لماذا الاختلاف بين المذاهب الإسلامية مع وضوح النص القرآني والنبوى

10

من هي الفرقة الناجية ؟

عبدالكريم الحسيني القزويني

www.Qazvini.org

ص: 2

بسم الله الرّحمن الرّحیم

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وآله الطيبين الطاهرين

ص: 3

(إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً ) (1).

والافتراء صفة ذميمة شجبها القرآن الكريم بقوله : (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ) (2).

والحدث الذي صادفته هو أنني كنت أتعبد في الحرم المكي وإذا برجل مطوّل لحيته ومقصر ثوبه وفي فمه عود المسواك يلوك به جلس إلى جانبي من دون سلام الذي هو تحيّة المسلمين وإذا به يتوجه إليّ بوجهه المنكفر ينبئ عن حقد دفين قائلاً لي أنتم من علماء الشيعة ؟

فقلت له : جعلنا الله من المتعلمين لأحكامه وتعاليمه .

فقال أنتم على ضلال ؟

فقلت له : كيف علمت ذلك ؟

قال لأن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) له يقول :

«ستفترق أُمّتي إلى ثلاثة وسبعين فرقة كلّها في النار إلّا

ص: 5

واحدة هي الناجية »(1).

فقال نحن الفرقة الناجية.

فقلت له أنا أقول نحن الفرقة الناجية؟ وكلّ فرقة تدّعي ذلك؟ الصوفية تقول ذلك والوهابية تدعي ذلك والقاديانية تدّعي ذلك والسنّة والشيعة تقوله وبذلك لن نصل إلى حل لأنّه كما قال الشاعر:

كل يدعي وصلاً بليلى ***وليلى لا تقرّ لهم بذاكا

وإذا أردت أن تعرف بأنّك من الفرقة الناجية فلابد لك أن ترجع إلى القرآن الكريم وهو أصل من أهمّ أُصول ديننا

ص: 6

فيرشدنا القرآن إلى الفرقة الناجية فقال كيف؟

قلت له: القرآن الكريم يقول :

«فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً»(1)

فالقرآن الكريم في هذه الآية أرجعنا إلى الله ورسوله لنستوضح من الله أن يبيّن ويوضح لنا الفرقة الناجية من هي؟ وإذا بالله العلي القدير يقول في كتابه العزيز : «مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا»(2)

فالله تعالى في هذه الآية أرجعنا إلى رسوله ونبيه الكريم باعتباره هو الناطق الرسمي عن الله ولأنه ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى قال تعالى :

﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى» (3)

فهنا نحن نأتي إلى الرسول الأعظم (صلی الله علیه وآله وسلم) ليبين لنا من

ص: 7

هي الفرقة الناجية ونقول له إنّ الله أرجعنا إليك يارسول الله لتعيّن لنا الفرقة الناجية ، وإذا بالنبي العظيم (صلی الله علیه وآله وسلم) يبيّن ويعيّن لنا الفرقة الناجية في تصريحات واضحة وصريحة وعديدة وهي كما يلي:

أولاً : قول النبي (صلی الله علیه وآله وسلم):

«مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق »(1)

ونحن نستفيد من هذا الحديث ما يلي :

1 - إنّ الفرقة الناجية تنحصر في مذهب أهل . البيت (علیه السلام) لقول النبي (صلی الله علیه آله وسلم) من ركبها نجا فالنجاة في اتباع هذا المذهب .

2 - نستفيد من هذا الحديث أيضاً أنه لا يجوز في صورة التعارض والاختلاف مع مذهب أهل البيت علا السلام أتباع غيرهم لقول النبي(صلی الله علیه وآله وسلم) ومن تخلّف عنها غرق وهوى فلا يجوز التعبد بغير مذهب أهل البيت في صورة

ص: 8

الاختلاف فلو اختلف الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي مع مذهب أهل البيت(علیه السلام) فلا يجوز للانسان المسلم المتعبّد بالكتاب والسنّة المخالفة بموجب هذا النص النبوي لأنه(صلی الله علیه وآله وسلم) عّبر عنه بكلمة غرق .

ثانياً : قول رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) :

«النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان من الاختلاف في الدين فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا من حزب إبليس» (1)

ونحن نستفيد من هذا الحديث الأُمور التالية :

أ -:إنّ الأخذ بقول أهل البيت(علیه السلام) هو أمان من الاختلاف بين الأُمّة وشعار الوحدة والاتحاد ما بين المسلمين إذا عملوا بمذهب أهل البيت(علیهم السلام) لقول النبي (صلى الله علیه وآله وسلم) وأهل بيتي أمان من الاختلاف .

ب -:مخالفة مذهب أهل البيت(علیه السلام) هو موجب.

ص: 9

للتفرقة والاختلاف ما بين المسلمين لقول النبي (صلی الله علیه وآله وسلم)«فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا » .

