددهم ، فلو خالفوا التقيّة لصاروا في معرض الزوال والانقراض ، ففي رواية عبداللّه بن أبي يعفور عن أبي عبداللّه علیه السلام قال : «اتّقوا على دينكم ، واحجبوه بالتقيّة ؛ فإنّه لا إيمان لمن لا تقيّة له ، إنّما أنتم في الناس كالنحل في الطير ، ولو أنّ الطير يعلم ما في أجواف النحل ، ما بقي منها شيء إلاّ أكلته ، ولو أنّ الناس علموا ما في أجوافكم - أ نّكم تحبّونا أهل البيت - لأكلوكم بألسنتهم ، ولنحلوكم في السرّ والعلانية . رحم اللّه عبداً منكم كان على ولايتنا»(1) .
ثمّ إنّه لا يتوقّف جواز هذه التقيّة - بل وجوبها - على الخوف على نفسه أو غيره ، بل الظاهر أنّ المصالح النوعية صارت سبباً لإيجاب التقيّة من المخالفين ، فتجب التقيّة وكتمان السرّ ولو كان مأموناً وغير خائف على نفسه وغيره .
ص: 52
هل يعتبر في التقيّة عدم المندوحة مطلقاً (1) أم لا كذلك(2) أو يفصّل بين ما كان مأذوناً فيه بخصوصه فلا يعتبر ، كغسل الرجلين في الوضوء والوضوء منكوساً (3) وبين ما لم يرد فيه نصّ خاصّ(4) أو يفصّل بين التقيّة من المخالفين فلا يعتبر مطلقاً (5) أو في الجملة(6) ، وبين غيرهم فيعتبر ؟
والتحقيق : هو اعتبار عدم المندوحة فيما إذا كانت التقيّة من غير المخالفين
ص: 53
ممّا كان دليلها مثل حديث الرفع(1) . وقوله : «التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم»(2) وقوله : «التقيّة في كلّ ضرورة»(3) وعدم الاعتبار إذا كانت من المخالفين مطلقاً :
أمّا اعتبار عدمها في الفرض الأوّل ؛ فلعدم صدق الاضطرار والضرورة مع المندوحة ؛ فإنّ من كان في سعة من إتيان الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ، لا يكون مضطرّاً إلى إتيانها مع سعة الوقت ؛ لعدم إمكان إلزام أحد بالصلاة التي كانت متقوّمة بالنيّة ، فالإلزام إنّما يتعلّق بصورة الصلاة لا بالصلاة متكتّفاً ، إلاّ أن يكون المكلّف ملزماً بإتيانها من قبل علاّم الغيوب ، كما في الواجب المضيّق أو الواجب الذي ضاق وقته ، فيكون مضطرّاً في إتيانها وقت الضيق عقلاً ، فحينئذٍ مع حضور من يتّقي منه ويخاف على نفسه منه ، يضطرّ إلى إتيانها على وجه التقيّة .
وبالجملة : الاضطرار إلى إتيان المأمور به الذي يكون من الاُمور القصدية بكيفية خاصّة ، لا يتحقّق إلاّ بالاضطرار إلى إيجاد الطبيعة وإلى الكيفية الخاصّة ، فمع عدم الاضطرار إلى أحدهما لا يصدق أ نّه مضطرّ إلى إتيانها كذلك .
فما ادّعى الشيخ الأعظم : «من منع توقّف الاضطرار إلى مثل التكتّف على
ص: 54
الاضطرار إلى الصلاة التي يقع فيها ، بل الظاهر أ نّه يكفي في صدق الاضطرار إليه ، كونه لا بدّ من فعله مع وصف إرادة الصلاة في ذلك الوقت لا مطلقاً»(1) ممّا لا يمكن المساعدة عليه ؛ ضرورة عدم الاضطرار إلى التكتّف في الصلاة مع الاختيار في تركها .
بل الأمر كذلك فيمن علم أنّ الحضور في مجلس الشرب مثلاً ، ينجرّ إلى اضطراره إلى شرب الخمر ، فمع اختياره في ترك الحضور - إذا حضر وشرب الخمر اضطراراً - يعدّ هذا الشرب اختيارياً غير معذور فيه . وإنّما يعاقب على شربه لا حضوره ؛ لأنّ مقدّمة الحرام غير محرّمة(2) .
لا يقال : إنّ شرب الخمر بعد حضوره واجب ؛ لتوقّف حفظ النفس عليه ، فكيف يعاقب عليه ؟ !
فإنّه يقال : حفظ النفس واجب شرعاً ، والشرب واجب عقلاً مقدّمةً مع كونه محرّماً شرعاً ، فالعقل يحكم بلزوم ارتكاب أقلّ المحذورين مع استحقاقه للعقوبة . مع أ نّه لو التزم بالوجوب الشرعي أيضاً لا مانع من صحّة العقوبة ، كالمتوسّط في الأرض المغصوبة ؛ فإنّ حكم الشارع لم يتعلّق به لأجل مصلحة فيه ، بل لأجل قلّة المفسدة وأقلّية المحذور ، وفي مثله لا مانع من العقوبة عقلاً .
وبالجملة : لا إشكال في أنّ العقل يحكم حكماً جزمياً بصحّة عقوبة من حضر في محلٍّ اختياراً مع علمه باضطراره إلى المحرّم ، فحينئذٍ يقع البحث في أ نّه :
ص: 55
لو اضطرّ المكلّف نفسه إلى إتيان الفرد الاضطراري - بأن لا يأتي به إلاّ آخر الوقت ، وحضر عند من يتّقي منه اختياراً - هل يكون عاصياً أو لا ؟ وعلى الأوّل هل تصحّ عبادته أو لا ؟
مقتضى الجمود على ظاهر الأدلّة صحّتها مع العصيان :
أمّا العصيان : فلأنّ المتفاهم من عنوان التحليل عند الاضطرار : أنّ الفرد الاضطراري ناقص عن الاختياري ، وأ نّه تفوت به مصلحة ملزمة ، لكنّ الاضطرار واللا بدّية - لاستيفاء بقيّة المصلحة - صارا سبباً للأمر بإتيانه . وبالجملة إنّ الضرورة أباحت المحظور .
وأمّا الصحّة : فلتحقّق عنوان «الاضطرار» ولو باختياره . اللهمّ إلاّ أن يدّعى انصراف أدلّة الاضطرار عن الاضطرار بالاختيار ، خصوصاً إذا كان دليل الاضطرار - كحديث الرفع(1) مسوقاً للامتنان ، فحينئذٍ لا تستفاد الصحّة من الأدلّة إلاّ إذا دلّ دليل بالخصوص على عدم جواز ترك المأمور به ، كقوله : «الصلاة لا تترك بحال»(2) فحينئذٍ يجب الإتيان وتصحّ .
ص: 56
هذا حال ما يستفاد حكمه من دليل الاضطرار ، وقد عرفت اعتبار عدم المندوحة مطلقاً ، فيجب إعمال الحيلة في التخلّص عن المتّقى منه ، وفي إتيان العمل موافقاً للحقّ بقدر المقدور ؛ فإنّ الضرورات تتقدّر بقدرها . نعم ، لو خاف من إعمال الحيلة إفشاء سرّه وورود ضرر عليه يكون ذلك أيضاً من الاضطرار والضرورة عرفاً .
وأمّا ما يستفاد حكمه من سائر الأدلّة التي تختصّ ظاهراً بالمخالفين ، فالظاهر أ نّه لا يعتبر فيها عدم المندوحة مطلقاً ، فمن تمكّن من إتيان الصلاة بغير وجه التقيّة ، لا يجب عليه إتيانها كذلك ، بل الراجح إتيانها بمحضر منهم على صفة التقيّة .
وكذا لا يجب عليه إعمال الحيلة في إزعاج من يتّقي منه عن مكانه ، أو تغيير مكانه من السوق أو المسجد إلى مكان آمن ؛ لظهور الأدلّة - بل صراحة بعضها - في رجحان الحضور في جماعاتهم ، وأنّ الصلاة معهم كالصلاة مع رسول اللّه ، ولا شكّ في أنّ هذه الترغيبات تنافي إعمال الحيلة وتعويق العمل .
فمن سمع قول أبي جعفر علیه السلام : «صلّوا في عشائرهم» مذيّلاً بقوله : «واللّه ما عُبد اللّه بشيء أحبّ إليه من الخباء»(1) لا يشكّ في أنّ المراودة معهم وجلب قلوبهم مطلوبة ، والصلاة معهم وفي عشائرهم محبوبة ومن أحسن العبادات ،
ص: 57
وهي تنافي إعمال الحيلة والانعزال عنهم في عباداته .
وكذا من سمع قول أبي عبداللّه علیه السلام في صحيحة حمّاد بن عثمان : «من صلّى معهم في الصفّ الأوّل كان كمن صلّى خلف رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم في الصفّ الأوّل»(1) يشدّ الرحال إلى الصلاة معهم لنيل هذا الفوز العظيم ، فهما - كغيرهما من الأخبار الكثيرة المرغّبة(2) منافيان لإعمال الحيلة .
ولا يعارضها بعض الضعاف ممّا تقدّم ذكره(3) وغيره ، كرواية إبراهيم بن شيبة ، قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني علیه السلام أسأله عن الصلاة خلف من يتولّى أمير المؤمنين علیه السلام وهو يرى المسح على الخفّين ، أو خلف من يحرّم المسح وهو يمسح ، فكتب : «إن جامعك وإيّاهم موضع فلم تجد بُدّاً من الصلاة ، فأذّن لنفسك وأقم ، فإن سبقك إلى القراءة فسبّح»(4) .
فإنّها مع ضعفها سنداً (5) يحتمل - على بُعد - أن يكون المراد ممّن يتولّى أمير المؤمنين بعضَ الشيعة ، في مقابل من يحرّمه منهم وهو يمسح ، فيكون الموردان خارجين عن مصبّ أخبار التقيّة المداراتية .
ص: 58
وكرواية «دعائم الإسلام»(1) و«فقه الرضا»(2) ممّا لا تصلح لمعارضة تلك الصحاح .
وأمّا التأييد بالعمومات الدالّة على أنّ «التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم»(3) بدعوى أنّ ظاهرها حصر التقيّة في حال الاضطرار - كما صنع الشيخ الأعظم(4) فممنوع ؛ لمنع الظهور المزبور ، وعدم حجّية مفهوم اللقب(5) .
وكيف كان: فلا إشكال في أ نّه لا يعتبر عدم المندوحة فيها على النحو المتقدّم، وإنّما الإشكال في اعتباره حين العمل ؛ بأن يمكنه عند إرادة التكفير تقيّةً الفصلُ بين يديه ، وعند إرادة غسل الرجلين سبقُ يده إلى الرجل وإتيان مسمّى المسح قبل الغسل . . . وهكذا ، فلو فعل معه ما يخالف الحقّ لكان عمله باطلاً .
ص: 59
صرّح الشيخ الأعظم باعتبار عدمها وأنّ التقيّة على هذا الوجه غير جائزة في العبادات وغيرها ، قال : «وكأ نّه ممّا لا خلاف فيه»(1) .
وتبعه المحقّق صاحب «مصباح الفقيه» ناقلاً عن غير واحد نفي الريب عنه ، وعن بعضٍ : «أنّ اعتبار عدم المندوحة بهذا المعنى ممّا لا خلاف فيه» . وأيّد كلامه : «بأنّ عدم المندوحة بهذا المعنى - بحسب الظاهر - من مقوّمات موضوع التقيّة عرفاً . مع أ نّه لا مقتضي لتقييد الأوامر الواقعية بغير الفرض ؛ لأنّ المفروض أنّ التقيّة لا تنافيها . . . إلى أن قال : مع إمكان أن يقال : إنّه لا يكاد يستفاد جوازها في الفرض من مطلقات الأخبار ، فضلاً عن غيرها ؛ لانصرافها عن مثل الفرض ، بل لا يتوهّم المخاطب بهذه الأخبار إلاّ جوازها في غير الفرض ؛ لما ارتكز في الذهن من أنّ الواجب الواقعي والمطلوب النفس الأمري ، إنّما هو مسح الرجلين ، وأمّا ما عداه فإنّما سوّغه العجز ، فلا يجوز مع التمكّن الفعلي من فعله»(2) ، انتهى .
أقول : ما أفاده العلمان حقّ لا محيص عنه لو حاولنا استفادة اعتبار عدم المندوحة من عمومات أخبار التقيّة ومطلقاتها . بل قد عرفت(3) أ نّه يعتبر عدمها مطلقاً لو تمسّكنا بأدلّة الاضطرار والضرورة .
وأمّا بالنظر إلى الأخبار الخاصّة الواردة في باب الوضوء(4) والصلاة
ص: 60
معهم(1) وغيرهما (2) فالمسألة محلّ نظر ؛ للسكوت عن لزوم إعمال الحيلة فيها مع كون المقام محلّ بيانه ، فلو كان عدمها معتبراً في الصحّة لم يجز إهماله ، ففي رواية محمّد بن الفضل : [ أنّ علي بن يقطين] كتب إلى أبي الحسن موسى يسأله عن الوضوء ، فكتب إليه أبو الحسن علیه السلام : «فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء ، والذي آمرك به في ذلك أن تمضمض ثلاثاً ، وتستنشق ثلاثاً ، وتغسل وجهك ثلاثاً ، وتخلّل شعر لحيتك ، وتغسل يديك إلى المرفقين ثلاثاً ، وتمسح رأسك كلّه ، وتمسح ظاهر اُذنيك وباطنهما ، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً ، ولا تخالف ذلك إلى غيره . . .»(3) إلى آخره .
فلو كان إعمال الحيلة واجباً ولم يصحّ الوضوء مع تركه ، كان عليه البيان ، مع إمكان إعمالها بأيسر ما يكون ، خصوصاً في غسل الوجه واليدين بنيّة الوضوء في الغسلة الأخيرة ، أو الثانية والثالثة .
وتوهّم التقيّة في المكاتبة يدفعه المكاتبة الثانية(4) . بل نفس مكاتبة ابن يقطين إليه مخالفة للتقيّة لولا الأمن من الإفشاء ، ومعه لا معنى للتقيّة في الفتوى ، ولا ريب أنّ ابن يقطين كان يعمل على طبق مكاتبته من غير إعمال الحيلة ، كما صرّح به في الرواية .
ص: 61
ومثلها رواية داود الرقّي(1) وحسنة داود بن زربي بل صحيحته
ص: 62
على الأصحّ(1) .
ويؤيّده - بل يدلّ عليه - ما ورد في إظهار كلمة الكفر وسبّ النبي وأمير المؤمنين - والعياذ باللّه - فلو وجبت الحيلة مع إمكانها لكان البيان لازماً .
ص: 63
مع أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم أمر عمّاراً بأ نّه «إن عادوا فعُد»(1) ، واستفاض عن أمير المؤمنين الأمر بسبّه تقيّة(2) .
وتشهد عليه الأخبار الكثيرة الواردة في الترغيب بالصلاة معهم وحضور جماعاتهم(3) من غير ذكر لإعمال الحيلة ، مع أ نّه ممّا يغفل عنه العامّة . بل وجوب إعمالها ممّا يؤدّي - لا محالة - إلى إفشاء السرّ وإذاعة أمرهم ، ويكون منافياً لشرع التقيّة ؛ فإنّ نوع المكلّفين لا يقدرون على إعمالها بنحو لا ينتهي إلى الإفشاء .
نعم ، هنا أخبار في باب القراءة والجماعة ظاهرة في لزوم إعمالها ، كموثّقة سماعة قال : سألته عن رجل كان يصلّي ، فخرج الإمام وقد صلّى الرجل ركعة من صلاة فريضة ، قال : «إن كان إماماً عدلاً فليصلّ اُخرى وينصرف ويجعلهما تطوّعاً ، وليدخل مع الإمام في صلاته كما هو ، وإن لم يكن إمام عدل فليبن على صلاته كما هو ، ويصلّي ركعة اُخرى ، ويجلس قدر ما يقول : أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله ، ثمّ ليتمّ صلاته معه على ما استطاع ؛ فإنّ التقيّة واسعة ، وليس شيء
ص: 64
من التقيّة إلاّ وصاحبها مأجور عليها إن شاء اللّه»(1) .
فإنّ الظاهر من قوله : «ثمّ ليتمّ صلاته معه على ما استطاع» هو تتميم الصلاة وإتيانها على مذهب الحقّ بمقدار الاستطاعة . والتعليل ب«إنّ التقيّة واسعة» راجع إلى ما لا يستطيع ويأتي به تقيّة . كما أنّ قوله : «ويجلس قدر ما يقول . . .» إلى آخره ، ظاهر في إعمال الحيلة ؛ بأن يأتي بالتشهّد بنحو يوهم أنّ تأخيره وجلوسه بهذا المقدار ، يكون لبط ء الحركة ، لا إتيان التشهّد .
وصحيحة علي بن يقطين ، قال : سألت أبا الحسن علیه السلام عن الرجل يصلّي خلف من لا يقتدى بصلاته ، والإمام يجهر بالقراءة ، قال : «إقرأ لنفسك ، وإن لم تسمع نفسك فلا بأس»(2) .
فإنّ مقتضى الأمر بالقراءة لنفسه وإن لم يسمع ، هو لزوم إتيان القراءة بقدر الاستطاعة .
ومثلها ما روي عن أبي عبداللّه علیه السلام مرسلاً(3) قال : «يجزيك من القراءة معهم
ص: 65
مثل حديث النفس»(1) وغيرها (2) ممّا تدلّ على الإتيان بالمقدار الممكن من قراءة الحمد فقط أو بعضها .
والأرجح حمل هذه الطائفة على الاستحباب ؛ لقوّة ظهور الطائفة الاُولى في عدم لزوم إعمال الحيلة ، والمسألة محلّ إشكال تحتاج إلى مزيد تأمّل .
ص: 66
هل يترتّب على العمل الصادر تقيّةً جميع آثار الصحّة ؛ فيرفع الوضوء تقيّةً الحدث ، وتؤثّر الأسباب في المسبّبات ، وتترتّب عليها ، فيؤثّر الطلاق في غير محضر العدلين في انفصال الزوجة ، فإذا زالت التقيّة بقي أثر الوضوء وآثار المعاملات ، أم لا فتجب إعادتها بعد زوال السبب ؟
أقول : يقع الكلام في مقامين :
أحدهما : في مقتضى الأدلّة العامّة .
وثانيهما : في الأدلّة الخاصّة الواردة في الموارد المخصوصة :
أمّا المقام الأوّل فالتحقيق عدم قصور الأدلّة ، مثل قوله : «التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه»(1) وقوله : «كلّ شيء يعمل المؤمن بينهم
ص: 67
لمكان التقيّة - ممّا لا يؤدّي إلى الفساد في الدين - فإنّه جائز»(1) بعد ما تقدّم من شمولها للوضع(2) فإذا فرض اضطرار شخص إلى طلاق زوجته بحسب مقاصده العادية ، ولم يمكنه إلاّ بمحضر منهم تقيّةً ، فلا إشكال في صدق أنّه اضطرّ إلى الطلاق ، فهذا الطلاق الاضطراري ممّا أحلّه اللّه ، وهو جائز ، فلو فرض ورود دليل خاصّ بأنّ الطلاق الكذائي جائز أو حلال ، فهل يتوقّف فقيه في استفادة الصحّة وحصول الفراق منه ؟ ! وكذا لو اضطرّ إلى بيع داره بكيفية تقتضيها التقيّة .
وبالجملة : ما الفرق بين قوله تعالى : (أَحَلَّ اللّه ُ الْبَيْعَ)(3) وقوله : «الصلح جائز بين المسلمين»(4) حيث يستفاد منهما النفوذ دون ما ورد فيما نحن فيه ؟ !
والعجب من الشيخ الأعظم حيث اعترف بعموم الحلّية والجواز للوضعي ، فقال في الردّ على المحقّق الثاني - حيث فصّل بين كون متعلّق التقيّة مأذوناً فيه بخصوصه وغيره(5) - : «إنّ الفرق بين كون متعلّق التقيّة مأذوناً فيه بالخصوص أو بالعموم ، لا نفهم له وجهاً»(6) ومع ذلك نسب استفادة صحّة المعاملات من الأدلّة العامّة في المقام إلى توهّم مدفوع ، بما لا يخفى على المتأمّل !(7) .
ص: 68
فنقول : عدم استفادة صحّة البيع من قوله : «كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه» إمّا لأجل عدم شموله للحلّية الوضعية ، فقد اعترف بشموله لها ، نعم كلماته في كيفية استفادة الحلّية الوضعية من مثل قوله : (أَحَلَّ اللّه ُ الْبَيْعَ) مختلفة ؛ فمقتضى بعضها استفادتها منه ابتداءً بحسب فهم العرف(1) ومقتضى الآخر أ نّها مستفادة من الحكم التكليفي(2) ، وإمّا لعدم ورود الحلّ بالخصوص بالنسبة إلى كلّ معاملة ، فقد اعترف بعدم الفرق .
والإنصاف : أ نّه لا قصور في الأدلّة العامّة - حتّى حديث الرفع(3) - في استفادة الصحّة . هذا حال العقود والإيقاعات .
وأمّا غيرهما كالوضوء وغيره ، فقد عرفت أنّ الظاهر من كثير من عمومات التقيّة وإطلاقاتها ، أنّ المأتيّ به تقيّةً مصداق للماهية المأمور بها ، ويسقط أمره بإتيانه(4) :
أمّا بالنسبة إلى التكاليف النفسية فظاهر .
وأمّا التكاليف الغيرية كالوضوء والغسل ، فقد يتوهّم عدم شمول الأدلّة لها واختصاصها بالنفسيات ، فإتيان الصلاة مع الوضوء الكذائي ممّا يضطرّ
ص: 69
إليه المكلّف ، فهو حلال جائز ، وأمّا بعد رفع التقيّة فلا تحلّ الصلاة مع الوضوء أو الغسل تقيّة ، كما لا يكون تجفيف محلّ البول تقيّة موجباً للتطهير ، فكما لا يرفع ذاك الخبث لا يرفع ذلك الحدث ، فالرخصة المستفادة من العمومات ، لا تقتضي إلاّ رفع المنع عن الدخول في الصلاة بالوضوء مع غسل الرجلين ، أو الإتيان به مع النبيذ ومع نجاسة البدن ، لا صحّة الوضوء وطهارة البدن(1) .
ولكنّ الظاهر عدم قصور الأدلّة عن استفادة صحّة الوضوء تقيّة مع غسل الرجلين أو الإتيان بالنبيذ ؛ لأنّ الوضوء الكذائي شيء يضطرّ إليه ابن آدم ، فقد أحلّه اللّه ، والحلّية الوضعية بالنسبة إليه كونه ممضى ، كما أنّ الجواز كذلك ، فالحلّية والجواز الوضعي في الوضوء بالنبيذ صحّته وتماميته ، فإذا صحّ وتمّ يرفع به الحدث ، فلو دلّ دليل بالخصوص على جواز الوضوء بالنبيذ فلا يشكّ أحد في استفادة الصحّة منه . والفرق بين الدليل العامّ والخاصّ(2) غير واضح . وبعد صحّته وتماميته لا ريب في رفعه الحدث .
والنقض بلزوم القول بطهارة رأس الحشفة إذا مسحه بالجدار(3) غير وارد ؛ لإمكان الفرق بأنّ استفادة الطهارة من قوله : «أحلّه اللّه» و«جائز» مشكلة محتاجة إلى التكلّف ، بخلاف استفادة صحّة الوضوء والغسل التي يترتّب عليها
ص: 70
رفع الحدث من غير لزوم انتساب الحلّية والجواز إليه . وانتسابهما إلى أسباب الطهارة - كالمسح - وإن كان ممكناً ، لكن بعيد عن الفهم العرفي ، تأمّل . هذا حال الأدلّة العامّة .
وأمّا الأدلّة الخاصّة الواردة في باب الوضوء ، فلا إشكال في استفادة الصحّة منها ؛ وأنّ الوضوء تقيّة مصداق المأمور به ، ففي حسنة داود بن زربي - بل صحيحته - قال : سألت أبا عبداللّه عن الوضوء ، فقال لي : «توضّأ ثلاثاً ثلاثاً»(1) ولا ريب في دلالتها على أنّ الوضوء كذلك مصداق للماهية المسؤول عنها ، ولم يكن جوابه أجنبيّاً عن السؤال .
وكذا ما أجاب به عن عدّة الطهارة بعد سؤال داود بن زربي في رواية داود الرقّي ؛ حيث قال علیه السلام : «ثلاثاً ثلاثاً ، من نقص عنه فلا صلاة له»(2) .
ومثلهما ما ورد من أمر أبي الحسن علیه السلام علي بن يقطين بالتوضّي تقيّة(3) ، فلا إشكال في صحّة الوضوء ورفع الحدث به وعدم نقضه إلاّ بالحدث .
ثمّ إنّ ما ذكرنا في هذه الرسالة هو مقتضى أخبار التقيّة - عموماً وخصوصاً- على نحو ضرب القاعدة ؛ من غير نظر إلى الموارد الخاصّة ، فلو فرض دلالة
ص: 71
دليل في مورد على خلاف مقتضاها فلا مضايقة فيها ، فالمتّبع في الموارد الخاصّة هو الدليل الوارد فيها بالخصوص .
وبالجملة : المقصود هاهنا تأسيس القاعدة الكلّية ؛ لتكون مرجعاً عند فقدان الدليل الخاصّ .
والحمد للّه أوّلاً وآخراً ، وظاهراً وباطناً . وقد وقع الفراغ منها يوم السبت السابع والعشرين من شهر شعبان المعظّم 1373 .
ص: 72
فروع العلم الإجمالي(1)
1 - المذكور هنا سبع مسائل من مسائل فروع العلم الإجمالي على حسب ترتيب الفقيه اليزدي قدّس سرّه في العروة الوثقى 3 : 322 - 327 .
ص: 73
ص: 74
بسم اللّه الرحمن الرحيم
وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين
ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين
ص: 75
ص: 76
إذا شكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر ، فلا يخلو إمّا أن يعلم أ نّه صلّى الظهر ، أو يعلم أ نّه لم يصلّ ، أو يشكّ في ذلك .
وعلى أيّ حال : إمّا أن يعلم أ نّه لم يصلّ العصر ، أو يعلم أ نّه صلّى ، أو يشكّ فيه .
وعلى أيّ حال : إمّا أن يحدث الشكّ بأنّ ما بيده ظهر أو عصر في الوقت المختصّ بالظهر ، أو العصر ، أو في الوقت المشترك .
وعلى فرض الحدوث في المختصّ بالعصر ، إمّا يكون في وقت إذا ترك ما في يده يدرك ركعة من الوقت أو لا .
فهذه ستّ وثلاثون صورة نتعرّض لمهمّاتها ؛ حتّى يظهر حال البقيّة :
منها : ما إذا علم بعدم إتيان العصر ، مع إتيان الظهر ، وكان في الوقت المشترك فالظاهر عدم إمكان تصحيح صلاته بعد كون العدول إلى اللاحقة غير جائز ،
ص: 77
خصوصاً فيما إذا كان الدخول في السابقة موجباً للبطلان من الأوّل ؛ فإنّ الآتي بالظهر يكون إتيانه الثاني باطلاً . وما قيل في وجه تصحيح الصلاة عصراً : من أصالة الصحّة(1) واستصحاب بقاء الداعي في بعض الصور(2) أو كون المقام من قبيل الخطأ في التطبيق(3) ليس بشيء ؛ لعدم الدليل على الاُولى ، ومثبتية الاستصحاب ، وكون الثالث خلاف مفروض المسألة .
نعم ، قد يتمسّك بقاعدة التجاوز(4) فإنّ إطلاق أدلّتها - بل عمومها - يشمل الأجزاء والشرائط من غير فرق بين شرط وجزء ، وقصد العصرية إمّا جزء أو شرط ، ومحلّه قبل الصلاة ، فإذا شكّ فيه وقد جاوز محلّه ، فشكّه ليس بشيء .
مضافاً إلى إمكان استفادة الطريقية من مثل قوله : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ»(5) فإذا شكّ في أنّ صلاته هذه صحيحة أو باطلة وقامت الأمارة على صحّتها ، يثبت كونها صلاة عصر ، فإحراز العنوان - ببركة طريقيتها - لا مانع منه .
ومع الغضّ عن الطريقية لا أقلّ من كونها من الاُصول المحرزة ، ومع إحراز قصد العصر يتحقّق العنوان .
ص: 78
بل لو سلّم كونها أصلاً غير محرز يمكن تصحيحها عصراً بها ؛ لأجل أ نّه شكّ في أ نّه قصد العصر أم لا ، فشكّه ليس بشيء ، كما إذا شكّ في أ نّه كبّر أو لا ، أو كبّر لصلاته أو لأمر آخر ؛ بعد كونه داخلاً في الحمد ، فإنّه لا إشكال في عدم الاعتناء ، وهذا جارٍ بعينه في الشكّ في قصد العصرية .
هذا غاية ما يقال في تطبيق القاعدة على المورد .
وفيه : أ نّه قد فرغنا في محلّه من عدم كون القاعدة طريقاً ، ولا أصلاً محرزاً مطلقاً ، بل أصل محرز حيثي(1) ومعه لا مجال للتشبّث بها فيما نحن فيه ؛ للفرق الواضح بين سائر الأجزاء والشرائط وبين مثل قصد العنوان ، فإنّ سائر الأجزاء والشرائط لمّا كانت غير دخيلة في قوام الموضوع وتحقّق صدق العنوان ، فلا مانع من التمسّك بالقاعدة والمضيّ ، أو البناء على تحقّق المشكوك فيه .
وهذا بخلاف قصد الظهرية والعصرية ، فإنّ صلاة العصر والظهر عنوانان لموضوعين يتقوّم تحقّق عنوانيهما بالقصد ، فإذا قصد المصلّي صلاة الظهر وترك التكبيرة أو الحمد أو قصْدَ التقرّب ، فقد أتى بصلاة الظهر باطلة ؛ فإنّ صلاة الظهر المتقوّمة بقصد العنوان قد تحقّقت ، ومع عدم التكبيرة فصلاة الظهر باطلة ، وأمّا لو لم يقصد صلاة الظهر - سواء قصد الخلاف أو لا - فلا ينطبق على الموجود عنوان صلاة الظهر الفاسدة ، فلا يكون ما بيده صلاة ظهر .
فحينئذٍ فمع الشكّ في سائر الأجزاء والشرائط ، تكون صلاة الظهر محرزة بالوجدان ، ويشكّ في بعض أجزائها أو شرائطها ، فيصدق «كلّ ما شككت فيه
ص: 79
- ممّا قد مضى - فامضه»(1) وأمّا مع عدم إحراز العنوان والشكّ في أنّ ما بيده صلاة ظهر أو عصر ، فلا تدلّ القاعدة على البناء على أ نّه صلاة ظهر أو عصر ؛ فإنّ المكلّف شاكّ في أ نّه صلاة ظهر باطلة ، أو عصر صحيحة ، لا شاكّ في صحّة صلاة العصر ، وفرق بين الشكّ في صحّة صلاة العصر ، وبين الشكّ في أ نّه صلاة عصر صحيحة أو ظهر باطلة ، والقاعدة ليست كفيلة إلاّ بالشكّ الذي من قبيل الأوّل .
لا أقول : إنّها كفيلة بعنوان الصحّة ؛ فإنّ التحقيق - على ما هو المذكور في محلّه(2) أنّ الصحّة والفساد غير قابلين للجعل والبناء عليهما ، بل الشكّ في الصحّة والفساد ناشئ دائماً عن الشكّ في إتيان ما يعتبر في الطبيعة المأمور بها شرطاً أو جزءاً .
وبالجملة : ما لم يحرز عنوان العمل فلا معنى لإلغاء الشكّ فيه ، وإحرازه موقوف على إحراز قصد العنوان ، فجريان القاعدة موقوف على الإحراز ، فلا يمكن الإحراز بها إلاّ على وجهٍ دائر . فالمكلّف أحرز دخوله في أربع ركعات بلا إحراز عنوان ، ومع عدم الإحراز لا يكون شاكّاً في صلاته حتّى ينطبق عليه «كلّما شككت في صلاتك وطهورك فشكّك ليس بشيء»(3) فإنّ مطلق الصلاة
ص: 80
ليس صلاته ، بل صلاته هو عنوان العصر فيما نحن فيه ، فلا يصدق الشكّ في صلاته إلاّ مع إحراز العصرية .
ثمّ إنّ لازم ما ذكرنا - من عدم إحراز الصحّة ، والشكّ في كونه مصداقاً للصحيح العصري والفاسد الظهري - جواز رفع اليد عنه والإتيان بصلاة العصر .
لا يقال : هذا لو لم يعلم إجمالاً بأ نّه إمّا يحرم عليه القطع ، أو يجب عليه الإعادة ، ومعه يجب الإتمام والإعادة .
فإنّه يقال : إنّ الإعادة بعنوانها ليست واجبة ، وأوامر الإعادة في مطلق ما ورد من الشرع ، محمولة على الإرشاد إلى فساد العمل أو نحوه ، فإذا ورد «إذا صلّيت بلا طهور فتعيد» فلا إشكال في الإرشاد إلى أنّ الصلاة المأمور بها ، لم تتحقّق بلا طهور ، وأمّا وجوب الإعادة فأمر عقلي لا شرعي ، فحينئذٍ نقول : وجوب الصلاة قبل تحقّق مصداق صحيح منها باقٍ ، وأمرها غير ساقط ، وهذا معلوم تفصيلاً ، وشكّ في أنّ ما بيده مصداق صحيح أو لا ، فهو من المصداق المشتبه لدليل حرمة القطع ؛ على فرض إطلاق أو عموم في البين . مع أنّ دليلها لبّي يقتصر فيه على القدر المتيقّن ؛ وهو الصلاة التي يمكن الاجتزاء بها .
وأمّا ما قيل في جواب العلم الإجمالي المتقدّم : «بأنّ جريان قاعدة الاشتغال في طرف والبراءة في آخر ، يوجب الانحلال ، وهو قاعدة كلّية في جميع موارد العلم الإجمالي : من انحلالها بالأصل المثبت في طرف ، والأصل النافي في آخر»(1) .
ص: 81
ففيه : أنّ مفاد قاعدة الاشتغال ليس تعيّن الإعادة ، بل مقتضاها هو لزوم البراءة اليقينية ، وهي كما تحصل بترك ما في يده والإعادة تحصل بإتمامه وإعادته ، وهو مطابق لمقتضى العلم الإجمالي ، فلا منافاة بين مقتضيين حتّى يوجب الانحلال .
هذا فيما إذا كان في الوقت المشترك .
وأمّا إذا كان في الوقت المختصّ بالعصر فإن كان الوقت واسعاً بمقدار يمكن للمكلّف إدراك صلاة العصر ولو بركعة ، يجب عقلاً ترك ما في يده والإتيان بالصلاة لإدراك الصلاة الصحيحة ؛ فإنّ من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت(1) .
وأمّا لو لم يسع كذلك :
فهل يجوز رفع اليد عن هذا المصداق المشكوك فيه أو لا ؟
مقتضى القاعدة جوازه ؛ لعدم إحراز كونه مصداقاً للصلاة الصحيحة ، فمقتضى البراءة جواز رفع اليد عنه ؛ وأ نّه في ترك الصلاة معذور .
لكن يمكن أن يقال : إنّ الأمر متعلّق بطبيعة صلاة في الوقت ، وقد اشتغلت ذمّة المكلّف بهذا العنوان ، فلا بدّ من البراءة اليقينية ، ومع عدم إمكانها يحكم العقل بلزوم البراءة الاحتمالية . وهذا نظير وجوب الصلاة مع الطهور ، وانحصار ما في يد المكلّف بشيء مشكوك الأرضية ، فإنّ العقل لا يعذر العبد مع إمكان الموافقة الاحتمالية للتكليف المنجّز ، ولا يبعد أن يكون أمثاله من قبيل الشكّ في القدرة ؛ ممّا يحكم العقل بلزوم الاحتياط .
ص: 82
ويمكن أن يقال : إنّ المكلّف في المفروض يعلم إجمالاً بأ نّه إمّا يجب عليه إتمام ما في يده ، أو يجب القضاء عليه ؛ فإنّ ما في يده إمّا عصر ، فيجب إتمامه ؛ من غير توقّف على القول بحرمة القطع ؛ فإنّ المصداق الذي بعدمه يفوت الوقت لا يجوز رفع اليد عنه عقلاً ؛ حرم القطع أو لا ، وإمّا ظهر ، ففات وقت العصر بواسطة ضيق الوقت بمقدار عدم إدراك ركعة منه ، فيجب عليه القضاء .
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ ذلك موجّه لو لم يمكن انحلاله بالأصل ، وذلك ممكن ؛ لأنّ أصالة عدم الإتيان في جميع الوقت المضروب لصلاة العصر ، محقّقة لموضوع وجوب القضاء ، فإذا وجب القضاء ينحلّ العلم بالأصل المثبت والنافي في الطرف الآخر ؛ وهو أصالة البراءة .
إلاّ أن يدّعى : أنّ موضوع القضاء هو الفوت ، وهو أمر بسيط لا يمكن إثباته بالأصل إلاّ على القول بالأصل المثبت . لكن كون موضوع القضاء هو الفوت غير ظاهر ؛ لعدم الدليل عليه بحيث يمكن الاعتماد عليه ، وإن لم تخلُ الروايات من الإشعار بذلك(1) لكن لم تصل إلى حدّ الدلالة والاحتجاج .
بل لا يبعد دعوى ترتّب وجوب القضاء على ترك الصلاة في الوقت وعدم الإتيان بها فيه ؛ لاستفادة ذلك من مجموع الروايات الواردة في باب القضاء(2)
ص: 83
باختلاف التعبيرات . بل ما يشعر بأنّ المناط هو الفوت ، لا يستفاد منه إلاّ عدم الإتيان في الوقت ، لا أمر وجودي بسيط منتزع من الترك في الوقت ، فراجع الأدلّة .
مضافاً إلى ما قد يدّعى : من أنّ «الفوت» ليس إلاّ ترك الإتيان بالعمل في الوقت المضروب له ، لا أ نّه أمر وجودي انتزاعي ؛ فإنّ «الفوت» - بحسب فهم العرف - ليس إلاّ عدم إدراك ما فيه المصلحة ، فإذا لم يصل إلى مطلوب في وقته يقال : «فات منّي ذلك» .
وبالجملة : لا يبعد انحلال العلم الإجمالي بما ذكر ، فبقي حكم العقل بلزوم الموافقة الاحتمالية في أمثال المقام ، فإن تمّ يجب عقلاً إتيان ما في يده وقضاؤه خارج الوقت ؛ لما ذكرنا من إمكان إثبات موضوع القضاء بالأصل .
ومن الصور : ما إذا علم بعدم إتيان الظهر ، مع العلم بعدم إتيان العصر ففي الوقت المشترك لا إشكال في لزوم العدول إلى الظهر وإتيان العصر بعده ، وتصحّ الصلاتان .
وفي الوقت المختصّ بالظهر ، تبتني صحّة العدول على صحّة وقوع الشريكة في الوقت المختصّ بالاُخرى ، أو أنّ حال الوقت المختصّ بالنسبة إلى الاُخرى كقبل الوقت :
فإن قلنا بالثاني لا يمكن تصحيح الصلاة بالعدول إلى الظهر ؛ لإمكان كون ما بيده عصراً ووقع باطلاً ، ومعه لا يجوز العدول ؛ لأنّ موضوع أدلّته هو
ص: 84
الصلاة الصحيحة من غير جهة الترتيب .
وإن قلنا بالأوّل - كما هو التحقيق - يصحّ العدول ، وبه تصحّ صلاة الظهر ، وتبقى عليه العصر .
وفي الوقت المختصّ بالعصر لا يجوز العدول بلا إشكال ؛ لتقدّم حقّ العصر على الظهر ، فحينئذٍ إن أمكن إدراك ركعة من الوقت - لو رفع اليد عمّا في يده - يجب ، وإلاّ يأتي فيه ما تقدّم من النقض والإبرام . وممّا ذكرنا يعلم حال الشكّ في إتيان الظهر .
نعم ، لو شكّ فيه في الوقت المختصّ بالعصر لا يبعد جريان قاعدة التجاوز ، أو الشكّ بعد الوقت ؛ على إشكال . هذا كلّه فيما لو لم يصلّ العصر .
ويظهر منه حال الشكّ في إتيانه ؛ فإنّه مع العلم بإتيان الظهر لا يمكن إحراز صحّة ما في يده ، فيحكم ببطلانه في الوقت المشترك . وفي الوقت المختصّ بالعصر فمع إمكان إدراك ركعة من العصر ، يجب أن يرفع اليد عمّا في يده ، ويأتي بصلاة العصر . ومع عدم الإدراك يأتي فيه ما تقدّم .
ومع العلم بعدم إتيان الظهر يعدل إليه ؛ لأنّ استصحاب عدم إتيان العصر يحقّق موضوع العدول - على فرض كون ما بيده عصراً - لأنّ موضوع العدول هو الدخول في العصر مع عدم الإتيان بالظهر والعصر ، فإذا كان ما بيده عصراً بحسب الواقع ، وعدم الإتيان بالظهر وجدانياً ، وعدم الإتيان بالعصر موافقاً للأصل ، يحرز موضوع صحّة العدول على الفرض ، وصحّة الظهر تصير محرزة بالوجدان والتعبّد . وكذا الكلام فيما إذا شكّ في إتيانهما . ويعلم حال الوقت المختصّ والمشترك بالتأمّل فيما تقدّم .
ص: 85
بقي فرض آخر وهو صورة العلم بإتيان العصر ، والشكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر باطل؛ ففي هذه الصورة - بفروضها المتصوّرة - لا يمكن إحراز الصحّة ؛ لأنّ موضوع العدول هو الورود في صلاة العصر الصحيحة ، ومع إتيان العصر لا يقع العصر صحيحاً ، ولا يمكن إحراز صحّة الظهر بشيء من القواعد ، فيحكم بالبطلان في جميع الفروض . نعم لو لم يبق من الوقت حتّى الوقت الإدراكي ، يأتي فيه ما تقدّم .
وممّا تقدّم يظهر حال المسألة الثانية؛ أي الشكّ في أنّ ما بيده مغرب أو عشاء، والكلام فيها هو الكلام فيما إذا لم يدخل في ركوع الرابعة ، ومع الدخول فيه يحكم بالبطلان ؛ لعدم إمكان العدول وعدم إمكان إحراز صحّة ما في يده ؛ لما تقدّم(1) من عدم صلاحية القواعد - من الاستصحاب وأصالة الصحّة وقاعدة التجاوز - لتصحيح العمل عشاءً .
ولو قلنا : بأنّ الترتيب بعد الدخول في الرابعة ساقط ؛ لحديث «لا تعاد . . .»(2) ،
ص: 86
كان له وجه ؛ وذلك لأنّ قوله في إفادة الترتيب : «أنّ هذه قبل هذه» (1) ظاهر في أنّ الترتيب لوحظ بين الماهيتين لا أجزائهما ، ومع الدخول في المتأخّر سهواً يمضي زمان الإتيان بالترتيب ، ومع الشكّ فيه يكون من الشكّ في الشيء بعد خروج محلّه .
وأمّا أخبار العدول(2) فهي وإن يستفاد منها الترتيب ، لكنّها ليست بصدد بيان الترتيب حتّى يقال : مفادها جعل الترتيب بين الماهيتين أو أجزائهما . مع أنّ ظاهرها أيضاً أنّ الترتيب بين الماهيتين وهي بصدد تحصيل ذلك ؛ فإنّ معنى «العدول»: جعل ما في يده بتمامه ظهراً أو مغرباً ، فجعل المعدول إليه بتمامه ظهراً أو مغرباً - لتحصيل الترتيب وبلحاظه - دليل على أنّ الترتيب بين الماهيتين، تأمّل.
وبالجملة : إنّ الحكم فيما نحن فيه رفع اليد عمّا في يده ، وإتيان المغرب ، ثمّ العشاء . والكلام في الوقت الاختصاصي هو الكلام السابق .
إذا علم أ نّه ترك سجدتين من ركعتين ، فإمّا أن يكون حدوث العلم بعد الصلاة ، وإمّا أن يكون في أثنائها .
ص: 87
فعلى الأوّل : فإمّا أن يعلم بأنّ إحداهما من الركعة الأخيرة ، أو يعلم بكونهما من غيرها ، أو يشكّ فيه .
وعلى التقادير : فإمّا أن يكون بعد حدوث المنافي العمدي والسهوي ، أو قبله .
لا إشكال - فيما إذا كان من غير الأخيرة لو لم يأتِ بالمنافي - في صحّة صلاته ووجوب قضاء السجدتين وسجدتي السهو مرّتين .
وكذا فيما إذا أتى بالمنافي . واحتمال كون المنافي في الصلاة ؛ لأنّ قضاء السجدة من تمامها ، فلا يكون السلام تحليلاً مع ترك السجدة ، بل يسقط الترتيب ، ويأتي بالسجدة بعد السلام ، وتكون السجدة محلّلة ، في غاية الضعف يدفعه إطلاق أدلّة كون السلام تحليلاً(1) ، وظهور الأدلّة في كون السجدة قضاءً يأتي بها بعد الصلاة ؛ ففي صحيحة أبي بصير - بطريق الصدوق (2) قال :
سألته عمّن نسي أن يسجد سجدة واحدة ، فذكرها وهو قائم ، قال : «يسجدها
ص: 88
إذا ذكرها ما لم يركع ، فإن كان قد ركع فليمض على صلاته ، فإذا انصرف قضاها ، وليس عليه سهو»(1) .
ومعنى «انصرف» : أي سلّم وتمّت صلاته .
وبالجملة : لا إشكال في المسألة نصّاً وفتوى .
وأمّا إذا علم أنّ إحداهما كانت من الأخيرة أو شكّ ، فقد يفصّل بين الإتيان بالمنافي وعدمه : بأ نّه على الثاني يرجع ويتدارك السجدة ؛ فإنّ السلام وقع في غير محلّه ، وليس محلّلاً(2) ، وعلى الأوّل بين قائل بالبطلان ؛ وأنّ المنافي وقع في الصلاة(3) وقائل بالصحّة ووجوب قضاء السجدتين ، كما هو الظاهر من شيخنا العلاّمة قدّس سرّه في صلاته(4) .
فالمسألة لمّا كانت مبنيّة على أنّ السلام هاهنا انصراف أو لا، فلا بدّ من تنقيحها.
فنقول : ربّما يقال : إنّه انصراف مطلقاً ؛ لصحيح الحلبي قال : قال أبو عبداللّه علیه السلام : «كلّ ما ذكرت اللّه عزّ وجلّ به والنبي صلی الله علیه و آله وسلم فهو من الصلاة ،
ص: 89
وإن قلت : السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ، فقد انصرفت»(1) .
فإطلاقه يقتضي أن يكون السلام - أينما وقع ، وبأيّ وجه وقع - انصرافاً ، خرج منه ما وقع عقيب الركعات - ما عدا الاُولى - سهواً بالأدلّة الدالّة على البناء على الصلاة وتتميمها (2) ، وبقي الباقي .
وربّما يجمع بين هذه الرواية وتلك الروايات : بأنّ السلام السهوي مطلقاً ليس انصرافاً ، بخلاف العمدي(3) .
والذي يقوى في النظر : أنّ صحيحة الحلبي ناظرة إلى ما لدى العامّة من بنائهم على قول : «السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين» في التشهّد الأوّل(4) ، فالرواية ناظرة إلى أنّ كلّما ذكرت اللّه ونبيّه في التشهّد الأوّل ، فهو من الصلاة ، وأمّا إن قلت : «السلام علينا . . .» إلى آخره عمداً فهو انصراف . والشاهد عليه الاقتصار على قوله : «السلام علينا» مع أنّ «السلام عليكم» صيغة الانصراف بلا إشكال ، فغضّ النظر عنه إلى قوله : «السلام علينا» لا بدّ أ نّه لنكتة ؛ وهي ما ذكرنا .
ويؤيّده رواية أبي كهمس عن أبي عبداللّه علیه السلام قال : سألته عن الركعتين
ص: 90
الأوّلتين إذا جلست فيهما للتشهّد ؛ فقلت وأنا جالس : السلام عليك أيّها النبي ورحمة اللّه وبركاته ، انصراف هو ؟ قال : «لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ، فهو الانصراف»(1) .
فتخصيص هذه الصيغة بالذكر ؛ إنّما هو لأجل ما هو لدى العامّة .
ويؤيّده - بل يدلّ عليه - صحيحة ميسر بن عبدالعزيز عن أبي جعفر قال : «شيئان يفسد الناس بهما صلاتهم : قول الرجل : تبارك اسمك ، وتعالى جدّك ، ولا إله غيرك ، وإنّما شيء قالته الجنّ بجهالة ، فحكى اللّه عنهم ، وقول الرجل : السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين»(2) .
ومرسل الصدوق قال : قال الصادق علیه السلام : «أفسد ابن مسعود على الناس صلاتهم بشيئين . . .» وذكر ما في الصحيحة ، ثمّ قال : يعني في التشهّد الأوّل(3) .
ورواية الفضل ، عن الرضا علیه السلام في كتابه إلى المأمون قال : «ولا يجوز أن تقول في التشهّد الأوّل : السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ؛ لأنّ تحليل الصلاة التسليم ، فإذا قلت هذا فقد سلّمت»(4) .
ص: 91
فلا يبقى مع ما ذكر وثوق بإطلاق صحيحة الحلبي .
نعم ، لا يخلو تعليل رواية الفضل من دلالة على أنّ السلام مطلقاً تحليل ، ولأجله إذا وقع في الاُوليين فهو انصراف ومخرج . لكنّ الشأن في مخرجيته ولو سهواً ، وإثبات ذلك بهذا المقدار مشكل .
لكنّ الأظهر مع ذلك كون السلام في الركعة الأخيرة مع نسيان التشهّد أو السجدة الواحدة انصرافاً ، ويكون ترك التشهّد أو السجدة تركاً سهوياً ، مع وقوع السلام انصرافاً وفي محلّه . ويدلّ عليه - مضافاً إلى موافقته لارتكاز المتشرّعة - جملة من الروايات :
منها : صحيحة محمّد بن مسلم عن أحدهما علیهما السلام : في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسي التشهّد حتّى ينصرف ، فقال : «إن كان قريباً رجع إلى مكانه فتشهّد ، وإلاّ طلب مكاناً نظيفاً فتشهّد فيه» وقال : «إنّما التشهّد سنّة في الصلاة»(1) .
والظاهر أنّ هذا التشهّد الذي أمر بإتيانه قضاء التشهّد ؛ ضرورة أنّ التشهّد في الجملتين - أي فيما إذا كان قريباً ، وإذا لم يكن كذلك - على نهج واحد ، ولا إشكال في أنّ الثاني قضاء ، فكذا الأوّل .
مع أنّ عدم ذكر تتميم الصلاة ، يدلّ على أنّ التكليف ليس إلاّ بالتشهّد ، فإطلاق الكلام يقتضي قضاء التشهّد ولو لم يبرح من مكانه ، أو برح ولم يأتِ بالمنافي ، كالاستدبار والحدث ، فظهر منه كون السلام انصرافاً مع نسيان التشهّد ،
ص: 92
والعرف يفهم - بإلغاء الخصوصية - عدم الفرق بين التشهّد والسجدة .
بل لا يبعد دلالة حديث «لا تعاد . . .»(1) على ذلك ؛ لأنّ من قوله : «لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة» مشفوعاً بقوله : «القراءة سنّة ، والتشهّد سنّة ، ولا تنقض السنّة الفريضة» - مع معهودية كون ابتداء الصلاة التكبير ، واختتامها السلام - يفهم العرف أنّ التشهّد إذا ترك سهواً في الصلاة لا يضرّ بها ، ولا إشكال في أنّ التارك للتشهّد بعد السلام ، يكون بنظر العرف مع هذه الدلالة غيرَ آتٍ بالتشهّد ، لا به وبالسلام ، كما أ نّه لو أحدث بعد السلام وقيل له : «أعد صلاتك» يرى منافاته لقوله : «لا تعاد الصلاة . . .» ولا ينقدح في ذهنه أنّه تارك للطهور ، أو آتٍ بالمنافي ، بل يرى أنّ المنافي حصل بعد الصلاة ، ويكون نقص الصلاة - على فرضه - من قِبل التشهّد ، فتدبّر .
ومنها : موثّقة(2) أبي بصير قال : سألته عن الرجل ينسى أن يتشهّد ، قال : «يسجد سجدتين يتشهّد فيهما»(3) .
تدلّ بإطلاقها على أنّ التارك للتشهّد الأخير ، ليس عليه الرجوع إلى التشهّد
ص: 93
وتتميم الصلاة ، بل يكون عليه سجدتا السهو ، فلا محالة يكون السلام انصرافاً ؛ سواء بقي وقت التدارك أم لا ، أتى بالمنافي أم لا .
ومنها : صحيحة حكم بن حكيم، قال : سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن رجل ينسى من صلاته ركعة أو سجدة أو الشيء منها ، ثمّ يذكر بعد ذلك ، فقال : «يقضي ذلك بعينه»(1) فقال : أيعيد الصلاة ؟ فقال : «لا»(2) .
تدلّ على قضاء ما ترك بعينه ، ومقتضى إطلاقها عدم الفرق بين الركعة الأخيرة وغيرها . واشتمالها على الركعة - وفيها لا بدّ من رفع اليد عنها ، أو تأويلها - لا يضرّ بالمقصود ، كما لا يخفى .
بل يمكن الاستشهاد له بما دلّ على أ نّه لا يعيد الصلاة لسجدة ، مثل صحيحة منصور بن حازم - على طريق(3) الصدوق - قال : سألته عن رجل صلّى ، فذكر أ نّه زاد سجدة ، قال : «لا يعيد صلاة من سجدة ، ويعيدها من ركعة»(4) .
ص: 94
فإنّ السؤال وإن كان عن الزيادة ، لكنّ الجواب بصدد بيان قاعدة كلّية : وهي أنّ الصلاة لا تعاد من قِبل سجدة واحدة ؛ زادت أو نقصت ، وهي تدلّ على أنّ الآتي بالمنافي بعد السلام لا يعيد الصلاة ؛ فإنّ الإعادة بنظر العرف - لو كانت - إنّما هي لأجل السجدة ، لا لفقد الطهور ، ولا تعاد الصلاة لسجدة .
فتحصّل ممّا مرّ : أنّ السلام إذا وقع في الركعة الأخيرة - ولو قبل التشهّد أو قبل سجدة - فهو انصراف . هذا حال السجدة الواحدة أو التشهّد .
وأمّا لو وقع السلام قبل سجدتين ، فمع فعل المنافي سهواً لا إشكال في وجوب الإعادة .
وأمّا مع عدم المنافي ، فلا تخلو المسألة من غموض وإشكال . وإثبات كون السلام انصرافاً أو كونه في غير محلّه ويجب التدارك ، من تلك الأدلّة(1) مشكل .
نعم ، لو قلنا بإطلاق صحيحة الحلبي المتقدّمة في صدر البحث(2) ، يكون معه انصرافاً ، لكن قد عرفت الكلام فيها . واستفادة ذلك من صحيحة حكم بن حكيم(3) مشكلة ، بل ممنوعة ؛ لأنّ قوله : «يقضي» وقوله : «لا يعيد» منافيان لذلك .
فالمسألة محلّ إشكال ؛ وإن كان القول ببقاء محلّ تداركهما - بعد عدم الدليل على كون السلام انصرافاً - لا يخلو من قوّة .
ثمّ بعد ما عرفت من أنّ السلام في الركعة الأخيرة قبل سجدة انصراف ،
ص: 95
يظهر حال جميع الفروع في المسألة : من صحّة الصلاة ، وقضاء السجدتين وسجدتي السهو مرّتين ؛ سواء علم بترك السجدة الثانية من الأخيرة ، أو من غيرها ، أو لا يعلم .
تنبيه :
إنّ بعض المحقّقين قدّس سرّه قد تشبّث بإطلاق موثّقة إسحاق بن عمّار(1) واستكشف من إطلاقها أنّ السلام وقع في غير محلّه ؛ وأنّ المصلّي بعد السلام في الصلاة ، وأ نّه بالمنافي يخرج منها ، ولأجله حكم ببطلان الصلاة مع وقوع المنافي ، وبالرجوع والتدارك مع عدمه(2) .
ثمّ رجع عن ذلك - في التعليقة على ما ذكره - بتصحيح الصلاة مع تركه السجدة الواحدة لو أتى بالمنافي ، قائلاً : «إنّ دليل «يستقبل» - أي رواية إسحاق - لمّا كان في مقام تصحيح الصلاة ، فلا يكاد يجري في المقام ؛ لأ نّه يلزم من تطبيقه إفساد الصلاة ، ومعه يسقط الجزء عن الجزئية ، ولازمه وقوع السلام في محلّه»(3) ، انتهى .
وها هي موثّقة إسحاق بن عمّار قال : سألت أبا إبراهيم علیه السلام عن الرجل ينسى أن يركع ، قال : «يستقبل حتّى يضع كلّ شيء من ذلك موضعه»(4) .
ص: 96
فهل يستفاد منها أنّ السلام وقع في غير محلّه ، أو يستفاد منها أ نّها بصدد تصحيح الصلاة ؟ ! أو الظاهر منها أنّ السؤال عن نسيان الركوع والتذكّر بعد الصلاة ، أو بعد الدخول فيما يترتّب على الركوع ، وقوله : «يستقبل» أي يستقبل الصلاة لا الركوع ؟
فهي بصدد إبطال الصلاة لا تصحيحها . وليس لسانها إلاّ كرواية أبي بصير قال : سألت أبا جعفر عن رجل نسي أن يركع ، قال : «عليه الإعادة»(1) .
نعم ، يستفاد منها أنّ الترتيب معتبر في الأجزاء في الجملة ، وأمّا أنّ السلام مخرج أو ليس بمخرج ، فلا يستفاد منها ، ولا إطلاق لها من هذه الجهة ؛ لأ نّها بصدد بيان استقبال الصلاة ، لا بيان الترتيب حتّى يؤخذ بإطلاقها ، فلا ما أفاده أوّلاً ممكن التصديق ، ولا ما ذكره ثانياً رجوع عن الأوّل .
هذا كلّه ما إذا حدث العلم بعد الصلاة .
وأمّا إذا حدث في أثنائها ، فإمّا أن يعلم أنّ السجدة الثانية المنسيّة من أيّة الركعات أو لا .
فعلى الأوّل : فإن دخل في الركن ، فلا إشكال في وجوب قضائهما وسجدتي السهو مرّتين ، وإن لم يدخل رجع فأتى بها ، وقضى السجدة
ص: 97
الاُولى ، وأتى بسجدتي السهو لنسيانها .
وعلى الثاني : إذا احتمل كونها من الركعة التي بيده ، فإن كان في المحلّ الشكّي ، فالظاهر انحلال العلم بواسطة الأدلّة الدالّة على لزوم إتيان ما شكّ فيه في المحلّ(1) وأدلّة التجاوز(2) فلا محالة يجب عليه إتيانها وقضاء سجدة واحدة متروكة مع سجدتي السهو . ولا إشكال في لزوم قضائهما وسجدتي السهو مرّتين فيما إذا دخل في الركن .
وإنّما الكلام فيما إذا كان في المحلّ الذكري وتجاوز عن المحلّ الشكّي :
فقد يقال : «بأنّ مقتضى أصالة عدم الإتيان بالسجدة - بعد سقوط قاعدة التجاوز بالمعارضة - هو لزوم رجوعه لتدارك السجدة المحتملة الفوت ، وعليه قضاء السجدتين ؛ للعلم بفوت إحداهما ، وأصالة عدم إتيان الاُخرى في الركعة السابقة»(3) .
وقد يفصّل «بين ما إذا كان الأثر مترتّباً على الترك في الصلاة الصحيحة ، أو على الترك المقيّد بكونه(4) عمدياً ، وبين ما إذا كان مترتّباً على الترك بكونه(5)
ص: 98
سهوياً : بجريان الأصل لتنقيح الموضوع في الأوّلين ، وعدم جريانه في الأخير»(1) .
أقول : لا إشكال في أنّ الأثر غير مترتّب على الترك المطلق ، أو الترك في الصلاة الصحيحة : أمّا الأوّل فواضح ، وأمّا الثاني فلمخالفته للأدلّة .
وظاهر الأدلّة هو الترتّب على الترك السهوي ، وغاية ما يمكن أن يدّعى هو ترتّبه على عنوان أعمّ منه ؛ وهو الترك الغير العمدي بنحو الإيجاب العدولي ، أو الترك الذي ليس بعمد بنحو الموجبة السالبة المحمول ، وعلى أيّ تقدير لا يمكن إحراز الموضوع بالأصل :
أمّا إذا كان مترتّباً على الترك السهوي فواضح ؛ لأنّ أصالة عدم الإتيان - مع القطع بكون العدم على فرضه يكون سهوياً - لا يثبت كون الترك سهوياً إلاّ بالأصل المثبت .
وأمّا الترك الغير العمدي أو الذي ليس بعمد ؛ فلأنّ في كلّ منهما يكون الاعتبار بتوصيف الموضوع بالمعنى العدمي : أمّا المعدولة فواضح ، وأمّا الموجبة السالبة المحمول ؛ فلأنّ الفرق بينها وبين السالبة المحصّلة : أنّ الثانية مفادها سلب الصفة عن الموضوع ، ولهذا يصدق مع عدم الموضوع في ظرف السلب ، ومفاد الاُولى إثبات قضيّة سلبية للموضوع ، ويكون [هو ]الفرق بينها وبين المعدولة ؛ بعد اشتراكهما في توصيف الموضوع بمعنى سلبي بنحو من الاعتبار .
ص: 99
وبعد القطع بأنّ الموضوع في أدلّة السهو ، ليس عدم كون الترك عمدياً بنحو السلب البسيط الصادق مع عدم السهو وعدم الصلاة ، لا بدّ وأن يكون بنحو الإيجاب العدولي أو الموجبة السالبة المحمول الغير الصادقين إلاّ مع وجود الموضوع ، فالموضوع هو الترك المتّصف ، ولم تكن له حالة سابقة ، فما كان له حالة سابقة هو عدم الترك المتّصف بنحو السلب التحصيلي ، لا الترك المتّصف بالعدم ؛ لعدم إمكان الاتّصاف في الأزل ولو بمعنى عدمي ؛ لأنّ الاتّصاف نحو ثبوت شيء لشيء ، وهو فرع نحو ثبوت للمثبت له .
وأمّا استصحاب العدم الأزلي بنحو السلب التحصيلي المنطبق على الإيجاب العدولي أو الموجبة السالبة المحمول في ظرف الوجود ، فهو من الاُصول المثبتة ؛ لأنّ استصحاب الأعمّ لإثبات الأخصّ - بواسطة الملازمة - مثبت .
ولعدم التفريق بين اعتبارات القضايا - بما أشرنا إليه وفصّلناه في مقامات من الاُصول(1) وقع الخلط والاشتباه في كثير من الموارد :
منها : في باب أصالة عدم التذكية .
ومنها : في اللباس المشكوك فيه .
ومنها : في أصالة عدم القرشية . . . إلى غير ذلك .
فتحصّل ممّا ذكرنا : عدم جريان أصالة عدم السجدة لإثبات القضاء ، ولا لوجوب الرجوع والتدارك ، فلا بدّ من العمل على العلم الإجمالي بعد سقوط
ص: 100
قاعدة التجاوز ، ومقتضاه الرجوع والإتيان بالسجدة وقضاؤها وسجدتي السهو لأجله ؛ للعلم الإجمالي بأ نّه إمّا يجب عليه الرجوع والتدارك ، أو يجب عليه المضيّ والقضاء وسجدتا السهو .
وهذا وإن كان من قبيل الدوران بين المحذورين ؛ لأنّ وجوب المضيّ ووجوب الرجوع للتدارك لا يمكن الجمع بينهما ، لكنّ الأدلّة الدالّة على الرجوع ، يستفاد منها أنّ تلك الزيادة - التي لأجل التدارك - لا توجب بطلان الصلاة ، بل ما يكون موجباً للبطلان هو الزيادة العمدية ، وما أتى به لأجل التدارك لا يوجب البطلان ، فالرجوع إلى التدارك هاهنا لا يوجب البطلان ؛ للشكّ في عروض المبطل لو سلّم كون تلك الزيادات الاحتياطية مبطلة ، وإلاّ فلا إشكال .
فتحصّل من ذلك : أنّ الاحتياط يحصل بالرجوع والتدارك وقضاء السجدة وسجدتي السهو ، ولا تلزم إعادة الصلاة .
إذا كان في الركعة الرابعة البنائية مثلاً ، وشكّ في أنّ شكّه السابق بين الاثنتين والثلاث ، كان قبل إكمال السجدتين أو بعدهما ، فبمقتضى العلم الإجمالي بأ نّه إمّا يجب عليه البناء والعمل بالشكّ إذا كان بعد الإكمال ، أو يجب عليه الإعادة إذا كان قبل الإكمال ، يجب عليه الجمع بين الوظيفتين .
ص: 101
وقد يقال بالبناء على الثاني ؛ لعمومات «ابنِ على الأكثر»(1) المقتضية للبناء عليه في جميع الركعات ، غاية الأمر خرج الشكّ في الاُوليين ، فأصالة عدم كون شكّه هذا شكّاً حادثاً في الاُوليين ، يثبت موضوع البناء(2) .
وقد يقال : إنّ موضوع البناء هو الشكّ الفعلي مع حفظ الركعتين الأوّلتين ، وهو حاصل .
ولمّا كانت المسألة مبتنية على تنقيح موضوع البناء ، فلا بدّ من الإشارة الإجمالية إليه .