ج-:مخالفة مذهب أهل البيت (علیهم السلام) هو ابتعاد عن الله ورسوله والذي يبتعد عن الله ورسوله فيكون مع الشيطان كما قال رسول الله (صلی الله علیه وآله وسلم) فصاروا من حزب إبليس .

ثالثاً : قول الرسول الأعظم (صلی الله علیه آله وسلم) « أنّي مخلف أو تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً » .

و -:جاء في مسند أحمد بن حنبل ما يلي : عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله(صلی الله علیه آله وسلم: « أني قد تركت فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي : أحدهما أكبر من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا وإنّهما لن يتفرّقا حتى يردا عليَّ الحوض» (1).

أو الحديث الذي رواه أحمد بن حنبل قال : حدّثنا

ص: 10

عبد الله حدّثنا أبي حدثنا محمد : عني ابن طلحة عن الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صل الله عليه واله وسلم)قال :

« إنّى أُوشك أن أُدعى فأجيب وإنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله عزّوجلّ حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنّ اللطيف أخبرني أنهما لن يتفرّقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروني بم تخلفوني فيهما »

وهنا استفادات كثيرة منها :

1 - إنّ التمسك بالكتاب والعترة فيه ضمان وابتعاد عن الضلال والانحراف كما قال النبي علا الله ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً .

2 - هناك تلازم بين الكتاب وبين العترة وبهذا التلازم تحصل النجاة من الانحراف ولا يمكن لأحد أن يعزل أحدهما عن الآخر لقول الرسول الكريم(صلی الله علیه وآله وسلم).

« وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض » .

و به يستدلّ أيضاً على وجود الإمام المهدي المنتظر الا وهو وهو حليف القرآن و ملازمه كما عبّر عن ذلك

ص: 11

جدّه النبي الكريم محمد (صلی الله علیه وآله وسلم) بقوله وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض.

3 - النبي الأعظم(صلی الله علیه آله وسلم) حينما قال أنّي مخلف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي لم يقل عن عاطفة شخصية أو ميل نفسي وإنّما هو :

«وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى »(1).

4 - الرسول الأعظم(صلی الله علیه آله وسلم) لم يجده من أُمّته من يستحق الملازمة مع القرآن الكريم والدفاع عنه إلّا أهل بيته (علیهم السلام) ولو وجد غيرهم لبيّن لنا ذلك ؟

5 - النبي الكريم (صلی الله علیه وآله وسلم) لم يكتفي بهذا المقدار من الأحاديث بل صرّح في مواطن عديدة حول الفرقة الناجية في بيانات وأحاديث متعدّدة أكد فيها بقوله (صلی الله علیه وآله وسلم).كما جاء في كنز العمّال:

«تكون بين الناس فرق واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحق يعني علياً» (2)

ص: 12

6 - روى صاحب كنز العمال عن النبي (صلی الله علیه وآله وسلم) بقوله :

«سيكون بعدي فتنة ، فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنّه الفاروق بين الحق والباطل »(1) .

7 - وجاء أيضاً في كنز العمال عن النبي(صلی الله علیه آله وسلم) بقوله :

« ياعمّار : إن رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس وادي غيره فاسلك مع علي ودع الناس إنه لن يدلك على ردى ولن يخرجك من الهدى» (2)

وما أحسن من قال ذلك شعراً :

ولمّا رأيت الناس قد ذهبت بهم ***مذاهبهم في أبحر الغي والجهل

ركبت على اسم الله في سفن النجا ***وهم آل بيت المصطفى خاتم الرسل

وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم ***كما قد أمرنا بالتمسّك بالحبل

ص: 13

أو كما قال وأكّد في شعره شاعر آخر بقوله :

إذا افترقت في الدين سبعون فرقة ***ونيف كما صح في محكم النقل

ولم يك ناج منهم غير فرقة ***فقل لي بها ياذا الرجاحة والعقل

أفي الفرق الهلاك آل محمّد ***أم الفرقة اللاتي نجت منهم قل لي

إذا قلت في الناجين فالقول واحد ***وإن قلت هلاك حدوت عن العدل

إذا كان مولى القوم منهم فإنّني ***رضیت بهم لا زال في ظلّهم ظلّي

فخلّ علياً لي إماماً ونسله ***وأنت من الباقين في أوسع الحل.(1)

إلى ما هنالك من الاحاديث الواردة عن النبي (صلی الله علیه آله وسلم)

ص: 14

بيان ومعرفة الفرقة الناجية ، ثم التفت إلى الرجل المهاجم قائلاً : له إن كنت تريد أن تكون من أتباع الفرقة الناجية فعليك بالقرآن وسنّة النبي الكريم فإن سرت على وفق الكتاب والسنة سلكت طريق النجاة وإلّا أنت من الذين عناهم الله بقوله :

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) (1)

وكلّ هذا الخطاب موجه إلى السائل فبقي حائراً متردّداً وانسحب بهدوء من دون توديع وسلام.

ص: 15