فنقول : لا إشكال في أنّ عمومات البناء على الأكثر - مثل موثّقة عمّار بن موسى عن أبي عبداللّه علیه السلام : أنّه قال له : «يا عمّار ، أجمع لك السهو كلّه في كلمتين : متى شككت فخذ بالأكثر ، فإذا سلّمت فأتمّ ما ظننت أنّك قد نقصت»(3) وغيرها ممّا هو قريب بهذا المضمون(4) - محكومة بالنسبة إلى ما دلّ على أنّ السهو ليس في الاُوليين ، مثل صحيحة زرارة قال : قال أبو جعفر علیه السلام : «كان الذي فرض اللّه تعالى على العباد عشر ركعات ، وفيهنّ القراءة ، وليس فيهنّ وهم» يعني سهواً «فزاد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم سبعاً ، وفيهنّ الوهم ، وليس فيهنّ
ص: 102
قراءة ، فمن شكّ في الاُوليين أعاد حتّى يحفظ ويكون على يقين ، ومن شكّ في الأخيرتين عمل بالوهم»(1) .
فهي بلسانها تنقّح موضوع السهو ؛ وأنّ موضوعه هو الأخيرتان ، فالشكّ الحادث في الأخيرتين بعنوانه موضوع للبناء ، لا عدم حدوث الشكّ في الاُوليين .
ومثلها غيرها ، كرواية عبداللّه بن سليمان العامري عن أبي جعفر علیه السلام وفيها : «إنّما يجب السهو فيما زاد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم »(2) .
وصحيحة الحسن بن علي الوشّاء أو حسنته(3) ، قال : قال لي أبو الحسن الرضا علیه السلام : «الإعادة في الركعتين الأوّلتين، والسهو في الركعتين الأخيرتين»(4).
ص: 103
فهذه الروايات بلسانها تفسّر تلك العمومات ، فيكون مفادها بعد التفسير : أ نّه متى شككت في الركعتين الأخيرتين ابنِ على الأكثر ، ولا إشكال في أنّ المناط بحدوث الشكّ لا بقائه ، فيكون المعنى : متى كان الشكّ حين حدوثه في الركعتين الأخيرتين يبنى على الأكثر .
ويؤيّد ذلك صحيحة زرارة ، عن أحدهما علیهما السلام - في حديث - قال : قلت له : رجل لم يدرِ اثنتين صلّى أم ثلاثاً ، قال : «إن دخله الشكّ بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة ، ثمّ صلّى الاُخرى ، ولا شيء عليه ويسلّم»(1) .
بناءً على أنّ المراد من «الثالثة» هي الركعة التي يشكّ في أنّه ثالثة أو رابعة ، والمراد بالمضيّ فيها هو إتمامها بالبناء على الثالثة ؛ أي فيما يشكّ فيه بقرينة «ثمّ صلّى الاُخرى» فإنّ التمام [المستفاد من] كلمة «ثمّ» وقوله : «صلّى الاُخرى» يوجبان ظهورها في الصلاة المستقلّة المفصولة ، فهي وإن لم يبعد أن يكون بناؤها على الإجمال وبيان الحكم بنحو الإبهام ، لكن يفهم منها أنّ الميزان في البناء هو حدوث الشكّ بعد الدخول في الركعة التالية .
وكيف كان : فدعوى كون الموضوع للبناء هو الشكّ بين الاثنتين والثلاث - مع عدم كونه شكّاً في الأوّلتين ، أو مع عدم حدوثه قبل الإكمال ، أو مع حفظ الاُوليين مطلقاً ، أو مع صحّة الصلاة - تخرّص مخالف لظواهر النصوص ، فيكون الموضوع هو الشكّ في الأخيرتين حين حدوثه مع تمامية الركعتين الأوّلتين ، أو حدوث الشكّ في حال حفظ الأوّلتين ، أو حدوثه حين دخل
ص: 104
في الثالثة ، ولا يمكن إثبات هذه العناوين بالأصل .
بل لو سلّم كون الموضوع هو كون الشكّ في الأخيرتين مع عدم حدوثه في الأوّلتين ، فلا يمكن إثباته بالأصل والوجدان ؛ لأنّ الموضوع هو كون الشكّ الذي في الأخيرتين غير حادث في الأوّلتين ، أو لم يكن حادثاً فيهما ، لا عدم حدوث شكّه في الأوّلتين على نعت السلب التحصيلي ؛ لعدم كون هذا السلب الأعمّ من سلب الموضوع موضوعاً لحكم ، فما يمكن إحرازه بالأصل هو هذا السلب المطلق ، وهو ليس بموضوع ، وما هو الموضوع - وهو الشكّ الذي لم يحدث في الأوّلتين ، أو الشكّ الغير الحادث - لا يمكن إثباته بالأصل ؛ لعدم الحالة السابقة على فرض ، ومثبتية الأصل على الآخر .
وتوهّم كون الموضوع هو الشكّ في الأخيرتين مع حفظ الأوّلتين ، والشكّ الفعلي كذلك ، غير سديد ؛ لأنّ المناط - كما تقدّم - بحدوث الشكّ لا بقائه ، فالشكّ الفعلي مع حفظ الركعتين لا أثر له ، ولا يكون مشمولاً للأدلّة ، بل لا بدّ من إثبات أنّ الركعتين محفوظة حين حدوث الشكّ ، وأصالة عدم حدوث الشكّ إلى زمان الحفظ - مع معارضتها بأصالة عدم حفظ الركعتين إلى زمان حدوث الشكّ - لا تثبت أنّ الشكّ حادث في زمان الحفظ .
وأمّا التمسّك بقاعدة التجاوز ، أو أصالة عدم الخطأ أو السهو ، والتفصيل بين ما علم حكم الشكّ واحتمل المضيّ والبناء على الثلاث قبل إكمال السجدتين سهواً ، وما لم يعلم ، فحكم بعدم الاعتناء في الأوّل ؛ سواء حدث الشكّ في
ص: 105
الأثناء ، أو بعد الصلاة(1) ، فغير وجيه وإن قرّبه شيخنا العلاّمة - أعلى اللّه مقامه - فإنّ قاعدة التجاوز - لو فرض التعبّد بالبناء على عدم كون الشكّ قبل الإكمال - لا تثبت لوازمه : من كونه حادثاً بعده ، أو كونه حادثاً في زمان حفظ الركعتين ، أو حدوث الشكّ في الركعتين الأخيرتين . . . إلى غير ذلك من العناوين التي يمكن أن تكون موضوعة للحكم .
بل لو فرض أنّ الموضوع الشكّ في الأخيرتين مع عدم حدوث الشكّ قبل إكمال الركعتين فلا يفيد ؛ لأنّ القاعدة لو كانت أصلاً محرزاً فلا تكون إلاّ أصلاً محرزاً حيثياً لا محرزاً مطلقاً ، ولهذا لا يفيد البناء على تحقّق الطهارة في صلاة بعد فراغها لإحرازها لصلاة اُخرى ؛ لأنّ التعبّد بالوجود من حيث الصلاة التي فرغ منها لا مطلقاً ، ففيما نحن [فيه] يكون التعبّد بعدم الشكّ قبل الإكمال من حيث الأصالة في صحّة الصلاة ، لا من حيثيات اُخر ، ككونه موضوعاً للبناء على الأكثر ، فتدبّر جيّداً .
وأمّا أصالة عدم السهو والنسيان ، فلا دليل على حجّيتها شرعاً أو ثبوتها عند العقلاء ؛ بحيث يمكن التمسّك بها لإثبات مثل ذلك ؛ أي إثبات كون الشكّ حادثاً في الركعتين الأخيرتين .
فتحصّل من جميع ما ذكرنا : أ نّه لا محيص عن العمل بالعلم الإجمالي .
منه هو الصلاة التي يجوز الاكتفاء بها ؛ أي ما علم تفصيلاً أ نّه صلاة ، ومعه يجوز رفع اليد عن صلاته وإتيان مصداق آخر .
قلت : أدلّة لزوم البناء على الشكوك الصحيحة ، دالّة على انقلاب التكليف في زمان عروض الشكّ من الركعة المتّصلة إلى المنفصلة ، وهذا عزيمة لا رخصة ، فمع العلم التفصيلي بالشكوك الصحيحة لا يجوز - نصّاً (1) وفتوى(2) - رفع اليد عن الصلاة التي بيده وإتيان فرد آخر ، والعلم الإجمالي كالتفصيلي في لزوم الخروج عن عهدة التكليف .
إذا شكّ في أنّ الركعة التي بيده آخر الظهر ، أو أ نّه أتمّها وهذه أوّل العصر ، فإن كان في الوقت المشترك أتمّها ظهراً ، وصحّت صلاته . هذا إذا لم يأتِ بعنوان العصر بشيء .
وأمّا إذا أتى بعنوانه بذكر وقراءة ، فلا إشكال في عدم الإبطال ، إنّما الكلام في وجوب الرجوع والإتيان بهما بعنوان الظهر ، أو يكتفى بهما ؟
ص: 107
لا يبعد الاكتفاء ؛ إمّا لأجل أنّ المأتيّ به بعنوان العصر من باب الخطأ في التطبيق ؛ لأنّ المصلّي إذا دخل في صلاة الظهر ، ففي ارتكازه إتمام المأمور به فعلاً ، وتوهّم كونه عصراً في البين - من باب الخطأ - لا يضرّ .
وإمّا من باب الأدلّة الخاصّة ، كصحيحة عبداللّه بن المغيرة قال : في «كتاب حريز» أ نّه قال : إنّي نسيت أ نّي في صلاة فريضة ؛ حتّى ركعت وأنا أنويها تطوّعاً ، قال : فقال علیه السلام : «هي التي قمت فيها : إذا كنت قمت وأنت تنوي فريضة ثمّ دخلك الشكّ ، فأنت في الفريضة ، وإن كنت دخلت في نافلة فنويتها فريضة ، فأنت في النافلة»(1) .
وفي رواية معاوية قال : سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن رجل قام في الصلاة المكتوبة ، فسها فظنّ أ نّها نافلة ، أو قام في النافلة فظنّ أ نّها مكتوبة ، قال : «هي على ما افتتح الصلاة عليه»(2) .
وفي رواية ابن أبي يعفور قريب من الاُولى ، وزاد في آخرها : «وإنّما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدأ في أوّل صلاته»(3) .
ولا يبعد أن تكون تلك الروايات على طبق القاعدة المتقدّمة .
ص: 108
وكيف كان : يستفاد منها أنّ الصلاة على ما افتتح بها ، وأنّ قصد الخلاف نسياناً غير مضرّ ، وبإلغاء الخصوصية بل بإفادة القاعدة الكلّية يفهم حال ما نحن فيه . ومنه يظهر حال ما إذا ورد المصلّي في الركوع والسجود ، أو صلّى ركعة أو ركعتين ، فيحسب ما صلّى على ما افتتح عليه .
وأمّا إذا كان في الوقت المختصّ بالعصر فتارةً : يبقى من الوقت بمقدار لو أتمّ ما في يده ظهراً ، يدرك ركعة من العصر .
واُخرى : يكون بمقدار لو رفع اليد عنها أدرك ركعة .
وثالثة : لم يبق بمقدار ركعة .
وعلى أيّ حال : إن قلنا بأنّ الشكّ في إتيان الظهر في الوقت المختصّ بالعصر ممّا لا يعتنى به ويكون كالشكّ بعد الوقت - كما هو الأقوى فيما إذا لم يصلّ العصر - فالواجب عليه رفع اليد عمّا في يده ، والشروع في العصر في الفرضين الأوّلين ؛ لأنّ صلاة الظهر محكومة بالإتيان ، ولا يجوز صرف الوقت المختصّ بالعصر فيها . ولا يمكن تصحيح ما بيده عصراً ؛ لما تقدّم في بعض المسائل المتقدّمة(1) .
وأمّا الفرض الأخير ، فيأتي فيه ما تقدّم في بعض المسائل السابقة(2) من احتمال لزوم الموافقة الاحتمالية لصلاة العصر ، فيجب عليه إتمامها عصراً ، والقضاء خارج الوقت .
ص: 109
لا يقال : إنّ أدلّة الشكّ بعد الوقت والشكّ بعد تجاوز المحلّ ، لا تشمل ما إذا علم إجمالاً أنّ ما بيده ظهر أو عصر ، وإنّما موردها ما إذا شكّ في إتيان الظهر وعدمه .
فإنّه يقال : إنّ الشكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر بعد وقت الظهر ، شكّ في إتيان الظهر وعدمه ، فيشمله قوله : «كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فشكّك ليس بشيء»(1) .
وإن شئت قلت : إنّ الشاكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر ، شاكّ في إتيان الظهر وعدمه ، وشاكّ في الشروع في العصر وعدمه ، فلا مجال لإنكار شمول أدلّة الشكوك له .
ولو قلنا بعدم شمولها ، فمع إمكان إتمام ما في يده ظهراً وإدراك ركعة من العصر ، يجب عليه جعلها ظهراً وإتيان العصر ؛ لأ نّه في ذلك يقطع بإتيان الصلاتين ورفع اشتغال الذمّة .
ومع قصور الوقت عن ذلك ، فإن كان الوقت بمقدار لو رفع اليد عمّا بيده يدرك ركعة من العصر ، يجب ذلك ، ولا يجوز جعله ظهراً ؛ لأنّ الوقت مختصّ بالعصر ، فمع العلم بعدم إتيان الظهر لا بدّ من الإتيان بالعصر ، ومع قصوره عن ذلك أيضاً يأتي فيه ما سبق .
ص: 110
إذا شكّ في العشاء بين الثلاث والأربع ، فتذكّر أ نّه سها عن المغرب صحّت عشاءً في الوقت المختصّ بالعشاء ، ويقضي المغرب خارج الوقت .
وأمّا في الوقت المشترك ، فهل تصحّ مغرباً ؛ أي يجب العدول إلى المغرب ، ويبني على الثلاث ، وتتمّ صلاته ؟
أو تصحّ عشاءً مطلقاً ، ويبني على الأربع ويتمّها ، ويأتي بالمغرب بعدها ؟
أو يبطل ما في يده ، ويأتي بهما ؟
أو يفصّل بين عروض الشكّ بعد الدخول في الركوع ، فتصحّ عشاءً ، أو قبله ، فيبطل على إشكال ؟
وجوه :
أمّا احتمال صحّة العدول إلى المغرب ؛ بأن يقال : إنّ الظاهر من أدلّة بطلان الشكّ في المغرب ، هو عروض الشكّ على المغرب ، وفي المقام عرضت المغربية على المشكوك فيه ، فلا دلالة لها على بطلانها (1) . كما أنّ أدلّة البناء على الأكثر ، غير شاملة لهذه الصلاة ؛ لأ نّها مختصّة بالرباعية ، ومقتضى الأصل هو البناء على الأقلّ .
ففي غاية السقوط ؛ لظهور أدلّة إبطال الشكّ للمغرب ، في أنّ المعتبر في
ص: 111
المغرب هو حفظ ركعاته ؛ وأنّ المطلوب هو الاستيقان بالركعات ، ففي صحيحة محمّد بن مسلم قال : سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن الرجل يصلّي ؛ ولا يدري واحدة صلّى أم ثنتين ، قال : «يستقبل حتّى يستيقن أنّه قد أتمّ ، وفي الجمعة ، وفي المغرب ، وفي الصلاة في السفر»(1) .
وفي صحيحته الاُخرى ، عن أحدهما علیهما السلام قال : سألته عن السهو في المغرب ، قال : «يعيد حتّى يحفظ ؛ إنّها ليست مثل الشفع»(2) .
ومع الغضّ عنه لا مجال للأصل في إحراز الركعات ؛ لأنّ أصالة عدم الإتيان بالركعة ، أثرها العقلي أنّ مع ضمّ ركعة اُخرى مثلاً تتمّ الصلاة ، وفيما نحن فيه أصالة عدم الرابعة لا تثبت كون المغرب ثلاث ركعات - بلا زيادة ونقيصة - إلاّ بالأصل المثبت .
وأمّا صحّتها عشاءً ، فتبتني على أمرين :
أحدهما : شمول حديث «لا تعاد . . .»(3) لرفع الترتيب الغير العمدي في مثل المقام ، وهو الأصحّ ؛ لما عرفت سابقاً (4) من ظهور أدلّة الترتيب في أ نّه معتبر بين ماهية الصلاتين لا أجزائهما ، ومحلّ تحصيله أوّل الشروع فيها . ولولا أدلّة
ص: 112
العدول لقلنا بسقوط الترتيب بمجرّد الشروع .
وثانيهما : عدم شمول أدلّة العدول إلى السابقة لمثل ما نحن فيه - ممّا يكون العدول مفسداً - بأن يقال : إنّ مصبّ أدلّة العدول إنّما هو تصحيح الصلاة وعلاجها ، فلا تشمل ما يلزم من العدول الإفساد .
ومع تمامية المقدّمتين تتمّ صحّة ما بيده عشاءً ، فيبني على الأربع ويتمّ .
لكنّ المقدّمة الثانية لا تخلو من إشكال ؛ لأنّ ظاهر أدلّة العدول أنّ موضوعه هو عدم الإتيان بالسابقة ، مع الشروع في اللاحقة ، وبقاء محلّ العدول بحسب الواقع ؛ من غير لحاظ العوارض والطوارئ الخارجية ، ألا ترى أ نّه لو فرض - بعد الشروع في العشاء - علمه بأ نّه سها عن المغرب ، وكان يصلّي في ملك الغير بإذنه ، ولم يأذن له في صلاة المغرب ، لما أمكن أن يقال : إنّ أدلّة العدول لا تشمل ما يلزم منه الفساد - بناءً على فساد الصلاة في الملك الغير المأذون فيه - وذلك لأنّ أدلّة العدول لا تنظر إلى الطوارئ ، فمع عدم إمكان تصحيح الصلاة بالعدول ، لا بدّ من رفع اليد عن الصلاة ، لا إتمام العشاء ورفع اليد عن أدلّة العدول .
وفيما نحن فيه أيضاً ، لمّا كانت أدلّة العدول غير ناظرة إلى الطوارئ ولزوم الفساد في بعض الأحيان ، فلا محالة مع لزوم ذلك لا بدّ من رفع اليد عن الصلاة ، لا البناء على الأربع بدعوى عدم شمول أدلّة العدول لما يلزم من تطبيقها الفساد .
وبالجملة : إنّ موضوع العدول أمر واقعي ؛ تعلّق علم المكلّف به أو لا ، صار موجباً للفساد أو لا ، غاية الأمر مع لزوم الفساد لا يمكن العدول ، ولا تصحيح الصلاة .
ص: 113
نعم ، مع البناء على قصور أدلّة العدول عمّا نحن فيه ، لا إشكال في جواز البناء على الأكثر وتتميمها عشاءً من جهة الترتيب ؛ لما مرّ سابقاً (1) .
ومن هنا يعرف : أنّ التفصيل بين ما قبل الركوع وما بعده(2) غير وجيه ؛ لأ نّه مع قصور أدلّة العدول عمّا يلزم منه الفساد ، لا إشكال في صحّتها عشاءً ؛ قبل الركوع أو بعده ، ومع عدم قصورها لا يمكن تصحيحها .
لا يقال : إنّ أدلّة البناء على الأكثر تحرز موضوع عدم صحّة العدول ؛ لأنّ موضوعه هو كون ما بيده الركعة الرابعة ، فمع الشكّ في الثلاث والأربع والبناء على الأربع ، يحرز موضوعه ، فمع عدم العدول تصحّ عشاءً .
لأ نّا نقول : لسان أدلّة البناء على الأربع ليس إلاّ البناء الحيثي ، لا إحراز الأربع مطلقاً .
وبعبارة اُخرى : ليس مفاد أدلّتها هو جعل الطريق إلى الأربع ، ولا التعبّد بتحقّق الأربع مطلقاً ؛ بحيث يترتّب عليه جميع الآثار ، بل مفادها هو البناء العملي على الأربع من حيث العلاج فقط ، وهذا مرادنا من «البناء الحيثي» ففي موثّقة عمّار ، عن أبي عبداللّه : أ نّه قال له : «يا عمّار ، أجمع لك السهو كلّه في كلمتين : متى شككت فخذ بالأكثر ، فإذا سلّمت فأتمّ ما ظننت أ نّك قد نقصت»(3) .
ص: 114
وفي روايته الاُخرى : «ألا اُعلّمك شيئاً إذا فعلته ثمّ ذكرت أ نّك أتممت أو نقصت ، لم يكن عليك شيء ؟» قلت : بلى ، قال : «إذا سهوت فابنِ على الأكثر ، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت أ نّك نقصت . . .»(1) إلى آخره .
ومعلوم : أنّ مفادهما ليس إلاّ البناء العملي على تصحيح الصلاة ، وأمّا التعبّد بالأربع فلا ، ومعه لا يجوز ترتيب آثار عدم صحّة العدول المترتّبة على تجاوز المحلّ .
مضافاً إلى أ نّه لو فرض ثبوت جميع آثار الأربع بها ، للزم جواز العدول إلى المغرب قبل الركوع ؛ لأنّ موضوعه هو الدخول في صلاة العشاء ، وعدم التجاوز عن محلّ العدول ؛ أي عدم الدخول في ركوع الركعة الرابعة ، ومع البناء على الأربع قبل إتيان الركوع وجداناً ، يحرز موضوع العدول ، فلا بدّ من التفصيل بينهما بصحّتها عشاءً بعد الركوع ، وجواز العدول إلى المغرب وصحّتها مغرباً .
لا يقال : إنّ الشكّ إذا عرض قبل الدخول في الركوع ، يكون موضوع العدول محرزاً ، ولمّا كان العدول موجباً للفساد تصير المسألة محلّ الإشكال ، فلا بدّ من الاحتياط ، وأمّا بعد الركوع فتكون من الشبهة المصداقية لأدلّة العدول ، فلا يجوز التمسّك بها ، فلا بأس بالرجوع إلى أدلّة البناء على الأكثر .
فإنّه يقال : استصحاب عدم الدخول في ركوع الركعة الرابعة أو استصحاب بقاء الركعة الثالثة ، يحرز موضوع جواز العدول ، ويخرج عن الشبهة المصداقية بالتعبّد ، فلو تمّ جواز البناء على الأكثر معه يتمّ فيما نحن فيه أيضاً .
ص: 115
لكن يشكل الأمر : بأنّ العلم الإجمالي - بأ نّه إمّا أن يكون في الركعة الثالثة ، فيلزم العدول ، أو الرابعة ، فتكون الصلاة تامّة غير محتاجة إلى صلاة الاحتياط - يوجب العلم التفصيلي بعدم جواز البناء على الأربع ولغوية صلاة الاحتياط ، فلا يمكن إحراز صحّة الصلاة مغرباً ولا عشاءً ، فلا بدّ من الحكم بالبطلان ورفع اليد عنها واستئناف الصلاة . ولو قيل بانحلاله بالأصل فلا يمكن أيضاً تصحيح الصلاة .
إذا تذكّر في أثناء العصر أ نّه ترك ركعة من الظهر ، فالظاهر صحّة الصلاتين وجواز تتميم صلاة الظهر ورفع اليد عن العصر، وتتميم العصر وإتيان الظهر بعده:
أمّا صحّتهما ، فلعدم الدليل على إبطال ما اُتي به بعنوان العصر للظهر :
أمّا أدلّة إبطال الزيادة في الصلاة مطلقاً (1) أو ركعة(2) فلأنّ الزيادة في الصلاة
ص: 116
عرفاً : عبارة عن إتيان شيء في الصلاة بعنوان جزئيته ، وأمّا إتيان شيء في خلال الصلاة لا بعنوانها فلا يعدّ زيادةً ، فلا يعدّ السعال وتسوية العمامة وأمثالهما في خلالها زيادةً فيها . وعدّ التكتّف عملاً فيها (1) لأجل إتيانه فيها بعنوان آداب الصلاة ودخالته فيها ، ولهذا لو وضع يده على يده بلا قصد كونه للصلاة ، فلا يعدّ عملاً فيها ، ولا يكون مبطلاً بلا إشكال ، فالأفعال التي أتى بها بقصد صلاة العصر ، لا تعدّ زيادةً في الظهر .
وأمّا رواية زرارة - التي لا يبعد أن تكون حسنة بقاسم بن عروة(2) - عن أحدهما علیهما السلام قال : «لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم ؛ فإنّ السجود زيادة في المكتوبة»(3) .
ص: 117
فبعد ما عرفت : أنّ الإتيان بسجدة العزيمة لا يعدّ زيادة في المكتوبة ، لا بدّ من توجيهها :
إمّا بالالتزام بأنّ التعليل تعبّدي ؛ لإفهام أنّ كلّ ما اُتي به في الصلاة - ولولا بقصدها - يكون زيادة تعبّدية منهيّاً عنها ، وهو بهذا العموم لا يمكن الالتزام به .
وإيراد التخصيص عليه مستهجن ؛ لكثرة الخارج .
وإمّا بأن يقال : إنّ السجدة وأمثالها - ممّا هي شبيهة بأجزاء الصلاة - إذا أتى بها ولو بغير نيّتها عدّت زيادة .
أو إنّ السجود والركوع - لا الأذكار - كانا كذلك .
أو إنّ لسجدة العزيمة خصوصية ؛ لأجل أنّ الإتيان بالعزيمة في الصلاة لمّا كان بقصد الجزئية ، تكون سجدتها - التي هي تابعة لها - أيضاً كالجزء ، فلذا يقال : «إنّها زيادة في المكتوبة» .
أو إنّ المكتوبة اُخذت بالنسبة إلى سجود العزيمة أو مطلق السجدة أو مع الركوع والركعة ، بشرط لا ، ولهذا يكون الإتيان بها زيادة فيها .
كلّ ذلك احتمالات وتخرّصات ؛ لا يمكن أن يعوّل على واحد منها . مع أ نّه على الاحتمال الأخير تكون السجدة من قبيل النقيصة لا الزيادة ؛ وإن عوّل عليه شيخنا العلاّمة - أعلى اللّه مقامه - قائلاً : «إنّه لم يرَ احتماله في كلام أحد»(1) ولعلّ عدم الاحتمال لأجل ما ذكرنا : من أ نّه لو اُخذت الصلاة بشرط لا بالنسبة إلى شيء ، يكون الإتيان به من قبيل النقيصة لا الزيادة . وكيف كان لا يمكن الالتزام
ص: 118
بإبطال صلاة الظهر مع إتيان العصر في خلالها تمسّكاً بهذه الرواية .
وأمّا قضيّة اعتبار الموالاة في الصلاة ؛ وأنّ المعتبر فيها هيئة اتّصالية وحدانية بحسب ارتكاز المتشرّعة(1) .
أو أنّ إقحام الصلاة في الصلاة ، موجب لمحو الصورة(2) .
أو أنّ الصلاة الثانية إذا اُتي منها بركعة أو أزيد ، يصير من قبيل الفعل الكثير(3) .
فشيء منها ممّا لا يمكن الاعتماد عليه ؛ فإنّ اعتبار الموالاة - بمعنى لزوم عدم الفصل بين أجزاء الصلاة ولو بذكر وفعل صلاتي - لا دليل عليه . ودعوى ارتكاز المتشرّعة غير ثابتة .
وكذا كون الصلاة ماحية لصورة الصلاة الاُولى ، في محلّ الإشكال . بل ادّعى بعضهم الجزم بعدم المحو(4) ، ولا أقلّ من الشكّ .
كما أنّ مبطلية الفعل الكثير - إذا كان بمثل الأذكار والأفعال الصلاتية - غير ثابتة ؛ إذ لا دليل على شيء من ذلك سوى دعوى الإجماع(5) وبعض الإشعارات
ص: 119
في الروايات(1) وشيء منهما لا يمكن الاتّكال عليه لإثبات الإبطال .
نعم ، الظاهر بطلان الصلاة بواسطة السلام العمدي ولو لصلاة اُخرى ؛ بدعوى إطلاق قوله : «إذا قلت : السلام علينا . . .» إلى آخره «فهو الانصراف»(2) .
ومع الإشكال في ذلك - بأنّ ظاهره الانصراف عمّا اُتي بالسلام لأجله - لا إشكال في أنّ السلام كلام آدمي عرفاً ونصّاً (3) ، وهو مع العمد مبطل بلا إشكال ، ومعه إن أتى بصلاة الظهر ، ثمّ سها عن ركعة وشرع في العصر ، لا يمكن تصحيح الصلاتين ؛ لأنّ الإتيان بتتمّة كلّ منهما لو سلّم عدم إبطاله - لفقد الدليل - لكن إذا سلّم يكون ذلك انصرافاً ممّا سلّم لها ، ومبطلاً للاُخرى .
اللهمّ إلاّ أن يأتي بكلّ منهما إلى السلام ، ثمّ يسلّم سلاماً واحداً لهما .
ص: 120
أو يدّعى : أنّ السلام لا يبطل الصلاة التي وصلت إلى حدّ السلام .
لكنّ الثاني محلّ منع ، والأوّل محلّ إشكال ؛ لعدم الدليل على التداخل ، بل ظاهر الأدلّة أنّ لكلّ صلاة ابتداءً واختتاماً ؛ وأنّ أوّلها التكبير ، وآخرها التسليم(1) ، وإلاّ فلا بدّ من الالتزام بجواز تداخل الصلاتين بتمامهما، وهو كما ترى.
فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ الآتي ببعض العصر سهواً مع نقصان الظهر :
له أن يأتي بالظهر ، ويرفع اليد عن العصر ، ويتمّ صلاته ، ثمّ يأتي بالعصر رأساً ؛ لبطلانه بإتيان الظهر في خلاله عمداً . ومع المنع عن مبطليته يكون سلامه مبطلاً له ، فيجب إعادته .
وله أن يأتي ببقيّة العصر ، فإن قلنا : بأنّ إقحامه عمداً مبطل عدل بعد بطلانه إلى الظهر ، ثمّ يأتي بالعصر ، وإلاّ فبعد سلام العصر يبطل الظهر ، فيأتي به .
وأمّا اعتبار الترتيب بينهما فقد عرفت سابقاً (2) : أنّ الترتيب بين الماهيتين ، ومحلّ تحصيله أوّل الصلاة ، ومع الدخول في العصر سهواً يسقط بدليل «لا تعاد . . .»(3) .
وأمّا ما يظهر من السيّد العلاّمة في «العروة» من لزوم تتميم الظهر وإعادة
ص: 121
الصلاتين(1) فإن كان مراده لزوم الإتيان بالوظيفتين - للعلم الإجمالي بلزوم الإتمام أو الإعادة - ففيه ما تقدّم(2) من أنّ الإعادة ليست واجبة ، بل الواجب هو إقامة الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وهو معلوم بالتفصيل ، ولم يسقط أمر الظهر ولا يسقط إلاّ بإتيان فرد من الطبيعة صحيحاً ، والفرد الذي بيده إن دلّ دليل على بطلانه ، فلا بدّ من رفع اليد عنه وإتيان فرد آخر ، وإلاّ فيجب إتمامه ، ولا تلزم الإعادة . وبعبارة اُخرى : مع الشكّ في عروض البطلان يحكم بصحّته ، ويتمّ وتصحّ صلاته ، فلا وجه للزوم الجمع بين الوظيفتين .
وإن كان مراده الاحتياط بالإعادة فليست واجبة ؛ على ما تقدّم من عدم عروض البطلان وعدم الدليل عليه(3) .
وأمّا ما احتمله ثانياً من العدول وجعل ما بيده رابعة الظهر(4) ، فهو مخالف للقاعدة ، وأدلّةُ العدول غير شاملة له . ولا يجوز الاتّكال فيه على رواية «الاحتجاج» لقصورها سنداً (5) ودلالةً ، فعن «الاحتجاج» عن الحميري عن صاحب الزمان علیه السلام : أ نّه كتب إليه يسأله عن رجل صلّى الظهر ، ودخل في صلاة العصر ، فلمّا صلّى من صلاة العصر ركعتين استيقن أ نّه صلّى الظهر ركعتين ، كيف يصنع ؟ فأجاب : «إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة - يقطع بها الصلاة - أعاد
ص: 122
الصلاتين ، وإن لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الأخيرتين تتمّة لصلاة الظهر ، وصلّى العصر بعد ذلك»(1) .
لقرب احتمال أن يكون المراد من «الأخيرتين» اللتان لم يأتِ بهما ؛ ويكون المقصود رفع اليد عن الركعتين المأتيّتين للعصر ؛ وضمّ ركعتين اُخريين إلى الظهر ، ويأتي بالعصر بعده ، فتكون شاهدة على ما قوّينا من صحّة الظهر . وأمّا دلالتها على تعيّن إتمام الظهر وإتيان العصر بعد ذلك ، فمع فرض التسليم لا يمكن الاعتماد عليها ؛ للإرسال وعدم الجبر ، بل الإعراض على ما قيل(2) .
وأمّا ما عن(3) الشهيدين من صيرورة ما أتى بعنوان العصر تتمّةً للظهر ، وأنّ التحريم بالثانية لم يقع في محلّه ، فيكون من الأذكار المطلقة الغير المخلّة بالاُولى ، وأ نّه لا يجب نيّة العدول إلى الاُولى ؛ لعدم انعقاد الثانية ، فهو بعدُ في الاُولى ، ويجب القصد إلى أ نّه في الاُولى من حين الذكر ؛ تمسّكاً بالرواية المتقدّمة، واستظهاراً منها أنّ المراد ب «الركعتين» هما اللتان اُتيتا بعنوان العصر(4).
ففيه ما لا يخفى ؛ لما تقدّم من عدم ظهورها في ذلك ؛ لو لم نقل بظهورها في
ص: 123
خلافه . مع أ نّه على فرض التسليم لا يجوز الاتّكال عليها .
وقد يؤيّد ذلك(1) ببعض الروايات الدالّة على أنّ الصلاة على ما افتُتحت عليه ، كرواية ابن أبي يعفور ، عن أبي عبداللّه علیه السلام قال : سألته عن رجل قام في صلاة فريضة ، فصلّى ركعة وهو ينوي أ نّها نافلة ، فقال : «هي التي قمت فيها ولها» وقال : «إذا قمت وأنت تنوي الفريضة فدخلك الشكّ بعدُ ، فأنت في الفريضة على الذي قمت له ، وإن كنت دخلت فيها وأنت تنوي نافلة ، ثمّ إنّك تنويها بعد فريضة ، فأنت في النافلة ، وإنّما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدأ في أوّل صلاته»(2) .
تمسّكاً بالتعليل الذي في آخرها ، فقصد الخلاف غير مضرّ ، كزيادة التكبيرة سهواً .
وفيه : - بعد الغضّ عن ضعف سندها (3) - أنّ قوله : «وإنّما يحسب . . .» إلى
ص: 124
آخره ، ليس تعليلاً يمكن لأجله التعدّي إلى ما نحن فيه ، وأنّ مفادها - كمفاد غيرها ممّا وردت على هذا المنوال(1) أنّ المشتغل بالفريضة أو النافلة إذا سها في البين ؛ وتوهّم أ نّه في غير ما اشتغل به ، يكون على ما افتتح الصلاة عليه .
ولا يبعد أن يكون ذلك موافقاً للقاعدة ، كما أشرنا إليه(2) : من أنّ المشتغل بعمل تكون إرادته الارتكازية باقية في النفس لتتميمه ، وإذا غفل ونوى غيره تكون تلك الإرادة الارتكازية باقية ، ويكون قصد الخلاف من باب الخطأ في التطبيق ، وهذا بخلاف ما إذا توهّم تمام العمل ، وسلّم على الركعتين ، وشرع في صلاة اُخرى ، فإنّ استئناف عمل مستقلّ يمحو الإرادة المرتكزة من النفس ، فلا يكون احتسابه لما قام له على وفق القاعدة ، ولا يجوز الاتّكال على تلك الروايات - الواردة في موضوع آخر موافق للقاعدة - لتسرية الحكم إلى غير موردها .
ص: 125
ص: 126
الفائدة الاُولى
ص: 127
ص: 128
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه ربّ العالمين
وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين
ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين
ص: 129
ص: 130
فائدة في قاعدة «من ملك شيئاً ملك الإقرار به»
قد أفرد شيخنا المرتضى العلاّمة - أعلى اللّه مقامه - رسالة في قاعدة «من ملك شيئاً ملك الإقرار به» وبالغ في الفحص والتفتيش عن مفادها وما يمكن أن يكون مدركاً لها ، ولمّا كان في نظري القاصر بعض مواقع للنظر في كلامه - زيد في علوّ مقامه - أحببت أن اُشير إليها بطريق الاختصار .
قال قدّس سرّه : «إنّ المراد بملك الشيء السلطنة عليه فعلاً ، فلا يشمل ملك الصغير لأمواله ؛ لعدم السلطنة»(1) .
أقول : لا يخفى أنّ «المالكية» - على ما يستفاد من اللغة والعرف - هي علقة ورابطة اعتبارية حاصلة بين الشخص والشيء ، تستتبعها السلطنة والاستبداد به ، وهي غير «السلطنة» عرفاً ولغةً ، ولهذا وقع التشاجر من الصدر الأوّل بين
ص: 131
المفسّرين والمحقّقين(1) في أرجحية (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أو (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(2) ولو كان «المالك» بمعنى السلطان لما وقع النزاع والتشاجر بين أئمّة اللغة والتفسير وأساطين الأدب والعربية .
وبالجملة : «مَلَك الشيءَ» - على ما في «القاموس» - : «أي احتواه قادراً على الاستبداد به»(3) والسلطنة لازم أعمّ للمالكية . وهذا واضح ؛ فإنّ اُولي الأمر - من النبي والوصيّ - لهم السلطنة على أموال الناس وأنفسهم ، وليست لهم المالكية .
والحاصل : أنّ المتفاهم العرفي من «مَلَكَ الشيءَ» هو كونه صاحباً له فعلاً ، فيشمل ملك الصغير ، فعدم نفوذ إقراره من مستثنيات هذه القاعدة ، لا أنّ نفوذه في الموارد الخاصّة من الدواخل .
وعلى ما ذكرنا من معنى «الملك» يظهر النظر فيما أفاده قدّس سرّه من أنّ «الشيء» أعمّ من الأعيان والأفعال ، مثل التصرّفات ، بل خصّه بالأفعال - أي التصرّفات - بقرينة أنّ الإقرار لا يتعلّق بنفس الأعيان ، بل بثبوته ومثل ذلك(4) .
وذلك لأنّ «الشيء» وإن كان من الاُمور العامّة ، ولكنّه في المقام - بمناسبة
ص: 132
الحكم والموضوع - منصرف ومختصّ بالأعيان ، إن لم نقل : إنّه في نفسه منصرف إليها - كما أنّه ليس ببعيد - ليكون قرينةً على تعيّن «المالك» فيما ذكرنا لو كان - فرضاً - أعمّ من الصاحب والسلطان ، وإلاّ فقد عرفت أ نّه ظاهر في الأوّل لغةً وعرفاً .
والحاصل : أنّ ظهور الصدر أقوى من إطلاق «الشيء» فيحكم عليه ، لا العكس كما فعله قدّس سرّه .
وأمّا ما جعله قرينةً على صرف لفظ «الشيء» إلى الأفعال ، فخلاف متفاهم العرف ؛ فإنّ نسبة «الإقرار» إلى «الشيء» - خصوصاً بملاحظة قوله : «ملك شيئاً» الظاهر فعلاً ومفعولاً في الأعيان - نسبة متعارفة بملاحظة لوازمه وآثاره ، فالصدر قرينة على الذيل ، كما لا يخفى بعد مراجعة الوجدان .
فإن قلت : إنّ الظاهر من «ملك الإقرار» هو السلطنة عليه لا المالكية ، فيكون قرينة على الصدر .
قلت : بل الظاهر أنّ ذكر «ملك الإقرار» بعد «ملك الشيء» من باب المشاكلة مثل قوله(1) :
. . . . . . . . . . . . . . . ***قلت اطبخوا لي جبّةً وقميصاً
ص: 133
فتحصّل ممّا ذكرنا : أنّ مفاد القضيّة - لو فرضنا أ نّها صادرة من المعصوم علیه السلام - أنّ مالك الشيء مالك إقراره ، فتكون مساوية لقاعدة «إقرار العقلاء . . .»(1) بل هي هي ، فإن عثرنا على دليل معتبر من إجماع وغيره على نفوذ الإقرار في غير مؤدّى القاعدة فهو دليل خاصّ متّبع غير مربوط بها . اللهمّ إلاّ أن يدّعى الإجماع على معناها بما أفاده الشيخ قدّس سرّه وأ نّى لنا بإثباته ؟ !
فعلى ما ذكرنا تختصّ بإقرار الأصيل ، ويخرج منها إقرار الوكيل والوليّ وأمثالهما .
من لا يعلم إلاّ من قِبَله كما سنشير إليه (1) فيمكن أن يكون التعبير بهذه القاعدة من قبيل الجمع في التعبير عن عدّة قواعد ، مثل قاعدة الإقرار والائتمان وأمثالهما .
وما أفاد الشيخ قدّس سرّه : «من أنّ التمسّك بأدلّة قول من ائتمنه المالك بالإذن أو الشارع بالأمر وعدم جواز اتّهامه ، غير صحيح ؛ لأ نّها لا تنفع في إقرار الصبيّ . والرجوعُ فيه إلى دليل آخر - لا يجري في الوكيل والوليّ - يخرج القضيّة عن كونها قاعدة واحدة ؛ على ما يظهر من القضيّة : من أنّ العلّة في قبول الإقرار كونه مالكاً للتصرّف المقَرّ به»(2) ، انتهى .
لا محذور فيه أصلاً ؛ لعدم الظهور المذكور ، وعدم حجّيته لو كان . بل الظاهر أ نّها قاعدة مستنبطة من القواعد الشرعية ، ولو احتملنا ذلك لسقطت عن جواز التمسّك بها ، ولا طريق لنا إلى إثبات كونها إجماعية بنفسها أو لفظة صادرة من المعصومين علیهم السلام بعد هذا الاحتمال القريب الواقع نظيره من الفقهاء رضوان اللّه عليهم .
ثمّ إنّ الظاهر أنّ ظرف وقوع الإقرار بالشيء هو ظرف مالكيته، كما هو الشأن في كلّ القضايا مع تجرّدها عن القرائن . والشيخ قدّس سرّه اعترف به في هذه القاعدة(3)
ص: 135
وصرّح في قضيّة الائتمان والقضيّة الفخرية بخلاف ذلك(1) . وهذه التفرقة في قضيّة الائتمان لا تبعد من الأدلّة الخاصّة(2) وإن كان مثل قوله : «صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان»(3) أيضاً ظاهراً في الفعلية بحسب عقد الوضع .
وأمّا القضيّة الفخرية - وهي «أنّ كلّ من يلزم فعله غيره ، يمضي إقراره بذلك الفعل عليه»(4) - لو كانت قاعدة شرعية فظاهرة في إمضاء إقراره في زمان الإلزام ، لا الزمان المتأخّر ، مثل الوليّ في زمان الولاية ، والوصيّ في زمان الوصاية ، وذلك واضح . والفخر في «الإيضاح» وإن تمسّك بها لما بعد زوال ملك التصرّف ، كما حكى الشيخ عنه(5) إلاّ أ نّه مطالب بدليله بعد ظهور هذه القاعدة في غير مورده .
ا للهمّ إلاّ أن يحمل كلام ا لشيخ قدّس سرّه على المماشاة مع فخر ا لدين ، وهو بعيد .
ص: 136
ثمّ إنّه على ما ذكرنا (1) - من مساواة القاعدة لقاعدة الإقرار - يحمل «ملك الإقرار» على ما هو الظاهر منه ، كما اعترف به الشيخ وهو نفوذه ومضيّه مطلقاً ؛ بحيث لا يسمع منه بيّنة على خلافه ، فضلاً عن الحلف(2) . وهذا الظهور أيضاً من مؤيّدات ما احتملناه لو لم يكن من قرائنه .
وأمّا على الاحتمال الآخر الذي ذكرنا - من كونها قاعدة مستنبطة من قواعد شرعية اُخر(3) فلا بدّ أن يرجع في كلّ مورد إلى مقتضى القاعدة الأصلية التي هي الدليل عليها : من قاعدة الائتمان والإقرار وغيرهما ، فيعمل على مقتضاها .
ثمّ إنّ المراد ب «الملك» على ما ذكرنا ظاهر . وعلى ما ذكره الشيخ قدّس سرّه هل هو السلطنة المطلقة ، أو في الجملة ، فيشمل ملك الوكيل والوصيّ وأمثالهما ؟ احتمالان ، لا يبعد أن يكون الظاهر هو الثاني ، كما صرّح به الشيخ أيضاً (4) .
ثمّ إنّه على ما بيّنّا يكون دليل القاعدة هو قاعدة الإقرار ، أو هي مع قواعد اُخر على الاحتمال الثاني . وقال الشيخ رحمه الله علیه : «لا يمكن أن تكون
ص: 137
قاعدة الإقرار منشأً لهذه القاعدة . . . - إلى أن قال : - وأمّا ثانياً : فلأنّ جلّ الأصحاب قد ذكروا هذه القضيّة مستنداً لصحّة إقرار الصبيّ بما يصحّ منه ، كالوصيّة بالمعروف والصدقة ، ولو كان المستند فيها حديث الإقرار لم يجز ذلك ؛ لبنائهم على خروج الصبيّ من حديث الإقرار ، لكونه مسلوب العبارة بحديث رفع القلم»(1) ، انتهى .
وأنت خبير ؛ بأنّ حديث رفع القلم ومثله لو كان حاكماً على قاعدة الإقرار ، لكان حاكماً على هذه القاعدة أيضاً من دون استبانة تفرقة ؛ فإنّ مفاد هذه القضيّة أنّ إقرار المالك نافذ ، وحديث الرفع يجعل إقراره كلا إقرار ، فلو كانت هذه القاعدة أيضاً قاعدة شرعية لما أمكن أن تكون مستنداً لقول الفقهاء بالنسبة إلى إقرار الصبيّ ، فلا بدّ من التماس دليل آخر غيرهما ؛ وهو الإجماع أو ادّعاء أولوية نفوذ الإقرار من نفوذ التصرّف ، والعهدة في ذلك على مدّعيه .
ثمّ إنّ كلمات الفقهاء التي نقلها الشيخ قدّس سرّه (2) لا تدلّ على إجماعية هذه القاعدة برأسها في مقابل سائر القواعد ، كما لا يخفى على المراجع ؛ فإنّ كلّ مورد منها ينطبق عليه قاعدة شرعية ولو على بعض المباني :
مثلاً : أوضح شيء ذكره الشيخ لكون مستند الفقهاء هذه القاعدة : دعوى العلاّمة رحمه الله علیه الإجماع على قبول دعوى المسلم أمانَ الحربي في حال ملكه
ص: 138
لأمانه(1) قال الشيخ : «وظاهر أن ليس مستند له إلاّ القضيّة المذكورة»(2) مع أ نّه لو كانت هذه الدعوى من المسلم مسألة إجماعية لما بحثنا عن مستندها ، ولا استكشفنا منها قضيّة اُخرى ، كما هو الشأن في كلّ مسألة إجماعية ، فكيف يمكن لنا استكشاف قضيّة كلّية - نستدلّ بها في أبواب متفرّقة - من الإجماع على فرع جزئي يمكن أن يكون حكماً تعبّدياً ؟ !
مع أ نّه يمكن أن يكون المستند فيها هو قاعدة «قبول قول من لا يعلم إلاّ من قبله» بدعوى استفادتها من بعض روايات تصديق المرأة في الحمل(3) وخروج العدّة والحيض(4) وإن كان فيه ما فيه . وبالجملة لا اطمئنان بكونها قاعدة إجماعية برأسها .
ثمّ إنّه على ما حقّقنا يكون بين هذه القاعدة وقاعدة الائتمان مباينة ؛ لأ نّها مختصّة بالمالك ، وهي مختصّة بالأمين .
ص: 139
وبناءً على الاحتمال الثاني - أي كونها أعمّ من قاعدة الإقرار ، وتكون مستنبطة من عدّة قواعد شرعية - تكون أعمّ مطلقاً منها .
وأمّا على ما ذكره الشيخ - من كونها قاعدة برأسها وجريان قاعدة الائتمان حتّى بعد قطع الأمانة - فيكون بينهما عموم من وجه ، كما أفاد الشيخ أيضاً (1) .
ثمّ إنّه قدّس سرّه ذكر قاعدة اُخرى أشار إليها فخرالدين في «الإيضاح»(2) وتعرّض لبيان النسبة بينها وبين القاعدتين - أي الإقرار(3) ومن ملك - بما لا يخلو من الغرابة ، ولهذا نحن ننقل عبارته بعينها ، ونذكر وجه النظر فيها :
قال قدّس سرّه : «وهنا قاعدة اُخرى أشار إليها فخرالدين - على ما تقدّم من «الإيضاح» - بأنّ كلّ من يلزم فعله غيره ، يمضي إقراره بذلك الفعل على ذلك الغير ، وظاهره - ولو بقرينة الاستناد إليها في قبول قول الوصيّ وأمين الحاكم إذا اختلفا مع المولّى عليه - إرادة مضيّ الإقرار على الغير ولو بعد زوال الولاية .
فإن اُريد من لزوم فعل المقرّ على الغير مجرّد مضيّه - ولو من جهة نصب المالك أو الشارع له - كانت أعمّ مطلقاً من القاعدتين ؛ لشمولها لوليّ النكاح الإجباري النافذ إقراره على المرأة .
وإن اُريد منه لزومه عليه ابتداء لسلطنة عليه - كأولياء القاصرين في المال
ص: 140
والنكاح- كانت أعمّ من وجه من كلّ من القاعدتين ؛ لاجتماع الكلّ في إقرار وليّ الصغير ببيع ماله ، وافتراق قاعدة الائتمان عنها في إقرار الوكيل بعد العزل ، وافتراق قضيّة من ملك في إقرار الصبيّ بما له أن يفعل ، وافتراق ما في «الإيضاح» بإقرار الوليّ الإجباري بعد زوال الولاية بالنكاح في حالها»(1) ، انتهى كلامه رفع مقامه .
أقول : أمّا ما ذكره قدّس سرّه في الترديد الأوّل - من أعمّية ما في «الإيضاح» مطلقاً من القاعدتين ؛ لشمولها لوليّ النكاح الإجباري - ففيه أوّلاً : أنّ قاعدة من ملك شاملة للأصيل ، بخلاف القاعدة الفخرية ، فحينئذٍ بناءً على ما ذكرنا من ظهورها في فعلية اللزوم(2) تكون قاعدة من ملك أعمّ مطلقاً منها ؛ بناءً على تفسير قاعدة من ملك بما فسّرها الشيخ : من كون «الملك» بمعنى السلطنة(3) لشمولها للأصيل وغيره ، وعدم شمول ما في «الإيضاح» له واختصاصه بغيره .
وأمّا بناءً على ما أفاده قدّس سرّه من شمول ما في «الإيضاح» لما بعد اللزوم فيكون بينهما عموم من وجه ؛ لشمول قضيّة من ملك للأصيل دونه ، وشمول ما في «الإيضاح» لما بعد اللزوم دونها ، واجتماعهما في زمن اللزوم في غير الأصيل .
وثانياً : أنّ قاعدة الائتمان - على ما أفاده قدّس سرّه قبيل ذلك - أعمّ من الائتمان الشرعي والمالكي ، فلا يكون ما في «الإيضاح» أعمّ منها .
وأمّا ثاني شقّي الترديد ، فلعلّ المقصود من «اللزوم الابتدائي والسلطنة»
ص: 141
مقابل اللزوم الجعلي بجعل الشارع أو المالك ؛ بدعوى أنّ ولاية الأب والجدّ مثلاً ولاية عرفية إمضائية من الشارع ، لا جعلية اختراعية ، فبناءً عليه يكون بينها وبين قاعدة الائتمان مباينة ؛ لاختصاصها بالجعلية ، واختصاص ما في «الإيضاح» بالإمضائية ، أو تكون الائتمان أعمّ مطلقاً منها ؛ لو لم نقل باختصاصها بالجعلية . وعليك بالتأمّل التامّ .
وله الحمد في البدء والختام ، وصلّى اللّه على خير الأنام .
ص: 142
الفائدة الثانية
ص: 143
ص: 144
فائدة في تداخل الأسباب
قد عدل شيخنا العلاّمة الحائري - أعلى اللّه مقامه الشريف - في أواخر عمره عن تداخل الأسباب واختار عدمه ، وحيث يكون ما اختاره سابقاً هو المرضيّ المختار ، نذكر شبهته التي عدل من أجلها ، ونتصدّى للجواب عنها حسبما أدّى إليه نظري القاصر .
قال قدّس سرّه : «إنّ الأسباب - شرعية كانت أو غيرها - إنّما تؤثّر في حقيقة وجود المسبّبات ، وعنوان «الصرفية» و«الوحدة» و«التعدّد» عناوين منتزعة بعد تأثيرها ؛ بمعنى أنّ السبب الواحد يقتضي مسبّباً واحداً ، لا لأنّ الوحدة مأخوذة في المسبّب ، بل لوحدة السبب ، وكذا الحال في التعدّد ، فعلى هذا فيزداد المسبّب بازدياد السبب ؛ سواء كان السبب من جنس واحد ، أو من أجناس متعدّدة ؛ فإنّ إطلاق دليل السببية يقتضي ثبوتها لجميع الأفراد»(1) .
وقال قدّس سرّه في صلاته : «إنّ السببين وإن كانا واردين على الطبيعة الواحدة ، لكن
ص: 145
مقتضى تأثير كلّ منهما أن يوجد وجود خاصّ مستند إليه ، كما أنّ مقتضى سببية النار لإحراق ما تماسّها ، تحقّق الاحتراق المخصوص المستند إلى النار ، وإن تعدّدت النار المماسّة لجسم آخر مثلاً ، يتحقّق احتراق آخر مستند إلى النار الاُخرى ؛ وإن كان هذان الوصفان - أعني الاستناد إليها ، وكون الاحتراق الثاني احتراقاً آخر - غير مستندين إلى تأثير السبب»(1) ، انتهى .
فمحصّل كلامه : أنّ العلل التشريعية كالعلل التكوينية ، فكما أ نّها مع وحدتها يكون المعلول واحداً ، ومع كثرتها كثيراً ، فكذلك إذا تعلّق أمر واحد بحقيقة الوجود يكون المعلول واحداً ، وإذا تعلّقت أوامر متعدّدة يصير متعدّداً بحسبها .
والجواب عنه : أنّ قياس العلل التشريعية بالعلل التكوينية قياس مع الفارق ؛ فإنّ تشخّص المعلول في العلل التكوينية بتشخّص علّته ، كما هو المقرّر في مقارّه والمحقّق في مظانّه (2) وأمّا العلل التشريعية فإمّا يراد منها الأسباب التي جعلها الشارع علّة لمسبّبات خاصّة مثل الجنابة والحيض ومسّ الميّت التي كلّ منها علّة لوجوب الغسل عند حصولها ، وإمّا الأوامر والنواهي التي هي علّة للوجوب والحرمة ، ولمّا كان كلّ منهما مربوطاً بتحقّق الإرادة والكراهة القائمتين بنفس الآمر والناهي - في غير مبدأ المبادئ - جلّت عظمته - فإنّ الأوامر والنواهي معلولات أو ظهورات للإرادة والكراهة ، والأسباب الشرعية أسباب للأوامر والنواهي - فلا بدّ من صرف الكلام إلى متعلّق الإرادة والكراهة وكيفية تعلّقهما به ؛ حتّى يتّضح ما هو الحقّ الصراح .
ص: 146
فنقول : إنّ الإرادة والكراهة - وغيرهما من ذوات الإضافات - لا تتشخّص بنفس ذاتها ، بل يكون تشخّصها بمتعلّقاتها ، فحينئذٍ تصير في الوحدة والكثرة تابعة للمتعلّقات ، فلا يمكن أن يتعلّق حبّ أو بغض أو إرادة أو كراهة بشيء واحد مرّتين - سواء كان صِرف الوجود ، أو حقيقة الوجود ، أو ما شئت فسمّه - فيكون محبوباً أو مبغوضاً أو مكروهاً مرّتين ، فإذا قيل : «إن بلتَ فتوضّأ» و«إن نمتَ فتوضّأ» فلا يمكن أن تكون حقيقة الوضوء مورداً لإرادتين ؛ إلاّ أن يكون الوضوء الثاني متقيّداً بقيد قبل تعلّق الإرادة به ، فيصير متشخّصاً آخر تتعلّق به
إرادة اُخرى .
ولا يمكن أن تكون نفس الإرادة مشخّصاً للمراد إلاّ الإرادة التكوينية التي للمبادئ العالية ؛ وذلك لأنّ الإرادة في غيرها حالة إجماعية أو همّة نفسانية حاصلة عقيب الشوق التامّ الحاصل للنفس عقيب تصوّر الموضوع والتصديق بفائدته ، وما لم تتصوّر النفس الموضوع بحدوده ولم يصر في الشعبة القضائية للنفس مورد القبول والتصديق ، لم يتعلّق الشوق به ، وما لم يتعلّق الشوق التامّ به لم يصر مورداً للإرادة ، وكذا الحال في الكراهة(1) التي هي حالة إجماعية بعد
ص: 147
تنفّر تامّ حاصل عقيب التصديق بعدم وجود الشيء المتصوّر ، فوحدة الإرادة والكراهة وكثرتهما تابعتان لوحدة المتعلّق وكثرته ، وذلك واضح .
وإن شئت فارجع إلى وجدانك تعلم صدق ما ذكرنا ، فإنّ حقيقة الماء لا يمكن أن تكون محبوبة لك مرّتين ، ثمّ بمحبوبيتك يصير المتعلّق متكرّراً . والطبيعة وإن كانت قابلة للتكرار ، لكن مكرّرها لا يمكن أن يكون نفس الإرادة والكراهة .
وبما ذكرنا يعلم حال الأوامر والنواهي والأسباب التشريعية التي لم تكن أسباباً لمتعلّقاتها ، بل للأمر بها أو النهي عنها ، فإنّ التحريك الغير التأكيدي لا يمكن أن يتعلّق بحقيقة واحدة ، ولو تعلّق الأمر بشيء ألف مرّة لا يفيد إلاّ تأكيداً .
فحينئذٍ فأصالة الإطلاق في المتعلّق تجعله غير قابل للتكرار ، فيقع التعارض بينها وبين ظهور الأمر في التأسيس أو ظهور أدوات الشرط في العلّية الاستقلالية ، وظهور الأوّل لا يكون ظهوراً معتدّاً به ، والثاني أيضاً كذلك أو ممنوع من رأس ، فتقدّم أصالة الإطلاق ، فتصير النتيجة التداخل ، كما لا يخفى .
فإن قلت : إنّ ما ذكرت مسلّم مع كون حقيقة الوجود واحدة ، وأمّا مع كونها قابلة للوحدة والكثرة - كما هو المفروض المحقّق - فلا .
قلت : يكفي في عدم كثرة الإرادة والكراهة وأمثالهما عدم كثرتها ، فالكثرة
ص: 148
فيها تابعة للكثرة في الحقيقة، فإذا لم تكن مقتضية للكثرة فتصير النتيجة التداخل.
وليعلم : أنّ ما ذكرنا - من أنّ حقيقة الوجود قابلة للكثرة والوحدة ، وهي بنفسها لا واحدة ولا كثيرة - على سبيل المماشاة مع القوم في اصطلاحهم واقتضاء علومهم ، وإلاّ فالتحقيق أنّ ما هو قابل للوحدة والكثرة - أي لا مقتضية لهما - هي الطبيعة اللا بشرط المقسمية ؛ أي الماهية من حيث هي ، وهي لا يمكن أن تكون مورداً لإرادة ولا كراهة ولا أمر ولا نهي ، بل هي بهذا النعت اللا بشرطي لا توجد إلاّ بنعت الكثرة والوحدة ؛ حتّى الموجود في الذهن بعد التحليل والتجريد لا يكون إلاّ قسماً منها يرى المقسم في ضمن أبسط الأقسام .
وهذا نظير حكمهم : بأنّ المصدر أصل الكلام(1) مع أنّ مبدأ المشتقّات يكون بلا اسم ولا رسم ؛ وذلك لأنّ المصدر أبسط المشتقّات على رأيهم فيكون معرّفاً لما هو أصل المشتقّات ، لا هو بنفسه أصلها .
فقد علم : أنّ ما هو الموصوف ب «أ نّه لا واحد ولا كثير» لا يمكن أن يكون حقيقة وجود المسبّبات ، كما أفاده شيخنا العلاّمة ، وما هو متعلّق الإرادة والكراهة لا يمكن أن يكون تلك الطبيعة اللا بشرطية . وتحقيق هذا المقام يحتاج إلى بسط الكلام ؛ وبيان متعلّق الإرادة والكراهة ، والأوامر والنواهي ، والنقض والإبرام فيه ، وليس هنا مقامه .
والحمد للّه أوّلاً وآخراً .
ص: 149
ص: 150
الفائدة الثالثة
ص: 151
ص: 152
فائدة في قياس الأوامر التشريعية بالعلل التكوينية وما يترتّب عليه
ونظير ما مضى في الفائدة السالفة ما وقع منه قدّس سرّه أيضاً في أواخر عمره الشريف من قياس الأوامر التشريعية بالعلل التكوينية ؛ وأنّ الأوامر وإن لم تدلّ على الفور بنحو اللحاظ والقيدية ، إلاّ أنّ الفور من لوازم الأوامر ، فبنى على أنّ الأصل في قضاء الصلوات المضايقة .
قال قدّس سرّه في «كتاب الصلاة» : «إنّ الأمر المتعلّق بموضوع خاصّ - غير مقيّد بزمان - وإن لم يكن مدلوله اللفظي ظاهراً في الفور ولا في التراخي ، ولكن لا يمكن التمسّك به للتراخي بواسطة الإطلاق ، ولا التمسّك بالبراءة العقلية لنفي الفورية ؛ لأ نّه يمكن أن يقال : بأنّ الفورية وإن كانت غير ملحوظة للآمر قيداً للعمل ، إلاّ أ نّها من لوازم الأمر المتعلّق به ؛ فإنّ الأمر تحريك إلى العمل وعلّة
ص: 153
تشريعية ، وكما أنّ العلّة التكوينية لا تنفكّ عن معلولها في الخارج ، كذلك العلّة التشريعية تقتضي عدم انفكاكها عن معلولها في الخارج ؛ وإن لم يلاحظ الآمر ترتّبه على العلّة في الخارج قيداً»(1) ، انتهى كلامه زيد مقامه .
أقول : إنّ العلل التكوينية لا يمكن أن تؤثّر في الزمن المتأخّر ؛ فإنّ تشخّص المعلول - اللازم لها الغير المنفكّ عن الزمان في المعلولات التكوينية - بنفس ذات العلّة ، وأمّا الأمر فكما يمكن أن يتعلّق بالطبيعة على نحو الفور أو التراخي ، يمكن أن يتعلّق بها مجرّدة عنهما ، فعليه لا يمكن أن يدعو إلاّ إلى نفس الطبيعة . بل مقتضى الملازمة بين الإيجاب والوجوب في أصل الحقيقة وحدودها ، أنّ الإيجاب إذا تعلّق بموضوعٍ ما ، تعلّق الوجوب به ، وقامت الحجّة عليه لا على غيره ، فلا يمكن أن تكون الحجّة على الطبيعة حجّة على تشخّصاتها .
والسرّ : أنّ الزمان من تشخّصات وجود الطبيعة ، أو من أمارات التشخّص على ما هو التحقيق(2) فيكون غير منفكّ عنه في الخارج ، وأمّا وجوب الطبيعة فغير ملازم للزمان أصلاً ؛ لا الزمان الحاضر ولا غيره ، فوزان الزمان وزان المكان وسائر الأعراض الشخصية ، فكما لا يمكن أن تكون الحجّة على الطبيعة حجّة على إيجادها في مكان خاصّ أو مع لاحق خاصّ أو عرض مخصوص ، لا يمكن أن تكون حجّة على إيجادها في زمان خاصّ . والتفرقة بين الوجود والوجوب - كعدم التفرقة بين الزمان وسائر الأعراض - ظاهرة .
ص: 154
ومن التأمّل فيما تلونا عليك يمكن لك الجواب عمّا أفاده قدّس سرّه أيضاً : من أنّ الأصل في الأوامر التعبّدية ؛ فإنّ الأوامر - التي هي العلل التشريعية - تحرّك نحو الطبيعة المقيّدة بتحريكها إيّاه لبّاً ؛ وإن لم يؤخذ ذاك القيد في المتعلّق ، كما أنّ العلل التكوينية تؤثّر في المعلولات المستندة إليها لبّاً وإن لم تؤثّر فيها بعنوانها ، فإذا أوجد المكلّف الطبيعة القابلة للتكرار بالدواعي النفسانية مثلاً ، لم يكن آتياً
بما هو المأمور به واقعاً ؛ فإنّ الأمر لا يحرّك إلى الطبيعة المطلقة ، فإنّ المطلقة لا تكون مطلوبة ، ولا يحرّك إلى المقيّدة بالقيد اللحاظي ، بل إلى المقيّدة بالقيد اللبّي ، فلا بدّ أن يكون العبد متحرّكاً بتحريك الأمر حتّى يكون آتياً للمأمور به الذي هو معلول علّة تشريعه . وهو المعنيّ ب «أنّ الأصل في الأوامر التعبّدية» . هذا محصّل ما أفاده قدّس سرّه في مجلس بحثه .
وفيه : أنّ القيود المنتزعة عن الأوامر في الرتبة المتأخّرة عن تعلّق الأمر ، لا يمكن أن يكون الأمر محرّكاً نحوها ، ولا حجّة عليها إلاّ أن يأخذها في المتعلّق ؛ بناءً على جواز أخذها كما حقّق في محلّه(1) . فلا يكون للمولى حجّة على العبد إلاّ على ما تعلّق الأمر به ، فالأمر لا يدعو إلاّ إلى نفس الطبيعة ، فلا تكون حجّة إلاّ عليها .
وبالجملة : الحجّة على المطلق لا يمكن أن تكون حجّة على المقيّد ، واستناد الطبيعة إلى الأمر أمر متأخّر منتزع من تعلّقه بها ، فالاستناد وإن كان أمراً
ص: 155
عقلياً ، ولكن احتجاج المولى على العبد بالنسبة إلى قصده بلا بيان ، قبيح عقلاً ، فتدبّر .
وبنحو ما ذكرنا يمكن الجواب عمّا أفاده قدّس سرّه في كتاب «درره» في باب «أنّ صيغة الأمر هل هي حقيقة في الوجوب ، أو الندب ، أو فيهما على سبيل الاشتراك اللفظي ، أو المعنوي ؟» فإنّه قدّس سرّه اختار الأخير وقال :
«لكنّها تحمل على الأوّل عند الإطلاق . ولعلّ السرّ في ذلك أن الإرادة المتوجّهة إلى الفعل ، تقتضي وجوده ليس إلاّ ، والندب إنّما يأتي من قِبل الإذن في الترك منضمّاً إلى الإرادة المذكورة ، فاحتاج الندب إلى قيد زائد ، بخلاف الوجوب فإنّه يكفي فيه تحقّق الإرادة وعدم انضمام الرخصة في الترك إليها»(1) .
وفيه أوّلاً : أنّ القدر المشترك تكون نسبته إلى أقسامه على السواء ، فلا يمكن أن يكون حجّة على أحدها إلاّ بانصراف لفظي ، أو قرينة لفظية أو معنوية مفقودة في البين .
وثانياً : أنّ الإرادة في الوجوب والندب إرادتان مختلفتان بحسب المرتبة ، تكون كلّ منهما بحسبها مختلفة مع الاُخرى ، لا أنّ الإرادة في الوجوب هي الإرادة في الندب بلا انضمام الرخصة ، فالرخصة في الترك في الندب وعدمها في الوجوب ، إنّما هي بيان لفظي وحكاية قولية لحدود الإرادة ، فالإرادة
ص: 156
الوجوبية مرتبة بسيطة إذا أردنا شرحها نعبّر عنها : بأ نّها الإرادة مع عدم
الرخصة في الترك ؛ على أن يكون القيد أو الجزء قيداً أو جزءاً للحدّ لا المحدود ؛ ومن قبيل زيادة الحدّ على المحدود . وكذلك الإرادة الندبية بالنسبة إلى الرخصة في الترك .
وبالجملة : لا تكون النسبة بين الإرادة الإيجابية والندبية هي الإطلاق والتقييد ؛ لتكون الرخصة قيداً زائداً ، كما لا يخفى .
ص: 157
ص: 158
الفائدة الرابعة
ص: 159
ص: 160
فائدة في موضوع علم الاُصول
طالما وقع التشاجر بين علماء فنّ الاُصول في موضوعه ؛ فمن قائل : «إنّه الأدلّة بعنوانها»(1) ومن قائل : «إنّه هي من حيث هي»(2) .
واستقرّ رأي محقّقي المتأخّرين على مبهميته(3) وهذا عار عظيم على مثل هذا العلم الذي أسهر الفحول أعينهم فيه ، وقد ألجأتهم إلى الالتزام به بعض الشبهات الواردة على كلا الرأيين(4) ولمّا كان الحقّ في نظري القاصر كون الموضوع هو الحجّة بعنوانها (5) ، أردت أن أدفع الشبهة المهمّة الداعية إلى ذلك ، فنقول :
ص: 161
قال شيخنا العلاّمة - أعلى اللّه مقامه - : «ثمّ اعلم : أنّ موضوع هذا العلم عبارة عن أشياء متشتّتة تعرضها تلك المسائل ، كخبر الواحد والشهرة ، والشكّ في الشيء مع العلم بالحالة السابقة ، والشكّ في التكليف مع عدم العلم بالحالة السابقة ، وأمثال ذلك ممّا يبحث عن عوارضه في هذا العلم ، ولا تجمعها الأدلّة لا بعنوانها ولا بذواتها :
أمّا الأوّل : فللزوم خروج مسائل حجّية الخبر والشهرة والظواهر - وأمثال ذلك ممّا يبحث فيه عن الحجّية - عن علم الاُصول ودخولها في المبادئ . بل للزوم ذلك في مسألة التعادل والتراجيح ؛ لأنّ البحث فيها راجع أيضاً إلى الحجّية في تلك الحالة ، والالتزام بذلك - مع كونها معظم ما يبحث عنه في هذا العلم - غير جائز»(1) ، انتهى كلامه رفع مقامه ، وقريب منه - مع بسط - ما أفاده العلاّمة الخراساني قدّس سرّه (2) .
والجواب : أنّ موضوع العلم إذا كان الحجّة بما هي حجّة ، يكون عقد البحث في تلك المسائل المنقوض بها : أنّ الحجّة هل هي خبر الواحد والشهرة والظاهر الكذائي ؟ لا أ نّها هل هي الحجّة ؟ فإنّه على ذلك تكون الحجّة محمولاً لا موضوعاً ، والفرض أ نّها موضوع ، فيكون روح المسألة : أنّ الحجّة هل هي متعيّنة بتعيّن خبر الواحد أو الشهرة أو مثلهما ؟
وبعبارة اُخرى : أنّ الحجّة أمر جامع بين موضوعات المسائل الاُصولية ، فالاُصولي يبحث عن تعيّناتها التي هي العوارض التحليلية .
ص: 162
إن قيل : إنّ الضرورة قاضية بأنّ الحجّية من العوارض ، ويكون لخبر الواحد وأمثاله سمة الموضوعية لا العكس .
قلت(1) : هذه الاُمور من الاعتباريات التي يمكن اعتبارها بأيّ نحو يراد . مع
ص: 163
أنّه قد يكون - في الخارج والذهن - العارضُ والمعروض متعاكسين ، ألا ترى أنّ الوجود في الخارج متّحد مع الماهية أو معروض لها كما عند جماعة ، وعارض عليها في الذهن(1) ، وأنّ الجنس والفصل متّحدان في الخارج ، وكلّ واحدٍ منهما لازم الآخر ، أو عارضه بوجه في العقل ، كما هو المقرّر عندهم(2) .
وبالجملة : بعد ما يعلم الاُصولي أنّ للّه - تعالى - حجّة على عباده في الفقه ، يتفحّص عن تعيّناتها التي هي العوارض التحليلية لها ، فالموضوع هو الحجّة بنعت اللا بشرطية ، والمحمولات عبارة عن نفس تعيّناتها .
وأمّا انعقاد البحث في كتب الاُصول : بأنّ خبر الواحد حجّة أو الشهرة حجّة ومثل ذلك دون العكس فبحث صوري ظاهري ، وروح البحث ما ذكرنا . مع أ نّه لو كانت المسألة هي هذه الصورة والظاهر فأوّل ما ورد عليهم : أنّ الحجّة هي المحمول لا الموضوع فلا يكون لأصل الإشكال وقْعٌ أصلاً . ونسبة الغفلة والذهول إلى الأجلّة والفحول غفلة وذهول .
ونظير ذلك ما يقال : «من لزوم استطراد جلّ مسائل علم المعقول ، حيث إنّ موضوعه الوجود أو الموجود بما أ نّه موجود ، مع أ نّه يبحث فيه عن وجود الإله والعقل والنفس والجسم . . . إلى غير ذلك» والجواب هناك أيضاً : أنّ المسائل المذكورة انعقدت كذلك صورة من أجل سهولة البحث ، وإلاّ فالمسألة «الموجود هو العقل أو النفس أو الجسم» لا «أنّ العقل وأمثاله موجود» .
ص: 164
وليعلم : أ نّهم حيث تحيّروا في موضوع علمهم ، استقرّ أيضاً رأيهم على أنّ اختلاف العلوم باختلاف الأغراض التي من أجلها دوّن العلم ؛ فراراً من لزوم كون كلّ مسألة أو باب علماً على حدة(1) مع أنّ اختلاف الأغراض(2) لا يمكن إلاّ باختلاف العلوم ؛ فإنّ الأغراض مترتّبة عليها ومن آثارها المتأخّرة عنها ، ولا يمكن أن يكون علم واحد بجهة واحدة محصّلاً لغرضين مختلفين ، فلا بدّ وأن تكون العلوم قبل تحقّق الأغراض متمايزة بعضها عن بعض في حاقّ الأعيان ؛ حتّى تترتّب الأغراض المختلفة عليها ، فلو كان اختلاف العلوم وتمايزها بحسب الواقع باختلاف الأغراض للزم الدور ، وللزم كون تمايز المؤثّرات بتمايز الآثار ، وذلك واضح البطلان .
والتحقيق : أنّ اختلاف العلوم باختلاف نفس المسائل ، المتشتّتة بحسب
ص: 165
التعيّنات والتشخّصات ، والمشتركة بحسب الموضوع والمحمول الطبيعيين ، فكما أنّ موضوع كلّ علم كلّي مشترك بين موضوعات المسائل ، كذلك محموله أيضاً ، فموضوع علم النحو هو الهيئات التي في أواخر الكلمات ، وأعراضها - بالمعنى الذي ذكرناه سابقاً (1) - هو الكلمات ؛ فإنّها هي الخارجات المحمولات ؛ أي المتّحدات مع الهيئات ، فتدبّر .
وإن شئت الذبّ عن كون كلّ مسألة علماً على حدة فاعلم : أنّ موضوعات المسائل لا تكون من هذه الحيثية - التي هي بها موضوع العلم - مختلفة ، وإنّما اختلافها من جهات اُخرى غير مربوطة بالعلم ومسائله .
وإن شئت قلت : إنّ اختلاف العلوم باختلاف نفس المسائل من حيث محصّليتها للغرض ، فيكون الاختلاف باختلاف الجهة المحصّلة للغرض ، لا باختلافه حتّى تلزم المفاسد ، فتدبّر .
ص: 166
الفائدة الخامسة
ص: 167
ص: 168
فائدة في لزوم التبيّن الفعلي للفجر في الليالي المقمرة
كثيراً ما تقع الغفلة عن أمر تترتّب عليه فروع مهمّة : وهو أنّ الفجر في الليالي المقمرة - من الليلة الثالثة عشرة إلى أواخر الشهر - يتأخّر عن غيرها قريب عشر دقيقات أو أقلّ أو أكثر ؛ حسب اختلاف ضياء القمر وقربه من الاُفق المشرقي ، وهذا الفرع - مع كثرة الابتلاء به في صلاة الفجر وصلاة العشاءين ونافلة الليل وغير ذلك - يكون مغفولاً عنه ، وكثيراً ما يراعي المؤذّنون والمصلّون الوقت النجومي ؛ ويكون تشخيصهم الفجر حسب الساعات قبل تبيّن الفجر حسّاً .
ومحصّل الكلام في هذا المقام : أ نّه هل المعتبر في اعتراض الفجر وتبيّنه هو الاعتراض والتبيّن الفعلي ، أو الأعمّ منه ومن التقديري ، نظير الاحتمالين في باب تغيّر الماء في باب المياه(1) ؟
ص: 169
ظاهر الكتاب والسنّة - وكذا ظاهر فتاوى الأصحاب على ما قاله المحقّق صاحب «مصباح الفقيه»(1) - هو الأوّل :
أمّا الكتاب فهو قوله تعالى : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(2) أي : حتّى يتميّز الخيط الأبيض - الذي هو من النهار- من الخيط الأسود الذي هو من الليل . ثمّ عقّبه بقوله : (مِنَ الْفَجْرِ) الظاهر في التبيين بأنّ ذاك التميّز هو الفجر ، وظاهر أنّ الظاهر من «التبيّن والتميّز» هو التميّز الفعلي التحقيقي ، كما هو الشأن في كلّ العناوين المأخوذة في العقود والقضايا .
فإن قلت : إنّ التبيّن قد اُخذ على وجه الطريقية ؛ أي حتّى يعلم الصبح ، ف«العلم» و«التبيّن» حيثما اُخذا في القضايا يكونان ظاهرين في الطريقية، فالتبيّن طريق إلى الصبح الذي هو ساعة معيّنة ؛ لا تختلف بحسب الأيّام ذاك الاختلاف بالضرورة ، فلا بدّ من العمل بالتقدير ، فكأ نّه قال : «كل واشرب حتّى تعلم الفجر الذي هو وصول شعاع الشمس إلى حدّ الاُفق؛ بحيث لو لم يكن مانع ترى آثاره» .
أو نقول : إنّ تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، أمارة على الفجر الذي هو وصول شعاع الشمس إلى حدّ خاصّ من الاُفق ، فالعلم به يكون
ص: 170
متّبعاً ولو تخلّفت الأمارة(1) .
قلت : كلّ ذلك خلاف ظاهر الآية الشريفة ؛ فإنّ ظاهرها أنّ تبيّن الخيطين وامتيازهما واقعاً هو الفجر ، لا أنّ الفجر شيء ، والتبيّن شيء آخر . نعم يكون العلم أمارة على هذا التبيّن والامتياز النفس الأمري .
والحاصل : أنّ امتياز الخيطين وتبيّنهما ، لا واقع له إلاّ بتحقّق الخيطين حسّاً ؛ فإنّ نور القمر إذا كان قاهراً لا يظهر البياض ، فلا يتميّز الخيطان حتّى يظهر ضياء الشمس ويقهر على نور القمر .
وبعبارة اُخرى : أنّ تقوّم هذا الامتياز والتبيّن - الذي هو حقيقة الفجر بحسب
ظاهر الآية الشريفة - بظهور ضياء الشمس وغلبته على نور القمر ، ولا واقع له إلاّ ذلك . هذا لو كانت كلمة )مِنْ( للتبيّن ، كما لعلّه الظاهر .
ويحتمل أن تكون للنشوء ، فيصير المعنى : أنّ ذاك التبيّن والامتياز لا بدّ وأن يكون ناشئاً من بياض الفجر ، والفرض أنّ بياضه لا يظهر حتّى يقهر على نور القمر حسّاً . وأمّا جعل كلمة (مِنْ) تبعيضية فبعيد ، كما لا يخفى .
وأمّا ما ذكرت أخيراً من جعل الامتياز الكذائي أمارة للفجر ، ويكون الفجر وصول شعاع الشمس إلى حدّ خاصّ من الاُفق ، فهو أيضاً خلاف الظاهر من الآية الشريفة ، كما لا يخفى .
فإن قلت : بناءً على جعل (مِنْ) نشوئية يكون الفجر غير التبيّن والامتياز الكذائي ، فيكون الامتياز أمارة عليه ، فيتمّ المطلوب .
ص: 171
قلت : - مع أنّ جعلها نشوئية خلاف الظاهر ، بل هو احتمال أبديناه ، والمفسّرون جعلوها للتبيين أو التبعيض(1) إنّا لو تكلّمنا في نفس الآية الشريفة يمكن لنا أن نقول : إنّ غاية الأكل والشرب هي هذا الامتياز لا الفجر ، فتدبّر تعرف الأمر .
وأمّا السنّة فكثيرة ظاهرة في المطلوب ، بل بعضها كالنصّ عليه :
فمنها : ما عن «الفقيه» عن أبي بصير ليث المرادي ، قال : سألت أبا عبداللّه فقلت : متى يحرم الطعام والشراب على الصائم وتحلّ الصلاة صلاة الفجر ؟ فقال : «إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية(2) البيضاء . . .»(3) الحديث .
ومنها : رواية هشام بن الهذيل عن أبي الحسن الماضي قال : سألته عن وقت صلاة الفجر ، فقال : «حين يعترض الفجر فتراه مثل نهر سورى(4)»(5) .
ص: 172
ومنها: ما عن الرضا علیه السلام : «صلّ صلاة الغداة إذا طلع الفجر وأضاء حسناً»(1).
وظاهر أنّ الكون كالقبطية ونهر سورى وأمثال هذه التعبيرات ، لا ينطبق إلاّ على التميّز الحسّي والإضاءة الحسّية .
وأظهر منها خبر علي بن مهزيار ، قال : كتب أبو الحسن بن الحصين إلى أبي جعفر الثاني علیه السلام معي : جعلت فداك ، قد اختلف موالوك في صلاة الفجر ؛ فمنهم من يصلّي إذا طلع الفجر الأوّل المستطيل في السماء ، ومنهم من يصلّي إذا اعترض في أسفل الاُفق واستبان ، ولست أعرف أفضل الوقتين فاُصلّي فيه ، فإن رأيت أن تعلّمني أفضل الوقتين وتحدّه لي ، وكيف أصنع مع القمر والفجر لا يتبيّن معه حتّى يحمرّ ويصبح ، وكيف أصنع مع الغيم ، وما حدّ ذلك في السفر والحضر ؟ فعلت إن شاء اللّه ، فكتب بخطّه علیه السلام وقرأته : «الفجر - يرحمك اللّه - هو الخيط الأبيض المعترض ، وليس هو الأبيض صُعَداء(2) فلا تصلّ في سفر ولا حضر حتّى تبيّنه ؛ فإنّ اللّه تبارك وتعالى لم يجعل خلقه في شبهة من هذا ، فقال : (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ)(3) ف (الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) : هو المعترض الذي يحرم به الأكل والشرب في الصوم ، وكذلك هو الذي يوجب الصلاة»(4) .
ص: 173
واشتماله على الغيم في سؤال السائل لا ينافي ما نحن بصدده(1) ؛ فإنّ الفرق بين ضوء القمر الذي هو مانع عن تحقّق البياض رأساً مع الغيم الذي هو كحجاب عارضي مانع عن الرؤية واضح .
هذا كلّه مضافاً إلى أنّ مقتضى الأصل أو الاُصول ذلك ، ولا مخرج عنها ؛ فإنّ الأدلّة لو لم تكن ظاهرة فيما ذكرنا لما كانت ظاهرة في القول الآخر ، فلا محيص عن التمسّك بالاستصحاب الموضوعي ، أو الحكمي مع الخدشة في الأوّل .
ص: 174
ص: 175
ص: 176
بسم اللّه الرحمن الرحيم
التقابل من المقابلة ، والمادّة في جميع مشتقّاتها واحدة وهي مادّة «القَبْل» الذي هو نقيض «البَعد»(1) ،
____________________________
1 . قوله : «مادّة القَبل الذي هو نقيض البَعد» . إن كان المراد أنّ المادّة المجرّدة عن جميع الهيئات - المذكورة في بحث المشتقّ (1) فيه وفي «قَبْل» واحدة فلا وجه للاختصاص بذكر «قبل» ضدّ «بعد» ، مع أنّه - ظاهراً - خلاف مقصوده ، وإن كان المراد أنّ «قَبل» بما له من المعنى ، مادّة للتقابل ولسائر المشتقّات ، ففيه - مضافاً إلى امتناع كون المادّة المشتركة ذات هيئة - أنّ «قبل» و«بعد» جامدان على الظاهر ولا تفيد المشتقّات التي منها التقابل والقبول وغيرهما هذا المعنى ، بل لا يمكن أن يكون «قبل» بما له من المعنى ، مادّة للتقابل مع حفظ معنى التفاعل ؛ للزوم اجتماع الضدّين ، إلاّ أن يلتزم باختلاف الحيثيتين ، وهو كما ترى .
والظاهر أنّ المصدر المجرّد للتقابل هو القبل بمعنى النحو والتوجّه ، والأمر سهل .
ص: 177
واختلاف الهيئات لا يوجب اختلاف معنى المادّة ، والهيئات متكفّلة لإفادة أنحاء النسب ، كما بُيّن في محلّه ، وهو التوجّه التامّ ، ومنشؤه أحد الأمرين ؛ إمّا الملاطفة أو المعاندة والمعارضة ، وأيّاً ما كان فهو يستلزم الطرفين ولا يعقل من طرف واحد ؛ لأنّه من الاُمور الاعتبارية(1) كالفوقية والتحتية .
وهذا المعنى مطّرد في الموارد كلّها كالقابلة(2) مثلاً، فإنّها تطلق على المرأة التي تأخذ الولد لتوجّهها على الأخذ الذي لا يكون إلاّ بالتوجّه التامّ، ومنه الإقبال والقبول .
وحقيقته إنّما يكون بين ذي شعور(3) مثل تقابل شخصٍ الآخرَ على أحد الأمرين ، وإطلاقه على غيره من أوّل الشيء ؛ لتمحّضه على المواجهة بالإنسان ، وهذا من باب التشبيه .
___________________________
1 . قوله : «لأ نّه من الاُمور الاعتبارية» . لا يخفى ما في هذا التعليل ، والأولى أن يقال : إنّه من الاُمور المتضايفة ؛ وإلاّ فاعتبارية الشيء لا تقتضي الطرفين .
2 . قوله: «كالقابلة» . في كونها من المادّة التي يؤخذ التقابل منها بمعنى كون مصدرهما المجرّد واحداً ، إشكال ، بل القابلة فاعلة من القبول مصدر شاذّ ، يقال : قبلت القابلة إذا قبلت الولد وتلقّته عند الولادة(1) .
3 . قوله : «بين ذي شعور» . هذا غير تامّ لغة وعرفاً سواء اُخذت المقابلة من «قَبْل» ضدّ «بعد» كما اُدّعي ، أو لا ، كما يظهر من موارد الاستعمال عرفاً ولغة ، من غير شائبة تجوّز وتسامح .
ص: 178
ومن هذا الباب إطلاقه على كلّ غير ذي شعور ؛ لعدم إمكان التوجّه منه ، ولأنّ القبلية والبعدية إنّما هي بالنسبة إلى العاقل ، كما لو توجّه إنسان إلى شيء بجانب يكون طرفه الذي قابَلَه قبلاً وطرفه الآخر الذي خلافه دَبراً ، وإذا توجّه بالآخر يكون بالعكس . وبالجملة إطلاقه على غير ذي شعور يكون بالنسبة على ذوي شعور ، وعدم تحقّق ماهية القبلية أو البعدية فيه آية موضحة لما ذكرناه . كما أنّ الفوق والتحت وأخواتهما من هذا القبيل .
ومن هنا عُلم أنّ إطلاق القَبْل على قدّام ذوي شعور لتمحّض طرف وجوههم بالتوجّه والإقبال ولكون التوجّه مولّداً من طرف القدّام ، ولولا هذان الأمران فيهم لكانوا مثل غير ذوي شعور ، ولذلك لا يطلق على دبرهم لفقدانهما . وإطلاقه على سفح الجبل وذيله - لكونه أوّل ما يُتوجّه فيه من الجبل - أيضاً من قبيل التشبيه ، وأمثاله أكثر من أن تحصى .
وبما ذكرناه من تعريفه ظهر فساد(1) ما ذكره الحكماء من أنّ التقابل عبارة عن كون المتخالفين بحيث يمتنع اجتماعهما في موضوع واحد في زمان واحد من جهة واحدة ، أو عن كون الاثنين مطلقاً سواء كانا مثلين أم لا ، بحيث يمتنع اجتماعهما في موضوع واحد في زمان واحد من جهة واحدة ؛ لأنّ التعريف لابدّ أن يكون لشرح الماهيّة(2) .
_____________________________
1 . قوله: «ظهر فساد» . لم يتّضح ظهور الفساد، مع كون ما ذكره - على فرض صحّته - يرجع إلى مناقشة لغوية وبحث لفظي غير منظور للقوم.
2 . قوله: «لأنّ التعريف لابدّ أن يكون لشرح الماهية» . ما عرّفه القوم هو
ص: 179
كما يعضده قول المنطقيّين من أنّ معرّف الشيء ما يُقال عليه ، أي يُحمل عليه ، مع أنّ كلاً من التعريفين تعريف باللوازم ؛ لأنّ امتناع اجتماعهما في محلّ واحد من لوازم المتقابلين ولا مدخلية لمثل هذا التعريف في التقابل .
وأيضاً أنّ هذه اللوازم إنّما هي من لوازمهما في الوجود الخارجي ، مع أنّ التعريف لابدّ أن يكون للماهية ، وهي أعمّ من الوجود والعدم .
وأيضاً أنّهم نسبوا بيان حقيقة الأشياء إلى أنفسهم مع أنّهم لم يلتفتوا إلى ماهية التقابل وحقيقته وعرّفوه بما ترى .
ثمّ إنّ المعنى الذي ذكرناه للتقابل لا يقتضي قسمة(1) ؛
_____________________________
ماهية التقابل والمقابلة التي هي هذا الأمر الإضافي وليست لها ماهية سوى ما ذكره القوم ، وليس التعريف باللازم ، فماهية التقابل ليست إلاّ كون الشيئين كذلك ، أي هذه الماهية الإضافية تمام حقيقة هذه الحقيقة المشروحة الإضافية ، والظاهر وقوع الخلط بين ماهية التقابل وماهية المتقابلين ، وأعجب منه الإشكال عليهم بأنّ هذه اللوازم إنّما هي لوازم في الوجود الخارجي ، مع أنّ شرح الماهيات في نوع التعاريف حدّاً أو اسماً - مع كونها للماهيّة وبالماهيّة - تشريح ما هو في العين كذلك ، فالإنسان حيوان ناطق والنار جوهر محرق ، مع أنّ الناطقية - بأيّة معنىً كانت - والمحرقية ليستا لنفس الماهية من حيث هي ، بل الماهية من شأنها أن تكون في الوجود الخارجي كذلك. وبعبارة اُخرى : أنّ التعاريف مع كونها للماهية لكن ترتّب الآثار بالحمل الشايع إنّما هو بالوجود وفي الوجود ، والتعاريف لشرح حال الاُمور الخارجية .
1 . قوله : «لا يقتضي قسمة» . في هذا الكلام إلى آخر ما ذُكر موارد للنظر
ص: 180
لأنّه أمر اعتباري من قبيل الكيفيّات ، والكيف من جملة الأعراض التي لا يقبل القسمة واللا قسمة .
ومن هنا ظهر أيضاً فساد ما ذكروه ؛ من أنّ التقابل على أربعة أقسام ، ووجه الحصر أنّ المتقابلين إمّا أن يكونا وجوديين أو لا ، وعلى الأوّل إمّا أن يتوقّف تصوّر أحدهما على الآخر فمتضايفان مثل الاُبوّة والبنوّة ، وإلاّ فمتضادّان كالسواد والبياض . وعلى الثاني إمّا أن يكون أحدهما وجودياً والآخر عدمياً ، فإن اعتبر في العدمي كون الموضوع صالحاً للوجودي فعدم وملكة كالعمى والبصر ، وإلاّ فسلب وإيجاب مثل زيد قائم وزيد ليس بقائم .
___________________________
نشير إلى بعض منها :
(أ) جعل التقابل ممّا لا يقتضي القسمة والتصريح بأ نّه من قبيل الكيفيات مع أنّ الكيف لا يقتضي النسبة والتقابل من النسبيات، خلط بين الكيف والإضافة .
(ب) علل عدم اقتضاء القسمة بأ نّه أمر اعتباري من قبيل الكيفيات مع أنّ الكيف ليس أمراً اعتبارياً وعدم اقتضاء القسمة ليس لأجل اعتباريته .
(ج) خلط بين القسمة التي يقال إنّ الكيف لا يقتضي القسمة - وهي القسمة التي من مختصّات الكمّيات - وبين تقسيم الماهيات بأقسامها ، والكيف لا يقتضي القسمة بالمعنى الأوّل لا الثاني .
(د) أعاد ثانياً الخلط المتقدّم ، وقال : التقابل أمر اعتباري لا يتحقّق إلاّ بين الشيئين مع أنّ الاعتبارية لا تقتضي ذلك، وعقّب ذلك أيضاً بأ نّه من الكيفيات
ص: 181
أمّا أوّلاً : فلأنّ التقابل على أيّ معنى كان أمر اعتباري لا يتحقّق إلاّ بين الشيئين ولا يقتضي القسمة واللا قسمة ؛ لأنّه من قبيل الكيفيات كما مرّ ، فلا معنى لتقسيمه إلى المذكورات .
وأمّا ثانياً : فلأنّ هذه القسمة ممّا لا يقبلها عقل ولا نقل(1) ؛ لأنّها عبارة عن ضمّ قيود مختلفة ليحصل عن ضمّ كلّ قيد، قسم ، وليس كلّ من التضايف والتضادّ وغيرهما قيداً للتقابل ؛ ضرورة أ نّه لا يقال إنّ التضايف والتضادّ - مثلاً - تقابل ، بل يقال إنّه حاصل بينهما ، فحينئذٍ تكون هذه الموارد مصاديق له وموارد ، كما في انقسام الحيوان إلى الناطق والصاهل وغير ذلك من أفراده ومصاديقه ، فيكونان محلاًّ ومورداً لتحقّقه وتشخّصه ، فالتقسيم باعتبار المحلّ والمورد ضروريّ البطلان ؛ لأنّ تعدّد المحلّ لا يستلزم تعدّد الحال .
_____________________________
فجمع بين الاعتبارية وكونه من الكيفيات، وتقدّم التنافي بينهما ، مع أنّ الكيف لا يقتضي النسبة والتقابل من النسبيات .
1 . قوله: «عقل ولا نقل» . عدم ورود نقل من الشارع معلوم ، وأمّا عدم قبول العقل فغير تامّ ، ضرورة أنّ التضادّ بهذا المعنى الإضافي ، نوع من التقابل ، فالمتضادّان متقابلان ؛ لأنّ كلاًّ منهما مضادّ للآخر والتضادّ تقابل . وفي المقام أيضاً خلط بين التضادّ الذي هو حيثية بين المتضادّين وبين نفس المتضادّين ، ولهذا قال : «إنّه لا يقال إنّ التضايف والتضادّ تقابل ، بل يقال : إنّه حاصل بينهما» مع أنّ التقابل بين المتضادّين والمتضايفين لا بين التضادّ والتضايف ، وبهذا يظهر الإشكال في اُمور اُخر رُتّبت على ما ذكر مع أنّها في نفسها أيضاً غير تامّة .
ص: 182
وبعبارة اُخرى : أنّ التقسيم إنّما يصحّ إذا كان كلّ منهما جزءاً للتقابل كما هو ظاهر من تقسيم الحيوان إلى الإنسان والبقر والغنم وغير ذلك، وليس الأمر هنا كذلك ؛ لما عرفت من أنّها موارد ، والمورد لابدّ أن يكون مقدّماً على الوارد ، فلو كان جزءاً له يلزم تأخّر الشيء عن مرتبته وهو محال .
فظهر ممّا حقّقناه فساد ما زعمه(1) بعض الحكماء من أنّ المكان والزمان يمكن أن يكونا مشخّصين ومثّلوا بأمثال عديدة من الفقه وغيره كالغسل فإنّه أعمّ من الجنابة والجمعة والحيض وغيرها ، فإذا نسب إلى الجمعة مثلاً يكون محقّقاً ومشخّصاً له؛ وذلك أنّ هذا التقسيم إن كان في جميع الموارد والمصاديق فجوابه ما مرّ من أنّ المورد لا يمكن أن يكون مشخّصاً ، وإن كان في بعض الموارد فنطلب الفرق بين هذه الأقسام الأربعة وغيرها من الضرب والأكل والشرب .
وثالثاً(2) : أنّ هذا التقسيم إنّما هو تقسيم بين الأمرين الذين حصل فيهما التقابل لقولهم : إمّا وجوديّان أو لا ، فلا معنى لكون التقابل مقسماً إلى أربعة أقسام .
___________________________
1 . قوله : «فظهر ممّا حقّقناه فساد ما زعمه» . لم يتّضح ربط بين ما ذكره هاهنا وبين المطالب المتقدّمة ، وأنّه أيّ ربط لغسل الجنابة والجمعة والحيض وغيرها بالمطالب العقلية ، وأنّ أيّ حكيم مثّل للزمان والمكان بغسل الجنابة والجمعة وغير ذلك ممّا ذكر .
2 . قوله: «وثالثاً» . لم يتّضح مراده ، ولعلّ مراده أنّ التقابل هو حاصل بين الشيئين والمقسم أيضاً هو التقابل ، فيلزم وحدة القسم والمَقسَم وهو بمكان من الغرابة ؛ لأنّ المَقسم لابدّ وأن يكون عين القسم بهذا المعنى ، وإلاّ لا يكون
ص: 183
ورابعاً : أنّ هذا الحصر إن كان بحكم الاستقراء فهو لا يدور مدار النفي والإثبات كما هو الظاهر ، وإن كان بحكم العقل فحينئذٍ لا ينحصر على هذه الأقسام(1) الأربعة بل يزيد عليها بأن يقال إمّا وجوديان أو لا ، والثاني إمّا عدميان أو كان أحدهما وجودياً والآخر عدمياً .
فإن قيل: يمكن أن يقال: إنّ عدم ذكرهم العدميين لعدم تحقّق التقابل بينهما .
قلنا : إنّ هذا تفكيك لا يقتضي عدم ذكره في مقام التقسيم كما هو ظاهر على من له طبع سليم .
والحمد للّه أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً
هذا آخر ما أوردناه للولد الأعزّ محمّد جعفر بن محمّد حسين
في ثاني رجب 1363 من الهجرة النبويّة صلی الله علیه و آله وسلم
_____________________________
مقسماً ، أو يكون مراده إفادة الإشكال المشهور من أنّ التقابل من أقسام التضايف مع أنّ التضايف أيضاً من أقسام التقابل (1)، وهذا الإشكال مع بعده عن ظاهر لفظه ، جوابه معلوم ، وهو باختلاف الحمل شايعاً وأوّلياً .
1 . قوله : «لا ينحصر على هذه الأقسام» . هذا الإشكال مع جوابه مذكور على ما ببالي في الأسفار(2) .
والمرجوّ من جنابه قبول عذري عمّا خرجت عن وظيفتي في هذه الوريقة
ص: 184
وإنّي بعيد العهد عن هذه المباحث ولقد أصرّ ولدك الفاضل - سلّمه اللّه تعالى - بما ألجأني بكتابة هذه الأسطر وأرجو منك الدعاء للتوفيق في مظانّه ، والحمد للّه تعالى .
روح اللّه الموسوي
ص: 185
ص: 186
ص: 187
ص: 188
بسمه تعالى
به عرض عالى مى رساند، مرقوم محترم كه حاكى از سلامت وجود مسعود بود واصل و موجب تشكر گرديد. سلامت و سعادت جنابعالى را خواستار است.
راجع به «ذبيحه» به نحوى كه مرقوم شده است هيچ اشكالى در حرمت نيست.(1) از وجوهى:
يكى آنكه معتبر است در «ذابح» اسلام، و اين امر مسلّم است و دلالت بر آن دارد صحيحه محمد بن مسلم در باب پانزده كتاب ذبايح، حديث دوم.(2) و معلوم است ذابحْ مباشرِ ذبح است، و آن در اين مورد تيغه خودكار است به قوه برق، هر چند قتل تسبيباً به او منتسب است. نظير انداختن شخصى را در مسبعه كه قاتل ملقى است لكن آكل سبُع است.
ديگر آنكه ذابح مسلم بايد در حال ذبح تسميه بگويد و تسميه در اين مورد كه از
ص: 189
نوار است نه تسميه مسلم است و نه ذكراللّه است، بلكه انعكاس ذكرى است كه شخص نموده است، و اگر ذكر آن شخص باشد بايد در نماز كافى باشد، و به اين شرط دلالت دارد جمله اى از روايات مثل صحيحه حلبى ششم باب سابق(1) و روايت پنجم(2) بلكه ظاهر آيه شريفه؛(3) على تأمل.
ديگر آنكه ذبح از قفا موجب حرمت است و دلالت بر آن دارد: صحيحه محمد بن مسلم باب چهار و ديگر روايات،(4) و ظاهر روايات آن است كه مبدأ شروع به ذبح بايد حلق باشد يا ساير اوداج كه مذبح هستند، و پشت گردن مذبح نيست.
در هر صورت حرمت آن بى اشكال است. در ايران نيز از قرار مذكور عمل شده است. منتها اول بعضى آقايان را گول زدند و اظهار كردند كه ذبح به طور شرعى مى شود و ساير كارها را مكينه مى كند. لكن از قرارى كه يك نفر معمم اظهار مى كرد همان نحو كه در سؤال ذكر شده است عمل مى شود و از «تسميه» حتى در نوار هم خبرى نيست - والعهدة عليه. از جنابعالى اميد دعاى خير دارم. والسلام عليكم و رحمة اللّه.
روح اللّه الموسوى الخمينى
ص: 190
ص: 191
ص: 192
الفائدة الاُولى(1) في
شرح حال العقود والإيقاعات وبيان الفرق بينهما وأنّ الأصل في العقود هل اللزوم أم لا ؟
فهاهنا مقامان :
اعلم : أنّ الفرق بين العقد والإيقاع هو أنّ العقد لا يتمّ إلاّ بالقبول ، والإيقاع لا يحتاج في تمامه إليه . والسرّ فيه أ نّه ليس لكلّ أحد إلاّ التصرّف في نفسه وماله ، وليس له سلطان في التصرّف في نفس الغير ولا في ماله ، فإن كان مفاد الإنشاء هو التصرّف في سلطانه من نفسه أو ماله ، وليس في تحقّق المنشأ توقّفٌ إلى التصرّف في سلطان الغير ، يكون مفاده إيقاعاً لا عقداً ، ولا يتوقّف على قبول الغير في تحقّقه .
ص: 193
مثلاً : العتق من قبيل الإيقاع ؛ فإنّ التصرّف ليس في مال الغير ، وليس في العتق إيجاد إضافة بين ماله أو نفسه ومال الغير ونفسه ، أو تصرّف فيهما ، بل مفاده عبارة عن إيجاد الحرّية ، أو سلب حيثية العبدية والرقّية ، وهذا تصرّف في سلطانه ليس إلاّ .
وكذا حال العهد والنذر والقسم ، فإنّه تصرّف في سلطان نفسه .
ومن ذلك الطلاق أيضاً ، فإنّه وإن كان حلّ العلاقة التي بين الطرفين - وفي الحقيقة تصرّف في الغير وسلطانه - لكن بعد الحكم الشرعي بأنّ «الطلاق بيد من أخذ بالساق»(1) وجعل السلطنة المطلقة للزوج ، يصير حاله حال العتق في الاعتبار ، فيكون إيقاعاً .
ومن ذلك الوقف والوصيّة للجهات العامّة ، فإنّهما أيضاً ليسا - في اعتبار العقل والشرع - تصرّفاً في سلطان الغير . بل حال الوقف الخاصّ والوصيّة للأشخاص أيضاً كذلك ؛ فإنّ الوقف في الاعتبار عبارة عن إيقاف العين على رؤوس الموقوف عليهم ؛ حتّى تدرّ عليهم بالمنفعة ، فكأ نّه أوجد غيماً مدراراً على رؤوسهم ، فلهذا يقال : «وقفت عليهم» أي جعلت العين واقفة على رؤوسهم حتّى تدرّ عليهم بالمنافع ، فهو أيضاً - على الظاهر - من قبيل الإيقاع ، ولا يكون تصرّفاً في سلطان الغير .
والوصيّة أيضاً لا يبعد أن تكون إيقاعاً ؛ فإنّها عبارة عن إيصاء شيء وجعله لشخص ، وللموصى له حقّ قبول هذا الإيصاء وصرفه إلى نفسه ، فلهذا إذا مات
ص: 194
الموصى له ينتقل هذا الحقّ إلى ورثته . ومن ذلك يعلم وجه بقاء إنشاء الوصيّة إلى ما بعد موت الموصي والفصل الطويل بينه وبين القبول ، فإنّها ليست من العقود حتّى ينافيها ذلك ، بل هي إيقاع شبيه بالعقد .
وبالجملة : الضابط في الفرق بين العقد والإيقاع : هو أنّ العقد يتقوّم حصول مضمونه بالتصرّف في سلطان الغير ، فلا بدّ من قبول الغير حتّى يتحقّق ، والإيقاع بخلافه .
اعلم : أنّ العقود ليست على منوال واحد وتحت ضابط فارد يقتضي اللزوم فيها أو الجواز ، فإنّها مطلقاً وإن تتقوّم بالإيجاب والقبول ، ويعبّر عنها في لسان القوم ب«العقد» تشبيهاً بالعقدة الواقعة في حبل ، فكأنّ المتعاقدين أخذا حبلاً أحد جانبيه بيد أحدهما ، والآخر بيد الآخر ، فعقداه بحيث صار الطرفان متعاكسين ، فانعطف كلّ طرف إلى الآخر ، ومعنى «اللزوم» استيثاق العقدة واستحكامها ، و«الجواز» بخلافه ، لكنّ العقود مختلفة في طريقة العقلاء وبنائهم ، وليست المعاملات التي بأيدينا إلاّ معاملات عقلائية ثابتة قبل الإسلام ؛ من لدن تمدّن البشر والوقوع تحت الحياة الاجتماعية ، والشارع الصادع تكون أحكامه - غالباً - إمضائية مطابقة لطريقة العقلاء ، وليس له أحكام تأسيسية غالباً ، فلا بدّ لنا في تشخيص العقود - جوازاً ولزوماً- من مراجعة بناء العقلاء ؛ ونستكشف حالها من تسبير بنائهم .
ص: 195
فنقول : ما هو المسلّم من بنائهم على لزومه ؛ هو العقود المعاوضية التي تنقطع أيدي المتعاقدين عن العوضين . مثلاً في عقدي البيع والإجارة ، لو خالف أحد الطرفين مقتضى عقده ورجع عمّا عقد عليه ، يقال عند العقلاء : «إنّه نقض عهده ، وما وفى به» ويذمّه العقلاء على ذلك ؛ فإنّ بنائهما على رفع اليد من جانب المتعاقدين عن العوضين وقطع الطمع عنهما . وكذا بناء سائر العقود المعاوضية على ذلك وعلى كون عقدة المعاوضة بيدي الطرفين ، وكأنّ العقد المعاوضي حبل مشدود معقود فيه يكون طرفاه بيدي المتعاقدين ، وتكون الإقالة بمنزلة حلّ تلك العقدة ، وأمّا مع بقاء العقد وعدم حلّه من الجانبين ، فليس لأحد الطرفين مخالفة عهده عند العقلاء ، وليس ذلك إلاّ من جهة بناء العقلاء - حتّى قبل الإسلام - على ذلك .
وقوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(1) منزّل على أمثال تلك العقود المعاوضية التي مبناها على الاستيثاق والاستحكام ، لا على مطلق العقود حتّى يكون خروج أكثر العقود من قبيل التخصيص فيه ومن جهة قيام الإجماع؛ فإنّ إجماع العلماء في سائر العقود ليس إلاّ من جهة أنّ بناء العقلاء فيها على الجواز . فعليك بالعقود الغير المعاوضية والتفحّص عنها وعن بناء العقلاء بالنسبة إليها حتّى تعرف صدق ما ادّعيناه .
مثلاً : اعتبار العقلاء في عقد الوديعة كأ نّه على أخذ الغير مخزناً لماله ومحفظة له ، وهذا الأمر لمّا كان تصرّفاً في حدود سلطان الغير ، فلا يعتبر
ص: 196
موجوداً محقّقاً إلاّ بعد قبول الغير ، لكن سلطان صاحب المال على ماله والطرف على نفسه بعدُ باقٍ ؛ لعدم تحقّق معاوضة في البين ، فلصاحب المال التصرّف في ماله وأخذه من المستودَع ، وللمستودَع ردّ مال الغير به ، وإن أخذ المودع أو ردّ المستودع المال لا يقال عند العقلاء : «إنّهما نقضا عهدهما ، وخالفا عقدهما» ولا يذمّهما العقلاء .
وكذا في عقد الوكالة ، اعتباره كأ نّه نيابة الغير عن نفسه ، أو إقامته مقام نفسه ، ولمّا كان هذا تصرّفاً في نفس الغير ، فلا بدّ في تحقّقه من القبول ، لكن لا يكون فيه معاوضة ، وما قطعا أيديهما عن نفسهما ، بل لكلّ منهما حلّ هذا العقد ، ولا يقال له : «نقض عهده» أو «ما وفى به» .
وهكذا الكلام في العارية ، فإنّه ليس فيها معاوضة ، بل مال الغير محفوظ على ماليته ، فله الرجوع إليه .
وكذا عقد الشركة ، فإنّ بناءها على وضع مال الشريكين في البين للاستفادة بالانتفاع منهما بلا معاوضة في البين ، فليس فيه النقض للعهد لو رجع كلّ واحد منهما عن الشركة واستردّ ماله .
واعتبار المضاربة والمزارعة والمساقاة هو اعتبار الشركة ؛ مع الفرق فيما به الاشتراك ؛ فإنّ المضاربة : هي الشركة بين العمل والمال ، فصاحب المال يعطي ماله ، وصاحب العمل يعطي عمله فيشتركان ، وكذا في المزارعة والمساقاة ، وليس بناؤها على اللزوم ؛ فإنّها ليست عقوداً معاوضية ، كما هو واضح .
ص: 197
ويمكن أن يقال : إنّ عقد القرض في اعتبار العقلاء : هو إعطاء المال وجعله في ذمّة غيره ، لا المعاوضة بينه وبين ما في الذمّة ، فهو أيضاً ليس من المعاوضات ، ولهذا ليس تعيّن الأجل معيّناً ، بل لكلّ من الطرفين الرجوع إلى صاحبه : أمّا المقرض فبما في ذمّة المقترض قبل حلول الأجل ، وأمّا المقترض فبإعطاء دينه وأدائه قبله ، ولا يكون الرجوع نقضاً للعهد والعقد .
نعم ، لمّا كانت يد المقرض مقطوعة عن عين المال - بتمليكه المقترض - فليس له الرجوع إليه ؛ لأ نّه تصرّف في سلطان الغير بلا وجه . وأمّا مطالبة ما في ذمّته ، فلمّا كان ماله في ذمّته بجعله ، له أخذ ماله منه ، فكأنّ ذمّته صارت مخزناً له ، وله الرجوع إليه أيّ وقت شاء .
وأمّا الهبة ، فهي وإن كانت تمليكاً للموهوب ، لكن بناءها عند العقلاء على عدم قطع يد الواهب ، والرجوعُ إليه لم يكن نقضاً للعهد وعدم وفاء به ؛ وإن كان الرجوع قبيحاً مذموماً عندهم . وقوله علیه السلام : «العائد في هبته كالعائد في قيئه»(1) تنبيه على المذمّة العقلائية .
هذا حال العقود الغير المعاوضية .
وأمّا العقود المعاوضية التي من جملتها البيع والإجارة ، ففيها الميثاق الغليظ والعهد المحكم ؛ بحيث يكون الرجوع فيها نقضاً للعهد ومخالفة للعقد . والنكاح أيضاً عقد محكم وعقد غليظ ؛ بحيث يكون حاله كالمعاوضة .
ص: 198
ويدلّ على لزوم العقود المعاوضية - بعد البناء العقلائي كما عرفت(1) وبعد قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(2) فإنّ المراد منها ليس مطلق العقود ، بل ما يكون مبناه على المعاوضة والاستيثاق - قوله تعالى : (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً)(3) فإنّه وإن كان راجعاً إلى المهر وعدم جواز أخذه ، لكن يستفاد منه أمران(4) :
أحدهما : أ نّه تعالى أرجعهم إلى مرتكزاتهم ؛ وأ نّه بعد إفضاء البعض إلى البعض وأخذ الميثاق الغليظ ، لا مصير إلى أخذ المهر ؛ ولا سبيل إليه عند العقلاء ؛ فإنّ هذا التعبير آبٍ عن الأمر التعبّدي ، بل مناسب للأمر الارتكازي ، فيظهر منه أنّ الأمر - أي نقض الميثاق الغليظ - كان قبيحاً عند العقلاء ومذموماً عندهم ، واللّه تعالى نبّههم على هذا الأمر الارتكازي .
وثانيهما : أنّ تمام الموضوع لهذا الأمر الارتكازي القبيح ؛ هو نقض الميثاق
ص: 199
الغليظ ، ولا اختصاص له بباب النكاح والمهر ، والنكاح لمّا كان في الحقيقة مصداقاً للميثاق الغليظ ، صار مركباً لهذا الحكم .
وبالجملة : يستفاد من ذلك أنّ الكبرى الكلّية المرتكزة للعقلاء التي قرّرها الشارع ؛ هي الميثاق الغليظ لا النكاح ، وهذا واضح .
إن قلت : إنّ الموضوع هو الميثاق الغليظ ، لا أصل الميثاق ، فمن أين يعلم أنّ الغلظة بِمَ تتحقّق ؟ !
قلت : بعد تطبيق الميثاق الغليظ على النكاح ، والعلم بأ نّه ليس في النكاح غلظة أشدّ من البيع والإجارة وأشباههما ، يعلم أنّ الميزان هو العهد المبرم الذي في مثل تلك العقود ، فتدبّر جيّداً .
ص: 200
سبيل الاستعارة ، فكأنّ الشرط أمر مجسّم محسوس ، ويكون المسلم والمؤمن من وظيفة إيمانه وإسلامه ملازمته وقيامه عنده .
وعلى كلّ حال : كناية عن أنّ من مقتضيات الإسلام وقواعده هو كون الملتزمين بها ملتزمين بشروطهم ، ولا يكونون غير معتنين بها ومفارقين لها .
إنّ الاستثناء الوارد في الأخبار متّصلاً ومنفصلاً وإن كان لسانه مختلفاً - ففي بعضها : «الشرط المخالف للكتاب»(1) وفي بعضها : «فيما وافق كتاب اللّه»(2) وفي بعضها : «سوى كتاب اللّه»(3) أو «ليست في كتاب اللّه»(4) . . . إلى غير ذلك(5) - ولكنّ الظاهر رجوع كلّ العناوين إلى عنوان واحد هو «الشرط المخالف» كما
ص: 202
تشهد به صحيحة(1) عبداللّه بن سنان عن أبي عبداللّه علیه السلام قال : سمعته يقول : «من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب اللّه عزّ وجلّ فلا يجوز له ، ولا يجوز على الذي اشترط عليه ، والمسلمون عند شروطهم فيما (2) وافق كتاب اللّه عزّ وجلّ»(3) .
فإنّ الظاهر منها : أنّ الصدر والذيل بصدد بيان كبرى واحدة هي «الشرط المخالف لكتاب اللّه» ، فالمراد ب «الموافقة» هو عدم المخالفة ، لا أ نّها عنوان برأسه في مقابل عدم المخالفة ، كما لا يخفى .
ويمكن أن يقال : إنّ الكبرى المجعولة هي «الشرط المخالف لمطلق حكم اللّه» سواء استفيد حكمه من الكتاب أو السنّة . لا أقول : إنّ المراد من «الكتاب» هو ما كتب اللّه على العباد(4) فإنّه خلاف الظاهر ، بل «الكتاب» هو القرآن ، لكنّ العرف - بعد إلغاء الخصوصية - يفهم منه مطلق الحكم الشرعي ؛ فإنّ الظاهر أنّ عدم نفوذ الشرط المخالف لكتاب اللّه ، ليس من جهة مخالفته لهذا الكلام الصادر على نعت الإعجاز والتحدّي ، بل لكونه مخالفاً لحكم اللّه وما أنزل اللّه فيه ، فبعد
إلغاء هذه الخصوصية يصير الحكم كلّياً متعلّقاً بعنوان «مخالفة حكم اللّه» وهذا واضح جدّاً .
ص: 203
مضافاً إلى شهادة رواية محمّد بن قيس على ذلك ، فإنّ فيها قال : «خالفت السنّة ، ووُلِّيت حقّاً ليست بأهله»(1) وإلى شهادة الرواية المرويّة من طرق العامّة في حكاية بَرِيرَة(2) فإنّ فيها جُعل الولاء لغير من أعتق مخالفاً للكتاب ، تأمّل .
وكيف كان : إذا كان الشرط الغير النافذ مطلق ما كان مخالفاً لحكم اللّه - كان في الكتاب أو لا - يصير عنوان «الموافقة» و«غير المخالفة» متساويين صدقاً ، كما لا يخفى .
ص: 204
الفائدة الثالثة: في التكلّم في بعض جهات ما نقل عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم من قوله : «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي»
وفي بعضٍ : «حتّى تؤدّيه»(1) .
وأمّا الخاصّة ، فاستنادهم إليه في كتب الفقهاء قديماً (2) وحديثاً (3) ممّا يغنينا عن البحث عن سنده . مع أنّ الروايات الخاصّة في كثير من أبواب الفقه الدالّة على الضمان تكون بمقدارٍ يمكن للفقيه اصطياد قاعدة كلّية بإلغاء الخصوصيات ، كما لا يخفى على المتدرّب المتفحّص في أبواب الإجارة (4) والعارية (5) والوديعة (6) والمضاربة (7) وغيرها (8) .
إنّ لفظة «على» مع مجرورها تارةً : تجعل خبراً لفعل من الأفعال ، كقوله : «على زيد أن يضرب عمراً» أو «أن يصلّي» وتارةً : تجعل خبراً لذات من الذوات ، كقوله : «على زيد عشرة دراهم» .
ص: 206
وعلى الثاني تارةً : يكون خبراً لأمر كلّى ، كالمثال المذكور ، وقد يكون لأمر شخصي خارجي ، كقوله : «على اليد ما أخذت» .
وما كان كلّياً قد يكون معتبراً في ذمّة شخص ، كقوله : «عليّ دين زيد من عمرو» وقد لا يكون ، كقوله : «عليّ عشرة دراهم» .
فإن جعلت خبراً للأفعال ، فالظاهر المتفاهم منها عرفاً هو الإلزام على الإيجاد ، فلا يستفاد منها إلاّ الوجوب . ويمكن أن يقال : إنّ المستفاد منها أيضاً هو العهدة ، كما فيما سيأتي ، إلاّ أنّ اللازم على العهدة في الأفعال هو الوجوب .
وإن جعلت خبراً لأمرٍ كلّي غير معتبر في ذمّة شخص - كقوله : «عليّ عشرة دراهم» أو «على زيد عن عمروٍ كذا» - فهو في مثل الأوّل إقرار ، وفي مثل الثاني شهادة على اشتغال الذمّة .
وإن جعلت خبراً لأمرٍ كلّي معتبر في ذمّة شخصٍ - كقوله : «عليّ دَينك عن عمرو» - فالمتفاهم العرفي منها هو العهدة ، وهي إحدى الاعتبارات العقلائية المستتبعة لأحكام عقلائية ، وهي غير الذمّة .
ومحصّل المقال : أنّ من الاعتبارات العقلائية كون شيء في ذمّة شخصٍ ؛ فإنّ نفس الذمّة من الاعتبارات العقلائية ، وكأ نّها مخزن قابل لكون شيء فيها . كما أنّ كون شيء فيها أيضاً من الاعتبارات العقلائية ، فاعتبار عشرة دراهم في ذمّة زيد اعتبار في اعتبار . وهذا غير اعتبار العهدة ؛ فإنّ اعتبار شيء في الذمّة اعتبارٌ ، وأمّا اعتبار العهدة اعتبار ضمّ الذمّة إلى الذمّة عند العقلاء ، فالدين ثابت على ذمّة
المضمون في الضمان العرفي ، والضامن متعهّد بالدين ، ومعنى تعهّده : أ نّه لو لم يؤدِّ دينه يجب عليه الخروج عن العهدة ؛ إمّا بالأخذ من المديون والردّ إلى
ص: 207
الدائن في صورة الإمكان ، وإمّا بالإعطاء من كيسه مع عدمه .
وبالجملة : العهدة اعتبار عقلائي مستتبع لجواز مطالبة المتعهَّد له ، فإذا طالب يجب على المتعهِّد - تكليفاً - أداء ما تعهّد به ؛ إمّا بالأخذ من المديون ، أو الردّ من كيسه .
وهذا هو الحكم العقلائي في باب الضمانات ، والعامّة قد جروا في فتاواهم على هذا البناء العقلائي(1) . وأمّا حكم الخاصّة في باب الضمانات - من نقل الذمّة إلى الذمّة(2) - فهو أمر تعبّدي شرعي على خلاف بناء العرف والعقلاء .
وإن جعلت لفظة «على» خبراً لعين من الأعيان - كقوله : «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» - فالظاهر منها هو التعهّد للأداء ؛ كانت العين موجودة أو لم تكن ؛ فإنّ كلّ عين مشتملة على صورة شخصية ، وصورة نوعية ، وجهة مالية ، فإذا تعهّد أحد بعين من الأعيان ، يكون حكمه العقلائي هو الخروج عن العهدة ؛ إمّا بردّها بجميع جهاتها : من الشخصية ، والنوعية ، والمالية ، وإمّا ببعض مراتبها لو لم يمكن الجميع ، فإذا كانت العين موجودة يجب ردّها ، ويكون الخروج عن العهدة بردّها شخصاً ، فإذا تلفت لم تنتقل إلى المثل أو القيمة ، بل تكون العهدة متعلّقة بالعين ، والخروج عنها إنّما يكون بردّ الصورة النوعية إن أمكن ، والمالية مع عدمه .
فتحصّل من جميع ذلك : أنّ قوله : «على اليد» يدلّ على عهدة الآخذ لنفس
ص: 208
العين ، وهذا حكم وضعي عقلائي مستتبع لأحكام عقلائية : من جواز المطالبة ،
ووجوب الخروج عن العهدة بردّ العين ، أو ردّها ببعض مراتبها .
وهاهنا وجه آخر وتقريب لدلالة «على اليد» على الضمان : وهو أنّ كلّ مملوك لأحد له جهة نفع ولهيّة ، وجهة ضرر وعليهيّة عند العقلاء ، وتكون جهة لهيّته ونفعه في صورة وجوده ، وجهة عليهيّته في صورة فقدانه ، فكما أنّ اللهيّة للمالك تكون العليهيّة أيضاً على المالك إن تلفت تحت يده ، ففي قوله : «على اليد ما أخذت» جعل جهة العليهيّة على الآخذ ، فكأ نّه قال : «الأعيان التي تكون جهة عليهيّتها على مالكها إذا وقعت تحت يد غاصب ، تنتقل هذه الجهة إليه ، ويتوجّه ضررها عند تلفها عليه» وبهذا التقريب تصير العهدة مختصّة بالعين التالفة .
ولكنّ الظاهر : أنّ العهدة متحقّقة عند العقلاء حتّى مع وجود العين . ويمكن أن يكون منشأ اعتبار العقلاء العهدة بالمعنى الأوّل في أوّل الأمر هو هذه الجهة العليهيّة ؛ بمعنى أنّ العقلاء لمّا لاحظوا جهة العليهيّة في الأموال ، واستعملوا لفظة «على» في هذه الجهة ، انتقلوا إلى العهدة بالمعنى الأوّل المتقدّم ؛ أي العهدة بالمعنى الأوسع حتّى يشمل نطاقها وجود العين أيضاً ، فتدبّر(1) .
ص: 209
إنّ نسبة العهدة إلى اليد نسبة مجازية ، لعلّها بملاحظة أنّ اليد لمّا كانت آلة للأخذ نوعاً وموجبة للعهدة غالباً كانت العهدة عليها ، وإلاّ فالعهدة على الشخص الآخذ .
وهاهنا نكتة اُخرى : هي أنّ اليد لمّا كانت آخذة للمال نوعاً نسبت إليها العهدة ؛ لإفهام أنّ الآخذ هو الضامن ، فلمّا كانت اليد آخذة فهي ضامنة أيضاً .
هل «الأخذ» أعمّ من الأخذ على وجه العدوان ، أو مخصوص به ؟ فيه وجهان :
من جهة إطلاق قوله : «على اليد ما أخذت» .
ومن جهة أنّ المالك إذا أعطى العين على وجه الأمانة ، فهي في اعتبار العقلاء كأ نّها تحت يده ، ولم تخرج عنها ، فكما أنّ الإنسان قد يجعل الأعيان المملوكة في مخازنه الجمادية ؛ من مثل الصندوق والدكّة وغيرهما ، ولا تكون العين خارجة عن يده في هذه الحال ، كذلك إذا جعلها بنحو الأمانة في يد الغير كأ نّه جعله كإحدى مخازنه الجمادية ولو كان الآخذ صاحب الإرادة ، وبهذا الاعتبار يمكن أن يدّعى أنّ العين لم تكن مأخوذة منه ، بل تكون عنده .
وإن شئت قلت : إنّ ذاك الاعتبار صار منشأً للانصراف إلى اليد العادية ، فلا تشمل غيرها . وهذا هو الأقوى .
ص: 210
ويمكن التقريب بوجه آخر : وهو أنّ في نسبة «الأخذ» إلى «اليد» - التي تستعمل غالباً في القدرة - إشارةً إلى أنّ الأخذ إنّما يكون بإعمال القدرة على المأخوذ منه والسلطة عليه ، فيختصّ باليد العادية .
المشهور بين فقهاء الفريقين - بحيث يكون المخالف نادراً في حكم العدم - أنّ المثل يضمن بالمثلي والقيمة بالقيمي(1) والتعاريف التي ذكرت فيهما (2) متقاربات مشيرات إلى حقيقة واحدة ، فلا يمكن أن يقال : إنّ في المثلية والقيمية خلافاً بينهم .
إنّما الكلام في أنّ المستفاد من قوله : «على اليد . . .» إنّما هو المثل في المثلي والقيمة في القيمي كما قيل(3) بحيث يفهم العرف من ظاهره كيفية الضمان بما ذكر .
أو أنّ المستفاد منه ليس إلاّ أصل العهدة ؛ من دون تعرّض لكيفية الخروج منها وكيفية اشتغال العهدة ، وإنّما يكون الخروج عن العهدة - بهذه الكيفية - من الأحكام العقلائية ؛ لأقربية المثل في المثليات والقيمة في القيميات في التالف .
ص: 211
أو أنّ المتفاهم منه أنّ العين بنفسها في العهدة ، والخروج عن عهدة العين لا يكون إلاّ بردّها عند وجودها ، وردّ نوعيتها عند تلفها مع وجود المثل ، وردّ ماليتها عند فقدانه .
أو أنّ المستفاد منه - ولو بواسطة أنّ سوقه إنّما يكون لإفادة حال تلف العين- أنّ بعد تلفها تكون العين بصورتها النوعية في العهدة مطلقاً ، فالخروج عن العهدة بردّ المثل حتّى في القيميات مع الإمكان ، وأمّا حال التعذّر فليس مستفاداً منه ، وإنّما هو بدليل آخر .
ولا يبعد أن يكون هذا الأخير هو الظاهر منه ، فبناءً عليه نأخذ بإطلاقه في كافّة الموارد إلاّ ما دلّ الدليل على خلافه .
ولكن في القيميات وردت بعض الروايات في موارد خاصّة حكم فيها بالقيمة ، كصحيحة أبي ولاّد(1) ورواية اُخرى في باب عتق شقص من العبد المشترك ، حيث ورد أ نّه يقوّم على المعتق(2) وروايات اُخرى في موارد متشتّتة ، مثل رواية السفرة المطروحة(3) فبإلغاء الخصوصية يفهم منها أنّ القيميات تضمن بالقيمة ، فيخصّص بها قوله : «على اليد . . .» .
هل المناط في ضمان اليد في باب القيميات - الذي نقدّمه لنكتة - بقيمة يوم
ص: 212
الغصب(1) أو يوم التلف(2) أو يوم الأداء(3) أو أعلى القيم من يوم الغصب إلى يوم التلف(4) أو من يوم الغصب إلى يوم الأداء(5) ؟ وجوه ، بل أقوال :
أمّا الوجه في الأوّل - مع قطع النظر عن الأدلّة الخاصّة ، بل بالنظر إلى مفاد «على اليد . . .» - فهو أن يقال : إنّ مفاد قوله : «على اليد ما أخذت . . .» أنّ على ذمّة الآخذ بدل ما أخذ ، وهو في القيميات نفس القيمة ، والظاهر اتّحاد ظرف الأخذ والاستقرار في الذمّة .
وأمّا في الثاني فهو أن يقال : إنّ مفاده أنّ العين ما دامت موجودة فنفسها على عهدة الآخذ ، وإذا صارت تالفة فينتقل - قهراً من قِبل الشارع - إلى البدل ، وهو في القيميات القيمة ، فكان مفاده أمران : ردّ العين حين الوجود ، والانتقال إلى القيمة حين التلف ، والظاهر اتّحاد ظرف التلف والانتقال إلى القيمة ، فيصير المعيار قيمته يوم التلف .
وهاهنا وجه آخر لعلّ قول المحقّقين ناظر إليه : وهو أنّ العين بنفسها في العهدة ، والآخذ مأمور بردّها ، لكنّ ردّها في زمان وجودها بردّ نفسها ، فإذا تلفت يكون ردّها في القيميات بردّ ماليتها . وهو غاية إمكان ردّ العين .
ص: 213
وأمّا قيمة يوم التلف ؛ فلأنّ العين التالفة في زمان تلفها لا قيمة سوقية لها ، ولا ينسب إليها القيمة إلاّ بفرض وجودها ، أو نسبة القيمة إلى أمثالها ؛ بأن يقال :
«إذا كانت موجودة فقيمتها كذا» أو «قيمة أمثالها ونظائرها كذا» وهما خلاف الظاهر ؛ لأنّ الظاهر أنّ الآخذ لا بدّ من تأدية نفس العين ؛ وتأديتِها بالقيمة المنسوبة إلى العين تنجيزاً ، وهو لا ينطبق إلاّ على قيمة يوم التلف .
وإنّما قلنا : إنّ الوجه عند المحقّقين ذلك ؛ لما يستفاد من التصفّح في «التذكرة»(1) ولأنّ المشهور في إعواز المثلي بقيمة يوم الأداء(2) وفي القيميات بقيمة يوم التلف(3) وهو أيضاً منطبق على ذلك ؛ لأنّ المثليات يمكن تقويمها
والانتساب إليها ، بخلاف العين الشخصية .
وأمّا في الثالث - وهذا الذي استقرّ عليه رأي كثير من المشايخ الذين عاصرناهم(4) - فبأن يقال : إنّ ظاهر قوله : «على اليد ما أخذت» أنّ نفس ما أخذت على عهدة الآخذ ؛ سواء كانت موجودة أو تالفة ، ولا ينتقل بالتلف إلى قيمتها ، فهي ثابتة في العهدة إلى زمان أدائها بمرتبة المالية .
وأمّا في الرابع فبأن يقال : إنّ العين كما تكون تحت اليد وتصير على عهدة
ص: 214
الآخذ في الحدوث ، تكون على عهدته في البقاء وفي كلّ يوم ، وتكون مراتب تفاوت القيمة مضمونة عليه ، وللمالك في كلّ يوم مطالبة الضامن ، وعليه أداء القيمة التي في ذلك اليوم ، فإذا ردّ العين تسقط القيمة ، وإذا تلفت يكون يوم التلف آخر أيّام نسبة القيمة إلى العين ، كما عرفت آنفاً ، فردّ مالية العين - أعني بعد التلف - إنّما يكون بردّ أعلى قيمتها من يوم الغصب إلى يوم التلف .
وأمّا في الخامس فبأن يقال : إنّ العين بعد تلفها باقية على العهدة ، وتعتبر لها قيمة سوقية ، وتكون جميع مراتب القيم مضمونة .
هذا ، ولا يبعد أن يكون الوجه الرابع أقوى الوجوه؛ لأنّ المالك في كلّ يوم له المطالبة . . .(1) .
ص: 215
ص: 216
1 - الآيات الكريمة
2 - الأحاديث الشريفة
3 - أسماء المعصومين علیهم السلام
4 - الأعلام
5 - الكتب الواردة في المتن
6 - مصادر التحقيق
7 - الموضوعات
ص: 217
ص: 218
الآية رقمها الصفحة
الفاتحة (1)
(مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) 4 132
البقرة (2)
(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) 187 170، 173
(الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) 187 173
(مِنَ الْفَجْرِ) 187 170
(لاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) 195 21
(أَحَلَّ اللّه ُ الْبَيْعَ) 275 34، 68، 69
آل عمران (3)
(لاَ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ
ص: 219
الآية رقمها الصفحة
فَلَيْسَ مِنَ اللّه ِ فى شَىْ ءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّه ُ نَفْسَهُ) 28 40
النساء (4)
(وَكَيْفَ تَأخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً) 21 199
المائدة (5)
(أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) 1 196، 199
النحل (16)
(إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاْءِيمَانِ) 106 18
القصص (28)
(وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) 54 24
فصّلت (41)
(وَلاَ تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ) 34 24
(الْحَسَنَةُ) 34 25
(السَّيِّئَةُ) 34 25
ص: 220
ابنِ على الأكثر 102
اتّقوا على دينكم ، واحجبوه بالتقيّة ؛ فإنّه لا إيمان لمن لا تقيّة له 52
اجعلها نافلة ، ولا تكبّر معهم فتدخل معهم في الصلاة 50
أحلّه اللّه 70
إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية البيضاء . . . 172
إذا حلف الرجل تقيّةً لم يضرّه إذا هو اُكره واضطرّ إليه 35
إذا سهوت فابنِ على الأكثر ، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت . . . 115
إذا قلت : السلام علينا . . . 120
إذا قمت وأنت تنوي الفريضة فدخلك الشكّ بعدُ ، فأنت في الفريضة . . . 124
الإعادة في الركعتين الأوّلتين، والسهو في الركعتين الأخيرتين 103
أفسد ابن مسعود على الناس صلاتهم بشيئين . . . 91
إفطاري يوماً وقضاؤه أيسر عليّ من أن يضرب عنقي ولا يعبد اللّه 46
إقرأ لنفسك ، وإن لم تسمع نفسك فلا بأس 65
اكسره بالماء 13
ألا اُعلّمك شيئاً إذا فعلته ثمّ ذكرت أ نّك أتممت أو نقصت ، لم يكن عليك شيء ؟ 115
أما لئن قلتَ ذلك إنّ التقيّة تجوز في شرب الخمر 13
ص: 221
إنّ التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه 34
إنّ التقيّة واسعة 65
إنّ اللّه علّم نبيّه التنزيل والتأويل ، فعلّمه رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم عليّاً علیه السلام 37
إنّ اللّه يحبّ أن يعبد في السرّ 41
أنت الذي تقول : فالآن صِرتُ إلى اُميّةَ فالاُمور لها مصائرْ 13
إن دخله الشكّ بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة ، ثمّ صلّى الاُخرى 104
إن عادوا فعُد 64
إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة . . . أعاد الصلاتين 122
إن كان إماماً عدْلاً فليصلّ اُخرى وينصرف ويجعلهما تطوّعاً 38، 64
إن كان قريباً رجع إلى مكانه فتشهّد ، وإلاّ طلب مكاناً نظيفاً فتشهّد فيه 92
إنّكم ستدعون إلى سبّي فسبّوني ، ثمّ تدعون إلى البراءة منّي . . . 20
إنّكم ستعرضون على سبّي ، فإن خفتم على أنفسكم فسبّوني 17
إنّما التشهّد سنّة في الصلاة 92
إنّما جعلت التقيّة ليحقن بها الدم ، فإذا بلغ الدم فليس تقيّة 16
إنّما يجب السهو فيما زاد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم 103
إيّاكم أن تعملوا عملاً نعيّر به ؛ فإنّ ولد السوء يعيّر والده بعمله 42
بمنزلة الجُدر 51
التقيّة في كلّ شيء إلاّ . . . المسح على الخفّين 45
التقيّة في كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم 8، 45، 54، 59، 67
التقيّة في كلّ ضرورة 54
التقيّة في كلّ ضرورة ، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به 36
توضّأ ثلاثاً ثلاثاً 71
ثلاثاً ثلاثاً ، من نقص عنه فلا صلاة له 71
ص: 222
ثلاثة لا أ تّقي فيهنّ أحداً : شرب المسكر ، ومسح الخفّين ، ومتعة الحجّ 12، 39
ثمّ ليتمّ صلاته معه على ما استطاع 65
حتّى تؤدّيه 206
الحَسَنَة : التقيّة ، والسَيِّئَة : الإذاعة 24، 25
حين يعترض الفجر فتراه مثل نهر سورى 172
خالطوهم بالبرّانية وخالفوهم بالجوّانية إذا كانت الإمرة صبيانية 43
خالفت السنّة ، ووُلِّيت حقّاً ليست بأهله 204
الرخصة أحبّ إليّ 18
رفع ما اضطرّوا إليه 34
ستُعرضون من بعدي على سبّي فسبّوني 18
السلام علينا 90
سوى كتاب اللّه 202
شيئان يفسد الناس بهما صلاتهم : قول الرجل : تبارك اسمك ، وتعالى جدّك . . . 91
صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان 136
الصلاة لا تترك بحال 56
الصلح جائز بين المسلمين 37، 68
صلّ صلاة الغداة إذا طلع الفجر وأضاء حسناً 173
صلّوا في عشائرهم 57
صلّى حسن وحسين خلف مروان ونحن نصلّي معهم 48
الطلاق بيد من أخذ بالساق 194
العائد في هبته كالعائد في قيئه 198
على اليد . . . 208، 209، 211، 212،213
ص: 223
على اليد ما أخذت 207، 209، 210، 213،214
على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي 208
على اليد ما قبضت حتّى تؤدّي 205
فإذا كان ذلك فادخل معهم في الركعة واعتدّ بها ؛ فإنّها من أفضل ركعاتك . . . 48
فإنّك إن خالفت وصيّتي كان ضررك . . . أشدَّ من ضرر الناصب 20
الفجر - يرحمك اللّه - هو الخيط الأبيض المعترض 173
فزاد رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم سبعاً ، وفيهنّ الوهم ، وليس فيهنّ قراءة 102
الفطر يوم يفطر الناس ، والأضحى يوم يضحّي الناس 46
فلئن أمسح على ظهر حماري أحبّ إليّ من أن أمسح على الخفّين 29
فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء 61
فيما وافق كتاب اللّه . . . 202
قال أمير المؤمنين : ستدعون إلى سبّي فسبّوني 17
القراءة سنّة ، والتشهّد سنّة ، ولا تنقض السنّة الفريضة 93
كان الذي فرض اللّه تعالى على العباد عشر ركعات ، وفيهنّ القراءة 102
كذب أبو ظبيان ؛ أما بلغك قول علي علیه السلام فيكم : سبق الكتاب الخفّين ؟ ! 12
كلّ شيء يضطرّ إليه ابن آدم فقد أحلّه اللّه 69
كلّ شيء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقيّة . . . فإنّه جائز 67
كلّ ما ذكرت اللّه عزّ وجلّ به والنبي صلی الله علیه و آله وسلم فهو من الصلاة 89
كلّ ما شككت فيه - ممّا قد مضى - فامضه 80
كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فشكّك ليس بشيء 110
لا ، إلاّ من عدوّ تتّقيه ، أو ثلج تخاف على رجليك 12
لا بأس بأن تصلّي خلف الناصب ولا تقرأ خلفه فيما يجهر فيه . . . 48
ص: 224
لا بأس ، وأمّا أنا فاُصلّي معهم واُريهم أنّي أسجد وما أسجد 50
لا تصلّ إلاّ خلف من تثق بدينه 51
لا تعاد . . . 86، 93، 112، 121
لا تعاد الصلاة إلاّ من خمسة 93
لا تقرأ في المكتوبة بشيء من العزائم ؛ فإنّ السجود زيادة في المكتوبة 117
لا دين لمن لا تقيّة له ، والتقيّة في كلّ شيء إلاّ في النبيذ 8
لا ، صلّ قبله أو بعده 49
لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين ، فهو الانصراف 91
لا يعيد صلاة من سجدة ، ويعيدها من ركعة 94
لو قبل التطوّع لقبلت الفريضة ، ولكن اجعلها سبحة 50
ليست في كتاب اللّه 202
ليس شيء ممّا حرّم اللّه إلاّ وقد أحلّه لمن اضطرّ إليه 35
ما اضطرّوا إليه 33
ما أكثر ما يكذب الناس على علي علیه السلام ! 19
ما صنعتم من شيء أو حلفتم عليه من يمين في تقيّة ، فأنتم منه في سعة 37
ما عبداللّه بشيءٍ أحبّ إليه من الخب ء 41
ما لا يطيقون ، وما استكرهوا عليه . . . 33
ما من عبد يصلّي في الوقت ويفرغ ، ثمّ يأتيهم ويصلّي معهم . . 49
المسلمون عند شروطهم . . . 201
من اشترط شرطاً مخالفاً لكتاب اللّه عزّ وجلّ فلا يجوز له 203
من صلّى معهم في الصفّ الأوّل كان كمن صلّى خلف رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم . . . 47، 58
المؤمنون عند شروطهم 201
الناس في سعة ما لا يعلمون 38
ص: 225
وآمرك أن تستعمل التقيّة في دينك 42
والتقيّة في كلّ شيء إلاّ في النبيذ والمسح على الخُفّين 12
واللّه ما ذلك عليه ، وما له إلاّ ما مضى عليه عمّار بن ياسر . . . 20
واللّه ِ ما عُبد اللّه ُ بشيء . . . 43
واللّه ما عُبد اللّه بشيء أحبّ إليه من الخباء 57
وأمّا الرخصة التي صاحبها فيها بالخيار ، فإنّ اللّه نهى المؤمن . . . 39
وإنّ إظهارك براءتك منّا عند تقيّتك لا يقدح فينا ولا ينقصنا . . . 20
وإنّما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدأ في أوّل صلاته 108، 124
وإيّاك ثمّ إيّاك أن تترك التقيّة التي أمرتك بها . . . 20
وتفسير ما يتّقى : مثل أن يكون قوم سوءٍ ظاهر حكمهم وفعلهم . . . 10، 36
وصلّوا معهم في مساجدهم 47
وعلّمنا واللّه 37
وعليكم بمجاملة أهل الباطل ؛ تحمّلوا الضيم منهم ، وإيّاكم ومماظّتهم 40
وعليه أن يدين اللّه في الباطن بخلاف ما يظهر 40
وقد أذنتُ لكم في تفضيل أعدائنا إن ألجأك الخوف إليه 20
ولا يجوز أن تقول في التشهّد الأوّل : السلام علينا وعلى عباد اللّه الصالحين 91
ويجلس قدر ما يقول . . . 65
هذا أمر شديد لن تستطيعوا ذلك، قد أنكح رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم وصلّى . . . 48
هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ 78
هي التي قمت فيها : إذا كنت قمت وأنت تنوي فريضة ثمّ دخلك الشكّ 108
هي التي قمت فيها ولها 124
هي على ما افتتح الصلاة عليه 108
يا أبا عمر ، إنّ تسعة أعشار الدين في التقيّة ، ولا دين لمن لا تقيّة له 39
ص: 226
يا سفيان ، من استعمل التقيّة في دين اللّه فقد تسنّم الذروة العليا من القرآن 42
يا سليمان ، إنّكم على دِينٍ من كتمه أعزّه اللّه ، ومن أذاعه أذلّه اللّه 25
يا عمّار ، أجمع لك السهو كلّه في كلمتين : متى شككت فخذ بالأكثر 102، 114
يا معلّى ، اكتم أمرنا . . . 41
يا معلّى ، إنّ التقيّة ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقيّة له 41
يجزيك من القراءة معهم مثل حديث النفس 66
يحسب لك إذا دخلت معهم - وإن كنت لا تقتدي بهم - مثل ما يحسب لك 47
يستقبل حتّى يستيقن أ نّه قد أتمّ ، وفي الجمعة ، وفي المغرب . . . 112
يستقبل حتّى يضع كلّ شيء من ذلك موضعه 96
يسجد سجدتين يتشهّد فيهما 93
يسجدها إذا ذكرها ما لم يركع ، فإن كان قد ركع فليمض على صلاته 89
يعيد حتّى يحفظ ؛ إنّها ليست مثل الشفع 112
يقضي ذلك بعينه 94
ص: 227
ص: 228
النبي، محمّد، رسول اللّه صلی الله علیه و آله وسلم =محمّد بن عبداللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، نبي الإسلام
محمّد بن عبداللّه صلی الله علیه و آله وسلم ، نبي الإسلام 6، 10، 20، 40، 44، 47، 48، 57، 58، 63، 64، 89، 102، 103، 205،
علي، أمير المؤمنين علیه السلام =علي بن أبي طالب علیه السلام ، الإمام الأوّل
علي بن أبي طالب علیه السلام ، الإمام الأوّل 12، 17، 18، 19، 20، 21، 22، 29، 39، 42، 44، 48، 58، 63، 64
حسن علیه السلام =الحسن بن علي علیه السلام ، الإمام الثاني
الحسن بن علي علیه السلام ، الإمام الثاني 48
حسين علیه السلام =الحسين بن علي علیه السلام ، الإمام الثالث
الحسين بن علي علیه السلام ، الإمام الثالث 48
الباقر، أبو جعفر علیه السلام =محمد بن علي علیه السلام ، الإمام الخامس
محمّد بن علي علیه السلام ، الإمام الخامس 8، 12، 16، 20، 34، 36، 43، 45، 48، 57، 91، 97، 102، 103
الصادق، أبو عبداللّه علیه السلام =جعفر بن محمّد علیه السلام ، الإمام السادس
جعفر بن محمّد علیه السلام ، الإمام السادس 8، 10، 12، 13، 17، 18، 19، 20، 24، 25، 35، 36، 39، 40، 41، 42، 46، 47، 48، 49، 50، 52، 58، 65، 71، 89، 90، 91، 94، 102، 108، 112، 114، 124، 172، 203
أبو إبراهيم، أبو الحسن الماضي، أبو الحسن، موسى علیه السلام =موسى بن جعفر علیه السلام ، الإمام السابع
موسى بن جعفر علیه السلام ، الإمام السابع 13، 61، 65، 71، 96، 172
ص: 229
أبو الحسن الرضا، الرضا، أبو الحسن علي بن موسى علیه السلام =علي بن موسى علیه السلام ، الإمام الثامن
علي بن موسى علیه السلام ، الإمام الثامن 17، 91، 103، 173
أبو جعفر الثاني علیه السلام =محمّد بن علي علیه السلام ، الإمام التاسع
محمد بن علي علیه السلام ، الإمام التاسع 58، 173
صاحب الزمان (عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف)، الإمام الثاني عشر 122
ص: 230
الآخوند الخراساني، محمّد كاظم بن الحسين 162
إبراهيم بن شيبة 58
ابن أبي زينب الكاتب النعماني، أبو عبداللّه محمّد بن إبراهيم 39
ابن أبي يعفور=عبداللّه بن أبي يعفور
ابن بابويه، محمّد بن علي 88، 91، 94
ابن سنان=عبداللّه بن سنان
ابن شاذان، الفضل بن شاذان 91، 92
ابن مسعود، عبداللّه 91
أبو الجارود زياد بن منذر=أبو الجارود
أبو الجارود 45، 46
أبو الحسن بن الحصين 173
أبو الصباح الكناني 37
أبو الصباح إبراهيم بن نعيم=أبو الصباح الكناني
أبو العبّاس، السفّاح 46
أبو الورد 12
أبو بصير 43، 88، 93، 97
أبو بصير ليث المرادي 172
أبو بكر الحضرمي=الحضرمي، أبو بكر
أبو حمزة الثمالي، ثابت بن دينار 16
أبو حنيفة 7
أبو داود، سليمان بن أشعث 205
أبو ظبيان 12
أبو كهمس، الهيثم بن عبيد 90
أبو ولاّد=حفص بن سالم
أحمد بن محمّد بن عيسى 35
إسحاق بن عمّار 48، 96
الأعجمي، أبو عمر 8، 12، 39
الأقطع، سليمان بن خالد 25
الأنصاري، مرتضى بن محمّد أمين 27، 54، 59، 60، 68، 131، 134، 135، 136، 137، 138، 139، 140، 141
ص: 231
بريرة 204
البزنطي، أحمد بن محمّد 33
الترمذي، محمّد بن عيسى 205
الحائري، عبدالكريم 89، 106، 118، 145، 162
حجر بن عدي 18
حريز بن عبداللّه=السجستاني، حريز بن عبداللّه
الحضرمي، أبو بكر 18
حفص بن البختري 47
حفص بن سالم 196
حكم بن حكيم 94، 95
الحلبي، عبيداللّه بن علي 89، 90، 92، 95، 190
حمّاد بن عثمان 47، 58
الحميري، محمّد بن عبداللّه 122
الخراساني=الآخوند الخراساني،
محمّد كاظم بن الحسين
الخزاعي، علي بن علي 17
داود الرقّي 62، 71
داود بن زربي 62، 71
درست بن أبي منصور 13
زرارة 11، 12، 15، 36، 39، 48، 102، 104، 117
الساباطي، عمّار بن موسى 102، 114
السجستاني، حريز بن عبداللّه 108
سعد بن عبداللّه 41
سفيان بن سعيد 42
سليمان بن خالد=الأقطع، سليمان بن خالد
سماعة بن مهران 35، 38، 48، 64
سمرة بن جندب 189
السيّد العلاّمة=اليزدي، محمّد كاظم بن عبدالعظيم
السيّد المرتضى=علم الهدى، علي بن الحسين
الشهيدان (الشهيد الأوّل، محمّد بن مكّي / الشهيد الثاني، زين الدين بن علي) 123
الشيخ=الأنصاري، مرتضى بن محمّد أمين
الشيخ الأعظم=الأنصاري، مرتضى بن محمّد أمين
الشيخ الطوسي=الطوسي، محمّد بن الحسن
شيخنا العلاّمة=الحائري، عبدالكريم
شيخنا المرتضى=الأنصاري، مرتضى بن محمّد أمين
ص: 232
صاحب مصباح الفقيه=الهمداني، رضا بن محمّد هادي
الصدوق=ابن بابويه، محمّد بن علي
صفوان=صفوان بن يحيى
صفوان بن يحيى 33
الطوسي، محمّد بن الحسن 45
العامري، عبداللّه بن سليمان 103
عبدالأعلى آل سام=عبدالأعلى بن أعين مولى آل سام
عبدالأعلى بن أعين مولى آل سام 27، 29
عبداللّه بن أبي يعفور 52، 108، 124
عبداللّه بن المغيرة 108
عبداللّه بن سنان 47، 49، 203
عبداللّه بن عجلان 19
عبيداللّه بن زياد 22
عبيد بن زرارة 50
العلاّمة الحائري=الحائري، عبدالكريم
العلاّمة الحلّي، الحسن بن يوسف 138
علم الهدى، علي بن الحسين 39
علي بن جعفر 48
علي بن مهزيار 173
علي بن يقطين 61، 65، 71
عمّار بن موسى=الساباطي، عمّار بن موسى
عمّار ياسر 18، 19، 20، 64
عمر بن يزيد 49
عمرو بن ربيع 49
عمرو بن مروان 13
العيّاشي، محمّد بن مسعود 18
الفخر=فخر المحقّقين، محمّد بن الحسن
فخر الدين=فخر المحقّقين، محمّد بن الحسن
فخر المحقّقين، محمّد بن الحسن 136، 140
الفضل بن شاذان=ابن شاذان، الفضل بن شاذان
قاسم بن عروة 117
الكشّي، محمّد بن عمر 18
الكميت بن زيد 13
المأمون، خليفة العبّاسي 91
المجلسي، محمّد باقر بن محمّد تقي 20
المحقّق الثاني=المحقّق الكركي، علي بن الحسين
المحقّق الكركي، علي بن الحسين 68
محمّد بن الفضل 61
محمّد بن قيس 204
محمّد بن مسلم 16، 92، 112، 189، 190
ص: 233
محمّد بن ميمون 17
مروان 48
مسعدة بن صدقة 10، 19، 36
معاوية بن عمّار 108
المعلّى بن خنيس 41، 42
المفيد، محمّد بن محمّد 18، 21
منصور بن حازم 94
ميثم بن يحيى التمّار 19، 22
ميسّر بن عبدالعزيز 91
ناصح المؤذّن 50
النعماني=ابن أبي زينب الكاتب
النعماني، أبو عبداللّه محمّد بن إبراهيم
الوشّاء، الحسن بن علي 103
هشام بن الحكم 42
هشام بن الهذيل 172
هشام بن سالم 24، 41، 42
الهمداني، رضا بن محمّد هادي 60، 170
اليزدي، محمّد كاظم بن عبدالعظيم 121
يوسف بن عمران 19
ص: 234
القرآن الكريم 10
الاحتجاج 20، 22، 42، 122
الإرشاد للمفيد 18
الإيضاح=إيضاح الفوائد
إيضاح الفوائد 136، 140، 141
بدائع الدرر في قاعدة نفي الضرر 10
بصائر الدرجات 41
التذكرة=تذكرة الفقهاء
تذكرة الفقهاء 214
تفسير النعماني 39
درر الفوائد للمحقّق الحائري 156
دعائم الإسلام 59
رسالة المحكم والمتشابه 39
رسالة قاعدة من ملك للشيخ الأنصاري
131
رسالة لا ضرر للإمام الخميني
(سلام اللّه عليه)=بدائع الدرر في
قاعدة نفي الضرر
سنن أبي داود 205
سنن الترمذي 205
العروة الوثقى 121
الغارات 20
فقه الرضا علیه السلام =الفقه المنسوب للإمام
الرضا علیه السلام
الفقه المنسوب للإمام الرضا علیه السلام 59
الفقيه=من لا يحضره الفقيه
القاموس المحيط 132
كتاب حريز 108
مصباح الفقيه 60، 170
المكاسب المحرّمة للإمام الخميني
(سلام اللّه عليه) 17
من لا يحضره الفقيه 172
النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى 35
نهج البلاغة 18
ص: 235
ص: 236
«القرآن الكريم» .
«أ»
1 - الاحتجاج . أبو منصور أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي ( القرن السادس) ، تحقيق إبراهيم البهادري ومحمّد هادي به ، الطبعة الاُولى ، مجلّدان ، قم ، منشورات اُسوة ، 1413 ق .
2 - اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّي) . أبو جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (385 - 460) ، تصحيح حسن المصطفوي ، جامعة مشهد ، 1348 ش .
3 - الإرشاد في معرفة حجج اللّه على العباد ، ضمن «مصنّفات الشيخ المفيد» ج 11 . أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري البغدادي المعروف بالشيخ المفيد (336 - 413) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، جزءان في مجلّد واحد ، قم ، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد ، 1413 ق .
4 - الاستصحاب ، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه » .=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .
5 - الأمالي . أبو جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (385 - 460) ، تحقيق مؤسّسة البعثة ، الطبعة الاُولى ، قم ، دار الثقافة ، 1414 ق .
6 - الانتصار . السيّد المرتضى علم الهدى أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي (355 - 436) ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1415 ق .
ص: 237
7 - الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين . كمال الدين أبوالبركات عبدالرحمن بن محمّد بن أبي سعيد الأنباري النحوي (513 - 577) ، مجلّدان ، بيروت ، المكتبة العصرية ، 1418 ق / 1997 م .
8 - أنوار الهداية في التعليقة على الكفاية ، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه » .= موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .
9 - إيضاح الفوائد في شرح إشكالات القواعد . فخر المحقّقين الشيخ أبو طالب محمّد بن الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي (682 - 771) ، إعداد عدّة من العلماء ، الطبعة الاُولى ، 4 مجلّدات ، قم ، المطبعة العلمية ، 1387 ق .
«ب»
10 - بحار الأنوار الجامعة لدُرر أخبار الأئمّة الأطهار . العلاّمة محمّد باقر بن محمّدتقيّ المجلسي (1037 - 1110) ، الطبعة الثانية ، إعداد عدّة من العلماء ، 110 مجلدٍ (إلاّ 6 مجلّدات ، من المجلّد 29 - 34) + المدخل ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، 1403 ق / 1983 م .
11 - البحر المحيط . أثيرالدين أبو عبداللّه محمّد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيّان الآندلسي الشهير بأبي حيّان (654 - 754) ، الطبعة الثانية ، 8 مجلّدات ، بيروت ، انتشارات دار احياء تراث العربي ، 1411 ق / 1990 م .
12 - بدائع الدرر في قاعدة نفي الضرر ، ضمن موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .
13 - بداية المجتهد ونهاية المقتصد . محمّد بن أحمد بن رشد القرطبي (520 - 595) ، الطبعة الاُولى ، مجلّدان ، قم ، منشورات الشريف الرضيّ ، 1412 ق / 1371 ش .
14 - البيع (تقرير بحث آية اللّه العظمى السيّد محمّد الحجة الكوه كمري) . الشيخ أبوطالب التجليل التبريزي ، الطبعة الثانية ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1409 ق .
15 - البيع ، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه » .=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .
ص: 238
«ت»
16 - التبيان في تفسير القرآن . أبو جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (385 - 460) ، تحقيق وتصحيح أحمد حبيب قصير العاملي ، بيروت ، 10 مجلّدات ، دار إحياء التراث العربي .
17 - تذكرة الفقهاء . جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر ، العلاّمة الحلّي (648 - 726) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، صدر منه حتّى الآن 20 مجلّداً ، قم ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، 1414 - 1433 ق .
18 - تفسير العيّاشي . أبو النضر محمّد بن مسعود بن محمّد بن عيّاش السمرقندي ( أواخر قرن الثالث) ، تصحيح السيّد هاشم الرسولي المحلاّتي ، مجلّدان ، طهران ، المكتبة العلمية الإسلامية .
19 - التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري علیه السلام . تحقيق مدرسة الإمام المهديّ علیه السلام ، الطبعة الاُولى ، قم ، مدرسة الإمام المهديّ علیه السلام ، 1409 ق .
20 - التنقيح الرائع لمختصر الشرائع . جمال الدين مقداد بن عبداللّه السيوري الحلّي المعروف بالفاضل المقداد (م 826) ، تحقيق السيّد عبد اللطيف الكوه كمري ، الطبعة الاُولى ، 4 مجلّدات ، قم ، مكتبة آية اللّه المرعشي ، 1404 ق .
21 - تنقيح المقال في علم الرجال . الشيخ عبداللّه بن محمّد حسن المامقاني (1290 - 1351) ، الطبعة الثانية ، 3 مجلّدات ، قم ، بالاُفست عن طبعة النجف الأشرف ، المطبعة المرتضوية ، 1352 ق .
22 - التوحيد . أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي ، الشيخ الصدوق (م 381) ، تحقيق السيّد هاشم الحسيني الطهراني ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1398 ق .
23 - تهذيب الأحكام . أبو جعفر محمّد بن الحسن ، الشيخ الطوسي (385 - 460) ، إعداد السيّد حسن الموسوي الخرسان ، الطبعة الرابعة ، 10 مجلّدات ، طهران ، دار الكتب الإسلامية ، 1365 ش .
ص: 239
24 - تهذيب الاُصول (تقريرات الإمام الخميني قدّس سرّه ) . الشيخ جعفر السبحاني التبريزي ، تحقيق مؤسّسة تنظيم و نشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه ، الطبعة الاُولى ، 3 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة تنظيم و نشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه ، 1424 ق .
«ج»
25 - جامع المدارك في شرح المختصر النافع . السيّد أحمد الخوانساري (م 1405) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، الطبعة الاُولى ، 7 مجلّدات ، طهران ، مكتبة الصدوق ، 1369 - 1402 ق .
26 - جامع المقاصد في شرح القواعد . المحقّق الثاني علي بن الحسين بن عبدالعالي الكركي (868 - 940) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، 13 مجلّداً ، قم ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، 1408 - 1411 ق .
27 - الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي) . أبو عبداللّه محمّد بن أحمد الأنصاري القرطبي (م 672) ، الطبعة الثانية ، 24 مجلّداً ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، 1405 ق / 1985 م .
28 - الجعفريات أو الأشعثيات المطبوع مع «قرب الإسناد» . أبو علي محمّد بن محمّد الأشعث ( القرن الرابع) ، طهران ، مكتبة نينوى الحديثة .
29 - جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام . الشيخ محمّد حسن بن باقر النجفي (م 1266) ، تحقيق الشيخ عبّاس القوچاني ، الطبعة الثالثة ، 43 مجلّداً ، طهران ، دار الكتب الإسلامية ، 1367 ش .
30 - الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد . العلاّمة الحلّي جمال الدين الحسن بن يوسف ابن المطهّر (648 - 726) ، قم ، انتشارات بيدار ، 1413 ق .
«ح»
31 - حاشية المكاسب . الآخوند الخراساني محمّد كاظم بن حسين الهروي (1255 - 1329) ، تصحيح السيّد مهدي شمس الدين . الطبعة الاُولى ، طهران ، وزارة الثقافة الإسلامية ، 1406 ق .
ص: 240
32 - حاشية المكاسب . الحاج ميرزا علي الإيرواني الغروي ، تحقيق باقر الفخّار الأصفهاني ، الطبعة الاُولى ، 3 مجلّدات ، قم ، دار ذوي القربى ، 1421 ق .
33 - حاشية المكاسب . العلاّمة السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي (م 1337) ، تحقيق الشيخ عبّاس محمّد آل سباع القطيفي ، الطبعة الاُولى ، 3 مجلّدات ، قم ، دار المصطفى لإحياء التراث ، 1423 ق / 2002 م .
34 - الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة . الشيخ يوسف بن أحمد البحراني (1107 - 1186) ، تحقيق محمّد تقيّ الإيرواني ، الطبعة الاُولى ، 25 مجلّداً ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1406 ق .
35 - الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة . صدر المتألّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (م 1050) ، الطبعة الثانية ، 9 مجلّدات ، قم ، مكتبة المصطفوي .
36 - حياة المحقّق الكركي و آثاره . المحقّق الثاني الشيخ علي بن الحسين الكركي (868 - 940) ، تحقيق الشيخ محمّد الحسّون ، الطبعة الاُولى ، 12 مجلّداً، قم ، منشورات الاحتجاج ، 1423 ق .
«خ»
37 - الخصال . أبوجعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (م 381) ، تصحيح علي أكبر الغفّاري ، الطبعة الثانية ، جزءان في مجلّد واحد ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1403 ق .
38 - خلاصة الأقوال في معرفة الرجال . العلاّمة الحلّي جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر (648 - 726) ، تحقيق جواد القيّومي ، الطبعة الاُولى ، قم ، مؤسّسة نشر الفقاهة ، 1417 ق .
39 - الخلاف . أبو جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (385 - 460) ، تحقيق جماعة من المحقّقين ، الطبعة الاُولى ، 6 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1407 ق .
ص: 241
«د»
40 - الدرر الغوالي في فروع العلم الاجمالي (تقريرات المحقّق الخوئي) . رضا اللطفي، نجف ، 1367 ق .
41 - درر الفوائد . العلاّمة الشيخ عبدالكريم الحائري اليزدي ، تعليق آية اللّه الشيخ محمّد علي الأراكي والمؤلّف ، تحقيق الشيخ محمّد المؤمن القمّي ، الطبعة الخامسة ، جزءان في مجلّد واحد ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1408 ق .
42 - الدرر اللآلي . الشيخ محمّد بن عليّ الأحسائي ، مخطوط في المكتبة المرعشيّة ، تحت رقم 267 ، قم .
43 - الدروس الشرعية في فقه الإمامية . الشهيد الأوّل شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي (م 786) ، تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الاُولى ، 3 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1412 - 1414 ق .
44 - دعائم الإسلام . أبو حنيفة القاضي النعمان بن محمّد بن منصور بن أحمد بن حيّون التميمي المغربي (م 363) ، تحقيق آصف بن علي أصغر فيضي ، مجلّدان ، القاهرة ، دار المعارف ، 1383 ق / 1963 م .
«ر»
45 - رجال ابن داود . تقيّ الدين الحسن بن علي بن داود الحلّي (647 - 707) ، إعداد السيّد محمّد صادق آل بحر العلوم ، قم ، منشورات الشريف الرضيّ ، بالاُفست عن طبعة النجف الأشرف ، المطبعة الحيدرية ، 1392 ق .
46 - رجال الطوسي . أبو جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (385 - 460) ، تحقيق جواد القيّومي الأصفهاني ، الطبعة الاُولى ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1415 ق .
47 - رجال النجاشي . أبو العبّاس أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي الأسدي الكوفي (372 - 450) ، تحقيق السيّد موسى الشبيري الزنجاني ، الطبعة الاُولى ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1407 ق .
ص: 242
48 - رسائل فقهية ، ضمن «تراث الشيخ الأعظم» ج 23 . الشيخ الأعظم مرتضى بن محمّد أمين الأنصاري (1214 - 1281) ، تحقيق لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم ، الطبعة الاُولى ، قم ، مكتبة الفقهية ، 1414 ق .
49 - رسالة عقد اللآلي في فروع العلم الاجمالي . الحاج ميرزا علي الإيرواني الغروي (1301 - 1354) ، طهران ، مطبعة سنگى آقا ميرزا عبدالرحيم علمى ، 1367 ق .
50 - روائع الأمالي في فروع العلم الاجمالي . الشيخ آغا ضياءالدين العراقي (1278 - 1361)، قم، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1414 ق .
51 - روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان . الشهيد الثاني زين الدين بن علي بن أحمد العاملي (911 - 965) ، تحقيق مركز الأبحاث والآثار الإسلامية ، الطبعة الاُولى ، مجلّدان ، قم ، مكتب الإعلام الإسلامي ، 1422 ق .
52 - رياض المسائل في بيان أحكام الشرع بالدلائل . السيّد علي بن محمّد علي الطباطبائي (1161 - 1231) ، تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الاُولى ، 14 مجلّداً ، قم ،
مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1412 - 1423 ق .
«س»
53 - السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي . أبو جعفر محمّد بن منصور بن أحمد بن إدريس الحلّي (543 - 598) ، إعداد مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الثانية ، 3 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1410 - 1411 ق .
54 - سنن ابن ماجة . أبو عبداللّه محمّد بن يزيد بن ماجة القزويني (207 - 275) ، تحقيق محمّد فؤاد عبدالباقي ، مجلّدان ، بيروت ، دار الكتب العلمية .
55 - سنن أبي داود . أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (م 275) ، إعداد كمال يوسف الحوت ، الطبعة الاُولى ، مجلّدان ، بيروت ، دار الجنان ، 1409 ق / 1988 م .
56 - سنن الترمذي . أبو عيسى محمّد بن عيسى بن سورة الترمذي (209 - 279) ، تحقيق عبدالوهّاب عبداللطيف ، الطبعة الثانية ، 5 مجلّدات ، بيروت ، دار الفكر للطباعة والنشر ، 1403 ق .
ص: 243
57 - السنن الكبرى . أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي (384 - 458) ، إعداد الدكتور يوسف عبدالرحمن المرعشلي ، الطبعة الاُولى ، 10 مجلّدات + الفهرس ، بيروت ، دار المعرفة ، 1413 ق / 1992 م .
58 - السنن الكبرى . أبو عبدالرحمان أحمد بن شعيب النسائي (214 - 303) ، تحقيق الدكتور عبدالغفّار سليمان البنداري والسيّد كسروي حسن ، الطبعة الاُولى ، 6 مجلّدات + الفهارس ، بيروت ، دار الكتب العلمية ، 1411 ق / 1991 م .
«ش»
59 - شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام . المحقّق الحلّي نجم الدين جعفر بن الحسن ابن يحيى بن سعيد الهذلي (602 - 676) ، تحقيق عبدالحسين محمّد علي بقّال ، الطبعة الثالثة ، 4 أجزاء في مجلّدين ، قم ، مؤسّسة إسماعيليان ، 1409 ق .
60 - شرح الرضي على الكافية . رضيّ الدين محمّد بن الحسن الأسترآبادي النحوي (م 688) ، تصحيح يوسف حسن عمر ، الطبعة الاُولى ، 4 مجلّدات ، تهران ، منشورات مؤسّسة الصادق ، 1398 ق / 1978 م .
61 - شرح الشمسية . قطب الدين محمود بن محمّد الرازي (م 766) ، الطبعة الحجرية ، طهران ، انتشارات علميه إسلامية ، 1304 ق .
62 - شرح المطالع . قطب الدين محمّد بن محمّد الرازي (م 766) ، قم ، انتشارات الكتبي .
63 - شرح المقاصد . مسعود بن عمر بن عبداللّه المعروف ب- «سعد الدين التفتازاني» (712 - 793) ، تحقيق عبدالرحمن عميرة ، الطبعة الاُولى ، 5 أجزاء في 4 مجلّدات ، قم ، منشورات شريف الرضيّ ، 1370 - 1371 ش .
64 - شرح المنظومة . المولى هادي بن مهديّ السبزواري (1212 - 1289) ، تصحيح و تعليق و تحقيق حسن حسن زاده الآملي ومسعود الطالبي ، الطبعة الاُولى ، 5 مجلّدات ، طهران ، نشر ناب ، 1369 - 1379 ش .
65 - شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب . أبو محمّد عبداللّه جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبداللّه بن هشام الأنصاري (708 - 761) ، تحقيق محمّد محيي الدين
ص: 244
عبدالحميد ، الطبعة الثانية ، قم ، مؤسّسة دار الهجرة ، 1410 ق .
66 - الشفاء . الشيخ الرئيس أبو علي حسين بن عبداللّه بن سينا (370 - 427) ، تحقيق عدّة من الأساتذة ، 10 مجلّداً ( الإلهيات + المنطق 4 مجلّدات + الطبيعيات 3 مجلّدات + الرياضيات مجلّدان) ، قم ، مكتبة آية اللّه المرعشي ، 1405 ق .
67 - شوارق الإلهام في شرح تجريد الكلام . المولى عبد الرزّاق بن علي بن الحسين اللاهيجي الفيّاض (م 1051) ، تصحيح أكبر أسد عليزاده ، الطبعة الاُولى ، 5 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة الإمام الصادق علیه السلام ، 1425 - 1430 ق .
«ص»
68 - الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) . إسماعيل بن حمّاد الجوهري (م 393) ، تحقيق أحمد عبد الغفور عطّار ، الطبعة الرابعة ، 6 مجلّدات ، بيروت ، دار العلم للملايين ، 1407 ق / 1987 م .
69 - صحيح البخاري . أبو عبداللّه محمّد بن إسماعيل البخاري الجعفي (م 256) ، تحقيق وشرح الشيخ قاسم الشمّاعي الرفاعي ، الطبعة الاُولى ، 9 أجزاء في 4 مجلّدات ، بيروت ، دار القلم ، 1407 ق / 1987 م .
70 - صحيح مسلم . أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري النيسابوري (206 - 261) ، تحقيق وتعليق الدكتور موسى شاهين لاشين والدكتور أحمد عمر هاشم ، الطبعة الاُولى ، 5 مجلّدات ، بيروت ، مؤسّسة عزّ الدين ، 1407 ق / 1987 م .
71 - الصلاة . المحقّق الحائري (م 1355) ، قم ، مكتب الإعلام الإسلامي ، 1362 ش .
72 - الصلاة (تقريرات المحقّق النائيني) . الشيخ محمّد علي الكاظمي الخراساني (1309 - 1365) ، تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الاُولى ، مجلّدان ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1411 ق .
«ط»
73 - الطهارة ، ضمن «تراث الشيخ الأعظم» ج 1 - 5 . الشيخ الأعظم مرتضى بن محمّد أمين
ص: 245
الأنصاري الدزفولي (1214 - 1281) ، إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم ، الطبعة الاُولى ، 5 مجلّدات ، قم ، المكتبة الفقهية ، 1415 ق .
74 - الطهارة ، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه » .=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .
«ع»
75 - العروة الوثقى . السيّد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي (م 1337)، مع تعليقات عدّة من الفقهاء العظام ، إعداد أحمد المحسني السبزواري ، الطبعة الثانية ، 6 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1421 ق .
76 - عوالي اللآلي العزيزية في الأحاديث الدينية . محمّد بن علي بن إبراهيم الأحسائي المعروف بابن أبي جمهور (م - أوائل القرن العاشر) ، تحقيق مجتبى العراقي ، الطبعة الاُولى ، قم ، مطبعة سيّدالشهداء ، 1403 ق .
77 - عيون أخبار الرضا علیه السلام . أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي ، الشيخ الصدوق (م 381) ، تصحيح السيّد مهديّ الحسيني اللاجوردي ، الطبعة الثانية ، منشورات جهان .
«غ»
78 - غنية النزوع إلى علمي الاُصول والفروع . أبو المكارم السيّد حمزة بن علي بن زهرة الحلبي المعروف بابن زهرة (511 - 585) ، تحقيق الشيخ إبراهيم البهادري ، الطبعة الاُولى ، مجلّدان، قم ، مؤسّسة الإمام الصادق علیه السلام ، 1417 ق .
«ف»
79 - فتح الباري بشرح صحيح البخاري . الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (773 - 852) ، تحقيق عبدالعزيز بن عبداللّه بن باز ، 13 مجلّداً + المقدّمة ، بيروت ، دار المعرفة للطباعة والنشر ، 1379 ق .
80 - فرائد الاُصول ، ضمن «تراث الشيخ الأعظم» ج 24 - 27 . الشيخ الأعظم مرتضى بن محمّد أمين الأنصاري (1214 - 1281) ، إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم ، الطبعة الاُولى ، 4 مجلّدات ، قم ، مجمع الفكر الإسلامي ، 1419 ق / 1377 ش .
ص: 246
81 - الفصول الغروية في الاُصول الفقهية . محمّد حسين بن عبد الرحيم الطهراني الأصفهاني الحائري (م 1250) ، قم ، دار إحياء العلوم الإسلامية ، 1404 ق . «بالاُفست عن الطبعة الحجرية» .
82 - الفقه علي المذاهب الأربعة . عبدالرحمن الجزيري ، الطبعة السابعة ، 5 مجلّدات ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، 1406 ق / 1986 م .
83 - الفقيه (من لا يحضره الفقيه) . أبو جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (م 381) ، إعداد السيّد حسن الموسوي الخرسان ، الطبعة الرابعة ، 4 مجلّدات ، النجف الأشرف ، دار الكتب الإسلامية ، 1377 ق / 1957 م .
84 - فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) . الشيخ محمّد علي الكاظمي الخراساني (1309 - 1365) ، الطبعة الاُولى ، 4 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1404 ق .
85 - الفوائد المدنية . محمّد أمين بن محمّد شريف الأخباري الأسترآبادي (م 1033) ، تحقيق الشيخ رحمة اللّه الرحمتي الأراكي ، الطبعة الاُولى ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1424 ق .
86 - الفهرست . أبو جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (380 - 460) ، تحقيق الشيخ جواد القيّومي ، الطبعة الاُولى ، قم ، مؤسّسة نشر الفقاهة ، 1417 ق .
«ق»
87 - القاموس المحيط والقابوس الوسيط . أبو طاهر مجد الدين محمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (729 - 817) ، 4 مجلّدات ، بيروت ، دار الجيل .
88 - قرب الإسناد . أبو العبّاس عبداللّه بن جعفر الحميري القمّي (م بعد 304) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، قم ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، 1413 ق .
89 - قواعد الأحكام في مسائل الحلال والحرام . العلاّمة الحسن بن يوسف بن علي بن
ص: 247
المطهّر الحلّي (648 - 726) ، تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الاُولى ، 3 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1413 ق .
90 - القواعد والفوائد في الفقه والاُصول والعربية . الشيخ شمس الدين محمّد بن مكّي العاملي المعروف بالشهيد الأوّل (734 - 786) ، تحقيق عبد الهادي الحكيم ، الطبعة الثانية ، مجلّدان ، قم ، مكتبة المفيد ، 1399 ق / 1979 م .
91 - قوانين الاُصول . المحقّق ميرزا أبو القاسم القمّي بن المولى محمّد حسين الجيلاني المعروف بالميرزا القمّي (1151 - 1231) ، مجلّدان ، الطبعة الحجرية ، المجلّد الأوّل ، طهران ، المكتبة العلمية الإسلامية ، 1378 ، والمجلّد الثاني ، طهران ، المستنسخة سنة
1310 ق .
«ك»
92 - الكافي . ثقة الإسلام أبو جعفر محمّد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي (م329) ، تحقيق علي أكبر الغفّاري ، الطبعة الخامسة ، 8 مجلّدات ، طهران ، دار الكتب الإسلامية ، 1363 ش .
93 - الكشّاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل . جاراللّه محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي (467 - 528) ، إعداد مصطفى حسين أحمد ، الطبعة الثالثة ، 4 مجلّدات ، بيروت ، دار الكتاب العربي ، 1407 ق / 1987 م .
94 - كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد . العلاّمة الحلّي جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر ، تحقيق الشيخ حسن حسن زاده الآملي ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1414 ق .
95 - كفاية الاُصول . الآخوند الخراساني المولى محمّد كاظم بن حسين الهروي (1255 - 1329) ، تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي .
96 - كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال . علاء الدين علي المتّقي بن حسام الدين الهندي (888 - 975) ، إعداد بكري حيّاني وصفوة السقا ، الطبعة الثالثة ، 16 مجلّداً + الفهرس ، بيروت ، مؤسّسة الرسالة ، 1409 ق / 1989 م .
ص: 248
«ل»
97 - لسان العرب . أبو الفضل جمال الدين محمّد بن مكرم بن منظور المصري (630 - 711) ، الطبعة الاُولى ، 15 مجلّداً + الفهرس ، بيروت ، دار إحياء التراث العربي ، 1408 ق / 1988 م .
«م»
98 - المبسوط في فقه الإمامية . أبو جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (385 - 460) ، إعداد السيّد محمّد تقيّ الكشفي ، الطبعة الثانية ، 8 أجزاء في 4 مجلّدات ، طهران ، المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ، 1387 - 1393 ق .
99 - مجمع البحرين ومطلع النيّرين . فخر الدين الطريحي (972 - 1085) ، الطبعة الاُولى ، 6 مجلّدات ، بيروت ، دار ومكتبة الهلال ، 1985 م .
100 - مجمع البيان في تفسير القرآن . أبو علي أمين الإسلام الفضل بن الحسن الطبرسي (حوالي 470 - 548) ، تحقيق وتصحيح السيّد هاشم الرسولي المحلاّتي والسيّد فضل اللّه اليزدي الطباطبائي ، الطبعة الاُولى ، 10 أجزاء في 5 مجلّدات ، بيروت ، دار المعرفة للطباعة والنشر .
101 - مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان . أحمد بن محمّد المعروف بالمقدّس الأردبيلي (م 993) ، تحقيق مجتبى العراقي وعلي پناه الاشتهاردي وحسين اليزدي ، الطبعة الاُولى ، 14 مجلّداً ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1402 - 1414 ق .
102 - المجموع (شرح المهذّب) ويليه فتح العزيز ويليه التلخيص الحبير . أبو زكريّا يحيى بن شرف النووي الشافعي (631 - 676) ، [الطبعة الاُولى]، 20 مجلّداً ، بيروت ، دار الفكر .
103 - المحاسن . أبو جعفر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي (م 274 أو 280) ، تحقيق جلال الدين الحسيني الاُرموي ، الطبعة الثانية ، قم ، دار الكتب الإسلامية .
104 - المختصر النافع . أبو القاسم نجم الدين جعفر بن حسن بن يحيى بن سعيد الهُذَلي (602 - 676) ، الطبعة الثانية ، قم ، منشورات مؤسّسة المطبوعات الديني ، 1368 ش .
ص: 249
105 - مختصر بصائر الدرجات . حسن بن سليمان الحلّي (القرن التاسع)، الطبعة الاُولى، نجف ، منشورات المطبعة الحيدرية ، 1370 ق / 1950 م .
106 - مختلف الشيعة في أحكام الشريعة . العلاّمة الحلّي جمال الدين الحسن بن يوسف بن المطهّر (648 - 726) ، تحقيق مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية ، الطبعة الاُولى ، 9 مجلّدات + الفهرس ، قم ، مكتب الإعلام الإسلامي ، 1412 - 1420 ق .
107 - مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام . السيّد محمّد بن علي الموسوي العاملي (م 1009) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، 8 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، 1410 ق .
108 - مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول . العلاّمة محمّد باقر بن محمّد تقيّ المجلسي (1037 - 1110) ، تصحيح السيّد هاشم الرسولي والسيّد جعفر الحسيني والشيخ علي الآخوندي ، الطبعة الثانية ، 26 مجلّداً ، طهران ، دار الكتب الإسلامية ، 1363 ش .
109 - المسائل الصاغانية ، ضمن «مصنفات الشيخ المفيد» ج 3 . أبو عبداللّه محمّد بن محمّد ابن النعمان العكبري (336 - 413) ، الطبعة الاُولى ، قم ، المؤتمر العالمي ، لألفية الشيخ المفيد ، 1413 ق .
110 - مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها . تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، بيروت ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، 1410 ق / 1990 م .
111 - مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل . الحاج الميرزا حسين المحدّث النوري الطبرسي (1254 - 1320) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، 25 مجلّداً ، قم ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، 1407 ق .
112 - المستدرك علي الصحيحين . الإمام الحافظ أبو عبداللّه الحاكم النيسابوري (312 - 405) ، تحت إشراف يوسف عبدالرحمن المرعشلي ، 4 مجلّدات + الفهرس ، بيروت ، دار المعرفة .
113 - مستمسك العروة الوثقى . السيّد محسن الطباطبائي الحكيم (1306 - 1390) ، الطبعة الاُولى ، 14 مجلّداً ، قم ، مؤسّسة دار التفسير ، 1416 ق / 1374 ش .
ص: 250
114 - مستند الشيعة في أحكام الشريعة . أحمد بن محمّد مهدي النراقي (م 1245) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، 18 مجلّداً ، قم ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، 1415 - 1420 ق .
115 - المسند . أحمد بن محمّد بن حنبل (164 - 241) ، إعداد أحمد محمّد شاكر وحمزة أحمد الزين ، الطبعة الاُولى ، 20 مجلّداً ، القاهرة ، دار الحديث ، 1416 ق .
116 - المشاعر . صدرالمتأ لّهين محمّد بن إبراهيم الشيرازي (م 1050) ، با ترجمه فارسى بديع الملك ميرزا عماد الدولة و ترجمه و مقدمه و تعليقات فرانسوى از هنرى كربين ، چاپ دوم ، طهران ، كتابخانه طهورى ، 1363 ش .
117 - مصباح الفقيه (الطهارة ، الصلاة ، الزكاة ، الخمس ، الصوم ، الرهن) . الحاج آقا رضا بن محمّد هادي الهمداني النجفي (م 1322) ، الطبعة الاُولى ، 19 مجلّداً : الطهارة والصلاة . تحقيق المؤسّسة الجعفرية لإحياء التراث ، (ج 1 - 17) ، قم ، مؤسّسة مهديّ الموعود(عجل الله تعالی فرجه الشریف) ، 1417 - 1431 ق .
الزكاة والخمس والصوم والرهن . (ج 13 و14 ، حسب ترتيب مؤسّسة النشر الإسلامي) قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1416 ق .
118 - المصباح المنير في غريب الشرح الكبير . أحمد بن محمّد بن علي المقري الفيّومي (م770) ، الطبعة الاُولى ، جزءان في مجلّد واحد ، قم ، دار الهجرة ، 1405 ق .
119 - معاني الأخبار . أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي المعروف بالشيخ الصدوق (م 381) ، تصحيح علي أكبر الغفّاري ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1361 ش .
120 - المعجم الكبير . الحافظ أبوالقاسم سليمان بن أحمد الطبراني (260 - 360) ، تحقيق حمدي عبدالمجيد السلفي ، الطبعة الثانية ، 25 مجلّداً ، القاهرة ، مكتبة ابن تيمية .
121 - المغني ويليه الشرح الكبير . أبو محمّد عبداللّه بن أحمد بن محمّد بن قدامة (541 - 620) ، وأبو الفرج عبدالرحمان بن أبي عمر محمّد بن أحمد بن قدامة المقدسي (م 682)، الطبعة الاُولى ، 21 مجلّداً ، بيروت ، دار الكتب العربي .
ص: 251
122 - مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة . السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي (1160 - 1228) ، تحقيق محمّد باقر الخالصي ، الطبعة الاُولى ، 26 مجلّداً ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1419 - 1433 ق .
123 - المكاسب المحرّمة ، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه » .=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .
124 - المكاسب ، ضمن «تراث الشيخ الأعظم» ج 14 - 19 . الشيخ الأعظم مرتضى بن محمّد أمين الأنصاري الدزفولي (1214 - 1281) ، إعداد لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم ، الطبعة الاُولى ، 6 مجلّدات ، قم ، مكتبة الفقهية ، 1415 - 1420 ق .
125 - المكاسب والبيع (تقريرات المحقّق الميرزا النائيني) . الشيخ محمّد تقي الآملي ، الطبعة الاُولى ، مجلّدان ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1413 ق .
126 - مناهج الوصول إلى علم الاُصول ، ضمن «موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه » .=موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه .
127 - منية الطالب في شرح المكاسب (تقريرات المحقّق النائيني) . الشيخ موسى بن محمّد النجفي الخوانساري (1254 - 1363) ، تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الثانية ، 3 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1424 ق .
128 - موسوعة الإمام الخميني قدّس سرّه . تحقيق مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه ، الطبعة الاُولى ، قم ، مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه ، 1434 ق / 1392 ش .
129 - موسوعة الإمام الخوئي (تقريرات المحقّق الخوئي) . عدّة من تلامذة المحقّق الخوئي ، تحقيق مؤسّسة إحياء آثار الإمام الخوئي ، 50 مجلداً ، قم ، مؤسّسة إحياء آثار الإمام الخوئي ، 1417 ق .
130 - المهذّب . أبو القاسم عبدالعزيز بن نحرير بن عبدالعزيز القاضي ابن البرّاج (400 - 481) ، إعداد مؤسّسة سيّدالشهداء ، الطبعة الاُولى ، مجلّدان ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1406 ق .
ص: 252
«ن»
131 - النوادر . السيّد فضل اللّه بن علي الحسيني الراوندي (483 - 571) ، تحقيق سعيد رضا علي عسكري ، الطبعة الاُولى ، قم ، مؤسّسة دار الحديث ، 1377 ش .
132 - نهاية الاُصول (تقريرات المحقّق البروجردي) . الشيخ حسينعلي المنتظري ، الطبعة الاُولى ، قم ، نشر تفكّر ، 1415 ق .
133 - نهاية الأفكار (تقريرات المحقّق آغا ضياء الدين العراقي) . الشيخ محمّد تقيّ البروجردي النجفي (م 1391) ، تحقيق مؤسّسة النشر الإسلامي ، الطبعة الاُولى ، 4 أجزاء في 3 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة النشر الإسلامي ، 1405 ق .
134 - نهاية التقرير في مباحث الصلاة (تقريرات المحقّق البروجردي) . محمّد الموحّدي الفاضل اللنكراني ، تحقيق مركز فقه الأئمّة الأطهار علیهم السلام ، الطبعة الاُولى ، 3 مجلّدات ، 1420 ق .
135 - نهاية الدراية في شرح الكفاية . الشيخ محمّد حسين الأصفهاني (1296 - 1361) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، 4 مجلّدات ، قم ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، 1414 ق .
136 - النهاية في مجرّد الفقه والفتاوى . أبو جعفر شيخ الطائفة محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسي (385 - 460) ، قم ، انتشارات قدس محمّدي .
137 - نهج البلاغة ، من كلام مولانا أمير المؤمنين علیه السلام . جمعه الشريف الرضي ، محمّد بن الحسين (359 - 406) ، إعداد الدكتور صبحي صالح ، انتشارات الهجرة ، قم ، 1395 ق «بالاُفست عن طبعة بيروت 1387 ق » .
«و»
138 - وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة . الشيخ محمّد بن الحسن الحرّ العاملي (1033 - 1104) ، تحقيق مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، الطبعة الاُولى ، 30 مجلّداً ، قم ، مؤسّسة آل البيت علیهم السلام لإحياء التراث ، 1409 ق .
ص: 253
ص: 254
مقدّمة التحقيق ... ه
التقيّة
يقع الكلام في مباحث:
المبحث الأوّل : في أقسام التقيّة وأحكامها ... 5
منها : التقسيم بحسب ذاتها ... 5
ومنها : التقسيم بحسب المتّقي ... 6
ومنها : التقسيم بحسب المتّقى منه ... 7
ومنها : التقسيم بحسب المتّقى فيه ... 7
عموم أخبار التقيّة وإطلاقها ... 8
حول الموارد التي لا يجوز التقيّة فيها:
منها : بعض المحرّمات والواجبات ... 10
ومنها : المسح على الخفّين ومتعة الحجّ وشرب المسكر والنبيذ ... 11
ومنها : الدماء ... 16
ومنها : البراءة من أمير المؤمنين وسائر الأئمّة علیهم السلام . ... 17
المبحث الثاني : في أنّ ترك التقيّة هل يفسد العمل أم لا ؟ ... 23
في أقسام التقيّة المستفادة من الأخبار ... 23
ص: 255
تفصيل الشيخ الأعظم في المقام وبيان وجه الخدشة فيه ... 27
المبحث الثالث : في ذكر ما دلّ على الإجزاء في التقيّة ... 30
حول الأدلّة الدالّة على الإجزاء في التقيّة الاضطرارية ... 31
حول ما دلّت على الإجزاء فيما تقتضي التقيّة إتيان المأمور به على خلاف الحقّ ... 36
حول الأدلّة الدالّة على الإجزاء في التقيّة المداراتية ... 42
دلالة الأخبار على صحّة العمل ولو للاختلاف في الموضوعات ... 44
عدم ثبوت الموضوعات بحكم حاكم المخالفين ... 45
الروايات الدالّة على صحّة الصلاة مع العامّة ... 47
اختصاص المداراتية بالتقيّة من العامّة ولو مع عدم الخوف ... 51
المبحث الرابع : في اعتبار عدم المندوحة في التقيّة ... 53
اعتبار عدم المندوحة في التقيّة من غير المخالفين ... 54
صحّة عبادة من اضطرّ نفسه إلى الفرد الاضطراري وإن عصى ... 56
عدم اعتبار عدم المندوحة في التقيّة من المخالفين ... 57
حمل الأخبار الظاهرة في لزوم إعمال الحيلة على الاستحباب ... 64
المبحث الخامس : حول ترتّب جميع آثار الصحّة على العمل الصادر تقيّةً ... 67
يقع الكلام في مقامين:
المقام الأوّل : مقتضى الأدلّة العامّة ... 67
1 - حال العقود والإيقاعات ... 67
2 - حال التكاليف النفسية والغيرية ... 69
المقام الثاني : مقتضى الأدلّة الخاصّة ... 71
فروع العلم الإجمالي
هاهنا سبع مسائل :
المسألة الاُولى : فيما إذا شكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر ... 77
ص: 256
وفيها صور :
الاُولى : العلم بعدم إتيان العصر مع إتيان الظهر ... 77
الثانية : العلم بعدم إتيان الظهر والعصر ... 84
الثالثة : العلم بإتيان العصر والشكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر باطل ... 86
المسألة الثانية : في الشكّ في أنّ ما بيده مغرب أو عشاء ... 86
المسألة الثالثة : في حكم العلم بترك سجدتين من ركعتين ... 87
حكم حدوث العلم بترك سجدتين بعد الصلاة ... 88
حكم العلم بترك سجدتين من الركعتين في غير الركعة الأخيرة ... 88
حكم العلم بترك إحدى السجدتين من الركعة الأخيرة ... 89
بحث حول كون السلام انصرافاً أولا؟ ... 89
تنبيه : حول تفصيل المحقّق العراقي في المسألة ... 96
حكم حدوث العلم بترك سجدتين في أثناء الصلاة ... 97
عدم إمكان إحراز الموضوع بالأصل وإشارة إلى اعتبارات القضايا ... 99
المسألة الرابعة : في حكم الشكّ حال الركعة البنائية ... 101
حول موضوع البناء على الأكثر ... 102
مختار شيخنا العلاّمة الحائري ونقده ... 105
إشكال ودفع ... 106
المسألة الخامسة : في حكم دوران الركعة بين آخر الظهر وأوّل العصر ... 107
1 - حكم ما إذا كان في الوقت المشترك ... 107
2 - حكم ما إذا كان في الوقت المختصّ بالعصر ... 109
المسألة السادسة : في الشكّ بين الثلاث والأربع في العشاء وتذكّر نسيان المغرب ... 111
المسألة السابعة : فيما إذا تذكّر في أثناء العصر أ نّه ترك ركعة من الظهر ... 116
مختار صاحب العروة في المقام وردّه ... 121
مختار الشهيدين في المقام وردّه ... 123
ص: 257
الفوائد الخمسة
الفائدة الاُولى : في قاعدة «من ملك شيئاً ملك الإقرار به» ... 131
المراد بملك الشيء ... 131
المراد من «الشيء» في القاعدة ... 132
اختصاص القاعدة بإقرار الأصيل ... 134
في رجوع هذه القاعدة إلى قواعد اُخرى ... 134
اشتراط وقوع الإقرار بالشيء في زمان مالكيته ... 135
المراد بملك الإقرار ... 137
في منع الشيخ الأعظم من الاستدلال على القاعدة بقاعدة الإقرار ... 137
عدم قيام الإجماع على هذه القاعدة برأسها ... 138
النسبة بين هذه القاعدة وقاعدة الائتمان ... 139
النسبة بين القاعدة الفخرية وقاعدتي من ملك والائتمان ... 140
الفائدة الثانية : في تداخل الأسباب ... 145
بيان متعلّق الإرادة والكراهة وكيفية تعلّقهما به ... 147
الفائدة الثالثة : في قياس الأوامر التشريعية بالعلل التكوينية وما يترتّب عليه ... 153
إبطال أصالة الفورية ... 153
إبطال أصالة التعبّدية ... 155
إبطال حمل صيغة الأمر على الوجوب عند الإطلاق ... 156
الفائدة الرابعة : في موضوع علم الاُصول ... 161
حول تمايز العلوم ... 165
الفائدة الخامسة : في لزوم التبيّن الفعلي للفجر في الليالي المقمرة ... 169
الاستدلال بالكتاب لاعتبار التبيّن الفعلي ... 170
الاستدلال بالسنّة لاعتبار التبيّن الفعلي ... 172
ص: 258
تعليقة على رسالة التقابل
التحقيق في تعريف التقابل ... 177
تعريف التقابل عند الحكماء ونقده ... 179
عدم قبول القسمة للتقابل بالمعنى الذي ذكرناه ... 180
نقد ما ذكروه من أقسام التقابل ... 181
ذبح حيوانات به وسيله دستگاه
پاسخ امام خمينى در جواب استفتاء از ذبح حيوانات به وسيله دستگاه ... 189
وجه حرمت ذبيحه توسط دستگاه :
1 - عدم مباشرت ذابح مسلم ... 189
2 - عدم تسميه از ذابح مسلم ... 189
3 - ذبح از قفا ... 190
ضميمة
فيها ثلاث فوائد :
الفائدة الاُولى : في شرح حال العقود والإيقاعات ... 193
هاهنا مقامان :
المقام الأوّل : في الفرق بين العقد والإيقاع ... 193
المقام الثاني : حول أصالة اللزوم ... 195
ضابط تشخيص العقود جوازاً ولزوماً ... 195
دلالة آية الميثاق على لزوم العقود المعاوضية ... 199
الفائدة الثانية : في حال الشروط المخالفة للكتاب والمباحث المتعلّقة بها ... 201
ص: 259
وهي تذكر في ضمن مطالب :
الأوّل : حول قوله صلی الله علیه و آله وسلم : «المؤمنون عند شروطهم» ... 201
الثاني : في المراد من الشرط المخالف ... 202
الفائدة الثالثة : في حديث «على اليد ما أخذت حتّى تؤدي» ... 205
وفيه جهات من البحث :
الاُولى : في سنده ... 205
الثانية : في بيان مفاد «على» مع مجرورها ... 206
الثالثة : في وجه نسبة العهدة إلى اليد ... 210
الرابعة : في اختصاص الحديث باليد العدوانية ... 210
الخامسة : في دلالة الحديث على ردّ المثل حتّى في القيميات ... 211
السادسة : في أنّ المدار على أعلى القيم ... 212
الفهارس العامّة
1 - فهرس الآيات الكريمة ... 219
2 - فهرس الأحاديث الشريفة ... 221
3 - فهرس أسماء المعصومين علیهم السلام ... 229
4 - فهرس الأعلام ... 231
5 - فهرس الكتب الواردة في المتن ... 235
6 - فهرس مصادر التحقيق ... 237
7 - فهرس الموضوعات ... 255
ص: 260